You are on page 1of 6

‫من المسجد النبوي‪ 17/2/1432 :‬هـ‬ ‫لفضيلة‪ :‬د‪ .

‬حسين آل الشيخ‬ ‫خطبة الجمعة‪ :‬أسباب الهالك في الدنيا واآلخرة‬

‫أسباب الهالك في الدنيا واآلخرة‬

‫نبذة مختصرة عن الخطبة‪:‬‬


‫ألقى فض ــيلة الش ــيخ حس ــين بن عبد العزيز آل الش ــيخ ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬خطبة الجمعة بعن ــوان‪" :‬أس ــباب الهالك في‬
‫الدنيا واآلخـرة"‪ ،‬والــتي تحــدَّث فيها عن ِ‬
‫المحن والفتن والمصــائب الـتي حلَّت بكثـي ٍر من بلــدان المسـلمين‪ ،‬وذكر‬
‫س ــبب هالك المس ــلمين وحل ــول الباليا بهم وه ــو‪ :‬البُعد عن منهج اهلل ومنهج رس ــوله ‪ -‬ص ــلى اهلل عليه وس ــلم ‪،-‬‬
‫والنجاة والسالمة من ذلك كله بالرجوع إلى نصوص الكتاب والسنة وتطبيقها على الحاكم والمحكــوم على حـ ٍّـد‬
‫سواء‪.‬‬

‫الخطبة األولى‬
‫الحمد هلل العلي األعلى‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له في اآلخرة واألولى‪ ،‬وأشــهد أن محمـ ًدا عبــده‬
‫صل وسلِّم وبا ِرك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الطاعة والتقوى‪.‬‬
‫المصطفى‪ ،‬اللهم ِّ‬
‫ورسوله النبي ُ‬
‫أما بعد‪ ،‬فيا أيها المسلمون‪:‬‬
‫مخرجــا‪ ،‬ومن كل عُ ْسـ ٍر يُسـ ًـرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أوصــيكم ونفسي بتقــوى اهلل ‪ -‬جل وعال ‪ ،-‬فمن ل ِز َمها جعل اهلل له من كل ضـ ٍ‬
‫ـيق‬
‫يحتسب‪.‬‬‫ورزقَه من حيث ال ِ‬ ‫َ‬
‫أمة اإلسالم‪:‬‬
‫ِ‬
‫تُعــاني أمتُنا في كثــي ٍر من بلــدانها الم َحن والفتن والمصــائب والتفـ ُّـرق واالختالف مما ين ـ َدى له الجـ ُ‬
‫ـبين‪ ،‬ويحــز ُن له‬
‫المؤمنــون‪ ،‬أال وإن األمة اليــوم ُح َّك ًاما ومحكــومين بحاجـ ٍـة إلى ما يُصــلِح األوضــاع ويرفع اآلالم‪ ،‬ويك ِشـف الغُ َّمة‪،‬‬
‫وص ٍ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ب َ‬ ‫ويمنع الفساد والشرور والفتن التي دبَّت علينا من كل َح َد ٍ‬
‫وإن المنـ ــاداة بأسـ ــباب اإلصـ ــالح الـ ــتي يسـ ــمعها المسـ ــلمون لكثـ ــيرةٌ ومتنوعـ ــة‪ ،‬لكنها ولألسف ال تنبع من العالج‬
‫وركائزها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خصائصها وثوابتُها‬
‫ُ‬ ‫الحقيقي لواقع هذه األمة التي لها‬
‫فيا أمة اإلسالم‪:‬‬

‫‪-1 -‬‬
‫من المسجد النبوي‪ 17/2/1432 :‬هـ‬ ‫لفضيلة‪ :‬د‪ .‬حسين آل الشيخ‬ ‫خطبة الجمعة‪ :‬أسباب الهالك في الدنيا واآلخرة‬

