You are on page 1of 13

‫جامعة جياللي اليابس‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫السنة الدراسية ‪0202 - 0202‬‬

‫الفوجين رقم ‪ 20‬و‪ 21‬السنة أولى حقوق فرع أ‬

‫األستاذ المطبق ‪ :‬درويش فتحي‬

‫‪ -‬ملخصات عن نظرية الحق –‬


‫‪ -‬تعريف الحق‪:‬‬

‫اختلف الفقهاء اختالفا ً كبيرا ً حول تعريف الحق‪ ،‬مما أدى إلى ظهور نظريات عدة في تعريف الحق‪ .‬وقبل‬
‫عرض أهم هذه النظريات ال بد من اإلشارة إلى أن فكرة وجود الحق تعرضت لهجوم فقهي شديد‪ .‬ويعد‬
‫الفقيه الفرنسي ليون ديجي ‪ Léon Duguit‬من أشهر الفقهاء المعارضين لوجود الحق‪ .‬كما أنه يعد من ألد‬
‫خصوم المذهب الفردي الذي يؤسس وجود القانون على الحق‪ ،‬ويعترف للفرد بزمرة من الحقوق الطبيعية‬
‫التي يجب على القانون المحافظة عليها‪ .‬وينكر ديجي وجود الحقوق الطبيعية‪ ،‬ويصف الحق بأنه فكرة‬
‫فارغة ليس لها مضمون أو معنى‪ ،‬وذلك ألن هذه الفكرة تعني أن يكون لشخص معين وهو صاحب الحق‬
‫سلطة وقدرة في أن يأمر غيره‪ ،‬ويترتب على ذلك أن إرادة صاحب الحق تسمو على إرادة اآلخرين التي‬
‫تعد ناقصة‪ ،‬وبالتالي فإن فكرة الحق ال تقوم إال إذا كان هناك تدرج في إرادات األشخاص‪ .‬ولكن هذا‬
‫التدرج غير موجود‪ ،‬ويترتب على ذلك في نظر الفقيه ديجي فقدان فكرة الحق‪ .‬واستبدل ديجي بفكرة الحق‬
‫فكرة المركز القانوني التي تشكل العمود الفقري لنظريته‪ ،‬وتقوم هذه النظرية على أن القاعدة القانونية التي‬
‫تحكم سلوك األشخاص قد تضع أحدهم في مركز إيجابي‪ ،‬وغيره في مركز سلبي يلزم بالقيام بعمل أو‬
‫االمتناع عن القيام بعمل مما يؤدي إلى استفادة من هو في مركز إيجابي من ذلك‪.‬‬

‫ومن الفقهاء المعارضين لفكرة الحق الفقيه كلسن ‪ Kelsen‬الذي يعد القانون نظاما ً قائما ً في مكان وزمان‬
‫معينين‪ ،‬يتكون من مجموعة من القواعد التي تتدرج فيما بينها على شكل هرمي يحتل الدستور قمته‪،‬‬
‫وتستمد فيه القاعدة األدنى قوتها من القاعدة األعلى‪ .‬وال يعترف هذا الفقيه بالحقوق الفردية؛ ألن الحق في‬
‫نظره هو القاعدة القانونية ذاتها عندما ينظر إليها من وجهة فردية‪ ،‬وبمعنى آخر الحق هو تطبيق للقاعدة‬
‫القانونية على شخص معين‪ ،‬إذ إن كل قاعدة قانونية تقرر التزاما ً معينا ً إال أنها ال تقرر حقا ً فردياً‪ ،‬وإنما‬
‫تقرر واجباً‪ .‬وعندما يتمسك شخص ما بقاعدة قانونية فإنه يرمي من وراء ذلك إلى أن ينفذ الشخص اآلخر‬
‫واجبه الذي تفرضه هذه القاعدة‪ .‬ويترتب على ذلك أن كل قاعدة قانونية تحدد‪ ،‬في رأي الفقيه كلسن‪،‬‬
‫شروطا ً معينة تربط بينها وبين أثر قانوني معين‪ .‬وعندما يكون لشخص ما مصلحة فإنه يعبر عن إرادته‬
‫في التمسك بهذه القاعدة القانونية‪ ،‬ومن ثم يكون النظام القانوني الذي يكرس هذه القاعدة تحت تصرفه ضد‬
‫الملتزم‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذا الهجوم الكبير على فكرة الحق من أجل إنكارها‪ ،‬إال أن الفقه في غالبيته استقر على‬
‫التمسك بهذه الفكرة‪ ،‬ولكن الفقهاء اختلفوا حول تعريف الحق وبين المقصود به‪ ،‬وظهرت نتيجة ذلك‬
‫نظريات عدة في تعريف الحق‪ ،‬وأهم هذه النظريات‪:‬‬

‫أ‪ -‬النظريات التقليدية‪ :‬توجد ثالث نظريات تقليدية حاولت تعريف الحق‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫(‪ -)2‬النظرية الشخصية‪ :‬ينظر أنصار هذه النظرية إلى الحق من خالل شخص صاحبه‪ ،‬ويعرفون الحق‬
‫بأنه قدرة إرادية تثبت للشخص‪ .‬وجوهر الحق في هذه النظرية هو إرادة الشخص فال يتصور الحق بال‬
‫إرادة‪ ،‬والقانون ال يمكنه أن يفرض أي حق على إنسان إال إذا أراده‪ ،‬وترتبط هذه النظرية بالمذهب الفردي‬
‫وما ينادي به من مبدأ سلطان اإلرادة‪ .‬ومن أهم أنصارها الفقيهان األلمانيان‬
‫ڤيندشايد ‪ Windscheid‬وساڤيني ‪.Savigny‬‬

‫وقد تعرضت هذه النظرية لعدة انتقادات‪ ،‬وأهمها‪:‬‬

‫‪ -‬تربط هذه النظرية الحق باإلرادة في الوقت الذي توجد فيه بعض الحقوق من دون وجود إرادة لدى‬
‫صاحبه‪ ،‬مثل المجنون والصغير غير المميز فكل منهما يتمتع بحقوق يعترف لهما بها القانون رغم أنهما‬
‫عديمي اإلرادة‪ .‬كما قد يثبت الحق لصاحبه من دون تدخل إرادته أو من دون علمه‪ ،‬مثل الوارث أو الغائب‬
‫اللذين قد يكسبا حقوقا ً من دون إرادة أو علم منهما بذلك‪.‬‬

‫‪ -‬ال يمكن االعتراف للشخصيات االعتبارية كالشركات والجمعيات بإمكانية اكتساب الحقوق‪ ،‬ألنها ال‬
‫تتمتع باإلرادة‪.‬‬

‫ويبدو أن أنصار هذه النظرية قد خلطوا بين وجود الحق‪ ،‬الذي ال يتوقف على إرادة صاحبه‪ ،‬وبين مباشرة‬
‫الحق الذي يتوقف على اإلرادة‪.‬‬

