You are on page 1of 24

‫اإلقتصاد اإلسالمي‪ :‬تاريخه‪,‬‬

‫أعالمه ومراحل تطوره‪.‬‬

‫تأطير‪ :‬الدكتور عثمان المودن‬


‫اعداد‪ :‬عبد الرحمن اجعيط ‪ -‬إبراهيم السدراتي‬
‫فهرست‬

‫مقدمة‬

‫الفصل األول‪ :‬االقتصاد اإلسالمي‪ :‬تعريفه و خصائصه و تاريخه‬


‫تعريف االقتصاد اإلسالمي وخصائصه‬ ‫●‬
‫تاريخ االقتصاد اإلسالمي‬ ‫●‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تاريخ االقتصاد اإلسالمي الحديث‬


‫األحداث والتطورات التي عرفها االقتصاد اإلسالميـ مع مطلع القرن العشرين‬ ‫●‬
‫تسويق‬

‫أبرز أعالم المرحلة الحديثة‬ ‫●‬

‫الخاتمة‬
‫المصادر والمراجع‬
‫مقدمة‬
‫لقد جاء اإلسالم بمنهج شامل لعالج كل المشاكل واألزمات‪ ،‬وعلىرأسها المشاكل االقتصادية‪ ،‬والَّتي كانت محدودة في الصدر‬
‫األول من اإلسالم‪ ،‬وذلك؛ لفقر البيئة‪ ،‬وتواضع األنشطة االقتصادية كالرعي والتجارة‪ ،‬باإلضافة لقوة الوازع الديني فـي النفوس‪ ،‬فال‬
‫تجد غشا‪ ،‬وال تدليسا‪ ،‬وال غبنا‪ ،‬وال احتكارا‪.‬‬
‫ثم لما توسعت المعامالت بين الناس وازدهرت التجارة والصناعة‪ ،‬وانفتحت المجتمعات والدول على بعضها البعض‪ ،‬وضعف‬
‫الوازع الديني‪ ،‬واإليمان بالله‪ ،‬وظهور الحيل والخديعة في معامالت الناس؛ استجدت قضايا اقتصادية تختلف تماما عما عاشه‬
‫سلف األمة كالشركات الحديثة‪ ،‬وبيوع األسهم‪ ،‬والبورصات‪ ،‬والمعامالت المصرفية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬إضافة إلى الحاجة لضبط معامالت‬
‫الناس وعقودهم؛ لكي ال تفضي إلى النزاع والخالف؛ مما أدى إلى اهتمام العلماء بدراسة هذا العلم‪ ،‬وبحث قضاياه‪ ،‬ومعالجة‬
‫مشكالته‪.‬لقد جاء اإلسالم بمنهج شامل لعالج كل المشاكل واألزمات‪ ،‬وعلىـرأسها المشاكل االقتصادية‪ ،‬والَّتي كانت محدودة في‬
‫الصدر األول منـ اإلسالم‪ ،‬وذلك؛ لفقر البيئة‪ ،‬وتواضع األنشطة االقتصادية كالرعي والتجارة‪ ،‬باإلضافة لقوة الوازع الديني في النفوس‪،‬‬
‫فال تجد غشا‪ ،‬وال تدليسا‪ ،‬وال غبنا‪ ،‬وال احتكارا‪.‬‬

‫ثم لما توسعت المعامالت بين الناس وازدهرت التجارة والصناعة‪ ،‬وانفتحت المجتمعات والدول على بعضها البعض‪ ،‬وضعف‬
‫الوازع الديني‪ ،‬واإليمان بالله‪ ،‬وظهور الحيل والخديعة في معامالت الناس؛ استجدت قضايا اقتصادية تختلف تماما عما عاشه‬
‫سلف األمة كالشركات الحديثة‪ ،‬وبيوع األسهم‪ ،‬والبورصات‪ ،‬والمعامالت المصرفية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬إضافة إلى الحاجة لضبط معامالت‬
‫الناس وعقودهم؛ لكي ال تفضي إلى النزاع والخالف؛ مما أدى إلى اهتمام العلماء بدراسة هذا العلم‪ ،‬وبحث قضاياه‪ ،‬ومعالجة‬
‫مشكالته‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬تعريفه و خصائصه‬
‫و تاريخه‬
‫خصائص االقتصاد اإلسالمي‬
‫ي تميز االقتصاد اإلسالمي عن باقي االقتصاديات بسمات خاصة‪ ،‬فال تقابل سمات االقتصاد الرأسمالي وال سمات االقتصاد‬
‫االشتراكي‪ ،‬ألنها مستمدة من الشريعة اإلسالمية التي هي من وضع الله عز وجل وليست من وضع البشر كما في االقتصاد‬
‫الرأسمالي واالشتراكي‪ ،‬والشريعة اإلسالميةزاخرة بالقيم والفضائل واآلداب منها العدل‪ ،‬الحرية‪ ،‬الشورى‪ ،‬الصبر‪ ،‬المسـؤولية‪،‬‬
‫االستقاللية‪...‬الخ‪.‬‬

