You are on page 1of 113

‫سلسلة قضايا فقهية معاصرة (‪)6‬‬

‫التخلُّص من النفايات الطبية‬

‫دراسة فقهية‬

‫إعداد‬
‫الدكتورة‪ /‬أمل بنت إبراهيم بن عبد اهلل الدباسي‬

‫مركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعاصرة‬


‫جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬

‫‪3311‬هـ‬
 
 
 
،١٤٣٣‫א‬‫א‬K‫א‬‫א‬ ‫ﺡ‬
 ‫א‬‫א‬‫א‬
 ‫א‬‫א‬،‫א‬
 ،‫א‬W‫א‬‫א‬‫א‬
 K١٤٣٣،‫א‬L‫א‬‫א‬‫א‬
 E٦‫؛‬F،٢٤C١٧‫؛‬١١٢
 ٩٧٨ J٦٠٣ J٥٠٥ J١١٧ J٠W
 
 EF‫א‬ J٢‫א‬‫א‬‫א‬–١
 ‫א‬K‫א‬‫א‬K
 ١٤٣٣L٤٥٧٢٣٦٣{٧٢٨٨
 
 ١٤٣٣L٤٥٧٢W‫א‬‫א‬
 ٩٧٨ J٦٠٣ J٥٠٥ J١١٧ J٠W
 

 
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫تقديم‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسول اهلل‪ ،‬وآله وصحبه‪ ..‬أما‬
‫بعد ‪:‬‬
‫فإن مركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعارصة‪ ،‬يرسه أن يقدم‬
‫للقراء الكرام هذا البحث ضمن سلسلة البحوث التي تتناول قضايا‬
‫فقهية معارصة‪ ،‬ما زالت قليلة التداول بني املتخصصني يف الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬حتى اعتقد البعض أهنا يف دائرة املسكوت عنه‪ ،‬مع كوهنا‬
‫وثيقة الصلة بحياة الناس وترصفاهتم التي جيب أن تكون حمكومة برشع‬
‫اهلل‪ ،‬خاضعة ألمره وهنيه‪.‬‬
‫وقضية هذا البحث ذات جوانب صحية‪ ،‬وبيئية‪ ،‬واجتامعية‪،‬‬
‫اهتمت هبا الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وعنيت هبا األنظمة والقوانني العاملية‪،‬‬
‫وهي مشكلة التخلص من النفايات الطبية‪ ،‬وما يصاحبها من أخطاء‬
‫حتتاج إىل توصيف فقهي‪ ،‬يضعها يف املوضع الالئق هبا‪ ،‬ويبني حكمها‬
‫يف الفقه اإلسالمي انطالق ًا من نصوص الرشع وقواعده العامة وحكمه‬
‫التامة‪.‬‬
‫وقد أوصت جلنة البحوث والنرش يف املركز بنرش هذا البحث بعد‬
‫االطالع عىل تقارير املحكمني‪ ،‬ملا تتوخاه من فوائد يمكن أن ينتفع هبا‬
‫واضعو األنظمة‪ ،‬والقائمون عىل متابعة تنفيذها‪ ،‬واملعنيون بام ينتج عن‬
‫التقصري يف هذا اجلانب من عقوبات كالقضاة واملحامني ونحوهم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ويف اخلتام أقدم شكري وتقديري للجامعة‪ ،‬وعىل رأسها معايل‬
‫مديرها األستاذ الدكتور سليامن بن عبد اهلل أبا اخليل‪ ،‬كام أشكر الباحثة‬
‫الكريمة عىل ما بذلته من جهد‪ ،‬وكل من أسهم يف نرش هذا اجلهد‬
‫العلمي‪ .‬وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد وآله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫مدير املركز‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عياض بن نامي السلمي‬

‫‪4‬‬
‫املقدِّمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬الذي هدانا إىل الرصاط املستقيم‪ ،‬وأبان لنا‬
‫يف كتابه ورشعه النهج القويم‪ ،‬والصالة والسالم عىل أرشف األنبياء‬
‫واملرسلني‪ ،‬نبينا حممد األمني‪ ،‬وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫وبعد‪...‬‬
‫فإن من نعم اهلل سبحانه وتعاىل عىل البرشية نعمة الدين الذي أمته‬
‫اهلل‪ ،‬وأكمله‪ ،‬وجعله رمح ًة للعاملني؛ إذ هو املناسب لكل عرص ومرص‪،‬‬
‫الصالح لكل زمان ومكان‪ ،‬أصلت أصوله‪ ،‬وقعدت قواعده‪ ،‬وظهرت‬
‫للناس مقاصده‪ ،‬فكان فيه اجلواب لكل سؤال‪ ،‬والدواء لكل علة‪،‬‬
‫واملراد لكل باحث‪.‬‬
‫ونظرا ً للتطورات املذهلة احلاصلة يف املجاالت والقطاعات كافة‪،‬‬
‫مما استدعى تب ًعا وجود الكثري من النوازل والقضايا التي حتتاج إىل‬
‫الدراسة الفقهية والتأصيل الرشعي‪ ،‬آثرت أن يكون موضوع هذه‬
‫الرسالة املخترصة يف يشء من تلك النوازل‪ ،‬وقد وقع اختياري عىل‬
‫موضوع (التخلص من النفايات الطبية دراسة فقهية) وذلك أن التخلص‬
‫من النفايات الطبية بطريقة آمنة عىل اإلنسان وبيئته يعد أحد أهم امللفات‬
‫التي تشغل بال املؤسسات احلكومية املعنية بالصحة ومحاية البيئة يف‬
‫خمتلف دول العامل‪ ،‬كام أن التعامل مع هذه النفايات بطرق غري نظامية‬
‫يتولد عنه العديد من املشكالت‪ ،‬مما يتطلب نظرا ً رشعي ًا يف توصيف‬
‫املشكلة‪ ،‬ومساءلة املسبب جنائي ًا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أهمية املوضوع‪:‬‬
‫‪ -1‬التطور الكبري يف اخلدمات الصحية‪ ،‬والتوسع يف إنشاء املراكز الطبية‬
‫ومصانع األدوية‪ ،‬مما جيعل النفايات الناجتة مشكلة ملحة تتطلب‬
‫العالج‪.‬‬
‫‪ -2‬ما يرتتب عىل إساءة التخلص من النفايات الطبية من التعدي عىل‬
‫صحة اإلنسان وبيئته‪.‬‬
‫‪ -3‬العناية ببيان املسؤولية اجلنائية املرتتبة عىل خمالفة األنظمة والطرق‬
‫املتبعة للتخلص من النفايات الطبية‪ ،‬ببحث جيمع بني التأصيل‬
‫واملعارصة‪.‬‬
‫‪ -4‬مل أجد من درس هذا املوضوع دراس ًة فقهية مستقلة‪ ،‬مستوفي ًا مجيع‬
‫عنارصه‪ ،‬وحميط ًا بكل ما فيه من مسائل‪ ،‬بل مل أجد من أفرد له جزء ًا‬
‫من مؤلفه‪ ،‬وغاية املوجود من ذلك جمموعة مقاالت نرشت يف‬
‫صحف أوجمالت أو يف بعض املواقع االلكرتونية‪ ،‬وكان تناوهلا‬
‫للموضوع بشكل طبي جمرد عن الصبغة الرشعية‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫يشتمل هذا البحث عىل مقدمة‪ ،‬ومخسة مباحث‪ ،‬وخامتة‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬املراد بالنفايات الطبية‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬األرضار الصحية والبيئية الناجتة عن النفايات الطبية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬كيفية التخلص من النفايات الطبية‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬التوصيف الفقهي إلساءة التخلص من النفايات‬
‫الطبية‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬املسؤولية اجلنائية املرتتبة عىل إساءة التخلص من‬
‫النفايات الطبية‪.‬‬
‫اخلامتة‪ :‬وتشتمل عىل خالصة البحث‪ ،‬والنتائج التي توصلت‬
‫إليها‪.‬‬
‫وختام ًا أشكر اهلل جل وعال‪ ،‬ثم أشكر مركز التميز البحثي يف فقه‬
‫القضايا املعارصة‪ ،‬الذي تفضل بتحكيم هذا البحث ونرشه ضمن‬
‫جهوده املوفقة خلدمة قضايا الفقه املعارصة‪.‬‬

‫الباحثة‬
‫أمل بنت إبراهيم بن عبد اهلل الدباسي‬

‫‪7‬‬
8
‫املبحث األول‬
‫املراد بالنفايات الطبية‬

‫النفايات‪ :‬مجع نفاية‪ ،‬مأخوذ من مادة (نفى) وتأيت لغة لإلبعاد‬


‫والتنحية‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪▬ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ♂ [املائدة ‪ ]33‬ونفى‬
‫اليشء ينفيه نفي ًا‪ :‬أبعده‪.‬‬
‫ومنه النفاية‪ :‬وهو الرديء؛ ألنه ينفى وي ْبعد لرداءته (‪ ،)1‬ويراد هبا‪:‬‬
‫فضالت العمل‪ ،‬وخملفاته غري املرغوبة‪.‬‬
‫وتقييد النفايات بكوهنا طبية‪ ،‬يقتيض أهنا تنتج عن العمل الطبي‬
‫خاصة‪ ،‬سواء أكان ذلك داخل املؤسسات الطبية أم خارجها‪.‬‬
‫ومن األلفاظ ذات الصلة بمصطلح النفايات "املخلفات"ويعرب به‬
‫أحيان ًا‪ ،‬وقد عرف بعض الباحثني النفايات الطبية أو املخلفات الطبية‬
‫(‪ ،)Medical Waste‬بأهنا‪ :‬عبارة عن مواد صلبة‪ ،‬أو سائلة‪ ،‬أو غازية‬
‫تنتج عادة عن عمليات الوقاية‪ ،‬والتشخيص‪ ،‬واملعاجلة‪ ،‬والبحث يف‬
‫أمراض اإلنسان(‪.)2‬‬
‫وقد عرف ْتها وكالة محاية البيئة يف الواليات املتحدة األمريكية بأهنا‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقاييس يف اللغة‪ ،‬كتاب النون‪ ،‬باب النون والفاء وما يثلثهام‪ ،‬مادة (نفي)‬
‫ص ‪.1331‬‬
‫(‪ )2‬من مقال لعواطف مدلول بعنوان‪" :‬خماطر النفايات الطبية عىل الناس والبيئة" عىل‬
‫الرابط‪ ،PRESS.COM HTTP: IDNA22.WORD :‬ومقال "خطة إدارة النفايات‬
‫الطبية واملواد اخلطرة" نرشه موقع اخلدمات الطبية امللكية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫أية خملفات تنتج عن مؤسسة معاجلة طبية‪ ،‬ويشمل ذلك املستشفيات‬
‫واملختربات الطبية والعيادات الصحية وغريها(‪.)1‬‬
‫ويرى بعض املختصني أن مصطلح "نفايات الرعاية الصحية" أو‬
‫"خملفات الرعاية الصحية" (‪ )Healthcare waste‬هو مصطلح أعم‬
‫وأشمل من مصطلح "النفايات الطبية" أو "نفايات املستشفيات"‪ ،‬حيث‬
‫إنه يشمل أنواع النفايات كافة والناجتة عن املؤسسات الصحية(‪)2‬؛ بل‬
‫يشمل سائر النفايات املتولدة من عملية الرعاية الصحية‪ ،‬وإن مل تكن‬
‫داخل املشايف‪ ،‬إذ إن مصادر النفايات الطبية خمتلفة‪ ،‬وهي غري مقترصة‬
‫عىل املستشفيات‪ ،‬ومراكز الرعاية الصحية‪ ،‬وما فيها من بنوك الدم‬
‫واملختربات‪ ،‬ومراكز األبحاث‪ ،‬وعيادات األسنان‪ ،‬والعيادات‬
‫البيطرية والصيدليات املعاجلة‪ ،‬بل متتد إىل منازل األفراد‪ ،‬وغريها من‬
‫األماكن التي يمكن أن تستخدم فيها العقاقري الطبية‪ ،‬واإلبر‪ ،‬واحلقن‬
‫الرشجية‪ ،‬وغريها من األدوات املستخدمة يف عملية التطبيب‪ ،‬والرعاية‬
‫الصحية‪.‬‬
‫وينتج عن هذه النفايات يف كل عام كميات ضخمة تقدر بماليني‬
‫األطنان عن مؤسسات الرعاية الصحية يف العامل‪ ،‬والناتج منها يف الدول‬
‫املتقدمة أكرب كمية من الدول النامية‪ ،‬وذلك بسبب التكنولوجيا املستخدمة‬
‫يف مؤسساهتا املختلفة‪ ،‬مما جيعل تلك املخلفات تعد مشكلة حرجة حتتاج‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقال السابق لعواطف مدلول ص ‪.1‬‬


‫(‪ ) 2‬ذكره األستاذ عيل بن أمحد الغامدي املرشف عىل برنامج التخلص من النفايات الطبية‬
‫بالرياض يف حتقيق أجرته األخت هيام املفلح‪ ،‬وقد نرش يف جريدة الرياض‪ ،‬يوم‬
‫اخلميس ‪ 6‬رمضان ‪1421‬ـه‪ ،‬املوافق ‪ 22‬سبتمرب ‪2336‬م‪ ،‬يف عددها رقم‬
‫(‪.)13111‬‬

‫‪01‬‬
‫إىل االنتباه(‪ ،)1‬وقد قدرت كمية النفايات الطبية يف اململكة العربية‬
‫السعودية بنحو ‪ 12‬مليون طن‪ ،‬وتزداد سنوي ًا بمعدل ‪ ،)2( %3‬كام قدر‬
‫الناتج من النفايات الطبية يف منطقة الرياض وحدها بنحو ‪ 1333‬طن‬
‫سنوي ًا(‪.)3‬‬
‫ويقسم الباحثون نفايات املنشآت الصحية إىل قسمني‪:‬‬
‫ال‪ :‬نفايات غري خطرة‪:‬‬
‫أوّ ً‬
‫وهي مواد النفايات املكونة من األنواع املحلية العامة‪ ،‬وال تشكل‬
‫خطرا ً بيولوجي ًا أو إشعاعي ًا‪ ،‬إذ غالب ًا ما تنتج هذه املواد عن العمليات‬
‫االعتيادية التي متارس داخل املؤسسات الصحية كام متارس يف غريها من‬
‫املؤسسات‪.‬‬
‫ويمكن تصنيف هذا القسم إىل فئتني كام ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬النفايات الناجتة عن املطابخ وأماكن حتضري الطعام‪ :‬وهذه‬
‫النفايات تنتج عن حتضري األطعمة وتقديمها بام فيها تغليفها‪ ،‬إىل جانب‬
‫الفضالت الناجتة عن ذلك‪ ،‬واألطعمة الزائدة واملهدورة‪ ،‬إضافة إىل‬
‫مواد التنظيف وغريها‪ ،‬مما ال يشكل خطرا ً عىل اإلنسان وبيئته‪.‬‬
‫‪ -2‬النفايات املكتبية واملنزلية األخرى‪ :‬وتتضمن النفايات املتولدة‬
‫يف املكاتب‪ ،‬مثل األخشاب‪ ،‬والبالستيك‪ ،‬واملعادن‪ ،‬والورق العادي‪،‬‬
‫والورق املقوى‪ ،‬والنفايات السائلة‪ ،‬وترصيف غرف غسيل املالبس‪،‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقال السابق لعواطف مدلول ص ‪.1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬منتديات األشعة والتصوير‪ ،‬عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http: www. radme. com vb showthread. php ? t = 143‬‬
‫(‪ )3‬ذكره األستاذ عيل الغامدي يف التحقيق الذي سبق ذكره يف الصفحة السابقة‪.‬‬

‫‪00‬‬
‫واملفارش للمرىض بأمراض اعتيادية غري معدية (‪.)1‬‬
‫وهذه املواد يكون التعامل معها كالتعامل مع النفايات املنزلية‪،‬‬
‫ويتم ترصيفها يف مكبات النفايات العامة‪ ،‬وتلزم دور الرعاية‬
‫واملؤسسات الصحية بوضع هذا النوع من النفايات يف أكياس سوداء‬
‫خمصصة؛ متييزا ً هلا عن غريها من النفايات اخلطرة(‪ ،)2‬ومتثل النفايات‬
‫غري اخلطرة ما نسبته (‪ )%13-11‬من نفايات مؤسسات الرعاية‬
‫الصحية(‪.)3‬‬
‫ثانياً‪ :‬نفايات خطرة‪:‬‬
‫وعرفت النفايات اخلطرة بأهنا‪ :‬النفايات الناجتة عن األنشطة الطبية‪،‬‬
‫التي بسبب كميتها‪ ،‬أو تركيزها‪ ،‬أو خصائصها الكيميائية أو الفيزيائية‬
‫أو احليوية‪ ،‬تشكل خطرا ً عىل صحة اإلنسان‪ ،‬وسالمة بيئته‪ ،‬خالل‬
‫التداول‪ ،‬والتخزين‪ ،‬والنقل‪ ،‬واملعاجلة‪ ،‬والطرح التلقائي‪.‬‬
‫وقد عرفتها اتفاقية بازل الدولية بأهنا‪ :‬املواد أو األشياء التي يراد‬
‫التخلص منها طبق ًا لألنظمة‪ ،‬والقوانني الوطنية‪ ،‬والتي حتتاج إىل طرق‬

‫(‪ )1‬ينظر‪" :‬مقال أساليب معاجلة النفايات الطبية اخلطرة" للمهندس رياض قابقيل– مدير‬
‫معاجلة النفايات الصلبة‪ ،‬دمشق‪ ،‬من موقع جريان عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http: www. Jeraan. Com 3ioom a node 36900‬‬
‫وينظر أيض ًا‪ :‬مقال "النفايات الطبية حجم املخاطر وجدوى املعاجلات" ملصطفى‬
‫إبراهيم‪ ،‬واملنشور يف املوقع اإللكرتوين جلريدة الصباح العراقية عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http: www. Alsabaah. Com paper. Php source =akbar&mlf=copy&sid=64222‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حتقيق جريدة الرياض السابق ص ‪ 13‬من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬ينظر‪ :‬مقال "النفايات الطبية‪ :‬املخاطر البيئية والصحية" للدكتور أكمل عبد احلكيم‪،‬‬
‫منشور يف املوقع االلكرتوين جلريدة الغد األردنية يف ‪2336 /1/4‬م‪ ،‬عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http: www. alghad. com print. html‬‬

‫‪01‬‬
‫وأساليب خاصة للتعامل معها‪ ،‬ومعاجلتها‪ ،‬حيث ال يمكن التخلص‬
‫منها يف مواقع طرح النفايات املنزلية؛ وذلك بسبب خواصها اخلطرة‪،‬‬
‫وتأثرياهتا السلبية عىل البيئة والسالمة العامة(‪.)1‬‬
‫ويراد هبا يف املجال الطبي ‪-‬عىل وجه التحديد‪ -‬تلك النفايات التي‬
‫تأيت نتيجة املواد التي حيتمل أهنا ملوثة بالعدوى أو املواد الكياموية أو‬
‫البيولوجية أو بالعوامل اإلشعاعية‪ ،‬مما يؤثر عىل البيئة بام فيها الكائن‬
‫احلي‪ ،‬وهذا النوع من النفايات يكون ما نسبته (‪ )%21-13‬من نفايات‬
‫املؤسسات الصحية(‪.)2‬‬
‫ونظرا ً الحتامل تلوث البيئة بالعدوى أو باملواد الكياموية أو‬
‫البيولوجية أو اإلشعاعية‪ ،‬فإنه جيب التخلص من هذه املواد بعناية‬
‫شديدة‪.‬‬
‫وهناك ثامنية أصناف خمتلفة من النفايات اخلطرة تم حتديدها‪،‬‬
‫ويتطلب مجعها والتخلص منها ترتيبات خمتلفة لكل منها‪ ،‬وهذه‬
‫األصناف من النفايات الطبية اخلطرة هي كالتايل‪:‬‬
‫‪-1‬النفايات املعدية‪:‬‬
‫وهي النفايات التي حيتمل أن تنقل األمراض املعدية؛ الشتامهلا عىل‬
‫البكرتيا أو الفريوسات أو الفطريات أو الطفيليات التي يمكن أن تنتقل‬
‫بني الكائنات‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة"‪ ،‬لزيد موسى أبو زيد‪ ،‬املنشور‬
‫بتاريخ ‪ /1‬يناير ‪2332/‬م يف املوقع االلكرتوين جريان‪ ،‬عىل الرابط ‪:‬‬
‫‪HTTP: ZAID JEERAN. COM _ARCHIVE-2008.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املقال السابق "النفايات الطبية‪ :‬املخاطر البيئية والصحية "‪.‬‬

‫‪03‬‬
‫ويشمل هذا النوع من النفايات‪ :‬البقايا الباثولوجية املصابة‬
‫بفريوسات معدية؛ كأجزاء األنسجة واألعضاء املستأصلة‪ ،‬وأجزاء‬
‫األجنة غري القابلة للنمو وأجزاء املشيمة واجلثث والدم وسوائل اجلسم‬
‫التي مصدرها جسم املصاب باملرض املعدي‪ ،‬ومثلها األدوات التي‬
‫المست الدم امللوث‪ ،‬أو شيئ ًا من سوائل جسم املريض؛ كالقطن‬
‫والضامدات‪ ،‬ومالبس املريض يف غرف العمليات‪ ،‬ومثلها قفازات‬
‫األطباء واإلبر واحلقن الرشجية وأجهزة تنقية الدم‪ ،‬التي قد تصبح‬
‫مصدر ًا للعدوى أيض ًا‪ ،‬وكذا حيوانات التجارب احلاملة للفريوس‬
‫املسبب للعدوى‪ ،‬كام أن أي نفايات تصدر من أجنحة عزل املرىض‬
‫وأقسام احلجر الصحي تعد نفايات م ْعدية شديدة اخلطورة بام فيها‬
‫غيارات األرسة وغريها‪.‬‬
‫ومثلها يف اخلطورة وإمكانية حصول العدوى بعض خملفات‬
‫املختربات الطبية)‪ (Biohazardous Laboratory wastes‬والتي قد تكون صلبة‬
‫وحادة مثل اإلبر واحلقن واملشارط امللوثة‪ ،‬وقد تكون سائلة مثل الدم‬
‫والبول وسوائل اجلسم األخرى (السائل املنوي‪ ،‬البصاق‪ ،‬سائل احلبل‬
‫الشوكي وغريها)‪.‬‬
‫وقد يكون من خملفاهتا أيض ًا األنسجة واألعضاء البرشية التي أخذت‬
‫خالل العمليات إلجراء الفحوصات الباثولوجية عليها‪ ،‬وكذا خملفات‬
‫املزارع البكتريية‪ ،‬وخملفات املنتجات البكتريية والفريوسية والفطريات‬
‫من مواد استخدمت للنقل أو الزرع أو الكشف عنها‪ ،‬وخملفات األجهزة‬
‫واملعدات‪.‬‬
‫وأخريا ً املواد التي عىل اتصال مبارش بالعينات مثل القفازات‬

‫‪04‬‬
‫البالستيكية‪ ،‬ومناديل الورق وغريها(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬النفايات الكيميائية‪:‬‬
‫تشمل هذه الفئة النفايات الكياموية الصلبة والسائلة والغازية التي‬
‫تنتج عن إجراءات التشخيص والتجارب املخربية وعمليات التطهري‪،‬‬
‫كام تشمل كيامويات مواد التصوير واملركبات العضوية‪ ،‬كالزيوت‬
‫واملذيبات‪ ،‬عل ًام بأن النفايات الكياموية قد تكون خطرة أو غري خطرة‪.‬‬
‫واخلطر منها (وهو ما يعنيني هنا) ما اشتمل عىل يشء من اخلصائص‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن تكون املادة الكيميائية أكالة‪:‬‬
‫املواد األكالة سميت بذلك؛ لكوهنا تسبب التآكل للمعادن بسبب‬
‫قاعدهتا احلامضية‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن تكون املادة الكيميائية متفاعلة‪:‬‬
‫واملواد املتفاعلة هي‪ :‬مواد غري ثابتة يف الظروف العادية‪ ،‬ويمكن أن‬
‫تسبب انفجارات‪ ،‬أو تنتج غازات أو أبخرة سامة‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن تكون املادة الكيميائية قابلة لالشتعال‪:‬‬
‫واملواد القابلة لالشتعال هي املواد التي تشتعل وحترتق بسهولة‬
‫وبرسعة‪ ،‬وتكون حساسة وقابلة لالشتعال بمجرد مالمستها املاء‬
‫أحيان ًا‪ ،‬أو لتعرضها ألدنى صدمة‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬ينظر‪ :‬موضوع "معامل التحاليل الطبية وخطرها عىل العاملني والصحة العامة"‪ ،‬من‬
‫موقع جامعة امللك سعود‪ ،‬رابط املوضوع‪:‬‬
‫‪http: faculty. Ksu. edu. Sa badr docume‬‬

‫‪05‬‬
‫د‪ -‬أن تكون املادة الكيميائية سامة‪:‬‬
‫واملواد السامة هي املواد التي هتدد صحة الكائن احلي عندما‬
‫تستنشق أو تبتلع‪ ،‬أو حتى بمجرد مالمستها جلد الكائن احلي(‪.)1‬‬
‫وأما بقية الكيامويات األخرى التي ال تشتمل عىل أي من هذه‬
‫الصفات فال تعترب خطرة‪.‬‬
‫‪ -3‬النفايات احلادة‪:‬‬
‫تشمل هذه الفئة من النفايات املواد ذات احلواف الصلبة واحلادة‬
‫(كاإلبر‪ ،‬والرسنجات‪ ،‬واملشارط‪ ،‬واملناشري‪ ،‬والشفرات‪ ،‬والزجاج‬
‫املكسور)‪.‬‬
‫‪ -4‬نفايات مواد الصيدلة‪:‬‬
‫وتشمل نفايات املنتجات الصيدالنية واألدوية والعقاقري واللقاحات‬
‫واألمصال والقوارير التي مل تعد مطلوبة لالستخدام(‪.)2‬‬
‫ويمكن تصنيف نفايات الصيدلة ضمن النفايات الكيميائية‪.‬‬
‫‪ -1‬نفايات األدوية الكيميائية املسببة للتغريات اجلينية‪:‬‬
‫وتشمل بقايا العقاقري املستخدمة لعالج الرسطان عند حتضريه أو‬
‫إعطائه‪ ،‬واألدوية املنتهية الصالحية منها خاصة‪ ،‬وسائر النفايات الناجتة‬
‫عن عمليات تصنيع أو نقل أو حتضري أو إعداد أو إعطاء تلك العقاقري‪،‬‬
‫وكذا احلقن‪ ،‬والقفازات‪ ،‬واملالبس‪ ،‬واألوعية امللوثة‪ ،‬ومواد إزالة‬
‫االنسكاب‪ ،‬وإفرازات املريض الذي يتلقى العالج الكياموي‪ ،‬كالبول‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال زيد أبو زيد املشار إليه سابق ًا ص ‪.13‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬حتقيق جريدة الرياض املشار إليه سابق ًا ص ‪ 13‬من هذا البحث‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫والرباز والقيء خالل الفرتة الالحقة آلخر جرعة‪ ،‬والتي حيددها نوع‬
‫العالج املعطى للمريض‪.‬‬
‫‪ -6‬نفايات املعادن الثقيلة‪:‬‬
‫وتشمل تلك النفايات املواد واألجهزة التي تدخل يف تصنيعها‬
‫املعادن أو إحدى مشتقاهتا‪ ،‬ومن أمثلتها‪ :‬البطاريات‪ ،‬وأجهزة قياس‬
‫درجات احلرارة الزئبقية املكسورة‪ ،‬وأجهزة قياس ضغط الدم(‪.)1‬‬
‫‪ -1‬نفايات مشعة‪:‬‬
‫وهي تشمل بقايا غرف األشعة‪ ،‬واملختربات املتخصصة‪ ،‬واملحاليل‬
‫املشعة املستخدمة يف التحاليل الطبية يف األشعة السينية‪ ،‬خاصة اليود‬
‫املشع وخالفه(‪ ،)2‬كبقايا السوائل التي تستخدم للبحث املعميل أو‬
‫العالج اإلشعاعي‪ ،‬واألدوات الزجاجية امللوثة‪ ،‬والعلب والورق‬
‫اخلاصة بالسوائل‪ ،‬وكذلك البول وإفرازات املرىض املعاجلني‬
‫بنوكليدات إشعاعية طليقة من مصادر مغلفة أو غري مغلفة‪ ،‬أو الذين‬
‫أجريت هلم اختبارات تشخيصية باستخدام هذه املواد(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬نفايات حاويات الغازات املضغوطة‪:‬‬
‫وتكمن خطورهتا يف تعرضها للحرارة أو الصدمة الشديدة التي قد‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬موضوع "إدارة املخلفات والتخلص من النفايات" املنشور يف ‪2334/2/12‬م‬


‫عىل الشبكة اإللكرتونية‪ ،‬عىل الرابط‪:‬‬
‫‪.http: www. Drguide. gov.eg newsite‬‬
‫(‪ ) 2‬ينظر‪ :‬مقال " املخلفات الطبية‪ ...‬إىل أين؟"‪ ،‬نرشته جريدة اجلزيرة‪ ،‬يف يوم الثالثاء‬
‫‪ 11‬فرباير ‪2334‬م‪ ،‬يف عددها (‪.)62‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪" :‬إدارة املخلفات والتخلص من النفايات" هامش (‪ )1‬من هذه الصفحة‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫تؤدي النفجارها‪ ،‬وذلك تبع ًا لنوع الغاز املوجود فيها‪ ،‬والذي قد‬
‫يتسبب يف حدوث احلرائق أو التلويث للهواء املحيط (‪.)1‬‬
‫ويمكنني أن أضيف إىل ما سبق ذكره من أقسام النفايات الطبية قسامً‬
‫ثالث ًا‪ ،‬وهو فئة‪:‬‬
‫النفايات الباثولوجية‪:‬‬
‫وأعني هبا ما ينتج عن غرف العمليات اجلراحية والترشحيية‪ ،‬وغرف‬
‫التوليد من أجزاء األنسجة املبتورة‪ ،‬واألعضاء املستأصلة‪ ،‬وأجزاء‬
‫األجنة غري القابلة للنمو‪ ،‬وأجزاء املشيمة وغريها من األجزاء الناجتة‬
‫عن أجسام سليمة ال حتمل أي ميكروبات معدية‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال عواطف مدلول السابق ص ‪ ،1‬وينظر أيض ًا يف تقسيم النفايات اخلطرة‪:‬‬
‫مقال "خطة إدارة النفايات الطبية واملواد اخلطرة"‪ ،‬املنشور يف موقع اخلدمات الطبية‬
‫امللكية األردنية عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http: www. jnms.gov.jo default. aspx ? tabicl=273.‬‬
‫ومقال " أخطار بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية"‬
‫الزدهار عيل‪ ،‬منشور يف موقع جريدة الوحدة السورية‪ ،‬األربعاء‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪2336/1/1‬م‪ ،‬عىل الرابط‪:‬‬
‫…‪http: www. wehda.alwehda. gof. sy archive. as‬‬