‫(‪ -)0‬النظرية الموضوعية‪ :‬ينظر أنصار هذه النظرية إلى الحق من خالل موضوعه والغاية منه‪ ،‬ولذلك‬
‫يعرفون الحق بأنه مصلحة يحميها القانون‪ .‬والحق وفقا ً لهذا التعريف يتكون من عنصرين متالزمين‪،‬‬
‫وهما‪ :‬عنصر موضوعي وهو المنفعة أو المصلحة التي يحققها الحق لصاحبه وهذه المصلحة قد تكون‬
‫مادية أو معنوية‪ ،‬وعنصر شكلي يتمثل في الحماية القانونية للحق أي الدعوى القضائية‪ .‬ومن أهم أنصارها‬
‫الفقيه األلماني ايهرنج ‪ .Ihering‬وانتقدت هذه النظرية من الجوانب اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬تعرف هذه النظرية الحق بالنظر إلى هدفه والغاية منه وهي المصلحة‪ ،‬وال يجوز تعريف الشيء بغايته‬
‫بل بجوهره‪.‬‬

‫‪ -‬ليس كل مصلحة تعد حقا ً فهناك مصالح ال ترقى لمرتبة الحق مثل المبلغ المترتب لشخص ما من دين‬
‫قمار أو بيع مخدرات أو بيع أعضاء بشرية‪.‬‬
‫‪ -‬تجعل هذه النظرية من الحماية القانونية المتمثلة بالدعوى عنصرا ً من عناصر الحق‪ ،‬مع أنها تأتي بعد‬
‫وجود الحق؛ ألن القانون يحمي الحق بعد وجوده‪ .‬ويترتب على ذلك أن الحماية ال يمكن أن تعد من‬
‫عناصر الحق‪.‬‬

‫(‪ -)1‬النظرية المختلطة‪ :‬تقوم هذه النظرية على الجمع بين النظريتين السابقتين‪ ،‬وذلك بالنظر إلى الحق‬
‫من خالل صاحبه ومن خالل موضوعه أو الغرض منه على حد سواء‪ .‬ولكن أنصار هذه النظرية اختلفوا‬
‫فيما بينهم بشأن ترجيح المصلحة أو اإلرادة في تعريف الحق‪.‬‬

‫وتنتقد هذه النظرية بأنها لم تضف مفهوما ً جديدا ً لجوهر الحق‪ ،‬وبالتالي توجه لها االنتقادات السابقة نفسها‬
‫التي وجهت إلى النظريتين السابقتين‪.‬‬

‫ونتيجة هذه االنتقادات ظهرت نظرية حديثة حاولت أن تكشف عن جوهر الحق وخصائصه الذاتية‬
‫المميزة‪.‬‬

‫ب‪ -‬النظرية الحديثة‪:‬‬

‫يعرف الفقيه البلجيكي دابان الحق عن طريق تحليل فكرة الحق ذاتها‬‫(‪ -)2‬نظرية الفقيه دابان‪ّ :Dabin‬‬
‫والوقوف على العناصر التي تتكون منها‪ .‬والحق في نظره هو ميزة يمنحها القانون لشخص ويحميها‪،‬‬
‫تمكنه من أن يتصرف متسلطا ً على مال بصفته مالكا ً له‪ .‬ويتكون الحق‪ ،‬وفق هذه النظرية‪ ،‬من أربعة‬
‫عناصر وهي‪:‬‬

‫‪ -‬االستئثار أو االختصاص‪ :‬ويقصد به اختصاص شخص معين بقيمة معينة‪ ،‬بحيث تكون هذه القيمة‬
‫مقصورة على صاحب الحق‪ ،‬سواء أكانت القيمة مادية أم معنوية‪ ،‬فالمالك يستأثر بملكه دون غيره‪،‬‬
‫والمؤلف يستأثر بإنتاجه األدبي‪ .‬وليس لهذا االستئثار عالقة باإلرادة‪ ،‬فهو يثبت لصاحبه ولو لم تتوافر لديه‬
‫اإلرادة‪ ،‬كالمجنون والصغير غير المميز كما يمكن أن يثبت للشخص دون علمه‪ ،‬كالغائب‪.‬‬

‫‪ -‬التسلط‪ :‬وهو نتيجة حتمية لعنصر االستئثار‪ ،‬فاستئثار شخص بشيء معين يؤدي حتما ً إلى التسلط عليه‪،‬‬
‫ويقصد بالتسلط القدرة على التصرف بالشيء بكل حرية‪.‬‬

‫‪ -‬احترام الغير للحق‪ :‬الحق وفق هذه النظرية استئثار وتسلط يتمتع بهما صاحب الحق تجاه الغير‪ ،‬الذي قد‬
‫يكون شخصا ً معينا ً كما في الحق الشخصي‪ ،‬أو يكون أشخاصا ً غير محددين كما في حق الملكية‪ .‬ويلتزم‬
‫نتيجة ذلك جميع الناس بعدم االعتداء على الحق الذي يتمتع به الشخص‪ ،‬وفي حال إخالل أحدهم بهذا‬
‫االلتزام‪ ،‬يحق لصاحب الحق المطالبة بدفع ذلك االعتداء عن طريق القضاء‪.‬‬

‫‪ -‬الحماية القانونية‪ :‬وهي عنصر أساسي‪ ،‬في نظر مؤسس هذه النظرية‪ ،‬وال يمكن أن يوجد الحق من‬
‫دونه‪ .‬فالحق ال يكون كامالً إال إذا تكفل القانون بحمايته‪ ،‬والدعوى القضائية هي وسيلة حماية الحق‪.‬‬
‫وقد انتقدت هذه النظرية أيضا ً من حيث إنها تنطبق على الحقوق في نطاق القانون الخاص‪ ،‬ولكنها ال تتفق‬
‫مع الحقوق في نطاق القانون العام‪ ،‬فالحقوق في نطاق القانون العام ‪ -‬كحق االنتخاب والحريات العامة ‪ -‬ال‬
‫تقبل فكرة االختصاص والتسلط ألنه ال يمكن التصرف بها‪.‬‬

‫(‪ -)0‬نظرية الفقيه روبييه ‪ :Roubier‬تقوم هذه النظرية على التفريق بين القاعدة القانونية والمركز‬
‫القانوني‪ .‬فالقاعدة القانونية تمتاز بأنها عامة ومجردة وملزمة‪ ،‬وتتضمن أحكاما ً معينة من أجل الموازنة‬
‫بين المصالح المتقابلة في سبيل تحديد المراكز القانونية ألصحابها‪ .‬ويمتاز المركز القانوني بخصائص‬
‫ثالث وهي‪:‬‬

‫‪ -‬المشروعية‪ :‬وتعني تطابق المركز القانوني مع القواعد القانونية‪ .‬وتقدر هذه المشروعية إما اتفاقا ً وإما‬
‫قانونا ً وإما قضا ًء‪.‬‬

