You are on page 1of 19

‫_ مفــــــهوم العلــــوم العقلية‪ :‬تسمى علوم الفلسفة والحكمة وهي العلوم التي يهتدي إليها‬

‫اإلنسان بفكره‪ ،‬إي التي يقوم فيها النظر على العقل وحده‪.‬‬

‫وقد عرف ابن خلدون العلوم العقلية بأنها‪..." :‬هي التي يمكن أن يقف عليها اإلنسان‬
‫بطبيعة فكره ويهتدي بمداركه البشرية إلى موضوعاتها ومسائلها وانحاء براهينها ووجوه تعليمها‬
‫‪1‬‬
‫حتى يقفه نظره وبحثه على الصواب من الخطأ فيها من حيث هو إنسان ذو فكر‪.".. .‬‬

‫فالعلوم العقلية هي التي تعتمد على العقل‪ ،2‬وتشتمل على أربعه علوم هي‪ :‬المنطق‬
‫‪6‬‬
‫‪3‬والعلوم الطبيعية‪ 4‬والعلوم اإللهيات‪ ،5‬والتعاليم‪.‬‬

‫_ ولقد قسمت العلوم العقلية حسب ابن حزم من خالل رسائله في مراتب العلوم إلى‪:‬‬
‫علوم الشريعة‪ ،‬وعلم اإلخبار" التاريخ" علم اللغة‪ ،‬علم النجوم‪ ،‬علم العدد‪ ،‬علم الطب‪.7‬‬

‫وباعتبار العلوم العقلية وليدة الفطرة والحاجة‪ ،‬وهي كما ذكر ابن خلدون طبيعة اإلنسان‬
‫‪8‬‬
‫من حيث دو فكر فهي غير مختصة بملة‪ ،‬وهي موجودة في النوع اإلنساني منذ الخليقة‪.‬‬

‫_ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪159‬‬ ‫‪1‬‬

‫_ العلوم العقلية‪ :‬هي العلوم التي تتطلب جهدا فكريا نظريا العتمادها على العقل واهتمامه بالبحث والنقاش واالختراع‪ ،.‬محمد‬ ‫‪2‬‬

‫شقرون‪ :‬مظاهر الثقافة المغربية‪ ،‬مطبعة الرسالة‪ ،‬الرباط‪ ،5895 ،‬ص‪.585‬‬


‫_ المنطق‪ :‬هو العلم الذي يعصم الذهن عن الوقوع في الخطأ في اقتناص المطالب المجهولة من األمور الخاصة المعلومة‬ ‫‪3‬‬

‫والهدف منه تمييز الخطأ من الصواب‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.45‬‬
‫_العلوم الطبيعية‪ :‬هي التي تنظر في المحسوسات من األجسام من معادن ونبات وحيوان ومن فروعه‪ :‬علم الطب‪ ،‬ابن‬ ‫‪4‬‬

‫خلدون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.89_45‬‬


‫_علم اإللهيات‪ :‬هو علم ينظر في الوجود المطلق أي ما وراء الطبيعة‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.505‬‬ ‫‪5‬‬

‫_التعاليم‪ :‬هو العلم الذي ينظر في المقادير ويستمل على أربعة علوم هي‪ :‬الهندسة والحساب الموسيقى وعلم الهيئة‪ ،‬نفسه‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫ص‪.45‬‬
‫_ابن حزم‪ :‬رسالة في مراتب العلوم‪ ،‬تح‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬ط‪ ،5‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،5891 ،‬‬ ‫‪7‬‬

‫ص‪.90_49‬‬
‫_المقدمة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.45‬‬ ‫‪8‬‬
‫أوال_ العـلــــوم الطبيعيــــــة‬
‫‪-1‬علم الطب‬
‫أ‪-‬مفهومه‪:‬‬
‫هو فرع من فروع الطبيعيات ‪ ،1‬وهو "علم يتعرف منه أحوال بدن اإلنسان من جهة ما‬
‫يصح ويزول عن الصحة ليحفظ الصحة حاصلة ويستردها زائلة "‪2 ،‬وعرف الطب في لسان‬
‫العرب البن منظور بأنه‪" :‬عالج الجسم والنفس"‪ ،3‬وكذلك ابن رشد يقول "إن صناعة الطب هي‬
‫صناعة فاعلة عن مبادئ صادقة غايتها حفظ اإلنسان"‪4 ،‬وفي تعريف مختصر هو حفظ‬
‫الصحة واز اله العلة ‪ ،5‬أو هو علم بقوانين تعرف منها أحوال ابدأن اإلنسان من جهة الصحة‬
‫وذلك إليجاد‬ ‫‪7‬‬
‫وعدمها‪6 ،‬وهو علم دنيوي يحتاجه كافة أبناء األمة سواء المسلمين أو غيرهم‪،‬‬
‫العالج والدواء لكل علة تصيب صحة اإلنسان‪8 ،‬وهو من أنبل العلوم حيث قال اإلمام الشافعي‬
‫"ال اعلم علما بعد الحالل والحرام أنبل من الطب"‪ ،9‬لهدا أباحت الشريعة تعلمه وعمله‪ ،‬وليس‬
‫أدل على ذلك من قوله _صلى اهلل عليه وسلم _‪" :‬يا عباد اهلل تداووا فان اهلل لم يضع داء إال‬
‫‪10‬‬
‫وضع له دواء "‪.‬‬

‫_ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪ ،...‬المصد ر السابق‪ ،‬ص ص ‪.515_510‬‬ ‫‪1‬‬

‫_ابن سينا‪ :‬القانون في الطب‪ ،‬ج‪ ،5‬تح‪ ،‬محمد أمين الضناوي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،5888 ،5‬ص‪.51‬‬ ‫‪2‬‬

‫_ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،5888 ،‬ج‪ ،9‬ص‪.551‬‬ ‫‪3‬‬

‫_ابن رشد‪ :‬الكليات في الطب‪ ،‬تح‪ :‬عمار طالبي‪ ،‬ط‪ ،5‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،5051 ،‬ص‪.15‬‬ ‫‪4‬‬

‫_الق نوجي‪ ،‬أبجد العلوم‪ ،‬ج‪(5‬السحاب المرقوم الممطر بأنواع الفنون وأصناف العلوم)‪ ،‬تح عبد الجبار زكار‪ ،‬منشورات و ازرة‬ ‫‪5‬‬

‫الثقافة واإلرشاد القومي‪ ،‬دمشق‪ ،5849 ،‬ص‪.151‬‬


‫_التهناوي‪ :‬موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ ،‬تح‪ :‬علي دحرج‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬ط‪ ،5‬لبنان‪ ،5881 ،‬ج‪،5‬‬ ‫‪6‬‬

‫ص‪.5557‬‬
‫_الذهبي‪ :‬سير إعالم النبالء‪ ،‬تح‪ :‬محمد نعيم العرقسوسي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،5‬بيروت‪ ،5895 ،‬ج ‪ ،50‬ص‪.518‬‬ ‫‪7‬‬

‫_ابن سينا‪ :‬القانون في الطب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،5‬بيروت‪ ،5888 ،‬ج‪ ،5‬ص‪.1‬‬ ‫‪8‬‬

‫_الذهبي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.54‬‬ ‫‪9‬‬

‫_الشيزري‪ :‬نهاية الرتبة في طلب الحسبة‪ ،‬تح‪ ،‬محمد حسن محمد حسن إسماعيل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬د ط‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪،‬‬ ‫‪10‬‬