‫ومن هذه السمات والخصائص نذكر‪:‬‬

‫االقتصاد اإلسالمي اقـتصاد إلهي‪ ،‬أي أن الله هو واضعه وبالتالي فإن أصوله وتشريعاته ثابتة غير قابلة للتغير أو التبديل مع تغير‬
‫األمم وعلى مر الزمن‪ ،‬ولكن هذا ال يمنع من وجود بعض الجزئيات وبعض األمور القابلة للتغير يتدخل فيها العقل البشري واالجتهاد‬
‫العلمي وتراعي فيها المصلحة العام‪.‬‬

‫االقتصاد اإلسالمي اقـتصاد عقائدي‪ ،‬قائم على العقيدة أي التصديق واإليمان يظهر من خالل تعامالتنا ومن خالل ما يشترط في‬
‫العقيدة‪.‬‬

‫االقتصاد اإلسالمي اقتصاد أخالقي‪ ،‬بحيث على المسلم أن يتحلى بالصفات الحميدة التي دعا إليها القرآن الكريم والسنة النبوية‬
‫الشريفة كالتحلي باألمانة والصدق في كل المعامالت‪ ،‬والسـماحة والمرونة في طريقة التعامل مع الغير‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي اقتصاد واقعي‪ ،‬ال يميل إلى الخيال فهو واقعي في غاياته وطريقته ألنه يستهدف في مبادئه الغايات‬
‫التي تنسجم مع واقع اإلنسانية‪.‬‬

‫االقتصاد اإلسالمي اقتصاد شمولي‪ ،‬فهو إلى جانب اهتمامه بالجانب المادي يهتم بالجوانب الروحية واألخالقية وتضمنه‬
‫لكافة االحتياجات البشرية‪ ،‬أي العمل على توفير ضروريات الحياة من مأكل‪ ،‬مشرب‪ ،‬مسكن‪ ،‬تعليم‪ ،‬رعاية‪ ،‬صحة‪ ،‬حرية‬
‫وغيرها من الحاجات‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك فهو يعمل على الرقي بالقيم األخالقية مثل األخوة والصدق والعدالة‪ ،‬ولذلك فهو‬
‫اقتصاد هادف يجمع بين العقيدة واألخالق‪ ،‬بعكس األنظمة االقتصادية األخرى التي تركز اهتمامها على الجانب المادي‬
‫فقط‪.‬‬
‫تاريخ االقـتصاد اإلسالمي‬
‫اإلسالم قد قرر أصول االقتصاد منذ بداية التشريع اإلسالمي‪ ،‬وكانت حياة الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬نموذجا حيا لتطبيق هذا‬
‫التشريع الذي استمر على نهجه الخلفاء الراشدون من بعد‪.‬‬

‫وان كانت الحياة والمشكالت االقتصادية في الصدر األول محدودة فإن ذلك يرجع ألمرين‪:‬‬

‫األول‪ :‬فقر البيئة والتواضع في النشاط االقتصادي؛ إذ كانوا يقتصرون على أعمال الرعي‪ ،‬والزراعة المحدودة‪ ،‬والتجارة الضيقة‬
‫الحدود‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬قوة الوازع الديني وتمكنه من النفوس‪ ،‬فال غش وال تدليس وال غبن وال احتكار‪.‬‬

‫لقد قرر اإلسالم أصول االقتصاد اإلسالمي منذ بداية التشريع اإلسالمي‪ ،‬وكانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجا حيا‬
‫لتطبيق هذا التشريع الدي استمر على نهجه الخلفاء الراشدون من بعده‪.‬‬
‫عهد الرسول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫●‬

