You are on page 1of 454

‫نفحات السلوك‪........

‬‬
‫‪......‬على حتفة امللوك‬
‫تحفة الملوك‬ ‫لإلمام الفقيه زين الدين‬
‫محمد بن أبي بكر بن عبد المحسن الرازي الحنفي‬
‫من علماء القرن السابع اهلجري‬

‫ومعه‬

‫نفحات السلوك على تحفة الملوك‬


‫للدكتور صالح محمد أبو الحاج‬
‫األستاذ املشارك يف كلية الشريعة والقانون‬
‫جبامعة العلوم اإلسالمية العاملية‬
‫إهداء‬

‫إىل طلبة العلم اجلا ّدين الصادقني‪،‬‬


‫والم لذا‬ ‫أصحاب ه‬
‫الم هم العال ّية‪،‬‬
‫ّ‬
‫الدين‪ ،‬السائرين عىل طريق علامئنا‬
‫األوليني يف تعلم أحكام الدين؛‬
‫ليكون لم بصرية يف حياهتم‪،‬‬
‫ووسيلة للنجاة عند رّبم ‪.‬‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪‬‬
‫احلمد هلل الذي علمنا ما مل نعلم‪ ،‬وهدانا إىل سبيل نيلنبا وبل اهلل اهلل عللب‬
‫وسالم ‪ ،‬باتياع هدي والسري عىل خطاه‪ ،‬بإنارة طريب العلبم للمرصينبيو‪ ،‬ور ب‬
‫غلاهب اجله عو الطاليني‪ ،‬والرصزام َسنَو علامئنا السابقني والالحقني‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫يإّن بعد أن أكملت م بعض األخ ة األحيبا ربرا ة منلبمل ا وبن وغنلبمل‬
‫ا يرصدي للكاشغري‪ ،‬ور االخرصلار عىل ررا ة حتفمل ا ل ك للفقل الفهاممل زيو الديو‬
‫حممد بو أيب بكر الرازي؛ لوغر حجمب ‪ ،‬وسبه لمل عيارتب ‪ ،‬واشبرصامل عبىل أببرز‬
‫الكرصب الفقهلمل الرصي حيرصاجها الناس مو العياداهلل والكراهلمل والبذبائ والفبرائض‬
‫وغريها‪.‬‬
‫وهذه الرصحفمل رام برصحقلقها الدكرص ر عيد اهلل نبذير وطياعرصهبا د دار اليئبائر‬
‫اإلسالململ لام يقار مو ثالثمئمل وفحمل‪ ،‬بعد أن رابلها عىل عبدي ة نسب مل خط يلبمل‪،‬‬
‫م وض عناويو رعلمل سائلها‪ ،‬وإثياهلل روق النسخ د اهلامش‪ ،‬مب تعللقباهلل‬
‫رلللمل عىل بعض عياراهتا مو رشح ابو ملك عللها د الغالب‪ ،‬جزاه اهلل خري ًا عبىل‬
‫ما رام ب مو عم د إخراجها مو عامل ا ط طاهلل إىل عامل ا طي عاهلل‪.‬‬
‫لكنيي رأيت أن أخد َمها بن ٍع آخر مو اخلدممل‪ ،‬وهبي رشح مسبائلها وبلبان‬
‫دلللها مو الكرصا والسنمل‪ ،‬وإضا مل الف ائد الفقهلمل عللها بإجياز غري ممب للقبار ‪،‬‬

‫ـ‪5‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يرسب‬
‫بعد أن رمت برصوحل آخر لعيارة ا رصو بام يرص ا م النسخ ا رشوحمل هلا‪ ،‬إذ َّ‬
‫اهلل د مكرصيرصي ثالثمل رشوح عللها‪ ،‬وهي‪ :‬رشح ابو ملبك‪ ،‬ومنحبمل السبل ك رشح‬
‫حتفمل ا ل ك للعلنبي‪ ،‬وهديبمل الوبعل ك د رشح حتفبمل ا لب ك للبزين‪ ،‬مب نسبخ‬
‫خمط طمل هلا أيض ًا‪ ،‬قمت بجم زبدة وخالومل ما د هبذه الرشبوح والرصعللب بب‬
‫عللها بام يالئم أه العن‪ ،‬م زياداهلل و ائد اررصنو ُرصها مو كرصب ساداتنا احلنفلبمل‬
‫مرص ا قمل م ا قام وال خيرجها عو ا رام‪ ،‬وسملت هذه الرصعللقاهلل‪:‬‬
‫))‬‫نفحات السلوك عىل حتفة امللوك‬ ‫((‬

‫راجل ًا مو اهلل ‪ ‬أن يرصق ييلها وجيع َلها ذخر ًا لنا ي م نلقاه‪ ،‬وملرصمسب ًا العبذر د‬
‫الرصقوري؛ لقلمل اليضاعمل‪ ،‬وكثرة األشبغا‪ ،،‬وضبل األورباهلل‪ ،‬الرصبي مل كنبي مبو‬
‫الرصعلل عللها إال د غضب ن أسبابل رلللبمل؛ ألربدمها ببني يبدي أحيابنبا الكبرام‬
‫الراغيني د دراسرصها؛ للرصمكن ا مبو الرصحضبري هلبا‪ ،‬و هبم ا قوب د مبو عيارهتبا‪،‬‬
‫ومعر مل وج االسرصدال‪ ،‬سائلها‪ ،‬حرصى تك ن ررا هتم هلا ربرا ة حتقلب و حبل‬
‫كنهم مو تدريسها‪ ،‬ونرش علمها بني األنبام‪ ،‬بعبد أن أعبرا النباس عبو هبذه‬
‫العل م‪ ،‬وانئغل ا بالقل والقا‪ ،‬مما ال يضري اجله ب ‪.‬‬
‫الدرة الفقهلمل مو ا سائ الرضبوريمل الرصبي ال غنبى عنهبا‪،‬‬
‫ذ يا أخي هذه ي‬
‫مبا لهبا مبو‬ ‫بعد بلاهنا وتدلللها بام يثلج الودر لك ي وبادق وراغبب‪ ،‬واررصبن‬
‫الآللئ‪ ،‬وال تكو مفرط ًا رصندم د ا لعباد عبام َّ‬
‫رنبهلل بب ‪ ،‬وإيباك ورنب اهلمبمل‪،‬‬
‫واسرصعو باهلل عىل أمرك وال تعجز‪َّ ،‬‬
‫إن العلم طريقك لرىض اهلل ‪ ،‬ورد را‪: ،‬‬
‫(( َمو يرد اهلل ب خري ًا يفقه د الديو)) ( )‪ ،‬كو مو أه اخلري ال اليطالمل والعناد‪.‬‬

‫) ( د وحل الي اري ‪ ،93 :‬ووحل مسلم ‪.8 7 :2‬‬


‫ـ‪6‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ود اخلرصام نسأ‪ ،‬اهلل ‪ ‬أن يرزرنا اإلخالص د الق ‪ ،‬والعمب ‪ ،‬ويرصجباوز‬
‫حممبد‬ ‫َّ‬
‫ووىل اهللُ عبىل سبلدنا َّ‬ ‫ويغفر لنا ول الدينا وأجدادنا وشل خنا‪،‬‬
‫َ‬ ‫عو سلئاتنا‪،‬‬
‫وعىل آل ووحي وسلم‪.‬‬
‫وكتبه‬
‫العبد الفقري إىل رمحة ربه الغني‬
‫صالح حممد أبو احلاج‬
‫جتاوز اهلل عن ذنبه اجليل واخلفي‬
‫األحد ‪/6‬مجادى اآلخرة‪ 241/‬هـ‬
‫املوافق ‪/4‬متوز‪4006/‬م‬
‫األردن‪/‬عامن‪/‬صويلح‬

‫ـ‪7‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫متهيد‬
‫يف دارسة عن حتفة امللوك ومؤلفها‬

‫أولا‪ :‬حتقيق اسم مؤلف التحفة‪:‬‬


‫ُضيِ َط ُ‬
‫اسم د كرصب تراجم سبادتنا احلنفلبمل( )‪ :‬حممبد ببو أيب بكبر ببو عيبد‬
‫ا حسو‪.‬‬
‫وذكره حاجي خللفمل(‪ )2‬باسم‪ :‬زيو الديو‪ ،‬حممد بو أيب بكبر حسبو البرازي‬
‫احلنفي‪.‬‬
‫وذكره عمر رضا كحالمل(‪ )9‬باسم‪ :‬حممد بو أيب بكر ببو عيبد القبادر البرازي‬
‫احلنفي‪ ،‬زيو الديو‪ ،‬أب عيد اهلل‪.‬‬
‫أر ‪ :،‬ينيغي االعرصامد عىل الكرصبب ا عرصمبدة د حتقلب اسبم ‪ ،‬السبلام كرصبب‬
‫ألهنم أعر الناس بفقهبائهم وعلامئهبم‪ ،‬وعبىل ذلبك يكب ن‬ ‫أوحا ا ذهب؛ َّ‬
‫اسم ‪ :‬حممد بو أيب بكر بو عيد ا حسو كام ورد د كرصب طيقاهلل احلنفلمل‪ ،‬ويمكبو‬
‫رشاح الرصحفمل‪ :‬كابو ملبك والبزين ب كبام سبلأ‬
‫اعرصامد لقي ‪ :‬زيو الديو‪ ،‬كام ذكره ي‬
‫عند نسيمل وحمل الكرصا للمؤلف ب‪ ،‬وهذا اللقب أطلق علل أيض ًا حاجي خللفبمل‪،‬‬

‫) ( ينظر‪ :‬اجل اهر ا ضلمل ‪ ،38 :9‬وتبا البجاجم ص‪ ،252‬وطيقباهلل احلنفلبمل الببو‬
‫احلنائي ص‪.279-72‬‬
‫)‪ (2‬د كئف الظن ن ‪.983 :‬‬
‫)‪ (9‬د معجم ا ؤلفني ‪. 67 :9‬‬
‫ـ‪8‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وكذلك يمكو اعرصامد نسيمل حاجي خللفمل إىل الرازي؛ إذ يمكو االعرصامد عبىل كرصابب‬
‫الكئف ما مل يعارا غريه مو الكرصب ا عرصمدة‪.‬‬
‫أن اسم جدي ه‪ :‬عيد القبادر‪ ،‬محب نظبر‪ ،‬ومبو‬ ‫أما ما ذكره عمر كحالمل مو َّ‬
‫أن كرصاب معجم ا ؤلفني مج ل الكثري مو ا بؤلفني وا ؤلفباهلل لكبو دون‬‫ا عل م َّ‬
‫تنقل أو حتقل ‪ ،‬ال يمكو االعرصامد علل عند خمالفرص لغبريه مبو الكرصبب الرصارخيلبمل‬
‫ا عرصمدة‪ ،‬و َمو ترصي عر هذه احلقلقمل‪.‬‬
‫وسيب هذا اخللط واهلل أعلم َّأهنم ذكروا حممد بو أيب بكبر ببو عيبد القبادر‬
‫الرازي‪ ،‬زيو الديو‪ ،‬واحب خمرصار الوحاح د اللغمل‪ ،‬مو قهبا السبادة احلنفلبمل‪،‬‬
‫كام ذكر ذلك الزركن( )‪ ،‬ولكنَّ مل يذكر مو كرصي ((حتفمل ا ل ك))‪ ،‬إذ را‪(( :،‬حممبد ببو‬
‫أيب بكر بو عيد القادر الرزاي‪ ،‬زيو الديو‪ ،‬وباحب ا رصبار د اللغبمل‪ ،‬بر مبو‬
‫تأللف لللمل أو‪ ،‬رمضان سنمل (‪666‬هب)‪ ،‬وه مو قها احلنفلمل‪ ،‬ول علم بالرصفسبري‬
‫واألد ‪ ،‬أول مو الري‪ ،‬زار من والئام‪ ،‬وكان د ر نلمل سبنمل (‪666‬هبب) وهب‬
‫آخر العهد بب ‪ ،‬ومبو كرصيب ‪(( :‬رشح ا قامباهلل احلريريبمل))‪ ،‬و((حبدائ احلقبائ )) د‬
‫‪ ،‬و((أنم ذ جلل د أسئلمل وأج بمل مو غرائب آيمل الرصنزي ))‪ ،‬و((البذهب‬ ‫الرصو‬
‫اإلبريز د تفسري الكرصا العزيز))‪ ،‬و((روضمل الفواحمل)) د علم اليلان))‪.‬‬
‫واحد كام ذكر عمبر كحالبمل‪ ،‬أم ش وبان‪ ،‬ا سبألمل حمب‬ ‫ه مها ش‬
‫نظر‪ ،‬وحترصا إىل حتقل وتنقل ‪ ،‬وال ي جبد ببني يبدي مبو الكرصبب مبا يسبعف د‬
‫ال و ‪ ،‬إىل ا رام‪ ،‬نرص رف عىل اعرصامد ما سي وروده د كئف الظنب ن وتبراجم‬
‫األحنا ‪ ،‬حرصى يأتلنا اليلان الوحل الني د ذلك‪ ،‬واهلل أعلم وعلم أحكم‪.‬‬

‫) ( د األعالم ‪.283 :6‬‬


‫ـ‪9‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثاني اا‪ :‬صحة نسبة حتفة امللوك للرازي‪:‬‬


‫اح الرصحفمل‪ ،‬وأوحا ُ كرصبب تبراجم‬
‫رش ُ‬
‫الرازي ُ ي‬
‫نسب كرصا حتفمل ا ل ك إىل َّ‬
‫األحنا ‪ ،‬وأوحا معاجم الكرصب وا ؤلفني‪ ،‬وإللك بعضهم‪:‬‬
‫أولا‪ّ :‬‬
‫رشاح التحفة‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫‪ .‬الزين‪ ،‬قا‪ ،‬د «هديمل الوعل ك»( )‪ (( :‬ا كنبت أذاكبر كرصبا «حتفبمل ا لب ك»‬
‫الذي أ َّلف الفقل اإلمام زيو الديو‪.))...‬‬
‫منبي بعبض إخب اّن‪،‬‬ ‫‪ .2‬ابو ملك‪ ،‬قا‪ ،‬د «رشحب عبىل الرصحفبمل»(‪(( :)2‬البرصم‬
‫خببالّن أن أرشح ا رصن ب ا سببمى ب بب«حتفببمل ا ل ب ك‬ ‫بن خل ب‬
‫وارببجح عب ي‬
‫والسالطني» الذي ألف الفقل اإلمام الفهاممل زيو الديو‪.))...‬‬
‫أما بدر الديو العلني واحب ((منحمل السل ك رشح حتفمل ا ل ك)) قد سبكت‬
‫عو مؤلف الرصحفمل‪ ،‬وحتدَّ ث عو انرصئار تدريس د اليالد ا نيمل قا‪ ،‬د ((ا نحبمل‬
‫))‬

‫(‪ (( :)9‬ا ورفت د الديار ا نيمل ديار خري وعلم وأمنلمل‪ ،‬ورأيت الجك منكيني عبىل‬
‫ا رصن ا س م بب«حتفمل ا ل ك»؛ لك ن هادي ًا إىل أوض السل ك‪ ،‬البراغيني لب‬
‫غايمل الرغيمل‪ ،‬جمرصهديو ل بأشد مهمل؛ لك ن خمرصن ًا لطلف ًا ومنرص يب ًا رشيفب ًا حيوب‬
‫من احل يظ للميرصد والفض للمنرصهي‪.))...‬‬
‫ثاني اا‪ :‬مؤلفو طبقات احلنفية‪ ،‬إذ اتفقت كتب تراجم األحناف عىل نسبة‬
‫الكتاب للرازي‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫‪ .‬ابو أيب ال ا القريش د ((اجل اهر ا ضلمل)) (‪ ،)3‬إذ را‪(( :،‬حممد بو أيب بكر بو‬

‫) ( هديمل الوعل ك ص‪.2‬‬


‫)‪ (2‬رشح ابو ملك ق ‪/‬أ‪.‬‬
‫)‪ (9‬منحمل السل ك ‪.39 :‬‬
‫)‪ (3‬اجل اهر ا ضلمل ‪.38 :9‬‬
‫ـ ‪ 01‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ببدأ‬ ‫عيد ا حسو‪ :‬ل «حتفمل ا ل ك»‪ ،‬جم يلد لطلف ‪ ،‬ذكر ل عرشة أبب ا‬
‫بالطهارة‪ ،‬ثم بالوالة‪ ،‬ثم الزكاة‪ ،‬ثم الو م‪ ،‬ثم احلج‪ ،‬ثم اجلهاد‪ ،‬ثبم الوبلد‬
‫م الذبائ ‪ ،‬ثم الكراهلمل‪ ،‬ثم الفرائض‪ ،‬ثم الكسب م األد ))‪.‬‬
‫‪ .2‬راسم بو رطل بغا د ((تا الجاجم)) ( )‪ ،‬إذ ربا‪(( :،‬حممبد ببو أيب بكبر ببو عيبد‬
‫ا حسو‪ ،‬ل ‪« :‬حتفمل ا ل ك»‪ ،‬جملد لطلف))‪.‬‬
‫‪ .9‬ابو احلنائي د «طيقاهلل احلنفلمل»(‪ )2‬إذ را‪(( :،‬حممد بو أيب بكر ببو حسبو‪ ،‬لب ‪:‬‬
‫«حتفمل ا ل ك» جملد لطلف‪ ،‬ذكر ل عرشة أب ا ‪.))...‬‬
‫ثاني اا‪ :‬مؤلفو معاجم الكتب واملؤلفني‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫‪ .‬حاجي خللفمل د ((كئف الظن ن)) (‪ ،)9‬إذ را‪« (( :،‬حتفمل ا ل ك» د الفروع لبزيو‬
‫الديو حممد بو أيب بكبر حسبو البرازي احلنفبي‪ ،‬وهب خمرصنب د العيباداهلل‬
‫مئرصم عىل عرشة كرصب‪ :‬األو‪ :،‬د الطهبارة‪ ،‬الثباّن‪ :‬د الوبالة‪ ،‬الثالب ‪ :‬د‬
‫الزكاة‪ ،‬الراب ‪ :‬د احلج‪ ،‬اخلام ‪ :‬د الو م‪ ،‬السادس‪ :‬د اجلهاد‪ ،‬السباب ‪ :‬د‬
‫الولد‪ ،‬الثامو‪ :‬د الكراهلمل‪ ،‬الرصاس ‪ :‬د الفبرائض‪ ،‬العبارش‪ :‬د الكسبب مب‬
‫األد ‪ ،‬أول ‪ :‬احلمد هلل والسالم عىل عياده‪ ...‬الخ))‪.‬‬
‫وأيض ًا را‪ ،‬حاجي خللفمل د الكئف(‪(( :)3‬ورل ‪ :‬ا برصو للئبلخ أيب ا كبارم‬
‫الديو حممد بو تا الديو إبراهلم الرص را ))‪.‬‬ ‫شم‬
‫‪ .2‬إسامعل باشا د ((هديمل العار ني)) (‪(( :)5‬الرازي‪ ،‬زيو الديو‪ ،‬حممد بو أيب بكر‬

‫) ( تا الجاجم ص‪.252‬‬
‫)‪ (2‬طيقاهلل احلنفلمل ص‪.279-272‬‬
‫)‪ (9‬كئف الظن ن ‪.983 :‬‬
‫)‪ (3‬كئف الظن ن ‪.983 :‬‬
‫)‪ (5‬هديمل العار ني ‪.5 5 :‬‬
‫ـ ‪ 00‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عم شها الديو حمم د بو عيبد القباهر‬


‫ابو عيد ا حسو الرازي احلنفي‪ ،‬ه ي‬
‫كان د أواسط القرن الساب ‪ ،‬ل ‪(( :‬حتفمل ا ل ك)) د الفق والعياداهلل))‪.‬‬
‫‪ .9‬عمر رضا كحالمل د معجم ا بؤلفني( )‪ ،‬إذ ربا‪(( :،‬حممبد ببو أيب بكبر ببو عيبد‬
‫القادر الرازي احلنفي‪ ،‬زيو الديو‪ ،‬أب عيد اهلل‪ ،‬لغ ي‪ ،‬قلب ‪ ،‬وب د‪ ،‬مفرسب‪،‬‬
‫أديب‪ ،‬أول مو الري‪ ،‬وزار من والئام وأرام بق نلمل‪ ،‬مو توبانلف ‪« :‬خمرصبار‬
‫الوببحاح»‪« ،‬روضببمل الفوبباحمل د غريببب القببرآن»‪« ،‬درببائ احلقببائ د‬
‫»‪« ،‬حدائ احلقائ د ا اعظ»‪« ،‬كنب ز الااعبمل د رشح ا قامباهلل‬ ‫الرصو‬
‫للحريري»‪« ،‬أنم ذ جلل مو غرائب الرصنزي »‪« ،‬أسئلمل القرآن وأج برصها»‪،‬‬
‫«حتفمل ا ل ك»‪ ،‬و«جمم الف ائد جلم الع ائد» د روع احلنفلمل‪.))...‬‬
‫د ((معجم ا طي عاهلل العربلمل)) (‪ ،)2‬إذ را‪(( :،‬زيبو البديو‪ ،‬حممبد‬ ‫‪ .3‬إللان رسكل‬
‫زيو الديو‪ ،‬حممد بو أيب بكر بو عيد ا حسو الرازي احلنفي‪« ،‬حتفمل ا لب ك»‪،‬‬
‫أوهلا‪ :‬احلمد هلل وسالم عىل عياد الديو ا وطفى‪ ...‬وه خمرصنب د العيباداهلل‬
‫واخرصن ل عىل عرش كرصب‪ ،‬وهي أهم كرصب الفق ‪.))...‬‬
‫َ‬ ‫مج َع ليعض إخ ان‬
‫‪ .5‬عيد اللطلف بو حممد‪ ،‬الئبهري ببب « ِريباا َزا َده» احلنفبي (هلل‪ 687‬هبب) د‬
‫«أسام الكرصب»(‪« :)9‬حتفمل ا ل ك حمد بو أيب بو بعد ا حسو»‪.‬‬
‫ثالث اا‪ :‬من رشوح حتفة امللوك‪:‬‬
‫رشح جمم عمل مو‬
‫َ‬ ‫أري العلام عىل هذه ا رصو ا يارك تدريس ًا ورشح ًا‪ ،‬ورد‬
‫جهابذة العلام ا ئه ريو‪ ،‬ومنهم‪:‬‬

‫) ( معجم ا ؤلفني ‪. 67 :9‬‬


‫)‪ (2‬د معجم ا طي عاهلل العربلمل ‪.3 5 :‬‬
‫(‪ )9‬أسام الكرصب ا رصمم لكئف الظن ن ‪.76 :‬‬
‫ـ ‪ 01‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫مباّن‪ ،‬ا عبرو‬ ‫ِ‬


‫‪ .‬عيد اللطلف بو عيد العزيز بو أمبني البديو ببو رشبرصا الك ّر ي‬
‫بب(ابو َم َلك)‪ ،‬و رشرصا‪ :‬ا لك‪ ،‬ل رشح ممزو عىل حتفمل ا ل ك‪ ،‬أول ‪ :‬احلمد هلل‬
‫الذي هدانا إىل الناط ا سرصقلم ‪ . . .‬الخ‪ ،‬وما زا‪ ،‬هذا الرشبح خمط طب ًا عبىل‬
‫حدي علمي‪ ،‬ومو مؤلفات أيضب ًا‪(( :‬رشح ال رايبمل))‪ ،‬و((رشح ا جمب ))‪ ،‬و((رشح‬
‫ا نار))‪ ،‬و((ميارق األزهار د رشح مئارق األن ار))‪ ،‬را‪ ،‬اللكن ي عنها‪ :‬وك ُّلها‬
‫لطلفمل نفلسمل‪ .‬ورا‪ ،‬الكفب ي‪ :‬كبان أحبد ا ئبه ريو بباحلفظ الب ا ر‪ ،‬وأحبد‬
‫ا ببازيو د ع يوبباهلل العلبب م‪ ،‬ولبب ال َقيبب ‪ ،‬الرصببا يم عنببد اخلبباص والعببام‬
‫(هلل ‪76‬هب)( )‪.‬‬
‫‪ .2‬بدر الديو حمم د بو أمحد بو م سى بو أمحد العلني احلنفي‪ ،‬أبب حممبد‪ ،‬وهب‬
‫رشح بالق ‪ ،،‬وسامه‪(( :‬منحمل السل ك د رشح حتفمل ا ل ك))‪ ،‬أولب ‪َّ :‬‬
‫إن أحبر‬
‫ما يمىل د تياشري اخلطب والدبابلج‪ ...‬الخ‪ ،‬ورد حقب هبذا الرشبح د ثالثبمل‬
‫رسائ ماجسرصري د جامعبمل بغبداد‪ ،‬ولكنَّب مل يطيب بعبد‪ ،‬وللعلنبي مؤلفباهلل‬
‫أخر ‪ ،‬ومنها‪(( :‬الينايمل د رشح اهلدايمل))‪ ،‬و((رمز احلقائ رشح كنبز البدرائ ))‪،‬‬
‫و((تبباريخ اليببدر د أووببا أهب العن ب))‪،‬و((الببدرر الفبباخرة رشح اليحببار‬
‫الزاهرة))‪،‬و((سري األنيلا ‪ ))‬و((رشح الئبا لمل)) الببو احلاجبب‪ ،‬و((طيقباهلل‬
‫احلنفلمل))‪ ،‬و((طيقاهلل الئعرا )) و((عقد اجلامن د تاريخ أه الزمان))‪ ،‬و((ا سائ‬
‫اليدريمل ا نرص ب مو رصباو الظهرييبمل)) و((ا سبرصجم د رشح ا جمب )) الببو‬
‫الساعا ‪ ،‬و((مئارح الودور د اخلطب وا اعظ)) ثبامن جملبداهلل‪ ،‬و((معباّن‬
‫األخيار د رجا‪ ،‬معاّن اآلثار)) و((مبالح األرواح د رشح ا براح))‪ ،‬و((ن بب‬

‫) ( ينظببر‪ :‬الض ب الالم ب ‪ ،923 :3‬والف ائببد اليهلببمل ص ‪ ، 7‬الئببقائ النعامنلببمل‬


‫ص‪ ،96‬كئف الظن ن ‪ ، 66 :2 ،983 :‬د الغ ايمل ص‪ ،6‬وهديمل العبار ني‬
‫‪ ،555 :‬واألعالم ‪. 72 :3‬‬
‫ـ ‪ 01‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫األ كار د تنقل مياّن األخيار رشح معباّن اآلثبار))‪ ،‬و((عمبدة القباري رشح‬
‫اري))‪ ،‬را‪ ،‬السل طي‪(( :‬كبان إمامب ًا عا ب ًا عالمبمل عار ب ًا بالعربلبمل‬ ‫ي‬ ‫وحل ال ُي‬
‫عمبر مدرسبمل بقبر اجلبام األزهبر‬ ‫والرصنيف حا ظ ًا للغمل رسي الكرصابمل‪َّ ،‬‬
‫وورف كرصي هبا))‪ ،‬ولد د سنمل (‪862‬هب)‪ ،‬وت د د سنمل(‪755‬هب)( )‪.‬‬
‫‪ .9‬وال بو حممد بو عيد اهلل بو أمحد اخلطلب الغزي الرصمرتبايش احلنفبي‪ ،‬رشح‬
‫حتفمل ا ل ك‪ ،‬ومو مؤلفات أيض ًا‪(( :‬زواهبر اجلب اهر))‪ ،‬و((رشح األلفلبمل ل البده‬
‫حممد)) د النح ‪ ،‬و((رشح تاريخ شلخ اإلسالم سعدي ا حيش))‪ ،‬و((العنايبمل د‬
‫رشح ال رايمل))‪ ،‬و((منظ ممل د الفق ))‪ ،‬وغري ذلك‪ ،‬ولد سنمل (‪376‬هبب)‪ ،‬وتب د‬
‫سنمل (‪ 655‬هب)(‪.)2‬‬
‫ثببم‬ ‫‪ .3‬حمببرم بببو الاكبباهلل حممببد بببو العببار ابببو احلسببو الببزين السببل ا‬
‫سبامه‪:‬‬
‫‪ ،‬ل رشح عبىل الرصحفبمل ي‬ ‫القسطم ّن‪ ،‬أب اللل ‪ ،‬ال اعظ احلنفي اخلل‬
‫((هديمل الوبعل ك رشح حتفبمل ا لب ك))‪ ،‬وربد طيب سبنمل (‪ 235‬هبب)‪ ،‬ومبو‬
‫توانلف أيض ًا‪(( :‬إعرا الف ائد الضلائلمل للجامي)) د النح ‪ ،‬و((ترمجمل نفحباهلل‬
‫األن ب )) بالعربلببمل‪ ،‬و((ترغلببب ا رصعلمببني))‪ ،‬و((الرضبباع حمببرم اجلببامع بلببزوم‬
‫االنقطاع))‪ ،‬و((الق ‪ ،‬اليدي د الوالة عىل احليلب الئفل ))‪ ،‬و((كن ز األوللبا‬
‫ورم ز األوفلا ))‪( ،‬هلل‪ 666‬هب)(‪.)9‬‬

‫) ( ينظر‪ :‬الضب الالمب ‪ ، 95- 9 : 6‬وكرصائبب أعبالم األخلبار ق ‪- /95‬‬


‫ق‪/952‬أ‪ ،‬والف ائد ال َيه َّلبمل ص‪ ،936‬واليبدر الطبال ‪ ،235-233 :2‬وكئبف‬
‫الظنبب ن ‪ ،278 :‬واألعببالم ‪ ،93-97 :7‬ومعجببم ا ببؤلفني ‪،837-838 :9‬‬
‫وهديمل العار ني ‪ ،689 :‬ومعجم ا طي عاهلل ‪.939 :‬‬
‫)‪ (2‬ينظر‪ :‬هديمل العار ني ‪.22 :‬‬
‫)‪ (9‬ينظر‪ :‬هديمل العار ني ‪.337 :‬‬
‫ـ ‪ 01‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪« .5‬ن ي ا مل ك رشح حتف ا ل ك » لعيد الومد بو عن بو داود الديار بكري ‪.‬‬
‫( )‬

‫‪« .6‬جمم الف ائد جلم الع ائبد رشح حتفب ا لب ك» لفاطمب بنبت حممبد ببو أمحبد‬
‫السمررند ييمل ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫َّ‬
‫األزهري‪ ،‬مو مؤ َّلفاتب ‪:‬‬
‫ي‬ ‫ني‬
‫ي‬ ‫‪« .8‬رشح حتف ا ل ك » لفائد بو ميارك األبلاري ا‬
‫(‪)9‬‬

‫«رشح زاد الفقبببري»‪ ،‬و«م اهبببب القبببدير رشح اجلبببام الوبببغري»‪ ،‬و«رشح‬
‫األجروملببمل»‪ ،‬و«م ب ارد الظمببىلن إىل سببرية ا يع ب ث مببو عببدنان»‪ ،‬ت ب د بعببد‬
‫‪ 669‬هب ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪« .7‬رشح حتفمل ا ل ك» لعلد بو ي سف ا راغي(‪.)5‬‬


‫رابع اا‪ :‬ترمجة حتفة امللوك‪:‬‬
‫الرومبي‬ ‫رام األديب الفقل النح ي حممد ذهني بو حممد رشلد األسبرصاني‬
‫ا عار العثامنلبمل‬ ‫بجمجمل حتفمل ا ل ك إىل اللغمل الجكلمل‪ ،‬ورد كان أحد أعضا جمل‬

‫( ) نسي ل د خزانمل الجاث‪ ،‬خمط طمل ررم ‪ ،88 58‬و هرس خمط طاهلل آ‪ ،‬اليلت‪:‬‬
‫الفق ‪. 56 :‬‬
‫(‪ )2‬نسي هلا د خزانمل الجاث‪ ،‬خمط طمل ررم ‪ ،88 57‬ود هرس خمط طاهلل آ‪،‬‬
‫اليلت‪ :‬الفق ‪ 298 :‬ذكر تس نسخ خمط طمل‪ ،‬ود أحدها‪ :‬كرصب‪ :‬اسم الئارح‪،‬‬
‫الس َم ّر َرندي (زوجمل اإلمام)‪،‬اهب‪ .‬ولع يل اإلمام الرازي‬
‫اطممل بنت حممد بو أمحد‪َّ ،‬‬
‫مؤلف الكرصا ‪ ،‬ود خزانمل الجاث‪ ،‬خمط ط ررم ‪ ،7 336‬نسي لعثامن بو عيد‬
‫اهلل‪.‬‬
‫(‪ )9‬نسي ل د خزانمل الجاث‪ ،‬خمط ط ررم ‪ ،33366‬و هرس آ‪ ،‬اليلت‪ ،‬الفق ‪.237 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬األعالم‪. 25 :5‬‬
‫(‪ )5‬نسب ل د مكرصيمل الجاث اإلسالمي بمسجد أيب العياس باالسكندريمل‪ ،‬ررم عام‪:‬‬
‫‪ ،552‬وخاص‪ ،253 :‬ق حنفي‪ ،‬كام د مقدممل رشح ابو ملك عىل الرصحفمل ‪:‬‬
‫‪.9‬‬
‫ـ ‪ 05‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومعلم ا كرصب السلطاّن‪ ،‬ومو أعامل ‪(( :‬اررصياس األن ار د ترمجمل ا نار))‪ ،‬و((األلغباز‬
‫الفقهلمل))‪ ،‬و((بغلمل الطالب د ترمجمل حتفمل الراغب)) لئبها البديو أمحبد القللب يب‪،‬‬
‫و((ترمجمل أط اق الذهب)) للزخمرشي‪ ،‬و((ترمجمل حتفمل األريب))‪ ،‬و((ترمجمل ا نقبذ مبو‬
‫الضاللمل)) للغزا ‪ ،‬و((احلقائ مما د اجلام الوغري))‪ ،‬و((ا ئارق مو حبدي خبري‬
‫اخلالئ ))‪ ،‬و((دسرص ر ا حديو د العقائد))‪ ،‬و((ا قرصضب د نحب لسبان العبر ))‪،‬‬
‫و((ا قرصضببب مببو ا نرص ببب))‪ ،‬و((ا نرص ببب د تعلببلم لغببمل العببر ))‪ ،‬ولببد سببنمل‬
‫(‪ 262‬هب)‪ ،‬وت د د أواخر سنمل (‪ 923‬هب)( )‪.‬‬

‫‪‬‬

‫) ( ينظر‪ :‬هديمل العار ني ‪.662 :‬‬


‫ـ ‪ 06‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ال ررمل األوىل مو نس مل أ مو خمط طمل جامعمل ا لك سع د‬

‫ـ ‪ 07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ال ررمل األخرية مو نس مل أ مو خمط طمل جامعمل ا لك سع د‬

‫ـ ‪ 08‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫مو خمط طمل جامعمل أم القر‬ ‫ال ررمل األوىل مو نس مل‬

‫ـ ‪ 09‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫مو خمط طمل جامعمل أم القر‬ ‫ال ررمل األخرية مو نس مل‬

‫ـ ‪ 11‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ال ررمل األوىل مو نس مل مو خمط طمل جامعمل ا لك سع د‬

‫ـ ‪ 10‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ال ررمل األخرية مو نس مل مو خمط طمل جامعمل ا لك سع د‬

‫ـ ‪ 11‬ـ‬
‫تحفة الملوك‬ ‫لإلمام الفقيه زين الدين‬
‫محمد بن أبي بكر بن عبد المحسن الرازي الحنفي‬
‫من علماء القرن السابع اهلجري‬

‫ومعه‬

‫نفحات السلوك على تحفة الملوك‬


‫للدكتور صالح محمد أبو الحاج‬
‫األستاذ املشارك يف كلية الشريعة والقانون‬
‫جبامعة العلوم اإلسالمية العاملية‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪‬‬
‫احلمد هلل‪ ،‬وسالم عىل عباده الذين اصطفى‪.‬‬
‫خمتص يف علم الفقه‪ ،‬مجعته لبعض إخواين يف الدين بقدر ما وسعه‬‫ر‬ ‫هذا‬
‫أهم كتب الفقه‪ ،‬وأح ّقها بالتقديم‬
‫وقته‪ ،‬واقتصت فيه عىل عرشة كتب‪ :‬هي ُّ‬
‫وهي‪:‬‬
‫واحلج‪ ،‬واجلهاد‪ ،‬والصيد‬
‫ّ‬ ‫كتاب الطهارة‪ ،‬والصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصوم‪،‬‬
‫مع الذبائح‪ ،‬والكراهية‪ ،‬والفرائض‪ ،‬والكسب مع األدب‪ ،‬نفعه اهلل تعاىل به‪،‬‬
‫وجعله سبب ًا لرتقيه إىل أعىل مراتب سعادة اآلخرة‪.‬‬
‫كتاب الطهارة‬
‫املاء ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ .1‬طاهر طهور( )‪ :‬وهو الباقي عىل أوصاف ِخ ْلقتِه( )‪ ،‬ومنه‪:‬‬

‫( ) أي طاهر لنفسه وطهور لغريه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.1 :‬‬


‫( ) هذا هو املاء املطلق‪ ،‬الذي بقي عىل أوصافه التي خلقه اهلل ‪ ‬عليها من غري أن‬
‫يتغري طعمه ولونه ورحيه‪ :‬كامء السامء؛ قال ‪ :‬ﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭼ [األنفال‪ ،]11 :‬وماء البحر؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬سأل رجل رسول اهلل‬
‫‪ ،‬قال يا رسول اهلل‪ :‬إنا نركب البحر القليل ونحمل معنا من املاء فإن توضأنا به‬
‫عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال ‪(:‬هو الطهور ماؤه احلل ميتته) يف صحيح‬
‫ابن حبان ‪ ،44 :4‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ،94 :‬وماء البئر‪ ،‬والنهر‪ ،‬والعني‪،‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪52‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‌أ‪ -‬ما ي ْقطر من الك ْرم( )‪.‬‬


‫‌ب‪ -‬واملتغِّي بطاهر‪:‬‬
‫‪ )1‬مل يغلبه باألجزاء( )‪.‬‬

‫( ) ألنَّه ماء خيرج من غري عالج‪ ،‬وهذا اختيار صاحب اهلداية ‪ ، 1 :‬والتنوير ‪:‬‬
‫‪ ،‬ورشح الوقاية ص‪ ،49‬وغريهم‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬إنَّه طاهر غري مطهر‪ ،‬ولو خرج املاء بنفسه من غري عرص‬
‫رجح صاحب البحر ‪ ،9 :‬واحلصكفي يف الدر املختار ‪:‬‬ ‫كالقاطر‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫‪ ،‬والرشنباليل يف املراقي ص‪.19‬‬
‫( ) هذا هو الرشط األول للمتغري الطاهر‪ ،‬وضابط الغلبة له وجهان‪:‬‬
‫األول‪ :‬إن خالط املاء اجلامدات الطاهرات بإخراجه عن رقته وسيالنه عىل الصحيح‪.‬‬
‫ورقته‪ :‬بأنه ال ينعص عن الثوب‪ .‬وسيالنه‪ :‬بأن ال يسيل عىل األعضاء سيالن املاء‪.‬‬
‫وأما إذا بقي عىل رقته وسيالنه‪ ،‬فإنَّه ال يمنع جواز الوضوء به تغري أوصافه كلها بجامد‬
‫خالطه بدون طبخ‪ :‬كزعفران‪ ،‬وصابون‪ ،‬وأشنان‪ ،‬وفاكهة‪ ،‬وورق شجر؛ بدليل‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬عن ابن عباس ‪ ‬خر رجل من بعريه فوقص فامت‪ ،‬فقال ‪( :‬اغسلوه بامء‬
‫وسدر‪ )...‬يف صحيح مسلم ‪ ،119 :‬وصحيح البخاري ‪ ،4 9 :‬وغريها‪.‬‬
‫‌ب‪ -‬عن أم هانئ ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يوم الفتح بأعىل مكة فأتيته‬
‫فجاء أبو ذر بقصعة فيها ماء‪ ،‬قلت‪ :‬إين ألرى فيها أثر العجني‪ ،‬قالت‪ :‬فسرته أبو‬
‫ذر فاغتسل‪ ،‬ثم سرت النبي ‪ ‬أبا ذر فاغتسل) يف صحيح ابن خزيمة ‪، 4 :‬‬
‫وصحيح ابن حبان ‪ ،41 :3‬وغريمها‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إن خالط املاء املائعات‪ ،‬وله أربعة حاالت‪:‬‬
‫‪ )1‬إن ظهر وصف واحد من مائع له وصف واحد‪ ،‬فإنه ال جيوز الوضوء به‪ :‬كالقرع‪،‬‬
‫والبطيخ‪َّ ،‬‬
‫فإن ماءها ال خيالف إال يف الطعم‪ ،‬وكذلك ماء الورد‪ ،‬فإنَّه ال خيالف إال‬
‫يف الريح‪.‬‬
‫‪ )2‬إن ظهر وصف واحد‪ :‬كلون أو طعم من مائع له وصفان‪ :‬كاللبن فيه وصفان‬
‫ـ ‪52‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ )2‬ومل جيدد له اس ًام آخر( )‪.‬‬


‫حدث‪ ،‬أو أقيمت به قرب رة( )‪.‬‬
‫ر‬ ‫كل ماء أزيل به‬ ‫‪ .2‬وطاهر فقط‪ :‬وهو ّ‬

‫اللون والطعم وال رائحة له‪ ،‬فإن مل ينتقل أحد الوصفني إىل املاء‪ ،‬جاز الوضوء به‪،‬‬
‫وإن وجد أحدمها‪ ،‬مل جيز‪.‬‬
‫كاخلل له لون وطعم وريح‪ ،‬فأي‬ ‫ّ‬ ‫‪ )3‬إن ظهر وصفني من مائع له أوصاف ثالثة‪:‬‬
‫وصفني منها ظهرا منعا صحة الوضوء‪ ،‬والواحد منها ال يرض؛ لقلته‪.‬‬
‫‪ )4‬إن غلب الوزن من مائع ال وصف له خيالف املاء بلون أو طعم أو ريح‪ :‬كاملاء‬
‫املستعمل‪ ،‬فإنَّه باالستعامل مل يتغري له طعم وال لون وال ريح‪ ،‬وهو طاهر كام سبق‪،‬‬
‫وأيض ًا ماء الورد املنقطع الرائحة‪ ،‬فإن اختلط لرتان من املاء املستعمل بلرت من املاء‬
‫املطلق مل جيز الوضوء به‪ ،‬وإن استويا يف الوزن حكمه حكم املغلوب احتياط ًا‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬مراقي الفالح ص‪ ، 9- 1‬وغريها‪.‬‬
‫( ) هذا الرشط الثاين للمتغري الطاهر‪ ،‬وهو أن ال يبقى ماء‪ :‬كاملرق‪ ،‬وماء الباقالء‪،‬‬
‫واخلل‪ ،‬وسائر األرشبة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ص ‪.1‬‬ ‫ّ‬
‫ال بأحد هذين األمرين عند أيب حنيفة وأيب يوسف‬ ‫( ) يعني سبب كون املاء مستعم ً‬
‫‪ :‬أحدمها‪ :‬قصد التقرب‪ ،‬والثاين‪ :‬إزالة احلدث بال نية التقرب‪ :‬كمن توضأ يف‬
‫ربد‪ ،‬أو غسل أعضاء الوضوء للطني‪ ،‬أو للتعليم آلخر‪ ،‬أو ملس املصحف‪،‬‬ ‫إناء للت ُّ‬
‫ال عندمها‪ ،‬وقال حممد ‪ :‬ال يصري مستعم ً‬
‫ال إال بنية‬ ‫أو نحوه‪ ،‬يصري املاء مستعم ً‬
‫التقرب وإن أزال احلدث‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.1‬‬
‫ألن سقوط‬ ‫ال بمجرد انفصاله عن اجلسد عىل الصحيح؛ َّ‬‫ويصري املاء مستعم ً‬
‫حكم االستعامل قبل االنفصال؛ لرضورة التطهري‪ ،‬وال رضورة بعد انفصاله‪ ،‬هذا‬
‫اختيار صاحب اهلداية ‪ ، 2 :‬ومشى عليه يف نور اإليضاح ص‪ ، 3‬وغريها‪،‬‬
‫وقال الطحطاوي يف حاشيته ص‪ : 3‬هو ما عليه العامة‪ ،‬وصحح يف كثري من‬
‫الكتب‪ :‬إنَّه املذهب كام يف البحر‪.‬‬
‫واختار مشايخ بلخ والطحاوي والظهري املرغيناين والصدر الشهيد وفخر‬
‫ـ ‪52‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وكثِّي وقعت فيه‬


‫ر‬ ‫قليل وقعت فيه نجاس رة وإن مل تغِّيه‪،‬‬ ‫‪ .3‬ونجس‪ :‬وهو ماء ر‬
‫نجاس رة غِّيت أحد أوصافه‪ ،‬جاري ًا كان أو واقف ًا‪.‬‬
‫والكثِّي‪ :‬عرش يف عرش بذراع الكرباس( ) يف عمق ال تظهر األرض‬
‫بالغرف( )‪.‬‬
‫والقليل‪ :‬ما دونه‪.‬‬
‫واجلاري‪ :‬ما يذهب بتبنة‪.‬‬
‫والواقف‪ :‬ما دونه‪.‬‬
‫والنجاسة‪:‬‬
‫كل خارج من السبيلني من اإلنسان وغِّيه‪ ،‬إال خ ْرء احلامم‬ ‫‪ُّ .1‬‬
‫والعصفور( )‪.‬‬
‫‪ .2‬والدم والقيح والصديد( ) إذا سال إىل ّ‬
‫حمل الطهارة يف اجلملة‪ :‬يعني‬
‫يف االغتسال والوضوء‪.‬‬

‫أن املاء يصري مستعم ً‬


‫ال إذا زايل البدن واستقر يف موضع‪ .‬ينظر‪ :‬السعاية‬ ‫اإلسالم َّ‬
‫‪ ،349-341 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) وهي ست قبضات‪ ،‬وكل قبضة أربع أصابع‪ ،‬وكل إصبع ست شعريات‪ ،‬أما ذراع‬
‫املساحة فهي سبع قبضات‪ ،‬وقال العيني يف منحة السلوك ‪ :19 :‬واألصح أنَّه‬
‫يعترب يف كل زمان ومكان ذراعهم‪.‬‬
‫( ) وقيل يف حد العمق‪ :‬قدر ذراع‪ ،‬وقيل‪ :‬قدر شرب‪ ،‬وقيل‪ :‬قدر أربع أصابع مفتوحة‪،‬‬
‫وعن البزدوي بام يبلغ الكعب‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.11 :‬‬
‫فإن ُخرءها طاهر باالتفاق؛ لعدم نتنه‪ ،‬فال يفسد املاء والثوب‪ ،‬ولذلك أمجع‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫املسلمون عىل اقتناء احلاممات يف املساجد مع أمرنا بتطهريها‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك‬
‫‪ ،14 :‬وهدية الصعلوك ص‪.9‬‬
‫(‪ )4‬وهو ماء اجلرح الرقيق‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪ ، 1‬وفتح باب العناية ‪.1 :‬‬
‫ـ ‪52‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .3‬واخلمر( )‪.‬‬
‫‪ .4‬والقيء ملء الفم( )‪.‬‬
‫‪ .5‬وخرء ما ال يؤكل حلمه من الطِّي ينجس املاء( )‪ ،‬ال الثوب حتى‬
‫يفحش( )‪.‬‬
‫معفو عنه يف الطعام والثوب‪ ،‬ال يف املاء( )‪.‬‬
‫ر‬ ‫وخرء الفأرة وبوله‬

‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭼ [املائدة‪]29 :‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن للفم حكم اخلارج حتى ال يفطر الصائم باملضمضة‪ ،‬وله حكم الداخل حتى‬
‫ال يفطر بابتالع يشء من بني أسنانه مثل الريق‪ ،‬فال يعطى له حكم اخلارج ما مل‬
‫يمأل الفم‪ .‬وحد ملء الفم‪ :‬ما ال يمكن ضبطه إال بكلفة عىل األصح‪ ،‬وهذا ما‬
‫مشى عليه يف اهلداية واالختيار واخلالصة وصححه فخر اإلسالم وقايض خان‬
‫والزيلعي يف التبيني ‪ ،1 :‬وقيل‪ :‬ما ال يقدر عىل إمساكه‪ ،‬قال يف البدائع‪ :‬عليه‬
‫اعتمد الشيخ أبو منصور وهو الصحيح‪ ،‬ويف احللية‪ :‬األول هو األشبه‪ .‬ينظر‪ :‬رد‬
‫املحتار ‪ ، 39 :‬واملشكاة ص‪.32‬‬
‫(‪ )3‬إلمكانه التحامي عنها بتغطية األواين‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.9‬‬
‫ألَّنا تذرف من اهلواء فال يمكن االحرتاز عنها‪ ،‬وحد الفحش‪ :‬قيل‪ :‬مقدار شرب يف‬
‫(‪َّ )4‬‬
‫شرب‪ ،‬وقيل‪ :‬ذراع يف ذراع‪ ،‬وقيل‪ :‬أكثر من نصف‪ ،‬وعند أيب حنيفة ‪ :‬ما‬
‫تستفحشه الناس‪ ،‬والصحيح ربع الثوب؛ َّ‬
‫ألن الربع يقوم مقام الكل يف كثري من‬
‫األحكام‪ :‬كحلق ربع الرأس يف اإلحرام‪ ،‬وكشف ربع العورة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪،9‬‬
‫واملنحة ص‪.93‬‬
‫ألن ا لفأرة غالب ًا خترج يف الليايل‪ ،‬وتدخل كل فرجة‬
‫(‪ )9‬لعدم إمكان التحامي عنه؛ َّ‬
‫جتد فيها رائحة الطعام‪ ،‬بخالف املاء‪ ،‬فإنَّه يمكن االحرتاز عنه بالتغطية‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫املنحة ‪ ،93‬واهلدية ‪.1‬‬
‫ـ ‪52‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عفو‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودم ِ‬


‫البق والرباغيث والسمك( ) ر‬
‫وشعر امليتة‪ ،‬وك ُّل جزء منها ال حياة فيه( ) طاهر‪.‬‬
‫وشعر اخلنزير وسائر أجزائه نجس( )‪ ،‬ور ِخص اخلرز بشعره( )‪.‬‬

‫ألن دم السمك ليس بدم يف احلقيقة‪ ،‬إذ الدم إذا شمس اسو ّد‪ ،‬ودم السمك تبيض‬ ‫( ) َّ‬
‫باجلفاف‪ ،‬وهلذا ال يذبح‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.1‬‬
‫( ) أي مما ال دسومة فيه‪ :‬كالعظم‪ ،‬والعصب‪ ،‬واحلافر‪ ،‬والقرن‪ .‬ينظر‪ :‬الوقاية‬
‫ص ‪ ، 2‬والدر املختار ‪. 31 :‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪ :‬ﭽﮫ ﮬﮭ ﮮﮯ ﭼ [األنعام‪.]142 :‬‬
‫ألن خرز النعال واألخفاف الرفيعة ال يتأتى إال به‪ ،‬فكان فيه رضورة‪ ،‬ثم ال حاجة‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫إىل رشائه؛ ألنَّه يوجد مباح األصل‪ ،‬ففي اجلامع الصغري ص‪« :3 1‬وال جيوز بيع‬
‫شعر اخلنزير وجيوز االنتفاع به للخزر»‪ .‬وقال الفقيه أبو الليث‪ :‬إن كانت األساكفة‬
‫ال جيدون اخلنزير إال بالرشاء‪ ،‬ينبغي أن جيوز هلم الرشاء‪ ،‬وال بأس لألساكفة أن‬
‫يصلوا مع شعر اخلنزير وإن كان أكثر من قدر الدرهم‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ .9 :4‬ويف‬
‫ألن غريه ال يعمل عمله‪.‬‬‫العناية ‪« :4 9 :1‬وجيوز االنتفاع به للخرز للرضورة؛ َّ‬
‫فإن قيل‪ :‬إذا كان كذلك وجب أن جيوز بيعه‪ ،‬أجاب‪ :‬بأنَّه يوجد مباح األصل فال‬
‫رضورة إىل بيعه وعىل هذا قيل‪ :‬إذا كان ال يوجد إال بالبيع لكن الثمن ال يطيب‬
‫للبائع»‪ .‬ومثله يف جممع األَّنر ‪ ،94 :‬ويف رد املحتار ‪« :93-9 :9‬وقال‬
‫الزيلعي‪ :‬إطالق االنتفاع به دليل طهارته‪ ،‬وهذا يفيد عدم تقييد حل االنتفاع به‬
‫بالرضورة‪ ،‬ويفيد جواز بيعه؛ ولذا قال يف النهر‪ :‬وينبغي أن يطيب للبائع الثمن‬
‫عىل قول حممد ‪ ...‬أما يف زماننا فال حاجة إليه؛ لالستغناء عنه باملخارز واإلبر‪،‬‬
‫قال يف البحر‪ :‬ظاهر كالمهم منع االنتفاع به عند عدم الرضورة بأن أمكن اخلرز‬
‫بغريه»‪.‬‬
‫الرسم املصنوعة من شعر‬ ‫ومن هذه النصوص ُيفهم أنَّه جيوز االنتفاع بريشة َّ‬
‫اخلنزير عىل قول حممد ‪ ‬وكذا بي ُعها مع طيب ال ّثمن للبائع‪ ،‬وعند غريه فال جيوز‬
‫ـ ‪09‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وعظم( ) الفيل طاهر( )‪.‬‬


‫وكل إهاب دبغ طهر( )‪ ،‬إال جلد اخلنزير واآلدمي‪.‬‬‫ُّ‬
‫[أحكام اآلسار]‬
‫وسؤر اآلدمي طاهر إال حال رشبه اخلمر( )‪.‬‬
‫وسؤر الفرس وما يؤكل حلمه طاهر( )‪.‬‬

‫االنتفاع إال للرضورة بأن كان غريها ال يعمل عملها فيجوز لكن ال يطيب الثمن‬
‫للبائع‪ ،‬واهلل أعلم وعلمه أحكم‪.‬‬
‫( ) يف أ‪ :‬وشعر‪.‬‬
‫( ) هذا عند أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬فيجوز بيع عظمه واالنتفاع به‪ ،‬ويطهر جلده‬
‫بالدباغة وحلمه بالذكاة كسائر السباع‪ ،‬ولكن ال يؤكل حلمه؛ حلرمته‪ ،‬وقال حممد‬
‫‪ :‬إنَّه نجس العني؛ ألنَّه كاخلنزير يف الشكل وحرمة اللحم‪ ،‬فال ينتفع بيشء من‬
‫أجزائه‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪ ،1‬وبدائع الصنائع ‪ ، 4 :9‬ويف جممع األَّنر‬
‫‪ :94 :‬واملختار قوهلام‪.‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪( :‬أيام إهاب دبغ فقد طهر) يف صحيح مسلم ‪ ، 99 :‬وصحيح ابن‬
‫حبان ‪ ، 24 :4‬وغريها‪ ،‬أما جلد اخلنزير فال يطهر بالدباغة؛ لنجاسة عينه‪ ،‬وجلد‬
‫اآلدمي؛ لكرامته‪ ،‬والدباغة‪ :‬هي إزالة رائحة النتن والرطوبات النجسة من اجللد‪،‬‬
‫سواء كان بالرتاب أو الشمس‪ ،‬أو باألدوية كال َقرظ‪ .‬ينظر‪ :‬غنية املستميل‬
‫ص‪ ، 91‬ورشح الوقاية ص‪. 2 - 22‬‬
‫(‪ )4‬فإن مىض ساعة بعد رشبه‪ ،‬أو أنقى فاه باملاء‪ ،‬أو ابتلع ريقه ثالث مرات‪ ،‬طهر فمه‬
‫عند أيب حنيفة ‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.4‬‬
‫(‪َّ )9‬‬
‫ألن لعابه متولد من حلمه‪ ،‬وهو طاهر‪ ،‬وحرمته للتكريم؛ لكونه آلة اجلهاد‪،‬‬
‫فصارت حرمته كحرمة حلم اآلدمي‪ ،‬أال ترى َّ‬
‫أن لبنه حالل‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة‬
‫‪.‬‬ ‫ص‬
‫ـ ‪01‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وسؤر اخلنزير والكلب وسباع البهائم نجس( )‪.‬‬


‫وسؤر اهلرة( )‪ ،‬والدجاجة املخالّة( )‪ ،‬واإلبل والبقر اجلالّلة( )‪ ،‬واحل ّية‬

‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ [األنعام‪ ،]142 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‬


‫‪( :‬إذا ولغ الكلب يف إناء أحدكم فلريقه ثم ليغسله سبع مرار) يف صحيح مسلم‬
‫‪. 34 :‬‬
‫فإن نجاسته تسقط؛ لعلة الطواف املنصوص عليها؛ فعن كبشة بنت كعب بن‬ ‫( ) َّ‬
‫إن أبا قتادة ‪ ‬دخل عليها‬‫مالك ريض اهلل عنها‪ ،‬وكانت حتت ابن أيب قتادة ‪َّ ( :‬‬
‫فسكبت له وضوء ًا‪ ،‬فجاءت هرة ترشب منه‪ ،‬فأصغى هلا اإلناء حتى رشبت‪ ،‬قالت‬
‫كبشة‪ :‬فرآين أنظر إليه‪ ،‬فقال‪ :‬أتعجبني يا ابنة أخي؟ قالت‪ :‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫رسول اهلل ‪ ‬قال‪َّ :‬إَّنا ليست بنجس‪َّ ،‬إَّنا من الطوافني عليكم أو الطوافات) يف‬
‫صحيح ابن خزيمة ‪ ،99 :‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 9 :4‬وسنن الرتمذي ‪:‬‬
‫‪ ، 9‬وصححه‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهي التي جتول يف القاذورات‪ ،‬ال يعلم طهارة منقارها من نجاسته‪ ،‬فكره سؤرها‬
‫تنزهي ًا‪ ،‬وأما التي حتبس يف بيت وتعلف فال يكره سؤرها؛ َّ‬
‫ألَّنا ال جتد عذرات‬
‫غريها حتى جتول فيها‪ ،‬وهي يف عذرات نفسها ال جتول‪ ،‬بل تالحظ احلب بينه‪.‬‬
‫ينظر‪:‬رد املحتار ‪ ، 44 :‬وغريه‪.‬‬
‫ألن رسول اهلل ‪َّ( ‬نى عن أكل حلوم اجلاللة وألباَّنا) يف جامع الرتمذي ‪:4‬‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫‪ ، 92‬وحسنه‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 41 :4‬وصحيح ابن حبان ‪، 2 :‬‬
‫واجلاللة‪ :‬هي التي تعتاد أكل اجليف والنجاسات‪ ،‬وال ختلط فيتغري حلمها فيكون‬
‫منتن ًا‪ ،‬ولو حبست حتى يزول النتن حلت‪ ،‬ومل تقدر لذلك مدة يف األصل‪ ،‬وهذه‬
‫اجلاللة املكروهة هي التي إذا قربت وجدت منها رائحة فال تؤكل وال يرشب‬
‫لبنها‪ ،‬وأما التي ختلط بأن تتناول النجاسة واجليف‪ ،‬وتتناول غريها عىل وجه ال‬
‫يظهر أثر ذلك يف حلمها‪ ،‬فال بأس به‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ،34 :1‬والتبيني ‪، :1‬‬
‫والبحر الرائق ‪ ، 21 :1‬والبيان ص‪ ، 19- 14‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪05‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والعقرب والفأرة( )‪ ،‬وسباع الطِّي( ) مكروه‪.‬‬


‫ماء غِّيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫مشكوك يف طهوريته‪ ،‬فإن مل جيد ً‬ ‫طاهر‬
‫ر‬ ‫وسؤر البغل واحلامر‬
‫ّ‬
‫توضأ به وتيمم( )‪.‬‬

‫فصل‬
‫يف الوضوء والغسل‬
‫فروض الوضوء أربع رة ‪:‬‬
‫( )‬

‫ألَّنا من الطوافني والطوافات مع حرمة حلمها النجس‪ ،‬بخالف العقرب‬ ‫( ) َّ‬


‫والرصرص؛ لعدم نجاستها فال كراهة فيه‪ .‬ينظر‪ :‬مراقي الفالح ص ‪.3‬‬
‫ألَّنا ختالط امليتات والنجاسات‪ ،‬فأشبهت الدجاجة املخالة‪ ،‬حتى لو تيقن أنَّه ال‬ ‫( ) َّ‬
‫نجاسة عىل منقارها ال يكره سؤرها‪ .‬ينظر‪ :‬املراقي ص ‪ ،3‬واملشكاة ص‪، 3‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫إن النبي‬ ‫(‪ )3‬وجيوز له أن يقدم أهيام شاء‪ ،‬والشك لتعارض األدلة ومنها‪ :‬عن أنس ‪َّ ،‬‬
‫فإَّنا‬
‫إن اهلل ورسوله ينهاكم عن حلوم احلمر األهلية‪َّ ،‬‬ ‫‪ ‬أمر منادي ًا فنادى‪َّ ( :‬‬
‫وإَّنا لتفور باللحم) يف صحيح مسلم ‪ ، 934 :3‬وهذا‬ ‫رجس‪ ،‬فأكفئت القدور‪َّ ،‬‬
‫ألن نجاسته وطهارته معتربة بطهارة‬ ‫يدل عىل حرمة اللحم فيتنجس السؤر أيض ًا؛ َّ‬
‫اللعاب ونجاسته‪ ،‬ونجاسته وطهارته معترب باللحم‪ ،‬وعن غالب بن األجر ‪‬‬
‫قال‪ :‬سألت رسول اهلل ‪ ‬فقلت‪ :‬إنَّه مل يبق من مايل إال األمحرة‪ ،‬فقال‪( :‬أطعم‬
‫أهلك من سمني مالك‪ ،‬إ َّنام كرهت لكم جوالة القرية) يف سنن أيب داود ‪، 91 :3‬‬
‫واملعجم الكبري ‪ ، 11 : 1‬وهذا يدل عىل إباحة حلمه املستلزمة لطهارة لعابه‪،‬‬
‫املستلزمة لطهارة سؤره‪.‬‬
‫(‪ )4‬كام يف قوله ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛﭜﭝﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭼ [املائدة‪.]2 :‬‬
‫ـ ‪00‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫األول‪ :‬غسل الوجه‪ :‬وهو من منبت الناصية إىل أسفل الذقن طوالً‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫شحمة األذن عرض ًا‪.‬‬ ‫ومن شحمة األذن إىل‬
‫وجيب غسل الشعر الساتر للخدين والذقن‪ ،‬وال جيب غسل ما حتته‬
‫وحتت الشارب واحلاجب وما نزل من اللحية‪ ،‬أما البياض الذي بني ِ‬
‫العذار‬
‫( )‬
‫ّ‬
‫واألذن‪ ،‬فيجب غسله( )‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬غسل اليدين مع املرفقني( )‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬مسح ربع الرأس( )‪.‬‬

‫( ) العذار‪ :‬استواء شعر الغالم‪ ،‬وهي ّ‬


‫خط حليته‪ .‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪. 199 :4‬‬
‫) ( أل َّن البياض داخل يف حدّ الوجه‪ ،‬ومل يسرت بالشعر‪ ،‬فبقي واجب الغسل كام كان‪،‬‬
‫وهذا عند أيب حنيفة وحممد ‪ ،‬وعليه أكثر املشايخ‪ ،‬قال احلصكفي يف الدر‬
‫املختار ‪ :11 :‬وبه يفتى‪ .‬وقال ابن عابدين يف رد املحتار ‪ :11 :‬وهو ظاهر‬
‫املذهب‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬وعليه أكثر املشايخ‪ .‬وروي عن أيب يوسف ‪ :‬أنَّه ال‬
‫ألن ما حتت العذار ال جيب غسله مع أنَّه أقرب إىل الوجه‪ ،‬فألن ال جيب‬ ‫جيب؛ َّ‬
‫غسل البياض أوىل‪ ،‬وذكر احللواين‪ :‬يكفيه أن يبل ما بني العذار واألذن‪ ،‬وهذا‬
‫ألن غسله واجب عليهم اتفاق ًا‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪:‬‬
‫اخلالف يف غري املرأة واألمرد؛ َّ‬
‫‪ ،4‬واالختيار ‪ ، 3 :‬وفتح باب العناية ‪ ،4 :‬ورشح الوقاية ص‪ ،93‬واملراقي‬
‫ص‪ ،41‬و الدر املنتقى ‪ ، 2 :‬وغريها‪.‬‬
‫ألن األمر تع ّلق بغسل اليد‪ ،‬واليد اسم هلذه اجلارحة من رءوس األصابع إىل‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫اإلبط‪ ،‬ولوال ذكر املرفق لوجب غسل اليد كلها‪ ،‬فكان ذكر املرفق إلسقاط احلكم‬
‫ال باللفظ‬ ‫عام وراءه‪ ،‬ال ملد احلكم إليه؛ لدخوله حتت مطلق اسم اليد‪ ،‬فيكون عم ً‬
‫بالقدر املمكن‪ .‬ينظر‪ :‬البناية ‪ ، 24 :‬وعمدة الرعاية ‪ ،99 :‬وغريها‪.‬‬
‫إن النبي ‪( :‬توضأ فمسح بناصيته وعىل العاممة وعىل اخلفني) يف‬‫(‪ )4‬فعن املغرية ‪َّ ‬‬
‫غري مراد‪.‬‬
‫االستيعاب ُ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫صحيح مسلم ‪َّ ، 3 :‬‬
‫فدل عىل َّ‬
‫ـ ‪04‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والرابع‪ :‬غسل الرجلني مع الكعبني‪ ،‬والدواء يف شقوقهام يصح معه‬


‫الوضوء( )‪.‬‬
‫وسننه عرشون‪:‬‬
‫‪ .1‬الن ّية( )‪.‬‬
‫‪ .2‬والتسمية( )‪.‬‬
‫الرسغني ثالث ًا للقائم من نومه( )‪.‬‬
‫‪ .3‬وغسل اليدين إىل ُّ‬

‫ألن الشقوق مثل اجلراحة‪ ،‬فال يمنع صحة الوضوء‪ ،‬بخالف ما إذا كان حتت‬ ‫( ) َّ‬
‫أظافره وسخ أو عجني؛ لعدم الرضورة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.14 :‬‬
‫( ) بأن يقصد بالقلب الوضوء‪ ،‬أو رفع احلدث‪ ،‬أو عبادة ال تصح إال بالطهارة؛ لقوله‬
‫األعامل بالنيات) يف صحيح البخاري ‪ ،3 :‬وصحيح مسلم ‪، 9 9 :3‬‬ ‫ُ‬ ‫‪( :‬إِنَّام‬
‫ألن الثواب منوط بالنية اتِّفاق ًا‪ ،‬فال ُبدَّ أن‬
‫وعدم توقف صحة الوضوء عىل النية؛ َّ‬
‫ُ‬
‫يشمل ال َّثواب‪ ،‬نحو‪ :‬حكم األعامل بالن ّيات‪ ،‬فإن ُقدِّ َر‬ ‫ُيقدَّ َر ال َّثواب‪ ،‬أو ُيقدَّ َر يشء‬
‫وأخروي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫كالص َّحة‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫واب فظاهر‪ ،‬وإن ُقدِّ َر احلكم‪ ،‬فهو نوعان‪ :‬دنيوي‪:‬‬ ‫ال َّث َ‬
‫واآلخروي مرا ٌد باإلمجاع‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،99 :‬واالختيار ‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫كال َّثواب‪،‬‬
‫‪ ، 9‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( : ‬ال صالة ملن ال وضوء له‪ ،‬وال وضوء ملن مل يذكر اسم‬
‫اهلل عليه) يف املستدرك ‪ ، 41 :‬وصححه‪ ،‬وسنن الرتمذي ‪ ،31 :‬وعن أيب‬
‫سعيد اخلدري ‪ ‬قال ‪( :‬ال وضوء ملن مل يذكر اسم اهلل عليه) يف سنن الدارمي‬
‫‪ ، 19 :‬ومسند عبد بن محيد ‪ ، 19 :‬وغريها‪ ،‬واملراد نفي الفضيلة والكامل‪،‬‬
‫كام يف منحة السلوك ‪.14 :‬‬
‫(‪ )4‬أما ما عليه األكثر فإنَّه يسن غسل اليدين مطلق ًا قبل إدخاهلام اإلناء‪ ،‬كام يف البحر ‪:‬‬
‫‪ 9‬وصححه قايض خان يف فتاواه ‪ ،3 :‬واختاره احلصكفي يف الدر املختار ‪:‬‬
‫‪ ،99‬وعند بعض املشايخ‪ :‬سنة قبل االستنجاء‪ ،‬وعند البعض‪ :‬بعده‪ .‬ينظر‪ :‬رشح‬
‫الوقاية ص‪ ،94‬وغريه‪.‬‬
‫ـ ‪02‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والرتتيب( )‪.‬‬ ‫‪.4‬‬


‫واملواالة( )‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫والسواك( )‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫واملضمضة( )‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫نص عليه يف القرآن الكريم‪ ،‬والواو فيه للجمع ال‬


‫( ) وهذا يف األعضاء املفروضة كام ّ‬
‫وألن النبي ‪ ‬واظب عىل الرتتيب‪ ،‬وهذا دليل السنية‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع‬‫َّ‬ ‫للرتتيب؛‬
‫‪ ،‬وغريه‪.‬‬ ‫الصنائع ‪:‬‬
‫( ) وهو أن يغسل أعضاءه عىل سبيل التعاقب بحيث ال يغسل العضو الثاين قبل‬
‫ِ‬
‫باملنديل قبل‬ ‫ف الوجه‪َ ،‬أو اليد‬
‫جفاف العضو األول عند اعتدال اهلواء‪ ،‬فلو ج َّف َ‬
‫غسل الرجل مل يرتك الوالء‪ ،‬بخالف ما يف التُّحفة ‪ ، 3 :‬واالختيار ‪، 9 :‬‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫الوجه لو ج َّف َ‬ ‫ِ‬
‫األفعال بغريها‪ ،‬فإ َّن ُه عىل هذا‬ ‫َ‬
‫يشتغل بني‬ ‫واملصفى‪ :‬من أن ال‬
‫بعض املشايخ‪ ،‬كام يف جامع الرموز ‪ ، 2- 4 :‬وصحح‬ ‫َ‬
‫لرتك؛ ولذا َمن ََع عنه ُ‬
‫اللكنوي يف الكالم اجلليل فيام يتعلق باملنديل ص‪ : 3‬عدم تركه للوالء‪.‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪( :‬ولوال أن أشق عىل أمتي ألمرهتم بالسواك عند كل وضوء) يف صحيح‬
‫البخاري ‪ ،11 :‬فامتناع الوجوب المتناع األمر لوجود املشقة فإنَّه ثبت ما دون‬
‫الوجوب‪ ،‬وهو السنة؛ لعدم املانع وهو املشقة‪ ،‬كام يف منحة السلوك ‪ ،19 :‬ويقوم‬
‫مقام السواك عند فقده أو فقد أسنانه ِ‬
‫اخلرقة اخلشنة أو األصبع‪ ،‬كام يقوم العلك‬
‫مقامه يف الثواب للمرأة مع القدرة عليه إذا وجدت النية‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية العالئية‬
‫ص‪ ، 4‬واملشكاة ص‪. 4‬‬
‫أن‬‫(‪ )4‬أي ثالث ًا بامء جديد لكل مضمضة؛ فعن طلحة بن مرصف عن أبيه عن جده‪َّ ( :‬‬
‫ٍ‬
‫واحدة ما ًء‬ ‫يأخذ ِّ‬
‫لكل‬ ‫ُ‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬توضأ فتمضمض ثالث ًا‪ ،‬واستنشق ثالث ًا‬
‫جديد ًا) يف املعجم الكبري ‪، 12 : 4‬وحدُّ املضمضة‪:‬استيعاب مجيع الفم‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫فتح باب العناية ‪.39 :‬‬
‫ـ ‪02‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .8‬واالستنشاق( )‪.‬‬
‫‪ .9‬واملبالغة فيهام للمفطر( )‪.‬‬
‫‪ .11‬والبداءة بامليامن( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫اليدين‪...‬‬ ‫‪ .11‬والبداءة يف غسل‬
‫والرجلني من رؤوس األصابع( )‪.‬‬‫ِ‬ ‫‪... .12‬‬
‫ِ‬
‫اللحية( )‪.‬‬ ‫‪ .13‬وختليل‬
‫( ) أي ثالث ًا بامء جديد يف كل مرة‪ ،‬وحدّ ه‪ :‬أن يصل املاء إىل ِ‬
‫املارن‪ .‬ينظر‪ :‬الوقاية‬
‫ص‪ ،12‬واملشكاة ص‪. 2‬‬
‫( ) أي املبالغة يف املضمضة‪ ،‬بأن يوصل املاء إىل رأس احللق‪ ،‬واملبالغة يف االستنشاق‬
‫املارن‪ ،‬كام يف فتح باب العناية ‪39 :‬؛ لقوله ‪( :‬بالغ يف‬ ‫بأن جياوز املاء ِ‬
‫االستنشاق إال أن تكون صائ ًام) يف سنن أيب داود ‪ ،1 :‬وسنن الرتمذي ‪:3‬‬
‫‪ ، 99‬وصححه‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة ‪.91 :‬‬
‫توضأتم فابدؤوا بميامنكم)‬‫(‪ )3‬بأن يبتدئ باليمني يف غسل األعضاء؛ لقوله ‪( :‬إذا َّ‬
‫يف صحيح ابن حبان‪ ،392 :3‬وسنن ابن ماجه ‪ ، 4 :‬وعن عائشة ‪ ‬قالت‪:‬‬
‫ليحب التيمن يف طهوره إذا تطهر‪ ،‬ويف ترجله إذا ترجل‪ ،‬ويف‬‫ُّ‬ ‫كان رسول اهلل ‪‬‬
‫انتعاله إذا انتعل) يف صحيح البخاري ‪ ، 19 :‬وصحيح مسلم ‪ ، 1 :‬واللفظ‬
‫له‪ ،‬قال القاري يف فتح باب العناية ‪« :99 :‬واألصح أن التيامن سنة»‪ ،‬لكن مشى‬
‫عىل استحبابه يف الوقاية ص‪ ،14‬والنقاية ‪ ،99 :‬وامللتقى ‪ ، 1 :‬وغريها‪.‬‬
‫النص‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫(‪ )4‬يعني يسيل املاء من رؤوسها إىل املرفقني والكعبني ملا يفهم من عبارة ّ‬
‫هدية الصعلوك ص‪. 3‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان إذا توضأ أخذ كف ًا من ماء فأدخله حتت‬ ‫(‪ )9‬فعن أنس ‪َّ ( :‬‬
‫عز وجل) يف سنن أيب داود ‪،31 :‬‬ ‫حنكه فخ َّل َل به حليته‪ ،‬وقال‪ :‬هكذا أمرين ريب َّ‬
‫‪ ،‬وقال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ : 39 :‬رجاله وثقوا‪.‬‬ ‫واملعجم األوسط ‪:3‬‬
‫قال العالمة ابن عابدين يف رد املحتار ‪« :94 :‬واملتبادر منه إدخال اليد من أسفل‬
‫ـ ‪02‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪... .14‬واألصاب ِع( )‪.‬‬


‫‪ .15‬وحتريك اخلاتم الضيق( )‪.‬‬
‫الرأس( )‪.‬‬
‫كل ّ‬ ‫‪ .16‬ومسح ّ‬
‫‪ .17‬والبداءة فيه من مقدمه( )‪.‬‬

‫كف اليد للداخل من جهة العنق‪ ،‬وظهرها إىل اخلارج؛ ليمكن‬ ‫بحيث يكون ّ‬
‫إدخال املاء املأخوذ يف خالل الشعر‪ ،‬والتخليل يكون باليد اليمنى»‪.‬‬
‫وختليل اللحية سنة عند أيب يوسف ‪ ،‬وجائز عند أيب حنيفة وحممد ‪ ،‬كام‬
‫يف اهلداية ‪ ، 3 :‬واللباب رشح الكتاب ‪ ، 2 :‬ومنح الغفارق‪/9‬ب‪ ،‬وقال‬
‫صاحب الفتاوى الرساجية ‪ :4 :‬واملختار قول أيب يوسف ‪ .‬وقال احللبي يف‬
‫رجحه يف املبسوط‪،‬‬ ‫ترج ُح قول أيب يوسف‪ ،‬وقد َّ‬ ‫غنية املستميل ص‪ : 3‬واألدلة ِّ‬
‫وهو الصحيح‪ .‬وقال العيني يف منحة السلوك ‪ :14 :‬والصحيح قول أيب يوسف‬
‫‪.‬‬
‫( ) أي ختليل أصابع اليد والرجل؛ لقوله ‪( :‬أسبغ الوضوء وخلل بني األصابع) يف‬
‫صحيح ابن حبان‪ ،311 :3‬واملستدرك ‪ ، 41 :‬وجامع الرتمذي‪، 99 :3‬‬
‫وكيفية ختليل أصابع اليد‪ :‬أن يش ِّبك األصابع‪ ،‬والرجل‪ :‬أن خيلل بخنرص يده‬
‫اليرسى بادي ًا من خنرص رجله اليمنى خامت ًا بخنرص رجله اليرسى‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة‬
‫الرعاية ‪ ،14 :‬وهدية الصعلوك ص‪. 3‬‬
‫( ) ليصل املاء إىل ما حتته‪ ،‬وأما اخلاتم الواسع فال حيتاج إىل التحريك؛ لوصول املاء‬
‫حتته بال حتريك‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ،14 :‬وينبغي االنتباه إىل إيصال املاء إىل ما حتت‬
‫اخلاتم؛ ألنَّه إن مل يصل ال يصح الوضوء؛ لفرضية وصول املاء إىل كل جزء من‬
‫أعضاء الوضوء‪.‬‬
‫مرة واحدة؛ إلكامل الفرض‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 3‬‬ ‫(‪ )3‬أي ّ‬
‫(‪ )4‬أي البداية من مقدمة رأسه‪ ،‬بأن يضع كفيه وأصابعه عىل مقدِّ م رأسه ويمدّ مها إىل‬
‫القفا عىل وجه يستوعب مجيع الرأس‪ ،‬ثم يمسح أذنيه بأصبعه‪ ،‬وال يكون املاء‬
‫ـ ‪02‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .18‬ومسح األذنني( )‪.‬‬


‫‪... .19‬والر ِ‬
‫قبة( )‪.‬‬

‫ألن االستيعاب بامء واحد ال يكون إال هبذه الطريقة‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني‬ ‫ال هبذا؛ َّ‬
‫مستعم ً‬
‫احلقائق ‪ ،9 :‬ورد املحتار ‪.1 :‬‬
‫( ) أي باملاء املأخوذ ملسح الرأس كام سبق‪ ،‬فيمسح داخلهام بالسبابتني وظاهرمها‬
‫أن رسول اهلل ‪‬‬ ‫باإلهبامني‪ ،‬كام يف عمدة الرعاية ‪14 :‬؛ فعن ابن عباس ‪َّ ( :‬‬
‫توضأ ‪ ...‬ثم غرف غرفة‪ ،‬فمسح برأسه وأذنيه داخلهام بالسبابتني عدا بإهباميه إىل‬
‫ظاهر اليرسى فمسح ظاهرمها وباطنهام) يف صحيح ابن حبان ‪ ،319 :3‬وصحيح‬
‫ابن خزيمة ‪ ،99 :‬وعن عبد اهلل بن زيد ‪ ،‬قال ‪( :‬األذنان من الرأس) يف‬
‫سنن ابن ماجة ‪ ، 9 :‬وقال الكناين يف املصباح ‪:19 :‬إسناده حسن‪،‬وقال‬
‫القاري فتح باب العناية ‪ :99 :‬إسناده صحيح‪ ،‬ومثله عن ابن عباس وابن عمر‬
‫‪ ‬عنه ‪.‬‬
‫( ) أي مسح الرقبة ال احللقوم؛ ملا ورد فيها من اآلثار التي يعضد بعضها بعض ًا‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬عن طلحة بن مرصف عن أبيه عن جده ‪( :‬رأيت رسول اهلل ‪ ‬يمسح‬
‫رأسه مرة واحدة حتى بلغ ال َق َذال)‪ ،‬ويف رواية‪( :‬أول القفا) يف مسند أمحد‪:3‬‬
‫‪ ،41‬وسنن أيب داود ‪ ،3 :‬ورشح معاين اآلثار ‪ ،32 :‬واملعجم الكبري‪: 4‬‬
‫‪ ، 1‬والسنن الكبري للبيهقي ‪ ،12 :‬وتاريخ بغداد‪ ، 14 :1‬وقد أثبت املجد ابن‬
‫مؤخر الرأس‪ ،‬كام يف اللسان‪:9‬‬ ‫تيمية هبذا احلديث مسح الرقبة‪ .‬وال َق َذال‪ :‬هو مجاع ِّ‬
‫‪ ،391‬وقال ‪( :‬مسح الرقبة أمان من ال ُغ ّل يوم القيامة) قال العراقي يف ختريج‬
‫أحاديث اإلحياء ‪ : 94 :‬سنده ضعيف‪ .‬وقال القاري يف األرسار املرفوعة يف‬
‫األخبار املوضوعة ص‪ :434‬سنده ضعيف‪ ،‬والضعيف يعمل به يف فضائل‬
‫األعامل‪ ،‬ولذا قال أئمتنا‪ :‬أنَّه مستحب‪ ،‬أو سنة‪ .‬ومتام الكالم عىل األحاديث يف‬
‫مسح الرقبة يف حتفة الطلبة يف حتقيق مسح الرقبة للكنوي‪ ،‬وحاشيتها حتفة الكملة‬
‫عىل حوايش حتفة الطلبة‪ ،‬بتحقيقي‪.‬‬
‫ـ ‪02‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .21‬وتثليث كل غسل( )‪.‬‬


‫وفروض الغسل مخسة‪:‬‬
‫‪ .1‬املضمضة‪.‬‬
‫‪ .2‬واالستنشاق( )‪.‬‬
‫‪ .3‬وغسل سائر البدن( )‪.‬‬

‫وقال بسنية مسح الفقيه أبو جعفر ‪ ‬واختاره املصنف‪ ،‬والرشنباليل يف املراقي‬
‫ص‪ ، 2‬وينظر‪ :‬الوشاح عىل نور اإليضاح ص‪ ،44‬وإليه يميل الكاشغري يف‬
‫منية املصيل ص‪ ،9-1‬ويف اخلالصة‪ :‬إنَّه أدب‪ ،‬قال الزييل يف اهلدية ص‪: 3‬‬
‫واملختار أنَّه مستحب‪ .‬وهذا ما عليه عامة الكتب املعتمدة‪ :‬كالوقاية ص ‪،19‬‬
‫والنقاية ص‪ ،99‬وامللتقى ‪ ، 1 :‬وينظر‪ :‬حتفة الطلبة ص‪.31‬‬
‫( ) أي يف األعضاء التي تغسل؛ إذ ال يطلب تثليث املسح‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪.12 :‬‬
‫عيل ‪:‬‬ ‫وقال صاحب التاتارخانية ق ‪/‬ب‪ :‬إذا زاد عن الثالث فهو بدعة؛ فعن ٍّ‬
‫مر ًة واحدةً‪ ،‬وقال‪ :‬هكذا وضو ُء‬‫رأس ُه ّ‬
‫ومسح َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فغسل أعضاءه ثالث ًا‪،‬‬ ‫توضأ‬
‫(أنَّه َّ‬
‫رسول اهلل ‪ )‬يف صحيح البخاري ‪.1 :‬‬ ‫ِ‬
‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ [املائدة‪ :]2 :‬أي فطهروا أبدانكم‪ُّ ،‬‬
‫فكل ما‬
‫فإَّنام يغسالن عادة‬
‫أمكن تطهريه جيب غسله‪ ،‬وباطن الفم واألنف يمكن غسله‪َّ ،‬‬
‫ال يف الوضوء وفرض ًا يف اجلنابة‪ ،‬كام يف تبيني احلقائق ‪ ، 3 :‬وعن ابن‬‫وعبادة نف ً‬
‫عباس ‪« :‬إذا اغتسل الرجل من اجلنابة ومل يتمضمض ومل يستنشق‪ ،‬فليعد‬
‫الوضوء وان ترك ذلك يف الوضوء مل يعد» يف اآلثار ‪ ، 3 :‬قال التهانوي يف إعالء‬
‫السنن ‪ : 13 :‬احلديث حسن صالح لالحتجاج‪ ،‬و له شاهد صحيح من مرسل‬
‫ابن سريين وهو (س َّن رسول اهلل ‪ ‬االستنشاق يف اجلنابة ثالث ًا) يف سنن‬
‫الدارقطني ‪ ، 9 :‬وصوبه البيهقي وصححه كام يف إعالء السنن ‪. 13 :‬‬
‫(‪ )3‬فعن أيب هريرة‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وأيب أيوب األنصاري‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وغريهم ‪ ‬بألفاظ‬
‫متقاربة‪ ،‬قال ‪( :‬حتت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البرش) يف جامع‬
‫ـ ‪49‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .4‬وإيصال املاء إىل باطن الرسة( )‪.‬‬


‫الرجل وإن كان مضفور ًا( )‪ ،‬بخالف ضفائر املرأة( )‪.‬‬ ‫‪ .5‬وإىل أثناء شعر ّ‬
‫ست‪:‬‬
‫وسننه ر‬
‫‪ .1‬أن يبدأ بغسل يديه( )‪.‬‬

‫الرتمذي ‪، 91 :‬واللفظ له‪ ،‬وسنن أيب داود ‪ ،19 :‬قال اهليثمي يف جممع‬
‫الزوائد ‪ : 9 :‬رجاله رجال الصحيح‪ ،‬ومسند الربيع ‪ ، 1 :‬ومسند ابن‬
‫راهويه‪ ،414 :3‬ومسند الشاميني ‪ ،4 1 :‬ومسند ابن اجلعد ‪ .39 :‬وعن عيل‬
‫‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة مل يصبها املاء فعل به كذا‬
‫وكذا من النار) يف مسند أمحد ‪ ، 2 :‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ،41 :‬وسنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ، 9 :‬وسنن ابن ماجه ‪ ، 41 :‬واملعجم الصغري ‪، 94 :‬‬
‫واألحاديث املختارة ‪ .94 :‬قال اخلطايب‪« :‬وقد حيتج به َمن يوجب االستنشاق يف‬
‫اجلنابة ملا يف داخل األنف من الشعر» ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ ، 12 :‬وغريه‪.‬‬
‫( ) للرجال والنساء مطلق ًا‪ ،‬وهذا داخل يف غسل سائر البدن‪ ،‬لكن أفرده بالذكر‬
‫للتأكيد‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.4 :‬‬
‫الذؤابة‪ ،‬وكل خصلة من خصل شعر املرأة تضفر ـ أي جتمع ـ‪ ،‬ومجعها‬ ‫الضفرية‪ُّ :‬‬ ‫( ) َّ‬
‫ضفائر‪ .‬ينظر‪ :‬اللسان‪. 944 :4‬‬
‫(‪ )3‬فإنَّه ال يلزمها نقض ضفريهتا وال بلها عىل األصح إذا ابتل أصلها‪ ،‬كام يف غنية‬
‫املستميل ص‪ ،41‬فعن أم سلمة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ِّ ( :‬إين‬
‫ضفر رأيس أفأنقضه لغسل اجلنابة‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬إنَّام يكفيك أن حتثني عىل‬
‫َ‬ ‫امرأة أشدّ‬
‫رأسك ثالث حثيات من ماء) يف صحيح مسلم ‪ . 94 :‬وهذا إذا كانت‬
‫ضفائرها مفتولة‪ ،‬أما إذا كانت منقوضة جيب إيصال املاء إىل أثناء الشعر؛ لعدم‬
‫احلرج‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪.44‬‬
‫ألن غسل اليدين داخل يف غسل سائر البدن‪ ،‬واملراد هنا غسل يديه قبل سائر‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫األعضاء؛ لكوَّنام آلة التطهري‪ ،‬وهذا بعد التسمية والنية بقلبه‪ ،‬ويقول بلسانه‪:‬‬
‫نويت الغسل لرفع احلدث‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪. :‬‬
‫ـ ‪41‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪...‬وفرجه( )‪.‬‬ ‫‪.2‬‬


‫وإزالة نجاسة بدنه‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الصالة إال رجليه إن كان يف جممع الغسالة( )‪.‬‬‫يتوضأ وضوء ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ثم يغسل رأسه وسائر جسده ثالث ًا( )‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫( ) أي يغسل فرجه؛ ألنَّه مظنّة النجاسة‪ ،‬واملرأة تغسل فرجها اخلارج؛ ألنَّه بمنزلة‬
‫الفم فيجب تطهريه‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪ ، 4 :‬وجممع األَّنر ‪:‬‬
‫( ) أي جيتمع املاء املستعمل حتت رجليه‪ ،‬حتى إذا اغتسل عىل لوح أو حجر أو كان‬
‫حتته مرصف للامء كام يف محامات البيوت اآلن‪ ،‬فإنَّه يغسل رجليه مع وضوئه‪ ،‬وهذا‬
‫التفصيل ذهب إليه صاحب رشح الوقاية ص‪ ،43‬التبيني ‪ ، 4 :‬واملراقي‬
‫ص ‪ ، 4‬وحتفة الفقهاء ‪ ، 4 :‬والبحر ص ‪،9‬والبدائع ‪،34 :‬واهلداية ‪، 1 :‬‬
‫واالختيار ‪ ، 4 :‬ون َّبه ابن عابدين يف رد املحتار ‪ 21 :‬أ َّن االختالف يف‬
‫األولوية ال يف اجلواز‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬التقديم مطلق ًا‪ ،‬ذهب إليه صاحب الدر املختار ‪، 21 :‬‬
‫وظاهر كالم النسفي يف الكنْز ص‪.4‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬التأخري مطلق ًا‪ ،‬وهو ظاهر كالم القدوري يف خمترصه ص‪،3‬‬
‫واحللبي يف امللتقى ص‪.4‬‬
‫(‪ )3‬بأن يبدأ برأسه ثم منكبه األيمن ثم األيرس‪ ،‬ثم باقي سائر جسده‪ ،‬كام هو اختيار‬
‫صاحب املراقي ص ‪ ، 4‬وفتح باب العناية ‪ ،19 :‬وحتفة الفقهاء ‪، 4 :‬‬
‫والبدائع ‪ ،34 :‬واهلداية ‪ ، 1 :‬وفتح القدير ‪ ،9 :‬والقدوري يف خمترصه‬
‫ص‪ ،3‬والتبيني ‪ . 4 :‬والبحر ‪ .9 :‬وصححه يف الدر املختار ‪ ، 29 :‬وقال‪:‬‬
‫هو ظاهر الرواية‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬يفيض املاء عىل منكبه األيمن ثالث ًا ثم األيرس ثالث ًا ثم عىل‬
‫رأسه‪ ،‬وعىل سائر جسده ثالث ًا‪ ،‬قاله احللواين‪،‬واختاره صاحب التنوير ‪، 29 :‬‬
‫وصححه يف الغرر ‪1 :‬‬
‫ـ ‪45‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .6‬ثم خيرج من جممع الغسالة فيغسل رجليه( )‪.‬‬


‫‪ ‬وغسل يوم اجلمعة والعيدين وعرفة وعند اإلحرام سنة‪ ،‬ورشط السنة أن‬
‫يصِّل به اجلمعة قبل أن حيدث( )‪.‬‬
‫‪ ‬وغسل من أسلم أو أفاق أو بلغ بالسن مستحب‪ ،‬وإن بلغ باإلنزال‬

‫والقول الثالث‪ :‬يبدأ باأليمن ثالث ًا‪ ،‬ثم بالرأس‪ ،‬ثم باأليرس‪ .‬ينظر‪ :‬التاتارخانية‬
‫ق ‪/‬ب‪ ،‬وحاشية الشلبي عىل التبيني ‪. 4 :‬‬
‫( ) وهذه الصفة املسنونة للغسل حكتها زوجات رسول اهلل ‪ ،‬فعن عائشة ريض اهلل‬
‫عنها‪( :‬كان النبي ‪ ‬إذا اغتسل من اجلنابة بدأ فغسل يديه‪ ،‬ثم يتوضأ كام يتوضأ‬
‫يصب عىل رأسه‬‫ّ‬ ‫للصالة‪ ،‬ثم يدخل أصابعه يف املاء‪ ،‬فيخلل هبا أصول شعره‪ ،‬ثم‬
‫ثالث غرف بيده‪ ،‬ثم يفيض املاء عىل جلده كله) يف صحيح البخاري ‪،44 :‬‬
‫ال فأفرغ بيمينه عىل‬‫وعن ميمونة ريض اهلل عنها‪ :‬قالت‪( :‬صببت للنبي ‪ ‬غس ً‬
‫يساره فغسلهام‪ ،‬ثم غسل فرجه‪ ،‬ثم قال بيده األرض فمسحها بالرتاب‪ ،‬ثم غسلها‬
‫ثم متضمض واستنشق ثم غسل وجهه وأفاض عىل رأسه‪ ،‬ثم تنحى فغسل قدميه‪،‬‬
‫ثم أيت بمنديل فلم ينفض هبا) يف صحيح البخاري ‪. 2 :‬‬
‫( ) هذا عىل قول أيب يوسف ‪ ‬خالف ًا للحسن بن زياد ‪ .‬ينظر‪ :‬ذخرية العقبى‬
‫ص ‪ ،‬والرساجية ‪ . 2 :‬وثمرة اخلالف تظهر‪ :‬يف من ال جتب عليهم اجلمعة‪:‬‬
‫كالنساء والصبيان لو اغتسلوا‪ ،‬وفيمن أحدث بعد الغسل وصىل بالوضوء نال‬
‫الفضل عند احلسن ال عند أيب يوسف ‪ .‬لك َّن العالمة عبد الغني النابليس يف‬
‫بأن هذه األغسال األربعة للنظافة‬‫رصحوا َّ‬
‫َّناية املراد ص‪ ، 14- 11‬قال‪َّ « :‬إَّنم َّ‬
‫ال للطهارة مع أنَّه لو ختلل احلدث تزداد النظافة بالوضوء ثاني ًا‪ ،‬ولئن كانت‬
‫للطهارة أيض ًا فهي حاصلة بالوضوء ثاني ًا مع بقاء النظافة‪ ،‬فاألوىل عندي اإلجزاء‬
‫ألن مقتىض األحاديث الواردة يف ذلك طلب حصول النظافة‬ ‫وإن ختلل احلدث؛ َّ‬
‫فقط»‪ .‬وأيده عىل كالمه ابن عابدين يف رد املحتار ‪. 4 :‬‬
‫ـ ‪40‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فواجب( )‪.‬‬
‫‪ ‬وغسل اجلنابة واحليض والنفاس ال يسقط باإلسالم( )‪.‬‬

‫ونواقض الوضوء‪:‬‬
‫( )‬

‫‪ُّ .1‬‬
‫كل خارج من السبيلني( )‪.‬‬

‫إن البلوغ بالس ّن عند أيب حنيفة ‪ ‬يف الغالم بتامم ثامين عرشة سنة‪ ،‬ويف اجلارية‬ ‫( ) َّ‬
‫بتامم سبع عرشة سنة‪ ،‬وعندمها بتامم مخس عرشة سنة فيهام‪ ،‬وبه يفتى‪ ،‬هذا أكثر‬
‫املدة‪ ،‬وأما أقل املدة يف حقه فاثنتا عرشة سنة‪ ،‬ويف حقها تسع سنني‪ ،‬فإن راهقا‪،‬‬
‫وقاال‪ :‬بلغنا صدّ قا وأحكامهام أحكام البالغني‪ ،‬وأما البلوغ احلاصل منه‬
‫فباالحتالم واإلنزال واإلحبال‪ ،‬ومنها‪ :‬باحليض واالحتالم واحلبل‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬
‫الصعلوك ص‪. 9‬‬
‫( ) عدم سقوط غسل اجلنابة واحليض باإلسالم أ ّيده اللكنوي يف عمدة الرعاية ‪:‬‬
‫‪ 1‬معرتض ًا عىل صدر الرشيعة يف رشح الوقاية ‪ 4 :‬تبع ًا للرسخيس يف رشح‬
‫السري الكبري وصاحب الذخرية وقايض خان وغريهم يف قوله‪ :‬لو انقطع دم‬
‫وقت االنقطا ِع كانت كافرة‪ ،‬وهي ُ‬
‫غري‬ ‫أسلمت ال يلز ُمها االغتسال؛ إذ ُ‬
‫ْ‬ ‫ثم‬
‫مرشكة‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫السبب‪ ،‬وهو االنقطاع‪ ،‬أما لو‬ ‫بالرشائ ِع عندنا‪ ،‬ومتى أسلمت مل يوجدْ َّ‬ ‫مأمورة َّ‬
‫أمر‬ ‫جيب عليها ُغ ْس ُل اجلنابة؛ َّ‬
‫ألن اجلناب َة ٌ‬ ‫أجنبت الكافرة‪ُ ،‬ث َّم أسلمت‪ ،‬حيث ُ‬ ‫ْ‬
‫مستمر فافرتقا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واالنقطاع غري‬
‫ُ‬ ‫مستمر‪ ،‬فتكون ُجنُب ًا بعد اإلسالم‪،‬‬
‫ّ‬
‫(‪ )3‬والنواقض مجع ناقضة‪ ،‬والنقض إذا أضيف لألجسام يرد به إبطال تأليفها‪ ،‬وإذا‬
‫أضيف إىل غريها يراد به إخراجه عام هو املطلوب منه‪ ،‬فاملطلوب من الوضوء‬
‫استباحة الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.49 :‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﭼ [النساء‪ ،]40 :‬والغائط‪ :‬اسم للموضع‬
‫املطمئن من األرض فاستعري ملا خيرج إليه‪ ،‬فيتناول املعتاد وغريه‪ ،‬كام يف تبيني‬
‫احلقائق ‪ ،9 :‬واملقصود بالسبيلني‪ :‬ال ُق ُبل والدبر‪ ،‬واخلارج منهام يتناول البول‬
‫ـ ‪44‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .2‬والدم( ) والقيح والصديد السائل بغِّي عص( ) إىل حمل ال ّط ِ‬
‫هارة يف‬

‫والغائط والودي واملذي والدودة واحلصاة والريح اخلارجة من الدبر ال الذكر‬


‫و ُق ُبل املرأة إذا كانت مفضاة‪ ،‬وهي التي احتد مسلك بوهلا وغائطها‪ .‬كام يف املنحة‬
‫‪ ،41 :‬واخلالف يف الريح والدودة اخلارجة من القبل والذكر ذكرته يف املشكاة‬
‫ص‪. 9‬‬
‫كل دم سائل) يف الكامل‬ ‫( ) فعن زيد بن ثابت ومتيم الداري ‪ ‬قال ‪( :‬الوضو ُء من ِّ‬
‫البن عدي ‪ ، 42 :‬قال التهانوي يف إعالء السنن ‪ : 1 :‬أمحد بن الفرج من‬
‫رجال احلسن‪ ،‬والباقون كلهم ثقات‪ ،‬ويف سنن الدارقطني ‪ ، 99 :‬قال يف‬
‫السعاية‪ :‬يزيد بن خالد ويزيد بن حممد قد اختلف فيهام‪ ،‬وقد وثقوه كام يف‬
‫الكاشف للذهبي‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 4 :‬وغريه‪ .‬وعن عائشة ريض اهلل‬
‫إن فاطم َة بنت أيب حبيش أتت النبي ‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ّ ،‬إين‬ ‫عنها‪َّ ( :‬‬
‫ُأستحاض الشهر والشهرين‪ ،‬قال‪ :‬ليس ذلك بحيض‪ ،‬ولكنَّه عرق فإذا َأقبل‬
‫الصالة عدد أيامك التي كنت حتيضني فيه‪ ،‬فإذا أدبرت فاغتسيل‬ ‫احليض فدعي ّ‬
‫‪،‬‬ ‫لكل صالة) يف صحيح ابن حبان ‪ ، 11 :4‬وسنن الدارقطني ‪:‬‬ ‫وتوضئي ّ‬
‫وسنن ابن ماجة ‪ ، 24 :‬فن ّبه ‪ ‬عىل العلة املوجبة للوضوء‪ ،‬وهو كون ما خيرج‬
‫منها دم عرق‪ ،‬وهو أعم من أن يكون خارج ًا من السبيلني أوغريمها‪ ،‬ثم أمرها‬
‫بالوضوء لكل صالة‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،1 :‬وغريها‪.‬‬
‫) ( ما اختاره املصنف من عدم النقض بالعرص ذهب إليه صاحب اهلداية ‪- 9 :‬‬
‫‪ ، 1‬والعناية ‪ ،41 :‬وفتح باب العناية ‪ ،1 :‬وامللتقى ‪ ، 9 :‬والتبيني ‪.1 :‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬إنَّه ينقض الوضوء سواء كان اخلروج بنفسه أو أخرج بعرص أو غريه‬
‫ذهب إليه الرسخيس يف جامعه وصاحب الكايف وغاية البيان والنهاية واختاره‬
‫صاحب الفتاوى البزازية ‪ ، :4‬وصححه ابن اهلامم يف الفتح ‪،41 :‬واللكنوي‬
‫يف العمدة ‪.92 :‬‬
‫ـ ‪42‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫اجلملة( )‪.‬‬
‫‪ .3‬والقيء( ) ملء الفم( )‪.‬‬
‫‪ .4‬والنوم مضطجع ًا( ) أو متكئ ًا( ) أو مستند ًا غِّي مستقر عىل األرض( )‪.‬‬

‫( ) أي إىل موضع جيب تطهريه سواء كان يف الوضوء أو الغسل‪ ،‬فيشمل الفم واألنف؛‬
‫حللول اجلنابة فيهام‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،1 :‬واملشكاة ص‪. 1‬‬
‫ألن للفم حكم‬‫( ) وإن كان ِم َّرة أو طعام ًا أو ما ًء أو َعلق ًا؛ ورشط أن يكون ملء الفم؛ َّ‬
‫اخلارج حتى ال يفطر الصائم باملضمضة‪ ،‬وله حكم الداخل حتى ال يفطر بابتالع‬
‫يشء من بني أسنانه مثل الريق‪ ،‬فال يعطى له حكم اخلارج ما مل يمأل الفم‪ .‬وحد‬
‫ملء الفم‪ :‬ما ال يمكن ضبطه إال بكلفة عىل األصح‪ ،‬وعليه مشى يف اهلداية‬
‫واالختيار والكايف واخلالصة وصححه فخر اإلسالم وقايض خان والزيلعي يف‬
‫التبيني ‪ ،1 :‬وقيل‪ :‬ما ال يقدر عىل إمساكه‪ .‬قال يف البدائع ‪ :‬وعليه اعتمد الشيخ‬
‫أبو منصور وهو الصحيح‪ .‬ويف احللية‪ :‬األول‪ :‬األشبه‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪. 39 :‬‬
‫(‪ )3‬فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من َأصابه قيء أو رعاف أو َق َلس أو مذي‬
‫فلينرصف فليتوضأ ثم ليبن عىل صالته وهو يف ذلك ال يتكلم) يف سنن ابن ماجة‬
‫‪ ،319 :‬قال التهانوي يف إعالء السنن ‪ : 3 :‬والصحيح أنَّه مرسل صحيح‬
‫اإلسناد‪ .‬وينظر‪ :‬الدراية ‪ ،3 :‬ونصب الراية ‪ ،31 :‬وتلخيص احلبري ‪، 94 :‬‬
‫وغريها‪ .‬وال َق َلس‪ :‬ما خرج من بطنه طعام أو رشاب إىل الفم وسواء ألقاه أو أعاده‬
‫إىل بطنه إذا كان ملء الفم أو دونه فإذا غلب فهو قيء‪ .‬ينظر‪ :‬املصباح ص‪،9 3‬‬
‫وطلبة الطلبة ص‪ ،1‬وغريها‪ .‬وعن أيب الدرداء ‪( : ‬إن رسول اهلل ‪ ‬قاء فأفطر‬
‫فتوضأ فلقيت ثوبان يف مسجد دمشق فذكرت ذلك له فقال‪ :‬صدق أنا صببت له‬
‫الدفع) يف سنن الرتمذي ‪ ، 43 :‬وقال‪ :‬قد جود حسني املعلم هذا احلديث‬
‫وحديث حسني أصح يشء يف هذا الباب وروى معمر هذا احلديث ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي أن ينام واضع ًا جنبيه عىل األرض‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة الرعاية ‪ ،91 :‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )9‬أي بأحد وركيه‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪ ، 2 :‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )1‬وبعبارة أخرى‪ :‬مستند ًا إىل ما لو أزيل ذلك اليشء لسقط النائم‪ ،‬فال ينتقض‬
‫ـ ‪42‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .5‬وغلبة العقل بإغامء أو جنون أو سكر( )‪.‬‬


‫كل صالة ذات ركوع وسجود( )‪.‬‬ ‫‪ .6‬والقهقهة( ) يف ّ‬

‫وضوؤه يف غريه هذه‪ :‬كالنوم قائ ًام أو قاعد ًا أو راكع ًا أو ساجد ًا يف الصالة وغريها‪.‬‬
‫وهو ظاهر املذهب عىل ما يف اخلالصة وصححه صاحب حتفة الفقهاء ‪، :‬‬
‫واهلداية ص‪ ، 9‬فعن ابن عباس ‪( :‬إنَّه رأى النبي ‪ ‬نام وهو ساجد حتى غط‬
‫إن الوضوء ال جيب‬ ‫أو نفخ‪ ،‬ثم قام يصىل فقلت يا رسول اهلل‪ :‬إنَّك قد نمت‪ ،‬قال‪َّ :‬‬
‫إال عىل َمن نام مضطجع ًا‪ ،‬فإنَّه إذا اضطجع اسرتخت مفاصله) يف سنن الرتمذي‬
‫‪ ،‬وسنن أيب داود ‪ ،9 :‬ويف جممع الزوائد‪ :‬رجاله موثقون‪ .‬كام يف إعالء‬ ‫‪:‬‬
‫السنن ‪ . 4 :‬وعن عيل بن أيب طالب ‪،‬قال ‪(:‬وكاء السه العينان فمن نام‬
‫فليتوضأ) يف سنن أيب داود ‪ ،9 :‬وحسنه املنذري وابن الصالح والنووي‪ .‬كام يف‬
‫نصب الراية ‪.49 :‬‬
‫( ) وحدّ السكر هنا‪ :‬أن يدخل يف مشيته حترك يف اختيار احللواين‪ ،‬وقال صدر الرشيعة‬
‫يف رشح الوقاية ص‪ :14‬هو الصحيح‪ ،‬وقال الزاهدي‪ :‬وهو األصح‪ ،‬واختار‬
‫الصدر الشهيد وقايض خان يف فتاواه ‪ :4 :‬وهو أن ال يعرف الرجل من املرأة‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬تبيني احلقائق وحاشيته ‪ ، 2 :‬وغريها‪.‬‬
‫تكون مسموع ًة ل ُه وجلريانِه‪ ،‬بدت أسنانه أو مل تبدو‪ ،‬وأما‬ ‫َ‬ ‫( ) وحدُّ القهقهة‪ :‬أن‬
‫الصال َة ال الوضوء‪ .‬وأما‬
‫يبطل َّ‬ ‫يكون مسموع ًا ل ُه ال جلريانِه‪ ،‬وهو ُ‬ ‫َ‬ ‫الضحك‪ :‬فأن‬ ‫َّ‬
‫يبطل شيئ ًا‪ .‬ينظر‪ :‬اهلسهسة ص‪،49‬‬ ‫يكون مسموع ًا أصالً‪ ،‬وهو ال ُ‬ ‫َ‬ ‫َّبسم‪ :‬أن ال‬ ‫الت ُّ‬
‫‪ ،‬وفتح باب العناية ‪،11 :‬‬ ‫ورشح الوقاية ص‪ ،42‬وتبيني احلقائق ‪:‬‬
‫واالختيار ‪ ، 1 :‬وغريها‪.‬‬
‫مصل بالغ يقظان يركع ويسجد‪ ،‬وال فرق بني أن يكون عامد ًا‬ ‫(‪ )3‬وبعبارة أدق‪ :‬قهقهة ٍّ‬
‫إن أعمى تر َّدى يف بئر‪،‬‬ ‫أو ناسي ًا‪ ،‬فالكل ناقض؛ فعن أيب العالية ‪ ،‬وغريه‪َّ ( :‬‬
‫صيل معه‪ ،‬فأمر َمن كان ضحك‬ ‫َّبي ‪ُ ‬ي َص ِّيل بأصحابه‪ ،‬فضحك َمن كان ُي ِّ‬ ‫والن ُّ‬
‫والصالة) يف سنن الدارقطني ‪ ، 19 :‬والكامل‪، 19 :3‬‬ ‫َّ‬ ‫منهم أن يعيد الوضوء‬
‫ـ ‪42‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ ‬ولو خرج من فمه د رم‪ :‬إن غلبه الريق لون ًا‪ ،‬مل ينقض‪ ،‬وإن غلب الدم‬
‫الريق أو تساويا‪ ،‬نقض( )‪.‬‬
‫ومس الذكر ال ينقض( )‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬وال ملس املرأة( )‪...‬‬

‫وتاريخ جرجان ‪ ،429 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 9 :‬ومصنف عبد الرزاق ‪:‬‬
‫‪ ،391‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ،34 :‬ومراسيل أيب داود ص‪ ،99‬قال اللكنوي‬
‫بعد أن أورد طرق األحاديث الواردة يف القهقهة يف اهلسهسة بنقض الوضوء‬
‫ِ‬
‫انتقاض‬ ‫واألخبار املرسل ُة دال ٌة رصحي ًا عىل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث املسندة‪،‬‬ ‫بالقهقهة‪ :‬فهذه‬
‫الوضوء بالقهقهة‪ .‬ومن أراد االستفاضة يف الروايات احلديثية يف نقض الوضوء‬ ‫ِ‬
‫بالقهقهة فلرياجع إعالء السنن ‪ ، 44- 3 :‬واهلسهسة بنقض الوضوء‬
‫بالقهقهة للكنوي‪.‬‬
‫( ) فغلبة الدم عىل البصاق أمارة عىل قوة الدم إىل السيالن إىل موضع جيب تطهريه‪،‬‬
‫ألن املغلوب يف مقابلة الغالب‬ ‫فخروجه يكون بقوة نفسه‪ ،‬بخالف غلبة البصاق؛ َّ‬
‫كاملعدوم‪ .‬وأما االنتقاض بالتساوي فعىل االحتياط‪ .‬واهلل أعلم‪ .‬وينظر‪:‬املنحة ‪:‬‬
‫‪.44‬‬
‫( ) حلديث قيس بن طلق‪ ،‬قال حدثني أيب ‪ ،‬قال‪( :‬كنّا عند النبي ‪ ‬فأتاه أعرايب‪،‬‬
‫إن أحدنا يكون يف الصالة فيحتك فيصيب يده ذكره‪ ،‬فقال‬ ‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪َّ ،‬‬
‫رسول اهلل ‪ :‬وهل هو إال بضعة منك أو مضغة منك) يف صحيح ابن حبان‪:3‬‬
‫‪ ،423‬واللفظ له‪ ،‬واملنتقى ‪ ، 1 :‬واملجتبى ‪ ، 2 :‬وغريها‪ .‬وأما حديث‪( :‬من‬
‫مس فرجه فليتوضأ) يف املوطأ ‪ ،19 :‬وسنن النسائي ‪ ، 1 :‬فاملراد به غسل‬
‫اليد للتنزيه أو كان كناية عن احلدث‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.44 :‬‬
‫مس رسول اهلل ‪ ‬أزواجه ثم صالته بال إعادة الوضوء‪،‬‬ ‫(‪ )3‬ملا ورد من األحاديث يف ّ‬
‫ومنها‪ :‬عن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كنت أنام بني يدي رسول اهلل ‪‬‬
‫ورجالي يف قبلته‪ ،‬فإذا سجد غمزين فقبضت رجيل وإذا قام بسطتهام) يف صحيح‬
‫ـ ‪42‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪... .7‬إال يف املبارشة الفاحشة( )‪.‬‬


‫ويوجب الغسل‪:‬‬
‫املني بشهوة نائ ًام كان أو يقظان ًا( )‪.‬‬
‫‪ .1‬دفق ّ‬

‫البخاري ‪ ، 92 :‬وصحيح مسلم ‪ ،319 :‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫(كان يقبل بعض نسائه‪ ،‬ثم خيرج إىل الصالة وال يتوضأ) قال اهليثمي يف جممع‬
‫الزوائد ‪ : 49 :‬رواه الطرباين يف األوسط وفيه سعيد بن بشري وثقه شعبة وغريه‬
‫وضعفه حييى ومجاعة‪ .‬وقال التهانوي يف إعالء السنن ‪ : 92 :‬رواه البزار‬
‫وإسناده صحيح‪ .‬وعن عروة عن عائشة ريض اهلل عنها‪( :‬عن النبي ‪ ‬أنه َق َّبل‬
‫بعض نسائه‪ ،‬ثم خرج إىل الصالة ومل يتوضأ‪ ،‬فقلت من هي إال أنت فضحكت)‬
‫يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،41 :‬وسنن الدارقطني ‪ ، 31 :‬ورجاله كلهم ثقات‪،‬‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬وقد مال أبو عمر بن عبد الرب إىل تصحيح هذا احلديث‪ ،‬ومتامه‬
‫يف إعالء السنن ‪ ، 93 :‬وغريها‪ .‬وعن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬ليس يف القبلة‬
‫وضوء» يف سنن الدارقطني ‪ ، 43 :‬وقال‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫جمردين مع انتشار آلته ومتاس‬‫بدَّنا َّ‬
‫( ) وهي أن يفيض الرجل إىل امرأته ويامس بد ُن ُه َ‬
‫ألن مثل هذه سبب غالب خلروج املذي‪ ،‬وهو املتحقق‪ ،‬وال عربة‬ ‫الفرجان؛ َّ‬
‫ال انمسح‪.‬‬ ‫ألَّنا حالة ذهول‪ ،‬وإن خرج قلي ً‬ ‫بالنادر‪ ،‬فيقام السبب مقام املسبب‪َّ ،‬‬
‫ينظر‪ :‬قنية املنية ق‪/3‬أ‪ ،‬وتبيني احلقائق ‪ ، :‬وهذا عند أيب حنيفة وأيب يوسف‬
‫فإَّنا ليست من النواقض ما مل خيرج يشء من املذي ونحوه‪،‬‬ ‫‪ ،‬وعند حممد ‪َّ ‬‬
‫وعامة الكتب عىل األخذ بقوهلام‪ ،‬ويف فتح باب العناية ‪ ،91 :‬ورشح النقاية‬
‫ق‪/9‬ب أليب املكارم تصحيح قول حممد ‪.‬‬
‫( ) وسواء كان من رجل أو امرأة؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ [املائدة‪،]2 :‬‬
‫ال مذا ًء فسألت النبي ‪ ،‬فقال‪ :‬إذا حذفت فاغتسل‬ ‫وعن عيل ‪ ،‬قال‪( :‬كنت رج ً‬
‫من اجلنابة‪ ،‬وإذا مل تكن حاذف ًا فال تغتسل) يف مسند أمحد ‪ ، 29 :‬قال التهانوي‬
‫يف إعالء السنن ‪ : 11 :‬رجاله كلهم ثقات إال جواب ًا‪ ،‬فإنه صدوق رمي‬
‫ـ ‪42‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .2‬وتغييب احلشفة( ) يف أحد السبيلني من إنسان( ) عليهام ( )‪.‬‬


‫‪ .3‬واحليض والنفاس( )‪.‬‬
‫املني بغِّي شهوة‪.‬‬
‫وال يوجبه‪ :‬خروج ّ‬
‫ال مذي ًا أو من ّياً‬
‫ال‪ ،‬فال غسل عليه‪ ،‬ولو رأى بل ً‬ ‫‪ .4‬ولو احتلم ومل ير بل ً‬
‫ومل يذكر احتالم ًا‪ ،‬لزمه الغسل( )‪.‬‬

‫باإلرجاء‪ ،‬فالسند حمتج به‪ .‬واحلذف‪ :‬هو الرمي‪ ،‬وهو ال يكون هبذه الصفة إال‬
‫بشهوة‪ .‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 11 :‬وغريه‪.‬‬
‫( ) احلشفة ما فوق اخلتان‪ ،‬وهي رأس الذكر‪ .‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪ ،119‬وغريه‪.‬‬
‫) ( يف ب‪« :‬يف أحد السبيلني بغِّي إنزال من اإلنسان»‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي عىل الفاعل واملفعول به؛ فعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا جلس بني شعبها‬
‫األربع‪ ،‬ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل) يف صحيح البخاري ‪، 2 :‬‬
‫وصحيح مسلم ‪ ، 9 :‬ويف رواية‪( :‬وإن مل ينزل) يف صحيح مسلم ‪، 9 :‬‬
‫وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪( :‬إذا جاوز اخلتان اخلتان وجب الغسل) يف‬
‫سنن الرتمذي ‪ ، 1 :‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وصحيح ابن حبان ‪.49 :3‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﭼ [البقرة‪ ]555 :‬عىل قراءة التشديد‪ ،‬فإنَّه ‪ ‬منع‬
‫من قرباَّنن حتى يغتسلن‪ ،‬ولوال وجوبه ملا منع كام يف االختيار ‪ . 2 :‬وعن‬
‫إن فاطمة بنت أيب حبيش كانت تستحاض فسألت النبي‬ ‫عائشة ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬
‫‪ ،‬فقال‪ :‬ذلك عرق‪ ،‬وليست باحليضة‪ ،‬فإذا أقبلت احليضة فدعي الصالة‪ ،‬وإذا‬
‫‪ ،‬وعن معاذ ‪ ‬قال ‪:‬‬ ‫أدبرت فاغتسيل وصيل) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫ولتصل) يف املستدرك ‪، 14 :‬‬ ‫ِّ‬ ‫(إذا مىض للنفساء سبع‪ ،‬ثم رأت الطهر‪ ،‬فلتغتسل‬
‫قال التهانوي يف إعالء السنن ‪ : 23 :‬وإسناده صحيح عىل قاعدة الكنز املذكورة‬
‫يف خطبته‪.‬‬
‫(‪ )9‬أما املوجب الرابع فهو رؤية املستيقظ املَن ِ ّي أو املَ ْذي وإن مل حيتلم‪ ،‬ففي املَن ِ ِّي ظاهر؛‬
‫ِ‬
‫بحرارة البدن‪،‬‬ ‫فالحتامل كونِ ِه َمن ِ َّي ًا َر َّق‬
‫ِ‬ ‫ألن بخروجه جيب ال ُغسل‪ ،‬وأ َّما يف املَ ْذي؛‬ ‫َّ‬
‫ـ ‪29‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف مسح اخل ّ‬
‫ف‬
‫خاصة‪ :‬يوم ًا وليلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يمسح املقيم من احلدث( ) ّ‬
‫واملسافر‪ :‬ثالثة أ ّيام ولياليها( ) من وقت احلدث( )‪ ،‬برشط لبسه عىل‬

‫فعن أم سلمة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪ :‬جاءت أم سليم إىل النبي ‪ ،‬فقالت‪( :‬يا‬
‫إن اهلل ال يستحيي من احلق‪ ،‬فهل عىل املرأة من غسل إذا احتلمت؟‬ ‫رسول اهلل‪َّ ،‬‬
‫فقال رسول اهلل ‪ :‬نعم إذا رأت املاء) يف صحيح مسلم ‪ ، 9 :‬وصحيح‬
‫البخاري ‪ . 21 :‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 1 :‬واملشكاة ص‪.41‬‬
‫وألن اجلواز يف‬ ‫َّ‬ ‫( ) أي خفيف ًا فإن كان غليظ ًا‪ ،‬وهو اجلنابة‪ ،‬فال جيوز فيها املسح؛‬
‫احلدث اخلفيف لدفع احلرج؛ ألنَّه يتكرر ويغلب وجوده فيلحقه احلرج واملشقة يف‬
‫نزع اخلف‪ ،‬واجلنابة ال يغلب وجودها‪ ،‬فال يلحقه احلرج يف النزع؛ فعن صفوان بن‬
‫عسال ‪ ‬قال‪( :‬كان ‪ ‬يأمرنا إذا كنا سفر ًا أن ال ننزع خفافنا ثالثة أيام ولياليهن‬
‫إال من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ، 3 :‬وسنن‬
‫ّ‬
‫فليصل‬ ‫النسائي ‪ ،4 :‬وعن أنس ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه‬
‫فيهام وليمسح عليهام ثم ال خيلعهام إن شاء إال من جنابة) يف املستدرك ‪، 42 :‬‬
‫وصححه‪.‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬ثالثة أيام ولياليهن للمسافر‪ ،‬ويوم ًا وليل ًة‬‫ُ‬ ‫( ) فعن عيل ‪( :‬جعل‬
‫للمقيم) يف صحيح مسلم ‪. 3 :‬‬
‫حيتاج فيه إىل املسح وهو من‬‫ُ‬ ‫فالزمان الذي‬
‫احتياج إىل املسح‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫(‪ )3‬ألنَّه قبل احلَدَ ث ال‬
‫باملقدار املذكور؛ لكونه وقت وجود السبب؛ وألنَّه وقت منع‬ ‫ِ‬ ‫وقت احلدث مقدَّ ٌر‬
‫اخلف رساية احلدث إىل القدم؛ وألنَّه وقت وجود الرخصة‪ ،‬فكان أحق باالعتبار‬
‫من وقت اللبس ووقت الطهارة‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة الرعاية ‪ ، 4 :‬ورشح الوقاية‬
‫ص‪ ، 1‬واملراقي ص ‪. 3‬‬
‫ـ ‪21‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫طهارة كاملة( ) عند احلدث( )‪.‬‬


‫ف إن لبِسه‬
‫ف‪ ،‬وعىل جرموق( ) فوق خ ٍّ‬
‫ف فوق خ ٍّ‬
‫وجيوز املسح عىل خ ٍّ‬
‫قبل احلدث( )‪.‬‬

‫[رشوط املسح عىل اجلورب]‬


‫وعىل جورب ال يشف( )‪.‬‬

‫( ) احرتز به عن طهارة ناقصة‪ ،‬مثل‪ :‬إذا بقي من أعضائه ملعة مل يصبها املاء‪ ،‬فأحدث‬
‫قبل االستيعاب‪ ،‬ال جيوز له املسح‪ .‬ومتامه يف املنحة ‪. 29 :‬‬
‫( ) بأن يكون البس اخلفني عىل طهارة كاملة عند احلدث بعد اللبس‪ ،‬وال يشرتط أن‬
‫أن املحدث إذا غسل رجليه أوالً‬ ‫يكون عىل طهارة كاملة وقت اللبس‪ ،‬وبيان ذلك َّ‬
‫ولبس خفيه‪ ،‬ثم أتم الوضوء قبل أن حيدث‪ ،‬ثم أحدث‪ ،‬جاز له أن يمسح عىل‬
‫اخلفني؛ لوجود الرشط‪ ،‬وهو لبس اخلفني عىل طهارة كاملة وقت احلدث بعد‬
‫اللبس‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪.4 :‬‬
‫اخلف‪ .‬ينظر‪ :‬العناية ‪، 99 :‬‬
‫ّ‬ ‫اخلف وساقه أقرص من‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )3‬اجلرموق‪ :‬ما يلبس فوق‬
‫اآلن‪ ،‬ولكن اجلرموق أشبه ما يكون‬ ‫وَّناية املراد ص‪ ،311‬وهو ما يسمى احلذاء َّ‬
‫باحلذاء الشتوي اآلن‪.‬‬
‫اخلـف عـىل‬
‫ّ‬ ‫(‪ )4‬بأن ال حيدث قبل وبعد لبس اخلف قبل لبس اجلرموق‪ ،‬حتى لو لبس‬
‫طهارة‪ ،‬ثم أحدث قبل لبس اجلرموق‪ ،‬ثم لبسه؛ ال جيوز له أن يمسح عليه‪ ،‬سـواء‬
‫ألن حكم احلدث استقر عليه‪ ،‬فلـو‬ ‫اخلف أو بعد املسح عليه؛ َّ‬
‫ّ‬ ‫لبسه قبل املسح عىل‬
‫املسـح‬
‫َ‬ ‫نزع اجلرموقني بعد املسح عىل اخلفني‪ ،‬فإنَّه يلزمه أن يمسح عىل خفيـه؛ َّ‬
‫ألن‬
‫عىل اجلرموقني لـيس مسـح ًا عـىل اخلفـني‪ .‬ينظـر‪ :‬التبيـني ‪ ،9 :‬وَّنايـة املـراد‬
‫ص‪ ، 19‬ورشح الوقاية ص‪ ، 4‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )9‬بأن ال يكون رقيق ًا ال حيجب ما وراءه‪ ،‬فال ينفذ املاء منهام‪ ،‬وأن ال يرى ما حتتهام‬
‫منهام للناظر‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية العالئية ص‪ ،34‬وهدية الصعلوك ص‪ ، 2‬والبدائع ‪:‬‬
‫‪ ، 2‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪25‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويقف عىل الساق بال ربط( )‪.‬‬

‫( ) لكونه ثخين ًا وغليظ ًا‪ ،‬كام يف هدية الصعلوك ص‪ ، 2‬ويستدل بجواز املسح عىل‬
‫اجلوربني بالرشوط السابقة بأحاديث جواز املسح عىل اخلفني مع حديث املغرية بن‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬توضأ ومسح عىل اجلوربني والنعلني) يف صحيح ابن‬ ‫شعبة ‪َّ ( :‬‬
‫خزيمة ‪ ،44 :‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 19 :4‬وجامع الرتمذي ‪، 19 :‬‬
‫وصححه‪ ،‬وسنن أيب داود ‪ ،4 :‬وسنن النسائي الكربى ‪ ،4 :‬وسنن ابن‬
‫ماجة ‪ ، 19 :‬وغريها‪ .‬وال يعمل بمطلق املسح عىل اجلوربني استناد ًا إىل هذا‬
‫احلديث ملا ييل‪:‬‬
‫إن هذا احلديث رده كبار احلفاظ‪.‬‬ ‫أوالً‪َّ :‬‬
‫قال أبو داود يف سننه ‪« :4 :‬كان عبد الرمحن بن مهدي ال حيدث هبذا احلديث؛ َّ‬
‫ألن‬
‫أن النبي ‪ ‬مسح عىل اخلفني»‪ .‬وقال البيهقي‪« :‬إنَّه حديث‬ ‫املعروف عن املغرية َّ‬
‫منكر ضعفه سفيان الثوري وعبد الرمحن بن مهدي وأمحد بن حنبل وحييى بن‬
‫معني وعيل ابن املديني ومسلم بن احلجاج‪ ،‬واملعروف عن املغرية حديث املسح‬
‫عىل اخلفني‪ ،‬ويروى عن مجاعة َّأَّنم فعلوه»‪ .‬وقال النووي‪« :‬كل واحد من هؤالء‬
‫أن اجلرح مقدم عىل التعديل»‪ ،‬وقال‪« :‬واتفق‬ ‫لو انفرد قدم عىل الرتمذي‪ ،‬مع َّ‬
‫احلفاظ عىل تضعيفه‪ ،‬وال يقبل قول الرتمذي‪« :‬إنَّه حسن صحيح»‪ .» .‬ومتامه يف‬
‫نصب الراية ‪ ، 14 :‬ومعارف السنن ‪ ،344 :‬وحتفة األحوذي ‪. 91 :‬‬
‫فإن اإلمام مسلم بن احلجاج‬ ‫ثاني ًا‪ :‬إنَّه خمالف لظاهر القرآن من وجوب غسل الرجلني‪َّ ،‬‬
‫ضعف هذا اخلرب‪ ،‬وقال‪« :‬أبو قيس االودي وهذيل بن رشحبيل ال حيتمالن‬
‫وخصوص ًا مع خمالفتهام األج ّلة الذين رووا هذا اخلرب عن املغرية فقالوا‪ :‬مسح عىل‬
‫اخلفني‪ ،‬وقال‪ :‬ال نرتك ظاهر القرآن بمثل أيب قيس وهذيل» بخالف املسح عىل‬
‫فإن األمة تلقته بالقبول؛ لتواتر الرواية به‪ ،‬كام يف نصب الراية ‪، 14 :‬‬ ‫اخلفني َّ‬
‫ومعارف السنن ‪.392-344 :‬‬
‫قال العالمة املحدث البنوري يف معارف السنن ‪« :39 -392 :‬وباجلملة مل يعملوا‬
‫ـ ‪20‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولو مل يكن جملد ًا( )‪ ،‬أو منع ً‬


‫ال( )‪.‬‬
‫أتم ثالثة( )‪.‬‬
‫ولو سافر مقيم يف مدته‪ّ ،‬‬
‫ولو أقام مسافر يف مدته‪ ،‬مل يزد عىل يوم وليلة من حني مسح( )‪.‬‬
‫اخلف‪ ،‬وأق ّله قدر ِ‬
‫ثالثة أصابع من أصابع اليد( )‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويمسح ظاهر‬

‫كأنَهم عملوا بتنقيح املناط يف اخلف‪ ،‬فأدخلوا فيه ما ذكرنا‪،‬‬‫بإطالق احلديث‪ ،‬بل ّ ّ‬
‫وعىل كل حال إن صح حديث اجلوربني مل يمكن أن يعمل عىل إطالقه الشامل‬
‫للثخينني والرقيقني؛ ملعارضة القرآن املتلو‪ ،‬نعم عملوا بجزء منه‪ ،‬إما متسك ًا به أو‬
‫بتنقيح اخلف الوارد يف املتواتر‪ ...،‬وأيض ًا احلديث يروى عن املغرية بنحو ستني‬
‫طريق ًا‪ ،‬ومل يذكر لفظ حديث الباب إال يف هذه الطريقة‪ ،‬فكيف يطمئن به القلب‪،‬‬
‫ثم إن عمل قوم من املتساهلني باملسح عىل اجلوارب الرقيقة ليس أصل له يف‬
‫الرشيعة يعتمد عليه‪ ،‬إن كان هبذا احلديث فقد عرفت ما قال األئمة فيه‪ ،‬وإن كان‬
‫بقول الفقهاء فهم اشرتطوا إما التجليد وإما التنعيل‪ ،‬وعىل األقل الثخانة‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم»‪ .‬ومتام هذا البحث فيام كتبته يف املشكاة ص‪.14-11‬‬
‫( ) املجلد‪ :‬وهو الذي وضع اجللد عىل أعاله وأسفله‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪. 94 :‬‬
‫( ) املنعل‪ :‬وهو الذي وضع اجللد عىل أسفله كالنعل للقدم يف ظاهر الرواية‪ ،‬ويف‬
‫رواية احلسن‪ :‬يكون إىل الكعب‪ .‬ينظر‪ :‬اإليضاح ق‪/9‬ب‪ ،‬والتبيني ‪ ،9 :‬وَّناية‬
‫املراد ص‪ ،314‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬فلو مسح مقيم ثم سافر قبل متام يوم وليلة أتم مدة املسافر‪ ،‬أما بعد متام يوم وليلة‬
‫فإنَّه ينزع خفه ويتوضأ إن كان حمدث ًا‪ ،‬وإال غسل رجليه فقط‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة‬
‫ص‪.93‬‬
‫(‪ )4‬فلو أقام مسافر بعد ميض مدة مقيم نزع خفيه‪ ،‬وإن مل يمض يوم وليلة‪ ،‬فإنَّه يتم‬
‫يوم ًا وليلة؛ ألنَّه صار مقي ًام‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 19 :‬واهلدية العالئية ص‪.42‬‬
‫ألن املسح باألصابع والثالث أكثرها‪ ،‬وبه وردت السنة فإن ابتل قدرها جاز‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫ويكون عىل ظاهر مقدم كل رجل‪ ،‬كام يف املراقي ص‪ 11‬؛ فعن املغرية ‪( :‬رأيت‬
‫ـ ‪24‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واخلرق الكبِّي مانع‪ :‬وهو قدر ثالثة من أصغر أصابع الرجل( )‪.‬‬
‫وينقض املسح‪:‬‬
‫‪ .1‬كل ما ينقض الوضوء‪.‬‬
‫وينقضه أيض ًا‪:‬‬
‫‪ .2‬ميض املدّ ة‪.‬‬
‫ّ‬
‫اخلف( )‪.‬‬ ‫‪ .3‬ونزع إحدى القدمني( ) إىل ساق‬

‫بال‪ ،‬ثم جاء حتى توضأ ومسح عىل خفيه‪ ،‬ووضع يده اليمنى عىل‬ ‫رسول اهلل ‪َ ‬‬
‫مسح أعالمها مسح ًة واحدة حتى‬ ‫ُخ ِّفه األيمن ويده اليرسى عىل ُخ ِّفه األيرس‪ ،‬ثم َ‬
‫كأين أنظر إىل أصابعه ‪ ‬عىل اخلُ َّفني) يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 92 :‬وسنن‬
‫البيهقي ‪. 1 :‬‬
‫( ) عىل الصحيح ال ما دوَّنا وصححه يف اهلداية ‪ ، 4 :‬ومشى عليه يف الوقاية‬
‫ال‬ ‫ُ‬
‫اخلرق طوي ً‬ ‫ص‪ ، 9‬واملراقي ص‪ ، 32‬واعترب األصغر لالحتياط‪ ،‬ولو كان‬
‫الرجل إن ُأ ْد ِخ َل ْت لكن ال يبدو منه هذا املقدار‪ ،‬جاز‬
‫يدخل فيه ثالث أصابع ِّ‬
‫ويظهر هذا املقدار‪ ،‬ال جيوز‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ينفتح إذا َم َشى‬
‫ُ‬ ‫املسح‪ ،‬ولو كان مضموم ًا لكن‬
‫رشح الوقاية ص‪. 9‬‬
‫جلني‪،‬فوجب َغ ْس ُل األخرى‪ ،‬إذ ال‬
‫َ‬ ‫وجب َغ ْس ُل إحدى ِّ‬
‫الر‬ ‫َ‬ ‫( ) ألنَّه إذا ن ََز َع أحدَ مها‬
‫مجع بني ال َغ ْس ِل واملسح‪ ،‬وإنَّام نقض لرساية احلدث إىل القدم عند زوال املانع‪.‬‬ ‫َ‬
‫ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪ ، 1‬ورد املحتار ‪. 13 :‬‬
‫ألن فيه االحرتاز من خروج أقل القدم حرج ًا‪ ،‬ولألكثر حكم‬ ‫(‪ )3‬عىل الصحيح؛ َّ‬
‫الكل‪ .‬وهذا هو املروي عن أيب يوسف ‪ ‬وصححه صاحب اهلداية ‪، 4 :‬‬
‫والدر املختار ‪ ، 14 :‬وبه جزم يف الكنْز ص‪ ،1‬وامللتقى ص‪.9‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬خروج أكثر العقب إىل الساق عند أيب حنيفة ‪‬؛ َّ‬
‫ألن بقاء املسح لبقاء‬
‫حمل الغسل يف اخلف‪ ،‬وبخروج أكثر العقب إىل الساق الذي هو يف حكم الظاهر ال‬
‫يبقى حمل الغسل فيه‪ ،‬وأيض ًا‪ :‬ال يمكن معه متابعة امليش املعتاد‪ ،‬قال القاري يف فتح‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومتى بطل املسح بميض املدة أو بالنزع‪ ،‬كفى غسل القدمني( )‪.‬‬

‫[املسح عىل اجلبِّية]‬


‫ويمسح اجلبِّية وإن شدها حمدث ًا وال يتوقت( )‪.‬‬
‫فإن سقطت عن غِّي برء‪ ،‬بقي املسح‪ ،‬وإن كان عن برء‪ ،‬بطل‪ ،‬وإن كان‬
‫يف الصالة استقبلها( )‪.‬‬

‫‪ ،‬والنقاية‬ ‫باب العناية ‪ : 49 :‬وهو األحوط‪ .‬واختاره صاحب الوقاية ص‪9‬‬


‫ص‪ ،4‬والفتح ‪ ، 31 :‬والبدائع ‪ ، 3 :‬وغريها‪.‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬إن بقي يف حمل املسح مقدار ما جيوز املسح عليه ـ يعني ثالث أصابع ـ‬
‫ألن خروج ما سوى قدر املسح كال‬‫ال ينتقض املسح وإال انتقض عند حممد ‪‬؛ َّ‬
‫خروج‪ ،‬وعليه أكثر املشايخ‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪. 14 :‬‬
‫ألن خروج القدم وابتالل أكثر القدم وميض املدة ليس بناقض حقيقة‪ ،‬وإنَّام‬ ‫( ) َّ‬
‫ِ‬
‫النقض إليهام؛ ولذلك بعد‬
‫ُ‬ ‫ب‬‫الناقض احلدث السابق‪ ،‬لكن ملّا ظهر أثره عندمها ُنس َ‬
‫النزع أو اإلصابة أو امليض عىل الذي كان له وضوء ال جيب إال غسل رجليه‬
‫‪ ،‬وفتح باب‬ ‫فحسب دون غسل بقية األعضاء‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪4‬‬
‫العناية ‪ ، 41 :‬ومراقي الفالح ص‪. 33‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن املسح عىل اجلبرية وخرقة القرح ونحو ذلك كالغسل ملا حتتها‪ ،‬وليس ببدل‪،‬‬
‫بخالف املسح عىل اخلفني؛ لذلك خالف املسح عىل اجلبرية املسح عىل اخلف يف‬
‫هذه األحكام وغريها‪ .‬ومتام هذا البحث يف املشكاة ص‪ ،91-99‬وحاشية‬
‫الطحطاوي عىل املراقي ص‪ ، 39- 31‬وعمدة الرعاية ص ‪. 44 :‬‬
‫(‪ )3‬أي وإن كان سقوط اجلبرية بعد الشفاء فإنَّه يبطل املسح وعليه غسل ذلك العضو‪،‬‬
‫ألَّنا بطلت؛ ألنَّه قدر عىل األصل قبل حصول‬
‫وإن كان يف صالة فعليه إعادهتا؛ َّ‬
‫‪.‬‬ ‫املقصود بالبدل‪ .‬وينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫رضه ح ُّلها مسحها( ) مع فرجتها( )‪.‬‬


‫وعصابة الف ْصد ونحوه إن ّ‬
‫( )‬

‫فصل‬
‫التيمم‬
‫يف ّ‬
‫‪ .1‬ومن مل جيدْ املاء( ) خارج املص( ) وبينه وبني املص ر‬
‫ميل( )‪.‬‬

‫( ) الفصد‪ :‬قطع العرق‪ .‬ينظر‪ :‬اللسان ‪.34 2 :9‬‬


‫حل العصابة مسح عىل مجيعها سواء كان حتتها اجلراحة أو ال؛‬ ‫رض املتوضئ َّ‬ ‫( ) أي إن ّ‬
‫ألَّنا ال تعصب عىل وجه تأيت عىل موضع اجلراحة فحسب‪ ،‬بل يدخل ما حول‬ ‫َّ‬
‫اجل راحة حتت العصابة‪ ،‬فكان مسح ما يواري اجلراحة رضورة‪ ،‬فله أن يمسح ما‬
‫يواري اجلراحة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 24 :‬‬
‫(‪ )3‬وهي املوضع الذي يبقى بني العقدتني من العصابة بأن مل تسرته العصابة‪ ،‬فاألصح‬
‫تبتل العصابة‪ ،‬فربام تنفذ البلة إىل‬‫أنَّه ال جيب غسله ويكفيه املسح؛ إذ لو غسل ّ‬
‫موضع الفصد‪ ،‬فيترضر‪ .‬وهذا التصحيح يف رشح الوقاية ص‪ ، 4‬والدر‬
‫املختار ‪ ، 19 :‬واختاره صاحب امللتقى ص‪ ،9‬واملراقي ص‪ ، 39‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪ :‬ﭽﭷﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭼ [املائدة‪.]2 :‬‬
‫ألن الرشط العدم‪،‬‬ ‫(‪ )9‬لكن يف رد املحتار ‪ : 99 :‬بعد املاء ميالً ولو مقي ًام يف املرص؛ َّ‬
‫فأينام حتقق جاز التيمم‪.‬‬
‫ثلث الفرسخ‪ ،‬وهو أربع آالف خطوة‪ ،‬وهي ذراع ونصف بذراع العامة‪،‬‬ ‫(‪ُ )1‬‬
‫امليل ُ‬
‫فعىل اعتبار الذراع (‪ )41‬سم‪ ،‬يكون الذراع والنصف ( ‪ )9‬سم‪ ،‬فامليل‪279 :‬م‬
‫×‪ 4222‬خطوة = (‪ ) 112‬م‪ ،‬وإن اعترب الذراع (‪ )12‬سم‪ ،‬فيكون امليل‪:‬‬
‫(‪ )3122‬م؛ فعن بن عمر ‪ ‬قال‪( :‬رأيت النبي ‪ ‬تيمم بموضع يقال له‪ :‬مربد‬
‫النعم‪ ،‬وهو يرى بيوت املدينة) يف املستدرك ‪ ، 11 :‬وصححه‪ ،‬ووقفه حييى بن‬
‫سعيد عىل ابن عمر ‪ ،‬وعن نافع‪« :‬تيمم ابن عمر ‪ ‬عىل رأس ميل أو ميلني من‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫أو وجده‪ :‬وهو خياف العطش( )‪.‬‬ ‫‪.2‬‬


‫‪...‬أو كان مريض ًا خياف شدّ ة مرضه بحركته أو باستعامله( )‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪...‬أو كان جنب ًا يف املص( ) خياف شدّ ة الربد( )‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪...‬أو كان خائف ًا عىل نفسه أو ماله من عدو أو سبع( )‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫املدينة فصىل العرص فقدم والشمس مرتفعة ومل يعد الصالة» يف املستدرك ‪:‬‬
‫‪. 14‬‬
‫خاف العطش‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة الرعاية ‪.41 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫استعمل املا َء‬ ‫( ) فإنَّه إن‬
‫( ) أي بحركته نحو املاء‪ ،‬أو باستعامل املاء لتحقق العجز فيها؛ لقوله ‪ :‬ﭽﯘ ﯙ ﯚﭼ‬
‫النساء‪ ،43 :‬فيكون ضابط املرض كام َّبني املصنف‪ :‬أن ال يقدر معه عىل استعامل‬
‫املاء‪ ،‬وإن استعمل املاء اشتدّ مرضه حتى ال يشرتط خوف التلف‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة‬
‫‪.‬‬ ‫ص ‪ ،9‬واملنحة ‪:‬‬
‫)‪ (3‬هذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وقال أبو يوسف وحممد ‪ :‬ال جيوز التيمم للربد إال يف‬
‫ألن الغالب يف املرص وجدان املاء احلار وإمكان االستدفاء‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب‬ ‫السفر؛ َّ‬
‫العناية ‪ ، 2 :‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )4‬بأن خياف املقيم أو املسافر من استعامل املاء اهلالك‪ ،‬أو تلف العضو‪ ،‬أو املرض؛‬
‫ألن عدم املاء والدفء وإن كان نادر ًا فإنَّه ال ينايف إباحة التيمم؛ فعن عمرو بن‬ ‫َّ‬
‫العاص ‪( :‬احتلمت يف ليلة باردة يف غزوة ذات السالسل‪ ،‬فأشفقت إن‬
‫اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحايب الصبح‪ ،‬فذكروا للنبي ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يا عمرو‪ ،‬صليت بأصحابك وأنت جنب‪ ،‬فأخربته بالذي منعني من االغتسال‬
‫أن اهلل يقول ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [النساء‪ ،]52 :‬فضحك‬ ‫رجاء أين سمعت َّ‬
‫رسول اهلل ‪ )‬يف املستدرك ‪ ، 19 :‬والسنن الصغرى ‪ ، 19 :‬وسنن أيب داود‬
‫‪ ،4 :‬والتيمم من الربد خاص بالغسل ال بالوضوء‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪:‬‬
‫‪. 2‬‬
‫(‪ )9‬بأن كان حيول بينه وبني املاء‪ ،‬سواء كان آدمي ًا أو غريه كالسبع‪ ،‬وإن كان حي ًة أو‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .6‬أو وجده يباع بغبن فاحش( )‪...‬‬


‫‪... .7‬أو بثمن املثل وهو ال يملكه تيمم( )‪.‬‬
‫والويل‬ ‫فوت صالة العيد أو اجلنازة( )‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلوف‬ ‫ويتيمم مع وجود املاء؛‬
‫ُّ‬
‫غِّيه( )‪ ،‬ال خلوف فوت اجلمعة والوقت( )‪.‬‬

‫نار ًا‪ ،‬أو فاسق ًا أو غري ًام حيبسه بأن كان صاحب الدين عند املاء‪ ،‬وخاف املديون من‬
‫احلبس‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪ ، 21 :‬قال صدر الرشيعة يف رشح الوقاية ص‪: 3‬‬
‫أن املانع عن الوضوء إذا كان من جهة العباد‪ :‬كأسري يمنعه الكفار‬‫«وجيب أن يعلم َّ‬
‫عن الوضوء‪ ،‬أو كمحبوس يف السجن‪ ،‬والذي قيل له‪ :‬إن توضأت قتلتك‪ ،‬جيوز‬
‫له التيمم‪ ،‬لكن إذا زال املانع‪ ،‬فينبغي أن يعيد الصالة»‪ .‬وينظر‪ :‬الذخرية الربهانية‬
‫ق‪/9‬أ‪.‬‬
‫( ) الغبن الفاحش‪ :‬ما ال يدخل يف تقويم املقومني‪ ،‬أو ما يباع بضعف قيمته بأن يباع‬
‫ألن حتمل الرضر غري واجب‬ ‫ما يساوي دينار بدينارين فال يشرتى بل يتيمم؛ َّ‬
‫‪ ،‬واهلدية ص‪. 9‬‬ ‫كقطع موضع النجاسة حال عدم املاء‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫( ) تيمم جواب املسائل املذكورة كلها‪،‬وهي سبع مسائل مشرتكة باجلواب‪ ،‬كام يف‬
‫‪.‬‬ ‫املنحة ‪:‬‬
‫(‪ )3‬فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬إذا خفت أن تفوتك اجلنازة وأنت عىل غري وضوء فتيمم‬
‫وصل» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،449 :‬ورجاله رجال مسلم إال املغرية‪ ،‬وهو‬ ‫ِّ‬
‫حمتج به‪ .‬كام يف إعالء السنن ‪،322 :‬ونصب الراية ‪ ، 99 :‬وعن ابن عمر ‪:‬‬
‫«إنَّه أيت بجنازة‪ ،‬وهو عىل غري وضوء‪ ،‬فتيمم ثم صىل عليها» رواه البيهقي يف‬
‫املعرفة‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ ،32 :‬وغريه‪.‬‬
‫إن الويل غري اخلائف‪ ،‬وقيد به؛ َّ‬
‫ألن الو ّيل ُينتظر فال جيوز له التيمم‪.‬‬ ‫(‪ )4‬أي واحلال َّ‬
‫ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 3 :‬‬
‫ألن هلام خلف ًا‪ ،‬وهو الظهر يف اجلمعة والقضاء يف الوقتية‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية العالئية‬
‫(‪َّ )9‬‬
‫ص‪.34‬‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫التيمم استحباب ًا( )‪.‬‬ ‫ِِ‬


‫ماء‪ ،‬طلبه قبل ّ‬
‫فإن كان مع رفيقه ر‬
‫وال جيب طلب املاء إال إذا غلب عىل ظنّه أنه بقربه( )‪.‬‬
‫والتيمم رضبتان‪:‬‬
‫‪ .1‬رضبة‪ :‬للوجه‪.‬‬
‫‪ .2‬ورضبة‪ :‬لليدين مع مرفقيه( )‪.‬‬
‫وخيلل أصابعه وينزع خامته( )‪.‬‬
‫والنية فيه فرض( )‪.‬‬

‫ألن فيه ذالً‪ ،‬ولو تيمم قبل الطلب أجزأه‬ ‫( ) لعدم املنع غالب ًا‪ ،‬والقياس‪ :‬أن ال يطلب؛ َّ‬
‫عند أيب حنيفة ‪‬؛ ألنَّه ال يلزمه الطلب من ملك الغري‪ .‬وقاال‪ :‬ال جيزئه؛ َّ‬
‫ألن املاء‬
‫مبذول عادة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 3 :‬‬
‫( ) فيجب أن يطلبه قدر َغ ْلوة ـ وهي مقدار ثالثمئة ذراع إىل أربعمئة ـ إن ظنّه قريب ًا‪،‬‬
‫وإال فال يطلبه‪ ،‬والطلب أن ينظر يمينه وشامله وأمامه ووراءه َغ ْلوة‪ ،‬وظاهر أنَّه ال‬
‫يلزمه امليش‪ ،‬بل يكفيه النظر يف هذه اجلهات‪ ،‬وهو يف مكانه هذا إذا كان حواليه ال‬
‫يسترت عنه‪ ،‬فإن كان بقربه جبل صغري ونحوه صعده ونظر حواليه إن مل خيف‬
‫‪ ،‬والبحر الرائق ‪. 11 :‬‬ ‫رضر ًا‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‬
‫(‪ )3‬فعن جابر ‪ ‬قال ‪( :‬التيمم رضبتان‪ :‬حصول للوجه‪ ،‬ورضبة للذراعني إىل‬
‫املرفقني) يف املستدرك ‪ ، 19 :‬وصححه‪ ،‬وسنن الدارقطني ‪ ، 12 :‬ومصنف‬
‫ابن أيب شيبة ‪ ، 41 :‬وغريها‪.‬‬
‫ألن استيعاب العضوين فرض عىل املفتى به‪ ،‬حتى لو بقي يشء قليل ال جيزئه‪ ،‬فلو‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫ترك شعرة مل جيز‪ ،‬وعليه نزع اخلاتم والسوار‪ ،‬أو حتريكه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية‬
‫ص‪ ، 21‬والدر املختار ‪ ، 91 :‬ومنحة ا لسلوك ‪. 9 :‬‬
‫(‪ )9‬بأن ينوي قربة مقصودة ال تصح إال بالطهارة‪ ،‬أو ينوي استباحة الصالة‪ ،‬أو ينوي‬
‫الطهارة من احلدث أو اجلنابة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪ ، 21- 29‬واهلدية‬
‫العالئية ص‪.33‬‬
‫ـ ‪29‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وجيوز بالصعيد الطاهر( )‪ :‬وهو كل ما كان من جنس األرض( )‪:‬‬


‫واجلص‪ ،‬والزرنيخ( )‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كالرتاب‪ ،‬والرمل‪ ،‬واحلجر‪ ،‬والنُّورة‪ ،‬والكحل‪،‬‬
‫والتيمم للحدث واجلنابة سواء( )‪.‬‬
‫ّ‬

‫( ) لقول ‪ :‬ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ [النساء‪ ،]40 :‬والصعيد اسم ملا ظهر عىل وجه‬
‫األرض من جنسها‪ ،‬وعن حذيفة ‪ ‬قال ‪( :‬فضلنا عىل الناس بثالث‪ :‬جعلت‬
‫صفوفنا كصفوف املالئكة‪ ،‬وجعلت لنا األرض كلها مسجد ًا‪ ،‬وجعلت تربتها لنا‬
‫طهور ًا إذا مل نجد املاء) يف صحيح مسلم ‪ ،39 :‬وعن أيب اجلهيم ‪( : ‬أقبل‬
‫النبي ‪ ‬من نحو بئر مجل فلقيه عليه‪ ،‬فلم يرد عليه النبي ‪ ‬حتى أقبل عىل اجلدار‬
‫فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السالم) يف صحيح البخاري ‪. 4 :‬‬
‫) ( هذا عند أيب حنيفة وحممد‪ ،‬وصححه يف املحيط ص‪ ، 14‬وعند أيب يوسف‪ :‬ال‬
‫أن كل ما‬‫جيوز إال بالرتاب أو الرمل‪ ،‬واحلدُّ الفاصل بني جنس األرض وغريه‪َّ :‬‬
‫حيرتق بالنار فيصري رماد ًا‪ :‬كالشجر‪ ،‬واحلشيش‪ ،‬أو ينطبع ويلني‪ :‬كاحلديد‪،‬‬
‫والصفر‪ ،‬والذهب‪ ،‬والزجاج‪ ،‬ونحوها‪ ،‬وكل ما تأكله األرض ليس من جنسها‪:‬‬
‫كاحلنطة والشعري وسائر احلبوب‪ ،‬فليس من جنس األرض‪ ،‬فال جيوز التيمم به بال‬
‫نقع ـ أي غبار ـ‪ ،‬وما كان من جنسها فيجوز بال غبار‪.‬‬
‫وجيوز التيمم عىل الغبار مع القدرة عىل الصعيد‪ ،‬حتى لو تيمم بغبار ثوبه‪ ،‬أو كنس‬
‫دار ًا‪ ،‬أو كال حنطة‪ ،‬أو هدم بيت ًا‪ ،‬أو ه َّبت الريح فارتفع الغبار وأصاب وجهه‬
‫وذراعيه فمسح بن ّية التيمم جاز؛ َّ‬
‫ألن الغبار جزء من الرتاب‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪،34 :‬‬
‫وحتفة الفقهاء ‪ ،4 :‬وفتح باب العناية ‪ ، 1- 9 :‬ورشح الوقاية‬
‫ص‪. 29‬‬
‫حجر معروف‪ ،‬وله أنواع كثرية‪ ،‬منه أبيض‪ ،‬ومنه أمحر‪ ،‬ومنه‬ ‫ٌ‬ ‫الزرنيخ‪ :‬بالكرس‪:‬‬
‫(‪ِّ )3‬‬
‫أصفر‪ .‬ينظر‪ :‬تاج العروس‪. 13 :9‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﭼ [املائدة‪ ،]2 :‬فقد َذك ََر نوعي احلدث عند وجود املاء‪ ،‬ثم ذكر نوعي‬
‫ـ ‪21‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وينقضه‪:‬‬
‫‪ .1‬ما ينقض الوضوء‪.‬‬
‫‪ .2‬ورؤية املاء أيض ًا‪ ،‬إذا ق ِدر عىل استعامله( )‪.‬‬
‫الصالة( )‪.‬‬
‫ومن يرجو املاء يف آخر الوقت‪ ،‬فاألفضل له تأخِّي ّ‬
‫بتيممه ما شاء فرض ًا ونف ً‬
‫ال( )‪.‬‬ ‫ويصِّل ّ‬

‫احلدث عند عدمه‪ ،‬وهو أمر بالتيمم هلام بصفة واحدة‪ ،‬وكذا احلائض والنفساء‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 1 :‬‬
‫( ) فلو رآه يف صالته تبطل مسافر ًا كان أو مقي ًام‪ ،‬ولو رأى املتوضئ املقتدي بمتيمم‬
‫ماء يف صالته تبطل‪ ،‬وأما صالة اإلمام املتيمم فغري فاسدة؛ ألنَّه مل ير املاء‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫هدية الصعلوك ص‪. 1‬‬
‫( ) فلو صىل بالتيمم يف أول الوقت‪ ،‬ثم وجد املاء والوقت باق ال يعيد الصالة‪ ،‬فإن‬
‫ألن فائدة االنتظار احتامل وجدان‬ ‫كان ال يرجوه ال يؤخر الصالة عن أول الوقت؛ َّ‬
‫املاء‪ ،‬فيؤدهيا بأكمل الطهارتني‪ ،‬كام يف البحر الرائق ‪ ، 14- 13 :‬ورشح‬
‫؛ فعن أيب سعيد ‪ ،‬قال‪( :‬خرج رجالن يف سفر فحرضت‬ ‫الوقاية ص‬
‫الصالة وليس معهام ماء فتيمام صعيد ًا طيب ًا‪ ،‬فصليا ثم وجدا املاء يف الوقت‪ ،‬فأعاد‬
‫أحدمها الصالة والوضوء‪ ،‬ومل يعد اآلخر‪ ،‬ثم أتيا رسول اهلل ‪ ‬فذكرا ذلك له‬
‫فقال للذي مل يعد‪ :‬أصبت السنة وأجزأتك صالتك‪ ،‬وقال للذي توضأ وعاد‪ :‬لك‬
‫األجر مرتني) يف املستدرك ‪ ، 11 :‬وصححه‪ ،‬وسنن الدارمي ‪ ، 29 :‬وسنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ، 3 :‬وسنن أيب داود ‪ ،43 :‬واملجتبى ‪ ، 3 :‬وغريها‪.‬‬
‫إن الصعيد الطيب وضوء املسلم‪ )....‬يف صحيح البخاري ‪، 4 :‬‬ ‫ألن حديث‪َّ ( :‬‬
‫(‪َّ )3‬‬
‫أن التيمم طهور أي مطهر كالوضوء‪ ،‬ويدل عليه قوله ‪ ‬بعد ذكر‬ ‫رصيح يف َّ‬
‫الوضوء والغسل والتيمم‪ :‬ﭽ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ [املائدة‪ ،]2 :‬حيث ذكره يف‬
‫أن التيمم أيض ًا‬
‫معرض االمتنان بالوضوء والغسل والتيمم مجيع ًا‪ ،‬فهو رصيح يف َّ‬
‫ـ ‪25‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ماء ال يعلم به فتيمم وصىل‪،‬‬ ‫ولو نيس املاء يف رحله أو كان بقربِه ر‬
‫أ ْجزأه( )‪.‬‬
‫التيمم‪ ،‬إال أن يعلم بكثرتِ ِه أنه‬
‫للرشب‪ ،‬ال يمنع ُّ‬ ‫وما أعد يف الطرق ُّ‬
‫و ِضع للوضوء ُّ‬
‫والرشب( )‪.‬‬

‫فصل‬
‫يف إزالة النجاسة‬
‫ّ‬
‫كاخلل‪،‬‬ ‫النجاسة املرئ ّية‪ :‬تطهر بزوال عينها بكل مائع طاهر مزيل( )‪:‬‬

‫مطهر كالوضوء والغسل‪ ،‬فالثالثة مشرتكة يف ذلك‪ ،‬ولوال ذلك لذكر منه التطهري‬
‫بعد الوضوء والغسل فقط‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ .329 :‬وعند الشافعي ‪‬‬
‫يصيل به فرض الوقت وما شاء من السنن‪ .‬ينظر‪ :‬مغني املحتاج ‪ ،41 :‬والفقه‬
‫املنهجي ‪ ،41 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) ألنَّه ال قدرة بدون العلم‪ ،‬وهو املراد بالوجود‪ ،‬وماء الرحل معدّ للرشب ال‬
‫‪ ،‬واهلداية ‪، 9 :‬‬ ‫لالستعامل‪ ،‬وعند أيب يوسف ‪ ‬يعيد‪ .‬ينظر‪ :‬الوقاية ص‬
‫وغريها‪.‬‬
‫ِ‬
‫للرشب‪ ،‬فإنَّه ال‬ ‫ال ما ًء مباح ًا للرشب‪ :‬كام إذا كان يف بئر ُم َعدٍّ‬
‫( ) فإن وجد املسافر مث ً‬
‫جيوز له الوضوء‪ ،‬إالَّ إذا كان كثري ًا فيستدل عىل أنَّه للرشب والوضوء‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫املحيط ص‪ ،3 9‬وعمدة الرعاية ‪.41 :‬‬
‫(‪ )3‬الطهارة بغري املاء بكل مائع قالع مذهب أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬وأما عند حممد‬
‫وزفر والشافعي ومالك وأمحد ‪ :‬فال يطهر الثوب إال باملاء‪ .‬ينظر‪ :‬اإلمام زفر‬
‫وآراؤه الفقهية ‪ ، 24 :‬واملجموع ‪، 31 :‬وحاشية البيجرمي ‪، 1 :‬‬
‫ومواهب اجلليل ‪ ، 1 :‬وحاشية الدسوقي ‪ ،41 :‬واملغني ‪ ،91 :‬واملبدع ‪:‬‬
‫‪ ،4‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪20‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عفو‪.‬‬
‫وماء الورد‪ ،‬واملاء املستعمل‪ ،‬واألثر الذي يشق( ) إزالته ر‬
‫الظن( ) ال ّزوال به‪.‬‬
‫وغِّي املرئية‪ :‬تطهر بالغسل الذي يغلب عىل ّ‬
‫والسيف‪ ،‬والسكني‪ ،‬ونحوها‪ ،‬يطهر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاملرآة‪،‬‬ ‫وكل يشء صقيل( )‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫باملسح‪.‬‬
‫نجس جيِب غسله رطب ًا ويكفي فركه يابس ًا( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واملن ُّي ر‬
‫ولو ذهب أثر النجاسة عن األرض بالشمس‪ ،‬جازت الصالة عىل‬

‫( ) وحد املشقة‪ :‬أن ال يزول أثر النجاسة ـ أي رحيها أو لوَّنا أو طعمها ـ باملاء القراح‪،‬‬
‫بل حيتاج فيها إىل يشء آخر‪ :‬كالصابون ونحوه‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪ 1‬؛‬
‫إن خولة بنت يسار أتت النبي ‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنَّه‬ ‫فعن أيب هريرة ‪َّ ( :‬‬
‫ثم‬
‫ليس يل إال ثوب واحد وأنا أحيض فيه فكيف أصنع؟ قال‪ :‬إذا طهرت فاغسليه ّ‬
‫يرضك أثره) يف‬ ‫صيل فيه‪ ،‬فقالت‪ :‬فإن مل خيرج الدم؟ قال‪ :‬يكفيك غسل الدم‪ ،‬وال ُّ‬ ‫ِّ‬
‫سنن أيب داود ‪ ، 93 :‬ومسند أمحد ‪ ،314 :‬وقال األرنؤوط‪ :‬حسن‪ ،‬وسنن‬
‫البيهقي الكبري ‪.42 :‬‬
‫فوض إىل رأي املبتىل به كالقبلة‬ ‫ألن ما َّ‬
‫تعذ َر الوقوف عليه ُي َّ‬ ‫( ) أي عىل ظن الغاسل؛ َّ‬
‫مرة فيام ينعرص برشط‬ ‫كل ّ‬‫يف التحري‪ ،‬ويف األصل يطهر بغسلها ثالث ًا وعرصها يف ّ‬
‫أن يبالغ يف العرص يف املرة الثالثة قدر قوته أو يغسل ويرتك حتى ينعدم التقاطر منه‪،‬‬
‫ثم وثم هكذا‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪ ، 1‬واملشكاة ص‪. 4‬‬
‫(‪ )3‬بأن مل يكن خشن ًا‪ ،‬فإن كان منقوش ًا مل يطهر‪ ،‬وال فرق بني أن يكون النجس ذا جرم‬
‫أو غريه‪ ،‬رطب ًا كان أو يابس ًا‪ ،‬سواء كان املسح بالرتاب أو الصوف أو احلشيش أو‬
‫خرقة أو نحوها‪ .‬ينظر‪ :‬جامع الرموز ‪ ،1 :‬وفتح القدير ‪ ، 41 :‬وغمز عيون‬
‫البصائر ‪ ، 22 :‬ونفع املفتي ص‪. 4 - 42‬‬
‫(‪ )4‬سواء ملني الرجل أو املرأة‪ ،‬كام يف فتاوى قايض خان ‪ ، 9 :‬واملبسوط ‪-1 :‬‬
‫‪ ،1‬ورسائل األركان ص‪49‬؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها يف املني قالت‪( :‬كنت‬
‫أفركه من ثوب رسول اهلل ‪ )‬يف صحيح مسلم ‪. 31 :‬‬
‫ـ ‪24‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫التيمم منه( )‪.‬‬


‫مكاهنا‪ ،‬دون ُّ‬
‫وإذا أصابت اخلف أو النعل نجاس رة هلا ِجر رم( ) فجفت فدلكه باألرض‪،‬‬
‫يطهر بخالف املائعة والثوب( )‪.‬‬

‫فصل‬
‫يف البئر‬
‫النجاسة املائعة تنجسها‪.‬‬
‫ِ‬
‫واجلامدة‪ :‬كالب ْعر‪ ،‬والروث‪ ،‬واخل ْثي( )‪ ،‬قليلها ر‬
‫عفو ال كثِّيها‪ :‬وهو ما‬

‫واخلص ـ أي السرتة‬
‫ّ‬ ‫( ) ويكون يف األرض واآلجر املفروش‪ ،‬واحليطان واألشجار‬
‫التي تكون عىل السطوح من القصب ـ فيطهر باجلفاف عىل املختار‪ ،‬فيجوز الصالة‬
‫ألَّنا متصلة باألرض فأخذت حكمها‪ .‬ينظر‪ :‬البحر‬ ‫عليها‪ ،‬وال جيوز التيمم هبا؛ َّ‬
‫الرائق ‪ ، 39 :‬والوقاية ص ‪. 3‬‬
‫فإَّنا تطهر بالدلك إذا‬
‫( ) أي كثافة‪ :‬كالروث‪ ،‬والقذرة‪ ،‬سواء كانت يابسة أو رطبة‪َّ ،‬‬
‫بالغ فيه ب حيث مل يبق هلا ريح وال لون عىل املفتى به؛ لعموم البلوى‪ ،‬وهذا قول أيب‬
‫يوسف ‪ ،‬وقال حممد ‪ :‬جيب غسل اخلف يف رطبها ويابسها كالثوب والبدن‪،‬‬
‫وروي عنه أنَّه رجع عن قوله حني رأى كثرة الرسقني يف طرق الري‪ ،‬لذلك قال يف‬
‫الوقاية ص‪ : 32‬وبه يفتى‪ ،‬ويف النهاية والرساجية ‪ 2 :‬هدية الصعلوك ‪:32‬‬
‫وعليه الفتوى‪ ،‬ويف فتح باب العناية ‪ : 44 :‬وعليه األكثر‪.‬‬
‫اخلف ال يطهر باجلفاف والدلك‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫فإَّنا إذا أصابت‬
‫(‪ )3‬أي بخالف النجاسة املائعة َّ‬
‫جيب غسله‪ ،‬سواء كان هلا عني مرئية‪ :‬كالدم‪ ،‬أو ال‪ :‬كالبول‪ ،‬وقال أبو يوسف ‪:‬‬
‫يطهر بالدلك كام له جرم‪ ،‬بخالف الثوب فإنَّه إذا أصابته نجاسة جيب غسله مطلق ًا‬
‫باالتفاق‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.32‬‬
‫(‪ )4‬البعر للغنم واإلبل‪ ،‬والروث لذي حافر‪ :‬كالفرس والبغل واحلامر‪ِ ،‬‬
‫واخل ْثي للبقر‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪ ،3‬واملشكاة ‪. 9‬‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يعدُّ ه الناظر كثِّي ًا( )‪.‬‬


‫والرطب واليابس والصحيح واملنكرس سواء( )‪.‬‬
‫ً( )‬
‫فإن ماتت فيها فأرة‪ ،‬أو عصفور‪ ،‬ونحومها‪ ،‬تطهر بنزح عرشين دلوا‬
‫بدلوها( ) بعد إخراج الواقع( )‪.‬‬

‫( ) اختلف يف حد الكثري‪ ،‬فقيل‪ :‬ربع وجه املاء‪ ،‬وقيل‪ :‬ثلثه‪ ،‬وقيل‪ :‬أكثره‪ ،‬وقيل‪ :‬كله‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أن ال خيلو كل دلو من بعرة أو بعرتني‪ ،‬واملختار ما ذكر يف اهلداية وهو ما‬
‫يستكثره الناظر يف رواية عن أيب حنيفة‪ ،‬واختاره املصنف‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك‬
‫ص ‪ ،3‬ويف منحة السلوك ‪ 3 :‬والبدائع ‪ :99 :‬هو الصحيح‪ .‬ويف التبيني‬
‫‪ : 9 :‬وعليه االعتامد‪.‬‬
‫( ) فال فرق بني الرطب واليابس والصحيح واملنكرس والبعر واخلثي والروث؛‬
‫لشمول الرضورة‪ ،‬وبعضهم يفرق‪ ،‬والظاهر األول‪ ،‬وكذا ال فرق بني آبار املرص‬
‫والفلوات يف الصحيح‪ .‬كام يف التبيني ‪ ، 9 :‬واملنحة ‪. 3 :‬‬
‫(‪ )3‬أي وجوب ًا إىل ثالثني استحسان ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 9‬‬
‫(‪ )4‬هذا اختيار صاحب البحر ‪ ، 4 :‬واهلداية ‪ ، :‬واالختيار ‪ ، 9 :‬وغريهم‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬املعترب الدلو الوسط‪ ،‬وما جاوزه احتسب به‪ ،‬وهذا اختيار صاحب‬
‫الوقاية ص ‪ ، 2‬والكنْز ص‪ ،9‬وامللتقى ص‪ ،9‬والقدوري يف خمترصه ص‪،4‬‬
‫والتنوير ‪ ، 49 :‬ومنحة السلوك ‪ ، 4 :‬وغريهم‪.‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬اختيار يف كل بئر دلوها‪ ،‬وإن مل يكن هلا دلو ينْزح به‪ ،‬يعترب الدلو‬
‫الوسط‪ ،‬كصاحب املضمرات‪ ،‬وتبعه اللكنوي يف عمدة الرعاية ‪ .4 :‬واختار‬
‫صاحب الدر املختار ‪ 49 :‬إن مل يكن هلا دلو فام يسع صاع ًا‪.‬‬
‫والقول الرابع‪ :‬ما يسع فيها صاع ًا‪ ،‬وهو مروي عن أيب حنيفة ‪ ، ‬وقيل‪ :‬ما يسع ثامن‬
‫أرطال‪،‬وقيل‪:‬عرشة أرطال‪،‬وقيل‪:‬غري ذلك‪.‬ينظر‪ :‬البحر ‪ ، 4 :‬والبدائع ‪.11 :‬‬
‫ألن النزح ال يفيد ما دام الواقع فيها‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪،3‬‬ ‫(‪ )9‬أي الواقع يف البئر؛ َّ‬
‫واملنحة ‪. 4 :‬‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويف احلاممة‪ ،‬والدجاجة‪ ،‬واهلرة‪ ،‬ونحوها‪ ،‬أربعون دلو ًا( )‪.‬‬


‫ويف اآلدمي‪ ،‬والشاة( )‪ ،‬ونحومها‪ ،‬ينْزح ّ‬
‫الكل‪.‬‬
‫الكل مطلق ًا‪ :‬يعني صغر أو كرب( )‪ ،‬فإن‬ ‫وإن انتفخ الواقع أو تفسخ‪ ،‬ن ِزح ُّ‬
‫مل ي ْمكن؛ لنبع املاء‪ ،‬ن ِزح حتى يغلبهم املاء( )( )‪.‬‬

‫( ) أي وجوب ًا إىل ستني استحباب ًا‪ ،‬وهذا بعد إخراج الواقع منها‪ .‬ينظر‪ :‬االختيار ‪:‬‬
‫‪ ، 1‬والوقاية ص ‪ ، 2‬واملراقي ص‪.31-39‬‬
‫( ) بأن مات فيها آدمي أو شاة‪ ،‬واملراد أن تكون الشاة كبرية يف اجلملة‪ ،‬حتى لو كان‬
‫لود الشاة صغري ًا جد ًا كان حكمه حكم اهلرة‪ .‬ينظر‪ :‬حاشية الطحطاوي عىل‬
‫املراقي ص‪. 3‬‬
‫(‪ )3‬أي ففي حالة انتفاخ الواقع أو تفسخه ينزح كل ماء البئر‪ ،‬سواء كان الواقع صغري ًا‬
‫أو كبري ًا؛ النتشار البلة النجسة يف أجزاء املاء‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪ ، 9‬واهلدية‬
‫‪.3‬‬
‫(‪ )4‬هذه رواية عن أيب حنيفة ‪ ،‬والصحيح أن يأخذ بقول رجلني هلام بصارة يف املاء‪،‬‬
‫وصحح هذا يف الدرر ‪ ، 9 :‬والتبيني ‪ ،32 :‬ومنحة السلوك ‪ ، 9 :‬واختاره‬
‫وأقره صاحب الكفاية ‪ ،43 :‬واختاره صاحب التنوير ‪، 43 :‬‬ ‫يف اهلداية ‪َّ ، :‬‬
‫وهدية الصعلوك ص ‪ ،3‬ويف الدر املختار ‪ : 43 :‬وبه يفتى‪ ،‬وهو األحوط‪،‬‬
‫ورجحه ابن عابدين يف حاشيته ‪. 43 :‬‬ ‫ويف املراقي ص‪ :39‬هو األصح‪َّ ،‬‬
‫وقال حممد ‪ :‬ينزح مئتي دلو إىل ثالثمئة‪ ،‬واختاره الرشنباليل يف نور اإليضاح ‪،12 :‬‬
‫وصاحب الكنْز ص‪ ،9‬واالختيار ‪ . 9:‬ويف امللتقى ص‪ :9‬وبه يفتى‪ .‬وهناك‬
‫أقوال أخرى كام يف اهلدية ص ‪ ،3‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )9‬وينبغي االنتباه َّ‬
‫أن مسألة تطهري اآلبار باملقادير السابقة توقيفية وردت فيها اآلثار‬
‫عن الصحابة والتابعني ‪ ‬واعتمدهتا مدرسة الكوفة الفقهية كام تلقوها عن‬
‫إن حبشي ًا وقع يف زمزم فامت‪ ،‬فأمر‬ ‫أسالفهم‪ ،‬ومن تلك اآلثار‪ :‬عن عطاء ‪َّ « :‬‬
‫ابن الزبري أن ينزف ماء زمزم‪ ،‬فجعل املاء ال ينقطع‪ ،‬فنظروا فإذا عني تنبع من قبل‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف االستنجاء‬
‫ِ‬
‫والغائط ونحومها بكل طاهر( ) مزيل يمسح املحل‬ ‫ِِ‬
‫البول‬ ‫هو سن رة من‬
‫حتى ينقيه‪ ،‬وال يس ُّن العدد( )‪.‬‬
‫واملاء أفضل( )‪.‬‬

‫احلجر األسود‪ ،‬فقال ابن الزبري‪ :‬حسبكم» يف رشح معاين اآلثار ‪ ، 9 :‬ومصنف‬
‫ابن أيب شيبة ‪ ، 92 :‬وغريها وقال ابن دقيق يف اإلمام‪ :‬إسناده صحيح‪ ،‬كام يف‬
‫إن زنجي ًا وقع يف زمزم فامت‪ ،‬فأنزل‬ ‫إعالء السنن ‪ . 14 :‬وعن ابن عباس ‪َّ « :‬‬
‫ثم قال‪ :‬انزفوا ما فيها من ماء» يف ُمصنف ابن أيب شيبة ‪:‬‬ ‫ال َفأخرجه ّ‬ ‫إليه رج ً‬
‫‪ ، 92‬وعن إبراهيم النخعي ‪« :‬يف َفأرة وقعت يف بئر قال‪ُ :‬ين َْز ُح منها قدر‬
‫أربعني دلو ًا» يف رشح معاين اآلثار ‪ ، 9 :‬وغريه‪.‬‬
‫( ) كاألحجار واألمدار والرتاب واخلرق البوايل‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 9‬‬
‫ألن املعترب يف إقامة السنة هو اإلنقاء ال العدد‪ ،‬فإن حصل بحجر واحد كفاه‪ ،‬وإن‬ ‫( ) َّ‬
‫مل حيصل بالثالث زاد عليه؛ فعن ابن مسعود ‪ ،‬قال (خرج النبي ‪ ‬حلاجته‬
‫فقال‪ :‬التمس يل ثالثة أحجار‪ ،‬قال‪ :‬فأتيته بحجرين وروثة فأخذ احلجرين وألقى‬
‫الروثة‪ ،‬وقال‪َّ :‬إَّنا ركس) يف جامع الرتمذي ‪ ، 9 :‬وسنن النسائي ‪، 4 :4‬‬
‫واملجتبى ‪ ،34 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬إذا استجمر أحدكم فليستجمر‬
‫أن األمر‬ ‫ألن أقل اإليتار مرة واحدة‪ ،‬عىل َّ‬ ‫؛ َّ‬ ‫وتر ًا) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫باإليتار ليس لعينه بل حلصول الطهارة‪ ،‬فإذا حصلت بام دون الثالث فقد حصل‬
‫املقصود فينتهي حكم األمر‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 1‬‬
‫َّ‬
‫وألن أهل‬ ‫(‪ )3‬ألنَّه حيصل فيه إزالة عني النجاسة بخالف غريه فإنَّه خيفف النجاسة‪،‬‬
‫قباء كانوا يتبعون احلجارة باملاء فنزلت فيهم قوله ‪ :‬ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫إن رسول‬ ‫ﮁﮂ ﮃ ﮄﮅ ﭼ [التوبة‪ ،]192 :‬وعن أنس بن مالك ‪َّ ( :‬‬
‫اهلل ‪ ‬دخل حائط ًا وتبعه غالم معه ميضأة هو أصغرنا فوضعها عند سدرة فقىض‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فإن جاوز اخلارج املخرج تعني املاء( )‪.‬‬


‫ويكره بالعظم والروث واملطعوم( ) واليمني( )‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫رسول اهلل ‪ ‬حاجته فخرج علينا وقد استنجى باملاء) يف صحيح مسلم ‪، 9 :‬‬
‫وعن عيل بن أيب طالب ‪َّ ( :‬إَّنم كانوا يبعرون بعر ًا وأنتم تثلطون ثلط ًا فاتبعوا‬
‫احلجارة املاء) يف سنن البيهقي الكربى ‪ ، 21 :‬واآلثار ‪ ،9 :‬ومصنف ابن أيب‬
‫شيبة ‪ ، 4 :‬وغريها‪.‬‬
‫ألن للبدن حرارة جاذبة فال يزيلها احلجر ونحوه باالتفاق‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪،33‬‬ ‫( ) َّ‬
‫فجواز االستنجاء باألحجار أو ما شاهبها من غري املاء إذا كانت النجاسة التي عىل‬
‫ألن الرشع ورد‬ ‫املخرج قدر الدرهم‪ ،‬أو أقل منه‪ ،‬ال أكثر منه عىل الصحيح؛ َّ‬
‫املخرج فينظر إن‬
‫َ‬ ‫النجس‬
‫ُ‬ ‫باالستنجاء باألحجار مطلق ًا من غري فصل‪ ،‬أما إن َت َعدَّ‬
‫كان املتع دى أكثر من قدر الدرهم جيب غسله‪ ،‬وإن كان أقل من قدر الدرهم ال‬
‫جيب غسله باملاء عند أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬وعند حممد ‪ ‬جيب غسله‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪. 4 :‬‬
‫( ) يكره بالروث وغريه من األنجاس وكذا العظم؛ فعن ابن أيب زائدة ‪ ‬قال ‪( :‬ال‬
‫تستنجوا بالعظم وال بالبعر‪ ،‬فإنَّه زاد إخوانكم من اجل ّن) يف صحيح ابن حبان ‪:‬‬
‫‪ ،44‬ويكره بكل مال حمرتم‪ :‬كاحلرير ومطعوم اآلدمي من احلنطة والشعري؛ ملا فيه‬
‫من إفساد املال من غري رضورة‪ ،‬وكذا بعلف البهائم‪ ،‬وهو احلشيش؛ ألنَّه تنجيس‬
‫للطاهر من غري رضورة‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪. 1 :‬‬
‫(‪ )3‬فعن سلامن ‪ ‬قال‪ :‬قال لنا املرشكون‪ :‬إين أرى صاحبكم يعلمكم حتى يعلمكم‬
‫اخلراءة‪ ،‬فقال‪( :‬أجل إنَّه َّنانا أن يستنجي أحدنا بيمينه أو يستقبل القبلة وَّنى عن‬
‫الروث والعظام) يف صحيح مسلم ‪. 3 :‬‬
‫ـ ‪22‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتابُُالصُالةُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن َُُأسُ َُل َُم‪ُ ،‬أو َ ُ‬
‫ُأفاق‪ُ ،‬أو ُبلغَُ( )‪ُ ،‬أو ُ َطه َرت‪ُ ،‬وقد ُ َبق َي ُمن ُالوقت َ‬
‫ُقدرُ‬ ‫َ‬
‫حتريمةُ‪ُ،‬لزمته( )‪ُ،‬ولوُارتدُ‪ُ،‬أوُجنُ‪ُ،‬أوُحاضتُحينئذُ‪ُِ َ ُ،‬‬
‫ملُتب( )‪ُ.‬‬