‫‪08‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫األضرار الصحية والبيئية الناجتة‬
‫عن النفايات الطبية‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬األرضار الصحية الناجتة عن النفايات الطبية‬
‫املطلب الثاين‪ :‬األرضار البيئية الناجتة عن النفايات الطبية‬

‫‪09‬‬
11
‫املطلب األول‬
‫األضرار الصحية الناجتة عن النفايات الطبية‬

‫األرضار الصحية للنفايات الطبية ختتلف باختالف أنواع تلك‬


‫النفايات‪ ،‬وسنذكر أرضار كل نوع منها عىل حده يف الفقرات اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬األرضار الصحية للنفايات املعدية واحلادة (‪:)Infectious waste and sharps‬‬
‫النفايات الطبية املعدية واحلادة قد حتتوي عىل كميات كبرية متنوعة‬
‫وخمتلفة من ميكروبات املرض‪ ،‬واألمثلة كثرية لتلك امليكروبات املعدية‬
‫وطرق انتقاهلا‪.‬‬
‫وأكثر األقسام الطبية تواجد ًا هبا‪ ،‬بعض أنواع امليكروبات املعدية‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬امليكروبات اجللدية (‪ ) Streptococcus spp‬املوجودة بالنفايات‬
‫الطبية‪ ،‬كالقطن والشاش امللوثة بصديد جروح املرىض بعد العناية‬
‫هبم‪ ،‬أو يف حالة اإلصابة باجلمرة اخلبيثة عن طريق التلوث بعصيات‬
‫امليكروب وإفرازات جلد املصابني‪ ،‬والتي تنتقل عن طريق التامس‬
‫أو وخز أو قطع اجللد بمواد حادة ملوثة تتسبب يف أمراض التهابات‬
‫اجللد‪ ،‬وكذلك احلال يف بكترييا تعفن الدم (‪،)Septicaemia‬‬
‫وفطريات تعفن الدم (‪ ،)Candidaemia‬والتي حتدث بسبب التعرض‬
‫للمخلفات امللوثة بدم املرىض‪ ،‬واحتامل انتقال فريوسات الدم‬
‫اخلطرية من فريوسات فقد املناعة املكتسبة (اإليدز)‪ ،‬وفريوسات‬
‫التهاب الكبد بأنواعها (‪.)G,D,C,B‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -2‬بكترييا اجلهاز التناسيل الناجتة من النفايات والعينات امللوثة‬
‫باإلفرازات التناسلية‪ ،‬للمرىض املصابني ببكترييا السيالن‪،‬‬
‫وفريوسات اهلربس‪ ،‬يف أقسام األمراض التناسلية‪.‬‬
‫‪ -3‬ميكروبات السل‪ ،‬وفريوسات احلصبة‪ ،‬يف أقسام األمراض‬
‫الصدرية‪ ،‬والتي تنتقل عن طريق االحتكاك املبارش وغري املبارش مع‬
‫املخلفات امللوثة بإفرازات رئة املرىض ولعاهبم املحتوية عىل تلك‬
‫الفريوسات‪.‬‬
‫‪ -4‬ميكروبات االلتهابات املعوية التي تنتج بسبب بكترييا السلمونيال‬
‫والشقيال وبعض الديدان املعوية املوجودة يف النفايات الطبية امللوثة‬
‫برباز املريض وقيئه‪ ،‬يف أقسام األمراض السارية واملعدية‪.‬‬
‫‪ -1‬بكترييا التهاب السحايا (‪ )Neisseria meningitidis‬والذي قد ينتقل‬
‫بسبب التعرض للمواد امللوثة بسائل احلبل الشوكي احلامل هلذا‬
‫النوع من البكترييا‪.‬‬
‫‪ -6‬بعض أنواع البكترييا املقاومة للمضادات احليوية وسوائل التعقيم‬
‫(‪ ،)Antibiotic Resistant Bacteria‬وهذا النوع من امليكروبات أصبح‬
‫يف اآلونة األخرية هيدد حياة العديد من األشخاص بسبب األوبئة‬
‫رسيعة االنتشار التي تنتج عنها‪ ،‬حيث ال توجد أدوية ومضادات‬
‫حيوية فعالة يمكن هلا القضاء عليها‪.‬‬
‫وتعترب النفايات احلادة مثل إبر احلقن‪ ،‬أو األدوات احلادة الطبية‬
‫األخرى امللوثة مثل املشارط واألمواس واملناشري‪ ،‬من أخطر تلك‬
‫املخلفات‪ ،‬وأكثرها تسبب ًا يف إحداث العدوى؛ ويرجع ذلك لسهولة‬
‫دخول امليكروب للجسم عرب الوخز أو القطع إىل جمرى الدم مبارشة‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫وإلدراك كيف يمكن للنفايات أو املخلفات الطبية أن تصبح خطرا ً‬
‫صحي ًا عىل املجتمع إذا مل يتم التخلص منها بالطرق املناسبة؟‬
‫يكفي أن نذكر ما حدث يف شهر يونيو عام ‪2333‬م‪ ،‬عندما تم‬
‫تشخيص إصابة ستة أطفال يف إحدى املدن الروسية بنوع بسيط من‬
‫اجلدري (‪ ،)vaccinia virus‬بعد أن لعبوا بزجاجات تالفة تم استخدامها‬
‫يف تطعيم اجلدري‪ ،‬وكانت قد ألقيت يف مكب للقاممة عىل مقربة من‬
‫منازهلم(‪.)1‬‬
‫ويف سنة ‪1112‬م كانت هناك ثامين حاالت عدوى بفريوس فقد‬
‫املناعة املكتسبة يف فرنسا بسبب إصابات مهنية للعاملني بالصحة‪،‬‬
‫وحالتان منها كانت بسبب جرح نتج عن نقل املخلفات الطبية‪.‬‬
‫ويف سنة ‪1114‬م سجلت ‪ 31‬حالة إصابة بالفريوس نفسه يف‬
‫الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وكانت أسباهبا كاآليت‪ 32 :‬حالة إصابة‬
‫بسبب وخز إبر ملوثة‪ ،‬وحالة واحدة بسبب جرح مرشط ملوث‪ ،‬وحالة‬
‫واحدة بسبب جرح من أنبوب مكسور كان به دم مريض مصاب‪،‬‬
‫وحالة واحدة أخرى كانت بسبب مادة غري حادة‪ ،‬وأربع حاالت كانت‬
‫بسبب تلوث اجللد أو األغشية املخاطية بدم ملوث بالفريوس‪.‬‬
‫ومع سنة ‪1116‬م ازدادت احلاالت إىل إحدى ومخسني حالة إصابة‪،‬‬
‫وكان معظمهم طاقم متريض وأطباء وفنيي معامل حتاليل‪.‬‬
‫أما بالنسبة لفريوسات التهاب الكبد‪ ،‬فاحلالة أسوء بكثري‪ ،‬فتقرير‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال "النفايات الطبية‪ :‬املخاطر البيئية والصحية" للدكتور أكمل عبد احلكيم‪،‬‬
‫الذي سبق ذكره ص ‪ 12‬من هذا البحث‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وكالة محاية البيئة األمريكية أشار إىل أن هناك سنوي ًا مابني ‪ 162‬إىل ‪321‬‬
‫حالة إصابة بفريوس التهاب الكبد الوبائي‪ ،‬بسبب املخلفات الطبية‬
‫احلادة‪ ،‬من العدد اإلمجايل لإلصابات يف السنة‪ ،‬بسبب وخز اإلبر‪،‬‬
‫والذي يصل إىل ثالثمئة ألف حالة يف السنة الواحدة(‪.)1‬‬
‫وعموم ًا فحاالت اإلصابة الفردية بالعدوى نتيجة النفايات الطبية‬
‫كثرية ومتعددة‪ ،‬ولكن من الصعب حرصها بسبب عدة عوامل‪،‬‬
‫وخاصة يف دول العامل النامية‪ ،‬فالتعرض للمخلفات الطبية بسبب‬
‫اإلمهال‪ ،‬وعدم الدراية‪ ،‬أو ضعف الناحية التقنية يف التخلص منها‪،‬‬
‫يؤدي إىل إصابات متعددة ومتنوعة يرجع لتنوع مسببات املرض‪.‬‬
‫( ‪Chemical and‬‬ ‫ب‪-‬األرضار الصحية للنفايات الكيميائية والصيدالنية‬
‫‪:)pharmaceutical waste‬‬
‫العديد من النفايات الكيميائية والصيدالنية املستعملة باملؤسسات‬
‫الصحية تعترب من ضمن مصادر الرضر للعاملني والعامالت‪ ،‬فبعضها‬
‫مواد كيميائية سامة‪ ،‬ومواد حمدثة للرسطانات والطفرات باخللية البرشية‬
‫واألحياء الربية‪ ،‬باإلضافة إىل وجود مواد كيميائية أخرى حارقة ورسيعة‬
‫االشتعال واالنفجار‪.‬‬
‫ورغم أن من املفرتض كون كميات املواد الكيميائية والصيدالنية‬
‫اخلطرة املستخدمة للتداوي قليلة‪ ،‬إال أنه قد تنشأ كميات كبرية منها‬
‫بسبب وجود مواد قد انتهت مدة صالحيتها‪ ،‬أو مل يتم استعامهلا لعدم‬
‫احلاجة أو الرغبة يف استخدامها‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال " النفايات الطبية‪ :‬املخاطر البيئية والصحية" للدكتور أكمل عبد احلكيم‬
‫الذي سبق ذكره ص ‪ 12‬من هذا البحث‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫كام أن نفايات بعض املواد الكيميائية قد تسبب تسم ًام عند التعرض‬
‫هلا بكميات كبرية يف فرتة زمنية قصرية‪ ،‬مثل مواد التطهري والتعقيم‪ ،‬أو‬
‫عند التعرض هلا بكميات قليلة لفرتا ت زمنية طويلة كالزئبق‪ ،‬وهذا‬
‫التعرض يتنوع‪ ،‬فقد يكون بسبب امتصاص اجللد أو األغشية املخاطية‬
‫هلا أو عن طريق االستنشاق أو البلع‪.‬‬
‫كام أن اإلصابة املبارشة ببعض املواد الكيميائية احلارقة والقابلة‬
‫لالشتعال وشديدة االنفجار (مثل مركبات الفرمولدهايد املستعملة يف‬
‫التعقيم وحفظ عينات األنسجة) قد حتدث باإلنسان حروق ًا يف اجللد‪ ،‬أو‬
‫أرضار ًا يف العني‪ ،‬أو يف األغشية املخاطية للجهاز التنفيس‪.‬‬
‫ج‪ -‬األرضار الصحية للنفايات السامة واملؤثرة عىل اجلينات‪.‬‬
‫التعرض لألدوية املستعملة للعالج الكياموي لألمراض الرسطانية‬
‫عند حتضريها أو إعطائها للمرىض قد يسبب أرضار ًا للعاملني بالصحة؛‬
‫وذلك ملقدرة تلك املواد عىل قتل اخلاليا البرشية أو إحداث‬
‫تشوهات هبا‪ ،‬سوا ًء أكان ذلك من خالل استنشاق الغاز أم الغبار‬
‫املتطاير لتلك األدوية أو امتصاص اجللد املبارش هلا‪ ،‬أو ابتالع مواد‬
‫غذائية ملوثة بتلك األدوية أو خملفاهتا‪ ،‬كام أن رضر تلك النفايات قد‬
‫حيصل بسبب السوائل واإلفرازات امللوثة الصادرة من جسم املرىض‬
‫املعاجلني بتلك األدوية‪ ،‬حيث إنه توجد كميات كبرية من تلك األدوية‬
‫ببول املرىض وبرازهم خالل األيام األوىل من العالج‪.‬‬
‫وتعترب سمية األدوية املستعملة يف العالج الكياموي عالية جد ًا‪،‬‬
‫فمعظمها يؤثر يف احلمض النووي للخاليا‪ ،‬وقد أثبتت التجارب مقدرة‬
‫تلك املواد يف تكوين أورام رسطانية (‪ )carcinogenic‬وطفرات غريبة‬
‫(‪.)mutagenic‬‬
‫‪15‬‬
‫وتعترب هذه األدوية مهيجة للخاليا واألنسجة املوضعية بعد‬
‫التعرض هلا يف اجللد والعني‪ ،‬وقد تسبب أعراض ًا مرضية أخرى مثل‪:‬‬
‫الصداع‪ ،‬والغثيان‪ ،‬وبعض التغريات‪ ،‬والتشوهات اجللدية‪.‬‬
‫د‪ -‬األرضار الصحية للنفايات الطبية املشعة (‪.)Radioactive waste‬‬
‫خطورة وشدة األمراض احلاصلة بسبب التعرض للنفايات الطبية‬
‫املشعة‪ ،‬تعتمد عىل نوع وكمية األشعة املتعرض هلا‪ ،‬وتتدرج أعراضها‬
‫من البسيطة؛ كالصداع والدوخة والقيء‪ ،‬إىل أكثر األعراض خطورة‪.‬‬
‫ويوجد تشابه كبري بني النفايات الطبية الصيدالنية من أدوية عالج‬
‫األمراض الرسطانية وبني النفايات الطبية املشعة؛ لتأثري االثنني عىل‬
‫املحتوى اجليني الوراثي للخاليا‪ ،‬فالتعامل مع مصادر املواد املشعة‬
‫النشطة يف تشخيص وعالج بعض األمراض‪ ،‬قد يسبب أرضار ًا أكرب مما‬
‫هو متوقع‪ ،‬بداية بتساقط الشعر‪ ،‬ومرور ًا بحاالت اإلجهاض والعقم‪،‬‬
‫وانتها ًء بحاالت الرسطان وتدمري األنسجة واخلاليا البرشية‪ ،‬لذا فإن‬
‫احلذر والعناية الفائقة عند التعامل مع تلك املواد أمر رضوري جد ًا‪.‬‬
‫أما أرضار النفايات املشعة األقل نشاط ًا فقد ينشأ بسبب تلوث‬
‫األسطح اخلارجية لألدوات املستخدمة‪ ،‬أو بسبب سوء ختزين تلك‬
‫املواد‪ ،‬واألشخاص األكثر عرضة هلذا النوع من النفايات هم فنيوا‬
‫أقسام األشعة‪ ،‬وال ننسى عامل النظافة وعامالهتا يف تلك األقسام(‪.)1‬‬
‫وعليه فإن األشخاص األكثر عرضة لإلصابة باألرضار الصحية من‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال "األرضا ر الصحية للمخلفات الطبية" للدكتور الطاهر إبراهيم الثابت‪ ،‬من‬
‫موقع النادي الليبي للمخلفات الطبية‪ ،‬عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http: www. Libyan medical waste.com ni007. htm‬‬

‫‪16‬‬
‫جراء النفايات اخلطرة يرتبون حسب النسبة األعىل لإلصابة كالتايل‪:‬‬
‫‪ -1‬األطباء واملمرضات والطواقم الطبية املساعدة والعاملني باملرافق‬
‫الصحية‪ ،‬كعامل النظافة‪ ،‬ونحوهم‪.‬‬
‫‪ -2‬املرىض باملستشفيات واملؤسسات الصحية‪.‬‬
‫‪ -3‬الزائرون للمستشفيات واملؤسسات الطبية‪.‬‬
‫‪ -4‬العاملون يف املغسلة ويف عمليات اجلمع والنقل والتخلص من‬
‫النفايات باملؤسسات الطبية‪ ،‬وخارجها‪.‬‬
‫‪ -1‬غري من سبق ممن تعرضوا هلا عن طريق اخلطأ واإلمهال‪ ،‬أو‬
‫األشخاص العابثني بتلك النفايات "مثل األطفال‪ ،‬ومثل مدمني‬
‫املخدرات يف استخدامهم إبر املرىض امللوثة ذات االستخدام‬
‫الواحد" (‪.)1‬‬
‫وتنتقل مسببات املرض من النفايات الطبية ‪-‬كام سبقت اإلشارة‪-‬‬
‫بإحدى الطرق اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬عن طريق الوخز أو قطع اجللد (اجلرح)‪.‬‬
‫‪ -2‬عن طريق مالمستها لألغشية املخاطية‪.‬‬
‫‪ -3‬عن طريق االستنشاق‪.‬‬
‫‪ -4‬عن طريق البلع(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال عواطف مدلول‪ ،‬املشار إليه يف ص ‪ 1‬من هذا البحث‪ ،‬ومقال الدكتور‬
‫الطاهر الثابت‪ ،‬املشار إليه يف ص ‪ 26‬من هذا البحث‪.‬‬
‫=‬ ‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املرجعان السابقان‪ ،‬و مقال زيد أبو زيد املشار إليه سابق ًا ص ‪.13‬‬

‫‪17‬‬
18
‫املطلب الثاني‬
‫األضرار البيئية(‪ )1‬الناجتة عن النفايات الطبية‬

‫ويراد هبا‪ :‬تلك األرضار التي تلحق بالعنارص األساسية يف النظام‬


‫البيئي من ماء وهواء وتربة‪ ،‬نتيجة تلوثها بتلك النفايات اخلطرة‪.‬‬
‫وهذا الرضر يطلق عليه علامء البيئة مسمى (التلوث البيئي) أو‬
‫(تلويث البيئة ‪.)environmental pollution‬‬
‫وعرف التلوث البيئي بأنه‪ :‬التغري يف خواص البيئة‪ ،‬مما قد يؤدي‬
‫بطريقة مبارشة أو غري مبارشة إىل اإلرضار بالكائنات احلية أو املنشآت‪،‬‬
‫أو يؤثر عىل ممارسة اإلنسان حلياته الطبيعية‪.‬‬
‫أو هو فعل ما يرض بالبيئة من حيث إدخال ما يوثر سلب ًا عىل‬
‫عنارصها‪ ،‬أو خيل بالتوازن الطبيعي هلا(‪.)2‬‬
‫وقيل هو‪ :‬كل تغيري حيدث التأثري املبارش وغري املبارش لألنشطة‬
‫(‪ )1‬نسبة للبيئة‪ ،‬والبيئة يف اللغة من الفعل تبوأ أي‪ :‬نزل وأقام واستقر‪ ،‬ومن ذلك قوله‬
‫تعاىل‪ ▬ :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ♂ (سورة يونس من اآلية ‪ ،)21‬وقوله‬
‫تعاىل آمرا ً رسوله صالح بمخاطبة قومه ثمود‪ ▬ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ♂ (سورة األعراف من اآلية ‪ .)14‬ينظر‪:‬‬
‫املعجم الوسيط ‪.11/1‬‬
‫والبيئة مصطلح معارص‪ ،‬وقد عرفها املعارصون بأهنا‪ :‬املوقع واملكان أو املنطقة التي‬
‫تتوافر فيها األسباب املالئمة لعيش الكائنات احلية‪ ،‬كام يمكن اعتبارها جمموعة‬
‫العنارص التي تسهم يف تكوين املناطق الطبيعية أو األمكنة االصطناعية التي يصنعها‬
‫اإلنسان‪ .‬ينظر‪ :‬معجم املصطلحات جلرجس ص‪.13‬‬
‫(‪ )2‬جريمة تلويث البيئة دراسة مقارنة‪ ،‬البتسام سعيد امللكاوي ص ‪.22‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلنسانية يف الوسط املحيط عىل نحو خيل ببعض االستعامالت أو‬
‫األنشطة التي كان من املستطاع القيام هبا يف احلالة الطبيعية لذلك‬
‫الوسط(‪.)1‬‬
‫والرضر البيئي احلاصل من النفايات الطبية اخلطرة السيام يف بلداننا‬
‫النامية يرجع ‪ -‬يف نظري ‪-‬إىل سببني رئيسني‪:‬‬
‫السبب األول‪ :‬عدم القيام باألعامل املنظمة واخلطوات املطلوبة‪،‬‬
‫وعدم العناية بالربامج اخلاصة بمعاجلة النفايات الطبية خصوص ًا يف‬
‫البالد النامية‪ ،‬وقد يكون ذلك ألسباب‪ :‬إما بسبب اجلهل وعدم الوعي‬
‫الشامل بمخاطر التلوث من قبل األفراد واجلامعات‪ ،‬أو بسبب البحث‬
‫عن الطرق األقل كلفة بغض النظر عن توافر أسباب السالمة فيها‪ ،‬وهذا‬
‫قد يظهر يف بعض املؤسسات الصحية اخلاصة‪ ،‬السيام مع عدم وجود‬
‫الرقابة احلازمة والعقوبات الرادعة ملن خيالف‪ ،‬وقد ال تتبنى بعض‬
‫ال؛ لضعف اقتصادها‬ ‫الدول برامج املعاجلة السليمة للنفايات الطبية أص ً‬
‫ال مما جيعل االلتزام بأنظمة معينة أو التعاقد مع رشكات خاصة يف هذا‬ ‫مث ً‬
‫املجال أمرا ً مكلف ًا ال تتحمله ميزانيتها‪ ،‬أو لغري ذلك من األسباب‪.‬‬
‫السبب الثاين‪ :‬ظهور النزعات التسلطية لدى بعض املجتمعات‬
‫البرشية‪ ،‬مما جيعلها تترصف بطريقة وحشية للتخلص من نفاياهتا‬
‫الصناعية‪ ،‬حيث تغزو الدول العظمى بنفاياهتا اخلطرة بعض الدول‬
‫النامية‪ ،‬وتصري بغي ًا وظل ًام وعدوان ًا أراضيها مكبات لنفاياهتا‪ ،‬وربام‬
‫أقامت تلك الدول مصانع ملواد شديدة السمية يف مناطق مأهولة‬

‫(‪ ) 1‬البيئة يف الفقه اإلسالمي وقاية وتنمية للشيخ خليل امليس‪ ،‬مفتي زحلة والبقاع (بحث‬
‫مقدم ملجمع الفقه اإلسالمي الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي) ص‪.4‬‬

‫‪31‬‬
‫بالسكان‪ ،‬غري آهبة بام ختلفه تلك النفايات من رضر عظيم‪ ،‬وخطر‬
‫جسيم عىل األرض ومن فيها‪ ،‬ومن ذلك ما حدث يف اهلند يف مدينة‬
‫هبوبال؛ حيث قامت الرشكة األمريكية (يونيان كاربايد) ببناء مصنع‬
‫ضخم إلنتاج مادة (السايانايد) السامة‪ ،‬والتي تدخل يف بعض‬
‫الصناعات‪ ،‬وانفجر املصنع وقتل اآلالف من اهلنود‪ ،‬وأصاب سكان‬
‫املدينة بأمراض عديدة‪ ،‬وهم يبلغون مئات اآلالف‪ ،‬وذلك سنة‬
‫‪1124‬م‪ ،‬ومتكنت الرشكة العمالقة من اإلفالت من التعويضات‬
‫املستحقة برشوة بعض املسؤوليني يف الدولة (‪.)1‬‬
‫بل قد تلقى تلك النفايات أو غريها من السموم والكيامويات‬
‫والفريوسات القاتلة ال بقصد التخلص منها فحسب‪ ،‬بل بقصد التدمري‬
‫والفتك‪ ،‬وقد استخدم الفرنسيون يف احتالهلم ألمريكا الشاملية وسيلة‬
‫توزيع األغطية امللوثة بداء اجلدري إلفناء اهلنود احلمر‪ ،‬كام قام األملان‬
‫بنرش محى الكربون يف احلرب العاملية األوىل يف قطعان املاشية يف‬
‫األرجنتني لتحويلها إىل مصادر لنرش داء اجلمرة اخلبيثة يف األعداء(‪.)2‬‬
‫ويف هذا العرص ظلت األرا ي الفلسطينية طوال سنوات االحتالل‬
‫تستخدم مكان ًا لدفن النفايات اخلطرة من خالل عمليات هتريب منظمة؛‬
‫فقد تم رصد ما ال يقل عن مخسني موقع ًا يف األرا ي الفلسطينية‬
‫للتخلص من النفايات الصهيونية (بام فيها نفايات املستوطنات)‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة ذلك‪:‬‬
‫(‪ )1‬من بحث "ضامن الطبيب واملسؤولية الطبية" للدكتور حممد البار‪ ،‬منشور ضمن‬
‫بحوث جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬الدورة ‪ ،11‬ع ‪.443/4 ،11‬‬
‫(‪ )2‬من بحث "اإلسالم والبيئة" للدكتور حممد فتح اهلل الزيادي (مقدم ملجمع الفقه‬
‫اإلسالمي الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي) ص ‪.11‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -1‬يف عام ‪1121‬م قام الكيان الصهيوين بدفن نفايات صلبة يف مكب‬
‫قرية (عزون) قرب (قلقيلية)‪.‬‬
‫‪ -2‬اكتشاف كميات كبرية من النفايات اخلطرة السامة من بقايا املواد‬
‫الكيميائية بالقرب من قرى (عزون) و(جيوس) و(تل صوفني)‬
‫قرب قلقيلية‪.‬‬
‫‪ -3‬يف مارس عام ‪1111‬م تم اكتشاف ‪ 213‬برمي ً‬
‫ال حتوي نفايات سامة‬
‫جمهولة مهربة من الكيان الصهيوين إىل قرية أم التوت يف جنني‪.‬‬
‫‪ -4‬إنشاء مكب للنفايات الصلبة بالقرب من مستوطنة (يافيت) يف غور‬
‫األردن‪ ،‬بعد نقله من منطقة (العفولة) داخل إرسائيل‪.‬‬
‫وهناك آثار خطرية جد ًا ترتكها النفايات التي يتم دفنها يف األرا ي‬
‫الفلسطينية‪ ،‬سواء أكانت هذه اآلثار عىل األرض أم عىل اإلنسان؛‬
‫فاملصادر الطبية الفلسطينية حتدثت عن وجود عرشات احلاالت املصابة‬
‫بالرسطان يف الظاهرية‪ ،‬ووجود ارتفاع يف نسبة مشاكل العقم عند كال‬
‫اجلنسني يف قرى جنوب اخلليل(‪.)2()1‬‬

‫(‪ )1‬من مقال "يف املناطق الفلسطينية تسميم لألرض واإلنسان" للدكتور يوسف كامل‬
‫إبراهيم‪ ،‬أستاذ اجلغرافيا يف جامعة األقىص بفلسطني‪ ،‬نرش يف تاريخ‪2331/ 1/11‬م‪،‬‬
‫ينظر‪ :‬موقع الدي يف دي العريب‪.‬‬
‫(‪ )2‬أوردت صحيفة القدس يف ‪2331/4/26‬م أن الطبيب الصهيوين ميخائيل شابريا من‬
‫مستشفى هداسا‪ ،‬أكد صحة املعلومات الواردة عن انتشار مرض رسطان الدم عىل‬
‫نحو غري طبيعي يف منطقة جبل اخلليل‪ ،‬وبلدة يطا حتديد ًا‪ ،‬ومل يستبعد الطبيب‬
‫الصهيوين أن يكون لذلك عالقة بمخلفات نووية وكياموية خطرية يتم دفنها يف مناطق‬
‫تتاخم تلك البلدة دون رقابة‪ ،‬موضح ًا أن انتشار رسطان الدم لدى عرشا ت املواطنني‬
‫يعني وجود تلوث خطري يف مصادر املياه‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وكذلك العراق‪ ،‬فبعد الغزو اجلائر عىل أراضيها تم تلويث بيئتها‬
‫بالنفايات شديدة السمية‪ ،‬مما جعل العلامء يتنبئون بأن آثار هذه السموم‬
‫ستبقى يتجرعها الشعب العراقي والشعوب حوله آلالف السنني(‪.)1‬‬
‫ونظرا ً ألمهية البيئة‪ ،‬وخطورة التلوث عىل مقومات احلياة فيها‪،‬‬
‫انعقدت عىل مستوى العامل العديد من اللقاءات واالتفاقيات واملؤمترات‬
‫ملناقشة األخطار البيئية‪.‬‬
‫‪ -‬ففي ‪1163‬م صدرت أول اتفاقية دولية ملنع تلويث البحار‪.‬‬
‫‪ -‬ويف ‪1112‬م عقدت األمم املتحدة مؤمترا ً للبيئة واإلنسان يف‬
‫ستوكهومل يف السويد‪.‬‬
‫‪ -‬تاله اتفاقية منع التلويث البحري الناجم عن إغراق النفايات ومواد‬
‫أخرى بصفتها عام ‪1111‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ثم اتفاقية بازل بشأن التحكم يف نقل النفايات اخلطرة والتخلص‬
‫منها عرب احلدود عام ‪1121‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ثم "قمة األرض" يف ريودي جانريو العاصمة الربازيلية سنة‬
‫‪1112‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ويف عام ‪1111‬م عقد مؤمتر كيوتو (نسبة إىل املدينة اليابانية التي‬
‫عقد فيها)‪ ،‬والذي اعرتف دولي ًا بخطر األنشطة اإلنسانية عىل البيئة‬
‫خاصة الغالف اجلوي‪ .‬ويف هذا املؤمتر تيقنت معظم أمم العامل أمهية‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال "العراق حتول إىل مكب للنفايات اخلطرة‪ ...‬تلويث البيئة العراقية بفعل‬
‫األسلحة وخملفاهتا اخلطرة وآثارها ستبقى آلالف السنني"‪ ،‬لعبد الرمحن محادي‪،‬‬
‫جريدة اجلامهري‪ ،‬االثنني‪2332-1-22‬م‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫النظر إىل البيئة بنظرة موحدة أو عىل نطاق عاملي‪ ،‬وأن تنظر يف تأثري‬
‫النشاطات السياسية عىل بيئة هذا الكوكب‪ ،‬إال أن الواليات املتحدة‬
‫مل تصادق عىل معاهدة كيوتو‪.‬‬
‫‪ -‬ثم عقد مؤمتر بون يف عام ‪2333‬م بألامنيا يف حماولة إلنقاذ معاهدة‬
‫كيوتو لدراسة ظاهرة االحتباس احلراري‪.‬‬
‫‪ -‬ثم مؤمتر األمم املتحدة للمناخ يف مدينة مراكش املغربية‪ ،‬وكان‬
‫هدفه كسابقه تعزيز معاهدة كيوتو‪.‬‬
‫‪ -‬ثم مؤمتر قمة األرض أيض ًا يف جوهانسربج يف جنوب أفريقيا عام‬
‫‪2332‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ثم مؤمتر البيئة يف أبو ظبي يف دولة اإلمارات عام ‪2331‬م‪.‬‬
‫‪ -‬وأخريا ً قمة كبنهاجن العاصمة الدنامركية للتغري املناخي يف‬
‫‪2331‬م(‪.)1‬‬
‫إال أنه مما جتدر اإلشارة إليه أن االهتامم بالقضايا البيئية مل يكن وليد‬
‫الساعة‪ ،‬وليست يد السبق يف تناوهلا لعلامء الغرب ومفكرهيا وساستها‬
‫كام يزعم البعض‪ ،‬بل سبق إىل احلديث عن البيئة وأمهية املحافظة عليها‬
‫صاحلة من كل تلوث علامؤنا األوائل(‪ ،)2‬مع انحصار مسببات التلوث‬

