You are on page 1of 5

‫‪1‬‬

‫باب الصالة في الكنيسة‬

‫صاَل ةَ فِي ْال َكنِي َس ِة ِإ َذا بُ ِسطَ فِيهَا ثَوْ بٌ طَا ِه ٌر َو َم ْعلُو ٌم َأ َّن‬ ‫َوقَ ْد َأ َجازَ ْال ُعلَ َما ُء ال َّ‬
‫صى هَّللا ُ‬ ‫ْال َكنِي َسةَ َأ ْق َربُ ِإلَى َأ ْن تَ ُكونَ بُ ْق َعةَ س ُْخ ٍط ِمنَ ْال َم ْقبَ َر ِة َأِلنَّهَا بُ ْق َعةٌ يُ ْع َ‬
‫ْ‬
‫ت ال ُّسنَّةُ بِِإبَا َح ِة اتِّخَ ا ِذ البِيَ ِع‬ ‫ْس َك َذلِكَ ْال َم ْقبَ َرةَ َوقَ ْد َو َر َد ِ‬ ‫َويُ ْكفَ ُر بِ ِه فِيهَا َولَي َ‬
‫صلِّي فِي ْالبَ ْي َع ِة ِإ َذا ل ْمَ‬ ‫س َكانَ يُ َ‬ ‫اريُّ َّن ا ْبنَ َعبَّا ٍ‬ ‫َأ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫اج َد َذ َك َر البُخَ‬ ‫س َم َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو ْال َكنَاِئ‬
‫ْف ع َْن ِم ْق َس ٍم ع َِن‬ ‫صي ٍ‬ ‫ي ع َْن ُخ َ‬ ‫اق َع ِن الثَّوْ ِر ِّ‬ ‫يَ ُك ْن فِيهَا تَ َمَأاثِي ُل َذ َك َر َع ْب ُدَأ ال َّر َّز ِ‬
‫ُصلِّ َي ِفي ال َكنِي َس ِة ِإ َذا َكانَ فِيهَا تَ َماثِي ُل َو َر َوى‬ ‫ْ‬ ‫س نَّهُ َكانَ يَ ْك َرهُ ْن ي َ‬ ‫اب ِْن َعبَّا ٍ‬
‫َأيُّوبُ َو َعبِي ُد ِ ب ُْن ُع َم َر َو َغ ْي ُرهُ َما ع َْن نَافِ ٍع ع َْن ْسل َم َموْ لى ُع َم َر َّن ُع َم َر‬
‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫هَّللا‬
‫ال ُع َم ُر‬ ‫صا َرى طَ َعا ًما َو َدعَاهُ فَقَ َ‬ ‫صنَ َع لَهُ َر ُج ٌل ِم ْن ُعظَ َما ِء النَّ َ‬ ‫لَ َّما قَ ِد َم ال َّشا َم َ‬
‫صلِّي فِيهَا ِم ْن جْ ِل َما فِيهَا ِمنَ الصُّ َو ِ[ر َوالتَّ َماثِ ِ‬
‫يل‬ ‫َأ‬ ‫ِإنَّا اَل نَ ْد ُخ ُل َكنَاِئ َس ُك ْم َواَل نُ َ‬
‫يل َو َح َكى‬ ‫َّ‬
‫ك ِإ ِم ْن جْ ِل َما فِيهَا ِمنَ الت َماثِ ِ‬ ‫َأ‬ ‫اَّل‬ ‫س َذلِ َ‬ ‫فَلَ ْم يَ ْك َر ْه ُع َم ُر َواَل اب ُْن َعبَّا ٍ‬
‫ي ع َْن َجابِ ٍر‬ ‫ُور ع َْن ِإب َْرا ِهي َم َو َع ِن الثَّوْ ِر ِّ‬ ‫اق ع َِن الثَّوْْأ ِريِّ ع َْن َم ْنص ٍ‬ ‫َع ْب ُد ال َّر َّز ِ‬
‫اختَلَفَ‬ ‫ث ال َموْ تَى فَقَ ِد ْ‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬
‫صاَل ِة فِي البَ ْي َع ِة‪َ .‬و َّما ُجثَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫س بِال َّ‬ ‫ع َِن ال َّش ْعبِ ِّي قَااَل اَل بَ َ‬
‫َأ‬
‫ت ِم ْن ْن‬ ‫فِيهَا ْال ُعلَ َما ُء فَ ِم ْنهُ ْم َم ْن َج َعلَهَا ُكلهَا َس َوا ٌء َويَتَ َحفظ ِعن َد ُغ ْس ِل ال َميِّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ير ِإلَ ْي ِه َش ْي ٌء ِمنَ ْال َما ِء َو ِم ْنهُ ْم َم ْن َح َم َل قَوْ َل ا ْب ِن َم ْسعُو ٍد (اَل تَ ْن َجسُوا ِم ْن‬ ‫يَ ِط َ‬
‫ض َع ْالقَوْ ِل فِي‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫ِ َ َ َ َ َ وْ ِ‬‫َ‬
‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ْس‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫َّ‬
‫ص‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫خ‬ ‫ن‬
‫ُ ِ ِينَ‬ ‫م‬ ‫ْؤ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫ج‬‫ُ‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫َأ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ُ‬
‫َموْ تَا ْ َ‬
‫)‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫هَ ِذ ِه ْال َم ْسَألَ ِة َو ْخبَ َرنَا َع ْب ُد ِ ب ُْن ُم َح َّم ٍد قَا َل َح َّدثَنَا ُم َح َّم ُد ب ُْن بَ ْك ٍر قَا َل َح َّدثَنَا‬ ‫هَّللا‬ ‫َأ‬
‫َأبُو دَا ُو َد قَا َل َح َّدثَنَا َر َجا ُء ب ُْن ْال ُم َرجَّى قَا َل َح َّدثَنَا َأبُو هَ َّم ٍام قَا َل َح َّدثَنَا َس ِعي ُد‬
‫اصي‬ ‫اض ع َْن ُع ْث َمانَ ب ِْن ْب ِن َأبِي ْال َع ِ‬ ‫ب َّع َْن ُمهَّللا َح َّم ِد ب ِْن َع ْب َّ ِد َأهَّللا ِ ْب ِنَأ ِعيَ ٍ‬ ‫ب ُْن السَّاِئ ِ‬
‫َت‬ ‫ْث َكان ْ‬ ‫ف َحي ُ‬ ‫َّ‬
‫ْج َد الطاِئ ِ‬ ‫صلى ُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم َم َرهُ ْن يَجْ َع َل َمس ِ‬ ‫ي َ‬ ‫َأ َّن النَّبِ َّ‬
‫اس ُم‬ ‫ث ب ُْن ُس ْفيَانَ قَااَل َح َّدثَنَا قَ ِ‬ ‫ار ِ‬ ‫ِ‬ ‫اغيتُهُ ْم َو َح َّدثَنَا َس ِعي ُد ب ُْن نَصْ ٍر َو َع ْب ُد ْال َو‬ ‫طَ َو ِ‬
‫َّاح قَا َل َح َّدثَنَا َأبُو بَ ْك ِر ب ُْن َأبِي َش ْيبَةَ قَا َل‬ ‫ض ٍ‬ ‫ال َح َّدثَنَا ُم َح َّم ُد ب ُْن َو‬ ‫ب ُْن َأصْ بَ َغ قَ َ‬
‫ْ‬
‫ْس ْب ِن طلق ع َْن بِي ِه طَل ِ‬
‫ق‬ ‫َأ‬ ‫هَّللا‬
‫َح َّدثَنَا ُماَل ِز ُم ب ُْن َع ْم ٍرو ع َْن َع ْب ِد ِ ب ُْن بَ ْد ٍر ع َْن قَي ِ‬
‫اويَةَ قَا َل َح َّدثنَاَ‬ ‫َأب ِْن َعلِ ٍّي َو َح َّدثَنَا ُم َح َّم ُد ب ُْن ِإب َْرا ِهي َم قَا َل َح َّدثَنَا ُم َح َّم ُد ب ُْن ُم َع ِ‬
‫ي ع َْن ُماَل ِز ِم ْب ِن َع ْم ٍرو قَا َل َح َّدثَنِي‬ ‫ب قَا َل َح َّدثَنَا هَنَّا ُد ب ُْن الس َِّر ِّ‬ ‫حْ َم ُد ب ُْن ُش َع ْي ٍ‬
‫اح ٌد‬ ‫ْ‬
‫ق ْب ِن َعلِ ٍّي َوال َم ْعنَى َو ِ‬ ‫ْ‬
‫ق ع َْن بِي ِه طَل ِ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬
‫ْس ب ِْن طَل ٍ‬ ‫َع ْب ُد هَّللا ِ ب ُْن بَ ْدَأ ٍر ع َْن قَي ِ‬
‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه وسلم فبايعناه‬ ‫يث هَنَّا ٍد تَ ُّم قَا َل خَ َرجْ نَا َو ْفدًا ِإلَى النَّبِ ِّي َ‬ ‫َو َح ِد ُ‬
‫يث َوفِي ِه فَِإ َذا َأتَ ْيتُ ْم‬ ‫ضنَا بَ ْي َعةً لَنَا فَ َذ َك َر ْال َح ِد َ‬ ‫وصلينا معه وأخبرنا َأ َّن بَِأرْ ِ‬
‫الخميس‪ 12 ،‬شعبان‪1442 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫صرًا َوَأجْ َم َع ْال ُعلَ َما ُء َعلَى َأ َّن‬ ‫ض ُك ْم فَا ْك ِسرُوا بَ ْي َعتَ ُك ْم َواتَّ ِخ ُذوهَا َم ْس ِجدًا ُم ْختَ َ‬ ‫َأرْ َ‬