‫كان النظام االقتصادي للدولة اإلسالمية في مكة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس إشباع حاجات فقراء‬
‫المسـلمين‪ ،‬وكان يستلزم األمر فيـ ذلك الحين ضرورة الحصول على األموال الالزمة لإلنفاق من أجل تحقيق هذا الهدف‪ ،‬وكان‬
‫يكتفي في ذلك الوقت باألموال التي يتربع بها الصحابة لإلنفاق على فقراء المسلمينـ‪ .‬ولم تكن الزكاة اجبارية‪ ،‬بل كانت طواعية‬
‫واختيارا وعندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة أخد شكل المدينة اإلسالمية يظهر بوضوح‪ ،‬وازداد عدد المسلمين‪،‬‬
‫ونزلت اآليات التي أوجبت علىـ المسـلمين الزكاة في أموالهم‪ ،‬وتولت السـنة النبوية بيان الشروط التي يجب توافرها في المزكي‬
‫وفي المال نفسه‪.‬‬

‫خالفة أبي بكر رضي الله عنه‪:‬‬ ‫●‬

‫علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد حارب المرتد عن دفع الزكاة‬
‫ٌ‬ ‫لم يختلف النظام االقتصادي في عهد أبي بكر‬
‫تأكيدا ألهميتها‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫خالفة عمر رضي الله عنه‪:‬‬ ‫●‬

‫لقد رتب عمر شؤون الدولة‪ ،‬وأحكم مواردها‪ ،‬وحارب االنحراف‪ ،‬وأعلى كلمة الحق‪ ،‬وكثرت األموال في عهده‪ .‬لم يكن هدف عمر‬
‫جمع المال فـحسـب‪ ،‬بل كانت هناك سياسة حكيمة في اإلنفاق تعود على ما ينفع المسلمينـ‪ .‬واهتم عمر بتعمير البالد وإصالحها‪.‬‬
‫يعتبر عمر أول من أمر بسـك النقود‪ ،‬ولكنها لم تأخذ الشكل الرسمي إال في عهد عبد الملك بن مروان في الخالفة األموية‬

‫خالفة عثمان رضي الله عنه‪:‬‬ ‫●‬

‫لما تولىـ عثمان الخالفة لم يغير من سياسة عمر المالية‪ ،‬وحققت المالية العامة في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه‬
‫التوازن المالي‪ ،‬ففاضت اإليرادات العامة عن النفقات العامة مما مكن من االستمرار في نظام األعطيات‪ ،‬فكان له األثر في تحقيق‬
‫التوازن االجتماعي‪.‬‬

‫خالفة علي رضي الله عنه‪:‬‬ ‫●‬

‫كان علي أقرب الى عمر في سياسته المالية من شدة تقتيره على نفسه وعلى أقرب الناس له‪ ،‬كما كانت سياسته تشتمل على‬
‫أسس فيـ فرض الضرائب وتنظيمها‪ ،‬وتدعيم النظام المالي للدولة بقواعد متينة تزيد من عمرانها‪ ،‬وحفظ أموالهم‪ ،‬وتحول دون خرابها‬
‫أو إفالسها‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫التطور التاريخي لالقتصاد اإلسالمي‬
‫وحين بدأ الناس التوسع في المعامالت نشطت الدراسات الفقهـية االقتصادية وبدأ العلماء يضعون أحكاما ً شرعية لما‬
‫استجد في زمانهم من أمور ومسائل‪ ،‬فألفوا في ذلك التصانيف التي تبحث المسائل الفقهية في الجوانب االقتصادية‪،‬‬
‫فكتب الفقه التي ظهرت في القرن الثاني الهجري فما بعده‪ ،‬زخرت بمسائل اقتصادية مهمة كالزكاة‪ ،‬والكفارات‪ ،‬والعقود‪،‬‬
‫والمعامالت‪ ،‬والنفقات‪ ،‬والصداق‪ ،‬و المواريث‪ ،‬والديات‪.‬‬

‫ومن هذه الكتب (المدونة الكبرى) لإلمام مالك‪ ،‬و(المبسوط) للسرخسي‪ ،‬و(األم) لإلمام الشافعي‪ ،‬و(المغني) البن قدامة‪.‬‬
‫كما ظهرت كتب خاصة في االقتصاد كـ(الخراج) ألبي يوسف‪ ،‬و(الخراج) ليحيى بن آدم القرشي و(األموال) ألبي عبيد‪،‬‬
‫وكتاب (االكتساب في الرزق المستطاب) للشيباني‪ ،‬و(أحكام السوق) ليحيى بن عمر‪ ،‬وكتاب (البركة في فضل السعي‬
‫والحركة) لمحمد الحبشي اليمني‪ ،‬وكتاب (الحسبة) البن تيمية وغيره من العلماء‪.‬‬