‫(‪ )1‬من موقع املوسوعة احلرة‪ ،‬ويكيبيديا‪ ،‬وينظر أيض ًا‪ " :‬البيئة واحلفاظ عليها من منظور‬
‫إسالمي " ملحمد بن حييى النجيمي‪( ،‬بحث مقدم ملجمع الفقه اإلسالمي الدويل التابع‬
‫ملنظمة املؤمتر اإلسالمي)ص ‪ ،22‬وجريمة تلويث البيئة للملكاوي ص ‪.121‬‬
‫(‪ )2‬هناك جهود كبرية قام هبا عدد من األطباء والعلامء املسلمني؛ إليضاح كثري من‬
‫املشكالت البيئية خاصة‪ ،‬من حيث التلوث البيئي وأسبابه ونتائجه‪ ،‬وماهية األوبئة‬
‫=‬ ‫وما حتتاجه من معاجلات وقائية وعالجية‪ ،‬ونذكر عىل سبيل املثال الكندي ورسالته يف‬

‫‪34‬‬
‫يف وقتهم باجليف املتعفنة واألوبئة وبعض أشكال الكيمياء البسيطة التي‬
‫ال يمكن مقارنتها بالتلوث اخلبيث الذي بات يفتك بالبرشية‪ ،‬وينفث‬
‫عليها سمومه يف العرص احلديث‪ ،‬والذي أنتجه اهلوس التكنولوجي‪،‬‬
‫وتنافس الدول العظمى بمختلف نشاطاهتا الصناعية والزراعية والطبية‬
‫والعسكرية وغريها؛ لتحقيق التفوق االقتصادي واهليمنة العاملية‪.‬‬
‫ومن األمثلة عىل ذلك الفصل الذي عقده ابن القيم ‪ -‬رمحه اهلل ‪-‬‬
‫عن الطاعون وكيفية التعامل معه وفق اهلدي النبوي‪ ،‬ودور تلوث اهلواء‬
‫يف وجوده‪ ،‬حيث يقول‪" :‬إن اهلواء جزء من أجزاء السبب التام والعلة‬
‫الفاعلة للطاعون‪ ،‬وأن فساد جوهر اهلواء املوجب حلدوث الوباء‪،‬‬
‫وفساده يكون الستاملة جوهره إىل الرداءة؛ لغلبة إحدى الكيفيات عليه‪،‬‬
‫كالعفونة‪ ،‬والنتن‪ ،‬والسمية يف أي وقت كان من أوقات السنة وإن كان‬
‫حدوثه يف أواخر فصل الصيف ويف اخلريف غالب ًا‪ ،‬لكثرة اجتامع‬
‫الفضالت املرارية احلادة وغريها يف فصل الصيف وعدم حتللها يف‬
‫آخره‪ ،‬ويف اخلريف لربد اجلو وردغة األبخرة والفضالت التي كانت‬
‫تتحلل يف زمن الصيف فتنحرص‪ ،‬فتسخن‪ ،‬وتعفن فتحدث األمراض‬
‫العفنة‪ ،‬وال سيام إذا صادفت البدن مستعد ًا‪ ،‬قابالً‪ ،‬رهالً‪ ،‬قليل‬
‫احلركة‪ ،‬كثري املواد‪ ،‬فهذا ال يكاد ي ْفلت من العطب"(‪.)1‬‬
‫األدوية املشفية من الروائح املؤذية‪ ،‬وابن سينا وحديثه عن تلوث املياه بشكل عام‪،‬‬
‫والرازي وحديثه عن عدد من األوبئة‪ ،‬وابن مروان األندليس‪ ،‬وبيان موضوع فساد‬
‫اهلواء‪ ،‬واملطران الدمشقي وتأييده عىل رضورة مراعاة تأثري البيئة يف املر‪ ،‬وحممد بن‬
‫أمحد التميمي وكتابه الكامل عن التلوث‪ ،‬ونذكر أيض ًا الزهراوي‪ ،‬وبيانه للعالقة بني‬
‫املستنقعات وانتشار األوبئة‪ ،‬وابن خلدون واعتباره إفساد اهلواء من أسباب الوفاة "‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اإلسالم والبيئة للزيادي ص ‪.11‬‬
‫(‪ )1‬زاد املعاد ‪.34/4‬‬

‫‪35‬‬
‫ويقول ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬متحدث ًا عن خطر األوبئة وأمهية صالح مقومات‬
‫البيئة ليصلح حال اإلنسان فيها‪" :‬وسأله ☺ فروة بن مسيك(‪، )1‬‬
‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل إنا بأرض يقال هلا أبْني(‪ ،)2‬وهي ريفنا ومريتنا(‪،)3‬‬
‫وإهنا وبية‪ ،‬أو قال‪ :‬وبئة(‪ )4‬وباها شديد‪ ،‬فقال رسول اهلل ☺‪( :‬دعها‬
‫عنك‪ ،‬فإن من القرف التلف) (‪.)1‬‬
‫وفيه دليل عىل نوع رشيف من أنواع الطب‪ ،‬وهو استصالح الرتبة‬
‫واهلواء‪ ،‬كام ينبغي استصالح املاء والغذاء‪ ،‬فإنه بصالح هذه األربعة‬
‫يكون صالح البدن واعتداله"(‪.)6‬‬

‫(‪ ) 1‬هو فروة بن مسيك‪ ،‬وقيل‪ :‬ابن مسيكة‪ ،‬واألول أكثر‪ ،‬ابن احلارث بن سلمة بن‬
‫احلارث بن كريب‪ ،‬الغطيفي ثم املرادي‪ ،‬أصله من اليمن‪ ،‬قدم عىل رسول اهلل ☺‬
‫سنة تسع فأسلم‪ ،‬وقيل‪ :‬سنة عرش‪ .‬وانتقل إىل الكوفة زمن عمر ‪ ،‬وكانت وفاته‬
‫سنة ‪33‬ـه‪ .‬ينظر يف ترمجته‪ :‬الوايف بالوفيات ‪ ،162/1‬واألعالم ‪.143/1‬‬
‫(‪ )2‬أبني‪ :‬موضع يف جبل عدن يف اليمن‪ .‬ينظر‪ :‬معجم البلدان ‪.231/1‬‬
‫(‪ )3‬الريف‪ :‬األرض ذات الزرع واخلصوبة‪ .‬ينظر لسان العرب ‪ ،122/1‬واملرية هي‬
‫الطعام‪ ،‬يقال‪ :‬ما عنده خري وال مري‪ .‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪ ،122/1‬وغريب احلديث‬
‫للخطايب ‪.131/3‬‬
‫(‪ )4‬الوباء‪ :‬الطاعون‪ ،‬أو كل مرض عام‪ ،‬مجعه أوباء ويمد‪ ،‬وجيمع أوبية‪ ،‬ويقال‪ :‬وبئت‬
‫األرض كفرح تيبأ وتوبأ وبأ‪ ،‬وككرم وباء ووباءة وأباء وأباءة‪ ،‬وكعني وبئا وأوبأت‪،‬‬
‫وهي وبئة ووبيئة وموبئة كثريته‪ .‬ينظر‪ :‬القاموس املحيط ‪.61/1‬‬
‫‪ (1‬أخرجه أبو داود يف سننه باب يف الطرية من كتاب الطب (‪ ،11/4 )3123‬والبيهقي يف‬
‫سننه الكربى (‪ ،341/1 )11366‬وأمحد يف مسنده (‪،411/3 )11123‬‬
‫وعبد الرزاق يف مصنفه (‪ ،142/11 )23162‬وذكره ابن حجر يف املطالب العالية‬
‫‪ ،132/11‬ويف الفتح ‪ ،121/13‬وسكت عنه‪ ،‬وكذا فعل الشوكاين يف النيل‬
‫‪ ،311/1‬وضعف ابن مفلح إسناده يف اآلداب الرشعية ‪ ،364/3‬كام ضعفه شعيب‬
‫األرناؤوط عند خترجيه ألحاديث املسند ‪.411/3‬‬
‫(‪ )6‬إعالم املوقعني ‪.311/4‬‬

‫‪36‬‬
‫ويعلق الشوكاين –رمحه اهلل‪ -‬عىل حديث فروة بقوله‪" :‬والقرف‬
‫بفتح القاف والراء بعده بعدها فاء‪ ،‬وهو مالبسة الداء ومقاربة الوباء‬
‫ومداناة املرىض‪ ،‬وكل يشء قاربته فقد قارفته‪ ،‬والتلف اهلالك(‪ .)1‬يعني‬
‫من قارب متل ًفا يتلف‪ ،‬إذا مل يكن هواء تلك األرض مواف ًقا له‬
‫فيرتكها‪ ...‬وليس هذا من باب العدوى بل هو من باب الطب فإن‬
‫استصالح اهلواء من أعون األشياء عىل صحة األبدان‪ ،‬وفساد اهلواء من‬
‫أرسع األشياء إىل األسقام"(‪.)2‬‬
‫واألرضار البيئية تنقسم إىل قسمني‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬أرضار متس املصالح الرضورية‪.‬‬
‫إن وصول النفايات الطبية يف آخر مشوارها إىل مرحلة ال يتم فيها‬
‫التخلص الكامل من السموم واألخطار التي حتتوهيا‪ ،‬يعني اإلرضار‬
‫الشنيع برضوريات احلياة‪ ،‬واإلفساد العظيم ألهم مقومات البقاء‪.‬‬
‫واإلنسان اجلاهل أو املتجاهل إما لعواقب فعله‪ ،‬ولآلثار املمتدة‬
‫زمان ًا ومكان ًا لتلك السموم‪ ،‬وإما للطرق الصحيحة يف معاجلة النفايات‪،‬‬
‫هو الذي أسهم ‪-‬إىل حد بعيد‪ -‬يف تلويث بيئته‪ ،‬فلوث اهلواء بإطالقه‬
‫ملوثات تتضمن أبخرة ملواد كيميائية سامة تنتج عن عمليات احلرق غري‬
‫النظامية للنفايات اخلطرة‪ ،‬ولوثه باالستهانة بالنفايات التي تسبب‬
‫العدوى ونفايات املواد الكيميائية املتفاعلة أو املشعة‪ ،‬والتي تعد أحد‬
‫أهم أسباب خلق اهلواء امللوث والبيئة املوبوءة التي هتدد حياة اإلنسان‬

‫(‪ )1‬ذكر أيض ًا القرف والتلف هبذين املعنيني يف النهاية يف غريب األثر ‪ ،46/4‬ويف الفائق‬
‫‪.111/3‬‬
‫(‪ )2‬نيل األوطار ‪.311/1‬‬

‫‪37‬‬
‫واحليوا ن‪ ،‬إضافة ملا ينتج عن نفايات أعامل اجلراحة والترشيح من‬
‫األنسجة واألعضاء والدماء التي إذا مل يتم التخلص منها بالطرق املقررة‬
‫حتدث من اإلنتان والروائح الكرهية ما يفسد نقاء اهلواء‪ ،‬ويكون بيئة‬
‫مناسبة لتكاثر اجلراثيم والفريوسات الضارة‪.‬‬
‫كام أن تعامله مع املواد الكيميائية القابلة لالشتعال برعونة وعىل غري‬
‫أسس سليمة‪ ،‬ولد الكثري من احلرائق التي تقيض عىل كثري من أشكال‬
‫احلياة واجلامل عىل هذه األرض‪ ،‬وال يبعد عن ذلك تلويثه الرتبة‪،‬‬
‫واإلرضار بنباهتا‪ ،‬وبالكائنات البيولوجية الدقيقة املوجودة فيها‪ ،‬وربام‬
‫طال األذى املياه اجلوفية فيها‪ ،‬نتيجة أعامل الدفن العشوائية للنفايات‬
‫املحظورة‪ ،‬باإلضافة إىل تلويث املياه السطحية وإفساد ما تتضمنه من‬
‫أشكال احلياة النباتية واحليوانية‪ ،‬عن طريق ترصيف هذه امللوثات يف‬
‫مياه البحار واملحيطات واألهنار؛ كوسيلة للتخلص منها‪ ،‬بل تعدى‬
‫األمر إىل رصف بقايا الكيامويات إىل شبكة املجاري العامة (الرصف‬
‫الصحي)‪ ،‬مما قد يؤدي إىل أرضار بيئية حيوية بسبب عدم مقدرة حمطات‬
‫معاجلة مياه املجاري عىل القضاء والتخلص من تلك املواد اخلطرة‪.‬‬
‫كام أن بعض املخلفات الصيدالنية هلا آثار مدمرة عىل النظم البيئية‬
‫الطبيعية (‪ ،)natural ecosystems‬كبقايا املضادات احليوية واألدوية‬
‫املستخدمة لعالج األمراض الرسطانية (‪ ،)cytotoxic drug‬والتي هلا‬
‫املقدرة عىل قتل األحياء الدقيقة املوجودة والرضورية لتلك النظم‪،‬‬
‫وكذلك إمكانية حدوث طفرات وتشوهات للكائنات احلية املحيطة‪.‬‬
‫كام أن وجود كميات من النفايات الطبية السائلة الناجتة عن‬
‫املستشفيات واملختلطة مع بقايا املعادن الثقيلة كالزئبق ومركبات‬
‫الفينول ومشتقاته السامة‪ ،‬وبعض نواتج مواد التعقيم والتطهري تسهم‬
‫‪38‬‬
‫أيض ًا يف زعزعة تلك النظم(‪.)1‬‬
‫ويعد تلوث املياه إحدى صور الفساد الذي يتسبب فيه اإلنسان‬
‫بطرق مبارشة أو غري مبارشة‪ ،‬فعىل الرغم من معرفة اإلنسان ألمهية املياه‬
‫ال للتخلص من النفايات العضوية واملواد‬ ‫إال أنه يرص عىل اختيارها سبي ً‬
‫الكيميائية السامة أو املشعة والبكترييا واملكروبات الضارة‪ ،‬والقول بأن‬
‫اعتداء اإلنسان عىل اهلواء والرتبة واملاء يمس املصالح الرضورية‬
‫للمجتمعات اإلنسانية‪ ،‬نابع من كون الرصاع مع البيئة والتدمري املتعمد‬
‫هلا من قبل اإلنسان يعد اعتدا ًء غري مبارش منه عىل نفسه ووجوده؛ إذ ما‬
‫يف بيئته من الرضر البد أن ينتقل إليه‪ ،‬فهو يستنشق هواءها‪ ،‬وال غنى له‬
‫عن مائها‪ ،‬وال ما تبثه إليه تربتها من خريات‪ ،‬وإفساد ذلك يعني إفساد‬
‫سائر صور احلياة عىل األرض بام يف ذلك احلياة البرشية‪ .‬ويشهد لذلك ما‬
‫حصل لسكان قرية يابانية عندما تناولوا نباتات مسممة من الكاديوم(‪)2‬‬

‫والزئبق(‪ ،)3‬فأصبحوا غري قادرين عىل احلركة‪ ،‬وأصبحوا بعدها أقزام ًا‪،‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقال السابق " األرضا ر الصحية للمخلفات الطبية" املشار إليه يف ص ‪ 26‬من‬
‫هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )2‬الكاديوم‪ :‬من املعادن الثقيلة ويستخدم الكاديوم ومركباته يف عمليات الطالء‬
‫الكهربائي للمعادن‪ ،‬ويف أصبغة املواد البالستيكية والدهانات واملطاط والزجاج‬
‫واحلرب وبطاريات النيكل‪ ،‬ويعترب من أشد امللوثات خطرا ً ؛ لسميته العالية وخصائصه‬
‫الرتاكمية يف أنسجة الكائنات احلية‪ ،‬ويتم انتقال الكاديوم يف البيئة من خالل اهلواء أو‬
‫املاء‪ ،‬ويصل إىل جسم اإلنسان عن طريق السلسلة الغذائية أو اجلهاز التنفيس‪.‬‬
‫ينظر يف تعريف هذا املعدن وبيان خماطره‪ :‬موسوعة ويكيبيديا عىل الشبكة االلكرتونية‪.‬‬
‫(‪ )3‬الزئبق‪ :‬من املعادن الثقيلة‪ ،‬ويستخدم الزئبق يف صناعة الكلورين‪ ،‬ومبيدات‬
‫األعشاب‪ ،‬وصناعة األدوية‪ ،‬وحتضري احلشوات يف طب األسنان‪ ،‬كام يستعمل يف‬
‫مبيدات العفن وتعفني احلبوب والصناعات االلكرتونية وغريها من املجاالت الطبية‬
‫=‬ ‫والصناعية والزراعية‪ ،‬وتنترش مركبات الزئبق برسعة كبرية يف البيئة‪ ،‬وتعترب من‬

‫‪39‬‬
‫وقد كان ذلك بسبب طرح خملفات مصانع يف املياه‪ ،‬انتقل السم منها إىل‬
‫الرتبة الزراعية ومن ثم إىل املحاصيل‪ ،‬وكان أشهرها يف تلك املنطقة‬
‫األرز الذي كانوا يعتمدون عليه بصورة رئيسة يف غذائهم‪ ،‬حيث لوثت‬
‫حبوبه‪ ،‬وتسمم سكان القرية بسبب ذلك‪.‬‬
‫ويذكر بعض الباحثني أن حادثة وقعت يف العراق يف عام ‪1111‬م‪،‬‬
‫حيث اختلط الزئبق بحبيبات الرتبة وامتصته النباتات‪ ،‬وانتقل إىل‬
‫اإلنسان‪ ،‬مما أدى إىل موت نحو مخسمئة شخص وإصابة مخسة آالف‬
‫ومخسامئة آخرين بأعراض التسمم بالزئبق(‪.)1‬‬
‫كام أن تلويث البيئة بالنفايات اخلطرة عموم ًا‪ ،‬وإن كان يبدو ألول‬
‫وهلة مشكلة حملية‪ ،‬إال أنه يعد كارثة عاملية‪ ،‬فامللوثات حتت تأثري عوامل‬
‫كثرية ال تعرف حدو ًدا سياسية‪ ،‬فهي تتصف بقدرهتا عىل احلركة واالنتقال‬
‫من موقع إىل آخر عىل املدى القريب أو البعيد‪ ،‬حيث تسهم الرياح‬
‫والسحب والتيارات املائية يف نقل األبخرة والدخان والغازات الضارة إىل‬
‫بالد نائية وأماكن بعيدة عنه‪ ،‬السيام الغازات الناجتة عن املواد املشعة‪،‬‬
‫ولعل حادثة املفاعل النووي يف االحتاد السوفيتي يف نيسان أبريل عام‬
‫‪1126‬م خري مثال عىل عاملية التلوث‪ ،‬فقد أصابت اإلشعاعات النووية‬
‫املنبعثة عنه الكثري من الدول األوروبية وشامل آسيا وغرب إفريقيا(‪.)2‬‬

‫املركبات شديدة السمية للنظام احليوي‪.‬‬


‫ينظر يف تعريف هذا املعدن وبيان خماطره‪ :‬موسوعة ويكيبيديا عىل الشبكة اإللكرتونية‪.‬‬
‫(‪ )1‬مقال "التلوث البيئي وتأثرياته عىل الصحة" ألمحد رشيف‪ ،‬من موقع عامل التطوع‬
‫العريب‪ ،‬عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http;www. arab volunteering. org comer avt 23449.html‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مقال " التلوث البيئي وتأثرياته عىل الصحة " املرجع السابق‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ولذا فإن االعتداء عىل الطبيعة وحمتوياهتا يؤدي بمرور الزمن إىل‬
‫تدهور البيئة‪ ،‬وإىل أن تصبح كثري من النشاطات اإلنسانية بام فيها‬
‫النشاطات الطبية التي صممت أص ً‬
‫ال لتأيت بالتقدم والتنمية سب ًبا يف‬
‫التدمري والتخلف‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬أرضار متس املصالح التحسينية‪.‬‬
‫بغض النظر عن األرضار الصحية للنفايات الطبية بجميع أنواعها‪،‬‬
‫فهناك عدم قبول وعدم رضا‪ ،‬وحتسس كبري من رؤية نفايات املؤسسات‬
‫الصحية وهي حتتوي عىل بقايا برشية من خملفات العمليات‪ ،‬من أعضاء‬
‫برشية ومشيمة أو رؤية بقايا دماء ملوثة هنا وهناك‪ .‬ففي مجيع‬
‫احلضارات اإلنسانية يرفض رفض ًا بات ًا رمي أعضاء وبقايا برشية من‬
‫العمليات مع النفايات‪ ،‬ومن ثم ترمى بعد ذلك يف املكبات العامة‪ ،‬كام‬
‫أن تكدس النفايات الطبية أمام دور الرعاية يسلب البيئة مجاهلا‪ ،‬ويوحي‬
‫للناظر بالكثري من الفوضوية واإلمهال(‪.)1‬‬
‫وبناء عىل ما سبق‪ ،‬فإنه يمكن إجياز اآلثار الصحية والبيئية لنفايات‬
‫الرعاية الصحية بام ييل‪ :‬نقل العدوى‪ ،‬والتسمم اجليني والكيميائي‪،‬‬
‫واحلروق واجلروح‪ ،‬وتلوث اهلواء والرتبة واملياه السطحية واجلوفية‬
‫والبحرية‪ ،‬واإلخالل باجلانب اجلاميل للبيئة‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة إىل أن رضر التلوث البيئي ال يقترص عىل هذين‬
‫النوعني من األرضار‪ ،‬حيث يتمخض عن الرضر الصحي والبيئي‬

‫(‪ ) 1‬ينظر‪ :‬مقال جريدة الوحدة السورية " أخطار بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف‬
‫تدبري النفايات الطبية"‪ ،‬واملقال السابق " األرضا ر الصحية للمخلفات الطبية" للطاهر‬
‫الثابت‪ ،‬املشار إليه يف ص ‪ 26‬من هذا البحث‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫العديد من األرضار األخرى؛ كاألرضار االقتصادية واالجتامعية‬
‫والنفسية وغريها‪ ،‬فمشاريع تنقية البيئة من التلوث‪ ،‬ومداواة الناس من‬
‫أمراضهم املزمنة وأدوائهم اخلطرية الناجتة عن التلوث تكلف الدول‬
‫ميزانيات ضخمة‪ ،‬باإلضافة إىل أن التلوث يدمر الثروات التي قد تكون‬
‫يف بعض الدول هي املصدر الوحيد للرزق‪ ،‬مما يسهم يف تفيش الفقر‬
‫والبطالة‪ ،‬كتدمري الثروة الزراعية بإفساد الرتبة‪ ،‬وتسميم املحاصيل‬
‫الزراعية‪ ،‬وتسميم الكائنات املائية‪ ،‬مما يؤثر عىل االستفادة من الثروات‬
‫البحرية ومهنة الصيد‪ ،‬السيام وأن السموم التي جيري طرحها يف البيئة‬
‫بشكل عشوائي يبقى أثر بعضها لعرشات السنني‪ ،‬ولشدة تأثري جرائم‬
‫البيئة عىل النواحي االقتصادية صنف البعض جريمة تلويث البيئة ضمن‬
‫اجلرائم االقتصادية(‪.)1‬‬
‫أما األرضار النفسية‪ ،‬فتتمثل يف افتقاد اإلنسان إىل األمن البيئي‪،‬‬
‫حيث يشعر أنه يعيش يف بيئة غري مناسبة ومدنسة بالنفايات اخلطرية‬
‫والسموم القاتلة‪ ،‬مما يؤثر عىل نفسيته سلب ًا‪ ،‬وجيعله أسري الوهم‬
‫والوساوس يف كل ما يصل إىل يديه من طعام أو رشاب‪.‬‬
‫وال تبعد األرضار االجتامعية كثريا ً عام ذكر‪ ،‬فتفيش البطالة والفقر‬
‫ونقص دخل األفراد يرض باحلالة االجتامعية‪ ،‬كام أن إصابة قريب أو‬
‫وفاته أو حدوث تشوه خلقي لبعض حديثي الوالدة بسبب تلك السموم‬
‫له أثره اليسء الذي ال يمكن جتاهله عىل املجتمعات‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جريمة تلويث البيئة للملكاوي ص ‪ ،11‬مقال " تكاليف التلويث الضوضائي‬
‫تلحق أفدح األرضا ر باالقتصاد"‪ ،‬جريدة الرأي األردنية‪ ،‬يف ‪1111/3/21‬م‪ ،‬يف‬
‫عددها ‪.11311‬‬

‫‪41‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫كيفية التخلص من النفايات الطبية‬

‫تعترب نفايات املشايف من املوضوعات املهمة التي استحوذت عىل‬


‫اهتامم اإلدارات الصحية والبيئية‪ ،‬واملعنيني يف هذه املجاالت‪ ،‬يف أنحاء‬
‫العامل كافة‪.‬‬
‫وكان ذلك يف أواخر الثامنينات؛ حيث ازداد الوعي عىل مستوى‬
‫العامل بمخاطر ما يعرف بالنفايات أو املخلفات الطبية‪ ،‬وازدادت‬
‫الدراسات للبحث عن طرق سليمة آمنة للتخلص من تلك النفايات(‪،)1‬‬
‫السيام مع التوسع الكبري يف اخلدمات الصحية بأنواعها كافة من وقائية‬
‫وتشخيصية وعالجية‪ ،‬ومع تقدم مستوى التقنيات احلديثة املستخدمة يف‬
‫املعاجلات الصحية كافة‪ ،‬مما جعل النفايات الطبية اخلطرة الناجتة عن‬
‫املشايف واملراكز الصحية حمور اهتامم كبري عن كيفية معاجلتها والتخلص‬
‫منها‪ ،‬وتاليف آثارها اجلانبية عىل اإلنسان وبيئته‪.‬‬
‫وقد استطاعت اململكة العربية السعودية أن تعتمد برناجم ًا حديث ًا‬
‫للتخلص من النفايات بشكل صحيح بال أرضار‪ ،‬وهبذا تسجل الريادة‬
‫للمملكة العربية السعودية باعتبارها أول دولة عربية طبقت برناجم ًا من‬
‫هذا النوع‪ ،‬وهبذا املستوى من األداء‪ ،‬مستفيدة بذلك من جتارب عاملية‬
‫سابقة "مثل جتربة ألامنيا"‪ ،‬حيث يتشابه الربناجمان بشكل كبري‪.‬‬
‫وقد أقر هذا الربنامج عن طريق املجلس الوزاري للبيئة‪ ،‬برئاسة‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال "معامل التحاليل الطبية وخطرها عىل العاملني والصحة العامة" ص ‪.1‬‬

‫‪43‬‬
‫صاحب السمو امللكي األمري سلطان بن عبدالعزيز ويل العهد نائب‬
‫رئيس جملس الوزراء ووزير الدفاع والطريان واملفتش العام رئيس‬
‫املجلس الوزاري للبيئة عام ‪1411‬ـه‪.‬‬
‫كام صدر املرسوم امللكي رقم ‪ 221‬وتاريخ ‪1424/11/ 23‬ـه‬
‫باملوافقة عىل برنامج التخلص من النفايات الطبية وجعله برناجم ًا‬
‫معتمد ًا‪ ،‬وذلك هبدف احلد من خطورة هذه النفايات‪ ،‬وجتنيب العاملني‬
‫واملرىض واملراجعني للمنشآت الصحية خماطر النفايات الطبية‬
‫اخلطرة"(‪.)1‬‬
‫وبناء عىل التقسيم الوارد للنفايات الطبية فإن النفايات الطبية التي ال‬
‫خطورة فيها يتم التخلص منها عن طريق مكب النفايات العامة‪ ،‬وذلك‬
‫بعد وضعها يف األكياس املخصصة (ذات اللون األسود)‪.‬‬
‫أما النفايات الطبية اخلطرة فتحتاج إىل مراحل وخطوات أكثر تعقيد ًا‬
‫للتخلص منها؛ نظرا ً خلطورهتا‪ ،‬وشدة الرضر احلاصل هبا‪.‬‬
‫وهذه الربامج تشتمل عىل مبادئ عامة‪ ،‬ومراحل تفصيلية وخطوات‬
‫عملية‪ ،‬وهي كام ييل‪:‬‬