‫ض ُع طَيِّبًا طَا ِهرًا نَ ِظيفًا َجاِئ ٌز‬ ‫ْ‬
‫التَّيَ ُّم َم َعلَى َمقبَ َر ِة ال ُم ْش ِر ِكينَ ِإ َذا َكانَ ال َموْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َأ‬
‫ض ٍع طا ِه ٍر َّن‬ ‫َ‬ ‫صلَّى فِي َكنِي َس ٍة وْ بَ ْي َع ٍة فِي َموْ ِ‬ ‫َأ‬ ‫ك َأجْ َمعُوا َعلَى َأ َّن َم ْن َ‬ ‫َو َك َذلِ َ‬
‫صاَل ةَ فِي ْال َم ْقبَ َر ِة َس َوا ٌء‬ ‫ضيَةٌ َجاِئزَ ةٌ َوقَ ْد َك ِرهَ َج َما َعةٌ ِمنَ ْالفُقَهَا ِء ال َّ‬ ‫صاَل تَهُ َما ِ‬ ‫َ‬
‫ث بِي‬ ‫َأ‬ ‫َِ َِ ِ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫ل‬‫و‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫رْ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ي‬ ‫ت‬
‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ث‬
‫ُ ِ ِ ِ َ ِ ِ َ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫َأْل‬ ‫ل‬ ‫ينَ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫م‬ ‫وْ‬ ‫َأ‬ ‫ينَ‬ ‫َكا ِ ُ ِ ِ‬
‫م‬ ‫ل‬‫س‬‫ْ‬ ‫م‬‫ل‬ ‫َت‬‫ْ‬ ‫ن‬
‫ُ‬
‫صلوا فِي بُيُوتِك ْم َواَل‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫صلى ُ َعل ْي ِه َو َسل َم قَا َل َ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫َّ‬ ‫ُول ِ َ‬ ‫هَّللا‬ ‫هُ َر ْي َرةَ َأ َّن َرس َ‬
‫ي ع َِن النَّبِ ِّي‬ ‫ث َواثِلَةَ ْب ِن اَأْل ْسقَ ِع ع َْن َأبِي َمرْ ثَ ٍد ْال َغن َِو ِّ‬ ‫تَتَّ ِخ ُذوهَا قُبُورًا َولِ َح ِدي ِ‬
‫ُور َواَل تَجْ لِسُوا َعلَ ْيهَا َوهَ َذا ِن‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫صلوا ِإلَى القُب‬ ‫ُّ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم َأنَّهُ قَا َل اَل تُ َ‬ ‫َ‬
‫يل َواَل‬ ‫و‬ ‫ْأ‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫اَل‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫حْ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫َأِل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َّ‬
‫ج‬ ‫ح‬ ‫اَل‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫س‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِإْل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َح ِ ِ ِ‬
‫َا‬ ‫ت‬‫ب‬ ‫ا‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ث‬ ‫ي‬‫د‬‫ِ‬
‫ض ٍع طَا ِه ٍر ِإاَّل بِ َدلِي ٍل اَل يَحْ تَ ِم ُل تَْأ ِوياًل‬ ‫ص ِة فِي ك ِّل َموْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫يَجُو ُز َأ ْن يَ ْمتَنِ َع ِمنَ ال َّ‬
‫َأْل‬
‫صاَل ةَ فِي ال َم ْقبَ َر ِة الثَّوْ ِريُّ َو بُو َحنِيفَةَ َوا وْ زَا ِع ُّي َوال َّشافِ ِع ُّي‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫َو ِم َّم ْن َك ِرهَ ال َّ‬
