You are on page 1of 8

‫جامعة بـاجي مختـار– عنابة‬

‫‪Université Badji Mokhtar – Annaba‬‬


‫كلـية العــلوم اإلقتصادية والتجارية وعلـوم‬
‫التسييـر‬
‫‪Faculté des Sciences Economiques et commerciale et Sciences de‬‬
‫‪gestion‬‬
‫قسم الجذع المشترك‬

‫المحاضرة الخامسة في مقياس تاريخ الفكر‬


‫اإلقتصادي‪:‬‬
‫الفكر اإلقتصادي االسالمي ‪I‬‬

‫من إعداد األستاذة بونعيجة نجوى‬

‫موجهة لطلبة السنة األولى جذع مشترك (كل المجموعات)‬

‫السنة الجامعية‪2023/2022 :‬‬


‫االسالمي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الفكر‬ ‫الخامسة‪:‬‬ ‫المحاضرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السنة الجامعية ‪2023_2022‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تناول اإلسالم حياة البشر في مختلف نواحيها الروحية والمادية ولم يقتصر على العقائد والهداية الروحية وإنما‬
‫جاء بتوجيه سياسي واجتماعي واقتصادي عام وهذا ما يعرب عنه بمصطلح اإلسالم دين ودنيا وأنه عقيدة وشريعة‬
‫صالحة لكل زمان ومكان‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مدخل مفاهيمي لالقتصاد االسالمي( النشأة والمفهوم)‪:‬‬
‫لقد جاء اإلسالم بمنهج شامل لعالج كل المشاكل واألزمات‪ ،‬وعلى رأسها المشاكل االقتصاديَّة‪ ،‬والَّتي كانت‬
‫كالرعي والتِّجارة‪ .‬فلقد كانت‬
‫َّ‬ ‫األول من اإلسالم‪ ،‬وذلكراجع لتواضع األنشطة االقتصاديَّة‬
‫َّ‬ ‫صدر‬
‫محدودة في ال َّ‬
‫المعامالت المالية واإلقتصادية في صدر اإلسالم محدودة‪ ،‬فالمجتمع المحلي في ذلك الوقت كان يعتمد على الرعي‬
‫بشكل كبير باإلضافة إلى بعض التعامالت التجارية في األسواق التي حفز رسولنا الكريم صلى هللا عليه وسلم على‬
‫إنشائها في المدينة المنورة واضعا الضوابط الالزمة للمعامالت بما يكفل القضاء على الغش واإلحتكار والربا‪ ،‬كما‬
‫حرص على جمع الزكاة وإقطاع األرض لمن يريد أن َيحيييها باإلستصالح ونظم استخدام الموارد المائية ‪،‬ورسخ‬
‫مفهوم العدل في المعامالت واحترام الملكية الفردية وحرية األسواق وما يجري فيها من معامالت وأسعار ما دامت في‬
‫إطار الشريعة اإلسالمية ‪،‬ووضع الضوابط الالزمة لمجاالت اإلنتاج والتوزيع واإلستهالك‪.‬‬
‫لكن توسعت المعامالت التجارية واإلقتصادية ولّد الحاجة إلى مزيد من التنظيم‪ ،‬بدأ ظهور الكتب واألحباث‬
‫الفقهية اإلقتصادية في القرون األولى من العصر اإلسالمي لتناقش بعض المسائل اإلقتصادية من أمثال كتاب المبسوط‬
‫للسرخسي أو المدونة الكبرى لإلمام مالك‪ .‬وبعد فترة من الزمن صدرت مجلة األحكام العدلية التي وضعتها لجنة من‬
‫العلماء في الدولة العثمانية لتنظم الجانب اإلقتصادي في الدولة‪ ،‬حيث كانت تشتمل على مواضيع شتى من أحكام‬
‫المعامالت المالية حيث ابتدأت بكتاب البيوع‪ ،‬فاإليجارات‪ ،‬فالكفالة‪ ،‬فالحوالة‪ ،‬الرهن‪ ،‬فاألمانات‪ ،‬فالهبة‪....‬إلخ‪.‬‬
‫وفي العصر الحديث ظهر إهتمام مبكر ببحث األسس التي يقوم عليها اإلقتصاد اإلسالمي والمبادئ التي تحكم‬
‫النشاط اإلقتصادي‪ ،‬وقد جاءت معظم األبحاث و الدراسات في هذا الجانب ذات طابع فقهي ومذهبي خاصة تلك‬
‫الدراسات المبكرة المتعلقة بأحكام الربا والتأمين واإلحتكار وبحث األعمال المصرفية وحكم اإلسالم فيها‪ ،‬كما كان‬
‫بعضها يبحث في األصول العامة للنظام اإلقتصادي اإلسالمي كموضوع الملكية والحرية والتكافل اإلجتماعي والنظام‬
‫المالي للدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫الرابع عشر الهجريِّ‪ ،‬أو في النِّصف الثَّاني من القرن‬
‫ي كعلم َّإال في أواخر القرن َّ‬
‫لم يظهر االقتصاد اإلسالم ُّ‬
‫مستقل اهت َّم فيه الباحثون بتأليف الكتب‪ ،‬ونشر األبحاث‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫كعلم‬
‫العشرين بشكل ادق‪ ،‬ومن هنا نشأ علم االقتصاد اإلسالمي ِّ ٍ‬
‫ومناقشة األفكار؛ ليتبلور لنا مصطلح علم االقتصاد اإلسالمي كـ "مجموعة المبادئ واألصول اإلقتصادية التي تنبثق‬
‫من العقيدة واألخالق اإلسالمية التي تحكم النشاط اإلقتصادي للدولة اإلسالمية كما وردت في نصوص القرآن والسنة‬
‫النبوية الواجب تطبيقها بما يتالءم مع ظروف الزمان والمكان"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫االسالمي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الفكر‬ ‫الخامسة‪:‬‬ ‫المحاضرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السنة الجامعية ‪2023_2022‬‬