‫( ) أما قبل البلوغ فيؤمر األوالد بالصالة ذكور ًا وإناث ًا إذا وصلوا يف السن لسبع‬
‫سنني‪ ،‬ويرضبون عليها لعرش سنني باليد ال بالعىص؛ رفق ًا هبم‪ ،‬وزجر ًا بحسب‬
‫ألن الرضب بالعىص‬ ‫طاقته‪ ،‬وال يزيد عن ثالث رضبات بيده‪ ،‬والرضب هلم باليد؛ َّ‬
‫يكون بجناية صدرت من مكلف‪ ،‬وال جناية من الصغري‪ ،‬وهذا الرضب واجب‪.‬‬
‫كام يف املراقي ص‪ ، 71- 71‬وحاشية الطحطاوي ص‪ 71‬؛ فعن سربة ‪ ‬قال‬
‫‪( :‬علموا الصبي الصالة ابن سبع سنني وارضبوه عليها ابن عرش) يف سنن‬
‫الرتمذي ‪ ،252 :2‬وصححه‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 02 :2‬وعن عمرو بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده ‪ ‬قال ‪( :‬مروهم بالصالة لسبع سنني‪ ،‬وارضبوهم‬
‫عليها يف عرش سنني‪ ،‬وفرقوا بينهم يف املضاجع) يف سنن البيهقي الكبري ‪،222 :2‬‬
‫وسنن الدارقطني ‪ ،21 :‬واملعجم األوسط ‪ ،252 :1‬ومسند أمحد ‪. 87 :2‬‬
‫(‪ )2‬وهنا تفصيل بالنسبة للحائض يف مقدار آخر الوقت الذي جتب عليها فيه الصالة‬
‫عىل وجهني‪ ،‬ومها‪:‬‬
‫ِ‬
‫الوقت ملحة‪ ،‬ولو‬ ‫الصالة‪ ،‬وإن كان الباقي من‬ ‫ِ‬ ‫أوالً‪ :‬إن كانت‬
‫طهارُتا لعرشة وجبت َّ‬‫ه‬
‫ألن انقطاع الدم لعرشة طهارة متيقنة؛ لعدم زيادة احليض عىل‬‫بمقدار قول‪ :‬اهلل؛ َّ‬
‫هذه املدة‪ ،‬فإن ما زاد عليها استحاضة‪.‬‬
‫سل‬ ‫يسع ال هغ َ‬
‫ألقل من عرشة أيام‪ ،‬فإن كان الباقي من الوقت مقدار ما ه‬ ‫ثاني ًا‪ :‬إن كانت َّ‬
‫الغسل حيتسب هاهنا من‬‫ِ‬ ‫وج َبت الصالة وإن مل يسع مل جتب‪ ،‬فوقت‬ ‫والتَّحريم َة َ‬
‫مدة احليض؛ واعترب فيه ما يسع الغسل من احليض وابتداء حتريمة الصالة؛ َّ‬
‫ألن‬
‫االنقطاع ألقل من عرشة‪ ،‬فإنَّه حيتمل فيه عود احليض لبقاء املدة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح‬
‫الوقاية ص‪ ، 21‬وعمدة الرعاية ‪ ، 28 :‬وذخر املتأهلني ص‪ ، 15‬وغريها‪.‬‬
‫أن الصالة جتب يف جزء من الوقت مطلق للمكلف تعيينه‬ ‫ألن األصل يف هذا َّ‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصلُ‬

‫يفُاألذانُ‬
‫األذان ُسن ٌة ُمؤكد ٌة ُللخمس ُواجلمعة ُفقط( )‪ُ ،‬بغري ُترجيع( )‪ُ ،‬ويزيد ُيفُ‬

‫تعني ذلك اجلزء للوجوب‪ ،‬حتى لو‬ ‫باألداء‪ ،‬إال أنَّه إذا مل ّ‬
‫يصل حتى ضاق الوقت ّ‬
‫ّ‬
‫أخرها عنه أثم؛ ألنَّه تعاىل أمر بالصالة يف مطلق الوقت‪ ،‬فال يتقيد بجزء معني‪،‬‬
‫فاملعترب يف السببية آخر الوقت عندنا؛ َّ‬
‫ألن املطالبة إنَّام حتقق يف آخر الوقت؛ وهلذا‬
‫كان خمري ًا بني أن يؤدي يف أول الوقت‪ ،‬أو يف وسطه‪ ،‬أو يف آخره‪ ،‬والتخيري ينايف‬
‫املطالبة أوالً‪ ،‬وإن ثبت وجوهبا بأول الوقت عىل غري املعذور لوجود السبب‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ‪ ،11‬واالختيار ‪ ،5 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) أي يف وقتِها أدا ًء وبعده قضا ًء‪ ،‬وليس بسنة يف النوافل والوتر وصالة العيدين‬
‫واجلنازة والكسوف واخلسوف والرتاويح والسنن والرواتب وغريها؛ َّ‬
‫ألن األذان‬
‫لإلعالم بدخول وقت الصالة‪ ،‬واملكتوبات هي املختصة بأوقات معيّنة دون‬
‫وألن النوافل تابعة للفرائض فجعل أذان األصل أذان ًا للتبع تقدير ًا‪ ،‬كام يف‬
‫َّ‬ ‫النوافل;‬
‫رمز احلقائق ‪ ،12 :‬وفتح باب العناية ‪200 :‬؛ فعن عمران بن حصني ‪ ‬قال‪:‬‬
‫(كان رسول اهلل ‪ ‬يف مسري له فناموا عن صالة الفجر‪ ،‬فاستيقظوا بحر الشمس‬
‫فارتفعوا قلي ً‬
‫ال حتى استعلت‪ ،‬ثم أمر املؤذن فأذن‪ ،‬ثم صىل الركعتني قبل الفجر‪،‬‬
‫ثم أقام املؤذن فصىل الفجر) يف املستدرك ‪ ،108 :‬وصححه‪ ،‬وسنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ، 2‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )2‬والرتجيع أن خيفض صوته يف الشهادتني‪ ،‬ثم يرفع الصوت هبام؛ ألنَّه مل ينقل يف‬
‫حديث عبد اهلل بن زيد أو حديث بالل‪ .‬ينظر‪:‬منحة السلوك ‪ ، 12 :‬ورشح‬
‫الوقاية ص‪. 10‬‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُخريُمنُالنومُمرتني( )‪ُ.‬‬
‫أذانُالفجرُبعدُالفالح‪ُ:‬الصالة ٌ‬
‫واإلقامةُ‪ُ:‬مثلُه( )ُبزيادة‪ُ:‬قدُقامتُالصُالةُمرُتنيُبعدُالفالح( )‪ُ.‬‬
‫ُوَي ِدر ُاإلقامة( )‪ُ ،‬ويتوجه ُفيهام ُالقبلة‪ُ ،‬و َُيلُ َُتفت ُيمن ًةُ‬
‫ُاألذان َ‬
‫َ‬ ‫ويرتسل‬

‫( ) فعن أيب حمذورة قال النبي ‪( :‬فإن كنت يف صالة الصبح قلت‪ :‬الصالة خري من‬
‫النوم‪ ،‬الصالة خري من النوم) يف سنن أيب داود ‪. 20 :‬‬
‫(‪ )2‬فعن عبد الرمحن بن أيب ليىل ‪ ‬قال‪( :‬حدثنا أصحاب حممد ‪َّ ‬‬
‫أن عبد اهلل بن زيد‬
‫ملََّا رأى األذان أتى النبي ‪ ‬فأخربه‪ ،‬فقال‪ :‬علمه بالالً‪ ،‬فقام بالل فأذن مثنى مثنى‬
‫وأقام مثنى مثنى وقعد قعدة) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ، 22 :‬واآلحاد واملثاين ‪:1‬‬
‫‪ ،172‬ورشح معاين اآلثار ‪ ، 1 :‬وإسناده صحيح‪ ،‬كام إعالء السنن ‪،22 :2‬‬
‫وعن الشعبي عن عبد اهلل بن زيد األنصاري ‪ ‬قال‪( :‬سمعت أذان رسول اهلل ‪‬‬
‫فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى) يف مسند أيب عوانة ‪ ،272 :‬وغريه‪ ،‬وهو مرسل‬
‫قوي‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪. 0 - 00 :2‬‬
‫(‪ )1‬فعن معاذ بن جبل ‪ ‬قال‪ :‬جاء عبد اهلل بن زيد رجل من األنصار ‪ ‬وقال فيه‬
‫أن ال إله إال اهلل‪ ،‬أشهد َّ‬
‫أن ال إله إال‬ ‫(فاستقبل القبلة قال‪ :‬اهلل أكرب‪ ،‬اهلل أكرب‪ ،‬أشهد َّ‬
‫أن حممد ًا رسول اهلل‪ ،‬حي عىل الصالة‬ ‫أن حممد ًا رسول اهلل‪ ،‬أشهد َّ‬ ‫اهلل‪ ،‬أشهد َّ‬
‫مرتني‪ ،‬حي عىل الفالح مرتني‪ ،‬اهلل أكرب اهلل أكرب ال إله إال اهلل‪ ،‬ثم أمهل هنية‪ ،‬ثم‬
‫قام فقال مثلها إال أنَّه قال‪ :‬زاد بعدما قال حي عىل الفالح‪ :‬قد قامت الصالة قد‬
‫قامت الصالة‪ )...‬يف سنن أيب داود ‪ ، 10 :‬وسكت عنه‪.‬‬
‫(‪ )1‬والرتسل هو الفصل بني الكلامت‪ ،‬واحلدر هو الوصل بني الكلامت واإلرساع‪ ،‬كام‬
‫وألن األذان إلعالم الغائبني هبجوم‬ ‫َّ‬ ‫يف اهلدية ص‪ ،15‬وخمتار الصحاح ص‪ 22‬؛‬
‫الوقت‪ ،‬وذا يف الرتسل أبلغ‪ ،‬واإلقامة إلعالم احلارضين بالرشوع يف الصالة‪ ،‬وإنَّه‬
‫حيصل باحلدر؛ فعن جابر ‪ ‬قال ‪ ‬لبالل‪( :‬إذا أذنت فرتسل يف أذانك‪ ،‬وإذا‬
‫أقمت فاحدر‪ ،‬واجعل بني أذانك وإقامتك قدر ما خيلو اآلكل من أكله‪ ،‬والشارب‬
‫من رشبه‪ ،‬واملعترص إذا دخل لقضاء حاجته) يف املستدرك ‪ ،120 :‬وسنن‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويْس ًُة( )ُويرفعُفيهامُصوتَه( )‪ُ.‬‬


‫ب ُالوضوءُ ُفيهام‪ُ ،‬ويُكرهان ُللجنب‪ُ ،‬ويعاد ُاألذان ُخاصة‪ُ،‬‬
‫ح ُّ‬
‫ويُسُ َُت َ ُ‬
‫وتكرهُإقامةُاملحدث) (‪ُ.‬‬

‫الرتمذي ‪ ،171 :‬وعن أيب الزبري ‪ ‬مؤذن بيت املقدس قال‪« :‬جاءنا عمر بن‬
‫اخلطاب ‪ ‬فقال‪ :‬إذا أذنت فرتسل‪ ،‬وإذا أقمت فاحدر» يف مصنف ابن أيب شيبة‬
‫‪. 25 :‬‬
‫( ) فعن أيب جحيفة ‪ ‬قال‪( :‬أذن فلام بلغ حي عىل الصالة حي عىل الفالح لوى عنقه‬
‫يمين ًا وشامالً‪ ،‬ومل يستدر) يف سنن أيب داود ‪ ، 12 :‬وسكت عنه‪ ،‬وسنن البيهقي‬
‫الكبري ‪.125 :‬‬
‫(‪ )2‬أي املؤذن يف األذان؛ ليكون أبلغ يف اإلعالم؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬املؤذن‬
‫كل رطب ويابس) يف سنن أيب داود ‪، 27 :‬‬ ‫يغفر له مدى صوته ويشهد له ّ‬
‫وسنن النسائي ‪ ، 2 :2‬ومسند أمحد ‪ ، 22 :2‬وقال شعيب األرناؤوط‪ :‬صحيح‬
‫وهذا إسناد قوي‪.‬‬
‫)‪ (1‬وحاصل املسألة أنَّه ال يكره األذان مع احلدث؛ أل َّنه ذكر يستحب فيه الطهارة‪ ،‬فال‬
‫ألن اإلقامة مل ترشع‬‫يكره بدوهنا كقراءة القرآن‪ ،‬ويكره إقامة املحدث‪ ،‬ومل تعاد؛ُ َّ‬
‫أثر اجلنابة‬ ‫إال متصلة بصالة املقيم‪ ،‬وأما األذان مع اجلنابة فيكره حتى يعاد؛ َّ‬
‫ألن َ‬
‫ظهر يف الفم فيمنع من الذكر املع ّظم كام يمنع من قراءة القرآن بخالف احلدث‪،‬‬
‫ألهنا‬
‫تكرار اإلقامة؛ َّ‬
‫ه‬ ‫رش رع‬
‫وكذا اإلقامة مع اجلنابة تكره لكنَّها ال تعاد؛ ألنَّه مل هي ر َ‬
‫سامع‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫فيحتمل‬ ‫ه‬
‫واألذان إلعال ِم الغائبني‪،‬‬ ‫إلعالم احلارضين‪ ،‬فتكفي الواحدة‪،‬‬
‫فتكراره مفيد؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬ال يؤذن إال‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫البعض دون البعض‪،‬‬
‫متوضئ)‪ ،‬ويف رواية‪( :‬ال ينادي بالصالة إال متوضئ) يف سنن الرتمذي ‪،120 :‬‬
‫وقال‪ :‬هذا أصح من احلديث األول‪ ،‬وعن عبد اجلبار بن وائل عن أبيه ‪ ‬قال‪:‬‬
‫« حق وسنة مسنونة أن ال يؤذن الرجل إال وهو طاهر‪ ،‬وال يؤذن إال وهو قائم» يف‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويؤ ِّذنُللفائتةُاألوىلُويقيم‪ُ،‬ولهُاالكتفاءُباإلقامةُيفُالباقي( )‪ُ.‬‬


‫وتوزُإقامةُغريُاملؤ ِّذن( )‪ُ.‬‬
‫ويكرهُللمؤ ِّذنُأخذُاألجرة( )‪ُ.‬‬

‫سنن البيهقي الكبري ‪ ،122 :‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ،125 :‬ويف التلخيص ‪:‬‬
‫أن فيه انقطاع ًا‪.‬‬
‫‪ :205‬إسناه حسن إال َّ‬
‫إن من فاتته صلوات وأراد أن يصليها قضا ًء أذن لألوىل وأقام‪ ،‬وكان خمري ًا يف‬ ‫( ) أي َّ‬
‫البواقي من الفوائت‪ :‬إن شاء أتى هبام‪ ،‬أو اقترص عىل اإلقامة؛ للغنية عن إعالم‬
‫إن املرشكني شغلوا رسول‬ ‫الغائبني‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪12‬؛ فعن ابن مسعود ‪َّ ( :‬‬
‫ٍ‬
‫ب من الليل ما شاء اهلله فأمر بالالً‬ ‫اهلل ‪ ‬عن َأربع صلوات يوم اخلندق حتى َذ َه َ‬
‫ثم َأقام‬ ‫ثم َأقام ّ‬
‫فصىل املغرب‪ّ ،‬‬ ‫فصىل العرص‪ّ ،‬‬‫فصىل الظهر‪ ،‬ثم َأقام ّ‬ ‫فأذن‪ ،‬ثم أقام ّ‬
‫فصىل العشاء) يف سنن الرتمذي ‪ ،117 :‬ومسند أمحد ‪ ،175 :‬وقال األرناؤوط‪:‬‬ ‫ّ‬
‫حسن لغريه‪.‬‬
‫ألن اكتساب أذى املسلم مكروه‪ ،‬وإن كان ال يتأذى‬ ‫(‪ )2‬إن مل يكن يتأذى املؤذن بذلك؛ َّ‬
‫به ال يكره؛ فعن زياد الصدائي ‪ ‬قال‪( :‬أمرين رسول اهلل ‪ ‬أن أؤذن يف صالة‬
‫إن أخا صداء قد أذن‪ ،‬و َمن‬ ‫الفجر فأذنت‪ ،‬فأراد بالل أن يقيم‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪َّ :‬‬
‫أ ّذن فهو يقيم) يف سنن الرتمذي ‪ ،181 :‬وسنن أيب داود ‪ ، 12 :‬وسنن ابن‬
‫ماجة ‪ ،217 :‬ورشح معاين اآلثار ‪ ، 12 :‬ومسند أمحد ‪ ، 22 :1‬وغريها‪،‬‬
‫النبي ‪َ ‬فأخربته فقال‪( :‬ألقه‬
‫وعن عبد اهلل بن زيد ‪ ‬رأيت األذان يف املنام فأتيت ّ‬
‫عىل بالل‪ ،‬فألقيته عليه‪ ،‬فأذن بالل‪ ،‬فقلت‪:‬أنا رأيته وأنا كنت أريده‪ ،‬فقال ‪ :‬فأقم‬
‫أنت) يف سنن أيب داود ‪ ، 22 :‬ومسند أمحد ‪ ،12 :1‬وضعفه الشيخ شعيب‪.‬‬
‫ألن اإلنسان يف حتصيل الطاعة عامل‬ ‫(‪ )1‬ألنَّه استئجار عىل الطاعة‪ ،‬وهذا ال جيوز؛ َّ‬
‫لنفسه‪ ،‬فال جيوز له أخذ األجرة عليه‪ ،‬وإن علم القوم حاجته فأعطوه شيئ ًا من غري‬
‫رشط فهو حسن؛ أل َّنه من باب الرب والصدقة واملجازاة عىل إحسانه بمكاهنم‪ ،‬وكل‬
‫ذلك حسن‪ ،‬كام يف البدائع ‪ 52 :‬؛ فعن عثامن بن أيب العاص ‪ ‬أنَّه قال‪( :‬يا‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُِ‬
‫الوقت‪ُ،‬ويُعادُفيه( )‪ُ.‬‬ ‫ُِِ‬
‫والُيؤذنُلصالةُقبلُدخولُ‬
‫وجيبُعىلُسامعُاألذانُواإلقامة( ) ُمتابعة ُاملؤ ِّذن‪ُ ،‬إالُيفُاحليعلةُاألُوىلُ‬
‫فيقول‪ُ :‬الُحولُوالُقوةُإالُباهللُالعيلُالعظيم( )‪ُ ،‬ويفُالثانية‪ُ:‬ماُشاءُاهللُكانُ‬

‫رسول اهلل‪ ،‬اجعلني إمام قومي‪ ،‬قال ‪ :‬أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واختذ مؤذن ًا‬
‫ال يأخذ عىل أذانه أجر ًا) يف املستدرك ‪ ،1 1 :‬وصححه‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة‬
‫‪ ،22 :‬وسنن أيب داود ‪ .20 :‬وعن حييى البكاء ‪ ‬قال رجل البن عمر‪:‬‬
‫«إين ألحبك يف اهلل‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬لكني أبغضك يف اهلل‪ ،‬قال‪ :‬ومل؟ فقال‪ :‬إنَّك‬
‫تنقي يف آذانك وتأخذ عليه أجر ًا» يف املعجم الكبري ‪ ،221 : 2‬ومصنف عبد‬
‫الرزاق ‪.18 :‬‬
‫إن أخذ األجرة عىل الطاعة غري‬ ‫قال بدر الدين العيني يف منحة السلوك ‪َّ « : 12 :‬‬
‫جائز‪ :‬كاإلمامة‪ ،‬واألذان‪ ،‬واحلج‪ ،‬وتعليم القرآن والفقه‪ ،‬ولك َّن املتأخرين جوزوا‬
‫عىل التعليم واإلمامة يف زماننا؛ حلاجة الناس إليه وظهور التواين يف األمور الدينية‪،‬‬
‫وكسل الناس يف االحتساب‪ ،‬وعليه الفتوى»‪.‬‬
‫( ) أي يعاد األذان عند دخول الوقت؛ لعدم االعتداد بام قبله‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية‬
‫جيوز للفجر يف النصف األخري من‬ ‫عي ‪‬‬ ‫‪ .200 :‬وعند أيب يوسف َّ ِ‬
‫ه‬ ‫والشاف ِّ‬
‫الليل‪ .‬ينظر‪ :‬التنبيه ص‪ ،20‬وغريه‪.‬‬
‫فإن اآلثار‬‫(‪ )2‬املتابعة يف اإلقامة جتب عىل قول أيب يوسف ‪ ‬خاصة‪ ،‬وأما عندمها َّ‬
‫وردت للمتابعة يف األذان دون اإلقامة‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪.17‬‬
‫(‪ )1‬فاإلجابة واجبة؛ ملا روي عن أيب سعيد ‪ ‬قال ‪( :‬إذا سمعتم النداء فقولوا مثل‬
‫ما يقول املؤذن) يف صحيح البخاري ‪22 :‬؛ إال يف قوله‪ :‬حي عىل الصالة حي‬
‫عىل الفالح؛ فإنَّه يقول مكانه‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل العيل العظيم; َّ‬
‫ألن إعادة‬
‫ذلك هتشبه املحاكاة واالستهزاء‪ ،‬وكذا إذا قال املؤذن‪ :‬الصالة خري من النوم؛ ال‬
‫يعيده السامع ملا سبق‪ ،‬ولكنَّه يقول‪ :‬صدقت وبررت‪ ،‬أو ما يؤجر عليه؛ فعن عمر‬
‫‪ ،‬قال ‪( :‬إذا قال املؤذن‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب‪ ،‬فقال أحدكم‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب‪ ،‬ثم‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُوباحلقُ‬
‫ِّ ُ‬ ‫ُخري ُمن ُالنوم؛ ُصدقت‬
‫وما ُمل ُيشأ ُمل ُيكن) (‪ُ ،‬وعند ُقوله‪ُ :‬الصُالة ٌُ‬
‫َُن َُط َُقت( )‪ُ.‬‬

‫أن حممد ًا‬


‫أن ال إله إال اهلل‪ ،‬ثم قال‪ :‬أشهد َّ‬‫قال‪ :‬أشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬قال‪ :‬أشهد َّ‬
‫أن حممد ًا رسول اهلل‪ ،‬ثم قال‪ :‬حي عىل الصالة‪ ،‬قال‪ :‬ال‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬أشهد َّ‬
‫حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬ثم قال‪ :‬حي عىل الفالح‪ ،‬قال‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب‪ ،‬قال‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب‪ ،‬ثم قال‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬قال‪ :‬ال إله إال‬
‫اهلل من قلبه دخل اجلنة) يف صحيح مسلم ‪.282 :‬‬
‫) ( قال اإلمام اللكنوي يف التعليق املمجد ‪« : 2 :‬ذكر بعض أصحابنا مكان حي‬
‫عىل الفالح‪ :‬ما شاء اهلل كان وما مل يشأ مل يكن‪ ،‬ذكره يف «املحيط» وغريه‪ ،‬لكن ال‬
‫أصل له يف األحاديث وال أعلم من أين اخرتعوه‪ ،‬وقد ن ّبه عىل ذلك املحدث عبد‬
‫احلق الدهلوي يف «رشح سفر السعادة»‪ .».‬أقول‪ :‬وإن مل يكن له أصل‪ ،‬فإنَّه ذكر‬
‫حممود غري منهي عنه ال يتوقف ذكره عىل أثر خاص؛ ألننا أمرنا بذكر اهلل والثناء‬
‫عليه بام يستحقه؛ ولذلك مل يستنكره العيني يف منحة السلوك ‪ ، 18 :‬وكذلك يف‬
‫عمدة القاري ‪ ، 8 :5‬وابن نجيم يف البحر ‪ ،271 :‬وعىل ذكر‪ :‬ما شاء اهلل كان‬
‫أن ناس ًا كانوا فيام مىض كانوا‬ ‫عمل السلف؛ فعن ابن جريج ‪ ‬قال‪« :‬حدثت َّ‬
‫هينصتون للتأذين كإنصاُتم للقرآن‪ ،‬فال يقول املؤذن شيئ ًا إال قالوا مثله‪ ،‬حتى إذا‬
‫حي عىل الصالة‪ ،‬قالوا‪ :‬ال حول وال قوة إال باهلل العيل العظيم‪ ،‬فإذا قال حي‬ ‫قال‪ّ :‬‬
‫عىل الفالح‪ ،‬قالوا‪ :‬ما شاء اهلل» يف مصنف عبد الرزاق ‪.180 :‬‬
‫(‪ )2‬ما ذكره املصنف يف الثانية وبعد الصالة خري من النوم ذكره أيض ًا صاحب جممع‬
‫األهنر ‪ ،72 :‬لكن ذكر العجلوين يف كشف اخلفاء ‪« :572 :2‬صدق رسول اهلل‬
‫‪ ‬قال يف «املقاصد» هو كالم يقوله كثري من العامة عقب قول املؤذن يف الصبح‪:‬‬
‫أقر بالالً عىل قوله‪ :‬الصالة‬ ‫الصالة خري من النوم؛ وهو صحيح بالنظر لكونه ‪ّ ‬‬
‫أن النبي ‪ ‬أمر أبا‬ ‫خري من النوم؛ كام بينت ذلك يف «القول املألوف» بل ثبت َّ‬
‫حمذورة بقوله ذلك ولذا كان استحباب قوله وجه ًا‪ ،‬لك َّن الراجح استحباب قوله‪:‬‬
‫صدقت وبررت فقط‪ ،‬وقال القاري‪ :‬صدق رسول اهلل؛ ليس له أصل‪ ،‬وكذا‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والُيتكلمُسامعُهام‪ُ ،‬وال ُيقرأ‪ُ ،‬والُي َس ِّلم‪ُ ،‬والُ َُيرُد‪ُ ،‬والُيشتغلُ ُبعملُ‬


‫غريُاإلجابة‪ُ،‬و َُيقطعُُالقراء َُةُهلام( )‪ُ،‬واهللُأعلم‪ُ.‬‬
‫َ‬
‫فصلُ‬
‫ورشوطُالصُالةُست ٌُة‪ُ:‬‬
‫‪ .1‬الوقت( )‪ُ.‬‬

‫قوهلم عند قول املؤذن‪ :‬الصالة خري من النوم‪ :‬صدقت وبررت وباحلق نطقت؛‬
‫أن خرب ًا ورد فيه ال يعرف قائله‪،‬‬
‫استحبه الشافعية قال الدمريي‪ :‬وادعى ابن الرفعة َّ‬
‫انتهى‪ .‬وقال ابن امللقن يف ختريج أحاديث الرافعي‪ :‬مل أقف عليه يف كتب احلديث‪.‬‬
‫وقال احلافظ ابن حجر ‪ :‬ال أصل له‪ .‬انتهى»‪.‬‬
‫( ) املراد من قوله‪ :‬ال يقرأ؛ أي ال يرشع يف القراءة عند األذان واإلقامة‪ ،‬واملراد من‬
‫قوله‪ :‬ويقطع القراءة هلام؛ أن يكون قارئ ًا يف ابتداء األذان واإلقامة فيقطع من‬
‫أجلهام‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 12 :‬‬
‫(‪ )2‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ [النساء‪ ،]777 :‬وعن‬
‫أيب رزين قال‪:‬جاء نافع بن األزرق إىل ابن عباس ‪ ‬فقال‪«:‬الصلوات اخلمس يف‬
‫القرآن؟ فقال‪:‬نعم فقرأ ‪ :‬ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ قال‪ :‬صالة املغرب‪ ،‬ﭽﭪ‬
‫ﭫ ﭼ [الروم‪ :]71 :‬صالة الظهر‪ ،‬ﭽ ﭩ ﭼ [الروم ‪ :]71 :‬صالة العرص ‪،‬‬
‫ﭽ ﭡﭢﭼ‪ :‬صالة الصبح‪ ،‬وقرأ‪ :‬ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﭼ» يف‬
‫املستدرك ‪ ،115 :2‬وصححه‪ ،‬وسنن البيهقي الكبري ‪،152 :‬واملعجم الكبري‬
‫‪ ،217 : 0‬وغريها‪.‬‬
‫ألن الشاك ليس بجازم‪،‬‬ ‫ويشرتط اعتقاد دخوله؛ لتكون عبادة بنية جازمة؛ َّ‬
‫أن الوقت مل يدخل‪ ،‬فظهر أنَّه كان قد دخل‪ ،‬ال جتزئه؛ ألنَّه ملا‬‫حتى لو صىل وعنده َّ‬
‫حكم بفساد صالته بناء عىل دليل رشعي‪ ،‬وهو حتريه‪ ،‬فال ينقلب جائز ًا إذا ظهر‬
‫خالفه‪ .‬ينظر‪ :‬مراقي الفالح ص‪.2 5‬‬
‫ـ ‪00‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .2‬والطهارةُُبأنواعها( )‪ُ.‬‬
‫‪ .3‬وسرتُُالعورة( )‪ُ.‬‬
‫‪ .4‬واستقبالُُالقبلة( )‪ُ.‬‬
‫‪ .5‬والنية( )‪ُُ.‬‬
‫‪ .6‬وتكبريةُاإلحرام( )‪ُ.‬‬

‫( ) من طهارة للنجاسة احلقيقية عن الثوب والبدن واملكان الذي يصيل فيه‪ ،‬وطهارة‬
‫للنجاسة احلكمية من حدث وجنابة وحيض ونفاس‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 1 :‬قال‬
‫‪ :‬ﭽﯖ ﯗ ﭼ [املدثر‪.]7:‬‬
‫(‪ )2‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ [األعراف‪ :]77 :‬أي اسرتوا‬
‫عوراتكم عند كل صالة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 12 :‬‬
‫(‪ )1‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ‬
‫[البقرة‪ :]777 :‬أي جهته‪.‬‬
‫(‪ )1‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ[البينة‪ ،]7 :‬واإلخالص ال يكون‬
‫إال بالنية‪ ،‬وقال ‪( :‬إنَّام األعامل بالنيات) يف صحيح البخاري ‪ ،1 :‬وصحيح‬
‫مسلم ‪ ، 5 5 :1‬والنية‪ :‬أن َي ِص َل قصد قلبه صالتَه بتحريمتِها‪ ،‬وهذا بيان الوقت‬
‫املستحب يف النية‪ ،‬وجيوز تقديمها برشط أن ال يشتغل بينهام بام ليس من جنس‬
‫الصالة‪ ،‬حتى لو كان املصيل بحال إن سئل‪ :‬أي صالة تصيل؟ أجاب يف الفور من‬
‫غري تك ّلف‪ ،‬جازت صالته‪ ،‬وهو األصح‪ ،‬فالنية أن يعلم بقلبه أي صالة يصيل‪،‬‬
‫وال عربة باللسان‪ ،‬لك َّن التلفظ هبا مستحب؛ ملا فيها من استحضار نيته؛ الختالف‬
‫الزمان وكثرة الشواغل عىل القلوب فيام بعد زمن التابعني‪ .‬ينظر‪ :‬الوقاية‬
‫ص‪ ، 11‬وعمدة الرعاية ‪ ، 52 :‬وهداية ابن العامد ص‪ ،152‬ونفع املفتي‬
‫ص‪.217‬‬
‫(‪ )5‬لقوله ‪ :‬ﭽﰄ ﰅﰆ ﰇﭼ [األعلى‪ ،]77:‬وقوله ‪ :‬ﭽﯓ ﯔ ﭼ [املدثر‪،]7:‬‬
‫ـ ‪01‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وأركاُناُست ٌُة‪ُ:‬‬
‫‪ .1‬القيام( )‪ُ.‬‬
‫‪ .2‬والقراءة( )‪ُ.‬‬
‫‪ .3‬والركوع( )‪ُ.‬‬
‫‪ .4‬والسُجود( )‪ُ.‬‬

‫وهي جعل اليشء حمرم ًا‪ ،‬وسمي التكبري لالفتتاح أو ما قام مقامه حتريمة؛ لتحريمه‬
‫األشياء املباحة خارج الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬املراقي ص‪.2 7‬‬
‫( ) وهو فرض للقادر عىل القيام وعىل السجود يف الفرض دون النفل‪ُ ،‬وحد القيام‪ُ:‬‬
‫أنَّه لو مدّ يديه ال ينال ركبتيه ‪ ،‬وهذا أدناه‪ ،‬أما متامه فهو االنتصاب؛ لقوله ‪:‬‬
‫ﭽﭖ ﭗ ﭘﭼ البقرة‪ ]771:‬وعن عمران بن حصني ‪ ،‬قال ‪( :‬صل قائ ًام‪،‬‬
‫فإن مل تستطع فقاعد ًا‪ ،‬فإن مل تستطع فعىل جنب) يف صحيح البخاري ‪.172 :‬‬
‫(‪ )2‬وفرض القراءة آية‪ ،‬وحد القراءة‪ :‬أن يسمع نفسه لو مل يكن مانع‪ ،‬كام يف اهلدية‬
‫العالئية ص‪ ،21‬واملراقي ص‪225‬؛ لقوله ‪ :‬ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ [املزمل‪:‬‬
‫‪ ،]77‬وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬اقرأ ما تيرس معك من القرآن) يف صحيح‬
‫البخاري ‪ ،221 :‬وصحيح مسلم ‪.228‬‬
‫(‪ )1‬وأدنى الركوع أن يكون إىل الركوع أقرب من القيام‪ ،‬حتى لو مد يديه ينال ركبتيه‪،‬‬
‫ومتام الركوع‪ :‬أن يبسط ظهره ويساوي رأسه بعجزه‪ ،‬كام يف حاشية الطحطاوي‬
‫ص‪222‬؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ [احلج‪ ،]00 :‬وقوله ‪:‬‬
‫ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ [البقرة‪ ،]77 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬ثم اركع حتى‬
‫تطمئن راكع ًا‪ ،‬ثم ارفع حتى تعتدل قائ ًام) يف صحيح مسلم ‪.228 :‬‬
‫(‪ )1‬وفرض السجود وضع جزء من اجلبهة وإن قل عىل األرض‪ .‬ينظر‪ :‬كامل الدراية‬
‫ق‪/10‬ب‪ ،‬واإليضاح ق‪/ 1‬ب‪ ،‬لكن مشى صاحب الوقاية ص‪ ، 11‬عىل‬
‫فرضية السجود عىل اجلبهة واألنف‪ ،‬ويف النقاية ‪ ،228 :‬وبه يفتى؛ ودليل‬
‫السجود قوله ‪ :‬ﭽﮕ ﮖﮗﮘﮙ ﭼ [احلج‪ ،]00 :‬وقوله‬
‫ـ ‪07‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .5‬واالنتقالُمنُركنُإىلُركن( )‪ُ.‬‬
‫‪ .6‬والقعدةُاألخرية( )‪ُ.‬‬
‫‪ُ.) (... .7‬‬

‫‪ُ :‬ﭽﮟ ﮠ ﮡ ﭼ [البقرة‪ ،]77 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬ثم اسجد‬
‫حتى تطمئن ساجد ًا‪ ،‬ثم ارفع حتى تطمئن جالس ًا‪ ،‬ثم افعل ذلك يف صالتك كلها)‬
‫يف صحيح البخاري ‪.221 :‬‬
‫( ) أي من القيام إىل الركوع‪ ،‬ومنه إىل السجود‪ ،‬ومنه إىل القعدة األخرية‪ ،‬والصالة ال‬
‫توجد إال بذلك‪ ،‬فكان فرض ًا‪ ،‬وهذا الرتتيب يكون فيام احتدت رشعيته يف كل‬
‫ركعة‪ ،‬أو يف مجيع الصالة‪ ،‬أما ما يتكرر‪ :‬كالسجود‪ ،‬فإنَّه يتكرر يف كل ركعة مرتني‪،‬‬
‫فالرتتيب فيه واجب ال فرض‪ ،‬وكذلك عدد ركعاُتا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪، 11 :‬‬
‫واهلدية ص‪ ،12‬واجلوهر الكيل ق‪/8‬أ‪ ،‬والتبيني ‪. 05 :‬‬
‫(‪ )2‬وهي بمقدار ما يسع فيه قراءة التشهد‪ ،‬ويشرتط تأخري القعود األخري عن‬
‫األركان؛ ألنَّه رشع خلتمها‪ ،‬فتعاد لسجدة صلبية تذكرها املصيل ودليلها‪:‬قوله ‪:‬‬
‫ﭽ ﮛ ﮜ ﭼ وقد التحق فعل النبي ‪ ‬وقوله هبا بيان ًا‪ ،‬وهو مل يفعلها قط‬
‫بدون القعدة األخرية‪ ،‬واملواظبة من غري ترك دليل الفرضية‪ ،‬وإذا وقع بيان ًا‬
‫للفرض عىل الصالة املجملة‪ ،‬كان متعلقها فرض ًا بالرضورة إال ما خرج بدليله‪،‬‬
‫إن النبي ‪ ‬أخذ بيده وعلمه التشهد‪ ...‬وقال‪ :‬فإذا فعلت‬ ‫وعن ابن مسعود ‪َّ ( :‬‬
‫ذلك أو قضيت هذا فقد متت صالتك‪ ،‬إن شئت أن تقوم فقم‪ ،‬وإن شئت أن تقعد‬
‫فاقعد) يف رشح معاين اآلثار ‪ ،275 :‬فعلق ‪ ‬متام الصالة بالقعود مع القراءة‪،‬‬
‫وبالقعود بدوهنا‪ ،‬وهذا اخلرب مل تثبت به الفرضية ابتدا ًء‪ ،‬وإنَّام البيان به فيصح؛‬
‫ألن نفس الصالة ثابتة ومتامها منها‪ ،‬وهذا اخلرب‬‫ألن اإلمتام ثابت بالكتاب؛ َّ‬
‫وهذا َّ‬
‫بني اإلمتام‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،210 :‬واملنحة ‪. 11 :‬‬
‫(‪ )1‬قال الزييل يف هدية الصعلوك ص‪« :12‬وإنَّام مل يذكر اخلروج من الصالة بصنعه‬
‫بفعل املصيل مع أنَّه ركن عند أيب حنيفة ‪ ‬أخذ ًا بقوهلام؛ لقوة دليلهام‪ ،‬حلديث ابن‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وواجباُتاُأحدَ ُعرش‪ُ :‬‬


‫‪ُ.‬الفاحتةُ( )ُيفُاألُوليني( )‪ُ.‬‬
‫‪ُ.‬وسورةٌُأوُقدرُها( )‪ُ.‬‬

‫وألهنام قاال اخلروج من الصالة بالصنع قد يكون بفعل مكروه‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫مسعود ‪‬؛‬
‫كاحلدث بالعمد والقهقهة‪ ،‬فال جيوز وصفه بالوجوب وال إمتام الفرض»‪.‬‬
‫( ) فقراءة الفاحتة واجبة يف الصالة‪ ،‬وقراءة آية من القرآن هي الفرض؛ لقوله‬
‫‪ :‬ﭽﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ [املزمل‪ ،]77 :‬والزيادة عليه بخرب الواحد ال جتوز‪،‬‬
‫ولكنَّه يوجب العمل‪ ،‬فكانت واجبة ال فرض ًا‪ ،‬كام يف تبيني احلقائق ‪ ، 05 :‬وأما‬
‫حديث عبادة بن الصامت ‪ ،‬قال ‪( :‬ال صالة ملَن مل يقرأ بفاحتة الكتاب) يف‬
‫صحيح البخاري ‪ ،221 :‬فهو حممول عىل نفي الفضيلة نحو قوله‪( :‬ال صالة‬
‫جلار املسجد إال يف املسجد) يف املستدرك ‪ ،171 :‬وصححه ابن حزم‪ .‬ينظر‪ :‬فتح‬
‫باب العناية ‪ .21 :‬وأما حديث أيب هريرة ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من صىل صالة مل يقرأ‬
‫فيها بفاحتة الكتاب‪ ،‬فهي خداج يقوهلا ثالث ًا) يف صحيح مسلم ‪ :225 :‬أي‬
‫ناقصة‪ ،‬فاحلديث يدل عىل نقصان الصالة بدون قراءة الفاحتة ال عىل بطالهنا من‬
‫أصلها‪ ،‬فهو نص عىل نفي الكامل‪ ،‬فال داللة فيه عىل عدم اجلواز بدون الفاحتة‪ ،‬بل‬
‫عىل النقص‪ ،‬ونحن نقول به‪ .‬ينظر‪ :‬تنوير األبصار ‪ ،108 :‬ونور اإليضاح‬
‫ص‪.218‬‬
‫(‪ )2‬ملواظبة النبي ‪ ‬عىل القراءة فيهام؛ فعن أيب إسحاق السبيعي عن عيل وابن مسعود‬
‫‪ ‬قاال‪« :‬اقرأ يف األوليني وسبح يف األخريني» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪،127 :‬‬
‫وعن أيب رافع ‪« :‬كان علي ًا يقرأ يف األوليني من الظهر والعرص بأم القرآن‬
‫وسورة‪ ،‬وال يقرأ يف األخريني» يف مصنف عبد الرزاق وسنده صحيح‪ ،‬كام يف‬
‫اجلوهر النقي ‪ . 11 :‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪. 15 :1‬‬
‫سورة‪ :‬كالكوثر‪ ،‬أو قدرها ثالث آيات‪ ،‬أو آية طويلة تعدل ثالثة آيات‬ ‫ٍ‬ ‫ضم‬
‫(‪ )1‬فيجب ُّ‬
‫قصار‪ ،‬وهذا يف األوليني من الفرض‪ ،‬ويف مجيع ركعات النفل‪ ،‬ويف كل الوتر‪ ،‬كام‬
‫يف الدر املختار ‪108 :‬؛ فعن أيب سعيد ‪ ‬قال‪( :‬أمرنا رسول اهلل ‪ ‬أن نقرأ‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ُ.‬واجلهرُ( )ُيفُاجلهريةُلإلمام( )‪ُ.‬‬


‫‪ُ.‬واملخافتةُُيفُالْسيةُمطلق ًُا( )‪ُ.‬‬
‫‪ُ.‬والطمأنينةُُيفُالركوعُوالسجود( )‪ُ.‬‬

‫بفاحتة الكتاب وما تيرس) يف صحيح ابن حبان ‪،22 :5‬وسنن أيب داود ‪:‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬أمره أن خيرج ينادي يف الناس أن ال‬ ‫‪،2 2‬وعن أيب هريرة ‪َّ ( :‬‬
‫صالة إال بقراءة فاحتة الكتاب فام زاد) يف املستدرك ‪ ،225 :‬وصححه وصحيح‬
‫ابن حبان ‪.21 :5‬‬
‫( ) أدنى اجلهر إسامع غريه‪ ،‬وأدنى املخافتة أن يسمع نفسه‪ ،‬وهذا قول أيب جعفر‬
‫اهلندواين ‪ ،‬إذ جمرد حركة اللسان ال تسمى قراءة بدون صوت عنده‪ ،‬وقد‬
‫صححه صاحب الوقاية ص ‪ ، 5‬وامللتقى ص‪ ، 5‬واختاره رشاح الوقاية‬
‫والنقاية وامللتقى واهلداية وعامة أصحاب الفتاوى‪.‬‬
‫إن أدنى اجلهر إسامع نفسه‪ ،‬وأدنى املخافتة تصحيح احلروف‪،‬‬ ‫والقول الثاين‪َّ :‬‬
‫وهو قول الكرخي وأيب بكر األعمش وغريمها‪ ،‬وصححه صاحب البدائع؛ َّ‬
‫ألن‬
‫القراءة فعل اللسان دون الصامخ‪ .‬ينظر‪ :‬سباحة الفكر ص‪ ،2 - 2‬والتبيني ‪:‬‬
‫‪. 27‬‬
‫(‪ )2‬وهذا يف الصالة الليلية‪ :‬كالفجر‪ ،‬وأويل املغرب والعشاء ولو قضا ًء‪ ،‬وكذا اجلمعة‬
‫والعيدين والرتاويح والوتر يف رمضان؛ للنقل املستفيض‪ ،‬وأما املنفرد فهو خمري إن‬
‫شاء جهر وأسمع نفسه؛ لكونه إمام نفسه‪ ،‬وإن شاء خافت؛ َّ‬
‫ألن اجلهر إلسامع من‬
‫خلفه وليس خلفه أحد هيسمعه‪ ،‬واجلهر أفضل؛ ليؤدي الصالة عىل هيئة اجلامعة‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املشكاة ص‪ ، 81‬واملنحة ‪. 15 :‬‬
‫(‪ )1‬أي لإلمام واملنفرد يف الظهر والعرص وفيام بعد أويل املغرب والعشاء‪ ،‬ويف نفل‬
‫النهار‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 81‬‬
‫(‪ )1‬وهو أن يسوي اجلوارح يف الركوع والسجود حتى تطمئن‪ ،‬وقدِّ َر بمقدار تسبيحة‪،‬‬
‫ففي آخر حديث امليسء صالته‪( :‬ثم كرب‪ ،‬فإن كان معك قرآن فاقرأ به‪ ،‬وإال فامحد‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ُ.6‬وترتيبُُأفعاهلا( )‪ُ.‬‬
‫‪ُ.7‬والقعدةُُاألوىل‪ُ.‬‬
‫‪ُ.8‬والتشهدُُيفُالقعدتني( )‪ُ.‬‬
‫‪ُ.9‬والتسليمُ( )‪ُ.‬‬

‫اهلل وكربه وهلله‪ ،‬ثم اركع فاطمئن راكع ًا‪ ،‬ثم اعتدل قائ ًام ثم اسجد فاعتدل‬
‫ساجد ًا‪ ،‬ثم اجلس فاطمئن جالس ًا‪ ،‬ثم قم فإذا فعلت ذلك فقد متت صالتك وإن‬
‫انتقصت منها شيئ ًا انتقصت من صالتك) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ،271 :‬وسنن‬
‫الرتمذي ‪ ، 02 :2‬فوصفها ‪ ‬بالنقصان عند فقد التعديل‪ ،‬ولو كانت باطلة‬
‫لوصفها بالزوال والذهاب‪ ،‬ولو كان التعديل فرض ًا ملا أقره ‪ ‬إىل آخر الصالة‪،‬‬
‫ألن امليض عىل الفاسد عبث‪ ،‬وإنَّام أمره باإلعادة جرب ًا‬ ‫وألمره باإلعادة عىل الفور؛ َّ‬
‫للنقصان‪ ،‬وزجر ًا عن العادة الذميمة‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،211 :‬واملشكاة‬
‫ص‪. 82‬‬
‫( ) أي رعاية الرتتيب فيام تكرر من أفعال الصالة كام سبق‪ ،‬بأن يكون مكرر ًا يف ركعة‪:‬‬
‫كالسجود‪ ،‬أو يف مجيع الصالة‪ :‬كعدد ركعاُتا‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 71‬‬
‫(‪ )2‬أي األوىل يف الصالة واألخرية عىل الصحيح‪ ،‬كام يف الوقاية ص‪ ، 15‬واهلداية ‪:‬‬
‫الصالة خلف‬ ‫‪ ،12‬ومنح الغفار ق‪/20‬ب؛ فعن ابن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬كنا نقول يف َّ‬
‫رسول اهلل ‪ :‬السالم عىل اهلل‪ ،‬السالم عىل فالن‪ ،‬فقال لنا رسول اهلل ‪ ‬ذات‬
‫إن اهلل هو السالم‪ ،‬فإذا قعد أحدكم يف الصالة‪ ،‬فليقل‪ :‬التحيات هلل‬ ‫يوم‪َّ ( :‬‬
‫والصلوات والطيبات‪ ،‬السالم عليك أهيا النبي ورمحة اهلل وبركاته‪ ،‬السالم علينا‬
‫أن حممد ًا عبده ورسوله)‬ ‫أن ال إله إال اهلل وأشهد َّ‬
‫وعىل عباد اهلل الصاحلني‪ ،‬أشهد َّ‬
‫يف صحيح البخاري ‪ ،101 :‬وهذا ال يوجب الفرق يف قراءة التَّشهد يف األوىل‬
‫وال َّثانية‪ ،‬بل يوجب الوجوب يف كليهام‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص ‪. 8‬‬
‫(‪ )1‬أي لفظ التسليم مرتني يف اليمني واليسار عىل األصح دون عليكم‪ ،‬وتنقيض‬
‫قدوته بالسالم األول قبل عليكم‪ .‬ينظر‪ :‬املراقي ‪ ،251‬والتنوير ‪.1 1 :‬‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ُ. 1‬والقنوت( )‪ُ.‬‬


‫‪ُ.‬وتكبرياتُالعيدين‪ُ.‬‬
‫وسننها‪ُ:‬ماُسوىُذلكُمنُأقواهلاُوأفعاهلاُاملطلوبة( )‪ُ.‬‬
‫الرشطُاألوُل‪ُ:‬الوقت‪ُ:‬‬
‫ووقتُُالصبح‪ُ:‬منُطُلُوعُالفجرُالصُادق( )ُإىلُطلوعُالشمس‪ُ.‬‬

‫إن رسول‬ ‫( ) أي قبل الركوع يف الركعة الثالثة لصالة الوتر؛ فعن أيب بن كعب ‪َّ ( :‬‬
‫اهلل ‪ ‬كان يوتر بثالث ركعات‪ ،‬يقرأ يف األوىل‪:‬بـ ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ‪ ،‬ويف‬
‫الثانية‪ :‬ﭽﭑ ﭒﭓﭼ ‪ ،‬ويف الثالثة‪ :‬بـ ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ‪ ،‬ويقنت قبل‬
‫الركوع) يف سنن النسائي ‪ ،118 :‬واملجتبى ‪ ،215 :1‬ويف لفظ‪( :‬كان ‪ ‬يوتر‬
‫فيقنت قبل الركوع) يف سنن ابن ماجة ‪ ،171 :‬واألحاديث املختارة ‪،120 :1‬‬
‫إن ابن مسعود ‪ ‬وأصحاب النبي ‪ ‬كانوا يقنتون يف الوتر قبل‬ ‫وعن علقمة ‪َّ « :‬‬
‫الركوع» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،27 :2‬وسنده صحيح عىل رشط مسلم‪ ،‬كام يف‬
‫اجلوهر النقي ‪ ،2 2 :‬ويف الدراية ‪ : 21 :‬إسناده حسن‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن‬
‫‪.80 :2‬‬
‫(‪ )2‬ومثال أقواهلا‪ :‬الثناء‪ ،‬والتعوذ‪ ،‬والتسمية‪ ،‬والتأمني‪ ،‬والتسميع‪ ،‬والتحميد‪،‬‬
‫والتكبريات التي تتخلل يف الصالة‪ ،‬وتسبيحات الركوع والسجود‪ ،‬والصالة عىل‬
‫النبي ‪ ‬يف القعدة األخرية‪ ،‬ومثال أفعاهلا‪ :‬رفع اليدين عند تكبرية اإلحرام‪،‬‬
‫ووضع اليمني عىل الشامل‪ ،‬وإبداء الضبعني‪ ،‬وتوجيه أصابع رجليه نحو القبلة‪،‬‬
‫وغريها‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪ ، 18 :‬وهدية الصعلوك ص ‪.1‬‬
‫(‪ )1‬وهو الضوء املعرتض يف األفق يمنة ويرسى‪ ،‬وهو الصبح الثاين‪ ،‬ويسمى الصادق؛‬
‫ألنَّه أصدق ظهور ًا من املستطيل‪ ،‬ويسمى الصبح األول؛ ألنَّه أول نور يظهر‬
‫ِ‬
‫الرسحان؛ لدقته واستطالته‪،‬ويسمى أيض ًا بـ(الصبح الكاذب)؛ألنَّه يعقبه‬ ‫َ‬
‫كذنَب ر‬
‫ظلمة‪ ،‬كام يف حاشية الطحطاوي عىل الدر ‪ 71 :‬؛ فعن سمرة بن جندب ‪ ‬قال‬
‫‪( :‬ال يغرنَّكم من سحوركم أذان بالل‪ ،‬وال بياض األفق املستطيل هكذا حتى‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والظُهر‪ُ :‬من ُزواهلا ُحتى ُيصري ُظلُ ُ ِّ ُ‬


‫كل ُيشءُ ُمثليه( ) ُسوى ُيفءُ‬
‫الزُوال( )‪ُ...‬‬

‫يستطري ـ أي ينترش وينبسط ـ هكذا)‪ ،‬وحكاه محاد‪:‬بيديه‪ ،‬قال‪:‬يعني معرتض ًا‪ ،‬يف‬
‫صحيح مسلم‪.770 :2‬‬
‫( ) هذا قول أيب حنيفة ‪ ،‬واختاره أصحاب املتون‪ :‬كالنسفي يف ال َكنرز ص‪،8‬‬
‫واملختار ‪ ،52 :‬وغرر األحكام ‪ ،5 :‬وصححه صاحب املراقي ص‪،202‬‬
‫والبحر ‪ ،258-257 :‬وفيه‪ :‬قال يف البدائع‪َّ :‬أهنا املذكورة يف األصل‪ ،‬وهو‬
‫الصحيح‪ ،‬ويف النهاية‪َّ :‬إهنا ظاهر الرواية عن أيب حنيفة‪ ،‬ويف غاية البيان‪ :‬وهبا أخذ‬
‫أبو حنيفة وهو املشهور عنه‪ ،‬ويف الينابيع‪ :‬وهو الصحيح‪ ،‬ويف تصحيح قاسم‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫وعول عليه النسفي‪ ،‬ووافقه صدر الرشيعة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫برهان الرشيعة املحبويب اختاره‪،‬‬
‫ورجح دليله‪ ،‬ويف الغياثية‪ :‬وهو املختار‪ ،‬وصححها الكرخي‪ .‬ينظر‪ :‬املحيط‬
‫ص‪.27‬‬
‫والقول الثاين للصاحبني‪ :‬وهو أن يصري ظل كل يشء مثله‪ .‬واختاره الطحاوي يف‬
‫خمترصه ص‪ ،21‬واستظهره الرشنباليل يف حاشيته عىل الدرر ‪ ،5 :‬واختاره‬
‫صاحب الدر املختار ص‪،210‬وقال‪ :‬ويف غرر األذكار وهو املأخوذ به‪ ،‬ويف‬
‫الربهان‪ :‬وهو األظهر؛ لبيان جربيل‪،‬وهو نص يف الباب‪ ،‬ويف الفيض‪ :‬وعليه عمل‬
‫الناس اليوم‪ ،‬وبه يفتى‪.‬‬
‫أن االحتياط أن ال يؤخر الظهر إىل املثل‪،‬‬‫واستحسن صاحب رد املحتار ‪َّ 210 :‬‬
‫وأن ال يصيل العرص حتى يبلغ املثلني؛ ليكون مؤدي ًا للصالتني يف وقتهام باالمجاع‪.‬‬
‫وينظر‪ :‬فتح القدير ‪ ، 21 :‬واملشكاة ص‪. 11- 11‬‬
‫(‪ )2‬ويفء الزوال‪ :‬هو الظل املتبقي لليشء عند استواء الشمس‪ ،‬وطريقة معرفته‪ :‬أن‬
‫ينصب عود ًا مستوي ًا يف أرض مستوية‪ ،‬فام دام ظل العود يف النقصان‪ ،‬فهو قبل‬
‫أن الشمس قد‬ ‫الزوال‪ ،‬وإن وقف فهو يفء الزوال‪ ،‬وإذا رشع الظل يف الزيادة علم َّ‬
‫زالت‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.11‬‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ُ...‬وهو( )ُأولُوقتُالعرص‪ُ.‬‬
‫وآخرُه ُغروهبا( )‪ُ :‬وهو َُُأوُلُ ُوقت ُاملغرب‪ُ ،‬وآخرُه ُغروبُ ُالشُفقُ‬
‫األَبيض( )ُبعدُاألمحر‪ُ...‬‬
‫ُ‬
‫َُ‬
‫وهوُأوُلُُوقتُالعشاء‪ُ،‬وآخرُهُطلوعُالفجرُالصُادق‪ُ.‬‬ ‫‪ُ...‬‬
‫ووقتُُالوتر‪ُ:‬وقتُُالعشاء‪ُ،‬وجيبُتأخريهُعنها( )‪ُ.‬‬

‫( ) أي بلوغ ظل كل يشء مثليه أول وقت العرص عىل قول اإلمام أيب حنيفة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬فعن عبد اهلل بن رافع موىل أم سلمة زوج النبي ‪ ‬أنَّه سأل أبا هريرة ‪ ‬عن وقت‬
‫الصالة‪ ،‬فقال أبو هريرة‪( :‬أنا أخربك‪ ،‬صل الظهر إذا كان ظلك مثلك‪ ،‬والعرص إذا‬
‫كان ظلك مثليك‪ ،‬واملغرب إذا غربت الشمس‪ ،‬والعشاء ما بينك وبني ثلث الليل‪،‬‬
‫وصل الصبح بغبش يعني الغلس) يف موطأ مالك ‪ ،8 :‬ومصنف عبد الرزاق ‪:‬‬
‫‪ ،150‬وإسناده صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ،2 :2‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذا عىل قول اإلمام أيب حنيفة ‪ ،‬واختاره صاحب الكنرز ص‪ ،2‬وامللتقى‬
‫ص‪ ، 0‬والغرر ‪،5 :‬والفتح ‪، 22 :‬والبحر ‪،252-258 :‬والطحاوي يف‬
‫خمترصه ص‪.21‬‬
‫والقول الثاين للصاحبني‪ :‬وهو غروب الشفق األمحر‪ ،‬قال احلصكفي يف الدر املنتقى ‪:‬‬
‫‪ ،70‬والدر املختار ‪ :21 :‬هو املذهب‪ ،‬وقال صاحب رمز احلقائق ‪،22 :‬‬
‫واملراقي ص‪ ،201‬واملواهب ق‪/ 2‬أ‪ :‬وعليه الفتوى‪ ،‬وقال صاحب اجلوهرة‬
‫النرية ‪ :1 :‬قوهلام أوسع للناس‪ ،‬وقوله أحوط‪ .‬واختاره صاحب اهلدية‬
‫العالئية ص‪ .51‬وقال الزييل يف اهلدية ص‪ :12‬الفتوى عىل قوهلام‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي جيب تأخري الوتر عن صالة العشاء‪ ،‬حتى لو صىل الوتر قبل العشاء‪ ،‬مل جيز‬
‫باالتفاق‪ ،‬لكن إذا كان ناسي ًا جيوز عنده‪ ،‬وقاال‪ :‬هو سنة العشاء بعدها‪ ،‬وال جيوز‬
‫تقديمه عليها ذاكر ًا كان أو ناسي ًا‪ ،‬وثمرة اخلالف تظهر‪ :‬فيمن صىل العشاء وهو‬
‫عىل غري وضوء ثم توضأ وأوتر ثم تذكر أنَّه صىل العشاء بغري وضوء‪ ،‬يعيد صالة‬
‫العشاء عنده دون الوتر؛ ألنَّه صالها يف وقتها بوضوء‪ ،‬والرتتيب يسقط بالنسيان‪،‬‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫[األوقاتُُاملستحبُةُللصلوات]ُ‬
‫بُاإلسفارُُبالفجر( )‪ُ،‬إالُللحاجُبمزدلفة‪ُ،‬فالتغليسُأفضل( )‪ُ.‬‬ ‫ح ُّ‬‫ويُسُ َُت َ ُ‬
‫واإلبرادُُبالظهرُيفُالصُ ِ ُ‬
‫يف‪ُ،‬وتعجيلُهاُيفُالشُِّتاء( )‪ُ.‬‬
‫وتأُخريُالعرصُماُملُيتغريُقرصُالشمسُيفُالصيفُوالشتاء( )‪ُ.‬‬

‫وعندمها‪ :‬يعيدمها؛ ألنَّه كان صالها قبل وقتها‪ ،‬فلزمته اإلعادة‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬
‫الصعلوك ص‪.11‬‬
‫( ) بحيث يقدر عىل صالة بقراءة مسنونة وهي أربعني آية أو أكثر‪ ،‬وترتيل إعادُتا‬
‫وإعادة الوضوء قبل طلوع الشمس إن فسدت‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 51 :‬ورشح‬
‫الوقاية ص‪ ، 17‬وتبيني احلقائق ‪82 :‬؛ ملا روي عن رافع بن خديج وأيب هريرة‬
‫أعظم‬ ‫ِ‬
‫بالفجر‪ ،‬فإنَّه‬ ‫وبالل وأنس وابن مسعود وغريهم ‪ ،‬قال ‪َ ( :‬أ ِ‬
‫سف هروا‬
‫ه‬
‫لألجر) يف صحيح ابن حبان ‪ ،157 :1‬وجامع الرتمذي ‪ ،282 :‬وقال‪ :‬حسن‬ ‫ِ‬
‫صحيح‪ ،‬وعن إبراهيم النخعي ‪ ‬قال‪« :‬ما اجتمع أصحاب رسول اهلل ‪ ‬عىل‬
‫يشء ما اجتمعوا عىل التنوير» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،281 :‬واآلثار ‪،20 :‬‬ ‫ٍ‬
‫‪ ،50‬ورشح معاين اآلثار ‪ ، 81 :‬قال الزيلعي يف نصب الراية ‪ :212 :‬سنده‬
‫صحيح‪ .‬وقال اإلمام الطحاوي يف رشح معاين اآلثار ‪« : 81 :‬وال يصح أن‬
‫جيتمعوا عىل خالف ما كان رسول اهلل ‪.»‬‬
‫(‪ )2‬وهو أن يصيل بعد الفجر الثاين بال تأخري قبل أن يزول الظالم وينترش الضياء‪ ،‬كام‬
‫تبني له الصبح‬ ‫يف املنحة ص‪ 51‬؛ ملا روى جابر ‪( :‬إنَّه ‪ ‬صىل الفجر حني َّ‬
‫بأذان) يف صحيح مسلم ‪ .8 2 :2‬ينظر‪ :‬اجلامع يف أحكام الصيام ص‪.221‬‬
‫فإن ِشدَّ ة احل ِّر من‬‫أبردوا بالصالة‪َّ ،‬‬ ‫(‪ )1‬فعن أيب هريرة وأيب ذر وأيب سعيد ‪ ،‬قال ‪ِ ( :‬‬
‫َف ريحِ َج َهنَّم) يف صحيح البخاري ‪ 82 :1‬وعن أنس ‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬إذا‬
‫بالصالة‪ ،‬وإذا كان الرب هد َع ّجل) يف سنن النسائي الكربى ‪،125 :‬‬ ‫احلر َأبرد ّ‬
‫كان ّ‬
‫ورجاله ثقات من رجال الصحيح كام يف إعالء السنن ‪ ،15 :2‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )1‬فعن أم سلمة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬أشد تعجي ً‬
‫ال للظهر منكم‪،‬‬
‫ـ ‪10‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وتعجيلُاملغربُدائ ًُام( )‪ُ.‬‬


‫وتأخريُالعشاءُإىلُثلثُالليلُيفُالشتاء‪ُ،‬وتعجيلهاُيفُالصيف( )‪ُ.‬‬
‫جلُالعرصُوالعشاء‪ُ،‬ويؤخرُالباقي) (‪ُ.‬‬ ‫ويفُيومُالغيمُيُ َُع ِّ ُ‬

‫ال للعرص منه) يف سنن الرتمذي ‪ ،101 :‬ومسند أمحد ‪،282 :2‬‬ ‫وأنتم أشد تعجي ً‬
‫ومسند أيب يعىل ‪ ،122 : 2‬وغريه‪ ،‬ويف اجلوهر النقي ‪ : 2 :‬رجاله عىل رشط‬
‫الصحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ .17 :2‬وعن عيل بن شيبان ‪ ‬قال‪( :‬قدمنا عىل‬
‫رسول اهلل ‪ ‬املدينة فكان يؤخر العرص ما دامت الشمس بيضاء نقية) يف سنن أي‬
‫داود ‪ ، :‬وسكت عنه‪ .‬فهو حسن عنده‪ ،‬كام ذكره الزيلعي من عادته ناق ً‬
‫ال عن‬
‫املنذري‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ .17 :2‬وعن إبراهيم النخعي ‪ ‬قال‪« :‬أدركت‬
‫أصحاب ابن مسعود ‪ ‬يؤخرون العرص إىل آخر الوقت» يف اآلثار ‪.20 :‬‬
‫( ) فعن العباس ‪ ‬عن النبي ‪ ،‬قال‪( :‬ال تزال أمتي بخري ما مل ينتظروا باملغرب‬
‫اشتباك النجوم) يف سنن أيب داود ‪، 27 :‬وسنن ابن ماجة ‪ ،225 :‬ومسند أمحد‬
‫‪ ، 17 :1‬وقال شعيب األرناؤوط‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬وسنن الدارمي ‪،227 :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان يصيل‬ ‫واملعجم الكبري ‪ ،80 :8‬وعن سلمة بن األكوع ‪َّ ( :‬‬
‫املغرب إذا غربت الشمس وتوارت باحلجاب) يف صحيح مسلم ‪.11 :‬‬
‫(‪ )2‬فعن أيب برزة ‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يؤخر العشاء إىل ثلث الليل‪ ،‬ويكره النوم‬
‫قبلها) يف صحيح مسلم ‪ ،117 :‬وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬لوال أن أشق عىل‬
‫أمتي ألخرت العشاء إىل ثلث الليل أو شطر الليل) يف صحيح ابن حبان ‪،102 :1‬‬
‫وسنن الرتمذي ‪ ،15 :‬وصححه‪.‬‬
‫)‪ (1‬وهي الفجر والظهر واملغرب؛ُ َّ‬
‫ألن يف تأخري العشاء تقليل اجلامعة عىل اعتبار املطر‪،‬‬
‫ويف تأخري العرص توهم وقوعه يف الوقت املكروه‪ ،‬فلذلك يستحب تعجيلهام‪ ،‬وال‬
‫فيؤخر حذار ًا عن وقوعه قبل الوقت‪ ،‬كام يف عمدة‬ ‫ِّ‬ ‫كذلك يف باقي الصلوات‪،‬‬
‫الرعاية ‪ ، 12 :‬ورد املحتار ‪217 :‬؛ فعن أيب مليح كنا مع بريدة ‪ ‬يف يوم ذي‬
‫فإن النبي ‪ ،‬قال‪ :‬من ترك صالة العرص حبط عمله)‬ ‫غيم فقال‪( :‬بكروا بالصالة‪َّ ،‬‬
‫ـ ‪11‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والُجيمعُُبنيُصالتنيُيفُوقتُ‪ُ،‬إالُبعرفةُومزدلفة) (‪ُ.‬‬ ‫َُ‬


‫الوترُآخرُالليلُإنُو ُثِقُباالنتباهُوإالُُ َُ‬
‫فأوُله) (‪ُ.‬‬ ‫َُ‬ ‫بُ‬
‫ح ُّ ُ‬
‫ويُسُ َُت َ ُ‬
‫ووقتُُاجلمعة‪ُ:‬وقتُالظهر) (‪ُ.‬‬
‫ُِ‬
‫مسُإىلُزواهلا) (‪ُ.‬‬ ‫ُِ‬
‫صالةُالعيدين‪ُ:‬منُارتفاعُالشُ‬ ‫ووقتُُ‬

‫يف صحيح البخاري ‪ ،2 1 :‬وعن بريدة ‪ ‬قال ‪( :‬بكروا بالصالة يف يوم‬


‫الغيم‪ ،‬فإنَّه من ترك الصالة فقد كفر) يف صحيح ابن حبان ‪.121 :1‬‬
‫) ( وإن كان بعذر من سفر أو مطر أو برد أو مرض أو غريها إال يف عرفة ومزدلفة‪،‬‬
‫وجيوز اجلمع بينهام فعالً‪ ،‬بأن صىل كل واحدة منهام يف وقتها‪ ،‬بأن يصيل األوىل يف‬
‫آخر وقتها‪ ،‬والثانية يف أول وقتها‪ ،‬فإنَّه مجع يف حق الفعل‪ ،‬وإن مل يكن مجع ًا يف‬
‫الوقت؛ للنصوص القرآنية واحلديثية الواردة بتعيني األوقات‪ ،‬فال جيوز تركها إال‬
‫بدليل مثلها‪ ،‬ومنها‪ :‬قال ‪ :‬ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ [اإلسراء‪ ،]01 :‬وقال‬
‫‪ :‬ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ [ النساء ‪ ،]777 :‬وقال ‪:‬‬
‫صل الصالة‬ ‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭼ [البقرة‪ُ ،]771 :‬وعن أيب ذر قال ‪ِّ ( :‬‬
‫لوقتها) يف صحيح مسلم ‪ ،118 :‬وعن ابن مسعود ‪ ‬قال‪( :‬ما رأيت رسول اهلل‬
‫‪ ‬صىل صالة إال مليقاُتا إال صالتني‪ :‬صالة املغرب والعشاء بجمع‪ ،‬وصىل الفجر‬
‫يومئذ قبل ميقاُتا) يف صحيح مسلم ‪ ،218 :2‬وصحيح البخاري ‪ ،201 :2‬وعن‬
‫عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يف السفر يؤخر الظهر ويقدم‬
‫العرص‪ ،‬ويؤخر املغرب ويقدم العشاء) يف رشح معاين اآلثار ‪ ، 21 :‬ومسند‬
‫أمحد ‪ ، 15 :2‬وإسناده حسن‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ ،85 :2‬وغريها من النصوص‬
‫احلديثية‪ ،‬كام يف املشكاة ص‪ ، 12- 15‬وإعالء السنن ‪ ،88 :2‬وغريها‪.‬‬
‫)‪ (2‬ليكون خامت ًا لقيام الليل؛ فعن جابر ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من خاف أن ال يقوم من آخر‬
‫فإن صالة آخر‬ ‫الليل فليوتر أوله‪ ،‬ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل‪َّ ،‬‬
‫الليل مشهودة وذلك أفضل) يف صحيح مسلم ‪.520 :‬‬
‫)‪ (1‬فإنَّه خيرج وقتها خلروج وقت الظهر‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 52 :‬‬
‫)‪ (1‬فعن يزيد بن مخري الرحبي قال‪( :‬خرج عبد اهلل بن برس صاحب النبي ‪ ‬مع الناس‬
‫ـ ‪17‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وأوقاتُالكراهيةُثامنية‪ُ :‬‬
‫وسجدةُالتُ ُِ‬
‫الوة‪ُ،‬والسهو‪ُُ:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ُ‬
‫فيهاُكلُصالةُ‪ُ،‬‬ ‫ثالث ٌةُيكره( )ُ‬
‫‪ .1‬عندُطلوعُالشمس( )‪ُ.‬‬
‫‪ .2‬واستوائها‪ُ.‬‬
‫‪ .3‬وغروهبا( )‪ُ،‬إالُعرصُيومه( )‪ُ.‬‬

‫يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء اإلمام‪ ،‬وقال‪ :‬إنا كنا مع النبي ‪ ‬قد فرغنا‬
‫ساعتنا هذه وذلك حني التسبيح) يف سنن البيهقي الكبري ‪ ،282 :1‬وقال النووي‬
‫يف اخلالصة‪ :‬إسناده صحيح عىل رشط مسلم‪ ،‬كام يف نصب الراية ‪. 12 :2‬‬
‫( ) هذه األوقات الثالثة ال تصح فيها الصالة؛ لشدّ ة النهي الوارد فيها؛ فعن عقبة بن‬
‫عامر اجلهني ‪ ،‬قال‪( :‬ثالث ساعات كان رسول اهلل ‪ ‬ينهانا أن نصيل فيهن أو‬
‫أن نقرب فيهن موتانا‪ :‬حني تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع‪ ،‬وحني يقوم قائم‬
‫الظهرية حتى متيل الشمس‪ ،‬وحني تضيف الشمس للغروب حتى تغرب) يف‬
‫صحيح مسلم ‪ ،528 :‬وعن ابن عباس ‪ ‬قال‪( :‬شهد عندي رجال مرضيون‬
‫إن النبي ‪ ‬هنى عن الصالة بعد الصبح حتى ترشق‬ ‫وأرضاهم عندي عمر َّ‬
‫الشمس وبعد العرص حتى تغرب) يف صحيح البخاري ‪.2 :‬‬
‫(‪ )2‬بأن ترتفع بقدر رمح‪ ،‬أو أن يقدر اإلنسان عىل النظر إىل قرصها‪ ،‬فهي يف حكم‬
‫الطلوع‪ ،‬وإن عجز عن النظر إليها تباح الصالة‪ ،‬أو أن يوضع طست يف أرض‬
‫مستوية فام دامت الشمس تقع يف حيطاهنا فهي يف حكم الطلوع‪ ،‬فإذا وقعت يف‬
‫وسطها فقد طلعت وحلت فيه الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.12‬‬
‫(‪ )1‬أي عند اصفرارها وضعفها حتى تقدر العني عىل مقابلتها إىل أن تغيب‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫املشكاة ص‪. 12‬‬
‫(‪ )1‬ألنَّه وجب وجوب ًا ناقص ًا فصح أداؤه بأداء ناقص‪ ،‬بخالف غريه من الصلوات‬
‫يصح أداؤها بأداء ناقص‪ ،‬وأما حديث أيب هريرة ‪‬‬ ‫ال فال ّ‬ ‫فإهنا وجبت وجوب ًا كام ً‬
‫َّ‬
‫قال ‪َ ( :‬من أ َ‬
‫درك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس‪ ،‬فقد أدرك الصبح‪،‬‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ووقتان ُيكره ُفيهام ُالتطوع‪ُ ،‬واملنذورة‪ُ ،‬وركعتا ُالطواف‪ُ ،‬وقضاءُ‬


‫تطوعُأفسده‪ُ،‬والُيكرهُغريُذلكُومها‪ُ:‬‬
‫‪ .4‬ماُبنيُطلوعُالفجرُوطلوعُالشمس( )‪ُ.‬‬

‫الشمس فقد أدرك العرص) يف صحيح‬


‫ه‬ ‫تغرب‬
‫َ‬ ‫ومن أدرك ركعة من العرص قبل أن‬
‫وقع التعارض بني هذا احلديث‪ ،‬وبني النَّهي الوارد عن‬ ‫البخاري ‪ ،201 :‬فإنَّه ملا َ‬
‫القياس كام هو حكم التَّعارض؛ إذ َّأهنام‬ ‫ِ‬ ‫الصالة يف األوقات الثالثة‪ ،‬فإننا رجعنا إىل‬
‫ِ‬
‫صالة‬ ‫َ‬
‫احلديث يف‬ ‫القياس هي َر ِّج هح هذا‬ ‫تساقطا فيصار إىل ما بعدمها من احلجة‪ِ ،‬‬
‫إذ‬
‫ه‬
‫ِ‬
‫األوقات‬ ‫الصلوات فال جتوز يف‬ ‫العرص‪ ،‬وحديث النَّهي يف صالة الفجر‪ ،‬وأ َّما سائر َّ‬
‫معارض حلديث النَّهي فيها‪ .‬ينظر‪ :‬املنار ص‪، 8‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫حلديث النَّهي إذ ال‬ ‫ال َّثالثة؛‬
‫والتوضيح‪ ، 01 :2‬ورشح املنار البن ملك ص‪ ،227‬ورشح املنار البن العيني‬
‫ص‪ ،227‬وإفاضة األنوار عىل أصول املنار ص‪ ، 22‬ونسامت األسحار عىل‬
‫إفاضة األنوار ص‪. 21- 22‬‬
‫( ) أي بعد طلوع الفجر قبل الفرض‪ ،‬فإنَّه يكره التنفل بأكثر مـن سـنة الفجـر؛ فعـن‬
‫حفصة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كـان رسـول اهلل ‪ ‬إذا طلـع الفجـر ال يصـيل إال‬
‫ركعتني خفيفتني) يف صحيح مسلم ‪ ،500 :‬وعن يسار موىل ابن عمـر ‪ ‬قـال‪:‬‬
‫(رآين ابن عمر وأنا أصيل بعدما طلع الفجر‪ ،‬فقال‪ :‬يا يسار كم صـليت؟ قلـت‪ :‬ال‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬خرج علينا ونحـن نصـىل هـذه الصـالة‪،‬‬‫أدرى‪ ،‬قال‪ :‬ال دريت‪َّ ،‬‬
‫فقال‪ :‬أال ليبلغ شاهدكم غائبكم أن ال صالة بعد الصبح إال سـجدتان) يف مسـند‬
‫أمحد ‪ ، 01 :2‬وسنن أيب داود ‪.25 :2‬‬
‫وكذلك تكره الصالة بعد أداء الفجر إىل طلوع الشمس؛ فعن أيب سعيد‬
‫اخلدري ‪ ‬قال ‪) :‬ال صالة بعد صالة العرص حتى تغرب الشمس‪ ،‬وال صالة‬
‫بعد صالة الفجر حتى تطلع الشمس) يف صحيح مسلم ‪ ،527 :‬وصحيح‬
‫البخاري ‪.100 :‬‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .5‬وماُبعدُالعرصُإىلُالغروب‪ُ.‬‬
‫وثالثةُأوقاتُيُكرهُفيهاُالتطوعُفقط‪ُُ:‬‬
‫‪ .6‬بعدُالغروبُقبلُاملغرب( )‪ُ.‬‬
‫‪ .7‬ووقتُخطبةُاجلمعة( )‪ُ.‬‬

‫( ) ملا فيه من تأخري املغرب؛ فعن طاوس ‪ ،‬قال‪ :‬سئل ابن عمر ‪ ‬عن الركعتني‬
‫قبل املغرب‪ ،‬فقال‪« :‬ما رأيت أحد ًا عىل عهد رسول اهلل ‪ ‬يصليهام» يف سنن أيب‬
‫داود ‪ ،22 :2‬قال النووي‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ،52 :2‬وعن جابر‬
‫‪ ‬قال‪( :‬سألنا نساء رسول اهلل ‪ ‬هل رأيتن رسول اهلل ‪ ‬يصيل الركعتني قبل‬
‫أن أم سلمة قالت‪ :‬صالمها عندي مرة‪ ،‬فسألته ما هذه‬ ‫املغرب؟ فقلن‪ :‬ال‪ ،‬غري َّ‬
‫الصالة؟ فقال‪ :‬نسيت الركعتني قبل العرص فصليتهام اآلن) رواه الطرباين يف مسند‬
‫الشاميني بإسناد حسن‪ ،‬كام يف نصب الراية ‪ ، 1 :2‬وعن محاد ‪ ‬أنَّه سأل‬
‫إبراهيم النخعي ‪ ‬عن الصالة قبل املغرب قال‪ :‬فنهاه عنها‪ ،‬وقال‪َّ ( :‬‬
‫إن رسول اهلل‬
‫‪ ‬وأبا بكر وعمر مل يكونوا يصلوهنا) رواه حممد يف اآلثار‪ ،‬كام يف نصب الراية ‪:2‬‬
‫‪ ، 1‬والدراية ‪ ، 22 :‬وقال التهانوي يف إعالء السنن ‪ :21 :2‬رجاله ثقات مع‬
‫إرساله‪ .‬قال العالمة التهانوي يف إعالء السنن ‪ :2 -20 :2‬اجلواب الصحيح‬
‫املحقق أنَّه ال ينكر جواز الركعتني قبل املغرب‪ ،‬وإنَّام ينكر وضعهام موضع السنة‪،‬‬
‫ويدل عىل ذلك حديث البخاري ‪ ، 81‬وفيه‪( :‬صلوا قبل املغرب‪ ،‬ثم قال يف‬
‫الثالثة‪ :‬ملن شاء‪ ،‬كراهية أن يتخذها الناس سنة)‪ ،‬وصيغة األمر فيه حممول عنده‬
‫أن اجلواز ثابت‬‫عىل اجلواز‪ ...‬ووجه قول احلنفية بكراهة التنفل قبل املغرب مع َّ‬
‫أن األحاديث يف هذا الباب متعارضة‪ ،‬فقوله ‪( :‬صلوا املغرب‬ ‫باألحاديث‪ :‬هو َّ‬
‫لفطر الصائم وبادروا طلوع النجم) رواه أمحد ‪ ،12 :5‬وغريه من األحاديث‬
‫الدالة عىل تأكيد التعجيل يف املغرب تقتيض كراهة التنفل قبلها؛ ملا فيه من مظنة‬
‫التأخري‪ ،‬وقد أمجعت األمة عىل َّ‬
‫أن التعجيل يف املغرب سنة‪.‬‬
‫(‪ )2‬للنصوص الواردة يف فرضية االستامع‪ ،‬والتنفل خيل باالستامع‪ ،‬فال يعارضها خرب‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .8‬وقبلُصالةُالعيد( )‪ُ.‬‬
‫الرشطُُالثاين‪ُ:‬الطهارة‪ُ:‬‬
‫ُاملصيل‪ُ،‬ولباسه‪ُ،‬ومكانه‪ٌُ ُ،‬‬
‫رشط‪ُ.‬‬ ‫ِّ ُ‬ ‫طهارة‬
‫والنجاسةُُنوعان‪ُ:‬‬

‫الواحد‪ ،‬ومنها‪ :‬عن عطاء اخلراساين ‪ ‬قال‪ :‬كان نبيشة اهلذيل ‪ ‬حيدث عن‬
‫ِ‬
‫املسجد ال يؤذي‬ ‫ثم َأقبل إىل‬ ‫رسول اهلل ‪َّ ( :‬‬
‫املسلم إذا اغتسل يوم اجلمعة‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫أحد ًا‪ ،‬فإن مل جيد اإلمام َخ َر َج َّ‬
‫صىل ما بدا له‪ ،‬وإن َو َجدَ اإلمام قد َخ َر َج جلس‬
‫فاستمع وأنصت حتى يقىض اإلمام مجعته وكالمه‪ ،‬إن مل يغفر له يف مجعته تلك‬
‫ذنوبه كلها أن تكون كفارة للجمعة التي قبلها) يف مسند أمحد ‪ ،75 :5‬قال اهليثمي‬
‫يف جممع الزوائد ‪ : 7 :2‬ورجاله رجال الصحيح خال شيخ أمحد‪ ،‬وهو ثقة؛ َّ‬
‫ألن‬
‫األمر باملعروف فرض‪ ،‬وهو حيرم يف هذه احلالة‪ ،‬فام ظنّك بالنفل؛ فعن أيب هريرة‬
‫‪ ،‬قال ‪( :‬إذا قلت لصاحبك أنصت يوم اجلمعة واإلمام خيطب فقد لغوت)‬
‫يف صحيح مسلم ‪ ،581 :2‬وعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬إذا دخل أحدكم املسجد‪،‬‬
‫واإلمام عىل املنرب فال صالة وال كالم‪ ،‬حتى يفرغ اإلمام) يف املعجم الكبري ‪،1280‬‬
‫وحسنه يف إعالء السنن ‪.28 :2‬‬
‫ألهنا مل تنقل‪ ،‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ 52 :‬؛ فعن ابن سريين ‪َّ ( :‬‬
‫أن اب َن مسعود‬ ‫( ) َّ‬
‫وحذيفة ‪ ‬كانا ينهيان الناس‪ ،‬أو قال‪ :‬هجيلسان َمن يرياه هي ّ‬
‫صيل قبل خروج اإلمام‬
‫يف العيد) يف املعجم الكبري‪ ،105 :2‬قال صاحب جممع الزوائد ر‪« :1211‬رواه‬
‫الطرباين يف الكبري بأسانيد‪ ،‬ويف بعضها قال‪ :‬هأنبئت َّ‬
‫أن ابن مسعود وحذيفة فهو‬
‫خرج يوم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسول اهلل ‪‬‬ ‫مرسل صحيح اإلسناد»‪ ،‬وعن ابن ع ّباس ‪( :‬أنّض‬
‫فصىل ركعتني مل ِّ‬
‫يصل قبلهام وال بعدمها) يف صحيح مسلم‪:2‬‬ ‫َّ‬ ‫َأضحى أو فطر‬
‫‪ ،202‬وصحيح ال هبخاري ‪.112 :‬‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫مفف ٌُة( )‪ُ:‬وهي ُبولُ ُالفرس‪ُ ،‬وماُيؤكلُحلمه( )‪ُ،‬وخرءُماُالُيؤكلُ‬


‫‪ُ .1‬‬
‫حلمه ُمن ُالطري( )‪ُ ،‬ويمنع ُمنها ُقدر ُربع ُالعضو ُأو ُربع ُطرفُ‬
‫اإلصابة‪ُ:‬كالذيلُوالدخريص( )ُوالكمُونحوهاُالُماُدونه( )‪ُ.‬‬

‫( ) أي باعتبار كثرة املعفو عنه منها بام ليس يف املغلظة ال يف التطهري وإصابة املاء‬
‫واملائعات؛ ألنَّه ال خيتلف تنجيسها هبام‪ ،‬واخلفيفة ما تعارض النصان يف نجاستها‬
‫وطهارُتا‪ ،‬وكان األخذ بالنجاسة أوىل لوجود املرجح‪ ،‬مثل‪ :‬بول ما يؤكل حلمه‪،‬‬
‫فإنَّه ‪ ‬قال‪( :‬استنزهوا من البول) يف سنن الدارقطني ‪ ، 27 :‬وقال‪ :‬املحفوظ‬
‫أن أناس ًا من عرينة قدموا عىل‬ ‫مرسل‪ .‬فيدل عىل نجاسته‪ ،‬وخرب العرنيني‪ ،‬وهو ( َّ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬املدينة فاجتووها‪ ،‬فقال هلم رسول اهلل ‪ :‬إن شئتم أن خترجوا إىل‬
‫إبل الصدقة فترشبوا من ألباهنا وأبواهلا ففعلوا فصحوا‪ ،‬ثم مالوا عىل الرعاة‬
‫فقتلوهم وارتدوا عن اإلسالم وساقوا ذود رسول اهلل ‪ ،‬فبلغ ذلك النبي ‪‬‬
‫احلرة‬
‫فبعث يف إثرهم فأيت هبم فقطع أيدهيم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم يف ّ‬
‫حتى ماتوا) يف صحيح البخاري ‪ ،2125 :2‬وصحيح مسلم ‪ ، 222 :1‬فهو ُّ‬
‫يدل‬
‫عىل طهارته فخفف حكمه للتعارض‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪.75-71 :‬‬
‫(‪ )2‬والتقييد ببول ما يؤكل حلمه؛ ليخرج روث اخليل وخثي البقر وبعر الغنم‪،‬‬
‫فنجاسته مغلظة؛ لعدم تعارض نصني‪ ،‬وهذا عند اإلمام أيب حنيفة ‪ ،‬وعندمها‬
‫‪ ‬خفيفة؛ الختالف العلامء‪ ،‬قال الرشنباليل يف املراقي ص‪ : 52‬وهو األظهر؛‬
‫لعموم البلوى وطهرها حممد ‪ ‬آخر ًا‪ ،‬وقال‪ :‬ال يمنع الروث وإن فحش؛ لبلوى‬
‫الناس بامتالء الطرق واخلانات به‪.‬‬
‫ألن خرء بعض الطيور املأكولة حلمها طاهر اتفاق ًا‪ :‬كاحلامم‬
‫(‪ )1‬وقيد بام ال يؤكل حلمه؛ َّ‬
‫والعصفور‪ ،‬وبعضها غليظة اتفاق ًا‪ :‬كالدجاجة والبط واألوز‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬
‫الصعلوك ص‪.18‬‬
‫(‪ )1‬الذيل‪ :‬ما حتت الركبة‪ ،‬والدخريص‪ :‬اخلياطة احلاصلة يف جانبي القباء من النصف‬
‫األسفل‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.18‬‬
‫ألن التقدير فيها بالكثري الفاحش‪ ،‬وللربع حكم الكل‪ ،‬والتقدير بربع طرف‬ ‫(‪َّ )5‬‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُِ‬
‫ُيفُذات ُاجلرمُ‬ ‫املثقالُعفو‬
‫ٌ‬ ‫‪ .2‬ومُغلُظ ٌُة( )‪ُ:‬وهيُبقيةُ ُالنجاسات‪ُ،‬ووزنُ ُ‬
‫ُِ‬
‫ُيفُاملائعةُوماُزادُمانع( )‪ُ.‬‬ ‫معُالكراهة‪ُ،‬وقدرُعرضُالكف‬

‫والكم والدخريص إن كان املصاب ثوب ًا‪ ،‬وربع العضو‬‫ّ‬ ‫أصابته النجاسة‪ :‬كالذيل‬
‫وصححه يف حتفة الفقهاء ‪،25 :‬‬‫َّ‬ ‫املصاب بدن ًا‪،‬‬
‫ه‬ ‫والرجل إن كان‬
‫املصاب‪ :‬كاليد ِّ‬
‫ورجحه صاحب الدر املختار ‪،2 1 :‬‬
‫واملحيط ص ‪ ،12‬وجممع األهنر ‪َّ ،21 :‬‬
‫ومشى عليه املصنف‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬ربع مجيع الثوب والبدن‪ ،‬صححه يف املبسوط ‪ ،55 :‬واختاره صاحب‬
‫الدر املختار ‪ ،2 1 :‬ويدل عليه ظاهر عبارة الوقاية ص ‪ ، 1‬والكنز ‪.71 :‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬ربع أدنى ثوب جتوز فيه الصالة‪ :‬كاملئزر‪ ،‬قال األقطع‪ :‬وهذا أصح ما‬
‫روي فيه‪ .‬ينظر‪ :‬منتهى النقاية ص ‪ ، 1‬وغريها‪.‬‬
‫( ) باعتبار قلة املعفو عنه منها ال يف كيفية تطهريها؛ ألنَّه ال خيتلف بالغلظ واخلفة‪،‬‬
‫وهي اخلمر‪ ،‬والدم املسفوح‪ ،‬وحلم امليتة ذات الدم‪ ،‬وإهاهبا‪ ،‬وبول ما ال يؤكل‪:‬‬
‫كاآلدمي والذئب والفأرة‪ ،‬ونجو الكلب‪ ،‬ورجيع السباع ولعاهبا‪ ،‬وخرء الدجاجة‬
‫والبط واإلوز‪ ،‬وروث اخليل والبغال واحلمري‪ ،‬وخثي البقر‪ ،‬وبعر الغنم‪ ،‬وما‬
‫ينقض الوضوء بخروجه من بدن اإلنسان‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪ ، 25‬واملشكاة‬
‫ص‪. 25- 21‬‬
‫(‪ )2‬أي يعترب قدر الدرهم يف النجاسة الغليظة‪ ،‬ويكون بمقدار وزن الدرهم‪ :‬وهو‬
‫الكف يف اخلفيف‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مثقال يف الكثيف‪ ،‬ومساحة الدرهم‪ :‬وهي بمقدار عرض‬
‫الكف‪ ،‬وهو داخل مفاصل األصابع‪ ،‬وما نقص‬
‫ّ‬ ‫وعرض الكف هو عرض مقعر‬
‫ألن القليل معفو إمجاع ًا‪ ،‬فقدِّ َر بالدرهم؛ َّ‬
‫ألن حمل‬ ‫عن قدر الدرهم فهو عفو؛ َّ‬
‫َّ‬
‫وألن‬ ‫االستنجاء مقدر به‪ ،‬وقد استقبحوا ذكر املقعدة يف حمافلهم فكنوها بالدرهم؛‬
‫الرضورة تشمل املقعدة وغريها فيعفى للحرج‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪.71 :‬‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وحملُاالستنجاءُخارجُعنُالعفو( )‪ُ.‬‬ ‫ُّ ُ‬


‫البولُكرؤوسُاإلبرُعفو( )‪ُ.‬‬
‫ٌُ‬ ‫ورشاشُُ‬
‫ولوُصىلُ ُعىلُبساطُ ُصغريُ ُيفُطرفهُنجاسة‪ُ ،‬الُيصحُ‪ُ ،‬ولوُكانُكبري ًاُ‬ ‫َُ‬
‫صح( )‪ُ.‬‬
‫املصيل ُنافج َُة( ) ُمسكُ‪ُ :‬إن ُكانت ُبحيث ُلو َُُأصاهبا ُاملاء ُالُ‬ ‫ل ُ ِّ ُ‬ ‫ُمح َ ُ‬
‫ولو َ َُ‬
‫يُفسدُها ُـ ُأي ُال ُينتن ُـُ َُتصح ُمُطلق ًُا‪ُ ،‬سواء ُكانت ُمن ُحيوان ُمُذك ًا ُأوُغريُ‬
‫ُِ‬
‫برشطُكوُناُمنُحيوانُمذك ًُا( )‪ُ.‬‬ ‫حُ‬ ‫مُذك ًا‪ُ،‬وإنُكانُيُفسدُهاُاملاءُُ َُت ِ ُ‬
‫ص ُّ ُ‬

‫( ) أي ال جيوز العفو بل جيب غسله‪ ،‬يعني َّ‬


‫أن القدر املانع يعترب بوراء موضع‬
‫االستنجاء‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ،18‬أي ال جيمع موضع االستنجاء مع مع مقدار‬
‫العفو يف املغلظة واملخففة‪ ،‬بل يكون موضوع االستنجاء معفو‪ ،‬وكذلك مقدار‬
‫العفو معفو‪.‬‬
‫معفو رضورة وإن‬
‫ٌ‬ ‫(‪ )2‬سواء عىل الثوب أو البدن وإن كان أكثر من قدر الدرهم‪ ،‬فإنَّه‬
‫امتأل الثوب؛ ألنَّه ال يستطاع االمتناع عنه فسقط حكمه‪ .‬وعن أيب يوسف ‪ ‬جيب‬
‫غسله؛ ألنَّه نجس حقيقة‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪ ،75 :‬والوقاية ص‪ ، 12‬واهلدية‬
‫ص‪.12‬‬
‫(‪ )1‬وهذا إذا كانت النجاسة يف موضع قيامه‪ ،‬وكذا مل تكن يف موضع سجوده‬
‫عىل الصحيح‪ ،‬وإن كانت يف غري تلك املواضع جتوز صغري ًا كان البساط أو كبري ًا‪،‬‬
‫وهو املختار‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ص ‪ ، 2‬فام ذكره صاحب املنحة هو املعتمد‪،‬‬
‫ومتامه حتقيقه يف تعليقايت عىل مراقي الفالح‪.‬‬
‫(‪ )1‬النافجة‪ :‬معربة أصلها نافة‪ ،‬وهي رسة الظبي املكي‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.12‬‬
‫(‪ )5‬هذا التفصيل مشى عليه ابن اهلامم يف الفتح ‪ 2 0 :‬ومال خرسو يف درر احلكام‬
‫‪ 25 :‬لك َّن الزيلعي يف تبيني احلقائق ‪ 27-22 :‬صحح َّأهنا طاهر بكل حال‪،‬‬
‫ومن الذكية طاهرة باالتفاق‪ ،‬وتابعه صاحب البحر ‪. 2 :‬‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫جاسة‪ُ،‬وربعُثوبهُطاهرُصىلُُفيهُحت ًُام‪ُ،‬وملُيعدُ‬
‫ٌ‬ ‫ومنُملُجيدُماُيزيلُبهُالنُ‬ ‫َ‬
‫الة ُفيه ُوبني ُالصُ ُِ‬
‫الةُ‬ ‫يريُ ُبني ُالصُ ُِ‬
‫ُطاهر ُأقل ُمن ُالربع‪َُ ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫الصُالة‪ُ ،‬وإن ُكان‬
‫‪ُ،‬واألَوُلُُ َُأفضل( )‪ُ.‬‬
‫عاري ًا ُ‬
‫الرشطُالثالث‪َ ُ:‬سرتُال َعورة‪ُ:‬‬
‫والركبةُُعور ٌُة( )ُ‬
‫عورةُُالرُجل‪ُ:‬ماُبنيُسُتهُإىلُركبته‪ُُّ ُ،‬‬
‫والْسُةُُُال( )‪ُ.‬‬

‫( ) أي األفضل الصالة يف الثوب النجس عند الشيخني‪ ،‬كام هو الواجب عند حممد‬
‫‪ ،‬بخالف ما إذا كان ربع ثوبه طاهر ًا فيجب أن يصيل فيه‪ ،‬وال يعيد صالته التي‬
‫صالها يف ذلك الثوب بعد القدرة عىل الثوب الطاهر؛ ألنَّه أدى ما وجب عليه فال‬
‫يطالب باإلعادة‪ ،‬أما إن كان أقل من الربع طاهر ًا‪ ،‬فإنَّه خيري بني الصالة فيه وبني‬
‫الصالة عاري ًا؛ ألنَّه ابتيل ببليتني فيخري‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 21 :‬‬
‫َ‬
‫الفخذ عورة)‬ ‫علمت َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫(‪ )2‬قال رسول اهلل ‪ ‬جلرهد ‪ ‬وقد انكشف فخذه‪( :‬أما‬
‫يف سنن أيب داود‪ ،10 :1‬وسنن الرتمذي‪ ، 0 :5‬وحسنه‪ ،‬وصحيح البخاري ‪:‬‬
‫‪ 15‬مع ّلق ًا‪ ،‬وغريها‪ ،‬وعن عبد اهلل بن جعفر ‪ ،‬قال رسول اهلل ‪( :‬ما بني‬
‫الرسة إىل الركبة عورة) يف املستدرك ‪ ،257 :1‬واملعجم الصغري ‪ ،205 :2‬قال‬
‫اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ :51 :2‬فيه أرصم ابن حوشب وهو ضعيف‪ ،‬وعن أيب‬
‫سعيد اخلدري ‪ ،‬قال رسول اهلل ‪( :‬عورة املؤمن ما بني رسته وركبته) قال ابن‬
‫امللقن يف خالصة البدر املنري ‪ ، 51 :‬وابن حجر يف اخلالصة ‪ : 51 :‬رواه‬
‫احلارث ابن أيب أسامة بإسناد ضعيف‪.‬‬
‫عيل‪ :‬أرين‬
‫(‪ )1‬فعن عمري بن إسحاق قال‪« :‬كنت مع أبى هريرة ‪ ‬فقال للحسن بن ّ‬
‫رسته فق َّب َلها‪ ،‬فقال‬
‫املكان الذي رأيت رسول اهلل ‪ ‬يق ِّب هله منك‪ ،‬قال‪ :‬فكشف عن ّ‬
‫الرسة من العورة ما كش َفها» يف صحيح ابن حبان ‪،105 : 2‬‬
‫رشيك‪ :‬لو كانت ّ‬
‫ومسند أيب حنيفة ‪.20 :‬‬
‫ـ ‪70‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وعورة ُاحلرُة‪ُ :‬مجيع ُبدُنا‪ُ ،‬وشعرُها ُعور ٌُة‪ُ ،‬إال ُالوجه ُوالكفني( )ُ‬
‫ُ‬
‫والقدمني( )‪ُ.‬‬
‫وعورةُُاألمة‪ُ:‬مثلُعورةُالرُجلُمعُزيادةُبطنهاُوظهرها( )‪ُ.‬‬

‫( ) فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪( :‬ال يقبل اهلل صالة حائض إال بخامر) يف‬
‫صحيح ابن حبان ‪ ،2 1 :1‬واملنتقى ‪ ،51 :‬وسنن أيب داود ‪ ، 7 :‬وقال ‪:‬‬
‫(ال تنتقب املرأة املحرمة وال تلبس القفازين) يف صحيح البخاري ‪ ،251 :2‬ولو‬
‫كانا عورة ملا حرم سرتمها‪ ،‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬
‫أن أسامء بنت أيب بكر‬
‫دخلت عىل رسول اهلل ‪ ‬وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول اهلل ‪ ،‬وقال يا‬
‫أسامء‪َّ :‬‬
‫إن املرأة إذا بلغت املحيض مل تصلح أن يرى منها إال هذا وهذا‪ ،‬وأشار إىل‬
‫وجهه وكفيه) يف سنن أيب داود ‪،22 :1‬وقال‪ :‬هذا مرسل خالد بن دريك مل يدرك‬
‫عائشة‪ .‬ويف سنن البيهقي الكبري ‪ ،222 :2‬وشعب اإليامن ‪ ، 25 :2‬قال ابن‬
‫القطان الفايس يف أحكام النظر ص‪ :20‬هذا حديث ضعيف‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذا ما مشى عليه يف الوقاية ص‪ ، 12‬وصححه صاحب اهلداية ‪ ،11 :‬واملحيط‬
‫ص‪ ،81‬والتبيني ‪ ،22 :‬وقال صاحب جممع األهنر ‪ :8 :‬وهو األصح‪ ،‬وقال‬
‫احلصكفي يف الدر املنتقى ‪ :8 :‬وهو املعتمد من املذهب‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أنَّه عورة‪ ،‬صححه قايض خان يف فتاواه ‪ ، 11 :‬واألقطع‪ ،‬واختاره‬
‫االسبيجايب‪ .‬كذا يف البناية ‪.21 :2‬‬
‫الثالث‪ :‬أنَّه ليس بعورة يف الصالة‪ ،‬وعورة خارجها‪ ،‬وصححه صاحب االختيار ‪:‬‬
‫‪ ،21‬والرساجية ‪.17 :‬‬
‫(‪ )1‬فعن عمر ‪« :‬أنَّه رضب أمة رآها مقنعة‪ ،‬وقال‪ :‬اكشفي رأسك وال تتشبهي‬
‫باحلرائر»‪ ،‬قال ابن حجر يف الدراية ‪ : 21 :‬رواه عبد الرزاق يف مصنفه ‪12 :1‬‬
‫بإسناد صحيح‪ ،‬وعن صفية ريض اهلل عنها‪ :‬قالت‪« :‬خرجت امرأة خمتمرة‬
‫متجلببة‪ ،‬فقال عمر‪ :‬من هذه؟ فقيل‪ :‬جارية فالن من بيته‪ ،‬فأرسل إىل حفصة‬
‫ـ ‪71‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والعورةُُالغليظةُُواخلفيفةُُسواء( )‪ُ.‬‬
‫ُوالربعُُمانع( )‪ُ.‬‬
‫وماُدونُربعُالعضوُعفو ُُّ‬
‫ٌ‬
‫والسُاترُُالرقيقُُالذيُالُ َُيمُنَُعُُرؤي َُةُالعورةُالُيكفي( )‪ُ.‬‬
‫كوعُوالسجود( )‪ُ،‬أوُقائ ًامُ‬
‫ُّ ُ‬ ‫ُُّ‬
‫ومئُبالر‬ ‫صىلُُعريان ًاُقاعد ًاُيُ‬‫الساتر‪ُ َ ُ،‬‬
‫َُ‬ ‫ومنُ َُف َُقدَُُ‬
‫َُ‬

‫فأنكر عليها‪ ،‬وقال‪ :‬ال تشبهوا اإلماء باملحصنات» يف الدراية ‪ ، 21 :‬ونصب‬


‫الراية ‪ 100 :‬عن مصنف عبد الرزاق ‪ ، 12- 15 :1‬قال البيهقي‪ :‬اآلثار عن‬
‫عمر بذلك صحيحة‪.‬‬
‫( ) أي يف حكم االنكشاف املانع جلواز الصالة وغري املانع‪ ،‬والعورة الغليظة‪ :‬هي‬
‫القبل والدبر واخلصية من الرجل‪ ،‬واخلفيفة‪ :‬هي العانة والفخذان واإلليتان‬
‫والركبتان من الرجل‪ ،‬وما عدا القبل والدبر من النساء خفيفة‪ ،‬كام يف اهلدية‬
‫خف منه يف الفخذ‪ ،‬ويف الفخذ‬ ‫ِ‬
‫الركبة َأ ُّ‬ ‫ِ‬
‫العورة يف‬ ‫فإن حكم‬ ‫ص ‪ ،5‬لكن يف النظر َّ‬
‫ِ‬
‫الفخذ‬ ‫وكاشف‬ ‫ينكر عليه برفق‪،‬‬ ‫أخف منه يف السوءة‪ ،‬حتى َّ‬
‫ه‬ ‫كاشف الركبة ه‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُّ‬
‫أرص‪ ،‬وما يباح إليه النظر من‬ ‫ِ‬
‫وكاشف السوءة يؤ َّدب ويرضب إن ّ‬ ‫ه‬ ‫يعنَّف عليه‪،‬‬
‫ألن ما ليس بعورة جيوز مسه كام جيوز النظر إليه‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫الرجل فكذلك املس؛ َّ‬
‫املبسوط ‪ ، 17 : 0‬والتبيني ‪ ، 8 :2‬واهلداية ‪ ،22 : 0‬ودرر احلكام ‪،1 1 :‬‬
‫ورد املحتار ‪ ،122 :2‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي من صحة الصالة‪ ،‬فالساق‪ ،‬والبطن‪ ،‬والفخذ‪ ،‬والدبر‪ ،‬والشعر النازل من‬
‫جواز‬
‫َ‬ ‫والذكَر منفرد ًا‪ ،‬واأله رن َثيني‪ ،‬كل مما سبق عضو ُيمنع انكشاف ُربعه‬
‫الرأس‪َ ،‬‬
‫الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪.271 :‬‬ ‫َّ‬
‫(‪ )1‬أي جلواز الصالة؛ لعدم السرت الواجب عليه‪ ،‬وهذا إذا وجد غريه‪ ،‬أما إذا مل جيد‬
‫غري ذلك فله أن يصيل فيه؛ ألنَّه ال يكون حاله أدنى من العاري‪ ،‬وصالة العاري‬
‫جائزة‪ ،‬فهذا أوىل‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 27 :‬‬
‫(‪ )1‬بأن يرسل رجليه نحو القبلة ويضع يديه عىل سؤته بني فخذيه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬
‫ص ‪.5‬‬
‫ـ ‪77‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يركعُويسجد‪ُ،‬واألَوُلُُ َُأفضل‪ُ.‬‬
‫ُ‬
‫الرشطُالرابع‪ُ:‬استقبالُالقبلة‪ُ:‬‬
‫وفرضهُعنيُالكعبةُللمكي‪ُ،‬وجهتهاُلغريه( )‪ُ.‬‬
‫حرى( ) ُوعنده َُمن ُيسأله‪ُ ،‬وال ُيفُ‬
‫َُو َمن ُاشتبهت ُعليه ُالقبلة ُال ُ َُي َُت َ ُ‬

‫( ) أي لغري املكي‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮰ ﮱ ﯓ ﭼ [البقرة‪ ،]777 :‬واشرتاط إصابة‬


‫عني الكعبة للمكي مطلق ًا‪ ،‬حتى لو صىل يف بيته جيب أن يصيل بحيث لو أزيل‬
‫اجلدران وقع االستقبال عىل عني الكعبة‪ ،‬وهو ظاهر كالم صاحب املبسوط‪: 0‬‬
‫‪ ، 20‬والتبيني ‪ ، 0 :‬واهلداية ‪ ،270 :‬ودرر احلكام ‪ ،2 :‬وهدية‬
‫الصعلوك ‪ ،52‬ومنحة السلوك ‪. 28 :‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬الفرض للمكي املشاهد للكعبة إصابة عينها؛ لقدرته عليه يقين ًا‪ ،‬وفرض‬
‫غري املشاهد البعيد والقريب إصابة جهة الكعبة‪ ،‬وهو اختيار صاحب الدراية‬
‫وصاحب اهلداية يف التجنيس‪ ،‬كام يف حاشية الشلبي ‪ ، 00 :‬ومشى عليه‬
‫صاحب مراقي الفالح ص‪ ،2 2‬قال الرشنباليل يف حاشيته عىل الدرر ‪:20 :‬‬
‫«ال إمجاع عىل اشرتاط عينها يف حق غري املكي‪ ،‬بل األصح أنَّه كالغائب؛ للزوم‬
‫احلرج يف إلزام حقيقة املسامتة يف كل بقعة يصيل فيها‪ ،‬كام يف الفتح والربهان»‪.‬‬
‫وجهة الكعبة‪ :‬هي التي إذا توجه إليها اإلنسان يكون مسامت ًا للكعبة‪ ،‬أو‬
‫هلوائها حتقيق ًا‪ ،‬أو تقريب ًا‪ .‬ومعنى التحقيق‪ :‬أنَّه لو فرض خط من تلقاء وجهه عىل‬
‫مار ًا عىل الكعبة أو هوائها‪ .‬ومعنى التقريب‪ :‬أن يكون‬ ‫زاوية قائمة إىل األفق يكون ّ‬
‫ذلك منحرف ًا عن الكعبة أو هوائها انحراف ًا ال تزول به املقابلة بالكلية‪ ،‬بأن يبقى‬
‫يشء من سطح الوجه مسامت ًا هلا أو هلوائها‪ .‬ينظر‪ :‬مراقي الفالح ص‪.2 1-2 2‬‬
‫(‪ )2‬أي ال يصيل بالتحري‪ ،‬يعني بالتفكر يف جهة القبلة‪ ،‬إن كان عنده من يعرف جهة‬
‫القبلة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.51‬‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الصحراءُوالسامءُمصحية( )‪ُ.‬‬
‫ني ُاخلطأُ‬
‫ىُوصىل‪ُ ،‬فلو ُ َت َب َ‬
‫َُ‬ ‫ِب ُيف ُالصحراء‪َُ َ ُ ،‬‬
‫حتر‬ ‫ُالدالئل ُواملخ َِ‬
‫َ‬ ‫وإذا ُ َع ِد َم‬
‫نيُبعدهاُالُيعيد( )‪ُ.‬‬
‫فيهاُبنى‪ُ،‬ولوُ َُت َُب َُ‬
‫الرشطُُاخلامس‪ُ:‬النية‪ُ:‬‬
‫وهيُإرادةُالصالةُبقلبه( )‪ُ.‬‬
‫واللفظُُسن ٌُة( )‪ُ.‬‬
‫صلُالصُالة( )ُومتابع َةُإمامهُواالقتداءُبهُونحوُذلك‪ُ.‬‬ ‫َُ‬
‫نويُأ َ‬ ‫واملقتديُ َُي‬
‫ُصح ُإن ُمل ُتبطلُ‬
‫واألحوط ُمقارنة ُالنية ُللتكبري‪ُ ،‬فإن ُقدمها ُعليه َ ُ‬

‫( ) أي ال يتحرى أيض ًا يف الصحراء إذا كانت السامء منكشفة غري متغيمة؛ إلمكان‬
‫الوصول إىل القبلة بواسطة القمر والنجوم‪ ،‬فمن عرف االستدالل هبا عىل القبلة ال‬
‫ألن االستدالل هبا فوق التحري‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ،51‬واملنحة‬ ‫جيوز له التحري؛ َّ‬
‫‪. 22‬‬
‫(‪ )2‬أي تلك الصالة؛ ألنَّه بذل ما يف وسعه للتوجه إليها‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﭼ [البقرة‪.]777 :‬‬
‫(‪ )1‬بأن يعلم بقلبه أي صالة يصيل‪ ،‬وأدناه ما لو سئل أي صالة تصيل؟ أمكنه أن جييب‬
‫عىل البداهة‪ ،‬وإن مل يقدر عىل أن جييب إال بتأمل‪ ،‬مل جتز صالته‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫‪ ، 70‬واملشكاة ‪. 70‬‬
‫(‪ )1‬ملا فيه من استحضار نيته؛ الختالف الزمان‪ ،‬وكثرة الشواغل عىل القلوب فيام بعد‬
‫زمن التابعني‪ ،‬كام يف الدر املختار ‪ ،1 5 :‬ونفع املفتي ص‪ ،217‬واملراقي‬
‫َّ‬
‫وألن فيه إعانة عىل أمر معروف‪ ،‬وهو تصحيح الصالة؛ إذ َّأهنا ال تكون‬ ‫ص‪2 7‬؛‬
‫إال بالنية‪ ،‬وذكرها باللسان يعني عىل استحضارها يف القلب‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬بأن يع ّينها‪ :‬كالظهر مثالً‪ ،‬ولو نوى فرض الوقت جيوز أيض ًا؛ ألنَّه مرشوع الوقت‪،‬‬
‫والفائت غري مرشوع الوقت‪ ،‬فانرصف مطلق النية إليه إال يف اجلمعة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪. 70 :‬‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫بقاطع( )‪ُ.‬‬
‫الرشطُالسادس‪ُ:‬تكبريةُاإلحرام‪ُ:‬‬
‫ُّ‬
‫والتسمية‪ُ،‬وكل ُاسمُمنُأسامءُاهللُ‬ ‫ويصح ُاالفتتاحُبالتكبري‪ُ ،‬والتهليل‪ُ ،‬‬
‫ُُّ‬
‫اللهم‪ُ،‬والُيصحُبقوله‪ُ:‬اللهمُاغفرُيل( )‪ُ.‬‬
‫ُّ‬ ‫تعاىل( )‪ُ،‬وبقولهُ‪ُ:‬‬
‫ُللركوع‪ُ،‬صارُمفتتح ًُا( )‪ُ.‬‬ ‫َ‬
‫ولوُأدركُاإلما َمُراكع ًا َ‬
‫ُفكِب ُُّ‬
‫ال( )‪ُ.‬‬ ‫ِ‬
‫ُقبلُإمامهُناوي ًاُلالقتداء‪ُ،‬بطلُأص ًُ‬ ‫َِب‬
‫ولوُك َ‬

‫( ) بأن ال يشتغل بني النية و الصالة بام ليس من جنس الصالة من بيع ورشاء وأكل‬
‫وكالم ونحوها‪ ،‬ولو فصل بام ال ينافيها‪ :‬كالوضوء‪ ،‬وامليش إىل اجلامعة‪ ،‬فال‬
‫يرضها‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ،51‬وعمدة الرعاية ‪. 52 :‬‬
‫(‪ )2‬مثل‪ :‬اهلل أجل‪ ،‬واهلل أعظم‪ ،‬والرمحن أكرب‪ ،‬والرحيم أكرب‪ ،‬واحلمد هلل‪ ،‬وسبحان‬
‫اهلل؛ لقوله ‪ :‬ﭽﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭼ [األعلى‪َّ ،]77:‬‬
‫فإهنا نزلت يف تكبرية االفتتاح‪،‬‬
‫واعترب اهلل ‪ ‬مطلق الذكر‪ ،‬فيجوز بكل ما فيه ذكر‪ ،‬كام يف منحة السلوك ‪:‬‬
‫‪ . 71‬لكن لو رشع بغري التكبري فإنَّه يكره حتري ًام؛ َّ‬
‫ألن اإلحرام بالتكبري واجب‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املراقي ص‪ ،252‬والدر املختار ‪.1 5 :‬‬
‫(‪ )1‬صح باللهم؛ َّ‬
‫ألن معناه يا اهلل‪ ،‬وامليم مشددة بدل من حرف النداء‪ ،‬فكان ثنا ًء‬
‫يصح االفتتاح باهلل اغفر يل؛ ألنَّه ليس بتعظيم خالص؛ ألنَّه مشوب‬
‫ّ‬ ‫خالص ًا‪ ،‬ومل‬
‫بالدعاء؛ ألنه سؤال‪ ،‬وهو غري الذكر‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 71 :‬‬
‫فإهنا‬
‫رأسه من الركوع‪ ،‬وإال َّ‬‫رفع اإلما هم َ‬ ‫(‪ )1‬ويصري مدرك ًا للركعة إن َ‬
‫ركع قبل أن ي َ‬
‫تفوته تلك الركعة‪.‬‬
‫ألن صحة رشوعه مرتتبة عىل رشوع اإلمام‪ ،‬فإذا‬‫(‪ )5‬أي رشوعه مع اإلمام يف الصالة؛ َّ‬
‫سبق إمامه بالتكبري كان خمالف ًا فيبطل‪ ،‬وأيض ًا فإنَّه ال يصري شارع ًا يف صالته منفرد ًا‬
‫عىل األصح‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 71 :‬‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واألفضلُمقارنةُاإلمامُيفُالتكبري( )‪ُ،‬والتأخرُيفُالتسليم( )‪ُ.‬‬


‫ُُُويرفع ُيديه ُمقارن ًا ُللتكبري ُحتى َُياذي ُبإهباميه ُشحمة ُأُذنيه( )‪ُ ،‬والُ‬
‫يفرجُأصاب َعه( )‪ُ.‬‬
‫وكذا( )ُالرفعُيفُالقنوت‪ُ،‬وتكبرياتُالعيدينُالزوائد‪ُ.‬‬
‫ُحذاءُمنكبيها(‪ُ.)6‬‬
‫َ‬ ‫وترفعُاملرأة‬
‫والُيرفعُيديهُيفُغريُتكبريةُاإلحرام(‪ُ.)7‬‬

‫( ) بأن يكرب املقتدي مقارن ًا لتكبري اإلمام كحركة اخلاتم حالة حركة اليد عند اإلمام‬
‫َّ‬
‫وألن االقتداء مشاركة‪،‬‬ ‫ألن املسارعة أفضل يف رشوع العبادات؛‬ ‫أيب حنيفة ‪‬؛ َّ‬
‫وحقيقة املشاركة املقارنة إذ هبا تتحقق يف مجيع أجزاء العبادة‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬
‫الصعلوك ص‪ ،51‬وبدائع الصنائع ‪..200 :‬‬
‫(‪ )2‬هذا يف رواية عن أيب حنيفة ‪ ،‬وهو قول أيب يوسف وحممد ‪‬؛ َّ‬
‫ألن السالم ترك‬
‫للعبادة فال يستحب املبادرة‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬رواية أخرى عن اإلمام أيب حنيفة ‪ ‬يسلم مقارن ًا لإلمام‪ ،‬وعليها مشى‬
‫يف بدائع الصنائع ‪ ،2 5 :‬والكنز ‪ ، 25 :‬وتابعه يف تبيني احلقائق ‪. 25 :‬‬
‫(‪ )1‬فعن أنس ‪ ‬قال‪( :‬رأيت رسول اهلل ‪ ‬كرب فحاذى بإهباميه اليرسى‪ ،‬ثم ركع‬
‫كل مفصل منه وانحط بالتكبري حتى سبقت ركبتاه يديه) يف‬ ‫استقر ّ‬
‫ّ‬ ‫حتى‬
‫املستدرك ‪ ،112 :‬وصححه‪ ،‬ومسند الروياين ‪ ،212 :‬وغريها‪.‬‬
‫الضم وال يفرج كل التفريج‪ ،‬بل يرتكها عىل حاهلا منشورة‪ .‬ينظر‪:‬‬‫ّ‬ ‫(‪ )1‬بأن ال يضم كل‬
‫الوقاية ص‪ ، 17‬والتبيني ‪ ، 07 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي األفضل مقارنة الرفع بالتكبري واملحاذاة وترك األصابع عىل حاهلا‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬
‫ص‪.52‬‬
‫وألن ذراعها عورة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬‫َّ‬ ‫(‪َّ )2‬‬
‫ألن مبنى حاهلا عىل السرت‪ ،‬وهو أسرت هلا؛‬
‫‪ ، 72‬واملشكاة ص‪. 81‬‬
‫(‪ )7‬فعن علقمة ‪ ،‬قال ابن مسعود ‪ ( :‬أال أصيل بكم صالة رسول اهلل ‪ ‬فصىل‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫ُاإلمامُوالقومُعندُقولُاملؤ ِّذن‪ُ:‬حيُعىلُالفالح( )‪ُ.‬‬ ‫والسنةُقيام‬
‫كِبُاإلمامُعندُقوله‪ُ:‬قدُقامتُالصالة( )‪ُ.‬‬ ‫وي ِّ‬

‫فلم يرفع يديه إال يف أول مرة) يف سنن الرتمذي ‪،10 :2‬وحسنه‪ ،‬وسنن أيب داود‬
‫‪ ، 22 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،78 :2‬وغريها‪ ،‬وصححه ابن حزم‪ ،‬ينظر‪ :‬إعالء‬
‫السنن ‪ ،22 :1‬وغريه‪ ،‬وعن جابر بن سمرة ‪ ‬قال‪( :‬خرج علينا رسول اهلل ‪،‬‬
‫كأهنا أذناب خيل شمس‪ ،‬اسكنوا يف الصالة) يف‬
‫فقال‪ :‬مايل أراكم رافعي أيديكم َّ‬
‫صحيح مسلم ‪ ،122 :‬فإنَّه يدل عىل وجوب السكون‪َّ ،‬‬
‫وأن رفع األيدي يف‬
‫الصالة ينافيه‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ،20 :10‬وعن األسود ‪ ‬قال‪« :‬رأيت عمر بن‬
‫اخلطاب ‪ ‬يرفع يديه يف أول تكبرية ثم ال يعود»‪ ،‬قال‪ :‬ورأيت إبراهيم والشعبي‬
‫يفعالن ذلك يف رشح معاين اآلثار ‪ ،227 :‬وصححه‪ ،‬قال اإلمام الطحاوي يف‬
‫رشح معاين اآلثار ‪« :227 :‬فهذا عمر ‪ ‬مل يكن يرفع يديه أيض ًا إال يف التكبرية‬
‫األوىل يف هذا احلديث‪ ،‬وهو حديث صحيح؛ َّ‬
‫ألن احلسن بن عياش وإن كان هذا‬
‫احلديث إنَّام دار عليه‪ ،‬فإنَّه ثقة حجة‪ ،‬قد ذكر ذلك حييى بن معني وغريه‪ ،‬أفرتى‬
‫عمر بن اخلطاب ‪ ‬خفي عليه أن النبي ‪ ‬كان يرفع يديه يف الركوع والسجود‬
‫وعلم بذلك من دونه ومن هو معه يراه ما رأى رسول اهلل ‪ ‬يفعل‪ ،‬ثم ال ينكر‬
‫ذلك عليه‪ ،‬هذا عندنا حمال‪ ،‬وفعل عمر ‪ ‬هذا وترك أصحاب رسول اهلل ‪ ‬إياه‬
‫عىل ذلك دليل صحيح َّ‬
‫أن ذلك هو احلق الذي ال ينبغي ألحد خالفه»‪.‬‬
‫( ) ألنَّه أمر به‪ ،‬فيستحب املسارعة إليه‪ ،‬وإن مل يكن اإلمام حارض ًا ال يقومون حتى‬
‫يصل إليهم‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 27‬‬
‫ألن املؤذن أمني‪ ،‬وقد أخرب بقيام الصالة‪ ،‬فيرشع عنده؛ صون ًا لكالمه عن الكذب‪،‬‬ ‫(‪َّ )2‬‬
‫وفيه مسارعة إىل املناجاة‪ ،‬وقد تابع املؤذن يف األكثر فيقوم مقام الكل‪ ،‬هذا عند أيب‬
‫حنيفة وحممد ‪ ،‬وعند أيب يوسف ‪ :‬يرشع إذا فرغ من اإلقامة حمافظة عىل‬
‫فضيلة متابعة املؤذن وإعانة للمؤذن عىل الرشوع‪ .‬قال الطحطاوي يف حاشيته عىل‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصلُاألركانُ‬
‫أوهلا‪ُ:‬القيام‪ُ:‬‬
‫والُجيوزُتركهُيفُالفرضُوالواجبُبغريُعذر( )‪ُ ،‬إالُيفُالسفينةُاجلاريةُ‬
‫خاصة( )‪ُ.‬‬
‫َِب َُو َض َع ُيمينَه ُعىل ُيساره ُحتت ُسته( )‪ُ ،‬واملرأة ُتضع ُعىلُ‬
‫وإذا ُك َ‬
‫املراقي ص‪ :278‬وهو أعدل املذاهب‪ ،‬رشح املجمع‪ ،‬وهو األصح‪ ،‬قهستاين عن‬
‫اخلالصة‪ ،‬وهو احلق‪ ،‬هنر‪.‬‬
‫( ) بأن ال يقدر عىل القيام‪ ،‬أو عىل السجود ـ كام سبق ـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬إذ جيوز عند اإلمام أيب حنيفة ‪ ‬مع اإلساءة أن يصيل يف السفينة اجلارية قاعد ًا مع‬
‫ألن الغالب فيها دوران الرأس‪ ،‬والغالب بمنزلة الكائن‪،‬‬ ‫القدرة عىل القيام؛ َّ‬
‫ألن القيام ركن فال يسقط إال بعذر‬ ‫بخالف الصاحبني ‪ ‬فال جيوز عندهم؛ َّ‬
‫متحقق‪ .‬كام يف منحة السلوك ص‪ ، 78‬فعن أنس بن سريين‪ ،‬قال‪( :‬خرجت مع‬
‫أنس بن مالك ‪ ‬إىل أرض بيثق سريين‪ ،‬حتى إذا كنا بدجلة حرضت الظهر فأ َّمنا‬
‫وإن السفينة لتجر بنا جر ًا) يف املعجم الكبري ‪،211 :‬‬‫قاعد ًا عىل بساط يف السفينة َّ‬
‫وقال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ : 21 :2‬ورجاله ثقات‪.‬‬
‫(‪ )1‬فعن وائل بن حجر ‪( :‬أنَّه رأى النبي ‪ ‬رفع يديه حني دخل يف الصالة كرب‬
‫حيال اليرسى ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى عىل اليرسى) يف صحيح مسلم‬
‫‪ ،10 :‬وصحيح البخاري ‪ ، 82 :‬وعن عيل ‪ ‬قال‪( :‬السنة وضع الكف‬
‫عىل الكف حتت الرسة) يف سنن أيب داود ‪ ،20 :‬وهو حسن كام يف إعالء السنن‬
‫‪ ، 82 :2‬وعن أيب هريرة ‪( :‬أخذ األكف عىل األكف يف الصالة حتت الرسة )‬
‫رأيت رسول‬ ‫يف سنن أيب داود ‪ ،20 :‬وضعفه‪ ،‬وعن وائل بن حجر ‪ ،‬قال‪ ( :‬ه‬
‫الصالة حتت الرسة) يف مصنف ابن أيب شيبة‪:1‬‬ ‫ِ‬ ‫وضع يمينه عىل شامل ِ ِه يف‬ ‫اهلل ‪‬‬
‫َ‬
‫‪ 120‬بتحقيق الشيخ حممد عوامة‪ ،‬وقد سقطت لفظة‪( :‬حتت الرسة) من الطبعات‬
‫السابقة للمصنّف‪ ،‬وسنده جيد‪ ،‬وروا هت هه ك ّلهم ثقات‪ ،‬كام يف التعريف واإلخبار ‪:‬‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫صدرها( )‪ُ.‬‬
‫ثمُيقول‪ُ:‬سبحانكُاللهمُوبحمدكُوتباركُاسمكُوتعاىلُجدكُوالُإلهُ‬
‫غريك( )‪ُ.‬‬
‫الثاين‪ُ:‬القراءة‪ُ:‬‬
‫سمي‪ُ،‬ويقرأُ ُالفاحت َة ُوسورةًُمعهاُ‬ ‫ثمُيتعوذُ( ) ُإنُكانُإمام ًا ُأوُمن َفرد ًا‪ُ،‬وي ِّ‬
‫ِّ‬
‫أوُثالثُآياتُمنُأيُسورةُشاءُيفُكلُواحدةُمنُاألوليني‪ُ.‬‬
‫وفرضُالقراءةُمطلقُآية‪ُ،‬وواجبهاُماُبينا( )‪ُ.‬‬

‫الرسة) يف‬
‫‪ ، 2‬وعن إبراهيم ‪ ‬قال‪( :‬يضع يمينه عىل شامله يف الصالة حتت ّ‬
‫مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،111 :‬قال ابن قطلوبغا‪ :‬إسناده جيد‪ ،‬كام يف إعالء السنن‬
‫‪. 85 :2‬‬
‫( ) أي بال حتليق؛ ألنَّه أسرت هلا‪ .‬ينظر‪ :‬الوقاية ص‪ ، 17‬واملراقي ص‪.252-258‬‬
‫جلدُّ هو العظم هة واجلالل‪ ،‬كام يف اجلوهرة ‪:‬‬
‫(‪ )2‬ومعنى تعاىل َجدّ ك‪ :‬أي عظمتك‪ ،‬وا َ‬
‫‪.5‬‬
‫ومعنى الثناء‪ :‬سبحتك يا اهلل بجميع آالئك وبحمدك سبحت‪ ،‬وتعاظم اسمك‬
‫عن صفات املخلوقني وتعاىل عظمتك‪ .‬ويقترص عليه عند أيب حنيفة وحممد ‪،‬‬
‫يضم إليه قوله‪ :‬وجهت وجهي‪ . ...‬ينظر‪:‬‬‫وهو قول أيب يوسف ‪ ‬أوالً‪ ،‬وعنه أنَّه ّ‬
‫العناية ‪.288 :‬‬
‫(‪ )1‬فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان ‪ ‬إذا استفتح الصالة قال‪ :‬سبحانك‬
‫اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعاىل جدك وال إله غريك‪ ...‬ثم يقول أعوذ باهلل‬
‫السميع العليم من الشيطان الرجيم من مهزه ونفخه ونفثه) يف سنن الرتمذي ‪:2‬‬
‫‪ ، 0‬واملستدرك ‪ ،125 :‬وصححه‪ ،‬وسنن أيب داود ‪ ،202 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي من قراءة الفاحتة وسورة قصرية معها‪ ،‬أو ثالث آيات‪ ،‬أو آية طويلة تعدل‬
‫ثالث آيات قصار‪ ،‬كام يف الدر املختار ‪108 :‬؛ فعن أيب سعيد ‪ ‬قال‪( :‬أمرنا‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وإذاُقالُاإلمامُ‪ُ:‬والُالضالنيُأم َنُهوُوالقومُسًُا( )‪ُ.‬‬


‫والفاحتةُوحدَ هاُيفُاآلخرتني( ) ُسن ٌة‪ُ،‬ولوُسبحُفيهامُجا َُز(‪ُ ،)1‬ولوُسكتُ‬

‫رسول اهلل ‪ ‬أن نقرأ بفاحتة الكتاب وما تيرس) يف صحيح ابن حبان ‪،22 :5‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬أمره أن خيرج‬ ‫وسنن أيب داود ‪ ،2 2 :‬وعن أيب هريرة ‪َّ ( :‬‬
‫ينادي يف الناس أن ال صالة إال بقراءة فاحتة الكتاب فام زاد) يف املستدرك ‪:‬‬
‫‪،225‬وصححه‪،‬وصحيح ابن حبان‪.21 :5‬‬
‫( ) فعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا أمن اإلمام فأمنوا‪ ،‬فإنَّه َمن وافق تأمينه تأمني‬
‫املالئكة غفر له ما تقدم من ذنبه) يف صحيح مسلم ‪ ،107 :‬وهذا أعم من أن‬
‫يكون رس ًا أو جهر ًا‪ ،‬وعن وائل ‪( :‬قرأ ‪ ‬املغضوب عليهم وال الضالني‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫آمني وخفض هبا صوته) يف سنن الرتمذي ‪ ،28 :2‬واملستدرك ‪،212 :2‬‬
‫وصححه‪ ،‬ويف رواية‪( :‬صىل بنا رسول اهلل ‪ ‬فلام قرأ املغضوب عليهم وال‬
‫الضالني‪ ،‬قال‪ :‬آمني؛ وأخفى هبا صوته) يف مسند أمحد ‪ ،1 2 :1‬وسنن البيهقي‬
‫الكبري ‪ ،111 :‬واملعجم الكبري ‪ ،11 :22‬وعن أيب وائل ‪ ‬قال‪« :‬كان عمر‬
‫وعيل ‪ ‬ال جيهران ببسم اهلل الرمحن الرحيم وال بالتعوذ وال بالتأمني» يف رشح‬
‫معاين اآلثار ‪ ،201 :‬ويف رواية‪« :‬كان عيل وابن مسعود ‪ ‬ال جيهران ببسم اهلل‬
‫الرمحن الرحيم وال بالتعوذ وال بآمني» يف املعجم الكبري ‪ ،222 :2‬وعن إبراهيم‬
‫النخعي ‪ ‬قال‪« :‬أربع ال جيهر هب ّن اإلمام‪ :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ ،‬واالستعاذة‪،‬‬
‫وآمني‪ ،‬ور ّبنا لك احلمد» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،227 :2‬ومصنف عبد الرزاق‬
‫‪ ،87 :2‬وغريها‪ ،‬وإسناده صحيح‪ ،‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ ،211 :2‬وغريه‪.‬‬
‫إن النبي ‪ ‬كان يقرأ يف الظهر يف األوليني بأم الكتاب‬ ‫(‪ )2‬فعن ابن أيب قتادة ‪َّ ( :‬‬
‫وسورتني‪ ،‬ويف الركعتني األخريني بأم الكتاب) يف صحيح البخاري ‪.222 :‬‬
‫(‪ )1‬فعن أيب إسحاق السبيعي عن عيل وابن مسعود ‪ ،‬قاال‪« :‬اقرأ يف األوليني وسبح‬
‫يف األخريني» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،127 :‬قال الزيلعي يف نصب الراية ‪:2‬‬
‫‪ ، 18‬وقال‪ :‬فيه انقطاع‪ .‬وعن أيب رافع ‪« :‬كان علي ًا ‪ ‬يقرأ يف األوليني من‬
‫ـ ‪770‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ك ِره( )‪ُ.‬‬
‫ِ‬
‫وركعاتُالوتر( )‪ُ.‬‬ ‫ِ‬
‫ُركعاتُالنُفل( )ُ‬ ‫ِّ‬
‫ُيفُكل‬ ‫والقراءةُواجب ٌة‬
‫وجي َهر ُاإلمام ُحت ًام ُيف ُالفجر ُواألوليني ُمن ُاملغرب ُوالعشاء‪ُ ،‬ويريُ‬ ‫َ‬
‫‪ُ،‬وجيهرُيفُاجلمعةُوالعيدين‪ُ،‬ويفُالنفلُيفيُ‬ ‫املنفرد‪ُ،‬ويفيانُيفُالباقيُحت ًام َ‬
‫ُنار ًاُويريُلي ًُ‬
‫ال( )‪ُ.‬‬
‫ويكرهُختصيصُسورةُ ُبصالةُ‪ُ ،‬إالُإذاُكانُأيْس( ) ُعليهُواتبعُفيهُالنبيُُ‬

‫الظهر والعرص بأم القرآن وسورة‪ ،‬وال يقرأ يف األخريني» يف مصنف عبد الرزاق‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬كام يف اجلوهر النقي ‪ . 11 :‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪. 15 :1‬‬
‫( ) أي يكون مسيئ ًا لرتكه السنة وجازت صالته‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.52‬‬
‫ألن كل شفع منه صالة‪ ،‬والقيام إىل الثالثة كتحريمة‬ ‫(‪ )2‬أي قراءة الفاحتة والسورة؛ َّ‬
‫مبتدأة حتى قالوا باالستفتاح يف الثالثة‪ ،‬أال ترى أنَّه ال جيب بالتحريمة فيه إال‬
‫ركعتان يف ظاهر الرواية‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪ ،20‬واملنحة ‪. 85 :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان يوتر بثالث ركعات‪ ،‬يقرأ يف‬ ‫(‪ )1‬فعن أيب بن كعب ‪َّ ( :‬‬
‫األوىل‪:‬بـ ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ ‪،‬ويف الثانية‪:‬بـ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓﭼ ‪ ،‬ويف‬
‫الثالثة‪ :‬بـ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ ‪ ،‬ويقنت قبل الركوع) يف سنن النسائي الكربى ‪:‬‬
‫‪ ،118‬واملجتبى ‪ ،215 :1‬وسنن الدارقطني ‪.1 :2‬‬
‫فألن النفل تبع للفرض‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )1‬ودليل اإلخفاء واجلهر هو النقل املتوارث‪ ،‬وأما يف النفل‬
‫فيأخذ حكمه؛ لك َّن األفضل للمنفرد أن جيهر يف الفرض والنفل‪ .‬ينظر‪:‬منحة‬
‫السلوك ‪. 82 :‬‬
‫(‪ )5‬ملا يف ختصيص سورة من هجر لباقي القرآن‪ ،‬إال أن يكون عامي ًا فلم يتيرس عليه إال‬
‫ألن التكليف بقدر‬ ‫سورة اإلخالص مثالً‪ ،‬فإنَّه إذا خصها بصالة فال يكره؛ َّ‬
‫الوسع‪ ،‬أو اتبع رسول اهلل ‪ ‬بأن خصص سورة أمل السجدة لصالة الفجر؛ اتباع ًا‬
‫له‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 82 :‬‬
‫ـ ‪771‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ُ‬معتقد ًاُللتسوية( )‪ُ.‬‬


‫َ‬
‫ُخلفُاإلمام( )‪ُ.‬‬ ‫والُيقرأُاملأموم‬

‫ألن كالم اهلل‬‫( ) أي للتسوية بينها وبني سائر القرآن‪ ،‬وال يفضل بعضها عىل بعض؛ َّ‬
‫تعاىل سواء‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 82 :‬وكذلك كي ال يعتقد العوام بفرضية هذه‬
‫تصح إال هبا‪.‬‬‫السورة يف هذه الصالة فال ّ‬
‫(‪ )2‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ [األعراف‪:‬‬
‫أن هذا خطاب‬ ‫‪ ،]777‬قال العيني يف املنحة ‪« : 87 :‬وأكثر أهل التفسري عىل َّ‬
‫أن هذه اآلية نزلت يف الصالة»‪ ،‬وعن أيب‬ ‫للمقتدي‪ .‬وقال أحد‪ :‬أمجع الناس عىل َّ‬
‫موسى وأيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا كرب اإلمام فكربوا‪ ،‬وإذا قرأ فأنصتوا) يف سنن‬
‫أيب داود ‪ ، 25 :‬وسنن النسائي الكربى ‪ ،127 :‬واملجتبى ‪ ، 1 :2‬وسنن‬
‫ابن ماجه ‪ ،272 :‬وزيادة‪ :‬وإذا قرأ فأنصتوا‪ ،‬قال مسلم يف صحيحه ‪:101 :‬‬
‫هي عندي صحيحة‪ ،‬وصحح احلديث أمحد والنسائي وابن حزم والتهانوي‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫إعالء السنن ‪ ،22 :1‬وينظر‪ :‬علل اجلارودي ‪ ،5 :2‬وعلل ابن أيب حاتم ‪، 21 :‬‬
‫ونصب الراية ‪ ،5 :2‬والغرة املنيفة للغزنوي ص‪ .15-11‬وعن أنس وابن عباس‬
‫وأيب هريرة وجابر وابن عمر ‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من كَان له إِ َما ٌم فقراء هة اإلمام له قراءة)‬
‫يف سنن ابن ماجه ‪ ،277 :‬وسنن الدارقطني ‪ ،151 :‬ورشح معاين اآلثار ‪:‬‬
‫‪ ،2 7‬ومسند أيب حنيفة ‪ ،82 :‬وموطأ حممد ‪ ،1 2- 12 :‬وصححه العيني‬
‫وابن اهلامم واللكنوي والتهانوي وغريهم‪ ،‬ينظر‪ :‬التعليق املمجد عىل موطأ حممد‬
‫أن رسول اهلل ‪‬‬ ‫‪ ،1 2- 12 :‬وإعالء السنن ‪ ،22-28 :1‬وعن أيب هريرة ‪َّ ‬‬
‫انرصف من صالة جهر فيها بالقراءة‪ ،‬فقال‪( :‬هل قرأ معي أحدٌ منكم آنف ًا؟ فقال‬
‫رجل‪ :‬نعم يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬إين أقول مايل أنازع القرآن‪ ،‬قال فانتهى الناس عن‬
‫القراءة مع رسول اهلل ‪ ‬فيام جهر فيه رسول اهلل ‪ ‬من الصلوات بالقراءة حني‬
‫سمعوا ذلك من رسول اهلل ‪ )‬يف جامع الرتمذي ‪ 2- 8 :2‬وحسنه‪،‬‬
‫ب املوضوع‪ ،‬وعن أيب وائل ‪ ،‬قال هس ِئ َل ابن‬ ‫املؤتم َق رل ه‬
‫ُّ‬ ‫وسكوت اإلمام ليقرأ‬
‫ه‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الثالث‪ُ:‬الركوع‪ُ:‬‬
‫سبحانُرِّب ُالعظيمُثالث ًُا( )‪ُ،‬وهوُ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُوركع ُوقال‪ُ:‬‬
‫َ‬ ‫فإذاُ َف َر َغ ُمنُالقراءة ُك َ‬
‫َِب‬
‫‪ُ،‬ولوُسب َح ُمر ًة ُكره‪ُ،‬فإذاُاطمأنُ( ) ُراكع ًا ُقام‪ُ،‬وقال‪َ ُ:‬س ِم َع ُاهللُ‬
‫َ‬ ‫( )‬
‫أدنىُالكامل‬
‫َملنُمحده( )ُالُغري‪ُ.‬ويقولُالقوم‪ُ:‬ربناُلكُاحلمد‪ُ.‬واملنفردُُجيمعُبينهام( )‪ُ.‬‬

‫فإن يف الصالة شغ ً‬
‫ال‬ ‫مسعود ‪ ‬عن القراءة خلف اإلمام‪ ،‬قال‪« :‬أنصت‪َّ ،‬‬
‫سيكفيك ذاك اإلمام» يف موطأ حممد ‪ ،121 :‬واملعجم األوسط ‪ ،87 :8‬واملعجم‬
‫الكبري ‪ ،87 :8‬ورشح معاين اآلثار ‪ ،2 2 :‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ، 18 :‬قال‬
‫اهليثمي يف جممع الزوائد‪ ، :2‬ورجاله موثقون‪ ،‬وصححه التهانوي يف إعالء‬
‫السنن ‪ ،81 :1‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فعن عقبة بن عامر ‪ ‬قال‪( :‬ملا نزلت‪ :‬ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ قال رسول اهلل ‪:‬‬
‫اجعلوها يف ركوعكم‪ ،‬فلام نزلت ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ قال‪ :‬اجعلوها يف‬
‫سجودكم) يف سنن أيب داود ‪ ،222 :‬وسنن ابن ماجة ‪ ،287 :‬ومسند أمحد ‪:1‬‬
‫‪ ، 55‬وصحيح ابن حبان ‪ ،225 :5‬وصحيح ابن خزيمة ‪.111 :‬‬
‫(‪ )2‬أي أدنى كامل اجلمع ال اجلواز‪ ،‬وأوسطه مخس مرات‪ ،‬وأكمله سبع مرات‪ ،‬فإن‬
‫اقترص املصيل عىل تسبيحة واحدة أو ترك بالكلية‪ ،‬جازت صالته مع الكراهة‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ‪.21‬‬
‫(‪ )1‬االطمئنان يف الركوع والسجود واجب جيب برتكه سجود سهو‪ ،‬وهو أن يسوي‬
‫اجلوارح حتى تطمئن‪ ،‬وقدر بمقدار تسبيحة‪ ،‬كام يف فتح باب العناية ‪،211 :‬‬
‫ورشح الوقاية ص‪ ، 12‬ففي آخر حديث امليسء صالته‪( :‬ثم اركع فاطمئن‬
‫راكع ًا‪ ،‬ثم اعتدل قائ ًام ثم اسجد فاعتدل ساجد ًا‪ ،‬ثم اجلس فاطمئن جالس ًا‪ ،‬ثم قم‬
‫فإذا فعلت ذلك فقد متت صالتك وإن انتقصت منها شيئ ًا انتقصت من صالتك)‬
‫يف صحيح ابن خزيمة ‪ ،271 :‬وسنن الرتمذي ‪. 02 :2‬‬
‫(‪ )1‬ومعنى سمع اهلل ملن محده‪ :‬أجاب اهلل‪ ،‬واهلاء للسكت ال للكناية؛ فلهذا حتريكه‬
‫خطأ‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 82 :‬‬
‫(‪ )5‬فعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪ ( :‬وإذا قال ‪ :‬سمع اهلل ملن محده ‪ ،‬فقولوا‪ :‬ربنا لك‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الرابع‪ُ:‬السجود‪ُ:‬‬
‫سبحانُرِّبُاألعىلُثالث ًا‪ُ،‬ثمُيرفعُ‬
‫ِّ‬ ‫ُكِبُوسجدَُ( )‪ُ،‬وقال‪ُ:‬‬ ‫فإذاُاطمأنُقائ ًام َ‬
‫ُوس َجدَ ُثاني ًةُكاألوىل‪ُ.‬‬
‫َِب َ‬ ‫كِب ًاُويقعد‪ُ،‬فإذاُاطمأنُك َ‬
‫رأسهُم ِّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫عاممته( )ُُ‬ ‫ُِ‬
‫وجيوزُسجودهُعىلُكورُ ُ‬

‫احلمد‪ )...‬يف صحيح مسلم ‪ ،101 :‬وصحيح البخاري ‪ ،251 :‬فقسم ‪ ‬بني‬
‫ما يقول اإلمام واملأموم‪ ،‬والقسمة تنايف الرشكة‪ ،‬وجيمع بينهام املنفرد؛ ألنَّه إمام‬
‫نفسه فيسمع‪ ،‬وليس معه أحد يأتم به‪ ،‬فيحمد‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪،255 :‬‬
‫وحاشية الطحطاوي ص‪.222‬‬
‫( ) أي باجلبهة واألنف‪ ،‬ولو وضع أحدمها فقط إن كان بعذر ال يكره‪ ،‬وإال يكره‪ ،‬فإن‬
‫وضع جبهته دون أنفه‪ ،‬جاز باإلمجاع‪ ،‬ولكن يكره بال عذر‪ ،‬وإن عكس جاز‬
‫كذلك عند أيب حنيفة ‪ ،‬وقاال‪ :‬ال جيوز‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.22‬‬
‫(‪ )2‬كور العاممة‪ :‬دورها‪ .‬وكل دور كور‪ ،‬كام يف العناية ‪ ،102 :‬وجيوز سجوده عىل‬
‫الكور مع الكراهة‪ ،‬قال ملك العلامء يف البدائع ‪« :2 0 :‬ولو سجد عىل كور‬
‫العاممة ووجد صالبة األرض جاز عندنا‪ ،‬كذا ذكر حممد يف اآلثار‪ ،‬وقال الشافعي‪:‬‬
‫أن النبي ‪( : ‬كان يسجد عىل كور عاممته);‬ ‫ال جيوز‪ ،‬والصحيح قولنا; ملا روي َّ‬
‫وألنَّه لو سجد عىل عاممته وهي منفصلة عنه ووجد صالبة األرض جيوز‪ ،‬فكذا إذا‬
‫كانت متصلة به»‪ ،‬ويف الكنز ‪« : 7 :‬وسجد بجبهته وأنفه وكره بأحدمها أو‬
‫بكور عاممته»‪ ،‬قال الزيلعي يف التبيني رشح الكنز‪« :‬أي كره السجود عىل كور‬
‫عاممته‪ ،‬وجيوز عندنا»‪ ،‬وأيض ًا عبارة ملتقى األبحر ‪« :27 :‬ويسجد بأنفه‬
‫وجبهته فإن اقترص عىل أحدمها أو عىل كور عاممته جاز مع الكراهة»‪ ،‬ويؤيد ذلك‬
‫ما قال النابليس يف اجلوهر الكيل ق‪/27‬أ‪« :‬كَور العاممة‪ :‬ما يلف عىل الرأس برشط‬
‫أن يكون ذلك الكور عىل جبهته وجيد حجم األرض وإال مل جيز‪ ،‬وعند الشافعي‬
‫‪ ‬ال جيوز مطلق ًا‪ ،‬ومن هذا القبيل لو عصب جبهته بمنديل ونحوه ثم سجد عىل‬
‫العصابة جاز عندنا»‪.‬‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُِ‬
‫وطرفُثوبه( )‪ُ.‬‬
‫اخلامس‪ُ:‬االنتقالُُمنُركنُإىلُركن‪ُ.‬‬
‫دُاألَوُل‪ُ:‬‬
‫قدرُالتشه ُ‬
‫ُُّ‬ ‫السادسُ‪ُ:‬القعدةُُاألخريةُُ‬
‫فإذاُقرأُالتشهُدُيشريُبمسبحتهُعندُكلمةُالتوحيدُيفُاألصح) (‪ُ.‬‬

‫احلر‪ ،‬فإذا مل‬


‫( ) فعن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪( :‬كنا نصيل مع رسول اهلل ‪ ‬يف شدّ ة ّ‬
‫بسط ثو َبه فسجد عليه) يف صحيح‬‫َ‬ ‫يستطع أحده نا أن هي َمكن جبهتَه من األرض‬
‫مسلم ‪.111 :‬‬
‫)‪ (2‬اإلشارة مع البسط بدون العقد‪ ،‬صححه يف املواهب ق‪/22‬أ‪ ،‬واملراقي ص‪-270‬‬
‫‪ ،27‬والدر املختار ‪ ،112-11 :‬والدر املنتقى ‪ 00 :‬؛ فعن ابن الزبري ‪:‬‬
‫أن النبي ‪ ‬كان يشري بإصبعه إذا دعا وال حيركها) يف مسند أيب عوانة ‪:‬‬‫(إنَّه ذكر َّ‬
‫‪ ،512‬وسنن أيب داود ‪ ،220 :‬وسنن النسائي الكربى ‪ ،172 :‬واملجتبى ‪:1‬‬
‫‪ ،17‬وغريها‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أن يضع يديه عىل فخذيه حالة التشهد موجه ًا أصابعه نحو القبلة بدون‬
‫إشارة‪ ،‬وهذا اختيار صاحب الوقاية ص‪ ، 12‬والطحاوي يف خمترصه ص‪،27‬‬
‫والقدوري يف خمترصه ص‪ ، 0‬وصاحب اهلداية ص ‪ ،5‬والكنز ص ‪، 2-‬‬
‫وامللتقى ص‪ ، 1‬واملختار ‪ ،70 :‬والفتاوى البزازية ‪ ،22 :‬وغرر األحكام ‪:‬‬
‫‪ ،71‬ويف التنوير ‪ :11 :‬وعليه الفتوى‪.‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬بسط األصابع إىل حني الشهادة‪ ،‬فيعقد عندها ويرفع السبابة عند النفي‬
‫ويضعها عند اإلثبات‪ ،‬وهذا ما اعتمده املتأخرون‪ ،‬كصاحب الفتح ‪،272 :‬‬
‫والقاري يف فتح باب العناية ‪ ،221 :‬وله رسالتان فيهام‪ ،‬ومها تزيني العبارة‬
‫بتحسني اإلشارة‪ ،‬والتدهني للتزيني عىل وجه التبيني‪ ،‬وبحر العلوم يف رسائل‬
‫األركان ص ‪،82-8‬وابن عابدين يف رد املحتار ‪ ،112 :‬وله رسالة فيها اسمها‬
‫ٌ‬
‫وذيل عىل هذه الرسالة‬ ‫رفع الرتدد يف عقد األصابع عند التشهد‪، 10- 20‬‬
‫ص‪ ، 15- 10‬ومها مطبوعتان ضمن رسائله‪ ،‬واللكنوي يف نفع املفتي‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ص‪221-252‬؛ فعن الزبري ‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬إذا قعد يف الصالة جعل قدمه‬
‫اليرسى بني فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى‪ ،‬ووضع يده اليرسى عىل ركبته‬
‫اليرسى‪ ،‬ووضع يده اليمنى عىل فخذه اليمنى وأشار بإصبعه) يف صحيح مسلم‬
‫‪ ،108 :‬وغريه‪.‬‬
‫وهنا نشري َّ‬
‫أن املذاهب الفقهية املعتمدة مل يقولوا بتحريك السبابة؛ ملا روى زائدة‬
‫عن عاصم اجلرمي عن أبيه عن وائل بن حجر ‪ ‬قال‪( :‬قعد ‪ ‬فافرتش رجله‬
‫اليرسى ووضع كفه اليرسى عىل فخذه وركبته اليرسى وجعل حد مرفقه األيمن‬
‫عىل فخذه اليمنى ثم قبض ثنتني من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته‬
‫حيركها يدعو هبا) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ،115 :‬وصحيح ابن حبان ‪، 70 :5‬‬
‫وسنن النسائي الكربى ‪ ،1 0 :‬واملجتبى ‪ ،17 :1‬ومسند أمحد ‪،1 8 :1‬‬
‫وغريها؛ َّ‬
‫ألن احلفاظ جعلوا لفظ‪ :‬حيركها؛ شاذ‪ ،‬قال احلافظ ابن خزيمة يف‬
‫صحيحه ‪« :151 :‬ليس يف يشء من األخبار‪ :‬حيركها إال يف هذا اخلرب‪ ،‬زائدة‬
‫ذكره»‪.‬‬
‫ويف حتذير العبد األواه من حتريك اإلصبع يف الصالة ص‪« :211‬وبعد تتبع‬
‫احلديث يف املسند والسنن واملعاجم وغريها وجدنا َّ‬
‫أن أحد عرش رج ً‬
‫ال من الثقات‬
‫احلفاظ كلهم رووا حديث سيدنا وائل‪ ،‬ومل يذكروا فيه لفظة التحريك‪ ،‬وانفرد‬
‫أن هناك رواية صحيحة‬‫زائدة الثقة بالتحريك‪ ،‬وهذا شذوذ بال ريب‪ ،‬وال سيام َّ‬
‫مرصحة بعدم التحريك‪ ،‬وهو رواية ابن الزبري التي صححها احلفاظ‪ ،‬ورواية‬
‫سيدنا ابن عمر ‪ ‬يف صحيح مسلم‪ ،‬وليس فيها ذكر للتحريك مطلق ًا‪ ،‬ولنرسد‬
‫أسامء الثقات احلفاظ الذي رووا حديث وائل دون ذكر التحريك‪ ،‬والذي خالفهم‬
‫زائدة الذي زاد فيه التحريك‪ :‬سفيان الثوري‪ ،‬وسفيان بن عيينه‪ ،‬وشعبة بن‬
‫احلجاج‪ ،‬وعبد الواحد بن زياد‪ ،‬وعبد اهلل بن إدريس‪ ،‬وزهري بن معاوية‪ ،‬وأبو‬
‫عوانة اليشكري‪ ،‬وأبو األحوص سالم بن سليم‪ ،‬وبرش بن املفضل وخالد بن عبد‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والُيزيدُيفُالقعدةُاألوىلُعىلُقوله‪ُ:‬وأشهدُأنُُحممد ًاُعبدهُورسوله) (‪ُ.‬‬


‫ويزيدُيفُالثُانية‪ُ:‬الصُالةُعىلُالنبيُ ُعليهُالصالةُوالسالمُوعىلُآلهُوماُ‬

‫اهلل الطحان‪ ،‬وكل هؤالء ثقات حفاظ‪ ،‬وغيالن بن جامع وهو ثقة‪ ...‬وهذا يثبت‬
‫قطع ًا أن التحريك شاذ»‪.‬‬
‫وقال احلافظ ابن العريب املالكي يف حتفة األحوذي ‪« :85 :2‬وإياكم وحتريك‬
‫فإهنا بلية‪ ،‬وعجب ًا ما يقول‪َّ :‬إهنا‬
‫أصابعكم يف التشهد‪ ،‬وال تلتفتوا إىل رواية ال هعترب ّية َّ‬
‫مقمعة للشيطان إذا حركت‪ ،‬واعلموا أنَّكم إذا حركتم للشيطان أصبع ًا حرك لكم‬
‫عرش ًا‪ ،‬إنَّام يقمع الشيطان باإلخالص واخلشوع والذكر واالستعاذة‪ ،‬فأما بتحريكه‬
‫فال»‪.‬‬
‫) ( َّ‬
‫ألن من واجبات الصالة القيام إىل الركعة الثالثة من غري تراخ بعد قراءة التشهد؛‬
‫الرضف ـ أي‬ ‫فعن ابن مسعود ‪( :‬إنَّه ‪ ‬كان يف الركعتني األهوليني كأنَّه عىل َّ‬
‫احلجارة املحامة ـ قال‪ :‬قلنا‪ :‬حتى يقوم قال‪ :‬حتى يقوم) يف املستدرك ‪،102 :‬‬
‫وسنن الرتمذي‪ ،202 :2‬وحسنه‪ ،‬وعن متيم بن سلمة ‪ ‬قال‪« :‬كان أبو بكر ‪‬‬
‫إذا جلس يف الركعتني كأنَّه عىل الرضف يعني حتى يقوم» يف مصنف ابن أيب شيبة‬
‫‪ ،221 :‬قال ابن حجر يف التلخيص ‪ :221 :‬إسناده صحيح‪ ،‬وعن ابن مسعود‬
‫ثم إن كان‬
‫التشهد يف وسط الصالة ويف آخرها‪َّ ...‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬قال‪( :‬علمني رسول اهلل ‪‬‬
‫تشهده‪ ،‬وإن كان يف آخرها دعا بعد تشهده‬
‫الصالة هنض حني خيلو من ُّ‬
‫يف وسط ّ‬
‫بام شاء اهلل أن يدعو ثم يسلم) يف مسند أمحد ‪ ،152 :‬وصحيح ابن حبان ‪:‬‬
‫‪ ،150‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان ال يزيد يف الركعتني عىل‬
‫التشهد) يف مسند أيب يعىل ‪ ،1171 :7‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ : 12 :2‬وفيه‬
‫خالد بن احلويرث‪ ،‬وهو ثقة‪ ،‬وبقية رجاله رجال الصحيح‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪:1‬‬
‫‪. 1‬‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫شاء ُمن ُالدعاء) (‪ُ ،‬وسؤال ُّ ُ‬


‫ُكل ُما ُال ُيعطيه ُإالُ ُاهلل ُتعاىل‪ُ :‬كالرُمحة ُواملغفرةُ‬
‫ونحومها) (‪ُ.‬‬
‫ُِ‬
‫نُيفُتلكُاجلهةُ‬ ‫ِّ‬
‫ُعنُيمينهُوعنُيساره‪ُ،‬وينويُبكل ُتسليمة َُم‬ ‫ثمُ ُيس ِّلم‬
‫ُينويُإمامهُيفُ‬
‫َ‬ ‫ُِ‬
‫منُاملالئكة ُواحلارضين‪ُ،‬واملنفرد ُينويُاملالئك َة ُفقط‪ُ،‬واملأموم‬
‫يُجهتيهُكان‪ُ،‬فإنُكانُبحذائهُنواهُفيهام) (‪ُ.‬‬ ‫َُأ ِّ‬

‫) ( أي من الدعاء الذي يشبه القرآن والسنة نحو‪ :‬اللهم اغفر يل ولوالدي وللمؤمنني‬
‫واملؤمنات‪ ،‬وما ال يشبه القرآن والسنة يفسد الصالة إن كان قبل القعود قدر‬
‫التشهد كقوله‪ :‬اللهم اغفر لزيد ولعمرو ولعمي وخلايل‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪:‬‬
‫‪. 21‬‬
‫)‪ (2‬فال يسأل بام يطلبه الناس بعضهم من بعض مما يتخاطبون به‪ ،‬وإن خاطب اهلل‬
‫رب أعطني مئة دينار‪ ،‬أو زوجني امرأة‪ ،‬بخالف‬ ‫تعاىل به عىل صيغة الدعاء كقوله‪ّ :‬‬
‫دعاء اهلل تعاىل فإنَّه طلب ما ال يمكن طلبه من الناس‪ :‬كطلب املغفرة‪ ،‬والنجاة يف‬
‫اآلخرة‪ ،‬فإنَّه ال يفسد مطلق ًا‪ ،‬كذا يف اجلوهر الكيل ق‪/28‬ب‪/22-‬أ؛ ملا روي‬
‫إن هذه الصالة ال يصلح فيها يشء من كالم‬ ‫عن معاوية بن احلكم ‪ ‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫الناس‪ ،‬إنَّام هو التسبيح والتكبري وقراءة القرآن) يف صحيح مسلم ‪،18 :‬‬
‫وصحيح ابن خزيمة ‪ ،15 :2‬وغريها‪ ،‬وعن زيد بن أرقم ‪ ‬قال‪( :‬كنا نتكلم يف‬
‫الصالة يك ّلم الرجل صاحبه وهو إىل جنبه يف الصالة حتى نزلت‪ :‬ﭽ ﭖ ﭗ‬
‫ﭘ ﭼ [البقرة‪ ،]771 :‬فأمرنا بالسكوت وهنينا عن الكالم) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،181‬وغريه‪.‬‬
‫)‪ (1‬السالم مرتني واجب جيب برتكه سجود سهو ‪ ،‬وااللتفات يمين ًا وشامالً‬
‫بالتسليمتني سنة؛ فعن عامر بن سعد عن أبيه ‪ ‬قال‪( :‬كنت أرى رسول اهلل ‪‬‬
‫يسلم عن يمينه‪ ،‬وعن يساره حتى أرى بياض خده) يف صحيح مسلم ‪،102 :‬‬
‫ونية املالئكة واحلارضين وغريها عىل التفصيل الذي ذكره املصنف ‪ ‬سنة‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫املراقي ص‪.275-271‬‬
‫ـ ‪777‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف سنن الرواتب وغريها‬
‫وهي ركعتان قبل الفجر) (‪.‬‬
‫وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها) (‪.‬‬
‫وأربع قبل العرص أو ركعتان) (‪.‬‬
‫وركعتان بعد املغرب) (‪.‬‬

‫) ( وهي آكد السنن؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬


‫إن النبي ‪ ‬مل يكن عىل يشء من‬
‫النوافل َأ َشدُّ معاهد ًة منه عىل ركعتني قبل الصبح) يف صحيح مسلم ‪،10 :‬‬
‫خري من الدنيا وما فيها) يف صحيح مسلم ‪.10 :‬‬ ‫وقال ‪( :‬ركعتا الفجر ٌ‬
‫النبي ‪ ‬كان ال يدع َأربع ًا قبل‬
‫إن َّ‬ ‫) ( وهي سنة مؤكدة؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬
‫الظهر‪ )...‬يف صحيح البخاري ‪.693 :‬‬
‫)‪ (6‬وهي مستحبة‪ ،‬وخيري املصيل بني الركعتني واألربع؛ الختالف اآلثار‪ ،‬واألربع‬
‫أفضل‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 93 :‬؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬رحم اهلل امرء ًا صىل قبل‬
‫العرص أربع ًا) يف صحيح ابن حبان ‪ ، 03 :3‬وسنن الرتمذي ‪ ، 91 :‬وحسنه‪،‬‬
‫وسنن أيب داود ‪ ، 6 :‬وعن عيل ‪ ،‬قال‪( :‬كان رسول اهلل ‪ُ ‬ي ي‬
‫صيل قبل العرص‬
‫َأربع ًا) يف املعجم األوسط ‪ ، 8 :‬وغريه‪.‬‬
‫) ( وهي من السنن املؤكدة؛ فعن عيل ‪ ‬قال‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يصيل عىل إثر كل‬
‫‪ ،‬وصحيح ابن‬ ‫صالة مكتوبة ركعتني إال الفجر والعرص) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫واملستحب أن ُي ي‬
‫صيل بعد املغرب ست ركعات بثالث تسليامت‬ ‫ُّ‬ ‫خزيمة ‪، 02 :‬‬
‫حتسب منها السنة املؤكدة؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬من صىل بعد املغرب ست‬
‫ركعات مل يتك ّلم فيام بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عرشة سنة) يف سنن الرتمذي‬
‫‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 02 :‬وغريها‪.‬‬ ‫‪ ، 98 :‬ومسند أيب يعىل ‪: 0‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وأربع قبل العشاء وبعدها أربع) ( أو ركعتان) (‪.‬‬


‫وأربع قبل اجلمعة وأربع بعدها) (‪.‬‬
‫والسنة ال تق َض‪ ،‬إال سنة الفجر إذا فاتت مع الفجر قضاها قبل‬
‫الزوال) (‪.‬‬

‫) ( وهذه األربع قبل العشاء وبعده غري مؤكدة؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬ما‬
‫عيل إال صىل أربع ركعات أو ست ركعات)‬ ‫صىل رسول اهلل ‪ ‬العشاء قط فدخل ّ‬
‫يف سنن أيب داود ‪ ،6 :‬وسكت عنه‪ ،‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 22 :‬ورجال‬
‫إسناده ثقات كام يف إعالء السنن ‪ ، :2‬وغريه‪.‬‬
‫) ( الركعتان بعد العشاء من السنن املؤكدة؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من‬
‫ثابر عىل اثنتي عرشة ركعة من السنة بنى اهلل له بيت ًا يف اجلنة‪ :‬أربع ركعات قبل‬
‫الظهر‪ ،‬وركعتني بعدها‪ ،‬وركعتني بعد املغرب‪ ،‬وركعتني بعد العشاء‪ ،‬وركعتني‬
‫قبل الفجر) يف سنن الرتمذي ‪ ، 26 :‬واملجتبى ‪ ، 30 :6‬وسنن ابن ماجة ‪:‬‬
‫‪.63‬‬
‫)‪ (6‬فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من كان منكم مصلي ًا بعد اجلمعة فليصل أربع ًا) يف‬
‫صحيح مسلم ‪ ،300 :‬وعن أيب عبد الرمحن السلمي ‪ ‬قال‪( :‬كان عبد اهلل ‪‬‬
‫يأمرنا أن نصيل قبل اجلمعة أربع ًا وبعدها أربع ًا‪ ،‬حتى جاءنا عيل ‪ ‬فأمرنا أن‬
‫نصيل بعدها ركعتني‪ ،‬ثم أربع ًا) يف املستدرك ‪ ، 13 :‬وصححه‪ ،‬وسنن الرتمذي‬
‫‪ ، 2 :‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬ويف سنن الرتمذي ‪ :699 :‬عن عبد اهلل بن‬
‫مسعود ‪« :‬أنَّه كان يصيل قبل اجلمعة أربع ًا وبعدها أربع ًا»‪ ،‬وقد روي عن عيل‬
‫بن أيب طالب ‪« :‬أنَّه أمر أن يصىل بعد اجلمعة ركعتني ثم أربع ًا»‪.‬‬
‫ألن السنة ال تثبت يف الذمة‪ ،‬والقضاء يكون ملا يثبت وهو الواجب‪ ،‬ولكن سنة‬ ‫) ( َّ‬
‫الفجر تقىض استحسان ًا ال قياس ًا‪ ،‬وما ثبت خمالف ًا للقياس ال يقاس غريه عليه‪ ،‬وال‬
‫يعمل به إال باهليئة التي ثبت هبا‪ ،‬فال تقىض سنة الفجر إال مع الفرض قبل الزوال‬
‫تبع ًا للفرض‪ ،‬كام يف ليلة التعريس‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يف مسري له فناموا عن‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ؤخرها عن الركعتني) (‪.‬‬‫وسنة الظهر أيض ًا يقضيها يف وقته) (‪ ،‬وي ِّ‬


‫والتطوع بالنهار ركعتان بتسليمة أو َأربع‪ ،‬وبالليل ركعتان أو َأربع أو‬
‫ست أو ثامن‪ ،‬وتكره الزيادة عىل ذلك فيهام‪ ،‬واألربع أفضل فيها) (‪.‬‬

‫بحر الشمس‪ ،‬فارتفعوا قلي ً‬


‫ال حتى استعلت‪ ،‬ثم أمر املؤذن‬ ‫صالة الفجر فاستيقظوا ّ‬
‫صىل الركعتني قبل الفجر‪ ،‬ثم أقام املؤذن فصىل الفجر وجهر بالقراءة) يف‬ ‫فأذن ثم َّ‬
‫صحيح مسلم ‪. 26 :‬‬
‫فإن القضاء خمتص بالواجب‪ ،‬ولكن يف سنة الظهر ليس قضاء حقيقة؛‬ ‫) ( كام سبق َّ‬
‫ألن السنة تصىل يف وقت الظهر‪ ،‬والوقت مل يفت وإنَّام الذي فات حملها فجازت‪،‬‬ ‫َّ‬
‫أما يف غري سنة الفجر واألربع قبل الظهر فال يقىض أصالً‪ .‬ينظر‪ :‬الوقاية ص‪، 21‬‬
‫وفتح باب العناية ‪ ،613 :‬واهلدية العالئية ص‪ ، 06‬وغريها‪.‬‬
‫) ( هذا عىل قول أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬ويف مبسوط شيخ اإلسالم‪ :‬أنَّه‬
‫األصح‪ ...‬وهو قول أيب يوسف وأيب حنيفة ‪ ،‬وكذا يف جامع قايض خان‪ ،‬ويف‬
‫ألَّنا ملا فات حملها صارت نف ً‬
‫ال مبتدأ فيبدأ‬ ‫فتح باب العناية ‪ :613 :‬وهو املعتمد؛ َّ‬
‫بالركعتني كي ال يفوت حملها؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان رسول اهلل‬
‫‪ ‬إذا فاتته األربع قبل الظهر صالها بعد الركعتني بعد الظهر) يف سنن ابن ماجة‬
‫‪ ،633 :‬وغريه‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أنَّه يصيل قبل الركعتني بعد الظهر‪ ،‬وهو قول حممد ‪ ،‬كام يف التبيني ‪:‬‬
‫‪ ، 86‬ويف الدر املختار ‪ : 86 :‬يفتى به‪ ،‬وقال ابن عابدين يف حاشيته ‪: 86 :‬‬
‫وعليه املتون‪ ،‬ورجح يف الفتح ‪ 1 :‬تقديم الركعتني‪ ،‬قال يف اإلمداد‪ :‬ويف‬
‫فتاوى العتايب‪ :‬أنَّه املختار‪.‬‬
‫األربع َأ ْد َو ُم حتريم ًة‪ ،‬فيكون َأكثر مشقة‪ ،‬وأكرب فضيلة؛ فعن عائشة ريض اهلل‬
‫َ‬ ‫)‪َّ (6‬‬
‫ألن‬
‫عنها‪ ،‬قالت‪( :‬ما كان رسول اهلل ‪ ‬يزيد يف رمضان وال يف غريه عىل إحدى عرشة‬
‫ركعة يصيل أربع ًا‪ ،‬فال تسأل عن حسنهن وطوهلن‪ ،‬ثم يصيل أربع ًا‪ ،‬فال تسأل عن‬
‫حسنه ّن وطوهلن‪ ،‬ثم يصيل ثالث ًا) يف صحيح مسلم ‪ ،109 :‬وصحيح البخاري‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واألفضل يف السنن والنوافل املنزل) (‪.‬‬


‫و َي َت َطوع قاعد ًا بغري عذر ) (‪ ،‬إال سنة الفجر) (‪.‬‬
‫َش َع راكب ًا) ( ثم َ‬
‫نزل‬ ‫َش َع قاعد ًا وأتم قائ ًام‪ ،‬أو بالعكس‪َ ،‬صح‪ ،‬ولو َ َ‬
‫ولو َ َ‬

‫‪ ،681 :‬وداللته واضحة يف اشرتاط كل أربعة بتسليمة‪ ،‬وعن أيب أيوب ‪َّ ( :‬‬
‫إن‬
‫النبي ‪ ‬كان يصيل قبل الظهر أربع ًا إذا زالت الشمس ال يفصل بينهن بتسليم‪،‬‬
‫إن أبواب السامء تفتح إذا زالت الشمس) يف سنن ابن ماجة ‪،631 :‬‬ ‫وقال‪َّ :‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫) ( فعن ابن عمر ‪ ،‬قال ‪( :‬اجعلوا من صالتكم يف بيوتكم‪ ،‬وال تتخذوها قبور ًا)‬
‫يف صحيح مسلم ‪ ،168 :‬وصحيح البخاري ‪ ، 33 :‬وغريها‪.‬‬
‫) ( فعن عمران ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من صىل قائ ًام فهو أفضل‪ ،‬و َمن صىل قاعد ًا فله نصف‬
‫أجر القائم‪ ،‬و َمن صىل نائ ًام فله نصف أجر القاعد) يف صحيح البخاري ‪،621 :‬‬
‫ال‬ ‫ال قائ ًام‪ ،‬ولي ً‬
‫ال طوي ً‬ ‫ال طوي ً‬
‫وعن عائشة ريض اهلل عنها قالت‪( :‬كان ‪ ‬يصيل لي ً‬
‫قاعد ًا‪ ،‬وكان إذا قرأ قائ ًام ركع قائ ًام‪ ،‬وإذا قرأ قاعد ًا ركع قاعد ًا) يف صحيح مسلم‬
‫‪ ،101 :‬وغريه‪.‬‬
‫ألَّنا يف قوة الواجب‪ ،‬فال جيوز قاعد ًا إال من عذر‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 00 :‬‬ ‫)‪َّ (6‬‬
‫) ( أي رشع راكب ًا يف صالة نفل؛ جلوازها مؤمئ ًا خارج املرص إىل غري القبلة استحسان ًا‪،‬‬
‫وهو خالف األصول؛ لكونه خمالف ًا لنصوص افرتاض استقبال القبلة‪ ،‬فيقترص فيها‬
‫عىل ذلك املوضع الذي ورد فيه‪ ،‬وهو أداء النفل خارج املرص‪ ،‬ومل يتعدَّ هذا احلكم‬
‫إىل أداء النفل يف املرص‪ ،‬وال إىل الفرائض‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ص‪ ، 20‬وعمدة‬
‫الرعاية ‪ 02 :‬؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال‪( :‬رأيت رسول اهلل ‪ ‬يصيل عىل محار‪،‬‬
‫متوجه إىل خيرب) يف صحيح مسلم ‪ ، 88 :‬وعن ابن عمر ‪ ‬قال‪( :‬كان‬
‫ي‬ ‫وهو‬
‫النبي ‪ ‬يصيل يف السفر عىل راحلته حيث توجهت به يومئ إيامء صالة الليل إال‬
‫الفرائض ويوتر عىل راحلته) يف صحيح البخاري ‪.669 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫بنى‪ ،‬ويف عكسه يستقبل) (‪.‬‬


‫ويكره التطوع بجامعة‪ ،‬إال الرتاويح) (‪.‬‬
‫ومن تطو َع بصالة أو بصوم َل ِز َمه إمتامه وقضاؤه إن َ‬
‫أفسدَ ه) (‪.‬‬ ‫َ‬

‫) ( وهو ما إذا رشع يف التطوع وصىل وهو عىل األرض ثم ركب‪ ،‬ال يبني ويستقبل؛‬
‫ألن إحرامه انعقد موجب ًا للركوع والسجود‪ ،‬فال يقدر عىل ترك ما لزمه من غري‬ ‫َّ‬
‫رش َع راكب ًا عىل الدابة‪ ،‬ثم نزل بعمل يسري غري مفسد‪ ،‬فإنَّه‬
‫عذر‪ ،‬بخالف ما إذا َ َ‬
‫ألن إحرا َمه انعقدَ بال ركوع وسجود‪ ،‬ويف القيام تكون صالته‬ ‫يبني عىل صالته؛ َّ‬
‫أكمل وأتم من اإليامء‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 0 :‬واهلدية ص‪.20‬‬
‫) ( وقال اللكنوي يف نفع املفتي ص ‪« :6‬رصح الفقهاء َّ‬
‫بأن مجاعة النفل مكروهة»‪.‬‬
‫وذكر اإلمام التمرتايش واحلصكفي يف الدر املختار رشح تنوير األبصار ‪: 23 :‬‬
‫أنَّه يكره صالة النفل يف مجاعة فيام عدا الرتاويح والوتر يف رمضان‪ .‬وقال ملك‬
‫العلامء الكاساين يف البدائع ‪َّ « : 8 :‬‬
‫إن اجلامعة يف التطوع ليست بسنة إال يف قيام‬
‫رمضان»‪ ،‬وقال خامتة املحققني ابن عابدين يف رد املحتار ‪« : 23 :‬أ َّنه إن كان‬
‫مع املواظبة كان بدعة فيكره»‪ .‬وقال‪َّ « :‬إَّنا تكره عىل سبيل التداعي بأن يدعو‬
‫بعضهم بعض ًا»‪.‬‬
‫)‪ (6‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ [حممد‪ ،]33 :‬والعبادات أحق األعامل بعدم‬
‫وألَّنا عبادة رشع فيها‪ ،‬فلزم إمتامها وقضاؤها عند إفسادها كاحلج‬ ‫َّ‬ ‫اإلبطال؛‬
‫والعمرة إمجاع ًا؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ [البقرة‪ .]111 :‬وعن عائشة‬
‫ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬أهدي يل وحلفصة طعام وكنا صائمتني فأفطرنا ثم دخل‬
‫رسول اهلل ‪ ،‬فقلنا له‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا‪،‬‬
‫فقال رسول اهلل ‪ :‬ال عليكام صوما مكانه يوم ًا آخر) يف سنن أيب داود ‪،660 :‬‬
‫وصحيح ابن حبان ‪ ، 8 :8‬ويف لفظ‪( :‬أصبحت أنا وحفصة صائمتني‬
‫متطوعتني فأهدى لنا طعام فأفطرنا‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ :‬صوما مكانه يوم ًا آخر)‬
‫يف صحيح ابن حبان ‪. 8 :8‬‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف الرتاويح‬
‫هي سن ٌة مؤكدة( )‪ ،‬مخس تروحيات‪ ،‬كل تروحية تسليمتان‪ ،‬وجيلس بني‬
‫ِ‬
‫اخلامسة والوتر‪ ،‬وال جيلس بعد التسليمة‬ ‫قدر تروحية‪ ،‬وكذا بني‬ ‫ِّ‬
‫كل تروحيتني َ‬
‫اخلامسة( ) يف األَصح‪ ،‬ثم يوتر هبم‪.‬‬

‫الراشدين واظبوا عليها‪ ،‬كام يف صحيح البخاري ‪،202 :‬وموطأ‬ ‫( ) َّ‬


‫ألن اخللفا َء َّ‬
‫بني العذر يف ِ‬
‫ترك املواظبة‪ ،‬وهو خمافة أن‬ ‫مالك ‪ - 6 :‬؛ َّ‬
‫ألن النَّبي ‪َ َّ ‬‬
‫َ‬
‫تكتب علينا؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬صىل يف املسجد ذات‬
‫ليلة‪ ،‬فصىل بصالته ناس‪ ،‬ثم صىل من القابلة فكثر الناس‪ ،‬ثم اجتمعوا من الليلة‬
‫الثالثة‪ ،‬أو الرابعة فلم خيرج إليهم رسول اهلل ‪ ،‬فلام أصبح قال‪ :‬قد رأيت الذي‬
‫خشيت أن تفرض عليكم) يف‬
‫ُ‬ ‫صنع ُتم فلم يمنعني من اخلروج إليكم إالَّ أين‬
‫‪ ،1‬وعن عبد الرمحن بن عوف‬ ‫صحيح البخاري ‪ ،6 6 :‬وصحيح مسلم ‪:‬‬
‫فمن صامه وقامه‬ ‫‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫إن اهلل فرض صيام رمضان‪ ،‬وسننت لكم قيامه‪َ ،‬‬
‫إيامن ًا واحتساب ًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) يف املجتبى ‪، 18 :‬وسنن ابن‬
‫‪ ،‬وعن ابن أيب احلسناء ‪« :‬إن علي ًا أمر رج ً‬
‫ال يصيل هبم يف رمضان‬ ‫ماجة ‪:‬‬
‫عرشين ركعة» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 63 :‬وعن عبد العزيز بن رفيع ‪‬‬
‫قال‪« :‬كان أيب بن كعب يصيل بالناس يف رمضان باملدينة عرشين ركعة ويوتر‬
‫بثالث» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪. 63 :‬‬
‫( ) أي قدر الرتوحية عند متام الركعة العارشة‪ ،‬واستحسن بعضهم أن جيلس قدر‬
‫الرتوحية يف نصفها‪ ،‬وذلك ليس بصحيح كذا يف اهلداية‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.2‬‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عر آيات( )‪ ،‬واجلامعة فيها‬ ‫كل ركعة َ‬ ‫وسنتها اخلتم يف الشهر( ) أو يف ِّ‬
‫سن ٌة عىل الكفاية( )‪.‬‬
‫عاء بعد التشهد إن َعلِ َم َم َل َل القوم( )‪.‬‬
‫ويرتك اإلمام الد َ‬
‫أداء العشاء إىل طلوع الفجر قبل الوتر وبعده( )‪.‬‬ ‫ووقتها بعد ِ‬

‫( ) قال العيني يف منحة السلوك ‪« : 0 :‬ينبغي أن يكون اخلتم يف ليلة السابع‬


‫والعرشين؛ لكثرة األخبار َّأَّنا ليلة القدر‪ ،‬واخلتم مرتني فضيلة‪ ،‬وثالث مرات كل‬
‫عرش مرة أفضل»‪.‬‬
‫ألن عدد‬ ‫مر ًة واحدةً‪ ،‬وال يرتك لكسل القوم؛ َّ‬ ‫( ) أي السنة يف الرتاويح ختم القرآن َّ‬
‫ركعات الرتوايح يف الشهر ستمئة ركعة‪ ،‬وعدد آي القرآن ستة آالف آية ويشء‪،‬‬
‫فإذا قرأ يف كل ركعة عرش ًا حيصل اخلتم‪ ،‬كام يف التبيني ‪ ، 29 :‬قال العالمة‬
‫احلصكفي يف الدر املختار ‪« : 21 :‬لكن االختيار األفضل يف زماننا قدر ما ال‬
‫يثقل عىل الناس‪ ،‬وقد أفتى أبو الفضل الكرماين والوبري أنَّه إذا قرأ يف الرتاويح‬
‫الفاحتة وآية أو آيتني ال يكره‪ ،‬و َمن مل يكن عامل ًا بأهل زمانه‪ ،‬فهو جاهل»‪.‬‬
‫(‪ )6‬حتى لو تركها أهل مسجد أساءوا‪ ،‬ولو أقامها بعضهم فاملتخلف تارك الفضيلة ومل‬
‫يكن مسيئ ًا؛ إذ ختلف بعض الصحابة ‪ ‬عنها بأن صلوها يف منازهلم مجاعة أو‬
‫بسبب آخر‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.2‬‬
‫( ) ألنَّه ليس بسنة بخالف الثناء حيث ال يرتكه اإلمام وال اجلامعة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫‪. 0‬‬
‫(‪ )1‬حتى لو فاته بعضها‪ ،‬وقام اإلمام إىل الوتر أوتر معه‪ ،‬ثم صىل ما فاته‪ ،‬وهذا القول‬
‫اختيار صاحب الوقاية ص ‪ ، 2‬و الكنز ص‪ ، 2‬وامللتقى ص‪ ، 9‬واملراقي‬
‫صاحب‬
‫ُ‬ ‫وصححه‬‫َّ‬ ‫ص‪ ، 01‬وظاهر اختيار مال مسكني يف رشح الكنْز ص‪، 0‬‬
‫األصح‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االختيار ‪ ،96 :‬وقال صاحب الدر املختار ‪ : 26 :‬هو‬
‫وصححه يف اخلالصة‪ ،‬ورجحه يف غاية البيان بأنَّه‬ ‫ّ‬ ‫والقول الثاين‪ :‬ما بني العشاء والوتر‪،‬‬
‫املأثور املتوارث‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪. 26 :‬‬
‫ـ ‪122‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ٌ‬
‫فصل‬
‫يف الوتر‬
‫ثالث ركعات متصلة( )‪ ،‬يقنت يف الثالثة رس ًا قبل‬
‫َ‬ ‫( )‬
‫هو واجب‬