‫صلى فِي ال َمقبَ َر ِة لَ ْم يَ ُع ْد َوقَا َل ال َّشافِ ِع ُّي ِإ ْن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َوَأصْ َحابُهُ ْم َوقَا َل الثوْ ِريُّ ِإ ْن َ‬
‫َّ‬
‫ْس فِي ِه ن ََجا َسةٌ َأجْ َزَأهُ َولَ ْم يُفَ ِّر ْق َأ َح ٌد ِمنَ‬ ‫ض ٍع لَي َ‬ ‫صلَّى َأ َح ٌد فِي ْال َم ْقبَ َر ِة فِي َموْ ِ‬ ‫َ‬
‫فُقَهَا ِء ْال ُم ْسلِ ِمينَ بَ ْينَ َم ْقبَ َر ِة ْال ُم ْسلِ ِمينَ َو ْال ُم ْش ِر ِكينَ ِإاَّل َما َح َك ْينَا ِم ْن َخطَ ِل‬
‫يح َأثَ ٍر َأِل َّن َم ْن‬ ‫ص ِح ِ‬ ‫ْالقَوْ ِل الَّ ِذي اَل يُ ْشتَ َغ ُل بِ ِم ْثلِ ِه َواَل َوجْ هَ لَهُ فِي نَظَ ٍر َواَل فِي َ‬
‫ث َو ُع ُمو ِم ِه‬ ‫صاَل ةَ فِي ْال َم ْقبَ َر ِة َك ِرهَهَا فِي ُك ِّل َم ْقبَ َر ٍة َعلَى ظَا ِه ِر ْال َح ِدي ِ‬ ‫َك ِرهَ ال َّ‬
‫ك بِ َما َذ َكرْ نَا ِمنَ التَّْأ ِوي ِل َوااِل ْعتِاَل ِل َوقَ ْد بَنَى‬ ‫ل‬
‫ِ َ َ َ ِ َ‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫اَل‬‫ص‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫َو َم ْن َأبَا َ‬
‫ح‬
‫ْ‬
‫صلى ُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم َم ْس ِج َدهُ فِي َمقبَ َر ِة ال ُم ْش ِر ِكينَ ‪ .‬اهـ‪« .‬التمهيد‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫هَّللا‬ ‫َّ‬ ‫هَّللا‬
‫َرسُو ُل ِ َ‬
‫لما في الموطأ من المعاني واألسانيد» (‪230-227 /5‬‬
‫وقد قال هللا ع َّز وج َّل‪﴿ :‬واعتصموا[ بحبل هللا جميعا وال تفرقوا﴾ [سورة آل‬
‫عمران‪﴿ ]١٠٤ :‬إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء﴾‬
‫[سورة األنعام‪ ]١٦٠ :‬وقوله عليه الصالة والسالم‪ :‬ال تختلفوا فتختلف‬
‫قلوبكم‪ .‬وقد قال ع َّز وج َّل في مدح االجتماع ﴿وألَّف بين قلوبهم لو أنفقت ما‬
‫في األرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن هللا ألف بينهم﴾ [سورة األنفال‪:‬‬
‫‪ ،]٦٤‬وقال عليه الصالة والسالم ‪ :‬وكونوا عباد هللا اخوانا‪ .‬ومن تأمل ما‬
‫حدث بين اتباع أئمة المذاهب من التشاجر والتنافر علم صحة ما قلنا‪ ،‬حتى‬
‫إن المالكية استقلوا بالمغرب‪ ،‬والحنفية بالمشرق‪ ،‬فال يُقارُّ أحد المذهبين‬
‫أحدًا من غيره في بالده إال على وج ٍه ما‪ ،‬حتى بلغنا أن أهل جيالن من‬
‫الحنابلة إذا دخل إليهم حنفي قتلوه وجعلوا ماله فيًئا‪ ،‬كحكمهم في الكفار‪،‬‬
‫وحتى بلغنا أن بعض بالد ما وراء النهر من بالد الحنفية كان فيه مسجد‬
‫واحد للشافعية‪ ،‬فكان والي البلد يخرج كل يوم لصالة الصبح فيرى ذلك‬
‫المسجد‪ ،‬فيقول‪ :‬أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق! فلم يزل كذلك حتى أصبح‬
‫الخميس‪ 12 ،‬شعبان‪1442 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫يو ًما وقد ُس َّد باب ذلك المسجد بالطين واللبن فأعجب الوالي ذلك‪ .‬ثم إن ُكاًّل‬