‫ثانيا‪ -‬خصائص الفكر االقتصاد االسالمي‪:‬‬


‫ي االسالمي نظاما مثاليا‪ ،‬ال يقف عند حدود الوصف لما هو كائن‪ ،‬وإنَّما يهت ُّم بما يجب َّ‬
‫أن‬ ‫يعد النَّظام االقتصاد ُّ‬
‫لكل زمان ومكان‪،‬أهمها‪:‬‬
‫ومتميزة تجعله صال ًحا ِّ‬
‫ِّ‬ ‫يكون‪ ،‬اذ يتميَّز بعدَّة خصائص فريدة‬
‫سنة ‪ -‬هو‬
‫ممثال في القرآن وال ُّ‬ ‫ً‬ ‫ي في اإلسالم ُنظام ربَّان ُّي ُالمصدر‪ ،‬فالوحي اإللهي ‪-‬‬
‫النظام االقتصاد ُّ‬
‫الربَّا ِنيَّةُ‪ِّ :‬‬
‫‪َّ -1‬‬
‫الربَّانيَّة ‪ -‬التوجد‬
‫الخاصيَّة ‪َّ -‬‬
‫ِّ‬ ‫النظام‪ ،‬بعده مصادر التَّشريع األُخرى كاإلجماع‪ ،‬القياس‪ ،‬واالجتهاد‪ .‬هذه‬ ‫مصدر هذا ِّ‬
‫محرفة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫في أي ِّ مذهب اقتصادي ٍ آخر؛ فك ُّل المذاهب االقتصاديَّة األخرى من وضع البشر سواء استندت لديانات‬
‫أو نظريَّات وضعيَّة من استنباط البشر الذي يتأثر بالفلسفات المعتنقة‪ ،‬والبيئة المحيطة‪.‬‬
‫اني ُالهدف‪ ،‬حيث يتمثَّل مقصده في إشباع وتوفيرالحاجيات األساسيَّة لإلنسان مع ضمان ِّ‬
‫حد‬ ‫كما انه نظام ُربَّ ُّ‬
‫ي جنبًا إلى جنب‪ .‬وهذا بخالف النُّظم‬
‫والروح ُّ‬
‫ي‪ُّ ،‬‬‫الماد ُّ‬
‫ِّ‬ ‫الكفاية َّ‬
‫الالئق به‪،‬ليحيا حياة طيِّبة رغدة يتحقَّق فيها اإلشباع‬
‫االقتصاديَّة الوضعيَّة الَّتي ال مقصد لها سوى تحقيق أقصى إشباع مادِّي ٍ ممكن‪ ،‬بدون أي اعتبار إلى اإلشباع‬
‫الروحيَّة األخالقيَّة‪ .‬فالتِّجاريُّون هدفهم‬
‫الماديَّة‪ ،‬مع إهمال الجوانب ُّ‬
‫ِّ‬ ‫الروحيِّ‪ ،‬فغايتها تحقيق اللَّذة‪،‬أو المنفعة‬
‫ُّ‬
‫الزراعيَّة‪ ،‬وقلَّلوا من شأن ِّ‬
‫الصناعة‬ ‫َّ‬
‫والطبيعيُّون هدفهم االنتفاع بالثَّروة ِّ‬ ‫الحصول على أكبر قدر من الذَّهب‪،‬‬
‫الرغبات دون النَّظر إلى حالل أو حرام‪ .‬في حين هدف‬
‫الرأسماليُّون فهدفهم المنفعة‪ ،‬وإشباع َّ‬
‫والتِّجارة‪،‬أما َّ‬
‫الربَّانيَّة‪ ،‬والقيم األخالقيَّة‪ ،‬والمعاني‬ ‫ي يتَّجه لخدمة ال ُّ‬
‫شيوعيَّة‪ ،‬فال مكان عندهم للمناهج َّ‬ ‫ماد ُّ‬
‫الماركسيُّون ِّ‬
‫اإلنسانيَّة‪.‬‬
‫الرقابة ُالبشريَّة وجدت‬ ‫الرقَابَة ُالم ْزد ََو َجةُ‪ :‬يخضع النِّظام االقتصاد ُّ‬
‫ي في اإلسالم لرقابتين‪ :‬بشريَّة‪ -‬ذاتيَّة‪ ،‬ف ِ‬ ‫‪ِ -2‬‬
‫ت َم َّكةُ أرسل إليها َم ْن‬‫سلَّ َم ‪-‬كان يراقب األسواق بنفسه‪ ،‬وعندما فُتِّ َح ْ‬
‫علَ ْي ِّه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫فالرسول ‪َ -‬‬
‫بعد الهجرة؛ َّ‬
‫وم ْن هنا ظهرت وظيفة المحتسب لمراقبة النَّشاط االقتصاديِّ‪ ،‬إلى جانب األمر بالمعروف‪،‬‬ ‫يراقب أسواقها؛ ِّ‬
‫وحرم كذا؛ يفرض رقابة ُذاتيَّة قائمة على‬
‫َّ‬ ‫والنَّهي عن المنكر‪ ،‬من جانب اخر إحساس المسلم َّ‬
‫أن هللا أح َّل كذا‪،‬‬
‫الرقابة البشريَّة؛ فإنَّه ال‬
‫اإليمان باهلل‪ ،‬وعلى الحساب في اليوم اآلخر‪ ،‬وحيث يشعر اإلنسان بأنَّه إذا ما انفلت من ِّ‬
‫الرقابة اإللهيَّة الَّتي أعدَّت له عذابًا ألي ًما في حالة انحرافه‪.‬‬
‫يستطيع اإلفالت من ِّ‬
‫ي نظام وسطي قوامه العدل والقسط‪ ،‬فالوسطيَّة في مآالتها هي التَّوازن‬ ‫‪ -3‬الت َّ َوازنُ‪ :‬النِّظام االقتصاد ُّ‬
‫ي اإلسالم ُّ‬
‫والروحيَّة ‪ ،‬مصلحة الفرد‪ ،‬الجماعة‪ ،‬والدَّولة‪ .‬ومن مظاهر توازن هذا النظام َما‬
‫ُّ‬ ‫الماديَّة‬
‫بين المثاليَّة والواقعيَّة‪ِّ ،‬‬
‫َي ِّلي‪:‬‬
‫ُوالت َّ َط ُّو ُِر‪ :‬يقوم االقتصاد اإلسالمي ِّ على أمور ثابتة ال تتغير مهما تغيَّر َّ‬
‫الزمان والمكان‪،‬‬ ‫ت َ‬‫أ‪ .‬ال َج ْمع ُبَ ْينَ ُالثَّبَا ِ‬
‫متطورة‪ ،‬وهي كيفيَّة إعمال وتطبيق‬
‫ِّ‬ ‫سنَّة‪ ،‬وهناك أمور‬ ‫كاألصول االقتصاديَّة الَّتي وردت بنصوص القرآن وال ُّ‬
‫متطلبات َّ‬
‫الزمان والمكان‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫هذه األصول اإللهيَّة بحسب‬

‫‪2‬‬
‫االسالمي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الفكر‬ ‫الخامسة‪:‬‬ ‫المحاضرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السنة الجامعية ‪2023_2022‬‬