‫ِ‬
‫يا ُح َّكام المسـ ــلمين‪ ،‬يا مجتمعـ ــات المؤمـ ــنين‪ :‬لقد حـ ــان أن تستبص ـ ـروا منـ ــاهجكم الصـ ــحيحة الـ ــتي َ‬
‫اختارها لكم‬
‫ورسمها لكم نبيُّكم ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪.-‬‬
‫َ‬ ‫خال ُقكم‪،‬‬
‫روى اإلمام أحمد أن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسـلم ‪ -‬قـال‪« :‬أتـاني جبريل فقـال‪ :‬يا محمـد! أمتُك مختلفـةٌ بعـدك‪،‬‬
‫علي‬ ‫ٍ‬
‫كتاب اهلل ‪ »..‬الحــديث‪ .‬وفي لفــظ عند الترمــذي من حــديث ٍّ‬
‫المخرج يا جبريل؟ فقال‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫فقلت له‪ :‬فأين‬
‫قال‪ُ :‬‬
‫‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪« :‬ستكون فتنـةٌ»‪ ،‬قــال علي‪ :‬فما المخــرج منها يا‬
‫علي ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪.-‬‬
‫وصحح بعض أهل العلم وق َفهـ على ٍّ‬
‫رسول اهلل؟ قال‪« :‬كتاب اهلل»‪َّ .‬‬
‫معاشر المسلمين‪:‬‬
‫إن المص ـ ــائب ال ـ ــتي ت ـ ــنزل بمجتمع ـ ــات المؤم ـ ــنين س ـ ــببُها األوح ـ ــد‪ :‬البُعد عن طاعة اهلل ‪ -‬جل وعال ‪ ،-‬وانتش ـ ــار‬
‫والموبِقات الخفية والظاهرة‪ ،‬فما وقوع كثي ٍر من المجتمعات في تحكيم القوانين الوضــعية ونبذ القــرآن‬
‫السيئات ُ‬
‫والســنة إال من صــور التــولِّي العظيم عن منهج اهلل‪ ،‬وما ولــوج كثــي ٍر من وســائل اإلعالم في نشر اإللحــاد والمجــون‬
‫إال من األمثلة الحيَّة لإلعــراض عن الصــراط المســتقيم‪ ،‬وحــدِّث وال حــرج عن األمثلة الــتي تُــب ِرز التــولِّي عن منهج‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل ‪ -‬جل وعال ‪ ،-‬يقــول ‪ -‬ســبحانه ‪َ :-‬و َم ْن يُطـ ِع اللَّهَ َو َر ُس ـولَهُ يُ ْدخ ْلــهُ َجنَّات تَ ْجـ ِري م ْن تَ ْحت َها اَأْلْن َهـ ُ‬
‫ـار َو َم ْن‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫يما [الفتح‪.]17 :‬‬ ‫َيَت َول ُي َع ِّذبْهُ َع َذابًا َأل ً‬
‫والعـ ــذاب هنا واقــ ٌـع دنيا وأخـــرى بســـبب اإلعـ ــراض عن منهج اهلل ‪ -‬سـ ــبحانه ‪ ،-‬ويقـ ــول ‪ -‬جل وعال ‪َ :-‬و َما‬
‫ت َأيْ ِدي ُك ْم َو َي ْع ُفو َع ْن َكثِـي ٍر [الشـورى‪ ،]30 :‬ويقـول ‪ -‬سـبحانه ‪ -‬أي ً‬
‫ضـا‪ :‬ظَ َه َـر‬ ‫صيبَ ٍة فَبِ َما َك َسبَ ْ‬‫َأصاب ُكم ِمن م ِ‬
‫ََ ْ ْ ُ‬
‫ض الَّ ِذي َع ِملُوا ل ََعلَّ ُه ْم َي ْر ِجعُو َن [الروم‪.]41 :‬‬ ‫ت َأي ِدي الن ِ ِ ِ‬ ‫الْ َفس ُ ِ‬
‫َّاس ليُذي َق ُه ْم َب ْع َ‬ ‫اد في الَْب ِّر َوالْبَ ْح ِر بِ َما َك َسبَ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫كالجــدب‪ ،‬والح ــرق‪،‬‬ ‫ق ــال أهل التفس ــير‪" :‬والمقص ــود بالفس ـ ِ‬
‫ص ـها‪ ،‬وحل ــول اآلف ــات به ــا؛ َ‬ ‫ـاد المع ــايش ونق ُ‬ ‫ـاد‪ :‬فس ـ ُ‬
‫والغرق‪ ،‬ومحق البركات‪ ،‬وكثرة المضار‪ ،‬وارتفاع األسعار‪ ،‬وانتشار الظلم‪ ،‬واألوبئة واألمراض"‪.‬‬
‫والناظر لسنة سيد المرسلين ‪ -‬صــلى اهلل عليه وســلم ‪ِ -‬‬
‫يجد أنه حـ َّـذر أمته من أســباب وقــوع ِ‬
‫الم َحن والمصــائب؛‬
‫ـونن من أمــتي‬
‫فقد روى البخــاري عن أبي مالك األشــعري أنه ســمع النــبي ‪ -‬صــلى اهلل عليه وســلم ‪ -‬يقــول‪« :‬ليكـ َّ‬
‫ـوام إلى جنب علَم ‪ -‬أي‪ :‬جبل‬ ‫ـنزلن أق ٌ‬
‫الزنا ‪ ،-‬والحريـر‪ ،‬والخمـر‪ ،‬والمعـازف‪ ،‬ولي َّ‬ ‫ـتحلُّون ِـ‬
‫الح َر ‪ -‬أي‪ِّ :‬‬ ‫أقـوام يس ِ‬
‫ٌ‬

