You are on page 1of 12

‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪5‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫احلمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نيب بعده‪ ،‬نبينا ٍ‬
‫حممد‬ ‫َّ‬
‫وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫النيب ‪ ‬تزوج الكثري من النساء ألسباب اجتماعية‬ ‫فمن املعلوم أن َّ‬
‫وتش ريعية وسياس ية كث رية ال جمال ل ذكرها هن ا‪ ،‬ولكن ه ذا ال زواج‬
‫النب وي ي تيح لن ا معرف ة أخالق الن يب ‪ ‬م ع أزواج ه‪ ،‬ف إن أخالق‬
‫الرج ل احلقيقي ة هي ال يت يتعام ل هبا م ع نس ائه وأه ل بيت ه‪ ،‬فكي ف‬
‫كانت أخالقه ‪ ‬مع زوجاته؟‬
‫كيف كان يعلمهن ويوجههن ويتلطف معهن؟‬
‫كيف كان يؤانسهن ويتحبب إليهن؟‬
‫كيف كان يواجه أخطاءهن ويتعامل مع غريهتن؟‬
‫يب ‪ ‬يص نع يف أهل ه؟‬ ‫س ئلت عائش ة رض ي اهلل عنه ا‪ :‬م ا ك ان الن ُّ‬
‫ق الت‪ :‬ك ان يف مهن ة أهل ه – أي يس اعدها يف أعماهلا يف ال بيت –‬
‫فإذا حضرت الصالة قام إىل الصالة‪[ .‬رواه البخاري]‪.‬‬
‫وق الت‪« :‬ك ان ‪ ‬بش ًرا من البش ر‪ ،‬خيص ف نعل ه‪ ،‬وخيي ط ثوب ه‪،‬‬
‫وحيلب شاته‪ ،‬وخيدم نفسه»‪[ .‬رواه أمحد وصححه األلباين]‪.‬‬
‫ه ذا ه و حال سيد األولني واآلخ رين علي ه الص الة والس الم‪ ،‬يعيش‬
‫عيشة املساكني‪ ،‬ويرحم نساءه فيساعدهن يف أعماهلن‪ ،‬وال يكلفهن‬
‫ما يعجزن عنه عن عمل‪ ،‬بل كان ‪ ‬خفيف املؤونة حسن العشرة‪،‬‬
‫واسع احللم‪ ،‬طلق احمليَّا‪ ،‬راضيًا بالقليل‪ ،‬إذا سأل أهله‪ :‬هل عندكم‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪6‬‬

‫من طعام‪ ،‬وقلن‪ :‬ال‪ ..‬سكت ومل يعاتب‪ ،‬ورمبا بات طاويًا دون أن‬
‫يظهر شيًئا من االعرتاض أو الضجر‪.‬‬
‫ق ال ابن كث ري «يف تفس ريه»‪« :‬وك ان من أخالق ه ‪ ‬أن ه مجي ل‬
‫العشرة‪ ،‬دائم البشر‪ ،‬يداعب أهله‪ ،‬ويتلطف هبم‪ ،‬ويوسعهم نفقته‪،‬‬
‫ويضاحك نساءه‪ ،‬حىت إنه كان سابق عائشة أم املؤمنني رضي اهلل‬
‫عنها يتودد إليها بذلك‪ ...‬وجيتمع نساؤه كل ليلة يف بيت اليت يبيت‬
‫عن دها رس ول اهلل ‪ ،‬فيأك ل معهن العش اء يف بعض األحي ان‪ ،‬مث‬
‫تنص رف ك ل واح دة إىل منزهلا‪ ...‬وك ان إذا ص لى العش اء ي دخل‬
‫منزل ه يس مر م ع أهل ه قلياًل قب ل أن ين ام‪ ،‬يؤانس هم ب ذلك ‪ ،‬وق د‬
‫ق ال اهلل تع اىل‪  :‬لََق ْد َك ا َن لَ ُكم فِي رس ِ ِ‬
‫س نَةٌ ‪‬‬ ‫ول اللَّه ْ‬
‫ُأس َوةٌ َح َ‬ ‫ْ َُ‬
‫[األحزاب‪. ]21 :‬‬
‫إشاعة البهجة والسرور والسعادة‬
‫حريص ا على إس عاد من حول ه وخباص ة أزواج ه ‪‬‬‫ً‬ ‫ك ان الن يب ‪‬‬
‫الاليت ناهلن احلظ األوفر من اجلناب النبوي واللطف احملمدي‪.‬‬
‫علي أبو بك ٍر وعندي جاريتان‬‫تقول عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬دخل َّ‬
‫تدففان وتضربان‪ ،‬فانتهرمها أبو بكر‪ ،‬فقال النيب ‪« : ‬دعهما يا أبا‬
‫عيدا‪ ،‬وإن عيدنا اليوم»‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬
‫بكر‪ ،‬فإن لكل قوم ً‬
‫ويف لوح ة أخ رى من لوح ات البهج ة والس رور ال يت ك ان الن يب ‪‬‬
‫يغمر هبا أزواجه‪ :‬ما روته عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬خرجت مع‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪7‬‬