‫لكل زمان ومكان‪ ،‬فكان اقتصاده فيه من المرونة ما يجعله يتَّسع‬


‫ي هو الدِّين الخاتم الصالح ِّ‬
‫إن الدِّين اإلسالم ُّ‬
‫المتجددة‪ ،‬والعرف مادام ال يتعارض مع أصل ثابت‪ .‬فتغيرالفتوى يكون تبعًا‬
‫ِّ‬ ‫لألساليب المختلفة‪ ،‬والوسائل‬
‫الخاصيَّة من خصائص االقتصاد اإلسالمي ِّ وحده‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫لتغيُّر َّ‬
‫الزمان والمكان ليس اختالف ح َّجة وبرهان‪ .‬هذه‬
‫لكل مذهب‪،‬‬
‫نظر جديد ِّ‬
‫كل ُم ِّ‬
‫فالمذاهب االقتصاديَّة األخرى ليس فيها شيء ثابت‪ ،‬بل هي نفسها تتغيَّر باختالف ِّ‬
‫كل عصر ومكان تظهر فيه‪ .‬فنجد آدم سميث يختلف عن ريكاردو‪ ،‬و ريكاردو يختلف عن مالتوس‬
‫وباختالف ِّ‬
‫رغم انتمائهم الى نفس المذهب االيدولوجي الراسمالي‪ ،‬وكينز رغم كونه مفكرا رأسماليا يكاد يعود للتجاريين‬
‫الذين خالفهم آدم سميث‪ ،‬لذاهناك من يسمون افكاره بالتجاريين الجدد‪ .‬ورأينا الملكية العامة تجد لها مكانًا في‬
‫النظام الرأسمالي‪ ،‬والملكية الخاصة يتقبلها النظام الماركسي‪.‬‬
‫والروحيَّة باعتبارهما‬
‫ُّ‬ ‫الماديَّة‬
‫ِّ‬ ‫ي بين‬ ‫وحيَّ ُِة‪َ :‬وازَ نَ النِّظام االقتصاد ُّ‬
‫ي اإلسالم ُّ‬ ‫الر ِ‬ ‫ب‪ .‬الت َّ َوازن ُبَ ْينَ ُال َم ِاديَّ ِة َ‬
‫ُو ُّ‬
‫الروحية‪،‬‬
‫الروحيَّة‪ ،‬أو يهمل الجوانب ُّ‬
‫الماديَّة على حساب الجوانب ُّ‬
‫ِّ‬ ‫مكونات اإلنسان ذاته‪ ،‬فال يهمل الجوانب‬
‫ِّ‬
‫الرهبانيَّة‪ ،‬أو‬
‫أسير َّ‬
‫َ‬ ‫الماديَّة النَّفعيَّة كما هو عليه الحال في النُّظم الوضعيَّةحتَّى ال يقع اإلنسان‬
‫ِّ‬ ‫ويقدِّس الجوانب‬
‫الماديَّة‪ .‬وذلك على النَّقيض من األنظمة االقتصاديَّة الوضعيَّة الَّتي ر َّكزت على الجانب المادِّيِّ؛ حتَّى‬
‫ِّ‬ ‫في سعير‬
‫والروحيَّة‪ ،‬إذ‬ ‫أصبح الهدف الوحيد للنَّشاط االقتصادي ِّ لإلنسان المعاصر‪ ،‬دون مراعاةٍ أو التفا ٍ‬
‫ت للقيم األخالقيَّة ُّ‬
‫طور المادِّي ِّ للحياة‪ ،‬وتمحو‬ ‫وتركز على الت َّ ُّ‬
‫ِّ‬ ‫شعوب‪،‬‬ ‫شيوعيَّة الماركسيَّة تُنكر الدِّين‪ ،‬وتعتبره أفيون ال ُّ‬
‫إن ال ُّ‬
‫َّ‬