‫ص ‪.511‬‬
‫ب‪-‬نجأة الطب وتطوره بالمغرب األوسط خالل فترة الدراسة‬
‫عرف العرب الطب قبل اإلسالم‪ ،‬حيث بنو معرفتهم بالتجربة مستعملين في ذلك السحر‬
‫والشعوذة والكي والبتر والحجامة‪ ،‬ولما جاء اإلسالم حض على التداوي في قول النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪" :‬تداووا عباد اهلل فان اهلل سبحانه لم يضع داء إال وضع معه شفاء إال الهرم"‪،1‬‬
‫‪3‬‬
‫وقوله تعالى‪" :‬لكل داء دواء "‪2‬وقوله تعالى‪" :‬ما أنزل اهلل داء إال وانزل له شفاء"‪.‬‬

‫فتطور الطب تطور بار از مع تطور اإلسالم والدولة اإلسالمية في مختلف مراحلها‪ ،‬إما‬
‫في العهد المدروس فقد عرف سكان المغرب األوسط علوم الطب كغيرهم من المسلمين‪ ،‬يهتم‬
‫بجسم اإلنسان وقت الصحة وأثناء المرض‪ ،‬وجعلوه من العلوم المستحبة والضرورية لإلنسان‬
‫واعتنوا بدراسته‪ ،4‬آخذين بقول اإلمام الشافعي "ال أعلم علما بعد الحالل والحرام أنبل من‬
‫الطب"‪ ،5‬خاصة وان مجتمع المغرب األوسط قد تأثر بالكوارث الطبيعية واألوبئة واألمراض‬
‫الفتاكة‪ ،‬كل ذلك انعكس سلبا على المجتمع‪ ،‬وساهم في صعوبة العيش‪ ،‬باإلضافة إلى انتشار‬
‫أمراض كثيرة مثل السعال ومرض البلعوم والزكام واألورام‪...‬كل هدا جعل أطباء المغرب‬
‫‪6‬‬
‫األوسط يعتنون بهذا العلم زيادة على مكانته وشرفه‪.‬‬

‫فقد شهد العهد الحمادي نهضة علمية راقية في مختلف العلوم العقلية خاصة الطب‪ :‬فقد‬
‫ذكر الغبريني أن األبحاث في علم الطب كانت تتم وفق القوانين النظرية االستدالالت الجليلة‬

‫_ابن ماجة‪ ،‬سنن‪ ،‬تح‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬مطبعة دار اإلحياء للكتب العربية‪ ،‬د ت‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ،.5517‬ينظر ابن القيم‬ ‫‪1‬‬

‫الجوزية‪ ،‬الطب النبوي‪ ،‬تح‪ :‬عبد الغني عبد الخالق وآخرون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫_صحيح مسلم‪ ،‬ج‪( ،5‬باب الطب)‪ ،‬ص‪.5050‬‬ ‫‪2‬‬

‫_صحيح البخاري‪ ،‬ج‪( ،7‬باب الطب)‪ ،‬ص‪.15‬‬ ‫‪3‬‬

‫_عبد العزيز فيال لي‪ :‬بحوث في تاريخ المغرب األوسط خالل العصر الوسيط‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،5057 ،‬ص‪.550‬‬ ‫‪4‬‬

‫_الذهبي‪ :‬الطب النبوي‪ ،‬تح‪ :‬احمد رفعت البدوي‪ ،‬دار إحياء العلوم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،5880 ،1‬ص‪.559‬‬ ‫‪5‬‬

‫_عبد العزيز فيال لي‪ :‬تلمسان‪ ،.. .‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.571‬‬ ‫‪6‬‬
‫مما جعلها مقصد طلبه العلوم الطب واألطباء في مختلف األمصار خاصة األندلسيين حيث‬
‫‪1‬‬
‫مارس هؤالء التطبيق في بجاية وروجوا لمؤلفاتهم الطبية ومن أشهر هؤالء‪:‬‬

‫الطبيب أبا القاسم محمد بن اندراس المرسى(‪674‬ه‪1274-‬م)‪ ،‬ومن بين الدين اهتموا‬
‫بهده الدراسات نجدأبي عبد اهلل الشريف ت(‪771‬ه)‪ ،2‬وابن النباش البجائي المتوفى أواخر‬
‫‪3‬‬
‫القرن)‪ 5‬ه‪11-‬م) الذي كان طبيبا مواظبا على عالج المرضى ملما بالعلوم الطبيعية‪.‬‬

‫وفي العصر المرابطي والموحدي تقدمت العلوم الطبية تقدما ملحوظا‪ ،‬بحيث أولى األمراء‬
‫المرابطون والخلفاء الموحدون عناية كبيرة للدراسات الطبية‪ ،‬وذلك بتشجيع القائمين عليها‪،‬‬
‫وتأسيس البيمارستان وتنظيم مهنه الطب‪ ،‬أيضا الحث على وضع المؤلفات في هدا المجال‬
‫‪4‬‬
‫واتخاذ التدابير الوقائية أيام األوبئة إلى غير ذلك من اإلجراءات‪.. .‬‬

‫ومما يؤكد لنا هده العناية واالهتمام من طرف كل من المرابطين والموحدين وجود منصب‬
‫يعرف برئيس الصناعة الطبية‪ ،‬ربما هو المسؤول األول عن مهنة الطب وما يتعلق بها من‬
‫األدوية والعقاقير‪5 ،‬كما كان يوسف بن عبد المؤمن الموحدي من عشاق الطب إذ اقبل على‬
‫‪6‬‬
‫دراسته حتى اعتبر من األطباء‪.‬‬

‫_رشيد مصطفاوي‪ :‬بجاية في عهد الحماديين‪ ،‬مجله األصالة‪ ،‬مطبعة البعث و ازرة التعليم األصلي والشؤون الدينية‪ ،‬قسنطينة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،‬العدد‪ ،5845 ،5‬ص‪.98‬‬


‫_مصطفاوي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.500‬‬ ‫‪2‬‬

‫_الغبريني‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.500‬‬ ‫‪3‬‬

‫_احمد طه‪ :‬مدينة فاس في عصري المرابطين والموحدين ‪779‬ه_‪5051‬م إلى ‪119‬ه_‪5518‬م‪ :‬دراسة سياسية وحضارية‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫دار الوفاء‪ ،‬د ط‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،5005 ،‬ص‪.105‬‬


‫_حميدي‪ :‬تاريخ السياسي والحضاري للمغرب واألندلس في عصر المرابطين‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬د ط‪ ،‬دم‪،5884 ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫ص‪.705‬‬
‫_غالم عبد اهلل‪ :‬الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي‪ ،‬د د ن‪ ،‬د ط‪ ،‬الجزائر‪ ،5004 ،‬ص‪.115‬‬ ‫‪6‬‬