‫باإلضافة لكتابات ابن خلدون والمقريزي والعيني والدلجي في أواخر القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر الميالدي‬
‫نقطة البدء للمدرسة العلمية في االقتصاد الحديث‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫التاريخ الحديث‬
‫لالقتصاد اإلسالمي‬
‫تمهيد‬
‫مع بداية القرن العشرين‪ ,‬عرف االقتصاد اإلسالمي تطورا ً متسارعا ً وتحوالت مهمة‪ ,‬كان‬
‫ناتجها أن تحول االقتصاد اإلسالمي من تشريعات و أفكار نظرية إلى مؤسسات وتجارب‬
‫عملية‪ ,‬خصوصا في القطاع البنكي الذي حظي باالهتمام األكبر نظرا لتأخره عن باقي‬
‫المكونات االقتصادية األخرى‪ ,‬كالوقف والزكاة والعقود‪ .‬كما شهدت هذه الفترة بروز دراسات‬
‫اقتصادية إسالمية معاصرة‪ ,‬مندرة بنشأة علم االقتصاد اإلسالمي‪ .‬فما هي أبرز المراحل‬
‫واإلعالم التي شهدتها هذه الفترة؟‬
‫األحداث والتطورات التي عرفها االقتصاد اإلسالمي مع مطلع القرن العشرين‬

‫إصدار كتاب "اقتصادنا" لمؤلفه محمد باقر الصدر سنة ‪.1996‬‬

‫تميزت المرحلة المعاصرة عن سابقاتها ببروز أعمال فكرية إسالمية متخصصة في االقتصاد‪ ,‬ومن أبرز‬
‫هذه األعمال نجد كتاب اقتصادنا وهو من أوائل االنتاجات الفكرية المعاصرة في ما يخص االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ .‬حيث تناول فيه كاتبه الميزات والخاصيات وكذا المنافع الممكن تحصيلها من إنشاء نظام‬
‫اقتصادي إسالمي متكامل‪.‬‬
‫كما أن الكتاب احتوى على انتقادات للصراع بين النظامين السائدين آنذاك الرأسمالية واالشتراكية‪ ,‬وقد‬
‫حذر من خالله الكاتب من االنجرار وراء كال النظامين‪ ,‬وعلى ضرورة اإلسراع في تطوير النظام‬
‫االقتصادي اإلسالمي‪ .‬و ال يزال كتاب اقتصادنا الى يومنا هذا يشكل مرجعا ً للكثير من قواعد البنوك‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وكذا طرق التعامل والتوزيع واالنتاج في االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬
‫تأسيس أول بنك إسالمي بمصر سنة ‪1963‬‬
‫تم إنشاء أول بنك إسالمي رسمي في مصر في مدينة ميت غمر سنة ‪ ,1963‬من طرف الدكتور أحمد النجار‪ ,‬وكان أول‬
‫بنك ادخار إسالمي لم يتعامل بالفائدة الربوية‪ ,‬واتبع الشريعة اإلسالمية في جميع المعامالت التي شملت القروض‬
‫واإليداع والمشاركة فيرأس المال‪ .‬وقد عرف بنك ميت غمر قدرا ً من النجاح حيث بلغ عدد فروعه ‪ 53‬فرع‪ ,‬وضم نحو‬
‫‪ 85‬الف مشترك‪ .‬اال ان التجربة لم تدم طويال ً مع تصاعد المشاكل السياسية آنذاك في مصر‪ ,‬و التي أدت إلى وضع بنك‬
‫ادخار ميت غمر تحت سيطرة وقيادة البنك الوطني المصري سنة ‪,1967‬كما أنه تم إعادة إدخال التعامل بالفائدة‬
‫الربوية في جميع المعامالت‪ .‬ورغم قصرها اال انه أدت هذه التجربة الى إحداث ضجة كبيرة في جميع أوساط الطبقة‬
‫الفكرية بالعالم العربي اإلسالمي‪ ،‬حيث قام العديد من العلماء المسلمين وخاصة ذوي الخلفية االقتصادية‪ ,‬بالتفكير‬
‫بشكل جدي في إقامة مصارف ومؤسسات مالية معتمدة على الشريعة اإلسالمية وخالية من الفائدة‪ .‬وتم إنشاء وتطوير‬
‫المبادئ و اإلطار العام للعمليات المصرفية على أساس الشريعة اإلسالمية‪ ,‬من أجل توحيدها على المستوى العالمي‪،‬‬
‫إال أن هذا التطور عرف خموال ُوتباطأ في ظل ندرة علماء مليمين بالعلوم الشرعية وفي نفس الوقت خبراء في العلوم‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫تأسيس بنك التنمية اإلسالمي سنة ‪1973‬‬