‫الرأسماليَّةفإن َّها وإن‬ ‫الصراع َّ‬
‫الطبقي ِّ بين أفراد المجتمعات‪ .‬أ َّما َّ‬ ‫مشاعر اإلخاء في النُّفوس البشريَّة‪ ،‬وتدعو إلى ِّ‬
‫كانت ال تُنكر الدِّين واألخالق‪َّ ،‬إال أنَّها قصرتها على نطاق الكنيسة‪ ،‬وأبعدتها عن القيام بدور إيجابي ٍ في نظامها‬
‫االقتصاديِّ‪َ ،‬و ِّم ْن ث َ َّم؛ َّ‬
‫فإن التَّفاعل اإليجاب َّ‬
‫ي والفعَّال بين النُّظم الدِّينيَّة والدُّنيويَّة ليس له وجود في المجتمع‬
‫الرأسمالي ِّ أو االشتراكي ِّ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ص ِّة‪،‬‬
‫ي كذلك بين المصلحة الخا َّ‬ ‫صاُِلحِ ُالعَا َّم ُِة‪َ :‬وازَ نَ االقتصادُ اإلسالم ُّ‬
‫ُوال َم َ‬ ‫ح ُال َخا َّ‬
‫ص ِة َ‬ ‫ج‪ .‬الت َّ َوازن ُبَ ْينَ ُال َم َ‬
‫صا ِل ِ‬
‫عى‪ ،‬بحيث ال تهدر المصلحة العا َّمة شأن النُّظم الفرديَّة‪،‬‬ ‫والمصلحة العا َّم ِّة فكل منهما في نظر اإلسالم أص ٌل ي َُرا َ‬
‫صة شأن النُّظم االجتماعيَّة‪ ،‬وإنَّما يُ ْعتَدُّ بالمصلحتين على درجة واحدة‪ ،‬ويحاول دو ًما‬
‫وال تهدر المصلحة الخا َّ‬
‫التَّوفيق بينهما‪ .‬فهو يوازن بين مصلحة الفرد‪ ،‬ومصلحة الجماعة‪ ،‬فيُعطي الفرد بالقدر الَّذي ال َي ْ‬
‫طغَى على‬
‫الجماعة‪ ،‬ويُعطي الجماعةَ بالقدر الَّذي ال ت َْطغَى فيه على الفرد‪.‬‬
‫ير‪﴿ :‬أ َ َال َي ْعلَ ُم َم ْن َخلَقَ َو ُه َو اللَّ ِّط ُ‬
‫يف‬ ‫ي نظام واقعي‪ ،‬فهو ِّم ْن لَد ُْن َح ِّك ٍيم َخ ِّب ٍ‬
‫ي اإلسالم ُّ‬
‫الواقِ ِعيَّةُ‪ :‬النِّظام االقتصاد ُّ‬
‫‪َ -4‬‬
‫ير﴾ إذ يستهدف في أنظمته وقوانينه الغايات التي تنسجم مع واقع اإلنسانية بطبيعتها ونوازعها وخصائصها‬ ‫ْال َخ ِّب ُ‬
‫العا ّمة‪ ،‬فكما يستهدف غايات واقعية ممكنة التحقيق‪ ،‬كذلك يضمن تحقيق هذه الغايات ضمانا واقعيا ماديا وال‬
‫يكتفي بضمانات النصح والتوجيه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫االسالمي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الفكر‬ ‫الخامسة‪:‬‬ ‫المحاضرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السنة الجامعية ‪2023_2022‬‬