‫ألَّنا قيام‬
‫أن وقتها الليل كله قبل العشاء وبعده‪ ،‬وقبل الوتر وبعده؛ َّ‬‫والقول الثالث‪َّ :‬‬
‫الليل‪ ،‬قال صاحب البحر ‪ :26 :‬مل أر من صححه‪.‬‬
‫أفاض العلام ُء يف ذكر أدلة اإلمام أيب حنيفة ‪ ‬يف وجوب الوتر كظفر أمحد‬ ‫( ) َ‬
‫التهانوي يف إعالء السنن‪ ،‬وأفرد بعضهم لذلك مؤلفات خاصة‪ :‬كعبد الغني‬
‫النابليس يف كشف السرت عن فرضية الوتر‪ ،‬وحممد أنور شاه الكشمريي يف كشف‬
‫السرت عن الوتر وغريهم‪ ،‬ومما ذكروه من أدلة وجوبه‪ :‬عن بريدة ‪ ‬قال ‪:‬‬
‫فمن‬
‫حق َ‬ ‫فمن مل يوتر فليس منا‪ ،‬الوتر ّ‬
‫فمن مل يوتر فليس منا‪ ،‬الوتر حق َ‬‫حق َ‬
‫(الوتر ّ‬
‫مل يوتر فليس منا) يف سنن أيب داود ‪ ،3 :‬واملستدرك ‪، 8 :‬وصححه‪،‬وحسنه‬
‫ابن اهلامم والتهانوي يف إعالء السنن ‪ ،6 :3‬وعن أيب الوليد العدوي ‪ ‬قال ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫خري لكم من محر النعم‪ ،‬وهي الوتر‪ ،‬فجعلها‬ ‫إن اهلل ‪ ‬قد َأمدكم بصالة هي ٌ‬ ‫( َّ‬
‫لكم فيام بني العشاء إىل طلوع الفجر) يف سنن أيب داود ‪ ،3 :‬ومسند الربيع ‪:‬‬
‫‪ ،86‬واملستدرك ‪ ، 8 :‬وصححه‪ ،‬وعن أيب برصة الغفاري ‪ ‬أنَّه سمع رسول‬
‫اهلل ‪ ‬يقول‪َّ ( :‬‬
‫إن اهلل تبارك وتعاىل قد زادكم صال ًة فصلوها فيام بني صالة العشاء‬
‫إىل صالة الصبح وهي الوتر) يف املستدرك ‪ ،38 :6‬ومسند أمحد ‪ ،2 :3‬ورشح‬
‫معاين اآلثار ‪ ،38 :‬واملعجم الكبري ‪ ، 29 :‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪:‬‬
‫‪ : 69‬رواه أمحد والطرباين يف الكبري‪ ،‬وله إسنادان ثم أحدمها رجاله رجال‬
‫الصحيح خال عيل بن إسحاق السلمي شيخ أمحد وهو ثقة‪ ،‬وعن ابن عباس ‪،‬‬
‫إن اهلل ‪ ‬زادكم صالة وهي الوتر) يف‬ ‫قال‪( :‬خرج النبي ‪ ‬مستبرش ًا فقال‪َّ :‬‬
‫املستدرك‪ ،38 :6‬ومسند أمحد ‪ ،2 :3‬ورشح معاين اآلثار ‪ ،38 :‬واملعجم‬
‫الكبري ‪ ، 29 :‬وعن أيب سعيد ‪ ،‬قال ‪( :‬أوتروا قبل أن تصبحوا) يف صحيح‬
‫مسلم ‪ ،1 9 :‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 2 :‬وغريها‪.‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان ال‬‫( ) أي بسالم واحد؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت ‪َّ ( :‬‬
‫ـ ‪123‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫سكت هو قائ ًام‬


‫َ‬ ‫قنت إمامه فيه‬
‫الركوع( ) كل السنة‪ ،‬وال يقنت يف الفجر( )‪ ،‬فإن َ‬

‫يسلم يف ركعتي الوتر) يف سنن النسائي الكربى ‪ ، 0 :‬واملجتبى ‪، 6 :6‬‬


‫ورشح معاين اآلثار ‪ ، 80 :‬ويف رواية‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬ال يسلم يف الركعتني‬
‫األوليني من الوتر) يف املستدرك ‪ ، 3 :‬وصححه‪ ،‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪،‬‬
‫قالت‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يوتر بثالث ال يسلم إال يف آخرهن)‪ ،‬وهذا وتر أمري‬
‫املؤمنني عمر بن اخلطاب ‪ ،‬وعنه أخذه أهل املدينة‪ ،‬يف املستدرك ‪، 2 :‬‬
‫وصححه‪ ،‬وعن ابن مسعود ‪ ‬قال‪« :‬الوتر ثالث كوتر النهار صالة املغرب» يف‬
‫رشح معاين اآلثار ‪ ، 9 :‬واملعجم الكبري ‪ ، 8 :9‬وإسناده صحيح‪ ،‬كام يف‬
‫إعالء السنن ‪ ، 2 :3‬وغريه‪.‬‬
‫إن رسول اهلل‬‫( ) بأن يرفع يديه حذاء أذنيه ويكرب‪ ،‬ثم يقنت؛ فعن أيب بن كعب ‪َّ ( :‬‬
‫‪ ‬كان يوتر بثالث ركعات‪ ،‬يقرأ يف األوىل‪:‬بـ ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ‪ ،‬ويف الثانية‪:‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓﭼ ‪ ،‬ويف الثالثة‪ :‬بـ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭼ‪ ،‬ويقنت قبل‬
‫الركوع) يف املجتبى ‪ ، 61 :6‬وسنن الدارقطني ‪ ،6 :‬وصححه املقديس يف‬
‫األحاديث املختارة ‪ ، 0 :6‬كام يف إعالء السنن ‪ ،26-2 :3‬وعن علقمة ‪:‬‬
‫إن ابن مسعود وأصحاب النبي ‪ ‬كانوا يقنتون يف الوتر قبل الركوع) يف مصنف‬ ‫( َّ‬
‫ابن أيب شيبة ‪ ،92 :‬وسنده صحيح‪ ،‬وحسنه ابن حجر‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪:3‬‬
‫‪ ،80‬وغريه‪.‬‬
‫فإن رسول اهلل ‪ ‬قنت فيه شهر ًا بسبب‬
‫ألن القنوت فيه منسوخ عند عدم النوازل‪َّ ،‬‬‫( ) َّ‬
‫نازلة وقعت باملسلمني‪ ،‬ثم توقف عن القنوت فيه؛ فعن ابن رسين قال‪( :‬قلت‬
‫ألنس ‪ :‬هل َقن ََت رسول اهلل ‪ ‬يف صالة الصبح؟ قال‪ :‬نعم بعد الركوع يسري ًا)‬
‫يف صحيح مسلم ‪ ، 38 :‬واملسند املستخرج ‪ ، 20 :‬وغريها‪ ،‬وعن أنس ‪:‬‬
‫(قنت رسول اهلل ‪ ‬شهر ًا بعد الركوع يف صالة الصبح يدعو عىل رعل وذكوان‬
‫ويقول‪ :‬عصية عصت اهلل ورسوله) يف صحيح مسلم ‪ ، 38 :‬صحيح البخاري‬
‫‪ ،6 0 :‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يف األصح( )‪.‬‬


‫ولو فات الوتر يق َض( )‪ ،‬وال جيوز قاعد ًا وال راكب ًا بغري عذر‪.‬‬
‫وعن ممد ‪ :‬وليس فيه دعاء معني( )‪ ،‬كذا يف ((املحيط))( )( )‪.‬‬

‫( ) واستظهره صاحب امللتقى ص‪ ، 8‬والتنوير ‪ ، 9 :‬ليتابع اإلمام فيام جيب‬


‫متابعته فيه‪ ،‬وقيل‪ :‬يطيل الركوع إىل أن يفرغ اإلمام من القنوت‪ ،‬وقيل‪ :‬يقعد‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يسجد إىل أن يدركه فيه؛ حتقيق ًا ملخالفته‪ ،‬وقال أبو يوسف ‪ :‬يقنت املؤتم‬
‫يف الفجر تبع ًا إلمامه؛ اللتزامه متابعته باالقتداء به‪ .‬ومتامه يف فتح باب العناية ‪:‬‬
‫‪ ،6 1‬واملنحة ‪. 08 :‬‬
‫( ) فعن أيب سعيد ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره)‬
‫يف املستدرك ‪ ، 6 :‬وصححه‪ ،‬وسنن الرتمذي ‪ ،660 :‬وسنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪.31‬‬
‫(‪ )6‬قال العيني يف منحة السلوك ‪« : 09 :‬فعىل هذا جيوز له أن يدعو بام شاء من‬
‫األدعية املأثورة‪ ،‬وعمل كافة الناس عىل قراءة‪ :‬اللهم إنا نستعينك‪ ...‬إىل آخره‪،‬‬
‫ومن مل يعرف القنوت‪ ،‬يقول‪ :‬يا رب‪ ،‬ثالث مرات‪ ،‬ثم يركع‪ ،‬كذا ذكره يف فتاوى‬
‫السمرقندي‪ ،‬ويف رشح الطحاوي يقول‪ :‬ربنا آتنا يف الدنيا حسنة‪ ،‬ويف اآلخرة‬
‫حسنة‪ ،‬وقنا عذاب النار»‪.‬‬
‫( ) لربهان الدين حممد بن أمحد بن عبد العزيز ابن مازه البخاري‪ ،‬قال الكفوي‪ :‬كان‬
‫إمام ًا فارس ًا يف البحث عديم النظري‪ ،‬له مشاركة يف العلوم وتعليق يف اخلالف‪ ،‬وله‬
‫أيض ًا‪« :‬ذخرية الفتاوي» املشهورة بـ«الذخرية الربهانية»‪( ،‬ت‪3 3‬هـ)‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫اجلواهر‪ ، 6 - 66 :6‬والفوائد ص ‪ ، 9 - 9‬والكشف ‪. 3 9 :‬‬
‫(‪ )1‬يف املحيط الربهاين‪« : - 0 :6‬وليس فيه دعاء مؤقت؛ َّ‬
‫ألن القراءة أهم من‬
‫القنوت‪ ،‬فإذا مل يؤقت يف القراءة بيشء من الصالة ففي الدعاء أوىل‪ ،‬وقد روي عن‬
‫إن التوقيت يف دعاء يذهب برقة القلب‪ .‬قال بعض مشاخينا‪ :‬يريد بقوله‬ ‫حممد ‪َّ :‬‬
‫ليس فيه دعاء مؤقت؛ ليس فيه سوى قوله‪ :‬اللهم إنا نستعينك دعاء مؤقت‪،‬‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويف ((جامع األصول))( )‪ :‬عن ع يل ‪ ‬إن النبي ‪ ‬كان يقول يف وتره‪:‬‬


‫(اللهم إن أعوذ برااك من سططك‪ ،‬وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك‪َ ،‬‬
‫وأعوذ‬
‫بك منك ال أحيص ثناء عليك‪ ،‬أنت كام َأثنيت عىل نفسك)( )‪.‬‬

‫فصل‬
‫[فيام يستحب وما يفسد وما ال يفسد]‬
‫ِّ‬
‫املصل يف قيامه إىل مواع سجوده‪ ،‬ويف ركوعه‬ ‫يستَحب أن يكون نظر‬
‫حجر ِه‪ ،‬وعند‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قعوده إىل‬ ‫أنف ِه‪ ،‬ويف‬
‫طرف ِ‬
‫ِ‬ ‫أصابع رجليه‪ ،‬ويف سجوده إىل‬
‫َ‬ ‫إىل‬

‫والصحابة ‪ ‬اتفقوا عىل هذا يف الوتر‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬ال بل ليس فيه يشء مؤقت‬
‫أص ً‬
‫ال ملا ذكرنا‪ ،‬واألوىل أن يقرأ‪ :‬اللهم إنا نستعينك‪ ،‬ويقرأ بعده‪ :‬اللهم اهدنا فيمن‬
‫هديت؛ هكذا علم رسول اهلل ‪ ‬احلسن بن عيل ‪.»‬‬
‫( ) «جامع األصول يف أحاديث الرسول» للعالمة مبارك بن حممد بن عبد الكريم‬
‫ري)‪ ،‬قال‪ :‬ابن‬‫جل َز ّ‬
‫الشيباين‪ ،‬أيب السعادات‪ ،‬جمد الدين‪ ،‬املعروف بـ(ابن األثري ا َ‬
‫املستويف‪ :‬اشهر العلامء ذكر ًا‪ ،‬وأكثر النبالء قدر ًا‪ ،‬وأوحد األفاضل املشار إليهم‪،‬‬
‫وفرد األماثل املعتمد يف األمور عليهم‪ ،‬ومن مؤلفاته‪« :‬النهاية يف غريب احلديث»‪،‬‬
‫‪303-1‬هـ)‪ .‬ينظر‪ :‬مرآة‬ ‫و«اإلنصاف يف اجلمع بني الكشف والكشاف»‪( ،‬‬
‫اجلنان ‪ ، 6- :‬واألعالم ‪ ، 1 :3‬والكشف‪. 989‬‬
‫( ) عن عيل بن أيب طالب ‪َّ ( :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان يقول يف آخر وتره‪ :‬اللهم إين‬
‫أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك‪ ،‬وأعوذ بك منك ال أحيص‬
‫ثناء عليك‪ ،‬أنت كام أثنيت عىل نفسك) يف سنن أيب داود ‪ ، 1 :‬وسنن الرتمذي‬
‫‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ،626 :‬ومسند أمحد ‪:‬‬ ‫‪ ،13 :1‬وسنن النسائي ‪8 :6‬‬
‫‪ ،93‬وغريهم‪.‬‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫التسليمة األوىل إىل كتفه األيمن‪ ،‬وعند الثانية إىل كتفه األيرس( )‪.‬‬
‫وال يلتفت( )‪ ،‬وال يعبث بثوبه أو عضوه( )‪.‬‬
‫ويكره تغميض عينيه( )‪.‬‬

‫( ) عن أيب ذر ‪ ‬قال رسول اهلل ‪( :‬ال يزال اهلل ‪ ‬مقب ً‬


‫ال عىل العبد يف صالته ما مل‬
‫يلتفت‪ ،‬فإذا رصف وجهه انرصف عنه) يف سنن النسائي ‪ ،8 :6‬ومسند أمحد ‪:1‬‬
‫‪ ، 2‬وقال شعيب األرنؤوط‪ :‬صحيح لغريه‪ ،‬ومسند احلارث ‪. 26 :‬‬
‫ِ‬
‫عينيه بال ييل‬ ‫ؤخ ِر‬
‫بم ّ‬ ‫( ) بأن ينظر يمنة ويرسة مع يل ِ‬
‫النظر ُ‬
‫ُ‬ ‫عنقه‪ ،‬وااللتفات املباح‪:‬‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ال ُعنُق‪ ،‬وااللتفات املبطل للصالة‪ :‬وهو أن حيول صدره عن القبلة؛ فعن عائشة‬
‫ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬سألت رسول اهلل ‪ ‬عن االلتفات يف الصالة‪ ،‬فقال‪ :‬هو‬
‫اختالس خيتلسه الشيطان من صالة العبد) يف صحيح البخاري ‪ ، 3 :‬وعن‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان يلحظ يف الصالة يمين ًا وشامالً ال يلوي عنقه‬
‫ابن عباس ‪َّ ( :‬‬
‫‪ ،‬وسنن الرتمذي ‪ ، 8 :‬وسنن‬ ‫‪6:‬‬ ‫خلف ظهره) يف املعجم الكبري‬
‫الدارقطني ‪ ،86 :‬وغريه‪ .‬وصححه ابن القطان‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪. 1 :1‬‬
‫(‪ )6‬فعن حييى بن أيب كثري ‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫إن اهلل كره لكم العبث يف الصالة‪ ،‬والرفث يف‬
‫الصيام‪ ،‬والضحك عند املقابر‪َّ ،‬‬
‫إن اهلل ينهاكم عن قيل وقال‪ ،‬وإضاعة املال) يف‬
‫مسند الشهاب ‪ ، 11 :‬وضعفه السيوطي‪ ،‬ولكنَّه يتأيد بام ورد يف النهي عن‬
‫العبث باحلىص‪ .‬ينظر‪:‬إعالء السنن ‪ ، 09 :1‬وغريه‪.‬‬
‫َّ‬
‫وألن السنة أن يرمي ببرصه إىل موضع سجوده‬ ‫( ) ألنَّه ينايف اخلشوع‪ ،‬وفيه نوع عبث؛‬
‫وألن كل عضو وطرف ذو حظ من هذه العبادة‪،‬‬‫َّ‬ ‫ويف التغميض ترك هذه السنة;‬
‫فكذا العني‪ ،‬كام يف البدائع ‪ 2 :‬؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا قام أحدكم‬
‫يف الصالة فال يغمض عينيه) يف املعجم األوسط ‪ ، 13 :‬واملعجم الصغري ‪:‬‬
‫‪ ،6 :‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ : 62 :‬فيه ابن أيب‬ ‫‪ ،62‬واملعجم الكبري‬
‫سليم‪ ،‬وهو مدلس‪ ،‬وقد عنعنه‪.‬‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويكره سبق اإلمام( ) باألفعال) (‪،‬وعد اآلي والتسبيح) (‪،‬ومحل يشء يف يده‬
‫) (‬

‫( ) بأن يسبق املقتدي إمامه يف أفعال الصالة‪ ،‬فمن ركع قبل إمامه فلحقه اإلمام قبل‬
‫قيامه عن الركوع فاشرتكا فيه جاز‪ ،‬ويكره‪ ،‬وأما لو مل يلحقه اإلمام يف الركوع مل‬
‫جتز اتفاق ًا‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪ ،21‬واملنحة ‪ 6 :‬؛ فعن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪:‬‬
‫(صىل بنا رسول اهلل ‪ ‬ذات يوم ثم أقبل علينا بوجهه فقال‪ :‬إين إمامكم فال‬
‫تبادروين بالركوع وال بالسجود وال بالقيام وال باالنرصاف‪ ،‬فإين َأراكم من َأمامي‬
‫ومن خلفي) يف املجتبى ‪ ،86 :6‬وعن معاوية ‪ ،‬قال ‪( :‬إين قد بدنت فال‬
‫تبادروين بالركوع و السجود‪ ،‬فإنَّكم مهام أسبقكم به إذا ركعت تدركوين به إذا‬
‫رفعت‪ ،‬ومهام أسبقكم به إذا سجدت تدركوين به إذا رفعت) يف صحيح ابن‬
‫خزيمة ‪ ، :6‬وصحيح ابن حبان ‪ ،302 :1‬ومسند أمحد ‪ ،98 :‬وعن أيب هريرة‬
‫‪ ‬قال ‪( :‬أال خيشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل اإلمام أن جيعل اهلل رأسه رأس‬
‫محار‪ ،‬أو جيعل صورته صورة محار) يف صحيح البخاري ‪. 1 :‬‬
‫) ( وقيد باألفعال؛ احرتاز ًا عن سبقه اإلمام باملكان‪ :‬أي بالتقديم عىل اإلمام مكان ًا‪،‬‬
‫فتفسد صالته‪ ،‬وعن سبقه اإلمام باألقوال‪ :‬كالتسبيحات والثناء يف خالهلا‪ ،‬فال‬
‫بأس به‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.21‬‬
‫)‪ (6‬أي كره عدّ اآلي والتسبيح عند أيب حنيفة ‪‬؛ ألنَّه ليس من أعامل الصالة‪،‬‬
‫وعندمها ال يكره‪ ،‬وقيل‪ :‬اخلالف يف املكتوبة‪ ،‬وال خالف يف التطوع أنَّه ال يكره‪،‬‬
‫ألن الغمز برؤوس األصابع واحلفظ بالقلب ال يكره‬ ‫وقيل‪ :‬بالعكس‪ ،‬وقيد باليد؛ َّ‬
‫اتفاق ًا‪ ،‬والعدّ باللسان يفسد الصالة اتفاق ًا‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪ ، 6 :‬واهلدية‬
‫ص‪.21‬‬
‫رصة‪ ،‬أو‬‫) ( بأن يمنعه عن سنة االعتامد بأن يكون يف يده يشء‪ :‬كمسبحة أو عص ًا‪ ،‬أو ّ‬
‫نحو ذلك‪ ،‬وال يمنع املصيل من مراعاة سنة االعتامد بيده اليمنى عىل اليرسى يف‬
‫حالة القيام‪ ،‬أو بيده عىل ركبتيه يف حال الركوع‪ ،‬أو بيديه عىل األرض يف حالة‬
‫السجود‪ ،‬أو عىل ركبتيه يف حالة القعود‪ .‬ينظر‪ :‬اجلوهر الكيل ق‪/ 9‬أ‪ ،‬واملرقاة‬
‫‪. 19‬‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫أو فمه) (‪.‬‬


‫الركوع لداخل يعرفه) ( إال القراءة) (‪.‬‬
‫َ‬ ‫وتطويل اإلما ِم‬
‫ويكره افتتاح الصالة وبه حاجة إىل اخلالء) (‪.‬‬
‫خلف الصف وحدَ ه مهام وجد فرجة) (‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وتكره الصالة‬

‫) ( بأن يمسك الدراهم أو نحوها يف فمه بحيث يمنع عن سنة القراءة‪ ،‬أما إن منعه‬
‫عن أداء احلروف فال جيوز‪ .‬كام يف البحر الرائق ‪ ،61 :‬وقول قايض خان‪ :‬وال‬
‫أن الكراهة‬‫بأس أن يصيل ويف فيه دراهم أو دنانري ال متنعه عن القراءة‪ ،‬يشري إىل َّ‬
‫تنزهيية‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ،3 :‬واملرقاة ص‪. 9‬‬
‫إن اإلمام إذا كان يف الركوع فسمع خفق النعل ممن دخل املسجد‪ ،‬فعىل اختيار‬ ‫) ( أي َّ‬
‫املصنف ‪ ‬وهو قول الفقيه أبو الليث ‪ ‬إذ قال‪ :‬إن كان اإلمام قد عرف اجلائي‬
‫ألن يف ذلك إعانة عىل‬‫فإنَّه ال ينتظره; ألنَّه يشبه امليل‪ ،‬وإن مل يعرفه فال بأس به; َّ‬
‫الطاعة‪ .‬وقال أبو يوسف ‪ :‬سألت أبا حنيفة وابن أيب ليىل عن ذلك فكرهاه‪،‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬أخشى عليه أمر ًا عظي ًام‪ :‬يعني الرشك‪ ،‬وروى هشام عن حممد‬
‫أنَّه كره ذلك‪ ،‬وعن أيب مطيع أنَّه كان ال يرى بأس ًا‪ ،‬وقال أبو القاسم الصفار‪ :‬إن‬
‫كان الرجل غني ًا ال جيوز له االنتظار‪ ،‬وإن كان فقري ًا جيوز‪ ،‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪:‬‬
‫‪ ، 09‬واملرقاة ص ‪. 1‬‬
‫طول القراءة ليدرك الناس اجلامعة فحسن إن مل يشق عىل احلارضين‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫)‪ (6‬أي لو َّ‬
‫هدية الصعلوك ص‪.23‬‬
‫) ( بحيث تشغله احلاجة وإن مىض عليها أجزأه وقد أساء؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪،‬‬
‫قال ‪( :‬ال صالة بحرضة الطعام‪ ،‬وال هو يدافعه األخبثان) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،696‬وعن عبد اهلل بن األرقم ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل‬
‫الصالة) يف املوطأ ‪ ، 19 :‬وسنن ابن ماجة ‪ ، 0 :‬ومصنف عبد الرزاق ‪:‬‬
‫‪. 10‬‬
‫)‪ (1‬أي موضع ًا خالي ًا يف الصف؛ لتخلفه عن اجلامعة يف انفراده‪ ،‬حتى إذا مل جيد فرجة‬
‫ـ ‪121‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولو صىل يف مكان طاهر من احلامم ال صور َة فيه‪ ،‬ال يكره) (‪.‬‬
‫وتكره القراءة يف احلامم جهر ًا ال رس ًا) (‪.‬‬
‫ِّ‬
‫املصل) (‪ ،‬إال ممحوة‬ ‫ِ‬
‫جهات‬ ‫كل‬ ‫وتكره صورة ذي الروح يف ِّ‬

‫ال يكره؛ للرضورة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 1 :‬‬


‫) ( وقيل‪ :‬يكره مطلق ًا؛ ألنَّه موضع الشياطني‪ ،‬وقيل‪ :‬ألنَّه مصب النجاسات‪ ،‬قال‬
‫العيني يف املنحة ‪« : 1 :‬واألصح أنَّه ال يكره‪ ،‬ولكن برشط أن يسرت عورته‬
‫وأن يصيل يف مكان نظيف‪ ،‬واالستدالل عىل الكراهة بأنَّه موضع الشياطني ممنوع؛‬
‫ألن مجيع املواضع ال ختلو منهم‪ ،‬فينبغي أن تكره الصالة خارج احلامم أيض ًا‪ ،‬وليس‬ ‫َّ‬
‫كذلك‪ ،‬واالستدالل عليها بأنَّه مصب الغساالت مرفوع باملكان الطاهر‪ ،‬وإنَّام قيد‬
‫بقوله‪ :‬وال صورة فيه؛ ألنَّه إذا كان فيه صورة يكره»‪ .‬ومثله يف اهلدية ص‪.23‬‬
‫) ( قال ابن نجيم يف البحر الرائق ‪« : 6 :‬يف اخلالصة‪ :‬إنَّام تكره القراءة يف احلامم‬
‫إذا قرأ جهر ًا‪ ،‬فإن قرأ يف نفسه فال بأس به‪ ،‬هو املختار‪ ،‬وكذا التحميد والتسبيح‪،‬‬
‫وكذا ال يقرأ إذا كانت عورته مكشوفة أو امرأته هناك تغتسل مكشوفة‪ ،‬أو يف‬
‫احلامم أحد مكشوف‪ ،‬فإن مل يكن فال بأس أن يرفع صوته»‪ .‬قال العيني يف املنحة‬
‫ألن من يكرهها يستدل بأنَّه موضع‬ ‫‪« : 1 :‬ينبغي أن ال تكره القراءة مطلق ًا؛ َّ‬
‫إن مجيع املواضع ال ختلو عنهم‪ ،‬فيلزم أن تكره القراءة جهر ًا‬ ‫الشياطني‪ ،‬وقد قلنا‪َّ :‬‬
‫يف سائر املواضع‪ ،‬واألمر بخالفه»‪ ،‬فليتأمل‪.‬‬
‫)‪ (6‬يعني سواء إذا كانت يف يمينه أو يف يساره‪ ،‬أو أمامه‪ ،‬أو ورائه‪ ،‬أو فوقه‪ ،‬أو حتته؛‬
‫حلديث جربيل ‪( :‬إنا ال ندخل بيت ًا فيه صورة وال كلب) يف صحيح البخاري‬
‫‪ ، 29 :6‬وصحيح مسلم ‪ ، 33 :6‬لكن كراهتها تتفاوت بقدر ما يكون فيها‬
‫من التعظيم هلذه الصورة‪ ،‬والتشبيه بعبادة األوثان‪ ،‬فأشدها كراهة ما تكون موضع‬
‫سجود املصيل‪ ،‬ثم أمامه‪ ،‬ثم فوقه‪ ،‬ثم عن يمينه‪ ،‬ثم عن شامله‪ ،‬وأخفها كراهة إن‬
‫كانت خلفه‪ ،‬وال تكره إن كانت حتت قدمه؛ ملا فيه من اإلهانة هلا‪ ،‬ومعنى التعظيم‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬والبدائع ‪ ، 3 :1‬واهلداية ‪:‬‬ ‫ال حيصل فيه‪ .‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪:‬‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الرأس) (‪ ،‬والصغرية جد ًا) (‪.‬‬

‫ألَّنا ال تكون صورة أو متثاالً إال بالرأس‪ ،‬وإال التحقت‬ ‫) ( بأن يقطع رأسها؛ َّ‬
‫بالنقوش‪ ،‬وصار املصيل إليها كام إذا صىل إىل شمع أو رساج‪ ،‬فإن قطع رأسه بأن‬
‫ألَّنا مل خترج عن كوَّنا صورة‪ ،‬بل ازدادت‬‫خاط عىل عنقه خيط ًا فذاك ليس بيشء؛ َّ‬
‫ألَّنا‬
‫ألن من الطيور ما هو مطوق‪ ،‬وال بإزالة احلاجبني أو العينني; َّ‬ ‫حلية كالطوق؛ َّ‬
‫تعبد بدوَّنام‪ ،‬أما لو قطع يدهيا ورجليها ال ترتفع الكراهة؛ َّ‬
‫ألن اإلنسان قد تقطع‬
‫أطرافه وهو حي‪ ،‬كام يف فتح القدير ‪ ، 2 :‬وجممع األَّنر ‪ 3 :‬؛ وملا روي‬
‫عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪( :‬استأذن جربيل ‪ ‬عىل النبي ‪ ،‬فقال‪ :‬أدخل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ال ورجاالً‪ ،‬فإما أن تقطع رؤوسها أو‬ ‫كيف أدخل ويف بيتك سرت فيه متاثيل خي ً‬
‫جتعل بساط ًا يوطأ‪ ،‬فإنا معرش املالئكة ال ندخل بيت ًا فيه تصاوير) يف سنن النسائي‬
‫‪.10 :1‬‬
‫) ( بأن تكون صغرية ال تبدو للناظرين من بعيد‪ ،‬أو ال تتبني تفاصيل أعضائها للناظر‬
‫قائ ًام وهي عىل األرض‪ ،‬كام يف الدر املختار ورد املحتار ‪ ،3 8 :‬فإن كانت‬
‫ألَّنا ال تعبد إذا كانت صغرية بحيث ال تبدو للناظر‪ ،‬والكراهة‬ ‫صغرية فال بأس؛ َّ‬
‫باعتبار العبادة فإذا مل يعبد مثلها ال تكره‪ ،‬كام يف املبسوط ‪، 0 :‬والبدائع‪:1‬‬
‫‪، 3‬والتبيني ‪ 33 :‬؛ وملا روي عن جابر ‪ ‬قال‪« :‬كان يف خاتم ابن مسعود ‪‬‬
‫شجرة أو يشء بني ذبابني» يف مصنف عبد الرزاق ‪ ،6 2 :‬واملعجم الكبري ‪:9‬‬
‫‪ ، 1‬واجلامع ملعمر بن راشد ‪ ،691 : 0‬وعن قتادة ‪ ‬قال‪« :‬كان نقش خاتم‬
‫أيب موسى األشعري ‪ ‬أسد بني رجلني» يف مصنف عبد الرزاق ‪،6 8 :‬‬
‫واجلامع ملعمر ‪ ،69 : 0‬وعن قتادة ‪ ‬قال‪« :‬كان نقش خاتم أنس بن مالك ‪‬‬
‫كركي أو قال‪ :‬طائر له رأسان» يف مصنف عبد الرزاق ‪ ،6 8 :‬واجلامع ملعمر‬
‫‪ ،69 : 0‬وعن القاسم‪« :‬كان نقش خاتم رشيح أسدان بينهام شجرة» يف‬
‫الطبقات الكربى ‪ ، 69 :3‬وغريها‪ .‬ومتام الكالم يف مباحث التصوير يف كتايب‬
‫البيان يف فقه األيامن والنذور واحلظر واإلباحة ص‪. 30- 6‬‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولو استقبل تنور ًا يتوقد‪ ،‬أو كانون ًا فيه نار‪ ،‬يكره) (‪ ،‬بطالف الشمع‬
‫والرساج واملصحف والسيف ونحوها) (‪.‬‬
‫والعمل الكثري يقطع الصالة‪ :‬وهو ما ال يوجد إال باليدين‪ ،‬وقيل‪ :‬هو‬
‫ما جيزم الناظر إليه أنه ليس يف الصالة‪ ،‬وهو املطتار) (‪.‬‬
‫قدر ذراع فصاعد ًا يف غلظ‬
‫ومن صىل يف الصحراء نصب بني يديه سرتة َ‬ ‫َ‬
‫اإلصبع فام زاد‪ ،‬ويقرب منها وجيعلها بحذاء أحد حاجبيه( )‪ ،‬وال عربة‬

‫) ( ألنَّه تشبه باملجويس إال بسرتة بينهام‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.23‬‬


‫ألن هذه األشياء ال تعبد غالب ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 2 :‬‬ ‫) ( َّ‬
‫ِ‬
‫املشايخ‪،‬‬ ‫مصل‪ ،‬عليه عامة‬‫ّ‬ ‫أن عام َل ُه ُ‬
‫غري‬ ‫)‪ (6‬ضابط العمل الكثري‪ :‬أنَّه ما يع َل ُم ُ‬
‫ناظر ُه َّ‬
‫واختاره احلصكفي يف الدر املنتقى ‪ ، 0 :‬وصححه الرسخيس يف املبسوط ‪:‬‬
‫‪ ،‬وتابعه صاحب التبيني‪ ،‬وقال يف املحيط‪ :‬إنَّه‬ ‫‪ ، 9‬والكاساين يف البدائع ‪:‬‬
‫األحسن‪ ،‬وقال الصدر الشهيد‪ :‬إنَّه الصواب‪ .‬واختاره الفضيل‪ .‬ينظر‪ :‬حاشية‬
‫الرشنباليل عىل الدرر ‪ ، 0 :‬واملنحة ‪. 2 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مذهب أيب‬ ‫أقرب إىل‬
‫ُ‬ ‫يس‪ :‬هذا‬‫الرس ْخ ُّ‬ ‫ي‬
‫املصيل‪ ،‬قال اإلما ُم َّ َ‬ ‫والقول الثاين‪ :‬ما يستكثره‬
‫حنيفة ‪َّ ،‬‬
‫فإن دأ َبه التَّفويض إىل رأي املبتىل به‪.‬‬
‫ِ‬
‫حتريك اليدين‪.‬‬ ‫حيتاج فيه إىل‬ ‫والقول الثالث‪ :‬هو ما‬
‫ُ‬
‫روح عىل نفسه بمروحة ثالث ًا أو ّ‬
‫حك‬ ‫والقول الرابع‪ :‬ما يكون ثالث ًا متواليات‪ ،‬حتى لو َّ‬
‫موضع ًا من جسده ثالث ًا تفسد عىل الوالء‪.‬‬
‫والقول اخلامس‪ :‬ما يكون مقصود ًا للفاعل بأن يفرد له جملس عىل حدة‪ :‬كام إذا مس‬
‫زوجته بشهوة‪ ،‬فإنَّه مفسد‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪ ، 0 :‬ورشح الوقاية ص‪، 36‬‬
‫واملرقاة ص ‪ ، 3‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فعن املقداد بن األسود ‪ ‬قال ‪( :‬ما رأيت رسول اهلل ‪ ‬يصيل إىل عود وال‬
‫عمود وال شجرة إال جعله عىل حاجبه األيمن أو األيرس وال يصمد له صمد ًا) يف‬
‫‪ ،‬ومسند أمحد ‪ ، :3‬وض َّعفه الشيخ شعيب‪.‬‬ ‫سنن أيب داود ‪:‬‬
‫ـ ‪132‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫باإللقاء وال باخلط( )‪.‬‬


‫ويأثم املار يف مواع سجوده يف الصحراء واملسجد اجلامع) (‪ ،‬ويدرأ‬
‫رت ٌة) (‪ ،‬أو َمر بينه وبينها بإشارة أو تسبيح‪ ،‬وال يدرأ هبام) (‪.‬‬
‫املار إن مل يكن له س َ‬
‫وإن تنحنح بغري عذر فحصلت به حروف‪ ،‬بطلت( )‪ ،‬وإن كان بعذر‪،‬‬
‫فال‪ :‬كالعطاس واجلشاء( ) ولو حصلت هبام حروف‪.‬‬

‫( ) يعني إذا تعذر غرز العود ال يلقى‪ ،‬وال ّ‬


‫خيط؛ ألنَّه ال حيصل اإلعالم للامرين هبام‪،‬‬
‫ولو اشتدت احلاجة إىل السرتة‪ ،‬وتعذر الغرز بأن كانت األرض يابسة أو حجرة‬
‫يضعها طوالً ال عرض ًا؛ لتكون عىل منوال املغروز‪ ،‬ولو مل يكن معه ما يغرزه خيطه‬
‫طوالً أيض ًا‪ ،‬وقيل خيطه شبه املحراب‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ،28‬واملنحة ‪. : 9‬‬
‫ألن املسجد الصغري مكان واحد‪ ،‬فأمام املصيل‬ ‫) ( فأما املسجد الصغري فيوجب اإلثم؛ َّ‬
‫حيث كان يف حكم موضع السجود‪ ،‬و ُقدي َر املسجد الصغري ّ‬
‫بأقل من ستني ذراع ًا‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬أربعني‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪:‬‬
‫)‪ (6‬فعن موسى بن طلحة ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا وضع أحدكم بني يديه مثل مؤخرة الرحل‬
‫فليصل وال يبال من مر وراء ذلك) يف صحيح مسلم ‪ ،618 :‬ومؤخرة الرحل‬
‫ذراع فام فوق‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ص‪. 8‬‬
‫؛ فعن عروة بن الزبري‬ ‫) ( َّ‬
‫ألن بأحدمها كفاية عن اآلخر‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪9 :‬‬
‫‪ ،‬قالت عائشة ريض اهلل عنها‪( :‬ما يقطع الصالة؟ قال‪ :‬فقلنا‪ :‬املرأة واحلامر‪،‬‬
‫إن املرأة لدابة سوء! لقد رأيتني بني يدي رسول اهلل ‪ ‬معرتضة كاعرتاض‬‫فقالت‪َّ :‬‬
‫اجلنازة وهو ُي ّ‬
‫صيل) يف صحيح مسلم ‪ ،633 :‬وعن أيب سعيد ‪ ،‬قال ‪( :‬ال‬
‫يقطع الصالة يشء‪ ،‬وادرؤوا ما استطعتم‪ ،‬فإنَّام هو شيطان) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ، 9‬وسكت عنه‪ ،‬وحسنه التهانوي يف إعالء السنن ‪.31 :1‬‬
‫(‪ )1‬أي صالته؛ لعدم العذر من حتسني الصوت أو غريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬اجلُ َشاء‪ :‬صوت مع ريح خيرج من الفم عند الشبع‪ .‬ينظر‪ :‬املغرب ص‪.86‬‬
‫ـ ‪133‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف اجلامعة‬
‫هي سن ٌة مؤكدة( )‪.‬‬
‫غري اجل ِ‬
‫معة واحدٌ مع‬ ‫وأقلها يف ِ‬
‫وختفيفها مع اإلمام سن ٌة ثابت ٌة( )‪َ ،‬‬

‫( ) قال ابن مسعود ‪( :‬لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصالة إال منافق قد علم نفاقه أو‬
‫إن رسول اهلل‬‫مريض إن كان املريض ليميش بني رجلني حتى يأيت الصالة‪ ،‬وقال‪َّ :‬‬
‫‪ ‬علمنا سنن اهلدى‪ ،‬وإن من سنن اهلدى الصالة يف املسجد الذي يؤذن فيه) يف‬
‫صحيح مسلم ‪ ، 16 :‬وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬والذي نفيس بيده لقد‬
‫ال فيؤم الناس‪،‬‬ ‫مهمت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصالة فيؤذن هلا ثم آمر رج ً‬
‫ثم أخالف إىل رجال فأحرق عليهم بيوهتم‪ ،‬والذي نفيس بيده لو يعلم أحدهم أنَّه‬
‫جيد عرق ًا سمين ًا أو مرماتني حسنتني لشهد العشاء) يف صحيح البخاري ‪، 6 :‬‬
‫وعن ابن عمر ‪ ،‬قال ‪( :‬صالة اجلامعة أفضل من صالة الفذ بسبع وعرشين‬
‫درجة) يف صحيح مسلم ‪ ، 10 :‬وصحيح البخاري ‪. 6 :‬‬
‫( ) ملا فيه من َح ّق مراعاة النّاس يف التخفيف؛ لئال يؤدي التطويل إىل التنفري‪ ،‬وحلق‬
‫مراعاة اهلل ‪ ‬يف التيمم‪ ،‬كام يف رشح التحفة البن ملك ق‪/ 1‬ب؛ فعن عثامن بن‬
‫صل بأصحابك صالة‬ ‫أيب العاص ‪ ‬قال‪( :‬كان آخر ما عهد إيل رسول اهلل ‪ ‬أن ي‬
‫فإن فيهم الكبري والضعيف وذا احلاجة) يف املعجم الكبري ‪،13 :9‬‬ ‫أضعفهم‪َّ ،‬‬
‫وحلية األولياء ‪ ، 6 :8‬وسنن ابن ماجة ‪ ،6 3 :‬وصحيح ابن خزيمة ‪،10 :6‬‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬جتوزوا يف الصالة‪ ،‬فإ َّن فيهم الضعيف والكبري وذا‬
‫احلاجة) يف مسند أمحد ‪ ، 2 :‬قال الشيخ شعيب‪ :‬إسناده صحيح عىل رشط‬
‫النبي ‪ ‬ثم يأيت فيؤم قومه‪،‬‬
‫صيل مع ّ‬ ‫الشيخني‪ ،‬وعن جابر ‪ ‬قال‪( :‬كان معاذ ُي ّ‬
‫فصىل ليلة مع النبي ‪ ‬العشاء‪ ،‬ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف‬‫ّ‬
‫رجل فسلم‪ ،‬ثم صىل وحده وانرصف فقالوا له‪ :‬أنافقت يا فالن؟ قال‪ :‬ال واهلل‬
‫وآلتني رسول اهلل ‪ ‬فألخربنّه‪ ،‬فأتى رسول اهلل ‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنا‬ ‫ّ‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫اإلمام( )‪ ،‬ولو كان امرأ ًة أو صبي ًا‪.‬‬


‫ِ‬
‫باإلمامة‪:‬‬ ‫واألوىل‬
‫‪.1‬األَفقه( )‪.‬‬
‫‪.2‬ثم األقرأ( )‪.‬‬
‫‪.3‬ثم األَورع( )‪.‬‬

‫وإن معاذ ًا صىل معك العشاء‪ ،‬ثم أتى فافتتح‬ ‫أصحاب نواضح نعمل بالنهار‪َّ ،‬‬
‫بسورة البقرة‪ ،‬فأقبل رسول اهلل ‪ ‬عىل معاذ فقال‪ :‬يا معاذ‪ ،‬أفتان أنت؟ اقرأ بكذا‬
‫واقرأ بكذا) يف صحيح مسلم ‪ ،669 :‬وصحيح البخاري ‪. 9 :‬‬
‫( ) فعن أيب موسى األشعري ‪ ‬قال ‪( :‬اثنان فام فوقهام مجاعة) يف سنن ابن ماجة‬
‫‪ ،6 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،39 :6‬ومسند أيب يعىل ‪ ، 1 : 6‬ومسند عبد‬
‫بن محيد ‪ ، 98 :‬ومسند الشاميني ‪ ،69 :‬وغريها‪ ،‬وأما يف اجلمعة فأقل اجلامعة‬
‫ثالثة سوى اإلمام‪.‬‬
‫( ) أي باألحكام الرشعية املتعلقة بالصالة؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪( :‬مروا‬
‫أبا بكر أن يصيل بالناس) يف صحيح البخاري ‪ ، 0 :‬وداللته ظاهرة يف كون‬
‫ألن ما حيتاج إليه من القراءة مضبوط‪ ،‬والذي حيتاج‬ ‫األعلم واألفقه أوىل باإلمامة؛ َّ‬
‫إليه من الفقه غري مضبوط‪ ،‬فقد يعرض يف الصالة أمر ال يقدر عىل مراعاة الصالة‬
‫فيه إال كامل الفقه‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 98 :‬وقد ذكره ال ُبخاري يف صحيحه‬
‫‪ 0 :‬حتت باب أهل العلم والفضل أحق باإلمامة‪ ،‬وعن عقبة بن عمرو ‪‬‬
‫قال ‪( :‬يؤم القوم أقدمهم هجرة‪ ،‬فإن كانوا يف اهلجرة سواء‪ ،‬فأفقههم يف الدين‪،‬‬
‫فإن كانوا يف الدين سواء فأقرأهم للقرآن‪ )...‬يف املستدرك ‪ ،620 :‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )6‬بأن يكون َأعلم بأحكام القراءة ال جمرد احلفظ‪ ،‬فإنَّه دون العامل؛ فعن أيب مسعود‬
‫ِ‬
‫القراءة سواء‪،‬‬ ‫األنصاري ‪ ‬قال ‪( :‬يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اهلل‪ ،‬فإن كانوا يف‬
‫َفأعلمهم بالسنة‪ )...‬يف صحيح مسلم ‪. 31 :‬‬
‫ألَّنا اجتناب املحرمات‪،‬‬‫جمتنب الشبهات‪ ،‬وعىل هذا فهو َأ ْر َقى من التقوى؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫( ) وهو‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪.4‬ثم األكرب سن ًا( )‪.‬‬


‫‪.5‬ثم األَحسن خلق ًا( )‪.‬‬
‫‪.6‬ثم األََشف نسب ًا( )‪.‬‬
‫‪.7‬ثم األَصبح وجه ًا( )‪.‬‬
‫قامه عن يمينه مقارن ًا له‪ ،‬وإن َأم اثنني َت َقد َم عليهام( )‪.‬‬ ‫ومن َأم واحد ًا َأ َ‬
‫َ‬

‫كام يف املشكاة ص‪ 06‬؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬اجعلوا أئمتكم خياركم‪،‬‬
‫فإَّنم وفدكم فيام بينكم وبني اهلل ‪ )‬يف سنن الدارقطني ‪ ،82 :‬وسنن البيهقي‬ ‫َّ‬
‫الكبري ‪ ،90 :6‬وض َّعفه‪.‬‬
‫( ) فعن مالك بن احلويرث ‪ ،‬قال ‪( :‬وليؤمكم أكربكم) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 03 :‬وغريها‪.‬‬
‫إن رسكم أن تقبل صالتكم فليؤمكم‬ ‫( ) أللفة الناس له؛ فعن مرثد ‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫خياركم) يف املستدرك ‪ ، 3 :6‬وسنن الدارقطني ‪ ،88 :‬واآلحاد واملثاين ‪:‬‬
‫‪ ،‬واملعجم الكبري ‪.6 8 : 0‬‬
‫(‪ )6‬لزيادة فضله برشف النسب‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.12 :‬‬
‫وألن حسن‬ ‫َّ‬ ‫( ) ومعنى أصبحهم وجه ًا‪ :‬أكثرهم صالة بالليل‪ ،‬كام يف املنحة ‪12 :‬؛‬
‫يدل عىل حسن الرسيرة غالب ًا؛ ألنَّه مما يزيد الناس رغبة يف اجلامعة‪.‬‬‫الصورة ّ‬
‫وإن استووا يقرع بينهم‪ ،‬فمن خرجت قرعته قدم‪ ،‬أو اخليار إىل القوم‪ ،‬فإن اختلفوا‬
‫فالعربة بام اختاره األكثر‪ ،‬وإن قدموا غري األوىل فقد أساؤوا‪.‬‬
‫وهذه األحقية يف اإلمامة إذا مل يكن بني احلارضين صاحب منزل اجتمعوا فيه‪ ،‬وال‬
‫فيهم ذو وظيفة وهو إمام املحل‪ ،‬وال ذو سلطان‪ :‬كأمري ووال وقاض‪ ،‬فهو أوىل‬
‫ألن واليته عامة‪ ،‬كام يف‬ ‫من اجلميع حتى من ساكن املنزل وصاحب الوظيفة؛ َّ‬
‫املراقي ص‪60 - 99‬؛ فعن أيب سعود األنصاري ‪ ،‬قال ‪( :‬وال يؤم ّن‬
‫الرجل الرجل يف سلطانه) يف صحيح مسلم ‪. 31 :‬‬
‫(‪ )1‬وإن زادت عن اثنني فاألوىل أن يتقدّ م اإلمام ال أنَّه يأمرهم بالت ِ‬
‫َّأخري عنه‪َّ ،‬‬
‫فإن ذلك‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫إمام ِه عند اقتدائه‪ ،‬مل يصح اقتداؤه‪ ،‬وإن تقدم عليه بعد‬
‫ومن تقدم عىل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اقتدائه‪ ،‬فسدت صالته( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫باملرأة( )‪ ،‬وال بالصبي مطلق ًا( )‪ ،‬ويصح اقتداء‬ ‫وال يصح اقتداء الرجل‬

‫أيرس من هذا؛ فعن ابن ع ّباس ‪ ‬قال‪( :‬بت يف بيت خالتي ميمونة بنت احلارث‬
‫النبي ‪ ‬العشاء‪ ،‬ثم جاء إىل‬ ‫النبي ‪ ‬عندها يف ليلتها‪ّ ،‬‬
‫فصىل ّ‬ ‫زوج النبي ‪ ،‬وكان ّ‬
‫فصىل أربع ركعات ثم نام ثم قام ثم قال‪ :‬نام الغليم أو كلمة تشبهها‪ ،‬ثم قام‬ ‫منزله ّ‬
‫صىل ركعتني) يف‬‫فصىل مخس ركعات ثم ّ‬ ‫ّ‬ ‫فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه‬
‫صحيح البخاري ‪ ،11 :‬وصحيح مسلم ‪.1 1 :‬‬
‫ألن وظيفة اإلمام التقدم‪ ،‬ووظيفة املقتدي التأخر‪ ،‬فانقلب عكس ًا فلم جيزئ‪.‬‬ ‫( ) َّ‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪.18 :‬‬
‫الواجب تأخريه َّن بالنَّص؛ فعن ابن مسعود ‪« :‬كان إذا رأى النساء قال‪:‬‬‫َ‬ ‫( ) َّ‬
‫ألن‬
‫أخره َّن اهلل ‪ ،‬وقال‪َّ :‬إَّنن مع بني إرسائيل يصففن مع الرجال‪،‬‬ ‫أخروه َّن حيث َّ‬
‫كانت املرأة تلبس القالب فتطال خلليلها‪ ،‬فسلطت عليهن احليضة‪ ،‬وحرمت‬
‫عليهن املساجد» يف صحيح ابن خزيمة‪ ،99 :6‬ومصنف عبد الرزاق‪، 6 :6‬‬
‫واملعجم الكبري‪ ،‬وينظر‪ :‬نصب الراية ‪ ،63 :‬وتغليق التعليق ‪ ، 38 :‬وهذا‬
‫احلديث من املشاهري‪ ،‬فجازت الزيادة به عىل الكتاب‪ ،‬وهو اختيار املكان املختار‪،‬‬
‫إذ املختار للرجال التقدم عىل النساء‪ ،‬ففي ترك املكان املختار ترك لفرض من‬
‫ألن األمر بالتأخري كان من أجل الصالة ‪ ،‬فكان من فرائض‬ ‫فروض الصالة؛ َّ‬
‫‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 63 :‬والرشنباللية ‪ ،3 :‬والبدائع ‪:‬‬
‫ألن الفرائض نفل يف حق الصبي‪ ،‬واقتداء املفرتض باملتنفل‬ ‫(‪ )6‬أي فرض ًا كان أو نفالً؛ َّ‬
‫وألن نوافل الصبي دون نوافل البالغ‪ ،‬كام يف اهلدية ص ‪8‬؛ فعن ابن‬ ‫َّ‬ ‫فاسد؛‬
‫مسعود ‪« :‬ال يؤم الغالم حتى جتب عليه احلدود»‪ ،‬وعن ابن عباس ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«ال يؤم الغالم حتى حيتلم» يف سنن البيهقي الكبري ‪ ، 1 :6‬ومصنف عبد الرزاق‬
‫‪ ، 82 :‬وإسناده ضعيف‪ ،‬كام يف فتح الباري ‪ 81 :‬وغريه‪.‬‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الصبي بالصبي( )‪.‬‬


‫ِّ‬
‫ويصف الرجال‪ ،‬ثم الصبيان‪ ،‬ثم اخلناثا‪ ،‬ثم النساء( )‪.‬‬
‫ويكره للنِّساء الشواب حضور اجلامعة مطلق ًا‪ ،‬ويباح للعجائز اخلروج‬
‫يف العيدين واجلمعة والفجر واملغرب والعشاء( )‪.‬‬

‫ألَّنام متنفالن فيصح اقتداء املتنفل باملتنفل‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.19 :‬‬
‫( ) َّ‬
‫أن النبي ‪ ‬صىل فأقام الرجال يلونه خلف ذلك‪،‬‬ ‫( ) فعن أيب مالك األشعري ‪َّ ( :‬‬
‫وأقام النساء خلف ذلك) يف املعجم الكبري ‪ ، 9 :6‬وقال ‪( :‬ليليني منكم أوىل‬
‫األحالم والنهى) يف سنن الرتمذي ‪ ،686 :‬وصححه‪ ،‬وقوله ‪( :‬خري صفوف‬
‫ورشها أوهلا) يف صحيح‬
‫ورشها آخرها‪ ،‬وخري صفوف النساء آخرها ّ‬ ‫الرجال أوهلا ّ‬
‫مسلم ‪. 61 :‬‬
‫(‪ )6‬هذا عىل قول أيب حنيفة ‪ ،‬وقاال‪ :‬متنع الشابة من حضور كل مجاعة‪ ،‬وللعجوز‬
‫حضور الصالة كلها‪ ،‬ولكن املتأخرين منعوا حضور الشابات والعجائز يف الصالة‬
‫مطلق ًا‪ ،‬والفتوى عىل الكراهة؛ لفساد الزمان‪ ،‬وعليه مشى صاحب الكنز ص ‪،‬‬
‫وقال يف الكايف‪ :‬والفتوى اليوم عىل الكراهة يف الصالة مطلق ًا كلها؛ لظهور‬
‫الفساد‪ ،‬ومتى كره حضور املسجد للصالة فألن يكره حضور جمالس الوعظ‬
‫خصوص ًا عند هؤالء اجلهال الذي حتلو بحلية العلامء أوىل‪ ،‬ذكره فخر اإلسالم‪،‬‬
‫وقال صاحب الفتح ‪ :6 2 :‬املعتمد منع الكل يف الكل إال العجائز املتفانية فيام‬
‫‪:‬‬ ‫يظهر يل دون العجائز املتربجات وذوات الرمق‪ ،‬وقال صاحب التبيني ‪0 :‬‬
‫واملختار املنع يف اجلميع؛ لتغري الزمان‪ ،‬وقال صاحب التنوير ‪ :680 :‬ويكره‬
‫حضورهن اجلامعة مطلق ًا عىل املذهب‪ ،‬وقال الرشنباليل يف حاشيته عىل الدرر ‪:‬‬
‫‪:83‬وهو األوىل‪،‬ومتامه يف البحر ‪،680 :‬ورد املحتار ‪ .680 :‬وقال القاري يف‬
‫فتح باب العناية ‪ : 8 :‬واملختار منع العجوز عن احلضور يف مجيع األوقات‬
‫فض ً‬
‫ال عن الشابة‪.‬‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ظهر حدث اإلمام أعا َد املأموم( )‪.‬‬


‫ولو َ‬
‫ٌ‬
‫حائل يشتبه معه حال اإلمام عليه‪ ،‬منع‬ ‫ومتى كان بني اإلمام واملأموم‬
‫الصحة( )‪.‬‬

‫فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪« :‬لو أن رسول اهلل ‪ ‬رأى ما أحدث النساء‬
‫ملنعهن املسجد كام منعت نساء بني إرسائيل» يف صحيح مسلم ‪ ،6 9 :‬وصحيح‬
‫البخاري ‪ . 93 :‬قال بحر العلوم‪« :‬قد يتوهم أن فيه إبطال النص بالتعليل مع‬
‫أن أحكم احلاكمني هو اهلل تعاىل‪ ،‬وكان عامل ًا بام أحدثته النساء‪ ،‬فال يظهر ملا قالت‬
‫عائشة ريض اهلل عنها وجه‪ ،‬فيندفع بأن حكمه سبحانه عىل لسان رسوله ‪‬‬
‫بخروج النساء إىل املساجد وعدم منعهن عنه مؤقت ًا إىل عدم احتامل الفتنة‪ ،‬فإذا‬
‫انتفى هذا انتفى ذاك‪ ،‬ومقصودها ريض اهلل عنها لو رأى النبي ‪ ‬يف زمانه املأمون‬
‫عن الفتن ما أحدث يف هذا الزمن ملنعن بأمر اهلل تعاىل عن اخلروج‪ ،‬ومل يرخصهن‬
‫عرب عن وقوع‬ ‫فيه البتة‪ ،‬وعربت عن وقوع األحداث برؤيته ‪ ‬كام أن اهلل تعاىل َّ‬
‫اجلهاد لعدم العلم يف قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ [التوبة‪:‬‬
‫‪ ،]11‬وعلمه أتم» ينظر‪ :‬حتفة النبالء بجامعة النساء ص‪. 1‬‬
‫أن اإلمام صىل هبم حال كونه حمدث ًا أعاد املأموم صالته؛ ألنَّه املأموم‬ ‫( ) يعني إذا ظهر َّ‬
‫ألن املقتدي تبع لإلمام يف املوافقة ال يف‬ ‫تابع له صحة وفساد ًا‪ ،‬خالف ًا للشافعي ‪‬؛ َّ‬
‫الصحة والفساد حتى جيوز اقتداء القائم باملومئ‪ ،‬وقراءة اإلمام ال تنوب عن قراءة‬
‫املقتدي‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪ ،8‬واملنحة ‪.3 :‬‬
‫( ) جعل ملك العلامء الكاساين يف بدائع الصنائع ‪ :6 3 :‬من رشوط أركان الصالة‪:‬‬
‫ألن االقتداء يقتيض التبعية يف الصالة‪ ،‬واملكان من‬ ‫«احتاد مكان اإلمام واملأموم؛ َّ‬
‫لوازم الصالة‪ ،‬فيقتيض التبعية يف املكان رضورة‪ ،‬وعند اختالف املكان تنعدم‬
‫وألن اختالف املكان‬ ‫َّ‬ ‫التبع ّية يف املكان‪ ،‬فتنعدم التبعية يف الصالة؛ النعدام الزمها؛‬
‫فتتعذر عليه املتابعة التي هي معنى‬ ‫َّ‬ ‫يوجب خفاء حال اإلمام عىل املقتدي‪،‬‬
‫االقتداء‪ ،‬حتى أنَّه لو كان بينهام طريق عا ّم يمر فيه الناس أو َّنر عظيم ال يصح‬
‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف اجلمعة‬
‫) (‬
‫ال تصح إال يف مرص جامع‬

‫ألن ذلك يوجب اختالف املكانني عرف ًا مع اختالفهام حقيقة‪ ،‬فيمنع‬ ‫االقتداء؛ َّ‬
‫صحة االقتداء؛ فعن عمر بن اخلطاب ‪( :‬أنَّه قال يف الرجل يصيل بصالة اإلمام‬
‫إذا كان بينهام َّنر أو طريق أو جدار فال يأتم به) يف مصنف عبد الرزاق ‪،8 :6‬‬
‫وقدر الطريق أبو القاسم الصفار بام يمر فيه اجلمل‪ ،‬وأما النهر العظيم فام ال يمكن‬
‫العبور عليه إال بعالج‪ :‬كالقنطرة و نحوها‪ ،‬فإن كانت الصفوف متصلة عىل‬
‫أخرجه من أن يكون ممر الناس‪ ،‬فلم‬ ‫َ‬ ‫ألن اتصال الصفوف‬ ‫الطريق جاز االقتداء؛ َّ‬
‫يبق طريق ًا‪ ،‬بل صار مصىل يف حق هذه الصالة‪ ...‬ولو كان بينهام حائط‪ ،‬ذكر يف‬
‫األصل أنَّه جيزئه‪ ،‬وروى احلسن عن أيب حنيفة ‪ :‬أنَّه ال جيزئه‪ ،‬وهذا يف احلاصل‬
‫عىل وجهني‪ :‬إن كان احلائط قصري ًا ذليالً بحيث يتمكن كل أحد من الركوب‬
‫عليه‪ :‬كحائط املقصورة ال يمنع االقتداء؛ َّ‬
‫ألن ذلك ال يمنع التبعية يف املكان‪ ،‬وال‬
‫ال وعريض ًا‬
‫يوجب خفاء حال اإلمام‪ ،‬و لو كان بني الصفني حائط إن كان طوي ً‬
‫ليس فيه ثقب يمنع االقتداء‪ ،‬وإن كان فيه ثقب ال يمنع مشاهدة حال اإلمام ال‬
‫يمنع باإلمجاع‪ ،‬وإن كان كبريا‪ ،‬فإن كان عليه باب مفتوح أو خوخة فكذلك‪ ،‬وإن‬
‫مل يكن عليه يشء من ذلك ففيه روايتان»‪.‬‬
‫وهبذا التفصيل يعلم فساد ما اشتهر بني العوام يف الصالة مع صالة مجاعة يف‬
‫التلفاز؛ النعدام احتاد املكان‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫) ( فعن عيل ‪ ،‬قال‪« :‬ال ترشيق وال مجعة إال يف مرص جامع» يف مصنف ابن أيب‬
‫شيبة ‪ ، 69 :‬ومصنف عبد الرزاق ‪، 39 :6‬واآلثار ص‪ ،30‬ومسند أيب‬
‫اجلعد ‪ ، 68 :‬قال ابن حجر يف الفتح ‪ : 12 :‬إسناده صحيح‪ .‬وعن عائشة‬
‫ريض اهلل عنها‪( :‬كان الناس ينتابون يوم اجلمعة من منازهلم والعوايل فيأتون يف‬
‫الغبار يصيبهم الغبار والعرق‪ )...‬يف صحيح البخاري ‪ :603 :‬أي حيرضوَّنا‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫أمري وقاض ي َن ِّفذ األحكا َم ويقيم احلدو َد) (‪،‬‬


‫أو يف فنائه ‪ :‬وهو كل مواع له ٌ‬
‫) (‬

‫وال يقيمها إال السلطان أو نائبه) (‪.‬‬

‫نوب ًا‪ ،‬االنتياب افتعال من النوبة‪ ،‬ويف رواية‪( :‬يتناوبون) كام يف فتح الباري ‪:‬‬
‫‪ ،683‬وعن حذيفة ‪ ‬قال‪« :‬ليس عىل أهل القرى مجعة إنَّام اجلمع عىل أهل‬
‫األمصار مثل املدائن» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 69 :‬ورجاله كلهم ثقات‪،‬‬
‫ومراسيل إبراهيم صحاح السيام وقد تأيد بأثر عيل‪.‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪،6 :8‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫كركض اخليل‪ ،‬ومجع العساكر‪ ،‬واخلروجِ‬ ‫ِ‬ ‫َّصل باملرص ُمعدَّ ًا ملصاحله‪:‬‬ ‫) ( والفناء وما ات َ‬
‫وصالة اجلنازة‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 22‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ودفن املوتى‪،‬‬ ‫للرمي‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ظاهر املذهب‪ ،‬واختاره صاحب اهلداية ‪ ،8 :‬وامللتقى‬ ‫ِ‬
‫) ( هذا قول الك َْرخ ّي‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬
‫شارح املنية ص‪ ،110‬وغريه‪.‬‬‫ُ‬ ‫وصح َح ُه‬
‫َّ‬ ‫ص ‪ ،‬والكنْز ص ‪،‬‬
‫ِ‬
‫لظهور التَّواين يف‬ ‫ِ‬
‫مساجده مل يسعهم؛‬ ‫اجتمع أه ُل ُه يف ِ‬
‫أكرب‬ ‫والقول الثاين‪ :‬إنَّه موضع إذا‬
‫َ‬
‫احلدود يف األمصار‪ ،‬وعليه فتوى أكثر الفقهاء‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الرشع السيام إقامة‬‫أحكا ِم َّ‬
‫كالثلجي‪ ،‬كام يف املجتبى‪ ،‬ويف الولواجلية‪ :‬هو الصحيح‪ .‬ومشى عليه يف الوقاية‬
‫ص‪ . 90‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪ ،162 :‬والفتاوى املهدية ‪.3 :‬‬
‫ألَّنا تؤدى بجمع عظيم فتقع املنازعة يف التقديم والتقدم‪ ،‬ويف أدائها يف أول‬ ‫)‪َّ (6‬‬
‫الوقت أو آخره‪ ،‬فيليها السلطان؛ قطع ًا للمنازعة وتسكين ًا للفتنة‪ ،‬كام يف التبيني ‪:‬‬
‫‪ 9‬؛ فعن موىل آلل سعيد بن العاص ‪« :‬إنَّه سأل ابن عمر ‪ ‬عن القرى التي‬
‫بني مكة واملدينة ما ترى يف اجلمعة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إذا كان َأمري فليجمع» أخرجه‬
‫البيهقي يف املعرفة‪ ،‬ومتامه يف إعالء السنن ‪ ، 3 :8‬قال الزييل يف اهلدية ص‪َّ « :86‬‬
‫إن‬
‫اجلمعة عبارة عن أمرين‪ :‬اخلطبة والصالة‪ ،‬فاملوقوف عىل إذن السلطان هو اخلطبة‬
‫دون الصالة‪ ،‬فاستخالف اخلطيب للخطبة ال جيوز أصالً‪ ،‬وال للصالة ابتدا ًء بغري‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ جاز له‬ ‫عذر‪ ،‬بل جيوز باحلدث بعد اخلطبة‪ ،‬أو بأن كان معذور ًا قبل اخلطبة‪،‬‬
‫استخالف الغري بإذن الرشع َأ ِذ َن السلطان أو مل يأذن باالستخالف‪.»...‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وخيطب قب َلها خطبتني َخفيفتني‪ ،‬ولو َذ َك َر اهللَ تعاىل َبدَ َل اخلطبة‪َ ،‬صح) (‪.‬‬
‫وَشطها ثالثة غري اإلمام) (‪.‬‬
‫وال مجعة عىل مسافر‪ ،‬وامرأة) (‪ ،‬ومريض) (‪ ،‬وعبد‪ ،‬وأعمى) (‪ ،‬فإن‬

‫) ( أي بمقدار تسبيحة‪ ،‬فالتسبيحة أو التحميدة أو التهليلة فرض اخلطبة عند أيب‬


‫حنيفة ‪‬؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ [اجلمعة‪ ،]1 :‬وعندمها‪ :‬ال بد من ذكر‬
‫يسمى خطبة‪ ،‬لكن يسن يف اخلطبة إحدى عرشة سنة‪ :‬التعوذ يف نفسه‪،‬‬ ‫طويل َّ‬
‫والبدائة باحلمد هلل‪ ،‬والثناء عليه بام هو أهله‪ ،‬والشهادتان‪ ،‬والصالة عىل النبي ‪،‬‬
‫ويستحسن ذكر اخللفاء الراشدين‪ ،‬والعظة والتذكري‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬وتاركها‬
‫ميسء‪ ،‬واجللوس بني اخلطبتني بمقدار أن يستقر كل عضو منه موضعه‪ ،‬وأن يعيد‬
‫يف اخلطبة الثانية باحلمد هلل والثناء والصالة عىل النبي ‪ ،‬وأن يزيد يف الدعاء‬
‫للمؤمنني واملؤمنات‪ ،‬وأن خيفف اخلطبتني بقدر سورة من طوال املفصل ويكره‬
‫التطويل منه‪ .‬ينظر‪:‬اهلدية ص ‪ ،8‬واملنحة ‪ ،33 :‬واملشكاة ‪. 29‬‬
‫) ( حتى لو نفرت اجلامعة بأن تفرقوا وتركوا االشرتاك يف الصالة قبل سجود اإلمام‪،‬‬
‫ِ‬
‫سجوده‪ ،‬فإنَّه يتمها‬ ‫فإنَّه يبد َأ بالظهر‪ ،‬وأما إن بقي معه ثالثة رجال‪ ،‬أو نفروا بعد‬
‫صالة مجعة‪ ،‬فعن أم عبد اهلل الدوسية ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪( :‬اجلمعة واجبة عىل‬
‫كل قرية وإن مل يكن فيها إال أربعة‪ :‬يعني بالقرى املدائن) يف سنن البيهقي الكبري‬
‫‪ ، 29 :6‬وقال التهانوي يف إعالء السنن ‪ :16 :8‬إسناده حسن‪.‬‬
‫ألن املرأة مشغولة بالزوج؛ فعن أم عطية ريض اهلل عنها‪َّ( :‬نينا عن اتباع اجلنائز‪،‬‬ ‫)‪َّ (6‬‬
‫‪ ،‬وصحيح ابن حبان ‪،6 :2‬‬ ‫وال مجعة علينا) يف صحيح ابن خزيمة ‪:6‬‬
‫وسنن أيب داود ‪ ، 93 :‬ومسند البزار ‪ ،62 :‬ومسند أمحد‪.81 :1‬‬
‫حق واجب عىل كل مسلم يف مجاعة إال أربعة‪:‬‬ ‫) ( فعن أيب موسى ‪ ‬قال ‪( :‬اجلمعة ّ‬
‫صبي‪ ،‬أو مريض) يف املستدرك ‪ ، 1 :‬وصححه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عبد مملوك‪ ،‬أو امرأة‪ ،‬أو‬
‫وسنن أيب داود ‪ ، 80 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪. 2 :6‬‬
‫)‪ (1‬هذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ـ ‪112‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫صلوها كفتهم) (‪ ،‬وتصح إمامتهم فيها إال املرأة‪ ،‬وحتصل هبم اجلامعة أيض ًا) (‪.‬‬
‫الظهر يف منزله يوم اجلمعة بغري عذر‪ ،‬كره وأجزأه) (‪.‬‬
‫َ‬ ‫ومن َصىل‬
‫َ‬
‫ويكره للمعذورين واملحبوسني الظهر بجامعة يوم اجلمعة) (‪.‬‬

‫ﭺ ﭻﭼ [الفتح‪ ،]11 :‬وهذا سواء وجد قائد ًا يميش معه ويوصله إىل اجلمعة‪،‬‬
‫أن التكليف‬ ‫أو مل جيد‪ ،‬وقاال‪ :‬جيب عليه اجلمعة إذا وجد قائد ًا‪ ،‬واألصل فيه‪َّ :‬‬
‫يعتمد القدرة كيال يكون تكليف ما ليس يف الوسع‪ ،‬وتكليف األعمى يؤدي إىل‬
‫هذا؛ لعدم قدرته بنفسه‪ ،‬إال َّأَّنام جيعالنه قادر ًا بقدرة غريه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح التحفة‬
‫البن ملك ق‪/ 2‬أ‪.‬‬
‫) ( أي وإن حرضوا اجلامع وصلوا اجلمعة كفتهم مجعتهم عن ظهر اليوم؛ َّ‬
‫ألن‬
‫السقوط عنهم للتخفيف‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ،32 :‬واهلدية ص‪.81‬‬
‫) ( أي تصح إمامة املسافر واملريض والعبد واألعمى‪ ،‬وتنعقد هبم اجلامعة وإن مل‬
‫حيرض غريهم‪ ،‬بخالف املرأة فال تصح إمامتها فيها؛ ألنَّه ال يصح إال إمامة‬
‫الرجال‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 2‬أ‪.‬‬
‫ألن األصل هو الظهر إال َّأَّنم قالوا بإسقاط هذا الفرض بأداء اجلمعة إذا‬ ‫)‪َّ (6‬‬
‫استجمعت رشائطها‪ ،‬فإذا أداها قبل اجلمعة جاز‪ ،‬إال أنَّه ارتكب حمرم ُا برتكه‬
‫الفرض القطعي‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪ ، 20 :‬وفتح باب العناية ‪. 09 :‬‬
‫ألن اجلمع َة جامع ٌة للجامعات؛ فعن عيل ‪« :‬ال مجاعة يوم اجلمعة إال مع اإلمام»‬ ‫) ( َّ‬
‫يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 33 :‬وإسناده حسن‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪،80 :8‬‬
‫وغريه‪ .‬وهذه الكراهة سواء قبل فراغ اإلمام أو بعده اتفاق ًا؛ َّ‬
‫ألَّنا تفيض إىل تقليل‬
‫مجاعة اجلمعة ومعارضة هلا‪ ،‬وكذلك أهل املرص إن مل يصلوها ملانع يكره هلم أداء‬
‫الظهر بجامعة‪ ،‬بل ينبغي أن يصلوه فرادى‪ ،‬بخالف أهل القرى والبوادي حيث‬
‫جيوز هلم أن يصلوه بجامعة وأذان وإقامة يوم اجلمعة‪ ،‬بخالف أهل السجن‬
‫فإَّنم يصلون الظهر‬ ‫واملرض‪ ،‬وكذا من ال جتب عليهم اجلمعة لبعد املوضع‪َّ ،‬‬
‫بجامعة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.81‬‬
‫ـ ‪113‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومن أدرك اإلمام يف التشهد أو يف سجود السهو َأتم اجلمعة) (‪.‬‬


‫وباألذان األول حيرم البيع) (‪.‬‬
‫وجيب السعي عىل َمن يسمع النداء فقط) (‪.‬‬
‫ترك الناس الصال َة والكال َم حتى يصلوا‪ ،‬فإذا‬ ‫ِ‬
‫للططبة َ‬ ‫وإذا خرج اإلمام‬
‫خطب وجب السامع والسكوت عىل القريب والبعيد) (‪ ،‬وإذا قرأ‪ :‬ﭽﭹ ﭺ‬
‫صل السامع يف ِ‬
‫نفسه) (‪.‬‬ ‫ﭻﭼ ﭽ ﭼ )‪ ،(1‬ي ِّ‬

‫) ( وعند حممد ‪ ‬يتمها ظهر ًا‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪110 :‬؛ فعن ابن عمر ‪ ،‬قال‬
‫‪َ ( :‬من أدرك ركعة من صالة اجلمعة وغريها فليضف إليها أخرى وقد متت‬
‫صالته) يف سنن الدارقطني ‪ ، :‬وإسناده صحيح‪ ،‬لكن قوى أبو حاتم إرساله‪،‬‬
‫كام يف بلوغ املرام ‪ .8 :‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ ،8 :8‬وغريها‪.‬‬
‫) ( لقوله ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ [اجلمعة‪ ،]1:‬وقال الطحاوي‪ :‬األذان الثاين‪،‬‬
‫واألصح أنَّه األذان األول‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.20 :‬‬
‫)‪ (6‬هذا قول ُ حممد ‪‬؛ فعن ابن عمرو ‪ ‬قال ‪( :‬اجلمعة عىل من سمع النداء) يف‬
‫سنن الدارقطني ‪ ،3 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 26 :6‬ينظر‪ :‬اجلوهر النقي ‪:6‬‬
‫َّ‬
‫وألن السعي معلل بالنداء‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪:‬‬ ‫‪ ، 2‬وتلخيص احلبري ‪33 :‬؛‬
‫ألَّنا حينئذ تكون‬
‫اجلمعة واجبة عىل أهل قرية جيمع خراجها مع خراج املرص؛ َّ‬
‫تابعة للمرص فيكون أهلها كأهله‪ ،‬وقال أبو يوسف ‪ :‬جتب عىل من بينه وبني‬
‫املرص فرسخ‪ ،‬وعليه الفتوى‪ ،‬كذا يف رشح املجمع‪ ،‬وعن حممد ‪ ‬إذا كان بينهام‬
‫ثالثة أميال جتب‪ ،‬وإال ال‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.83‬‬
‫) ( ملا سبق من األدلة عند ذكر أوقات كراهية الصالة‪.‬‬
‫)‪ (1‬األحزاب‪.13:‬‬
‫)‪ (3‬أي رس ًا ال جيهر فيها‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف العيدين‬
‫كل َمن َ ِ‬
‫جتب عليه صالة اجلمعة( )‪.‬‬ ‫جتب( ) صالة العيد( ) عىل ِّ‬
‫ويس َت َحب يو َم الفطر أن َيط َع َم اإلنسان قبل الصالة( )‪ ،‬ويف األَاحى‬

‫‪،‬‬ ‫( ) وهو رواية عن أيب حنيفة‪ ،‬وصححها صاحب اهلداية ‪ ،81 :‬واملختار ‪:‬‬
‫‪ ،‬والتنوير‬ ‫والدر املختار ‪ ،111 :‬واختاره صاحب امللتقى ص‪ ، 1‬والكنز ‪:‬‬
‫‪ ،11 :‬وغريهم‪.‬‬
‫والقول الثاين‪َّ :‬أَّنا سنة‪ ،‬قاهلا النسفي وصححه يف املنافع‪ ،‬قال الرسخيس يف‬
‫املبسوط ‪« :68 :‬األظهر َّأَّنا سنة‪ ،‬ولكنَّها من معامل الدين‪ ،‬أخذها هدي‪ ،‬وتركها‬
‫ضاللة»‪ .‬وينظر‪َّ :‬ناية النقاية ص‪ ، 96‬وغريها‪.‬‬
‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ [البقرة‪،]111 :‬‬
‫قيل‪ :‬املراد به صالة العيد‪ ،‬واألمر للوجوب‪ ،‬وقوله ‪ :‬ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﭼ‬
‫[الكوثر‪ ،]2 :‬قيل‪ :‬املراد به صالة عيد النحر فتجب باألمر‪ ،‬كام يف عمدة القاري ‪:3‬‬
‫‪ ، 26‬وعن أم عطية ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬أمرنا النبي ‪ ‬أن نخرج يف العيدين‬
‫العواتق وذوات اخلدور‪ ،‬وأمر احليض أن يعتزلن مصىل املسلمني) يف صحيح‬
‫مسلم ‪ ،301 :‬وصحيح البخاري ‪ ،66 :‬وعن أخت ابن رواحة ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫(وجب اخلروج عىل كل ذات نطاق يعني يف العيدين) يف سنن البيهقي الكبري ‪:6‬‬
‫‪ ،603‬ومسند إسحاق بن راهويه ‪ ، 38 :‬ومسند أمحد ‪ ،618 :3‬ومسند‬
‫الطياليس ‪. 3 :‬‬
‫(‪ )6‬فال جتب عىل املسافر واملريض واألعمى واملرأة واملعذور‪ .‬وينظر‪ :‬املنحة ‪.2 :‬‬
‫( ) فعن أنس ‪ ‬قال‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬ال يغدو يوم الفطر حتى يأكل مترات) يف‬
‫صحيح البخاري ‪.6 1 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫أحسن ثيابه( )‪ ،‬ويتوجه إىل املصىل‬


‫َ‬ ‫ب‪ ،‬و َيل َب َس‬ ‫َ‬
‫ويغتسل فيهام‪ ،‬ويتطي َ‬ ‫بعدها( )‪،‬‬
‫كرب فيه َجهر ًا طول الطريق‪.‬‬‫كرب َجهر ًا( )‪ ،‬بطالف األَاحى‪ ،‬فإنه ي ِّ‬ ‫وهو غري م ِّ‬
‫وصالة األَاحى كالفطر( )‪ ،‬ويستحب تعجيلها( )‪.‬‬
‫والوقوف يوم عرفة يف مواع آخر تشبه ًا بأهل عرفة‪ ،‬بدعة( )‪.‬‬

‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان ال خيرج يوم الفطر حتى يطعم‪ ،‬وال يطعم‬ ‫( ) فعن بريدة ‪َّ ( :‬‬
‫يوم النحر حتى يذبح) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ،6 :‬وصحيح ابن حبان ‪:2‬‬
‫‪ ،1‬واملستدرك ‪ ، 66 :‬وسنن الرتمذي ‪ ، 3 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يلبس يوم العيد بردة محراء) يف املعجم‬
‫األوسط ‪ ،6 3 :2‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪« : 98 :‬رجاله ثقات»‪ ،‬وعن‬
‫إن ابن عمر ‪ ‬كان يلبس يف العيدين أحسن ثيابه) يف سنن البيهقي الكبري‬ ‫نافع‪َّ ( :‬‬
‫‪ ، 8 :6‬قال ابن حجر يف فتح الباري ‪« : 9 :‬إسناده صحيح»‪.‬‬
‫(‪ )6‬فلو كرب رس ًا كان حسن ًا‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫َّ‬
‫وألن األصل يف الثناء اإلخفاء إال ما‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﭼ [األعراف‪]211 :‬؛‬
‫‪.‬‬ ‫خصه الرشع‪ :‬كيوم األضحى‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪:‬‬
‫( ) يعني كالمها عىل صورة واحدة‪ ،‬وهي أن يصيل اإلمام بالناس ركعتني‪ ،‬يكرب يف‬
‫األوىل تكبرية االفتتاح‪ ،‬ثم يكرب ثالث ًا‪ ،‬ثم يقرأ‪ ،‬ثم إذا فرغ من القراءة من الركعة‬
‫الثانية يكرب ثالث ًا‪ ،‬ثم يكرب للركوع‪ ،‬فتكون التكبريات الزائدة ست ًا‪ ،‬وهو قول ابن‬
‫مسعود ‪ ،‬وعند الشافعي ‪ ‬يكرب سبع ًا يف الركعة األوىل بعد الفاحتة بالذكر‬
‫بينهن‪ ،‬ومخس ًا يف الثانية قبل القراءة‪ ،‬فتكون الزوائد عنده اثنتي عرشة‪ ،‬وهذا قول‬
‫ابن عباس ‪ ،‬وعند مالك وأمحد ‪ ‬ست ًا يف األوىل ومخس ًا يف الثانية‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪.2 :‬‬
‫(‪ )1‬أي تعجيل صالة عيد األضحى؛ ألجل ذبح القرابني؛ لتكون بداية الفطر من‬
‫حلومها‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.21 :‬‬
‫ألن الوقوف بعرفة يف مكان خمصوص‬ ‫(‪ )3‬أي ليس بيشء معترب يتعلق به الثواب؛ َّ‬

‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وتكبري التريق َأوله بعد فجر يوم عرفة‪ ،‬وآخره بعد عرص يوم النحر( )‪.‬‬
‫وصفته‪ :‬اهلل أكرب اهلل أكرب ال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكرب اهلل أكرب وهلل احلمد‬
‫َمرة واحد ًة بعد الفرض‪.‬‬
‫كرب‬
‫مصل يف مجاعة مستحبة ال غري( )‪ ،‬وال ي ِّ‬ ‫ي‬ ‫وإنام جيب( ) عىل ِّ‬
‫كل مقيم‬
‫َرب‬
‫التكبري ك َ‬
‫َ‬ ‫كرب بعد اجلمعة‪ ،‬فإن َت َر َك اإلمام‬
‫بعد الوتر وصالة العيد‪ ،‬وي ِّ‬
‫املأموم( )‪.‬‬

‫عرف قربة ويف غريه فال‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص ‪. 9‬‬


‫ورجحه ابن اهلامم يف الفتح ‪ 9 :‬؛ فعن ابن مسعود ‪:‬‬
‫( ) هذا قول أيب حنيفة ‪َّ ،‬‬
‫أنَّه كان يكرب من صالة الغداة يوم عرفة إىل صالة العرص يوم النحر»‪ ،‬رواه‬
‫الطرباين يف الكبري ورجاله موثقون‪ ،‬كام يف جممع الزوائد ر ‪. 60‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬إىل آخر أيام الترشيق‪ ،‬وهو قول الصاحبني ‪ ،‬ويف امللتقى ص‪ : 1‬وعليه‬
‫العمل‪ ،‬ويف الدر املختار ‪ :13 :‬وعليه االعتامد والعمل والفتوى يف عامة‬
‫األمصار وكافة األعصار؛ فعن عمري ابن سعيد ‪ ‬قال‪« :‬قدم علينا ابن مسعود‬
‫‪ ‬فكان يكرب من صالة الصبح يوم عرفة إىل صالة العرص من آخر أيام الترشيق»‬
‫‪ ،‬وصححه‪ ،‬وعن ابن عباس ‪« :‬إنَّه كان يكرب من غداة‬ ‫يف املستدرك ‪0 :‬‬
‫عرفة إىل صالة العرص من آخر أيام الترشيق» يف املستدرك ‪ ، 0 :‬وصححه‪.‬‬
‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭼ [البقرة‪]213 :‬؛ ألنَّه من الشعائر‬
‫فصار كصالة العيد وتكبرياته‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص ‪. 8‬‬
‫ألَّنا غري مستحبة‪ ،‬فال‬
‫(‪ )6‬فال جيب عىل مسافر اقتدى بمقيم‪ ،‬وال عىل مجاعة النساء؛ َّ‬
‫جيب عىل غري هؤالء املذكورين‪ ،‬هذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وقاال‪ :‬جيب عىل من يصيل‬
‫املكتوبة؛ ألنَّه تبع هلا‪ ،‬فيجب عىل املسافر واملقيم واملرصي والقروي واملنفرد رج ً‬
‫ال‬
‫كان أو امرأة‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.89‬‬
‫( ) وال يرتك برتك اإلمام؛ ألنَّه يؤدى أثر الصالة ال يف نفس الصالة‪ ،‬فلم يكن اإلمام‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويس َت َحب اختالف الطرق يف َصالة العيد( )‪.‬‬

‫‪ ،‬واجلامع الكبري ‪ ، 6 :‬واألصل ‪:‬‬ ‫فيه حت ًام‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع الصغري ‪1 :‬‬
‫‪ ، 9‬والتبيني ‪. 2 :‬‬
‫( ) فعن ابن عمر ‪َّ ( :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬أخذ يوم العيد يف طريق‪ ،‬ثم رجع يف طريق‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬وحسنه‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪:‬‬ ‫آخر) يف ‪ ،620 :‬وسنن الرتمذي ‪:‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫شاع بني العوام أ َّنه إذا اجتمع العيد واجلمعة تسقط اجلمعة‪ ،‬وهذا غري صحيح‪،‬‬
‫فقد اتفق األئمة األربعة وأصحاهبم عىل عدم سقوط صالة اجلمعة إال يف قول شاذ‬
‫‪ ، 12-‬ودليلهم الكتاب والسنة‬ ‫ألمحد عىل ما حققه الكوثري يف مقاالته ص‪9‬‬
‫املستفيضة والعمل املتوارث واإلمجاع يف فرضية اجلمعة عىل أهل األمصار من‬
‫الرجال غري املعذورين فرض ًا عام ًا‪ ،‬فال يتصور إخراج َمن يصيل العيد من هذا‬
‫احلكم إال بقيام دليل مثله يف القوة‪ ،‬ودون ذلك خرط القتاد؛ فعن أيب عبيد ‪ ‬ثم‬
‫شهدت العيد مع عثامن بن عفان ‪ ‬فكان ذلك يوم اجلمعة فصىل قبل اخلطبة ثم‬
‫أحب أن‬
‫ّ‬ ‫فمن‬ ‫خطب فقال‪« :‬يا أهيا الناس َّ‬
‫إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان‪ّ ،‬‬
‫أحب أن يرجع فقد أذنت له» يف‬
‫ّ‬ ‫ينتظر اجلمعة من أهل العوايل فلينتظر‪ ،‬و َمن‬
‫صحيح البخاري ‪. 3 :1‬‬
‫قال العالمة التهانوي يف إعالء السنن ‪«:96 :8‬وكان عثامن ‪ ‬قال ذلك بمحرض‬
‫من الصحابة‪ ،‬فلو كانت الرخصة تعم أهل القرى‪ ،‬وأهل البلد مجيع ًا؛ ألنكروا‬
‫عليه ختصيصها بأهل العالية‪ ،‬فثبت َّ‬
‫أن الرخصة خمصوصة بمن مل جتب عليه‬
‫اجلمعة‪ ،‬فال ترتك اجلمعة بالعيد‪ ،‬كيف َّ‬
‫وإن فريضة اجلمعة ثابتة بالكتاب واإلمجاع‪،‬‬
‫الزمة عىل أهل البلد‪ ،‬فال جيوز إسقاطها عنهم بام هو دوَّنا إال بنص قطعي مثله»‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف املسافر‬
‫ِ‬
‫بثالثة( ) أيام بسري اإلبل وميش‬ ‫السفر امل َر ِخص للمطيع والعايص( ) مقد ٌر‬
‫األقدام( )‪.‬‬
‫َ‬
‫وقرأ يف األوليني‬ ‫وفرض املسافر يف الرباعية ركعتان( )‪ ،‬فلو َصىل َأربع ًا‬

‫وألن نفس السفر ليس‬ ‫َّ‬ ‫ألن إطالق النصوص إباحة القرص يف السفر مطلق ًا؛‬ ‫( ) َّ‬
‫بمعصية وإنَّام املعصية ما يكون بعده أو جياوره‪ ،‬والرخصة تتعلق بالسفر ال‬
‫باملعصية‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 9‬ب‪.‬‬
‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭼ [النساء‪،]111 :‬‬
‫وتقدير املدة بالثالثة؛ لقوله ‪( :‬يمسح املقيم يوم ًا وليلة‪ ،‬واملسافر ثالثة أيام‬
‫ولياليها) يف املجتبى ‪ ،8 :‬وصحيح ابن خزيمة ‪.98 :‬‬
‫أن الفراسخ ختتلف باختالف الطريق يف‬ ‫(‪ )6‬وال اعتبار للفراسخ عىل املذهب‪ ،‬ووجهه َّ‬
‫السهل واجلبل والرب والبحر بخالف املراحل‪ ،‬واختار أكثر املشايخ تقدير أقل مدة‬
‫السفر بالفراسخ‪ ،‬والفرسخ يساوي ثالثة أميال‪ ،‬وامليل يساوي ‪ 8 8‬م‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫‪ 3.‬كم‪ ،‬وقيل‪ :‬ثامنية عرش فرسخ ًا أي‬ ‫واحد وعرشون فرسخ ًا‪ :‬أي‬
‫( ‪ )99.29‬كم‪ ،‬وقيل‪ :‬مخسة عرش فرسخ ًا‪ :‬أي (‪ )86. 3‬كم‪ ،‬والفتوى عىل‬
‫الثاين؛ ألنَّه الوسط‪ ،‬ويف املجتبى‪ :‬فتوى أئمة خوارزم عىل الثالث‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب‬
‫العناية ‪ ،690 :‬ورد املحتار ‪ .1 2 :‬ويف مقدمة جممع البحرين ص‪ : 9‬امليل‪:‬‬
‫(‪ 811‬م) والفرسخ (‪1131‬م)‪.‬‬
‫( ) فعن ابن عمر ‪( :‬إين صحبت رسول اهلل ‪ ‬يف السفر فلم يزد عىل ركعتني حتى‬
‫قبضه اهلل‪ ،‬وصحبت أبا بكر فلم يزد عىل ركعتني حتى قبضه اهلل‪ ،‬وصحبت عمر‬
‫فلم يزد عىل ركعتني حتى قبضه اهلل‪ ،‬ثم صحبت عثامن فلم يزد عىل ركعتني حتى‬
‫قبضه اهلل‪ ،‬وقد قال اهلل ‪ :‬ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ [األحزاب‪:‬‬
‫‪ ،]21‬يف صحيح مسلم ‪ ، 29 :‬وعن أيب الكنود ‪ ‬قال‪« :‬سألت ابن عمر ‪‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫قدر التشهد وقعت األوليان فرا ًا‪ ،‬وما بعدمها نفالً‪ ،‬وإن مل‬ ‫ِ‬
‫و َق َعدَ يف الثانية َ‬
‫يقعد بطلت( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫بيوت املرص( ) حتى يرجع إليها( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بمفارقة‬ ‫ويرتخص املسافر‬

‫عن صالة السفر؟ فقال‪ :‬ركعتان نزلتا من السامء‪ ،‬فإن شئتم فر ّدومها» قال اهليثمي‬
‫يف جممع الزوائد ‪« : 1 :‬رواه الطرباين يف الصغري ورجاله موثقون»‪ ،‬وعن‬
‫الصالة يف السفر؟ فقال‪ :‬ركعتني ركعتني من‬ ‫مورق قال‪« :‬سألت ابن عمر ‪ ‬عن ّ‬
‫خالف السنة كفر» يف سنن البيهقي الكبري‪ ، 0 :6‬ومصنف عبد الرزاق ‪:‬‬
‫‪،1 9‬ورشح معاين اآلثار ‪ ، 2 :‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪«: 1 :‬رواه‬
‫الطرباين يف الكبري ورجاله رجال الصحيح»‪ ،‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫فأقرت صالة السفر‪ ،‬وأمتت صالة احلرض‪ »...‬يف‬ ‫«الصالة أول ما فرضت ركعتني ّ‬
‫صحيح ال ُبخاري ‪،639 :‬وصحيح مسلم ‪. 28 :‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن القعد َة الثانية فرض يف حقه وقد تركها‪.‬‬
‫رب املجاوزة من اجلانب الذي خرج منه‪ ،‬حتى لو جاوز عمران املرص قرص‬ ‫إن املعت ّ‬ ‫( ) َّ‬
‫وإن كان بحذائه من جانب آخر أبنية؛ فعن أنس ‪ ‬قال‪( :‬صليت الظهر مع النبي‬
‫‪ ‬باملدينة أربع ًا‪ ،‬والعرص بذي احلليفة ركعتني) يف صحيح البخاري ‪،639 :‬‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال‪( :‬سافرت مع رسول اهلل ‪ ‬ومع أيب بكر وعمر ‪ ‬كلهم‬
‫صىل من حني خيرج من املدينة إىل أن يرجع إليها ركعتني يف املسري واملقام بمكة) يف‬ ‫ّ‬
‫مسند إسحاق بن راهويه ‪ ،22 :‬ومسند أيب يعىل ‪ ،183 : 0‬وقال اهليثمي يف‬
‫جممع الزوائد ‪ : 13 :‬رواه أبو يعىل والطرباين يف األوسط ورجال أيب يعىل رجال‬
‫الصحيح‪ ،‬وقال ابن حجر يف فتح الباري ‪ :12 :‬إسناده جيد‪ ،‬وعن أيب حرب‬
‫إن علي ًا ملا خرج إىل البرصة رأى ُخ ّص ًا‪ ،‬فقال‪ :‬لوال هذا‬
‫بن أيب األسود الدييل ‪َّ « :‬‬
‫اخلص لصلينا ركعتني‪ ،‬فقلت‪ :‬ما خص ًا؟ قال‪ :‬بيت من قصب» يف مصنف عبد‬
‫الرزاق ‪ ،1 9 :‬ورواته ثقات‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 93 :2‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )6‬ويعترب دخول البلدة يف اعتبار انتهاء مدّ ة القرص؛ فعن ابن عمر ‪( :‬أنَّه كان يقرص‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عر يوم ًا( )‪ ،‬ال يف مفازة( ) فيتم‪.‬‬


‫أو ينوي اإلقام َة يف بلد أو َقرية مخس َة َ‬
‫دخل مرص ًا ومل ينو اإلقامة فيه ومتادت حاجته أشهر ًا ترخص( )‪.‬‬ ‫ولو َ‬
‫وال تصح نية إقامة العسكر املحارب للكفار أو البغاة( )‪ ،‬بطالف َأهل‬

‫الصالة حني خيرج من شعب املدينة‪ ،‬ويقرص إذا رجع حتى يدخلها) يف إعالء‬
‫السنن ‪ : 93 :2‬رواه عبد الرزاق‪ ،‬وإسناده ال بأس به‪ ،‬كام يف حتفة األحوذي ‪:6‬‬
‫‪ ،88‬وعن عيل ‪( :‬أنَّه خرج فقرص وهو يرى البيوت فلام رجع قيل له‪ :‬هذه‬
‫الكوفة‪ ،‬قال‪ :‬ال حتى ندخلها) يف صحيح البخاري معلق ًا ‪ ،639 :‬وغريه‪.‬‬
‫إن اب َن عمر ‪ ‬كان إذا أمجع عىل إقامة مخسة عرش يوم ًا أتم‬ ‫( ) فعن جماهد ‪ ،‬قال‪َّ ( :‬‬
‫الصالة) يف إعالء السنن ‪ : 92 :2‬رواه ابن أيب شيبة وإسناده صحيح‪ ،‬وسنن‬
‫الرتمذي ‪. 6 :‬‬
‫ألَّنا ليست بمحل‬ ‫تصح ن ّية إقامته بخمسة عرش يوم ًا أو أكثر يف الصحراء؛ َّ‬
‫ّ‬ ‫( ) أي ال‬
‫لإلقامة فلم تصادف النية فلغت‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ،8 :‬واهلدية ص ‪.9‬‬
‫(‪ )6‬فعن جابر بن عبد اهلل ‪( :‬أقام رسول اهلل ‪ ‬بتبوك عرشين يوم ًا يقرص الصالة)‬
‫وصححه األرنؤوط‪ ،‬وصحيح‬ ‫ّ‬ ‫يف سنن أيب داود ‪ ،696 :‬ومسند أمحد ‪، 91 :6‬‬
‫ابن حبان ‪ ، 13 :3‬وعن ابن عمر ‪« :‬أنَّه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقرص‬
‫الصالة وكان قال‪ :‬إذا أزمعت إقام ًة أتم» يف مصنف عبد الرزاق ‪ ،166 :‬ويف‬
‫التعليق املمجد ‪« : 98 :‬وروي عن احلسن‪ :‬كنّا مع احلسن بن سمرة ‪ ‬ببعض‬
‫أن أنس بن مالك‬ ‫ور ِوي َّ‬
‫بالد فارس سنتني فكان ال جيمع وال يزيد عىل ركعتني‪ُ ،‬‬
‫صيل ركعتني‪ ،‬ويف الباب آثار أخر‬ ‫‪ ‬أقام بالشام شهرين مع عبد امللك بن مروان ُي ّ‬
‫ذكرها الزيلعي نصب الراية»‪.‬‬
‫ألن حال العسكر يف دار احلرب والبغاة يف دار اإلسالم مرتدد بني الفرار والقرار؛‬ ‫( ) َّ‬
‫فعن نرص بن عمران ‪ ،‬قال البن عباس ‪« :‬إنا نطيل القيام بالغزو بخراسان‬
‫صل ركعتني وإن أقمت عرش سنني» يف مصنف ابن أيب شيبة‬ ‫فكيف ترى؟ فقال‪ :‬ي‬
‫‪ ، 02 :‬وإسناده صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ،602 :2‬وغريها‪ ،‬وعن أنس ‪:‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الكأل( )‪.‬‬
‫ويتم املسافر املقتدي باملقيم( )‪ ،‬وإذا صىل املسافر باملقيمني ركعتني َسلم‬
‫وقال‪َ :‬أمتوا َصالتَكم فإنا قوم سفر( )‪ ،‬فيتمون بغري قراءة( )‪.‬‬
‫غري وطنِه ثم َد َخ َل يف وطنه األول َق َرص( )‪.‬‬
‫ومن توط َن يف ِ‬
‫َ‬

‫إن أصحاب رسول اهلل ‪ ‬أقاموا برامهرمز تسعة أشهر يقرصون الصالة) يف سنن‬ ‫( َّ‬
‫‪ ،‬وينظر‪ :‬نصب‬ ‫البيهقي الكبري ‪ ، 1 :6‬وصححه ابن حجر يف الدراية ‪:‬‬
‫الراية ‪. 81 :‬‬
‫ألن اإلقامة أصل ال تبطل بانتقاهلم من‬ ‫فإن نية اإلقامة تصح منهم يف الصحراء؛ َّ‬ ‫( ) َّ‬
‫تصح إالَّ يف‬
‫ُّ‬ ‫تصح ن َّي ُة إقامتِهم‪َّ ،‬‬
‫فإن اإلقام َة ال‬ ‫ُّ‬ ‫مرعى إىل مرعى‪ ،‬وقيل‪ :‬ال‬
‫األمصار‪ ،‬أو القرى‪ ،‬وهو قول بعض املشايخ‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك عىل الوقاية‬
‫ق‪/ 1‬ب‪.‬‬
‫ألن فرض املسافر كام يتغري إىل األربع بنية اإلقامة كذلك يتغري إليه التباعه باملقيم‪،‬‬ ‫( ) َّ‬
‫فالتبعية معتربة كنية اإلقامة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ،96‬واملنحة ‪.8 :‬‬
‫ألن القعدة األوىل فرض يف ح ّقه‪ ،‬نفل يف حق املقيم‪،‬‬ ‫ألن صالة املسافر أقوى؛ َّ‬
‫(‪َّ )6‬‬
‫وبناء الضعيف عىل القوي جائز؛ فعن عمران بن حصني ‪ ‬قال‪( :‬غزوت مع‬
‫رسول اهلل ‪ ‬وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثامين عرشة ليلة ال يصيل إال ركعتني‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬يا أهل البلد‪ ،‬صلوا أربع ًا فإنا قوم سفر) يف سنن أيب داود ‪ ،9 :‬وصحيح‬
‫ابن خزيمة ‪ ،20 :6‬وعن عمر بن اخلطاب ‪( :‬كان إذا قدم مكة صىل هبم‬
‫ركعتني‪ ،‬ثم يقول‪ :‬يا أهل مكة‪ ،‬أمتوا صالتكم‪ ،‬فإنا قوم سفر) يف املوطأ ‪، 9 :‬‬
‫وغريه‪.‬‬
‫ألن اإلمام قد أداها فصار املقتدي كالالحق حيث أدرك أول الصالة مع اإلمام‪.‬‬ ‫( ) َّ‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.96‬‬
‫(‪ )1‬صورته‪ :‬شامي انتقل من الشام بأهله وعياله وتوطن البرصة‪ ،‬ثم سافر فدخل‬
‫الشام‪ ،‬يقرص الصالة؛ ألنَّه مل يبق وطن ًا له؛ إلبطال الوطن األول بتوطنه يف غريه‬
‫ـ ‪112‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وفائتة احلرض تقض يف السفر َأربع ًا‪ ،‬وفائتة السفر تقض يف احلرض‬
‫ركعتني‪ ،‬واملعترب يف ذلك آخر الوقت( )‪.‬‬
‫ويصري املسافر مقي ًام بمجرد النية‪ ،‬وال يصري املقيم مسافر ًا إال بالنية مع‬
‫اخلروج( )‪.‬‬
‫ويباح السفر يوم اجلمعة قبل الزوال وبعده( )‪.‬‬

‫كمكة للنبي ‪ ،‬كام يف منحة السلوك ‪86 :‬؛ فعن عمران بن حصني ‪( :‬ما‬
‫سافر رسول اهلل ‪ ‬سفر ًا إال صىل ركعتني ركعتني حتى يرجع‪ ،‬وإنَّه أقام بمكة‬
‫زمان الفتح ثامين عرش ليلة يصيل بالناس ركعتني ركعتني) يف مسند أمحد ‪، 60 :‬‬
‫وسنن أيب داود ‪ ،9 :‬وصححه الرتمذي‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ ،609 :2‬وغريها‪.‬‬
‫يبطل بمثله وما هو فوقه‪ ،‬وال يبطل بام هو دونه‪ ،‬فال‬ ‫كل وطن ُ‬ ‫والقاعدة يف ذلك‪ُّ :‬‬
‫األصيل إال باختاذه وطن ًا َأصلي ًا آخر‪ ،‬وال يبطل بوطن اإلقامة الذي‬ ‫ُّ‬ ‫يبطل الوط ُن‬
‫نوى أن يستقر فيه مخسة عرش يوم ًا أو أكثر دون أن يتخذه مسكن ًا‪،‬ومتامه يف املشكاة‬
‫ص‪. 26‬‬
‫الس ِ‬
‫فر يف ا ِ‬
‫رص‪ ،‬وإن‬ ‫حلرض َي ْق ُ ُ‬ ‫السفر وضده ال يغريان الفائتة‪ ،‬فإن قىض فائت َة َّ‬ ‫( ) َّ‬
‫ألن َّ‬
‫ألن القضاء بحسب األداء‪ ،‬واملعترب يف وجوب‬ ‫فر ُيتِ ُّم؛ َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫احلرض يف َّ‬ ‫قىض فائت َة‬
‫األربع أو الركعتني آخر الوقت‪ ،‬فإن كان آخر الوقت مسافر ًا وجب عليه ركعتان‪،‬‬
‫وإن كان مقي ًام وجب عليه األربع‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪ ، 89‬وتبيني احلقائق‬
‫‪ ، 1 :‬واهلدية العالئية ص‪ ، 6‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فال يتحقق حكم السفر بأحدمها وإن دار كل البالد بال نية‪ .‬ينظر‪:‬هدية الصعلوك‬
‫ص ‪.9‬‬
‫فإن رسول اهلل ‪( ‬بعث احلكم بن رواحة‬ ‫(‪ )6‬أما بعد الزوال فظاهر‪ ،‬وأما قبل الزوال‪َّ ،‬‬
‫يف رسية فوافق ذلك يوم اجلمعة فغدا أصحابه فقال‪ :‬أخت ّلف ُفأصيل مع رسول اهلل‬
‫النبي ‪ ‬رآه‪ ،‬فقال‪ :‬ما منعك أن تغدو مع َأصحابك؟‬ ‫ثم أحلقهم‪ ،‬ف َل ّام َص ّىل مع ي‬ ‫‪ّ ‬‬
‫ثم َأحلقهم‪ ،‬قال‪ :‬لو َأنفقت ما يف األرض مجيع ًا ما‬ ‫صيل معك‪ّ ،‬‬ ‫فقال‪ :‬أردت أن ُأ ّ‬
‫ـ ‪113‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومن بدا له الرجوع من الطريق إىل مرصه وليس بينهام مدة سفر صار‬ ‫َ‬
‫مسافر حتى َ‬
‫يصل إىل مرصه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مقي ًام يف احلال( )‪ ،‬وإال فهو‬
‫وكل تبع يصري مقي ًام بني ِة متبوعه( ) إذا علم هبا‪.‬‬
‫فصل‬
‫يف املريض‬
‫ج َز عن القيا ِم َصىل قاعد ًا يركع ويسجد( )‪.‬‬‫َمن َع ِ‬
‫وج َع َل سجو َده َأ َ‬
‫خفض من‬ ‫الركوع والسجو َد‪ ،‬أومأ قاعد ًا َ‬
‫َ‬ ‫فإن مل يطق‬
‫ركوعه‪ ،‬وال ير َفع إىل وجهه شيئ ًا َيسجد عليه( )‪.‬‬

‫أدركت فضل غدوهتم) يف سنن الرتمذي ‪ ، 01 :‬ومسند عبد بن محيد ‪، 9 :‬‬


‫‪ ،‬ومسند الطياليس ‪.61 :‬‬ ‫ومسند أمحد ‪:‬‬
‫( ) فال يقرص الصالة؛ لعدم وجود مدة السفر‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.81 :‬‬
‫( ) مثل‪ :‬الزوج واملوىل واملستأجر‪ ،‬دون التبع‪ :‬كاملرأة والعبد واجلندي واألجري؛ َّ‬
‫ألن‬
‫األصل هو املتمكن من اإلقامة والسفر دون التبع‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 3 :‬‬
‫(‪ )6‬وإن مل يلحقه نوع من املشقة بالقيام مل جيز تركه‪ ،‬فإن قدر عىل القيام متكئ ًا بيشء‬
‫يقوم ويتكئ‪ ،‬وإن قدر عىل بعض القيام بأن قدر عىل التكبري قائ ًام يؤمر بام قدر‬
‫عليه‪ ،‬كام يف اهلدية ص ‪9‬؛ فعن عمران بن حصني ‪ ‬قال‪( :‬كانت يب بواسري‬
‫فسألت النبي ‪ ‬عن الصالة فقال‪ّ :‬‬
‫صل قائ ًام‪ ،‬فإن مل تستطع فقاعد ًا‪ ،‬فإن مل تستطع‬
‫فعىل جنب) يف صحيح البخاري ‪ ،623 :‬وسنن الرتمذي ‪ ، 08 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فعن جابر ‪ ‬قال‪( :‬دعا رسول اهلل ‪ ‬مريض ًا وأنا معه‪ ،‬فرآه يصيل ويسجد عىل‬
‫وسادة فنهاه‪ ،‬وقال‪ :‬إن استطعت أن تسجدَ عىل األرض فاسجد وإال فأومي إيام ًء‬
‫واجعل السجو َد َأخفض من الركوع) يف مسند أيب يعىل ‪ ،6 1 :‬وسنن البيهقي‬
‫الكبري ‪ ،602 :‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪« : 8 :‬رواه البزار‪ ،‬ورجال‬
‫البزار رجال الصحيح»‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فإن مل يطِق القعود‪ ،‬استلقى عىل ظهره وجعل رجليه إىل القبلة‪ ،‬وأومأ‬
‫بالركوع والسجود‪ ،‬أو ااطجع عىل جنبيه متوجه ًا إليها( )‪ ،‬واألول َأوىل( )‪.‬‬
‫فإن مل يطق اإليامء برأسه‪ ،‬أخ َر الصالةَ‪ ،‬ومل تسقط ما دام مفيق ًا‪ ،‬وال‬
‫يومئ بغري رأسه( )‪.‬‬
‫قدر عىل القيام ال عىل الركوع والسجود‪َ ،‬صىل قاعد ًا يومئ هبام( )‪،‬‬
‫وإن َ‬
‫أو قائ ًام‪ ،‬واألَول أوىل‪.‬‬

‫( ) فعن ابن عمر ‪ ‬قال‪ُ ( :‬يصيل املريض مستلقي ًا عىل قفاه تيل قدماه القبلة) يف‬
‫مصنف عبد الرزاق ‪ ، 26 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،608 :‬وسنن الدارقطني‬
‫‪ ، 6 :‬ورجاله ثقات‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 96 :‬وغريها‪ ،‬وعن عيل ‪ ‬قال‬
‫‪( :‬يصيل املريض قائ ًام إن استطاع فإن مل يستطع صىل قاعد ًا‪ ،‬فإن مل يستطع أن‬
‫يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه‪ ،‬فإن مل يستطع أن يصيل قاعد ًا صىل‬
‫عىل جنبه األيمن مستقبل القبلة‪ ،‬فإن مل يستطع أن يصيل عىل جنبه األيمن صىل‬
‫مستلقي ًا ورجاله مما ييل القبلة) يف سنن الدارقطني ‪ ، :‬وغريه‪.‬‬
‫ألن املستلقي يكون توجهه إىل القبلة أكثر‪ ،‬واملضطجع يكون منحرف ًا عنها‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫( ) َّ‬
‫رشح الوقاية ص ‪ ، 8‬وفتح باب العناية ‪.683-68 :‬‬
‫(‪ )6‬أي إن تع َّذر اإليامء َأ َّخر الصالة‪ ،‬وال ِ‬
‫يوم ُئ بعينيه‪ ،‬وحاجبيه‪ ،‬وقلبِه؛ َّ‬
‫ألن نصب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األبدال بالرأي ممتنع‪ ،‬ومل يمكن القياس؛ ألنَّه يتأدى بالقيام والقعود واالستلقاء‬
‫ركن الصالة دون هذه األشياء‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 0 :‬‬
‫َّ‬
‫وألن َّناية اخلشوع واخلضوع‬ ‫ألن فرضية القيام ألجل الركوع والسجود؛‬ ‫َّ‬ ‫( )‬
‫والتعظيم هبام؛ وهلذا رشع السجود بال قيام‪ :‬كسجديت التالوة والسهو ومل يرشع‬
‫القيام وحده‪ ،‬وإذا سقط ما هو األصل يف رشعية القيام سقط القيام‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬
‫الصعلوك ص‪.93‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫مرض يف صالته بنى عىل حسب ما يقدر( )‪.‬‬ ‫ومن َ‬ ‫َ‬


‫ومن َصىل قاعد ًا‪ ،‬ثم صح بنى قائ ًام( )‪.‬‬ ‫َ‬
‫وإن َصىل مومئ ًا‪ ،‬ثم صح فيها استقبل( )‪.‬‬
‫ومن جن أو أغمي عليه يوم ًا وليل ًة‪ ،‬قض بطالف األكثر( )‪.‬‬ ‫َ‬
‫والنائم يقيض مطلق ًا( )‪.‬‬
‫حسب حاله( )‪ ،‬ويقيض الصحيح‬ ‫ِ‬ ‫ويقيض املريض فائت َة الصح ِة عىل‬

‫( ) بأن يكون بدأ الصالة قائ ًام‪ ،‬ثم عرض له مرض فعجز عن القيام أمتها قاعد ًا‪ ،‬وإن‬
‫عجز عن القعود مع الركوع والسجود أومأ قاعد ًا‪ ،‬وإن عجز عن هذا استلقى‬
‫وأومأ مستلقي ًا؛ ألنَّه بنى الضعيف عىل القوي‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.89 :‬‬
‫( ) فعن عائشة ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬إَّنا مل تر رسول اهلل ‪ ‬يصيل صالة الليل قاعد ًا قط‬
‫حتى أس ّن فكان يقرأ قاعد ًا‪ ،‬حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحو ًا من ثالثني آية أو‬
‫أربعني آية ثم ركع) يف صحيح البخاري ‪ ،623 :‬وموطأ مالك ‪. 8 :‬‬
‫ألن القوي ال يبنى عىل الضعيف‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة‬ ‫(‪ )6‬أي استأنف صالته بإعادهتا؛ َّ‬
‫ص‪. 38‬‬
‫ألن املدة إذا قرصت ال‬ ‫( ) بأن زادت ساعة عن اليوم والليلة ال جيب عليه القضاء؛ َّ‬
‫حيرج يف القضاء فيجب كالنائم‪ ،‬وإذا طالت حيرج فيسقط كاحلائض؛ فعن يزيد‬
‫موىل عامر بن يارس ‪( :‬أغمي عليه يف الظهر والعرص واملغرب والعشاء فأفاق‬
‫نصف الليل فصىل الظهر والعرص واملغرب والعشاء) يف سنن الدارقطني ‪،8 :‬‬
‫وعن ابن عمر ‪( :‬أنَّه أغمي عليه يوم ًا وليلة فلم يقض)‪ ،‬وعنه‪( :‬أنَّه أغمي عليه‬
‫أكثر من يومني فلم يقضه)‪ ،‬وعنه‪( :‬أغمي عليه ثالثة أيام ولياليهن فلم يقض) يف‬
‫سنن الدارقطني ‪.8 :‬‬
‫(‪ )1‬أي سواء نام يوما أو ليلة أو أقل أو أكثر؛ َّ‬
‫ألن االمتداد يف النوم نادر‪ ،‬فيلحق املمتد‬
‫منه بالقارص منه‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.90 :‬‬
‫(‪ )3‬إذ التكليف بحسب الوسع فيكلف يف املرض عىل القضاء كام يكلف عىل األداء‪،‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فائتة املرض كاملة‪.‬‬


‫فصل‬
‫يف الفائتة‬
‫خاف‬‫َ‬ ‫َمن فاتته صال ٌة قضاها إذا ذكرها قبل فرض الوقت( )‪ ،‬إال إذا‬
‫فوت فرض الوقت( )‪ ،‬أو وقوعه يف وقت مكروه( )‪ ،‬أو كانت الفوائت ست ًا‬

‫ألن حتصيل الركن فرض‪ ،‬وإنَّام يسقط‬ ‫وأما الصحيح فيقيض فائتة املرض كاملة؛ َّ‬
‫عند األداء للعذر‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/1‬أ‪.‬‬
‫يسب كفارهم‪ ،‬وقـال‪ :‬مـا كـدت‬ ‫( ) فعن جابر ‪ ،‬قال‪( :‬جعل عمر ‪ ‬يوم اخلندق ّ‬
‫أصيل العرص حتى غربت‪ ،‬قال‪ :‬فنزلنا بطحان فصىل بعد ما غربـت الشـمس‪ ،‬ثـم‬
‫صىل املغرب) يف صحيح البخاري ‪ ، 1 :‬ولو كان الرتتيب مستحب ًا ملا أخـر ‪‬‬
‫ألجله املغرب التي تأخريها مكروه‪ ،‬كام يف فتح باب العنايـة ‪ ،612 :‬وعـن ابـن‬
‫إن املرشكني شغلوا رسول اهلل ‪ ‬عن أربع صلوات يوم اخلندق حتى‬ ‫مسعود ‪َّ ( :‬‬
‫ذهب من الليل ما شاء اهلل‪ ،‬فأمر بالالً فأذن‪ ،‬ثم أقام فصىل الظهر‪ ،‬ثـم أقـام فصـىل‬
‫العرص‪ ،‬ثم أقام فصىل املغرب‪ ،‬ثم أقام فصىل العشاء) يف سنن الرتمـذي ‪،662 :‬‬
‫وقال‪ :‬إسناده ليس به بأس‪ ،‬سنن البيهقي الكبري ‪ ، 06 :‬واملجتبى ‪ ، 2 :‬وعن‬
‫ابن عمر ‪ ‬قال‪َ ( :‬من نيس صالة من صلواته فلم يـذكرها إال وهـو وراء اإلمـام‪،‬‬
‫فإذا َس َّل َم اإلما ُم فليصل الصالة التي نسيها ثم ليصـل بعـد الصـالة األخـرى) يف‬
‫‪ ،‬وصحح الدارقطني وأبو زرعة وغريمها وقفـه‪ ،‬كـام‬ ‫سنن البيهقي الكبري ‪:‬‬
‫يف فتح باب العناية ‪ ،618 :‬واألثر يف مثله كـاخلرب‪ ،‬وقـد رفعـه بعضـهم أيضـ ًا‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪ ، 83 :‬وغريه‪.‬‬
‫ألن احلكمة ال تقتيض‬‫( ) بأن مل تسع فيه الفائتة والوقتية‪ ،‬فيقدم الوقتية عىل الفائتة؛ َّ‬
‫وألن وجوب الوقت ثبت بالكتاب والرتتيب ثبت‬ ‫َّ‬ ‫إضاعة املوجود بطلب املفقود؛‬
‫بخرب الواحد‪ ،‬فإن اتسع الوقت عمل هبام‪ ،‬وإن ضاق فالعمل بالكتاب أوىل‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫هدية الصعلوك ص‪.92‬‬
‫(‪ )6‬هذا عىل قول حممد ‪ ،‬والفتوى عىل خالفه‪ ،‬قال الزييل يف اهلدية ص‪« :92‬اعلم‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كلها قديمة أو حديثة‪ ،‬فإن قض واحد ًة من الستة عاد الرتتيب( )‪.) (...‬‬
‫فصل‬
‫[يف إدراك الفريضة]‬
‫ومن َد َخ َل مسجد ًا قد أ ِّذ َن فيه‪ ،‬ك ِره خروجه قبل الصالة إال أن يكون‬
‫َ‬

‫أنَّه مل يعدّ ه يف سائر الكتب مسقط ًا للرتتيب مستق ً‬


‫ال اكتفا ًء بضيق الوقت‪ ،‬ولكن‬
‫عدَّ ه املصنف مما يسقطه بناء عىل اخلالف بني أصحابنا‪ ،‬فالعربة فيه الوقت‬
‫املستحب عند حممد ‪ ،‬وأصل الوقت عندمها حتى لو رشع يف العرص وهو ناس‬
‫الظهر‪ ،‬ثم ذكره يف وقت لو اشتغل به يقع العرص يف وقت مكروه يقطع العرص‬
‫عندمها ويصيل الظهر ثم العرص‪ ،‬وعنده يقيض العرص ثم يصيل الظهر بعد غروب‬
‫الشمس»‪ .‬وينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.9 :‬‬
‫( ) أي َّ‬
‫إن الرتتيب يعود إن قلت الفوائت القديمة أو احلديثة بعد كثرهتا‪ ،‬وهو قول أيب‬
‫جعفر اهلندواين‪ ،‬واستظهر هذا القول صاحب اهلداية ‪ .26 :‬ينظر ‪ :‬الكفاية ‪:‬‬
‫‪. 60‬‬
‫والقول الثاين‪َّ :‬‬
‫إن الرتتيب يسقط بقلة الفوائت بعد كثرهتا‪ ،‬وهو اختيار‬
‫‪ ،‬واملراقي ص‪، 68‬‬ ‫صاحب الكنْز ص‪ ، 8‬والتنوير ‪ ، 90 :‬وامللتقى ص‬
‫واملختار ‪ ،82 :‬قال صاحب الدر املختار ‪ : 90 :‬هو املعتمد‪ ،‬ويف املحيط‬
‫الربهاين ص‪ : 22‬وعليه الفتوى‪ ،‬واختاره الرسخيس‪ ،‬وقال ابن عابدين يف رد‬
‫املحتار ‪ : 90 :‬هو أصح الروايتني‪.‬‬
‫( ) ومن مسقطات الرتتيب‪ :‬نسيان الفائتة ومل يذكره املصنف ‪ ،‬فلو نيس الفائتة ومل‬
‫يذكرها إال بعد انتهاء الصالة الوقتية؛ َّ‬
‫ألن الوقت إنَّام يصري بالتذكر والرتتيب‬
‫يسقط بعذر العجز كام يسقط بعذر النسيان؛ فعن أنس ‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من نيس‬
‫صالة فليصلها إذا ذكرها ال كفارة هلا إال ذلك‪ ،‬ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ [طه‪:‬‬
‫‪ )]11‬يف صحيح البخاري ‪. 1 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫إمام ًا أو مؤ ِّذن ًا فيذهب إىل مجاعته( )‪ ،‬أو يكون قد َصىل الفرض فيطرج‪ ،‬إال أن‬
‫وخيرج يف‬‫تقا َم الصال َة قبل خروجه‪ ،‬فيقتدي تطوع ًا يف الظهر والعشاء‪َ ،‬‬
‫الباقي( )‪.‬‬

‫( ) ألنَّه بخروجه يتهم بمخالفـة اجلامعـة‪ ،‬فإيثـار التهمـة واإلعـراض عـن الفضـيلة‬
‫والثواب قبيح جد ًا‪ ،‬بخالف مقيم مجاعة أخرى‪ ،‬فإنَّه إن كان معروف ًا بإقامة مجاعـة‬
‫أخرى ال يتهم‪ ،‬وإن مل يكن معروف ًا بإقامة مجاعة أخرى فإنَّه إيثار التهمـة؛ إلحـراز‬
‫فضيلة ال لإلعراض عن فضيلة‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ص‪ ، 26‬وعمدة الرعاية ‪:‬‬
‫؛ فعن سعيد بن املسيب ‪ ،‬قال ‪( :‬ال خيرج من املسجد أحد بعد النداء إال‬
‫منافق‪ ،‬إال أحد أخرجته حاجة وهو يريـد الرجـوع) يف مراسـيل أيب داود ص ‪،8‬‬
‫وعن أيب الشعثاء ‪ ‬قال‪« :‬كنا قعود ًا يف املسجد مـع أيب هريـرة ‪ ‬فـأذن املـؤذن‪،‬‬
‫فقام رجل من املسجد يميش فأتبعه أبو هريرة ‪ ‬برصه حتى خـرج مـن املسـجد‪،‬‬
‫فقال أبو هريرة ‪ :‬أما هذا فقد عىص أبا القاسم ‪ »‬يف صحيح مسـلم ‪، 16 :‬‬
‫‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫واملسند املستخرج ‪ ، 10 :‬وسنن ابن ماجة ‪:‬‬
‫( ) وهي الفجر والعرص واملغرب؛ ألنَّه إن صىل يكون نافلة‪ ،‬والنافلة بعد الفجر‬
‫فإن النافلة ال ترشع ثالث ركعات‪ ،‬أما إذا‬ ‫والعرص مكروهة‪ ،‬وأما يف املغرب َّ‬
‫يتمها أربع ًا‪ ،‬وإن كان فيه‬
‫اقتدى يف املغرب بعد أن صالّها منفرد ًا‪ ،‬فاألحوط أن َّ‬
‫خمالفة اإلمام؛ لكراهة التنفل بالثالث حتري ًام‪ ،‬وخمالفة اإلمام مرشوعة يف اجلملة‬
‫كاملسبوق فيام يقيض واملقتدي بمسافر‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪ 80 :‬؛ فعن ابن عمر‬
‫‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من صىل وحده ثم أدرك اجلامعة أعاد إال الفجر واملغرب) يف ميزان‬
‫االعتدال ‪ ، 83 :‬ولسان امليزان ‪ ،62 :1‬ويف فتح باب العناية ‪ :616 :‬قال‬
‫عبد احلق‪ :‬تفرد برفعه سهل بن صالح األنطاكي وكان ثقة‪ ،‬فال يرضه حينئذ وقف‬
‫ألن زيادة الثقة مقبولة‪ ،‬ويف لفظ‪( :‬إن صليت يف أهلك ثم أدركت‬ ‫من وقفه؛ َّ‬
‫فإَّنام ال يعادان يف يوم) يف رشح معاين اآلثار‬‫الصالة فصلها إال الصبح واملغرب‪َّ ،‬‬
‫‪ ،631 :‬وغريه‪ ،‬موقوف ًا‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫رجل واإلمام يف صالة الفجر‪ :‬إن خاف فوت ركعة واحدة مع‬ ‫ولو جاء ٌ‬
‫خاف فوت الركعتني‪،‬‬
‫َ‬ ‫اإلمام‪ ،‬صىل السنة خارج املسجد‪ ،‬ثم اقتدى به( )‪ ،‬وإن‬
‫َ‬
‫ترك السنة واقتدى به‪ ،‬ومل يقضها( )‪.‬‬
‫وسنة الظهر يرتكها يف احلالني( ) ويقضيها ـ كام َمر يف (فصل السنن) ـ‪.‬‬
‫ومن أدرك مع اإلمام ركع ًة َح َص َل له ثواب اجلامعة( )‪.‬‬
‫َ‬

‫( ) فهو هبذا أمكنه أن جيمع بني الفضيلتني؛ فعن أبى الدرداء ‪« :‬أنَّه كان يدخل‬
‫ثم يدخل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫فيصىل ركعتني يف ناحية املسجد ّ‬ ‫املسجد والناس صفوف يف صالة الفجر‬
‫مع القوم يف الصالة» يف رشح معاين اآلثار ‪ ،621 :‬وعن أيب عثامن ‪ ‬قال‪:‬‬
‫الركعتني يف‬ ‫«رأيت الرجل جييء وعمر بن اخلطاب ‪ ‬يف صالة الفجر ف ُيصيل ّ‬
‫جانب املسجد ثم يدخل مع القوم يف صالهتم» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪،12 :‬‬
‫الركعتني‬
‫صىل َّ‬ ‫وغريه‪ ،‬وعن ابن عمر ‪« :‬أنَّه جاء واإلمام ُيصىل الصبح ومل يكن ّ‬
‫صىل مع‬‫ثم إنَّه ّ‬ ‫قبل صالة الصبح فصالمها يف حجرة حفصة ريض اهلل عنها‪َّ ،‬‬
‫ألن حجرة‬ ‫اإلمام» يف رشح معاين اآلثار ‪ ،621 :‬ففيه أنَّه صالمها يف املسجد؛ َّ‬
‫حفصة ريض اهلل عنها من املسجد‪.‬‬
‫ألَّنا ليست بواجبة كام سبق بيانه‪.‬‬
‫( ) َّ‬
‫(‪ )6‬سواء خاف فوت ركعة أو ركعتني أو أكثر؛ ألنَّه ليس لسنة فضيلة كسنة الفجر‪ ،‬كام‬
‫يف املنحة ‪93 :‬؛ وألنَّه يمكن أن يصليها يف الوقت بعد الفرض وال كراهة بذلك‬
‫كالصالة بعد صالة الفجر‪.‬‬
‫ألن من أدرك آخر اليشء فقد أدركه‪ ،‬لكنَّه ال يعدُّ ُمصلي ًا اجلامعة؛ النفراده بأكثرها‪،‬‬‫( ) َّ‬
‫فمن حلف ال يدرك اجلامعة‬ ‫ولألكثر حكم الكل‪ ،‬وثمرة هذه املسألة يف اليمني‪َ :‬‬
‫حنث بإدراك اإلمام ولو يف التشهد‪ ،‬بخالف ما لو حلف ال يصيل الظهر مع اإلمام‬
‫ألن رشط حنثه أن يصيل الظهر مع اإلمام‬ ‫ومل يدرك الثالث يف الرباعية ال حينث؛ َّ‬
‫وقد انفرد عنه بثالث ركعات‪ ،‬وهذا املسألة تذكر؛ لدفع توهم التالزم بني إدراك‬
‫الفضل واجلامعة‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 86 :‬والتبيني ‪ ، 8 :‬وعمدة الرعاية ‪:‬‬
‫‪ ،‬وفتح القدير ‪. 8 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫رأسه‪ ،‬ال يصري‬


‫فكرب ووقف حتى رفع اإلمام َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أدرك اإلما َم راكع ًا‬ ‫ولو‬
‫مدرك ًا لتلك الركعة( )‪.‬‬
‫ركع‬
‫رأسه ثم َ‬‫ولو أدركَه يف القيام ومل ير َكع معه حتى َر َف َع اإلمام َ‬
‫صار مدرك ًا هلا( )‪.‬‬
‫املقتدي‪َ ،‬‬
‫ولو َر َك َع قبل اإلمام َفأد َركَه اإلمام فيه‪َ ،‬صح( )‪.‬‬

‫( ) فعن أيب بكرة ‪( :‬إنَّه انتهى إىل النبي ‪ ‬وهو راكع فركع قبل أن يصل إىل الصف‬
‫فذكر ذلك للنبي ‪ ،‬فقال‪ :‬زادك اهلل حرص ًا‪ ،‬وال تعـد) يف صـحيح البخـاري ‪:‬‬
‫‪ ، 2‬ويف رواية‪( :‬خشيت أن تفوتني الركعة معك فركعت دون الصف‪ ،)...‬كـام‬
‫يف الدراية ‪ ، 2 :‬ونصب الرايـة ‪ ،69 :‬وفـتح البـاري ‪ ، 38 :‬وهـي عنـد‬
‫الطرباين‪ ،‬وعن عيل وابن مسعود ‪ ‬قاال‪َ «:‬من مل يدرك الركعة فال يعتد بالسـجدة»‬
‫يف مصنف عبد الرزاق ‪ ، 8 :‬واملعجم الكبري ‪ ، 20 :9‬قـال اهليثمـي يف جممـع‬
‫الزوائد ‪ :23 :‬رجاله موثقون‪ ،‬وعن ابن عمر ‪ ،‬قال‪( :‬إذا فاتتك الركعـة فقـد‬
‫فاتتــك الســجدة) يف املوطــأ ‪ ، 0 :‬وســنن البيقهــي الكبــري ‪ ، 93 :‬وســنده‬
‫صحيح‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪.6 8 :‬‬
‫أن اإلمام أدرك املقتدي يف القيام‪ ،‬بأن كان املقتدي مع اإلمام يف القيام‬ ‫( ) صورهتا‪ :‬لو َّ‬
‫ثم ركع اإلمام ومل يركع املقتدي حتى رفع اإلمام رأسه من الركوع‪َّ ،‬‬
‫فإن املقتدي‬
‫يعدّ مدرك ًا لتلك الركعة باالتفاق؛ ألنَّه شاركه يف حقيقة القيام‪ ،‬ولكن ختلف عنه‬
‫بالركوع فصار الحق ًا فيه فعليه أن يتبعه فيه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/1‬ب‪.‬‬
‫(‪ )6‬إدراكه لتلك الركعة‪ ،‬وإن كان مكروه ًا حتري ًام؛ ألنَّه ُو ِجدَ ْت املشارك ُة يف جزء‬
‫؛ فعن معاوية ‪ ،‬قال‬ ‫الركن‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ص‪ ، 23‬والرشنباللية ‪:‬‬
‫‪( :‬ال تبادروين بركوع وال بسجود‪ ،‬فإنَّه مهام أسبقكم به إذا ركعت تدركوين به‬
‫إذا رفعت‪ ،‬إين قد بدنت) يف سنن أيب داود ‪ ، 38 :‬وصحيح ابن حبان ‪،308 :1‬‬
‫قال اخلطايب‪« :‬يريد أنَّه ال يرضكم رفعي رأيس من الركوع‪ ،‬وقد بقى عليكم يشء‬
‫منه إذا أدركتموين قائ ًام قبل أن أسجد‪ ،‬وكان رسول اهلل ‪ ‬إذا رفع رأسه من‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واملسبوق يقيض فائته بعد فراغ اإلمام بقراءة ولو كان قرأ مع اإلمام‪،‬‬
‫ِ‬
‫بطالف ما لو قنت معه‪ ،‬فإنه ال يقنت فيام يقيض( )‪.‬‬
‫ولو أدرك مع اإلمام ثالثة املغرب َق َض األوليني بجلستني( )‪.‬‬
‫وما يقضيه املسبوق أول صالته حك ًام فيستفتح فيه( ) ال فيام َأدرك‪،‬‬
‫ويتشهد مع إمامه وال يدعو‪.‬‬

‫الركوع يدعو بكالم فيه طول‪ ،‬إين قد بدنت يروي عىل وجهني‪ :‬أحدمها‪ :‬بتشديد‬
‫الدال‪ :‬معناه كرب السن‪ ،‬والوجه اآلخر‪ :‬بدنت مضمومة مشددة‪ ،‬ومعناه‪ :‬زيادة‬
‫اجلسم واحتامل اللحم»‪ .‬ينظر‪ :‬عون املعبود ‪ ، 60 :‬وغريه‪.‬‬
‫( ) فاملسبوق يقرأ فيام يقيض؛ ألنَّه منفرد فيام سبق به‪ ،‬فيأيت بالقرءاة وإن كان قرأ مع‬
‫اإلمام‪ ،‬بخالف القنوت‪ ،‬والفرق بينهام َّ‬
‫أن القراءة مع اإلمام غري معتد هبا؛ لعدم‬
‫الوجوب عليه خلف اإلمام‪ ،‬وإذا قام إىل قضاء ما سبق انفرد فيجب عليه حينئذ‪،‬‬
‫فإن قراءته خلف اإلمام معتد هبا‪ ،‬فال يعيد يف قضاء ما سبق من‬ ‫بخالف القنوت َّ‬
‫الوتر‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.92 :‬‬
‫ألن ما صىل مع اإلمام أول صالته‪ ،‬وهو ركعة‬ ‫( ) أي جيلس عىل رأس كل ركعة؛ َّ‬
‫فيتشهد عقبها ملوافقة اإلمام‪ ،‬فإذا صىل ركعة أخرى يتشهد‪ ،‬ثم يصيل أخرى‬
‫ألَّنا آخر صالته‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.92 :‬‬ ‫ويتشهد أيض ًا؛ َّ‬
‫(‪ )6‬أي يقرأ يف قضاء ما سبق‪ :‬سبحانك اللهم‪ ...‬وال يستفتح فيام أدرك مع اإلمام؛ َّ‬
‫ألن‬
‫االستفتاح يكون يف أول الصالة‪ ،‬وكذلك يتشهد مع اإلمام يف آخر الصالة‪ ،‬ولكن‬
‫ألَّنا مرشوعة يف آخر الصالة‪ ،‬بل يسكت بعد‬ ‫ال يدعو بأن يصيل عىل النبي ‪‬؛ َّ‬
‫التشهد إىل أن يسلم اإلمام‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬وعند حممد ‪:‬‬
‫أنَّه يدعو بالدعوات املذكورة يف القرآن؛ ألنَّه يؤتى بمثل هذه الدعوات يف وسط‬
‫الصالة‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/16‬أ‪ ،‬قال الزييل يف اهلدية ص ‪« : 1‬واألصح‬
‫ألن الصالة ليست موضع السكوت»‪.‬‬ ‫أن يأيت باألدعية؛ َّ‬
‫ـ ‪112‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف السهو‬
‫جيب( ) للسهو ال للعمد( ) سجدتان متى ترك واجب ًا‪َ ،‬أو َأخره‪َ ،‬أو أخ َر‬
‫ركن ًا‪ ،‬أو زا َد يف صالته فع ً‬
‫ال من جنسها( )‪.‬‬
‫وجيب عىل املأموم بسهو اإلمام‪ ،‬فإن تركَه اإلمام وافقه املأموم( )‪.‬‬
‫وسهو املأموم ال يوجب السجود( )‪.‬‬

‫( ) أل َّنه رشع جلرب النقصان‪ ،‬فصار كالدماء يف احلج؛ َّ‬


‫ألن أداء العبادة بصفة الكامل‬
‫واجب‪ ،‬وذلك جيرب النقصان‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 9 :‬والوقاية ص‪ . 28‬وقيل‪:‬‬
‫إنَّه سنة‪ .‬قال العيني يف املنحة ‪« :98 :‬وما قاله املصنف ‪ ‬أصح»‪.‬‬
‫ألَّنام عرفتا جابرتني يف الرشع‪ ،‬والرشع ورد‬
‫( ) بل جيب بالعمد اإلعادة جلرب نقصانه؛ َّ‬
‫وألن اليشء ال جيرب ما فوقه‪ ،‬والنقصان املتمكن برتكه عمد ًا فوق‬ ‫َّ‬ ‫يف السهو؛‬
‫النقصان املتمكن برتكه ساهي ًا‪ .‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪ ،99 :‬ومنحة اخلالق ‪،99 :‬‬
‫والدر املختار ورد املحتار ‪.80 :‬‬
‫(‪ )6‬مثال ترك الواجب‪ :‬ترك الفاحتة أو السورة‪ ،‬ومثال‪ :‬تأخري الواجب‪ :‬تأخري الفاحتة‬
‫عن السورة‪ ،‬ومثال‪ :‬تأخري الركن‪ :‬ترك السجدة الصلبية سهو ًا فتذكرها يف الركعة‬
‫الثانية فسجدها‪ ،‬أو أخر القيام إىل الثالثة بالزيادة عىل قدر التشهد‪ ،‬ومثال الزيادة‬
‫من جنس الصالة‪ :‬إذا ركع ركوعني‪ ،‬أو سجد ثالث سجدات‪.‬‬
‫( ) أي يف ترك السجود؛ ألنَّه مأمور باملتابعة له واملوافقة واالبتعاد عن املخالفة‪ ،‬حتى‬
‫لو كان مسبوق ًا فال يقوم عند سالم اإلمام‪ ،‬بل ينتظر فإذا سجد للسهو يسجد معه‪،‬‬
‫وإن كان سهوه فيام فات عنه‪ ،‬ولو قام قبل سجود اإلمام فعليه أن يعود ليسجد معه‬
‫إن مل يقيد الركعة بالسجدة وإن قيدها هبا ال يعود‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪. 0‬‬
‫(‪ )1‬أي عىل املأموم أو اإلمام؛ ألنَّه إن سجد املأموم فقد خالف إمامه‪ ،‬وإن سجد اإلمام‬
‫يؤدي إىل قلب املوضوع‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 00 :‬؛ فعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫(اإلمام ضامن‪ ،‬واملؤذن مؤمتن‪ ،‬اللهم أرشد األئمة‪ ،‬واغفر للمؤذنني) يف صحيح‬
‫ـ ‪113‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ومن سها عن القعدة األوىل‪ :‬فإن تذك َر وهو إىل القعود أقرب‪َ ،‬ق َعدَ وال‬
‫َ‬
‫يشء عليه‪ ،‬وإن كان إىل القيام أقرب‪ ،‬مل يقعد وسجد للسهو( )‪.‬‬
‫وس َجدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن سها عن القعدة األخرية‪ ،‬عا َد إليها ما مل يسجد للطامسة( ) َ‬ ‫َ‬
‫ال( )‪ ،‬فيضم إليه ركع ًة سادسة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للسهو‪ ،‬وإن َس َجدَ للطامسة‪ ،‬صار فراه نف ً‬
‫وإن مل يضم َصح( )‪ ،‬ولو قعد يف الرابعة ثم قام ومل يس ِّلم َيظن أّنا القعدة‬

‫ابن خزيمة ‪ ، 1 :6‬وصحيح ابن حبان ‪ ،119 :‬وسنن الرتمذي ‪. 0 :‬‬


‫إن النبي ‪ ‬صىل هبم‬ ‫( ) ألنَّه ترك الواجب وهو القعود األول؛ فعن أيب هريرة ‪َّ ( :‬‬
‫صالة العرص أو الظهر فقام يف ركعتني فسبحوا له فمىض يف صالته‪ ،‬فلام قىض‬
‫الصالة سجد سجدتني‪ ،‬ثم س ّلم) قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ : 1 :‬رواه‬
‫البزار ورجاله ثقات‪ ،‬وعن قيس بن أبى حازم ‪ ‬قال‪( :‬صىل بنا املغرية بن شعبة‬ ‫ّ‬
‫‪ ‬فقام من الركعتني قائ ًام‪ ،‬فقلنا‪ :‬سبحان اهلل فأومى‪ ،‬وقال‪ :‬سبحان اهلل‪ ،‬فمىض يف‬
‫وس َّل َم سجد سجدتني‪ ،‬وهو جالس‪ ،‬ثم قال‪ :‬صىل بنا‬ ‫صالته فلام قىض صالته َ‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فاستوى قائ ًام من جلوسه فمىض يف صالته فلام قىض صالته سجد‬
‫سجدتني وهو جالس‪ ،‬ثم قال‪ :‬إذا صىل أحدكم فقام من اجللوس فإن مل يستتم‬
‫قائ ًام فليجلس وليس عليه سجدتان‪ ،‬فان استوى قائام فليمض يف صالته‪ ،‬وليسجد‬
‫سجدتني وهو جالس) يف رشح معاين اآلثار ‪ ، 0 :‬وسنده صحيح كام يف إعالء‬
‫السنن ‪ ، 39 :2‬وغريه‪.‬‬
‫( ) ألنَّه مل يستحكم خروجه عن الفرض‪ ،‬والقعود إصالح صالته‪ ،‬وقد أمكنه ذلك‬
‫بمحل الرفض‪ ،‬وسجد للسهو؛ لتأخريه فرض ًا‬ ‫ّ‬ ‫برفض ما أتى به إذ ما دون الركعة‬
‫عن حمله‪ ،‬وهو القعود األخري‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/16‬ب‪.‬‬
‫وألن ترك القعود عىل رأس ركعتي‬ ‫َّ‬ ‫ألن الفرضية إذا بطلت ال تبطل التحريمة؛‬‫(‪َّ )6‬‬
‫النفل ال يبطل الصالة‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬وعند حممد ‪:‬‬
‫تبطل الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 93 :‬وفتح باب العناية ‪ ،638 :‬وغريها‪.‬‬
‫ألن ضم السادسة ندب؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫( ) أي وإن مل يضم إليها ركعة سادسة صح نفله؛ َّ‬
‫اخلامسة نفل مل يرشع فيه قصد ًا فلم جيب إمتامه‪ ،‬وندب ضم السادسة؛ َّ‬
‫ألن التنفل‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫للطامسة وسجد للسهو‪ ،‬وإن سجد للطامسة زاد‬ ‫ِ‬ ‫األوىل عا َد ما مل يسجد‬
‫نفل غري نائب عن سنة الظهر وسجد للسهو( )‪.‬‬ ‫سادسة‪ ،‬و َتم فراه‪ ،‬والزائد ٌ‬
‫ومن سلم يريد اخلروج من صالته وعليه سهو مل خيرج منها( ) ويسجد‬ ‫َ‬
‫لسهوه‪.‬‬
‫ومن شك َأصىل ثالث ًا أو َأربع ًا‪ ،‬وذلك َأول ما َع َر َض له استأنف‬ ‫َ‬
‫بالسالم( )‪.‬‬

‫يضم إليها فال يشء عليه; ألنَّه ظان‪ ،‬وال يسجد للسهو‬
‫بالوتر غري مرشوع‪ ،‬وإن مل ّ‬
‫ألن النقصان بالفساد ال ينجرب بالسجود‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪، 00 :‬‬ ‫عىل األصح؛ َّ‬
‫واملشكاة ص‪. 30‬‬
‫( ) لتامم فرضه؛ ألنَّه مل يرتك إال إصابة لفظ السالم‪ ،‬وهي ليست بفرض‪ ،‬وضم‬
‫ال; َّ‬
‫ألن الركعة الواحدة ال جتزئه لنهي النبي ‪ ‬عن‬ ‫السادسة؛ لتصري الركعتان له نف ً‬
‫البترياء‪ ،‬وهذا النفل ال ينوب عن السنة الراتبة بعد الفرض عىل الصحيح; َّ‬
‫ألن‬
‫املواظبة عليها بتحريمة مبتدأة مقصودة‪ ،‬ويسجد للسهو جرب ًا للنقصان‪ ،‬وهو‬
‫النقصان املتمكن يف النفل بعد الدخول فيه ال عىل الوجه املسنون‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة‬
‫ص‪. 30‬‬
‫حممد ‪ ،‬وهو قول زفر ‪ ،‬حتى لو اقتدى به إنسان صح‬ ‫( ) أي من صالته عند ّ‬
‫ألن السجود وجب جرب ًا للنقصان فال بد أن يكون يف إحرام الصالة‪،‬‬
‫اقتداؤه؛ َّ‬
‫وعندمها خيرج منها عىل سبيل التوقف إن عاد إىل السجدة يعود إىل حرمة الصالة‬
‫وإال فال؛ َّ‬
‫ألن السالم حملل يف موضعه فيعمل عمله‪ ،‬إال أنَّه يتوقف حلاجته إىل جرب‬
‫نقصان الصالة بالسجدة فإذا سجد حتققت احلاجة فيعود وإال فال‪ ،‬ويسجد‬
‫للسهو؛ َّ‬
‫ألن نيته تغيري املرشوع فيلغو‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/1‬أ‪-‬ب‪.‬‬
‫(‪ )6‬ألنَّه قادر عىل إسقاط ما عليه من الفرض بيقني من غري مشقة‪ ،‬فيلزمه ذلك كام لو‬
‫شك أنَّه صىل أو مل يصل والوقت باق‪ ،‬فإنَّه جيب عليه أن يصيل؛ فعن عبادة بن‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وهو َأوىل من الكالم وجمرد النية لغو( )‪.‬‬


‫وإن كان الشك يعرض له كثري ًا عمل بأكثر رأيه( )‪ .‬فإن مل يكن له رأي‬
‫َأ َخ َذ باألَقل( ) و َق َعدَ حيث يتومهه آخر صالته‪.‬‬
‫فصل‬
‫يف سجدة التالوة‬
‫أربع عر َة سجدة معروفة( )‪:‬‬
‫وهي َ‬

‫إن رسول اهلل ‪ ‬سئل عن رجل سها يف صالته فلم يدر كم صىل؟‬ ‫الصامت ‪َّ ( :‬‬
‫فقال‪ :‬ليعد صالته‪ )...‬رواه الطرباين يف الكبري‪ ،‬وهو صالح لالحتجاج‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫إعالء السنن ‪. 2 :2‬‬
‫ألن ما صاله قربة والكالم‬‫( ) أي واالستئناف بالسالم أوىل من االستئناف بالكالم؛ َّ‬
‫يلغيها‪ ،‬وجمرد النية يف االستئناف بدون السالم والكالم لغو‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬
‫الصعلوك ص ‪. 0‬‬
‫فليـتم‬
‫ّ‬ ‫( ) فعن ابن مسعود ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا ّ‬
‫شك أحدُ كم يف صالته فليتحر الصـواب‬
‫عليه‪ ،‬ثم ليس ّلم‪ ،‬ثم يسجد سـجدتني) يف صـحيح البخـاري ‪ ، 13 :‬وصـحيح‬
‫مسلم ‪. 00 :‬‬
‫ألن يف اإلعادة حرج ًا‪ ،‬وقد انعدم الرتجيح بالرأي‪ّ ،‬‬
‫فتعني البناء عىل اليقني حتى‬ ‫(‪َّ )6‬‬
‫كل موضع يتوهم أنَّه آخر صالته كي ال تبطل صالته‬ ‫تربأ ذمته بيقني‪ ،‬ويقعد يف ّ‬
‫برتك القعدة؛ فعن أيب سعيد اخلدري ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا شك أحدكم يف صالته فلم‬
‫يدر كم صىل ثالث ًا أم أربع ًا‪ ،‬فليطرح الشك وليبن عىل ما استيقن ثم يسجد‬
‫سجدتني قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صىل مخس ًا شفعن له صالته وإن كان صىل إمتام ًا‬
‫ألربع ينفذ ترغي ًام للشيطان) يف صحيح مسلم ‪. 00 :‬‬
‫( ) وهي يف آخر األعراف (آية‪ ،) 03‬والرعد (آية ‪ ،) 1‬والنحل (آية ‪ ،) 9‬وبني‬
‫إرسائيل (آية‪ ،) 03‬ومريم (آية ‪ ،)18‬واألوىل يف احلج (آية ‪ ،) 8‬والفرقان‬
‫(آية‪ ،)30-19‬وأمل السجدة (آية ‪ ،) 1‬وص (آية )‪ ،‬وفصلت (آية ‪،)62‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫منها األوىل يف احلج خاصة( )‪ ،‬ومنها سجدة ص( )‪.‬‬


‫وجتب عىل التايل والسامع( )‪ ،‬ووجوهبا عىل الرتاخي( )‪ ،‬وال جتب عىل َمن‬
‫ال جتب عليه الصالة وال قضاؤها‪ :‬كاحلائض‪ ،‬والنفساء‪ ،‬والصبي‪ ،‬واملجنون‪،‬‬

‫والنجم (آية ‪ ،)3‬واالنشقاق (آية ‪ ،) - 0‬والعلق (آية ‪ ،) 9‬والنمل (‪- 1‬‬


‫‪ .) 3‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 32- 33‬‬
‫احلج‪ ،‬وهي‪ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫( ) ُأوىل ّ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ [احلج‪ :]11‬احرتاز ًا عن الثانية‪ ،‬وهو قوله ‪:‬‬
‫ﭽﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫كوع‬ ‫كل موض ٍع يف القرآن َق َر َن ُّ‬
‫الر َ‬ ‫ألن ّ‬
‫ﮟ ﭼ [احلج‪ ،]11 :‬فإنَّه ال سجدةَ؛ َّ‬
‫الصالت َّية‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 32- 33‬‬ ‫ِ‬
‫السجدَ ة َّ‬
‫بالس ُجود يرا ُد به َّ‬
‫ُّ‬
‫( ) إنَّام أفردمها بالذكر؛ لبيان االختالف فيه‪ :‬فعند الشافعي ‪ ‬يف سورة احلج‬
‫سجدتان‪ ،‬وليس يف ص سجدة‪ ،‬فتكون السجدة عنده أربع عرشة أيض ًا‪ ،‬كام يف‬
‫املنحة ‪ ، 0 :‬قال النووي ‪ ‬يف املنهاج ‪« : 3- 1 :‬ال ص‪ ،‬بل هي‬
‫األصح‪ ،‬وتس ّن للقارئ‬ ‫ّ‬ ‫سجدة شكر تستحب يف غري الصالة‪ ،‬وحترم فيها عىل‬
‫واملستمع‪ ،‬وتتأكد له بسجود القارئ‪ ،‬قلت‪ :‬وتسن للسامع»‪.‬‬
‫ألَّنا عىل ثالثة أقسام‪ :‬قسم أمر‬ ‫ألن آيات السجدة كلها تدل عىل الوجوب؛ َّ‬ ‫(‪َّ )6‬‬
‫رصيح‪ ،‬وهو للوجوب‪ ،‬وقسم فيه ذكر فعل األنبياء عليهم الصالة والسالم‪،‬‬
‫واالقتداء هبم واجب‪ ،‬وقسم فيه ذكر استنكاف الكفار‪ ،‬وخمالفتهم واجبة؛ وهلذا‬
‫ذم اهلل تعاىل من مل يسجد عند القراءة عليه‪ ،‬كام يف التبيني ‪ 01 :‬؛ فعن أيب هريرة‬
‫‪ ،‬قال ‪ ( :‬إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول‪ :‬يا وييل‪،‬‬
‫أمر ابن آدم بالسجود فسجد‪ ،‬فله اجلنّة‪ ،‬وأمرت بالسجود فأبيت‪ ،‬فيل النار) يف‬
‫صحيح مسلم ‪.82 :‬‬
‫( ) فال يأثم بالتأخري؛ أل َّن األمر غري مقيد بوقت‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 01 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والكافر( )‪ ،‬وجتب عىل َمن سم َعها منهم( )‪.‬‬


‫ولو سم َعها من الطوطي( ) والنائم‪ ،‬قيل‪ :‬ال جتب( )‪.‬‬
‫وجتب عىل التايل األصم( )‪.‬‬

‫وألن السجدة قطعة معظمة من‬ ‫َّ‬ ‫ال للتالوة فال جتب عليهم؛‬ ‫ألَّنم ليسوا أه ً‬
‫( ) َّ‬
‫الصالة؛ وهلذا يشرتط ألدائها مجيع رشائط الصالة‪ ،‬فال جتب عىل من ليس بأهل‬
‫لوجوب الصالة‪ ،‬بخالف اجلنب واملحدث‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 01 :‬ورشح ابن‬
‫ملك ق‪/11‬أ‪.‬‬
‫( ) أي جتب سجدة التالوة عىل َمن يسمعها من حائض ونفساء وغريهم‪ ،‬قال يف‬
‫التبيني ‪ « : 03 :‬ولو سمعها ممن ال جتب عليه الصالة لكفر أو لصغر أو جلنون‬
‫أو حيض أو نفاس جتب عليه لتحقق السبب‪ ،‬وقيل ‪ :‬ال جتب بقراءة املجنون‬
‫والصغري الذي ال يعقل»‪ .‬قال الشلبي يف حاشيته عىل التبيني ‪« : 03 :‬ويف‬
‫الوبري سبب وجوهبا ثالثة‪ :‬التالوة والسامع‪ ،‬واالقتداء باإلمام‪ ،‬وإن مل يسمعها‬
‫ومل يقرأها‪ ،‬ثم التالوة توجب سجدة التالوة عىل التايل برشطني‪ :‬أحدمها أن يكون‬
‫ممن تلزمه الصالة‪ ،‬حتى لو كان كافرا أو جمنون ًا جنون ًا ممتد ًا أو صبي ًا أو حائض ًا أو‬
‫نفسا ًء أو عقيب طهر دون العرشة واألربعني مل يلزمهم‪ ،‬والتايل إذا كان جنب ًا أو‬
‫حمدث ًا أو سكران ًا أو جمنون ًا قارص ًا بأن كان يوم ًا وليلة أو بأقل لزمته تالها أو‬
‫سمعها‪ ،‬والصبي يؤمر بالسجدة فإن فعل وإال فال قضاء عليه‪ ،‬ولو تلتها املرأة يف‬
‫صالهتا فحاضت قبل السجود سقط‪ .‬والرشط الثاين‪ :‬أن ال يكون التايل مؤمت ًا»‪.‬‬
‫(‪ )6‬قال حجة اإلسالم الغزايل‪ :‬إنَّه الببغاء‪ .‬ينظر‪ :‬حياة احليوان الكربى ‪.93 :‬‬
‫ألن السبب سامع‬ ‫( ) وقال ابن ملك يف رشح التحفة ق‪/11‬ب‪« :‬وهو الصحيح؛ َّ‬
‫تالوة صحيحة‪ ،‬وهي إنَّام تكون بالتمييز»‪ ،‬ويف تبيني احلقائق ‪« : 03 :‬وال جتب‬
‫طوطي ال جتب عىل‬ ‫ّ‬ ‫بقراءة النائم أو املغمى عليه يف رواية‪ ،‬ولو سمعها من‬
‫الصحيح»‪.‬‬
‫(‪ )1‬لتحقق التالوة من األهل‪ ،‬واألصل يف السببية هو التالوة والسامع بنا ًء عليه‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫رشح ابن ملك ق‪/11‬ب‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وإن قرأها املأموم خلف اإلمام مل يسجدها( ) هو وال اإلمام يف الصالة‬


‫وال بعدها( )‪.‬‬
‫والسجدة الصالتية ال تق َض خارج الصالة( )‪.‬‬
‫ومن قرأ آية سجدة ومل يسجدها حتى َصىل يف َجملسه َ‬
‫وأعا َدها و َس َجدَ‬ ‫َ‬
‫سقطتا‪ ،‬ولو كان سجد لألوىل قبل الصالة سجدَ لألخرى فيها( )‪.‬‬
‫ومتى احتد املجلس واآلية تداخلت( )‪ ،‬ومتى اختلف أحدمها تعددت‪،‬‬

‫ألن املأموم حمجور عن القراءة فقراءته كال قراءة يف حق اإلمام‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة‬ ‫( ) َّ‬
‫الرعاية ‪. 60 :‬‬
‫( ) أي ال يسجد املأموم وال اإلمام ال يف الصالة وال بعدها‪ ،‬أما املأموم؛ فألنَّه إذا‬
‫سجد فإن تابعه اإلمام يؤدي إىل قلب املوضوع‪ ،‬وإن مل يتابعه كان املأموم خمالف ًا‬
‫إلمامه‪ ،‬وأما اإلمام؛ فألنه إذا سجد يكون قلب املوضوع أيض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪. 01 :‬‬
‫ألَّنا صالتية‪ ،‬وهلا مزية الصالة‪ ،‬فتكون أقوى من غري الصالتية‪ ،‬والكامل ال‬ ‫(‪َّ )6‬‬
‫وألَّنا صارت من أفعال الصالة وأفعاهلا ال تتأدى خارجها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يتأدى بالناقص؛‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 03 :‬واملشكاة ص ‪. 3‬‬
‫ألن املجلس‬ ‫ألن الصالتية أقوى فال تكون تبع ًا لألضعف‪ ،‬بخالف ما سبق؛ َّ‬ ‫( ) َّ‬
‫متحد‪ ،‬والصالتية أقوى فصارت األوىل تبع ًا هلا‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 02 :‬والدر‬
‫املختار ‪.1 0 :‬‬
‫ألن الحتاد املجلس أثر ًا يف مجع املتفرقات‪ ،‬حتى لو تالها فيه وسجد‪ ،‬ثم ذهب‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫وجاء إليه فتالها ثانية سجد هلا بأخرى‪ ،‬واملجلس املتحد‪ :‬كاملسجد واجلامع‬
‫والبيت والسفينة سائرة كانت أو واقفة‪ ،‬واحلوض والغدير والنهر الواسع والدابة‬
‫السائرة وراكبها يصيل‪ ،‬واملختلف‪ :‬كالدابة السائرة وراكبها ليس يف الصالة‬
‫واملايش يف الصحراء والسابح يف البحر والنهر العظيم واملنتقل من غصن إىل‬
‫غصن‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 02 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وال خيتلف املجلس بمجرد القيام‪ ،‬وال بططوة أو بططوتني‪ ،‬ولقمة أو‬
‫لقمتني( )‪.‬‬
‫والسفينة اجلارية كالبيت‪.‬‬
‫ولو كررها عىل الدابة وهي تسري‪ :‬فإن كان يف الصالة احتدت( )‪ ،‬وإن مل‬
‫يكن فيها تعددت‪ ،‬وإذا تالها عىل الدابة أجزأته باإليامء( )‪.‬‬
‫وهي كسجدة الصالة بغري تشهد وسالم( )‪.‬‬
‫فصل‬
‫يف امليت‬
‫يوجه املحترض إىل القبلة عىل ش ِّقه األيمن( )‪ ،‬وتذ َكر عنده الشهادة وال‬

‫فإن املجلس ال خيتلف بمجرد القيام وال بخطوة وال خطوتني‪ ،‬وال باالنتقال من‬ ‫( ) َّ‬
‫ِ‬
‫باالنتقال من‬ ‫زاوية إىل زاوية يف بيت أو مسجد ليسا كبريين‪ ،‬بل يتبدَّ ل املجلس‬
‫مكان إىل مكان‪ ،‬وميش ثالث خطوات فصاعد ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 02 :‬واهلداية‬ ‫ٍ‬
‫‪ ،80 :‬وفتح القدير ‪ ، 23 :‬والتبيني ‪ ، 08- 02 :‬ورشح الوقاية ‪- 81‬‬
‫‪ ، 82‬وغريها‪.‬‬
‫( ) أي كفته سجدة واحدة؛ الحتاد املجلس‪ ،‬وإن مل يكن يف الصالة تعدد فيلزمه لكل‬
‫ألن سريها يضاف إليه؛ وهلذا جيب عليه ضامن ما‬ ‫تالوة سجدة الختالف املجلس؛ َّ‬
‫أتلفته‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/13‬أ‪.‬‬
‫(‪ )6‬ألنَّه أداها كام وجب عليه‪ ،‬ولو تالها عند طلوع الشمس فلم يسجد هلا حتى كان‬
‫وقت الزوال فسجد أجزأه‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 08 :‬‬
‫ِ‬
‫تكبريتني‪ :‬تكبرية‬ ‫إن كيفية سجدة التالوة كسجدة الصالة‪ ،‬فهي سجد ٌة بني‬ ‫( ) أي َّ‬
‫يد وتشهدٍ‬ ‫الة بال رف ِع ٍ‬
‫برشوط الص ِ‬
‫ِ‬ ‫للرفع‪ ،‬ومها مسنونتان‬
‫َّ‬ ‫للوضع‪ ،‬وتكبرية َّ‬
‫وسالم‪ ،‬ويسبح فيها كام يسبح يف سجود الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 08 :‬والوقاية‬
‫ص‪. 86‬‬
‫يستلقي املحترض عىل قفاه‪ ،‬فيكون وجهه إىل السامء وقدماه‬
‫َ‬ ‫(‪ )1‬واختار ي‬
‫املتأخرون أن‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يؤمر هبا( )‪.‬‬


‫فإذا مات غ ِّس َل وك ِّف َن وص ِّ َل عليه‪ ،‬فإن مل ي َصل عليه ص ِّل عىل قربه ما مل‬
‫َيغلِب عىل ال َظ ِّن تفسطه( )‪.‬‬
‫ومن استهل( ) غ ِّس َل وك ِّف َن وص ِّل عليه‪ ،‬وإن مل يستهل غ ِّس َل( ) ولف يف‬ ‫َ‬
‫خرقة ومل ي َصل عليه( )‪.‬‬

‫إىل القبلة؛ ألنَّه أسهل لتغميض العني‪ ،‬وشدّ حلييه بعد املوت‪ ،‬ويرفع رأسه قليالً؛‬
‫ليصري وجهه إىل القبلة‪ ،‬هذا كله إذا مل يشق عليه وإالَّ يرتك‪ ،‬كام يف البناية رشح‬
‫إن النبي ‪ ‬حني قدم املدينة سأل عن الرباء‬‫اهلداية ‪9 :‬؛ فعن أيب قتادة ‪َّ ( :‬‬
‫يوجه إىل القبلة‬
‫بن معرور‪ ،‬فقالوا‪ :‬تويف وأوىص بثلثه لك يا رسول اهلل‪ ،‬وأوىص أن َّ‬
‫ملا احترض‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ :‬أصاب الفطرة وقد رددت ثلثه عىل ولده) يف‬
‫املستدرك ‪ ،101 :‬وصححه‪ ،‬وغريه‪.‬‬
‫( ) فعن أيب سعيد اخلدري ‪ ،‬قال ‪( :‬لقنوا موتاكم ال إله إال اهلل) يف صحيح مسلم‬
‫‪ ،36 :‬واملراد من قرب من املوت؛ ألنَّه موضع يتعرض فيه الشيطان؛ إلفساد‬
‫اعتقاده‪ ،‬فيحتاج إىل مذكر ومن ّبه عىل التوحيد‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪. 6 :‬‬
‫( ) أي إقامة للواجب بقدر اإلمكان‪ ،‬واملعترب يف التفسخ غالب الظن أنَّه تفسخ‪ ،‬فال‬
‫يصىل عليه‪ ،‬وإن غلب عىل الظن أنَّه مل يتفسخ يصىل عليه‪ ،‬وإذا شك ال يصىل عليه‪،‬‬
‫‪ ،‬واهلدية ص‪. 1‬‬ ‫وهذا االعتبار هو الصحيح‪ ،‬كام يف منحة السلوك ‪:‬‬
‫(‪ )6‬أي رفع صوته وصاح عند الوالدة‪ .‬ينظر‪ :‬طلبة الطلبة ص ‪.6‬‬
‫( ) أي عىل املختار عند املصنّف وصاحب الوقاية ص‪، 99‬واخلانية ‪، 83 :‬‬
‫والبزازية ‪ ،28 :‬والفتح ‪ ،96 :‬ورد املحتار ‪.191 :‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أنَّه ال يغسل‪ ،‬وهو ظاهر الرواية‪ .‬ينظر‪ :‬األصل ‪ ،62 :‬ورشح الوقاية‬
‫ص‪ ، 99‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )1‬فعن جابر ‪ ،‬قال ‪( :‬الصبي ال يصىل عليه‪ ،‬وال يرث‪ ،‬وال يورث حتى يستهل)‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وال ي َصىل عىل باغ‪ ،‬وال قاطع طريق( )‪.‬‬


‫وامليش خلف اجلنازة َأفضل‪ ،‬ويطيل الصمت‪ ،‬ويكره رفع الصوت‬
‫بالذكر( )‪ ،‬فإذا وصلوا إىل قربه كره اجللوس قبل واعه عن الرقاب( )‪.‬‬
‫وحيفر القرب حلد ًا( )‪ ،‬ويدخل امل ِّيت فيه من جهة القبلة( )‪ ،‬ويض َجع عىل‬

‫يف سنن الرتمذي ‪ ،610 :6‬وسنن الدارمي ‪ ، 8 :‬ويف رواية‪ ( :‬إذا استهل‬
‫الصبي صيل عليه وورث) يف سنن ابن ماجة ‪ ، 86 :‬وصحيح ابن حبان ‪: 6‬‬
‫‪ ،69‬واملستدرك ‪ ،688 :‬وصححه‪ .‬ينظر‪ :‬الدراية ‪. 61 :‬‬
‫ألَّنام ليسا بشهيدين‪ ،‬وال يصىل عليهام؛ زجر ًا‬‫( ) أي يغسالن وال يصىل عليهام؛ َّ‬
‫عيل ‪ ‬يف عدم صالته عىل ال ُبغاة‪،‬‬ ‫وسياسة وعربة‪ ،‬وهذا اقتداء بفعل سيدنا ّ‬
‫وقطاع الطريق‪ ،‬و َمن يف معناهم‪ .‬وقيل‪ :‬ال يغسالن وال يصىل عليهام إهانة هلام‪ ،‬كام‬
‫يف التبيني ‪ ، 10- 9 :‬وملتقى األبحر ص‪ ، 8‬وعمدة الرعاية ‪، 31 :‬‬
‫واملنحة ‪ ، 6 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) أي مع اجلنازة؛ ألنَّه هذه احلالة حالة اعتبار‪ ،‬والصمت حيقق ذلك‪.‬‬
‫(‪ )6‬وكذلك يرسعون باجلنازة ال َخ َبب ًا بأن يرسع به بحيث ال يضطرب امليت عىل‬
‫اجلنازة؛ فعن الرباء ‪ ،‬قال‪( :‬أمرنا النبي ‪ ‬بسبع وَّنانا عن سبع أمرنا باتباع‬
‫اجلنائز‪ )...‬يف صحيح البخاري ‪ ، 2 :‬وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬ال تتبع‬
‫اجلنازة بصوت‪ ،‬وال نار‪ ،‬وال يمشى بني يدهيا) يف سنن أيب داود ‪ ، 06 :6‬ومسند‬
‫أمحد ‪ ،1 8 :‬وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬أرسعوا باجلنازة‪ ،‬فإن تك صاحلة‬
‫فرش تضعونه عن رقابكم) يف صحيح‬ ‫فخري تقدموَّنا عليه‪ ،‬وإن تكن غري ذلك ٌّ‬
‫‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫مسلم ‪ ،31 :‬وصحيح البخاري ‪:‬‬
‫( ) فعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪( :‬اللحد لنا والشق لغرينا) يف سنن أيب داود ‪، 6 :‬‬
‫وسنن الرتمذي ‪ ،636 :6‬وحسنه‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ، 93 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )1‬فيكون اآلخذ له مستقبل القبلة حال األخذ؛ فعن ابن عباس ‪َّ ( :‬‬
‫إن النبي ‪‬‬
‫دخل قرب ًا ليالً فأرسج له رساج فأخذه من قبل القبلة‪ ،‬وقال‪ :‬رمحك اهلل إن كنت‬
‫ـ ‪112‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ش ِّقه األيمن موجه ًا إليها( )‪.‬‬


‫ويكره البناء عىل القرب( )‪ ،‬وال يدفن يف القرب أكثر من واحد إال‬
‫للرضورة( )‪ ،‬واختاذ التابوت للمرأة حسن( )‪.‬‬

‫ألواه ًا‪ ،‬تال ًء للقرآن‪ ،‬وكرب عليه أربع ًا) يف سنن الرتمذي ‪ ،62 :6‬وحسنه‪ ،‬وسنن‬
‫َّ‬
‫ابن ماجة ‪ ، 91 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) وكذلك ُّ‬
‫حتل العقدة التي عىل الكفن خيفة االنتشار؛ فعن قتادة الليثي ‪َّ ( :‬‬
‫إن‬
‫رج ً‬
‫ال سأله ‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما الكبائر؟ فقال‪ :‬هي تسع‪ :‬الرشك باهلل‪ ،‬وقتل‬
‫نفس املؤمن بغري حق‪ ،‬وفرار يوم الزحف‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وقذف‬
‫املحصنة‪ ،‬وعقوق الوالدين املسلمني‪ ،‬واستحالل البيت احلرام قبلتكم أحياء‬
‫وأموات ًا) يف املستدرك ‪ ، 88 :‬وصححه‪ ،‬وسنن أيب داود ‪ ، 1 :6‬وغريها‪.‬‬
‫( ) أي باآلجر أو اجلص أو احلجر أو اخلشب‪ ،‬قال اإلمام التمرتايش‪ :‬هذا إذا كان‬
‫حول امليت‪ ،‬وإن كان فوقه ال يكره للعصمة عن السبع‪ ،‬وقال مشايخ بخارا‪ :‬إذا‬
‫كانت األرض رخوة ال بأس باآلجر أو اخلشب‪ ،‬ويكره أيض ًا أن يبنى عليه؛ للبىل‬
‫ال للبناء‪ ،‬وال بأس بنصب احلجر عليه؛ ليعرف‪ ،‬وإن احتاج إىل الكتابة عليه حتى‬
‫ال يمتهن فال بأس به‪ ،‬وأما الكتابة بغري عذر فمكروهة‪ ،‬كام يف هدية الصعلوك‬
‫؛ فعن جابر ‪ ‬قال‪َّ( :‬نى النبي ‪ ‬أن جتصص القبور‪ ،‬وأن يكتب عليها‪،‬‬ ‫ص‬
‫وأن يبنى عليها وأن توطأ) يف سنن الرتمذي ‪ ،638 :6‬وصححه‪ ،‬واملجتبى ‪:‬‬
‫‪ ،88‬وسنن ابن ماجة ‪ ، 98 :‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 6 :2‬وغريها‪.‬‬
‫كل‬‫ثم املرأة‪ ،‬فيجعل بني ّ‬
‫ثم اخلنثى‪ّ ،‬‬ ‫ثم خلفه الغالم‪ّ ،‬‬
‫(‪ )6‬فيوضع الرجل مما ييل القبلة‪ّ ،‬‬
‫اثنني حاجز ًا من الرتاب؛ ليصري يف حكم قربين‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/18‬ب‪.‬‬
‫( ) ألنَّه أسرت هلا‪ ،‬أو يغطى قربها عند الدفن بخالف الرجل؛ لئال يقع النظر عليها‪،‬‬
‫وتطني الطبقة العليا مما‬
‫ّ‬ ‫وينبغي أن يفرش التابوت‪ ،‬وجيعل عىل جانبيه لبنا خفيف ًا‬
‫ييل امليت؛ ليصري كاللحد‪ ،‬وال يتخذ التابوت للرجال إال أن تكون األرض رخوة‪،‬‬
‫ـ ‪113‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف الشهيد‬
‫ال مل جيب به مال( )‪.‬‬ ‫كافر َأو م ٌ‬
‫سلم ظل ًام( ) قت ً‬ ‫والشهيد‪ :‬كل مسلم قت َله ٌ‬
‫فال يغسل إال إذا قتِ َل جنب ًا( ) أو َصبي ًا‪.‬‬
‫وال يغسل دمه( )‪ ،‬وال ينزع ثيابه‪ ،‬وينزع كل ما عليه من غري جنس‬

‫كام يف هدية الصعلوك ص‪ 6‬؛ فعن أيب إسحاق ‪ ‬قال‪( :‬شهدت جنازة‬
‫احلارث‪ ،‬فمدوا عىل قربه ثوب ًا‪ ،‬فكشفه عبد اهلل بن يزيد ‪ ،‬قال‪ :‬إنَّام هو رجل) يف‬
‫مصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 3 :6‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،1 :‬وصححه‪.‬‬
‫( ) ألنَّه إذا قتله مسلم حق ًا مثل ما إذا قتل رمج ًا أو قود ًا ال يكون شهيد ًا‪ ،‬فخرج بظلم‪:‬‬
‫من قتل حد ًا أو قصاص ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص ‪ ،60‬واملنحة ‪. 3 :‬‬
‫ِ‬
‫ونحوه ممَّا ال يقتل به غالب ًا‪ ،‬وكالقتل‬ ‫ِ‬
‫باحلجر‬ ‫( ) فمن قتل ووجب به مال‪ :‬كالقتل‬
‫الصور الدي ية ال‬
‫الواجب يف هذه ُّ‬
‫َ‬ ‫اخلطأ‪ :‬كأن رمى الصيد فأصاب إنسان ًا وقت َله‪ ،‬فإن‬
‫القصاص‪ .‬وشمل هذا التعريف قتي َل املرشكني‪َ ،‬‬
‫وأهل البَ ْغي‪ ،‬وقطاع ال َّطريق‪ ،‬ي‬
‫بأي‬
‫ٌ‬
‫مقتول ُظل ًام‪ ،‬ومل جيب بقتله‬ ‫مسلم‬ ‫اجلريح يف املعركة؛ ألنَّه‬ ‫ٍ‬
‫آلة قتلوه‪ ،‬وشمل امل يي َت‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ْف‬‫قتيل ال م ْي ٌت َحت َ‬ ‫مال‪ ،‬وتشرتط اجلراح َة فيمن ُو ِجدَ يف املعركة؛ َّ‬
‫ليدل عىل أنَّه ٌ‬
‫أنفه‪ .‬ينظر‪ :‬الرساجية ص‪ ،3‬ورشحها للرشيفي ص‪ ،2-3‬ورشح الوقاية‬ ‫ِ‬
‫ص ‪ ، 0 - 0‬وعمدة الرعاية ‪. 18 :‬‬
‫إن صاحبكم حنظلة تغسله املالئكة‪ ،‬فسلوا صاحبته‪،‬‬ ‫(‪ )6‬فعن الزبري ‪ ،‬فقال ‪َّ ( :‬‬
‫فقالت‪ :‬خرج وهو جنب ملا سمع اهلائعة‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ ‬فذاك‪ ،‬قد غسلته‬
‫املالئكة) يف صحيح ابن حبان ‪ ، 91 : 1‬واملستدرك ‪ ، 1 :6‬وصححه‪ ،‬وسنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ، 1 :‬وغريها‪ ،‬فغسل املالئكة له تعلي ًام لنا بام نفعل بمثله‪ ،‬وهذا‬
‫ألن ما وجب قبل املوت من غسل اجلنابة‬ ‫عند أيب حنيفة‪ ،‬وقاال‪ :‬ال يغسلون؛ َّ‬
‫ونحوها سقط باملوت؛ النتهاء التكليف به‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪- 19 :‬‬
‫‪ ، 30‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الكفن( )‪ ،‬ويكمل كفنه‪ ،‬ثم يصىل عليه( )‪.‬‬


‫َش َب‪ ،‬أو نا َم‪ ،‬أو عولج‪ ،‬أو َامه َسقف‪ ،‬أو ن ِق َل‬
‫وكل جريح َأ َك َل‪ ،‬أو َ َ‬
‫وطء اخليل( )‪ ،‬أو َمر عليه وقت صالة وهو َحي‬ ‫ِ‬ ‫من املعركة َحي ًا ال خلوف‬

‫( ) فعن جابر ‪َّ ( :‬‬


‫إن رسول اهلل ‪ ‬كان جيمع بني الرجلني من قتىل أحد يف ثوب‬
‫واحد‪ ،‬ثم يقول‪ :‬أهيم أكثر أخذ ًا للقرآن فإذا أشري له إىل أحدمها قدَّ مه يف اللحد‪،‬‬
‫وقال‪ :‬أنا شهيد عىل هؤالء‪ ،‬وأمر بدفنهم بدمائهم ومل يصل عليهم ومل يغسلهم)‬
‫يف صحيح البخاري ‪ ، 1 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،6 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪( :‬أمر رسول اهلل ‪ ‬بقتىل أحد أن ينزع عنهم احلديد‬
‫‪ ،‬وسنن ابن ماجة‬ ‫واجللود‪ ،‬وأن يدفنوا بدمائهم وثياهبم) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ،‬وقال شعيب األرنؤوط‪ :‬حسن لغريه ‪.‬‬ ‫‪ ، 81 :‬ومسند أمحد ‪2‬‬
‫(‪ )6‬فعن عقبة بن عامر ‪ ‬قال‪َّ ( :‬‬
‫إن النبي ‪ ‬صىل عىل قتىل أحد بعد ثامن سنني‬
‫كاملودع لألحياء واألموات) يف سنن أيب داود ‪ ، 61 :‬ومسند أمحد ‪، 1 :‬‬
‫وصحيح ابن حبان ‪ ، 2 :2‬واملستدرك ‪ ،1 0 :‬وغريها‪ ،‬وعن ابن عباس ‪‬‬
‫قال‪( :‬أمر رسول اهلل ‪ ‬حلمزة يوم أحد فهيء للقبلة ثم كرب عليه سبع ًا‪ ،‬ثم مجع‬
‫إليه الشهداء حتى صىل عليه سبعني صالة) يف سنن البيهقي الكبري ‪. 3 :‬‬
‫وأما إثبات حديث جابر ‪ ‬يف الصالة عىل الشهيد‪ ،‬فمردود َّ‬
‫بأن رواية املثبت‬
‫َّ‬
‫وألن الصالة واجبة علينا‬ ‫موافقة لألصول‪ ،‬فتقدم عىل رواية النايف ملخالفتها هلا؛‬
‫بيقني‪ ،‬فال تسقط بظني معارض بمثله أو أمثاله‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪. 36 :‬‬
‫ألن النقل هلذا مل ينل فيه شيئ ًا من راحة الدنيا‪ ،‬فيتحقق بذلك بذل نفسه البتغاء‬
‫( ) َّ‬
‫مرضاة اهلل ‪‬؛ وألنَّه ال لطمع احلياة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/19‬أ‪ ،‬واهلدية‬
‫‪« :‬فيه نظر؛ ألنَّا ال نسلم أ َّن احلمل من‬ ‫‪ ،‬قال العيني يف املنحة ‪8 :‬‬ ‫ص‬
‫املرصع ليس نيل راحة»‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يعقل‪ ،‬أو َأوىص َبأمر دنيوي( ) غ ِّسل( )‪.‬‬

‫‪‬‬

‫( ) وهذا عند أيب حنيفة ‪،‬واختلفوا يف قول أيب يوسف وحممد ‪ ‬يف اعتبار اإليصاء‪:‬‬
‫‪ :‬األظهر أنَّه ال خالف‪ ،‬فجواب أيب يوسف ‪ ‬بأن‬ ‫فقال صاحب البحر ‪:‬‬
‫يكون مرتث ًا فيام إذا كان بأمور الدنيا‪ ،‬وجواب حممد ‪ ‬بعدمه فيام إذا كان بأمور‬
‫اآلخرة‪ ،‬وقال صاحب الدر املختار ‪ :3 0 :‬إن أوىص بأمور اآلخرة ال يصري‬
‫مرتث ًا عند حممد ‪ ‬وهو األصح‪ .‬ونقل يف الربهان عن كل من أيب يوسف وحممد‬
‫‪ ‬قولني‪ ،‬فقال‪ :‬ويطرد أبو يوسف ‪ ‬االرتثاث يف الوصية بأمور الدنيا فقط أو‬
‫مطلق ًا‪ ،‬وخالفه حممد ‪ ‬يف وصية اآلخرة فلم جيعله مرتث ًا أو مطلق ًا‪ .‬ينظر‪ :‬غنية‬
‫ذوي األحكام ‪ ، 20 :‬والتبيني ‪. 9 :‬‬
‫( ) هذا بيان االرتثاث الذي خيرج به امليت عن حكم الشهادة‪ ،‬فهذه األشياء تسقط‬
‫الشهادة فيغسل؛ ألنَّه نال هبا مرافق احلياة فخف أثر الظلم فلم يكن يف معنى‬
‫شهداء أحد‪ ،‬ثم املرتث إذا غسل فله ثواب الشهيد‪ :‬كالغريق واحلريق واملبطون‪،‬‬
‫فإَّنم يغسلون‪ ،‬وهم شهداء‪ ،‬كام يف منحة السلوك ‪ 2 :‬؛ فعن أيب هريرة ‪‬‬ ‫َّ‬
‫قال ‪( :‬الشهداء مخسة‪ :‬املطعون واملبطون َوا ْل َغ ِر ُق وصاحب اهلدم والشهيد يف‬
‫سبيل اهلل) يف صحيح البخاري ‪. 66 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتاب الزكاة‬
‫جتب عىل كل حر بالغ عاقل( ) مسلم‪ ،‬ملك نصابا ملكا تاما رقبة ويدا( )‪،‬‬
‫وتم عليه حول كامل( )‪ ،‬وجوبا عىل الفور يف قول( )‪.‬‬