‫_عبد العزيز فيال لي‪ :‬تلمسان في العهد الزياني دراسة سياسية وعمرانية اجتماعية وثقافية‪ ،‬ط‪ ،5‬موفر للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،5004‬ج‪ ،5‬ص‪.790‬‬
‫أما في العهد الزياني‪ :‬فقد كانت العلوم الطبية من حيث التدريس خالل العهد الزياني‬
‫مكانه مرموقة لدى مختلف فئات المجتمع في بالد المغرب األوسط‪ ،‬ونجد األطباء خالل هدا‬
‫العهد كانوا يعتمدون على مجموعة من المؤلفات الطبية من خالل حركة الترجمة فحاضرة بني‬
‫زيان شهدت حركة طبية واسعة سواء مهنة تمارس‪ ،‬أو علم يدرس عناية فائقة فكان األطباء‬
‫يقومون بتدريس العلوم الطبية سواء نظريه أو عمليه وكان يتم داخل البيمارستان‪1 ،‬وبالد‬
‫المغرب األوسط خالل هدا العهد عرفت نظام البيمارستان وما يجدر الذكر في هدا الشأن إلى‬
‫أن أقام السلطان الزياني أبو تشفين األول بإنشاء بيمارستان بحاضرة المغرب األوسط تلمسان‬
‫ألنه قد اهتم برعيته‪ ،‬وكانت لهده البيمارستان دور كبير في ازدهار الطب كونها كانت تشكل‬
‫‪2‬‬
‫الكراسي بهدف تدريس علم الطب‪.‬‬

‫العمل على إنشاء نفائس الكتب الطبية من اجل االستفادة منها ومن خبرة األطباء األوائل‬
‫ومن بين هده الكتب نذكر على سبيل المثال كتاب القانون البن سينا‪ ،‬كما قد كان أطباء‬
‫البيمارستان يختارون الحكماء من اجل العالج المرضى والتخفيف من أالمهم وكانت هده‬
‫األخير متكونة من عدة غرف متخصصة حسب نوع المرضى منها غرف المجانين وغرف‬
‫للعميان‪3 ،.. .‬أما فيما يخص فروع الطب التي كانت سائدة في بالد المغرب األوسط نذكر‬
‫منها‪ :‬طب العيون وكذلك طب النساء و طب األسنان‪.. .‬الخ‪.‬‬

‫_البيمارستانات‪ :‬كلمة فارسية مركبة من بيمار‪ :‬والتي تعني المريض وسنان والتي تعني دار أي دار المرضى‪ ،‬ظهرت أول‬ ‫‪1‬‬

‫مرة في عهد الدولة العباسية ثم القيروان ثم فاس وأخي ار تلمسان‪ ،‬ينظر احمد عيسى‪ :‬تاريخ البيمارستانات في اإلسالم‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫دار الرائد العربي‪ ،‬لبنان‪ ،5895 ،‬ص ‪.07‬‬
‫_رزيوي زينب‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.509_504‬‬ ‫‪2‬‬

‫_حسن الوزان‪ :‬وصف إفريقيا‪ ،‬ط‪ ،5‬ج‪ ،5‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬لبنان ‪ ،5895‬ص‪.590‬‬ ‫‪3‬‬
‫وعليه يمكن القول بان الطب خالل فترة الدراسة في بالد المغرب األوسط كان له شان‬
‫كبير خاصة خالل القرن ‪9‬هجري‪ 1‬إذ انتشر خالل هده الفترة الطب بشكل كبير‪ ،‬وظهور ما‬
‫يعرف بفقهاء األبدان إي الفقهاء األطباء‪ ،‬وكذلك اهتم سالطين الزيانيين الطب‪ ،‬خاصة‬
‫السلطان أبو حمو موسى الثاني الذي أوصى ولي عهده بشأن الطب وتجلى ذلك في قوله "يا‬
‫بني اختر لنفسك طبيبا‪ ،‬ماه ار‪ ،‬عاقال‪ ،‬فاضل الثقة‪ ،‬محبا ناصحا‪.. .‬فان اتخاذ الطبيب فيه قوة‬
‫‪2‬‬
‫للقلب‪...‬إنما الطبيب اله السماء فنعم الطبيب ونعم الوكيل‪".‬‬

‫ج‪-‬أجهر أطباء المغرب األوسط‪:‬‬


‫_أبو القاسم األموي المكنى بابن اندراس‪674( :‬ه‪1274-‬م) طبيب بارع متخصص في‬
‫طب النساء والتوليد وصناعة األدوية ومداواة المرضى ومن أهل مرسية استوطن بجاية‬
‫‪110‬ه_‪5510‬م وجلس للتطبيب بها فكان على رأس األطباء المتخصصين‪ ،‬له "رجز في تنظيم‬
‫األدوية وصناعتها"‪ ،‬ويعتب ر الغبريني من أشهر تالمذته بحيث يصف أستاذه قائال‪" :‬وتبسط‬
‫‪3‬‬
‫للطب طبيبا باحثا جيدا‪...‬له حدة ذهن وجودة تبسط إلقراء الطب والعربية"‪.‬‬

‫_أبو عبد اهلل محمد بن يحيى بن عبد السالم‪ :‬فقيه وكاتب بارع وطبيب‪ ،‬يجهل تاريخ‬
‫‪4‬‬
‫وفاته إال أنها تعود إلى القرن‪4‬ه_‪51‬م‪.‬‬

‫_صالح فركوس‪ :‬تاريخ الثقافة الجزائرية من العهد الفينيقي إلى غاية االستقالل‪ ،‬ج‪ ،5‬ط‪ ،5‬ايدكوم‪ ،‬الجزائر‪،5051 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.517‬‬
‫_موسى بن زيان‪ :‬واسطة السلوك في سياسة الملوك‪ ،‬تح‪ :‬عبد عون ومحمد الزاهي‪ ،‬د ط‪ ،‬دار بوسالمة للطباعة‪ ،‬تونس‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،5895‬ص‪.71‬‬
‫_عنوان الدراية‪ ،...‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.505_505‬‬ ‫‪3‬‬

‫_الغبريني‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.587‬‬ ‫‪4‬‬


‫_أبو الحسن يحيى المعا فري المعروف بابن الحاج (ت‪459‬ه_‪5559‬م)‪ :‬هوة طبيب‬
‫أخد أصول هده المهنة عن أبيه الطبيب والفقيه أبي إسحاق‪ ،‬وفد بجاية وجلس بها لتطبيب‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وصفه تلميذه آشي"بالشيخ المحدث الطبيب الماهر"‪.‬‬

‫_أبو القاسم محمد بن أبي القاسم الجاطبي‪ :‬الطبيب الخاص ألبي تاشفين‬
‫‪2‬‬
‫األول(ت‪414‬ه_‪5114‬م)‪ ،‬وصفه ابن مرزوق بالطبيب المبارك‪.‬‬

‫_محمد بن علي بن فجوش‪ :‬من أهل القرن‪8‬ه طبيب تلمساني ماهر وكوفئ‪.3‬‬

‫_ابن النباش البجائي‪ :‬هو أبو عبد اهلل محمد بن عبد اهلل بن حامد البجائي المعروف‬
‫بالنباش‪ ،‬كان ذاعنايه بالطب إلى جانب إلمامه بالعلوم الطبيعية احد أطباء البيمارستان ببجاية‬
‫‪4‬‬
‫توفي أواخر القرن الخامس هجري‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫_ابن أبي مليح‪ :‬طبيب ماهر وكاتب شاعر ببالط بني حماد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫_أبو الدباغ المالقي‪ :‬كان طبيب ماهر ب تلمسان‪.‬‬