‫إن واقعية اإلقتصاد اإلسالمي للفرد مستمدة من إمكانيات االفرد وظروف بيئته‪ ،‬فال يحمله من التكاليف إال ما‬
‫سا إِّ هال ُو ْسعَ َها﴾ (البقرة‪ ،)286 :‬بخالف األنظمة االقتصاديَّة‬
‫َّللاُ نَ ْف ً‬
‫ف ه‬ ‫يطيقه‪ ،‬لقول هللا سبحانه وتعالى‪َ ﴿ :‬ال يُ َك ِّلّ ُ‬
‫تحقق المصلحة العا َّمة‪،‬‬
‫صة ِّ‬ ‫فالرأسمالية قدَّست الملكيَّة الفرديَّة‪ ،‬وظنَّت ‪-‬خالفًا للواقع‪َّ -‬‬
‫أن المصلحة الخا َّ‬ ‫األخرى‪َّ ،‬‬
‫الحريَّة االقتصاديَّة مفتو ًحا بال ضواب َ‬
‫ط أخالقيَّة أو إنسانيَّة‪ ،‬وقدَّست المنفعة‪ ،‬كما نَ َحت االشتراكيَّة‬ ‫ِّ‬ ‫وتركت باب‬
‫من ًحى مخالفًا للواقع‪ ،‬فأهملت النَّزعة الفرديَّة‪ ،‬والفطرة َّ‬
‫الربَّانيَّة للملكيَّة‪ ،‬وتوارت نحو ما س َّمته الحافزَ القوم َّ‬
‫ي‬
‫لإلنتاج‪.‬‬
‫الرسالة‪ ،‬الَّتي جاءت‬
‫ي نظام عالمي‪ ،‬وهذه العالميَّة تنبثق من عالميَّة ِّ‬ ‫ي اإلسالم ُّ‬ ‫‪ -5‬العَالَ ِميَّةُ‪ :‬النِّظام االقتصاد ُّ‬
‫ي أحدَ أجزائه‪ ،‬فال يُمكن حصر نطاق النِّظام‬ ‫شامل الَّذي يمثِّل النِّظام االقتصاد ُّ‬
‫ي اإلسالم ُّ‬ ‫بمنهج اإلسالم ال َّ‬
‫االقتصادي ِّ اإلسالمي ِّ على بيئة‪ ،‬أو مكان معيَّن‪ ،‬أو قوم محدَّدين فهو الدِّين الخاتم الَّذي تميَّز بعالميَّته‪ ،‬ولهذا جاء‬
‫ئ عا َّم ٍة تُناسب ك َّل زمان ومكان‪ ،‬وجمع بين الثَّبات والمرونة‪ ،‬واتَّسع الجتهادات المجتهدين‪،‬‬
‫كليَّة‪ ،‬ومباد َ‬
‫بأحكام ِّ‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫أصال ثابتًا‪ ،‬أو مقصدًا من مقاصد التَّشريع‬ ‫صا‪ ،‬أو‬
‫وجعل األصل في المعامالت اإلباحة ما لم يوجد ما يُعارض ن ًّ‬
‫ي‬ ‫اإلسالميِّ‪ ،‬بينما اسست المذاهب االقتصاديَّة الوضعيَّة على البيئة الَّتي نشأت فيها‪ .‬فالنِّظام االقتصاد ُّ‬
‫ي اإلسالم ُّ‬
‫أثبتت التَّجارب المختلفة‪ ،‬واألزمات المتوالية أنَّه هو العالج األمثل‪ ،‬والنِّظام األفضل لمعالجة القصور‪ ،‬والقضاء‬
‫على المشاكل‪ ،‬واألزمات االقتصاديَّة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬مبادئ االقتصاد االسالمي‪:‬‬
‫يعنى االقتصاد االسالمي بما جاء بالشريعة االسالمية متعالقا بأقسامها الثالثة‪ :‬العقيدة‪ ،‬الفقه واالخالق‪،‬كما يشير‬
‫الى نوعين من المعرفة‪:‬‬
‫‪ ‬النوع االول ويتعلق بالشريعة وما ورد بها من احكام مرتبطة باالقتصاد‪.‬‬
‫‪ ‬النوع الثاني ويتعلق بالتحليل االقتصادي لهذه االحكام‪ ،‬بمعنى تتبع أمر اقتصادي معين للتعرف على العوامل‬
‫المؤثرة فيه ‪ ،‬واستنتاج سلوكه؛ فاالدخار واالستهالك و االستثمار موضوعات اقتصادية يقوم االقتصاد االسالمي‬
‫بتحليلها في مجتمع يطبق أحكام الشريعة االسالمية‪ ،‬كأثر الزكاة فيها‪ ،‬وأثرالميراث على توزيع الثروة وغيرها‬
‫من المتغيرات االقتصادية‪.‬‬
‫ويقوم االقتصاد في االسالم على مجموعة من المبادئ االساسية أهمها‪:‬‬
‫‪-1‬الملكية المزدوجة‪:‬‬
‫تقسم ملكية االموال في االسالم الى ثالث انواع‪ :‬اموال يحق لألفراد تملكها(الملكية الفردية)‪ ،‬وأموال ال يحق‬
‫لألفراد تملكها وتقتصر ملكيتها على الدولة( الملكية العامة او الجماعية) ومن ذلك االنهار والبحار‪ ،‬وأموال‬
‫تتملكها الدولة وتديرها لصالح الجماعة كالطرق وغيرها من مرافق البنية األساسية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫االسالمي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الفكر‬ ‫الخامسة‪:‬‬ ‫المحاضرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السنة الجامعية ‪2023_2022‬‬