‫(‪ )1‬حتقيق جريدة الرياض املشار إليه سابق ًا ص‪ 13‬من هذا البحث‪ ،‬وينظر أيض ًا‪ :‬مقال‬
‫" تأهيل القطاع اخلاص السعودي إلدارة النفايات الطبية والتخلص منها ومعاجلتها"‪،‬‬
‫املنشور يف جريدة الرشق األوسط‪ ،‬يوم اخلميس‪ ،‬بتاريخ ‪ 21‬صفر ‪1424‬ـه املوافق‬
‫‪ 24‬أبريل ‪2333‬م‪ ،‬يف عددها (‪ ،)2113‬وينظر يف ذلك ندوة "آخر املستجدات يف‬
‫طرق التخلص من النفايات الطبية" والتي قام بتنظيمها مستشفى التأمينات (سابق ًا)‬
‫بالتعاون مع الرشكة السعودية اخلليجية للتخلص من النفايات الطبية (سيبكو) والتي‬
‫اختتمت فعاليتها اخلميس ‪1424/2 /21‬ـه‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫أوالً‪ :‬املبادئ العامة التي جيب مراعاهتا عند التعامل مع النفايات الطبية‬
‫اخلطرة‪:‬‬
‫‪ -1‬مراعاة للتنفيذ السليم لنظام التعامل مع املخلفات‪ ،‬يتعني أن تكون‬
‫لكل مستشفى سياسة واضحة نحو ذلك األمر‪ ،‬وجيب أن توضح‬
‫تلك السياسة تفاصيل األساليب املستخدمة يف التعامل مع‬
‫املخلفات من نحو فصلها وجتميعها وختزينها والتخلص منها وفق ًا‬
‫لإلمكانيات املتاحة بكل مؤسسة صحية‪.‬‬
‫‪ -2‬توضيح األدوار واملسؤوليات امللقاة عىل عاتق فريق العمل يف التعامل‬
‫مع املخلفات‪ ،‬وجيب أن يعهد إىل شخص واحد فقط مسؤولية إدارة‬
‫ذلك الشأن يف كل مؤسسة صحية‪ ،‬ويقرتح استحداث وظيفة‬
‫بمسمى مراقب املخلفات الطبية‪ ،‬أو املرشف عىل معاجلة النفايات‬
‫الطبية يف كل مشفى ومركز صحي‪ ،‬ويكون مسؤوالً ومتابع ًا لطرق‬
‫فرز ومجع وختزين ونقل النفايات والتخلص منها‪ ،‬ووضع لوائح‬
‫صارمة واختاذ إجراءات تأديبية ضد كل من خيطئ أو يتسبب يف‬
‫تعريض حياة شخص آخر خلطر العدوى بسبب اإلمهال وعدم‬
‫املباالة يف التعامل مع النفايات الطبية‪ ،‬سواء أكان فرد ًا "كاملمرضة‬
‫التي ترتك إبر بني مفارش رسر املرىض‪ ،‬بحيث تصيب عامالت‬
‫املغسلة وغريهن" (‪ ،)1‬أم مؤسسة صحية ال تلتزم بالنظام املقرر يف‬
‫معاجلة النفايات الطبية(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬من مقال "التعامل السليم مع املخلفات الطبية اخلطرة باملرافق الصحية" للدكتور‬
‫الطاهر بن إبراهيم الثابت‪ ،‬من موقع النادي الليبي للمخلفات الطبية عىل الرابط‪:‬‬
‫‪http: www. Libyan medical waste.com ni007. htm‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬التحقيق السابق يف جريدة الرياض ص ‪ 13‬من هذا البحث‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -3‬رضورة التخلص من مجيع األدوات احلادة التي سبق استخدامها يف‬
‫وعاء مقاوم للثقب جاهز لذلك‪ ،‬وعدم إعادة تغطيتها أو تغليفها‬
‫مرة أخرى قبل التخلص منها(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬مراعاة أسباب الصحة والسالمة املهنية‪ ،‬ولذلك طرق‪:‬‬
‫أ‪ -‬حتصني مجيع العاملني يف تداول النفايات الطبية ضد التهاب الكبد‬
‫الوبائي‪ ،‬والكزاز‪ ،‬من قبل دائرة الطب الوقائي‪.‬‬
‫ب‪-‬عند إصابة أحد العاملني بإحدى أدوات النفايات احلادة‪ ،‬فيجب أن‬
‫يبلغ عنه كإصابة عمل‪ ،‬وأن يعرض فور ًا عىل الطبيب إلجراء الالزم‬
‫يف أقسام الطوارئ يف املستشفيات‪.‬‬
‫ج‪-‬استخدام العامل معدات الوقاية الشخصية‪ ،‬مثل مالبس العمل‬
‫والقفازات الواقية والكاممات الواقية وأحذية السالمة املناسبة مع‬
‫املحافظة عىل نظافتها وصيانتها بشكل دوري‪ ،‬واإلرشاف عىل ذلك‬
‫من قبل مسؤول اإلدارة الذاتية‪.‬‬
‫د‪ -‬التدريب املستمر للعامل عىل كيفية التعامل مع النفايات الطبية من‬
‫قبل مسؤول النفايات الطبية أو إدارة املستشفيات‪.‬‬
‫ه‪ -‬رفع احتياجات املستشفى من املواد كافة والتي هلا عالقة بإدارة‬
‫النفايات الطبية (حاويات‪ ،‬وأكياس‪ ،‬وعربات نقل‪ ،‬ومعدات‬
‫وقاية شخصية للعامل) إىل اللجنة املركزية إلدارة النفايات الطبية‬
‫لتزويده بام يلزم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪" :‬إدارة املخلفات والتخلص من النفايات"املشار إليه يف ص ‪ 11‬من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مقال "خطة إدارة النفايات الطبية واملواد اخلطرة" ص ‪.1‬‬

‫‪46‬‬
‫و‪ -‬توعية املستخدمني للعالج داخل املنازل بمخاطر النفايات الطبية‪،‬‬
‫مثل اإلبر ملرىض السكري‪ ،‬ومجع األدوية يف حاويه ثم إرجاعها إىل‬
‫املنشأة الصحية التي رصفت العالج ليتم التخلص منها بطرق‬
‫صحيحة‪ ..‬وقد تم تنفيذ معظمها فع ً‬
‫ال(‪.)1‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬املراحل التفصيلية واخلطوات العملية للتخلص من النفايات الطبية‪.‬‬
‫املرحلة األوىل‪ :‬مرحلة فرز النفايات الطبية‪.‬‬
‫وجيب فيها مراعاة ما ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬جيب أن تتم عملية الفرز والتعبئة يف أقرب نقطة من مكان تولد‬
‫النفايات‪.‬‬
‫‪ -2‬جيب أن تتم عملية الفرز والتعبئة يف أكياس أو عبوات وفق ًا للدليل‬
‫اآليت‪:‬‬
‫أ‪ .‬النفايات شديدة العدوى‪ ،‬حتفظ يف أكياس محراء اللون بالستيكية‪،‬‬
‫أو يف عبوة بالستيكية(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬التحقيق السابق املنشور يف جريدة الرياض ينظر‪ :‬ص ‪ 13‬من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬مقال "خطة إدارة النفايات الطبية واملواد اخلطرة " ص ‪ 1‬من هذا البحث‪ ،‬ومقال‬
‫"إدارة املخلفات والتخلص من النفايات"ص‪ ،11‬ومقال "أساليب معاجلة النفايات الطبية‬
‫اخلطرة "يف ص‪ ،12‬ومقال "التعامل السليم مع املخلفات الطبية اخلطرة باملرافق الصحية"‬
‫املشار إليه ص ‪ ،41‬وحتقيق جريدة الرياض سبقت اإلشارة إليه ص ‪ ،13‬ومقال‬
‫"النفايات السامة وخطرها عىل البيئة"‪ ،‬ومقال "طريقة التخلص من املخلفات الطبية " من‬
‫موقع مداوي‪ ،‬عىل الرابط‪http: www. Mdawi. com vb t24552.html:‬‬
‫ومقال "جريدة الوحدة السورية" أخطار بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف‬
‫تدبري النفايات الطبية"ص ‪.1‬‬

‫‪47‬‬
‫ب‪.‬النفايات املعدية األخرى‪ ،‬والنفايات الترشحيية‪ ،‬والنفايات‬
‫احلادة‪ ،‬حتفظ يف أكياس صفراء اللون بالستيكية‪ ،‬أو يف عبوة‬
‫بالستيكية‪.‬‬
‫ج‪ .‬النفايات الكياموية‪ ،‬حتفظ يف أكياس بنية اللون بالستيكية‪ ،‬أو يف‬
‫عبوة بالستيكية‪.‬‬
‫د‪ .‬النفايات املشعة‪ ،‬يتم التعامل معها وفق ًا لتعليامت وزارة الطاقة‬
‫والثروة املعدنية‪.‬‬
‫ه‪ .‬نفايات العالج الكياموي‪ ،‬حتفظ يف أكياس زرقاء اللون بالستيكية أو‬
‫يف عبوة بالستيكية‪.‬‬
‫و‪ .‬النفايات الطبية غري اخلطرة‪ ،‬توضع يف أكياس سوداء ‪-‬كام سبق –‬
‫بالستيكية‪ ،‬أو يف عبوة بالستيكية‪.‬‬
‫‪ -3‬تستخدم األلوان حسب التنظيم السابق‪ ،‬وتزود األكياس بالصق‬
‫مكتوب عليه نوع النفايات ورمزها ومصدرها‪.‬‬
‫‪ -4‬جيب تعليق الكيس بحامل خاص أو وضعه يف حاوية خاصة‪،‬‬
‫بالستيكية أو معدنية‪ ،‬مناسبة للون الكيس‪.‬‬
‫‪ -1‬جيب إحكام إغالق الكيس عندما يمتلئ إىل ثلثيه‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬مرحلة مجع ونقل النفايات الطبية داخل املستشفى‪.‬‬
‫وجيب فيها مراعاة ما ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬جيب املحافظة عىل عدم تراكم أكياس وعبوات النفايات املمتلئة يف‬
‫مناطق تولدها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -2‬جيب وضع برنامج حمدد جلمع ونقل أكياس وعبوات النفايات من‬
‫مكان تولدها إىل مكان ختزينها‪ ،‬وبدورية مناسبة‪ ،‬عىل أن ال تتجاوز‬
‫مدة مكثها يف مكان تولدها يوم ًا واحد‪.‬‬
‫‪ -3‬يمنع مجع ونقل أكياس وعبوات النفايات من مكان تولدها قبل‬
‫وضع بطاقة بيان عليها‪.‬‬
‫‪ -4‬جيب أن حتتوي بطاقة البيان عىل املعلومات التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسم الوحدة والقسم الناجتة عنه النفايات(‪.)1‬‬
‫ب‪-‬نوع النفايات املوجودة يف الكيس أو العبوة‪.‬‬
‫ج‪ -‬تاريخ اجلمع‪.‬‬
‫‪ -1‬جيب وضع كيس جديد أو عبوة جديدة مكان الكيس أو العبوة‬
‫املمتلئة مبارشة بعد نقلها‪.‬‬
‫‪ -6‬جيب نقل النفايات من مكان إىل آخر داخل الوحدة بواسطة عربات‬
‫أو حاويات هلا عجالت خمصصة هلذه الغاية‪.‬‬
‫‪ -1‬جيب تنظيف وسيلة النقل وتطهريها يومي ًا أو مبارشة يف حال حدوث‬
‫ترسب عىل سطح وسيلة النقل‪.‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال "خطة إدارة النفايات الطبية واملواد اخلطرة" ص ‪ 1‬من هذا البحث‪ ،‬ومقال‬
‫"إدارة املخلفات والتخلص من النفايات" ص ‪ ،11‬ومقال "أساليب معاجلة النفايات‬
‫الطبية اخلطرة"يف ص‪ ،12‬ومقال "التعامل السليم مع املخلفات الطبية اخلطرة باملرافق‬
‫الصحية" املشار إليه يف ص ‪ ،41‬وحتقيق جريدة الرياض سبقت اإلشارة إليه ص ‪،13‬‬
‫ومقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة"‪ ،‬ومقال "طريقة التخلص من املخلفات‬
‫الطبية" املذكور يف هامش(‪ )2‬ص ‪ .41‬ومقال "جريدة الوحدة السورية" أخطار بيئية‬
‫وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية" ص‪.1‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -2‬جيب التأكد من وصول أكياس النفايات مغلقة وسليمة يف هناية‬
‫عملية النقل‪.‬‬
‫‪ -1‬ال يتم نقل النفايات إال من قبل األشخاص املدربني‪ ،‬وعىل علم‬
‫بخطورة هذه النفايات‪ ،‬وكيفية التعامل معها يف حال حدوث‬
‫حادث‪.‬‬
‫‪ -13‬حتمل األكياس من املكان الذي تم عقدها (ربطها) منه‪ ،‬وبحرص‬
‫عىل أن تكون بعيدة عن جسم الشخص احلامل هلا‪.‬‬
‫‪ -11‬يلتزم املتعامل مع هذه النفايات بارتداء املالبس الواقية واخلاصة‬
‫للجسم واليدين واحلذاء والواقي للوجه‪.‬‬
‫املرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة ختزين النفايات الطبية‪.‬‬
‫وجيب فيها مراعاة ما ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬جيب حتديد موقع ختزين النفايات يف املستشفى‪.‬‬
‫‪ -2‬جيب أن يكون موقع التخزين منفص ً‬
‫ال عن بقية أقسام املستشفى‪،‬‬
‫وبعيد ًا عن مستودعات وأماكن حتضري الطعام‪ ،‬وعن عنابر املرىض‪.‬‬
‫‪ -3‬جيب أن يكون موقع التخزين قريب ًا من أماكن التزويد بكل من‬
‫معدات التنظيف والتطهري‪ ،‬ومعدات الوقاية الشخصية‪ ،‬وأوعية‬
‫النفايات(‪.)1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقال "خطة إدارة النفايات الطبية واملواد اخلطرة "ص ‪ 1‬من هذا البحث‪ ،‬ومقال‬
‫"إدارة املخلفات والتخلص من النفايات "ص ‪ ،11‬ومقال "أساليب معاجلة النفايات‬
‫الطبية اخلطرة "ص ‪ ،12‬ومقال "التعامل السليم مع املخلفات الطبية اخلطرة باملرافق‬
‫الصحية" للدكتور الطاهر الثابت ص ‪ ،41‬وحتقيق جريدة الرياض سبقت اإلشارة إليه‬
‫=‬ ‫ص ‪ ،13‬ومقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة"‪ ،‬ومقال " طريقة التخلص من‬

‫‪51‬‬
‫‪ -4‬جيب أن يتناسب حجم ومساحة موقع التخزين مع حجم النفايات‬
‫املنتجة ودورية نقلها إليه‪.‬‬
‫‪ -1‬جيب أال تزيد فرتة ختزين النفايات عن ‪ 42‬ساعة يف فصل الشتاء‪،‬‬
‫وعن ‪ 24‬ساعة يف فصل الصيف ما مل يكن املكان مربد ًا‪.‬‬
‫‪ -6‬جيب ترتيب النفايات داخل موقع التخزين بأسلوب يكفل سالمة‬
‫النفايات املخزنة‪.‬‬
‫‪ -1‬جيب أن يزود موقع التخزين بمصدر ماء وترصيف للمياه‪.‬‬
‫‪ -2‬جيب أن يكتب عىل باب الغرفة بوضوح (خمزن للنفايات الطبية)‪.‬‬
‫‪ -1‬يفضل أن يفتح الباب إىل اخلارج‪.‬‬
‫‪ -13‬يفضل ترتيب أكياس النفايات يف غرفة التخزين بحيث يكون كل‬
‫لون عىل حده‪.‬‬
‫‪ -11‬حيدد األشخاص الذين بحوزهتم مفاتيح املوقع ويمنع دخول من‬
‫ليس له عمل(‪.)1‬‬
‫املخلفات الطبية" ينظر‪ :‬ص ‪ 41‬من هذا البحث‪ .‬ومقال "جريدة الوحدة السورية "‬
‫أخطار بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية"ص ‪.1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقاالت السابقة‪ :‬مقال"خطة إدارة النفايات الطبية واملواد اخلطرة" ص ‪ 1‬من‬
‫هذا البحث‪ ،‬ومقال "إدا رة املخلفات والتخلص من النفايات" ص ‪ ،11‬ومقال‬
‫"أساليب معاجلة النفايات الطبية اخلطرة" ص ‪ 12‬من هذا البحث‪ ،‬ومقال "التعامل‬
‫السليم مع املخلفات الطبية اخلطرة باملرافق الصحية" للدكتور الطاهر الثابت‪ ،‬ص ‪41‬‬
‫من هذا البحث‪ ،‬وحتقيق جريدة الرياض سبقت اإلشارة إليه ص ‪ 13‬من هذا البحث‪،‬‬
‫ومقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة" ص ‪ ،13‬ومقال "طريقة التخلص من‬
‫املخلفات الطبية" ص ‪ 41‬من هذا البحث‪ .‬ومقال "جريدة الوحدة السورية" أخطار‬
‫بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية" ص ‪.1‬‬

‫‪50‬‬
‫املرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة التخلص من النفايات الطبية‪.‬‬
‫ويتم التخلص من النفايات اخلطرة بالطرق التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬احلرق أو الرتميد‪:‬‬
‫تعتمد عىل حتويل مجيع مكونات النفايات من املواد القابلة للحرق‬
‫إىل رماد‪ ،‬باستخدام احلرارة العالية يف الظروف املالئمة لذلك‪ ،‬مع‬
‫مراعاة زمن البقاء ودرجة احلرارة‪ ،‬وعند تعطل إحدى املرمدات يتم‬
‫إرسال النفايات الطبية إىل أقرب مستشفى تابع للخدمات الطبية حلني‬
‫إصالح املرمدة‪ ،‬وعليه فقد يكون احلرق بموقع املستشفى نفسه أو‬
‫خارج املوقع(‪.)1‬‬
‫وهذه الطريقة أكثر الطرق شيوع ًا لالستخدام؛ نظرا ً لقدرهتا عىل‬
‫إهناء تلك النفايات بشكل تام‪ ،‬حيث تتحول إىل رماد غري قابل للحرق‪،‬‬
‫وتقيض عىل ما هبا من جراثيم‪ ،‬ولقدرهتا عىل اإلقالل من حجم النفايات‬
‫ووزهنا بدرجة كبرية بنسبة (‪.)%13-11‬‬
‫ويتضح من ذلك أن تقنية املحارق قد تتطلب الرقابة البيئية‬
‫ال عن تشغيل املحارق بمعرفة فنيني مؤهلني ومدربني بام‬ ‫املستمرة‪ ،‬فض ً‬
‫يمكن معه توافق احلرق مع املعايري البيئية‪ ،‬وبام حيمي أفراد املجتمع من‬
‫خماطر امللوثات الناجتة عن املحارق‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقاالت السابقة‪" :‬أساليب معاجلة النفايات الطبية اخلطرة"املذكور يف ص‪،12‬‬
‫ومقال "إدارة املخلفات والتخلص من النفايات" ص ‪ ،11‬ومقال "خطة إدارة‬
‫النفايات الطبية واملواد اخلطرة" ص ‪ ،1‬ومقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة"‬
‫ص‪ ،13‬ومقال جريدة اجلزيرة"املخلفات الطبية‪ ...‬إىل أين؟"ص ‪ ،2‬ومقال "طريقة‬
‫التخلص من املخلفات الطبية" املذكور يف ص ‪ ،41‬ومقال جريدة الوحدة السورية‬
‫"أخطار بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية" ص ‪.1‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -2‬الردم أو الدفن‪:‬‬
‫وتعتمد هذه الطريقة عىل ردم النفايات اخلطرة يف حفر ردم خاصة‬
‫وجمهزة ومعزولة عن باقي مفردات النظام البيئي‪.‬‬
‫ومن الرشوط املذكورة يف هذه الطريقة ملنع التلوث البيئي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يبعد مكان الدفن عن أي مصدر مياه (مياه جوفية‪ ،‬آبار‪،‬‬
‫مواسري‪ ،‬أهنار) مخسني مرتا ً عىل األقل‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون موقع مكان الدفن يف مستوى أدنى من أي آبار حميطة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون خالي ًا من املياه الراكدة‪ ،‬وأال يكون يف أماكن معرضة‬
‫لفيضان األهنار أو السيول‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تكون أبعاد حفرة الدفن كام ييل‪:‬‬
‫‪ -‬العرض من (‪ )2 –1‬مرتا ً‪.‬‬
‫‪ -‬العمق من (‪ )1-2‬مرتا ً‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة جدار حول مكان الدفن إلبعاد احليوانات واحلرشات‪.‬‬
‫‪ -‬يف كل مرة يتم فيها دفن بعض املخلفات جيب أن يتم تغطيتها بطبقة‬
‫من الرتبة بسمك من ‪ 33-13‬سم‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يقرتب مستوى املخلفات من سطح األرض بحوايل ‪13-33‬‬
‫سم يتم ملء احلفرة بالرتبة وإحكام إغالقها باخلرسانة‪ ،‬وحفر حفرة‬
‫جديدة الستخدامها بعد ذلك(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقاالت السابقة "أساليب معاجلة النفايات الطبية اخلطرة" ص‪ ،12‬ومقال‬
‫=‬ ‫"إدارة املخلفات والتخلص من النفايات" ص ‪ ،11‬ومقال "خطة إدارة النفايات‬

‫‪53‬‬
‫‪ -3‬أنظمة التعقيم باألتوكالف أو التعقيم البخاري‪:‬‬
‫تعتمد هذه الطريقة عىل تأثري احلرارة الناجتة عن البخار املشبع مع‬
‫زيادة الضغط للمدة الالزمة لقتل الكائنات احلية الدقيقة املوجودة‬
‫بالنفايات‪ ،‬وبذلك تصبح النفايات غري معدية‪.‬‬
‫وهذه الطريقة ال تصلح ملعاجلة قطع وأجزاء األنسجة التي حتتوي‬
‫عىل البكترييا املعدية‪ ،‬وال تصلح ملعاجلة النفايات الكيميائية اخلطرة أو‬
‫نفايات األدوية املستخدمة يف العالج الكياموي‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظمة املعاجلة بامليكروويف أو املعاجلة باألشعة‪:‬‬
‫تعتمد هذه الطريقة عىل رش النفايات باملاء‪ ،‬ثم تعريض النفايات‬
‫الرطبة للميكروويف داخل نظام مغلق‪ ،‬حيث يتم تسخني املياه‬
‫والنفايات إىل درجة التطهري‪ ،‬وتتولد احلرارة من الداخل بفعل أشعة‬
‫امليكروويف‪ ،‬وال حتتاج إىل حرارة من اخلارج‪ ،‬إال أن املعاجلة‬
‫بامليكرويف ال تصلح أيض ًا لقطع األنسجة وللنفايات الكياموية اخلطرة‪.‬‬
‫‪ -1‬أنظمة املعاجلة الكيميائية‪:‬‬
‫تعتمد هذه الطريقة عىل تقطيع النفايات بواسطة جهاز تقطيع‪ ،‬مع‬
‫رشها بامدة كياموية لفرتة كافية لقتل الكائنات احلية الدقيقة‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫جتفف النفايات‪ ،‬ويتم فصل السوائل املتبقية من املادة الكياموية‬
‫املطهرة‪ ،‬وتكون بقايا املعاجلة هبذه الطريقة قد ضاعت معاملها كمواد أو‬

‫الطبية واملواد اخلطرة" ص ‪ ،1‬ومقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة" ص ‪،13‬‬
‫ومقال جريدة اجلزيرة "املخلفات الطبية‪ ...‬إىل أين؟ " ص ‪ ،2‬ومقال "طريقة‬
‫التخلص من املخلفات الطبية" املذكور يف ص ‪ ،41‬ومقال جريدة الوحدة السورية‬
‫"أخطار بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية" ص ‪.1‬‬

‫‪54‬‬
‫ال عن معاجلة البقايا السائلة كيميائي ًا قبل التخلص منها‬
‫نفايات طبية‪ ،‬فض ً‬
‫يف املجاري‪.‬‬
‫وأهم املطهرات الكيميائية املستخدمة هبذه الطريقة ثاين أوكسيد‬
‫الكلورين‪ ،‬وهيبوكلورين الصوديوم‪ ،‬ومحض الباراسيتيك‪ ،‬إال أن هذه‬
‫الطريقة ال تتبع ملعاجلة األنسجة البرشية أو الكيامويات اخلطرة‪.‬‬
‫‪ -6‬األنظمة األخرى للمعاجلة باحلرارة أو التعقيم احلراري‪:‬‬
‫مثل طريقة االنحالل باحلرارة‪ ،‬حيث تصل درجات احلرارة إىل‬
‫درجات عالية جد ًا‪ ،‬مما يؤدي إىل حتلل النفايات‪ ،‬وحتوهلا إىل رماد‬
‫وغازات دون استخدام املحارق‪ ،‬إال أن هذا النظام ال يصلح ملعاجلة‬
‫بقايا األنسجة أو نفايات العالج الكياموي والكيامويات اخلطرة(‪.)1‬‬
‫‪ -1‬معاجلة النفايات السائلة‪:‬‬
‫يمكن التخلص من الدم السائل وبول وبراز املرىض وسوائل اجلسم‬
‫واإلفرازات‪ ،‬يف املجاري مبارشة مع استعامل املطهرات الالزمة عند‬
‫اللزوم‪ ،‬ما عدا احلاالت التي تتطلب احتياطات وقائية خاصة (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املقاالت السابقة " أساليب معاجلة النفايات الطبية اخلطرة" ص‪ ،12‬ومقال‬
‫"إدارة املخلفات والتخلص من النفايات" ص ‪ ،2‬ومقال "خطة إدارة النفايات الطبية‬
‫واملواد اخلطرة" ص ‪ ،1‬ومقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة" ص ‪ ،13‬ومقال‬
‫جريدة اجلزيرة "املخلفات الطبية‪ ...‬إىل أين؟" ص ‪ ،2‬ومقال "طريقة التخلص من‬
‫املخلفات الطبية" ص ‪ 41‬من هذا البحث‪ ،‬ومقال جريدة الوحدة السورية "أخطار‬
‫بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية"ص ‪.1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املقاالت السابقة"أساليب معاجلة النفايات الطبية اخلطرة"ص‪ ،12‬ومقال "إدارة‬
‫املخلفات والتخلص من النفايات" ص ‪ ،11‬ومقال "خطة إدارة النفايات الطبية‬
‫=‬ ‫واملواد اخلطرة" ص ‪ ،1‬ومقال "النفايات السامة وخطرها عىل البيئة" ص ‪ ،13‬ومقال‬

‫‪55‬‬
‫أما النفايات الباثلوجية‪ ،‬أو نفايات غرف اجلراحة والوالدة‬
‫والترشيح من األنسجة واألعضاء املستأصلة واألجنة املجهضة وغريها‬
‫من األجزاء البرشية‪ ،‬فيجب التعامل معها بصورة مستقلة حسب‬
‫الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وال يصح حرقها بال مربر رشعي‪ ،‬بل الواجب‬
‫دفنها؛ رعاية حلرمتها؛ ولئال يكون يف حرق األعضاء البرشية مشاهبة‬
‫لبعض امللل واألديان الباطلة‪.‬‬
‫وقد صدرت فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء رقم‬
‫(‪ )2311‬وتاريخ ‪ 1/21‬من عام ‪1431‬ـه والتي تنص عىل عدم جواز‬
‫حرق أجزاء الكائن احلي‪ ،‬ووجوب دفنها يف مكان طاهر(‪.)1‬‬
‫فإن كانت تلك األجزاء ملوثة بامليكروبات املسببة للمرض وال‬
‫يندفع أذاها بدفنها‪ ،‬بل ربام لوثت امليكروبات الكامنة فيها الرتبة واملياه‬
‫اجلوفية‪ ،‬فالقول بمرشوعية معاملتها معاملة غريها من النفايات اخلطرة‬
‫له حظه من النظر يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬السيام إذا ثبت كون األذى‬
‫احلاصل هبا ال يندفع عن اإلنسان وبيئته إال بتلك الوسائل التي تعالج هبا‬
‫سائر املخلفات املؤثرة‪ ،‬حتقيق ًا للمقاصد الرشعية من رضورة حفظ‬
‫النفوس املعصومة‪ ،‬وإزالة الرضر‪ ،‬واعتبار مآالت األفعال‪ ،‬وعم ً‬
‫ال‬
‫بالقواعد الكلية الكربى‪ ،‬كقاعدة‪:‬‬

‫جريدة اجلزيرة "املخلفات الطبية‪ ...‬إىل أين؟" ص ‪ ،2‬ومقال "طريقة التخلص من‬
‫املخلفات الطبية" ص ‪ 41‬من هذا البحث‪ ،‬ومقال جريدة الوحدة السورية "أخطار‬
‫بيئية وصحية تتصل بمسؤوليات إدارية يف تدبري النفايات الطبية" ص ‪.1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬فتـاوى اللجنة الدائمة ‪ ،23 / 1‬وينظر أيض ًا‪ :‬الفتاوى املتعلقة بالطب وأحكام‬
‫املرىض ملجموعة من العلمـاء ص ‪.433-421‬‬

‫‪56‬‬
‫‪" -‬ال رضر وال رضار"(‪.)1‬‬
‫‪ -‬و"املشقة جتلب التيسري"(‪.)2‬‬
‫‪ -‬و"األمور بمقاصدها"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جملة األحكام العدلية م (‪ ،12/1 ،)11‬واملوافقات ‪ ،312/2‬وقواعد الفقه‬