‫_ابن الطواح‪ :‬سبك المقال لفك العقال‪ ،‬تح‪ :‬محمد مسعود جبران‪ ،‬منشورات جمعية الدعوة اإلسالمية العالمية‪ ،‬ط‪،5009 ،5‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ص ‪.517_511‬‬
‫_عبد العزيز فياللي‪ :‬بحوث‪ ،.. .‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.550‬‬ ‫‪2‬‬

‫_ عبد العزيز فياللي‪ :‬تلمسان‪ ،.. .‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.578‬‬ ‫‪3‬‬

‫_نفسه‪ ،‬ص‪.550‬‬ ‫‪4‬‬

‫_العماد األصبهاني‪ :‬خريدة القصر وجريدة العصر‪ ،‬قسم شعراء المغرب‪ ،‬تح‪ :‬محمد المرزوقي وآخرون‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار التونسية‬ ‫‪5‬‬

‫للنشر‪ ،5891 ،‬ص‪.597‬‬


‫_مصدر نفسه‪،‬ص ‪184‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪ _2‬علم الصيدلــة‬

‫أ‪-‬مفهومه‪:‬‬
‫هي علم األدوية‪ ،‬وهده الكلمة من أصل هندي‪ ،‬فان لفظ صيدالني معرب من لفظ جندنا‬
‫ني و جندن بالهندية هي الصندل من العطور المعروفة عند العرب وعند أهل الهند يستعملونه‬
‫في العالج كثي ار‪ ،‬وبذلك فان كلمة جندالني وتحريفها صيدالني تطلق على مزاولة العطر‪ ،‬ثم‬
‫‪1‬‬
‫أطلقت بعد ذلك على مزاولة األدوية وعلى كل شخص يجمع األعشاب النافعة للتطبيب‪.‬‬

‫وفي تعريف آخر هي‪ :‬علم يبحث في العقاقير وخصائصها وتركيب األدوية وما يتعلق‬
‫‪2‬‬
‫بها‪.‬‬

‫أما كلمة ‪ :pharmacey‬باللغة اإلنجليزية فهي مشتقة من الكلمة اإلغريقية ‪pharmakom‬‬


‫‪3‬‬
‫وتعني عقار أو دواء‪.‬‬

‫_ويذهب البيروني في تعريفه لعلم الصيدلة بقوله‪" :‬معرفة العقاقير ‪4‬المفردة بأجناسها‬
‫وأنواعها وصورها المختارة لها‪ ،‬وخلط المركبات من األدوية بكنه نسخها المدونة أو بحسب ما‬
‫يريد المريد المؤتمن الصالح‪ ،‬كما عرفة الصيدالني بأنه المحترف بجميع األدوية على أجد‬
‫صورها واعتبارها األجود من أنواعها مفردة ومركبة على أفضل التراكيب التي خلدها له مبر از‬
‫أهل الطب"‪.‬‬

‫_رمضان الصباغ‪ :‬العلم عند العرب وأثره في الحضارة األوربية‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الوفاء للطباعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،5889 ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.551_555‬‬
‫_احمد علي المالء‪ :‬أثر العلماء المسلمين في الحضارة األوروبية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،5895 ،5‬ص‪.571‬‬ ‫‪2‬‬

‫_نعيم شعالن‪ :‬مدخل إلى مهنة الصيدلة‪ ،‬ط‪ ،5‬دار وائل‪ ،‬األردن‪ ،‬د س‪ ،‬ص ‪.55‬‬ ‫‪3‬‬

‫_مفردها عقار وكلمة عقار "بضم الفتحة" مشتقة من الكلمة العبرية األرمية "عقار" معناها "أصول النبات " واتسع بعد دالك‬ ‫‪4‬‬

‫أصل هده الكلمة فدلت على جميع أجزاء األعشاب المستعملة للعالج ثم ضمت األدوية الحيوانية والمعدنية‪ ،‬ينظر شحاتة‬
‫فتواتي‪ :‬تاريخ الصيدلة والعقاقير في العهد القديم والعصر الوسيط‪ ،‬ط‪ ،5‬أوراق شرقية‪ ،‬لبنان‪ ،5881 ،‬ص‪.51_55‬‬
‫_كما عرفه الصديق بن حسن القنوجي في كتابه أبجد العلوم على انه"فرع من فروع علم‬
‫الطب‪ ،‬وهو علم يبحث فيه عن تميز المتشابهات من إشكال النباتات من حيث أنها صينية أو‬
‫هندية أو رومية وعن معرفة زمانها صيفية أو خريفية‪ ،‬وعن تمييز جيدها عن الرذي‪ ،‬وعن‬
‫‪1‬‬
‫معرفة خواصها "‪.‬‬

‫ب‪-‬نجأة وتطور الصيدلة بالمغرب األوسط‬


‫تعتبر الصيدلة من العلوم التي ابتكرها المسلمون‪ ،‬وأسهموا فيها إسهامات واضحة وارتفعوا‬
‫بها على مستوى تجارة العقاقير‪ ،‬وأنشؤا المدارس لتعليمها والحوانيت لبيعها وتصريفها‪ ،‬كما‬
‫يعتبروا األوائل الدين وضعوا الكتب الخاصة لتركيب األدوية وافتتحوا الصيدليات والحقوا بكل‬
‫مارستان صيدلة خاصة به‪ ،‬فكانت بدايته أمرها مرتبطة بالطب ملحقة به‪ ،‬بحيث كان كل‬
‫طبيب هو صيدالني بنفسه بحيث يقوم بصنع الدواء وتركيبه وتقديمه للمريض‪ ،‬ومن كثرة‬
‫األعشاب والعقاقير استدعت الحاجة إلى إن يتفرغ لها وحدها وهنا انقسمت صناعة الطب إلى‬
‫قسمين قسم تشخيصي عالجي وآخر علمي نظري ‪ ،2‬وبذلك انقسمت صناعة الطب عن‬
‫صناعة العقاقير‪ ،‬ولتعميمها جعل لكل برستمانات صيدلية لصناعة األشربة األذهان واألكحال‬
‫‪3‬‬
‫تدعى خزانة الشراب ‪ ،‬وفيها أنواع األشربة والمعاجين والمربيات الفاخرة وأصناف األدوية‪... .‬‬

‫_القنوجي‪ :‬أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم‪ ،‬ط‪ ،5‬و ازرة الثقافة لإلرشاد القومي‪ ،‬دمشق‪ ،5879 ،‬ج‪ ،5‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.150_178‬‬
‫_ينظر‪ :‬داود بن عمر األنطاكي‪ ،‬نزهة األذهان في إصالح األبدان‪ ،‬تح‪ :‬محمد ياسر زكور‪ ،‬منشورات الهيئة العامة السورية‬ ‫‪2‬‬

‫للكتاب‪ ،‬و ازرة الثقافة‪ ،‬دمشق‪ ،5004 ،‬ص‪.501_505‬‬


‫_القلقشندى‪ :‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا‪ ،‬ج‪ ،5‬المؤسسة المصرية العامة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.741‬‬ ‫‪3‬‬
‫ومن أسباب تقدم الصيدلة توفر بيئة المغرب األوسط على األصناف العديدة من النباتات‬
‫الطبية المستعملة في تركيب األدوية مثل‪ :‬شجرة الحضض‪ ،‬القولون فد‪ ،‬وريون‪ ،‬البارباريس‪.،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪..‬وغيرها من األعشاب الموجودة خاصة بشمال بجاية‪.‬‬