‫من أتباع األئمة يفضل إمامه على غيره في تصانيفهم ومحاوراتهم‪.‬‬
‫حتى رأيت حنفيًّا صنف مناقب أبي حنيفة فافتخر فيه بأتباعه كأبي يوسف‬
‫ومحمد وابن المبارك ونحوهم‪ ،‬ثم قال يعرض بباقى المذاهب‪:‬‬
‫ُأولَِئكَ َأصْ َحابِي فَ ِجْئنِي بِ ِم ْثلِ ِه ْم ‪ِ ...‬إ َذا َج َم َع ْتنَا يَا َج ِري ُر ال َم َجا ِم ُع‬
‫وهذا شبيه بدعوى الجاهلية‪ ،‬وغيره كثير‪ .‬وحتى أن المالكية يقولون‪ :‬إن‬
‫الشافعي غالم مالك‪ ،‬والشافعية يقولون‪ :‬أحمد بن حنبل غالم الشافعي‪،‬‬
‫والحنابلة يقولون‪ :‬الشافعي غالم أحمد بن حنبل‪ ،‬وقد ذكره أبو الحسين ابن‬
‫الفراء في كتاب الطبقات‪ ،‬من أتباع أحمد‪ ،‬والحنفية يقولون‪ :‬الشافعي غالم‬
‫أبي حنيفة‪ ،‬ألنه غالم محمد بن الحسن‪ ،‬ومحمد غالم أبي حنيفة‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ولوال أن الشافعي من أتباع أبي حنيفة لما رضينا أن ننصب معه الخالف‪،‬‬
‫وحتى أن الشافعية يصفون أبا حنيفة بأنه من الموالي‪ ،‬وأنه ليس من أئمة‬
‫الحديث‪ ،‬وأحوج ذلك الحنفية إلى الطعن في نسب الشافعي‪ ،‬وأنه ليس‬
‫قرشيا‪ ،‬بل هو من موالي قريش‪ ،‬وال إما ًما في الحديث ألن البخاري‬
‫ومسلما أدركاه‪ ،‬ولم يرويا عنه‪ ،‬ولم يدركا إما ًما إال ورويا عنه‪ ،‬حتى‬
‫احتاج اإلمام فخر الدين والتميمي في تصنيفهما مناقب الشافعي إلى‬
‫االستدالل على هاشميته‪.‬‬
‫وحتى جعل كل فريق يروي السنة في تفضيل إمامه‪ ،‬فالمالكية رووا‬
‫"يوشك أن يضرب الناس أكباد اإلبل‪ ،‬فال يوجد عالم أعلم من عالم‬
‫المدينة" قالوا‪ :‬وهو مالك‪« .‬التعيين في شرح األربعين» (‪.)262-260 /1‬‬
‫عن زيد بن جبير عن داود ابن حصين عن نافع عن ابن عمر أن رسول‬
‫هللا صلى هللا تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن‬
‫في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفى الحمام وفي أعطان‬
‫اإلبل وفوق ظهر بيت هللا تعالى قال الترمذى إسناده ليس بذاك القوى‬
‫(ومنها) الصالة إلى المقبرة وإلى جدار مرحاض عليه نجاسة وفى‌الكنيسة‬
‫والبيعة وإلى التماثيل (ومنها) األرض المغصوبة ومسجد الضرار‬
‫والصالة إلى التنور وفى بطن الوادى والصالة إلى النائم وإلى المتح ّدث‪.‬‬
‫وزادت الهادوية كراهة الصالة إلى المحدث والفاسق والسراج‪ .‬وزاد‬
‫اإلمام يحيى الجنب والحائض‪ .‬فيكون الجميع خمسة وعشرين موضعا‬
‫(وهاك) دليل المنع من الصالة في هذه المواطن‪ ،‬أما الثالثة األول فأدلتها‬
‫المذكورة في الباب‪ .‬وأما الخمسة التي تليها فدليلها ما ذكر من حديث زيد‬
‫بن جبير‪ .‬وأما الصالة إلى المقبرة فما رواه الترمذى وسيأتى للمصنف عن‬
‫أبى مرثد الغنوى قال قال رسول هللا صلى هللا تعالى عليه وعلى آله وسلم‬
‫ال تصلوا إلى القبور وال تجلسوا عليها وأما الصالة إلى جدار مرحاض‬
‫فلحديث ابن عباس نهى عن الصالة في المسجد تجاه حشّ أخرجه ابن‬