‫‪ -‬احترام الغير‪ :‬ويعني أن يكون المركز القانوني حجة على الغير الذي يمكن أن يكون شخصا ً معينا ً أو‬
‫الناس كافة‪.‬‬

‫‪ -‬المؤيد أو الجزاء‪ :‬ويقصد به تمتع المركز القانوني بحماية قانونية‪.‬‬

‫ويترتب على ذلك أن المركز القانوني ‪ -‬في نظر الفقه روبييه ‪ -‬هو مجموعة من القدرات والواجبات‬
‫المتقابلة التي يقررها القانون من أجل مواجهة المصالح المتقابلة لألشخاص‪ .‬وتختلف نوعية هذه القدرات‬
‫والواجبات باختالف المراكز القانونية‪ .‬وسبب اختالف هذه القدرات والواجبات هو اختالف المصالح التي‬
‫تقررها‪ ،‬فهي إما أن تكون مصالح ذاتية فردية‪ ،‬وإما مصالح غير ذاتية جماعية‪ .‬وعلى أساس هذا التنوع‬
‫في المصالح يقسم الفقيه روبييه المراكز القانونية إلى‪ :‬مراكز قانونية شخصية‪ ،‬وتنشأ إما بموجب عمل‬
‫إرادي وإما بموجب القانون‪ ،‬وتحقق هذه المراكز مصلحة ذاتية للشخص الذي تقررت له القدرات التي‬
‫يتضمنها المركز القانوني‪ .‬وفي نطاق هذا النوع يبرز الحق الذاتي‪ .‬ونتيجة ذلك يمكن التنازل عن المراكز‬
‫القانونية الشخصية‪ .‬ومراكز قانونية موضوعية تهدف مباشرة إلى تحقيق مصلحة جماعية‪ ،‬وإن كان من‬
‫الممكن أن تحقق بصورة غير مباشرة مصلحة شخصية‪ .‬وبالتالي فإن هذه المراكز تقرر واجبات على‬
‫عاتق األفراد‪ .‬وتنقسم هذه المراكز إلى نوعين وهما‪ :‬مراكز رد الفعل ومراكز تنظيمية‪.‬‬

‫واستطاعت هذه النظرية أن تتالفى االنتقادات التي وجهت إلى نظرية الفقيه دابان‪ .‬ويعود لها الفضل في‬
‫إظهار التنوع الكبير في المراكز القانونية‪ ،‬وتحديد مضمون المراكز القانونية الموضوعية‪.‬‬

‫خالصة الكالم يمكن تعريف الحق بأنه قدرة أو مكنة يمنحها القانون للشخص من أجل تمكينه من تحقيق‬
‫مصلحة مشروعة يعترف له بها ويحميها من أي اعتداء غير مشروع‪.‬‬

‫‪ -0‬أركان الحق‪:‬‬

‫اختلف الفقهاء حول تحديد أركان الحق‪ ،‬فمنهم من يرى أن الحق له ركنان أساسيان وهما األشخاص‬
‫والمحل؛ في حين يذهب بعضهم اآلخر إلى القول إن للحق ثالثة أركان وهي األشخاص والمحل والحماية‬
‫القانونية‪ .‬ويرى قسم ثالث من الفقهاء أن أركان الحق خمسة وهي األشخاص والمحل والحماية القانونية‬
‫والمضمون والسبب‪ .‬ولكن األرجح أن أركان الحق ثالثة وفق ما ذهب إليه الرأي الثاني في الفقه‪ ،‬وذلك‬
‫ألن المضمون والسبب ال يعدان من أركان الحق بالمعنى الدقيق للكلمة‪ .‬فمن قال إن السبب هو ركن من‬
‫أركان الحق قصد به السبب المنشئ‪ ،‬أي مصدر الحق‪ ،‬والمصدر ال يعد ركنا ً من األركان‪ .‬وسبب الحق‬
‫بهذا المعنى هو وقائع أو تصرفات قانونية تؤدي إلى نشوء الحق‪ .‬ويترتب على ذلك تعدد مصادر الحق‪،‬‬
‫كالعمل غير المشروع والوالدة والوفاة والعقد واإلرادة المنفردة‪ .‬ويستخلص من ذلك أن سبب حق‬
‫المضرور في التعويض هو العمل غير المشروع الذي ارتكبه الملتزم بالتعويض‪ ،‬وسبب حق المؤجر في‬
‫األجرة هو عقد اإليجار الذي ت َّم باتفاق بين إرادته وإرادة المستأجر‪ ،‬وسبب حق الموصى له في محل‬
‫الوصية هو إرادة الموصي وحدها التي أنشأت الوصية‪.‬‬

‫أما مضمون الحق فيختلط بمحله‪ ،‬إذ إن بعض الفقهاء ميز بين محل الحق ومضمونه بالنسبة إلى الحق‬
‫الشخصي وذلك عندما يكون االلتزام المترتب على المدين‪ ،‬وهو الطرف السلبي للحق‪ ،‬هو التزام بإعطاء‬
‫شيء‪ ،‬ومثال ذلك التزام البائع بتسليم المبيع عندما يكون منقوالً معينا ً بالذات‪ ،‬أو التزام المدين بدفع المبلغ‬
‫من النقود المترتب في ذمته‪ ،‬ففي هذا النوع من االلتزامات يكون الشيء هو محل الحق الشخصي‪ ،‬ويكون‬
‫لصاحب هذا الحق سلطة غير مباشرة عليه ألنه ال يستطيع الوصول إليه إال عن طريق المدين‪ .‬أما‬
‫مضمون الحق فهو اإلعطاء الذي يجب على المدين القيام به‪.‬‬

‫ويستخلص مما تقدم أن أركان الحق ثالثة وهي‪:‬‬

‫أ‪ -‬األشخاص‪ :‬ال يمكن أن ينسب الحق إال إلى األشخاص‪ .‬وبالتالي األشخاص هم أصحاب الحق‪.‬‬
‫وأشخاص الحق‪ Sujets du droit‬إما أن يكونوا طبيعيين أو اعتباريين‪ .‬وهم على نوعين‪ :‬أشخاص إيجابيون‬
‫وأشخاص سلبيون‪ .‬واألشخاص اإليجابيون هم أصحاب الحق‪ ،‬أما األشخاص السلبيون فهم الذين تقع على‬
‫عاتقهم االلتزامات المقابلة للحقوق وبالتالي يلتزمون باحترامها‪ ،‬إذ إن كل حق يقابله التزام‪ .‬ويترتب على‬
‫ذلك أن كل حق ال بد فيه من شخص إيجابي وهو صاحب الحق‪ ،‬إذ إنه يستأثر وحده بما يخوله له حقه من‬
‫مكنات وقدرات‪ .‬ونتيجة ذلك قام الترادف في المعنى القانوني بين مصطلح «صاحب الحق» ومصطلح‬
‫«الشخص»‪ .‬أما الشخص السالب وهو الملتزم باحترامه‪ ،‬فوجوده ضروري في الحق الشخصي‪ ،‬إذ إنه‬
‫بالتعريف رابطة أو عالقة قانونية بين شخصين‪ .‬في حين أن وجوده ليس ضروريا ً في الحق العيني الذي‬
‫هو سلطة مباشرة لشخص على الشيء محل الحق‪ ،‬وبالتالي فإن الحق العيني ليس له سوى شخص واحد‬
‫وهو صاحب الحق‪ .‬ولكن بالمقابل‪ ،‬يلتزم جميع الناس باحترام الحق العيني وعدم عرقلة استعمال صاحبه‬
‫له‪.‬‬