‫تم إنشاء بنك التنمية اإلسالمي عقب انعقاد مؤتمر وزراء مالية الدول اإلسالمية‪ ,‬الـذي عقد في مدينة جدة‪ ،‬في شهر‬
‫ديسمبر ‪ , 1973‬والذي نتج عنه تحديد األهداف والوظائف األساسية المنتظرة من بنك التنمية اإلسالمي‪ ,‬والتي ترتكز‬
‫على دعم التنمية االقتصادية والتقدم االجتماعي لشعوب الدول األعضاء‪ ,‬والمجتمعات اإلسالمية في دول غير‬
‫األعضاء‪ ،‬مجتمعة ومنفردة‪ ،‬وفقا لمبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ,‬وكذا تقديم أشكال مختلفة من المساعدة اإلنمائية لتمويل‬
‫التجارة ومكافحة الفقـر مـن خالل التنمية البشرية‪ ،‬والتعاون االقتصادي‪ ،‬وتعزيز دور التمويل اإلسالمي في التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ .‬كما أنيطت بالبنك مهمة إنشاء وإدارة صناديق خاصة ألغراض معينة‪ ،‬ومن بينها صندوق إلعانة‬
‫المجتمعات اإلسالمية في الدول غير األعضاء‪ ،‬وكذا تولّي النظارة على صناديق األموال الخاصة‪ ,‬ومن مسؤوليات البنك‬
‫أن يساعد في تنمية التجارة الخارجية للدول األعضاء‪ ،‬وأن يعزز التبادل التجاري بينها‪ ،‬وبخاصة في السلع اإلنتاجية‪،‬‬
‫وأن يقدم لها المساعدة الفنية‪ ،‬وأن يوفر التدريب للموظفين الذين يتولون أنواع النشاط االقتصادي والمالي والمصرفي‬
‫في الدول اإلسالمية ويقع المقر الرئيسي لبنك التنمية اإلسالمية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية وتم إنشاء‬
‫مكتبين إقليميين أحدهما بالرباط عاصمة المغرب واآلخر بماليزيا‪.‬‬
‫تسارع تأسيس البنوك اإلسالمية وانعقاد أول مؤتمر عالمي لالقتصاد اإلسالمي ما بين‬
‫‪ 1975‬و ‪1987‬‬

‫بعد نهاية تجربة بنك ميت غمر بمصر‪ ,‬اضطر العالم اإلسالمي إلى االنتظار ‪ 8‬سنوات لظهور بنوك إسالمية أخرى‪ ,‬إلى‬
‫أن مدة االنتظار لم تكن مهدرة حيث استفادـة االقتصاديون اإلسالميون من‬
‫تجربة بنك ميت غمر ومن عدة تجارب تمويلية بباكستان وماليزية األمر الذي أسهم في عودة البنوك االسالمية بقوة‬
‫وبصورة أكثر هيكلية عقب انعقاد مؤتمر وزراء مالية الدول االسالمية سنة ‪ 1973‬الذي أكد على سالمة الجوانب‬
‫النظرية والعملية للبنوك اإلسالمية األمر الذي أدى إلى ظهور متسارع للبنوك اإلسالمية أولها بنك دبي اإلسالمي‬
‫باإلمارات عام ‪ 1975‬وبنك فيصل اإلسالمي المصري وبنك فيصل اإلسالمي السوداني وبيت التمويل الكويتي عام‬
‫‪ ،1977‬والبنك اإلسالمي األردني عام ‪ ،1978‬وبنك البحرين اإلسالمي عام ‪ ،1979‬وكذلك تأسيس أول بنك إسالمي في‬
‫الغرب عام ‪ 1987‬وهو المصرف اإلسالمي الدولي في الدنمارك‪.‬‬
‫وصاحب هذا كله انعقاد المؤتمر العالمي األول لالقتصاد اإلسالمي عام ‪ 1976‬وهو أول تجمع علمي ضم عددا ً ً‬
‫كبيرا من‬
‫الباحثين والمهتمين بقضايا االقتصاد اإلسالمي من مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وقد تناول هذا المؤتمر بين موضوعاته فكرة‬
‫البنوك اإلسالمية‪.‬‬
‫توسع نشاط البنوك اإلسالمية في الثمانينات والتسعينات‬

