You are on page 1of 263

‫الجرس (‪ < )17-10‬أركاف الشجاة‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‪ ،‬أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا و بخكاتو‪.‬‬ ‫بسم‬

‫اإلنداف أييا اإلخػة ىػ السخمػؽ السكمف‪ ،‬لقػلو تعالى<‬

‫ذ ِإََّّل ِلَي ْعُب ُجك ِف (‪﴾)78‬‬ ‫﴿ َكما َخَم ْق ُت اْل ِج َّؽ َك ِْ‬
‫اْل ْن َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الحاريات< اآلية ‪]78‬‬

‫ىحه البلـ الـ التعميل‪ ،‬أؼ أف عمة وجػد مغ عمى سصح األرض أف نعبج هللا‪ ،‬ولكغ ما تعخيف العبادة ؟ إنيا‬

‫شاعة شػعية‪ ،‬مسدوجة بسحبة قمبية‪ ،‬أساسيا معخفة يقيشية‪ ،‬تفزي إلى سعادة أبجية‪ ،‬إنيا غاية الخزػع‪ ،‬وغاية‬

‫الحب‪ ،‬فسغ أحب هللا‪ ،‬ولع يصعو ال تعج ىحه عبادة‪ ،‬ومغ أشاع هللا‪ ،‬ولع يحبو ال تعج ىحه عبادة‪ ،‬فالعبادة شاعة‬

‫شػعية‪ ،‬مسدوجة بسحبة قمبية‪ ،‬أساسيا معخفة يقيشية‪ ،‬تفزي إلى سعادة أبجية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬العبادة عمة وجػدنا عمى سصح األرض‪ ،‬مغ خبلؿ ىحا التعخيف يتزح أف في العبادة جانباً‬

‫معخفيًا‪ ،‬فالسعخفة ىي الحاجة العميا في اإلنداف‪ ،‬واإلنداف ال يؤكج إندانيتو إال إذا شمب الحقيقة‪ ،‬وشمب الحقيقة‬

‫يجعمو إنداناً‪ ،‬والسؤمغ شخرية فحة‪ ،‬ذلظ أف في اإليساف مختبة عمسية‪ ،‬السؤمغ عخؼ الحقيقة الكبخػ في الكػف‪،‬‬

‫واندجع معيا‪ ،‬فبلبج لمسؤمغ مغ أف يكػف عمى عمع‪ ،‬وىحا ىػ العمع الحؼ أراده هللا عد وجل‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬اإليساف مختبة عمسية‪ ،‬ومختبة أخبلقية‪ ،‬ذلظ أف السؤمغ يخزع لسشطػمة قيع عالية ججًا‪ ،‬ال‬

‫تجج مؤمشاً يخالف القيع األخبلقية إال أف يكػف ضعيفاً في إيسانو‪ ،‬والسؤمغ يسكغ أف يكػف في مختبة جسالية‪ ،‬ألنو‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪1‬‬


‫عخؼ أصل الجساؿ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬إذا أردت الجنيا فعميظ بالعمع‪ ،‬وإذا أردت اآلخخة فعميظ بالعمع‪ ،‬وإذا أردتيسا معًا فعميظ بالعمع‪،‬‬

‫والعمع ال يعصيظ بعزو إال إذا أعصيتو كمظ‪ ،‬فإذا أعصيتو بعزظ لع يعصظ شيئاً‪ ،‬بل يطل السخء عالساً ما شمب‬

‫العمع‪ ،‬فإذا ضغ أنو قج عمع فقج جيل‪ ،‬شالب العمع يؤثخ اآلخخة عمى الجنيا‪ ،‬فيخبحيسا معًا‪ ،‬والحؼ لع يصمب العمع‬

‫يؤثخ الجنيا عمى اآلخخة‪ ،‬فيخدخىسا معاً‪.‬‬

‫ولكغ أييا اإلخػة‪ ،‬أؼ عمع ىحا السشجي ؟ ىشاؾ عمع بخمق هللا‪ ،‬فكل الطػاىخ الفمكية والفيديائية والكيسيائية والصبية‪،‬‬

‫وكل حقائق التاريخ و لجغخافيا‪ ،‬وما إلى ذلظ ىحا عمع بخمقو‪ ،‬وجامعات العالع كميا متخررة في تعميع الصبلب‬

‫القػانيغ التي تشتطع خمق هللا عد وجل‪ ،‬ىشاؾ عمع بأمخه‪ ،‬افعل وال تفعل‪ ،‬وىحا مشػط بكمية الذخيعة في العالع‬

‫اإلسبلمي‪ ،‬ىشاؾ عمع بخمقو‪ ،‬وىشاؾ عمع بأمخه‪ ،‬وىشاؾ عمع بو‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬العمع بخمقو‪ ،‬وبأمخه يحتاج إلى مجارسة‪ ،‬أؼ إنو البج مغ معمع‪ ،‬البج مغ كتاب‪ ،‬البج مغ‬

‫قخاءة‪ ،‬البج مغ حفع‪ ،‬البج مغ أداء امتحاف‪ ،‬البج مغ نيل شيادة‪ ،‬البج مغ أف تعسل بيحه الذيادة‪ ،‬ىحه كميا ما‬

‫تعشيو كمسة مجارسة‪ ،‬لكغ العمع باهلل شيء آخخ‪ ،‬ثسشو باىع‪ ،‬ونتائجو باىخة‪ ،‬العمع باهلل يقتزي مجاىجة‪ ،‬جاىج‬

‫تذاىج<‬

‫يؽ (;‪﴾)8‬‬ ‫ِ‬


‫َّللا َل َس َع اْل ُس ْح ِدش َ‬ ‫اى ُجكا ِفيَشا َلَش ْي ِجَيَّش ُي ْؼ ُسُبَمَشا َكإ َّ‬
‫ِف َّ َ‬
‫ِ‬
‫﴿ َك َّالح َ‬
‫يؽ َج َ‬

‫[ سػرة العشكبػت< اآلية ;‪]8‬‬

‫أنت حيشسا تعخؼ هللا عد وجل تحبو‪ ،‬مدتحيل وألف ألف مدتحيل أف تعخفو‪ ،‬ثع ال تحبو<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪2‬‬


‫تعري اْللو ك أنت تغيخ حبو ذاؾ لعسخي في القياس ششيع‬

‫لؾ كاف حبػ صادقاً ألطعتػو إف السحػب لسؽ يحب مظي‬

‫إذاً مدتحيل أف تعخفو‪ ،‬ثع ال تحبو‪ ،‬ثع مدتحيل أف تحبو‪ ،‬وال تصيعو‪ ،‬األصل أف تعخؼ هللا‪ ،‬بل إف أزمة أىل‬

‫الشار‪ ،‬وىع في الشار ىي العمع<‬

‫الد ِع ِ‬
‫يخ (‪﴾)01‬‬ ‫َص َح ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َكَقاُلؾا َل ْؾ ُكَّشا َن ْد َس ُع أ َْك َن ْعق ُل َما ُكَّشا في أ ْ‬

‫[ سػرة السمظ< اآلية ‪]01‬‬

‫فاإلنداف مفصػر عمى حب وجػده‪ ،‬وعمى حب سبلمة وجػده‪ ،‬وعمى حب كساؿ وجػده‪ ،‬وعمى حب استسخار‬

‫وجػده‪ ،‬ويذقى اإلنداف حيشسا يخصئ وسائل الدعادة ‪ ,‬وحيشسا يخصئ اليجؼ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬العمع ىػ الحؼ يذخؼ اإلنداف‪ ،‬العمع ىػ الحؼ يؤكج في اإلنداف إندانيتو‪ ،‬وفي العبادة‬

‫جانب معخفي‪ ،‬وشمب العمع فخيزة عمى كل مدمع‪ ،‬أو عمى كل مدمع ومدمسة‪ ،‬أو عمى كل شخز مدمع‪ ،‬ما‬

‫بل‪ ،‬ولػ اتخحه لعمسو‪.‬‬


‫اتخح هللا وليًا جاى ً‬

‫اؿ‬
‫اؿ< َق َ‬ ‫وفي العبادة جانب معخفي‪ ،‬وحيشسا تعبج هللا عد وجل عمى عمع تدمع مغ الذيصاف‪َ ،‬ع ْغ ْاب ِغ َعب ٍ‬
‫َّاس َق َ‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو َو َسمَّ َع<‬


‫صَّمى َّ‬ ‫رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫َُ ُ‬

‫اف ِم ْؽ أَْل ِ‬
‫ف َعاِب ٍج ))‬ ‫ظِ‬ ‫َشُّج َعَمى َّ‬
‫الذْي َ‬ ‫يو ك ِ‬
‫احٌج أ َ‬ ‫ِ‬
‫(( َفق ٌ َ‬

‫[ التخمحؼ‪ ،‬ابغ ماجو ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪3‬‬


‫ىحا الجانب السعخفي ىػ األصل‪ ،‬ألنو ما مغ حخكة يسكغ أف تتحدديا إال مغ خبلؿ العمع‪ ،‬لحلظ كغ عالسًا‪ ،‬أو‬

‫متعمساً‪ ،‬أو مدتسعاً‪ ،‬أو محباً‪ ،‬وال تكغ الخامدة فتيمظ‪.‬‬

‫في العبادة أييا اإلخػة جانب سمػكي‪ ،‬والجانب الدمػكي ىػ األصل‪ ،‬أؼ اإلسبلـ مغ دوف التداـ‪ ،‬مغ دوف‬

‫انزباط‪ ،‬مغ دوف تقيج بسشيجو‪ ،‬مغ دوف إتباع لدشة نبيو اإلسبلـ يربح ضاىخة فخدية‪ ،‬صػت عاؿ‪ ،‬وليذ ىشاؾ‬

‫شيء يسكغ أف نقصف ثساره‪ ،‬وىحه مذكمة كبيخة يعاني مشيا السدمسػف في العالع اإلسبلمي‪ ،‬ذاكخة صػتية‪ ،‬يسكغ‬

‫أف تكػف السطاىخ صارخة‪ ،‬لكغ حقيقة اإلسبلـ ىػ االنرياع ألمخ هللا عد وجل‪ ،‬وقصف ثساره‪ ،‬فبلبج مغ الدمػؾ‬

‫الرحيح‪ ،‬إف العمع الحقيقي يفزي إلى الدمػؾ الرحيح‪.‬‬

‫ىشاؾ مبجأ في عمع االجتساع‪ ،‬ىحا السبجأ يزبط تعامل اإلنداف مع البيئة‪ ،‬إدراؾ‪ ،‬تأثخ ‪ ،‬وسمػؾ‪ ،‬لػ أف اإلنداف‬

‫رأػ حذخة قاتمة‪ ،‬فإدراكو أنيا حذخة قاتمة يجعمو يزصخب‪ ،‬ويشفعل‪ ،‬وانفعالو الرحيح يجعمو يدمظ سمػكاً‬

‫صحيحاً‪ ،‬فشحغ حيشسا يرح إدراكشا يرح انفعالشا‪ ،‬وانفعالشا يقػدنا إلى الدمػؾ‪ ،‬ففي العبادة جانب معخفي‪ ،‬وجانب‬

‫سمػكي‪ ،‬وجانب جسالي‪ ،‬اإلنداف عخؼ أصل الجساؿ<‬

‫ك لؾ شاىجت عيشاؾ مؽ حدششػا الحي رأكه لسا كليت عشا لغيخنػا‬

‫ك لؾ سسعت أذناؾ حدؽ خظابشا خمعت عشػ ثياب العجب ك جئتشا‬

‫ك لؾ ذقت مؽ طعؼ السحبة ذرة عحرت الحي أضحى قتيال بحبػشا‬

‫ك لؾ ندست مؽ قخبشا لػ ندسة لسػػت غخيبًا ك اشتياقًا لقخبػشا‬

‫فسا حبشا سيل ككل مؽ ادعػى سيؾلتػػو قمشا لو< قج جفؾتشػ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪4‬‬


‫إذًا كمسة مؤمغ تعشي أف صاحب ىحا المقب عمى عمع‪ ،‬وعمى خمق‪ ،‬وعمى انغساس في جساؿ لػ وزع عمى أىل بمج‬

‫لكفاىع‪ ،‬لحلظ قاؿ بعس العمساء< في الجنيا جشة مغ لع يجخميا لغ يجخل جشة اآلخخة‪ ،‬وىحا ما تذيخ إليو اآلية‬

‫الكخيسة<‬

‫﴿ كِلسؽ َخاؼ مَقاـ رب ِ‬


‫ِو َجَّش َت ِ‬
‫اف (‪﴾)68‬‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ َْ‬

‫[ سػرة الخحسغ< اآلية ‪]68‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪،‬ىشاؾ في العبادة نػعاف كبيخاف< عبادة تعاممية‪ ،‬وعبادة شعائخية‪ ،‬فالعبادة التعاممية ىي السشيج‬

‫التفريمي الحؼ أمخنا أف نتبعو‪ ،‬لقج أمخنا بالرجؽ‪ ،‬وأمخنا بإنجاز الػعج‪ ،‬والػفاء بالعيج‪ ،‬أمخنا باألمانة‪ ،‬أمخنا‬

‫بالعفة‪ ،‬ىكحا قاؿ سيجنا جعفخ حيشسا سألو الشجاشي عغ اإلسبلـ قاؿ< " أييا السمظ‪ ،‬كشا قػماً أىل جاىمية‪ ،‬نعبج‬

‫األصشاـ‪ ،‬ونأكل السيتة‪ ،‬ونأتي الفػاحر‪ ،‬ونقصع الخحع‪ ،‬ونديء الجػار‪ ،‬ويأكل القػؼ مشا الزعيف‪ ،‬حتى بعث هللا‬

‫فيشا رجبلً نعخؼ صجقو‪ ،‬وأمانتو‪ ،‬وعفتو‪ ،‬وندبو "‪.‬‬

‫[أحسج عغ أـ سمسة]‬

‫ىحه أركاف األخبلؽ‪ ،‬إف حجثظ السؤمغ فيػ صادؽ‪ ،‬وإف عاممظ فيػ أميغ‪ ،‬وإف استثيخت شيػتو فيػ عفيف‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬قاؿ< " أييا السمظ‪ ،‬كشا قػمًا أىل جاىمية‪ ،‬نعبج األصشاـ‪ ،‬ونأكل السيتة‪ ،‬ونأتي الفػاحر‪،‬‬

‫ونقصع الخحع‪ ،‬ونديء الجػار‪ ،‬ويأكل القػؼ مشا الزعيف‪ ،‬حتى بعث هللا فيشا رجبلً نعخؼ صجقو‪ ،‬وأمانتو‪ ،‬وعفتو‪،‬‬

‫وندبو‪ ،‬فجعانا إلى هللا لشعبجه‪ ،‬ونػحجه‪ ،‬ونخمع ما كاف يعبج آباؤنا مغ الحجارة واألوثاف‪ ،‬وأمخنا برجؽ الحجيث‪،‬‬

‫وأداء األمانة‪ ،‬وصمة الخحع‪ ،‬والكف عغ السحارـ والجماء‪ ،‬وحدغ الجػار "‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪5‬‬


‫ىحا ىػ اإلسبلـ‪ ،‬مشطػمة أخبلقية‪ ،‬مجسػعة قيع أخبلقية‪ ،‬مغ زاد عميظ في الخمق زاد عميظ في اإليساف‪.‬‬

‫وثسة أحاديث صحيحة كثيخة تؤكج أف اإليساف ىػ الرجؽ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬ىحه العبادة التعاممية‪ ،‬لكغ العبادة الذعائخية أف نقف‪ ،‬ونرمي‪ ،‬وأف نرػـ رمزاف‪ ،‬وأف نحج‬

‫البيت‪ ،‬وأف نؤدؼ الدكاة‪ ،‬ما العبلقة بيغ العبادة التعاممية والذعائخية ؟‬

‫لػ أنشا مثمشا العبادة التعاممية بالعاـ الجراسي‪ ،‬يػجج دواـ‪ ،‬يػجج إصغاء إلى السحاضخات‪ ،‬يػجج كتابة وضائف‪،‬‬

‫يػجج أداء محاكخات‪ ،‬أداء امتحانات‪ ،‬يػجج نذاط الصالب في العاـ الجراسي ىػ العبادة التعاممية‪ ،‬أما العبادة‬

‫الذعائخية فيي ىحه الداعات الثبلث التي َّ‬


‫يؤدػ فييا االمتحاف ما لع يجاوـ‪ ،‬ما لع يجرس‪ ،‬ما لع يحاكخ‪ ،‬ما لع‬

‫يحفع‪ ،‬ما لع يشزبط ال معشى ليحه الداعات الثبلث‪ ،‬ذلظ أف العبادة الذعائخية ال ترح عشج هللا إال إذا صحت‬

‫العبادة التعاممية‪ ،‬إليكع األدلة<‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َف رسػؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫اؿ<‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َع ْغ َأبي ُى َخْي َخَة أ َّ َ ُ َ‬

‫ُمِتي َيأِْتي َي ْؾَـ‬


‫ذ ِم ْؽ أ َّ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫اؿ< ِإ َّف اْل ُسْفم َ‬ ‫ذ ِفيَشا َم ْؽ ََّل دْرَى َؼ َلوُ َكََّل َم َت َ‬
‫اع‪َ ،‬فَق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(( أ ََت ْجُرك َف َما اْل ُسْفم ُ‬
‫ذ ؟ َقاُلؾا< اْل ُسْفم ُ‬
‫ِ‬ ‫اْل ِقي ِ‬
‫اؿ َى َحا‪َ ،‬ك َس َف َػ َد َـ َى َحا‪َ ،‬ك َضَخ َب َى َحا‪،‬‬
‫َك َل َم َ‬
‫ؼ َى َحا‪َ ،‬كأ َ‬ ‫امة ِب َر َال ٍة َك ِصَي ٍ‬
‫اـ َكَزَكاةٍ‪َ ،‬كَيأْتي َق ْج َش َت َؼ َى َحا‪َ ،‬كَق َح َ‬ ‫َ َ‬
‫َف ي ْق َزى ما عَمي ِو أ ِ‬
‫ُخ َح ِم ْؽ َخ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اى ْؼ‪،‬‬
‫ظ َاي ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫ظى َى َحا م ْؽ َح َدَشاتو‪َ ،‬ك َى َحا م ْؽ َح َدَشاتو‪َ ،‬فِإ ْف َفشَي ْت َح َدَش ُاتوُ َقْب َل أ ْ ُ‬
‫َفُي ْع َ‬

‫َفظُ ِخ َح ْت َعَمْي ِو‪ ،‬ثُ َّؼ طُ ِخ َح ِفي َّ‬


‫الش ِار ))‬

‫[ مدمع‪ ،‬التخمحؼ‪ ،‬أحسج ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪6‬‬


‫أرأيتع إلى عبلقة العبادة التعاممية بالعبادة الذعائخية ؟‬

‫ِ‬
‫اؿ َر ُج ٌل<‬ ‫شيء آخخ في الحجيث الرحيح‪َ ،‬ع ْغ َأبي ُى َخْي َخَة َق َ‬
‫اؿ< َق َ‬

‫اميا‪ ،‬كص َج َقِتيا‪َ ،‬غيخ أََّنيا ُت ْؤِذي ِج ا ِ ِ ِ‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(( يا رسؾؿ َّ ِ‬
‫اؿ<‬
‫يخَن َيا بم َدان َيا‪َ ،‬ق َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّللا‪ِ ،‬إ َّف ُف َال َن َة ُي ْح َكُخ م ْؽ َك ْثَخِة َص َال ت َيا‪َ ،‬كصَي َ َ َ َ‬ ‫َ َُ َ‬

‫ِىي ِفي َّ‬


‫الش ِار ))‬
‫َ‬

‫[أحسج ]‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َف رسػؿ َّ ِ‬ ‫َّللاِ ب ِغ عسخ ر ِ‬


‫وع ْغ َع ْبِج َّ‬
‫اؿ<‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َّللاُ َع ْش ُي َسا أ َّ َ ُ َ‬
‫ضي َّ‬
‫ْ ُ ََ َ َ‬ ‫َ‬

‫َعَم ُؼ‪ََّ ،‬ل أَْن ِت أَ ْط َع ْسِت َيا‪،‬‬ ‫ييا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا أ ْ‬
‫اؿ< َو َّ ُ‬
‫اؿ< َفَق َ‬
‫الش َار‪َ ،‬ق َ‬ ‫امَأَخ ٌة في ىَّخٍة َحَب َد ْت َيا َح َّتى َم َات ْت ُج ً‬
‫ؾعا‪َ ،‬ف َج َخَم ْت ف َ‬ ‫(( ُع ّحَب ْت ْ‬
‫اش ْاألَْر ِ‬
‫ض ))‬ ‫يؽ َحَب ْدِت َيا‪َ ،‬كََّل أَْن ِت أَْر َسْمِت َيا‪َ ،‬فأ َ‬
‫َكَم ْت ِم ْؽ َخ َذ ِ‬ ‫ِ‬
‫َكََّل َسَقْيت َيا ِح َ‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬مدمع‪ ،‬الجارمي ]‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫اف َع ْغ َِّ‬


‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع أََّن ُو َق َ‬
‫اؿ<‬ ‫الشب ِّي َ‬ ‫َع ْغ ثَ ْػَب َ‬

‫ام َة ِب ً‬ ‫ات أ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ُمِتي َيأ ُْتؾ َف َي ْؾـ اْل ِقَي ِ ِ‬


‫اما ِم ْؽ أ َّ‬
‫َّللا َعَّد َك َج َّل َىَب ً‬
‫ا ً‬ ‫يزا‪َ ،‬فَي ْج َعُم َيا َّ ُ‬ ‫َم َثاؿ جَباؿ ت َي َ‬
‫امة ب َح َدَش ٍ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َعَم َس َّؽ أَ ْق َؾ ً‬
‫(( َأل ْ‬
‫ِ‬ ‫مْشثُؾرا‪َ ،‬قاؿ َثؾباف< يا رسؾؿ َّ ِ‬
‫َما ِإَّن ُي ْؼ‬
‫اؿ< أ َ‬ ‫َّللا‪ِ ،‬ص ْف ُي ْؼ َلَشا ؟ َجِّم ِي ْؼ َلَشا‪ ،‬أ ْ‬
‫َف ََّل َن ُكؾ َف مْش ُي ْؼ‪َ ،‬كَن ْح ُؽ ََّل َن ْعَم ُؼ‪َ ،‬ق َ‬ ‫َ َْ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ ً‬
‫المي ِل َكسا َت ْأ ُخ ُحك َف‪ ،‬كَل ِكَّشيؼ أَ ْقؾاـ ِإ َذا َخَمؾا ِبسح ِارِـ َّ ِ‬
‫ِ َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ؾىا ))‬
‫َّللا اْن َت َي ُك َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ ُْ َ ٌ‬ ‫إ ْخ َؾاُن ُك ْؼ‪َ ،‬كم ْؽ جْم َجت ُك ْؼ‪َ ،‬كَي ْأ ُخ ُحك َف م ْؽ ْ َ‬

‫[ ابغ ماجو ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪7‬‬


‫ىؤالء يجعل هللا أعساليع ىباء مشثػ ًار‪ ،‬وإف الحؼ يحج بيت هللا الحخاـ بساؿ حخاـ يزع رجمو في الخكاب‪ ،‬ويقػؿ<‬

‫لبيظ الميع لبيظ‪ ،‬يشاديو مشاد< أف ال لبيظ‪ ،‬وال سعجيظ‪ ،‬وحجظ مخدود عميظ‪ ،‬وإذا أنفق اإلنداف ماالً مغ حخاـ<‬

‫طؾعًا أَك َكخىًا َل ْؽ ي َتَقَّبل ِمْش ُكؼ ِإَّن ُكؼ ُكْش ُتؼ َقؾماً َف ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يؽ (‪﴾)75‬‬
‫اسق َ‬ ‫ْ ْ ْ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫﴿ ُق ْل أَْنفُقؾا َ ْ ْ ْ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]75‬‬

‫بل إنظ إذا قمت< ال إلو إال هللا‪ ،‬يقػؿ عميو الربلة والدبلـ< مغ قاؿ ال إلو إال هللا بحقيا دخل الجشة قيل< و ما‬

‫حقيا يا رسػؿ هللا ؟ قاؿ< أف تحخزه عغ محارـ هللا‪.‬‬

‫أرأيت إلى العبادة التعاممية والذعائخية ؟ ال ترح العبادة الذعائخية عشج هللا‪ ،‬عميظ أف تؤدييا‪ ،‬شئت أـ أبيت‪،‬‬

‫ولكغ ال تقصف ثسارىا إال إذا صحت العبادة التعاممية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬شيء آخخ في العبادة‪ ،‬العبادة ذات مفيػـ شسػلي‪ ،‬ىشاؾ عبادة ىػية‪ ،‬أؼ مغ أنت‪ ،‬أنت‬

‫غشي‪ ،‬عبادتظ األولى إنفاؽ الساؿ‪ ،‬أنت قػؼ عبادتظ األولى أف تشرف السطمػـ‪ ،‬وأف تحق الحق‪ ،‬أنت عالع‬

‫عبادتظ األولى أف تعمع العمع‪ِ ،‬‬


‫أنت امخأة عبادتظ األولى أف تحدشي رعاية زوجظ وأوالدؾ‪ ،‬فقج جاءت امخأة إلى‬

‫الشبي ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ ليا<‬

‫تبعل السخأة زكجيا يعجؿ الجياد في سبيل هللا ))‬


‫(( اعمسي أيتيا السخأة‪ ،‬كأعمسي مؽ دكنػ مؽ الشدا ً أف حدؽ ّ‬

‫[البييقي في شعب اإليساف عغ أسساء بشت يديج األنرارية]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪8‬‬


‫إذًا ىشاؾ عبادة اليػية‪ ،‬أقامظ هللا غشياً عميظ أف تشفق الساؿ‪ ،‬أقامظ هللا عالساً عميظ أف تعمع العمع‪ ،‬أقامظ هللا قػياً‬

‫عميظ أف تأخح بيج الزعيف‪ ،‬وأف تشرفو مغ القػؼ‪ ،‬أقامظ هللا امخأة عميظ أف تحدشي رعاية زوجظ وأوالدؾ‪.‬‬

‫ىشاؾ معشى آخخ مغ معاني العبادة‪ ،‬عبادة الطخؼ‪ ،‬ال سسح هللا وال قجر لظ أب مخيس‪ ،‬عبادتظ األولى رعاية‬

‫األب‪ ،‬عشجؾ ضيف‪ ،‬عبادتظ األولى إكخاـ الزيف‪ ،‬ابشظ عشجه امتحاف‪ ،‬عبادتظ األولى أف تخعى ىحا االبغ‪ ،‬ألنو‬

‫بزع مشظ‪ ،‬إذًا ىحه عبادة الطخؼ‪ ،‬ثع إف ىشاؾ عبادة مغ نػع آخخ‪ ،‬سساىا بعس العمساء عبادة الػقت ‪ ،‬الصخؼ‬

‫اآلخخ إذا أراد أف يفقخنا نحغ السؤمشيغ فكدب الساؿ وإنفاقو في حل مذكبلت السدمسيغ ىػ مدح دمػع البائديغ‪،‬‬

‫وإكخاـ اليتامى‪ ،‬وإكخاـ األرامل‪ ،‬ومعالجة السخضى‪ ،‬إنفاؽ ىحا الساؿ الحبلؿ في خجمة السؤمشيغ ىػ العبادة األولى‪،‬‬

‫ألف أحج الرحابة الكخاـ يقػؿ<‬

‫حبحا الساؿ أصؾف بو عخضي ك ّ‬


‫أتقخب بو إلى ربػػي‬

‫لقج جعل هللا الساؿ قػاـ الحياة‪ ،‬فسغ كدبو حبلالً‪ ،‬وأنفقو في وجػىو كاف بالشدبة إليو عبادة الػقت‪ ،‬أؼ إذا كاف‬

‫الصخؼ اآلخخ يخيج إفقار السؤمشيغ فكدب الساؿ يشبغي أف يكػف مغ صشف العبادة‪ ،‬بل إف ّ‬
‫أؼ عسل يعسمو‬

‫اإلنداف إذا كاف في األصل مذخوعاً‪ ،‬وسمظ بو شخقاً مذخوعة‪ ،‬وأراد بو كفاية نفدو وأىمو‪ ،‬وخجمة السؤمشيغ‪ ،‬ولع‬

‫يذغمو عغ واجب ديشي انقمب ىحا العسل إلى عبادة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬أعساؿ السؤمغ العادية إذا رافقتيا نػايا عالية تشقمب إلى عبادات‪ ،‬بيشسا عبادات السشافق‬

‫الخالرة تشقمب إلى سيئات‪ ،‬ىحه حقيقة ميسة ججاً‪ ،‬فأنت حيشسا تكدب الساؿ الحبلؿ‪ ،‬وتشفقو في سبيل هللا ىحا‬

‫َّللاِ‬ ‫ِ‬
‫ػؿ َّ‬
‫اؿ َرُس ُ‬ ‫عبادة‪ ،‬ولكغ إذا شخيق كدب الساؿ سالكاً وفق مشيج هللا يشبغي أف تكػف غشياً‪َ ،‬ع ْغ أَبي ُى َخْي َخَة َق َ‬
‫اؿ< َق َ‬

‫َو َسَّم َع<‬ ‫َّللاُ َعَم ْي ِو‬


‫صَّمى َّ‬
‫َ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪9‬‬


‫الز ِع ِ‬ ‫ِي َخيخ كأَح ُّب ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا ِم ْؽ اْل ُس ْؤ ِم ِؽ َّ‬
‫يف‪))...‬‬ ‫(( اْل ُس ْؤ ِم ُؽ اْلَقؾ ُّ ْ ٌ َ َ‬

‫[ مدمع‪ ،‬ابغ ماجو‪ ،‬أحسج ]‬

‫ألف خيارات السؤمغ الغشي القػؼ أكثخ رحابة مغ خيارات السؤمغ الزعيف‪ ،‬ولكغ إذا كاف شخيق كدب الساؿ‬

‫محفػفاً بالسعاصي واآلثاـ فيشبغي أف تكػف بعيجاً عغ السعاصي واآلثاـ‪ ،‬عشجئح أنت معحور عشج هللا‪ ،‬ىشاؾ فقخ‬

‫الكدل‪ ،‬وىحا عشج هللا محمػـ‪ ،‬وىػ فقخ القجر‪ ،‬وىحا عشج هللا معحور‪ ،‬وىشاؾ فقخ اإلنفاؽ‪ ،‬وىحا عشج هللا مدتحدغ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬ثع إف الصخؼ اآلخخ إذا أراد إذاللشا فتخسيخ حقائق الجيغ‪ ،‬تػضيح عقيجة السدمسيغ‪ ،‬نذخ‬

‫الفزائل اإلسبلمية‪ ،‬بياف أحكاـ الكتاب والدشة‪ ،‬ىحا يعج أوؿ عبادة إذا كثخت الزبلالت‪ ،‬وشاعت التخىات‪،‬‬

‫ودخل الحق في الباشل‪ ،‬البج مغ تػضيح الحق<‬

‫﴿ َّال ِحيؽ يبِّم ُغؾ َف ِرس َاَّل ِت َّ ِ‬


‫َّللا﴾‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ;‪]5‬‬

‫إذًا حيشسا تػضح معالع الجيغ‪ ،‬تأتي بالجليل التفريمي ‪ ،‬تخد عمى الذبو‪ ،‬تخد عمى الزبلالت‪ ،‬حيشسا تتػضح‬

‫معالع الجيغ فيحه أوؿ عبادة‪ ،‬فقج ورد عغ رسػؿ هللا صمى هللا عميو و سمع<‬

‫(( ما مؽ كمسة أحب إلى هللا مؽ كمسة الحق ))‬

‫[ورد في األثخ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪10‬‬


‫اإلنداف أحيانًا مغ كمسة صادقة يشذخ ىجاية في اآلفاؽ<‬

‫ُكَم َيا ُك َّل ِح ٍ‬ ‫الدس ِ‬


‫ا ً (‪ُ )46‬ت ْؤِتي أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َكِم َس ًة َ‬
‫يؽ﴾‬ ‫طِّيَب ٍة أ ْ‬
‫َصُم َيا َثاب ٌت َكَفْخ ُع َيا في َّ َ‬ ‫طِّيَب ًة َك َذ َجَخٍة َ‬ ‫﴿ َم َث ً‬

‫[ سػرة إبخاىيع ]‬

‫وحيشسا يخيج الصخؼ اآلخخ إفدادنا عغ شخيق ىحه السشاشط التي تفدج األخبلؽ‪ ،‬وعغ شخيق أجيدة‪ ،‬وأدوات تحصع‬

‫القيع البج مغ أسمسة ىحه األجيدة واألدوات‪ ،‬والبج مغ مشاشط نطيفة تحفع ألجيالشا خمقيا وقيسيا وعقيجتيا‪ ،‬إذاً‬

‫حيشسا يعع الفداد في األرض كسا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫ض َّال ِحي َع ِسُمؾا َل َعَّم ُي ْؼ َيْخِج ُعؾ َف (‪﴾)60‬‬


‫اس ِلُي ِح َيق ُي ْؼ َب ْع َ‬ ‫ع َيَخ اْل َف َد ُاد ِفي اْلَبِّخ َكاْلَب ْح ِخ ِب َسا َك َدَب ْت أَْي ِجي َّ‬
‫الش ِ‬ ‫﴿ َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]60‬‬

‫حيشسا نعير فتشًا‪ ،‬وحيشسا نعير ضبلالت‪ ،‬وحيشسا نخذى عمى أبشائشا االنحخاؼ يشبغي أف نييئ ليع مشاشط نطيفة‬

‫تقي عقيجتيع‪ ،‬وتقي سمػكيع مغ االنحخاؼ‪ ،‬وىحا أيزًا عبادة مغ العبادات‪.‬‬

‫وحيشسا يخيج الصخؼ اآلخخ أف يحلشا البج مغ أف نعتد بإيسانشا‪ ،‬البج مغ أف نزع تحت قجمشا كل مرالحشا‪ ،‬سيجنا‬

‫عسخ رحسو هللا تعالى ورضي عشو جاءه ممظ مغ ممػؾ الغداسشة‪ ،‬اسسو جبمة بغ األييع‪ ،‬سخ بو عسخ‪ ،‬ألف الشبي‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َف رسػؿ َّ ِ‬


‫اؿ<‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫فع ْغ ْاب ِغ ُع َس َخ أ َّ َ ُ َ‬
‫عميو الربلة والدبلـ شمب الشخبة‪َ ،‬‬

‫َحَّب ُي َسا ِإَلْي ِو‬


‫اف أ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َح ِّب َى َحْي ِؽ َّ‬
‫الخ ُجَمْي ِؽ إَلْي َػ‪ ،‬بأَبي َج ْي ٍل‪ ،‬أ َْك ب ُع َسَخ ْب ِؽ اْل َخظاب‪َ ،‬ق َ‬
‫اؿ< َكَك َ‬ ‫اْل ْس َال َـ ِبأ َ‬
‫المي َّؼ أ ِ‬
‫َعَّد ِْ‬ ‫(( َّ ُ‬

‫ُع َسُخ ))‬

‫[التخمحؼ‪ ،‬ابغ ماجو‪ ،‬أحسج]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪11‬‬


‫سخ بو‪ ،‬ورحب بو‪ ،‬في أثشاء شػافو حػؿ الكعبة داس بجوؼ مغ ف ادرة شخؼ ردائو‪ ،‬فسا كاف مغ ىحا السمظ الحؼ‬
‫ّ‬

‫أسمع حجيثاً إال أف ضخب ىحا البجوؼ ضخبة ىذست أنفو‪ ،‬ماذا يفعل ىحا البجوؼ ؟ ذىب إلى عسخ‪ ،‬وشكاه‪ ،‬سيجنا‬

‫عسخ استجعى جبم ًة‪ ،‬قاؿ< أصحيح ما ادعى ىحا الفدارؼ الجخيح ؟ قاؿ< لدت مسغ يشكخ شيئا‪ ،‬أنا أدبت الفتى‪،‬‬

‫ِ‬
‫أرض الفتى‪ ،‬البج مغ إرضائو‪ ،‬مازاؿ ضفخؾ عالقاً‬ ‫أدركت حقي بيجؼ‪ ،‬ىحا الحػار صيغ شع اًخ‪ ،‬قاؿ< يا ابغ أييع‪،‬‬

‫بجمائو‪ ،‬أو ييذسغ اآلف أنفظ‪ ،‬وتشاؿ ما فعمتو كفظ‪ ،‬قاؿ< كيف ذاؾ يا أميخ‪ ،‬ىػ سػقة‪ ،‬وأنا عخش وتاج ؟ كيف‬

‫تخضى أف يخخ الشجع أرضًا ؟ قاؿ عسخ< ندوات الجاىمية‪ ،‬ورياح العشجيية‪ ،‬قج دفشاىا‪ ،‬أقسشا فػقيا صخحاً ججيجًا‪،‬‬

‫وتداوػ الشاس أح اخ اًر لجيشا وعبيجاً‪ ،‬قاؿ جبمة< كاف وىساً ما جخػ في خمجؼ أني عشجؾ أقػػ وأعد‪ ،‬أنا مختج إذا‬

‫أكخىتشي‪ ،‬قاؿ< عشق السختج بالديف تحد‪ ،‬عالع نبشيو‪ ،‬كل صجع فيو بذبا الديف يجاوػ‪ ،‬وأعد الشاس بالعبج‬

‫بالرعمػؾ تداوػ‪.‬‬

‫يزح بسبجأ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أييا اإلخػة‪ ،‬لقج عمّق بعزيع عمى ىحا الحادث بأف عسخ رضي هللا عشو وأرضاه ضحى بسمظ‪ ،‬ولع‬

‫وأف اإليساف مجسػعة مبادغ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬شيء آخخ‪ ،‬ىحا الصخؼ اآلخخ إذا أراد اجتياح األرض يشبغي أف نقاومو‪ ،‬يشبغي أف نبحؿ‬

‫الغالي والخخيز‪ ،‬والشفذ والشفيذ في سبيل إحقاؽ الحق‪.‬‬

‫اإلنداف أييا اإلخػة بزعة أياـ‪ ،‬كمسا انقزى يػـ انقزى بزع مشو‪ ،‬ما مغ يػـ يشذق فجخه إال ويشادؼ< يا بغ‬

‫آدـ أنا خمق ججيج‪ ،‬وعمى عسمظ شييج‪ ،‬فتدود مشي‪ ،‬فإني ال أعػد إلى يػـ القيامة‪ ،‬ذلظ أف اإلنداف بزعة أياـ‬

‫كمسا انقزى يػـ انقزى بزع مشظ‪ ،‬وىحا الدمغ الحؼ ىػ أثسغ شيء نسمكو‪ ،‬وىحا الثسغ الحؼ ىػ رأس مالو‬

‫الػحيج‪ ،‬ىحا الثسغ ىػ الحؼ يشبغي أف يدتيمكو استيبلكًا استثساريًا‪ ،‬ال استيبلكًا تافيًا‪ ،‬الدمغ يشفق استيبلكاً‪،‬‬

‫ويشفق استثسا اًر‪ ،‬فإذا أكمشا‪ ،‬وشخبشا‪ ،‬واستمقيشا‪ ،‬وذىبشا إلى الشدىات فقط‪ ،‬ولع نحسل رسالة‪ ،‬ولع نحسل ىساً‪ ،‬ولع نؤِد‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪12‬‬


‫واجبًا‪ ،‬ولع نحقق شيئًا‪ ،‬نحغ أنفقشا الدمغ استيبلكًا‪ ،‬أما إذا آمشا باهلل‪ ،‬وعخفشا الحقيقة العطسى‪ ،‬وعسمشا وفق‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َّللاِ ْب ِغ َعس ٍخو أ َّ ِ‬


‫تػجيياتيا‪ ،‬ودعػنا إلى هللا دعػة كفخض عيغ‪َ ،‬ع ْغ َع ْبِج َّ‬
‫اؿ<<‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َف الشَّب َّي َ‬ ‫ْ‬

‫آيةً‪))...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(( َبّم ُغؾا َعّشي َكَل ْؾ َ‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬التخمحؼ‪ ،‬أحسج‪ ،‬الجارمي ]‬

‫ثع تعخفشا إلى خالقشا جل وعبل نكػف قج أنفقشا ىحا الػقت استثسا ًار‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اص ْؾا ِب َّ‬ ‫اْل ْنداف َل ِفي ُخد ٍخ (‪ِ )4‬إََّّل َّال ِحيؽ آَمُشؾا كع ِسُمؾا َّ ِ ِ‬
‫الرْب ِخ‬ ‫اص ْؾا ِباْل َح ِّ‬
‫ق َكَت َؾ َ‬ ‫الرال َحات َكَت َؾ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َكاْل َع ْر ِخ (‪ِ )0‬إ َّف ِْ َ َ‬

‫(‪﴾)5‬‬

‫[ سػرة العرخ ]‬

‫اإلماـ الذافعي رحسو هللا تعالى قاؿ عغ ىحه الدػرة< " إنيا تكفي السؤمغ‪ ،‬لػ تجبخ الشاس ىحه الدػرة لكفتيع "‪،‬‬

‫وقاؿ عغ قػلو تعالى<‬

‫اص ْؾا ِب َّ‬ ‫﴿ ِإََّّل َّال ِحيؽ آَمُشؾا كع ِسُمؾا َّ ِ ِ‬


‫الرْب ِخ (‪﴾)5‬‬ ‫اص ْؾا ِباْل َح ِّ‬
‫ق َكَت َؾ َ‬ ‫الرال َحات َكَت َؾ َ‬ ‫َ َ ََ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪]5‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪13‬‬


‫ىحه أركاف الشجاة‪ ،‬فبل بػرؾ لي في يػـ لع أزدد فيو مغ هللا عمسًا‪ ،‬وال بػرؾ لي في يػـ لع أزدد فيو مغ هللا قخباً‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬أرجػ هللا سبحانو وتعالى أف نكػف قج أفجنا جسيعاً مغ ىحه الحقائق‪ ،‬وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا‬

‫تعالى‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪14‬‬


‫الجرس (‪ < )09-14‬مقؾمات التكميف‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫اإلنداف ىػ السخمػؽ األوؿ رتب ًة‪ ،‬لقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َش َف ْق َؽ ِمْش َيا َك َحسَم َيا ِْ‬


‫َف َي ْح ِسْمَش َيا َكأ ْ‬ ‫ض َكاْل ِجَب ِ‬ ‫الدساك ِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اف﴾‬
‫اْل ْن َد ُ‬ ‫َ‬ ‫اؿ َفأََبْي َؽ أ ْ‬ ‫﴿ إَّنا َعَخ ْضَشا ْاأل َ‬
‫َماَن َة َعَمى َّ َ َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]97‬‬

‫فاإلنداف قبل حسل األمانة إذاً أصبح عشج هللا مخمػقاً أوالً‪ ،‬واألمانة أييا اإلخػة نفديا التي بيغ جشبيو‪ ،‬إف عخفيا‬

‫بخبيا‪ ،‬وحسميا عمى شاعتو سعج في الجنيا واآلخخة‪ ،‬وإف غفل عغ ربو‪ ،‬وتفمت مغ مشيجو‪ ،‬وأساء إلى خمقو شقي‬

‫في الجنيا واآلخخة‪ ،‬فالشاس رجبلف‪ ،‬ال غيخ‪ ،‬إنداف عخؼ هللا‪ ،‬فانزبط بسشيجو‪ ،‬وأحدغ إلى خمقو‪ ،‬فدعج في الجنيا‬

‫واآلخخة‪ ،‬وإنداف تفمت مغ مشيج هللا‪ ،‬ألنو غفل عشو‪ ،‬فذقي في الجنيا واآلخخة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اىا (‪﴾)01‬‬
‫اب َم ْؽ َد َّس َ‬ ‫﴿ َق ْج أَ ْفَم َح َم ْؽ َزَّك َ‬
‫اىا (;) َكَق ْج َخ َ‬

‫[ سػرة الذسذ ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪15‬‬


‫الفبلح كل الفبلح‪ ،‬والفػز كل الفػز‪ ،‬والتفػؽ كل التفػؽ‪ ،‬والعقل كل العقل في أف تعخؼ هللا‪ ،‬وأف تحسل نفدظ‬

‫عمى شاعتو‪ ،‬وأف تتقخب إليو باألعساؿ الرالحة‪ ،‬عشجئح تدعج في دنياؾ وفي أخخاؾ‪ ،‬وهللا سبحانو وتعالى كمفشا‬

‫حسل ىحه األمانة التي أشفقت مغ حسميا الدساوات واألرض‪ ،‬ولكغ ما كمفشا حسل األمانة إال وقج أعصانا‬

‫مقػماتيا‪.‬‬

‫أوال< مقػمات حسل األمانة أف ىحا الكػف الحؼ يشصق كمو بػجػد هللا‪ ،‬ويشصق بػحجانيتو‪ ،‬ويشصق بكسالو‪ ،‬وقج جعل‬

‫هللا الكػف مطي ًاخ ألسساء هللا الحدشى وصفاتو الفزمى‪ ،‬فحيثسا نطخت تجج آي ًة دال ًة عمى عطستو‪.‬‬

‫فسثبلً< أقخب نجع ممتيب إلى األرض يبعج عشا أربع سشػات ضػئية‪ ،‬والزػء يقصع في الثانية الػاحجة ثبلثسئة ألف‬

‫كيمػ متخ‪ ،‬فكع يقصع في الجقيقة ؟ وكع يقصع في الداعة ؟ وكع يقصع في اليػـ ؟ وكع يقصع في الدشة ؟ ىحه‬

‫السدافة التي بيششا وبيغ األرض لػ أردنا أف نقصعيا بسخكبة أرضية الحتجشا إلى خسديغ مميػف عاـ لشقصع‬

‫السدافة بسخكبة أرضية بيششا وبيغ أقخب نجع ممتيب إلى األرض‪.‬‬

‫كع ىي السدافة بيششا وبيغ نجع القصب ؟ أربعة آالؼ سشة ضػئية‪ ،‬كع ىي السدافة بيششا وبيغ مجخة السخأة‬

‫السدمدمة ؟ مميػنا سشة ضػئية‪ ،‬بل إف عمساء الفمظ اكتذفػا قبل سشػات أف ىشاؾ مجخات تبعج عشا عذخيغ مميار‬

‫سشة ضػئية‪ ،‬ماذا قاؿ هللا عد وجل ؟ قاؿ تعالى<‬

‫﴿ َف َال أُ ْق ِد ُؼ ِب َس َؾ ِاق ِع ُّ‬


‫الش ُجؾ ِـ (‪﴾)97‬‬

‫[ سػرة الػاقعة< اآلية ‪]97‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪16‬‬


‫ا ً﴾‬ ‫﴿ ِإَّنسا ي ْخ َذى َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫َّللا م ْؽ عَباده اْل ُعَم َس ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪]7:‬‬

‫بل إف صياغة ىحه اآلية تعشي أف العمساء وحجىع‪ ،‬وال أحج سػاىع يخذى هللا‪.‬‬

‫عالع فمظ ق أخ ىحه اآلية‪ ،‬ودقق في كمساتيا لػجج أف كمسة ( مػقع ) ال تعشي أف‬
‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬لػ أف َ‬

‫صاحب السػقع في السػقع‪ ،‬فيحه السجخة التي تبعج عشا عذخيغ مميار سشة ضػئية كانت في ىحا السػقع قبل‬

‫عذخيغ مميار سشة ضػئية‪ ،‬وسخعتيا تقتخب مغ سخعة الزػء‪ ،‬مئتاف وأربعػف ألف كيمػ متخ في الثانية‪ ،‬أيغ ىي‬

‫اآلف ؟ ىحا عالع الفمظ لػ دقق في كمسات اآلية لخخ ساججاً هلل عد وجل‪ ،‬ألع يقل هللا عد وجل<‬

‫ِ‬ ‫﴿ َف َال أُ ْق ِد ُؼ ِب َس َؾ ِاق ِع ُّ‬


‫الش ُجؾ ِـ (‪َ )97‬كإَِّن ُو َلَق َد ٌؼ َل ْؾ َت ْعَم ُسؾ َف َعغ ٌ‬
‫يؼ (‪﴾)98‬‬

‫[ سػرة الػاقعة ]‬

‫ذلكع هللا رب العالسيغ‪.‬‬

‫أىحا اإللو العطيع يعرى ؟ أىحا اإللو العطيع تختخؽ مشيياتو ؟‬

‫شيء آخخ أييا اإلخػة‪ ،‬بيغ األرض والذسذ مئة وستة وخسدػف مميػف كيمػ متخ‪ ،‬يقصعيا الزػء في ثسانية‬

‫دقائق‪ ،‬واألرض أصغخ مغ الذسذ بسميػف وثبلثسئة ألف مخة‪ ،‬أو أف الذسذ تكبخ األرض بسميػف وثبلثسئة ألف‬

‫مخة‪ ،‬أؼ إف الذسذ تتدع في جػفيا لسميػف وثبلثسئة ألف أرض‪ ،‬انطخوا إلى حجع األرض‪ ،‬وإلى حجع الذسذ‪،‬‬

‫وإلى السدافة بيشيسا‪ ،‬واآلف دققػا فيسا سأقػؿ< إف في بخج العقخب نجساً صغي ًاخ أحسخ المػف متألقًا‪ ،‬اسسو قمب‬

‫العقخب‪ ،‬يتدع لمذسذ واألرض مع السدافة بيشيسا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪17‬‬


‫الدس ِ‬
‫ا ً َك ْاألَْر ِ‬
‫ض﴾‬ ‫ِ‬
‫﴿ ُق ْل َم ْؽ َيْخُزُق ُك ْؼ م َؽ َّ َ‬

‫[ سػرة يػنذ< اآلية ‪]010‬‬

‫ىحا الكػف ما جعمو هللا بيحا اإلعجاز إال كي نعخؼ هللا مشو‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّللا ِقَيامًا‬ ‫ِ‬ ‫ات ِألُكِلي ْاألَ ْلَب ِ‬ ‫اخِت َال ِ‬ ‫الدساك ِ‬ ‫ِ‬
‫اب (‪َّ )0;1‬الح َ‬
‫يؽ َي ْح ُكُخك َف َّ َ‬ ‫الش َي ِار َ َ‬
‫َلَي ٍ‬ ‫ؼ َّ‬
‫المْي ِل َك َّ‬ ‫ات َك ْاألَْر ِ‬
‫ض َك ْ‬ ‫﴿ ِإ َّف في َخْم ِق َّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدساك ِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َّ‬
‫الش ِار‬ ‫ض َرَّبَشا َما َخَم ْق َت َى َحا َباطالً ُسْب َحاَن َػ َفقَشا َع َح َ‬ ‫َكُق ُعؾدًا َك َعَمى ُجُشؾب ِِي ْؼ َكَي َت َف َّكُخك َف في َخْم ِق َّ َ َ‬

‫(‪﴾)0;0‬‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]0;0-0;1‬‬

‫في القخآف الكخيع أييا اإلخػة ألف وثبلثسئة آية كػنية‪ ،‬البج مغ أف يكػف ليحه اآليات أىجافًا عطيسة ججًا‪ ،‬إنيا‬

‫سبيل معخفة هللا عد وجل‪ ،‬فأنت في الكػف تعخفو‪ ،‬وبالذخع تعبجه‪ ،‬ويقػؿ هللا عد وجل<‬

‫اؽ َكِفي أَْن ُف ِد ِي ْؼ﴾‬ ‫يي ْؼ آََي ِاتَشا ِفي ْ َ‬


‫اَل َف ِ‬ ‫﴿ َسُش ِخ ِ‬

‫[ سػرة فرمت< اآلية ‪]75‬‬

‫في اإلنداف غجة صغيخة ججاً‪ ،‬ىي ممكة الغجد‪ ،‬اسسيا الغجة الشخامية‪ ،‬ال يديج وزنيا عمى نرف غخاـ فقط‪ ،‬ىحه‬

‫الغجة مختبصة بسئة وخسديغ ألف عرب‪ ،‬إنيا ممكة الغجد فعبلً‪ ،‬تفخز تدع ىخمػنات‪ ،‬لػ أف ىخمػناً مغ ىحه‬

‫اليخمػنات لع يفخز بالحجع السشاسب والكسية السشاسبة ألصبحت حياة اإلنداف جحيسًا ال يصاؽ‪ ،‬إف ىحه الغجة‬

‫حسزا أميشيِّا‪ ،‬وذرات الكػف كسا يقػؿ بعس‬


‫ً‬ ‫تفخز ىخمػف الشسػ‪ ،‬وىحا اليخمػف مؤلف مغ مئة وثسانية وثسانيغ‬

‫حسزا أميشيِّا‪،‬‬
‫ً‬ ‫العمساء ال تكفي لرشع ذرة مغ حسس أميشي صجف ًة‪ ،‬ىحا اليخمػف مؤلف مغ مئة وثسانية وثسانيغ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪18‬‬


‫يجب أف يكػف في الجـ بشدبة عذخة ميكخوغخامات في كل لتخ‪ ،‬إف نقرت ىحه الشدبة ّ‬
‫تقدـ اإلنداف‪ ،‬وإف ارتفعت‬

‫تعسَمق اإلنداف‪ ،‬قاؿ تعالى<‬


‫ْ‬

‫اؽ َكِفي أَْن ُف ِد ِي ْؼ﴾‬ ‫يي ْؼ آََي ِاتَشا ِفي ْ َ‬


‫اَل َف ِ‬ ‫﴿ َسُش ِخ ِ‬

‫[ سػرة فرمت< اآلية ‪]75‬‬

‫وىحه الغجة التي ىي ممكة الغجد‪ ،‬والتي تحكع كل الغجد الرساء في الجدع تفخز ىخمػناً آخخ اسسو ىخمػف‬

‫الكطخ‪.‬‬

‫الجماغ أييا اإلخػة ممظ الجياز العربي‪ ،‬والغجة الشخامية ممكة الجياز اليخمػني‪ ،‬لػ أف إنداناً شاىج أفعى في‬

‫بدتاف تشصبع صػرة األفعى عمى شبكية العيغ إحداساً‪ ،‬وتشتقل ىحه الرػرة إلى الجماغ إدراكاً‪ ،‬يجرؾ الخصخ‬

‫بحدب السفيػمات التي تمقاىا في مجرستو‪ ،‬ومغ خبلؿ تجاربو‪ ،‬ومغ خبلؿ مدسػعاتو‪ ،‬فالجماغ ػ وىػ ممظ الجياز‬

‫العربي ػ يجرؾ الخصخ‪ ،‬فيعصي أم اًخ لسمكة الجياز اليخمػني أف تترخؼ‪ ،‬ممكة الجياز اليخمػني تترل بالكطخ‪،‬‬

‫الغجة التي فػؽ الكمية‪ ،‬ماذا يفعل الكطخ ليػاجو ىحا الخصخ ؟ يفخز ىخمػنًا يدخع ضخبات القمب‪ ،‬فالخائف تدداد‬

‫ضخبات قمبو‪ ،‬ثع يفخز ىخمػناً يدخع وجيب الخئتيغ‪ ،‬فالخائف تخفق رئتيو أكثخ مغ ذؼ قبل‪ ،‬ثع إف ىحا الكطخ‬

‫يفخز ىخمػناً ثالثاً يزيق لسعة األوعية السحيصية في الجدع‪ ،‬كي يػفخ الجـ إلى العزبلت‪ ،‬فالخائف تخاه مرفخ‬

‫المػف‪ ،‬ثع إف ىحا الكطخ يفخز ىخمػناً يأمخ الكبج أف يصخح كسية مغ الدكخ إضافية‪ ،‬إذًا لػ فحرشا دـ الخائف‬

‫لػججنا ندب الدكخ مختفعة‪ ،‬ثع إف ىحا الكطخ يفخز ىخمػناً خامداً كي يديج مغ ىخمػف التجمط‪ ،‬لئبل يديل الجـ‬

‫كمو إثخ ضخبة واحجة‪ ،‬ىحا كمو يتع في ثػ ٍ‬


‫اف‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪19‬‬


‫﴿ َكِفي أَْن ُف ِد ُك ْؼ أَ َف َال ُتْب ِرُخك َف (‪﴾)40‬‬

‫[ سػرة الحاريات< اآلية ‪]70‬‬

‫إذًا أوؿ مقػـ مغ مقػمات األمانة‪ ،‬أؼ مغ مقػمات حسل األمانة ىحا الكػف بدساواتو وأرضو‪ ،‬بخمق اإلنداف‪،‬‬

‫بخمق الحيػاف‪ ،‬بخمق الشبات‪ ،‬يشصق كمو بػحجانية هللا وبكساؿ هللا‪.‬‬

‫فالكػف أييا اإلخػة أحج مقػمات حسل األمانة‪ ،‬ثع إف هللا سبحانو وتعالى أودع فيشا العقل كأداة لمسعخفة‪ ،‬وكسشاط‬

‫لمسدؤولية‪ ،‬فممعقل مبادغ ثبلثة<‬

‫أوؿ ىحه السبادغ< مبجأ الدببية‪ ،‬فالعقل ال يفيع شيئًا مغ دوف سبب‪.‬‬

‫وثاني ىحه السبادغ< مبجأ الغاية‪ ،‬والعقل ال يفيع شيئاً مغ دوف غاية‪ ،‬ىكحا بخمج‪ ،‬وىكحا تعج خرائرو‪.‬‬

‫ثع مبجأ اليػية< العقل ال يقبل التشاقس‪ ،‬ومغ حكسة هللا البالغة أف مبادغ العقل تتػافق مع قػانيغ الكػف‪ ،‬فإذا‬

‫أعسل اإلنداف عقمو في الكػف فبلبج أف يرل إلى هللا عد وجل إال قمة قميمة ركبت رؤوسيا‪ ،‬وتجاوزت‬

‫خرائريا‪.‬‬

‫تعج صحة الشقل أخصخ شيء في‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬الجيغ في األصل نقل‪ ،‬وألف أخصخ ما في الشقل صحتو‪ّ ،‬‬

‫الجيغ‪ ،‬لحلظ ميسة العقل مع الشقل أف يتحقق مغ صحة الشقل أوالً‪ ،‬وأف يفيع الشقل ثانياً‪ ،‬ىحه ميسة العقل‪ ،‬أما أف‬

‫يكػف العقل وحجه مقياسًا لمسعخفة فيحا ال يقخه القخآف الكخيع‪ ،‬ذلظ أف العيغ ميسا دقت رؤيتيا فيي بحاجة إلى نػر‬

‫يتػسط بيشيا وبيغ السخئي‪ ،‬كحلظ العقل ميسا كاف متفػقاً فبلبج مغ وحي إليي يعيشو عمى معخفة الحقيقة العطسى‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬العقل أداة معخفة هللا‪ ،‬ومشاط التكميف‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪20‬‬


‫شيء آخخ مغ مقػمات التكميف< إنيا الفصخة‪ ،‬اإلنداف ُجِبل جبّم ًة راقي ًة ججًا‪ ،‬ىحه الجبّمة تعخؼ ذاتيا بحاتيا‪ ،‬تعخؼ‬

‫خصأىا بشفديا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اىا (‪﴾):‬‬
‫ؾرَىا َكَت ْق َؾ َ‬
‫﴿ َفأَْل َي َس َيا ُف ُج َ‬

‫[ سػرة الذسذ< اآلية ‪]:-9‬‬

‫أؼ إنيا إذا اتقت أليست أنيا متقية‪ ،‬وإف فجخت أليست أنيا فاجخة‪ ،‬فاإلنداف بحكع فصختو يعخؼ ما إذا كاف عمى‬

‫صػاب‪ ،‬أو إذا كاف عمى خصأ‪ ،‬لكغ الذيء الحؼ يمفت الشطخ أف ىحا الجيغ العطيع ديغ هللا عد وجل متػافق‬

‫تػافقاً تاماً مع فصخة اإلنداف‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫الشاس عَمييا ََّل َتب ِجيل ِل َخْم ِق َّ ِ‬ ‫يؽ حِشيفًا ِف ْظخَة َّ ِ‬


‫َّللا َّالِتي َف َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا﴾‬ ‫ْ َ‬ ‫ظَخ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ َفأَق ْؼ َك ْج َي َػ ل ّمج ِ َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]51‬‬

‫فمحلظ اإل نداف حيشسا يخخج عغ مبادغ الجيغ يذعخ بالكببة والزيق‪ ،‬يذعخ بالحنب‪ ،‬تزيق نفدو‪ ،‬قاؿ بعزيع<‬

‫إف هللا يعصي الرحة والحكاء والساؿ والجساؿ لمكثيخيغ مغ خمقو‪ ،‬ولكشو يعصي الدكيشة بقجر ألصفيائو السؤمشيغ‪.‬‬

‫بالعقل تعخؼ هللا‪ ،‬وبالفصخة تكذف خصأؾ‪ ،‬وىحا مغ فزل هللا عميشا‪ ،‬كل مػلػد يػلج عمى الفصخة‪ ،‬بسعشى أف‬

‫اإلنداف فصخه هللا عد وجل عمى حب الكساؿ‪ ،‬فيػ ال يدعج‪ ،‬وال يدتخيح‪ ،‬وال يصسئغ‪ ،‬وال ييجأ إال إذا كاف عمى‬

‫مشيج هللا عد وجل‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫الشاس عَمييا ََّل َتب ِجيل ِل َخْم ِق َّ ِ‬ ‫يؽ حِشيفًا ِف ْظخَة َّ ِ‬


‫َّللا َّالِتي َف َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا﴾‬ ‫ْ َ‬ ‫ظَخ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ َفأَق ْؼ َك ْج َي َػ ل ّمج ِ َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]51‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪21‬‬


‫بالغة ب ٍ‬
‫الغة جعل هللا بعس أوامخ الجيغ‪ ،‬أو بعس التكاليف‬ ‫تاـ‪ ،‬لكغ لحكسة ٍ‬
‫فتػافق الفصخة مع مبادغ الجيغ تػافق ّّ‬
‫َ‬

‫متشاقزاً مع الصبع‪ ،‬ال مع الفصخة‪ ،‬فاإلنداف يسيل إلى أخح الساؿ‪ ،‬والتكميف يأمخه أف يجفعو‪ ،‬واإلنداف يسيل إلى‬

‫إشبلؽ البرخ‪ ،‬والتكميف يأمخه أف يغس البرخ‪ ،‬واإلنداف يسيل إلى الشػـ‪ ،‬والتكميف يأمخه أف يدتيقع‪ ،‬واإلنداف‬

‫يسيل إلى أف يخػض في قرز اآلخخيغ‪ ،‬والتكميف يأمخه أف يرست‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬التكميف يتشاقس مع الصبع‪ ،‬ليكػف ىحا التشاقس ثسشاً لمجشة‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّؽ ِباْل ُح ْدَشى (‪َ )8‬ف َدُشَي ِّدُخُه ِلْمُي ْدَخى (‪﴾)9‬‬
‫ظى َك َّاتَقى (‪َ )7‬ك َصج َ‬
‫َع َ‬
‫َما َم ْؽ أ ْ‬
‫﴿ َفأ َّ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪]9-7‬‬

‫إذًا حيشسا أخالف اليػػ أدفع ثسغ الجشة‪ ،‬ألف اإلنداف في األصل ُخمق لجشة عخضيا الدساوات واألرض‪ ،‬قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫﴿ ِإََّّل َم ْؽ َر ِح َؼ َرُّب َػ َكِل َحِل َػ َخَمَق ُي ْؼ﴾‬

‫[ سػرة ىػد< اآلية ;‪]00‬‬

‫فاإلنداف حيشسا يدتقيع عمى أمخ هللا يتفق مع فصختو‪ ،‬تختاح نفدو‪ ،‬يصسئغ قمبو‪ ،‬يذعخ بدعادة لػ وزعت عمى أىل‬

‫بمج لكفتيع‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬السقػـ اآلخخ مغ مقػمات التكميف<حخية االختيار‪ ،‬فاإلنداف جعمو هللا ح ًاخ في اختياره‪ ،‬قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪22‬‬


‫يؽ ِم ْؽ َقْبِم ِي ْؼ َح َّتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َشَخْكَشا َكََّل آََب ُاؤَنا َكََّل َحَّخْمَشا م ْؽ َش ْي ٍ ً َك َحل َػ َك َّح َب َّالح َ‬
‫َّللا َما أ ْ‬
‫ا ً َّ ُ‬
‫َشَخُكؾا َل ْؾ َش َ‬ ‫ؾؿ َّالح َ‬
‫يؽ أ ْ‬ ‫﴿ َسَيُق ُ‬
‫ؾه َلَشا ِإ ْف َت َّتِبعؾ َف ِإََّّل َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِف أَْن ُت ْؼ ِإََّّل َت ْخُخ ُ‬
‫صؾ َف (‪﴾)06:‬‬ ‫الغ َّؽ َكإ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْسَشا ُق ْل َى ْل عْش َج ُك ْؼ م ْؽ عْم ٍؼ َف ُت ْخ ِخ ُج ُ‬
‫َذا ُقؾا َبأ َ‬

‫[ سػرة األنعاـ< اآلية ‪]06:‬‬

‫فاإلنداف جعمو هللا ح اًخ ليثسغ عسمو‪ ،‬لػ أف هللا أجبخ عباده عمى الصاعة لبصل الثػاب‪ ،‬ولػ أجبخىع عمى السعرية‬

‫بل لكاف عج ًاد في القجرة‪ ،‬إف هللا أمخ عباده تخيي ًاخ‪ ،‬ونياىع تححي ًاخ‪ ،‬وكمف يدي ًاخ‪ ،‬ولع‬
‫لبصل العقاب‪ ،‬ولػ تخكيع ىس ً‬

‫مكخىاً‪.‬‬
‫صع َ‬
‫عز مغمػباً‪ ،‬ولع ُي َ‬
‫يكمف عدي اًخ‪ ،‬وأعصى عمى القميل كثي اًخ‪ ،‬ولع ُي َ‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬لسجخد أف تمغي االختيار‪ ،‬وأف تؤمغ بالجبخ فقج فدجت عقيجتظ‪ ،‬أنت حيشسا تؤمغ بالجبخ‪،‬‬

‫وبأف اإلنداف مديَّخ‪ ،‬وليذ في حياتو اختيار إشبلقاً‪ ،‬معشى ذلظ أنظ ألغيت التكميف‪ ،‬وألغيت حسل األمانة‪،‬‬

‫وألغيت الثػاب‪ ،‬وألغيت العقاب‪ ،‬وألغيت الشار‪ ،‬وألغيت الجشة‪ ،‬اإلنداف ال شظ أنو مخيخ‪ ،‬بجليل أف هللا سبحانو‬

‫وتعالى يقػؿ<‬

‫الدِبيل ِإ َّما َش ِ‬
‫ِما َك ُفؾ اًر (‪﴾)5‬‬
‫اك اًخ َكإ َّ‬ ‫اه َّ َ‬ ‫﴿ ِإَّنا َى َجْيَش ُ‬

‫[ سػرة اإلنداف< اآلية ‪]5‬‬

‫﴿ كِل ُك ٍل ِكجي ٌة ىؾ مؾِّلييا َفاس َتِبُقؾا اْل َخيخ ِ‬


‫ات﴾‬ ‫َْ‬ ‫َ ّ ْ َ َُ ُ َ َ ْ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]06:‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪23‬‬


‫جيء بخجل شارب خسخ إلى عسخ بغ الخصاب رضي هللا عشو‪ ،‬قاؿ< يا أميخ السؤمشيغ‪ ،‬إف هللا قجر عمي ذلظ‪،‬‬

‫فقاؿ ىحا الرحابي الجميل‪ ،‬الخميفة الخاشج< أقيسػا عميو الحج مختيغ‪ ،‬مخةً ألنو شخب الخسخ‪ ،‬ومخًة ألنو افتخػ عمى‬

