You are on page 1of 16

‫السنة الدراسية‪.2020/2021 :‬‬ ‫المدرسة العليا للتسيير (عنابة )‪.

‬‬

‫المقياس‪ :‬فلسفة‪.‬‬ ‫المستوى‪ :‬سنة أولى تحضيري‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬الفلسفة واإلقتصاد‪.‬‬

‫المحاضرة‪ :03‬تعريف علم اإلقتصاد ومنهجه وأهدافه‪.‬‬

‫بعد التطرّ ق لتعريف الفلسفة وأبرز مواضيعها المتناولة بالتأمّل والدراسة‪ ،‬ث ّم المناهج‬
‫المعتمدة فيها والهدف من وراء اإلستعانة بها من قبل العلم‪ ،‬تجدر اإلشارة حاليا إلى عالقتها‬
‫بعلم اإلقتصاد‪ ،‬ولكن الضرورة المنطقية تفترض بداية الوقوف أمام هذا العلم بالتعريف‪ ،‬ثم‬
‫المنهج‪ ،‬وأخيرا األهداف المسّطرة له‪.‬‬

‫‪/1‬تعريف اإلقتصاد‪.‬‬

‫أ – التعريف اللغوي‪:‬‬

‫‪ :Economics‬كلمة يونانية إستعملها المؤرّ خ اليوناني " زينوفن " كعنوان لكتابه‬
‫‪ Economicus‬وبالتالي تم إستعمالها ألول مرة عام ‪ 400‬قبل الميالد تقريبا‪ ،‬والتي تعني فن‬
‫إدارة البيت‪ ،‬أي األسلوب الناجح في تدبير وتسيير شؤون البيت‪ ،‬ولما تكوّ نت الدولة أصبح‬
‫المعنى اللغوي لإلقتصاد ال يقتصر على التوفير للمال وإ ّنما تدبير شؤون المال إمّا بتكثيره أو‬
‫تأمين إيجاده أو توزيعه‪ ،‬ومن هنا إرتبط اإلقتصاد بكلمة مادة‪.‬‬

‫وكلمة إقتصاد في اللغة العربية مشتقة من قصد‪ .‬ولها عدة معان‪ ،‬ولكن يهمنا منها ما له‬
‫صلة بالمال واإلنفاق ونحوهما‪ ،‬والقصد هو اإلعتدال في السلوك كله‪ ،‬ل‍‍قوله تعالى‪ ":‬وأقصد‬
‫في مشيك" (سورة لقمان‪ .) 19 :‬ولقد جاء في لسان العرب إلبن منظور‪ :‬أنّ القصد في الشيء‬
‫خالف اإلفراط وهو ما بين اإلسراف والتقتير‪ ،‬والقصد في المعيشة أن ال يسرف وال يقتر‪،‬‬
‫يقال فالن مقتصد في النفقة‪ ،‬وقد إقتصد فالن في أمره‪ ،‬أي إستقام‪ ،‬بمعنى التوسّط واإلعتدال‪.‬‬

‫والمعاني حسب الكلمتين اإلنجليزيتين راجع للترجمة‪:‬‬

‫األولى‪ Economy:‬وترجمت إلى " إقتصاد "ولقد جاء في قاموس أكسفورد الشهير أ ّنها‬
‫تعني‪ ":‬العالقة بين اإلنتاج والتجارة وعرض النقود في دولة أو إقليم مح ّدد‪".‬‬

‫الثانية‪ Economics :‬وترجمت إلى " علم اإلقتصاد " أو الدراسة المنهجية لإلقتصاد‪.‬‬

‫ب – التعريف اإلصطالحي‪:‬‬

‫✔ اإلقتصاد علم الثروة‪.‬‬

‫يعرّ فه آدم سميث في كتابه ثروة األمم ‪ ":1776‬علم البحث عن الوسائل التي يمكن من خاللها‬
‫تكوين وتجميع الثروة‪".‬‬

‫أمّا جون إستيوارت مل فيعرّ فه بقوله أ ّنه‪ ":‬العلم الذي يبحث في إنتاج وتوزيع الثروة‪".‬‬

‫أمّا جان باتيست ساي فيعرّ فه قائال‪ ":‬اإلقتصاد هو العلم الذي يدرس إنتاج وتداول وتوزيع‬
‫وإستهالك الثروة‪".‬‬

‫✔ اإلقتصاد علم المبادلة‪.‬‬

‫يأتي اإلقتصادي الفرنسي " بيرو " في مقدمة اإلقتصاديين الذين إعتبروا بأنّ علم اإلقتصاد هو‬
‫علم المبادلة‪ ،‬ذلك أنّ اإلنسان في المجتمع محكوم بمبدأ التخصّص‪ ،‬فال ينتج إاّل قسما من‬
‫حاجاته وال يستطيع بذلك أن يشبع من رغباته‪ ،‬لذا الب ّد أن يحصل على جزء ممّا ينتجه الغير‬
‫فالمبادالت أساس النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫فالظاهرة اإلقتصادية تقوم على المبادلة‪ ،‬فعلم اإلقتصاد يهتم بدراسة عمليات التبادل التي يتخلّى‬
‫الفرد على ما بحوزته ليتحصل من فرد آخر على ما يحتاج إليه‪ ،‬فنشاط المبادلة يسمح بقيام‬
‫الصلة بين اإلنتاج وإشباع الحاجات‪.‬‬