‫ب‪ -‬المحل‪ :‬ال يكفي أن يكون للحق صاحب حتى يقوم‪ ،‬وإنما ال بد أن يكون له محل أيضاً‪ .‬و محل الحق‬
‫هو الشيء أو العمل الذي يقع عليه‪ .‬وعندما يكون محل الحق شيئا ً فهو إما أن يكون ماديا ً وإما معنوياً‪،‬‬
‫سواء تعلق به الحق مباشرة كما في الحق العيني‪ ،‬أم بصورة غير مباشرة كما في الحق الشخصي‪ .‬فحق‬
‫الملكية هو حق عيني‪ ،‬وبالتالي فمحله هو الشيء المادي الذي تقع عليه الملكية كالسيارة والدراجة وجهاز‬
‫الهاتف النقال‪ .‬وحق الملكية الفكرية هو حق عيني محله شيء معنوي‪ ،‬ومثال ذلك حق المؤلف ومحله‬
‫األفكار التي عبر عنها في مؤلفه‪ .‬وإذا كان الملتزم في الحق الشخصي ملتزما ً بإعطاء شيء‪ ،‬فإن هذا‬
‫الشيء يعد محالً غير مباشر للحق الشخصي يمكن لصاحب الحق الوصول إليه عن طريق إجبار الملتزم‬
‫بإعطائه‪ .‬وبالتالي فإن اإلعطاء يعد في مثل هذه الحال مضمون الحق الشخصي‪.‬‬

‫أما إذا كان محل الحق عمالً‪ ،‬فهو إما أن يكون إيجابيا ً كالقيام بعمل‪ ،‬وإما سلبيا ً كاالمتناع عن عمل‪.‬‬
‫ويشترط في محل الحق عندما يكون عمالً أن يكون ممكناً‪ ،‬أما إذا كان مستحيالً فال يقوم االلتزام‪ ،‬وبالتالي‬
‫ال يقوم الحق‪ .‬ويشترط في االستحالة أن تكون مطلقة أي أن يكون العمل مستحيالً في ذاته ال يستطيع أي‬
‫شخص أن يقوم به‪ ،‬أما إذا كانت االستحالة نسبية بحيث يستحيل على بعض األشخاص القيام به دون‬
‫بعضهم اآلخر‪ ،‬فال يؤثر على قيام االلتزام وكذلك الحق‪ .‬كما يشترط في العمل أن يكون معينا ً أو قابالً‬
‫للتعيين‪ ،‬كما يشترط أن يكون مشروعا ً وغير مخالف للنظام العام أو اآلداب‪.‬‬

‫ج‪ -‬الحماية القانونية‪ :‬ال يمكن صاحب الحق أن يتمتع بالسلطات والقدرات التي يمنحها له حقه إال إذا كان‬
‫القانون يضمن له ذلك‪ ،‬وبمعنى آخر إال إذا كان القانون يحمي حقه من أي اعتداء قد يقع عليه‪ .‬وتعد هذه‬
‫الحماية ركنا ً أساسيا ً من أركان الحق‪ .‬وحتى يستحق صاحب الحق هذه الحماية يجب أن يستعمل حقه‬
‫استعماالً مشروعاً‪ ،‬أما إذا تعسف في استعمال حقه فال يستفيد من الحماية التي يضفيها القانون على الحق‪.‬‬
‫وتتمثل هذه الحماية بالمؤيد أو الجزاء الذي يفرضه القانون في حال وقوع اعتداء على الحق‪ .‬والمؤيد بهذا‬
‫المعنى هو من أهم خصائص القاعدة القانونية‪ .‬والقانون هو الذي يقرر الحق‪ ،‬وبالتالي فإن احترام القاعدة‬
‫القانونية يؤدي في الوقت ذاته إلى احترام الحق الذي تقرره‪ .‬ويترتب على ذلك أن المؤيد الذي يضمن‬
‫احترام الحق هو ذاته الذي يضمن احترام القاعدة القانونية‪ .‬وقد نص القانون على وسائل عديدة لضمان‬
‫حماية الحق‪ ،‬ومن أهمها الدعوى القضائية بنوعيها الجزائية والمدنية‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬أنواع الحقوق‪:‬‬

‫تنقسم الحقوق إلى تقسيمات عدة بتعدد وجهات النظر إليها‪ ،‬وأهم هذه التقسيمات هي اآلتية‪:‬‬

‫‪ -2‬الحقوق السياسية والحقوق مدنية‪:‬‬

‫أ‪ -‬الحقوق السياسية‪ :‬هي تلك الحقوق التي تثبت للفرد باعتباره عضوا ً في جماعة سياسية معينة لتمكينه من‬
‫المشاركة في حكم هذه الجماعة أو المساهمة في إدارة شؤونها‪ ،‬كحق االنتخاب‪ ،‬وهذه الحقوق ينظمها‬
‫القانون العام وعلى األخص القانون الدستوري ولهذا تسمى هذه الحقوق أيضا ً بالحقوق الدستورية‪ ،‬وهذه‬
‫الحقوق هي واجب وحق بآن واحد‪.‬‬

‫وتتميز الحقوق السياسية بالخصائص اآلتية‪:‬‬

‫(‪ -)2‬تقتصر الحقوق السياسية على الوطنيين فقط ألنها تثبت للفرد باعتباره عضوا ً في جماعة سياسية‬
‫معينة لتمكينه من المشاركة في حكم هذه الجماعة‪ ،‬وعلى ذلك ال يعقل أن يشارك األجانب عن الوطن في‬
‫حكمه أو إدارة شؤونه‪ .‬ومع ذلك تجيز بعض الدول األوربية لألجنبي المقيم مدة معينة أن يترشح لعضوية‬
‫المجالس البلدية‪ ،‬أو ينتخب أعضاءها‪.‬‬
‫(‪ -)0‬ال تثبت الحقوق السياسية للوطنيين بصورة مطلقة‪ ،‬فهي ال تثبت لجميع الوطنيين بل للذين تتوافر‬
‫فيهم شروط معينة محددة مسبقا ً في القانون‪ ،‬فحق الترشيح مقيد بتوافر سن معينة‪ ،‬وتولي الوظائف العامة‬
‫ُمقيد بشروط التوظيف التي ينص عليها القانون‪.‬‬