‫هللا‪ ،‬قاؿ< ويحظ يا ىحا‪ ،‬إف قزاء هللا لع يخخجظ مغ االختيار إلى االضصخار‪ ،‬أنت مخيخ‪.‬‬

‫ألقاه في اليع مكتػفاً وقاؿ لو إياؾ ّإياؾ أف تبتل بالساء‪.‬‬

‫أيعقل أف نبشي حائصيغ عمى عخض كتف إنداف‪ ،‬وىػ يسذي بيغ الحائصيغ نقػؿ لو< الدـ اليسيغ‪ ،‬ىحا ال معشى‬

‫لو‪ ،‬لسجخد وجػد األمخ والشيي في القخآف والدشة معشى ذلظ أف اإلنداف مخيخ‪ ،‬واإلنداف ال يكدب ثػاب الجشة‪،‬‬

‫وال يدتحق الشار إال ألنو مخيخ‪ ،‬وال يكخـ السؤمغ‪ ،‬وال يدفو غيخ السؤمغ إال ألنيسا مخيخاف‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬االختيار مغ مقػمات التكميف‪.‬‬

‫شيء آخخ مغ السقػمات< ىحه الذيػة التي أودعيا هللا في اإلنداف‪ ،‬ىحه الذيػات كسا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫الح َى ِب َكاْل ِف َّز ِة َكاْل َخْي ِل اْل ُس َد َّؾ َم ِة‬


‫ظخِة ِم َؽ َّ‬ ‫ا ً كاْلبِشيؽ كاْلَقَش ِ‬
‫اط ِ‬
‫يخ اْل ُسَقْش ََ‬
‫اس ح ُّب َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫الذ َي َؾات م َؽ الّش َد َ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫﴿ ُزِّي َؽ ل َّمش ِ ُ‬
‫ك ْاألَ ْنعا ِـ كاْلحخ ِث َذِلػ م َتاع اْلحي ِ‬
‫اة﴾‬ ‫َ َ ُ ََ‬ ‫َ َ َ َْ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]06‬‬

‫ىحه الذيػات ما أودعيا هللا فيشا إال لشخقى بيا مختيغ‪ ،‬مخةً صابخيغ‪ ،‬ومخًة شاكخيغ إلى رب األرض والدساوات‪ ،‬إف‬

‫ىحه الذيػات سمسًا نخقى بيا‪ ،‬أو دركات نيػؼ بيا‪ ،‬إنيا حيادية‪ ،‬كالػقػد الدائل في السخكبة‪ ،‬إذا وضع في‬

‫مدتػدعاتو السحكسة‪ ،‬وساؿ في األنابيب السحكسة‪ ،‬وانفجخ في السكاف السشاسب‪ ،‬وفي الػقت السشاسب ولج حخك ًة‬

‫ومغ فييا‪ ،‬فالذيػات حيادية‪ ،‬تخقى بيا مخةً‬


‫نافعة‪ ،‬أما إذا خخج عغ مداره‪ ،‬وأصاب السخكب َة ش اخرةٌ أحخقت السخكبة َ‬

‫إذا سمكت بيا الجانب السذخوع‪ ،‬وتيػؼ بيا إلى دركات الشار إذا سمكت بيا الجانب غيخ السذخوع‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪24‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َض ُّل ِم َّسؽ َّاتبع ىؾاه ِب َغي ِخ ىجى ِمؽ َّ ِ‬


‫َّللا﴾‬ ‫﴿ َك َم ْؽ أ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ْ ًُ‬

‫[ سػرة القرز< اآلية ‪]71‬‬

‫بالسعشى السخالف أف الحؼ يتبع ىػاه وفق ىجػ هللا عد وجل ال شيء عميو‪ ،‬ليذ في اإلسبلـ حخماف‪ ،‬ولكغ في‬

‫اإلسبلـ تشطيع‪.‬‬

‫أييا األخ الكخيع‪ ،‬أنت إذا كشت تديخ في مكاف متخامي األشخاؼ‪ ،‬ورأيت لػحة كتب عمييا< حقل ألغاـ‪ ،‬ىل تحقج‬

‫عمى واضع ىحه المػحة‪ ،‬أـ تثشي عميو ؟ إف ىحه المػحة ليدت قيجًا لحخيتظ‪ ،‬ولكشيا ضساف لدبلمتظ‪ ،‬أنت حيشسا‬

‫تفيع أحكاـ الجيغ عمى أنيا ضساف لدبلمتشا تقبل عمييا‪ ،‬وتدعج باألخح بيا‪ ،‬وتذكخ السػلى هلالج لج عمى أنو شخعيا‬

‫لظ‪ ،‬إذاً الذيػات حيادية نخقى بيا شاكخيغ إف أخحناىا بالػجو السصمػب‪ ،‬ونيػؼ بيا ىالكيغ إف سمكشا بيا الػجو‬

‫السحخـ‪ ،‬ىي حيادية‪ ،‬ويسكغ أف تتحخؾ مغ خبلؿ الذيػات مئة وثسانيغ درجة‪ ،‬لكغ زاوية معيشة مدسػح بيا أف‬

‫تدمظ بيا ىحه الذيػة‪ ،‬فالذيػات ما أودعيا هللا فيشا إال ألنيا قػػ محخكة‪ ،‬إال ألنيا سمع نخقى بيا إلى أعمى‬

‫عمييغ‪ ،‬أما إذا تحخكشا مغ دوف مشيج نديخ عميو ىػيشا بيا إلى أسفل الدافميغ‪.‬‬

‫قػة مغ أجل أف نحقق مغ‬


‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬شيء آخخ متعمق بسقػمات التكميف< إنيا القػة‪ ،‬لقج أودع هللا فيشا ً‬

‫خبلليا اختيارنا‪ ،‬ومغ أجل أف تكذف عغ شػيتشا‪ ،‬ومغ أجل أف نأخح أبعادنا<‬

‫﴿ ِلَي ْيِم َػ َم ْؽ َىَم َػ َع ْؽ َبِّيَش ٍة َكَي ْحَيا َم ْؽ َح َّي َع ْؽ َبِّيَشةٍ﴾‬

‫[ سػرة األنفاؿ< اآلية ‪]67‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪25‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َد ُؽ َع َسالً﴾‬ ‫﴿ َّالحي َخَم َ‬
‫ق اْل َس ْؾ َت َكاْل َحَيا َة لَيْبُم َؾُك ْؼ أَُّي ُك ْؼ أ ْ‬

‫[ سػرة السمظ< اآلية ‪]7‬‬

‫لقج أعصانا هللا قػة نحقق بيا ذواتشا‪ ،‬نحقق بيا اختيارنا‪ ،‬يسكغ أف نأخح بيا أبعادنا‪ ،‬لكغ هللا سبحانو وتعالى في أؼ‬

‫لحطة يدمبيا مشا‪ ،‬وإذا أراد ربظ إنفاذ أمخ أخح مغ كل ذؼ لب لبو‪ ،‬وىحه القػػ التي أودعيا هللا فيشا أودعيا فيشا‬

‫كي يستحششا‪ ،‬أنت مستحغ مختيغ‪ ،‬مستحغ فيسا أعصاؾ‪ ،‬مستحغ فيسا زوػ عشظ‪ ،‬وفي بعس أدعية الشبي عميو‬

‫ػؿ ِفي‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫ػؿ َّ ِ‬


‫ِؼ َع ْغ رس ِ‬ ‫َّللاِ ب ِغ ي ِديج اْلخ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع أََّن ُو َك َ‬
‫اف َيُق ُ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َُ‬ ‫رارِّ‬
‫صس ِّي ْاأل َْن َ‬ ‫الربلة و الدبلـ‪َ ،‬ع ْغ َع ْبج َّ ْ َ َ َ‬

‫ُد َع ِائ ِو<‬

‫ِ ِ‬ ‫المي َّؼ كما َزكي َت عِّشي ِم َّسا أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫المي َّؼ ما رَزْق َتِشي ِم َّسا أ ِ‬
‫يسا‬
‫اج َعْم ُو َفَاخ ًغا لي ف َ‬
‫ُح ُّب َف ْ‬ ‫يسا ُتح ُّب‪َ ْ َ َ َ ُ َّ ،‬‬
‫اج َعْم ُو ُق َّؾًة لي ف َ‬
‫ُح ُّب َف ْ‬ ‫(( َّ ُ َ َ‬

‫ُت ِح ُّب ))‬

‫[ التخمحؼ ]‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىحه مقػمات التكميف‪.‬‬

‫بقي السقػـ األخصخ< إنو الذخع‪ ،‬فالحدغ ما حدشو الذخع‪ ،‬والقيبح ما قبحو الذخع‪ ،‬إذا كاف العقل ميدانًا‪ ،‬وإذا‬

‫كانت الفكخة ميداناً فالذخع ميداف عمى ميداني العقل والفصخة‪ ،‬بل إف ميداف العقل ال يرح إال إذا تػافق مع الذخع<‬

‫ِ‬
‫َّر (;‪﴾)0‬‬ ‫﴿ ِإَّنوُ َف َّكَخ َكَقَّجَر (‪َ )0:‬فُقت َل َكْي َ‬
‫ف َقجَ‬

‫[ سػرة السجثخ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪26‬‬


‫وإف ميداف الفصخة ال يدتقيع إال إذا تػافق مع الذخع‪ ،‬بل إف الحق دائخة تختخقيا أربعة خصػط‪ ،‬خط الشقل‬

‫الرحيح‪ ،‬وأنا أؤكج عمى الشقل الرحيح‪ ،‬وخط العقل الرخيح‪ ،‬ىشاؾ نقل غيخ صحيح‪ ،‬أو ىشاؾ فيع لشقل غيخ‬

‫يعج قائجًا ال مقػدًا‪ ،‬ما العقل الحؼ يقابمو ؟ العقل‬


‫صحيح‪ ،‬وىشاؾ العقل الرخيح‪ ،‬والعقل الرخيح ىػ العقل الحؼ ّ‬

‫التبخيخؼ‪ ،‬اإلنداف إذا أراد شيػة‪ ،‬ومعو عقل يدتخجـ ىحا العقل كي يغصي انحخافو‪ ،‬إذاً الشقل الرحيح‪ ،‬والعقل‬

‫الرخيح‪ ،‬والفصخة الدميسة‪ ،‬واإلنداف أحيانًا تصسذ فصختو فبل يدتفيج مشيا‪ ،‬ثع إف ىحه الفصخة أيزًا تحتاج إلى‬

‫واقع مػضػعي‪ ،‬الػاقع السػضػعي الحقيقي‪ ،‬والشقل الرحيح‪ ،‬والعقل الرخيح‪ ،‬و لفصخة الدميسة‪ ،‬ىحه خصػط‬

‫أربعة تتقاشع في دائخة الحق‪ ،‬إذاً الحدغ ما حدشو الذخع‪ ،‬والقبيح ما قبحو الذخع‪ ،‬وال يعج الخصأ في العقيجة أييا‬

‫اإلخػة خصأ بديصًا‪ ،‬إنو خصأ جديع‪ ،‬ذلظ أف الخصأ في العقيجة خصأ في السيداف‪ ،‬و الخصأ في السيداف قمسا‬

‫يرحح‪ ،‬بيشسا الخصأ في الدمػؾ خصأ في الػزف‪ ،‬والخصأ في الػزف قمسا يتكخر‪ ،‬فإذا أردنا أف نعخؼ حقيقة‬

‫وجػدنا‪ ،‬وغاية وجػدنا‪ ،‬ونعخؼ الخسالة التي أنيصت بشا يشبغي أف نتعخؼ إلى هللا‪ ،‬ألف معخفة هللا حاجة عميا في‬

‫اإلنداف‪ ،‬واإلنداف ال يؤكج إندانيتو إال إذا عخؼ أنو السخمػؽ األوؿ‪ ،‬وقج خمقو هللا عد وجل لجشة عخضيا‬

‫الدساوات و األرض‪ ،‬فييا ما ال عيغ رأت‪ ،‬وال أذف سسعت‪ ،‬وال خصخ عمى قمب بذخ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬إلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى و الدبلـ عميكع و رحسة هللا و بخكاتو‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪27‬‬


‫الجرس (‪ < )09-15‬السرائب‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ ‪ -‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫السدمسػف في محشة‪ ،‬وكل محشة لمسؤمغ يتبعيا مشحة مغ هللا هلالج لج‪ ،‬والسدمسػف في شجة‪ ،‬وكل شجة لمسؤمغ وراءىا‬

‫َشجة هلل هلالج لج‪ ،‬ذلظ أف هللا هلالج لج يقػؿ<‬

‫َّللا َي ْعَم ُؼ َكأَْن ُت ْؼ ََّل َت ْعَم ُسؾ َف‬ ‫َف َت ْكخُىؾا َشيئًا ك ُىؾ َخيخ َل ُكؼ كعدى أ ْ ِ‬
‫َف ُتحُّبؾا َشْيئًا َك ُى َؾ َشّّخ َل ُك ْؼ َو َّ ُ‬ ‫ْ َ َ ٌْ ْ َ َ َ‬ ‫﴿ َك َع َدى أ ْ َ‬

‫(‪﴾)408‬‬

‫(سػرة البقخة)‬

‫اإلنداف نطختو قاصخة عمى الجنيا وعمى مرالحو‪ ،‬لكغ هللا هلالج لج خمقو لجشة عخضيا الدساوات واألرض‪ ،‬فإذا أراد هللا‬

‫حسمو عمى شاعتو وساقو إلى باب عبادتو عغ شخيق لعمو مكخوه عشج السؤمغ‪ ،‬فيحا ىػ محس الخيخ‪ ،‬مغ ىشا‬

‫ِ‬
‫اؿ<‬
‫ام َة َق َ‬ ‫قاؿ عميو الربلة والدبلـ في حجيثو َع ْغ َأبي أ َ‬
‫ُم َ‬

‫اؿ< َق ْؾٌـ ُي َدا ُقؾ َف ِإَلى‬ ‫َّللا عَمي ِو كسَّمؼ يؾما َف ِقيل َلو< يا رسؾؿ َّ ِ‬ ‫(( اس َت ْز َح َػ َرسؾؿ َّ ِ َّ‬
‫َض َح َك َػ ؟ َق َ‬
‫َّللا‪َ ،‬ما أ ْ‬ ‫َ ُ َ َُ َ‬ ‫َّللا َصمى َّ َ ْ َ َ َ َ ْ ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬

‫يؽ ِفي َّ‬


‫الد َال ِس ِل ))‬ ‫ِ‬
‫اْل َجَّشة ُمَقَّخِن َ‬

‫(مدشج اإلماـ أحسج)‬

‫ىحه الدبلسل ىي أشياء لعل اإلنداف يكخىيا‪ ،‬لكغ عقباىا حسيجة‪ ،‬في قػلو تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪28‬‬


‫َّللا َي ْعَم ُؼ َكأَْن ُت ْؼ ََّل َت ْعَم ُسؾ َف‬ ‫َف َت ْكخُىؾا َشيئًا ك ُىؾ َخيخ َل ُكؼ كعدى أ ْ ِ‬
‫َف ُتحُّبؾا َشْيئًا َك ُى َؾ َشّّخ َل ُك ْؼ َو َّ ُ‬ ‫ْ َ َ ٌْ ْ َ َ َ‬ ‫﴿ َك َع َدى أ ْ َ‬

‫(‪﴾)408‬‬

‫يعشي أف السؤمغ يدتدمع لقزاء هللا وقجره بعج أف يؤدؼ الحؼ عميو‪ ،‬ثع إف بعس السفدخيغ رحسيع هللا تعالى‬

‫يفدخوف قػلو تعالى<‬

‫اىخًة كب ِ‬
‫اطَشةً﴾‬ ‫﴿ كأَسب َغ عَمي ُكؼ ِنعسو َ ِ‬
‫ع َ ََ‬ ‫َ ْ َ َ ْ ْ ََ ُ‬

‫(سػرة لقساف)‬

‫قاؿ بعس السفدخيغ< الشعع الباششة ىي السرائب‪ ،‬يبجو أف هللا سبحانو وتعالى يصسئششا حيشسا يقػؿ<‬

‫ِ‬ ‫ذ ك َّ ِ‬ ‫ص ِم َؽ ْاألَم َؾ ِ‬ ‫﴿ كَلَشبُمؾَّن ُكؼ ِب َذي ٍ ً ِمؽ اْل َخؾ ِ‬


‫يؽ ِإ َذا‬ ‫الث َسَخات َكَب ِّذ ِخ ال َّراِب ِخ َ‬
‫يؽ (‪َّ )077‬الح َ‬ ‫اؿ َك ْاألَ ْن ُف ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ؼ َكاْل ُجؾِع َكَن ْق ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ْ‬

‫ات ِم ْؽ َرّب ِِي ْؼ َكَر ْح َس ٌة َكأُكَلِئ َػ ُى ُؼ‬ ‫ّلِل َكإَِّنا ِإَلْي ِو َر ِ‬


‫اج ُعؾ َف (‪ )078‬أُكَلِئ َػ َعَمْي ِي ْؼ َصَم َؾ ٌ‬ ‫أَصاب ْتيؼ م ِريب ٌة َقاُلؾا ِإَّنا َِّ ِ‬
‫َ َ ُْ ُ َ‬

‫اْل ُس ْي َت ُجك َف (‪﴾)079‬‬

‫(سػرة البقخة)‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىحه الديارة التي ىي أداة ندتخجميا جسيعاً‪ ،‬لساذا صشعت ؟ ما أصل عمة صشعيا ؟ إنيا‬

‫الديخ ! أليذ فييا مكابح ؟! أليدت السكابح تتشاقس مع عمة صشعيا ؟ صشعت لتديخ‪ ،‬والسكابح تػقفيا‪ ،‬أليدت‬

‫ىحه السكابح ضساناً لدبلمة ركابيا ؟!‬

‫فإذا قدت السرائب بحياة اإلنداف التي في األصل حياة يشبغي أف تكػف سعيجة‪ ،‬ألف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪29‬‬


‫﴿ ِإََّّل َم ْؽ َر ِح َؼ َرُّب َػ َكِل َحِل َػ َخَمَق ُي ْؼ﴾‬

‫(سػرة ىػد)‬

‫خمقيع ليخحسيع‪ ،‬ويدعجىع‪ ،‬فإذا غفمػا عشو‪ ،‬وانحخفػا عغ سػاء الدبيل فبلبج مغ معالجة كخيسة مغ رب رحيع‪،‬‬

‫فيحه الذجائج التي يدػقيا هللا عد وجل لمسؤمشيغ إنسا ىي شجائج تعقبيا خيخات حداف ال يعمسيا إال هللا‪.‬‬

‫في القخآف الكخيع آية دقيقة ججًا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َف ُت ِر َيب ُي ْؼ م ِر َيب ٌة ِبسا َقَّجم ْت أَْي ِج ِ‬


‫يي ْؼ﴾‬ ‫﴿ َكَل ْؾََّل أ ْ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬

‫(سػرة القرز)‬

‫ىحه الباء في اآلية باء سببية‪ ،‬بدبب ما قجمت أيجييع‪ ،‬ذلظ أف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫يخ (‪﴾)51‬‬ ‫َص َاب ُك ْؼ ِم ْؽ ُم ِر َيب ٍة َفِب َسا َك َدَب ْت أَْي ِج ُ‬


‫يك ْؼ َكَي ْع ُفؾ َع ْؽ َكِث ٍ‬ ‫﴿ َك َما أ َ‬

‫(سػرة الذػرػ)‬

‫فيحه اآلية حيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َف ُت ِر َيب ُي ْؼ م ِر َيب ٌة ِبسا َقَّجم ْت أَْي ِج ِ‬


‫يي ْؼ َفَيُقؾُلؾا َرَّبَشا َل ْؾََّل أَْر َسْم َت ِإَلْيَشا َر ُسؾَّلً َفَش َّتِب َع آََي ِات َػ َكَن ُكؾ َف ِم َؽ‬ ‫﴿ َكَل ْؾََّل أ ْ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (‪﴾)69‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪30‬‬


‫قبل أف أشخح ىحه اآلية البج مغ آية أشخحيا كسقجمة ليحه اآلية‪ ،‬حيشسا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫يؽ َي ْد َت ْكِبُخك َف َع ْؽ ِعَب َادِتي﴾‬ ‫ِ‬


‫َس َت ِج ْب َل ُك ْؼ ِإ َّف َّالح َ‬
‫اؿ َرُّب ُك ُؼ ْاد ُعؾِني أ ْ‬
‫﴿ َكَق َ‬

‫(سػرة غافخ)‬

‫كأف سياؽ اآلية< إف الحيغ يدتكبخوف عغ دعائي فجاءت اآلية< ‪َ ‬ع ْغ ِع َب َادِتي ‪ ،‬مغ ىشا استشبط عميو الربلة‬

‫والدبلـ أف الجعاء ىػ العبادة وأنو عبادة ومخ العبادة‪ ،‬ىحا أسمػب قخآني‪.‬‬

‫فحيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َف ُت ِر َيب ُي ْؼ م ِر َيب ٌة ِبسا َقَّجم ْت أَْي ِج ِ‬


‫يي ْؼ َفَيُقؾُلؾا َرَّبَشا َل ْؾََّل أَْر َسْم َت ِإَلْيَشا َر ُسؾَّلً َفَش َّتِب َع آََي ِات َػ َكَن ُكؾ َف ِم َؽ‬ ‫﴿ َكَل ْؾََّل أ ْ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (‪﴾)69‬‬

‫فكأف الذجائج التي يدػقيا هللا لمسؤمشيغ رساالت مغ هللا عد وجل‪.‬‬

‫مخة صشعت سفيشة مغ أكبخ الدفغ اسسيا ( التايتانيظ )‪ ،‬وقج وزع عمى ركابيا نذخة كتب فييا< " إف القجر ال‬

‫يدتصيع أف يغخؽ ىحه الدفيشة "‪ ،‬فغخقت في أوؿ رحمة ليا بيغ أوروبة وأمخيكة ! فقاؿ بعس القداوسة< " إف غخؽ‬

‫ىحه الدفيشة رسالة مغ هللا إلى البذخ "‪.‬‬

‫فأحيانًا تأتيظ رسالة مكتػبة‪ ،‬وأحيانًا تأتيظ رسالة عسمية‪ ،‬فغخؽ ىحه الدفيشة نػع مغ الخسالة في بمج إسبلمي‬

‫أصابو زلداؿ كبيخ شجيج أشاح بعذخات األلػؼ‪ ،‬في مخكد الدلداؿ‪ ،‬وىػ أشج األماكغ تجمي اًخ بقي مدجج‪ ،‬ولو مئحنة‬

‫عسبلقة‪ ،‬ومعيج شخعي‪ ،‬وما حػليسا ركاـ في ركاـ ! فكتب بعزيع< " إف بقاء ىحا السدجج والسعيج رسالة مغ هللا‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪31‬‬


‫إلى البذخ "‪.‬‬

‫نعػد إلى اآلية<‬

‫َف ُت ِر َيب ُي ْؼ م ِر َيب ٌة ِبسا َقَّجم ْت أَْي ِج ِ‬


‫يي ْؼ َفَيُقؾُلؾا َرَّبَشا َل ْؾََّل أَْر َسْم َت ِإَلْيَشا َر ُسؾَّلً﴾‬ ‫﴿ َكَل ْؾََّل أ ْ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬

‫ىحه السرائب وىحه الذجائج والسحغ رسالة مغ هللا إلى بشي البذخ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿ َفَش َّتِب َع آََيات َػ َكَن ُكؾ َف م َؽ اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (‪﴾)69‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ترػروا أف أباً قاؿ لو ابشو< يا ِ‬


‫أبت‪ ،‬ال أحب أف أدرس‪ ،‬فعمى أوؿ شمب مغ االبغ سسح‬

‫األب البشو أالّ يجرس‪ ،‬فيحا االبغ ناـ إلى مشترف الشيار‪ ،‬وارتاح مغ أعباء الجراسة‪ ،‬ومغ شجة السعمع‪ ،‬وكتابة‬

‫الػضائف‪ ،‬فعاش كسا يحمػ لو‪ ،‬فمسا أصبح في سغ الخشج وجج أصجقائو في مخاكد مخمػقة‪ ،‬بعزيع شبيب‪،‬‬

‫وتاجخ‪ ،‬وميشجس‪ ،‬ورأػ نفدو خاليا مغ حخفة‪ ،‬ومغ شيادة‪ ،‬ومغ صشعة‪ ،‬فحقج عمى أبيو‪ ،‬وقاؿ لو< يا ِ‬
‫أبت‪َ ،‬لع لع‬

‫تؤنبشي أشج التأنيب ؟ َلع لع تؤدبشي أشج التأديب ؟ حيشسا شمبت مشظ أالّ أدرس ؟‬

‫َف ُت ِر َيب ُي ْؼ م ِر َيب ٌة ِبسا َقَّجم ْت أَْي ِج ِ‬


‫يي ْؼ َفَيُقؾُلؾا َرَّبَشا َل ْؾََّل أَْر َسْم َت ِإَلْيَشا َر ُسؾَّلً َفَش َّتِب َع آََي ِات َػ َكَن ُكؾ َف ِم َؽ‬ ‫﴿ َكَل ْؾََّل أ ْ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (‪﴾)69‬‬

‫فيحه السرائب التي يدػقيا هللا لمسؤمشيغ ىي محس فزل‪ ،‬ونعسة باششة عشج السؤمشيغ‪ ،‬لكغ عشج الد ّحج وضيقي‬

‫التفكيخ يخونيا مريبة‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪32‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬مريبة وقعت في عيج الشبي عميو الربلة والدبلـ‪ ،‬وأؼ مريبة أشج مغ أف تتيع زوجتو‬

‫الصاىخة الديجة عائذة‪ ،‬أف تتيع في أثسغ شيء تسمكو السخأة ؟! اتيست بالفاحذة‪ ،‬وكاف ىحا االتياـ قج جاء في‬

‫القخآف في حجيث اإلفظ‪ ،‬وبقي الػحي مشقصعاً عغ رسػؿ هللا أربعيغ يػمًا‪ ،‬ليذ عشج الشبي ‪ ‬دليل إثبات وال دليل‬

‫نفي‪ ،‬والسخجفػف في السجيشة أشاعػا ىحا الخبخ‪.‬‬

‫إنيا محشة ما بعجىا محشة‪ ،‬وشجة ما بعجىا شجة‪ ،‬فساذا قاؿ هللا عد وجل ؟ قاؿ<‬

‫ِ‬ ‫﴿ ِإ َّف َّال ِحيؽ جا ًكا ِب ِْ ِ‬


‫اْل ْفػ ُع ْرَب ٌة مْش ُك ْؼ ََّل َت ْح َدُب ُ‬
‫ؾه َشًّاخ َل ُك ْؼ َب ْل ُى َؾ َخْيٌخ﴾‬ ‫َ َ ُ‬

‫(سػرة الشػر)‬

‫كمسة< (خيخ) تعشي أف الذجائج والسرائب والسحغ لمسؤمشيغ مؤداىا خيخ‪ ،‬لػ كذف الغصاء الختختع الػاقع‪ ،‬بعس‬

‫أصحاب الشبي الكخيع يقػؿ< "وهللا لػ كذف الغصاء ما ازددت يقيشاً "‪.‬‬

‫أؼ إف يقيشو قبل كذف الغصاء كيقيشو بعج كذف الغصاء‪ ،‬وليحا الرحابي الجميل قػؿ آخخ قاؿ< " وهللا لػ عمست‬

‫أف غجًا أجمي ما قجرت أف أزيج في عسمي "‪.‬‬

‫نخمز مغ ىحا إلى أف الذجائج والسحغ أساليب تخبػية رفيعة يدتخجميا هللا عد وجل ليخد عباده إليو‪ ،‬وليدػقيع‬

‫إلى باب عبادتو‪.‬‬

‫ِ‬ ‫﴿ ِإ َّف َّال ِحيؽ جا ًكا ِب ِْ ِ‬


‫اْل ْفػ ُع ْرَب ٌة مْش ُك ْؼ ََّل َت ْح َدُب ُ‬
‫ؾه َشًّاخ َل ُك ْؼ َب ْل ُى َؾ َخْيٌخ﴾‬ ‫َ َ ُ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪33‬‬


‫لكغ لئبل يتػىع متػىع أف التػحيج يمغي السدؤولية‪ ،‬نقػؿ< التػحيج ال يمغي السدؤولية‪ ،‬بعجئح يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يؼ (‪﴾)00‬‬ ‫﴿ َك َّالحي َت َؾَّلى كْبَخُه مْش ُي ْؼ َل ُو َع َح ٌ‬
‫اب َعغ ٌ‬

‫(سػرة الشػر)‬

‫فأنا حيشسا أوحج‪ ،‬وأعدو األمخ إلى هللا عد وجل ىحا ال يمغي مدؤوليتي عسا أفعل‪ ،‬مغ ىحا نخمز إلى حقيقة‬

‫دقيقة< أف كل شيء وقع أراده هللا‪ ،‬وأف كل شيء أراده هللا وقع‪ ،‬ال يعقل أف يقع في ممظ هللا ماال يخيج‪ ،‬ال يقبل‪،‬‬

‫وال يعقل إالّ أف يكػف اإللو مييسشًا مديص ًاخ جبا ًار‪ ،‬قػيًا حكيسًا غشيًا‪ ،‬بيجه ممكػت كل شيء‪.‬‬

‫ؽ أَْي ِجي ِي ْؼ﴾‬ ‫﴿ يج َّ ِ‬


‫َّللا َف ْؾ َ‬ ‫َُ‬

‫(سػرة الفتح)‬

‫َمُخ ُكُّموُ﴾‬ ‫ِ‬


‫﴿ َكِإَلْيو ُيْخ َج ُع ْاأل ْ‬

‫(سػرة ىػد)‬

‫َّللا َرَمى﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿ َك َما َرَمْي َت إ ْذ َرَمْي َت َكَلك َّؽ َّ َ‬

‫(سػرة األنفاؿ)‬

‫ىػ الخالق واآلمخ ولو الخمق واألمخ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّللا َخ ِال ُ ِ‬


‫ق ُك ّل َش ْي ٍ ً َك ُى َؾ َعَمى ُك ّل َش ْي ٍ ً َكِك ٌ‬
‫يل (‪﴾)84‬‬ ‫﴿ َّ ُ‬

‫(سػرة الدمخ)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪34‬‬


‫يجكِني َج ِسيعًا ُث َّؼ ََّل ُتْش ِغُخك ِف (‪﴾)77‬‬
‫﴿ َف ِك ُ‬

‫(سػرة ىػد)‬

‫كسا قاؿ بعس األنبياء<‬

‫اصَيِت َيا ِإ َّف َرّبِي َعَمى ِصَخ ٍ‬ ‫﴿ ِإِّني َتؾَّكْمت عَمى َّ ِ‬


‫اط ُم ْد َت ِق ٍ‬
‫يؼ (‪﴾)78‬‬ ‫َخ ٌح ِبَش ِ‬
‫ِكؼ ما ِم ْؽ َد َّاب ٍة ِإََّّل ُىؾ آ ِ‬
‫َ‬ ‫َّللا َرّبِي َكَرّب ُ ْ َ‬ ‫َ ُ َ‬

‫(سػرة ىػد)‬

‫ال يعقل أف يقع في ممظ هللا ماال يخيج‪ ،‬فكل شيء وقع أراده هللا‪ ،‬وكل شيء أراده هللا وقع‪ ،‬وإرادة هللا متعمقة بالخيخ‬

‫السصمق‪ ،‬وبالحكسة السصمقة‪ ،‬وحكستو متعمقة بالخيخ السصمق ‪ ،‬ذلظ أف اإلنداف قج ال يكػف حكيساً‪ ،‬إف كاف ىشاؾ‬

‫نقز في عمسو‪ ،‬وقج ال يكػف حكيساً إذا تحسل ضغصاً شجيجًا‪ ،‬وإذا أغخاه شيء‪ ،‬ففي الزغط واإلكخاه ونقز العمع‬

‫يكػف اإلنداف غيخ حكيع‪ ،‬لكغ هللا هلالج لج وىػ الحات الكاممة الكساؿ السصمق ال يسكغ أف يكػف في أفعالو غيخ حكيع‪.‬‬

‫فكل شيء وقع أراده هللا‪ ،‬وكل شيء أراده هللا وقع‪ ،‬وإرادتو متعمقة بالحكسة السصمقة‪ ،‬وحكستو متعمقة بالخيخ‬

‫السصمق‪.‬‬

‫ا ً ِبَي ِج َؾ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ا ً َكُتعُّد َم ْؽ َت َذ ُ‬
‫ا ً َكُتح ُّؿ َم ْؽ َت َذ ُ‬
‫ِ‬ ‫ا ً َكَتْش ِد ُ‬
‫ع اْل ُسْم َػ م َّس ْؽ َت َذ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫﴿ ُقل الم ُي َّؼ َمال َػ اْل ُسْمػ ُت ْؤتي اْل ُسْم َػ َم ْؽ َت َذ ُ‬

‫اْل َخْيُخ﴾‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪35‬‬


‫لع يقل بيجؾ الخيخ والذخ‪ ،‬قاؿ<‬

‫﴿ ِبَي ِج َؾ اْل َخْيُخ﴾‬

‫وما ىحا الذخ الحؼ ندسيو ش ًاخ إنسا ىػ شخ ندبي بالشدبة لشا‪ ،‬ولجنيانا فقط‪ ،‬ولشطختشا القاصخة‪.‬‬

‫أما لػ تعسقشا لػججنا أف هللا سبحانو وتعالى يعصي ويسشع‪ ،‬ويخفع ويخفس‪ ،‬ويسشح ويدمب‪ ،‬ويعد ويحؿ‪ ،‬بيجه‬

‫الخيخ‪ ،‬ىحا ىػ التػحيج‪ ،‬وىحه ىي عقيجة السدمع‪.‬‬

‫ِ‬ ‫﴿ ِإ َّف َّال ِحيؽ جا ًكا ِب ِْ ِ‬


‫اْل ْفػ ُع ْرَب ٌة مْش ُك ْؼ ََّل َت ْح َدُب ُ‬
‫ؾه َشًّاخ َل ُك ْؼ َب ْل ُى َؾ َخْيٌخ﴾‬ ‫َ َ ُ‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬لحلظ نقػؿ استشادًا ليحه القاعجة األصػلية في عمع التػحيج لكل< واقع حكسة‪ ،‬قج يكػف السػقع‬

‫مجخماً وقج يكػف شاغية‪ ،‬لكغ لكل واقع حكسة‪ ،‬ماداـ الذيء قج وقع إذاً أراده هللا‪ ،‬ألنو ال يعقل أف يقع في ممظ‬

‫هللا ماال يخيج‪ ،‬هللا عد وجل يدسح لو أف يقع لحكسة يخيجىا‪.‬‬

‫بل إف ىشاؾ يشبغي أف تكػف واضحة لجػ إخػتشا األكارـ< خصة هللا تدتػعب خصة الكافخ !‬

‫فالكافخ يفعل مغ دوف أف يذعخ‪ ،‬ومغ دوف أف يخيج فعبلً فيو ضغط عمى السؤمغ‪ ،‬ولكغ السؤمغ يشتفع مشو كثي ًاخ‪،‬‬

‫لحلظ قاؿ بعس الذعخاء<‬

‫عجاتي ليؼ فزل عمي ك مشة فال أذىب عشي الخحسؽ األعاديا‬

‫ىؼ بحثؾا عؽ زلتي فاجتشبتيا كىؼ نافدؾني فاكتدبت السعالػيا‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪36‬‬


‫نعػد إلى قػلو تعالى<‬

‫َّللا َي ْعَم ُؼ َكأَْن ُت ْؼ ََّل َت ْعَم ُسؾ َف‬ ‫َف َت ْكخُىؾا َشيئًا ك ُىؾ َخيخ َل ُكؼ كعدى أ ْ ِ‬
‫َف ُتحُّبؾا َشْيئًا َك ُى َؾ َشّّخ َل ُك ْؼ َو َّ ُ‬ ‫ْ َ َ ٌْ ْ َ َ َ‬ ‫﴿ َك َع َدى أ ْ َ‬

‫(‪﴾)408‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬حيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ِ‬
‫﴿ َكََّل َي ْح َدَب َّؽ َّالح َ‬
‫يؽ َك َفُخكا َسَبُقؾا﴾‬

‫(سػرة األنفاؿ)‬

‫ما معشى سبقػا ؟ ما معشى أف يدبق الكافخ هللا عد وجل ؟ قاؿ عمساء التفديخ< سبقػا بسعشى أنيع فعمػا شيئاً ما‬

‫أراده هللا‪ ،‬وسبقػا بسعشى أنيع تفمتػا مغ عقاب هللا عد وجل‪.‬‬

‫الغ ِالسؾ َف ِإَّنسا يؤ ِّخخىؼ ِليؾـ َت ْذ َخص ِف ِ‬


‫يو ْاألَْب َر ُار (‪﴾)64‬‬ ‫َّللا َغ ِافالً َع َّسا َي ْعسل َّ‬
‫ُ‬ ‫َ َُ ُ ُْ َ ْ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫﴿ َكََّل َت ْح َدَب َّؽ َّ َ‬

‫(سػرة إبخاىيع)‬

‫ذ اْل ِس َي ُاد (‪﴾)0;9‬‬ ‫﴿ ََّل ي ُغَّخَّن َػ َتَقُّمب َّال ِحيؽ َك َفخكا ِفي اْلِب َال ِد (‪ )0;8‬م َت ٌ ِ‬
‫اى ْؼ َج َيَّش ُؼ َكبِْئ َ‬
‫يل ثُ َّؼ َمأ َْك ُ‬
‫اع َقم ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫كفاؾ عمى عجوؾ نر اًخ أنو في معرية هللا‪.‬‬

‫إخػتشا الكخاـ‪ ،‬ىحا الحؼ حجث قج يفيع فيساً سصحياً لسغ البصػلة أف تفيسو فيساً عسيقاً‪ ،‬أضخب لكع ىحا السثل‪،‬‬

‫ولعمو مصابق لسا يعانيو السدمسػف اليػـ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪37‬‬


‫إنداف يخكب مخكبتو‪ ،‬تألق في لػحة البيانات ضػء أحسخ‪ ،‬ىحا الزػء تألق‪ ،‬أو لع يتألق ليدت ىي السذكمة‪ ،‬ألف‬

‫راكب السخكبة رأػ بأـ عيشو تألق ىحا الزػء‪ ،‬ولكغ السذكمة أف يعمع راكب ىحه السخكبة لساذا تألق ىحا الزػء‪،‬‬

‫ليدت السذكمة أف يعمع أنو تألق‪ ،‬لقج تألق‪ ،‬ورآه بأـ عيشو‪ ،‬لكغ السذكمة أف يفيع سبب تألقو‪.‬‬

‫دققػا أييا اإلخػة‪ ،‬إف فيع ىحا التألق أنو تألق تديشي‪ ،‬فتابع الديخ‪ ،‬فاحتخؽ السحخؾ‪ ،‬ويمدمو أف يجفع مبمغًا كبي اًخ‬

‫ججاً‪ ،‬وضاعت عميو الخحمة‪ ،‬واليجؼ مشيا‪ ،‬أما إذا فيسو ضػءاً تححيخياً‪ ،‬وشتاف بيغ الفيسيغ أوقف السخكبة فػ ًار‪،‬‬

‫وأضاؼ الديت‪ ،‬وسمع السحخؾ‪ ،‬وتابع الخحمة‪ ،‬وحقق اليجؼ‪.‬‬

‫فبخبكع‪ ،‬ىل البصػلة أف ندتسع لؤلخبار فقط ؟ أف نخػ ماذا يحجث ؟ أـ أف نفيع لع ىحا الحؼ يحجث يحجث ؟‬

‫يشبغي أف نسمظ إضاءة قخآنية مغ وحي الدساء لسا يحجث‪ ،‬ىحا ىػ الفخؽ بيغ السؤمغ وغيخ السؤمغ‪ ،‬السؤمغ يفيع‬

‫األحجاث التي حػلو فيساً قخآنياً‪.‬‬

‫مثبلً< ىحه األحجاث التي تجخؼ في بقاع متعجدة مغ ببلد السدمسيغ إف فيسشاىا قي اًخ فيشاؾ مذكمة كبيخة‪ ،‬ىحا الفقخ‬

‫يقتزي الخشػع واليأس واالستدبلـ‪ ،‬أما إف فيسشاىا تدميصاً مغ هللا عد وجل<‬

‫َّللا َل َدَّم َ‬
‫ظ ُي ْؼ َعَمْي ُك ْؼ﴾‬ ‫ا ً َّ ُ‬
‫﴿ َكَل ْؾ َش َ‬

‫(سػرة الشداء)‬

‫إف فيسشاىا تدميصاً فالسػضػع يختمف اختبلفاً كمياً‪ ،‬الكخة في ممعبي إف ذلظ أف األقػياء والصغاة في العالع إنسا ىع‬

‫أحسق‪ ،‬البج مغ أف يتألع مغ الزارب‪،‬‬


‫َ‬ ‫عري بيج هللا ! أيعقل إلنداف تمقى ضخبة بعرا‪ ،‬يحقج عمى العرا يكػف‬

‫وإذا كاف الزارب ىػ هللا‪ ،‬وهللا ذات كاممة‪ ،‬وكسالو مصمق‪ ،‬معشى ذلظ أف في حياتي خمبلً يشبغي أف أبحث عشو‪،‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪38‬‬


‫أوحج‪ ،‬وأفيع األمخ تدميصاً ال قي ًاخ‪ ،‬إف فيستو قي ًاخ أستدمع‪ ،‬وأخشع‪ ،‬وتزيع‪ ،‬قػتي ومعشػياتي‪.‬‬
‫وأف أصمحو‪ ،‬حيشسا ّ‬

‫ِ‬
‫َعَم ْؾ َف ِإ ْف ُكْش ُت ْؼ ُم ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (;‪﴾)05‬‬ ‫﴿ َكََّل َت ِيُشؾا َكََّل َت ْح َدُنؾا َكأَْن ُت ُؼ ْاأل ْ‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫السؤمغ الرادؽ يذعخ بأعساؽ أعساقو أف هللا ال يتخمى عشو‪.‬‬

‫اس َت َكاُنؾا﴾‬ ‫يل َّ ِ‬


‫﴿ َكَكأَِّي ْؽ ِم ْؽ َنِب ٍي َق َاتل م َع ُو ِرّبُِّيؾ َف َكِث ٌيخ َفسا َك َىُشؾا ِلسا أَص َاب ُيؼ ِفي سِب ِ‬
‫َّللا َك َما َض ُع ُفؾا َك َما ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫بيغ أف أفيع األحجاث قي ًاخ يشبغي أف أستدمع وأيأس‪ ،‬بيشسا إف فيستيا تدميصًا مغ هللا عد وجل لحكسة بالغة‪،‬‬

‫ولخحسة مغ هللا عد وجل ليحا الحؼ سمط عميو ىحا األمخ‪ ،‬اقخؤوا قػلو تعالى<‬

‫ِ ِ‬ ‫ف َِ ِ‬
‫ا ً ُى ْؼ ِإَّنوُ‬
‫ا ً ُى ْؼ َكَي ْد َت ْحيي ن َد َ‬
‫ِ‬
‫طائ َف ًة مْش ُي ْؼ ُي َحّب ُح أَْبَش َ‬ ‫َىَم َيا ِشَيعًا َي ْد َت ْز ِع ُ‬ ‫﴿ ِإ َّف ِفْخ َع ْؾ َف َع َال ِفي ْاألَْر ِ‬
‫ض َك َج َع َل أ ْ‬
‫ِ‬ ‫َك ِ‬
‫اف م َؽ اْل ُس ْف ِدج َ‬
‫يؽ (‪﴾)6‬‬ ‫َ‬

‫(سػرة القرز)‬

‫اآلف دققػا أييا اإلخػة‪،‬‬

‫يؽ (‪َ )7‬كُنس ِّك َؽ َل ُي ْؼ ِفي ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس ُت ْز ِع ُفؾا ِفي ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ض َكَن ْج َعَم ُي ْؼ أَئ َّس ًة َكَن ْج َعَم ُي ُؼ اْل َؾ ِارِث َ‬ ‫َف َن ُس َّؽ َعَمى َّالح َ‬
‫يؽ ْ‬ ‫﴿ َكُن ِخ ُ‬
‫يج أ ْ‬

‫ؾد ُى َسا ِمْش ُي ْؼ َما َكاُنؾا َي ْح َحُرك َف (‪﴾)8‬‬


‫اف َك ُجُش َ‬ ‫ِي ِ‬
‫َكُنخ َ فْخ َع ْؾ َف َك َى َ‬
‫ام َ‬

‫(سػرة القرز)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪39‬‬


‫سشة في دعػة عباده إليو‪ ،‬هللا هلالج لج يبجأ عباده بسا يدسى الجعػة البيانية‪ ،‬أنت‬
‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬هللا عد وجل لو ّ‬

‫معافى سميع‪ ،‬وأمػرؾ عمى ما يخاـ‪ ،‬تأتيظ دعػة مغ هللا مغ خبلؿ تبلوة صفحات مغ كتاب هللا‪ ،‬أو قخاءة بعس‬

‫أحاديث رسػؿ هللا ‪ ،‬أو مغ خصبة تدسعيا‪ ،‬أو محاضخة ترغي إلييا‪ ،‬أو مغ كتاب ديشي تقخأه‪ ،‬ىحه دعػة مغ‬

‫هللا‪.‬‬

‫هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫اك ْؼ ِل َسا ُي ْحِي ُ‬


‫يك ْؼ﴾‬ ‫﴿يا أَُّييا َّال ِحيؽ آَمُشؾا اس َت ِجيبؾا َِّ ِ‬
‫ّلِل َكِل َّمخس ِ‬
‫ؾؿ ِإ َذا َد َع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫(سػرة األنفاؿ)‬

‫الحياة الحقيقية أف تعخؼ هللا‪ ،‬وتأتسخ بأمخه‪ ،‬وتشتيي عسا عشو نيى‪ ،‬فيحه الجعػة البيانية ىي السخحمة األولى‪،‬‬

‫وأكسل ما في الجعػة البيانية أف تدتجيب هلل عد وجل‪.‬‬

‫اك ْؼ ِل َسا ُي ْحِي ُ‬


‫يك ْؼ﴾‬ ‫﴿يا أَُّييا َّال ِحيؽ آَمُشؾا اس َت ِجيبؾا َِّ ِ‬
‫ّلِل َكِل َّمخس ِ‬
‫ؾؿ ِإ َذا َد َع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫استجيبػا هلل في قخآنو‪ ،‬واستجيبػا لمشبي في سشتو‪ ،‬فأنت حيشسا تدتجيب الشيء عميظ‪ ،‬وفي الحجيث َع ْغ ُم َع ٍاذ‬

‫اؿ<‬ ‫رِ‬
‫َّللاُ َع ْش ُو َق َ‬
‫ضي َّ‬
‫َ َ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪40‬‬


‫ق َّ ِ‬
‫َّللا َعَمى‬ ‫اؿ< َيا ُم َعا ُذ‪َ ،‬ى ْل َت ْجرِي َح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ؼ َّ ِ‬
‫(( ُكْش ُت ِرْد َ‬
‫اؿ َل ُو< ُع َفْيٌخ‪َ ،‬فَق َ‬
‫َّللا َعَمْيو َك َسم َؼ َعَمى ح َس ٍار ُيَق ُ‬
‫الشب ِّي َصمى َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ق َّ ِ‬ ‫ق اْل ِعب ِاد عَمى َّ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫كه‪َ ،‬كََّل ُي ْذ ِخُكؾا‬ ‫َّللا َعَمى اْل ِعَباد أ ْ‬
‫َف َي ْعُب ُج ُ‬ ‫اؿ< َفِإ َّف َح َّ‬
‫َعَم ُؼ‪َ ،‬ق َ‬
‫َّللا َكَر ُسؾُل ُو أ ْ‬
‫َّللا ؟ ُقْم ُت< َّ ُ‬ ‫عَباده ؟ َك َما َح ُّ َ َ‬

‫اس ؟‬ ‫َّللا‪ ،‬أَ َف َال أَُب ِّذُخ ِب ِو َّ‬


‫الش َ‬
‫َّللا أَف ََّل يع ِّحب مؽ ََّل ي ْذ ِخؾ ِب ِو َشيًئا‪َ ،‬فُقْمت< يا رسؾؿ َّ ِ‬
‫ُ َ َُ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ق اْل ِعَباد َعَمى َّ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِب ِو َشْيًئا‪َ ،‬ك َح َّ‬

‫اؿ< ََّل ُتَب ِّذْخُى ْؼ َفَي َّت ِكُمؾا ))‬


‫َق َ‬

‫(متفق عميو)‬

‫لػ أف ىحا اإلنداف لع يدتجب‪ ،‬أغختو الجنيا‪ ،‬وضعف أماـ شيػاتو‪ ،‬ولع يدتجب هلل عد وجل‪ ،‬عشجئح يخزع‬

‫ألسمػب آخخ مغ أساليب هللا عد وجل‪ ،‬إنو التأديب التخبػؼ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اب ْاألَ ْكَب ِخ َل َعَّم ُي ْؼ َيْخِج ُعؾ َف (‪﴾)40‬‬ ‫﴿ َكَلُش ِح َيقَّش ُيؼ ِم َؽ اْل َع َح ِ‬
‫اب ْاأل َْدَنى ُدك َف اْل َع َح ِ‬
‫ْ‬

‫(سػرة الدججة)‬

‫فإف لع ندتجب فيشاؾ تأديب تخبػؼ‪ ،‬وىشاؾ شجائج مشػعة في مدتػيات ومجاالت عجيجة‪ ،‬هللا عد وجل ال يجع‬

‫عباده مغ دوف تأديب أو تخبية‪.‬‬

‫قاؿ تعالى<‬

‫اب ْاألَ ْكَب ِخ َل َعَّم ُي ْؼ َيْخِج ُعؾ َف (‪﴾)40‬‬ ‫﴿ َكَلُش ِح َيقَّش ُيؼ ِم َؽ اْل َع َح ِ‬
‫اب ْاأل َْدَنى ُدك َف اْل َع َح ِ‬
‫ْ‬

‫لكغ لػ أف ىحا اإلنداف لع يخجع‪ ،‬دعاه هللا دعػة بيانية فمع يدتجب‪ ،‬ساؽ لو بعس الذجائج فمع يتب‪ ،‬ىشاؾ‬

‫أسمػب آخخ ىػ اإلكخاـ االستجراجي‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪41‬‬


‫اب ُك ِّل َشي ٍ ً﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫﴿ َفَم َّسا َن ُدؾا َما ُذ ّكُخكا ِبو َف َت ْحَشا َعَمْي ِي ْؼ أَْب َؾ َ‬

‫(سػرة األنعاـ)‬

‫لحلظ قاؿ بعس العمساء< إذا رأيت هللا يتابع نعسو عميظ‪ ،‬وأنت تعريو فاححره ! فيحا األسمػب الثالث اسسو‬

‫األسمػب االستجراجي‪ ،‬يقتزي أف تذكخ‪ ،‬في الجعػة البيانية يقتزي أف تدتجيب‪ ،‬في التأديب التخبػؼ يقتزي أف‬

‫تتػب إليو‪ ،‬في اإلكخاـ االستجراجي يقتزي أف تذكخ‪ ،‬فإف لع تؤثخ فيظ دعػة بيانية‪ ،‬وال تأديب تخبػؼ‪ ،‬وال إكخاـ‬

‫استجراجي فبلبج مغ القرع‪ ،‬عشجئح يقرسيع هللا عد وجل‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َفَم َّسا َن ُدؾا َما ُذ ّكُخكا ِبو َف َت ْحَشا َعَمْي ِي ْؼ أَْب َؾ َ‬
‫اب﴾‬

‫اى ْؼ َب ْغ َت ًة َفِإ َذا ُى ْؼ ُمْبِم ُدؾ َف (‪﴾)66‬‬


‫َخ ْحَن ُ‬ ‫﴿ ُك ِّل َش ْي ٍ ً َح َّتى ِإ َذا َف ِخ ُحؾا ِب َسا أ ُ‬
‫ُكتؾا أ َ‬

‫إخػتشا الكخاـ‪ ،‬السرائب تتشػع بحدب اإلنداف‪ ،‬فاإلنداف الذارد الغارؽ في السعاصي واآلثاـ‪ ،‬الحؼ يبشي مججه‬

‫عمى أنقاض اآلخخيغ‪ ،‬الحؼ يبشي حياتو عمى قتميع‪ ،‬كسا تخوف وتدسعػف‪ ،‬الحؼ يبشي غشاه عمى إفقارىع‪ ،‬الحؼ‬

‫يبشي أمشو عمى خػفيع‪ ،‬ىحا اإلنداف إما أف يعصيو هللا ميمة‪ ،‬أو أف يقرسو‪ ،‬فسرائب السشحخفيغ أشج االنحخاؼ‬

‫مرائب قرع أو ردع‪ ،‬لكغ السؤمغ مرائبو مغ نػع آخخ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ذ ك َّ ِ‬ ‫ص ِم َؽ ْاألَم َؾ ِ‬ ‫﴿ كَلَشبُمؾَّن ُكؼ ِب َذي ٍ ً ِمؽ اْل َخؾ ِ‬


‫يؽ ِإ َذا‬ ‫الث َسَخات َكَب ِّذ ِخ ال َّراِب ِخ َ‬
‫يؽ (‪َّ )077‬الح َ‬ ‫اؿ َك ْاألَ ْن ُف ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ؼ َكاْل ُجؾِع َكَن ْق ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ْ‬

‫ات ِم ْؽ َرّب ِِي ْؼ َكَر ْح َس ٌة َكأُكَلِئ َػ ُى ُؼ‬ ‫ّلِل َكإَِّنا ِإَلْي ِو َر ِ‬


‫اج ُعؾ َف (‪ )078‬أُكَلِئ َػ َعَمْي ِي ْؼ َصَم َؾ ٌ‬ ‫أَصاب ْتيؼ م ِريب ٌة َقاُلؾا ِإَّنا َِّ ِ‬
‫َ َ ُْ ُ َ‬

‫اْل ُس ْي َت ُجك َف (‪﴾)079‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪42‬‬


‫عشى ذلظ أف مريبة السؤمغ ىجفيا الجفع‪ ،‬قج يسذي بدخعة بصيئة‪ ،‬وهللا عد وجل يحب لو الخيخ‪ ،‬فتأتيو شجة‬

‫فتجفعو إلى هللا‪ ،‬لحلظ قالػا< مغ لع تحجث السريبة في نفدو مػعطة فسريبتو في نفدو أكبخ ! صار ىػ‬

‫السريبة! ىحا الحؼ ال يتأثخ بالسريبة‪ ،‬وال يفيسيا فيسًا عسيقًا‪ ،‬وال يخجع إلى هللا‪ ،‬وال يعيج حداباتو‪ ،‬وال يختب‬

‫أوراقو الجاخمية ىحا الحؼ تريبو السريبة‪ ،‬فيفيسيا فيساً أرضياً ال فيساً تػحيجياً‪ ،‬فيساً متعمقاً بالطخوؼ‪ ،‬ىحا‬

‫اإلنداف يعج ىػ بشطخ مقاييذ الجيغ مريبة‪.‬‬

‫فسريبة الجفع‪ ،‬وىشاؾ مريبة الخفع‪ ،‬قج يكػف اإلنداف ذا إمكانات تقتزي أف يكػف في مدتػػ أعمى‪ ،‬لحلظ ربشا‬

‫عد وجل مع أف السدمع مدتقيع يدػؽ لو شجة لتخفعو‪ ،‬قج يدػؽ لو شجة لتجفعو‪ ،‬وقج يدػؽ لو شجة لتخفعو‪ ،‬لكغ‬

‫األنبياء صمػات هللا عمييع الذجائج التي تريبيع لتكذف حقيقتيع‪ ،‬فيحا الشبي الكخيع حيشسا سافخ إلى الصائف مذياً‬

‫عمى قجميو ليعع أىمو‪ ،‬ويجّليع عمى هللا‪ ،‬ويأخح بيجىع إلى شخيق الدعادة في الجنيا واآلخخة كحبػه‪ ،‬وبالغػا في‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو َو َسَّم َع<‬


‫صَّمى َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع أَنَّ َيا َقاَل ْت ل َّمشب ِّي َ‬
‫َّللا َع ْشيا َزو ِج َِّ‬
‫الشب ِّي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلساءة إليو‪َ ،‬ع ْغ َعائ َذ َة َرض َي َّ ُ َ ْ‬

‫يت ِمْش ُي ْؼ َي ْؾَـ‬


‫َشَّج َما َل ِق ُ‬
‫اف أ َ‬ ‫يت ِم ْؽ َق ْؾ ِم ِػ َما َل ِق ُ‬
‫يت‪َ ،‬كَك َ‬ ‫اؿ< َلَق ْج َل ِق ُ‬ ‫(( َىل أ ََتى عَمي َػ يؾـ َكاف أ َ ِ‬
‫َشَّج م ْؽ َي ْؾ ِـ أ ُ‬
‫ُح ٍج ؟ َق َ‬ ‫َ ْ َْ ٌ َ‬ ‫ْ‬

‫يل ْب ِؽ َعْب ِج ُك َال ٍؿ‪َ ،‬فَم ْؼ ُي ِجْبِشي ِإَلى َما أََرْد ُت‪َ ،‬فاْن َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ظَم ْق ُت َكَأَنا َم ْي ُس ٌ‬
‫ؾـ َعَمى‬ ‫اْل َعَقَبة‪ ،‬إ ْذ َعَخ ْض ُت َن ْفدي َعَمى ْاب ِؽ َعْبج َيال َ‬

‫ييا جْب ِخ ُ‬
‫يل‪،‬‬ ‫عَّم ْتِشي َفَش َ‬
‫غْخ ُت‪َ ،‬فِإ َذا ِف َ ِ‬ ‫َس َت ِف ْق ِإََّّل َكأََنا ِبَقْخ ِف الثَّ َع ِال ِب‪َ ،‬فَخَف ْع ُت َ ْأر ِسي َفِإ َذا أََنا ِب َد َح َاب ٍة َق ْج أَ َ‬
‫َك ْج ِيي‪َ ،‬فَم ْؼ أ ْ‬

‫اؿ ِل َتأْمَخُه ِبسا ِشْئ َت ِف ِ‬


‫َّللا َق ْج س ِس َع َق ْؾؿ َق ْؾ ِم َػ َل َػ‪َ ،‬كما َرُّدكا َعَمْي َػ‪َ ،‬كَق ْج َب َع َث ِإَلْي َػ مَم َػ اْل ِجَب ِ‬ ‫ِ‬
‫يي ْؼ‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اؿ< ِإ َّف َّ َ َ‬
‫َفَش َاداني َفَق َ‬
‫اؿ‪َ ،‬فدَّمؼ عَم َّي‪ ،‬ثُ َّؼ َقاؿ< يا مح َّس ُج‪َ ،‬فَق ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َخ َذَبْي ِؽ‪،‬‬ ‫يسا ِشْئ َت‪ِ ،‬إ ْف ِشْئ َت أ ْ‬
‫َف أُ ْطِب َق َعَمْي ِي ْؼ ْاأل ْ‬ ‫اؿ َذل َػ ف َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َفَش َاداني َمَم ُػ اْل ِجَب ِ َ َ َ‬

‫َّللا َك ْح َج ُه‪ََّ ،‬ل ُي ْذ ِخ ُؾ ِب ِو َشْيًئا ))‬ ‫َّللا ِم ْؽ أ ْ ِ‬


‫َص َالب ِي ْؼ َم ْؽ َي ْعُب ُج َّ َ‬ ‫َف ُي ْخ ِخ َج َّ ُ‬
‫ِ‬
‫َّللا َعَمْيو َك َسَّم َؼ< َب ْل أَْر ُجؾ أ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َفَقاؿ َّ ِ‬
‫الشب ُّي َصمى َّ ُ‬ ‫َ‬

‫(البخارؼ‪ ،‬ومدمع)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪43‬‬


‫فالسرائب لمذارديغ السشحخفيغ العتاة السجخميغ قرع أو ردع‪ ،‬والسرائب لمسؤمشيغ دفع أو رفع‪ ،‬والسرائب‬

‫لؤلنبياء والسخسميغ كذف لحقيقة نبػتيع ورسالتيع‪ ،‬والكساؿ الحؼ حرمػه‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬عغ قتادة قاؿ< وذكخ لشا أف نبي هللا ملسو هيلع هللا ىلص كاف يقػؿ<‬

‫(( َّل يريب رجال خجش عؾد‪ ،‬كَّل عثخة قجـ‪ ،‬كَّل اختالج عخؽ إَّل بحنب‪ ،‬كما يعفؾ هللا عشو أكثخ ))‬

‫(الديػشي)‬

‫وما ندؿ ببلء إال بحنب‪ ،‬وال يخفع إال بتػبة‪.‬‬

‫يخ (‪﴾)51‬‬ ‫َص َاب ُك ْؼ ِم ْؽ ُم ِر َيب ٍة َفِب َسا َك َدَب ْت أَْي ِج ُ‬


‫يك ْؼ َكَي ْع ُفؾ َع ْؽ َكِث ٍ‬ ‫﴿ َك َما أ َ‬

‫(سػرة الذػرػ)‬

‫أرجػ هللا سبحانو وتعالى أف نمتقي بكع في لقاء آخخ‪ ،‬والدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪44‬‬


‫الجرس (‪ < )09-16‬حسل ىسؾـ السدمسيؽ ‪ -‬غمبت الخكـ في أدنى األرض‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫يقػؿ ربشا هلالج لج يقػؿ<‬

‫َمُخ ِم ْؽ‬ ‫ض كىؼ ِمؽ بع ِج َغَمِب ِيؼ سي ْغِمبؾ َف (‪ِ )5‬في ِب ْز ِع ِسِش ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ الؼ (‪ُ )0‬غمَِب ِت ُّ‬
‫يؽ َّّلِل ْاأل ْ‬
‫َ‬ ‫ْ ََ ُ‬ ‫كـ (‪ )4‬في أ َْدَنى ْاألَْر ِ َ ُ ْ ْ َ ْ‬
‫الخ ُ‬

‫يؼ (‪﴾)7‬‬ ‫يد َّ ِ‬


‫ا ً َك ُى َؾ اْل َع ِد ُ‬ ‫َقبل ك ِمؽ بعج كيؾمِئ ٍح ي ْفخح اْلس ْؤ ِمُشؾ َف (‪ِ )6‬بَشر ِخ َّ ِ‬
‫الخح ُ‬ ‫رُخ َم ْؽ َي َذ ُ‬
‫َّللا َيْش ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ َ ْ َ ُْ َ َ ْ َ َ َ ُ ُ‬

‫(سػرة الخوـ)‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ماذا تعشي ىحه اآلية ؟ لعل ما تعشيو ىحه اآلية أف مغ خرائز السؤمغ أف ييتع أشج‬

‫االىتساـ بسا يجخؼ حػلو‪ ،‬فعبلمة انتساء السؤمغ إلى إيسانو‪ ،‬وانتساء السدمع إلى إسبلمو أنو يحسل ىع السدمسيغ‪،‬‬

‫ويتألع آلالميع‪ ،‬ويفخح ألفخاحيع‪ ،‬ويأسى لسبسييع‪.‬‬

‫فيؤالء السؤمشػف في زمغ الشبي عميو الربلة والدبلـ حيشسا غمبت الخوـ تألسػا‪ ،‬ألنيع أىل كتاب‪ ،‬وألف قػاسع‬

‫مذتخكة كثيخة تجسعيع بيع‪ ،‬لكغ هللا سبحانو وتعالى شسأنيع<‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿ َك ُى ْؼ م ْؽ َب ْعج َغَمِب ِي ْؼ َسَي ْغمُبؾ َف (‪ )5‬في ِب ْز ِع ِسش َ‬
‫يؽ﴾‬

‫يقػؿ<‬

‫َمُخ﴾‬ ‫ِِ‬
‫﴿ َّّلِل ْاأل ْ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪45‬‬


‫أؼ الشرخ‪ ،‬وعجـ الشرخ بيج هللا مغ قبل ومغ بعج‪ ،‬لكغ الحؼ يمفت الشطخ في ىحه اآلية أف هللا أثبت أف السؤمشيغ‬

‫عباد الػثغ‪ ،‬فؤلف يفخح السؤمشػف بشرخة إخػتيع‬


‫يفخحػف بشرخ هللا‪ ،‬فخحػا ألىل الكتاب ألنيع انترخوا عمى ّ‬

‫السؤمشيغ مغ باب أولى‪.‬‬

‫ىسو ىع السؤمشيغ‪ ،‬مذاركتو‬


‫أف ّ‬
‫فكأف هللا يخيج أف يمفت نطخنا إلى أف مغ عبلمات السؤمغ االنتساء لمسؤمشيغ ّ‬

‫اؿ‬
‫ػؿ< َق َ‬ ‫حجيث الشُّ ْع َساف ْبغ َب ِذ ٍ‬
‫يخ َيُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحقيقية في مرابيع‪ ،‬فمحلظ مغ ألصف ما قالو الشبي عميو الربلة والدبلـ‬

‫َّللا َعَم ْي ِو َو َسمَّ َع<‬


‫صَّمى َّ‬ ‫رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫َُ ُ‬

‫اعى َل ُو َس ِائُخ َج َد ِج ِه‬ ‫اح ِس ِي ْؼ‪َ ،‬كَت َؾ ِّاد ِى ْؼ َكَت َعاطُ ِف ِي ْؼ‪َ ،‬ك َس َث ِل اْل َج َد ِج‪ِ ،‬إ َذا ْ‬
‫اش َت َكى ُع ْز ًؾا َت َج َ‬
‫(( َتخى اْلس ْؤ ِمِش ِ‬
‫يؽ في َتَخ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ِب َّ‬
‫الد َي ِخ َكاْل ُح َّسى ))‬

‫(صحيح البخارؼ)‬

‫وىحا الحؼ نذيجه في شتى بقاع السدمسيغ‪ ،‬وفي الببلد العخبية نذيجه مغ حخكة الذارع العخبي لشرخة إخػتيع في‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو‬


‫صَّمى َّ‬ ‫ذ َقاؿ< َقاؿ رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫فع ْغ أ ََن ٍ َ‬
‫األراضي السحتمة‪ ،‬وىحا مسا بذخ بو الشبي عميو الربلة والدبلـ َ‬

‫َو َسَّم َع<‬

‫ٌْ ْ‬ ‫َُ‬ ‫ُمِتي َم َث ُل اْل َس َ‬


‫ظ ِخ ََّل ي ْجرى أ ََّكُل ُو َخيخ أَـ ِ‬
‫آخُخُه ))‬ ‫(( َم َث ُل أ َّ‬

‫(التخمحؼ)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪46‬‬


‫وقج روؼ<‬

‫(( الخيخ في كفي أمتي إلى قياـ الداعة ))‬


‫ّ‬

‫(ال أصل لو)‬

‫مغ عبلمة إيسانظ‪ ،‬وإسبلمظ أف تحسل ىع السدمسيغ والسؤمشيغ في شتى بقاع األرض‪ ،‬وىحا الحؼ حجث يبذخ‬

‫بخيخ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬في حجيث آخخ يقػؿ عميو الربلة والدبلـ متػعجًا<‬

‫(( مؽ َّل ييتؼ بأمخ السدمسيؽ فميذ مشيؼ ))‬

‫(الجامع الرغيخ عغ ابغ مدعػد)‬

‫وىحا وعيج شجيج مغ رسػؿ هللا ‪،e‬‬

‫ِ‬
‫يسذ كيربح ناصحاً ﵀ كلكتابو كلخسؾلو كْليسانو كلعامة السدمسيؽ فميذ مشيؼ ))‬ ‫(( كمؽ لؼ‬

