You are on page 1of 6

‫مادة الإنسانيات‬

‫تحت إشراف ‪ :‬أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬إنعام بنداري‬

‫تلخيص مقدمة ابن خلدون‬

‫‪ :‬إعداد طالب الالئحة القديمة‬


‫محمد حلمي محمد عبدالجواد‬
‫االء السيد ابراهيم‬
‫هدى محمد حمدي‬
‫محمود صالح قاسم‬
‫مقدمة ابن خلدون‬
‫البن خلدون‬
‫المقدمة االولى ‪ :‬في أن االجتماع اإلنساني ضروري ‪:‬‬

‫ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم اإلنسان مدني بالطبع أي ال بد له من االجتماع الذي هو المدينة في‬
‫اصطالحهم وهو معنى العمران وبيانه أن هللا سبحانه خلق اإلنسان وركبه على صورة ال يصح حياتها‬
‫وبقاؤها إال بالغذاء وهداه إلى التماسه بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله إال أن قدرة الواحد‬
‫من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفية له بمادة حياته منه ولقد كرم هللا بني آدم‬
‫عن جميع المخلوقات باليد والفكر فاليد مهيئة للصنائع بخدمة الفكر والصنائع تحصل له اآلالت التي تنوب‬
‫له عن الجوارح المعدة في سائر الحيوانات للدفاع مثل الرماح فهو عاجز عن مدافعتها وحده بالجملة وال‬
‫تفي قدرته أيضا باستعمال اآلالت المعدة لها فال بد في ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه وما لم يكن‬
‫هذا التعاون فال يحصل له قوت وال غذاءا وال تتم حياته لما ركبه هللا تعالى عليه من الحاجة إلى الغذاء في‬
‫حياته وال يحصل له أيضا دفاع عن نفسه لفقدان السالح فيكون فريسة للحيوانات ويعاجله الهالك عن مدى‬
‫حياته ويبطل نوع البشر وإذا كان التعاون حصل له القوت للغذاء والسالح للمدافعة وتمت حكمة هللا في‬
‫بقائه وحفظ نوعه وهذا هو معنى العمران إذا حصل للبشر كما قررناه وتم عمران العالم بهم فال بد من‬
‫وازع يدفع بعضهم عن بعض لما في طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم وليست السالح التي جعلت‬
‫دافعة لعدوان الحيوانات العجم عنهم كافية في دفع العدوان عنهم ألنها موجودة لجميعهم فال بد من شيىء‬
‫آخر يدفع عدوان بعضهم عن بعض وال يكون من غيرهم لقصور جميع الحيوانات عن مداركهم وإلهاماتهم‬
‫فيكون ذلك الوازع واحدا منهم يكون له عليهم الغلبة والسلطان واليد القاهرة حتى ال يصل أحد إلى غيره‬
‫بعدوان وهذا هو معنى الملك وقد تبين لك بهذا أن لإلنسان خاصة طبيعية وال بد لهم منها وقد يوجد في‬
‫بعض الحيوانات العجم على ما ذكره الحكماء كما في النحل والجراد لما استقرىء فيها من الحكم واالنقياد‬
‫واالتباع لرئيس من أشخاصها متميز عنهم في خلقه وجثمانه إال أن ذلك موجود لغير اإلنسان بمقتضى‬
‫الفطرة والهداية ال بمقتضى الفكرة والسياسة {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} وتزيد الفالسفة على هذا‬
‫البرهان حيث يحاولون إثبات النبوة بالدليل! العقلي وأنها خاصة طبيعية لإلنسان فيقررون هذا البرهان إلى‬
‫غاية وأنه ال بد للبشر من الحكم الوازع ثم يقولون بعد ذلك وذلك الحكم يكون بشرع مفروض من عند هللا‬
‫يأتي به واحد من البشر وأنه ال بد أن يكون متميزا عنهم بما يودع هللا فيه في خواص هدايته ليقع التسليم له‬
‫والقبول منه حتى يتم الحكم فيهم وعليهم من غير إنكار وال تزيف‪.‬‬
‫المقدمة الثانية‪ :‬في قسط العمران من االرض ‪:‬‬

