You are on page 1of 28

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫إلى الطبيب وطالب الطب‬

‫أن العاقل‬ ‫ال شك‬


‫البصري ‪ -‬أيا كان ختصصه أو موقـعه ‪ -‬يعلم بأن العمر قصري ‪ ،‬واألنفاس معدودة ‪ ،‬واملوت قد يأيت بغتة ‪ ،‬واألطباء‬
‫‪ -‬بصفة خاصـة ‪ -‬أكـثـر الـنـاس معايشة هلذه املفاهيم ‪ ،‬ألهنم حيسون هبا كل يوم ‪ ،‬بل يف اليوم أكثر من مرة أحيان اً‪..‬‬
‫يشاهدون حلظات املوت حية أمام نواظرهم‪ ..‬يتابعون االحتضار حلظة بلحظة‪ ..‬كما أهنم يعايشـون أحاسيس أهل‬
‫املريض عند موته ‪ ،‬لذا كان من الطبيعي أن يكونوا أكثر معرفة باهلل وخوفـاً منه ‪ ،‬إن قورنوا بعامة الناس ‪ ،‬ولكن ‪-‬‬
‫لألسف الشديد ‪ -‬فإن القليل منهم يف هذا الزمان يعي أمهية دوره كطبيب يف الدعوة إىل اهلل (‪.)1‬‬

‫ودّوا لو تكفــــــرون‬
‫ح رص أع داء اإلس الم على اختالف أجناس هم وأل واهنم وبل داهنم على اجلد يف حتص يل علم الطب ‪ ،‬وبلغ وا أرفع‬
‫ال درجات ‪ ،‬ومما ال شك فيه وال ريب أن من أعظم مقاص دهم تس خير نتيجة تحصيلهم يف ال دعوة إىل دينهم أو‬
‫إخراج املسلم من دينه ليعيش بال دين ‪ .‬واقرأ قولهم (( حيث تجد بشراً تجد آالماً ‪ ،‬وحيث تكون اآلالم تكون‬
‫الحاجة إلى الط بيب ‪ ،‬وحيث تك ون الحاج ة إلى الط بيب فهنالك فرصة مناس بة للتبش ير )) ‪ ،‬وهكذا اختذ‬
‫املبشرون الطب ستاراً يقرتبون حتته من املرضى ‪ .‬واقرأ أيضاً قول أحدهم ويدعى الطبيب ( بول هاريسون) قال في‬
‫كتابه – الط بيب يف بالد الع رب ‪ (( : -‬إن المبش ر ال يرضى عن إنش اء مستش فى ولو بلغت من افع ذلك‬
‫المستش فى منطقة ( عُم ان ) بأسرها ‪ .‬لقد ُوج دنا نحن في بالد الع رب لنجعل رجالها ونس اءها نص ارى)) ‪.‬‬
‫ومن أصدق‬‫وص دق يف قوله وهو الكذوب ‪ ،‬فلقد أفصح عن أمر بيّته يف نفسه وعنه يدافع وناضل ‪ .‬وصدق اهلل ‪ْ ،‬‬
‫َّص َارى َحتَّى َتتَّبِ َع ِملََّت ُه ْم )) (البقرة‪:‬‬
‫ود َوال الن َ‬
‫ك الَْي ُه ُ‬
‫ض ى َع ْن َ‬
‫َن تَرْ َ‬
‫من اهلل قيالً و َمنْ أص دق من اهلل حديثاً ‪َ (( :‬ول ْ‬
‫‪ ، )120‬وهلذا كان بعضهم ال يعاجل املريض أبداً إالّ بعد أن حيمله على الاعرتاف بأن الذي يشفيه هو املسيح‪ .‬ويف‬
‫احلبشة ك انت املعاجلة ال تب دأ إالّ بعد أن يركع الم ريض ويسأل املس يح أن يش فيه ‪ .‬تق ول ( اي را ه اريس ) في‬
‫نص يحتها للط بيب ال ذاهب إىل مهمة تبش ريية ‪ (( :‬يجب أن تنتهز الف رص لتصل إلى آذان المس لمين وقل وبهم‬

‫(‪ )1‬األطباء والدعوة اإلسالمية ‪ ،‬د‪ .‬حسن علي الزهراني ‪ ،‬مجلة البيان العدد‪ 58‬جمادي اآلخرة ‪1413‬هـ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫فترسخ بهم اإلنجيل ‪ ،‬إيّ اك أن تض يع التط بيب في المستوص فات والمستش فيات فإنه أثمن تلك الف رص على‬
‫اإلطالق ‪ ،‬ولعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك ‪ :‬إن واجبك التطبيب فقط ال التبشير فال تسمع منه ))(‪.)2‬‬

‫ق امت منظّمة تنص ريية ت دعى ( عملية الربكة الدولي ة) وهي تابعة ملنظمة " ش بكة اإلذاعة املس يحية" واليت يرأس ها‬
‫مرش ح االنتخاب ات األمريكية ع ام ‪ ، 1987‬ق امت تلك املنظمة بتجه يز‬ ‫منص ر أم ريكي ي دعى " ب ات روبرتس ون" ّ‬ ‫ّ‬
‫ط ائرة لوكهيد ( ‪ )L-50-1011‬وحتويلها إىل مستش فى ط ائر ض خم بكلفة مخسة وعش رين ملي ون دوالر‪،‬‬
‫زود جبميع املع ّدات الالزمة للعملي ات اجلراحي ة والعالجي ة‪ ،‬حبيث جيوب من اطق كث رية يف الع امل وميكث يف من اطق‬ ‫م ّ‬
‫حم ّددة وخمت ارة ملدد ت رتاوح ما بني أس بوع إىل عش رة أي ام ‪ ،‬ويق ّدم خدماته باجملّ ان‪ ،‬ولكن ك انت حقيقة ه ذا العمل‬
‫اجملّ اين هي تنصري النّ اس‪ ،‬فقبل ب دء الكشف والعالج يُ ْس أل عن ديانت ه‪ ،‬مث يس تمع حملاض رة ملدة عشر دق ائق ح ول‬
‫املس يح عليه الس الم‪ ،‬وعن دين النّص ارى ‪ ،‬وض رورة البحث عن اخلالص يف رح اب املس يح‪ ،‬مث يعطى كمية من‬
‫الكتب والنش رات ويُطلَب منه دراس تها واحلض ور إىل عن وان معنّي بعد أيّ ام!!‪ .‬مستش فى طيّب ط ائر للتنص ري‪ ،..‬أال‬
‫تقدر أمة املليار نفس على مثله‪..‬؟!! (‪.)3‬‬

‫هذا هو الدور التنصيري العنص ري وال ذي جنّ َد وم ا ي زال الطب وهو مهنة إنس انية نبيلة يف ه ذا اهلدف التخرييب‬
‫ال ذي يفسد القلب وال روح يف مقابل إص الح مض غة يف اجلسد ‪ ،‬ويق وم ب دور أق رب أن يك ون نوعا من اللصوص ية‬
‫املقنعة ‪.‬‬

‫حتس ر عليه من ك ون الطب قد انتقل إىل أهل الكت اب‪ ،‬حيث ق ال ع اذالً أهل‬
‫رحم اهلل اإلمام الش افعي على ما ّ‬
‫اإلسالم يف تفريطهم يف علوم الطب‪ ،‬يقول‪ (( :‬ضيعوا ثلث العلم ‪ ،‬و َوكلوه إلى اليهود والنّص ارى ))‪ .‬ولكأنّه –‬
‫رمحه اهلل – يشري إىل اآلث ار الس يئة املرتتّبة على اس تحواذ أهل الكت اب على عل وم الطب‪ ،‬مثل إعراض هم عن أخالق‬
‫الطب وما ينبغي مراعاته فيه من آداب وأخالقيات ‪ ،‬يقول اإلمام الشافعي ذلكم الكالم يف عصره‪ ،‬حيث ال شوكة‬
‫ألهل الكتاب وال تس لّط وال فشوا للفواحش فيما بينهم آنذاك كحاهلم اليوم‪ ،‬فماذا عسى ذلكم اإلمام أن يقول لو‬
‫أدرك حال الغرب اليوم(‪.)4‬‬

‫إذاً فاجملال الطيب من أوسع األبواب اليت دخل منها الداعون إىل النصرانية يف بالد املسلمني ويف غري بالد املسلمني‪،‬‬
‫ومل يكن علم املهنة وال ختصصها مانعاً ملثل هؤالء يف استثمار اجملال الذي يعملون فيه يف الدعوة إىل النصرانية‪ ،‬وكما‬
‫نعلم فإن آالف بل ملايني حتولوا من اإلسالم إىل النصرانية من خالل هذه البوابة ‪ ،‬بوابة الطب‪ .‬وفي أندونيسيا مث ال‬
‫ص ارخ ملثل هذا االستغالل البشع من هؤالء للدعوة إىل النص رانية من خالل التضليل والت دليس واستغالل حاج ات‬
‫(‪ )2‬مكانة علم الطب ‪ ،‬عبدالعزيز بن محمد بن عبدهللا السدحان‪ ،‬كتاب المسائل الطبيبة للدكتور علي بن سليمان الرميخان‪.‬‬

‫ص رون أولى؟‪ ،‬الشيخ خالد بن عبد الرحمن الشايع‪ ،‬الرسالة‪ ،‬صدرت عن أطباء الحرمين بمناسبة المؤتمر الثالث –‬ ‫(‪ )3‬هل المن ّ‬
‫رجب ‪1423‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )4‬المصــــــــدر الســــــــابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الناس ‪ .‬إذا كان كذلك فهل ينبغي أن يقشعر بدن كثري من املسلمين إذا قلنا لهم أن اجملال الطيب من أوسع جماالت‬
‫ال دعوة إىل اهلل عزوجل وك أهنم يظنونن ا نري د أن ي رتك الط بيب جمسه ومبض عه ألجل أن يتلو محاض رة !! ‪ ،‬لا نريد‬
‫ذلك وإمنا نريد منه الكلمة احلس نة واألس لوب امله ذب والتنبيه إىل املخالفة وإه داء ما يس تطيع من خالل عمله الط يب‬
‫أو من خالل املجتمع ال ذي يعيش في ه‪ .‬نأم ل أن ن رى اجملال الطيب من أنشط اجملاالت يف نشر ال دعوة وحض الن اس‬
‫على اخلري ‪ ،‬ولس نا نطلب أن تنقلب العي ادات والمستش فيات إلى قاع ات محاض رات وال إلى من ابر واعظين‬
‫‪،‬وإنما نبتغي أن يستغل العاملون في هذا المجال مواقعهم المؤثرة لأجل أن يبلغوا م ا يس تطيعون من الخير وأن‬
‫يتخففوا قدر ما يستطيعون من المخالفة (‪.)5‬‬

‫ومما يزي دنا يقين اً بأمهيّة ال دعوة يف اجملال الطّيب و أن املستش فيات أرض خص بة لل دعوة ما للطب من عالقة جذرية‬
‫وم ْن ِم َن الناس ال يعرتي صحته سقم وال نصب ؟ ‪ ،‬فكل الناس‬
‫حبياة الناس ‪ ،‬فمن من الناس ال ميرض وال يعتل ؟ ‪َ ،‬‬
‫ك ذلك – إلّا من ش اء اهلل – لذا ت رى الن اس يهرع ون إىل طلب الاستطباب طمع اً يف الش فاء ‪ ،‬ويتحمل ون يف ذلك‬
‫الغالي والنفيس ‪ ،‬وكل ذلك يهون أمام نعمة الصحة والعافية (‪. )6‬و قد عرف أعداؤنا ذلك و وظّفوه خري التوظيف‬
‫‪ ،‬فال يصيب بل ٌد كارثةٌ وال نازلة إال ويهرع أطباء الصليب‪ ،‬يعطون الدواء بيد‪ ،‬والصليب باليد األخرى‪.‬‬

‫هذه مشكلتنا‬

‫الصحي اليوم‪ ،‬يرت ّد إليه بصره‬


‫ّ‬ ‫يتأمل واقع العمل‬
‫عندما يقلّب املرء نظره يف مستشفياتنا ومراكزنا الصحيّة‪ ،‬و ّ‬
‫حسرياً ‪ ،‬ال لقصو ٍر يف العمل التقين‪ ،‬وال يف التجهيزات ذات املستوى التقنّي املتق ّدم‪ ،‬وال يف الكوادر ّ‬
‫املؤهلة تأهيالً‬
‫خمل يف أس اس العمل الطيّب ل دينا ‪ ،‬يف اخللفية اليت نعمل من خالهلا‪ ،‬يف الكيفية اليت ن ربمج هبا‬ ‫ٍ‬
‫متميّ زاً ؛ بل لقص ور ّ‬
‫أي مستش فى يف بل ٍد إس المي‪ ،‬أين التفكري املب ّكر يف وضع تص ميم يُ راعى فيه‬ ‫أنظمتن ا‪ .‬بداي ةً من التخطيط لبن اء ّ‬
‫الفصل بني النّساء والرجال‪ ،‬أماكن الصالة و ما إىل ذلك ‪ .‬مروراً باختيار العاملني واستقدامهم من بلدان كافرة ‪،‬‬
‫انته اءً إىل ع دم وضع تص حيح ج ذري لوضع الكليّ ات الطبيّة ل دينا و إع ادة تأهيلها ش رعياً لتص بح كليّ ات طبيّة‬
‫إسالميّة‪ .‬وبني كل ذلك معاناة اجملال الصحي الرئيسية وأساس املشاكل ‪ ،‬االختالط‪.‬‬

‫مشكلتنا األساسية اليوم أننا ورثنا الطب من األسلوب الغريب شئنا أم أبينا‪ ،‬هذا األسلوب الغريب الذي صرنا‬
‫العملي‪ ،‬والتخصص‬
‫ّ‬ ‫درس ‪ ،‬مث يف طريقة التط بيق‬
‫نقلّ ده تقلي داً ك امالً يف أس لوب الت دريس وطريقته‪ ،‬ويف طبيعة ما ي ّ‬
‫بعد ذلك ‪ ،‬ح ىت يف كيفية فحص املرضى ‪ .‬الغرب له خلفيته الثقافية والعقدية اليت يرى من خالهلا القضايا‪ ،‬وحنن لنا‬

‫(‪ )5‬المرأة المسلمة في المجال الطبي آمال و ضوابط‪ ،‬الشيخ الدكتور عبد هللا وكيل الشيخ‪ ،‬محاضرة ضمن فعاليات دورة اإلعداد الدعوي للعاملين في المجال الطبي التي نظمتها لجنة أطباء الحرمين بمؤسسة الحرمين‬
‫الخيرية ‪.‬‬

‫(‪ )6‬مكانة علم الطب ‪ ،‬عبدالعزيز بن محمد بن عبدهللا السدحان‪ ،‬كتاب المسائل الطبيبة للدكتور علي بن سليمان الرميخان‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫عقائدنا وديننا ومفهومنا املستقل وإدراك ذلك يقودنا إىل إصالح األصل واألساس‪ .‬ملاذا جيب على طالب الطب –‬
‫أقرا ذلك‪..‬؟!! (‪.)7‬‬
‫مثالً – أن يولّد نسوة ويتجاوز الشرع واألحكام؟!‪ ،..‬هل ألن جورج ومسيث ّ‬

