Professional Documents
Culture Documents
مصادر القانون الادري
مصادر القانون الادري
ﻧظرا ﻟﺗﻌدد اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﺧﺗﻼف اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن إرادة اﻟدوﻟﺔ وأﻓرادھﺎ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻣن اﻟﻣؤﻛد أن ﺗﺗﻌدد ﻣﺻﺎدر
ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻣﺻﺎدر ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ.
واﻟﻣﻘﺻود ﺑﻛﻠﻣﺔ "ﻣﺻدر" ذﻟك اﻷﺻل أو اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺗﺧرج ﻣﻧﮫ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺑﺣث ﻋن ﻣﺻدر
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ھو اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺳﺑب اﻟﻣﻧﺷﺊ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻌﯾن ،إذ أن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻛﺄي ﺷﻲء
آﺧر ﻓﻲ اﻟوﺟود ،ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧﺷﺄ ﻣن اﻟﻌدم ،ﺑل ﻻ ﺑد ﻟﮭﺎ ﻣن ﺳﺑب.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة أﻧﮫ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺟب اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻣﻌﻧﯾﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﻘد ﯾﻘﺻد ﺑذﻟك
"...ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺳﺎھﻣت ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺗﺣدﯾد ﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ ،ﺳواء ﻛﺎﻧت ھذه
اﻟﻌواﻣل طﺑﯾﻌﯾﺔ ،أم اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،أم ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،أم اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،"...وھذا ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون.
وﻗد ﯾﻘﺻد ﺑﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون ..."،اﻟطرق أو اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدم ﻓﻲ إﺧراج اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺟﺎل
اﻟﺗطﺑﯾﻖ واﻟﺗﻧﻔﯾذ ،"...وﺗﺳﻣﻰ ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ.
وﺑﮭذﯾن اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ،ﻓﺈن ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻻ ﺗﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﺟوھرھﺎ ﻋن ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ،
وھذا ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻓروﻋﮫ اﻟﻣﺗﻌددة.
وﺑﻣﺎ أن دراﺳﺔ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺑوﺟﮫ ﻋﺎم واﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﺑوﺟﮫ ﺧﺎص ،ﻋﺑﺎرة ﻋن دراﺳﺔ
ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﺟد ﻣﻛﺎﻧﺎ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﯾﺎس "ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧون" ،ﻓﺳﯾﺗم اﺳﺗﺑﻌﺎدھﺎ ﻣن ھذه اﻟﻣﺣﺎﺿرة ،ﻣﻊ
اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﻰ ﻛذﻟك ﺑﺎﻟﻣﺻﺎدر اﻟرﺳﻣﯾﺔ.
ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ )اﻟرﺳﻣﯾﺔ( ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹداري ،ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣﺻﺎدر ﻣﻛﺗوﺑﺔ )اﻟﻣطﻠب اﻷول( وأﺧرى
ﻏﯾر ﻣﻛﺗوﺑﺔ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(
اﻟﻣطﻠب اﻷول :اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹداري:
ﺗﺗﻣﺛل اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹداري ﻓﻲ ﻛل ﻣن اﻟدﺳﺗور )اﻟﻔرع اﻷول( ،واﻟﻣﻌﺎھدات اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟﻣﺻﺎدق ﻋﻠﯾﮭﺎ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،واﻟﺗﺷرﯾﻊ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث( وأﺧﯾرا ﻓﻲ اﻟﺗﻧظﯾم )اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ(.
اﻟﻔرع اﻷول :اﻟدﺳﺗور:
ﯾﻌﺗﺑر اﻟدﺳﺗور أو اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ أﺳﻣﻰ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﻋﺎﻣﺔ وﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹداري ﺧﺎﺻﺔ ،إذ أﻧﮫ
ﯾوﺿﻊ ﻋﺎدة وﻓﻘﺎ ﻹﺟراءات ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن دوﻟﺔ ﻷﺧرى وﻣن ﻧظﺎم ﺳﯾﺎﺳﻲ ﻵﺧر.
وﯾﺗﺿﻣن اﻟدﺳﺗور وﺿﻊ اﻟدوﻟﺔ ،وﯾﻧظم اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺑﯾن ﺷﻛل اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ
ذﻟك اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﮭﺎ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ واﻟوظﯾﻔﯾﺔ.
وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﺑﻌض ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟدﺳﺗور ،ﻛﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧظﯾم اﻹداري ،ﻣﺑدأ
اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت ،ازدواﺟﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء ،ﺗﻧظﯾم اﻟﻌﻼﻗﺔ داﺧل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﺑﯾن رﺋﯾس اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ
واﻟوزﯾر اﻷول وﺗﺣدﯾد ﻣﺟﺎل ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﮭﻣﺎ ،إﻟﻰ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻹداري.
وﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﺈن اﻹدارة ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﺣﺗرام اﻟدﺳﺗور أﺛﻧﺎء ﻣﻣﺎرﺳﺗﮭﺎ ﻷﻋﻣﺎﻟﮭﺎٕ ،وإﻻ ﻛﺎﻧت ھذه اﻷﺧﯾرة ﻣﺷوﺑﺔ
ﺑﻌدم اﻟدﺳﺗورﯾﺔ .إﻻ أﻧﮫ ﻗد ﯾﺣدث وأن ﺗﺳﺗﻧد اﻹدارة ﻋﻠﻰ ﻧص ﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻟﻣﺑﺎﺷرة أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ ،وﯾﻛون ذﻟك
اﻟﻧص ﻏﯾر دﺳﺗوري ،ﻓﻔﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺑﻘﻰ اﻟﻌﻣل اﻹداري دون ﺟزاء ،أي ﺳﺎري اﻟﻣﻔﻌول ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن
أﻧﮫ اﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون ﻏﯾر دﺳﺗوري ،ﻷن اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﺗﻌرض ﻟﮫ ﻋن طرﯾﻖ
ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ دﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻘواﻧﯾن ﻷن ھذه اﻟﻣﮭﻣﺔ ﺟﻌﻠﮭﺎ اﻟدﺳﺗور ﻣن اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺟﻠس اﻟدﺳﺗوري
ﻟوﺣده ،ﺑﻌد إﺧطﺎره ﻣن طرف اﻟﮭﯾﺋﺎت اﻟﻣﺧوﻟﺔ دﺳﺗورﯾﺎ ﺑذﻟك.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻣﻌﺎھدات اﻟدوﻟﯾﺔ
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻣﻌﺎھدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﺗﻠك اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺑﯾن اﻟدول ،أو ﺑﯾن دوﻟﺔ ٕوإﺣدى اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺑﮭدف
إﺣداث آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭم اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ.
واﻟﻣﻌﺎھدات اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎدق ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣن طرف رﺋﯾس اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ ،ﺣﺳب اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ
اﻟدﺳﺗور ،ﺗﺳﻣو ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون .وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﺣﺗرام اﻟﻧﺻوص اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎھدات
اﻟدوﻟﯾﺔ ٕوإﻻ ﻛﺎن ﻋﻣﻼ ﻣﺗﺳﻣﺎ ﺑﻌدم اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :اﻟﺗﺷرﯾﻊ
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،أي ﺗﻠك اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﯾﻘوم اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﺑوﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﺣدود اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ اﻟﻣﺑﯾن ﻓﻲ اﻟدﺳﺗور.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻓﺋﺗﯾن اﺛﻧﺗﯾن :ﻓﺋﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺿوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل ﻣﺣددة
ﺣﺻرا ﻓﻲ اﻟدﺳﺗور .وﻓﺋﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎدﯾﺔ.
وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻏﯾر ﻣﻘﻧن ،أي ﻟﯾﺳت ﻟﮫ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ واﺣدة ﺗﺗﺿﻣن اﻟﻘواﻋد واﻷﺣﻛﺎم
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﮫ ﻣﺛل ﺑﻘﯾﺔ ﻓروع اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺧرى ،ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري وﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،ﻓﺈﻧﮫ
ﺗوﺟد اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻣوﺿوﻋﺎﺗﮫ ،ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺿوي اﻟﻣﺗﻌﻠﻖ ﺑﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ،
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ ،ﻗﺎﻧون اﻟﺑﻠدﯾﺔ ،ﻗﺎﻧون اﻟوﻻﯾﺔ ،إﻟﻰ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ.
اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ :اﻟﺗﻧظﯾم
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗﻧظﯾم ذﻟك اﻟﺗﺻرف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻣﺗﺿﻣن ﻟﻘواﻋد ﻋﺎﻣﺔ وﻣﺟردة.
وﻋﻠﻰ ھذا ﻓﺈن اﻟﺗﻧظﯾم ﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﺗﺷرﯾﻊ )اﻟﻘﺎﻧون(.
أﻣﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﺿوﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺗﻧظﯾم ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﺗﺷرﯾﻊ )اﻟﻘﺎﻧون( ذﻟك أﻧﮫ ﯾﺻدر ﻋن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ
ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﺻدره اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﺗﻧظﯾم ﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﺷﻛل واﺣد ٕوإﻧﻣﺎ ﺗﺗﻌدد أﺷﻛﺎﻟﮫ ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟزواﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﻧظر إﻟﯾﮫ
ﻣﻧﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن إﺟﻣﺎﻟﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
-اﻟﺗﻧظﯾم ﺑﺣﺳب اﻟﺟﮭﺔ اﻟﻣﺻدرة ﻟﮫ :ﻣن ھذه اﻟزاوﯾﺔ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﺗﻧظﯾم إﻣﺎ ﻣرﺳوﻣﺎ رﺋﺎﺳﯾﺎ ،أو
ﻣرﺳوﻣﺎ ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ،أو ﻗرارا وزارﯾﺎ ،أو ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن اﻟواﻟﻲ ،أو ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن رﺋﯾس اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌﺑﻲ
اﻟﺑﻠدي.
-اﻟﺗﻧظﯾم ﺑﺣﺳب ﻣوﺿوﻋﮫ :ﻣن ھذه اﻟزاوﯾﺔ ﻗد ﯾﻛون اﻟﺗﻧظﯾم ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺗﻧظﯾم ﻣﺳﺗﻘل ﺻﺎدر ﻋن رﺋﯾس
اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﮫ ﻣن ﺳﻠطﺔ ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،وﻗد ﯾﻛون ﺗﻧظﯾم ﺗﻧﻔﯾذي أو ﺗطﺑﯾﻘﻲ ﺻﺎدر ﻋن اﻟوزﯾر
اﻷول ﺑﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﮫ ھو اﻵﺧر ﻣن ﺳﻠطﺔ ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺑﻌﯾﺔ.
وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ھذه اﻷﻧواع ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم -واﻟﺗﻲ ﯾﺳﻣﯾﮭﺎ ﺑﻌض ﻣن اﻟﻔﻘﮫ اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﺎﻟﻠواﺋﺢ ،ﯾﻣﻛن إﺿﺎﻓﺔ
اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﺗﻔوﯾﺿﯾﺔ )اﻟﻠواﺋﺢ اﻟﺗﻔوﯾﺿﯾﺔ( ،وﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﺿرورة )ﻟواﺋﺢ اﻟﺿرورة( ،وﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﺿﺑط
)ﻟواﺋﺢ اﻟﺿﺑط(.
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑﻖ ،ﻓﺈن اﻟﺗﻧظﯾم ﺑﻣﺧﺗﻠف ﺻوره ﻟﮫ دور ھﺎم ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم اﻟﻧﺷﺎط اﻹداري ،ﺣﯾث ﺗﻌد
اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻣﺻدرا ﻣن ﻣﺻﺎدر ﻣﺑدأ اﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ .ﻓﺎﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﯾﺳت ﻣﻠزﻣﺔ ﻓﻘط
ﺑﺎﺣﺗرام اﻟﺗﺷرﯾﻊ ،ﺑل ﻣﻠزﻣﺔ ﻛذﻟك ﺑﺎﺣت ارم اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﺟﮭﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ.
ﻓﺎﻟﺗﻧظﯾم أو اﻟﻼﺋﺣﺔ أو اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻔرﻋﻲ ﯾﺷﻛل ﻣﺻدرا ھﺎﻣﺎ ،ﺑل أھم ﻣﺻدر ﻣن ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري
اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ،ﻧظرا ﻷﻋداده اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ اﻟﻣﻧﺷورة ﻓﻲ اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﻧﺷرات اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﮭﯾﺋﺎت
اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ.
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻣﺻﺎدر ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹداري
ﺗﺗﻣﺛل اﻟﻣﺻﺎدر ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ )اﻟﻔرع اﻷول( ،واﻟﻌرف اﻹداري )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،واﻟﻘﺿﺎء )اﻟﻔرع
اﻟﺛﺎﻟث( واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون )اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ( .ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺻدرﯾن اﻷﺧﯾرﯾن ﻣن أھم اﻟﻣﺻﺎدر ﺳواء
اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻣﻧﮭﺎ أو ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ،وھذا راﺟﻊ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻛون اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ذو ﻧﺷﺄة ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ
ﺑﺎﻣﺗﯾﺎز.
اﻟﻔرع اﻷول :اﻟﻔﻘﮫ
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻔﻘﮫ " ...ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺳﺗﻧﺑطﺔ ﻣن ﻗﺑل ﺷراح اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻌد اﻟدراﺳﺔ واﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل
ﻣﻌﯾﻧﺔ أو ﻧﻘد ﻧﺻوص ﻣوﺟودة أو اﻟﺗﻌﻠﯾﻖ ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم وﻗرارات ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ، "...وﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻻ ﯾﻌد اﻟﻔﻘﮫ
ﻣﺻدرا رﺳﻣﯾﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹداري ﺑﺄﺗم ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ ،ذﻟك أن اﻵراء اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ،إﻻ أﻧﮭﺎ ﻻ
ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠزﻣﺔ.
وﻟﻛن ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ،ﻓﺈن ﻟﻠﻔﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري دور ﻛﺑﯾر ﻗد ﯾﺗﺟﺎوز دوره ﻓﻲ ﺑﺎﻗﻲ ﻓروع اﻟﻘﺎﻧون
اﻷﺧرى ،وذﻟك راﺟﻊ ﻟﺣداﺛﺔ ﻧﺷﺄة اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻣن ﺟﮭﺔ ،وﻟﻌدم ﺗﻘﻧﯾﻧﮫ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى .وھو اﻷﻣر اﻟذي
ﯾﺟﻌﻠﮫ ﯾؤدي ﻣﮭﻣﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ إﺑراز اﻷﺳس واﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ،وﻓﻲ ﺷرح
اﻟﻣﺑﺎدئ واﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋﻧﮭﺎ ،وﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺷرع وﺗﺑﯾﺎن ﻣﺎ ﺗﺗﺿﻣﻧﮫ
ھذه اﻷﺧﯾرة ﻣن ﺛﻐرات ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﻛذا ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل وﻧﻘد اﻷﺣﻛﺎم واﻟﻘرارات اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري.
ﻛﻣﺎ ﯾﻘوم ﻓﻘﮫ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﺑﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﺑﺎدئ وأﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗم اﻟﺗوﺻل إﻟﯾﮫ ﻓﻲ اﻟدول
اﻷﺧرى ،ﻟﻛﻲ ﯾﺻل إﻟﻰ أﻓﺿل اﻟﺣﻠول اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ.
وﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﺈن ﻓﻘﮫ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﯾﻠﻌب دور اﻟﻣرﺷد اﻟذي ﯾﺑﯾن اﻟﺣﻠول اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻛل ﻣن اﻟﻣﺷرع
واﻟﻘﺿﺎء اﻹداري.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻌرف اﻹداري
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻌرف اﻹداري " ...ﻣﺎ ﯾﺟري ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻌﻣل ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠطﺔ اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ﻧﺷﺎطﮭﺎ ﻋﻠﻰ
ﻧﺣو ﻣﻌﯾن وﺑﺷﻛل ﻣﺿطرد ﺑﺣﯾث ﯾﺷﻛل ذﻟك ﻗﺎﻋدة ﻣﻠزﻣﺔ واﺟﺑﺔ اﻹﺗﺑﺎع ."...