‫اعلم أنه قد تبين في كتب الحكماء الناظرين في أحوال العالم أن شكل األرض كروي وأنها محفوفة بعنصر‬
‫الماء كأنها عنبة طافية عليه‪ ،‬فانحسر الماء عن بعض جوانبها ‪ ،‬لما أراد هللا من تكوين الحيوانات فيها‬
‫وعمرانه بالنوع البشري الذي له الخالفة على سائرها والماء المحيط بها فهو فوق األرض‪ ،‬وإن قيل في‬
‫شيء منها إنه تحت األرض فباإلضافة إلى جهة أخرى منه‪ .‬وأما الذي انحسر عنه الماء من األرض فهو‬
‫النصف من سطح كرتها في شكل دائرة أحاط العنصر المائي بها من جميع جهاتها بحرا يسمى البحر‬
‫المحيط‪ ،‬ويسمى أيضا لبالية بتفخيم الالم الثانية‪ ،‬ويسمى أوقيانوس أسماء أعجمية‪ ،‬ويقال له البحر‬
‫األخضر واألسود‪ ،‬ثم إن هذا المنكشف من األرض للعمران فيه القفار والخالء أكثر من عمرانه والخالي‬
‫من جهة الجنوب منه أكثر من جهة الشمال‪ ،‬وإنما المعمور منه قطعة أميل إلى الجانب الشمالي على شكل‬
‫مسطح كروي ينتهي من جهة الجنوب إلى خط االستواء‪ ،‬ومن جهة الشمال الى خط كروي ووراء الجبال‬
‫الفاصلة بينه وبين الماء العنصري الذي بينهما سد يأجوج ومأجوج ‪ .‬وهذه الجبال مائلة إلى جهة المشرق ‪،‬‬
‫وينتهي من المشرق إلى المغرب إلى عنصر الماء أيضا بقطعتين من الدائرة المحيطة‪ .‬وهو المنقسم‬
‫باألقاليم السبعة‪ ،‬وخط االستواء يقسم األرض بنصفين من المغرب إلى المشرق‪ ،‬وهو طول األرض وأكبر‬
‫خط في كرتها؛ كما أن منطقة فلك البروج ودائرة معدل النهار أكبر خط في الفلك‪ .‬ومنطقة البروج منقسمة‬
‫بثلثمائة وستين درجة‪ ،‬والدرجة من مسافة األرض خمسة وعشرون فرسخاً‪ ،‬والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع‬
‫في ثالثة أميال‪ ،‬ألن الميل أربعة آالف ذراع‪ ،‬والذراع أربعة وعشرون إصبعاً‪ ،‬واإلصبع ست حبات شعير‬
‫مصفوفة ملصق بعضها إلى بعض ظهراً لبطن‪ ،‬وبين دائرة معدل النهار التي تقسم الفلك بنصفين و ُت َس ُ‬
‫امت‬
‫خط االستواء من األرض وبين كل واحد من القطبين تسعون درجة‪ ،‬لكن العمارة في الجهة الشمالية من‬‫ّ‬
‫خط االستواء أربع وستون درجة والباقي منها خالء ال عمارة فيه لشدة البرد والجمود‪ ،‬كما كانت الجهة‬
‫الجنوبية خالء كلها لشدة الحر كما نبين ذلك كله إن شاء هللا تعالى‪ .‬ثم إن المخبرين عن هذا المعمور‬
‫وحدوده وما فيه من األمصار والمدن والجبال والبحار واألنهار والقفار والرمال مثل بطليموس) في كتاب‬
‫الجغرافيا وصاحب كتاب «رجار من بعده‪ ،‬قسموا هذا المعمور بسبعة أقسام يسمونها األقاليم السبعة بحدود‬
‫وهمية بين المشرق والمغرب متساوية في العرض مختلفة في الطول‪ ،‬فاإلقليم األول أطول مما بعده وكذا‬