‫وألَّنا عبادة حمضة لكوَّنا أحد‬ ‫َّ‬ ‫ألن التكليف ال يتحقق بدون العقل والبلوغ؛‬ ‫( ) َّ‬
‫أركان الدين‪ ،‬واملجنون والصغري ليسا بمخاطبني‪ ،‬فال جتب عليهام كام ال جتب‬
‫عليهام سائر أركانه‪ ،‬كام يف تبيني احلقائق ‪252 :‬؛ فعن ابن مسعود ‪« :‬ليس يف‬
‫مال اليتيم زكاة» يف آثار حممد ص‪ 64‬عن إعالء السنن ‪ ،4 :9‬وغريه‪.‬‬
‫النصاب املقدّ ر من الشارع مملوك ًا له ذات ًا وترصف ًا‪ ،‬بحيث يقد ُر عىل‬
‫ُ‬ ‫(‪ )2‬أي أن يكون‬
‫االنتقاالت امللك ّي ِة فيه‪ ،‬فال جتب يف امللك الناقص‪ ،‬حيث ال‬
‫ِ‬ ‫ف فيه‪ ،‬وعىل‬ ‫التَّرص ِ‬
‫ُّ‬
‫جتب زكاة يف املبيع قبل القبض‪ ،‬والدية عىل العاقلة‪ ،‬واملهر إذا كان دين ًا‪ ،‬وبدل‬
‫اخللع‪ ،‬وبدل الصلح عن دم العمد‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 21 :2‬وال زكاة يف الضامر من‬
‫املال ـ كام سيأيت ـ‪.‬‬
‫ألن السبب هو املال النامي؛ لكون الواجب جزء من الفضل ال من رأس املال؛‬ ‫( ) َّ‬
‫لقوله ‪ ‬ﭽﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ [البقرة‪ :]972 :‬أي الفضل‪ ،‬والنمو‬
‫إنَّام يتحقق يف احلول غالب ًا؛ الختالف األسعار فيه غالب ًا عند اختالف الفصول‪،‬‬
‫فأقيم السبب الظاهر وهو احلول‪ ،‬مقام السبب وهو النمو؛ فعن عيل ‪ ‬قال ‪:‬‬
‫( فإذا كانت لك مئتا درهم وحال عليها احلول‪ ،‬ففيها مخسة دراهم‪ ،‬وليس عليك‬
‫يشء‪ ،‬يعني يف الذهب حتى يكون لك عرشون دينار ًا‪ ،‬فإذا كان لك عرشون دينار ًا‬
‫وحال عليها احلول‪ ،‬ففيها نصف دينار) يف سنن أيب داود ‪ ، 11 :2‬واألحاديث‬
‫إن أبا بكر الصديق مل يكن يأخذ من مال‬ ‫املختارة ‪ ، 56 :2‬وعن القاسم ‪َّ « :‬‬
‫زكاة حتى حيول عليه احلول» يف موطأ مالك ‪ ،265 :‬وعن ابن عمر ‪ ‬كان‬
‫يقول‪« :‬ال جتب يف مال زكاة حتى حيول عليه احلول» يف املوطأ ‪.264 :‬‬
‫(‪ )6‬هذا قول الكرخي‪ ،‬وذكر احلاكم الشهيد يف املنتقى ما يدل عليه‪ ،‬فإنَّه قال ‪« :‬إذا مل‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وكل دين آلدمي يمنع بقدره حال كان أو مؤجل( )‪.‬‬

‫يؤد الزكاة حتى مىض حوالن فقد أساء وأثم ومل حيل له ما صنع وعليه زكاة حول‬
‫أن من مل يؤد الزكاة مل تقبل شهادته‪ ،‬كام يف بدائع الصنائع‬ ‫واحد»‪ ،‬وعن حممد ‪َّ ‬‬
‫‪ ،6 :2‬قال الطحطاوي يف حاشيته عىل املراقي ‪« :3 :2‬وهي واجبة عىل الفور‪،‬‬
‫وعليه الفتوى‪ ،‬فيأثم بتأخريها بال عذر وترد شهادته»‪ ،‬وعليه الفتوى يف تنوير‬
‫األبصار ‪ 23 :2‬وكذلك يف رشح الوهبانية‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪.23 :2‬‬
‫والقول الثاين‪َّ :‬إَّنا عىل الرتاخي‪ :‬ذكره اجلصاص‪ ،‬واستدل بمن عليه الزكاة إذا هلك‬
‫نصابه بعد متام احلول والتمكن من األداء أنَّه ال يضمن‪ ،‬ولو كانت واجبة عىل‬
‫الفور لضمن‪ :‬كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته أنَّه جيب عليه القضاء‪ ،‬وذكر‬
‫أبو عبد اهلل الثلجي عن أصحابنا َّأَّنا جتب وجوبا موسع ًا‪ ،‬وقال عامة مشاخينا‪َّ :‬إَّنا‬
‫عىل سبيل الرتاخي‪ ،‬ومعنى الرتاخي عندهم‪َّ :‬أَّنا جتب مطلق ًا عن الوقت غري‬
‫عني‪ ،‬ففي أي وقت أدى يكون مؤدي ًا للواجب‪ ،‬ويتعني ذلك الوقت للوجوب‪،‬‬
‫وإذا مل يؤد إىل آخر عمره يتضيق عليه الوجوب بأن بقي من الوقت قدر ما يمكنه‬
‫األداء فيه وغلب عىل ظنه أنَّه لو مل يؤد فيه يموت فيفوت‪ ،‬فعند ذلك يتضيق عليه‬
‫الوجوب‪ ،‬حتى أنَّه لو مل يؤد فيه حتى مات يأثم‪ ،‬كام يف بدائع الصنائع ‪،6 :2‬‬
‫وصححه الباقاين عن التاتارخانية‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪.23 :2‬‬
‫ِ‬
‫املديون بقدر‬ ‫( ) فمن رشوط وجوب الزكاة أن يكون فارغ ًا عن الدين‪ ،‬فال ُ‬
‫جتب عىل‬
‫ألن الزكاة جتب عىل الغني إلغناء الفقري‪ ،‬وال‬ ‫ما يكون ماله مشغوالً بالدَّ ين؛ َّ‬
‫يتحقق الغنى باملال املستقرض ما مل يقضه‪ ،‬وال فرق يف الدين املؤجل واحلال‪،‬‬
‫واملراد بالدين دين له مطالب من جهة العباد حتى ال يمنع دين النذر والكفارة‪،‬‬
‫ودين الزكاة مانع حال بقاء النصاب؛ ألنه ينتقص به النصاب‪ ،‬كام يف اإليضاح‬
‫ق‪/24‬ب‪ ،‬والدرر ‪ ، 32 :‬ورد املحتار‪ ،5 :2‬وعمدة الرعاية ‪ ،249 :‬وتبيني‬
‫احلقائق ‪256 :‬؛ فعن عثامن بن عفان ‪ ‬كان يقول‪« :‬هذا شهر زكاتكم‪ ،‬فمن‬
‫كان عليه دين فليؤد دينه‪ ،‬حتى حتصل أموالكم فتؤدوا منها الزكاة» يف موطأ مالك‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومن مات وعليه زكاة‪ ،‬أو صدقة فطر‪ ،‬أو صوم‪ ،‬أو نذر‪ ،‬أو كفارة‪،‬‬
‫سقطت‪ ،‬إل إن أوىص هبا‪ ،‬فتنفذ من الثلث( )‪.‬‬
‫ول زكاة يف غري الفضة والذهب والسوائم‪ ،‬إل بنية التجارة( )‪.‬‬
‫ول زكاة يف املال الضامر‪ :‬وهو ما ل يقدر عليه بنفسه ول بنائبه( )‪.‬‬
‫ول تصح إل بنية مقارنة لألداء‪ ،‬أو لعزهلا‪ ،‬إل إذا تصدق بكل‬

‫‪ ،25 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 61 :6‬ومسند الشافعي ‪ ،93 :‬ومصنف ابن‬


‫أيب شيبة ‪ ،6 6 :2‬ومصنف عبد الرزاق ‪.92 :6‬‬
‫ألَّنا حق اهلل ‪ ،‬وال يؤخذ من تركته إال إذا أوىص فيؤخذ‪ ،‬وتنفذ من الثلث؛‬ ‫( ) َّ‬
‫ألنَّه ترصفه من الثلث ال غري‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 22 :2‬‬
‫الذهب‬ ‫ألن من رشوط وجوب الزكاة النامء‪ ،‬والنامء هو الثَّمن َّي ُة يف ال َّثمنني‪ :‬أي َّ‬ ‫(‪َّ )2‬‬
‫السوم يف األنعام‪ ،‬أو ن َّي ِة التِّجارة يف غريمها‪ ،‬فال جتب الزكاة يف دار‬ ‫والفضة‪ ،‬أو َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلجرين‬ ‫حال عليها احلول‪ ،‬فام عدا‬ ‫ينو التِّجار َة هبا‪ ،‬وإن َ‬‫للس ْكنَى إن مل ِ‬ ‫ليست ُّ‬
‫الزكا ُة بن َّي ِة التِّجارة‪ ،‬وهذه النية إنَّام تعترب إذا وجدت زمان‬ ‫ب فيها َّ‬ ‫جت ُ‬‫والسوائم إنِّام َ ِ‬
‫َّ‬
‫جتب فيه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبب امللك ال ُ‬ ‫سبب امللك‪ ،‬حتى لو ن ََوى التجارة بعد حدوث‬ ‫حدوث‬
‫ِّجارة ونوى اقتناءها‬ ‫الزكاة بنية التِّجارة ما مل يبعه‪ ،‬فإذا أخرج سيارة وغريها عن الت ِ‬
‫َ‬
‫فال تكون أبد ًا للتِّجارة وإن نواه هلا‪ ،‬إال أن يبيعها‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪، 1 :2‬‬
‫ورشح الوقاية ص‪ ،214‬واملحيط ص ‪ ،16-1‬واهلداية ‪ ،94 :‬وعمدة الرعاية‬
‫‪.243 :‬‬
‫ٍ‬
‫وساقط يف‬ ‫( ) أي ال زكاة يف الضامر من املال‪ :‬وهو ما ال يرجى رجوعه‪ٍ :‬‬
‫كامل مفقود‪،‬‬
‫ُ‬
‫املديون‬ ‫ومدفون يف بر َّية نيس مكانه‪ ،‬ودين جحدَ ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ومغصوب ال ب ِّين َة عليه‪،‬‬ ‫بحر‪،‬‬
‫ووصل إليه بعد سنني‪ ،‬بنا ًء عىل‬ ‫َ‬ ‫أقر بعدها عند قوم‪ ،‬وما ُأ ِخ َذ مصادر ًة‬ ‫سنني ُثم ّ‬
‫اط امللك التَّام‪ ،‬فهو مملوٌ رقب ًة ال يد ًا‪ ،‬أما الدين عىل ُمقر ميلء‪ ،‬أو مع‪،‬ر‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫اشرت ِ‬
‫ُ‬
‫األموال إىل‬ ‫فإَّنا إذا َو َص َلت هذه‬ ‫ِ‬
‫مفلس‪ ،‬أو جاحد عليه بب ِّينة‪ ،‬أو َعل َم به قاض‪َّ ،‬‬
‫جتب زكا ُة األ َّيا ِم املاض َّية‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ،5-6 :2‬وعمدة الرعاية ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫مالكها ُ‬
‫‪ ،249‬ورشح الوقاية ص‪.211‬‬
‫ـ ‪712‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫النصاب( )‪.‬‬
‫ونصاب الورق‪ :‬وهو الفضة مئتا درهم( )‪ :‬عرشة منها وزن سبعة مثاقيل‬
‫أغلبها فضة‪ ،‬وفيه مخسة( )‪ ،‬ثم يف كل أربعني درهم‪ ،‬والناقص عفو( )‪.‬‬
‫ونصاب الذهب‪ :‬عرشون مثقال( ) أغلبها ذهب‪ ،‬وفيه نصف مثقال( )‪،‬‬

‫وألَّنا‬
‫( ) ألنَّه إذا تصدق بجميع ماله فقد دخل اجلزء الواجب فال حاجة إىل التعيني؛ َّ‬
‫عبادة فال تصح بدون النية‪ ،‬واألصل فيه االقرتان باألداء كسائر العبادات‪ ،‬إال َّ‬
‫أن‬
‫الدفع يتفرق فيخرج باستحضار النية عند كل دفع‪ ،‬فاكتفي بوجودها حالة العزل‬
‫ألن العزل فعل منه فجازت النية عنده‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 19‬‬ ‫دفع ًا للحرج; َّ‬
‫(‪ )2‬وزن الدرهم بالغرامات‪ ،) 2 25( :‬كام يف مقدمة املجمع ص‪ ،65‬وقدره الشيخ‬
‫عبد العزيز العيون السود بـ(‪) 25‬غرام ًا‪،‬فيكون النصاب هو (‪)311‬غرام ًا‪.‬‬
‫( ) أي يف كل مئتا درهم مخسة دراهم؛ فعن عيل ‪ ‬قال ‪( :‬هاتوا ربع العشور من‬
‫كل أربعني درمه ًا‪ ،‬وليس فيام دون املئتني يشء‪ ،‬فإذا كانت مئتي درهم ففيها مخسة‬
‫دراهم‪ ،‬فام زاد فعىل ذلك احلساب) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ، 6 :6‬وسنن أيب داود‬
‫‪.692 :‬‬
‫(‪ )6‬يعني إذا زاد عىل املئتني ال يشء فيه عند أيب حنيفة ‪ ‬حتى يبلغ أربعني درمه ًا‪ ،‬فإذا‬
‫ألن الزكاة ال جتب يف الكسور إال إذا بلغ مخس‬ ‫بلغ أربعني درمه ًا ففيه درهم؛ َّ‬
‫النصاب‪ ،‬وقاال‪ :‬ما زاد عىل املئتني فبحسابه‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 25 :2‬واملشكاة‬
‫كل مخس أواق من الورق مخسة‬ ‫ص‪ 21‬؛ فعن عمرو بن حزم ‪ ،‬قال ‪( :‬يف ّ‬
‫كل أربعني درمه ًا درهم) يف املستدرٌ ‪ ،55 :‬وسنن‬ ‫دراهم‪ ،‬وما زاد ففي ّ‬
‫البيهقي الكبري ‪ ،19 :6‬وصححه أمحد ‪ .‬ينظر‪ :‬جممع الزوائد ‪ ،32 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )5‬املثقال هو الدينار‪ ،‬ويساوي يف الغرامات (‪ ،)6225‬كام يف مقدمة املجمع ص‪،65‬‬
‫والنصاب يساوي (‪ ) 11‬غرام ًا‪ ،‬كام قدَّ ره الشيخ عبد العزيز العيون السود‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي يف كل عرشين مثقاالً نصف مثقال ؛ فعن عيل ‪ ‬قال ‪( :‬فإذا كانت لك‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم يف كل أربعة مثاقيل‪ :‬قرياطان( )‪ ،‬والناقص عفو( )‪.‬‬


‫والت ْب( ) والل( ) واآلنية نصاب‪.‬‬

‫مائتا درهم وحال عليها احلول‪ ،‬ففيها مخسة دراهم‪ ،‬وليس عليك يشء يعني يف‬
‫الذهب حتى يكون لك عرشون دينار ًا‪ ،‬فإذا كان لك عرشون دينار ًا‪ ،‬وحال عليها‬
‫احلول ففيها نصف دينار) يف سنن أيب داود ‪ ، 11 :2‬وسكت عنه‪ ،‬واألحاديث‬
‫املختارة‪ ، 56 :2‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 3 :6‬وغريها‪.‬‬
‫( ) القرياط يساوي بالغرامات (‪ ، )122 25‬كام يف مقدمة جممع البحرين ص‪.64‬‬
‫(‪ )2‬أي إذا زادت عىل عرشين مثقاالً ال يشء فيه عند أيب حنيفة ‪ ‬إىل أن يبلغ أربعة‬
‫مثاقيل‪ ،‬فإذا بلغ ذلك ففيه قرياطان‪ ،‬وقاال‪ :‬ما زاد فبحسابه‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:2‬‬
‫‪. 24‬‬
‫( ) وهي الذهب والفضة قبل أن يصاغ ويستعمل‪ ،‬ينظر‪ :‬اللسان ‪،6 4 :‬واملختار‬
‫ص‪.36‬‬
‫(‪ )6‬وهي ما يعمل من الذهب والفضة من احليل‪ ،‬فإنَّه جتب فيه الزكـاة إذا بلـغ نصـاب ًا؛‬
‫إن امرأة أتـت رسـول اهلل ‪ ‬ومعهـا‬ ‫فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪َّ ( :‬‬
‫ابنة هلا‪ ،‬ويف يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب‪ ،‬فقال هلـا‪ :‬أتعطـني زكـاة هـذا‬
‫قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬أي‪،‬رٌ أن يسورٌ اهلل هبـام يـوم القيامـة سـوارين مـن نـار‪ ،‬قـال‪:‬‬
‫فخلعتهام َفألقتهام إىل النبي ‪ ،‬وقالت‪ :‬مها هلل ولرسوله) يف سنن أيب داود ‪،95 :2‬‬
‫وسنن النسائي الكربى ‪ ، 9 :2‬ومسند إسحاق بن راهويه ‪ ، 33 :‬ومسند أمحد‬
‫‪ ،655 :4‬واملعجم الكبري ‪ ، 4 :26‬وصححه ابن القطان‪ ،‬وقال النووي‪ :‬إسناده‬
‫حسن‪ .‬ينظر‪ :‬الدراية ‪ ،251 :‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالـت‪( :‬دخـل عـيل‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فرأى يف يدي فتخات ـ أي خـواتم ـ مـن ينـوي فقـال‪ :‬مـا هـذا يـا‬
‫عائشة فقلت‪ :‬صنعتهن أتزين لك يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬أتؤدين زكـان ّن‪ ،‬قلـت‪ :‬ال‬
‫أو ما شاء اهلل‪ ،‬قال‪ :‬هو حسبك من النار) يف سنن أيب داود ‪ ،95 :2‬واملسـتدرٌ ‪:‬‬
‫‪ ،563‬وقال احلاكم‪ :‬إسناده صـحيح عـىل رشط الشـيخني ومل خيرجـاه‪ ،‬وعـن أم‬
‫سلمة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كنت ألبس أوضاح ًا من ذهـب‪ ،‬فقلـت‪ :‬يـا رسـول‬
‫ـ ‪717‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وما غلبه منهام( ) غش فهو كعروض التجارة‪ ،‬إل أن خيلص منه نصاب‪.‬‬
‫ونصاب العروض( )‪ :‬أن يبلغ قيمتها نصابا باألنفع للفقراء( )‪.‬‬
‫وكامل النصاب يف طريف الول كاف( )‪.‬‬

‫اهلل‪ ،‬أكنز هو فقال‪ :‬ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فلـيس بكنـز) يف سـنن أيب داود‬
‫‪،95 :2‬واملســتدرٌ ‪،563 :‬وصــححه احلــاكم‪ ،‬واملعجــم الكبــري ‪،21 :2‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫( ) أي ما غلب من الذهب والفضة فيه الغش فإنَّه يعامل معاملة العروض‪ ،‬فال‬
‫بأَّنا ال تنطبع بال غش فمست‬ ‫جتب فيه الزكاة من غري نية التجارة‪ ،‬وذلك َّ‬
‫الرضورة إىل إهدار القليل‪ ،‬وال رضورة يف الكثري ففصلنا بالغلبة بأن يزيد عىل‬
‫النصاب؛ إذ املغلوب يف مقابلة الغالب كاملعدوم‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق ‪/4‬أ‪،‬‬
‫واختلف يف الغش املساوي‪ ،‬واملختار لزومها احتياط ًا‪ ،‬كام يف التنوير ‪. 2 :2‬‬
‫وكل يشء فهو َع ْرض سوى الدراهم‬ ‫املتاع‪ُّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫(‪ )2‬أي َع ْرض التِّجارة؛ وال َع ْرض‪:‬‬
‫الصحاح ‪.91 :2‬‬ ‫فإَّنام عني‪ .‬ينظر‪ِّ :‬‬
‫والدنانري َّ‬
‫قو َم عروض التجـارة بالـدِّ راهم‪ ،‬وإن كـان‬ ‫( ) فإن كان التقويم بالدراهم أنفع للفقري َّ‬
‫قومت هبا‪ ،‬كـام يف رشح الوقايـة ص‪2 1-2 3‬؛ فعـن سـمرة بـن‬ ‫بالدَّ نانري أنفع ِّ‬
‫جندب ‪ ،‬قال ‪( :‬كان يأمرنا أن نخرج الصدقة عن الذي يعد للبيـع) يف سـنن‬
‫أيب داود ‪ ،95 :2‬وسكت عنه‪ ،‬واملعجم الكبري ‪ ،25 :3‬وسنن البيهقي الكبري ‪:6‬‬
‫‪ ، 64‬وعن أيب ذر ‪ ‬قال ‪( :‬يف البز صدقة) أخرجه أمحد والدارقطني واحلاكم‪،‬‬
‫وإسناده حسـن‪ .‬ينظـر‪ :‬الدرايـة ‪ ،24 :‬وعـن ابـن عمـر ‪ ،‬قـال‪( :‬لـيس يف‬
‫العروض زكاة إال ما كان للتجارة) يف سنن البيهقـي الكبـري ‪ ، 63 :6‬وصـححه‪،‬‬
‫ومصنف ابن أيب شيبة ‪.614 :2‬‬
‫ِ‬
‫احلول‬ ‫ألن نقصان النصاب يف‬ ‫(‪ )6‬أي يف وجوب الزكاة وإن نقص النصاب يف احلول؛ َّ‬
‫عرشون دينار ًا‪ُ ،‬ثم نقص يف ِ‬
‫أثناء احلول‪ُ ،‬ث َّم‬ ‫َ‬ ‫َهدْ ر‪ ،‬فلو كان معه يف َّأول ا ِ‬
‫حلول‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫الزكاة‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص ‪. 2‬‬ ‫ِ‬
‫احلول‪ ،‬فإنَّه جتب عليه َّ‬ ‫عادت العرشون يف آخر‬
‫ـ ‪719‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويضم الذهب والفضة والعروض بعضها إىل بعض بالقيمة( )‪ ،‬ويضم‬


‫ما دون األربعني إىل ما دون األربعة املثاقيل أيضا( )‪.‬‬
‫ونصاب اإلبل‪ :‬يف كل مخس شاة إىل مخس وعرشين( )‪.‬‬

‫( ) أي تضم قيمة العروض إىل الذهب والفضة‪ ،‬ويضم الذهب إىل الفضة بالقيمة‬
‫ألَّنا للتجارة‪ ،‬هذا عند أيب حنيفة ‪،‬‬
‫ألن الكل جنس واحد؛ َّ‬ ‫فيكمل به النصاب؛ َّ‬
‫الفض ِة باألجزاء حتى إذا كان له عرشة دنانري وتسعون‬‫الذهب إىل َّ‬ ‫يضم َّ‬
‫ُّ‬ ‫وعندمها‬
‫جتب عنده ال عندمها‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪.2 1‬‬ ‫درمه ًا قيمتها عرشة دنانري ُ‬
‫(‪ )2‬أي ويضم ما دون األربعني درمه ًا إىل ما دون األربعة مثاقيل التي يمثل كل منها‬
‫مخس النصاب فيهام؛ ليكمل اخلمس من أحدمها اعتبار ًا للمجانسة من حيث‬
‫الثمنية أيض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/4‬ب‪.‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬كتب كتاب الصـدقة‪ ،‬فلـم خيرجـه إىل عاملـه‬ ‫( ) فعن ابن عمر ‪َّ ( :‬‬
‫حتى قبض‪ ،‬فقرنه بسيفه‪ ،‬فلام قبض عمل به أبو بكـر ‪ ‬حتـى قـبض‪ ،‬وعمـر ‪‬‬
‫حتى قبض‪ ،‬وكان فيه يف مخس من اإلبل شاة‪ ،‬ويف عرش شاتان ‪ ،‬ويف مخس عرش‬
‫ثالث شياه‪ ،‬ويف عرشين أربع شياه‪ ،‬ويف مخس وعرشين بنت خمـاض إىل مخـس‬
‫وثالثني‪ ،‬فإذا زادت ففيها ابنة لبون إىل مخس وأربعني‪ ،‬فـإذا زادت ففيهـا ح ّقـة إ‬
‫ستني‪ ،‬فإذا زادت فجذعة إىل مخس وسبعني‪ ،‬فإذا زادت ففيها ابنتا لبون إىل تسعني‪،‬‬
‫فإذا زادت ففيها حقتان إىل عرشين ومئة‪ ،‬فإذا زادت عىل عرشين ومئة‪ ،‬ففـي كـل‬
‫مخسني حقـة‪ ،‬ويف كـل أربعـني ابنـة لبـون) يف سـنن الرتمـذي ‪ ، 3 :‬وحسـنه‪،‬‬
‫إن النبـي‬‫واملستدرٌ ‪ ،569 :‬وسنن أيب داود ‪ ،91 :2‬وعن عمرو بن حـزم ‪َّ :‬‬
‫‪ ‬كتبه له فكان فيه ذكر ما خيرج من فـرائض اإلبـل فقـص احلـديث إىل أن تبلـغ‬
‫عرشين ومائة‪( :‬فإذا كانت أكثر من ذلك فعد يف كل مخسني حقة‪ ،‬وما فضـل فإنَّـه‬
‫يعاد إىل أول فريضة اإلبل‪ ،‬وما كان أقل من مخـس وعرشـين‪ ،‬ففيـه الغـنم يف كـل‬
‫مخس ذود شاة ليس فيها ذكر وال هرمة وال ذات عوار من الغـنم) يف رشح معـاين‬
‫اآلثار ‪ ، 35 :6‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،96 :6‬ومراسيل أيب داود ‪. 21 :‬‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم بنت خماض( ) إىل ست وثلثني‪.‬‬


‫ثم بنت لبون( ) إىل ست وأربعني‪.‬‬
‫ثم حقه( ) إىل إحدى وستني‪.‬‬
‫ثم جذعة( ) إىل ست وسبعني‪.‬‬
‫ثم بنتا لبون إىل إحدى وتسعني‪.‬‬
‫ثم حقتان إىل مئة وعرشين‪.‬‬
‫ثم يبدأ كام مر إىل مخس وعرشين( )‪.‬‬
‫ثم بنت خماض‪ :‬إىل مئة ومخسني( )‪.‬‬
‫ثم ثلث حقاق( )‪.‬‬

‫( ) وهي التي استكملت سنة ودخلت يف الثانية‪ُ ،‬س ِّميت هبا؛ َّ‬
‫ألن أ َّمها صارت حامالً‬
‫بولد آخر‪ ،‬وا َمل َخاض وجع الوالدة‪ .‬ينظر‪ :‬طلبة الطلبة ص‪. 5‬‬
‫ألن ُأ َّمها يف الغالب تكون ذات لبن‬
‫وسميت بذلك؛ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫(‪ )2‬وهي التي طعنت يف الثالثة‪،‬‬
‫من أخرى‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪.612 :‬‬
‫ألَّنا استحقت احلمل والركوب‪.‬‬
‫سميت بذلك؛ َّ‬
‫( ) وهي التي طعنت يف الرابعة‪ِّ ،‬‬
‫ينظر‪ :‬جممع النهر ‪. 91 :‬‬
‫ألَّنا جتذع أسنان ال َّل َبن‪:‬أي تقطعها‪.‬‬
‫(‪ )6‬وهي التي طعنت يف اخلامسة‪ُ ،‬سميت بذلك؛ َّ‬
‫ينظر‪ :‬الدر املنتقى ‪. 91 :‬‬
‫(‪ )5‬أي يف كل مخس شاة مع احلقتني‪ ،‬ويف مئة وثالثني حقتان وشاتان‪ ،‬ويف مئة ومخس‬
‫وثالثني حقتان وثالث شياه‪ ،‬ويف مئة وأربعني حقتان وأربع شياه‪ .‬ينظر‪:‬اهلدية‬
‫ص ‪. 2‬‬
‫(‪ )4‬أي من مئة ومخس وأربعني إىل مئة وتسع وأربعني بنت خماض وحقتان‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪ )3‬أي يف مئة ومخسني ثالث حقاق‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم يبدأ إىل مخس وعرشين( )‪.‬‬


‫ثم بنت خماض إىل ست وثلثني( )‪.‬‬
‫ثم بنت لبون إىل مئة وست وتسعني‪.‬‬
‫ثم أربع حقاق إىل مئتني‪.‬‬
‫ثم يبدأ أبدا كام بدأ ثانيا( )‪.‬‬
‫والبخت( ) والعراب( ) سواء( )‪.‬‬
‫ونصاب البقر‪ :‬ثلثون( )‪ ،‬وفيه تبيع( ) إىل أربعني‪.‬‬

‫( ) أي يف كل مخس بعد املئة واخلمسني شاة مع احلقاق الثالث‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي يف مئة ومخس وسبعني إىل مئة وستة وثامنني بنت خماض مع احلقاق الثالث‪.‬‬
‫( ) أي ثم يستأنف بعد املئتني كام استنأنف بعد املئة واخلمسني‪،‬وهكذا بعد كل مخسني‪.‬‬

‫(‪ُ )6‬ب ْخ ُت‪ :‬دخيل يف العربية‪ ،‬أعجمي َّ‬


‫معرب‪ ،‬وهي اإلبل اخلُراسانية‪ ،‬تنتج من عربية‬
‫وفالج‪ .‬وهو ذو السنامني منسوب إىل بخت نرص‪ .‬ينظر‪ :‬اللسان ‪ ،2 9 :‬ودرر‬
‫احلكام ‪ ، 34 :‬وتاج العروس‪.6 3 :6‬‬
‫(‪ِ )5‬عراب‪ :‬مجع عريب‪ ،‬وهذا يف البهائم‪ ،‬ولألنايس عرب‪ ،‬ففرقوا بينها يف اجلمع‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫غنية ذوي األحكام ‪. 34 :‬‬
‫(‪ )4‬أي البخت ِ‬
‫العراب سواء يف النصاب والوجوب؛ َّ‬
‫ألن اإلبل يتناوهلام‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬
‫الصعلوٌ ص‪. 22‬‬
‫(‪ )3‬فعن معاذ بن جبل ‪ ‬قال‪( :‬بعثني النبي ‪ ‬إىل اليمن فأمرين أن آخذ من كل‬
‫ثالثني بقرة تبيع ًا أو تبيعة‪ ،‬ومن كل أربعني مسنة) يف سنن الرتمذي ‪،21 :‬‬
‫وحسنه‪ ،‬واملستدرٌ ‪ ،555 :‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 9 :6‬وغريها‪.‬‬
‫تم عليه احلول‪ ،‬والتبيعة أنثاه‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 2‬‬
‫(‪ )1‬وهو الذي َّ‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم مسنة( )‪ ،‬وما زاد فبحسابه إىل ستني( )‪.‬‬


‫ثم تبيعان إىل سبعني‪.‬‬
‫ثم مسنة وتبيع إىل ثامنني‪.‬‬
‫ثم مسنتان إىل تسعني‪.‬‬
‫ثم ثلثة أتبعة إىل مئة‪.‬‬
‫ثم تبيعان ومسنة( )‪ ،‬وهكذا أبدا‪.‬‬
‫واجلواميس والبقر سواء( )‪.‬‬

‫تم عليه احلوالن‪ ،‬واملسنّة أنثاه‪.‬‬‫( ) أي يف كل أربعني مس ّن أو مسنة‪ ،‬واملسن‪ :‬هو الذي َّ‬
‫ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 2‬‬
‫(‪ )2‬ففي الواحدة ربع عرش مسنة ‪ ،‬ويف االثنني نصف عرش مسنة‪ ،‬ويف الثالثة ثالثة‬
‫ألن العفو ثبت نص ًا بخالف‬ ‫أرباع عرش مسنة‪ ،‬ويف األربعة عرش مسنة وهكذا؛ َّ‬
‫القياس وال نص هنا‪ ،‬هذا عند أيب حنيفة ‪ ‬يف رواية األصل ‪ ،54-55 :2‬وهو‬
‫اختيار صاحب الوقاية ‪ ،2 1‬واملختار ‪ ، 9 :‬والكنز ص‪ ،23‬واملواهب‬
‫ق‪/51‬أ‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أنَّه ال جيب يف الزيادة يشء حتى تبلغ مخسني‪ ،‬ثم فيها مسنة وربع مسنة‪،‬‬
‫ألن مبنى هذا النِّصاب عىل أن‬ ‫أو ثلث تبيع؛ وهي رواية احلسن عن أيب حنيفة ‪‬؛ َّ‬
‫كل عقدين وقص‪ ،‬ويف كل عقد واجب‪.‬‬ ‫يكون بني ّ‬
‫والقول الثالث‪ :‬ال يشء يف الزيادة حتى تبلغ ستني‪ ،‬وهو رواية أسد بن عمرو عن أيب‬
‫حنيفة ‪ ،‬وهو قوهلام‪ ،‬وهو اختيار صاحب امللتقى ص‪ ، 1‬وجوامع الفقه‪ ،‬ويف‬
‫املحيط‪ :‬وهو أعدل األقوال‪ ،‬ويف الينابيع‪ ،‬واالسبيجايب‪ :‬وعليه الفتوى‪ .‬ينظر‪:‬رد‬
‫املحتار ‪. 1 :2‬‬
‫( ) أي ثم تبيعان ومسنة من مئة إىل مئة وعرشة‪ ،‬وهكذا أبد ًا أي يف كل ثالثني تبيع‪،‬‬
‫وكل أربعني مسنة‪.‬‬
‫ألن اسم البقر يتناوهلام؛ إذ هو نوع واحد‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/42‬ب‪.‬‬ ‫(‪َّ )6‬‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ونصاب الغنم أربعون( )‪ ،‬وفيه شاة إىل مئة وإحدى وعرشين‪.‬‬


‫ثم شاتان إىل مئتني وواحدة‪.‬‬
‫ثم ثلث شياه إىل أربعمئة‪.‬‬
‫ثم( ) أربع شياه‪.‬‬
‫ثم يف كل مئة شاة شاة‪.‬‬
‫والضأن واملاعز سواء( )‪ ،‬ويؤخذ الثني منهام ول يؤخذ اجلذع( )‪.‬‬

‫( ) فعن ابن عمر ‪ ‬يف تكملة كتاب رسول اهلل السابق‪( :‬ويف الشاة يف كل أربعني شاة‬
‫شاة إىل عرشين ومئة‪ ،‬فإذا زادت فشاتان إىل مئتـني‪ ،‬فـإذا زادت فـثالث شـياه إىل‬
‫ثالث مئ ة شاة‪ ،‬فإذا زادت عىل ثالث مائة شاة ففي كل مائة شاة شاة‪ ،‬ثم ليس فيها‬
‫يشء حتى تبلغ أربعامئـة‪ )...‬يف سـنن الرتمـذي ‪ ، 3 :‬وحسـنه‪ ،‬واملسـتدرٌ ‪:‬‬
‫إن أبا بكر ‪ ‬كتب له هذا الكتاب‬ ‫‪ ،569‬وسنن أيب داود ‪ ،91 :2‬وعن أنس ‪َّ ( :‬‬
‫ملا وجهه إىل البحرين‪ :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم هذه فريضـة الصـدقة التـي فـرض‬
‫فمن سئلها مـن املسـلمني عـىل‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬عىل املسلمني ملك ًا أمر اهلل هبا رسوله َ‬
‫وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فال يعط‪ ...‬يف صدقة الغنم يف سائمتها إذا كانـت‬
‫أربعني إىل عرشين ومائة شاة‪ ،‬فإذا زادت عىل عرشين ومئة إىل مئتني شـاتان‪ ،‬فـإذا‬
‫زادت عىل مئتني إىل ثالثامئة‪ ،‬ففيها ثالث شياه‪ ،‬فإذا زادت عىل ثالثمئـة ففـي كـل‬
‫مئة شاة‪ )...‬يف صحيح البخاري ‪.53 :2‬‬
‫(‪ )2‬أي ثم يف األربعمئة أربع شياه‪ ،‬وبعدها حيسب يف كل مئة شاة‪.‬‬
‫ألن النص ورد باسم الشاة والغنم‪ ،‬وهو شامل هلام‪ ،‬فكان جنس ًا واحد ًا‪ ،‬فيكمل‬ ‫( ) َّ‬
‫‪.‬‬ ‫نصاب أحدمها باآلخر‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:2‬‬
‫(‪ )6‬اجلذع‪ :‬هو ما أتى عليه أكثر احلول‪ ،‬والثني‪ :‬ما متت له سنة‪ ،‬وال يؤخذ إال الثني؛‬
‫ألن الواجب هو الوسط‪ ،‬وهذا من الصغار‪ ،‬وجواز التضحية به عرف نص ًا فال‬ ‫َّ‬
‫يلحق به غريه‪ ،‬وروى احلسن عن أيب حنيفة ‪ ‬أنَّه جيوز اجلذع من الضأن‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪ ،‬ورشح ابن ملك ق‪/42‬ب‪.‬‬ ‫املنحة ‪:2‬‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وما نتج بني ظبي وشاة أو بقرة وحشية وأهلية ي ْعتب بأمه( )‪.‬‬
‫ونصاب اخليل‪ :‬اثنان ذكر وأنثى‪.‬‬
‫وفيه ديناران( ) أو زكاة القيمة( )‪.‬‬
‫ول جيب يشء يف ذكور( ) أو إناث حمضة يف األ ْشهر( )‪.‬‬

‫( ) حتى إذا نزا ضبي عىل شاة‪ ،‬أو بقرة وحشية عىل أهلية‪ ،‬فولدت شاة أو بقرة تلحق‬
‫بأمها‪ ،‬حتى جتوز التضحية هبا‪ ،‬ويكمل النصاب ونحوها‪ ،‬وبالعكس ال‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫َّ‬
‫وألن األصل يف احليوان اإلحلاق باألم‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬ ‫؛‬ ‫منحة السلوٌ ‪:2‬‬
‫العالئية ص ‪. 1‬‬
‫(‪ )2‬فعن السائب بن يزيد ‪ ‬قال‪( :‬رأيت أيب يق ّيم اخليل ثـم يـدفع صـدقتها إىل عمـر‬
‫‪ )‬رواه الدارقطني يف غرائب مالك بإسناد صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪، 3 :9‬‬
‫وعن جابر ‪ ‬قال ‪( :‬يف اخليـل السـائمة يف كـل فـرس دينـار تؤديـه) يف سـنن‬
‫‪ ،‬وقاال‪ :‬تفرد بـه فـورٌ عـن‬‫الدارقطني ‪ ، 25 :2‬وسنن البيهقي الكبري ‪9 :6‬‬
‫جعفر وهو ضعيف جد ًا و َمن دونه ضعفاء‪ ،‬ويف فتح باب العناية ‪ 69 :‬رد عـىل‬
‫كالمهام‪.‬‬
‫( ) أي ربع عرش قيمتها حال كوَّنا بالغة مبلغ النصاب‪ ،‬فصاحبها باخليار إن شاء‬
‫أعطى عن كل فرس دينار‪ ،‬وإن شاء قومها وأعطى عن كل مئتي درهم مخسة‬
‫دراهم‪ ،‬هذا عىل رأي اإلمام‪ ،‬وهو اختيار أصحاب املتون كالوقاية ص‪.2 2‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬ال زكاة يف اخليل مطلق ًا‪ ،‬وهو رأي الصاحبني ‪ ،‬ويف اخلانية ‪،269 :‬‬
‫والبزازية‪:1 :6‬والفتوى عىل قوهلام‪،‬ويف املواهب ق‪/51‬ب‪:‬وهوأصح مايفتى به‬
‫(‪ )6‬يف الذكور روايتان‪ ،‬قال صاحب االختيار ‪ : 6 :‬األصح عدم الوجوب‪ ،‬وهو‬
‫‪ ،‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪ ،21 :‬وغريها‪.‬‬ ‫ما رجحه صاحب الفتح ‪9 :2‬‬
‫(‪ )5‬ألنَّه ال تناسل‪ ،‬هذا ما رصح به صاحب الوقاية ص‪ ،2 2‬ويدل عليه ظاهر عبارة‬
‫الكنز ‪ ،246 :‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪711‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ول يف البغال‪ ،‬والمري( )‪ ،‬ول يف الصغار إل تبعا لكبرية( )‪.‬‬


‫وليس يف املعلوفة( )‪ ،‬ول يف الوامل( ) والعوامل( ) السائمة زكاة‪.‬‬
‫والسائمة‪ :‬الراعية أكثر الول( ) ل للركوب والعمل( )‪.‬‬
‫وبنت خماض‪ :‬ما دخل يف السنة الثانية‪.‬‬
‫وبنت لبون‪ :‬يف الثالثة‪.‬‬

‫ألَّنا تتناسل بالفحل املستعار‪ ،‬وقد صححها‬


‫والقول الثاين‪ :‬هو وجوب الزكاة فيها؛ َّ‬
‫صاحب االختيار ‪ ، 6 :‬والدر املنتقى ‪ ،21 :‬وهو ما رجح صاحب الفتح‬
‫‪ ، 9 :2‬ويف التبيني ‪ :244-245 :‬واألشبه أن جيب يف اإلناث‪...‬‬
‫( ) إن مل تكونا للتجارة‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة ص‪. 6‬‬
‫(‪ )2‬أي سواء كانت من احلَ َمل وهو ولد الضأن يف السنة األوىل‪ ،‬أو الفصيل وهو ولد‬
‫الناقة إذا فصل من أمه ومل يبلغ احلول‪ ،‬أو العجل وهو ولد البقر‪ .‬ينظر‪ :‬كنز البيان‬
‫ص‪ ،25‬واللباب ‪ ، 66 :‬واجلوهرة النرية ‪. 9 :‬‬
‫السائمة‪ ،‬وهذا إن مل تكن للتجارة‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫( ) وهي التي ُت ْع َطى العلف‪ ،‬وهي ضدُّ َّ‬
‫عمدة الرعاية ‪.235 :‬‬
‫حلمل األثقال‪ ،‬وهذا إن مل تكن للتجارة‪ .‬ينظر‪ :‬املشكاة‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )6‬وهي التي ُأ ِعدَّ ْت‬
‫ص‪. 6‬‬
‫كإثارة األرض‪ ،‬وهذا إن مل تكن للتجارة؛ فعن عيل ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )5‬وهي التي ُأ ِعدَّ ْت للعمل‪:‬‬
‫قال ‪( :‬ليس عىل العوامل يشء) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ،21 :6‬وسنن أيب داود‬
‫‪ ،99 :2‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )4‬حتى لو علفها نصف احلول ال تكون سائمة‪ ،‬وال جتب الزكاة فيها‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني‬
‫‪ ،259 :‬والبحر الرائق ‪.229 :‬‬
‫ألن السوائم إنَّام تعترب بالنامء‪ ،‬وذا إنَّام حيصل بالزيادة فيها سمن ًا‬
‫(‪ )3‬بل للدر والنسل؛ َّ‬
‫أو توالد ًا‪ ،‬أما ما أعدت للركوب والعمل فال زكاة فيها‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫ق ‪/4‬ب‪.‬‬
‫ـ ‪712‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واحل ّقة‪ :‬يف الرابعة‪.‬‬‫ِ‬


‫واجل َذعة‪ :‬يف اخلامسة‪.‬‬ ‫َ‬
‫والتبيع‪ :‬يف الثانية‪.‬‬
‫وا ُملسنة‪ :‬يف الثالثة‪.‬‬
‫وثني الغنم‪ :‬ما بلغ سنة‪.‬‬
‫وج َذعها‪ :‬ما بلغ أكثرها‪.‬‬ ‫َ‬
‫ب عليه سن ال يملكه‪َ ،‬أعطى َأعىل منه وأخذ الزائد برىض‬ ‫ومن َو َج َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫أسفل منه مع الزائد مطلقا( )‪.‬‬ ‫الساعي‪ ،‬أو أعطى‬
‫ِ‬
‫القيمة يف ال ّزكاة‪ ،‬والفطر‪ ،‬والك ّفارة‪ ،‬والعرش‪ ،‬واخلراج‪،‬‬ ‫دفع‬
‫وجيوز ُ‬
‫والنذور( )‪ ،‬ال يف اهلدايا والضحايا( )‪.‬‬
‫أخذ الوسط( ) من النّصاب‪.‬‬ ‫والواجب ُ‬
‫ُ‬

‫( ) أي فيام إذا وجبت احلقة فلم يوجد‪ ،‬يعطي بنت لبون مع الزائد مطلق ًا‪ ،‬ريض‬
‫الساعي أو مل يرض‪ ،‬وجيرب عىل القبول‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/46‬أ‪.‬‬
‫زق إىل الفقراء‪ ،‬ويستوي فيه‬ ‫الز ِ‬
‫كاة إىل الفقري؛ ألجل إيصال الر ِ‬ ‫األمر بأداء َّ‬ ‫( ) َّ‬
‫ألن‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫يمنع أداء القيمة‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة الرعاية ‪ ، 74 :‬وقد‬ ‫العني وقيمته‪ ،‬ومل يوجد ٌ‬
‫دليل ُ‬
‫استوفيت الكالم يف حجية جواز القيمة عند الكالم عىل صدقة الفطر يف كتاب‬
‫اجلامع يف أحكام الصيام واالعتكاف واحلج والعمرة فلرياجع‪.‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن القربة فيها إراقة الدم‪ ،‬وهي ال تعقل‪ ،‬وهنا املقصود سد خلة الفقري ور ّد‬
‫جوعته‪ ،‬وهو قربة معقولة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/46‬أ‪.‬‬
‫والو َس ُط‪ :‬وهو أعىل األدنى‪ ،‬وأدنى األعىل‪ ،‬وقيل‪ :‬إذا كانوا عرشين من الضأن‬
‫(‪َ )6‬‬
‫املعز والضأن فتؤخذ‬
‫وعرشين من املعز يأخذ الوسط‪ ،‬ومعرفته أن يقوم الوسط من ّ‬
‫شاة تساوي نصف القيمة عن كل واحد منهام‪ .‬ينظر‪ :‬غنية ذوي األحكام ‪:‬‬
‫‪ ، 71‬والدر املختار ‪. :‬‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ضم إىل أصله ال‬


‫يضم يف احلول‪ ،‬إال أن الربح والولد ُي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومطلق املستفاد‬
‫ُ‬
‫ضم إىل أقرب جنسه حوال‪.‬‬
‫غري( )‪ ،‬وغريمها ُي ّ‬
‫وال ّزكاة واجبة يف النصاب دون العفو‪ ،‬فال يسقط يشء هبالك العفو( )‪.‬‬
‫ك بعضه سقط‬ ‫ولو هلك النصاب بعد وجوب ال ّزكاة َس َق َطت‪ ،‬ولو َه َل َ‬
‫بقدره( )‪.‬‬

‫مطلق‬ ‫ُ‬ ‫( ) واملراد من الضم‪ :‬أنَّه جتب الزكاة عند متام احلول عىل األصل مع املستفاد‪،‬‬
‫املستفاد عىل رضبني‪:‬‬
‫فإَّنا تضم إىل األصل ‪ :‬كام لو كان عنده غنم‪،‬‬ ‫األول‪ :‬أن يكون من جنس األصل‪َّ ،‬‬
‫فإَّنا‬ ‫وحصل غنم أخرى بوصية أو رشاء أو ورثة‪ ،‬وكذلك إن أنتجت غنمه غن ًام َّ‬
‫تضم إىل األصل‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن يكون من غري جنس األصل‪ ،‬فال يضم إىل األصل‪ ،‬بل يستأنف له حوالً‬
‫آخر‪ :‬كام إذا كانت له إبل فاستفاد بقر ًا وغن ًام يف أثناء احلول‪ ،‬أو يكون ربح ًا حصل‬
‫من األصل فإنَّه يضم إىل جنسه وهو الذهب مث ً‬
‫ال أو غريه‪.‬‬
‫بنت‬ ‫وثالثني من اإلبل‪ ،‬فالواجب وهو ُ‬ ‫َ‬ ‫ملك مخس ًا‬
‫( ) وهو ما بني النصابني‪ ،‬فإنَّه إذا َ‬
‫ِ‬
‫احلول‬ ‫هلك عرشة بعد‬‫مخس وعرشي َن ال يف املجموع‪ ،‬حتى لو َ‬ ‫ٍ‬ ‫ََمَاض إنِّام هو يف‬
‫كان الواجب عىل حالِه‪ ،‬وإنَّام سمي عفو ًا؛ لوجوب الزكاة قبل وجوده‪ ،‬وهذا عند‬
‫أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬وقال حممد وزفر ‪ :‬يف جمموع النصاب والعفو‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫فتح باب العناية ‪ ،505 :‬وغريها‪.‬‬
‫ألن الواجب جزء من النصاب؛ حتقيق ًا للتيسري‪ ،‬فيسقط هبالك حمله كدفع العبد‬ ‫( ) َّ‬
‫باجلناية تسقط هبالكه‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/45‬أ‪ ،‬والتقييد باهلالك؛ أل َّن‬
‫رب املال‪ ،‬أما لو استهلكه قبل‬ ‫واجب الزكاة ال يسقط باستهالك النصاب بفعل ّ‬
‫متام احلول فال زكاة عليه؛ لعدم الرشط‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، :‬ورشح الوقاية‬
‫البن ملك ق‪/56‬أ‪-‬ب‪.‬‬
‫ـ ‪090‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولو أهلكه املالك َض ِمن‪ ،‬ولو هلك بعد طلب الساعي‪ ،‬فقوالن( )‪.‬‬
‫ويصح التعجيل لسنني ولنصب أيضا بعد ملك النصاب( )‪.‬‬
‫ُّ‬
‫فصل‬
‫يف املعدن والركاز‬
‫َمن َو َجدَ معدنا من جوهر ذائب( ) يف أرض مباحة( ) ففيه اخلمس‬

‫( ) يف قول مشايخ ما وراء النهر ال يضمن‪ ،‬وهو اختيار أيب طاهر الدباس وأيب سهل‬
‫الزجاجي‪ ،‬وهو الصحيح‪ ،‬ويف قول العراقيني يضمن‪ ،‬وهو اختيار الكرخي‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 1 :‬‬
‫( ) أي جيوز تعجيل زكاة من ملك نصاب ًا‪ ،‬سواء كان حلول أو أكثر‪ ،‬أم كان لنصاب‬
‫ألن السبب هو املال النامي‪ ،‬فاملال أصل والنامء وصف له‪ ،‬فجاز‬ ‫واحد أو أكثر؛ َّ‬
‫ٌ‬
‫رشط‬ ‫ُ‬
‫واحلول‬ ‫الزكاة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لوجوب َّ‬ ‫َّ‬
‫وألن املال النَّامي سبب‬ ‫تأديته بعد وجود أصله؛‬
‫يصح األداء مع أنَّه مل جيب‪ ،‬فإذا وجدَ النصاب‬ ‫السبب‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫لوجوب األداء‪ ،‬فإذا ُوجدَ َّ‬
‫نصاب واحدٌ ‪ :‬كمئتي دره ٍم مثالً‪ ،‬فيؤ ِّدي‬ ‫ٌ‬ ‫يصح األدا ُء قبل احلول‪ ،‬وكذا إذا كان له‬ ‫ّ‬
‫ألن النصاب األول أصل السببية وما زاد عليه تبع‪ ،‬حتى‬ ‫ألكثر من نصاب واحد؛ َّ‬
‫يملك نصاب ًا أصالً مل‬
‫ْ‬ ‫األكثر بعد األداء أجزأ ُه ما أ َّدى من قبل‪ ،‬أ َّما إذا مل‬
‫َ‬ ‫إذا َ‬
‫ملك‬
‫يصح األداء‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ص‪ ، 7‬وعمدة الرعاية ‪ ، 16 :‬والتبيني ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫إن العباس ‪ ‬سأل رسول اهلل ‪ ‬عن تعجيل‬ ‫عيل ‪َّ ( :‬‬ ‫‪ 74- 75‬؛ فعن ّ‬
‫صدقته قبل أن حتل‪ ،‬فرخص له يف ذلك) يف سنن الدارمي ‪ ،670 :‬واملنتقى ‪:‬‬
‫‪ ،11‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ،61 :6‬واملستدرك ‪ ، 75 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) أي يذوب وينطبع بالنار‪ :‬كالذهب والفضة والرصاص واحلديد والصفر‪ ،‬بخالف‬
‫املائع‪ :‬كاملاء وامللح والنفط والقري‪ ،‬وكذلك اللؤلؤ والفريوزج والزاج والكحل‬
‫وغري ذلك‪ ،‬فإنَّه ال جيب فيها اخلمس‪ .‬ينظر‪ :‬جامع الرموز ‪ ، 17 :‬ورد املحتار‬
‫‪.66 :‬‬
‫(‪ )6‬أي غري مملوكة عرشية كانت أو خراجية‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 7‬‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والباقي له( )‪.‬‬


‫ولو وجدَ ه يف داره‪ ،‬فال يشء فيه‪ ،‬بخالف ال َكنْز( )‪.‬‬
‫ولو وجدَ ه يف أرضه‪ ،‬فروايتان( )‪.‬‬
‫ومن وجدَ َكنْزا ففيه اخلمس ولو كان متاعا( ) والباقي لقطة يف الرضب‬ ‫َ‬
‫اجلاهيل هو للواجد إن كانت األرض مباحة‪ ،‬وإن مل تكن‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي( )‪ ،‬ويف‬

‫( ) ألنَّه مباح أثبت اليد عليه كالصيد؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬يف الركاز اخلمس)‬
‫يف صحيح مسلم ‪ ، 6 :‬وصحيح البخاري ‪.566 :‬‬
‫( ) هذا عند أيب حنيفة ‪‬؛ ألنَّه مالك للدار بجميع أجزائها‪ ،‬واملعدن من أجزائها‪،‬‬
‫وعندمها‪ :‬فيه اخلمس؛ إلطالق احلديث‪ ،‬أما يف الكنز الذي وجده يف داره ففيه‬
‫اخلمس باالتفاق؛ ألنَّه ليس من أجزاء األرض؛ ألنَّه ليس بمركب فيها‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫منحة السلوك ‪. 60 :‬‬
‫( ) الرواية األوىل‪ :‬أنَّه ال جيب أن يعطي اخلمس‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة يف رواية األصل‬
‫‪ ، 4 :‬واختار ها صاحب الكنْز ص‪ ، 1‬والتنوير ‪.64 :‬‬
‫والرواية الثانية‪ :‬جيب يف األرض‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة ‪ ‬ويف رواية اجلامع الصغري‬
‫ص‪ : 6‬جيب‪ ،‬وهو ما قاله الصاحبان‪.‬‬
‫ألَّنا كانت ملك ًا‬
‫(‪ )6‬أي من السالح واآلالت وأثاث املنازل والفصوص ونحوها؛ َّ‬
‫للكفار فحوته أيدينا قهر ًا فصارت غنيمة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/44‬أ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي الذي فيه سمة اإلسالم‪ ،‬بأن كان مكتوب ًا عليه الشهادة؛ ألنَّه إذا كان فيه يشء‬
‫من عالمات اإلسالم كان من وضع املسلمني فال يغتنم لكنَّه يعامل معاملة اللقطة‬
‫ِ‬
‫املساجد‬ ‫ِ‬
‫أبواب‬ ‫التي توجد يف موضع وال يعرف صاحبها‪ ،‬فحكمه أن ينادي به يف‬
‫ِ‬
‫واألسواق إىل أن يظ َّن عدم الطلب‪ ،‬ثم يرصفها إىل نفسه إن كان فقري ًا وإال فإىل‬
‫فقري‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة الرعاية ‪ ، 1 :‬وظاهر عبارة املتن توجب اخلمس يف الكنز‬ ‫ٍ‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وهذا َمالف لعبارة عامة الكتب‪ :‬كاملبسوط‪ ،‬والبدائع‪ ،‬والوقاية‪،‬‬
‫والغرر‪ ،‬والدر‪ ،‬واهلندية‪ ،‬بأنَّه ال خيمس ويكون كله لقطة‪.‬‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عرف يف اإلسالم‪ ،‬فإن َخ ِف َي‬‫فلاملكها أول الفتح( )‪ ،‬فإن ُجهل فألقىص مالك ُي ُ‬
‫الرضب( ) جعل جاهليا‪.‬‬
‫وال يشء يف ال َف ْ ُريوزَج( )‪ ،‬والياقوت‪ ،‬واللؤلؤ( )‪ ،‬والعنرب( )‪.‬‬
‫ويف الزِّئبق‪ :‬اخلمس( )‪.‬‬
‫فصل‬
‫يف زكاة النبات‬
‫عرش كل نابت( ) ُسقي بامء السامء أو سيحا( )‪ ،‬إال احلطب‬
‫ُ‬ ‫جيب‬
‫ُ‬

‫( ) وهو َمن خصه اإلمام بتمليك هذه البقعة أول الفتح‪ .‬ينظر‪ :‬حاشية اللكنوي عىل‬
‫اجلامع الصغري ص‪. 5‬‬
‫( ) أي سكة الكنز بأن مل يكن فيه يشء من العالمات أو حميت‪ ،‬فإنَّه جيعل ذلك الكنز‬
‫يف حكمه حكم الكنز اجلاهيل‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 1‬‬
‫( ) وهو حجر ميضء يوجد يف اجلبال‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/44‬أ‪ ،‬والتبيني ‪:‬‬
‫‪. 1‬‬
‫خيلق فيه‬ ‫ٌ‬
‫حيوان ُ‬ ‫الصدف‬
‫َ‬ ‫وقع يف الصدف‪ ،‬وقيل‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫الربيع إذا َ‬ ‫خيلق من ِ‬
‫مطر َّ‬ ‫(‪ )6‬وهو ُ‬
‫اللؤلؤ‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة الرعاية ‪ ، 1 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )5‬وهو حشيش يطلع يف البحر‪ ،‬أو خثى دابة‪ ،‬كام يف الدر املختار ‪64 :‬؛ فعن ابن‬
‫عباس ‪،‬قال‪«:‬ليس يف العنرب زكاة‪ ،‬إنَّام هو يشء درسه البحر»يف سنن البيهقي‬
‫الكبري‪، 64 :6‬ومسندالشافعي ص‪،14‬وسنده صحيح‪.‬ينظر‪:‬إعالءالسنن‪.7 :1‬‬
‫(‪ )4‬ألنَّه من جواهر األرض فيجب فيه اخلمس كاحلديد والرصاص‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬
‫ص‪. 1‬‬
‫يبق سن ًة‪ ،‬ففي األشياء التي ال تبقى إىل سنة بل خترب وتفسد‪ :‬كاخلرضوات‬‫(‪ )7‬وإن مل َ‬
‫؛ فعن ابن عمر ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫العرش‪ ،‬كام يف حاشية اخلادمي عىل الدرر ص‬
‫(فيام سقت السامء والعيون أو كان عرشي ًا العرش‪ ،‬وما سقي بالنضح نصف العرش)‬
‫يف صحيح البخاري ‪.560 :‬‬
‫وس َيحان ًا‪ :‬جرى عىل وجه األرض ‪ ،‬والسيح املاء اجلاري‬ ‫سيح سيح ًا َ‬
‫(‪ )1‬ساح املاء َي ُ‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫رشط نصاب( ) أو حول أو عقل أو بلوغ( )‪.‬‬ ‫والقصب واحلشيش‪ ،‬من ِ‬
‫غري‬
‫فإن جعل َأرضه حمطبة أو مقصبة أو حمتشا( )‪ ،‬وجب فيه العرش‪.‬‬
‫ُ‬
‫نصف العرش‪.‬‬ ‫وما ُسقي بغ َْرب( ) أو دالية( )‪ ،‬ففيه‬
‫وإن ُس ِقي سيحا وبدالية‪ ،‬حكم بأكثر احلول( )‪.‬‬
‫أجر‬
‫ويف العسل العرش‪ ،‬ولو وجد يف اجلبل كالثمر فيه( )‪ ،‬وال يطرح َ‬

‫الظاهر‪ .‬ينظر‪ :‬القاموس ‪ ، 1 :‬وَمتار الصحاح ص‪. 6‬‬


‫( ) أي من غري تقدير بقدر‪ :‬كخمسة أوسق كام عند الشافعية‪ .‬ينظر‪ :‬األم ‪، 1 :‬‬
‫والغرر البهية ‪ ، 61 :‬وَّناية املحتاج ‪.76 :‬‬
‫( ) فإنَّه جيب عىل املجنون والصبي ؛ ألنَّه مؤنة األرض النامية كاخلراج ‪ ،‬بخالف‬
‫ألَّنا عبادة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/44‬ب‪.‬‬ ‫الزكاة؛ َّ‬
‫ألن األرايض ال تستنمى هبذه األشياء‪،‬‬ ‫( ) وال جيب يف احلطب والقصب واحلشيش؛ َّ‬
‫فإن جعل أرضه حمطبة أو مقصبة أو حمتش ًا وجب العرش؛ لوجود االستنامء‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫رشح ابن ملك ق‪/47‬أ‪.‬‬
‫السانية ـ أي الناقة التي يستقى‬ ‫مثل َف ْلس‪ :‬الدَّ ْل ُو ال َعظيم ُة ُي ْس َت َقى هبا عىل َّ‬ ‫(‪ )6‬ال َغ ْر ُب‪ُ :‬‬
‫عليها ـ‪ .‬ينظر‪ :‬املصباح املنري ص‪ ،665‬وطلبة الطلبة ص‪. - 0‬‬
‫دوالب ُت ِد ُير ُه البقر‪ .‬ينظر‪ :‬غنية ذوي األحكام ‪ ، 17 :‬ويف املغرب‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ )5‬الدالي ٌة‪:‬‬
‫تركيب َمدَ ِّاق األُ ْر ِز ويف ر ْأسه ِم ْغرف ٌة كبري ٌة‬
‫َ‬ ‫َّب‬ ‫ٌ‬
‫طويل ُي َرك ُ‬ ‫ص‪ : 41‬والدَّ الِيَ ُة‪ِ :‬ج ْذ ٌع‬
‫ُي ْس َت َقى هبا‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي إن سقي الزرع يف أكثر السنة بالسيح ففيه العرش‪ ،‬وإن سقي بآلة ففيه نصف‬
‫العرش‪ ،‬وإن سقي نصف السنة بآلة ونصفها بغري آلة‪ ،‬ففيه نصفه أيض ًا؛ نظر ًا للاملك‬
‫كالسائمة‪ ،‬وقيل‪ :‬فيه ثالثة أرباع العرش‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 0‬‬
‫(‪ )7‬أي جيب يف العسل العرش وإن كان العسل يف اجلبال‪ ،‬وكذلك جيب العرش يف ثمر‬
‫اجلبال؛ فعن أيب سيارة املتقي ‪ ‬قال‪ :‬قلت‪( :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إ َّن يل نحالً‪ ،‬قال‪ :‬أ ّد‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫العامل ونفق َة البقر قبل العرش( )‪.‬‬


‫وال يشء يف ِ‬
‫القري والنفط( )‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫مصارف الزكاة والعرش سبعة‪:‬‬
‫‪.1‬الفقري‪ :‬وهو َمن له أدنى يشء( )‪.‬‬
‫‪.2‬واملسكني‪ :‬وهو َمن ال يشء له( )‪ ،‬وقيل‪ :‬بالعكس( )‪.‬‬
‫اهلاشمي ولو كان غن ّيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪.3‬والعامل غري‬

‫العرش‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬امحها يل فحامها يل) يف سنن ابن ماجة ‪،516 :‬‬
‫ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 7 :‬ومسند أمحد ‪ ، 4 :6‬وغريها‪.‬‬
‫( ) أي ال ترفع مؤنة الزرع‪ ،‬فال خيرج ما رصف للزرع من نفقة العامل واحلرث وكري‬
‫األَّنار وغريها مما حيتاج إليه يف الزرع قبل العرش‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪. 4 :‬‬
‫( ) والقري‪ :‬هو الزفت‪ ،‬والنفط‪ :‬ده ٌن يعلو املاء‪ ،‬كام يف جممع األَّنر ‪، 1 :‬‬
‫ألَّنام ليسا من إنزال‬
‫والرشنباللية ‪ ، 11 :‬وهذا إذا كانا يف أرض عرشية؛ َّ‬
‫األرايض‪ ،‬بل مها عني فوارة كعني املاء‪ ،‬ولو يف أرض جيب عليه خراج إن كان‬
‫حريمه صاحل ًا للزراعة؛ ألنَّه يتعلق بالتمكن من الزراعة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫ق‪/47‬أ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫نصاب غري نام مستغرق يف‬ ‫( ) بأن يكون لديه يشء قليل‪ ،‬وهو دون النصاب أو قدر‬
‫احلاجة‪ :‬كدار السكنى‪ ،‬وثياب البذلة‪ ،‬وآالت احلرفة‪ ،‬وكتب العلم ملن حيتاج‬
‫إليها‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪.51 :‬‬
‫(‪ )6‬بأن حيتاج إىل املسألة؛ لقوتِه وما يواري بدنَه‪ُّ ،‬‬
‫وحيل له ذلك‪ ،‬بخالف الفقري‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫فتح القدير ‪. 0 :‬‬
‫(‪ )5‬أي قيل املسكني من له أدنى يشء‪ ،‬والفقري من ال يشء له‪ ،‬والقوالن أليب حنيفة‬
‫‪ ،‬والقول األول‪ :‬رواه عنه أبو يوسف ‪ ،‬والقول الثاين‪ :‬رواه عنه احلسن بن‬
‫زياد‪ ،‬وهو قول الشافعي أيض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ص‪. 64‬‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪.4‬واملكاتَب( )‪.‬‬
‫‪.5‬واملديون( )‪.‬‬
‫احلاج املنقطع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪.6‬والغازي املنقطع( )‪ ،‬وقيل( )‪:‬‬
‫ومن ماله بعيد عنه( )‪.‬‬‫‪َ .7‬‬
‫بعضها( )‪.‬‬
‫يص َ‬ ‫وللاملك أن يعم كل املصارف وأن َ ُ‬

‫( ) وهو العبد الذي كاتب سيده بأن تواضع معه عىل أن يعطيه بدالً معين ًا يف مدة معينة‬
‫فيعتق به‪ .‬ينظر‪ :‬طلبة الطلبة ص ‪.45‬‬
‫ال عن دينِه‪ ،‬بأن يكون املديون لزمه الدين‪ ،‬فهو ّ‬
‫حمل‬ ‫يملك نصاب ًا فاض ً‬
‫ُ‬ ‫( ) أي الذي ال‬
‫الصدقة‪ ،‬وإن كان يف يديه مال ال يزيد عىل الدين قدر مئتي درهم فصاعد ًا؛ َّ‬
‫ألن‬
‫مقدار الدين من ماله مستحق بحاجته األصلية‪ ،‬فجعل كاملعدوم‪ .‬ينظر‪ :‬املحيط‬
‫الربهاين ص‪. 1‬‬
‫ِ‬
‫هبالك النَّفقة والدا ّبة ونحوها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بجيش اإلسالم؛ لفقره‬ ‫( ) أي الذي َع ِج َز عن اللحوق‬
‫مال وافر ٌ‪ ،‬هذا عند أيب يوسف ‪ ،‬واختاره صاحب الكنز‬ ‫وإن كان يف بيتِ ِه ٌ‬
‫ص‪ ، 0‬والتنوير ‪ ،4 :‬ويف غاية البيان‪ :‬هو األظهر‪ ،‬وصححه االسبيجايب‪،‬‬
‫‪ ،‬وعمدة الرعاية ‪ ، 14 :‬وغريها؛ ملا قال النبي‬ ‫وصاحب جممع األَّنر ‪:‬‬
‫‪( :‬وأما خالد احتبس أدراعه وأعتده يف سبيل اهلل) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫‪ ،5 5‬وال شك َّ‬
‫أن الدرع للحرب ال للحج‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 67 :‬‬
‫(‪ )6‬وهذا عند حممد ‪ ،‬وهذا اخلالف فيه ال يوجب خالف ًا يف احلكم؛ لالتفاق‬
‫عىل أنَّه يعطى األصناف كلهم سوى العامل برشط الفقر‪ ،‬فاملنقطع يعطى له اتفاق ًا‪،‬‬
‫‪ ،‬ورد املحتار‬ ‫وثمرة اخلالف يف نحو الوصية والوقف‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املنتقى ‪:‬‬
‫‪.4 :‬‬
‫(‪ )5‬أي ابن السبيل‪ .‬ينظر رشح الوقاية ص‪. 4‬‬
‫(‪ )4‬وعند الشافعي ال بد أن يرصفها إىل مجيع األصناف‪ .‬ينظر‪ :‬التنبيه ص‪ ،65‬وأسنى‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وال ُتدْ َف ُع إىل غني وإن كان نصا ُبه َ‬


‫غري نام( )‪.‬‬
‫وال إىل ذمي( ) بخالف غري الزكاة‪.‬‬
‫وال يبنى منها مسجد( )‪.‬‬
‫وال يكفن ميت‪ ،‬وال ُيقيض دينُه( )‪.‬‬

‫املطالب ‪ ،60 :‬وحتفة احلبيب ‪ ، 44 :‬وغريها‪.‬‬


‫( ) الغني‪ :‬وهو من كان يملك نصاب حرمان من أي مال كان‪ ،‬سواء كان من النقود‬
‫أو السوائم أو العروض‪ ،‬وهو فاضل عن حوائجه األصلية‪ ،‬كام يف جممع األَّنر ‪:‬‬
‫يمر حول عىل النصاب معه‪ ،‬بل‬‫‪ ،‬ومعنى نصاب احلرمان‪ :‬أنَّه ال يشرتط أن َّ‬
‫بمجرد ملكه للنصاب حيرم من الزكاة؛ فعن أيب هريرة ‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫إن الصدقة ال‬
‫حتل لغني) يف صحيح ابن حبان ‪ ،16 :1‬ومسند أمحد ‪ ، 77 :‬ومسند أيب يعىل‬
‫‪ ، 14 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪ ‬ملعاذ‪( :‬أخربهم َّ‬
‫أن اهلل قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من‬
‫أغنيائهم فرتد عىل فقرائهم) يف صحيح البخاري ‪. 510 :6‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن التمليك رشط فيها‪ ،‬فلم يوجد‪ ،‬وكذا ال يبنى هبا القناطر وال السقايا وإصالح‬
‫الطرقات وكري األَّنار واحلج واجلهاد وكل ما ال متليك فيه‪ ،‬كام يف منحة السلوك‬
‫ص‪ ، 61‬فاحليلة يف اجلواز‪ :‬أن يتصدق املالك عىل املتويل الفقري ثم هو يرصفها إىل‬
‫أمثال ذلك‪ ،‬ففي تلك احليلة مصارف كثرية من أبواب اخلري‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬
‫‪.‬‬ ‫ص‬
‫(‪ )6‬أي دين امليت‪ ،‬وكذا دين احلي بغري أمره؛ النعدام التسليم والتمليك يف كلها‪ ،‬وهو‬
‫ركن الزكاة‪ ،‬حتى لو أعطى جمنون ًا أو صغري ًا ال يعقل القبض أو وضع زكاته يف‬
‫دكان فقري ثم جاء وقبضها ال جيوز‪ ،‬وأما إن قىض دين احلي بأمره فجائز‪ ،‬ويكون‬
‫القابض كالوكيل يف قبضها‪ ،‬قال يف خزانة املفتني‪ :‬لو كان للاملك عىل فقري مخسة‬
‫ـ ‪091‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وال َيعتِ ُق هبا عبدا( )‪.‬‬


‫وال يدفعها املزكي إىل أصوله وفروعه( )‪ ،‬وزوجته وزوجها( )‪ ،‬ومكاتَبه‬
‫بعضه( )‪.‬‬
‫ومدبره( )‪ ،‬وأ ّم ولده( )‪ ،‬وعبد أعتق َ‬
‫ُ‬

‫دراهم دين ًا فتصدق هبا عليه ناوي ًا عن الزكاة ال جيوز؛ ألنَّه أدى دين ًا عن عني‪،‬‬
‫والدين ناقص‪ ،‬والعني كامل‪ ،‬والناقص ال جيوز عن الكامل‪ ،‬واحليلة فيه‪ :‬أن‬
‫يتصدق له بخمسة دراهم عين ًا ينوي به زكاة ماله‪ ،‬ثم يأخذها منه قضا ًء عن دينه‬
‫‪.‬‬ ‫فيحل له ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‬
‫( ) َّ‬
‫ألن االعتاق إسقاط امللك‪ ،‬وليس بتمليك‪ ،‬فال يسقط فيه الزكاة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن‬
‫ملك ق‪/41‬ب‪.‬‬
‫( ) األصول‪ :‬هم‪ :‬اآلباء واألجداء واألمهات واجلدات من قبل األم واألب وإن علو‪،‬‬
‫والفروع‪ :‬هم األوالد وأوالد األوالد وإن سفلوا؛ لعدم حتقيق التمليك عىل‬
‫الكامل‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 61 :‬‬
‫( ) لعدم كامل التمليك؛ لوجود االشرتاك يف املنافع بينهام‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة ‪،‬‬
‫وعندمها‪ :‬تدفع املرأة لزوجها زكاهتا؛ لقوله ‪( :‬هلا أجران‪ :‬أجر القرابة‪ ،‬وأجر‬
‫الصدقة) يف صحيح البخاري ‪ ،5 :‬وجياب عن احلديث‪َّ :‬‬
‫إن املقصود فيه‬
‫صدقة النافلة ال الزكاة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 61 :‬‬
‫(‪ )6‬وهو العبد الذي ُأعتِ َق عن ُد ُبر‪ ،‬أي بعد املوت‪ ،‬بأن قال له مواله‪ :‬إن مت فأنت‬
‫مؤخره‪ .‬ينظر‪ :‬طلبة الطلبة ص ‪. 5 ،5‬‬ ‫ِ‬
‫اليشء َّ‬ ‫حر‪ ،‬و ُد ُب ُر‬
‫(‪ )5‬وهي األمة التي وطئها سيدها‪ ،‬فولدت له ولد ًا وا َّدعى نسبه‪ ،‬فال جيوز بيعها‪،‬‬
‫حرة بعد وفاته‪ .‬ينظر‪ :‬رشح حدود ابن عرفة ص‪.5 1-5 1‬‬ ‫وتكون َّ‬
‫(‪ )4‬لعدم اإلخراج الصحيح؛ َّ‬
‫ألن كسب اململوك لسيده‪ ،‬فصار كأنَّه دفع إىل نفسه وإذا‬
‫دفع إىل مكاتب غريه جيوز وإن كان مواله غني ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 61 :‬‬
‫ـ ‪099‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وولده الصغري( )‪ ،‬بخالف امرأته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مملوك غني‬ ‫وال إىل‬
‫وال إىل هاشمي ومواله( )‪.‬‬
‫ولو ظنّه مرصفا فأعطاه فأخطأ‪ ،‬سقطت عنه( ) إال يف مكاتَبه‪.‬‬
‫ولو أعطاه شاكّا‪ ،‬مل تسقط إال بتحقيق أنه مرصف‪.‬‬
‫ويكره إعطاء واحد من ال ّز ِ‬
‫كاة نصابا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫و ُيكره نق ُلها( ) إال إىل قريب أو أحوج( )‪.‬‬

‫( ) ألنَّه يعدّ غني ًا بغنى أبيه‪ ،‬ولو كان كبري ًا فقري ًا جيوز؛ ألنَّه ال ُي َعدُّ غني ًا بغنى أبيه‪،‬‬
‫الزوج‪،‬‬ ‫ألَّنا ال ُت َعدُّ غني ًة بيسار َّ‬
‫بخالف امرأته فإنَّه جيوز دفعه إليها إذا كانت فقرية؛ َّ‬
‫و َقدْ ُر النَّفقة ال يغنيها‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/41‬أ‪-‬ب‪.‬‬
‫وآل ع َّباس‪ ،‬وجعفر‪ ،‬و َعقيل‪ ،‬واحلارث بن عبد املطلب ‪،‬‬ ‫آل عيل‪ِ ،‬‬ ‫( ) وهم‪ِ :‬‬
‫ّ‬
‫ومواليهم‪ :‬أي معتقيهم؛ وفائدة التخصيص هبؤالء أنَّه جيوز الدفع إىل َمن عداهم‬
‫إن الصدقة ال‬ ‫ألَّنم مل ينارصوا النبي ‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬ ‫من بني هاشم‪ :‬كذرية أيب هلب؛ َّ‬
‫تنبغي آلل حممد إنَّام هي أوساخ الناس) يف صحيح مسلم ‪ ،75 :‬وعن أيب رافع‬
‫وإن موىل القوم منهم) يف املجتبى ‪، 07 :5‬‬ ‫إن الصدقة ال حتل لنا‪َّ ،‬‬ ‫‪ ‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫وسنن النسائي الكربى ‪ ،51 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، :7‬وغريها‪.‬‬
‫( ) أي الزكاة؛ ملا روي عن معن بن يزيد ‪ ،‬قال‪( :‬كان أبو يزيد أخرج دنانري يتصدق‬
‫هبا فوضعها عند رجل يف املسجد فجئت فأخذهتا فأتيته هبا فقال‪ :‬واهلل ما إياك‬
‫أردت فخاصمته إىل رسول اهلل ‪ ‬فقال‪ :‬لك ما نويت يا يزيد‪ ،‬ولك ما أخذت يا‬
‫معن) يف صحيح البخاري ‪.5 7 :‬‬
‫حق فقراء‬ ‫ألن فيه إضاعة ّ‬ ‫آخر غري الذي فيه املال؛ َّ‬ ‫ٍ‬
‫(‪ )6‬أي يكره نقل الزكاة إىل بلد َ‬
‫الصالة‪ ،‬فعن معاذ ‪ ‬قال ‪( :‬فأعلمهم َّ‬
‫أن اهلل‬ ‫بلده‪ ،‬وهذا إذا كانت مسافة قرص َّ‬
‫تعاىل افرتض عليهم صدقة يف أمواهلم تؤخذ من أغنيائهم وترد عىل فقرائهم) يف‬
‫صحيح البخاري ‪ ،505 :‬وغريه‪.‬‬
‫أهل ِ‬
‫بلده؛ ملا فيه من‬ ‫(‪ )5‬أي ال يكره نقلها إىل قريبِه؛ ملا فيه من الصلة‪ ،‬أو إىل أحوج من ِ‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫يف صدقة الفطر‬
‫جتب( ) عىل ِّ‬
‫كل حر مسلم( ) مالك نصابا فاضال عن حاجته األصلية‬
‫غري نام( )‪.‬‬
‫وإن كان َ‬

‫زيادة دفع احلاجة‪ ،‬كام يف الوقاية ص‪ ، 1‬وفتح باب العناية ص ‪56‬؛ فعن‬
‫طاوس قال‪ :‬قال معاذ ‪ ‬باليمن‪« :‬ائتوين بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة‬
‫والشعري‪ ،‬فإنَّه أهون عليكم‪ ،‬وخري للمهاجرين باملدينة» يف سنن الدارقطني ‪:‬‬
‫‪. 00‬‬
‫ألن الفرض اسم ملا ثبت لزومه بدليل مقطوع به‪ ،‬ولزوم‬ ‫( ) فهي واجبة ال فرض; َّ‬
‫هذا النوع من ا لزكاة مل يثبت بدليل مقطوع به‪ ،‬بل بدليل فيه شبهة العدم‪ ،‬وهو خرب‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬فرض زكاة الفطر من رمضان عىل‬ ‫الواحد؛ فعن ابن عمر ‪َّ ( :‬‬
‫الناس صاع ًا من متر أو صاع ًا من شعري عىل كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من‬
‫املسلمني) يف صحيح مسلم ‪ ،477 :‬ومعنى فرض‪ :‬أي قدر أداء الفطر؛ َّ‬
‫ألن‬
‫الفرض يف اللغة التقدير‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯨ ﯩ ﯪﭼ [البقرة‪ :]111 :‬أي قدرتم‪،‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬فرض صدقة رمضان نصف صاع من ُب ّر‪،‬‬ ‫وعن ابن ع َّباس ‪َّ « :‬‬
‫واحلر‪ ،‬والذكر واألنثى» يف مسند‬ ‫ّ‬ ‫أو صاع ًا من شعري‪ ،‬أو صاع ًا من متر عىل العبد‬
‫أمحد ‪ ، 5 :‬وسنن الدارقطني ‪. 5 :‬‬
‫ألن فيها معنى‬ ‫( ) فال جتب عىل الكافر; ألنَّه ال سبيل إىل اإلجياب يف حالة الكفر; َّ‬
‫العبادة حتى ال تتأدى بدون النية‪ ،‬والكافر ليس من أهل العبادة‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع‬
‫ص ‪. 0‬‬
‫الصدقة‪ ،‬وإن مل‬ ‫أحد ال َّثمنني‪ ،‬أو السوائم‪ ،‬أو ِ‬‫( ) بأن كان من ِ‬
‫جتب عليه َّ‬
‫مال التِّجارة‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬
‫للسكنى وال‬ ‫يكون ُّ‬‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫كدار ال‬ ‫غري هذه األموال‪:‬‬‫حيل عليه احلول‪ ،‬وإن كان من ِ‬
‫الزكاة‪،‬‬‫جتب هبا َّ‬ ‫ِ‬
‫الفطر مع أنَّه ال ُ‬ ‫جتب هبا صدق ُة‬
‫للتَّجارة‪ ،‬وقيم ُتها تبلغ النِّصاب‪ُ ،‬‬
‫وهبذا النصاب حيرم عليه أخذ الصدقة والزكاة التي مصارفها الفقراء‪ ،‬فهو نصاب‬
‫ـ ‪110‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولد ِه الصغري الذي ال يشء له‪ ،‬وعن عبد‬


‫فيؤدي عن نفسه( ) وعن ِ‬
‫ِّ‬
‫تربعا ومل‬ ‫َ‬
‫اخلدمة ولو أنه كافر‪ ،‬بخالف ولده الكبري وزوجته‪ ،‬ولو أدى عنهام ّ‬

‫الزكاة‪ ،‬فإنَّه يشرتط فيه النامء‪ ،‬كام يف الوقاية‬ ‫ِ‬


‫وجوب َّ‬ ‫ِ‬
‫نصاب‬ ‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫حرمان‬
‫ص‪ ، 1‬وعمدة الرعاية ‪ 0 :‬؛ فعن أيب هريرة ‪( :‬ال صدقة إال عن ظهر‬
‫غنى) يف صحيح البخاري ‪ 5 1 :‬معلق ًا‪ ،‬ويف لفظ‪( :‬أفضل الصدقة أو خري‬
‫الصدقة عن ظهر غنى واليد العليا خري من اليد السفىل وابدأ بمن تعول) يف‬
‫صحيح مسلم ‪ ،7 7 :‬وعن أيب صعري ‪ ،‬قال ‪( :‬أدوا زكاة الفطر صاع ًا من‬
‫متر‪ ،‬أو صاع ًا من شعري‪ ،‬أو نصف صاع من بر‪ ،‬أو قال قمح‪ ،‬عن كل إنسان‪،‬‬
‫صغري أو كبري‪ ،‬ذكر أو أنثى‪ ،‬حر أو مملوك غنى أو فقري) رشح معاين اآلثار ‪:‬‬
‫‪ ،65‬وعن أبى هريرة ‪ ،‬قال‪( :‬زكاة الفطر عن كل حر وعبد ذكر أو أنثى صغري‬
‫أو كبري غنى أو فقري) يف رشح معاين اآلثار ‪.65 :‬‬
‫( ) أي من وجدت رشوط الوجوب فيه السابق ذكرها جيب أن خيرج صدقة الفطر عنه‬
‫وعن ولده الصغري‪ ...‬ممن يتح َّقق فيه سبب وجوب األداء عن غريه‪ :‬وهو رأس‬
‫ألن الرأس الذي يمونه وييل عليه والية كاملة‬ ‫يلزمه مؤنته وييل عليه والية كاملة؛ َّ‬
‫تكون يف معنى رأسه يف الذب والنرصة‪ ،‬فكام جيب عليه زكاة رأسه جيب عليه زكاة‬
‫ما هو يف معنى رأسه‪ ،‬فيجب عليه أن خيرج صدقة الفطر عن مماليكه الذين هم‬
‫لغري التجارة؛ لوجود السبب‪ ،‬وهو لزوم املؤنة وكامل الوالية مع وجود رشطه‬
‫سواء كانوا مسلمني أو كفار ًا؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال‪( :‬أمر رسول اهلل ‪ ‬بصدقة‬
‫واحلر والعبد ممن متونون) يف السنن الكربى ‪، 4 :6‬‬ ‫ّ‬ ‫الفطر عن الصغري والكبري‬
‫وسنن الدارقطني ‪ ، 60 :‬ومسند الشافعي ص ‪ ،1‬فهو عام يشمل املسلم‬
‫والكافر‪ ،‬وعن أيب هريرة ‪ ،‬قال‪( :‬كان ‪ ‬خيرج زكاة الفطر عن كل إنسان يعول‬
‫من صغري وكبري حر أو عبد ولو كان نرصاني ًا مدين من قمح أو صاع ًا من متر)‪ ،‬قال‬
‫الزيلعي يف نصب الراية ‪ :6 6 :‬رواه الطحاوي يف املشكل‪ ،‬وهو يصلح للمتابعة‬
‫سيام من رواية ابن املبارك‪ ،‬وعن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬خيرج الرجل زكاة الفطر عن‬
‫كل مملوك له‪ ،‬وإن كان هيودي ًا أو نرصاني ًا» يف مصنف عبد الرزاق ‪. 6 :‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يعلام أجزأمها( )‪.‬‬


‫جتب عن مكاتَبه‪ ،‬بخالف ُمدبره ُ‬
‫وأ ِّم ولده‪ ،‬وال عن عبد أو عبيد بني‬ ‫وال ُ‬
‫اثنني( )‪.‬‬
‫نصف صاع من ُبر وزنا أو دقيقه( ) أو َسويقه( )‪َ ،‬أو صاع من متر أو‬ ‫ُ‬ ‫وهي‬
‫شعري أو دقي ُقه أو سوي ُقه‪.‬‬
‫ويف الزبيب روايتان( )‪.‬‬
‫الرب َأفضل‬
‫فضل منهام ‪ ،‬وقيل‪ّ ُ :‬‬
‫( )‬ ‫راهم َأ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫والدقيق أ ْف َض ُل من ُ ّ‬
‫الرب( )‪ ،‬والد ُ‬

‫( ) أي لو أدى الوالد عن ولده الكبري والزوج عن زوجته عىل وجه التربع ومها مل يعلام‬
‫ذلك أجزأمها استحسان ًا؛ ألنَّه مأذون فيه عادة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪، 5 :‬‬
‫ورشح ابن ملك ق‪/70‬ب‪.‬‬
‫( ) ألنَّه ال يلزمه نفقتهم‪ ،‬ويف واليته عليهم قصور‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص ‪. 0‬‬
‫( ) أي طحينه‪ .‬ينظر‪َ :‬متار الصحاح ص‪ ، 01‬وغريه‪.‬‬
‫الرب‪ ،‬وهو الناعم من الدقيق‪ .‬ينظر‪ :‬تاج العروس ‪،610 : 5‬‬ ‫(‪ )6‬أي ما يتّخذ من ُ ّ‬
‫والتعليقات املرضية ص ‪.‬‬
‫ألن قيمة الزبيب تزيد عىل‬‫(‪ )5‬الرواية املشهورة عن اإلمام ‪ :‬إنَّه جيب نصف صاع؛ َّ‬
‫قيمة احل نطة يف العادة‪ ،‬ثم اكتفي من احلنطة بنصف صاع فمن الزبيب أوىل‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫اجلامع ص‪ ، 06‬واملنحة ‪. 55 :‬‬
‫والرواية الثانية‪ :‬جيب صاع‪ ،‬كام هو قوهلام‪ ،‬فهي رواية احلسن عن أيب حنيفة ‪،‬‬
‫وصححها البهنيس‪ ،‬وغريه‪ ،‬ويف احلقائق‪ ،‬والرشنباللية عن الربهان‪ :‬وبه يفتى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ينظر‪ :‬الدر املختار ‪ ،74 :‬والدر املنتقى ‪ ، 1 :‬ويف جممع األَّنر ‪: 1 :‬‬
‫األوىل أن يراعى فيه القدر والقيمة‪.‬‬
‫(‪ )4‬وهو اختيار الفقيه أيب جعفر ‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 55 :‬‬
‫(‪ )7‬أي من الدقيق والرب‪ ،‬وهو رواية عن أيب يوسف ‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 55 :‬وهذا‬
‫الكل عندما كانت املقايضة بني‬‫اخلالف يف األفضلية بعد االتفاق عىل اجلواز عند ّ‬
‫العروض شائعة‪ ،‬وأما اآلن بعد أن انترشت النقود‪ ،‬وصارت التبادالت التجارية‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫منهام( )‪.‬‬
‫والصاع( )‪ :‬ثامني ُة أرطال بالعراقي( )‪.‬‬
‫ُ‬
‫ستحب دف ُعها قبل اخلروج لصالة‬
‫ُّ‬ ‫ووقتها‪ :‬فجريوم الفطر( )‪ ،‬و ُي‬

‫ألن الواجب يف‬‫شك يف أفضلية إخراج النقود عىل غريها؛ َّ‬‫متوقفة عليها‪ ،‬فإنَّه ال ّ‬
‫احلقيقة إغناء الفقري؛ لقوله ‪( :‬أغنوهم عن املسألة يف مثل هذا اليوم) يف طبقات‬
‫‪ ،‬وسنن الدارقطني ‪، 5 :‬‬ ‫ابن سعد ‪ ، 61 :‬ومعرفة علوم احلديث ص‬
‫ألَّنا أقرب إىل دفع احلاجة‪ ،‬والنص معلول‬
‫واإلغناء حيصل بالقيمة بل أتم وأوفر; َّ‬
‫به‪ ،‬وعىل ذلك عمل الصحابة ‪ ،‬روى ابن أيب شيبة يف مصنفه ‪ 11 :‬عن أيب‬
‫إسحاق السبيعي ـ وهو من مشاهري التابعني وقد أدرك علي ًا ‪ ‬ومجاعة من‬
‫الصحابة ‪ ‬ـ يقول‪« :‬أدركتهم ـ أي الصحابة ـ وهم يعطون يف صدقة الفطر‬
‫الدراهم بقيمة الطعام»‪ ،‬وقد فصلت األدلة يف اجلامع يف أحكام الصيام ص‪- 05‬‬
‫‪ ، 0‬ومن أراد التوسع فعليه بكتاب‪ :‬حتقيق اآلمال يف إخراج زكاة الفطر باملال‬
‫للسيد أمحد الصديق الغامري بتحقيقي‪.‬‬
‫( ) أي من الدراهم والدقيق؛ ألنَّه أبعد عن اخلالف‪ ،‬وهي رواية أيب بكر األعمش‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ص ‪. 55 :‬‬
‫( ) الصاع يساوي بالغرامات (‪ ) 646‬كيلو غرام‪ ،‬كام حرر الشيخ عبد العزيز عيون‬
‫السود‪ ،‬كام يف هامش اللباب ‪. 41 :‬‬
‫( ) الرطل العراقي يساوي بالغرامات(‪)6046 5‬غرام ًا‪.‬ينظر‪:‬مقدمةاملجمع ص‪.64‬‬
‫(‪ )6‬أي وقت وجوهبا هو وقت طلوع الفجر الثاين من يوم الفطر‪ ،‬حتى لو ولد له ولد‬
‫أو كان كافر ًا فأسلم أو كان فقري ًا فاستغنى إن كان ذلك قبل طلوع الفجر جتب‬
‫عليه الفطرة‪ ،‬وإن كان بعده ال جتب عليه‪ ،‬وكذا من مات قبل طلوع الفجر مل جتب‬
‫فطرته وإن مات بعده وجبت؛ لقوله ‪( :‬صومكم يوم تصومون وفطركم يوم‬
‫تفطرون) يف سنن الرتمذي ‪ 10 :‬وحسنه‪ ،‬وسنن الدارقطني ‪ : 46 :‬أي وقت‬
‫وقت الفطر بيوم الفطر حيث أضافه إىل اليوم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ص‬ ‫فطركم يوم تفطرون‪ُ ،‬خ ّ‬
‫واإلضافة لالختصاص‪ ،‬واقتضاء اختصاص الوقت بالفطر يظهر باليوم‪ ،‬وإال‬
‫فالليايل كلها يف حق الفطر سواء فال يظهر االختصاص‪ ،‬وبه تبني َّ‬
‫أن املراد من‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويصح تعجيلها مطلقا( )‪ ،‬وال تسقط بالتأخري( )‪ ،‬بخالف األضحية( )‪.‬‬


‫ّ‬ ‫العيد( )‪،‬‬

‫صدقة الفطر‪ :‬أي صدقة يوم الفطر‪ ،‬فكانت الصدقة مضافة إىل يوم الفطر‪ ،‬فكان‬
‫‪.‬‬ ‫سبب ًا لوجوهبا‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‬
‫النبي ‪ ‬أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إىل الصالة) يف‬ ‫إن ّ‬ ‫( ) فعن ابن عمر ‪َّ ( :‬‬
‫صحيح ال ُبخاري ‪ ،561 :‬وعن ابن عباس ‪ ،‬قال‪( :‬فرض رسول اهلل ‪ ‬زكاة‬
‫الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث‪ ،‬وطعمة للمساكني‪َ ،‬من أ ّداها قبل الصالة‪،‬‬
‫فهي زكاة مقبولة‪ ،‬و َمن أداها بعد الصالة‪ ،‬فهي صدقة من الصدقات) يف سنن أيب‬
‫وصححه‪.‬‬‫ّ‬ ‫‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ،515 :‬واملستدرك ‪،511 :‬‬ ‫داود ‪:‬‬
‫ألن الوجوب إن مل يثبت فقد وجد سبب الوجوب‪ ،‬وهو رأس يمونه وييل عليه‬ ‫( ) َّ‬
‫والية كاملة‪ ،‬والتعجيل بعد وجود السبب جائز كتعجيل الزكاة‪،‬كام يف البدائع ‪:‬‬
‫‪ :‬وال تفصيل فيه بني مدة ومدة يف الصحيح‪ ،‬ويف الدر‬ ‫‪ ،76‬ويف التبيني ‪:‬‬
‫املختار ‪ :71 :‬وعامة املتون والرشوح عىل صحة التقديم مطلق ًا‪ ،‬وهو املذهب‪،‬‬
‫لكن صحح صاحب التنوير ‪ 71 :‬التقديم برشط دخول رمضان‪ ،‬ويف اجلوهرة ‪:‬‬
‫‪ : 5‬هو الصحيح‪ ،‬وعليه الفتوى‪.‬‬
‫ألن األمر بأدائها مطلق عن الوقت فيجب يف مطلق الوقت غري‬ ‫( ) أي عن يوم الفطر؛ َّ‬
‫ال‪ ،‬أو بآخر العمر كاألمر بالزكاة‪ ،‬ويف أي وقت أ ّدى‬ ‫يتعني بتعيينه فع ً‬
‫عني‪ ،‬وإنَّام ّ‬
‫كان مؤ ّدي ًا ال قاضي ًا كام يف سائر الواجبات املوسعة؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال‪( :‬أمرنا‬
‫رسول اهلل ‪ ‬بزكاة الفطر أن تؤ ّدى قبل خروج الناس إىل الصالة)‪ ،‬قال‪ :‬فكان ابن‬
‫‪ ،‬وسكت عنه‪،‬‬ ‫عمر ‪ ‬يؤ ّدهيا قبل ذلك باليوم واليومني‪ ،‬يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫وينظر‪ :‬التمهيد ‪ ، 4 : 6‬وقال احلسن‪:‬تسقط صدقة الفطر بالتأخري كاألضحية‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 57 :‬‬
‫ألَّنا مل ترشع‬
‫(‪ )6‬إذ تسقط إذا فاتت عن وقتها؛ ألنَّه ال يقدر عىل اإلتيان بمثلها؛ َّ‬
‫قربة يف سائر األيام‪ ،‬فال تقىض باإلراقة؛ َّ‬
‫ألن اإلراقة ال تعقل قربة‪ ،‬وإنَّام جعلت‬
‫قربة بالرشع يف وقت َمصوص‪ ،‬فاقترص كوَّنا قربة عىل الوقت املخصوص‪ ،‬فال‬
‫تقىض بعد خروج الوقت‪ ،‬فيكون قضاؤها بالتصدق بعني الشاة حية أو بالتصدق‬
‫بقيمة الشاة‪ ،‬ومتامه يف اجلامع ص ‪. 1‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتابُُالصُومُ‬
‫يُصحُ ُصومُ ُرمضان ُمن ُالصُحيح( ) ُاملقيم( ) ُبمطلق ُالن ّيةُ‪ُ ،‬ون ّيةُ ُالنفل‪ُ،‬‬
‫ون ّيةُواجبُُآخر( )‪ُ.‬‬
‫والنذرُاملعّيُ( )ُيصحُبمطلقُالن ّية‪ُ،‬ون ّيةُالنفل‪ُ،‬الُبنيةُواجبُآخر( )‪ُ.‬‬

‫( ) فمن رشوط وجوب األداء‪ :‬الصحة من املرضـ بأن خياف زيادة املرض‪ ،‬أو بطء‬
‫الربء من املرض‪ ،‬أو يكون صحيح ًا خيشى أن يمرض بالصوم‪ ،‬كام يف التبيني ‪:‬‬
‫‪333‬؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅﮆﭼ[ البقرة‪.]481 :‬‬
‫( ) وأيض ًا من رشوط وجوب األداء‪ :‬اإلقامة‪ ،‬فال جيب أداء صيام رمضان عىل‬
‫املسافر‪ ،‬وإن وجب عليه قضاؤه؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ‬
‫[البقرة‪ُ ،]481 :‬وعن محزة بن عمرو ‪ ‬قال‪( :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬يإّن صاحب‬
‫ظهر أعاجله أسافر عليه وأكريه‪ ،‬وأنَّه ربام صادفني هذا الشهر يعني شهر رمضان‪،‬‬
‫وأنا أجد القوة وأنا شاب‪ ،‬وأجدّن أن أصوم يا رسول اهلل أهون عيل من أن أؤخره‬
‫فيكون دين ًا‪ ،‬أفأصوم يا رسول اهلل أعظم ألجري أو أفطر؟ قال‪ :‬أي ذلك شئت يا‬
‫محزة) يف املستدرك ‪ ،895 :‬وصححه‪ ،‬وسنن أيب داود ‪.3 3 :‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ [البقرة‪ ،]481 :‬فكل من شهد الشهر‬
‫فإن رمضان معيار مل يرشع فيه صوم‬ ‫وصامه خيرج عن العهدة؛ ولعدم املزاحم‪َّ ،‬‬
‫آخر‪ ،‬فكان متعين ًا للفرض‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪.58 :‬‬
‫( ) النذر املعني‪ :‬هو أن يقول‪ :‬هلل عيل أن أصوم يوم اخلميس مثالً‪ ،‬أو شهر شعبان؛ إذ‬
‫حيدد وقت ًا معين ًا للصيام‪.‬‬
‫املتعني ال حيتاج إىل التعيني‪ ،‬والنذر املعني معترب بإجياب اهلل تعاىل فيشابه‬
‫ي‬ ‫(‪َّ )8‬‬
‫ألن النَّذر‬
‫صيام رمضان بمطلق النية‪ ،‬بل تلغو نية التنفل أيض ًا‪ ،‬لكن لو نوى واجب ًا آخر يقع‬
‫إن كل‬‫عام نوى بخالف صوم رمضان؛ إذ يقع عن صوم رمضان‪ ،‬وجه الفرق‪َّ :‬‬
‫معني بتعيني َمن له الوالية‬
‫أن صيام رمضان ي‬ ‫تعني صومه إال َّ‬‫واحد من الوقتني وإن ي‬
‫ـ ‪602‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وكالمهاُيُصُحُ ُبن ّيةُ ُمنُالليلُوالنهارُقبلُالضحوةُالكربى( )‪ُ ،‬الُبعدهاُ‬


‫كالنفل( )‪ُ.‬‬

‫حق فسخ‬ ‫عىل اإلطالق‪ ،‬وهو اهلل تعاىل‪ ،‬فثبت التعيني عىل اإلطالق‪ ،‬فيظهر يف ي‬
‫سائر الصيامات‪ ،‬والنذر املعني تعني بتعيني َمن له والية قارصة وهو العبد‪ ،‬فيظهر‬
‫تعيينه فيام عينه له فيام إذا نوى صوم التطوع دون الواجبات التي هي حق اهلل ‪ ‬يف‬
‫صح‪ .‬ينظر‪:‬‬‫ال للواجبات‪ ،‬فإذا نوى واجب ًا آخر ي‬ ‫هذه األوقات‪ ،‬فبقيت األوقات حم ً‬
‫بدائع الصنائع ‪ ،5 :‬ورشح الوقاية ص ‪ ، 3‬وتنوير األبصار والدر املختار ‪:‬‬
‫‪.53‬‬
‫( ) والضحوة الكربى تبدأ يف كل قطر قبل زوال الشمس بعد أن كانت عمودية يف‬
‫وسط السامء بنصف حصة فجر ذلك اليوم‪ :‬أي نصف الوقت من طلوع الفجر إىل‬
‫طلوع الشمس‪ ،‬حتى لو نوى قبل أن تغيب الشمس أن يكون صائ ًام غد ًا ثم نام أو‬
‫أغمي عليه أو غفل حتى زالت الشمس من الغد‪ ،‬مل جيز‪ ،‬أما لو نوى بعد غروب‬
‫الشمس‪ ،‬فإنَّه جيوز صومه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية البن ملك ق ‪/3‬أ‪ ،‬ورد املحتار‬
‫‪ ،58 :‬واهلدية العالئية ص‪ ، 88‬والفتاوى اهلندية ‪ ، 98 :‬وغريها‪.‬‬
‫املعني والنفل تكون ن يية أدائه من الليل إىل ما قبل‬
‫ال من رمضان والنذر ي‬ ‫( ) أي َّ‬
‫أن ك ً‬
‫األصح‪ ،‬كام يف اهلداية ‪ ، 5 :‬ورشح الوقاية‬ ‫ي‬ ‫نصف النهار الرشعي عىل‬
‫ص‪ ، 33‬واللباب ‪ ، 33 :‬بخالف ما يف خمترص القدوري ص ‪ :‬إىل ما قبل‬
‫الزوال‪ .‬وإنَّام جتوز النية قبل نصف النهار الرشعي إذا مل يوجد قبل ذلك بعد طلوع‬
‫الفجر ما ينايف الصوم‪ ،‬وإذا وجد قبله ما ينافيه من األكل والرشب واجلامع عامد ًا‬
‫أو ناسي ًا‪ ،‬فال جتوز النية بعد ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪ ، 93 :‬ودليل جواز‬
‫ال من أسلم أن‬ ‫النية إىل الضحوة‪ :‬عن سلمة بن األكوع ‪ ،‬قال‪( :‬أمر النبي ‪ ‬رج ً‬
‫فإن‬‫أن َمن كان أكل فليصم بقية يومه‪ ،‬و َمن مل يكن أكل فليصم‪َّ ،‬‬ ‫أ ِّذن يف الناس َّ‬
‫اليوم يوم عاشوراء) يف صحيح ال ُبخاري ‪ ،508 :‬وعاشوراء كان واجب الصيام‬
‫قبل فرض رمضان؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان يوم عاشوراء تصومه‬
‫ـ ‪602‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والُفضلُُالتبييت( )‪ُ.‬‬

‫فلام قدم املدينة صامه وأمر‬ ‫قريش يف اجلاهلية‪ ،‬وكان رسول اهلل ‪ ‬يصومه‪ ،‬ي‬
‫فمن شاء صامه و َمن شاء تركه) يف‬ ‫فلام فرض رمضان ترك يوم عاشوراء‪َ ،‬‬ ‫بصيامه‪ ،‬ي‬
‫تعني عليه‬
‫أن من ي‬ ‫صحيح مسلم ‪ ،59 :‬قال اإلمام الطحاوي‪« :‬فيه دليل عىل َّ‬
‫ال أنَّه جيزيه قبل الزوال»‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 3 :9‬وعن‬ ‫صوم يوم ومل ينوه لي ً‬
‫عيل‪ ،‬قال‪ :‬هل عندكم‬ ‫عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬إذا دخل ي‬
‫طعام‪ ،‬فإذا قلنا‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬إّن صائم ـ زاد وكيع ـ فدخل علينا يوم ًا آخر‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬أهدي لنا حيس فحبسناه لك‪ ،‬فقال‪ :‬أدنيه‪ ،‬قال طلحة‪ :‬فأصبح صائ ًام‬
‫وأفطر) يف سنن أيب داود ‪،3 9 :‬وسنن النسائي ‪ ، 3 :‬واملجتبى ‪، 98 :‬‬
‫واملعجم األوسط‪ ، 33 :5‬وصححه السيوطي يف اجلامع الصغري ‪ ، 0 :‬وعن‬
‫أم الدرداء ريض اهلل عنها‪« :‬كان أبو الدرداء يقول‪ :‬عندكم طعام؟ فإن قلنا‪ :‬ال‪،‬‬
‫قال‪ :‬فإّن صائم يومي هذا‪ ،‬وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن ع يباس وحذيفة ‪»‬‬
‫‪.‬‬ ‫يف صحيح البخاري ‪ ،359 :‬وتغليق التعليق ‪:3‬‬
‫( ) أي تبييت النية من الليل؛ ليكون أبعد من اخلالف‪ ،‬وير ُّد عىل حديث حفصة ريض‬
‫اهلل عنها‪ :‬قال ‪َ ( :‬من مل يبيت الصيام قبل الفجر فال صيام له) يف سنن النسائي‬
‫الكربى ‪ ، 3 :‬وسنن الدارمي ‪َّ : :‬‬
‫بأن احلديث موقوف‪ ،‬قال العالمة ظفر‬
‫‪« :‬واختلف يف رفعه ووقفه ورجح الرتمذي‬ ‫أمحد العثامّن يف إعالء السنن ‪:9‬‬
‫والنسائي املوقوف بعد أن أطنب النسائي يف ختريج طرقه‪ ،‬وحكى الرتمذي يف‬
‫العلل عن البخاري ترجيح وقفه‪ ،‬وعمل بظاهر اإلسناد مجاعة من األئمة‬
‫فصححوا احلديث منهم‪ :‬ابن خزيمة‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬وابن حزم‪ ،‬وروى له‬
‫الدارقطني طريقا آخر‪ ،‬وقال‪ :‬رجاهلا ثقات»‪ .‬وقال اإلمام الطحاوي يف رشح‬
‫معاّن اآلثار ‪« :8 :‬هذا احلديث ال يرفعه احلفاظ الذين يروونه عن ابن شهاب‬
‫‪ ‬وخيتلفون عنه فيه اختالف ًا يوجب اضطراب احلديث بام هو دونه‪ ،‬ولكن مع‬
‫ذلك نثبته ونجعله عىل خاص من الصوم‪ ،‬وهو الصوم الفرض الذي ليس يف أيام‬
‫ـ ‪608‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولوُنُوُىُاملريض ُواملسافر ُبرمضانُواجب ًا ُآخر‪ُ ،‬صحُ( )‪ُ ،‬ولوُتطوع ُبه‪ُ،‬‬


‫ففيهُروايتان( )‪ُ.‬‬

‫بعينها‪ ،‬مثل‪ :‬الصوم يف الكفارات‪ ،‬وقضاء رمضان‪ ،‬وما أشبه ذلك؛ ملا ذكرنا من‬
‫رواية احلفاظ هلذا احلديث عن الزهرى ‪ ‬ومن اختالفهم عنه فيه»‪.‬‬
‫( ) وقع خالف فيام لو نوى املريض يف رمضان واجب ًا آخر عىل ثالثة أقوال‪:‬‬
‫ألن رمضان يف حقه كشعبان‪ ،‬وهذا اختيار صاحب‬ ‫القول األول‪ :‬إنَّه يقع عام نوى؛ َّ‬
‫اهلداية وأكثر املشايخ‪ ،‬وقيل‪ :‬إنَّه ظاهر الرواية‪.‬‬
‫والقول الثاّن‪ :‬إنَّه يقع عن رمضان‪ ،‬وهذا اختيار فخر اإلسالم‪ ،‬وشمس األئمة‪ ،‬ومجع‪،‬‬
‫وصححه يف املجمع‪.‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬التفصيل بني أن يرضه الصوم فتتعلق الرخصة بخوف الزيادة فيصري‬
‫كاملسافر يقع عام نوى‪ ،‬وبني أن ال يرضه الصوم كفساد اهلضم فتتعلق الرخصة‬
‫بحقيقته فيقع عن فرض الوقت‪ ،‬واختاره يف الكشف والتحرير‪ ،‬قال ابن عابدين‬
‫يف رد املحتار ‪ :53 :‬وهذا القول جعله يف رشح التحرير حممل القولني‪ ،‬وقال‪ :‬إنَّه‬
‫حتقيق حيصل به التوفيق بحمل ما اختاره فخر اإلسالم وغريه عىل َمن ال يرضه‬
‫الصوم‪ ،‬ومحل ما اختاره يف اهلداية عىل َمن يرضه… وينظر‪ :‬رشح الوقاية‬
‫ص ‪ ، 3‬ومنتهى النقاية ص ‪ ، 3‬ورد املحتار ‪ ،53 :‬واهلدية العالئية‬
‫ص‪ ، 88‬وغريه‪.‬‬
‫ألن الصوم غري‬ ‫( ) األوىل‪ :‬إن نوى املسافر التطوع يف رمضان‪ ،‬فإنَّه يقع عن النفل؛ َّ‬
‫واجب عليه؛ بدليل أنَّه يباح له الفطر‪ ،‬فأشبه خارج رمضان‪ ،‬ولو نوى التطوع‬
‫خارج رمضان يقع عن التطوع‪ ،‬كذا يف رمضان‪ ،‬هذا عند اإلمام أيب حنيفة يف رواية‬
‫أيب يوسف‪ ،‬وقال القدوري‪ :‬هي األصح‪ ،‬وهذا عندمها‪ ،‬ويف رواية احلسن عن أيب‬
‫ألن الصوم واجب عىل املسافر وهو العزيمة‪،‬‬ ‫حنيفة‪ :‬إنَّه يقع عن رمضان؛ َّ‬
‫واإلفطار له رخصة‪ ،‬فإذا اختار العزيمة وترك الرخصة صار هو واملقيم سواء‪،‬‬
‫فيقع صومه عن رمضان كاملقيم‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪ ،5 :‬وغريه‪ .‬وهذا التصحيح‬
‫ـ ‪602‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الُيصح ُبن ّيةُيفُ‬


‫ّ‬ ‫والنذر ُاملطلقُ( )‪ُ ،‬والك ُّفارةُ‪ُ ،‬وقضاء ُرمضان‪ُ ،‬ونحوها‪ُ ،‬‬
‫النهار( )‪ُ.‬‬
‫ويستحب ُطلب ُاهلاللُليلةُثالثّيُمنُشعبانُورمضان‪ُ،‬فإنُملُيرُفالُ‬
‫صومُوالُفطر( )‪ُ.‬‬
‫ويكرهُصومُيومُالشكُ‪ُ،‬إالُأنُيوافقُورد ًاُله( )‪ُ.‬‬

‫املذكور عن القدوري ذكر ابن عابدين يف رد املحتار ‪ 53 :‬عن البحر الرائق ‪:‬‬
‫‪ 5‬غريه‪ ،‬فقال‪ :‬وإن نوى النفل أو أطلق‪ ،‬فعن اإلمام روايتان أصحهام وقوعه‬
‫ألن فائدة النفل الثواب‪ ،‬وهو يف فرض الوقت أكثر‪ .‬وينظر‪:‬‬ ‫عن رمضان؛ َّ‬
‫التعليقات املرضية ص‪ ، 88‬وغريمها‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إن نوى املريض التطوع يف رمضان‪ ،‬فإنَّه يقع عن رمضان عىل الصحيح؛ ألنَّه ملا‬
‫سوى بني‬ ‫قدر عىل الصوم صار كالصحيح‪ ،‬هذا قول عامة مشاخينا‪ ،‬والكرخي َّ‬
‫املريض واملسافر‪ ،‬وروى أبو يوسف عن أيب حنيفة ‪ :‬أنَّه يقع عن التطوع‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫البدائع ‪ ،5 :‬ورد املحتار ‪ ،53 :‬وغريه‪.‬‬
‫( ) النذر املطلق‪ :‬هو أن يقول‪ :‬هلل عيل أن أصوم يوم ًا‪ ،‬أو أيام ًا‪ ،‬أو أسبوع ًا؛ إذ مل ِّ‬
‫يعني‬
‫وقت ًا معين ًا للصيام‪ ،‬فيكون مطلق ًا‪.‬‬
‫( ) أي يشرتط هلذه الصيامات تبييت النية من الليل‪ ،‬أو نية مقارنة لطلوع الفجر؛ لعدم‬
‫تعني هذه الصيامات‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص ‪ ، 3‬وعمدة الرعاية ‪.305 :‬‬
‫(‪ )3‬أي فإن مل ير اهلالل ليلة ثالثني من شعبان ال يصومون‪ ،‬وإن مل يروا اهلالل ليلة‬
‫ثالثني من رمضان ال يفطرون؛ لقوله ‪( :‬ال تصوموا حتى تروا اهلالل وال‬
‫تفطروا حتى تروه‪ ،‬فإن غم عليكم فاقدروا له) يف صحيح البخاري ‪،35 :‬‬
‫وصحيح مسلم ‪ ،589 :‬وغريمها‪.‬‬
‫( ) يوم الشك‪ :‬هو اليوم الثالثون من شعبان؛ إذ حيتمل أن يكون ثالثني وحيتمل أن‬
‫يكون أول رمضان‪ ،‬فال يصام؛ لئال نزيد عىل رمضان ما ليس منه كام زاد أهل الكتاب‬
‫عىل صومهم؛ إال أن يوافق يوم الشك يوم ورده الذي كان من عادته أن يصوم فيه‪،‬‬
‫ـ ‪640‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومنُرأىُاهلالل ُوحدهُفردتُشهادتهُصامُ‪ُ ،‬فإنُأفطر ُبعدُالر ُّد‪ُ ،‬لزمهُ‬


‫القضاءُالُغري( )‪ُ،‬وكذاُلوُأفطرُقبلهُعندُالبعض( )‪ُ،‬ولوُصامُثالثّيُيوم ًا ُملُ‬
‫يفطرُوحده( )‪ُ،‬فإنُأُفطر‪ُ،‬فالُك ُّفارةُعليه‪ُ.‬‬
‫ويُقبلُيفُهاللُرمضانُيفُالغيمُشهادةُواحد ُعدلُ( )‪ُ ،‬ولوُكانُعبد ًا ُأوُ‬

‫فحينئذ ال يكون مكروه ًا؛ فعن أيب هريرة ‪ ،‬قال رسول اهلل ‪( :‬ال تقدموا‬
‫رمضان بصوم يوم أو يومني إال رجل كان يصوم صوم ًا فليصمه) يف صحيح‬
‫مسلم ‪ ،53 :‬وصحيح البخاري ‪ ،353 :‬وعن عامر ‪( :‬من صام يوم الشك‬
‫فقد عىص أبا القاسم) يف صحيح البخاري ‪ 35 :‬معلق ًا‪ ،‬واملستدرك ‪،858 :‬‬
‫وجامع الرتمذي ‪ ،50 :3‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫ال بالرؤية؛ إذ هو سبب وجوب الصوم؛ لقوله ‪( :‬صوموا‬ ‫( ) أي يلزمه الصيام عم ً‬
‫لرؤيته‪ ، )...‬فإن أفطر بعد رد شهادته يلزمه قضاء هذا اليوم‪ ،‬وال تلزمه الكفارة‪،‬‬
‫بخالف الشافعي‪ ،‬فإنَّه تلزمه الكفارة عنده‪ ،‬ينظر‪ :‬حتفة املحتاج‪، 8 :3‬‬
‫وفتوحات الوهاب ‪ ،3 :‬وحاشيتا قليويب وعمرية ‪ ،9 :‬وغريهم‪.‬‬
‫( ) عىل الصحيح جيب القضاء وال جتب الكفارة‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/53‬ب‪،‬‬
‫ألن هذا ليس بيوم صوم يف‬‫ومنحة السلوك ‪ ، 3 :‬وهدية الصعلوك ص‪ 8‬؛ َّ‬
‫حق اجلامعة‪ ،‬وقيل‪ :‬جتب الكفارة؛ لتيقنه بالرؤية ومل ترد شهادته ليصري شبهة‪.‬‬
‫(‪ )3‬ألنا إنَّام أوجبنا الصوم عليه احتياط ًا‪ ،‬واالحتياط بعد هذا يف املوافقة مع الناس؛‬
‫ليكون أبعد عن التهمة‪ ،‬فإن أفطر فال كفارة عليه نظر ًا إىل احلقيقة التي عنده‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫رشح ابن ملك ق‪/53‬ب‪.‬‬
‫( ) وهو من ليس بفاسق ِّبني الفسق‪ ،‬وكذا تقبل شهادة مستور احلال؛ فعن ابن عمر‬
‫‪ ،‬قال‪( :‬تراءى الناس اهلالل‪ ،‬فرأيته فأخربت رسول هلل ‪ ‬فصام وأمر الناس‬
‫بصيامه) يف صحيح ابن حبان ‪ ، 3 :5‬واملستدرك ‪ ،858 :‬وسنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ،30‬وعن ابن عباس ‪ ‬قال‪( :‬جاء أعرايب إىل النبي ‪ ،‬فقال‪ :‬إّن رأيت اهلالل‪،‬‬
‫أن حممد ًا رسول اهلل؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬يا بالل‪،‬‬‫أن ال إله إال اهلل؟ أتشهد َّ‬
‫قال‪ :‬أتشهد َّ‬
‫ـ ‪644‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫امرأ ًة ُأوُحمدود ًا ُيفُقذف‪ُ،‬فإنُصامواُثالثّيُيوم ًا ُوملُيرواُاهلالل‪ُ ،‬ففيُالفطرُ‬


‫خالف( )‪ُ،‬بخالفُشهادةُاثنّي( )‪ُ.‬‬
‫ويفُالصحوُالُبدُمنُأهلُحم ّلةُأوُمخسّيُرج ًُ‬
‫ال( )‪ُ.‬‬

‫أ يذن يف الناس أن يصوموا غد ًا) يف جامع الرتمذي ‪ ،5 :3‬واملستدرك ‪،853 :‬‬


‫واملنتقى ‪ ، 03 :‬وسنن الدارمي ‪ ،9 :‬قال صاحب املرقاة‪ :‬صححه احلاكم‪،‬‬
‫وذكر البيهقي أنَّه جاء من طرق موصوالً ومن طرق مرسالً‪ ،‬وإن كانت طرق‬
‫االتصال صحيحة‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن‪ ، 3 :9‬وغريه‪.‬‬
‫( ) أي إن كان صومهم بشهادة عدل واحد هبالل رمضان ويف السامء علة فصاموا‬
‫ثالثني‪ ،‬فإنَّه ال حيل هلم الفطر؛ َّ‬
‫ألن الفطر ال يثبت بقول واحد عند أيب حنيفة وأيب‬
‫يوسف ‪‬؛ لالحتياط‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/53‬أ‪ ،‬وعند حممد ‪ ‬يثبت الفطر‬
‫عنده بقول الواحد بتبعية الصوم؛ ألنَّه مل يثبت الفطر يف هذه الصورة قصد ًا وإنَّام‬
‫تبع ًا؛ ألنَّه ملا حكم القايض بقول الواحد يف رمضان ووجب الصوم به وتم عدده‬
‫ثبت الفطر تبع ًا‪ ،‬وكم من يشء يثبت ضمن ًا وال يثبت قصد ًا‪ .‬ينظر‪:‬رشح الوقاية‬
‫ص‪ ، 33‬وعمدة الرعاية ‪ ،3 0 :‬وغريمها‪.‬‬
‫( ) أي إن صاموا ثالثني يوم ًا بقول عدلني‪ ،‬فإنَّه حيل هلم اإلفطار عىل املفتى به‪ ،‬كام يف‬
‫تنبيه الغافل ص ‪5‬؛ فعن عبد الرمحن بن زيد ‪ ،‬قال‪( :‬أال إّن قد جالست‬
‫وإَّنم حدثوّن َّ‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬صوموا‬ ‫أصحاب رسول اهلل ‪ ‬وسألتهم أال َّ‬
‫لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا هلا‪ ،‬فإن غم عليكم فأمتوا ثالثني‪ ،‬وإن شهد‬
‫شاهدان مسلامن فصوموا وأفطروا) يف سنن النسائي ‪ ،39 :‬واملجتبى ‪، 3 :‬‬
‫‪ ،3‬ويف لفظ‪( :‬فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وأنسكوا)‬ ‫ومسند أمحد ‪:‬‬
‫يف سنن الدارقطني ‪. 35 :‬‬
‫(‪ )3‬اختلف يف عدد الشهود إن مل يكن يف السامء ع َّلة عىل أقوال‪:‬‬
‫ـ ‪646‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويفُهاللُ ُشوالُيفُالغيمُالُبدّ ُمنُرجلّيُحُرين‪ُ ،‬أُوُرُجلُ ُوامرأُتّي( )ُ‬

‫وحممد‬
‫األول‪ :‬مجع حيكم العقل بعدم تواطئهم عىل الكذب‪ ،‬وهو مروي عن أيب يوسف َّ‬
‫‪ ،‬وأن يكونوا من كل جانب‪ ،‬واختاره صاحب الوقاية ص‪ ، 38‬ورشح الوقاية‬
‫ص‪ ، 38‬والفتح ‪ ، 8 :‬ودرر احلكام ‪ ، 00 :‬وغريها‪.‬‬
‫مفوض إىل رأي اإلمام؛ لتفاوت الناس صدق ًا‪ ،‬وهو مروي‬
‫الثاّن‪ :‬غري مقدَّ ر بعدد‪ ،‬وهو َّ‬
‫عن حممد ‪ ،‬ورجحه صاحب االختيار ‪ . 35 :‬ويف املواهب ق‪/83‬ب‪ ،‬والدر‬
‫املنتقى ‪ 33 :‬واملراقي ص‪ :895‬هو األصح‪ ،‬واختاره صاحب التنوير ‪.9 :‬‬
‫الثالث‪ :‬يكفي اثنان‪ ،‬وهي رواية عن أيب حنيفة ‪‬؛ لتكاسل الناس‪ ،‬وهو اختيار‬
‫صاحب البحر ص‪ ، 59‬ورد املحتار ‪ ،93 :‬قال ابن عابدين يف تنبيه الغافل‬
‫ص‪ :50‬ينبغي ترجيح ما اختاره صاحب البحر من االكتفاء بشاهدين ولو من‬
‫مرص‪ ،‬وقد أقره عليه أخوه الشيخ عمر يف النهر‪ ،‬وكذا تلميذه التمرتايش يف املنح‪،‬‬
‫وابن محزة النقيب يف َّنج النجاة‪ ،‬والشيخ عالء الدين يف الدر املختار‪ ،‬والشيخ‬
‫إسامعيل النابليس يف اإلحكام رشح درر احلكام‪ ،‬وقال‪ :‬إنَّه حسن‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬مخسون رج ً‬
‫ال كالقسامة‪ ،‬وهو مروي عن أيب يوسف ‪. ‬‬
‫اخلامس‪ :‬أهل َحمَلة‪ ،‬وذكره املصنف‪.‬‬
‫السادس‪ :‬مجع حيصل هبم غلبة الظن‪ ،‬وهو اختيار صاحب االيضاح ق ‪/3‬أ‪.‬‬
‫السابع‪ :‬مخسمئة ببلخ قليل‪ ،‬وهو مروي عن خلف بن أيوب‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬ألف‪ ،‬وهو مروي عن أيب حفص الكبري‪ .‬ينظر‪ :‬رشح مال مسكني ص‪.39‬‬
‫( ) ألنَّه حق الرشع؛ فعن ربعي عن بعض أصحاب الرسول ‪ ،‬قال‪( :‬اختلف الناس‬
‫يف آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي ‪ ‬باهلل إلهالل اهلالل‬
‫أمس عشية‪ ،‬فأمر رسول اهلل ‪ ‬الناس أن يفطروا) يف سنن أيب داود ‪،30 :‬‬
‫‪ ،‬وسنن الدارقطني ‪، 35 :‬‬ ‫واملنتقى ‪ ، 03 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪5 :‬‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫ـ ‪642‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كالُضحى( )‪ُ.‬‬
‫وال ُ ُيلزم ُ ُأحد ُ ُاملرصين ُ ُبرؤية ُ ُاملرص ُ ُاآلخر( ) ُ ُإال ُ ُإذا ُاحتدتُ‬

‫إن رؤية اهلالل لعيد األضحى هلا أحكام رؤية اهلالل لفطر رمضان؛ إذ ال بد‬ ‫( ) أي َّ‬
‫من نصاب الشهادة مع العلة‪ ،‬واجلمع العظيم مع الصحو يف األصح‪ ،‬كام يف اهلداية‬
‫ورشوحها‪ ،‬ويف رواية النوادر‪ :‬إنَّه كهالل رمضان‪ :‬أي فيثبت بقول الواحد إن كان‬
‫يف السامء علة‪ ،‬وصححها يف التحفة‪ .‬ينظر‪ :‬تنبيه الغافل ص ‪ ،5‬وغريه‪.‬‬
‫( ) اختلف باعتبار اختالف املطالع فذهب املصنف ‪ ‬إىل اعتباره‪ ،‬حتى ال يلزم أحد‬
‫املرصين برؤية املرص اآلخر‪ ،‬وتبعه ابن ملك يف رشحه ق‪/53‬ب‪ ،‬فقال‪« :‬هو‬
‫كل قوم خماطب بام عندهم إال إذا احتدت املطالع‪ ،‬بأن كان بينها تقارب‪،‬‬‫األشبه؛ إذ ي‬
‫الزيلعي يف التبيني ‪« :3 :‬واألشبه أن‬
‫ي‬ ‫فحينئذ يلزم أحدمها رؤية اآلخر»‪ ،‬وقال‬
‫كل قوم خماطبون بام عندهم وانفصال اهلالل عن شعاع‬ ‫ألن َّ‬
‫يعترب اختالف املطالع؛ َّ‬
‫أن دخول الوقت وخروجه خيتلف‬ ‫الشمس خيتلف باختالف األقطار‪ ،‬كام َّ‬
‫باختالف األقطار‪ ،‬حتى إذا زالت الشمس يف املرشق ال يلزم منه أن تزول يف‬
‫املغرب‪ ،‬وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس‪ ،‬بل كلام حتركت الشمس درجة‬
‫فتلك طلوع فجر لقوم‪ ،‬وطلوع شمس آلخرين‪ ،‬وغروب لبعض‪ ،‬ونصف ليل‬
‫لغريهم»‪ ،‬وقال مال خرسو يف درر احلكام ‪« : 0 :‬يؤيده ما مر يف أول كتاب‬
‫أن صالة العشاء والوتر ال جتب لفاقد وقتهام»‪ ،‬واختاره صاحب‬ ‫الصالة َّ‬
‫أن أم الفضل‬ ‫«التجريد» وغريه‪ ،‬كام يف الرشنباللية ‪ 0 :‬؛ فعن كريب ‪َّ ( :‬‬
‫بنت احلارث ريض اهلل عنها بعثته إىل معاوية بالشام قال‪ :‬فقدمت الشام فقضيت‬
‫حاجتها واستهل عيل رمضان وأنا بالشام فرأيت اهلالل ليلة اجلمعة‪ ،‬ثم قدمت‬
‫املدينة يف آخر الشهر‪ ،‬فسألني عبد اهلل بن عباس ‪ ‬ثم ذكر اهلالل‪ ،‬فقال‪ :‬متى‬
‫رأيتم اهلالل؟ فقلت‪ :‬رأيناه ليلة اجلمعة‪ ،‬فقال‪ :‬أنت رأيته‪ ،‬فقلت‪ :‬نعم ورآه الناس‬
‫وصاموا وصام معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬لكنا رأيناه ليلة السبت‪ ،‬فال نزال نصوم حتى نكمل‬
‫ثالثني‪ ،‬أو نراه‪ ،‬فقلت‪ :‬أو ال تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬هكذا أمرنا‬
‫رسول اهلل ‪ )‬يف صحيح مسلم ‪ ،538 :‬واعرتض العالمة ابن نجيم يف البحر‬
‫ـ ‪641‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫املطالع( )‪ُ.‬‬
‫ثمُُصامواُُرمضانُُفكانُُثامنيةُُوعرشينُُيوم ًا‪ُُ،‬‬
‫ولوُأكملواُُشعبانُُ ّ‬

‫الرائق ‪ 9 :‬عىل هذا الدليل‪ :‬بأنَّه واحد ال يثبت بشهادته وجوب القضاء عىل‬
‫القايض‪.‬‬
‫والقول الثاّن‪ :‬إنَّه ال يعترب اختالف املطالع عىل املعتمد ُيف املذهب‪ :‬أي إذا رأى اهلالل‬
‫أهل بلدة ومل يره أهل بلدة أخرى جيب أن يصوموا برؤية أولئك كيفام كان‪ ،‬حتى‬
‫إذا صام أهل بلدة ثالثني يوم ًا وأهل بلدة أخرى تسعة وعرشين يوم ًا جيب عليهم‬
‫في يف الكنز ‪،3 :‬واحللبي يف‬ ‫املشايخ‪،‬ونص عليه الن ََّس ي‬
‫ي‬ ‫قضاء يوم‪ ،‬وعليه أكثر‬
‫امللتقى ‪ ، 39 :‬وقال ابن اهلامم يف فتح القدير ‪« :3 3 :‬وإذا ثبت يف مرص لزم‬
‫سائر الناس فيلزم أهل املرشق رؤية أهل املغرب يف ظاهر املذهب»‪ .‬وقال العالمة‬
‫الرشنباليل يف الرشنباللية ‪« : 0 :‬هو ظاهر املذهب‪ ،‬وعليه الفتوى كام يف البحر‬
‫‪ 90 :‬عن اخلالصة وقال يف الكايف‪ :‬ظاهر الرواية ال عربة باختالف املطالع»‪،‬‬
‫ومثله قال شيخ زاده يف جممع األَّنر ‪ . 39 :‬وقال ابن عابدين يف تنبيه الغافل‬
‫ص‪« : 0‬ال عربة باختالف املطالع يف األقطار إال عند الشافعي»‪ .‬وقال أيض ًا‪:‬‬
‫«املعتمد الراجح عندنا أنَّه ال اعتبار باختالف املطالع‪ ،‬وهو ظاهر الرواية‪ ،‬وعليه‬
‫املتون‪ :‬كالكنز وغريه‪ ،‬وهو الصحيح عند احلنابلة كام يف اإلنصاف ‪ ، 53 :3‬وكذا‬
‫هو مذهب املالكية‪ ،‬ففي خمترص خليل ورشحه للشيخ عبد الباقي‪ :‬وعم اخلطاب‬
‫بالصوم سائر البالد إن نقل ثبوته عن أهل بلد هبام ـ أي بالعدلني ـ والرواية‬
‫املستفيضة عنهام ـ أي عن احلكم برؤية العدلني ـ أو عن رؤية مستفيضة»‪ ،‬ودليله‪:‬‬
‫عموم اخلطاب يف قوله ‪( :‬صوموا) معلق ًا ملطلق الرؤية يف قوله‪( :‬لرؤيته)‪،‬‬
‫وبرؤية قوم يصدق اسم الرؤية‪ ،‬فيثبت ما تع يلق به من عموم احلكم فيعم‬
‫الوجوب‪ .‬ينظر‪ :‬فتح القدير ‪ ،3 3 :‬وحاشية الشلبي ‪.3 3 :‬‬
‫( ) فحينئذ يلزم أحد املرصين برؤية املرص اآلخر‪ ،‬حتى إذا صام أهل أحدمها ثالثني‬
‫يوم ًا وأهل األخرى تسعة وعرشين يوم ًا جيب عليهم قضاء يوم‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪. 3 :‬‬
‫ـ ‪641‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فإن ُكانوا ُعدّ وا ُشعبان ُعن ُرؤية ُهالله ُقضوا ُيوم ًُا( )‪ُ ،‬وإال ُقضواُ‬
‫يومّي( )‪ُ.‬‬
‫ولوُرؤيُاهلاللُقبلُالزوال‪ُ ،‬فهوُلليلةُاملاضية‪ُ،‬وإنُرؤيُبعده‪ُ ،‬فهوُ‬
‫لليلةُاملستقبلة( )‪ُ.‬‬

‫ألن الشهر العريب قد يكون ثالثني يوم ًا‪ ،‬وقد يكون تسعة وعرشين يوم ًا‪ ،‬وال‬ ‫( ) َّ‬
‫أن أحد اليومني من شعبان واآلخر من رمضان‪،‬‬ ‫يكون ثامنية وعرشين يوم ًا‪ ،‬فتعني َّ‬
‫فلزم قضاء يوم واحد فقط‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 5‬‬
‫فإَّنم يقضون يومني؛ الحتامل‬
‫( ) أي وإن مل يكونوا عدوا أيام شعبان من رؤية اهلالل‪َّ ،‬‬
‫أن يكون رمضان كامالً‪ ،‬فيكون أكلهم يومني فيقضون يومني‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫‪. 38‬‬
‫(‪ )3‬هذا التفصيل هو قول أيب يوسف ‪ ،‬كام يف تنبيه الغافل ص‪ ،59‬ويف ظاهر‬
‫الرواية عن أيب حنيفة وحممد ‪َّ :‬‬
‫إن ما يرى يف النهار يكون لليلة املستقبلة‪ ،‬فال‬
‫يثبت بام يرى َّنار ًا حكم من صوم إن كان لرمضان‪ ،‬أو فطر إن كان لشوال‪ ،‬عىل‬
‫خص هذه املسألة اإلمام‬
‫‪ ،3‬وقد ي‬ ‫املختار‪ ،‬كام يف الفتح ‪ ،3 3 :‬والتبيني ‪:‬‬
‫اللكنوي برسالة سامها‪ :‬الفلك الدوار يف رؤية اهلالل بالنهار‪ ،‬ومما قال فيها‬
‫ص‪« : 39- 35‬يدل عىل عدم اعتبار الرؤية النهارية قوله ‪ :‬ﭽ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﭼ [ البقرة‪ُ،]482 :‬مع قوله‪ :‬ﭽ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ [اإلسراء‪ُ، ]46 :‬واملراد بآية الليل هي القمر‪ ،‬وبآية النهار‬
‫الشمس واألنوار‪ ،‬فدل ذلك عىل َّ‬
‫أن القمر إنَّام هو آية الليل ال آية النهار‪ ،‬فال عربة‬
‫برؤيته بالنهار…‪ .‬وقد رصح أئمة املذاهب األربعة أ َّنه ال عربة برؤية اهلالل َّنار ًا‪،‬‬
‫وإنَّام املعترب رؤيته لي ً‬
‫ال»‪.‬‬
‫ـ ‪642‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ووقتُُالصومُُمنُُطلوعُُالفجرُُالثاين( )ُُإىلُُغروبُ‬

‫كاذب‪ ،‬تسميه العرب ذنب الرسحان‪ ،‬وهو البياض الذي يبدو يف‬ ‫ٌ‬ ‫( ) فالفجر فجران‪:‬‬
‫السامء طوالً ويعقبه ظالم‪ ،‬والفجر الصادق‪ :‬وهو البياض املنترش يف األفق‪،‬‬
‫فبطلوع الفجر الكاذب ال حيرم األكل عىل الصائم ما مل يطلع الفجر الصادق؛‬
‫لقوله ‪( :‬ال يغرنكم من سحوركم أذان بالل وال بياض األفق املستطيل هكذا‬
‫حتى يستطري هكذا وحكاه محاد بيديه قال‪ :‬يعني معرتض ًا) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،550‬ويف رواية‪( :‬ال يمنعن أذان بالل أحد ًا منكم من سحوره‪ ،‬فإنَّه ينادي أو‬
‫يؤذن لينتبه نائمكم ويرجع قائمكم‪ ،‬قال‪ :‬وليس أن يقول يعني الصبح‪ :‬هكذا‪ ،‬أو‬
‫قال‪ :‬هكذا ولكن حتى يقول‪ :‬هكذا وهكذا‪ ،‬يعني طوالً ولكن هكذا يعني عرض ًا)‬
‫يف صحيح ابن خزيمة ‪ ، 0 :3‬ومعنى اخليط األبيض واألسود ب َّينه رسول اهلل‬
‫‪ ‬يف حديث عدي بن حاتم ‪ ‬قال‪( :‬ملا نزلت‪ :‬ﭽﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ ‪ ،‬قال له عدي بن حاتم‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إّن أجعل حتت‬
‫وساديت عقالني‪ :‬عقاالً أبيض وعقاالً أسود‪ ،‬أعرف الليل من النهار‪ ،‬فقال رسول‬
‫إن وسادتك لعريض‪ ،‬إنَّام هو سواد الليل وبياض النهار) يف صحيح‬ ‫اهلل ‪َّ :‬‬
‫البخاري ‪ ،353 :‬وصحيح مسلم ‪.533 :‬‬
‫وأما حديث‪( :‬إذا سمع أحدكم النداء واإلناء يف يده فال يضعه حتى يقيض حاجته‬
‫منه) يف املستدرك ‪ ،3 0 :‬وسنن أيب داود ‪ ،30 :‬ومسند أمحد ‪َّ ، 0 :‬‬
‫فإن‬
‫كبار احلفاظ رصحوا بعدم صحته بطريقيه‪ ،‬قال احلافظ أبو حاتم الرازي‪« :‬هذان‬
‫احلديثان ليسا بصحيحني‪ ،‬أما حديث عامر‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪ ‬موقوف‪ ،‬وعامر‬
‫ثقة‪ ،‬واحلديث اآلخر ليس بصحيح»‪ ،‬كام يف علل ابن أيب حاتم ‪ :‬؛ ألنَّه يف‬
‫ظاهره خمالف للقرآن يف قوله ‪ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫َّ‬
‫وألن املراد بالنداء نداء بالل‪ ،‬قال العالمة العلقمي‪:‬‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾﭼ [البقرة‪]482 :‬؛‬
‫إن بالالً يؤذن بليل فكلوا‬ ‫«قيل‪ :‬املراد بالنداء أذان بالل األول؛ لقوله ‪َّ ( :‬‬
‫‪ ،‬وبذل‬ ‫وارشبوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)…»‪ ،‬كام يف الرساج الوهاج ‪:‬‬
‫ـ ‪642‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الشمس( )‪ُ.‬‬
‫والصومُ‪ُ:‬هوُالكفُعنُالكلُوالرشبُواجلامعُهنار ًاُمعُالن ّية( )‪ُ.‬‬

‫املجهود ‪ ، 8 :‬قال احلافظ البيقهي ‪ ‬يف سننه الكبري ‪« : 5 :‬وهذا إن‬


‫أن املنادي كان ينادي قبل‬ ‫صح فهو حممول عند عوام أهل العلم عىل أنَّه ‪ ‬علم َّ‬
‫طلوع الفجر بحيث يقع رشبه قبيل طلوع الفجر… ليكون موافق ًا… لقوله ‪:‬‬
‫(ال يمنعن أحد ًا منكم أذان بالل من سحوره‪ ،‬فإنَّام ينادي؛ ليوقظ نائمكم ويرجع‬
‫قائمكم)‪ ،».‬ومتامه يف اجلامع ألحكام الصيام ص‪. - 0‬‬
‫( ) املقصود بالغروب‪ :‬أي احليس‪ ،‬وهو زمان غيبوبة متام محرة الشمس بحيث تظهر‬
‫الظلمة يف جهة الرشق ال احلقيقي؛ ألنَّه ال يمكن حتقيقه إال لألفراد؛ فعن رسول‬
‫اهلل ‪ ( :‬إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد‬
‫أفطر الصائم) يف صحيح البخاري ‪ ،39 :‬قال احلصكفي يف الدر املنتقى ‪:‬‬
‫‪« : 30‬أي إذا وجد الظلمة حس ًا يف جهته فقد دخل وقت الفطر أو صار مفطر ًا»‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ [البقرة‪]482 :‬؛ُإذ جعل الليل غاية الصيام بأن‬
‫يكون إىل بداية الليل‪ ،‬ومل يدخل الصيام يف الليل‪ ،‬كام يف أحكام القرآن للجصاص‬
‫‪ ،3 0 :‬وعن سلمة ‪( :‬كنا نصيل مع النبي ‪ ‬املغرب إذا توارت باحلجاب)‬
‫يف صحيح البخاري ‪ ، 08 :‬قال الزبيدي يف تاج العروس ‪« : 0 :‬احلجاب‬
‫هنا األفق‪ ،‬يريد غابت الشمس يف األفق واسترتت به‪ ،‬ومنه قوله ‪ :‬ﭽﮕ ﮖ‬
‫«سقوط‬ ‫ﮗﭼ [ص‪ .»]26 :‬وقال احلافظ ابن حجر يف فتح الباري ‪:‬‬
‫أن حمله ما إذا كان ال حيول بني‬ ‫قرص الشمس يدخل به وقت املغرب‪ ،‬وال خيفى َّ‬
‫رؤيتها غاربة وبني الرائي حائل»‪ :‬أي من جبل أو عمران أو غريمها‪ ،‬وهذا إنَّام يتم‬
‫يف الصحراء ال يف العمران‪.‬‬
‫( ) قال العيني يف املنحة ‪« : 33 :‬هذا احلدي غري مانع ال خيرج احلائض والنفساء‬
‫كثري من‬
‫والكافر‪ ،‬ولو قال‪ :‬مع النية من أهله خيرج غريه أهله»‪ ،‬وقيد أهله ذكرته ٌ‬
‫الكتب‪ :‬كالوقاية ص ‪ ، 3‬وامللتقى ‪ ، 30 :‬والتنوير ‪.5 -50 :‬‬
‫ـ ‪648‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصلُ‬
‫[يفُبيانُماُيفسدُالصومُوماُالُيفسدهُ‬
‫وماُيوجبُالقضاءُوماُالُيوجبه]ُ‬
‫ومن ُأكل ُأو ُرشب ُأو ُجامع ُناسي ًُا‪ُ ،‬مل ُيفطرُ( )‪ُ ،‬بخالف ُاملكره( )ُ‬
‫واملخطئ( )‪ُ.‬‬

‫والنية‪ :‬هي جزم القلب عىل ما يريد اإلتيان به من الصوم‪ ،‬أو معرفته بقلبه أن‬
‫يصوم‪ ،‬واعترب قيامه للسحور بقصد الصوم نية‪ ،‬ويستحب للصائم أن يتلفظ بنيته؛‬
‫ملا يف التلفظ من االستحضار للنية‪ ،‬وتلفظه هكذا‪ :‬نويت أن أصوم غد ًا‪ ،‬أو هذا‬
‫اليوم إن نوى َّنار ًا هلل ‪ ‬من فرض رمضان‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية العالئية ص‪، 88‬‬
‫والفتاوى اهلندية ‪ ، 98 :‬ورد املحتار ‪.55 :‬‬
‫( ) مطلق ًا سواء كان يف صيام فرض أم نفل؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من أكل‬
‫ناسي ًا وهو صائم فليتم صومه‪ ،‬فإنَّام أطعمه اهلل وسقاه) يف صحيح البخاري‪:3‬‬
‫‪ ، 88‬وصحيح مسلم ‪ ،509 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من أفطر يف شهر‬
‫رمضان ناسي ًا فال قضاء عليه وال كفارة) يف صحيح ابن حبان ‪، 55 :5‬‬
‫واملستدرك ‪ 898 :‬وصححه‪ ،‬وصححه ابن حجر يف بلوغ املرام‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء‬
‫السنن ‪ ، 30 :9‬وغريه‪.‬‬
‫( ) حتى لو أكره الصائم عىل سبب من أسباب الفطر‪ ،‬فإنَّه يفسد صومه وال كفارة‬
‫ألن معنى الركن قد فات؛ لوصول املغذي إىل جوفه بسبب ال يغلب‬ ‫عليه؛ َّ‬
‫َّ‬
‫وألن املقصود من الصوم‬ ‫وجوده‪ ،‬ويمكن التحرز عنه يف اجلملة فال يبقى الصوم؛‬
‫معناه وهو كونه وسيلة إىل الشكر والتقوى وقهر الطبع الباعث عىل الفساد‪ ،‬وال‬
‫حيصل يشء من ذلك إذا وصل الغذاء إىل جوفه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية العالئية ص ‪، 3‬‬
‫وضابط املفطرات ص ‪. 3 - 3‬‬
‫املحل الذي يقصد به اجلناية‪ :‬كاملضمضة ترسي إىل‬‫ي‬ ‫(‪ )3‬وهو أن يقصد بالفعل غري‬
‫احللق‪ ،‬وهو غري مانع لفساد الصوم‪ ،‬والفرق بني صورة اخلطأ والنسيان هنا‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫ـ ‪642‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولو ُأنزل ُباحتالمُ( ) ُأو ُفكر ُأو ُنظرُ( )‪ُ ،‬أو ُأُصبح ُجنب ًا ُمن ُمجاعُ( )‪ُ ،‬أوُ‬
‫ادهنُ( )‪ُ،‬أوُقبلُ( )‪ُ،‬ملُيفطر‪ُ.‬‬

‫وأن النايس غري ذاكر للصوم‪ ،‬وقاصد‬ ‫املخطئ ذاكر للصوم وغري قاصد للرشب‪َّ ،‬‬
‫للرشب‪ ،‬وقد يكون املخطئ غري ذاكر للصوم وغري قاصد للرشب‪ ،‬فهو يف حكم‬
‫النايس هنا‪ .‬ينظر‪:‬رد املحتار ‪ ، :‬والبحر الرائق ‪ ، 9 :‬وغريمها‪.‬‬
‫( ) فعن أيب سعيد اخلدري ‪ ‬قال ‪( :‬ال يفطر من قاء‪ ،‬وال من احتلم‪ ،‬وال من‬
‫احتجم) يف سنن أيب داود ‪ ،5 :‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ، 3 :‬وسنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ، 3 :‬وهو ضعيف‪ .‬ينظر‪ :‬عون املعبود ‪ ،3 :5‬ونصب الراية ‪:‬‬
‫‪ ،3 3‬وعلل الدارقطني ‪50 :‬‬
‫( ) أما إذا أدام النظر والفكر حتى أنزل قصد ًا‪ ،‬فيحرم هذا مع عدم فساد الصوم؛ ألنَّه‬
‫مل يوجد اجلامع صورة وال معنى؛ لعدم االستمتاع بالنساء‪ ،‬فأشبه االحتالم‪،‬‬
‫بخالف املبارشة‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،9 :‬والدر املختار ‪.95 :‬‬
‫(‪ )3‬أو احتالم واستمر عىل جنابته أيام ًا‪ ،‬فال يفسد صومه‪ ،‬وإن حرم هذا؛ لرتكه‬
‫الصالة يف وقتها؛ ملا روي (أنَّه ‪ ‬كان يدركه الفجر يف رمضان من غري حلم‬
‫فيغتسل ويصوم) يف صحيح البخاري ‪ ،35 :‬وصحيح مسلم ‪.550 :‬‬
‫( ) أي إن ادهن‪ ،‬فإنَّه ال يفسد صومه‪ ،‬وال يكره له ذلك‪ ،‬ولو وجد طعم الدهن يف‬
‫ألن األثر يف حلقه دخل من املسام وهي‬ ‫حلقه‪ ،‬سواء كان مطيب ًا أو غري مطيب؛ َّ‬
‫غري معتربة من املنافذ‪ ،‬كام يف تنوير األبصار ورد املحتار ‪ ،95 :‬وبدائع الصنائع‬
‫‪ 03 :‬؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪( :‬كان النبي ‪ ‬يدركه الفجر يف رمضان من‬
‫غري حلم فيغتسل ويصوم) يف صحيح البخاري ‪ ،35 :‬وعن أيب بكر بن عبد‬
‫الرمحن عن بعض أصحاب النبي ‪ ،‬قال‪( :‬لقد رأيت رسول اهلل ‪ ‬بالعرج‬
‫يصب عىل رأسه املاء وهو صائم من العطش أو من احلر)يف سنن أيب داود ‪305 :‬‬
‫واملستدرك ‪ ،895 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 33 :‬ورشح معاّن اآلثار ‪.33 :‬‬
‫(‪ )8‬فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان النبي ‪ ‬يق ِّبل ويبارش‪ ،‬وهو صائم وكان‬
‫ـ ‪660‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولوُأنزلُبقبلةُأوُملسُ‪ُ،‬لزمهُالقضاء( )ُالُغري‪ُ.‬‬
‫وتباحُالقبلةُللصائمُإنُأمنُعىلُنفسه( )‪ُ.‬‬
‫ولوُدخل ُحلقهُذباب ُأوُغبار ُأوُدخان ُوهوُذاكر ُلصومه‪ُ ،‬ملُيفطر( )‪ُ،‬‬
‫بخالفُاملطرُوالثلج( )‪ُ.‬‬
‫ولوُتنخع( )ُوابتلعُماُتنخعُبه‪ُ،‬أوُابتلعُريقهُاملغلوبُبالدم‪ُ،‬ملُيفطر( )‪ُ.‬‬

‫أملككم إلربه) يف صحيح البخاري ‪.350 :‬‬


‫( ) لوجود معنى اجلامع وهو اإلنزال مع املبارشة‪ ،‬وال يلزمه الكفارة؛ لعدم وجود‬
‫اجلامع صورة‪ ،‬فلم تكمل اجلناية‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/5‬ب‪.‬‬
‫( ) أي اجلامع أو اإلنزال‪ ،‬وإن مل يأمن كره له؛ ألنَّه ليس بفطر حقيقة‪ ،‬وربام يصري فطر ًا‬
‫بعاقبته‪ ،‬فاعترب يف األمن عينه‪ ،‬ويف عدم األمن عاقبته‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك‬
‫النبي ‪ ‬عن املبارشة للصائم‬
‫ي‬ ‫ال سأل‬ ‫ق ‪/5‬ب؛ فعن أيب هريرة ‪َّ ( :‬‬
‫إن رج ً‬
‫فرخص له‪ ،‬وأتاه آخر فسأله فنهاه‪ ،‬فإذا الذي رخص له شيخ‪ ،‬والذي َّناه شاب)‬
‫‪ ،3‬قال التهانوي يف إعالء السنن ‪ : 38 :9‬سكت عنه أبو‬ ‫يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫داود واملنذري واحلافظ يف التلخيص‪ ،‬ويف إسناده أبو العنبس احلارث بن عبيد‬
‫سكتوا عنه‪ ،‬وقال يف التقريب‪ :‬مقبول‪ ،‬ويف فتح القدير ‪ : 85 :‬إسناده جيد‪.‬‬
‫ألن الصائم ال جيد بد ًا‬
‫(‪ )3‬ألنَّه ليس بطعام؛ وألنَّه مغلوب فال يستطيع االمتناع عنه؛ َّ‬
‫من أن يفتح فمه‪ ،‬فيتحدث مع الناس‪ ،‬وما ال يمكن التحرز عنه فهو عفو‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫األصل ‪ ،339 :‬واملبسوط ‪ ،93 :3‬والبدائع ‪.90 :‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن املطر والثلج مما يستطاع االمتناع منه بأن يكون حتت السقف؛ وألنَّه مما يتغذى‬
‫به‪ .‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪ ،93 :3‬والبدائع ‪.90 :‬‬
‫(‪ )8‬النخاعة‪ :‬ما ينزل من اخليشوم‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 39 :‬‬
‫(‪ )3‬لعدم االحرتاز عنه‪ ،‬قال العيني يف املنحة ‪« : 39 :‬وقيل‪ :‬يف الريق املغلوب بالدم‬
‫يفطر‪ ،‬وهو األصح»‪.‬‬
‫ـ ‪664‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الُّإذاُأُخرجه( )ُ‬
‫وإنُابتلعُماُبّيُأسنانهُمنُعشائهُدونُمحصة( )‪ُ،‬ملُيُفطرُإ ُ‬
‫ثمُرُده‪ُ،‬وبقدرُاحلمصةُيفطر‪ُ،‬والُك ُّفارةُعليه‪ُ.‬‬
‫ولو ُابتلع ُسمسمة ُلزمته ُالك ُّفارة( ) ُوإن ُمضغها ُمل ُيفطر( ) ُإال ُأن ُجيدُ‬
‫طعمهاُيفُحلقه‪ُ.‬‬
‫ولو ُأكل ُعجين ًا ُأو ُدقيق ًُا‪ُ ،‬أو ُابتلع ُحصا ًة ُأو ُنحوها‪ُ ،‬لزمه ُالقضاء ُالُ‬
‫غري( )‪ُ.‬‬
‫ولوُأكلُُمسك ًاُأوُكافور ًاُأوُزعفران ًاُأوُتراب ًاُمشوي ًاُأوُورقُشجرُيُعتادُ‬
‫أُكلها‪ُ،‬لزمتهُالك ُّفارة( )‪ُ.‬‬

‫( ) ألنَّه قليل ال يمكن االحرتاز عنه‪ ،‬فجعل بمنزلة الريق‪ ،‬ويفسد بام كان قدر‬
‫احلمصة؛ َّ‬
‫ألن بقاءه بني األسنان غري معتاد‪ ،‬فيمكن االحرتاز عنه‪ .‬ينظر‪ :‬رد‬
‫املحتار ‪ ،95 :‬والبدائع ‪.90 :‬‬
‫( ) أي إذا أخرجه بيده ثم أكله يفطر؛ إلمكان االحرتاز عنه‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 39 :‬‬
‫يتغذى به‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/58‬أ‪ ،‬وهو‬‫ألَّنا من جنس ما َّ‬ ‫(‪ )3‬عىل املختار؛ َّ‬
‫قول الصدر الشهيد‪ ،‬وقال فخر اإلسالم البزدوي‪ :‬ال جتب الكفارة؛ ألنَّه ناقص‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 39 :‬‬
‫ألَّنا تتالشى باملضغ يف ريقه‪ ،‬فتأخذ حكم الريق يف عدم إفساد الصوم‪.‬‬
‫( ) َّ‬
‫(‪ )8‬أي بغري كفارة؛ ألنَّه ال يقصد هبام التغذي وال التداوي‪ ،‬فال يفوت معنى الصوم‪،‬‬
‫أما لو اعتاد أكلها فيجب عليه الكفارة‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪.99 :‬‬
‫فألَّنام مما يؤكل عادة ويتداوى به‪ ،‬فكملت‬
‫َّ‬ ‫(‪ )3‬أما املسك والكافور والزعفران؛‬
‫اجلناية فيجب الكفارة‪ ،‬وأما الرتاب فإنَّه يوجب الكفارة إذا كان مشوي ًا أي خمتلط‬
‫بيشء‪ ،‬حتى إذا أكل تراب ًا خالص ًا ال جتب عليه الكفارة؛ ألنَّه مما ال يتغذى به‪ ،‬وال‬
‫يتداوى به عادة‪ ،‬وأما ورق الشجر فكذلك إنَّام جتب الكفارة إذا كان مما يعتاد أكله؛‬
‫ـ ‪666‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولوُمضغُلقم ًةُناسي ًاُفتذكرُفابتلعها‪ُ،‬وجبتُالكفارة( )‪ُ،‬ولوُأخرجهاُُ‬


‫ثمُابتلعها‪ُ،‬ملُجتب‪ُ.‬‬‫ّ‬
‫ثم ُمرض ُأو ُحاضت‪ُ ،‬مل ُجتب ُالكفارة( )‪ُ ،‬ولو ُسافرُ‬ ‫ولو ُأفطر ُعمدًُا ُ ّ‬
‫طائع ًُا‪ُ،‬وجبت( )‪ُ.‬‬
‫محاه‪ُ ،‬وللمرأةُأيض ًا ُيومُعادةُحيضها ُ ً‬
‫بناءُ‬ ‫وللمريضُالفطر ُيومُنوبة( ) ُ ّ‬

‫لكامل اجلناية‪ ،‬وأما إذا كان مما ال يعتاد أكله‪ ،‬ال جتب الكفارة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك‬
‫‪. 50 :‬‬
‫( )ُ َّ‬
‫ألن النفس ال تعاف هذه اللقمة‪ ،‬أما إن كان ابتالع اللقمة بعد إخراج اللقمة من‬
‫حارة بل كانت باردة تستقذرها النفس‪ ،‬ال كفارة عليه‪ ،‬بل‬
‫فمه ومل تكن اللقمة ي‬
‫حارة وكان هو ممن‬
‫القضاء فقط‪ ،‬إن كان هو ممن يعاف مثل هذا‪ ،‬وإن كانت اللقمة ي‬
‫‪ ،‬والدر املختار ورد‬ ‫ال يعاف مثل ذلك‪ ،‬فعليه كفارة أيض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪:3‬‬
‫املحتار ‪ ،99 :‬واهلدية العالئية ص ‪ ، 33- 3‬وبدائع الصنائع ‪، 00 ،98 :‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫أن هذا اليوم مل‬‫ألن اعرتاض املرض واحليض يورث الشبهة يف املايض؛ ألنَّه تبني َّ‬ ‫( ) َّ‬
‫يكن يوم صوم يف حقه‪ ،‬وهو ال يتجزأ وجوب ًا وسقوط ًا‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫ق‪/58‬أ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي إذا أفطر عمد ًا ثم سافر باختياره‪ ،‬وجبت عليه الكفارة؛ ألنَّه بإفطاره عمد ًا‬
‫وجبت الكفارة‪ ،‬ثم مل يظهر ما يرفعها؛ إذ ال تسقط باحليلة‪ ،‬بخالف احليض‬
‫ألَّنا من قبل صاحب احلق ‪ ،‬وقد ذكر يف خالصة الفتاوى‪ :‬إنَّه ال‬ ‫والنفاس؛ َّ‬
‫يسقط عنه الكفارة يف ظاهر الرواية‪ ،‬ويف رواية احلسن عن أيب حنيفة‪ :‬تسقط‪،‬‬
‫وعندمها‪ :‬ال تسقط‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 5 :‬واهلدية ص‪. 9‬‬
‫احلمة يوم ًا وترتكه يوم ًا ـ فإن مل ينو صوم ًا‬
‫ال له محى غبة ـ أي تأخذه ي‬‫أن رج ً‬ ‫( ) أي لو َّ‬
‫حم‪ ،‬فعليه القضاء‪ ،‬وكذلك املرأة إن مل تنو‬ ‫عىل وهم أنَّه يوم احلمى فأفطر فيه وما َّ‬
‫ـ ‪662‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُاحلمىُواحليض‪ُ،‬وجبتُالكفارة‪ُ.‬‬ ‫عىلُالعادة‪ُ،‬فإنُأفطرُفلمُتأت ّ‬
‫وإن ُغلبه ُالقيء‪ُ ،‬مل ُيفطر ُمطلق ًُا( )‪ُ ،‬وإن ُتعمد ُملء ُفيه( )‪ُ ،‬أفطر ُوالُ‬
‫ك ُّفارة‪ُ.‬‬
‫ُدواء‪ُ ،‬أو ُجامع ُعمد ًا ُيف ُأُحد ُالسبيلّي‪ُ،‬‬
‫ًُ‬ ‫ُغذاء‪ُ ،‬أو ُرشُب‬
‫ًُ‬ ‫ومن ُأُكُل‬
‫لزمتهُالك ُّفارة( )‪ُ.‬‬

‫صوم ًا عىل وهم َّأَّنا حتيض اليوم فأكلت ومل حتض‪ ،‬فعليها القضاء؛ بنا ًء عىل‬
‫عادهتا‪ ،‬وأما إن نويا صوم ًا ثم أفطرا عىل وهم أنَّه يوم احلمى واحليض فلم يأت‬
‫احلمى واحليض‪ ،‬وجبت الكفارة‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 9‬‬
‫( ) إال يف صورة واحدة‪ ،‬وهي ما إذا أعاد القيء بصنعه أو قدر محصة منه فأكثر؛ إذ ال‬
‫فرق بني إعادة كله أو بعضه إذا كان أصله ملء الفم‪ ،‬فإنَّه يفسد صومه‪ ،‬وعليه‬
‫القضاء‪ ،‬وهذا باالتفاق؛ لوجود الصنع عند حممد ‪ ،‬ووجود اخلروج عند أيب‬
‫يوسف ‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪.3 3 :‬‬
‫( ) أي إن استقاء عمد ًا ملء فمه‪َّ ،‬‬
‫فإن صومه يفسد؛ ألنَّه أفطر بالقيء‪ ،‬وإن مل يكن‬
‫ملء الفم‪ ،‬فإنَّه ال يفسد أيض ًا عىل قول أيب يوسف ‪‬؛ لعدم اخلروج‪ ،‬كام يف الدر‬
‫‪ ،‬والتبيني ‪ ،3 3 :‬واجلامع ص‪83-88‬؛ فعن أيب هريرة ‪:‬‬ ‫املختار ‪:‬‬
‫« َمن ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء‪ ،‬وإن استقاء فليقض» يف املنتقى ‪:‬‬
‫‪ ، 0‬وصحيح ابن حبان‪ ، 5 :5‬واملستدرك ‪ ،859 :‬وسنن الرتمذي ‪،95 :3‬‬
‫وسنن أيب داود ‪ ،3 0 :‬وسنن ابن ماجة ‪ ،833 :‬وعن ابن عمر ‪ ‬أنَّه كان‬
‫يقول‪« :‬من ذرعه القيء وهو صائم فال يفطر‪ ،‬ومن تقيأ فقد أفطر» يف مصنف ابن‬
‫أيب شيبة ‪ ، 95 :‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬وإن مل ينزل؛ لتحقق كامل الشهوة والرغبة‪ ،‬قال اإلمام الكاساّن يف بدائع الصنائع‬
‫‪« :95-95 :‬وجوب الكفارة يتعلق بإفساد خمصوص‪ :‬وهو اإلفطار الكامل‬
‫بوجود األكل أو الرشب أو اجلامع صورة ومعنى متعمد ًا‪ ،‬من غري عذر مبيح‪ ،‬وال‬
‫مرخص‪ ،‬وال شبهة اإلباحة‪ ،‬ونعني بصورة األكل والرشب ومعنامها‪ :‬إيصال ما‬
‫ـ ‪661‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وال ُكُ ُّفارة ُباجلامع ُفيام ُدون ُالفرج ُولو ُأنزل‪ُ ،‬وال ُكفارة ُعىل ُاملرأة ُلوُ‬
‫كانتُنائمةُأوُجمنون ًةُأوُمكره ًُة( )‪ُ.‬‬
‫ُيفُإفسادُصومُغريُرمضانُأداء( )‪ُ.‬‬
‫ًُ‬ ‫والُك ُّفارة‬
‫ُيفُأذنهُدواء ُأوُدهن ًُا‪ُ ،‬أوُداوىُجائف ًةُ‬
‫ً‬ ‫ومنُاحتقنُ‪ُ ،‬أوُاستعطُ‪ُ ،‬أوُأقطر‬
‫أوُآم ًةُبدواءُُرطبُ( )ُفوصلُإىلُجوفهُأوُدماغه‪ُ،‬لزمهُالقضاءُالُغري( )‪ُ.‬‬ ‫ُّ‬

‫ألن به حيصل قضاء شهوة البطن‬ ‫يقصد به التغذي أو التداوي إىل جوفه من الفم؛ َّ‬
‫ألن كامل‬‫عىل سبيل الكامل‪ ،‬ونعني بصورة اجلامع ومعناه‪ :‬إيالج الفرج يف القبل؛ َّ‬
‫قضاء شهوة الفرج ال حيصل إال به»‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪ ،‬قال‪( :‬جاء رجل إىل النبي‬
‫‪ ،‬فقال‪ :‬هلكت يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬وما أهلكك؟ قال‪ :‬وقعت عىل امرأيت يف‬
‫رمضان‪ ،‬قال‪ :‬هل جتد ما تعتق رقبة؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فهل تستطيع أن تصوم شهرين‬
‫متتابعني؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فهل جتد ما تطعم ستني مسكين ًا؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ثم جلس‬
‫فأيت النبي ‪ ‬بعرق فيه متر‪ ،‬فقال‪ :‬تصدق هبذا‪ ،‬قال‪ :‬أفقر منا فام بني البتيها أهل‬
‫بيت أحوج إليه منا‪ ،‬فضحك النبي ‪ ‬حتى بدت أنيابه‪ ،‬ثم قال‪ :‬اذهب فأطعمه‬
‫أهلك) يف صحيح مسلم ‪ ،55 :‬وصحيح البخاري ‪.35 :‬‬
‫ألن الكفارة تسقط باإلفطار يف رمضان فيام ال يتحقق فيه كامل الشهوة والرغبة‪ ،‬أو‬ ‫( ) َّ‬
‫لشبهة من جهل‪ ،‬أو نسيان‪ ،‬أو نوم‪ ،‬أو جنون‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص ‪.3‬‬
‫ألن الكفارة خمصوصة بإفساد صوم شهر رمضان فحسب؛ ملا له من احلرمة‪ ،‬وأما‬ ‫( ) َّ‬
‫يف إفساد صوم رمضان قضاء‪ ،‬فال جتب الكفارة‪.‬‬
‫الفطر بالرطب عند أيب حنيفة ‪ ‬خالف ًا هلام‪ ،‬واليابس ليس بمفطر اتفاق ًا‪،‬‬‫َ‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫ألن‬
‫أن اليابس وصل إىل‬ ‫أن العربة للوصول حتى إذا علم َّ‬ ‫ولك ِّن أكثر املشايخ عىل َّ‬
‫أن الرطب مل يصل ال يفسد صومه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬ ‫جوفه فسد صومه‪ ،‬وإن علم َّ‬
‫السلوك ‪. 53 :‬‬
‫ألن هذه من املنافذ املعتربة‪ ،‬فاالحتقان يكون يف الدبر‪ ،‬وهو من املنافذ املعتربة‪،‬‬ ‫( ) َّ‬
‫واالستعطاء يكون يف األنف‪ ،‬وهو من املنافذ املعتربة‪ ،‬واالدهان والدواء يكون يف‬
‫ـ ‪661‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُيفُأذنهُماء( )ُُأوُيفُذكرهُدهن ًُا‪ُ،‬ملُيفطر( )‪ُ.‬‬


‫ًُ‬ ‫وإنُأقطر‬
‫ومن ُذاق ُشيئ ًا ُوجمه( )‪ُ ،‬مل ُيفطر‪ُ ،‬ويكره ّ ُ‬
‫ُللصائم ُالذوق( ) ُإال ُحالةُ‬
‫الرشاء‪ُ.‬‬
‫ويُكرهُللمرأةُُمضغُُالطعامُلولدهاُبغريُرضورة( )‪ُ.‬‬

‫اجلائفة واآلمة‪ ،‬ومها من املنافذ املعتربة؛ َّ‬


‫ألن اجلائفة هي اجلراحة التي يف البطن‪،‬‬
‫واآلمة هي اجلراحة التي يف الرأس‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‪ ، 5- 5‬والبدائع ‪.93 :‬‬
‫( ) ألنَّه ليس فيه صالح البدن‪ ،‬وهذا اختيار صاحب اهلداية والتبيني‪ ،‬وصححه يف‬
‫املحيط‪ ،‬ويف الولواجلية‪ :‬إنَّه املختار‪ ،‬فإنَّه إن مل يكن فيه صالح للبدن اشرتطوا فيه‬
‫وفصل قايض خان إىل أنَّه إن دخل ال يفسد وإن أدخله يفسد يف‬ ‫َّ‬ ‫االبتالع‪،‬‬
‫الصحيح؛ ألنَّه وصل إىل اجلوف بفعله‪ ،‬فال يعترب فيه صالح البدن‪ ،‬ومثله يف‬
‫البزازية‪ ،‬واستظهره يف الفتح والربهان‪ ،‬قال ابن عابدين‪ :‬واحلاصل االتفاق عىل‬
‫الفطر بصب الدهن وعىل عدمه بدخول املاء‪ ،‬واختالف التصحيح يف إدخاله‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬ضابط املفطرات ص‪. 08‬‬
‫( ) وإن وصل إىل املثانة؛ ألنَّه ال منفذ منها إىل اجلوف‪ ،‬بخالف قبل املرأة‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫اجلامع ص‪. 5‬‬
‫(‪ )3‬أي بصقه ورماه من فيه‪ ،‬فال يفطر؛ لعدم الفطر صورة ومعنى‪ ،‬كام يف اهلدية‬
‫ص ‪ ، 8‬ورشح ابن ملك ق‪/53‬أ‪.‬‬
‫( ) ملا فيه من تعريض صومه للفساد إال حالة الرشاء‪ ،‬فإنَّه ال يكره ملا فيه من احلاجة إىل‬
‫معرفة اجليد من الرديء‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/53‬أ‪ ،‬وأيض ًا للمرأة إذا كان‬
‫زوجها يسء اخللق‪ ،‬كام يف الوقاية ص‪ ، 39‬ودرر احلكام ‪ ، 05 :‬وبدائع‬
‫الصنائع ‪ ، 03 :‬وروي عن ابن عباس ‪« :‬ال بأس أن يتطعم القدر أو اليشء»‬
‫يف صحيح البخاري ‪ 35 :‬معلق ًا‪ ،‬وينظر‪ :‬فتح الباري ‪ ، 8 :‬وتغليق التعليق‬
‫‪. 8 :‬‬
‫(‪ )8‬بأن ال جتد طبيخ ًا وال حليب ًا‪ ،‬إذ ال بد هلا منها خوف هالك الولد‪ ،‬وإال يكره‪ ،‬فال‬
‫يؤمن أن يصل يشء منه إىل جوفها‪ .‬ينظر‪ :‬درر احلكام ‪ ، 05 :‬واجلامع ص ‪.5‬‬
‫ـ ‪662‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومضغ ُالعلكُمكروه ُللصائم( )‪ُ،‬وقيل‪ُ :‬مفسد ُإنُكانُمتفتت ًا ُأوُأسودًُا‪ُ.‬‬


‫والُيكرهُللمرأةُاملفطرة‪ُ،‬ويفُالرجلُخالف( )‪ُُ.‬‬
‫ويباح ُللصائم ُالكحل ُولو ُوُجُدُ ُطعمه ُيف ُحلقه( )‪ُ ،‬ودهنُ ُالشُاربُ‬

‫( ) أي األبيض املمضوغ امللتئم؛ ألنَّه ال يأمن أن ينفصل يشء منه فيدخل حلقه‪ ،‬فكان‬
‫املضغ تعريض ًا لصومه للفساد‪ ،‬فيكره؛ وألنَّه يتهم باإلفطار ممن رآه من بعيد آكالً‪،‬‬
‫وأما إذا مل يكن أسود ًا أو غري ممضوغ وملتئم‪ ،‬فإنَّه يفطره؛ ألنَّه يتفتت فيصل يشء‬
‫منه إىل جوفه ظاهر ًا أو غالب ًا‪ .‬ينظر‪ :‬درر احلكام ‪ ، 05 :‬وبدائع الصنائع ‪:‬‬
‫‪ ، 03‬واهلدية العالئية ص ‪. 5‬‬
‫( ) قال املرغيناّن يف اهلداية ‪« :3 8 :‬ال يكره للمرأة إذا مل تكن صائمة؛ لقيامه مقام‬
‫السواك يف حقهن‪ ،‬ويكره للرجال عىل ما قيل‪ :‬إذا مل يكن من علة‪ ،‬وقيل‪ :‬ال‬
‫يستحب؛ ملا فيه من التشبه بالنساء»‪ .‬قال الكامل يف فتح القدير ‪ :3 8 :‬أي وال‬
‫يكره فهو مباح بخالف النساء‪ ،‬فإنَّه يستحب هلن; ألنَّه سواكهن‪ ،‬ثم قال‪ :‬واألوىل‬
‫الكراهة للرجال إال حلاجة‪ ،‬اهـ‪ ،‬ويف املعراج‪ :‬كره للرجال إال يف اخللوة بعذر‪ ،‬كذا‬
‫ذكره البزدوي واملحبويب‪ .‬ينظر‪ :‬الرشنباللية ‪ ، 05 :‬وغريها‪.‬‬
‫األثر املوجود يف حلقه داخل من املسام الذي هو خلل البدن‪ ،‬واملفطر إنَّام هو‬ ‫ألن َ‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫وألن املنفذ من العني إىل األنف لصغره وخفائه ملحق باملسام‪،‬‬‫َّ‬ ‫الداخل من املنافذ؛‬
‫فيكون ما يصل إىل احللق معفو ًا عنه‪ :‬كالغبار والدخان يدخل حلقه؛ فعن أنس بن‬
‫مالك ‪ ‬قال‪( :‬جاء رجل إىل النبي ‪ ،‬فقال‪ :‬اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم‪،‬‬
‫قال‪ :‬نعم) يف جامع الرتمذي ‪ ، 08 :3‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬ربام‬
‫يكتحل النبي ‪ ‬وهو صائم) يف سنن البيهقي الكبري ‪ ، 3 :‬وعن أيب رافع ‪،‬‬
‫إن النبي ‪ ‬كان يكتحل باإلثمد وهو صائم) يف سنن البيهقي الكبري ‪:‬‬ ‫قال‪َّ ( :‬‬
‫‪ ، 3‬والكامل ‪ ، 5 :‬واملجروحني ‪ ، 80 :‬وعن أنس ‪« :‬أنَّه كان يكتحل‬
‫وهو صائم» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،30 :‬قال ابن حجر يف الدراية ‪: 5 :‬‬
‫إسناده حسن‪ .‬وعن األعمش ‪ ‬قال‪« :‬ما رأيت أحد ًا من أصحابنا يكره الكحل‬
‫للصائم» يف سنن أيب داود ‪ ،3 0 :‬قال اإلمام ابن اهلامم ‪ ‬يف فتح القدير ‪:‬‬
‫ـ ‪662‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واحلاجبُإذاُقُصُدُهبامُغريُال ُّزينة‪ُ،‬وكذاُللمفطر( )‪ُ.‬‬


‫ُللصائم ُبمسواك ُرطبُ( ) ُأو ُيابس‪ُ ،‬وال ُالفصدُ‬
‫ُالسواك ّ ُ‬ ‫وال ُيكره ّ ُ‬

‫‪ 3 3‬بعد رسد هذه األحاديث‪« :‬فهذه عدة طرق إن مل حيتج بواحد منها فاملجموع‬
‫حيتج به؛ لتعدد الطرق»‪.‬‬
‫( ) قال املرغيناّن يف اهلداية ‪« :3 5 :‬وال بأس باالكحتال للرجال إذا قصد به‬
‫التداوي دون الزينة‪ ،‬ويستحسن دهن الشارب إذا مل يكن من قصده الزينة؛ ألنَّه‬
‫يعمل عمل اخلضاب‪ ،‬وال يفعل لتطويل اللحية إذا كانت بقدر املسنون‪ ،‬وهو‬
‫القبضة»‪ ،‬وقال ابن اهلامم يف فتح القدير ‪« :3 5 :‬يف الكايف يستحب دهن شعر‬
‫الوجه إذا مل يكن من قصده الزينة‪ ،‬به وردت السنة‪ ،‬فقيد بانتفاء هذا القصد‪ ،‬فكأنَّه‬
‫واهلل أعلم؛ ألنَّه تربج بالزينة؛ فعن ابن مسعود ‪( :‬كان النبي ‪ ‬يكره عرش‬
‫خصال‪ ،‬وذكر منها التربج بالزينة لغري حملها) يف سنن أيب داود ‪ ، 59 :‬واملجتبى‬
‫‪ ،‬ومسند أمحد ‪ ،350 :‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 93 :‬واملستدرك ‪:‬‬ ‫‪:5‬‬
‫أن أبا قتادة األنصاري ‪ ‬قال لرسول اهلل‬ ‫‪ ، 3‬وصححه‪ ،‬وعن حييى بن سعيد َّ‬
‫أفأرج ُلها؟ فقال رسول اهلل ‪ :‬نعم وأكرمها‪ ،‬فكان أبو قتادة ر يبام‬
‫ِّ‬ ‫مج ًة‬ ‫‪َّ ( :‬‬
‫إن يل َ َّ‬
‫مرتني ملا قال له رسول اهلل ‪ ‬وأكرمها) يف املوطأ ‪ ،9 9 :‬واجلمة‪:‬‬ ‫دهنها يف اليوم َّ‬
‫شعر الرأس إذا بلغ املنكبني‪ ،‬فإنَّام هو مبالغ ًة من أيب قتادة ‪ ‬يف قصد االمتثال ألمر‬
‫ألن اجلامل واإلكرام‬‫رسول اهلل ‪ ،‬ال حلظ النفس الطالبة للزينة الظاهرة؛ وذلك َّ‬
‫املطلوب يتحقق مع دون هذا املقدار‪ ،...‬هذا وال تالزم بني قصد اجلامل وقصد‬
‫األول لدفع الشني وإقامة ما به من الوقار وإظهار النعمة شكر ًا ال‬ ‫الزينة‪ ،‬فالقصدُ ي‬
‫فخر ًا‪ ،‬وهو أثر أدب النفس وشهامتها‪ ،‬والثاّن أثر ضعفها‪ ،‬وقالوا‪ :‬باخلضاب‬
‫وردت السنة‪ ،‬ومل يكن لقصد الزينة ثم بعد ذلك إن حصلت زينة فقد حصلت يف‬
‫يرضه إذا مل يكن ملتفت ًا إليه»‪ .‬وهذا حتقيق لطيف يف‬
‫ضمن قصده املطلوب‪ ،‬فال ُّ‬
‫جتمل الرجال املباح هلم‪ ،‬وتز ُّين النساء املنهي عنه للرجال‪ ،‬والناس عنه‬ ‫املفارقة بني ُّ‬
‫غافلون‪.‬‬
‫( ) وإن كان مبلوالً باملاء؛ ألنَّه ليس فيه من املاء قدر ما يبقى يف الفم من البلل بعد‬
‫ـ ‪668‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫واحلجامة( )‪ُ.‬‬

‫املضمضة‪ ،‬ولكن استحب بعضهم البصاق بعد املضمضة ولو مرة‪ ،‬وقال أبو‬
‫يوسف ‪ :‬يكره إن كان مبلوالً‪ ،‬ويسن أول النهار وآخره للصائم؛ لعموم‬
‫النبي ‪ ‬ما ال‬
‫ي‬ ‫النصوص الواردة يف ذلك؛ فعن عامر بن ربيعة ‪ ‬قال‪( :‬رأيت‬
‫يتسوك وهو صائم) يف جامع الرتمذي ‪ ، 0 :3‬وحسنه‪ ،‬وعن عائشة‬ ‫ي‬ ‫أحيص‬
‫ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪( :‬من خري خصال الصائم السواك) يف سنن ابن ماجة ‪:‬‬
‫‪ ،833‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 5 :‬وعن عبد الرمحن بن غنم ‪ ‬قال‪( :‬سألت‬
‫معاذ بن جبل ‪ ‬أتتسوك وأنت صائم؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬أي النهار أتسوك؟ قال‪:‬‬
‫أي النهار شئت‪ ،‬إن شئت غدوة‪ ،‬وإن شئت عشية‪ ،‬قلت‪َّ :‬‬
‫فإن الناس يكرهونه‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬قال‪( :‬خللوف فم الصائم أطيب‬ ‫عشية‪ ،‬قال‪ :‬ومل؟ قلت‪ :‬يقولون‪َّ :‬‬
‫من ريح املسك)‪ ،‬فقال‪ :‬سبحان اهلل‪ ،‬لقد َأمرهم رسول اهلل ‪ ‬بالسواك حني‬
‫َأمرهم‪ ،‬وهو يعلم أنَّه ال ُبدي أن يكون بفم الصائم خلوف وإن استاك‪ ،‬وما كان‬
‫بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمد ًا‪ ،‬ما يف ذلك من اخلري يشء‪ ،‬بل فيه رش) يف‬
‫املعجم الكبري ‪ ،50 : 0‬قال ابن حجر يف تلخيص احلبري ‪ : 0 :‬إسناده جيد‪.‬‬
‫إن رسول‬‫( ) فال يكره الفصد واحلجامة إن مل يضعف الصائم؛ فعن ابن عباس ‪َّ ( :‬‬
‫اهلل ‪ ‬احتجم وهو صائم) يف صحيح ابن حبان ‪ ،300 :5‬وجامع الرتمذي ‪:3‬‬
‫إن النبي ‪ ‬احتجم وهو حمرم‪ ،‬واحتجم وهو صائم) يف صحيح‬ ‫‪ ، 5‬ويف لفظ‪َّ ( :‬‬
‫إن النبي ‪ ‬احتجم وهو صائم) يف السنن‬ ‫البخاري ‪ ،358 :‬وعن جابر ‪َّ ( :‬‬
‫الكربى ‪. 33 :‬‬
‫وأما حديث (أفطر احلاجم واملحجوم) يف صحيح البخاري ‪ ،358 :‬فقد قيل‪:‬‬
‫إنَّه كان ذلك يف االبتداء ثم رخص بعد ذلك‪ ،‬وأيض ًا‪ :‬أنَّه ليس يف احلديث إثبات‬
‫الفطر باحلجامة‪ ،‬فيحتمل أنَّه كان منهام ما يوجب الفطر‪ ،‬وهو ذهاب ثواب الصوم‬
‫وألن احلجامة ليست إال إخراج يشء من الدم والفطر مما يدخل‬ ‫َّ‬ ‫كالغيبة؛‬
‫والوضوء مما خيرج‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ، 05 :‬واجلامع ص‪.50‬‬
‫ـ ‪662‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصلُ‬
‫[يفُبيانُالعوارض]ُ‬
‫واملريضُإذاُخافُ( )ُشدةُمرضهُأوُتأخرُبرئه‪ُ،‬أفطرُوقىض( )‪ُ.‬‬
‫وللمسافر ُالفطرُمطلق ًا‪ُ،‬وصومهُأُفضلُإنُملُتنلهُمشقة( )‪ُ،‬فإنُماتاُيفُ‬
‫املرضُوالسُفر‪ُ ،‬فالُقضاءُعليهام( )‪ُ،‬وإنُصُح ُاملريض ُوأقام ُاملسافر ُثمُماتا‪ُ،‬‬
‫وجبُاإليصاءُبقدرُماُأدركا( )‪ُ.‬‬
‫وقضاء ُرمضانُإنُشاء ُفرقهُوإنُشاء ُتابعه‪ُ،‬والتتابعُأفضل‪ُ،‬والُفديةُ‬