‫الن يب ‪ ‬يف بعض أس فاره‪ ،‬وأن ا جاري ة مل أمحل اللحم ومل أب ّدن‪.‬‬
‫فقال للناس «تقدموا» فتقدموا‪ .‬مث قال يل‪« :‬تعايل حىت أسابقك»‬
‫فس بقته‪ .‬فس كت ع ين‪ ،‬ح ىت إذا محلت اللحم وب دنت ونس يت‪،‬‬
‫خرجت معه يف بعض أسفاره‪ ،‬فقال للناس‪« :‬تقدموا» فتقدموا‪ ،‬مث‬
‫ق ال يل‪« :‬تع اىل ح ىت أس ابقك» فس ابقته فس بقين‪ ،‬فجع ل يض حك‬
‫وهو يقول‪« :‬هذه بتلك» [رواه أمحد وأبو داود وصححه األلباين]‪.‬‬
‫ويف موق ف جدي د من مواق ف البهج ة والس رور والس عادة يف احلي اة‬
‫الزوجي ة النبوي ة‪ :‬م ا رواه أنس بن مال ك رض ي اهلل عنه ا أن ج ًارا‬
‫ول اهلل ‪ ،‬مث‬ ‫لرس ول اهلل ‪ ‬فارس يًّا ك ان طيب املرق‪ ،‬فص نع لرس ِ‬
‫جاء يدعوه‪ ،‬فقال ‪« :‬وهذه» لعائشة‪ .‬فقال‪ :‬ال‪.‬‬
‫فقال رسول اهلل ‪« :‬ال»‪ .‬فعاد يدعوه‪،‬‬
‫فقال رسول اهلل ‪« :‬وهذه»‪ .‬قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫فقال رسول اهلل ‪« :‬ال»‪ .‬مث عاد يدعوه‪،‬‬
‫فقال رسول اهلل ‪« :‬وهذه»‪ .‬قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فقاما يتدافعان حىت أتيا منزله‪[ .‬رواه مسلم]‪.‬‬
‫مصدرا لسعادهتا‬
‫ً‬ ‫إن هذا املوقف ال ميكن أن تتناساه املرأة‪ ،‬بل يظل‬
‫كلما تذكرته أو خطر بباهلا ملا فيه من التقدير‪ ،‬واللطف‪ ،‬واإليناس‪،‬‬
‫ومجيل املعاشرة‪ ،‬وحقوق الصحبة‪.‬‬
‫المودة والرحمة‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪8‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫قال تعاىل‪َ  :‬وم ْن آيَاته َأ ْن َخلَ َق لَ ُك ْم م ْن َأْن ُفس ُك ْم َأ ْز َو ً‬
‫اجا‬
‫ك آَل ي ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫لتَ ْس ُكنُوا ِإلَْي َها َو َج َع َل َب ْينَ ُك ْم َم َو َّد ًة َو َر ْح َمةً ِإ َّن في َذل َ َ‬
‫لَِق ْوٍم َيَت َف َّك ُرو َن ‪[ ‬الروم‪.]21 :‬‬
‫* وص ور املودة والرمحة يف عش رة الن يب ‪ ‬ألزواج ه كث رية ج دًّا‪،‬‬
‫ومن ذل ك أن ه ‪ ‬دخ ل على ص فية وهي تبكي‪ .‬فق ال هلا‪« :‬م ا‬
‫يبكي ك؟» ق الت‪ :‬ق الت يل حفص ة‪ :‬إين بنت يه ودي‪ .‬فق ال ‪‬‬
‫يب‪ ،‬وإن ك لتحت ن يب‪ ،‬ففيم‬ ‫يب‪ ،‬وإن عم ك لن ّ‬ ‫لص فية‪« :‬إن ك البن ة ن ّ‬
‫تفخ ر علي ك؟» مث ق ال ‪ ‬حلفظ ة‪« :‬اتقي اهلل ي ا حفص ة»‪[ .‬رواه‬
‫الرتمذي]‪ .‬أي اتركي هذا الكالم الذي هو من عادات اجلاهلية‪.‬‬
‫حول النيب ‪ ‬اإلهانة إىل تكرمي‪ ،‬فكون صفية رضي‬ ‫فانظر كيف ّ‬
‫اهلل عنه ا يهودي ة األص ل ليس م دعاة الحتقاره ا‪ ،‬ألهنا آمنت باهلل‬
‫ورسوله‪ ،‬وتزوجت من رسول اهلل ‪ ،‬وأصبحت ًّأما للمؤمنني‪ ،‬مث‬
‫إهنا تنتمي إىل نب يني من أنبي اء ب ين إس رائيل ومها ه ارون وموس ى‬
‫عليهما السالم‪ ،‬فذهب بذلك ما كانت تفخر به حفصة عليها‪.‬‬
‫* ومن ص ور املودة والرمحة يف العش رة الزوجي ة النبوي ة ذل ك احلوار‬
‫يب ‪« :‬إين ألع رف‬ ‫اجلمي ل بني الن يب ‪ ‬وعائش ة‪ ،‬فق د ق ال هلا الن ّ‬
‫غض بك ورض اك» ق الت‪ :‬كي ف تع رف ذل ك ي ا رس ول اهلل؟ ق ال‪:‬‬
‫«إن ك إن كنت راض يةً قلت‪ :‬بلى ورب حمم د‪ ،‬وإن كنت س اخطة‬
‫قلت‪ :‬ال ورب إب راهيم» فق الت‪ :‬أج ل واهلل ي ا رس ول اهلل‪ ،‬إين ال‬
‫أهجر إال امسك‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪9‬‬