‫الثاني إلى آخرها‪ ،‬فيكون السابع أقصر لما اقتضاه وضع الدائرة الناشئة من انحسار الماء عن كرة‬
‫األرض‪ ،‬وكل واحد من هذه األقاليم عندهم منقسم بعشرة أجزاء من المغرب إلى المشرق على التوالي‪،‬‬
‫وفي كل جزء الخبر عن أحواله وأحوال عمرانه‪.‬‬
‫ونحن نرى بالمشاهدة واألخبار المتواترة‪ Y‬أن األول والثاني من األقاليم المعمورة أقل عمرانا ً مما بعدهما ‪،‬‬
‫وما وجد من عمرانه فيتخلله الخالء و ‪ ،‬والقفار والرمال والبحر الهندي الذي في الشرق منهما ‪ ،‬وأمم‬
‫هذين اإلقليمين وأناسيهما ليست لهم الكثرة البالغة ‪ ،‬وأمصاره ومدنه كذلك‪ .‬والثالث والرابع وما بعدهما‬
‫بخالف ذلك ‪ :‬فالقفار فيها قليلة‪ ،‬والرمال كذلك أو معدومة‪ ،‬وأممها وأناسيها تجوز الحد من الكثرة‪،‬‬
‫وأمصارها ومدنها تجاوز الحد عدداً ‪ ،‬والعمران فيها مندرج ما بين الثالث والسادس والجنوب خالء كله‪.‬‬
‫وقد ذكر كثير من الحكماء أن ذلك إلفراط الحر وقلة ميل الشمس فيها عن سمت الرءوس‪ .‬فلنوضح ذلك‬
‫ببرهانه‪ ،‬ليتبين منه سبب كثرة العمارة فيها بين الثالث والرابع من جانب الشمال إلى الخامس والسابع ‪.‬‬
‫ومن هنا أخذ الحكماء خالء خط االستواء وما وراءه‪ .‬وأورد عليهم أنه معمور بالمشاهدة واألخبار‬
‫المتواترة‪ Y‬والظاهر أنهم لم يريدوا امتناع العمران فيه بالكلية‪ ،‬إنما اداهم البرهان إلى أن فساد التكوين فيه‬
‫قوى بإفراط الحر‪ ،‬والعمران فيه إما ممتنع أو ممكن أقلى‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬فإن خط االستواء والذي وراءه وإن‬
‫كان فيه عمران كما نقل فهو قليل جدا ‪ ،‬وقد زعم ابن رشد أن خط االستواء معتدل وأن ما وراءه في‬
‫الجنوب بمثابة ما وراءه في الشمال فيعمر منه ما عمر من هذا‪ ،‬والذي قاله غير ممتنع من جهة فساد‬
‫التكوين‪ ،‬وإنما امتنع فيما وراء خط االستواء في الجنوب من جهة أن العنصر المائي غمر األرض هنالك‬
‫إلى الحد الذي كان مقابله من الجهة الشمالية قابال للتكوين‪ ،‬ولما امتنع المعتدل لغلبة الماء تبعه ما سواه‪،‬‬
‫ألن العمران متدرج ويأخذ في التدريج من جهة الوجود ال من جهة االمتناع‪ ،‬وأما القول بامتناعه في خط‬
‫االستواء فيرده النقل المتواتر وهللا أعلم‪ .‬ويقال أن المعمور ‪ -‬من سطح األرض ‪ -‬النصف والباقي خراب‪،‬‬
‫وقيل المعمور سدسه فقط‪ .‬والخالء من هذا المنكشف في جهتي الجنوب والشمال والعمران منهما متصل‬
‫من الغرب إلى المشرق‪ ،‬وليس بينه وبين البحر من الجهتين خالء‪ .‬قالوا وفيه خط وهمي يمر من المغرب‬
‫إلى المشرق مسامتا لدائرة معدل النهار حيث يكون قطبا الفلك على األفق وهو أول العمران إلى ما بعده‬
‫من الشمال‪.‬‬

You might also like