‫واهتم علماء المغرب األوسط بعلم الصيدلة وذلك لعالقته الوطيدة بالطب‪ ،‬اذ البد لكل‬
‫مريض يتم تشخيصه من عالج مناسب ليحصل على الشفاء‪ ،‬ومن ثم كان معظم أطباء‬
‫المغرب األوسط صيادلة من بينهم أبي الحسن يحي المعا فري المعروف بابن الحاج صنع‬
‫الكثير من األدوية وشفي الكثير من العلل‪ ،‬وابن اندراس الذي اختص في صناعة األدوية‬
‫‪2‬‬
‫ومداواة المرضى خاصة طب النساء والتوليد‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪_3‬علم الفلك‬

‫أ‪-‬مفهومه‪:‬‬
‫لغة‪:‬‬
‫يعرف هدا العلم بعدة تسميات كعلم الهيئة‪ ،‬أو علم هيئة العالم‪ ،‬أو علم هيئة األفالك‪،4‬‬
‫والفلك اسم يطلق على الجسم المستدير وعلى سطح الكرة وسطح الدائرة ومحيطها‪ ،5‬كما وردت‬
‫كلمة الفلك في معاجم اللغة العربية بمعنى مجرى النجوم‪ ،‬وجمعها أفالك ويجوز أن يجمع على‬

‫_اإلدريسي‪ :‬المغرب العربي من كتاب نزهة المشتاق‪ ،‬تح وتر‪ :‬محمد الحاج صادق‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،5891‬ص‪.555‬‬
‫_ابن الطواح‪ :‬سبك المقال لفك العقال‪ ،‬تح‪ :‬محمد مسعود جبران‪ ،‬منشورات جمعية الدعوة اإلسالمية العالمية‪ ،‬ط‪،5009 ،5‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.517‬‬
‫الفلك‪ :‬جسم بسيط كروي غير قابل للفساد متحرك على الوسط مشتمل عليه‪ ،‬ويعرفه الجرجاني على انه جسم كروي يحيط به‬ ‫‪3‬‬

‫سطحان ظاهري وباطني متوازيان مركزهما واحد‪ ،‬ينظر‪ :‬أبي حامد الغزالي‪ :‬معيار العلم في المنطق‪ ،‬شرحه احمد شمس‬
‫الدين‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،5880 ،‬ص‪.581‬‬
‫_كرلونلينو‪ :‬علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى‪ ،‬مكتبة الدار العربية للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،5881 ،5‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫ص‪.58_59‬‬
‫_مؤيد الدين العرضي‪ :‬تاريخ علم الفلك العربي‪ ،‬تح‪ :‬جورج صليبا‪ ،‬ط‪ ،5‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬لبنان‪،5888 ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫ص‪.58‬‬
‫فعل فلك يفلك‪ ،‬والفلك هو كل شيء مستدير‪ ،1‬وسمي فلكا الستدارته‪2 ،‬ومنه قيل فلكة المغزل‬
‫الستدارتها والفلك مدار النجوم الذي يضمها‪3 ،‬أما المراد باألفالك السماوات الذي في قول‬
‫‪4‬‬
‫مناهج الفكر "تواطأت األمم على تسمية أجرام السماوات أفالكا‪.‬‬
‫_اصطالحا‪ :‬وردت العديد من التعريفات فيما يخص مفهوم الفلك من بينهم‪:‬‬

‫عرفه إخوان الصفا‪ " :‬هو معرفه تركيب األفالك وكمية الكواكب وأقسامها وأبعادها‬
‫‪5‬‬
‫وحركتها وما يتبعها من هدا الفن "‪.‬‬

‫أما ابن ألكفاني فيعرفه بقوله "علم يعلم منه أحوال األجرام البسيطة العلوية والسفلية‬
‫وأشكالها وأوضاعها ومقاديرها وأبعاد ما بينها‪ ،‬وحركات األفالك والكواكب ومقاديرها وموضوعه‬
‫‪6‬‬
‫األجسام من حيث كميتها وأوضاعها وحركاتها الالزمة لها"‪.‬‬

‫وعرفه عماد مجاد بقوله‪" :‬هو الذي يبحث في حركة األجرام السماوية‪ ،‬بطريقة رياضية‬
‫‪8‬‬
‫وعلمية بحثه"‪ 7،‬وله عدة فروع من بينها علم الزيجات‪.‬‬

‫‪_1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬


‫_علي قطرب‪ :‬األزمنة وتلبية الجاهلية‪ ،‬تح‪ ،‬حاتم صالح الضامن‪ ،‬ط‪ ،5‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪5705 ،‬ه_‪5895‬م‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.55‬‬
‫_قتيبة الدينوري‪ :‬أدب الكاتب‪ ،‬تح‪ :‬محمد الدالي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،5895 ،‬ص‪.95‬‬ ‫‪3‬‬

‫_القلقشندى‪ :‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.574‬‬ ‫‪4‬‬

‫_إخوان الصفا‪ :‬رسائل إخوان الصفا وخالن الوفاء‪ ،‬ج‪ ،5‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.557‬‬ ‫‪5‬‬

‫_ابن األكفاني‪ :‬إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد في أنواع العلوم‪ ،‬تح عبد المنعم محمد عمر‪ ،‬واحمد حلمي عبد الرحمان‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.505‬‬


‫_عماد ماجد‪ :‬التنجيم بين العلم والدين والخرافة‪ ،‬دار الفارس للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.77‬‬ ‫‪7‬‬

‫_علم الزيجات‪ :‬هو صناعه حسابية على قوانين عددية فيما يخص كل كوكب من طريقة حركته‪ ،‬وتؤدي إلى معرفة الشهور‬ ‫‪8‬‬

‫واأليام والتواريخ الماضية‪ ،‬ينظر‪ :‬ابن خلدون‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.175‬‬


‫العلوم العقلية بالمغرب األوسط‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ب‪-‬نجأة وتطور علم الفلك في بالد المغرب األوسط‬


‫يعتبر علم الفلك من بين العلوم التي عرفتها البشرية‪ ،‬كان معروف عند العرب قبل‬
‫ولكن معرفته كانت سطحية ال تتعدى الضروريات البدائية‪ ،‬ولما جاء اإلسالم تحول‬ ‫‪1‬‬
‫اإلسالم‪،‬‬
‫في مساره من الناحيتين العلمية النظرية‪ ،‬والعلمية التطبيقية‪ ،‬حيث ورد في القرآن الكريم إشارات‬

‫كثيرة عن الفلك‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪ :‬ﱩ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬

‫ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﱨ‪" 2‬فهذا كان عامل الذي حرك علماء الفلك ودفعهم دفعة قوية‬

‫وكما اكسبه مكانة رفيعة‪ ،3‬لذا اهتم بها المسلمون اهتمام كبير لما تطلبه الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫فعرف تطور وازدهار من خالل حاجتهم بتحديد أوقات الصالة واألعياد وتعيين أوائل الشهور‬
‫القمرية خاصة‪ ،‬ويترتب على رؤيتها أحكام كثيرة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬وكذلك معرفة تحديد اتجاه‬
‫القبلة‪ ،‬وتحديد سبل سير القوافل في الصحاري وفي الليالي‪ ،‬ومعرفة االتجاهات وطرق‬
‫المواصالت‪ ،4‬وقد ذكر المستشرق االيطالي السنيور كرلونيلو أن ارتباط أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية بظواهر الفلك زادت المسلمين اهتماما بمعرفة األمور الفلكية باعتبار "أن أوقات‬
‫الصلوات الخمس تختلف من بلد إلى آخر ومن يوم إلى يوم‪ ،‬فيقتضي معرفة عرض البلد‬
‫فاخترع العرب المسلمين‬ ‫‪5‬‬
‫الجغرافي وحركة الشمس في فلك البروج وأحوال الشقق األساسية‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫أجهزة وآالت لتمد القدرة في إدراك بعض الظواهر ومن أهمها‪ :‬اإلسطرالب ‪6‬والمزاول الشمسية‪.‬‬