‫لقد حرص القران الكريم والسنة النبوية على تأكيد حق االفراد في التملك وتوريثها لمن يخلفهم‪ ،‬في المقابل لم‬
‫يدع هذا الحق في هذه الملكية الخاصة طليقا دون قيد‪ ،‬وإنما أجازت الشرعة االسالمية لولي االمر (الدولة)‬
‫التدخل لتحقيق المصلحة الجماعية‪ ،‬فأجاز الملكية العامة للسلع الضرورية لقوله صلى هللا عليه وسلم في حديث‬
‫رواه أبو داود ‪ “:‬الناس شركاء في ثالث‪ :‬الماء والكأل والنار”‪ ،‬وأقر الفقهاء المسلمون ان تعداد هذه االشياء لو‬
‫يكن على سبيل الحصر‪ ،‬وإنما يجوز لولي االمر ان ال يترك لالفراد ملكية أشياء أخرى مثل النفط و المعادن اذا‬
‫ترتب على الملكية الخاصة لها استغالل لحاجة الناس لها‪.‬‬
‫كما أجاز الرسول صلى هللا عليه وسلم لمن يقوم بإستصالح أرض من أراضي الدولة ان يملكها ملكية خاصة‬
‫على أ ن يقوم بإحيائها خالل ثالث سنوات من وضع يده عليها‪ ،‬وأن ال يهمل زراعتها بعد ذلك ثالث سنوات‬
‫متوالية‪ ،‬إذ قال” من أحيا أرضا ميتة فهي له‪ ،‬وليس لمحتجز حق بعد ثالث سنين”‪ .‬و المالحظ أن تعليق حق‬
‫الملكية مرتبط بشرط تعميرها واال تركت للمصلحة العامة‪.‬‬
‫لقد جمع اإلقتصاد اإلسالمي بين الملكية العامة والملكية الخاصة‪ ،‬واألخذ بهما في آن واحد كأصل وليس‬
‫كاستثناء مؤقت‪ ،‬فاإلقتصاد اإلسالمي يهدف لتحقيق التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة طالما لم يكن‬
‫هناك تعارض بينهما أو كان التوفيق بينهما ممكنا‪ .‬أما إذا كان هناك تعارض بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة‬
‫وتعذر تحقيق التوازن او التوفيق بينهما فاإلسالم يقد مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرية اإلقتصادية المقيدة‪:‬‬
‫إن تقييد الحرية في اإلقتصاد اإلسالمي يعني إيجاد الضوابط الشرعية في كسب المال وإنفاقه‪ ،‬والتي تستهدف‬
‫تحقيق أمور ثالثة‪:‬‬
‫* أن يكون النشاط اإلقتصادي مشروعا ومتفقا مع مبدأ الحالل والحرام والقيم االخالقية‪ .‬وهذا القيد يربط‬
‫بمعنى الطاعة والعبودية هلل خالصة‪.‬‬ ‫اإلقتصاد اإلسالمي‬
‫* كفالة حق الدولة في التدخل لحماية المصالح العامة وحراستها بالحد من حريات األفراد فيما يمارسونه من‬
‫نشاط إقتصادي ال يتفق مع تعاليم اإلسالم‪ ،‬وللسلطة اإلسالمية حق الطاعة في ذلك مادام األمر في نطاق الشريعة‪.‬‬
‫* تربية المسلم على اإليثار بمصلحة غيره فيتوقف عن كل تصرف يعود بالنفع الذاتي ويضر باآلخرين‪.‬‬
‫أما سبب تقييد الحرية اإلقتصادية في اإلسالم فيرجع إلى عدة أمور نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫* أن المالك الحقيقي للمال هو هللا تعالى وله الحق سبحانه وتعالى أن يحدد تصرفات الناس فيه وفق ما يمليه عليم‬
‫لعلمه بما يصلح حالهم ويصلح شؤونهم‪.‬‬
‫* عدم اإلضرار بحقوق اآلخرين أو بالمصلحة العامة‪.‬‬
‫* حماية مصالح الفئات المحتاجة من منافسة الغير لهم كما هو الحال في مصارف الزكاة وااللتزام بالنفقة على‬
‫األقارب وحماية الفقراء والمحتاجين‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫االسالمي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الفكر‬ ‫الخامسة‪:‬‬ ‫المحاضرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السنة الجامعية ‪2023_2022‬‬