‫الإس الم ي رفض ذلك النمط من الطب واألطب اء املتقوقع داخل ذاته ‪ ،‬ال يعلم من أمر ال دنيا إال القليل ‪ ،‬وال‬
‫يعلم من أمر دينه غري األقل ‪ ،‬ولقد اكتس بنا ه ذا النمط من الطب واألطب اء من الطب الغ ريب احلديث ال ذي ي زداد‬
‫تقوقع اً وجتزءاً كلم ا تق دم يف العلم‪ .‬وكلنا يع رف كيف كان حال الط بيب يف تارخينا اإلس المي‪ ،‬وكيف ك انت‬
‫مساحة املعرف ة بني علمه وفنه التقني ‪ ،‬وبني مج الات الثقافة الواسعة والوعي اإلسالمي الصحيح فالتكامل والشمول‬
‫صفتان منبثقتان انبثاقاً مباشراً من اإلسالم ومها مالزمتان لشخصية املسلم الص حيح فهما يف الطب ألزم ‪ ،‬ألن مهم ة‬
‫الطب والطبيب هي المشاركة الفعالة يف إجياد اإلنسان الصحيح ‪ ،‬سواء بعلاج املرض أو تف ادي وقوعه ‪ ،‬علاج ًا ال‬
‫يعتمد فقط على التحديد القاصر ملفهوم الصحة واملرض يف العلم املادي ‪ ،‬ولكن بمعناها الشامل املتكامل كما يبدو‬
‫من خالل املفه وم اإلسالمي ‪ .‬وإذا تيقن الطبيب املسلم أن "االستواء الصحي" مبعناه الواسع الذي يستوعب حياة‬
‫وكا ‪ ،‬فط رةً واكتس اباً‪ ،‬وه و "س المة وص حة" ذات مفه وم‬ ‫خلقا وس ل ً‬‫حا ‪ ،‬و ً‬‫اإلنس ان بكاملها ‪ :‬جسمًا وعقلًا ورو ً‬
‫تعجز كل النظم األخ رى عن اس تيعاب جوانبه فضال عن حماكاته وبه تص لح حياة الفرد اإلنس انية ‪ ،‬ومن مث حي اة‬
‫فتحا يف ع امل الطب ‪ ،‬ون ورًا يه دي إىل البش رية اليت تتخبطها‬
‫طبا يك ون ً‬ ‫اجملتمع البش ري ؛ فإنه يس تطيع أن ينشئ ً‬
‫ظلمات احلياة رغم منجزات العلم اهلائلة(‪.)8‬‬

‫جاداً لتطوير ذاته‪ ،‬و بنائها بناءً متكامالً‪،‬‬


‫حري بالطبيب وطالب الطب بعد أن أدرك هذه احلقائق أن يسعى ّ‬ ‫ف ّ‬
‫مس لِم‪ .‬ال يلبس‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ال يتعلّم الطب فقط ؛ بل أخالقي ات الطب وآداب الط بيب و ما حيت اج إليه من زاد ش رعي كف رد ْ‬
‫املعطف األبيض فينفصل عن كل ما ليس له عالقة بالطب يف نظره‪ ،‬بل عليه أن يكون بردائه األبيض الطبيب واملريّب‬
‫املصلِح اآلمر باملعروف والنّاهي عن املنكر‪ ،‬فالطب وال ّدعوة قرينان‪ ،‬وليس النصراين أوىل منه بذلك‪.‬‬
‫والداعية ْ‬

‫(‪ )7‬سعادة الدكتور مأمون قرملي‪ ،‬وكيل كلية الطب لشئون الدراسات العليا والتعليم الطبي المستمر بجامعة الملك سعود‪ ،‬الرسالة‪،‬‬
‫صدرت عن أطباء الحرمين بمناسبة المؤتمر الثالث – رجب ‪1423‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )8‬دور الطبيب المسلم في نشر تعاليم اإلسالم ‪ ،‬د‪ .‬حمدي مسعود ‪ ،‬فرنسا [ بتصرّف]‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مسلم طبيب‪..‬؟‬
‫ٌ‬ ‫مسلِم أم‬
‫طبيب ْ‬
‫الطبيب الداعية ‪ٌ :‬‬
‫مسلما طبيباً ال طبيباً مسلماً فحسب ‪ ،‬يعين قبل كل شيء أن يكون‬ ‫ً‬ ‫أول ما يتميز به الطبيب الداعية أن يكون‬
‫هدفه األول هو اإلس الم ‪ ،‬وأما الطب فهو وس يلة خلدم ة ه ذا اهلدف أوالً ‪ ،‬مث لكسب عيشه يف حياته ال دنيا ثاني اً ‪،‬‬
‫ْج َّن واإلنْس ِإاللِي ْعب ُد ِ‬
‫ون)) (الذريات‪.)9( )56:‬‬ ‫مدركاً بذلك قوله تعاىل ‪ (( :‬وما َخلَ ْق ُ ِ‬
‫ت ال َ َ َ ُ‬ ‫ََ‬

‫إن تعبير" المسلم الطبيب " يعين بالضرورة أن يكون هذا الطبيب قدوة صحيحة ممثلة لإلسالم خري تمثي ل بواقعه‬
‫كله ‪ ،‬فما أس وأ أن ينفصل الق ول عن العمل ‪ ،‬والواقع عن املث ال ‪ ،‬وما أخطر النت ائج اليت ت رتتب على مثل ه ذا‬
‫االنفصال ‪ ،‬فيالدنيا على مرضاه وتالميذه ومعاونيه يف العمل ‪ ،‬ويف اآلخرة حيث يكون املقت الشديد عند اهلل(‪.)10‬‬

‫فالمس لم الط بيب هو حقيق ةً داعية إلى اهلل عز وجل بالدرجة األولى وإن اجملال الذي يعمل فيه الط بيب‬
‫املس لم يؤهله للقي ام ب دور كبري يف ال دعوة إىل اهلل عز وجل واألمر ب املعروف والنهي عن املنكر ويف تص حيح واقع‬
‫كثري من الناس (‪. )11‬‬

‫إن ال دعوة إىل اهلل حتت اج إىل إخالص العمل هلل عز وج ل وإص الح النفس وهتذيبها وتزكيتها ‪ .‬وأن يك ون ل دى‬
‫الداعية فقه يف ال دعوة إلى اهلل وفق منهج اهلل ال ذي ش رعه لعب اده ‪ ،‬وه ذا الج انب حيت اج من الط بيب إىل التفقه يف‬
‫اسَألُوا َْأه َل الذِّ ْك ِر ِإ ْن ُك ْنتُ ْم ال‬
‫الدين يف األمور اليت تواجهه يف ممارساته اليومية ‪ ،‬وسؤال أهل العلم قال تعاىل ‪(( :‬فَ ْ‬
‫َت ْعلَ ُمو َن)) (األنبياء‪ ، )7:‬وجمالسة العلماء وحضور بعض حلقات الذكر وطلب العلم يف جمال التخصص (‪.)12‬‬

‫ما هي الفرصة الذهبية للطبيب المسلم‪..‬؟‬

‫مير بنا الغالم الذي جعل اهلل له شيئاً من الخصائص‪ ،‬فقد كان – بقدرة الل ه ‪ -‬يربئ‬
‫في قصّة أصحاب األخدود‪ّ ،‬‬
‫األكمه واألبرص واألعمى‪ ،‬و كان ال يعاجل أحداً حىت يقول له إذا آمنت باهلل تعاىل ودخلت دين اإلسالم فإني أدعو‬
‫اهلل لك فيربئك فيؤمن وزير امللك الذي كان أعمى ويؤمن به أقوام مث يق ّدم حياته رخيصة إلعالء كلمة اهلل وتسلم‬
‫تعالى‪.‬‬
‫استغل مهنة الطب في الدعوة إىل اهلل ‍‬
‫ّ‬ ‫القرية بل املدينة بأكملها بسبب هذا الطبيب املسلم الذي‬

‫يص ادف بصدود كبري ومبقاومات عنيفة وعوامل كثرية جتعله ال يستطيع أن‬ ‫والداعية إلى اهلل عموم اً يف اجملتمع قد َ‬
‫يوصل ما يريد إيص اله من الأفك ار اإلس المية للن اس ‪ ،‬ولكن الط بيب عن ده فرصة ذهبية لا تك اد توجد لغ ريه فهو‬

‫(‪ )9‬المصدر السابق‪.‬‬


‫(‪ )10‬المصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )11‬الشيخ محمد بن صالح المنجّد – حفظه هللا ‪. -‬‬
‫(‪ )12‬الدعوة إلى هللا في السلوك اليومي ‪ ،‬د‪ .‬يوسف بن عبد هللا التركي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫يتعامل مع الشخص يف حالة ضعف ‪ ،‬والشخص عندما يكون مريض اً أو على وشك املوت فإنه يكون يف حالة من‬
‫التقبّل لتقوية صلته باهلل أكثر من أي شخص آخر‪ ،‬وهنا تربز قضية اجلانب اإلجيايب الذي يتمتع به كثري من األطباء‬
‫والذي ال يوجد لغريهم من املسلمني الذين يعتنون بالدعوة إىل اهلل يف أماكن أخرى (‪.)13‬‬

‫من أين نبدأ إعداد الطبيب الداعية‪..‬؟‬

‫يب واإلع داد ال ّدعوي ال ديين‪ ،‬أما األول‬


‫العلمي الط ّ‬
‫ّ‬ ‫من كليّ ات الطب يب دأ اإلع داد‪ ،‬واإلع داد نقصد به اإلع داد‬
‫فكليّاتنا الطبيّة من أح رص املدارس الطبيّة علي ه‪ ،‬وأما اإلع داد ال ّدعوي ال ديين فنقصد به ذلك اإلع داد ال ذي يؤهل‬
‫ط الب الطب ليك ون طبيب اً داعي ة‪ ،‬بل داعية وه و على مقاعد الدراسة يف كلية الطب ‪ ،‬أن يك ون م دركاً حلق ائق‬
‫اإلسالم ‪ ،‬عقيدة وشريعةً ‪ ،‬خلق اً وسلوكاً وغاي ةً‪ ،‬ال تكون محاسته للعمل الدعوي جمرد شعلة و تنطفئ أو عواطف‬
‫دورا إجيابي اً يف واقع احلي اة ‪ ،‬وإمنا يكون مطلع اً على آفاق املعركة الدائرة بني الح ق والباطل ‪ ،‬بني‬
‫مشبوبة ال تؤدي ً‬
‫اإلسالم وأعدائه‪ ،‬أن يكون إنساناً مسلماً تنطق أفعاله وأقواله خبلق اإلسالم ‪.‬‬

‫أساتذة كليات الطب والمشرفون على شؤونها األكاديمية‬

‫ابد أن يكون األساتذة يف كليّة الطب قدوة لطالهبم وطالباهتم يف متثيل اإلسالم والدعوة خري متثيل‪ ،‬يتعلمون منهم‬‫ل ّ‬
‫والرفق به ومراع اة ش عوره‪ ،‬يتعلّم ون منهم أن يس ألوا املريض عن حاله مع الطه ارة‬
‫االس تئذان وال دعاء للم ريض ّ‬
‫والص الة‪ ،‬يتعلم ون منهم أن يك ون مش اعل خري تربط بني الطب وال دعوة يف كل درس ‪ ،‬وأم ام ك ل م ريض‪ ،‬وعند‬
‫ائر للع ورة‪ ،‬يتعلم ون منهم ترديد الن داء عند‬
‫فج ٌ‬ ‫كل لق اء‪ ،‬يتعلم ون منهم أن الض رورات تق ّدر بق درها‪ ،‬فال كش ٌ‬
‫غض البصر والتخلّق خبلق احلياء‪ ،‬يتعلّمون منهم اللني‬
‫األذان واملسارعة ألداء الصالة مجاعة يف وقتها‪ ،‬يتعلمون منهم ّ‬
‫والسماحة يف املعاملة واالبتسامة والرفق والبشاشة‪.‬‬

‫عظيم ج داً ‪ ،‬يص بح م اد ًة‬


‫ويعلم الطلبة متام اً أثر تص ّرفات األس اتذة س لبية ك انت أم إجيابي ة يف أنفس هم‪ ،‬إنه أث ٌر ٌ‬
‫حلديثهم أيّام اً‪ ،‬ويذكرونه ولو بعد حني ‪ ،‬فليعي األس اتذة ذلك وليكون وا ق دو ًة حس نة فقد يع اجلون مريض اً واح داً‪،‬‬
‫وبتخرجيهم هؤالء األطباء يع اجلون أضعافاً مضاعفة ‪ ،‬فليس نّوا سنناً حسنة ليكون هلم أجرها وأجر من عمل هبا إلى‬
‫يوم القيامة‪.‬‬

‫والكلمات من األساتذة تقع من الطالب والطالبات موقع اً عظيم اً‪ ،‬فما أمجل أن يعلم األساتذة طلبتهم شعرية الأمر‬
‫وآخر‬ ‫طالبة متربجة ‪ ،‬وكم أثّرت يف ٍ‬‫أستاذ يف نفسِ ٍ‬ ‫باملعروف والنّهي عن املنكر‪ ،‬فكم أثّرت كلمات ٍ‬
‫مدخن‪َ ،‬‬ ‫طالب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مفرط يف الصالة أو إطالق الّنظرات‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشيخ محمد بن صالح المنجّد – حفظه هللا ‪. -‬‬ ‫(‪)13‬‬

‫‪6‬‬
‫وكم من أس ٍ‬
‫تاذ أض اف إىل طالبه وطالبته اجلرأة يف احلق ‪ ،‬وال دعوة باحلكمة واملوعظة احلس نة‪ ،‬فه ّذب محاس هم و‬
‫س ّدد ان دفاعهم و وازن على طريق اخلري واألمر ب املعروف والنهي عن املنك ر خط اهم ‪ ،‬و ك ان خري ع ٍ‬
‫ون هلم يف‬
‫التعامل مع ما يعرتض طريقهم من مواقف ومنكرات‪.‬‬