‫✔ اإلقتصاد علم الندرة‪.‬‬

‫يعرّ فه اإلقتصادي الفرنسي ريمون بار‪ ":‬علم يدرس الموارد النادرة وأشكال تحويل هذه‬
‫المواد‪ ،‬ويبيّن السبل التي يتبّعها األفراد والمجتمعات لمواجهة الحاجيات العديدة والتي ال حصر‬
‫لها‪ ،‬بإستعمالهم وسائل محدودة‪".‬‬

‫ويستنتج منه أنّ علم اإلقتصاد يهتم بدراسة‪:‬‬

‫✔ ظاهرة ندرة الموارد التي يرغب اإلنسان في الحصول عليها‪.‬‬


‫✔ ظاهرة إجتهاد اإلنسان في تحويل هذه الموارد قصد إشباع رغباته‪.‬‬

‫علم اإلقتصاد‪ :‬مجموعة من النظريات الفكرية التي تعتني بدراسة كيفية الحصول على الثروة‪،‬‬
‫وتوزيعها‪ ،‬وعالقة الفرد معها لما تتميز به من ندرة في مقابل حاجاته الالمحدودة‪ ،‬وعليه فهو‬
‫ّ‬
‫المنظم للقطاعات الثالث‪ :‬التجارية‪ ،‬الصناعية‪ ،‬المالية‪.‬‬ ‫العلم المسؤول عن التحليل والسير‬

‫‪ /2‬منهج علم اإلقتصاد‪.‬‬

‫إذا كان لكل علم طرق بحث تتفق مع طبيعة موضوعه‪ ،‬فعلم اإلقتصاد كذلك بدوره يستند إلى‬
‫المناهج العلمية المعروفة‪:‬‬

‫✔ المنهج اإلستنباطي‪ (:‬التجريدي‪ ،‬النظري)‪ :‬ويع ّد اإلستنباط عملية عقلية يتم فيها‬
‫اإلنتقال من قضية إلى أخرى ناتجة والزمة عنها بالضرورة‪ ،‬ويكون هذا اإلنتقال من‬
‫الكل إلى الجزء‪ ،‬ويعني (اإلستدالل النازل)‪ ،‬ويعتبر المنهج الرياضي الذي يقوم على‬
‫دراسة العالقة بين الكميات المتغيّرة ويستخدم لفظ " دالة " للتعبير عن هذه العالقات‬
‫بين مختلف المتغيرات‪ ،‬من أبرز أدوات التحليل اإلقتصادية الذي يعتمد عليه المنهج‬
‫اإلستنباطي‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويمثل اإلستقراء عملية منطقية يخلص‬ ‫✔ المنهج اإلستقرائي‪ (:‬التجريبي‪ ،‬الواقعي)‪:‬‬
‫بواسطتها من الوقائع الفعلية إلى القوانين العامة التي تحكم الظاهرة قيد الدراسة‪،‬‬
‫ويكون اإلنتقال فيها من الجزء إلى الكل‪ ،‬يعني (اإلستدالل الصاعد)‪ ،‬ويعتبر المنهج‬
‫التاريخي والمنهج اإلحصائي من أبرز أدوات التحليل اإلقتصادية التي يعتمد عليها‬
‫المنهج اإلستقرائي‪.‬‬
‫فالمنهج التاريخي يقوم أساسا على كونه أداة تحليل تفيد معرفة ما كان وتفسير ما هو‬
‫كائن ألجل توقع ما ينبغي أن يكون‪ ،‬وذلك بالكشف عن القوانين الثابتة والمتكررة‬
‫التي تحكم العالقات بين مختلف الظواهر اإلقتصادية‪.‬‬
‫أمّا المنهج اإلحصائي فهو أداة تحليل تقوم على القياس الدقيق لحجم وكمية الظواهر‬
‫اإلقتصادية إلستخالص القوانين اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪ – 3‬أهدافه‪:‬‬

‫✔ يهدف إلى إيجاد الطرق المناسبة لزيادة حجم الثروات من خالل تطوير وإبتكار طرق‬
‫وأنشطة إنتاجية جديدة في جميع المجاالت الزراعية والصناعية والتجارية‪ ،‬ولذلك تدعم‬
‫الشركات جزء كبير من ثرواتها في األبحاث والتطوير آلالت ومنتجات جديدة‪.‬‬
‫✔يهدف إلى تنظيم مصادر تحقيق الدخل وكيفية التصرف فيه عن طريق إستهالك جزء‬
‫من هذا الدخل إلشباع الحاجات والرغبات المختلفة ومحاولة إ ّدخار جزء منه‬
‫كإحتياطي‪.‬‬
‫✔يهدف إلى دراسة آليات تحقيق أهداف الفرد والمجتمع اإلقتصادية من خالل العرض‬
‫والطلب في األسواق الحرة‪ ،‬والعوامل األخرى المختلفة التي تؤثر في األسواق مثل‬
‫ّ‬
‫تدخل الحكومات لتنظيم األسواق واألسعار وبعض الممارسات اإلحتكارية أو األزمات‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫✔يهدف إلى اإلعتناء بالمشكالت اإلقتصادية للفرد والمجتمع مع محاولة إقتراح ووضع‬
‫الحلول المناسبة لها ولو كان بتقديم اإلختيار بين عدة بدائل في إطار اإلمكانيات‬
‫المتاحة‪.‬‬
‫✔يهدف إلى تحقيق ال ّنمو اإلقتصادي وتطوّ ره على الصعيدين المحلّي والعالمي مع توفير‬
‫األمن اإلقتصادي والتوزيع العادل للثروة والدخل‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :04‬عالقة الفلسفة‪ /‬اإلبستمولوجيا باإلقتصاد‪.‬‬