‫(‪ -)1‬ال تقوم الحقوق السياسية بمال‪ ،‬أي إنها حقوق غير مالية‪ ،‬وبالتالي ال يجوز التصرف بها أو التنازل‬
‫عنها أو سقوطها بالتقادم‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحقوق المدنية‪ :‬هي تلك الحقوق الالزمة للفرد حماية لكيانه وحريته ولتمكينه من مزاولة نشاطه في‬
‫الجماعة‪ ،‬وتسمى بالحقوق غير السياسية‪ ،‬وهي تقسم إلى حقوق عامة وحقوق خاصة‪.‬‬

‫‪ -0‬الحقوق العامة والحقوق الخاصة‪:‬‬

‫أ‪ -‬الحقوق العامة‪ :‬هي الحقوق التي يحكمها القانون العام‪ ،‬والتي تثبت للفرد بصفته إنساناً‪ ،‬وقد سميت‬
‫بالحقوق العامة ألنها تثبت لجميع األفراد فال يختص بها فرد من دون غيره‪ ،‬فهي تستمد أصلها من‬
‫شخصية اإلنسان وترتبط به ارتباطا ً وثيقاً‪ ،‬ولذلك تسمى بالحقوق الشخصية‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬والحقوق‬
‫الطبيعية‪ ،‬والحقوق اللصيقة بالشخصية‪ ،‬أو المالزمة للشخصية‪ ،‬ومن أمثلتها‪ :‬الحق في الحياة‪ ،‬والحق في‬
‫الحرية‪ ،‬والحق في حماية الكيان المعنوي أو األدبي‪ .‬وتتمتع الحقوق العامة بالخصائص اآلتية‪:‬‬

‫(‪ -)2‬تشترك الحقوق العامة مع الحقوق السياسية بأنها حقوق غير مالية‪ ،‬فكل منهما ال يقوم بالمال وبالتالي‬
‫ال يجوز التصرف فيها أو التنازل عنها أو اكتسابها أو سقوطها بالتقادم‪ ،‬ولكن الحقوق العامة تتميز بأنها قد‬
‫ترتب آثارا ً مالية‪ ،‬فإذا وقع اعتداء على حق من حقوق الشخصية وترتب عليه ضرر فإن صاحب الحق‬
‫يستطيع المطالبة بتعويض نقدي عن الضرر الذي أصابه من جراء هذا االعتداء‪.‬‬

‫(‪ -)0‬الحقوق العامة (حقوق الشخصية) حقوق مطلقة وليست نسبية‪ ،‬فهي تسري في مواجهة الناس كافة‬
‫وليس في مواجهة شخص معين‪ ،‬وبالتالي يقابل هذه الحقوق واجب عام سلبي يقع على الناس كافة يقتضي‬
‫منهم عدم االعتداء على هذه الحقوق‪.‬‬

‫(‪ -)1‬الحقوق العامة ال تقوم بالمال وبالتالي ال يمكن التصرف بها ماليا ً بمقابل أو من دون مقابل‪ ،‬وال‬
‫يجوز الحجز عليها وال تنتقل إلى الورثة عند وفاة صاحبها‪ ،‬كما أنها ال تخضع لقواعد التقادم المكسب‬
‫والمسقط‪ .‬وكل تصرف يرد عليها يعد باطالً‪ ،‬ما لم يقرر القانون خالف ذلك‪ ،‬ومثال ذلك يجيز القانون‬
‫التبرع باألعضاء شريطة أن يكون من دون مقابل‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحقوق الخاصة‪ :‬يقصد بها تلك الحقوق التي يحكمها القانون الخاص والمتعلقة بروابط األفراد العائلية‬
‫والمالية وهي تقسم إلى حقوق األسرة والحقوق المالية‪.‬‬

‫‪ -1‬حقوق األسرة والحقوق المالية‪:‬‬


‫أ‪ -‬حقوق األسرة‪ :‬هي تلك الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره عضوا ً في أسرة معينة‪ .‬وتنشأ هذه الحقوق‬
‫من الروابط العائلية التي تقوم على الزواج أو النسب وما يترتب عليهما من قرابة‪ ،‬ولذلك فإن هذه الحقوق‬
‫إما أن تكون لكل من الزوجين قبل اآلخر‪ ،‬وإما تكون لبعض األقارب قبل اآلخر‪ .‬وتتمتع هذه الحقوق‬
‫بالخصائص اآلتية‪:‬‬

‫(‪ -)2‬حقوق األسرة ال تقوم بالمال فهي حقوق غير مالية ومن ثم ال يجوز التصرف فيها أو التنازل عنها‬
‫وال تنتقل إلى الورثة بوفاة أصحابها غير أن هناك بعض الحقوق المالية يمكن أن تنشأ من عالقات القرابة‬
‫كالحق في النفقة والحق في المهر والحق في اإلرث‪.‬‬

‫(‪ -)0‬تخول هذه الحقوق أصحابها سلطات وتفرض عليهم في الوقت نفسه واجبات‪ ،‬فحق األب في تربية‬
‫أوالده وتأديبهم يفرض عليه في الوقت ذاته أن يقوم بواجب التربية والتأديب والتعليم وسائر أمور العناية‬
‫بشخص الولد‪ ،‬وإذا كان من حق الزوج طلب الطاعة من زوجته‪ ،‬فإن من واجبه إعداد المسكن الزوجي‬
‫واإلنفاق عليها‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحقوق المالية‪ :‬هي تلك الحقوق التي يكون محلها قابالً للتقويم بالمال فهي تستهدف تمكين أصحابها‬
‫من تحقيق مصالح لها قيمة مالية أي يمكن تقويمها بالنقود‪ ،‬ولذلك تدخل في الذمة المالية للشخص ويجوز‬
‫التصرف فيها والحجز عليها وتخضع للتقادم وتنتقل إلى الورثة بعد وفاة أصحابها‪.‬‬

‫وتنقسم الحقوق المالية إلى ثالثة أنواع‪ ،‬وهي‪ :‬الحقوق العينية والحقوق الشخصية والحقوق المعنوية‪.‬‬

‫‪ -4‬الحقوق العينية والحقوق الشخصية والحقوق المعنوية‪:‬‬

‫تنشئ العالقات المالية التي تنظمها قواعد القانون المدني لألفراد‪ -‬بصفة أساسية ‪ -‬نوعين من الحقوق‪:‬‬
‫حقوق عينية وحقوق شخصية‪ .‬والقانون المدني يقوم ‪ -‬في أساسه ‪ -‬على هذا التقسيم الذي يعدّ المحور‬
‫األساسي الذي تقوم عليه أحكام القانون المدني في كثير من الدول ومن ضمنها الجمهورية العربية‬
‫السورية‪ .‬كما تنشئ العالقات المالية بين األشخاص نوعا ً آخر من الحقوق هو الحقوق المعنوية أو الحقوق‬
‫الذهنية‪ ،‬وال ينظم القانون المدني هذا النوع من الحقوق‪ ،‬وإنما ينظمها في معظم الدول قوانين خاصة بها‪.‬‬