‫_محمد محانسة‪ :‬أضواء على تاريخ العلوم عند المسلمين‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬العين‪ ،‬اإلمارات‪،5005_5000 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.505‬‬
‫_سورة ياسين‪ ،‬اآلية ‪.70‬‬ ‫‪2‬‬

‫_مصطفى محمد طه‪ :‬تراث المسلمين في علم الفلك‪ ،‬مجله أفاق الثقافية والتراث‪ ،‬ع‪ ،5889 ،55‬ص‪.545‬‬ ‫‪3‬‬

‫_ عبد الكريم محمد نصر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.51_55‬‬ ‫‪4‬‬

‫_السينيور كرلونيلو‪ :‬علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى‪ ،‬ط‪ ،5‬دار أوراق شرقيه‪ ،‬بيروت‪ ،5881 ،‬ص‪.91‬‬ ‫‪5‬‬

‫_اإلسطرالب‪ :‬وهو مقياس النجوم وهو باليونانية‪ :‬اصطرالبون‪ ،‬واصطر وهو النجم‪ ،‬البون وهو المرأة ينظر‪ :‬الخوارزمي‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫مفاتيح العلوم‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم األبياري‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪5708 ،‬ه_‪5898‬م‪ ،‬ص‪.571‬‬
‫_المزاول الشمسية‪ :‬وهي أال تتعطي الوقت إثناء النهار بواسطة ظل الشمس‪ ،‬ينظر محمد حسين محاسنه‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‪7‬‬

‫‪.505‬‬
‫وعلى هدا األساس اهتم أهل المغرب األوسط كغيرهم بعلم الفلك وساهموا فيه نظ ار‬
‫ألهميته ومن بين العلماء الدين برزوا في هذا العلم خالل فترة الدراسة‬

‫ففي العهد الحمادي نجد‪ :‬علي بن أبي الو جال التاهرتي(‪432‬ه) الذي عرف بآثاره‬
‫العلمية الكثيرة خاصة كتاب "البارع في أحكام النجوم " وكذلك" األرجوزة في األحكام الفلكية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على مكانه وعظمه علم الفلك في هده الفترة‪.‬‬

‫وكما قام المرابطون بتشجيع العلماء الهتمامهم بعلم الفلك وذلك لتلبيه حاجاتهم الدينية‬
‫وكذا أغراضهم االقتصادية الخاصة بالتجار الراغبين في معرفة أوقات السفر المالئمة لسير‬
‫سفنهم من حركة المد والجزر وغيرها من الظواهر‪2 ،‬فلقد كان للمرابطين فضل في تطوير علم‬
‫الفلك ومن بينهم العالم األندلسي ابن أبي الصلت(‪1134-‬ه‪529‬م) الذي قال عنه السيوطي "كان‬
‫ماه ار في علوم األوائل رأسا في معرفة الهيئة والنجوم‪.. .‬كثير التصانيف بديع النظر"‪ ،‬وله‬
‫رسالة في العمل باإلسطرالب‪.3‬‬

‫وفي العهد الموحدي حضي هدا العلم بتشجيع من طرف الخليفة أبو يعقوب‬
‫المنصور)‪ 595‬ه‪-1199‬م) الذي قام بجمع الكتب األندلسية بعلم أحكام النجوم‪ ،‬وقام أبو‬

‫يعقوب على نشر كتب النجوم في سائر بالده‪ ،‬وبرز أيضا في هدا العلم احمد البوني‬
‫متخصص في علم التنجيم والرموز والخواص‪4‬‬

‫_إبراهيم القادري بوتشيش‪ :‬حلقات مفقودة من تاريخ الحضارة في الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الطليعة‪ ،‬لبنان‪،5001 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.505‬‬
‫_محمد األمين بالغيث‪ :‬دولة المرابطين باألندلس من مدينة سياسية الى مدينة العلم‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الوعي‪ ،‬الجزائر‪،5001 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.575‬‬
‫_التنجيم‪ :‬وهو علم يعرف منه االستدالل بالتشكالت الفلكية وأوضاعها‪ ،‬ينظر‪ ،‬طاش كبرى زاده‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬ ‫‪3‬‬
‫بينما في العهد الزياني شهد علم الفلك إقبال كبير من طرف الطلبة وعلماء المغرب‬
‫األوسط‪ ،‬فكان هناك طلبة يقومون بدراسة هدا العلم وعلماء متخصصين في علم الفلك‪ ،‬ومن‬
‫‪1‬‬
‫أبرز العلماء الدين برزوا في هدا العلم نذكر منهم‪:‬محمد بن أحمد التلمساني الحباك(‪867‬ه)‬
‫الذي يعتبر من أهم وانبغ علماء الفلك خالل العهد الزياني والدي ساهم في تأليف في مجال‬
‫‪2‬‬
‫علم الفلك "بغية الطالب في علم اإلسطرالب "وقام بشرحه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العلوم العددية‬


‫‪-1‬علم الحساب‬

‫أ‪ -‬علم الحساب‪:‬‬


‫يعتبر علم الحساب من أهم الفروع والعلوم العددية‪ ،‬ويجدر بنا أن نذكر العلوم العددية‬
‫وهي التي كل ما يتعلق باألعداد والحساب‪ ،‬وهذا العلم بعرف بعلم الرياضيات‪ ،‬ونجد ابن خلدون‬
‫ومن خالل‬ ‫‪4‬‬
‫يعبر عنه بمصطلح االرتماطقي‪ 3‬ويشمل علم العدد على صناعة الحساب‪،‬‬
‫االطالع عليه نجده يتعلق بالقوانين التي يستخرج بها المجموعات العددية ومعرفتها من خالل‬
‫معلوماتها فإذا موضوع علم الحساب هو الكم المنفصل والعدد‪5 ،‬وذكر القنوجي عن علم‬
‫الحساب "يعتبر علم الحساب بقواعد تعرف من خالل الطرق التي بها يتم استخراج المجموعات‬
‫العددية‪ ،‬من معلومات عددية مخصوصة من حيث عملية الجمع والتفريق والتصنيف‬

‫_الحباك‪ :‬وهو محمد بن احمد التلمساني مشهور باسم الحباك‪ ،‬ينظر‪ ،‬عبد العزيز فياللي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.745‬‬ ‫‪1‬‬

‫_عثمان عكاك‪ :‬موجز في تاريخ الجزائر من العصر الحجري إلى االحتالل الفرنسي‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،5001‬ص‪.555‬‬
‫_االرتماطقي‪ :‬مصطلح يدل على اإلعداد ومضعفاتها باإلضافة إلى صناعة الحساب من عمليات حسابية‪ ،‬ينظر‪ :‬ابن‬ ‫‪3‬‬