‫* إلزام الجماعة بالقيام بما يجب عليهم من واجبات عامة كإنشاء دور العلم والمستشفيات والطرق والخدمات‬
‫العامة‪.‬‬
‫‪ -3‬التكافل اإلجتماعي‪:‬‬
‫شرع هللا التكافل اإلجتماعي لحماية من ال يتمكن من الحصول على المال ولتحقيق التوازن بين افراد المجتمع‪،‬‬
‫وليتحمل المسلم على الجود بماله ويصل الغني الفقير حيث‪:‬‬
‫* شرع اإلرث توزيعا للثروة‪،‬‬
‫* شرع الزكاة كركن أساسي من أركان اإلسالم دعما للتكافل االجتماعي بين األغنياء والفقراء‪ ،‬ولكي يكون‬
‫للمكلية الخاصة وظيفة اجتماعية تتعدى مصلحة المالك الفرد الى غيره من المواطنين‪،‬‬
‫* أوجب على ولي األمر أن يسعى لسد حاجة المعوزين وفرض لهم من بيت المال ما يمونهم‪،‬‬
‫* نهى عن اإلسراف والبذخ والترف كي يتقارب مستوى المعيشة بين األفراد‪:‬‬
‫* شرع نفقة القريب على قريبه المحتاج ممن تلزمه نفقته‪،‬‬
‫* شرع الهبات والعقيقة‪.‬‬
‫‪ -4‬تحريم الربا‪:‬‬
‫الربا‬
‫الربا ‪ ،‬ونهى عن االقراض نظير فائدة محددة لقوله تعالى‪﴿ :‬يا ايها الذين امنوا ال تأكلوا ّ‬
‫حرم القران الكريم ّ‬
‫ّ‬
‫للربا من مضار اقتصادية واجتماعية على الفرد والمجتمع‪ ،‬ولما ينطوي‬
‫اضعافا مضاعفة‪ .﴾....‬ويرجع ذلك لما ّ‬
‫عليه من إستغالل لحاجة المدين الى المال وفي حصول الدائن على مقابل هذا المال دون عمل‪ ،‬وما يترتب عليه‬
‫من تحميل المدين بأعباء متزايدة تثقل كاهله وتقيد النشاط االقتصادي وتثيير الحقد والبغضاء في المجتمع‪.‬‬
‫وال يقتصر تحريم الربا على المعامالت النقدية‪ ،‬بل تتجاوزها الى كل صور التبادل بين السلع المتماثلة في النوع‪،‬‬
‫والتي تقوم على الوفاء بأكبر قدر من القيمة أو الكمية التي سبق الحصول عليها‪.‬‬
‫‪ -5‬تحرير العبيد‪:‬‬
‫جاء العبيد في االسالم كعنصر أساسي من عناصر العمل في الجزيرة العربية‪ ،‬ولكن بخالف بالمفهموم المتداول‬
‫بأوروبا انذاك‪ ،‬فهم ليسوا عبيدا لألرض يلتصقون بها‪ ،‬وإنما ملك للسيد‪ ،‬يحصل العبد نظير أداء عمله ثمن له من‬
‫مالكه‪ ،‬أو غنيمة إنتصاره في الحرب‪ ،‬كما يمكن أن ينتقل لغيره من السادة لنفس االسباب‪ .‬ورغم ذلك غيّر االسالم‬
‫نظرة العرب للعبيد‪ ،‬مبينا انهم بشر كغيرهم من السادة‪.‬‬
‫وقد أخذ االسالم بنظرية التدّرج في تحرير العبيد مراعاة للظروف االقتصادية واالجتماعية السائدة قي ذاك‬
‫الرق ومن أهمها‪:‬‬
‫الوقت‪ ،‬فتعدّدت الطرق التي سلكها لتحرير ّ‬
‫* جعل تحرير العبيد مصرفا من مصارف الزكاة” ‪ ..‬في الرقاب”‪ ،‬وصورة من صور الصدقات التي حث عليها‬
‫االسالم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫االسالمي‬ ‫االقتصادي‬ ‫الفكر‬ ‫الخامسة‪:‬‬ ‫المحاضرة‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السنة الجامعية ‪2023_2022‬‬