‫فيحه الحقيقة التي تقػؿ< ما إف تدتقخ حياة اإليساف في قمب السؤمغ إال وتعبخ عغ ذاتيا بحخكة نحػ الخمق‪ ،‬فيحا‬

‫اإلنداف الحؼ ال يعشيو أمخ مغ حػلو‪ ،‬وال يتألع أللسيع‪ ،‬وال يفخح لفخحيع ليذ مشيع‪ ،‬ومغ أكبخ الػعيج الشبػؼ ليحا‬

‫اإلنداف السشدمخ مغ أمتو وإسبلمو وعخوبتو أنو ليذ مغ ىحه األمة‪.‬‬

‫مغ ال ييتع بأمخ السدمسيغ فميذ مشيع‪ ،‬ومغ لع ِ‬


‫يسذ ويربح ناصحاً هلل لصاعتو والرمح معو ولكتابو ولتصبيق‬

‫مشيج القخآف‪ ،‬وإلى إيسانو وإلى عامة السدمسيغ فميذ مشو‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪47‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬الشظ أف الشرخ شيء محبب ألقرى درجة‪ ،‬ولكغ ىحا الشرخ بيج مغ ؟ يقػؿ هللا عد‬

‫وجل في آية جامعة مانعة واضحة جمية قصعية الجاللة<‬

‫الشرخ ِإََّّل ِمؽ ِعْش ِج َّ ِ‬


‫َّللا﴾‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َك َما َّ ْ ُ‬

‫(سػرة األنفاؿ)‬

‫فحيشسا نعمق اآلماؿ لغيخ هللا‪ ،‬ونتجو لغيخ هللا‪ ،‬ونعقج اآلماؿ ػ كسا قمت قبل قميل ػ عمى جيات أرضية يخيب‬

‫أعجاءنا ال يتحجثػف عغ الدبلـ إال كدبًا لمػقت‪ ،‬وإال مخاوغة وكحبًا‪.‬‬


‫َ‬ ‫ضششا‪ ،‬وقج خاب ضششا‪ ،‬قج نجج أف‬

‫أمذ الحاجة إليو بيج هللا وحجه‪ ،‬وأف هللا عد وجل لو شخوط‪ ،‬ولو أثساف‬
‫عشجما نجج أف الشرخ الحؼ نحغ في ّ‬

‫يشبغي أف نجفعيا ليحا الشرخ‪.‬‬

‫الشرخ ِإََّّل ِمؽ ِعْش ِج َّ ِ‬


‫َّللا﴾‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َك َما َّ ْ ُ‬

‫لعل أكبخ سبب وضعو هللا لمشرخ السبيغ العديد ىػ قػلو تعالى<‬

‫رْخُك ْؼ﴾‬
‫َّللا َيْش ُ‬ ‫﴿ ِإ ْف َتْش ُ‬
‫رُخكا َّ َ‬

‫(سػرة دمحم)‬

‫مغ ىشا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫َّللا ِلُي َع ِّحَب ُي ْؼ َكأَْن َت ِف ِ‬


‫يي ْؼ﴾‬ ‫اف َّ ُ‬
‫﴿ َك َما َك َ‬

‫(سػرة األنفاؿ)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪48‬‬


‫حار عمساء التفديخ في ىحه اآلية ! ما داـ الشبي ‪ e‬بيغ ضيخانييع ىع في مأمغ مغ عحاب هللا‪ ،‬فإذا انتقل إلى‬

‫الخفيق األعمى فسا معشى اآلية ؟ قاؿ عمساء التفديخ< وما كاف هللا ليعحبيع وسشتظ يا دمحم ػ ‪ e‬ػ مصبقة في بيػتيع‪،‬‬

‫وأعساليع‪ ،‬وعبلقاتيع االجتساعية‪ ،‬وفي حميع وتخحاليع‪ ،‬وفي سخىع وضخائيع‪.‬‬

‫أعسالشا في كدب أمػالشا في قزاء أوقات فخاغشا‪ ،‬فشحغ في مأمغ مغ عحاب هللا‪ ،‬ويقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َّللا ُم َع ِّحَب ُي ْؼ َك ُى ْؼ َي ْد َت ْغ ِفُخك َف (‪﴾)55‬‬


‫اف َّ ُ‬
‫﴿ َك َما َك َ‬

‫(سػرة األنفاؿ)‬

‫ىع في بحبػحة أخخػ وفي مأمغ آخخ‪ ،‬فساداـ ىؤالء يدتغفخوف إذا أخصؤوا‪ ،‬ىع أيزًا في مأمغ آخخ‪.‬‬

‫ىحا الشرخ الحؼ ىػ مغ عشج هللا حر ًاخ وقر ًاخ‪.‬‬

‫الشرخ ِإََّّل ِمؽ ِعْش ِج َّ ِ‬


‫َّللا﴾‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َك َما َّ ْ ُ‬

‫ثسشو<‬

‫رْخُك ْؼ﴾‬
‫َّللا َيْش ُ‬ ‫﴿ ِإ ْف َتْش ُ‬
‫رُخكا َّ َ‬

‫إف أردنا التفاصيل‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ِ‬
‫اف َحّقًا َعَمْيَشا َن ْرُخ اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (‪﴾)69‬‬ ‫﴿ َكَك َ‬

‫(سػرة الخوـ)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪49‬‬


‫هللا هلالج لج أنذأ عمى ذاتو العمية حقًا لشا‪ ،‬ىػ يشرخنا ولكغ أؼ إيساف ىحا ؟ حيشسا نق أخ قػلو تعالى<‬

‫﴿ يا أَُّييا َّال ِحيؽ آَمُشؾا آ ِ‬


‫َمُشؾا﴾‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫(سػرة الشداء)‬

‫ومشجيا‪ ،‬فإذا كشا في إيساف غيخ مقبػؿ‪ ،‬وغيخ مش ٍج‬


‫ً‬ ‫إيسانا مقبػال‬
‫ً‬ ‫أف ىشاؾ‬
‫إيسانا غيخ مقبػؿ‪ ،‬و ّ‬
‫ً‬ ‫يعشي أف ىشاؾ‬

‫ومشج‪ ،‬ذلظ أف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ مخاشباً ىحه األمة<‬


‫ٍ‬ ‫فيشبغي أف نبحث عغ إيساف مقبػؿ‬

‫ُخ ِخ َج ْت ِل َّمش ِ‬
‫اس﴾‬ ‫ُم ٍة أ ْ‬
‫﴿ ُكْش ُت ْؼ َخْيَخ أ َّ‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫أنتع حيشسا جاءتكع الخسالة‪ ،‬واستجبتع ليحه الجعػة الدساوية أصبحتع بيحه االستجابة خيخ أمة أخخجت لمشاس‪ ،‬أما‬

‫إف لع ندتجب فذأنشا شأف أية أمة أخخػ شاردة عغ هللا عد وجل ىحه حقيقة‪.‬‬

‫أمتيغ‪ ،‬أمة االستجابة‪ ،‬وىي خيخ أمة أخخجت لمشاس‪ ،‬وأمة الجعػة والتبميغ‪،‬‬
‫لحلظ عمساء السدمسيغ قدسػا أمة دمحم ّ‬

‫فإف بمغت‪ ،‬ولع تدتجب فذأنيا كذأف أية أمة في األرض ‪ ،‬لحلظ الذيء األوؿ ىػ أف هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫ِ‬
‫اف َحّقًا َعَمْيَشا َن ْرُخ اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (‪﴾)69‬‬ ‫﴿ َكَك َ‬

‫أؼ إيساف ىحا ؟ اإليساف الحؼ يحسمشا عمى شاعتو‪ ،‬ويجدج سمػكاً في حياتشا‪ ،‬ويجعمشا وّقافيغ في حياتشا‪ ،‬اإليساف‬

‫الحؼ يجعمشا ال نأكل درىساً حخاماً‪ ،‬اإليساف الحؼ يحسمشا أال نطمع بعزشاً بعزاً‪ ،‬وأف نتقغ أعسالشا‪ ،‬ونتقغ ألمتشا‬

‫كل خيخ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪50‬‬


‫وعصاء ىػ اإليساف الحؼ يدتحق أف يشرخنا هللا عميو‪ ،‬لكغ ال‬
‫ً‬ ‫وخيخ‬
‫ًا‬ ‫شا‬
‫سمػكا وانزبا ً‬
‫ً‬ ‫ىحا اإليساف الحؼ يتخجع‬

‫يكفي ىحا‪ ،‬البج مغ أف نعج ألعجائشا ما استصعشا مغ قػة‪ ،‬وهللا عد وجل يقػؿ<‬

‫﴿ كأ ِ‬
‫َعُّجكا َل ُي ْؼ ﴾‬ ‫َ‬

‫ِ‬
‫السخاشب‪ ،‬لكغ هللا عد وجل يقػؿ لمصخؼ اآلخخ<‬ ‫شب ىػ السؤمغ‪ ،‬وهللا عد وجل ىػ‬
‫شبعاً السخا َ‬

‫ِ‬
‫ظ ْع ُت ْؼ﴾‬ ‫﴿ َكأَعُّجكا َل ُي ْؼ َما ْ‬
‫اس َت َ‬

‫يشبغي أف تدتشفحوا كل الجيج‪.‬‬

‫ظ ْع ُت ْؼ ِم ْؽ ُق َّؾٍة ﴾‬ ‫ِ‬
‫﴿ َكأَعُّجكا َل ُي ْؼ َما ْ‬
‫اس َت َ‬

‫وىحه ( مغ ) تفيج استغخاؽ أجداء الذيء‪ ،‬كل أنػاع القػة يشبغي أف نعج ليا‪ ،‬وما أكثخ أنػاع القػة فاإلعبلـ قػة‪،‬‬

‫ومعخفة خبايا العجو قػة‪ ،‬والتساسظ الجاخمي قػة‪ ،‬والػحجة الػششية ػ وىحه بحسج هللا ػ قػة‪ ،‬واإلعجاد الجيج قػة‪،‬‬

‫واستخجاـ األسمحة الحجيثة قػة‪.‬‬

‫ظع ُتؼ ِمؽ ُق َّؾٍة ك ِمؽ ِرب ِ‬


‫اط اْل َخْي ِل﴾‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫﴿ َكأَعُّجكا َل ُي ْؼ َما ْ‬
‫اس َت َ ْ ْ ْ‬

‫ىحا عشج عمساء التفديخ عصف الخاص عمى العاـ‪ ،‬في عيج الشبي ‪ e‬كاف رباط الخيل ىػ القػة‪ ،‬وقج يأتي وقت‬

‫آخخ يكػف السشجشيق ىػ القػة‪ ،‬وقج يأتي وقت آخخ تكػف السجرعة ىي القػة‪ ،‬وقج يأتي وقت آخخ تكػف السعمػمات‬

‫ىي القػة واألقسار واألسمحة البالغة الجقة‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪51‬‬


‫ظع ُتؼ ِمؽ ُق َّؾٍة ك ِمؽ ِرب ِ‬
‫اط اْل َخْي ِل﴾‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫﴿ َكأَعُّجكا َل ُي ْؼ َما ْ‬
‫اس َت َ ْ ْ ْ‬

‫قج يكػف الدبلح غيخ مدتعسل‪ ،‬لكغ لو فائجة كبيخة‪ ،‬وىحه الفائجة في قػلو تعالى<‬

‫﴿ ُتخِىبؾ َف ِب ِو عج َّك َّ ِ‬
‫َّللا َك َع ُج َّكُك ْؼ﴾‬ ‫َُ‬ ‫ْ ُ‬

‫ويشبغي أف يكػف عجوكع عجواً هلل في وقت واحج‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬مغ فزل هللا عميشا أنو ما كمفشا أف نعج القػة السكافئة ألعجائشا‪ ،‬قج يكػف ىحا مدتحيبلً‪ ،‬لكشو‬

‫كمفشا أف نعج القػة الستاحة‪ ،‬فشحغ إذا آمشا باهلل اإليساف الحؼ يحسمشا عمى شاعتو‪ ،‬وأعجدنا لعجونا العجة الستاحة لشا‬

‫فيحاف شخشاف كافياف لمشرخ‪ ،‬لكغ أحجىسا يعج شخشاً الزماً غيخ ٍ‬
‫كاؼ لمشرخ‪.‬‬

‫لػ كاف إيسانشا في أعمى مدتػػ‪ ،‬ولع نعج ألعجائشا العجة الستاحة‪ ،‬أو أعجدنا ليع العجة الستاحة‪ ،‬ولع نؤمغ اإليساف‬

‫الحؼ يحسمشا عمى شاعة هللا ال يتحقق الشرخ‪.‬‬

‫أحج وحشيغ لع يشترخوا‪ ،‬لػ حممشا سبب عجـ االنترار في ىاتيغ‬


‫إخػتشا الكخاـ‪ ،‬كمكع يعمع أف السدمسيغ في مػقعة ُ‬

‫أم َخ الشبي ‪ ،e‬فمػ أف هللا نرخىع عمى معريتيع لدقصت شاعة الشبي‬
‫السػقعتيغ< الحقيقة في أحج عرى الخماةُ ْ‬

‫‪ ،e‬ولع يكغ ليا مغ قيسة‪ ،‬وأما في ُحشيغ فدبب السعرية قزية فكخية وتػحيجية‪ ،‬وقزية في العقيجة‪ ،‬قاؿ‬

‫أصحاب الشبي ‪ e‬وىع ُمُثل عميا<‬

‫لغ نغمب اليػـ مغ قمة‪ ،‬اعتسجوا عمى قػتيع الحاتية‪ ،‬وندػا هللا عد وجل‪ ،‬فالسدمسػف لع يشترخوف في أحج ألسباب‬

‫سمػكية تكتيكية‪ ،‬ولع يشترخوا في حشيغ ألسباب عقائجية‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪52‬‬


‫الذيء القاشع الجامع السانع أنشا يشبغي أف نؤمغ اإليساف الحؼ يحسمشا عمى شاعة هللا‪ ،‬ونعج ألعجائشا العجة التي‬

‫يشبغي أف تكػف متاحة لشا‪.‬‬

‫إذا حققشا ما عميشا يتػالنا هللا عد وجل بالشرخ‪ ،‬لحلظ قالػا< ىشاؾ نرخ استحقاقي‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّللا ِبَب ْج ٍر َكأَْن ُت ْؼ أ َِذَّلةٌ﴾‬


‫﴿ َكَلَق ْج َن َرَخُك ُؼ َّ ُ‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫وىشاؾ نرخ تفزمي‪ ،‬كقػلو تعالى اآلية التي بجأت بيا ىحه الحمقة<‬

‫ض كىؼ ِمؽ بع ِج َغَمِب ِيؼ سي ْغمِبؾ َف (‪ِ )5‬في ِب ْز ِع ِسِشيؽ َِّ ِ‬


‫ّلِل ْاأل َْمُخ ِم ْؽ َقْب ُل َك ِم ْؽ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ ُغِمَب ِت ُّ‬
‫َ‬ ‫ْ ََ ُ‬ ‫كـ (‪ )4‬في أ َْدَنى ْاألَْر ِ َ ُ ْ ْ َ ْ‬
‫الخ ُ‬

‫َب ْع ُج﴾‬

‫وىشاؾ نرخ كػني‪ ،‬ال عبلقة لمشرخ إال بالقػة التي بيج الفخيقيغ‪ ،‬ىشاؾ نرخ استحقاقي‪ ،‬كانترار السدمسيغ في‬

‫بجر‪ ،‬وىشاؾ نرخ تفزمي‪ ،‬كانترار الخوـ عمى الفخس‪ ،‬وىشاؾ نرخ كػني‪ ،‬ىػ بيغ فئتيغ شاردتيغ دعػاىسا‬

‫واحجة‪ ،‬وأىجافيسا قبخة‪.‬‬

‫أمذ الحاجة إلى الشرخ‪ ،‬وهللا عد وجل يقػؿ<‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬نحغ في ّ‬

‫رْخُك ْؼ﴾‬
‫َّللا َيْش ُ‬ ‫﴿ِإ ْف َتْش ُ‬
‫رُخكا َّ َ‬

‫وقج قيل< السعخكة بيغ حقيغ ال تكػف‪ ،‬ألف الحق ال يتعجد‪ ،‬وبيغ حق وباشل ال تصػؿ‪ ،‬ألف هللا مع الحق‪ ،‬لكغ‬

‫بيغ باشميغ ال تشتيي‪ ،‬وىحه مذكمة‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪53‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬البج مغ أف نعج العجة الستاحة‪ ،‬والبج مغ أف نؤمغ اإليساف السشجي حتى ندتحق أف نشترخ‪،‬‬

‫ولكغ السدمسػف في شتى بقاع السدمسيغ‪ ،‬والعخب في شتى ببلدىع ما واجبيع تجاه ىحه االنتفاضة السباركة التي‬

‫بجأت ؟ ونخجػ هللا سبحانو وتعالى أف تشتيي بالشرخ‪.‬‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َف رسػؿ َّ ِ‬ ‫أقػؿ لكع أييا اإلخػة‪ ،‬عغ َزيِج ب ِغ خ ِالٍج ر ِ‬
‫اؿ<‬
‫َّللا َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َّللا َع ْشو أ َّ َ ُ َ‬
‫ضي َّ‬ ‫َْ ْ ْ َ َ‬

‫يل َّ ِ‬
‫َّللا ِب َخْي ٍخ َفَق ْج َغ َاد ))‬ ‫ف َغ ِازًيا ِفي سِب ِ‬ ‫يل َّ ِ‬
‫(( م ْؽ َج َّي َد َغ ِازًيا ِفي سِب ِ‬
‫َ‬ ‫َّللا َفَق ْج َغ َدا‪َ ،‬ك َم ْؽ َخَم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(صحيح البخارؼ)‬

‫وىحا مغ فزل هللا عميشا‪.‬‬

‫أييا األخ الكخيع‪ ،‬أال تدتصيع أف تقتصع مغ دخمظ مبمغاً تخسمو في قشاة نطيفة آمشة بعج البحث عشيا إلى إخػتظ‬

‫الكخاـ في األراضي السحتمة‪ ،‬وقج ىجمت بيػتيع‪ ،‬ودمخت مستمكاتيع‪ ،‬وجخفت حقػليع‪ ،‬وأتمفت أدويتيع‪ ،‬وقصعت‬

‫عشيع الكيخباء‪ ،‬فتمفت مجخخاتيع الغحائية‪ ،‬وقصعت عشيع السياه فذخبػا السياه السالحة‪ ،‬لقج أعجـ رجاليع‪ ،‬وسيق‬

‫شبابيع إلى الدجػف والسعتقبلت‪ ،‬ىؤالء في محشة شجيجة‪ ،‬وأرجػ أف يكػف ورائيا مشحة مغ هللا عد وجل‪ ،‬أال‬

‫يقتزي انتسائظ ليحه األمة أف تسج ليع ببعس ما عشجؾ ؟‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬مغ لع ييتع بأمخ السدمسيغ فميذ مشيع‪ ،‬أتخضى أف تعير‪ ،‬وأنت وادعًا في أىمظ‪ ،‬وفي‬

‫أوالدؾ‪ ،‬عشجؾ قػت يػمظ‪ ،‬آمغ في سخبظ‪ ،‬وإخػانظ يعانػف ّ‬


‫األمخيغ ؟ أال تخػ إلى أحػاليع بأـ عيشظ ؟ أال تدتسع‬

‫إلى أقػاليع وأخبارىع بأذنظ ؟‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪54‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬شيء آخخ‪ ،‬حرمت في مػقع معمػماتي عمى اإلحراء التالي‪ ،‬وشيء ال يرجؽ< شخكة‬

‫دخاف واحجة مغ شخكات الجخاف في بمج يجعع أعجاءنا أرباحيا الرافية مغ مبيعاتيا في العالع اإلسبلمي ثسانػف‬

‫مميػف دوالر يػمياً ؟! يحىب إلى الكياف الرييػني مغ ىحا السبمغ تدعة مبلييغ دوالر كل يػـ‪ ،‬أنت حيشسا تعمع‬

‫ىحه الحقيقة تتداءؿ‪ ،‬فسا القػؿ في بقية أرباح شخكات الجخاف في ىحا البمج الحؼ يجعع أعجاءنا ؟‬

‫ما ىي أرباح شخكات السياه الغازية التي تعج فمكية ؟ ما ىي أرباح السصاعع السشتذخة في شتى بقاع السدمسيغ‬

‫وبقاع العخب ؟ كع أرباحيا ؟ ما ىي أرباح شخكات الديارات التي تترجر اإلعبلنات عشيا السحصات الفزائية‬

‫العخبية ؟ لػ أنظ امتشعت ذاتياً عغ شخاء بزاعة مغ بمج يجعع أعجاءنا بأسمحة فتاكة نبيج بيا الذعب الفمدصيشي‪،‬‬

‫لػ أنظ امتشعت ذاتيًا‪ ،‬مغ يجبخؾ في أؼ مكاف في العالع عمى أف تذتخؼ ىحه البزاعة ؟ مغ يدألظ لع لع ِ‬
‫تذتخ‬ ‫َ ْ‬

‫ىحه البزاعة‪ ،‬ىحا مػقف يدتصيعو كل إنداف عخبي مدمع في شتى بقاع األرض‪ ،‬ىحا نػع مغ الجعع إلخػتشا في‬

‫األراضي السحتمة‪ ،‬ألف السرمحة السادية ىي إلو يعبج في ىحا العرخ‪.‬‬

‫فإذا انخفزت مبيعات مغ يجعع أعجائشا إلى الثمث‪ ،‬أو إلى العذخ عشجئح لعميع يخاجعػف ق اخراتيع‪ ،‬ويغيخوف‬

‫سياستيع‪ ،‬أف نستشع ذاتيًا عغ شخاء أية بزاعة مرشعة في بمج يجعع أعجاءنا ىحا واجب إسبلمي ووششي وقػمي‪.‬‬

‫اؿ<‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َف نِبي َّ ِ‬


‫شيء آخخ‪َ ،‬ع ْغ َزْيِج ْب ِغ َخ ِالٍج اْل ُج َيِش ِّي أ َّ َ َّ‬
‫َّللا َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َّللا َ‬

‫َىِم ِو ِب َخْي ٍخ َفَق ْج َغ َاد ))‬


‫ف َغ ِازًيا ِفي أ ْ‬
‫يل َّ ِ‬
‫َّللا َفَق ْج َغ َدا‪َ ،‬ك َم ْؽ َخَم َ‬ ‫(( م ْؽ َج َّي َد َغ ِازًيا ِفي سِب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫إذا كاف إخػتشا الكخاـ في األراضي السحتمة ليع أبشاء في الجامعات‪ ،‬وقج قصعت عشيع اإلمجادات بدبب سياسة‬

‫الحرار واإلفقار التي يتبعيا العجو الرييػني‪ ،‬أنت إذا خمفت ىؤالء الصبلب في أىميع بخيخ لظ مثل أجخىع‪،‬‬

‫وىحا نػع مغ األعساؿ الصيبة التي تجعع بيا إخػتشا في األراضي السحتمة‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪55‬‬


‫مسغ يقػؿ< ماذا أعسل ؟ ثع ال يعسل شيئًا ! يقػؿ< ليتشي كشت معيع فأفػز فػ ًاز عطيساً‪ ،‬تدتصيع أف‬
‫أنا متألع َّ‬

‫تقاشع بزاعة مغ صشع بمج تجعع أعجاءنا‪ ،‬وتدتصيع أف تقجـ شيئاً مغ دخمظ ليؤالء الحيغ دمخت بيػتيع‪،‬‬

‫وتدتصيع أف تخمف ىؤالء أىميع بخيخ‪ ،‬ىحا كمو متاح لظ‪.‬‬

‫شيء آخخ‪ ،‬حيشسا تشتسي ليحه األمة التي حيشسا استجابت هلل عد وجل جعميا خيخ أمة أخخجت لمشاس‪ ،‬فمسا‬

‫قرخت في حسل رسالتيا إلى بقية األمع‪ ،‬وقرخت فيسا أمخىا هللا بو أصابيا وعيج هللا عد وجل في قػلو تعالى<‬

‫ؼ َيْمَق ْؾ َف َغّيًا (;‪﴾)7‬‬ ‫الر َال َة ك َّاتبعؾا َّ ِ‬


‫الذ َي َؾات َف َد ْؾ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اعؾا َّ‬
‫َض ُ‬ ‫ف ِم ْؽ َب ْع ِج ِى ْؼ َخْم ٌ‬
‫فأَ‬ ‫﴿ َف َخَم َ‬

‫(سػرة مخيع)‬

‫وقج أصاب السدمسيغ ذلظ الغي ألنيع أضاعػا الربلة‪ ،‬وال تعشي إضاعة الربلة تخكيا‪ ،‬بل أنيا فخغت مغ‬

‫مزسػنيا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىحه قشػات سالكة إلى هللا عد وجل في دعع إخػتظ في األراضي السحتمة‪ ،‬يشبغي أف يكػف‬

‫انتسائظ ليحه األمة عمى شكل أف تستشع عغ كل بحخ وتخؼ‪ ،‬ىحه الحفبلت التي تقاـ في الفشادؽ وأبياء السصاعع‬

‫وحجائق السدارع‪ ،‬والتي تكمف أمػاالً شائمة ‪ ،‬ىحه لػ حػلت إلى ىؤالء السجاىجيغ الحيغ يقاتمػف عجواً شخساً لعل‬

‫هللا سبحانو وتعالى يخحسظ‪ ،‬ويحفع لظ أىمظ وأوالدؾ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬شيء آخخ‪ ،‬البج مغ أف نعخؼ مغ ىػ عجونا ؟ عثخت في مػقع معمػماتي عمى ترخيح‬

‫لكبيخ مجخمي الييػد يقػؿ لرحفي إسخائيمي في عاـ ألف وتدعسئة واثشيغ وثسانيغ يقػؿ< لغ يكػف أفزل مغ‬

‫تخوماف الحؼ قتل نرف مميػف إنداف بقشبمتيغ جسيمتيغ‪ ،‬ربسا سيكخىشي العالع‪ ،‬وسيخذاني بجالً مغ أف أشتكي‬

‫ال مغ أف يعجب بخوحي الجسيمة‪ ،‬وليختجف مشي‪ ،‬وليعاممشي كبمج‬


‫إليو‪ ،‬ربسا يخاؼ مغ الزخبات الجشػنية بج ً‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪56‬‬


‫مجانيغ‪ ،‬وليقل أنشا متػحذػف‪ ،‬ونسثل خصخ السػت لجسيع الجيخاف‪ ،‬وإنشا جسيعًا غيخ أسػياء‪ ،‬وندتصيع أف نغخس‬

‫أزمة فطيعة إذا قتل شفل مشا‪ ،‬وأف نفجخ آبار البتخوؿ جسيعيا في الذخؽ األوسط‪ ،‬ىحا قػؿ كبيخ مجخمي العجو‬

‫متى ؟ قبل عذخيغ عامًا‪.‬‬

‫إذًا يشبغي أف نعخؼ كيف يفكخ أعجائشا‪ ،‬وقاؿ مشجوب صحيفة ىي واحجة مغ أشيخ صحف ثبلث في بمج يجعع‬

‫أعجائشا يقػؿ< ال تػجج قيع‪ ،‬وال أخبلؽ‪ ،‬إنسا ىي القػة‪ ،‬والقػة وحجىا‪ ،‬ومشح خسدة آالؼ سشة والقػؼ يفخض إرادتو‪،‬‬

‫وكمسا أمعغ في القػة كدب أكثخ‪ ،‬فشحغ جسيعاً استأصمشا اليشػد الحسخ واإلنجميد حيشسا استأصمػا سكاف استخاليا‬

‫األصمييغ‪ ،‬نجحشا في حدع السعخكة‪ ،‬بيشسا البيس في جشػب أفخيقيا ألنيع كانػا أرحع‪ ،‬ولع يدتأصمػا ىع بالكمية‬

‫انقمبػا عمييع‪ ،‬وانترخوا في الشياية‪.‬‬

‫جدء مغ اإلعجاد ألعجائشا أف نعخؼ كيف يفكخوف‪ ،‬وأف نعخؼ خصصيع السدتقبمية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬لكغ هللا سبحانو وتعالى يبيغ لشا أف اإليساف يرشع القػة‪ ،‬وىع يعتقجوف أف القػة ترشع‬

‫الحق‪ ،‬لكششا مغ وحي الدساء نعتقج أف اإليساف يرشع القػة‪ ،‬وأف األمخ بيج هللا وحجه‪ ،‬بل إف ىشاؾ مقػلة رائعة<‬

‫أنت قػؼ‪ ،‬وىحا سخ ضعفظ‪ ،‬وأنا ضعيف‪ ،‬وىحا سخ قػتي‪ ،‬فشحغ إذا رجعشا إلى ربشا‪ ،‬وعخفشا حجوده‪ ،‬ووقفشا عشجه‪،‬‬

‫لعل هللا يخحسشا‪ ،‬وأعػد‪ ،‬وأقػؿ<‬

‫َّللا َي ْعَم ُؼ َكأَْن ُت ْؼ ََّل َت ْعَم ُسؾ َف (‪﴾)408‬‬ ‫َف َت ْكخُىؾا َشيئًا ك ُىؾ َخيخ َل ُكؼ كعدى أ ْ ِ‬
‫َف ُتحُّبؾا َشْيئًا َك ُى َؾ َشّّخ َل ُك ْؼ َو َّ ُ‬ ‫ْ َ َ ٌْ ْ َ َ َ‬ ‫﴿ك َع َدى أ ْ َ‬
‫َ‬

‫وقخب فيسا بيششا‪ ،‬ودفعشا‬ ‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬كبيخ مجخمي العجو مغ دوف أف يذعخ‪ ،‬ومغ دوف أف يخيج ّ‬
‫وحجنا‪ّ ،‬‬

‫إلى شاعة هللا وشاعة رسػلو‪ ،‬إنو يدعى دوف أف يذعخ‪ ،‬ودوف أف يخيج أف نرحػ مغ غفمتشا‪ ،‬وأف نقف بعج‬

‫قعػد‪ ،‬ونتعاوف بعج تشافذ‪ ،‬ونتدامح بعج خراـ‪ ،‬ىحه كميا آثار إيجابية‪ ،‬لقج قفد الجيغ إلى بؤرة االىتساـ‪ ،‬لقج‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪57‬‬


‫كذفت األقشعة السديفة عغ كل الػجػه‪ ،‬ىحه مغ إيجابيات الحؼ حجث‪.‬‬

‫نخجػ هللا تعالى أف يكػف إيسانشا أف كل شيء وقع أراده هللا‪ ،‬وأف كل شيء أراده هللا وقع‪ ،‬وأف إرادة هللا متعمقة‬

‫بالحكسة السصمقة‪ ،‬وحكستو السصمقة متعمقة بالخيخ السصمق‪.‬‬

‫َّللا َي ْعَم ُؼ َكأَْن ُت ْؼ ََّل َت ْعَم ُسؾ َف‬ ‫َف َت ْكخُىؾا َشيئًا ك ُىؾ َخيخ َل ُكؼ كعدى أ ْ ِ‬
‫َف ُتحُّبؾا َشْيئًا َك ُى َؾ َشّّخ َل ُك ْؼ َو َّ ُ‬ ‫ْ َ َ ٌْ ْ َ َ َ‬ ‫﴿ َك َع َدى أ ْ َ‬

‫(‪﴾)408‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬إلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪58‬‬


‫الجرس (‪ < )09-17‬سؾرة الميل‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫مغ سػر القخآف ذات الجالالت العطيسة سػرة‪ ،‬الميل فاهلل سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫﴿ك َّالْي ِل ِإ َذا َي ْغ َذى﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪]0‬‬

‫عادة يقدع بعطيع‪ ،‬وىل مغ شيء في الكػف أعطع مغ هللا‬


‫ً‬ ‫وال يخفى أف ىحه الػاو ىشا ىي واو القدع‪ ،‬واإلنداف‬

‫عد وجل ؟ إذًا يسكغ أف تكػف ىحه الػاو تذيخ‪ ،‬أو تمفت نطخنا إلى عطع ىحه اآليات الحؼ أقدع هللا بيا‪.‬‬

‫فالميل والشيار مغ آيات هللا الجالة عمى عطستو‪ ،‬بل إف اختبلؼ الميل والشيار آيتاف دالتاف عمى عطسة هللا‪،‬‬

‫األرض تتحخؾ‪ ،‬وكل كػكب في الكػف‪ ،‬وكل نجع في الكػف يتحخؾ‪ ،‬ولػال حخكة الشجػـ ألصبح الكػف كتم ًة‬

‫تجاذبا بيغ الشجػـ‪ ،‬فالكتمة األكبخ تجحب األصغخ‪ ،‬ولػال حخكة قائسة مع كل نجع ألصبح‬
‫ً‬ ‫واحجة‪ ،‬ذلظ أف ىشاؾ‬

‫الكػف كتم ًة واحجة‪ ،‬إف الحخكة التي يحخكيا الشجع نحػ نجع آخخ يشتج عشيا قػة نابحة تكافئ القػة الجاذبة‪.‬‬

‫إذًا ىحا الكػف بػضعو القائع أساسو حخكتاف متػازنتاف‪ ،‬حخكة الجحب‪ ،‬وحخكة الشبح ‪ ،‬فاهلل سبحانو وتعالى يقدع‬

‫بالميل‪ ،‬فالميل ىػ حخكة األرض نحػ ذاتيا‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪59‬‬


‫لكغ أييا اإلخػة‪ ،‬ماداـ الميل والشيار مغ آيات هللا الجالة عمى عطستو فيشبغي أف نفيع أف ىحه األرض‪ ،‬لػ أنيا‬

‫تجور عمى محػر مػ ٍاز لسدتػػ دورانيا حػؿ الذسذ لسا كاف ليل وال نيار‪ ،‬األرض تجور ىكحا‪ ،‬والذسذ مغ ىشا‪،‬‬

‫نيار سخمجؼ‪ ،‬وليل سخمجؼ‪ ،‬لػ أف األرض دارت عمى محػر مػ ٍاز لسدتػػ دوراف األرض حػؿ الذسذ النعجـ‬

‫اختبلؼ الميل والشيار‪ ،‬نيار سخمجؼ‪ ،‬وليل سخمجؼ‪ ،‬وهللا سبحانو وتعالى ذكخنا لػ أنو لػ كاف الشيار سخمجياً‬

‫النعجمت الحياة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬شيء آخخ‪ ،‬لػ أف ىحه األرض تجور حػؿ نفديا عمى محػر متعامج مع مدتػػ دورانيا حػؿ‬

‫الذسذ النعجمت الفرػؿ‪ ،‬فسغ دورتيا حػؿ نفديا بسحػر غيخ مػ ٍاز لسدتػػ دورانيا يكػف الميل والشيار‪ ،‬ولػ‬

‫أنيا دارت عمى محػر متعامج مع مدتػػ دورانيا النعجـ تبجؿ الفرػؿ‪ ،‬صيف أبجؼ‪ ،‬وشتاء أبجؼ‪ ،‬وخخيف وربيع‬

‫أبجياف‪ ،‬ولكغ شاءت حكسة هللا أف تجور األرض حػؿ محػر مائل‪ ،‬ىحا السيل يشتج عشو اختبلؼ الفرػؿ‪ ،‬تكػف‬

‫الذسذ عسػدي ًة عمى قدع الكخة الذسالية في الريف‪ ،‬فإذا انتقمت األرض إلى الصخؼ اآلخخ تكػف الذسذ‬

‫عسػدي ًة عمى القدع الجشػبي مغ األرض‪ ،‬فإف اختبلؼ الميل والشيار رحسة لئلنداف‪ ،‬وىحا مغ آيات هللا الجالة عمى‬

‫عطستو‪ ،‬بل إف هللا سبحانو وتعالى حيشسا قاؿ<‬

‫الخ ْج ِع (‪﴾)00‬‬ ‫ا ً َذ ِ‬
‫ات َّ‬ ‫الدس ِ‬
‫﴿ك َّ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الصارؽ< اآلية ‪]00‬‬

‫وىحه اآلية تعصي الكػف صفة تشصبق عمى كل جدئياتو‪ ،‬فسا مغ كػكب إال ويجور حػؿ كػكب آخخ‪ ،‬ىحا الكػكب‬

‫اآلخخ الحؼ يجور حػلو يشصمق مغ مكاف ندبي‪ ،‬ويخجع إلى مكاف انصبلقو‪ ،‬إذاً<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪60‬‬


‫الخ ْج ِع (‪﴾)00‬‬ ‫ا ً َذ ِ‬
‫ات َّ‬ ‫الدس ِ‬
‫﴿ك َّ َ‬
‫َ‬

‫وكمسا تقجـ العمع كذفت جػانب عطسة ىحه اآليات الكػنية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬دورة األرض حػؿ نفديا يشذأ عشيا اختبلؼ الميل والشيار‪ ،‬والسيل السحػرؼ الحؼ تجور‬

‫حػلو األرض يشذأ عشو تبجؿ الفرػؿ‪ ،‬وىاتاف اآليتاف دالتاف عمى عطسة هللا‪ ،‬فاهلل سبحانو وتعالى جعل الكػف‬

‫مطي ًاخ ألسسائو الحدشى وصفاتو الفزمى‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪،‬‬

‫الش َي ِار ِإ َذا َت َجَّمى (‪﴾)4‬‬ ‫﴿ك َّ‬


‫المْي ِل ِإ َذا َي ْغ َذى (‪َ )0‬ك َّ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪] 7-0‬‬

‫الميل إذا غذي األرض يغصي كل شيء‪ ،‬والشيار إذا تجمى أيزاً أوضح كل شيء‪ ،‬وكذف كل شيء‪ ،‬فالميل‬

‫والشيار آيتاف مغ آيات هللا الجالة عمى عطستو‪.‬‬

‫﴿كما َخَمق َّ‬


‫الح َكَخ َك ْاألُ ْن َثى (‪﴾)5‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪] 5‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬انطخوا إلى ىحا الترسيع الخائع‪ ،‬الحكخ واألنثى‪ ،‬فالحكخ لو خرائز جدسية ونفدية واجتساعية و‬

‫خمقية ىي كساؿ في السيسة التي أوكميا هللا إياه‪ ،‬والسخأة ليا صفات جدسية وعقمية ونفدية واجتساعية ىي كساؿ‬

‫في السيسة التي أوكميا هللا إياىا‪ ،‬إذاً يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪61‬‬


‫﴿كَلْيذ َّ‬
‫الح َكُخ َك ْاألُ ْن َثى﴾‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]58‬‬

‫األنثى ليا خرائز متسيدة‪ ،‬والحكخ لو خرائز متسيدة‪ ،‬ولكغ ىحه خرائز في الحكخ واألنثى متكاممة‪ ،‬ومغ‬

‫تكامل خرائز الحكخ مع األنثى يشذأ ىحا السيل الحؼ أودعو هللا في قمب اإلنداف اتجاه زوجتو‪ ،‬والسيل الحؼ‬

‫أودعو هللا في قمب الدوجة اتجاه زوجيا‪.‬‬

‫يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫الدساك ِ‬ ‫ِِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬
‫ض﴾‬ ‫﴿ك ِم ْؽ آََياتو َخْم ُ‬
‫ق َّ َ َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]77‬‬

‫ات ِلَق ْؾ ٍـ َي َّتُقؾ َف (‪﴾)8‬‬ ‫الدساك ِ‬


‫ات َك ْاألَْر ِ‬ ‫الشي ِار كما َخَمق َّ ِ‬ ‫﴿ِإ َّف ِفي ْ ِ ِ َّ ِ‬
‫َلَي ٍ‬
‫ض ََ‬ ‫َّللا في َّ َ َ‬
‫َ ُ‬ ‫اخت َالؼ المْيل َك َّ َ َ َ‬

‫[ سػرة يػنذ< اآلية ‪]8‬‬

‫َف َخَم َق َل ُك ْؼ ِم ْؽ أَْن ُف ِد ُك ْؼ أ َْزَكاجًا ِل َت ْد ُكُشؾا ِإَلْي َيا َك َج َع َل َبْيَش ُك ْؼ َم َؾَّد ًة َكَر ْح َسةً﴾‬ ‫ِِ‬
‫﴿ك ِم ْؽ آََياتو أ ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]70‬‬

‫إذًا ىحا الدكغ يدكغ الدوج إلى زوجتو‪ ،‬ألف صفاتو تتكامل مع صفاتيا‪ ،‬وتدكغ الدوجة إلى زوجيا‪ ،‬ألف صفاتيا‬

‫تتكامل مع صفاتو‪،‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪62‬‬


‫﴿كما َخَمق َّ‬
‫الح َكَخ َك ْاألُ ْن َثى (‪﴾)5‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪] 5‬‬

‫امخأة جاءت الشبي ملسو هيلع هللا ىلص تذكػ إليو زوجو‪َ ،‬قاَل ْت َع ِائ َذ ُة<‬

‫َس َس ُع َك َال َـ َخ ْؾَل َة ِبْش ِت َث ْعَمَبةَ‪َ ،‬كَي ْخ َفى َعَم َّي َب ْع ُ‬


‫زوُ‪َ ،‬ك ِىي َت ْذ َت ِكي‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫(( َتَب َار َؾ الحي َك ِس َع َس ْس ُع ُو ُك َّل َش ْي ٍ ً‪ِ ،‬إّني َأل ْ‬
‫َّللا عَمي ِو كسَّمؼ ك ِىي َتُقؾؿ< يا رسؾؿ َّ ِ‬
‫َّللا‪ ،‬أَ َك َل َشَباِبي‪َ ،‬كَن َثْخ ُت َل ُو َب ْظِشي‪َ ،‬ح َّتى ِإ َذا‬ ‫ؾؿ َّ ِ‬
‫َّللا َصَّمى‬ ‫َزْك َج َيا ِإَلى َرس ِ‬
‫ُ َ َُ َ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫َش ُكؾ ِإَليػ‪َ ،‬فسا ب ِخح ْت ح َّتى َن َدؿ ِجب اخِئيل ِبي ُؤََّل ِ ً ْاَلي ِ‬
‫ات< } َق ْج‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫الم ُي َّؼ ِإِّني أ ْ‬
‫اىَخ ِمِّشي‪َّ ،‬‬
‫ع َ‬‫ظ َع َكَل ِجي َ‬
‫َكِبَخ ْت ِسِّشي‪َ ،‬كاْنَق َ‬

‫َّللا َقؾؿ َّالِتي ُتج ِادُلػ ِفي َزك ِجيا كَت ْذ َت ِكي ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا { ))‬ ‫ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َسس َع َّ ُ ْ َ‬

‫(ابغ ماجو)‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬تقػؿ ىحه السخأة التي سسع هللا شكػاىا مغ فػؽ سبع سساوات تقػؿ< يا رسػؿ هللا‪ ،‬لي أوالد‪ ،‬إف‬

‫ضسستيع إليو ضاعػا‪ ،‬أنا أربييع‪ ،‬وإف ضسستيع إلي جاعػا‪ ،‬ىػ يشفق عمييع‪ ،‬كأف ىحه السخأة أشارت إلى أف كل‬

‫مغ الدوجيغ لو خرائز‪ ،‬ولو ميسة أوكمو هللا إياىا‪ ،‬وىحا التكامل في الخرائز فيو حكسة بالغة‪ ،‬ىحه الحكسة‬

‫تجعل كل شخؼ يشجحب إلى الصخؼ اآلخخ‪ ،‬وكسا أف الدساوات واألرض آيتاف مغ آيات هللا الجالة عمى عطستو‪،‬‬

‫وكسا أف الميل والشيار وكسا‪ ،‬أف الذسذ والقسخ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َف َخَم َق َل ُك ْؼ ِم ْؽ أَْن ُف ِد ُك ْؼ أ َْزَكاجًا ِل َت ْد ُكُشؾا ِإَلْي َيا َك َج َع َل َبْيَش ُك ْؼ َم َؾَّد ًة َكَر ْح َسةً﴾‬ ‫ِِ‬
‫﴿ك ِم ْؽ آََياتو أ ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]70‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪63‬‬


‫أيزاً ىحه آية كبخػ مغ آيات هللا الجالة عمى عطستو‪ ،‬ولكغ إذا قمشا كسا قاؿ القخآف الكخيع<‬

‫﴿كَلْيذ َّ‬
‫الح َكُخ َك ْاألُ ْن َثى﴾‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]58‬‬

‫مغ حيث اختبلؼ الخرائز العقمية والشفدية واالجتساعية‪ ،‬ىحه الخرائز إذا اختمفت تتكامل‪ ،‬والتكامل يدبب‬

‫ىحا االنجحاب‪ ،‬ولكغ الحقيقة الرارخة التي نؤمغ بيا جسيعاً‪ ،‬والتي جاء بيا القخآف الكخيع‪ ،‬وأقخىا الشبي عميو أتع‬

‫الربلة والتدميع ىي أف السخأة مداوية لمخجل تسامًا في التكميف‪ ،‬وفي التذخيف‪ ،‬وفي السدؤولية‪ ،‬ىي مكمفة كسا‬

‫ىػ مكمف‪ ،‬مكمفة بأركاف اإليساف‪ ،‬وأركاف اإلسبلـ‪ ،‬وىي مذخفة كسا ىػ مذخؼ‪ ،‬وىي مدؤولة عغ بيتيا‪ ،‬وعغ‬

‫زوجيا‪ ،‬كسا ىػ مدؤوؿ عغ بيتو وعغ أىمو‪.‬‬

‫لحلظ ىشاؾ حقيقتاف ثابتتاف في اإلسبلـ مأخػذتاف مغ القخآف والدشة‪ ،‬أف السخأة مداوية لمخجل تساماً في التكميف‪،‬‬

‫وفي التذخيف‪ ،‬وفي السدؤولية‪ ،‬لكغ خرائريا الجدسية والعقمية والشفدية واالجتساعية متػافقة تسامًا مع السيسة‬

‫التي أوكميا هللا إياىا‪ ،‬لحلظ قاؿ عميو الربلة والدبلـ يخاشب السخأة مصمقاً يقػؿ عميو الربلة والدبلـ< اعمسي‬

‫أيتيا السخأة‪ ،‬وأعمسي مغ دونظ مغ الشداء أف حدغ تبعل السخأة زوجيا يعجؿ الجياد في سبيل هللا‬

‫(ورد في األثخ)‬

‫وأية امخأة باتت وزوجيا عشيا راض فيي معي في الجشة‪ ،‬كسا قاؿ عميو الربلة والدبلـ‪.‬‬

‫إذاً الحكخ واألنثى متداوياف في التكميف‪ ،‬وفي التذخيف‪ ،‬وفي السدؤولية‪.‬‬

‫﴿كَلْيذ َّ‬
‫الح َكُخ َك ْاألُ ْن َثى﴾‬ ‫َ َ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪64‬‬


‫لكل خرائرو‪ ،‬وليذ مغ صالح الحياة االجتساعية‪ ،‬وال مغ صالح متانة السجتسع أف نمغي ىحه الفػارؽ بيغ‬

‫الجشديغ‪ ،‬لكششا نعتسج السداواة التي جاء بيا الجيغ الحشيف‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األكارـ‪،‬‬

‫﴿كما َخَمق َّ‬


‫الح َكَخ َك ْاألُ ْن َثى (‪ِ )5‬إ َّف َس ْعَي ُك ْؼ َل َذ َّتى (‪﴾)6‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪] 6- 5‬‬

‫يعشي أف اإلنداف لو سعي‪ ،‬لو حخكة في الحياة‪ ،‬يأكل‪ ،‬ويذخب‪ ،‬ويشاـ‪ ،‬ويعسل‪ ،‬ويحىب‪ ،‬ويعػد إلى البيت‪،‬‬

‫ويخاصع‪ ،‬ويغزب‪ ،‬ىحا الدمػؾ مع السشصمقات الشطخية التي سببتو بسجسػعو ندسيو حخكة اإلنداف في الحياة‪،‬‬

‫اإلنداف لو حخكة في الحياة‪ ،‬يعسل‪ ،‬وفي عسمو يرجؽ أو يكحب ‪ ،‬يخمز أو يخػف‪ ،‬يقدػ أو يخحع‪ ،‬يشرف أو‬

‫يطمع‪ ،‬في بيتو قج يكػف زوجاً مثالياً‪ ،‬وقج يكػف زوجاً سيئاً‪ ،‬في تخبية أوالده‪ ،‬في حمو وتخحالو‪ ،‬في أوقات فخاغو‬

‫وأوقات عسمو‪ ،‬في عبلقاتو‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿ِإ َّف َس ْعَي ُك ْؼ﴾‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪] 6‬‬

‫كأف الدعي ىشا حخكة اإلنداف في الحياة‪.‬‬

‫﴿ِإ َّف َس ْعَي ُك ْؼ َل َذ َّتى (‪﴾)6‬‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪] 6‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪65‬‬


‫متبايغ مختمف‪ ،‬ىشاؾ السؤمغ‪ ،‬وىشاؾ الكافخ‪ ،‬ىشاؾ السدتقيع‪ ،‬وىشاؾ السشحخؼ ‪ ،‬وىشاؾ الرادؽ‪ ،‬وىشاؾ الكاذب‪،‬‬

‫ىشاؾ السخمز‪ ،‬وىشاؾ الخائغ‪ ،‬ىشاؾ العفيف‪ ،‬ىشاؾ السشرف‪ ،‬وىشاؾ الجاحج‪ ،‬إذاً ىحا الدعي مختمف‪ ،‬ولكغ هللا‬

‫سبحانو وتعالى لحكسة أرادىا ىحا الدعي السختمف‪ ،‬وقج يختمف ىحا الدعي باختبلؼ البذخ‪ ،‬ولكشو عشج هللا‬

‫صشفاف ال ثالث ليسا‪ ،‬وسػؼ تأتي اآليات تبيغ ىحيغ الرشفيغ‪.‬‬

‫الشي ِار ِإ َذا َت َجَّمى (‪ )4‬كما َخَمق َّ‬ ‫﴿ك َّ‬


‫الح َكَخ َك ْاألُ ْن َثى (‪ِ )5‬إ َّف َس ْعَي ُك ْؼ َل َذ َّتى (‪﴾)6‬‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫المْي ِل ِإ َذا َي ْغ َذى (‪َ )0‬ك َّ َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪]6-0‬‬

‫أييا اإلخػة األكارـ‪ ،‬ىحاف الشسػذجاف ىسا الثابتاف عشج هللا‪ ،‬والشاس ميسا اختمفت أعخاقيع وأجشاسيع‪ ،‬وممميع‬

‫ونحميع‪ ،‬ومحاىبيع وندعاتيع وميػليع‪ ،‬ميسا اختمفػا فيع عشج هللا صشفاف ال ثالث ليسا‪ ،‬والحقيقة أف ىحا التقديع‬

‫تقديع إليي‪ ،‬وىحا التقديع تقديع رباني‪ ،‬وىحا فشحغ إذا اعتسجناه حمت معطع مذكبلتشا‪ ،‬ما ىػ الشسػذج األوؿ ؟‬

‫قاؿ تعالى<‬

‫ظى َك َّاتَقى (‪َ )7‬ك َصَّج َؽ ِباْل ُح ْدَشى (‪﴾)8‬‬


‫َع َ‬
‫َما َم ْؽ أ ْ‬
‫﴿ َفأ َّ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪]8-7‬‬

‫الحقيقة أف لتختيب ىحه الفقخات حكسة دقيقة‪ ،‬ىػ صجؽ بالحدشى‪ ،‬ىػ آمغ أف اإلنداف مخمػؽ لمجشة‪ ،‬مخمػؽ‬

‫لجشة عخضيا الدساوات واألرض فييا ما ال عيغ رأت‪ ،‬وال أذف سسعت‪ ،‬وال خصخ عمى قمب بذخ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬ىشاؾ دائخة السخئيات‪ ،‬أنت قج تخػ بمجانًا عجة‪ ،‬مجنًا عجة‪ ،‬لكغ لع َتخ كل بمجاف العالع‪ ،‬دائخة السخئيات‬

‫دائخة محجودة‪ ،‬لكغ دائخة السدسػعات دائخة أوسع بكثيخ‪ ،‬أنت قج تدتسع في األخبار إلى مئات السجف في العالع‪،‬‬

‫لكغ لع تدر إال بعزيا‪ ،‬فجائخة السدسػعات أوسع بكثيخ مغ دائخة السخئيات‪ ،‬أما دائخة الخػاشخ فبل حجود ليا‪ ،‬قج‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪66‬‬


‫يخصخ عمى بالظ إنداف شػلو مغ األرض إلى الذسذ ىحا خاشخ‪ ،‬يقػؿ عميو الربلة والدبلـ فيسا يخويو عغ‬

‫ِ َّ‬ ‫صمَّى َّ‬ ‫َّللا عشو َقاؿ< َقاؿ رسػؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ<‬
‫اؿ َّ‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع< َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫ربو‪َ ،‬ع ْغ أَبي ُى َخْي َخَة َرض َي َّ ُ َ ْ ُ َ َ َ ُ ُ‬

‫َت‪َ ،‬كََّل أُ ُذ ٌف َس ِس َع ْت‪َ ،‬كََّل َخ َ‬


‫ظَخ َعَمى َقْم ِب َب َذ ٍخ‪َ ،‬فا ْقَخُ ًكا ِإ ْف ِشْئ ُت ْؼ< } َف َال‬ ‫(( أَع َج ْد ُت ِل ِعب ِادي َّ ِ‬
‫الرال ِح َ‬
‫يؽ َما ََّل َعْي ٌؽ َأر ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫َتعَمؼ َن ْفذ ما أ ْ ِ‬
‫ُخف َي َل ُي ْؼ م ْؽ ُقَّخِة أ ْ‬
‫َعُي ٍؽ { ))‬ ‫ْ ُ ٌ َ‬

‫(متفق عميو)‬

‫فاإلنداف مخمػؽ لمجشة‪ ،‬والجنيا سساىا هللا حياة دنيا ألنيا دنيا‪ ،‬فييا متاعب‪ ،‬فييا قمق‪ ،‬فييا خػؼ‪ ،‬فييا أمخاض‪،‬‬

‫فييا خرػمات‪ ،‬فييا حخوب‪ ،‬فييا فقخ‪ ،‬فييا قيخ‪ ،‬ىحه الحياة الجنيا ىي إعجاد لمحياة اآلخخة‪ ،‬فإذا أيقغ اإلنداف‬

‫أف ىحه الحياة الجنيا ىي الحياة الػحيجة وقع في إشكاؿ ال يشتيي ‪ ،‬ىحه الجنيا إعجاد لآلخخة‪،‬‬

‫َت‪َ ،‬كََّل أُ ُذ ٌف َس ِس َع ْت‪َ ،‬كََّل َخ َ‬ ‫((أَع َج ْد ُت ِل ِعب ِادي َّ ِ‬


‫ظَخ َعَمى َقْم ِب َب َذ ٍخ ))‬ ‫الرال ِح َ‬
‫يؽ َما ََّل َعْي ٌؽ َأر ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫آمغ أنو مخمػؽ لمجشة‪ ،‬وأف لمجشة ثسشاً‪ ،‬ثسشيا أف تؤمغ باهلل اإليساف الحؼ يحسمظ عمى شاعتو‪ ،‬وثسشيا أف تدتقيع‬

‫عمى مشيج هللا‪ ،‬أف تصيع هللا فيسا أمخ‪ ،‬وأف تشتيي عسا عشو نيى وزجخ‪ ،‬وثسشيا أيزًا أف تعسل الرالحات التي‬

‫تتقخب بيا إلى هللا‪ ،‬فالعقيجة أخصخ شيء في حياة اإلنداف‪ ،‬ال يسكغ ألية عقيجة نعتقجىا إال أف تشعكذ سمػكاً‪،‬‬

‫فأؼ عقيجة فاسجة تشعكذ سمػكاً فاسجاً مشحخفاً‪ ،‬لحلظ لػ أف العقيجة ليذ ليا أثخ في الدمػؾ فاعتقج ما شئت‪ ،‬ولكغ‬

‫ألف ىشاؾ تبلزمًا حتسياً بيغ ما تعتقج وما تعمع كانت ىشاؾ خصػرة بالغة فيسا تعتقج‪ ،‬فالحيغ يشحخفػف في سمػكيع‪،‬‬

‫ويأخحوف ما ليذ ليع يعتقجوف أف ىحه الجنيا ىي كل شيء‪ ،‬وأنو ال حداب بعج السػت‪ ،‬أما إذا اعتقجت اعتقاداً‬

‫جازماً أنظ سػؼ تدأؿ عغ كل شيء كسا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪67‬‬


‫يؽ (‪َ );4‬ع َّسا َكاُنؾا َي ْع َسُمؾ َف (‪﴾);5‬‬ ‫ِػ َلَشدأََلَّشيؼ أ ِ‬
‫َج َسع َ‬
‫﴿ َف َؾَرّب َ ْ ُ ْ ْ‬

‫[ سػرة الحجخ< اآلية ‪];5-;7‬‬

‫عشجئح تشزبط‪ ،‬إذاً ىحا السؤمغ‪ ،‬أو ىحا الرشف األوؿ الحؼ وصفو هللا عد وجل وصفو بأنو مرجؽ لمحدشى‪،‬‬

‫والحدشى ىي الجشة‪ ،‬أؼ أف اإلنداف مخمػؽ لمجشة‪ ،‬وقج قاؿ هللا عد وجل<‬

‫ِِ‬
‫َح َدُشؾا اْل ُح ْدَشى َك ِزَي َادةٌ﴾‬ ‫﴿لَّمح َ‬
‫يؽ أ ْ‬

‫[ سػرة يػنذ< اآلية ‪]78‬‬

‫والديادة ىي الشطخ إلى وجو هللا الكخيع‪ ،‬نحغ في الجنيا ال نخػ هللا‪ ،‬ألف شبيعتشا ال تحتسل‪ ،‬ال تجركو األبرار‪،‬‬

‫ولكغ السؤمشيغ يخوف ربيع في اآلخخة‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اضخٌة (‪ِ )44‬إَلى ربِيا َن ِ‬


‫اعَخٌة (‪﴾)45‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ؾه َي ْؾ َمئ ٍح َن َ‬
‫﴿ك ُج ٌ‬
‫ُ‬

‫[ سػرة القيامة< اآلية ‪]75-77‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬ىحا السؤمغ‪ ،‬أو ىحا الرشف األوؿ مغ التقديع القخآني الخباني اإلليي مرجؽ بالحدشى‪ ،‬وألنو صجؽ‬

‫بالحدشى فيػ مشزبط وفق مشيج هللا‪ ،‬مشيج هللا افعل‪ ،‬وال تفعل‪ ،‬مشيج هللا مشيج الرانع‪ ،‬والجية الرانعة ىي‬

‫الجية الػحيجة التي يشبغي أف تتبع تعميساتيا‪ ،‬ألف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫﴿ َكََّل ُيَشِّبُئ َػ ِم ْث ُل َخِب ٍ‬


‫يخ (‪﴾)06‬‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪] 06‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪68‬‬


‫وأنت أييا اإلنداف أعقج آلة في الكػف مغ دوف استثشاء‪ ،‬وليحه اآللة السعقجة‪ ،‬شبعًا أقػؿ معقجة وأعشي بو تعقيج‬

‫اإلعجاز‪ ،‬ال تعقيج العجد‪ ،‬أنت أييا اإلنداف أعقج آلة في الكػف‪ ،‬ولظ صانع حكيع‪ ،‬وليحا الرانع الحكيع كتاب‬

‫كخيع‪ ،‬ىػ تعميسات الرانع‪ ،‬أو تعميسات التذغيل والريانة‪ ،‬كسا تذاء أف تدسي ىحا الكتاب‪ ،‬فمحلظ الحؼ آمغ أنو‬

‫مخمػؽ لمجشة‪ ،‬وأف ثسغ الجشة أف تأتسخ بسا أمخ‪ ،‬وأف تشتيي عسا عشو نيى وزجخ‪ ،‬وأف تعسل الرالحات‪ ،‬كثسغ‬

‫ليحه الجشة التي فييا ما ال عيغ رأت‪ ،‬وال أذف سسعت‪ ،‬وال خصخ عمى قمب بذخ‪.‬‬

‫السؤمغ صجؽ بالحدشى‪ ،‬واتقى أف يعري هللا‪ ،‬ليذ الػلي الحؼ يصيخ في اليػاء‪ ،‬وال الحؼ يسذي عمى وجو‬

‫الساء‪ ،‬ولكغ الػلي كل الػلي الحؼ تججه عشج الحبلؿ والحخاـ‪ ،‬أف يخاؾ حيث أمخؾ‪ ،‬وأف يفتقجؾ حيث نياؾ ىحا‬

‫ىػ الػلي‪.‬‬

‫الرفة الدادسة مغ صفات الرشف األوؿ في التقديع القخآني أعصى‪ ،‬يعشي بشى حياتو عمى العصاء‪ ،‬أعصى مغ‬

‫وقتو‪ ،‬أعصى مغ مالو‪ ،‬أعصى مغ عمسو‪ ،‬أعصى مغ خبختو أعصى مغ جاىو‪ ،‬السؤمغ لو خريرة ثابتة‪ ،‬أنو‬

‫يعصي‪ ،‬إف أردت أف تعخؼ ما إذا كشت مغ أىل الجنيا أـ مغ أىل اآلخخة فانطخ ما الحؼ يدعجؾ‪ ،‬أف تعصي أـ أف‬

‫تأخح ؟ السؤمغ يدعجه أف يعصي‪ ،‬لحلظ مثمو األعمى ىػ الشبي الكخيع ‪ ،e‬الشبي الكخيع أعصى‪ ،‬ولع يأخح‪ ،‬األنبياء‬

‫جسيعاً أعصػا‪ ،‬ولع يأخحوا شيئًا‪ ،‬أعصػا مغ عمسيع‪ ،‬ومغ رحستيع‪ ،‬ومغ حكسيع‪ ،‬أعصػا كل شيء‪ ،‬لحلظ أقدع هللا‬

‫بعسخ الشبي عميو الربلة والدبلـ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫﴿َل َع ْسُخ َؾ ِإَّن ُي ْؼ َل ِفي َس ْكَخِت ِي ْؼ َي ْع َس ُيؾ َف (‪﴾)94‬‬

‫[ سػرة الحجخ< اآلية ‪]97‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪69‬‬


‫جاء الحياة‪ ،‬وغادرىا‪ ،‬وتخؾ الفزيمة والخمق والحق مشتذ ًاخ في األرض‪.‬‬

‫يا أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬عشجما نعتسج التقديع القخآني ندعج في حياتشا‪ ،‬فأما مغ أعصى واتقى أف يعريو‪ ،‬وصجؽ‬

‫بالحدشى‪ ،‬لحلظ األنبياء أعصػا كل شيء‪ ،‬ولع يأخحوا شيئاً‪ ،‬والحيغ يقابمػنيع أخحوا كل شيء‪ ،‬ولع يعصػا شيئاً‪،‬‬

‫اإلنداف إذا بشى حياتو عمى العصاء فيػ مغ أتباع األنبياء‪ ،‬وإف بشى حياتو عمى األخح فيػ مغ أتباع األقػياء‪،‬‬

‫األنبياء ممكػا القمػب بكساليع‪ ،‬واألقػياء ممكػا الخقاب بقػتيع‪ ،‬وإف أردت أف تسمظ القمػب فعميظ أف تعصي‪ ،‬تعصي‬

‫مغ عصفظ‪ ،‬مغ حشانظ‪ ،‬مغ رحستظ‪ ،‬مغ عمسظ‪ ،‬مغ خبختظ‪ ،‬مغ كل شيء وىبو هللا لظ‪ ،‬وقجوتظ األنبياء‬

‫والسخسمػف‪ ،‬أما إذا بشيت حياتظ أييا األخ الكخيع عمى أف تأخح فأنت مغ أتباع األقػياء‪ ،‬ال مغ أتباع األنبياء‪.‬‬

‫الشسػذج األوؿ< أعصى واتقى‪ ،‬وصجؽ بالحدشى‪ ،‬الخد اإلليي كيف‪ ،‬يكافئظ هللا في الجنيا قبل اآلخخة‪ ،‬ذلظ أف في‬

‫الجنيا جشة مغ لع يجخميا لع يجخل جشة اآلخخة‪ ،‬يقػؿ بعس العمساء< بدتاني في صجرؼ‪ ،‬إف أبعجت فإبعادؼ‬

‫سياحة‪ ،‬وإف قتمت فقتمي شيادة‪ ،‬وهللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫﴿كُي ْج ِخُم ُي ُؼ اْل َجَّش َة َعَّخَف َيا َل ُي ْؼ (‪﴾)8‬‬


‫َ‬

‫[ سػرة دمحم< اآلية ‪]8‬‬

‫عخفيا ليع في الجنيا‪ ،‬يعشي ذاقػا شعسيا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫﴿كِلسؽ َخاؼ مَقاـ رب ِ‬


‫ِو َجَّش َت ِ‬
‫اف (‪﴾)68‬‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ َْ‬

‫[ سػرة الخحسغ< اآلية ‪]68‬‬

‫جشة في الجنيا ىي جشة القخب مغ هللا عد وجل‪ ،‬وجشة في اآلخخة ىي الجشة السػعػدة‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪70‬‬


‫الخد اإلليي عمى ىحا الرشف األوؿ الحؼ صجؽ بالحدشى‪ ،‬واتقى أف يعري هللا‪ ،‬وأحدغ إلى عباده‪ ،‬بشى حياتو‬

‫عمى العصاء‪ ،‬ىحا الرشف األوؿ جداءه في الجنيا أف ييدخ لميدخػ ‪ ،‬يعشي ييدخ هللا لو زواجو‪ ،‬تأتيو زوجة تدخه‬

‫إف نطخ إلييا‪ ،‬وتحفطو إف سافخ عشيا‪ ،‬وتصيعو إف أمخىا‪ ،‬يأتيو هللا أوالد أبخار‪ ،‬ألنو اتقى هللا في تخبيتيع‪ ،‬فكانػا‬

‫لو أب اخ ًار‪ ،‬تأتيو زوجة صالحة‪ ،‬ألنو اتقى هللا في اختيارىا‪ ،‬مغ تدوج السخأة لجساليا فقط‪ ،‬دوف أؼ عامل آخخ أذلو‬

‫دناءة‪ ،‬كسا ورد في بعس اآلثار‪ ،‬فعميكع‬


‫ً‬ ‫هللا‪ ،‬مغ تدوجيا لساليا أفقخه هللا‪ ،‬مغ تدوجيا لجاىيا وحدبيا زاده هللا‬

‫بحات الجيغ‪ ،‬كسا قاؿ عميو الربلة والدبلـ‪.‬‬

‫أنت حيشسا تتقي هللا في اختيار زوجتظ تدعجؾ زوجتظ‪ ،‬وحيشسا تتقي هللا في تخبية أوالدؾ يبخؾ أوالدؾ‪ ،‬ىحا‬

‫الرشف األوؿ أعصى‪ ،‬واتقى‪ ،‬وصجؽ بالحدشى‪ ،‬فدشيدخه لميدخػ‪ ،‬أؼ يدخ هللا لو شأف زواجو‪ ،‬وعسمو‪ ،‬وصحتو‪،‬‬

‫وسسعتو‪ ،‬وصفائو‪ ،‬وراحة بالو‪ ،‬لحلظ قاؿ تعالى<‬

‫يساَن ُي ْؼ ِبغُْم ٍؼ أُكَلِئ َػ َل ُي ُؼ ْاأل َْم ُؽ َك ُى ْؼ‬ ‫ِ‬


‫ِ ِ‬
‫َمُشؾا َكَل ْؼ َيْمب ُدؾا إ َ‬ ‫ق ِب ْاأل َْم ِؽ ِإ ْف ُكْش ُت ْؼ َت ْعَم ُسؾ َف (‪َّ ):0‬الح َ‬
‫يؽ آ َ‬ ‫َي اْل َف ِخ َيقْي ِؽ أ َ‬
‫َح ُّ‬ ‫﴿ َفأ ُّ‬