وﻋﻠﻰ ھذا ،ﻟﻛﻲ ﯾﺻﺑﺢ ﺳﻠوك اﻹدارة ﻓﻲ إﻧﺟﺎز ﻋﻣل ﻣﻌﯾن ﻋرﻓﺎ إدارﯾﺎ ،ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﺗواﻓر ﻟﮫ رﻛﻧﺎن :اﻟرﻛن
اﻟﻣﺎدي )أوﻻ( ،واﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي
ﯾﺗﻣﺛل اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻓﻲ اﻋﺗﯾﺎد اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺧذ ﺑﻘﺎﻋدة ﻣﺗﺑﻌﺔ وﺗﻛرار ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ ﺑﺎﻧﺗظﺎم وﺑدون
اﻧﻘطﺎع ﻓﯾﮭﺎ ،ﻣﺗﻰ ﺗواﻓرت ﺷروطﮭﺎ وھﻲ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ واﻟﻘدم واﻻﺳﺗﻘرار.
وھذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻧﻘطﺎع اﻻﻋﺗﯾﺎد ﻓﻲ إﺗﺑﺎع ﺳﻠوك ﻣﻌﯾن ﻣن ﺟﺎﻧب اﻹدارة ﯾؤدي إﻟﻰ ﻋدم ﺗواﻓر اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي
ﻟﻠﻌرف.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي
ﯾﺗﻛون اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗوﻟد اﻟﺷﻌور ﻟدى اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻷﻓراد اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣﻌﮭﺎ ﺑﺈﻟزاﻣﯾﺔ ھذه
اﻟﻌﺎدة ،وأﻧﮭﺎ ﺻﺎرت ﻗﺎﻋدة واﺟﺑﺔ اﻻﺣﺗرام.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﮫ وﻟﻸﺧذ ﺑﺎﻟﻌرف اﻹداري ﻛﻣﺻدر ﻣن ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ،ﯾﺟب أن ﻻ ﯾﻛون
ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ أو اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ،ﻷﻧﮫ إذا ﺻدر ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻌرف اﻹداري ﻓﻘد ھذا
اﻷﺧﯾر ﻗﯾﻣﺗﮫ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﻣﻛن ﻟﻺدارة أن ﺗﺧﺎﻟف اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﺈﺗﺑﺎع ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﯾﺔ ﺟدﯾدة.
وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﻌرف ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﯾﻠﻌب ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻧﻔس اﻟدور اﻟذي ﺑﻠﻌﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن
اﻷﺧرى ،إذ ﯾﺑﻘﻰ دوره ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺛﺎﻧوﯾﺎ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :اﻟﻘﺿﺎء
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻘﺿﺎء أھم ﻣﺻدر ﻣن ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ،ﻧظرا ﻟﻠدور اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻓﻲ
إﻧﺷﺎء اﻟﻘواﻋد .وﻣن ﺛم ﯾﺟب اﻟﺗطرق إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻓﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري )أوﻻ( ،ﺛم دراﺳﺔ
ﺗﻘﻧﯾﺎت وﺿﻊ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ )ﺛﺎﻧﯾﺎ( ،وأﺧﯾرا اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ )ﺛﺎﻟﺛﺎ(.
أوﻻ :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﻧﺷﺎء اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري
ﻻ ﯾﺧﺗﻠف دور اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻋن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣدﻧﻲ ،ﻓﻲ أن وظﯾﻔﺔ ﻛل واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮫٕ .وإذا ﻛﺎن اﻟدﺳﺗور ﻟم ﯾﺷر ﺻراﺣﺔ إﻟﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻗﯾﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑوﺿﻊ اﻟﻘواﻋد
اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺈن ھذا ﯾﻔﺗرض أن ﺗﻛون أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮫ،
واﻟﺗﻲ ﺑواﺳطﺗﮭﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع .إﻻ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗد ﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ دون أﯾﺔ ﻗﺎﻋدة ﻣﻛﺗوﺑﺔ ﺗﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ
اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ .وﯾﺣدث ھذا ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻧظرا ﻟطﺎﺑﻌﮫ اﻟﺧﺎص .ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ھﻧﺎ ﻣﻠزم
ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ .وھﻧﺎ ﻗد ﯾﺟد ﻧﻔﺳﮫ ﻣﺿطرا إﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﻗواﻋد ﻋﺎﻣﺔ ﺗﻣﻛﻧﮫ ﻣن ﺣل
اﻟﻧزاع .ﻓﻣﺎ ھﻲ اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻌﮭﺎ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺗﻠك اﻟﻣﮭﻣﺔ؟.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺗﻘﻧﯾﺎت وﺿﻊ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
إذا ﻛﺎن ﺣل اﻟﻧزاع ﯾﺳﺗﻧﺑط ﻣن ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣوﺟود ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري -ﺷﺄﻧﮫ ﺷﺄن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﺎدي-
ﯾﻘوم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﺗﻔﺳﯾر ذﻟك اﻟﻧص ﻣن أﺟل اﺳﺗﻧﺑﺎط اﻟﺣﻛم .وﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري
أﻧﺷﺄ ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ذﻟك أن ﺳﻠطﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺳﯾر ﺗﺧﺗﻠط ھﻧﺎ ﻣﻊ اﻟﻧص اﻟﻣﻔﺳر .وﻣﻊ ذﻟك ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ
اﻹداري ﻗد ﺑرھن ﻋﻠﻰ أن ﻟﮫ ﺣرﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻻﺳﺗﻧﺑﺎط اﻷﺣﻛﺎم .أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻛن ھذا اﻟﻧص
اﻟذي ﯾﻧطﺑﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻧزاع ﻣوﺟودا ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻗد ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣل ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻣﺷﺎﺑﮭﺔ ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮫ واﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﯾﮭﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻓﯾﻌطﻲ ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﺣﻛﻣﺎ ﯾﺷﺎﺑﮫ
ﺣﻛم اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ.
وﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﻻت أﺧرى ،وأﻣﺎم اﻧﻌدام اﻟﻧص ،أو اﻟﺣﻛم اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘوم ﺑﺈﻧﺷﺎء اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم
اﻟﻧزاع ﺑطرﯾﻘﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ،ﻣﺎ دام أﻧﮫ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﺑﺎﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ.
إن ھذا اﻻﺟﺗﮭﺎد إذا ﻟم ﯾﻘﺻد اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﮫ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﯾﻌﺗﺑر ﺣﻼ ﻓردﯾﺎ ،ﻗد ﯾﻐﯾره اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ
أﺧرى ﻣﺷﺎﺑﮭﺔ ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮫ .أﻣﺎ إذا ﻗﺻد اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﮭذا اﻟﺣل ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻣﺷﺎﺑﮭﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻌرض ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻓﯾﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗرار ﻣﺑدﺋﻲ ).(arrêt de principe
ﻋﻠﻰ أن ھذا اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﻟﯾﺳت ﻟﮫ أﯾﺔ ﻣﯾزة ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﻣﯾزه ﻋن ﻏﯾره ﻣن اﻷﺣﻛﺎم ،ﺑل اﻟذي ﯾﺟﻌﻠﮫ
ﻣﻌروﻓﺎ ھو ﻣﻘﺎﻻت ﻣﻔوﺿﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ،وﺗﻌﺎﻟﯾﻖ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻋﻠﯾﮫ.
ﺛﺎﻟﺛﺎ:اﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
إذا ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ أو اﻟﻌﺿوﯾﺔ أن ﯾﻧﺷﺊ ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻷن دوره اﻟﺗﻘﻠﯾدي
ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻘط ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻖ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺈﻧﮫ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﺗﺟﺎوز اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻣﮭﻣﺗﮫ اﻟﻌﺎدﯾﺔ،
وﺗﺣول إﻟﻰ ﻣﺻدر إﻧﺷﺎﺋﻲ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺣﻛﻣﺎ ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ،ﺳﯾﺗﺟﺎوز
ﺣدود اﻟﺣﺟﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻟﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ذات ﻗوة إﻟزاﻣﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وواﺟﺑﺔ
اﻟﺗطﺑﯾﻖ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺷﺎﺑﮭﺔ .ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻋﻧد وﺿﻌﮫ ﻟﻠﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﯾﻔﻛر ﻓﻲ
ﺗﻌدﯾﻠﮫ أو اﻟﺧروج ﻋﻠﯾﮫ.
وﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺑدﯾﮭﯾﺔ ھذه اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ،ﻓﻘد ﯾُﻌﺗرض ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﻷن اﻟدﺳﺗور ﻻ ﯾﺗﺿﻣن أي ﻧص ﯾﺳﻣﺢ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑوﺿﻊ ﻗواﻋد ﻋﺎﻣﺔ وﻣﺟردة ﺗطﺑﻖ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺷﺎﺑﮭﺔ ،ﺷﺄﻧﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن اﻟﻘواﻋد
اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﺿﻌﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ،ﻻ ﯾﻧطﺑﻖ إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ .ﺑل إن اﻟﻘﺎﺿﻲ
ذاﺗﮫ ﻗد ﻻ ﯾطﺑﻖ ذﻟك اﻟﺣل ﻓﻲ ﻧزاع ﻣﺳﺗﻘﺑل ﻣﺷﺎﺑﮫ ﻟﻠﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ.
إﻻ أن اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟدور اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻘرارات اﻟﻣﺑدﺋﯾﺔ ﯾﻛذب ھذا اﻻﻋﺗراض ،ﻷن
اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﻋن اﻟﺣﻠول اﻟﻔردﯾﺔ ) ،(Iاﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ أن ﻟﻠﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﻧﻔس ﺧﺻﺎﺋص
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ) .(IIﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن وﺿﻌﮫ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﻌﯾن ﺿﻣن اﻟﮭرم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ).(III
إن اﻟﺣﺟﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻟﻠﻘول ﺑﺄن اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﺣﻛﻣﺎ ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ،ﻻ ﯾﻌﺗﺑر
ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي وﺿﻌﮫ ،ﻻ ﯾﻌد ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﮫ ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺷﺄن
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻرﺗﺑﺎطﮫ ﺑﺎﻟﻧص اﻟﻣﻛﺗوب .وھذا ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول ﻛﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ،اﻟﺗﻲ ﺗوﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺳواﺑﻖ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ .ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﺟدﯾد ،ﻓﻲ ﻋدم اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﺣل اﻟذي وﺿﻌﮫ ﻓﻲ
اﻟﻧزاع اﻟﺳﺎﺑﻖ ،ذﻟك أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺧﻠﻖ ﺣﻼ ﻋﺎدﻻ ﻟﻠﻧزاع ،ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟود ﻧﻘص ﻓﻲ ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ،
ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺧﻠﻖ ﺑذﻟك ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﻟﻛﻧﮫ ﯾﺧﻠﻖ ﺣﻼ ﻓردﯾﺎ واﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﺻدره ،ﻻ ﺗﻛون ﻟﮫ ﺣﺟﯾﺔ إﻻ
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﮭذا اﻟﻧزاع ﺑﺎﻟذات ،إذ ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﻣﺳك ﺑﮫ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ أﻣﺎم ﻧﻔس اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أو أﻣﺎم ﻗﺎض آﺧر.