‫ف انظر كي ف يتجنب الن يب ‪ ‬إىل زوجت ه‪ ،‬ويت ودد إليه ا‪ ،‬وخيربه ا‬


‫بعلمه التام بأحواهلا حىت من طريقتها يف الكالم والقسم‪.‬‬
‫وانظ ر كي ف ك ان الن يب ‪ ‬يتعام ل معه ا وهي ح ائض‪ ،‬ومعل وم أن‬
‫املرأة ح ال احليض تك ون يف حال ة من الت وتر والتغ ري النفس ي‪ ،‬ال ذي‬
‫البد أن يقابله مزيد من املودة والرمحة واحلب واللطف الزائد‪ ،‬قالت‬
‫رضي اهلل عنها‪ :‬كنت أشرب وأنا حائص‪ ،‬مث أناوله النيب ‪ ،‬فيضع‬
‫يف فيشرب‪ ،‬وأتعرق العرق (‪ )1‬وأنا حائض‪ ،‬مث أناوله‬ ‫فاه على موضع ّ‬
‫يف» [رواه مسلم]‪.‬‬‫النيب ‪ ‬فيضع فاه على موضع ّ‬‫َّ‬
‫أين ه ذا من ال ذين ال يطيق ون زوج اهتم أثن اء احليض‪ ،‬وكأهنا‬
‫جرما تستحق بسببه الطرد واإلبعاد!!‬
‫ارتكبت ً‬
‫* ومن صور املودة والرمحة يف العشرة النبوية ما رواه أنس بن مالك‬
‫ق ال‪« :‬خرجن ا إىل املدين ة ق ادمني من خي رب‪ ،‬ف رأيت الن يب ‪ ‬جيلس‬
‫عن د بع ريه فيض ع ركبت ه‪ ،‬وتض ع ص فية رجله ا على ركبت ه ح ىت‬
‫تركب»‪[ .‬رواه البخاري]‪.‬‬
‫وهذا من أعظم مواقف الرمحة واملودة وتقدير ضعف املرأة ورقتها‪،‬‬
‫حيث يس مح الن يب ‪ ‬لص فية زوجت ه أن تض ع رجله ا على ركبت ه‬
‫الشريفة حىت تركب بعريها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) أتعرق العرق‪ :‬آخذ بقايا اللحم اليت على العظم بأسناين‪.‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪10‬‬