‫ُم ْي َت ُجك َف (‪﴾):4‬‬

‫[ سػرة األنعاـ< اآلية ‪]:7-:0‬‬

‫وما مغ شيء يتعب الشفذ كتعديخ األمػر‪ ،‬كاإلحباط‪ ،‬كاإلخفاؽ‪ ،‬أنت حيشسا ييدخ هللا لظ حياتظ ودنياؾ‪،‬‬

‫وعسمظ وزواجظ‪ ،‬وتخبية أوالدؾ‪ ،‬وحيشسا تؤدؼ ما أمخؾ هللا أف تؤديو مغ الػاجبات‪ ،‬وأف تحفع الحقػؽ‪ ،‬وأف تتقي‬

‫بل قاؿ تعالى<‬


‫عصاء متسي ًاد‪ ،‬مث ً‬
‫ً‬ ‫هللا عد وجل ييبظ هللا سبحانو وتعالى في الجنيا‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪71‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم ُؽ َك ُى ْؼ‬ ‫يساَن ُي ْؼ ِب ُ‬
‫غْم ٍؼ أُكَلئ َػ َل ُي ُؼ ْاأل ْ‬
‫ِ ِ‬
‫َمُشؾا َكَل ْؼ َيْمب ُدؾا إ َ‬ ‫َم ِؽ ِإ ْف ُكْش ُت ْؼ َت ْعَم ُسؾ َف (‪َّ ):0‬الح َ‬
‫يؽ آ َ‬
‫َح ُّ ِ‬
‫ق ب ْاأل ْ‬ ‫َي اْل َف ِخ َيقْي ِؽ أ َ‬
‫﴿ َفأ ُّ‬

‫ُم ْي َت ُجك َف (‪﴾):4‬‬

‫[ سػرة األنعاـ< اآلية ‪]:7-:0‬‬

‫واألمغ أثسغ نعسة يشعع هللا بيا عمى السؤمغ‪ ،‬لكغ الحؼ يبتعج عغ هللا‪ ،‬ويذخد عغ مشيجو يمقي هللا في قمبو‬

‫الخػؼ‪ ،‬وأنت مغ خػؼ السخض في مخض‪ ،‬ومغ خػؼ الفقخ في فقخ‪ ،‬وتػقع السريبة مريبة أكبخ مشيا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىشاؾ نقصة دقيقة‪ ،‬ىي أف العبلقة بيغ الصاعة ونتائجيا عبلقة عمسية‪ ،‬أؼ عبلقة سبب‬

‫بشتيجة‪ ،‬وأف العبلقة بيغ السعرية ونتائجيا عبلقة سبب بشتيجة‪ ،‬إذا وضع اإلنداف يجه عمى السجفأة‪ ،‬وىي مذتعمة‬

‫تحتخؽ يجه‪ ،‬فالعبلقة بيغ وضع اليج عمى السجفأة واحتخاقيا عبلقة عمسية‪ ،‬ىحا شأف العبادات‪ ،‬وشأف السشيج‬

‫اإلليي‪ ،‬أما شأف تختيبات البذخ فقج تكػف عبلقة وضعية ال عبلقة عمسية بيغ الدمػؾ والشتيجة‪ ،‬لكغ في‬

‫العبادات‪ ،‬وفي مشيج هللا سبحانو وتعالى ىشاؾ عبلقة عمسية بيغ الدبب وبيغ الشتيجة‪.‬‬

‫سعيجة‪ ،‬قاؿ تعالى<‬


‫ً‬ ‫شيء شبيعي ججًا أف تغجو حياة السؤمغ‬

‫ات أَف َنجعَميؼ َك َّال ِحيؽ آَمُشؾا كع ِسُمؾا َّ ِ ِ‬


‫الدِيَئ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ً َما‬
‫اى ْؼ َك َم َس ُات ُي ْؼ َس َ‬
‫ا ً َم ْحَي ُ‬
‫الرال َحات َس َؾ ً‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ْ َْ ُْ‬ ‫اج َتَخ ُحؾا َّ ّ‬ ‫﴿أ َْـ َح ِد َب َّالح َ‬
‫يؽ ْ‬

‫َي ْح ُك ُسؾ َف (‪﴾)40‬‬

‫[ سػرة الجاثية< اآلية ‪]70‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪72‬‬


‫أما الصخؼ الثاني‪ ،‬الصخؼ الثاني بخل‪ ،‬واستغشى‪ ،‬وكحب بالحدشى‪ ،‬الصخؼ الثاني آمغ بالجنيا فقط‪ ،‬ولع يؤمغ‬

‫بغيخىا‪ ،‬واإليساف باآلخخة كسا يقػؿ بعس العمساء إيساف إخبارؼ‪ ،‬لكغ بعس العمساء يقػؿ< ىػ إيساف عقمي‪ ،‬ذلظ‬

‫أنو يدتحيل عمى هللا أف يكػف غشيا وفقيخا‪ ،‬وقػيا وضعيفا‪ ،‬ووسيسا ودميسا‪ ،‬وذكيا ومحجودا‪ ،‬وضالسا ومطمػما‪ ،‬وأف‬

‫تشتيي الحياة ىكحا ببل شيء‪ ،‬ىحا مدتحيل‪ ،‬وألف ألف مدتحيل‪ ،‬البج مغ يػـ تدػػ فيو الحدابات‪ ،‬البج مغ أف‬

‫عصاء استثشائيًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يؤخح لمسطمػـ مغ الطالع‪ ،‬البج مغ أف يعصى السؤمغ‬

‫الصخؼ الثاني‪ ،‬الرشف الثاني كحب بالحدشى‪ ،‬لع يؤمغ بيا‪ ،‬لحلظ بشي عمى ىحه العقيجة الفاسجة أنو استغشى عغ‬

‫شاعة هللا‪ ،‬تفمت مغ مشيجو‪ ،‬وبشي عمى ىحه العقيجة الفاسجة أيزاً أنو بخل‪ ،‬أخح ولع ِ‬
‫يعط‪ ،‬استيمظ جيج اآلخخيغ‪،‬‬

‫ابتد أمػاليع‪ ،‬اعتجػ عمى أعخاضيع‪ ،‬الشسػذج الثاني‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اس َت ْغَشى (‪َ ):‬كَك َّح َب ِباْل ُح ْدَشى (;) َف َدُشَي ِّدُخُه ِلْم ُع ْدَخى (‪﴾)01‬‬ ‫ِ‬
‫َما َم ْؽ َبخ َل َك ْ‬
‫﴿ َكأ َّ‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪]01-:‬‬

‫يعشي ال يحقق الشجاح في حياتو‪ ،‬حياتو ضشظ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َع َسى (‪﴾)046‬‬ ‫يذ ًة َضْشكًا كَنح ُذخه يؾـ اْل ِقي ِ‬
‫ض َع ْؽ ِذ ْكخِي َفِإ َّف َل ُو َم ِع َ‬
‫امة أ ْ‬
‫َ ْ ُُ َْ َ َ َ‬ ‫َعَخ َ‬
‫﴿ َك َم ْؽ أ ْ‬

‫[ سػرة شو< اآلية ‪]076‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىحاف الشسػذجاف صارخاف‪ ،‬أعصى واتقى‪ ،‬وصجؽ بالحدشى‪ ،‬جداءه التيديخ‪ ،‬بخل‪،‬‬

‫واستغشى ‪ ،‬وكحب بالحدشى‪ ،‬جداءه التعديخ‪ ،‬لكغ لساذا بخل ؟ مغ أجل أف يجسع الساؿ‪ ،‬والساؿ مادة الذيػات‪،‬‬

‫يقػؿ هللا لو<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪73‬‬


‫﴿ َك َما ُي ْغِشي َعْش ُو َماُل ُو ِإ َذا َتَخَّدى (‪﴾)00‬‬

‫[ سػرة الميل< اآلية ‪]00‬‬

‫إذا دخل في القبخ ماذا يشفعو ؟ يشادػ اإلنداف في أوؿ ليمة يػضع في قبخه< أف عبجؼ قج رجعػا وتخكػؾ‪ ،‬وفي‬

‫يبق لظ إال أنا‪ ،‬وأنا الحي الحؼ ال يسػت‪.‬‬


‫التخاب دفشػؾ‪ ،‬ولػ بقػا معظ ما نفعػؾ‪ ،‬ولع َ‬

‫أرجػ هللا تعالى أف نكػف جسيعاً قج أفجنا مغ ىحه الحقائق القخآنية أرجػ وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪74‬‬


‫الجرس (‪ < )09-18‬سؾرة العرخ‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫في القخآف الكخيع سػرة لػ تجبخىا الشاس لكفتيع‪ ،‬كسا يقػؿ اإلماـ الذافعي رحسو هللا تعالى‪ ،‬إنيا سػرة العرخ‪،‬‬

‫يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿كاْل َع ْر ِخ (‪﴾)0‬‬
‫َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 0‬‬

‫حخكشا نقصة لخسست خصًا‪ ،‬لػ حخكشا‬


‫يقدع ربشا هلالج لج بالعرخ‪ ،‬والعرخ عشج بعس السفدخيغ مصمق الدمغ‪ ،‬الدمغ لػ ّ‬

‫حخكشا حجساً لكاف زمشاً‪.‬‬


‫حخكشا سصحاً لكاف حجساً‪ ،‬لػ ّ‬
‫خصاً لخسع سصحاً‪ ،‬لػ ّ‬

‫قاؿ بعس العمساء< الدمغ ىػ البعج الخابع لؤلشياء‪ ،‬األشياء السادية ليا شػؿ‪ ،‬وعخض‪ ،‬وارتفاع‪ ،‬أو عسق‪ ،‬فإذا‬

‫تحخكت كاف ليا بعج رابع‪ ،‬ىػ الدمغ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬أحج كبار عمساء الفيدياء جاء بحقيقة‪ ،‬مفادىا أف األشياء إذا سارت بدخعة الزػء أصبحت ضػءاً‪،‬‬

‫سخعة الزػء التقخيبية ثبلثسئة ألف كيمػ متخ في الثانية‪ ،‬فاألجداـ السادية ليا شػؿ وعخض وعسق أو ارتفاع‪ ،‬إذا‬

‫تحخكت بدخعة ثبلثسئة ألف كيمػ متخ في الثانية‪ ،‬أؼ سخعة الزػء أصبحت ضػءاً‪ ،‬أؼ أصبحت كتمتيا صف ًاخ‪،‬‬

‫وحجسيا ال نيائي‪ ،‬يبشى عمى ىحه الحقيقة أنشا لػ افتخضشا أنشا سبقشا الزػء‪ ،‬عشجئح يتخاجع الدمغ‪ ،‬لػ أنشا ركبشا‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪75‬‬


‫مخكب ًة افتخاضًا‪ ،‬وكانت سخعتيا أسخع مغ الزػء‪ ،‬يشبغي أف نخػ معخكة بجر‪ ،‬ومعخكة القادسية‪ ،‬ومعخكة اليخمػؾ‪،‬‬

‫إذا سبقشا الزػء تخاجع الدمغ‪ ،‬فإذا قرخنا عغ الزػء تخاخى الدمغ‪ ،‬ىحه الحقيقة سساىا العمساء الشدبية‪ ،‬وقج جاء‬

‫بيا عمع كبيخ مغ عمساء الفيدياء‪.‬‬

‫نحغ نخيج أف نق أخ القخآف‪ ،‬وقج قمت لكع مغ قبل< إف الشبي عميو الربلة والدبلـ أحجع لحكسة أرادىا هللا عغ تفديخ‬

‫اآليات الكػنية في القخآف‪ ،‬كشت أقػؿ< لػ فدخىا تفدي اًخ بديصاً يفيسو مغ حػلو ألنكخنا عميو‪ ،‬ولػ فدخىا تفدي اًخ‬

‫عسيقاً نفيسو نحغ ألنكخ عميو مغ حػلو‪ ،‬لحلظ تخكت ىحه اآليات التي تقتخب مغ ألف وثبلثسئة آية لتكػف إعجا اًز‬

‫عمسيًا في القخآف الكخيع‪ ،‬فكمسا تقجـ العمع كذف عغ جانب مغ إعجاز القخآف الكخيع‪.‬‬

‫هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫ف َسَش ٍة ِم َّسا َت ُعُّجك َف (‪﴾)69‬‬


‫ِػ َكأَْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِف َي ْؾمًا عْش َج َرّب َ‬
‫﴿كإ َّ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الحج< اآلية ‪]69‬‬

‫يخاشب هللا العخب في ىحا القخآف‪ ،‬والعخب يعجوف الدشة القسخية‪،‬‬

‫ف َسَش ٍة ِم َّسا َت ُعُّجك َف (‪﴾)69‬‬


‫ِػ َكأَْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِف َي ْؾمًا عْش َج َرّب َ‬
‫﴿كإ َّ‬
‫َ‬

‫القسخ يجور حػؿ األرض دورًة كل شيخ‪ ،‬لػ أخحنا مخكد األرض ومخكد القسخ‪ ،‬ووصمشا بيشيسا بخط‪ ،‬ما ىػ ىحا‬

‫الخط ؟ القسخ يجور حػؿ األرض دورًة كل شيخ‪ ،‬لػ أخحنا مخكد األرض ومخكد القسخ‪ ،‬ووصمشا بيشيسا بخط لكاف‬

‫ىحا الخط نرف قصخ الجائخة التي ىي مدار القسخ حػؿ األرض‪ ،‬بحداب بديط يتقشو شالب الثانػؼ‪ ،‬لػ ضخبشا‬

‫ىحا الخقع باثشيغ أصبح القصخ قصخ ىحه الجائخة‪ ،‬لػ ضخبشا في (ب) ‪ 5.06‬لعخفشا السحيط‪ ،‬بحداب بديط نعخؼ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪76‬‬


‫محيط الجائخة التي ىي مدار األرض حػؿ القسخ‪ ،‬فالقسخ يقصع رحم ًة شيخية حػؿ األرض‪ ،‬فإذا حدبشا كع يقصع‬

‫القسخ في ىحه الخحمة مغ الكيمػ متخات‪ ،‬وضخبشا ىحا العجد في اثشي عذخ لعخفشا كع يقصع القسخ في رحمتو حػؿ‬

‫األرض في عاـ‪ ،‬لػ ضخبشاه بألف لعخفشا كع يقصع القسخ في رحمتو حػؿ األرض في ألف عاـ‪ ،‬ألف اآلية تقػؿ<‬

‫ف َسَش ٍة ِم َّسا َت ُعُّجك َف (‪﴾)69‬‬


‫ِػ َكأَْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِف َي ْؾمًا عْش َج َرّب َ‬
‫﴿كإ َّ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الحج< اآلية ‪]69‬‬

‫اآلف اليػـ كع ثانية ؟ ستيغ ضخب ستيغ‪ ،‬ضخب أربع وعذخيغ‪ ،‬ستػف ثانية تداوؼ دقيقة‪ ،‬وستػف دقيقة تداوؼ‬

‫ساعة‪ ،‬واليػـ أربع وعذخوف ساعة‪ ،‬اآلف الذيء الحؼ ال يرجؽ أنشا لػ قدسشا الخقع الحؼ نتج عغ حداب نرف‬

‫قصخ الجائخة التي ىي مدار القسخ حػؿ األرض مزخوباً باثشيغ ثع مزخوباً ‪ ،5.06‬ثع مزخوباً باثشي عذخ ثع‬

‫بألف‪ ،‬كع يقصع القسخ في رحمتو حػؿ األرض في ألف عاـ‪ ،‬ىحه السدافة لػ قدسشاىا عمى الدمغ ثػاني اليػـ‬

‫لكانت الشتيجة التي ال ترجؽ‪ ،‬إنيا سخعة الزػء‪ ،‬ليدت التقخيبية‪ ،‬ولكغ الجقيقة تدعسئة وتدعة وتدعيغ ألف‬

‫وسبعسئة واثشيغ وخسديغ كيمػ متخ في الثانية‪ ،‬أؼ إنسا يقصعو القسخ في رحمتو حػؿ األرض في ألف عاـ يقصعو‬

‫الزػء في يػـ واحج‪ ،‬إنيا سخعة الزػء الجقيقة ال التقخيبية‪.‬‬

‫لكغ قج يقػؿ قائل< ىشاؾ آية تتحجث عغ أف السبلئكة يعخجػف في يػـ كاف مقجاره خسديغ ألف سشة‪ ،‬لع يقل هللا‬

‫عد وجل في ىحه اآلية مسا تعجوف‪ ،‬ىحه سخعة السبلئكة‪ ،‬لكغ سخعة الزػء واضحة ججاً في ىحه اآلية<‬

‫ف َسَش ٍة ِم َّسا َت ُعجُّك َف (‪﴾)69‬‬


‫ِػَ أَْل ِ‬ ‫ِ‬
‫ِف َي ْؾمًا عْش َج َرّب َ‬
‫﴿كإ َّ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الحج< اآلية ‪]69‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪77‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬أنا ال أبالغ إذا قمت لكع< إف أخصخ شيء في حياة اإلنداف ىػ الدمغ‪ ،‬ألنو زمغ‪ ،‬ألنو‬

‫بزعة أياـ‪ ،‬ألنو كمسا انقزى يػـ انقزى بزع مشو‪ ،‬ألنو ما مغ يػـ يشذق فجخه إال ويشادؼ< يا بغ آدـ‪ ،‬أنا فجخ‬

‫ججيج‪ ،‬وعمى عسم ظ شييج‪ ،‬فتدود مشي فإني ال أعػد إلى يػـ القيامة‪ ،‬إنظ أييا اإلنداف بأدؽ تعاريفظ بزعة أياـ‪،‬‬

‫كمسا انقزى يػـ انقزى بزع مشظ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬اإلنداف السػفق في حياتو ال يعج زمشو عجاً تراعجياً‪ ،‬يعج عسخه عجاً تشازلياً‪ ،‬أنت إذا سافخت‬

‫إلى مجيشة حسز مثبلً‪ ،‬تخػ لػحات السخور تتشاقز مئة كيمػ‪ ،‬متخ ستػف‪ ،‬أربعػف‪ ،‬عذخوف‪ ،‬حسز تخحب بكع‪،‬‬

‫فيشبغي أف نعج عسخنا عجًا تشازليًا‪ ،‬كع بقي ؟ ىحا سؤاؿ دقيق ججًا‪ ،‬ىل بقي بقجر ما مزى ؟‬

‫يا إخػتشا األحباب‪ ،‬مخكب في أعساؽ اإلنداف أف الػقت أسمع مغ الساؿ‪ ،‬بجليل أف اإلنداف إذا أصابو مخض‬

‫عزاؿ‪ ،‬واقتزى عسمية جخاحية عالية الثسغ تكمفو ثسغ بيتو الحؼ ال يسمظ غيخه‪ ،‬ال يتخدد ثاني ًة واحجة في بيع‬

‫البيت‪ ،‬وإجخاء العسمية‪ ،‬متػىساً أف ىحه العسمية الجخاحية قج تسج في أجمو بزع سشػات‪ ،‬إذاً باع كل ما يسمظ مغ‬

‫أجل الدمغ‪ ،‬إذًا لػ رأيت إندانًا يأتي بسئة ألف ليخة‪ ،‬ويحخقيا أمامظ‪ ،‬ماذا تحكع عميو ؟ تحكع عميو بالدفو‪،‬‬

‫والدفيو يحجخ عمى ترخفاتو‪.‬‬

‫بخبظ أييا األخ الكخيع‪ ،‬إذا كاف الػقت أثسغ مغ الساؿ‪ ،‬وإتبلؼ الساؿ يػصف صاحبو بالدفو‪ ،‬ويحجخ عمى‬

‫ترخفاتو‪ ،‬فكيف بإتبلؼ الػقت ؟ إف أثسغ شيء نسمكو ىػ الدمغ‪ ،‬اإلنداف بزعة أياـ‪ ،‬كمسا انقزى يػـ انقزى‬

‫بزع مشو‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪78‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬لبعس الخمفاء األمػييغ‪ ،‬وىػ سيجنا عسخ بغ عبج العديد كمسة رائعة يقػؿ< " الميل والشيار‬

‫يعسبلف فيظ‪ ،‬فاعسل فييسا "‪ ،‬لػ أف واحجاً مشا أخح صػرة لو قبل عذخيغ عاماً‪ ،‬لو وجو‪ ،‬لو مبلمح غيخ السبلمح‬

‫التي ىي اآلف‪ ،‬معشى ىحا مغ فعل الدمغ‪ ،‬مغ فعل التقجـ في الدغ‪ ،‬الميل والشيار يعسبلف فيظ‪ ،‬لحلظ تخد عمى‬

‫ىحا التغييخ القدخؼ مغ قبل الدمغ‪ ،‬أف تعسل في الدمغ عسبلً تشتفع فيو بعج مزي الدمغ‪ ،‬الميل والشيار يعسبلف‬

‫فيظ‪ ،‬فاعسل فييا‪.‬‬

‫ثع يقػؿ< " والميل والشيار يأخحاف مشظ فخح مشيسا "‪ ،‬يأخحاف مغ نذاشظ‪ ،‬ومغ صحتظ‪ ،‬ومغ قػامظ‪ ،‬ومغ شكل‬

‫وجيظ‪ ،‬ومغ حالتظ العامة‪ ،‬ومغ حالة أجيدتظ‪ ،‬الميل والشيار يعسبلف فيظ‪ ،‬فاعسل فييسا‪ ،‬لحلظ كاف عميو الربلة‬

‫والدبلـ حيشسا يدتيقع يقػؿ<‬

‫﵀ َّال ِحي رَّد ِإَل َّي ر ِ‬


‫كحي ))‬ ‫(( الحسج ِ‬
‫َ ُْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫(التخمحؼ عغ أبي ىخيخة)‬

‫فكع مغ إنداف يشاـ‪ ،‬وال يدتيقع‪ ،‬ثع يقػؿ عميو الربلة والدبلـ<‬

‫ذف ِلي ِب ِح ْك ِخِه ))‬ ‫﵀ َّال ِحي َعا َف ِاني ِفي َجد ِجي‪ ،‬كأ ِ‬
‫َِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(( الحسج ِ‬
‫َ ُْ‬

‫(التخمحؼ عغ أبي ىخيخة)‬

‫أنت حيشسا تسمظ الرحة‪ ،‬وتسمظ الفخاغ‪ ،‬وتسمظ القػة والذعػر باألمغ‪ ،‬ىحه نعع كبخػ يشبغي أف تدتغميا‪ ،‬مغ ىشا‬

‫قاؿ عميو الربلة والدبلـ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪79‬‬


‫(( اغتشؼ خسدًا قبل خسذ‪ ،‬شبابػ قبل ىخمػ‪ ،‬كصحتػ قبل سقسػ‪ ،‬كفخاغػ قبل شغمػ‪ ،‬كحياتػ قبل مؾتػ ))‬

‫(الجامع الرغيخ عغ عسخو بغ ميسػف )‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿كاْل َع ْر ِخ (‪﴾)0‬‬
‫َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 0‬‬

‫يقدع بالدمغ‪ ،‬أؼ بسصمق الدمغ ليحا السخمػؽ األوؿ‪ ،‬الحؼ ىػ في حقيقتو زمغ‪ ،‬يقػؿ تعالى<‬

‫اف َل ِفي ُخ ْد ٍخ (‪﴾)4‬‬ ‫﴿كاْل َع ْر ِخ (‪ِ )0‬إ َّف ِْ‬


‫اْل ْن َد َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 7-0‬‬

‫جػاب القدع أف اإلنداف في خدارة‪ ،‬ما ىي ىحه الخدارة ؟ مغ أدؽ تعخيف ىحه الخدارة أف مزي الػقت وحجه‬

‫يدتيمظ اإلنداف‪ ،‬مزي الميل والشيار‪ ،‬مزي األسابيع‪ ،‬مزي الذيػر‪ ،‬مزي العقػد‪ ،‬مزي األحقاب يدتيمظ‬

‫اإلنداف‪.‬‬

‫ىػ كائغ متحخؾ إلى نقصة ثابتة‪ ،‬فكل دقيقة تقخبو مغ ىجفو‪ ،‬فاإلحداس بالدمغ إحداس ميع ججًا في حياة‬

‫اإلنداف‪ ،‬إف اإلنداف لفي خدخ‪ ،‬هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫الش ِح ُيخ﴾‬
‫ا ً ُك ُؼ َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿أ ََكَل ْؼ ُن َع ّسْخُك ْؼ َما َي َت َح َّكُخ فيو َم ْؽ َت َح َّكَخ َك َج َ‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪] 59‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪80‬‬


‫ِ‬
‫وعسخ عس ًاخ كافيًا كي يتػب إليو‪ ،‬وقج يرصمح معو‪ ،‬فاإلنداف يتستع‬ ‫ِ‬
‫عسخ عس ًاخ كافيًا كي يعخؼ هللا‪ّ ،‬‬
‫اإلنداف ّ‬

‫بشعسة الحياة‪ ،‬ونعسة الحياة تعشي أنو بإمكانظ أف تتػب‪ ،‬بإمكانظ أف تدتغفخ‪ ،‬بإمكانظ أف تصمب العمع‪ ،‬بإمكانظ‬

‫أف تحدغ‪ ،‬بإمكانظ أف تؤدؼ ما عميظ مغ حقػؽ ‪ ،‬بإمكانظ أف تمبي شمب اآلخخة‪ ،‬ىحا وأنت حي‪ ،‬فإذا انتيت‬

‫حياة اإلنداف انتيت ىحه الفخصة الحىبية‪.‬‬

‫إذاً الحياة نعسة‪ ،‬وقج يكػف اإلنداف مخيزاً‪ ،‬فالرحة نعسة كبخػ‪ ،‬بإمكانظ أف تتحخؾ‪ ،‬أف تعسل الرالحات‪ ،‬وقج‬

‫تكػف حخيتظ نعسة‪ ،‬ىشاؾ أناس مقيجوف‪ ،‬فأنت حخ‪ ،‬تحىب إلى أؼ مكاف تذاء‪ ،‬وىشاؾ عقل‪ ،‬وىحه نعسة‪.‬‬

‫فشعسة الرحة‪ ،‬ونعسة الحياة‪ ،‬ونعسة الحخية‪ ،‬ونعسة العقل نعع كبخػ‪ ،‬قج ال نشتبو إلييا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪،‬‬

‫الش ِح ُيخ﴾‬
‫ا ً ُك ُؼ َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿أ ََكَل ْؼ ُن َع ّسْخُك ْؼ َما َي َت َح َّكُخ فيو َم ْؽ َت َح َّكَخ َك َج َ‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪] 59‬‬

‫ما ىػ الشحيخ ؟ قالػا< القخآف ىػ الشحيخ‪ ،‬وقالػا< الشبي عميو الربلة والدبلـ ىػ الشحيخ‪ ،‬وقالػا< سغ األربعيغ‪،‬‬

‫ماؿ بعج األربعيغ‪ ،‬وقيل< سغ الدتيغ‪ ،‬وقيل< شيب‬


‫اإلنداف إذا دخل في األربعيغ دخل في أسػاؽ اآلخخة‪ ،‬السيداف َ‬

‫الذعخ ىػ الشحيخ‪.‬‬

‫ورد في بعس اآلثار< أف عبجؼ قج كبخت سشظ‪ ،‬وانحشى ضيخؾ‪ ،‬وشاب شعخؾ‪ ،‬فاستحي مشي‪ ،‬فأنا أستحي مشظ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪81‬‬


‫إلى متى أنت في المحات مذغؾؿ كأنت عؽ كل ما قجمت مدؤكؿ‬

‫***‬

‫تعري اْللو كأنت تغيخ حػبو ذاؾ لعسخي في القياس ششيػع‬

‫لؾ كاف حبػ صادقاً ألطعتػػو إف السػػػحب لسؽ يحب يظيع‬

‫الخدارة الحقيقية أف تخدخ اآلخخة‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َىِم ِ‬ ‫ِ‬
‫يي ْؼ﴾‬ ‫يؽ َخ ِدُخكا أَْن ُف َد ُي ْؼ َكأ ْ‬
‫يؽ َّالح َ‬ ‫﴿ِإ َّف اْل َخ ِ‬
‫اس ِخ َ‬

‫[ سػرة الذػرػ< اآلية ‪] 67‬‬

‫ِ‬
‫اف اْل ُسِب ُ‬
‫يؽ (‪﴾)00‬‬ ‫﴿ َذل َػ ُى َؾ اْل ُخ ْدَخ ُ‬

‫[ سػرة الدمخ< اآلية ‪] 07‬‬

‫فشحغ في بزعة أياـ محدػبة عميشا الفاصمة‪ ،‬حخكاتشا‪ ،‬سكشاتشا‪ ،‬رضانا‪ ،‬غزبشا‪ ،‬صبلتشا‪ ،‬قصيعتشا‪ ،‬كل شيء‬

‫تفعمو مدجل عميظ‪.‬‬

‫جاء أعخابي لمشبي عميو الربلة والدبلـ قاؿ< يا رسػؿ هللا عطشي‪ ،‬وال تصل‪ ،‬تبل عميو قػلو تعالى< } َو َم ْغ َي ْع َس ْل‬

‫اؿ َذ َّ ٍرة َش ِّاخ َي َخهُ {‪ ،‬فتبدع عميو الربلة والدبلـ فقاؿ< َفُق َو الخجل‪ ،‬لع يقل< َفِق َو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اؿ َذ َّرة َخ ْي ًاخ َي َخهُ * َو َم ْغ َي ْع َس ْل م ْثَق َ‬
‫م ْثَق َ‬

‫قاؿ< َفُق َو‪ ،‬أؼ أصبح فقيياً‪ ،‬آية واحجة كفت ىحا األعخابي‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪82‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪،‬‬

‫اف َل ِفي ُخ ْد ٍخ (‪﴾)4‬‬ ‫﴿كاْل َع ْر ِخ (‪ِ )0‬إ َّف ِْ‬


‫اْل ْن َد َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 7-0‬‬

‫مزي الدمغ وحجه يحقق لو ىحه الخدارة‪ ،‬ألف مزي الدمغ وحجه يدتيمكو‪ ،‬ألف مزي الدمغ وحجه يقخبو مغ‬

‫أجمو‪ ،‬ألف مزي الدمغ وحجه يجعمو ضعيف اإلمكانات‪ ،‬إذاً السؤمغ يشتبو إلى قيسة الػقت‪ ،‬والػقت لو إدارة‪،‬‬

‫والسػفقػف في الحياة وأعبلـ أىل األرض أحج أسباب نجاحيع أنيع عخفػا كيف يجيخوف أوقاتيع‪ ،‬هللا عد وجل‬

‫يقػؿ<‬

‫اف َل ِفي ُخ ْد ٍخ (‪﴾)4‬‬ ‫﴿ َكاْل َع ْر ِخ (‪ِ )0‬إ َّف ِْ‬


‫اْل ْن َد َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 7-0‬‬

‫ىػ خاسخ خدارًة محققة‪ ،‬ألف مزي الدمغ يدتيمكو‪ ،‬ولكغ رحسة هللا بشا تجمت في أف هللا يقػؿ<‬

‫﴿ ِإََّّل﴾‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫ىشاؾ أعساؿ أربعة إف فعمتيا فبل تعج خاس ًاخ‪ ،‬لحلظ أنا مزصخ أف أوضح ألخػتي الكخاـ السذاىجيغ ما الفخؽ بيغ‬

‫إنفاؽ الػقت إنفاقاً استيبلكياً‪ ،‬وبيغ إنفاؽ الػقت إنفاقاً استثسارياً ؟ نأكل‪ ،‬ونذخب‪ ،‬وندتستع بالحياة‪ ،‬وندسخ‪ ،‬ىحا‬

‫حياة عادية مغ دوف رسالة‪ ،‬وببل‬


‫ً‬ ‫ٍ‬
‫معاص‪ ،‬ال أقػؿ< إنداف يعري هللا حيشسا يعير‬ ‫استيبلؾ لمػقت مغ دوف‬

‫ىجؼ‪ ،‬وببل عسل صالح‪ ،‬وببل انزباط‪ ،‬ىحا مدتيمظ لمػقت‪ ،‬يشفق الػقت إنفاقاً استيبلكياً‪ ،‬والػقت رأس ماؿ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪83‬‬


‫اإلنداف‪ ،‬وأؼ تاجخ أنفق رأس مالو خدخ‪ ،‬لكغ اإلنفاؽ الحؼ يدعجه ىػ اإلنفاؽ االستثسارؼ‪ ،‬أؼ أف يفعل في‬

‫الػقت فعبلً يشفعو بعج مزي الػقت‪ ،‬ىشا الشقصة‪ ،‬فاهلل عد وجل يقػؿ<‬

‫اف َل ِفي ُخ ْد ٍخ (‪﴾)4‬‬ ‫﴿ َكاْل َع ْر ِخ (‪ِ )0‬إ َّف ِْ‬


‫اْل ْن َد َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 7-0‬‬

‫ألف مزي الدمغ يدتيمكو إال إذا فعل في ىحا الدمغ السحجود عسبلً يشفعو بعج مزي الدمغ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اص ْؾا ِب َّ‬ ‫﴿ِإََّّل َّال ِحيؽ آَمُشؾا كع ِسُمؾا َّ ِ ِ‬


‫الرْب ِخ (‪﴾)5‬‬ ‫اص ْؾا ِباْل َح ِّ‬
‫ق َكَت َؾ َ‬ ‫الرال َحات َكَت َؾ َ‬ ‫َ َ ََ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫لحلظ ورد في بعس األدعية< " ال بػرؾ لي في شمػع شسذ يػـ لع أزدد فيو مغ هللا عمساً‪ ،‬وال بػرؾ لي في شمػع‬

‫شسذ يػـ لع أزدد فيو مغ هللا قخبًا "‪ ،‬مزي الدمغ وحجه يدتيمظ اإلنداف‪ ،‬فإذا مزى الدمغ مزي ساذجًا تافياً‬

‫ال معشى فيو‪ ،‬لحلظ قالػا< أتفو أعسار اإلنداف عسخه الدمشي‪ ،‬والعسخ الحقيقي ىػ مجسػع العسل الرالح الحؼ‬

‫مكشظ هللا مشو في الجنيا‪ ،‬لحلظ االستثشاء<‬

‫ِ‬
‫آمُشؾا ﴾‬ ‫﴿ ِإَّلَّ َّالح َ‬
‫يؽ َ‬

‫حيشسا تقصتع في الجنيا وقتاً كي تعخؼ هللا‪ ،‬وكي تعخؼ حقيقة الكػف‪ ،‬وحقيقة الحياة‪ ،‬وحقيقة وجػدؾ‪ ،‬كي تعخؼ‬

‫ِّ‬
‫ومديخ‪ ،‬كي تعخؼ أف األمخ كمو بيجه‪ ،‬قاؿ‬ ‫ٍ‬
‫ومخب‪،‬‬ ‫أف هللا مػجػد‪ ،‬وأنو واحج‪ ،‬وأنو كامل‪ ،‬وتعخؼ أف هللا خالق‪،‬‬
‫ّ‬

‫تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪84‬‬


‫اعُب ْج ُه َكَت َؾَّك ْل َعَمْي ِو﴾‬ ‫ِ‬
‫﴿كِإَلْيو ُيْخ َج ُع ْاأل َْمُخ ُكُّم ُو َف ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة ىػد< اآلية ‪] 075‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿ما َل ُي ْؼ م ْؽ ُدكِنو م ْؽ َكِل ٍّي َكََّل ُي ْذ ِخ ُؾ في ُح ْكسو أ َ‬
‫َحجًا (‪﴾)48‬‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الكيف< اآلية ‪] 78‬‬

‫ض ِإَلوٌ ﴾‬ ‫الدس ِ‬
‫ا ً ِإَل ٌو َكِفي ْاألَْر ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫﴿ َك ُى َؾ الحي في َّ َ‬

‫[ سػرة الدخخؼ< اآلية ‪] :6‬‬

‫حيشسا تعمع أف هللا مػجػد‪ ،‬وىػ معظ أيشسا كشت‪ ،‬معظ بعمسو إذا كشت مدتقيساً‪ ،‬معظ بتػفيقو‪ ،‬ومعظ بالشرخ‬

‫والتأييج‪ ،‬والتػفيق والحفع‪ ،‬إذاً البج مغ أف تقتصع وقتاً لسعخفة هللا‪ ،‬العسل الحؼ يأكل كل وقت فخاغظ خدارةٌ‬

‫محققة‪ ،‬أنت مخمػؽ لجشة عخضيا الدساوات واألرض‪ ،‬فحيشسا تؤمغ أنت بإيسانظ‪ ،‬أو بالػقت الحؼ تشفقو مغ أجل‬

‫إيسانظ تدتثسخ الػقت وال تدتيمكو‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫ِ‬
‫َمُشؾا﴾‬ ‫﴿ِإََّّل َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫اإليساف الحؼ يحسمظ عمى شاعة هللا‪ ،‬ال إيساف كإيساف إبميذ الحؼ قاؿ<‬

‫يؽ (‪﴾):0‬‬ ‫﴿ َقاؿ َفِب ِعَّدِت َػ َألُ ْغ ِؾيَّشيؼ أ ِ‬


‫َج َسع َ‬
‫َ ُْ ْ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة ص< اآلية ‪] :7‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪85‬‬


‫﴿مْش ُو َخَم ْق َتِشي ِم ْؽ َن ٍار َك َخَم ْق َت ُو ِم ْؽ ِط ٍ‬
‫يؽ (‪﴾)97‬‬ ‫ِ‬

‫[ سػرة ص< اآلية ‪] 98‬‬

‫اؿ أَْن ِغْخِني ِإَلى َي ْؾ ِـ ُيْب َعثُؾ َف (‪﴾)06‬‬


‫﴿ َق َ‬

‫[ سػرة األعخاؼ< اآلية ‪] 06‬‬

‫ثع إف إبميذ غارؽ في السعاصي واآلثاـ‪ ،‬اإليساف الحؼ يحسمظ عمى شاعة هللا ىػ اإليساف السصمػب في ىحه‬

‫اآلية‪.‬‬

‫ِ‬
‫َمُشؾا﴾‬ ‫﴿ِإََّّل َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫شبعاً كيف تؤمغ ؟ مغ خبلؿ خمقو‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّللا ِقَياماً‬ ‫ِ‬ ‫ات ِألُكِلي ْاألَ ْلَب ِ‬ ‫اخِت َال ِ‬ ‫الدساك ِ‬ ‫ِ‬
‫اب (‪َّ )0;1‬الح َ‬
‫يؽ َي ْح ُكُخك َف َّ َ‬ ‫الش َي ِار َ َ‬
‫َلَي ٍ‬ ‫ؼ َّ‬
‫المْي ِل َك َّ‬ ‫ات َك ْاألَْر ِ‬
‫ض َك ْ‬ ‫﴿ ِإ َّف في َخْم ِق َّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدساك ِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َّ‬
‫الش ِار‬ ‫ض َرَّبَشا َما َخَم ْق َت َى َحا َباطالً ُسْب َحاَن َػ َفقَشا َع َح َ‬ ‫َكُق ُعؾدًا َك َعَمى ُجُشؾب ِِي ْؼ َكَي َت َف َّكُخك َف في َخْم ِق َّ َ َ‬

‫(‪﴾)0;0‬‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪] 0;0-0;1‬‬

‫إذاً تفكخؾ في خمق الدساوات واألرض يعخفظ باهلل عد وجل التفكخ في خمق الدساوات واألرض أقرخ شخيق إلى‬

‫هللا‪ ،‬وأوسع باب تجخل مشو عمى هللا‪ ،‬التفكخ في خمق الدساوات واألرض أحج أسباب اإليساف الكبخػ‪ ،‬يسكغ أف‬

‫تعخفو مغ كبلمو‪ ،‬مغ قخآنو الكخيع‪ ،‬إذا تجبخت آيات القخآف الكخيع‪ ،‬قخأتيا‪ ،‬وفيستيا‪ ،‬وتجبختيا‪ ،‬وشبقتيا فأنت قج‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪86‬‬


‫عخفت هللا سبحانو وتعالى‪.‬‬

‫ويسكغ أف تعخفو مغ أفعالو‪ ،‬لكغ أحياناً ألف ما كل أفعالو تتجمى لظ حكستيا‪ ،‬لحلظ تق أخ قػلو تعالى<‬

‫َف ُت ِحُّبؾا َشْيئًا َك ُى َؾ َشّّخ َل ُك ْؼ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َف َت ْكَخُىؾا َشْيئًا َك ُى َؾ َخْيٌخ َل ُك ْؼ َك َع َدى أ ْ‬
‫اؿ َك ُى َؾ ُكْخٌه َل ُك ْؼ َك َع َدى أ ْ‬
‫﴿ ُكت َب َعَمْي ُك ُؼ اْلق َت ُ‬

‫َّللا َي ْعَم ُؼ َكأَْن ُت ْؼ ََّل َت ْعَم ُسؾ َف (‪﴾408‬‬


‫َو َّ ُ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪] 708‬‬

‫يعشي يشبغي أف تقتصع مغ وقتظ الثسيغ وقتاً لسعخفة هللا‪ ،‬وىحا معشى قػلو تعالى<‬

‫ِ‬
‫الخ ْح َس ِؽ َّالح َ‬
‫يؽ َي ْس ُذؾ َف َعَمى ْاألَْر ِ‬
‫ض َى ْؾناً﴾‬ ‫﴿ك ِعَب ُاد َّ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الفخقاف< اآلية ‪] 85‬‬

‫يعشي ال يدسحػف ألعساليع ومذاغميع‪ ،‬ومذكبلتيع واىتساماتيع أف تمغي إيسانيع‪ ،‬أو أف تمغي عسميع لآلخخة‪ ،‬أو‬

‫أف تمغي سعييع إلى الدبلمة والدعادة‪ ،‬لحلظ قاؿ هللا عد وجل<‬

‫الر َال ِة﴾‬ ‫ييؼ ِتجارٌة كََّل بيع عؽ ِذ ْك ِخ َّ ِ‬


‫َّللا َكِإ َقا ِـ َّ‬ ‫اؿ ََّل ُتْم ِي ِ ْ َ َ َ َ ْ ٌ َ ْ‬
‫﴿ ِر َج ٌ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪] 59‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬العسل الحؼ تختدؽ مشو إذا كاف في األصل مذخوعاً‪ ،‬وسمكت بو الصخؽ السذخوعة‪ ،‬وأردت‬

‫مغ خبللو كفاية نفدظ وأىمظ‪ ،‬ونفع الشاس‪ ،‬ولع يذغمظ عغ فخيزة‪ ،‬وال عغ واجب‪ ،‬وال عغ شاعة‪ ،‬وال عغ شمب‬

‫عمع‪ ،‬وكشت مخمراً في أدائو انقمب ىحا العسل إلى عبادة‪ ،‬لحلظ السؤمغ عاداتو عبادات‪ ،‬بيشسا غيخ السؤمغ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪87‬‬


‫عبادتو الرخفة سيئات‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪،‬‬

‫ِ‬
‫َمُشؾا﴾‬ ‫﴿ِإََّّل َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫يشبغي أف تؤمغ‪ ،‬يشبغي أف تصمب العمع مغ مطانو‪،‬‬

‫(( ابؽ عسخ‪ ،‬ديشػ‪ ،‬ديشػ‪ ،‬إنو لحسػ كدمػ‪ ،‬خح عؽ الحي استقامؾا‪ ،‬كَّل تأخح عؽ الحيؽ مالؾا ))‬

‫(مدشج الذياب)‬

‫إف ىحا العمع ديغ فانطخوا عسغ تأخحوف ديشكع‪.‬‬

‫البج مغ الجليل‪ ،‬والبج مغ التعميل‪ ،‬وال بج مغ أف تجخؼ مخاجعة لسا تعتقج‪ ،‬ىل ىحه العقيجة فاسجة أـ مغمػشة ؟‬

‫يشبغي أف تبحث عغ الحقيقة‪ ،‬والبحث عغ الحقيقة يمبي حاجة اإلنداف‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪،‬‬

‫الر ِالح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ات﴾‬ ‫َمُشؾا َك َعسُمؾا َّ َ‬ ‫﴿ِإََّّل اَّلح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫العسل الرالح ىػ مجسػع حخكتظ في الحياة‪ ،‬إتقاف عسمظ عسل صالح‪ ،‬إخبلصظ في عسمظ عسل صالح‪ ،‬أداؤؾ‬

‫الػاجبات عسل صالح‪ ،‬أداء الحقػؽ عسل صالح‪ ،‬تخبية أوالدؾ تخبية صحيحة عسل صالح‪ ،‬أف تكػف زوجاً مثالياً‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪88‬‬


‫عسل صالح‪ ،‬أف تكػف جا ًار مثاليًا عسل صالح‪ ،‬أف تؤدؼ ما أمخؾ هللا بو عسل صالح‪.‬‬

‫﴿ِإََّّل َّال ِحيؽ آَمُشؾا كع ِسُمؾا َّ ِ ِ‬


‫اص ْؾا ِباْل َح ِّ‬
‫ق﴾‬ ‫الرال َحات َكَت َؾ َ‬ ‫َ َ ََ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫الحق لو دوائخ‪ ،‬إذا تػسعت ضيقت دوائخ الباشل‪ ،‬أما إذا لع يتػسع ضيقت عميو دوائخ الباشل‪ ،‬فمحلظ الجعػة إلى‬

‫الشِب َّي‬ ‫َّللاِ ْب ِغ َع ْس ٍخو أ َّ‬


‫َف َّ‬ ‫هللا في األصل فخض عيغ عمى كل مدمع‪ ،‬في حجود ما تعخؼ‪ ،‬ومع مغ تعخؼ‪َ ،‬ع ْغ َع ْبِج َّ‬

‫اؿ<<‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬


‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َ‬

‫آيةً‪)) ...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(( َبّم ُغؾا َعّشي َكَل ْؾ َ‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬التخمحؼ‪ ،‬أحسج‪ ،‬الجارمي ]‬

‫وهللا عد وجل يقػؿ<‬

‫﴿ ُقل ى ِح ِه سِب ِيمي أ َْدعؾ ِإَلى َّ ِ‬


‫َّللا َعَمى َب ِر َيخٍة أََنا َك َم ِؽ َّاتَب َعِشي﴾‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬

‫[ سػرة يػسف< اآلية ‪] 01:‬‬

‫فإف لع تجعُ إلى هللا عمى بريخة في حجود ما تعخؼ‪ ،‬ومع مغ تعخؼ فمدت متبعاً لخسػؿ هللا ‪ ،e‬فإف لع تكغ متبعاً‬

‫لخسػؿ هللا فأنت ال تحب هللا‪ ،‬بجليل ىحه اآلية<‬

‫َّللا َكَي ْغ ِفْخ َل ُك ْؼ ﴾‬ ‫ِ‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف ُكْش ُتؼ ُت ِحُّبؾ َف َّ ِ ِ‬


‫َّللا َف َّاتب ُعؾني ُي ْحبْب ُك ُؼ َّ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫[ سػرة< آؿ عسخاف< اآلية ‪] 50‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪89‬‬


‫ِ‬
‫آمُشؾا ﴾‬ ‫﴿ ِإَّلّ َّالح َ‬
‫يؽ َ‬

‫بل‪ ،‬خالقًا‪ ،‬ومخبيًا‪ ،‬ومدي ًاخ ‪ ،‬صاحب األسساء الحدشى‪ ،‬والرفات الفزمى‪ ،‬أف‬
‫أف تؤمغ باهلل مػجػدًا‪ ،‬واحجًا‪ ،‬وكام ً‬

‫تؤمغ باهلل‪ ،‬وأف تعسل صالحاً يخضاه‪ ،‬والعسل الرالح الحؼ يخضاه هللا عد وجل كسا قاؿ الفزيل بغ عياض< أف‬

‫يكػف خالرًا وصػابًا‪ ،‬خالراً ما ابتغي بو وجو هللا‪ ،‬وصػابًا ما وافق الدشة‪.‬‬

‫اص ْؾا ِب َّ‬


‫الرْب ِخ (‪﴾)5‬‬ ‫اص ْؾا ِباْل َح ِّ‬
‫ق َكَت َؾ َ‬ ‫﴿ َكَت َؾ َ‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5‬‬

‫الحياة فييا ابتبلءات‪ ،‬وفييا مرائب‪ ،‬يشبغي أف تربخ تأكيجًا‪ ،‬أف تربخ عمى شاعة هللا‪ ،‬ألف األمخ التكميفي ذو‬

‫كمفة‪ ،‬يحتاج إلى جيج‪ ،‬ويشبغي أف تربخ عغ الذيػة‪ ،‬وعغ شيء حخمو هللا عد وجل‪ ،‬ويشبغي أف تربخ عمى‬

‫قزاء هللا وقجره‪ ،‬يشبغي أف تربخ عمى الصاعة‪ ،‬وعغ السعرية‪ ،‬وعمى قزاء هللا وقجره‪.‬‬

‫فحيشسا يسزي اليػـ في معخفة باهلل‪ ،‬وشاعة لو‪ ،‬ودعػة إليو‪ ،‬وصبخ عمى كل أولئظ فأنت قج استثسخت الػقت‪،‬‬

‫ولع تدتيمكو‪ ،‬عشجئح تكػف قج نجػت مغ الخدارة السحققة‪ ،‬اإلماـ الذافعي رحسو هللا تعالى يقػؿ< " لػ ّ‬
‫تجبخ الشاس‬

‫ىحه الدػرة لكفتيع "‪.‬‬

‫وقج أثخ عغ الرحابة الكخاـ أنيع إذا التقػا ال يتفخقػف إال إذا تمػا ىحه الدػرة<‬

‫اص ْؾا ِب َّ‬ ‫اْل ْنداف َل ِفي ُخد ٍخ (‪ِ )4‬إََّّل َّال ِحيؽ آَمُشؾا كع ِسُمؾا َّ ِ ِ‬
‫الرْب ِخ‬ ‫اص ْؾا ِباْل َح ِّ‬
‫ق َكَت َؾ َ‬ ‫الرال َحات َكَت َؾ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َكاْل َع ْر ِخ (‪ِ )0‬إ َّف ِْ َ َ‬

‫(‪﴾)5‬‬

‫[ سػرة العرخ< اآلية ‪] 5-0‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪90‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬أرجػ هللا سبحانو وتعالى أف تتخجع ىحه السعاني الجقيقة التي تشصػؼ عمييا الدػرة الكخيسة‬

‫إلى سمػؾ يػمي‪ ،‬وإلى مػعطة بالغة‪ ،‬فاإلنداف كسا قمت< بزعة أياـ‪ ،‬كمسا انقزى يػـ انقزى بزع مشو‪ ،‬وإلى‬

‫لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪91‬‬


‫الجرس (‪ < )09-19‬معخفة السذكمة كمؾاجيتيا أىؾف مؽ الؾىؼ‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ إخػتي السذاىجيغ الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫نشصمق في ىحا المقاء الصيب مغ حقيقة مدمع بيا وىي أف الحقيقة السخة أفزل ألف مخة مغ الػىع السخيح‪ ،‬اإلنداف‬

‫السػفق يػاجو السذكبلت وال يقفد عمييا ثع إنشا معشا وحي الدساء‪ ،‬معشا كتاب هللا الحؼ ال يأتيو الباشل مغ بيغ‬

‫يجيو وال مغ خمفو‪ ،‬معشا تعميسات الرانع والجية الػحيجة التي يشبغي أف تتبع تعميساتيا ىي الجية الرانعة‪ ،‬قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫﴿كََّل ُيَشِّبُئ َػ ِم ْث ُل َخِب ٍ‬


‫يخ (‪﴾)06‬‬ ‫َ‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪]06‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب<‬

‫إف كاف ىشاؾ مذكمة يعاني مشيا السدمع أو يعاني مشيا مجسػع السدمسيغ يشبغي بادغ ذؼ بجء أف تحجد ىحه‬

‫السذكمة‪ ،‬بل يشبغي أف يعمع أف ىشاؾ مذكمة ثع يشبغي أف تحجد ىحه السذكمة ثع يشبغي أف نبحث عغ حل ليحه‬

‫السذكمة وبعج ذلظ نشصمق إلى تشفيح الحل ذلظ أف قزية العمع ىي القزية األولى في حق اإلنداف ذلظ أف أىل‬

‫الشار وىع في الشار إنسا مذكمتيع األولى العمع‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪92‬‬


‫الد ِع ِ‬
‫يخ (‪﴾)01‬‬ ‫َص َح ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿كَقاُلؾا َل ْؾ ُكَّشا َن ْد َس ُع أ َْك َن ْعق ُل َما ُكَّشا في أ ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة السمظ< اآلية ‪]01‬‬

‫ىحه مقجمة ولكغ لػ أردنا أف نجخل في التفاصيل‪ ،‬لػ قخأنا كتاب هللا وقج قاؿ هللا عد وجل<‬

‫الدساك ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ض﴾‬
‫ات َك ْاألَْر َ‬ ‫﴿اْل َح ْس ُج َّّلِل َّالحي َخَم َق َّ َ َ‬

‫[ سػرة األنعاـ< اآلية ‪]0‬‬

‫يعشي الكػف‪.‬‬

‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫﴿ اْل َح ْس ُج َّّلِل الحي أَْن َد َؿ َعَمى َعْبجه اْلك َت َ‬
‫اب﴾‬

‫[ سػرة الكيف< اآلية ‪]0‬‬

‫فالكػف في كفة وىحه الكتاب الحؼ بيغ أيجيشا في كفة فساذا يقػؿ ىحا الكتاب الكخيع ؟ يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫يؽ ِم ْؽ َقْبِم ِي ْؼ َكَلُي َس ِّكَش َّؽ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِالح ِ‬


‫ات َلَي ْد َت ْخِم َفَّش ُي ْؼ ِفي ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ كعج َّ ِ‬
‫ف َّالح َ‬
‫اس َت ْخَم َ‬
‫ض َك َسا ْ‬ ‫َمُشؾا مْش ُك ْؼ َك َعسُمؾا َّ َ‬ ‫َّللا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬ ‫َ ََ ُ‬

‫َل ُي ْؼ ِديَش ُي ُؼ َّال ِحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ َكَلُيَبِّجَلَّش ُي ْؼ ِم ْؽ َب ْعج َخ ْؾِف ِي ْؼ﴾‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪93‬‬


‫ىحه وعػد هللا عد وجل وعجىع باالستخبلؼ ووعجىع بالتسكيغ ووعجىع بالتصسيغ وقاؿ أيزًا<‬

‫ِ‬
‫اف َحّقًا َعَمْيَشا َن ْرُخ اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫يؽ (‪﴾)69‬‬ ‫﴿كَك َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]69‬‬

‫وقاؿ أيزًا<‬

‫ِف ُجْش َجَنا َل ُي ُؼ اْل َغ ِالُبؾ َف (‪﴾)095‬‬


‫﴿كإ َّ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الرافات< اآلية ‪]095‬‬

‫وقاؿ أيزًا<‬

‫يؽ َسِبيالً (‪﴾)060‬‬ ‫ِ‬ ‫﴿كَل ْؽ يجعل َّ ِ ِ‬


‫يؽ َعَمى اْل ُس ْؤ ِمش َ‬
‫َّللا لْم َكاف ِخ َ‬
‫َ َ ََْ ُ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]060‬‬

‫قج يتداءؿ السخء ىحه وعػد هللا عد وجل والحق أف زواؿ الكػف أىػف عمى هللا أف ال يحقق وعػده لمسؤمشيغ ىحه‬

‫وعػد في كتابشا الكخيع‪ ،‬وعج هللا السؤمشيغ أف يدتخمفيع ووعجىع أف يسكشيع ووعجىع أف يشرخىع ووعجىع أف‬

‫يصسئشيع ووعجىع أف جشجىع ىع الغالبػف ووعجىع أنو لغ يدتصيع كافخ أف يكػف لو عمييع مغ سبيل‪.‬‬

‫فإذا نطخنا إلى الػاقع والػاقع مخ وكسا قمت في مقجمة ىحا المقاء الحقيقة السخة أىػف ألف مخة مغ الػىع السخيح‪،‬‬

‫كيف نػفق بيغ واقع السدمسيغ السؤلع والسخ وبيغ وعػد هللا في القخآف الكخيع ؟ وكسا ألسحت قبل قميل إف زواؿ‬

‫الكػف أىػف عمى هللا مغ أف ال يحقق وعػده لمسؤمشيغ‪ ،‬ماذا نفعل ؟ كيف نػفق بيغ وعػد هللا وبيغ واقع السدمسيغ‬

‫وواقع السؤمشيغ بعامة ؟‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪94‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب<‬

‫لػ أنشا تأممشا ىحه اآلية األولى يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫الر ِالح ِ‬
‫ات َلَي ْد َت ْخِم َفَّش ُي ْؼ ِفي ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿كعج َّ ِ‬
‫ض﴾‬ ‫َمُشؾا مْش ُك ْؼ َك َعسُمؾا َّ َ‬ ‫َّللا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬ ‫َ ََ ُ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫أيغ االستخبلؼ ؟ كسا استخمف الحيغ مغ قبميع‪ ،‬يبجو أف ىحا االستخبلؼ قانػف إليي‪.‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿كَلُي َس ّكَش َّؽ َل ُي ْؼ ديَش ُي ُؼ الحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ َكَلُيَبّجَلَّش ُي ْؼ م ْؽ َب ْعج َخ ْؾف ِي ْؼ أ ْ‬
‫َمشاً﴾‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿ َي ْعُب ُجكَنِشي﴾‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫يعشي ىحه الػعػد الثبلثة مشػشة بأف نعبجه‪ ،‬والعبادة كسا تعمسػف ىي معخفة يقيشية ثع شاعة شػعية ثع سعادة في‬

‫الجنيا واآلخخة‪ ،‬الشبي عميو الربلة والدبلـ سأؿ سيجنا معاذ رضي هللا عشو قاؿ يا معاذ< ما حق هللا عمى عباده ؟‬

‫قاؿ< هللا ورسػلو أعمع‪ .‬سألو ثانية وثالثة ثع أجابو قاؿ< يا معاذ حق هللا عمى عباده أف يعبجوه وال يذخكػا بو شيئاً‪.‬‬

‫العبادة حق لكغ الشبي عميو الربلة والدبلـ بعج قميل قاؿ يا معاذ ما حق العباد عمى هللا إذا ىع عبجوه ؟ لعل هللا‬

‫هلالج لج أنذأ لمسؤمشيغ حقاً عميو وىحا مغ فزمو وكخمو‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪95‬‬


‫قاؿ يا معاذ ما حق العباد عمى هللا إذا ىع عبجوه ؟ فقاؿ عميو الربلة والدبلـ< أف ال يعحبيع‪.‬‬

‫إذًا نحغ حيشسا نعبجه يدتخمفشا ويسكششا ويصسئششا ويشرخنا ىحه الشقصة األولى‪ ،‬فسالع يعبج السؤمغ ربو فاهلل سبحانو‬

‫وتعالى في حل مغ ىحه الػعػد الثبلثة ىحه نقصة أولى دقيقة ججاً‪.‬‬

‫الشقصة الثانية أييا اإلخػة<‬

‫قاؿ تعالى<‬

‫﴿كَلُي َس ِّكَش َّؽ َل ُي ْؼ ِديَش ُي ُؼ َّال ِحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫أؼ ديغ وعجىع أف يسكشو ليع ؟ ىحا الجيغ الحؼ وعجىع أف يسكشو ليع مقيج برفة ليحا الجيغ<‬

‫﴿كَلُي َس ِّكَش َّؽ َل ُي ْؼ ِديَش ُي ُؼ َّال ِحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫شبعًا يدتشبط بذكل مشصقي أنو إف لع يسكشيع معشى ىحا أف ديشيع لع يختزيو ليع الجيغ الحق ىػ أف تدتقيع عمى‬

‫أمخ هللا قاؿ عميو الربلة والدبلـ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪96‬‬


‫ات أَم َث ِ‬ ‫ُمِتي َيأ ُْتؾ َف َي ْؾـ اْل ِقَي ِ ِ‬
‫اما ِم ْؽ أ َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫اف َع ْؽ َّ ِ‬
‫اؿ‬ ‫امة ب َح َدَش ٍ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َعَم َس َّؽ أَ ْق َؾ ً‬ ‫َّللا َعَمْيو َك َسم َؼ أََّن ُو َق َ‬
‫اؿ َأل ْ‬ ‫الشب ِّي َصمى َّ ُ‬ ‫((ع ْؽ َث ْؾَب َ‬
‫َ‬
‫ؾر َقاؿ< َثؾباف يا رسؾؿ َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َّللا ِص ْف ُي ْؼ َلَشا َجِّم ِي ْؼ َلَشا أ ْ‬
‫َف ََّل َن ُكؾ َف‬ ‫َّللا َعَّد َك َج َّل َىَب ً‬
‫ا ً َمْشثُ ًا َ ْ َ ُ َ َ ُ َ‬ ‫ام َة ِب ً‬
‫يزا َفَي ْج َعُم َيا َّ ُ‬ ‫جَباؿ ت َي َ‬

‫اـ ِإ َذا َخَم ْؾا‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫َما ِإَّن ُي ْؼ ِإ ْخ َؾاُن ُك ْؼ َك ِم ْؽ جْم َجت ُك ْؼ َكَي ْأ ُخ ُحك َف م ْؽ المْيل َك َسا َت ْأ ُخ ُحك َف َكَلكَّش ُي ْؼ أَ ْق َؾ ٌ‬
‫اؿ< أ َ‬
‫مْش ُي ْؼ َكَن ْح ُؽ ََّل َن ْعَم ُؼ ؟ َق َ‬

‫ؾىا ))‬ ‫ِبسح ِارِـ َّ ِ‬


‫َّللا اْن َت َي ُك َ‬ ‫ََ‬

‫[ ابغ ماجو ]‬

‫الشبي عميو الربلة والدبلـ<‬

‫ذ ِفيَشا َم ْؽ ََّل ِدْرَى َؼ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اؿ< أ ََت ْجُرك َف َما اْل ُسْفم ُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َف َرسؾؿ َّ ِ َّ‬ ‫َ ِ‬
‫ذ ؟ َقاُلؾا< اْل ُسْفم ُ‬ ‫َّللا َعَمْيو َك َسم َؼ َق َ‬
‫َّللا َصمى َّ ُ‬ ‫((ع ْؽ أَبي ُىَخْيَخَة أ َّ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ُمِتي يأِْتي يؾـ اْل ِقي ِ‬
‫ؼ َى َحا‬ ‫امة ِب َر َال ٍة َك ِصَي ٍ‬
‫اـ َكَزَكا ٍة َكَيأْتي َق ْج َش َت َؼ َى َحا َكَق َح َ‬ ‫ذ م ْؽ أ َّ َ َ ْ َ َ َ‬
‫اع َفَقاؿ< ِإ َّف اْلسْفِم ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َل ُو َكََّل َم َت َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ظى َى َحا ِم ْؽ َح َدَشاتو َك َى َحا ِم ْؽ َح َدَشاتو َفِإ ْف َفشَي ْت َح َدَش ُات ُو َقْب َل أ ْ‬
‫َف‬ ‫اؿ َى َحا َك َس َف َػ َد َـ َى َحا َك َضَخ َب َى َحا َفُي ْع َ‬
‫َك َل َم َ‬
‫َكأ َ‬

‫اى ْؼ َفظُ ِخ َح ْت َعَمْي ِو ثُ َّؼ طُ ِخ َح ِفي َّ‬


‫الش ِار ))‬ ‫ظ َاي ُ‬ ‫ي ْق َزى ما عَمي ِو أ ِ‬
‫ُخ َح ِم ْؽ َخ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬

‫[ مدمع‪ ،‬التخمحؼ‪ ،‬أحسج ]‬

‫إذاً<‬

‫﴿كَلُي َس ِّكَش َّؽ َل ُي ْؼ ِديَش ُي ُؼ َّال ِحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪97‬‬


‫فإف لع يسكشيع معشى ذلظ أف ديشيع لع يختزيو ليع‪ ،‬قج يكػف ديغ مطاىخ ديغ لقاءات ديغ حفبلت ديغ مؤتسخات‬

‫ديغ أعساؿ شكمية ال تقجـ وال تؤخخ‪ ،‬لػ دخمت إلى بيػت السدمسيغ ال تجج اإلسبلـ فييا مصبقاً لػ دخمت إلى‬

‫أعساؿ السدمسيغ ال تجج مشيج هللا مصبقاً في أعساليع فحيشسا يكتفي السدمع بعباداتو الذعائخية ويصبق في حياتو‬

‫العسمية مشيجاً آخ اًخ‪ ،‬مشيجاً غخبياً أو مشيجاً ال يخضي هللا عد وجل فاهلل سبحانو وتعالى في حل مغ تسكيغ ديشيع‬

‫في األرض<‬

‫﴿كَلُي َس ِّكَش َّؽ َل ُي ْؼ ِديَش ُي ُؼ َّال ِحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫يشبغي أف تبحث عغ الجيغ الحؼ يختزيو هللا عد وجل ديغ الرجؽ ديغ األمانة ديغ العفة ديغ االلتداـ ديغ أداء‬

‫الحقػؽ ديغ أداء الػاجبات ىحا الجيغ الحؼ وعجنا هللا أف يسكشو لشا قاؿ بعس العمساء< تخؾ دانق مغ حخاـ خيخ‬

‫مغ ثسانيغ حجة بعج حجة اإلسبلـ‪.‬‬

‫فيع أصحاب الشبي عميو الربلة والدبلـ الجيغ فيساً دقيقاً فيسػه ورعاً عغ الحخاـ وفيسػه خجم ًة لؤلناـ بل إف اآلية‬

‫الكخيسة حيشسا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫الدَك ِ‬
‫اة َما ُد ْمت َحّيًا (‪﴾)50‬‬ ‫﴿كأَكص ِاني ِبالر ِ‬
‫الة ك َّ‬ ‫ّ‬ ‫َْ ْ‬

‫[ سػرة مخيع< اآلية ‪]50‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪98‬‬


‫ىحه اآلية الجامعة السانعة السػجدة لخز هللا الجيغ كمو‪ ،‬إحداف إلى الخمق واتراؿ بالحق‪ ،‬أوصاني بالربلة‬

‫والدكاة مادمت حيا‪.‬‬

‫فإف لع نسكغ في األرض يشبغي أف نبحث عغ حقيقة الجيغ عغ الجيغ الحؼ أراده هللا عد وجل أال تحكخوف أييا‬

‫اإلخػة أف سيجنا جعفخ حيشسا التقى الشجاشي سألو الشجاشي عغ اإلسبلـ قاؿ< أييا السمظ كشا قػمًا أىل جاىمية‬

‫نعبج األصشاـ ونأكل السيتة ونأتي الفػاحر ونقصع الخحع ونديء الجػار حتى بعث هللا فيشا رجبلً نعخؼ أمانتو‬

‫وصجقو وعفافو وندبو فجعانا إلى هللا لشعبجه ونػحجه ونخمع ما كاف يعبج آباؤنا مغ الحجارة واألوثاف وأمخنا برجؽ‬

‫الحجيث وأداء األمانة وصمة الخحع وحدغ الجػار والكف عغ السحارـ والجماء‪.‬‬

‫ىحا ىػ جػىخ الجيغ‪ ،‬جػىخ الجيغ أف تكػف إندانًا ممتدماً باألمخ والشيي‪ ،‬جػىخ الجيغ أف تكػف أخبلقيًا‪ ،‬جػىخ‬