‫* جعل ميالد ولد األَمة من سيدها سببا لتحريرها تكريما لها‪.‬‬


‫* ا عطى للعبد الحق في تحرير نفسه بأن يفدى نفسه أو يشتريها من السيد بمال أو عمل وذلك عن طريق‬
‫المكاتبة‪ ،‬كما كان له أن يودع هذا المال الخزانة العامة( بيت المال) لحساب هذا السيد ليعجل بتحريره‪.‬‬
‫* اباح للسيد أن يقرر حرية العبد من بعده ‪ ،‬حتى ال يورث العبد بعد وفاة سيده‪.‬‬
‫* جعل عتق الرقبة صورة من صور الكفارات او بعض الجرائم التي ارتكبها كجريمة القتل الخطأ‪.‬‬
‫‪ -6‬تنظيمُالسوق‪:‬‬
‫فضل االسالم نظام المنافسةعلى التدخل بالشؤون االقتصادية‪ ،‬بما يتيح لكل من البائع ً والمشتري حرية التعامل‬
‫وفقا لمقتضيات وقوى السوق دون تدخل من الدولة‪ ،‬ولذلك رفض الرسول صلى هللا عليه وسلم حرية التعامل وفقا‬
‫لتسعير السلع‪ ،‬التي اعتبرها الفقهاء المسلمون مظلمة ال تجوز‪ ،‬إذ ثبت انه لما غال السعر في عهد رسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬قال الصحابة – فيما رواه أنس رضي هللا عنه ‪-‬يا رسول هللا لو سعرت ‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم ‪ “:‬إن‬
‫هللا هو القابض الباسط الرازق المسعر ‪ ،‬واني ألرجو أن ألقى هللا عز وجل وال يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم‬
‫وال مال"‪.‬‬
‫وال يمنع مبدأ المنافسة في االسواق تدخل الدولة ُفي حالة خروج المنافسة عن نطاقها ً الطبيعي والعادل ‪ .‬فقد ورد‬
‫أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي هللا عنه قال لرجل يبيع زبيبا "‪:‬إما أن تزيد السعر او تخرج من سوقنا”‪ .‬كما وضع‬
‫ابن تيمية معيارا ً للتسعير المحرم والتسعير المباح‪ ،‬فجعل التسعير عمال محرما اذا كان الهدف منه الحدّ من االرتفاع‬
‫التلقائي لالسعار‪ ،‬أما التسعير المباح فهو ان يجيز لولي األمر أن يتدخل لتسعير السلع التي ارتفع سعرها على نحو‬
‫مقصود من التجار بشكل ال تقتضيه طبيعة التعامل في االسواق المتنافسة‪.‬‬

‫‪7‬‬

You might also like