‫إنّ الحديث عن العالقة الموجودة بين الفلسفة واإلقتصاد يفرض منطقيا الحديث عن العالقة‬
‫بين اإلقتصاد واإلبستمولوجيا‪ ،‬حيث أ ّنه إذا تم األخذ بكون علم اإلقتصاد كان من بين العلوم‬
‫المتضمّنة في الفلسفة لفترة ماضية ولو على شاكلة أفكار إقتصادية أين كانت تسمّى بــــ" أم‬
‫العلوم "‪ ،‬فإنّ هذا ما ينتج عنه حاليا بعد أن إستقل كعلم قائم بذاته وله منهجه الخاص وأهدافه‬
‫إرتباطه مج ّددا بالفلسفة ولكن في تجلّيها الجديد أين أضحت تسمّى بــــــ " فلسفة العلوم " أو ما‬
‫يعرف بــــــ " اإلبستمولوجيا " لتناسب هذه األخيرة مع السمة العلمية لإلقتصاد‪.‬‬

‫وهو األمر الذي سنبرزه كرونولجيا‪ ،‬من خالل اإلشارة إلى عالقة الفلسفة بعلم اإلقتصاد‬
‫أوّ ال‪ ،‬ثم عالقة علم اإلقتصاد باإلبستمولوجيا ثانيا‪.‬‬

‫‪ – 1‬عالقة الفلسفة باإلقتصاد‪.‬‬

‫✔ إذا كانت الفلسفة في أساسها تعبّر عن مجموعة من األفكار التي ينتجها العقل بعد التأمّل‬
‫في كل ما يحيط به في هذا العالم الخارجي‪ ،‬فإنّ هذه األفكار ذات الطابع النظري‬
‫والتجريدي لها إرتباط بالواقع وما مايحتويه‪ ،‬وفي المقابل إذا كان اإلقتصاد في أساسه‬
‫ّ‬
‫ممثال للثروة أو المادة الموجودة في الواقع والتي بواسطتها يلبّي اإلنسان حاجاته‪ ،‬فإنّ‬
‫الفلسفة من هذا المنطلق يعبّر عنها بالفكرة أمّا اإلقتصاد بالمادة‪ ،‬وإذا كانت هناك عالقة‬
‫جدلية بين العقل والمادة أو بعبارة أخرى بين الفكر والواقع‪ ،‬فإنّ العالقة بين الفلسفة‬
‫واإلقتصاد تتجسّد في العالقة بين الفكر والواقع‪ ،‬فالفلسفة تق ّدم له الفكرة التي تساعده في‬
‫طرح المشكالت التي يعاني منها مع محاولة تقديم الحلول لها‪ ،‬أمّا اإلقتصاد فيق ّدم لها‬
‫المادة الموجودة في الواقع التي ّ‬
‫تتخذ منها الفلسفة موضوعا لدراستها‪.‬‬
‫✔ إذا كانت الفلسفة تفكير يعبّر عن واقع اإلنسان بكل مشكالته اإلقتصادية‪ ،‬السياسية‪،‬‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬التربوية‪ ،‬التاريخية‪ ،‬الدينية‪ ،‬وكانت هذه األفكار ترتبط كلها‬
‫باإلنسان ذاته‪ ،‬فإ ّنه بالضرورة كل مشكلة فيها لها عالقة بالمشكلة األخرى وبحركة‬
‫جدلية‪ ،‬ما يؤ ّكد على أن الفلسفة ترتبط باإلقتصاد ليس في التنظير فقط وإ ّنما بربطه‬
‫بجميع العلوم األخرى‪ ،‬من سياسة وأخالق ودين وإجتماع ومنطق ولغة وغير ذلك من‬
‫العلوم‪.‬‬
‫✔ وعلى هذا األساس وجب التفرقة بين مفاهيم أساسية تخص اإلقتصاد وهي‪ :‬التاريخ‬
‫اإلقتصادي‪ ،‬تاريخ عصر اإلقتصاد‪ ،‬وتاريخ الفكر اإلقتصادي‪.‬‬

‫‪ /01‬التاريخ اإلقتصادي‪ :‬الواقع اإلقتصادي ليس ثابت بسبب ما يرتبط به من ظروف اإلنتاج‬
‫والمواد المسؤول عن توزيعها والنظر القانوني لها‪ ،‬هذا يعني أنّ التاريخ اإلقتصادي يشير إلى‬
‫ظروف اإلنتاج بكل مجتمع ومدى تطوّ رها‪،‬كما يشير إلى شكل التنظيم القانوني للعالقات‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬إذن التاريخ اإلقتصادي يختلف من دولة إلى أخرى لكن هذا ال يمنع من سيطرة‬
‫إ ّتجاهات عامة للتطوّ ر اإلقتصادي مثل اإلتصال بين الدول والشعوب الذي لم ينقطع في أيّ‬
‫وقت من األوقات في العالم مروراً بجميع المراحل‪ ،‬فهناك مرحلة اإلقتصاد البدائي‪ ،‬ومرحلة‬
‫اإلقطاع‪ ،‬والرأسمالية التجارية‪ ،‬ثم الرأسمالية الصناعية‪ ،‬ثم اإلشتراكية وغيرها‪ ،‬وكل هذا‬
‫يعني موضوعات التاريخ اإلقتصادي الخاص والعام‪.‬‬
‫‪ /02‬تاريخ علم االقتصاد ‪ :‬يعني البحث في تطوّ ر التحليل اإلقتصادي سواء من حيث ظهور‬
‫نظريات جديدة‪ ،‬أو تطوير النظريات القائمة‪ ،‬أو أيضا ً تطوّ ر منهج الدراسة اإلقتصادية في‬
‫إستخالص النظريات والمبادئ‪ ،‬أو تطوّ ر الوسائل المتاحة للتح ّقق من صحة هذه النظريات‬
‫وإختبارها‪ ،‬إذن تاريخ علم اإلقتصاد يخضع لضوابط دراسة العلوم األخرى‪.‬‬