‫الجيغ أف تكػف نطيفاً‪ ،‬جػىخ الجيغ أف تكػف مدتقيساً‪ ،‬جػىخ الجيغ أف تكػف محدشاً‪ ،‬فإذا شبقشا جػىخ الجيغ يشفح‬

‫هللا وعجه في تسكيغ ىحا الجيغ لشا فإف لع نسكغ معشى ذلظ أف ديششا الحؼ نحغ عميو لع يختزيو هللا لشا ىحه نقصة‬

‫ثانية‪.‬‬

‫الشقصة الثالثة أييا اإلخػة<‬

‫هللا عد وجل حيشسا قاؿ<‬

‫يؽ ِم ْؽ َقْبِم ِي ْؼ َكَلُي َس ِّكَش َّؽ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِالح ِ‬


‫ات َلَي ْد َت ْخِم َفَّش ُي ْؼ ِفي ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ كعج َّ ِ‬
‫ف اَّلح َ‬
‫اس َت ْخَم َ‬
‫ض َك َسا ْ‬ ‫َمُشؾا مْش ُك ْؼ َك َعسُمؾا َّ َ‬ ‫َّللا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬ ‫َ ََ ُ‬

‫َمشًا َي ْعُب ُجكَنِشي﴾‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬


‫َل ُي ْؼ ديَش ُي ُؼ الحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ َكَلُيَبّجَلَّش ُي ْؼ م ْؽ َب ْعج َخ ْؾف ِي ْؼ أ ْ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪99‬‬


‫جاءت بعس اآليات تفدخ لساذا ال تحقق وعػد هللا لمسؤمشيغ فقاؿ تعالى<‬

‫ؼ َيْمَق ْؾ َف َغّيًا (;‪﴾)7‬‬ ‫الر َال َة ك َّاتبعؾا َّ ِ‬


‫الذ َي َؾات َف َد ْؾ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اعؾا َّ‬
‫َض ُ‬ ‫ف ِم ْؽ َب ْع ِج ِى ْؼ َخْم ٌ‬
‫فأَ‬ ‫﴿ َف َخَم َ‬

‫[ سػرة مخيع< اآلية ;‪]7‬‬

‫أييا اإلخػة<‬

‫أجسع العمساء عمى أف إضاعة الربلة ال يعشي تخكيا<‬

‫ؼ َيْمَق ْؾ َف َغّيًا (;‪﴾)7‬‬ ‫الر َال َة ك َّاتبعؾا َّ ِ‬


‫الذ َي َؾات َف َد ْؾ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اعؾا َّ‬
‫َض ُ‬ ‫ف ِم ْؽ َب ْع ِج ِى ْؼ َخْم ٌ‬
‫فأَ‬ ‫﴿ َف َخَم َ‬

‫[ سػرة مخيع< اآلية ;‪]7‬‬

‫أعيج وأكخر أجسع العمساء عمى أف إضاعة الربلة ال يعشي تخكيا بل يعشي تفخيغيا مغ مزسػنيا الربلة أييا‬

‫اإلخػة ىي الفخض الػحيج الستكخر الحؼ ال يدقط بحاؿ ألف الربلة عساد الجيغ مغ أقاميا فقج أقاـ الجيغ ومغ‬

‫تخكيا فقج ىجـ الجيغ‪.‬‬

‫كاف عميو الربلة والدبلـ إذا حدبو أمخ بادر إلى الربلة‪.‬‬

‫الربلة أييا اإلخػة العبادة األولى ىي درة العبادات‪ ،‬ىي عراـ اليقيغ‪ ،‬ىي عساد الجيغ ماذا قاؿ هللا عشيا ؟ قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫اس ُج ْج َكا ْق َت ِخ ْب (;‪﴾)0‬‬


‫﴿ك ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة العمق< اآلية ;‪]0‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪100‬‬


‫الربلة قخب مغ هللا عد وجل‪.‬‬

‫فمؾ شاىجت عيشاؾ مؽ حدػششا الحي رأكه لسا كليت عشا لغيخنا‬

‫كلؾ سسعت أذناؾ حدؽ خظابشا خمعت عشػ ثياب العجب كجئتشا‬

‫ال بحبشا‬
‫كلؾ ذقت مؽ طعؼ السحبة مخًة عحرت الحي أضحى قتي ً‬

‫كلؾ ندست مؽ قخبشا لػ ندسة لسػػت غخيباً كاشتياقاً لقخبشا‬

‫الربلة قخب واسجج واقتخب‪ ،‬آية أخخػ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫الر َال َة ِل ِح ْكخِي (‪﴾)06‬‬


‫﴿ َكأ َِق ِؼ َّ‬

‫[ سػرة شو< اآلية ‪]06‬‬

‫أنت حيشسا ترمي تحكخ هللا وقج أمخؾ هللا عد وجل في آيات كثيخة وفي مقجمتيا<‬

‫َّللا ِذ ْك ًاخ َكِثي ًاخ (‪﴾)60‬‬


‫َمُشؾا ا ْذ ُكُخكا َّ َ‬
‫ِ‬
‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]60‬‬

‫بل إف قػلو تعالى<‬

‫ق ُتَق ِات ِو﴾‬ ‫َمُشؾا َّاتُقؾا َّ َ‬


‫َّللا َح َّ‬ ‫يؽ آ َ‬
‫ِ‬
‫﴿يا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]017‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪101‬‬


‫قالػا< حق تقاتو أف تحكخه فبل تشداه وأف تصيعو فبل تعريو وأف تذكخه فبل تكفخه‪.‬‬

‫الر َال َة ِل ِح ْكخِي (‪﴾)06‬‬


‫﴿ َكأ َِق ِؼ َّ‬

‫[ سػرة شو< اآلية ‪]06‬‬

‫بل إف هللا سبحانو وتعالى حيشسا قاؿ<‬

‫ا ً كاْلسْش َك ِخ كَل ِح ْكخ َّ ِ‬


‫ِ‬ ‫﴿كأ َِق ِؼ َّ‬
‫الر َال َة ِإ َّف َّ‬
‫َّللا أَ ْكَبُخ﴾‬ ‫الر َال َة َتْش َيى َع ِؽ اْل َف ْح َذ َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة العشكبػت< اآلية ‪]67‬‬

‫ما معشى ذكخ هللا أكبخ ؟ قاؿ بعس العمساء< ذكخ هللا أكبخ ما فييا‪ .‬وقاؿ بعزيع اآلخخ< إف ذكخ هللا لظ وأنت‬

‫ترمي أكبخ مغ ذكخؾ إياه إنظ إف ذكختو اشسأنشت وسعجت بقخبو لكشو إف ذكخؾ ألقى في قمبظ الدعادة أليسظ‬

‫رشجؾ أراؾ رؤية صحيحة أليسظ الحكسة‪ ،‬عصاءات الو مغ خبلؿ الربلة ال تقجر بثسغ لحلظ قالػا< إف هللا يعصي‬

‫الرحة والحكاء والجساؿ والساؿ لمكثيخيغ مغ خمقو ولكشو يعصي الدكيشة بقجر ألصفيائو السؤمشيغ‪.‬‬

‫إذا أردت أف تحكخه فقع فرمي ألف الربلة الحكخ‪ ،‬إف أردت أف تحجثو فادعو‪ ،‬إف أردت أف يحجثظ هللا عد وجل‬

‫فاق أخ القخآف‪ ،‬وأفزل قخاءة لمقخآف أف تقخأه في الربلة فمحلظ الربلة ذكخ فيحا الحؼ يديػ في صبلتو ويميػ يعشي‬

‫صل الثسخة الكبخػ مغ الربلة‪.‬‬


‫ىػ ع ّ‬

‫ا ً كاْلسْش َك ِخ كَل ِح ْكخ َّ ِ‬


‫ِ‬ ‫﴿ َكأ َِقؼِ َّ‬
‫الر َال َة ِإ َّف َّ‬
‫َّللا أَ ْكَبُخ﴾‬ ‫الر َال َة َتْش َيى َع ِؽ اْل َف ْح َذ َ ُ َ ُ‬

‫[ سػرة العشكبػت< اآلية ‪]67‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪102‬‬


‫أية ثانية مع أنيا مشدػخة الحكع<‬

‫الر َال َة َكأَْن ُت ْؼ ُس َك َارى َح َّتى َت ْعَم ُسؾا َما َتُقؾُلؾ َف﴾‬
‫﴿ ََّل َت ْقَخُبؾا َّ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]65‬‬

‫فيحا الحؼ يرمي وىػ ال يعمع ما يقػؿ فيػ في حكع الدكخاف‪ ،‬ليذ لمسخء مغ صبلتو إال ما عقل مشيا أنت حيشسا‬

‫قخأت قػلو تعالى<‬

‫ط اْلسد َت ِقيؼ (‪ِ )8‬ص اخ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ ِإَّياؾ َنعبج كإَِّياؾ َند َت ِعيؽ (‪ِ )7‬‬
‫ز ِ‬
‫ؾب َعَمْي ِي ْؼ‬ ‫ط َّالح َ‬
‫يؽ أَْن َع ْس َت َعَمْي ِي ْؼ َغْي ِخ اْل َس ْغ ُ‬ ‫َ‬ ‫الرَاخ َ ُ ْ َ‬ ‫اىجَنا ّ‬
‫ْ‬ ‫َ ُُْ َ َ ْ ُ‬

‫يؽ (‪﴾)9‬‬ ‫كََّل َّ ِ‬


‫الزاّل َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الفاتحة ]‬

‫إنظ تشتطخ تػجيو هللا عد وجل يقػؿ هللا لظ<‬

‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫﴿كُق ْل لعَبادي َيُقؾُلؾا َّالتي ى َي أ ْ‬
‫َح َد ُؽ﴾‬ ‫َ‬

‫[ سػرة اإلسخاء< اآلية ‪]75‬‬

‫تأتي أوامخ القخآف الكخيع في الربلة وكأنيا استجابة لجعائظ اىجنا الرخاط السدتقيع فالربلة عقل وليذ لمسخء مغ‬

‫صبلتو إال ما عقل مشيا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪103‬‬


‫ثع إف الشبي عميو الربلة والدبلـ يقػؿ<‬

‫ؾر‪))...‬‬ ‫اح َّ ِ ُّ‬ ‫َّللا عَمي ِو كسَّمؼ َق ِ‬ ‫َّ‬ ‫((ع ْؽ َعِم ٍي َع ْؽ َّ ِ‬


‫الر َالة الظ ُي ُ‬ ‫اؿ< م ْف َت ُ‬
‫الشب ِّي َصمى َّ ُ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫[ التخمحؼ‪ ،‬ابغ ماجو‪ ،‬أحسج‪ ،‬الجارمي]‬

‫ال يعقل أف يكػف السرمي حاقجًا أو مخادعًا أو كحابًا إف الربلة ىي في حقيقتيا اتراؿ بسشبع الكساؿ مكارـ‬

‫األخبلؽ مخدونة عشج هللا تعالى فإذا أحب هللا عبجاً مشحو خمقاً حدشاً أنت حيشسا تترل بالخحيع تغجو رحيساً بجليل‬

‫قػلو تعالى يخاشب الشبي عميو الربلة والدبلـ<‬

‫اس َت ْغ ِفْخ َل ُي ْؼ‬ ‫ِ‬ ‫غاً َغِمي َ‬ ‫﴿ َفِبسا رحس ٍة ِمؽ َّ ِ‬


‫َّللا ِلْش َت َل ُي ْؼ َكَل ْؾ ُكْش َت َف ّ‬
‫ف َعْش ُي ْؼ َك ْ‬ ‫ظ اْلَقْم ِب ََّل ْن َف ُّزؾا م ْؽ َح ْؾِل َػ َف ْ‬
‫اع ُ‬ ‫َ ََْ َ‬

‫اكْرُى ْؼ ِفي ْاأل َْم ِخ﴾‬


‫َك َش ِ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ;‪]07‬‬

‫بدبب رحسة استقخت في قمبظ يا دمحم كشت ليشًا ليع فمسا كشت ليشًا ليع التفػا مغ حػلظ ولػ كشت مشقصعًا عغ هللا‬

‫يدتقخ في قمبظ القدػة وتشعكذ القدػة غمط ًة وفطاضة عشجئح يشفس الشاس مغ حػلظ‪ ،‬فالربلة سبب اتراؼ‬

‫السدمع السرمي بسكارـ األخبلؽ فالربلة شيػر الحؼ يرمي حقيق ًة ال يسكغ أف يكحب أو أف يخادع أو أف يزمل‬

‫أو أف يشافق ألنو اترل بالكامل وىحا الكساؿ اإلليي انعكذ في ترخفاتو إذاً الربلة شيػر كسا قاؿ عميو الربلة‬

‫والدبلـ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪104‬‬


‫والربلة نػر‪ ،‬مذكمة اإلنداف أنو يقجـ عمى عسل وىػ يتػىع أنو لرالحو‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫الجْنَيا َك ُى ْؼ َي ْح َدُبؾ َف أََّن ُي ْؼ ُي ْح ِدُشؾ َف‬ ‫َخد ِخيؽ أَعسا ًَّل (‪َّ )015‬ال ِحيؽ َض َّل سعييؼ ِفي اْلحي ِ‬
‫اة ُّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََ‬ ‫َ ُْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ُق ْل َى ْل ُنَشّبُئ ُك ْؼ ب ْاأل ْ َ َ ْ َ‬

‫صْشعًا (‪﴾)016‬‬
‫ُ‬

‫[ سػرة الكيف ]‬

‫اإلنداف في أصل جبمتو وفصختو يحب وجػده ويحب سبلمة وجػده ويحب كساؿ وجػده ويحب استسخار وجػده‬

‫لكشو يذقى حيشسا يتػىع سعادتو في شيء آخخ غيخ ديغ هللا عد وجل‪ ،‬هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫ؾب (‪﴾)4:‬‬ ‫ِ‬ ‫﴿أَََّل ِب ِح ْك ِخ َّ ِ‬


‫َّللا َت ْظ َسئ ُّؽ اْلُقُم ُ‬

‫[ سػرة الخعج< اآلية ‪]7:‬‬

‫فالقمػب ال تدعج إال بحكخ هللا<‬

‫ض َع ْؽ ِذ ْكخِي َفِإ َّف َل ُو َم ِع َ‬


‫يذ ًة َضْشكاً﴾‬ ‫َعَخ َ‬
‫﴿ك َم ْؽ أ ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة شو< اآلية ‪]076‬‬

‫فأنت حيشسا ترمي يمقي هللا في قمبظ الشػر وىحه الحقيقة تؤكجىا آية كخيسة<‬

‫َمُشؾا ِبَخ ُسؾِل ِو ُي ْؤِت ُك ْؼ ِكْفَمْي ِؽ ِم ْؽ َر ْح َسِت ِو َكَي ْج َع ْل َل ُك ْؼ ُنؾ اًر َت ْس ُذؾ َف ِب ِو﴾‬
‫َّللا كآ ِ‬
‫َمُشؾا َّاتُقؾا َّ َ َ‬
‫ِ‬
‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة الحجيج< اآلية ‪]7:‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪105‬‬


‫أنت تخػ الحقيقة تخػ الحق حقًا فتتبعو وتخػ الباشل باش ً‬
‫بل فتجتشبو وأصل شقاء اإلنداف رؤية مغمػشة‪ ،‬أصل‬

‫شقاء اإلنداف في األرض أنو يخػ سعادتو في الذخ فيقبل عميو فيجمخ وىحا الحؼ قالو أىل الشار في الشار‪ ،‬قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫الد ِع ِ‬
‫يخ (‪﴾)01‬‬ ‫َص َح ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َل ْؾ ُكَّشا َن ْد َس ُع أ َْك َن ْعق ُل َما ُكَّشا في أ ْ‬

‫[ سػرة السمظ< اآلية ‪]01‬‬

‫ثع إف الربلة حبػر‪ ،‬الربلة سعادة كبيخة كاف عميو الربلة والدبلـ يحجثشا كسا تقػؿ الديجة عائذة ونحجثو فإذا‬

‫حزخت الربلة فكأنو ال يعخفشا وال نعخفو‪.‬‬

‫ؼ َيْمَق ْؾ َف َغّيًا (;‪﴾)7‬‬ ‫الر َال َة ك َّاتبعؾا َّ ِ‬


‫الذ َي َؾات َف َد ْؾ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اعؾا َّ‬
‫َض ُ‬ ‫ف ِم ْؽ َب ْع ِج ِى ْؼ َخْم ٌ‬
‫فأَ‬ ‫﴿ َف َخَم َ‬

‫[ سػرة مخيع< اآلية ;‪]7‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب<‬

‫معشى لصيفًا ججًا الربلة عساد الجيغ فييا مغ معشى الرياـ الحؼ ىػ تخؾ الصعاـ والذخاب‪ ،‬تخؾ الصعاـ والذخاب‬

‫والكبلـ والحخكة‪ ،‬فييا مغ معشى الدكاة أنظ تقتصع مغ وقتظ وقتاً كي ترمي والػقت أصل في كدب الساؿ‪ ،‬فييا‬

‫مغ معشى الحج أنظ تتجو إلى بيت هللا الحخاـ‪ ،‬فييا نصق بالذيادتيغ في القعػد‪ ،‬إذًا الربلة ليا مغ كل أشخاؼ‬

‫أركاف اإلسبلـ اتراؿ إنيا عساد الجيغ‪ ،‬لحلظ ورد في بعس اآلثار القجسية< أف ليذ كل مرل يرمي إنسا تقبل‬

‫الربلة مسغ تػاضع لعطستي وكف شيػاتو عغ محارمي ولع يرخ عمى معريتي وأشعع الجائع وكدا العخياف‬

‫ورحع السراب وآوػ الغخيب كل ذلظ لي وعدتي وجبللي إف نػر وجيو ألضػأ عشجؼ مغ نػر الذسذ عمى أف‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪106‬‬


‫أجعل لو الجيالة حمسا والطمسة نػ ار يجعػني فألبيو ويقدع عمي فأبخه أكؤله بقخبي وأستحفطو مبلئكتي مثمو عشجؼ‬

‫كسثل الفخدوس ال يسذ ثسخىا وال يتغيخ حاليا‪.‬‬

‫هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫اف ُخِم َق َىُمؾعاً (;‪﴾)0‬‬ ‫﴿ِإ َّف ِْ‬


‫اْل ْن َد َ‬

‫[ سػرة السعارج< اآلية ;‪]0‬‬

‫ىحا ضعف في أصل خمقو لرالحو‪ ،‬إف اإلنداف خمق ىمػعا كي يمجأ إلى باب هللا عشج الذجة لػال ىحا اليمع الحؼ‬

‫في قمبو ال يتػب السؤمغ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫اف ُخِم َق َىُمؾعاً (;‪ِ )0‬إ َذا َم َّد ُو َّ‬


‫الذُّخ َج ُدكعاً (‪َ )41‬كِإ َذا َم َّد ُو اْل َخْيُخ َمُشؾعًا (‪ِ )40‬إََّّل اْل ُس َرّم َ‬
‫يؽ‬ ‫﴿ ِإ َّف ِْ‬
‫اْل ْن َد َ‬

‫(‪﴾)44‬‬

‫[ سػرة السعارج< اآلية ;‪]77-0‬‬

‫السترل باهلل لو صفات عالية ججاً وما لع تكغ ىحه الرفات متػافخة في السرمي فربلتو لع يقصف ثسارىا وليدت‬

‫الربلة التي أرادىا هللا لو‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب<‬

‫ؼ َيْمَق ْؾ َف َغّيًا (;‪﴾)7‬‬ ‫الر َال َة ك َّاتبعؾا َّ ِ‬


‫الذ َي َؾات َف َد ْؾ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اعؾا َّ‬
‫َض ُ‬ ‫ف ِم ْؽ َب ْع ِج ِى ْؼ َخْم ٌ‬
‫فأَ‬ ‫﴿ َف َخَم َ‬

‫[ سػرة مخيع< اآلية ;‪]7‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪107‬‬


‫الذيػة ما أودعيا هللا في اإلنداف إال ليخقى بيا إلى هللا يخقى بيا مختيغ‪ ،‬يخقى بيا صاب ًاخ إذا ابتعج عغ ما نياه‬

‫هللا عشو ويخقى بيا شاك اًخ إذا أقبل عمى ما أمخه هللا بو‪ ،‬فالذيػات في أصميا تخقى باإلنداف إلى رب األرض‬

‫والدساوات إنيا سمع نخقى بو إلى هللا أو دركات نيػؼ بيا في الشار‪ ،‬إنيا حيادية أنت حيشسا تسذي في حقل وتخػ‬

‫لػحة كتب عمييا حقل ألغاـ مسشػع التجاوز أنت ال تحقج عمى واضع ىحه المػحة بل تذكخه ألنو ضسغ سبلمتظ‬

‫بيحه المػحة وأنت حيشسا تفيع أوامخ هللا ونػاىيو ضساف لدبلمتظ وليدت قيج لحخيتظ تكػف قج فقيت معشى الجيغ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب<‬

‫قاؿ بعس العمساء في تفديخ قػلو تعالى<‬

‫َّللا ِبَقْم ٍب َسِم ٍ‬


‫يؼ (;‪﴾):‬‬ ‫َِّ‬
‫اؿ َكََّل َبُشؾ َف (‪ )::‬إَّل َم ْؽ أ ََتى َّ َ‬
‫﴿ َي ْؾَـ ََّل َيْش َف ُع َم ٌ‬

‫[ سػرة الذعخاء< اآلية ‪]:;-::‬‬

‫القمب الدميع ىػ كل قمب سمع مغ شيػة ال تخضي هللا والقمب الدميع ىػ كل قمب سمع مغ عبادة غيخ هللا والقمب‬

‫الدميع ىػ كل قمب سمع مغ تحكيع غيخ شخع هللا‪ ،‬والقمب الدميع ىػ القمب الحؼ سمع مغ ترجيق خبخ يتشاقس مع‬

‫وحي هللا‪ ،‬والقمب الدميع أثسغ إنجاز يحققو السؤمغ في حياتو وحيشسا يمقى هللا بقمب سميع فمو جشاف الخمج‪ ،‬قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫َّللا ِبَقْم ٍب َسِم ٍ‬


‫يؼ (;‪﴾):‬‬ ‫َِّ‬
‫اؿ َكََّل َبُشؾ َف (‪ )::‬إَّل َم ْؽ أ ََتى َّ َ‬
‫﴿ َي ْؾَـ ََّل َيْش َف ُع َم ٌ‬

‫[ سػرة الذعخاء< اآلية ‪]:;-::‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪108‬‬


‫أييا اإلخػة<‬

‫اإلنداف حيشسا يزع كل شيػة ال تخضي هللا وحيشسا يحكع اترالو باهلل يدتحق وعػد هللا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫يؽ ِم ْؽ َقْبِم ِي ْؼ َكَلُي َس ِّكَش َّؽ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِالح ِ‬


‫ات َلَي ْد َت ْخِم َفَّش ُي ْؼ ِفي ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ كعج َّ ِ‬
‫ف اَّلح َ‬
‫اس َت ْخَم َ‬
‫ض َك َسا ْ‬ ‫َمُشؾا مْش ُك ْؼ َك َعسُمؾا َّ َ‬ ‫َّللا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َل ُي ْؼ ديَش ُي ُؼ الحي ْارَت َزى َل ُي ْؼ َكَلُيَبّجَلَّش ُي ْؼ م ْؽ َب ْعج َخ ْؾف ِي ْؼ أ ْ‬
‫َمشاً﴾‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]77‬‬

‫شبعاً فخداً ومجتسعاً‪ ،‬يجب أف نعتقج أنو ما مغ شيػة أودعيا هللا في اإلنداف إال جعل ليا قشاةً نطيفة تدخؼ مغ‬

‫خبلليا‪ ،‬دققػا أييا اإلخػة السخكبة فييا وقػد سائل إذا وضع ىحا الػقػد في مكانو الرحيح وساؿ في األنابيب‬

‫السحكسة وانفجخ في السكاف السشاسب في السحخؾ وفي الػقت السشاسب ولج حخك ًة نافعة أخحتظ وأىمظ إلى مكاف‬

‫جسيل‪ ،‬أما إذا خخج ىحا الػقػد الدائل عغ مداره وأصاب السخكبة ش اخرة أحخؽ السخكبة ومغ فييا‪ ،‬ىحا الػقػد‬

‫الدائل يسثل الذيػة إذا استعسمت وفق مشيج هللا عد وجل ولجت خي ًاخ كثي ًاخ‪ ،‬إذًا الذيػات سمساً نخقى بو إلى هللا أو‬

‫دركات نيػؼ بيا إلى جيشع وبئذ السريخ‪.‬‬

‫يا أييا اإلخػة الكخاـ<‬

‫عػد عمى بجء العبخة أف نعخؼ حقيقة السذكمة وأف نػاجييا ال أف نقفد عمييا‪ ،‬والحقيقة السخة أىػف ألف مخة مغ‬

‫الػىع السخيح ووعػد هللا عد وجل في القخآف قصعية ألنو قاؿ تعالى<‬

‫َّللا َح ِجيثاً (‪﴾):9‬‬


‫﴿كمؽ أَصجؽ ِمؽ َّ ِ‬
‫ََْ ْ َ ُ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] :9‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪109‬‬


‫﴿ كمؽ أَكَفى ِبعي ِج ِه ِمؽ َّ ِ‬
‫َّللا﴾‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ََْ ْ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]000‬‬

‫ولكغ حيشسا نقرخ نحغ في تصبيق ما أمخنا بو قج ال ندتحق تحقيق وعػد هللا لشا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب<‬

‫إلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪110‬‬


‫الجرس ( ‪ < ) 09 - 1:‬مقاييذ التفؾؽ التي يشبغي أف يعتسجىا اْلنداف‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫الحسج هلل رب العالسيغ‪ ،‬والربلة والدبلـ عمى سيجنا دمحم الرادؽ الػعج األميغ‪.‬‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫مػضػع ىحا المقاء مقاييذ التفػؽ التي يشبغي أف يعتسجىا اإلنداف‪ ،‬فاإلنداف في التعاريف الجقيقة عقل يجرؾ‪،‬‬

‫وقمب يحب‪ ،‬وجدع يتحخؾ‪ ،‬يػجج فيو جانب إدراكي‪ ،‬وجانب انفعالي‪ ،‬وجانب مادؼ‪ ،‬واإلنداف الستفػؽ ىػ الحؼ‬

‫يخبي ىحه الجػانب‪ ،‬ال أف يخبي جانباً‪ ،‬ويجع جانباً آخخ‪ ،‬لحلظ جاء تعخيف العبادة متػافقاً مع تعخيف حقيقة‬

‫اإلنداف‪ ،‬فالعبادة< شاعة شػعية‪ ،‬أؼ سمػؾ‪ ،‬أساسيا معخفة يقيشية‪ ،‬أؼ إدراؾ‪ ،‬تفزي إلى سعادة أبجية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬العقل غحاؤه العمع‪ ،‬والعمع مادة أساسية في حياة اإلنداف‪ ،‬إنيا الحاجة العميا فيو‪ ،‬إنيا الحاجة التي‬

‫تؤكج إندانيتو‪ ،‬إنيا الحاجة التي تدسػ بو‪ ،‬إنيا الحاجة التي تدعجه في الجنيا واآلخخة‪ ،‬وقمب يحب‪ ،‬اإلنداف‬

‫عػاشف‪ ،‬ىحا الحؼ ال يذعخ بحاجة إلى أف يحب‪ ،‬وال أف ُيحب ليذ مغ بشي البذخ‪ ،‬الحب جدء أساسي مغ حياة‬

‫اإلنداف‪ ،‬وىحا الجدع أيزاً يحتاج إلى شعاـ وشخاب‪ ،‬نشتقل إلى مػضػع دقيق ىػ فصخة اإلنداف‪.‬‬

‫فصخة اإلنداف جبمتو‪ ،‬خرائرو الشفدية‪ ،‬ىحا الجانب الحؼ أغفمو العالع اليػـ‪ ،‬العالع اليػـ أؼ الحزارة الغخبية‬

‫اعتشت عشاية ال حجود ليا بالجانب السادؼ لئلنداف‪ ،‬ثع غفمت جػانبو األخخػ‪ ،‬سسعت قرة أحج كبار السيشجسيغ‬

‫في العالع‪ ،‬بعج أف أنجد جد اًخ يعج ثاني جدخ في العالع ألقى نفدو في البحخ‪ ،‬وغخؽ‪ ،‬ذىبػا إلى غخفتو في‬

‫الفشجؽ‪ ،‬فػججوا ورقة كتب عمييا< ذقت كل شيء في الحياة‪ ،‬فمع أجج ليا شعسًا‪ ،‬أردت أف أذوؽ شعع السػت‪،‬‬

‫اإلنداف حيشسا يعتشي بجدسو فقط دوف أف يعتشي بخوحو‪ ،‬دوف أف يعتشي بقمبو‪ ،‬دوف أف يعتشي بشفدو‪ ،‬فقج َج َان َب‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪111‬‬


‫الرػاب‪ ،‬فاإلنداف لو فصخة‪ ،‬أؼ جبّمة‪ ،‬ىحه الفصخة فصخه هللا عمييا‪.‬‬

‫لػ شخحشا ىحه الفصخة< " يا داود‪ ،‬ذكخ عبادؼ بإحداني إلييع‪ ،‬فإف الشفػس جبمت عمى حب مغ أحدغ إلييا‪،‬‬

‫وبغس مغ أساء إلييا "‪ ،‬فسغ فصخة اإلنداف أف تحب السحدغ‪ ،‬ومغ فصخة اإلنداف أف تكخه السديء‪ ،‬مغ فصخة‬

‫اإلنداف أف تحب التفػؽ‪ ،‬أف تحب األقػػ‪ ،‬أف تحب األجسل‪ ،‬أف تحب األكثخ‪ ،‬أف تحب األعمى‪ ،‬ىحا كمو مغ‬

‫فصختو‪ ،‬فاهلل عد وجل فصخ اإلنداف فصخًة تعيشو عمى أف يعخؼ ربو‪ ،‬وأف يدعج بقخبو‪ ،‬ولكغ ىحه الفصخة متػافقة‬

‫تػافقاً تاماً مع مشيج هللا‪ ،‬والجليل عمى ذلظ قػؿ هللا عد وجل<‬

‫الشاس عَمييا ََّل َتب ِجيل ِل َخْم ِق َّ ِ‬ ‫يؽ حِشيفًا ِف ْظخَة َّ ِ‬


‫َّللا َّالِتي َف َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا﴾‬ ‫ْ َ‬ ‫ظَخ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ َفأَق ْؼ َك ْج َي َػ ل ّمج ِ َ‬

‫[ سػرة الخوـ< اآلية ‪]51‬‬

‫اإلنداف فصخ عمى معخفة هللا وشاعتو‪ ،‬وعمى الدعادة بالقخب مشو‪ ،‬فإذا لع يعخفو ضل سػاء الدبيل‪ ،‬إذا لع يصعو‬

‫شقي في الجنيا واآلخخة‪ ،‬إذا لع يشعع بقخبو شقي بالبعج عشو‪.‬‬

‫إذًا أييا اإلخػة‪ ،‬فصخة اإلنداف تقتزي أف تعبج هللا‪ ،‬لحلظ حيشسا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫اىا (‪﴾):‬‬
‫ؾرَىا َكَت ْق َؾ َ‬
‫اىا (‪َ )9‬فأَْل َي َس َيا ُف ُج َ‬
‫ذ َك َما َس َّؾ َ‬
‫﴿كَن ْف ٍ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الذسذ ]‬

‫ال يسكغ أف يكػف معشى اآلية أنو خمق فييا الفجػر‪ ،‬لكغ معشى اآلية أف فصخة الشفذ العالية لسجخد أف تقع في‬

‫خصأ تعحبو نفدو عحابًا ذاتيًا‪ ،‬وىحا معشى الزسيخ‪ ،‬إف صح التعبيخ‪ ،‬أو معشى الذعػر بالكببة‪ ،‬أو معشى الذعػر‬

‫بالحنب‪ ،‬الشفذ تعحب صاحبيا‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪112‬‬


‫لحلظ اإلنداف حيشسا يؤدؼ واجبو‪ ،‬وحيشسا يصيع ربو‪ ،‬وحيشسا تزبصو قيع ديشية واضحةٌ يدعج سعادة ال تػصف‪،‬‬

‫لحلظ قالػا< في قمب السؤمغ مغ الدعادة ما لػ وزعت عمى بمج لكفتيع‪ ،‬فالفصخة مجسػعة خرائز لمشفذ‪ ،‬مغ‬

‫ىحه الخرائز كسا ذكخت أف تحب األعمى‪ ،‬األقػػ‪ ،‬األجسل‪ ،‬أف تحب التفػؽ‪ ،‬أف تحب الشجاح‪ ،‬والفبلح‪ ،‬أف‬

‫تحب التػفيق في حياتظ‪ ،‬ىحا كمو مغ فصخة اإلنداف‪.‬‬

‫ولكغ لئلنداف فصخة ولو شبع‪ ،‬الصبع يأخح الجانب السادؼ في اإلنداف‪ ،‬فالجدع يحب أف يشاـ‪ ،‬والجدع يحب أف‬

‫يأكل‪ ،‬وأف يذخب‪ ،‬وأف يدتستع‪ ،‬فممجدع خرائز‪ ،‬ولمشفذ خرائز‪ ،‬الذيء الجقيق أف خرائز الشفذ‬

‫صمَّ ْي ُت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اؿ َر ُج ٌل< َل ْيتَشي َ‬ ‫متػافقة مع مشيج هللا‪ ،‬فاإلنداف إذا صمى تختاح نفدو‪َ ،‬ع ْغ َسال ِع ْب ِغ أَبي اْل َج ْعج َق َ‬
‫اؿ< َق َ‬

‫ػؿ<‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َفاستخحت‪َ ،‬ف َكأََّنيع عابػا عَمي ِو َذِلظ‪َ ،‬فَقاؿ< س ِسعت رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َيُق ُ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َ َ ْ ُ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ ُ َ ْ‬ ‫ْ ََ ْ ُ‬

‫(( َيا ِب َال ُؿ‪ ،‬أ َِق ْؼ َّ‬


‫الر َال َة‪ ،‬أ َِر ْحَشا ِب َيا ))‬

‫[أبػ داود‪ ،‬أحسج]‬

‫ِ‬
‫يرل اإلنداف عحبتو نفدو‪ ،‬اإلنداف إذا كاف صادقاً تختاح نفدو‪ ،‬فإذا كحب عمى الشاس‪ ،‬ولػ انتدع‬ ‫فإذا لع‬
‫ّ‬

‫إعجابيع زو اًر وباشبلً تعحبو نفدو‪ ،‬اإلنداف خمق خمقاً كامبلً‪ ،‬وفصخ فصخًة سميسة‪ ،‬فشفدو تعحبو‪ ،‬لحلظ قالػا< الحق‬

‫ىػ دائخة يسخ عبخىا أربعة خصػط‪ ،‬خط الشقل الرحيح‪ ،‬وخط العقل الرخيح‪ ،‬وخط الفصخة الدميسة‪ ،‬وخط الػاقع‬

‫السػضػعي‪ ،‬فيحه الشفذ اإلندانية جبمت عمى حب مغ أحدغ إلييا‪ ،‬جبمت عمى حب التفػؽ‪ ،‬وحب الشجاح‪،‬‬

‫وحب الفبلح‪ ،‬وحب التػفيق في األعساؿ‪ ،‬لحلظ تبحث عغ الشجاح بسقاييذ‪ ،‬ىشا دخمشا في مػضػع ىحا المقاء‪ ،‬ما‬

‫السقاييذ السشتدعة مغ حخكة الحياة ؟‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪113‬‬


‫السقاييذ التي اعتسجىا اإلنداف‪ ،‬والتي استشبصيا مغ حخكة الحياة مقياس الساؿ‪ ،‬الشاس يعطسػف رب الساؿ‪،‬‬

‫مقياس القػة‪ ،‬الشاس يعطسػف القػؼ‪ ،‬مقياس الػسامة‪ ،‬الشاس يعطسػف الػسيع‪ ،‬مقياس الكبخ والعمػ‪ ،‬ىحه كميا‬

‫مقاييذ مدتشبصة مغ حخكة الحياة‪ ،‬ولكغ ما السقاييذ التي اعتسجىا هللا في القخآف ؟ ىشا السذكمة‪ ،‬أف تأتي‬

‫مقاييذ السؤمغ في التفػؽ متػافقة مع مقاييذ القخآف الكخيع‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬مثبلً‪ ،‬عسيخ بغ وىب مخًة كاف مع صفػاف بغ أمية‪ ،‬فقاؿ< وهللا‪ ،‬لػال أوالد أخذى عمييع العشت مغ‬

‫بعجؼ‪ ،‬ولػال ديػف ركبتشي ما أشيق سجادىا لحىبت‪ ،‬وقتمت دمحماً‪ ،‬وأرحتكع مشو‪ ،‬فانتيد صفػاف ىحه الفخصة‪ ،‬وقاؿ<‬

‫أما ديػنظ فيي عمي بمغت ما بمغت‪ ،‬وأما أوالدؾ فيع أوالدؼ ما امتج بيع العسخ‪ ،‬فاذىب لسا أردت‪.‬‬

‫أسيخ عشج السدمسيغ‪ ،‬فمسا وصل‬


‫سقى عسيخ سيفو سساً‪ ،‬وجيد راحمتو‪ ،‬وانصمق إلى السجيشة تحت غصاء أف ابشو ٌ‬

‫السجيشة رآه سيجنا عسخ بغ الخصاب رضي هللا عشو‪ ،‬قاؿ< يا رسػؿ هللا‪ ،‬ىحا عجو هللا‪ ،‬جاء يخيج ش ًاخ‪ ،‬فقيَّجه بحسالة‬

‫سيفو‪ ،‬وساقو إلى الشبي عميو الربلة والدبلـ‪ ،‬الشبي عميو الربلة والدبلـ قاؿ< يا عسخ‪ ،‬أشمقو‪ ،‬فأشمقو‪ ،‬قاؿ<‬

‫ابتعج عشو يا عسخ‪ ،‬فابتعج عشو‪ ،‬قاؿ< ادف مشي يا عسيخ‪ ،‬دنا مشو‪ ،‬قاؿ الشبي عميو الربلة و الدبلـ< يا عسيخ‪ ،‬ما‬

‫الحؼ جاء بظ إليشا ؟ قاؿ< جئت أرجػ فكاؾ ىحا األسيخ الحؼ في أيجيكع‪ ،‬قاؿ< فسا باؿ ىحه الديف التي عمى‬

‫عاتقظ ؟ قاؿ< قبحيا هللا مغ سيػؼ‪ ،‬وىل نفعتشا يػـ بجر ؟ قاؿ عميو الربلة والدبلـ< يا عسيخ‪ ،‬ألع تقل لرفػاف‬

‫في فشاء الكعبة عشج الحجخ< لػال ديغ عمي‪ ،‬و عياؿ عشجؼ لخخجت‪ ،‬وقتمت دمحمًا‪ ،‬وأرحتكع مشو‪ ،‬فتحسل عشظ‬

‫حائل بيشي وبيشظ‪ ،‬فحىل عسيخ‪ ،‬وقاؿ< أشيج أنظ رسػؿ هللا‪ ،‬ألف‬
‫ٌ‬ ‫صفػاف ديشظ وعيالظ عمى أف تقتمشي‪ ،‬وهللاُ‬

‫خبخؼ مع صفػاف لع يعمع بو أحج‪ ،‬إال أنا وىػ وهللا‪ ،‬ثع شخح صجره لئلسبلـ‪ ،‬وأسمع عسيخ‪ ،‬وأصبح مغ أصحاب‬

‫رسػؿ هللا‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪114‬‬


‫اإلنداف يبحث عغ الدعادة‪ ،‬يبحث عغ الشجاة‪ ،‬يبحث عغ التفػؽ‪ ،‬لكغ رؤيتو قج تكػف غيخ صحيحة‪ ،‬فحيشسا‬

‫يخػ رؤية غيخ صحيحة تشحل مذكمتو‪ ،‬ويقبل عمى ربو‪.‬‬

‫أحج زعساء غصفاف كاف في خيسة يعدكخ بيا ليحارب الشبي عميو الربلة والدبلـ في مػقعة الخشجؽ‪ ،‬جمذ ىحا‬

‫البصل زعيع غصفاف اسسو نعيع بغ مدعػد‪ ،‬قبل أف يدمع جمذ في خيستو‪ ،‬وأجخػ مع نفدو حػا ًار ذاتيًا‪ ،‬قاؿ< يا‬

‫نعيع‪ ،‬ما الحؼ جاء بظ إلى ىشا ؟ جئت تقاتل ىحا الخجل الصيب‪ ،‬ىل سفظ دماً ؟ ىل انتيظ عخضاً ؟ ىل سمب‬

‫ماالً ؟ أيغ عقمظ يا نعيع ؟ أيميق بظ أف تفعل ىحا ؟ حػار ذاتي نقمو نقم ًة مغ شقاء أبجؼ إلى سعادة أبجية‪ ،‬فقاؿ<‬

‫انصمقت إلى رسػؿ هللا‪ ،‬فمسا رآه الشبي ‪ e‬قاؿ< نعيع ؟ قاؿ نعيع< جئت مدمسًا‪ ،‬وليحه القرة تتسة رائعة‪...‬‬

‫لقج أجخػ هللا عمى يجيو الشرخ في معخكة الخشجؽ‪ ،‬ألنو دخل بيغ الفخيقيغ‪ ،‬وأوقع بيشيسا‪ ،‬وضعف اتحادىسا‪،‬‬

‫وتفخقػا عغ ىحه السعخكة بعج أف جاءتيع رياح قمبت قجورىع‪ ،‬واقتمعت خياميع‪ ،‬وأشفأت نيخانيع‪.‬‬

‫فاإلنداف يبحث عغ الحقيقة‪ ،‬فإذا وججىا يدعج بيا‪ ،‬فاإلنداف فصختو تجعػه إلى شاعة هللا‪ ،‬تجعػه إلى اإلقباؿ‬

‫عميو‪ ،‬تجعػه إلى أف يدعج بقخبو‪ ،‬وجدسو يجعػه إلى الشػـ‪ ،‬يجعػه إلى إشبلؽ البرخ‪ ،‬يجعػه إلى أخح ما ال يسمظ‪،‬‬

‫تشاقس التكاليف مع شبع اإلنداف ىػ ثسغ الجشة‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫ذ َع ِؽ اْل َي َؾى (‪َ )61‬فِإ َّف اْل َجَّش َة ِىي اْل َسأ َْكى (‪﴾)60‬‬ ‫َما مؽ َخاؼ مَقاـ رب ِ‬
‫ِو َكَن َيى َّ‬
‫َ‬ ‫الش ْف َ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫﴿كأ َّ َ ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الشازعات ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪115‬‬


‫أوضح ىحه الحقيقة ببعس األمثمة<‬

‫اإلنداف يحب أف يشاـ‪ ،‬شبعو يجعػه إلى الشػـ‪ ،‬لكغ التكميف يجعػه إلى أف يدتيقع‪ ،‬فحيشسا يعاكذ ىػػ نفدو‪،‬‬

‫ويدتيقع‪ ،‬ويرمي تختاح نفدو‪ ،‬ألف الشفذ متػافقة مع مشيج هللا عد وجل‪ ،‬وألف الصبع متشاقس معو‪ ،‬مغ خبلؿ‬

‫ىحا التشاقس يكػف ثسغ الجشة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ما مقاييذ القخآف الكخيع ؟ نحغ مغ حخكة اإلنداف في الحياة يدتشبط أف الجساؿ قيسة‪ ،‬وأف‬

‫القػة قيسة‪ ،‬وأف الغشى قيسة‪ ،‬وأف العمػ قيسة‪ ،‬ولكغ هللا عد وجل ما السقاييذ التي اعتسجىا ؟ هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫َّللا َكَر ُسؾَل ُو َفَق ْج َف َاز َف ْؾ ًاز َع ِغيسًا﴾‬ ‫ِ‬


‫﴿ك َم ْؽ ُيظ ِع َّ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]90‬‬

‫بل فطغ أف أحجًا أوتي خي ًاخ مشو‬


‫شاعة هللا عد وجل ىي مقياس الفػز في القخآف الكخيع‪ ،‬لحلظ مغ أوتي القخآف مث ً‬

‫فقج حقخ ما عطسو هللا‪ ،‬إذا كشت مصيعاً هلل عد وجل‪ ،‬قائساً بأمخه‪ ،‬مشتيياً عسا نياؾ فأنت الفائد‪ ،‬وأنت الستفػؽ‪،‬‬

‫وأنت الحؼ يشبغي أف تدعج في دنياؾ‪ ،‬ىحا السقياس األوؿ<‬

‫َّللا َكَر ُسؾَل ُو َفَق ْج َف َاز َف ْؾ اًز َع ِغيساً﴾‬ ‫ِ‬


‫﴿ك َم ْؽ ُيظ ِع َّ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]90‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪116‬‬


‫مقياس آخخ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّللا َعَمْي َػ َع ِغيسًا ﴾‬


‫﴿كعَّمسػ ما َلؼ َت ُكؽ َتعَمؼ كَكاف َف ْزل َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ ََ َ ْ ْ ْ ُ َ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]005‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب أييا‪ ،‬دققػا في قػؿ هللا تعالى<‬

‫يل﴾‬ ‫ِ‬ ‫اع ُّ‬


‫الجْنَيا َقم ٌ‬ ‫﴿ ُق ْل َم َت ُ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]99‬‬

‫الجْنيا ك ِزيَش ُتيا كما ِعْشج َّ ِ‬


‫َّللا َخْيٌخ َكأَْبَقى أَ َف َال َت ْع ِقُمؾ َف﴾‬ ‫ِ‬
‫اع اْل َحَياة ُّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫يت ْؼ ِم ْؽ َش ْي ٍ ً َف َس َت ُ‬
‫﴿ك َما أُكِت ُ‬
‫َ‬

‫[ سػرة القرز< اآلية ‪]81‬‬

‫هللا عد وجل يرف الحياة الجنيا أنيا ىيشة‪ ،‬ال تعجؿ عشج هللا جشاح بعػضة‪ ،‬ولػ أنيا تعجؿ عشج هللا ما سقى‬

‫الكافخ مشيا شخبة ماء‪ ،‬لحلظ قاؿ اإلماـ عمي كخـ هللا وجيو<‬

‫((الغشى كالفقخ بعج العخض عمى هللا))‬

‫رجل مغ رجاؿ التاريخ يرفو مغ حػلو بأنو كاف قريخ القامة‪ ،‬أسسخ المػف‪ ،‬ضيق السشكبيغ‪ ،‬مائل الحقغ‪ ،‬ناتئ‬

‫الػجشتيغ‪ ،‬غائخ العيشيغ‪ ،‬ليذ شيء مغ قبح السشطخ إال وىػ آخح مشو بشريب‪ ،‬وكاف مع ذلظ سيج قػمو‪ ،‬إذا‬

‫غزب غزب لغزبتو مئة ألف سيف‪ ،‬ال يدألػنو فيسا غزب‪ ،‬معشى ذلظ أف الخجل قيستو في عسمو‪ ،‬قيستو في‬

‫استقامتو‪ ،‬قيستو في محبتو لآلخخيغ‪ ،‬قيستو في إنرافو‪ ،‬ما لع نعتسج مقاييذ القخآف الكخيع في التفػؽ فمغ نفمح في‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪117‬‬


‫حياتشا الجنيا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّللا َكَر ُسؾَل ُو َفَق ْج َف َاز َف ْؾ ًاز َع ِغيسًا﴾‬ ‫ِ‬


‫﴿ك َم ْؽ ُيظ ِع َّ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]90‬‬

‫َّللا َعَمْي َػ َع ِغيسًا﴾‬


‫﴿كعَّمسػ ما َلؼ َت ُكؽ َتعَمؼ كَكاف َف ْزل َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ ََ َ ْ ْ ْ ُ َ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]005‬‬

‫لػ دققشا في القخآف الكخيع لػججنا أف السقاييذ التي اعتسجىا تختمف عغ السقاييذ التي اعتسجىا الشاس‪ ،‬فاإلنداف‬

‫قج يقع في حيخة إف أخح بسقاييذ الشاس‪ ،‬ىحه مقاييذ الشاس لمجنيا فقط‪ ،‬فإذا جاء السػت ألغيت كل ىحه‬

‫اإلنجازات‪ ،‬كل شيء يزعو اإلنداف في ثانية واحجة‪ ،‬كل مخمػؽ يسػت‪ ،‬وال يبقى إال ذو العدة والجبخوت‪ ،‬والميل‬

‫ميسا شاؿ فبلبج مغ شمػع الفجخ‪ ،‬والعسخ ميسا شاؿ فبلبج مغ ندوؿ القبخ‬

‫يػمًا عمى آلة حجباء محسػؿ‬ ‫كل ابغ أنثى و إف شالت سبلمتو‬

‫فاعمع بأنػظ بعجىا محسػػؿ‬


‫ْ‬ ‫فإذا حسمت إلى القبػػػر جشازة‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬قاروف كسا يخوؼ القخآف الكخيع خخج عمى قػمو في زيشتو<‬

‫ظ َع ِغيؼٍ﴾‬
‫الجْنَيا َيا َلْي َت َلَشا ِم ْث َل َما أُكِت َي َق ُارك ُف ِإَّنوُ َل ُحك َح ٍّ‬
‫يجك َف اْل َحَيا َة ُّ‬
‫﴿ي ِخ ُ‬
‫ُ‬

‫[ سػرة القرز< اآلية ;‪]9‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪118‬‬


‫ىؤالء الحيغ يخيجوف الحياة الجنيا اعتسجوا مقاييذ األرض‪ ،‬الغشى‪ ،‬القػة‪ ،‬الػسامة‪ ،‬العمػ‪ ،‬لكغ السؤمشيغ اعتسجوا‬

‫مقاييذ القخآف‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َم َؽ َك َع ِس َل َص ِالحاً﴾‬ ‫ِ‬ ‫ُكتؾا اْل ِعْمؼ كيَم ُكؼ َثؾاب َّ ِ‬ ‫﴿كَق ِ‬
‫َّللا َخْيٌخ ل َس ْؽ آ َ‬ ‫َ َْ ْ َ ُ‬ ‫اؿ َّالح َ‬
‫يؽ أ ُ‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة القرز< اآلية ‪]:1‬‬

‫السذكمة أف تعتسج مقاييذ القخآف كي تتفػؽ‪ ،‬فالسقياس األوؿ<‬

‫َّللا َكَر ُسؾَل ُو َفَق ْج َف َاز َف ْؾ اًز َع ِغيساً﴾‬ ‫ِ‬


‫﴿ك َم ْؽ ُيظ ِع َّ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]90‬‬

‫َّللا َعَمْي َػ َع ِغيساً﴾‬


‫﴿كعَّمسػ ما َلؼ َت ُكؽ َتعَمؼ كَكاف َف ْزل َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ ََ َ ْ ْ ْ ُ َ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]005‬‬

‫لػ أف شفبلً صغي اًخ قاؿ لظ< أنا معي مبمغ عطيع‪ ،‬كع تطغ ىحا السبمغ ؟ وإذا قاؿ لظ غشي كبيخ< عشجؼ مبمغ‬

‫عطيع‪ ،‬فكمسة عطيع تتشاسب مع القائل‪ ،‬فإذا كاف خالق الدساوات واألرض يقػؿ<‬

‫َّللا َكَر ُسؾَل ُو َفَق ْج َف َاز َف ْؾ اًز َع ِغيساً﴾‬ ‫ِ‬


‫﴿ك َم ْؽ ُيظ ِع َّ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]90‬‬

‫َّللا َعَمْي َػ َع ِغيساً﴾‬


‫﴿كعَّمسػ ما َلؼ َت ُكؽ َتعَمؼ كَكاف َف ْزل َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ ََ َ ْ ْ ْ ُ َ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]005‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪119‬‬


‫ثع إف هللا عد وجل في آية أخخػ يقػؿ<‬

‫ات ِم َّسا َع ِسُمؾا ﴾‬


‫﴿كِل ُك ٍّل َدَر َج ٌ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األنعاـ< اآلية ‪]057‬‬

‫بل عغ مقياس‬
‫أؼ حجسظ عشج هللا بحجع عسمظ‪ ،‬والعسل الرالح ىػ السقياس الػحيج الحؼ يحاط بالسؤمغ‪ ،‬فز ً‬

‫العمع‪ ،‬مقياس العمع والعسل‪ ،‬السقياساف المحاف اعتسجىسا القخآف الكخيع في تقييع الشاس‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىشاؾ آية دقيقة ججاً تقػؿ<‬

‫اع اْل ُغُخ ِ‬


‫كر﴾‬ ‫الش ِار َكأ ُْد ِخ َل اْل َجَّش َة َفَق ْج َف َاز َك َما اْل َحَيا ُة ُّ‬
‫الجْنَيا ِإََّّل َم َت ُ‬ ‫﴿ َف َس ْؽ ُز ْح ِد َح َع ِؽ َّ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]0:7‬‬

‫زحدح فعل ثشائي مزعف‪ ،‬كقػلظ< زلدؿ‪ ،‬وعدعذ‪ ،‬ودمجـ‪ ،‬وقمقل‪ ،‬فالثشائي السزعف يعشي التكخار‪ ،‬فدحدحة‬

‫اإلنداف عغ الشار يحتاج إلى جيج كبيخ‪.‬‬

‫وقج ورد في بعس األحاديث<‬

‫(( أَََّل ِإ َّف َع َس َل اْل َجَّش ِة َح ْد ٌف ِبَخْب َؾٍة‪َ ،‬ث َال ًثا‪ ،‬أَََّل ِإ َّف َع َس َل َّ‬
‫الش ِار َس ْي ٌل ِب َد ْي َؾٍة‪)) ...‬‬

‫[أحسج َع ِغ ْاب ِغ َعب ٍ‬


‫َّاس]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪120‬‬


‫ٍ‬
‫مدتػ‪ ،‬وصل إلى مفتخؽ شخيقيغ‪ ،‬شخيق ىابصة وشخيق‬ ‫ترػر إندانا يخكب دراجة‪ ،‬يسذي بيا عمى شخيق‬

‫صاعجة‪ ،‬الصخيق اليابصة مخيحة لخاكب الجراجة‪ ،‬والصخيق معبجة‪ ،‬وليا أشجار‪ ،‬والصخيق الراعجة شخيق صعبة‬

‫عمى راكب الجراجة‪ ،‬وفييا حفخ‪ ،‬وأكسات وغبار‪ ،‬لكغ لػحة كتب عمييا ىحه الصخيق اليابصة تشتيي بحفخة ما ليا‬

‫مغ قخار‪ ،‬فييا وحػش جائعة‪ ،‬والصخيق الراعجة تشتيي بقرخ مشيف‪ ،‬ىػ لسغ وصل إليو‪.‬‬

‫ىحا الجػاب أال يغيخ قخار اإلنداف ؟ راكب الجراجة بحكع الػاقع‪ ،‬وبحكع دراجتو يشبغي أف يختار الصخيق الشازلة‪،‬‬

‫ألنيا مخيحة‪ ،‬وال يختار الصخيق الراعجة‪ ،‬ألنيا متعبة‪ ،‬لكغ حيشسا يق أخ ىحا البياف يجب أف يتخح ق اخ اًر آخخ‪،‬‬

‫يختار الصخيق الراعجة لسا يشتطخه مغ عصاء كبيخ‪ ،‬وىحا حاؿ السؤمغ‪ ،‬اإلنداف حيشسا يمغي عقمو‪ ،‬وحيشسا ال‬

‫يصمب العمع بحكع شبيعتو‪ ،‬وبحكع شبعو كسا ذكخت قبل قميل يختار الجنيا‪ ،‬يختار الذيػات التي بيغ يجيو‪ ،‬فحيشسا‬

‫يقتخب مغ السػت فيخػ فجاحة اختياره‪ ،‬وسػء اختياره‪ ،‬يشجـ نجماً ال حجود لو‪ ،‬أما حيشسا يق أخ البياف‪ ،‬واستجاب إلى‬

‫ىحا البياف‪ ،‬وسمظ الصخيق الراعجة وصل إلى ىحا القرخ السشيف‪.‬‬

‫لحلظ<‬

‫اع اْل ُغُخ ِ‬


‫كر﴾‬ ‫الش ِار َكأ ُْد ِخ َل اْل َجَّش َة َفَق ْج َف َاز َك َما اْل َحَيا ُة ُّ‬
‫الجْنَيا ِإََّّل َم َت ُ‬ ‫﴿ َف َس ْؽ ُز ْح ِد َح َع ِؽ َّ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]0:7‬‬

‫عيغ قػادا ثبلثة‪ ،‬عيغ القائج األوؿ سيجنا زيج‪،‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬الشبي عميو الربلة والدبلـ في معخكة مؤتة ّ‬

‫والقائج الثاني سيجنا جعفخ‪ ،‬والقائج الثالث سيجنا عبج هللا بغ رواحة‪ ،‬يبجو أف السعخكة صعبة ججاً‪ ،‬فالقائج األوؿ‬

‫حسل الخاية‪ ،‬وقاتل بيا حتى قتل‪ ،‬ثع استذيج‪ ،‬أخح الخاية القائج الثاني سيجنا جعفخ‪ ،‬وقاتل بيا حتى قتل‪ ،‬ثع‬

‫استذيج‪ ،‬فمسا جاء دور عبج هللا بغ رواحة‪ ،‬وكاف شاع اًخ تخدد ثبلثيغ ثانية‪ ،‬قاؿ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪121‬‬


‫ىحا حساـ السؾت قج صميت‬ ‫يا نفذ إَّل تقتمي تسؾتي‬

‫ك إف تؾليت فقج شػػقيت‬ ‫إف تفعمي فعميسا رضيت‬

‫وأخح الخاية‪ ،‬فقاتل بيا حتى قتل‪ ،‬الشبي عميو الربلة والدبلـ في السجيشة حجث أصحابو عسا جخػ في مؤتة‪،‬‬

‫فقاؿ< أخح الخاية أخػكع زيج فقاتل بيا حتى قتل‪ ،‬وإني ألرػ مقامو في الجشة‪ ،‬ثع تابع حجيثو فقاؿ< ثع أخح الخاية‬

‫أخػكع جعفخ‪ ،‬فقاتل بيا حتى قتل‪ ،‬وإني ألرػ مقامو في الجشة‪ ،‬ثع سكت الشبي سكػت الشبي حتى أقمق أصحابو‬

‫الكخاـ عمى أخييع عبج هللا فقالػا< يا رسػؿ هللا ما فعل عبج هللا ؟ ثع قاؿ< ثع أخح الخاية أخػكع عبج هللا‪ ،‬وقاتل بيا‬

‫حتى قتل‪ ،‬وإني ألرػ في مقامو ازو ار ًار عغ صاحبيو‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ألنو تخدد ثبلثيغ ثانية‪ ،‬وقج أخح الخاية‪ ،‬وبحؿ روحو في سبيل هللا‪ ،‬أ أريتع إلى قيسة الػقت‬

‫أوالً‪ ،‬ورأيتع إلى أف ىحا الفػز العطيع الحؼ يشالو اإلنداف حيشسا يعجه هللا بالجشة‪ ،‬قاؿ< وأخح الخاية أخػكع عبج هللا‪،‬‬

‫فقاتل بيا حتى قتل‪ ،‬وإني ألرػ في مقامو ازو ار ًار عغ صاحبيو‪.‬‬

‫فسقياس العمع‪ ،‬ومقياس العسل مقياساف أساسياف يعتسجىسا القخآف الكخيع في التخجيح بيغ البذخ‪ ،‬لكغ مقاييذ أىل‬

‫الجنيا ال عبلقة ليا بسقاييذ القخآف‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬آية أخخػ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿ َقج أَ ْفَمح مؽ َت َدَّكى (‪ )06‬كَذ َكخ اسؼ رب ِ‬


‫ِو َف َرَّمى (‪﴾)07‬‬‫َ َ ْ َ َّ‬ ‫ْ َ َْ‬

‫[ سػرة األعمى ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪122‬‬


‫تدكية الشفذ لعميا اليجؼ األوؿ مغ خمق اإلنداف‪ ،‬لعميا األمانة التي أوكمو هللا بيا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َش َف ْق َؽ ِمْش َيا َك َحسَم َيا ِْ‬


‫َف َي ْح ِسْمَش َيا َكأ ْ‬ ‫ض َكاْل ِجَب ِ‬ ‫الدساك ِ‬
‫اف ِإَّن ُو َك َ‬
‫اف‬ ‫اْل ْن َد ُ‬ ‫َ‬ ‫اؿ َفأََبْي َؽ أ ْ‬ ‫ات َك ْاألَْر ِ‬ ‫َماَن َة َعَمى َّ َ َ‬ ‫ِ‬
‫﴿إَّنا َعَخ ْضَشا ْاأل َ‬

‫عُمؾماً َج ُيؾَّلً﴾‬
‫َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]97‬‬

‫األمانة التي كمف هللا اإلنداف بحسميا إنيا نفدو التي بيغ جشبيو‪ ،‬كمفو أف يعخفيا بخبيا‪ ،‬وكمفو أف يحسميا عمى‬

‫شاعتو‪ ،‬وكمفو أف يحسميا عمى التقخب إليو بالعسل الرالح‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ا ً َرّبِو َفْمَي ْع َس ْل َع َسالً َصالحًا َكََّل ُي ْذ ِخ ْؾ ِبعَب َادة َرّبِو أ َ‬
‫َحجاً﴾‬ ‫اف َيْخ ُجؾا لَق َ‬
‫﴿ َف َس ْؽ َك َ‬

‫[ سػرة الكيف< اآلية ‪]001‬‬

‫فمحلظ مقياس التفػؽ أف تدكي نفدظ‪ ،‬أف تصيخىا‪ ،‬أف يكػف قمبظ سميسًا‪ ،‬فشحغ عشجما نق أخ القخآف يجب أف نقخأه‪،‬‬

‫وأف نخاه بكل جػارحشا‪ ،‬وكل مذاعخنا‪ ،‬وكل ذرة في ذرات أجدادنا‪ ،‬أنو كبلـ هللا‪ ،‬وأف هللا عد وجل حيشسا يقػؿ<‬

‫ِ‬
‫َمُشؾا﴾‬ ‫﴿يا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]016‬‬

‫يجب أف تتحكخ ىحا العقج اإليساني بيشظ وبيغ هللا‪ ،‬كأف هللا عد وجل يقػؿ< يا مغ آمشتع بػجػدؼ‪ ،‬يا مغ آمشتع‬

‫بػحجانيتي‪ ،‬يا مغ آمشتع بكسالي‪ ،‬يا مغ آمشتع بسحبتي‪ ،‬لكغ افعمػا ىحا‪ ،‬وال تفعمػا ىحا‪ ،‬فكأف بيغ السؤمغ وهللا‬

‫عقجًا إيسانيًا‪ ،‬وكأف األمانة التي كمفو هللا حسميا ىي نفدو التي بيغ جشبيو‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪123‬‬


‫اىا (‪﴾)01‬‬
‫اب َم ْؽ َد َّس َ‬ ‫﴿ َق ْج أَ ْفَم َح َم ْؽ َزَّك َ‬
‫اىا (;) َكَق ْج َخ َ‬

‫[ سػرة الذسذ ]‬

‫الذقاء كل الذقاء في أف تبقي نفدظ جاىمة‪ ،‬في أف تتفمت مغ شاعة هللا‪ ،‬والدعادة كل الدعادة في أف تحسميا‬

‫عمى شاعتو‪.‬‬

‫أكاد أقػؿ أييا اإلخػة< الشاس رجبلف‪ ،‬ال ثالث ليسا‪ ،‬رجل عخؼ هللا سبحانو وتعالى‪ ،‬فانزبط بسشيجو‪ ،‬وأحدغ‬

‫إلى خمقو‪ ،‬فدعج في الجنيا واآلخخة‪ ،‬ورجل آخخ غفل عغ هللا‪ ،‬وتفمت مغ مشيج هللا‪ ،‬وأساء إلى خمق هللا‪ ،‬فذقي في‬

‫الجنيا واآلخخة‪ ،‬لحلظ الشاس عمى اختبلؼ ممميع ونحميع وانتساءاتيع وأعخاقيع وأجشاسيع ال يديجوف عمى رجميغ‪ ،‬بخ‬

‫ىيغ عمى هللا<‬


‫تقي كخيع عمى هللا‪ ،‬و فاجخ شقي ّ‬

‫﴿ َق ْج أَ ْفَم َح َم ْؽ َزَّك َ‬
‫اىا ﴾‬

‫[ سػرة الذسذ< اآلية ; ]‬

‫لػ عجنا إلى نقاط ىحا المقاء الصيب<‬

‫َّللا َكَر ُسؾَل ُو َفَق ْج َف َاز َف ْؾ اًز َع ِغيساً﴾‬ ‫ِ‬


‫﴿ك َم ْؽ ُيظ ِع َّ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]90‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪124‬‬


‫خالق الكػف يقػؿ ىحا فػز عطيع<‬

‫اع اْل ُغُخ ِ‬


‫كر﴾‬ ‫الش ِار َكأ ُْد ِخ َل اْل َجَّش َة َفَق ْج َف َاز َك َما اْل َحَيا ُة ُّ‬
‫الجْنَيا ِإََّّل َم َت ُ‬ ‫﴿ َف َس ْؽ ُز ْح ِد َح َع ِؽ َّ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]0:7‬‬

‫َّللا َع َسَم ُك ْؼ َكَر ُسؾُلوُ َكاْل ُس ْؤ ِمُشؾ َف﴾‬ ‫﴿كُق ِل ْ‬


‫اع َسُمؾا َف َدَيَخى َّ ُ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]017‬‬

‫ات ِم َّسا َع ِسُمؾا﴾‬


‫﴿كِل ُك ٍّل َدَر َج ٌ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األنعاـ< اآلية ‪]057‬‬

‫ُكتؾا اْل ِعْم َؼ َدَر َج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫﴿يخَف ِع َّ ِ‬


‫ات﴾‬ ‫َمُشؾا مْش ُك ْؼ َك َّالح َ‬
‫يؽ أ ُ‬ ‫َّللا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬

‫[ سػرة السجادلة< اآلية ‪]00‬‬

‫اىا (‪﴾)01‬‬
‫اب َم ْؽ َد َّس َ‬ ‫﴿ َق ْج أَ ْفَم َح َم ْؽ َزَّك َ‬
‫اىا (;) َكَق ْج َخ َ‬

‫[ سػرة الذسذ ]‬

‫سيجنا إبخاىيع عميو الدبلـ قاؿ<‬

‫اَل ِخ ِخ﴾‬ ‫ات مؽ آَمؽ ِمْشيؼ ِب َّ ِ‬


‫َمشًا كارُز ْؽ أ ْ ِ َّ ِ‬
‫ِ‬
‫اّلِل َكاْلَي ْؾ ِـ ْ َ‬ ‫َىَم ُو م َؽ الث َسَخ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫﴿رِّب ْ‬
‫اج َع ْل َى َحا َبَمجًا آ َ ْ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]078‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪125‬‬


‫قاؿ هللا عد وجل<‬

‫ذ اْل َس ِر ُيخ﴾‬
‫الش ِار َكبِْئ َ‬ ‫ظُّخُه ِإَلى َع َح ِ‬
‫اب َّ‬ ‫َض َ‬ ‫ُمِّت ُع ُو َقِمي ً‬
‫ال ُث َّؼ أ ْ‬ ‫اؿ َك َم ْؽ َك َفَخ َفأ َ‬
‫﴿ َق َ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]078‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬البصػلة أف تأتي مقاييذ الفػز والشجاح عشجؾ متصابقة مع مقاييذ القخآف‪ ،‬وإلى لقاء آخخ‬