‫للربكتي ‪ ،136/1‬ورشح القواعد الفقهية ‪ ،161/1‬والوجيز للبورنو ص ‪،112‬‬
‫وأصل هذه القاعدة حديث ابن عباس ر ي اهلل عنهام أن النبي ☺ قال‪( :‬الرضر وال‬
‫رضا ر)‪ ،‬والذي أخرجه ابن ماجه يف سننه‪ ،‬باب من بنى يف حقه ما يرض بجاره‪ ،‬من‬
‫كتاب األحكام(‪ ،122/2 )2341‬وعن عبادة بن الصامت نحوه (‪.124/2 )2343‬‬
‫والبيهقي يف سننه الكربى عن أيب سعيد اخلدري (‪ ،61/6 )11166‬قال البيهقي‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف بعض املواضع من سننه ‪" :112/6‬وأما حديث ال رضر وال رضا ر فهو‬
‫مرسل"‪.‬‬
‫كام أخرجه احلاكم عن أيب سعيد اخلدري يف مستدركه (‪ ،66/2)2341‬وقال‪:‬‬
‫"صحيح اإلسناد عىل رشط مسلم"‪.‬‬
‫ويقول البوصريي يف املصباح عن حديث عبادة ‪ " :41/3‬وهذا إسناد رجاله ثقات إال‬
‫أنه منقطع"‪ ،‬وملا ذكر حديث ابن عباس ر ي اهلل عنهام قال‪" :‬هذا إسناد فيه جابر وقد‬
‫اهتم" ينظر‪ :‬مصباح الزجاجة ‪.41-42/3‬‬
‫وقد ذكر احلافظ رمحه اهلل يف الدراية ‪ 222/2‬طرق احلديث كافة‪ ،‬فأعل حديث ابن‬
‫عباس بجعفر اجلعفي‪ ،‬وحديث عبادة باالنقطاع‪ ،‬وحديث أيب سعيد باإلرسال‪،‬‬
‫وحديث أيب هريرة باالنقطاع أيض ًا‪ ،‬وذكر بقية طرقه‪ ،‬ومل يعلق‪.‬‬
‫وقد قال ابن حزم ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف املحىل ‪" :22/1‬وهذا خرب مل يصح قط‪ ،‬وإنام جاء‬
‫مرسالً‪ ،‬أو من طريق فيها إسحاق بن حييى وهو جمهول"‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬جملة األحكام العدلية م (‪ ،12/1 )11‬ودرر احلكام ‪ ،31/1‬واألشباه والنظائر‬
‫للسيوطي ‪ ،16/1‬واملنثور ‪ ،161 /3‬وغمز عيون البصائر ‪ ،62/4‬وقواعد الفقه‬
‫‪ ،122/1‬ورشح القواعد الفقهية ‪.111/1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬جملة األحكام العدلية م(‪ ،16/1)2‬ودرر احلكام ‪ ،11/1‬وغمز عيون البصائر‬
‫‪ ،31/1‬واألشباه والنظائر للسيوطي ‪ ،2/1‬وقواعد الفقه ‪ ،62/1‬ورشح القواعد‬
‫الفقهية ‪.41/1‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬وغريها من القواعد الفقهية‪ ،‬كقاعدة‪" :‬درء املفاسد مقدم عىل‬
‫جلب املصالح"(‪.)1‬‬
‫‪ -‬و"الدفع أوىل من الرفع"(‪.)2‬‬
‫‪ -‬و"إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهام رضر ًا بارتكاب‬
‫أخفهام"(‪.)3‬‬
‫‪ -‬و"يتحمل الرضر اخلاص لدفع الرضر العام"(‪.)4‬‬
‫‪ -‬و"الرضر األشد يزال بالرضر األخف"(‪.)1‬‬
‫‪ -‬و"الترصف يف الرعية منوط باملصلحة"(‪.)6‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جملة األحكام العدلية م(‪ ،11/1 )33‬ودرر احلكام ‪ ،31/1‬واالعتصام‬
‫‪ ،332/1‬واألشباه والنظائر ‪ ،21/1‬وقواعد الفقه ‪ ،21/1‬ورشح القواعد الفقهية‬
‫‪.231/1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اإلهباج ‪ ،221/2‬ووردت بلفظ (الدفع أسهل من الرفع) يف درر احلكام‬
‫‪ ،432/4‬وغمز عيون البصائر ‪ ،124/2‬والقواعد البن رجب ‪ ،341/1‬واألشباه‬
‫والنظائر للسيوطي ‪ ،132/1‬وتيسري التحرير ‪ ،334/2‬وكشف األرسا ر ‪،413/4‬‬
‫ورشح القواعد الفقهية ‪ ،24/1‬ووردت بلفظ (الدفع أقوى من الرفع) يف‬
‫املنثور‪.111/2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬جملة األحكام العدلية م (‪ ،11/1 )22‬واألشباه والنظائر ‪ ،21/1‬وغمز عيون‬
‫البصائر ‪ ،226/1‬ودرر احلكام ‪ ،31-36/1‬وقواعد الفقه‪ ،16 /1‬ورشح القواعد‬
‫الفقهية ‪ ،233/1‬والوجيز للبورنو ص ‪.233‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الدرر احلكام ‪ ،36/1‬وقواعد الفقه ‪ ،131/1‬ورشح القواعد الفقهية ‪.111/1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جملة األحكام العدلية م (‪ ،11/1)21‬ودرر احلكام ‪ ،31-36/1‬وقواعد الفقه‬
‫‪ ،22 /1‬ورشح القواعد الفقهية ‪ ،111/1‬والوجيز للبورنو ص ‪.233‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬جملة األحكام م (‪ ،22/1 )12‬ودرر احلكام ‪ ،211/2‬وجممع الضامنات‬
‫‪ ،221/2‬واألشباه والنظائر ‪ ،121/1‬واملنثور ‪ ،331/1‬وقواعد الفقه ‪،13/1‬‬
‫ورشح القواعد الفقهية ‪ ،331/1‬والوجيز للبورنو ص ‪.212‬‬

‫‪58‬‬
‫وغريها؛ إذ إن املفاسد املرتتبة عىل النظم البيئية من جراء دفن تلك‬
‫األجزاء أوىل يف دفعها من حتقيق مصلحة تكريم أجزاء الكائن احلي‬
‫ورعاية حرمة جسده‪ ،‬كام أن الرضر احلاصل بعدم دفن أجزاء الكائن‬
‫احلي رضر خاص‪ ،‬توجب املقاصد الرشعية حتمله لدفع الرضر العام‬
‫الذي قد حيصل بسبب تلويث البيئة‪ ،‬وتفيش األوبئة‪.‬‬

‫‪59‬‬
61
‫املبحث الرابع‬
‫التوصيف الفقهي‬
‫إلساءة التخلص من النفايات الطبية‬

‫قبل احلديث عن التوصيف الفقهي لنازلة التخلص من النفايات‪،‬‬


‫حتسن اإلشارة إىل حكم التخلص من النفايات الطبية اخلطرة؛ باعتبار أن‬
‫مسؤولية التخلص النهائي منها موكولة إىل قطاع الصحة‪ ،‬والتخلص من‬
‫هذا النوع من النفايات بالطرق السليمة املشار إليها سابق ًا‪ ،‬والتي تكفل‬
‫السالمة لإلنسان وبيئته أمر تفرضه الرشيعة اإلسالمية؛ دفع ًا للرضر‪،‬‬
‫وحفظ ًا للصحة العامة‪ ،‬ورعاية ملصالح اخللق‪.‬‬
‫وبناء عىل أن املحافظة عىل اليشء له ب ْعدان‪ :‬أحدمها وجودي‪،‬‬
‫واآلخر سلبي‪ ،‬كام ذكر الشاطبي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف مقصود الرشيعة يف‬
‫املحافظة عىل الكليات اخلمس(‪ ،)1‬فإن املطالبة باإلصالح هي مطالبة‬
‫بعدم اإلفساد‪ ،‬ولذا قرن بينهام سبحانه يف قوله تعاىل‪ ▬ :‬ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ♂ (سورة األعراف من اآلية ‪)2( )142‬؛ إذ األمر باليشء هني عن‬
‫ضده(‪.)3‬‬
‫وعليه فاإلخالل املتعمد‪ ،‬أو الناتج عن اإلمهال‪ ،‬والرعونة‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املوافقات ‪.41-43/3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪" :‬اإلسالم ومحاية البيئة" للدكتور شوقي أمحد دنيا (بحث مقدم ملجمع الفقه‬
‫اإلسالمي الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي) ص ‪.1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬البحر املحيط ‪.162/2‬‬

‫‪60‬‬
‫والالمباالة بالواجبات التي يفرضها النظام املقرر من قبل وزارة الشؤون‬
‫الصحية‪ ،‬أو اجلهات املسؤولة عن محاية البيئة‪ ،‬للتخلص من النفايات‬
‫الطبية بشكل آمن من قبل املسؤولني يف املؤسسات الصحية‪ ،‬مما ينتج‬
‫عنه تعرض الكائنات احلية للخطر‪ ،‬يمكن اعتباره رشع ًا من األمور‬
‫املنهي عنها‪ ،‬ومن مجلة اجلرائم الطبية‪ .‬واألمر باحلفاظ عىل البيئة والنهي‬
‫عن إفسادها هو ما أقره جممع الفقه اإلسالمي الدويل املنبثق عن منظمة‬
‫املؤمتر اإلسالمي رقم‪ )11-11( 121‬املنعقد يف دورته التاسعة عرشة‬
‫يف إمارة الشارقة من (‪ )1 –1‬مجادى األوىل ‪1433‬ـه‪ ،‬املوافق ‪33 – 26‬‬
‫نيسان ‪ /‬أبريل ‪2331‬م(‪.)1‬‬
‫واألدلة عىل حتريم وجتريم إفساد البيئة بالنفايات الطبية اخلطرة ما ييل‪:‬‬
‫الدليل األول‪:‬‬
‫أن اهلل ‪-‬سبحانه وتعاىل‪ -‬هنى عباده يف أكثر من موضع من كتابه عن‬
‫اإلفساد يف األرض‪.‬‬
‫(سورة األعراف من‬ ‫قال تعاىل‪ ▬ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ♂‬
‫اآلية ‪.)16‬‬
‫يقول القرطبي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬عند تفسريه هذه اآلية‪" :‬فيه مسألة‬
‫واحدة‪ ،‬وهو أنه سبحانه هنى عن كل فساد قل أو كثر‪ ،‬بعد صالح قل أو‬
‫كثر‪ ،‬فهو عىل العموم عىل الصحيح من األقوال‪ ،‬وقال الضحاك معناه‪:‬‬
‫ال تغوروا املاء املعني‪ ،‬وال تقطعوا الشجر املثمر رضار ًا"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬من موقع رسالة اإلسالم – امللتقى الفقهي ‪ -‬عىل الرابط‪:‬‬


‫…‪http: www. fiqhforum. com print artprint. Aspx ? cid = 2&acid‬‬
‫(‪ )2‬تفسري القرطبي‪.226/1‬‬

‫‪61‬‬
‫وقال تعاىل أيض ًا‪ ▬ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ * ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ♂ (سورة البقرة آيتا ‪،)12 ،11‬‬
‫وقال سبحانه‪▬ :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ♂ (سورة األعراف من اآلية ‪.)142‬‬
‫واإلفساد لفظ عام كام يشمل صور الكفر والضالل يشمل أنواع ًا‬
‫متعددة وصور ًا كثرية من صور الظلم واالعتداء احليس يف األرض‪.‬‬
‫وقد سمى اهلل سبحانه االعتداء والطغيان السيايس فساد ًا‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪▬ :‬ﭼ ﭽ ﭾ * ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ * ﮅ ﮆ ﮇ ♂‬
‫(سورة الفجر اآليات ‪ ،)12 – 13‬وقال تعاىل‪▬ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ♂ (سورة القصص اآلية ‪.)4‬‬
‫وسمى االنحرافات األخالقية من ك ْرب وتعال وجحود لنعم املنعم‬
‫فساد ًا يف األرض‪ ،‬قال تعاىل حاكي ًا قول قوم قارون له‪▬ :‬ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ♂ (سورة‬
‫القصص من اآلية ‪ ،)11‬وقال عىل لسان صالح لقومه بعد أن ذكر هلم نعم اهلل‬
‫عليهم‪ ،‬حيث يتخذون من السهول قصور ًا وينحتون من اجلبال بيوت ًا‪:‬‬
‫▬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ♂ (سورة األعراف من اآلية ‪.)14‬‬
‫وسمى االعتداء عىل األنفس املعصومة فساد ًا يف األرض‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪ ▬ :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ♂ (سورة املائدة من اآلية‪ ،)32‬وقال تعاىل عىل لسان املالئكة‪:‬‬
‫▬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ♂ (سورة البقرة من اآلية ‪.)31‬‬

‫‪63‬‬
‫كام عد سبحانه العدوان يف التعامالت التجارية فساد ًا يف األرض‪،‬‬
‫قال تعاىل خمربا ً عن قول شعيب لقومه‪▬ :‬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﰉ* ﰋ ﰌ ﰍ * ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ‬
‫ﰖ ﰗ ♂ (سورة الشعراء اآلية ‪.)123-121‬‬
‫وسمى االعتداء عىل مال الغري فساد ًا‪ ،‬قال تعاىل عىل لسان إخوة‬
‫يوسف‪ ▬ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ♂ (سورة يوسف اآلية ‪.)13‬‬
‫وإذا ثبت دخول ما سبق يف مسمى اإلفساد يف األرض الذي جاء‬
‫النهي عنه والتحذير منه‪ ،‬فإن تدمري األرض وإفساد مقومات البقاء فيها‬
‫(املاء والرتبة واهلواء) بالتلويث والتدنيس يدخل يف ذلك املسمى‬
‫دخوالً أولي ًا؛ العتبارين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن الرضر املرتتب عىل جريمة تلويث البيئة بالنفايات املؤذية‬
‫أعظم من الرضر احلاصل باجلرائم املذكورة؛ إذ هو عام شامل‪ ،‬وال‬
‫يرتبط بحدود مكانية أو زمانية‪ ،‬فهو يلحق بسائر الكائنات احلية بام فيها‬
‫اإلنسان‪ ،‬وال يقترص أثره املدمر عىل املوجود‪ ،‬بل يمتد إىل األجيال‬
‫القادمة منها‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن مصطلح اإلفساد أو الفساد يف األرض هو املصطلح‬
‫األنسب واألقرب جلريمة تلويث البيئة عن غريها من اجلرائم؛ إذ‬
‫التلويث والتدنيس احلاصالن بفعل اإلنسان يتضمنان معنى اإلفساد أو‬
‫الفساد‪ ،‬والبيئة لفظة حادثة تقابل يف النصوص الرشعية كلمة األرض‪،‬‬
‫فاملعارصون عندما يذكرون البيئة ال يتحدثون يف الغالب إال عن األرض‬
‫وما خلق اهلل عىل ظهرها من كائنات حية‪ ،‬وبحار وأهنار‪ ،‬وسهول‬
‫‪64‬‬
‫وجبال‪ ،‬وما يف بطنها من معادن وثروات‪ ،‬وما يف فضائها من هواء‪.‬‬
‫وقد أشار القرآن الكريم إىل ذلك‪ ،‬قال تعاىل‪▬ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ♂ (سورة لقامن‬
‫من اآلية ‪ ،)23‬كام أشار القرآن إىل أن اهلل سبحانه هيأ األرض وسخرها بيئة‬
‫للخلق ومقام ًا هلم‪ ،‬قال تعاىل‪▬ :‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ♂ (سورة األعراف من اآلية ‪.)14‬‬
‫ومما يؤيد ‪-‬أيض ًا‪ -‬اعتبار االعتداء عىل البيئة وما فيها من الفساد أو اإلفساد‬
‫يف األرض‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله تعاىل‪▬ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ♂ (سورة البقرة اآلية ‪.)231‬‬
‫فقوله‪ ▬ :‬ﮈ ﮉ ﮊﮋ ♂ بعد قوله‪ ▬ :‬ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫معنى‬
‫ً‬ ‫ﮆ ﮇ♂ من باب التفصيل بعد اإلمجال‪ ،‬ويقتيض أن هناك‬
‫زائد ًا عند التعبري باإلفساد يف األرض‪ ،‬حيث إن إتالف احلرث والزروع‬
‫(تدمري البيئة النباتية) وإهالك نسل الدواب(‪( )1‬أجيال احلارض‬
‫واملستقبل منها) من صور اإلفساد يف األرض‪.‬‬
‫وال ريب أن هاتني الصورتني مها النتاج املر جلريمة تلويث البيئة‪.‬‬
‫فتلويث الرتبة‪ ،‬وإفساد اهلواء‪ ،‬وتدمري الثروة املائية‪ ،‬يعني‬
‫بالرضورة هالك النبات‪ ،‬واإلرضار بنسل دواب األرض بام فيها اإلنسان‬

‫(‪ )1‬جاء يف تفسري الطربي‪ " :312/2‬النسل نسل كل دابة" وقيل‪ " :‬نسل كل يشء"‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫املوجود منه واآليت‪.‬‬
‫يقول القرطبي ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬يف تفسريه اآلية‪" :‬ودلت اآلية عىل‬
‫احلرث‪ ،‬وزراعة األرض‪ ،‬وغرسها باألشجار‪ ،‬مح ً‬
‫ال عىل الزرع وطلب‬
‫النسل وهو نامء احليوان‪ ،‬وبذلك يتم قوام اإلنسان‪ ،‬وهو يرد عىل من‬
‫قال برتك األسباب‪ ...‬وقوله تعاىل‪ ▬ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ♂‪ ،‬قال‬
‫العباس بن الفضل(‪ :)1‬الفساد هو اخلراب"(‪.)2‬‬
‫وقوله تعاىل يف اآلية التالية‪▬ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ♂ (سورة البقرة من اآلية ‪ ،)236‬تصوير جيل لواقع بعض مفسدي‬
‫األرض يف كل زمان‪ ،‬حتى لكأن اآلية تتحدث عن مكابرة بعض الدول‬
‫العظمى‪ ،‬والتي تعد املسؤول األول عن عمليات تلويث البيئة وإفسادها‬
‫يف العرص احلديث‪ ،‬واستعالئها عن حضور املؤمترات الداعية حلفظ‬
‫البيئة‪ ،‬وااللتزام بتوصياهتا‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله تعاىل‪ ▬ :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ♂ (سورة الروم اآلية ‪.)41‬‬
‫استقر الرأي العلمي عىل أن التلوث الذي هيدد البيئة هو ما توافرت‬
‫فيه ثالثة عنارص‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تغيري البيئة أو الوسط الطبيعي الربي أو املائي أو اهلوائي‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬هو العباس بن الفضل بن شاذان الرازي‪ ،‬املقرئ املفرس؛ تويف يف حدود العرش‬
‫وثالثامئة‪ .‬ينظر يف ترمجته‪ :‬الوايف بالوفيات ‪ ،342/1‬وغاية النهاية يف طبقات‬
‫القراء‪.111/1‬‬
‫(‪ )2‬تفسري القرطبي ‪.12/3‬‬

‫‪66‬‬
‫واملتأمل يف األرضار التي سبق التفصيل فيها‪ ،‬مما حييط باإلنسان‬
‫وبيئته من جراء التعامالت غري الرشيدة مع النفايات الطبية اخلطرة‪ ،‬ال‬
‫يشك يف أن التسبب يف حدوثها من العدوان املنهي عنه‪ ،‬ومن قبيل‬
‫تعريض األنفس واألموال للخطر‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪:‬‬
‫أن نصوص الرشع دالة عىل جوب العناية بالبيئة وصيانتها‪ ،‬سواء‬
‫باإلبقاء عليها سليمة بحفظها من اإلتالف‪ ،‬كقوله تعاىل‪▬ :‬ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ♂‬
‫(سورة البقرة اآلية ‪.)231‬‬
‫وقوله ☺ يف النهي عن إتالف احليوان‪( :‬من قتل عصفور ًا عبث ًا عج‬
‫إىل اهلل يوم القيامة يقول‪ :‬إن فالن ًا قتلني عبث ًا ومل يقتلني يف منفعة)(‪،)1‬‬
‫وقوله أيض ًا‪( :‬دخلت امرأة النار يف هرة ربطتها‪ ،‬فلم تطعمها‪ ،‬ومل تدعها‬
‫تأكل من خشاش األرض)(‪ ،)2‬وقوله ☺‪( :‬لوال أن الكالب أمة من‬
‫األمم ألمرت بقتلها‪ ،‬فاقتلوا منها األسود البهيم)(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬احلديث يرويه عمرو بن الرشيد ‪ ،‬وأخرجه النسائي يف سننه‪ ،‬باب من قتل عصفور ًا‬
‫بغري حقها‪ ،‬من كتاب الضحايا (‪ ،13/3 )4131‬وابن حبان يف صحيحه (‪)1214‬‬
‫‪ .214/13‬يقول الشوكاين يف السيل اجلرار ‪" :323/4‬وهو حديث مروي من طرق‬
‫قد صحح األئمة بعضها"‪ ،‬وذكره ابن حجر يف التلخيص ‪.114/4‬‬
‫(‪ ) 2‬احلديث يرويه ابن عمر ر ي اهلل عنهام‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه باب مخس من‬
‫الدواب فواسق يقتلن يف احلرم‪ ،‬من كتاب بدء اخللق (‪ ،1231/3 )3143‬ومسلم‬
‫باب حتريم قتل اهلرة‪ ،‬من كتاب السالم (‪.1163/4 )2242‬‬
‫(‪ )3‬احلديث يرويه عبد اهلل بن مغفل ‪ ،‬وأخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬باب يف اختاذ الكلب‬
‫=‬ ‫للصيد وغريه‪ ،‬من كتاب الصيد (‪ ،132/3 )2241‬والرتمذي باب ما جاء يف قتل‬

‫‪68‬‬
‫وكذلك األمر بالنسبة إلتالف النبات‪ ،‬فقد قال ☺ يف هذا الشأن‪،‬‬
‫(من قطع سدرة صوب اهلل رأسه يف النار)(‪ ،)1‬قال أبو داود‪" :‬يعني من‬
‫قطع سدرة يف فالة يستظل هبا ابن السبيل والبهائم‪ ،‬عبث ًا وظل ًام بغري حق‬
‫يكون له فيها‪ ،‬صوب اهلل رأسه يف النار"(‪.)2‬‬
‫وهذه النصوص أصل يف وجوب اإلبقاء عىل الكائنات احلية عىل‬
‫األرض؛ حفظ ًا للتنوع البيئي فيها‪.‬‬
‫وقد تأيت النصوص أمرا ً بحفظ البيئة وصيانتها من التلوث‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ما جاء من ترشيع‪ ،‬مما يوجب عىل اإلنسان الطهارة يف حياته كلها‪،‬‬
‫ابتدا ًء من طهارة اجلسم إىل طهارة الثوب واآلنية واملنزل‪ ،‬وانتها ًء‬
‫بطهارة الشارع واحلي واألماكن العامة‪.‬‬
‫وقد ارتقت األوامر الرشعية يف هذا الشأن إىل أن أصبحت متثل مبدأ‬
‫أساسي ًا من مبادئ السلوك‪ ،‬بل إهنا ارتبطت بمفهوم العبادة ارتباط ًا‬
‫أصبح معه التطهر بمفهومه العام جزء ًا من عبادة اهلل تعاىل‪ ،‬وناهيك عن‬

‫الكالب من كتاب األحكام والفوائد (‪ ،12/4 )1426‬وقال‪" :‬حديث حسن‬


‫صحيح"‪ ،‬والنسائي يف سننه الكربى‪ ،‬باب صفة الكالب التي أمر بقتلها‪ ،‬من كتاب‬
‫الصيد والذبائح (‪ ،142/3 )4111‬وابن ماجه باب النهي عن اقتناء الكلب إال كلب‬
‫صيد أو حرث أو ماشية‪ ،‬من كتاب الصيد (‪ ،1361/2 )3231‬والبيهقي يف سننه‬
‫الكربى (‪.13/2 )13211‬‬
‫(‪ )1‬احلديث يرويه عبدالله بن حبيش ‪ ،‬وأخرجه أبو داود‪ ،‬باب يف قطع السدر‪ ،‬من‬
‫كتاب األدب (‪ ،361/4 )1231‬والنسائي يف سننه الكربى باب قطع السدر من‬
‫كتاب السري (‪ ،122/1 )2611‬والبيهقي يف سننه الكربى (‪ ،131/6 )11132‬قال‬
‫اهليثمي يف املجمع ‪" :224/3‬رجاله ثقات"‪ ،‬ويف رواية أيب داود اجته معنى احلديث إىل‬
‫أن القطع املتوعد فيه هو الذي يكون عبث ًا وظل ًام بغري حق‪.‬‬
‫(‪ )2‬سنن أيب داود ‪.361/4‬‬

‫‪69‬‬
‫ذاك أن الصالة وهي رأس العبادات تتوقف يف صحتها عىل حتقق‬
‫الطهارة يف اجلسم والثوب واملكان‪ ،‬وقد قال تعاىل يف التطهر بمعنى‬
‫عام‪▬ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ♂ (سورة البقرة من اآلية ‪.)222‬‬
‫ومن هذه األحكام ذات الداللة يف صيانة البيئة من التلوث‪ ،‬ما جاء‬
‫يف ترشيع التطهري لألماكن اخلاصة والعامة‪ ،‬وصيانتها من كل ما قد‬
‫يلوثها من خمتلف امللوثات‪ ،‬ومن ذلك قوله ☺ أيض ًا‪( :‬ومتيط األذى‬
‫عن الطريق صدقة)(‪ ،)1‬وما روي مرفوع ًا من قوله ☺‪( :‬اتقوا املالعن‬
‫الثالث‪ :‬الرباز يف املوارد‪ ،‬وقارعة الطريق‪ ،‬والظل)(‪.)2‬‬
‫ففي هذه املواضع يكون الرباز أكثر تلويث ًا للبيئة؛ إذ هي مواقع حركة‬
‫من شأهنا أن تزيده انتشار ًا‪ ،‬فورد النهي الشديد عن هذا الفعل واعتباره‬
‫سبب ًا للعن منع ًا للتلوث‪ ،‬ويف هذا السياق يقول النبي ☺ أيض ًا‪( :‬ال‬
‫يبولن أحدكم يف املاء الدائم الذي ال جيري ثم يغتسل فيه) (‪)3‬؛ وذلك ملا‬

‫(‪ )1‬احلديث يرويه أبو هريرة ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬باب من أخذ بالركاب‬
‫ونحوه‪ ،‬من كتاب اجلهاد والسري (‪ ،1313/3 )2221‬ومسلم باب بيان أن اسم‬
‫الصدقة يقع عىل كل نوع من املعروف‪ ،‬من كتاب الزكاة (‪.611/2 )1331‬‬
‫(‪ )2‬احلديث يرويه معاذ بن جبل ‪ ،‬وأخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬باب يف املواضع التي هنى‬
‫النبي ☺ عن البول فيهام من كتاب الطهارة (‪ ،1/1)26‬وابن ماجه يف سننه‪ ،‬باب‬
‫النهي عن اخلالء عىل قارعة الطريق من كتاب الطهارة وسننها (‪،111/1 )322‬‬
‫والبيهقي يف سننه الكربى (‪ ،11/1 )414‬قال البوصريي يف مصباح الزجاجة‬
‫‪ " :42/1‬هذا إسناد ضعيف"‪ ،‬وقال ابن حجر يف التلخيص ‪" :131/1‬وصححه ابن‬
‫السكن واحلاكم‪ ،‬وفيه نظر؛ ألن أبا سعيد مل يسمع من معاذ‪ ،‬وال يعرف هذا احلديث‬
‫بغري هذا اإلسناد‪ ،‬قاله ابن القطان"‪.‬‬
‫(‪ )3‬احلديث يرويه أبو هريرة ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه باب البول يف املاء الدائم‪،‬‬
‫=‬ ‫من كتاب الوضوء (‪ ،14/1)236‬ومسلم باب النهي عن البول يف املاء الراكد‪ ،‬من‬

‫‪71‬‬
‫يتسبب فيه هذا الصنيع من تلوث املياه وعفونتها‪ ،‬كام يتسبب يف إيذاء‬
‫الناس‪.‬‬
‫وإذا كان التشديد يف النهي بام قد يصل إىل اللعن يف بعض النصوص‬
‫عن أن يرصف اإلنسان فضالته يف البيئات العامة؛ حفظ ًا للبيئة من‬
‫التلوث‪ ،‬ودفع ًا للرضر عن الناس‪ ،‬فكيف بام يفوق فضالت اإلنسان‬
‫تلويث ًا ورضر ًا ًمن فضالت التقنية والتطور (بام فيها التقنية الطبية) من‬
‫سموم كياموية وإشعاعية‪ ،‬ومعادن ثقيلة‪ ،‬وعقاقري‪ ،‬تدمر اخلاليا‬
‫وتصيب اإلنسان واحليوان باألمراض الفتاكة واألدواء القاتلة‪.‬‬
‫كام أن قوله ☺‪( :‬من آذى املسلمني يف طرقهم وجبت عليه‬
‫لعنتهم)(‪ ،)1‬دال بعمومه عىل وجوب صيانة البيئة‪ ،‬فإن األذى الوارد يف‬
‫احلديث يشمل كل أنواع األذى املادي املنظور‪ ،‬واخلفي الذي قد ال تراه‬
‫العني املجردة‪ ،‬وهو ما كشفت عنه الوسائل احلديثة من اإلفساد املتعمد‬
‫والتلويث الضار للبيئة‪.‬‬
‫كام جاءت النصوص بحفظ البيئة من فرط االستهالك‪ ،‬وهي كثرية‪،‬‬
‫كام يف النصوص الدالة عىل ذم التبذير واإلرساف‪ ،‬سواء يف املاء أم‬
‫الشجر أم سائر موارد البيئة‪ ،‬ويف أمهية االقتصاد والتوسط بني اإلرساف‬
‫والبخل‪ ،‬والسيام فيام هو حمدود الكمية من ثروات‪.‬‬

‫كتاب الطهارة (‪ .231/1 )222‬وينظر عن دور املاء امللوث يف نقل األمراض كتاب‪:‬‬
‫املاء واإلصحاح يف اآلالم‪ ،‬د‪.‬عبد الفتاح احلسيني الشيخ‪.‬‬
‫(‪ )1‬احلديث يرويه حذيفة بن أسيد ‪ ،‬وأخرجه الطرباين يف الكبري (‪،216/3 )2112‬‬
‫قال اهليثمي يف املجمع ‪" :234/1‬إسناده حسن"‪ ،‬ووافقه الشوكاين يف السيل اجلرار‬
‫‪.61/1‬‬