‫‪ /03‬تاريخ الفكر االقتصادي‪ :‬يتعلّق بتاريخ األفكار والخواطر التي واجهت اإلنسان في حياته‬
‫اإلقتصادية وليس بالضرورة أن يكون علمياً‪ ،‬ألنّ هذا الفكر ظهر في الغالب مختلطا ً ومندمجا ً‬
‫مع أفكار سياسية بإعتبار أنّ المنهج العلمي اإلقتصادي لم يظهر إالّ حديثا ً لذلك كان تناول‬
‫المسائل اإلقتصادية بأسلوب تقديري‪ ،‬حيث كان الحكم على المسائل اإلقتصادية ( خير أو شر )‬
‫يخضع إلعتبارات دينية وأخالقية‪ ،‬وإلى اآلن فإنّ الفصل بين الدراسة العلمية للظواهر‬
‫لتأثر شخصية الباحث بالموضوع الذي يبحث‬‫اإلقتصادية واألحكام التقديرية لم يتح ّقق‪ ،‬وذلك ّ‬
‫فيه والذي يوجّ ه نتائجه كما يرى حسب إعتقاداته وإنتماءاته الدينية والسياسية وغيرها‪.‬‬

‫✔ ال يمكن فصل تاريخ الفكر اإلقتصادي عن التاريخ اإلقتصادي واألوضاع اإلقتصادية‬


‫السائدة‪ ،‬فالتاريخ اإلقتصادي يح ّدد اإلطار العام للمشاكل اإلقتصادية المطروحة‬
‫وبالتالي ّ‬
‫يؤثر في إ ّتجاه الفكر اإلقتصادي‪ ،‬وفهم األفكار اإلقتصادية ال يمكن أن يكون‬
‫بمعزل عن األوضاع اإلقتصادية‪ ،‬ولدراسة الفكر اإلقتصادي الب ّد من اإلستعانة بعلم‬
‫اإلقتصاد والنظريات اإلقتصادية ألنّ دراسة تاريخ الفكر اإلقتصادي هي بطبيعتها‬
‫إنتقائية وال وجود لمجموعة من الوثائق أو اآلثار التي تتعلّق فقط بالمسائل اإلقتصادية‪،‬‬
‫وإ ّنما يتداخل هذا الفكر ضمن أمور أخرى في السياسة واألخالق ولذلك الب ّد من إختيار‬
‫ما يمكن إعتباره إقتصاديا ً وفي هذه الحالة فإنّ النظرية اإلقتصادية تساعد على حسن‬
‫إختيار األفكار اإلقتصادية‪.‬‬
‫✔ إذن‪ ،‬هناك الكثير من القضايا الشائكة والمشتركة بين الفلسفة واإلقتصاد‪ ،‬والتي‬
‫يحتاج إلى أن يدرس علماء اإلقتصاد والفالسفة ما يحتاجون إلى معرفته عن كيفية‬
‫تأثير كل من تخصصاتهم على اآلخر‪ ،‬وذلك من أجل توّ خي الكمال والوضوح‬
‫الذي يتوق إليه ويتوقعه‪ ،‬كل من يريد أن يهتم بفلسفة اإلقتصاد‪ ،‬سواء كان لديه‬
‫خلفية في الفلسفة أو خلفية في اإلقتصاد‪ ،‬ألنّ القضايا الفلسفية يتم توضيحها‬
‫وتحليلها في سياق حاالت ملموسة مستمدة من اإلقتصاد المعاصر‪ ،‬وتاريخ األفكار‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬واألحداث اإلقتصادية الفعلية وهذا يدل على أهمية فلسفة اإلقتصاد‬
‫لكل من علم اإلقتصاد والفلسفة‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬توجد داخل الفلسفة واإلقتصاد ميادين‬
‫تخصصية تقدّ م بعضا من التقاطعات‪ :‬نظرية المؤسسات‪ ،‬تحليل الحكم والسلطة‪،‬‬
‫ّ‬
‫دراسة العقالنية‪ ،‬دراسة أشكال وإجراءات التعاون اإلجتماعي‪ ،‬العدالة في التوزيع‬
‫والوقف‪ ،‬األمر الذي يؤ ّدي إلى حوارات مثمرة نتيجة التداخل الوارد عند بعض‬
‫المؤلّفين بين المحاور الفلسفية واإلقتصادية‪.‬‬
‫✔ مثال آخر يق ّدمه الفيلسوف الفرنسي إيمانويل بيكافي مدير مجلة الفلسفة اإلقتصادية‬
‫وأستاذ علم األخالق التطبيقية بجامعة السوربون‪ ،‬في حواره حول فلسفة اإلقتصاد‬
‫التطرق لفلسفته حول اإلحتمال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مع فريد أكوزال قائال‪ ":‬من العبث فهم كينز دون‬
‫أو كومنز دون النظر إلى روابطه بالبراغماتية‪ ،‬ولهذا وبسبب األسئلة الجوهرية‬
‫التي يطرحها اإلقتصاديون حول الظواهر الحادثة التي تجبر على إعادة فحص‬
‫األطر المفاهيمية والميثودولوجية‪ ،‬فإنّ تطور الفلسفة مرتبط بتعميق اإلشتغال‬
‫على اإلقتصاد"‪.‬‬