‫إف شاء هللا تعالى‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪126‬‬


‫الجرس (;‪ < )09-1‬مؾلج الخسؾؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪0 -‬‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫إخػتي السؤمشيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫في ذكخػ مػلج الشبي ملسو هيلع هللا ىلص مغ السشاسب أف نزع بيغ أيجؼ اإلخػة السذاىجيغ الحقائق التالية<‬

‫الحقيقة األولى مدتشبصة مغ قػلو تعالى<‬

‫َّللا ِلُي َع ِّحَب ُي ْؼ َكأَْن َت ِف ِ‬


‫يي ْؼ﴾‬ ‫اف َّ ُ‬
‫﴿ك َما َك َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األنفاؿ< اآلية ‪]55‬‬

‫ففي حياة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص ماداـ الشبي الكخيع ‪ e‬بيغ ضيخاني أمتو فيع في أماف مغ عحاب هللا‪ ،‬ألنيع ضسغ مخحمة‬

‫اف هللا ِليُ َعِّح َبيع وأ َْن َت ِف ِ‬


‫يي ْع {‪،‬‬ ‫ُْ َ‬ ‫التكميف‪ ،‬ولكغ بعج انتقاؿ الشبي ملسو هيلع هللا ىلص ما معشى ىحه اآلية ؟ قاؿ عمساء التفديخ< } َو َما َك َ ُ‬

‫أؼ< سشتظ مصبقة في حياتيع‪ ،‬مصبقة في بيػتيع‪ ،‬مصبقة في أعساليع‪ ،‬مصبقة في كدب أمػاليع‪ ،‬مصبقة في أوقات‬

‫فخاغيع‪ ،‬مصبقة في ليػىع‪ ،‬مصبقة في أوقات فخاغيع‪ ،‬مصبقة في مشاسباتيع الحديشة والسفخحة‪ ،‬مصبقة في عبلقاتيع‪،‬‬

‫فسا داـ السؤمشػف ِّ‬


‫مصبقيغ مشيج الشبي ملسو هيلع هللا ىلص فيع في مأمغ مغ عحاب هللا ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪127‬‬


‫اؿ<‬ ‫عغ مع ٍاذ ر ِ‬
‫َّللاُ َع ْش ُو َق َ‬
‫ضي َّ‬
‫َ ْ َُ َ َ‬

‫ق َّ ِ‬
‫َّللا َعَمى‬ ‫اؿ< َيا ُم َعا ُذ‪َ ،‬ى ْل َت ْجرِي َح َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ؼ َّ ِ‬
‫(( ُكْش ُت ِرْد َ‬
‫اؿ َل ُو< ُع َفْيٌخ‪َ ،‬فَق َ‬
‫َّللا َعَمْيو َك َسم َؼ َعَمى ح َس ٍار ُيَق ُ‬
‫الشب ِّي َصمى َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ق َّ ِ‬ ‫ق اْل ِعب ِاد عَمى َّ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫كه‪َ ،‬كََّل ُي ْذ ِخُكؾا‬ ‫َّللا َعَمى اْل ِعَباد أ ْ‬
‫َف َي ْعُب ُج ُ‬ ‫اؿ< َفِإ َّف َح َّ‬
‫َّللا َكَر ُسؾُلوُ أَ ْعَم ُؼ‪َ ،‬ق َ‬
‫َّللا ؟ ُقْم ُت< َّ ُ‬ ‫عَباده‪َ ،‬ك َما َح ُّ َ َ‬

‫اس ؟‬ ‫َّللا‪ ،‬أَ َف َال أَُب ِّذُخ ِب ِو َّ‬


‫الش َ‬
‫َّللا أَف ََّل يع ِّحب مؽ ََّل ي ْذ ِخؾ ِب ِو َشيًئا‪َ ،‬فُقْمت< يا رسؾؿ َّ ِ‬
‫ُ َ َُ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ق اْل ِعَباد َعَمى َّ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِب ِو َشْيًئا‪َ ،‬ك َح َّ‬

‫اؿ< ََّل ُتَب ِّذْخُى ْؼ َفَي َّت ِكُمؾا ))‬


‫َق َ‬

‫(متفق عميو)‬

‫إذاً السدمسػف اليػـ إف أرادوا أف يكػنػا في مأمغ مغ عحاب هللا‪ ،‬وأف يكػنػا أعدة كخاماً‪ ،‬وأف يحققػا أىجافيع‪،‬‬

‫ويزسشػا سبلمتيع وسعادتيع فعمييع مغ خبلؿ ىحه اآلية أف يصبقػا مشيج الشبي ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ألف ىحا السشيج ىػ في‬

‫حقيقتو تعميسات الرانع‪ ،‬والرانع ىػ الجية الػحيجة التي يشبغي أف تتبع تعميساتيا‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫اعُب ُجكا َرَّب ُك ُؼ َّال ِحي َخَمَق ُك ْؼ﴾‬


‫اس ْ‬ ‫﴿ َيا أَُّي َيا َّ‬
‫الش ُ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]70‬‬

‫﴿ َكََّل ُيَشِّبُئ َػ ِم ْث ُل َخِب ٍ‬


‫يخ (‪﴾)06‬‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪]06‬‬

‫والخالق ىػ الخبيخ‪ ،‬والرانع ىػ الحكيع‪ ،‬وتعميساتو يشبغي أف تتبع‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪128‬‬


‫فالسدمسػف في مأمغ مغ عحاب هللا إذا كاف الشبي ‪ ،e‬أو كانت سشة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص ونيجو الحؼ ىػ وحي َ‬
‫يػحى‪ ،‬والحؼ‬

‫ىػ مغ عشج هللا‪ ،‬إذا كانت ىحه الدشة وىحا السشيج مصبقاً في حياتيع‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪،‬‬

‫َّللا ِلُي َع ِّحَب ُي ْؼ َكأَْن َت ِف ِ‬


‫يي ْؼ﴾‬ ‫اف َّ ُ‬
‫﴿ك َما َك َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األنفاؿ< اآلية ‪]55‬‬

‫ىشاؾ بحبػحة أخخػ‪ ،‬وىشاؾ مأمغ آخخ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّللا ُم َع ِّحَب ُي ْؼ َك ُى ْؼ َي ْد َت ْغ ِفُخك َف (‪﴾)55‬‬


‫اف َّ ُ‬
‫﴿ك َما َك َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األنفاؿ< اآلية ‪]55‬‬

‫فاإلنداف إما أف يكػف عمى مشيج هللا مقيساً‪ ،‬أو أنو إذا أخصأ عميو أف يدتغفخ‪ ،‬في ىاتيغ الحالتيغ ىػ في مأمغ‬

‫مغ عحاب هللا‪ ،‬ىػ في بحبػحة‪ ،‬في سبلمة‪ ،‬أما حيشسا يختكب خصأً‪ ،‬ويرخ عميو‪ ،‬وال يدتغفخ‪ ،‬وال يشجـ‪ ،‬عشجئح‬

‫يكػف قج ّ‬
‫عخض نفدو لتأديب هللا ولعحابو‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬هللا عد وجل يخاشب األمة العخبية التي شخفيا هللا بحسل رسالة اإلسبلـ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫ُمةٍ﴾‬
‫﴿ ُكْش ُت ْؼ َخْيَخ أ َّ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]001‬‬

‫قاؿ عمساء التفديخ< أصبحتع خيخ أمة بحسل ىحه الخسالة‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪129‬‬


‫كؼ كَتْشيؾ َف ع ِؽ اْلسْش َك ِخ كُت ْؤ ِمُشؾ َف ِب َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اّلِل﴾‬ ‫ُ َ‬ ‫ْمُخك َف ِباْل َس ْعُخ َ َ ْ َ‬
‫ُخ ِخ َج ْت ل َّمشاس َتأ ُ‬
‫ُم ٍة أ ْ‬
‫﴿ ُكْش ُت ْؼ َخْيَخ أ َّ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]001‬‬

‫أؼ إف عمة خيخية ىحه األمة األمخ بالسعخوؼ والشيي عغ السشكخ بعج اإليساف باهلل‪ ،‬فاألمخ بالسعخوؼ والشيي عغ‬

‫السشكخ ىػ الفخيزة الدادسة التي ألدمشا هللا بيا‪ ،‬وقج أىمظ هللا األمع الدابقة ألنيع كانػا ال يتشاىػف عغ مشكخ‬

‫فعمػه‪ ،‬فيحه الخيخية التي شخؼ هللا بيا األمة السحسجية خيخية معممة باألمخ بالسعخوؼ والشيي عغ السشكخ‪،‬‬

‫واإليساف باهلل‪ ،‬فإف كف السدمسػف عغ األمخ بالسعخوؼ والشيي عغ السشكخ فقجوا خيخيتيع‪ ،‬وكانػا أم ًة كأية أمة‬

‫أخخػ‪ ،‬لحلظ العمساء قدسػا أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص إلى أمتيغ‪ ،‬أمة االستجابة‪ ،‬وأمة التبميغ‪ ،‬فإف استجبشا هلل إذا دعانا إلى ما‬

‫يحييشا‪ ،‬وقصفشا ثسار ىحا اإليساف فشحغ بشز ىحه اآلية الكخيسة خيخ أمة أخخجت لمشاس‪ ،‬أما إذا لع ندتجب‪ ،‬ولع‬

‫نعبأ بيحا السشيج القػيع‪ ،‬ولع نعبأ بكتاب هللا الكخيع‪ ،‬وإذا ىاف أمخ هللا عميشا ىشا عمى هللا‪.‬‬

‫أمة االستجابة غيخ أمة التبميغ‪ ،‬األمة الذاردة ىي أمة التبميغ‪ ،‬ىي أمة كأؼ أمة‪ ،‬ليذ ليا أؼ فزل عمى بقية‬

‫األمع‪ ،‬بيشسا أمة االستجابة ىي التي استجابت هلل ولمخسػؿ حيشسا دعاىا إلى ما يحيييا‪ ،‬والحقيقة أف اإلنداف ال‬

‫يكػف حياً بالسعشى الحؼ يميق بو‪.‬‬

‫ليذ مغ مات فاستخاح بسيت إنسا السيت ميت األحياء‪.‬‬

‫ال يكػف حياً ً‬


‫حياة أخبلقية‪ ،‬حياةً عقمية‪ ،‬حياة سامية إال إذا تعخؼ إلى هللا‪ ،‬وسمظ شخيق مشيجو الحؼ يػصمو إلى‬

‫سبلمتو وسعادتو‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪130‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىشاؾ مغ يقػؿ< نحغ أبشاء هللا وأحباؤه‪ ،‬فيقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿ ُق ْل َفِم َؼ ُي َع ِّحُب ُك ْؼ ِب ُحُنؾب ُِك ْؼ َب ْل أَْن ُت ْؼ َب َذٌخ ِم َّس ْؽ َخَم َق﴾‬

‫[ سػرة السائجة< اآلية ‪]0:‬‬

‫اإلماـ الذافعي رحسو هللا تعالى استشبط مغ ىحه اآلية الجقيقة أف هللا ال يعحب أحبابو‪ ،‬فمػ أف هللا قِبل دعػاىع أنيع‬

‫فمع إذًا يعحبيع بحنػبيع ؟ لػ َقِبل دعػاىع لسا عحبيع بحنػبيع‪ ،‬إذاً نحغ حيشسا نصبق مشيج الشبي‬
‫أبشاء هللا‪ ،‬وأحباؤه َ‬

‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ونحغ في ذكخػ مػلجه الذخيف‪ ،‬نحغ في مأمغ مغ عحاب هللا‪ ،‬ونحغ أمة مختارة خيخ أمة أخخجت لمشاس‪،‬‬

‫أما إذا شخدنا عغ هللا‪ ،‬وعغ مشيجو فشحغ أمة كبقية األمع‪ ،‬ليا ما ليا‪ ،‬وعمييا ما عمييا‪ ،‬لحلظ ىشاؾ مقػلة رائعة<‬

‫ىاف أمخ هللا عمى الشاس فيانػا عمى هللا‪ ،‬ولػ أنيع عطسػا أمخه لحفطيع هللا عد وجل‪ ،‬وأكخميع‪ ،‬وأعمى مقاميع‪،‬‬

‫وسمسيع في الجنيا واآلخخة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىحه الحقيقة األولى‪ ،‬أف الشبي ملسو هيلع هللا ىلص مشيجو القػيع مشيج نجاة‪ ،‬ومشيج سعادة‪ ،‬ألنو مغ عشج‬

‫خالق األكػاف‪ ،‬ألنو مغ عشج خالق اإلنداف‪ ،‬ألنو مغ عشج الرانع‪ ،‬وتعميسات الرانع أولى أف تصبق مغ غيخه‪.‬‬

‫الحقيقة الثانية< الشبي ملسو هيلع هللا ىلص معرػـ بسفخده مغ أف يخصئ‪ ،‬معرػـ في أقػالو‪ ،‬ومعرػـ في أفعالو‪ ،‬ومعرػـ في‬

‫إق اخره‪ ،‬ومعرػـ في أحػالو‪ ،‬لحلظ هللا هلالج لج أمخنا أف نأخح مشو‪ ،‬وأف نشتيي عغ ما عشو نيانا وزجخنا‪ ،‬والشبي صمى‬

‫هللا عميو وسمع<‬

‫ِ‬
‫ق َع ِؽ اْل َي َؾى (‪ِ )5‬إ ْف ُى َؾ ِإََّّل َك ْح ٌي ُي َ‬
‫ؾحى (‪﴾)6‬‬ ‫﴿ َك َما َيْشظ ُ‬

‫[ سػرة الشجع ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪131‬‬


‫وعاؤه فخغ مغ أية ثقافة أرضية‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫اب اْل ُسْب ِظُمؾ َف (‪﴾)6:‬‬ ‫ُّ ِ ِ‬


‫﴿كََّل َت ُخظ ُو ِبَيسيش َػ ِإذًا ََّلْرَت َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة العشكبػت< اآلية ‪]6:‬‬

‫أميتو وساـ شخؼ لو‪ ،‬ألف هللا تػلى تعميسو‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫ِ‬
‫﴿عَّم َس ُو َشج ُ‬
‫يج اْلُق َؾى (‪﴾)7‬‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الشجع< اآلية ‪]7‬‬

‫لكغ أميتشا وصسة عار في حقشا‪ ،‬ألنشا ال نتعمع إال عغ شخيق اآلخخيغ‪ ،‬فالشبي ملسو هيلع هللا ىلص صانو عغ كل ثقافة أرضية‪،‬‬

‫ليكػف كل ما يمقيو عمى إخػانو وأصحابو وأمتو مغ بعجه وحي الدساء‪ ،‬لحلظ العمساء قالػا< ىشاؾ وحياف‪ ،‬وحي‬

‫متمػ ىػ القخآف الكخيع‪ ،‬ووحي غيخ متمػ ىػ سشة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬أو ما صح مغ سشة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىحا اعتقاد أؼ مدمع‪ ،‬أف الشبي ملسو هيلع هللا ىلص معرػـ بسفخده‪ ،‬مغ أف يخصئ في أقػالو‪ ،‬وفي أفعالو‪،‬‬

‫صَّمى َّ‬ ‫ذ ب ِغ م ِال ٍظ يُقػؿ< س ِسعت رسػؿ َّ ِ‬


‫ِ‬
‫َّللاُ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َ ُ َ ْ ُ َُ َ‬ ‫وفي إق اخره‪ ،‬وفي أحػالو‪ ،‬لكغ أمتو معرػمة بسجسػعيا‪َ ،‬ف َع ْغ أ ََن ْ َ‬

‫ػؿ<‬ ‫ِ َّ‬
‫َعَم ْيو َو َسم َع َيُق ُ‬

‫ُمِتي ََّل َت ْج َت ِس ُع َعَمى َض َال َل ٍة ))‬


‫(( ِإ َّف أ َّ‬

‫(ابغ ماجو‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪132‬‬


‫فالسدمسػف بعزيع لبعس نرحة متبادلػف‪ ،‬ولػ ابتعجت مشازليع‪ ،‬والسشافقػف بعزيع لبعس غذذة متحاسجوف‪،‬‬

‫ولػ اقتخبت مشازليع‪ ،‬وىحا جدء مغ عقيجة السدمع‪ ،‬الشبي ملسو هيلع هللا ىلص معرػـ بسفخده‪ ،‬بيشسا أمتو معرػمة بسجسػعيا‪ ،‬وألنو‬

‫معرػـ بسفخده فقج أمخنا هللا هلالج لج أف نأخح مشو‪ ،‬وأمخنا هللا هلالج لج أف نشتيي عسا عشو نيانا‪ ،‬فقاؿ تعالى<‬

‫اك ْؼ َعْش ُو َفاْن َت ُيؾا﴾‬


‫كه َك َما َن َي ُ‬
‫ؾؿ َف ُخ ُح ُ‬
‫الخ ُس ُ‬
‫اك ُؼ َّ‬
‫َت ُ‬
‫﴿ك َما آ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الحذخ< اآلية ‪]9‬‬

‫ىشاؾ حقيقة في عمع األصػؿ‪ ،‬أنو ما ال يتع الفخض إال بو فيػ فخض‪ ،‬وما ال يتع الػاجب إال بو فيػ واجب‪ ،‬وما‬

‫ال تتع الدشة إال بو فيػ سشة‪ ،‬فكل أمخ في القخآف الكخيع كسا يقػلػا عمساء األصػؿ يقتزي الػجػب‪ ،‬ما لع تقع‬

‫قخيشة عمى خبلؼ ذلظ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫اك ْؼ َعْش ُو َفاْن َت ُيؾا﴾‬


‫كه َك َما َن َي ُ‬
‫ؾؿ َف ُخ ُح ُ‬
‫الخ ُس ُ‬
‫اك ُؼ َّ‬
‫َت ُ‬
‫﴿ك َما آ َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الحذخ< اآلية ‪]9‬‬

‫إذاً البج تتسيساً لتشفيح ىحا األمخ أف نعخؼ ماذا أمخنا‪ ،‬وعغ أؼ شيء نيانا‪ ،‬إذاً معخفة سشة الشبي القػلية فخض‬

‫عيغ عمى كل مدمع‪ ،‬كسا أف السدمع يرمي‪ ،‬ألف الربلة فخض‪ ،‬ىػ يتػضأ قبل الربلة‪ ،‬ألف الػضػء مغ لػازـ‬

‫الربلة‪ ،‬إذاً ىػ فخض أيزاً‪ ،‬وكسا أف هللا أمخنا أف نأخح عغ الشبي ملسو هيلع هللا ىلص كل أوامخه‪ ،‬وأف نشتيي عغ كل نػاىيو‪ ،‬ىحا‬

‫األمخ يقتزي الػجػب‪ ،‬ومغ لػازـ ىحا األمخ أف نتعخؼ إلى مشيج الشبي ‪ ،e‬وإلى سشتو القػلية والعسمية‪.‬‬

‫إذًا يكاد يقػؿ عمساء األصػؿ< إف معخفة سشة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص فخض عيغ عمى كل مدمع‪ ،‬ألف األمخ اإلليي ال يحقق‬

‫إال إذا عخفشا سشة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص القػلية‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪133‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬شأف آخخ‪ ،‬حيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫اَل ِخَخ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ؾؿ َّ ِ‬


‫اف َل ُكؼ ِفي َرس ِ‬
‫َّللا َكاْلَي ْؾَـ ْ َ‬ ‫ُس َؾٌة َح َدَش ٌة ل َس ْؽ َك َ‬
‫اف َيْخ ُجؾ َّ َ‬ ‫َّللا أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫﴿َلَق ْج َك َ ْ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]70‬‬

‫نحغ ندأؿ< كيف يكػف الشبي ‪ e‬أسػة لشا إف لع نعخؼ سيختو ؟ إف لع نعخؼ أحػالو في بيتو ؟ مع زوجتو ؟ ومع‬

‫أوالده ؟ ومع إخػانو ؟ ومع أصحابو ؟ ومع جيخانو ؟ ومع مغ يمػذ بو ؟ في سمسو ؟ في حخبو ؟ في كدب مالو ؟‬

‫في تعاممو مع األشياء ؟ في رفقو بالحيػاف ؟ في وفائو ؟ في رحستو ؟ في عجلو ؟ في إنرافو‪ ،‬ألف هللا سبحانو‬

‫وتعالى يقػؿ<‬

‫َّللا َكِثي ًاخ (‪﴾)40‬‬ ‫َّللا كاْليؾـ ْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؾؿ َّ ِ‬


‫اف َل ُكؼ ِفي َرس ِ‬
‫اَلخَخ َكَذ َكَخ َّ َ‬ ‫ُس َؾٌة َح َدَش ٌة ل َس ْؽ َك َ‬
‫اف َيْخ ُجؾ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َّللا أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫﴿ َلَق ْج َك َ ْ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]70‬‬

‫إذًا نحغ ممدمػف أف نتعخؼ إلى سشة الشبي ‪ e‬القػلية‪ ،‬وإلى سيختو العسمية‪ ،‬فحخ ّّؼ بأؼ مدمع أف يكػف في بيتو‬

‫كتاب سشة صحيح‪ ،‬وكتاب سيخة صحيح‪ ،‬ليكػف ىحا الكتاب وتمظ الديخة إضاءة لسا في القخآف الكخيع مغ‬

‫تػجييات قػيسة‪ ،‬ذلظ أنيع يقػلػف< الكػف قخآف صامت‪ ،‬والقخآف كػف ناشق‪ ،‬والشبي ملسو هيلع هللا ىلص قخآف يسذي‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ْغ َس ْعج ْب ِغ ى َذا ٍـ َق َ‬
‫اؿ‬

‫ِ‬ ‫ؾؿ َّ ِ َّ‬ ‫َخِب ِخ ِ‬


‫(( َسأَْل ُت َع ِائ َذ َة َفُقْم ُت أ ْ‬
‫آف ))‬ ‫َّللا َعَمْيو َك َسَّم َؼ َفَقاَل ْت< َك َ‬
‫اف ُخُمُق ُو اْلُقْخ َ‬ ‫َّللا َصمى َّ ُ‬
‫يشي َع ْؽ ُخُم ِق َرس ِ‬
‫ُ‬

‫(أحسج)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪134‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬حقيقة ثالثة في ىحا المقاء الصيب‪ ،‬في ذكخػ مػلج الشبي ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬هللا هلالج لج ال يقبل دعػػ محبتو إال‬

‫بالجليل‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫َّللا َكَي ْغ ِفْخ َل ُك ْؼ﴾‬ ‫ِ‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف ُكْش ُتؼ ُت ِحُّبؾ َف َّ ِ ِ‬


‫َّللا َف َّاتب ُعؾني ُي ْحبْب ُك ُؼ َّ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]50‬‬

‫فأنت إذا قمت< أنا أحب هللا‪ ،‬معشى ذلظ أنظ تتبع رسػؿ هللا ‪ ،e‬وىحه عبلمة محبة هللا عد وجل‪ ،‬ودليل محبتو‪،‬‬

‫أما أف يكػف الحب دعػػ كسا قاؿ الذاعخ<‬

‫تعري اْللو كتغيخ حبػػو ذلػ لعسخي في القياس ششيع‬

‫لؾ كانت حبػ صادقًا ألطعت ق إف السػحب لسؽ يحب يظيع‬

‫فاهلل هلالج لج ال يقبل دعػػ محبتو إال بالجليل‪ ،‬والجليل القاشع عمى محبة هللا عد وجل االستجابة لخسػؿ هللا صمى هللا‬

‫عميو وسمع‪ ،‬واتباعو‪ ،‬فاتباع الشبي دليل محبة هللا عد وجل‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬مغ لػازـ اتباع الشبي الجعػة إلى هللا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫﴿ ُقل ى ِح ِه سِب ِيمي أ َْدعؾ ِإَلى َّ ِ‬


‫َّللا َعَمى َب ِر َيخٍة أََنا َك َم ِؽ َّاتَب َعِشي﴾‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ‬

‫[ سػرة يػسف< اآلية ‪]01:‬‬

‫فسغ لع يجعُ عمى بريخة فميذ متبعاً لخسػؿ هللا‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪135‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬الجعػة إلى هللا نػعاف‪ ،‬دعػة ىي فخض عيغ عمى كل مدمع‪ ،‬ومعشى كػنيا فخض عيغ‪ ،‬أؼ‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو َو َسَّم َع‬


‫صَّمى َّ‬ ‫َّللاِ ْب ِغ َع ْس ٍخو أ َّ‬
‫َف َِّ‬
‫الشب َّي َ‬ ‫فع ْغ َع ْبِج َّ‬
‫في حجود ما تعخؼ‪ ،‬ومع مغ تعخؼ‪ ،‬وال تكمف فػؽ ذلظ‪َ ،‬‬

‫اؿ<‬
‫َق َ‬

‫آيةً‪)) ...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(( َبّم ُغؾا َعّشي َكَل ْؾ َ‬

‫(البخارؼ)‬

‫في حجود ما تعمع‪ ،‬ومع مغ تعخؼ‪ ،‬ىحه الجعػة فخض عيغ‪ ،‬إف استسعت إلى خصبة‪ ،‬إلى درس‪ ،‬إلى حجيث‪،‬‬

‫فيجب أف تشقل الحؼ استسعت إليو إلى أخ كخيع‪ ،‬إلى جار‪ ،‬إلى صجيق‪ ،‬إلى زميل‪ ،‬وىحا معشى قػلو تعالى<‬

‫اص ْؾا ِب َّ‬ ‫اْل ْنداف َل ِفي ُخد ٍخ (‪ِ )4‬إََّّل َّال ِحيؽ آَمُشؾا كع ِسُمؾا َّ ِ ِ‬
‫الرْب ِخ‬ ‫اص ْؾا ِباْل َح ِّ‬
‫ق َكَت َؾ َ‬ ‫الرال َحات َكَت َؾ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َكاْل َع ْر ِخ (‪ِ )0‬إ َّف ِْ َ َ‬

‫(‪﴾)5‬‬

‫[ سػرة العرخ ]‬

‫فالجعػة إلى هللا فخض عيغ عمى كل مدمع‪ ،‬أما الجعػة إلى هللا التي ىي فخض كفاية إذا قاـ بيا البعس سقصت‬

‫عغ الكل فيي دعػة مغ نػع آخخ‪ ،‬حيشسا تتبحخ في العمع‪ ،‬وحيشسا تتفخغ لو‪ ،‬وحيشسا تتخرز فيو‪ ،‬وحيشسا تشيس‬

‫بشذخ ىحه الجعػة عمى أوسع نصاؽ‪ ،‬وحيشسا تخد عمى كل الذبيات‪ ،‬وتأتي بكل البيشات واألدلة‪ ،‬فيحه دعػة فخض‬

‫كفاية إذا قاـ بيا البعس سقصت عغ الكل‪ ،‬فقج قاؿ هللا عد وجل<‬

‫كؼ َكَيْش َي ْؾ َف َع ِؽ اْل ُسْش َك ِخ َكأُكَلِئ َػ ُى ُؼ اْل ُسْفِم ُحؾ َف (‪﴾)016‬‬


‫﴿ كْل َت ُك ْؽ ِمْش ُكؼ أُ َّم ٌة ي ْجعؾ َف ِإَلى اْل َخي ِخ كيأْمخك َف ِباْلسعخ ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ْ َ َ ُُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]016‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪136‬‬


‫ولكغ أييا اإلخػة‪ ،‬حقيقة دقيقة وخصيخة‪ ،‬مغ دعا إلى هللا بسزسػف ىديل‪ ،‬مغ دعا إلى هللا دعػة متشاقزة‪ ،‬دعػةً‬

‫غيخ متساسكة‪ ،‬أو دعا إلى هللا دعػةً قػي ًة ومتساسك ًة‪ ،‬ولكغ بأسمػب غيخ عمسي‪ ،‬وبصخيقة غيخ تخبػية‪ ،‬أو مغ‬

‫دعػة متساسك ًة قػي ًة بأسمػب عمسي‪ ،‬وبصخيقة تخبػية‪ ،‬لكغ السجعػ لع يجج مرجاقي ًة في الجاعي‪ ،‬قاؿ‬
‫ً‬ ‫دعا إلى هللا‬

‫بعس العمساء< ىحا السجعػ بيحا السزسػف اليديل‪ ،‬وىحا السزسػف الزحل أيزاً‪ ،‬وبيحه الصخيقة غيخ التخبػية‪،‬‬

‫وبيحا األسمػب غيخ العمسي‪ ،‬وبعجـ السرجاقية ال يعج عشج هللا مبمغًا‪ ،‬ألف اإلنداف مخكب في أعساقو أف ديغ هللا‬

‫عطيع‪ ،‬فكسا أف هللا عطيع فيشبغي أف يكػف ديشو في مدتػػ عطسة هللا عد وجل‪.‬‬

‫ما مغ حخفة تتحبحب بيغ أف تكػف خصيخة ججًا كرشعة األنبياء‪ ،‬وبيغ أف تكػف تافي ًة‪ ،‬فإذا اتخحت حخف ًة وسبب‬

‫رزؽ فيي حخفة ال تدتجعي إال عجـ االىتساـ‪ ،‬أما إذا كانت خالر ًة‪ ،‬وكانت عسيقة‪ ،‬وكانت بأسمػب عمسي‪،‬‬

‫أمذ الحاجة إلى دعاة صادقيغ‪،‬‬


‫وشخيقة تخبػية‪ ،‬كانت ىحه الجعػة أخصخ شيء في حياتشا‪ ،‬بل إف السدمسيغ في ّ‬

‫يجعمػف حقائق اإلسبلـ في متشاوؿ عامة الشاس‪ ،‬وأساليبو الشاجحة في الحياة بيغ أيجييع‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬شيء آخخ‪ ،‬مغ حقائق ذكخػ السػلج الشبػؼ الذخيف‪ ،‬وىػ أف السجيح والتبخؾ يشبغي أف ال‬

‫نشكخه‪ ،‬جسيل بشا أف نسجح الشبي ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فيػ سيج الخمق‪ ،‬وحبيب الحق‪ ،‬جسيل بشا أف نتبخؾ ببثاره‪ ،‬ولكغ أف نكتفي‬

‫بالسجيح دوف أف نتبع الشبي ملسو هيلع هللا ىلص فيحه مريبة السرائب‪ ،‬لػ أف أبًا عميسًا عالسيًا جمي ً‬
‫بل حكيساً‪ ،‬لو ابغ عمى نقيزو‪،‬‬

‫لػ أف االبغ أمزى كل حياتو في مجيح والجه‪ ،‬يبقى األب حيث ىػ‪ ،‬واالبغ حيث ىػ‪ ،‬ال يخقى االبغ إلى مدتػػ‬

‫والجه إال إذا سار في شخيقو‪.‬‬

‫لػ أف حاجباً لعالع جميل في غيبة ىحا العالع جمذ في مكانو‪ ،‬ىل تخقي مختبتو ؟ إشبلقاً‪ ،‬أما إذا سار في شخيق‬

‫سيجه فصمب العمع تختقي مختبتو‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪137‬‬


‫مؤثخ‪ ،‬ولكغ إذا اكتفيشا بيحا السجيح‪ ،‬ولع نقخف القػؿ‬
‫ًا‬ ‫فشحغ ػ والحسج هلل ػ نسجح الشبي ملسو هيلع هللا ىلص مجيحًا رائعًا‪ ،‬ومجيحاً‬

‫بالعسل‪ ،‬ولع نتبع سشة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص فيحا السجيح قج ال يقجـ وال يؤخخ‪ ،‬الشبي ملسو هيلع هللا ىلص يخػ يػـ القيامة أمتو‪ ،‬وقج سحبت إلى‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫ػؿ<‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َيُق ُ‬ ‫ػؿ< َسس ْع ُت الشَّب َّي َ‬
‫الشار‪َ ،‬ع ْغ َس ْيل َيُق ُ‬

‫َع ِخُف ُي ْؼ‪َ ،‬كَي ْع ِخُفؾِني‪ ،‬ثُ َّؼ‬ ‫(( أََنا َفَخطُ ُك ْؼ َعَمى اْل َح ْؾ ِ‬
‫ض‪َ ،‬م ْؽ َكَرَد َش ِخ َب‪َ ،‬ك َم ْؽ َش ِخ َب َل ْؼ َي ْغ َس ْأ أََبًجا‪َ ،‬كَلَي ِخَد َّف َعَم َّي أَ ْق َؾ ٌ‬
‫اـ أ ْ‬

‫ؾؿ< ُس ْحًقا‪ُ ،‬س ْحًقا ِل َس ْؽ َبَّج َؿ‬ ‫ِ‬ ‫ُي َحاؿ َبْيِشي َكَبْيَش ُيؼ‪َ ،‬فَيُقؾؿ< ِإَّن ُيؼ ِمِّشي‪َ ،‬فُيَق ِ‬
‫اؿ< إَّن َػ ََّل َت ْجرِي َما َعسُمؾا َب ْع َج َؾ‪َ ،‬فأَ ُق ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫َب ْع ِجي))‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬مدمع‪ ،‬أحسج ]‬

‫ِ‬
‫َع ْغ َأبي ُى َخْي َخَة َق َ‬
‫اؿ<‬

‫ِ‬ ‫ِيؽ { َد َعا َرسؾؿ َّ ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫َّللا َعَمْيو َك َسَّم َؼ ُقَخْي ًذا‪َ ،‬ف ْ‬
‫اج َت َس ُعؾا‪،‬‬ ‫َّللا َصمى َّ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫(( َل َّسا أُْن ِدَل ْت َىحه ْاَلَيةُ< } َكأَْنحْر َع ِذ َيخَت َػ ْاألَ ْقَخب َ‬

‫الش ِار‪َ ،‬يا َبِشي ُمَّخَة ِ‬


‫بؽ َك ْع ٍب‪ ،‬أَْن ِق ُحكا أَْن ُف َد ُك ْؼ ِم ْؽ‬ ‫اؿ< َيا َبِشي َك ْع ِب ْب ِؽ ُل َؤ ٍّي‪ ،‬أَْن ِق ُحكا أَْن ُف َد ُك ْؼ ِم ْؽ َّ‬
‫ص‪َ ،‬فَق َ‬
‫َف َع َّؼ‪َ ،‬ك َخ َّ‬

‫الش ِار‪ ،‬يا بِشي َى ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِار‪ ،‬يا بِشي عب ِج مَش ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِار‪ ،‬يا بِشي عب ِج َشس ٍ ِ‬
‫اش ٍؼ‪،‬‬ ‫اؼ‪ ،‬أَْنق ُحكا أَْن ُف َد ُك ْؼ م ْؽ َّ َ َ‬ ‫ذ‪ ،‬أَْنق ُحكا أَْن ُف َد ُك ْؼ م ْؽ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َّ َ َ َ ْ ْ‬

‫اط َسةُ‪ ،‬أَْن ِق ِحي َن ْف َد ِػ ِم ْؽ َّ‬


‫الش ِار‪َ ،‬فِإِّني‬ ‫الش ِار‪ ،‬يا َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِار‪ ،‬يا بِشي عب ِج اْلس َِّ‬
‫ظم ِب‪ ،‬أَْنق ُحكا أَْن ُف َد ُك ْؼ م ْؽ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَْنق ُحكا أَْن ُف َد ُك ْؼ م ْؽ َّ َ َ َ ْ ُ‬

‫َف َل ُك ْؼ َر ِح ًسا َسأَُبُّم َيا ِبَب َال ِل َيا ))‬ ‫ََّل أَمِمػ َل ُكؼ ِمؽ َّ ِ‬
‫َّللا َشْيًئا‪َ ،‬غْيَخ أ َّ‬ ‫ْ ُ ْ ْ‬

‫(مدمع)‬

‫الش ِار (;‪﴾)0‬‬ ‫ق َعَمْي ِو َكِمس ُة اْل َع َح ِ‬


‫اب أَ َفأَْن َت ُتْش ِق ُح َم ْؽ ِفي َّ‬ ‫﴿أَ َف َس ْؽ َح َّ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الدمخ< اآلية ;‪]0‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪138‬‬


‫أييا اإلخػة‪ ،‬فخضًا لػ أف الشبي ملسو هيلع هللا ىلص أفتى لػاحج بذيء‪ ،‬ومغ فسو الذخيف ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فإف فتػػ الشبي ملسو هيلع هللا ىلص عمى عطستيا إف‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو َو َسمَّ َع‬


‫صَّمى َّ‬ ‫َف رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫َّللاُ َع ْش َيا أ َّ َ ُ َ‬
‫ضي َّ‬‫ُـ سمسة ر ِ‬
‫لع يكغ صاحبيا محقاً ال يشجػ مغ عحاب هللا‪ ،‬فعغ أ ِ‬
‫َ ْ ّ َ ََ َ َ َ‬
‫اؿ<‬
‫َق َ‬

‫َخي ِو َشْيًئا ِبَق ْؾِل ِو َفِإَّن َسا‬


‫ض‪َ ،‬فس ْؽ َق َزي ُت َلوُ ِبح ِق أ ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(( إَّن ُك ْؼ َت ْخ َتر ُسؾ َف إَل َّي‪َ ،‬كَل َع َّل َب ْع َز ُك ْؼ أَْل َح ُؽ ب ُحجَّتو م ْؽ َب ْع ٍ َ‬
‫ظ ُع َل ُو ِق ْظ َع ًة ِم ْؽ َّ‬
‫الش ِار‪َ ،‬ف َال َي ْأ ُخ ْح َىا ))‬ ‫أَ ْق َ‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬مدمع‪ ،‬الشدائي‪ ،‬أبػ داود‪ ،‬ابغ ماجو‪ ،‬أحسج‪ ،‬مالظ ]‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬الذيء الجقيق أف االستجابة إلى رسػؿ هللا ىي عيغ االستجابة هلل‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ا ً ُى ْؼ﴾‬ ‫اعَم ْؼ أََّن َسا َي َّتِب ُعؾ َف أ ْ‬


‫َى َؾ َ‬ ‫﴿ َفِإ ْف َل ْؼ َي ْد َت ِج ُ‬
‫يبؾا َل َػ َف ْ‬

‫[ سػرة القرز< اآلية ‪]71‬‬

‫إرضاء رسػؿ هللا ىػ عيغ إرضاء هللا‪ ،‬شاعة رسػؿ هللا ىي عيغ شاعة هللا‪ ،‬ذلظ ألنيع كسا يقػلػف اليػـ< يػجج‬

‫شفافية‪ ،‬فحقيقة الشبي عميو الربلة والدبلـ تذف عغ حقيقة الحات اإلليية‪ ،‬حقيقة الشبي عميو الربلة والدبلـ ىػ‬

‫الحق الرخؼ‪ ،‬الكساؿ البذخؼ الخائع‪ ،‬فمحلظ االستجابة إلى رسػؿ هللا ىي عيغ االستجابة إلى هللا‪ ،‬وشاعة رسػؿ‬

‫هللا ىي عيغ شاعة هللا‪ ،‬وإرضاء رسػؿ هللا عيغ إرضاء هللا‪ ،‬لقػلو تعالى<‬

‫ؾه﴾‬
‫ض ُ‬‫َف ُيْخ ُ‬
‫ق أْ‬
‫َح ُّ‬
‫َّللا َكَر ُسؾُلوُ أ َ‬
‫﴿و َّ ُ‬
‫َ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]87‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪139‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬بقيت حقيقة خصيخة‪ ،‬ىي أف هللا سبحانو وتعالى حيشسا يقػؿ<‬

‫الخ ُس ِل َما ُن َثِّب ُت ِب ِو ُف َؤ َاد َؾ﴾‬ ‫ص عَمي َػ ِم ْؽ أَْنب ِ‬


‫ا ً ُّ‬ ‫َ‬ ‫ال َنُق ُّ َ ْ‬
‫﴿ َكُك ّ ً‬

‫[ سػرة ىػد< اآلية ‪]071‬‬

‫إذا كاف قمب الشبي عميو الربلة والدبلـ يدداد ثبػتاً لدساع قرة نبي دونو‪ ،‬فؤلف يدداد إيسانشا نحغ مؤمشيغ‬

‫بدساع قرة سيج السخسميغ فسغ باب أولى‪ ،‬لحلظ قاؿ تعالى<‬

‫﴿مْش ِكُخك َف﴾‬


‫ُ‬

‫[ سػرة السؤمشػف< اآلية ;‪]8‬‬

‫قاؿ تعالى<‬

‫﴿أ َْـ َل ْؼ َي ْع ِخُفؾا َر ُسؾَل ُي ْؼ َف ُي ْؼ َل ُو ُمْش ِكُخك َف (;‪﴾)8‬‬

‫[ سػرة السؤمشػف< اآلية ;‪]8‬‬

‫قاؿ تعالى<‬

‫احِب ُك ْؼ ِم ْؽ ِجَّشةٍ﴾‬ ‫ِِ‬


‫ّلِل م ْثَشى كُفخَادى ثُ َّؼ َت َت َف َّكخكا ما ِبر ِ‬ ‫﴿ ُقل ِإَّنسا أ ِ‬
‫َعغُ ُكؼ ِبؾ ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ؾمؾا َّ َ‬ ‫اح َج ٍة أ ْ‬
‫َف َتُق ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬

‫[ سػرة سبأ< اآلية ‪]68‬‬

‫إذًا أف نجتسع في بيػتشا‪ ،‬وفي مداججنا‪ ،‬وأف نتمػ سيخة الشبي عميو الربلة والدبلـ‪ ،‬وأف نتحجث عغ شسائمو‪ ،‬وعغ‬

‫خرائرو‪ ،‬وعغ فزائمو‪ ،‬وعغ مشيجو‪ ،‬وعغ كسالو‪ ،‬ىحا مغ صمب الجعػة إلى هللا‪ ،‬وأف نتحجث عغ شسائل الشبي‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪140‬‬


‫عميو الربلة والدبلـ‪ ،‬وعغ صفات الشبي ‪ ،e‬وعغ مشيج الشبي ‪ ،e‬وعغ أخبلؽ الشبي ‪ e‬شػاؿ العاـ‪ ،‬ىحا مغ‬

‫صمب الجعػة إلى هللا‪ ،‬فمحلظ هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫﴿أ َْـ َل ْؼ َي ْع ِخُفؾا َر ُسؾَل ُي ْؼ﴾‬

‫[ سػرة السؤمشػف< اآلية ;‪]8‬‬

‫هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫الخ ُس ِل َما ُن َثِّب ُت ِب ِو ُف َؤ َاد َؾ﴾‬ ‫ص عَمي َػ ِم ْؽ أَْنب ِ‬


‫ا ً ُّ‬ ‫َ‬ ‫﴿ َكُك ّالً َنُق ُّ َ ْ‬

‫[ سػرة ىػد< اآلية ‪071‬‬

‫إذاً أييا اإلخػة‪ ،‬ال ضيخ مغ أف نتعخؼ إلى رسػؿ هللا في أية مشاسبة‪ ،‬وفي أؼ يػـ مغ أياـ العاـ‪ ،‬بل إف السثل‬

‫العميا ال تعير إال بالسثل‪ ،‬والعطسة الخائعة لؤلنبياء والسخسميغ أنيع كانػا مثبلً عميا متحخكة أمامشا‪ ،‬وما أشج حاجة‬

‫السدمسيغ إلى مدمع متحخؾ يخوف إسبلمو في سمػكو‪ ،‬وفي عسمو‪ ،‬وفي ورعو‪ ،‬وفي عفتو‪ ،‬وفي استقامتو الشبي‬

‫عميو الربلة والدبلـ حيشسا جاء أصحابو كانػا يعخفػف صجقو‪ ،‬وأمانتو‪ ،‬وعفافو‪ ،‬وندبو‪.‬‬

‫إذاً الجعػة إلى هللا ال تقػـ إال عمى فكخ نيخ‪ ،‬وخمق قػيع‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬أرجػ هللا سبحانو وتعالى أف يشفعشي وإياكع بيحه الحقائق الستعمقة بحكخػ مػلج الشبي عميو‬

‫الربلة‪ ،‬والدبلـ‪ ،‬وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪141‬‬


‫الجرس (‪ < )09-01‬مؾلج الخسؾؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪4-‬‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫إخػتي السؤمشيغ ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو ‪ ،‬الزلشا في ذكخػ مػلج الشبي عميو الربلة والدبلـ ‪ ،‬ولكغ‬

‫البج مغ مقجمة ذلظ أف الستأمل في الكػف ‪ ،‬في الدساوات واألرض يجج حقيقة قاشعة ‪ ،‬وىي أف ليحا الكػف إلياً‬

‫عطيساً كامبلً واحجاً ‪ ،‬وأف كساؿ الخمق يجؿ عمى كساؿ الترخؼ ‪ ،‬أؼ إف ىحا اإللو العطيع البج مغ أف يخسل‬

‫بل ‪ ،‬ويشدؿ كتبًا ىجاي ًة لعباده مغ الزبللة والتيو‪.‬‬


‫رس ً‬

‫أييا اإلخػة ‪ ،‬حيشسا يخسل هللا هلالج لج رسػالً البج مغ أف يكػف مع ىحا الخسػؿ مشيج ‪ ،‬ىحا السشيج يقتزي أف تفعل ‪،‬‬

‫وال تفعل ‪ ،‬شيء مباح ‪ ،‬وشيء واجب ‪ ،‬وشيء فخض ‪ ،‬وشيء مكخوه ‪ ،‬وشيء محخـ ‪ ،‬فسع األنبياء أو مشيج‬

‫واحج ‪ ،‬جاء بريغ متعجدة ‪ ،‬لحلظ الشاس حيشسا يجعػف إلى التقيج بسشيج هللا عد وجل قج ال تصيب نفػسيع بيحه‬

‫السشاىج ‪ ،‬ماذا يفعمػف ؟ أىػف شيء أف يكحبػا األنبياء والسخسميغ ‪ ،‬فكيف يبيغ هللا لعباده الغافميغ الذارديغ أف‬

‫ىحا اإلنداف الحؼ أرسمو هللا ىػ رسػلو ‪ ،‬البج مغ أف يجعع ىحا الخسػؿ الكخيع بذيادة تذيج لمشاس أنيا رسػلو ‪،‬‬

‫إنيا السعجدات ‪ ،‬فالسعجدات في حقيقتيا شيادة هللا لمخسػؿ أنو رسػؿ هللا‪.‬‬

‫الخسػؿ يفعل شيئاً خارقاً لمعادة غيخ مألػؼ ‪ ،‬كأف فعل الخسػؿ في خخؽ قػانيغ األرض شيادة هللا ليؤالء الشاس‬

‫أنو رسػؿ هللا ‪ ،‬األنبياء الدابقػف معجداتيع معجدات حدية ‪ ،‬بسعشى أنيا وقعت ‪ ،‬ولغ تقع مخًة ثانية ‪ ،‬أصبحت‬

‫خب اًخ يرجقو مغ يرجقو ‪ ،‬ويكحبو مغ يكحبو ‪ ،‬فيي كعػد الثقاب تألق مخًة واحجة ‪ ،‬ثع انصفأ ‪ ،‬فأصبح خب اًخ يرجقو‬

‫السرجؽ ‪ ،‬أو يكحبو السكحب ‪ ،‬إال أف معجدة الشبي عميو الربلة والدبلـ ‪ ،‬ونحغ في ذكخػ مػلجه مغ نػع آخخ ‪،‬‬

‫إنيا معجدة عمسية ‪ ،‬إنيا معجدة عقمية ‪ ،‬ىي في القخآف الكخيع ‪ ،‬وتدتسخ ىحه السعجدة إلى أبج اآلبجيغ ‪ ،‬كمسا تقجـ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪142‬‬


‫العمع كذف عغ حقائق جاءت في القخآف الكخيع ‪ ،‬وكأف هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫اؽ َكِفي أَْن ُف ِد ِي ْؼ َح َّتى َي َتَبَّي َؽ َل ُي ْؼ أََّن ُو اْل َح ُّ‬


‫ق﴾‬ ‫يي ْؼ آََي ِاتَشا ِفي ْ َ‬
‫اَل َف ِ‬ ‫﴿سُش ِخ ِ‬
‫َ‬

‫[ سػرة فرمت< اآلية ‪]75‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب ‪ ،‬في القخآف الكخيع ما يديج عمى ألف وثبلثسئة آية تتحجث عغ الكػف ‪ ،‬وعغ خمق اإلنداف ‪،‬‬

‫وعغ خمق الحيػاف ‪ ،‬وعغ خمق الشبات ‪ ،‬ىحه اآليات كأنيا تعخيف بعطسة هللا تعخيف ‪ ،‬وبكسالو ‪ ،‬وتعخيف‬

‫بأسسائو الحدشى وصفاتو الفزمى‪.‬‬

‫إذًا معجدة الشبي عميو الربلة والدبلـ ىي في القخآف ‪ ،‬والقخآف مع أمة الشبي إلى نياية الجوراف ‪ ،‬ولحكسة بالغة لع‬

‫ِ‬
‫يفدخ الشبي عميو الربلة والدبلـ آيات الكػف في القخآف ‪ ،‬إما باجتياد مشو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬أو بتػجيو مغ هللا عد وجل ‪،‬‬
‫ّ‬

‫صا يفيسو مغ حػلو ألنكخنا عميو ‪ ،‬وقج تقجـ عشجنا العمع ‪ ،‬ولػ‬
‫ذلظ أنو لػ فدخ ىحه اآليات الكػنية تفدي اًخ مبد ً‬

‫ال يتشاسب مع تقجـ العمع ألنكخ عميو مغ حػلو ‪ ،‬لحلظ تخكت ىحه اآليات لمكذػفات العمسية فكمسا‬
‫فدخىا تفدي ًاخ مصػ ً‬

‫تقجـ العمع كذف عغ جانب مغ جػانب ىحه اآليات‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب ‪ ،‬قبل سشتيغ عخض مػقع معمػماتي يسثل أكبخ محصة فزاء في األرض صػرًة ‪ ،‬إذا تأممتيا‬

‫ال تذظ ثانية واحجة أنيا وردة جػرية ‪ ،‬ال تذظ ثانية واحجة أنيا وردة جػرية بأوراقيا الحسخاء الجاكشة ‪ ،‬وبػريقاتيا‬

‫الخزخاء الداىية ‪ ،‬و بكأسيا األزرؽ في الػسط ‪ ،‬ىي في الحقيقة ليدت ً‬


‫وردة جػرية ‪ ،‬إنسا ىي نجع اسسو عيغ‬

‫القط ‪ ،‬يبعج عشا ثبلثة آالؼ سشة ضػئية ‪ ،‬ىحا الشجع أصابو انفجار ‪ ،‬فكاف بيحا الذكل ‪ ،‬لػ قخأت قػلو تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪143‬‬


‫ِك َسا ُت َك ِّحَب ِ‬
‫اف (‪﴾)5:‬‬ ‫َي آَََّل ِ ً َرّب ُ‬ ‫ِ‬ ‫الدسا ً َف َكاَن ْت كرد ًة َك ِّ‬
‫الج َى ِ‬
‫اف (‪َ )59‬فبأ ِّ‬ ‫ََْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َفإ َذا اْن َذقت َّ َ ُ‬

‫[ سػرة الخحسغ ]‬

‫صجقػا أييا اإلخػة ‪ ،‬أنكع إف شالعتع معطع التفاسيخ حػؿ ىحه اآلية<‬

‫ِك َسا ُت َك ِّحَب ِ‬


‫اف (‪﴾)5:‬‬ ‫َي َآََّل ِ ً َرّب ُ‬ ‫ِ‬ ‫الدسا ً َف َكاَن ْت كرد ًة َك ِّ‬
‫الج َى ِ‬
‫اف (‪َ )59‬فبأ ِّ‬ ‫ََْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َفإ َذا اْن َذقت َّ َ ُ‬

‫[ سػرة الخحسغ ]‬

‫ال تجج تفدي ًاخ واحجًا يذفي الغميل ‪ ،‬بل إف ىحه الرػرة ىي التفديخ الحقيقي ليحه اآلية ‪ ،‬ىحا مرجاؽ قػؿ اإلماـ‬

‫عمي كخـ هللا وجيو< " في القخآف الكخيع آيات لسا تفدخ بعج "‪.‬‬

‫إذاً القخآف الكخيع فيو إعجاز ‪ ،‬ىػ في الحقيقة معجدة الشبي عميو الربلة والدبلـ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األكارـ ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َح َد ِؽ َت ْق ِؾ ٍ‬ ‫اْل ْند ِ‬


‫يؼ (‪﴾)6‬‬ ‫﴿ َلَق ْج َخَم ْقَشا ِْ َ َ‬
‫اف في أ ْ‬

‫[ سػرة التيغ< اآلية ‪]6‬‬

‫الذسي يشتيي بعذخيغ مميػف عرب ‪ ،‬وكل عرب مغ ىحه الشيايات العذخيغ مميػف تشتيي بدبعة‬
‫ّ‬ ‫العرب‬

‫أىجاب ‪ ،‬واألىجاب مغصاة بسادة مخاشية تتفاعل مع الخائحة ‪ ،‬ويتذكل مغ تفاعل الخائحة مع السادة السحيصة‬

‫بأىجاب األعراب الذسية ‪ ،‬شكل ىشجسي ‪ ،‬ىػ حقيقة الخائحة ‪ ،‬ىحه تذحغ إلى الجماغ ‪ ،‬وتعخض عمى ممف فيو‬

‫ما يديج عمى عذخة آالؼ بشج مغ بشػد الحاكخة الذسية ‪ ،‬فإذا تػافق شكل مع شكل البشػد عخفت أف ىحه الخائحة‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪144‬‬


‫رائحة ياسسيغ ‪،‬‬

‫ِك َسا ُت َك ِّحَب ِ‬


‫اف ﴾‬ ‫َي آَّلَ ِ ً َرّب ُ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َفبأ ِّ‬

‫[ سػرة الخحسغ< اآلية ‪]5:‬‬

‫َح َد ِؽ َت ْق ِؾ ٍ‬
‫يؼ ﴾‬ ‫ِ‬ ‫﴿ َكَلَق ْج َخَم ْقَشا ِ‬
‫اْل ْند َا َف في أ ْ‬

‫[ سػرة التيغ< اآلية ‪]6‬‬

‫فإف صػت البػؽ يشتقل إلى الجماغ عغ شخيق األذنيغ‪،‬‬


‫اإلنداف إذا كاف يسذي في الصخيق ‪ ،‬وسسع بػؽ مخكبة ‪ّ ،‬‬

‫فيشاؾ أذناف ‪ ،‬والبج مغ أف الرػت يرل إلى إحجػ األذنيغ قبل األخخػ ‪ ،‬في الجماغ جياز يقيذ تفاضل‬

‫وصػؿ الرػتيغ إليو ‪ ،‬ىحا التفاضل ال يديج عمى واحج عمى ألف وستسئة وعذخيغ جدًءا مغ الثانية ‪ ،‬عشجئح‬

‫يعخؼ اإلنداف مغ خبلؿ ىحا الجياز البالغ التعقيج ‪ ،‬ومغ خبلؿ األذنيغ جية الرػت فيتجو إلى الجية‬

‫السعاكدة‪ ،‬ولػال ىحا الجياز البالغ التعقيج في الجماغ لكشا في حالة صعبة ججاً‪.‬‬

‫َح َد ِؽ َت ْق ِؾ ٍ‬ ‫اْل ْند ِ‬


‫يؼ (‪﴾)6‬‬ ‫﴿ َلَق ْج َخَم ْقَشا ِْ َ َ‬
‫اف في أ ْ‬

‫[ سػرة اتيغ< اآلية ‪]6‬‬

‫واإلنداف حيشسا يخػ حذخًة مؤذي ًة قاتم ًة تشصبع صػرتيا عمى شبكية العيغ ‪ ،‬وىحه الرػرة تشتقل إلى الجماغ إدراكاً‬

‫بحدب السفيػمات التي تمقاىا اإلنداف في مخاحل تعميسو ‪ ،‬ومغ خبلؿ خبخاتو ‪ ،‬أو مذاىجاتو ‪ ،‬أو مغ خبلؿ‬

‫قرز سسعيا ‪ ،‬فإذا رأػ أفعى في بدتاف انصبعت صػرتيا عمى شبكية العيغ إحداساً ‪ ،‬وانتقمت ىحه الرػرة‬

‫إلى الجماغ إدراكًا ‪ ،‬الجماغ ممظ الجياز العربي ‪ ،‬والغجة الشخامية ممكة الجياز اليخمػني ‪ ،‬وبيشيسا ضابط‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪145‬‬


‫اتراؿ ىػ جدع تحت الدخيخ البرخؼ ‪ ،‬ضابط اتراؿ بيغ ممظ الجياز العربي ‪ ،‬وىػ الجماغ ‪ ،‬وبيغ ممكة‬

‫الجياز اليخمػني ‪ ،‬وىي الغجة الشخامية ‪ ،‬الغجة الشخامية تأمخ غجتيغ فػؽ الكميتيغ اسسيسا الكطخ ‪ ،‬الكطخ يعصي‬

‫أمخ إلى الخئتيغ ‪،‬‬


‫أمخ إلى القمب ‪ ،‬فتختفع ضخباتو ‪ ،‬الخائف يدداد وجيب قمبو ‪ ،‬و ًا‬
‫خسدة أوامخ خبلؿ ثػاف ‪ً ،‬ا‬

‫أمخ إلى األوعية الجمػية السحيصة بالجمج ‪ ،‬فتزيق لسعتيا ‪ ،‬فالخائف‬


‫فيدداد وجيبيسا ‪ ،‬والخائف يميث ‪ ،‬ثع ًا‬

‫ابعا يحىب إلى الكبج ‪ ،‬فيصمق كسية إضافية‬ ‫يرفخ لػنو ‪ ،‬ىػ في حاجة إلى الجـ ‪ ،‬ال إلى لػف وردؼ ‪ ،‬و ًا‬
‫أمخ ر ً‬

‫خامدا يأمخ الكبج بإفخاز مادة تعيغ عمى التجمط ‪ ،‬ىحا كمو يتع في ثػاف معجودة‪.‬‬
‫ً‬ ‫أمخ‬
‫استثشائية مغ الدكخ ‪ ،‬و ًا‬

‫َح َد ِؽ َت ْق ِؾ ٍ‬ ‫اْل ْند ِ‬


‫يؼ (‪﴾)6‬‬ ‫﴿ َلَق ْج َخَم ْقَشا ِْ َ َ‬
‫اف في أ ْ‬

‫[ سػرة التيغ< اآلية ‪]6‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ؾض ًة َف َسا َف ْؾَق َيا﴾‬


‫ال َما َب ُع َ‬ ‫َّللا ََّل َي ْد َت ْحِيي أ ْ‬
‫َف َي ْز ِخ َب َم َث ً‬ ‫ِ‬
‫﴿إ َّف َّ َ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]78‬‬

‫ىحه البعػضة زودىا هللا بجياز رادار ‪ ،‬ففي الميل وفي الطبلـ الجامذ تتجو إلى جبيغ الشائع ‪ ،‬وزودىا هللا بجياز‬

‫تحميل لمجـ ‪ ،‬فسا كل دـ يشاسبيا ‪ ،‬فقج يشاـ أخػاف عمى فخاش واحج يدتيقع أحجىسا ووجيو مستمئ بمدعات‬

‫البعػض ‪ ،‬والثاني ليذ بو شيء‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪146‬‬


‫إذًا عشجىا جياز رادار ‪ ،‬وعشجىا جياز تحميل لمجـ ‪ ،‬ثع عشجىا جياز تخجيخ ‪ ،‬البعػضة تخجر مغ تقف عمى جمجه‬

‫لئبل يقتميا ‪ ،‬وىي تسز مغ دمو ‪ ،‬ثع عشجىا جياز ما يدسيو العمساء تسييع الجـ ‪ ،‬كي يديخ الجـ في خخشػميا‬

‫الجقيق ‪ ،‬جياز رادار ‪ ،‬وجياز تحميل ‪ ،‬وجياز تسييع ‪ ،‬وجياز تحميل ‪ ،‬وجياز تخجيخ‪.‬‬

‫والبعػضة ليا ثبلثة قمػب ‪ ،‬قمب مخكدؼ ‪ ،‬وقمب لكل جشاح ‪ ،‬وجشاحا البعػضة يخفاف أربعة آالؼ رفة في الثانية‪،‬‬

‫ىحا الخفيف اسسو الصشيغ ‪ ،‬والبعػضة ليا مخالب ‪ ،‬إذا وقفت عمى سصح خذغ تدتخجـ السخالب ‪ ،‬وليا محاجع ‪،‬‬

‫إذا وقفت عمى سصح أممذ تدتخجـ السحاجع ‪ ،‬أساسيا الزغط ‪ ،‬والبعػضة تذع رائحة عخؽ اإلنداف مغ مدافة‬

‫متخ ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬


‫تديج عمى ستيغ كيمػ ًا‬

‫ؾض ًة َف َسا َف ْؾَق َيا﴾‬


‫ال َما َب ُع َ‬ ‫َّللا ََّل َي ْد َت ْحِيي أ ْ‬
‫َف َي ْز ِخ َب َم َث ً‬ ‫ِ‬
‫﴿إ َّف َّ َ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]78‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ‪ ،‬آيات كثيخة تجؿ عمى عطسة هللا ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كـ (‪ِ )4‬في أ َْدَنى ْاألَْر ِ‬ ‫﴿ ُغِمَب ِت ُّ‬
‫ض َك ُى ْؼ م ْؽ َب ْعج َغَمِب ِي ْؼ َسَي ْغمُبؾ َف (‪ )5‬في ِب ْز ِع ِسش َ‬
‫يؽ﴾‬ ‫الخ ُ‬

‫[ سػرة الخوـ ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪147‬‬


‫قبل اكتذاؼ أشعة الميدر التي تقاس بيا السدافات في دقة بالغة لع يكغ يعخؼ أف أعسق نقصة في األرض ىي‬

‫غػر فمدصيغ ‪ ،‬فحقائق التاريخ تؤكج أف السعخكة التي جخت بيغ الخوـ والفخس كانت في غػر فمدصيغ ‪ ،‬فاهلل عد‬

‫وجل يقػؿ<‬

‫كـ (‪ِ )4‬في أ َْدَنى ْاألَْر ِ‬


‫ض﴾‬ ‫﴿ ُغِمَب ِت ُّ‬
‫الخ ُ‬

‫[ سػرة الخوـ ]‬

‫أدنى مكاف في األرض غػر فمدصيغ أدنى وأدنى مكاف في البحخ خميج مخيانة في السحيط اليادؼ أدنى فيحه‬

‫اآلية مغ إعجاز القخآف العمسي‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ أدنى ‪ ،‬ثع إف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫يؽ ِم ْؽ ُك ِّل َف ٍّج َع ِس ٍ‬


‫يق (‪﴾)49‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ؾؾ ِر َجا ًَّل َك َعَمى ُك ِّل َضام ٍخ َيأْت َ‬
‫اس ِباْل َح ِّج َيأ ُْت َ‬ ‫﴿ َكأَِّذ ْف ِفي َّ‬
‫الش ِ‬

‫[ سػرة الحج< اآلية ‪]79‬‬

‫لع يقل< مغ كل فج بعيج ‪ ،‬ألف األرض كخة ‪ ،‬فاإلنداف إذا ابتعج عغ إحجػ نقاشيا البج أف يكػف الخط مشحشيًا ‪،‬‬

‫فجاءت كمسة عسيق بجؿ كمسة بعيج ‪ ،‬إشعا اًر بكخوية األرض‪.‬‬

‫يق (‪ِ )49‬لَي ْذ َي ُجكا َمَش ِاف َع َل ُي ْؼ﴾‬


‫يؽ ِم ْؽ ُك ِّل َف ٍّج َع ِس ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ؾؾ ِر َجا ًَّل َك َعَمى ُك ِّل َضام ٍخ َيأْت َ‬
‫اس ِباْل َح ِّج َيأ ُْت َ‬ ‫﴿ َكأَِّذ ْف ِفي َّ‬
‫الش ِ‬

‫[ سػرة الحج ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪148‬‬


‫أييا اإلخػة الكخاـ ‪ ،‬بيششا وبيغ أقخب نجع ممتيب أربع سشػات ضػئية ‪ ،‬لػ حدبشا بحداب بديط كع تدتغخؽ رحمة‬

‫إلى ىحا الشجع بسخكبة أرضية ‪ ،‬لكاف الجػاب حػالي خسديغ مميػف عاـ ‪ ،‬والسدافة بيششا وبيشو أربع سشػات ضػئية‬

‫فقط ‪ ،‬فكع تدتغخؽ رحمة لشرل بيا إلى نجع القصب ؟ الحؼ يبتعج عغ األرض أربعة آالؼ سشة ضػئية ‪ ،‬والزػء‬

‫يقصع في الثانية الػاحجة ثبلثسئة ألف كيمػ متخ ‪ ،‬فكع يقصع في الجقيقة ؟ فكع يقصع في الداعة ؟ فكع يقصع في‬

‫اليػـ ؟ فكع يقصع في العاـ ؟‬

‫إذاً بيششا وبيغ أقخب نجع ممتيب أربع سشػات ضػئية ‪ ،‬وبيششا وبيغ نجع القصب أربعة آالؼ سشة ضػئية ‪ ،‬وبيششا‬

‫وبيغ مجخة السخأة السدمدمة مميػنا سشة ضػئية ‪ ،‬لكغ العمساء اكتذفػا حجيثًا مجخًة تبعج عشا عذخيغ مميار سشة‬

‫ضػئية ‪ ،‬ماذا قاؿ هللا عد وجل ؟‬

‫ِ‬ ‫﴿ َف َال أُ ْق ِد ُؼ ِب َس َؾ ِاق ِع ُّ‬


‫الش ُجؾ ِـ (‪َ )97‬كإَِّن ُو َلَق َد ٌؼ َل ْؾ َت ْعَم ُسؾ َف َعغ ٌ‬
‫يؼ (‪﴾)98‬‬

‫[ سػرة الػاقعة ]‬

‫لحلظ قاؿ هللا تعالى<‬

‫ا ً﴾‬ ‫﴿ ِإَّنسا ي ْخ َذى َّ ِ ِ ِ ِ‬


‫َّللا م ْؽ عَباده اْل ُعَم َس ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪]7:‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪149‬‬


‫ىحا الشجع كاف في ىحا السػضع ‪ ،‬وأرسل ضػءًا إلى األرض ‪ ،‬بقي ىحا الزػء يسذي عذخيغ مميار سشة حتى‬

‫وصل إليشا ‪ ،‬الشجع الحؼ أصجر ىحا الزػء أيغ ىػ اآلف ؟‬

‫ِ‬
‫﴿ َكإَِّن ُو َلَق َد ٌؼ َل ْؾ َت ْعَم ُسؾ َف َعغ ٌ‬
‫يؼ (‪﴾)98‬‬

‫[ سػرة الػاقعة< اآلية ‪]98‬‬

‫لػ سسع ىحه اآلية عالع فمظ لخخ ساججاً هلل عد وجل مغ كمسة مػقع ‪ ،‬السػقع ال تعشي أف صاحب السػقع في‬

‫السػقع ‪ ،‬ألف الشجػـ البعيجة قج تقتخب سخعتيا مغ سخعة الزػء ‪ ،‬فقبل عذخيغ مميار سشة كانت ىحه السجخة في‬

‫ىحا السكاف ‪ ،‬فأيغ ىي اآلف ؟‬

‫أييا اإلخػة ‪ ،‬بيششا وبيغ الذسذ مئة وستة وخسدػف مميػف كيمػ متخ ‪ ،‬يقصعيا الزػء في ثساني دقائق ‪،‬‬

‫والذسذ تكبخ األرض بسميػف وثبلثسئة ألف مخة ‪ ،‬أؼ إف جػؼ الذسذ يتدع لسميػف وثبلثسئة ألف أرض ‪ ،‬بيششا‬