‫‪70‬‬
‫قال تعاىل‪▬ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠ ♂ (سورة األنعام اآلية ‪.)141‬‬
‫كام جاءت بحفظ البيئة عن طريق تنميتها‪ ،‬حيث جعلت الرشيعة‬
‫اإلسالمية زرع الزروع وغرس األشجار باب ًا عظي ًام من أبواب اخلري‬
‫غرسا أو‬
‫وحتصيل األجر‪ ،‬يقول الرسول ☺‪( :‬ما من مسلم يغرس ً‬
‫زرعا فيأكل منه طري أو إنسان أو هبيمة إال كان له به صدقة) (‪.)1‬‬
‫يزرع ً‬
‫ويقول أيض ًا‪( :‬ما من مسلم يغرس غرس ًا إال كان ما أكل منه له‬
‫صدقة‪ ،‬وما رسق منه له صدقة‪ ،‬وما أكل السبع منه فهو له صدقة‪ ،‬وما‬
‫أكلت الطري منه فهو له صدقة‪ ،‬وال يرزؤه(‪ )2‬أحد إال كان له صدقة)(‪،)3‬‬
‫وكفى بذلك دافع ًا إىل التنمية البيئية يف املجال النبايت‪.‬‬
‫ومن الترشيعات اإلسالمية يف تنمية البيئة‪ ،‬ما جعل يف ملكية‬
‫األرض إذا كانت مهملة؛ حيث إن إحياءها بالزرع هو السبب الذي‬
‫يبتغى منه ملكيتها‪.‬‬
‫أرضا ليست ألحد فهو أحق)‪ ،‬قال‬
‫يقول النبـي ☺‪( :‬من أعمر ً‬
‫(‪ )1‬احلديث يرويه أنس بن مالك ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬باب فضل الزرع‬
‫والغرس‪...‬من كتاب املزارعة (‪ ،211/2 )2111‬ومسلم باب فضل الغرس‬
‫والزرع‪ ،‬من كتاب املساقاة (‪.1121/3 )1113‬‬
‫(‪ )2‬جاء يف رشح النووي عىل صحيح مسلم‪ " :213/13‬قوله ☺‪" :‬وال يرزؤه" هو براء‬
‫ثم زاي بعدها مهزة‪ ،‬أي ينقصه ويأخذ منه‪.‬‬
‫(‪ )3‬احلديث يرويه جابر بن عبد اهلل ‪ ،‬وأخرجه مسلم يف صحيحه يف الباب والكتاب‬
‫السابقني (‪.1122/3 )1112‬‬

‫‪71‬‬
‫عروة‪" :‬قىض به عمر ‪ ‬يف خالفته"(‪.)1‬‬
‫وما جعل من أن تعطيل تلك األرض عن دورها اإلنامئي للثروة‬
‫النباتية من األسباب املسوغة لنقل ملكية تلك األرا ي من صاحبها ملن‬
‫يسهم يف إنامئها‪ ،‬فقد قال ☺‪( :‬من كانت له أرض فليزرعها أو‬
‫ليمنحها أخاه)(‪ ،)2‬وحينام تعترب الرشيعة إنامء البيئة النباتية سبب ًا مللكية‬
‫األرض‪ ،‬فإن ذلك يكون دافع ًا قوي ًا لتحقيق هذا اإلنامء لفطرية ما يف‬
‫النفوس من حب التملك عامة‪ ،‬ومتلك األرض بصفة خاصة(‪.)3‬‬
‫كام أن الرسول ☺ حذر من األمراض وخاصة املعدية منها‪ ،‬وأن‬
‫سياسة العزل واجبة االتباع يف املجتمعات اإلسالمية إذا ما تعرضت‬
‫ألخطار األوبئة‪ ،‬ويف ذلك يقول☺‪(:‬ال يوردن ممرض عىل مصح)(‪.)4‬‬
‫ويقول أيض ًا‪( :‬إذا سمعتم بالوباء بأرض فال تقدموا إليه‪ ،‬فإذا وقع‬
‫بأرض وأنتم فيها فال خترجوا فرار ًا منه) (‪.)1‬‬
‫(‪ ) 1‬احلديث ترويه أم املؤمنني عائشة ر ي اهلل عنها‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه باب‬
‫من أحيا أرض ًا موات ًاً‪ ....‬من كتاب املزارعة (‪.223/2 )2213‬‬
‫(‪ )2‬احلديث يرويه جابر بن عبد اهلل ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬باب إذا قال رب‬
‫األرض‪ :‬أقرك ما أقرك اهلل‪...‬من كتاب املزارعة (‪ ،221/2 )2216‬ومسلم باب‬
‫كراء األرض‪ ،‬من كتاب البيوع (‪.1116/3 )1136‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬البيئة واحلفاظ عليها من منظور إسالمي للدكتور عبد الستار أبوغدة‪ ،‬بحث‬
‫مقدم ملجمع الفقه اإلسالمي الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي ص‪ 23‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )4‬احلديث يرويه أبو هريرة ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬باب ال هامة‪ ،‬من كتاب‬
‫الطب (‪ ،2111/1 )1431‬ومسلم باب ال عدوى وال طرية وال هامة وال صفر‪...‬‬
‫من كتاب السالم (‪.1143/4 )2221‬‬
‫(‪ )1‬احلديث يرويه عبد الرمحن بن عوف ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬باب ما يذكر‬
‫يف الطاعون‪ ،‬من كتاب الطب (‪ ،2163/1 )1311‬ومسلم باب الطاعون والطرية‬
‫والكهانة ونحوها‪ ،‬من كتاب السالم (‪.1143/4 )2211‬‬

‫‪73‬‬
‫وللرشيعة اإلسالمية يد السبق يف احلديث عن حفظ صحة اإلنسان‬
‫من الغذاء امللوث‪ ،‬وأن امللوثات يف البيئة تنتقل لإلنسان عن طريق‬
‫السلسلة الغذائية‪ ،‬وذلك بالنهي الرشعي عن حلوم اجلاللة‪ ،‬وهي الدابة‬
‫املباحة يف أصلها‪ ،‬ولكنها اعتادت أكل اجليف‪ ،‬مما يرتتب عليه نتن‬
‫نتنت يف‬
‫حلمها(‪ ،)1‬قال الكاساين ‪ -‬رمحه اهلل ‪" :-‬ذلك حممول عىل أهنا أ ْ‬
‫نفسها فيمتنع من استعامهلا حتى ال يتأذى الناس بنتنها"(‪.)2‬‬
‫بل إن عناية اإلسالم بصيانة البيئة مل تقترص عىل بيئة املخلوقات‬
‫املحسوسة‪ ،‬بل امتدت إىل صيانة مقومات حياة املخلوقات غري‬
‫املحسوسة‪ ،‬وهم اجلن‪ ،‬وذلك بالنهي عن تقذير طعامهم (العظام)‬
‫وطعام دواهبم (الروث) باالستنجاء هبام‪ ،‬فعن ابن مسعود ‪ ‬أن اجلن‬
‫سألوا رسول اهلل ☺ عن زادهم فقال‪( :‬كل عظم يذكر اسم اهلل عليه‬
‫حلام‪ ،‬وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم‪،‬‬ ‫يقع يف أيديكم أوفر ما كان ً‬
‫فقال رسول اهلل ☺‪ :‬فال تستنجوا هبام فإهنام زاد إخوانكم اجلن) (‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪ ،232/2‬والكايف البن عبد الرب‪ ،126/1‬واملجموع ‪،26/1‬‬
‫والروض املربع ‪ ،341/3‬وجاء يف حديث ابن عمر هنيه ☺ عن أكل حلم اجلاللة‬
‫ورشب لبنها‪ ،‬واحلديث أخرجه أبو داود يف سننه‪ ،‬باب النهي عن أكل اجلاللة‬
‫وألباهنا‪ ،‬من كتاب األطعمة (‪ ،311/3 )3121‬والبيهقي يف سننه الكربى‬
‫(‪ ،333/1 )11264‬واحلاكم يف مستدركه (‪ ،43/2)2242‬وصحح إسناده‪،‬‬
‫وعبدالرزاق يف املصنف (‪ ،141/1 )24134‬وحسن احلافظ يف الفتح ‪642/1‬‬
‫إسناده‪.‬‬
‫(‪ )2‬بدائع الصنائع ‪.43/1‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الرتمذي يف سننه باب من سورة األحقاف‪ ،‬من كتاب تفسري القرآن عن رسول‬
‫اهلل (‪ ،322/1 )3212‬قال أبو عيسى‪" :‬حديث حسن صحيح"‪ ،‬وقال يف موضع‬
‫آخر (‪" :21 /1 )12‬العمل عليه عند أهل العلم"‪ ،‬وأخرجه أيض ًا النسائي يف سننه‬
‫=‬ ‫الكربى‪ ،‬باب ذكر النهي عن االستطابة بالعظم والروث‪ ،‬من كتاب أبواب الطهارة‬

‫‪74‬‬
‫الدليل الرابع‪:‬‬
‫أن النصوص الرشعية بينت لنا ثالث حقائق‪:‬‬
‫احلقيقة األوىل‪ :‬أن اهلل سخر األرض وما فيها لإلنسان‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫▬ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ♂ (سورة اجلاثية من اآلية ‪.)13‬‬
‫احلقيقة الثانية‪ :‬أن اهلل استخلف اإلنسان يف األرض (‪ ،)1‬قال تعاىل‪:‬‬
‫▬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ♂ (سورة البقرة من‬

‫اآلية ‪ ،)33‬وقال تعاىل‪▬ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ♂ (سورة احلديد من‬


‫اآلية ‪.)1‬‬
‫احلقيقة الثالثة‪ :‬أن الكون كله ملك هلل‪ ،‬وأن ليس لإلنسان منه إال حق‬
‫االنتفاع؛ فهو يملك االستفادة من خريات األرض وال يملك عينها؛‬
‫ألن اهلل أضاف لنفسه ملكية السموات واألرض وما فيهن‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫▬ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ♂ (سورة املائدة من اآلية ‪ ،)123‬وألن بقاء‬
‫اإلنسان يف األرض مؤقت‪ ،‬فانتفاعه بمواردها مؤقت تبع ًا‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫▬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ♂ (سورة البقرة من اآلية‪.)36‬‬
‫وناتج الربط بني هذه احلقائق الثالث‪ ،‬أن ليس لإلنسان احلق يف‬
‫إفساد البيئة أو تلويثها‪ ،‬وأن فعله هذا يعد جريمة يعاقب عليها؛ ألن‪:‬‬

‫(‪ ،12/1 )31‬والبيهقي يف سننه الصغرى (‪ ،12/1 )14‬وابن حبان يف صحيحه‬


‫(‪ ،221/4 )1432‬وابن خزيمة يف صحيحه (‪ ،44/1 )22‬وأبو عوانة يف مسنده‬
‫(‪ ،413/2 )3121‬وكأن الزيلعي يميل إىل تصحيحه يف نصب الراية ‪.1433/1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اإلسالم والبيئة للدكتور حممد فتح اهلل الزيادي‪( ،‬بحث مقدم ملجمع الفقه‬
‫اإلسالمي الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي) ص ‪.3-2‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -1‬كون اإلنسان مستخلف ًا يف األرض مؤمتن ًا عىل مقدراهتا لينتفع هبا مدة‬
‫بقائه فيها مع بقاء امللكية الكاملة هلل وحده‪ ،‬يقتيض أال يباح له من‬
‫األعامل ما حيرم به غريه حقه يف االنتفاع بام يف األرض من خريات؛‬
‫لكون ذلك ينايف أمانة االستخالف‪ .‬وتلويث الرتبة واملياه‪ ،‬وما‬
‫يتبعه من تسميم الثروة النباتية واحليوانية‪ ،‬هو حرمان لألجيال من‬
‫االنتفاع مما يف األرض‪.‬‬
‫‪ -2‬أن اهلل سخر لإلنسان األرض وما فيها ليعمرها‪ ،‬والعامرة مهمة‬
‫ربانية‪ ،‬قال تعاىل‪ ▬ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ♂ (سورة هود اآلية ‪.)61‬‬
‫واملطلوب هو اإلعامر املجرد لألرض لتحقيق املجتمع املتحرض‪،‬‬
‫وال يلزم منه استفادة اإلنسان الدائمة مما عمره‪ ،‬جاء يف احلديث‪:‬‬
‫(إن قامت الساعة ويف يد أحدكم فسيلة‪ ،‬فإن استطاع أال تقوم حتى‬
‫يغرسها فليغرسها)(‪ ،)1‬مع أنه من املعلوم أن هذه الشجرة لن‬
‫يستفيد منها العامر وال غريه بعد قيام الساعة‪ ،‬وعليه فإفساد البيئة‬
‫يناقض األمر بإعامرها‪ ،‬كام أن هذا التسخري الذي ال يمكن أن يكون‬
‫بغري إرادة اهلل يستوجب شكر املسخر‪ ،‬قال تعاىل‪▬ :‬ﯛ ﯜ‬
‫ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤﯥ‬
‫ﯦﯧﯨﯩﯪ ﯫﯬﯭ‬
‫(‪ )1‬احلديث يرويه أنس بن مالك ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف األدب املفرد (‪ )411‬ص‬
‫‪ ،162‬واإلمام أمحد يف مسنده (‪ ،111/3 )13334‬والبزار يف مسنده (‪)1432‬‬
‫‪ ،311/2‬قال األلباين يف تعليقه عىل أحاديث األدب املفرد‪ :‬صحيح‪ ،‬وكذا صححه‬
‫األرناؤوط عند تعليقه عىل أحاديث مسند أمحد‪ ،‬وقال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪:63/4‬‬
‫"رجاله أثبات ثقات"‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫ﯮ ﯯ♂ (سورة النحل اآلية ‪ ،)14‬ومقابلة نعمة التسخري‬
‫بتدنيس املسخر يناقض الشكر‪.‬‬
‫الدليل اخلامس‪:‬‬
‫أن مكونات البيئة نعمة من اهلل‪ ،‬قال تعاىل‪▬ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ♂ (سورة لقامن من‬
‫اآلية ‪ ،)23‬وشدة العقاب تالزم من يبدل نعمه عز وجل‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫▬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ♂ (سورة البقرة من اآلية‬
‫‪ ،)1()211‬وتلويث البيئة من تبديل نعم اهلل‪ ،‬وتغيري اهليئة الصاحلة التي‬
‫كانت عليها‪ ،‬فاستحق فاعله عقوبة الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫الدليل السادس‪:‬‬
‫أن احلفاظ عىل سالمة البيئة من التلوث مقصد من مقاصد الرشيعة‪.‬‬
‫وهنالك منطلقان إلثبات هذه الفكرة ومها‪:‬‬
‫أ‪ -‬اعتبار حفظ البيئة مقصد ًا رشعي ًا يضاف إىل املقاصد اخلمسة‬
‫املعروفة (حفظ النفس‪ ،‬والنسل‪ ،‬والعقل‪ ،‬واملال‪ ،‬والدين) وذلك‬
‫بالنظر إىل ما قرره بعض األصوليني من مرشوعية إضافة مقاصد أخرى‬
‫إىل اخلمسة املتفق عليها(‪.)2‬‬
‫ويمكن االستناد يف اعتباره مقصد ًا مستق ً‬
‫ال إىل ما ذكره اإلمام حممد‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البيئة يف الفقه اإلسالمي وقاية وتنمية للشيخ امليس ص ‪.11‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املستصفى للغزايل‪ 111/1‬وما بعدها‪ ،‬وقواعد األحكام ص ‪ ،422‬واملوافقات‬
‫للشاطبي ‪ ،111/2‬وجمموع فتاوى ابن تيمية ‪ ،343/11‬وتبرصة احلكام ‪،133/2‬‬
‫وينظر‪ :‬البيئة واحلفاظ عليها من منظور إسالمي للدكتور أبوغدة ص ‪.1-6‬‬

‫‪77‬‬
‫الطاهر ابن عاشور من أن املقاصد الرشعية الرضورية منها كيل‪ ،‬ومنها‬
‫جزئي‪ ،‬وأن اجلزئي ما كان عائد ًا عىل‪ :‬آحاد األمة‪ ،‬والكيل ما كان عائد ًا‬
‫عىل عموم األمة أو عىل مجاعة‪.‬‬
‫ويف ذلك يقول ‪-‬رمحه اهلل‪ " :-‬فاملصلحة العامة جلميع األمة قليلة‬
‫األمثلة‪ ،‬وهي مثل محاية البيضة وحفظ اجلامعة من التفرق‪ ،‬وحفظ‬
‫الدين من الزوال‪ ،‬ومحاية احلرمني حرم مكة وحرم املدينة من أن يقعا يف‬
‫أيدي غري املسلمني‪ ،‬وحفظ القرآن من التاليش العام أو التغيري العام‬
‫بانقضاء حفاظه وتلف مصاحفه مع ًا‪ ،‬وحفظ علم السنة من دخول‬
‫املوضوعات‪ ،‬ونحو ذلك مما صالحه وفساده يتناول مجيع األمة وكل‬
‫فرد منها‪ ،‬وبعض صور الرضوري واحلاجي مما يتعلق بجميع األمة‪.‬‬
‫وأما املصلحة واملفسدة اللتان تعودان عىل اجلامعات العظيمة‪ ،‬فهي‬
‫الرضوريات واحلاجيات والتحسينيات املتعلقة باألمصار والقبائل‬
‫واألقطار‪ ،‬عىل حسب مبلغ حاجاهتا‪ .‬ثم ذكر أمثلة لذلك‪ :‬الترشيعات‬
‫القضائية لفصل النوازل‪ ،‬واملعاهدات لتأمني األقطار والبحار‪ ،‬والعقود‬
‫لتأمني التجارة الدولية‪.)1(" ...‬‬
‫ب‪ -‬اعتبار حفظ البيئة مقصد ًا مساند ًا لتحقيق املقاصد اخلمسة‬
‫املعروفة‪ ،‬ومن قبيل ما ال يتم الواجب إال به‪ ،‬عىل اعتبار أن مقصد‬
‫رعاية البيئة تتوقف عليه املقاصد األساسية‪ ،‬وإمهاله يتناىف مع حفظها‪.‬‬
‫وفيام ييل إيضاح ذلك‪:‬‬

‫(‪ )1‬املقاصد البن عاشور‪.213/3‬‬

‫‪78‬‬
‫أ‪-‬اعتبار سالمة البيئة مقصد ًا رشعي ًا بذاته ينطبق عىل (سالمة البيئة‬
‫وحفظها)؛ ألن اإلنسان حيتاج إىل األمن البيئي كام حيتاج إىل األمن‬
‫الديني والنفيس وغريها‪ ،‬ويتوقف عىل البيئة الصاحلة للحياة التمكن من‬
‫حتقيق اهلدف من أداء التكاليف الرشعية‪ ،‬وهو "إخراج املكلف من‬
‫داعية هواه‪ ،‬ليكون عبد ًا هلل اختيار ًا كام هو عبد له اضطرار ًا"(‪ ،)1‬كام‬
‫يتوقف عىل غريها مما قصد الترشيع حفظه لتحقيق هذه العبادة؛ ألن‬
‫البيئة إذا مل تكن سليمة نقية خالية‪ ،‬ستعوق املكلف عن أداء ما أوجبه‬
‫عليه اهلل من حقوق لربه تعاىل‪ ،‬ثم لنفسه وأهله وجمتمعه ومن يشاركونه‬
‫احلياة‪.‬‬
‫وقد رجح هذا الرأي بعض الفقهاء املعارصين‪ ،‬يقول الدكتور‬
‫عبد املجيد النجار‪" :‬املتأمل يف أحكام الرشيعة جيد أن كثريا ً منها إنام‬
‫رشع لتحقيق مقصد حفظ البيئة الطبيعية أن تعمل فيها يد اإلنسان‬
‫بترصفات ختل بنظامها‪ ،‬أو تعطل مقدراهتا عىل أن تكون صاحلة للحياة‬
‫منمية هلا‪ ،‬أو تربك توازهنا الذي تقوم عليه عنارصها املختلفة‪ ،‬وقد‬
‫جاءت تلك األحكام متضافرة كلها عىل منع اإلنسان من ذلك‪ ،‬وأمره‬
‫بأن يبقي عىل الطبيعة صاحلة كام خلقها اهلل‪ ،‬وأن يامرس عليها مهمة‬
‫اخلالفة عىل ذلك الوجه من الصالح‪ ،‬وما فتئت تلك األحكام تظهر‬
‫أمهيتها‪ ،‬وتتأكد احلكمة يف أوامرها ونواهيها‪ ،‬وذلك كلام أسفرت األزمة‬
‫البيئية عن وجهها الكالح‪ ،‬وتعالت نذرـها باملصري البائس للحياة‪.‬‬
‫ومجاع ما جاء يف الدين من أمر بحفظ البيئة وهني عن أي رضر هبا‪،‬‬
‫ما جاء يف القران والسنة من هني مغلظ عن الفساد يف األرض‪ ،‬ومن‬

‫(‪ )1‬املوافقات للشاطبي ‪ ،162/2‬وذكر نحوه يف االعتصام ‪.331/2‬‬

‫‪79‬‬
‫تشنيع كبري عىل هذا الصنيع‪ ،‬وذلك يف مواطن متعددة ومواقف خمتلفة‪،‬‬
‫مما يدل عىل أن حفظ البيئة من الفساد مقصد رضوري من مقاصد‬
‫الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ومما جاء يف ذلك قوله تعاىل‪▬ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ♂‬
‫(سورة األعراف من اآلية‪.)2( )1( ")16‬‬
‫ب‪-‬اعتبار سالمة البيئة مقصد ًا متمامً للواجب‪ ،‬أو من قبيل ما ال يتم‬
‫الواجب إال به‪:‬‬
‫بالتأمل يف األثر املرتتب عىل سالمة البيئة وحفظها‪ ،‬من التمكن من‬
‫القيام بأمور الدنيا واآلخرة‪ ،‬يمكن اعتبار سالمة البيئة مقصد ًا متمامً‬
‫للواجب‪ ،‬أو من قبيل ماال يتم الواجب إال به‪ ،‬فإن أكثر العبادات‬
‫ال أو عىل الوجه‬ ‫والواجبات الدينية والدنيوية ال يمكن أداؤها أص ً‬
‫الصحيح إال إذا توافرت البيئة التي يعيش فيها اإلنسان‪ ،‬ويتعامل مع‬
‫عنارصها من ماء نقي طاهر‪ ،‬وجو صحي يبقي عىل قوة بدنه‪ ،‬وغذاء‬
‫نافع ال يضعف بدنه ويلحق به األمراض واألعراض السيئة التي يورث‬
‫بعضها لساللته(‪.)3‬‬
‫ويقرر أحد الفقهاء املعارصين أن صحة اإلنسان التي هتدف الرشيعة‬
‫إىل حفظها وصوهنا تقتيض أن كل ترصف سلبي يف البيئة يؤثر سلب ًا عىل‬
‫صحة اإلنسان غري مقبول رشع ًا؛ ألنه يتناىف ومقاصد الرشيعة (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬وأورد بعدها اآليتني يف النهي عن اإلفساد يف األرض البقرة ‪ 63‬والقصص ‪.11‬‬
‫(‪ )2‬نقله عنه الدكتور أبو غدة يف بحثه‪" :‬البيئة واحلفاظ عليها من منظور إسالمي" ص ‪.2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬البيئة واحلفاظ عليها من منظور إسالمي ص ‪.13-1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬اإلسالم والبيئة خطوات نحو فقه بيئي‪ ،‬للشيخ حسني اخلشن ص ‪.23‬‬

‫‪81‬‬
‫كام أن النظر يف مآالت األفعال أمر معترب يف الرشيعة‪ ،‬والشك أن ما‬
‫يرتتب عىل عمليات إلقاء السموم يف البيئة وما ينتج عنها من التدمري‬
‫املستقبيل للحياة عىل األرض موجب للتحريم‪.‬‬
‫الدليل السابع‪:‬‬
‫دلت القواعد الفقهية الكثرية عىل حتريم اإلرضار بالبيئة‪ ،‬ومنها‬
‫القاعدة الكلية الكربى‪:‬‬
‫‪" -‬ال رضر وال رضار"(‪ .)1‬وما يتفرع عنها من قواعد كقاعدة‪:‬‬
‫‪" -‬الرضر يزال قدر اإلمكان"(‪.)2‬‬
‫‪ -‬و"الرضر ال يزال برضر مثله"(‪.)3‬‬
‫‪ -‬و"الرضر األشد يزال بالرضر األخف"(‪.)4‬‬
‫‪ -‬و"يتحمل الرضر اخلاص لدفع الرضر العام"(‪.)1‬‬
‫‪ -‬و"درء املفاسد أوىل من جلب املنافع"(‪.)6‬‬
‫‪ -‬و"إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهام رضر ًا بارتكاب أخفهام"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مرجع القاعدة ص ‪ 11‬من هذا البحث‪.‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬جملة األحكام العدلية م(‪ ،11/1 )31‬والقواعد الفقهية ‪ ،22/1‬ورشح القواعد‬
‫الفقهية ‪.231/1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬درر احلكام ‪ ،346/3‬واألشباه والنظائر ‪.26/1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مرجع القاعدة ص ‪ 12‬من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )1‬ينظر مرجع القاعدة ص ‪ 12‬من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )6‬ينظر مرجع القاعدة ص ‪ 12‬من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )1‬ينظر مرجع القاعدة ص ‪ 12‬من هذا البحث‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬باإلضافة إىل قاعدة "ترصف اإلمام عىل الرعية منوط باملصلحة"(‪.)1‬‬
‫وهذه القواعد كلها قد أسست عليها أحكام كثرية يف جماالت احلياة‬
‫املختلفة‪ ،‬منعت املسلم وإن كان حاكامً أو مسؤوالً من اإلساءة إىل‬
‫اآلخرين‪ ،‬وقيدت أنانيته يف استغالل املوارد ويف التمتع باخلريات(‪.)2‬‬
‫كام صاغ ابن قدامة ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬قاعدة جليلة تقول‪" :‬ما يفيض إىل‬
‫الرضر منه يف ثاين احلال جيب املنع منه يف ابتدائه"(‪.)3‬‬
‫ومفادها أن التعامل مع الرضر يكون قبل حدوثه‪ ،‬وال ترتك‬
‫مواجهته حتى يتم حدوثه‪ ،‬فيحتاط مستقب ً‬
‫ال للرضر طاملا توقع حدوثه؛‬
‫ألن ذلك أقل كلفة وأيرس يف التنفيذ‪ ،‬وهذا يعني أن تكون املرشوعات‬
‫البيئية يف صلب املرشوعات األولية يف املجتمع(‪.)4‬‬
‫وعموم ًا فقد حتدث الفقهاء ‪ -‬رمحهم اهلل ‪ -‬عن وجوب إزالة الرضر‬
‫احلاصل بإفساد املياه أو قطع األشجار أو غريها(‪ ،)1‬بل اعترب بعضهم‬
‫الرضر الذي يرتتب عليه إفساد البيئة كام يف تلويث مياه اآلبار‪ ،‬وإحداث‬
‫ما ينبعث منه دخان أو روائح كرهية‪ ،‬ورمي املزابل والقاممة عىل‬
‫الطرقات من الرضر الفاحش الذي ال بد من إزالته(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر مرجع القاعدة ص ‪ 12‬من هذا البحث‪.‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬رعاية البيئة يف رشيعة اإلسالم للدكتور يوسف القرضاوي ص ‪ 43‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغني ‪.322/4‬‬
‫(‪" )4‬اإلسالم ومحاية البيئة" للدكتور شوقي دنيا (بحث مقدم ملجمع الفقه اإلسالمي‬
‫الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي) ص ‪.21‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪ ،242/2‬والدر املختار ‪ ،122/6‬والكايف البن قدامة ‪،446/2‬‬
‫والفروع ‪.14/1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬درر احلكام رشح جملة األحكام ‪.224/3‬‬

‫‪81‬‬
‫وبناء عىل ما سبق فإن جريمة إلقاء النفايات الطبية اخلطرة بطريقة ال‬
‫يقرها النظام يمكن وصفها فقهي ًا بأهنا من إفساد األرض‪ ،‬ولذا بعد أن‬
‫ذكر الشوكاين ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬آية احلرابة وقف عند قوله تعاىل‪▬ :‬ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ♂ (سورة املائدة من اآلية‪ ،)33‬وقال‪ " :‬واختلف يف هذا الفساد‬
‫املذكور يف هذه اآلية ما هو؟ فقيل‪ :‬الرشك‪ ،‬وقيل‪ :‬قطع الطريق‪،‬‬
‫وظاهر النظم القرآين أنه ما يصدق عليه أنه فساد يف األرض‪ ،‬فالرشك‬
‫فساد يف األرض‪ ،‬والبغي عىل عباد اهلل بغري حق فساد يف األرض‪ ،‬وهدم‬
‫البنيان‪ ،‬وقطع األشجار‪ ،‬وتغوير األهنار‪ ،‬فساد يف األرض‪ ،‬فعرفت‬
‫هبذا أنه يصدق عىل هذه األنواع أهنا فساد يف األرض"(‪.)1‬‬
‫يقول الدكتور حممد بن حييى النجيمي‪" :‬وال ريب أن إهالك احلرث‬
‫والنسل‪ ،‬واإلرساف يف الصيد والرعي إىل حد اجلور‪ ،‬وتغوير األهنار‪،‬‬
‫وتلويث جماري املياه والبحار‪ ،‬هلو من أعظم الفساد‪ ،‬وصدق اهلل إذ‬
‫يقول‪▬ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ♂ (سورة البقرة من اآلية‪.)2(")231‬‬
‫واألصل وصف هذه اجلريمة يف نصوص األنظمة بأهنا جريمة‬
‫(اعتداء عىل البيئة)‪ ،‬ويعرب عنها أحيان ًا بجريمة (تلويث البيئة)‪ ،‬وهذا‬
‫الوصف يف الرشيعة ونصوص النظام باعتبار ما يرتتب عىل هذا السلوك‬
‫من رضر‪ ،‬وهذا الوصف ينطبق عىل من أساء للبيئة وإن مل يرتتب عىل‬
‫فعله الرضر املبارش‪.‬‬