‫وك انت رض ي اهلل عنه ا ت زوره يف معتكف ه يف العش ر األواخ ر من‬


‫رمض ان‪ ،‬فيتح دث معه ا‪ ،‬مث يق وم معه ا وخيرج من معتكف ه‬
‫لتوصيلها‪.‬‬

‫العدل النبوي‬
‫إن الع دل ه و األس اس ال ذي ب نيت علي ه احلي اة الزوجي ة يف ال بيت‬
‫صارما‪ ،‬حيث كان‬‫النبوي‪ ،‬وقد كان ‪ ‬يطبق هذا األساس تطبي ًق ا ً‬
‫يقس م بني أزواج ه م ا يق در على قس مته من م بيت ونفق ة وحس ن‬
‫وحضرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫سفرا‬
‫عشرة بالقسط التام ً‬
‫فك ان ‪ ‬ي بيت عن د ك ل واح دة ليل ة‪ ،‬وينف ق على ك ل‬ ‫‪‬‬
‫واحدة ما يف يديه بالسوية‪.‬‬
‫وبين لكل واحدة حجرة خاصة هي بيتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬وك ان إذا س افر أق رع بينهن‪ ،‬وس افر ب اليت خترج هلا القرع ة‪.‬‬
‫حج حج ة ال وداع وهي حجت ه الوحي دة‪ ،‬أخ ذ نس اءه‬ ‫وملا ّ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫كلهن معه‪ ،‬ليتحقق العدل يف ذلك ً‬
‫وكان من متام عدله أنه استمر على ذلك حىت يف مرض موته‪ ،‬حيث‬
‫واحدة يف نبوهتا‪ ،‬حىت شق عليه ذلك‪،‬‬‫ٍ‬ ‫كان يً َد ُار به على نسائه كل‬
‫فأن أزواجه أن ميرض يف بيت عائشة‪ ،‬فمكث فيه حىت وافاه األجل‬ ‫َّ‬
‫بني سحرها وحنرها رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪11‬‬

‫وكان ‪ ‬يعتذر إىل اهلل تعاىل فيما ال يستطيع فيه العدل بني أزواجه‬
‫وهو امليل القليب‪ ،‬فكان يقول‪« :‬اللهم هذا قسمي فيما أملك‪ ،‬فال‬
‫تلمين فيما متلك وال أملك»‪[ .‬رواه أبو داود والرتمذي]‪.‬‬
‫ومن املوقف اليت ظهر فيها عدل النيب ‪ ‬مع أزواجه‪ :‬ما روته أم‬
‫س لمه أهنا أتت بطع ام يف ص حفة هلا إىل رس ول اهلل ‪ ‬وأص حابه‪،‬‬
‫فج اءت عائش ة رض ي اهلل عنه ا م تزر ًة بكس اء ومعه ا فِ ْه ٌر – أي‬
‫حج ر – ففلقت ب ه الص حفة‪ ،‬فجم ع الن يب ‪ ‬بني فلق يت الص حفة‬
‫وقال‪« :‬غارت أمكم‪ ،‬غارت أمكم» مث أخذ صحفة عائشة فبعث‬
‫هبا إىل أمن س لمة‪ ،‬وأعطى ص حفة أم س لمة عائش ة»‪[ .‬رواه‬
‫البخاري]‪.‬‬
‫وه ذا املوق ف تتجلى في ه أخالق النب وة ‪،‬ويظه ر من خالل ه حس ن‬
‫عش رة الن يب ‪ ‬ألزواج ه‪ ،‬فق د تن ازل الن يب ‪ ‬عن حقِّه‪ ،‬وق ّدر م ا‬
‫جبلت علي ه املرأة من الغ رية‪ ،‬وبني ذل ك ألص حابه بقول ه‪« :‬غ ارت‬
‫أمكم» ومل يعنقها أو يضرهبا أو يسبها ولكنه يف نفس الوقت قضى‬
‫بالعدل يف هذا املوقف‪ ،‬فبعث صحفة عائشة السليمة إىل أم سلمة‪،‬‬
‫وجعل لعائشة الصحفة املكسورة‪.‬‬
‫التذكير باهلل تعالى‬
‫ك ان الن يب ‪ ‬ي ذكر أزواج ه باهلل ع ز وج ل‪ ،‬وي رغبهن يف طاعت ه‪،‬‬
‫وحيذرهن من معصيته والغفلة عنه‪.‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪12‬‬