‫التمييز بين الحقوق العينية والحقوق الشخصية أو االلتزامات بارز وظاهر للعيان في القانون المدني‬
‫السوري الذي يقوم في تقسيمه على هذا التمييز‪ ،‬إذ إنه يتضمن بابا ً تمهيديا ً (المواد‪ )12-2‬وقسمين‪ ،‬القسم‬
‫األول مخصص للحقوق الشخصية أو االلتزامات (المواد ‪ ،)707-10‬والقسم الثاني مكرس للحقوق‬
‫العينية (المواد ‪.)2212-707‬‬

‫أ‪ -‬الحق العيني‪ :‬الحق العيني ‪ Le droit réel‬هو سلطة مباشرة يمنحها القانون لشخص على شيء معين‬
‫بالذات يمارسها في حدود معينة يضعها القانون‪ .‬فحق الملكية مثالً يمنح صاحبه سلطة مباشرة على الشيء‬
‫الذي يملكه تخوله استعمال الشيء و استغالله أو التصرف فيه من دون حاجة إلى وساطة الغير‪.‬‬

‫وتقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية‪.‬‬
‫(‪ -)2‬الحقوق العينية األصلية‪ :‬وهي الحقوق العينية التي تكون قائمة بحد ذاتها من دون أن تكون بحاجة‬
‫إلى حق آخر تستند إليه ومن أهمها‪ :‬حق الملكية وحق االنتفاع وحق االرتفاق‪.‬‬

‫(‪ -)0‬الحقوق العينية التبعية‪ :‬وهي الحقوق التي ال تكون قائمة بحد ذاتها وإنما تأتي ضمانا ً لحق شخصي‪،‬‬
‫ومن أهم هذه الحقوق‪ :‬حق الرهن الرسمي وحق الرهن الحيازي‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحق الشخصي‪ :‬الحق الشخصي ‪ Le droit de créance‬هو سلطة يمنحها القانون لشخص يسمى الدائن‬
‫قبل شخص آخر يسمى المدين تخوله إجبار المدين على إعطائه شيئاً‪ ،‬أو على القيام بعمل أو االمتناع عن‬
‫القيام بعمل لمصلحته‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن اصطالح الحق الشخصي مستمد من القانون الروماني‪ ،‬وهو‬
‫مأخوذ من اسم الدعوى الشخصية التي كان هذا القانون يمنحها للدائن لضمان حقه‪.‬‬

‫ويترتب على ذلك أن المدين في الحق الشخصي يلتزم بأداء تجاه الدائن‪ ،‬وهذا األداء قد يكون إعطاء‬
‫شيء‪ ،‬كالتزام البائع بتسليم المبيع للمشتري‪ ،‬وقد يكون األداء التزاما ً بعمل‪ ،‬كالتزام العامل بالعمل لدى‬
‫صاحب العمل بموجب عقد العمل‪ ،‬وقد يكون األداء التزاما ً باالمتناع عن عمل‪ ،‬كالتزام العامل بعدم‬
‫منافسة صاحب العمل أو االشتراك في أي مشروع ينافسه بعد انتهاء عقد عمله‪.‬‬

‫‪ -‬التمييز بين الحق العيني والحق الشخصي‪:‬‬

‫يترتب على التمييز بين الحق العيني والحق الشخصي النتائج اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬وردت الحقوق العينية في القانون على سبيل الحصر‪ ،‬أما الحقوق الشخصية فلم ترد على سبيل الحصر‪،‬‬
‫وإنما هي متنوعة يمكن لألشخاص أن ينشئوا منها ما شاؤوا شريطة مراعاة النظام العام واآلداب‪.‬‬

‫‪ -‬في الحق العيني يوجد طرف واحد موجب وهو صاحب الحق أي صاحب السلطة على الشيء محل‬
‫الحق‪ .‬أما في الحق الشخصي فيوجد دوما ً طرفان‪ :‬طرف موجب وهو الدائن‪ ،‬وطرف سالب وهو المدين‪.‬‬

‫‪ -‬الحق العيني يرد على شيء مادي موجود ومعين بالذات‪ ،‬فإذا كان الشيء غير موجود في الحال فال‬
‫يتصور وجود حق عيني على هذا الشيء‪ ،‬وال يكفي لقيام الحق العيني وجود الشيء بل ال بد أن يكون‬
‫معينا ً بالذات‪ ،‬أما الحق الشخصي فمحله عمل من األعمال وبالتالي يمكن أن يكون هذا العمل متعلقا ً بشيء‬
‫مستقبلي أو شيء معين بالنوع دون أن يكون معينا ً بالذات‪ .‬وعلى ذلك فعقود البيع التي ترد على أشياء‬
‫مستقبلية كبيع المحصول قبل ظهوره وبيع المنزل قبل بنائه ال ينشأ منها سوى حقوق شخصية يكون محلها‬
‫عمل المدين وهو إعطاء شيء‪.‬‬

‫‪ -‬يباشر صاحب الحق العيني حقه دون حاجة إلى وساطة شخص آخر ألن الرابطة الموجودة فيه هي‬
‫رابطة تسلط مباشر من شخص على هذا الشيء‪ ،‬أما صاحب الحق الشخصي (الدائن) فال يستطيع‬
‫الوصول إلى حقه إال عن طريق تدخل هذا الشخص وتنفيذه التزامه‪ ،‬ألن الرابطة الموجودة فيه هي رابطة‬
‫اقتضاء أداء معين من عمل من جانب المدين‪.‬‬
‫‪ -‬الحق العيني حق مطلق وذلك ألنه ينتج أثره تجاه الناس كافة‪ ،‬وبالتالي ينشأ منه واجب عام يلتزم‬
‫بمقتضاه جميع األشخاص باالمتناع عن التعرض لصاحب الحق العيني‪ .‬أما الحق الشخصي فهو حق‬
‫نسبي‪ ،‬ألنه ال يحتج به إال في مواجهة شخص أو عدة أشخاص معينين‪ ،‬وبالتالي فهو ينشئ إضافة إلى‬
‫الواجب العام واجبا ً خاصا ً يقع على عاتق المدين‪.‬‬