‫الب ّد أن ينبّه األس اتذة طلبتهم إىل أننا ورثنا الطب عن الغ رب بإجيابياته ومس اوئه‪ ،‬وأننا جيب أن نس عى جاه دين‬
‫ألسلمة الطب ‪ ،‬وأن يك ون العمل الطيب ض من رؤية إس المية‪ .‬ينبغي لألس تاذ أن يع ّمق ه ذه القض ية يف نفوس طلبته‬
‫حىت يكرب الطالب و هو حيمل هدفاً وغاية‪ ،‬حتمله إىل الإخالص واإلتقان يف طلب علم الطب ويف الوقت ذاته حتمله‬
‫الغراء‪،‬‬
‫إىل اإلبداع واالنفصال عن املؤسسات الغربية‪ ،‬فيكون له تفكريه ومنطه اإلبداعي الذي يناسب قيمه وشريعته ّ‬
‫حىت ننجوا من التقليد والتبعية املقيتة واإلعج اب ب النموذج الغ ريب ‪ .‬فليعلّم األس اتذة طلبتهم الثقة بالّنفس واالعت داد‬
‫بشخص يّة الف رد املس لم ‪ ،‬كما ق ال الش يخ علي الطنط اوي – رحمه اهلل – يف ذكرياته ‪ (( :‬عن دنا أطب اء وعن دنا‬
‫مستشفيات وعندنا تجهيزات ووسائل للشفاء ‪ ،‬كل هذا عندنا ولكن ليس ت عندنا الثقة بأنفسنا ‪ .‬فإذا وثقنا‬
‫(‪1‬‬
‫بأنفس نا وأطبائنا وراجع األطباء أنفسهم فنزهوها عن عيوبها واس تكملوا فضائلها لم نحتج معهم إلى غيرهم‬
‫‪. )))4‬‬

‫لاب د من حتريك اهلمم إىل ال دعوة إىل اهلل تع اىل يف أوس اط الطلبة والطالب ات من قِبَل األطب اء املش رفني عليهم ‪،‬‬
‫وليعمل وا على إجياد جمموعات دعوية في أوساط طلبة وطالبات كلية الطب (‪ .)15‬وليح رص األساتذة الفضالء كل‬
‫والشبَه وما يتم الواجب بدونه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫احلرص على إبعاد الطالبات عن مواطن الفنَت‬

‫والب ّد أن تُعىن اللجان املسؤولة عن الطلبة واملناهج بتغذية طالب كلية الطب مبا حيتاجه من زاد ديين دعوي‪ ،‬مما ال‬
‫يُستغىن عن معرفته‪ ،‬وحيتاجه الطبيب يف حياته اليومية من أحكام‪ ،‬كأحكام الطهارة والص لاة وإزالة النجاسة والص يام‬
‫وأحك ام املمارس ات الطبية املختلف ة‪ ،‬وط رق التعامل واحلكم على كل حالة ‪ ،‬ف الطبيب يف مرحلة من حياته س يُعنِي‬
‫الفقيه يف تبي ان حكم ش رعي‪ ،‬وه و يومي اً يقابل مرض اً حيت اجون فت اوى يف ش أن الطه ارة والص الة والص يام ‪ ،‬وقبل‬
‫خمتلَطَة حيت اج معها إىل بي ان أحك ام التعام ل مع النس اء والكف ار وغي ـــرهم‪ ،‬وبعض‬
‫ذلك هو يعيش يف بيئة خمتلف ة َ‬
‫الكليّات الطبية اهتمت هبذا اجلانب عناية طيّبة يف إدراج مقرر أخالقيات الطبيب املسلم ضمن مناهجها‪.‬‬

‫فتؤهل الطالبات‬
‫خاص ة مبراعاة احتياجات الطالبات والطالب التعليمية والوظيفية فيما بعد‪ّ ،‬‬
‫وال ب ّد أن ُت ْعىَن عناية ّ‬
‫تصيبهن كما تصيب‬
‫ّ‬ ‫باستفاض ة‪ ،‬و كل األمراض اليت ميكن أن‬
‫َ‬ ‫بطب النساء والوالدة‬
‫‪ -‬مثالً – لمعرفة كل ما يتعلّق ّ‬

‫ذكريات الطنطاوي ‪ ،‬الشيخ علي الطنطاوي – رحمه هللا ‪. -‬‬ ‫(‪)14‬‬


‫(‪ )15‬فن الدعوة إلى هللا في المستشفيات ‪ ،‬الشيخ عبد الملك القاسم‪ ،‬ضمن محاضرات مؤتمر أطباء الحرمين الدعوي الثالث (الطب والدعوة قرينان)‪1423 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫درس الطالب طب النس اء وال والدة مبق دا ٍر حمدود ال يُ َلز ُم ون معه‬
‫الرج ال و كيفية التعامل معها ‪ ،‬ويف املقابل أن ت ّ‬
‫ّ‬
‫بفحص العورات املغلّظة للنّساء ‪ ،‬وال يتجاوزون األحكام الشرعيّة يف أحكام العورات والضرورات‪.‬‬

‫اخلاص ة‬
‫والب ّد أن تُعىن باالستضافة الدورية للعلماء األفاضل وطلبة العلم وعقد اللقاءات المفتوحة معهم ‪ ،‬والعناية ّ‬
‫بعقد املسابقات يف حفظ القرآن الكرمي والسنّة النبوية واملتون العلميّة‪ ،‬إضافة لتشجيع الطلبة على االلتحاق باللج ان‬
‫الطبية الدعوية املختلف ة‪ ،‬و احلرص على إقامة ال رحالت وما حتمله من قيمة دعوية غنيّة ‪ ،‬واالهتم ام بدعوة الطالب ات‬
‫صة‪.‬‬ ‫خا ّ‬

‫طالب الطب‬

‫إن المفت اح الس حري وبيت القص يد يف إع داد الط بيب الداعية هو ع زة ط الب الطب بدين ه‪ ،‬اع تزازه باإلس الم ‪،‬‬
‫ومعرفة أن عليه واجب ات حمتمة املعرفة واألداء‪ ،‬يع رف واجبه بوج وب اإلتق ان و اإلخالص و التعبّد هلل بطلب ه ذا‬
‫العلم فإمنا األعم ال بالني ات وإمنا لكل امرئ ما ن وى‪ ،‬يعلم يقين اً أنه مىت ما أخلص الني ة هلل وقصد وجهه و طلب‬
‫رض اه وس خر موقعه يف ال دعوة إليه ؛ تيس رت له األم ور من حيث ال حيتس ب وب ورك له يف أوقاته وأعماله وعلمه‬
‫ورفعت درجاته يف عليني بل وطرح له القبول عند أهل األرض والسماء!!‪ ، ..‬فهو مأجور مادام يطلب العلم هلل ومل‬
‫ينس اهلل ساعة ‪!!..‬‬
‫َ‬

‫يجب على ط الب الطب أن خيلص يف طلب علم الطب‪ ،‬وأن يُتقِن يف التعلّم و التّط بيق ‪ ،‬و ي واكب آخر‬
‫آمنُ وا ِم ْن ُك ْم‬ ‫ِ‬
‫املس تج ّدات العلمية مهما ن ال من ال ّدرجات العلميّ ة‪ ،‬فاهلل س بحانه وتع اىل يق ول ‪(( :‬يَ ْرفَ ِع اللَّهُ الَّذ َ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫املتبحر يف علمه ‪ ،‬واسع‬ ‫ْم َد َر َج ات َواللَّهُ ب َما َت ْع َملُ و َن َخب ٌير)) (اجملادل ة‪ ، )11:‬ف الطبيب املتقن ّ‬
‫َوالذي َن ُأوتُ وا الْعل َ‬
‫حمل قب ول‪ ،‬و إبداعه وتفوقه أداة دع وة‬ ‫ك مق ّدم على غ ريه‪ ،‬متم ٌيز أمّي ا متيّز ‪ ،‬كلمته مس موعة‪ ،‬ورأيه ّ‬ ‫اإلطّالع ال ش ّ‬
‫خ ٍري يف املؤمترات احملليّة واحملافل العاملية‪.‬‬

‫هاهما املفتاحان ‪ ..‬اإلتقان و اإلخالص والنزاهة يف طلب العلم ‪ ..‬و االعتزاز باإلسالم و احلفاظ علي ه والنهل من‬
‫تسمى باسم اإلسلام ‪!!..‬‬
‫علومه قدر الاستطاعة للقيام بواجب الدعوة احملتم على كل من ّ‬

‫إن ال ذي يعيش لنفسه دون أن يفكر مبن حول ه‪ ،‬دون أن يضع أمامه أه دافاً دعوية طاحمة‪ ،‬دون أن يف رغ نفسه‬
‫ساعة يف األسبوع لطلب علم شرعي وحفظ وجه من القرآن‪ ،‬و دون أن يف ّكر يف مشاريع ختدم اإلسالم من خالل‬
‫هذا العلم الذي أنعم اهلل عليه به ؛ قد يعيش مسرتحيا ‪ ،‬ولكنه يعيش صغرياً ويموت صغرياً ‪ ،‬فأما الكبري الذي يحم ل‬
‫ه ذا العبء الكب ري ((همّ ال دعوة )) فمال ه والن وم ؟ ‪ ،‬وماله والراحة ؟‪ ،‬ماله والف راش ال دافئ؟ ‪ ،‬والعيش اهلادئ‬

‫‪8‬‬
‫واملتاع املريح ؟ ‪.‬ولقد عرف رسولنا صلى اهلل علي ه وسلم حقيقة األمر وقدره ‪ ،‬فقال لأم املؤمنني خدجية رضي اهلل‬
‫عنها ‪(( :‬مضى عهد النوم يا خديجة ))‪، ..‬و نحن نقول ‪ (( :‬مضى عهد النوم يا طلبة الطب ))‪.‬‬

‫وحتى ال تكون كلماتنا وطموحنا مجرد فقاعات طائرة ‪ ..‬سرعان ما تنفجر مخلفة في الفراغ ال شيء ؛ كان‬
‫لزام اً على الطالب والطالب ات أن يوطّن وا أنفس هم على ع دة أم ور وأن يرس موا األه داف و يخط و ّن الطريق‬
‫للوصول للصورة المثالية للطبيب المسلم الداعية‪:‬‬

‫‪ -1‬أح وج ما يحتاجه ط الب الطب ق دوة ناطقة ‪ ،‬ص ادقة مع اهلل و مع نفس ها ‪ ،‬متقنة خملصة يف عملها ‪ ،‬تنطق‬
‫ط أخالقه ا ومهّتها العالية درب طموحه ‪ ،‬فيس تيقظ املارد العمالق وي رى ه ذا النم وذج املبهر‬
‫بعطائها أفعاهلا‪ ،‬و خت ّ‬
‫فيكون االقتداء هو األمل ومن أجله العمل‪.‬‬

‫‪ -2‬ال دعوة إىل الل ه على بص رية واجب خاصة يف حالته و يف اجملتمع ال ذي خيال ط‪ ،‬يخالط الكبري والص غري‪ ،‬ال ّرب‬
‫والفاجر‪ ،‬املسلم والكافر‪ ،‬ولكل هؤلاء طريقة يف الدعوة و بوابة لإلصالح الذي يبدأ من نفسه أوالً فيكون قدوة يف‬
‫تعامالته وأخالقه ‪ ،‬وكما ذكر أحد الدعاة فهناك عوامل مهمة لبناء شخصية الداعية ومنها‪:‬‬

‫أولا‪ :‬إصلاح النفس وتربيتها على الإيمان والتق وى؛ ف إن الداعية ي دعو بعمله قبل أن ي دعو بقول ه‪ ،‬وهو عرضة‬
‫آلفات عدة‪ ،‬فما مل يكن متسلحاً بسالح التقوى فلن يستطيع أن يقوم بالواجب على الوجه الذي ينبغي‪.‬‬

‫ثاني ا‪ :‬لاب د من تنقية النفس من الصفات املذمومة‪ ،‬كالعجلة والسفه والطيش واجلنب والبخ ل والكسل وغريها من‬
‫الصفات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن يتعلم العل وم الش رعية اليت حيتاجه ا‪ ،‬والعلم الش رعي درج ات ورتب متفاوت ة‪ ،‬وكل يأخذ منه حبسب ما‬
‫آتاه اهلل من حرص وقدرة‪ ،‬ومن يرد اهلل به خريا يفقهه يف الدين‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أن يتعلم ويتقن املهارات االجتماعية اليت تعينه على بناء عالقة جيدة مع الناس‪ ،‬وجتعله شخصية حمبوبة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أن يتعلم املهارات الدعوية‪ ،‬كمهارة احلوار‪ ،‬واإلقناع‪ ،‬والتأثري و الاتصال‪ ...‬وغريها‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أن يتعلم ويتقن الوسائل الدعوية اليت تعينه على إيصال رسالته الدعوية للناس‪.‬‬

‫س ابعاً‪ :‬أن يتعلم امله ارات الشخص ية اليت تعينه على تنظيم حياته ووقته مبا خيدم دعوت ه‪ ،‬ك إدارة ال وقت‪ ،‬وإدارة‬
‫االجتماعات‪...‬وحنو ذلك‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ومن المصادر التي تعينه على تعلم وإتقان هذه المعارف والمهارات‪ :‬مصاحبة أهل العلم وال دعاة إىل اهلل عز‬
‫وجل‪ ،‬واملشاركة يف األعم ال الدعوية والت درب عليه ا‪ ،‬وزي ارة املؤسس ات الدعوي ة‪ ،‬وااللتق اء بأص حاب التج ارب‬
‫الدعوية واإلفادة من جتارهبم‪ ،‬والقراءة فيما سطره الدعاة إىل اهلل قدميا وحديثا‪.‬‬

‫ومم ا ينبغي أن يعلم أن الدعوة مراتب ودرج ات‪ ،‬وكل مس لم يستطيع أن يدعو حبسب ما آتاه الله تع الى‪،‬‬
‫فاحرص على بلوغ املراتب العالية‪ ،‬لكن اليصدك عن الدعوة استصعاب الطريق واستطالته‪ ،‬فابذل جهدك وطاقتك‪،‬‬
‫ويف الوقت نفسك احرص على االرتقاء بمهاراتك وقدراتك‪.‬‬

‫‪ -3‬دعوة زمالء الدراسة ‪ ..‬فما أمجلها واهلل من دعوة ‪ ..‬دعوة املشفق على صاحبه ورفيقه يف الدراسة ‪ ..‬املحب‬
‫له في اهلل ‪ ،..‬نعم‪ ..‬ستكسب الأم ة فرداً عامالً وطبيب اً مسلماً داعية ‪..‬ليتعلم طالب الطب فنون احلوار والدعوة ‪..‬‬
‫وليقت دي ب املربني الفض الء وال دعاة البشوشني ومن س بقه من األطب اء ال دعاة أص حاب األخالق الرفيعة والض مائر‬
‫النزيهة ‪ ..‬فالدعوة إىل اهلل عز وجل ليست مقصورة على جمتمع بذاته بل هي يف كل زم ان ومكان وال انقطاع عنها‬
‫حبال من األحوال وقد كان يوسف عليه السالم داعية حىت يف سجنه‪..‬‬

‫ومن ما يعين على ذلك‪:‬‬

‫‌أ‪ -‬عق د الاجتماعات الطالبية وجعله ا منرباً للدعوة إىل اهلل عز وجل وتوجيه الدعوات إىل الطالب للمشاركة يف‬
‫أنشطتها خاصة في العطل الصيفية‪.‬‬

‫ب‪ -‬تك وين لق اءات م ع الطلبة واالهتم ام باجلدد منهم وتق دمي املس ابقات وال ربامج املتنوعة اليت تك ون جاذبة‬
‫للطالب ووسيلة لدعوهتم‪.‬‬