إﻻ أن ھذه اﻟﺣﺟﺔ ﻣردود ﻋﻠﯾﮭﺎ ،ﻷﻧﮫ ﻓﯾﮭﺎ ﺧﻠط ﺑﯾن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﺣﻼ ﻓردﯾﺎ ،وﺑﯾن اﻟﻘرار
اﻟﻣﺑدﺋﻲ .ﻓﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ھو ﻧﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﮫ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻣﺷﺎﺑﮭﺔ .ﻟذﻟك ﺳﯾﺗﺟﺎوز اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﺣدود اﻟﺣﺟﯾﺔ اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻟﯾﻛون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠزﻣﺔ واﻟواﺟﺑﺔ اﻟﺗطﺑﯾﻖ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺷﺎﺑﮭﺔ .ﻓﻣوﻗف اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري إذن
ﺗﺟﺎه اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ھو ﻧﻔﺳﮫ ﺗﺟﺎه اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ،إذا ﺗوﻓرت ﻟدﯾﮫ ﻧﯾﺔ اﻻﻟﺗزام ﺑﮫ ﻟﺣظﺔ إﻧﺷﺎﺋﮫ .و ﻓﻲ
ھذا ﻣﺎ ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﮫ ﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ.
(IIاﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻗد ﯾﻘﺎل ﺑﺄن اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﻻ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻧظرا ﻟﻌدم ارﺗﺑﺎط اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري
ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،وھذا ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ .إﻻ أن اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺎدي ﯾﻛذب
ھذه اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ.
ﻓﻣن ﺟﮭﺔ ،ﺣﺗﻰ وﻟو ﺗم اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺄن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻏﯾر ﻣرﺗﺑط -ﻧظرﯾﺎ -ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرار
اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ،ﻓﺈن ﻋدم اﻻرﺗﺑﺎط ھذا ﻟﮫ ﺗﺑرﯾره .ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻻ ﯾﺿﻌﮭﺎ
اﻟﻣﺷرع ﺑﺻﻔﺔ أﺑدﯾﺔ ،إذ ھﻲ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻌدﯾل إذا ﺗﻐﯾرت ظروف ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ .ﻓﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أﻧﮭﺎ
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وھﻲ ﻧﻔس اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﮭﺎ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ذﻟك أن
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻟو ﺧﺎﻟﻔﮭﺎ أو أﺗﻰ ﺑﻘرار ﻣﺑدﺋﻲ ﺟدﯾد ،ﻓﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ اﻷول ،أﺻﺑﺢ ﻻ
ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ اﻟظروف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ،اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ ﺿرورة ﺗﻌدﯾﻠﮭﺎ أو ﺗﻐﯾﯾرھﺎ ،ﺷﺄﻧﮭﺎ ﻓﻲ
ذﻟك ﺷﺄن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻌﮭﺎ اﻟﻣﺷرع.
و ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻓﻛر اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻓﻲ ﺗﻌدﯾل اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻌدﻟﮫ إﻻ إذا ﻛﺎﻧت
ھﻧﺎﻟك ﺿرورة ﻟﺗﻌدﯾﻠﮫ .وﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺧذ ﺳﻠوﻛﺎ أﻛﺛر ﺗﻌﻘﻼ ،و أﻛﺛر ﺣذرا ﻣن اﻟذي
ﯾﺳﻠﻛﮫ ﻋﺎدة ﺗﺟﺎه اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺟرد ﺣﻠول ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ،إذ ﻻ ﯾﻘوم ﺑﺗﻌدﯾﻠﮫ ﻣﺑﺎﺷرة ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﻠم ﺑﺄن
ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻹداري ﺧﺎﺻﯾﺗﯾن أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن ھﻣﺎ اﻟﻣروﻧﺔ وﺻﻌوﺑﺔ ﻓﮭﻣﮭﺎ .ﻟذﻟك ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﺑﻧﻰ
ﺗﻔﺳﯾرا واﺳﻌﺎ أو ﺿﯾﻘﺎ ﻟﻠﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ اﻟﻘدﯾم اﻟﻣراد ﺗﻌدﯾﻠﮫ ،ﻣﻊ اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺻﻠب اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ .أو أﻧﮫ ﯾﺄﺗﻲ
ﺑﻧص إﺿﺎﻓﻲ ،ﯾﻣﺷﻲ ﺟﻧﺑﺎ إﻟﻰ ﺟﻧب ﻣﻊ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ اﻟﻘدﯾم.
و ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑﻖ ،أن اﻹدارة و اﻷﻓراد ﻣﻠزﻣﯾن ﺑﺎﺣﺗرام اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﮭﺎ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ذﻟك
أﻧﮭم إذا ﺧﺎﻟﻔوھﺎ ،ﻓﺳﯾطﺑﻖ ﻋﻠﯾﮭم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻧﻔس اﻟﺟزاءات اﻟﺗﻲ ﯾطﺑﻘﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘواﻋد
اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ .ﺑل ﻗد ﯾﻛون أﻛﺛر ﺻراﻣﺔ ھﻧﺎ ،طﺎﻟﻣﺎ أن ﺗﻠك اﻟﻘواﻋد ﻗد ﺻدرت ﻋﻧﮫ ،و ﻓﻲ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﮭﺎ زﻋزﻋﺔ
ﻟﻣرﻛزه .و ﻣن ھﻧﺎ ،ﺳﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧد اﻹدارة ،و اﻷﻓراد ،اﻟﺷﻌور ﺑﺈﻟزاﻣﯾﺔ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ﺷﺄﻧﮫ ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ،ﻧظرا ﻟﻠﺟزاء اﻟذي ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﮫ.
وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﮭﺎ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ،ﺗﺣﺗوي ﻣن وﺟﮭﺔ اﻟﻧظر
اﻟﻣزدوﺟﺔ :اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ -وﺟود ﺟزاء -و اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ -اﻟﺷﻌور ﺑﺈﻟزاﻣﯾﺗﮭﺎ -ﻋﻠﻰ ﻛل ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘﺎﻋدة
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
(IIIﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﺿﻣن اﻟﮭرم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻟﻘد ذھب ﺑﻌض اﻟﻔﻘﮫ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺗﺣﺗل ﻣﻛﺎﻧﺔ أﺳﻣﻰ ﻣن اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت ،وأدﻧﻰ ﻣن
اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ،واﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك ﺣﺳب رأﯾﮭم ،ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾس ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ رﻗﺎﺑﺔ دﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻘواﻧﯾن.
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻠﻐﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،وﻋﻠﯾﮫ ،ﻓﺈن ﻋﻣﻠﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺎوي أو ﯾﺳﻣو ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون.
وﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ إﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ ،ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎﻧت ﺻﺎدرة ﻋن أﺻﺣﺎب
اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ )رﺋﯾس اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ أو اﻟوزﯾر اﻷول( ،وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈن ﻋﻣﻠﮫ ھﻧﺎ ﯾﺳﻣو ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت .وﻣن
ھﻧﺎ ﻓﺈن اﻟﻘرارات اﻟﻣﺑدﺋﯾﺔ ﺗﺣﺗل ﻣﻛﺎﻧﺔ وﺳط ﺑﯾن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت – ﻣﺎ دام أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻟﯾس ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ
ﺗﻌدﯾﻠﮭﺎ أو إﻟﻐﺎﺋﮭﺎ ،-واﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت – ﻣﺎ دام أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ ﺗﻌدﯾﻠﮭﺎ أو إﻟﻐﺎﺋﮭﺎ .-
إﻻ أن ﻓرﯾﻘﺎ آﺧر ﻻ ﯾﺷﺎﯾﻊ ھذا اﻟرأي ،ذﻟك أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري إذا ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ إﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ
ﺣﺗﻰ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻣﻧﮭﺎ ،ﻓﺈن ذﻟك ﻣﺷروط ﺑﺄن ﺗﻛون ﺗﻠك اﻟﻘرارات ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ .ﻟذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﺣﻘﮫ
ﻓﻲ إﻟﻐﺎء اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﺳﺑﺑﺎ ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر ﻋﻣﻠﮫ ﯾﺳﻣو ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﻘرارات.
وﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى – وھو اﻟﻣﮭم ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد ،-ﻓﺈن اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺷﺄ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟود
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ .ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻻ ﯾﻧﺷﺊ
اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ – ﻛﻣﺎ ﺗم اﻟﺗﻌرض إﻟﯾﮫ ﺳﺎﺑﻘﺎ – إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣﻛﺗوب اﻟذي ﯾﺣﻛم
اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮫ .أو ﺑﺗﻌﺑﯾر آﺧر ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻟﯾس ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﻧﺷﺊ ﻗرارا ﻣﺑدﺋﯾﺎ ،ﻓﻲ ﺣﯾن
أن اﻟﻧص اﻟﻣﻛﺗوب اﻟذي ﯾﺣﻛم اﻟﻧزاع ﯾﻛون ﻣوﺟودا .ﻟﮭذا ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﻘرار اﻟﻣﺑدﺋﻲ ﻣن ﺣﯾث
ﻣرﺗﺑﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﮭرم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﻣﻊ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ،ﻣﺎ دام أن ھذه اﻟﻧﺻوص ﻏﯾر ﻣوﺟودة أﺻﻼ.
اﻟﻔرع اﻟراﺑﻊ :اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺗﻠك " ...اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺷف ﻋﻧﮭﺎ ﻋﻘل اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺳﻠﯾم ،واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن
اﺳﺗﺧﻼﺻﮭﺎ ﻣن ﺿرورات اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺛل اﺳﺗﻣرارﯾﺔ اﻟﻣراﻓﻖ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،أو ﻣن ﻣﺑﺎدئ اﻟﻌداﻟﺔ ،ﻣﺛل
ﻣﺑدأ اﻹﺛراء ﺑﻼ ﺳﺑب .وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﮭﺎ ﻣن طرف اﻹدارة ﺗﻌرﺿﮭﺎ ﻟﺗوﻗﯾﻊ اﻟﺟزاء ﻋﻠﯾﮭﺎ."...