‫وبيغ الذسذ مئة وستة وخسدػف مميػف كيمػ متخ ‪ ،‬والذسذ تتدع لسميػف وثبلثسئة ألف أرض‪.‬‬

‫اآلف وششػا أنفدكع لدساع ىحه الحقيقة ‪ ،‬في أبخاج الدساء بخج اسسو بخج العقخب ‪ ،‬وفي ىحا البخج كػكب متألق‬

‫صغيخ أحسخ المػف ‪ ،‬اسسو قمب العقخب ‪ ،‬قمب العقخب نجع في بخج العقخب ‪ ،‬يتدع لمذسذ واألرض مع السدافة‬

‫بيشيسا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ‪،‬‬

‫اىا ِبأَْي ٍج َكإَِّنا َل ُس ِ‬


‫ؾس ُعؾ َف (‪﴾)69‬‬ ‫ا ً َبَشْيَش َ‬
‫الد َس َ‬
‫﴿ َك َّ‬

‫[ سػرة الحاريات< اآلية ‪]69‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪150‬‬


‫ىحه حقائق قبل أف تعري هللا ‪ ،‬ىل تعمع مغ ىػ هللا ؟ إذا عخفت هللا ‪ ،‬ثع عخفت أمخه تفانيت في شاعتو ‪ ،‬أما‬

‫إذا عخفت األمخ ‪ ،‬ولع تعخؼ اآلمخ تفششت في التفمت مغ األمخ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ‪ ،‬هللا هلالج لج يقػؿ<‬

‫ِك َسا ُت َك ِّحَب ِ‬


‫اف (‪﴾)40‬‬ ‫َي آَََّل ِ ً َرّب ُ‬ ‫ِ‬ ‫اف (;‪َ )0‬بْيَش ُي َسا َبْخَز ٌخ ََّل َيْب ِغَي ِ‬
‫اف (‪َ )41‬فبأ ِّ‬ ‫﴿ َمَخ َج اْلَب ْحَخْي ِؽ َيْم َت ِقَي ِ‬

‫[ سػرة الخحسغ]‬

‫زخا يحػؿ‬
‫حار عمساء التفديخ في ىحه اآلية ‪ ،‬إلى أف اكتذف مغ خبلؿ الدفغ الفزائية أف بيغ كل بحخيغ بخ ً‬

‫بيغ اختبلط مياه البحخيغ ‪ ،‬فكل بحخ لو مكػناتو ‪ ،‬ولو ممػحتو ‪ ،‬ولو كثافتو ‪ ،‬وعشج اتراؿ البحخيغ كباب‬

‫السشجؿ‪ ،‬وقشاة الدػيذ ‪ ،‬ومزيق جبل شارؽ ‪ ،‬عشج اتراؿ البحخيغ ال تختمط مياه البحخيغ ببعزيسا ‪ ،‬ىحه‬

‫الحقيقة اكتذفت حجيثاً ‪ ،‬بجءاً مغ مخكبات الفزاء ‪ ،‬ثع تحقيقاً مغ عمساء البحار ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ِك َسا ُت َك ِّحَب ِ‬


‫اف (‪﴾)40‬‬ ‫َي آَََّل ِ ً َرّب ُ‬ ‫ِ‬ ‫اف (;‪َ )0‬بْيَش ُي َسا َبْخَز ٌخ ََّل َيْب ِغَي ِ‬
‫اف (‪َ )41‬فبأ ِّ‬ ‫﴿ َمَخ َج اْلَب ْحَخْي ِؽ َيْم َت ِقَي ِ‬

‫[ سػرة الخحسغ]‬

‫أييا اإلخػة األحباب ‪ ،‬ىشاؾ آية قخآنية ثانية يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫اج َك َج َع َل َبْيَش ُي َسا َبْخَزخاً َك ِح ْج اًخ َم ْح ُج اً‬


‫ؾر (‪﴾)75‬‬ ‫ُج ٌ‬
‫ِ‬ ‫﴿ َك ُى َؾ َّال ِحي َمَخ َج اْلَب ْحَخْي ِؽ َى َحا َع ْح ٌب ُفَخ ٌ‬
‫ات َك َى َحا مْم ٌح أ َ‬

‫[ سػرة الفخقاف< اآلية ‪]75‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪151‬‬


‫فدخ العمساء الحجخ السحجػر بأف أسساؾ السياه العحبة ال تشتقل إلى السياه السالحة ‪ ،‬وأف أسساؾ السياه السالحة ال‬

‫تشتقل إلى السياه العحبة ‪ ،‬فبيغ البحخيغ بخزخ ‪ ،‬وبيغ البحخيغ حجخ محجػر‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ‪ ،‬ىحه بعس الحقائق التي بيشيا هللا سبحانو وتعالى في القخآف الكخيع ‪ ،‬لساذا ذكخ هللا في القخآف‬

‫الكخيع ألفاً وثبلثسئة آية تتحجث عغ الكػف ‪ ،‬تتحجث عغ الدساوات واألرض ‪ ،‬تتحجث عغ خمق اإلنداف ‪ ،‬تتحجث‬

‫عغ خمق الحذخات ‪ ،‬تتحجث عغ خمق الحيػاف تتحجث عغ األمصار ‪ ،‬تتحجث عغ الجباؿ ‪ ،‬تتحجث عغ البحار ‪،‬‬

‫تتحجث عغ األنيار ؟ ىحه اآليات الكػنية ىي في الحقيقة شخيق إلى هللا ‪ ،‬فالكػف في حقيقتو أقرخ شخيق إلى‬

‫هللا ‪ ،‬وأوسع باب تجخل مشو عمى هللا ‪ ،‬واإلنداف ال بج أف يعطع الخالق ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ِ‬ ‫﴿ َف َال أُ ْق ِد ُؼ ِب َس َؾ ِاق ِع ُّ‬


‫الش ُجؾ ِـ (‪َ )97‬كإَِّن ُو َلَق َد ٌؼ َل ْؾ َت ْعَم ُسؾ َف َعغ ٌ‬
‫يؼ (‪﴾)98‬‬

‫[ سػرة الػاقعة ]‬

‫يدتشبط مغ ىحا أف العمساء وحجىع ىع الحيغ يخذػف هللا عد وجل ‪ ،‬فاهلل عدوجل يقػؿ<‬

‫ا ً﴾‬ ‫﴿ ِإَّنسا ي ْخ َذى َّ ِ ِ ِ ِ‬


‫َّللا م ْؽ عَباده اْل ُعَم َس ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة فاشخ< اآلية ‪]7:‬‬

‫عربا ‪ ،‬وور ًيجا ‪ ،‬وعزمة ‪ ،‬وغجة‬


‫ً‬ ‫أييا اإلخػة األحباب ‪ ،‬في رأس اإلنداف شعخ ‪ ،‬مغ يرجؽ أف لكل شعخة‬

‫دىشية‪ ،‬وغجة صبغية ‪ ،‬في رأس اإلنداف أحياناً ثبلثسئة ألف شعخة ‪ ،‬لكل شعخة عرب ‪ ،‬ووريج ‪ ،‬وشخياف ‪،‬‬

‫وعزمة ‪ ،‬وغجة دىشية ‪ ،‬وغجة صبغية‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪152‬‬


‫يا أييا اإلخػة الكخاـ ‪ ،‬إذا تفكخنا في خمق الدساوات واألرض خذعت قمػبشا ‪ ،‬إذا تفكخنا في خمق الدساوات‬

‫واألرض أنابت قمػبشا إلى هللا عد وجل‪.‬‬

‫إف مخحمة مكة في الجعػة إلى هللا مخحمة ميسة ججاً ‪ ،‬كل اآليات السكية فييا تعخيف لحات هللا ‪ ،‬تعخيف بعطستو ‪،‬‬

‫تعخيف بكسالو ‪ ،‬فشحغ حيشسا نجقق في خمق اإلنداف ‪ ،‬وفي خمق الحيػاف ‪ ،‬وفي خمق الشبات ‪ ،‬نتعخؼ إلى‬

‫الرانع ‪ ،‬فالرانع نعخفو مغ صشعتو ‪ ،‬والخالق مغ خمقو ‪ ،‬والحكيع مغ حكستو ‪ ،‬والسديخ مغ تدييخه ‪ ،‬والسبجع‬

‫مغ إبجاعو ‪ ،‬كل ىحه الحقائق يشبغي أف نعخفيا كي نتعخؼ إلى هللا ‪ ،‬فاهلل عد وجل خمق الدساوات واألرض‬

‫بالحق ‪ ،‬أؼ إف الحق البذ خمق الدساوات واألرض<‬

‫الدساك ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ِباْل َح ِّ‬
‫ق﴾‬ ‫ات َك ْاألَْر َ‬ ‫﴿ َك ُى َؾ َّالحي َخَم َق َّ َ َ‬

‫[ سػرة األنعاـ< اآلية ‪]95‬‬

‫بسعشى أف الحق البذ خمق الدساوات واألرض ‪ ،‬والحق ىػ الذيء الثابت واليادؼ ‪ ،‬فالباشل شيء زائل ‪،‬‬

‫والباشل شيء عابث ‪ ،‬خمق الدساوات واألرض بالحق ‪ ،‬ليجؼ عطيع وثابت ‪ ،‬والباشل زائل<‬

‫ِ‬
‫﴿ِإ َّف اْلَباط َل َك َ‬
‫اف َزُىؾقًا (‪﴾):0‬‬

‫[ سػرة اإلسخاء< اآلية ‪]:0‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪153‬‬


‫والباشل عابث<‬

‫ض كما بيَشيسا ب ِ‬
‫اطالً﴾‬ ‫ا ً َك ْاألَْر َ َ َ َ ْ ُ َ َ‬
‫الد َس َ‬
‫﴿ َك َما َخَم ْقَشا َّ‬

‫[ سػرة ص< اآلية ‪]79‬‬

‫ِ‬
‫ض َك َما َبْيَش ُي َسا ََّلعِب َ‬
‫يؽ (‪﴾)08‬‬ ‫ا ً َك ْاألَْر َ‬
‫الد َس َ‬
‫﴿ك َما َخَم ْقَشا َّ‬
‫َ‬

‫[ سػرة األنبياء< اآلية ‪]08‬‬

‫فاهلل سبحانو وتعالى نفى المعب والعبث عغ خمق الدساوات واألرض ‪ ،‬إذًا خمق الدساوات واألرض كاف بالحق ‪،‬‬

‫لػ عجنا إلى اآليات التي بيشيا هللا في القخآف الكخيع والستعمقة باإلنداف ‪ ،‬أو بالحيػاف ‪ ،‬أو بالشبات لػججنا العجب‬

‫العجاب ‪ ،‬هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫الش ْج َجْي ِؽ (‪﴾)01‬‬ ‫﴿أََل ْؼ َن ْج َع ْل َل ُو َعْيَشْي ِؽ (‪َ ):‬كلِ َدانًا َك َش َف َتْي ِؽ (;) َك َى َجْيَش ُ‬
‫اه َّ‬

‫[ سػرة البمج ]‬

‫العيغ وحجىا مغ أعطع اآليات الجالة عمى عطسة هللا ‪ ،‬العيغ في شبكيتيا ما يديج عمى مئة وثبلثيغ مميػف عرية‬

‫ومخخوط في قعخ العيغ ‪ ،‬ىحه مغ أجل تأميغ دقة الخؤية ‪ ،‬بل إف العيغ الدميسة يسكغ أف تفخؽ بيغ درجتيغ مغ‬

‫ثسانسئة ألف درجة ‪ ،‬لػ درجشا المػف األخزخ ثسانسئة ألف درجة الستصاعت العيغ الدميسة أف تفخؽ بيغ درجتيغ‪.‬‬

‫﴿أََل ْؼ َن ْج َع ْل َل ُو َعْيَشْي ِؽ (‪﴾):‬‬

‫[ سػرة البمج< اآلية ‪]:‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪154‬‬


‫إنظ تخػ الرػرة بحجسيا الحقيقي ‪ ،‬وبألػانيا الجقيقة مباشخًة مغ دوف إرجاع ‪ ،‬فالعيغ آية دالة عمى عطسة هللا‪.‬‬

‫األذف آية دالة عمى عطسة هللا ‪ ،‬الذعخ آية دالة عمى عطسة هللا‪.‬‬

‫الجماغ أييا اإلخػة ‪ ،‬فيو أربعة عذخ مميار خمية قذخية ‪ ،‬وضائف الجماغ تدتشج إلى مئة وأربعيغ مميار خمية‬

‫استشادية سسخاء ‪ ،‬لع تعخؼ وضيفتيا بعج ‪ ،‬بل إف الجماغ أعقج ما في اإلنداف ‪ ،‬بل إف الجماغ عجد عغ إدراؾ‬

‫نفدو‪.‬‬

‫إذاً الجماغ آية كبخػ مغ آيات هللا ‪ ،‬األعراب آية ‪ ،‬األوردة والذخاييغ آية ‪ ،‬القمب البذخؼ يزخ في اليػـ ثسانية‬

‫أمتار مكعبة ‪ ،‬كل إنداف يزخ قمبو ثسانية أمتار ‪ ،‬في عسخ متػسط يسكغ لمقمب البذخؼ أف يزخ ما يسؤل أكبخ‬

‫ناشحة سحاب في العالع ‪ ،‬ىحا القمب تمظ العزمة التي تعقج السؤتسخات مغ أجل معخفة أسخارىا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب ‪،‬‬

‫َّللا ِقَيامًا‬ ‫ِ‬ ‫ات ِألُكِلي ْاألَ ْلَب ِ‬ ‫اخِت َال ِ‬ ‫الدساك ِ‬ ‫ِ‬
‫اب (‪َّ )0;1‬الح َ‬
‫يؽ َي ْح ُكُخك َف َّ َ‬ ‫الش َي ِار َ َ‬
‫َلَي ٍ‬ ‫ؼ َّ‬
‫المْي ِل َك َّ‬ ‫ات َك ْاألَْر ِ‬
‫ض َك ْ‬ ‫﴿ ِإ َّف في َخْم ِق َّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدساك ِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َّ‬
‫الش ِار‬ ‫ض َرَّبَشا َما َخَم ْق َت َى َحا َباطالً ُسْب َحاَن َػ َفقَشا َع َح َ‬ ‫َكُق ُعؾدًا َك َعَمى ُجُشؾب ِِي ْؼ َكَي َت َف َّكُخك َف في َخْم ِق َّ َ َ‬

‫(‪﴾)0;0‬‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف ]‬

‫يقػؿ عميو الربلة والدبلـ<‬

‫اَلي ِة ))‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫(( َكْي ٌل ل َس ْؽ َل ْؼ َي َت َف َّكخ في َىحه َ‬

‫[ابغ حباف في صحيحو عغ عائذة]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪155‬‬


‫نخمز مغ ىحا العخض الدخيع لبعس آيات القخآف الكخيع الكػنية الجالة عمى عطسة هللا أف أرقى أنػاع العبادات‬

‫التفكخ في خمق الدساوات واألرض ‪ ،‬ألنظ إذا تفكخت في خمق الدساوات واألرض عخفت عطسة هللا عد وجل ‪،‬‬

‫وإف عخفت عطسة هللا عد وجل خذعت لو ‪ ،‬واستجبت ألمخه‪.‬‬

‫إذًا عخفت اآلمخ ‪ ،‬ثع عخفت األمخ تفانيت في شاعة اآلمخ ‪ ،‬أما إذا عخفت األمخ ‪ ،‬ولع تعخؼ اآلمخ تفششت في‬

‫التفمت مغ األمخ‪.‬‬

‫أرجػ هللا سبحانو وتعالى أف تكػف ىحه الحقائق باعثًا لشا جسيعًا عمى التفكخ في خمق الدساوات واألرض ‪ ،‬وعمى‬

‫مديج مغ معخفة هللا عد وجل ‪ ،‬وعمى مديج مغ شاعتو ‪ ،‬فمعل هللا سبحانو وتعالى يخحسشا ‪ ،‬وإلى لقاء آخخ ‪ ،‬إف‬

‫شاء هللا سبحانو وتعالى‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪156‬‬


‫الجرس (‪ < )09-00‬كَّل تأكمؾا أمؾالكؼ‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫وردت آية كخيسة في سػرة الشداء‪ ،‬وىي قػلو تعالى<‬

‫ْكُمؾا أَمؾاَل ُكؼ بيَش ُكؼ ِباْلب ِ‬ ‫ِ‬


‫اط ِل﴾‬ ‫َمُشؾا ََّل َتأ ُ ْ َ ْ َ ْ ْ َ‬ ‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ;‪]7‬‬

‫إلى آخخ اآلية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة السؤمشػف‪ ،‬جخت العادة في القخآف الكخيع أف يخاشب هللا الشاس بأصػؿ الجيغ‪ ،‬وأف يخاشب السؤمشيغ‬

‫خاصة بفخوع الجيغ‪ ،‬ذلظ أف اإلنداف في األصل مخيخ‪ ،‬واالختيار أحج مقػمات التكميف الحؼ كمفو هللا بو‪ ،‬قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫َش َف ْق َؽ ِمْش َيا َك َحسَم َيا ِْ‬


‫َف َي ْح ِسْمَش َيا َكأ ْ‬ ‫ض َكاْل ِجَب ِ‬ ‫الدساك ِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬
‫اف﴾‬
‫اْل ْن َد ُ‬ ‫َ‬ ‫اؿ َفأََبْي َؽ أ ْ‬ ‫﴿ إَّنا َعَخ ْضَشا ْاأل َ‬
‫َماَن َة َعَمى َّ َ َ‬

‫[ سػرة األحداب< اآلية ‪]97‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪157‬‬


‫رضي أف تكػف نفدو أمان ًة بيغ يجيو لحلظ<‬

‫اىا (‪﴾)01‬‬
‫اب َم ْؽ َد َّس َ‬ ‫﴿ َق ْج أَ ْفَم َح َم ْؽ َزَّك َ‬
‫اىا (;) َكَق ْج َخ َ‬

‫[ سػرة الذسذ ]‬

‫تدكية الشفذ تعشي أف يعخفيا صاحبيا باهلل عد وجل‪ ،‬وأف يحسميا عمى شاعتو‪ ،‬عشجىا تدكػ‪ ،‬فتغجو أىبلً لجخػؿ‬

‫الجشة‪ ،‬فاهلل سبحانو وتعالى يخاشب الشاس عام ًة بأصػؿ الجيغ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫اعُب ُجكا َرَّب ُك ُؼ﴾‬


‫اس ْ‬ ‫﴿يا أَُّي َيا َّ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]70‬‬

‫يخاشب السؤمشيغ بفخوع الجيغ‪ ،‬فإذا جاء في أوؿ اآلية<‬

‫ِ‬
‫آمُشؾا ﴾‬ ‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ َ‬

‫بل‪ ،‬البج أف يكػف ليحا‬


‫معشى ذلظ أف السؤمغ الحؼ آمغ باهلل خالقًا ومخبيًا ومدي ًاخ‪ ،‬آمغ باهلل مػجػدًا وواحجًا وكام ً‬

‫اإليساف مغ التدامات‪.‬‬

‫مغ التدامات اإليساف أف تصيع هللا عد وجل فيسا أمخ‪ ،‬وأف تجع ما نيى عشو وزجخ‪ ،‬فمحلظ أف يكػف اإلنداف‬

‫مخي ًاخ فالتخييخ يثسغ عسمو‪ ،‬والتخييخ يجعل مغ إيسانو إيسانًا أساسو السحبػبية‪ ،‬وأساسو السبادرة‪ ،‬فمحلظ يقػؿ هللا‬

‫عد وجل<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪158‬‬


‫يؽ ِم ْؽ َقْبِم ِي ْؼ َح َّتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َشَخْكَشا َكََّل آََب ُاؤَنا َكََّل َحَّخْمَشا م ْؽ َش ْي ٍ ً َك َحل َػ َك َّح َب َّالح َ‬
‫َّللا َما أ ْ‬
‫ا ً َّ ُ‬
‫َشَخُكؾا َل ْؾ َش َ‬ ‫ؾؿ َّالح َ‬
‫يؽ أ ْ‬ ‫﴿ َسَيُق ُ‬
‫ؾه َلَشا ِإ ْف َت َّتِبعؾ َف ِإََّّل َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِف أَْن ُت ْؼ ِإََّّل َت ْخُخ ُ‬
‫صؾ َف (‪﴾)06:‬‬ ‫الغ َّؽ َكإ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْسَشا ُق ْل َى ْل عْش َج ُك ْؼ م ْؽ عْم ٍؼ َف ُت ْخ ِخ ُج ُ‬
‫َذا ُقؾا َبأ َ‬

‫[ سػرة األنعاـ<اآلية ‪]06:‬‬

‫ىحه اآلية أصل في نفي الجبخ‪ ،‬وحيشسا يذيع في السدمسيغ عقيجة فاسجة ىي الجبخ فإف التكميف ال معشى لو‪ ،‬وإف‬

‫الثػاب يبصل‪ ،‬والعقاب يبصل‪ ،‬وال معشى لمجشة‪ ،‬وال معشى لمشار‪ ،‬وال معشى لمسدؤولية‪ ،‬حيشسا نمغي االختيار مغ‬

‫عقيجة السدمع تبجو الحياة تسثيمية‪ ،‬ال معشى ليا‪ ،‬هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫ا ً َفْمُي ْؤ ِم ْؽ َك َم ْؽ َش َ‬
‫ا ً َفْمَي ْك ُفْخ﴾‬ ‫﴿ َف َس ْؽ َش َ‬

‫[ سػرة الكيف< اآلية ;‪]7‬‬

‫هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫الدِبيل ِإ َّما َش ِ‬
‫ِما َك ُفؾ ًار (‪﴾)5‬‬
‫اك اًخ َكإ َّ‬ ‫اه َّ َ‬ ‫﴿ِإَّنا َى َجْيَش ُ‬

‫[ سػرة اإلنداف< اآلية ‪]5‬‬

‫هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫﴿ كِل ُك ٍل ِكجي ٌة ىؾ مؾِّلييا َفاس َتِبُقؾا اْل َخيخ ِ‬


‫ات﴾‬ ‫َْ‬ ‫َ ّ ْ َ َُ ُ َ َ ْ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]06:‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪159‬‬


‫حيشسا نمغي االختيار مغ حياة اإلنداف فبل معشى ال لمجشة وال لمشار‪ ،‬وال لمسدؤولية‪ ،‬وال لمثػاب وال لمعقاب‪ ،‬وال‬

‫لمخيخ وال لمذخ‪ ،‬وال لكل ما مغ شأنو أف يخفع مغ قيسة اإلنداف‪ ،‬فاإلنداف مخيخ بشرػص قخآنية كثيخة‪ ،‬ذكخت‬

‫بعزيا‪ ،‬أما حيشسا نق أخ آي ًة قخآنية‪ ،‬ونذع مشيا رائحة الجبخ‪ ،‬قاؿ عمساء التفديخ< اآليات التي يذع مشيا رائحة أف‬

‫اإلنداف مجبخ البج مغ أف تحسل عمى أف ىحا اإلجبار ىػ بسعشى أف اإلنداف اختار أف يبتعج عغ الجيغ‪ ،‬اختار‬

‫أال يؤمغ‪ ،‬فكاف الحؼ حرل لو تحريل حاصل‪ ،‬اإلنداف حيشسا يطغ أف هللا أضمو فيحا اإلضبلؿ ىػ اإلضبلؿ‬

‫الجدائي السبشي عمى ضبلؿ اختيارؼ‪ ،‬يؤكج ىحا السعشى قػلو تعالى<‬

‫ؾب ُي ْؼ﴾‬
‫َّللا ُقُم َ‬
‫غ َّ ُ‬‫﴿ َفَم َّسا َاز ُغؾا أَ َاز َ‬

‫[ سػرة الرف< اآلية ‪]7‬‬

‫البج مغ أف نؤكج ىحه الحقيقة الجقيقة والخصيخة واألساسية في عقيجة السدمع‪ ،‬أف اإلنداف مخيخ‪.‬‬

‫الدِبيل ِإ َّما َش ِ‬
‫ِما َك ُفؾ ًار (‪﴾)5‬‬
‫اك اًخ َكإ َّ‬ ‫اه َّ َ‬ ‫﴿ِإَّنا َى َجْيَش ُ‬

‫[ سػرة اإلنداف< اآلية ‪]5‬‬

‫﴿ كِل ُك ٍل ِكجي ٌة ىؾ مؾِّلييا َفاس َتِبُقؾا اْل َخيخ ِ‬


‫ات﴾‬ ‫َْ‬ ‫َ ّ ْ َ َُ ُ َ َ ْ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]06:‬‬

‫ا ً َفْمُي ْؤ ِم ْؽ َك َم ْؽ َش َ‬
‫ا ً َفْمَي ْك ُفْخ﴾‬ ‫﴿ َف َس ْؽ َش َ‬

‫[ سػرة الكيف< اآلية ;‪]7‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪160‬‬


‫يؽ ِم ْؽ َقْبِم ِي ْؼ َح َّتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َشَخْكَشا َكََّل آََب ُاؤَنا َكََّل َحَّخْمَشا م ْؽ َش ْي ٍ ً َك َحل َػ َك َّح َب َّالح َ‬
‫َّللا َما أ ْ‬
‫ا ً َّ ُ‬
‫َشَخُكؾا َل ْؾ َش َ‬ ‫ؾؿ َّالح َ‬
‫يؽ أ ْ‬ ‫﴿ َسَيُق ُ‬
‫ؾه َلَشا ِإ ْف َت َّتِبعؾ َف ِإََّّل َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ِف أَْن ُت ْؼ ِإََّّل َت ْخُخ ُ‬
‫صؾ َف (‪﴾)06:‬‬ ‫الغ َّؽ َكإ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْسَشا ُق ْل َى ْل عْش َج ُك ْؼ م ْؽ عْم ٍؼ َف ُت ْخ ِخ ُج ُ‬
‫َذا ُقؾا َبأ َ‬

‫[ سػرة األنعاـ<اآلية ‪]06:‬‬

‫ىحه اآليات كميا تؤكج أف اإلنداف مخيخ‪ ،‬وإذا تػىع متػىع أف هللا سبحانو وتعالى يزل عباده فيػ اإلضبلؿ‬

‫الجدائي‪ ،‬السبشي عمى ضبلؿ اختيارؼ‪.‬‬

‫أرأيت لػ أف شالبًا دخل إلى الجامعة‪ ،‬فمع يجاوـ إشبلقًا‪ ،‬ولع يحزخ أية محاضخة‪ ،‬ولع يجرس‪ ،‬ولع يخاجع‪ ،‬ولع‬

‫أصخ عمى مقاشعة الجامعة وحزػر دروسيا‪ ،‬وتأدية‬


‫ّ‬ ‫يقجـ امتحانًا‪ ،‬أنحرتو إدارة الجامعة مخات عجيجة‪ ،‬فمسا‬

‫امتحاناتيا صجر قخار بتخقيغ قيجه‪ ،‬أيقػؿ ىحا الصالب< لقج شخدوني‪ ،‬لقج أرادوا أف أبقى جاىبلً ؟ ال‪ ،‬ىحا القخار‬

‫تجديج الختيار الصالب‪ ،‬ىحا ىػ اإلضبلؿ الجدائي السبشي عمى ضبلؿ اختيارؼ‪ ،‬ألنظ إذا تػىست أف هللا أجبخؾ‬

‫عمى سيئاتظ وقعت في إشكاؿ كبيخ‪ ،‬ال معشى لمحياة‪ ،‬ال معشى لمسدؤولية‪ ،‬ال معشى لمثػاب‪ ،‬ال معشى لمعقاب‪ ،‬ال‬

‫معشى لمجشة‪ ،‬ال معشى لمشار‪ ،‬كل ىحه السعاني الجقيقة الدامية التي خز هللا اإلنداف بيا تغجو ال معشى ليا‪.‬‬

‫يخوػ أف سيجنا عسخ جاءه شارب خسخ‪ ،‬فقاؿ< أقيسػا عميو الحج‪ ،‬قاؿ< وهللا يا أميخ السؤمشيغ‪ ،‬إف هللا قجر عميو‬

‫ذلظ‪ ،‬فقاؿ سيجنا عسخ< أقيسػا عميو الحج مختيغ‪ ،‬مخًة ألنو شخب الخسخ‪ ،‬ومخًة ألنو افتخػ عمى هللا‪ ،‬قاؿ< ويحظ يا‬

‫ىحا‪ ،‬إف قزاء هللا لع يخخجظ مغ االختيار إلى اإلضخار‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪161‬‬


‫إذًا اإلنداف مخيخ‪ ،‬حيشسا يختار أف يجخل في الجيغ‪ ،‬ىشاؾ مشيج‪ ،‬ىشاؾ أمخ‪ ،‬وىشاؾ نيي‪ ،‬وىشاؾ عقاب في‬

‫ِ‬
‫الجنيا‪ ،‬وىشاؾ عقاب في اآلخخة‪ ،‬في األصل< } الَ ِإ ْك َخَاه ِفي ّ‬
‫الج ِ‬
‫يغ {‪ ،‬أنت مخيخ‪ ،‬أنت مخيخ أف تجخل في الجيغ‪،‬‬

‫أو ال تجخل‪ ،‬إنظ إف دخمت في الجيغ فأنت ممدـ أف تصبق أحكاـ الجيغ‪ ،‬ىشاؾ مشطػمة واسعة ججًا مغ األحكاـ‬

‫الستعمقة بكدب الساؿ‪ ،‬وإنفاؽ الساؿ‪ ،‬والستعمقة بعبلقة السؤمغ بالشداء‪ ،‬والستعمقة بكل مشاحي حياتو‪ ،‬وفخوع حياتو‪،‬‬

‫لػ أف ىحا اإلنداف اختار أالّ يجخل في الجيغ فإف اختياره يعاقبو‪.‬‬

‫ترػر أف إنداناً يقػد شاحش ًة‪ ،‬وصل إلى جدخ‪ ،‬كتب عمى ىحا الجدخ< " الحسػلة القرػػ عذخوف ششاً "‪ ،‬ومعو‬

‫ٍ‬
‫حيشئح أحسق‪ ،‬ألنو لػ اختار أف‬ ‫فكخ أف ىشاؾ مغ يخالفو‪ ،‬ىل ىشاؾ شخشي يزبصو‪ ،‬يكػف‬
‫أربعػف ششِّا‪ ،‬إذا ّ‬

‫يخالف ىحه المػحة فاختياره يعاقبو‪.‬‬

‫لػ أف إنداناً رأػ تيا اًر كيخبائياً عالي التػتخ‪ ،‬وقج كتب مغ بعيج< " مسشػع االقتخاب مغ التيار "‪ ،‬حيشسا يطغ أنو‬

‫يخاَلف دوف أف يزبط فيحا وىع كبيخ‪ ،‬إنو إذا اقتخب مغ التيار أصبح قصع ًة مغ الفحع‪.‬‬

‫فاإلنداف مخيخ أف يجخل في الجيغ‪ ،‬أو أالّ يجخل‪ ،‬فإذا دخل في الجيغ فيػ ممدـ أف يصبق أحكاـ الجيغ‪ ،‬األحكاـ‬

‫اإلليية في الجيغ ُمفادىا افعل وال تفعل‪ ،‬أمخ يقتزي الػجػب‪ ،‬ونيي يقتزي التخؾ‪.‬‬

‫آم ُشػا {‪ ،‬أؼ< يا مغ‬ ‫ىحه السقجمة أييا اإلخػة سقتيا كي يتػضح أف هللا سبحانو وتعالى حيشسا يقػؿ< } يا أَي َّ ِ‬
‫يغ َ‬
‫ُّيا الح َ‬
‫َ َ‬

‫آمشتع بي‪ ،‬يا مغ آمشتع بػجػدؼ‪ ،‬يا مغ آمشتع بػحجانيتي‪ ،‬يا مغ آمشتع بكسالي‪ ،‬يا مغ آمشتع بخحستي‪ ،‬يا مغ آمشتع‬

‫مقخا‪ ،‬يا مغ آمشتع أف‬


‫بعمسي‪ ،‬يا مغ آمشتع بحكستي‪ ،‬يا مغ آمشتع أف ىحه الجنيا ليدت دار قخار‪ ،‬إنيا مسخ‪ ،‬وليدت ِّ‬

‫ىحه الجنيا دار تكميف ال دار تذخيف‪ ،‬وأف ىحه الجنيا دار عسل ال دار جداء‪ ،‬وأف ىحه الجنيا دار كج وسعي‪ ،‬ال‬

‫دار استستاع ورخاء‪ ،‬شبيعة ىحه الجنيا أنو يجفع اإلنداف فييا ثسغ الجشة‪ ،‬فمحلظ اإلنداف مخيخ‪ ،‬وألنو مخيخ فكل‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪162‬‬


‫عمييغ‪ ،‬ويسكغ أف ييبط بيا إلى‬
‫الحطػظ التي آتاه هللا إياىا حيادية‪ ،‬يسكغ أف تخفعو‪ ،‬أف يرعج بيا إلى أعمى ّ‬

‫أسفل سافميغ‪.‬‬

‫آم ُشػا {‪ ،‬وكأف عقجاً بيشظ وبيغ هللا‪ ،‬كأنظ تقػؿ< يا رب‪ ،‬سسعاً وشاعة‪ ،‬أنا آمشت‬ ‫نعػد إلى اآلية< } يا أَي َّ ِ‬
‫يغ َ‬
‫ُّيا الح َ‬
‫َ َ‬

‫بظ‪ ،‬اىجني صخاشظ السدتقيع‪ ،‬يقػؿ هللا لظ<‬

‫ْكُمؾا أَمؾاَل ُكؼ بيَش ُكؼ ِباْلب ِ‬ ‫ِ‬


‫اط ِل﴾‬ ‫َمُشؾا ََّل َتأ ُ ْ َ ْ َ ْ ْ َ‬ ‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ;‪]7‬‬

‫في الحقيقة أف كل أمخ في القخآف الكخيع يقتزي الػجػب‪ ،‬ما لع تقع قخيشة عمى خبلؼ ذلظ‪ ،‬فمسا يقػؿ هللا‬

‫سبحانو وتعالى<‬

‫ا ً َفْمُي ْؤ ِم ْؽ َك َم ْؽ َش َ‬
‫ا ً َفْمَي ْك ُفْخ ﴾‬ ‫﴿ َف َس ْؽ َش َ‬

‫ىحه الـ األمخ‪ ،‬ىل يعقل أف يأمخنا هللا هلالج لج أف نكفخ ؟ ىحا أمخ تيجيج‪.‬‬

‫َس َؾِد ِم َؽ اْل َف ْج ِخ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ط ْاألَبي ُ ِ‬


‫ض م َؽ اْل َخْيط ْاأل ْ‬ ‫اشَخُبؾا َح َّتى َي َتَبَّي َؽ َل ُك ُؼ اْل َخْي ُ ْ َ‬
‫﴿ َكُكُمؾا َك ْ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]0:9‬‬

‫ىل ىحا األمخ يقتزي الػجػب ؟ العمساء قالػا< ىحا أمخ إباحة‪.‬‬

‫ِم ِائ ُك ْؼ﴾‬ ‫الر ِال ِح ِ ِ ِ‬


‫امى ِمْش ُك ْؼ َك َّ‬ ‫ِ‬
‫يؽ م ْؽ عَباد ُك ْؼ َكإ َ‬
‫َ‬ ‫﴿كأَْنك ُحؾا ْاألََي َ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الشػر< اآلية ‪]57‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪163‬‬


‫ىحا أمخ نجب‪ ،‬في األصل أف كل أمخ في القخآف الكخيع يقتزي الػجػب‪ ،‬ما لع تقع قخيشة عمى خبلؼ ذلظ‪ ،‬وكل‬

‫نيي في القخآف الكخيع يقتزي التخؾ‪ ،‬ما لع تقع قخيشة عمى خبلؼ ذلظ‪ ،‬نحغ أماـ آية كخيسة مرجرة بقػلو تعالى<‬

‫ِ‬
‫آمُشؾا ﴾‬ ‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ َ‬

‫وكأف بيشظ وبيغ هللا عقجاً إيسانياً‪،‬‬

‫ْكُمؾا ﴾‬
‫﴿ َّلَ َتأ ُ‬

‫لسا قاؿ<‬

‫ْكُمؾا ﴾‬
‫﴿ َتأ ُ‬

‫كأنو شبو الساؿ بالصعاـ‪ ،‬وححؼ الصعاـ‪ ،‬وبقيت بعس لػازمو‪ ،‬وىػ األكل‪ ،‬أو بػجو الذبو أف الصعاـ محبب‬

‫لئلنداف‪ ،‬وأنو قػاـ حياتو‪ ،‬والساؿ أيزاً محبب لئلنداف‪ ،‬وىػ قػاـ حياتو‪.‬‬

‫هللا سبحانو وتعالى أودع في اإلنداف شيػة الساؿ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫الح َى ِب َكاْل ِف َّز ِة َكاْل َخْي ِل اْل ُس َد َّؾ َم ِة َك ْاألَ ْن َعا ِـ‬
‫ظخِة ِم َؽ َّ‬ ‫ا ً كاْلبِشيؽ كاْلَقَش ِ‬
‫اط ِ‬
‫يخ اْل ُسَقْش ََ‬
‫اس ح ُّب َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫الذ َي َؾات م َؽ الّش َد َ َ َ َ‬
‫ُ ِ‬
‫﴿زِّي َؽ ل َّمش ِ ُ‬
‫كاْلحخ ِث َذِلػ م َتاع اْلحي ِ‬
‫اة ُّ‬
‫الجْنَيا﴾‬ ‫َ َ ُ ََ‬ ‫َ َْ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]06‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪164‬‬


‫ىحه الذيػات التي أودعيا هللا في اإلنداف ما أودعيا في اإلنداف إال ليخقى بيا إلى رب األرض والدساوات‪ ،‬إنيا‬

‫عمييغ‪ ،‬ويسكغ أف تكػف دركات ييػؼ‬ ‫ِ‬


‫أشجد عمى كمسة حيادية‪ ،‬يسكغ أف تكػف سمساً تخقى بيا إلى أعمى ّ‬
‫حيادية‪ ،‬و ّ‬

‫ال ارتقيت بو‪ ،‬وإف كدبتو حخاماً‪،‬‬


‫ال‪ ،‬وأنفقتو حبل ً‬
‫بيا اإلنداف إلى أسفل سافميغ‪ ،‬الساؿ حيادؼ‪ ،‬إف كدبتو حبل ً‬

‫وأنفقتو حخاماً ىػيت بو‪ ،‬فالذيػات حيادية‪ ،‬أودعيا هللا في اإلنداف ليخقى بيا إلى رب األرض والدساوات‪ ،‬والساؿ‬

‫أحج الذيػات التي زيشت لئلنداف‪.‬‬

‫الح َى ِب َكاْل ِف َّز ِة َكاْل َخْي ِل اْل ُس َد َّؾ َم ِة‬


‫ظخِة ِم َؽ َّ‬ ‫ا ً كاْلبِشيؽ كاْلَقَش ِ‬
‫اط ِ‬
‫يخ اْل ُسَقْش ََ‬
‫اس ح ُّب َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫الذ َي َؾات م َؽ الّش َد َ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫﴿ ُزِّي َؽ ل َّمش ِ ُ‬

‫َك ْاألَ ْن َعا ِـ َكاْل َحْخ ِث﴾‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪]06‬‬

‫فػ<‬

‫ْكُمؾا ﴾‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫شبو الساؿ بالصعاـ‪ ،‬ألنو يؤكل يػميًا‪ ،‬وشبو الساؿ بالصعاـ‪ ،‬ألنو محبب لئلنداف‪ ،‬فجاءت اآلية الكخيسة<‬

‫ْكُمؾا ﴾‬
‫﴿ َّلَ َتأ ُ‬

‫الساؿ كسا قمت قبل قميل قػاـ الحياة‪ ،‬ولعمظ إذا رجعت إلى أحكاـ الفقو وججت أف تدعيغ بالسئة مغ أحكاـ الفقو‬

‫متعمقة بالساؿ وبالشداء‪ ،‬شيػتاف لريقتاف باإلنداف‪ ،‬فبلبج مغ تشطيع كدب الساؿ‪ ،‬وتشطيع إنفاقو‪،‬‬

‫ِ‬
‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫امُشؾا ََّل َتأ ُ‬ ‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ َ ً َ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪165‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬في كمسة أمػالكع‪ ،‬جاء الساؿ جسعًا‪ ،‬والجسع يقتزي كل أنػاع األمػاؿ‪ ،‬األشياء التي يقتشييا‬

‫اإلنداف‪ ،‬ويحخص عمييا ىي ماؿ‪ ،‬والساؿ يعشي الشقج‪ ،‬ويعشي السدروعات‪ ،‬ويعشي البداتيغ‪ ،‬ويعشي البيػت‪ ،‬ويعشي‬

‫السخكبات‪ ،‬كل شيء يحخص اإلنداف عميو‪ ،‬ويسكغ أف يدتخجمو لربلح حياتو يعج ماالً في السفيػـ الػاسع‪.‬‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫لساذا جسع الساؿ ؟ ليذيخ إلى كل أنػاع الساؿ‪ ،‬أما حيشسا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫ىل ىشاؾ مغ معشى أف أُنيى أف آخح ورق ًة مالية مغ جيبي األيسغ ألضعيا في األيدخ‪ ،‬ليذ ىحا ىػ السعشى‪،‬‬

‫ذكخ هللا الساؿ‪ ،‬وأضافو إليكع لحكسة بالغة‪ ،‬ىحا الساؿ ماؿ إخػانكع‪ ،‬ماؿ إخػانكع في اإلندانية‪ ،‬ماؿ السدمسيغ‪،‬‬

‫شييػف عغ أكمو‪ ،‬فمساذا قاؿ هللا عد وجل<‬


‫أنتع م ّ‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫أؼ ىػ مالكع مغ زاوية واحجة‪ ،‬وىي ضخورة السحافطة عميو‪ ،‬وكأنو مالكع‪ ،‬ىحا السعشى األوؿ حيشسا قاؿ هللا عد‬

‫وجل<‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫ماؿ أخيظ مالظ‪ ،‬ماؿ اإلنداف مالظ‪ ،‬ماؿ األخ الحؼ يدكغ معظ ىػ مالظ‪ ،‬ماؿ مغ حػلظ ىػ مالظ‪ ،‬مغ زاوية‬

‫وجػب الحفاظ عميو‪ ،‬وكأنو مالظ‪ ،‬فؤلَف تستشع عغ أكمو حخامًا‪ ،‬أو اغتراباً‪ ،‬أو احتياالً‪ ،‬أو قي ًاخ فسغ باب أولى‪،‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪166‬‬


‫فالتػجيو األوؿ< ال تأكل مالظ‪ ،‬أؼ ال تأكل ماؿ أخيظ‪ ،‬ألنظ في األصل يجب أف تحافع عميو‪ ،‬وكأنو مالظ‪،‬‬

‫فؤلف تستشع عغ أكمو اغتراباً‪ ،‬أو احتياالً‪ ،‬أو قي اًخ فسغ باب أولى‪ ،‬ىحا ىػ السعشى األوؿ‪.‬‬

‫السعشى الثاني< أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬أنت حيشسا تتجخأ‪ ،‬وتأكل ماؿ أخيظ فيػ سػؼ يتجخأ‪ ،‬ويأكل مالظ‪ ،‬فكأنظ‬

‫ال مغ دوف حق فقج جخأتو أف يأكل مغ مالظ مغ دوف حق‪،‬‬


‫ميجت الدبيل ألكل مالظ‪ ،‬حيشسا تأخح مغ أخيظ ما ً‬

‫ودخل السجتسع في فػضى كبيخة‪ ،‬لحلظ اإلماـ الذافعي سئل مغ ِقبل أحج الذعخاء<‬

‫عدجج ُكِدَي ْت ما باليا ُق ِظ َع ْت في ربع ديشار‬


‫ٍ‬ ‫يج بخسذ مئيؽ‬
‫ٌ‬

‫فأجاب اإلماـ الذافعي رحسو هللا تعالى<‬

‫ذؿ الخيانة فافيع حكسة البارؼ ‪.‬‬


‫عد األمانة أغبلىا وأرخريا ّ‬
‫ّ‬

‫لسا كانت أميشة كانت ثسيشة‪ ،‬فمسا خانت ىانت‪.‬‬

‫السعشى الثاني‪ ،‬حيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫أؼ إنكع إف أكمتع أمػاؿ إخػانكع تجخؤوا عمى أكل أمػالكع‪ ،‬ودخل السجتسع في فػضى‪ ،‬مغ ىحا السشصمق يقػؿ هللا‬

‫عد وجل<‬

‫﴿كََّل َت ْقُتُمؾا أَْن ُف َد ُك ْؼ﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ;‪]7‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪167‬‬


‫أف تقتل بدبب ىحه الجخيسة‪ ،‬فكأنظ قتمت نفدظ<‬
‫أؼ إذا قتمت أخاؾ فبلبج مغ ْ‬

‫﴿ َكََّل َتْم ِس ُدكا أَْن ُف َد ُك ْؼ﴾‬

‫[ سػرة الحجخات< اآلية ‪]00‬‬

‫أؼ ال تحقخ أخاؾ‪ ،‬إنظ إف حقختو فدػؼ يحقخؾ‪ ،‬ال تأكل مالظ‪ ،‬أؼ ال تأكل مالو‪ ،‬ألنظ إف أكمت مالو فإنو‬

‫سػؼ يأكل مالظ‪ ،‬ىحا ىػ السعشى الثاني<‬

‫ِ‬
‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫امُشؾا ََّل َتأ ُ‬ ‫﴿ َيا أَُّي َيا َّالح َ‬
‫يؽ َ ً َ‬

‫السعشى الثالث< أخػؾ إف شئت في اإلندانية‪ ،‬وإف شئت في الجيغ‪ ،‬وإف شئت في الػشغ‪ ،‬ىحا أخػؾ‪ ،‬إف قػؼ‬

‫ق ػيت معو‪ ،‬وإف ضعف ضعفت معو‪ ،‬فإف أضعفتو بأكل مالو فأنت ممدـ في الشياية أف تعيشو حيغ يزعف‪ ،‬فبل‬

‫معشى أف تأكل مالو‪ ،‬فيغجو ضعيفًا‪ ،‬فيبحث عغ كدب غيخ مذخوع‪ ،‬فيقمقظ‪ ،‬إنظ ضعفت نفدظ بأكل مالو‪ ،‬وىحا‬

‫ِ‬
‫تزعفو‪ ،‬فإذا أضعفتو كاف عبئاً عميظ‪ ،‬وربسا‬ ‫السعشى دقيق ججاً‪ ،‬متعمق بالتكافل االجتساعي‪ ،‬أنت حيغ تأكل مالو‬

‫أكل مالظ‪ ،‬إذا أضعفتو ربسا سمظ مدمكًا غيخ مذخوع مغ أجل أف يعير‪ ،‬فحيشسا تأكل ماؿ أخيظ تزعفو‪ ،‬وحيشسا‬

‫ِ‬
‫تؤمغ لو حياتو‪ ،‬وىحا السعشى كسا قمت قبل قميل متعمق‬
‫تزصخ في الشياية أف ّ‬
‫ّ‬ ‫تزعفو سػؼ يقمقظ‪ ،‬وسػؼ‬

‫بالتزامغ االجتساعي‪.‬‬

‫السعشى الخابع< أييا اإلخػة‪ ،‬الحقيقة<‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ ﴾‬
‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪168‬‬


‫ال‪ ،‬ومادمت تشفقو في شخؽ‬
‫هللا أراد أف يكػف لؤلمة بسجسػعيا سمصة عمى ىحا الساؿ‪ ،‬مادمت تكدبو حبل ً‬

‫مذخوعة‪ ،‬فيػ مالظ‪ ،‬أما حيشسا تبحره في السعاصي واآلثاـ‪ ،‬أو حيشسا تشفقو سفياً بص ًاخ‪ ،‬حيشسا تتمفو فبلبج لؤلمة‬

‫ال البج لؤلمة أف تشتفع بو في الشياية‪ ،‬فيحا السعشى الخابع يذيخ‬


‫مغ أف تحجخ عمى ترخفاتظ‪ ،‬ألنظ بيحا تبجد ما ً‬

‫إلى أف األمة بسجسػعيا ليا سمصاف عمى ىحا الساؿ‪ ،‬بسعشى أنظ إذا أنفقتو في وجػىو السذخوعة فبل شيء عميظ‪،‬‬

‫أما حيشسا تشفقو إسخافاً وتبحي ًاخ‪ ،‬أو حيشسا تتعامل مع الساؿ بتعدف شجيج عشجئح البج لؤلمة مغ أف تتجخل‪ ،‬وأف‬

‫تأخح مشظ ىحا الساؿ الحؼ لع تشفقو في الػجو الرحيح‪ ،‬ذلظ أف أحج الرحابة الكخاـ يقػؿ< " حبحا الساؿ أصػف‬

‫بو عخضي‪ ،‬وأتقخب بو إلى ربي "‪ ،‬بل إف القخآف الكخيع أشار إلى أف الساؿ قػاـ الحياة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬معشى آخخ‪ ،‬حيشسا قاؿ هللا عد وجل<‬


‫ً‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ َبْيَش ُك ْؼ﴾‬


‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫الحقيقة أف السجتسع حيشسا يزسغ لئلنداف أف يقصف ثسار عسمو فإف الحياة تتػسع‪ ،‬وإف االقتراد يتشامى‪ ،‬وإف‬

‫األمػر تجخؼ بػسع‪ ،‬عشجئح يشتعر السجسػع‪ ،‬حيشسا نزسغ لكل إنداف أف يكدب ماالً مذخوعاً‪ ،‬وأف نزسغ لو‬

‫ثاني ًة أف يقصف ثسار جيجه‪ ،‬عشجئح يشصمق الشاس إلى األعساؿ‪ ،‬بجؿ أف يكػف الساؿ عغ شخيق الساؿ يكػف الساؿ‬

‫الساؿ‪ ،‬وبيغ أف تمج األعساؿ الساؿ‪ ،‬إف الساؿ إذا ولج الساؿ‬
‫َ‬ ‫الساؿ‬
‫ُ‬ ‫عغ شخيق األعساؿ‪ ،‬وفخؽ كبيخ بيغ أف يمج‬

‫تجسع في أيجؼ قميمة‪ ،‬وحخمت مشو الكثخة الكثيخة‪ ،‬أما إذا ولجت األعساؿ الساؿ تػزع بيغ الشاس‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪169‬‬


‫السعشى األخيخ الدادس فيسا أذكخ<‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ َبْيَش ُك ْؼ ﴾‬


‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫أؼ احخصػا عمى أف تزسشػا لكل إنداف أف يقصف ثسار عسمو‪ ،‬إذا قصف ثسار عسمو تفػقت األمة‪ ،‬ونسا‬

‫اقترادىا‪ ،‬وعاش الشاس في بحبػحة‪.‬‬

‫َم َؾاَل ُك ْؼ َبْيَش ُك ْؼ ﴾‬


‫ْكُمؾا أ ْ‬
‫﴿ ََّل َتأ ُ‬

‫ما ىػ الباشل ؟‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬ىشاؾ حقيقة جامعة مانعة‪ ،‬الساؿ الحخاـ ىػ ماؿ أساسو أف مشفعة ناليا إنداف ُبِش َي ْت عمى‬

‫مزخة‪ ،‬وأوضح ٍ‬
‫مثل ليا الدخقة‪ ،‬الدارؽ أخح ماالً مغ دوف تعب‪ ،‬والسدخوؽ بحؿ جيجاً كبي ًاخ‪ ،‬وضاع الساؿ‪،‬‬

‫فحيشسا تبشى مشفعة عمى مزخة فالساؿ حخاـ‪.‬‬

‫ومشو القسار‪ ،‬ومشو الخبا‪ ،‬كل ماؿ يبشى عمى مزخة يعج كدبو حخامًا‪ ،‬وىحا أصل في كدب الساؿ الحخاـ‪ ،‬أما كل‬

‫مشفعة متبادلة بيغ اثشيغ فالساؿ بيحا السعشى كدب حبلؿ‪.‬‬

‫السزاربة‪ ،‬لػ أف إندانًا ال يحدغ أف يدتثسخ مالو‪ ،‬وإندانًا آخخ يحدغ استثسار الساؿ‪ ،‬وال يسمظ الساؿ‪ ،‬فتعاوف‬

‫األوؿ مع الثاني‪ ،‬وكاف الخبح بيشيسا‪ ،‬فيحه مشفعة متبادلة‪ ،‬ناؿ صاحب الساؿ ربحاً‪ ،‬وأصاب صاحب الجيج ربحاً‪.‬‬

‫إذًا حيشسا يبشى الكدب عمى مشفعة متبادلة فيػ الكدب الحبلؿ‪ ،‬وحيشسا يبشى الكدب عمى مشفعة أساسيا مزخة‬

‫فيػ الكدب الحخاـ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪170‬‬


‫أييا اإلخػة‪ ،‬سيجنا عسخ رضي هللا عشو قاؿ مخًة ألحج والتو< " ماذا تفعل إذا جاءؾ الشاس بدارؽ أو ناىب ؟ قاؿ<‬

‫أقصع يجه‪ ،‬قاؿ< إذاً‪ ،‬فإف جاءني مغ رعيتظ مغ ىػ جائع أو عاشل فدأقصع يجؾ‪ ،‬قاؿ< يا ىحا‪ ،‬إف هللا قج‬

‫لشدج جػعتيع‪ ،‬وندتخ عػرتيع‪ ،‬ونػفخ ليع حخفتيع‪ ،‬فإف وفيشا ليع ذلظ تقاضيشاىع شكخىا‪ ،‬إف‬
‫استخمفشا عغ خمقو ّ‬

‫ىحه األيجؼ خمقت لتعسل‪ ،‬فإذا لع تجج في الصاعة عسبلً التسدت في السعرية أعساالً‪ ،‬فاشغميا بالصاعة قبل أف‬

‫تذغمظ بالسعرية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬كمسة } َب ْي َش ُك ْع { البج مغ وقفة سخيعة‪ ،‬الترسيع اإلليي لمساؿ أف يكػف متجاوالً بيغ مجسػع‬

‫أفخاد األمة‪ ،‬فإذا كاف معطسو في أيج قميمة‪ ،‬وأقّمو في ٍ‬


‫أيج كثيخة وقع االختبلؿ‪ ،‬لحلظ يقاؿ في بعس اإلحراءات<‬

‫إف عذخة بالسئة مغ سكاف األرض يسمكػف تدعيغ بالسئة مغ ثخواتيا‪ ،‬ىحا خمل في الكدب‪ ،‬وفي اإلنفاؽ‪ ،‬يدبب‬

‫ما تعانيو البذخية اليػـ مغ ٍ‬


‫مبس ال تشتيي‪.‬‬

‫أرجػ هللا سبحانو وتعالى أف نكػف جسيعاً قج أفجنا مغ ىحه الحقائق‪ ،‬وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‪.،‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪171‬‬


‫الجرس (‪ < )09-04‬كَّل تتسشؾا ما فزل هللا‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ‪،‬‬

‫في سػرة الشداء آية كخيسة ىي قػلو تعالى<‬

‫يب ِم َّسا ا ْك َت َدْب َؽ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اؿ َن ِر ِ‬


‫يب م َّسا ا ْك َت َدُبؾا َكِلمّش َدا ً َنر ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َّللا ِب ِو َب ْع َز ُك ْؼ َعَمى َب ْع ٍ‬
‫ض ِل ِّمخ َج ِ‬
‫﴿ َكََّل َت َت َسَّش ْؾا َما َف َّز َل َّ ُ‬

‫َّللا ِم ْؽ َف ْزِم ِو﴾‬


‫اسأَُلؾا َّ َ‬
‫َك ْ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫في ىحه اآلية تػجيو دقيق وعسيق وشسػلي لكل أفخاد السجتسع‪ ،‬ذلظ أف اإلنداف أييا اإلخػة كسا قمت في حمقة‬

‫سابقة مخيخ‪ ،‬واالختيار أساس التكميف‪ ،‬وأنت مخيخ فيسا كمفت‪ ،‬ولػ أف هللا أجبخ عباده عمى الصاعة لبصل‬

‫الثػاب‪ ،‬ولػ أجبخىع عمى السعرية لبصل العقاب‪ ،‬ولػ تخكيع ىسبلً لكاف عج ًاد في القجرة‪ ،‬إف هللا أمخ عباده‬

‫يعز مغمػبًا‪ ،‬ولع يصع‬


‫تخيي ًاخ‪ ،‬ونياىع تححي ًاخ‪ ،‬وكمف يدي ًاخ‪ ،‬ولع يكمف عدي ًاخ‪ ،‬وأعصى عمى القميل كثي ًاخ‪ ،‬ولع َ‬

‫مكخىاً ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬ألف اإلنداف مخيخ فكل حطػضو في الجنيا حيادية‪ ،‬وأنا أشجد مخة ثانية عمى كمسة حيادية‪ ،‬الساؿ‬

‫حع‪ ،‬والجساؿ حع‪ ،‬والقػة حع‪ ،‬والحكاء حع‪ ،‬وإف هللا يعصي الرحة والجساؿ والساؿ لمكثيخيغ مغ خمقو‪ ،‬ولكشو‬

‫يعصي الدكيشة بقجر ألصفيائو السؤمشيغ ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪172‬‬


‫فالحطػظ مع تفاوتيا ىي في األصل وزعت في الجنيا تػزيع ابتبلء‪ ،‬هللا جعل ىحه الجنيا دار ابتبلء‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫ِ‬
‫ِف ُكَّشا َل ُسْبَتم َ‬
‫يؽ (‪﴾)51‬‬ ‫﴿كإ ْ‬
‫َ‬

‫[ سػرة السؤمشػف< اآلية ‪] 51‬‬

‫وقاؿ<‬

‫َح َد ُؽ َع َسالً﴾‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫﴿الحي َخَم َق اْل َس ْؾ َت َكاْل َحَيا َة لَيْبُم َؾُك ْؼ أَُّي ُك ْؼ أ ْ‬

‫[ سػرة السمظ< اآلية ‪] 7‬‬

‫إنيا دار ابتبلء‪ ،‬واآلخخة دار جداء‪ ،‬إف الجنيا دار تكميف‪ ،‬واآلخخة دار تذخيف‪ ،‬فشحغ في دار االبتبلء‪ ،‬فالحع‬

‫ُعصيت الساؿ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُعصيت الساؿ‪ ،‬فامتحانظ في الساؿ‪ ،‬فإذا أ‬
‫ُ‬ ‫الحؼ آتاني هللا إياه ىػ مادة ابتبلئي‪ ،‬أؼ مادة امتحاني‪ ،‬أ‬

‫ىل أنت متػاضع ؟ ىل تشفقو بدخاء ؟ ىل تشفقو في الػجػه السذخوعة ؟ ىل تعتقج أف هللا مكشظ في األرض بيحا‬

‫أداة لخخاء السجتسع‪ ،‬أنت مسكغ في األرض بيحا الساؿ‪ ،‬لظ حداب خاص‪ ،‬حدابظ‬
‫الساؿ ؟ فيشبغي أف تجعمو ً‬

‫الخاص أف تبتغي فيسا آتاؾ هللا الجار اآلخخة‪ ،‬أف تجعل مغ ىحا الساؿ أداة خيخ لسغ حػلظ‪ ،‬أنت مسكغ بالحكاء‪،‬‬

‫ىل تج عل ىحا لخجمة الخمق‪ ،‬أـ ألخح أمػاليع بالباشل ؟ ىل تجعل ىحا الحكاء لشذخ الحق‪ ،‬أـ لشذخ الباشل ؟‬

‫أنت مستحغ بالحكاء‪ ،‬أنت مستحغ بالقػة‪ ،‬ىل ىحه القػة تجعميا قػةً غاشسة تعتجؼ بيا عمى الخمق‪ ،‬وتقيخ بيا‬

‫الزعفاء‪ ،‬أـ أف ىحه القػة مع الحق والعجؿ ؟‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪173‬‬


‫الحطػظ التي يسشحظ هللا إياىا مػاد امتحانظ مع هللا‪ ،‬إما أف تخقى بيا إلى أعمى عمييغ‪ ،‬وإما أف تيػؼ بيا إلى‬

‫أسفل سافميغ‪ ،‬إذاً ىي حيادية‪ ،‬الحطػظ حيادية وزعت في الجنيا تػزيع ابتبلء‪ ،‬أنت مبتمى فيسا أعصيت‪ ،‬مبتمى‬

‫فيسا أخح مشظ‪ ،‬إف ىحه الجنيا دار التػاء‪ ،‬ال دار استػاء‪ ،‬ومشدؿ تخح ال مشدؿ فخح‪ ،‬فسغ عخفيا لع يفخح لخخاء‪،‬‬

‫فالخخاء مؤقت‪ ،‬ولع يحدف لذقاء‪ ،‬والذقاء مؤقت‪ ،‬قج جعميا هللا دار بمػػ‪ ،‬وجعل اآلخخة دار عقبى‪ ،‬فجعل ببلء‬

‫الجنيا لعصاء اآلخخة سببا‪ ،‬وجعل عصاء اآلخخة مغ بمػػ الجنيا عػضا‪ ،‬فيأخح ليعصي‪ ،‬ويبتمي ليجدؼ ‪.‬‬

‫الحطػظ في الجنيا مػزعة تػزيع ابتبلء‪ ،‬لػ افتخضشا افتخاضاً أف إندانييغ عاشا عس اًخ واحجاً‪ ،‬امتحغ األوؿ بالغشى‪،‬‬

‫فخسب‪ ،‬وامتحغ الثاني بالفقخ‪ ،‬فشجح‪ ،‬وماتا‪ ،‬واحج في الجشة إلى أبج اآلبجيغ‪ ،‬وواحج في أشج العحاب ‪.‬‬

‫إذاً العبخة في ىحه الحياة األبجية التي نحغ مقبمػف عمييا الخدارة الحقيقية‪ ،‬أف تخدخ الحياة األبجية‪ ،‬الجنيا دار مغ‬

‫ال دار لو‪ ،‬وليا يدعى مغ ال عقل لو ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬الحطػظ مػاد امتحانظ‪ ،‬إف كانت إيجابية‪ ،‬أؼ فيسا نمت مشيا‪ ،‬أو كانت سمبي ًة فيسا حخمت‬

‫مشيا‪ ،‬ىي مػاد امتحانظ مع هللا‪ ،‬فحيشسا تشجح في امتحانظ‪ ،‬ولػ كاف االمتحاف سمبياً فدت بجشة عخضيا‬

‫الدساوات واألرض‪ ،‬والتي فييا ما ال عيغ رأت‪ ،‬وال أذف سسعت‪ ،‬وال خصخ عمى قمب بذخ ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬شيء آخخ‪ ،‬الذيػات التي أودعيا هللا في اإلنداف حيادية‪ ،‬يسكغ أف تكػف سمساً نخقى بو‪ ،‬أو دركات‬

‫نيػؼ بو ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪174‬‬


‫إذًا خرائز اإلنداف كميا حيادية‪ ،‬الحطػظ حيادية‪ ،‬الذيػات حيادية‪ ،‬خرائز اإلنداف كميا حيادية‪ ،‬مغ ىحه‬

‫الخرائز مػضػع ىحه الحمقة‪ ،‬التسشي ‪.‬‬

‫اإلنداف يتسشى ما عشج اآلخخيغ‪ ،‬يخػ قر اًخ جسيبلً‪ ،‬يتسشى أف يكػف لو‪ ،‬يخػ مخكب ًة فارىة يتسشى أف تكػف لو‪،‬‬

‫فحيشسا يتسشى اإلنداف ما عشج اآلخخيغ فيحه خريرة فيو‪ ،‬ىي حيادية‪ ،‬يسكغ أف تخقى بيا إلى أعمى عمييغ‪،‬‬

‫ِ‬
‫سسيا إف شئت الحدج‪،‬‬
‫سسيا إف شئت التسشي‪ّ ،‬‬ ‫ويسكغ أف تيػؼ بيا إلى أسفل سافميغ‪ّ ،‬‬
‫سسيا إف شئت الغيخة‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫كل أف تتذػؽ لسا عشج اآلخخيغ ىحه خريرة في كل إنداف‪ ،‬كائشاً مغ كاف‪ ،‬لساذا‬
‫سسيا إف شئت الغبصة‪ ،‬عمى ّ‬
‫ّ‬

‫فصخنا عمييا ؟ أصل الترسيع أف تتسشى ما عشج اآلخخيغ مغ خيخ اآلخخة‪ ،‬أف تخػ إنداناً شمب العمع الذخعي‪،‬‬

‫إنداناً فيع كتاب هللا‪ ،‬إنداناً لو أعساؿ شيبة كثيخة‪ ،‬يشبغي أف تغار مشو‪ ،‬تتسشى أف تكػف مثمو‪ ،‬ىحا الػجو اإليجابي‬

‫لخريرة الغيخة‪ ،‬أما حيشسا تخػ ما عشج الشاس مغ عخض الجنيا‪ ،‬وتتسشى أف يكػف ىحا لظ ىحا الػجو الدمبي‬

‫لخريرة الغيخة والتسشي ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬حيشسا تخػ عمى أخيظ نعس ًة‪ ،‬وتتسشى أف تتحػؿ مشو إليظ فيحا ىػ الحدج بتعخيفو الجقيق‪ ،‬بل‬

‫ىحا ىػ الحدج في الجرجة األولى‪ ،‬أما حيشسا تتسشى أف يتحػؿ ىحا الخيخ إلى غيخه دوف‪ ،‬أف يرل إليظ‪ ،‬فيحه‬

‫درجة أشج مغ األولى‪ ،‬أما حيشسا تدعى بكمتا يجيظ‪ ،‬حيشسا تكتب‪ ،‬حيشسا تيسذ مغ أجل أف يشرخؼ الخيخ عغ‬

‫أخيظ‪ ،‬فيحا ىػ الحدج بجرجتو الكبيخة‪ ،‬السذكمة أف الحدج يشبع مغ ٍّ‬


‫تسغ‪ ،‬تسشيت عخض الجنيا‪ ،‬وتسشيت أف تػقع‬

‫األذػ بأخيظ‪ ،‬ىحا ىػ الػجو الدمبي‪ ،‬أما حيشسا تخػ إنداناً متفػقاً في العمع‪ ،‬متفػقاً في العسل‪ ،‬يتستع بخمق‬

‫عاؿ ٍٍ‪ ،‬وتتسشى أف تكػف مثمو دوف أف‬


‫عطيع‪ ،‬لو باع شػيل في خجمة الخمق‪ ،‬رفعو هللا سبحانو وتعالى إلى مكاف ٍ‬

‫تشرخؼ الشعسة عشو فيحه ىي الغبصة‪ ،‬وقج استعسل الشبي عميو الربلة والدبلـ كمسة الحدج مكاف الغبصة لحكسة‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪175‬‬


‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َف رسػؿ َّ ِ‬ ‫دقيقة ججًا‪ِ َ ،‬‬
‫اؿ<‬
‫َّللا َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫فع ْغ أَبي ُى َخْي َخَة أ َّ َ ُ َ‬

‫ِ‬ ‫ا ً َّ‬ ‫ؾه آَن َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َِّ ِ‬


‫الش َي ِار‪َ ،‬ف َدس َع ُو َج ٌار َل ُو‪َ ،‬فَق َ‬
‫اؿ<‬ ‫ا ً المْيل َكآَن َ‬
‫آف‪َ ،‬ف ُي َؾ َيْتُم ُ َ‬ ‫(( ََّل َح َد َج إَّل في ا ْثَش َتْي ِؽ‪َ ،‬ر ُج ٌل َعم َس ُو َّ ُ‬
‫َّللا اْلُقْخ َ‬