‫ج‪ -‬التنسيق مع أعضاء هيئة التدريس والأطباء املهتمني بالدعوة وإيجاد اللقاءات بينهم وبني الطالب واالستفادة‬
‫منهم يف تسهيل كثري من املصاعب ‪.‬‬

‫د‪ -‬إفادة الطالب علمياً يف دراستهم من أكرب األمور اجلاذبة هلم وهي وسيلة مفيدة وجمربة‪.‬‬

‫‌هـ‪ -‬استغلال اجلمعيات الطبية المتخصصة وتوجيهها خلدمة الدعوة إىل اهلل عز وجل ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -4‬حف ظ الق رآن الك رمي و التس لّح ب العلم الش رعي ق در االس تطاعة ففيه استص الح للقلب و تقوية لل ذاكرة و‬
‫إنع اش للنفس و جلاء األح زان واهلم وم و استش عار مراقبة اهلل والطمع فيما عن ده والعمل لرفعة ه ذا ال دين وأهله ‪،‬‬
‫ويف سؤال للشيخ املربي حممد الدويش (‪ )15‬هذا نصه ‪:‬‬
‫أنا ط الب بكلية الطب وأتم نى أن يمن اهلل علي وأحف ظ كت اب اهلل وأتعلم العلم الش رعي فم ا هي الطريق ة‬
‫المثلى لذلك وما هي الكتب التي تنصحني بقراءتها وما هي أفضل طريقة لمراجعة كتاب اهلل بعد حفظه؟‬

‫فأجاب حفظه اهلل ‪:‬‬

‫" الطريقة المثلى هي ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬اب ذلاجلهد يف طلب العلم الش رعي‪ ،‬وأن تعلم أن العلم ال ي درك براحة اجلهد ‪ ،‬فال بد من اجملاه دة واجملال دة‬
‫يف حتصيله ‪ ،‬واقرأ يف ذلك ما بذله علماء السلف من جهد عظيم يف طلب العلم ففيه تقوية للعزائم ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الارتباط ببعض الزمالء اجلادين يف طلب العلم والتعاون معهم في ذلك ‪.‬‬

‫ج ـ ‪ -‬قراءة بعض الكتب اليت تكلمت عن أدب ومنهجية طلب العلم ‪ ،‬كحلية ط الب العلم ‪ ،‬وج امع بي ان العلم‬
‫وفضله وجامع املتون وغريها مما هو مع روف في الساحة العلمية ‪ .‬والطرق اليت يتم هبا مراجعة القرآن كثرية وخمتلفة‬
‫‪ ،‬وكل شخص له ما يناسب حاله وفقك اهلل "‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫‪ -5‬عقد اللقاءات الطالبية يف اإلجازة الصيفية حتت مظلة الكليات الطبية وبالتعاون مع املؤسسات اخلريية اجلامعة‬
‫و حتت رعاية وإشراف أطباء دعاة ‪ ،‬يكون هلا برامج متنوعة و مفيدة تسهم يف بناء جي ل من الأطباء الدعاة مراقيب‬
‫اهلل يف أعم اهلم و س كناهتم ‪ ..‬ولتحقيق ذلك و حىت نس تفيد من ه ذا العنصر يف خدمة ه دفنا ‪ ..‬هن اك ع دة منافذ و‬
‫قنوات يستطيع طالب الطب إلزام نفسه وزمالءه هبا كخطوة أولية مرحلية يثبت من خالهلا نفسه على أول الطريق‪:‬‬

‫أ ‪ -‬عقد جلس ات ح وار تن اقش فيها أفك ار ومقرتح ات دعوية كاألس اليب الدعوية املناس بة يف بيئ ة املستش فى‬
‫والكلية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تنمية مهارات الطالب املختلفة يف اإللقاء والطباعة وفنون احلوار وإنشاء املواقع على الشبكة العنكبوتية ‪.‬‬
‫جـ‪ -‬عقد اللقاءات مع طالب العلم إلعطاء دروس يف العلوم الشرعية الأساسية ‪.‬‬
‫د‪ -‬التسابق بني الطالب يف حفظ القرآن الكرمي‪.‬‬

‫موقع الشيخ محمد الدويش‪. www.dweesh.com .‬‬ ‫(‪)15‬‬

‫‪11‬‬
‫هـ ‪ -‬جتميع مادة موقع على الشبكة العنكبوتية يضم الفتاوى الطبي ة و التطبيقات الطبية يف الفقه و البحوث العلمية‬
‫الطبية يف األخالقي ات الطبية وأخالقي ات البحث العلمي‪ ،‬و ع رض إجنازات اللج ان الطبية املتطوعة و بن اء قاع دة‬
‫بيانات ضخمة لعرض إجنازات األطباء الدعاة واإلفادة من حبوثهم املتفوقة يف جمال ختصصاهتم ليكونوا قدوة للجيل‬
‫اجلدي د‪ ..‬باإلض افة إلمكانية اإلف ادة من ع رض األفك ار المختلفة واالتص ال بطلبة على نفس املس توى من االهتم ام‬
‫الدعوي على مستوى العامل اإلسالمي ‪ ،‬وقد شرع بعض الطالب والطالبات بهذه اخلطوة بشكل طيب (‪.)16‬‬
‫و‪ -‬درا سة بعض التجارب الدعوية الناجحة القدمية واملعاصرة‪.‬‬
‫ز‪ -‬درا سة بعض املواقف الدعوية من السرية وحتليلها‪.‬‬
‫حـ ‪ -‬زيارة املؤسسات الدعوية وعرض اخلدمات والتعاون معهم‪.‬‬
‫ط‪ -‬إعداد مواد دعوية [مشروع‪ .‬رسالة مناصحة‪ ,‬مسابقة‪]..‬‬
‫ي‪ -‬زيارة بعض الشخصيات الدعوية واحلوار معهم حول أمور الدعوة‪.‬‬
‫ل– عقد دروس للمصطلحات الدعوية باللغة اإلجنليزية‪.‬‬

‫‪ -6‬أن تكونهن اك مرجعية ش رعية وجلان دعوية مرابطة يف املستش فى والكلي ة تعني الطلبة واألطب اء على ترمجة‬
‫أفكارهم لواقع ‪ ..‬و تعينهم يف الوصول إىل احلكم الشرعي يف مسألة بأسرع وأسهل الطرق فتكون كحلقة الوصل‬
‫بينهم وبني العلماء‪ ..‬و تأخذ على عاتقها التوعية الدينية للمرضى والزوار بل والطلبة والطالبات‪.‬‬

‫‪ -7‬الإفادة من مرحلة التط بيق العملي واليت تب دأ يف الس نة الثالثة ‪ ،‬حيث يب دأ االتص ال املباشر باملرضى و أروقة‬
‫المستشفيات اجلامعية‪ ،‬باألمر باملعروف والنهي عن املنكر ونشر الفضيلة واخلري‪ ،‬من عناية بطهارة وصالة املرضى‪،‬‬
‫وحج اب املريض ات والزائ رات وال زميالت بالحكم ة واملوعظة احلس نة‪ ،‬و عناية خاصة بنشر المطوي ات والش ريط‬
‫اإلسالمي واللوحات اإلرشادية التوعوية بعد موافقة اللجان املختصّة ‪ ،‬فسنني الدراسة مرحلة ذهبية لإلفادة من كل‬
‫خري‪.‬‬

‫‪ -8‬الحرص على أن ال يشغلكم شيء عن تلبية النداء والصالة مجاعة و تذكري من تقابلون بالصالة‪.‬‬

‫طالبات الطب‬

‫ِ‬
‫ائهن‬
‫ريهن باحلف اظ على حي ّ‬‫فهن على ثغ ٍر عظيم و مطالب ات أكثر من غ ّ‬ ‫عليهن ما ذُكر أعاله وزي ادة‪ّ ..‬‬
‫ّ‬ ‫ينطبق‬
‫امالهتن‪، ..‬‬
‫ّ‬ ‫أخالقهن وتع‬
‫ّ‬ ‫يكن طبيب ات داعي ات ب‬
‫وهن مطالب ات بتص حيح وضع الطبيبة املس لمة وأن ّ‬
‫متهن ‪ّ ،‬‬
‫وحش ّ‬

‫(‪ )16‬موقع الطبيب الداعية ‪ www.saaid.net/tabeeb‬وموقع أطباء الحرمين ‪. /http://muslimdr.com‬‬

‫‪12‬‬
‫وكم من طالبة طب خبلقها وحيائها و علمها و ذكائها س حرت األلب اب ‪ ،‬فك انت داعية مس ّددة تنشر اخلري أينما‬
‫حلّت و أينما ذهبت يف اجملامع الدعوية النسائية ‪ ،‬و هذه بعض التوجيهات‪:‬‬
‫والتمس ك به يف خمتلف الظ روف‪ ،‬فهو حب ّد ذاته دع وة ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احلف اظ على احلجاب الش رعي الكامل‬ ‫‪-1‬‬
‫فلتستشعر الطالبة أهنا يف حالة عبادة ما دامت ترتديه ‪ ،‬بل و بعض الطالبات تذكر أن حجاهبا الشرعي الكامل كان‬
‫ومازال أداة دعوية صامتة للمريضات والزميالت‪.‬‬

‫التم ّس ك خبلق احلياء احملمود وع دم تع ريض النّفس ملا خيدشه بل ينبغي لطالبة الطب أن تبتعد عن‬ ‫‪-2‬‬
‫تغض بصرها‬
‫كل جارح وناقص لإلميان‪ ،‬فتتجنّب الاختالط يف أروقة املستشفى واألجنحة بدون غرض تعليمي‪ ،‬وأن ّ‬
‫وحتافظ على األدب و عدم اخلضوع بالقول يف خطاهبا أستاذها‪.‬‬

‫الص رب واالحتس اب واستش عار عظَم األجر واملس ئولية فيما تواجهه من ص عاب أو تالقيه من‬ ‫‪-3‬‬
‫مواقف‪.‬‬

‫الرّف ع للمس ؤولني يف كل أم ٍر منكر تتع ّرض له ‪ ،‬وتك ون قويّة يف احلق‪ ،‬ال تق ّدم التن ازالت يف‬ ‫‪-4‬‬
‫دينها مهما كان‪ ،‬فهي تتعبّد هلل بطلبها هذا العلم ‪ ،‬وغريهتا يف احلق و امتناعها عن كل منكر دين تدين اهلل به ‪ ،‬وأمر‬
‫حممود ‪.‬‬

‫بطب النس اء ‪ ،‬ليس طب النس اء وال والدة فحس ب‪ ،‬بل‬


‫أن تُعىَن عناية خاصة يف إتق ان ما يتعلّق ّ‬ ‫‪-5‬‬
‫كل ما يصيب النّساء من أمراض وكيفية التعامل معها‪ ،‬فهي مل تدخل هذا اجملال إال للقيام بفرض كفاية وس ّد حاجة‬
‫النساء الشرعية للطبيبات املسلمات‪.‬‬

‫العناية عناية خاصة يف دع وة ال زميالت ‪،‬خاصة يف مس ألة احلج اب الش رعي و خماطبة الرج ال‬ ‫‪-6‬‬
‫منهن‪ ،‬بل وتوعية العامالت يف‬
‫حهن عن رؤية بعض املخالف ات الش رعية ّ‬
‫والتعامل معهم‪ ،‬ودع وة املريض ات ونص ّ‬
‫جتمعهن‪ ،‬وقت الغداء مثالً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ودعوهتن إلى الدين الصحيح يف أماكن وأوقات‬
‫ّ‬ ‫املستشفى بشأن احلجاب‬

‫منهن دعوي اً يف عقد دروس يف مص لى النس اء‬


‫الح رص على االتص ال بال داعيات والإف ادة ّ‬ ‫‪-7‬‬
‫والطالبات يف املستشفى‪ ،‬و دعوة الزميالت إليها‪.‬‬

‫نهن من‬
‫مص احبة اخلّي رات من داخل وخ ارج احلقل الطيّب ‪ ،‬واالس تفادة من خ ربات من س بق ّ‬ ‫‪-8‬‬
‫هلن ‪.‬‬
‫واستشارهتن يف كل ما يعرض ّ‬
‫ّ‬ ‫الطبيبات امللتزمات‬

‫‪13‬‬
‫حديث قلب إلى طالبة طب‬

‫هم الدين‬ ‫ٍ‬


‫ونفس معطاءة تحمل ّ‬ ‫ٍ‬
‫حماس للخير‪! ..‬‬ ‫تستصعبين الطريق‪..‬؟!! لن يريد األمر أكثر من‬
‫تهتم بمعالي األمور! و تترفّع عن رذائلها!‬
‫بحب العقيدة ونشر الفضيلة‪ّ !..‬‬
‫والدعوة إليه‪ !..‬و جنّان متّقد ّ‬
‫للسمو ‪ !..‬للعلياء‪ !..‬تعانق بعطائها السماء‪ !..‬لن يحتاج األمر أكثر من ٍ‬
‫نفس ترين في عينيها‬ ‫ّ‬ ‫نفس تتوق‬
‫للطب اإلسالمي‪ !..‬وتلتمسين من كلماتها عُمق الحماس واالعتزاز باإلسالم‬
‫ّ‬ ‫المستقبل المشرق‬
‫سحر ُ‬
‫ط الطموح سبيله‪ !..‬و بصدقها وإخالصها تفعل المستحيـ ـ ــل‪!..‬‬ ‫والغيرة على شعائر ال ّدين‪!..‬من مالمحها يخت ّ‬
‫ِ‬
‫أسمعت‪ !..‬وإذا‬ ‫اهتمي ببناء ذاتك‪ !..‬و املئيها باإليمان والرضا‪ !..‬زوديها بالعلم والحكمة‪ !..‬فإذا تكل ِ‬
‫ّمت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ورغبتك الصادقة في‬ ‫ذاتك‪ !..‬وسعة ِ‬
‫أفقك‪!..‬‬ ‫نفسك‪ !..‬وجمال ِ‬ ‫ِ‬ ‫سينعكس غنى‬ ‫ِ‬
‫وجدت‪!..‬حينها‬ ‫ِ‬
‫أعطيت‬
‫ُ‬
‫مجتمعك‪ !..‬وستجدين آثارها يوماً بعد يوم‪ !..‬فتسعدين بها وتسعد‬‫ِ‬ ‫اإلصالح ‪ !..‬على من حولك‪ !..‬في‬
‫ِ‬
‫بك‪ !..‬وتتمتمين حينها لك الحمد ربنا حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحم ُد بعد الرضى‪!..‬‬
‫تأملي هذا الهدف‪ ..‬الطبيبة الداعي ـ ــة‪ !..‬اغرسيه في ذهنك‪ ! ..‬وازرعيه في قلبك‪ !..‬امتثليه في حياتك‪ !..‬و‬ ‫ّ‬
‫ب العُقبَى وإ ْن نلنا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قومي من أجله نهجك‪ !..‬و لتص ّدقه كلماتك ومظهرك‪ !..‬وستُفلحين بإذن اهلل‪ !..‬وما أع َذ َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫معوقات وعقبات! أخيّتي المباركة‪ !..‬ال يؤ ّخر سيرك في هذا الدرب كثرةُ الهلكى‪!..‬‬ ‫في ال ّدرب ما نلنا من ّ‬
‫انظري لمن نجى ‪ ..‬كيف نجى‪ !..‬تأملي أسباب النجاة واعتصمي بها‪ !..‬وتذكري أن ال نجاة لنا إال بـ ( إن‬
‫َّاس َأ ْن ُي ْت َر ُكوا َأ ْن َي ُقولُوا‬ ‫ضوا عليها بالنواجذ)‪!..‬تأملي ( ِ‬
‫ب الن ُ‬
‫َأحس َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫هذا الدين يهدي للتي هي أقوم)‪ ..‬و ( ع ّ‬
‫ولك الثبات‬ ‫آمنَّا و ُهم ال ي ْفَتنُو َن) نعم أخية‪ ..‬كيف ينجح في االمتحان من لم يدخله أصالً؟!!!أسأل اهلل لي ِ‬
‫َ َ ْ ُ‬
‫فيك هذه الحماسة‪،‬‬ ‫أمثالك وسط هذا الغثاء! أحيي ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتى الممات‪ ..‬كم تنشرح النفس وتسعد وتطمئن برؤية‬
‫طب إسالمي ال امتها َن‬ ‫ٍ‬
‫ومدافعات عن ح ّق ّأمـتنا في ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫حامالت للواء‬ ‫العزة‬
‫وأسأل اهلل أن نلتقي على دروب ّ‬
‫طب إسالمي يكون فتحاً في العالمين بإذن اهلل ‪!..‬‬ ‫بالمحرمات! ّ‬
‫ّ‬ ‫فيه للعورات‪ ،‬وال استهتار فيه‬