‫ففي احلديث عن أم سلمة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬استيقظ رسول اهلل‬
‫فزع ا يقول‪« :‬سبحان اهلل ماذا أنزل اهلل من اخلزائن؟ وماذا‬
‫‪ ‬ليلى ً‬
‫أنزل من الفنت؟ من يوقظ صواحب احلجرات – يعين أزواجه حىت‬
‫رب كاسية يف الدنيا عارية يف اآلخرة» ‪[ .‬رواه‬‫يصلني قيام الليل – َّ‬
‫البخاري]‪.‬‬
‫وكان ‪ ‬إذا دخل العشر – أي العشر األواخر من رمضان – َّ‬
‫شد‬
‫مئزره‪ ،‬وأحيا ليله‪ ،‬وأيقظ أهله‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬
‫وعن زينب بنت جحش أن الن يب ‪ ‬اس تيقظ من نوم ه وه و يق ول‪:‬‬
‫ردم‬
‫«ال إل ه إال اهلل‪ ،‬وي ل للع رب من ش ر ق د اق رتب‪ ،‬فتح الي وم من ْ‬
‫يأجوج ومأجوج» فقالت له‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أهنلك وفينا الصاحون؟‬
‫قال‪« :‬نعم إذا كثر اخلبث»‪.‬‬
‫التربية والتعليم‬
‫وك ان الن يب ‪ ‬يعلم أزواج ه العلم الن افع‪ ،‬وي وجههن إىل حس ن‬
‫االستدالل من كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬فقد قال عليه الصالة والسالم عند‬
‫حفص ة‪« :‬ال ي دخل الن ار إن ش اء اهلل من أص حاب الش جرة أح د‪،‬‬
‫الذين بايعوا حتتها» فقالت حفصة‪ :‬بلى يا رسوال اهلل‪ .‬فانتهرها‪.‬‬
‫فقالت حفصة‪َ  :‬وِإ ْن ِم ْن ُك ْم ِإاَّل َوا ِر ُد َها ‪.‬‬
‫ين َّات َق ْوا‬ ‫َّ ِ‬
‫فق ال الن يب ‪« :‬ق د ق ال اهلل ع ز وج ل‪ :‬ثُ َّم ُننَ ِّجي الذ َ‬
‫ين ِف َيها ِجثِيًّا ‪[ »‬مرمي‪[ .] 72 :‬رواه مسلم]‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫َونَ َذ ُر الظَّالم َ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪13‬‬