‫( ) واخلوف املعترب إلباحة الفطر‪ :‬ما كان بغلبة الظن بأمارة أو جتربة‪ ،‬ولو كانت من‬
‫غري املريض عند احتاد املرض‪ ،‬أو بإخبار طبيب حاذق مسلم مستور‪ :‬أي جمهول‬
‫احلال مل يظهر له فسق وال عدالة‪ .‬ينظر‪ :‬فتح القدير ‪. 83 :‬‬
‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ [البقرة‪،]481 :‬‬
‫وأيض ًا يرخص الفطر للصحيح الذي خيشى أن يمرض بالصوم‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني‬
‫احلقائق ‪.333 :‬‬
‫(‪ )3‬وهذا سواء كان السفر سفر طاعة أو مباح ًا أو معصية؛ لعموم النصوص‪ ،‬إال َّ‬
‫أن‬
‫الصوم يف السفر أفضل من اإلفطار إذا مل جيهده الصوم ومل يضعفه‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من‬
‫أفطر فرخصة‪ ،‬و َمن صام فالصوم أفضل) يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 50 :‬وقال‬
‫الضياء املقديس يف األحاديث املختارة ‪ : 9 :3‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫ألَّنام مل يدركا عدي ة من أيام أخر‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 83‬‬
‫( ) َّ‬
‫(‪ )8‬إذ يلزمهم القضاء بقدر صحة املريض وإقامة املسافر‪ ،‬وإذا أوىص يؤدي الويص‬
‫من ثلث ماله لكل يوم مسكين ًا بقدر ما جيب يف صدقة الفطر‪ ،‬وإن مل يوص وتربع‬
‫ا لورثة جاز‪ ،‬وإن مل يتربعوا ال يلزمهم األداء‪ ،‬بل يسقط يف حكم الدنيا‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫منحة السلوك ‪. 55 :‬‬
‫ـ ‪620‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫بتأخريهُعنُرمضانُثان( )‪ُ.‬‬
‫وللحامل ُواملرضع ُاإلفطار؛ ُخوف ًا ُعىل ُولدمها ُأو ُنفسهام‪ُ ،‬وال ُفديةُ‬
‫عليهام( )‪ُ.‬‬
‫والشيخُالعاجزُعنُالصومُيُفُطُرُويُفُدي( )ُعنُكلُيومُنصفُصاعُمنُ‬
‫ب ٍّرُأوُصاع ًاُمنُمترُُأوُشعري‪ُ،‬فإنُقدُرُعىلُالصومُبعدُالفديةُقىض( )‪ُ.‬‬

‫( ) فالتتابع أفضل؛ ملا فيه من املسارعة إىل أداء ما فات من الواجب؛ وهلذا يستحب له‬
‫أن ال يؤخر بعد القدرة عليه‪ ،‬وال تلزمه الفدية بالتأخري؛ لعدم تقييد وجوب‬
‫القضاء بمدة معينة‪ :‬ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﭼ [البقرة‪ ،]481 :‬فالتوقيت زيادة عىل‬
‫النص‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/55‬ب‪ ،‬واهلدية ص‪. 83‬‬
‫إن اهلل عز وجل وضع عن املسافر شطر‬‫( ) وإنَّام القضاء فقط؛ فعن أنس ‪ ،‬قال‪َّ ( :‬‬
‫الصالة‪ ،‬وعن املسافر واحلامل واملرضع الصوم) يف سنن ابن ماجة ‪،833 :‬‬
‫ومسند أمحد ‪ ،35 :‬وحسنه األرنؤوط‪ ،‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 3 :‬وسنن‬
‫‪ ،‬ومسند ابن‬ ‫النسائي ‪ ، 03 :‬واملجتبى ‪ ، 50 :‬ورشح معاّن اآلثار ‪:‬‬
‫اجلعد ‪ ، 58 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪َّ )3‬‬
‫ألن الصوم ملا فاته مست احلاجة إىل اجلابر‪ ،‬وتعذر جربه بالصوم فيجرب بالفدية‪،‬‬
‫وجتعل الفدية مثالً للصوم رشع ًا يف هذه احلالة؛ للرضورة كالقيمة يف ضامن‬
‫املتلفات‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﭼ [البقرة‪،]481 :‬‬
‫وهي عىل إضامر حرف (ال) يف اآلية أو عىل إضامر‪ :‬كانوا؛ أي وعىل الذين كانوا‬
‫يطيقونه‪ :‬أي الصوم‪ ،‬ثم عجزوا عنه فدية طعام مسكني‪ ،‬وعن عطاء‪« :‬سمع ابن‬
‫عباس ‪ ‬يقرأ‪ :‬ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﭼ قال ابن عباس ‪:‬‬
‫ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبري واملرأة الكبرية ال يستطيعان أن يصوما فيطعامن‬
‫مكان كل يوم مسكين ًا» يف صحيح البخاري ‪ُ. 335 :‬‬
‫ألن رشط كون الفدية خلف ًا عن الصوم يف حقه دوام العجز‪ ،‬فلام قدر عىل الصوم‬
‫( ) َّ‬
‫ـ ‪624‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وُمنُأُوىصُبقضاءُرُمُضانُأُطعمُعنهُوُليه‪ُ،‬وإنُملُيُوصُالُجيب( )‪ُ.‬‬
‫والصُالة ُكالصُوم( )‪ُ ،‬وكل ُصالة ُكصوم ُيوم( )‪ُ ،‬وال ُيصم ُعنه ُوليه ُوالُ‬
‫ُّ‬
‫يصل( )‪ُ.‬‬

‫انتفى رشط اخلليفة‪ ،‬ومثل هذا مل يفعل يف التيمم؛ لئال يلزم احلرج بتضاعف‬
‫الصالة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 59 :‬‬
‫( ) هذا اإليصاء للعاجز واجب‪ ،‬ويلزم ورثته إخراجه من الثلث كام سبق‪ ،‬وإن مل‬
‫يوص ال يلزمهم‪ ،‬وإن تربعوا جاز‪ ،‬عن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬من مات وعليه‬
‫صيام فليطعم عنه عن ي‬
‫كل يوم مسكني) يف جامع الرتمذي ‪ ،93 :3‬وصحح وقفه‪،‬‬
‫ويف سنن ابن ماجه ‪ ،885 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪. 8 :‬‬
‫( ) أي يف وجوب اإليصاء وجواز إطعام الويل عنه تربع ًا‪ ،‬وهذا استحسان‪ ،‬والقياس‬
‫ألن ما ثبت بخالف القياس فغريه ال يقاس عليه‪،‬‬ ‫أن ال جتوز الفدية عن الصالة؛ َّ‬
‫وجه االستحسان َّ‬
‫أن ك ً‬
‫ال منهام عبادة بدنية ال تعلق لوجوهبا وال ألدائها باملال‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ، 88‬واملنحة ‪. 59 :‬‬
‫(‪ )3‬أي يؤدي يف كل صالة مثل ما يؤدي عن صوم يوم عىل الصحيح‪ ،‬وعن حممد بن‬
‫ألَّنا كصيام يوم‪ ،‬ثم رجع إىل ما‬
‫مقاتل‪ :‬فدية صالة يوم واحد كفدية صوم يوم؛ َّ‬
‫ألن كل صالة فرض عىل حدة فكانت كصوم يوم‪ .‬ينظر‪ :‬فتح‬ ‫يف الكتاب؛ َّ‬
‫القدير ‪،330 :‬واهلداية ‪.330 :‬‬
‫إن أمي ماتت‬ ‫إن امرأة أتت رسول اهلل ‪ ،‬فقالت‪َّ :‬‬ ‫( ) أ يما حديث ابن عباس ‪َّ ( :‬‬
‫وعليها صوم شهر‪ ،‬فقال‪ :‬أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قال‪ :‬فدين اهلل أحق بالقضاء) يف صحيح مسلم ‪ ،50 :‬وحديث عائشة ريض‬
‫اهلل عنها قال ‪َ ( :‬من مات وعليه صيام صام عنه وليه) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫‪ ،390‬فهو منسوخ؛ لالتفاق عىل رصف األول عن ظاهره‪ ،‬فإنَّه ال يصح يف‬
‫الصالة الدين؛ ملا روي عن ابن عباس ‪ ‬وهو راوي احلديث األول‪ ،‬قال‪« :‬ال‬
‫يصيل أحد عن أحد وال يصوم أحد عن أحد» يف سنن النسائي ‪ ، 58 :‬وإسناده‬
‫ـ ‪626‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وُمن ُأسلمُ‪ُ ،‬أو ُبلغُ‪ُ ،‬أو ُطُهُرُ‪ُ ،‬أو ُأُفاقُ‪ُ ،‬أو ُقدم ُمن ُسفرُ‪ُ ،‬أو ُبرئ ُمنُ‬
‫ُخطأ ُأوُعمدًُا‪ُ ،‬أمسكُ ُبقية ُيومهُتشبه ًُا( )‪ُ،‬بخالفُاحلائضُ‬ ‫ً‬ ‫مرضُ‪ُ ،‬أوُأفطر‬

‫صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن‪ ، 88 :9‬وعن ابن عباس ‪« :‬ال يصوم أحد عن‬
‫أحد ويطعم عنه» يف سنن البيهقي الكبري ‪ ، 83 :‬وفتوى الراوي عىل خالف‬
‫مرويه بمنزلة روايته للناسخ‪ ،‬ونسخ احلكم يدل عىل إخراج املناط عن االعتبار؛‬
‫بأن من رشط القياس أن ال يكون حكم األصل منسوخ ًا؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ولذا رصحوا َّ‬
‫التعدية باجلامع‪ ،‬ونسخ احلكم يستلزم إبطال اعتباره؛ إذ لو كان معترب ًا الستمر‬
‫ترتيب احلكم عىل وفقه‪ ،‬وكذلك روي عن ابن عمر ‪ ‬أنَّه «كان إذا سئل عن‬
‫الرجل يموت وعليه صوم من رمضان أو نذر يقول‪ :‬ال يصوم أحد عن أحد‪،‬‬
‫ولكن تصدقوا عنه من ماله للصوم لكل يوم مسكين ًا» يف سنن البيهقي الكبري ‪:‬‬
‫‪ ، 83‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ،3 :9‬واملوطأ ‪ ،303 :‬وغريها‪ ،‬ورجاله رجال‬
‫الصحيح إال عبد اهلل‪ ،‬فإنَّه من رجال مسلم واألربعة وهو خمتلف فيه‪ ،‬كام يف إعالء‬
‫إن أمي‬ ‫السنن ‪ ، 88 :‬وعن عمرة بنت عبد الرمحن قلت لعائشة ريض اهلل عنها‪َّ « :‬‬
‫توفيت وعليها صيام رمضان أيصلح أن أقيض عنها؟ فقالت ‪ :‬ال‪ ،‬ولكن تصدقي‬
‫عنها مكان كل يوم عىل مسكني خري من صيامك»‪ ،‬رواه الطحاوي‪ ،‬وسنده‬
‫صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ 88 :9‬عن اجلوهر النقي ‪ ، 0 :‬وذكر مالك ‪‬‬
‫أن‬‫بالغ ًا‪« :‬ومل أسمع عن أحد من الصحابة ‪ ‬وال من التابعني ‪ ‬وال باملدينة َّ‬
‫أحد ًا منهم أمر أحد ًا أن يصوم عن أحد وال يصيل عن أحد»‪ ،‬كام يف نصب الراية‬
‫‪ ،30 :3‬قال ابن اهلامم يف فتح القدير ‪« :389 :‬وهذا مما يؤيد النسخ‪ ،‬وأنَّه األمر‬
‫الذي استقر الرشع عليه آخر ًا»‪.‬‬
‫( ) أي بالصائمني لكل من كان له عذر مانع من الوجوب عن صوم رمضان يف أول‬
‫النهار ثم زال عذره وصار بحال لو كان أول النهار لوجب عليه الصوم‪ ،‬وال يباح‬
‫ألن زمان رمضان وقت رشيف فيجب تعظيم هذا الوقت بالقدر‬ ‫له الفطر؛ َّ‬
‫املمكن‪ ،‬فإذا عجز عن تعظيمه بتحقيق الصوم فيه جيب تعظيمه بالتشبه‬
‫ال للتشبه‪ ،‬ونفي ًا لتعريض نفسه‬ ‫بالصائمني؛ قضاء حلقه بالقدر املمكن إذا كان أه ً‬
‫ـ ‪622‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والنُفساءُيفُخاللُالصوم( )‪ُ،‬ولوُأكلُفالُقضاءُعليهُلرتكُالتشبه( )‪ُ.‬‬


‫وُمنُسافر ُبعدُالفجر( )‪ُ ،‬أوُنوىُالفطر ُثم ُقدمُ‪ُ ،‬أوُصح ُمنُمرضهُقبلُ‬
‫الزوال‪ُ،‬لزمهُالصوم‪ُ،‬ولوُأفطر‪ُ،‬فالُكفارةُعليه( )‪ُ.‬‬
‫وإذا ُعلم ُاملسافر ُأنُه ُيدخل ُيف ُيومه ُمرصه ُأو ُموضع ُإقامته‪ُ ،‬كره ُلهُ‬
‫الفطر( )‪ُ.‬‬
‫ومنُأغمي ُ ُعليه ُ‪ُ ،‬أوُجن ُ ُيفُ ُرمضان ُ‪ُ ،‬قىض ُ ُماُ ُبعدُ ُيومُاإلغامءُُ‬
‫خاصة( )‪ُُُُ،‬واجلنونُُُُُاملستوعبُُُُمسقطُُُُُللقضاء( )ُُُُُُُبخالفُ‬
‫واجلنونُُُُ ّ‬

‫للتهمة‪ ،‬كام يف البدائع ‪ 03 :‬؛ فعن سلمة بن األكوع ‪ ،‬قال‪( :‬أمر النبي ‪‬‬
‫أن َمن كان أكل فليصم بقية يومه‪ ،‬و َمن مل يكن‬ ‫ال من أسلم أن أذن يف الناس َّ‬ ‫رج ً‬
‫فإن اليوم يوم عاشوراء) يف صحيح البخاري ‪ ،508 :‬وعاشوراء‬ ‫أكل فليصم‪َّ ،‬‬
‫كان واجب الصيام قبل فرض رمضان‪.‬‬
‫إن احلائض والنفساء ال يلزمها اإلمساك يف حيضها ونفاسها يف رمضان؛‬ ‫( ) أي َّ‬
‫لتحقق املانع من التشبه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 88‬‬
‫( ) أي لو أكل من أسلم أو بلغ ‪ ...‬فإنَّه حيرم عليه وال جيب عليه القضاء؛ النعدام‬
‫أهليتهام يف أول النهار‪ ،‬وعن أيب يوسف ‪ :‬أنَّه إذا زال الكفر والصبى بالبلوغ‬
‫ألَّنام أدركا وقت النية‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 88‬‬‫قبل الزوال فعليهام القضاء؛ َّ‬
‫ألن السفر ال يبيح فطر اليوم الذي طلع فجره عليه وهو يف بلده‪.‬‬ ‫(‪ )3‬فيلزمه الصيام؛ َّ‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية العالئية ص‪. 58‬‬
‫( ) لقيام شبهة املبيح‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/55‬ب‪.‬‬
‫(‪ )8‬ألنَّه اجتمع حكم اإلقامة والسفر يف هذا اليوم فيرتجح جهة اإلقامة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح‬
‫ابن ملك ق‪/59‬أ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ال يقيض اليوم الذي حدث فيه اإلغامء واجلنون؛ لوجود الصوم فيه‪ ،‬وهو‬
‫اإلمساك املقرون بالنية‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 83‬‬
‫ألن سبب وجوب صوم رمضان هو شهود جزء من الشهر‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮥ ﮦ‬ ‫(‪َّ )5‬‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ [البقرة‪ ،]481 :‬فمن ج َّن الشهر كام ً‬
‫ال مل يشهده بأهليته فيسقط‬
‫ـ ‪621‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ُاإلغامء( )‪ُ،‬وبخالفُاجلنونُغريُاملستوعب‪ُ.‬‬
‫ومنُملُينوُيفُرمضانُصوم ًاُوالُفطرًُا‪ُ،‬لزمهُالقضاء( )‪ُ.‬‬
‫ومنُأُصبحُغريُناوُللصومُأوُنُوُىُقبلُالزوالُفأكلُفالُك ُّفارةُعليه( )‪ُ.‬‬
‫وتقيضُبخالفُالصالة( )‪ُ.‬‬
‫ُّ‬ ‫واحلائضُُوالنفساءُُتفطرُُ‬
‫ومنُظن ُبقاء ُالليلُفتسحر ُأوُغروبُالشمسُفأفطر ُوبان ُخطؤهُلزمهُ‬
‫القضاءُوالتش ّبهُالُغري‪ُ.‬‬
‫ولو ُشك ُيف ُطلوع ُالفجر ُفالفضل ُأن ُال ُيفطر ُولو ُأفطر ُفال ُقضاءُ‬
‫عليه( )‪ُ.‬‬

‫بعض الشهر ولو ساعة قىض ما مىض من رمضان يف ظاهر الرواية‪.‬‬ ‫عنه‪ ،‬وإن َ‬
‫أفاق َ‬
‫‪ ،‬واجلامع ص‪. - 3‬‬ ‫ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ،5 :‬والرشنباللية ‪:‬‬
‫( ) أي ال يسقط القضاء؛ ألنَّه نوع مرض يسقط القوى وال يزيل احلجا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة‬
‫‪. 5 :‬‬
‫ألن املستحق عليه هو اإلمساك بجهة العبادة‪ ،‬وال عبادة إال بالنية‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬ ‫( ) َّ‬
‫السلوك ‪. 5 :‬‬
‫(‪ )3‬أي فأكل عامد ًا فال كفارة عليه‪ ،‬سواء أكل قبل الزوال أو بعده عند أيب حنيفة ‪‬؛‬
‫ألَّنا تعلقت بإفساد الصوم وال صوم إال بالنية‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/59‬أ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫( ) فعن معاذة سألت عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬فقلت‪( :‬ما بال احلائض تقيض الصوم وال‬
‫الصالة؟ فقالت‪َ :‬أحرورية أنت؟ قلت‪ :‬لست بحرور يية‪ ،‬ولكنيي َأسأل‪،‬‬ ‫ي‬
‫َت ْقيض َّ‬
‫الصالة) يف صحيح‬ ‫قالت‪ :‬كان ُيصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم وال نؤمر بقضاء َّ‬
‫مسلم ‪. 38 :‬‬
‫وإن لكل ملك محى‪ ،‬أال‬ ‫(‪ )8‬أي يكره األكل مع الشك عىل الصحيح؛ لقوله ‪( :‬أال َّ‬
‫وإن محى اهلل حمارمه) يف صحيح البخاري ‪ ، 5 :‬والذي يأكل مع الشك يف طلوع‬ ‫ي يَ‬
‫الفجر حيوم حول احلمى فيوشك أن يقع فيه‪ ،‬فكان باألكل معرض ًا صومه للفساد‪،‬‬
‫ـ ‪621‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولوُشكُيفُغروبُالشمسُجيبُأنُالُيفطرُولوُأفطرُلزمهُالقضاء( )‪ُ.‬‬
‫ُمستحب‪ُ،‬وكذلكُتأخريه( )‪ُ،‬ويُسُتُحُبُتعجيلُُاإلفطار( )‪ُ.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫والسحور‬
‫ومن ُأكل ُناسي ًا ُفظن ُأنه ُأفطر ُأو ُعلم ُأنّه ُمل ُيفطر ُفأُكل ُعمد ًا ُلزمهُ‬
‫القضاءُالُغري( )‪ُ.‬‬

‫ألن الليل أصل فال يثبت النهار بالشك‪ ،‬فال يبطل‬ ‫فيكره له ذلك‪ ،‬وال قضاء عليه؛ َّ‬
‫أن الفجر غري طالع‪ ،‬فال قضاء‬ ‫تسحر وأكرب رأيه َّ‬
‫املتيقن به باملشكوك فيه‪ ،‬فأما إذا َّ‬
‫عليه عىل الصحيح؛ ألنَّه عىل يقني من الليل فال يبطل إال بيقني مثله‪ ،‬وروى احلسن‬
‫ألن غالب الرأي دليل واجب العمل به‪ ،‬بل هو يف حق‬ ‫عن أيب حنيفة‪ :‬أنَّه يقيض؛ َّ‬
‫وجوب العمل يف األحكام بمنزلة اليقني‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ، 08 :‬وغريه‪.‬‬
‫ألن النهار أصل فال يثبت الليل بالشك‪ ،‬فكان اإلفطار حاص ً‬
‫ال فيام له حكم النهار‪،‬‬ ‫( ) َّ‬
‫شك يف وجوب القضاء‬ ‫فيجب قضاؤه‪ ،‬ولو كان غالب رأيه َّأَّنا مل تغرب‪ ،‬فال ي‬
‫عليه؛ ألنَّه انضاف إىل غلبة الظن حكم األصل‪ ،‬وهو بقاء النهار‪ ،‬فوقع إفطاره يف‬
‫ألن احتامل الغروب‬‫النهار فيلزمه القضاء‪ ،‬وال جتب عليه الكفارة عىل الصحيح؛ َّ‬
‫قائم فكانت الشبهة ثابتة‪ ،‬وهذه الكفارة ال جتب مع الشبهة‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع‬
‫‪. 03- 08 :‬‬
‫ألن معنى االستعانة فيه أبلغ؛ وألنَّه يستعان به عىل صيام النهار؛ فعن عمرو بن‬ ‫( ) َّ‬
‫العاص ‪ ،‬قال ‪( :‬فصل ما بني صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) يف‬
‫صحيح مسلم ‪ ،550 :‬وعن يعىل ‪ ‬قال ‪( :‬ثالثة حيبها اهلل ‪ :‬تعجيل‬
‫الفطر‪ ،‬وتأخري السحور‪ ،‬ورضب اليدين أحدمها باألخرى يف الصالة) يف املعجم‬
‫الكبري ‪ ، 33 :‬واملعجم األوسط ‪ ، 39 :5‬وغريمها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي عند غروب الشمس؛ فعن سهل بن سعد الساعدي ‪ ،‬قال ‪( :‬ال يزال‬
‫الناس بخري ما عجلوا الفطر) يف صحيح ابن حبان ‪. 53 :5‬‬
‫فألن االشتباه استند إىل دليل‪ ،‬وهو القياس‪ ،‬فتتحقق‬ ‫َّ‬ ‫( ) أما إذا أكل ظان ًا أنَّه أفطر؛‬
‫الشبهة‪ ،‬أما إذا أكل عامل ًا أنَّه مل يفطر‪ ،‬ففي ظاهر الرواية عن أيب حنيفة ‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫ـ ‪622‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وحيرمُصومُيومُالعيدين( )ُوأيامُالترشيق( )‪ُ.‬‬


‫والُيُكرهُصومُالستةُأُيامُمنُشوالُموصول ًةُبرمضان( )‪ُ.‬‬
‫ويكرهُصومُالوصال( )‪ُ.‬‬

‫الشبهة احلكمية قائمة بالنظر إىل القياس فال ينتفي بالعلم‪ ،‬وعنه يلزمه الكفارة‪،‬‬
‫وهو قوهلام؛ ألنَّه اشتباه بال شبهة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/50‬أ‪.‬‬
‫( ) قال ‪( :‬ال صوم يف يومني‪ :‬الفطر‪ ،‬واألضحى) يف صحيح البخاري ‪، 00 :‬‬
‫إن هذين يومان َّنى رسول اهلل ‪ ‬عن صيامهام‪ :‬يوم فطركم من‬ ‫وعن عمر ‪َّ ( ،‬‬
‫صيامكم‪ ،‬واآلخر يوم تأكلون فيه من نسككم) يف صحيح مسلم ‪.599 :‬‬
‫( ) قال ‪( :‬أيام الترشيق أيام أكل ورشب) يف صحيح مسلم ‪ ،500 :‬وعن عائشة‬
‫وابن عمر ‪ ،‬قاال‪( :‬مل يرخص يف أيام الترشيق أن يصمن إال ملن مل جيد اهلدي)‬
‫يف صحيح البخاري ‪.503 :‬‬
‫(‪ )3‬أي بعد يوم عيد الفطر؛ إذ وقع الفصل به فال يلزم التشبه بأهل الكتاب‪ ،‬كام يف‬
‫رشح ابن ملك ق‪/50‬أ؛ فعن أيب أيوب األنصاري ‪ ،‬قال ‪( :‬من صام‬
‫رمضان ثم أتبعه ست ًا من شوال كان كصيام الدهر) يف صحيح مسلم ‪،5 :‬‬
‫وعن أيب حنيفة ‪ ‬وأيب يوسف ‪ :‬كراهة صوم ست من شوال‪ ،‬وعامة املشايخ‬
‫مل يروا به بأس ًا‪ ،‬واختلفوا فقيل‪ :‬األفضل وصلها بيوم الفطر‪ ،‬وقيل‪ :‬بل يفرقها يف‬
‫الشهر‪ ،‬ووجه الكراهة‪ :‬أنَّه قد يفيض إىل اعتقاد لزومها من العوام لكثرة املداومة؛‬
‫ولذا سمعنا من يقول‪ :‬يوم الفطر نحن إىل اآلن مل يأت عيدنا أو نحوه‪ ،‬فأما عند‬
‫األمن من ذلك فال بأس؛ لورود احلديث به‪ .‬ينظر‪ :‬حاشية التبيني ‪،33 :‬‬
‫والبحر الرائق ‪ ، 55 :‬وبدائع الصنائع ‪.55 :‬‬
‫وفرسه أبو يوسف وحممد ‪ :‬بصوم يومني ال فطر بينهام؛ أل َّن‬ ‫( ) ولو يف يومني‪َّ ،‬‬
‫الفطر بينهام حيصل بوجود زمان الفطر‪ ،‬وهو الليل‪ ،‬وقيل يف تفسري الوصال‪ :‬أن‬
‫أن ذلك يضع َفه عن أداء‬ ‫يصوم كل يوم من السنة دون ليلته‪ ،‬ومعنى الكراهة فيه‪َّ :‬‬
‫الفرائض والواجبات ويقعده عن الكسب الذي ال بد منه‪ ،‬كام يف فتح القدير ‪:‬‬
‫‪ ،3 9‬وحاشية الشلبي عىل التبيني ‪ ،33 :‬والبحر الرائق ‪ ، 55 :‬وبدائع‬
‫ـ ‪622‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فإنُأفطرُيفُاليامُاخلمسةُاملحرمةُفقوالن( )‪ُ.‬‬
‫كرهُصومُالصمت‪ُ:‬وهوُأنُالُيُتُكُ ُّلمُيفُصومه( )‪ُ.‬‬
‫ُّ‬ ‫وي‬

‫الصنائع ‪ ،55 :‬والفتاوى اخلانية ‪ 08 :‬؛ فعن أنس ‪ ،‬قال ‪( :‬ال تواصلوا‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬إنَّك تواصل‪ ،‬قال‪ :‬لست كأحد منكم‪ ،‬إّن أطعم وأسقى) يف صحيح‬
‫البخاري ‪ ،393 :‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪َّ( :‬ناهم النبي ‪ ‬عن‬
‫الوصال رمحة هلم) يف صحيح مسلم ‪.553 :‬‬
‫( ) أي فإن صام الدهر وأفطر يف أيام العيدين وأيام الترشيق‪ ،‬فقوالن عن أيب حنيفة‪،‬‬
‫ففي قول‪ :‬يكره كراهة تنزيه؛ ألنَّه يضعفه أو يصري طبع ًا له ومعنى العبادة عىل‬
‫خمالفة العادة‪ ،‬ويف قول‪ :‬ال يكره؛ للفاصل الذي خيرجه من الوصل املنهي عنه‪ ،‬كام‬
‫يف حاشية التبيني ‪ ،33 :‬واملنحة ‪ 58 :‬؛ وملا روي عن عبد اهلل بن عمرو ‪،‬‬
‫قال‪( :‬أخرب رسول اهلل ‪ ‬أّن أقول‪ :‬واهلل ألصومن النهار وألقومن الليل ما‬
‫عشت‪ ،‬فقال له رسول اهلل ‪ :‬أنت الذي تقول‪ :‬واهلل ألصومن النهار وألقومن‬
‫الليل ما عشت‪ ،‬قلت‪ :‬قد قلته‪ ،‬قال‪ :‬إنَّك ال تستطيع ذلك‪ ،‬فصم وأفطر‪ ،‬وقم‬
‫فإن احلسنة بعرش أمثاهلا‪ ،‬وذلك مثل صيام‬ ‫ونم‪ ،‬وصم من الشهر ثالثة أيام‪َّ ،‬‬
‫الدهر‪ ،‬فقلت‪ :‬إّن أطيق أفضل من ذلك يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬فصم يوم ًا وأفطر‬
‫يومني‪ ،‬قال قلت‪ :‬إّن أطيق أفضل من ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فصم يوم ًا وأفطر يوم ًا‪ ،‬وذلك‬
‫صيام داود‪ ،‬وهو عدل الصيام‪ ،‬قلت‪ :‬إّن أطيق أفضل منه يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬ال‬
‫أفضل من ذلك) يف صحيح البخاري ‪ ، 83 :3‬ومحلت الكراهة عىل التنزيه؛ ملا‬
‫ورد عن أيب موسى ‪ ،‬قال ‪َ ( :‬من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد‬
‫تسعني) يف صحيح ابن خزيمة‪ ،3 3 :3‬ولألحاديث الواردة يف فضل الصيام‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬قوله ‪( :‬ما من عبد يصوم يوم ًا يف سبيل اهلل إال باعد اهلل بذلك اليوم‬
‫وجهه عن النار سبعني خريف ًا) يف صحيح مسلم ‪.505 :‬‬
‫ألن النبي ‪َّ( ‬نى عن الوصال وعن صوم الصمت) يف مسند‬ ‫( ) أي كراهة تنزيه؛ َّ‬
‫وألن صوم الصمت ليس بقربة‬ ‫َّ‬ ‫اإلمام أيب حنيفة ص ‪ 9‬؛ وألنَّه تشبه باملجوس؛‬
‫يف رشيعتنا وإنَّام يتجنب ما يكون مأث ًام‪ .‬ينظر‪ :‬اهلداية ‪.395 :‬‬
‫ـ ‪628‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويكرهُصومُالسبت( )‪ُ،‬أوُعاشوراءُوحده( )‪ُ.‬‬

‫( ) أي وحده؛ ألنَّه تشبه باليهود؛ فعن عبد اهلل بن برس عن أخته‪ ،‬وهي الصامء‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫قال رسول اهلل ‪( :‬ال تصوموا يوم السبت إال فيام افرتض عليكم‪ ،‬وإن مل جيد‬
‫شجرة فليمضغها) يف صحيح ابن خزيمة‪،3 5 :3‬‬ ‫ٍ‬ ‫أحدكم إال عود ٍ‬
‫عنبة أو حلا َء‬ ‫َ‬
‫واملستدرك ‪ ،30 :‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح عىل رشط البخاري ومل خيرجاه‪،‬‬
‫وله معارض بإسناد صحيح وقد أخرجاه من حديث مهام عن قتادة عن أيب أيوب‬
‫أن النبي ‪ ‬دخل عليها يوم اجلمعة وهي‬ ‫العتكي عن جويرية بنت احلارث‪َّ ( :‬‬
‫صائمة‪ ،‬فقال‪ :‬صمت أمس قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فرتيدين أن تصومي غد ًا…)‬
‫احلديث‪ ،‬وعن ابن شهاب أنَّه كان إذا ذكر له أنَّه َّنى عن صيام يوم السبت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫هذا حديث محيص‪ ،‬وله معارض بإسناد صحيح‪ ،‬ويف جامع الرتمذي‪، 0 :3‬‬
‫وقال‪ :‬حديث حسن ومعنى كراهته يف هذا أن خيص الرجل يوم السبت بصيام؛‬
‫ألن اليهود تعظم يوم السبت‪ ،‬ويف سنن الدارمي ‪ ،3 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪:‬‬ ‫َّ‬
‫‪ ،30‬وسنن أيب داود ‪ ،3 0 :‬وقال‪ :‬وهذا حديث منسوخ‪ ،‬ثم ذكر حديث‬
‫جويرية السابق وكالم ابن شهاب‪ ،‬وأعقبه بقول مالك‪ :‬هذا كذب‪ .‬وسنن النسائي‬
‫ألن هذا احلديث‬ ‫‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ،880 :‬وغريها‪ ،‬والكراهة تنزهيية؛ َّ‬ ‫‪:‬‬
‫تكلم احلفاظ فيه فأنكره ابن شهاب وكذبه مالك‪ ،‬وقال أبو داود واحلاكم بنسخه‪،‬‬
‫وورد عن أم سلمة ريض اهلل عنها قالت‪( :‬أكثر ما كان يصوم ‪ ‬من األيام يوم‬
‫السبت واألحد‪ ،‬وكان يقول‪َّ :‬إَّنام عيدان للمرشكني وأنا أريد أن أخالفهم) يف‬
‫صحيح ابن حبان ‪ ، 05 ،35 :5‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ،3 5 :3‬واملستدرك ‪:‬‬
‫‪ ،30‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،303 :‬وعن ابن ع يباس ‪ ‬بعث إىل أم سلمة وإىل‬
‫عائشة يسأهلام ما كان رسول اهلل ‪ ‬حيب أن يصوم من األيام فقالتا‪( :‬ما مات‬
‫رسول اهلل ‪ ‬حتى كان أكثر صومه يوم السبت واألحد‪ ،‬ويقول‪ :‬مها عيدان ألهل‬
‫الكتاب فنحن نحب أن نخالفهم) يف سنن النسائي ‪. 3 :‬‬
‫( ) أي مفرد ًا عن التاسع أو احلادي عرش‪ ،‬كام يف البحر الرائق ‪ ، 55 :‬روي عن‬
‫ابن عباس ‪ ،‬قال‪( :‬حني صام رسول اهلل ‪ ‬يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا‪ :‬يا‬
‫ـ ‪622‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويستحب ُصومُيومُاخلميس( )‪ُ،‬واجلمعة( )‪ُ،‬وأ ُّيامُالبيض( )‪ُ،‬ويومُعرفةُ‬

‫رسول اهلل‪ ،‬إنَّه يوم تعظمه اليهود والنصارى‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ :‬فإذا كان العام‬
‫املقبل إن شاء اهلل صمنا اليوم التاسع‪ ،‬قال‪ :‬فلم يأت العام املقبل حتى تويف رسول‬
‫اهلل ‪ )‬يف صحيح مسلم ‪.595 :‬‬
‫( ) فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان النبي ‪ ‬يتحرى صوم اإلثنني واخلميس)‬
‫‪ ،‬وحسنه‪ ،‬ومسند أمحد ‪ ،50 :3‬وغريمها‪ ،‬وعن أسامة بن‬ ‫الرتمذي‪:3‬‬
‫ي‬ ‫يف سنن‬
‫زيد ‪ ،‬قال‪( :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنَّك تصوم حتى ال تكاد تفطر وتفطر حتى ال‬
‫تكاد أن تصوم إال يومني إذا دخال يف صيامك وإال صمتهام‪ ،‬قال‪ :‬أي يومني؟‬
‫قلت‪ :‬يوم اإلثنني ويوم اخلميس‪ ،‬قال‪ :‬ذانك يومان تعرض فيهام األعامل عىل رب‬
‫‪،‬واملجتبى‬ ‫فأحب أن يعرض عميل وأنا صائم) يف سنن النسائي ‪:‬‬ ‫ي‬ ‫العاملني‪،‬‬
‫‪. 0 :‬‬
‫مستحب وإن مل يصم يوم ًا قبله أو بعده؛‬
‫ٌّ‬ ‫( ) أي يوم اجلمعة بانفراده‪َّ ،‬‬
‫فإن صيا َمه‬
‫حلديث جواز صيام الدهر اآليت دون أن حيدد الرسول ‪ ‬يوم ًا قبل اجلمعة أو‬
‫بعده‪ ،‬ولألحاديث الواردة يف فضل الصيام‪ ،‬وحلديث ابن مسعود ‪( :‬كان‬
‫كل شهر ثالثة أيام‪ ،‬وق يلام كان يفطر يوم اجلمعة) يف‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬يصوم من غرة ي‬
‫صحيح ابن حبان ‪ ، 03 :5‬وسنن الرتمذي‪ ، 5 :3‬وحسنه‪ ،‬وسنن النسائي ‪:‬‬
‫‪ ،‬واحلديث عىل ظاهره‪ ،‬وال‬ ‫‪ ،‬واملجتبى ‪ ، 0 :‬ومسند الشايش ‪:‬‬
‫تدفع حجيته باالحتامل الناشئ عن غري دليل َمن كونه حيتمل عدم تعمد فطره إذا‬
‫وقع يف األيام التي كان يصومها‪ ،‬كام يف عمدة القاري ‪ ، 08 :‬وقال مالك ‪‬‬
‫يف املوطأ ‪« :3 :‬مل أسمع أحد ًا من أهل العلم والفقه و َمن يقتدى به ينهى عن‬
‫صيام يوم اجلمعة‪ ،‬وصيامه حسن»‪ .‬ينظر‪ :‬عمدة الباري ‪ ، 0 :‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي من كل شهر‪ :‬وهي الثالث عرش‪ ،‬والرابع عرش‪ ،‬واخلامس عرش‪ ،‬فيستحب‬
‫صومها ما مل يظن إحلاقها بالواجب؛ فعن أيب قتادة ‪ ،‬قال ‪( :‬صوم ثالثة من‬
‫كل شهر ورمضان إىل رمضان صوم الدهر) يف صحيح مسلم ‪ ،5 9 :‬وعن أيب‬
‫ذر ‪ ‬قال‪( :‬أمرنا رسول اهلل ‪ ‬بصوم ثالثة عرشة وأربعة عرشة ومخسة عرشة)‬
‫‪.‬‬ ‫يف صحيح ابن حبان ‪:5‬‬
‫ـ ‪610‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫لغريُاحلاج( )‪ُ.‬‬
‫والُتصومُاملرأةُتطوع ًاُبغريُإذنُزوجهاُإالُأنُيكونُصائ ًامُأوُمريض ًُا( )‪ُ،‬‬
‫ّ‬
‫والُالعبدُبغريُإذنُموالهُوإنُكانُالُيضُُبمواله‪ُ.‬‬
‫وك ُّفارةُ ُصومُرمضان‪ُ:‬عتقُرقبةُفإنُملُجيدُفصيامُشهرينُمتتابعّي( )‪ُ،‬‬

‫ألن له فضيلة عىل غريه من األيام؛ فعن أيب قتادة ‪ ،‬قال ‪( :‬صيام يوم عرفة‬ ‫( ) َّ‬
‫أحتسب عىل اهلل أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪.5 5‬‬
‫ألن له حق االستمتاع هبا وال يمكنه ذلك يف حال الصوم‪ ،‬وله أن يمنعها إن كان‬ ‫( ) َّ‬
‫يرضه‪ ،‬فإن كان صيامها ال يرضه بأن كان صائ ًام أو مريض ًا ال يقدر عىل اجلامع‬
‫ألن املنع كان الستيفاء حقه‪ ،‬فإذا مل يقدر عىل االستمتاع فال‬ ‫فليس له أن يمنعها؛ َّ‬
‫معنى للمنع‪ ،‬وللزوج أن يفطر املرأة إذا صامت بغري إذنه‪ ،‬وتقيض إذا أذن هلا‬
‫زوجها أو بانت منه؛ ي يَ‬
‫ألن الرشوع يف التطوع قد صح منها‪ ،‬إال َّأَّنا منعت من امليض‬
‫فيه حلق الزوج‪ ،‬فإذا أفطرت لزمها القضاء‪ ،‬بخالف بنت الرجل وأمه وأخته فلها‬
‫أن تتطوع بغري إذنه؛ ألنَّه ال حق له يف منافعها‪ ،‬فال يملك منعها‪ ،‬كام ال يملك منع‬
‫األجنبية؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬ال تصم املرأة وبعلها شاهد إال بإذنه‪ ،‬وال‬
‫فإن نصف أجره له) يف‬ ‫تأذن يف بيته وهو شاهد إال بإذنه‪ ،‬وما أنفقت من كسبه َّ‬
‫صحيح مسلم ‪ ،5 :‬وهو حممول عىل صوم التطوع؛ لئال يتعارض مع قوله‬
‫‪( :‬ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق) يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،8 8 :3‬واللفظ‬
‫له‪ ،‬وجامع الرتمذي ‪ ، 09 :‬وصححه السيوطي‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪، 33 :9‬‬
‫وغريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ليس فيها يوم عيد وال أيام ترشيق؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ [اجملادلة‪ ،]1 :‬فلو أفطر يف أثنائها‪ ،‬فإ َّنه‬
‫يستأنف ولو بعذر غري احليض‪ ،‬قال الرسخيس يف املبسوط ‪ :5 :3‬وإن كان عىل‬
‫ـ ‪614‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فإنُعجزُفإطعامُستّيُمسكين ًُا( )‪ُ.‬‬


‫الُّإذاُخت ُّللتُ‬
‫ولوُأفطرُمرارًُا ُيفُرمضانُأوُرمضانّيُكفتهُكفارة ُواحدةُإ ُ‬
‫الك ُّفارة( )‪ُ.‬‬
‫التطوعُُبعذرُُالضيافةُ( )ُُ‬
‫ويباحُُالفطرُُيفُُ ّ‬

‫الرجل صيام شهرين متتابعني من فطر أو ظهار أو قتل فصامها وأفطر فيها يوم ًا‬
‫ملرض‪ ،‬فعليه استقبال الصيام؛ النعدام صفة التتابع بالفطر‪ ،‬فإن كانت امرأة‬
‫فأفطرت فيام بني ذلك للحيض مل يكن عليها استقباله‪ ،‬وقال الكاساّن يف البدائع‬
‫‪ :‬يشرتط التتابع يف غري موضع الرضورة يف صوم كفارة الظهار واإلفطار‬ ‫‪:8‬‬
‫والقتل بال خالف‪.‬‬
‫( ) أي يغدهيم ويعشيهم غداء وعشاء مشبعني‪ ،‬أو غدائني‪ ،‬أو عشائني‪ ،‬أو عشاء‬
‫وسحور ًا‪ ،‬من خبز الرب‪ ،‬ولو بال إدام‪ ،‬أما الشعري فال بد له من إدام‪ ،‬ولو أطعم‬
‫فقري ًا واحد ًا ستني يوم ًا‪ ،‬أجزأه‪ ،‬ويشرتط أن يكون لكل واحد أكلتان مشبعتان‪،‬‬
‫وأن ال يكون أحدهم شبع ًا‪ ،‬ولو أعطى لكل واحد ثمن يية حنطة أو دقيقها كفاه عن‬
‫اإلطعام‪ ،‬وجيوز أن يأخذ واحد كل يوم ثمنية اإلطعام إىل ستني يوم‪ ،‬ولو دفع‬
‫القيمة جاز‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‪.55‬‬
‫( ) أي فال تكفي كفارة واحدة‪.‬‬
‫(‪ )3‬فالضيافة عذر يف صوم النفل للضيف واملضيف عىل األظهر إن وثق من نفسه‬
‫بالقضاء‪ ،‬وإن كان صاحبها ممن ال يرىض بمجرد حضوره‪ ،‬ويتأذى برتك اإلفطار‪،‬‬
‫أو كان الضيف ال يرىض إال بأكله معه‪ ،‬ويتأذى بتقديم الطعام وحده إن وثق من‬
‫نفسه بالقضاء‪ ،‬وروى احلسن عن أيب حنيفة َّأَّنا ليست بعذر‪ ،‬كام يف املبسوط ‪:3‬‬
‫‪ ،5‬واهلداية ‪ ،33 -33 :‬والعناية ‪33 :‬؛ فعن أيب جحيفة ‪ ‬قال‪( :‬آخى‬
‫النبي ‪ ‬بني سلامن وأيب الدرداء‪ ،‬فزار سلامن أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة‪،‬‬
‫فقال هلا‪ :‬ما شأنك؟ قالت‪ :‬أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة يف الدنيا‪ ،‬فجاء أبو‬
‫الدرداء فصنع له طعام ًا‪ ،‬فقال‪ :‬كل‪ ،‬قال‪ :‬فإّن صائم‪ ،‬قال‪ :‬ما أنا بآكل حتى تأكل‪،‬‬
‫ـ ‪616‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ونحوها( )‪ُ.‬‬
‫ُثم ُعُلُم ُانتفاءها ُفالفضلُ‬
‫ولو ُرشُعُ ُيف ُالصوم ُأو ُصالة ُظنها ُعليه ّ‬
‫اإلمتام‪ُ،‬ولوُأُفسدُفالُقضاءُعليه( )‪.‬‬
‫‪ُ  ‬‬
‫ُ‬

‫قال‪ :‬فأكل‪ ،‬فلام كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم‪ ،‬قال‪ :‬نم‪ ،‬فنام ثم ذهب يقوم‬
‫فقال‪ :‬نم‪ ،‬فلام كان من آخر الليل قال سلامن‪ :‬قم اآلن فصيل‪ ،‬فقال له سلامن‪َّ :‬‬
‫إن‬
‫حق‬ ‫لربك عليك حق ًا‪ ،‬ولنفسك عليك حق ًا‪ ،‬وألهلك عليك حق ًا‪ ،‬فأعط كل ذي ي‬
‫ح يقه‪ ،‬فأتى النبي ‪ ‬فذكر ذلك له‪ ،‬فقال النبي ‪ :‬صدق سلامن) يف صحيح‬
‫أن سلامن ‪ ‬كان ضيف ًا أليب الدرداء وأفطر بإرصاره‬ ‫البخاري ‪ ،39 :‬وداللته َّ‬
‫ومل ينكر عليه النبي ‪ ‬بعد اطالعه عىل الواقعة‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪، 3 :9‬‬
‫وعن جابر بن عبد اهلل ‪ ‬قال‪( :‬صنع رجل من أصحاب رسول اهلل ‪ ‬طعام ًا‬
‫فدعا النبي ‪ ‬وأصحاب ًا له‪ ،‬فلام أتى بالطعام تنحى أحدهم‪ ،‬فقال له النبي‪ :‬ما‬
‫ثم تقول‪ :‬يإّن‬ ‫لك؟ قال‪ :‬إّن صائم‪ ،‬فقال له النبي ‪ :‬تكلف لك أخوك وصنع‪ ،‬ي‬
‫صائم‪ ،‬كل وصم يوم ًا مكانه) يف سنن الدارقطني ‪. 55 :‬‬
‫( ) من احللف‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬وطاعة ملن استأجره‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‪.59-55‬‬
‫يي‬
‫الرشوع َّأَّنا ليست‬ ‫أن يف ذمته صوم ًا أو صالة ي‬
‫ثم علم انتفاءها بعد ُّ‬ ‫( ) أي إن َظ َّن َّ‬
‫ألن ذلك‬ ‫عليه‪ ،‬فاألفضل اإلمتام للرشوع عن البطالن‪ ،‬وإن أفسدها فال يقيض؛ َّ‬
‫مظنون فال جيب عليه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 90 :‬‬
‫ـ ‪612‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتاب ح‬
‫الج‬
‫هو فرض( ) عىل الفور( ) حم َّرة‬

‫( ) قال ‪ :‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫وفَّس ابن عباس ‪ ‬ﭽﯗ ﯘﭼ‪ :‬فيمن زعم أنره ليس‬ ‫ﯝ ﭼ [آل عمران‪ ،]79 :‬ر‬
‫بفرض عليه‪ ،‬كام يف تفسري الطربي‪ ، 1 :4‬وعن ابن عمر ‪ ‬عن النبي ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(بني اإلسالم عىل مخس‪ :‬عىل أن يعبد اهلل ويكفر بام دونه‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء‬
‫الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصوم رمضان) يف صحيح مسلم ‪.44 :‬‬
‫( ) هذا ما مشت عليه املتون‪ :‬كالوقاية ص‪ ، 42‬والتنوير ‪ ،442 :‬ولباب املناسك‬
‫ص‪ ، 4‬وهو قول أيب يوسف والكرخي واملاتريدي‪ ،‬وأصح الروايتني عن أيب‬
‫حنيفة ‪ ،‬كام نص قايض خان وصاحب الكايف‪ ،‬ونقل القاري يف املسلك املتقسط‬
‫ص ‪ :1‬أ رنه األصح عندنا‪ ،‬وبه قال مالك يف املشهور وأمحد يف األظهر‪ ،‬واملازين من‬
‫باحلج يف وقته مطلق حيتمل الفور وحيتمل الرتاخي‪ ،‬واحلمل‬ ‫ّ‬ ‫األمر‬
‫َ‬ ‫الشافعية؛ أل رن‬
‫عىل الفور أحوط; ألنره إذا محل عليه يأيت بالفعل عىل الفور ظاهر ًا وغالب ًا خوف ًا من‬
‫احلج يعنى الفريضة‪ ،‬فإن‬ ‫اإلثم بالتأخري؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪( :‬تعجلوا إىل ّ‬
‫أحدكم ال يدري ما يعرض له) يف مسند أمحد ‪ ،3 3 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪:4‬‬
‫‪ ،343‬وعن عيل ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من ملك زاد ًا وراحل ًة تبلغه إىل بيت اهلل ومل ّ‬
‫حيج‪ ،‬فال‬
‫عليه أن يموت هيودي ًا أو نرصاني ًا) يف سنن الرتمذي ‪ ، 12 :3‬وقال الرتمذي‪ :‬يف‬
‫إن عبد ًا صححت‬ ‫إسناده مقال‪ ،‬وعن أيب سعيد اخلدري ‪ ‬قال ‪ :‬قال اهلل ‪ ( :‬ر‬
‫له جسمه‪ ،‬ووسعت عليه يف املعيشة‪ ،‬يميض عليه مخسة أعوام ال يفد إ ّيل ملحروم)‬
‫يف صحيح ابن حبان ‪ ، 2 :1‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 2 :4‬ومسند أيب يعىل ‪:‬‬
‫بنص يف التحديد‪ ،‬بل‬ ‫َ‬
‫احلديث ليس ّ‬ ‫‪ ،334‬ومل يكن التحديد بخمسة أعوام؛ ر‬
‫ألن‬
‫حيتمل كون املقصود النهي عن التأخري الفاحش‪ ،‬وهو خيتلف باختالف األحوال‪،‬‬
‫والتحديد بخمسة أعوام متثيل‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪.1 : 3‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬الرتاخي‪ :‬وهو قول حممد والشافعي ورواية عن أيب حنيفة ومالك وأمحد‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يف العمر( ) عىل كل مك َّلف‬


‫( )‬

‫ألن وقت احلج أشهر‬ ‫ونقل القاري يف املسلك املتقسط ص‪ : 1‬أنره الصحيح؛ ر‬
‫معلومات‪ ،‬فصار املفروض هو احلج يف أشهر احلج مطلق ًا من العمر‪ ،‬فتقييده‬
‫بالفور تقييد املطلق‪ ،‬وال جيوز إال بدليل‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪ ، 1 :‬ورشح الوقاية‬
‫ص‪ ، 41- 42‬واحلج والعمرة ص‪ ، 4- 3‬وغريها‪.‬‬
‫( ) فعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪( :‬خطبنا رسول اهلل ‪ ،‬فقال‪ :‬أهيا الناس‪ ،‬قد فرض اهلل‬
‫فحجوا‪ ،‬فقال رجل‪ّ :‬‬
‫أكل عام يا رسول اهلل؟ فسكت حتى قاهلا ثالث ًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عليكم احلج‬
‫فقال رسول اهلل ‪ :‬لو قلت‪ :‬نعم لوجبت وملا استطعتم) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،114‬وداللة هذا احلديث وما بعده ظاهرة يف وجوبه مرة واحدة‪ ،‬وعن ابن ع َباس‬
‫احلج قال‪ :‬فقام األقرع بن حابس فقال‪:‬‬‫‪ ،‬قال ‪( :‬يا أهيا الناس‪ ،‬كتب عليكم ّ‬
‫يف كل عام يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬لو قلتها لوجبت‪ ،‬ولو وجبت مل تعملوا هبا أو مل‬
‫فمن زاد فهو تطوع) يف مسند أمحد ‪، 13 ، 44 :‬‬ ‫تستطيعوا أن تعملوا هبا‪َ ،‬‬
‫واملستدرك ‪ ،243 :‬وص ّححه احلاكم‪ ،‬وسنن أيب داود ‪. 31 :‬‬
‫( ) فال جيب عىل الكافر‪ ،‬وال يصح أداؤه منه؛ فعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪( :‬أيام صبي‬
‫حج ثم هاجر فعليه أن حيج‬ ‫حجة أخرى‪ ،‬وأيام أعرايب ّ‬
‫حيج ّ‬ ‫ثم أدرك فعليه أن ّ‬
‫حج ّ‬ ‫ّ‬
‫حجة أخرى) يف سنن البيهقي الكبري ‪ ، 11 :4‬واألحاديث املختارة ‪،442 :1‬‬ ‫ّ‬
‫واملستدرك ‪ ،48 :‬وصححه‪ ،‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ : 32 :3‬رجاله‬
‫رجال الصحيح‪ ،‬وهو حممول عىل زمان كانت اهلجرة فيه رشط ًا لقبول اإلسالم‬
‫وصحته‪ ،‬فكأنره حج قبل أن يسلم فعليه إذا هاجر أن حيج حجة أخرى‪ ،‬كام يف‬
‫إعالء السنن ‪.1 : 3‬‬
‫وال جيب عىل الصبي‪ ،‬ولو حج صبي مميز بنفسه‪ ،‬أو غري مميز بإحرام وليه‪ ،‬فحجه‬
‫نفل ال فرض؛ لكونه غري مكلف‪ ،‬حتى لو أحرم ثم بلغ فإن جدد إحرامه يقع عن‬
‫فرضه‪ ،‬وإال فهو نفل؛ لعدم أهلية اللزوم عليه؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪( :‬إذا‬
‫حج الصبي فهي له حجة حتى يعقل‪ ،‬فإذا َع ِقل فعليه حجة ُأخرى‪ ،‬وإذا َح ّج‬ ‫ّ‬
‫حجة‪ ،‬فإذا هاجر فعليه حجة ُأخرى) يف صحيح ابن خزيمة ‪:4‬‬ ‫األعرايب فهي له ّ‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حر( ) صحيح بصي( ) قادر عىل زاد‬

‫‪ ،341‬واملستدرك ‪ ،244 :‬وصححه‪ ،‬وعن ابن ع ّباس ‪( :‬رفعت إليه ‪ ‬امرأ ٌة‬
‫صبي ًا فقالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أهلذا حج؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولك أجر) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،114‬وال جيب عىل املجنون‪ ،‬واملعتوه ـ وهو خمتلط الكالم فاسد التدبري‪ ،‬إال أنره ال‬
‫َيرضب وال يشتم كام يفعل املجنون ـ بخالف السفيه؛ كالعاقل‪ ،‬قال ‪( :‬رفع‬
‫القلم عن ثالث‪ :‬عن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى حيتلم‪ ،‬وعن املجنون‬
‫حتى يعقل) يف سنن أيب داود ‪ ، 4 :4‬وجامع الرتمذي ‪ ،3 :4‬وحسنه‪،‬‬
‫وصحيح ابن حبان ‪ ،381 :‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 3 :‬وغريها‪ ،‬ويف لفظ‪:‬‬
‫(وعن املعتوه حتى يعقل) يف جامع الرتمذي ‪ ،3 :4‬واملستدرك ‪ ،433 :4‬وسنن‬
‫الدارمي ‪ ، 4 :‬ومسند أمحد ‪. 33 :2‬‬
‫حج ولو بإذن املوىل فهو نفل ال يسقط به الفرض؛ فعن‬ ‫حج عىل مملوك‪ ،‬فإن ر‬ ‫( ) فال ّ‬
‫أن أعرابي ًا حج عرش حجج ثم هاجر كانت عليه حجة إن‬ ‫جابر ‪ ،‬قال ‪( :‬ولو ر‬
‫أن صبي ًا حج عرش حجج ثم احتلم كانت عليه حجة إن‬ ‫ال‪ ،‬ولو ر‬‫استطاع إليه سبي ً‬
‫حجة إن‬ ‫أن عبد ًا حج عرش حجج ثم عتق كانت عليه ّ‬ ‫ال‪ ،‬ولو ر‬‫استطاع عليه سبي ً‬
‫ال) يف مسند الطياليس ‪ ، 43 :‬ومسند احلارث ‪.431 :‬‬ ‫استطاع إليه سبي ً‬
‫( ) أي سالمة البدن عن األمراض والعلل‪ ،‬فإنره الصحيح من رشائط الوجوب‪ ،‬عىل‬
‫ما قاله صاحب البحر‪ ،‬وهو ظاهر الرواية عن أيب حنيفة‪ ،‬ورواية عنهام‪ ،‬وهو‬
‫مذهب مالك‪ ،‬فال جيب عىل األعمى واملقعد واملفلوج والزمن ومقطوع الرجلني‬
‫واملريض والشيخ الكبري الذي ال يثبت عىل الراحلة‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬إنره من رشائط األداء عىل ما صححه قايض خان واختاره كثري من‬
‫املشايخ منهم ابن اهلامم‪ ،‬وهو ظاهر الرواية عن الصاحبني‪ ،‬ورواية احلسن عن أيب‬
‫‪ ،‬واملسلك‬ ‫حنيفة‪ ،‬وهو مذهب الشافعية واحلنابلة‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪:‬‬
‫ص‪ ،41-42‬ورد املحتار ‪ ،448 :‬واحلج والعمرة ص‪ 4‬؛ فعن عبد اهلل بن‬
‫إن أيب أدرك‬ ‫الزبري ‪ ‬قال‪( :‬جاء رجل من خثعم إىل النبي ‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ر‬
‫اإلسالم‪ ،‬وهو شيخ كبري ال يستطيع ركوب الرحل واحلج مكتوب عليه‪ ،‬أفأحج‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ال حع ََّّم ال بدَّ منه لعياله إىل‬ ‫ِ‬


‫ونفقة ذهابه ورجوعه( ) فاض ً‬ ‫( )‬
‫وراحلة( ) غي عقبة‬

‫عنه؟ قال‪ :‬أنت أكرب ولده؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت إن كان عىل أبيك دين فقضيته‬
‫أكان ذلك جيزئ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فاحجج عنه) يف مسند أمحد ‪ ، :4‬وسنن‬
‫النسائي ‪ ،34 :‬واملجتبى ‪ ، 4 :4‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،3 1 :4‬قال احلافظ‬
‫ابن حجر‪ :‬إسناده صالح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪. : 3‬‬
‫واخلالف يف هذا الرشط يف أنره من رشوط الوجوب أو األداء فيمن وجد‬
‫ثم طرأ عليه العذر‪،‬‬ ‫صحيح‪ّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫االستطاعة وهو معذور‪ ،‬أما إن وجدَ ها وهو‬
‫فاالتفاق عىل وجوب احلج عليه يف ماله‪ ،‬فيجب عليه اإلحجاج يف احلال أو‬
‫اإليصاء يف املآل‪ .‬ينظر‪ :‬لباب املناسك ص‪ ،48‬وغريه‪.‬‬
‫( ) أي مالك للزاد ومتمكن من آلة الركوب بملك أو إجارة يف حق اآلفاقي ومن يف‬
‫معناه ممن بينه وبني عرفة مسافة سفر‪ ،‬والزاد فقط يف حق املكي إن قدر عىل امليش‬
‫بال كلفة وال مشقة‪ ،‬وإن مل يقدر املكي عىل امليش فحكمه كاآلفاقي يف اشرتاط آلة‬
‫الركوب له أيض ًا؛ فعن أنس ‪( :‬عن النبي ‪ ‬يف قوله ‪ :‬ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﭼ ‪ ،‬قال‪ :‬قيل يا رسول اهلل‪ :‬ما السبيل؟ قال‪ :‬الزاد‬
‫والراحلة) يف مستدرك احلاكم ‪ ،2 1 :‬وقال‪ :‬حديث صحيح عىل رشط‬
‫الشيخني‪ ،‬وقال ابن حجر يف الدراية ‪ :4 :‬رجاله موثوقون‪ ،‬وعن ابن عمر ‪،‬‬
‫قال‪( :‬جاء رجل إىل النبي ‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما يوجب احلج؟ قال‪ :‬الزاد‬
‫والراحلة) يف سنن الرتمذي‪ ، 4 :4 ، 11 :3‬وحسنه‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪:‬‬
‫‪.121‬‬
‫( ) وهي أن يكرتي رجالن بعري ًا واحد ًا يتعاقبان يف الركوب والراحلة‪ ،‬فال بد من‬
‫وجود الراحلة يف مجيع السفر‪ ،‬حتى لو وجد ما يكرتي مرحلة ويميش مرحلة ال‬
‫جيب‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/8‬أ‪.‬‬
‫إن مقدار نصاب الوجوب هو ملك مال يكفي إىل أن يوصله إىل مكة ذهاب ًا إليها‬ ‫(‪ )3‬ر‬
‫وراجع ًا إىل وطنه‪ ،‬وان يكون راكب ًا يف مجيع السفر ال ماشي ًا بنفقة متوسطة؛ قال‬
‫ـ ‪429‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫برشط حأمن الطريق( )‪.‬‬ ‫( )‬
‫وقت رجوعه‬‫ِ‬
‫ذل له ذلك مل جيب( )‪.‬‬‫فإن ب ح‬

‫‪ :‬ﭽﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ [الفرقان‪:‬‬
‫‪ .]29‬ينظر‪ :‬لباب املناسك ص ‪ ،4‬واجلامع ص‪. 4‬‬
‫( ) أي فاض ً‬
‫ال عن منزل يسكنه هو ومن جيب عليه سكناه‪ ،‬وخادم حيتاج إىل خدمته‪،‬‬
‫وآلة ركوبه‪ ،‬وسالحه إن كان من أهل احلرب‪ ،‬وآالت حرفته‪ ،‬وثيابه التي‬
‫يكتسيها‪ ،‬وأثاثه ومتاع بيته‪ ،‬وإصالح مسكنه‪ ،‬ونفقة من عليه نفقته وكسوهتم‪،‬‬
‫وقضاء ديونه املعجلة واملؤجلة‪ ،‬ومهور نسائه ولو مؤجلة‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية‬
‫‪ ،233 :‬والوقاية ص‪ ، 42‬واملسلك املتقسط ص‪.41-42‬‬
‫خياف من ظامل‪ ،‬أو عدو‪ ،‬أو سبع‪ ،‬أو غرق‪ ،‬أو غري ذلك‪ ،‬والعربة بالغالب يف‬ ‫َ‬ ‫( ) بأن‬
‫الغالب السالمة جيب أن يؤدي بنفسه‪ ،‬وإال بأن كان‬
‫ُ‬ ‫األمن بر ًا أو بحر ًا‪ ،‬فإن كان‬
‫الغالب القتل واهلالك‪ ،‬فال جيب‪ ،‬ويعترب وجود األمن وقت خروج أهل بلده إىل‬
‫زمان عوده ال ما قبله وبعده‪ ،‬والقول بأنره من رشوط الوجوب هو رواية ابن‬
‫شجاع ‪ ‬عن أيب حنيفة ‪ ‬أنره رشط وجوب‪ ،‬وهو مذهب الشافعية ورواية أمحد‬
‫‪‬؛ ر‬
‫ألن االستطاعة ال تتحقق بدون أمن الطريق‪.‬‬
‫واختار أنره من رشائط األداء مجاعة‪ ،‬منهم‪ :‬صاحب البدائع واملجمع والكرماين‬
‫واهلداية‪ ،‬كام يف املسلك ص‪ ،48‬والوقاية ص‪ ، 42‬واحلج والعمرة ص‪. 4‬‬
‫ينظر‪ :‬لباب املناسك ص‪ ،41-48‬وغريه‪.‬‬
‫إن أعطاه شخص ماالً قدر زاد وراحلة عىل جهة التمليك أو اإلباحة‪ :‬كإعارة‬
‫(‪ )3‬أي ر‬
‫آلة الركوب‪ ،‬فال تثبت له االستطاعة؛ ر‬
‫ألن ثقل املنة تدفع حصول االستطاعة؛ لكنره‬
‫إن قبل املال املبذول فإ رنه جيب عليه احلج‪ ،‬حتى لو امتنع الباذل بعد إحرام املبذول‬
‫‪ ،‬واجلامع‬ ‫فإن الباذل جيرب عىل اإلعطاء‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪:‬‬ ‫له بأمر الباذل‪ ،‬ر‬
‫‪.‬‬ ‫ص‪2‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وقع فرض ًا( )‪.‬‬


‫حج فقي ح‬ ‫ولو َّ‬
‫واملحرم( ) أو الزوج‬

‫( ) أي إذا استغنى فيام بعد ال جيب عليه حجة أخرى؛ حلصول املقصود‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪. 14 :‬‬
‫( ) واملحرم‪ :‬هو من ال حيل له نكاحها عىل التأبيد‪ :‬بقرابة‪ ،‬أو رضاع‪ ،‬أو مصاهرة‪،‬‬
‫سواء كان مسل ًام أو كافر ًا‪ ،‬إال أن يكون جموسي ًا أو فاسق ًا ال يؤمن من الفتنة‪ ،‬أو‬
‫صبي ًا أو جمنون ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املحيط الربهاين ص ‪ ،3‬وتبيني احلقائق ‪ ،2 :‬وتقريرات‬
‫الرافعي ص‪ ، 41‬والبدائع ‪. 4 :‬‬
‫وذهب الشافعية إىل رأّنا إذا وجدت نسوة ثقات اثنتني فأكثر تأمن معه ّن عىل نفسها‬
‫كفى ذلك بدالً من املحرم أو الزوج بالنسبة لوجوب حجة اإلسالم عىل املرأة‪،‬‬
‫وقال املالكية‪ :‬املرأة إذا مل جتد املحرم أو الزوج ولو بأجرة تسافر حلج الفرض أو‬
‫النذر مع الرفقة املأمونة برشط أن تكون املرأة بنفسها هي مأمونة‪ ،‬والرفقة املأمونة‬
‫مجاعة مأمونة من النساء أو الرجال الصاحلني‪ .‬قال العالمة نور الدين عرت يف كتابه‬
‫املاتع احلج والعمرة ص‪ : 1‬ويف النفس حرج من الفتوى هبذين املذهبني؛ ملا روينا‬
‫رب ما خيشى عىل املرأة من املفاسد واألخطار يف هذا العرص‬ ‫من احلديث‪ ،‬و َمن َخ َ َ‬
‫أدرك ذلك‪ .‬أما حج النفل‪ ،‬فال جيوز للمرأة السفر له إال مع الزوج أو املحرم فقط‬
‫باتفاق العلامء‪ ،‬وال جيوز هلا السفر بغريمها‪ ،‬بل تأثم فليتبنه‪.‬‬
‫وقال شيخنا العالمة األستاذ الدكتور عبد امللك السعدي يف منهجك يف احلج‬
‫والعمرة ص ‪ :‬أما اإلفتاء بغري ذلك‪ :‬كاألخذ برأي من جيوز سفرها مع نسوة‬
‫ثقات تأمن معهن عىل نفسها‪ ،‬فأرى الكف عنه يف هذا العرص؛ إذ وجود الزوج أو‬
‫املحرم مع املرأة ليس للحفاظ عىل عرضها فحسب‪ ،‬بل ملراعاة شؤوّنا يف مرضها‬
‫ومعاجلتها واملحافظة عىل سالمتها يف أداء املناسك من أرضار االزدحام‬
‫واملراجعات الرسمية واحلرص عليها من التيه والضياع‪ ،‬وال تغرت املرأة بمن يتعهد‬
‫ألن االزدحام والتعب يرتكان امللل لدى‬ ‫هلا برعايتها من غري الزوج أو املحرم؛ ر‬
‫أن األمن عىل نفسها ليس املراد‬ ‫الرجال يف رعاية غري أنفسهم وحمارمهم‪ ،‬مع ر‬
‫عرضها فقط‪ ،‬بل رعايتها وحفظها وسالمتها من األذى‪ .‬فإين أنصح املرأة أن ال‬
‫ـ ‪427‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫الذمي‬
‫ُّ‬ ‫رشط( ) يف املرأة إذا كان سفر ًا( )‪ ،‬ونفقة املحر ِم عليها( )‪ ،‬واملحرم العبد‬
‫إذا كان مأمون ًا كالر املسلم( )‪.‬‬
‫وال عرب حة بصبي أو جمنون( )‪ ،‬وللزوج منعها مع املحرم عن النفل‬
‫واملنذور( ) ال عن الفرض‪.‬‬
‫ووقته‪ :‬شوال‪ ،‬وذو القعدة‪ ،‬وعرش ذي الجة( )‪ ،‬ويكره تقديم اإلحرام‬

‫تغرت بذلك‪ ،‬وأنصح الرجال بعدم السامح للمرأة بالسفر معهم إذا كانت خالية من‬
‫فإن ذلك سيعود عليهم بالرضر والتعب‪ ،‬وباألخص املرأة التي‬ ‫الزوج أو املحرم‪ ،‬ر‬
‫تذهب مرار ًا وتكرار ًا للتجارة أو اهلواية أو للسمعة أو للعاطفة الدينية‪.‬‬
‫( ) صحح قايض خان وغريه أنره من رشائط األداء ‪ ،‬وصحح صاحب البدائع‬
‫والَّسوجي أنره من رشائط الوجوب‪ .‬ينظر‪ :‬املسلك ص‪.23‬‬
‫( ) قال ‪( :‬ال حيل المرأة أن تسافر ثالث ًا إال ومعها ذو حمرم منها) يف صحيح مسلم‬
‫تتزوج‬
‫‪ ،111 :‬وال جيرب املحرم وال الزوج عىل اخلروج معها‪ ،‬وال جيب عليها أن ر‬
‫حيج هبا‪ .‬ينظر‪ :‬لباب املناسك ص ‪ ،2‬وغريه‪.‬‬ ‫بمن ّ‬‫َ‬
‫ألّنا ال تتمكن من احلج إال باملحرم‪ ،‬فهي تتوسل به إىل أداء احلج‬ ‫(‪ )3‬أي عىل املرأة؛ ر‬
‫فصار كرشاء الراحلة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 14 :‬ورشح ابن ملك ق ‪/8‬أ‪.‬‬
‫ألن الفرض ال حيصل‬ ‫(‪ )4‬حلصول الفرض به‪ ،‬بخالف ما إذا كان فاسق ًا أو جموسي ًا؛ ر‬
‫بالفاسق واملجويس؛ العتقاده إباحة نكاحها‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/8‬أ‪.‬‬
‫(‪ )4‬لعجزمها عن صيانتها عن الفتنة‪ ،‬وال عربة أيض ًا للمحرم الفاسق؛ ألنره غري مأمون‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 23‬‬
‫حقه‪ ،‬والنفل ليس من‬ ‫ألن يف اخلروج تفويت ّ‬ ‫(‪ )2‬أي احلج النفل واحلج املنذور؛ ر‬
‫أركان اإلسالم‪ ،‬والنذر وإن كان واجب ًا يف حقها ففي حقه نفل‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫‪. 14‬‬
‫احلج هذه األشهر؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭼ [البقرة‪:]779 :‬‬ ‫(‪ )1‬أي وقت ّ‬
‫أي وقت أعامله ومناسكه‪.‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عىل شوال( )‪.‬‬


‫واإلحرام رشط أيض ًا( )‪.‬‬
‫وأركان الج‪:‬‬
‫‪ .1‬الوقوف بعرفة ‪.‬‬
‫( )‬

‫‪ .2‬وطواف الزيارة ‪.‬‬


‫( )‬

‫وواجباته‪:‬‬
‫‪ .1‬الوقوف بمزدلفة ‪.‬‬
‫( )‬

‫( ) فال يصح يشء من أفعال احلج الواجبة واملسنونة واملستحبة قبل هذه األشهر‪،‬‬
‫سوى اإلحرام‪ ،‬فإنره جيوز مع الكراهة التحريمية‪ ،‬كام يف الدر املختار ‪ ،41 :‬قال‬
‫‪ :‬ﭽ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﭼ [البقرة‪ ،]727 :‬فاإلحرام‬
‫رشط وليس بركن؛ لذلك جاز تقديمه‪ ،‬وهذا عند احلنفية واملالكية واحلنابلة‪،‬‬
‫وعند الشافعية‪ :‬ال جيوز؛ لكونه ركن ًا‪ ،‬فلو أحرم قبل وقته فإنره ينعقد عمرة‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫الوقاية ص‪ ، 48‬واملسلك ص‪ ،81‬واحلج والعمرة ص ‪ ،4‬وغريها‪.‬‬
‫( ) وهو شامل لنية احلج‪ ،‬والتلبية أو ما يقوم مقامها من الذكر‪ ،‬أو تقليد بدنة مع‬
‫السوق‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪. 41 :‬‬
‫(‪ )3‬أي يف وقته‪ ،‬بأن حيرض ولو ساعة منذ زوال يوم عرفة إىل طلوع الفجر‪ .‬ينظر‪ :‬جممع‬
‫األّنر ‪. 23 :‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮱ ﯓ ﯔﭼ [احلج‪ ،]47 :‬ويسمى طواف الركن‪ ،‬أو‬
‫طواف احلج‪ ،‬أو طواف اإلفاضة‪ ،‬ويتأدى ركن الطواف بأداء أكثره‪ ،‬وهو أربعة‬
‫أشواط‪ ،‬ويشرتط لصحة الطواف النية‪ ،‬فال تعد من فرائض احلج هذه النية إال عىل‬
‫طريق التبعية‪ .‬ينظر‪ :‬الدرر احلسان ص ‪ ، 3-‬واجلامع ص‪. 33‬‬
‫(‪ )4‬أي ولو ساعة بعد الفجر؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كانت سودة امرأة‬
‫ضخمة ثبطة‪ ،‬فاستأذنت رسول اهلل ‪ ‬أن تفيض من مجع بليل فأذن هلا‪ ،‬فقالت‬
‫عائشة‪ :‬فليتني كنت استأذنت رسول اهلل ‪ ‬كام أستأذنته سودة‪ ،‬وكانت عائشة ال‬
‫ـ ‪427‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .2‬والسعي بني الصفا واملروة ‪.‬‬


‫( )‬

‫‪ .3‬ورمي اجلَّمر ‪.‬‬


‫( )‬

‫‪ .4‬واللق أو التقصي ‪.‬‬


‫( )‬

‫الصدح ر ‪.‬‬
‫‪ .5‬وطواف َّ‬
‫( )‬

‫‪ .6‬وركعتا الطواف ‪.‬‬


‫( )‬

‫تفيض إال مع اإلمام) يف صحيح مسلم ‪ ،131 :‬فلو كان ركن ًا ملا جاز تركه‬
‫كالوقوف بعرفة‪ .‬ينظر‪ :‬إرشاد السالك ص‪ ،12‬وغريه‪.‬‬
‫فإن اهلل كتب عليكم السعي) يف صحيح ابن خزيمة ‪، 3 :4‬‬ ‫( ) قال ‪( :‬اسعوا‪ ،‬ر‬
‫واملستدرك ‪ ،11 :4‬ومن واجبات السعي‪ :‬البدء بالصفا؛ فإنره ‪( ‬قرأ‪ :‬ﭽ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﭼ [البقرة‪ ،]722 :‬أبدأ بام بدأ اهلل به‪ ،‬فبدأ بالصفا) يف صحيح‬
‫مسلم ‪ ،888 :‬وامليش يف السعي؛ ملن ليس له عذر‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪.413 :‬‬
‫( ) وهي احلجارة مثل احلىص‪ ،‬ويكون يف األيام الثالثة؛ ر‬
‫ألن له اخليار يف النفر قبل‬
‫دخول اليوم الرابع‪ .‬ينظر‪ :‬طلبة الطلبة ص‪ ،33‬واملسلك املتقسط ص‪.11‬‬
‫(‪ )3‬وهو مقدار الربع من الرأس عند اإلحالل‪ ،‬وأن يقع احللق والتقصري يف أيام النحر‬
‫واحلرم ولو بغري منى‪ ،‬والتقصري أن يأخذ الرجل واملرأة من رؤوس الشعر بمقدار‬
‫األنملة‪ ،‬كام يف املسلك املتقسط ص‪ ،11‬والدر املختار ‪ ،41 :‬واملنحة‬
‫ص‪ 11‬؛ فعن أنس بن مالك ‪ ( :‬ر‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬أتى منى فأتى اجلمرة فرماها‪،‬‬
‫ثم قال للحالق‪ :‬خذ وأشار إىل جانبه األيمن‪ ،‬ثم‬
‫ثم أتى َمنْزله بمنى ونحر‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫األيَّس‪ ،‬ثم جعل يعطيه الناس) يف صحيح مسلم ‪.141 :‬‬
‫ويسمى طواف الوداع‪ ،‬وهو طواف البيت عند الرجوع إىل وطنه‪.‬‬
‫ر‬ ‫(‪ )4‬أي لآلفاقي‪،‬‬
‫ينظر‪ :‬جممع األّنر ‪ 24 :‬؛ فعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪( :‬ال ينفرن أحدٌ حتى‬
‫يكون آخر عهده بالبيت) يف صحيح مسلم ‪.123 :‬‬
‫(‪ )4‬فعن جابر ‪ ( :‬نفذ ‪ ‬إىل مقام إبراهيم ‪ ،‬فقرأ ‪ :‬ﭽﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ـ ‪424‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وسننه‪:‬‬
‫طواف القدوم ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪.1‬‬
‫والرمل فيه ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫( )‬
‫‪.2‬‬
‫واهلرولة يف السعي بني امليلني األخرضين ‪.‬‬
‫( )‬
‫‪.3‬‬
‫بمنى يف أيام ِمنى ‪.‬‬
‫( )‬ ‫واملبيت ِ‬ ‫‪.4‬‬

‫ﯧﭼ [البقرة‪ ،]742 :‬فجعل املقام بينه وبني البيت) يف املنتقى ‪ ، 4 :‬فن ربه ‪‬‬
‫أن الصالة هذه امتثال هلذا األمر‪ ،‬واألمر للوجوب‪ ،‬إال‬‫بالتالوة قبل الصالة عىل ر‬
‫ظني‪ ،‬فكان الثابت الوجوب‪ .‬ينظر‪ :‬إرشاد‬ ‫أن استفادة ذلك من التنبيه‪ ،‬وهو ّ‬ ‫ر‬
‫السالك ص‪.11‬‬
‫باحلج والقارن بخالف املتمتع‪ ،‬فإنره يأيت بطواف العمرة وسعيها‬
‫ّ‬ ‫( ) أي لآلفاقي املفرد‬
‫أوالً‪ ،‬ثم يأيت بطواف القدوم ويقدم سعي احلج أو يؤخره إىل بعد طواف الزيارة‪،‬‬
‫إن أول يشء بدأ به ‪ ‬حني‬ ‫كذا يف اجلامع ص‪ 31‬؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ( :‬ر‬
‫قدم مكة أنره توضأ ثم طاف بالبيت) يف صحيح مسلم ‪ ،132 :‬وصحيح‬
‫البخاري ‪.41 :‬‬
‫( ) أي يف األشواط الثالثة األوىل من الطواف؛ فعن جابر ‪ ( :‬ر‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬ملا‬
‫قدم مكة أتى احلجر فاستلمه‪ ،‬ثم مشى عىل يمينه فرمل ثالث ًا ومشى أربع ًا) يف‬
‫صحيح مسلم ‪.813 :‬‬
‫خيب ثالثة‬
‫إن النبي ‪ ‬كان إذا طاف بالبيت الطواف األول ّ‬ ‫(‪ )3‬فعن ابن عمر ‪ ( :‬ر‬
‫أطواف ويميش أربعة‪ ،‬وأنره كان يسعى بطن املسيل إذا طاف بني الصفا واملروة) يف‬
‫صحيح البخاري ‪ ،484 :‬وصحيح مسلم ‪ ،1 3 :‬واخلب‪ :‬هو الرمل‪ ،‬ومها‬
‫بمعنى واحد‪ ،‬وهو إرساع امليش مع تقارب اخلطا‪ ،‬وبطن املسيل‪ :‬هو الوادي بني‬
‫الصفا واملروة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي يف الليايل الثالثة اآلتية بعد األيام ملن اختار التأخر إىل اليوم الرابع‪ ،‬وإال ففي‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والعمرة سنة مؤكدة( )‪.‬‬


‫وركنها‪ :‬الطواف‪.‬‬
‫وواجباهتا‪:‬‬
‫‪ .1‬السعي‪.‬‬
‫‪ .2‬واللق أو التقصي‪.‬‬
‫وميقات اإلحرام‪:‬‬
‫للمدين‪ :‬ذو ال حل ْيفة( )‪.‬‬
‫وللعراقي‪ :‬ذات ِع ْرق( )‪.‬‬
‫وللشامي‪ :‬اجل ْحفة( )‪.‬‬

‫ليلتني‪ ،‬كام يف اجلامع ص‪ 43‬؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها‪( :‬أفاض رسول اهلل ‪‬‬
‫من آخر يومه حني صىل الظهر‪ ،‬ثم رجع إىل منى فمكث هبا ليايل الترشيق يرمي‬
‫اجلمرة إذا زالت الشمس) يف سنن أيب داود ‪ ، 3 :‬وصحيح ابن حبان ‪:1‬‬
‫‪. 83‬‬
‫( ) فعن جابر ‪( : ‬سئل النبي ‪ ‬عن العمرة أواجبة هي؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬إن تعتمر فهو‬
‫أفضل) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ،342 :4‬وجامع الرتمذي ‪ ، 13 :3‬وقال‪ :‬حسن‬
‫صحيح‪.‬‬
‫( ) ذو احلُ َل ْيفة‪ :‬وهي قرية قرب املدينة املنورة عىل بعد (‪1‬كم) من املدينة‪ ،‬وهبذا املكان‬
‫آبار عيل‪ ،‬فتسمى (آبار عيل) فيام اشتهر بني العامة‪ ،‬وهذا ميقات أهل املدينة ومن‬
‫م ّر هبا من غري أهل املدينة‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‪. 44‬‬
‫(‪ )3‬وهي عىل بعد (‪14‬كم) من مكة املكرمة‪ ،‬واألفضل أن حيرم من العقيق احتياط ًا‪،‬‬
‫مر به‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وهي قبل ذات ع ْرق‪ ،‬وهذا ميقات أهل العراق وسائر أهل املرشق ومن ّ‬
‫ينظر‪ :‬الوقاية ص‪ ، 48‬والدر املختار ورد املحتار ‪ ،412-414 :‬والدرر‬
‫احلسان ص‪ ، - 3‬واملوسوعة الفقهية الكويتية ‪. 42 :‬‬
‫(‪ )4‬اجلُ ْحفة‪ :‬وهي قرية عىل بعد (‪ 3‬كم) من مكة املكرمة‪ ،‬وهي بالقرب من رابغ‪،‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وللنجدي‪ :‬حق ْرن( )‪.‬‬


‫ولليَّمين‪ :‬حي حل ْم حلم( )‪.‬‬
‫و حملن جاء من غي هذه املواضع ما حياذي واحد ًا منها( )‪.‬‬

‫ألّنا تقع قبل اجلحفة إىل جهة البحر‪،‬‬ ‫فمن أحرم من رابغ فقد أحرم قبل اجلحفة؛ ر‬ ‫َ‬
‫فاجلحفة متأخرة عنها‪ ،‬فيجوز التقدم عليها‪ ،‬واألحوط أن حيرم من رابغ أو قبله؛‬
‫لعدم التيقن بمكان اجلُ ْحفة‪ ،‬وهذا ميقات أهل مرص والشام واملغرب من طريق‬
‫تبوك ومن مر هبا من غري أهلها‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‪. 44‬‬
‫( ) َق ْرن‪ :‬وهي قرية عند الطائف‪ ،‬واسم للوادي كله أو للجبل الذي يطل عىل‬
‫السيل‪ ،‬وهذا‬ ‫عرفات‪ ،‬وهي عىل بعد (‪14‬كم) من مكة املكرمة‪ ،‬وتسمى اليوم ر‬
‫ميقات أهل نجد اليمن ونجد احلجاز ونجد ِهتامة‪ ،‬ومن مر به‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع‬
‫ص‪. 44‬‬
‫( ) َي َل ْملم‪ :‬وهي اسم جبل عىل بعد (‪14‬كم) من مكة املكرمة‪ ،‬وهذا ميقات باقي أهل‬
‫قت رسول اهلل‬ ‫وهتامة‪ ،‬كام يف اجلامع ص‪ 44‬؛ فعن ابن ع ّباس ‪ ‬قال‪َ ( :‬و ر‬ ‫اليمن ِ‬
‫‪ ‬ألهل املدينة ذا احلليفة‪ ،‬وألهل الشام اجلحفة‪ ،‬وألهل نجد َق ْرن املنازل‪ ،‬وألهل‬
‫اليمن َي َل ْم َلم‪ ،‬قال‪ :‬فهن هل ّن وملَن أتى عليهن من غري أهله ّن ممرن أراد احلج‬
‫فمن كان دوّنن فمن أهله‪ ،‬وكذا فكذلك‪ ،‬حتى أهل مكة هيلون منها)‬ ‫والعمرة‪َ ،‬‬
‫يف صحيح مسلم ‪ ،838 :‬وصحيح البخاري ‪ ،444 :‬وغريمها‪.‬‬
‫فإن أعيان هذه املواقيت ليست برشط؛ وهلذا يصح اإلحرام قبلها‪ ،‬والواجب‬ ‫(‪ )3‬ر‬
‫عينها أو حماذاهتا ومقابلتها‪ ،‬فمن سلك طريق ًا ليس فيه ميقات معني بر ًا أو بحر ًا أو‬
‫جو ًا‪ ،‬أحرم إذا حاذى ميقات ًا من املواقيت املعروفة‪ ،‬ولك رن اإلحرام من حذو‬
‫ألن األفضل أن حيرم من أول امليقات‪ ،‬وهو الطرف األبعد‬ ‫امليقات األبعد أوىل؛ ر‬
‫يمر بيشء مما يسمى ميقات ًا غري حمرم‪ ،‬ولو أحرم من الطرف‬ ‫من مكة حتى ال ّ‬
‫األقرب إىل مكة جاز‪ ،‬قال ‪( :‬من أحب منكم أن يستمتع بثيابه إىل اجلحفة‬
‫فليفعل) يف موطأ حممد ‪ ، 31 :‬وقال‪ :‬أخربنا بذلك أبو يوسف عن إسحاق بن‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واإلحرام من وطنه أفضل إن حوثِ حق من نفسه باجتناب حمظوراته( )‪.‬‬


‫وال جيوز هلؤالء إذا قصدوا دخول مكة لج أو غيه تأخي اإلحرام‬
‫عنها( )‪.‬‬

‫راشد عن حممد بن عيل عن النبي ‪ ،‬وقال التهانوي يف إعالء السنن ‪: 1 : 3‬‬


‫إسناده صحيح مرسل‪ .‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬اعتمرت يف سنة‬
‫مرتني‪ :‬مرة من ذي احلليفة‪ ،‬ومرة من اجلحفة) يف األم ‪ ، 4 1 :‬وقال التهانوي‬
‫يف إعالء السنن ‪ : 1 : 3‬رجاله كلهم ثقات‪.‬‬
‫( ) وإال فاإلحرام من امليقات أفضل؛ فعن أم حكيم عن أم سلمة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال‬
‫أهل من املسجد األقىص بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه‪ ،‬فركبت أم حكيم‬ ‫‪َ ( :‬من ّ‬
‫إىل بيت املقدس حتى أهلت منه بعمرة) يف صحيح ابن حبان ‪ ، 4 :1‬وسنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ،33 :4‬ومسند أمحد ‪ ، 11 :1‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬يف‬
‫قوله ‪ :‬ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ [البقرة‪ ،]772 :‬قال‪ :‬من متام احلج أن حترم من‬
‫دويرة أهلك) يف سنن البيهقي الكبري ‪ ،33 :4‬وشعب اإليامن ‪ ،441 :3‬وحسنه‬
‫السيوطي يف اجلامع الصغري ‪ ،431 :‬قال التهانوي يف إعالء السنن ‪: 2 : 3‬‬ ‫ّ‬
‫لعل حتسينه ألجل الشواهد‪ ،‬وعن عيل ‪ ‬يف قول ‪ :‬ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫قال‪« :‬أن حترم من دويرة أهلك» يف املستدرك ‪ ،333 :‬وصححه‪.‬‬
‫( ) أي حيرم عىل أهل اآلفاق تأخري اإلحرام عن هذه املواقيت إن أرادوا دخول مكة أو‬
‫احلرم حلج أو عمرة‪ ،‬أو جتارة أو نزهة أو سياحة أو دخول بيت أو غريها وإن مل يرد‬
‫نسك ًا؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪( :‬ال جتاوزوا الوقت إال بإحرام) يف مصنف ابن‬
‫أيب شيبة ‪ ،431 :4‬بال ذكر ابن عباس‪ ،‬ونقله الزيلعي يف نصب الراية ‪ 81 :3‬عن‬
‫املصنف‪ ،‬وذكر ابن عباس بعد سعيد‪ ،‬ومثله فعل السيوطي يف اجلامع الصغري ‪:2‬‬
‫‪ ،313‬وحسنه‪ ،‬ويف لفظ‪( :‬ال يدخل أحد مكة إال حمرم ًا) يف رشح معاين اآلثار ‪:‬‬
‫‪ ، 23‬موقوف ًا‪ ،‬وأخرجه البيهقي‪،‬قال ابن حجر يف تلخيص احلبري ‪ : 43 :‬إسناده‬
‫جيد‪ .‬وقال ابن امللقن يف خالصة البدر ‪ : 1 :‬رواه البيهقي ورواه ابن عدي عنه‬
‫مرفوع ًا بإسناد ضعيف ‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، : 3‬وعن ابن عباس ‪‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومن دوهنم ميقاهتم الل الذي بينهم وبني الرم ( )‪.‬‬


‫وأهل هذه املواضع ح‬
‫واملكي ميقاته للحج الرم والعمرة الل( )‪.‬‬
‫ُّ‬
‫فصل‬
‫[يف بيان كيفية اإلحرام]‬
‫توضأ حأو‬
‫وح حل حق عانتحه‪ ،‬ث َّم َّ‬
‫أظفاره‪ ،‬ح‬
‫ح‬ ‫إذا حأراد اإلحرا حم حق َّص شار حبه‪ ،‬وق َّل حم‬
‫اغتسل وهو حأفضل( )‪.‬‬
‫ح‬

‫قال‪( :‬ال جياوز أحد ذات عرق حتى حيرم) يف مصنف ابن أيب شيبة ‪.431 :4‬‬
‫( ) أي وأهل ّ‬
‫احلل‪ :‬وهم الذين منازهلم يف نفس امليقات أو داخل امليقات إىل احلرم‪،‬‬
‫احلل للحج والعمرة‪ ،‬وهي مجيع املسافة من امليقات إىل انتهاء‬ ‫فإن ميقاهتم هو ّ‬
‫ر‬
‫فمن كان دوّن ّن ـ أي مواقيت اآلفاقي ـ‬‫احلل‪ ،‬كام يف اجلامع ص‪ 48‬؛ لقوله ‪َ ( :‬‬
‫فمن أهله)‪ ،‬ويف لفظ‪( :‬ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ) يف صحيح البخاري‬
‫‪.444 :‬‬
‫إن ميقات أهل احلرم‪ :‬وهم من كان منزله يف احلرم‪ :‬كسكان مكة ومنى‪ ،‬ر‬
‫فإن‬ ‫( ) أي ر‬
‫ألن احلج عرفات وهي يف احلل‪ ،‬فإحرامه من احلرم‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫ميقاته للحج احلرم؛ ر‬
‫(فكذلك ـ أي حيرم ـ حتى أهل مكة هيلون منها)‪ ،‬ويف لفظ‪( :‬حتى أهل مكة من‬
‫ألن العمرة يف‬ ‫وإن ميقاهتم للعمرة ّ‬
‫احلل؛ ر‬ ‫مكة) يف صحيح البخاري ‪ ،444 :‬ر‬
‫احلرم‪ ،‬فإحرامه من احلل؛ ليحصل له نوع سفر‪ ،‬وإحرامه من التنعيم أفضل‪ ،‬كام‬
‫يف رشح الوقاية ص‪ 41‬؛ ملا روت السيدة عائشة ريض اهلل عنها‪( :‬قدمت مكة وأنا‬
‫حائض مل أطف بالبيت وال بني الصفا واملروة‪ ،‬فشكوت ذلك إىل رسول اهلل ‪،‬‬
‫فقال‪ :‬انقيض رأسك وامتشطي وأهيل باحلج ودعي العمرة‪ ،‬قالت‪ :‬ففعلت فلام‬
‫قضينا احلج‪ ،‬أرسلني رسول اهلل ‪ ‬مع عبد الرمحن بن أيب بكر إىل التنعيم‬
‫فاعتمرت) يف صحيح مسلم ‪.413 :‬‬
‫(‪ )3‬فعن زيد بن ثابت ‪( :‬إنره رأى النبي ‪ ‬جترد إلهالله واغتسل) يف صحيح ابن‬
‫خزيمة ‪ ، 2 :4‬واملستدرك ‪ ،4 :‬وجامع الرتمذي ‪ ، 1 :3‬وعن جابر ‪‬‬
‫ـ ‪429‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ب‬
‫ورداء( ) جديدين أبيضني وهو أفضل أو غسيلني( )‪ ،‬و حتط َّي ح‬
‫ً‬ ‫و حلبِ حس إزار ًا‬
‫وا َّدهن إن حو حجدح ( )‪،‬‬
‫وص َّىل ركعتني( )‪ ،‬وسأل اهلل التيسي‪.‬‬ ‫ح‬

‫واس َت ْث ِفري بثوب‬


‫إن النبي ‪ ‬قال ألسامء بنت ُع َميس ملا ولدت‪( :‬اغتسيل ْ‬ ‫ر‬
‫وأحرمي) يف صحيح مسلم ‪ ،881 :‬وصحيح ابن خزيمة ‪. 3 :‬‬
‫( ) فعن ابن عباس ‪ ،‬قال‪( :‬انطلق النبي ‪ ‬من املدينة بعد ما ترجل وا ّدهن ولبس‬
‫إزاره ورداءه هو وأصحابه‪ ،‬فلم ينه عن يشء من األردية واألزر تلبس‪ ،‬إال‬
‫املزعفرة التي تردع عىل اجللد) يف صحيح البخاري ‪ ،423 :‬وغريها‪.‬‬
‫فإّنا من خري‬
‫( ) أي مغسلني؛ فعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪( :‬إلبسوا من ثيابكم البياض‪ ،‬ر‬
‫ثيابكم) يف سنن أيب داود ‪ ،43 :‬وسنن الرتمذي ‪ ،3 1 :3‬وصححه‪.‬‬
‫ويستحب أن يكون‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )3‬أي الدهن والطيب مجيع ًا‪ ،‬فيتطيب بام ال يبقى أثره أفضل‪،‬‬
‫الصايف‪ ،‬واألوىل أن ال يطيب ثوبه؛‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫باملسك وإذهاب جرمه بامء ورد ونحوه من املاء ر‬
‫فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كنت أطيب رسول اهلل ‪ ‬إلحرامه قبل أن‬
‫حيرم‪ ،‬وحلله قبل أن يطوف بالبيت) يف صحيح مسلم ‪ ،842 :‬وصحيح البخاري‬
‫‪ ، 34 :‬وعن أيب يعىل ‪ ،‬قال‪( :‬أتى النبي ‪ ‬رجل وهو باجلعرانة‪ ... ،‬وعليه‬
‫ُج ّبة صوف ُمت ََضم ٌخ بطيب‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬كيف ترى يف رجل أحرم بعمرة‬
‫يف ُج ربة بعدما ت ََض رمخ بطيب؟ ‪ ....‬فقال النبي ‪ :‬أما الطيب الذي بك فاغسله‬
‫حجك) يف‬‫ثالث مرات‪ ،‬وأما اجلُ ربة فانزعها‪ ،‬ثم اصنع يف عمرتك ما تصنع يف ّ‬
‫صحيح مسلم ‪ ،831 :‬وصحيح البخاري ‪441 :‬‬
‫(‪ )4‬أي سنة اإلحرام إال يف أوقات الكراهة؛ فعن ابن عمر ‪( :‬رأيت رسول اهلل ‪‬‬
‫صىل بذي احلُ َليفة ركعتني) يف صحيح مسلم ‪ ،48 :‬وصحيح البخاري ‪:‬‬
‫‪ ،42‬وعن ابن عباس ‪( :‬خرج رسول اهلل ‪ ‬حاج ًا فلام صىل يف مسجده بذي‬
‫فأهل باحلج حني فرغ من ركعتيه) يف املستدرك‬‫احلليفة ركعتيه‪ ،‬أوجبه يف جملسه‪ّ ،‬‬
‫‪ ،2 3 :‬وصححه‪ ،‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،31 :4‬وسنن أيب داود ‪، 43 :‬‬
‫ومسند أمحد ‪. 23 :‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ث َّم حل َّبى ناوي ًا( ) نسكحه رافع ًا صوتحه( )‪.‬‬


‫مرة رشط( )‪ ،‬والزيادة سنة( )‪.‬‬‫والتلبية معروفة( )‪ ،‬وهي َّ‬

‫( ) أي بقلبه ما حيرم به من حج أو عمرة أو قران أو غريها‪ ،‬وذكره باللسان مع ذلك‬


‫أفضل‪ ،‬وليس برشط‪ ،‬ولو نوى بقلبه ومل يتكلم بلسانه صح‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع‬
‫ص‪. 43‬‬
‫ب أن يرفع بالتلبية صوته إال أن يكون يف مرص أو امرأة‪ ،‬لكن ال يرفعه‬ ‫( ) أي ُي ْست ََح ُّ‬
‫وتترضر به نفسه؛ فعن السائب بن خالد ‪ ،‬قال ‪( :‬أتاين‬ ‫ّ‬ ‫بحيث ينقطع صوته‬
‫جربيل فأمرين أن آمر أصحايب أن يرفعوا أصواهتم باإلهالل والتلبية) يف سنن‬
‫الرتمذي ‪ ، 1 :3‬وصححه‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 13 :4‬وصحيح ابن حبان‬
‫وإن رسول اهلل ‪ ‬قال ألصحابه حني جتاوزوا عن احلدّ يف رفع أصواهتم‬ ‫‪ ،‬ر‬ ‫‪:1‬‬
‫بالتكبري يف سفر‪( :‬أهيا الناس‪ ،‬أربعوا عىل أنفسكم‪ ،‬إنركم ليس تدعون أصم‪ ،‬وال‬
‫غائب ًا‪ ،‬إنركم تدعون سميع ًا قريب ًا‪ ،‬وهو معكم) يف صحيح مسلم ‪، 312 :4‬‬
‫وصحيح البخاري ‪. 31 :3‬‬
‫إن تلبية رسول اهلل ‪ :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال رشيك لك‬ ‫(‪ )3‬فعن ابن عمر ‪ ( :‬ر‬
‫إن احلمد والنعمة لك وامللك ال رشيك لك‪ ،‬وكان ابن عمر ‪ ‬يزيد فيها‪:‬‬ ‫لبيك‪ ،‬ر‬
‫لبيك لبيك وسعديك واخلري بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل) يف صحيح‬
‫مسلم ‪.84 :‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ [البقرة‪ ،]779 :‬قال ابن عمر ‪« : ‬من فرض‬
‫احلج‪ :‬من أهل باحلج»‪ ،‬كام يف تفسري الطربي ‪. 21 :‬‬
‫ألّنا ذكر وتعظيم‪ ،‬ويصيل عىل النبي ‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 34 :‬؛‬ ‫مرة ُسنة؛ ر‬‫(‪ )4‬أي عىل ّ‬
‫فعن ابن عمر ‪( :‬إنره كان يلبي راكب ًا ونازالً ومضطجع ًا) يف مسند الشافعي‬
‫إن النبي ‪ ‬ر‬
‫أهل يف‬ ‫ص‪ ، 3‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،43 :4‬وعن ابن عباس ‪ ( :‬ر‬
‫ُد ُبر الصالة) يف جامع الرتمذي‪ ، 8 :3‬وقال‪ :‬حسن غريب‪ ،‬وسنن البيهقي‬
‫الكبري ‪ ،31 :4‬واملعجم الكبري ‪ ،434 :‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪427‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويتقي املحرم‪:‬‬
‫‪ .1‬الرفث والفسوق واجلدال( )‪.‬‬
‫الرب والداللة واإلشارة‪ ،‬ويباح له كل صيد البحر( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ .2‬وقتل صيد ح‬

‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭼ [البقرة‪،]779 :‬‬


‫والرفث‪ :‬هو اجلامع أو دواعيه مطلق ًا‪ :‬كذكر اجلامع بحرضة النساء‪ ،‬أو الكالم‬
‫الفاحش‪ ،‬والفسوق‪ :‬املعايص كلها‪ ،‬واجلدال‪ :‬وهو أن جيادل رفيقه حتى يغضبه‬
‫باملنازعة القبيحة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ص‪ ، 41‬وغريها‪.‬‬
‫الرب دون البحر وأخذه واإلعانة عليه‪ ،‬ودوام‬ ‫( ) أي حيظر عىل املحرم قتل صيد َ ّ‬
‫إمساكه يف يده‪ ،‬واإلشارة إليه حال حضوره‪ ،‬والداللة عليه حالة غيابه‪ ،‬واإلعانة‬
‫عليه‪ :‬كإعارة سكني‪ ،‬وتنفريه بإخراجه عن حمله من غري رضورة‪ ،‬وكَّس بيضه‪،‬‬
‫ونتف ريشه‪ ،‬وكَّس قوائمه‪ ،‬وجناحه‪ ،‬وحلبه‪ ،‬وشويه‪ ،‬وبيعه‪ ،‬ورشائه‪ ،‬وأكله؛ قال‬
‫‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ [املائدة‪ ،]72 :‬وعن ابن عباس ‪،‬‬
‫قال ‪ ( :‬ر‬
‫إن هذا البلد حرمه اهلل ‪ ...‬فهو حرام بحرمة اهلل إىل يوم القيامة‪ ،‬ال ُي ْع َضدُ‬
‫شوكه‪ ،‬وال ُينَ رف ُر َص ْيدُ ه‪ ،‬وال ُي ْلتَقط ُل ْق َطته إال َمن عرفها) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،18‬وعن أيب قتادة ‪ ‬قال‪( :‬كنت يوم ًا جالس ًا مع رجال من َأصحاب ّ‬
‫النبي ‪‬‬
‫غري حمرم فأبرصوا‬ ‫يف طريق َمكّة ورسول اهلل ‪ ‬نازل أمامنا‪ ،‬والقوم حمرمون‪ ،‬وأنا ُ‬
‫محار ًا وحشي ًا‪ ،‬وأنا مشغول َأخصف نعيل‪ ،‬فلم يؤذنوين به وأحبوا لو ّأين َأبرصته‪،‬‬
‫والتفت َفأبرصته‪ ،‬فقمت إىل الفرس َفأرسجته‪ ،‬ثم ركبت ونسيت السوط والرمح‪،‬‬
‫فقلت هلم‪ :‬ناولوين السوط والرمح‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال واهلل ال نعينك عليه بيشء‪ ،‬فغضبت‬
‫فنزلت فأخذهتام‪ ،‬ثم ركبت‪ ،‬فشددت عىل احلامر فعقرته‪ ،‬ثم جئت به‪ ،‬وقد مات‬
‫فوقعوا فيه يأكلونه‪ ،‬ثم رإّنم شكوا يف أكلهم إياه‪ ،‬وهم حرم‪ ،‬فرحنا وخبأت‬
‫العضد معي فأدركنا رسول اهلل ‪ ‬فسألناه عن ذلك‪ ،‬فقال ‪ :‬معكم منه يشء‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فناولته العضد‪ ،‬فأكلها حتى نفدها‪ ،‬وهو حمرم) يف صحيح‬
‫البخاري ‪ ،138 :‬وعن جابر ‪ ،‬قال ‪( :‬حلم صيد الرب لكم حالل وأنتم حرم‪،‬‬
‫ما مل تصيدوه أو يصاد لكم) يف املستدرك ‪ ،241 :‬وصححه‪.‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .3‬ويرتك لبس ا حملخيط( ) ِ‬
‫والعَّممة وال حقلنسوة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫‪ .4‬واخلفني التامني( )‪.‬‬
‫‪ .5‬وتغطية الرأس والوجه( )‪.‬‬
‫‪ .6‬والدهن والطيب( )‪.‬‬
‫‪ .7‬وحلق الشعر وقص الظفر( )‪.‬‬

‫( ) أي عىل الوجه املعتاد؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬ال يلبس ال ُق ُمص‪ ،‬وال العامئم‪،‬‬
‫الربانِس ) يف صحيح البخاري ‪ ،243 :‬وصحيح مسلم‬ ‫الَّساويالت‪ ،‬وال َ َ‬
‫وال ر‬
‫‪ ،834 :‬والربانس‪ :‬وهي القلنسوة الطويلة‪ .‬ينظر‪ :‬املصباح ص‪.48‬‬
‫( ) قيد بالتامني؛ ألنره إذا قطعهام أسفل من الكعبني جيوز‪ ،‬كام يف املنحة ‪، 32 :‬‬
‫وكل ما يواري الكعب الذي عند معقد رشاك النعل؛‬ ‫جلوربني ّ‬ ‫وكذلك حيظر لبس ا َ‬
‫لقوله ‪( :‬وال اخلفاف إال أحد ال جيد نعلني‪ ،‬فليلبس خفني‪ ،‬وليقطعهام أسفل من‬
‫الكعبني) يف صحيح البخاري ‪ ،243 :‬وصحيح مسلم ‪ ،834 :‬وغريها‪.‬‬
‫ال أوقصته راحلته‪ ،‬وهو حمرم فامت‪ ،‬فقال رسول اهلل‬ ‫إن رج ً‬‫(‪ )3‬فعن ابن عباس ‪ ( :‬ر‬
‫‪ :‬اغسلوه بامء وسدر‪ ،‬وكفنوه يف ثوبيه‪ ،‬وال ختمروا رأسه وال وجهه‪ ،‬فإنره يبعث‬
‫يوم القيامة ملبي ًا) يف صحيح مسلم ‪ ،822 :‬واملسند املستخرج ‪. 18 :3‬‬
‫(‪ )4‬أي يرتك التط ّيب بعد اإلحرام‪ ،‬والتدهني‪ ،‬وأكل الطيب‪ ،‬وشد الطيب بطرف ثوبه؛‬
‫فعن ابن عمر ‪ ،‬قال ‪( :‬وال يلبس ثوب ًا مسه الورس وال الزعفران إال أن يكون‬
‫ال) يف مسند أمحد ‪ ،4 :‬ورشح معاين اآلثار ‪ ، 32 :‬ورجاله ثقات‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫غسي ً‬
‫إعالء السنن ‪ ،23 : 3‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي حلق املحرم رأسه أو رأس غريه حالالً كان أو حمرم ًا وتقصريه‪ ،‬والشارب‪،‬‬
‫وقص اللحية ونتفها‪ ،‬وقلم األظافر‪،‬‬‫واإلبط‪ ،‬والعانة‪ ،‬والرقبة‪ ،‬وموضع املحاجم‪ّ ،‬‬
‫كام يف فتح باب العناية ‪ ،23 :‬والوقاية ص‪ ، 43‬قال ‪ :‬ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ‬
‫[البقرة‪.]772 :‬‬
‫ـ ‪427‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .8‬ول ْبس املصبوغ إال مغسوالً ال ينفض( )‪.‬‬


‫‪ .9‬وال يغسل شعره ِ‬
‫بخ ْطمي( )‪ ،‬وال بسدر( )‪.‬‬ ‫ح‬
‫يتنور( )‪.‬‬
‫‪ .11‬وال َّ‬
‫ك ح‬
‫رأ حسه إال برفق( ) إن كان عليه شعر‪.‬‬ ‫‪ .11‬وال ححي ُّ‬
‫و[يباح] له‪:‬‬
‫ح‬
‫ويدخل الَّم حم( )‪.‬‬ ‫ح‬
‫يغتسل‬ ‫‪ .1‬أن‬

‫( ) أي لبس ثوب مصبوغ بطيب أو ورس أو زعفران أو عصفر أو غريها‪ ،‬إال أن‬
‫يكون مغسوالً كثري ًا بحيث ال ينفض أثر الصبغ‪ :‬أي ال يتناثر الصبغ منه‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫هو فوحان الطيب‪ ،‬وقال حممد ‪ :‬أن ال يتعدى أثر الصبغ إىل غريه‪ ،‬أو ال يفوح‪،‬‬
‫كام يف اهلدية ‪ 22‬؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال‪( :‬انطلق النبي ‪ ‬من املدينة بعد ما‬
‫ترجل وا ّدهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه‪ ،‬فلم ينه عن يشء من األردية‬
‫واألزر تلبس‪ ،‬إال املزعفرة التي تردع عىل اجللد) يف صحيح البخاري ‪،423 :‬‬
‫مسه الزعفران أو ورس)‬ ‫وعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬وال تلبسوا من الثياب شيئ ًا ّ‬
‫يف صحيح البخاري ‪ ،243 :‬وصحيح مسلم ‪ ،834 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) اخلطمي‪ :‬وهو نبت يغسل به الرأس‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة‪ ،‬وعند الصاحبني فألنره‬
‫يقتل هوام الرأس واللحية‪ ،‬ويلني الشعر‪ ،‬وثمرة اخلالف تظهر فيام جيب بسببه‪:‬‬
‫ألن غسلهام باألشنان‬ ‫فعند أيب حنيفة‪ :‬دم‪ ،‬وعندمها‪ :‬صدقة‪ ،‬وقيد باخلطمي؛ ر‬
‫والصابون ونحومها جائز اتفاق ًا‪ ،‬وأجاز الشافعي باخلطمي أيض ًا خالف ًا ملالك‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،23 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهو ورق النبق‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 22‬‬
‫(‪ )4‬أي ال يطيل النورة لنتف شعره‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصلعوك ص‪. 22‬‬
‫(‪ )4‬ألنره إذا قلع شعر ًا جيب اجلزاء‪ ،‬وعن أيب حنيفة ‪ ‬ال بأس للمحرم أن حيك رأسه‬
‫وبدنه ببطون األصابع‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ، 21‬ورشح ابن ملك ق‪/84‬أ‪.‬‬
‫(‪ )2‬فعن ابن عباس ‪( ‬أنره سأل أبا أيوب األنصاري كيف كان رسول اهلل ‪ ‬ي َ‬
‫غسل‬
‫ـ ‪424‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حم ِمل) (‪.‬‬ ‫َّ‬


‫ويستظل ببيت أو خيمة أو ح ْ‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ .3‬ويشدَّ اهلميان) (‪.‬‬
‫ويكثر التلبي حة بصوت رفيع بعد الصلوات‪ ،‬وك َّلَّم عال رشف ًا‪ ،‬أو هبط‬
‫وادي ًا‪ ،‬أو لقي ركب ًا‪ ،‬وباألسحار) (‪.‬‬

‫رأسه وهو حمرم؟ فوضع أبو أيوب ‪ ‬يده عىل الثوب فطأطأه حتى بدا يل رأسه‪،‬‬
‫َ‬
‫رأسه بيديه فأقبل هبام‬
‫حرك َ‬
‫فصب عىل رأسه‪ ،‬ثم ر‬
‫ّ‬ ‫ثم قال إلنسان يصب‪ :‬أصبب‬
‫وأدبر‪ ،‬ثم قال‪ :‬هكذا رأيته ‪ ‬يفعل) يف صحيح مسلم ‪.824 :‬‬
‫) ( لكن بحيث ال يمس رأسه وغريها؛ فعن أم احلصني ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫(حججت مع رسول اهلل ‪ ‬حجة الوداع فرأيت أسامة وبالالً‪ ،‬وأحدمها آخذ‬
‫احلر‪ ،‬حتى رمى مجرة العقبة)‬
‫بخطام ناقة النبي ‪ ،‬واآلخر رافع ثوبه‪ ،‬يسرته من ّ‬
‫يف صحيح مسلم ‪ ،144 :‬وعن جابر ‪( :‬فلام كان يوم الرتوية توجهوا إىل منى‪،‬‬
‫فأهلوا باحلج وركب رسول اهلل ‪ ‬فصىل هبا الظهر والعرص واملغرب والعشاء‬
‫والفجر‪ ،‬ثم مكث قلي ً‬
‫ال حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر عمال له‬
‫بنمرة‪ ...،‬فوجد القبة قد رضبت له بنمرة فنزل هبا) يف صحيح مسلم ‪.881 :‬‬
‫) ( وهي ربطة يف وسطه‪ ،‬سواء كان فيه نفقته أو نفقة غريه مع أنره خميط‪ .‬ينظر‪ :‬املصباح‬
‫املنري ص ‪ ،24‬واجلامع ص‪. 12‬‬
‫)‪ (3‬أي يستحب له ذلك؛ فعن ابن عمر ‪( :‬إنره كان يلبي راكب ًا ونازالً ومضطجع ًا)‬
‫يف مسند الشافعي ص‪ ، 3‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،43 :4‬وعن جابر ‪ ،‬قال‬
‫‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يلبي إذا لقي ركبان ًا‪ ،‬أو عال أكمة‪ ،‬أو هبط وادي ًا‪ ،‬ويف إدبار‬
‫املكتوبة‪ ،‬وآخر الليل)‪ ،‬رواه ابن عسكر يف خترجيه ألحاديث املهذب‪ ،‬ويف إسناده‬
‫من ال يعرف‪ ،‬وله شاهد من حديث ابن عمر موقوف ًا‪( :‬إنره كان يلبي راكب ًا ونازالً‬
‫ومضطجع ًا)‪ .‬ينظر‪ :‬إعالء السنن ‪ ،4 -43 : 3‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫طاف للقدوم سبع حة أشواط وراء الطيم حيرمل( ) يف‬ ‫ح‬ ‫فإذا حد حخ حل مكَّة‬
‫الثالثة األ حول منها‪.‬‬
‫ثم يصِّل ركعتني عند املقام( )‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ثم يسعى بني الصفا واملروة سبع حة أشواط ُيرول فيها بني امليلني‬ ‫َّ‬
‫األخرضين‪.‬‬
‫شاء بال رمل وال سعي( )‪ ،‬وخيتم َّ‬
‫كل‬ ‫ثم يقيم بمكة حرام ًا يطوف متى ح‬ ‫َّ‬
‫طواف بركعتني‪.‬‬
‫ثم خيرج غدا حة الرتوية إىل ِمنى فيقيم هبا حتى يصِّل الفجر يوم عرفة( )‪.‬‬ ‫َّ‬
‫( ) وهو أن يَّسع يف امليش‪ ،‬وهيز كتفيه‪ ،‬و َي َرى من نفسه اجلالدة والقوة مع تقارب‬
‫اخلطا دون الوثب والعدو‪ ،‬ويميش يف الباقي عىل هينته بطمأنينته املعتادة يف هيئته‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اجلامع ص ‪. 8‬‬
‫( ) ويصيل الركعتني بعد كل طواف فرض ًا كان أو واجب ًا أو سنة أو مستحب ًا أو نفالً؛‬
‫فعن الزهري‪( :‬مل يطف النبي ‪ ‬أسبوع ًا قط إال صىل ركعتني) يف صحيح البخاري‬
‫‪ ، 482 :‬وهذه الصالة ال ختتص بزمان وال مكان يف اجلواز والصحة فيام عدا‬
‫وقت الكراهة‪ ،‬وال تفوت‪ ،‬فلو تركها مل جترب بدم؛ فعن أم سلمة ريض اهلل عنها‪:‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ،‬قال هلا‪ :‬إذا أقيمت صالة الصبح فطويف عىل بعريك‪ ،‬والناس‬ ‫( ر‬
‫يصلون‪ ،‬ففعلت ذلك‪ ،‬فلم تصل حتى خرجت) يف صحيح البخاري ‪،481 :‬‬
‫ومتامه يف اجلامع ص‪. 81‬‬
‫ألن السعي ال جيب فيه إال مرة واحدة‪ ،‬والتنفل به غري مرشوع‪ ،‬والرمل مل يرشع‬ ‫(‪ )3‬ر‬
‫‪.‬‬ ‫إال مرة واحدة يف طواف بعده سعي‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪:‬‬
‫(‪ )4‬أي إذا كان يوم الرتوية‪ :‬وهو الثامن من ذي احلجة‪ ،‬راح اإلمام مع الناس بعد‬
‫طلوع الشمس من مكّة إىل ِمنى‪ ،‬فيقيم هبا و ُيصيل هبا الظهر والعرص واملغرب‬
‫والعشاء والفجر‪ ،‬ولو خرج من مكة بعد الزوال فال بأس به‪ ،‬وإن بات بمكّة تلك‬
‫ويستحب أن يكون يف خروجه من مكّة‬ ‫ّ‬ ‫الليلة جاز‪ ،‬وأساء؛ لرتكه سنة املبيت‪،‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الظهر‬
‫ح‬ ‫يتوجه إىل عرفات فإذا زالت الشمس َّ‬
‫صىل اإلمام بالناس‬ ‫َّ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫وقت الظهر بأذان وإقامتني( )‪ ،‬وال حجيمع املنفرد‪ ،‬واإلمام‬ ‫ِ‬ ‫والعرص يف‬‫ح‬
‫رشط فيهَّم( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫بقرب اجلبل( )‪ ،‬وعرفة ك ُّلها موقف إال‬ ‫ثم يقف اإلمام بعرفة راكب ًا‬

‫ودخوله ُملبي ًا داعي ًا ذاكر ًا؛ فعن جابر ‪( :‬فلام كان يوم الرتوية توجهوا إىل منى‪،‬‬
‫فأهلوا باحلج وركب رسول اهلل ‪ ،‬فصىل هبا الظهر والعرص واملغرب والعشاء‬
‫ال حتى طلعت الشمس) يف صحيح مسلم ‪ ،881 :‬وعن‬ ‫والفجر ثم مكث قلي ً‬
‫حيب إذا استطاع أن يصيل الظهر بمنى من يوم الرتوية‪،‬‬ ‫ابن عمر ‪( :‬إنره كان ّ‬
‫بمنى) يف مسند أمحد ‪. 1 :‬‬ ‫أن رسول اهلل ‪ ‬صىل الظهر ِ‬ ‫وذلك ر‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬أذن ثم أقام فصىل الظهر‪ ،‬ثم أقام فصىل العرص‬ ‫( ) فعن جابر ‪ ( :‬ر‬
‫يصل بينهام شيئ ًا) يف صحيح مسلم ‪.813 :‬‬ ‫ومل ّ‬
‫( ) أي يف الصالتني واجلمع بينهام‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 28‬‬
‫(‪ )3‬فاألفضل أن يروح مع اإلمام فيقف راكب ًا‪ ،‬وهو األفضل‪ ،‬وإال فقائ ًام‪ ،‬وإال فقاعد ًا‬
‫وإال فمضطجع ًا؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ [آل‬
‫عمران‪ ،]777 :‬بقرب اإلمام‪ ،‬وبقرب جبل الرمحة أفضل عند الصخرات السود‪،‬‬
‫مستقبل القبلة خلف اإلمام‪ ،‬وإال فعن يمينه‪ ،‬أو بحذائه‪ ،‬أو شامله‪ ،‬رافع ًا يديه‬
‫كرب ًا‪ُ ،‬مه ّلالً‪ُ ،‬مسبح ًا‪ُ ،‬ملبي ًا‪ ،‬حامد ًا‪ُ ،‬مصلي ًا عىل النبي ‪ُ ،‬مستغفر ًا له‬
‫باسط ًا‪ُ ،‬م ّ‬
‫ولوالديه وأقاربه وأحبائه وجلميع املؤمنني واملؤمنات‪ ،‬وجيتهد يف الدعاء‪ ،‬ويقوي‬
‫الرجاء؛ فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪ ،‬قال ‪( :‬خري الدعاء‪ :‬دعاء‬
‫يوم عرفة‪ ،‬وخري ما قلت أنا والنبيون من قبيل‪ :‬ال إله إال اهلل وحده ال رشيك له‪ ،‬له‬
‫امللك وله احلمد‪ ،‬وهو عىل كل يشء قدير) يف جامع الرتمذي ‪ ،41 :‬ورجاله‬
‫ثقات عند أمحد‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 1 : 3‬وعن الفضل ‪ ‬قال‪( :‬رأيت‬
‫رسول اهلل ‪ ‬واقف ًا بعرفة ماد ًا يديه كاملستطعم أو كلمة نحوها) يف مسند البزار ‪:2‬‬
‫‪ ، 3‬والتاريخ الكبري ‪ ، 1 :‬وعن سليامن بن موسى‪ ،‬قال‪( :‬مل حيفظ عن‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫بطن ع حرنة( )‪.‬‬


‫الشمس حأ ح‬
‫فاض إىل مزدلفة ووقف بقرب قزحح( )‪ ،‬واملزدلفة‬ ‫فإذا حغر حب ْ‬
‫ت( ) َّ‬

‫رسول اهلل ‪ ‬أنره رفع يديه الرفع كله إال يف ثالثة مواطن‪ :‬االستسقاء‪،‬‬
‫رفع دون رف ٍع) يف مراسيل أيب داود‬ ‫واالستنصار‪ ،‬وعش ّية عرفة‪ ،‬ثم كان َب ْعدُ ٌ‬
‫يقطر من عينيه‬
‫َ‬ ‫ص‪ ، 43‬وقال الشيخ شعيب‪ :‬رجاله ثقات‪ ،‬وليجتهد يف أن‬
‫قطرات‪ ،‬فإنره دليل اإلجابة؛ وليكن عىل طهارة؛ وليتباعد من احلرام يف أكله ورشبه‬
‫ولبسه وركوبه ونظره وكالمه؛ وليحذر من ذلك كل احلذر؛ وليجتهد يف أن‬
‫يصادف موقف النبي ‪ ‬إن تيَّس من غري حصول رضر‪ ،‬فإن ظفر بموقفه‬
‫الرشيف‪ ،‬فهو الغاية يف الفضل‪ ،‬وإال فليقف ما بني جبل الرمحة والبناء املربع عىل‬
‫مجيع الصخرات واألماكن التي بينهام‪ ،‬فعىل سهلها تارة وعىل جبلها ُأخرى‪ ،‬رجاء‬
‫أن يصاد َفه فيفاض عليه من بركاته‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ص‪ ، 44‬ولباب املناسك‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬أتى املوقف فجعل بطن ناقته‬ ‫ص‪ 4- 1‬؛ فعن جابر ‪ ( :‬ر‬
‫القصواء إىل الصخرات وجعل َح ْبل ـ أي طريقهم ـ املشاة بني يديه واستقبل‬
‫القبلة) يف صحيح مسلم ‪.813 :‬‬
‫( ) فعن جابر ‪ ،‬قال ‪( :‬ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،813‬وعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪( :‬ارفعوا عن بطن ُع َرنة‪ ،‬وارفعوا عن بطن‬
‫حمَّس) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ، 44 :4‬واملستدرك ‪ ،233 :‬وصححه‪ ،‬وموطأ‬
‫مالك ‪.388 :‬‬
‫( ) إذا دفع قبل الغروب‪ ،‬فإن جاوز حدّ عرفة بعد الغروب‪ ،‬فال يشء عليه‪ ،‬وإن‬
‫جاوزه قبل الغروب‪ ،‬فعليه دم‪ ،‬فإن مل يعد أصالً‪ ،‬أو عاد بعد الغروب مل يسقط‬
‫الدم‪ ،‬وإن عاد قبل الغروب فدفع بعد الغروب‪ ،‬سقط عىل الصحيح‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع‬
‫ص‪. 1‬‬
‫ألن الوقوف ال يكون إال بعد‬‫(‪ )3‬وهو املشعر احلرام‪ ،‬واملراد من هذا املوقف النزول؛ ر‬
‫صالة الفجر بغلس ـ كام سيأيت ـ‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 4 :‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ك ُّلها موقف إال وادي ح‬


‫حمّس( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫العشاء حبأذان وإقامة واحدة‪،‬‬ ‫ويصِّل بالناس املغرب والعشاء يف ِ‬
‫وقت‬ ‫ح‬ ‫ح‬
‫املغرب يف الطريق أعا حد( )‪.‬‬
‫ح‬ ‫ومن َّ‬
‫صىل‬ ‫وجيمع املنفرد بينهَّم( )‪ ،‬ح‬
‫الفجر ب حغلس‪ ،‬ثم حي ِقف باملشعر الرام ويدعو فإذا‬
‫ح‬ ‫و حيبيت هبا حويصِّل هبم‬
‫حأسفر حأفاض إىل ِمنى( )‪.‬‬

‫( ) أول ُحمََّس‪ :‬من القرن املرشف من اجلبل الذي عىل يسار الذاهب إىل ِمنى‪ ،‬كام يف‬
‫لباب املناسك ص ‪ ، 43- 4‬واحلج والعمرة ص‪12‬؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال‬
‫‪( :‬ارفعوا عن بطن ُحمََّس) يف صحيح ابن خزيمة ‪ ، 44 :4‬واملستدرك ‪،233 :‬‬
‫وصححه‪ ،‬ومسند أمحد ‪ ، 1 :‬وعن جابر ‪ ،‬قال ‪( :‬كل املزدلفة موقف‬
‫وارتفعوا عن بطن ُحمََّس) يف سنن ابن ماجة ‪ ، 33 :‬وسنن أيب داود ‪، 13 :‬‬
‫‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫وسنن البيهقي الكبري ‪:4‬‬
‫فإّنا رشط‪ ،‬فلو صالمها وحده‬ ‫( ) اجلامع ُة سن ٌة يف هذا اجلمع‪ ،‬بخالف اجلمع يف عرفة ر‬
‫جاز؛ فعن ابن عمر ‪ ،‬قال‪( :‬مجع رسول اهلل ‪ ‬بني املغرب والعشاء بجمع‪ :‬صىل‬
‫املغرب ثالث ًا‪ ،‬والعشاء ركعتني بإقامة واحدة) يف صحيح مسلم ‪،183 :‬‬
‫وصحيح البخاري ‪ ،23 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أعاد صالة املغرب يف مزدلفة مع العشاء مجع ًا؛ ر‬
‫ألن اجلمع واجب هنا بخالف‬
‫مجع عرفة فإنره سنة‪ ،‬ومن رشوط اجلمع هنا‪ :‬املكان‪ :‬وهو مزدلفة‪ ،‬والوقت‪ :‬وهو‬
‫فلام جاء املزدلفة‪)...‬‬
‫الصال ُة أمامك فركب ّ‬
‫وقت العشاء؛ فعن أسامة ‪ ‬قال ‪ ( :‬ر‬
‫يف صحيح مسلم ‪ ،134 :‬وعن جابر ‪ ‬كان يقول‪« :‬ال صالة إال بجمع»‪،‬‬
‫أخرجه اب ُن املنذر بإسناد صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 41 : 3‬وغريها‪.‬‬
‫ثم يأيت اإلمام والناس املشعر‬
‫(‪ )4‬أي يبيت باملزدلفة و ُيصيل الفجر يف رأول ووقته‪ّ ،‬‬
‫ويستحب أن يدعو‬
‫ُّ‬ ‫احلرام ـ وهو جبل قزح ـ إن أمكنه‪ ،‬وإال فتحته أو بقربه‪،‬‬
‫ويكرب وهيلل وحيمد اهلل ويثني عليه‪ ،‬ويصيل عىل النبي ‪ ‬وال يزال كذلك إىل أن‬
‫ـ ‪429‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فيمي مجر حة العقبة من بطن الوادي( ) بسبع حصيات مثل حىص‬


‫اخلذف( )‪ :‬يكرب مع كل حصاة‪.‬‬

‫يسفر الفجر جد ًا بأن يبقى من طلوع الشمس قدر ركعتني أو نحوه‪ ،‬فيدفع‪،‬‬
‫واألفضل أن يكون وقوفه بعد الصالة‪ ،‬كام يف لباب املناسك ص‪ 44‬؛ فعن جابر‬
‫‪( :‬صىل ‪ ‬الفجر حني تبني له الصبح بأذان وإقامة‪ ،‬ثم ركب القصواء حتى أتى‬
‫املشعر احلرام‪ ،‬فاستقبل القبلة فدعاه وكربه وهلله ووحده‪ ،‬فلم يزل واقف ًا حتى‬
‫أسفر جد ًا‪ ،‬فدفع قبل أن تطلع الشمس) يف صحيح مسلم ‪ ،81 :‬وعن عمر ‪‬‬
‫إن املرشكني كانوا ال يفيضون حتى تطلع الشمس‪ ،‬ويقولون‪ :‬أرشق َثبِري‪،‬‬
‫قال‪ ( :‬ر‬
‫ر‬
‫وإن النبي ‪ ‬خالفهم‪ ،‬ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫‪.234‬‬
‫ارع الذي اجتاهها اآلن بالنسبة للرمي من األرض‪ ،‬أما رميها من فوق‬ ‫( ) وهو ر‬
‫الش ُ‬
‫اجلَّس فمن مجيع اجلهات‪ ،‬كام يف احلج والعمرة ص‪ 33‬؛ فعن عبد الرمحن بن‬
‫يزيد ‪ ‬قال‪( :‬رمى عبد اهلل بن مسعود مجرة العقبة من بطن الوادي بسبع‬
‫إن أناس ًا يرموّنا من فوقها‪ ،‬فقال عبد‬
‫حصيات يكرب مع كل حصاة‪ ،‬قال‪ :‬فقيل له‪ :‬ر‬
‫اهلل بن مسعود‪ :‬هذا والذي ال إله غريه مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة) يف‬
‫صحيح مسلم ‪.14 :‬‬
‫يضع احلصا َة عىل ظهر إهبامه‬
‫َ‬ ‫( ) اخلذف‪ :‬الرمي برؤوس األصابع‪ ،‬وكيفية الرمي‪ :‬أن‬
‫اليمنى‪ ،‬ويستعني عليها باملس ّبحة‪ ،‬وقيل‪ :‬يأخذ بطريف إهبامه وسبابته‪ ،‬وهو‬
‫األصح؛ ألنره األيَّس‪ ،‬وهذا بيان األولوية‪ ،‬وأما اجلواز فال يتقيد هبيئة‪ ،‬بل جيوز‬
‫كيفام كان‪ ،‬إال أنره ال جيوز وضع احلصاة‪ ،‬وجيوز طرحها‪ ،‬لكنره خالف السنة‪،‬‬
‫يكرب مع‬
‫ويستحب أن يكون بني الرامي وبني اجلمرة مخسة أذرع فأكثر؛ ويس ّن أن ّ‬‫ّ‬
‫كل حصاة‪ ،‬ولو س ّبح‪ ،‬أو ه ّلل‪ ،‬أو أتى بذكر غريمها مكان التكبري جاز‪ ،‬ولو ترك‬
‫الذكر فقد أساء‪ ،‬ويستحب الرمي باليمنى‪ ،‬ويرفع يده حتى يرى بياض إبطه‪ ،‬وإذا‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وال يقف عندها( )‪ ،‬ويقطع التلبية مع َّأو ِل حصاة( )‪ ،‬ولو رمى السبع‬
‫مجل ًة فهي واحدة( )‪ ،‬وجيوز الرمي بجنس األرض إال بالذهب والفضة( )‪.‬‬

‫فرغ من الرمي ال يقف للدعاء عند هذه اجلمرة يف األيام كلها‪ ،‬بل ينرصف داعي ًا‪،‬‬
‫وال يرمي يومئذ غريها‪ .‬ينظر‪ :‬لباب املناسك ص‪ ، 41- 42‬واجلامع ص‪. 1‬‬
‫( ) أي يف مجيع أيام الرمي للدعاء‪ ،‬ويدعو بال وقوف‪ ،‬والوقوف عند اجلمرة الصغرى‬
‫والوسطى سنة يف األيام كلها؛ فعن ابن عمر ‪( : ‬كان يرمي اجلمرة الدنيا سبع‬
‫ثم يتقدم فيسهل فيقوم مستقبل القبلة قيام ًا‬ ‫حصيات‪ ،‬ثم يكرب عىل إثر ّ‬
‫كل حصاة‪ّ ،‬‬
‫ال فيدعو ويرفع يديه‪ ،‬ثم يرمي اجلمرة الوسطى كذلك‪ ،‬فيأخذ ذات الشامل‬ ‫طوي ً‬
‫فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قيام ًا طوي ً‬
‫ال فيدعو ويرفع يديه‪ ،‬ثم يرمي اجلمرة ذات‬
‫العقبة من بطن الوادي وال يقف عندها‪ ،‬ويقول هكذا رأيت رسول اهلل ‪ ‬يفعل)‬
‫يف صحيح البخاري ‪.2 3 :‬‬
‫إن أسامة ‪ ‬كان ردف النبي ‪ ‬من عرفة إىل املزدلفة‪ ،‬ثم‬ ‫( ) فعن ابن عباس ‪ ( :‬ر‬
‫أردف الفضل من املزدلفة إىل ِمنى قال‪ :‬فكالمها قال‪ :‬مل يزل النبي ‪ ‬يلبي حتى‬
‫رمى مجرة العقبة) يف صحيح البخاري ‪ ،441 :‬وصحيح مسلم ‪.13 :‬‬
‫(‪ )3‬أي دفعة واحدة فهي واحدة؛ ر‬
‫ألن املنصوص عليه تفريق األفعال‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫(‪ )4‬فمن رشوط الرمي أن يكون احلىص من جنس األرض؛ فيجوز باحلجر‪ ،‬واملَدَ ر ـ‬
‫الرتاب املُتَلبد‪ :‬أي قطع الطني ـ‪ ،‬وفلق اآلجر‪ ،‬والطني‪ ،‬والنور ـ اجلص ـ‪ ،‬واملغرة ـ‬
‫الطني األمحر املسمى األرمني ـ‪ ،‬وامللح اجلبيل‪ ،‬والكحل‪ ،‬والكربيت‪ ،‬والز ْرنيخ‪،‬‬
‫وقبضة من تراب‪ ،‬واألحجار النفيسة‪ :‬كالزبرجد‪ ،‬والزمرد‪ ،‬والبلخش‪ ،‬والبلور‪،‬‬
‫والعقيق‪ .‬واألفضل أن يرمي باألحجار‪ ،‬وال جيوز بام ليس من جنس األرض‪:‬‬
‫كالذهب‪ ،‬والفضة‪ ،‬واللؤلؤ‪ ،‬والعنرب‪ ،‬واملرجان‪ ،‬واخلشب‪ ،‬والبعرة‪ .‬ينظر‪ :‬املسلك‬
‫املتقسط ص‪ ، 12‬واجلامع ص‪. 31‬‬
‫ـ ‪427‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫شاء( )‪.‬‬
‫ثم يذبح إن ح‬ ‫َّ‬
‫وحيِل له ُّ‬
‫كل يشء إال‬ ‫ربع رأسه وهو حأفضل( ) أو ي حقرص( )‪ ،‬ح‬ ‫ثم ح ِ‬
‫حيلق ح‬‫ْ‬
‫النساء( )‪.‬‬
‫طواف الزيارة‪ ،‬ووقته‪ :‬أيام النحر‪ ،‬وأفضلها‪َّ :‬أوهلا‪ُّ ،‬‬
‫وحيل له‬ ‫ح‬ ‫ثم يطوف‬‫َّ‬
‫النساء( )‪.‬‬

‫( ) فهذا الذبح ليس بواجب عىل املفرد‪ ،‬أشار إليه بقوله‪ :‬إن شاء‪ ،‬وجيب عىل القارن‬
‫واملتمتع‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 8 :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬اللهم ارحم املحلقني‪ ،‬قالوا‪ :‬واملقرصين‬ ‫( ) فعن ابن عمر ‪ ( :‬ر‬
‫يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬اللهم ارحم املحلقني‪ ،‬قالوا‪ :‬واملقرصين يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫واملقرصين) يف صحيح مسلم ‪ ،144 :‬وصحيح البخاري ‪.2 2 :‬‬
‫(‪ )3‬أي إذا فرغ من الذبح حلق رأسه‪ ،‬ويستقبل القبلة للحلق‪ ،‬ويبدأ باجلانب األيمن‬
‫من رأس املحلوق عىل املختار‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﭼ [الفتح‪ ،]49 :‬فلو مل يكن من املناسك ملا‬
‫وصفهم به‪.‬‬
‫(‪ )4‬فعن جابر ‪( :‬أمر النبي ‪ ‬أصحابه أن جيعلوها عمرة ويطوفوا ثم يقرصوا‬
‫وحيلوا) يف صحيح البخاري ‪ ،414 :‬وسنن أيب داود ‪ ، 42 :‬وعن عائشة‬
‫ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬طيبت رسول اهلل ‪ ‬حلرمه حني أحرم‪ ،‬وحلله قبل أن‬
‫يطوف بالبيت) يف صحيح البخاري ‪ ،842 :‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫كل يشء إال النساء) يف سنن الدارقطني ‪:‬‬ ‫حل له ّ‬ ‫(إذا رمى وحلق وذبح فقد ر‬
‫‪ ، 12‬ومسند أيب يعىل ‪ ،44 :1‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 38 :3‬ورشح معاين‬
‫اآلثار ‪ ، 8 :‬ومسند الشاميني ‪. 31 :4‬‬
‫(‪ )4‬أي بعدما طاف طواف الزيارة حيل له النساء أيض ًا؛ إلمجاع األمة عىل ذلك‪ ،‬كام يف‬
‫ونحر‬
‫َ‬ ‫حجه‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬قىض ّ‬ ‫منحة السلوك ‪ 1 :‬؛ فعن ابن عمر ‪ ( :‬ر‬
‫حل من كل يشء َح ُر َم منه) يف صحيح‬ ‫وأفاض فطاف بالبيت‪ ،‬ثم ر‬ ‫َ‬ ‫هديه يوم النحر‬
‫مسلم ‪.13 :‬‬
‫ـ ‪492‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم يعود إىل ِمنى( )‪ ،‬ويرمي اجلَّمر الثالث بعد الزوال يف اليوم الثاين‬‫َّ‬
‫والثالث( ) والرابع( )‪.‬‬

‫( ) أي إذا فرغ من الطواف رجع إىل ِمنى‪ ،‬فيصيل الظهر هبا‪ ،‬وال يبيت بمكّة‪ ،‬وال يف‬
‫الطريق‪ ،‬ولو بات كره وال يلزمه يشء‪ ،‬والسنة أن يبيت بمنى ليايل أيام الرمي؛ فعن‬
‫عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬أفاض رسول اهلل ‪ ‬من آخر يومه حني صىل‬
‫الظهر‪ ،‬ثم رجع إىل ِمنى‪ ،‬فمكث هبا ليايل أيام الترشيق يرمي اجلمرة إذا زالت‬
‫الشمس‪ )...‬يف سنن أيب داود ‪ ، 3 :‬وصحيح ابن حبان ‪. 83 :1‬‬
‫( ) فوقت رمي اجلامر الثالث يف اليوم الثاين والثالث من أيام النحر بعد الزوال‪ ،‬فال‬
‫نتحني فإذا زالت الشمس رمينا) يف‬
‫جيوز قبله يف املشهور؛ فعن ابن عمر ‪( :‬كنا ر‬
‫صحيح البخاري ‪ ،2 :4‬وعن جابر ‪( :‬رمى النبي ‪ ‬يوم النحر ضحى‪،‬‬
‫ورمى بعد ذلك بعد الزوال) يف صحيح البخاري ‪ 2 :‬معلق ًا‪ ،‬وروي عن أيب‬
‫حنيفة ‪ :‬أنره جيوز الرمي فيهام قبل الزوال‪ ،‬لكن األفضل أن يرمي فيهام بعد‬
‫الزوال‪ .‬قال العالمة نور الدين عرت يف احلج والعمرة ص‪« : 32‬لكن نظر ًا لشدّ ة‬
‫الزحام يف زماننا حتى جتاوز عدد احلجاج ألفي ألف (مليونني) اجتهت جلان اإلفتاء‬
‫لألخذ بام روي عن أيب حنيفة ‪ ‬هذا‪ ،‬وقد وافقه بعض أهل العلم منهم عطاء بن‬
‫أن الفجر هنا هو وقت صالة الفجر‪ ،‬وليس الساعة‬ ‫أيب رباح‪ ،‬لكن جيب التحذير ر‬
‫ال»‪ .‬أما الوقت املسنون يف اليومني يمتدّ من الزوال إىل غروب الشمس‪،‬‬ ‫الثانية لي ً‬
‫ومن الغروب إىل طلوع الفجر وقت مكروه‪ ،‬وإذا طلع الفجر فقد فات وقت‬
‫األداء‪ ،‬وبقي وقت القضاء إىل آخر أيام الترشيق‪ ،‬فلو أخره عن وقته فعليه القضاء‬
‫واجلزاء‪ ،‬ويفوت وقت القضاء بغروب الشمس من الرابع‪ .‬ينظر‪ :‬لباب املناسك‬
‫ص ‪. 21- 2‬‬
‫ويسمى يوم النفر‬
‫ّ‬ ‫(‪ )3‬إذا رمى يف اليوم الثالث من أيام الرمي‪ ،‬والثاين عرش من الشهر‪،‬‬
‫األول‪ ،‬وأراد أن ينفر يف هذا اليوم من منى إىل مكة‪ ،‬جاز بال كراهة‪ ،‬ويسقط عنه‬
‫رمي اليوم الرابع‪ ،‬واألفضل أن يقيم ويرمي يف اليوم الرابع؛ لقوله ‪ :‬ﭽﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭼ [البقرة‪ ،]422 :‬وإن مل ُي ِقم نفر قبل غروب الشمس‪ ،‬فإن مل‬
‫ـ ‪497‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الصدح ر( )‪.‬‬
‫طواف َّ‬
‫ح‬ ‫طاف‬
‫الرجوع إىل بلده ح‬
‫ح‬ ‫فإذا أرا حد‬
‫وقف بعرف حة لظ ًة ما بني زوال يوم عرفة وفجر يوم النحر أجزأه‬
‫ح‬ ‫ومن‬‫ح‬
‫ولو كان نائ ًَّم أو مغمى عليه جاه ً‬
‫ال هبا( )‪.‬‬

‫ينفر حتى غربت الشمس يكره له أن ينفر حتى يرمي يف الرابع‪ ،‬وإن مل يقم نفر من‬
‫الليل قبل طلوع الفجر من اليوم الرابع ال يشء عليه‪ ،‬وقد أساء‪ ،‬ولو نفر بعد‬
‫طلوع الفجر قبل الرمي يلزمه الدم‪ ،‬وإذا مل ينفر وط َلع الفجر من اليوم الرابع من‬
‫سمى النفر الثاين وجب عليه الرمي يف‬ ‫أيام الرمي‪ ،‬وهو الثالث عرش من الشهر‪ ،‬و ُي ر‬
‫يومه ذلك‪ ،‬فريمي اجلامر الثالث بعد الزوال كام سبق‪ ،‬فإذا رمى قبل الزوال يف هذا‬
‫ني‬ ‫صح مع الكراهة‪ ،‬وإن مل َي ْر ِم حتى غربت الشمس فات وقت الرمي‪ ،‬و َت َع ر َ‬ ‫اليوم ّ‬
‫الدم إال إذا كان فوته عن عذر‪ .‬ينظر‪ :‬لباب املناسك ص‪ ، 13‬واجلامع ص‪- 31‬‬
‫‪. 38‬‬
‫ويستحب أن جيع َله آخر طوافه عند السفر‪ ،‬ولو أقام بعده ولو أيام ًا أو أكثر فال‬ ‫ّ‬ ‫( )‬
‫ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)‬ ‫ّ‬ ‫بأس‪ ،‬واألفضل أن يعيدَ ه‪ ،‬قال ‪( :‬ال‬
‫يف صحيح مسلم ‪.123 :‬‬
‫فمن أدرك عرفة‬ ‫( ) فعن عبد الرمحن بن يعمر الدييل ‪ ‬قال ‪( :‬احلج عرفات ثالث ًا‪َ ،‬‬
‫قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك) يف جامع الرتمذي ‪ ، 4 :4‬وصححه‪ ،‬واملنتقى‬
‫‪ ، 3 :‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 33 :1‬وسنن النسائي الكربى ‪ ،4 4 :‬فمن‬
‫رشائط الوقوف أن يكون بعرفة يف وقته؛ ولو حلظة‪ ،‬سواء كان ناوي ًا‪ ،‬أو ال‪ ،‬عامل ًا‬
‫بأنره عرفة أو جاهالً‪ ،‬نائ ًام أو يقظان‪ ،‬مفيق ًا أو مغ ًام عليه‪ ،‬جمنون ًا أو سكران ًا‪ ،‬جمتاز ًا أو‬
‫ال أو ّنار ًا‪ ،‬وأما القدر‬ ‫مَّسع ًا‪ ،‬طائع ًا أو مكره ًا‪ ،‬حمدث ًا أو جنب ًا‪ ،‬حائض ًا أو نفساء‪ ،‬لي ً‬
‫املفروض فساعة لطيفة‪ ،‬وهي ملحة قليلة‪ .‬وأما الواجب ملن وقف بعرفة قبل‬
‫الغروب أن يمتد الوقوف من الزوال إىل املغرب‪ ،‬ووقوف جزء من الليل‪ ،‬أما من‬
‫ال ال يلزمه‬ ‫ال فال واجب يف حقه حتى لو وقف ساعة أو مر بعرفات لي ً‬ ‫وقف لي ً‬
‫ألن امتداده ليس بواجب عىل من وقف ليالً‪ ،‬كام يف رشحات األقالم‬ ‫يشء؛ ر‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬مل يزل‬ ‫ص‪ ،81‬ولباب املناسك ص‪ 1- 2‬؛ فعن جابر ‪ ( :‬ر‬
‫ـ ‪494‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫كشف الرأس( )‪ ،‬ول ْبس‬ ‫واملرأة يف أفعال الج كالرجل إال يف‬

‫ال حتى غاب القرص‪ ،‬وأردف‬ ‫واقف ًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قلي ً‬
‫أسامة خلفه ودفع رسول اهلل ‪ )‬يف صحيح مسلم ‪ ،813 :‬وعن املسور بن‬
‫خمرمة ‪ ،‬قال‪( :‬خطبنا رسول اهلل ‪ ‬بعرفات فحمد اهلل وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬أما‬
‫فإن أهل الرشك واألوثان كانوا يدفعون من هذا املوضع إذا كانت الشمس‬ ‫بعد؛ ر‬
‫كأّنا عامئم الرجال يف وجوهها‪ ،‬وإنا ندفع بعد أن تغيب) يف‬ ‫عىل رؤوس اجلبال‪ ،‬ر‬
‫املستدرك ‪ ،23 :3‬وصححه‪.‬‬
‫بيشء متجاف؛ لقوله ‪( :‬وال‬ ‫ٍ‬ ‫ويستحب هلا تغطيته‬ ‫( ) أي تغطي رأسها دون وجهها‪،‬‬
‫ّ‬
‫تنتقب املرأة املحرمة) يف صحيح البخاري ‪ ،243 :‬وعن ابن عمر ‪ ‬أنره قال‪:‬‬
‫(إحرام املرأة يف وجهها) يف سنن البيهقي الكبري ‪ ،41 :4‬وسنن الدارقطني ‪، 14 :‬‬
‫يس ‪ ‬يف املبسوط ‪« : 8 :4‬ال بأس بأن تسدل اخلامر‬ ‫الَّس ْخ ّ‬
‫قال شمس األئمة ر َ‬
‫عىل وجهها من فوق رأسها عىل وجه ال يصيب وجهها; ر‬
‫ألن تغطية الوجه إنرام‬
‫حيصل بام يامس وجهها دون ما ال يامسه‪ ،‬فيكون هذا يف معنى دخوهلا حتت‬
‫املستحب يف اإلحرام أن تسدل عىل وجهها شيئ ًا وجتافيه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سقف»‪ .‬وقال غريه‪ :‬ر‬
‫إن‬
‫وقد جعلوا لذلك أعواد ًا كالقبة توضع عىل الوجه ويسدل فوقها الثوب‪ ،‬ويف‬
‫أن السدل أوجب‪،‬‬ ‫«رشح الطحاوي»‪ :‬األوىل كشف وجهها‪ ،‬لكن يف «النهاية»‪ :‬ر‬
‫كام يف فتح القدير ‪ ،4 :‬والرشنباللية ‪ ، 34 :‬وجممع األّنر ‪ 84 :‬؛ فعن‬
‫عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول اهلل ‪‬‬
‫حمرمات‪ ،‬فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلباهبا من رأسها عىل وجهها‪ ،‬فإذا‬
‫جاوزونا كشفناه) يف سنن أيب داود ‪ ، 21 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،48 :4‬وعن‬
‫إسامعيل بن أيب خالد عن أ ّمه‪  ،‬قالت‪« :‬كنا ندخل عىل أم املؤمنني يوم الرتوية‬
‫فقلت هلا‪ :‬يا أم املؤمنني‪ ،‬هنا امرأة تأبى أن تغطي وجهها وهي حمرمة‪ ،‬فرفعت‬
‫عائشة ريض اهلل عنها مخارها من صدرها فغطت به وجهها»‪ .‬ينظر‪ :‬التلخيص ‪:‬‬
‫‪. 1‬‬
‫ـ ‪492‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والرمل‪ ،‬واهلرولة‪ ،‬واللق( ) فإهنا اخالفه( )‪.‬‬


‫املخيط( )‪ ،‬ورفع الصوت بالتلبية‪َّ ،‬‬
‫فصل‬
‫[يف القران والتمتع]‬
‫القران أفضل من التمتع واإلفراد( )‪.‬‬
‫بدأ‬ ‫ِ‬
‫بالعمرة والج مع ًا من امليقات‪ ،‬فإذا حد حخ حل م َّك حة ح‬ ‫وصفته‪ :‬أن ُيِ َّل‬
‫بالعمرة‪ ،‬ثم بالج‪ ،‬فإذا رمى اجلمرة يوم النحر حأ ح‬
‫راق دم ًا إن قدر( )‪ ،‬وإال صا حم‬

‫( ) فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬املحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إال ثوب ًا‬
‫مسه ورس أو زعفران‪ ،‬وال تتربقع وال تتلثم وتسدل الثوب عىل وجهها إن‬ ‫ّ‬
‫شاءت) يف سنن البيهقي الكبري ‪.41 :4‬‬
‫( ) فاحللق مسنون للرجال‪ ،‬ومكروه للنساء‪ ،‬والتقصري مباح هلن ومسنون‪ ،‬بل واجب‬
‫هلن؛ لكراهة احللق كراهة حتريم يف حقه ّن إال لرضورة؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال‬
‫‪( :‬ليس عىل النساء احللق‪ ،‬إنرام عىل النساء التقصري) يف سنن أيب داود ‪، 33 :‬‬
‫واملعجم الكبري ‪ ، 43 :‬وسنن الدارمي ‪ ،81 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪، 34 :4‬‬
‫وسنن الدارقطني ‪ ، 1 :‬وحسنه النووي‪ .‬ينظر‪ :‬احلج والعمرة ص‪. 3‬‬
‫فإّنا تلبس القفازين‪ ،‬وال تستلم احلجر‪ ،‬وال تصعد الصفا للمزامحة‪ ،‬وال‬ ‫(‪ )3‬وأيض ًا ر‬
‫تصيل عند مقام إبراهيم ‪ ‬وقت املزامحة‪ ،‬وال يلزمها دم لرتك الصدر‪ ،‬وال‬
‫يلزمها دم تأخري طواف الزيارة عن أيام النحر‪ .‬ينظر‪ :‬لباب املناسك ص‪- 1‬‬
‫‪ ، 8‬واجلامع ص‪. 13- 28‬‬
‫حج قارن ًا؛ فعن أنس ‪ ‬قال‪( :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪:‬‬ ‫ألن رسول اهلل ‪ّ ‬‬‫(‪ )4‬ر‬
‫لبيك عمرة وحج ًا) يف صحيح مسلم ‪.134 :‬‬
‫(‪ )4‬أي جيب عىل القارن واملتمتع هدي شكر؛ ملا و رفقه اهلل تعاىل للجمع بني النسكني يف‬
‫أشهر احلج بسفر واحد‪ ،‬وأدناه شاة‪ ،‬وكل ما هو أعظم‪ ،‬فهو أفضل‪ ،‬واألفضل هلام‬
‫سوقه معهام‪ ،‬ولكل منهام أن يأكل من هديه‪ ،‬ويطعم َمن شاء غني ًا‪ ،‬أو فقري ًا‪،‬‬
‫ويستحب أن يتصدر َق بالثلث‪ ،‬ويطعم الثلث‪ ،‬ويدخر الثلث‪ ،‬أو هيدي الثلث‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬
‫ـ ‪492‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثالث حة أيام آخرها يوم عرفة‪ ،‬وسبعة إذ رجع( )‪.‬‬


‫ِ‬
‫بالعمرة من امليقات‪ ،‬فإذا‬ ‫والتمتع أفضل من اإلفراد‪ ،‬وصفته‪ :‬أن ُيِ َّل‬
‫ثم حيرم بالج يوم الرتوية من الرم‪،‬‬ ‫وح َّل منها‪َّ ،‬‬
‫دخل مكَّة أ َّدى العمرة‪ ،‬ح‬
‫ويفعل ما يفعله املفرد‪ ،‬وعليه الدم أو بدله كالقارن( )‪.‬‬
‫فصل‬
‫[يف اجلنايات]‬
‫ب املحرم عضو ًا( ) حل ِز حمه دم‪ :‬أي شاة‪ ،‬وإن كان أقل لزمه صدقة‪:‬‬
‫إذا حط َّي ح‬
‫أي نصف صاع من بر‪.‬‬

‫جيب التصدق بيشء منه‪ ،‬كام يف الوقاية ص‪ ، 41‬واجلامع ص‪ 42‬؛ فعن جابر ‪‬‬
‫قال‪( :‬حججنا مع رسول اهلل ‪ ‬فنحرنا البعري عن سبعة‪ ،‬والبقرة عن سبعة) يف‬
‫صحيح مسلم ‪.144 :‬‬
‫( ) إن عجز القارن أو املتمتع عن اهلدي‪ ،‬بأن مل يكن يف ملكه فضل عن كفاف قدر ما‬
‫يشرتي به الدم‪ ،‬وال هو يف ملكه‪ ،‬وجب الصيام عليه عرشة أيام‪ ،‬فيصوم ثالثة أيام‬
‫قبل احلج وسبعة بعده‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﭼ [البقرة‪ ،]772 :‬ويستحب أن يصوم‬
‫ألن الصوم بدل‬‫الثالثة متتابعة آخرها يوم عرفة‪ ،‬هي السابع والثامن والتاسع؛ ر‬
‫اهلدي فيستحب تأخريه إىل آخر وقته رجاء أن يقدر عىل األصل‪ ،‬وال جيب التتابع‬
‫يستحب‪ ،‬وجيوز صيام السبعة بمكّة‪ ،‬واألفضل أن‬
‫ّ‬ ‫يف الثالثة وال يف السبعة‪ ،‬ولكن‬
‫يصو َمها بعد الرجوع إىل أهله‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األّنر ‪ ، 88 :‬ولباب املناسك‬
‫ص ‪. 12- 1‬‬
‫( ) أي أن يصوم ثالثة أيام آخرها يوم عرفة‪ ،‬وسبعة أيام إذا رجع إىل أهله‪ ،‬كام سبق‪.‬‬
‫ألن اجلناية تتكامل بتكامل االرتفاق‪ ،‬وذلك يف‬‫(‪ )3‬وذلك كالرأس والفخذ والساق؛ ر‬
‫العضو الكامل‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 4 :‬‬
‫ـ ‪492‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫رأسه بحناء لزمه دم‪ ،‬وإن حل َّبده( ) لزمه دمان‪.‬‬ ‫ب ح‬ ‫وإن حخ حض ح‬


‫وإن ا َّدهن بزيت( )‪ ،‬أو حلبِ حس خميط ًا يوم ًا( )‪ ،‬أو حغ َّطى ح‬
‫رأسه يوم ًا‪ ،‬أو حح حل حق‬
‫ربع رأسه‪ ،‬أو ربع ليته‪ ،‬أو كل رقبته‪ ،‬أو أحد إبطيه لزمه دم‪.‬‬
‫ح‬
‫وإن كان أقل يف الكل لزمه صدقة‪.‬‬
‫قص من شاربه شيئ ًا فعليه حكومة عدل( )‪.‬‬
‫وإن َّ‬
‫وإن حح حل حق مواضع املحاجم‪ ،‬أو َّ‬
‫قص يف جملس كل أظفاره أو ربعها‬
‫( )‬

‫( ) أي رأسه‪ ،‬والتلبيد أن جيعل املحرم يف رأسه شيئ ًا‪ :‬كالصمغ املنقوع‪ ،‬واحلناء ليتل ّبد‬
‫شعره؛ لئال يشعث يف اإلحرام‪ ،‬فإنره يلزمه دمان‪ :‬دم للطيب‪ ،‬ودم للتغطية‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫اهلدية ص‪. 13‬‬
‫( ) أي إن ادهن بدهن غري مط ّيب‪ :‬كالزيت اخلالص أو حل خالص ـ الشريج ـ وأكثره‬
‫من الدهن‪ ،‬فعليه دم‪ ،‬وإن استقل منه فعليه صدقة‪ ،‬وهذا إذا استعمل عىل وجه‬
‫الطيب‪ ،‬أما إذا استعمله عىل وجه التداوي أو األكل فال يشء عليه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح‬
‫الوقاية ص‪ ، 23‬ولباب املناسك ص‪.323-343‬‬
‫ألن االرتفاق الكامل فيه ال حيصل منه‬ ‫(‪ )3‬أي يوم ًا كامالً‪ ،‬أو ليلة كاملة‪ ،‬فعليه دم؛ ر‬
‫ألن املقصود منه دفع احلر والربد‪ ،‬واليوم يشتمل عليهام فقدرناه به‪.‬‬ ‫إال بالدوام؛ ر‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 2 :‬‬
‫أن هذا املأخوذ كم يكن من ربع اللحية‪ ،‬فيجب عليه بحسابه من الطعام‪،‬‬ ‫(‪ )4‬بأن ينظر ر‬
‫حتى إذا أخذ منه نصف ُثمن اللحية جيب عليه ربع الدم‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪:‬‬
‫‪. 2‬‬
‫ال منهام ربع جمموع‬ ‫(‪ )4‬أراد بربعها‪ :‬كل أظافر يد واحدة‪ ،‬أو رجل واحدة؛ ر‬
‫ألن ك ً‬
‫اليدين والرجلني‪ ،‬والربع يقوم مقام الكل‪ ،‬ولو ق رلم أظافر ثالث أصابع من يده‬
‫ألن لكل أصبع نصف صاع‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة‬ ‫الواحدة‪ ،‬لزمه صاع ونصف صاع؛ ر‬
‫ص‪. 13‬‬
‫ـ ‪492‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫لزمه حأربعة دماء( )‪ ،‬وإن حق َّص أقل من‬ ‫ِ‬


‫الكل يف حأربعة جمالس ح‬
‫قص َّ‬‫لزمه دم‪ ،‬وإن َّ‬
‫مخسة جمتمعة أو مخسة متفرقة لزمه لكل ظفر صدقة‪.‬‬
‫ب‪ ،‬أو حلبِ حس‪ ،‬أو حح حل حق لعذر( ) ح حاخ َّ حي بني‪:‬‬
‫وإن حتط َّي ح‬
‫) دم‪.‬‬
‫) وثالثة آصع من بر يطعمها لستة مساكني‪.‬‬
‫) وصوم ثالثة أيام( )‪.‬‬
‫وإن حق َّب حل أو حمل حس بشهوة حل ِز حمه دم( )‪.‬‬

‫( ) الختالف املجلس‪ ،‬فصار كاللبس املتفرق والتطيب املتفرق‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة‬
‫ألن مبناها عىل التداخل فأشبه كفارة الفطر‪.‬‬ ‫وأيب يوسف‪ ،‬وعند حممد‪ :‬دم واحد؛ ر‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ص‪ ، 13‬ورشح ابن ملك ق‪/81‬ب‪.‬‬
‫( ) ومن األعذار‪ :‬احلمى‪ ،‬والربد‪ ،‬واجلرح‪ ،‬والقرح‪ ،‬والصداع‪ ،‬والشقيقة‪ ،‬والقمل‪،‬‬
‫وال يشرتط دوام العلة‪ ،‬وال أداؤها إىل التلف‪ ،‬بل وجودها مع تعب ومشقة يبيح‬
‫ذلك‪ ،‬وأما اخلطأ‪ ،‬والنسيان‪ ،‬واإلغامء‪ ،‬واإلكراه‪ ،‬والنوم‪ ،‬وعدم القدرة عىل‬
‫الكفارة‪ ،‬فليست بأعذار يف حق التخيري‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص ‪. 1 - 1‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪ :‬ﯦ ﯧﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭼ [البقرة‪:‬‬
‫‪]772‬؛ فعن كعب بن عجرة ‪ ‬قال‪( :‬كنا مع رسول اهلل ‪ ‬باحلديبية‪ ،‬ونحن‬
‫حمرمون‪ ،‬وقد حرصنا املرشكون‪ ،‬قال‪ :‬كانت يل فروة فجعلت اهلوام تساقط عىل‬
‫فمر يب رسول اهلل ‪ ،‬فقال‪ :‬أيؤذيك هوام رأسك؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وجهي ر‬
‫وأنزلت هذه اآلية‪ :‬ﯦ ﯧﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭼ‬
‫[البقرة‪ ،]772 :‬فقال يل رسول اهلل ‪ :‬صم ثالثة أيام‪ ،‬أو تصدر ق بِ حف حرق بني ستة‬
‫تيَّس) يف صحيح مسلم ‪ ،841 :‬وصحيح البخاري‪:4‬‬ ‫مساكني‪ ،‬أو انسك ما ّ‬
‫‪. 434‬‬
‫(‪ )4‬فعن ابن عباس ‪ ،‬قال‪« :‬أتاه رجل فقال‪ :‬إين قبلت امرأيت وأنا حمرم فحذفت‬
‫ـ ‪499‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويتمه ويقضيه( )‪،‬‬ ‫جامع قبل الوقوف بعرفة حف حسدح ُّ‬


‫حجه‪ ،‬وعليه شاة ُّ‬ ‫ح‬ ‫وإن‬
‫وال يفارق امرأ حته يف القضاء( )‪.‬‬
‫وإن جامع بعد الوقوف مل يفسد حجه وعليه بدنة( )‪.‬‬
‫وإن جامع بعد اللق فعليه شاة( )‪.‬‬
‫ومجاع النايس والعامد سواء‪.‬‬
‫للصدح ر حمدث ًا فعليه صدقة‪ ،‬وإن طاف جنب ًا فعليه‬
‫طاف للقدوم أو َّ‬
‫ح‬ ‫ومن‬
‫ح‬
‫شاة‪.‬‬

‫‪ ،‬قال‬ ‫بشهويت‪ ،‬قال‪ :‬إنرك لشبق‪ ،‬أهرق دم ًا ّ‬


‫وتم َح ّجك» يف اآلثار ص‬
‫التهانوي يف إعالء السنن ‪ :382 : 3‬سنده صحيح‪.‬‬
‫( ) أي إن كان قبل الوقوف فسد حجه وعليه شاة‪ ،‬ويميض يف احلج حت ًام‪ ،‬فيفعل ما‬
‫يفعله يف احلج الصحيح‪ ،‬وجيتنب ما جيتنب فيه‪ ،‬وإن ارتكب حمظور ًا فعليه ما عىل‬
‫احلج من قابل‪ ،‬وال عمرة عليه؛ فعن يزيد بن نعيم ‪ ( :‬ر‬
‫إن‬ ‫الصحيح‪ ،‬وعليه قضاء ّ‬
‫رج ً‬
‫ال من جذام جامع امرأته ومها حمرمان‪ ،‬فسأل الرجل رسول اهلل ‪ ،‬فقال هلام‪:‬‬
‫اقضيا نسككام واهديا هدي ًا) يف مراسيل أيب داود ص‪ ، 41‬وقال األرنؤوط‪:‬‬
‫رجاله ثقات‪ ،‬ويف سنن البيهقي الكبري ‪. 22 :4‬‬
‫( ) بأن يأخذ كل منهام طريق ًا غري طريق اآلخر‪ ،‬ومها غري مطالبني به؛ ر‬
‫ألن االفرتاق‬
‫ليس بنسك يف األداء‪ ،‬فال يؤمر به يف القضاء‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪.13 :‬‬
‫(‪ )3‬أي إن كان بعد الوقوف بعرفة قبل احللق وقبل طواف الزيارة كله أو أكثره أو‬
‫بعدما طاف أقله‪ ،‬مل يفسد حجه‪ ،‬وعليه بدنة‪ ،‬سواء جامع عامد ًا أو ناسي ًا؛ فعن ابن‬
‫بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر‬ ‫عباس ‪( :‬إنره سئل عن رجل وقع بأهله‪ ،‬وهو ِ‬
‫ّ‬
‫بدنة) يف املوطأ ‪ ،384 :‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 1 :4‬وغريمها‪.‬‬
‫(‪ )4‬خلفة اجلناية لوجود احلل يف حق غري النساء‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 1 :‬‬
‫ـ ‪492‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫طاف للزيارة حمدث ًا فعليه شاة‪ ،‬وإن طاف جنب ًا فعليه بدنة( )‪.‬‬
‫ومن ح‬
‫ح‬
‫ومن ترك من طواف الزيارة ثالث حة أشواط( ) فَّم دوهنا فعليه شاة‪ ،‬وإن‬
‫ح‬
‫ترك أربع ًة فهو حمرم حتى يطو حفها‪.‬‬
‫الصدح ر ثالث حة أشواط فَّم دوهنا فعليه صدقة‪ ،‬وإن‬
‫ومن ترك من طواف َّ‬
‫ح‬
‫ترك أربعة فعليه دم‪.‬‬
‫الوقوف‬
‫ح‬ ‫أفاض من عرفة قبل اإلمام‪ ،‬أو حت حر حك‬
‫السعي‪ ،‬أو ح‬ ‫ومن ح‬
‫ترك َّ‬ ‫ح‬
‫كل اجلَّمر‪ ،‬أو رمي وظيفة يوم‪ ،‬أو حأكثرها لزمه دم‪ ،‬وإن‬
‫بمزدلفة‪ ،‬أو حت حر حك رمي َّ‬
‫كان حأقل لزمه صدقة‪.‬‬
‫ومن حأ َّخ حر ا ح‬
‫للق أو طواف الزيارة عن وقته حل ِز حمه دم‪ ،‬وكذا لو حح حل حق يف‬ ‫ح‬
‫وقته خارج الرم( )‪.‬‬

‫ألن ال ّطهارة عن احلدث األكرب واألصغر يف الطواف واجبة‪ ،‬فيتفاوت اجلزاء‬


‫( ) ر‬
‫بحسب اجلناية‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﮱ ﯓ ﯔﭼ [احلج‪ ،]47 :‬من غري قيد‬
‫بالطهارة‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪.214 :‬‬
‫( ) ألنره أتى أكثره‪ ،‬وهو مقدار الفرض منه‪ ،‬والباقي واجب؛ فعن أيب الشعثاء عن ابن‬
‫عباس ‪( :‬إنره أقيمت الصالة وقد طاف مخسة أطواف‪ ،‬فلم يتم ما بقي)‪ ،‬ذكره‬
‫احلافظ ابن حجر يف فتح الباري ‪ ،484 :3‬وقال التهانوي يف إعالء السنن ‪: 3‬‬
‫‪ :11‬سكت عنه احلافظ‪ ،‬فهو صحيح أو حسن‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي أن حيلق يف غري احلرم يف أيام النحر‪ ،‬وأما إذا خرج يف غري أيام النحر فحلق يف‬
‫غري احلرم‪ ،‬فعليه دمان عند أيب حنيفة ‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 3 :‬‬
‫ـ ‪497‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫[صيد الرم]‬
‫قتل صيد ًا أو سبع ًا غي صائل( ) عمد ًا أو سهو ًا أو حع ْود ًا( ) أو بدء ًا‬ ‫حمرم ح‬
‫وخي َّي فيها بني‪ :‬اهلدي‪ ،‬والطعام‪،‬‬ ‫بقول عدلني ح‬ ‫ِ‬ ‫أو حد َّل عليه حمن قت حله فعليه قيمته‬
‫ب الصيدح حض ِم حن نقصانحه( )‪.‬‬‫والصيام( )‪ ،‬ولو حع َّي ح‬
‫ولو أزال امتناعه حض ِمن كل القيمة( )‪.‬‬

‫( ) أي غري حامل أو قاصد هالك إنسان؛ ألنره إن قتله لصولته أو محله فال جيب عليه‬
‫يشء‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 3 :‬‬
‫مرة بعد أخرى أو قتله مرة واحدة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 12‬‬
‫( ) أي سواء قتله ّ‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪ :‬ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ‬
‫ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﭼ [املائدة‪.]72 :‬‬
‫(‪ )4‬بأن جرحه‪ ،‬أو نتف شعره‪ ،‬أو قطع عضو ًا منه‪ ،‬فإنره يضمن نقصانه إذا برء وبقي‬
‫أثره‪ ،‬وإن مات بعد اجلرح يضمن كله‪ ،‬وإن مل يبق له أثر بعد الربء ال يشء عليه‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 12‬‬
‫(‪ )4‬بأن نفر صيد ًا فعثر فامت‪ ،‬أو أخذه سبع‪ ،‬أو انصدم بشجر أو حجر يف فوره ضمنه‪،‬‬
‫ويكون يف عهدته حتى يعود إىل عادته يف السكون‪ ،‬فإن هلك بعد السكون فال‬
‫يشء عليه‪ ،‬كام يف لباب املناسك ص ‪43 -43‬؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪ ( :‬ر‬
‫إن‬
‫اهلل حرم مكة فلم حتل ألحد قبيل وال حتل ألحد بعدي‪ ،‬وإنرام أحلت يل ساعة من‬
‫ّنار‪ ،‬ال خيتىل خالها‪ ،‬وال يعضد شجرها‪ ،‬وال ينفر صيدها‪ ،‬وال تلتقط لقطتها إال‬
‫ملعرف‪ ،‬وقال العباس‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إال اإلذخر لصاغتنا وقبورنا‪ ،‬فقال‪ :‬إال‬
‫اإلذخر) صحيح البخاري ‪.24 :‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وض ِم حن فرخه امليت إن خرج منه( )‪.‬‬


‫كّس بيض صيد حض ِمنحه ح‬
‫ولو ح‬
‫وال يشء يف قتل الغراب املؤذي( )‪ِ ،‬‬
‫والدأة( )‪ ،‬والية‪ ،‬والعقرب‪،‬‬
‫والفأرة‪ ،‬والكلب العقور( )‪ ،‬والذئب‪ ،‬والنمل‪ ،‬والرباغيث‪ ،‬والقراد( )‪ ،‬والبق‪،‬‬

‫( ) أي إن كَّس صيد ًا فعليه قيمة البيض‪ ،‬وإن كانت بيضة مذرة ـ فاسدة ـ فال يشء‬
‫ألن ضامّنا ليس لذاهتا‪ ،‬بل لعرضية أن تصري صيد ًا‪ ،‬وهو مفقود يف الفاسد‪،‬‬
‫عليه؛ ر‬
‫وإن خرج منها فرخ ميت فعليه قيمة الفرخ حي ًا وال يشء يف البيض‪ ،‬كام يف رد‬
‫إن النبي ‪ ‬قىض يف بيض نعامة‬ ‫املحتار ‪ 2 :‬؛ فعن كعب بن عجرة ‪ ( :‬ر‬
‫أصابه املحرم بقيمته)‪ ،‬رواه عبد الرزاق والبيهقي الدارقطني وأبو داود‪ ،‬ورواته‬
‫ثقات إال موسى بن هالل‪ ،‬وقال ابن عدي‪ :‬أرجو أنره ال بأسه به‪ ،‬كام يف إعالء‬
‫السنن ‪ ،4 -4 3 : 3‬وعن ابن عباس ‪ ،‬قال‪« :‬يف بيض النعام يصيبه املحرم‬
‫ثمنه»‪ ،‬أخرجه عبد الرزاق من طريق صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪.4 1 : 3‬‬
‫) ( وهو الغراب األبقع الذي يأكل اجليف دون ما يأكل الزرع‪ ،‬واألبقع‪ :‬ما خالط‬
‫بياضه لونا آخر‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،1 4 :‬وغريها‪.‬‬
‫)‪ِ (3‬حدأة‪ :‬بالكَّس‪ :‬وهي طائر من اجلوارح‪ ،‬وهو أخس الطري‪ ،‬يغلبه أكثر الطيور‪،‬‬
‫وينقض عىل اجلُ ْرذان والدواجن‪ ،‬والغراب يَّسق بيض احلدأة ويرتك مكانه بيضه‬
‫فاحلدأة حتضنها فإذا فرخت فاحلدأة الذكر تعجب من ذلك وال يزال يزعق‬
‫ويرضب األنثى حتى يقتلها‪ ،‬وكنيته أبو اخلطاف وأبو الصلت‪ ،‬ينظر‪ :‬حياة احليوان‬
‫‪ ، 1 :‬وعجائب املخلوقات ‪ ، 41 :‬واملعجم الوسيط ص‪. 41‬‬
‫)‪ (4‬قيد بالعقور؛ اتباع ًا للحديث‪ ،‬وإال فالعقور وغريه سواء أهلي ًا كان أو وحشي ًا‪،‬‬
‫بحر‪ ،‬كام يف الدر املختار ‪.413 :‬‬
‫وح َلم‪ ،‬فال ُقراد أصغر‪،‬‬ ‫)‪ُ (4‬ق َراد‪ :‬وهو من أنواع احلَ َلمة الثالثة‪ ،‬وهي‪ُ :‬قراد َ‬
‫وحنرانة َ‬
‫ربها‪ ،‬وهلا دم سائل‪ ،‬وال يشء فيه؛ ألنره ليست بصيد‬‫حل َلمة أك ُ‬
‫حلنرانة أوسطها‪ ،‬وا َ‬
‫وا َ‬
‫وال متولدة من البدن‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪ ،1 2 :‬رد املحتار ‪. 84 :‬‬
‫ـ ‪427‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والذباب( )‪.‬‬
‫ومن حق حت حل قمل ًة( ) أو جراد ًة حت حصدَّ حق بكف من طعام أو بتمرة( )‪.‬‬
‫ح‬
‫يد مضطر ًا( )‪.‬‬ ‫وجيب اجلزاء بأكل الص ِ‬
‫َّ‬

‫( ) فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪( :‬مخس فواسق يقتلن يف احلل واحلرم‪ :‬احل ّية‪،‬‬
‫الدح َّيا) يف صحيح مسلم ‪،842 :‬‬ ‫والغراب األبقع‪ ،‬والفـأرة‪ ،‬والكلب العقور‪ ،‬حو ْ‬
‫وصحيح البخاري ‪ ، 33 :3‬وعن أيب سعيد ‪ ،‬قال ‪( :‬يقتل املحرم‪ :‬السبع‬
‫العادي‪ ،‬والكلب العقور‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والعقرب‪ ،‬واحلدأة‪ ،‬والغراب) يف جامع‬
‫الرتمذي ‪ ، 18 :3‬وحسنه‪ ،‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ،444 :4‬وشعب اإليامن ‪:4‬‬
‫‪ ، 1‬وعن سعيد بن املسيب ‪ ،‬قال ‪( :‬يقتل املحرم احلية والذئب) يف سنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ، 3 :4‬رجاله ثقات‪ ،‬كام يف فتح الباري ‪ ،32 :4‬وعن جابر ‪:‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬سئل عن الضبع‪ ،‬فقال‪ :‬هي من الصيد) يف رشح معاين اآلثار ‪:4‬‬ ‫( ر‬
‫‪، 81‬ومعترص املخترص ‪ ، 23 :‬وسنده صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪.313 : 3‬‬
‫( ) فعن ابن الصياح‪ ،‬قال‪« :‬سمعت ابن عمر ‪ ‬يقول‪ :‬يف القملة يقتلها املحرم‬
‫يتصدق بكَّسة أو قبضة من طعام» يف مسند ابن اجلعد ‪ ،11 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬سئل سيدنا عمر ‪ ‬عن اجلرادة يقتلها املحرم‪ ،‬فقال‪« :‬مترة خري من جرادة» يف‬
‫مصنف عبد الرزاق ‪ ،4 3 :4‬ومثله عن ابن عباس ‪ ‬يف مصنف ابن أيب شيبة ‪:3‬‬
‫‪ ،4 2‬وعن ابن عباس ‪« :‬يف اجلرادة قبضة من طعام‪ ،‬ولتأخذن بقبضة‬
‫جرادات» يف مسند الشافعي ص‪ ، 32‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 32 :4‬قال ابن‬
‫حجر‪ :‬سنده صحيح‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ،4 : 3‬وعن عيل البارقي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«كان ابن عمر ‪ ‬يقول‪ :‬يف اجلرادة قبضة من طعام» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪:3‬‬
‫‪ ،4 4‬وغريها‪.‬‬
‫ألن اإلذن مقيد بالكفارة بالنص‪ ،‬وهو قوله ‪ :‬ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬ ‫(‪ )4‬ر‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭼ [البقرة‪ ،]772 :‬فاحللق حمظور يف اإلحرام‪ ،‬وقد‬
‫أذن له الشارع فيه حالة الرضورة مقيد ًا بالكفارة‪ ،‬وكذا قتل الصيد حمظور يف‬
‫ـ ‪424‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وحيل للمحرم ذبح غي الصيد( )‪.‬‬


‫ِ‬
‫بخالف البعي الناد( )‪.‬‬ ‫والَّمم املّسول( ) والظبي املستأنس صيد‬
‫وذبحه بال واسطة حمرم( )‪.‬‬ ‫ح‬ ‫وحيِل للمحرم حأكل لم صيد صا حده حالل‬ ‫ح‬
‫ذبحه الالل قيمته حي حت حصدَّ ق هبا ال غي( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويف صيد الرم إذا ح‬

‫اإلحرام يستباح ألجل الرضورة مقيد ًا بالك ّفارة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 34 :‬‬
‫( ) كالشاة والبعري والبقر والدجاجة وغريها‪.‬‬
‫) ( احلامم املَّسول‪ :‬هو الذي يكون يف رجله ريش كأنره رساويل‪ .‬ينظر‪ :‬اجلوهرة النرية‬
‫‪ ، 11 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ال يكون صيد ًا يف حق املحرم‪ ،‬ولكن يأخذ حكم الصيد يف حق الذكاة‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫املنحة ‪. 34 :‬‬
‫(‪ )4‬فعن أيب قتادة ‪ ‬قال‪( :‬كنت يوم ًا جالس ًا مع رجال من أصحاب النبي ‪ ‬يف‬
‫طريق مكة ورسول اهلل ‪ ‬نازل أمامنا‪ ،‬والقوم حمرمون‪ ،‬وأنا غري حمرم فأبرصوا‬
‫محار ًا وحشي ًا‪ ،‬وأنا مشغول أخصف نعيل‪ ،‬فلم يؤذنوين به وأحبوا لو أين أبرصته‪،‬‬
‫والتفت فأبرصته‪ ،‬فقمت إىل الفرس فأرسجته‪ ،‬ثم ركبت ونسيت السوط والرمح‪،‬‬
‫فقلت هلم‪ :‬ناولوين السوط والرمح‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال واهلل ال نعينك عليه بيشء‪ ،‬فغضبت‬
‫فنزلت فأخذهتام‪ ،‬ثم ركبت‪ ،‬فشددت عىل احلامر فعقرته‪ ،‬ثم جئت به‪ ،‬وقد مات‬
‫فوقعوا فيه يأكلونه‪ ،‬ثم إّنم شكوا يف أكلهم إياه‪ ،‬وهم حرم‪ ،‬فرحنا وخبأت‬
‫العضد معي فأدركنا رسول اهلل ‪ ‬فسألناه عن ذلك‪ ،‬فقال ‪ :‬معكم منه يشء‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فناولته العضد‪ ،‬فأكلها حتى نفدها‪ ،‬وهو حمرم) يف صحيح البخاري‬
‫‪ ،138 :‬وعن جابر ‪ ،‬قال ‪( :‬حلم صيد الرب لكم حالل وأنتم حرم‪ ،‬ما مل‬
‫تصيدوه أو يصاد لكم) يف املستدرك ‪ ،241 :‬وصححه‪.‬‬
‫إن هذا البلد حرمه اهلل‪ ...‬فهو حرام بحرمة اهلل إىل‬ ‫(‪ )4‬أي ال جيزئه الصوم؛ لقوله ‪ ( :‬ر‬
‫يوم القيامة‪ ،‬ال ُي ْع َضدُ شوكه‪ ،‬وال ُينَ رف ُر َص ْيدُ ه‪ ،‬وال ُي ْلتَقط ُل ْق َطته إال َمن عرفها) يف‬
‫صحيح مسلم ‪ ،18 :‬وإنرام مل جيزئه الصوم؛ ألنره غرامة وليس بكفارة‪ ،‬فأشبه‬
‫غرامات األموال‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 34 :‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وكذا( ) يف حشيشه وشجره غي اململوك واملنبت عادة ما مل جيف( )‪.‬‬