‫(‪)17‬‬
‫زمالؤك األطب ــاء‪ ..‬كيف تدعوه ـ ــم‪..‬؟‬

‫نف وس األطب اء من أيسر النف وس لتقبل ال دعوة ‪ ،‬كما هو مش اهد فـي كلـيـات الطب من ك ثرة الص احلني عند‬
‫مقارنتها على س بيل املث ال بكلي ات أخ رى مثل اآلداب أو الاقـتصاد أو غيرها ‪ ،‬ف الطب وعلومه ي دعو إىل التأمل يف‬
‫خلق اإلنس ان‪ :‬مـرضـه وصـحـته‪ ،‬حياته موته‪ ..‬كما أهنم ‪ -‬أي األطب اء ‪ -‬أعلم الـنـاس بـقـدرة اهلل عل ـى تـحـريـك أي‬
‫خـلـيـة تسبب مرضاً سرطانياً‪ ،‬أو انقباضاً شريانياً يودي حبياة اإلنسان‪ ،‬أو فريوساً يضع املريض يف موقف القائل ‪:‬‬
‫ألطباء والدعوة اإلسالمية ‪ ،‬د‪ .‬حسن علي الزهراني ‪ ،‬مجلة البيان العدد‪ 58‬جمادي اآلخرة ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫ا‬ ‫(‪)17‬‬

‫‪14‬‬
‫وحسب المنايا أن يكن أمانياً‬
‫داء أن ترى الموت شافياً‬
‫كفى بك ً‬
‫و دع وهتم مـن أوجـب الواجبات لقول النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ (( :‬ال دين النصيحة)) ‪ ،‬وهم أولى الناس هبا‬
‫ألهنم زمالء العمل ورف اق الـمـهـنـة ‪ ،‬يـعـيـش اإلنس ان بينهم أك ثر مما يعيش مع أهله أو أقاربه ‪ ،‬ومن الغ ريب أن تج د‬
‫بعض الصاحلـيـن مـن األطـبـاء ش ـعـلـة من النش اط مع عامة الن اس خارج املستش فى ويف ذات ال وقت ليس عن دهم ما‬
‫يقدمونه داخـل املستش فى‪ ،‬فـتـظـهـر االزدواجية بكل معانيها وما ي رتتب عليها من س لبيات‪.‬كـمـا أن فـي دعـوة ه ؤالء‬
‫ت َُّأمةٌ ِمْن ُه ْم مِلَ تَعِظُ و َن َق ْوم اً اللَّهُ ُم ْهلِ ُك ُه ْم َْأو ُم َع ِّذبُ ُه ْم‬
‫ال زمالء إقامة للحج ة ‪ ،‬كما ق ال اهلل عز وجل ‪َ (( :‬وِإ ْذ قَ الَ ْ‬
‫َع َذاباً َش ِديداً قَالُوا َم ْع ِذ َر ًة ِإىَل َربِّ ُك ْم َولَ َعلَّ ُه ْم َيَّت ُق و َن)) (األعراف‪. )164:‬وال شـك أن فـي الـتـعـاون على الرب والتقوى‬
‫مع هؤالء الزملاء خرياً كبرياً يف نشر املعروف وإزالة المنكرات اليت تعج هبا املستشفيات‪.‬‬

‫ومن وسائل دعوتهم ‪:‬‬


‫أن يخصص الط بيب املس لم هلؤالء وقت اً جيلس هلم في ه‪ ،‬يـراعـي فـيه أن يك ون مناسـباً للجمي ع‪ ،‬وال‬ ‫‪-1‬‬
‫يتعارض مع وقت العمل ‪ ،‬حىت ال يكون هناك تضييع حلق املرضى‪ ،‬وكلمة فيها من اجلدية الشيء الكثري‪.‬‬
‫السعييف حاجاهتم الدنيوية ‪ :‬من مساعدة يف العمل ‪ ،‬وبالذات ما يتعلق باملناوبات وحل للمشاكل ‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وعطف ومشاركة فـي اهلموم ‪.‬‬
‫القدوة احلسنة يف أمور الدنيا والدين‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الزيارة المنزلية ملا فيها من التحبب ورفع الكلفة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫لما اخل‪..‬‬
‫اهلدايا احلسية مثل ‪ :‬األشرطة والكتيبات بل قد تكون كتباً طبية أو حىت ق ً‬ ‫‪-5‬‬
‫اهلدايا املعنوية ‪ :‬من ذكرهم باخلري ‪ ،‬واإلشادة باملربزين يف حقول اختصاصهم باحلق‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الاحرتام ‪ ،‬الابتع اد عن التفاه ات ‪ ،‬ال رتفع عن التك الب على أم ور املع اش ‪ ،‬االبتع اد عن تص يد‬ ‫‪-7‬‬
‫األخطاء‪ ..‬هذه وغريها أمور ينبغي أن يتحلى بها الداعية عند دعوته لزملائه‪.‬‬

‫لماذا يجب أن نتفاءل بنجاح الدعوة في المستشفيات‪..‬؟‬

‫الدعوة يف املستشفيات ميكن أن تنجح أكثر من أي مكان آخر‪ ،‬فعلى العاملني يف اجملال الطيب التفاؤل بنجاح‬
‫دعوهتم – بإذن الله – وذلك لألمور التالية(‪:)18‬‬

‫‪ -1‬أن الشرحية اليت تدخل املستشفيات ليست بالعموم هي اليت حتضر احملاضرات والدروس أو صالة اجلماعة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن املريض يكون يف حالة ضعف ‪ ،‬و له أذ ٌن صاغية لكل ما يمليه عليه الطبيب‪.‬‬

‫(‪ )18‬فن الدعوة إلى هللا في المستشفيات ‪ ،‬الشيخ عبد الملك القاسم‪ ،‬ضمن محاضرات مؤتمر أطباء الحرمين الدعوي الثالث (الطب والدعوة قرينان)‪ 1423 ،‬هـ [ بتصرّف يسيـــر]‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -3‬تعلّق املرضى باألطباء فهم يرون فيهم ِ‬
‫املنقذ‪.‬‬
‫‪ -4‬ك ثرة األطب اء فال يوجد يف اململكة أك ثر من ‪ 200‬داعية مس ّجلني يف وزارة الش ئون اإلس المية يف حني أنه‬
‫يوجد عدد ال حمدود من األطباء فلو أصبحوا أطباءً دعاة لرأينا النتيجة‪.‬‬
‫‪ -5‬أن هن اك من النّ اس من يعيش في احلضر أو البادي ة‪ ،‬منهم من يس توحش احلض ور للمس اجد‪ ،‬وجيلبه املرض‬
‫للمستشفى‪.‬‬
‫حسن باملطبب أن يكون داعية يقوم بواجبه جتاه دينه‪.‬‬ ‫‪ -6‬أن المستشفيات غري مهيأة للدعوة وإمنا للتطبيب في ُ‬
‫يصرح هبا املريض غالباً إال للأطباء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -7‬إطلاع الطبيب على أسرار املريض ‪ ،‬وأمور من ٍ‬
‫ومعاص ال ّ‬ ‫فساد‬
‫‪ -8‬أن سهم ال دعوة ال ذي يته ّرب منه املريض فيبتعد عن املس اجد وم واطن ال دعوة ؛ قد يص يبه من ط بيب م اهر‬
‫وداعية موفّق‪.‬‬
‫‪ -9‬ك ثرة األطب اء ال ذين تظهر عليهم سيما اخلري والص الح واملظهر الص امت حبد ذاته دع وة‪ ،‬فكيف إذا تكلم‬
‫أدب وق ال فأج اد‪..‬؟!‪ ،‬فالق دوة الص الحة أعظم وس يلة ص امتة ومتحدث ة‪ ،‬قائمة وقاع دة‪ ،‬س اكنة‬ ‫فأحسن ووعظ ف ّ‬
‫ومتحركة‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪16‬‬
‫مرض ـ ــاك ‪ ..‬كيف تدعوهم‪..‬؟‬

‫َّاس َج ِميع اً ))‬ ‫َأحيَ َاها فَ َكَأنَّ َما ْ‬


‫َأحيَا الن َ‬ ‫‪ ‬احتس ب األجر عند اهلل وحده عند عالجهم لق ول اهلل تعاىل ‪َ (( :‬و َم ْن ْ‬
‫(املائدة‪ ، )32:‬وقول ه ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" : -‬من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ف رج اهلل عنه كربة‬
‫تغرت به ‪.‬‬
‫مادي فهو فضل من اهلل ‪ ،‬ال ّ‬ ‫من كرب يوم القيامة"‪ .‬وإن أصابك من وراء علاجهم شهرة أو كسب ّ‬
‫الصبر عليهم عند عالجهم ‪ ،‬وبال ذات على كب ار السن توق رياً هلم ‪ ،‬وعلى األطفال رحمة هبم ‪ ،‬وعلى‬ ‫‪‬‬
‫امللهوفني يف احلاالت الطارئة ‪ ،‬لقوله ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪" : -‬في كل ذات كبد رطبة أجر" (‪. )19‬‬
‫‪ ‬ادع هلم ‪ ،‬و اطلب الدعاء منهم ‪ :‬وبالذات من الضعفاء منهم الذين ال ميلكون إال الدعاء ‪ ،‬وقد يكون فيهم‬
‫من لو أقسم على اهلل لأبره (‪.)20‬‬
‫‪ ‬انص حهم‪ ،‬وبال ذات يف قض ايا العقي دة من رقى ومتائم وأحجبة وغريها ‪ ،‬واملريض يك ون ع ادة في حالة من‬
‫الضعف يتقبل فيها ما يشري عليه الطبيب ‪ ،‬مث حضهم على الص الة واحلجاب وغري ذلك ‪ ،‬وجيب ترتيب األولويات‬
‫ث املريض على عدم التدخني على الرغم من مقارفة املريض لشركيات وكبائر‬ ‫ِح ِّ‬
‫يف الدعوة ‪ ،‬فمثالً قد يبدأ الطبيب ب َ‬
‫ينبغي البدء هبا أوالً (‪.)21‬‬
‫‪ ‬تفقد أحوال املرضى مع الطهارة وأداء الصالة‪.‬‬
‫‪ ‬ت ذكيرهم باهلل ‪ ،‬وذلك عن طريق رد النت ائج إىل اهلل عز وج ل ‪ ،‬وأن الط بيب ما ه و إلا أحد األس باب اليت‬
‫جتري عليها أقدار اهلل (‪.)22‬‬
‫‪ ‬السؤال عن أحواهلم يف البيت وعن أوالدهم أو آبائهم ‪ ،‬والتلطف معهم مما يؤدي إىل تكوين عالقة شخصية‬
‫(‪2‬‬
‫ودية ليس فيها طابع الرمسية ‪ ،‬بش رط البعد عن املبالغة يف رفع الكلفة ‪ ،‬األمر ال ذي قد ي ؤدي إىل الابت ذال املذموم‬
‫‪.)3‬‬
‫‪ ‬إعداد بعض األش رطة أو الكتيب ات وإه دائها إىل ه ؤالء املرض ى‪ .‬فيمكن للطبيب أن حيمل مطوي ات تتعلق‬
‫يدل املريض إىل كتب تناسبه يف حال مرضه ‪ ،‬ألن املريض عنده وقت فراغ كبري(‪.)24‬‬ ‫باملرض ‪ ،‬وميكنه أن ّ‬
‫‪ ‬احترام املريض واحملافظة على حقوقه ‪ ,‬ومن ذلك ‪ :‬الاهتم ام بفهم املريض ملرضه وخطة عالجه مع تق دير‬
‫رأي مريضه وإشعاره باالهتمام به ‪ ,‬وشرح النواحي الطبية بأسلوب مفهوم ومبسط ح تى لا يكون هناك جمال للقلق‬
‫أو س وء الفهم لبعض الفحوص ات ا ملطلوبة أو طريقة العالج م ع أخ ذ إذن املريض قبل اإلج راءات الطبية ‪ ,‬ومراع اة‬
‫الض وابط الش رعية يف الكشف على املرأة عند الض رورة ‪ ,‬وع دم كشف الع ورة للرجل أو املرأة إال عند الض رورة ‪,‬‬
‫وك ذلك حفظ وقت املريض وتق دير ظروفه والتزاماته األس رية وعمله ودراس ته ‪ ,‬واالهتم ام حبفظ سر املري ض وفق‬
‫ا‬
‫ألطباء والدعوة اإلسالمية ‪ ،‬د‪ .‬حسن علي الزهراني ‪ ،‬مجلة البيان العدد‪ 58‬جمادي اآلخرة ‪1413‬هـ‪.‬‬ ‫(‪)19‬‬

‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪)20‬‬

‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪)21‬‬

‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪)22‬‬

‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬


‫(‪ )24‬رسائل من القلب إلى العاملين بمهنة الطب‪ ،‬الشيخ عمر بن سعود العيد‪ ،‬محاضرة في كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الض وابط الش رعية ‪ ,‬مع االهتم ام بال دعاء والرقية الش رعية للم ريض ‪ ,‬فعن عائشة رضي اهلل عنها أن النيب ص لى اهلل‬
‫عليه وسلم كان يعود بعض أهله ميسح بيده اليمنى ويقول ‪ " :‬اللهم رب الناس أذهب البأس ‪ ,‬اشف أنت الشافي‬
‫ال لشفاء إال شفاؤك ‪ ,‬ش فاء ال يغادر سقماً " [متفق عليه]‪ .‬وعن أيب عبد اهلل عثمان بن أيب العاص رضي اهلل عنه‬
‫أنه شكا إىل الرس ول صلى اهلل عليه وسلم وجع اً جيده يف جسمه ‪ ,‬فقال له رسول اهلل ص لى اهلل عليه وسلم ‪" :‬ضع‬
‫يدك على الذي يألم من جسدك وقل ‪ :‬بسم اهلل – ثلاثاً – وقل سبع مرات ‪ :‬أعوذ بعزة اهلل وقدرت ه من شر ما‬
‫أجد وأحاذر "[رواه مسلم] (‪. )25‬‬
‫‪ ‬تذكريهم بقراءة القرآن والرقية الشرعية و األذكار‪.‬‬
‫‪ ‬إذا ق در أن أحد املرضى حضر أجله فيجب أن تلقنه ش هادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬فق د ق ال النبي ص لى اهلل عليه‬
‫وس لم‪ (( :‬لقن وا موت اكم ال إله إال اهلل ))‪ ،‬ولكن التلقني يك ون برف ق‪ ،‬فال تق ول له يا فالن قل ال إله إال اهلل ألن‬
‫أجلك قد حضر‪ ،‬ولكن ميكن أن تذكر اهلل عنده ‪ ،‬فإذا ذكرت اهلل عنده تذكر‪ .‬و إن كان كافراً تق ول له قل ال إله‬
‫إال اهلل ألن النيب ص لى الله عليه وس لم ق ال لعمه أيب ط الب حني حض رته الوف اة‪ (( :‬يا عم قل ال إله إال اهلل كلمة‬
‫أح اج لك بها عند اهلل )) ‪ ،‬وق ال للغلام اليه ودي يف املدينة وقد ع اده النيب ص لى اهلل عليه وس لم وقد حضر أجل‬
‫الغالم فعرض عليه اإلسالم فالتفت الغالم إىل أبيه كأنه يستأذنه فقال له‪ (:‬أطع أبا القاسم)‪ ،‬فأسلم فقال النيب صلى‬
‫(‪)26‬‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ (( :‬الحمد هلل الذي أنقذه من النار))‬
‫‪ ‬احتسب األجر يف زيارة املريض ‪،‬فق د كان الصحابة يذكر بعضهم بعض اً هبذا‪ .‬جاء يف حديث ثوير عن أبيه‬
‫أخذ علي بيدي فقال انطلق بنا إىل احلسن بن علي نعوده فوجدنا عنده أبا موسى األشعري‪ ،‬فقال علي أليب موسى‬
‫عائداً جئت أو زائراً؟‪ ،‬فقال علي‪ :‬إن مس عت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ (( :‬ما من مسلم يعود مسلماً‬
‫غ دوة إال صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وال يعوده مساء إال صلى عليه س بعون مل ك ح تى يص بح‬
‫وكان له خريف في الجنة )) (‪.)27‬‬
‫اس َت ْن َق َع فِي‬ ‫اف اْلجن َِّة فَ ِإ ذَا جلَ ِ‬
‫يض ا م َش ى فِي ِخ ر ِ‬
‫س ع ْن َدهُ ْ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اد َم ِر ً َ‬ ‫و قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪َ ((:‬م ْن َع َ‬
‫ك اْلَي ْوم)) رواه مسلم‪.‬‬ ‫ك يَ ْسَتغْفُِرو َن لَهُ ذَلِ َ‬‫ْف ملَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الر ْح َمة فَِإ ذَا َخ َر َج ِمْن ِع ْنده ُو ِّك َل بِه َس ْبعُو َن َأل َ َ‬
‫‪ ‬تذ ّكر يف كل زيارة للمريض يف سريره قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪(( :‬ما من عبد مسلم يعود مريضا مل حيضر‬
‫وضع يف لوحة‬ ‫أجله فيقول سبع مرات ‪ :‬أسأل اهلل العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عويف)) ‪ ،‬وما أمجل أن تُ َ‬
‫وتعمم على مجيع غَُرف املرضى‪.‬‬ ‫صغرية ّ‬
‫‪ ‬يمكنك تش غيل بعض األش رطة النافعة يف العي ادة ليس معها من ينتظر دوره يف الكش ف‪ ،‬على أن تُ راعي أن‬
‫يكون املتح ّدث ذا أسلوب َح َس ن سلس ‪ ،‬مع التنوي ع يف مادة األشرطة ومراعاة أحوال املرضى؛ فال ترفع الصوت‬
‫عالي اً ‪ ،‬و تعمل على إيقاف التشغيل إذا كان الصوت يضايقهم‪ .‬و ميكنك أن تضع بعض الكتيبات صغرية احلجم‪،‬‬

‫(‪ )25‬الطبيب المسلم تمي ٌز وسمات ‪ ،‬د‪ /‬يوسف بن عبدهللا التركي‪ ،‬استشاري طب األسرة كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫(‪ )26‬إرشادات للطبيب المسلم ‪ ،‬آخر محاضرة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه هللا – ‪ ،‬أقيمت بالمستشفى التخصصي بالرياض بتاريخ ‪14/6/1421‬هـ‬
‫(‪ )27‬حلية الطبيب المسلم‪ ،‬الشيخ محمد بن صالح المنجد‪ ،‬محاضرة ضمن فعاليات دورة اإلعداد الدعوي للعاملين في المجال الطبي التي نظمتها لجنة أطباء الحرمين بمؤسسة الحرمين الخيرية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ومنوعة ‪ ،‬عن الصالة‪ ..‬التوبة‪ ..‬حب اهلل‪ ..‬فضل الذكر‪ ، ..‬وبعض املطويّات واجملالت النافعة‪ .‬كما ميكنك‬
‫مر ّكزة ‪ّ ،‬‬
‫حيض على سلوك معنّي (‪.)28‬‬ ‫وضع عليها كل يوم آية أو حديث ّ‬‫أن تضع لوحة يف حجرة االستقبال يُ َ‬
‫‪ ‬اح رص على تطييب خاطر املرضى بالكلمات الطيبة كـ (( ال بأس طهور إن شاء اهلل ))‪ ،‬وتذكريهم بفائدة‬
‫املرض وأنّه ك ّفارة وطهور هلم‪.‬‬

‫دعوة أقارب المريض‪:‬‬

‫وينطب ق عليهم ما ذكر آنف اً ‪ ،‬إضافة إىل وجوب حرص الطبيب على اجللوس معهم ومقابلتهم لشرح حالة املريض‬
‫هلم ‪ ،‬وبالتايل التأثري عليهم من خالل مناصحتهم (‪.)29‬‬

‫كيف تدعو العاملين في المستشفى‪..‬؟‬

‫واملقصود غري األطباء من ممرضني وفنيني وإداريني وسائقني وغريهم ‪ ،‬وهناك أمور منها(‪: )30‬‬

‫‪ ‬مراعاة الرتكيز على كل الطبقات ‪ ،‬فال ينبغي استصغار أحد جلنسه أو وظيفته أو غري ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬االهتم ام برؤس اء األقس ام ممن فيهم س يما الصالح ‪ ،‬ألهنم أهل احلل والربط ‪ ،‬وقد ينفع اهلل هبم من خالل‬
‫تعميم لا يكلف بضع دقائق مما يوفر اجلهد والوقت‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بغري املسلمني بدعوهتم وتقدمي الكتب واألشرطة إليهم ‪ ،‬ومعاملتهم معاملة تقرهبم إىل اإلسالم ‪ ،‬وال‬
‫تنف رهم من ه بض وابطها الش رعية ‪ ،‬وقد أمثرت ه ذه اجله ود في كثري من املستش فيات ‪ ،‬ورأينا أن الكثري من ه ؤالء‬
‫العاملني قد دخل وا يف الدين اهلل أفواج اً ‪ ،‬ويكفي قول النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ (( : -‬ألن يهدي اهلل بك رجالً‬
‫واحداً خري لك من محر النعم))*‪.‬‬
‫‪ ‬الحذر عند التعامل مع النساء ‪ ،‬من ا ملبالغة يف التحادث حبجة الدعوة أو حىت العمل الطبي ‪ ،‬مما قد يؤدي إىل‬
‫معاص وفنت أو سوء فهم‪.‬‬ ‫ما ال حتمد عقباه من ٍ‬

‫دعوة اإلدارة‬

‫الرسالة‪ ،‬إصدار من أطباء الحرمين بمناسبة المؤتمر الثالث‪ ،‬رجب ‪1423‬هـ‪.‬‬ ‫(‪)28‬‬
‫(‪ )29‬األطباء والدعوة اإلسالمية ‪ ،‬د‪ .‬حسن علي الزهراني ‪ ،‬مجلة البيان العدد‪ 58‬جمادي اآلخرة ‪1413‬هـ‪.‬‬

‫(‪ )30‬المصدر السابق‪.‬‬


‫* الحرص على التعاون مع مكاتب توعية الجاليات في هذا المجال‪ ،‬ومكتب توعية الجاليات بالصناعية القديمة في الرياض له‬
‫تجربة رائدة وناجحة بكل المقاييس في دعوة غير المسلمين من العاملين في المستشفيات‪ ،‬وتطبّق اآلن في بعض الدول الخليجية‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫وهم كما ق ال ‪-‬ص لى اهلل عليه وس لم‪ (( : -‬إن الله ل يزع بالس لطان ما ال ي زع ب القرآن)) وبي دهم ‪ -‬بعد اهلل ‪-‬‬
‫اإلص الح أو التس بب يف الفساد الع ريض ‪ ،‬ل ذا ك ان من ال واجب االهتم ام بدعوهتم من خالل الكتابة هلم ونصحهم‬
‫مع استخدام أسلوب مناسب مع المترددين منهم ‪ ،‬وينبغي أن يشارك يف هذا األمر كل غي ور على دينه حريص على‬
‫دنياه وآخرته ‪ ،‬مع استخدام أسلوب التخويف باهلل والرتغيب فيما عنده ‪ ،‬أما الصاحلون من الإداريني فينبغي التحبب‬
‫إليهم ومس اعدهتم والوق وف بج انبهم ودعمهم معنوي اً (‪.)31‬ـ واحلرص على ش كرهم وتش جيعهم عن د إص دارهم أي‬
‫قرارات إيجابية ‪.‬‬

‫دع ــوة بال ح ــدود‬

‫أطباء بلا ح دود اليت جتوب األرض‪ ،‬من أقص اها إىل أقص اها‪ ،‬تنشر مبادئها وأوبئتها ‪ ،‬ليست بأحسن ح ال من‬
‫املوحد ال ذي ميلك جنان اً متق داً ومحاسة للعمل ال دعوي ال ح دود هلا ‪ ،‬فينبغي له أن يتج اوز‬
‫الط بيب املس لم الداعية ّ‬
‫حدود مشفاه ومدينته ودولته يف عمله الطيب الدعوي بشكل ال يطغى على واجباته الطبية واألسرية‪.‬‬

‫وميكن للط بيب أن جيعل يوم اً يف األسبوع أو األس بوعني للم ّربات اخلريية ‪ ،‬عب ارة عن عمل إنس اين يف عي ادة‬
‫خاص ة وأن أك ثر األم راض واملعاص ي الفتّاكة من خمدرات و غريها تك ون يف الفق راء‪،‬‬
‫مص غّرة‪ ،‬فلعل اهلل أن ينفع هبا ّ‬
‫السنة للدعوة والطب يف األقطار‬ ‫ٍ‬
‫لعل الله أن ينفع به ‪.‬ـ ويمكنه كذلك أن خيصص أسبوعني يف ّ‬ ‫فتكون زكاة علم ّ‬
‫(‪)32‬‬

‫احملتاجة لإلغاثة والعالج وال ّدعوة‪.‬‬

‫دد من األطب اء للتخطيط ملش روع املستش فى الطيب الط ائر ض من مؤسسة خريية رمسية‪،‬‬ ‫دير أن ينهض ع ٌ‬
‫كم هو ج ٌ‬
‫يكون وا له هيئة استش ارية وجملس إدارة ‪ ،‬وع دداً من ال دعاة ‪ ،‬وفريق اً طبي اً يف‬
‫وأن يع ّدوا دراسة متكاملة عن ه‪ ،‬مث ّ‬
‫خمتلف التخصص ات‪ ،‬مث يعد ت رتيب حمدد لزي ارة البل دان الفق رية وغري الفق رية يف أص قاع ال دنيا ‪ ،‬مع االس تفادة من‬
‫خربة رابطة العامل اإلسالمي ومكاتبها و املؤسسات اإلسالمية اخلريية األخرى‪ ،‬ويتم من خالل هذا املشروع تقدمي‬
‫اخلدمات الطبية والدعوية‪ ،‬ليتحقق من خالل ذلك دعوة غري املسلمني‪ ،‬وإن كانوا مسلمني أغنوهم عن منّة النصارى‬
‫وابتزازهم ‪ ،‬وجنّبوهم التشكيك يف ال ّدين والص ّد عنه(‪.)33‬‬

‫فن تغييـ ـر المن ــكر‬

‫(‪ )31‬األطباء والدعوة اإلسالمية ‪ ،‬د‪ .‬حسن علي الزهراني ‪ ،‬مجلة البيان العدد‪ 58‬جمادي اآلخرة ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )32‬رسائل من القلب إلى العاملين بمهنة الطب‪ ،‬الشيخ عمر بن سعود العيد‪ ،‬محاضرة في كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي‪.‬‬

‫(‪ )33‬هل المن ّ‬


‫ص رون أولى؟‪ ،‬الشيخ خالد بن عبد الرحمن الشايع‪ ،‬الرسالة‪ ،‬صدرت عن أطباء الحرمين بمناسبة المؤتمر الثالث –‬
‫رجب ‪1423‬هـ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫عن دما ي رى الط بيب املس لم منك راً من املنك رات يف املستش فى أو يف حميط عمله أو يف طريقه فإنه يت ذكر واجب اً‬
‫شرعياً وركن اً أس اسياً وهو األمر ب املعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬فيسعى يف إنكار املنكر بيده فإن مل يستطع فبلسانه‬
‫ف إن مل يس تطع فبقلبه بش رط أن يك ون ذل ك باحلكمة واملوعظة احلس نة وال تزام الرفق واللني والبعد عن الغلظة ورفع‬
‫األص وات وإث ارة الآخ رين ‪ ،‬وأال ي رتتب على ذلك مفس دة ‪ ،‬فاملس لم م أمور بالتوجيه واإلرش اد وليس عليه حتقيق‬
‫النتائج فإن التوفيق واهلداية بيد اهلل عز وجل(‪.)34‬‬

‫وهذا اجلانب حيت اج إىل فقه الداعية في أس اليب ال دعوة واألمر ب املعروف والنهي عن املنكر ‪ ،‬وأال ت رتك ه ذه إىل‬
‫اجته ادات شخص ية بل جيب أن يك ون ذلك وفق أدب وأخالق املس لم املتفقه في دينه ال ذي ي دعو إىل اهلل على‬
‫بص رية‪ ،‬ولعل مما يس اعد على ذلك ما أنش أته وزارة الص حة ح ديثاً من مك اتب دينية يف املستش فيات للقي ام ببعض‬
‫هذه املهمات وفق أسس وأنظمة املستشفى حىت ال يرتتب على ذلك مفاسد(‪. )35‬‬