‫خلدون‪ :‬العبر‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.117‬‬


‫_المصدر نفسه‪ ،‬ص‪،151‬‬ ‫‪4‬‬

‫_محمد ساجلقي زاده‪ :‬ترتيب العلوم‪ ،‬تح‪ :‬محمد إسماعيل السيد احمد‪ ،‬ط‪ ،5‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪5709‬ه_‪ ،5899‬ص‪.595‬‬
‫والتضعيف والضرب والقسمة"‪1‬وهذا ما يعرف بصناعة الحساب الذي يعتبر أهم فرع من فروع‬
‫‪2‬‬
‫العلوم العددية‪.‬‬
‫ويقول ابن خلدون إنه صناعة العملية في حساب األعداد بالضم فالضم يكن في األعداد من‬
‫خالل الجمع والتضعيف أما التفريق فهو إزالة عدد من األعداد إلى التوصل إلى معرفة الباقي‪،‬‬
‫وكذلك تدخل في عملية الحساب القسمة وعلم الكسور"‪ ،3‬وباعتبار أن علم الحساب يهتم بدراسة‬
‫العدد‪ ،‬وبهذا نجد أن هذا العلم يعد من العلوم الرئيسية واألساسية في حيلة أهل المغرب‬
‫األوسط‪ ،‬وهذا راجع إلى أهمية هذا العلم من خالل ضبط المعامالت واألموال‪ ،‬وكذلك قضاء‬
‫وتسديد الديون ويساعد في تقسيم الميراث‪ ،‬وبكم أهمية هذا العلم نجد في كتاب اهلل تعالى‬
‫اآليات تتعلق بهذا العلم نذكر منها قوله تعالى‪ :‬ﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ‬

‫ﲹﲻﲼ ﲽﲾ‬
‫ﲺ‬ ‫ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ‬

‫ﲿﱠ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نو ار وقدره منازال لتعلموا عدد السنين والحساب ما‬
‫خلق اهلل ذلك إال بالحق وفسر اآليات لقوم يعلمون" ‪4‬لم يقتصر اهتمام علماء دولة بني حماد‬
‫في علم الحساب فقد كانت لهم إسهامات جليلة ودراسات مفيدة بلغو شهرة واسعة فيها‪ ،‬ومن‬
‫ابرز العلماء الذين برزوا في هذا العلم‪ ،‬علي بني معصوم بني أبي ذر القلعي(‪798‬ه) نشأ‬
‫‪5‬‬
‫وتعلم في تعلم بقلعة بني حماد كان بح ار في الحساب‪ ،‬توفي(‪555‬ه_‪5051‬م)‬

‫_القنوجي‪ :‬أبجد العلوم (السحاب المرقوم الممطر بأنواع وأصناف العلوم)‪ ،‬تح‪ :‬عبد الجبار زكار‪ ،‬ج‪ ،5‬دار الكتب العلمية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫دمشق‪ ،5849 ،‬ص‪.559‬‬


‫_الغزالي‪ :‬إحياء علوم الدين‪ ،‬ج‪ ،5‬ط‪ ،5‬دار القلم‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.55‬‬ ‫‪2‬‬

‫_ابن خلدون‪ ،‬العبر‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫_سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪.50‬‬ ‫‪4‬‬

‫_محمد بن عميرة‪ :‬قلعه بني حماد الثقافة األولى‪ ،‬حوليات المؤرخ باتحاد المؤرخين‪ ،‬ع‪ ،5‬الجزائر‪ ،5005 ،‬ص‪.50‬‬ ‫‪5‬‬
‫كما عرف علم الحساب خالل فترة المرابطين ازدها ار كبي ار ونجد عدة أسماء مشهورة من‬
‫بينهم‪ :1‬ابن البناء المراكشي الذي ألف كتاب تلخيص ضابط القوانين أعماله مفيد ثم شرحه‬
‫‪2‬‬
‫بكتاب سماه "رفع الحجاب"‪.‬‬

‫واهتم الموحدون أيضا بعلم الحساب فكان مادة دراسية هامه كانت األدلة الحكومية ال‬
‫تستغني عن طبقة الحاسبين‪ ،3‬ومن بين مصنفات العلماء التي كانت تستخدم في العلوم العددية‬
‫"تلخيص أعمال الحساب "البن البناء محمد بن خلف الكالعي االشبيلي (ت‪599‬ه_‪5585‬م)‪،‬‬
‫له ثالثة مؤلفات في فرائض الكبير والمتوسط والصغير‪.4‬‬

‫كما حظي علم الحساب بمكانة من طرف العلماء والطلبة خالل عهد بني زيان ولهدا نجد‬
‫كم هائل في هدا العلم ومؤلفات عديدة ونذكر منها‪ :‬سعيد العقباني( ‪854‬ه)‪ ،5‬وهو أبو الفضل‬
‫قاسم بن اإلمام أبي عثمان سعيد بن أبي عثمان سعيد بن محمد التجيبي العقباني‪ ،‬ولد سنة‬
‫(‪450‬ه_‪5110‬م)‪ 6‬تلقى مختلف العلوم والمعارف الفكرية‪ ،‬كان ميله أكثر للعلوم العقلية‬
‫وخاصة علم الحساب‪7 ،‬ومن مؤلفاته‪" :‬شرح ابن الياسمين في الجبر والمقابلة "وشرح التلخيص‬

‫_عصمت عبد اللطيف دندش‪ :‬األندلس في نهاية المرابطين ومستهل الموحدين عصر الطوائف الثاني‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الغرب‬ ‫‪1‬‬

‫اإلسالمي‪ ،‬لبنان‪ ،5899 ،‬ص‪.751‬‬


‫_ابن خلدون‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.115‬‬ ‫‪2‬‬

‫_علي عالم‪ :‬الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الطباعة للجيش‪ ،‬الجزائر‪،5004 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.118‬‬
‫_محمد لمنوني‪ :‬نشاطات الدراسات الرياضية في المغرب الوسيط الرابع‪ ،‬مجلة المنهال‪ ،‬ع‪ ،1‬تص‪ ،‬و ازرة الشؤون الثقافية‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،5895‬ص‪.49‬‬
‫_العقباني‪ :‬نسبة إلى مدينة عقبان األندلسية التي ينحدر منها‪ ،‬ينظر‪ ،‬القرافي‪ :‬توشيح الديباج وحيلة االبتهاج‪ ،‬تح علي عمر‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫د ط‪ ،‬المكتبة الثقافية الدينية‪ ،‬مصر‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.558‬‬


‫_البلوى‪ :‬ثبت البلوى‪ ،‬تح‪ ،‬عبد اهلل العم ارني‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬لبنان‪ ،5895 ،‬ص‪.510‬‬ ‫‪6‬‬

‫_ الماجري‪ :‬برنامج الماجري‪ ،‬تح‪ :‬محمد أبو األجفان‪ ،‬دار الغرب‪ ،‬لبنان‪ ،5895 ،‬ص‪.510‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪000‬البن البناء المراكشي‪1 ،‬الذي يعد من أهم ما ألفه العقباني في الرياضيات توجد نسخه‬
‫‪2‬‬
‫بمكتبة اإلسكولاير بإسبانيا تحت رقم (‪ )815‬مكونة من ‪ 590‬ورقة بخط مغربي‪.‬‬