‫‪ – 2‬عالقة اإلقتصاد باإلبستمولوجيا‪.‬‬

‫أ ‪ -‬تعريف اإلبستمولوجيا‪.‬‬

‫‪ /1‬التعريف اللغوي‪:‬‬
‫اإلبستمولوجيا لفظ مر ّكب من لفظين‪ :‬أحدهما إبيستما ( ‪ )Episteme‬وهو العلم‪ ،‬واآلخر‬
‫لوغوس ( ‪ )Logos‬وهو النظرية أو الدراسة‪ ،‬بمعنى أ ّنها نظرية العلوم‪ ،‬أو فلسفة العلوم‪.‬‬

‫‪/2‬التعريف اإلصطالحي‪:‬‬

‫اإلبستمولوجيا‪ )Epistemologie ( :‬وتعني دراسة مبادئ العلوم وفرضياتها ونتائجها‬


‫دراسة نقدية للوصول إلى إبراز أصلها المنطقي وقيمتها الموضوعية‪.‬‬

‫‪/3‬الفرق بين اإلبستمولوجيا وبين فلسفة العلوم‪.‬‬

‫إنّ الفرق بينهما يعود إلى كون اإلبستمولوجيا لها عالقة بالمنطق من حيث دراستها لتركيب‬
‫القوانين العلمية ويميل إلى إستعمالها الفرنسيين‪ ،‬بينما فلسفة العلوم لها عالقة بنظرية المعرفة‬
‫من حيث كونها جزء من فلسفة التطوّ ر ويميل إلى إستعمالها اإلنجليز‪.‬‬

‫ب ‪ -‬عالقتها باإلقتصاد‪.‬‬

‫✔ علم اإلقتصاد لم ينشأ دفعة واحدة‪ ،‬ولكن النظرية نشأت تدريجيا ً نتيجة محاوالت‬
‫فكرية متتابعة إختلط فيها التحليل اإلقتصادي مع العديد من األفكار األخرى‪،‬‬
‫وبالتالي فإنّ فهم تاريخ علم اإلقتصاد ال يمكن أن يكون بمعزل عن تطوّ ر الفكر‬
‫اإلقتصادي بصفة عامة‪ ،‬ويمكن إعتبار تاريخ العلم اإلقتصادي هو تاريخ تخلّص‬
‫األفكار اإلقتصادية النظرية من العناصر الغير علمية بمجرد تطبيقه للمنهج العلمي‪،‬‬
‫وهنا تبدأ عالقة علم اإلقتصاد باإلبستمولوجيا‪.‬‬
‫✔ علم اإلقتصاد الذي أصبح علما مستقال بنفسه ومنهجه‪ ،‬وبحكم إهتمامه بالمستقبل‬
‫نظرا لخضوعه للصيرورة التاريخية المتغيرة والمرتبطة بتغير الزمان والمكان‪،‬‬
‫فإ ّنه بحاجة إلى آلية تسنده لتقديم الجديد وكل ما يتعلّق بالتحليل اإلقتصادي المساير‬
‫للراهن والمحاول لحل األزمات والمشكالت اإلقتصادية وتقديم البدائل والحلول‪،‬‬
‫وذلك من خالل الممارسة النقدية لمبادئه وفرضياته ونتائجه في مختلف أفكاره‬
‫ونظرياته اإلقتصادية والحرص على الترابط واإلنسجام المنطقي فيها قبل نزولها‬
‫للواقع وتطبيقها فيه‪ ،‬وهذه اآللية تتو ّفر في اإلبستمولوجيا‪ ،‬بإعتبارها دراسة نقدية‬
‫ألسس وفرضيات ونتائج كل علم‪.‬‬
‫✔ وعن الممارسة النقدية لإلبستمولوجيا والتي يحتاجها علم اإلقتصاد يقول إيمانويل‬
‫بيكافي‪ ":‬في مجلة " الفلسفة اإلقتصادية " ير ّكز اإلهتمام على األعمال التي‬
‫تتساءل بأسلوب عقلي نقدي ومد ّلل بصالبة حول المشاكل الفلسفية المثارة من‬
‫النشاط اإلقتصادي‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬بعض أعمال تاريخ الفلسفة أو تاريخ الفكر‬
‫اإلقتصادي تثير أو تع ّمق مواضيع من الفلسفة اإلقتصادية"‪.‬‬
‫✔ في القرن العشرين الخيارات الكبرى لفلسفة العلوم أو اإلبستمولوجيا كان لها أثر‬
‫على صيرورة تاريخ العلوم اإلقتصادية‪ ،‬أي يمكن القول أنّ ثمّة " تبادال‬
‫لإلشكاليات " بين الفلسفة والعلوم اإلقتصادية‪ ،‬هذا التبادل الذي يدل بوضوح على‬
‫ثمرة اإلنفتاح على الفلسفة من وجهة نظر اإلقتصاديين‪ ،‬وهذا على األرجح هو ما‬
‫يهم أكثر إن كنا نتساءل عمّا يمكن أن تمنحه الفلسفة لإلقتصاد اليوم‪ ،‬فلقد منح‬
‫بعض الفالسفة مادة خام للعلوم اإلقتصادية‪ ،‬فالنظرية الفلسفية للقياس كانت هامة‬
‫في تطوير النظرية اإلقتصادية لدااّل ت الرفاهية‪ ،‬وبعض األسئلة التي طرحت أو‬
‫تش ّكلت داخل العلوم اإلقتصادية إنطالقا من أسئلتها الخاصة تع ّد ذات نفع كبير‬
‫للفلسفة األخالقية والسياسية‪ ،‬ففي علم اإلقتصاد يرتبط اإلهتمام بأسئلة األخالق‬
‫تقليديا بإقتصاد الرفاهية أو اإلقتصاد المعياري‪ ،‬وقد كان سيؤ ّدي ظهور " إقتصاد‬
‫الرفاهية الجديد" مع تركيزه النموذجي على معيار الكفاءة‪ ،‬إلى إفقار حاسم للفكر‬
‫اإلقتصادي في هذا الصدد‪.‬‬
‫✔ أخيرا يؤ ّكد إيمانويل بيكافي في التأكيد على العالقة بين الفلسفة واإلقتصاد‬
‫واإلبستمولوجيا على أنّ الصعوبات التي يواجهها التخطيط اإلقتصادي‪ ،‬تأتي‬
‫الفلسفة اإلقتصادية التي هي مزيج بين الفلسفة واإلقتصاد أو اإلقتصاد‬
‫واإلبستمولوجيا لوضع ما هو أشبه بالدليل الواجب إ ّتباعه لحل هذه الصعوبات‬
‫وتطوير هذه " األساسات " بما يناسب الزمان والمكان والظروف العامة للبلد‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :05‬عوامل وأسباب ظهور الفلسفة اإلقتصادية‪.‬‬