‫تميزت هذه المرحلة بظهور مجموعات مالية إسالمية منظمة تتكون من عدد من البنوك اإلسالمية ومن شركات‬
‫االستثمار المنتشرة حول العالم مثل دار المال اإلسالمي ومجموعة البركة التي ساهمت في انتشار البنوك اإلسالمية‬
‫في العديد من الدول كالبحرين وتونس والسودان ومصر والجزائر وتركيا وجنوب إفريقيا وغيرها‪ ،‬كما تميزت هذه المرحلة‬
‫بمحاوالترائدة ألسلمة النظام المصرفي في بعض الدول اإلسالمية مثل السودان وباكستان وإيران‪ ،‬حيث أصبحت‬
‫إعطاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫جميع الوحدات المصرفية لديها تعمل وفقا ً ألحكام الشريعة اإلسالمية وال تتعامل بالفائدة أخذا ً أو‬
‫إضافة الى تنامي جهود علمية كبيرة لدعم فكرة البنوك اإلسالمية من خالل تأسيس عدد من مراكز األبحاث في‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وعقد ندوات فقهية واقتصادية سنوية لمعالجة المستجدات المصرفية وكذلك نشر العديد من الكتب‬
‫والمطبوعات العلمية والرسائل الجامعية‪.‬‬
‫بداية انتشار األبناك اإلسالمية في المغرب‬
‫تعتبر المملكة المغربية من أواخر الدول اإلسالمية المتبنية األبناك اإلسالمية حيث عرفت أول انطالق لألبناك‬
‫اإلسالمية سنة ‪ ,2017‬أي ‪ 56‬سنة من بعد ظهور أول بنك إسالمي وكان هذا التأخيرراجع الى قوة النظام البنكي‬
‫التقليدي الذي انتهج منهج المنافسة الغير الشريفة بتأخير انطالق البنوك اإلسالمية اضافة الى امتياز المؤسسات‬
‫المالية التنظيمية ومن بينهـا بنك المغرب بالحذر المبالغ فيه‪ ,‬المعاكس للتطوير واالبتكار‪ ,‬حيث تم رفض أول محاولة‬
‫إلنشاء بنك إسالمي بالمغرب سنة ‪ 1980‬وكانت هذه المحاولة مقدمة من طرف مؤسسة دار المال اإلسالمي‬
‫ومجموعة البركة‪ ,‬كما أن معاكسة انتشار األبناك اإلسالمية بالمغرب لم تنحصر فقط على األبناك الخارجية فقط‪ ,‬بل‬
‫طالت ايضا ً محاوالت داخلية أبرزها محاولة التجاري وفا بنك سنة ‪ ,1991‬الذي حاول فتح فروع متخصصة في طرق‬
‫التمويل اإلسالمية قبل أن يقابل بالرفض وااليقاف من طرف بنك المغرب‪ .‬اال ان عاد بنك التجاري وفابنك سنة‬
‫‪ 2007‬إلى تقديم خدمات إسالمية بعد إصدار منشور ‪/33‬ج‪ 2007 /‬من طرف بنك المغرب الذي سمح بالشروع‬
‫بتقديم الخدمات البنكية االسالمية االمر الذي اكتمل بإصدار قانون ‪ 103.12‬سنة ‪ 2015‬الذي وضع االسس القانونية‬
‫النشاء وتسويق االبناك االسالمية بالمغرب‬
‫أبرز أعالم المرحلة الحديثة‬
‫محمد باقر الصدر‬