‫ويجباحلذر من السكوت عن املنك رات ‪ ،‬فإن ذلك قد يؤدي إىل اس تمرائها ‪ ،‬وم ــن ثــم االحنراف والنكوص على‬
‫األعقاب واهلل املستعان‪.‬‬

‫الطبيبــة التي نـريد‬

‫نري دها طبيب ةً داعي ة‪ ،‬والطبيبة الداعية ينطبق عليها ماذكرنا ‪ ،‬فهي أوالً ام رأة مس لمة‪ ،‬وال ّدعوة إىل اهلل والعمل‬
‫اإلسالمي ال يقتصرعلى قطاع الرج الفقط بل البد من النساء القيام هبذا الواجب يف خمتلف مواقعهن‪ ،‬املرأة يف ذلك‬
‫مث ل الرجل متام اً‪ ،‬بل قد يك ون دور املرأة يف ال دعوة إىل اهلل أخطر ألن املرأة هي املدرسة األوىل لألجي ال‪ ،‬ف إذا‬
‫صلحت صلُح اجملتمع‪.‬‬

‫والس نَّة تفيد اش رتاك املرأة مع‬ ‫ومم ا يؤكد لنا أمهية وض رورة ممارسة املرأة لل دعوة وج ود نص وص من الكت اب ُ‬
‫ون بِ الْمعر ِ‬ ‫ِإ‬ ‫ِ‬
‫وف َو َي ْن َه ْو َن َع ِن‬ ‫الرجل يف خطاب التكليف كقوله تعالى‪َ (( :‬ولْتَ ُك ْن م ْن ُك ْم َُّأمةٌ يَ ْدعُو َن لَى الْ َخ ْي ِر َويَ ُْأم ُر َ َ ْ ُ‬
‫ك ُه ُم ال ُْم ْفلِ ُح و َن))(آل عم ران‪ . )104:‬ك ذلك وجود نص ص ريح خ اص بتكليف النس اء بال دعوة‬ ‫ال ُْم ْن َك ِر َوُأولَِئ َ‬
‫ْح ْك َم ِة‬
‫ات اللَّهِ وال ِ‬‫كقول اهلل تعاىل يف حق نساء النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪(( :‬واذْ ُكر َن ما ي ْتلَى فِي بي وتِ ُك َّن ِمن آي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫ِإ َّن اللَّهَ َكا َن ل ِ‬
‫َطيفاً َخبِيراً))(األحزاب‪. )34:‬‬

‫وقد تكون الطبيبة أعظم مسئولية من غريها من النّساء ل أن ها األكثر علم اً وألن البعض قد يقتدي هبا وملخالطتها‬
‫اجملتمع بأكمله على اختالف طبقاته ‪ ،‬والرسول صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ (( :‬من دعا إلى هدى كان له من األجر‬
‫(‪ )34‬الدعوة إلى هللا في السلوك اليومي ‪ ،‬د‪ .‬يوسف بن عبد هللا التركي‪.‬‬

‫المصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪)35‬‬

‫‪21‬‬
‫مثل أج ور من تبعه ال ينقص من أج ورهم ش يئاً ومن دعا إلى ض اللة ك ان عليه من اإلثم مثل آث ام من تبعه))‪.‬‬
‫وبالمقابل فإن حتقيق هذا الواجب يف حق الطبيبة سهل وهلل احلمد فالناس يتقبلون من الطبيب ماال يتقبلون من غريه‬
‫‪ ،‬والطبيب يأيت إليه الناس دون أن يكلّف نفسه عناء الذهاب إليهم‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية تعلم أن ال دعوة إىل اهلل س بيل األنبي اء و ب اب لألجر تس تطيع أن تبين به جب ال من احلس نات وألن‬
‫يهدي هبا اهلل امرأة واحدة خري هلا من محر النعم‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية تعلم أن الدنيا معرب لدار املستقر و تعلم أهنا حماسبة على كل صغرية وكبرية‪.‬‬

‫الطبيبة داعية بأخالقها وتعاملها‪ ،‬داعية حبجاهبا و حشمتها‪،‬داعية حبيائها وامتثاهلا لألوامر اإلهلية مهما كلفه ا ذلك‪،‬‬
‫داعية بلساهنا وماهلا‪ ،‬داعية بسنّها السنن احلسنة و الصالبة يف احلق و عدم تقدمي التنازالت وأن ال ختاف يف اهلل لومة‬
‫الئم‪ ،‬داعية بتغيريها املنكر ‪.‬‬

‫الطبيبة داعية بنش رها اخلري وأمرها ب املعروف بني زميالهتا‪ ،‬الطبيبة داعية بتواض عها و تس احمها و نصح مريض اتها‪،‬‬
‫الطبيبة داعية بتفقيههن بأحكام الطهارة والصالة وتذكريهن بتجديد التوبة واللجوء إىل اهلل والتوكل عليه‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية تعلم أن النص رانية ما انتش رت إال على كف وف األطب اء فتس عى حثيثة ألن تق دم ال دعوة لل دين احلق‬
‫والعالج بل وحترص على دعوة من خيالطنها يف جمال العمل من غري املسلمات‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية مشعل هداية يف مواجهة العقبات و آفات الطريق‪ ،‬بدأت بنفسها فربتها‪ ،‬وأصلحت شأهنا‪ ،‬سالحها‬
‫التقوى‪ ،‬شكرت نعمة اهلل أن هداها و رزقها الثبات يف زم ٍن ميوج بالفنت والشهوات والشبهات‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية تقوم بالعمل هلذا الدين ‪ ،‬علم اً وتعليم اً ودعوة وأمراً باملعروف و هني اً عن املنكر‪ ،‬وتبذل يف ذل ك‬
‫الغايل والنّفيس‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية تصرب نفسها مع الذين يدعون رهبم بالغداة والعشي يريدون وجه اهلل‪ ،‬الطبيبة الداعية حتتسب ما قد‬
‫تالقيه من صنوف األذى فهي داعية قبل أن تكون طبيبة‪ ،‬بل داعية وهي على مقاعد الدراسة يف كلية الطب‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية أدركت أمهية العلم الش رعي فس عت حثيث ة يف طلبه فهي تعلم أهنا مىت ما أخلصت النية فالل ه تع اىل‬
‫يبارك يف أوقاهتا وعملها ‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية تعلم أهنا مطالبة بإتقان عملها و حتتسب هذا العمل فتقلب عملها ودراستها إىل عبادة تثاب عليها‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫الطبيبة الداعية تعلم أن الطب أرض خص بة لل دعوة ‪ ،‬إلن ارة املش اعل ‪ ،‬هلداية احلائرين ‪ ،‬الطب طب لألرواح قبل‬
‫األبدان ‪ ..‬طب للنفوس واألفئدة التائهة ‪ ..‬عالج للقلوب املضطربة ‪ ..‬إنارة لدروب احليارى بآي القرآن‪.!!..‬‬

‫الطبيبة الداعية داعية حبفاظها على التوازن و إعطاء كل ذي حق حقه يف حياهتا العلمية والعملية و حقوقها الأسرية‬
‫جتاه زوجها وأوالدها وأهلها‪.‬‬

‫الطبيبة الداعية أمل األمة فلتعد كل طالبة طب نفسها لتكون هي ولتنشط كل طبيبة لتدارك ما فاهتا‪.‬‬

‫هل ف ّك رت في عم ِل بر وخ ي ٍر وأج ٍر غ ير منقطع في بيئة عمل ِ‬


‫ك أو‬
‫دراستك‪..‬؟‬

‫متفرق من أفكار دعوية مناسبة لبيئة المستشفيات‪ ،‬نحسب إن ُس ّخر لها عامالً مخلص اً متفاني اً أن‬
‫شتات ّ‬
‫ٌ‬ ‫هذا‬
‫ت ؤتي ُأكلها وثمارها اليانعة ب إذن اهلل‪ ،‬وال يل زم أن يق وم بها األطب اء بأنفس هم لض يق وقتهم وانش غالهم وإنما‬
‫يوجهون من يقدرون على تطبيقها‪:‬‬
‫ّ‬

‫‪ ‬توزي ع األش رطة و املطوي ات النافعة وتعليق اجملالت احلائطية ‪ ،‬ومتابعتها باملواض يع والأطروح ات الدعوية‬
‫النافعة واملتجددة ومراعاة انتقائها ومناسبتها حسب البيئة والزمان ‪.‬‬
‫‪ ‬عمل مكتبة إسالمية مصغرة مقروءة ومسعية ومرئية بالغتني العربية واإلجنليزية ‪ ،‬لتنمية الثقافة اإلسالمية وتعليم‬
‫اإلسالم الصحيح ودعوة غري املسلمني ‪.‬‬
‫‪ ‬إجياد مكتبة ص وتية إس المية جتارية على هيئة كشك أو محل يف ص الة االس تقبال وحنو ذلك ‪ ،‬تُ أجر على‬
‫إحدى التسجيالت اإلسالمية ‪ ،‬ويباع فيها الشريط اإلسالمي ‪ ،‬و الكتيب اإلسالمي ‪ ،‬واجملالت اإلسالمية فقط ‪.‬‬
‫ويف هذه الفكرة خري عظيم إن شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫‪ ‬إلقاء الكلمات الوعظية يف املساجد واملصليات التابعة للمستشفى ‪ ،‬والدروس العلمية ‪ ،‬احملاضرات والندوات‪.‬‬
‫إقامة الندوات العلمية الطبية اليت تبني إعجاز اهلل يف خلق اإلنسان ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬تبصير الناس باألمراض الناجتة عن معصية اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ ‬التنس يق مع مك اتب ال دعوة وتوعية اجلالي ات يف إع داد احملاض رات اإلس المية ب اللغتني يف قاعة احملاض رات‬
‫باملستشفى ‪ ،‬كما ميكن ختصيص بعض احملاضرات للنساء وباللغتني‪.‬‬
‫‪ ‬إعدا د قن اة ص وتية موزعة إىل غ رف املرضى مرتبطة بإذاعة الق رآن الك رمي ‪ ،‬تس مع عن طريق مساعات ال رأس‬
‫لتفادي التشويش على اآلخرين ‪ ،‬مع إمكانية توزيع اجلدول الشهري لربامج إذاعة القرآن الكرمي يف أماكن خمتلف ة في‬

‫‪23‬‬
‫املستش فى بص فة دورية ‪ ،‬كم ا ميكن عن طريق القن اة الص وتية ع رض بعض األش رطة الص وتية يف فضل الصرب على‬
‫املرض واالبتالء وأحكام املرضى وزيارهتم وما يعينهم يف أمور دينهم ودنياهم ‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد مس ابقة إسالمية خاصة باملوظفني لزي ادة ال وعي الش رعي ‪ ،‬ومس ابقة خاص ة بغ ري املس لمين تتلخص يف‬
‫اإلجابة على أسئلة عن اإلسالم يف أوراق معدة مع كتيب ومطوية عن اإلسالم وميكن أن يضاف إليها شريط بلغتهم‬
‫‪ ،‬ويتم وضع ج وائز تش جيعية للمتس ابقني ‪ ،‬واهلدف هو إطالعهم على نق اط حساسة عن ال دين احلق والغاية من‬
‫احلياة ودعوهتم بصورة غري مباشرة ‪.‬‬
‫‪ ‬توزي ع اجمللات اإلس المية الرتبوية اهلادف ة اليت ت راعي مس توى العامة واملثقفني وأف راد األس رة ‪ ،‬حيث ميكن‬
‫احلصول على كميات كبرية من األعداد السابقة بأسعار دعوية زهيدة جداً لنشر الفائدة ‪ ،‬ومن مث توزيعها يف أماكن‬
‫االنتظار يف املستشفى ويف غرف املرضى ‪.‬‬
‫‪ ‬وضع لوحة خاصة لطرق االستفادة اإلسالمية من شبكة الإنرتنت لتثقيف املوظفني يف هذا اجلانب ‪ ،‬وإلرشاد‬
‫غري املسلمني ملواقع تعليم اإلسالم الصحيح بلغاهتم ‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد هدية الولادة وهي عب ارة عن هدية ش بيهة ب اليت تق دم من قبل بعض الش ركات يف بعض املستش فيات‬
‫وما حتمله من أدوات للمولود واملولود له ‪ ،‬ولكن تُرفَق بشريط و كتيب عن تربية األبناء وحقوقهم ‪ ،‬مع هتنئة رقيقة‬
‫وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت ّبره ))‪.‬‬
‫َ‬ ‫كـ (( بورك لك في الموهوب‬
‫‪ ‬وض ع رقم خ اص للخ دمات الش رعية يف املستش فى يتصل عليه املرضى أو املوظف ون يف ح ال رغبتهم يف‬
‫االستفسار عن شيء من أمور دينهم ‪ ،‬حيث يتم توجيههم مباشرة‪ ،‬أو االستفسار هلم وربطهم بالعلماء املوثوقني‪.‬‬
‫متفرقة يف املستشفى يستفيد من ه من فاته مساع األذان لنوم‬
‫‪ ‬تعليق اجلدول الشهري ألوقات الصالة يف أماكن ّ‬
‫أو انشغال‪ ،‬والتأكد من وجود ما يشري إىل جهة القبلة الصحيحة يف غرف املرضى‪.‬‬
‫‪ ‬تعليق لوحات حتتوي على تعليمات خمتصرة يف صالة المريض وطهارته‪.‬‬
‫‪ ‬إقامة دورات شرعية لألطباء واملمرضني يف الفقهني ‪ ،‬األكرب العقيدة ‪ ،‬واألصغر األحكام‪.‬‬
‫‪ ‬تقدمي اهلدايا النافعة للمرضى بعد شفائهم وهبا كتيبات ومطويات دعوية‪.‬‬

‫*‬
‫نحو ٍ‬
‫عمل طبّي برؤية إسالميّ ــة‬
‫‪ -1‬الدعوة إىل اهلل واجب اجلميع وتتأكد يف اجملال الطيب‪.‬‬

‫جانب من هذه التوصيات َذ ِك َر ت ضمن توصيات مؤتمر أطباء الحرمين الثالث‪ ،‬الطب والدعوة قرينان‪ ،‬رجب‪1423 -‬هـ‪.‬‬ ‫*‬

‫‪24‬‬
‫‪ -2‬الحرص على عدم التهاون يف تطبيق الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -3‬عق د جلنة إلع داد منهج ش رعي إل زامي لطلبة الطب و بع دد مق رر من الس اعات يف الض وابط الش رعية ملهنة‬
‫الطب‪.‬‬

‫‪ -4‬الس عي إىل ختص يص كلي ات طب للنس اء وال والدة و حتت إش راف أس اتذة الطب املوث وق من أم انتهم‬
‫والتزامهم‪.‬‬