‫‪ /1‬فلسفة اإلقتصاد أو الفلسفة اإلقتصادية‪.‬‬

‫يمكن القول بأ ّنها النظرية اإلقتصادية التي تهتم بالقضايا والمشكالت ألجل توضيحها‬
‫وتحليلها ومسائلتها ونقدها في سياق حاالت ملموسة مستمدة من التاريخ اإلقتصادي أو األحداث‬
‫اإلقتصادية الفعلية وتاريخ األفكار اإلقتصادية‪ .‬ومن بين األسئلة المطروحة في الفلسفة‬
‫اإلقتصادية نذكر‪ :‬أي نوع من إ ّدعاء الحقيقة الذي أدلت به النظرية اإلقتصادية ؟ كيف يمكن‬
‫إثبات نظرية إقتصادية ؟ إلى أيّ مدى يمكن للنظريات اإلقتصادية بالمطالبة بمركز العلم ؟‬

‫وتطور الفلسفة اإلقتصادية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ /2‬نشأة‬

‫تعتبر الفلسفة اإلقتصادية أو الفكر اإلقتصادي قديم قدم اإلنسان وكان متداخال مع‬
‫اإلعتبارات الفلسفية والدينية والسياسية‪ ،‬أل ّنه ظهر في كتابات القدامى كجزء من الفلسفة‬
‫السياسية واألخالق ولم يكن فرع مستقل من فروع المعرفة‪ ،‬ولم يقع الفصل بين البحث في‬
‫اإلقتصاد وفروع المعرفة األخرى إالّ حديثا ً عندما ظهر اإلقتصاد كعلم متميز الحدود‪ ،‬فكيف‬
‫نشأ وما هي المراحل التي مرّ بها ؟‬