‫ولد بمدينة الكاظمية بالعراق في مارس ‪ 1935‬وهو مرجع ديني ومفكر‬


‫وفيلسوف إسالمي عراقي‪ ،‬يعد أبرز مؤسسي حزب الدعوة اإلسالمية‬
‫ومنظري أفكاره‪ .‬مؤلف لمجموعة كتب تعد األبرز في الفكر السياسي‬
‫اإلسالمي أبرزها كتاب اقتصادنا الذي ساهم في تأسيس قواعد المالية‬
‫اإلسالمية‪ .‬في عام ‪ 1980‬تم إعدامه مع اخته امنة الصدر بالرصاص‬
‫بأمر من الرئيس األسبق صدام حسين بتهمة العمالة والتخابر مع إيران‪.‬‬
‫الدكتور أحمد عبد العزيز النجار‬
‫ولد سنة ‪ ،1932‬بمحافظة الغربية بمصر‪ ،‬حصل على بكالوريوس تجارة ـ جامعة القاهرة ‪ ،1952‬ماجستير‬
‫معهد العلوم السياسية ـ جامعة القاهرة ‪ .1954‬وحصل على الدكتوراه في االقتصاد من جامعة كولونيا‬
‫بألمانيا الغربية ‪ ،1959‬شغل وظيفة مدير عام مشروع بنوك االدخار المحلية من (‪ 1963‬ـ ‪،)1967‬‬
‫وأستاذ االقتصاد اإلسالمي بجامعة أم درمان اإلسالمية من (‪ 1967‬ـ ‪ ،)1969‬وعمل نائبا لرئيس المعهد‬
‫الدولي لالدخار واالستثمار بألمانيا الغربية من (‪ 1969‬ـ ‪ ،)1971‬ورئيس الدائرة االقتصادية لمؤتمر وزارة‬
‫الخارجية اإلسالمي من (‪ 1971‬ـ ‪ .)1973‬وعمل مستشارا لبنك ناصر االجتماعي من (‪ 1973‬ـ ‪،)1975‬‬
‫وأستاذ االقتصاد اإلسالمي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة من (‪ 1975‬ـ ‪ ،)1978‬ثم أمين عام االتحاد‬
‫الدولي للبنوك اإلسالمية منذ ‪ ،1978‬عضو لجنة خبراء الدول اإلسالمية إلقامة النظام المصرفي اإلسالمي‬
‫(القاهرة ‪ ،)1971‬واللجنة التحضيرية إلنشاء البنك اإلسالمي للتنمية (جدة ‪ .)1973‬كما شارك الدكتور‬
‫النجار في مراحل تأسيس البنك اإلسالمي للتنمية‪ ،‬وحضر المؤتمرات الممهدة له وقد ترك خلفه الكثير‬
‫من المؤلفات التي تشرح وتؤسس لالقتصاد اإلسالمي والمصرفية اإلسالمية‪ ،‬منها كتاب «مدخل إلى‬
‫النظرية االقتصادية في المنهج اإلسالمي»‪ ،‬وكتاب «بنوك بال فوائد»‪ ،‬وكتاب «موسوعة البنوك‬
‫اإلسالمية»‬
‫خورشيد أحمد‬