‫‪ -5‬السعي لبناء مراكز صحية غري خمتلطة وعمل دراسات وخمططات لذلك و جعل شروط لفتح املراكز الصحية‬
‫حتقق الفصل‪.‬‬

‫‪ -6‬التقليل من االستقدام وتوظيف غري املسلمني‪.‬‬

‫‪ -7‬التعاقد يف ختصص النساء والوالدة مع النساء‪.‬‬


‫‪-8‬‬
‫‪ -9‬الاعتناء باجلاليات املسلمة في املستشفيات وإقامة الندوات واملؤمترات الشرعية لهم‪.‬‬

‫‪ -10‬دعم مك اتب التوعية الدينية للمستش فيات ‪ ،‬وإم دادهم ب الكوادر الطبية الش رعية والتأكيد على أن من‬
‫واجباته ا الم رور على املرضى بص فة يومية وتعليمهم ش ئون دينهم من طه ارة وص الة وغ ريه وحض ور كل ح االت‬
‫االحتضار‪.‬‬

‫‪ -11‬توثيق األعمال الدعوية فنحن نعاين من الفردية يف األعمال الدعوية‪ ،‬فالبد من التوثيق والنشر بني األطباء‪.‬‬

‫‪ -12‬تفعي ل الق رارات والتع اميم الص ادرة واالس تفادة منها ( خبص وص احلج اب الش رعي – من ع الت دخني – من ع‬
‫اخللوة – منع االختالط – صلاة اجلماعة ‪ ، ).....‬و ترمجتها بلغات العاملني يف املستشفى‪.‬‬

‫‪ -13‬مشاورة األخيار من األطباء ‪ ،‬فاتباع ال ِك رب والغرور قد ي ؤدي إىل بعض االجتهادات اخلاطئة اليت قد تفسد ما‬
‫اَألم ِر فَِإ ذَا َع َز ْم َ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫بناه اآلخرون ‪ ،‬واهلل عز وجل أمر نبيه ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬بالشورى فقال ‪(( :‬وشَا ِو ْر ُه ْم في ْ‬
‫ِ‬ ‫َفَت َو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه ِإ َّن اللَّهَ يُ ِح ُّ‬
‫ين)) (آل عمران‪. )159:‬‬ ‫ب ال ُْمَت َو ِّكل َ‬

‫أم ٌل وعمــــــل‬

‫‪25‬‬
‫إن م ا يُ رى ويس مع في ه ذه األزمنة يش رح الص دور ويبهج النف وس ‪،‬أعين ب ذلك إقب ال كثري من ش باب املس لمني‬
‫على دراسة الطب علم اً وعمالً فاس تغلظ ذلك النب ات واس توى على س وقه ‪ ،‬فرأينا ش باباً ورج االً ص احلني تب َّوؤا‬
‫املناصب وزامحوا أعداء اُألمة وأثبتوا أهنم حمل الثقة وكانوا أحق هبا وأهلها ‪ .‬فتعلم وا وعلِم وا فعملوا وعلّموا فنفعهم‬
‫اهلل ونفع هبم ‪ ،‬فجمعوا ملرضاهم بني طب القلوب وطب الأب دان ‪ ،‬فكان الدواء ناجع اً واألثر نافع اً ‪ .‬فهنيئ اً لنا هبم‬
‫ولتس عد بل ولتفخ ر تلك الص حوة هبم ‪ ،‬فهم على ثغر عظيم وجبهة واسعة ولزام اً علينا أن نش اركهم في آم الهم‬
‫وآالمهم ‪ .‬أع انهم الل ه وس دّد خط اهم وب ارك يف جه ودهم ‪ .‬وليعلم وا أن مكانتهم مرموقة م نزلتهم عالية ‪ ،‬بل إن‬
‫بعض الفتاوى الشرعية تُبىن على ضوء ما يقررونه ويقولونه(‪.)36‬‬

‫ه ذا غيض من فيض‪ ،‬لكن؛ ليت ذكر كل ط بيب أن اهلل قد خلقه لعبادته ‪ ،‬وأن احلي اة ليست عبث اً وال معطف ًا أبيض‬
‫ومساعة فحـسـب ؛ بل هي جهاد واحتساب حىت يأيت اهلل بأمره ‪ ،‬وأن األمة تنتظر منه أن حيـم ــل هم الدين عنها ‪ -‬يف‬
‫جماله على األقل ‪ -‬في عصر اجتمعت فيه أمم الكفر على ضرب اإلس ـ ــالم عن قوس واحدة ‪ ،‬وال ينسى أنه ق د قط ع‬
‫من العهود واملواثيق بينه وبني اهلل أثن اء دراس ـتـه على مقاعد الكلية أن يقوم بأداء مهمته خري قيام حال خترجه ‪ ،‬قال‬
‫َض لِ ِه‬
‫اهم ِّمــن ف ْ‬ ‫ص َّدقَ َّن ولَنَ ُك ونَ َّن ِمن ا َ ِ‬ ‫تع اىل‪(( :‬ومِ ْن ُـه ــم َّم ْن َع َاه َد اللَّ هَ لَِئ ْن آتَانَا ِمن فَ ْ‬
‫ض لِ ِه لَنَ َّ‬
‫ين * َفلَ َّما آتَ ُ‬ ‫لصالحِ َ‬ ‫َ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وع ُدوهُ وبِ َما‬ ‫ض و َن * فََأ ْع َقَب ُه ْم ن َفاق اً في ُقلُ وبِ ِه ْم إلَى َي ْوم َي ْل َق ْونَ هُ ب َ‬
‫ِم ا َأ ْخلَ ُف وا اللَّهَ َما َ‬ ‫بَ ِخلُ وا بِ ِه وَت َولَّوْا ُ‬
‫وهم مُّْعرِ ُ‬
‫َكانُوا يَ ْك ِذبُو َن)) [التوبة‪ ]77-75‬نعوذ باهلل من سخطه وأليم عقابه(‪.)37‬‬

‫(‪ )36‬مكانة علم الطب ‪ ،‬عبدالعزيز بن محمد بن عبدهللا السدحان‪ ،‬كتاب المسائل الطبيبة للدكتور علي بن سليمان الرميخان‪.‬‬
‫(‪ )37‬األطباء والدعوة اإلسالمية ‪ ،‬د‪ .‬حسن علي الزهراني ‪ ،‬مجلة البيان العدد‪ 58‬جمادي اآلخرة ‪1413‬هـ‬

‫‪26‬‬
‫الطب والدّعوة‪ ..‬قرينان‬

‫ٍ‬
‫كإخوان لنا يف‬ ‫لنعرتف بتقصرينا ولنج ّدد النيّ ة‪ ،..‬لنرتك التعامل مع املرضى على أهنم حاالت وهلا أرقام فقط‪ ،‬بل‬
‫ال ّدين‪ ،‬هلم ما لنا وعليهم ما علينا‪ .‬لنمثّل اإلسالم يف صورنا‪ ،‬يف كلماتنا و حركاتنا و سكناتنا ولباسنا‪ ،‬و معامالتنا‬
‫‪ ،‬حبسن اخللق وإصالح النفس‪ .‬لنكن دعوة متشي على األرض‪.‬‬

‫زراع ‪ ..‬نضع البذور ونلقي هبا هنا وهن اك‪ ..‬نستبشر خرياً بالنماء و ظه ور الثمار‪ ..‬ويف ذات الوقت‬
‫ما حنن إال ّ‬
‫ال يصيبنا الغم واالنتكاسة والرتدد يف حال فشلنا‪ ،‬فهناك بذور كامنة قد تعطي الغراس ولو بعد حني ‪ ،‬وهناك زروع‬
‫فيها خري ‪ ،‬قد تعطي الثمار ولو بعد ألف من السنني‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫صَب َر ُأولُوا ال َْع ْزِم ِم َن ُّ‬
‫الر ُس ِل ))‬ ‫اصبِ ْر َك َما َ‬
‫الزموا الصرب‪ ،..‬فالصرب خلق النبيني‪ ..‬و أداة الدعاة واملصلحني‪(( ، ..‬فَ ْ‬
‫( األحق اف‪ .)35:‬فالصرب أصل عظيم ‪ ..‬وأحسب أن من وصل ه ذه املنزلة ؛ منزلة الص ابرين قد قطع أغلب املهمة‬
‫ين))(لأنفال‪ .. )46:‬ولتعلّموا هذه الفضيلة مرضاكم‪.‬‬ ‫اصبِ ُروا ِإ َّن اللَّهَ َم َع َّ‬
‫الصابِ ِر َ‬ ‫(( َو ْ‬
‫‪ ‬‬
‫رغم ما قد تالقون ه من إع راض و نف ور ؛ إي اكم والض عف واخلور و الس قوط في ب راثن االهنزامي ة‪ ،‬قد تك ون أداة‬
‫َأص َاب ُه ْم فِي َس بِ ِ‬
‫يل اللَّ ِه َو َما‬ ‫ِ‬
‫اإلنق اذ ش ريط أو كت اب أو كلم ة‪ ، ..‬املهم إي اكم والتخ اذل وال رتدد ((فَ َما َو َهنُ وا ل َما َ‬
‫ين))(آل عمران‪. )146:‬‬ ‫الصابِ ِر َ‬
‫ب َّ‬‫استَ َكانُوا َواللَّهُ يُ ِح ُّ‬
‫ضعُ ُفوا َو َما ْ‬
‫َ‬

‫تعلم وا كي ف متتلك ون القل وب واألفئ دة‪ ،‬كيف تكون ون محب وبين ‪ ،‬كيف ختالطون الن اس على خمتلف توجه اهتم‬
‫وأفك ارهم‪ ،‬كيف حتاورونهم‪ ،‬كيف حتادثونهم‪ ،‬كيف تقنع ونهم‪ ،‬ك ل ذلك ب اللني والبشاشة واالبتس امة والكلمة‬
‫الطيبة والعطاء غري احملدود‪.‬‬

‫عليكم بال دعوة على بص رية‪ ،‬ف اطلبوا العلم ولتكن دع وتكم على علم ويقني وبره ان و أدلة ش رعية وعقلية ‪ ،‬و‬
‫كونوا سبباً يف إحياء سنة وإماتة بدعة و تأملوا سيرته صلى الله عليه وسلم الذي أمره اهلل تعاىل أن خيرب اجلن واإلنس‬
‫ص َير ٍة َأنَا َو َم ِن َّاتَب َعنِي َو ُس ْب َحا َن اللَّ ِه َو َما َأنَا‬
‫أن هذه هي سبيله يف الدعوة ‪(( :‬قُل َه ِذ ِه سبِيلِي َأ ْدعُو ِإلَى اللَّ ِه َعلَى ب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين))(يوسف‪. )108:‬‬ ‫م َن ال ُْم ْش ِرك َ‬
‫‪ ‬‬
‫عليكم بالص حبة الصالحة الناصحة تستشريوهنا وتصربكم على ما تالقون ه وتشاركون بعض كم يف األفكار والنقاش‬
‫‪ ،‬وليكن لكم شيخكم أو داعية تثقونفيه و تستشيرونه فيما يشكل عليكم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ال تنسوا الدعاء‪ ،..‬ما أحوجكم أن تقفوا بين يدي اهلل داعين طالبي الرمحة واملغفرة والهداية‪ ،‬لليل سهام ال ختطيء‬
‫‪ ،‬فال هتملوا هذا األصل فهو سالح عظيم أمهله البعض نسياناً‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪27‬‬
‫لا حتقروا من املعروف شيئاً‪ ، !..‬و لا تستعجلوا الثمرة ‪ ،‬و تأكدوا أن الثمرة تحصل وإن كان القبول جزئياً‪.‬‬

‫ك‬ ‫اعلموا أنكم لس ت أوص ياءً على الناس‪ ،‬ولستم حماس بين على تقصريهم ‪ ،‬اعمل وا جه دكم‪(( ،‬ادْعُ ِإلَى سَب ِ‬
‫ِيل َربِّ َ‬
‫ض َّل َع ْن َس بِيلِ ِه َو ُه َو َأ ْعلَ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك ُه َو َأ ْعلَ ُم بِ َم ْن َ‬ ‫ْح َس نَة َو َج ادل ُْه ْم بِ الَّتِي ه َي ْ‬
‫َأح َس ُن ِإ َّن َربَّ َ‬ ‫بِالْح ْك َم ة َوال َْم ْوعظَ ة ال َ‬
‫ت َعلَْي ِه ْم بَِوكِ ٍ‬ ‫ض َّل فَِإ نَّما ي ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫يل))(الزمر‪:‬‬ ‫ض ُّل َعلَْي َها َو َما َأنْ َ‬ ‫ين))(النحل‪(( ، )125:‬فَ َم ِن ا ْهتَ َدى فَلَن ْفسه َو َم ْن َ َ َ‬ ‫بِال ُْم ْهتَد َ‬
‫‪. )41‬‬

‫بيدكم المفتـ ــاح‬


‫أعلم أنين أثقلت عليكم هبذه الكلم ات ‪ ،‬ربم ا س معتموها وقرأمتوها يف مك ان غري ه ذا المك ان ‪ ،‬ولكن هي‬
‫املفتاح‪ ، ..‬نعم‪ ..‬انظروا كيف أنه باملفتاح الصغري نفتح أعظم وأكرب الأبواب ‪!!..‬‬

‫احملركين‪ ..‬كون وا المف اتيح‪ ..‬ليكن كل واح ٍد منكم طبيب اً داعي ة‪ ..‬لا يثني ه عن عزم ه‬
‫كون وا أنتم المح ِّركين لا َّ‬
‫نف ور البعض وانتق ادهم واستهزاءهم‪ ،..‬استعلوا واستشعروا الع زة و ثبت وا أنفس كم على الطريق و س ريوا على بركة‬
‫اهلل و اصربوا صبراً مجيالً ‪ ،‬فالعاقبة للمتقني!‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫قد يكون الطريق مليء بالشوك‪ ..‬بالرماح ‪ ..‬باملعوقات والعقبات‪ ، ..‬وق د تكون البداية صعبة ‪ ..‬مؤملة‪ ..‬حمرقة‪..‬‬
‫ولكن تأكدوا أن النهاية ستكون بإذن اهلل مشرقة!‪.‬‬

‫اخدموا اإلسالم بآرائكم‪ ..‬بأقالمكم‪ ..‬بأوقاتكم‪ ..‬بأموالكم ‪ ..‬جبهودكم‪ ..‬بعلمكم‪ ..‬بعملكم‪..‬‬

‫ليكن لسان حالكم إن أريد إال اإلصالح ما استطعت‪ ،‬وما توفيقي إال باهلل‪ ،‬عليه توكلت‪ ،‬وإليه أنيب‪.‬‬

‫اللهم لك احلمد حىت ترضى ولك احلمد إذا رضيت ولك احلمد بعد الرضى‪.‬‬
‫أقول قولي هذا وأستغفر هللا لي و لكم وهللا يعلم ما تصنعون‪.‬‬

‫أختكم في اهلل‬
‫ندى بنت عبد العزيز محمد اليوسفي‬

‫‪28‬‬

You might also like