‫‪-2 -‬‬
‫من المسجد النبوي‪ 17/2/1432 :‬هـ‬ ‫لفضيلة‪ :‬د‪ .‬حسين آل الشيخ‬ ‫خطبة الجمعة‪ :‬أسباب الهالك في الدنيا واآلخرة‬

‫‪ -‬يروح عليهم ‪ -‬أي‪ :‬الـراعي ‪ -‬بس ٍ‬


‫ـارحة لهم من الغنم يـأتيهم لحاجــة‪ ،‬فيقولـون‪ :‬ارجع إلينا غـ ًدا‪ ،‬فيُــبيِّتهم اهلل ‪-‬‬
‫أي‪ :‬يُهلِكهم ‪ ،-‬ويضع العلَم عليهم‪ ،‬ويمسخ آخرين قِ َردةً وخنازير إلى يوم القيامة»‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬أن من استحلُّوا هذه المعاصي وأمثالَها فهم موعودون بعقوبتين في الدنيا‪:‬‬
‫وهي هالك بعضهم بإيقاع الجبل عليهم؛ إشارةً إلى وقوع الزالزل ونحوها‪.‬‬
‫مسخ آخرين قِردةً وخنازير إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫والثانية‪ُ :‬‬
‫والربا في قري ـ ٍـة فقد أحلُّوا بأنفس ــهم‬
‫الزنَا ِّ‬ ‫وفي ح ـ ٍ‬
‫ـديث آخ ــر‪ :‬يق ــول الن ــبي ‪ -‬ص ــلى اهلل عليه وس ــلم ‪« :-‬إذا ظهر ِّ‬
‫وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫عذاب اهلل»؛ رواه الحاكم َّ‬
‫ِ‬
‫ـير من‬ ‫ـالم حلُّهــا‪ ،‬وبســببها تقـ ُـع كثـ ٌ‬
‫واسمعوا ‪ -‬أيها المسلمون ‪ -‬لهذا الحديث العظيم الذي يُعــال ُج مشــكلةً أعيا العـ َ‬
‫ِ‬
‫ـيرا لقوله ‪ -‬جل وعال ‪َ :-‬و َم ْن َيت َِّق اللَّهَ‬ ‫المصـ ــائب والقالئـ ــل‪ ،‬وقد أخـ ــبر بسـ ــببها من ال ينطق عن الهـ ــوى تفسـ ـ ً‬
‫ب [الطالق‪ ،]3 ،2 :‬يقـول ‪ -‬صـلى اهلل عليه وسـلم ‪« :-‬وماـ‬ ‫ِ‬ ‫يَ ْج َع ْل لَهُ َم ْخ َر ًجا (‪َ )2‬و َي ْر ُزقْهُ ِم ْن َح ْي ُ‬
‫ث اَل يَ ْحتَسـ ُ‬
‫صحيح لغيره‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫حديث‬
‫ٌ‬ ‫حكموا بغير ما أنزل اهلل إال فشا فيهم الفقر»؛ أخرجه الطبراني‪ ،‬وهو‬
‫فيا تُــرى؛ أيســمع المســلمون ح َّكاما ومحكــومين لهــذا الحــديث ســماع اسـ ٍ‬
‫ـتجابة‪ ،‬وينطلقــون منها إلى نبذ القــوانين‬ ‫ُ ً‬
‫شأن من شؤونهم؟!‬‫الوضعية‪ ،‬والدساتير البشرية‪ ،‬ويقبِلوا قلبا وقالَبا على تحكيم اإلسالم في كل ٍ‬
‫ً ً‬ ‫ُ‬
‫ـبي رحيم‪ ،‬بيَّن لهم جميـ َـع ما‬ ‫من اهلل عليهم بنـ ٍّ‬ ‫جميعــا‪ :‬أن َّ‬
‫إن أعظم نعمة على مجتمعــات المســلمين؛ بل على العــالم ً‬
‫يُصــلِ ُح أحــوالَهم‪ ،‬ويُقيم حيــاتَهم‪ ،‬وتسـ َـع ُد به دنيــاهم وأخــراهم‪ ،‬فبلَّغ الرســالة‪ ،‬وأدَّى األمانــة‪ ،‬وجعلنا على المحجة‬
‫ـيرة من الحيــاة عن الســنة المحمدية ُمع ِرضــون‪ ،‬وعن‬ ‫تج ُد كثــيرا منهم في شــؤون كثـ ٍ‬ ‫ـال المســلمين ِ ـ‬
‫البيضــاء‪ ،‬فما بـ ُ‬
‫ً‬
‫حينئذ النجاة والسعادة‪ ،‬وكيف يحصـلون على االســتقرار والرخــاء‪ ،‬والحيـاة‬ ‫منهجها وطريقها مدبِرون؟! فأنَّى لهم ٍ‬
‫ُ‬
‫الطيبة؟!‬
‫صـيب ُهم فِ ْتنَـةٌ َأو ي ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اب‬
‫صـ َيب ُه ْم َعـ َذ ٌ‬ ‫ْ ُ‬ ‫وقد حـ َّـذ َرنا ربُّتنا ‪ -‬جل وعال ‪ -‬بقولــه‪َ :‬فلْيَ ْحـ َذ ِر الذ َ‬
‫ين يُ َخــال ُفو َن َع ْن َْأمـ ِره َأ ْن تُ َ ْ‬
‫يم [النور‪.]63 :‬‬ ‫ِ‬
‫َأل ٌ‬
‫ـائر‬
‫قــال ابن عبــاس‪" :‬الفتنــة‪ :‬القتــل"‪ ،‬وقــال عطــاء‪" :‬الفتنة الــزالزل واألهــوال"‪ ،‬وقــال جعفر بن محمــد‪" :‬ســلطان جـ ٌ‬
‫يُسلَّط عليهم"‪.‬‬