‫الخميس‪ 12 ،‬شعبان‪1442 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫عدى قال العراقي ولم يص ّح إسناده‪ .‬وروى ابن أبى شيبة في المصنف عن‬
‫عبد هللا ابن عمرو أنه قال ال يصلى إلى الحشّ ‪ .‬وعن على قال ال يصل‬
‫تجاه حشّ ‪ .‬وعن إبراهيم كانوا يكرهون ثالثة أشياء فذكر منها الحشّ ‪ .‬وفى‬
‫كراهة استقباله خالف بين الفقهاء‪ .‬وأما‌الكنيسة والبيعة فروى ابن أبى‬
‫شيبة في المصنف عن ابن عباس أنه كره الصالة في‌الكنيسة إذا كان فيها‬
‫تصاوير‪ .‬وقد رويت الكراهة عن الحسن ولم ير الشعبى وعطاء بن أبى‬
‫رباح بالصالة في‌الكنيسة والبيعة بأسا ولم ير ابن سيرين بالصالة في‬
‫‌الكنيسة بأسا‪ .‬وصلى أبو موسى األشعرى وعمر بن عبد العزيز في‬
‫كنيسة‪ .‬ولعل وجه الكراهة ما تقدم من اتخاذهم لقبور أنبيائهم وصلحائهم‬
‫مساجد ألنها تصير جميع البيع والمساجد مظنة لذلك‪ .‬وأما الصالة إلى‬
‫التماثيل فلحديث عائشة الصحيح أنه قال لها صلى هللا تعالى عليه وعلى‬
‫آله وسلم أزيلى عنى قرامك هذا فإنه ال تزال تصاويره تعرض لى في‬
‫صالتى‪ .‬وكان لها ستر فيه تماثيل‪ .‬وأما الصالة إلى النائم والمتح ّدث‬
‫فلحديث ابن عباس عند أبى داود وابن ماجه بلفظ نهى رسول هللا صلى هللا‬
‫تعالى عليه وعلى آله وسلم أن نصلى خلف النائم والمتح ّدث‪ .‬وأما الصالة‬
‫في األرض المغصوبة فلما فيها من استعمال مال الغير بغير إذنه‪ .‬وأما‬
‫الصالة في مسجد الضرار فقال ابن حزم إنه ال يجزُئ أحدا الصالة فيه‬
‫لقصة مسجد الضرار وقوله تعالى "ال تقم فيه أبدا" فص ّح أنه ليس موضع‬
‫صالة‪ .‬وأما الصالة إلى التنور فكرهها محمد بن سيرين وقال بيت نار‬
‫رواه ابن أبى شيبة في المصنف‪ .‬وزاد ابن حزم فقال ال تجوز الصالة في‬
‫مسجد يستهزأ فيه باهلل أو برسوله أو شيء من الدين أو في مكان يكفر فيه‪.‬‬
‫«المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود» (‪)117 /4‬‬
‫س َأنَّهُ‬ ‫ٍ‬ ‫َّا‬ ‫ب‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫بن‬ ‫وأما‌الكنيسة والبيعة فروى بن أبي شيبة في المصنف عن‬
‫ت ْال َك َراهَةُ ع َِن‬ ‫ِ‬ ‫اويرُ‪َ ،‬وقَ ْد ر ُِويَ‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫صاَل ةَ فِي‌ ْال َكنِي َس ِة ِإ َذا َكانَ فِيهَا تَ َ‬ ‫َك ِرهَ ال َّ‬
‫صاَل ِة فِي‌ ْال َكنِي َس ِة َو ْالبِي َع ِة‬ ‫اح بِال َّ‬ ‫َِْ ََ ٍ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫َأ‬ ‫ُ‬
‫ْن‬ ‫ب‬ ‫ء‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ط‬
‫ِ ُّ َ َ ُ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ب‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫ْالْأ َح َس ِن َ ْ َ َ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ل‬‫و‬
‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫ْأ‬
‫ُ‬
‫صلى بُو ُمو َسى‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫ص ِة فِي‌الكنِي َس ِة بَ سًا َو َ‬
‫َ‬
‫اَل‬ ‫يرينَ بِال َّ‬
‫ْ‬ ‫بََأْلس ًْا َولَ ْم ير بن ِس ِ‬
‫يز فِي َكنِي َس ٍة‪َ .‬ول َع َّل َوجْ هَ ال َك َراهَ ِة اتخَ اذهُ ْم‬ ‫ا ُ ش َع َأ ِر ْيُّ َو ُع َم ُر ب َُْن َع ْب ِد ال َع ِز ِ‬
‫اج ِد مظنة‬ ‫س‬
‫َ‬
‫ِ َِأ َ َ ِ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬‫و‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َأِل‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫صل َحاِئ ِه ْم َم َسا ِج‬ ‫ُور نبِيَاِئ ِه ْم َو ُ‬ ‫لِقب ِ‬
‫صلَّى‬ ‫َ َ َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫يح‬
‫َِ ِ‬ ‫َّح‬‫ص‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫َا‬
‫ع‬ ‫ث‬
‫َ ِ ِ ِ َ ِ ِ ِئ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫وأماالصالة‬
‫َّ َأ ِإ‬ ‫‪.‬‬ ‫لذلك‬
‫ْرضُ لِي‬ ‫َ‬
‫اوي ُرهُ تع ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬
‫ك هَذا فِإنهُ تزَا ُل ت َ‬ ‫اَل‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا ُ َعلي ِه َو َسل َم ِزيلِي َعني قِ َرا َم ِ‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫صاَل تِي َو َكانَ لَهَا ِس ْت ٌر فِي ِه تَ َماثِي ُل‪« .‬تحفة األحوذي» (‪)274 /2‬‬ ‫فِي َ‬
‫لما قدم عمر الشامُأ صنع له رجل من النصارى طعا ًما‪ ،‬وكان من‬
‫عظمائهم‪ ،‬وقال‪ :‬حب أن تجيئني وتكرمني‪ .‬فقال له عمر‪ :‬إنا ال ندخل‬
‫كنائسكم من أجل الصور التي فيها‪ ،‬يعني التماثيل‪ .‬وتبين بهذا أن روايتي‬
‫الجر والنصب أوجه من غيرهما‪ ،‬والرجل المذكور من عظمائهم اسمه‬
‫الخميس‪ 12 ،‬شعبان‪1442 ،‬‬
‫‪5‬‬
‫قسطنطين‪ ،‬وعمر قد م َّر في األول من بدء الوحي‪ .‬ثم قال‪ :‬وكان ابن‬
‫عباس يصلي في البِيعة إالّ بيعة فيها تماثيل‪ .‬أي‪ :‬فال يصلي فيها‪ ،‬واألثر‬
‫ي في الجعديات‪ ،‬وزاد فيه "فإذا كان فيها تماثيل‪ ،‬خرج‬ ‫أخرجه البغو ّ‬
‫ي الصالة فيها‪ ،‬وكذا مالك‪،‬‬‫فصلى في المطر"‪ .‬وكره الحسن البصر ّ‬
‫وسواء عنده كانت عامرة أو دارسة‪ ،‬ما لم يضطر إلى النزول فيها‪ ,‬لبرد‬
‫أو نحوه‪ ،‬فال كراهة‪ .‬وقبل‪ :‬تكره في العامرة ولو اضطر للنزول فيها‪ ,‬وال‬
‫إعادة عليه إذا صلى في الدارسة مطلقًا‪ ،‬وكذا في العامرة إن اضطر‬
‫الشعبي وعطاء بن أبي‬
‫ُّ‬ ‫للنزول فيها‪ ،‬أو صلى على فراش طاهر‪ .‬ولم ير‬
‫ي‬‫رباح وابن سيرين بالصالة في‌الكنيسة بأسًا‪ ،‬وصلى أبو موسى األشعر ّ‬
‫وعمر بن عبد العزيز في‌الكنيسة‪ .‬وابن عباس قد م َّر في الخامس من بدء‬
‫الوحي‪« .‬كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري» (‪/7‬‬
‫‪)149‬‬

‫الخميس‪ 12 ،‬شعبان‪1442 ،‬‬

You might also like