‫(‪ )1‬فتح القدير‪.33/2‬‬


‫(‪ )2‬من بحثه‪ :‬البيئة واحلفاظ عليها من منظور إسالمي‪ ،‬بحث مقدم ملجمع الفقه اإلسالمي‬
‫الدويل التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي ص ‪.11‬‬

‫‪83‬‬
‫أما إن ترتب عىل تلويث البيئة بالنفايات اخلطرة رضر مبارش‪ ،‬كالذي‬
‫حدث لألطفال يف روسيا عندما أصيبوا بداء اجلدري جراء العبث‬
‫بمخلفات طبية ملوثة‪ ،‬فيمكن وصف هذا العمل فقهي ًا بأنه قتل أو جرح‬
‫بالتسبب‪.‬‬
‫كام يمكن تصنيف جرائم البيئة ضمن جرائم الرضر يف حال ترتب‬
‫النتيجة اإلجرامية املبارشة‪ ،‬وجرائم اخلطر يف حال عدم وجود رضر‬
‫مبارش‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫املبحث اخلامس‬
‫املسؤولية اجلنائية املرتتبة على‬
‫إساءة التخلص من النفايات الطبية‬

‫تعد التقنية املعارصة والتكنولوجيا احلديثة والتوسع العلمي يف‬


‫النشاط الطبي وغريه من األنشطة‪ ،‬املسؤول األول عن التلوث الذي‬
‫بات يغزو هذا الكوكب‪ ،‬واحلديث عن املسؤولية اجلنائية املرتتبة عىل‬
‫التلوث البيئي ال يعني مطلق ًا أن يكون هنج اإلسالم هو ذاته هنج الكنيسة‬
‫يف حماربة العلم ومعاقبة أهله‪ ،‬ولكن اإلسالم بمنهجه الرائع يف املوازنة‬
‫بني املصالح واملفاسد‪ ،‬يرى أن العلم املطلوب هو العلم الذي تفوق‬
‫مصاحله املفاسد‪ ،‬وهو الذي يسخر خلدمة البرشية وحتقيق سعادهتا بام ال‬
‫يتعارض مع املصالح األهم هلا‪.‬‬
‫أما العلوم التي تتسبب يف التخريب الدائم وفساد احلياة والتعدي‬
‫عىل اإلتقان اإلهلي الذي زان اهلل به هذا الكون‪ ،‬بتلويث مياه البحار‬
‫واألهنار‪ ،‬وثروهتام احليوانية‪ ،‬وتربة األرض وما فيها من مياه جوفية‪،‬‬
‫وتلويث اهلواء والسامء مما يصري حياة املخلوقات إىل الضيق والضنك‪،‬‬
‫بل "والقتل املمنهج لألبرياء‪ ،‬من خالل األمرا ض التي تنتج عن التلوث‬
‫اإلشعاعي أو الكيميائي‪ ،‬يف األطعمة أو اهلوا ء املستنشق‪ ،‬حتى غدا‬
‫احلديث عن الرسطانات واألمرا ض الغريبة شائع ًا بال استغراب‪ ،‬وغدا‬
‫إنسان اليوم كالذي يقف وسط حلبة رصاع ال يعرف من أين تأتيه‬

‫‪85‬‬
‫الرضبات واألدواء"(‪ ،)1‬فال يمكن أن تقبله رشيعة أو يقره عقل أو دين‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق وجب رشع ًا مساءلة كل من يلحق بالبيئة الرضر‪،‬‬
‫أو يعرض احلياة فيها للخطر‪ ،‬وال يمكن أن يقبل من اجلاين تذرعه بأنه‬
‫إنام قصد التطور العلمي والتنمية االقتصادية لبالده؛ ألنه كام سبق البيان‬
‫ال عربة بالباعث عىل اجلناية‪.‬‬
‫وألن احلديث هنا عام ينتج عن األنشطة الطبية من نفايات خطرة هلا‬
‫أثرها املدمر عىل النظام البيئي‪ ،‬فمن الواجب عىل األشخاص احلقيقيني‬
‫واملعنويني احلرص عىل أال يرتتب عىل أعامهلم التطويرية وأنشطتهم‬
‫اإلنتاجية يف املجال الطبي والصناعي (صناعة األدوية والعقارات)‬
‫اإلرضار بالبيئة‪ ،‬باتباع الربامج املعدة للتخلص منها‪ ،‬وإال فهم‬
‫مسؤولون عن جريمة تلويث البيئة بالنفايات اخلطرة‪.‬‬
‫واملسؤولية يف هذا النوع من اجلرائم قسامن‪:‬‬
‫‪-1‬مسؤولية الفرد واجلامعة يف حفظ البيئة‪:‬‬
‫وتتمثل مسؤولية الفرد يف عدم تلويث البيئة بالنفايات الطبية التي‬
‫تصدر عنه خارج املنشأة الصحية‪ ،‬من األدوية والعقاقري الطبية‬
‫واملضادات احليوية واإلبر واحلقن الرشجية وغريها‪ ،‬وأال يقوم‬
‫بترصيفها مع مكبات النفايات العامة‪ ،‬كام تتمثل مسؤولية اجلامعة يف قيام‬
‫املؤسسات واملنشآت الصحية‪ ،‬ومصانع األدوية‪ ،‬والصيدليات‬
‫بقطاعيها العام واخلاص‪ ،‬بترصيف نفاياهتا وفق األنظمة املقررة من قبل‬
‫وزارة الصحة والرئاسة العامة حلفظ البيئة‪.‬‬

‫(‪ )1‬من بحث "البيئة يف الفقه اإلسالمي وقاية وتنمية" للشيخ امليس ص ‪.21‬‬

‫‪86‬‬
‫وعىل األفراد واملؤسسات التوايص بام خيدم استمرار احلياة يف بيئة‬
‫نقية وصاحلة‪ ،‬من منطلق التعاون عىل الرب والتقوى‪ ،‬ووجوب األمر‬
‫باملعروف‪ ،‬والنهي عن املنكر‪ ،‬والتوايص باخلري‪ ،‬واحلث عىل أعامل الرب‬
‫يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬قال تعاىل‪▬ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ♂ (سورة املائدة من اآلية ‪ ،)2‬ويقول سبحانه‪▬ :‬ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ♂ (سورة آل عمران اآلية ‪ ،)134‬وقال سبحانه‪▬ :‬ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ♂‬
‫(سورة آل عمران من اآلية ‪.)113‬‬
‫وما من شك يف أن حفظ البيئة من الفساد احليس واملعنوي يصب يف‬
‫صلب األمر املعروف‪ ،‬والنهي عن إفسادها يقع يف بؤرة النهي عن‬
‫املنكر‪ ،‬باإلضافة إىل أن حفظ مقومات البيئة ساملة من التلوث مطلب‬
‫عىل اجلميع حتقيقه‪ ،‬باعتبار حق اجلميع يف االستفادة من تلك املقومات‪،‬‬
‫وعدم مرشوعية االستئثار بيشء منها‪ ،‬مما قد يرتتب عليه العبث‪ ،‬أو‬
‫التلويث‪ ،‬أو االستنزاف‪ ،‬قال تعاىل‪▬ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ♂ (سورة البقرة من اآلية ‪.)21‬‬
‫جاء يف بعض تأويالهتا أن مجيع ًا تعود إىل قوله‪( :‬لكم)‪ ،‬فيكون‬
‫املعنى أن حق االنتفاع بام يف األرض لكم مجيع ًا‪ ،‬ويؤيده ما جاء يف‬
‫احلديث‪( :‬املسلمون رشكاء يف ثالث‪ :‬املاء‪ ،‬والكأل‪ ،‬والنار) (‪.)1‬‬

‫(‪ ) 1‬احلديث يرويه ابن عباس ر ي اهلل عنهام‪ ،‬وأخرجه ابن ماجه يف سننه‪ ،‬باب املسلمون‬
‫رشكاء يف ثالث من كتاب الرهون (‪ ،226/2 )2412‬والبيهقي يف سننه الكربى‬
‫=‬ ‫(‪ ،113/6 )11612‬وقال البوصريي يف مصباح الزجاجة ‪ " :23/3‬إسناده ضعيف‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫‪-2‬مسؤولية ويل األمر أو من يقوم مقامه من اجلهات الرقابية‪:‬‬
‫وهذه املسؤولية تنطلق من قوله ☺‪( :‬كلكم راع وكلكم مسؤول‬
‫عن رعيته) (‪.)1‬‬
‫ومسؤولية اإلمام تتمثل يف‪:‬‬
‫أ – هتيئة السبل لتوعية املجتمع بأخطار النفايات الطبية‪.‬‬
‫ب‪-‬السعي يف تقديم الربامج املفيدة للمنشآت املسؤولة عن تلويث‬
‫البيئة يف كيفية التخلص من النفايات اخلطرة‪ ،‬والقيام بمتابعتها يف‬
‫عملية التنفيذ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الرضب عىل املخالف بيد من حديد‪ ،‬وإحلاق أقىص العقوبات‬
‫الرادعة به؛ نظرا ً لشدة الرضر املتوقع من هذه اجلريمة وعمومه‪.‬‬
‫ومسؤولية الراعي قائمة يف هذه املسألة عىل اعتبار أن من واجباته‬
‫املحافظة عىل التوازن البيئي‪ ،‬وعدم السامح ألحد بالعبث باملوارد‬
‫الطبيعية‪ ،‬وحفظ حق األجيال يف استغالهلا‪ ،‬واعتبار أن احلياة من‬
‫احلقوق العامة‪ ،‬فإذا أخل هبا شخص ما صار جمرم ًا جيب كف رشه عن‬
‫الناس‪ ،‬وإال انتقل رضره إىل الباقني‪.‬‬

‫وله شاهد من حديث هنيسة عن أبيها رواه أبو داو د يف سننه"‪ ،‬وهذا الشاهد رواه أبو‬
‫داود يف سننه من كتاب اإلجارة باب يف منع املاء (‪ ،212/3 )3411‬عن عيل عن‬
‫رجل من املهاجرين من أصحاب النبي ☺‪ ،‬كام أخرج هذه الرواية هبذا اإلسناد‬
‫اإلمام أمحد يف مسنده (‪ ،364/1)23132‬قال شعيب األرناؤوط‪" :‬إسناد صحيح"‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف صحيحه من حديث عبد اهلل بن عمر‪ ،‬باب املرأة راعية يف بيت‬
‫زوجها من كتاب النكاح (‪ ،1116/1 )4134‬ومسلم يف صحيحه‪ ،‬باب فضيلة‬
‫اإلمام العادل وعقوبة اجلائر واحلث عىل الرفق بالرعية والنهي عن إدخال املشقة عليهم‬
‫من كتاب اإلمارة (‪.1411/3 )1221‬‬

‫‪88‬‬
‫ومما يدل عىل وجوب كف رش أهل الرش قوله ☺‪( :‬مثل القائم عىل‬
‫حدود اهلل والواقع فيها كمثل قوم استهموا عىل سفينة فأصاب بعضهم‬
‫أعالها وبعضهم أسفلها‪ ،‬وكانوا إذا استقوا من املاء مروا عىل من‬
‫فوقهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو أنا خرقنا يف نصيبنا خرق ًا ومل نؤذ من فوقنا‪ ،‬فإن‬
‫تركوهم وما أرادوا هلكوا مجيع ًا‪ ،‬وإن أخذوا عىل أيدهيم نجوا‬
‫مجيع ًا)(‪.)1‬‬
‫وهذا احلديث يوضح مبد ًأ مهامً يف الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬وهو أن‬
‫حرية الفرد مرهونة بام يلحق اآلخرين من ممارستها‪ ،‬فمتى ما حلق‬
‫باآلخرين رضر فعىل اإلمام منع الفرد من مزاولة ما يريده‪ ،‬وهو أصل‬
‫يف منع جتاوزات األفراد عىل املصالح العامة‪ ،‬وحفظ حق املجتمع يف‬
‫السالمة من الرضر‪ ،‬وانعكاسات ذلك يف جمال البيئة كثرية‪ ،‬ومنها أن‬
‫املؤسسات الصحية وما يف معناها مما خيدم القطاع الصحي ممنوعة من‬
‫التخلص من نفاياهتا الطبية بصورة تلحق الرضر بالبيئة‪ ،‬وهذا التوجيه‬
‫النبوي يرشع أخالقيات سامية يف التعامل مع الطبيعية ومواردها ويف‬
‫احلفاظ عليها‪ ،‬ومنع أنانية األفراد واملؤسسات من متلكها والعبث هبا‪.‬‬
‫ال لتحقيق أمن املجتمع من‬ ‫وقد جندت الدولة اإلسالمية جهاز ًا كام ً‬
‫عبث العابثني وإفساد املفسدين‪ ،‬بام يف ذلك األمن البيئي‪ ،‬أال وهو‬
‫جهاز احلسبة‪ ،‬واملحتسب هو الرقيب الذي يتابع سري التعامل بني‬
‫الناس يف أسواقهم ومصانعهم ودور عبادهتم‪ ،‬ومساكنهم وطرقاهتم‪،‬‬
‫وهو عارف بأحكام الرشيعة‪ ،‬قاصد يف حسبته وجه اهلل تعاىل‪ ،‬ملتزم بام‬

‫(‪ )1‬احلديث يرويه النعامن بن بشري ‪ ،‬وأخرجه البخاري يف صحيحه‪ ،‬باب هل يقرع يف‬
‫القسمة واالستهام فيه‪ ،‬من كتاب الرشكة (‪.222/2 )2361‬‬

‫‪89‬‬
‫يأمر به‪ ،‬متواضع متودد ومتقرب من الناس لني القول‪ ،‬طلق الوجه‪،‬‬
‫حسن اخللق‪.‬‬
‫وقد عرفت للمحتسب يف التاريخ اإلسالمي تدخالت كثرية يف‬
‫شؤون املجتمع‪ ،‬منها الكثري مما يتعلق بصون البيئة واألمر بأسباب حفظ‬
‫الصحة العامة‪ ،‬واملنع مما يرتتب عليه األذى من األفعال‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬تدخل املحتسب يف الطرقات ملنع السكان من إرضا ر‬
‫السالكني بمياه األمطار الساقطة من احليطان‪ ،‬ومنع جماري األوساخ‬
‫اخلارجة من الدور يف زمن الصيف‪.‬‬
‫وتدخل املحتسب أيض ًا يف مراقبة صانعي الدقيق بأمرهم بغربلة‬
‫الغلة من الرتاب وتنظيفها من الغبار قبل طحنها‪ ،‬ويأمر اخلبازين بفتح‬
‫منافذ يف سقوف األفران لئال يرض الناس ببقائه يف اخلبز‪ ،‬وأن هيتم اخلباز‬
‫بتنظيف الفرن قبل استعامله‪ ،‬ويدقق عىل اخلبازين يف نظافة األوعية‬
‫وتغطية اخلبز‪ ،‬وهيتم بنظافة اخلباز ويمنعه من ممارسة مهنته إذا مل يقم‬
‫بتغطية شعره وتنظيف جسمه‪.‬‬
‫ويامرس املحتسب دوره يف منع حمالت األطعمة والصيادلة‬
‫والعطارين وغريهم من ممارسة الغش يف صنائعهم‪ ،‬وما يرتتب عىل‬
‫ذلك من رضر بأجسام الناس‪.‬‬
‫كام أنه يتدخل يف توجيه أصحاب احلاممات إىل تنظيف املياه‬
‫واألحواض واألواين كل مساء‪ ،‬ملنع ما يلحقها من تلوث قد يؤدى إىل‬
‫انتقال العدوى بني الناس‪.‬‬
‫وهكذا عمل نظام احلسبة يف اإلسالم عىل وقاية املجتمع من كثري‬
‫من مظاهر الفساد التي تنتج عن أنانية األفراد أو جهلهم‪ ،‬وتتسبب يف‬
‫‪91‬‬
‫تلويث البيئة أو نرش األمراض‪ ،‬وقد أدى هذا النظام دور ًا مه ًام يف توجيه‬
‫املجتمع وضبط سلوكياته بمنطق الرشع واألخالق أوالً‪ ،‬ثم بمنطق‬
‫النظام ثاني ًا‪ ،‬والذي كان مدعوم ًا من السلطة احلاكمة يف املجتمع(‪.)1‬‬
‫ومما جتدر اإلشارة إليه أن جريمة تلويث البيئة بالنفايات اخلطرة‪،‬‬
‫طبية كانت أو غريها‪ ،‬جرائم هلا خصوصيتها بحيث ال يمكن إخضاعها‬
‫لألوضاع العادية‪ ،‬وال يمكن إدراجها ضمن اجلرائم التقليدية ألسباب‪:‬‬
‫السبب األول‪ :‬من املتقرر ‪-‬كام سبق‪ -‬أن اجلرائم البد أن يكون هلا‬
‫ركنان‪ :‬مادي‪ ،‬ومعنوي‪.‬‬
‫واملادي يشتمل عىل‪ :‬النشاط اإلجرامي‪ ،‬والرضر احلاصل‪،‬‬
‫والرابطة السببية‪ ،‬وهذا األمر مشكل يف جرائم تلويث البيئة؛ إذ هذا‬
‫النوع من اجلرائم يفتقد أحد العنارص املهمة يف الركن املادي‪ ،‬وهو‬
‫ترتب الرضر أو ما يعرب عنه نظام ًا بالنتيجة اإلجرامية؛ إذ من املمكن أال‬
‫ترتتب أي نتيجة فورية للفعل‪ ،‬وقد يستغرق ظهور هذه النتيجة وقت ًا‬
‫ال‪ ،‬مما يستدعي اعتبار الفعل جريمة بمجرد القيام به دون وجود أي‬ ‫طوي ً‬
‫نتيجة مبارشة‪.‬‬
‫السبب الثاين‪ :‬أن النشاط اإلجرامي قد يكون مرصح ًا به يف أنظمة بعض‬
‫الدول؛ نتيجة ملا سبق ذكره من تدين مستوى الوعي أو االقتصاد فيها‪ ،‬أو‬
‫نتيجة لغري ذلك‪ ،‬بل ربام صدر النشاط (التلويث بالنفايات اخلطرة) من‬
‫الدولة نفسها من خالل مؤسساهتا الصحية‪ ،‬أو الصناعية‪ ،‬أو غريمها‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬هناية الرتبة يف طلب احلسبة للشريازي ص ‪ ،13‬ومعامل القربة البن األخوة ص‬
‫‪ 11‬وما بعدها‪ ،‬كام أورد نحوا ً منه املاوردي يف األحكام السلطانية ص ‪ ،223‬وينظر‬
‫أيض ًا‪ :‬بحث " اإلسالم والبيئة " للدكتور الزيادي ص ‪.16‬‬

‫‪90‬‬
‫السبب الثالث‪ :‬أن محاية البيئة من التلويث وإن كان لضامن احلق‬
‫العام‪ ،‬وحتقيق املصلحة العامة‪ ،‬فمن املمكن أن يكون املعتدى عليه فيها‬
‫حق ًا خاص ًا‪ ،‬وهذا كله يفيض إىل اشتباك األمور واختالطها يف جريمة‬
‫تلويث البيئة (‪.)1‬‬
‫السبب الرابع‪ :‬كام يضطرب الركن املادي يف جريمة تلويث البيئة‬
‫بالنفايات اخلطرة‪ ،‬يضطرب الركن املعنوي أيض ًا؛ إذ من الصعوبة يف‬
‫خطأ‪ ،‬فوجود‬‫ً‬ ‫هذا النوع من اجلرائم التمييز بني كون اجلريمة عمد ًا أو‬
‫النفايات الطبية امللوثة بالفريوسات املعدية والقاتلة؛ كاجلدري مث ً‬
‫ال يف‬
‫مكبات النفايات العادية‪ ،‬مما يرتتب عليه انتقاهلا إىل كل من متتد إليها يده‬
‫من األطفال ونحوهم‪ ،‬جيعل القضاء متحريا ً يف قصد ملقي النفايات؛ إذ‬
‫تعمده اإلرضار حمتمل‪ ،‬كام أن جهله وخطأه الصادر عن اإلمهال وعدم‬
‫التحرز وارد أيض ًا‪ ،‬وهذا االحتامل يعترب شبهة تدفع العقوبة املقدرة عن‬
‫املجرم‪ ،‬وإن ترتب عىل فعله القتل واجلرح؛ وكام هو معلوم أن الشبهات‬
‫تدرأ احلدود(‪ ،)2‬ويمكن أن يستدل عىل ما ذكر بفعل أمري املؤمنني عيل‬
‫بن أيب طالب ‪ ،‬حيث مل يقطع من شهدا عىل سارق قطع بشهادهتام مع‬
‫تسببهام يف القطع؛ الدعائهام اخلطأ (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جريمة تلويث البيئة للملكاوي ص ‪ 13‬بترصف‪.‬‬


‫(‪ ) 2‬أمجع أهل العلم عىل أن احلدود تدرأ بالشبهات‪ ،‬وقد نقل اإلمجاع ابن املنذر يف كتابه‬
‫اإلمجاع‪ ،‬وابن اهلامم يف كتابه فتح القدير ‪ ،241/1‬وابن قدامه يف املغني ‪،11/1‬‬
‫استناد ًا إىل حديث أيب هريرة ‪( :‬ادفعوا احلدود ما وجدتم له مدفع ًا) أخرجه ابن‬
‫ماجه يف سننه‪ ،‬باب السرت عىل املؤمن ودفع احلدود بالشبهات‪ ،‬من كتاب احلدود‬
‫(‪ ،213/2 )2141‬قال البوصريي يف املصباح ‪ " :133/3‬إسناد ضعيف‪ ،‬وله شاهد‬
‫من حديث عائشة"‪.‬‬
‫=‬ ‫(‪ )3‬ونص األثر "أن رجلني شهدا عند عيل ‪ ‬عىل رجل بالرسقة فقطعه‪ ،‬ثم عادا فقاال‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫وبناء عىل ما سبق ذكره‪ ،‬فالعقوبات التي يمكن أن يفرضها ويل‬
‫األمر عىل الساعني يف تلويث البيئة وإفسادها بالنفايات اخلطرة‪ ،‬وإن مل‬
‫حتدث رضر ًا مبارشا ً عقوبات تعزيرية فقط‪ ،‬تتدرج من التوبيخ إىل‬
‫السجن والغرامات املالية إىل القتل؛ وذلك لكون هذا النوع من اجلرائم‬
‫ال عقوبة فيه مقدرة رشع ًا‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر‪ ،‬أن النظام يف اململكة العربية السعودية ينص‬
‫عىل أنظمة رصحية تردع املنشآت املخالفة التي ترمي نفاياهتا كيفام اتفق‬
‫دون اعتبار لألرضار التي من املمكن أن تسببها؛ كالغرامات املالية‪،‬‬
‫والسجن‪ ،‬أو هبام مجيع ًا‪ ،‬يف حالة وجود خمالفات من املنشآت الصحية‬
‫بتطبيق الربنامج الوطني للتخلص من النفايات الطبية‪ ،‬كام يمكن‬
‫العقوبة بإقفال املنشآت الصحية(‪.)1‬‬
‫كام يمكن تطبيق حد احلرابة يف اجلرائم اجلسيمة منها(‪)2‬؛ عىل اعتبار‬
‫أن التعرض ألمن األفراد يف أنفسهم وذرياهتم‪ ،‬وإخافتهم بقطع الطريق‬
‫عليهم‪ ،‬واستنزاف أمواهلم‪ ،‬هو صورة مبارشة وحمدودة األثر من صور‬
‫التعرض لألمن البيئي العامة والبعيدة املدى‪.‬‬
‫كام أن عدم تطبيق العقوبة املقررة عىل من قتل أو جرح نفس ًا‬
‫بالتسبب يف إلقاء النفايات اخلطرة ال يعني عدم تعزيره من اإلمام‪ ،‬بل‬

‫أخطأنا‪ ،‬ليس هذا هو السارق‪ ،‬فقال عيل‪ :‬لو علمت أنكام تعمدمتا لقطعتكام" أخرجه‬
‫البخاري تعليق ًا‪ ،‬باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم ؟‪...‬‬
‫من كتاب الديات ‪..2121/6‬‬
‫(‪ )1‬حتقيق جريدة الرياض السابق‪ ،‬والكالم املذكور لألستاذ عيل الغامدي‪ .‬ينظر ص ‪13‬‬
‫من هذا البحث‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬بحث البيئة واحلفاظ عليها من منظور إسالمي للدكتور النجيمي ص ‪.11‬‬

‫‪93‬‬
‫يعزر إلمهاله‪ ،‬وعدم عنايته بحفظ خملفاته‪ ،‬مع مسؤوليته عن التعويض‬
‫عن الرضر املبارش الناتج عن فعله يف هذه املسألة(‪.)1‬‬
‫ويمكنني ختريج القول بعدم القود يف مسألة التسبب يف أذى الغري بام‬
‫يلقيه اإلنسان من السموم يف مكب نفاياته اخلاصة‪ ،‬بعدمه يف مسألة‬
‫التسبب يف أذاهم بام يدسه اإلنسان من سم يف طعام نفسه؛ حيث نص‬
‫كثري من فقهاء الشافعية(‪ )2‬واحلنابلة(‪ )3‬عىل عدم الضامن مطلق ًا عىل من‬
‫وضع يف طعام نفسه سامً‪ ،‬فدخل آخر فأكل منه فامت‪ ،‬قالوا ‪ :‬ألنه مل‬
‫يقتله‪ ،‬وإنام اآلكل قتل نفسه‪ ،‬أشبه ما لو حفر بئرا ً يف بيته‪ ،‬فدخل فيها‬
‫غريه بغري إذنه فوقع فيها(‪ ،)4‬مع كوهنم يوجبون القود فيمن يقتل غريه‬
‫بتقديم الطعام املسموم له عمد ًا‪.‬‬
‫وأما احلنفية(‪ )1‬واملالكية(‪ )6‬فلم ينصوا ‪ -‬حسب ما اطلعت عليه‪-‬‬
‫عىل هذه املسألة‪ ،‬ولكنهم ال يرون وجوب القود‪ ،‬بل التعزير والتأديب‬
‫فقط عىل من دس س ًام يف طعام ثم قدمه لغريه‪ ،‬فأكل منه فامت من ذاك‬
‫السم؛ ألنه أكله باختياره(‪ ،)1‬فحصل املوت بفعله ال بفعل غريه‪،‬‬
‫فالقول بعدم تضمني داس السم يف طعام نفسه هو األوىل واألحرى‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪ ،321/2‬والذخرية ‪ ،11/1‬ومغني املحتاج ‪ ،2-1/4‬واإلنصاف‬


‫‪.33-32/13‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬روضة الطالبني ‪ ،131/1‬وهناية املحتاج ‪ ،211/1‬ومغني املحتاج ‪،1/4‬‬
‫وإعانة الطالبني ‪.114/4‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املغني ‪ ،212/2‬والكايف ‪ ،11/4‬واملبدع ‪ ،241/2‬وكشاف القناع ‪.131/1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املغني ‪ ،212/2‬واملبدع ‪ ،241/2‬وكشاف القناع ‪.131/1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪ ،113/26‬والدر املختار ‪ ،142/6‬وبدائع الصنائع ‪.231/1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الذخرية ‪.224/12‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪.231/1‬‬

‫‪94‬‬
‫بمذهبهم‪.‬‬
‫ووجه إحلاق مسألة عدم الضامن بوضع السموم يف نفايات اإلنسان‬
‫بوضعها يف طعام اإلنسان نفسه‪ ،‬أن ك ً‬
‫ال من طعام اإلنسان والنفايات‬
‫الناجتة عنه من األمور اخلاصة التي ال حق ألحد يف التطفل عليها يف‬
‫اجلملة‪ ،‬أو التطاول عليها دون حفظ خلصوصيات الغري ورعاية حلرمته‪.‬‬
‫ولكن القول يف مسألة النفايات الطبية قد خيتلف شيئ ًا يسريا ً عنه يف‬
‫مسألة الطعام اخلاص إن كان املقرر ‪-‬نظام ًا يف البالد‪ -‬ح ْظر كب‬
‫املنتجات الطبية اخلطرة من قبل األفراد واملؤسسات يف املكبات العامة‪،‬‬
‫حيث جيب الضامن حينئذ‪ ،‬والتعزير‪ ،‬حلصول الرضر للغري بسبب خمالفة‬
‫أنظمة البالد‪.‬‬