‫‪ -‬يمنح الحق العيني‪ ،‬باعتباره سلطة مباشرة على شيء‪ ،‬صاحبه حق التتبع‪ ،‬وحق التقدم أو األفضلية أو‬
‫األولوية‪ ،‬على خالف الحق الشخصي الذي ال يخول صاحبه مثل هذين الحقين‪ ،‬ألنه ال يرد على شيء‬
‫معين من أموال المدين بل على عمل يجب القيام به من قبل المدين‪ .‬و بموجب حق التتبع يستطيع صاحب‬
‫الحق العيني تتبع حقه في أي يد كانت‪ ،‬فإذا سرق الشيء من مالكه‪ ،‬يظل هذا الشيء خاضعا ً لسلطة‬
‫صاحب حق الملكية أي المالك ويكون له أن يتتبع هذا الشيء وأن يسترده ممن سرقه‪ ،‬والسبب في ذلك أن‬
‫الحق العيني يرد على شيء معين بالذات‪ .‬ويستطيع صاحب الحق العيني بموجب حق التقدم أن يستأثر‬
‫بسلطته على الشيء فيكون في مأمن من كل مزاحمة له في ممارسة هذه السلطة‪ ،‬فالدائن المرتهن‪ ،‬أي‬
‫الذي حصل على رهن من مدينه ضمانا ً للدين‪ ،‬يكون صاحب حق عيني تبعي على المال المرهون وتثبت‬
‫له األولوية واألفضلية على سائر الدائنين العاديين فيتقدم ويرجح على هؤالء الدائنين في استيفاء دينه من‬
‫المال المرهون ألن له عليه سلطة مباشرة‪.‬‬

‫‪ -‬يقبل الحق العيني التنازل عنه بإرادة صاحبه على خالف الحق الشخصي‪ ،‬فالحق العيني يمكن التنازل‬
‫عنه بإرادة صاحبه دون الحاجة إلى موافقة شخص آخر فيستطيع المالك أن يتخلى عن الشيء الذي يملكه‬
‫بمجرد إرادته‪ ،‬وذلك ألنه ليس بين صاحب الحق العيني وبين شخص آخر رابطة حتى يتم االتفاق معه‬
‫على إنهائها‪ ،‬أما الحق الشخصي فال يستطيع صاحبه أن يتنازل عنه على الرغم من إرادة المدين‪ ،‬وعلى‬
‫هذا إذا أراد الدائن صاحب الحق الشخصي أن يتنازل عن الدين وأن يبرئ مدينه فال يتم اإلبراء إال إذا‬
‫وصل إلى علم المدين ويرتد برده‪.‬‬

‫‪ -‬تقبل الحقوق العينية اكتسابها بالتقادم ألن الحقوق العينية ترد على أشياء مادية تقبل الحيازة‪ ،‬أما الحق‬
‫الشخصي فهو رابطة أو عالقة قانونية بين شخصين فال يتصور أن ترد عليه الحيازة ولذلك ال يمكن أن‬
‫يكتسب بالتقادم‪ .‬ويستثنى من ذلك الدين الثابت في سند لحامله‪ ،‬إذ يكتسب من يحوزه بموجب سبب صحيح‬
‫شريطة أن يكون حسن النية وقت حيازته‪ ،‬طبقا ً لما نصت عليه المادة ‪ 107‬من القانون المدني السوري‪.‬‬

‫ج‪ -‬الحقوق المعنوية أو األدبية أو الفكرية‪ :‬هي تلك الحقوق التي ترد على أشياء معنوية غير محسوسة من‬
‫أبوة هذا النتاج ونسبته إليه‬
‫خلق الذهن ونتاج الفكر‪ ،‬وتعطي صاحبها سلطة على ذلك النتاج‪ ،‬وتثبت له ّ‬
‫وحده كما يكون له الحق في استغالله استغالالً ماليا ً يكفل له الحصول على ثمراته‪ .‬ومثال ذلك حق المؤلف‬
‫على مؤلفه‪ ،‬وحق المخترع على اختراعه‪ ،‬وحق الموسيقار الملحن على ألحانه… ويشبه الحق المعنوي‬
‫حق الملكية‪ ،‬ولكنه ال يرد على شيء مادي محسوس‪ ،‬وإنما يرد على شيء معنوي غير محسوس‪ .‬فحق‬
‫المؤلف ال يقع على ذات الكتاب الذي ألفه‪ ،‬وإنما على األفكار التي يحتويها هذا الكتاب‪ ،‬وهي شيء معنوي‬
‫غير محسوس‪.‬‬

‫وتنص المادة (‪ )71‬من القانون المدني السوري على أن «الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها‬
‫قوانين خاصة»‪ .‬ونتيجة ذلك صدرت قوانين عدة في سورية تنظم الحقوق المعنوية والفكرية‪ .‬ومن أهم هذه‬
‫القوانين‪ :‬القانون رقم ‪ ،/7/‬تاريخ ‪ ،0227/1/20‬المتعلق بالعالمات الفارقة والمؤشرات الجغرافية‬
‫والرسوم والنماذج الصناعية والمنافسة غير المشروعة‪ ،‬والقانون رقم ‪ ،/20/‬تاريخ ‪0222/0/07‬‬
‫والمتعلق بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة له‪ ،‬والمرسوم التشريعي رقم ‪ ،/47/‬تاريخ‬
‫‪ ،2140/22/1‬والمتعلق بتنظيم حماية الملكية التجارية والصناعية الساري فقط بالنسبة إلى براءات‬
‫االختراع‪ .‬أما في مصر فمن أهم القوانين التي كانت تنظم هذه الحقوق القانون رقم ‪ /77/‬لسنة ‪2111‬‬
‫المتعلق بتنظيم براءات االختراع والرسوم والنماذج الصناعية‪ ،‬وأيضا ً القانون رقم ‪ /174/‬لسنة ‪2174‬‬
‫وتعديالته المتعلق بحماية حق المؤلف‪ .‬وقد ألغيت جميع هذه القوانين بالقانون رقم ‪ /70/‬لسنة ‪0221‬‬
‫المتعلق بحماية حقوق الملكية‪ .‬أما في فرنسا فإن تقنين الملكية الفكرية الصادر في العام ‪ 2110‬وتعديالته‬
‫ينظم الحقوق المتعلقة بالملكية الفكرية وكذلك بالملكية الصناعية‪.‬‬

‫ويمتاز الحق المعنوي بطابعه المالي والمعنوي في الوقت ذاته‪ .‬فهو يمنح صاحبه استثمار نتاجه الفكري‬
‫واستغالله والتصرف فيه من أجل تحقيق الربح‪ ،‬كما أنه يمنح صاحبه أبوة النتاج ونسبته إليه‪ ،‬ومنع الغير‬
‫من االعتداء عليه‪.‬‬

‫رابعا أقسام الحق‬

‫تنقسم الحقوق بصفة عامة إلى ‪:‬‬

‫حقوق سياسية و حقوق مدنية‪ ،‬أما الحقوق التي يتمتع بها المواطن دون األجانب و الجنسية هي معيار‬
‫ثبوت تلك الحقوق‪.‬‬

‫ومن الحقوق السياسية‪:‬‬

‫حق االنتخاب مع توفر شرط السن القانوني وحق الترشح‪ ،‬و يقابل هذه الحقوق واجبات كالخدمة الوطنية‬
‫و الدفاع عن الوطن و الوالء له‪.‬‬