‫وال يرعى حشيش الرم‪ ،‬وال يقطع منه غي اإلذخر( )‪.‬‬
‫وحيل قلع الكمأة( )‪.‬‬
‫وما يوجب عىل املفرد دم ًا يوجب عىل القارن دمني‪.‬‬
‫ولو قتل حمرمان صيد ًا فعىل كل واحد جزاء‪ ،‬ولو قتل حالالن صيدح‬
‫الرم فعليهَّم جزاء واحد( )‪.‬‬
‫وبيع املحرم الصيدح ورشاؤه باطل( )‪.‬‬

‫ألن اململوك جتب فيه‬ ‫( ) أي وجيب الصدقة ال غري فيام ذكر‪ ،‬وقيد بغري اململوك؛ ر‬
‫قيمتان‪ :‬واحدة للرشع‪ ،‬واألخرى للاملك‪ ،‬وقيد بغري املنبت عادة‪ :‬أي الذي ال‬
‫ينبته الناس عادة؛ ألنره إن كان مما ينبته الناس عادة مثل‪ :‬احلنطة والبقول‪ ،‬فالضامن‬
‫عليه حلق صاحبه ال حلق احلرم‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 32 :‬واهلدية ص‪. 18‬‬
‫( ) ألنره إذا جف شجر احلرم أو حشيشه فال ضامن بقطعه؛ ألنره غري نام فيحل به‬
‫االنتفاع‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 18‬‬
‫(‪ )3‬اإلذخر‪ :‬نبات طيب الرائحة‪ ،‬واستثنى لكثرة استعامله يف بيوت أهل مكة‬
‫وقبورهم‪ .‬ينظر‪ :‬عجائب املخلوقات ‪ ،44 :‬وذخرية العقبى ص‪ ، 22‬وغريها‪.‬‬
‫وألن فناءها رسيع فصارت‬ ‫ر‬ ‫ألّنا ليست نبات األرض‪ ،‬بل نبت من ماء السامء؛‬ ‫(‪ )4‬ر‬
‫كاحلشيش اليابس‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ، 11‬ورشح ابن ملك ق‪/13‬أ‪.‬‬
‫ألن الضامن بدل عن املحل ال جزاء عن اجلناية‪ ،‬فيتحد باحتاد املحل‪ ،‬بخالف قتل‬ ‫(‪ )4‬ر‬
‫ألّنام تناوال أمر ًا حمظور ًا فيتعدد اجلزاء‬ ‫املحرمني‪ ،‬ر‬
‫فإن عىل كل منهام جزاء كامل؛ ر‬
‫بتعدد اجلناية‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 11‬‬
‫ألن بيعه حي ًا تعرض للصيد‪ ،‬وبيعه بعد قتله بيع ميتة‪ ،‬بخالف ما إذا باع لبن‬ ‫(‪ )2‬ر‬
‫ألن هذه األشياء ال يشرتط فيها الذكاة‪.‬‬ ‫الصيد أو بيضه أو اجلراد أو شجر احلرم؛ ر‬
‫ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 31 :‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫[يف اإلحصار والفوات‬
‫والج عن الغي واهلدي]‬
‫حمرم من حعه عدو أو مرض جا حز له التحلل‪،‬ويبعث شا ًة تذبح يف الرم يف‬
‫يوم يعلمه( ) ليتحلل بعد الذبح( )‪ ،‬و حي حتو َّقت دم اإلحصار بالرم ال بيوم‬
‫النحر( )‪ ،‬بخالف دم املتعة والقران‪.‬‬
‫واملحرص بالج إذا ح حت َّلل فعليه ححجة وعمرة وعىل املحرص بالعمرة‬
‫القضاء‪ ،‬وعىل القارن حجة وعمرتان( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫إدراك اهلدي والج لزمه‬ ‫لو زال اإلحصار قبل الذبح‪ ،‬فإن حقدح حر عىل‬
‫التوجه( )‪ ،‬وإال فال‪.‬‬

‫( ) أي يواعد املحرص َمن يبعث معه اهلدي بأن يذبحه يف يوم معني ليتحلل بعده‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 11‬‬
‫( ) قال ‪ :‬ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤﭼ [البقرة‪ :]772 :‬أي احلرم‪ ،‬وعن ابن عمر ‪ :‬قال‪( :‬خرجنا مع النبي ‪‬‬
‫معتمرين‪ ،‬فحال كفار قريش دون البيت‪ ،‬فنحر النبي ‪ ‬هديه وحلق رأسه) يف‬
‫صحيح البخاري ‪ ،24 :‬وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ال بدّ من ذبح دم اإلحصار باحلرم؛ ألنره حمله املأمور بإيصاله له كام يف النص‪،‬‬
‫وال يتوقت بيوم النحر‪ ،‬بخالف دم املتعة والقران‪.‬‬
‫(‪ )4‬ألنره صح رشوعه يف احلج والعمرة‪ ،‬فلزمه بالتحلل قضاؤمها وقضاء عمرة أخرى‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 31 :‬‬
‫(‪ )4‬أي للحج؛ لزوال العجز قبل فوت املقصود‪ ،‬وإن مل يقدر أن يدركهام ال يلزمه‬
‫التوجه‪ ،‬بل يصرب حتى يتحلل بنحر اهلدي‪ ،‬وإن قدر عىل إدراك اهلدي دون احلج‬
‫يتحلل بذبح اهلدي؛ لعجزه عن احلج الذي هو األصل‪ ،‬وإن قدر عىل العكس جاز‬
‫له التحلل استحسان ًا‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 83‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حومن حقدح حر عىل الوقوف والطواف أو من ِ حع بعد الوقوف فليس بمحرص( )‪.‬‬
‫ومن فاتحه الوقوف حتى حط حل حع فجر يوم النحر فقد فاته الج( ) فيتح َّلل‬
‫ح‬
‫بعمرة‪ ،‬ويقيض الج‪ ،‬وال دم عليه‪.‬‬
‫والعمرة ال تفوت‪ ،‬وهي جائزة يف كل وقت‪ ،‬إال يوم عرفة‪ ،‬ويوم‬
‫النحر‪ ،‬وأيام ال َّترشيق( )‪ ،‬وهي سنة‪.‬‬
‫وجتزئ النيابة يف نفل ح‬
‫الج مطلق ًا( )‪ ،‬ويف فرضه عند العجز الدائم إىل‬

‫( ) ألنره إذا مل يقدر عىل الوقوف وقدر عىل الطواف فيكون فائت احلج فيتح رلل بعمرة‪،‬‬
‫بدل عن العمرة يف الترحلل فال حاجة إىل اهلدي‪ ،‬وأ ّما إذا منع بعد الوقوف؛‬ ‫والدر ُم ٌ‬
‫فألن حكم اإلحصار يثبت عند خوف الفوات وبعده ال خياف الفوت‪ ،‬ولكنره يبقى‬ ‫ر‬
‫حمرم ًا إىل أن يطوف طواف الزيارة‪ ،‬وطواف الصدر وحيلق‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫ق‪/13‬ب‪.‬‬
‫ألن احلج عرفة‪ ،‬وال يمكن تدارك الوقوف بعرفة بعد ذهاب وقته؛ فعن عبد‬ ‫( ) ر‬
‫فمن أدرك عرفة قبل أن‬ ‫الرمحن بن يعمر الدييل ‪ ‬قال ‪( :‬احلج عرفات ثالث ًا‪َ ،‬‬
‫يطلع الفجر فقد أدرك) يف جامع الرتمذي ‪ ، 4 :4‬وصححه‪ ،‬واملنتقى ‪، 3 :‬‬
‫وصحيح ابن حبان ‪. 33 :1‬‬
‫ألن وقتها السنة كلها‪ ،‬إال أنره يكره حتري ًام إنشاء إحرامها يف‬ ‫(‪ )3‬فالعمرة ال تفوت؛ ر‬
‫األيام اخلمسة‪ ،‬وإن أداها بإحرام سابق ال بأس‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‪. 21‬‬
‫َ‬
‫اإلنسان له أن جيعل ثواب‬ ‫(‪ )4‬قال اإلمام العيني يف منحة السلوك ‪« : 4 :‬اعلم َأ رن‬
‫عمله لغريه عند َأهل السنة واجلامعة‪ ،‬صال ًة كان أو صوم ًا أو ّ‬
‫حج ًا أو صدقة أو‬
‫رب‪ ،‬يصل ذلك إىل‬ ‫قراء َة قرآن أو َأذكار إىل غري ذلك من مجيع أنواع العبادات من ال ّ‬
‫امليت وينفعه‪ ،‬وقالت املعتزلة‪ :‬ليس له ذلك‪ ،‬وال َي ِصل إليه وال ينفعه‪ ،»...‬ويمكن‬
‫ُ‬
‫الرجل أهل ود‬ ‫رب أن يصل‬ ‫إن َأ ّبر ال ّ‬
‫االستدالل لذلك؛ عن ابن عمر ‪ ‬قال ‪ ( :‬ر‬
‫أبيه) يف سنن الرتمذي ‪ ،3 3 :4‬وصححه‪ ،‬ومسند أمحد ‪ ،11 :‬وصحيح ابن‬
‫حبان ‪ ، 13 :‬وعن عيل بن أيب طالب ‪ ‬قال ‪َ ( :‬من َم رر عىل املقابر وقرأ قل هو‬
‫ثم وهب َأجره لألموات أعطي من األجر بعدد‬ ‫اهلل أحد إحدى عرشة َم ّرة ّ‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫املوت( )‪.‬‬
‫ودم القران عىل املأمور) (‪.‬‬
‫ودم اإلحصار عىل اآلمر) (‪.‬‬

‫األموات) يف فضائل سورة اإلخالص ص ‪ ، 3‬والتذكرة للقرطبي ‪،84 :‬‬


‫وينظر‪ :‬حتفة األحوذي ‪ ، 14 :3‬وكنز العامل ‪ ، 3 8 : 4‬وعن معقل بن يسار‬
‫‪ ‬قال ‪( :‬اقرءوا عىل موتاكم يس) يف سنن أيب داود ‪ ، 38 :‬ومسند أمحد ‪:4‬‬
‫‪ ، 2‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 21 :1‬وسنن النسائي الكربى ‪ ، 24 :2‬وسنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ،383 :3‬واملعجم الكبري ‪ ، 1 : 3‬ومسند الطياليس ‪. 2 :‬‬
‫إن النبي ‪ ‬كان إذا أراد أن يضحى اشرتى كبشني عظيمني‬ ‫وعن أبى هريرة ‪ ( :‬ر‬
‫سمينني أملحني أقرنني موجوأين فيذبح أحدمها عن أمته ممن شهد بالتوحيد‬
‫وشهد له بالبالغ‪ ،‬وذبح اآلخر عن حممد ‪ ‬وآل حممد) يف مسند أمحد ‪، 4 :2‬‬
‫واملستدرك ‪ ،4 4 :‬وصححه‪،‬وسنن الدارقطني ‪ ، 84 :4‬واملعجم الكبري ‪:‬‬
‫‪ ،3‬واملعجم األوسط ‪ ، 43 :‬ومسند أيب يعىل‪ ، :3‬وغريها‪ ،‬قال العيني يف‬
‫املنحة ‪ : 4 :‬أي جعل ثوابه ألمته‪.‬‬
‫( ) ويتحقق العجز باملوت‪ ،‬واحلبس‪ ،‬واملنع‪ ،‬واملرض الذي ال يرجى زواله‪ ،‬وذهاب‬
‫البرص‪ ،‬والعرج‪ ،‬واهلرم‪ ،‬وعدم املحرم‪ ،‬وعدم أمن الطريق‪ ،‬كل ذلك إذا استمر إىل‬
‫املوت؛ فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪( :‬جاءت امرأة من خثعم‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ر‬
‫إن‬
‫فريضة اهلل عىل عباده يف احلج‪ ،‬أدركت أيب شيخ ًا كبري ًا ال يستطيع أن يثبت عىل‬
‫الراحلة‪ ،‬أفأحج عنه؟ قال‪ :‬نعم) يف صحيح مسلم ‪ ،113 :‬وعن ابن عباس ‪:‬‬
‫حتج‪ ،‬فلم حتج‬
‫إن أ ّمي نذرت أن ّ‬‫أن امرأة من جهينة جاءت إىل النبي ‪ ،‬فقالت‪ :‬ر‬ ‫( ر‬
‫حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬حجي عنها‪ ،‬أرأيت لو كان عىل أ ّمك دين‪،‬‬
‫أحق بالوفاء) يف صحيح البخاري ‪،242 :‬‬ ‫أكنت قاضيته‪ ،‬اقضوا اهلل‪ ،‬فاهلل ّ‬
‫وصحيح مسلم ‪ ،834 :‬وغريها‪.‬‬
‫) ( أل رن واجب الشكر ملا وفقه اهلل من اجلمع بني النسكني‪ ،‬واملأمور هو املختص‬
‫بالنعمة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 4 :‬‬
‫ألن اآلمر هو الذي أدخله يف هذه الورطة فعليه ختليصه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪. 8‬‬ ‫)‪ (3‬ر‬
‫ـ ‪429‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ح‬
‫واهلدي من اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬والعيب مانع كاألضحية( )‪.‬‬
‫وجيوز األكل من هدي التطوع واملتعة والقران خاصة( )‪.‬‬
‫خاصة بيوم النحر‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫و حي حتو َّقت دم‬
‫والقران َّ‬ ‫املتعة‬
‫وجيوز التصدق هبا عىل مساكني الرم وغيهم( )‪.‬‬

‫( ) فيشرتط يف األضحية سالمة املحل عن العيوب الفاحشة; فال جتوز العمياء‪ ،‬وال‬
‫البني عرجها وهي التي ال تقدر متيش برجلها إىل‬ ‫البني عورها‪ ،‬والعرجاء ّ‬‫العوراء ّ‬
‫البني مرضها‪ ،‬والعجفاء التي ال تنقي وهي املهزولة التي ال نقي‬‫املنسك‪ ،‬واملريضة ّ‬
‫هلا وهو املخ‪ ،‬واملقطوعة يدها أو رج ُلها‪ ،‬وما ذهب أكثر من ثلث أذّنا أو ذنبها أو‬
‫عينها أو إليتها‪ ،‬بخالف اجلامء ـ التي ال قرن هلاـ‪ ،‬واخل‪،‬ي‪ ،‬والثوالء ـ املجنونة ـ؛‬
‫ألن العقل غري مقصود وإنرام املقصود اللحم‪ ،‬وإنرام جيوز إذا كانت سمينة ومل يكن‬ ‫ر‬
‫هبا ما يمنع الرعي‪ ،‬وإن كانت بخالف ذلك ال جيزيه‪ ،‬كام يف حسن الدراية ‪،13 :4‬‬
‫ولباب املناسك ص ‪4 3-4‬؛ فعن الرباء بن العازب ‪ ‬قال ‪( :‬أربع ال‬
‫جتزئ‪ :‬العوراء البني عورها‪ ،‬واملريضة البني مرضها‪ ،‬والعرجاء البني َظ ْل ُع َها‪،‬‬
‫والكسري التي ال تنقى)يف املوطأ ‪،48 :‬واملجتبى‪، 4 :1‬ومسند أمحد ‪. 84 :4‬‬
‫ألّنا هدي شكر‪ ،‬فكل دم وجب شكر ًا فلصاحبه أن يأكل منه‪ ،‬ويؤكل األغنياء‬ ‫( ) ر‬
‫والفقراء‪ ،‬وال جيب التصدّ ق به‪ ،‬بل يستحب أن يتصدّ ق بثلثه‪ ،‬و ُيطعم ثلثه‪ ،‬وهيدي‬
‫ثلثه‪ ،‬أو يدخره‪ ،‬ولو مل يتصدق بيشء جاز وكره‪ ،‬ويسقط بمجرد الذبح‪ ،‬حتى لو‬
‫رسق أو استهلكه بنفسه بعد الذبح‪ ،‬مل يلزمه يشء‪ .‬ينظر‪ :‬اجلامع ص‪. 14‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪ :‬ﭽﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﭼ [احلج‪ ،]47 -42 :‬وقضاء التفث والطواف خيتص يف احلرم‬
‫بأيام النحر‪ ،‬فكذا الذبح ليكون الكالم مَّسود ًا عىل نسق واحد‪ ،‬وخيتص مجيع دم‬
‫جيب عىل احلاج باحلرم؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﭼ [املائدة‪ .]72 :‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪. 43 :‬‬
‫ـ ‪422‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتاب اجلهاد‬
‫هو فرض كفاية وإن مل يبدأ الكفار( )‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ومقعد وأقطع( ) إال إذا هجم‬ ‫ٍ‬
‫وامرأة وأعمى‬ ‫وال جهاد عىل ٍ‬
‫عبد‬
‫العدو( )‪.‬‬
‫ويقدَّ م طلب اإلسالم( )‪.‬‬

‫فرض كفاية ابتدا ًء بأن يبدأ املسلون بمحاربة الكفار‪ ،‬وإن قام به‬
‫( ) أي بالقتال‪ ،‬فهو ُ‬
‫البعض سقط عن الباقني‪ ،‬فإن تركوه أثموا مجيع ًا؛ لقوله ‪ :‬ﭽﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﭼ [التوبة‪ ،]63 :‬فاجلهاد ليس بتطوع‬
‫أصال عىل الصحيح‪ ،‬فيجب عىل اإلمام أن يبعث رسية إىل دار احلرب كل سنة مرة‬
‫أو مرتني‪ ،‬وعىل الرعية إعانته إال إذا أخذ من الكفار اخلراج‪ ،‬فإن مل يبعث كان كل‬
‫اإلثم عليه‪ ،‬وهذا إذا غلب عىل ظنه أنَّه يكافؤهم‪ ،‬وإال فال يباح قتاهلم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح‬
‫الوقاية ‪ ،042 :3‬والدر املنتقى ‪.230 :‬‬
‫وألن هؤالء من أصحاب األعذار‪ ،‬وقد نزل فيهم‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )0‬أي اليد؛ للحرج وعجزهم؛‬
‫ﭽﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [الفتح‪ ،]71 :‬كام يف املنحة‬
‫‪ ،33 :3‬وأما املرأة والعبد؛ فالشتغاهلام بخدمة املوىل والزوج‪ ،‬وحقهام مقدم عىل‬
‫حق الرشع؛ حلاجتهام وغناه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/1‬ب‪.‬‬
‫فإن اجلهاد يصري فرض عني عىل من كان‬ ‫(‪ )3‬أي إذا هجم الكفار عىل ثغر من الثغور َّ‬
‫يقرب منه‪ ،‬وهم يقدرون عىل اجلهاد‪ ،‬وأما عىل َمن ورائهم‪ ،‬فإذا بلغ اخلرب إليهم‬
‫يصري فرض عني عليهم إذا احتيج إليهم‪ ،‬بأن خيف عىل من كان يقرب منهم‪،‬‬
‫بأَّنم عاجزون عن املقاومة‪ ،‬أو بأن مل يعجزوا‪ ،‬ولكن تكاسلوا‪،‬ثم وثم إىل أن يصري‬‫َّ‬
‫فرض عني عىل مجيع أهل اإلسالم رشق ًا وغرب ًا‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪.042 :3‬‬
‫(‪ )4‬أي إذا حارص املسلمون الكفار دعوهم إىل اإلسالم؛ فعن ابن عباس ‪( :‬ما قاتل‬
‫رسول اهلل ‪ ‬قوم ًا قط إال دعاهم) يف مسند أمحد ‪ ،032 :‬وصححه األرنؤوط‪،‬‬
‫واملعجم الكبري ‪. 30 :‬‬
‫ـ ‪982‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم اجلزية( )‪.‬‬


‫فإن أبومها قوتلوا بالسالح واملنجنيق واملاء والنار( ) وقطع الشجر‬
‫وإفساد الزرع‪.‬‬
‫ترتسوا باملسلمني) (‪.‬‬
‫ويرمون مقصودين ولو َّ‬
‫ويكره إخراج النساء واملصاحف إن خيف عليهام) (‪.‬‬

‫( ) أي إن مل يقبلوا اإلسالم َّ‬


‫فإن املسلمني يدعوَّنم إىل دفع اجلزية‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﮓ‬
‫ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙﭼ [التوبة‪ ،]92 :‬وعن بريدة ‪َّ ( : ‬‬
‫إن رسول اهلل ‪‬‬
‫إذا أمر أمري ًا عىل جيش أو رسية أوصاه يف خاصته بتقوى اهلل ومن معه من‬
‫املسلمني خري ًا‪ ،‬ثم قال‪ :‬اغزوا باسم اهلل يف سبيل اهلل‪ ،‬وقاتلوا َمن َ‬
‫كفر باهلل‪ ،‬اغزوا‬
‫وال تغلوا وال تغدروا وال متثلوا وال تقتلوا وليد ًا‪ ،‬وإذا لقيت عدوك من املرشكني‬
‫وكف عنهم‪،‬‬‫َّ‬ ‫فادعهم إىل ثالث خصال ـ أو خالل ـ فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم‬
‫وكف عنهم‪ ...‬فإن هم أبوا فسلهم‬ ‫ّ‬ ‫ثم ادعهم إىل اإلسالم فإن أجابوك فاقبل منهم‬ ‫ّ‬
‫وكف عنهم‪ ،‬فإن هم أبوا فاستعن باهلل‬ ‫ّ‬ ‫اجلزية‪ ،‬فإن هم أجابوك فاقبل منهم‬
‫وقاتلهم‪ )...‬يف صحيح مسلم ‪ ، 332 :3‬ومسند أمحد ‪.333 :3‬‬
‫ألن يف ذلك تضييق ًا‬ ‫(‪ )0‬أي باإلغراق واإلحراق وبقطع الشجر وختريب الزرع؛ َّ‬
‫حرق نخل‬ ‫عليهم‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪ ، 33‬وعن ابن عمر ‪َّ ( :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪َّ ‬‬
‫بني النضري وقطع وهي البويرة‪ ،‬فأنزل اهلل ‪ :‬ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ [احلشر‪ )]5:‬يف صحيح البخاري ‪:4‬‬
‫‪ ، 330‬وصحيح مسلم ‪. 323 :‬‬
‫)‪ (3‬أي إذا كان فيهم مسلم أسري ال يكفوا عن رميهم‪ ،‬بل يرموا مقصودين بالرمي؛‬
‫ألنَّه يلزمه التمييز نية إذا مل يقدر عىل التمييز فعالً؛ إذ الطاعة بقدر الطاقة‪ ،‬وأما لو‬
‫وألن فيه دفع الرضر‬‫َّ‬ ‫ترتسوا باملسلمني فإننا إذا امتنعنا ألجلهم انسد هذا الباب؛‬
‫ألن اجلهاد فرض‪ ،‬ومن رضورة‬ ‫العام‪ ،‬وما أصبنا منهم ال دية علينا وال كفارة؛ َّ‬
‫إقامته سقوط الضامن‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/1‬ب‪.‬‬
‫)‪ (4‬ملا فيه من تعريض املصحف لالستخفاف‪ ،‬وتعريض املرأة للضياع والفضائح‪ ،‬وإن‬
‫ـ ‪922‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وَيرم الغلول) ( وامل ْثلة) ( والغدر) ( وقتل املجنون والصبي‬

‫مل خيف عليهام فال بأس بإخراج العجائز للخدمة من الطبخ واخلبز ومعاجلة‬
‫املرىض وغري ذلك‪ ،‬وأما الشواب منهن فقرارهن يف البيوت أسلم‪ ،‬واألوىل أن ال‬
‫خيرجوهن أصالً‪ ،‬فإن حتققت الرضورة خيرج اإلماء دون احلرائر‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪.35 :3‬‬
‫) ( الغلول‪ :‬الرسقة من املغنم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪.040‬‬
‫قطع األعضاء‪ ،‬وتسويدُ الوجه‪،‬‬ ‫لغريه‪ ،‬مثل‪ُ :‬‬ ‫)‪ (0‬أي َنك ََّل به‪ :‬معناه جع َل ُه نكاالً وعرب ًة ِ‬
‫قطع أنفه‪ ،‬و ُم ْث َلة ال ُع ْرنِ ِّيني؛ فعن أنس ‪َّ ( :‬‬
‫إن ناس ًا من‬ ‫يقال‪َ :‬م َّث َل بالقتيل‪ :‬أي َ‬
‫عرينة قدموا عىل رسول اهلل ‪ ‬املدينة فاجتووها‪ ،‬فقال هلم رسول اهلل ‪ :‬إن‬
‫شئتم أن خترجوا إىل إبل الصدقة فترشبوا من ألباَّنا وأبواهلا ففعلوا فصحوا‪ ،‬ثم‬
‫مالوا عىل الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن اإلسالم وساقوا ذود رسول اهلل ‪ ،‬فبلغ‬
‫ذلك النبي ‪ ‬فبعث يف إثرهم فأيت هبم فقطع أيدهيم وأرجلهم وسمل أعينهم‬
‫احلرة حتى ماتوا) يف صحيح البخاري ‪ ،0413 :2‬وصحيح مسلم ‪:3‬‬ ‫وتركهم يف ّ‬
‫فإَّنا منسوخة بقول النبي ‪( :‬الَ َت ْغ ُّلوا َوالَ َت ْغ ِد ُروا َوالَ ُمت َ ِّث ُلوا) يف صحيح‬ ‫‪َّ ، 012‬‬
‫خلق اهللِ تعاىل فتحرم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪:3‬‬ ‫مسلم ‪ ، 335 :3‬ويف املُ ْث َل ِة تغري ِ‬
‫ُ‬
‫‪ ،040‬ومنتهى النقاية ‪.040 :3‬‬
‫ونقض العهد‪ ،‬كام يف اهلداية ‪ ، 35 :0‬قال صدر الرشيعة يف رشح‬ ‫ُ‬ ‫)‪ (3‬الغدر‪ :‬اخليانة‬
‫الوقاية ‪« :040 :3‬قال ‪( :‬احلرب خدعة) [يف صحيح البخاري ‪،] 30 :3‬‬
‫احلرب‬ ‫خدعة احلرب‪ ،‬فأقول‪ :‬ما دا َمت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغدر وبني‬ ‫فيشتبه عىل النَّاس التَّفرق ُة بني‬
‫ُ‬
‫فنحارهبم‬
‫ُ‬ ‫نحار ُهبم يف هذا اليوم حتَّى أمنوا‬ ‫ِ‬ ‫قائم ًة ال حير ُم اخلداع‪ ،‬بأن َ‬
‫نرهيم أ َّنا ال‬
‫صوب آخر حتَّى غفلوا فنأتيهم بيات ًا ونحو ذلك‪ ،‬بخالف ما إذا‬ ‫ٍ‬ ‫نذهب إىل‬
‫َ‬ ‫فيه‪ ،‬أو‬
‫جتوز‬
‫نتحارب يف هذا اليوم حتَّى أمنوا‪ ،‬فإنَّه ال ُ‬ ‫َ‬ ‫قرار عىل أن ال‬‫جرى بيننا وبينهم ٌ‬
‫قض العهد‪ ،‬وهذا ليس من خدا ِع‬ ‫ألن هذا استئامن وعهد‪ ،‬فاملحارب ُة ن ُ‬ ‫املحاربة؛ َّ‬
‫السلم‪ ،‬فيكون غدر ًا»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خداع يف حال ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫احلرب‪ ،‬بل‬
‫ـ ‪927‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واملرأة) ( غري امللكة( ) واهلرم واألعمى واملقعد ونحوهم( ) إال دفع ًا لرش قتاله أو‬
‫رأيه) (‪.‬‬
‫ويكره للمسلم قتل أبيه الكافر إال دفع ًا لرشه كاملسلم) (‪.‬‬
‫ولإلمام الصلح جمان ًا أو بامل أخذ ًا ودفع ًا) (‪ ،‬ونقضه بعد اإلعالم متى رآه‬

‫) ( فعن ابن عمر ‪( :‬وجدت امرأة مقتولة يف بعض مغازي رسول اهلل ‪ ،‬فنهى‬
‫رسول اهلل ‪ ‬عن قتل النساء والصبيان) يف صحيح البخاري ‪. 213 :3‬‬
‫ألن املرأة إذا كانت ملكة تقتل؛ ملا يف قتلها من كرس شوكتهم‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.31 :3‬‬ ‫(‪َّ )0‬‬
‫(‪ )3‬كاملقطوع إحدى يديه وإحدى رجليه أو اليمنى؛ فعن أنس بن مالك ‪ : ‬قال ‪:‬‬
‫(انطلقوا باسم اهلل وباهلل وعىل ملة رسول اهلل وال تقتلوا شيخ ًا فاني ًا‪ ،‬وال طف ً‬
‫ال وال‬
‫صغري ًا وال امرأ ًة وال تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا‪ ،‬وأحسنوا َّ‬
‫إن اهلل حيب‬
‫املحسنني) يف سنن أيب داود ‪.44 :‬‬
‫ال أو ذا رأي يف احلرب فإنَّه يقتل؛ فعن أيب بردة‬ ‫)‪ (4‬أي إذا كان أحد من هؤالء مقات ً‬
‫‪ ،‬قال‪( :‬ملا فرغ النبي ‪ ‬من حنني بعث أبا عامر عىل جيش إىل أوطاس فلقي‬
‫دريد بن الصمة فقتل دريد وهزم اهلل تعاىل أصحابه) يف صحيح البخاري‪:4‬‬
‫‪ ، 35‬وصحيح مسلم ‪ ، 143 :4‬وكان دريد ابن مئة وعرشين سنة‪ ،‬وقيل‪ :‬ابن‬
‫مئة وستني سنة؛ ألنَّه كان صاحب رأي وهو أعمى‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.22 :3‬‬
‫األب قت َله‪ ،‬بحيث ال‬
‫ُ‬ ‫الكافر ابتدا ًء‪ ،‬بخالف ما إذا قصدَ‬
‫َ‬ ‫األب‬
‫يقتل االب ُن َ‬ ‫)‪ (3‬أي ال ُ‬
‫بقتله‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪.043 :3‬‬ ‫يمكنُه دفعه إالَّ بقتلِه‪ ،‬فإنَّه ال بأس ِ‬
‫ُ ُُ‬
‫)‪ (2‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﭼ [األنفال‪ ،]37 :‬سواء كان بال أخذ يشء‪،‬‬
‫أو بأن يأخذ منهم ماالً‪ ،‬أو بأن يعطي هلم ماالً‪ ،‬وهذا إذا خيف هالك املسلمني؛‬
‫ألن الصلح جهاد يف املعنى إذا كان فيه مصلحة؛ إذ املقصود من اجلهاد دفع الرش‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الرش واهلالك عن املسلمني واجب بأي طريق أمكن‪ ،‬وإذا مل خيف اهلالك فال‬ ‫ودفع ّ‬
‫يعطيهم ماالً؛ ملا فيه من إحلاق الذلة باملسلمني‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ،20 :3‬واهلدية‬
‫ص‪. 34‬‬
‫ـ ‪929‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ٍ‬
‫بخيانة مل جيب اإلعالم) (‪.‬‬ ‫مصلحة‪ ،‬وإن بدأوا‬
‫ويكره بيع السالح واحلديد واخليل منهم‪ ،‬ولو كانوا سل ًام) (‪ ،‬بخالف‬
‫ال َّطعام واللباس) (‪.‬‬

‫) ( أي جيوز لإلمام نقض الصلح بعد إعالمهم إذا رأى يف نقضه مصلحة للمسلمني‪،‬‬
‫تنقِض‪ ،‬وأما‬ ‫لكن برشط إعالمهم بذلك؛ لئال تكون خيانة‪ ،‬وهذا إذا كان الصلح ملدة مل ِ‬
‫فإن الصلح يبطل بمضيها‪ ،‬وإذا نقض الكفار الصلح باخليانة َّ‬
‫فإن‬ ‫إذا انقضت املدة‪َّ ،‬‬
‫اإلمام ال يعلمهم بنقض الصلح‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.23 :3‬‬
‫ألَّنا عىل رشف االنقضاء‬ ‫)‪ (0‬أي ال فرق يف ذلك بني ما قبل املوادعة وبني ما بعدها؛ َّ‬
‫ألَّنم يتقوون بالكراع والسالح عىل قتال املسلمني‪ ،‬وقد أمرنا‬ ‫أو النقض‪ ،‬وهذا َّ‬
‫بكرس شوكتهم‪ ،‬وقتل مقاتلتهم؛ لدفع فتنة حماربتهم‪ ،‬كام قال اهلل ‪ :‬ﭽ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭼ [البقرة‪ ،]726 :‬فعرفنا أنَّه ال رخصة يف تقويتهم عىل حماربة‬
‫املسلمني‪ ،‬وإذا ثبت هذا يف الكراع والسالح ثبت يف السبي بطريق األوىل؛ ألنَّه إ ّما‬
‫قاتل بنفسه أو يكون منهم َمن يقاتل‪ ،‬وتقويتهم باملقاتل فوق تقويتهم بآلة‬ ‫أن ُي َ‬
‫القتال‪ .‬ينظر‪ :‬خمترص الطحاوي ‪ ،440‬واملبسوط‪ ، 4 2 :4‬واهلداية ‪،42 :3‬‬
‫وفتح القدير ‪ ،42 :3‬والفتاوى اهلندية ‪ ، 13- 15 :0‬وغريها‪.‬‬
‫)‪ (3‬لكنَّه خالف األوىل؛ وإن كان القياس أن يمنع من محله إىل دار احلرب؛ ألنَّه به‬
‫وألن املسلم مندوب أن يستبعد‬ ‫َّ‬ ‫حيصل التقوي عىل كل يشء‪ ،‬واملقصود إضعافه؛‬
‫من املرشكني‪ ،‬قال ‪( :‬ال تستضيئوا بنار املرشكني) يف سنن البيهقي الكبري ‪:3‬‬
‫‪ ، 05‬وسنن النسائي ‪ ، 52 :3‬ومسند أمحد ‪ ،11 :3‬وقال ‪( :‬أنا بريء من كل‬
‫‪ ،‬وسنن البيهقي ‪:1‬‬ ‫مسلم مع مرشك ال تراءى نارمها) املعجم الكبري ‪4 :4‬‬
‫‪ ، 40‬وسنن أيب داود ‪ ،43 :3‬وسنن النسائي الكربى ‪ ،003 :4‬ويف محل األمتعة‬
‫وألَّنم يتقوون بام حيمل إليهم من متاع أو طعام‪،‬‬
‫إليهم للتجارة نوع مقاربة معهم؛ َّ‬
‫بالنص‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وينتفعون بذلك‪ ،‬فاألوىل أال يفعل‪ ،‬إال أنا عرفنا جواز نقل الطعام إليهم‬
‫وهو حديث ثاممة ‪‬؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬أنَّه ذكر قصة إسالم ثاممة ‪ ،‬ويف آخره‬
‫ـ ‪926‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫صح) ( ولزم إال أن يرى اإلمام نقضه‪ ،‬وال يصح‬


‫حر َّ‬ ‫سلم ٌّ‬
‫وإذا َّأمنهم م ٌ‬
‫ٍ‬
‫وعبد غري مأذون يف القتال) (‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مهاجر‬ ‫ٍ‬
‫وتاجر ومسل ٍم غري‬ ‫ٍ‬
‫وأسري‬ ‫ذمي‬
‫أمان ٍّ‬
‫فصل‬
‫[املغنم وقسمته]‬
‫فإذا فتح اإلمام بلد ًة قهر ًا فله اخليار يف قسمته بني الغانمني) ( وإبقائه‬

‫قوله ألهل مكة حني قالوا له‪( :‬أصبوت؟ فقال‪ :‬إين واهلل ما صبوت‪ ،‬ولكني‬
‫أسلمت وصدقت حممد ًا وآمنت به‪ ،‬وأيم الذي نفس ثاممة بيده ال تأتيكم حبة من‬
‫الياممة ـ وكانت ريف مكة ما بقيت ـ حتى يأذن فيها حممد ‪ ،‬وانرصف إىل بلده‪،‬‬
‫ومنع احلمل إىل مكة حتى جهدت قريش‪ ،‬فكتبوا إىل رسول اهلل ‪ ‬يسألونه‬
‫بأرحامهم أن يكتب إىل ثاممة حيمل إليهم الطعام‪ ،‬ففعل رسول اهلل ‪ )‬يف سنن‬
‫َّ‬
‫وألن املسلمني حيتاجون إىل بعض ما يف ديارهم من األدوية‬ ‫البيهقي الكبري ‪22 :1‬؛‬
‫َّ‬
‫وألن التاجر‬ ‫واألمتعة‪ ،‬فإذا منعناهم ما يف ديارنا فهم يمنعون أيض ًا ما يف ديارهم؛‬
‫إذا دخل إليهم ليأيت املسلمني بام ينتفعون به من ديارهم فإنَّه ال جيد بد ًا من أن حيمل‬
‫إليهم بعض ما يوجد يف ديارنا‪ ،‬فلهذا رخصنا للمسلمني يف ذلك‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫املبسوط‪ ، 4 2 :4‬واملحيط ‪ ، 33 :‬واهلداية‪ ،‬وفتح القدير ‪ ،42 :3‬وغريها‪.‬‬
‫) ( َّ‬
‫فإن هذا األمان منه صحيح‪ ،‬سواء كان لواحد منهم أو مجاعة؛ فعن ابن عمرو ‪،‬‬
‫قال ‪( :‬ذمة املسلمني واحدة يسعى هبا أدناهم) يف سنن الرتمذي ‪، 4 :4‬‬
‫ومسند أمحد ‪ ،313 :0‬وصحيح ابن حبان ‪ ،32 :1‬وغريها‪.‬‬
‫ألَّنام‬
‫)‪ (0‬أي ال يصح أمان الذمي؛ ألنَّه متهم‪ ،‬وال أمان األسري والتاجر يف دار احلرب؛ َّ‬
‫مقهوران حتت أيدهيم‪ ،‬وال أمان من أسلم ومل هياجر إلينا‪ ،‬وال أمان العبد غري‬
‫املأذون؛ ألنَّه مل يبارش القتال فال خيافونه‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.22 :3‬‬
‫)‪ (3‬أي بعد إخراج اخلمس؛ فعن ابن شهاب ‪ ‬قال‪َّ َ ( :‬‬
‫َخس رسول اهلل ‪ ‬خيرب‪ ،‬ثم‬
‫قسم سائرها عىل َمن شهدها ومن غاب عنها من أهل احلديبية) يف سنن أيب داود‬
‫ـ ‪922‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عليهم باجلزية واخلراج) (‪.‬‬


‫وله اخليار أيض ًا يف قتل األرسى إن مل يسلموا( )‪ ،‬أو اسرتقاقهم ولو‬

‫‪ ، 52 :0‬واملجتبى ‪ ، 30 :5‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ،350 :3‬وعن عمر بن‬


‫اخلطاب ‪( :‬أما والذي نفيس بيده لوال أن أترك آخر الناس ببابنا ليس هلم يشء‬
‫عيل قرية إال قسمتها كام قسم النبي ‪ ‬خيرب‪ ،‬ولكنّي أتركها خزانة هلم‬
‫ما فتحت َّ‬
‫يقتسموَّنا) يف صحيح البخاري ‪ ، 343 :4‬قال العيني يف عمدة القاري ‪: 5‬‬
‫قسم فيها إال خيرب‪،‬‬
‫‪« :032‬وقد غنم رسول اهلل غنائم وأرايض ومل ينقل عنه أنَّه َّ‬
‫وذكر أنَّه إمجاع السلف‪ ،‬فإن رأى اإلمام يف وقت من األوقات قسمتها رأيا مل يمتنع‬
‫ذلك فيام يفتحه»‪.‬‬
‫) ( أي إبقاء أهلها عليها بفرض اجلزية عىل رؤوسهم واخلراج عىل أراضيهم‪ ،‬فإنَّه كام‬
‫فعل سيدنا عمر ‪ ‬بسواد العراق بموافقة الصحابة ‪ ،‬كام يف املنحة ‪23 :0‬؛ فعن‬
‫إن عمر بن اخلطاب ‪ ‬بعثه عثامن بن حنيف وجعله عىل مساحة‬ ‫أيب جملز ‪َّ « :‬‬
‫فقسم عثامن عىل كل رأس من أهل الذمة أربعة وعرشين درمه ًا كل‬
‫األرض‪َّ ...‬‬
‫عام‪ ،‬ومل يرضب عىل النساء والصبيان من ذلك شيئ ًا‪ ،‬ومسح سواد الكوفة من‬
‫أرض أهل الذمة فجعل عىل اجلريب من النخل عرشة دراهم‪ ،‬وعىل اجلريب من‬
‫العنب ثامنية دراهم‪ ،‬وعىل اجلريب من القصب ستة دراهم‪ ،‬وعىل اجلريب من الرب‬
‫أربعة دراهم‪ ،‬وعىل اجلريب من الشعري درمهني‪ ،‬وأخذ من جتار أهل الذمة من كل‬
‫عرشين درمه ًا درمه ًا‪ ،‬فرفع ذلك إىل عمر ‪ ‬فرىض به» يف مصنف عبد الرزاق ‪:2‬‬
‫‪ ، 22‬وسنن البيهقي الكبري ‪.334 :2‬‬
‫(‪َّ )0‬‬
‫فإن رسول اهلل ‪ ‬قتل أرسى بني قريظة؛ فعن عطية القرظي قال‪( :‬كنت من سبي‬
‫فمن أنبت الشعر قتل‪ ،‬ومن مل ينبت مل يقتل‪ ،‬فكنت‬
‫بني قريظة فكانوا ينظرون َ‬
‫فيمن مل ينبت) يف سنن أيب داود ‪ ،342 :0‬واملعجم الكبري ‪ ، 23 : 5‬وسنن‬
‫الرتمذي ‪ ، 43 :4‬وصححه‪.‬‬
‫ـ ‪925‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫أسلموا( )‪ ،‬أو جعلهم ذمة( )‪.‬‬


‫وال يطلقهم بامل وال يفادي هبم أرسانا( )‪.‬‬
‫وإن تع َّذر نقل مواشيهم ذبحها وحرقها( ) ال غري( )‪ ،‬وحرق األسلحة‬
‫وما ال َيرتق يدفنه( )‪.‬‬
‫وال يقسم غنيم ًة يف دار احلرب إال لإليداع( )‪.‬‬

‫ألَّنم أسلموا بالقهر والكره؛ وألنَّه فيه‬


‫( ) أي جيوز اسرتقاقهم حال كوَّنم مسلمني؛ َّ‬
‫وفور منفعة املسلمني‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 33‬‬
‫(‪ )0‬أي وإن شاء جعلهم أحرار ًا أهل ذمة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 33‬‬
‫(‪ )3‬أي وال خييل اإلمام سبيل أرساهم بأخذ املال منهم‪ ،‬وال يفتدي هبم من أرسوا منا؛‬
‫رش حرهبم خري من‬ ‫ألن يف ذلك تقويتهم عىل املسلمني وعودهم حرب ًا علينا‪ ،‬ودفع ّ‬ ‫َّ‬
‫ختليص األسري املسلم؛ ألنَّه إذا بقي يف أيدهيم كان ابتالء يف حقه غري مضاف إىل‬
‫صنعنا‪ ،‬واإلعانة بدفع أسريهم إليهم مضاف إلينا‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ [األنفال‪ :‬اآلية‪ ،]31‬وهذا جرى جمرى النهي العام‪،‬‬
‫وهذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وعن أيب حنيفة ‪ ‬وهو قول حممد ‪ :‬ال بأس أن يفادي‬
‫هبم أرسى املسلمني إذا احتاج املسلمون إليه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ، 33‬ورشح ابن‬
‫ملك ق‪/13‬أ‪.‬‬
‫ألن الذبح جاز ملصلحة‪ ،‬وإحلاق الغيظ هبم من أقوى املصالح‪ ،‬واحلرق لئال ينتفع‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫هبا الكفار فصار كتخريب البنيان وقطع األشجار‪ ،‬وال حترق قبل الذبح إذ ال‬
‫يعذب بالنار إالّ رهبا‪ .‬ينظر‪ :‬درر احلكام ‪.032 :‬‬
‫ألن يف العقر تعذيب للحيوان‬ ‫(‪ )3‬أي ال يعقرها بقطع أعصاب قوائمها‪ ،‬وال يرتكها؛ َّ‬
‫ومثلة‪ ،‬ويف تركها تقوية هلم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/13‬أ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي يف مكان ال يقفون عليه كي ال ينتفعوا هبا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.5 :3‬‬
‫(‪ )5‬بأن ال يكون لإلمام من بيت املال ما حيمل عليه الغنيمة مثالً‪ ،‬فيقسمها بني‬
‫الغانمني ليحملوها إىل دار اإلسالم‪ ،‬ثم يرجتعها‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪.055 :3‬‬
‫ـ ‪923‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫السوقي( )‪ ،‬واملدد قبل إخراج‬ ‫والردء( ) يف الغنيمة كاملقاتل بخالف ُّ‬


‫ِّ‬
‫الغنيمة إىل دار اإلسالم كاألصل( )‪ ،‬ومن مات قبل إخراج الغنيمة سقط‬
‫حقه( ) وبعده ال يسقط‪.‬‬
‫ال وعلف ًا ودهن ًا وإيقاد ًا‬
‫وللعسكر االنتفاع بالغنيمة قبل اإلخراج أك ً‬
‫وقتاالً بالسالح ونحوها بال قسمة( ) من غري بيع ومتول( )‪ ،‬بخالف الثياب‬
‫والدواب( )‪ ،‬وبعد اإلخراج يردون ما فضل معهم من ذلك( )‪.‬‬

‫الردء‪ :‬وهو املعني واجلاسوس‪ .‬ينظر‪ :‬املغرب ص‪ ، 35‬واهلدية ص‪. 33‬‬ ‫( ) ِّ‬
‫ألَّنم مل جياوزوا عىل قصد القتال‪،‬‬
‫السوقي‪ :‬هو اخلارج مع العسكر للتجارة؛ َّ‬ ‫(‪ُ )0‬‬
‫فانعدم السبب‪ ،‬فيعترب السبب احلقيقي وهو قصد القتال‪ ،‬فيفيد االستحقاق عىل‬
‫ال‪ .‬ينظر‪ :‬اللباب رشح الكتاب ‪. 03 :4‬‬ ‫حسب حاله فارس ًا أو راج ً‬
‫(‪َّ )3‬‬
‫ألن سبب امللك هو القه ر‪ ،‬ومتام القهر باإلحراز بالدار‪ ،‬وقد شاركه يف هذا املعنى‪،‬‬
‫بخالف ما إذا حلقه املدد بعد إخراج الغنيمة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.50 :3‬‬
‫ألن اإلرث جيري يف امللك وال ملك فيه‪ ،‬وأما بعد إخراج‬ ‫(‪ )4‬بأن ال يورث نصيبه؛ َّ‬
‫الغنيمة إىل دار اإلسالم ال يسقط حقه بل يورث عنه‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ،50 :3‬واهلدية‬
‫ص‪. 33‬‬
‫(‪ )3‬فعن ابن عمر ‪( :‬كنا نصيب يف مغازينا العسل والعنب فنأكله وال نرفعه) يف‬
‫صحيح البخاري ‪. 41 :3‬‬
‫(‪ )2‬أي ال يباح االنتفاع ببيع يشء من املغنم قبل القسمة وال بادخاره‪ ،‬حتى لو باعه رد‬
‫الثمن إىل املغنم‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 32‬‬
‫(‪ )5‬فإنَّه ال يباح االنتفاع هبام قبل القسمة من غري حاجة لالشرتاك‪ ،‬فإذا احتاجوا يقسم‬
‫ألن احلرام يستباح للرضورة‪ ،‬فاملكروه أحق‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬ ‫اإلمام بينهم؛ َّ‬
‫ق‪/14‬أ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي بعد اإلخراج إىل دار اإلسالم يردون ما فضل معهم مما أبيح هلم االنتفاع به‪،‬‬
‫وال ينتفعون به؛ لزوال املبيح وهو الرضورة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.53 :3‬‬
‫ـ ‪921‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وُخْس الغنيمة يقسم أثالث ًا‪ :‬بني اليتامى واملساكني وأبناء السبيل يقدَّ م‬
‫منهم فقراء ذوي القربى خاصة( )‪ ،‬وذ ْكر اهلل تعاىل يف اخلمس للتربك باسمه‪،‬‬
‫النبي ‪ ‬سقط بموته كالصفي( )‪.‬‬ ‫وسهم ِّ‬
‫وأربعة األُخاس للغانمني‪ :‬للفارس سهامن‪ ،‬وللراجل سهم( )‪.‬‬
‫والعرب سواء( ) وال سهم لبعري أو بغل‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫والربذون‬
‫ويعترب كونه فارس ًا أو راج ً‬
‫ال عند جماوزة الدرب( ) ال عند القتال‪.‬‬

‫( ) أي يقدم أيتام ذوي القربى يف سهم األيتام‪ ،‬ومساكني ذوي القربى يف سهم‬
‫املساكني‪ ،‬وابن السبيل من ذوي القربى يف سهم ابن السبيل‪ ،‬بخالف أغنياء ذوي‬
‫حق هلم‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫القربى فال َّ‬
‫فاخلمس الذي يقسم‬
‫ُ‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ [األنفال‪،]27:‬‬
‫ألن الفقرا َء ُ‬
‫عيال اهلل ‪ ‬فسهمه لعياله‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫أثالث ًا هو السهم املوعو ُد لنفسه ‪‬؛ َّ‬
‫هدية الصعلوك ص‪. 32‬‬
‫(‪ )0‬وهو ما كان النبي ‪ ‬يصطفيه لنفسه من الغنيمة ويستعني به عىل أمور املسلمني‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬درر احلكام ‪ ،031 :‬ورشح الوقاية ‪.043 :3‬‬
‫(‪ )3‬فعن جممع بن جارية األنصاري ‪( :‬أعطى ‪ ‬الفارس سهمني وأعطى الراجل‬
‫سه ًام) يف سنن أيب داود ‪ ،34 :0‬ومسند أمحد ‪ ،402 :3‬واملستدرك ‪، 43 :0‬‬
‫وصححه‪.‬‬
‫ألن استحقاق السهم باخليل ملعنى إرهاب العدو‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ [األنفال‪ ،]32 :‬واإلرهاب كام حيصل بالفرس‬
‫العريب حيصل بالربذون ـ وهو فرس أعجمي يركب وحيمل عليه ـ‪ ،‬وال سهم لبعري‬
‫ألن اإلرهاب ال حيصل هبام؛ إذ ال يقاتل عليهام‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪، 35‬‬ ‫وبغل؛ َّ َ‬
‫ورشح ابن ملك ق‪/14‬ب‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي املراد بالدرب هنا الربزخ احلاجز بني دار اإلسالم ودار احلرب‪ ،‬حتى لو دخل‬
‫دار احلرب فارس ًا وقاتل راجالً؛ لضيق املقام استحق سهم الفارس‪ ،‬ولو دخلها‬
‫ـ ‪928‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والصبي واملرأة والذمي ما يراه( )‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫ويرضخ اإلمام للعبد‬
‫وال ي َّمس ما أخذه واحدٌ أو اثنان مغريين‪ ،‬بل ما أخذه مجاعة هلا‬
‫منعة( )‪.‬‬
‫بالسلب وغريه حتريض ًا عىل القتال( )‪.‬‬
‫وجيوز التنفيل َّ‬
‫كل طائفة منهم ما استولت عليه من نفوس‬ ‫والرتك والروم يملك ُّ‬
‫الطائفة األخرى وأمواهلا‪ ،‬ويملك الكفار ك ُّلهم أموالنا باالستيالء ال نفوسنا‬

‫ال وقاتل فارس ًا استحق سهم الرجال‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ، 35‬وعمدة الرعاية‬ ‫راج ً‬
‫‪.332 :0‬‬
‫( ) أي يعطي اإلمام هلؤالء شيئ ًا أقل من السهم بحسب ما يراه‪ ،‬وإنَّام يرضخ لو كانوا‬
‫مقاتلني وكانت املرأة تداوي اجلرحى وتقوم بمصالح املرىض؛ َّ‬
‫ألن اجلهاد عبادة‪،‬‬
‫يسو بينه وبني املسلمني يف حكم‬ ‫والذمي ليس من أهلها‪ ،‬حتى لو قاتل احلريب مل ّ‬
‫اجلهاد‪ ،‬كام يف هدية الصلعوك ص‪ ، 35‬وسئل ابن عباس ‪« ‬عن املرأة والعبد‬
‫هل كان هلام سهم معلوم إذا حرضوا البأس؟ فأجاب‪َّ :‬إَّنم مل يكن هلم سهم معلوم‬
‫إال أن حيذيا من غنائم القوم» يف صحيح مسلم ‪. 444 :3‬‬
‫ألن اخلمس وظيفة الغنيمة وهي املأخوذة قهر ًا وغلبة‪ ،‬وهذا اختالس ورسقة‪،‬‬ ‫(‪َّ )0‬‬
‫خيمس ما تأخذه مجاعة هلا شوكة؛ حلصول القهر والغلبة هبم‪ ،‬كام يف‬ ‫وإنَّام الذي َّ‬
‫املنحة ‪ ،30 :3‬أما إذا دخل دارهم وأغار بإذن اإلمام فهو يف حكم املنعة؛ َّ‬
‫ألن‬
‫اإلمام باإلذن التزم نرصته‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪ ،041 :3‬وفتح باب العناية ‪:3‬‬
‫‪.032‬‬
‫ال فله سلبه‪ ،‬حث ًا منه عىل القتال‪ ،‬والتنفيل‪ :‬إعطاء يشء‬
‫(‪ )3‬أي بأن يقول‪ :‬من قتل قتي ً‬
‫زائد عىل سهم الغنيمة‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ‪ ،041 :3‬قال ‪ :‬ﭽﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ [األنفال‪]35 :‬؛ فعن أيب قتادة ‪ ‬قال ‪( :‬من قتل قتيالً له‬
‫عليه بينة فله سلبه) يف املوطأ ‪ ،433 :0‬وسنن الرتمذي ‪ ، 32 :4‬وصحيح ابن‬
‫حبان ‪. 2 :3‬‬
‫ـ ‪922‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫إال خالص رقيقنا( )‪.‬‬


‫واملالك القديم أحق بامله قبل القسمة جمان ًا وبعدها بالقيمة أو بالثمن إن‬
‫كان مشرتى( )‪.‬‬
‫َيرم عليه اخليانة والغدر هبم‪ ،‬فإن خان يف‬‫مسلم دخل دار احلرب تاجر ًا ْ‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫يشء وأخرجه تصدَّ ق به( )‪.‬‬

‫ال فسبوهم وأخذوا أمواهلم‬ ‫( ) أي إذا غلب كفار الرتك عىل نصارى الروم مث ً‬
‫أموال الروم ورقاهبم مباحة‪ ،‬واالستيالء إذا َو َر َد عىل مال مباح‬ ‫َ‬ ‫ملكومها؛ َّ‬
‫ألن‬
‫يكون ملك ًا للمستويل كاالصطياد واالحتطاب‪ ،‬وكذلك يملك الكفار كلهم روم ًا‬
‫كان أو ترك ًا أموالنا باالستيالء واإلحراز بدار احلرب‪ ،‬حتى لو أسلموا أو صاروا‬
‫ذمة يملكوَّنا ملك ًا صحيح ًا‪ ،‬وال يملكوَّنا بمجرد االستيالء والغلبة بال إحراز‬
‫ألن اآلدمي املكرم ُخلِق ُح ّر ًا ل َيملِك ال ل ُيم َلك‪،‬‬
‫ثمة‪ ،‬لكنَّهم ال يملكون نفوسنا؛ َّ‬
‫وملا ك َفر بعضهم باهلل العظيم واستنكفوا أن يكونوا عباد ًا له جعلهم اهلل ‪ ‬عبيد‬
‫ال يف أيدهيم جزاء عىل صنعهم الفاحش‪ ،‬وإنَّام يملكون رقيقنا‬ ‫عبيده ومملوك ًا مذل ً‬
‫اخلالص؛ ألنَّه يف حكم املال‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 31- 33‬‬
‫(‪ )0‬أي إذا وجد املسلم ماله يف الغانمني بعدما غلب املسلمني عىل الكفار املستولني‬
‫عليهم‪ ،‬أوالً يأخذه بال يشء‪ ،‬وبعد القسمة يأخذه بقيمته؛ ألنَّه زال ملكه بتملك‬
‫اآلخر‪ ،‬فكان له حق االسرتداد بالقيمة إن شاء‪ ،‬أو بثمنه إن كان املال املحرز بدار‬
‫احلرب مشرتى يف يد تاجر إن كان اشرتاه بنقد‪ ،‬وإن كان اشرتاه بعرض أخذه‬
‫بقيمة ذلك العرض‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 31‬‬
‫ألن املسلمني عند رشوطهم‪ ،‬وقد‬ ‫(‪ )3‬أي فال يتعرض ليشء من أمواهلم ودمائهم؛ َّ‬
‫رشط باالستئامن أن ال يتعرض هلم‪ ،‬فالتعرض بعده غدر‪ ،‬إال إذا غدر ملكهم‬
‫بأخذ ماله أو حبسه‪ ،‬أو غري ملكهم بعلم ملكهم ومل يمنعهم‪ ،‬فال بأس له التعرض‬
‫ألَّنم بدأوا بنقض العهد‪ ،‬وااللتزام يكون مقيدا هبذا الرشط‪ ،‬فإن خان يف‬ ‫هلم؛ َّ‬
‫ـ ‪622‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حرب إلينا بأمان يقال له‪ :‬إن أقمت سن ًة جع ْلت ذمي ًا‪ ،‬فإن أقام‬‫ٌّ‬ ‫ولو دخل‬
‫سن ًة صار ذمي ًا فال يمكَّن من ُّ‬
‫الرجوع( )‪.‬‬
‫كل سنة ثامنية وأربعون درمه ًا‪ ،‬وعىل وسط احلال‬ ‫الغني يف ِّ‬
‫ِّ‬ ‫واجلزية عىل‬
‫أربعة وعرشون‪ ،‬وعىل الفقري املعتمل( ) اثنا عرش( )‪.‬‬

‫يشء عند انعدام عذرهم وأخرجه إىل دار اإلسالم فعليه أن يتصدق به؛ ألنَّه ملك‬
‫خبيث‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/13‬ب‪.‬‬
‫أن الكافر ال يمكن من إقامة دائمة يف دارنا إال باسرتقاق أو‬ ‫إن األصل يف ذلك َّ‬ ‫( ) َّ‬
‫جزية؛ ألنَّه يبقى رضر ًا عىل املسلمني؛ لكونه عين ًا للكفار وعون ًا علينا‪ ،‬ويمكن من‬
‫ألن يف منعها قطع املنافع من اجللب وسد باب التجارات ففصلنا‬ ‫اإلقامة اليسرية؛ َّ‬
‫ألَّنا مدة جتب فيها اجلزية‪ ،‬فإن أقام سنة صار ذمي ًا اللتزامه اجلزية‪،‬‬
‫بينهام بسنة؛ َّ‬
‫وتعترب املدة من وقت التقدم إليه ال من وقت دخول دار اإلسالم‪ ،‬فال يمكن من‬
‫الرجوع إىل دار احلرب‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪.35-32 :3‬‬
‫(‪ )0‬الغني‪ :‬هو صاحب املال الكثري الذي ال حيتاج إىل العمل‪ .‬أما املتوسط‪ :‬الذي له‬
‫يكسب أكثر من حاجته وال مال‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫مال ال يستغني به عن العمل‪ .‬وأما املعتمل‪َ :‬من‬
‫له‪ .‬ينظر‪ :‬الكفاية ‪.031 :3‬‬
‫(‪ )3‬هذا التقدير إذا مل توضع اجلزية بالرتايض‪ ،‬فإنَّه متى وضعت بالرتايض ال يعدل‬
‫عنها؛ فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪( :‬صالح رسول اهلل ‪ ‬أهل نجران عىل ألفي حلة‬
‫النصف يف صفر‪ ،‬والبقية يف رجب يؤدوَّنا إىل املسلمني‪ ،‬وعارية ثالثني درع ًا‬
‫وثالثني فرس ًا وثالثني بعري ًا وثالثني من كل صنف من أصناف السالح يغزون هبا‬
‫واملسلمون ضامنون هلا حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد أو غدرة عىل أن ال‬
‫هتدم هلم بيعة وال خيرج هلم قس وال يفتنوا عىل دينهم ما مل حيدثوا حدثا أو يأكلوا‬
‫الربا) يف سنن أيب داود ‪ ، 33 :0‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 35 :1‬فإذا مل توضع‬
‫بالرتايض بل وضعت بالقهر بأن غلب اإلمام عىل الكفار وأقرهم عىل أمالكهم‪،‬‬
‫فيوضع عىل الغني ما ذكر املصنف ‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.35 :3‬‬
‫ـ ‪627‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وتوضع اجلزية عىل الكتاب( ) واملجويس( ) وعابد الوثن من العجم( )‪.‬‬


‫وال توضع عىل عابد الوثن من العرب( )‪ ،‬وال املرتد‪.‬‬
‫وال جزية عىل من ال ي ْقتل( )‪ ،‬وتؤخذ( ) من القسيسني ُّ‬
‫والرهبان‬
‫وأصحاب الصوامع املعتملني( )‪.‬‬

‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ‬
‫[التوبة‪.]92 :‬‬
‫(‪ )0‬فعن األحنف ‪( :‬مل يكن عمر ‪ ‬أخذ اجلزية من املجوس حتى شهد عبد‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬أخذها من جموس هجر) يف صحيح‬ ‫الرمحن بن عوف ‪َّ ‬‬
‫البخاري ‪. 3 :3‬‬
‫(‪ )3‬فعن املغرية بن شعبة ‪ ‬أنَّه قال لعامل كرسى‪( :‬أمرنا نبيّنا رسول ربنا ‪ ‬أن‬
‫نقاتلكم حتى تعبدوا اهلل وحده أو تؤدوا اجلزية) يف صحيح البخاري ‪، 30 :3‬‬
‫وكانوا عبدة أوثان‪ ،‬كام يف املنحة ‪.31 :3‬‬
‫(‪ )4‬ألن قوله ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫حق عبدة األوثان من العرب؛ ألنه ال يقبل منهم‬ ‫ﭝﭼ [الفتح‪ ،]73 :‬نزلت يف ّ‬
‫إال اإلسالم أو السيف‪ ،‬ومثلهم املرتد‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/12‬ب‪.‬‬
‫(‪ )3‬كاملرأة والصبي والزمن واألعمى واملفلوج والشيخ الكبري؛ ألَّنا جتب عقوبة‬
‫كالقتل وال قتل عليهم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/12‬أ‪.‬‬
‫(‪ )2‬يف النسخة املطبوعة ص‪ ، 33‬ويف رشح ابن ملك ق‪/12‬ب‪ :‬وال تؤخذ‪ ،‬ويف‬
‫املنحة ‪ ،12 :3‬واهلدية ص‪ : 12‬يؤخذ‪ ،‬وهذا املوافق ملا يف الوقاية ‪ 031 :3‬من َّ‬
‫أن‬
‫رشط الراهب الذي ال تؤخذ منه اجلزية أنَّه ال خيالط الناس‪ .‬ويف رشح الوقاية ‪:3‬‬
‫‪ :031‬وعند أيب يوسف ‪ ‬وهو رواية حممد ‪ ‬عن أيب حنيفة ‪ :‬توضع إن كان‬
‫قادر ًا عىل العمل‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي القادرين عىل الكسب‪ ،‬وأما الرهبان الذين ال خيالطون الناس فال تؤخذ منهم؛‬
‫ألنَّه ال قتل عليهم‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 12‬‬
‫ـ ‪629‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومن أسلم أو مات وعليه جزية سقطت( )‪.‬‬


‫وإن اجتمعت جزيتان تداخلتا( )‪.‬‬
‫الذمي إحضارها بنفسه فيعطيها قائ ًام والقابض منه قاعد ًا( )‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ويك َّلف‬
‫ويف رواية‪ :‬يأخذ بتلبيبه وهيزه‪ ،‬ويقول له‪ :‬أعط اجلزية يا ذمي‪ ،‬ويف رواية‪ :‬يا‬
‫عدو اهلل( )‪.‬‬
‫وتب بأ َّول احلول وي ْمهل إىل آخره تيسري ًا( )‪.‬‬‫ْ‬

‫فصل‬
‫ٍ‬
‫كنيسة يف دار اإلسالم( )‪ ،‬ويعاد ما اهنددم كدام‬ ‫وال جيوز إحداث ٍ‬
‫بيعة وال‬

‫ألَّنا بدل عن النرصة وعقوبة عن الكفر‪ ،‬فينتفيان بعد اإلسالم واملوت‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫( ) َّ‬
‫املنحة ‪.1 :3‬‬
‫(‪ )0‬أي بأن مل تؤخذ منه اجلزية حتى جاء عليه حوالن‪ ،‬فإ ََّّنام يتداخالن فال جتب إال‬
‫واحدة‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وقاال‪ :‬ال يتداخالن‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪:3‬‬
‫‪ ،1‬واهلدية ص‪. 12‬‬
‫(‪ )3‬أي القابض من الذمي يكون قاعد ًا؛ إظهار ًا للصغار عليهم‪ ،‬وقيد بقوله‪:‬‬
‫إحضارها بنفسه؛ ألنَّه إذا بعثها عىل يد نائبه ال تقبل يف الصحيح من الرواية‪ ،‬ينظر‪:‬‬
‫املنحة ‪.10 :3‬‬
‫إن قابض اجلزية يأخذ جيب‬ ‫(‪ )4‬ومعنى الرواية الثانية بأن يأخذ بتلبيبه وهيزه‪ :‬أي َّ‬
‫الذمي وحيركه لإلذالل‪ ،‬ويف رواية‪ :‬يا عدو اهلل بالعنف؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ [التوبة‪ :]92:‬أي حقريون‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك‬
‫ص ‪. 1‬‬
‫(‪ )3‬أي ليتمكن من القدرة عىل أدائها‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪. 1‬‬
‫(‪ )2‬فعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪( :‬ال إخصاء يف اإلسالم‪ ،‬وال بنيان كنيسة) يف سنن‬
‫البيهقي الكبري ‪ ،04 : 2‬وعن عبد الرمحن بن جساس ‪ ‬قال ‪( :‬ال خيص يف‬
‫ـ ‪626‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كان) (‪ ،‬وال ينقل‪.‬‬


‫زهيم)‪ (0‬ومراكبهم ورسوجهم‬ ‫ويم َّيز أ ْهل الذمة عن املسلمني يف ِّ‬
‫وقالنسهم)‪ ،(3‬وال يركبون اخليل( )‪ ،‬وال َيملون السالح‪ ،‬وجيعل عىل أبواهبم‬

‫اإلسالم وكنيسة) يف التاريخ الكبري ‪ ،021 :2‬وعن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬كل مرص‬
‫مرصه املسلمون ال يبنى فيه بيعة‪ ،‬وال كنيسة‪ ،‬وال يرضب فيه بناقوس‪ ،‬وال يباع فيه‬
‫حلم خنزير» يف سنن البيهقي الكبري ‪ ،02 :1‬وضعفه ابن حجر يف التلخيص ‪:4‬‬
‫‪. 01‬‬
‫) ( ألنَّه جرى التواتر من لدن رسول اهلل ‪ ‬إىل يومنا هذا برتك الكنائس يف أمصار‬
‫املسلمني‪ ،‬وال يقوم البناء دائ ًام‪ ،‬فكان دلي ً‬
‫ال عىل جواز اإلعادة لكنَّها ال تنقل البيعة‬
‫والكنسية من مكان إىل مكان؛ ألنَّه إحداث يف ذلك املوضع حقيقة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة‬
‫‪.13 :3‬‬
‫)‪ (0‬أي ال يلبسون رداء ًا ودرع ًا وخف ًا وغريها مثل ما لبسنا‪ ،‬ويركبون عىل الرسوج‬
‫التي كهيئة أكاف احلامر‪ ،‬وال يلبسون مثل قلنسوة املسلمني‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ‪، 1‬‬
‫ورشح ابن ملك ق‪/12‬ب‪.‬‬
‫ألَّنم ممنوعون عن التشبه باملسلمني؛ إظهار ًا للصغار عليهم‪ ،‬وصيانة لضعفة‬ ‫)‪َّ (3‬‬
‫ألن من هو ضعيف اليقني إذا رآهم يتقلبون يف النعم واملسلمون يف حمنة‬ ‫املسلمني؛ َّ‬
‫وشدة خياف أن يميل إىل دينهم‪ ،‬وإليه وقعت اإلشارة بقوله ‪ :‬ﭽ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯹﯺﯻﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅ‬
‫ﰆﭼ [الزخرف‪ .]66:‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/15‬أ‪ ،‬والتبيني ‪.03 :3‬‬
‫ألَّنم ليسوا من أهل اجلهاد‪ ،‬كام يف تبيني احلقائق ‪ ،03 :3‬وقال ابن نجيم ‪ ‬يف‬
‫(‪َّ )4‬‬
‫األشباه ص‪ :335‬املعتمد أن ال يركبوا مطلق ًا‪ ،‬وال يلبسوا العامئم‪ ،‬وإن ركب‬
‫ّ‬
‫املتأخرون أن ال‬ ‫احلامر لرضورة نزل يف املجامع‪ .‬اهـ‪ .‬ويف الفتح‪ :320 :3‬اختار‬
‫يركب أص ً‬
‫ال إال لرضورة‪.‬‬
‫ـ ‪622‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عالم ًة حتى ال يقف عليها سائل يدعو هلم) (‪.‬‬


‫ومت َّيز نساؤهم عن نسائنا يف الطرق( ) واحلاممات بعالمة) (‪.‬‬
‫الذمي بشدِّ الزنَّار( ) من الصوف الغليظ دون اإلبريسم‪ ،‬ويمنع‬ ‫ُّ‬ ‫ويؤمر‬
‫يتص به أهل العلم والزهد والرشف كالصوف ونحوه( )‪.‬‬ ‫عن لباس ُّ‬
‫وال يبدأ بالسالم( )‪ ،‬وال بأس بر ِّد سالمه‪ ،‬وال يزيد الرا ُّد عىل قوله‪:‬‬
‫وعليكم)‪ ،(5‬ولو قال يف جوابه‪ :‬السالم عىل من اتَّبع اهلدى جاز)‪.(3‬‬

‫) ( أي باملغفرة‪ ،‬ويكون دالً للمسلمني‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/12‬ب‪.‬‬


‫(‪ )0‬بأن متيش يف ناحية الطريق ال يف وسطه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك عىل الوقاية‬
‫ق ‪/ 3‬ب‪.‬‬
‫)‪ (3‬بأن جيعل يف أعناقهم طوق من احلديد أو نعل من نعل احلامر ونحومها‪ ،‬وخيالف‬
‫إزارهن إزار املسلامت‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪. 1‬‬
‫الزنَّار‪ :‬وهو ما يلبسه الذمي ويشدّ ه عىل وسطه‪ .‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪. 35 :3‬‬‫(‪ُّ )4‬‬
‫(‪ )3‬أي فال يلبس ما خيص بأهل العلم والرشف‪ :‬كالرداء والعاممة والصوف واجلوخ‪،‬‬
‫بل قميص ًا خشن ًا من كرباس جيبه عىل صدره كالنساء‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املنتقى ‪:‬‬
‫‪.254‬‬
‫ألن فيه إكرام ًا له‪ ،‬كام املنحة ص‪12‬؛ فعن أيب هريرة‬
‫(‪ )2‬أي وال يبدأ الذمي بالسالم؛ َّ‬
‫‪ ‬قال ‪ ( :‬ال تبدؤوا اليهود وال النصارى بالسالم‪ ،‬فإذا لقيتم أحدهم يف طريق‬
‫فاضطروه إىل أضيقه) يف صحيح مسلم‪. 525 :5‬‬
‫إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم‪ :‬السام‬ ‫)‪ (5‬فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫عليكم‪ ،‬فقل‪ :‬عليك) يف صحيح مسلم ‪. 522 :4‬‬
‫أن كتاب رسول اهلل ‪ ‬إىل هرقل فيه‪( :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم من حممد‬ ‫)‪ (3‬ملا ورد َّ‬
‫عبد اهلل ورسوله إىل هرقل عظيم الروم‪ ،‬السالم عىل من اتبع اهلدى‪ )...‬يف صحيح‬
‫البخاري ‪.03 2 :3‬‬
‫ـ ‪625‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ولو قال لذمي‪ :‬أطال اهلل بقاءك مل جيز‪ ،‬إال إذا نوى إطالة بقائه إلسالمه‬
‫أو ملنفعة اجلزية‪.‬‬
‫ويض َّيق عليه الطريق‪.‬‬
‫وال ينتقض عقد الذمة إال أن يلحق بدار احلرب‪ ،‬أو يغلبوا عىل موضع‬
‫وَياربونا‪ ،‬فعند ذلك هم كاملرتدين إال أهنم ي ْسرتقون بخالف املرتدين( )‪.‬‬
‫ومال اخلراج واجلزية وهدايا أهل احلرب ترصف يف مصالح املسلمني‪:‬‬
‫كسد الثغور( )‪ ،‬وبناء القناطر( )‪ ،‬واجلسور‪ ،‬وأرزاق القضاة‪ ،‬والعلامء‪ ،‬والغزاة‬
‫مع أوالدهم( )‪ ،‬والعامل‪ ،‬ومن مات قبل القبض سقط نصيبه( )‪.‬‬

‫( ) أي عند اللحاق بدار احلرب والغلبة عىل موضع يصريون كاملرتدين يف حل قتلهم‬
‫ألَّنم التحقوا باألموات بتباين الدارين‪ ،‬وخيتلفون عن‬ ‫ودفع ماهلم لورثتهم؛ َّ‬
‫بأَّنم يسرتقون بخالف املرتدين فال يسرتقون‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪.15 :3‬‬
‫املرتدين َّ‬
‫(‪ )0‬وهي مجع ثغر‪ ،‬وهو موضع املخافة من فروج البلدان‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫ق‪/15‬ب‪.‬‬
‫(‪ )3‬مجع قنطرة‪ :‬وهي ما يبنى عىل املاء للعبور‪ ،‬قال الرسخيس‪ :‬اجلرس ما يوضع ويرفع‪،‬‬
‫والقنطرة ما حيكم بناؤه من قعر املاء‪ ،‬وال يمكن رفعه إال باهلدم واإلفساد‪ ،‬كام يف‬
‫اهلدية ص‪ ، 13‬ويف العناية‪ :‬اجلرس ما يوضع ويرفع مما يتخذ من اخلشب‬
‫واأللواح‪ ،‬والقنطرة ما يتخذ من احلجر واآلجر موضوع ًا ال يرفع‪ .‬ينظر‪ :‬رد‬
‫املحتار ‪.444 :4‬‬
‫ألَّنم قد حبسوا أنفسهم‬ ‫(‪ )4‬أي جيب عىل اإلمام إعطاء ما يكفي هلم ولذرارهيم؛ َّ‬
‫ملصالح املسلمني لفصل خصوماهتم وبيان حماكامهتم وتعليم أحكام رشيعتهم‪،‬‬
‫وذلك أهم مصالح دينهم ودنياهم‪ ،‬فلو مل يعطوا كفايتهم الحتاجوا إىل‬
‫االكتساب‪ ،‬فيفوت ما هو املقصود منهم‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 13‬‬
‫(‪ )3‬ألنَّه صلة فال يملك قبل القبض‪ ،‬كاملرأة إذا ماتت وهلا نفق ٌة مفروض ٌة يف ذمة‬
‫ـ ‪623‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫ومن ارتدَّ عرض عليه اإلسالم( )‪ ،‬وكشفت شبهته وحبس ثالثة أيام‬
‫استحباب ًا( )‪ ،‬وقيل‪ :‬وجوب ًا( )‪ ،‬فإن مل يسلم قتل( )‪.‬‬
‫رجل قبل ع ْرض اإلسالم عليه كره وال يشء عليه( )‪.‬‬ ‫فإن قتله ٌ‬
‫واملرتدة ال تقتل( )‪ ،‬بل حتبس حتى تسلم‪.‬‬

‫الزوج‪ ،‬وهذا إذا مات يف نصف السنة‪ ،‬أما إذا مات يف آخرها يستحب رصفه إىل‬
‫قريبه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/15‬ب‪.‬‬
‫ألن الدعوة قد بلغته غري أنَّه‬ ‫( ) عرض اإلسالم عليه مستحب‪ ،‬وليس بواجب؛ َّ‬
‫ألن عوده مرجو‪.‬‬ ‫حيتمل أنَّه اعرتاه شبهة فيعرض عليه ليزاح ويعود إىل اإلسالم؛ َّ‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 22 :3‬‬
‫ال من العرب ارتد فرضبنا عنقه‪ ،‬قال عمر ‪:‬‬ ‫(‪ )0‬فعن شقيق بن ثور قال‪َّ « :‬‬
‫إن رج ً‬
‫وحيكم فهال طينتم عليه باب ًا‪ ،‬وفتحتم له كو ًة فأطعمتموه كل يوم منها رغيف ًا‬
‫وسقيتموه كوز ًا من ماء ثالثة أيام‪ ،‬ثم عرضتم عليه اإلسالم يف اليوم الثالث فلعله‬
‫أن يراجع‪ ،‬ثم قال‪ :‬اللهم مل أحرض ومل آمر ومل أعلم) يف مصنف عبد الرزاق ‪: 2‬‬
‫ال كفر بعد إسالمه‬ ‫إن عل ّي ًا ‪ ‬استتاب رج ً‬‫‪ ، 24‬وعن أيب عثامن النهدي ‪َّ « :‬‬
‫شهر ًا فأبى فقتله» يف مصنف عبد الرزاق ‪. 24 : 2‬‬
‫(‪ )3‬وهو قول الشافعي ‪ ،‬فال حيل قتله قبل املهلة عنده‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 13‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪َ ( :‬من بدل دينه فاقتلوه) يف صحيح البخاري ‪.0335 :2‬‬
‫ألن الكفر بوصف‬ ‫(‪ )3‬ملا فيه من ترك العرض املستحب‪ ،‬وال ضامن عىل القاتل؛ َّ‬
‫احلراب مبيح‪ ،‬والعرض بعد بلوغ الدعوة غري واجب‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫ق‪/15‬ب‪.‬‬
‫فكفرها األصيل ال يبيح القتل منها‪ ،‬كام سبق يف َّني‬ ‫ألن مبيح القتل كفر املحارب‪ُ ،‬‬‫(‪َّ )2‬‬
‫ال وال‬ ‫النبي ‪ ‬عن قتل النساء مطلق ًا‪ ،‬فقال‪( :‬وال تقتلوا شيخ ًا فاني ًا‪ ،‬وال طف ً‬
‫ـ ‪621‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وكذا الصبي املميز( )‪.‬‬


‫ويزول ملك املرتد عن أمواله زواالً موقوف ًا( )‪ ،‬فإن أسلم عاد ملكه‪ ،‬وإن‬
‫يفء( )‪.‬‬
‫مات أو قتل فكسب إسالمه لورثته‪ ،‬وكسب ردته ٌ‬
‫ويعتق مدبروه وأمهات أوالده‪ ،‬وحت ُّل الديون التي عليه( )‪.‬‬
‫واملرتدة كسبها لورثتها( )‪.‬‬
‫وحلاقه بدار احلرب مع احلكم به كاملوت( )‪.‬‬

‫صغري ًا وال امرأ ًة) يف سنن أيب داود ‪ ،44 :‬فالطارئ أوىل‪ ،‬ولو قتلها رجل ال يشء‬
‫عليه للشبهة‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 14‬‬
‫ألن إباحة القتل بنا ًء عىل‬‫ألن كل من ال يباح قتله بالكفر األصيل ال يباح بالردة؛ َّ‬ ‫( ) َّ‬
‫أهليته للحرب‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/13‬أ‪.‬‬
‫ألن امللك يكون بالعصمة‪ ،‬وقد زالت بالردة‪ ،‬غري أنَّه‬ ‫(‪ )0‬هذا عند أيب حنيفة ‪‬؛ َّ‬
‫يدعى إىل اإلسالم باإلجبار عليه ويرجى عوده إليه فلم يتم الزوال فيتوقف‪،‬‬
‫ألن تأثري الردة يظهر يف إباحة دمه ال يف زوال ملكه‪.‬‬ ‫وعندمها‪ :‬ال يزول ملكه؛ َّ‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 20 :3‬‬
‫(‪ )3‬أي غنيمة بعد قضاء دين ردته‪ ،‬وقاال‪ :‬كالمها لورثته‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 14‬‬
‫ألن املرتد يف حكم امليت‪ ،‬والديون املؤجلة تصري حا ّلة بموت املديون‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫الصعلوك ص‪. 24‬‬
‫(‪ )3‬إذ ال حرب منها فلم يتحقق سبب الفيء‪ ،‬وال يرثها زوجها إن ارتدت وهي‬
‫ألَّنا ال تقتل فلم يتع َّلق ح ّقه بامهلا‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫ألن ردهتا ليست سبب ًا هلالكها؛ َّ‬
‫صحيحة؛ َّ‬
‫منحة السلوك ‪. 23 :3‬‬
‫إن حلاق املسلم بدار احلرب واحلكم عليه باللحاق يعطيه حكم امليت؛ ألنَّه‬ ‫(‪ )2‬أي َّ‬
‫باللحاق صار من أهل احلرب وهم أموات‪ ،‬ولكن ال يستقر حلاقه إال بحكم‬
‫احلاكم؛ الحتامل أن يعود إلينا‪ ،‬وفائدة كون حلاقه كاملوت‪ :‬أنَّه يصري مثل امليت‬
‫حتى حتل ديونه ويعتق مدبروه ومكاتبوه وأمهات أوالده‪ ،‬كام يف املنحة ‪، 23 :3‬‬
‫ـ ‪628‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وترصفات املرتد أقسام‪:‬‬


‫نافذ‪ :‬كالطالق واالستيالد وقبول اهلدية وإسقاط الشفعة( )‪.‬‬ ‫‪ٌ .1‬‬
‫‪ .2‬وباطل‪ :‬كالنكاح والذبح( )‪.‬‬
‫‪ .3‬وموقوف‪ :‬كاملفاوضة‪ ،‬والبيع‪ ،‬والرشاء‪ ،‬والرهن‪ ،‬واإلجارة‪،‬‬
‫واهلبة‪ ،‬واإلعتاق‪ ،‬والتدبري( )‪.‬‬
‫وصبي وسكران ال يعقالن( )‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫تصح ر َّدة جمنون‬
‫ُّ‬ ‫وال‬
‫ويصح إسالم الصبي املميز( )‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫فإن جاء بعد احلكم وماله مع ورثته‪ ،‬حيق له أخذه‪ ،‬وإن مل جيده قائ ًام يف يد ورثته‪،‬‬
‫ألن الوراث إنَّام خيلفه فيه الستغنائه‪ .‬ينظر‪ :‬البحر الرائق‬ ‫فليس له أخذ بدله منهم؛ َّ‬
‫‪. 43 :3‬‬
‫ألَّنا تستدعي الوالية حتى تصح هذه الترصفات من العبد أيض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:3‬‬ ‫( ) َّ‬
‫‪. 24‬‬
‫احلل يعتمد امللة‪ ،‬وال ملة للمرتد‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 13‬‬ ‫ألن ّ‬‫(‪َّ )0‬‬
‫املسامة‬
‫ّ‬ ‫جتعل هذه املعامالت موقوفة‪ ،‬أ ّما تو ّقف املفاوضة‪ :‬أي الرشكة‬ ‫ُ‬ ‫(‪ )3‬أي‬
‫وترصف ًا ودين ًا‪ ،‬فهو اتّفاقي؛ َّ‬
‫ألَّنا تعتمد‬ ‫ّ‬ ‫باملفاوضة‪ :‬وهي رشكة متساويني ماالً‬
‫املساواة‪ ،‬وال مساواة بني املسلم واملرتدّ ؛ وتوقف باقي املعامالت عنده ال عندمها‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬عمدة الرعاية ‪.355 :0‬‬
‫أن اإلسالم سبب النجاة‪،‬‬ ‫أنَه يعقل َّ‬
‫(‪ )4‬أما الصبي الذي يعقل فيصح ارتداده‪ ،‬ومعناه ّ ّ‬
‫املر‪ .‬ينظر‪ :‬أنفع الوسائل ص‪.33‬‬ ‫ويميز اخلبيث من الطيب‪ ،‬واحللو من ّ‬
‫ألن علي ًا ‪ ‬أسلم يف صباه‪ ،‬وصحح النبي ‪ ‬إسالمه‪ ،‬وافتخاره بذلك مشهور‪،‬‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫كام يف سنن البيهقي الكبري ‪ ،022 :2‬والدراية‪ ، 33 :3‬والتلخيص ‪، 55 :3‬‬
‫والتحقيق ‪ ،033 :0‬قال ابن حجر‪ :‬رواه البيهقي بسند ضعيف‪ ،‬حيث قال ‪:‬‬
‫بلغت أوان حلمي‬ ‫ُ‬ ‫سبق ُتكم عىل اإلسال ِم ُط َّر ًا غالم ًا ما‬
‫ـ ‪622‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫واخلوارج( ) يدعون إىل االستسالم‪ ،‬وتكشف شبهتهم( )‪.‬‬
‫وال يبدؤهم اإلمام بقتال حتى يبدأوا به أو جيتمعوا له‪ ،‬وعند ذلك‬
‫يقاتلهم حتى يف ِّرقهم( )‪.‬‬
‫فإن كانت هلم فئ ٌة( ) أجهز عىل جرَيهم وأتبع موليهم وإال فال‪.‬‬

‫وسقتكم إىل اإلسالم قهر ًا بصارم َّ‬


‫مهتي وسنان غرمي‬

‫( ) اخلوارج‪ :‬هم البغاة اخلارجون عىل اإلمام احلق بغري حق‪ ،‬واإلمام يصري إمام ًا‬
‫باملبايعة معه من األرشاف واألعيان‪ ،‬وبأن ينفذ حكمه يف رعيته خوف ًا من قهره‬
‫وجربوته‪ ،‬فإن بايع الناس ومل ينفذ حكمه فيهم؛ لعجزه عن قهرهم ال يصري إمام ًا‪،‬‬
‫فإذا صار إمام ًا فاجر ًا ال ينعزل إن كان له قهر وغلبة وإال ينعزل‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر‬
‫‪.211 :‬‬
‫ألن سيدنا عيل بن أيب طالب ‪« ‬بعث ابن عباس ‪ ‬إىل أهل اخلوارج فناظرهم‬ ‫(‪َّ )0‬‬
‫ودعاهم قبل أن يقاتلهم» كام يف املستدرك ‪.020 :4‬‬
‫(‪ )3‬وإن مل يبدؤوا بالقتال؛ لعموم النصوص يف قتاهلم‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ [احلجرات‪ ،]2 :‬وعن سيدنا عيل ‪ ‬قال ‪( :‬سيخرج قوم يف آخر‬
‫الزمان أحداث األسنان سفهاء األحالم يقولون من خري قول الربية‪ ،‬ال جياوز‬
‫إيامَّنم حناجرهم‪ ،‬يمرقون من الدين كام يمرق السهم من الرمية‪ ،‬فأينام لقيتموهم‬
‫فإن يف قتلهم أجر ًا ملن قتلهم يوم القيامة) يف صحيح البخاري‪:2‬‬ ‫فاقتلوهم‪َّ ،‬‬
‫‪ ،0331‬وصحيح مسلم ‪.542 :0‬‬
‫وفر‪ ،‬فال جيوز‬‫(‪ )4‬أي مجاعة فإنَّه يرسع يف قتل جرحيهم ويتبع من وىل من البغاة َّ‬
‫تركهم؛ كيال جيتمعوا ثاني ًا‪ ،‬وإن مل تكن هلم فئة‪ ،‬ال جيهز عىل جرحيهم وال يتبع‬
‫موليهم‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 15‬‬
‫ـ ‪672‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وال تسبى ذرارهيم‪ ،‬وال تغنم أمواهلم( )‪.‬‬


‫وجيوز القتال بأسلحتهم وركوب خيلهم عند احلاجة( )‪ ،‬وَيبس اإلمام‬
‫أمواهلم حتى يتوبوا فريدها عليهم‪.‬‬
‫وما جبوه من الزكاة والعرش واخلراج من البالد التي غلبوا عليها مل‬
‫)‪(4‬‬
‫يثن)‪ ،(3‬ويفتى املأخوذ منه بإعادة الزكاة والعرش إن كان اآلخذون أغنياء‬
‫بخالف اخلراج‪.‬‬
‫ولو قتل بعضهم بعض ًا)‪ ،(3‬ثم ظهرنا عليهم فهو هدر‪ ،‬ولو غلبوا عىل بلد‬

‫ألَّنم مسلمون معصومون يف‬ ‫( ) أي بني الغانمني إذا غلبنا عليهم‪ ،‬بل حتبس؛ َّ‬
‫حل دماؤهم‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 15‬‬ ‫أمواهلم‪ ،‬وإن َّ‬
‫حممد ب ُن احلنفية ‪ ‬أنَّه ذكر وقعة اجلمل‪ ،‬وقال‪« :‬فلام هزموا قال عيل ‪ :‬ال‬ ‫(‪ )0‬فعن ّ‬
‫وقسم فيأهم بينهم ما قوتل به من سالح أو‬ ‫جتهزوا عىل جريح‪ ،‬وال تتبعوا مدبر ًا‪َّ ،‬‬
‫كراع‪ ،‬وأخذنا منهم ما أجلبوا به علينا من كراع أو سالح» يف الطبقات الكربى ‪:3‬‬
‫‪ ،14‬قال العيني يف املنحة ‪« : 2 :3‬قسمته كانت للحاجة ال للتمليك»‪.‬‬
‫ألن والية األخذ له حلاميته إياها‪ ،‬وقد عجز‬‫)‪ (3‬أي مل يأخذه اإلمام ثاني ًا من املالّك؛ َّ‬
‫عنها فكان التقصري من قبله‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 15‬‬
‫ألَّنم مل يرصفوها إىل مستحقيها ظاهر ًا‪،‬‬
‫)‪ (4‬وهذا اإلفتاء فيام بينهم وبني اهلل تعاىل؛ َّ‬
‫حق املقاتلة‪ ،‬والبغاة مقاتلة أهل احلرب‪ ،‬فكانوا مرصف ًا‪.‬‬ ‫بخالف اخلراج؛ ألنَّه ّ‬
‫‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ، 15‬واملنحة ‪:3‬‬
‫)‪ (3‬أي لو قتل أهل البغي بعض ًا عمد ًا ثم غلبنا عليهم فاملقتول دمه هدر؛ َّ‬
‫ألن‬
‫القصاص ال يمكن استيفاؤه إال بمنعة‪ ،‬وال والية لإلمام عليهم حالة القتل‪ ،‬فلم‬
‫يوجب ومل ينقلب موجب ًا بعده كالقتل يف دار احلرب‪ ،‬أما لو عىل بلد فقتل رجل من‬
‫ال آخر عمد ًا ثم غلبنا عىل البلد قبل استقرار ملكهم وإجراء‬ ‫أهل البلد رج ً‬
‫ألن والية إمام أهل العدل مل تنقطع قبل أن جتري‬ ‫أحكامهم وجب القصاص؛ َّ‬
‫ـ ‪677‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ال آخر ثم ظهرنا عىل البلد قبل استقرار ملكهم‬ ‫رجل من أهله رج ً‬ ‫ٌ‬ ‫فقتل‬
‫وإجراء أحكامهم وجب القصاص وإال فهو هدر‪.‬‬
‫وال يأثم العادل وال يضمن بإتالف مال الباغي أو نفسه) (‪ ،‬والباغي يأثم‬
‫فيام يفعل بالعادل وال يضمن‪.‬‬
‫فلو قتل العادل الباغي ورثه) (‪ ،‬ولو قتله الباغي وقال‪ :‬قتلته حمق ًا ورثه‬
‫وإن قال‪ :‬قتلت مبط ً‬
‫ال مل يرثه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫أحكامهم‪ ،‬وإن كان ذلك بعد استقرار ملكهم فدم املقتول هدر مل جيب القصاص‬
‫به؛ النقطاع والية اإلمام بعده‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/13‬ب‪.‬‬
‫مأمور بقتاهلم؛ دفع ًا لرشهم‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫ٌ‬ ‫) ( َّ‬
‫ألن اإلما َم العادل‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ [احلجرات‪ ،]2 :‬وعدم ضامن اإلتالف حممول عىل ما أتلفه حال القتال‬
‫إذا مل يكن الدفع إال بإتالف يشء من ماهلم‪ :‬كاخليل والسالح‪ ،‬وأما إذا أتلفوا يف‬
‫ألن ماهلم معصوم‪ ،‬وهذا بخالف أخذ الباغي‬ ‫غريه احلالة فال معنى يمنع الضامن؛ َّ‬
‫ألن قتلهم وقع بتأويل صحيح‬ ‫وقتله فإنَّه حرام‪ ،‬لكن ال يضمن الباغي أيض ًا؛ َّ‬
‫عندهم وإن كان فاسد ًا يف نفسه‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 13‬‬
‫ألن حرمان اإلرث جزاء‬ ‫األب الباغي لدفع رشه ورثه؛ َّ‬‫العادل َ‬‫ُ‬ ‫)‪ (0‬أي لو قتل االب ُن‬
‫اجلريمة‪ ،‬وال جريمة يف القتل الواجب أو اجلائز‪ ،‬فال حيرم‪ ،‬بخالف ما إذا قتل‬
‫ال مل يرثه‪ ،‬وإن قتله حمق ًا ورثه؛ ألنَّه أتلف ما أتلف عن‬ ‫َ‬
‫العادل وكان مبط ً‬ ‫الباغي‬
‫تأويل فاسد‪ ،‬والفاسد فيه يلحق بالصحيح إذا انضمت إليه منعة‪ ،‬وال جيب عىل‬
‫الباغي القصاص وال الدية وال الكفارة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪ ، 3 :3‬واهلدية ص‪، 13‬‬
‫ورشح ابن ملك ق‪/11‬أ‪.‬‬
‫ـ ‪679‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتاب الصيد والذبائح‬


‫ِ‬
‫والفهد‬ ‫ِ‬
‫بالكلب‬ ‫( )‬
‫َيزو الصيد‬

‫حيل الصيد بخسمة عرش رشط ًا يف الصياد‪ ،‬واحليوان الذي يصيد‪ ،‬والصيد‪:‬‬ ‫( ) إنَّام ّ‬
‫أوال‪ :‬رشوط الصياد وهي خسمة‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون من أهل الذكاة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يوجد منه اإلرسال‪.‬‬
‫حيل صيده‪.‬‬‫‪ .3‬أن ال يشاركه يف اإلرسال َمن ال ّ‬
‫‪ .4‬أن ال يرتك التسمية عامد ًا‪.‬‬
‫‪ .5‬أن ال يشتغل بني اإلرسال واألخذ بعمل آخر‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬رشوط ما ُيرسل للصيد من احليوانات‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون جارح ًا مع َّل ًام‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يذهب عىل َسنَن اإلرسال‪.‬‬
‫‪ .3‬أن ال ُيشاركه يف األَخذ ما ال َحيِ ُّل صيدُ ه‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يقتله َج ْرح ًا‪.‬‬
‫‪ .5‬أن ال يأكل منه‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬رشوط ما ُيصاد‪:‬‬
‫متوحش ًا ممتنع ًا‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫‪ .1‬أن يكون مأكوالً‬
‫‪ .2‬أن ال يتوارى عن برصه‪ ،‬وال يقعد عن طلبه حتى جيده‪ ،‬فال يشتغل بعمل آخر؛‬
‫ألنَّه إذا غاب عن برصه ربام يكون موت الصيد بسبب آخر‪ ،‬فال َحيِ ُّل؛ لقول ابن‬
‫َع ّباس ‪« :‬كل ما َأ ْص َميت‪ ،‬ودع ما أن ََم ْيت» يف املعجم الكبري ‪ ،12 : 1‬ومصنف‬
‫ابن أيب شيبة ‪ ،141 :4‬ومصنف عبد الرزاق ‪ ،454 :4‬وسنن البيهقي الكبري ‪:4‬‬
‫‪ ،14‬وضعفه ابن حجر يف التلخيص‪ ، 31 :4‬واإلصامء‪ :‬ما رأيته‪ ،‬واإلنامء‪ :‬ما‬
‫توارى عنك‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪.14-16‬‬
‫‪ .3‬أن يموت هبذا قبل أن ُيوصل إىل ذبحه‪.‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِّ‬
‫وكل جارحٍ م َعلم( ) إال اخلنزير( )‪ ،‬وقيل( )‪ :‬إال األسد‬ ‫والبا ي( ) والص ِ‬
‫قر‬
‫والدب والذئب ِ‬
‫واحلدأة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ُّ‬
‫فيحل ما اصطاده يف‬ ‫مرات‬‫وتع ُّلم الكلب ونحزوه برتكه األكل ثالث ّ‬

‫‪ .4‬أن ال يكون من احلرشات‪.‬‬


‫‪ .5‬أن ال يكون من بنات املاء سوى السمك‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪،54-56‬‬
‫وسيأيت تفصيل هذه الرشوط من خالل مسائل هذا الكتاب‪ ،‬فهي خالصة وزبدة‬
‫كتاب الصيد‪.‬‬
‫( ) البازي‪ :‬وهو جنس من الصقور الصغرية أو املتوسطة احلجم‪ ،‬متيل أجنحتها إىل‬
‫القرص‪ ،‬ومتيل أرجلها وأذناهبا إىل الطول‪ .‬ينظر‪ :‬هامش املنحة ‪. 5 :3‬‬
‫(‪ )1‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ [املائدة‪ :]3 :‬أي صيد ما‬
‫عم يف كل ما أدب‬ ‫علمتم من اجلوارح‪ ،‬املك ّلب‪ :‬املع َلم من الكالب ومؤدهبا‪ ،‬ثم ّ‬
‫هبيمة كان أو طائر ًا‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 5 :3‬وعن أيب ثعلبة اخلشني ‪ ‬قال قلت‪:‬‬
‫(يا نبي اهلل‪ ،‬إنا بأرض صيد أصيد بقويس وبكلبي الذي ليس بمع ّلم وبكلبي املعلم‬
‫فام يصلح يل؟ قال‪ :‬ما صدت بقوسك فذكرت اسم اهلل فكل‪ ،‬وما صدت بكلبك‬
‫املع ّلم فذكرت اسم اهلل فكل‪،‬وما صدت بكلبك غري معلم فأدركت ذكاته فكل)‬
‫يف صحيح البخاري ‪ ،1862 :5‬وعن عدي بن حاتم ‪ ‬قال ‪( :‬ما علمت من‬
‫كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم اهلل فكل مما أمسك عليك‪ ،‬قلت‪ :‬وإن قتل؟‬
‫قال‪ :‬إذا قتله ومل يأكل منه شيئ ًا فإنام أمسكه عليك ) يف سنن أيب داود ‪، 1 :1‬‬
‫ومسند أمحد ‪.152 :4‬‬
‫(‪ )3‬ألنَّه نجس العني‪ ،‬فكان االنتفاع به حيرم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/44‬ب‪.‬‬
‫مهته‪ ،‬والدُّ ّب؛ خلساسته‪،‬‬‫لعلو َّ‬
‫(‪ )4‬هذه رواية أيب يوسف ‪ ‬إذ استثنى األسد؛ ِّ‬
‫احلدأة به؛ خلساستها‪ ،‬قال صدر الرشيعة يف رشح الوقاية ‪: 2 :5‬‬ ‫وبعضهم أحلق ِ‬

‫فإن األسدَ والدُّ َّب ال يصريان ُم َع َّلمني ِّ‬


‫لعلو‬ ‫حيتاج إىل االستثناء؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫والظاهر أنَّه ال‬
‫ُ‬ ‫«‬
‫حل الصيد»‪ .‬وينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪.54‬‬ ‫رشط ّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اهلمة واخلساسة‪ ،‬فلم يوجدُ‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫الثالثة( )‪ ،‬وقيل‪َ :‬تع ُّلمه ب ِ‬
‫غلبة َظ ِّن صاحبه أ ّنه َت َعلم‪ ،‬وقيل‪َ :‬تع ُّلمه بقزول‬ ‫َ‬
‫الصيادين‪ :‬إ ّنه َت َع ّلم( )‪.‬‬
‫وتع ُّلم البا ي ونحزوه بإجابته إذا دعي( )‪.‬‬
‫ِ ( )‬ ‫فإذا أ َ‬
‫فجرح صيد ًا ومات َحل‬‫َ‬ ‫رسل اجلارح املعلم وسمي عند إرساله‬
‫ّ ( )‬
‫كرسه( )‪.‬‬‫حيل ‪ ،‬وكذا لزو خنقه أو َ‬ ‫يرحه مل‬
‫وإن مل ْ‬

‫( ) وإنَّام قدر بثالث مرات؛ ألنَّه ربام يرتك األكل ِ‬


‫لش َبعه‪ ،‬فقدّ ر له مدّ ة رضبت لالختبار‬ ‫ّ‬
‫كام يف مدّ ة اخليار‪ .‬ينظر‪ :‬فتح باب العناية ‪.63 :3‬‬
‫(‪ )1‬وهذه روايات عن اإلمام أيب حنيفة ‪ ‬واملعتمد األول‪ ،‬كام يف املتون‪ :‬كالوقاية ‪:5‬‬
‫‪ ، 6‬فقد روي عن أيب حنيفة ‪ ‬أ َّنه مل يو ِّقت يف التعليم شيئ ًا‪ ،‬بل فوض إىل‬
‫اجتهاد صاحبه‪ ،‬فإن كان أكرب رأيه أنَّه صار معل ًام‪ ،‬فهو معلم؛ َّ‬
‫ألن نصب املقادير ال‬
‫يكون بالرأي؛ إذ ال مدخل للقياس يف معرفته‪ ،‬ففوض إىل رأي املبتىل به‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫فوضه إىل أهل هذه الصنعة‪ ،‬فإن قالوا‪ :‬إنَّه تعلم فهو معلم‪ ،‬وإال فال‪ .‬ينظر‪ :‬منية‬
‫الصيادين ص ‪.1‬‬
‫(‪ )3‬أي بأن جييب صاحبه إذا دعاه؛ َّ‬
‫ألن الرجوع يف معرفة ذلك إىل أهل الصنعة‪ ،‬وهم‬
‫يعدون ذلك تعلي ًام‪ ،‬فالبازي ال يمكن تعليمه برتك األكل‪ ،‬فاكتفي باإلجابة‪،‬‬
‫‪ ،‬ومنية الصيادين ص‪.11‬‬ ‫بخالف الكلب‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪6 :3‬‬
‫(‪ )4‬فعن عدي بن حاتم ‪ ‬أنَّه سأل النبي ‪ ‬أرسل كلبي؟ فقال ‪( :‬إذا أرسلت‬
‫كلبك وسميت فكل ) يف صحيح البخاري ‪.1861 :5‬‬
‫(‪ )5‬ألنَّه ال بد من اجلرح يف ظاهر الرواية؛ إذ ال بد من إراقة الدم؛ فالتذكية‬
‫االضطرارية تتحقق‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﮞ ﮟ ﮠﮡ ﭼ ‪ ،‬وعن أيب يوسف ‪ ‬ليس‬
‫برشط‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪ ، 18 :3‬واهلدية ص‪. 44‬‬
‫(‪ )1‬أي لو خنقه ومل جيرحه ال حيل‪ ،‬وكذا لو كرس عضو ًا من الصيد فقتله؛ َّ‬
‫ألن املعترب‬
‫جرح ينتهض سبب ًا إلهنار الدم‪ ،‬وال حيصل ذلك بالكرس‪ ،‬فأشبه التخنيق‪ ،‬وعن أيب‬
‫ٌ‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫أكل منه الفهد أو الكلب مل حيل( )‪ ،‬بخالف البا ي( )‪ ،‬وال ّ‬
‫حيل) ( ما‬ ‫فإن َ‬
‫اصطا َده قبل هذا ُمر ًا كان يف البيت أو يف الصحراء‪ ،‬وال ما يصيده بعده‬
‫حتى يصري مع ّل ًم بم ذكرنا‪.‬‬

‫حنيفة ‪ :‬أنَّه حيل بالكرس؛ ألنَّه جراحة باطنة‪ ،‬فهي كاجلراحة الظاهرة‪ .‬ينظر‪ :‬منية‬
‫الصيادين ص‪.15‬‬
‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﭼ [املائدة‪ ،]3 :‬فاهلل ‪ ‬رشط اإلمساك‪ ،‬ومل‬
‫يوجد‪ ،‬وعن عدي بن حاتم ‪ ‬قلت‪( :‬أرسل كلبي؟ قال ‪ :‬إذا أرسلت كلبك‬
‫وسميت فكل‪ ،‬قلت‪ :‬فإن أكل؟ قال ‪ :‬فال تأكل‪ ،‬فإنَّه مل يمسك عليك إنَّام أمسك‬
‫عىل نفسه) يف صحيح البخاري ‪ ،1861 :5‬ويف رواية‪( :‬إذا أرسلت كالبك املع ّلمة‬
‫فإّن أخاف‬ ‫وذكرت اسم اهلل فكل مما أمسكن عليك إال أن يأكل الكلب فال تأكل‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫أن يكون إنَّام أمسك عىل نفسه‪ ،‬وإن خالطها كلب من غريها فال تأكل) يف صحيح‬
‫البخاري ‪.1848 :5‬‬
‫ألن رشط اإلمساك علينا يف الكلب ونحوه دون الطري؛ ألنَّه غري قابل لتعليم‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫اإلمساك بالرضب؛ فعن إبراهيم ‪ ‬عن ابن عباس ‪ ‬أنَّه قال يف الطري‪« :‬إذا‬
‫ألن تعليم الطري أن يرجع إىل‬ ‫فإن الكلب إذا رضبته مل يعد؛ َّ‬ ‫أرسلته فقتل فكل‪َّ ،‬‬
‫صاحبه وليس يرضب إذا أكل من الصيد ونتف من الريش) يف تفسري الطربي ‪:4‬‬
‫‪ ،412‬ونصب الراية ‪ ،321 :4‬قال التهانوي يف إعالء السنن ‪ :18 : 6‬رجاله‬
‫ثقات إال أنَّه مرسل‪ ،‬ولكنَّه ال ضري‪ ،‬فإنَّه من مراسيل إبراهيم‪ ،‬ومراسيله صحاح‪.‬‬
‫)‪ (3‬أي وال حيل ما اصطاده قبل ترك األكل‪ ،‬بأن صاد صيود ًا ومل يأكل منها ثم أكل من‬
‫صيد حمرز ًا كان يف البيت عىل قول أيب حنيفة خالف ًا هلام‪ ،‬أو كان حمرز ًا يف الصحراء‪،‬‬
‫ألن أكله يدل عىل جهله من االبتداء؛ َّ‬
‫ألن احلرفة ال ينسى‬ ‫فاحلرمة فيه باالتفاق؛ َّ‬
‫أصلها فباألكل تبني أن تركه كان بسبب الشبع ال التعليم‪ ،‬وقد تبدل االجتهاد قبل‬
‫حصول املقصود فصار كتبدل اجتهاد القايض قبل القضاء‪ ،‬ومتامه يف رشح ابن‬
‫ملك ق‪/ 88‬أ‪ ،‬ورشح الوقاية ‪. 6 :5‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم صاد فحكمه حكم الكلب‬ ‫ولزو َفر با من صاحبه ومل يبه إذا َدعاه‪ّ ،‬‬
‫يف الزوجزوه ك ّلها) (‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصيد ومل يأكل منه َحل) (‪ ،‬وكذا لزو َأكل ما‬ ‫شب الكلب من دم‬ ‫ولزو َ ِ‬
‫ّ‬
‫فيحل‪.‬‬ ‫َأعطاه صاحبه منه‪ ،‬أو خط َفه من صاحبه فأكل منه‬
‫قطع من الصيد قطع ًة َفأك َلها‪ّ ،‬‬
‫ثم اتبعه فقتله ومل يأكل منه مل حيل‪،‬‬ ‫ولزو َ‬
‫أخذه صاحبه‪ ،‬ثم مر به‬‫ولزو ألقى ما قطعه واتبعه فقتله‪ ،‬ومل يأكل منه حتى َ‬
‫بتلك القطعة فأكلها ّ‬
‫حل) (‪.‬‬

‫) ( أي ال يؤكل ما اصطاده قبل الفرار حمرز ًا كان يف البيت أو يف الصحراء‪ ،‬وال يؤكل‬
‫ما يصيده بعد حتى يصري مع ّل ًام بإجابة الدعوة؛ ألنَّه ترك ما صار به عامل ًا‪ ،‬وهو‬
‫إجابته إىل صاحبه داعي ًا‪ ،‬فيحكم بجهله‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪ ،18‬ومنية الصيادين‬
‫ص‪.11‬‬
‫)‪ (1‬ألنَّه ممسك عليه‪ ،‬وهذا من غاية علمه حيث رشب ما ال يصلح لصاحبه‪ ،‬وأمسك‬
‫عليه ما يصلح‪ ،‬وكذلك حيل لو أكل الكلب ما أعطاه صاحبه من الصيد‪ ،‬وكذلك‬
‫حيل أكل الصيد وإن خطفه الكلب من صاحبه وأكل منه؛ ألنَّه أمسك عىل صاحبه‪،‬‬
‫وسلمه إليه وأكله بعد ذلك ال يرض‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪ ، 13 :3‬ومنية‬
‫الصيادين ص‪.12‬‬
‫)‪ (3‬وصورته‪ :‬لو قطع الكلب من الصيد قطعة وأكلها الكلب وهرب ذلك الصيد‪ ،‬ثم‬
‫الكلب الصيدَ وقتله ومل يأكل من الصيد‪ ،‬فإنَّه ال حيل األكل منه؛ ألنَّه صيد‬
‫ُ‬ ‫اتبعه‬
‫أن الكلب أكل تلك القطعة من‬ ‫كلب جاهل حيث أكل قطعة من الصيد‪ ،‬لكن لو َّ‬
‫الصيد وألقاها‪ ،‬ثم اتبع الصيد وقتله ومل يأكل منه حتى أخذه صاحبه‪ ،‬ثم مر‬
‫الكلب بتلك القطعة التي ألقاها فأكلها‪ ،‬فإنَّه حيل الصيد؛ ألنَّه أكل ما ال يصلح‬
‫لصاحبه بعدما أمسك الصالح له‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.18‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫َ‬
‫أدرك املرسل الصيدَ ح ّي ًا مثل حياة املذبزوح َو َج َبت ذكاته) (‪ ،‬فإن‬ ‫وإن‬
‫حيل( )‪ ،‬وكذا البا ي والسهم‪ ،‬وكذا إن مل يتمكن من ذبحه‬ ‫تركَها حتى مات مل ّ‬
‫لضيق الزوقت أو لفقد اآللة‪ :‬كاألهيل إن مل يتمكن من ذبحه ال ّ‬
‫حيل بذكاة‬
‫االضطرار( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫ثم مات مل يؤكل( )‪.‬‬‫جمزويس و َقدَ َر عىل ذبحه ّ‬
‫ّ‬ ‫وقع الصيد عند‬
‫ولزو َ‬
‫حل( )‪.‬‬ ‫ولزو َأرس َل كلبه عىل ٍ‬
‫صيد َفأ َخ َذه غريه ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬

‫فإن أمسك‬‫) ( فعن عدي بن حاتم ‪ ‬قال ‪( :‬إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم اهلل‪َّ ،‬‬
‫عليك فأدركته حي ًا فاذبحه‪ ،‬وإن أدركته قد ُقتِل ومل يأكل منه فكله‪ )...‬يف صحيح‬
‫مسلم ‪. 514 :3‬‬
‫(‪ )1‬ألنَّه برتكه صار ميتة‪ ،‬ومثل هذا احلكم فيام إذا أدرك مرسل البازي أو رامي السهم‬
‫الصيد حي ًا فامت قبل أن يذكيه‪ ،‬فإنَّه ال حيل‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 15 :3‬‬
‫(‪ )3‬ألنَّه بالوقوع يف يده مل يبق صيد ًا فلم تعترب ذكاة االضطرار فيه‪ ،‬ولو كان بفقد اآللة‬
‫ألن التقصري من قبله حيث مل حيمل آلة الذكاة مع نفسه فصار حكمه‬ ‫فإنَّه ال حيل؛ َّ‬
‫كحكم األهيل إن مل يتمكن من ذبحها لذلك ال حيل بذكاة االضطرار‪ ،‬وهي‬
‫اجلرح‪ ،‬وهذا يف ظاهر الرواية‪ ،‬وعن أيب حنيفة وأيب يوسف وهو قول احلسن‬
‫وحممد بن مقاتل وبه أخذ القايض فخر الدين‪ :‬أنَّه حيل إن مل يتمكن من ذبحه‬
‫لضيق الوقت؛ ألنَّه مل يقدر عىل األصل للضيق فبقيت ذكاة االضطرار موجبة‬
‫للحل‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 88‬ب‪ ،‬ورشح الوقاية ‪ ، 4 :5‬ومنية‬
‫الصيادين ص‪.23‬‬
‫(‪ )4‬ألنَّه بالوقوع عنده مل يبق صيد ًا؛ لفوات ذكاة األهيل‪ ،‬وإن مل يكن املجويس أه ً‬
‫ال هلا‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.18‬‬
‫(‪ )5‬أي أخذ الصيد غري املرسل‪ ،‬فإنَّه حيل األكل؛ ألنَّه ال يمكن التعليم بحيث يأخذ ما‬
‫عينه‪ ،‬وعند مالك ال يؤكل‪ ،‬كام يف رشح الوقاية‪ ، 18 :5‬واملدونة ‪،534 :‬‬
‫ومواهب اجلليل‪.1 1 :3‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كل ما قت َله بتلك‬ ‫حيل ّ‬ ‫كثري وسمى مرة واحدة ّ‬ ‫صيد ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ولزو أرس َله عىل‬
‫التسمية( )‪ ،‬بخالف الشاتني اللتني مل تضجع إحدامها فزوق األخرى‪.‬‬
‫وكمزون( ) الفهد ال يقطع حكم إرساله‪ ،‬وكذا الكلب إذا اعتاد عادته‪.‬‬
‫الكل ما مل يعرض‬ ‫صيد بإرسال واحد حل ّ‬ ‫خذ اجلارح صيد ًا بعد ٍ‬ ‫وإذا َأ َ‬
‫فمر به صيد آخر فقت َله مل َحيِ ّل‬ ‫ال َ‬
‫ِ‬
‫الصيد مان ًا طزوي ً‬ ‫باسرتاحة( )‪ ،‬كم لزو جثم عىل‬
‫الثاين‪.‬‬
‫ِ‬
‫املقصزود إىل آخر فقت َله َح ّ‬
‫ال( )‪.‬‬ ‫ولزو مر َق السهم من الص ِ‬
‫يد‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ثم طار َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ولزو َأرسل با يه عىل صيد َ‬
‫وأخذه َحل إن َق َ‬
‫ُص‬ ‫فنزل عىل يشء ّ‬
‫ال ّزمان بقدر ما يكزون َت َ ّكن ًا ال اسرتاحة( )‪.‬‬

‫( ) الحتاد التسمية والفعل‪ ،‬بخالف ذبح الشاتني اللتني مل يضجع أحدمها فوق األخر‪،‬‬
‫فال تكفيهام تسمية واحدة؛ لتعدد الفعل‪ :‬أي اإلمرار‪ ،‬ولو اضجع أحدمها فوق‬
‫وسمى فذبحهام بمرة واحدة حيالن هبا‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.183‬‬ ‫األخرى‪ّ ،‬‬
‫(‪ )1‬الكمون‪ :‬االستتار‪ ،‬فإذا أرسل فهد ًا خلف صيد فكمن حتى يتمكن من الصيد ثم‬
‫ألن ذلك عادة له حيتال ألخذه ال لالسرتاحة فال ينقطع به حكم‬ ‫أخذه فقتله يؤكل؛ َّ‬
‫اإلرسال‪ ،‬ومثله كمون الكلب إذا اعتاد عادة الفهد من الكمون ألجل االحتيال‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 14 :3‬‬
‫ألن اإلرسال قد صح من املسلم‪ ،‬فام يأخذه يف وجه إرساله يكون ممسك ًا عىل‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫صاحبه ما مل يعرض ما يقطع حكم اإلرسال‪ :‬كام لو جثم عىل الصيد زمان ًا‪ ،‬فإنَّه ال‬
‫ال فقد فات‬ ‫ألن فور اإلرسال انقطع حيث جثم عىل األول طوي ً‬ ‫حيل الصيد الثاّن؛ َّ‬
‫إرسال صاحبه يف حق الثاّن‪ ،‬وهو رشط احلل‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/ 8‬أ‪.‬‬
‫حل األول‬ ‫(‪ )4‬يعني إذا قصد صيد ًا فرماه بسهم وجتاوز السهم منه إىل غريه فقتله َّ‬
‫والثاّن مجيع ًا؛ لعدم ختلل فاصل‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 38 :3‬‬
‫ال لالسرتاحة‪ ،‬ال حيل النقطاع‬ ‫(‪ )5‬لقيام حكم اإلرسال‪ ،‬حتى إذا مكث زمان ًا طوي ً‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حيل‪ ،‬وإن‬ ‫أخذ جارح م َعلم صيد ًا ومل يعلم هل أرسله أحد أم ال؟ مل ّ‬ ‫ولزو َ‬
‫شاركَه كلب غري مع ّلم‪ ،‬أو كلب جمزويس‪ ،‬أو كلب مل يذكر اسم اهلل تعاىل عليه‬
‫عمد ًا مل َحيِل( ) ولزو َرده عليه ومل يرحه بعد ّ‬
‫حل وك ِره( )‪.‬‬
‫ولزو َرده عليه املجزويس أو أغراه( ) به فزاد عدوه مل يكره‪ ،‬وكذا لزو مل ير ّده‬
‫عليه الثاين بل محل عليه فزاد عدوه( )‪.‬‬
‫جمزويس فأغراه به مسلم فزاد عدوه مل َحيِل( )‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫ولزو َأرسله‬

‫حكم اإلرسال‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 3 :3‬‬


‫وألن احلرام واجب الرتك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫( ) ألنَّه اجتمع املبيح واملحرم‪ ،‬فتغ َّلب جهة احلرمة؛‬
‫واحلالل جائز الرتك‪ ،‬فكان االحتياط يف الرتك‪ ،‬كام يف منية الصيادين ص‪63-61‬؛‬
‫غريه وقد ُقتل فال‬
‫فعن عدي بن حاتم ‪ ‬قال ‪( :‬إن وجدت مع كلبك كلب ًا َ‬
‫تأكل‪ ،‬فإنَّك ال تدري أهيام قتله) يف صحيح مسلم ‪. 514 :3‬‬
‫(‪ )1‬أي لو رد الصيد كلب من الكالب املذكورة عىل الكلب املعلم الذي أرسله ومل‬
‫جيرحه معه بل مات بجرح املعلم كره؛ لوجود املعاونة يف األخذ وفقدها يف اجلرح‪،‬‬
‫ثم قيل‪ :‬الكراهة تنزهيية‪ ،‬وقيل‪ :‬حتريمية‪ ،‬وهو اختيار احللواّن‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلوك ‪ ، 31 :3‬ومنية الصيادين ص‪.63‬‬
‫املجويس عىل الكلب بالصيد فزادت رسعته بإغرائه مل يكره الصيد؛‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )3‬أي لو َح َّث‬
‫ألن فعل املجويس ليس من جنس فعل الكلب‪ ،‬فال تتحقق املشاركة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬ ‫َّ‬
‫ص‪.183-181‬‬
‫(‪ )4‬أي لو مل ير ّده الكلب الثاّن عىل األول‪ ،‬ولكنَّه اشتدَّ الكلب الثاّن عىل األول حتى‬
‫محل الكلب األول عىل الصيد برسعة وشدّ ة فأخذه وقتله‪ ،‬فإنَّه حيل بال كراهة؛ َّ‬
‫ألن‬
‫املرسل دون الصيد‪ ،‬حيث ازداد به طلب ًا‪ ،‬فال يضاف‬ ‫فعل الثاّن أ َّثر يف الكلب َ‬
‫األخذ إىل فعله‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪.63‬‬
‫ألن الزجر دون اإلرسال؛ لكونه بنا ًء عليه فال ينتسخ به اإلرسال فال حيل‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫(‪َّ )5‬‬
‫املنحة ‪. 33 :3‬‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وتعترب األهلية وعدمها عند اإلرسال ال عند األخذ( )‪.‬‬


‫كاملجزويس فيم قلنا واملسلم وغريه سزواء يف صيد‬
‫ِّ‬ ‫وكل َمن ال ّ‬
‫حيل ذكاته‬ ‫ُّ‬
‫السمك واجلراد( )‪.‬‬
‫ولزو انفلت كلب جمزويس ومل يرسله صاحبه َفأغراه مسلم بالصيد فأخذه‬
‫َح ّل( )‪.‬‬

‫فصل‬
‫ِ‬
‫أرسل عليه اجلارح فأصاب‬ ‫َ‬ ‫حس صيد فرماه أو‬ ‫حس ًا َظنه ّ‬
‫ومن َسم َع ّ‬
‫َ‬
‫حسه صيد ًا ولزو كان خنزير ًا( )‪ ،‬بخالف ما‬
‫غريه حل املصاب إذا كان املسمزوع ّ‬
‫َ‬
‫أهيل فإنه ال ّ‬
‫حيل املصاب( )‪.‬‬ ‫آدمي أو حيزوان ّ‬
‫ظهر أنه ّ‬
‫لزو َ‬

‫إن املسلم لو أرسل كلبه عىل صيد‪ ،‬فارتدَّ َعقيبه ـ والعياذ باهلل ـ ثم أصاب‬ ‫( ) حتى َّ‬
‫جمويس‪ ،‬فأسلم عقيبه‪ ،‬ثم أصاب الصيد‪ ،‬فجرحه‪ ،‬ال حيل؛‬ ‫ٌّ‬ ‫الصيد حيل‪ ،‬ولو أرسله‬
‫ألن اإلرسال ذكاة‪ ،‬فتعترب األهلية عنده‪ ،‬وكذا يف الرمي بالسهم‪ .‬ينظر‪ :‬منية‬ ‫َّ‬
‫الصيادين ص‪.65‬‬
‫(‪ )1‬ألنَّه ال ذكاة فيهام‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق ‪/ 8‬ب‪.‬‬
‫ألن اإلغراء جيعل بمنزل اإلرسال‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬ ‫(‪ )3‬أي استحسان ًا؛ َّ‬
‫ق‪/ 8‬ب‪.‬‬
‫خمتص بمأكول اللحم‪ ،‬فوقع الفعل‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )4‬ألنَّه قصد االصطياد‪ ،‬واالصطياد غري‬
‫ّ‬
‫باملحل‪ ،‬فتثبت بقدر ما يقبله حل ًام وجلد ًا‪ ،‬وقد‬ ‫اصطياد ًا‪ ،‬ثم َت َف ُّو ُت اإلباحة يتعلق‬
‫ال تثبت إذا مل يقبله‪ ،‬وعن أيب يوسف ‪ ‬إن كان حس سبع سوى اخلنزير حيل‬
‫حس خنزير ال حيل؛ ألنه مغلظ التحريم‪.‬ينظر‪ :‬منية الصيادين‬ ‫الصيد‪ ،‬وإن كان ّ‬
‫ص‪.66‬‬
‫ألن الفعل ليس‬ ‫(‪ )5‬أي بخالف ما لو ظهر حس آدمي أو حس حيوان أهيل فال حيل؛ َّ‬
‫ـ ‪321‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والطري املستأنس والظبي املربزوط أهليان حك ًم( )‪.‬‬


‫حسه وقد ظنّه آدمي ًا وظهر صيد ًا َح ّل( )‪.‬‬ ‫املسمزوع ُّ‬
‫َ‬ ‫أصاب‬
‫َ‬ ‫ولزو‬
‫وحش أو‬ ‫ٌّ‬ ‫ولزو َر َمى إىل طائر َفأ َ‬
‫صاب َصيد ًا َو َمر الطائر ومل َي ْع َلم( ) أنه‬
‫أهيل َحل الصيد بخالف ما لزو رمى إىل بعري َفأصاب صيد ًا ومل يعلم أنه نا ٌّد أم‬ ‫ٌّ‬
‫ال‪ ،‬وإن َعلِم أنه نا ّد َح ّل‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الروايتني‪،‬‬ ‫ولزو َر َمى إىل َس َمكة أو َجرادة فأصاب صيد ًا َحل يف إحدى ّ‬
‫وهزو الصحيح( )‪.‬‬

‫باصطياد‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ،184‬واملنية ص‪.66‬‬


‫( ) أي لو سمع حس ًا ظنه حس صيد‪ ،‬فرماه أو أرسل عليه جارح ًا فأصاب غريه‪ ،‬ثم‬
‫ظهر أنَّه حس طري مستأنس أو ظبي مربوط‪ ،‬ال حيل املصاب‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:3‬‬
‫‪. 31‬‬
‫(‪ )1‬أي لو أصاب السهم أو الذي أرسله من اجلوارح احليوان الذي سمع حسه وقد‬
‫احلس آدمي ًا فظهر صيد ًا حل؛ ألنَّه ال عربة بظنه‬
‫ظنَّه آدمي ًا‪ :‬أي واحلال أنَّه قد ظ ّن ّ‬
‫مع تعينه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪ ، 31 :3‬واملنية ص‪.64‬‬
‫ألن‬ ‫أن الطائر املرمي وحيش أو مستأنس‪ ،‬فإنَّه ّ‬
‫حيل أكل الصيد؛ َّ‬ ‫(‪ )3‬أي ومل يدر َّ‬
‫تمسك به حتى يعلم االستئناس‪ ،‬بخالف ما لو رمى‬ ‫األصل يف الطري التوحش‪ ،‬ف ُي ّ‬
‫أن البعري نا ّد أو غري نا ّد فإنَّه ال يؤكل الصيد؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫بعري ًا فأصاب صيد ًا‪ ،‬ومل يعلم َّ‬
‫تمسك به حتى ُيع َلم غريه‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين‬
‫األصل يف اإلبل االستئناس‪ ،‬ف ُي ّ‬
‫ص‪.64‬‬
‫املرمي صيد‪ ،‬ويف رواية ابن ُرستم عن أيب‬
‫ّ‬ ‫(‪ )4‬وهذا يف رواية عن أيب يوسف ‪‬؛ َّ‬
‫ألن‬
‫ف عن الذكاة‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫حيل؛ ألنَّه ال ذكاة هلام‪ ،‬واالصطياد َخ َل ٌ‬
‫يوسف ‪ :‬أنَّه ال ّ‬
‫املنحة ص‪ ، 32‬واملنية ص‪.64‬‬
‫ـ ‪322‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫جرحه اجلارح فتحامل حتى غاب عن‬ ‫َ‬ ‫وإذا َو َق َع الس ْهم ّ‬
‫بالصيد أو‬
‫الصائد ومل يزل يف طلبه حتى َأصابه ميت ًا َحل( )‪.‬‬
‫ثم َأصابه ميت ًا مل َحيِ ّل)‪.(1‬‬
‫وإن َق َعدَ عن طلبه ّ‬
‫وكذا لزو َو َجدَ به جراح ًة أخرى)‪.(3‬‬
‫ٍ‬
‫شجرة‪ ،‬أو‬ ‫ولزو رمى صيد ًا فزوقع يف ٍ‬
‫ماء‪ ،‬أو عىل سطحٍ ‪ ،‬أو ٍ‬
‫جبل( )‪ ،‬أو‬
‫جبل فرتدى من مزوضع‬ ‫وقع منه إىل األرض أو رماه يف ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ثم َ‬ ‫حائط‪ ،‬أو آجرة‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قصبة‬ ‫منصزوب أو‬ ‫إىل مزوض ٍع حتى وصل إىل األرض‪ ،‬أو رماه َ‬
‫فزوقع عىل رمحٍ‬

‫( ) استحسان ًا؛ فعن أيب ثعلبة ‪ ‬قال ‪( :‬إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته‬
‫فكله ما مل ينتن) يف صحيح مسلم ‪ ، 531 :3‬ويف رواية‪( :‬إذا رميت الصيد‬
‫فأدركته بعد ثالث ليال وسهمك فيه فكله ما مل ينتن) يف سنن أيب داود ‪، 14 :1‬‬
‫ومسند أمحد ‪ ، 44 :4‬وصححه األرنؤوط‪.‬‬
‫)‪َّ (1‬‬
‫ألن احتامل موته بسبب آخر قائم‪ ،‬إال انا أسقطنا اعتباره ما دام يف طلبه رضورة‬
‫أال يعرى االصطياد عنه‪ ،‬وال رضورة فيام قعد عن طلبه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫ق‪/ 81‬أ‪.‬‬
‫)‪ (3‬أي سوى جراحة سهمه؛ فعن عدي بن حاتم ‪ ‬قال ‪( :‬إن رميت الصيد‬
‫فوجدته بعد يوم أو يومني ليس به إال أثر سهمك فكل) يف صحيح البخاري ‪:5‬‬
‫‪ ،1864‬وصحيح مسلم ‪. 514 :3‬‬
‫ألهنا املرتدية‪ ،‬وهي من مجلة املحرمات؛‬
‫(‪ )4‬أي فرتدى منه إىل األرض‪ ،‬فإنَّه حيرم؛ َّ‬
‫مهلك‪ ،‬وكذا السقوط من مكان ٍ‬
‫عال‪ ،‬كام‬ ‫ٌ‬ ‫وألنَّه احتمل املوت بغري الرمي‪ ،‬إذا املاء‬
‫يف املنية ص‪48‬؛ فعن عدي ‪ ‬قال ‪( :‬إذا رميت سهمك فاذكر اسم اهلل‪ ،‬فإن‬
‫وجدته قد قتل فكل‪ ،‬إال أن جتدَ ه قد وقع يف ماء فإنَّك ال تدري املاء قتله أو‬
‫سهمك) يف صحيح مسلم ‪. 514 :3‬‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫قائمة أو حرف آجر ٍة مل ّ‬


‫حيل( ) إال إذا أبان رأسه بالرمية( )‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫وقع عىل األرض ح ّي ًا فمت‪ ،‬أو عىل جبل‪ ،‬أو ظهر بيت‪ ،‬أو آجرة‬
‫ولزو َ‬
‫فيشق‬
‫ّ‬ ‫فاستقر عليها َحل( ) إال أن يصيبه َحدّ الصخرة‬
‫ّ‬ ‫مزوضزوعة‪ ،‬أو صخرة‬
‫بطنَه فيحرم‪.‬‬
‫وإن كان الطري مائي ًا ورماه يف املاء حل إن مل ينغمس باجلراحة فيه( )‪.‬‬
‫وال َحيِ ُّل الصيد بالبنْدقة( ) و َع ْرض امل ِ ْعراض( ) والعصا التي ال َحد هلا‬

‫التحرز عنه‪ ،‬فصار األصل َّ‬


‫أن‬ ‫ّ‬ ‫( ) الحتامل القتل بحدّ ة هذه األشياء‪ ،‬وهذا مما يمكن‬
‫ترجح جهة‬
‫سبب احلرمة واحلل إذا اجتمعا‪ ،‬وأمكن التحرز عام هو سبب احلرمة‪ّ ،‬‬
‫احلرمة احتياط ًا‪ ،‬وإن كان مما ال يمكن التحرز عنه‪ ،‬جرى وجوده جمرى عدمه؛ َّ‬
‫ألن‬
‫التكليف بحسب الوسع‪ .‬ينظر‪ :‬املنية ص ‪ ،4‬واهلدية ص‪.185‬‬
‫(‪ )1‬أي إن قطع رأسه بالرمية‪ ،‬فإنَّه حيل؛ إذ ال تبقى احلياة بعد إبانة الرأس‪ ،‬فيكون موته‬
‫بالرمي‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.185‬‬
‫(‪َّ )3‬‬
‫ألن املوضع الذي وقع عليه بمنزلة األرض‪ ،‬وإنَّام وصف اآلجرة باملوضوعة‬
‫ليكون مثل األرض‪ ،‬حتى لو كانت منصوبة وشق احلرف بطنه حيرم أيض ًا‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫اهلدية ص‪ ،185‬واملنية ص ‪.41‬‬
‫(‪ )4‬أي يف املاء فإنَّه يؤكل‪ ،‬وإن انغمس يف املاء ال يؤكل‪ ،‬كام لو وقع غري املائي يف املاء؛‬
‫الحتامل موته باملاء‪ ،‬فإن طري املاء إنام يعيش يف املاء غري جمروح‪ .‬ينظر‪ :‬املنية‬
‫ص‪.41‬‬
‫(‪ )5‬ال ُبنْدُ ق‪ :‬ما يعمل من الطني ويرمى به‪ ،‬فهي طينة مدورة يرمى هبا‪ ،‬الواحدة منها‬
‫ُبنْدُ قة‪ ،‬ومجع اجلمع البنادق‪ .‬ينظر‪ :‬خمتار الصحاح ص‪ ،34‬واملغرب ص ‪.5‬‬
‫(‪ )1‬امل ِ ْعراض‪ :‬وهو السهم بال ريش‪ ،‬يميش عرض ًا فيصيب ب َعرضه ال بحدّ ه‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫طلبة الطلبة ص‪ ، 88‬واملغرب ص‪.3 8‬‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ي َرح واحلجر الثقيل ولزو جرح( )‪ ،‬ولزو كان خفيف ًا وفيه حدّ ة َح ّل( )‪.‬‬
‫َْ‬
‫حيل( )‪ ،‬ولزو أبان رأسه أو قطع‬ ‫بم ْر َوة( ) ُمددة ومل يرحه مل ّ‬
‫ولزو َرماه َ‬

‫( ) الحتامل أ َّنه قتل بثقله ال بجرحه؛ فعن عدي بن حاتم ‪( :‬قلت له‪ :‬فإّن أرمي‬
‫باملعراض الصيد فأصيب‪ ،‬فقال ‪ :‬إذا رميت باملعراض فخرق فكله‪ ،‬وإن أصابه‬
‫بعرضه فال تأكله) يف صحيح مسلم ‪ ، 514 :3‬وصحيح البخاري ‪.1141 :1‬‬
‫(‪ )1‬أي لو كان احلجر املرمي خفيف ًا مع حدة‪ ،‬فإنَّه حيل األكل؛ لتعني املوت باجلرح‪،‬‬
‫أن املوت إن أضيف إىل اجلرح حيل‪ ،‬وإن أضيف إىل‬ ‫واألصل يف هذه املسائل‪َّ :‬‬
‫شك حيرم احتياط ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنية ص‪ ،44‬وهدية الصعلوك‬ ‫الثقل ال حيل‪ ،‬وإن ّ‬
‫ص‪.181‬‬
‫حل األكل مما صيد بالرصاص‪ ،‬كام أفتى به مفتي السلطنة‬ ‫وهنا ينبغي التنبيه عىل ِّ‬
‫العثامنية عيل أفندي‪ ،‬واملوىل أبو السعود العامدي‪ ،‬والطوري‪ ،‬ويف الكازرونية‪ :‬أنَّه‬
‫إن مدار حل‬ ‫يف رشح اهلداية للعيني ما يفيد حل ذلك‪ ،‬وقال منال عيل الرتكامّن‪َّ :‬‬
‫أن رشط حل الذبيحة‬ ‫الصيد حصول املوت باجلرح بأي يشء حصل اجلرح‪ ،‬كام َّ‬
‫قطع أكثر العروق بأي يشء حصل القطع‪ ...‬فعىل هذا فام يقتل بالرصاص حيل؛‬
‫ألن الرصاصة تقتل الفيل‪،‬‬ ‫مقتول باجلرح‪ ،‬كام ال خيفى عىل أهل الدراية؛ َّ‬‫ٌ‬ ‫ألنَّه‬
‫أن ذلك إنَّام حيصل بسبب اجلرح احلاصل‬ ‫وتنفذ من جانب إىل جانب‪ ،‬ومعلوم َّ‬
‫أن املقتول بالرصاصة مقتول باجلرح‪ ،‬غاية ما يف الباب‪:‬‬ ‫بحدة الرصاصة‪ ....‬فثبت َّ‬
‫أن احلدّ ة يف الرصاصة إنَّام حصلت بمجاورة النار‪ ،‬ال يف نفسها‪ ،‬وال تأثري لذلك‬ ‫َّ‬
‫حل ما‬ ‫بالثقل‪ ،‬كام يقول به بعض قارصي األذهان‪ ...‬ينظر‪ :‬فتوى اخلواص يف ّ‬
‫أن القتل يكون بالثقل‬ ‫صيد بالرصاص ص‪ ، 45- 43‬لكن ابن عابدين مال إىل َّ‬
‫يف الرصاص فال ّ‬
‫حيل‪.‬‬
‫(‪ )3‬املَ ْر َوة‪ :‬حجر أبيض رقيق‪ ،‬وهي كالسكاكني يذبح هبا‪ ،‬كام يف املغرب ص‪.448‬‬
‫حل؛ حلصول املقصود‪،‬‬ ‫ألن القتل كان بالدق‪ ،‬إال إذا قطع رأسه باملروة أو أوداجه َّ‬
‫(‪َّ )4‬‬
‫ألن املوت إذا أضيف إىل اجلرح قطع ًا‬ ‫نص عليه اإلمام قايض خان يف هذه املسائل؛ َّ‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫َأوداجه حل‪.‬‬
‫جرحه بحدّ ه‪.‬‬ ‫سكني َحل إن‬ ‫ٍ‬ ‫بسيف أو‬ ‫ٍ‬ ‫ولزو رماه‬
‫َ‬
‫جرح السهم أو الكلب الصيدَ جرح ًا غري مدم قيل‪ّ :‬‬
‫حيل‪ ،‬وهزو‬ ‫َ‬ ‫وإذا‬
‫ِ‬
‫الكبرية ال يف الصغرية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلراحة‬ ‫األظهر( )‪ ،‬وقيل‪ :‬ال َحيِ ّل‪ ،‬وقيل‪َ :‬حيِ ّل يف‬
‫ولزو َذ َب َح شا ًة ومل َي ِسل منها دم فعىل القزولني( )‪ ،‬وقيل‪ :‬إن حتركت حلت‪،‬‬

‫ّ‬
‫الشك ومل يدر أ َّنه مات بالثقل أو‬ ‫ّ‬
‫حل‪ ،‬وإن أضيف إىل الثقل قطع ًا حرم‪ ،‬وإن وقع‬
‫باجلرح حرم؛ احتياط ًا‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/ 81‬ب‪ ،‬وما ذكره ابن ملك يف‬
‫منية الصيادين ص‪ 45-44‬خيالف قول املصنف ورشوح الكتاب من احلرمة‬
‫باملروة وإن أبانت الرأس أو قطعت األوداج‪ ،‬فليتنبه‪.‬‬
‫ألن الدم حيبس يف العروق لضيق املنفذ‪ ،‬أو لغلظ الدم؛‬ ‫( ) هذا عند بعض املتأخرين؛ َّ‬
‫وألنَّه أتى ما يف وسعه وهو اجلرح‪ ،‬وإخراج الدم ليس يف وسعه فال يكون مكلف ًا‪.‬‬
‫والقول الثاّن‪ :‬عند بعضهم‪ :‬يشرتط اإلدماء؛ لقوله ‪( :‬أهنر الدم بام شئت‪ ،‬واذكر اسم‬
‫اهلل ‪ )‬يف املجتبى ‪ ،115 :2‬واملعجم الكبري ‪ ،123 :4‬وسنن النسائي الكربى‬
‫‪ ،1 :3‬ورشح معاّن اآلثار ‪. 63 :4‬‬
‫ألن عدم‬ ‫حل بدون اإلدماء؛ َّ‬ ‫والقول الثالث‪ :‬عند بعضهم‪ :‬إن كانت اجلراحة كبرية َّ‬
‫ألن عدم‬ ‫خروج الدم لعدم الدم‪ ،‬فال يكون مرض ًا‪ ،‬وإن كانت صغرية ال حيل؛ َّ‬
‫خروج الدم لضيق املنفذ ال لعدم الدم‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪ ،41-45‬ومنحة‬
‫السلوك ‪. 43 :3‬‬
‫ألن كثري ًا من‬
‫(‪ )1‬فالقول األول‪ :‬حيل أكلها وهو قول أيب بكر اإلسكاف‪ ،‬وهو األظهر؛ َّ‬
‫احليوانات ينجمد دمه‪ ،‬السيام إذا أكل شجرة العناب أو العدس‪.‬‬
‫ألن خروج الدم املسفوح رشط‪.‬‬ ‫والقول الثاّن‪ :‬ال حيل‪ ،‬وهو قول إسامعيل الصفار؛ َّ‬
‫والقول الثالث‪ :‬إن حتركت الشاة حلت لو خرج الدم‪ ،‬وإن مل تتحرك ال حتل‪ ،‬وهذا قول‬
‫ألن الدم ال ينجمد عند موته‪ ،‬فيجوز خروج الدم بعد املوت‪ ،‬كام‬ ‫حممد بن مقاتل؛ َّ‬
‫يف املنحة ‪ ، 44 :3‬ونقل يف اهلدية ص‪ :181‬عن اخلزانة‪ :‬لو ذبح شاة أو بقرة‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ولزو خرج الدم ومل تتحر ْك ال َ ِ‬
‫حت ّل‪.‬‬ ‫َ‬
‫حل إن أدماه( )‪.‬‬ ‫ولزو أصاب السهم ظلف الصيد أو قرنه ّ‬
‫نصف ِ‬
‫رأسه َحل الصيد ال‬ ‫ِ‬ ‫عضزوه أو أقل من‬ ‫ولزو رمى صيد ًا فقطع‬
‫َ‬
‫َ‬
‫نصف‬ ‫املقطزوع( )‪ ،‬وإن َقده نصفني أو قط َعه َأثالث ًا واألكثر من ّ‬
‫مؤخره‪ ،‬أو قطع‬
‫أكثره َحل ّ‬
‫الكل( )‪.‬‬ ‫رأسه أو ِ‬‫ِ‬
‫( )‬
‫جلده فإن كان َي ْل َتئِم لزو تركه َحل العضزو‬
‫ولزو َتعل َق العضزو املقطزوع ب ِ‬
‫َ‬
‫وإال فال‪.‬‬

‫مريضة فتحركت بعد الذبح أو خرج منها دم مسفوح‪ ،‬حلت؛ َّ‬


‫ألن عالمة احلياة‬
‫إحدى هذين األمرين‪ ،‬وقد وجدا‪ ،‬وإن مل تتحرك ومل خيرج منها دم مسفوح‪ ،‬ال‬
‫حتل‪ ،‬لكن هذا إذا مل يعلم بحياهتا يف وقت الذبح‪ ،‬أما إذا علم حلت وإن مل تتحرك‬
‫ومل خيرج منها دم أص ً‬
‫ال‪...‬‬
‫ألن املقصود تسييل الدم‪ ،‬وقد حصل‪ ،‬وإن مل يدمه مل يؤكل؛ َّ‬
‫ألن تسييل الدم‬ ‫( ) َّ‬
‫النجس مل حيصل‪ .‬ينظر‪ :‬املنية ص‪.41‬‬
‫(‪ )1‬ملا روي عن أيب واقد الليثي وابن عمر واخلدري ومتيم الداري قال ‪( :‬ما قطع‬
‫من هبيمة حية فهو ميتة) يف جامع الرتمذي ‪ ،24 :4‬وحسنه‪ ،‬وصحيح ابن خزيمة‬
‫‪ ،388 :4‬وسنن الدارمي ‪.16 :1‬‬
‫(‪ )3‬ألنَّه يف هذه الصور ال يمكن حياته فوق حياة املذبوح‪ ،‬فلم يتناوله احلديث‬
‫السابق‪ ،‬بخالف ما إذا كان الثلثان يف طرف الرأس والثلث يف طرف العجز؛‬
‫إلمكان احلياة يف الثلثني فوق حياة املذبوح‪ ،‬وبخالف ما إذا قطع أقل من نصف‬
‫الرأس؛ إلمكان احلياة يف الثلثني فوق حياة املذبوح‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪. 18 :5‬‬
‫(‪ )4‬أي املقطوع؛ ألنَّه جرح وليس بإبانة‪ ،‬وإن مل يلتئم بالرتك‪ ،‬فال ّ‬
‫حيل املقطوع وحيل ما‬
‫سواه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.182‬‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫اليهزودي‬
‫ّ‬ ‫والزوثني( ) وامل ْحرم‪ ،‬بخالف‬
‫ِّ‬ ‫املجزويس واملرتدِّ‬
‫ِّ‬ ‫حيل صيد‬‫وال ّ‬
‫والنُصاين‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن َر َمى َص ْيد ًا َفأصا َبه ومل ي ْثخنْه فرماه آخر فقت َله فهزو له َ‬
‫وحي ّل‪ ،‬وإن‬ ‫َ‬
‫جمروح ًا بجراحة األول إن‬ ‫َأثخَ نَه األَ ّول فهزو له ومل حيل‪ ،‬و َي ْض َمن ال ّثاين قيمتَه َ ْ‬
‫َعلِ َم حصزول القتل بالثاين‪ ،‬وإن َعلِ َم حصزو َله هبم أو َشك َض ِم َن الثاين ما‬
‫نقصته جراحته ونصف قيمته جمروح ًا بجراحتني‪ ،‬ونصف قيمة حلمه( )‪.‬‬

‫ألهنم ليسوا من أهل الذكاة االختيارية‪ ،‬فكذا يف حالة االضطرار‪ ،‬وأما املحرم‬ ‫( ) َّ‬
‫فليس من أهل الذكاة االختيارية يف حق الصيد‪ ،‬فال يكون من أهل الذكاة‬
‫ألهنام من أهل الذكاة‬ ‫االضطرارية‪ ،‬ولكن اليهودي والنرصاّن حيل صيدمها؛ َّ‬
‫اختيار ًا فكذا اضطرار ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 42 :3‬‬
‫(‪ )1‬وصورته‪ :‬لو رمى صيد ًا فأصابه ومل يثخنه‪ ،‬بأن مل خيرجه من حيز االمتناع‪ ،‬فرماه‬
‫آخر فقتله‪ ،‬فإنَّه للثاّن؛ ألنَّه ما زال صيد ًا‪ ،‬ويؤكل حلمه لوجود ذكاة االضطرار‬
‫فيه‪ .‬أما إن كان األول أثخنه‪ ،‬بأن جعله ضعيف ًا وعاجز ًا عن االمتناع برميه‪ ،‬ولكن‬
‫يرجى حياته‪ ،‬ثم رماه الثاّن فقتله‪ ،‬فالصيد لألول‪ ،‬ولكن ال حيل أكله؛ ألنَّه بإثخان‬
‫األول صار الصيد يف حكم األهيل فال حيل بذكاة الرضورة‪ ،‬فيضمن الثاّن لألول‬
‫ألن األول ملك الصيد باثخانه‪ ،‬والثاّن أتلف ملكه‬ ‫قيمته جمروح ًا بجراحة األول؛ َّ‬
‫برميه‪ ،‬فيضمن قيمته معيب ًا باجلراحة‪ ،‬هذا إذا علم حصول القتل بالثاّن‪ ،‬بأن كان‬
‫اجلرح األول بحال جيوز أن يسلم الصيد منه‪ ،‬واجلرح الثاّن بحال ال يسلم منه‪،‬‬
‫بأن قطع قوائمه أو جناحه أو شق بطنه‪ ،‬وإن علم حصول املوت من اجلرحني أو مل‬
‫ُيدْ َر‪ ،‬فإنَّه يضمن ما نقصته جراحته؛ ألنَّه جرح حيوان ًا مملوك ًا للغري‪ ،‬وقد نقصه‬
‫فيضمن ما نقصه‪ ،‬ثم يضمن نصف قيمته جمروح ًا بجرحني؛ حلصول املوت هبام‪،‬‬
‫فيكون هو متلف ًا نصفه‪ ،‬وهو مملوك لغريه‪ ،‬فيضمن نصفه جمروح ًا بجرحني؛ َّ‬
‫ألن‬
‫األول مل يكن بصنعه‪ ،‬وقد ضمن الثاّن‪ ،‬فال يضمنه ثاني ًا‪ ،‬ثم يضمن نصف قيمة‬
‫حلمه ذكي ًا؛ ألنَّه بالرمي األول صار بحال حيل بذكاة االختيار لو مل يكن رمى‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وإن كان الرامي ثاني ًا هزو األول فحكم اإلباحة ما قلنا‪ ،‬وصار كم لزو‬
‫رمى صيد ًا عىل جبل فأثخنه‪ ،‬ثم رماه ثاني ًا فأنزله ال حيل( )‪.‬‬
‫وحيِل صيد ما ال يؤكل حلمه( )‪.‬‬‫َ‬
‫سهم األول فرده إىل‬
‫َ‬ ‫ولزو َر َمى صيد ًا ورماه آخر فأصاب سهم الثاين‬
‫صيد آخر فقت َله حل إن سمى الثاين( )‪.‬‬
‫بم ْعراض أو ببنْدقة َفأصاب سه ًم فرف َعه َ‬
‫فقتل صيد ًا‬ ‫ولزو رمى صيد ًا ِ‬
‫ََ‬
‫جراح ًا حل( )‪.‬‬

‫الثاّن‪ ،‬فهو بالرمي الثاّن أفسد عليه نصف اللحم‪ ،‬فيضمنه وال يضمن النصف‬
‫اآلخر؛ ألنَّه قد ضمنه مرة‪ ،‬فدخل اللحم فيه‪ .‬ينظر‪ :‬املنية ص‪ ، 8 - 88‬واهلدية‬
‫ص‪.182‬‬
‫( ) أي إن رماه ثاني ًا‪ ،‬فاجلواب فيه حكم اإلباحة كاجلواب فيام لو كان الرامي غريه‪،‬‬
‫وصار كام لو رمى صيد ًا عىل ُق َّلة جبل فأثخنه‪ ،‬ثم رماه ثاني ًا فأنزله‪ ،‬فإنَّه حيرم؛ َّ‬
‫ألن‬
‫الرمي الثاّن حمرم‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص ‪. 8‬‬
‫(‪ )1‬مثل الثعلب والنمر وسائر السباع وكذلك الطيور املحرمة؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﯝ ﯞ‬
‫ألن اصطياده سبب لالنتفاع بجلده أو شعره أو ريشه‬ ‫ﯟ ﭼ [املائدة‪ ]2 :‬مطلق ًا؛ َّ‬
‫أو لدفع رشه‪ ،‬وذلك كله مرشوع‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 58 :3‬‬
‫(‪ )3‬ثم ينظر‪ :‬إن كان السهم األول بحال يعلم أنَّه ال يبلغ الصيد بدون الثاّن‪ ،‬فالصيد‬
‫للثاّن؛ أل َّنه اآلخذ‪ ،‬وإن كان يبلغ بدونه‪ ،‬فلألول؛ لسبقه يف األخذ‪ .‬ينظر‪ :‬رشح‬
‫ابن ملك ق‪/ 83‬أ‪.‬‬
‫ألن اندفاعه بواسطة ذلك فأضيف إىل الرامي كأنَّه رمى به‪ ،‬وإن رمى سه ًام إىل‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫حيل‪ ،‬وإن مل ير ّده عن جهته حل‪،‬‬ ‫صيد فرده الريح يمنة أو يرسة فأصاب صيد ًا ال ّ‬
‫فام دام السهم يف سنَنَه فمضيه يكون مضاف ًا إىل الرامي‪ ،‬أما إذا ر ّده الريح يمنة‬
‫ويرسة تنقطع اإلضافة إليه‪ ،‬ومتامه يف رشح ابن ملك ق‪/ 83‬ب‪.‬‬
‫ـ ‪323‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فزوقع فيها صيد فهزو له( )‪ ،‬ولزو‬ ‫ِ‬


‫أرض الغري‬ ‫ِ‬
‫للصيد يف‬ ‫نصب شبك ًة‬ ‫ولزو‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نص َبها للجفاف مل يكن له حتى يأخذه‪.‬‬
‫رضه فهزو له( ) إالّ‬ ‫ومن َأ َخ َذ صيد ًا أو فرا َخه أو بيض ًة من دار رجل َأو َأ ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الباب إلحرا ه فحينئذ يملكه‪.‬‬‫أن ي ْغل َق َ‬
‫فزو َق َع فيها صيد أو َر َمى شص ًا( ) فتعلقت به سمكة‬ ‫ب شبك ًة َ‬ ‫ولزو َن َص َ‬
‫فاضطربا حتى انقطعت الشبكة وخيط الش ّص وخلصا‪ ،‬فصادمها آخر فهم‬
‫خذه‪ ،‬ثم َخل َص وانفلت‬ ‫له( )‪ ،‬ولزو مل لخلص حتى إذا جاء الصائد و َقدَ ر عىل َأ ِ‬
‫َ‬
‫فهزو عىل ِم ْلكِه‪.‬‬
‫ثم وقعت يف املاء( )‪.‬‬ ‫وكذا لزو رمى بالسمكة خارج املاء فاضطربت ّ‬

‫( ) أي لناصب الشبكة؛ ألنَّه قصد به االصطياد‪ ،‬أما إن نصبها للجفاف فوقع فيها‬
‫صيد مل يكن له حتى يأخذه؛ ألنَّه مل يرد بنصبها االصطياد‪ ،‬واحلكم ال يضاف إىل‬
‫السبب إال بالقصد الصحيح‪ ،‬ولكنَّه يملكه باألخذ باحلديث‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك‬
‫‪. 51 :3‬‬
‫(‪ )1‬أي لآلخذ‪ ،‬وهذا إذا مل هييء رب األرض أرضه لالصطياد‪ ،‬فإن هيأها له فجميع‬
‫ذلك لرب األرض؛ ألنَّه صار آخذ ًا له حك ًام‪ ،‬وإنَّام عدَّ البيض من الصيد؛ ألنَّه‬
‫أصله‪ ،‬أما إن أغلق صاحب الدار الباب إلحرازه‪ ،‬فحينئذ يملكه‪ ،‬حتى لو خرج‬
‫الصيد منها وأخذه رجل ال يملكه اآلخذ‪ ،‬وإن كان ال يريد بالغلق اإلحراز‪ ،‬فال‬
‫يملكه‪ ،‬بل اآلخذ أحق به‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.184-186‬‬
‫ص‪ :‬حديدة ُم َع َّقفة يصاد هبا السمك‪ .‬ينظر‪ :‬املغرب ص‪.158‬‬ ‫الش ّ‬‫(‪َّ )3‬‬
‫ألهنام خرجا من حرز األول قبل أخذه فيكون ملن أخذه‪ ،‬أما إن أخذه‬ ‫(‪ )4‬أي للثاّن؛ َّ‬
‫األول ثم انفلت منه‪ ،‬فإنَّه يبقى عىل ملكه؛ ألنَّه بالقدرة عىل أخذه صار ملك ًا له‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 83‬ب‪.‬‬
‫فإهنا يف احلكم كام لو انفلتت من يده ـ كام سبق ـ‪.‬‬
‫(‪َّ )5‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫َ‬
‫فأخذه آخر فهزو‬ ‫وطار‬
‫َ‬ ‫ولزو رمى صيد ًا فُص َعه وغش عليه‪ ،‬ثم َ‬
‫أفاق‬
‫جرحه جراح ًة مثخن ًة ثم برىء وطار فهزو لألول‪.‬‬
‫َ‬ ‫له( )‪ ،‬ولزو‬

‫فصل‬
‫[فيم حيل أكله وما ال حيل‬
‫وما يكره وما ال يكره]‬
‫وحيرم َأكل ِّ‬
‫كل ذي ناب من السباع‪ ،‬وذي خملب من الطري( )‪.‬‬
‫وحيرم الضبع( )‪ ،‬والثعلب‬
‫( )‬

‫( ) أي لآلخر؛ َّ‬
‫ألن األول مل يثخنه فال يملكه‪ ،‬أما إن أثخنه ثم برئ فأخذه آخر فهو‬
‫ملك لألول؛ ألنَّه ملكه باالثخان فال يملكه غريه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ،184‬واملنحة‬
‫‪. 54 :3‬‬
‫كل ذي ناب من السباع‪ ،‬وعن ّ‬
‫كل‬ ‫(‪ )1‬فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪( :‬هنى رسول اهلل ‪ ‬عن ِّ‬
‫ذي خملب من الطري) يف صحيح مسلم ‪ ، 543 :3‬وسنن أيب داود ‪.363 :1‬‬
‫(‪ )3‬الضبع‪ :‬حيوان قليل العدو‪ ،‬قبيح املنظر‪ ،‬ينهش القبور وخيرج اجليف‪ ،‬والعرب‬
‫تزعم َّأهنا ال تأكل إال حلوم الشجعان‪ ،‬كام يف عجائب املخلوقات ‪،134 :1‬‬
‫وخريدة العجائب ص‪184‬؛ فعن خزيمة بن جزء ‪ ‬قال‪( :‬سألت رسول اهلل ‪‬‬
‫عن أكل الضبع؟ فقال‪ :‬أو يأكل الضبع أحد‪ ،‬وسألته عن الذئب فقال‪ :‬أو يأكل‬
‫الذئب أحد فيه خري ) يف سنن الرتمذي ‪،153 :4‬ومتام الكالم يف االستدالل عىل‬
‫عدم جواز أكله يف إعالء السنن‪. 63 : 2‬‬
‫(‪ )4‬فعن خزيمة بن جزء ‪ ‬قلت‪( :‬يا رسول اهلل‪ ،‬جئتك ألسألك عن أحناش األرض‬
‫ما تقول يف الثعلب؟ قال ‪ :‬ومن يأكل الثعلب ؟ قلت يا رسول اهلل‪ ،‬ما تقول يف‬
‫الذئب؟ قال‪ :‬ويأكل الذئب أحد فيه خري) يف سنن ابن ماجة ‪ ، 822 :1‬واملعجم‬
‫ـ ‪331‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫( )‬ ‫ِ‬
‫والغداف) (‪ ،‬والغراب‬ ‫والريبزوع) (‪ ،‬وابن عرس) (‪ ،‬والرمخة) (‪ ،‬والبغاث) (‪،‬‬
‫األبقع الذي يأكل اجليف‪.‬‬

‫الكبري ‪ ، 81 :4‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،3 4 :4‬واآلحاد واملثاّن ‪ ،43 :3‬قال‬


‫اهليثمي يف جممع الزوائد ‪« :52 :4‬فيه احلسن بن أيب جعفر وقد ضعفه مجاعة من‬
‫األئمة ووثقه ابن عدي وغريه»‪.‬‬
‫) ( الريبوع‪ :‬حيوان طويل الرجلني قصري اليدين جد ًا وله ذنب كذنب اجلرد لونه‬
‫كلون الغزال‪ ،‬يسكن بطن األرض؛ لتقوم رطوبتها له مقام املاء‪ ،‬وهو جيرت ويبعر‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬حياة احليوان ‪.484-486 :1‬‬
‫عدو الفأر يدخل جحرها وخيرجها‪،‬‬
‫)‪ (1‬ابن عرس‪ :‬وهو حيوان دقيق طويل‪ ،‬وهو ّ‬
‫وحيب احليل واجلواهر ويرسقها‪ ،‬ومتامه يف عجائب املخلوقات ‪.1 4 :1‬‬
‫ُّ‬
‫)‪ (3‬الرمخة‪ :‬طائر غزير الريش‪ ،‬أبيض اللون مبقع بسواد‪ ،‬له منقار طويل قليل التقوس‬
‫رمادي اللون مائل إىل احلمرة‪ ،‬وأكثر من نصفه مغطى بجلد رقيق‪ ،‬وله جناح‬
‫طويل‪ ،‬وذنب طويل‪ ،‬والقدم ضعيفة‪ ،‬واملخالب متوسطة الطول سوداء اللون‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬هامش املنحة ‪. 51 :3‬‬
‫)‪ (4‬ال ُبغاث‪ :‬طري كالباشق ال يصيد شيئ ًا من الطري‪ ،‬لونه أصفر من الرخم بطيء‬
‫الطريان‪ .‬ينظر‪ :‬هامش املنحة ‪. 51 :3‬‬
‫سموا النرس الكثري الريش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫)‪ (5‬الغذاف‪ :‬وهو غراب القيد‪ ،‬ومجعه غدفان‪ ،‬وربام َّ‬
‫غداف‪ ،‬قال ابن فارس‪ :‬الغداف‪ :‬هو الغراب الضخم‪ ،‬وقال العبدري‪ :‬هو غراب‬
‫صغري أسود لونه كلون الرماد‪ .‬ينظر‪ :‬حياة احليوان‪. 21 :1‬‬
‫(‪ )1‬فعن عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪( :‬مخس فواسق يقتلن يف احلل واحلرم‪ :‬الغراب‪،‬‬
‫واحلدأة‪ ،‬والعقرب‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور) يف صحيح البخاري ‪، 184 :3‬‬
‫وصحيح مسلم ‪.651 :1‬‬
‫ـ ‪332‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ّ‬
‫وحيل غراب ال ّزرع‪ ،‬والعقعق) (‪ ،‬واللقلق) (‪.‬‬
‫والسلحفاة‪ ،‬والزُّنبزور) (‪ ،‬واحلرشات ك ّلها‬
‫الضب( )‪ ،‬والقنفذ( )‪ُّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وحيرم‬

‫) ( العقعق‪ :‬وهو طائر عىل قدر احلاممة‪ ،‬وهو عىل شكل الغراب وجناحاه أكرب من‬
‫جناحي احلاممة‪ ،‬وهو ذو لونني أبيض وأسود‪ ،‬طويل الذنب‪ .‬ينظر‪ :‬حياة احليوان‬
‫‪ ، 46 :1‬وخريدة العجائب ص‪.186‬‬
‫)‪ (1‬اللقلق‪ :‬وهو طائر أعجمي نحو األوزة طويل العنق يأكل احليات‪ ،‬ويوصف‬
‫بالذكاء والفطنة‪ .‬ينظر‪ :‬هامش املنحة ص‪. 52‬‬
‫(‪ )3‬فعن عبد الرمحن بن شبل ‪َّ ( :‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬هنى عن أكل الضب) ‪،36 :1‬‬
‫وحسنه العزيزي وابن حجر‪ ،‬كام يف إعالء السنن ‪ ، 24 : 2‬ويف موطأ حممد ‪:1‬‬
‫‪ :186‬عن عيل ‪« :‬أنَّه هنى عن أكل الضب والضبع»‪،‬قال حممد ‪« :‬فرتكه‬
‫أحب إلينا‪ ،‬وهو قول أيب حنيفة ‪.»‬‬
‫(‪ )4‬فعن عيسى بن نميلة عن أبيه ‪ ‬قال‪( :‬كنت عند ابن عمر ‪ ‬فسئل عن أكل‬
‫القنفذ فتال‪ :‬ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﭼ [األنعام‪ ،]133 :‬قال‪ :‬قال شيخ‬
‫عنده‪ :‬سمعت أبا هريرة ‪ ‬يقول ذكر عند رسول اهلل ‪ ‬فقال‪ :‬خبيثة من‬
‫اخلبائث‪ ،‬فقال ابن عمر ‪ :‬إن كان قال رسول اهلل ‪ ‬هذا فهو كام قال ما مل نَدْ ِ ِر)‬
‫يف سنن أيب داود ‪ ،361 :1‬ومسند أمحد ‪ ،36 :1‬وسنن البيهقي الكبري ‪،311 :4‬‬
‫قال التهانوي يف إعالء السنن ‪ : 63 : 2‬احلديث صالح لالحتجاج به كام يدل‬
‫عليه سكوت أيب داود عنه‪.‬‬
‫الزنبور‪ :‬وهو صنفان جبيل وسهيل يأوي اجلبال وتعشش يف الشجر‪ ،‬ولونه إىل‬ ‫)‪ُّ (5‬‬
‫السواد‪ ،‬ويتخذ بيوت ًا من تراب كبيوت النحل‪ ،‬وغذاؤه من الثامر واألزهار‪ ،‬ويتم َّيز‬
‫ذكورها من إناثها بكرب اجلثة‪ ،‬والسهيل لونه أمحر ويتخذ عشه حتت األرض‪،‬‬
‫وخيرج من الرتاب كام يفعل النمل‪ ،‬وخيتفي يف الشتاء‪ ،‬ومتامه يف حياة احليوان ‪:1‬‬
‫‪.4‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫إالّ اجلراد( ) ولزو مات حتف أنفه( )‪.‬‬


‫وحلم الفرس حرام( )‪.‬‬
‫وبقر الزوحش ومحر الزوحش‪ ،‬وغنم اجلبل حالل( )‪.‬‬
‫وال َحيِ ّل من حيزوان املاء إال أنزواع السمك كلها( )‪ ،‬وال َحيِ ّل الطايف منه( )‪:‬‬

‫( ) فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬أحلت لكم ميتتان ودمان‪ ،‬فأما امليتتان‪ :‬فاحلوت‬
‫واجلراد‪ ،‬وأما الدمان‪ :‬فالكبد والطحال) يف سنن ابن ماجة ‪ ، 81 :1‬ومسند‬
‫أمحد ‪ ،42 :1‬وحسنه األرنؤوط‪ ،‬ومسند الشافعي ص‪ ،348‬وشعب اإليامن ‪:5‬‬
‫‪.18‬‬
‫ألن الذكاة ليست برشط فيه‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:3‬‬ ‫(‪ )1‬أي ولو مات اجلار حتف أنفه؛ َّ‬
‫‪. 56‬‬
‫(‪ )3‬قال الطحطاوي يف حاشيته عىل املراقي ص‪« :14‬وعندمها؛ ألنَّه مأكول اللحم‪،‬‬
‫وصح رجوع اإلمام عن القول بحرمته قبل موته بثالثة أيام‪ ،‬وعليه الفتوى‪ ،‬وذكر‬
‫إن أكل حلمه مكروه تنزهي ًا يف ظاهر الرواية‪ ،‬وهو‬ ‫شيخ اإلسالم وغريه‪َّ :‬‬
‫الصحيح»‪.‬‬
‫فإهنا حرام؛ فعن جابر ‪( :‬هنى رسول‬ ‫ألهنا من الطيبات‪ ،‬بخالف احلمر األهلية‪َّ ،‬‬
‫(‪َّ )4‬‬
‫اهلل ‪ ‬يوم خيرب عن حلوم احلمر األهلية) يف صحيح البخاري ‪ ، 31 :5‬وصحيح‬
‫مسلم ‪. 54 :3‬‬
‫(‪ )5‬لقوله ‪ :‬ﭽﮈ ﮉ ﮊﭼ [األعراف‪ ،]133 :‬وما سوى السمك خبيث‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 1 :3‬‬
‫(‪ )1‬فعن جابر ‪ ‬قال ‪( :‬إذا طفا فال تأكله‪ ،‬وإذا جزر عنه فكله‪ ،‬وما كان عىل حافتيه‬
‫فكله) يف سنن الدارقطني‪ ،116 :4‬وقال‪ :‬مل يسنده عن الثوري غري أيب أمحد ورواه‬
‫وكيع أو عبد الرزاق ومؤمل وابن جريح عن الثوري موقوف ًا‪ ،‬وكذلك رواه أيوب‬
‫السختياّن وعبيد اهلل بن عمر وابن جريح وزهري ومحاد بن سلمة وغريهم عن أيب‬
‫الزبري موقوفا وال يصح رفعه‪.‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِِ‬ ‫وهزو امليت حتف َأنفه( )‪ِ َ ،‬‬
‫السمك( )‪ ،‬ولزو قط َعه فمت حل‬ ‫وحي ّل ما يف بطنه من ّ‬
‫املقطزوع والباقي( )‪.‬‬
‫باحلر أو الربد كدودة املاء روايتان( )‪.‬‬ ‫ويف مزوته ّ‬
‫انحرس عنه‬
‫َ‬ ‫ُص َس َمك ًا يف َأ ََجة( )‪ ،‬فمت لضيق املكان حل‪ ،‬وما‬ ‫ولزو َح َ َ‬
‫املاء أو ألقاه إىل الساحل ح ّي ًا فمت َحي ّل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫سمكة يف‬ ‫َ‬
‫نصف‬ ‫حتل( )‪ ،‬ولزو وجدَ‬ ‫ولزو وجدَ عىل األرض سمك ًة ميت ًة َ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫بسيف أو نحزوه‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ظهر أهنا مقطزوع ًة‬ ‫املاء ال ّ‬
‫حتل( ) إال إذا َ‬

‫( ) أي الذي مات بغري آفة معلومة وعال املاء وبطنه من فوق‪ ،‬حتى لو كان ظهره من‬
‫إن كل ما كان سبب موته معلوم ًا من‬ ‫فوق أكل؛ ألنَّه ليس بطاف‪ ،‬والضابط فيه‪َّ :‬‬
‫رمي البحر أو انكشافه يؤكل وإال فال‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.1‬‬
‫(‪ )1‬أي حيل ما يف الطايف من السمك؛ ألنَّه غري طاف‪ ،‬بل مات بآفة وهو ضيق املكان‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 1 :3‬‬
‫ألن ما أبني من احلي‬ ‫حل املقطوع؛ لوجود السبب ملوته‪ ،‬والباقي؛ َّ‬ ‫(‪ )3‬أي قطعه فامت‪ّ ،‬‬
‫وإن كان ميت ًا فميتته حالل باحلديث‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 84‬ب‪.‬‬
‫ألن املاء ال يقتل السمك حار ًا كان أو بارد ًا‬
‫(‪ )4‬ففي رواية عن اإلمام ‪َّ ‬أهنا ال تؤكل؛ َّ‬
‫صافي ًا كان أو مكدر ًا‪ ،‬وعن حممد ‪ :‬أهنا تؤكل‪ ،‬وعامة املشايخ عىل قول حممد ‪‬‬
‫ألن سبب موهتا معلوم‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.1‬‬ ‫وهو األصح؛ َّ‬
‫حل؛‬ ‫(‪ )5‬األمجة‪ :‬هي احلضرية ونحوها مثل‪ :‬احلوض والبئر‪ ،‬فإن مات لضيق املكان ّ‬
‫ألنَّه مات بآفة‪ ،‬وأما السمك الذي انحرس عنه املاء أو ألقاه إىل الساحل حي ًا فامت‬
‫ّ‬
‫حيل؛ ألنَّه مات بآفة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 11 :3‬‬
‫ألهنا ماتت بآفة معلومة‪ ،‬وهي انفصاهلا عن املاء‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.1‬‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫(‪ )2‬الحتامل َّأهنا ماتت حتف أنفها‪ ،‬إال إذا ظهر َّأهنا مقطوعة بسيف أو نحوه فتحل؛‬
‫حينئذ صارت ملك ًا للقاطع‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 84‬ب‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ألهنا‬
‫َّ‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫َ‬
‫اخليط‪ ،‬ثم دفعه إىل‬ ‫َ‬
‫وقبض‬ ‫ٍ‬
‫خيط‪ ،‬وهي يف املاء‪،‬‬ ‫ولزو اشرتى سمك ًة يف‬
‫البائع وقال‪ :‬احفظها يل فابتلعتها سمكة أخرى‪ ،‬فالثانية للبائع( ) ولخرج‬
‫األوىل ويس ِّلمها للمشرتي من غري خيار وإن نقصها االبتالع‪ ،‬ولزو ابتلعت‬
‫قبضها أو ال‪.‬‬
‫املربزوطة أخرى فهم للمشرتي َ‬
‫فصل‬
‫يف أحكام الذبائح‬
‫وذبيحة املسلم‬
‫( )‬

‫ألهنا حصلت يف يده‪ ،‬وخيرج البائع السمكة األوىل وهي السمكة التي باعها من‬ ‫( ) َّ‬
‫بطن التي ابتلعتها‪ ،‬ويسلمها للمشرتي من غري خيار للمشرتي وإن نقصها‬
‫االبتالع؛ ألنَّه ملا دفعها إىل البائع صار راضي ًا بالنقصان فال خيري‪ ،‬وأما لو ابتلعت‬
‫السمكة املربوطة باخليط سمكة أخرى‪ ،‬فالبالعة واملبلوعة للمشرتي قبضها أو مل‬
‫ألهنا حصلت يف ملك املشرتي‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 14 :3‬‬ ‫يقبضها؛ َّ‬
‫(‪ )1‬من رشوط الذكاة‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون الذابح عىل ملة التوحيد اعتقاد ًا أو دعوى‪ :‬كالكتايب‪ ،‬فتجوز ذبيحة املسلم‬
‫والكتايب؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ [املائدة‪ ،]3 :‬واملراد طعام‬
‫تلحقه الذكاة من جهتهم‪.‬‬
‫حق الصيد‪ ،‬فال حيل ما ذبحه املحرم من‬ ‫الذابح حالالً‪ ،‬خارج احلرم يف ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .2‬أن يكون‬
‫ألن قتله الصيد حرام‪ ،‬فلم يكن فعله‬ ‫الصيد‪ ،‬سواء كان ذبحه يف احلل أو احلرام؛ َّ‬
‫ذكاة‪...‬‬
‫حل الذبيحة مع ّلق بالتسمية‪،‬‬‫أن َّ‬
‫والذ ْبحة‪ ،‬ويضبط َّ‬
‫الذابح يعقل التسمية ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .3‬أن يكون‬
‫ويعلم رشائط الذبح من َف ْري األوداج ونحوه‪ ،‬ويقدر عىل فري األوداج‪ ،‬وحيسن‬
‫القيام به‪ ،‬وإن كان صبي ًا أو جمنون ًا أو امرأة أو أخرس ًا أو أقلف‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين‬
‫ص‪. 41- 45‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫املجزويس‬
‫ِّ‬
‫( )‬
‫والكتايب( ) حالل بخالف ذبيحة‬

‫َ‬
‫يذكرون اسم‬ ‫( ) قال ‪ :‬ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ [املائدة‪]3 :‬؛ وذلك َّ‬
‫ألهنم‬
‫اهلل تعاىل عليها‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ‪ ،64 :5‬واملراد بأهل الكتاب‪ :‬اليهود‬
‫والنصارى الذي يؤمنون بعقائدهم األساسية‪ ،‬وإن كانوا يؤمنون بالعقائد الباطلة‬
‫من التثليث والكفارة وغريها‪ .‬أما من ال يؤمن باهلل وال بالرسول والكتب‬
‫الساموية‪ ،‬فهو من املاديني‪ ،‬وليس له حكم أهل الكتاب‪ ،‬وإن كان اسمه مسجالً‬
‫كنرصاّن أو هيودي‪.‬‬
‫ذكي‬
‫فإن اللحم الذي جهل ذابحه يف بالد املسلمني‪ ،‬حيمل عىل كونه ّ‬ ‫وعليه‪َّ :‬‬
‫وحيل أكله‪ ،‬إال إذا ثبت أن ذابحه مل يذبحه بالطريقة الرشعية‪،‬‬ ‫بالطريقة الرشعية‪ّ ،‬‬
‫والدليل عىل ذلك‪ :‬حديث عائشة ريض اهلل عنها يف ذبائح األعراب‪ ،‬وما يوجد يف‬
‫أسواق أهل الكتاب يعترب من ذبائح أهل الكتاب‪ ،‬إال إذا ثبت كون الذابح من‬
‫غريهم‪.‬‬
‫والنصارى اليوم خلعوا ربقة التكليف يف قض ّية الذبح وتركوا أحكام دينهم‪،‬‬
‫فال يلتزمون بالطرق املرشوعة‪ ،‬فال ّ‬
‫حتل ذبائحهم اليوم إال إذا ثبت يف حلم بعينه أنَّه‬
‫حيل اللحم الذي يباع يف أسواقهم وال يعرف‬ ‫ذكّاه نرصاّن بالطريق املرشوع‪ ،‬فال ّ‬
‫ذابحه‪.‬‬
‫وما يستورد من اللحوم من البالد غري املسلمة ال جيوز أكلها‪ ،‬وإن كانت توجد‬
‫أن هذه‬ ‫بأهنا مذبوحة عىل الطريقة اإلسالمية‪ ،‬فإنَّه قد ثبت َّ‬‫عليها الترصيح َّ‬
‫الشهادات ال يوثق هبا‪ ،‬واألصل يف أمر اللحوم املنع‪ .‬ينظر‪ :‬بحوث يف قضايا فقهية‬
‫معارصة ص‪ ،444-443‬وأحكام الذبائح ص‪. 84- 81‬‬
‫إن النبي ‪ ‬كتب إىل جموس أهل هجر يعرض عليهم‬ ‫(‪ )1‬فعن احلسن بن حممد ‪َّ ( :‬‬
‫فمن أسلم قبل منه‪ ،‬و َمن مل يسلم رضب عليه اجلزية غري ناكحي نسائهم‬ ‫اإلسالم َ‬
‫وال آكيل ذبائحهم) يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،466 :3‬ومسند احلارث ‪،148 :1‬‬
‫وقال احلافظ‪ :‬مرسل جيد اإلسناد كام يف إعالء السنن ‪. 81 : 2‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫الصيد يف احلرم‬ ‫بح من‬‫والزوثني مطلق ًا‪ ،‬وذبيحة املحرم الصيد‪ ،‬وما ذ َ‬
‫ّ‬ ‫واملرتدّ ( )‪،‬‬
‫ولزو كان الذابح حالالً‪.‬‬
‫يقدر عىل الذبح ويعقل التسمي َة‬ ‫والصبي واملجنزون والسكران إن كان ِ‬
‫ُّ‬
‫حل وإالّ فال( )‪.‬‬‫ّ‬
‫ومرتوك التسمية عمد ًا ميتة( ) ومرتوكها ناسي ًا حالل( )‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصيد عند الرمي أو‬ ‫ِ‬
‫التسمية يف غري الصيد عند الذبح( )‪ ،‬ويف‬ ‫ووقت‬
‫إرسال اجلارح( )‪.‬‬

‫( ) ألنَّه ال م ّلة له؛ ألنَّه ترك ما كان عليه‪ ،‬وما انتقل إليه ال ُي َق ّر عليه‪ .‬ينظر‪ :‬منية‬
‫الصيادين ص‪. 46‬‬
‫(‪ )1‬أي وإن مل يقدر الصبي واملجنون والسكران عىل الذبح ويضبط التسمية فال حتل‬
‫حتل ذبيحة املرأة؛ فعن كعب بن مالك‬ ‫ذبيحتهم‪ ،‬كام يف رشح الوقاية ‪ ،64 :5‬وكذا ّ‬
‫إن امرأة ذبحت شا ًة بحجر‪ ،‬فسئل النبي ‪ ‬عن ذلك‪ ،‬فأمر بأكلها)‬ ‫عن أبيه ‪َّ ( :‬‬
‫يف صحيح البخاري ‪ ،1841 :5‬وسنن ابن ماجة ‪. 811 :1‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ [األنعام‪.]121 :‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ [البقرة‪ ،]233 :‬وعن ابن عباس‬
‫إن اهلل جتاوز عن ُأمتي اخلطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه) يف‬ ‫‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫صحيح ابن حبان ‪ ،181 : 1‬وسنن ابن ماجة ‪ ،154 :‬وسنن الدارقطني ‪:4‬‬
‫‪ ، 28‬واملعجم الكبري ‪ ،42 :1‬واملعجم األوسط ‪. 1 :6‬‬
‫(‪ )5‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ [احلج‪ ،]33 :‬وهي حالة النحر‪ ،‬كام يف‬
‫ضحى‬ ‫املنحة ‪ ، 12 :3‬ويقول عند الذبح‪ :‬بسم اهلل واهلل أكرب؛ فعن أنس ‪َّ ( :‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬بكبشني أملحني أقرنني‪ ،‬قال‪ :‬ورأيته يذبحهام بيده ورأيته واضع ًا‬
‫وكرب) يف صحيح مسلم ‪ ، 551 :3‬وصحيح‬ ‫وسمى ّ‬‫َّ‬ ‫قد َمه عىل صفاحهام‪ ،‬قال‪:‬‬
‫البخاري ‪.1 4 :5‬‬
‫ألن التكليف بحسب الوسع‪ ،‬ويف وسعنا هذا‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 12 :3‬‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫التسمية مل َحيِ ّل( ) بخالف‬


‫ِ‬ ‫غريها بتلك‬ ‫وسمى و َذ َب َح َ‬ ‫ولزو َأضجع شا ًة َ‬
‫اإلرسال والرمي‪.‬‬
‫ثم َر َمى بغريه فقتل مل َحيِ ّل( )‪.‬‬
‫ولزو سمى عىل سهم ّ‬
‫ولزو قال يف تسميته‪ :‬بسم اهلل ُممد ًا رسزول اهلل‪ ،‬أو وُممد رسزول اهلل‬
‫ٍ‬
‫باجلر مل‬
‫وُممد ّ‬ ‫بالرفع‪ ،‬أو اللهم َت َقبل منّي‪َ ،‬أو من فالن َح ّل وكره( )‪ ،‬ولزو قال‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫حيل‪.‬‬
‫ولزو قال‪ :‬بسمل بغري هاء‪ ،‬وقصد به التسمية َح ّل( )‪.‬‬
‫محد أو‬ ‫ولزو قال ‪ :‬اللهم اغفر يل وقصد به التسمية مل ّ‬
‫حيل( )‪ ،‬ولزو َس ّبح أو َ َ‬