ﻋﻠﻰ أن دراﺳﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﯾﻘﺗﺿﻲ دراﺳﺔ ﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ )أوﻻ( ،ﺛم اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون
ﺗﺗﻣﺛل ھذه اﻟﺧﺻﺎﺋص ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
-1ﺗﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺑﻘوة ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻛل ﻣن ھو ﻣﺧﺎطب ﺑﮭﺎ ،أي أﻧﮭﺎ ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻸﻓراد واﻹدارة ﻋﻠﻰ
ﺣد ﺳواء .وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈن أي ﻋﻣل إداري ﻣﺧﺎﻟف ﻟﮭذه اﻟﻣﺑﺎدئ ﯾﺗﻌرض ﻟﻠﺑطﻼن .وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮫ
ﺿرر ﻟﻠﻐﯾر ،ﻓﺈن ذﻟك ﺳﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ .وﻣن ھﻧﺎ ﻓﺈن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ھﻲ
ﻧﻔس ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ.
-2إن اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﻻ ﯾﻣﻛن رﺑطﮭﺎ ﺑﺄي ﻋﻧﺻر ﺷﻛﻠﻲ )ﻣﻛﺗوب وﻏﯾر
ﻣﻛﺗوب( ،ﻓﮭذه اﻟﻣﺑﺎدئ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻘوة ﻣﻠزﻣﺔ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم وﺟود ﻧص ،ﻟﮭذا ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺳﺗﻘل ﻋن أي ﻋﻧﺻر
ﺷﻛﻠﻲ.
ﻋﻠﻰ أن اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ،ھل ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗواﻋد ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ؟
ذھب اﻟﺑﻌض إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون دور ﻛﺎﺷف ،وﻟﯾس ﻣﻧﺷﺊ ،أي أﻧﮫ ﻟم
ﯾﻘم ﺑﺧﻠﻘﮭﺎ أو اﺑﺗﻛﺎرھﺎٕ ،وإﻧﻣﺎ ﻗﺎم ﻓﻘط ﺑﺎﻟﻛﺷف ﻋﻧﮭﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﻣوﺟودة ﻗﺑل أن ﯾﺷﯾر إﻟﯾﮭﺎ.
إﻻ أن اﻟﻣﺗﺄﻣل ﻟدور اﻟﻘﺎﺿﻲ ھﻧﺎ ﯾﻼﺣظ ﺑﺄن ﻋﻣل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ھو دور ﻣﻧﺷﺊ ،ذﻟك أﻧﮫ ھو اﻟذي
أدﺧﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﻘﺎﻧون .ﻓﺎﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺟود ﻓﻲ ﺿﻣﯾر اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﻟم ﯾﻛن ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺄي ﻗوة ﻣﻠزﻣﺔ إﻻ
ﺑﻌد أن أدﺧﻠﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ .وھذا ھو اﻟدور اﻟﺧﻼق اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون
ﻗﺑل ﺳﻧﺔ 1958ﻛﺎن ﻣﻌظم اﻟﻔﻘﮭﺎء اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﯾﻘوﻟون ﺑﺄن اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﺎﻧون ﻟﮫ ﻧﻔس ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻊ .أﻣﺎ
ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻗﺑل ﺳﻧﺔ ،1958ﻓﻠم ﯾﻛن واﺿﺣﺎ .وﻟﻛن اﺑﺗداء ﻣن ﺳﻧﺔ ) 1958ﺻدور اﻟدﺳﺗور
اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺣﺎﻟﻲ( اﻋﺗﺑر ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ أن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﻟﮭﺎ ﻗوة ﻣﻠزﻣﺔ.
إﻻ أن اﻹﺷﻛﺎل ظل ﻣطروﺣﺎ إﻟﻰ أن ﻋرض اﻷﻣر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﻠس اﻟدﺳﺗوري اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﻣﯾز ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن
ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون .اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟدﺳﺗور وھذه ﺗﺄﺧذ ﻣرﺗﺑﺔ اﻟدﺳﺗور ،أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺧرى
ﻓﺗﺄﺧذ ﻣرﺗﺑﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻌﺎدي.
اﻟﻣرﺟﻊ
د .ﺑﻠﻣﺎﺣﻲ زﯾن اﻟﻌﺎﺑدﯾن ،اﻟﻣدﺧل ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹداري وﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻧظﯾم اﻹداري ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑﻲ ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ﺗﻠﻣﺳﺎن،
اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2016-2015 :ص 45إﻟﻰ ص.62
Nom du document : ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻻدري
Répertoire : C:\Users\NaSrO DZ\Documents
Modèle : C:\Users\NaSrO
DZ\AppData\Roaming\Microsoft\Templates\Normal.dotm
Titre :
Sujet :
Auteur : Windows User
Mots clés :
Commentaires :
Date de création : م12:54:00 2020/06/24
N° de révision : 6
Dernier enregistr. le : م03:44:00 2020/06/24
Dernier enregistrement par : Windows User
Temps total d'édition : 62 Minutes
Dernière impression sur : م07:56:00 2020/06/26
Tel qu'à la dernière impression
Nombre de pages : 8
Nombre de mots : 2,718 (approx.)
Nombre de caractères : 15,494 (approx.)