‫✔ إهتم الناس بالمسائل اإلقتصادية منذ القدم‪ ،‬وفي البدايات األولى كان من بين أقدم النظم‬
‫اإلجتماعية ـ اإلقتصادية (النظم التي تتضمّن عوامل إجتماعية وإقتصادية مشتركة) نظام‬
‫العزبية ) نسبة إلى ْ‬
‫عزبة وتعني المزرعة التي فيها قصر الملك أو داره وتحيط به بيوت‬
‫الفاّل حين‪ ،‬وقد هيّأ ذلك النظام الحلول للمسائل المتعلّقة بكيفية إنتاج السلع وتوزيعها في‬
‫مجتمع زراعي‪ ،‬وتحت ذلك النظام‪ ،‬يقوم مالّك األرض بتأجيرها للمستأجرين أو بإستخدام‬
‫العمّال للعمل على األرض مقابل أجر‪ ،‬ومازال هذا النظام ساريًا في عالم اليوم في بعض‬
‫البلدان‪ ،‬وقد بدأ نظام العزبية منذ نهاية اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬وإنتشر في غرب أوروبا‪.‬‬
‫✔ بحلول القرن الثاني عشر الميالدي‪ ،‬نمت المعارضة لذلك النظام‪ ،‬وأ ّدى التطوّ ر‬
‫اإلقتصادي إلى نمّو المدن والدول‪ ،‬حيث كانت لكل واحدة منها نظرتها المختلفة لمبدأ‬
‫تقسيم السلطة‪ ،‬وقد تالشى النظام العزبي أوالً في غرب أوروبا ولك ّنه بقي في بعض‬
‫األجزاء األخرى من أوروبا حتى القرن التاسع عشر‪ ،‬ففي القرون الوسطى‍‍كان النظام‬
‫اإلقطاعي والزراعة‪ ،‬زامنه اإلسالم وظهوره‪ ،‬وكان ابن خلدون في القرن الرابع عشر‬
‫ميالدي الرائد‪ ،‬ومعظم المشتغلين باإلقتصاد من القرن الرابع عشر إلى غاية القرن‬
‫السابع عشر ت ّم إعتبارهم المؤسّسين الحقيقيّين لعلم اإلقتصاد‪.‬‬
‫✔ في القرن الخامس عشر إنهار عهد اإلقطاع‪ ،‬ومن القرن الخامس عشر حتى القرن‬
‫الثامن عشر ظهرت أفكار جديدة لتنظيم الحياة اإلقتصادية‪ ،‬بمعنى لم يتم تطوير النظريات‬
‫ّ‬
‫وتمثلت‬ ‫الرئيسية األولى الخاصة بإقتصاديات األمم إالّ في القرن السادس عشر الميالدي‪،‬‬
‫في أفكار المدرسة التجارية (المركنتلية) وظهرت في النصف الثاني من القرن الخامس‬
‫عشر إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر‪ ،‬وقد آمن أصحاب النزعة التجارية أن‬
‫على الحكومة أن ُتمارس تنظيم النشاط اإلقتصادي لتحويل الميزان التجاري لمصلحتها‪،‬‬
‫والمدرسة الطبيعية (الفيزوقراطية) وظهرت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر‪،‬‬
‫تدخل الدولة في الحياة اإلقتصادية‪ ،‬كما أ ّنهم كانوا‬
‫وكان الفيزوقراطيون يؤيّدون التقليل من ّ‬
‫أوّ ل من إستعمل عبارة " دعه يعمل" من بين اإلقتصاديين‪ ،‬ليعني به عدم ّ‬
‫تدخل الحكومة‪،‬‬
‫ّ‬
‫المنظمة للكيفية التي تعمل بها األنظمة اإلقتصادية‪،‬‬ ‫كما أ ّنهم كانوا أوّ ل من بدأ الدراسة‬
‫وعموما قامتا هاتين المدرستين بتطوير وإضافة مفاهيم إقتصادية ساهمتا في قيام القومية‬
‫اإلقتصادية والرأسمالية الحديثة في أوروبا‪.‬‬
‫✔ أ ّدت الثورة الصناعية في الفترة الزمنية بين عامي ‪ 1760/1850‬إلى ظهور عهد جديد‬
‫من نمو القطاع اإلقتصادي‪ ،‬أل ّنها جاءت نتيجة للتطوّ رات التكنولوجية الرائدة في أوروبا‪،‬‬
‫ظهور المحرّ ك البخاري‪ ،‬تقنيات صهر حديد جديدة الفحم بدل الخشب‪ ،‬السكك الحديدية‪،‬‬
‫السفن البخارية‪ ،...‬ممّا أ ّدى إلى ظهور نظرية إقتصادية مترابطة المكوّ نات‪ ،‬وعرفت بإسم‬
‫النظرية الكالسيكية‪ ،‬التي إهتمت بطبيعة النشاط اإلقتصادي عند األفراد‪ ،‬وأشارت إلى‬
‫إمكانية التنبّؤ بالنشاط اإلقتصاد اإلنساني بسهولة‪ ،‬مقارنة مع كافة المظاهر السلوكية‬
‫األخرى عند األفراد‪ ،‬وعليه فالنظرية اإلقتصادية لعلم مستقل لم تبدأ بشكل واضح إالّ مع‬
‫النظرية التقليدية في نهاية القرن الثامن عشر ميالدي وبداية القرن التاسع عشر‬
‫ميالدي‪.‬‬
‫✔ إذن‪ ،‬علم االقتصاد حديث النشأة ويمكن إعتبار كتاب آدم سميث سنة ‪ ( 1776‬ثروة‬
‫األمم ) أول دراسة إعالمية منظمة لإلقتصاد السياسي‪ ،‬غير أنّ هناك من يعتبر كتابات‬
‫الطبيعيين السابقة آلدم سميث لها منهج علمي ويمكن أن تكون ايضا ً منطلقا ً لعلم االقتصاد‪،‬‬
‫عموما ً هناك جدل حول تاريخ ميالد علم اإلقتصاد ولكن مهما كان هذا الجدل فإنّ علم‬
‫االقتصاد يبقى حديث النشأة‪.‬‬

‫‪ /3‬عوامل وأسباب نشأة الفلسفة اإلقتصادية‪.‬‬

‫منذ وجد اإلنسان على هذه األرض أدرك حقيقيتين هامتين‪ :‬األولى‪ ،‬أنّ حاجاته متع ّددة‬
‫ومتزايدة ومتج ّددة ويجد إشباعها في الخيرات التي تق ّدمها له الطبيعة ويستعمل في ذلك نشاطه‬
‫اإلقتصادي‪ ،‬والثانية‪ ،‬أنّ الموارد واألموال الموجودة والقادرة على إشباع هذه الحاجات‬
‫محدودة نسبيا إذا قيست بتلك الحاجات أي تعاني من الندرة‪ ،‬وبالتالي فإنّ النشاط اإلنساني هو‬
‫ذاك النشاط اإلقتصادي الذي يسعى إلى مقاومة الندرة النسبية للموارد‪ ،‬من خالل نشوء التعاون‬
‫بين أفراد المجتمع في سبيل اإلنتاج‪ ،‬ليتم التخصّص وتقسيم العمل الذي يؤ ّدي إلى التبادل‪.‬‬