‫ألن التسمية يف ذكاة االختيار تشرتط عند الذبح‪ ،‬وهي عىل املذبوح‪ ،‬بخالف‬ ‫( ) َّ‬
‫ألن التكليف بحسب‬ ‫فإهنا تشرتط عند اإلرسال والرمي‪ ،‬وهي عىل اآللة؛ َّ‬ ‫الصيد َّ‬
‫الوسع‪ ،‬واملقدور له يف األول الذبح‪ ،‬ويف الثاّن الرمي واإلرسال دون اإلصابة‪،‬‬
‫فتشرتط عند فعل ُي ْقدَ ر عليه‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪. 53- 51‬‬
‫ألن التسمية وقعت عىل اآللة املرتوكة‪ ،‬فالرمية الثانية بال تسمية‪ .‬ينظر‪ :‬هدية‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫الصعلوك ص‪.1 3‬‬
‫ألن الرشكة مل توجد‪ ،‬فلم يكن الذابح واقع ًا له‪ ،‬لكن يكره‬‫(‪ )3‬أي ال حترم الذبيحة؛ َّ‬
‫الق َران صورة‪ ،‬بخالف ما إذا ذكر موصوالً عىل سبيل العطف والرشكة بأن‬ ‫لوجود ِ‬
‫فإهنا حترم؛ ألنَّه أهل به لغري اهلل‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﭼ [البقرة‪:‬‬ ‫ج َّره َّ‬
‫‪.]133‬‬
‫فإهنا حتل؛ لوجود القصد بالتسمية‪ ،‬وإن مل يقصد وقصد‬ ‫(‪ )4‬أي قصد ذكر اسم اهلل َّ‬
‫ترك اهلاء ال حتل‪ .‬ينظر‪ :‬املنية ص‪ ، 52‬واملنحة ‪. 14 :3‬‬
‫ألن الرشط ذكر اهلل عىل‬‫(‪ )5‬ألنَّه سؤال ودعاء‪ ،‬بخالف ما لو سبح أو محد أو كرب؛ َّ‬
‫سبيل التعظيم وقد حصل‪ ،‬لكن لو عطس وقال‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬يريد به التحميد عىل‬
‫العطاس والذبح‪ ،‬مل حتل يف األصل؛ َّ‬
‫ألن املأمور به ذكر اسم اهلل تعاىل عىل الذبح‪،‬‬
‫وهو يريد به احلمد عىل نعمه دون التسمية‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪. 54- 56‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حل‪ ،‬ولزو عطس عند الذبح فحمد مل حيل يف األصح‪.‬‬ ‫رب و َق َصدَ التسمية ّ‬
‫َك َ‬
‫ال‪ :‬كرشب ماء‪ ،‬أو‬ ‫ثم َع ِمل عم ً‬
‫ال آخر قبل الذبح إن كان قلي ً‬ ‫ولزو َسمى ّ‬
‫تكليم إنسان ّ‬
‫حل( ) وإال فال‪.‬‬
‫والذبح بني احللق( ) واللبة( )‪ ،‬والعروق املقطزوعة فيه أربعة‪ :‬احل ْلقزوم‬
‫وا َمل ِريء( ) َ‬
‫والزو َدجان( )‪ ،‬وال بد من قطع ثالثة منها أهيا كانت( )‪.‬‬

‫( ) لوجود التسمية‪ ،‬والعمل القليل ال يفصل بني التسمية والذبح‪ ،‬وإن مل يكن قلي ً‬
‫ال‬
‫فال حيل؛ لوقوع الفصل بني التسمية والذبح‪ ،‬وهلذا يبدل املجلس بالعمل الكثري ال‬
‫باليسري‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 85‬ب‪.‬‬
‫(‪ )1‬فعن أيب هريرة ‪( :‬بعث رسول اهلل ‪ ‬بديل بن ورقاء اخلزاعي عىل مجل أورق‬
‫إن الذكاة يف احللق واللبة)‪ ،‬رواه الدارقطني‪ ،‬كام يف‬ ‫يصيح يف فجاج منى‪ :‬أال َّ‬
‫نصب الراية ‪ ، 65 :4‬وقال ابن حجر يف الدراية ‪ :182 :1‬إسناده ٍ‬
‫واه‪ ،‬وقد‬
‫أخرجه ابن أيب شيبة يف مصنفه ‪ ،155 :4‬وعبد الرزاق يف مصنفه‪ 445 :4‬عن عمر‬
‫‪ ‬وعن ابن عباس ‪ ‬كذلك موقوف ًا‪.‬‬
‫الصدر‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪ ،6 :5‬واملغرب ص‪.418‬‬ ‫(‪ )3‬ال َّل َّب ُة‪ :‬املنحر من َّ‬
‫والرشاب‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية ‪:5‬‬‫(‪ )4‬احللقو ُم‪ :‬جمرى النَّفس‪ ،‬واملريء‪ :‬جمرى ال َّطعام َّ‬
‫‪.6‬‬
‫حترك فيهام‬
‫عرق يف العنق‪ ،‬ومها ودجان؛ أي عرقان‪ّ ،‬‬ ‫(‪ )5‬الودجان‪ :‬الودج والوداج‪ٌ :‬‬
‫الدم‪ .‬ينظر‪ :‬الصحاح‪.124 :1‬‬
‫(‪ )1‬وهذا عند أيب حنيفة‪ ،‬وهو قول أيب يوسف ‪ ‬أوالً؛ َّ‬
‫ألن اإلباحة تتعلق بإسالة الدم‬
‫املسفوح عىل سبيل الرسعة‪ ،‬وهذا املعنى حيصل بقطع األكثر‪ ،‬فوجب أن يقوم مقام‬
‫الكل؛ تفادي ًا عن زيادة التعذيب‪ ،‬وعن أيب حنيفة ‪ :‬يشرتط قطع احللقوم‪ ،‬وعن أيب‬
‫حنيفة‪ :‬أنَّه يشرتط قطع املريء أيض ًا وأحد الودجني‪ ،‬وعن حممد ‪ :‬أنَّه ال بد من قطع‬
‫كل واحد من هذه األربعة‪ ،‬وهو رواية عن أيب حنيفة ‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك‬
‫‪/ 81‬أ‪.‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫السن املتصل‪ ،‬وال ّظفر( )‪ ،‬والقرن‪،‬‬


‫ّ‬ ‫بكل ُمدد َأهنر الدم( ) إال‬
‫ويزو الذبح ِّ‬
‫ِّ‬
‫وبكل ما‬ ‫املذبزوح هبا ميتة( )‪ ،‬والذبح باملنفصل منها مكروه‪ ،‬وكذا بالعظم‪،‬‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫فيه إبطاء اإلماتة‪.‬‬
‫ويستحب إحداد السكني قبل اإلضجاع ويكره بعده( )‪.‬‬‫ُّ‬
‫ومن بلغ بالسكني النُّخاع( ) أو قطع الرأس َحل‬ ‫َ‬

‫( ) فعن عدي بن حاتم ‪ ‬قال ‪( :‬أهنر الدم بام شئت‪ ،‬واذكر اسم اهلل ‪ )‬يف موطأ‬
‫حممد ‪ ،115 :2‬واملجتبى ‪ ، 42 :2‬وسنن النسائي الكربى ‪ ،1 :3‬وسنن البيهقي‬
‫الكبري ‪ ،16 :4‬واملعجم الكبري ‪ ، 83 : 2‬ومسند أمحد ‪ ،156 :4‬وصححه‬
‫األرنؤوط‪.‬‬
‫(‪ )1‬فعن رافع بن خديج ‪ ‬قال ‪( :‬ما أهنر الدم وذكر اسم اهلل عليه فكلوه ليس‬
‫الس ّن والظفر‪ ،‬وسأحدثكم عن ذلك‪ ،‬أما السن فعظم‪ ،‬وأما الظفر فمدى احلبشة)‬
‫يف صحيح البخاري‪ ،66 :1‬وصحيح مسلم‪. 553 :3‬‬
‫(‪ )3‬أي املذبوح باملتصل من السن والظفر والقرن‪ ،‬فإنَّه ميتة؛ ألنَّه قتل بالثقل فيكون يف‬
‫ألن فيه زيادة تعذيب عىل احليوان‪ ،‬وقد‬ ‫معنى املنخنقة‪ ،‬أما املنفصل منها فيكره؛ َّ‬
‫أمرنا باإلحسان يف الذبح‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق‪/ 81‬أ؛ فعن عن شداد بن‬
‫إن اهلل كتب اإلحسان عىل‬ ‫أوس ‪ ‬قال‪( :‬ثنتان حفظتهام عن رسول اهلل ‪ ‬قال‪َّ :‬‬
‫كل يشء‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح‪ ،‬وليحدّ أحدكم‬ ‫ّ‬
‫شفرته ولريح ذبيحته) يف صحيح مسلم ‪ ، 546 :3‬وسنن أيب داود ‪. 84 :1‬‬
‫يذبحها‬
‫َ‬ ‫ال أضجع شا ًة يريد أن‬ ‫(‪ )4‬أي بعد االضجعاع؛ فعن ابن عباس ‪َّ ( :‬‬
‫إن رج ً‬
‫وهو حيد شفرته‪ ،‬فقال النبي ‪ :‬أتريد أن متيتَها موتات‪ ،‬هال حددت شفرتك قبل‬
‫أن تضجعها) يف املستدرك ‪ ،152 :4‬وصححه‪ ،‬ومصنف عبد الرزاق ‪.443 :4‬‬
‫خيط أبيض يف جوف عظم الرقبة‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 23 :3‬قال العيني‬ ‫(‪ )5‬النّخاع‪ :‬وهو ٌ‬
‫يف عمدة القاري ‪« : 11 :1‬و َأ ّما الكراهة فلام روى عن رسول اهلل ‪( :‬أنَّه هنى‬
‫أن تنخع الشاة إذا ذبحت) قلت هذا رواه حممد بن احلسن ‪ ‬يف (كتاب الصيد)‬
‫ـ ‪331‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كجر املذبزوح برجلِ ِه إىل‬


‫وكل يادة تعذيب ال حيتاج إليها مكروهة‪ِّ :‬‬ ‫وكره( )‪ُّ ،‬‬
‫املذبح‪ ،‬وسلخه قبل أن َيتِم مزوته‪ ،‬وكذا لزو مات ومل يربد( ) أيض ًا عند البعض‪.‬‬
‫قطع العروق الثالثة َحل( ) وك ِره وإال‬
‫ولزو ذبح من القفا وبقي َح ّي ًا حتى َ‬
‫فال‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصيد فذكاته الذبح‪ ،‬وما َت َزوحش من ال ّنعم بصيال‬ ‫استأنس من‬ ‫وما‬
‫( )‬
‫َ‬
‫ط قصد الذكاة ال دفع الصيال فقط‪.‬‬ ‫أو ندّ ( ) فذكاته اجلرح برش ِ‬

‫من األصل عن سعيد بن املسيب عن رسول اهلل ‪ ‬وهو مرسل‪ ،‬وروى الطرباّن‬
‫أن النبي هنى عن الذبيحة أن‬ ‫يف معجمه الكبري ‪ :146 : 1‬عن ابن عباس ‪َّ ( :‬‬
‫تفرس) [يف سنن البيهقي الكبري ‪ ،168 :4‬ومسند اجلعد ‪ ،]44 :‬وقال إبراهيم‬
‫احلريب يف غريب احلديث‪ :‬الفرس‪ :‬أن تذبح الشاة فتنخع‪ ،‬وقال أبو عبيدة‪:‬‬
‫الفرس‪ :‬النخع‪ ،‬يقال‪ :‬فرست الشاة ونخعتها‪ ،‬وذلك أن ينتهي الذابح إىل‬
‫النخاع‪ ...‬والنخع‪ :‬هو قطع ما دون العظم ثم يدع أي ثم يرتك حتى يموت»‪.‬‬
‫( ) أي يكره قطع الرأس؛ ملا فيه من زيادة التعذيب بال فائدة‪ ،‬ومن ذلك جر املذبوح‬
‫برجله إىل املذبح وسلخه قبل أن يتم موته‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 21 :3‬‬
‫(‪ )1‬أي مل يسكن من االضطراب‪ ،‬فإنَّه يكره سلخه عند البعض؛ ملا فيه من زيادة األمل‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 81‬أ‪-‬ب‪ ،‬واهلدية ص‪.1 5‬‬
‫(‪ )3‬أي حلت؛ لتامم فعل الذبح‪ ،‬وكرهت؛ ملا فيه من زيادة التعذيب بال رضورة‪ ،‬فصار‬
‫كام لو جرحها ثم قطع األوداج‪ ،‬وإن ماتت قبل قطع أكثر العروق‪ ،‬فال حتل؛‬
‫لوجود املوت بام ليس بذكاة فيها‪ .‬ينظر‪ :‬منية الصيادين ص‪. 14‬‬
‫فإن ذكاته هي اجلرح حيث قدر؛‬ ‫(‪ )4‬أي بأن حيمل عىل الناس‪ ،‬أو يند بالفرار منهم‪َّ ،‬‬
‫لتحقق العجز عن ذكاة االختيار‪ ،‬لكن يشرتط أن يقصد ذكاته باجلرح ال دفع‬
‫صياله‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪.181-185‬‬
‫(‪ )5‬فعن رافع بن خديج ‪ ،‬قال‪( :‬أصبنا هنب إبل وغنم فندّ منها بعري فرماه ٌ‬
‫رجل‬
‫ـ ‪332‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وكذا البعري الزواقع يف البئر إذا مل يمكن ذبحه ومل يتزوهم مزوته بعد اجلرح‬
‫باملاء( )‪.‬‬
‫والشاة إن ندت يف الصحراء فهي وحشية( ) وإن ندت يف املُص فال‪،‬‬
‫بخالف البعري والبقر‪.‬‬
‫واملستحب يف اإلبل النّحر( )‪ ،‬ويكره الذبح‪ ،‬ويف البقر والغنم الذبح‪،‬‬
‫ُّ‬
‫ويكره النحر‪.‬‬
‫واجلنني امليت من الذبيحة حرام وإن تَم خلقه( )‪ ،‬واملنخنقة‪،‬‬

‫إن هلذه اإلبل أوابد كأوابد الوحش‪ ،‬فإذا‬ ‫بسهم فحبسه‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪َّ :‬‬
‫غلبكم منها يشء فافعلوا به هكذا) يف صحيح البخاري ‪.1846 :5‬‬
‫( ) أي حيل ذكاته بعقره وجرحه يف أي موضع قدر‪ ،‬وبأي آلة أمكن من الشفرة‬
‫والرمح وغريمها‪ ،‬ولو شك أنَّه هل مات باجلرح أو باملاء‪ ،‬فإنَّه يؤكل؛ َّ‬
‫ألن الظاهر‬
‫َّ‬
‫أن املوت باجلرح‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪.181‬‬
‫(‪ )1‬أي حتل ذكاهتا بالعقر؛ لتحقق العجز عن ذكاة االختيار‪ ،‬وإن ندت يف املرص فال‬
‫ألهنا ال تدفع عن نفسها فيمكن أخذها‪،‬‬ ‫تكون وحشية‪ ،‬حتى ال حتل بالعقر؛ َّ‬
‫فإهنا تصري وحشية‪ ،‬سواء ندت يف الصحراء‪ ،‬أو‬ ‫بخالف البعري والبقر إذا ندت‪َّ ،‬‬
‫ندت يف املرص‪ ،‬حتى حتل بالعقر؛ لتحقق العجز يف ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 26 :3‬‬
‫(‪ )3‬لقوله ‪ :‬ﭽ ﮊ ﮋ ﮌﭼ [الكوثر‪ :]2:‬أي انحر اجلزور؛ وألنَّه أيرس يف‬
‫اإلبل‪ ،‬حتى يكره الذبح‪ ،‬ويف البقر والغنم الذبح؛ ألنَّه السنة املتواترة؛ قال ‪:‬‬
‫ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﭼ [البقرة‪ ،]33 :‬وقال ‪ :‬ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ‬
‫[الصافات‪]133:‬؛ وألنَّه أيرس فيهام‪ ،‬حتى يكره النحر فيهام‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪:3‬‬
‫‪. 24- 26‬‬
‫حرم امليتة‪ ،‬وهو اسم حليوان مات من غري‬ ‫(‪ )4‬وهذا عند أيب حنيفة ‪‬؛ َّ‬
‫ألن اهلل ‪َّ ‬‬
‫حل أكله‪ ،‬كام يف‬‫تم خلقه ّ‬‫ذكاة‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ[املائدة‪ ،]3:‬وعندمها إذا ّ‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واملزوقزوذة( )‪ ،‬واملرتدية‪ ،‬والنطيحة‪ ،‬وفريسة السبع والذئب إذا ذبحت وفيها‬


‫حياة مثل حياة املذبزوح َحلت‪.‬‬
‫ويكره ذبح احلامل املقرب( )‪.‬‬
‫ولزو رمى محام ًة له يف اهلزواء إن كانت ضالة عن منزله َ ِ‬
‫حتل( )‪ ،‬وإن كانت‬ ‫ََ‬
‫مذبحها‪.‬‬ ‫حتل إال إذا َأصاب‬ ‫هتتدي إليه مل َ ِ‬
‫َ‬
‫وكذا الظبي املستأنس لزو َخ َرج إىل الصحراء فرماه رجل إن أصاب‬
‫( )‬
‫مذبحه َحل( ) وإال فال‪.‬‬‫َ‬

‫املنحة ‪ 24 :3‬؛ لقوله ‪( :‬ذكاة اجلنني ذكاة أمه) يف سنن أيب داود ‪، 4 :1‬‬
‫وصححه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫وسنن الرتمذي‪،21 :4‬‬
‫( ) املوقوذة‪ :‬أي املرضوبة باخلشب وغريه واثخنت‪ ،‬واملرتدية‪ :‬الساقطة عن مكان‬
‫مرتفع‪ ،‬والنطيحة‪ :‬هي التي نطحتها بقرة أو نحوها بقرهنا وأثخنتها‪ ،‬كام يف اهلدية‬
‫ص‪182‬؛ لقوله‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜﭝﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯﭼ [املائدة‪.]3 :‬‬
‫(‪ )1‬أي التي قربت والدهتا؛ ألنَّه فيه تضييع الولد‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة ‪‬؛ َّ‬
‫ألن عنده‬
‫اجلنني ال يتذكى بذكاة األم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 82‬أ‪.‬‬
‫(‪ )3‬سواء أصاب املذبح أو أصاب موضع ًا آخر منها؛ ألنَّه عجز عن الذكاة االختيارية‪،‬‬
‫وإن كانت هتتدي إىل منزله مل حتل؛ ألنَّه حينئذ يقدر عىل ذكاة االختيار‪ ،‬إال إذا‬
‫أصاب مذبحها فتحل؛ لوجود فعل الذكاة‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 82‬أ‪.‬‬
‫يتوحش فال‬
‫حيل؛ لعدم الذكاة االختيارية‪ ،‬إال أن َّ‬ ‫(‪ )4‬أي حيل‪ ،‬وإن مل يصب مذبحه فال ّ‬
‫يؤخذ إال بصيد‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 82‬أ‪.‬‬
‫(‪ )5‬بقيت مسألة عمت هبا البلوى يف عرصنا ومل تكن معهودة من قبل‪ ،‬وهي الذبح‬
‫اآليل‪ ،‬وقد فصل الكالم فيها العالمة حممد تقي العثامّن يف كتابه أحكام الذبائح‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪‬‬

‫وكتابه بحوث يف قضايا فقهية معارصة ص‪ ،444-443‬وخالصة ما فيهام‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬يف الدجاج‪َّ ،‬‬
‫فإن فيه عدّ ة مآخذ من الناحية الرشعية‪:‬‬
‫‪ .1‬غمس الدجاج قبل ذبحه يف املاء البارد الذي فيه تيار من الكهرباء‪ ،‬فإنَّه ال يؤمن‬
‫منه أن يموت الدجاج بالكهرباء‪.‬‬
‫‪ .2‬تعذر التسمية عىل ما يذبح عن طريق السكّني الدوار‪.‬‬
‫‪ .3‬الشبهة يف قطع العروق يف بعض احلاالت‪.‬‬
‫ويمكن أن خيتار الطريق اآليل للذبح الرشعي بطرق آتية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يستغنى عن طريق استعامل التيار الكهربائي للتخدير‪ ،‬أو يقع التأكد يف خ ّفة‬
‫قوته بحيث ال يسبب موته قبل الذبح‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يستعاض السكّني الدوار بأشخاص يقومون ويذبحون بالتسمية عند الذبح‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون املا ُء الذي متر منه الدجاج بعد الذبح ال يبلغ إىل حدّ الغليان‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬يف البقر والغنم عليه مؤاخذتان‪:‬‬
‫أن الطرق التي تستخدم للتخدير من إطالق املسدّ س‪ ،‬واستخدام الغاز من ثاّن‬ ‫األوىل‪َّ :‬‬
‫أكسيد الكربون‪ ،‬والصدمة الكهربائية ال يؤمن معها من موت احليوان قبل الذبح‪،‬‬
‫فيجب تعديل هذه الطرق إىل ما يقع التأكد من َّأهنا ليست مؤملة للحيوان‪ ،‬ومن َّأهنا‬
‫ال تسبب موته‪.‬‬
‫أن الذبح قد ال يقع عن طريق قطع العروق‪.‬‬ ‫والثانية‪َّ :‬‬
‫فإذا وجدت الطمأنينة بإبعاد هذين االحتاملني‪ ،‬جاز استخدام الطريق اآليل للذبح‪.‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتاب الكراهية‬
‫حممد ‪ ،‬وعند‬
‫كل مكروه يف كتاب الكراهية( ) فهو حرام( ) عند ّ‬
‫عَّبنا عن أكثر‬
‫أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ‬هو إىل احلرام أقرب( )؛ فلهذا ر‬

‫ألن الغالب فيه بيان املحرمات وكل حمرم مكروه يف الرشع؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫( ) سمي بالكراهية؛ َّ‬
‫الكراهة ضد املحبة والرضا؛ قال ‪ :‬ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭼ [البقرة‪ ،]613 :‬والرشع ال حيب احلرام وال يرىض به‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫البيان ص ‪. 7‬‬
‫نص ًا قاطع ًا مل يطلق عليه لفظ‬
‫( ) أي كاحلرام يف العقوبة بالنار؛ ألنَّه ملا مل جيد فيه ّ‬
‫نص ًا يقطع القول بالتحريم أو التحليل‪ ،‬وإال قال يف احلل‪ :‬ال‬ ‫احلرام‪ ،‬فإذا وجد ّ‬
‫بأس‪ ،‬ويف احلرمة‪ :‬أكره‪ .‬ينظر‪ :‬درر احلكام ‪ ،903 :‬والتبيني ‪ ، :6‬واجلوهرة‬
‫النرية ‪. 8 :‬‬
‫(‪ )9‬لتعارض األدلة فيه‪ ،‬وتغليب جانب احلرمة‪ ،‬فيلزم تركه‪ ،‬وقوهلام هو الصحيح‪ ،‬كام‬
‫غلب احلرا ُم‬
‫يف جممع األهنر ‪3 9 :‬؛ ملا روي‪( :‬ما اجتمع احلالل واحلرام إال وقد َ‬
‫احلالل)‪ ،‬وهو موقوف عىل ابن مسعود ‪ ‬يف مصنف عبد الرزاق ‪، 33 :7‬‬
‫والسنن الكبري للبيهقي ‪ ، 63 :7‬قال البيهقي‪ :‬رواه جابر اجلعفي عن الشعبي عن‬
‫ابن مسعود‪ ،‬وجابر ضعيف والشعبي عن ابن مسعود منقطع‪ ،‬كام يف نصب الراية‬
‫ُ‬
‫ودليل احلرمة‪ ،‬فاحلرام جيب تركه‪ ،‬واحلالل يبا‬ ‫دليل ِّ‬
‫احلل‬ ‫‪ ،9 4 :4‬قالوا معناه‪ُ :‬‬
‫فعله‪ ،‬كام يف االختيار‪ ،4 9 :3‬وحسن الدراية‪ ،33 :4‬ونسبته إىل احلرام كنسبة‬
‫الواجب إىل الفرض‪ ،‬فيثبت بام يثبت به الواجب‪ ،‬ويأثم بارتكابه كام يأثم برتك‬
‫الواجب‪ ،‬ومثله السنة املؤكدة‪.‬‬
‫فالقريب من احلرام ما تع ّلق به حمذور دون استحقاق العقوبة بالنار‪ ،‬بل العتاب‬
‫كرتك السنة املؤكدة‪ ،‬فإنَّه ال يتع ّلق به عقوبة النار‪ ،‬ولكن يتع ّلق به احلرمان عن‬
‫النبي املختار ‪ ‬برفع الدرجات أو بعدم دخول النار ال اخلروج منها‪ ،‬أو‬ ‫شفاعة ّ‬
‫فمن‬ ‫حرمان مؤقت أو أنَّه يستحق ذلك‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪ ،997 :6‬قال ‪َ ( :‬‬
‫ـ ‪643‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫املكروهات باحلرام( )‪.‬‬


‫ِ‬
‫والفضة‬ ‫ِ‬
‫الذهب‬ ‫وَيرم( ) األكل‪ ،‬والرشب‪ ،‬واإلدهان‪ ،‬والتطيب يف ِ‬
‫آنية‬ ‫ح‬
‫ِّ‬
‫كاألكل بملعقة الفضة‪ ،‬واالكتحال‬ ‫كل استعامل‬‫للرجال والنساء‪ ،‬وكذا ّ‬
‫الفضة( )‪.‬‬
‫بميلها‪ ،‬واختاذ املكحلة‪ ،‬واملرآة‪ ،‬والدواة من ّ‬

‫رغب عن سنتي فليس منِّي) يف صحيح البخاري ‪ ،636 :‬وصحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪ ،8 4‬واملجتبى ‪ ،60 :6‬فرتك السنة املؤكدة قريب من احلرام‪ ،‬وليس بحرام؛ َّ‬
‫ألن‬
‫ترك السنة املؤكدة مكروه حتري ًام؛ جلعله قريب ًا من احلرام‪ ،‬واملراد سنن اهلدى‪:‬‬
‫فإن تاركها مضلل ملوم‪ ،‬واملراد الرتك عىل وجه‬ ‫كاجلامعة‪ ،‬واألذان‪ ،‬واإلقامة‪َّ ،‬‬
‫ألهنا من أعالم الدين‪،‬‬ ‫اإلرصار بال عذر؛ ولذا يقاتل املجمعون عىل تركها؛ َّ‬
‫ألهنا واجبة‪.‬‬ ‫فاإلرصار عىل تركها استخفاف بالدين فيقاتلون عىل ذلك‪ ،‬وليس َّ‬
‫ينظر‪ :‬التلويح ‪ ، 7 :‬ورد املحتار ‪ ،997 :6‬والبيان ص‪ ، 74- 79‬واملرقاة‬
‫رش مقدمة الصالة ص ‪.‬‬
‫وما سبق من التفصيل يف الكراهة التحريمية‪ ،‬وأما التنزهيية‪ ،‬فهي إىل احلل أقرب‬
‫اتفاق ًا؛ إذ ال يعاقب فاعله أصالً‪ ،‬لكن يثاب تاركه أدنى ثواب؛ ألنَّه ليس من‬
‫ألن املكروه تنزهي ًا‬ ‫احلالل‪ ،‬وال يلزم من عدم احلل احلرمة وال كراهة التحريم؛ َّ‬
‫مرجعه إىل ترك األوىل‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪.997 :6‬‬
‫عَّبنا عن املكروه‬ ‫ألن املكروه حرام عند حممد ‪ ،‬وعندمها أقرب إىل احلرام‪َّ ،‬‬ ‫( ) أي َّ‬
‫أن املصنف ‪ ‬عَّب عنه باملكروه كام هو دأب املصنفني يف الكتب‬ ‫باحلرام‪ ،‬ولو َّ‬
‫األخرى لكان أوىل‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫( ) هنا الكراهة حتريمية‪ ،‬كام رص الزيلعي يف التبيني ‪. :6‬‬
‫جي ْر ِج ُر‬
‫إن الذي يرشب يف إناء الفضة‪ ،‬إنِّام ُ َ‬‫(‪ )9‬فعن أم سلمة ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫يف بطن ِ ِه نار َج َهنَّم) يف صحيح البخاري ‪ ، 99 :3‬وصحيح مسلم ‪، 694 :9‬‬
‫ومعنى جيرجر‪ :‬أي ُيرددها يف جوفه مع الصوت‪ ،‬وقال ‪( :‬ال تلبسوا احلرير وال‬
‫فإهنا هلم يف‬ ‫الديباج وال ترشبوا يف آنية الذهب والفضة وال تأكلوا يف صحافها‪َّ ،‬‬
‫ـ ‪643‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وحتل آنية الزجاج‪ ،‬والب رلور( )‪ ،‬والعقيق( )‪ ،‬والنحاس( )‪ ،‬والرصاص‬


‫ونحوها( )‪.‬‬
‫بالفضة( )‪ ،‬واجللوس عىل‬
‫ّ‬ ‫( )‬
‫وَيِل الرشب يف اإلناء املفضض( ) واملضبب‬
‫ح‬

‫الدنيا ولنا يف اآلخرة) يف صحيح مسلم ‪ ، 698 :9‬وصحيح البخاري ‪، 063 :3‬‬
‫فإذا ثبت ذلك يف الرشب واألكل فكذا يف التطيب وغريه; ألنَّه مثله يف االستعامل‪،‬‬
‫فيكون الوارد فيهام وارد ًا فيام هو بمعنامها داللة; وألنَّه تنعم بتنعم املرتفني‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫التبيني ‪ ، :6‬والرشنباللية ‪ ،9 0 :‬ورد املحتار ‪ ،94 :6‬وطلبة الطلبة‬
‫ص‪ ، 0‬وغريها‪.‬‬
‫جيلب من جزائر الزنج‪ ،‬وفيه لغتان كرس الباء مع‬ ‫ُ‬ ‫حجر معروف‪ ،‬وأحسنه ما‬ ‫ٌ‬ ‫( ) بلور‪:‬‬
‫فتح الالم مثل ‪ِ :‬سنَّور‪ ،‬وفتح الباء مع ضم الالم وهي مشددة فيهام مثل ‪َ :‬تنُّور‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬املصبا ص‪.60‬‬
‫( ) العقيق‪ :‬حجر يعمل منه الفصوص‪ .‬ينظر‪ :‬املصبا ص ‪.4‬‬
‫(‪ )9‬يكره األكل يف النحاس قبل طليه بالقصدير والشب؛ ألنَّه يدخل الصدأ يف الطعام‬
‫فيورث رضر ًا عظي ًام‪ .‬ينظر‪ :‬الدرر املباحة ص‪.94‬‬
‫(‪ )4‬كالصفر واحلديد واخلشب والطني واخلزف؛ فعن عبد اهلل بن زيد ‪( ‬أتى رسول‬
‫فتوضأ) يف صحيح البخاري ‪ ،89 :‬وعن‬ ‫اهلل ‪ ‬فأخرجنا له ماء يف تور من صفر ّ‬
‫زينب بن جحش ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كنت أرجل رأس رسول اهلل ‪ ‬يف‬
‫خمضب من صفر) يف مسند أمحد ‪ ،9 4 :6‬ومسند أيب يعىل ‪ ،96 : 9‬واملعجم‬
‫الكبري ‪ ، 49 : 3‬وسنن ابن ماجه ‪ ، 60 :‬واآلحاد واملثاين ‪ ،490 :3‬ويمكن‬
‫أن يستدل هبا عىل إباحة غري الذهب والفضة; ألنَّه يف معناه بل عينه‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني‬
‫احلقائق ‪. :6‬‬
‫(‪ )3‬أي املزوق املرصع بالفضة‪ .‬ينظر‪ :‬البيان ص‪. 88‬‬
‫(‪ )6‬أي مشدود بالضباب‪ .‬ينظر‪ :‬البيان ص‪. 88‬‬
‫(‪ )7‬لكن برشط أن يكون متقي ًا ملوضع الفضة‪ ،‬فال جيعلها يف موضع الفم‪ ،‬كام يف رد‬
‫ـ ‪643‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫والرسير والرسجِ املفضض برشط اتقاء موضع الفضة يف ِّ‬
‫الكل( )‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الكريس‬
‫ِّ‬
‫فأما التمويه‬
‫والركاب والثفر( )‪ ،‬وهذا فيام خيلص منه يشء‪ّ ،‬‬ ‫وكذا يف ال ِّلجام ّ‬
‫ِ‬
‫الذهب‬ ‫ِ‬
‫ومسامر‬ ‫ِ‬
‫الثوب( )‪،‬‬ ‫الذي ال خيلص منه يشء فمباح مطلقا( )‪ :‬كالعل ِم يف‬

‫أن قد النبي ‪ ‬انكرس فاختذ مكان‬ ‫املحتار ‪949 :9‬؛ فعن أنس بن مالك ‪َّ ( :‬‬
‫فضة) يف صحيح البخاري‪ ، 9 :9‬وعن عاصم ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫الشعب سلسلة من ّ‬
‫(رأيت عند أنس ‪ ‬قد النبي ‪ ‬فيه ضبة من فضة) يف مسند أمحد ‪. 93 :9‬‬
‫( ) بحيث ال جيلس عليها هنا‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وعند أيب يوسف ‪ُ ‬يك َْر ُه‬
‫وحممد ‪ ‬قد قيل‪ :‬إنَّه مع أيب حنيفة ‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إنَّه مع أيب يوسف ‪،‬‬ ‫ُمطلق ًا‪َّ ،‬‬
‫كام يف تبيني احلقائق ‪ :6‬؛ فعن مروان بن النعامن ‪ ‬قال‪( :‬رأيت أنس بن مالك‬
‫‪ ‬يتوكأ عىل عصا عىل رأسها ض ّبة فضة) يف املعجم الكبري ‪ ، 4 :‬وغريه‪.‬‬
‫( ) الثفر‪ :‬ما جيعل من مؤخرة الرسج إىل حتت ذنب اخليل‪ ،‬فإذا كانت هذه اآلالت‬
‫مفضضة يتقي موضع الفضة عند اإلمساك ووضع الرجل‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪، 8‬‬
‫أن املراد االتقاء بالعضو الذي يقصد االستعامل به‪ ،‬ففي الرشب ملا كان‬ ‫فاحلاصل‪َّ :‬‬
‫املقصود االستعامل بالفم اعتَّب االتقاء به دون اليد؛ ولذا لو محل الركاب بيده من‬
‫أن الكالم يف املفضض‪ ،‬وإال فالذي كله فضة‬ ‫موضع الفضة ال حيرم‪ ،‬وال خيفى َّ‬
‫حيرم استعامله بأي وجه كان ولو بال مس باجلسد‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪.949 :9‬‬
‫(‪ )9‬ألنَّه مستهلك‪ ،‬فال عَّبة ببقائه لون ًا‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، :6‬ودرر احلكام ‪-9 0 :‬‬
‫‪.9‬‬
‫(‪ )4‬ومقدار العلم يف الثوب أن يزيد عن مقدار أربعة أصابع عرض الثوب من احلرير؛‬
‫كأعالم يف الثوب؛‬ ‫مقدار ثالثة َأصابع َأو َأربع فتعدُّ َ‬
‫ُ‬ ‫عفو‪ ،‬وهو‬
‫أقل من هذا ٌ‬ ‫فإن ّ‬ ‫َّ‬
‫نبي اهلل ‪ ‬عن لبس احلرير إال موضع إصبعني أو ثالث‬ ‫فعن عمر ‪ ‬قال‪َ ( :‬هنَى ّ‬
‫أو أربع) يف صحيح مسلم ‪ ، 649 :9‬وعن معاوية ‪( ‬هنى رسول اهلل ‪ ‬عن‬
‫ركوب النامر‪ ،‬وعن لبس احلرير إال مقطع ًا) يف سنن أيب داود ‪ ،39 :4‬ومسند أمحد‬
‫لبس ُج َّب ًة مكفوف ًة باحلرير) يف‬
‫أن النبي ‪َ ‬‬ ‫‪ ،39 :4‬وعن أسامء ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬
‫ـ ‪643‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الفص( )‪.‬‬ ‫يف ّ‬


‫حِ‬
‫وَي ّل تذهيب ر‬
‫السقف( )‪.‬‬
‫غري قدوة( )‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ثم لعبا وغناء يقعد إن كان ح‬
‫ومن دعي إىل ضيافة فوجدح ر‬ ‫ح‬
‫ويمنع إن حقدح ر( )‪.‬‬
‫وإن كان قدوة‪ :‬كالقايض واملفتي ونحومها يمنع ويقعد‪ ،‬فإن عجز‬
‫خرج( )‪.‬‬

‫ثوب‬
‫السنن الصغرى للبيهقي ‪ ، 90 :‬ورش معاين اآلثار ‪ ، 43 :4‬يقال‪ٌ :‬‬
‫بيشء من الديباج‪ .‬ينظر‪ :‬ذخرية العقبى‬‫ٍ‬ ‫كميه‬ ‫مك ّفف‪ ،‬ملا ّ‬
‫وأطراف َّ‬
‫َ‬ ‫كف جيبه‪،‬‬
‫ص‪.377‬‬
‫( ) ألنَّه حلفظ الفص؛ وألنَّه تابع كالعلم‪ ،‬وال يعد البس ًا له‪ ،‬فصار املستهلك‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫الدر املنتقى ‪ ،396 :‬والتبيني ‪. 6 :6‬‬
‫( ) ألنَّه ليس باستعامل‪ ،‬ولكنَّه إرساف‪ ،‬فرتكه أوىل‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪، 3‬‬
‫ومنحة السلوك ‪. 86 :9‬‬
‫ألن إجابة الدعوة سنة يف قوة الواجب؛ لكثرة األحاديث الواردة‬ ‫(‪ )9‬فإنَّه ال خيرج؛ َّ‬
‫فيها‪ ،‬قال ‪( :‬من مل جيب الدعوة فقد عىص أبا القاسم) يف مسند أمحد ‪،6 :‬‬
‫والتاريخ الصغري ‪ ، 06 :‬وقال ‪( :‬إذا دعي أحدكم إىل الوليمة فليأهتا) يف‬
‫صحيح مسلم ‪. 03 :‬‬
‫(‪ )4‬لقوله ‪َ ( :‬من رأى منكم منكر ًا فليغريه بيده‪ ،‬فإن مل يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن مل يستطع‬
‫فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اإليامن) يف صحيح مسلم ‪.63 :‬‬
‫ألن يف ذلك شني الدين‪ ،‬وفتح باب املعصية عىل املسلمني‪ ،‬واملحكي عن أيب حنيفة‬ ‫(‪َّ )3‬‬
‫مرة هبذا فصَّبت‪ ،‬فإنَّه كان قبل أن يصري مقتدى به‪ .‬ينظر‪ :‬اهلداية ‪: 0‬‬ ‫‪ ‬ابتليت ّ‬
‫‪ ، 7-‬والتبيني ‪ ، 9 :6‬والعناية ‪ ، 7- : 0‬وفتح القدير ‪، 7- : 0‬‬
‫والدر املختار ‪ ،93 -948 :6‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪653‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وإن كان ذلك عىل املائدة( ) أو كانوا يرشبون اخلمر حخ حرج وإن مل يكن‬
‫قدوة‪.‬‬
‫ِ‬
‫احلضور ال َيرض يف الوجوه ك ِّلها( )‪.‬‬ ‫وإن حعلِ حم ح‬
‫قبل‬
‫ِ‬
‫وأبوال اإلبل للتداوي( )‪ ،‬وأكل حلم اإلبل‬ ‫وَيرم رشب ِ‬
‫لبن األتن( )‪،‬‬

‫( ) بأن كان املنكر يف املنزل مثالً‪ ،‬فإن كان عليها فال يقعد؛ لقوله ‪ :‬ﭽﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﭼ [األنعام‪.]33 :‬‬
‫( ) ألنَّه ال يلزمه إجابة الدعوة إذا كان هناك منكر؛ فعن سامل عن أبيه ‪ ،‬قال‪( :‬هنى‬
‫رسول اهلل ‪ ‬عن مطعمني‪ :‬اجللوس عىل مائدة يرشب عليها اخلمر‪ ،‬أو يأكل‬
‫الرجل وهو منبطح عىل بطنه) يف املستدرك ‪ ، 49 :4‬وصححه‪ ،‬وسنن الدارمي‬
‫‪ ، 39 :‬وعن عيل ‪( :‬أنَّه صنع طعام ًا فدعا رسول اهلل ‪ ‬فجاء فرأى يف البيت‬
‫سرت ًا فيه تصاوير فرجع‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما رجعك بأيب أنت وأمي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وإن املالئكة ال تدخل بيت ًا فيه تصاوير) يف سنن ابن‬
‫إن يف البيت سرت ًا فيه تصاوير َّ‬
‫َّ‬
‫‪ ،‬ومسند البزار ‪ ، 37 :‬ومسند أيب يعىل ‪ ،94 :‬قال املقديس‬ ‫ماجة ‪4 :‬‬
‫يف األحاديث املختارة ‪ :33 :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫ألن اللب َن متولدٌ من اللحم‪ ،‬فصار مثله‪ ،‬كام يف رش الوقاية‬ ‫(‪ )9‬وإن كان للتداوي؛ َّ‬
‫ص‪ ،8 9‬والتبيني‪ :6‬؛ فعن ابن عمر ‪( :‬هنى رسول اهلل ‪ ‬عن أكل حلوم‬
‫احلمر األهلية) يف صحيح مسلم ‪. 398 :9‬‬
‫البول احلرمة‪ ،‬وقد َعلِ َم ‪ ‬شفا َء العرنيني وحي ًا‪ ،‬وهو ( َّ‬
‫أن أناس ًا من‬ ‫ِ‬ ‫(‪َّ )4‬‬
‫ألن األصل يف‬
‫عرينة قدموا عىل رسول اهلل ‪ ‬املدينة فاجتووها‪ ،‬فقال هلم رسول اهلل ‪ :‬إن‬
‫شئتم أن خترجوا إىل إبل الصدقة فترشبوا من ألباهنا وأبواهلا ففعلوا فصحوا‪ ،‬ثم‬
‫مالوا عىل الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن اإلسالم وساقوا ذود رسول اهلل ‪ ،‬فبلغ‬
‫ذلك النبي ‪ ‬فبعث يف إثرهم فأيت هبم فقطع أيدهيم وأرجلهم وسمل أعينهم‬
‫غريهم‪،‬‬‫احلرة حتى ماتوا) يف صحيح البخاري ‪ ، 433 :6‬وأ َّما يف ِ‬ ‫وتركهم يف ّ‬
‫ـ ‪651‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والبقر اجلالّلة ورشب لبنها( )‪ ،‬بخالف الدجاجة املخالّة( )‪.‬‬


‫فإن حبِ حست وعلِ حفت حح رلت‪ ،‬وهو مقدر ر يف اإلبل بأربعني يوما‪ ،‬ويف البقر‬
‫بعرشين‪ ،‬ويف الشاة بعرشة‪ ،‬ويف الدّ جاجة بثالثة( )‪ ،‬ولو رضع جدي لبن‬

‫حيل‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وعند أيب يوسف ‪َ ‬حيِ ُّل‬ ‫غري معلو ٍم فال ّ‬ ‫ّ‬
‫فالشفاء فيه ُ‬
‫حممد ‪َ ‬حيِ ُّل مطلق ًا؛ ألنَّه لو كان حرام ًا ال َحيِ ُّل‬
‫به التَّداوي حلديث العرنيني‪ ،‬وعند َّ‬
‫به التَّداوي‪ ،‬قال ‪( :‬ما ُو ِضع شفاؤكم فيام حرم عليكم) رواه موقوف ًا عىل ابن‬
‫مسعود ‪ ‬البخاري يف معلقات صحيحه ‪ ، 3 :3‬واحلاكم‪ ،4 4 :4‬ورفعه‬
‫البيهقي عن أم سلمة يف السنن الكبري ‪ ،3 : 0‬والطَّباين يف املعجم الكبري ‪: 9‬‬
‫‪ ،9 6‬وصححه ابن حبان‪ .‬ينظر‪ :‬اخلالصة ‪.9 0 :‬‬
‫( ) ألنَّه ‪( ‬هنى عن أكل حلوم اجلاللة وألباهنا) يف جامع الرتمذي ‪ ، 70 :4‬وحسنه‪،‬‬
‫وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 46 :4‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 0 :‬واجلاللة‪ :‬هي التي‬
‫تعتاد أكل اجليف والنجاسات‪ ،‬وال ختلط فيتغري حلمها فيكون منتن ًا‪ .‬ينظر‪ :‬البيان‬
‫ص‪. 84‬‬
‫ألهنا‬
‫ألن حلمها ال يتغري‪ ،‬وال ينتن بأكل النجاسة؛ َّ‬ ‫حتل وإن كانت جاللة؛ َّ‬‫فإهنا ّ‬‫( ) َّ‬
‫ختلطه بغريه‪ ،‬كام يف رش ابن ملك ق‪/ 08‬أ؛ فعن أيب موسى ‪( :‬رأيت النبي‬
‫أن الدجاج حيبس‬ ‫‪ ‬يأكل دجاج ًا) يف صحيح البخاري ‪ ، 00 :3‬وما روي َّ‬
‫ثالثة أيام ثم يذبح‪ ،‬فذلك عىل سبيل التنزه ال أنَّه رشط‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪، :6‬‬
‫والبحر ‪. 08 :8‬‬
‫(‪ )9‬هذا يف رواية النوادر‪ ،‬أما يف األصل فلم تقدر هلا مدّ ة‪ ،‬وإنَّام حتبس حتى يزول النتن‬
‫فتحل‪ ،‬وهذه اجلاللة املكروهة هي التي إذا قربت وجدت منها رائحة فال تؤكل‬
‫وال يرشب لبنها‪ ،‬وال يعمل عليها وتلك حاهلا‪ ،‬ويكره بيعها وهبتها وتلك حاهلا‪،‬‬
‫كام يف رد املحتار ‪ .94 :6‬أما التي ختلط‪ ،‬بأن تتناول النجاسة واجليف وتتناول‬
‫غريها عىل وجه ال يظهر أثر ذلك يف حلمها‪ ،‬فال بأس به؛ وهلذا حيل أكل حلم جدي‬
‫ألن حلمه ال يتغري‪ ،‬وما غذي به يصري مستهلك ًا ال يبقى له أثر‪،‬‬ ‫غذي بلبن اخلنزير; َّ‬
‫ـ ‪656‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫خنزير فهو كاجلالّلة‪.‬‬


‫واحلطب املوجود يف املاء حالل إن مل يكن له قيمة( )‪.‬‬
‫والثمر الساقط حتت الشجر ال حَيِ ّل يف املرص( )‪ ،‬ح‬
‫وأ ّما خارج املرص فإن‬
‫كان ممّا يبقى كاجلوز واللوز ال حَيِ ّل‪ ،‬وإن كان مم ّا ال يبقى حح رل حتى ينهى عنه‬
‫صاحبه‪.‬‬
‫وَيِ ّل الثمر املوجود يف املاء اجلاري وإن كان كحثر( )‪.‬‬
‫ح‬
‫ر ( )‬ ‫ح‬
‫فأخذه غريه ححل‬ ‫وقع ما نثِ حر من السكر أو الدراهم يف حجر رجل‬ ‫ولو ح‬

‫إال إذا صار له رائحة فال بد من احلبس حتى تزول‪ .‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪، 08 :8‬‬
‫والدر املحتار‪.94 -94 :6‬‬
‫ألن إلقاء مثل هذا يدل عىل إباحته‪ ،‬فيحل االنتفاع به‪ ،‬حتى إذا كانت له قيمة ال‬ ‫( ) َّ‬
‫حيل‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 3 :9‬‬
‫أن صاحبه قد أبا ذلك؛ ألنَّه ال عادة يف اإلباحة يف املرص‪،‬‬ ‫( ) إال أن يعلم نص ًا َّ‬
‫بخالف خارج املرص‪ ،‬فإنَّه إن كان مما يبقى‪ :‬كاجلوز واللوز‪ ،‬ال حيل أيض ًا‪ ،‬إال إذا‬
‫حل التناول منه حتى ينهى‬ ‫علم اإلذن به‪ ،‬وإن كان مما ال يبقى‪ :‬كالتفا ونحوه‪ّ ،‬‬
‫عنه صاحبه‪ ،‬فإن كان الثمر عىل الشجر‪ ،‬فإنَّه ال يأخذه يف موضع ما إال بإذن‬
‫صاحبه‪ ،‬إال أن يكون موضع كثري الثامر ويعلم أنَّه ال يشق عليهم ذلك فيسعه‬
‫األكل دون احلمل‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 08‬ب‪.‬‬
‫(‪ )9‬أل َّنه هيلك ويضيع بجريان املاء‪ ،‬فيكون مأذون ًا داللة‪ ،‬بخالف ما وقع يف املاء‬
‫الواقف‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 0‬‬
‫(‪ )4‬ألنَّه مبا ‪ ،‬واملبا ملن سبق يده إليه‪ ،‬إال أن يكون األول قد هتيأ له أو ضمه إىل‬
‫نفسه؛ ألنَّه بذلك يملكه فيحرم لغريه أن يأخذه‪ ،‬والنهبة جائزة إذا أذن فيها‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬قال‪( :‬أعظم األيام عند اهلل يوم‬ ‫صاحبها؛ فعن عبد اهلل بن قرط َّ‬
‫ست ينحرهن‬ ‫النحر‪ ،‬ثم يوم النفر‪ ،‬وقرب إىل رسول اهلل ‪ ‬مخس بدنات أو ّ‬
‫ـ ‪656‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ضمه‪ ،‬وكذا لو وضع طستا) ( عىل سطحه‬ ‫إال أن يكون األول هتيأ له أو ر‬
‫فاجتمع فيه ماء املط ِر إن وض حعه لذلك فهو له‪ ،‬وإن مل يضعه لذلك فهو حملن‬ ‫ح‬
‫ح‬
‫أخذه) (‪.‬‬
‫وَيرم أكل الرتاب والطني) (‪.‬‬
‫والرجل للنِّساء ما مل يكن فيه متاثيل) (‪ ،‬وَيرم‬ ‫حِ‬
‫وَيل خضاب اليد ِّ‬
‫للرجال والصبيان مطلقا) (‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرأس واللحية باحلناء والوسمة) ( للرجال والنساء) (‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بخضاب‬ ‫وال بأس‬

‫فلام وجبت جنوهبا قال كلمة خفية مل أفهمها‬ ‫فطفقن يزدلفن إليه أيتهن يبدأ هبا‪ّ ،‬‬
‫فسألت بعض من يلينى ما قال قالوا قال‪ :‬من شاء اقتطع) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ،348‬وصحيح ابن خزيمة ‪ ، 34 :4‬واملستدرك ‪ ، 46 :4‬وصححه‪.‬‬
‫) ( يف أ‪« :‬طشت ًا»‪.‬‬
‫) ( ألنَّه مبا غري حمرز‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 08‬ب‪.‬‬
‫)‪ (9‬ألنَّه يرض به‪ ،‬واإلرضار بنفسه حرام‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 08‬ب‪.‬‬
‫حل؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫)‪ (4‬أي صور للنهي الوارد عن فعل التصوير‪ ،‬أما ما كان من اخلضاب للزينة ّ‬
‫ذلك سبب لزيادة الرغبة واملودة بني الزوجني‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 08‬ب‪.‬‬
‫ألهنم ممنوعون عن مثل هذه الزينة‪ ،‬إال ألجل‬ ‫)‪ (3‬أي سواء كانت فيه متاثيل أو مل تكن؛ َّ‬
‫التداوي‪ ،‬كام يف منحة السلوك ‪ ، 3 :9‬قال ابن نجيم يف البحر الرائق ‪: 08 :8‬‬
‫ألن ذلك تز ّين‪ ،‬وهو مبا للنساء دون الرجال»؛ وألنَّه تشبه بالنساء‪ ،‬كام يف رد‬ ‫« َّ‬
‫عام سبق حتريره من النهي عن الزينة للرجال‪.‬‬ ‫املحتار ‪ ،4 :6‬وال تغفل ّ‬
‫الو ِسمة‪ :‬شجرة ورقها خضاب‪ ،‬وقيل‪ :‬هي العظم جيفف ويطحن ثم خيلط باحلناء‬ ‫)‪َ (6‬‬
‫فيقنأ لونه وإال كان أصفر‪ .‬ينظر‪ :‬املغرب ص‪.486‬‬
‫ألن ذلك سبب الرغبة واملحبة بني الزوجني‪ ،‬كام يف البحر الرائق ‪ ، 08 :8‬وعن‬ ‫)‪َّ (7‬‬
‫أيب يوسف ‪ :‬يعجبني أن تتزين يل امرأيت كام يعجبها أن أتزين هلا‪ ،‬واألصح أنَّه‬
‫وفصل يف املحيط بني اخلضاب بالسواد‪ ،‬قال عامة‬ ‫ال بأس به يف احلرب وغريه‪َّ ،‬‬
‫ـ ‪654‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫ِ‬
‫احلرير وال حق ّز( ) للنِّساء ال ِّ‬
‫للرجال( ) ولو كانوا مقاتلني( ) إال‬ ‫وَيِ ّل لبس‬
‫ح‬
‫ِ‬
‫أربعة أصابع عرضا( )‪.‬‬ ‫قدر‬
‫العلم احلرير( ) أو املنسوج بالذهب ح‬

‫جوزه‪ ،‬وهو مروي عن أيب يوسف ‪ ،‬أما باحلمرة‬ ‫املشايخ‪ :‬إنَّه مكروه‪ ،‬وبعضهم َّ‬
‫فهو سنة الرجال وسيام املسلمني‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪ ،736 :6‬وفيه أيض ًا‪:4 :6‬‬
‫ويكره بالسواد لغري احلرب‪ ،‬قال يف الذخرية‪ :‬أما يف اخلضاب بالسواد للغزو؛‬
‫ليكون أهيب يف عني العدو فهو حممود باالتفاق‪ ،‬وإن ليزين نفسه للنساء فهو‬
‫مكروه‪ ،‬وعليه عامة املشايخ‪ ،‬وبعضهم جوزه بال كراهة‪ .‬وينظر‪ :‬الفتاوى اهلندية‬
‫‪ ،933 :3‬ورش رشعة اإلسالم ص‪ 33‬؛ فعن عن جابر بن عبد اهلل ‪ ‬قال‪:‬‬
‫(أيت بأيب قحافة يوم فتح مكة ورأسه وحليته كالثغامة بياض ًا‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪:‬‬
‫غريوا هذا بيشء واجتنبوا السواد) يف صحيح مسلم ‪. 69 :9‬‬ ‫ِّ‬
‫يسوى منه اإلبريسم‪ ،‬ويف‬ ‫معرب‪ ،‬قال الليث‪ :‬هو ما َّ‬ ‫( ) ال َق ّز‪ :‬رضب من اإلبريسم‪ّ ،‬‬
‫مجع التفاريق‪ :‬القز واإلبريسم كالدقيق واحلنطة‪ .‬ينظر‪ :‬املغرب ص ‪ ،98‬وغريه‪.‬‬
‫( ) قال ‪( :‬أحل الذهب واحلرير لإلناث من أمته وحرم عىل ذكورها) يف سنن‬
‫النسائي ‪ ،497 :3‬واملجتبى ‪ ، 6 :8‬ومسند أمحد ‪ ،93 :4‬وصححه الرتمذي‪،‬‬
‫فإن َمن لبسه يف الدنيا مل يلبسه يف اآلخرة) يف صحيح‬ ‫وقال ‪( :‬ال تلبسوا احلرير‪َّ ،‬‬
‫البخاري ‪ ، 063 :3‬وصحيح مسلم ‪. 698 :9‬‬
‫(‪ )9‬هذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وعند الصاحبني‪ :‬جيوز يف احلرب‪ .‬ينظر‪ :‬اهلداية ‪،8 :4‬‬
‫وذخرية العقبى ص‪ ،377‬والتبيني ‪، 4 :6‬‬
‫(‪ )4‬أي مقدار العلم‪ ،‬والظاهر عدم مجع املتفرق من أعالم الثوب إال إذا كان خط منه‬
‫قز وخط منه غريه بحيث يرى كله َق ّز ًا‪ ،‬فأما إذا كان كل واحد مستبين ًا كالطراز يف‬
‫العاممة‪ ،‬فإنَّه ال جيمع‪ ،‬كام يف الدر املختار ورد املحتار ‪939 :6‬؛ فعن عمر ‪ ‬قال‪:‬‬
‫(هنى نبي اهلل ‪ ‬عن لبس احلرير إال موضع إصبعني أو ثالث أو أربع) يف صحيح‬
‫مسلم ‪ ، 649 :9‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 48 :‬وغريمها‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي ال يكره الثوب املنسوج بالذهب إذا كان قدر أربع أصابع‪ ،‬وإن كان أكثر من‬
‫ـ ‪655‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وَيِل توسده والنوم عليه هلام( )‪ ،‬بخالف ال ِّلحاف( )‪.‬‬ ‫ح‬


‫الباب للحاجة( )‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫سرتة عىل‬ ‫وَيِل تعليق‬ ‫ح‬
‫وَيرم تِكرة( ) احلرير والديباج( ) ولِ ْبنتها( )‪.‬‬

‫ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪ ، 4 :6‬وغريه‪.‬‬


‫( ) َّ‬
‫ألن اجللوس عىل احلرير استخفاف وليس بتعظيم فجرى جمرى اجللوس عىل‬
‫بساط فيه تصاوير‪ ،‬كام رد املحتار ‪ ،933 :6‬وروى راشد موىل بني عامر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«رأيت عىل فراش ابن َع َّباس ‪ ‬مرفقة من حرير»‪ ،‬وعن مؤذن بني وداعة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ِ‬
‫مرفقة حرير وسعيد بن جبري عند‬ ‫متكئ عىل‬ ‫«دخلت عىل ابن َع ّباس ‪ ‬وهو‬
‫ٌ‬
‫رجليه…» يف نصب الراية ‪ ، 77 :4‬وإعالء السنن ‪ ،980-973 : 7‬وغريمها‪.‬‬
‫( ) ألنَّه مثل اللبس يف التنعم‪ ،‬كام يف منحة السلوك ‪ 38 :9‬؛ وألنَّه استعامل تام‪ ،‬كام‬
‫يف رش ابن ملك ق‪/ 03‬أ‪.‬‬
‫احلر والَّبد‪ ،‬أو لئال يطلع أحد داخل البيت‪.‬‬
‫(‪ )9‬أي من احلرير‪ ،‬واحلاجة مثل‪ :‬دفع ّ‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ‪. 38 :3‬‬
‫(‪ )4‬ال ِّتكَّة‪ :‬رباط الرساويل ومجعه تكك‪ ،‬كام يف رد املحتار‪ .939 :6‬ويف التبيني ‪، 4 :6‬‬
‫القب؛ ألنَّه استعامل تام»‪ .‬وال بأس بتكة ديباج‬
‫ُّ‬ ‫والرشنباللية ‪« :9 :‬وهو‬
‫ألهنا كالبيت‪ ،‬ويف القنية‪ :‬تكره عىل الصحيح‪ ،‬لكن يف الفتاوى الصغرى‬
‫للرجال؛ َّ‬
‫والذخرية ورش القدوري‪ :‬ال تكره التكة من احلرير عند اإلمام‪ ،‬وعند أيب يوسف‬
‫ألهنا‬
‫تكره‪ ،‬كام يف جممع األهنر ‪ ،394 :‬ويف التتارخانية‪ :‬وال تكره تكة الرساويل؛ َّ‬
‫ال تلبس وحدها‪ ،‬كام يف رد املحتار‪.934 :6‬‬
‫(‪ )3‬الديباج‪ :‬الثوب الذي سداه وحلمته إبريسم‪ .‬ينظر‪ :‬املغرب ص‪ ، 33‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )6‬أي حيرم لبنة احلرير والديباج‪ ،‬وهي قطعة من احلرير أو الديباج يعمل يف جيب‬
‫القميص واجلبة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 38 :9‬‬
‫ـ ‪653‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫احلرب‬ ‫وَيِل ل ْبس ما سداه( ) حرير مطلقا( )‪ ،‬وما حلمته( ) حرير( ) حَيِ ّل يف‬
‫ح‬
‫خاصة‪.‬‬
‫ّ‬
‫للرجال من الذهب يشء( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وال حَيل ّ‬

‫السدى‪ :‬وهو ما يمدُّ طوالً يف النسج‪ .‬ينظر‪ :‬املصبا ص ‪ ، 7‬وغريه‪.‬‬


‫( ) َّ‬
‫( ) أي سواء كان يف احلرب أو غريه‪ ،‬أو مغلوب ًا أو غالب ًا أو مساوي ًا للحرير كالقطن‬
‫ألن الثوب ال يصري ثوب ًا إال بالنسج‬
‫والصوف والكتان والصوف عىل الصحيح؛ َّ‬
‫والنسج باللحمة‪ ،‬فكانت هي املعتَّبة‪ ،‬وألنَّه ال يكون ثوب ًا إال هبام فتكون العلة‬
‫َّ‬
‫وألن اللحمة هي التي تظهر يف املنظر‪،‬‬ ‫ذات وجهني فيعتَّب آخرمها‪ ،‬وهو اللحمة;‬
‫فيكون العَّبة ملا يظهر دون ما خيفى‪ .‬كام يف التبيني‪ ، 3- 4 :6‬وجممع األهنر ‪:‬‬
‫‪393‬؛ فعن ابن عباس ‪ ‬قال‪« :‬إنَّام هنى رسول اهلل ‪ ‬عن الثوب املصمت من‬
‫احلرير‪ ،‬فأما العلم من احلرير وسدى الثوب فال بأس به» يف سنن أيب داود ‪،43 :4‬‬
‫‪ ،‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،4 4 :‬وعن ابن عباس ‪:‬‬ ‫والسنن الصغرى ‪7 :‬‬
‫«أنَّه كان يلبس اخلز‪ ،‬وقال‪ :‬إنَّام يكره املصمت من احلرير» يف شعب اإليامن ‪:3‬‬
‫‪ ،‬وإعالء السنن ‪-984 : 7‬‬ ‫‪ ، 48‬وينظر‪ :‬تفصيل اآلثار يف نصب الراية ‪8 :4‬‬
‫‪ ،983‬وغريمها‪.‬‬
‫حلمة الثوب‪ :‬بالفتح ما ينسج عرض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املصبا ص ‪ ،33‬وغريه‪.‬‬ ‫(‪ْ َ )9‬‬
‫لَّبيق ِه‬
‫ِ‬ ‫(‪ )4‬أي وسداه غريه‪ ،‬فهو مبا يف احلرب رضورة؛ إليقاع اهليبة يف ِ‬
‫عني العدو‬
‫وملعانِه‪ ،‬وال رضور َة يف غريه‪ ،‬فيكون مكروه ًا‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 3 :6‬وذخرية‬
‫العقبى ص‪.377‬‬
‫أحل‬‫(‪ )3‬فعن أيب موسى ‪ ‬قال‪( :‬رفع رسول اهلل ‪ ‬حرير ًا بيمينه وذهب ًا بشامله فقال‪ّ :‬‬
‫إلناث أمتي وحرم عىل ذكورها) يف مسند أمحد ‪ ،93 :4‬وسنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ،448‬وسنن الرتمذي ‪ ، 7 :4‬وصححه‪.‬‬
‫ـ ‪653‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وَيِل هلم من الفضة‪ :‬اخلاتم( )‪ ،‬واملِنطقة( )‪ ،‬وحلية السيف( )‪.‬‬


‫ح‬
‫( )‬ ‫ِ‬
‫والصفر حرام‬ ‫ِ‬
‫واحلديد‬ ‫والتختم باحلج ِر‬

‫( ) فعن ابن عمر ‪ ‬قال‪( :‬اختذ رسول اهلل ‪ ‬خامت ًا من ورق فكان يف يده‪ ،‬ثم كان يف‬
‫يد أيب بكر‪ ،‬ثم كان يف يد عمر‪ ،‬ثم كان يف يد عثامن حتى وقع منه يف بئر أريس‪،‬‬
‫نقشه حممد رسول اهلل) يف صحيح مسلم ‪ ، 636 :9‬وصحيح البخاري ‪:3‬‬
‫‪ ، 04‬ويكره أن يدخل اخلالء ومعه خاتم مكتوب عليه اسم اهلل تعاىل أو يشء‬
‫هري ‪ ‬عن أنس ‪،‬‬ ‫الز ّ‬‫من القرآن‪ ،‬كام يف البحر الرائق ‪ ، 36 :‬وروي عن ّ‬
‫قال‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬إذا دخل اخلالء وضع خامته) يف صحيح ابن حبان ‪:4‬‬
‫‪ ، 60‬واملستدرك ‪ ، 38 :‬وسنن أيب داود ‪ ،3 :‬ونقل ابن عابدين يف رد املحتار‬
‫استحب أن‬
‫ّ‬ ‫ستاين ‪« :‬ولو نقش اسمه تعاىل أو اسم نبيه ‪‬‬‫‪  :96 :6‬ال ُق ُه ّ‬
‫كمه إذا دخل اخلالء‪ ،‬وأن جيعله يف يمينه إذا استنجى»‪.‬‬ ‫جي َع َل ّ‬
‫الفص يف ّ‬ ‫َْ‬
‫كل ما تشد به وسطك‪ ،‬واملِنطقة اسم خاص‪ ،‬وموضع املِنطقة‬ ‫( ) النِّطاق واملَنطق ُّ‬
‫الزنانري فوق ثياهبم‪ .‬ينظر‪ :‬املغرب ص‪.468‬‬
‫ألن اخلاتم واملنطقة وحلية السيف من الفضة مستثنى حتقيق ًا ملعنى النموذج‪،‬‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫ألهنام من جنس واحد‪ ،‬كام يف التبيني ‪ ، 3 :6‬ورش‬ ‫والفضة أغنت عن الذهب; َّ‬
‫الوقاية ص‪8 6‬؛ فعن أنس ‪ ‬قال‪( :‬كانت قبيعة سيف رسول اهلل ‪ ‬من فضة)‬
‫يف جامع الرتمذي ‪ ، 0 :4‬وحسنه‪ ،‬وسنن الدارمي ‪ ، 3 :‬وسنن أيب داود ‪:9‬‬
‫‪ ،90‬وعن سعيد بن أيب احلسن قال‪( :‬كانت قبيعة سيف رسول اهلل ‪ ‬من فضة) يف‬
‫جامع الرتمذي ‪ ، 0 :4‬وسنن الدارمي ‪ ، 3 :‬وسنن أيب داود ‪ ،90 :9‬وسنن‬
‫النسائي ‪ ،308 :3‬واملجتبى ‪ ، 3 :8‬و(كان للنبي ‪ ‬منطقة من أديم منشور‬
‫ثالث حلقها وإبزيمها وطرفها فضة) يف إعالء السنن ‪ ،948 : 7‬ونصب الراية‬
‫‪ ، 83 :‬عن عيون األثر البن سيد الناس‪.‬‬
‫(‪ )4‬هذا ما عند احلنفية‪ ،‬وكذلك عند املالكية واحلنابلة‪ ،‬قال ابن رجب يف أحكام‬
‫اخلواتيم ص ‪ :4‬وأما خاتم احلديد والصفر والنحاس فاملذهب كراهته للرجال‬
‫والنساء‪ .‬وينظر‪ :‬أحكام اخلواتيم ص‪ ،49‬وغريه‪.‬‬
‫ـ ‪653‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الرجل‬
‫ويعل ر‬
‫الفص حجرا‪ ،‬ح‬
‫للرجال وال ِّنساء( )‪ ،‬واملعتَّب احللقة فيجوز كون ّ‬
‫ر‬
‫ال حف رص إىل باطن حك ِّفه( )‪.‬‬

‫( ) فعن بريدة عن أبيه ‪( :‬أنَّه جاء رجل إىل النبي ‪ ‬وعليه خاتم من حديد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫مايل أرى عليك حلية أهل النار‪ ،‬ثم جاءه وعليه خاتم من صفر‪ ،‬فقال‪ :‬مايل أجد‬
‫منك ريح األصنام‪ ،‬ثم أتاه وعليه خاتم من ذهب فقال‪ :‬ارم عنك حلية أهل اجلنة‪،‬‬
‫قال‪ :‬من أي يشء أختذه‪ ،‬قال‪ :‬من ورق وال تتمه مثقاالً) يف سنن الرتمذي ‪:4‬‬
‫‪ ، 48‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 33 :‬وسنن النسائي ‪ ،443 :3‬وسنن أيب داود‬
‫أن‬‫‪ ،30 :4‬واملجتبى ‪ ، 3 :8‬وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪َّ ( :‬‬
‫النبي ‪ :‬رأى عىل بعض أصحابه خامت ًا من ذهب َفأعرض عنه‪َ ،‬فألقاه واختذ خامت ًا‬
‫من حديد‪ ،‬فقال‪ :‬هذا رش هذا حلية أهل النار‪ ،‬فألقاه فاختذ خامت ًا من ورق فسكت‬
‫عنه) يف مسند أمحد ‪ ، 73 ، 69 :‬وعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪( :‬أنَّه‬
‫لبس خامت ًا من ذهب فنظر إليه رسول اهلل ‪ ‬كأنَّه كرهه فطرحه ثم لبس خامت ًا من‬
‫حديد‪ ،‬فقال‪ :‬هذا أخبث وأخبث فطرحه‪ ،‬ثم لبس خامت ًا من ورق فسكت عنه) يف‬
‫‪ ،‬وشعب اإليامن ‪ ، 33 :3‬وقال البيهقي‪ :‬وليس بالقوي‪،‬‬ ‫مسند أمحد ‪:‬‬
‫إن رسول اهلل ‪ ‬رأى يف يد رجل خامت ًا من ذهب‪،‬‬ ‫وعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬قال‪َّ ( :‬‬
‫رش منه‪ ،‬فتختم بخاتم من‬ ‫فقال‪َ :‬أ ْلق ذا فألقاه فتختم بخاتم من حديد فقال‪ :‬ذا ٌّ‬
‫َت عنه) يف مسند أمحد ‪ ، :‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد‪: 3 :3‬‬ ‫فسك َ‬
‫فضة َ‬ ‫ّ‬
‫أن عامر ابن أيب عامر مل يسمع من عمر ‪.‬‬ ‫رجاله رجال الصحيح إالّ َّ‬
‫ولكن ال بأس بأن يتخذ خاتم حديد قد لوي عليه فضة وألبس بفضة حتى ال‬
‫أن خاتم النبي ‪ ‬كان من حديد‬ ‫يرى‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪ ،960 :6‬فإنَّه روي ( َّ‬
‫فضة) يف سنن أيب داود ‪ ،30 :4‬وسنن النسائي ‪ ،439 :3‬واملجتبى ‪:8‬‬ ‫ملوي عليه ّ‬
‫‪ ، 73‬واملعجم الكبري ‪.93 : 0‬‬
‫أن‬ ‫( ) بخالف املرأة؛ ألنَّه للزينة يف حقها‪ ،‬كام يف التبيني ‪ 6 :6‬؛ فعن أنس ‪َّ ( :‬‬
‫فصه مما ييل َك ّفه)‬
‫حبيش كان جيعل َّ‬
‫ّ‬ ‫فص‬‫رسول اهلل ‪ ‬لبس خاتم فضة يف يمينه فيه ّ‬
‫يف صحيح مسلم ‪. 638 :9‬‬
‫ـ ‪653‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واألفضل لغري القايض والسلطان ممرن ال حَيتاج إىل اخلتم تركه( )‪ ،‬وال‬
‫يتجاوز وزنه مثقاال( )‪.‬‬
‫بالفضة‪ ،‬ولو قطع حأ ْنفه أو حس حق حط‬
‫ّ‬ ‫وال ي حشد السن املتح ِّرك ر‬
‫بالذهب( )‪ ،‬بل‬

‫( ) لكونِ ِه زينة‪ ،‬فاألوىل أن ال يتختم َمن ال حيتاج إليه‪ ،‬وإن كان حيتاج إليه‪ :‬كالقايض‬
‫والسلطان يتختم به إذا كان من فضة‪ ،‬كام يف التبيني ‪ ، 6 :6‬ورد املحتار ‪96 :6‬؛‬
‫وملا روي عن أيب رحيانة ‪ ،‬قال‪( :‬هنى رسول اهلل ‪ ‬عن اخلاتم إال لذي سلطان)‬
‫يف سنن أيب داود ‪ ،48 :4‬وسنن النسائي‪ ،4 3 :3‬واملجتبى ‪ ، 49 :8‬ورش‬
‫معاين اآلثار ‪ ، 63 :4‬ومسند أمحد ‪ ، 94 :4‬وغريها‪ ،‬قال التهانوي يف إعالء‬
‫السنن ‪ :960 : 7‬رجاله ثقات‪ ،‬فالنبي ‪ ‬مل يكن يلبس اخلاتم لباس جتمل وتزين‬
‫به كالرداء والعاممة والنعل‪ ،‬وإنَّام اختذه حلاجة ختم الكتب التي يبعثها إىل امللوك‪،‬‬
‫يكتب إىل الروم‪ ،‬قال قالوا‪:‬‬
‫َ‬ ‫كام يف حديث أنس ‪ ‬قال‪( :‬ملا أراد رسول اهلل ‪ ‬أن‬
‫َّإهنم ال يقرؤون كتاب ًا إال خمتوم ًا‪ ،‬قال‪ :‬فاختذ رسول اهلل ‪ ‬خامت ًا من فضة‪ ،‬فكأين‬
‫حممد رسول اهلل) يف صحيح البخاري ‪:3‬‬ ‫أنظر إىل بياضه يف يد رسول اهلل ‪ ‬نقشه ّ‬
‫‪ ، 03‬وصحيح مسلم ‪ ، 637 :9‬وأبو بكر ‪ ‬إنَّام لبسه بعده ألجل واليته فإنَّه‬
‫كان حيتاج إليه‪ ،‬وكذلك عمر إنَّام لبسه بعد أيب بكر هلذه املصلحة‪ ،‬وكذلك عثامن‬
‫‪ .‬ينظر‪ :‬أحكام اخلواتيم ص‪ ، 7- 6‬وغريه‪.‬‬
‫( ) فعن بريدة ‪ ‬قال ‪( :‬اختذه من ورق وال تتمه مثقاالً) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ،430‬وسنن الرتمذي ‪ ، 48 :4‬واملجتبى ‪ ، 7 :8‬وصحيح ابن حبان ‪:‬‬
‫‪. 33‬‬
‫ألن استعامل الذهب والفضة حرام إال للرضورة‪ ،‬وقد زالت باألدنى‪ ،‬وهو الفضة‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫فال حاجة إىل األعىل فبقي عىل األصل‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة وأيب يوسف ‪ ،‬وقال‬
‫أن (عرفجة بن أسعد أنَّه‬ ‫حممد ‪ :‬حيل بالذهب‪ ،‬وهو رواية عنهام ؛ ملا روي َّ‬
‫أصيب أنفه يوم الكالب يف اجلاهلية فاختذ أنف ًا من ورق فأنتن عليه‪ ،‬فأمره النبي ‪‬‬
‫أن يتخذ أنف ًا من ذهب) يف سنن النسائي ‪ ،440 :3‬واملجتبى ‪ ، 64 :8‬وينظر‪:‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫عوضه بذهب( )‪.‬‬ ‫انتن ر‬


‫بفضة‪ ،‬فإن ح‬ ‫عو حضه ّ‬ ‫سنّه ر‬
‫واحلرير( )‪ ،‬واإلثم عىل امل ْلبس‪.‬‬
‫ح‬ ‫الذهب‬
‫ح‬ ‫ِ‬
‫الصبيان‬ ‫وَيرم إلباس‬
‫حْ‬
‫وَيِل ملسح العرق و حب حلل الوضوء واملخاط‬ ‫تكَّبا‪ ،‬ح‬
‫وَيرم محل املنديل ّ‬ ‫حْ‬
‫ونحوها( )‪ ،‬كالرتبع حَيِ ّل للحاجة( )‪ ،‬وَيرم تكَّبا‪.‬‬
‫الرتيمة( )‪.‬‬ ‫حِ‬
‫وَيل ربط ّ‬

‫االستيعاب ‪ ،744 :‬وخالصة البدر املنري ‪ ،907 :‬وتلخيص احلبري ‪، 76 :‬‬


‫وألن الفضة والذهب من جنس واحد‪ ،‬واألصل احلرمة فيهام‪ ،‬فإذا حل‬ ‫َّ‬ ‫وغريها;‬
‫التضبيب بأحدمها حل باآلخر‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 6 :6‬وغريه‪.‬‬
‫( ) للرضورة اتفاق ًا‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪ 9‬؛ حلديث عرفجة ‪ ‬السابق‪.‬‬
‫ألن التحريم ملا ثبت يف حق الذكور وحرم اللبس حرم اإللباس أيض ًا‪ ،‬كاخلمر ملا‬ ‫( ) َّ‬
‫حرم رشهبا حرم سقيها الصبي‪ ،‬كام يف التبيني ‪ ، 6 :6‬وذخرية العقبى ص‪،378‬‬
‫والتنوير ‪.969-96 :6‬‬
‫ألن املسلمني قد استعملوا يف عامة البلدان مناديل الوضوء واخلرق للمخاط‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫ومسح العرق‪ ،‬وما رآه املسلمون حسن ًا فهو عند اهلل حسن‪ ،‬ولو محلها بال حاجة‬
‫يكره‪ ،‬كام يف درر احلكام ‪ ،9 9 :‬ورش الوقاية ص‪ ،8 6‬وروي عن عائشة‬
‫ريض اهلل عنها‪( :‬أنَّه كان لرسول اهلل ‪ ‬خرقة ينشف هبا بعد الوضوء) يف جامع‬
‫الرتمذي ‪ ،74 :‬وقال‪ :‬ليس بالقائم‪ ،‬والسنن الكبري للبيهقي ‪ ، 83 :‬وسنن‬
‫الفاريس ‪( :‬إِ َّن‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫رسول اهللِ ‪ ‬ت ََو َّض َأ‪َ ،‬ف َق َل َ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫سلامن‬ ‫الدارقطني ‪ ، 0 :‬وعن‬
‫فمسح هبا وجهه) يف سنن ابن ماجة ‪ ، 38 :‬ومسند‬ ‫وف كانت عليه‪،‬‬ ‫جب َة ص ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َّ ُ‬
‫الشاميني ‪ ،98 :‬وغريمها‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي والرضورة‪ :‬كالضعف‪ ،‬والعلة يف الرجلني‪ ،‬وحيرم تكَّب ًا؛ ألنَّه من أخالق‬
‫العجم وقد هنينا عنها‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 0‬أ‪ ،‬واملنحة ‪. 0 :9‬‬
‫اليشء‪ ،‬فعقدُ ُه ال يكره؛ أل َّن ُه ليس‬ ‫اخليط الذي يعقدُ عىل اإلصب ِع لتذك ُِّر َّ‬
‫ُ‬ ‫(‪ )3‬وهي‬
‫ِ‬
‫عادة‬ ‫ألن من‬ ‫ألن فيه غرض ًا صحيح ًا وهو التَّذكُّر‪ ،‬ونص الفقهاء عليه؛ َّ‬ ‫بعبث؛ َّ‬
‫ـ ‪631‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫احلرة األحجنبية‪ ،‬ويف القدم‬ ‫ِ‬ ‫وَيرم النظر إىل ِ‬


‫غري الوجه والك ّفني من ر‬
‫ِ‬
‫الوجه أيضا إال حلاجة‪ ،‬وكذا لو‬ ‫ينظر إىل‬
‫خاف الشهو حة مل ْ‬
‫ح‬ ‫روايتان( )‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬
‫شك( )‪.‬‬

‫وغريها‪ ،‬وذلك‬ ‫الس ُ‬


‫السل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض الن ِ‬
‫ُ‬ ‫بعض األعضاء‪ ،‬وكذا َّ‬ ‫اخليوط عىل‬ ‫َّاس شدُّ‬
‫تم ليس من هذا القبيل‪ .‬ينظر‪ :‬رش‬ ‫الر َ‬ ‫حمض عبث‪ ،‬فقالوا‪َّ :‬‬
‫إن َّ‬ ‫مكرو ٌه؛ ألنَّه ُ‬
‫الوقاية ص‪.8 7-8 6‬‬
‫( ) األوىل‪َّ :‬إهنا عورة يف ظاهر الرواية‪ ،‬وصححها األقطع وقايض خان‪.‬‬
‫والثانية‪َّ :‬إهنا ليست بعورة‪ ،‬فروى احلسن بن زياد ‪ ‬عن أيب حنيفة ‪ ‬أنَّه يبا النظر‬
‫ألهنا تبتىل بإبداء قدميها إذا‬
‫إىل قدمها‪ ،‬فهي ليست بعورة‪ ،‬وبه قال الكرخي ‪‬؛ َّ‬
‫أن االشتهاء ال حيصل‬ ‫مشت حافية أو متنعلة وربام ال جتد اخلف يف ِّ‬
‫كل وقت‪ ،‬عىل َّ‬
‫بالنظر إىل القدم كام حيصل بالنظر إىل الوجه ‪ ،‬فإذا مل يكن الوجه عورة مع كثرة‬
‫االشتهاء فالقدم أوىل‪ ،‬قال صاحب اهلداية ‪ ، 33 :‬وجممع األهنر ‪ :8 :‬وهو‬
‫األصح‪ ،‬وقال املوصيل يف االختيار‪َّ :‬إهنا ليست بعورة يف الصالة وعورة خارج‬
‫الصالة‪.‬‬
‫إن جواز النظر للوجه والكفني برشط أمن الشهوة‪ ،‬وال يبا له إن ّ‬
‫شك أنَّه‬ ‫( ) أي َّ‬
‫ألن النظر نوع زنا‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ‬ ‫يشتهيها؛ َّ‬
‫[النور‪ :]61 :‬أي موضع زينته ّن‪ ،‬كام يف اهلداية ‪ ، 4 : 0‬ومعنى ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ‪:‬‬
‫عن ابن عباس وابن عمر وعائشة ومكحول وسعيد بن جبري وجماهد ‪« :‬الوجه‬
‫والكفني»‪ ،‬يف سنن البيهقي الكبري ‪ ،83،34 :7 ، 6 :‬ومصنف ابن أيب شيبة‬
‫‪ ،347-346 :9‬والسنن الصغرى ‪ ، 4 :‬ورش معاين اآلثار ‪،99 :4‬‬
‫والدراية ‪ ، 9 :‬وتفسري الطَّبي ‪ ، 8 : 7‬وعن جابر بن عبد اهلل ‪( :‬أتى‬
‫فإن أكثركن حطب‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬النساء فوعظهن وذكرهن‪ ،‬فقال‪ :‬تصدقن َّ‬
‫جهنم‪ ،‬فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء اخلدين‪ ،‬فقالت‪ :‬مل يا رسول اهلل؟ قال‪:‬‬
‫ألنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشري…) يف صحيح مسلم ‪ ،609 :‬وقال ‪:‬‬
‫ـ ‪636‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫للشاب مس الوجه والكفني وإن حأ ِم حن الشهوة( )‪ ،‬إال من عجوز‬


‫ّ‬ ‫وال حَيِل‬
‫وأ ِم حن عليه وعليها‪،‬‬
‫ححل املصافحة ونحوها‪ ،‬وكذا لو كان شيخا ح‬ ‫ال تشتهى‪ ،‬فت ِ‬
‫فإن خاف عليها ححرم( )‪.‬‬

‫(ال تنتقب املرأة املحرمة وال تلبس القفازين) يف صحيح البخاري ‪ ،639 :‬ولو‬
‫كانا عورة ملا حرم سرتمها‪ .‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪. 84 :‬‬
‫( ) فعن عائشة ريض اهلل عنها قالت‪( :‬كانت املؤمنات إذا هاجرن إىل رسول اهلل ‪‬‬
‫يمتحن بقول اهلل ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭼ [املمتحنة‪…]16 :‬‬
‫وكان رسول اهلل ‪ ‬إذا أقررن بذلك من قوهل ّن‪ ،‬قال هلن رسول اهلل ‪ :‬انطلقن‬
‫فقد بايعتكن‪ ،‬وال واهلل ما مست يد رسول اهلل ‪ ‬يد امرأة قط غري أنَه يبايعهن‬
‫بالكالم‪ ،‬قالت عائشة‪ :‬واهلل ما أخذ رسول اهلل ‪ ‬عىل النساء قط إال بام أمره اهلل‬
‫تعاىل وما مست كف رسول اهلل ‪ ‬كف امرأة قط وكان يقول هلن إذا أخذ عليهن‪:‬‬
‫قد بايعتكن كالم ًا) يف صحيح مسلم ‪ ، 483 :9‬وصحيح البخاري ‪، 0 3 :3‬‬
‫وعن أميمة بنت رقيقة ‪ ‬قالت‪( :‬أتيت رسول اهلل ‪ ‬يف نسوة يبايعنه‪ ،‬فقلن‪:‬‬
‫نبايعك يا رسول اهلل عىل أن ال نرشك باهلل شيئ ًا…‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪ :‬فيام‬
‫استطعتن وأطقتن‪ ،‬قالت فقلت‪ :‬اهلل ورسوله أرحم بنا من أنفسنا‪ ،‬هلم نبايعك يا‬
‫رسول اهلل فقال رسول اهلل ‪ :‬إين ال أصافح النساء‪ ،‬إنَّام قويل ملئة امرأة كقويل‬
‫المرأة واحدة) يف صحيح ابن حبان ‪ ،4 7 : 0‬وسنن النسائي ‪،4 3 :4‬‬
‫واملجتبى ‪ ، 43 :7‬وسنن ابن ماجة ‪ ،333 :‬وموطأ مالك ‪ ،38 :‬وعن معقل‬
‫بم َخيط من حديد خري له من أن‬ ‫بن يسار ‪ ‬قال ‪( :‬ألن يطعن يف رأس رجل ِ‬
‫‪ ،‬ومسند الروياين ‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫متسه امرأة ال حتل له) يف املعجم الكبري ‪: 0‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،9 9‬قال املنذري يف الرتغيب والرتهيب ‪ : 6 :9‬رجال الطَّباين ثقات رجال‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫ومس يدها‪ ،‬أو كان هو شيخ ًا‬ ‫( ) أي إذا كانت عجوز ًا ال تشتهى فال بأس بمصافحتها ّ‬
‫يأمن عىل نفسه وعليها فال بأس بأن يصافحها‪ ،‬وإن كان ال يأمن عليها أن تشتهي‬
‫ـ ‪636‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والصغرية التي ال ت ْش حتهى حَيِ ّل حمسها( )‪.‬‬


‫خاصة( )‪ ،‬وللخاطب‬ ‫وَيِل للقايض عند احلكم( )‪ّ ،‬‬
‫وللشاهد عند األداء ّ‬ ‫ح‬

‫يصافحها فيعرضها للفتنة‪ ،‬كام ال حيل له ذلك إذا خاف عىل نفسه؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫َ‬ ‫مل حيل له أن‬
‫احلرمة خلوف الفتنة‪ ،‬فإذا كانت ممَّن ال تشتهى فخوف الفتنة معدوم؛ النعدام‬
‫الشهوة‪ ،‬كام يف املبسوط ‪ ، 33 : 0‬والبدائع ‪ ، 9 :3‬والتبيني ‪ ، 8 :6‬واهلداية‬
‫‪. 3: 0‬‬
‫وهذا التفريق يف احلكم بني الشابة والعجوز والشاب والشيخ الكبري؛ َّ‬
‫ألن اهلل ‪‬‬
‫فرق بينهام يف هذا فرخص للعجائز وضع حجاهبن ؛ النتفاء الفتنة والشهوة‬
‫هبن‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱﭲ‬
‫ﭳ ﭴﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺﭻ ﭼ[النور‪.]33 :‬‬
‫َّ‬
‫ورخص ‪ ‬للمرأة أن تظهر زينتها للشيخ الكبري بخالف الشاب؛ النتفاء الشهوة‬
‫والفتنة معه‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﭼ [النور‪.]61 :‬‬
‫مسها والنظر إليها؛ لعدم خوف الفتنة‪.‬‬
‫إن الصغرية إذا كانت ال تشتهى فيبا ّ‬ ‫( ) أي َّ‬
‫ينظر‪ :‬اهلداية ‪. 3 : 0‬‬
‫فإن القايض ينظر ليوجه احلكم عليها بإقرارها أو بشهادة الشهود عىل معرفتها؛‬ ‫( ) َّ‬
‫ألنَّه ال جيد بد ًا من النظر يف هذا املوضع‪ ،‬والرضورات تبيح املحظورات‪ ،‬ولكن‬
‫عند النظر ينبغي أن يقصد احلكم عليها‪ ،‬وال يقصد قضاء الشهوة؛ ألنَّه لو قدر عىل‬
‫التحرز فع ً‬
‫ال كان عليه أن يتحرز‪ ،‬فكذلك عليه أن يتحرز بالنية إذا عجز عن‬
‫التحرز فع ً‬
‫ال‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ، 7 :6‬واهلداية ‪. 3 : 0‬‬
‫(‪ )9‬أي هذا وقت األداء‪ ،‬ال وقت التحمل‪ ،‬فإنَّه ال جيوز له أن ينظر إليها مع الشهوة‬
‫عىل األصح; ألنَّه يوجد َمن ال يشتهي فال حاجة إليه‪ ،‬وينبغي أن يقصد أداء‬
‫الشهادة ال الشهوة‪ .‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪ ، 33 : 0‬والتبيني ‪. 7 :6‬‬
‫ـ ‪634‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫النظر مع خوف الشهوة( )‪ ،‬ولكن يقصد به احلكم‪ ،‬والشهادة‪ ،‬وإقامة السنة‬


‫بقدر اإلمكان‪ ،‬ال قضاء شهوة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫امرأة( )‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املرض منها إن مل يمكنه تعليم‬ ‫النظر إىل موض ِع‬ ‫ِ‬
‫للطبيب‬ ‫وَيِل‬
‫ح‬
‫ح‬
‫برصه ما استطاع‪ ،‬وكذا‬ ‫وراء موض ِع املرض‪ ،‬وينظر ويغض ح‬ ‫ح‬ ‫ثم يسرت ما‬
‫ر‬

‫فإن اخلاطب الراغب يف نكاحها ينظر إليها؛ َّ‬


‫ألن النكا بعد تقديم النظر أدل عىل‬ ‫( ) َّ‬
‫األلفة واملوافقة الداعية إىل حتصيل املقاصد عىل ما قال النبي ‪ ‬للمغرية ابن شعبة‬
‫‪ ‬حني أراد أن يتزوج امرأة (اذهب فانظر إليها فإنَّه أحرى أن يؤدم بينكام) يف‬
‫صحيح ابن حبان‪ ،93 :3‬واملستدرك ‪ ، 73 :‬وجامع الرتمذي ‪،937 :9‬‬
‫فإن رسول اهلل ‪ ‬دعاه إىل النظر مطلق ًا‪ ،‬وعلل ‪‬‬
‫وسنن الدارمي ‪َّ ، 80 :‬‬
‫وألن مقصوده إقامة السنة ال قضاء الشهوة‪ ،‬كام‬ ‫َّ‬ ‫بكونه وسيلة إىل األلفة واملوافقة‪،‬‬
‫الز ْي َل ِع ّي يف التبيني ‪8 :6‬‬
‫‪ ،‬واهلداية ‪ ، 6 : 0‬وقال َّ‬ ‫يف بدائع الصنائع ‪:3‬‬
‫غيناين يف اهلداية ‪« : 3 : 0‬وال جيوز له أن يمس وجهها‪ ،‬وال كفيها‪ ،‬وإن أمن‬
‫ّ‬ ‫واملَ ْر‬
‫الشهوة؛ لوجود املحرم وانعدام الرضورة والبلوى»‪.‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن نظر اجلنس أخف‪ ،‬كام يف اهلداية ‪ ، 6 : 0‬قال الكاساين يف البدائع‪: 4 :3‬‬
‫« إذا كان باملرأة جر أو قر يف موضع ال حيل للرجال النظر إليه فال بأس أن‬
‫ثم تداوهيا فإن مل توجد امرأة تعلم‬
‫تداوهيا إذا علمت املداواة‪ ،‬فإن مل تعلم تتعلم‪ّ ،‬‬
‫املداواة وال امرأة تتعلم وخيف عليها اهلالك أو بالء أو وجع ال حتتمله يداوهيا‬
‫الرجل‪ ،‬لكن ال يكشف منها إال موضع اجلر ويغض برصه ما استطاع؛ َّ‬
‫ألن‬
‫احلرمات الرشعية جاز أن يسقط اعتبارها رشع ًا ملكان الرضورة‪ :‬كحرمة امليتة‬
‫ورشب اخلمر حالة املخمصة واإلكراه‪ ،‬لكن الثابت بالرضورة ال يعدو موضع‬
‫الرضورة؛ ألن علة ثبوهتا الرضورة واحلكم ال يزيد عىل قدر العلة»‪ .‬وقال ابن‬
‫نجيم يف البحر الرائق ‪« : 8 :8‬والطبيب إنام جيوز له ذلك إذا مل يوجد امرأة‬
‫طبيبة فلو وجدت فال جيوز له أن ينظر»‪.‬‬
‫ـ ‪635‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫اخلافضة( ) واخلاتن( ) واحلاقن( )‪.‬‬


‫وينظر الرجل من الرجل إىل مجيع بدنه إال عورته( )‪،‬ويمس ما ينظر إليه‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫( ) اخلافضة‪ :‬هي التي ختتن النساء‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪3‬‬
‫( ) اخلاتن‪ :‬هو الذي خيتن الرجال‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 03 :9‬‬
‫(‪ )9‬احلاقن‪ :‬هو الذي يعمل احلقنة‪ ،‬فإهنم يغضون أبصارهم غري موضع اخلتان واحلقنة‬
‫عىل الوجه املذكور‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 33‬‬
‫(‪ )4‬قال ‪( :‬ال ينظر الرجل إىل عورة الرجل وال املرأة إىل عورة املرأة) يف صحيح‬
‫فالرسة ليست‬‫مسلم ‪ ، 66 :‬وعورة الرجل‪ :‬ما بني رسته إىل ما جياوز ركبتيه‪ّ ُّ ،‬‬
‫بعورة‪ ،‬والركبة عورة؛ ألن الركبة عضو مركب من عظم الساق والفخذ عىل وجه‬
‫يتعذر متييزه‪ ،‬والفخذ من العورة والساق ليس من العورة‪ ،‬فعند االشتباه جيب‬
‫املحرم‪ .‬كام يف املبسوط‬
‫ّ‬ ‫يغلب‬
‫ُ‬ ‫املحرم واملبيح‪ ،‬ويف مثله‬
‫ّ‬ ‫العمل باالحتياط؛ الجتامع‬
‫‪ ، 47 : 0‬والبدائع ‪ ، 4 :3‬وعن عمري بن إسحاق قال كنت مع أبى هريرة ‪‬‬
‫عيل أرين املكان الذي رأيت رسول اهلل ‪ ‬يق ِّب ُله منك‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فقال للحسن بن ّ‬
‫رسته فق َّب َلها‪ ،‬فقال رشيك‪ :‬لو كانت ّ‬
‫الرسة من العورة ما كش َفها يف‬ ‫فكشف عن ّ‬
‫صحيح ابن حبان ‪ ،403 :‬ومسند أيب حنيفة ‪ ،30 :‬وقال ‪ ‬جلرهد وقد‬
‫الفخذ عورة) يف سنن أبو داود ‪ ،40 :4‬وجامع‬ ‫َ‬ ‫علمت ّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫انكشف فخذه‪( :‬أما‬
‫نص عىل‬ ‫الرتمذي ‪ ، 0 :3‬وحسنه‪ ،‬وصحيح البخاري ‪ 43 :‬معلق ًا‪ ،‬هذا ٌّ‬
‫ِ‬
‫الفخذ عورة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كون‬
‫وأما حديث عائشة ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬مضطجع ًا يف‬
‫بيته كاشف ًا عن فخديه أو ساقيه‪ ،‬فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو عىل تلك احلال‪،‬‬
‫فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له عمر وهو كذلك‪ ،‬فتحدث ثم استأذن عثامن‬
‫فجلس رسول اهلل ‪ ‬وسوى ثيابه… ) يف صحيح مسلم ‪ ، 866 :4‬قال ابن‬
‫القطان يف أحكام النظر ص ‪« :9‬إنه ال حجة فيه عىل كشف الفخذين؛ ألن‬
‫كشفهام مشكوك فيه‪ ،‬والذي صح من رواية أيب موسى بغري شك كشف ساقيه‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫املرأة إىل ما ينظر الرجل إليه من الرجل( )‪.‬‬‫وتنظر املرأة من ِ‬


‫وينظر من أمته التي ح ِ‬
‫حت ّل له وزوجته إىل مجي ِع بدهنا( )‪.‬‬

‫فقط‪ ،‬وذلك حني جلس يف احلائط عىل بئر أويس مدلي ًا رجليه كاشف ًا عن ساقيه‪،‬‬
‫قي يف سننه الكبري ‪:‬‬‫حتى دخل ثالثتهم» يف صحيح مسلم ‪ ، 866 :4‬وقال ال َب ْي َه ّ‬
‫‪« : 90‬روي هبذا اللفظ‪ :‬كاشف ًا عن فخديه أو ساقيه بالشك‪ ،‬وال يعارض بمثل‬
‫ذلك الصحيح الرصيح عن النبي ‪ ‬يف األمر بتخمري الفخذ والنص عىل أن‬
‫الفخذ عورة»‪.‬‬
‫( ) للمجانسة بينهام وانعدام الشهوة غالب ًا‪ ،‬والغالب كاملتحقق؛ ولتح ُّقق الرضورة إىل‬
‫االنكشاف فيام بينهن كام يف دخول احلاممات‪ .‬ينظر‪ :‬ذخرية العقبى ص‪-378‬‬
‫‪ ،373‬واملبسوط ‪ ، 48- 47 : 0‬واهلداية ‪ ،90 : 0‬والعناية ‪.90 : 0‬‬
‫أما املرأة الذمية فهي كالرجل‪ ،‬فال تنظر إىل بدن املرأة املسلمة؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﯜ‬
‫ﯝ ﭼ [النور‪]61 :‬؛ أي النساء املسلامت عن ابن عباس وابن زيد وجماهد ‪،‬‬
‫واإلضافة باعتبار َّأهن َّن عىل دينهن؛ فيحتجبن عن الكافرات ولو الكتابيات‪ ،‬كام يف‬
‫أحكام القرآن ‪403 :9‬؛ ألنَّه ليس للمؤمنة أن تتجرد بني يدي مرشكة أو كتابية‪،‬‬
‫النابليس ‪« :‬ال حيل للمسلمة أن تنكشف بني يدي هيودية أو نرصانية‬ ‫ّ‬ ‫قال إسامعيل‬
‫أو مرشكة إال أن تكون أمة هلا»‪ ،‬ويف نصاب االحتساب‪« :‬وال ينبغي للمرأة‬
‫ألهنا تصفها عند الرجال‪ ،‬فال تضع جلباهبا‬ ‫الصاحلة أن تنظر إليها املرأة الفاجرة؛ َّ‬
‫وال مخارها»‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪.97 :6‬‬
‫فالنظر أوىل باجلواز‪ ،‬كام يف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املسيس والغشيان مبا ‪،‬‬ ‫ألن ما فوق ذلك من‬ ‫( ) َّ‬
‫املبسوط ‪ 48 : 0‬؛ قال ‪ :‬ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ [املؤمنون‪ ،]3 -5‬وقال ‪( :‬احفظ عورتك إالّ‬
‫من زوجتك أو ممّا ملكت يمينك) يف سنن أيب داود ‪ ،40 :4‬وسنن الرتمذي ‪:3‬‬
‫‪ ،37‬وحسنه‪ ،‬وقالت عائشة ريض اهلل عنها‪( :‬كنت أغتسل أنا ورسول اهلل ‪ ‬من‬
‫إناء واحد ونحن جنبان) يف صحيح مسلم ‪ ، 36 :‬وصحيح البخاري ‪. 00 :‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫والظهر والفخذ( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫البطن‬ ‫ِ‬
‫حمارمه إىل ما وراء‬ ‫وينظر من‬
‫ٍ‬
‫بنسب‪ ،‬أو رضاعٍ‪ ،‬أو صهرية‬ ‫َيرم نكاحها عىل التأبيد‬ ‫واملحرم‪ :‬كل من ح ْ‬
‫ولو أهنا بزنا‪.‬‬
‫ويمس ذلك أيضا‪ ،‬فإن خاف عليه أو عليها مل ينظر ومل يمس( )‪ ،‬وال‬
‫بأس باخللوة هبا( )‪ ،‬والسفر معها( )‪.‬‬
‫غريه إذا حأ ِم حن الشهو حة إىل ما ينظر إليه من حمارمه( )‪ ،‬ولو‬ ‫وينظر من ِ‬
‫أمة ِ‬

‫حيل له النظر إىل الظهر والبطن والفخذ؛‬ ‫( ) وهذا إن أمن شهوته وإال فال ينظر‪ ،‬وال ّ‬
‫لرضورة رؤيتها يف ثياب املهنة‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ [النور‪ ،]61 :‬فيبا له أن ينظر إىل‬
‫فإهنا تباع يف األسواق‬
‫موضع الزينة الظاهرة والباطنة‪ ،‬ومل يرد به عني الزينة‪َّ ،‬‬
‫ويراها األجانب‪ ،‬ولك َّن املراد منه موضع الزينة‪ :‬فالرأس موضع التاج واإلكليل‪،‬‬
‫والشعر موضع القصاص‪ ،‬والعنق موضع القالدة‪ ،‬والصدر كذلك فالقالدة‬
‫والوشا قد ينتهي إىل الصدر‪ ،‬واألذن موضع القرط‪ ،‬والعضد موضع الدملوج‪،‬‬
‫والساعد موضع السوار‪ ،‬والكف موضع اخلاتم واخلضاب‪ ،‬والساق موضع‬
‫اخللخال‪ ،‬والقدم موضع اخلضاب‪ .‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪ ، 43 : 0‬والبدائع ‪، 0 :3‬‬
‫والتبيني ‪ ، 3 :6‬والعناية ‪.94-99 : 0‬‬
‫وألن حرمة الزنا بذوات املحارم أغلظ‬ ‫َّ‬ ‫( ) ألنَّه يكون سبب ًا للوقوع يف احلرام؛‬
‫فيجتنب‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪ ، 0 :3‬واهلداية ‪.94 : 0‬‬
‫(‪ )9‬فعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬قال ‪( :‬أال ال خيلون رجل بامرأة إال كان ثالثهام‬
‫الشيطان) يف سنن الرتمذي ‪ ،463 :4‬وصححه‪ ،‬ومسند أمحد ‪. 8 :‬‬
‫(‪ )4‬فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬ال تسافر املرأة ثالثة أيام إال مع ذي حمرم) يف صحيح‬
‫البخاري ‪ ،968 :‬وصحيح مسلم ‪.373 :‬‬
‫(‪ )3‬فعن عمر ‪ ‬أنَّه رضب أمة رآها مقنعة وقال‪ :‬اكشفي رأسك وال تتشبهي‬
‫باحلرائر‪ ،‬قال ابن حجر يف الدراية ‪ : 4 :‬رواه عبد الرزاق يف مصنفه ‪96 :9‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫اخللوة هبا والسفر‬ ‫كانت أ ّم ولد‪ ،‬أو مكاتبة‪ ،‬أو مد ربرة( ) أو مستسعاة( )‪ ،‬ويف‬
‫وَيِل له مس ذلك( ) وقت الرشاء وإن خاف الشهوة‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫معها قوالن( )‪ ،‬ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حَيل له النظر وقت الرشاء مع خوف الشهوة‪ ،‬وال حَي ّل ّ‬
‫املس معه( )‪.‬‬

‫بإسناد صحيح‪ .‬وعن صفية ريض اهلل عنها‪ :‬قالت‪« :‬خرجت امرأة خمتمرة‬ ‫ٍ‬
‫متجلببة‪ ،‬فقال عمر‪ :‬من هذه؟ فقيل‪ :‬جارية فالن من بيته فأرسل إىل حفصة فأنكر‬
‫عليها‪ ،‬وقال‪ :‬ال تشبهوا اإلماء باملحصنات» يف الدراية ‪ ، 4 :‬ونصب الراية ‪:‬‬
‫‪ 900‬عن مصنف عبد الرزاق ‪ ، 96- 93 :9‬قال البيهقي‪ :‬اآلثار عن عمر‬
‫بذلك صحيحة‪ .‬وعن أنس ‪« :‬رأى عمر ‪ ‬أمة عليها جلباب‪ ،‬فقال‪ :‬عتقت‪،‬‬
‫قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬ضعيه عن رأسك إنَّام اجللباب عىل احلرائر‪ ،‬فتلكأت فقام إليها‬
‫بالدرة فرضب رأسها حتى ألقته» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪ ،4 :‬قال ابن حجر يف‬
‫الدراية ‪ : 4 :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫( ) املُد ّبر‪ :‬هو الذي ُأعتق عن ُد ُبر‪ :‬أي بعد موت املوىل‪ .‬ينظر‪ :‬طلبة الطلبة ص‪. 6‬‬
‫( ) املستسعى‪ :‬معتق البعض يستسعي أي طلب منه السعاية يف قيمة ما مل يعتق منه‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬طلبة الطلبة ص‪. 6‬‬
‫(‪ )9‬ففي قول‪ :‬جيوز؛ لوجود احلاجة وقيام الرق فيهن‪ ،‬ويف قول‪ :‬ال جيوز؛ لعدم‬
‫‪ ،‬واهلدية ص‪ ، 7‬قال ابن ملك يف رشحه عىل‬ ‫الرضورة‪ ،‬كام يف املنحة ‪:9‬‬
‫‪/‬ب‪« :‬واألصح أنَّه ال بأس بذلك إن أمن الشهوة عىل نفسه‬ ‫التحفة ق‬
‫وعليها؛ ألنَّه قد يبعثها إىل حاجته من بلد إىل بلد وال جيد حمرم ًا خيرج معها‪ ،‬وهي‬
‫حتتاج إىل ما يركبها وينزهلا»‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي املوضع الذي حيل له النظر إليه من أمة غريه‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 7‬‬
‫(‪ )3‬أي إذا اشتهى‪ ،‬أو كان أكَّب رأيه ذلك؛ َّ‬
‫ألن إباحة النظر ليعلم قدر املالية فيصري‬
‫معلوم ًا بالنظر دون املس‪ ،‬ويف غري حالة الرشاء يبا النظر واملس برشط عدم‬
‫‪/‬ب‪.‬‬ ‫الشهوة‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واملس( )‪.‬‬ ‫ِ‬


‫النظر ّ‬ ‫ِ‬
‫كالفحل يف حك ِم‬ ‫( )‬
‫واخل ِِص واملجبوب( ) واملخنرث‬
‫ح‬
‫وَيِ ّل له الدخول عليها من غري إذن‪.‬‬ ‫والعبد كاألجنبي يف ِ‬
‫رؤية س ِّيدته( )‪ ،‬ح‬ ‫ِّ‬
‫احلرة بإذهنا( )‪ ،‬وعن زوجته‬
‫ويعزل( ) عن أمته بغري إذهنا( )‪ ،‬وعن زوجته ّ‬

‫‪.‬‬ ‫( ) املجبوب‪ :‬وهو الذي قطع َذك َُره‪ .‬ينظر‪ :‬البحر الرائق ‪:8‬‬
‫ال ليجامعه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلداية‬ ‫نفس ِه فح ً‬
‫( ) أي الذي يفعل الرديء‪ ،‬يعني يمكِّن من ِ‬
‫والعناية ‪ ،97-96 : 0‬و ذخرية العقبى ص‪.373‬‬
‫(‪ )9‬لعموم قوله‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ [النور‪ ،]63 :‬وعن أم سلمة‬
‫أن خمنث ًا كان عندها ورسول اهلل ‪ ‬يف البيت‪ ،‬فقال ألخي أم‬ ‫ريض اهلل عنها‪َّ ( :‬‬
‫سلمة‪ :‬يا عبد اهلل بن أيب أمية‪ ،‬إن فتح اهلل عليكم الطائف غد ًا‪ ،‬فإين أدلك عىل بنت‬
‫فإهنا تقبل بأربع وتدبر بثامن‪ ،‬قال‪ :‬فسمعه رسول اهلل ‪ ،‬فقال‪ :‬ال يدخل‬ ‫غيالن‪َّ ،‬‬
‫هؤالء عليكم) يف صحيح مسلم ‪. 7 3 :4‬‬
‫(‪ )4‬أي حيل له النظر إىل الوجه والكفني كاألجنبية؛ وال جيوز هلا أن تبدي زينتها له إال‬
‫ِ‬
‫جلواز‬ ‫حمرم‪ ،‬وال زوج‪ ،‬والشهو ُة متح ّققة‬ ‫فحل غري ّ‬ ‫ما جيوز أن تبديه لألجنبي؛ ألنَّه ٌ‬
‫خارج البيت‪ ،‬لكن حيل له‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يعمل عاد ًة‬ ‫النكا ِ يف اجلملة‪ ،‬واحلاجة قارصة؛ ألنّه‬
‫الدخول عليها من غري إذهنا؛ للرضورة‪ .‬ينظر‪ :‬العناية ‪ ،98-97 : 0‬والبحر‬
‫‪ ،‬واهلدية ص‪. 8‬‬ ‫الرائق ‪:8‬‬
‫ْزل يف الفرج‪ ،‬كام يف‬ ‫ذكره‪ ،‬وال ُين ُ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ )3‬العزل‪ :‬هو أن يطأ فإذا َق ُر َب إىل‬
‫أخرج َ‬
‫َ‬ ‫اإلنزال‬
‫رش الوقاية ص‪ ،8 8‬هذه صورة العزل املعروفة يف السنة والفقه؛ ويلحق هبا كل‬
‫طريق متنع حصول تلقيح املني مع البويضة سواء كان باألكياس أو احلبوب املانعة‬
‫أن بعض هذا املوانع خيتلف حكمها إذا‬ ‫للحمل أو سد باب الرحم أو غريها؛ إال َّ‬
‫كان هلا رضر أو مضاعفات عىل اجلسم‪ ،‬وهذا خيتلف من امرأة ألخرى‪.‬‬
‫(‪ )6‬ألنَّه ال حق له يف الوطء‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 9 :9‬وعن ابن مسعود ‪« :‬تستأمر‬
‫احلرة‪ ،‬ويعزل عن األمة» يف مصنف ابن أيب شيبة ‪.3 9 :9‬‬
‫ألن يف العزل تنقيص حقها؛ إذ هلا فيه حق ًا‪ ،‬وال جيوز تفويت حق اإلنسان من غري‬ ‫(‪َّ )7‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫األمة بإذن موالها( )‪.‬‬


‫كره تقبيل الرجل فم الرجل ومعانقته( )‪ ،‬وال بأس باملصافحة( )‪،‬‬‫وي ح‬

‫رضاه‪ ،‬فإذا رضيت جاز‪ ،‬كام يف اهلداية ‪ ،40 -400 :9‬ورش الوقاية ص‪،8 8‬‬
‫وإعالء السنن ‪ ،498 : 7‬فبنا ًء عىل هذا رص زين الدين ابن نجيم يف البحر‬
‫الرائق‪« : 4 :9‬ينبغي أن يكون سد املرأة فم رمحها كام تفعله النساء؛ ملنع الولد‪،‬‬
‫حرام ًا بغري إذن الزوج قياس ًا عىل عزله بغري إذهنا»؛ فعن جابر ‪ ،‬قال‪« :‬كنا نعزل‬
‫والقرآن ينزل» يف صحيح البخاري‪ 338 :3‬زاد إسحاق‪ ،‬قال سفيان‪« :‬لو كان‬
‫شيئ ًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن» يف صحيح مسلم ‪ ، 063 :‬وعن عمر ‪( :‬هنى‬
‫احلرة إال بإذهنا) يف سنن البيهقي الكبري ‪ ، 9 :7‬وسنن‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬عن عزل ّ‬
‫ابن ماجة ‪ ،6 0 :‬ومسند أمحد ‪ ،9 :‬واملعجم األوسط ‪ ،87 :4‬وغريها‪،‬‬
‫وتفصيل الكالم يف إسناده يف إعالء السنن ‪ ،494-499 : 7‬وغريه‪.‬‬
‫( ) قال العالمة ظفر أمحد التهانوي يف إعالء السنن ‪« :444 : 7‬بالنظر إىل فساد‬
‫الزمان جيوز للمرأة سد فم رمحها أو تعاطيها ما يقطع احلبل من أصله‪ ،‬ولكن هذا‬
‫مما يعرف وال يعرف‪َّ ،‬‬
‫فإن العامة ال يراعون احلدود‪ ،‬وال يقفون عندها‪ ،‬والفقيه من‬
‫عرف حاله زمانه‪ ،‬وقد نشأت يف أوروبا مجاعة من النساء تسعى يف تقليل النسل‬
‫وقطعها وتعلم أخواهتا أنواع ًا من احليل لقطع احلبل‪ ،‬وانترشت دعوهتا إىل أقىص‬
‫البالد من اهلند والعرب ومرص والشام‪ ،‬ولو متت حيلة هؤالء اخلبيثات ألفضت‬
‫إىل قطع النسل وفساد العامل‪ ،‬وقد حض الرسول ‪ ‬عىل تعاطي أسباب الولد…‬
‫فال يفتى بجواز العزل إال أن يكون حلاجة ظاهرة…‪.».‬‬
‫( ) هذا عند أيب حنيفة وحممد‪ ،‬وعن أيب يوسف ‪ ‬أنَّه ال بأس به‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع‬
‫الصنائع ‪ ، 4 :3‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )9‬فعن أنس ‪ ‬قال ‪( :‬ما من مسلمني التقيا أخذ أحدمها بيد صاحبه إال كان حق ًا‬
‫عىل اهلل عز وجل أن حيرض دعاءمها وال يفرق بني أيدهيام حتى يغفر هلام) يف مسند‬
‫أمحد ‪ ، 4 :9‬واألحاديث املختارة ‪ ، 98 :7‬ومسند أيب يعىل ‪ ، 63 :7‬وعن‬
‫ـ ‪631‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وقيل‪ :‬ال بأس هبام أيضا إذا قصد املَّبة واإلكرام( )‪.‬‬
‫وال بأس بتقبيل يد العامل والسلطان العادل( )‪.‬‬

‫إن املسلم إذا لقي أخاه فأخذ بيده حتاتت عنهام‬ ‫سلامن الفاريس ‪ ‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫ذنوهبام كام يتحات الورق عن الشجرة اليابسة يف يوم ريح عاصف وإال غفر هلام‬
‫ولو كانت ذنوهبام مثل زبد البحر) يف املعجم الكبري ‪ ، 36 :6‬قال املنذري يف‬
‫الرتغيب ‪ : 3 :9‬إسناد حسن‪.‬‬
‫( ) قال إمام اهلدى أبو منصور املاتريدي‪َّ « :‬‬
‫إن املعانقة إنَّام تكره إذا كانت شبيهة بام‬
‫َّبة واإلكرام فال تكره‪ ،‬وكذا‬ ‫وضعت للشهوة يف حالة التجرد‪ ،‬فأ ّما إذا قصد هبا امل ّ‬
‫التقبيل املوضوع لقضاء الوطر والشهوة هو املحرم‪ ،‬فإذا زال عن تلك احلالة‬
‫‪« :‬قال‬ ‫أبيح»‪ ،‬كام يف البدائع ‪ ، 4 :3‬وقال ابن نجيم يف البحر الرائق ‪:8‬‬
‫مشاخينا‪ :‬إن كان يأمن عىل نفسه من الشهوة‪َ ،‬و َق ََصدَ الَّب واإلكرام وتعظيم املسلم‬
‫فال بأس به»‪ ،‬واألحاديث حممولة عىل هذا التفصيل؛ فعن أنس ‪ ‬قال‪( :‬قلنا‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬أينحني بعضنا لبعض‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قلنا‪ :‬أيعانق بعضنا بعض ًا‪ ،‬قال‪ :‬ال‪،‬‬
‫ولكن تصافحوا) يف سنن ابن ماجة ‪ ، 0 :‬والكامل ‪ ،63 :6‬وعن نعيم بن‬
‫عبد اهلل النحام ‪( :‬أنَّه هاجر إىل املدينة يف أربعني نفر ًا من أهله فأتى رسول اهلل‬
‫‪ ‬فاعتنقه وقبله) يف الطبقات الكَّبى البن سعد ‪ ، 98 :4‬وعن أيب رحيانة ‪‬‬
‫قال‪( :‬كان رسول اهلل ‪ ‬ينهى عن معاكمة أو مكاعمة املرأة املرأة ليس بينهام يشء‪،‬‬
‫أو معاكمة أو مكاعمة الرجل الرجل يف شعار ليس بينهام يشء) يف مصنف ابن أيب‬
‫شيبة ‪ ،4 :4‬وسنن الدارمي ‪ ،96 :‬ومعترص املخترص ‪ ،9 :‬وغريها‪.‬‬
‫( ) يف النوادر‪« :‬وتقبيل يد العامل والسلطان العادل ال بأس به»؛ ورخص شمس األئمة‬
‫يس وبعض املتأخرين تقبيل يد العامل أو املتورع عىل سبيل التَّبك‪ ،‬كام يف‬ ‫الرس ْخ ّ‬
‫َّ َ‬
‫‪ ،‬والتبيني ‪ ، 3 :6‬واجلوهرة ‪ ، 86 :‬ودرر احلكام ‪:‬‬ ‫البحر الرائق ‪:8‬‬
‫أن مفاد األحاديث‬ ‫‪ ،9 8‬والدر املختار ‪ ،989 :6‬وقال الرشنباليل‪ :‬وعلمت َّ‬
‫سنيته أو ندبه كام أشار إليه العيني‪ ،‬كام يف رد املحتار ‪989 :6‬؛ فعن سفيان أنَّه قال‪:‬‬
‫ـ ‪636‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫ِ‬
‫الناس والبهائم فقط يف البلد الصغري( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أقوات‬ ‫( )‬
‫وَيرم احتكار‬
‫ح‬

‫‪ ،‬والتبيني ‪:6‬‬ ‫تقبيل يد العامل والسلطان العادل سنة‪ ،‬كام يف البحر الرائق ‪:8‬‬
‫‪ ، 3‬وعن ابن عمر ‪ ‬قال‪( :‬قبلنا يد النبي ‪ )‬يف املستدرك ‪ ، 74 :9‬وجامع‬
‫الرتمذي ‪ ،700 :3‬وحسنه‪ ،‬وسنن النسائي ‪ ،93 :3‬ومسند إسحاق بن راهويه‬
‫أن قوم ًا‬
‫‪ ،8 :‬واألدب املفرد ص‪ ،9 6‬وغريها‪ ،‬وعن صفوان بن عسال ‪َّ ( :‬‬
‫‪ ،‬ومصنف ابن‬ ‫من اليهود قبلوا يد النبي ‪ ‬ورجليه) يف سنن ابن ماجة ‪:‬‬
‫أيب شيبة ‪ ، 3 :3‬وعن كعب بن مالك ‪ ‬قال‪( :‬ملَّا نزلت توبتي أتيت النبي ‪‬‬
‫فقبلت يده وركبتيه) يف تقبيل اليد ص‪ ،36‬ومن أراد االستفاضة يف الوقوف عىل‬
‫األحاديث يف تقبيل اليد فلرياجع كتاب تقبيل اليد أليب بكر املقري (ت ‪98‬هـ)‪.‬‬
‫( ) االحتكار‪ ،‬وهو افتعال من حكر‪ :‬أي ظلم‪ ،‬ويف الرشع‪ :‬حبس األشياء املخصوصة‬
‫املجموعة من بلده للغالء‪ ،‬وهو حرام يف أقوات الناس‪ :‬كالَّب والعدس والسمن‬
‫والعسل والزبيب ونحوها‪ ،‬وأقوات البهائم‪ :‬كالشعري والتبن والقت وأمثاهلا‪،‬‬
‫أرض الناس حبسه‬ ‫وهذا عند أيب حنيفة وحممد ‪ ،‬وقال أبو يوسف ‪ :‬كل ما ّ‬
‫فهو احتكار‪ ،‬وإن كان ذهب ًا أو فضة أو ثوب ًا‪.‬‬
‫واالحتكار املنهي عنه أن يشرتي وجيمع مما حرض يف املرص وحيبسه لزمان الغالء‪،‬‬
‫أو مدة طويلة وهي مقدرة بأربعني يوم ًا؛ فعن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬من احتكر عىل‬
‫املسلمني طعام ًا أربعني رضبه اهلل باجلذام واإلفالس) يف سنن ابن ماجة ‪،7 3 :‬‬
‫ومسند أمحد ‪ ، :‬ومسند الطياليس ‪ ، :‬وقال اهليثمي‪ :‬إسناده صحيح‬
‫ورجاله موثوقون‪ ،‬وعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬من احتكر طعام ًا أربعني ليلة فقد‬
‫برئ من اهلل وبرئ اهلل منه) يف مسند أيب يعىل ‪ ، 3 : 0‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪:4‬‬
‫‪ ،90‬واملستدرك ‪ ، 4:‬ومسند أمحد ‪ ،99 :‬وضعفه األرنؤوط‪ ،‬وقيل‪ :‬مقدرة‬
‫ألن الشهر وما فوقه طويل آجل‪ ،‬وما دونه قليل عاجل‪ ،‬كام يف اهلدية‬ ‫بشهر؛ َّ‬
‫ص‪. 3‬‬
‫( ) أما يف البلد الكبري فإذا كان ال يرض أهله ال بأس به؛ ألنَّه حبس ملكه من غري رضر‬
‫ـ ‪636‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ومن احتكر حغ رلة حأرضه أو ما جلبه من ٍ‬
‫بلد آخر حح ّل( )‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ح‬
‫تعني( ) دفعا للرضر العام‪.‬‬
‫وَيرم( ) التسعري( ) إال إذا ر‬
‫ح‬

‫ألحد‪ ،‬أما يف البلد الصغري‪ ،‬ففيه إبطال حق العامة وتضييق األمر عليهم‪ ،‬فإذا رفع‬
‫أمر املحتكر إىل احلاكم أمر ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله‪ ،‬فإن مل يمتثل حبسه‬
‫وعزره عىل ما يراه‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ‬كان ال يرى بيع مال املديون جَّب ًا‪ ،‬لكن أجازه‬‫َّ‬
‫هاهنا دفع ًا للرضر العام‪ :‬كاحلجر عىل الطبيب اجلاهل‪ ،‬كام يف هدية الصعلوك‬
‫ص‪ ، 3‬واملنحة ‪ 6 :9‬؛ فعن معمر بن عبد اهلل ‪ ‬قال ‪( :‬ال حيتكر إال‬
‫‪ ،‬وعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬قال ‪( :‬اجلالب‬ ‫خاطئ) يف صحيح مسلم ‪7 :9‬‬
‫مرزوق واملحتكر ملعون) يف سنن ابن ماجة ‪ ،7 8 :‬وسنن الدارمي ‪،9 4 :‬‬
‫وشعب اإليامن‪ ،3 3 :7‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ،90 :6‬ومسند عبد بن محيد ‪:‬‬
‫‪ ،4‬وضعفه اهليثمي‪.‬‬
‫( ) ألنَّه خاص حقه فلم يتعلق به حق العامة‪ ،‬فال يكون احتكار ًا‪ ،‬وقال أبو يوسف‬
‫‪ :‬يكره أن حيبس ما جلبه من بلد آخر‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 7 :9‬‬
‫( ) اتفق مجهور الفقهاء من احلنفية واملالكية والشافعية واحلنابلة عىل عدم جواز‬
‫التسعري يف األحوال العادية التي ال يظهر فيها ظلم من التجار‪ ،‬وال غالء يف‬
‫األسعار‪ .‬ينظر‪ :‬حكم التسعري يف اإلسالم ص ‪. 9-‬‬
‫ألن الثمن حق العاقد فإليه تقديره فال ينبغي لإلمام أن يتعرض حل ّقه‪ ،‬كام يف اهلدية‬‫(‪َّ )9‬‬
‫ص‪ 90‬؛ قال ‪ :‬ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ [النساء‪ ،]63 :‬وعن‬
‫أنس ‪( :‬قال الناس‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬غال السعر فس ِّعر لنا‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪َّ : ‬‬
‫إن‬
‫اهلل ‪ ‬هو املسعر‪ ،‬القابض الباسط الرزاق‪ ،‬وإين ألرجو أن ألقى اهلل وليس أحد‬
‫منكم يطالبني بمظلمة يف دم وال مال) يف سنن أيب داود ‪ ، 39 :‬وسنن‬
‫الرتمذي‪ ،603 :9‬وصححه‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ،74 :‬ومسند أمحد‪. 86 :9‬‬
‫(‪ )4‬أي التسعري بأن كان أرباب الطعام يتحكمون عىل املسلمني ويتعدون عىل القيمة‬
‫تعدي ًا فاحش ًا وال يمكن صيانة حقوق املسلمني إال بالتسعري‪ ،‬فيسعر بمشورة من‬
‫ـ ‪634‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وَيرم بيع أرايض مكّة وإجارهتا( )‪ ،‬وال َيرم بيع أبنيتها( )‪.‬‬

‫أهل الرأي والبصرية؛ لدفع الرضر العام‪ ،‬فإذا فعل ذلك وتعدى رجل عن ذلك‬
‫وباع فوقه أجازه القايض‪ ،‬وهذا ظاهر الرواية وهو قول أيب حنيفة ‪‬؛ ألنَّه ال ير‬
‫احلجر عىل احلر‪ ،‬وكذا عندمها؛ ألنَّه حجر عىل قوم جمهولني فال يصح إال أن يكون‬
‫عىل قوم بأعياهنم‪.‬‬
‫وينبغي للقايض والسلطان أن ال يعجل بعقوبة من باع فوق سعر‪ ،‬بل يعظه‬
‫ويزجره‪ ،‬وإن رفع إليه ثاني ًا فعل به كذلك وهدده‪ ،‬وإن رفع ثالث ًا حبسه ّ‬
‫وعزره‪،‬‬
‫حتى يمتنع عنه‪ ،‬ويمتنع الرضر عن الناس‪ ،‬ويف العتايب‪ :‬لو باع شيئ ًا بثمن زائد عىل‬
‫ما قدّ ره اإلمام فليس عىل اإلمام أن ينقضه‪ ،‬والغبن الفاحش هو أن يبيع بضعف‬
‫قيمته‪ ،‬وإذا امتنع أرباب الطعام عن بيعه لإلمام أن يبيعه عليهم عندهم مجيع ًا عىل‬
‫مسألة احلجر‪ ،‬وقيل‪ :‬يبيع باإلمجاع؛ ألنَّه رضر عام ورضر خاص فيقدم الرضر‬
‫العام‪ ،‬قال يف املحيط قال بعض مشاخينا‪ :‬إذا امتنع املحتكر عن بيع الطعام يبيعه‬
‫اإلمام عليه عندهم مجيع ًا‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 4‬أ‪ ،‬واهلدية ص‪، 90‬‬
‫والبحر الرائق ‪. 9 :8‬‬
‫( ) هذا عند أيب حنيفة ‪‬؛ فعن ابن عمرو ‪ ‬قال النبي ‪( :‬مكة حرام‪ ،‬وحرام بيع‬
‫رباعها‪ ،‬وحرام أجر بيوهتا) يف املستدرك ‪ ،6 :‬وسنن الدارقطني ‪ ،37 :9‬وعن‬
‫عبد اهلل بن عمرو ‪ ،‬قال‪َّ ( :‬‬
‫إن الذي يأكل كراء بيوت أهل مكة‪ ،‬إنَّام يأكل يف بطنه‬
‫نار ًا) يف سنن الدارقطني ‪ ،37 :9‬وعن ابن جريج‪( :‬قرأت كتاب عمرو بن عبد‬
‫العزيز ‪ ‬عىل الناس بمكة ينهاهم عن كراء بيوت أهل مكة ودورها) يف مصنف‬
‫ابن أيب شيبة ‪ ،990 :9‬وقاال‪ :‬ال بأس به‪ ،‬وهو رواية عنه؛ َّ‬
‫ألن األرايض مملوكة‬
‫ألصحاهبا؛ لظهور االختصاص الرشعي به‪ ،‬فصار كالبناء‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك‬
‫ق‪/ 4‬أ‪.‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن البناء ملك ملن بناه‪ ،‬أال ترى أنَّه لو بنى يف املستأجر أو يف الوقف صار البناء له‬
‫وجاز له بيعه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 3 :9‬‬
‫ـ ‪635‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫املصحف والنقط( )‪ ،‬وقيل‪ :‬يباح يف زماننا‪.‬‬ ‫ويكره التعشري يف‬
‫ِ‬
‫الذهب من غري‬ ‫املسجد وزخرفته ِ‬
‫بامء‬ ‫ِ‬ ‫ويباح حتلية املصحف( )‪ ،‬ونقش‬
‫مال الوقف( )‪.‬‬
‫ويكره استخدام اخلصيان( )‪.‬‬

‫( ) لقول ابن مسعود ‪« :‬جردوا القرآن‪ ،‬ال تلبسوا به ما ليس منه» يف املعجم الكبري‬
‫‪ ،9‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 93 :‬قال‬ ‫‪ ،939 :3‬ومصنف عبد الرزاق ‪:4‬‬
‫اهليثمي يف جممع الزوائد ‪ :9 8 :7‬رجاله رجال الصحيح غري أيب الزعراء وقد‬
‫ألهنم‬
‫وثقه ابن حبان‪ ،‬قال العيني يف املنحة ‪« : 3 :9‬ولكن هذا كان يف زمنهم؛ َّ‬
‫كانوا ينقلونه عن النبي ‪ ‬كام أنزل‪ ،‬وكانت القراءة سهلة عليهم‪ ،‬ال كذلك يف‬
‫زماننا فيستحسن‪ ،‬والتشاديد والنقط والتعشري؛ لعجز العجم عن التعلم إال به‪،‬‬
‫وإىل هذا أشار املصنف ‪ ‬بقوله‪ :‬وقيل‪ :‬يبا يف زماننا‪ ،‬وعىل هذا ال بأس بكتابة‬
‫أسامء السور وعدد اآلي‪ ،‬فهو وإن كان حمدث ًا فمستحسن‪ ،‬وكم من يشء خيتلف‬
‫باختالف الزمان واملكان»‪ ،‬ومشت عىل جواز التعشري عامة الكتب‪ :‬كالبدائع ‪:3‬‬
‫‪ ،‬والكنز‪ ،90 :6‬والتبيني ‪ ،90 :6‬وغريها‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫( ) ملا فيه من تعظيمه‪ .‬ينظر‪ :‬التبيني ‪.90 :6‬‬
‫ألن تزيني املساجد من باب تعظيمه‪ ،‬لكن مع هذا تركه أفضل؛ َّ‬
‫ألن رصف املال إىل‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬ ‫الفقراء أوىل‪ ،‬كام يف البدائع ‪7 :3‬‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ [التوبة‪ ،]13 :‬وال جيوز من مال الوقف‪ ،‬حتى إذا فعل منه‬
‫يلزم الضامن عىل الذي فعل‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 0 :9‬‬
‫(‪ )4‬ألنَّه ّ‬
‫حث عىل خيص اإلنسان‪ ،‬وهو غري جائز‪ ،‬كام يف رش الوقاية ‪ 03 :3‬؛ فعن‬
‫ابن مسعود ‪( :‬كنا نغزو مع النبي ‪ ‬وليس معنا نساء‪ ،‬فقلنا‪ :‬أال نختيص؟ فنهانا‬
‫نتزوج املرأة بالثوب‪ ،‬ثم قرأ‪ :‬ﭽﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫فرخص لنا بعد ذلك أن َّ‬ ‫عن ذلك َّ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ [املائدة‪ )]33 :‬يف صحيح البخاري ‪. 687 :4‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫بخصاء البهائم( )‪ ،‬وإنزاء احلمري عىل اخليل( )‪.‬‬ ‫وال بأس‬
‫الذمي( )‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وال بأس بعيادة‬
‫وبحق الع ِّز من‬
‫ِّ‬ ‫وَيرم قوله يف الدعاء‪ :‬أسألك بمعقد الع ّز من عرشك‪،‬‬ ‫ح‬
‫وبحق النبي ‪.) (‬‬
‫ِّ‬ ‫وبحق فالن‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫عرشك( )‪،‬‬
‫( )‬
‫وَيرم اللعب بالنرد‬ ‫ح‬

‫ضحى بكبشني أحملني موجوءين) يف سنن ابن ماجة ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫رسول اهلل ‪‬‬ ‫َ‬ ‫( ) َّ‬
‫ألن (‬
‫‪ ، 049‬ومسند أيب يعىل ‪ ،9 7 :9‬ورش معاين اآلثار ‪ ، 77 :4‬واملوجوء هو‬
‫وألن حلمه يطيب به‪ ،‬ويرتك النطا فكان حسن ًا‪ .‬ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪:6‬‬‫َّ‬ ‫اخليص؛‬
‫‪.9‬‬
‫ألن (رسول اهلل ‪ ‬ركب البغلة واقتناها) يف صحيح البخاري ‪ ، 034 :9‬فلو كان‬ ‫( ) َّ‬
‫هذا الفعل مكروه ًا ملا اختذها وال ركبها‪ .‬ينظر‪ :‬اجلوهرة النرية ‪. 89 :‬‬
‫وألن العيادة نوع من الَّب‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﭹ ﭺ‬ ‫َّ‬ ‫ألن فيه إظهار حماسن اإلسالم؛‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎﭼ [املمتحنة‪ .]3:‬ينظر‪ :‬التبيني ‪ ،90 :6‬وجممع األهنر ‪.34 :‬‬
‫‪« :‬تعاىل اهلل عن ذلك علو ًا كبري ًا‪ ،‬وال شك يف كراهية‬ ‫(‪ )4‬قال العيني يف املنحة ‪:9‬‬
‫عزه‬ ‫الثانية؛ الستحالة معناها عىل سبحانه وتعاىل‪ ،‬وكذا األوىل؛ ألنَّه يوهم َّ‬
‫أن ّ‬
‫متع ّلق بالعرش‪ ،‬والعرش حادث‪ ،‬وما يتعلق به يكون حادث ًا‪ ،‬واهلل تعاىل متعال عن‬
‫عزه قديم كذاته»‪ ،‬ومثله يف اهلداية‪.64 : 0‬‬ ‫عزه باحلادث‪ ،‬بل ّ‬‫تعلق ّ‬
‫خيص برمحته من يشاء من غري وجوب‬ ‫(‪ )3‬ألنَّه ال حق للخلق عىل اهلل تعاىل‪ ،‬وإنَّام ّ‬
‫‪.‬‬ ‫عليه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪:9‬‬
‫(‪ )6‬ألنَّه قامر أو لعب‪ ،‬وكل ذلك حرام‪ ،‬كام يف البدائع‪ ، 7 :3‬وقال ‪َ ( :‬من لعب‬
‫بالنردشري‪ ،‬فكأنَّام صبغ يده يف حلم خنزير ودمه) يف صحيح مسلم‪ ، 774 :4‬وقال‬
‫‪( :‬من لعب بالنرد فقد عىص اهلل ورسوله) يف صحيح ابن حبان‪، 8 : 9‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫والشطرنج( )‪ ،‬واألربعة عرش( )‪ ،‬وكل ٍ‬
‫هلو‬
‫( )‬

‫واملستدرك ‪ ، 4 :‬وسنن أيب داود ‪ ، 83 :4‬وسنن ابن ماجة ‪، 97 :‬‬


‫وموطأ مالك ‪ ،338 :‬ومسند البزار ‪.78 :8‬‬
‫بالنص وهو اسم لكل قامر‪ ،‬وإن مل يقامر فهو عبث‬ ‫ّ‬ ‫( ) ألنَّه إن قامر هبا فامليرس حرام‬
‫ب‬‫ألن َمن اشتغل به َذ َه َ‬
‫وهلو‪ ،‬قال ابن عابدين يف رد املحتار ‪« :934 :6‬إنَّام كره؛ َّ‬
‫عناؤه الدُّ نيوي‪ ،‬وجاءه ال َعناء األُخروي‪ ،‬فهو حرام وكبرية عندنا»‪ .‬وعند الشافعي‬
‫‪ ‬يكره لعب الشطرنج‪ ،‬فإذا اقرتن به قامر أو فحش أو تأخري الصالة عن وقتها‬
‫عمد ًا أو سهو ًا وتكرر‪ ،‬فحرام‪ .‬ينظر‪ :‬روض الطالب ‪ ،949 :4‬وحتفة املحتاج‬
‫‪ ، 6 : 0‬وعن أبو يوسف ‪ ‬يف رواية‪ :‬ال بأس بالشطرنج‪ ،‬وهذا إذ مل يقامر ومل‬
‫يداوم ومل خيل بواجب‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪.934 :6‬‬
‫( ) وهي قطعة من خشب حيفر فيها ثالثة أسطر وجيعل يف تلك احلفر حىص صغار‬
‫مر يف النرد والشطرنج؛ وألنَّه لعب يستعمله اليهود‪ .‬ينظر‪ :‬البدائع ‪:3‬‬ ‫يلعب هبا؛ ملا ّ‬
‫‪ ، 7‬ورد املحتار ‪.933 :6‬‬
‫(‪ )9‬وهذا بيان منهم لع ّلة احلرمة وهي اللهو‪ ،‬فكل ما ثبت فيه هذه الع ّلة من األلعاب‬
‫يلحق بحكمها‪ ،‬واللهو‪ :‬هو االشتغال بام ال يعني وما ليس له غرض ومقصد‬
‫صحيح‪ ،‬كام يف الناهي عن املالهي‪ ، 3 :9‬وحرمة اللهو؛ ألنَّه َمظنَّة َف ْوت‬
‫ِ‬
‫والعطش‬ ‫حيس باجلو ِع‬
‫الصالة‪ ،‬وتضييع العمر‪ ،‬واستيالء الفكر الباطل‪ ،‬حتى ال َّ‬
‫َّ‬
‫صىل‬‫فكيف بغريمها؛ وألنَّه فيه الصدُّ عن ذكر اهلل ‪ ‬غالب ًا فيكون حرام ًا‪ ،‬وإن َّ‬
‫َّ‬
‫وألن‬ ‫فقل ُبه متع ِّل ٌق به فكان يف إباحتِه إعانة الشيطان عىل اإلسالم واملسلمني؛‬
‫منفعتَه مغلوبة تابعة‪ ،‬والعَّب ُة للغالب يف التحريم‪ ،‬أال ترى إىل قوله ‪ :‬ﭽ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﭼ [البقرة‪ ،]613 :‬فاعتَّب الغالب يف التحريم؛ فعن عقبة‬
‫الرجل فرسه‪ ،‬ومالعبته‬
‫بن عامر ‪ ،‬قال ‪( :‬ليس من اللهو إال ثالثة‪ :‬تأديب ّ‬
‫زوجته‪ ،‬ورميه بنبله عن قومه) يف املستدرك ‪ ، 04 :‬وصححه‪ ،‬وسنن أيب داود‬
‫‪ ،‬وعن عبد اهلل بن عبد الرمحن‪ ،‬وعقبة بن عامر ‪ ،‬قال‬ ‫‪ ، 9 :9‬واملجتبى ‪:6‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫إال املناضلة( )‪ ،‬واملسابقة باخليل‪ ،‬ومالعبة األهل‪.‬‬


‫والنرد بن ّي ِة التشويش( )‪ ،‬وقيل‪ :‬ال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املشغول بالشطرنجِ‬ ‫السالم عىل‬
‫ويباح ّ‬
‫يباح‪.‬‬
‫واجلوز الذي يلعب به الصبيان يوم العيد يؤكل إن مل يقامروا به( )‪.‬‬

‫أحب إ ّيل من أن تركبوا‪ّ ،‬‬


‫كل ما يلهو به الرجل‬ ‫ّ‬ ‫‪( :‬ارموا واركبوا؛ وألن ترموا‬
‫فإهن َّن من احلق) يف‬
‫املسلم باطل‪ ،‬إال رميه بقوسه وتأديبه فرسه ومالعبته أهله‪َّ ،‬‬
‫سنن الرتمذي ‪ ، 74 :4‬وقال حسن صحيح‪ ،‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪،909 :3‬‬
‫واجلامع ملعمر ‪ ،46 :‬ومسند أمحد ‪ ، 44 :4‬ومسند الروياين ‪ ، 60 :‬وعن‬
‫جابر بن عبد اهلل وجابر بن عمري ‪ ،‬قال ‪ّ ( :‬‬
‫كل يشء ليس من ذكر اهلل فهو‬
‫سهو وهلو إال أربع‪ :‬ميش الرجل بني الغرضني‪ ،‬وتأديبه فرسه‪ ،‬وتعلمه السباحة‪،‬‬
‫‪ ،‬وسنن النسائي ‪،909 :3‬‬ ‫ومالعبته أهله) يف سنن البيهقي الكبري‪3 : 0‬‬
‫وغريها‪ ،‬قال املنذري يف الرتغيب ‪ : 80 :‬رواه الطَّباين يف الكبري بإسناد جيد‪.‬‬
‫( ) أي املراماة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 4 :9‬‬
‫( ) أي ليشغلهم ويغلطهم يف حساهبم‪ ،‬وهذا عند أيب حنيفة ‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يبا‬
‫السالم عليهم‪ ،‬وهذا قوهلام؛ حتقري ًا وإهانة هلم‪ ،‬كام يف التبيني ‪ ،90 :6‬واهلدية‬
‫عيل ‪ ‬عىل قوم‬
‫مر ٌّ‬
‫‪9‬؛ فعن حبيب بن ميرسة‪َّ « :‬‬ ‫ص‪ ، 99‬والرشنباللية ‪:‬‬
‫يلعبون بالشطرنج‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذه التامثيل التي أنتم هلا عاكفون» يف سنن البيهقي‬
‫‪ ،‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 87 :6‬وشعب اإليامن ‪. 4 :6‬‬ ‫الكبري‪: 0‬‬
‫(‪ )9‬أي ال بأس بأكله إذا مل يكن األكل عىل وجه القامر؛ ألهنم إذا قامروا به يكون‬
‫حرام ًا؛ ألن كل ما يكتسب من القامر حرام‪ ،‬والقامر‪ :‬من القمر‪ ،‬وهو اليرس‪ ،‬سمي‬
‫به؛ ألنه أخذ مال الرجل بيرس وسهولة من غري كدٍّ وال لعب‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬والبحر الرائق ‪0 :8‬‬ ‫‪6 :9‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫صوت املالهي( ) ك ِّلها حرام‪.‬‬ ‫وسامع‬

‫( ) املالهي‪ :‬تشمل مجيع أنواع اللهو‪ ،‬حتى التغني برضب القضيب‪ ،‬ونفخ القصب‪،‬‬
‫كام يف املنحة ‪ ، 7 :9‬قال الزيلعي يف التبيني ‪َّ « : 9 :6‬‬
‫إن املالهي كلها حرام‪،‬‬
‫حتى التغني برضب القضيب»‪ ،‬وعنى بالقضيب‪ :‬خشب احلارس‪ ،‬كام يف العناية‬
‫‪. 6: 0‬‬
‫وآالت اللهو املحرمة‪ ،‬وهي املطربة من غري الغناء‪ :‬كاملزمار‪ ،‬سواء كان من عود أو‬
‫قصب‪ :‬كالشبابة‪ ،‬أو غريه‪ :‬كالعود والطنبور‪ ،‬السيام إن اقرتنت بأنواع اخلمر أو‬
‫الزنى أو اللواط أو دواعي ذلك من اللمس بشهوة والتقبيل أو النظر بشهوة لغري‬
‫الزوجة‪ ،‬أو مل يكن يشء من ذلك يف املجلس‪ ،‬بل كان يف املقصد والنية الشهوات‬
‫تصور يف نفسه شيئ ًا من ذلك واستحسن أن يكون موجود ًا يف‬ ‫ّ‬ ‫املحرمة بأن‬
‫املجلس؛ قال رسول اهلل ‪( :‬ليكونن من ُأمتي أقوام يستحلون ّ‬
‫احلر واحلرير‬
‫‪ ،‬وقال ‪( :‬يرشب ناس من‬ ‫واخلمر واملعازف…) يف صحيح البخاري ‪9 :3‬‬
‫ُأمتي اخلمر يسموهنا بغري اسمها يرضب عىل رؤوسهم باملعازف والقينات خيسف‬
‫اهلل هبم األرض وجيعل منهم القردة واخلنازير) يف صحيح ابن حبان‪، 60 : 3‬‬
‫وموارد الظمآن ‪ ،996 :‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ،68 :3‬واملعجم الكبري ‪، 89 :9‬‬
‫والتاريخ الكبري ‪ ،904 :‬وقال ‪( :‬يف هذه األمة خسف ومسخ وقذف‪ ،‬قال‬
‫رجل من املسلمني‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬متى ذلك‪ ،‬قال‪ :‬إذا ظهرت القيان واملعازف‬
‫ورشبت اخلمور) قال املنذري يف الرتغيب ‪ : 8 :9‬رواه الرتمذي ‪ 433 :4‬من‬
‫رواية عبد اهلل بن عبد القدوس وقد وثق‪ ،‬وقال حديث غريب وقد روي عن‬
‫األعمش عن عبد الرمحن ابن سابط مرسالً‪ ،‬وقال ‪َّ ( :‬‬
‫إن اهلل بعثني رمحة للعاملني‬
‫وهدى للعاملني‪ ،‬وأمرين ريب ‪ ‬بمحق املعازف واملزامري…) يف مسند أمحد ‪:3‬‬
‫‪ ، 68‬ومسند الطياليس ‪ ، 34 :‬واملعجم الكبري ‪ ، 36 :8‬وشعب اإليامن ‪:3‬‬
‫‪ ، 49‬وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم يتهد أن ال حي ْس حمع مهام حأمكنه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫فإن حسم حع بغتة( ) فهو معذور‪ّ ،‬‬
‫الدف( ) يف العرس إلعالن النّكاح( )‪ ،‬ورضب الطبل يف‬ ‫ّ‬ ‫وَيِل رضب‬ ‫ح‬

‫( ) أي إن سمع فجأة فهو معذور؛ ألنَّه مل يكن عن ٍ‬


‫قصد فيعذر‪ ،‬ثم جيتهد أن ال يسمع‬
‫ألن اإلعراض عن سامعه واجب‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪:9‬‬ ‫بعد ذلك مهام أمكنه؛ َّ‬
‫‪. 7‬‬
‫( ) املراد بالدف ما ال جالجل له‪ .‬ينظر‪ :‬فتح القدير ‪ ، 84 :9‬وحاشية التبيني ‪،36 :‬‬
‫والبحر الرائق‪ ،86 :9‬ورد املحتار ‪.3 :9‬‬
‫(‪ )9‬ويف معناه ما كان من حادث رسور‪ ،‬ويكره يف غريه؛ وهو مكروه للرجال عىل كل‬
‫حال للتشبه بالنساء؛ فعن الربيع بنت معوذ ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪( :‬دخل عيل‬
‫النبي ‪ ‬غداة فجلس عىل فرايش… وجويريات يرضبن بالدف يندبن َمن قتل من‬ ‫ّ‬
‫النبي ‪ :‬ال‬
‫ّ‬ ‫آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية‪ :‬وفينا نبي يعلم ما يف غد‪ ،‬فقال‬
‫خاري‪ ، 463 :4‬وعن عائشة‬ ‫ّ‬ ‫تقويل هكذا‪ ،‬وقويل ما كنت تقولني) يف صحيح ال ُب‬
‫ريض اهلل عنها‪ ،‬قالت‪َّ ( :‬أهنا زفت امرأة إىل رجل من األنصار فقال نبي اهلل ‪ :‬يا‬
‫فإن األنصار يعجبهم اللهو) يف صحيح البخاري ‪:3‬‬ ‫عائشة‪ ،‬ما كان معكم هلو‪َّ ،‬‬
‫‪ ، 380‬وعن عامر بن سعد ‪ ‬قال‪( :‬دخلت عىل قرظة بن كعب ‪ ‬وأيب مسعود‬
‫األنصاري ‪ ‬يف عرس وإذا جوار يغنني‪ ،‬فقلت‪ :‬أنتام صاحبا رسول اهلل ‪ ،‬ومن‬
‫أهل بدر‪ ،‬يفعل هذا عندكم‪ ،‬قاال‪ :‬اجلس إن شئت فاسمع معنا‪ ،‬وإن شئت‬
‫فاذهب‪ ،‬فإنَّه قد رخص لنا يف اللهو عند العرس) يف سنن النسائي‪،99 :9‬‬
‫واملجتبى ‪ ، 93 :6‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ،433 :9‬واملستدرك ‪، 0 :‬‬
‫وصححه‪ ،‬ورش معاين اآلثار ‪ ، 34 :4‬وعن بريدة ‪ ‬قال‪( :‬خرج رسول اهلل ‪‬‬
‫يف بعض مغازيه‪ ،‬فلام انرصف جاءت جارية سوداء فقالت‪ :‬يا رسول‪ ،‬إين كنت‬
‫نذرت إن ردك اهلل صاحل ًا أن أرضب بني يديك بالدف وأتغنى‪ ،‬فقال هلا رسول اهلل‬
‫‪ :‬إن كنت نذرت فارضيب وإال فال‪ ،‬فجعلت ترضب فدخل أبو بكر‪ ،‬وهي‬
‫ترضب‪ ،‬ثم دخل عيل‪ ،‬وهي ترضب‪ ،‬ثم دخل عثامن‪ ،‬وهي ترضب‪ ،‬ثم دخل عمر‬
‫ـ ‪631‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ِ‬
‫والغزاة لإلعالم( ) ال للهو‪.‬‬ ‫احلج‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫رشط مباح( )‪ ،‬ومع رشط حرام‪.‬‬ ‫وما يأخذه املغني( ) والنائحة من ِ‬
‫غري‬
‫احلج فرتكب‬
‫ّ‬ ‫الرسج( ) إال لرضورة يف سفر‬
‫وال تركب املرأة عىل ّ‬
‫مسترتة‪.‬‬

‫إن الشيطان ليخاف‬ ‫فألقت الدف حتت أستها ثم قعدت عليه فقال رسول اهلل ‪َّ :‬‬
‫منك يا عمر…) يف سنن الرتمذي ‪ ،6 0 :3‬وصححه‪ ،‬وسنن البيهقي الكبري‪: 0‬‬
‫‪ ،77‬ومسند أيب حنيفة ص‪ ، 86‬وعن عائشة ريض اهلل عنها‪ :‬قال ‪( :‬أعلنوا هذا‬
‫النكا واجعلوه يف املساجد وارضبوا عليه بالدفوف) يف سنن الرتمذي ‪،938 :9‬‬
‫وقال‪ :‬غريب حسن‪ ،‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 30 :7‬وعن عمر ‪« ‬أنَّه ملا سمع‬
‫صوت الدف بعث فنظر فإن كان يف وليمة سكت وإن كان يف غريه عمده بالدرة»‬
‫يف مصنف ابن أيب شيبة ‪.433 :9‬‬
‫الرحيل والنُّزول؛ وألنَّه هيب ٌة للمسلمني عىل األَعداء‪ ،‬كام يف املنحة ‪:9‬‬
‫( ) أي إلعالم َّ‬
‫صحيح ال للهو؛ ألنَّه معصية‪ ،‬كام يف رش الوقاية‬ ‫ٌ‬ ‫غرض‬‫ٌ‬ ‫‪َّ ، 8‬‬
‫فإن فيه‬
‫ق‪/ 3‬ب‪.‬‬
‫( ) املغني اسم ملن كان الغناء حرفته التي يكتسب هبا املال‪ ،‬قال ابن اهلامم يف فتح‬
‫أن التغني للهو‪ ،‬أو جلمع املال حرام بال خالف»‪.‬‬ ‫القدير‪« :403 :7‬نصوا عىل َّ‬
‫(‪ )9‬ألنَّه إعطاء املال عن طوع من غري عقد‪ :‬كام لو مجعوا لإلمام واملؤذن شيئ ًا وأعطوه‬
‫من غري رشط‪ ،‬كان حسن ًا؛ ألنَّه ّبر وجمازاة اإلحسان‪ ،‬كذا قاله اإلمام قايض خان‪،‬‬
‫وأما مع رشط األجرة فحرام؛ ألنَّه أجر املعصية‪ ،‬وما أخذه بذلك جيب رده عىل‬
‫ألن األخذ معصية‪ ،‬والسبيل يف املعايص ردها‪ ،‬وإال تصدق به‪ ،‬كام‬ ‫صاحبه إن قدر؛ َّ‬
‫يف رش ابن ملك ق‪/ 3‬ب‪.‬‬
‫(‪ )4‬وهذا فيام إذا ركبت متهلية أو متزينة؛ لتعرض نفسها عىل الرجال‪،‬‬
‫فإهنا تركب مسترتة كيال تقع يف الفتنة‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫إال إذا ركبت للرضورة يف سفر احلج‪َّ ،‬‬
‫الرضورات تبيح املحظورات‪ ،‬كام يف رش ابن ملك ق‪/ 6‬أ‪ ،‬واهلدية ص‪. 94‬‬
‫ـ ‪636‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومن ر حأى منكرا وهو ممرن يفعله يلزمه النهي عنه( )‪.‬‬ ‫ح‬
‫اعرتض الولد يف بطنها وقت الوالدة‪ ،‬وخيف عليها‪ ،‬ومل يمكن‬ ‫ح‬ ‫حامل‬
‫إخراجه إال بقطعه مل يز قطعه( ) إال إن كان ميتا‪.‬‬
‫الظن حياته وبقاؤه‬
‫ِّ‬ ‫ب عىل‬ ‫فتحرك يف بطنها الولد‪ ،‬فإن حغ حل ح‬
‫ر‬ ‫حامل ماتت‬
‫انب األحيرس ْ‬
‫وخي حرج( )‪.‬‬ ‫ي حشق بطنها من اجل ِ‬
‫للمرأة إسقاط الولد ما مل يستبن يشء من خلقه( )‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ويباح‬

‫( ) أي عن ذلك املنكر؛ َّ‬


‫ألن يف االمتناع يف عدم النهي يرتكب حمظورين‪ :‬فعل املنكر‪،‬‬
‫وترك النهي عن املنكر‪ ،‬ويف إقدامه يتكسب ثواب النهي عن املنكر‪ ،‬والكف عن‬
‫النهي عن املنكر لسبب لتعم العقوبات مجيع الناس‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 90 :9‬؛ فعن‬
‫أيب بكر ‪ ‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫إن الناس إذا رأوا املنكر ال يغريونه أوشك أن يعمهم اهلل‬
‫بعقابه) يف سنن ابن ماجة ‪ ، 9 7 :‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪.304 :7‬‬
‫( ) بأن تدخل القابلة يدها إىل داخل الفرج فتقطعه بآلة ونحوها؛ َّ‬
‫ألن موهتا موهوم‪،‬‬
‫فبأمر موهوم ال جيوز إتالف آدمي حي‪ ،‬إال إن كان ميت ًا فيجوز أن يقطع لتخلص‬
‫أمه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 9 :9‬‬
‫ألن ذلك سبب إىل إحياء نفس حمرمة برتك تعظيم اآلدمي وحرمته‪ ،‬وترك التعظيم‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫ألن الولد يكون من‬‫أهون من إتالف اآلدمي‪ ،‬وإنَّام يشق من اجلانب األيرس؛ َّ‬
‫اجلانب األيرس‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 6‬أ‪.‬‬
‫(‪ )4‬بأن ينفخ فيه الرو ‪ ،‬ويكون ذلك بعد مئة وعرشين يوم ًا‪ ،‬وال بدّ يف اإلسقاط من‬
‫إذن الزوج‪ ،‬وهذه اإلباحة إن كان هناك عذر لإلسقاط‪ ،‬وإن مل يكن عذر كره‪ ،‬إال‬
‫َّأهنا ال تأثم إثم القتل‪ ،‬قال الفقيه عيل بن موسى ‪« :‬يكره اإلسقاط‪َّ ،‬‬
‫فإن املاء‬
‫بعدما وقع يف الرحم مآله احلياة‪ ،‬فيكون له حكم احلياة كام يف بيضة صيد احلرم‬
‫ونحوه»‪ ،‬قال فخر الدين قايض خان يف فتاواه‪« :4 0 :9‬إذا أسقطت الولد‬
‫ّ‬
‫باحلل؛ إذ املحرم لو كرس بيض الصيد ضمنه؛ ألنَّه أصل‬ ‫بالعالج… ال أقول‬
‫ـ ‪636‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثم مات ومل يرتك شيئا( ) ال ي حشق بطنه‪.‬‬‫رجل ابتلع درة أو ذهبا لغريه ّ‬
‫وعاء ر‬
‫وتعذر إخراجه‪ ،‬ينظر‬ ‫ٍ‬ ‫نعامة ابتلعت لؤلؤة‪ ،‬أو شاة نشب رأسها يف‬
‫إىل أكثرمها قيمة( ) فيغرم مالكه قيم حة اآلخر‪ ،‬و حي ْصنحع ما شاء‪.‬‬

‫أقل من أن يلح َقها إثم هنا إذا سقط بغري‬ ‫فلام كان يؤاخذ باجلزاء فال ّ‬
‫الصيد‪َّ ،‬‬
‫عذرها»‪ .‬وقال ابن وهبان‪« :‬فإباحة اإلسقاط حممولة عىل حالة العذر‪ ،‬أو َّأهنا ال‬
‫تأثم إثم القتل‪ ،‬ومن األعذار‪ :‬أن ينقطع لبنها بعد ظهور احلمل وليس أليب الصغري‬
‫ما يستأجر به الظئر وخياف هالكه»‪ ،‬كام يف منحة اخلالق‪ : 3 :9‬أي لو ظهر هبا‬
‫احلبل‪ ،‬وانقطع لبنها‪ ،‬وليس ألب الصبي ما يستأجر مرضع ًا‪ ،‬وخياف هالك الولد‪،‬‬
‫فإنَّه عذر يبا له أن تعالج املرأة الستنزال الدم ما دام احلمل مل ينفخ فيه الرو ؛‬
‫لصيانة آدمي‪ ،‬كام يف الفقه احلنفي ‪40 :3‬؛ فعن ابن مسعود ‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫إن‬
‫جي َم ُع خلقه يف بطن أمه أربعني يوم ًا‪ ،‬ثم يكون يف ذلك علقة مثل ذلك‪ ،‬ثم‬ ‫أحدَ كم ُ ْ‬
‫الرو ‪ ،‬و ُيؤمر َبأربع‬
‫يكون يف ذلك مضغة مثل ذلك‪ ،‬ثم ُي ْر َس ُل ا َمل َل ُك فينفخ فيه ُّ‬
‫كلامت‪ :‬بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد …) يف صحيح مسلم ‪:4‬‬
‫‪ ، 096‬وصحيح البخاري ‪. 74 :9‬‬
‫( ) أي ومل يرتك ماالً؛ ألنَّه لو ترك ماالً كانت قيمة الدرة يف تركته‪ ،‬وإن مل يرتك ال يشق‬
‫ألن الشق حرام‪ ،‬وحرمة النفس أعظم من حرمة املال‪ ،‬وعليه قيمة الدرة؛‬ ‫بطنه؛ َّ‬
‫ألنَّه استهلكها وهي ليست من ذوات األمثال‪ ،‬فكانت مضمونة بالقيمة‪ ،‬فإن ظهر‬
‫له مال يف الدنيا قىض منه‪ ،‬وإال فهو مأخوذ به يف اآلخرة‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪:3‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫( ) أي فيغرم مالكه قيمة األخرى‪ ،‬فإن كانت قيمة النعامة أكثر من قيمة اللؤلؤة‬
‫يضمن صاحب النعامة قيمة اللؤلؤة لصاحبها‪ ،‬وكذا احلكم يف الشاة مع اإلناء؛‬
‫ألن يف ذلك نظر ًا للجانبني بطريق التعادل‪ ،‬ويصنع الرجل الذي غرم بام غرمه ما‬
‫َّ‬
‫شاء؛ ألنَّه ملكه بالضامن‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 99 :9‬‬
‫ـ ‪634‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كره قتل النملة ما مل تبدأ باألذى( )‪ ،‬وقتل القملة يوز مطلقا‪.‬‬


‫وي ح‬
‫ِ‬
‫والعقرب ونحومها بالنّار( )‪ ،‬وطرحها ح ّية مباح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القملة‬ ‫ويكره إحراق‬
‫وليس بأدب‪.‬‬
‫للرجال سنة وللنرساء مكرمة( )‪.‬‬‫واخلتان ر‬
‫العثار( )‪ ،‬وركض( ) الدا ّبة ونخسها‬ ‫وترضب الدابة عىل ال ِّنفار دون ِ‬
‫ّ‬

‫( ) فإن بدأت باألذى فال بأس به‪ ،‬وهو املختار‪ ،‬وقيل‪ :‬ال بأس به مطلق ًا‪ ،‬كام يف البحر‬
‫الرائق ‪ ، 9 :8‬قال العيني يف املنحة ‪« : 94 :9‬قتل احليوان إنَّام جيوز لغرض‬
‫صحيح‪ ،‬فإذا مل يؤذ ال يقتل بخالف القملة‪ ،‬فإنَّه جيوز قت ُلها مطلق ًا سواء آذت أو‬
‫ألهنا بالطبع مؤذية وكذلك الَّباغيث»‪.‬‬
‫ال؛ َّ‬
‫( ) فعن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪( :‬ال تعذبوا بعذاب اهلل) يف صحيح البخاري ‪:9‬‬
‫ألهنا‬
‫‪ ، 038‬وإن طرحه القملة عىل الرتاب حية فهو مبا ‪ ،‬ولكنَّه ليس بأدب؛ َّ‬
‫هتلك باجلوع‪ ،‬وهو إذاء‪ ،‬واألدب هو التخلق باألخالق اجلميلة واخلصال‬
‫احلميدة‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلوك ص‪. 93‬‬
‫(‪ )9‬قال رسول اهلل ‪( :‬اخلتان سنة للرجال مكرمة للنساء) يف مسند أمحد ‪،73 :3‬‬
‫وضعفه األرنؤوط‪ ،‬واملعجم الكبري ‪ ، 79 :7‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪،9 7 :3‬‬
‫ألهنا تكون ألذ للرجال عند املواقعة‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬ ‫وإنَّام كانت مكرمة هلن؛ َّ‬
‫ص‪ ، 93‬والتبيني ‪. 6 :4‬‬
‫(‪ )4‬النِّفار‪ :‬من النفر‪ :‬أي اجلزع والتباعد‪ ،‬والعثار‪ :‬من العثرة‪ :‬أي إن تعلق قدمه بيشء‬
‫فيكبو‪ ،‬وإنَّام ترضب يف النفار؛ ألنَّه من عادهتا السيئة‪ ،‬بخالف العثار‪ ،‬فإنَّه آفة‬
‫تصيبها‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 93 :9‬‬
‫(‪ )3‬الركض‪ :‬الرضب بالرجل لإلرساع‪ ،‬والنخس‪ :‬الطعن بمهامز‪ ،‬وهو حديدة‬
‫منشوبة يف مؤخرة اجلرموق وغريه‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪ ، 96‬فهذا الفعل من‬
‫الداللني ألجل العرض عىل املشرتي أو أن يفعله أحد للهو مكروه؛ ألنَّه تعذيب‬
‫ـ ‪635‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ٍ‬
‫غرض صحيحٍ‬ ‫للعرض عىل املشرتي أو للهو مكروه‪ ،‬وللجهاد وغريه من‬
‫مباح‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كفاية( )‪ ،‬وثواب امل حس ِّل ِم أكثر( )‪ ،‬وال حيِب‬ ‫والسالم سنّة( )‪ ،‬ورده فرض‬
‫ر‬

‫للحيوان بال غرض صحيح حتى يبا ؛ ألجل اجلهاد وغريه من غرض صحيح‬
‫مثل‪ :‬الفرار من العدو أو الكرار إليه ونحو ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلوك ‪. 96 :9‬‬
‫( ) فعن أيب هريرة ‪ ‬قال رسول اهلل ‪( :‬ال تدخلون اجلنة حتى تؤمنوا‪ ،‬وال تؤمنوا‬
‫حتى حتابوا‪ ،‬أوال أدلكم عىل يشء إذا فعلتموه حتاببتم؟ أفشوا السالم بينكم) يف‬
‫صحيح مسلم ‪.74 :‬‬
‫( ) فرض الكفاية‪ :‬إن قام به البعض سقط عن الباقني‪ ،‬فيجب ر ّد جواب كتاب التحية‬
‫كرد السالم‪ ،‬ولو قال آلخر‪ :‬أقرئ فالن ًا السالم جيب عليه ذلك‪ ،‬ويكره السالم‬
‫عىل الفاسق لو معلن ًا‪ ،‬وإال ال يكره‪ ،‬كام ُيكره عىل عاجز عن الر ّد حقيقة‪ :‬كآكل‪ ،‬أو‬
‫رشع ًا‪ :‬كمصل وقارئ‪ ،‬ولو س ّلم ال يستحق اجلواب‪ ،‬كام يف الدر املختار ‪:6‬‬
‫‪4 3-4 4‬؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬مخس جتب للمسلم عىل أخيه‪ :‬ر ّد‬
‫السالم‪ ،‬وتشميت العاطس‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬وعيادة املريض‪ ،‬واتباع اجلنائز) يف‬
‫ّ‬
‫صحيح مسلم‪ ، 704 :4‬وصحيح ال ُبخاري ‪ ،4 8 :‬وسنن الرتمذي ‪، 80 :3‬‬
‫وغريها‪.‬‬
‫(‪َّ )9‬‬
‫ألن البادي بالسالم هو املسبب للجواب‪ ،‬وهو البادي باإلحسان‪ ،‬والراد جيازى‬
‫إحسانه باإلحسان‪ ،‬واملجازاة لإلحسان أفضل‪ ،‬ولكن ثواب املبتدي به أجزل‪ ،‬كام‬
‫يف املنحة ص‪ ، 97‬وعمر بن اخلطاب ‪ ‬قال ‪( :‬إذا التقى الرجالن املسلامن‬
‫فس َّلم أحدُ مها عىل صاحبه‪َّ ،‬‬
‫فإن أح َبهام إىل اهلل أحسنُهام برش ًا بصاحبه‪ ،‬فإذا تصافحا‬
‫نزلت عليهام مئة رمحة للبادي منهام تسعون‪ ،‬وللمصافح عرشة) يف تاريخ جرجان‬
‫‪ ،40 :‬ومسند البزار ‪ ،497 :‬وقال‪ :‬هذا احلديث ال نعلمه يروى عن النبي ‪‬‬
‫إال من هذا الوجه هبذا اإلسناد ومل يتابع عمر بن عمران عىل هذا احلديث‪.‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫السائل( )‪ ،‬وال ينبغي حأن يس ِّل حم عىل حمن يقرأ القرآن( )‪.‬‬
‫حرد سالم ّ‬
‫العاطس( ) فرض كفاية‪.‬‬‫ِ‬ ‫وتشميت‬
‫احلي) (‪ ،‬ويباح باملذبوح‪.‬‬
‫ويكره تعليم البازي بالطري ّ‬
‫ِ‬
‫خلوف اإلباق‪.‬‬ ‫ويكره الغل( ) يف عنق العبد‪ ،‬وال يكره القيد‬

‫( ) ألنَّه ليس للتحية‪ ،‬وإنَّام يسلم ألجل يشء‪ ،‬وال جيب رد سالم من يس ِّلم وقت‬
‫اخلطبة‪ ،‬وإذا أتى دار إنسان‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪.4 9 :6‬‬
‫( ) ألنَّه يشغله عن قراءته‪ ،‬وإن س َّلم عليه‪ ،‬فاألصح أنَّه جيب عليه ر ّده؛ ألنَّه فرض‪،‬‬
‫وقراءة القرآن ليست بفرض‪ ،‬فال يدع الواجب باالشتغال بالنفل‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:9‬‬
‫‪. 98‬‬
‫(‪ )9‬السنة يف حق العاطس أن يقول‪ :‬احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬أو عىل كل حال‪ ،‬وملن‬
‫حرض أن يقول‪ :‬يرمحك اهلل‪ ،‬فريد عليه العاطس فيقول‪ :‬يغفر اهلل لك أو هيديك‪،‬‬
‫وإذا عطست املرأة فال بأس بتشميتها إال أن تكون شابة‪ ،‬وإذا عطس الرجل‬
‫فشمتته املرأة فإن كانت عجوز ًا يرد عليها‪ ،‬وإن كانت شاب ًة يرد يف قلبه‪ ،‬كام يف‬
‫البحر الرائق ‪ ، 96 :8‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬إذا عطس َأحدكم فليقل‪:‬‬
‫احلمد هلل‪ ،‬وليقل له أخوه أو صاحبه‪ :‬يرمحك اهلل‪ ،‬فإذا قال له‪ :‬يرمحك اهلل‪ ،‬فليقل‪:‬‬
‫هيديكم اهلل ويصلح بالكم) يف صحيح البخاري‪ ، 38 :3‬وعن أنس ‪ ‬قال‪:‬‬
‫فشمت أحدُ مها ومل يشمت اآلخر‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬يا‬ ‫النبي ‪َّ ‬‬
‫(عطس رجالن عند ّ‬
‫إن هذا محد اهلل ومل حتمد اهلل) يف‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬شمت هذا ومل تشمتني‪ ،‬قال ‪َّ :‬‬
‫صحيح البخاري‪. 38 :3‬‬
‫)‪ (4‬ملا فيه من تعذيبه مع حصول املقصود باملذبو بحيلة‪ ،‬فيبا التعليم بالطري‬
‫املذبو ‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪ ، 96‬والدر املختار ‪.474 :6‬‬
‫(‪ )3‬وهو الطوق من احلديد الذي يمنعه من أن حيرك رأسه‪ ،‬وهو معتا ٌد بني الظلمة‪،‬‬
‫وهو حرام؛ أل َّنه عقوبة أهل النار‪ ،‬بخالف القيد يف اليد فال يكره؛ خلوف اهلروب‬
‫والتمرد عىل مواله‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك ق‪/ 6‬ب‪.‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫يترضر الناس به( )‪.‬‬


‫ويباح اجللوس يف الطريق للبيع إذا كان واسعا ال ر‬
‫( )‬

‫عمل من أعامل الدنيا( )‪ ،‬ويكره‬ ‫ٍ‬ ‫وتكره اخلياطة يف املسجد‪ ،‬وكل‬


‫ِ‬
‫للمصيبة ثالث حة أ ّيام‪ ،‬ويباح يف غريه‪ ،‬والرتك حأوىل( )‪.‬‬ ‫اجللوس فيه‬

‫يترضرون بذلك‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 93 :9‬قال‬ ‫( ) لو كان ضيق ًا ال جيوز؛ َّ‬


‫ألن املسلمني َّ‬
‫‪( :‬ال رضر وال رضار) يف املوطأ ‪ ،743 :‬ومسند أمحد ‪ ،9 9 :‬ومسند‬
‫الشافعي ‪ ، 4 :‬ويف رش ابن ملك ق‪/ 7‬أ‪« :‬وال الرشاء منه يف املختار؛ ألنَّه‬
‫إذا مل جيد مشرتي ًا جلس عىل الطريق‪ ،‬فكان الرشاء منه إعانة عىل اإلثم والعدوان»‪.‬‬
‫باملارة‪ ،‬مل يمنع من ذلك‪ ،‬وإن كان‬ ‫( ) من أراد اجللوس يف الطريق‪ ،‬فإن كان مل يرض ّ‬
‫يرض هبم يف املنع من التطرق‪ ،‬يمنع من ذلك‪ ،‬ولكل واحد منعه من ذلك‪ ،‬اإلمام‬
‫وغريه يف ذلك سواء‪ .‬ينظر‪ :‬املبسوط ‪. 73 : 9‬‬
‫ألن املسجد أعد إلقامة القربات والطاعات ال للمعامالت‪ .‬ينظر‪ :‬رش ابن ملك‬ ‫(‪َّ )9‬‬
‫ق‪/ 7‬أ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي جيوز اجللوس للمصيبة ثالثة أيام‪ ،‬وهو خالف األوىل‪ ،‬ويكره يف املسجد‪،‬‬
‫وتستحب التعزية للرجال والنساء الاليت ال يفتن؛ لقوله ‪َ ( :‬من عزى أخاه‬
‫بمصيبة كساه اهلل من حلل الكرامة يوم القيامة) يف املعجم األوسط ‪، 79 :3‬‬
‫وشعب اإليامن ‪ ، :7‬وسنن البيهقي الكبري‪ ،33 :4‬وقوله ‪َ ( :‬من عزى مصاب ًا‬
‫‪ ،3‬ومسند‬ ‫فله مثل أجره) يف سنن الرتمذي ‪ ،983 :9‬وسنن ابن ماجة ‪:‬‬
‫البزار ‪ ،64: 3‬ومسند الشهاب ‪ ، 40 :‬وقوله ‪َ ( :‬من عزى ثكىل كيس بردين‬
‫يف اجلنة) يف سنن الرتمذي ‪ ،987 :9‬وشعب اإليامن ‪ ، 9 :7‬ويكره اختاذ الضيافة‬
‫من الطعام من أهل امليت؛ ألنَّه ُرشع يف الرسور ال يف الرشور‪ ،‬وهي بدعة‬
‫مستقبحة؛ فعن جرير بن عبد اهلل البجيل ‪ ‬قال‪( :‬كنا نرى االجتامع إىل أهل امليت‬
‫وصنعة الطعام من النياحة) يف سنن ابن ماجة ‪ ،3 4 :‬واملعجم الكبري ‪: :‬‬
‫‪ ،907‬ومسند أمحد ‪ ، 04 :‬وصححه األرنؤوط‪.‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وراق( ) فإن كان ِح ْسبة ال بأس به‪ ،‬وإن كان‬


‫جلس فيه معلم أو ر‬
‫ح‬ ‫ولو‬
‫حبأجر يكره إال لرضورة تكون هبام‪.‬‬
‫ويكره متنِّي املوت لضيق املعيشة‪ ،‬أو للغضب من ولده أو غريه( )‪ ،‬وال‬

‫ويستحب جلريان أهل امليت واألقرباء األباعد هتيئة طعام هلم يشبعهم يومهم وليلتهم؛‬
‫لقوله ‪( :‬اصنعوا آلل جعفر طعام ًا فقد جاءهم ما يشغلهم) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ،3 4 :‬ومسند أمحد ‪ ، 03 :‬واملستدرك ‪،3 7 :‬‬
‫ألن احلزن يمنعهم من ذلك‬ ‫وصححه؛ وألنَّه بر ومعروف‪ ،‬ويلح عليهم يف األكل؛ َّ‬
‫فيضعفون‪ .‬ينظر‪ :‬فتح القدير ‪. 4 :‬‬
‫ويف استحسان البزازية‪ :‬إن اختذ طعام ًا للفقراء كان حسن ًا‪ ،‬وأطال يف ذلك يف‬
‫ألهنم ال‬
‫املعراج‪ ،‬وقال‪ :‬وهذه األفعال كلها للسمعة والرياء‪ ،‬فيحرتز عنها؛ َّ‬
‫يريدون وجه اهلل تعاىل‪ ،....‬أما يف املسجد فيكره‪ ،‬كام يف البحر عن املجتبى‪ ،‬وجزم‬
‫به يف رش املنية والفتح‪ ،‬لكن يف الظهريية‪ :‬ال بأس به ألهل امليت يف البيت أو‬
‫املسجد والناس يأتوهنم ويعزوهنم‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪. 4 - 40 :‬‬
‫( ) وهو الذي يورق ويكتب‪ ،‬فإن كان جلوسهام احتساب ًا باألجر عند اهلل فال بأس به؛‬
‫ألنَّه قربة‪ ،‬وإن كان بأجر يكره؛ ألنَّه ما أعد لذلك إال لرضورة تكون باملعلم‬
‫والوراق فال بأس بذلك؛ ملا فيه من دفع الرضورة من إباحة املحظور‪ .‬ينظر‪ :‬رش‬
‫ابن ملك ق‪/ 7‬أ‪.‬‬
‫( ) كاخلوف من سلطان جائر‪ ،‬أو من حادثة أصابته‪ ،‬بخالف ما إذا كان لتغري أهل‬
‫ألن املؤمن املتقي يف الزمان الذي ظهر فيه الفساد‬‫الزمان‪ ،‬وخوف من املعايص؛ َّ‬
‫واشتهرت فيه املعايص حريان يف أمر دينه وكيف حيفظه‪ ،‬وكيف ينجو من رشهم‪،‬‬
‫ففي هذا الزمان جيوز أن يتمنى املوت‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 4 :9‬؛ فعن سعد بن عبيد‬
‫‪ ‬قال ‪( :‬ال يتمنى أحدكم املوت إما حمسن ًا فلعله يزداد‪ ،‬وإما مسيئ ًا فلعله‬
‫يستعتب) يف صحيح البخاري ‪ ، 644 :6‬وعن أنس ‪ ‬قال ‪( :‬أال ال يتمنّى‬
‫أحدكم املوت لرض نزل به‪ ،‬فإن كان ال ُبد متمني ًا املوت فليقل‪ :‬اللهم أحيني ما‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫لتغري أهل الزمان وههور املعاي‪ ،‬خوفا من الوقوع فيها‪.‬‬ ‫بأس بتمنيه ّ‬
‫رجل يرت ردد إىل ال رظ حلمة؛ ليدفع ر‬
‫رشهم عنه‪ ،‬فإن كان مفتيا أو مقتدى به‪،‬‬
‫ال حَيِ ّل له ذلك) (‪.‬‬

‫‪‬‬

‫كانت احلياة خري ًا يل‪ ،‬وتوفني ما كانت الوفاة خري ًا يل) يف املجتبى ‪ ،9 :4‬وسنن ابن‬
‫ماجة ‪ ، 4 3 :‬ومسند أمحد ‪ ، 0 :9‬وصحيح ابن حبان ‪ ، 9 :7‬وعن أيب‬
‫هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬لتنتقن كام تنتقى التمر من اجلفنة فليذهبن خياركم وليبقني‬
‫رشاركم فموتوا إن استطعتم) يف املستدرك ‪ ،93 :4‬وصححه‪.‬‬
‫مقتدى‬
‫ً‬ ‫ألن الناس يظنون أنَّه يرىض بأمرهم‪ ،‬وكان فيه مذلة للعلم‪ ،‬وإن مل يكن‬ ‫) ( َّ‬
‫به‪ ،‬ال بأس به‪ ،‬وإن تردد إليهم؛ ألن يصيب من دنياهم‪ ،‬ال جيوز‪ ،‬كام يف اهلدية‬
‫إن ُأناس ًا من أمتي سيتفقهون يف الدين‪،‬‬
‫ص‪ 97‬؛ فعن ابن عباس ‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫ويقرأون القرآن‪ ،‬ويقولون‪ :‬نأيت األمراء فنصيب من دنياهم ونعتزهلم بديننا‪ ،‬وال‬
‫يكون ذلك كام ال جيتنى من القتاد إال الشوك كذلك ال جيتنى من قرهبم إال اخلطايا)‬
‫يف سنن ابن ماجة ‪ ،39 :‬واملعجم األوسط ‪ ، 30 :8‬ومسند الشاميني ‪.403 :9‬‬
‫ـ ‪633‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتاب الفرائض‬
‫الفروض املقدرة يف القرآن ستّة‪ :‬النصف( )‪ ،‬والربع( )‪ ،‬والثمن( )‪،‬‬
‫والثلثان( )‪ ،‬والثلث( )‪ ،‬والسدس( )‪.‬‬
‫الرجال‪ ،‬وثامن من النّساء‪.‬‬
‫وأصحاُبا اثنا عش‪ :‬أربعة من ّ‬
‫أما الرجال‪ ) :‬فاألب‪ ) ،‬واجلدّ ‪ ) ،‬واألخ ألم‪ ) ،‬والزوج‪.‬‬
‫وأما النّساء‪ ) :‬فاألم‪ ) ،‬واجلدّ ة‪ ) ،‬والبنت‪ ) ،‬وبنت االبن‬

‫( ) ذكره اهلل ‪ ‬يف ثالثة مواضع‪ ،‬فقال ‪ :‬ﭽ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﭼ‬