‫‪-3 -‬‬
‫من المسجد النبوي‪ 17/2/1432 :‬هـ‬ ‫لفضيلة‪ :‬د‪ .‬حسين آل الشيخ‬ ‫خطبة الجمعة‪ :‬أسباب الهالك في الدنيا واآلخرة‬

‫وهذه تفاسير بالنوع‪ ،‬وإال فاألصل أن الفتنة هنا‪ :‬كل ما يسوء ويضر ويحصل به العذاب دنيا وأخرى‪.‬‬
‫المف ِّسـرين‪" :‬والمــراد‬
‫ـوع من أنــواع الفتن"‪ ،‬وقــال بعض ُ‬
‫قــال الشــوكاني ‪ -‬رحمه اهلل ‪" :-‬الفتنـةٌ هنا غــير ُمقيَّدة بنـ ٍ‬
‫ـذاب ْين ال ــدنيوي واألخ ــروي‪ ،‬وال يمنع‬ ‫ب ــذلك‪ :‬أن مخالفة أم ــره ‪ -‬ص ــلى اهلل عليه وس ــلم ‪ -‬م ِ‬
‫العـ َ‬
‫ـوعي َ‬
‫وجبة ألحد ن ـ َ‬ ‫ُ‬
‫ذلك أن يجمع له اهلل تعالى من النوعين من العذاب" أعاذنا اهلل وإياكم من ذلك‪.‬‬
‫ـحيح‪ ،‬وذكــره البخــاري في‬ ‫َف أمــري»؛ رواه أحمد بسـ ٍ‬
‫ـند صـ ٍ‬ ‫ص ـغار على من خــال َ‬ ‫«وج ِعل ِّ‬
‫الذلَّةُ وال َّ‬ ‫وفي الحــديث‪ُ :‬‬
‫"الصحيح" ُمعلَّ ًقا‪.‬‬
‫بارك اهلل لي ولكم في القرآن‪ ،‬ونفعنا بما فيه وفي السنة من الهدى والفرقان‪ ،‬أقول هذا القول‪ ،‬وأستغفر اهلل لي‬
‫ولكم ولسائر المسلمين من كل ٍ‬
‫ذنب‪ ،‬فاستغفروه‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬

‫الخطبة الثانية‬
‫الحمد هلل رب العـ ــالمين‪ ،‬وأشـ ــهد أن ال إله إال اهلل وحـ ــده ال شـ ــريك له إله األولين واآلخـ ــرين‪ ،‬وأشـ ــهد أن نبينا‬
‫صل وسلِّم وبا ِرك عليه‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫محم ًدا عبده ورسوله إمام المتقين‪ ،‬اللهم ِّ‬
‫أما بعد‪ ،‬فيا أيها المسلمون‪:‬‬
‫علي ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬وهو الــذي تــربَّى في مدرسة محمد ‪ -‬صــلى اهلل عليه وســلم ‪" :-‬ما نــزل بالءٌ إال‬ ‫يقــول ٌّ‬
‫بذنب‪ ،‬وما ُرفِع إال بتوبة"‪.‬‬
‫جميعا ُح َّك ًاما ومحكــومين قبل فــوات األوان أن يتوبــوا إلى توب ـةً صــادقة‪ ،‬وأن يص ـ ُدقوا مع اهلل‪،‬‬
‫فعلى المســلمين ً‬
‫وأن يس ــتجيبوا ألم ــره‪ ،‬وأن يك ــون الخ ــوف منه ‪ -‬س ــبحانه ‪ -‬هو المح ـ ِّـرك لحي ــاتهم‪ ،‬ومنهجه هو الم ِ‬
‫هيم ُن على‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـتراحم‬
‫وتوجهــاتهم‪ ،‬وأن يُقيمــوا حيــاتَهم على مبــادئ اإلســالم من العــدل التــام‪ ،‬واإلحســان الكامــل‪ ،‬والـ ُ‬
‫تصـ ُّـرفاتهم ُّ‬
‫ـاع كامل ألحكــام الشـريعة‬ ‫الح َّكام والمحكــومين في ظل اتبـ ٍ‬ ‫والتعاون الصادق على الخـير والهـدى بين ُ‬ ‫ُ‬ ‫تبادل‪،‬‬
‫الم َ‬ ‫ُ‬
‫ـاة سـ ٍ‬
‫ـعيدة طيبـ ٍـة‬ ‫ـتق ُّر أوضــاعُهم‪ ،‬وتص ـلُح شــؤونهم‪ ،‬ويعيشــون في حيـ ٍ‬ ‫تزدهــر حيــاتُهم‪ ،‬وتسـ ِ‬ ‫الغـ َّـراء‪ ،‬فبــذلك وحــده ِ‬
‫ُ‬
‫ـتراحم‪ ،‬في أم ٍن فـــردي واجتم ــاعي‪ ،‬وأم ٍن فكـ ــري وسياسـ ــي‪ ،‬وأم ٍن دني ــوي‬ ‫والتالحم والـ ـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـودها الحب‬ ‫ُمطمئنَّة يســ ُ‬
‫يمــا َن ُه ْم بِظُل ٍْم ُأولَِئ َ‬ ‫آمنُ ــوا ول ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اَأْلم ُن َو ُه ْم ُم ْهتَـ ـ ُدو َن [األنع ــام‪َ ،]82 :‬م ْن‬
‫ك ل َُه ُم ْ‬ ‫سـ ـوا ِإ َ‬
‫َم َي ْلب ُ‬
‫ين َ َ ْ‬ ‫وأخ ــروي‪ ،‬الذ َ‬

‫‪-4 -‬‬
‫من المسجد النبوي‪ 17/2/1432 :‬هـ‬ ‫لفضيلة‪ :‬د‪ .‬حسين آل الشيخ‬ ‫خطبة الجمعة‪ :‬أسباب الهالك في الدنيا واآلخرة‬

‫ِ‬ ‫ع ِمــل ِ ِ‬
‫َأج َـر ُه ْم بِ ْ‬
‫َأح َس ـ ِن َما َكــانُوا َي ْع َملُــو َن‬ ‫ص ـال ًحا م ْن ذَ َكـ ٍر َْأو ُأْنثَى َو ُهـ َـو ُم ـْؤ م ٌن َفلَنُ ْحيَِينَّهُ َحيَــاةً طَيِّبَ ـةً َولَنَ ْجـ ِز َين ُ‬
‫َّه ْم ْـ‬ ‫َ َ َ‬
‫[النحل‪.]97 :‬‬
‫أيها المسلمون‪:‬‬
‫ـل وسـلِّم وبــا ِرك على نبينا وحبيبنا‬
‫إن أفضل األعمــال‪ :‬اإلكثــار من الصــالة والتســليم على النــبي محمــد‪ ،‬اللهم صـ ِّ‬
‫وارض اللهم عن الخلفـ ـ ــاء الراشـ ـ ــدين‪ ،‬واألئمة المهـ ـ ــديين‪ ،‬وعن الصـ ـ ــحابة واآلل أجمعين‪ ،‬ومن تبعهم‬
‫َ‬ ‫محمـ ـ ــد‪،‬‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أعـ َّـز اإلس ــالم والمس ــلمين‪ ،‬اللهم ِ‬
‫أعـ َّـز اإلس ــالم والمس ــلمين‪ ،‬اللهم ِأذ َّل‬ ‫أعـ َّـز اإلس ــالم والمس ــلمين‪ ،‬اللهم ِ‬
‫اللهم ِ‬