‫أما الحقوق المدنية فهي حقوق يتمتع بها الفرد كإنسان‪ ،‬و يستوي في ذلك الوطني و األجنبي‪ ،‬وتنقسم‬
‫الحقوق المدنية إلى ‪ :‬حقوق عامة و حقوق خاصة‪ ،‬فالحقوق العامة ثبت لكل الناس بغض النظر عن‬
‫انتمائهم إلى وطن أو دولة‪ ،‬و مثاله‪:‬‬

‫حق الحياة و غيرها من الحقوق ‪.‬‬

‫أما الحقوق الخاصة‪ :‬فإنها ال تثبت لكافة الناس بالمساواة‪ ،‬و إنما يوجد تفاوت في بعض الحقوق بين األفراد‬
‫بحسب الحالة الشخصية والمدنية‪ ،‬و تنقسم الحقوق الخاصة إلى حقوق عائلية و حقوق مالية‪ ،‬و عينية و‬
‫شخصية معنوية‪.‬‬

‫وتنقسم إلى عينية وشخصية معنوية ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬خصائص الحق‬

‫يتميز الحق بخاصيتين‪ :‬أوال خاصية الذاتية واالستئثار وثانيا خاصية الشرعية والحماية القانونية‬

‫الفرع األول‪ :‬خاصية الذاتية واالستئثار‬


‫يقصد بالذاتية كون الحق مرتبط بشخص معين بالذات وبالصفات‪ ،‬ومصطلح الخاص أو‬
‫الخصوصية هي اآلثار المترتبة عن ذاتية الحق‪ ،‬أما عنصر االستئثار فيعني انفراد صاحب الحق بالشيء‬
‫محل الحق‪ ،‬ومثل هاتين الخاصيتين هي جوهر التمييز بين القاعدة القانونية والحق‪ ،‬فإذا كانت القاعدة‬
‫القانونية تتميز أساسا بأنها عامة ومجردة فإن القاعدة المكرسة للحق وعكس ذلك تتميز بخاصية الذاتية‪ ،‬أو‬
‫أنها مشخصة في شخص معين يستأثر بالحق[‪.]0‬‬

‫وتتجلى خاصية الذاتية في الخطاب المستعمل من طرف األشخاص بقولهم هذا لي أو من حقي كذا‪،‬‬
‫ومعنى ذلك أن الحق يختص بواقعة محددة بعينها وبشخص معين بذاته‪ ،‬وتتطلب هذه الخاصية تغير‬
‫الشروط الالزمة في الواقعة أو التصرف القانوني أو أي مصدر آخر للحق حسب طبيعة الشيء محل الحق‬
‫وحسب طبيعة الشخص الذي تخاطبه وكذا صفته‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن خاصية الذاتية قد ال تكون واضحة في البداية‪ ،‬بل تظهر عند حدوث الواقعة‪،‬‬
‫أي عند التطبيق كحالة المسؤولية التقصيرية فإن حق التعويض ينطبق على شخص معين بالذات يتمتع‬
‫بصفة المتضرر[‪.]1‬‬

‫سادسا ‪:‬خاصية الشرعية والحماية القانونية‬

‫يقصد بالشرعية اعتراف القانون بالحق وانتسابه إلى صاحبه‪ ،‬أما الحماية القانونية فتعني توفر‬
‫صاحب الحق على وسائل قانونية لحماية حقه تجاه أي اعتداء يقع عليه من قبل الغير‪.‬‬

‫وهدف الشرعية والحماية القانونية تحقيق االستقرار في المجتمع عن طريق وضع قواعد سلوك‬
‫توجه األفراد نحو الحقوق المشروعة وتنأى بهم عن الكسب غير المشروع المخالف للنظام العام واآلداب‬
‫العامة‪ ،‬أين ال تشكل العوائد الناتجة عن أعمال إجرامية حقوقا في نظر القانون‪ ،‬وبالتالي ال تستفيد من‬
‫الحماية‪ ،‬حيث أن الحماية تقتصر على الحق المشروع‪ ،‬وتكون هذه الحماية مقترنة بدعوى قضائية تكون‬
‫نتيجتها توقيع جزاء مادي من قبل السلطة العمومية على كل شخص ينتهك أو يلحق الضرر بمصلحة‬
‫صاحب الحق‪ ،‬وهو بذلك يعد كقصاص يتيح لصاحب الحق استرجاع حقه أو الحصول على تعويض‬
‫يناسبه‪ ،‬وهذه الحماية تعد في الواقع كضغط إلكراه الغير واجباره على احترام حقوق األشخاص وينجم‬
‫عن خاصية الشرعية والحماية القانونية[‪:]4‬‬

‫ربط حماية الحق بالسلطة العمومية ممثلة في الدولة‪ ،‬وتحديدا السلطة القضائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫امكانية توقيع الجزاء على كل منتهك لحق من الحقوق المشروعة لألشخاص‪ ،‬وقد يفرض هذا‬ ‫‪-‬‬
‫الجزاء عن طريق دعوى مدنية كما قد يفرض عن طريق دعوى عمومية‪.‬‬

‫وعموما تتميز الحماية القانونية بأنها مادية وملموسة وحالة والجزاء المترتب عنها توقعه سلطة عمومية‪،‬‬
‫ويتخذ هذا الجزاء صور ثالث‪:‬‬

‫الجزاء المباشر أو العيني كما نصت على ذلك المادة ‪ 204‬من القانون المدني بقوبها‪ " :‬يجبر‬ ‫‪-‬‬
‫المدين بعد اعذاره طبقا للمادتين ‪ 272‬و‪ 272‬على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكنا" فإذا‬
‫امتنع المدين يمكن إجباره على ذلك‪.‬‬

‫التعويض ويتمثل في إلزام المخطئ بالتعويض لفائدة صاحب الحق المتضرر‪ ،‬كما قد يحكم‬ ‫‪-‬‬
‫بالتعويض في حالة ما إذا كان التنفيذ مستحيال أو غير مجديا‪ ،‬كما تقضي بذلك المادة ‪ 270‬من القانون‬
‫المدني‪.‬‬
‫إعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل حدوث المخالفة أو رد الشيء إلى أصله‪.‬‬

‫األسئلة المقررة المتحان مقياس نظرية الحق ‪:‬‬

‫الفوجين رقم ‪ 60‬و‪ 31‬السنة أولى حقوق فرع أ‬

‫األستاذ المطبق ‪ :‬درويش فتحي‬

‫‪0603 - 0606‬‬

‫‪ -2‬عرف الحق مع ذكر مختلف النظريات التي عرفته‬

‫‪ -0‬أذكر أقسام الحق وأركانه‬

‫‪ -1‬ماهي أنواع الحق‬

‫‪ -4‬ماهي ضمانات الحق ووسائل حمايته‬

You might also like