‫ولهذا تع ّد المشكلة اإلقتصادية أو مشكلة الندرة كما يطلق عليها بعضهم سبب نشوء علم‬
‫اإلقتصاد‪ ،‬لذلك فإنّ مفهومها هو المدخل األساسي إلدراك العالقة الوثيقة بين الفرد والمجتمع‬
‫من ناحية‪ ،‬والموارد اإلقتصادية من ناحية أخرى‪ ،‬كما أ ّنها إحدى العوامل األساسية في ظهور‬
‫الصراع السياسي بالمجتمعات‪ ،‬وكذلك فكرة قيام التنظيم السياسي (الدولة)‪ ،‬فمن بين أهم‬
‫وظائف السلطة السياسية بالدولة هي التوزيع العادل للثروات‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬ما هي هذا الحاجات ؟ وما هي أبرز خصائها؟‬

‫في ما ّ‬
‫تتمثل هذا الموارد ؟ وما هي أنواعها ؟‬

‫‪ /1‬الحاجات اإلقتصادية‪.‬‬

‫أ ‪ -‬تعريفها‪:‬‬

‫هي حالة نفسية تعكس الرغبة في الحصول على وسائل الزمة لبقاء وحفظ حياة اإلنسان‪.‬‬

‫ب ‪ -‬خصائصها‪:‬‬

‫⮚ قابلية الحاجة لإلشباع‪ :‬وتقل حدة هذا الشعور إذا أشبع اإلنسان حاجاته‪ ،‬فكلما إسترسل‬
‫في اإلشباع كما نقص الشعور بالحاجة وهو ما يعبّر عنه في علم اإلقتصاد بظاهرة‬
‫تناقص المنفعة الحدية‪.‬‬
‫⮚ النهائية الحاجات‪ :‬إنّ حاجات اإلنسان ال تنتهي‪ ،‬فإذا أشبع حاجة سرعان ما تظهر‬
‫أخرى‪ ،‬في سلسلة ال متناهية‪.‬‬
‫⮚ نسبية الحاجات‪ :‬تتميز بالتغير والتجدد من منطلق أنّ حاجات اليوم ليست نفسها حاجات‬
‫أمس أو الغد‪ ،‬فهي إنعكاسات لضرورات حيوية أو نفسية بقدر ما هي تعبير عن‬
‫أوضاع إجتماعية تحكمها ظروف الزمان والمكان التي يشعر بها اإلنسان‪.‬‬

‫‪/2‬الخيرات أو الموارد اإلقتصادية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬تعريفها‪:‬‬
‫هي كل الوسائل المتاحة لإلنسان من موارد وخيرات الطبيعة‪ ،‬والتي يستعملها في تلبية‬
‫حاجاته‪ ،‬لذلك كانت الوسائل التي يملكها اإلنسان إلشباع حاجاته محدودة دائما‪ ،‬بمعنى أنّ‬
‫اإلنسان يغيش في عالم الندرة‪.‬‬

‫ب ‪ -‬أنواعها‪:‬‬

‫⮚ الموارد الحرة‪( :‬غير اإلقتصادية )‪ ،‬وهي متوفرة في الطبيعة بكثرة وتكفي إلشباع‬
‫جميع الحاجات اإلنسانية وال ندفع ثمن مقابل للحصول عليها‪ ،‬مثل‪ :‬الشمس والهواء‪.‬‬
‫⮚ الموارد اإلقتصادية‪ :‬وهي محدودة وغير كافية إلشباع كل الحاجات اإلنسانية أي أ ّنها‬
‫تتميّز بالمحدودية والندرة والنسبية ومعيار الندرة فيها هو وجود ثمن مقابل الحصول‬
‫عليها‪ ،‬وتنقسم من حيث أصلها إلى‪:‬‬

‫‪/1‬موارد طبيعية‪ :‬مثل األراضي ما فوقها وما تحتها‪.‬‬

‫‪/2‬موارد بشرية‪ :‬مثل العمال وأصحاب المشروعات‪.‬‬

‫‪/3‬موارد رأسمالية‪ :‬وهي اآلالت والمع ّدات الالزمة إلنتاج السلع والخدمات الالزمة إلشباع‬
‫الحاجات‪.‬‬

‫المراجع المعتمدة‪:‬‬

‫تطور الفكر اإلقتصادي‪.‬‬


‫مدحت القريشي‪ّ :‬‬ ‫‪-1‬‬
‫جون كينيث جالبريت‪ :‬ترجمة‪ ،‬أحمد فؤاد بلبع‪ :‬تاريخ الفكر اإلقتصادي‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫بن محمود سكينة‪ :‬مدخل لعلم اإلقتصاد‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫جميل صليبا‪ :‬المعجم الفلسفي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫معن زيادة‪ :‬الموسوعة الفلسفية العربية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الموقع إلكتروني ‪ :www.labodroit.com‬حوار حول فلسفة اإلقتصاد مع‬ ‫‪-6‬‬
‫إيمانويل بيكافي ومحاوره فريد أكوزال‪.‬‬

‫األستاذة‪ :‬درسوني‪.‬‬

You might also like