‫‪95‬‬
96
‫اخلامتة‬

‫احلمد هلل الذي بعث املرسلني مبرشين ومنذرين‪ ،‬وأنزل الكتب‬


‫باحلق املبني‪ ،‬أنار العقول‪ ،‬وأوضح السبيل‪ ،‬فمن اهتدى فلنفسه ومن‬
‫ضل فعليها‪.‬‬
‫والصالة والسالم عىل من جعلنا عىل املحجة البيضاء‪ ،‬ليلها كنهارها‬
‫ال يزيغ عنها إال هالك‪ ،‬خري أسوة‪ ،‬وأعظم قدوة‪ ،‬السعادة يف طاعته‬
‫واتباع هديه‪ ،‬والشقاوة يف مشاقته وخمالفه أمره‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فأضع بني يدي القارئ الكريم يف هناية هذا البحث أهم النتائج مع‬
‫بعض التوصيات‪.‬‬
‫نتائج البحث‪:‬‬
‫‪ -1‬النفايات أو املخلفات الطبية يراد هبا‪ :‬املواد الصلبة أو السائلة التي‬
‫تنتج عادة عن عمليات الوقاية والتشخيص واملعاجلة والبحث يف‬
‫أمراض اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -2‬تنقسم نفايات املنشآت الصحية إىل خطرة وغري خطرة‪ ،‬واخلطرة‬
‫منها ما تنتج عن األنشطة الطبية‪ ،‬والتي بسبب كميتها‪ ،‬أو تركيزها‪،‬‬
‫أو خصائصها الكيميائية أو الفيزيائية أو احليوية تشكل خطرا ً عىل‬
‫صحة اإلنسان‪ ،‬وسالمة بيئته‪ ،‬خالل التداول‪ ،‬والتخزين‪ ،‬والنقل‪،‬‬
‫واملعاجلة‪ ،‬والطرح التلقائي‪ ،‬كالنفايات التي تسبب العدوى‪،‬‬
‫والنفايات الكيميائية‪ ،‬والنفايات املسببة للتغريات اجلينية‪ ،‬والنفايات‬
‫‪97‬‬
‫احلادة‪ ،‬ونفايات املعادن الثقيلة‪ ،‬والنفايات املشعة‪ ،‬ونفايات‬
‫الغازات املضغوطة‪ ،‬أما غري اخلطرة فالنفايات الناجتة عن املطابخ‬
‫واملكاتب التابعة للمنشأة الصحية كبقايا الطعام والنفايات الورقية‬
‫واخلشبية ونحوها‪.‬‬
‫‪ -3‬للنفايات الطبية أرضار صحية‪ ،‬وبيئية‪.‬‬
‫فاألرضار الصحية تنتج عن النفايات املعدية‪ ،‬حيث حيتوي هذا‬
‫النوع من النفايات عىل كميات كبرية متنوعة وخمتلفة من ميكروبات‬
‫املرض املختلفة‪ :‬كامليكروبات اجللدية‪ ،‬وميكروبات اجلهاز‬
‫التناسيل‪ ،‬وبكترييا السل‪ ،‬وميكروبات االلتهابات املعوية‪ ،‬وكذا‬
‫تنتج األرضار الصحية عن املخلفات الكيميائية الدوائية واملخلفات‬
‫الكيميائية املغرية للجينات واملخلفات املشعة‪.‬‬
‫أما األرضار البيئية وهي ما يعرب عنها بالتلوث البيئي؛ فمردها إما‬
‫عدم القيام باألعامل املنظمة واخلطوات املطلوبة‪ ،‬وعدم العناية‬
‫بالربامج اخلاصة بمعاجلة النفايات الطبية خصوص ًا يف البالد النامية‬
‫ال أو هتاون ًا‪ ،‬وإما لظهور النزعات التسلطية لدى بعض‬ ‫جه ً‬
‫املجتمعات البرشية‪ ،‬مما جيعلها تترصف بطريقة وحشية للتخلص‬
‫من نفاياهتا الصناعية‪ ،‬حيث تغزو الدول العظمى بنفاياهتا اخلطرة‬
‫بعض الدول النامية‪ ،‬وتصري بغي ًا وظلامً وعدوان ًا أراضيها مكبات‬
‫لنفاياهتا‪ ،‬كام أن األرضار البيئية منها ما يؤثر عىل اجلانب الرضوري‬
‫ومنها ما يؤثر عىل اجلانب اجلاميل أو التحسيني‪.‬‬
‫‪ -4‬هناك مجلة من الطرق الصحيحة للتخلص من النفايات اخلطرة‪،‬‬
‫والتي أوجبتها بعض الدول‪ ،‬ويتم تنفيذها يف املشايف الصحية‪ ،‬تبدأ‬

‫‪98‬‬
‫بفرز النفايات الطبية‪ ،‬ثم مجعها ونقلها داخل املنشأة الصحية‪ ،‬ثم‬
‫مرحلة ختزينها‪ ،‬ويف كل مرحلة أمور ينبغي مراعاهتا‪ ،‬ثم املرحلة‬
‫األخرية وهي مرحلة التخلص منها إما بحرقها وترميدها‪ ،‬أو ردمها‬
‫ودفنها‪ ،‬أو باستخدام أنظمة التعقيم باألتوكالف أو التعقيم البخاري‪،‬‬
‫أو بأنظمة املعاجلة بامليكروويف أو املعاجلة باألشعة‪ ،‬أو بأنظمة‬
‫املعاجلة الكيميائية‪ ،‬أو أنظمة املعاجلة األخرى؛ كنظام املعاجلة‬
‫باحلرارة أو التعقيم احلراري‪.‬‬
‫‪ -5‬يمكن أن توصف جريمة إساءة التخلص من النفايات الطبية يف‬
‫الفقه اإلسالمي بأهنا جريمة إفساد يف األرض‪ ،‬وتوصف يف نصوص‬
‫النظام بجريمة تلويث البيئة أو االعتداء عىل البيئة‪.‬‬
‫‪ -6‬من ييسء يف عمليات التخلص من النفايات الطبية مسؤول جنائي ًا‪،‬‬
‫وبالنظر إىل الرضر املرتتب عىل هذا التلويث يمكن أن يعترب متسبب ًا‪،‬‬
‫ويعزر‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫وأخريا ً أويص اجلهات املسؤولة يف ختام هذا البحث بام ييل‪:‬‬

‫‪ -1‬توعية العاملني يف القطاع الصحي بخطورة التعامل مع النفايات‬


‫الطبية‪ ،‬واملبادرة بتوفري األجهزة واملعدات واألدوات والناقالت‬
‫التي حتقق ألوئلك التخلص اآلمن من تلك النفايات‪.‬‬
‫‪ -2‬توعية املجتمع بأرسه عن طريق الندوات واملحارضات واملنشورات‬
‫بخطورة التعامل مع خملفات التطبيب املنزيل‪ ،‬وما ينتج عن ذلك من‬
‫أبر وحقن وأدوية ومضادات حيوية‪ ،‬والتحذير من ترصيف هذه‬
‫النفايات يف املكبات العامة‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫‪ -3‬إلزام املشايف الصحية احلكومية بقبول ما يصل إليها من أفراد‬
‫املجتمع من نفايات طبية ناجتة عن التطبيب يف املنازل؛ لتقوم‬
‫بدورها بالتخلص منها بالطريقة اآلمنة‪.‬‬
‫‪ -4‬مراقبة املنشآت الصحية ومتابعتها والتفتيش عليها بشكل دوري‬
‫ومفاجئ؛ للتحقق من مدى التزامها التخلص اآلمن من النفايات‬
‫اخلطرة‪.‬‬
‫‪ -1‬الرضب بيد من حديد عىل كل منشأة صحية ال تلتزم النظام يف‬
‫التخلص من النفايات الطبية‪ ،‬وإيقاع أقىص العقوبات عليها‪ ،‬ويف‬
‫املقابل تكريم املنشآت املبادرة لتنفيذ مشاريع الدولة هبذا اخلصوص‬
‫تشجيع ًا هلا وحتفيزا ً لغريها‪.‬‬
‫وأخريا ً أويص الرشعيني بتناول مثل هذه املواضيع‪ ،‬وعليهم أن‬
‫يبينوا ما يرتتب عىل اإلخالل باألمن البيئي من تبعات دينية؛ إذ ربط‬
‫الرشع بالنواحي العلمية عند احلديث عن هذه املواضيع وأمثاهلا يسهل‬
‫عملية تقبل الناس للتغيري نحو األفضل‪ ،‬ويساهم يف حتقيق املطلوب‪.‬‬
‫ويف اخلتام أشكر اهلل تعاىل عىل ما يرس من إمتام هذه الرسالة‬
‫املخترصة‪ ،‬وأسأله أن جيعلها خالص ًة لوجهه الكريم‪ ،‬واحلمد هلل رب‬
‫العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل سيدنا ونبينا حممد وعىل آله وصحبه‬
‫أمجعني‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫فهرس املصادر واملراجع‬
‫أوالً‪ :‬فهرس الكتب واملطبوعات‪:‬‬
‫اإلمجاع‪ ،‬ملحمد بن إبراهيم بن املنذر النيسابوري‪ ،‬قدمه وراجعه‬ ‫‪.1‬‬
‫الشيخ‪ :‬عبد اهلل املحمود‪ ،‬وحققه الدكتور‪ :‬فؤاد عبد املنعم أمحد‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬الدوحة‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1432 ،‬ـه‪.‬‬
‫األحكام السلطانية والواليات الدينية للاموردي‪ ،‬من موقع اإلسالم‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وطبعة دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1122‬م‪.‬‬
‫اآلداب الرشعية واملنح املرعية‪ ،‬أليب عبد اهلل حممد بن مفلح‬ ‫‪.3‬‬
‫املقديس‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬وعمر القيام‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1411‬ـه‪.‬‬
‫األدب املفرد‪ ،‬أليب عبد اهلل حممد بن إسامعيل البخاري‪ ،‬طبعة حديث‬ ‫‪.4‬‬
‫أكاديمي للنرش والتوزيع‪ ،‬الباكستان‪.‬‬
‫األشباه والنظائر يف قواعد وفروع الشافعية‪ ،‬جلالل الدين عبد الرمحن‬ ‫‪.5‬‬
‫بن أيب بكر السيوطي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1433‬ـه‪.‬‬
‫إعانة الطالبني إىل حل ألفاظ فتح املعني‪ ،‬للسيد البكري ابن السيد حممد‬ ‫‪.6‬‬
‫شطا الدمياطي‪ ،‬دار الفكر للطباعة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫االعتصام‪ ،‬أليب إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي‪ ،‬املكتبة‬ ‫‪.7‬‬
‫التجارية‪ ،‬مرص‪.‬‬
‫األعالم قاموس تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب واملستعربني‬ ‫‪.8‬‬
‫واملسترشقني‪ ،‬خلريالدين الزركيل‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة اخلامسة عرشة ‪2332‬م‪.‬‬
‫‪010‬‬
‫اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف عىل مذهب اإلمام املبجل أمحد‬ ‫‪.9‬‬
‫بن حنبل‪ ،‬لعالء الدين أيب احلسن بن عيل بن سليامن بن أمحد‬
‫املرداوي‪ ،‬طبعة دار إحياء الرتاث‪.‬‬
‫البحر الرائق‪ ،‬لزين الدين بن نجيم احلنفي‪ ،‬وتكملته للطوري‪،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫وهبامشه كنـز الدقائق للنسفي‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫البحر املحيط يف أصول الفقه‪ ،‬لبد الدين حممد بن هبادر الزركيش‪،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫حتقيق‪ :‬د‪ :‬حممد حممد تامر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪1421 ،‬ـه‪.‬‬
‫بدائع الصنائع يف ترتيب الرشائع‪ ،‬لإلمام عالء الدين أيب بكر الكاساين‬ ‫‪.12‬‬
‫احلنفي‪ ،‬طبعة دار الكتب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪1122 ،‬م‪.‬‬
‫تبرصة احلكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام البن فرحون‬ ‫‪.13‬‬
‫املالكي‪ ،‬موقع اإلسالم‪.‬‬
‫التلخيص احلبري‪ ،‬ألمحد بن عيل بن حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬السيد‬ ‫‪.14‬‬
‫عبد اهلل هاشم اليامين املدين‪ ،‬املدينة املنورة ‪1324‬ـه‪.‬‬
‫تيسري التحرير‪ ،‬ملحمد أمني املعروف بأمري بادشاه‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬ ‫‪.15‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫اجلامع ألحكام القرآن(تفسري القرطبي)‪ ،‬أليب عبد اهلل حممد بن أمحد‬ ‫‪.16‬‬
‫األنصاري القرطبي‪ ،‬طبعة دار الشعب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫جامع البيان يف أحكام القرآن‪ ،‬ملحمد بن جرير الطربي‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫بريوت‪ ،‬ت‪.‬ط ‪1431‬ـه‪.‬‬
‫جريمة تلويث البيئة دراسة مقارنة البتسام سعيد امللكاوي‪ ،‬دار‬ ‫‪.18‬‬
‫الثقافة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪2332‬م‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية ألمحد بن عيل بن حجر العسقالين‪،‬‬ ‫‪.19‬‬
‫حتقيق م السيد عبد اهلل هاشم اليامين املدين‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫درر احلكام رشح جملة األحكام‪ ،‬لعيل حيدر‪ ،‬حتقيق‪ :‬فهمي احلسيني‪،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫الدر املختار رشح تنوير األبصار‪ ،‬لعالء الدين احلصكفي‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫الذخرية‪ ،‬لشهاب الدين أمحد بن إدريس القرايف‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حجي‪،‬‬ ‫‪.22‬‬
‫دار الغرب‪ ،‬بريوت‪1114 ،‬م‪.‬‬
‫رعاية البيئة يف رشيعة اإلسالم‪ ،‬للدكتور‪ :‬يوسف القرضاوي‪ ،‬دار‬ ‫‪.23‬‬
‫الرشوق‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2336‬م‪.‬‬
‫الروض املربع رشح زاد املستنقع‪ ،‬للشيخ منصور بن يونس البهويت‪،‬‬ ‫‪.24‬‬
‫مكتبة الرياض احلديثة‪ ،‬الرياض‪1313،‬ـه‪.‬‬
‫روضة الطالبني وعمدة املفتني‪ ،‬لإلمام النووي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪،‬‬ ‫‪.25‬‬
‫بريوت‪1432 ،‬ـه‪.‬‬
‫زاد املعاد يف هدي خري العباد ملحمد بن أيب بكر الزرعي املعروف بابن‬ ‫‪.26‬‬
‫قيم اجلوزية‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب وعبدالقادر األرناؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫مكتبة املنار اإلسالمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة عرشة ‪1431‬ـه‪.‬‬
‫سنن البيهقي الكربى‪ ،‬ألمحد بن احلسني بن عيل البيهقي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬ ‫‪.27‬‬
‫عبد القادر عطا‪ ،‬مكتبة دار الباز‪ ،‬مكة املكرمة‪1414 ،‬ـه‪.‬‬
‫سنن البيهقي الصغرى‪ ،‬ألمحد بن احلسني بن عيل البيهقي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪.28‬‬
‫حممد ضياء الرمحن األعظمي‪ ،‬مكتبة الدار‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪1413‬ـه‪.‬‬

‫‪013‬‬
‫سنن الرتمذي‪ ،‬ملحمد بن عيسى أبو عيسى الرتمذي‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد‬ ‫‪.29‬‬
‫حممد شاكر وآخرين‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫سنن أيب داود‪ ،‬لسليامن بن األشعث أبو داود السجستاين األزدي‪،‬‬ ‫‪.31‬‬
‫حتقيـق‪ :‬حممد حميي الدين عبداحلميد‪ ،‬دار املكتبة العرصية‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪1416‬ـه‪.‬‬
‫السنن الكربى‪ ،‬لإلمام أمحد بن شعيب أيب عبد الرمحن النسائي‪،‬‬ ‫‪.31‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبدالغفار سليامن البنداري‪ ،‬وسيد كرسوي حسن‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1411 ،‬ـه‪.‬‬
‫سنن النسائي (املجتبـى)‪ ،‬لإلمام أمحد بن شعيب النسائي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪.32‬‬
‫عبدالفتاح أبو غدة‪ ،‬مكتب املطبوعات‪ ،‬حلب‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1436‬ـه‪.‬‬
‫سنن ابن ماجه‪ ،‬ملحمد بن يزيد أيب عبد اهلل القزويني‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬ ‫‪.33‬‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫السيل اجلرار املتدفق عىل حدائق األزهار‪ ،‬ملحمد بن عيل بن حممد‬ ‫‪.34‬‬
‫الشوكاين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود إبراهيم زايد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪1431‬ـه‪.‬‬
‫رشح القواعد الفقهية ألمحد بن الشيخ حممد الزرقا‪ ،‬حتقيق‪ :‬مصطفى‬ ‫‪.35‬‬
‫أمحد الزرقا‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1431‬ـه‪.‬‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬لإلمام حممد بن إسامعيل أيب عبد اهلل البخاري‪،‬‬ ‫‪.36‬‬
‫حتقيق‪ :‬د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬دار ابن كثري‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪1431‬ـه‪.‬‬
‫صحيح ابن حبان‪ ،‬ملحمد بن حبان بن أمحد التميمي البستي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪.37‬‬
‫شعيب األرناؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1414‬ـه‪.‬‬
‫‪014‬‬
‫صحيح ابن خزيمة‪ ،‬ملحمد بن إسحاق بن خزيمة أيب بكر السلمي‬ ‫‪.38‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد مصطفى األعظمي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫بريوت ‪1313‬م‪.‬‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬لإلمام مسلم بن احلجاج أيب احلسني القشريي‬ ‫‪.39‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبدالباقي‪ ،‬دار إحياء الرتاث‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫صحيح مسلم برشح اإلمام حميي الدين النووي‪ ،‬املسمى املنهاج رشح‬ ‫‪.41‬‬
‫صحيح مسلم بن احلجاج‪ ،‬طبعة دار إحياء الرتاث‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪1312‬ـه‪.‬‬
‫غريب احلديث ألمحد بن حممد بن إبراهيم اخلطايب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الكريم‬ ‫‪.41‬‬
‫بن إبراهيم الغرباوي‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة املكرمة‪.‬‬
‫غمز عيون البصائر رشح األشباه والنظائر‪ ،‬ألمحد بن حممد مكي‬ ‫‪.42‬‬
‫احلسيني احلموي احلنفي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1431‬ـه‪.‬‬
‫الفائق‪ ،‬ملحمود بن عمر الزخمرشي‪ ،‬حتقيق‪ :‬عيل بن حممد البجادي‬ ‫‪.43‬‬
‫وحممد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪ ،‬مجع وترتيب‪:‬‬ ‫‪.44‬‬
‫أمحد بن عبد الرزاق الدويش‪ ،‬طبع ونرش رئاسة إدارة البحوث العلمية‬
‫واإلفتاء‪ ،‬اإلدارة العامة للطبعة والرتمجة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1411‬ـه‪.‬‬
‫الفتاوى املتعلقة بالطب وأحكام املرىض‪ ،‬ملجموعة من العلامء (الشيخ‬ ‫‪.45‬‬
‫حممد بن إبراهيم والشيخ عبدالعزيز بن باز واللجنة الدائمة للبحوث‬
‫العلمية واإلفتاء وهيئة كبار العلامء) إرشاف الدكتور‪ :‬صالح بن فوزان‬
‫‪015‬‬
‫الفوزان‪ ،‬طبعته ونرشته رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء‬
‫بالرياض‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1424‬ـه‪.‬‬
‫فتح الباري برشح صحيح البخاري‪ ،‬للحافظ أمحد بن عيل بن حجر‬ ‫‪.46‬‬
‫العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حمب الدين اخلطب‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪1311‬ـه‪.‬‬
‫فتح القدير اجلامع بني فني الرواية والدراية من علم التفسري‪ ،‬لإلمام‬ ‫‪.47‬‬
‫حممد بن عيل الشوكاين‪ ،‬طبعة دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫فتح القدير عىل اهلداية‪ ،‬لكامل الدين حممد بن عبدالواحد السيوايس‪،‬‬ ‫‪.48‬‬
‫املعروف بابن اهلامم احلنفي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫الفروع‪ ،‬لشمس الدين حممد بن مفلح املقديس‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو الزهراء‬ ‫‪.49‬‬
‫حازم القا ي‪ ،‬دار الكتب العلمية بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1412 ،‬ـه‪.‬‬
‫القاموس املحيط‪ ،‬للفريوز آبادي حممد بن يعقوب‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬ ‫‪.51‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1431‬ـه‪.‬‬
‫قواعد األحكام يف مصالح األنام‪ ،‬أليب حممد عز الدين عبد العزيز‬ ‫‪.51‬‬
‫السلمي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬وأيض ًا طبعة دار املعارف يف‬
‫بريوت‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود بن التالميد الشنقيطي‪.‬‬
‫القواعد‪ ،‬البن رجب احلنبيل‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى‪ ،‬مكة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪.52‬‬
‫الثانية ‪1111‬م‪.‬‬
‫قواعد الفقه‪ ،‬ملحمد عميم اإلحسان املجددي الربكتي‪ ،‬الصدف‪،‬‬ ‫‪.53‬‬
‫ببلرشز‪ ،‬كراتيش‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1431‬ـه‪.‬‬
‫الكايف‪ ،‬أليب عمر يوسف بن عبد اهلل بن عبد الرب القرطبي النمري‪،‬‬ ‫‪.54‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1431‬ـه‪.‬‬

‫‪016‬‬
‫الكايف يف فقه اإلمام املبجل أمحد بن حنبل‪ ،‬أليب حممد عبد اهلل بن قدامه‬ ‫‪.55‬‬
‫املقديس‪ ،‬حتقيق‪ :‬زهري الشاويش‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪.‬‬
‫كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬ملنصور بن يونس البهويت‪ ،‬طبعة دار‬ ‫‪.56‬‬
‫الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫كشف األرسار لعالء الدين عبد العزيز بن أمحد البخاري‪ ،‬حتقيق‬ ‫‪.57‬‬
‫عبد اهلل حممود حممد عمر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪1412 ،‬ـه‪.‬‬
‫لسان العرب‪ ،‬ملحمد بن مكرم بن منظور األفريقي املرصي‪ ،‬دار‬ ‫‪.58‬‬
‫صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫املبدع يف رشح املقنع‪ ،‬لربهان الدين إبراهيم بن حممد بن عبد اهلل بن‬ ‫‪.59‬‬
‫مفلح‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت ‪1433‬ـه‪.‬‬
‫املبسوط للرسخيس‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫‪.61‬‬
‫جملة األحكام العدلية‪ ،‬حتقيق‪ :‬نجيب هواويني‪ ،‬كارخانه جتارت كتب‪.‬‬ ‫‪.61‬‬
‫جممع الزوائد‪ ،‬لعيل بن أيب بكر اهليثمي‪ ،‬دار الريان للرتاث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪.62‬‬
‫جممع الضامنات‪ ،‬أليب حممد بن غانم بن حممد الغدادي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬ ‫‪.63‬‬
‫حممد أمحد رساج ود‪ .‬عيل مجعة حممد‪.‬‬
‫املجموع رشح املهذب‪ ،‬لإلمام أيب زكريا حميي الدين بن رشف‬ ‫‪.64‬‬
‫النووي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود مطرجي‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنرش والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪1411‬ـه‪.‬‬
‫جمموع الفتاوى‪ ،‬لشيخ اإلسالم تقي الدين ابن تيمية‪ ،‬مجع وترتيب‪:‬‬ ‫‪.65‬‬
‫عبد الرمحن بن حممد بن قاسم وبمساعدة ابنه حممد‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1416‬ـه‪.‬‬

‫‪017‬‬
‫املحىل باآلثار‪ ،‬أليب حممد عيل بن حزم الظاهري‪ ،‬حتقيق‪ :‬جلنة إحياء‬ ‫‪.66‬‬
‫الرتاث العريب‪ ،‬دار اآلفاق اجلديدة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫املستدرك عىل الصحيحني‪ ،‬ملحمد بن عبد اهلل أيب عبد اهلل احلاكم‬ ‫‪.67‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬حتقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪1411 ،‬ـه‪.‬‬
‫املستصفى ملحمد حممد الغزايل‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد السالم عبد الشايف‪،‬‬ ‫‪.68‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1413‬ـه‪.‬‬
‫مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬طبعة مذيلة بتعليقات الشيخ‪ :‬شعيب‬ ‫‪.69‬‬
‫االرناؤوط‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫مسند أيب عوانة‪ ،‬لإلمام أيب عوانة يعقوب بن إسحاق اإلسفرا ييني‪ ،‬دار‬ ‫‪.71‬‬
‫املعرفة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫مسند البزار‪ ،‬أليب بكر أمحد بن عمرو البزار‪ ،‬حتقيق د‪ .‬حمفوظ الرمحن‬ ‫‪.71‬‬
‫زين اهلل‪ ،‬مؤسسة علوم القرآن‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم‪1431 ،‬ـه‪.‬‬
‫مصباح الزجاجة‪ ،‬ألمحد بن أيب بكر بن إسامعيل الكناين البوصريي‪،‬‬ ‫‪.72‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد الكشناوي‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1433‬ـه‪.‬‬
‫مصنف عبدالرزاق‪ ،‬أليب بكر عبد الرزاق بن مهام الصنعاين‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪.73‬‬
‫حبيب الرمحن األعظمي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1433‬ـه‪.‬‬
‫املطالب العالية‪ ،‬ألمحد بن عيل بن حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬ ‫‪.74‬‬
‫سعد بن نارص الشثري‪ ،‬دار العاصمة‪ ،‬السعودية‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪1411‬ـه‪.‬‬

‫‪018‬‬
‫معامل القربة يف أحكام احلسبة‪ ،‬لإلمام حممد بن حممد القريش املعروف‬ ‫‪.75‬‬
‫بابن األخوة‪ ،‬نقل وتصحيح‪ :‬روبن ليوي‪ ،‬مطبعة دار الفنون‬
‫‪1312‬ـه‪.‬‬
‫معجم البلدان لياقوت بن عبد اهلل احلموي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫‪.76‬‬
‫املعجم الكبري‪ ،‬للطـرباين‪ ،‬حتقيق‪ :‬محدي بن عبد املجيد السلفي‪ ،‬وزارة‬ ‫‪.77‬‬
‫األوقاف‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫معجم املصطلحات الفقهية والقانونية‪ ،‬للدكتور جرجس جرجس‪،‬‬ ‫‪.78‬‬
‫الرشكة العاملية للكتاب‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1116‬م‪.‬‬
‫معجم املقاييس يف اللغة‪ ،‬أليب احلسني أمحد بن فارس بن زكريا‪،‬‬ ‫‪.79‬‬
‫حتقيق‪ :‬شهاب الدين أيب عمرو‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1411‬ـه‪.‬‬
‫املعجم الوسيط‪ ،‬إلبراهيم مصطفى وأمحد الزيات وآخرين‪ ،‬املكتبة‬ ‫‪.81‬‬
‫اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ ،‬للشيخ حممد اخلطيب‬ ‫‪.81‬‬
‫الرشبيني‪ ،‬عىل متن منهاج الطالبني للنووي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫املغني‪ ،‬أليب حممد عبد اهلل بن قدامة املقديس موفق الدين‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬ ‫‪.82‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1431‬ـه‪.‬‬
‫مقاصد الرشيعة‪ ،‬البن عاشور‪.‬‬ ‫‪.83‬‬
‫املنثور‪ ،‬ملحمد بن هبادر بن عبد اهلل الزركيش‪ ،‬حتقيق‪ :‬تيسري فائق أمحد‬ ‫‪.84‬‬
‫حممود‪ ،‬وزارة األوقاف‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪1431 ،2‬ـه‪.‬‬
‫املوافقات‪ ،‬أليب إسحاق إبراهيم الشاطبي‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد اهلل دراز‪ ،‬دار‬ ‫‪.85‬‬
‫املعرفة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫هناية الرتبة يف طلب احلسبة لعبد الرمحن بن نرص الشريازي‪ ،‬حتقيق‬ ‫‪.86‬‬

‫‪019‬‬
‫السيد العريني‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1121‬م‪.‬‬
‫نصب الراية يف ختريج أحاديث اهلداية‪ ،‬لعبد اهلل بن يوسف احلنفي‬ ‫‪.87‬‬
‫الزيلعي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد يوسف البنوري‪ ،‬دار احلديث‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫‪1311‬ـه‪.‬‬
‫النهاية يف غريب احلديث واألثر‪ ،‬أليب السعادات املبارك بن حممد‬ ‫‪.88‬‬
‫اجلزري‪ ،‬حتقيق‪ :‬طاهر أمحد الزاوي‪ ،‬وحممود حممد الطناحي‪ ،‬املكتبة‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت ‪1311‬ـه‪.‬‬
‫هنايـة املحتاج إىل رشح املنهاج يف الفقه عىل مذهب اإلمام الشافعـي‪،‬‬ ‫‪.89‬‬
‫لشمس الدين حممد بن أيب العبـاس أمحد بن محزة بن شهاب الدين‬
‫الرميل املنويف املرصي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت ‪1434‬ـه‪.‬‬
‫نيل األوطار رشح منتقى األخبار‪ ،‬ملحمد بن عيل الشوكاين‪ ،‬دار‬ ‫‪.91‬‬
‫اجليل‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫الوجيز يف إيضاح قواعد الفقه الكلية‪ ،‬للدكتور‪ :‬حممد صدقي البورنو‪،‬‬ ‫‪.91‬‬
‫مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1413‬ـه‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬دوريات وندوات‪:‬‬
‫‪ .92‬جملة جممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي (جمموعة‬
‫أجزاء تتضمن مجلة من األبحاث الفقهية)‪.‬‬
‫‪ .93‬األبحاث املقدمة يف موضوع (البيئة واحلفاظ عليها من منظور‬
‫إسالمي) ضمن املواضيع املقدمة للمؤمتر التاسع عرش ملجمع الفقه‬
‫اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬والذي أقيم يف الفرتة من‬
‫‪ 1-1‬مجادي األوىل ‪1433‬ـه املوافق ‪ 33-26‬أبريل ‪2331‬م بإمارة‬
‫الشارقة بدولة اإلمارات العربية املتحدة‪.‬‬

‫‪001‬‬
‫فهرس املوضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫‪1‬‬ ‫املقدمة ‪.........................................‬‬


‫‪1‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬املراد بالنفايات الطبية ‪...................‬‬
‫‪11‬‬ ‫أقسام النفايات ‪...................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬األرضا ر الصحية والبيئية الناجتة عن النفايات‬
‫‪11‬‬ ‫الطبية ‪..........................................‬‬
‫‪21‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬األرضا ر الصحية الناجتة عن النفايات الطبية ‪...‬‬
‫‪21‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬األرضا ر البيئية الناجتة عن النفايات الطبية ‪.....‬‬
‫‪43‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬كيفية التخلص من النفايات الطبية ‪.........‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬التوصيف الفقهي إلساءة التخلص من النفايات‬
‫‪61‬‬ ‫الطبية ‪..........................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬املسؤولية اجلنائية املرتتبة عىل إساءة التخلص‬
‫‪21‬‬ ‫من النفايات الطبية‪.................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫اخلامتة‪.........................................‬‬
‫‪131‬‬ ‫فهرس املصادر واملراجع ‪............................‬‬
‫‪111‬‬ ‫فهرس املوضوعات ‪................................‬‬

‫‪000‬‬
001

You might also like