‫ويف حديث عائشة أهنا سألت النيب ‪ ‬عن السالم على أهل القبور‬
‫فق الت‪ :‬كي ف أق ول هلم ي ا رس ول اهلل؟ ق ال‪« :‬ق ويل‪ :‬الس الم على‬
‫أه ل ال ديار من املؤم نني واملس لمني‪ ،‬وي رحم اهلل املس تقدمني من ا‬
‫واملستأخرين‪ ،‬وإن إن شاء اهلل بكم الحقون» [رواه مسلم]‪.‬‬
‫االقتصاد وعدم الغلو‬
‫وكان النيب ‪ ‬يعلم أزواجه االقتصاد وعدم الغلو يف العبادة‪ ،‬فقد‬
‫يوما فإذا حبل ممدود بني ساريتني فقال‪:‬‬
‫دخل ً‬
‫«م ا ه ذا احلب ل؟» ق الوا‪ :‬ه ذا حب ل ل زينب‪ ،‬ف إذا ف رتت تعلقت ب ه‪.‬‬
‫فق ال الن يب ‪« :‬ال‪ ،‬حلّ وه‪ ،‬ليص ّل أح دكم نش اطه‪ ،‬ف إذا ف رت‬
‫فليقعد»‪[ .‬متفق عليه]‪.‬‬
‫التأديب والحزم‬
‫يدل على‬
‫حازما مع أزواجه إذا اقتضى األمر ذلك مما ّ‬ ‫كان النيب ‪ً ‬‬
‫أن رمحت ه هبن وحس ن عش رته هلن مل تكن ناجتة عن ض عف أو ع دم‬
‫ق درة على التأديب واحلزم‪ ،‬ب ل ك انت نت اج حس ن خلق ه ‪ ‬ال ذي‬
‫ك لَ َعلى ُخلُ ٍق َع ِظ ٍيم ‪[ ‬القلم‪.]4 :‬‬
‫قال اهلل تعاىل فيه‪َ  :‬وِإنَّ َ‬
‫شهرا كاماًل ‪،‬‬
‫مجيعا وهجرهن ً‬
‫ومن دالئل حزمه ‪ ‬أنه اعتزل نساءه ً‬
‫وذلك بعد أن سألنه ما ال يقدر عليه من النفقة‪ ،‬مث نزلت اآلية‪  :‬يَا‬
‫َُّأي َه ا النَّبِ ُّي قُل َأِل ْزو ِ‬
‫ْحيَ ا َة ال ُّد ْنيَا َو ِزينََت َه ا‬‫ك ِإ ْن ُك ْنتُ َّن تُ ِر ْد َن ال َ‬
‫اج َ‬ ‫ْ َ‬
‫احا َج ِمياًل ‪َ ،‬وِإ ْن ُك ْنتُ َّن تُ ِر ْد َن اللَّهَ‬ ‫ُأس ِّر ْح ُك َّن َس َر ً‬
‫ِّع ُك َّن َو َ‬
‫َفَت َعالَْي َن َُأمت ْ‬
‫َأج ًرا‬ ‫ورس ولَه وال َّدار اآْل ِخ ر َة فَ ِإ َّن اللَّه َأع َّد لِلْمح ِس ن ِ ِ‬
‫ات م ْن ُك َّن ْ‬ ‫َ َ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ ُ َ َ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪14‬‬

‫يما ‪[ ‬األحزاب‪ ]29-28 :‬فأمره اهلل غز وجل بتخيريهن فبدأ‬ ‫ِ‬


‫َعظ ً‬
‫بعائش ة فق ال هلا‪« :‬ي ا عائش ة‪ ،‬إين أري د أن أع رض علي ك أم ًرا ال‬
‫تعجلي فيه حىت تستشريي أبويك» قالت‪ :‬وما هو يا ر سول اهلل؟‬
‫فتال عليه ا اآلي ة‪ .‬فق الت‪ :‬أفي ك ي ا رس ول اهلل أستش ري أب وي؟ ب ل‬
‫أختار اهلل ورسوله والدار اآلخرة‪.‬‬

‫الوفاء‬
‫متيزت احلي اة الزوجي ة يف ال بيت النب وي بالوف اء واالع رتاف باجلمي ل‬
‫وذكر املعروف‪ ،‬وإن غضب من غضب‪ ،‬يدل على ذلك وفاء النيب‬
‫‪ ‬لزوجته األوىل خدجية اليت مل يتزوج عليها النيب ‪ ‬حىت ماتت‪،‬‬
‫تلك املرأة اليت وقفت جبانب النيب ‪ ،‬وواسته بنفسها وماهلا‪ ،‬فكان‬
‫النيب ‪ ‬يتذكر تلك املواقف‪ ،‬ويتثىن عليها‪ ،‬حىت أن عائشة رضي‬
‫رأة لرس ول اهلل ‪ ‬م ا غ رت على‬‫اهلل عنه ا ق الت‪ :‬م ا غ رت على ام ٍ‬
‫خدجية؛ لك ثرة ذك ر رس ول اهلل ‪ ‬هلا وثنائ ه عليه ا‪[ .‬رواه‬
‫البخاري]‪.‬‬
‫وك ان ‪ ‬إذا ذبح الش اة يق ول‪« :‬أرس لوا هبا إىل أص دقاء خدجية»‪.‬‬
‫يوم ا فقلت‪ :‬خدجية! فقال‪« :‬إين قد ُر ِزقت‬‫قالت عائشة‪ :‬فأغضبته ً‬
‫حبها» [متفق عليه]‪.‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬مع زوجاته‬ ‫‪15‬‬

You might also like