‫‪-2‬علم الهندسة‬

‫أ‪-‬مفهومها‬
‫هو عبارة عن علم القوانين تعرف منه األصول العارضة للكم من حيث الكم‪ ،3‬كما عرفه‬
‫ابن خلدون بقوله‪" :‬بأنها النظر في المقادير إما المتصلة كالخط والسطح والجسم‪ ،‬وأما المنفصلة‬
‫‪5‬‬
‫كاألعداد فيما يعرض لها من العوارض الذاتية"‪4 ،‬وهي نوعان هندسة نظرية وأخرى علمية‪.‬‬

‫ب‪-‬تطور علم الهندسة في بالد المغرب األوسط خالل فترة الدراسة‬


‫اخذ العرب أصول الهندسة عن اليونان‪ ،‬بحيث كانت البداية بترجمة كتاب إقليدس في‬
‫الهندسة وسموه" األصول "وقد قاموا بإضافات عديدة وأمور جديدة لهذا العلم مثل تقسيم الزاوية‬
‫والدائرة أقسام متساوية المماس والقواطع‪ ،‬باإلضافة إلى أن المسلمين قد استعملوا فن الزخرفة‬
‫الذي يعتمد بدوره على قواعد الهندسة‪ ،‬وقاموا كذلك بالجمع بين الهندسة والجبر وهكذا وضعوا‬
‫‪6‬‬
‫ما يسمى بالهندسة التحليلية‪.‬‬

‫نضر للنهضة العمرانية التي شهدت‪ ،‬تقدما في‬


‫ا‬ ‫واهتم المغرب األوسط كذلك بعلم الهندسة‬
‫اآلالت واألجهزة الهندسة كالساعات مثل ساعة" المنجانة "وهي الساعة اآللية الضخمة التي‬

‫_التنبكتي‪ :‬نيل االبتهاج بتطريز الديباج‪ ،‬تق‪ :‬عبد الحميد اهلل الهرامة‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الكاتب‪ ،‬طرابلس‪ ،5000 ،‬ص‪.580‬‬ ‫‪1‬‬

‫_يوسف قرقور‪ :‬العالم الرياضي السعيد العقباني التلمساني(‪955‬ه_‪5709‬م)‪ ،‬مجلة الوعي‪ ،‬دار الوعي‪ ،‬ع‪ ،1_7‬أفريل_‬ ‫‪2‬‬

‫ماي‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫_القنوجي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.541‬‬ ‫‪3‬‬

‫_ ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.557‬‬ ‫‪4‬‬

‫_حاجي خليفة‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.5071‬‬ ‫‪5‬‬

‫_حكمت عبد الكريم فريحات والخطيب إبراهيم ياسين‪ :‬مدخل إلى التاريخ الحضارة العربية‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الشروق‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ ،5888‬ص‪.87‬‬
‫وصفتها الكتب أدق وصف‪ ،‬وكل هدا يعبر عن مدى تطور علم الهندسة‪ 1،‬ففي العهد الحمادي‬
‫كذلك استفادوا من علم الهندسة وقاموا بدراسته وأصلحوا ما به من األخطاء‪ ،‬ومن األعالم الدين‬
‫برزوا في هدا المجال‪ :‬أبو القاسم المجريطي الذي توفي سنة‪ 5004‬م‪ ،‬وتالميذه ابن السمح‪،‬‬
‫ابن الصفار الكرماني‪.2‬‬

‫كما عرفت دولة المرابطين علماء اهتموا بالهندسة من بينهم‪ :‬أبو أمية بن عبد العزيز بن‬
‫أبي الصلت‪ :‬الذي كانت له أعمال تطبيقية كثيرة في علم الهندسة‪ ،‬رحل من األندلس إلى مصر‬
‫وهناك قضى مدة في السجن بسبب فكره الهندسي ‪ ،3‬وكما كان لهذا العلم نهضة كبيرة في‬
‫العهد الموحدي‪ ،‬بحيث شجع خلفاء الموحدين الدين جعلوا طائفة من المهندسين جامعة منظمة‪،‬‬
‫ولقد كثر المهندسون في هذا العهد بكثرة فائقة ومن هؤالء الذين برعوا في علم الهندسة أبو علي‬
‫المراكجي الذي ألف كتاب "القطوع المخروطية "لم يعثر عليه بعد‪ 4،‬ونظ ار لقيمة هدا العلم اهتم‬
‫العديد من العلماء والطلبة به خالل العهد الزياني وهذا ألهميته البالغة في حياتهم ومن بين‬
‫هؤالء العلماء‪ :‬محمد بن عمر الفتوح (‪959‬ه_‪5755‬م) من أهل تلمسان ساهم في علم الهندسة‬
‫من خالل تأليفه "مختصر مسألة هندسية" وهو يعتبر من أهم المؤلفات التي كانت تدرس في‬
‫‪5‬‬
‫بالد المغرب خالل العهد الزياني‪.‬‬

‫_ عبد الجليل قريان‪ :‬التعليم بتلمسان في العهد الزياني‪ ،‬ط‪ ،5‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،5055 ،‬ص‪.5071‬‬ ‫‪1‬‬

‫_محمد حاج صادق‪ :‬المغرب العربي من كتاب نزهة المشتاق لإلدريسي‪ ،‬د ط‪ ،‬ديوان المطبوعات‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪.510‬‬ ‫‪2‬‬

‫_محمد األمين بلغيث‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.518_519‬‬ ‫‪3‬‬

‫_محمد لمنوني‪ :‬العلوم واآلداب والفنون في عهد الموحدين‪ ،‬ط‪ ،5‬دار المغرب‪ ،5844 ،‬ص‪.501‬‬ ‫‪4‬‬

‫_عادل نويهض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.90‬‬ ‫‪5‬‬


‫خــــاتــــمة‬

‫من خالل بحثنا في موضوع العلوم العقلية في بالد المغرب األوسط خالل فترة ما بين‬
‫القرنين(‪ 9-5‬ه‪15-11-‬م)‪ ،‬نستنتج أن‪:‬‬

‫‪-‬المغرب األوسط تميز بحركة علمية وفكرية التي كان ورائها عدة عوامل رئيسية من بينها‬
‫توفر وتنوع المؤسسات التعليمة‪ ،‬وكذلك دور السالطين في تشجيع العلماء والطلبة في تدريس‬
‫العلوم‪ ،‬دون أن ننسى دور الرحالت واإلجازات العلمية التي قام بها العلماء‪.‬‬

‫‪ -‬تنوع فروع العلوم العقلية في بالد المغرب األوسط خالل هذه الفترة المدروسة‪ ،‬فبرزت‬
‫العلوم العددية التي كانت فيها المؤلفات في هذا النوع‬

‫‪ -‬أما فيما يخص علم الطب والصيدلة‪ ،‬فكان له إقبال واهتمام واسع‪ ،‬حيث فضل الطلبة‬
‫والعلماء المغرب األوسط دراسة هذا العلم والبحث في مجال العالج واألدوية‪.‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لعلم الفلك فهو األخر كان له مستوى مرموق من خالل ما أنجزه العلماء سواء‬
‫من ناحية االختراع أو التأليف‪،‬‬

‫‪ -‬شهد المغرب األوسط أعالم في العلوم العقلية الذين وضعوا بصمتهم فيها‪.‬‬

‫وفي األخير نقول أن العلوم العقلية لقيت اهتمام مثلما العلوم النقلية‪ ،‬وكان لها أعالم برعوا‬
‫في جميع فروعها‪.‬‬

You might also like