‫[النساء‪ ،]33 :‬وقال ‪ :‬ﭽﭒﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭼ‬
‫[النساء‪ ،]31 :‬وقال ‪ :‬ﭽﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ [النساء‪.]33 :‬‬
‫) ذكره اهلل ‪ ‬يف موضعني‪ ،‬فقال ‪ :‬ﭽ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭼ [النساء‪،]31 :‬‬ ‫(‬
‫وقال ‪ : ‬ﭽﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭼ [النساء‪.]31 :‬‬
‫) ذكره اهلل ‪ ‬مرة واحدة‪ : ،‬ﭽ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﭼ‬ ‫(‬
‫[النساء‪.]31:‬‬
‫) ذكره اهلل ‪ ‬يف موضعني‪ ،‬فقال ‪ ‬يف حق البنات‪ :‬ﭽ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫(‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﭼ [النساء‪ ،]33 :‬وقال ‪ ‬يف حق األخوات‪ :‬ﭽﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳﭼ [النساء‪.]371 :‬‬
‫) ذكره اهلل ‪ ‬يف موضعني‪ ،‬فقال ‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ‬ ‫(‬
‫[النساء‪ ،]33 :‬وقال ‪ ‬يف حق األوالد‪ :‬ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﭼ [النساء‪.]31 :‬‬
‫) ذكره اهلل ‪ ‬يف ثالثة مواضع‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫(‬
‫ﯖ ﯗ ﯘﭼ [النساء‪ ،]33 :‬وقال ‪ :‬ﭽﯤ ﯥﯦﯧﯨﯩ ﭼ [النساء‪،]33:‬‬
‫وقال ‪ ‬يف حق ولد األم‪ :‬ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﭼ [النساء‪:‬‬
‫‪.]31‬‬
‫ـ ‪193‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫)واألخت ألب وأم ) أو ألب‪ )7 ،‬أو ألم‪ )8 ،‬والزوجة‪.‬‬


‫‪ .‬فاألب‪ ) :‬له السدس مع االبن أو ابن االبن( )‪.‬‬
‫) والتعصيب( ) عند عدم الولد وولد االبن‪.‬‬
‫) وكالمها( ) مع البنت وبنت االبن‪.‬‬
‫‪.‬واجلد يف أحواله كاألب( )‪.‬‬

‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﭼ [النساء‪.]33 :‬‬


‫( ) وهو أن يكون عصبة عند عدم الولد وولد الولد‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ [النساء‪ ،]33 :‬فذكر فرض األم وجعل الباقي له دليل عىل‬
‫‪.‬‬ ‫أنَّه عصبة‪ ،‬كام يف املنحة ‪:‬‬
‫( ) أي يف احلالة الثالثة يأخذ الفرض أوالً‪ ،‬والتعصيب ثاني ًا‪ ،‬كام يف الفوائد البهية‬
‫ص ‪ ،‬فكالمها‪ :‬أي الفرض والتعصيب‪ ،‬فالفرض؛ لآلية السابقة‪ ،‬والتعصيب؛‬
‫فعن ابن عباس ‪« :‬أحلقوا الفرائض بأهلها‪ ،‬فام بقي فهو ألوىل رجل ذكر» يف‬
‫‪.،‬‬ ‫صحيح البخاري ‪ ، 4 :‬وصحيح مسلم ‪:‬‬
‫( ) أي الثالثة السابقة‪ ،‬ويضاف إليها حالة رابعة‪ :‬هي أنَّه يسقط باألب؛ إذ هو أصل‬
‫يف قرابة اجلدّ للميت‪ ،‬ويفرتق عن األب يف أربعة أحوال‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫إن أم األب ال ترث مع األب‪ ،‬وترث مع اجلد‪.‬‬ ‫‪َّ .1‬‬
‫إن امل يت إذا تر األبوين والوو‪ ،،‬فلمأم ثل ما بقي بعد نصيب األب والوو‪،،‬‬ ‫‪َّ .2‬‬
‫ولو كان جد مكان األب‪ ،‬فلمأم ثل مجيع املال‪ ،‬إال عند أيب يوسف ‪َّ ‬‬
‫فإن هلا‬
‫ثل الباقي‪.‬‬
‫إن امليت إذا تر األبوين والووجة‪ ،‬فلمأم بعد أخذ األب والووجة نصيبهام ثل‬ ‫‪َّ .3‬‬
‫الباقي‪ ،‬ولو كان جد مكان األب‪ ،‬فلمأم ثل مجيع املال‪ ،‬إال عند أيب يوسف ‪‬‬
‫َّ‬
‫فإن هلا ثل الباقي‪.‬‬
‫إن األخوة األشقاء أو ألب يسقطون مع األب إمجاع ًا‪ ،‬وال يسقطون مع اجلد عند‬ ‫‪َّ .4‬‬
‫أيب حنيفة‪ ،‬وبه يفتى‪ .‬ينظر‪ :‬الفوائد البهية ص ‪.‬‬
‫ـ ‪191‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪.‬واألخ ألم‪ ) :‬له السدس‪ ) ،‬ولالثنني فصاعد ًا الثلث( )‪.‬‬


‫‪.‬والزوج‪ ) :‬له النصف عند عدم الولد وولد االبن‪ ) ،‬والربع مع‬
‫أحدمها( )‪.‬‬
‫‪.‬واألم‪ ) :‬هلا السدس مع الولد وولد االبن‪ ،‬أو االثنني من األخوة‬
‫واألخوات فصاعد ًا من أي جهة كانوا‪ ) ،‬والثلث عند عدم هؤالء( )‪) ،‬‬
‫وثلث ما يبقى يف مسألتني‪ ،‬ومها‪ :‬زوج وأبوان‪ ،‬أو زوجة وأبوان‪ ،‬ولو كان‬

‫( ) أي للواحد من األخوة ألم السدس‪ ،‬ولالثنني فأكثر الثل ‪ ،‬وذكرهم وأنثاهم يف‬
‫القسمة واالستحقاق سواء‪ ،‬وهلم حالة ثالثة‪ :‬وهي َّأَّنم يسقطون بالولد وولد‬
‫االبن وإن نول‪ ،‬وباألب واجلد باالتفاق‪ ،‬كام يف الفوائد ص ‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭼ [النساء‪ ،]31 :‬واملراد هبم أوالد‬
‫األم؛ َّ‬
‫ألن أوالد األب واألم‪ ،‬أو األب مذكور يف آية النصف‪ ،‬وهلذا قرأها بعضهم‬
‫وله أخ أو أخت ألم‪ ،‬وإطالق الرشكة يقتيض املساواة ذكورهم وإناثهم سواء‪ ،‬كام‬
‫يف املنحة ‪. 4 :‬‬
‫( ) أي للوو‪ ،‬حاالن‪ :‬النصف عند عدم الولد؛ قال ‪ :‬ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭼ [النساء‪ ،]31 :‬والربع مع الولد؛ قال ‪ :‬ﭽ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭼ [النساء‪.]31 :‬‬
‫( ) أي لمأم ثالثة أحوال‪ :‬األوىل‪ :‬السدس مع الولد؛ قال ‪ :‬ﭽ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﭼ [النساء‪ ،]33 :‬ومع وجود االثنني من األخوة‬
‫واألخوات فصاعد ًا؛ قال ‪ :‬ﭽ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﭼ [النساء‪،]33 :‬‬
‫والثانية‪ :‬الثل عند عدم وجود األوالد واالثنني من األخوة؛ قال ‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ [النساء‪ ،]33 :‬والثالثة‪ :‬ثل الباقي إذا كان معها‬
‫أب وزو‪ ،‬أو زوجة‪.‬‬
‫ـ ‪191‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫األصح( )‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مكان األب جدّ فلها الثلث( ) كام ً‬
‫ال يف‬
‫‪.‬واجلدّ ة‪ :‬أم األم وأم األب هلا السدس واحد ًة كانت أو أكثر( )‪.‬‬
‫‪) .7‬وللبنت الواحدة النصف‪) ،‬وللثنتني فصاعد ًا الثلثان) (‪.‬‬

‫( ) األصل يف مرياث األم إذا وجدت مع األب أن ترث ثل مجيع املال‪ ،‬ولكن هنا‬
‫مسألتان تسميان بالعمريتني‪ ،‬وفيهام تأخذ األم ثل الباقي بعد فرض أحد‬
‫الووجني ال ثل مجيع املال‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬توفيت امرأة عن زو‪ ،‬وأم وأب‪ ،‬فللوو‪ ،‬النصف فرض ًا‪ ،‬ولمأم ثل‬
‫الباقي من الرتكة‪ :‬أي ثل نصف الرتكة بعد فرض الوو‪ ،،‬ولمأب الباقي‬
‫بالتعصيب‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬تويف رجل عن زوجة وأم وأب‪ ،‬فللووجة فرضها الربع‪ ،‬ولمأم ثل‬
‫الباقي‪ ،‬وما يبقى لمأب‪ .‬ينظر‪ :‬هامش التحفة ص‪. 2- 2‬‬
‫( ) وعن أيب يوسف ‪ ‬هلا ثل الباقي أيض ًا يف هذه الصورة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪، 2 :‬‬
‫واهلدية ص‪. 2‬‬
‫ألن القربى حتجب البعدى‪ ،‬كام يف الفوائد البهية‬ ‫( ) برشط االحتاد يف الدرجة؛ َّ‬
‫ص ؛ فعن ابن عباس ‪ ‬قال ‪( :‬أطعم جدة سدس ًا) يف سنن الدارمي ‪:‬‬
‫إن النبي ‪ ‬جعل للجدة‬ ‫‪ ،‬ومصنف ابن أيب شيبة ‪ ، 2 :‬وعن بريدة ‪َّ ( : ‬‬
‫‪ ،‬وسنن النسائي الكربى ‪:‬‬ ‫السدس إذا مل تكن دوَّنا أم) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ،‬قال ابن حجر يف التلخيص ‪« :2 :‬يف إسناده عبيد اهلل‬ ‫‪ ،4‬واملنتقى ‪:‬‬
‫إن النبي ‪‬‬ ‫العتكي خمتلف فيه وصححه بن السكن»‪ ،‬وعن معقل بن يسار ‪َّ ( :‬‬
‫أعطى اجلدة السدس) يف سنن الدارقطني ‪ ،2 :‬واملعجم الكبري ‪. 2 : 2‬‬
‫) ( فالنصف؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ [النساء‪ ،]33 :‬والثلثان هو‬
‫قول عامة الصحابة‪ ،‬وبه أخذ علامء األمصار‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 2 :‬وبقي حالة‬
‫ثالثة للبنت الصلبية‪ :‬وهي َّأَّنا تكون عصبة مع االبن سواء كانت واحدة أو أكثر‪،‬‬
‫وله ضعف ما هلا؛ كام قال ‪ :‬ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ [النساء‪ .]33 :‬ينظر‪:‬‬
‫الفوائد ص‪.2‬‬
‫ـ ‪193‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫االبن عند عدم بنت الصلب‪ ،‬وهلا واحدة كانت أو أكثر‬ ‫ِ‬ ‫‪.8‬وكذا بنت‬
‫مع بنت الصلب السدس تكملة الثلثني) (‪.‬‬
‫‪.9‬واألخت ألب وأم )هلا النصف‪) ،‬وللثنتني فصاعد ًا الثلثان( )‪.‬‬
‫‪. 1‬واألخت ألب كذلك عند عدم األخت ألب وأم‪ ،‬وهلا واحد ًة‬
‫كانت أو أكثر مع األخت ألب وأم السدس تكملة الثلثني( )‪.‬‬

‫أن هلا النصف عند عدم البنت الصلبية‪،‬‬ ‫إن بنت االبن هلا أربعة أحوال‪ :‬األول‪َّ :‬‬‫) ( أي َّ‬
‫والثاين‪َّ :‬‬
‫أن هلا الثلثان لالثنتني فأكثر عند عدم البنت الصلبية‪ ،‬والثالثة‪َّ :‬أَّنا تأخذ‬
‫بالعصوبة واحدة كانت أو متعددة إن كان معها ابن ابن واحد أو أكثر‪ ،‬وله ضعف‬
‫ما هلا؛ كام قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ [النساء‪ ،]33 :‬والرابعة‪ :‬السدس‬
‫تكملة للثلثني واحدة كانت أو متعددة‪ ،‬برشط وجود بنت صلبية واحدة‪ ،‬كام يف‬
‫الفوائد ص‪ ،2-2‬وقد سئل ابن مسعود ‪ ‬عن ابنة وابنة ابن وأخت ألب ‪...‬‬
‫فقال‪( :‬ضللت إذ ًا وما أنا من املهتدين‪ ،‬سأقيض بام قىض رسول اهلل ‪ :‬لالبنة‬
‫النصف‪ ،‬والبنة االبن السدس تكملة الثلثني‪ ،‬وما بقى فلمأخت) يف مسند أمحد ‪:‬‬
‫‪ ، 22‬وصححه األرنؤوط‪.‬‬
‫( ) األخت ألب وأم هلا ست أحوال‪ :‬األول‪ :‬النصف للواحدة‪ ،‬والثانية‪ :‬الثلثان‬
‫لالثنتني فصاعد ًا‪ ،‬والثالثة‪ :‬تأخذ بالتعصيب إذا كان معها أخوها ألم وأب‪ ،‬وله‬
‫ضعف ما هلا‪ ،‬والرابعة‪ :‬تأخذ الباقي بالتعصيب واحدة كانت أو أكثر مع البنات أو‬
‫بنات االبن أو معهام‪ ،‬واخلامسة‪ :‬حتجب إذا كانت عصبة مع الغري األخ ألب‬
‫واألخت ألب وأوالد األخوة مطلق ًا والعم ألبوين وألب وأبنائهام‪ ،‬والسادسة‪:‬‬
‫تسقط باالبن وابن االبن وإن نول باالتفاق‪ ،‬وباجلدّ عند اإلمام‪ ،‬وبه يفتى‪ ،‬كام يف‬
‫الفوائد ص‪ - 2‬؛ قال ‪ :‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭼ [النساء‪:‬‬
‫‪.]371‬‬
‫( ) أي َّ‬
‫إن األخت ألب هلا سبعة أحوال‪ :‬األول‪ :‬النصف للواحدة عند عدم األخت‬
‫ـ ‪193‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪.‬واألخت ألم كاألخ ألم ذكورهم وإناثهم يف االستحقا والقسمة‬


‫سواء‪.‬‬
‫‪.‬والزوجة ) هلا الربع عند عدم الولد وولد االبن واحد ًة كانت‬
‫أو أكثر‪ ) ،‬والثمن مع أحدهم( )‪.‬‬

‫فصل‬
‫[يف العصبات]‬
‫العصبة( ) قسامن‪:‬‬
‫‪ .1‬عصبة نسب( )‪.‬‬
‫‪ .2‬وعصبة سبب( )‪.‬‬

‫الشقيقة‪ ،‬والثاين‪ :‬الثلثان لالثنتني فصاعد ًا عند عدم األخت الشقيقة‪ ،‬والثالثة‪:‬‬
‫السدس مع األخت ألبوين تكملة الثلثني‪ ،‬والرابعة‪ :‬تأخذ بالتعصيب مع األخ‬
‫ألب وله ضعف ما هلا‪ ،‬واخلامسة‪ :‬تأخذ الباقي مع البنات أو بنات االبن أو معهام‪،‬‬
‫فيعصبها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والسادسة‪ :‬ال ترث مع األختني ألبوين إال إذا كان معها أخ ألب‬
‫حظ االنثيني‪ ،‬والسابعة‪ :‬تسقط باالبن وابن االبن وإن‬ ‫ٍ‬
‫وحينئذ يكون للذكر مثل ّ‬
‫نول‪ ،‬وباألب باالتفاق‪ ،‬وباجلد عند اإلمام وبه يفتى‪ ،‬وباألخ ألبوين واألخت‬
‫‪.‬‬ ‫الشقيقة إذا كانت عصبة مع الغري‪ .‬ينظر‪ :‬الفوائد البهية ص ‪ ،‬واملنحة ‪:‬‬
‫) لقوله ‪ :‬ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭼ [النساء‪،]31 :‬‬ ‫(‬
‫وقوله ‪ :‬ﭽﭸﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﭼ [النساء‪.]31 :‬‬
‫) العصبة يف اللغة عبارة عن اإلحاطة‪ ،‬ومنه سمي عصبة القلنسوة عصبة؛ إلحاطتها‬ ‫(‬
‫حوايل الرأس‪ ،‬وهذا املعنى موجود يف هذا الباب؛ َّ‬
‫ألن العصبة حترز مجيع املال إذا‬
‫‪ ،‬والتحفة البهية ص ‪. 2‬‬ ‫مل يكن معه صاحب فرض‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫) وهي اآلتية من جهة النسب‪ :‬أعني القرابة‪ .‬ينظر‪ :‬التحفة البهية ص ‪. 2‬‬ ‫(‬
‫) وهي اآلتية من جهة السبب‪ :‬وهو العتق‪ .‬ينظر‪ :‬التحفة البهية ص ‪. 2‬‬ ‫(‬
‫ـ ‪191‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فعصبة النسب ثالثة أصناف‪:‬‬


‫‪ .1‬عصب ٌة بنفسه‪.‬‬
‫‪ .2‬وعصب ٌة بغريه‪.‬‬
‫‪ .3‬وعصب ٌة مع غريه‪.‬‬
‫‪.‬فالعصبة بنفسه‪ :‬كل ذكر يديل إىل امليت بمحض الذكور‪ :‬كاألب‬
‫والعم ألب وأم أو‬
‫ّ‬ ‫وآبائه‪ ،‬واالبن وأبنائه‪ ،‬واألخ ألب وأم أو ألب وأبنائهام‪،‬‬
‫ألب وأبنائهام‪.‬‬
‫والصنف األول مقدم( )‪ ،‬ثم الثاين عىل الرتتيب‪ ،‬ثم الثالث‪ ،‬ثم الرابع‪.‬‬
‫واحد قدم أعالمها درجة‪ ،‬فإن استويا يف‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صنف‬ ‫فإن اجتمع اثنان من‬
‫الدرجة قدم ذو اجلهتني( )‪.‬‬

‫( ) املقصود به االبن وأبنائه‪ ،‬ثم األب وآبائه‪ ،‬ثم األخ وأبنائه‪ ،‬ثم العم وأبنائه‪.‬‬
‫أن جهة البنوة مقدمة عىل جهة األبوة واألخوة والعمومة‪ ،‬وجهة‬ ‫( ) وبيان املسألة‪َّ :‬‬
‫األبوة مقدمة عىل األخوة والعمومة‪ ،‬وجهة األخوة مقدمة عىل العمومة‪ ،‬فمن تر‬
‫ابن ًا وأب ًا‪ ،‬فاملال كله لالبن‪ ،‬وكذا لو كان بدل األب أخ ًا أو ّ ً‬
‫عام‪.‬‬
‫فإن احتدت اجلهة‪ ،‬يقدم من هو أقرب درجة إىل امليت‪ ،‬ويسمى تقديم الدرجة‪:‬‬
‫كابن وابن ابن‪ ،‬فاملال كله لالبن؛ ألنَّه أقرب للميت من ابن االبن‪ ،‬وكاألخ ألب‬
‫وابن أخ ألم وأب أو عم ألب وابن عم ألم وأب‪ ،‬فاملال كله لمأخ ألب وللعم‬
‫ألب يف الصورتني‪.‬‬
‫فإن احتدت اجلهة والدرجة‪ ،‬يقدم األقوى‪ ،‬ويسمى هذا التقديم بالقوة‪ ،‬فمن كان‬
‫صاحب قرابتني قدِّ م عىل صاحب قرابة‪ :‬كأخ ألم وأب وأخ ألب‪ ،‬فاملال كله لمأخ‬
‫ألم وأب‪ ،‬وكالعم الشقيق والعم ألب‪ ،‬فاملال كله للعم الشقيق‪.‬‬
‫فإن احتد تقديم اجلهة والدرجة والقوة‪ ،‬استوى اجلميع يف املرياث‪ :‬كابنني فأكثر‪،‬‬
‫ـ ‪197‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪.‬والعصبة بغريه‪ :‬كل أنثى فرضها النصف تصري عصب ًة بأخيها فال‬
‫يفرض هلا( ) ويكون املال بينهام‪ :‬ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ (‪ :)1‬وهي ) البنت‪،‬‬
‫) وبنت االبن‪ ) ،‬واألخت ألب وأم‪ ) ،‬أو ألب‪ ،‬وال يعصب عصبة‬
‫أخته غري هؤالء( )‪.‬‬
‫‪.‬والعصبة مع غريه( )‪ :‬األخوات ألب وأم أو ألب ي ِِصن عصب ًة مع‬
‫البنات وبنات االبن‪.‬‬

‫وعمني شقيقني أو ألب فأكثر‪ .‬ينظر‪ :‬الفوائد‬


‫وأخوين شقيقني أو ألب فأكثر‪ّ ،‬‬
‫البهية ص‪. 2- 2‬‬
‫( ) أي ال يقدر هلا سهم‪ ،‬بل يكون املال بني األنثى التي فرضها النصف وبني أخيها‬
‫‪.‬‬ ‫الذي صارت عصبة به‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫(‪ )1‬النساء‪.33 :‬‬
‫( ) أي غري هؤالء األربعة من النسوة؛ َّ‬
‫ألن من ال فرض هلا من اإلناث وأخوها عصبة‬
‫ال تصري عصبة بأخيها؛ إذ النص الوارد يف تعصيب الذكور واإلناث إنَّام هو يف‬
‫موضعني‪ :‬البنات بالبنني‪ ،‬واألخوات باألخوة‪ ،‬ومثال من ال ترث بالعصبة مع‬
‫العم إذا كانا ألبوين أو‬
‫أخيها لكوَّنا ليست من أصحاب الفروض‪ :‬العمة مع ّ‬
‫ألب‪ ،‬وابن العم مع بنت العم إذا كان كذلك‪ ،‬وابن األخ وأخته إذا كانا كذلك‬
‫أيض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬الفوائد ص ‪.‬‬
‫( ) الفرق بني العصبة بغريه والعصبة مع غريه‪َّ :‬‬
‫أن الغري يف العصبة بغريه يكون عصبة‬
‫بنفسه‪ ،‬فتعدى إىل عصوبة األنثى‪ ،‬والغري يف العصبة مع غريه ال يكون عصبة بنفسه‬
‫أصالة‪ ،‬بل تكون عصوبته مقارنة للغري‪ ،‬والباء يف بغريه لإللصاق‪ ،‬وهو ال يتحقق‬
‫بدون االشرتا ‪ ،‬فيكونان مشرتكني يف العصوبة‪ ،‬ومع للمقارنة‪ ،‬وهي ال تقتيض‬
‫‪.‬‬ ‫االشرتا ‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلو ص‬
‫ـ ‪193‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وعصبة السبب‪ :‬املعتِق ذكر ًا كان أو أنثى‪ ،‬وعصبته( )‪ ،‬وهو آخر‬


‫العصبات( )‪.‬‬
‫صاحب الفرض‪ ،‬وما ب ِقي بعد‬
‫ِ‬ ‫والعصبة‪ :‬تأخذ كل املال عند عد ِم‬
‫يشء سقط( )‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاحب الفرض‪ ،‬فإن مل يبق ٌ‬ ‫وجود‬ ‫الفرض مع‬

‫فصل [يف احلجب]‬


‫س ّت ٌة ال يسقطون بحال( )‪ :‬األبوان‪ ،‬والزوجان‪ ،‬واالبن‪ ،‬والبنت‪.‬‬

‫) أي وعصبة املعتِق عىل الرتتيب السابق املذكور إن مات املعتِق‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن‬ ‫(‬
‫ملك ق‪/ 2‬ب‪.‬‬
‫إن العصبة السببية مؤخرة عن العصبة النسبية‪ ،‬ومقدمة عىل ذوي األرحام‬ ‫) أي َّ‬ ‫(‬
‫والرد عىل ذوي األرحام‪ .‬ينظر‪ :‬الفوائد ص‪. 4‬‬
‫) أي من خمار‪ ،‬الفرض سقطت العصبة؛ ألنَّه حقها ما بقي مما استوىف صاحب‬ ‫(‬
‫رصحوا يف املسألة‬
‫الفرض سهمه‪ ،‬فلام مل يبق يش ٌء من املخر‪ ،‬سقطت العصبة‪ ،‬كام َّ‬
‫احلامرية‪ ،‬وصورهتا‪ :‬امرأة ماتت وتركت أخوين ألب وأم‪ ،‬وأخوين ألم‪ ،‬وزوج ًا‪،‬‬
‫وأم ًا‪ ،‬قال أبو بكر الصديق ‪ :‬للوو‪ ،‬النصف ولمأم السدس‪ ،‬ولمأخوين ألم‬
‫الثل ‪ ،‬وال يشء لمأخوين ألب وأم‪ ،‬وبه أخذ علامؤنا‪ ،‬وقال عثامن بن عفان ‪:‬‬
‫تشرتط األوالد ألب وأم مع أوالد األم يف الثل فكان مجيعهم أوالد ألم‪ ،‬وبه‬
‫أخذ مالك والشافعي‪ ،‬وكان عمر ‪ ‬يقول أوالً مثل ما قال أبو بكر ‪ ،‬ثم رجع‬
‫إىل قول عثامن ‪ ،‬وسبب رجوعه‪ :‬أنَّه سئل عن هذه املسألة فأجاب بام هو مذهب‬
‫أيب بكر‪ ،‬فقام واحد من أوالد األب واألم‪ ،‬وقال يا أمري املؤمنني‪ ،‬هب َّ‬
‫أن أبانا كان‬
‫محار ًا‪ ،‬ألسنا من أم واحدة‪ ،‬فأطرق عمر ‪ ‬رأسه منكس ًا‪ ،‬ثم رفع رأسه وقال‪:‬‬
‫ألَّنم بنوا أ ّم واحدة‪ ،‬فرشكهم يف الثل ‪ ،‬فلهذا سميت املسألة محارية‪،‬‬
‫صدقت؛ َّ‬
‫ومشرتكة‪ ،‬وعثامنية‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلو ص ‪.‬‬
‫) أي ال حيجبون حجب حرمان بحال‪ ،‬وإنَّام حيجب بعضهم حجب نقصان‪ ،‬أما‬ ‫(‬
‫ـ ‪199‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫أن كل‬
‫ومن سواهم من الورثة‪ ،‬فاألقرب حيجب األبعد( )‪ ،‬وضابطه‪ّ :‬‬
‫من انتسب إىل امليت بواسطة ال يرث مع وجود تلك الواسطة إال األخوة‬
‫أل ّم( )‪.‬‬
‫ويسقط األجداد باألب‪ ،‬واجلدّ ات من اجلهتني باأل ّم( )‪.‬‬
‫خاصة باألب( )‪.‬‬
‫واألبويات ّ‬
‫وأوالد االبن باالبن‪.‬‬
‫واألخوة واألخوات باالبن وابن االبن واألب واجلدّ ‪.‬‬
‫وأوالد األب ُبؤالء( ) وباألخ ألب وأم‪.‬‬

‫حجب احلرمان فهو منع شخص عن مرياثه كله بسبب وجود شخص آخر‪:‬‬
‫كحجب اجلد باألب‪ ،‬وحجب النقصان‪ :‬هو منع شخص عن فرض أو أكثر إىل‬
‫فرض أقل‪ ،‬ويدخل عىل مخسة أشخاص من الورثة‪ ،‬وهم‪ :‬األم‪ ،‬وبنت االبن‪،‬‬
‫واألخت ألب‪ ،‬والوو‪ ،،‬والووجة‪ ،‬وذلك كانتقال األم من الثل إىل السدس‬
‫ال‪ .‬ينظر‪ :‬الفوائد ص ‪.‬‬ ‫بسبب وجود ولد‪ ،‬أو ولد االبن مث ً‬
‫) أي ومن سوى هؤالء الستة من الورثة‪ ،‬فاألقرب منهم حيجب األبعد حجب‬ ‫(‬
‫فإن األب حيجب اجلد حجب حرمان‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬ ‫حرمان‪ :‬كاجلد مع األب‪َّ ،‬‬
‫السلو ‪. 2 :‬‬
‫فإَّنم يرثون مع األم وإن كان انتساهبم بالواسطة‪ ،‬وهي األم؛ لعدم‬
‫) أي أوالد األم َّ‬ ‫(‬
‫استحقاق األم مجيع الرتكة‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلو ‪. 2 :‬‬
‫) أي تسقط اجلدات باألم سواء كانت من جهة األم‪ ،‬أو من جهة األب؛ َّ‬
‫ألن األم‬ ‫(‬
‫‪.‬‬ ‫أصل يف القرابة‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫) أي تسقط اجلدات املنسوبة إىل األب خاصة وال تسقط اجلدة من جهة األم باألب‪.‬‬ ‫(‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.‬‬
‫) أي يسقط أوالد األب باالبن وابن االبن وإن سفل‪ ،‬وباألب واجلد وإن عال‪،‬‬ ‫(‬
‫ـ ‪344‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والبعدى من اجلدّ ات حتجب بالقربى من أي جهة كانت( )‪.‬‬


‫وأوالد األ ّم( ) بالولد وولد االبن واألب واجلد‪.‬‬
‫معهن أو‬
‫ّ‬ ‫وإذا أخذت البنات الثلثني سقطت بنات االبن( ) إال أن يكون‬
‫فيعصبهن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫منهن ذكر‬‫ّ‬ ‫أسفل‬
‫وإذا أخذت األخوات ألب وأم الثلثني سقطت األخوات ألب إال أن‬
‫هن( )‪.‬‬
‫معهن أخ فيعصب ّ‬ ‫ّ‬ ‫يكون‬
‫جب كاألخوين مع األب وأم ال يرثان مع األب‪ ،‬ولكن‬ ‫واملحجوب حي ِ‬
‫الثلث إىل السدس( )‪ ،‬وأم األب مع األب حتجب أم أم األم( )‪.‬‬‫ِ‬ ‫حيجبان األم من‬

‫‪.‬‬ ‫وباألخ ألب وأم أيض ًا‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬


‫( ) أي تسقط البعدى من اجلدات بالقربى من أي جهة كانت‪ ،‬سواء كانت القربى‬
‫وارثة أو حمجوبة‪ :‬كأم األب تسقط أم األم‪ ،‬وصورة كوَّنا حمجوبة‪ :‬كأم األب‬
‫ألَّنا قربى من أم األم‪ ،‬والقرب من‬
‫حتجب باألب‪ ،‬ولكن حتجب أم أم األم؛ َّ‬
‫‪.‬‬ ‫أسباب الرتجيح‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلو ‪:‬‬
‫( ) أي األخوة ألم ذكور ًا كانوا أو إناث ًا‪.‬‬
‫ألن إرثهن كان تكملة للثلثني‪ ،‬وقد كمل فسقطن؛ إذ ال طرق لتوريثهام فرض ًا‬ ‫( ) َّ‬
‫وتعصيب ًا إال أن يكون معهن أو أسفل منهن ذكر يعصب من كانت بحذائه أو‬
‫‪.‬‬ ‫كانت فوقه ممن مل تكن ذات سهم‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫( ) ملا سبق يف البنات‪.‬‬
‫( ) لقوله ‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﭼ [النساء‪.]33 :‬‬
‫إن أم األب حمجوبة مع وجود األب‪ ،‬ولكنَّها حتجب أم أم األم بحجب‬ ‫( ) أي َّ‬
‫‪.‬‬ ‫احلرمان‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‬
‫ـ ‪343‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫جب( )‪.‬‬‫واملحروم ال حي ِ‬
‫وأسباب احلرمان أربعة‪:‬‬
‫ال كان أو ناقص ًا( )‪.‬‬
‫‪.‬الر كام ً‬
‫‪.‬والقتل الذي جيب به القصاص أو الكفارة( )‪.‬‬

‫إن املحروم من املرياث بسبب الرق‪ ،‬أو القتل املبارش‪ ،‬أو اختالف الدارين‪ ،‬أو‬ ‫( ) أي َّ‬
‫الدين‪ ،‬ال حيجب عندنا حجب حرمان أو نقصان‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪ ،‬واملنحة‬
‫‪. 4:‬‬
‫( ) واملراد بالرق الكامل‪ :‬ما مل يتوجه إليه جهة العتق‪ ،‬والناقص عكسه‪ ،‬وهو أربعة‬
‫عند أيب حنيفة ‪ :‬املكاتب‪ ،‬واملدبر‪ ،‬وأم الولد‪ ،‬والذي أعتق بعضه‪ .‬ينظر‪ :‬منحة‬
‫السلو ‪. 2 :‬‬
‫( ) أما القتل الذي يتعلق به وجوب القصاص‪ ،‬فهو القتل عمد ًا‪ ،‬وذلك بأن يبارش‬
‫ويتعمد رضبه بسالح أو ما جيري جمراه يف تفريق األجواء‪ :‬كاملحدد من اخلشب‬
‫واحلجر‪ ،‬وموجبه اإلثم والقصاص‪ ،‬وال كفارة فيه‪ ،‬وأما القتل الذي يتعلق به‬
‫وجوب الكفارة‪ :‬فهو إما شبه عمد‪ :‬كأن يتعمد رضبه بام ال يقتل به غالب ًا‪ ،‬وموجبه‬
‫الدية عىل العاقلة واإلثم والكفارة وال قود فيه‪ ،‬وإما اخلطأ‪ :‬كأن رمى إىل صيد‬
‫فأصاب إنسان ًا‪ ،‬أو انقلب عليه يف النوم فقتله‪ ،‬أو وطئته دابته وهو راكبها‪ ،‬أو سقط‬
‫عليه من سطح‪ ،‬أو سقط عليه حجر من يده فامت‪ ،‬فموجبه الكفارة والدية عىل‬
‫العاقلة وال إثم فيه‪ ،‬قال ‪( :‬ال يرث القاتل شيئ ًا) يف سنن أيب داود ‪، 22 :‬‬
‫وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪ ‬قال‪( :‬قتل رجل ابنه عمد ًا‪ ،‬فرفع إىل‬
‫عمر بن اخلطاب ‪ ،‬فجعل عليه مئة من اإلبل‪ :‬ثالثني حقة‪ ،‬وثالثني جذعه‪،‬‬
‫وأربعني ثنية‪ ،‬وقال‪ :‬ال يرث القاتل‪ ،‬ولوال أنى سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬ال‬
‫يقتل والد بولده لقتلتك) يف مسند أمحد ‪ ، 2 :‬وحسنه األرنؤوط‪ ،‬وأما إذا قتل‬
‫مورثه قصاص ًا أو حد ًا أو دفاع ًا عن نفسه أو قتل مورثه الباقي ال حيرم أص ً‬
‫ال‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬هدية الصعلو ص ‪.‬‬
‫ـ ‪341‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪.‬واختالف الدينني( )‪.‬‬


‫‪.‬واختالف الدارين حقيق ًة أو حك ًام( )‪.‬‬
‫فصل‬
‫[يف األرحام]‬
‫قريب ليس صاحب فرض وال عصبة‪،‬وهم أربعة‬ ‫ٍ‬ ‫الرحم‪:‬كل‬ ‫ذو ّ‬
‫أصناف‪:‬‬
‫الصنف األ ّول‪ :‬أوالد البنات‪ ،‬وأوالد بنات االبن وإن سفلوا‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬األجداد الفاسدون‪ ،‬واجلدات الفاسدات وإن علو‪.‬‬
‫واجلد الفاسد‪ :‬كل جد تدخل بينه وبني امليت أم‪.‬‬
‫ذكر بني أنثيني( )‪.‬‬
‫واجلدّ ة الفاسدة‪ :‬كل جدّ ة يدخل بينها وبني امليت ٌ‬
‫الثالث‪ :‬بنات األخوة مطلق ًا‪ ،‬وأوالد األخوات مطلق ًا‪ ،‬وبنو األخوة‬
‫ألم‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬عامت امليت وأخواله وخاالته مطلق ًا‪ ،‬وأعاممه ألم وبناهتم‬

‫( ) فعن أسامة بن زيد ‪ ‬قال ‪( :‬ال يرث املسلم الكافر) يف املوطأ ‪، 2 :‬‬
‫‪.‬‬ ‫وصحيح البخاري ‪ ، 2 :‬وصحيح مسلم ‪:‬‬
‫إن الدار عىل نوعني‪ :‬دار إسالم ودار كفر‪ ،‬واالختالف أيض ًا نوعان‪ :‬اختالف‬ ‫( ) َّ‬
‫حقيقة‪ :‬مثل أن يكون بدن كل واحد يف دار‪ :‬كاحلريب يف دار احلرب والذمي يف دار‬
‫اإلسالم‪ ،‬واختالف حك ًام‪ :‬مثل أن يكون كالمها يف دار واحدة‪ ،‬ولكن يف قصد‬
‫أحدمها االنتقال إىل داره‪ :‬كاملستأمن والذمي فإن كالمها جيتمعان يف دار واحدة‪،‬‬
‫ولكن من قصد املستأمن االنتقال إىل دار احلرب‪ ،‬فسمي بذلك اختالف ًا حك ًام‪ ،‬فلو‬
‫مات أحدمها ال مرياث لآلخر‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلو ‪. 2 :‬‬
‫( ) مثل‪ :‬أم أب األم؛ إلدالئها بام ليس بعصبة وال صاحب فرض‪ ،‬واجلدة من األم‬
‫بخالفها‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 2‬ب‪.‬‬
‫ـ ‪341‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫مطلق ًا‪.‬‬
‫فهؤالء وكل من تفرع منهم ذوو األرحام‪.‬‬
‫وال يرثون إال إذا مل يكن للميت صاحب فرض غري الزوج والزوجة‬
‫( )‬

‫وال عصبة‪.‬‬
‫ويقدم الصنف األول( )‪ ،‬ثم الثاين‪ ،‬ثم الثالث‪ ،‬ثم الرابع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحد وتساووا يف الدرجة واجلهة‬ ‫ٍ‬
‫صنف‬ ‫ذكر وأنثى من‬‫ومتى اجتمع ٌ‬
‫ق ِسم املال بينهام ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ ( )‪ ،‬وإن وجد منهم واحدٌ ال غري‬
‫أخذ كل املال‪.‬‬

‫( ) أي ال يرث ذوو األرحام مع صاحب الفرض والعصبة سوى الوو‪ ،‬والووجة؛‬


‫ألَّنام من ذوي الفروض السببية فال يرد عليهام ما فضل من فرضهام؛ َّ‬
‫ألن تعلقهام‬ ‫َّ‬
‫بامليت كتعلق الدائن به‪ ،‬فام بقي بعد فرضهام لذوي األرحام كام بقي بعد الدين‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬هدية الصعلو ص‪. 2‬‬
‫( ) أي فأوالهم باملرياث أقرهبم إىل امليت‪ :‬كبنت البنت أوىل من بنت بنت االبن‪ ،‬وإن‬
‫استووا يف القرب فولد الوارث أوىل من ولد ذوي األرحام‪ :‬كبنت بنت االبن أوىل‬
‫من ابن بنت البنت‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ص ‪. 4‬‬
‫( ) أي إذا تر ع ًام وعمة كالمها ألب‪ ،‬فاملال بينها أثالث ًا‪ :‬الثلثان للعم‪ ،‬والثل للعمة‪،‬‬
‫وكذلك إذا تر خاالً وخالة كالمها ألب وأم‪ ،‬أو ألب‪ ،‬أو ألم‪ ،‬فاملال بينهام أثالث ًا‬
‫كذلك‪ ،‬وإن اجتمعوا وكانت جهة قربتهم متحدة‪ ،‬بأن كان ّ‬
‫الكل من جنس واحد‪،‬‬
‫فاألقوى أوىل باإلمجاع‪ :‬أي من كان ألب وأم أوىل ممن كان ألب‪ ،‬ومن كان ألب‬
‫أوىل ممن كان ألم ذكور ًا كانوا أو إناث ًا‪ ،‬وإن كان حيو قربتهم خمتلف ًا‪ :‬كعمة ألب‬
‫لقرابة األم‪،‬‬ ‫وأم‪ ،‬وعمة ألم‪ ،‬فالثلثان لقرابة األب‪ ،‬وهو نصيب األب‪ ،‬والثل‬
‫‪. 42 :‬‬ ‫وهو نصيب األم‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلو‬
‫ـ ‪343‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫املفقود حي يف ماله فال يورث حتى حيكم احلاكم بموته إذا مات‬
‫أقرانه( )‪.‬‬
‫وهو موقوف احلال يف مال ِ‬
‫غريه فيوقف نصيبه منه كاحلمل‪.‬‬
‫بموته فامله لورثتِه املوجودين عند احلك ِم بموته‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وإذا حكِم‬
‫مال غريه يرد إىل ِ‬
‫ورثة ذلك الغري( )‪.‬‬ ‫واملوقوف له من ِ‬
‫فصل‬
‫إذا ماتت مجاع ٌة بغر ‪ ،‬أو حريق‪ ،‬أو هدم‪ ،‬ومل يعلم ترتيب موهتم ج ِعل‬
‫ٍ‬
‫واحد منهم لورثته األحياء( )‪.‬‬ ‫كأّنم ماتوا مع ًا فامل كل‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ورثة الباقني يف إرث وال يف‬ ‫ٍ‬
‫بواحد من الغرقى ونحوهم يف‬ ‫وال يعتد‬

‫( ) ألنَّه إذا مل يبق أحد من أقرانه دل ذلك عىل موته فحكم بموته؛ َّ‬
‫ألن بقاءه بعد أقرانه‬
‫نادر‪ ،‬وتبنى األحكام الرشعية عىل الغالب ال عىل النادر‪ ،‬وقيل‪ :‬حيكم بموته بعد‬
‫تسعني سنة‪ ،‬ويف الفوائد ص ‪ :‬هو املفتى به‪ ،‬واختار الكامل تقديره بسبعني سنة‪،‬‬
‫وقدره أبو يوسف ‪ ‬بمئة سنة‪ ،‬وروى احلسن عن أيب حنيفة ‪ :‬أنَّه قدره بمئة‬
‫وعرشين سنة‪ ،‬قال العيني يف املنحة ‪« : 22 :‬وظاهر الرواية ما قاله املصنف‪،‬‬
‫واملختار أن يفوض إىل رأي اإلمام؛ ألنَّه خيتلف باختالف البالد‪ ،‬وكذا غلبة الظن‬
‫خيتلف باختالف األشخاص‪.»...‬‬
‫( ) ألنَّه ال يرث املفقود من أحد مات حال فقده فال يصري نصيبه من املرياث ملك ًا له‬
‫حي مل يقبض‪ ،‬واألصل يف تصحيح مسائل املفقود أن يصحح املسألة عىل تقدير‬
‫حياته‪ ،‬ثم يصحح املسألة عىل تقدير مماته‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلو ص‪. 2‬‬
‫( ) أي ال يرث بعض األموات من بعض يف الصحيح وعليه الفتوى‪ ،‬وال يعترب واحد ًا‬
‫منهم وارث ًا من إرث الباقني‪ ،‬وال يعترب واحد ًا منهم حاجب ًا لغريه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن‬
‫‪/‬أ‪.‬‬ ‫ملك ق‬
‫ـ ‪343‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حجب‪.‬‬
‫فصل‬
‫ٍ‬
‫بعض( )‪:‬‬ ‫الكفر كله مل ٌة واحد ٌة فريث الك ّفار ك ّلهم بعضهم من‬
‫بالنّسب‪ ،‬والنكاح‪ ،‬والوالء‪ ،‬إالّ أن تتلِف دارهم كام مر‪.‬‬
‫وأما املرتد فال ي ِرث من ٍ‬
‫أحد( )‪ ،‬وحكم ماله ذكرناه يف كتاب اجلهاد‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فصل‬
‫ابن واحد أو بنت واحدة أهيام كان أكثر‪،‬ويقسم‬ ‫احلمل يوقف له نصيب ٍ‬
‫الباقي( )‪.‬‬
‫وإنام يعطى ما وقف له بشط أن يولد ح ّي ًا يف مدّ ة يعلم أنه كان موجود ًا‬
‫يف بطن ّأمه عند موت مورثه( )‪.‬‬

‫( ) فالنرصاين يرث من اليهودي‪ ،‬واليهودي يرث املجويس وبالعكس‪ ،‬إال إذا‬


‫‪.‬‬ ‫ألَّنا من موانع اإلرث‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪2‬‬
‫اختلفت دارهم؛ َّ‬
‫( ) أي ال من مرتد مثله وال من مسلم‪ ،‬ولكن إذا ارتد أهل ناحية أمجعون يتوارثون؛‬
‫ألن ديارهم صارت دار حرب‪ ،‬فيقتل رجاهلم وتسبى نساؤهم وذرارهيم‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫َّ‬
‫اهلدية ص‪. 2‬‬
‫( ) هذا عند أيب يوسف ‪ :‬وعليه الفتوى؛ ألنَّه الغالب والدة ولد واحد‪ ،‬والعربة‬
‫للغالب‪ ،‬وعند أيب حنيفة ‪ :‬يوقف نصيب أربعة بنني‪ ،‬أو أربع بنات أهيام كان‬
‫بن سعد‪ ،‬ويف رواية‬ ‫أكثر‪ ،‬وعند حممد ‪ :‬يوقف نصيب ثالث بنني‪ ،‬رواه اللي‬
‫نصيب اثنني‪ ،‬وهو إحدى الروايتني عن أيب يوسف ‪ ‬رواه هشام‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة‬
‫‪. 2 :‬‬
‫( ) أل َّنه حيتمل وجوده فريث‪ ،‬وحيتمل عدمه فال يرث‪ ،‬فيوقف حتى يتبني بالوالدة‬
‫احتياط ًا؛ فإن ولد إىل سنتني حي ًا ورث؛ ألنَّه عرف وجوده وإن احتمل حدوثه بعد‬
‫ـ ‪341‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫وإذا فضلت الرتكة عن فروض الورثة ومل يكن معهم عصب ٌة فالباقي يرد‬
‫عليهم بقدر فروضهم( ) إالّ عىل الزوجني‪ ،‬فإنه ال يرد عليهام بل يوضع الباقي‬
‫بيت املال إن مل يكن للميت أحدٌ من ذوي األرحام‪ ،‬فإن كان الوارث‬ ‫يف ِ‬
‫واحد ًا من أصحاب الفروض أخذ ّ‬
‫كل املال‪.‬‬

‫‪‬‬

‫املوت‪ ،‬لكن جعل موجود ًا قبل املوت حك ًام‪ ،‬حتى يثبت نسبه؛ لقيام الفراش يف‬
‫العدة‪ .‬ينظر ‪ :‬االختيار ‪. 2 :‬‬
‫( ) مثال ذلك‪ :‬جدة وأخت ألم‪ :‬للجدة السدس‪ ،‬ولمأخت السدس‪ ،‬والباقي رد‬
‫عليهام بقدر سهامهام‪ ،‬فتجعل املسألة من عددهم وهو اثنان؛ الستوائهام يف‬
‫الفرض‪ ،‬فأصل املسألة من ستة‪ ،‬عادت بالرد إىل اثنني‪.‬‬
‫ومثال من ال يرد عليه‪ :‬كوو‪ ،‬وثالث بنات‪ :‬الوو‪ ،‬فرضه الربع من أربعة‪ ،‬والباقي‬
‫‪.‬‬ ‫للبنات‪ ،‬وهي الثالث يصح الرد عليهن‪ .‬ينظر‪ :‬هامش التحفة ص‬
‫ـ ‪347‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫كتاب الكسب واألدب‬


‫ِ‬
‫كطلب العلم( )‪ ،‬وهو أنواع أربعة‪:‬‬ ‫( )‬ ‫ِ‬
‫الكسب الز ٌم‬ ‫طلب‬
‫ِ‬
‫وقضاء دينه( )‪.‬‬ ‫لنفسه وعي ِ‬
‫اله‬ ‫الكفاية ِ‬
‫ِ‬ ‫فرض‪ :‬وهو كسب أقل‬ ‫‪ٌ .1‬‬
‫‪.2‬ومستحب‪ :‬وهو كسب الزائد عىل أقل الكفاية؛ ليوايس به فقري ًا أو‬

‫( ) قال ‪ :‬ﭽ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ [اجلمعة‪:‬‬


‫‪ ، ]34‬وقال‪ :‬ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ‬
‫[البقرة‪ :]117 :‬أي يف التجارة والوراعة‪.‬‬
‫( ) لقوله ‪( :‬طلب العلم فريضة عىل كل مسلم) يف سنن ابن ماجة ‪ ،2 :‬واملعجم‬
‫الكبري ‪ ، 2 : 2‬واملعجم األوسط ‪ ،4 :‬واملعجم الصغري ‪ ، :‬ومسند أيب‬
‫‪ ،‬وحلية األولياء‬ ‫‪ ،‬ومسند البوار ‪ ، 4 :‬وشعب اإليامن ‪:‬‬ ‫يعىل ‪:‬‬
‫إن طرقه‬ ‫‪ ،‬قال العراقي‪ :‬صحح بعض األئمة بعض طرقه‪ ،‬وقال املوي‪َّ :‬‬ ‫‪:2‬‬
‫تبلغ رتبة احلسن‪ ،‬وحسنه ابن حجر‪ ،‬ومعنى احلدي كام قال البيهقي يف املدخل‪:‬‬
‫العلم العام الذي ال يسع البالغ العاقل جهله‪ ،‬أو علم ما يطرأ له خاصة‪ ،‬أو املراد‬
‫أنه فريضة عىل كل مسلم حتى يقوم به من فيه الكفاية‪ .‬ينظر‪ :‬كشف اخلفاء ‪:‬‬ ‫ّّ‬
‫‪.‬‬
‫( ) ألنَّه سبب يتوصل به إىل إقامة الفرض‪ ،‬فيكون فرض ًا‪ ،‬وإن أطيب ما أكل الرجل‬
‫من كسب يده‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 2 :‬؛ فعن عائشة ريض اهلل عنها قالت‪ :‬قال ‪:‬‬
‫وإن أوالدكم من كسبكم) يف سنن الرتمذي ‪:‬‬ ‫إن أطيب ما أكلتم من كسبكم‪َّ ،‬‬ ‫( َّ‬
‫‪ ، 2‬وصححه‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ،4 2 :‬ومسند أمحد ‪ ، 42 :‬وغريها‪ .‬ومن‬
‫الوعيد الذي جاء يف الدين‪ ،‬عن أيب موسى األشعري ‪ ‬قال ‪َّ ( :‬‬
‫إن أعظم‬
‫الذنوب عند اهلل أن يلقاه هبا عبد بعد الكبائر التي َّنى اهلل عنها أن يموت ٌ‬
‫رجل‬
‫‪ ،‬ومسند أمحد ‪، 2 :‬‬ ‫وعليه دي ٌن ال يدع له قضاء) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫وضعفه األرنؤوط‪.‬‬
‫ـ ‪343‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ي ِصل به قريب ًا( )‪ ،‬وهو أفضل من نفل العبادة( )‪.‬‬


‫والتجمل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزائد عىل ذلك( ) للتن ّعم‬ ‫ومباح‪ :‬وهو كسب‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫‪.3‬‬
‫‪.4‬وحرا ٌم‪ :‬وهو كسب ما كان للتكاثر وال ّتفاخر وإن كان من ّ‬
‫حل( )‪.‬‬
‫( )‬ ‫ِ‬
‫الكسب اجلهاد‬ ‫وأفضل‬

‫( ) ألنَّه سبب يتوصل به إىل إقامة ما هو مستحب‪ ،‬فيكون مستحب ًا‪ ،‬كام يف املنحة ‪:‬‬
‫‪ 2‬؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬الساعي عىل األرملة واملسكني كاملجاهد يف‬
‫سبيل اهلل ‪ ،‬أو كالذي يصوم النّهار ويقوم الليل) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫‪ ، 2 4‬وصحيح مسلم ‪ ، 2 :‬وعن سلامن بن عامر ‪ ‬قال ‪( :‬الصدقة‬
‫عىل املسكني صدقة‪ ،‬وهي عىل ذي الرحم ثنتان‪ :‬صدقة‪ ،‬وصلة) يف سنن الرتمذي‬
‫‪ ، :‬وحسنه‪ ،‬واملجتبى ‪ ،2 :‬وسنن ابن ماجة ‪ ، 2 :‬ومسند أمحد ‪:‬‬
‫‪. 4‬‬
‫؛‬ ‫ختصه ومنفعة الكسب تتعدّ ى إىل غريه‪ ،‬كام يف املنحة ‪:‬‬ ‫( ) َّ‬
‫ألن منفعة العبادة ّ‬
‫أن األعامل تتباهى‪ ،‬فتقول الصدقة‪ :‬أنا‬ ‫فعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬قال‪« :‬ذكر يل‪َّ :‬‬
‫أفضلكم) يف صحيح ابن خويمة ‪.2 :‬‬
‫( ) أي عىل ما يوايس به الفقري ويصل به القريب للنعم والتجمل والرتفه حتى يبني‬
‫البنيان‪ ،‬وينقش احليطان‪ ،‬ويشرتي السيارات الفاخرة؛ لقوله ‪ :‬ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭼ [األعراف‪ ،]11:‬وقال رسول اهلل ‪( :‬نعم املال‬
‫الصالح للمرء الصالح) يف مسند أمحد ‪ ، 24 :‬وصحيح ابن حبان ‪، :2‬‬
‫‪.‬‬ ‫واألدب املفرد ‪:‬‬
‫( ) ألنَّه سبب يتوصل به إىل إقامة ما هو مكروه فيكون مكروه ًا‪ .‬ينظر‪ :‬منحة السلو‬
‫‪. 2 :‬‬
‫ألن فيه اجلمع بني حصول الكسب وإعواز الدين وقهر عدو اهلل ‪ ،‬كام يف جممع‬‫( ) ّّ‬
‫األَّنر ‪ 4 :‬؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬جعل رزقي حتت ظل رحمي‪ ،‬وجعل‬
‫ـ ‪349‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الصناعة( )‪.‬‬
‫ثم ّ‬‫ثم ال ّزراعة( )‪ّ ،‬‬
‫ثم التجارة( )‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫والعلم أيض ًا أنواع أربعة‪:‬‬
‫ِ‬
‫ومعرفة احلالل‬ ‫ِ‬
‫ألداء الفرائض‪،‬‬ ‫‪.1‬فرض‪ :‬وهو تعلم ما حيتاج إليه‬
‫واحلرام يف أحوال نفسه( )‪.‬‬

‫‪ ، 2‬ومسند‬ ‫الذل والصغار عىل من خالف أمري) يف صحيح البخاري ‪:‬‬


‫‪.‬‬ ‫أمحد ‪ ، 2 :‬وسنن سعيد بن منصور ‪:‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألن منفعة التاجر حتدث كل ساعة وتتكرر يف كل وقت فيحصل له كفايته الوقتية‪،‬‬
‫فكانت أعم نفع ًا فتكون أفضل من الوراعة؛ َّ‬
‫ألن منفعة الوراعة تكون يف األحيان‬
‫مرة‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 2 :‬؛ فعن أيب سعيد ‪ ‬قال ‪( :‬التاجر الصدوق األمني‬ ‫ّ‬
‫‪ ،‬وحسنه‪ ،‬سنن‬ ‫مع النبيني والصديقني والشهداء) يف سنن الرتمذي ‪:‬‬
‫‪ ،‬واملستدر ‪.4 :‬‬ ‫الدارمي ‪:‬‬
‫فإن قوامها باملطعوم وامللبوس‪ ،‬وذا إنَّام حيصل‬ ‫ألَّنا سعي لقوام األبدان املحرتمة‪َّ ،‬‬
‫( ) َّ‬
‫ألَّنا أيض ًا من سبب من األسباب‪ ،‬كام يف منحة السلو ‪ 2 :‬؛ فعن‬ ‫بالوراعة؛ َّ‬
‫عائشة ريض اهلل عنها قال ‪( :‬التمسوا الرزق يف خبايا األرض) يف املعجم‬
‫األوسط ‪ ، 4 :‬ومسند أيب يعىل ‪ ، 4 :4‬وشعب اإليامن ‪ ،24 :‬ومسند‬
‫الشهاب ‪. 2 :‬‬
‫ألن نفعها يصل إىل‬‫( ) قال يف البوازية‪« :‬الوراعة أفضل من التجارة عند أكثر املشايخ؛ َّ‬
‫وأَّنا أدخل يف التوكل من التجارة»‪ ،‬كام يف‬‫كل حيوان‪ ،‬وفيه إحياء األرض املوات‪َّ ،‬‬
‫إن املذهب عند مجهور العلامء والفقهاء َّ‬
‫أن مجيع‬ ‫‪ ،‬لكن يف اخلالصة‪َّ :‬‬ ‫اهلدية ص‬
‫أنواع الكسب يف اإلباحة عىل السواء‪ ،‬هو الصحيح‪ ،‬كام يف جممع األَّنر ‪. 2 :‬‬
‫( ) قال اإلمام الورنوجي يف تعليم املتعلم‪« :‬اعلم أنَّه ال يفرتض عىل كل مسلم طلب‬
‫طلب علم احلال‪ ،‬بأن يطلب علم ما يقع له يف حاله‬ ‫ُ‬ ‫فرتض عليه‬
‫كل علم‪ ،‬وإنَّام ُي ُ‬‫ّ‬
‫والصالة مما‬
‫ّ‬ ‫يف أي حال كان‪ ،‬ف ُيفرتض عليه تعلم ما ال ُبدّ له من أحكام ال ّطهارة‬
‫يتوسل به إىل إقامة الفرض‬ ‫يقع له‪ ،‬وجيب عليه بقدر ما يؤ ِّدي به الواجب؛ َّ‬
‫ألن ما ّ‬
‫ـ ‪334‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ومستحب‪ :‬وهو تعلم الزائد عىل ما حيتاج إليه ليعلمه من حيتاج‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫إليه( )‪ ،‬وهو أفضل من نفل العبادة( )‪.‬‬
‫‪.3‬ومباح‪ :‬وهو تعلم الزائد عىل ذلك للزينة والكامل( )‪.‬‬
‫‪.4‬وحرام‪ :‬وهو التعلم ليباهي به العلامء‪ ،‬ويامري به السفهاء( )‪.‬‬

‫يتوسل به إىل إقامة الواجب واجب ًا‪ ،‬ومثل ذلك تعلم أحكام‬ ‫يكون فرض ًا‪ ،‬وما ّ‬
‫والوكاة إن كان له مال‪ ،‬واحلج إن وجب عليه‪ ،‬وكذلك البيوع إن كان‬ ‫الصيام ّ‬
‫يتَّجر‪ ،‬وكذلك يفرض عليه علم أحوال القلب‪ ،‬من التوكل واإلنابة واخلشية‬
‫والرضا‪ ،‬فإنَّه واقع يف مجيع األحوال»‪.‬‬
‫) قال ‪ :‬ﭽﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﭼ [اجملادلة‪ ،]33 :‬وعن‬ ‫(‬
‫أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬أفضل الصدقة أن يتع ّلم املرء املسلم عل ًام‪ ،‬ثم يعلمه أخاه‬
‫املسلم) يف سنن ابن ماجة ‪ ،22 :‬ويف فيض القدير ‪ : 4 :‬قال املنذري‪ :‬إسناده‬
‫حسن لو صح سامع احلسن منه‪.‬‬
‫كتب أصحابنا من غري سامع‬ ‫َّظر يف ِ‬ ‫ِ‬
‫) قال احل ْصكف ّي يف الدر املختار ‪« : 4- :‬الن ُ‬ ‫(‬
‫الفقه أفضل من تعل ِم باقي‬ ‫ِ‬ ‫ـ أي عىل الشيوخ ـ أفضل من قيام الليل‪ ،‬وتعلم‬
‫فرض عني»‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الفقه ُ‬ ‫فرض كفاية‪ ،‬وتع ُّلم ما ال ُبدّ من‬ ‫ألن حفظ القرآن ُ‬ ‫القرآن»؛ « َّ‬
‫أي ما حيتاجه املسلم من أحكام الطهارة والصالة والصوم وغريها من العبادات‬
‫باإلضافة إىل ما حيتا‪ ،‬من األحكام يف معامالته وحياته اليومية‪ ،‬فإنَّه جيب عليه أن‬
‫فقه يف دين‪ ،‬وفقي ٌه واحدٌ‬ ‫بيشء أ ْفضل من ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يتعلمه‪ ،‬ويف «التاتارخان ّية»‪ :‬ما ُعبد اهلل‬
‫ٍ‬
‫ولكل يشء عامد‪ ،‬وعام ُد هذا الدِّ ين الفقه»‪ ،‬كام يف‬‫ِّ‬ ‫لف ٍ‬
‫عابد‪،‬‬ ‫أشدُّ عىل الشيطان من أ ِ‬
‫حاشية اخلادمي عىل الدرر ‪. :‬‬
‫) ألنَّه كلام يوداد علم العامل توداد زينته‪ ،‬كام يف اهلدية ص ‪.‬‬ ‫(‬
‫) أي جيادل به السفهاء‪ ،‬ويأكل به أموال األغنياء‪ ،‬ويستخدم به الفقراء؛ ألنَّه سبب‬ ‫(‬
‫يتوصل به إىل ما هو حرام‪ ،‬فيكون حرام ًا‪ ،‬كام يف رشح ابن ملك ق ‪/‬أ؛ فعن‬
‫كعب بن مالك ‪ ‬قال ‪( :‬من طلب العلم ليجاري به العلامء أو ليامري به‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وجيب عىل العامل تعليم غريه إذا طلب منه إىل أن يبلغ إىل املرتبة األوىل( )‪.‬‬
‫وال جيب عىل العامل أن جييب عن ما يسأل عنه إال إذا علِم أن ما سئِل عنه‬
‫ال يعلمه غريه( )‪.‬‬
‫كافر من مسلم أن يعلمه القرآن والفقه‪ ،‬فال بأس به رجاء أن‬ ‫ولو طلب ٌ‬
‫يطلع عىل حماسنه فيسلم( )‪.‬‬

‫فصل‬
‫األكل عىل ثالث مراتب‪:‬‬
‫‪.1‬فرض‪ :‬وهو قدر ما يندفع به اهلالك‪ ،‬ويمكِن معه الصالة قائ ًام( )‪.‬‬

‫السفهاء أو يرصف به وجوه الناس إليه أدخله اهللُ النّار) يف سنن الرتمذي ‪، :‬‬ ‫ُّ‬
‫والصمت ‪ ، 2 :‬والغيبة والنميمة ‪ ، :‬والدينار ‪ :‬؛ وعن أيب هريرة ‪‬‬
‫قال ‪( :‬من تعلم عل ًام مما يبتغى به وجه اهلل ‪ ‬ال يتعلمه إال ليصيب به عرض ًا من‬
‫‪،‬‬ ‫الدُّ نيا مل جيِد عرف اجلنة يوم القيامة)‪ :‬يعني رحيها‪ ،‬يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫وسنن ابن ماجة ‪ ،2 :‬ومسند أمحد ‪ ، 2 :‬وصحيح ابن حبان ‪، 42 :‬‬
‫واملستدر ‪ ، 2 :‬وصححه‪.‬‬
‫) وهي مرتبة تعلم ما يفرتض عليه من العلم؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬من سئل‬ ‫(‬
‫‪،‬‬ ‫عن علم فكتمه أجلمه اهلل بلجام من نار يوم القيامة) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫وسنن الرتمذي ‪ ، 2 :‬وحسنه‪ ،‬وسنن ابن ماجة ‪ ،24 :‬ومسند أمحد ‪:‬‬
‫ألن الفتوى والتعليم فرض كفاية‪ ،‬فإذا قام به البعض سقط‬‫) فحينئذ جيب أن جييب؛ َّ‬ ‫(‬
‫‪.‬‬ ‫عن الباقني‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‬
‫ألن رسول اهلل ‪ ‬كان يقرأ القرآن عىل املرشكني رجاء أن يقفوا عىل كونه معجو ًا‬ ‫) َّ‬ ‫(‬
‫فيقبل إىل اهلل تعاىل بقلبه فيؤمن‪ ،‬وكذلك الفقه ليقف عىل حسن نظمه وجودة‬
‫‪/‬أ‪.‬‬ ‫أحكامه ولطائف حكمه فيسلم‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‬
‫َّ‬
‫وألن يف تركه إلقاء النفس يف‬ ‫) ألنَّه سببه يتوصل به إىل إقامة الفرض‪ ،‬فهو فرض‪،‬‬ ‫(‬
‫ـ ‪331‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪.2‬ومباح‪ :‬وهو أدنى الشبع بن ّية أن يقوى عىل العبادة‪ ،‬وحياسب فيه‬
‫حل( )‪.‬‬‫حساب ًا يسري ًا إن كان من ّ‬
‫غد أو ملوافقة الضيف( )‪.‬‬‫‪.3‬وحرام‪ :‬وهو ما زاد عىل ذلك إال للصوم يف ٍ‬
‫حت ّل الرياضة بتقليل األكل إىل أن يضعف عن أداء العبادات( )‪.‬‬ ‫وال ِ‬
‫ولو واصل أربعني يوم ًا فامت مات عاصي ًا‪.‬‬
‫ال عىل اهلل ‪ ‬فامت مل يمت عاصي ًا( )‪.‬‬
‫ولو مرض فرتك املعاجلة توك ً‬

‫التهلكة‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﭼ [البقرة‪.]393 :‬‬


‫) لقوله ‪ :‬ﭽﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ [التكاثر‪.]3:‬‬ ‫(‬
‫ألن الضيف ربام يستحيي فال يأكل فيكون املضيف ممن أساء لضيفه‪ ،‬وقد أمرنا‬ ‫) َّ‬ ‫(‬
‫بإكرامه‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.‬‬
‫) أما جتويع النفس عىل وجه ال يعجو عن أداء العبادات‪ ،‬فهو مباح‪ ،‬وفيه رياضة‬ ‫(‬
‫النفس‪ ،‬وبه يصري الطعام مشتهى‪ ،‬بخالف األول‪ ،‬فإنَّه إهال النفس‪ ،‬وكذا‬
‫الشاب الذي خياف الشبق ال بأس بأن يمتنع عن األكل؛ ليكرس شهوته باجلوع عىل‬
‫؛ فعن ابن مسعود‬ ‫وجه ال يعجو عن أداء العبادات‪ ،‬كام يف الفتاوى اهلندية ‪:‬‬
‫‪ ‬قال ‪( :‬من استطاع الباءة فليتوو‪ ،،‬فإنَّه أغض للبرص وأحصن للفر‪ ،،‬ومن‬
‫مل يستطع فعليه بالصوم‪ ،‬فإنَّه له وجاء) يف صحيح البخاري ‪. 4 :‬‬
‫ألن الشفاء باملعاجلة مظنون مع إمكان الصحة برت املعاجلة‪ ،‬وأما اهلال برت‬ ‫) َّ‬ ‫(‬
‫يصح من غري معاجلة‪ ،‬وربام ال‬
‫ّ‬ ‫األكل فمقطوع‪ ،‬كام يف اهلدية ص‪ ، 4‬وألنَّه ُر ّبام‬
‫تنفعه املعاجلة‪ ،‬ثم التداوي جائو‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 2 :‬؛ فعن أسامة بن رشيك ‪‬‬
‫قال‪( :‬أتيت النبي ‪ ‬وأصحابه كأنَّام عىل رؤوسهم الطري‪ ،‬فسلمت ثم قعدت‪،‬‬
‫فجاء األعراب من ههنا وههنا‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أنتداوى؟ فقال‪ :‬تداووا‪َّ ،‬‬
‫فإن‬
‫اهلل تعاىل مل يضع دا ًء إال وضع له دوا ًء غري داء واحد اهلرم) يف سنن أيب داود ‪:‬‬
‫‪ ، 2‬وسنن الرتمذي ‪ ، 2 :‬وصححه‪ ،‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬ما أنول‬
‫‪.‬‬ ‫اهلل داء إال أنول له شفاء) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫ـ ‪331‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫مباح( )‪ ،‬وتركه أفضل‪.‬‬ ‫ِ‬


‫والتنعم بأنواع الفاكهة ٌ‬
‫واجلمع بني أنواع األطعمة حرام( )‪.‬‬
‫وكذا وضع اخلبز عىل املائدة أضعاف ما حيتاج إليه اآلكلون‪.‬‬
‫ِ‬
‫القصعة لتعتدل‪.‬‬ ‫اخلوان( )‪ ،‬ووضعه حتت‬ ‫وكذا رفع اخلبز عىل ِ‬
‫وكذا مسح األصابع والسكني يف اخلبز وإن أكلها( ) جاز‪ ،‬أو وضع‬

‫) لقوله ‪ :‬ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ [البقرة‪ ،]37 :‬ولكن تر هذا التنعم‬ ‫(‬


‫أفضل؛ لئال ينقص يف اآلخرة من درجاته؛ ألنَّه متى أذهب طيباته يف حياته‬
‫واستمتع هبا نقص من درجاته يف اآلخرة‪ ،‬فيدخل حتت قوله ‪ :‬ﭽ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﭼ [االحقاف‪ .]14 :‬ينظر‪ :‬منحة السلو ‪. 4 :‬‬
‫إرساف‪ ،‬وهو حرام؛ لقوله ‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ‬ ‫ٌ‬ ‫) ألنَّه‬ ‫(‬
‫[األنعام‪ ،]333 :‬إال أن يكون من قصده أن يدعو األضياف قوم ًا بعد قوم حتى‬
‫‪.‬‬ ‫يأتوا عىل آخره؛ ألنَّه فيه فائدة‪ .‬ينظر‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪:‬‬
‫واخلوان‪ :‬طبق كبري من نحاس حتته كريس‪ ،‬سمي به؛ َّ‬
‫ألن الطعام ال يتخون ما‬ ‫) ِ‬ ‫(‬
‫عليه‪ :‬أي ال ينتقص‪ ،‬وهو ما يسمى اآلن بالطاولة واملنضدة‪ ،‬وكراهة تعليق اخلبو‬
‫ألن به إهانة‪ ،‬بل يوضع وضع ًا‪ ،‬وكذلك حيرم وضع اخلبو حتت القصعة‬ ‫عليه؛ َّ‬
‫ألن ذلك فيه إهانة للخبو‪ ،‬فإنَّه من بركات السامء واألرض‪،‬‬ ‫لتستوي القصعة؛ َّ‬
‫ومن إكرامه أن ال ينتظر عىل اإلدام إذا حرض‪ ،‬كام يف هدية الصعلو ص‪ 4‬؛‬
‫فعن أنس ‪ ‬قال‪( :‬ما علمت النبي ‪ ‬أكل عىل سكرجة قط‪ ،‬وال خبو له مرقق‬
‫قط‪ ،‬وال أكل عىل خوان قط‪ ،‬قيل‪ :‬لقتادة فعىل ما كانوا يأكلون ؟ قال‪ :‬عىل السفر)‬
‫يف صحيح البخاري ‪ ، 2 2 :‬والسكرجة‪ :‬هي قصاع يوضع فيها املشهيات‪:‬‬
‫كالسلطة ونحوها‪ ،‬والسفر‪ :‬مجع سفرة‪ :‬وهي جلد مستدير حوله حلق من حديد‬
‫يضم به ويعلق‪ ،‬وكان يوضع فيه زاد املسافر الذي هو السفرة يف األصل‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يطلق عىل كل ما يوضع عىل األرض ويوضع عليه الطعام‪.‬‬
‫) أي وإن أكل الكرسة التي مسح هبا يده أو السكني فحينئذ جاز‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية‬ ‫(‬
‫ص‪. 4‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫خاصة( )‪.‬‬
‫اململحة عليه( )‪ ،‬وأكل وجهه ّ‬
‫ومن سنن األكل‪ :‬غسل اليدين قبله وبعده( )‪ ،‬والتسمية قبله‪ ،‬والشكر‬
‫بعده( )‪.‬‬
‫ومن اشتد جوعه وعجز عن كسب قوته جيب عىل كل من علِم بحاله‬
‫إطعامه( )‪ ،‬وإن مل يعلم به أحدٌ جيب عليه أن يسأل ويعلِم بحاله‪ ،‬فإن مل يفعل‬

‫‪/‬أ‪.‬‬ ‫) لكن لو وضع امللح وحده ال يكره‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‬ ‫(‬
‫َّ‬
‫وألن فيه نوع جترب‪ ،‬إال أن يكون غريه يأكل ما تركه‪ ،‬فال بأس‬ ‫) ألنَّه من اإلرساف؛‬ ‫(‬
‫به‪ ،‬كام إذا اختار رغيف ًا دون رغيف‪ .‬ينظر‪ :‬نفع املفتي والسائل ص ‪ ، 4‬والدرر‬
‫املباحة ص ‪.‬‬
‫) قال ‪( :‬بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده) يف جامع الرتمذي ‪، 2 :‬‬ ‫(‬
‫‪ :‬أي الوضوء‬ ‫‪ ،‬ومسند أمحد ‪:‬‬ ‫واملستدر ‪ ، 22 :‬وسنن أيب داود ‪:‬‬
‫اللغوي‪ :‬وهو الغسل‪.‬‬
‫) فإن نيس البسملة‪ ،‬فليقل‪ :‬باسم اهلل أوله وآخره‪ ،‬يرفع صوته بالبسملة؛ ليلقن‬ ‫(‬
‫غريه‪ ،‬وال يرفع صوته باحلمد إال أن يكونوا فرغوا من األكل‪ ،‬واحلمد يكون كيفام‬
‫كان‪ ،‬كام يف تكملة فتح امللهم ‪ :‬؛ قال ‪( :‬من نيس أن يذكر اهلل يف أول طعامه‬
‫فليقل حني يذكر‪ :‬بسم اهلل يف أوله وآخره‪ ،‬فإنَّه يستقبل طعام ًا جديد ًا ويمنع‬
‫‪،‬‬ ‫اخلبي ما كان يصيب منه) يف صحيح ابن حبان ‪ ، :‬واملستدر ‪:‬‬
‫وجامع الرتمذي ‪ ، 22 :‬وقال ‪( :‬إذا دخل الرجل بيته فذكر اهلل عند دخوله‬
‫وعند طعامه‪ ،‬قال الشيطان‪ :‬ال مبيت لكم وال عشاء) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪. 22‬‬
‫) ألنَّه أرشف عىل اهلال ‪ ،‬فيجب عىل من علم به صونه عن اهلال بإطعامه بنفسه‪،‬‬ ‫(‬
‫أو يدل عىل آخر‪ :‬كمن لقي لقيط ًا أرشف عىل اهلال ‪ ،‬أو أعمى كاد أن يرتدى يف‬
‫البئر‪ ،‬يفرتض عليه دفع اهلال عنه‪ ،‬وإذا أطعمه واحد سقط عن الباقني؛ حلصول‬
‫املقصود‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‪/ 2‬ب‪.‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫حتى مات كان قاتل نفسه( )‪.‬‬


‫السؤال( ) ويباح له األخذ( )‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومن له قوت يومه ال حيل له ّ‬
‫املسجد قيل‪ :‬حيرم إعطاؤه( )‪ ،‬واملختار أنه إذا كان ال يتخطى‬‫ِ‬ ‫والسائل يف‬
‫رقاب الناس‪ ،‬وال يمر بني يدي املصلني‪ ،‬وال يسأل الناس إحلاف ًا يباح‬
‫ِ‬
‫الثالثة حيرم إعطاؤه( )‪.‬‬ ‫إعطاؤه( )‪ ،‬وإن كان يفعل واحد ًة من هذه‬
‫واملعطي للصدقة أفضل من آخذها ويده هي العليا(‪.)7‬‬

‫( ) ألنَّه يفرتض عىل كل مؤمن أن يدفع اهلال عن نفسه ما أمكنه ولو كان بالسؤال‪،‬‬
‫بأن السؤال رخصة لو تركه ال يأثم؛ ألنَّه بالسؤال يلحقه الذل‪،‬‬‫وقال بعض الناس‪َّ :‬‬
‫وإذالل نفسه حرام كإهالكها‪ ،‬فقد ابتيل بني رشين فيختار أهوَّنام‪ ،‬وهو السؤال‪.‬‬
‫‪/‬ب‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‬
‫( ) ألنَّه يذل نفسه بغري رضورة‪ ،‬وهو حرام‪ ،‬كام يف املنحة ‪ 22 :‬؛ فعن حذيفة ‪‬‬
‫يذل نفسه‪ ،‬قالوا‪ :‬وكيف يذل نفسه؟‬ ‫قال رسول اهلل ‪( :‬ال ينبغي للمؤمن أن ّ‬
‫‪ ،‬وحسنه‪ ،‬وسنن‬ ‫قال‪ :‬يتعرض من البالء ملا ال يطيق) يف سنن الرتمذي ‪:‬‬
‫‪ ،‬ومسند أمحد ‪. 2 :‬‬ ‫ابن ماجة ‪:‬‬
‫( ) أي من كان له قوت يوم‪ ،‬بل قوت أيام كثرية وتصدق له اآلخر بال سؤال‪ ،‬يباح له‬
‫األخذ والقبول ما مل يملك نصاب األضحية‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص‪. 2‬‬
‫( ) هذا قول أيب مطيع البلخي‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪. 22 :‬‬
‫( ) أي هو املختار‪ ،‬كام يف االختيار‪ ،‬فقد روي َّأَّنم كانوا يسألون يف املسجد عىل عهد‬
‫أن علي ًا ‪ ‬تصدق بخامته يف الصالة يف املسجد»‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬حتى روي‪َّ « :‬‬
‫جممع األَّنر ‪. 2 :‬‬
‫( ) ألنَّه إعانة عىل أذى الناس‪ ،‬وإغراء املساكني عىل ذلك الفعل املكروه‪ ،‬حتى قيل من‬
‫أعطاه فلس ًا يكفره سبعني فلس ًا‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلو ص‪. 2‬‬
‫(‪ )4‬فعن ابن عمر ‪ ‬قال رسول اهلل ‪ ‬وهو عىل املنرب وهو يذكر الصدقة والتعفف‬
‫السفىل‪ ،‬واليدُ العليا هي املنفقة‪ ،‬والسفىل هي‬ ‫ِ‬
‫خري من اليد ُّ‬
‫عن املسألة‪( :‬اليدُ العليا ٌ‬
‫ـ ‪331‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والفقري الصابر أفضل من الغني الشاكر( )‪ ،‬وقيل‪ :‬ال عىل العكس‪،‬‬


‫واألول عندي أصح( )‪.‬‬
‫واختلف الصحابة ‪ ‬يف جواز قبول هدية األمراء الظلمة‪ ،‬وأكل‬
‫طعامهم‪ ،‬واملختار‪ :‬أنه إذا كان أكثر ماله حالالً حل قبول هديته‪ ،‬وأكل‬
‫طعامه‪ ،‬وإال حرم( )‪.‬‬
‫وطعام الوالدة‪ ،‬والعقيقة‪ ،‬واخلتان‪ ،‬وقدوم املسافر‪ ،‬واملوت ليس‬
‫بسنّة( )‪.‬‬

‫السائلة) يف املوطأ ‪ ،222 :‬وصحيح البخاري ‪. 2 :‬‬


‫) اختلف العلامء يف هذه املسألة عىل أربعة أقوال‪ :‬منهم من توقف‪ ،‬ومنهم من‬ ‫(‬
‫أن الصرب عىل الفقر أفضل؛ َّ‬
‫ألن يف الفقر معنى‬ ‫جعلهم سواء‪ ،‬واملذهب عندنا َّ‬
‫االبتالء‪ ،‬والصرب عىل االبتالء أفضل من الشكر عىل النعمة‪ ،‬يعترب هذا بسائر أنواع‬
‫فإن الصرب عىل أمل املرض يكون أعظم يف الثواب من الشكر عىل صحة‬ ‫االبتالء‪َّ ،‬‬
‫‪. -‬‬ ‫البدن‪ ،‬ومتام هذا البح يف املبسوط ‪: 2‬‬
‫‪ :‬الثاين‬ ‫) قال الوييل يف اهلدية ص‪ : 2‬وبه نأخذ‪ ،‬وقال العيني يف املنحة ‪:‬‬ ‫(‬
‫عندنا أصح يف هذا الومان‪.‬‬
‫ألن أموال الناس ال ختلوا عن قليل حرام‪ ،‬وختلو عن كثريه‪ ،‬فكانت العربة‬ ‫) َّ‬ ‫(‬
‫ألن شبهة احلرام ربام توقعه يف أخذ احلرام‪.‬‬‫للغالب‪ ،‬واألحوط أن ال يقبل؛ َّ‬
‫‪.‬‬ ‫ينظر‪:‬منحة السلو ‪:‬‬
‫) أي مباحة‪ ،‬فالعقيقة‪ :‬هي الذبيحة التي تذبح عن املولود يوم أسبوعه‪ ،‬كانت يف‬ ‫(‬
‫اجلاهلية ثم فعلها املسلمون يف ّأول اإلسالم فنسخها ذبح األضحية فمن شاء فعل‬
‫ومن شاء مل يفعل؛ فعن عيل ‪ ،‬قال ‪( :‬حمى ذبح األضاحي كل ذبح كان قبله‪،‬‬
‫وذكر صوم رمضان والوكاة والغسل من اجلنابة بمثل ذلك) يف سنن الدارقطني ‪:‬‬
‫‪ :‬حسن‪ ،‬وعن أيب رافع ‪ ‬موىل‬ ‫‪ ، 42‬وقال التهانوي يف إعالء السنن ‪: 4‬‬
‫ـ ‪337‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وطعام العرس سنة( )‪.‬‬

‫عيل ملّا ُولِد أرادت ُأمه فاطمة أن تعق عنه بكبشني‪،‬‬ ‫إن احلسن بن ّ‬ ‫رسول اهلل ‪َّ ( :‬‬
‫فقال‪ :‬ال تعقي عنه‪ ،‬ولكن احلقي شعر رأسه‪ ،‬ثم تصدقي بوزنه من الورق يف‬
‫سبيل اهلل‪ ،‬ثم ولد حسني بعد ذلك فصنعت مثل ذلك) يف مسند أمحد ‪، 2 :‬‬
‫‪ ، 2 : ،‬وسنن البيهقي الكبري ‪ ، 2 :2‬وعن إبراهيم‬ ‫واملعجم الكبري ‪:‬‬
‫إن العقيقة كانت يف اجلاهلية فلام جاء اإلسالم‬ ‫النخعي وحممد بن احلنفية ‪َّ « :‬‬
‫رفضت» يف اآلثار ‪ ، 2 :‬وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪( :‬سئل‬
‫إن اهلل ال حيب العقوق‪ ،‬وكأنَّه كره االسم‪ ،‬قالوا‪:‬‬‫رسول اهلل ‪ ‬عن العقيقة‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬
‫يا رسول اهلل‪ ،‬إنَّام نسألك عن أحدنا يولد له‪ ،‬قال‪ :‬من أحب منكم أن ينسك عن‬
‫ولده فليفعل عن الغالم شاتان مكافأتان‪ ،‬وعن اجلارية شاة)‪ ،‬وهذا ينفي كون‬
‫العقيقة سنة; ألنَّه ‪ ‬علق العق باملشيئة‪ ،‬وهذا أمارة اإلباحة‪ .‬ينظر‪ :‬بدائع الصنائع‬
‫‪ ، 2 :‬وغريها‪.‬‬
‫أن عبد الرمحن بن عوف توو‪ ،‬عىل عهد رسول اهلل ‪‬‬ ‫( ) فعن أنس بن مالك ‪َّ ( :‬‬
‫عىل وزن نواة من ذهب‪ ،‬فقال له رسول اهلل ‪ :‬أومل ولو بشاة) يف صحيح مسلم‬
‫‪ ، 2 :‬وصحيح البخاري ‪ ، 22 :‬ومن دعي إىل وليمة عرس فينبغي أن‬
‫جييب وإال أثم؛ فعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬إذا دعي إىل وليمة عرس فليجب) يف‬
‫صحيح مسلم ‪. 2 :‬‬
‫قال شيخنا العالمة حممد تقي العثامين حفظه اهلل تعاىل يف تكملة فتح امللهم ‪:‬‬
‫‪« :‬ودل احلدي عىل االهتامم البالغ يف الدعوة إىل جملس النكاح كام يفعل يف‬
‫زماننا ليس بمطلوب‪ ،‬فانظر إىل جابر ‪ ‬توو‪ ،‬امرأة ومل يدع رسول اهلل ‪ ‬إىل‬
‫جملس زواجه مع ما له من عالقة قوية برسول اهلل ‪ ،‬ثم انظر إليه ‪ ‬كيف دعا له‬
‫بخري ومل ينكر عليه أنَّه مل يدعه عند عقد النكاح‪ ،‬ولو كان هذا االهتامم مطلوب ًا يف‬
‫الدين مل يكن جابر ‪ ‬ليذهل عن رسول اهلل ‪ ‬عند الدعوة إىل النكاح‪ ...‬وهكذا‬
‫كان أمر الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬يتناكحون بكل سذاجة وبساطة‪ ،‬ليس فيها‬
‫هذه االلتوامات من الفخفخة والتكلف»‪.‬‬
‫ـ ‪333‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫وتكره الضيافة بعد الثالث يف املوت( )‪.‬‬


‫ويكره رفع الز ّلة( ) إال بإذن املضيف‪.‬‬
‫للضيف يف األصح أن يط ِعم ضيف ًا آخر( )‪ ،‬وأن يطعم اخلادم‬ ‫ِ‬ ‫وحيِل‬
‫الواقف عىل املائدة‪.‬‬
‫ال حلاجة‪ ،‬أو كلب ًا‪ ،‬أو هر ًة‬ ‫وال حيِ ّل له أن يعطي سائالً‪ ،‬أو داخ ً‬
‫للمضيف( )‪ ،‬فإن أطعم الكلب أو ِ‬
‫اهلرة خبز ًا حمرتق ًا أو فتات املائدة حل ذلك‪.‬‬

‫فصل‬
‫واللبس عىل ثالث مراتب‪:‬‬
‫ٌ‬
‫فرض‪ :‬وهو ما يسرت بدنه‪ ،‬ويدفع عنه رضر احلر والربد من وسط‬ ‫‪.1‬‬

‫ألن الضيافة تتخذ عند الرسور والفرح ال عند احلون والرتح‪ ،‬وأما لو اختذوا‬ ‫) َّ‬ ‫(‬
‫طعام ًا للفقراء كان حسن ًا لو مل يكن يف الرتكة حق صغري‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلو‬
‫ص‪. 2‬‬
‫) أي ما حيرض من املائدة‪ ،‬والكراهة؛ ألنَّه مأذون يف األكل ال يف الرفع‪ .‬ينظر‪ :‬رشح‬ ‫(‬
‫‪/‬ب‪.‬‬ ‫ابن ملك ق‬
‫) ألنَّه مأذون فيه عادة؛ لتعامل الناس يف ذلك‪ ،‬قيد بقوله‪( :‬يف األصح) تنبيه ًا إىل‬ ‫(‬
‫رواية يف ذلك‪ ،‬وهي رواية حممد ‪ :‬أنَّه ال حيل له؛ ألنَّه مأذون باألكل ال‬ ‫ٍ‬
‫باإلطعام‪ ،‬وكذلك حيل له أن يطعم اخلادم الواقف عىل املائدة؛ ملا ذكرنا‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫منحة السلو ‪:‬‬
‫) ألنَّه ال إذن له يف ذلك‪ ،‬بخالف إطعام فتات املائدة هلرة أو كلب‪ ،‬فإنَّه مأذون فيه‬ ‫(‬
‫عادة‪ ،‬وهذا أفضل؛ َّ‬
‫ألن إطعام هذه احليوانات جائو وال ينبغي أن يلقيها يف النهر‬
‫‪،‬‬ ‫أو الطريق‪ ،‬أما إذا وضع ألجل النمل ليأكله النمل فيجوز‪ .‬ينظر‪ :‬املنحة ‪:‬‬
‫‪/‬ب‪.‬‬ ‫ورشح ابن ملك ق‬
‫ـ ‪339‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ثياب القطن أو الكتان( )‪ ،‬والقطن عندي أفضل‪.‬‬


‫للتجمل والتز ّين وإظهار‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬ومستحب‪ :‬وهو لبس الثياب اجلميلة‬
‫نعمة اهلل ‪.) (‬‬
‫للتكرب واخليالء( )‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬وحرا ٌم‪ :‬وهو لبسها‬
‫( )‬ ‫ِ‬
‫الثوب األمحر‬ ‫ولبس‬

‫) قال اهلل ‪ :‬ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘﭼ [األعراف‪ :]13 :‬أي ما يسرت عوراتكم‬ ‫(‬
‫عند الصالة؛ وألنَّه ال يقدر عىل أداء الصالة إال بسرت العورة‪ ،‬وخلقته ال تتحمل‬
‫احلر والربد فيحتا‪ ،‬إىل دفع ذلك بالكسوة فصار نظري الطعام والرشاب‪ ،‬فكان‬
‫فرض ًا‪ ،‬واألوىل كونه من القطن أو الكتان أو الصوف بني النفيس واخلسيس؛ لئال‬
‫ألن النبي ‪‬‬‫حيتقر يف الدينء ويأخذه اخليالء يف النفيس‪ ،‬كام يف البيان ص ‪ 2‬؛ َّ‬
‫(َّنى عن الشهرتني‪ :‬أن يلبس الثياب احلسنة التي ينظر إليه فيها‪ ،‬أو الدنية أو الرثة‬
‫أن رسول اهلل ‪ ،‬قال‪ :‬أمر ًا بني أمرين وخري‬ ‫التي ينظر إليه فيها‪ ،‬قال عمرو‪ :‬بلغني َّ‬
‫األمور أوساطها) يف سنن البيهقي الكبري ‪ ، 4 :‬وقال‪ :‬هذا منقطع‪ ،‬وشعب‬
‫اإليامن ‪. 2 :‬‬
‫إن اهلل حيب أن‬‫) فهذه زائدة عن قدر الرضورة؛ ملا فيها من إظهار النعمة‪ ،‬قال ‪َّ ( :‬‬ ‫(‬
‫‪ ،‬واملستدر ‪، 2 :‬‬ ‫يرى أثر نعمته عىل عبده) يف صحيح ابن حبان ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫وسنن الرتمذي ‪:‬‬
‫) قال ‪( :‬كلوا وارشبوا وتصدقوا والبسوا غري خميلة وال رسف) يف مسند أمحد ‪:‬‬ ‫(‬
‫‪ ،‬وضابط عدم التكرب‪ :‬أن يكون مع الثوب كام كان‬ ‫‪ ، 2‬وشعب اإليامن ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬ورد املحتار ‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫قبل لبسه‪ .‬ينظر‪ :‬امللتقى وجممع األَّنر ‪:‬‬
‫‪ ،‬والدر املختار ‪:‬‬ ‫إن لبس األمحر يكره تنْوهي ًا‪ ،‬كام يف امللتقى وجممع األَّنر ‪:‬‬
‫) َّ‬ ‫(‬
‫‪ ، 2‬إال إن كان األمحر حرير ًا أو غريه إذا كان يف صبغه دم وإال فال؛ ألنَّه خلط‬
‫بالنجس‪ ،‬وللرشنباليل فيه رسالة سامها «حتفة األكمل لبيان جواز لبس األمحر»‪،‬‬
‫ومما قال فيها‪« :‬مل نجد نص ًا قطعي ًا إلثبات احلرمة ووجدنا النهي عن لبسه لع ّلة‬
‫ـ ‪314‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫واملعصفر( ) حرا ٌم‪ ،‬وأفضل الثياب البيض( )‪.‬‬

‫قامت بالفاعل من تشبه بالنساء أو باألعاجم أو التكرب‪ ،‬وبانتفاء العلة توول‬


‫الكراهة بإخالص النية؛ إلظهار نعمة اهلل تعاىل‪ ،‬وعروض الكراهة للصبغ‬
‫ال قطعي ًا عىل‬
‫بالنجس توول بغسله‪ ،‬ووجدنا نص اإلمام األعظم عىل اجلواز ودلي ً‬
‫اإلباحة‪ ،‬وهو إطالق األمر بأخذ الوينة‪ :‬ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭼ [األعراف‪:‬‬
‫‪ ،]13‬ووجدنا يف الصحيحني موجبه‪ :‬عن الرباء ‪( :‬كان النبي ‪ ‬مربوع ًا‪ ،‬وقد‬
‫رأيته يف ح ّلة محراء ما رأيت شيئ ًا أحسن منه) يف صحيح البخاري ‪، 22 :‬‬
‫وصحيح مسلم ‪ ، 2 2 :‬وبه تنتفي احلرمة والكراهة‪ ،‬بل يثبت االستحباب‬
‫‪ ،‬وقال ابن عابدين يف رد املحتار ‪:‬‬ ‫اقتدا ًء بالنبي ‪ ،»‬كام يف الرشنباللية ‪:‬‬
‫‪ « : 2‬ولكن جل الكتب عىل الكراهة كالرسا‪ ،‬واملحيط واالختيار واملنتقى‬
‫مر‬
‫والذخرية وغريها‪ ،‬وبه أفتى العالمة قاسم»‪ .‬فعن عبد اهلل بن عمرو ‪ ‬قال‪َّ ( :‬‬
‫عىل النبي ‪ ‬رجل عليه ثوبان أمحران فس َّلم عليه فلم يرد عليه النبي ‪ )‬يف سنن‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬وحسنه‪ ،‬واملستدر ‪:‬‬ ‫أيب داود ‪ ، 2 :‬وسنن الرتمذي ‪:‬‬
‫وصححه‪ ،‬واملعجم األوسط ‪.2 :‬‬
‫( ) أي الثوب املصبوغ بالعصفر‪ ،‬وكذلك املصبوغ بالوعفران وأيض ًا املصبوغ‬
‫بالورس‪ ،‬وهو األصفر‪ ،‬وهذا خاص بالرجال‪ ،‬كام يف التبيني ‪ ، 2 :‬والبحر‬
‫؛ فعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪ ‬قال‪( :‬رأى رسول اهلل ‪‬‬ ‫الرائق ‪:2‬‬
‫إن هذه من ثياب الكفار فال تلبسها) يف صحيح‬ ‫عيل ثوبني معصفرين‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬ ‫ّ‬
‫النبي ‪ ‬عن‬ ‫‪ ،‬وعن عيل ‪ ،‬قال‪َّ( :‬ناين ّ‬ ‫‪ ،‬واملستدر ‪:‬‬ ‫مسلم ‪:‬‬
‫‪،‬‬ ‫القراءة وأنا راكع وعن لبس الذهب واملعصفر) يف صحيح مسلم ‪2 :‬‬
‫وسنن الرتمذي ‪. :‬‬
‫فإَّنا من خري ثيابكم‪،‬‬ ‫( ) ملا روي َّ‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪( :‬البسوا من ثيابكم البياض‪َّ ،‬‬
‫‪ ،‬وسنن الرتمذي ‪، 2 :‬‬ ‫وكفنوا فيها موتاكم) يف صحيح ابن حبان ‪:‬‬
‫فإَّنا أطهر‬
‫وصححه‪ ،‬وسنن أيب داود ‪ ،2 :‬وقال ‪( :‬البسوا من الثياب البياض‪َّ ،‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ويستحب إرخاء طرف العاممة بني الكتفني إىل وسط الظهر( )‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫مقدار شرب‪ ،‬وقيل‪ :‬إىل موضع اجللوس‪.‬‬
‫وحيرم إرخاء الستور يف البيوت( )‪ ،‬وسرت حيطاّنا باللبود( ) ونحوها‬
‫للزينة والتكرب‪ ،‬وحيِ ّل لدفع الربد‪.‬‬

‫فصل‬
‫والكالم عىل ثالث مراتب‪:‬‬
‫‪.1‬مستحب‪ :‬كالتسبيح‪ ،‬والتحميد( )‪ ،‬والتكبري‬

‫وأطيب‪ ،‬وكفنوا فيها موتاكم) يف املستدر ‪ ، 2 :‬وصححه‪ ،‬واملعجم الكبري‬


‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬وجامع الرتمذي ‪ ، 4 :‬وسنن النسائي ‪:‬‬ ‫‪: 2‬‬
‫) فعن ابن عمر ‪ ‬قال‪( :‬كان النبي ‪ ‬إذا اعتم سدل عاممته بني كتفيه) قال نافع‪:‬‬ ‫(‬
‫«وكان ابن عمر ‪ ‬يسدل عاممته بني كتفيه‪ ،‬قال عبيد اهلل‪ :‬ورأيت القاسم وسامل ًا‬
‫‪ ،‬وحسنه‪ ،‬وصحيح ابن حبان ‪، 24 :‬‬ ‫يفعالن ذلك» يف سنن الرتمذي ‪:‬‬
‫وعن عمرو بن أمية ‪ ‬قال‪( :‬كأين أنظر الساعة إىل رسول اهلل ‪ ‬عىل املنرب وعليه‬
‫‪ ،‬وسنن أيب داود ‪:‬‬ ‫عاممة سوداء قد أرخى طرفها بني كتفيه) يف املجتبى ‪:2‬‬
‫‪ ،‬ومسند أمحد ‪ ، 2 :‬ولذلك قال النسفي يف الكنو ‪ : 2 :‬ويندب لبس‬
‫السواد وإرسال ذنب العاممة بني كتفيه إىل وسط الظهر‪ ،‬وينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪:‬‬
‫‪ ،‬والدر املختار ‪.4 :‬‬ ‫‪ ،‬وجممع األَّنر ‪:‬‬ ‫‪ ، 2‬والبحر الرائق ‪:2‬‬
‫) ألنَّه من زي اجلبابرة‪ ،‬والتشبه هبم حرام‪ ،‬هذا إذا كان للتكرب ال لدفع الربد ونحوه‪.‬‬ ‫(‬
‫ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.‬‬
‫) اللبود‪ :‬نوع من البسط‪ .‬ينظر‪ :‬هامش املنحة ‪. 2 :‬‬ ‫(‬
‫) فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬كلمتان خفيفتان عىل اللسان‪ ،‬ثقيلتان يف امليوان‪،‬‬ ‫(‬
‫حبيبتان إىل الرمحن‪ :‬سبحان اهلل العظيم سبحان اهلل وبحمده) يف صحيح البخاري‬
‫‪ ،‬وصحيح مسلم ‪ ، 24 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬من قال‪:‬‬ ‫‪:‬‬
‫ـ ‪311‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والتهليل( )‪ ،‬والصالة عىل النبي ‪ ،) (‬ونحو ذلك‪.‬‬


‫ومباح‪ :‬وهو قول اإلنسان لغريه‪ :‬تعال‪ ،‬وقم‪ ،‬واقعد‪ ،‬ونحو ذلك( )‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪.2‬‬
‫( )‬
‫‪.3‬وحرام‪ :‬وهو الكذب( ) والغيبة‬

‫مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)‬ ‫سبحان اهلل وبحمده يف يوم مئة ّ‬
‫‪.‬‬ ‫يف املوطأ ‪ ، 22 :‬وصحيح البخاري ‪:‬‬
‫) فعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬ألن أقول سبحان اهلل واحلمد هلل وال إله إال اهلل واهلل‬ ‫(‬
‫أحب إ ّيل مما طلعت عليه الشمس) يف صحيح مسلم ‪. 24 :‬‬ ‫أكرب ّ‬
‫) قال ‪ :‬ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫(‬
‫ﭾ ﭿ ﭼ [األحزاب‪ ،]31:‬وعن احلسن بن عيل ‪ ‬قال ‪( :‬البخيل من‬
‫ذكرت عنده ومل يصل عيل) يف السنن الكربى للنسائي ‪ ، 2 :2‬وقواه الشيخ‬
‫شعيب‪.‬‬
‫) فعن أيب رشيح الكعبي ‪ ‬قال ‪( :‬من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليقل خري ًا‬ ‫(‬
‫أو ليصمت) يف املوطأ ‪ ،2 2 :‬وصحيح البخاري ‪. 2 :‬‬
‫) قال ‪ :‬ﭽﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭼ [النحل‪ ،]343 :‬وعن‬ ‫(‬
‫فإن الصدق هيدي إىل الرب‪َّ ،‬‬
‫وإن الرب‬ ‫ابن مسعود ‪ ‬قال ‪( :‬عليكم بالصدق‪َّ ،‬‬
‫ويتحرى الصدق حتى يكتب عند اهلل‬ ‫ّ‬ ‫هيدي إىل اجلنة‪ ،‬وما يوال الرجل يصدق‬
‫وإن الفجور هيدي إىل‬ ‫فإن الكذب هيدي إىل الفجور‪َّ ،‬‬ ‫صديق ًا‪ ،‬وإياكم والكذب‪َّ ،‬‬
‫النار‪ ،‬وما يوال الرجل يكذب‪ ،‬ويتحرى الكذب‪ ،‬حتى يكتب عند اهلل كذاب ًا) يف‬
‫صحيح مسلم ‪. 2 :‬‬
‫) قال ‪ :‬ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ‬ ‫(‬
‫ﭼ [احلجرات‪ ،]31 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬أتدرون ما الغيبة؟ قالوا‪ :‬اهلل‬
‫ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬ذكر أخا بام يكره‪ ،‬قيل‪ :‬أفرأيت إن كان يف أخي ما أقول؟‬
‫قال‪ :‬إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته‪ ،‬وإن مل يكن فيه فقد هبته) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪. 22‬‬
‫ـ ‪311‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والنميمة( )‪ ،‬والشتيمة( )‪ ،‬والتملق( )‪ ،‬والنفا ) (‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬


‫ويستثنى من الكذب‪ :‬الكذب يف احلرب للخديعة‪ ،‬ويف الصلح بني‬

‫( ) وهي نقل قول الغري إىل املقول فيه‪ ،‬قال ‪ :‬ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬


‫ﯣ ﯤ ﭼ [القلم‪ ،]33 -34:‬وعن حذيفة ‪ ‬قال ‪( :‬ال يدخل اجلنة قتات)‪:‬‬
‫‪ ،‬وصحيح مسلم ‪ ، 2 :‬وعن أسامء‬ ‫أي نامم‪ ،‬يف صحيح البخاري ‪2 :‬‬
‫بنت يويد ريض اهلل عنها‪ ،‬قال ‪« :‬أال أخربكم بخياركم؟ قالوا‪ :‬بىل يا رسول اهلل‪،‬‬
‫قال‪ :‬الذين إذا رؤوا ُذكِر اهللُ تعاىل‪ ،‬ثم قال‪ :‬أال أخربكم برشاركم؟ املشاءون‬
‫‪،‬‬ ‫بالنميمة‪ ،‬املفسدون بني األحبة‪ ،‬الباغون ل ِ ْل ُرب ِآء ا ْلعنت) يف مسند أمحد ‪:‬‬
‫وحسنه األرنؤوط‪ ،‬واألدب املفرد ص‪. 2‬‬
‫( ) فعن ابن مسعود ‪ ‬قال ‪( :‬سباب املسلم فسوق وقتاله كفر) يف صحيح‬
‫البخاري ‪ ، 4 :‬وصحيح مسلم ‪ ،2 :‬وعن ابن مسعود ‪ ‬قال ‪( :‬ليس‬
‫املؤمن بالطعان وال باللعان وال بالفاحش البذيء) يف مسند أمحد ‪ ، 2 :‬وسنن‬
‫‪ ،‬وعن أيب الدرداء ‪‬‬ ‫‪ ،‬وحسنه‪ ،‬وصحيح ابن حبان ‪:‬‬ ‫الرتمذي ‪2 :‬‬
‫قال ‪َّ ( :‬‬
‫إن اللعانني ال يكونون شهداء وال شفعاء يوم القيامة) يف صحيح مسلم‬
‫‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ، 22 :‬وصحيح ابن حبان‬
‫؛ فعن أيب هريرة ‪‬‬ ‫( ) وهو التلطف الشديد اخلار‪ ،‬عن املعتاد‪ ،‬كام يف املنحة ‪:‬‬
‫رش الناس ذو الوجهني الذي يأيت هؤالء بوجه وهؤالء بوجه) يف‬
‫قال ‪( :‬من ِّ‬
‫‪ ،‬وصحيح مسلم ‪. 2 2 :‬‬ ‫املوطأ ‪ ،22 :‬وصحيح البخاري ‪:‬‬
‫) ( قال ‪ :‬ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ‬
‫[النساء‪ ،]333:‬وعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪( :‬مثل املنافق كمثل الشاة العائرة بني‬
‫‪ ،‬وصفة‬ ‫الغنمني‪ ،‬تعري إىل هذه مرة‪ ،‬وإىل هذه مرة) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫املنافق كام روى أبو هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدّ ث كذب‪ ،‬وإذا‬
‫‪.‬‬ ‫وعد أخلف‪ ،‬وإذا اؤمتن خان) يف صحيح البخاري ‪:‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الرجل أهله( )‪ ،‬ويف دف ِع ظلم الظامل عن املظلوم( )‪.‬‬


‫اثنني‪ ،‬ويف إرضاء ّ‬
‫فإن عرض بالكذب لغري رضورة‪ ،‬قيل‪ :‬حيرم( )‪ ،‬وقيل‪ :‬ال حيرم مثل‪ :‬أن‬
‫يقال له‪ :‬كل معنا‪ ،‬فيقول‪ :‬أكلت‪ ،‬ويعني به باألمس‪.‬‬
‫ويستثنى من الغيبة‪ :‬الظامل عند الشكوى منه‪ ،‬وغيبة واحد ال بعينه من‬
‫مجاعة( )‪.‬‬

‫( ) فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أيب معيط ريض اهلل عنها قال ‪( : ‬ليس الكذاب الذي‬
‫يصلح بني الناس ويقول خري ًا وينمي خري ًا‪ ،‬وقال ابن شهاب‪ :‬ومل أسمع يرخص‬
‫يف يشء مما يقول الناس كذب إال يف ثالث‪ :‬احلرب‪ ،‬واإلصالح بني الناس‪،‬‬
‫وحدي الرجل امرأته وحدي املرأة زوجها) يف صحيح مسلم ‪، 2 :‬‬
‫ومسند أمحد ‪ ، 2 :‬وعن أيب هريرة ‪( :‬سمى النبي ‪ ‬احلرب خدعة) يف‬
‫صحيح البخاري ‪. 2 :‬‬
‫( ) ألن أمرنا هبذا فال يباىل فيه الكذب إذا كانت النية خالصة‪ .‬ينظر‪ :‬جممع األَّنر ‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫فإن السامع يفهم منه الكذب‬ ‫ألن اللفظ ظاهره الكذب‪ ،‬وإن كان حيتمل الصدق‪َّ ،‬‬ ‫( ) َّ‬
‫ظاهر ًا فيكون يف ذلك نوع تغرير وخداع‪ ،‬والكذب إنَّام صار حرام ًا ملا فيه من‬
‫التغرير واخلداع فيحرم من غري رضورة‪ ،،‬وقيل‪ :‬ال حيرم؛ ألنَّه ليس بكذب؛ ألنَّه‬
‫‪/‬أ‪.‬‬ ‫مما حيتمله اللفظ‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‬
‫( ) نظم ابن عابدين ما تباح فيه الغيبة يف رد املحتار ‪ ، 22 :2‬فقال‪:‬‬
‫احد‬ ‫ســِوى ع ْرش ٍة ح َّل ْت أت ْت تِ ْلو و ِ‬ ‫ْــر ُه‬ ‫ِ‬ ‫اإلنْس ُ‬ ‫بـِمـا يكْـر ُه ِ‬
‫حي ُر ُم ذك ُ‬ ‫ـــان ْ‬
‫اص ِد‬ ‫و ِغ ًّشا لِق ِ‬ ‫وجم ْ ُهوال‬ ‫بِ ِف ْس ٍق‬ ‫ني ُجم ِ‬
‫اه ًرا‬ ‫اجر ْح وب ِّ ْ‬
‫رش و ْ‬
‫ِ‬
‫تظ َّل ْم و ْ‬
‫ْاهت ِم ْم ح ِّذ ْر ُف ُجور ُمعانِ ِد‬ ‫اج ٍر كذا‬ ‫ت است ِع ْن ِعنْد ز ِ‬
‫ْ‬
‫ف كذا است ْف ِ‬
‫ْ‬ ‫وع ِّر ْ‬
‫وبياَّنا فيام ييل‪:‬‬
‫‪ .1‬الظلم‪ :‬أي لشكوى ظالمته للحاكم‪ ،‬فيقول‪ :‬ظلمني فالن بكذا؛ لينصفه منه‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫رد املحتار ‪. 22 :‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪ .2‬املشورة يف نكاح وسفر ورشكة وجماورة وإيداع أمانة ونحوها‪ ،‬فله أن يذكر ما يعرفه‬
‫عىل قصد النصح‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 22 :‬وغريه‪.‬‬
‫‪ .3‬جرح املجروحني من الرواة والشهود واملصنفني‪ ،‬فهو جائو‪ ،‬بل واجب؛ صون ًا‬
‫للرشيعة‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 22 :‬وغريه‪.‬‬
‫‪ .4‬املجاهر بالفسق‪ :‬وهو الذي ال يسترت عنه وال يؤثر عنده إذا قيل عنه إنَّه يفعل كذا‪،‬‬
‫فيجوز ذكره بام جياهر به ال غريه‪ ،‬وأما إذا كان مسترت ًا فال جتوز غيبته‪ .‬ينظر‪ :‬رد‬
‫املحتار ‪. 22 :‬‬
‫‪ .5‬املجهول‪ :‬فال غيبة إال ملعلومني‪ ،‬حتى لو اغتاب أهل قرية فليس بغيبة؛ ألنَّه ال يريد‬
‫به كلهم‪ ،‬بل بعضهم‪ ،‬وهو جمهول‪ ،‬وتباح غيبة جمهول‪ .‬ينظر‪ :‬الدر املختار ‪. 22 :‬‬
‫‪ .6‬الغش لقاصده‪ :‬أي بيان العيب ملن أراد أن يشرتي شيئ ًا فيذكره للمشرتي‪ ،‬وكذا لو‬
‫رأى املشرتي يعطي البائع دراهم مغشوشة فيقول‪ :‬احرتز منه بكذا‪ .‬ينظر‪ :‬رد‬
‫املحتار ‪ ، 22 :‬وغريه‪.‬‬
‫‪ .7‬التعريف‪ :‬أي بقصد التعريف‪ :‬كأن يكون معروف ًا بلقبه‪ :‬كاألعر‪ ،،‬واألعمش‪،‬‬
‫واألحول‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 22 :‬وغريه‪.‬‬
‫‪ .8‬االستفتاء‪ ،‬بأن يقول للمفتي‪ :‬ظلمني فالن كذا وكذا وما طريق اخلالص‪ ،‬واألسلم‬
‫أن يقول‪ :‬ما قولك يف رجل ظلمه أبوه أو ابنه أو أحد من الناس كذا وكذا‪ ،‬ولكن‬
‫ألن املفتي قد يدر مع تعيينه ما ال يدر مع إهبامه‪.‬‬ ‫الترصيح مباح هبذا القدر؛ َّ‬
‫ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 22 :‬وغريه‪.‬‬
‫‪ .9‬االستعانة بمن له قدرة عىل زجره‪ .‬ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 22 :‬وغريه‪.‬‬
‫‪ .11‬االهتامم‪ :‬أي لو ذكر مساوئ أخيه عىل وجه االهتامم ال يكون غيبة‪ ،‬إنَّام الغيبة أن‬
‫يذكر عىل وجه الغضب يريد السب؛ ألنَّه لو بلغه ال يكرهه؛ ألنَّه مهتم له متحون‬
‫ومتحرس عليه‪ ،‬لكن برشط أن يكون صادق ًا يف اهتاممه وإال كان مغتاب ًا منافق ًا مرائي ًا‬
‫موكي ًا لنفسه؛ ألنَّه شتم أخاه املسلم وأظهر خالف ما أخفى وأشعر الناس أنَّه يكره‬
‫هذا األمر لنفسه وغريه ‪ ،‬وأنَّه من أهل الصالح حي مل يأت برصيح الغيبة‪ ،‬وإنَّام‬
‫ـ ‪311‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫فصل‬
‫النبي ‪ ‬عند عمل حمر ٍم( )‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫والصالة عىل‬
‫ّ‬ ‫وحيرم التسبيح والتكبري‬
‫عرض سلع ٍة‪ ،‬أو فتح متاع( )‪ ،‬ونحوها‪ ،‬ولو أمر العامل بذلك أهل جملسه أو‬
‫أمر الغازي به وقت املبارزة حل( )‪.‬‬
‫والتسبيح يف جملس الفسق بن ّية خمالفتهم( )‪ ،‬ويف السو بن ّية جتارة اآلخرة‬
‫حسن‪ ،‬وهو أفضل من التسبيح يف غري السو ‪.‬‬

‫أتى هبا يف معرض االهتامم‪ ،‬فقد مجع أنواع ًا من القبائح نسأل اهلل تعاىل العصمة‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬الدر املختار ورد املحتار ‪ ، 22 :‬وغريمها‪.‬‬
‫‪ .11‬املبتدع‪ :‬أي بأن كان يسء االعتقاد‪ :‬كصاحب بدعة خيفيها ويلقيها ملن ظفر به‪،‬‬
‫أما لو جتاهر هبا فهو داخل يف املتجاهر‪ ،‬وكذا ممن يصيل ويصوم ويرض الناس‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬رد املحتار ‪ ، 22 :‬وغريه‪.‬‬
‫( ) أي يف جملس فسق‪ ،‬أو عند عرض التاجر متاعه ملشرتيه مريد ًا بذلك إعالم املشرتي‬
‫‪/‬ب‪.‬‬ ‫جودة متاعه‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن ملك ق‬
‫( ) أي عىل قصد حتسني مشرتيه وترويج متاعه؛ وهذا ألنَّه جعل اسم اهلل تعاىل‬
‫والصالة عىل رسوله ‪ ‬وسيلة عىل تعظيم الغري واستحالل هذا الصنع الشنيع‬
‫واعتقاده يف هذه املواضع ال خفاء يف أنَّه أمر هائل عظيم نعوذ باهلل تعاىل سبحانه‬
‫‪.‬‬ ‫عن ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬هدية الصعلو ص‬
‫( ) أي لو أمر العامل هبا أهل جملسه بالتسبيح أو الغازي رفقاءه عند املبارزة‪ ،‬فإنَّه ّ‬
‫حيل‬
‫ويثاب به؛ ألنَّه يقصد به التعظيم وإظهار شعائر الدين‪ .‬ينظر‪ :‬اهلدية ص ‪.‬‬
‫( ) أي بنية َّأَّنم يشتغلون بالفسق وأنا أشتغل بالتسبيح خمالفة هلم‪ ،‬وكذلك يف السوق‬
‫بنية جتارة اآلخرة عند اشتغال الناس بتجارة الدنيا‪ ،‬فإنَّه حسن؛ لورود الثواب‬
‫العظيم بذلك‪ ،‬وهو أفضل من التسبيح وحده يف غري السوق‪ .‬ينظر‪ :‬رشح ابن‬
‫‪/‬ب‪.‬‬ ‫ملك ق‬
‫ـ ‪317‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫والرتجيع يف قراءة القرآن حرام يف املختار عىل القارئ والسامع( )‪ ،‬وكذا‬


‫يف األذان( )‪.‬‬
‫وك ِره أبو حنيفة ‪ ‬قراءة القرآن عند القبور‪ ،‬وقال حممد ‪ :‬ال يكره‪،‬‬
‫وينتفع به امليت‪ ،‬وهذا هو املختار( )‪.‬‬
‫وجيب منع الصوفية الذين يدعون الوجد واملح ّبة عن رفع الصوت‬
‫ومتزيق الثياب عند سامع الغناء؛ ألن ذلك حرام عند سامع القرآن‪ ،‬فكيف عند‬

‫ألن فيه تشبه ًا بفعل الفسقة يف حال فسقهم‪ ،‬وهو التغني‪ ،‬ومل يكن هذا يف االبتداء‪.‬‬ ‫( ) َّ‬
‫ينظر‪ :‬املنحة ص‪. 4‬‬
‫( ) بأن خيفض صوته يف الشهادتني‪ ،‬ثم يرفع الصوت هبام‪ .‬ينظر‪ :‬رشح الوقاية‬
‫ص‪. 2‬‬
‫( ) لورو د اآلثار بقراءة آية الكريس وسورة اإلخالص والفاحتة ونحو ذلك عند‬
‫‪« :‬واملسألة مبن َّية عىل‬ ‫املحتار ‪:‬‬
‫القبور‪ ،‬كام يف املنحة ‪ ، 2 :‬قال يف ر ِّد ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وص ِ‬
‫الرسوجي‬ ‫ثواب أعامل األحياء لمأموات‪ ،‬وقد أ َّلف فيها قايض القضاة ّ‬ ‫ول‬ ‫ُ‬
‫وغريه‪ ،‬وآخر م ْن صنَّف فيها شيخنا قايض القضاة سعد الدين الديري كتاب ًا س َّامه‪:‬‬
‫أن الصحيح من مذهب مجهور العلامء‬ ‫حمط هذه التأليفات َّ‬ ‫الكواكب النريات‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫ثواب‬ ‫وص ِ‬
‫ول‬ ‫الوصول»‪ .‬وقال يف تنقيح الفتاوى احلامدية‪« : 2 :4‬واختلفوا يف ُ‬
‫بعضهم‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫فالن‪ ،‬قال‬ ‫القارئ‪ :‬اللهم ِ‬
‫أوص ْل ثواب ما قر ْأته إىل‬ ‫ُ‬ ‫قراءة ال ُق ِ‬
‫رآن إذا قال‬
‫ُ‬
‫واإلنسان ليس له إال ما سعى‪ ،‬وقال‬ ‫ُ‬ ‫ال ي ِص ُل؛ ألنَّه ما هو من س ْع ِي امل ِّيت‪،‬‬
‫بعضهم‪ :‬ي ِص ُل ِ‬
‫إليه‪ ،‬وهو املُْ ْخت ُار»‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويكره اجللوس عىل القرب؛ فعن أيب مرثد ‪ ‬قال ‪( :‬ال جتلسوا عىل القبور) يف‬
‫صحيح مسلم ‪ ، 2 :‬وعن أيب هريرة ‪ ‬قال ‪( :‬ألن جيلس أحدكم عىل مجرة‬
‫فتحرق ثيابه فتخلص إىل جلده خري له من أن جيلس عىل قرب) يف صحيح مسلم ‪:‬‬
‫‪. 4‬‬
‫ـ ‪313‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫سامع الغناء الذي هو حرا ٌم خصوص ًا يف هذا الزمان( )‪.‬‬


‫اعلم أهيا األخ العزيز وفقك اهلل تعاىل وإ ّيانا ملا حيبه ويرضاه إن سعادة‬
‫الدنيا فاني ٌة وسعادة اآلخرة باقية‪.‬‬
‫قال النبي ‪ :‬لو كانت الدنيا ذهب ًا يفنى واآلخرة خزف ًا يبقى الخرتت‬
‫اآلخرة عىل الدنيا فوجب عىل العاقل أن خيتار اآلخرة عىل الدنيا( )‪.‬‬
‫وسعادة اآلخرة إنام حتصل بتقوى اهلل تعاىل‪.‬‬
‫والتقوى‪ :‬اجتناب حمارمه ‪ ،‬وهي وصية اهلل تعاىل جلميع األمم كام قال‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﮠﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪﭼ(‪.)1‬‬
‫فعليك أهيا األخ بالتقوى واالستعداد للقاء اهلل ‪ ‬ونعيم اآلخرة‪.‬‬

‫( ) قال العيني يف منحة السلو ‪« : 2 :‬أي الذي اشتهر فيه الفسق وظهرت فيه‬
‫أنواع البدع‪ ،‬واشتهرت فيه طائفة حتلوا بحلية العلامء‪ ،‬وتوينوا بوي الصلحاء‪،‬‬
‫أن قلوهبم ملئت من الشهوات واألهواء الفاسدة‪ ،‬وهم يف احلقيقة ذئاب‬ ‫واحلال َّ‬
‫فالعجب منهم َّأَّنم يدَّ عون حمبّة اهلل ‪ ‬وخيالفون سنة‬
‫ُ‬ ‫نعوذ باهلل من رشهم‪،‬‬
‫وكل ذلك جهل منهم‪،‬‬ ‫ويتعرون ّ‬
‫ّ‬ ‫ألَّنم يصفقون بأيدهيم ويطربون‬
‫رسوله ‪‬؛ َّ‬
‫فمن ا ّدعى حمبة اهلل ‪ ‬وخالف سنة رسوله ‪ ‬فهو كاذب‪ ،‬وكتاب اهلل ‪ ‬يكذبه‪،‬‬
‫شك يف َّأَّنم ال يعرفون ما اهلل ‪ ‬وال يدرون ما حمبة اهلل ‪ ،‬وهم قد‬ ‫وال ّ‬
‫يصورون يف أنفسهم اخلبيثة صورة معشقة وخياالً فاسد ًا‪ ،‬فيظهرون بذلك وجد ًا‬
‫اجلهال‬
‫أن ّ‬‫عظي ًام وبكاء جسي ًام وحركات خمتلفة واألزباد تتنول من أفواههم‪ ،‬حتى َّ‬
‫واحلمقى من العا ّمة يعتقدوَّنم ويالزموَّنم وينسبون أنفسهم إليهم‪ ،‬ويرتكون‬
‫رشيعة اهلل ‪ ‬وسنة رسوله ‪ ،‬فام هلم إال الدعاوي الفاسدة واألقوال الكاسدة‬
‫رش اجلنة والنّاس»‪.‬‬
‫رش هؤالء الطائفة ومن ِّ‬
‫أعاذنا اهلل وإ ّياكم من ِّ‬
‫( ) هذا قول لبعض احلكامء‪ ،‬كام يف فيض القدير للمناوي ‪2 :‬‬
‫(‪ )1‬النساء‪.313 :‬‬
‫ـ ‪319‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫الفهارس‬

‫وتشتمل على‪:‬‬
‫املراجع‬
‫احملتويات‬

‫ـ ‪134‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫ـ ‪134‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫املراجع‬
‫‪ .1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ .2‬اآلثار‪ :‬ملحمد بن احلسني الشيباين (ت‪181‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬أبو الوفاء األفغاين‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .1‬اآلحاد واملثاين‪ :‬ألمحد بن عمرو الضحاك الشيباين (ت‪282‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬باسم فيصل‬
‫اجلوايرة‪ ،‬دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .1‬األحاديث املختارة‪ :‬ملحمد بن عبد الواحد املقديس (‪611-762‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد امللك عبد‬
‫اهلل‪ ،‬مكتبة النهضة احلديثة‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .7‬أحكام اخلواتيم وما يتعلق هبا‪ :‬البن رجب احلنبيل (ت‪217‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد اهلل القايض‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1117 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .6‬أحكام الذبائح‪ :‬ملحمد تقي العثامين‪ ،‬مكتبة جامعة دار العلوم كراتيش‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .2‬أحكام القرآن‪ :‬ألمحد بن عيل الرازي اجلصاص (ت‪121‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .8‬أحكام النظر‪ :‬لعيل بن حممد املعروف بـ(ابن القطان الفايس)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬فتحي أبو عيسى‪،‬‬
‫دار الصحابة للرتاث بطنطا‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .1‬األدب املفرد‪ :‬ملحمد بن إسامعيل البخاري (ت‪276‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار‬
‫البشائر اإلسالمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬إرشاد السالك إىل أرشف املناسك يف فقه اإلمام مالك‪ :‬لعبد الرمحن بن عسكر املالكي‪،‬‬
‫ط‪1161 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬أسنى املطالب رشح روض الطالب‪ :‬إلسامعيل بن املقري اليمني‪ ،‬دار الكتاب‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ .12‬األصل‪ :‬ملحمد بن احلسن الشيباين (ت‪181‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬أبو الوفاء األفغاين‪ ،‬عامل الكتب‪،‬‬
‫ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬

‫ـ ‪133‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .11‬إعالء السنن‪ :‬لظفر أمحد التهانوي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حازم القايض‪ ،‬دارالكتب‬
‫العلمية‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫الزركيل‪ ،‬بدون دار طبع‪ ،‬وتاريخ طبع‪.‬‬‫‪ .11‬األعالم‪ :‬خلري الدين َّ‬
‫‪ .17‬إفاضة األنوار عىل متن أصول املنار‪ :‬ملحمد عالء الدين احلصني (ت‪1188‬هـ)‪ ،‬مطبعة‬
‫مصطفى البايب احللبي‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1111 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .16‬اإلمام زفر وآراؤه الفقهية‪ :‬للدكتور عطية اجلبوري‪ ،‬مطبعة جامعة بغداد‪118 ،‬م‪.‬‬
‫ومي (ت‪111‬هـ)‪ ،‬من خمطوطات مكتبة‬ ‫الر ّ‬ ‫‪ .12‬اإليضاح‪ :‬ألمحد بن سليامن بن كامل باشا ُّ‬
‫األوقاف العامة ببغداد برقم (‪.)11612‬‬
‫‪ .18‬االختيار لتعليل املختار‪ :‬لعبد اهلل بن حممود املوصيل (ت‪681‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬زهري عثامن‪ ،‬دار‬
‫األرقم‪ ،‬بدون تاريخ طبع‪.‬‬
‫‪ .11‬البحر الرائق رشح َكنْز الدقائق‪ :‬إلبراهيم بن حممد ابن نجيم (ت‪121‬هـ)‪ ،‬دار املعرفة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬بدون تاريخ طبع‪.‬‬
‫‪ .21‬بحوث يف قضايا فقهية معارصة‪ :‬ملحمد تقي العثامين‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1111‬هـ‪.‬‬
‫‪ .21‬بدائع الصنائع يف ترتيب الرشائع‪ :‬أليب بكر بن مسعود الكاساين (ت‪782‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1112 ،2‬هـ‪ ،‬وأيض ًا طبعة دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ .22‬البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ :‬ملحمد بن حممد الشوكاين (ت‪1271‬هـ)‪،‬‬
‫مطبعة السعادة‪ ،‬مرص‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .21‬البناية يف رشح اهلداية‪ :‬ملحمود بن أمحد ال َع ْينِي (ت‪877‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1181‬مـ‪.‬‬
‫‪ .21‬البيان يف األيامن والنذور واحلظر واإلباحة‪ :‬للدكتور صالح حممد أبو احلاج‪ ،‬دار اجلنان‪،‬‬
‫عامن‪ ،‬ط‪2111 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .27‬تاج الرتاجم‪ :‬لقاسم بن ُق ْط ُلو ُب َغا (ت‪821‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد خري‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1112‬مـ‪.‬‬
‫الز َب ْي ِد ّي (ت‪1217‬هـ)‪ ،‬طبعة‬
‫‪ .26‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ :‬للسيد حممد مرتىض ُّ‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪ .22‬تاريخ بغداد‪ :‬ألمحد بن عيل اخلطيب (ت‪161‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫ـ ‪131‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .28‬تاريخ جرجان‪ :‬حلمزة بن يوسف اجلرجاين (ت‪117‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬حممد عبد معيد خان‪،‬‬
‫عامل الكتب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .21‬تبيني احلقائق رشح َكنْز الدقائق‪ :‬لعثامن بن عيل الزيلعي‪ ،‬فخر الدين‪ ،‬املطبعة األمريية‬
‫بمرص‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬حتفة األحوذي رشح سنن الرتمذي‪ :‬ملحمد املباركفوري (ت‪1171‬هـ)‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .11‬حتفة احلبيب عىل رشح اخلطيب املشهور بـ(حاشية البجريمي عىل اخلطيب)‪ :‬لسليامن بن‬
‫حممد البجريمي (ت‪1221‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬وأيض ًا‪ :‬املكتبة اإلسالمية‪ ،‬ديار بكر‪ ،‬تركيا‪.‬‬
‫الس َم ْر َقن ِْدي (ت‪711‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪ .12‬حتفة الفقهاء‪ :‬لعالء الدين حممد بن أمحد َّ‬
‫بريوت‪ ،‬بدون تاريخ طبع‪.‬‬
‫‪ .11‬حتفة النبالء يف مجاعة النساء‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬ت‪ .‬د‪ .‬صالح أبو‬
‫احلاج‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .11‬حتقيق اآلمال يف إخراج زكاة الفطر باملال‪ :‬للسيد أمحد الصديق الغامري‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬صالح‬
‫أبو احلاج‪ ،‬حتت الطبع‪.‬‬
‫‪ .17‬الرتغيب والرتهيب‪ :‬لعبد العظيم املنذري (ت‪676‬هـ)‪ ،‬ت‪ .‬إبراهيم شمس الدين‪ .‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1112 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .16‬التعليق املمجد عىل موطأ حممد‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬الدكتور تقي‬
‫الدين الندوي‪ ،‬دار السنة والسرية بومباي‪ ،‬ودار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1111 ،1‬مـ‪.‬‬
‫‪ .12‬تغليق التعليق‪ :‬البن حجر العسقالين (ت‪872‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬سعيد القزقي‪ ،‬املكتب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬دار عامر‪ ،‬بريوت‪ ،‬عامن‪ ،‬ط‪1117 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .18‬تفسري الطربي‪ :‬ملحمد بن جرير الطربي (ت‪111‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪1117 ،‬هـ‪.‬‬
‫الرافِ ِعي الكبري‪ :‬ألمحد بن عيل ابن حجر ال َع ْس َقالين‬
‫‪ .11‬تلخيص احلبري يف ختريج أحاديث َّ‬
‫(‪872-221‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬السيد عبد اهلل هاشم‪ ،‬املدينة املنورة‪1181 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬تنبيه الغافل والوسنان عىل أحكام هالل رمضان‪ :‬ملحمد أمني ابن عابدين‬
‫(ت‪1272‬هـ)‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ضمن جمموع رسائله‪.‬‬
‫‪ .11‬التنبيه‪ :‬إلبراهيم الشريازي (ت‪126‬هـ)‪ ،‬مطبعة مصطفى احللبي‪ ،‬الطبعة األخرية‪،‬‬
‫‪1121‬هـ‪.‬‬

‫ـ ‪134‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .12‬تنوير األبصار وجامع البحار‪ :‬ملحمد التمرتايش (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬مطبعة الرتقي‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫‪1112‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬التوضيح رشح التنقيح‪ :‬لصدر الرشيعة عبيد اهلل بن مسعود املحبويب (ت‪212‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫الكتب العربية الكربى‪1122 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬جامع الرموز يف رشح النقاية‪ :‬لشمس الدين حممد القهستاين (ت نحو‪171 :‬هـ)‪،‬‬
‫املطبعة املعصومية‪ ،‬استانبول‪1211 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .17‬اجلامع الصغري‪ :‬لعبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي (ت‪111‬هـ)‪ ،‬مطبعة مصطفى البايب‬
‫احللبي وأوالده‪ ،‬ط‪1122 ،1‬هـ‪ ،‬ضمن رشحه الرساج املنري‪.‬‬
‫‪ .16‬اجلامع يف أحكام الصيام واالعتكاف واحلج والعمرة‪ :‬للدكتور صالح أبو احلاج‪ ،‬دار‬
‫اجلنان‪ ،‬ط‪2117 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .12‬اجلامع‪ :‬ملعمر بن راشد األزدي (ت‪171‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حبيب األعظمي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪1112 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .18‬اجلــواهر املضــية يف طبقــات احلنفيــة‪ :‬لعبــد القــادر بــن حممــد بــن أيب الوفــاء القــريش‬
‫(ت‪227‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد الفتاح احللو‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪.1111 ،2‬‬
‫‪ .11‬اجلوهر الكيل رشح عمدة املصيل‪ :‬لعبد الغني النابليس‪ ،‬من مصورات خمطوطات‬
‫مكتبتي عن دار صدام‪.‬‬
‫اد ّي (ت‪811‬هـ)‪،‬‬ ‫‪ .71‬اجلوهرة النرية رشح خمترص القدوري‪ :‬أليب بكر بن عيل بن حممد احلدَّ ِ‬
‫َ‬
‫املطبعة اخلريية‪ ،‬ط‪1122 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .71‬حاشية الدرر عىل الغرر‪ :‬ملحمد بن مصطفى اخلادمي‪ ،‬مطبعة عثامنية‪ ،‬دار سعادت‪،‬‬
‫‪1111‬هـ‪.‬‬
‫‪ .72‬حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري‪ :‬ملحمد بن أمحد بن عرفة الدسوقي (‪1211‬هـ)‪،‬‬
‫دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬
‫‪ .71‬حاشية الرشنباليل عىل درر احلكام‪ :‬حلسن الرشنباليل (ت‪1161‬هـ)‪ ،‬الرشكة الصحفية‬
‫العثامنية‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .71‬حاشية الشلبي عىل تبيني احلقائق‪ :‬ألمحد الشلبي احلنفي‪ ،‬املطبعة األمريية بمرصـ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1111‬هـ‪ ،‬مطبوع هبامش تبيني احلقائق‪.‬‬
‫‪ .77‬حاشــية ال َّط ْح َطــاوي عــىل الــدر املختــار‪ :‬ألمحــد بــن حممــد ال َّط ْح َط ِ‬
‫ــاو ّي احلنفــي‬
‫(ت‪1211‬هـ)‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪1127 ،‬مـ‪.‬‬
‫ـ ‪134‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫او ّي احلنفي‬ ‫‪ .76‬حاشية ال َّط ْح َطاوي عىل مراقي الفالح‪ :‬ألمحد بن حممد ال َّط ْح َط ِ‬
‫(ت‪1211‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد عبد العزيز اخلالدي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .72‬حاشيتا قليويب وعمرية عىل رشح املحيل عىل املنهاج‪ :‬لشهاب الدين القليويب وعمرية‪،‬‬
‫دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬
‫‪ .78‬احلج والعمرة يف الفقه اإلسالمي‪ :‬للدكتور نور الدين عرت‪ ،‬دار الياممة‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪،‬‬
‫‪1117‬م‪.‬‬
‫‪ .71‬حلية األولياء‪ :‬أليب نعيم األصبهاين (ت‪111‬هـ)‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1117‬هـ‪.‬‬
‫افعي (ت‪818‬هـ)‪ ،‬املكتبة‬ ‫مريي املرصي َّ‬
‫الش ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .61‬حياة احليوان الكربى‪ :‬ملحمد بن عيسى الدَّ‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .61‬احليل (‪ )1‬من املحيط الربهاين‪ :‬ملحمود بن أمحد برهان الدين (‪616‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬يوسف‬
‫أمحد البالكي‪ ،‬إرشاف‪ :‬د‪.‬مجال الباجوري‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة بغداد‪1121 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .62‬خريدة العجائب وفريدة الغرائب‪ :‬لعمر بن الوردي (ت‪211‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشعبية‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫للرافِ ِعي‪ :‬لعمر بن عيل بن ا ُمل َل ِّقن‬ ‫‪ .61‬خالصة البدر املنري يف ختريج كتاب الرشح الكبري َّ‬
‫(ت‪811‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬محدي السلفي‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .61‬الدر املختار رشح تنوير األبصار‪ :‬ملحمد بن عيل بن حممد احلصكفي احلنفي‬
‫(ت‪1188‬هـ)‪ ،‬مطبوع يف حاشية َر ّد ا ُمل ْحتَار‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .67‬در املنتقى يف رشح امللتقى‪ :‬لعالء الدين حممد بن عيل احلَ ْصكَفي (‪1188‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫الطباعة العامرة‪1116 ،‬هـ‪ ،‬مطبوع هبامش جممع األهنر‪.‬‬
‫‪ .66‬الدراية يف ختريج أحاديث اهلداية‪ :‬ألمحد بن عيل ابن َح َجر ال َع ْس َقالين (‪872-221‬هـ)‪،‬‬
‫دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬بدون تاريخ طبع‪.‬‬
‫‪ .62‬الدرر احلسان يف أحكام احلج والعمرة‪ :‬للـدكتور أمحـد احلجـي الكـردي‪ ،‬دار البشـائر‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .68‬درر احلكام رشح غرر األحكام‪ :‬ملحمد بن فرا ُموز املعروف بـ(مال خرسو)‬
‫(ت‪887‬هـ)‪ ،‬در سعادت‪1118 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .61‬دفع الغواية امللقبة بـ(مقدمة السعاية) لعبد احلي اللكنـوي (ت‪1111‬هــ)‪ ،‬باكسـتان‪،‬‬
‫‪1126‬م‪.‬‬
‫ـ ‪134‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .21‬ذخر املتأهلني رشح منهل الواردين‪ :‬البن عابدين (‪1272‬هـ)‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1111 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬الذخرية الربهانية‪ :‬ملحمود بن أمحد برهان الدين (‪616‬هـ)‪ ،‬من خمطوطات جسرت بيتي‬
‫مصورة يف اجلامعة األردنية برقم (‪.)1862‬‬
‫‪ .22‬ذخرية العقبى عىل رشح الوقاية‪ :‬ليوسف جلبي‪ ،‬مطبع فتح الكريم الواقع يف بندار‬
‫ملبيء‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .21‬ر ّد املحتار عىل الدر املختار‪ :‬ملحمد أمني بن عمر ابن عابدين (ت‪1272‬هـ)‪ ،‬دار إحياء‬
‫الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .21‬رسائل األركان‪ :‬لعبد العيل حممد اللكنوي (بحر العلوم)(ت‪1227‬هـ)‪ ،‬املطبع‬
‫العلوي‪ ،‬لكنو‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .27‬رمز احلقائق رشح كنْز الدقائق‪ :‬لبدر الدين حممود بن أمحد ال َع ْينِي (‪877-262‬هـ)‪،‬‬
‫مطبعة وادي النيل‪ ،‬مرص‪1211 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .26‬سباحة الفكر يف اجلهر بالذكر‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد الفتاح أبو‬
‫غدة‪ ،‬مكتب املطبوعات اإلسالمية بحلب‪ ،‬ط‪1117 ،7‬هـ‪.‬‬
‫‪ .22‬السعاية يف كشف ما يف رشح الوقاية‪ :‬للكنوي‪ ،‬طبع يف املطبع املصطفائي ‪1112‬م‪ ،‬ثم‬
‫صورت هذه الطبعة احلجرية يف باكستان‪ ،‬والنارش‪ :‬سهيل اكريمي‪ ،‬الهور‪1126 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .28‬سنن أيب داود‪ :‬لسليامن بن أشعث السجستاين (ت‪227‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد حميي الدين عبـد‬
‫احلميد‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .21‬سنن ابن ماجه‪ :‬ملحمد بن يزيد بن ماجه القزويني (ت‪221‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممـد فـؤاد عبـد‬
‫الباقي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .81‬سنن ال َب ْي َه ِقي الكبري‪ :‬ألمحد بن احلسني بن عيل ال َب ْي َه ِقـي (ت‪178‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬حممـد عبـد‬
‫القادر عطا‪1111 ،‬هـ‪ ،‬مكتبة دار الباز‪ ،‬مكة املكرمة‪.‬‬
‫‪ .81‬سنن الدَّ َار ُق ْطنِي‪ :‬لعيل بن عمر الدَّ َار ُق ْطنِي (ت‪187‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬السيد عبد اهلل هاشم‪ ،‬دار‬
‫املعرفة‪ ،‬بريوت‪1186 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .82‬سنن الدارمي‪ :‬لعبد اهلل بن عبد الرمحن أيب حممد الدارمي (ت‪277‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬فواز أمحـد‬
‫وخالد العلمي‪ ،‬دار الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1112 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .81‬السنن الصغرى‪ :‬ألمحد بن حسني البيهقي (ت‪178‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬حممـد ضـياء الـرمحن‬
‫األعظمي‪ ،‬مكتبة الدار‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬

‫ـ ‪134‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ائي الكربى‪ :‬ألمحد بن شعيب الن ََّس ِائي (ت‪111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪.‬عبد الغفار‬ ‫‪ .81‬سنن الن ََّس ّ‬
‫البنداوي وسيد كرسوي حسن‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .87‬سنن سعيد بن منصور‪ :‬لسعيد بن منصور (ت‪ ،)222‬ت‪ :‬د‪ .‬سعد أل محيد‪ ،‬دار‬
‫العصيمي‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .86‬رشح ابن العيني عىل املنار‪ :‬لعبد الرمحن بن أيب بكر بن حممد (ت‪811‬هـ)‪ ،‬املطبعة‬
‫العثامنية يف دار اخلالفة‪1116 ،‬هـ‪ ،‬هبامش رشح املنار‪.‬‬
‫حلن َِفي‬
‫جاين ا َ‬
‫‪ .82‬رشح الرشيفي عىل الفرائض الرساجية‪ :‬لعيل بن حممد احلسيني اجلُ ْر ّ‬
‫(ت‪816‬هـ)‪ ،‬املطبعة األزهرية املرصية‪1126 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .88‬رشح املنار‪ :‬لعبد اللطيف بن عبد العزيز الكرماين ابن ملك (ت‪811‬هـ)‪ ،‬املطبعة‬
‫العثامنية يف دار اخلالفة‪1116 ،‬هـ‪.‬‬
‫حممد أبو املكارم ( ت‪ :‬بعد‪112 :‬هـ)‪ ،‬من خمطوطـات مكتبـة‬ ‫‪ .81‬رشح النقاية‪ :‬لعبد اهلل بن َّ‬
‫وزارة األوقاف العراقية برقم (‪.)1718‬‬
‫‪ .11‬رشح الوقاية‪ :‬لصدر الرشيعة املحبويب (ت‪212‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬صالح أبو احلاج‪ ،‬دار‬
‫الوراق‪ ،‬ط‪2117 ،1‬م‪.‬‬
‫ـاين (ت‪ :‬بعـد‪816 :‬هــ)‪ ،‬مـن‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ .11‬رشح الوقاية‪ :‬ملحمد بن عبد اللطيف ابـن ملـك الك ْر َم ّ‬
‫خمطوطات وزارة األوقاف العراقية برقم (‪.)162‬‬
‫‪ .12‬رشح حتفة امللوك والسالطني‪ :‬لعبد اللطيف بن عبد العزيز بن ملك (ت‪811‬هـ)‪ ،‬من‬
‫خمطوطات دار صدام برقم (‪.)1866‬‬
‫‪ .11‬رشح معاين اآلثار‪ :‬ألمحد بن حممد بن سالمة ال َّط َحـاوي (‪121-221‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬حممـد‬
‫زهري النجار‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬رشح مال مسكني عىل كنْز الدقائق‪ :‬ملعني الدين اهلروي املعروف بـ(مال‬
‫مسكني)(ت‪171‬هـ)‪ ،‬املطبعة اخلريية‪ ،‬مرص‪1121 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .17‬شعب اإليامن‪ :‬ألمحد بن احلسن البيهقي (ت‪178‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد بسيوين زغلول‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .16‬الشــقائق النعامنيــة يف علــامء الدولــة العثامنيــة‪ :‬ألمحــد بــن مصــطفى طاشــكربى زاده‬
‫(ت‪168‬هـ)‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪1127 ،‬م‪.‬‬
‫ري (ت‪111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬أمحد عبد الغفور‪ ،‬دار العلم‬ ‫جل ْو َه ّ‬
‫‪ .12‬الصحاح‪ :‬إلسامعيل بن محاد ا َ‬
‫للماليني‪ ،‬ط‪.1121 ،1‬‬
‫ـ ‪134‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .18‬صحيح ابن ح َّبان برتتيب ابن بلبان‪ :‬ملحمد بن ِح َّبان التميمـي (‪171‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬الشـيخ‬
‫شعيب األرناؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .11‬صحيح ابن خزيمة‪ :‬ملحمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي (ت‪111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬حممـد‬
‫مصطفى األعظمي‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬صحيح البخاري‪ :‬ملحمد بن إسامعيل اجلعفي ال ُب َخ ِار ّي (ت‪276‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬مصطفى‬
‫البغا‪ ،‬دار ابن كثري والياممة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1112 ،1‬هـ‪.‬‬
‫ابوري (ت‪261‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد فؤاد‬ ‫ّ‬ ‫‪ .111‬صحيح مسلم‪ :‬ملسلم بن احلجاج ال ُق َش ْري ّي النَّ ْي َس‬
‫عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .112‬الصالة (‪ )1‬من املحيط الربهاين‪ :‬ملحمود بن أمحد بن مازه البخاري (ت‪616‬هـ)‪ ،‬ت‪:‬‬
‫كامـل شــطيب‪ ،‬إرشاف‪ :‬أ‪ .‬د‪ :‬عبــد اهلل اجلبــوري‪ ،‬رســالة دكتــوراه‪ ،‬جامعــة بغــداد‪،‬‬
‫‪1112‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬الصالة (‪ )2‬من املحيط الربهاين‪ :‬ملحمود بن أمحد برهان الدين (‪616‬هـ)‪ ،‬ت‪:‬‬
‫حيزومه شاكر الشيخيل‪ ،‬إرشاف‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬حممد رمضان عبد اهلل‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫بغداد‪1122 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬ضابط املفطرات يف جمال التداوي‪ :‬للشيخ املفتي حممد رفيع العثامين‪ ،‬مكتبة دار العلوم‬
‫كراتيش‪ ،‬باكستان‪1121 ،‬هـ‪.‬‬
‫اوي‬
‫ـخ ّ‬‫الس َ‬
‫‪ .117‬الضوء الالمع ألهل القرن التاسع‪ :‬لشمس الدين حممد بـن عبـد الـرمحن َّ‬
‫(ت‪112‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بدون تاريخ طبع‪.‬‬
‫‪ .116‬طبقات احلنفية‪ :‬لعيل بن أمـر اهلل قنـايل زاده ابـن احلنـائي (ت‪121‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬سـفيان‬
‫عايش وفراس خليل‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬ط‪1127 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .112‬طلبة الطلبة‪ :‬لعمر بن حممد النسفي (ت‪712‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد حسن الشافعي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .118‬الطهارات من املحيط الربهاين‪ :‬ملحمود بن أمحد بن مازه البخاري (ت‪616‬هـ)‪ ،‬ت‪:‬‬
‫لصالح الرواشده‪ ،‬إرشاف‪ :‬أ‪ .‬د‪ :‬عبد اهلل اجلبوري‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة بغداد‪،‬‬
‫‪1116‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬عجائب املخلوقات واحليوانات وغرائب املوجودات‪ :‬لزكريا بن حممد بن حممود‬
‫القزويني‪ ،‬املكتبة اإلسالمية‪.‬‬

‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .111‬علل ابن أيب حاتم‪ :‬لعبد الرمحن بن حممد الرازي (ت ‪122‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حمب الدين‬
‫اخلطيب‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪1117 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬علل اجلارودي (ت‪112‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عيل حسن‪ ،‬دار اهلجرة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .112‬عمدة الرعاية حاشية رشح الوقاية‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬املطبع‬
‫املجتبائي‪ ،‬دهيل‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬عمدة القاري رشح صحيح البخاري‪ :‬لبدر الدين حممدو بن أمحد العيني‬
‫(ت‪877‬هـ)‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .111‬العناية عىل اهلداية‪ :‬ألكمل الدين حممد بن حممد الرومي ال َبا َب ْريت (ت‪286‬هـ)‪ ،‬هبامش‬
‫فتح القدير للعاجز الفقري‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .117‬الغرة املنيفة يف حتقيق بعض مسائل اإلمام أيب حنيفة‪ :‬لعمر الغزنوي (ت‪221‬هـ)‪ ،‬ت‪:‬‬
‫حممد زاهد الكوثري‪ ،‬املكتبة األزهرية للرتاث‪ ،‬مرص‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .116‬غرر األحكام‪ :‬ملحمد بن فرا ُموز مال خرسو (ت‪887‬هـ)‪ ،‬در سعادت‪1118 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .112‬غمز عيون البصائر عىل األشباه والنظائر‪ :‬ألمحد بن حممد احلموي (ت‪1118‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫الطباعة العامرة‪ ،‬مرص‪1211 ،‬هـ‪.‬‬
‫حل َلبي (ت‪176‬هـ)‪،‬‬ ‫املصيل‪ :‬إلبراهيم بن حممد بن إبراهيم ا َ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ .118‬غنية املستميل رشح منية‬
‫مطبعة سنده‪1217 ،‬هـ‪.‬‬
‫حلنَفي‬ ‫خل َو ِار ّ‬
‫زمي ا َ‬ ‫‪ .111‬الفتاوي ال َب َّزازية‪ :‬ملحمد بن حممد بن شهاب ابن ال َب َّزاز الك َْر َدري ا َ‬
‫(ت‪ ،)822‬املطبعة األمريية ببوالق مرص‪1111 ،‬هـ‪ ،‬هبامش الفتاوي اهلندية‪.‬‬
‫َفي األندريتي (ت‪286‬هـ)‪ ،‬من خمطوطات‬ ‫حلن ّ‬
‫‪ .121‬الفتاوى التاتارخانية‪ :‬لعامل بن عالء ا َ‬
‫وزارة األوقاف العراقية برقم (‪.)1181‬‬
‫عيل بن عثامن األويش‪ ،‬املطبع العايل يف لكنو‪،‬‬ ‫الفتاوى الرساجية‪ :‬لرساج الدين ّ‬
‫‪.121‬‬

‫‪1112‬هـ‪ ،‬هبامش فتاوى قايض خان‪.‬‬


‫‪ .122‬الفتاوى املهدية يف الوقائع املرصية‪ :‬ملحمد العبايس‪ ،‬املطبعة األزهرية املرصية‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1111‬هـ‪.‬‬
‫‪ .121‬الفتاوي اهلندية‪ :‬للشيخ نظام الدين الربهانفوري‪ ،‬والقايض حممد حسني اجلونفوري‪،‬‬
‫والشيخ عيل أكرب احلسيني‪ ،‬والشيخ حامد اجلونفوري‪ ،‬وغريهم‪ ،‬املطبعة األمريية‬
‫ببوالق‪1111 ،‬هـ‪.‬‬

‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫وزجن ِ‬
‫ْـد ّي (ت‪712‬هــ)‪ ،‬املطبعـة‬ ‫حلسن بن منصور بن حممود األُ ْ َ‬ ‫‪ .121‬فتاوى قايض خان‪َ :‬‬
‫األمريية ببوالق‪ ،‬مرص‪1111 ،‬هـ‪ ،‬هبامش الفتاوي اهلندية‪.‬‬
‫الين (ت‪872‬هـ)‪،‬‬ ‫‪ .127‬فتح الباري رشح صحيح ال ُب َخاري‪ :‬ألمحد بن عيل ابن َح َجر ال َعس َق ِ‬
‫ْ‬
‫ت‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬وحمب الدين اخلطيب‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪1121 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .126‬فتح القدير للعاجز الفقري عىل اهلداية‪ :‬ملحمد بن عبد الواحد ابن اهلامم (ت‪861‬هـ)‪،‬‬
‫دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬وأيض ًا‪ :‬طبعة دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .122‬فتح باب العناية برشح النقاية‪ :‬لعيل بن سلطان حممد القاري (‪1111-111‬هـ)‪ ،‬ت‪:‬‬
‫حممد نزار وهيثم نزار‪ ،‬دار األرقم‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .128‬فتوحات الوهاب بتوضيح رشح منهج الطالب (حاشية اجلمل عىل رشح املنهج)‪:‬‬
‫لسليامن اجلمل‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .121‬فتوى اخلواص يف حل ما صيد بالرصاص‪ :‬ملحمود أفندي احلمزاوي (ت‪1117‬هـ)‪،‬‬
‫ت‪ :‬سائد بكداش‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬ط‪1121 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬الفرائض الرساجية‪ :‬ملحمد بن حممد السجاوندي‪ ،‬املطبعة األزهرية املرصية‪،‬‬
‫‪1126‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬الفقه املنهجي عىل مذهب اإلمام الشافعي‪ :‬للدكتور مصطفى اخلن وآخرون‪ ،‬دار‬
‫القلم‪.‬‬
‫‪ .112‬الفلك الدوار فيام يتعلق برؤية اهلالل بالنهار‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (ت‪1111‬هـ)‪،‬‬
‫املطبع املصطفائي‪ ،‬لكنو‪1211 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬الفوائد البهية يف املواريث الرشعية عىل مذهب أيب حنيفـة‪ :‬لقاسـم بـن نعـيم الطـائي‬
‫احلنفي‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪1121 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬الفوائد البهية يف تراجم احلنفية‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (ت‪2111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬أمحد الزعبي‪،‬‬
‫دار األرقم‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1118 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .117‬فيض القدير رشح اجلامع الصغري‪ :‬لعبد الرؤوف املناوي‪ ،‬املكتبة التجارية الكربى‪،‬‬
‫مرص‪ ،‬ط‪1176 ،1‬هـ‪.‬‬
‫اهدي (ت‪678‬هـ)‪ ،‬من خمطوطات مكتبة وزارة‬ ‫الز ِ‬
‫‪ .116‬قنية املنية‪ :‬ملختار بن حممود َّ‬
‫األقاف العراقية برقم (‪.)2111‬‬
‫‪ .112‬الكامل يف ضعفاء الرجال‪ :‬لعبد اهلل بن عدي أبو أمحد اجلُ ْرجاين (‪167-222‬هـ)‪،‬‬
‫ت‪ :‬حييى خمتار غزاوي‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .118‬كتائب أعالم األخيار من فقهاء مذهب النعامن املختار‪ :‬ملحمود بـن سـليامن الكفـوي‬
‫(ت نحو‪111‬هـ)‪ ،‬من خمطوطات املكتبة القادرية‪ ،‬بغداد‪ ،‬برقم (‪.)1212‬‬
‫‪ .111‬كشف اخلفاء ومزيل اإللباس عام اشتهر من األحاديث‪ :‬إلسامعيل بن حممد العجلوين‬
‫(ت‪1162‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬أمحد القالش‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1117 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ :‬ملصطفى بن عبد اهلل القسطنطيني احلنفـي‬
‫(‪ ،)1162-1112‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .111‬الكفاية عىل اهلداية‪ :‬جلالل الدين اخلوارزمي الكرالين‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫‪ .112‬الكالم اجلليل فيام يتعلق باملنديل‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (‪2111-1261‬هـ)‪ ،‬املطبع‬
‫املصطفائي‪ ،‬لكنو‪1211 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬كامل الدراية برشح النقاية‪ :‬ألمحد بن حممد ُّ‬
‫الش ُمن ِِّّي احلنفي (ت‪822‬هـ)‪ ،‬من‬
‫خمطوطات وزارة األوقاف العراقية برقم (‪.)11611‬‬
‫‪ .111‬كنْز الدقائق‪ :‬لعبد اهلل بن أمحد الن ََّس ِفي (ت‪211‬هـ)‪ ،‬طبع باملطبعة احلميدية املرصية‬
‫باملنارصة‪ ،‬بمرص‪1128 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .117‬كنز العامل يف سنن األقوال واألفعال‪ :‬لعيل بن حسام الدين املتقي اهلندي‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بريوت‪1181 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .116‬لباب املناسك وعباب السالك لرمحة اهلل السندي‪ ،‬دار الطباعة العامرة‪1282 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .112‬اللباب يف رشح الكتاب‪ :‬لعبد الغني الغنيمي الدمشقي امليداين احلنفي (‪-1222‬‬
‫‪1218‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .118‬لسان العرب‪ :‬ملحمد األفريقي املرصي ابن منظور (ت‪211‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد اهلل الكبري‬
‫وحممد حسب اهلل وهاشم الشاذيل‪ ،‬دار املعارف ‪.‬‬
‫‪ .111‬املبدع إلبراهيم ابن مفلـح احلنـبيل(‪881-816‬هــ)‪ ،‬املكتـب اإلسـالمي‪ ،‬بـريوت‪،‬‬
‫‪:‬‬

‫‪1111‬هـ‪.‬‬
‫‪ .171‬املبسوط‪ :‬ملحمد بن أيب سهل الرسخيس (ت‪ :‬نحو‪711‬هـ)‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪1116‬هـ‪.‬‬
‫‪ .171‬متن القدوري‪ :‬ألمحد بن حممد القدوري (ت‪128‬هـ)‪ ،‬مطبعة مصطفى احللبي‪ ،‬مرص‪،‬‬
‫ط‪1122 ،1‬هـ‪.‬‬

‫ـ ‪113‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .172‬املجتبى من السنن‪ :‬ألمحد بن شعيب أبو عبد اهلل النسائي (‪ ،)111-217‬ت‪ :‬عبد‬
‫الفتاح أبو غدة‪ ،‬مكتب املطبوعات اإلسالمية‪ ،‬حلب‪ ،‬ط‪1116 ،2‬هـ‪.‬‬
‫بن حممد (ت‬ ‫محن ِ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرومي عبد َّ‬
‫لشيخ زاده ُّ‬ ‫‪ .171‬جممع األهنر رشح ملتقى األبحر‪:‬‬
‫‪1128‬هـ)‪ ،‬دار الطباعة العامرة‪1116 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .171‬جممع البحرين وملتقى النريين‪ :‬ألمحد بن عيل ابن الساعايت (‪611‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬إلياس‬
‫قبالن‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪2117 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .177‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد‪ :‬لعيل بن أيب بكر اهليثمي (ت‪812‬هـ)‪ ،‬دار الريان‬
‫للرتاث‪ ،‬ودار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪1112 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .176‬املجموع رشح املهذب‪ :‬ليحيى بن رشف النووي (ت‪626‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممود مطرحي‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1112 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .172‬خمتار الصحاح‪ :‬ملحمد بن أيب بكر بن عبد القادر الرازي (ت‪ ،)666‬ت‪ :‬محزة فتح‬
‫اهلل‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪1112 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .178‬املختار‪ :‬لعبد اهلل بن حممود املوصيل احلنفي (ت‪681‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬زهري عثامن‪ ،‬دار‬
‫األرقم‪.‬‬
‫‪ .171‬خمترص الطحاوي‪ :‬ألمحد بن حممد الطحاوي (ت‪121‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬أبو الوفاء األفغاين‪،‬‬
‫دار الكتاب العريب‪.‬‬
‫‪ .161‬مرآة اجلنان وعرب اليقظان يف ما يعترب من حوادث الزمان‪ :‬لعبد اهلل بن أسعد اليافعي‬
‫(ت‪268‬هـ)‪ ،‬مؤسسة األعلمي للمطبوعات‪ ،‬ط‪1121 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .161‬مراســيل أيب داود‪ :‬لســليامن بــن أشــعث السجســتاين (ت‪227‬هـــ)‪ ،‬ت‪ :‬شــعيب‬
‫األرناؤوط‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫عامر الرشنباليل‬
‫‪ .162‬مراقي الفالح رشح نور اإليضاح ونجاة األرواح‪ :‬حلسن بن َّ‬
‫(‪1161‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد اجلليل عطا‪ ،‬دار النعامن للعلوم‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .161‬املستدرك عىل الصحيحني‪ :‬ملحمد بن عبد اهلل احلاكم (ت‪117‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬مصطفى عبد‬
‫القادر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .161‬املسلك املتقسط يف املنسك املتوسط‪ :‬لعيل القاري (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪1118 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .167‬مسند أيب حنيفة‪ :‬أليب نعيم أمحد بن عبد اهلل األصبهاين (ت‪111‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬نظر حممد‬
‫الفاريايب‪ ،‬مكتبة الكوثر‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪1117 ،1‬هـ‪.‬‬
‫ـ ‪111‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .166‬مسند أيب عوانة‪ :‬ليعقوب بن إسحاق االسفرائيني (ت‪216‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬أيمن بن عارف‪،‬‬
‫دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .162‬مسند أيب يعىل‪ :‬ألمحد بن عيل أيب يعىل املوصيل (ت‪112‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حسني سليم أسـد‪،‬‬
‫دار املأمون للرتاث‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .168‬مسند أمحد بن حنبل‪ :‬ألمحد بن حنبل (ت‪211‬هـ)‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬مرص‪.‬‬
‫‪ .161‬مسند إسحاق بن راهويه‪ :‬إلسحاق بن إبراهيم احلنظيل (ت‪218‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد الغفور‬
‫عبد احلق‪ ،‬مكتبة اإليامن‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬ط‪1117 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .121‬مسند ابن اجلعد‪ :‬أليب احلسن عيل بن اجلعد اجلوهري (ت‪211‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عـامر أمحـد‬
‫حيدر‪ ،‬مؤسسة نادر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .121‬مسند ال َب َّزار (البحر الزخار)‪ :‬أليب بكر أمحد بـن عمـرو ال َب َّـزار (ت‪212‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪.‬‬
‫حمفوظ الرمحن‪ .‬مؤسسة علوم القرآن‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم‪ ،‬بـريوت‪ ،‬املدينـة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1111‬هـ‪.‬‬
‫‪ .122‬مسند احلميـدي‪ :‬لعبـد اهلل بـن الـزبري احلميـدي (ت‪211‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬حبيـب الـرمحن‬
‫األعظمي‪ ،‬دار الكتب العلمية ودار املتنبي‪ ،‬بريوت والقاهرة‪.‬‬
‫‪ .121‬مسند الربيع‪ :‬للربيع بن حبيب بن عمر األزدي‪ ،‬ت‪ :‬حممد بن إدريـس‪ ،‬وعاشـور بـن‬
‫يوسف‪ ،‬دار احلكمة‪ ،‬مكتبة اإلستقامة‪ ،‬بريوت‪ُ ،‬عامن‪ ،‬ط‪1117 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .121‬مسند الروياين‪ :‬ملحمد بن هارون الروياين (ت‪ ،)112‬ت‪ :‬أيمن عيل أبو يامين‪ ،‬مؤسسة‬
‫قرطبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1116 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .127‬مسند الشايش‪ :‬للهيثم بن كليب الشايش (ت‪117‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬حممود الرمحن‪ ،‬مكتبـة‬
‫العلوم واحلكم‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .126‬مسند الشافعي‪ :‬ملحمد بن إدريس الشافعي (‪211-171‬هــ)‪ ،‬دار الكتـب العلميـة‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫ـرباين (ت‪161‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬محـدي‬ ‫‪ .122‬مسند الشاميني‪ :‬أليب القاسم سـليامن بـن أمحـد ال َّط َ َ‬
‫السلفي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1117 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .128‬مسند الشهاب‪ :‬أليب عبد اهلل حممد بن سالمة ال ُق َضاعي (ت‪171‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬محدي‬
‫السلفي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1112 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .121‬املشكاة يف أحكام الطهارة والصالة والزكاة‪ :‬للدكتور صالح أبو احلاج‪ ،‬دار الوراق‪،‬‬
‫عامن‪ ،‬ط‪2117 ،1‬م‪.‬‬
‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .181‬املصباح املنري يف غريب الرشح الكبري‪ :‬ألمحد بن عيل الفيومي (ت‪221‬هـ)‪ ،‬املطبعة‬
‫األمريية‪ ،‬ط‪1111 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ .181‬املصباح املنري يف غريب الرشح الكبري‪ :‬ألمحد بن عيل الفيومي (ت‪221‬هـ)‪ ،‬املطبعة‬
‫األمريية‪ ،‬ط‪1111 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ .182‬املصنف يف األحاديث واآلثار‪ :‬لعبد اهلل بن حممد بـن أيب َشـ ْي َب َة (‪217-171‬هــ) ت‪:‬‬
‫كامل احلوت‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .181‬املصنف‪ :‬لعبد الرزاق بن مهام الصنعاين (‪211-126‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حبيب الرمحن‬
‫األعظمي‪ ،‬ط‪ ،2‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪1111 ،‬هـ‪ .‬معارف السنن‬
‫‪ .181‬املعجم األوسط لسليامن بن أمحد الطرباين(ت‪161‬هـ)‪ .‬ت‪ :‬طارق بن عوض اهلل‪ .‬دار‬
‫احلرمني‪ .‬القاهرة‪1117 .‬هـ‪.‬‬
‫ـرب ِاين (ت‪161‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬عمـر شـكور حممـود‪،‬‬ ‫‪ .187‬املعجم الصغري‪ :‬لسليامن بن أمحد ال َّط َ َ‬
‫املكتب اإلسالمي‪ ،‬دار عامر‪ ،‬بريوت‪ ،‬عامن‪ ،‬ط‪1117 ،1‬هـ‪.‬‬
‫ـرباين (ت‪161‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬محـدي‬ ‫‪ .186‬املعجم الكبـري‪ :‬أليب القاسـم سـليامن بـن أمحـد ال َّط َ َ‬
‫السلفي‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم‪ ،‬املوصل‪ ،‬ط‪1111 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .182‬معجم املؤلفني‪ :‬لعمر كحالة‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .188‬معجم املطبوعات العربية واملعربة إللياس رسكيس‪ ،‬مطبعة رسكيس‪ ،‬مرص‪1128 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .181‬املغرب يف ترتيب املعرب‪ :‬لنارص بن عبد السيد املُ َط ِّر ِز ّى (‪616‬هـ)‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العريب‪.‬‬
‫‪ .111‬مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ :‬ملحمد اخلطيب الرشبيني (ت‪122‬هـ)‪،‬‬
‫دار الفكر‪.‬‬
‫‪ .111‬املغني‪ :‬ملوفق الدين عبد اهلل بن أمحد املعروف بـ(ابن قدامة)(ت‪ 621‬هـ)‪ ،‬دار إحياء‬
‫الرتاث العريب‪.‬‬
‫‪ .112‬ملتقى األبحر‪ :‬إلبراهيم بن حممد احللبي (ت‪176‬هـ)‪ ،‬مطبعة عيل بك‪1211 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬املنار يف أصول الفقه‪ :‬حلافظ الدين عبد اهلل النسفي (ت‪211‬هـ)‪ ،‬در سعادت‪،‬‬
‫‪1126‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬املنتقى من السنن املسندة‪ :‬لعبد اهلل بن عيل بن اجلارود (ت‪112‬هـ)‪ ،‬مؤسسة الكتاب‬
‫الثقافية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬

‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪ .117‬منتهى النقاية عىل رشح الوقاية‪ :‬للدكتور صالح أبو احلاج‪ ،‬دار الوراق‪ ،‬عامن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2117‬م‪.‬‬
‫‪ .116‬منح الغ َّفار يف رشح تنوير األبصار‪ :‬ملحمد بن عبد اهلل اخلطيب الت ُُّم ْرتايش ال َغ َّزي‬
‫حلنَفي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬من خمطوطات وزارة األوقاف العراقية برقم (‪.)1111‬‬ ‫ا َ‬
‫‪ .112‬منحة السلوك يف رشح حتفة امللوك‪ :‬لبدر الدين حممود العيني (ت‪877‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد‬
‫فاروق البدري‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬بإرشاف‪ :‬د‪ .‬حميـي هـالل الرسـحان‪،‬‬
‫جـ‪1121 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .118‬منحة السلوك يف رشح حتفة امللوك‪ :‬ملحمود بن أمحد بدر الدين العيني (ت‪877‬هـ)‪،‬‬
‫ت‪ :‬ياسني عيل البدري‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬بإرشاف‪ :‬د‪ .‬حممود رجب‪،‬‬
‫جـ‪1121 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .111‬منحة السلوك يف رشح حتفة امللوك‪ :‬ملحمود بن أمحد العيني (ت‪877‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬نافع‬
‫محزة عبيد اخلافجي‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬بإرشاف د‪ .‬حممد عبيد الكبييس‪،‬‬
‫جـ‪1122 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬منهجك يف احلج والعمرة‪ :‬للدكتور عبد امللك عبد الرمحن السعدي‪ ،‬معرض األنبار‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬ط‪1186 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ .211‬منية الصيادين يف تعلم االصطياد وأحكامه‪ :‬ملحمد بن عبد اللطيف بن فرشته‬
‫(ت‪871‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬سائد بكداش‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬ط‪1121 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .212‬منية املصيل وغنية املبتدي‪ :‬لسديد الدين حممد بن حممد الكاشغري (ت‪217‬هـ)‪،‬‬
‫مطبعة حممدي بومباي‪1111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬مواهب اجلليل رشح خمترص خليل‪ :‬ملحمد بن حممد بن عبد الرمحن املعروف باحلطاب‬
‫(ت‪171‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1118 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬مواهب الرمحن يف مذهب أيب حنيفة النعامن‪ :‬إلبراهيم بن موسى الطرابليس‬
‫(ت‪122‬هـ)‪ ،‬من خمطوطات وزراة األوقاف العراقية برقم (‪.)1618‬‬
‫‪ .217‬املوسوعة الفقهية الكويتية‪ :‬جلامعة من العلامء‪ ،‬تصدرها وزارة األوقاف الكويتية‪.‬‬
‫‪ .216‬موطأ مالك‪ :‬ملالك بن أنس األصبحي (‪121-11‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬
‫دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬مرص‪.‬‬
‫‪ .212‬موطأ حممد‪ :‬ملحمد بن احلسن الشيباين‪ ،‬ت‪ :‬الدكتور تقي الدين الندوي‪ ،‬دار السنة‬
‫والسرية بومباي‪ ،‬ودار القلم دمشق‪ ،‬ط‪1111 ،1‬مـ‪.‬‬
‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫ملحمـد عـالء الـدِّ ين احلصـني‬
‫‪ .218‬نسامت األسحار عىل رشح إفاضة األنـوار عـىل املنـار َّ‬
‫حلن َِفي‪ :‬للعامل حممد أمني بن عمر ابن عابدين (ت‪1271‬هـ)‪ ،‬مطبعة مصطفى البـايب‪،‬‬ ‫ا َ‬
‫ط‪1121 ،2‬م‪.‬‬
‫الز ْي َل ِعي (ت‪262‬هـ)‪ ،‬ت‪:‬‬
‫‪ .211‬نصب الراية يف ختريج أحاديث اهلداية‪ :‬لعبد اهلل بن يوسف َّ‬
‫حممد يوسف البنوري‪ ،‬دار احلديث‪ ،‬مرص‪1172 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬نفع املفتي والسائل بجمع متفرقات املسائل‪ :‬لعبد احلي اللكنوي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬ت‪:‬‬
‫صالح حممد أبو احلاج‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بريوت‪2111 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬النقاية‪ :‬لصدر الرشيعة املحبويب (ت‪212‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد نزار وهيثم نزار‪ ،‬دار األرقم‪،‬‬
‫ط‪1118 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .212‬هناية املراد يف رشح هدية ابن العامد‪ :‬لعبد الغنـي النابليسـ (ت‪1111‬هــ)‪ ،‬ت‪ :‬عبـد‬
‫الرزاق احللبي‪ ،‬مركز مجعة املاجد للثقافة والرتاث‪ ،‬ديب‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬نور اإليضاح ونجاة األرواح‪ :‬حلسن بن عامر الرشنباليل (‪1161‬هـ)‪ ،‬دار النعامن‬
‫للعلوم‪ ،‬دمشق‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1112 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬اهلداية رشح بداية املبتدي‪ :‬لعيل بن أيب بكر املرغيناين (ت‪711‬هـ)‪ ،‬مطبعة مصطفى‬
‫البايب‪ ،‬الطبعة األخرية‪.‬‬
‫‪ .217‬هدية ابن العامد لعبد الرمحن بن حممد العامدي (ت‪1171‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬عبد الرزاق‬
‫احللبي‪ ،‬مركز مجعة املاجد للثقافة والرتاث‪ ،‬ديب‪ ،‬ط‪1111 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ .216‬هدية الصعلوك رشح حتفة امللوك‪ :‬ملحرم بن حممد الزييل‪ ،‬ايدنمشدر‪1217 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .212‬هدية العارفني‪ :‬إلسامعيل باشا البغدادي (ت‪1111‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪1112 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .218‬اهلدية العالئية‪ :‬لعالء الدين ابن عابدين‪ ،‬ت‪ :‬حممد سعيد الربهاين‪ ،‬ط‪1116 ،7‬هـ‪.‬‬
‫‪ .211‬اهلسهسة بنقض الوضوء بالقهقهة‪ :‬لإلمام اللكنوي‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬صالح أبو احلاج‪ ،‬حتت‬
‫الطبع‪.‬‬
‫‪ .221‬الوقاية‪ :‬لربهان الرشيعة املحبويب‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬صالح أبو احلاج‪ ،‬دار الوراق‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2117‬م‪ ،‬مطبوع مع الرشح‪.‬‬

‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫املحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬
‫‪7‬‬ ‫مقدمة الشارح‬
‫‪8‬‬ ‫دراسة عن حتفة امللوك ومؤلفها‬
‫‪8‬‬ ‫أوالً‪ :‬حتقيق اسم مؤلف التحفة‬
‫‪11‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬صحة نسبة التحفة للرازي‬
‫‪12‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬رشوح التحفة‬
‫‪17‬‬ ‫رابع ًا‪ :‬ترمجة التحفة‬
‫‪12‬‬ ‫صور النسخ املخطوطة للكتاب‬
‫‪27‬‬ ‫كتاب الطهارة‬
‫‪27‬‬ ‫أقسام املياه‬
‫‪28‬‬ ‫أنواع النجاسات‬
‫‪11‬‬ ‫أحكام األسار‬
‫‪11‬‬ ‫فصل يف الوضوء والغسل‬
‫‪11‬‬ ‫فرائض الوضوء‬
‫‪17‬‬ ‫سنن الوضوء‬
‫‪11‬‬ ‫فرائض الغسل‬
‫‪11‬‬ ‫سنن الغسل‬
‫‪11‬‬ ‫نواقض الوضوء‬

‫ـ ‪114‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪17‬‬ ‫موجبات الغسل‬


‫‪71‬‬ ‫فصل يف مسح اخلف‬
‫‪72‬‬ ‫رشوط املسح عىل اجلورب‬
‫‪77‬‬ ‫نواقض املسح‬
‫‪76‬‬ ‫املسح عىل اجلبرية‬
‫‪72‬‬ ‫فصل يف التيمم‬
‫‪62‬‬ ‫نواقض التيمم‬
‫‪61‬‬ ‫فصل يف إزالة النجاسة‬
‫‪67‬‬ ‫فصل يف البئر‬
‫‪68‬‬ ‫فصل يف االستنجاء‬
‫‪70‬‬ ‫كتاب الصالة‬
‫‪21‬‬ ‫فصل يف األذان‬
‫‪22‬‬ ‫فصل‪ :‬رشوط الصالة‬
‫‪21‬‬ ‫أركان الصالة‬
‫‪81‬‬ ‫واجبات الصالة‬
‫‪81‬‬ ‫الرشط األول‪ :‬الوقت‬
‫‪82‬‬ ‫أوقات االستحباب‬
‫‪11‬‬ ‫أوقات الكراهية‬
‫‪11‬‬ ‫الرشط الثاين‪ :‬الطهارة‬
‫‪12‬‬ ‫الرشط الثالث‪ :‬سرت العورة‬
‫‪111‬‬ ‫الرشط الرابع‪ :‬استقبال القبلة‬
‫‪111‬‬ ‫الرشط اخلامس‪ :‬النية‬

‫ـ ‪144‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪112‬‬ ‫الرشط السادس‪ :‬تكبرية اإلحرام‬


‫‪117‬‬ ‫فصل األركان‬
‫‪117‬‬ ‫أوهلا‪ :‬القيام‬
‫‪116‬‬ ‫الثاين‪ :‬القراءة‬
‫‪111‬‬ ‫الثالث‪ :‬الركوع‬
‫‪111‬‬ ‫الرابع‪ :‬السجود‬
‫‪112‬‬ ‫اخلامس‪ :‬االنتقال من ركن إىل ركن‬
‫‪112‬‬ ‫السادس‪ :‬القعدة األخرية قدر التشهد‬
‫‪116‬‬ ‫فصل يف سنن الرواتب وغريها‬
‫‪121‬‬ ‫فصل يف الرتاويح‬
‫‪121‬‬ ‫فصل يف الوتر‬
‫‪126‬‬ ‫فصل فيام يستحب وما يفسد وما ال يفسد‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف اجلامعة‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف اجلمعة‬
‫‪117‬‬ ‫فصل يف العيدين‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف املسافر‬
‫‪171‬‬ ‫فصل يف املريض‬
‫‪172‬‬ ‫فصل يف الفائتة‬
‫‪178‬‬ ‫فصل يف إدراك الفريضة‬
‫‪161‬‬ ‫فصل يف السهو‬
‫‪166‬‬ ‫فصل يف سجدة التالوة‬
‫‪121‬‬ ‫فصل يف امليت‬

‫ـ ‪144‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪121‬‬ ‫فصل يف الشهيد‬


‫‪122‬‬ ‫كتاب الزكاة‬
‫‪122‬‬ ‫رشوط وجوب الزكاة‬
‫‪181‬‬ ‫نصاب الورق‬
‫‪181‬‬ ‫نصاب الذهب‬
‫‪181‬‬ ‫زكاة احليل‬
‫‪182‬‬ ‫نصاب العروض‬
‫‪181‬‬ ‫نصاب اإلبل‬
‫‪187‬‬ ‫نصاب البقر‬
‫‪182‬‬ ‫نصاب الغنم‬
‫‪188‬‬ ‫نصاب اخليل‬
‫‪111‬‬ ‫جواز دفع القيمة يف الزكاة‬
‫‪112‬‬ ‫فصل يف املعدن والركاز‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف زكاة النبات‬
‫‪116‬‬ ‫مصارف الزكاة‬
‫‪211‬‬ ‫فصل يف صدقة الفطر‬
‫‪216‬‬ ‫كتاب الصوم‬
‫‪216‬‬ ‫النية يف الصوم‬
‫‪216‬‬ ‫وقت النية‬
‫‪212‬‬ ‫تعيني النية‬
‫‪211‬‬ ‫يوم الشك‬
‫‪211‬‬ ‫هالل رمضان‬

‫ـ ‪144‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪212‬‬ ‫وقت الصوم‬


‫‪211‬‬ ‫فصل يف بيان ما يفسد الصوم وما ال يفسده وما يوجب القضاء‬
‫‪211‬‬ ‫فصل يف بيان العوارض‬
‫‪212‬‬ ‫صوم الستة من شوال‬
‫‪212‬‬ ‫صوم الوصال‬
‫‪218‬‬ ‫صوم الصمت‬
‫‪211‬‬ ‫صوم السبت‬
‫‪211‬‬ ‫صوم عاشوراء‬
‫‪211‬‬ ‫صوم اخلميس‬
‫‪211‬‬ ‫صوم اجلمعة‬
‫‪211‬‬ ‫صوم األيام البيض‬
‫‪211‬‬ ‫صوم يوم عرفة‬
‫‪211‬‬ ‫صوم املرأة تطوع ًا‬
‫‪211‬‬ ‫كتاب احلج‬
‫‪217‬‬ ‫رشوط وجوب وأداء احلج‬
‫‪271‬‬ ‫أركان احلج‬
‫‪271‬‬ ‫واجبات احلج‬
‫‪271‬‬ ‫سنن احلج‬
‫‪271‬‬ ‫العمرة‬
‫‪271‬‬ ‫ميقات اإلحرام‬
‫‪272‬‬ ‫فصل يف بيان كيفية اإلحرام‬
‫‪261‬‬ ‫حمظورات اإلحرام‬

‫ـ ‪143‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪262‬‬ ‫مباحات اإلحرام‬


‫‪221‬‬ ‫فصل يف القران والتمتع‬
‫‪227‬‬ ‫فصل يف اجلنايات‬
‫‪281‬‬ ‫فصل يف صيد احلرم‬
‫‪287‬‬ ‫فصل يف اإلحصار والفوات واحلج عن الغري واهلدي‬
‫‪281‬‬ ‫كتاب اجلهاد‬
‫‪211‬‬ ‫فصل يف املغنم وقسمته‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف الكنائس وأهل الذمة‬
‫‪112‬‬ ‫فصل يف املرتد‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف اخلوارج‬
‫‪111‬‬ ‫كتاب الصيد والذبائح‬
‫‪111‬‬ ‫رشوط الصيد‬
‫‪111‬‬ ‫فصل فيام حيل أكله وما ال حيل وما يكره وما ال يكره‬
‫‪116‬‬ ‫فصل يف أحكام الذبائح‬
‫‪216‬‬ ‫كتاب الكراهية‬
‫‪112‬‬ ‫استعامل األواين‬
‫‪171‬‬ ‫مكروهات األكل والرشب ومباحاته‬
‫‪171‬‬ ‫اخلضاب‬
‫‪177‬‬ ‫فصل يف اللباس‬
‫‪162‬‬ ‫واملس‬
‫ّ‬ ‫أحكام النظر‬
‫‪121‬‬ ‫العزل عن املرأة‬
‫‪121‬‬ ‫االحتكار‬

‫ـ ‪141‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬

‫‪121‬‬ ‫التسعري‬
‫‪126‬‬ ‫التعشري وحتلية املصحف‬
‫‪112‬‬ ‫األلعاب واملسابقات‬
‫‪181‬‬ ‫سامع املالهي‬
‫‪181‬‬ ‫إسقاط الولد‬
‫‪187‬‬ ‫قتل النمل‬
‫‪187‬‬ ‫اخلتان‬
‫‪186‬‬ ‫السالم وتشميت العاطس‬
‫‪181‬‬ ‫متني املوت‬
‫‪111‬‬ ‫كتاب الفرائض‬
‫‪111‬‬ ‫الفروض املقدرة‬
‫‪116‬‬ ‫فصل يف العصبات‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف احلجب‬
‫‪111‬‬ ‫فصل يف األرحام‬
‫‪117‬‬ ‫فصل يف املفقود واحلمل‬
‫‪117‬‬ ‫فصل يف الغريق واحلريق واهلدم‬
‫‪116‬‬ ‫فصل يف الكفار واملرتد‬
‫‪116‬‬ ‫فصل يف احلمل‬
‫‪112‬‬ ‫فصل يف الرد‬
‫‪118‬‬ ‫كتاب الكسب واألدب‬
‫‪118‬‬ ‫أنواع طلب الرزق‬
‫‪111‬‬ ‫أفضل الكسب‬
‫‪111‬‬ ‫أنواع طلب العلم‬
‫‪112‬‬ ‫فصل‪ :‬األكل عىل ثالثة مراتب‬
‫‪111‬‬ ‫فصل‪ :‬اللبس عىل ثالثة مراتب‬

‫ـ ‪144‬ـ‬
‫نفحات السلوك على حتفة امللوك‬
‫‪122‬‬ ‫فصل‪ :‬الكالم عىل ثالثة مراتب‬
‫‪121‬‬ ‫الكذب‬
‫‪121‬‬ ‫الغيبة‬
‫‪121‬‬ ‫النميمة‬
‫‪121‬‬ ‫الشتيمة‬
‫‪121‬‬ ‫التملق‬
‫‪121‬‬ ‫النفاق‬
‫‪121‬‬ ‫املستثنى من الكذب‬
‫‪127‬‬ ‫املستثنى من الغيبة‬
‫‪127‬‬ ‫مسائل متفرقة‬
‫‪111‬‬ ‫الفهارس الفنية‬
‫‪111‬‬ ‫املراجع‬
‫‪111‬‬ ‫املحتويات‬

‫ـ ‪144‬ـ‬

You might also like