‫الشرك والمشركين‪ ،‬اللهم عليك بأعداء الدين‪ ،‬اللهم عليك بأعداء الدين‪ ،‬اللهم عليك بأعداء الدين‪.‬‬
‫ـاعنا وأوض ــاع المس ــلمين‪ ،‬اللهم أص ــلِح أحوالنا وأح ــوال المس ــلمين في كل مك ــان‪ ،‬اللهم ِّ‬
‫ول‬ ‫اللهم أص ــلِح أوض ـ َ‬
‫ـارهم‪ ،‬اللهم اجعل واليتهم فيمن يخافك ويتَّقيــك‪ ،‬اللهم‬ ‫ـارهم‪ ،‬اللهم ِّ‬
‫ول على المســلمين خي ـ َ‬ ‫على المســلمين خي ـ َ‬
‫اجعل واليتهم فيمن يخافك ويتَّقيك يا ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬
‫اللهم اجعل والة أمــور المســلمين رحم ـةً على رعايــاهم‪ ،‬اللهم اجمع بينهم وبين رعايــاهم على القــرآن والســنة يا‬
‫رحمن يا رحيم‪.‬‬
‫تحب وترضى‪ ،‬اللهم وارزقه الصحة والعافية يا ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬ ‫اللهم وفِّق َّ‬
‫ولي أمرنا لما ُّ‬
‫اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات‪ ،‬والمسلمين والمسلمات‪ ،‬األحياء منهم واألموات‪.‬‬
‫ـاء‬
‫اللهم عُ َّم بــاألمن والرخــاء جميـ َـع بالد المســلمين‪ ،‬اللهم اجعل بالد المســلمين في كل مكــان آمن ـةً مطمئنة رخـ ً‬
‫سخاء يا أرحم الراحمين‪.‬‬ ‫ً‬
‫اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً‪ ،‬وفي اآلخرة حسنةً‪ ،‬وقِنا عذاب النار‪.‬‬
‫أغثْنــا‪ ،‬اللهم ِ‬
‫أغثْنا يا ذا الجالل واإلكــرام‪،‬‬ ‫أغثْنــا‪ ،‬اللهم ِ‬
‫أغثْنــا‪ ،‬اللهم ِ‬
‫أغثْنــا‪ ،‬اللهم ِ‬
‫أغثْنــا‪ ،‬اللهم ِ‬
‫أغثْنــا‪ ،‬اللهم ِ‬
‫اللهم ِ‬

‫اللهم ال تحرمنا فضلك‪ ،‬اللهم ال تحرمنا فضلك‪ ،‬اللهم ال تحرمنا فضلك‪.‬‬


‫اللهم يا ذا الجالل واإلك ــرام ال ِغــنى لنا عن بركت ــك‪ ،‬اللهم أنـ ـ ِزل علينا المط ــر‪ ،‬اللهم أنـ ـ ِزل علينا المط ــر‪ ،‬اللهم‬
‫بالء يا ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬ ‫هدم وال غرق وال ٍ‬ ‫أن ِزل علينا المطر‪ ،‬اللهم اجعلها ُسقيا رحمة ال ُسقيا ٍ‬

‫‪-5 -‬‬
‫من المسجد النبوي‪ 17/2/1432 :‬هـ‬ ‫لفضيلة‪ :‬د‪ .‬حسين آل الشيخ‬ ‫خطبة الجمعة‪ :‬أسباب الهالك في الدنيا واآلخرة‬

‫عباد اهلل‪:‬‬
‫كثيرا‪ ،‬وسبِّ ُحوه بُكرةً وأصيالً‪.‬‬
‫ذكرا ً‬
‫اذكروا اهلل ً‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫‪-6 -‬‬

You might also like