‫خورشيد أحمد ولد سنة ‪ 1932‬في دلهي وهو عالم واقتصادي وكاتب وناشط إسالمي‬
‫وعل ْ ِم التشريع‪ ،‬ودرجة ماجستير فيـ‬ ‫مل درجة البكالوريوس في القانون ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫باكسـتاني‪ .‬يَ ْ‬
‫االقتصاد والدراسات اإلسالمي ِة‪ ،‬ودكتوراه فخرية (دكتوراه) في التعلي ِم ودكتوراه فخرية في‬
‫ِ‬
‫الدولية ماليزيا وقد شغل عدة‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمية‬ ‫اإلسالمي منحت له من الجامع ِة‬
‫ِ‬ ‫االقتصا ِد‬
‫اإلسالمي (‪ )1992-1984‬ورئيس‬‫ِ‬ ‫مناصب مهمة ومنها رئيس الهيئة الدولية لالقتصا ِد‬
‫اإلسالمي بالجامعة اإلسالمية الدولية بإسالم آباد (‪-1983‬‬ ‫ِ‬ ‫المعهد الدولي لالقتصا ِد‬
‫الشيوخ الباكستانى (منذ ‪ 2003‬حتى اآلن)‪ .‬نظرا ً لمساهما ِته في‬ ‫ِ‬ ‫‪ )1987‬و عضو مجلس‬
‫مصرف التنمية اإلسالمي ِة‬
‫ِ‬ ‫اإلسالمي كأكاديمي منضبط فـقد ُم ِن َح جائز َة‬
‫ِ‬ ‫تطوير االقتصا ِد‬
‫ِ‬
‫األولى لالقتصا ِد عام ‪ .1988‬كما أن مساهماته في القضايا اإلسالميِة تم تقديرها بمنحه‬
‫جائزة الملك فيصل العالمية عام ‪1990‬‬
‫محمد يونس‬
‫أستاذ االقتصاد السـابق فـي جامعة شيتاجونج إحدى الجامعات الكبرى في‬
‫بنغالديش‪ ،‬ومؤسس بنك غرامين ويعتبر األب المؤسس للقروض الصغيرة‪ ,‬حيث‬
‫فيـ عام ‪ 1976‬وخالل زياراته لألسر األكثر فقرا ً في إحدى قرى بنجالديش‪،‬‬
‫اكتشف أن القروض الصغيرة جدا ً يمكن أن تحدث فرقا ً لهؤالء الفقراء‪ ،‬حيث وجد‬
‫مجموعة من النساء يصنعون من الخيزران أثاثا ً و يعتمدون على القروض الربوية‬
‫لشراء الخيزران‪ ،‬ولهذا فإن حتى أرباحهم تذهب للمقرضين‪ .‬ولم تكن البنوك‬
‫التقليدية تقرض القروض الصغيرة بفائدة معقولة للفقراء بسـبب ارتفاع المخاطر‬
‫االفتراضية على البنوك‪ ,‬مما دفع محمد يونس إلىـ إنشاء بنك خاص بالقروض‬
‫الصغرى للفقراء بنجالديش‪ ،‬وتمت تسـميته بنك غرامين (بنك القرية)‪ .‬بحلول‬
‫يوليو ‪ ،2007‬غرامين أقرضت ‪ 6.38‬مليار دوالر أمريكي على ‪ 7.4‬مليون مقترض‪،‬‬
‫ولضمان السداد‪ ،‬يستخدم البنك نظام «مجموعات التضامن» لدعم جهود بعضهم‬
‫البعض في النهوض باالقتصاد الذاتي‪.‬وقد حصل محمد يونس على جائزة نوبل‬
‫للسالم سنة ‪ ،2006‬مناصف ًة مع بنك غرامين‪ ،‬لما بذلوه من جهود لخلق التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية‬
‫خاتمة‬
‫عرف االقتصاد اإلسالمي تطورات ومراحل كثيرة منذ القدم‪ ,‬و واجه صعوبات وتحديات مختلفة مع‬
‫اختالف األزمان والحاجيات‪ ,‬كما أن االمتداد الجغرافي الواسع للحضارة اإلسالمية ادى إلى تباين في‬
‫المناهج وسرعات االنتشار‪ ,‬وكان من عواقب هذه العوامل ضعف التطور والحصيلة العلمية والمعرفية‬
‫لالقتصاد اإلسالمي مقارنة مع مدة تواجده‪ ,‬ويمكن أن نرجع هذا الخمول إلى الفشل في التفرقة‬
‫المبكرة بين العلوم الشرعية والعلوم االقتصادي مما حال دون تأسيس علم اقتصاد إسالمي مستقل‬
‫مبكرا وحال أيضا ً ضد ظهور علماء اقتصاديين متخصصين واكتفى العالم اإلسالمي بإسهامات عباقرة‬
‫مجاالت أخرى كابن تيمية وابن خلدون الذين انصب معظم تركيزهم على ميادين أخرى وكانت‬
‫إسهاماتهم في االقتصاد اإلسالمي عارضة‪ .‬ولكن مع طلوع القرن العشرين تسارعت التطورات‬
‫واالنجازات فيما يخص االقتصاد اإلسالمي وبرزت مؤسسات وأكاديميات بلورت البحث العلمي‬
‫المختص بشؤون االقتصاد اإلسالمي مما مكن من تطوير بنوك ومؤسسات مالية إسالمية تعد وتندر‬
‫بإنشاء نظام اقتصادي إسالمي متكامل وشمولي‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫مقال جريدة الشرق األوسط‪" ,‬الدكتور أحمد عبد العزيز"‪ ,‬الحم الناصر‪2009 ,‬‬ ‫●‬
‫مقال اسالم منار‪" ,‬نشأة البنوك التشاركية في المغرب"‪ ,‬ابراهيم بوادي‪2019 ,‬‬ ‫●‬
‫مقال مؤسسة الصدرين للدراسات االستراتيجية‪" ,‬السيرة الذاتية لإلمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر"‪,‬‬ ‫●‬
‫مقال دار اإلفتاء‪" ,‬نشأة االقتصاد اإلسالمي"‪ ,‬المفتي الدكتور صفوان عضيبات‪2019 ,‬‬ ‫●‬
‫المؤتمر العلمي العالمي الرابع‪ ،‬د‪ .‬عبد اللطيف سليمان عثمان احالج‪ ،‬دور االقتصاد اإلسالمي في بناء‬ ‫●‬
‫اقتصاديات الدولة‪/7-6 ،‬نونبر‪2018/‬‬

You might also like