‫اؿ َر ُج ٌل<‬
‫ق‪َ ،‬فَق َ‬
‫ِ ِ‬
‫َّللا َم ًاَّل‪َ ،‬ف ُي َؾ ُي ْيم ُك ُو في اْل َح ِّ‬
‫اه َّ ُ‬
‫آت ُ‬ ‫َلْي َتِشي أُكِت ُ‬
‫يت ِم ْث َل َما أُكِت َي ُف َال ٌف‪َ ،‬ف َع ِسْم ُت ِم ْث َل َما َي ْع َس ُل‪َ ،‬كَر ُج ٌل َ‬

‫َلْي َتِشي أُكِت ُ‬


‫يت ِم ْث َل َما أُكِتي ُف َال ٌف‪َ ،‬ف َع ِسْم ُت ِم ْث َل َما َي ْع َس ُل ))‬
‫َ‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬أحسج ]‬

‫معشى ذلظ أف اإلنداف حيشسا يتسشى الخيخ ىحا الػجو اإليجابي لمتسشي‪ ،‬ىحا الػجو اإليجابي لخريرة الغيخة التي‬

‫في اإلنداف‪ ،‬اآلف هللا سبحانو وتعالى لحكسة بالغة صسع الجشذ البذخؼ ذك اًخ وأنثى<‬

‫اك ْؼ ُش ُعؾبًا َكَقَب ِائ َل ِل َت َع َارُفؾا﴾‬


‫اك ْؼ ِم ْؽ َذ َك ٍخ َكأُْن َثى َك َج َعْمَش ُ‬
‫اس ِإَّنا َخَم ْقَش ُ‬ ‫﴿يا أَُّي َيا َّ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الحجخات< اآلية ‪] 05‬‬

‫َّ‬
‫الح َكخ خرو هللا بخرائز عقمية ونفدية واجتساعية وجدسية ىي كساؿ لمسيسة التي أناشيا هللا بو‪ ،‬وخرز‬

‫السخأة بخرائز نفدية واجتساعية وجدسية وفكخية ىي كساؿ لمسيسة التي أناشيا هللا بيا‪ ،‬لكغ حيشسا نق أخ آيات‬

‫ٍ‬
‫مداو لمسخأة‪ ،‬وأف السخأة مداوية لمخجل في أشياء كثيخة‪ ،‬في التكميف‪ ،‬ىي مكمفة أف‬ ‫القخآف الكخيع نذعخ أف الخجل‬

‫تؤمغ كسا ىػ مكمف‪ ،‬ومكمفة أف تدمع كسا ىػ مكمف‪ ،‬ومكمفة بسا أمخىا هللا بو كسا ىػ مكمف‪ ،‬فيسا متداوياف في‬

‫التكميف و أؼ آية قخآنية مػجية إلى الحكػر مػجية حكسًا إلى الشداء‪ ،‬السخأة و الخجل متداوياف في التكميف‪،‬‬

‫وىسا أيزًا متداوياف في التذخيف‪ ،‬ىي مذخفة كسا ىػ مذخؼ‪ ،‬ليا عشج هللا مكانة كسا لو عشج هللا مكانة‪ ،‬يسكغ‬

‫أف تخقى إلى أعمى عمييغ كسا يسكغ أف يخقى إلى أعمى عمييغ‪ ،‬يسكغ أف تجخل الجشة مع الرجيقيغ والذيجاء‬

‫والرالحيغ‪ ،‬كسا يجخل ىػ مع األنبياء والرجيقيغ والذيجاء والرالحيغ‪ ،‬ورد في بعس األحاديث‪ ،‬يقػؿ عميو‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪176‬‬


‫الربلة والدبلـ<‬

‫(( أكؿ مؽ يسدػ بحمق الجشة أنا‪ ،‬فإذا امخأة تشازعشي‪ ،‬تخيج أف تجخل الجشة قبمي‪ ،‬قمت< مؽ ىحه يا جبخيل ؟‬

‫قاؿ< ىي امخأة مات زكجيا‪ ،‬كتخؾ ليا أكَّلداً‪ ،‬فأبت الدكاج مؽ أجميؼ ))‬

‫تشازع رسػؿ هللا ‪ e‬دخػؿ الجشة‪ ،‬لحلظ السخأة مذخفة كسا أف الخجل مذخؼ‪ ،‬هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫﴿م ْؽ َع ِس َل َص ِالحًا ِم ْؽ َذ َك ٍخ أ َْك أُْن َثى َك ُى َؾ ُم ْؤ ِم ٌؽ َفَمُش ْحِيَيَّشوُ َحَيا ًة َ‬


‫طِّيَبةً﴾‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الشحل< اآلية ‪] ;9‬‬

‫يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ز ُك ْؼ ِم ْؽ َب ْع ٍ‬
‫ام ٍل ِمْش ُك ْؼ ِم ْؽ َذ َك ٍخ أ َْك أُْن َثى َب ْع ُ‬
‫ُضيع عسل ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض﴾‬ ‫اب َل ُي ْؼ َرُّب ُي ْؼ أَّني ََّل أ ُ َ َ َ َ‬
‫اس َت َج َ‬
‫﴿ َف ْ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪] 0;7‬‬

‫بل إف في الديخة الشبػية ممسحاً رائعاً‪ ،‬ىػ أف الشبي عميو الربلة والدبلـ حيشسا فتح مكة‪ ،‬ودعاه أىل مكة إلى أف‬

‫يدتزيفػه‪ ،‬ماذا قاؿ ؟ فيسا تخوؼ بعس الخوايات قاؿ< انربػا لي خيسة عشج قبخ خجيجة‪ ،‬وركد لػاء الشرخ أماـ‬

‫قبخىا‪ ،‬ليذعخ العالع كمو أف ليحه السخأة البصمة نريب في ىحا الفتح السبيغ‪ ،‬كانت سشجه مغ الجاخل‪ ،‬كانت وراءه‬

‫في كل مػاقفو وبصػالتو ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪177‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬السخأة مداوية لمخجل في التكميف‪ ،‬مداوية لو في التذخيف ‪ ،‬مداوية لو في السدؤولية‪،‬‬

‫صجيقة الشداء كانت امخأة فخعػف‪ ،‬قاؿ هللا عد وجل<‬

‫َمُشؾا ِا ْمَأَخ َة ِفْخ َع ْؾ َف ِإ ْذ َقاَل ْت َرِّب ْاب ِؽ ِلي ِعْش َج َؾ َبْيتًا ِفي اْل َجَّش ِة َكَن ِّجِشي ِم ْؽ ِفْخ َع ْؾ َف َك َع َسِم ِو‬
‫يؽ آ َ‬
‫َّللا م َث ً ِ ِ‬
‫ال لَّمح َ‬ ‫﴿ك َضَخ َب َّ ُ َ‬
‫َ‬

‫يؽ (‪﴾)00‬‬ ‫كَن ِجِشي ِمؽ اْلَقؾ ِـ َّ ِ ِ‬


‫الغالس َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ّ‬

‫[ سػرة التحخيع< اآلية ‪] 00‬‬

‫أؼ فخعػف بجبخوتو وشغيانو وقػتو وادعائو األلػىية لع يدتصع أف يقشع زوجتو بسا يقػؿ لمشاس‪ ،‬إذًا ديغ السخأة‬

‫مدتقل عغ ديغ زوجيا‪ ،‬لػ أمخىا بسعرية يشبغي أف تقػؿ ال‪ ،‬ألنو ال شاعة لسخمػؽ في معرية الخالق‪ ،‬فالسخأة‬
‫ّ‬

‫مداوية لمخجل في التكميف وفي التذخيف‪ ،‬وفي السدؤولية‪ ،‬ولكغ يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿كَلْيذ َّ‬
‫الح َكُخ َك ْاألُ ْن َثى﴾‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف< اآلية ‪] 58‬‬

‫لكل نػع مغ الجشذ البذخؼ خرائز ىي كساؿ لو‪ ،‬وحيشسا جعل هللا الخجل سكشاً لمسخأة‪ ،‬أؼ يكسل بيا نقرو‪،‬‬

‫وتكسل بو نقريا‪ ،‬إنيسا متكامبلف‪ ،‬وليدا متذابييغ‪ ،‬خرائريا الفكخية والجدسية والعقمية واالجتساعية كساؿ‬

‫رائع لمسيسة التي أوكمت إلييا‪ ،‬وخرائرو الفكخية والجدسية والعقمية والشفدية واالجتساعية كساؿ رائع لمسيسة التي‬

‫أناشيا هللا بو‪ ،‬حيشسا نتجاىل ىحه الفػارؽ‪ ،‬وحيشسا تختمط األوراؽ نقع في فداد عخيس ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪178‬‬


‫شيء آخخ‪ ،‬فالسخأة مداوية لمخجل في التذخيف والتكميف والسدؤولية‪،‬‬

‫﴿ كَلْيذ َّ‬
‫الح َكُخ َك ْاألُ ْن َثى﴾‬ ‫َ َ‬

‫بسعشى أف لكل مشيسا خرائز‪ ،‬لػ أف امخأة تسشت أف تكػف رج ً‬


‫بل ما الحؼ يحرل ؟ تتذبو بالخجاؿ‪ ،‬فيقع الفداد‬

‫في األرض‪ ،‬تتذبو في ثيابيا‪ ،‬وفي مذيتيا‪ ،‬وفي حخكتيا‪ ،‬وقج ذكخ بعس العمساء أنو مغ عبلمات اقتخاب الداعة‬

‫أف ُيشدع الحياء مغ وجػه الشداء‪ ،‬وأف تحىب الشخػة مغ رؤوس الخجاؿ‪ ،‬فبل نخػة في رؤوس الخجاؿ‪ ،‬وال حياء في‬

‫وجػه الشداء ‪.‬‬

‫ىحا ىػ اختبلط األوراؽ الحؼ ذكختو قبل قميل ‪.‬‬

‫الدشة‬ ‫أييا اإلخػة‪ ،‬حيشسا تتسشى السخأة أف تكػف رج ً‬


‫بل فبل بج مغ أف تتذبو بالخجاؿ‪ ،‬والتذبو بالخجاؿ في نرػص ُّ‬

‫صيخة مغ أكبخ الكبائخ‪ ،‬وحيشسا يتسشى الخجل أف يتذبو بالسخأة فقج خاَلف مشيج رسػؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وىحا مغ الكبائخ‪،‬‬
‫الس َّ‬
‫ُ‬
‫ذلظ أف هللا تعالى جعل لكل جشذ مغ الحكػر واإلناث وسائل يخقى بيا إلى أعمى درجات الجشة‪ ،‬وىحا مزسػف‬

‫قػلو تعالى<‬

‫يب ِم َّسا ا ْك َت َدْب َؽ﴾‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اؿ َن ِر ِ‬


‫﴿ ِل ِّمخ َج ِ‬
‫يب م َّسا ا ْك َت َدُبؾا َكِلمّش َدا ً َنر ٌ‬
‫ٌ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫وقاؿ عميو الربلة والدبلـ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪179‬‬


‫تبعل السخأة زكجيا يعجؿ الجياد في سبيل هللا ))‬
‫(( اعمسي أيتيا السخأة‪ ،‬كأعمسي مؽ دكنػ مؽ الشدا ً أف ُح ْدؽ ُ‬

‫َو َسَّم َع<‬ ‫َّللاُ َعَم ْي ِو‬


‫صَّمى َّ‬ ‫والجياد كسا تعمسػف ذروة سشاـ اإلسبلـ‪ ،‬فعغ أَِبي ىخيخة َقاؿ< َقاؿ رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫َُ ْ َ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َْ‬

‫ِ ِ‬
‫ات َعَمى ُش ْعَب ٍة ِم ْؽ ِن َف ٍ‬
‫اؽ ))‬ ‫ات‪َ ،‬كَل ْؼ َي ْغ ُد‪َ ،‬كَل ْؼ ُي َحّج ْث ِبو َن ْف َد ُو َم َ‬
‫(( َم ْؽ َم َ‬

‫لسخأة حيشسا تُحدغ رعاية زوجيا وأوالدىا فيي في مختبة السجاىج في سبيل هللا‪ ،‬ألف السخأة إذا حافطت عمى‬

‫أنػثتيا‪ ،‬وحافطت عمى مكانتيا التي مشحيا هللا إياىا‪ ،‬ورعت زوجيا وأوالدىا فيي في أعمى درجات الجشة‪ ،‬إذاً ال‬

‫يشبغي أف يتسشى كل شخؼ أف يكػف مكاف الصخؼ اآلخخ‪ ،‬كسا ال يشبغي أف يدمظ كل شخؼ سمػؾ التذبو‬

‫بالصخؼ اآلخخ‪ ،‬عشجئح نقع في فداد عخيس في السجتسع<‬

‫َّللا ِب ِو َب ْع َز ُك ْؼ َعَمى َب ْع ٍ‬
‫ض﴾‬ ‫﴿كََّل َت َت َسَّش ْؾا َما َف َّز َل َّ ُ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫َقاَل ْت َع ِائ َذ ُة<‬

‫َس َس ُع َك َال َـ َخ ْؾَل َة ِبْش ِت َث ْعَمَبةَ‪َ ،‬كَي ْخ َفى َعَم َّي َب ْع ُ‬


‫زوُ‪َ ،‬ك ِىي َت ْذ َت ِكي‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫(( َتَب َار َؾ الحي َك ِس َع َس ْس ُع ُو ُك َّل َش ْي ٍ ً‪ِ ،‬إّني َأل ْ‬

‫َك َل َشَباِبي‪َ ،‬كَن َثْخ ُت َلوُ َب ْظِشي‪َ ،‬ح َّتى ِإ َذا‬ ‫َّللا عَمي ِو كسَّمؼ‪ ،‬ك ِىي َتُقؾؿ< يا رسؾؿ َّ ِ‬
‫َّللا‪ ،‬أ َ‬ ‫ؾؿ َّ ِ‬
‫َّللا َصَّمى‬ ‫َزْك َج َيا ِإَلى َرس ِ‬
‫ُ َ َُ َ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫َش ُكؾ ِإَليػ‪َ ،‬فسا ب ِخح ْت ح َّتى َن َدؿ ِجبخِائيل ِبي ُؤََّل ِ ً ْاَلي ِ‬
‫ات< }‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫الم ُي َّؼ ِإِّني أ ْ‬
‫اىَخ ِمِّشي‪َّ ،‬‬
‫ع َ‬‫ظ َع َكَل ِجي‪َ ،‬‬
‫َكِبَخ ْت ِسِّشي‪َ ،‬كاْنَق َ‬

‫َّللا َقؾؿ َّالِتي ُتج ِادُلػ ِفي َزك ِجيا كَت ْذ َت ِكي ِإَلى َّ ِ‬
‫َّللا { ))‬ ‫ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َق ْج َسس َع َّ ُ ْ َ‬

‫[ابغ ماجو]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪180‬‬


‫أنا أربييع‪ ،‬ميستي األولى تخبية األبشاء‪ ،‬وفي بعس الببلد الغخبية حيشسا تق أخ عمى ىػية السخأة أنيا سيجة مشدؿ‬

‫معشى ذلظ أنيا في أعمى مختبة‪ ،‬إنيا تخبي أوالدىا‪ ،‬مغ عّمع فتاة عمع أسخة‪ ،‬إنيا تقػد أوالدىا إلى أف يكػنػا‬

‫مػاششيغ صالحيغ مشزبصيغ‪ ،‬قالت< إف زوجي تدوجشي‪ ،‬و أنا شابة ذات أىل وماؿ وجساؿ‪ ،‬فمسا كبخت سشي‪،‬‬

‫ونثخت لو بصشي‪ ،‬وتفخؽ أىمي‪ ،‬وذىب مالي قاؿ< أنت عمي كطيخ أمي‪ ،‬ولي مشو أوالد‪ ،‬إف تخكتيع إليو ضاعػا‪،‬‬
‫ّ‬
‫وإف ضسستيع إلي جاعػا‪ ،‬ىػ يصعسيع‪ ،‬وأنا أربييع‪ ،‬ىشاؾ أدوار متبادلة‪ ،‬كيف أف األسخة األب في العسل‪ ،‬واألـ‬

‫تصبخ‪ ،‬والبشت تشطف‪ ،‬و البغ يأتي باألغخاض‪ ،‬أما في الطييخة فيجمدػف جسيعاً عمى مائجة واحجة‪ ،‬وليع مكانة‬

‫عالية ججاً فيسا بيشيع‪ ،‬إذاً أف يتسشى نػع مغ الجشذ البذخؼ أف يكػف مكاف نػع آخخ‪ ،‬وأف يدمظ سبيل التذبث‬

‫َّاس ر ِ‬ ‫ِ‬
‫ضي‬ ‫فع ْغ ع ْك ِخَم َة َع ِغ ْاب ِغ َعب ٍ َ‬
‫بو‪ ،‬ىحا مسا نيى عشو القخآف الكخيع‪ ،‬ونيى عشو الشبي عميو الربلة والدبلـ‪َ ،‬‬

‫اؿ<‬
‫يسا َق َ‬
‫َّللا َع ْش َ‬
‫َّ‬

‫ات ِمؽ الِّشد ِ‬


‫ا ً‪ ،‬كاْلس َت َذِبي ِ‬
‫الخج ِ ِ ِ‬ ‫َّللا عَمي ِو كسَّمؼ اْلس َت َذِب ِي ِ‬ ‫(( َلعؽ رسؾؿ َّ ِ‬
‫الخ َج ِ‬
‫اؿ ))‬ ‫ا ً ِب ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫اؿ ِبالّش َد َ ُ ّ َ‬ ‫َّللا َصَّمى َّ َ ْ َ َ َ ُ ّ َ‬
‫يؽ م َؽ ِّ َ‬ ‫ََ َ ُ ُ‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬التخمحؼ‪ ،‬أبي داود‪ ،‬ابغ ماجة‪ ،‬أحسج‪ ،‬الجارمي ]‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬ىشاؾ ٍّ‬


‫تسغ بيغ أفخاد الشػع الػاحج‪ ،‬ىحا الحؼ تفػؽ في جانب سأؿ هللا برجؽ‪ ،‬ودفع الثسغ‪ ،‬جاء‬

‫في البيت الذعخؼ<‬

‫ممػ السمؾؾ إذا كىب َّل تدألؽ عؽ الدبب‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪181‬‬


‫ِ‬
‫نعجؿ ىحا البيت<‬
‫ما الحؼ يسشع أف ّ‬

‫ممػ السمؾؾ إذا كىب قؼ فاسألؽ عؽ الدػبب‬

‫هللا يعظي مؽ يذػا ً فقف عمى حػج األدب‬

‫حيشسا يكػف ىشاؾ ٍّ‬


‫تسغ بيغ أفخاد الشػع الػاحج فيشبغي أف نق أخ ىحه اآلية<‬

‫َّللا ِب ِو َب ْع َز ُك ْؼ َعَمى َب ْع ٍ‬
‫ض﴾‬ ‫﴿ َكََّل َت َت َسَّش ْؾا َما َف َّز َل َّ ُ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬التفزيل ال يعشي األفزمية‪ ،‬أؼ أنت حيشسا يحىب ابشظ إلى الجامعة تعصيو مبمغاً مغ الساؿ‬

‫أكثخ مغ الحؼ تعصيو البشظ الحؼ ذىب إلى الحزانة‪ ،‬السبمغ الكبيخ الحؼ أخحه الكبيخ ال يعشي أنو أفزل مغ‬

‫الرغيخ‪ ،‬لكغ يقتزي مرخوؼ شالب الجامعة أف يكػف أكثخ مغ مرخوؼ شالب الحزانة‪ ،‬فقاؿ تعالى<‬

‫َّللا ِب ِو َب ْع َز ُك ْؼ َعَمى َب ْع ٍ‬
‫ض﴾‬ ‫﴿كََّل َت َت َسَّش ْؾا َما َف َّز َل َّ ُ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫ىشاؾ نقصة دقيقة في اآلية‪ ،‬وىي<‬

‫َّللا ِب ِو َب ْع َز ُك ْؼ َعَمى َب ْع ٍ‬
‫ض﴾‬ ‫﴿ َما َف َّز َل َّ ُ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪182‬‬


‫أحيانًا شبيب يأتيو مخيس في ىحا السكاف‪ ،‬وفي ىحا الطخؼ‪ ،‬وفي ىحا السػقف الصبيب َّ‬
‫مفزل عمى السخيس في‬

‫عمسو‪ ،‬ىػ الحؼ يعمع حقيقة ىحا السخض‪ ،‬وحقيقة الجواء‪ ،‬السخيس مفزػؿ‪ ،‬والصبيب َّ‬
‫مفزل في ىحا السػقف‪ ،‬أما‬

‫حيشسا يحىب الصبيب إلى إنداف يعسل في الديارات‪ ،‬ويدألو عغ قزية في مخكبتو‪ ،‬في ىحا السػقف الصبيب‬

‫مفزػؿ‪ ،‬وصاحب ىحه الحخفة َّ‬


‫مفزل ‪.‬‬

‫فأنت أييا اإلنداف في مػاقف كثيخة تكػف تارة مفزبلً‪ ،‬وال يعشي أنظ أفزل مغ الحؼ أمامظ‪ ،‬وتكػف تارة مفزػالً‪،‬‬

‫قاؿ تعالى<‬

‫يب ِم َّسا ا ْك َت َدْب َؽ﴾‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اؿ َن ِر ِ‬


‫يب م َّسا ا ْك َت َدُبؾا َكِلمّش َدا ً َنر ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َّللا ِب ِو َب ْع َز ُك ْؼ َعَمى َب ْع ٍ‬
‫ض ِل ِّمخ َج ِ‬
‫﴿كََّل َت َت َسَّش ْؾا َما َف َّز َل َّ ُ‬
‫َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫قج نفيع اآلية التسشي فيسا بيغ الشػع الػاحج‪ ،‬أؼ ىحا الحؼ تفػؽ في اختراصو بحؿ جيجاً كبي ًاخ‪ ،‬ما ىػ فيو لو‬

‫عبلقة بكدبو‪ ،‬والكدب اختيار وعسل‪ ،‬فأنا حيشسا أق أخ ىحه اآلية أتسشى عمى كل أخ كخيع أف يقتشع أف هللا سبحانو‬

‫وتعالى أعصى كل إنداف ما يدتحق‪ ،‬أؼ أعصاه ما يشاسبو أيزاً ‪.‬‬

‫ىشاؾ قرة أخخػ أيزاً‪ ،‬أف سيجنا شعيب حيشسا أرسل ابشتو‪ ،‬ماذا قاؿ هللا عد وجل ؟ قاؿ<‬

‫ص َعَمْي ِو‬
‫ا ً ُه َكَق َّ‬ ‫ؾؾ لَي ْج ِدَي َػ أ ْ‬
‫َجَخ َما َسَقْي َت َلَشا َفَم َّسا َج َ‬ ‫َ ُ‬ ‫اسِت ْحَي ٍ‬
‫ا ً َقاَل ْت ِإ َّف أَِبي ي ْجع َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ً ْتوُ ِإ ْح َج ُ‬
‫اى َسا َت ْسذي َعَمى ْ‬ ‫﴿ َف َج َ‬
‫اس َتأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف َنجؾ َت ِمؽ اْلَقؾ ِـ َّ ِ ِ‬
‫ْجْخ َت‬ ‫ْجْخُه ِإ َّف َخْيَخ َم ِؽ ْ‬
‫اس َتأ َ‬ ‫يؽ (‪َ )47‬قاَل ْت ِإ ْح َج ُ‬
‫اى َسا َيا أََبت ْ‬ ‫الغالس َ‬ ‫َ ْ‬ ‫اؿ ََّل َت َخ ْ َ ْ‬
‫ص َق َ‬
‫اْلَق َر َ‬
‫اْلَقؾ ُّ ِ‬
‫ِي ْاألَم ُ‬
‫يؽ (‪﴾)48‬‬

‫[ سػرة القرز ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪183‬‬


‫قاؿ عمساء التفديخ< ما الحؼ يمفت نطخ الخجاؿ بالشداء ؟ قالػا< الحياء‪ ،‬وما الحؼ يمفت نطخ الشداء بالخجاؿ ؟‬

‫قالػا< القػة واألمانة<‬

‫ْجخه ِإ َّف َخيخ م ِؽ اس َتأْجخ َت اْلَقؾ ُّ ِ‬ ‫ِ‬


‫ِي ْاألَم ُ‬
‫يؽ (‪﴾)48‬‬ ‫َْ َ ْ َ ْ‬ ‫اس َتأ ِ ْ ُ‬ ‫﴿ َقاَل ْت ِإ ْح َج ُ‬
‫اى َسا َيا أََبت ْ‬

‫[ سػرة القرز< اآلية ‪] 78‬‬

‫ُسقت ىحه القرة القخآنية ألؤكج أف التفزيل ال يقتزي األفزمية‪ ،‬لكغ هللا سبحانو وتعالى أعصى كل إنداف ما‬

‫يشاسبو مغ الخرائز‪ ،‬ومغ الحطػظ‪ ،‬حيث تكػف معػانًا لو عمى بمػغ دار الدبلـ ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ما الحل إذا كاف التسشي عشج هللا محمػمًا ؟ الحل ىػ<‬

‫َّللا ِم ْؽ َف ْزِم ِو﴾‬


‫اسأَُلؾا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 57‬‬

‫الحؼ أعصاه يعصيظ‪ ،‬والحؼ أكخمو يكخمظ‪ ،‬والحؼ رفعو يخفعظ‪ ،‬والحؼ وفقو يػفقظ‪ ،‬وهللا سبحانو وتعالى رب‬

‫‪.‬‬ ‫العالسيغ‬

‫ال أندى كمسة قاليا سيجنا عسخ لديجنا سعج بغ أبي وقاص‪ ،‬وسعج ابغ أبي وقاص ما مغ صحابي مغ صحابة‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو َو َسَّم َع‬


‫صَّمى َّ‬ ‫َّللا َع ْش ُو َقاؿ< ما س ِس ْع ُت َِّ‬
‫الشب َّي َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فع ْغ َعم ٍّي َرض َي َّ ُ‬
‫رسػؿ هللا فجاه الشبي بأمو وأبيو كديجنا سعج‪َ ،‬‬

‫ُحٍج<‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِِ‬ ‫جسع أَبػي ِو ِأل ٍ ِ َّ ِ ِ‬


‫َحج إال ل َد ْعج ْب ِغ َمالظ َفإّني َسس ْعتُ ُو َيُق ُ‬
‫ػؿ َي ْػَـ أ ُ‬ ‫َ َ َ ََ ْ َ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪184‬‬


‫ِ‬ ‫(( َيا َس ْع ُج ْارـِ‪ِ ،‬ف َج َ ِ‬
‫اؾ أَبي َكأ ّ‬
‫ُمي ))‬

‫[متفق عميو]‬

‫ال مثل خالي ‪.‬‬


‫سيجنا سعج كاف إذا دخل عمى الشبي عميو الربلة والدبلـ قاؿ< ىحا خالي‪ ،‬مجاعباً لو‪ ،‬أروني خا ً‬

‫عثخت عمى نز لديجنا عسخ يقػؿ لو فيو< " يا سعج‪ ،‬ال‬


‫ُ‬ ‫لو عشج هللا وعشج رسػؿ هللا مكانة عالية ججاً‪ ،‬ومع ذلظ‬

‫فالخمق كميع عشج هللا سػاسية‪ ،‬ليذ بيشو وبيشيع قخابة إال شاعتيع لو‪ ،‬إف‬
‫يغخنظ أنو قج قيل< خاؿ رسػؿ هللا ‪َ ،e‬‬

‫أكخمكع عشج هللا أتقاكع " ‪.‬‬

‫فبجؿ أف تحدج يشبغي أف تدأؿ هللا مغ فزمو‪ ،‬هللا عد وجل جعل عصاؤه بيغ أيجؼ الخمق جسيعاً‪ ،‬بذخط أف‬

‫َّللا َعَم ْي ِو َو َسَّم َع<‬


‫صَّمى َّ‬ ‫ذ َقاؿ< َقاؿ رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫يدألػا‪ ،‬وأف يعسمػا‪ ،‬ال أف يقعجوا دوف أف يعسمػا‪َ ،‬ع ْغ أ ََن ٍ َ َ َ ُ ُ‬

‫َؿ ِش ْد َع َن ْعِم ِو ِإ َذا اْنَق َ‬


‫ظ َع ))‬ ‫َح ُج ُكؼ َرَّب ُو َح َ َّ‬
‫اج َتوُ ُكم َيا‪َ ،‬ح َّتى َي ْدأ َ‬ ‫َؿ أ َ ْ‬
‫ِ‬
‫(( لَي ْدأ ْ‬

‫[ التخمحؼ ]‬

‫إف هللا يحب مغ عبج أف يدألو ممح شعامو‪ ،‬إف هللا يحب مغ عبجه أف يدألو حاجتو كميا‪ ،‬مغ ال يجعشي أغزب‬

‫عميو ‪.‬‬

‫قاؿ تعالى<‬

‫﴿ ُق ْل َما َي ْعَبأُ ِب ُك ْؼ َرّبِي َل ْؾََّل ُد َع ُاؤُك ْؼ﴾‬

‫[ سػرة الفخقاف< اآلية ‪] 99‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪185‬‬


‫بجؿ أف تحدج اسأؿ هللا مغ فزمو‪ ،‬وليكغ سؤالظ مختبصًا بالعسل<‬

‫ِ‬
‫﴿ َك َم ْؽ أََرَاد ْاَلَ ِخَخَة َك َس َعى َل َيا َس ْعَي َيا َك ُى َؾ ُم ْؤ ِم ٌؽ َفأُكَلئ َػ َك َ‬
‫اف َس ْعُي ُي ْؼ َم ْذ ُكؾ ًار (;‪﴾)0‬‬

‫[ سػرة اإلسخاء< اآلية ;‪] 0‬‬

‫صا بالعسل‪ ،‬وجعل عصاءه مختبصًا أيزًا بالدعي<‬


‫هللا جعل عصاءه مختب ً‬

‫َّللا َع َسَم ُك ْؼ َكَر ُسؾُل ُو َكاْل ُس ْؤ ِمُشؾ َف﴾‬ ‫﴿ َكُق ِل ْ‬


‫اع َسُمؾا َف َدَيَخى َّ ُ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪] 017‬‬

‫أما التسشي<‬

‫اب َم ْؽ َي ْع َس ْل ُسؾ ًاً ُي ْج َد ِب ِو﴾‬ ‫َم ِان ِّي أ ْ‬


‫َى ِل اْل ِك َت ِ‬ ‫ذ ِبأ ِ ِ‬
‫َمانّي ُك ْؼ َكََّل أ َ‬
‫﴿ َلْي َ َ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪] 075‬‬

‫فالتسشيات مزائق الحسقى ‪.‬‬

‫أسأؿ هللا سبحانو وتعالى أف ُيميسشا الخشج والرػاب‪ ،‬وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪186‬‬


‫الجرس (‪ < )09-05‬حالكة اْليساف‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع و رحسة هللا و بخكاتو‪.‬‬

‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َّللا َع ْش ُو َع ْغ َِّ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫في الحجيث الرحيح َع ْغ أ ََن ِ‬
‫اؿ<‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫الشب ِّي َ‬ ‫ذ ْب ِغ َمالظ َرض َي َّ ُ‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َف ُي ِح َّب اْل َسْخَ ً ََّل ُي ِحُّب ُو‬ ‫َح َّب ِإَلْيو ِم َّسا ِس َؾ ُ‬
‫اى َسا‪َ ،‬كأ ْ‬ ‫َف َي ُكؾ َف َّ ُ‬
‫َّللا َكَر ُسؾُلوُ أ َ‬ ‫يس ِ‬
‫اف‪ ،‬أ ْ‬ ‫ِ‬
‫(( َث َال ٌث َم ْؽ ُك َّؽ فيو َك َج َج َح َال َكَة ْاْل َ‬
‫ؼ ِفي َّ‬ ‫ِِ‬
‫الشار ))‬ ‫ؾد ِفي اْل ُك ْف ِخ َك َسا َي ْكَخُه أ ْ‬
‫َف ُي ْق َح َ‬ ‫َف َي ُع َ‬ ‫ِإََّّل َّّلِل‪َ ،‬كأ ْ‬
‫َف َي ْكَخَه أ ْ‬

‫[ البخارؼ‪ ،‬مدمع‪ ،‬التخمحؼ‪ ،‬الشدائي‪ ،‬ابغ ماجو‪ ،‬أحسج ]‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬ىحا حجيث ميع ججًا في عبلقة السؤمغ مع ربو‪ ،‬فالشبي عميو الربلة والدبلـ ذكخ حبلوة‬

‫اإليساف‪ ،‬وقج وردت ىحه الكمسة في أحاديث كثيخة مغ أحاديث رسػؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وكأنسا يقابل ىحه الكمسة حقائق‬

‫اإليساف‪ ،‬ىشاؾ حبلوة اإليساف‪ ،‬وىشاؾ حقائق اإليساف‪ ،‬فأؼ إنداف أودع هللا فيو عقبلً يسكغ أف يجرؾ حقائق‬

‫اإليساف‪ ،‬ولكغ حبلوة اإليساف ليا ثسغ‪ ،‬وربسا كاف ثسشيا باىطًا‪ ،‬لكغ الشتائج باىخة‪.‬‬

‫حبلوة اإليساف ىي في الحقيقة ثسخة اإليساف‪ ،‬ذلظ أف العبادة في أدؽ تعاريفيا‪ ،‬شاعة شػعية‪ ،‬مسدوجة بسحبة‬

‫قمبية‪ ،‬أؼ إف العبادة غاية الخزػع هلل عد وجل‪ ،‬وغاية الحب‪ ،‬فسغ أشاع هللا‪ ،‬ولع يحبو فسا عبجه‪ ،‬ومغ أحبو‪،‬‬

‫ولع يصعو فسا عبجه‪ ،‬إذ إف حبلوة اإليساف ىي ثسخة العبادة‪ ،‬فالعبادة شاعة شػعية‪ ،‬مسدوجة بسحبة قمبية‪ ،‬أساسيا‬

‫معخفة يقيشية‪ ،‬تفزي إلى سعادة أبجية‪ ،‬في ىحا التعخيف الجقيق جانب معخفي‪ ،‬وجانب سمػكي‪ ،‬وجانب جسالي‪،‬‬

‫فالجانب الدمػكي ىػ األصل‪ ،‬ما لع يدتقع اإلنداف عمى أمخ هللا‪ ،‬ما لع يمتدـ‪ ،‬ما لع يكغ لو مػقف‪ ،‬ما لع يصبق‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪187‬‬


‫ما أمخ‪ ،‬ما لع يشتو عسا عشو نيي وزجخ‪ ،‬ما لع يتحخؾ<‬

‫زيؼ أَكِليا ً بع ٍ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يؽ آَمُشؾا َكَلؼ ُي َي ِ‬
‫اجُخكا﴾‬ ‫ْ‬ ‫ض َكالح َ َ‬ ‫َك ْكا َكَن َرُخكا أُكَلئ َػ َب ْع ُ ُ ْ ْ َ ُ َ ْ‬ ‫﴿ َك َّالح َ‬
‫يؽ آ َ‬

‫[ سػرة األنفاؿ< اآلية ‪]97‬‬

‫األصل في التجيغ الرحيح أف يمتدـ اإلنداف األمخ والشيي‪ ،‬مغ مذى عمى وجو الساء‪ ،‬ومغ شار في اليػاء‪ ،‬ولع‬

‫يكغ عشج األمخ والشيي فيحا الحؼ يتحجث الشاس عشو ال قيسة لو إشبلقاً‪ ،‬الػلي كل الػلي الحؼ تججه عشج األمخ‬

‫والشيي‪ ،‬أف يججؾ هللا حيث أمخؾ‪ ،‬وأف يفتقجؾ حيث نياؾ‪ ،‬فاألصل في العبادة الصاعة‪ ،‬واألصل في العبادة‬

‫الصاعة الصػعية‪ ،‬ولكغ لغ تدتصيع أف تحسل نفدظ عمى شاعة هللا إال إذا عخفتو‪ ،‬فأصل الجيغ معخفتو‪ ،‬وىحه‬

‫األفكار تحجثت عشيا قميبلً‪ ،‬بيشسا ثسخة العبادة تمظ الدعادة التي يذعخ بيا السؤمغ‪ ،‬والتي تسؤل قمبو اشسئشاناً‪،‬‬

‫ال‪ ،‬والتي تذعخه أنو قخيب مغ هللا عد وجل‪ ،‬والتي تصسئشو عمى مدتقبمو<‬
‫ورضى‪ ،‬وتفاؤ ً‬

‫َّللا َلَشا﴾‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬


‫﴿ ُق ْل َل ْؽ ُير َيبَشا إَّل َما َك َت َب َّ ُ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]70‬‬

‫ىحه الحبلوة حبلوة اإليساف ىي ثسخة اإليساف‪ ،‬الثسخة جسع‪ ،‬يعخفػنو‪ ،‬فيصيعػنو فيدعجوف بقخبو في الجنيا واآلخخة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬حبلوة اإليساف ثسخة اإليساف‪ ،‬اليجؼ األكبخ مغ اإليساف‪ ،‬وىحا اإليساف لو ىجؼ في الجنيا‪،‬‬

‫ولو ىجؼ في اآلخخة‪ ،‬في اآلخخة تجخل جشة عخضيا الدساوات واألرض‪ ،‬فييا ما ال عيغ رأت‪ ،‬وال أذف سسعت‪،‬‬

‫وال خصخ عمى قمب بذخ‪.‬‬

‫قاؿ بعس العارفيغ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪188‬‬


‫فمؾ شاىجت عيشاؾ مؽ حدششػا الحي رأكه لسا كليت عشا لغيخنػا‬

‫كلؾ سسعت أذناؾ حدؽ خظابشا خمعت عشػ ثياب العجب ك جئتشا‬

‫ك لؾ ذقت مؽ طعؼ السحبة ذرة عػحرت الحي أضحى قتيالً بحبشا‬

‫ك لؾ ندست مؽ قخبشا لػ ندسة لسػػت غخيباً ك اشتياقا لقخبشػا‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬حبلوة اإليساف‪ ،‬وحقائق اإليساف‪ ،‬يسكغ أف نذبو حقائق اإليساف بخارشة دقيقة مبشية عمى‬

‫عمع دقيق لقرخ مشيف‪ ،‬وإنداف ال يسمظ كػخًا‪ ،‬لكشو يسمظ ىحه الخخائط‪ ،‬في كل ىحه الخخائط تفاصيل دقيقة عغ‬

‫حجع القرخ‪ ،‬وعغ شػابقو‪ ،‬وعغ اتداع الغخؼ‪ ،‬وعغ حجائقو‪ ،‬وعغ إشبلالتو‪ ،‬ولكشو حبخ عمى ورؽ‪ ،‬ىحه حقائق‬

‫اإليساف يجركيا كل إنداف‪ ،‬ولكغ حيشسا تحوؽ حبلوة اإليساف فكأنظ سكشت في ىحا القرخ‪ ،‬وممكتو‪ ،‬فخؽ كبيخ‬

‫وبػف شاسع بيغ أف تجرؾ حقائق اإليساف و أف تتحوؽ حبلوة اإليساف‪ ،‬لحلظ ورد في بعس األحاديث الرحيحة‪،‬‬

‫ػؿ<‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫صِم ِب أََّنو س ِسع رسػؿ َّ ِ‬


‫َّاس ب ِغ عبِج اْلس َّ‬
‫ِ‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َيُق ُ‬ ‫َّللا َ‬ ‫ُ َ َ َُ َ‬ ‫َع ْغ اْل َعب ْ َ ْ ُ‬

‫ِس َح َّس ٍج َنِبِّيا ))‬ ‫ِ‬ ‫اف مؽ ر ِضي ِب َّ ِ‬


‫اّلِل َرِّبا‪َ ،‬كب ِْ‬ ‫(( ذاؽ طعؼ ِ‬
‫اْليس ِ‬
‫ِاْل ْس َال ِـ ديًشا‪َ ،‬كب ُ‬ ‫َ َ ََْ ْ َ َ ْ َ َ‬

‫[ مدمع‪ ،‬التخمحؼ‪ ،‬أحسج ]‬

‫بل‪ ،‬أو‬
‫أييا اإلخػة‪ ،‬أنت حيشسا تترل بذيء مغ خمق هللا عد وجل‪ ،‬ولػ كاف شعامًا‪ ،‬أو فاكية‪ ،‬أو مشط ًاخ جسي ً‬

‫وردة رائعة‪ ،‬إنظ تترل عغ شخيق الحػاس‪ ،‬عغ شخيق العيشيغ‪ ،‬أو عغ شخيق األذنيغ‪ ،‬أو عغ شخيق المسذ‪ ،‬ما‬

‫الحؼ حرل ؟ ما ىي الستعة ؟ ىي اتراؿ إنداف بسخمػؽ مشحو هللا هلالج لج مدحة مغ جساؿ‪ ،‬ذلظ أف اإلنداف في‬

‫األصل فصخ عمى حب الجساؿ‪ ،‬وعمى حب الكساؿ‪ ،‬وعمى حب الشػاؿ‪ ،‬اإلنداف حيشسا يترل بسخمػؽ مشحو هللا‬

‫مدحة مغ الجساؿ يدعج بيحا االتراؿ‪ ،‬فكيف إذا اترل بأصل الجساؿ‪ ،‬كيف إذا اترل بخالق الدساوات‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪189‬‬


‫واألرض ؟ كيف إذا اترل بسبجع الكػف ؟ كل ما تخاه عيشظ مغ جساؿ إنسا ىػ أثخ مغ جساؿ هللا عد وجل‪ ،‬مغ‬

‫ىشا نفيع قػؿ الشبي عميو الربلة و الدبلـ<‬

‫يت ي ْظ ِعسِشي ربِي كيد ِق ِ‬ ‫ِ‬


‫يشي ))‪.‬‬ ‫((‪ِ ...‬إّني أَِب ُ ُ ُ َ ّ َ َ ْ‬

‫[البخارؼ ومدمع عغ أبي ىخيخة]‬

‫مغ ىشا نفيع قػؿ بعس العمساء< " في الجنيا جشة مغ لع يجخميا لغ يجخل جشة اآلخخة "‪ ،‬ىحا السعشى تؤكجه اآلية‬

‫الكخيسة<‬

‫﴿كُي ْج ِخُم ُي ُؼ اْل َجَّش َة َعَّخَف َيا َل ُي ْؼ (‪﴾)8‬‬


‫َ‬

‫[ سػرة دمحم< اآلية ‪]8‬‬

‫مغ ىشا نعمع ما يشتاب السؤمغ إذا دخل إلى بيت مغ بيػت هللا‪ ،‬و كيف أف الخحسة تتشدؿ عمى قمبو‪ ،‬مغ ىشا نجرؾ‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو َو َسَّم َع‬


‫صَّمى َّ‬ ‫اف ِب ِو َعَمى َِّ‬
‫الشب ِّي َ‬ ‫حجيث رسػؿ هللا صمى هللا عميو و سمع‪َ ،‬ع ْغ أَِبي ُى َخْي َخَة َوأَِبي َس ِع ٍيج َي ْذ َي َج ِ‬

‫اؿ<‬
‫َق َ‬

‫الد ِكيَشةُ‪َ ،‬كَذ َكَخُى ْؼ‬


‫الخ ْح َسةُ‪َ ،‬كَتَشَّدَل ْت َعَمْي ِي ْؼ َّ‬ ‫َّللا ِف ِ‬
‫يو ِإََّّل َح َّف ْت ُي ْؼ اْل َس َال ِئ َكةُ‪َ ،‬كَت َغ َّذ ْت ُي ْؼ َّ‬ ‫ِ‬
‫ذ َق ْؾٌـ َم ْجم ًدا َي ْح ُكُخك َف َّ َ‬
‫(( َما َجَم َ‬

‫يس ْؽ ِعْش َج ُه ))‬ ‫َّ ِ‬


‫َّللا ف َ‬
‫ُ‬

‫[ التخمحؼ‪ ،‬ابغ ماجو ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪190‬‬


‫ىحا الجانب الجسالي الحؼ يذعخ بو السؤمغ‪ ،‬والحؼ يكاد يصيخ بو مغ الفخح حيشسا يكاد يتشدؿ عمى قمبو سكيشة مغ‬

‫عشج هللا‪ ،‬ىحا الجساؿ الحؼ يحخص عميو السؤمغ‪ ،‬ىػ الحؼ يجعمو بصبلً‪ ،‬إف حبلوة اإليساف شيء نفيذ ججاً‪ ،‬إنيا‬

‫ثسختو الحقيقية‪ ،‬قج تجرؾ أمخ هللا التكميفي‪ ،‬قج تعمع عمع مخمػقاتو‪ ،‬عمع الكػف‪ ،‬ولكغ ال تحوؽ حبلوة اإليساف‪ ،‬وقج‬

‫تتعمع عمع األمخ والشيي‪ ،‬ومع ذلظ ال تحوؽ حبلوة اإليساف‪ ،‬ولكغ إذا عخفت هللا سبحانو وتعالى‪ ،‬واترمت بو ذقت‬

‫حبلوة اإليساف‪ ،‬لحلظ يسكغ أف نفيع ما قالو بعس السمػؾ الحيغ انقصعػا إلى العبادة‪ ،‬وعخفػا هللا عد وجل‪ ،‬فقاؿ‬

‫أحجىع< " لػ يعمع السمػؾ ما نحغ عميو لقاتمػنا عمييا بالديػؼ "‪.‬‬

‫الحقيقة أف الحؼ يفتقجه الشاس في العرػر الستأخخة ىي حبلوة اإليساف‪ ،‬ىحه السخأة األنرارية التي ذاقت حبلوة‬

‫اإليساف‪ ،‬وبمغيا أف الشبي عميو الربلة والدبلـ قج ُقتل في أحج‪ ،‬ذىبت لتصسئغ عميو‪ ،‬رأت في الصخيق زوجيا قج‬

‫ُقتل‪ ،‬فقالت< ال ضيخ‪ ،‬إال أف وقعت عيشيا عمى رسػؿ هللا ‪ ،e‬فقالت< يا رسػؿ هللا‪ ،‬كل مريبة بعجؾ جمل‪ ،‬ذاقت‬

‫حبلوة اإليساف‪ ،‬فبثخت ىحه الحبلوة عمى كل شيء‪ ،‬ليذ معشى ذلظ أف زوجيا ال قيسة لو عشجىا‪ ،‬إنيا رأتو قج‬

‫استذيج‪ ،‬لكشيا كانت تخيج أف تصسئغ عمى رسػؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬حيشسا يحوؽ اإلنداف حبلوة اإليساف‪ ،‬وىػ في ساحة‬

‫السعخكة‪ ،‬ويراب بجخح بميغ يكاد يػدؼ بحياتو‪ ،‬ويصمب الساء‪ ،‬فيأتي مغ يدقيو‪ ،‬فيدسع أنيغ أخيو إلى جػاره‪،‬‬

‫فيقػؿ< اسق أخي‪ ،‬لعمو أشج حاجة إلى الساء مشي‪ ،‬الثاني يدسع أنيشاً ثالثاً‪ ،‬يؤِثخ أخاه الثالث‪ ،‬فيججه الداقي قج‬

‫مات‪ ،‬فيعػد إلى الثاني‪ ،‬فيججه قج مات‪ ،‬ويعػد إلى األوؿ فيججه قج مات‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬حبلوة اإليساف تجعل مغ اإلنداف بصبلً‪ ،‬حبلوة اإليساف تجعل اإلنداف يػاجو الذجائج بعدـ‬

‫وثبات مشقصع الشطيخ‪ ،‬حبلوة اإليساف تحسل اإلنداف عمى البحؿ‪ ،‬الحؼ ذاؽ حبلوة اإليساف يبشي حياتو عمى البحؿ‪،‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪191‬‬


‫يختاح لمعصاء يعصي‪ ،‬يدعج إذا أعصى‪ ،‬ألع يقل هللا عد وجل<‬

‫اس َت ْغَشى (‪َ ):‬كَك َّح َب‬ ‫ِ‬ ‫َّؽ ِباْل ُح ْدَشى (‪َ )8‬ف َدُشَي ِّدُخُه ِلْمُي ْدَخى (‪َ )9‬كأ َّ‬
‫َما َم ْؽ َبخ َل َك ْ‬ ‫ظى َك َّاتَقى (‪َ )7‬ك َصج َ‬
‫َع َ‬
‫َما َم ْؽ أ ْ‬
‫﴿ َفأ َّ‬

‫ِباْل ُح ْدَشى (;) َف َدُشَي ِّدُخُه ِلْم ُع ْدَخى (‪﴾)01‬‬

‫[ سػرة الميل ]‬

‫ما الحؼ يؤكج في السؤمغ إيسانو ؟ الحؼ يؤكج في السؤمغ إيسانو حبو لمعصاء‪ ،‬ألنو ذاؽ شعع القخب‪ ،‬ىحا الجانب‬

‫الجسالي الحؼ حيشسا يفتقجه اإلنداف يغجو الجيغ ثقافة ليذ غيخ‪ ،‬يغجو الجيغ أفكا ًار تتػارد إلى ذىشو‪ ،‬أما إذا ذقت‬

‫حبلوة اإليساف عشجئح تعخؼ حقيقة ما فعمو الرحابة الكخاـ حيشسا فجوا رسػؿ هللا بأنفديع وأرواحيع‪ ،‬ألع يدأؿ أبػ‬

‫سفياف أحج الرحابة الحيغ أرادوا أف يقتمػه< يا خبيب‪ ،‬أتحب أف يكػف دمحم مكانظ‪ ،‬وأنت في أىمظ ؟ فقاؿ خبيب<‬

‫و هللاِ ال أحب أف أكػف في أىمي وولجؼ‪ ،‬وعشجؼ عافية الجنيا ونعيسيا‪ ،‬ويراب رسػؿ ‪ e‬هللا بذػكة‪ ،‬فقاؿ أبػ‬

‫سفياف< ما رأيت أحجاً يحب أحجاً كحب أصحاب دمحم دمحماً ‪.‬‬

‫مطاىخ الجيغ صارخة في ىحه األياـ‪ ،‬ولكغ ىحا الحب الحؼ كاف يسؤل أصحاب رسػؿ هللا‪ ،‬وقمػب التابعيغ‪،‬‬

‫وقمػب تابعي التابعيغ‪ ،‬وقمػب العمساء العامميغ‪ ،‬ىحا الحب الحؼ يجعل مغ اإلنداف بصبلً‪ ،‬ىحا الحب الحؼ يجفعظ‬

‫ال واستبذا ًار‪،‬‬


‫إلى التزحية‪ ،‬يجفعظ إلى مقارعة األعجاء‪ ،‬ىحا الحب الحؼ يسؤل القمب شسأنيشة وسعادة ورضى وتفاؤ ً‬

‫كبيخ بيغ أف تسمظ خارشة قرخ‪ ،‬وأنت تدكغ‬


‫ىحه حبلوة اإليساف‪ ،‬وكسا بيشت في السثميغ الدابقيغ أف ىشاؾ فخًقا ًا‬

‫في مجاخل األبشية‪ ،‬وعمى كخاسي الحجائق‪ ،‬وال تسمظ كػخًا‪ ،‬وبيغ أف تتسمظ ىحا القرخ‪ ،‬وأف تدكشو‪ ،‬حبلوة اإليساف‬

‫تجعل اإليساف يتشامى في اإلنداف‪ ،‬أما حقائق اإليساف فقج تجركيا‪ ،‬وقج تشداىا‪ ،‬وتعير واقعاً آخخ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬حبلوة اإليساف ليا ثسغ‪ ،‬ىل يعقل أف يتاح إلنداف أف يرف نفدو بمقب عمسي دوف أف يجرس‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪192‬‬


‫حرل ىحه الجراسة ؟‬
‫الدشػات الصػيمة مغ أجل أف يػضع إلى جانب االسع كمسة دكتػر ؟ كع سشة يجرس مغ ّ‬

‫أتخيج أف تكػف الجشة ببل ثسغ ؟ أال إف سمعة هللا غالية‪ ،‬مغ شمب الجشة مغ غيخ عسل فقج وقع في ذنب آخخ‪.‬‬

‫بل‪ ،‬وليذ مغ ذاؽ كسغ سسع‪ ،‬حبلوة اإليساف ليا ثسغ‪ ،‬ثسشيا‬
‫أييا اإلخػة‪ ،‬حبلوة اإليساف‪ ،‬وقج تحجثت عشيا قمي ً‬

‫ذكخه الشبي عميو الربلة والدبلـ في نقاط ثبلث<‬

‫الشقصة األولى< يقػؿ عميو الربلة والدبلـ<‬

‫ِ‬
‫َح َّب ِإَلْيو ِم َّسا ِس َؾ ُ‬
‫اى َسا ))‬ ‫َف َي ُكؾ َف َّ ُ‬
‫َّللا َكَر ُسؾُلوُ أ َ‬ ‫(( أ ْ‬

‫وقج يفيع ىحا الكبلـ الشبػؼ الذخيف فيسًا بديصًا سصحيًا‪ ،‬لػ سألت كل السدمسيغ في العالع< أال تحبػف هللا ورسػلو‬

‫أكثخ مغ أؼ شيء آخخ ؟ لقالػا< نعع‪ ،‬أضغ أف السعشى ليذ ىحا‪ ،‬أف يكػف هللا في قخآنو‪ ،‬أؼ في أوامخه‪ ،‬في‬

‫نػاىيو‪ ،‬في مشيجو‪ ،‬وأف يكػف الخسػؿ ‪ e‬في سشتو الرحيحة َّ‬
‫أحب إلى اإلنداف مسا سػاىسا عشج التعارض‪ ،‬أؼ‬

‫حيشسا تتعارض مرمحتظ السادية‪ ،‬أو مرمحتظ الستػىسة‪ ،‬أو مرمحتظ القخيبة مع الحكع الذخعي‪ ،‬مع الشز‬

‫الذخعي‪ ،‬مع األمخ اإلليي‪ ،‬مع الشيي اإلليي‪ ،‬تزحي بسرمحتظ السػىػمة أو القخيبة‪ ،‬وتمتدـ شاعة هللا عد‬

‫ٍ‬
‫حيشئح ثسشًا باىطًا‪ ،‬وضعت مرمحتظ الستػىسة‪ ،‬أو وضعت‬ ‫وجل‪ ،‬وتقػؿ< إني أخاؼ هللا رب العالسيغ‪ ،‬فقج دفعت‬

‫مرمحتظ السادية تحت قجمظ‪ ،‬وأردت أف تخضي هللا عد وجل‪ ،‬فحيشسا تتعارض حاجاتشا وشيػاتشا ومرالحشا مع‬

‫األحكاـ الذخعية‪ ،‬ونؤثخ األحكاـ الذخعية‪ ،‬ونؤثخ شاعة هللا عد وجل‪ ،‬ونديخ في رضاه دفعشا ثسشاً باىطًا‪ ،‬عشجئح‬

‫تتشدؿ عميشا رحسة هللا‪ ،‬عشجئح تتشدؿ عميشا سكيشة هللا‪ ،‬عشجئح نحوؽ حبلوة اإليساف‪ ،‬ومغ ذاؽ عخؼ‪ ،‬كسا قاؿ‬

‫الذاعخ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪193‬‬


‫فميتػ تحمؾ كالحػياة مػخيخة ك ليتػ تخضى ك األناـ غزاب‬

‫كليت الحي بيشي ك بيشػ عامخ ك بيػشي ك بيؽ العالسيؽ خخاب‬

‫كليت شخابي مؽ كدادؾ سائغ ك شخبي مؽ ما ً الفخات سخاب‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬الثسغ األوؿ لحبلوة اإليساف أف يكػف هللا ورسػلو‪ ،‬أؼ أف يكػف أمخ هللا في قخآنو‪ ،‬وأف يكػف‬

‫أمخ رسػلو في سشتو أحب إلى السؤمغ مسا سػػ ذلظ‪ ،‬مغ مرالحو وندواتو وشيػاتو ورغباتو‪ ،‬وما يحب أف‬

‫يفعمو‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬ليحا الحجيث أصل كبيخ في القخآف الكخيع‪ ،‬هللا هلالج لج يقػؿ‪ ،‬وىي آية في سػرة التػبة<‬

‫ؾىا كِتجارٌة َت ْخ َذؾ َف َكد َاد َىا كمد ِ‬ ‫ِ‬


‫اك ُؽ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اؿ ا ْق َتَخْف ُت ُس َ َ َ َ‬
‫َم َؾ ٌ‬
‫اج ُك ْؼ َك َعذ َيخُت ُك ْؼ َكأ ْ‬
‫ِخ َؾاُن ُك ْؼ َكأ َْزَك ُ‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف َك َ‬
‫اف آََب ُاؤُك ْؼ َكأَْبَش ُاؤُك ْؼ َكإ ْ‬

‫َّللا ََّل َي ْي ِجي اْلَق ْؾَـ‬ ‫َّللا ِبأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َتخ َضؾَنيا أَح َّب ِإَلي ُكؼ ِمؽ َّ ِ‬
‫َم ِخه َو َّ ُ‬ ‫َّللا َكَر ُسؾِلو َك ِج َي ٍاد في َسِبيمو َف َتَخَّب ُ‬
‫رؾا َح َّتى َيأْت َي َّ ُ ْ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬

‫يؽ (‪﴾)46‬‬ ‫اْل َف ِ ِ‬


‫اسق َ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]76‬‬

‫معشى اآلية أييا اإلخػة‪ ،‬أؼ إذا آثخ اإلنداف إرضاء أبيو في معرية هللا‪ ،‬أو آثخ أف يشبت لحع ابشو مغ الحخاـ كي‬

‫يخاه في صحة جيجة‪ ،‬و في مكاف ٍ‬


‫عاؿ<‬

‫ِخ َؾاُن ُك ْؼ﴾‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف َك َ‬


‫اف آََب ُاؤُك ْؼ َكأَْبَش ُاؤُك ْؼ َكإ ْ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]76‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪194‬‬


‫أؼ حيشسا تؤثخوا أحجًا مغ ىؤالء‪ ،‬حيشسا تخضي أحجًا مغ ىؤالء في معرية هللا‪ ،‬حيشسا تؤثخ ىؤالء عمى شاعة‬

‫هللا<‬

‫ؾىا﴾‬
‫اؿ ا ْق َتَخْف ُت ُس َ‬ ‫ِ‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف َك َ‬
‫َم َؾ ٌ‬
‫اج ُك ْؼ َك َعذ َيخُت ُك ْؼ َكأ ْ‬
‫ِخ َؾاُن ُك ْؼ َكأ َْزَك ُ‬
‫اف آََب ُاؤُك ْؼ َكأَْبَش ُاؤُك ْؼ َكإ ْ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]76‬‬

‫أؼ تجارة فييا شبيات‪ ،‬بزاعة محخمة‪ ،‬سمػؾ في العسل التجارؼ ال يخضي هللا عد وجل‪ ،‬حيشسا تؤثخوف‬

‫أىػاءكع‪ ،‬و مرالحكع عمى شاعة ربكع<‬

‫ؾىا َكِت َج َارٌة َت ْخ َذ ْؾ َف َك َد َاد َىا﴾‬


‫اؿ ا ْق َتَخْف ُت ُس َ‬
‫َم َؾ ٌ‬
‫﴿ َكأ ْ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]76‬‬

‫قج تكػف التجارة مبيشة عمى معرية‪ ،‬وقج يكػف في بعس أنػاع التجارة إفداد لمذباب‪ ،‬وإفداد لمسجتسع‪ ،‬فأؼ تجارة‬

‫محخمة‪ ،‬أو أؼ عسل في تجارة محخـ معشى ذلظ أنظ آثخت ىحه التجارة‪ ،‬وتمظ األرباح‪ ،‬وىحه الرفقة عمى شاعة‬

‫هللا عد وجل<‬

‫اج ُك ْؼ َك َع ِذ َيخُت ُك ْؼ﴾‬


‫ِخ َؾاُن ُك ْؼ َكأ َْزَك ُ‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف َك َ‬
‫اف آََب ُاؤُك ْؼ َكأَْبَش ُاؤُك ْؼ َكإ ْ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]76‬‬

‫أذكخ أنشي قخأت عغ صحابي جميل شمبت مشو زوجتو مصالب كثيخة‪ ،‬ال يسمظ ثسشيا‪ ،‬فمسا ألحت عميو قاؿ< "‬

‫اعمسي أيتيا السخأة‪ ،‬أف في الجشة مغ الحػر العيغ ما لػ أشمت إحجاىغ عمى األرض لغمب نػر وجييا‪ ،‬نػر‬

‫الذسذ و القسخ‪ ،‬فؤلف أضحي بظ مغ أجميغ أىػف مغ أف أضحي بيغ مغ أجمظ "‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪195‬‬


‫كانت الرحابية الجميمة تقف مػدعة زوجيا‪ ،‬تقػؿ< " اتق هللا‪ ،‬فإنشا نربخ عمى الجػع‪ ،‬وال نربخ عمى الحخاـ "‪،‬‬

‫بيشسا السخأة الغافمة والجاىمة تزغط عمى زوجيا حتى تحسمو عمى كدب الساؿ الحخاـ‪ ،‬فتكػف سبب شقائو في‬

‫الجنيا واآلخخة<‬

‫ؾىا كِتجارٌة َت ْخ َذؾ َف َكد َاد َىا كمد ِ‬ ‫ِ‬


‫اك ُؽ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اؿ ا ْق َتَخْف ُت ُس َ َ َ َ‬
‫َم َؾ ٌ‬
‫اج ُك ْؼ َك َعذ َيخُت ُك ْؼ َكأ ْ‬
‫ِخ َؾاُن ُك ْؼ َكأ َْزَك ُ‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف َك َ‬
‫اف آََب ُاؤُك ْؼ َكأَْبَش ُاؤُك ْؼ َكإ ْ‬

‫َّللا ََّل َي ْي ِجي اْلَق ْؾَـ‬ ‫َّللا ِبأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َتخ َضؾَنيا أَح َّب ِإَلي ُكؼ ِمؽ َّ ِ‬
‫َم ِخه َو َّ ُ‬ ‫َّللا َكَر ُسؾِلو َك ِج َي ٍاد في َسِبيمو َف َتَخَّب ُ‬
‫رؾا َح َّتى َيأْت َي َّ ُ ْ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬

‫يؽ (‪﴾)46‬‬ ‫اْل َف ِ ِ‬


‫اسق َ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]76‬‬

‫أؼ كأف الصخيق إلى هللا ليذ سالكاً‪ ،‬ذلظ ألف اإلنداف حيشسا آثخ مخمػقاً‪ ،‬وعرى خالقاً صار الصخيق إلى هللا‬

‫مغمقًا‪.‬‬

‫نحغ نقػؿ دائساً أييا اإلخػة في افتتاح صمػاتشا وفي األذاف< هللا أكبخ‪ ،‬ما معشى هللا أكبخ ؟ اإلنداف إذا أشاع‬

‫مخمػقًا‪ ،‬وعرى خالقًا‪ ،‬إذا أشاع زوجتو في معرية هللا إرضاء ليا‪ ،‬وعرى الحؼ خمقو مغ عجـ‪ ،‬إذا أشاع‬

‫مخمػقاً‪ ،‬وعرى خالقاً‪ ،‬إذا غر السدمسيغ في بزاعتيع‪ ،‬أؼ رأػ أف الخبح الحؼ يأتي مغ الغر أثسغ مغ شاعة‬

‫هللا عد وجل‪ ،‬ىحا اإلنداف ما قاؿ هللا< أكبخ‪ ،‬وال مخة‪ ،‬ولػ رددىا بمدانو ألف مخة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬أف يكػف هللا ورسػلو أحب إليو مسا سػاىسا‪ ،‬أف يكػف أمخ هللا في قخآنو‪ ،‬وأمخ نبيو في سشتو‬

‫أحب إليو مسا سػاىسا‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪196‬‬


‫أييا اإلخػة‪ ،‬دائساً ىشاؾ قػاعج وقػانيغ تدتشبط مغ حخكة الحياة‪ ،‬أنا أقخض إندانًا‪ ،‬القخض إف كاف ربػياً يعػد‬

‫السبمغ مع الديادة‪ ،‬وإف كاف قخضاً حدشاً يعػد ببل زيادة‪ ،‬ومع التزخع الشقجؼ يغجو القخض خدارة‪ ،‬فيحا القانػف‬

‫العمسي السدتشبط مغ حخكة الحياة‪ ،‬والحؼ تحكسو اآلالت الحاسبة يؤكج أف القخض الخبػؼ أفزل مغ القخض‬

‫الحدغ‪ ،‬ولكغ هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫الر َج َق ِ‬
‫ات﴾‬ ‫َّللا ِّ‬
‫الخَبا َكُيْخبِي َّ‬ ‫ق َّ ُ‬
‫﴿ َي ْس َح ُ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]798‬‬

‫ما معشى ذلظ ؟ لػ وججت قانػنًا‪ ،‬أو قاعجة مدتشبصة مغ حخكة الحياة‪ ،‬أنت حيشسا تؤثخ شاعة هللا عد وجل‬

‫يخزعظ هللا لسشطػمة قػانيغ ال يعمسيا معطع الشاس‪ ،‬قػانيغ العشاية اإلليية يؤكجىا قػؿ هللا عد وجل<‬

‫الر َج َق ِ‬
‫ات﴾‬ ‫َّللا ِّ‬
‫الخَبا َكُيْخبِي َّ‬ ‫ق َّ ُ‬
‫﴿ َي ْس َح ُ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]798‬‬

‫ىحا البشج األوؿ‪ ،‬الثسغ األوؿ‪.‬‬

‫الثسغ الثاني<‬

‫(( كأَف ي ِح َّب اْلسخ ً ََّل ي ِحُّبو ِإََّّل َِّ ِ‬


‫ّلِل ))‬ ‫َْ َ ُ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪197‬‬


‫ىحا ىػ الػالء والبخاء‪ ،‬أف تحب السؤمشيغ‪ ،‬أف تحسل ىسػميع‪ ،‬أف تجافع عشيع‪ ،‬أف تخفف عشيع السراب‪ ،‬أف‬

‫تشتسي إلييع‪ ،‬أف تقجـ ليع كل ما في وسعظ‪ ،‬أف تعتد بيع‪ ،‬وأف تتب أخ مغ الكفار والسذخكيغ الحيغ أرادوا أف يػسعػا‬

‫دائخة الذخ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪،‬‬

‫ؼ ِفي َّ‬ ‫ِِ‬


‫الشار ))‬ ‫ؾد ِفي اْل ُك ْف ِخ َك َسا َي ْكَخُه أ ْ‬
‫َف ُي ْق َح َ‬ ‫َف َي ُع َ‬ ‫َف ُي ِح َّب اْل َسْخَ ً ََّل ُي ِحُّب ُو ِإََّّل َّّلِل‪َ ،‬كأ ْ‬
‫َف َي ْكَخَه أ ْ‬ ‫(( َكأ ْ‬

‫ىػ في األعساؽ‪ ،‬ىػ ال يعبج هللا عمى حخؼ‪ ،‬إف أصابو خيخ اشسأف بو‪ ،‬وإف أصابتو فتشة انقمب عمى وجيو‬

‫خدخ الجنيا واآلخخة‪ ،‬ىػ يعبج هللا في األعساؽ‪،‬‬

‫عؼ‪ ،‬لؾ كضعؾا الذسذ في يسيشي‪ ،‬ك القسخ في شسالي عمى أف أتخؾ ىحا األمخ ما تخكتو حتى‬ ‫(( ِ‬
‫وهللا يا ُّ‬

‫يغيخه هللا‪ ،‬أك أىمػ دكنو ))‬

‫[الديخة الشبػية البغ ىذاـ]‬

‫أييا اإلخػة األحباب‪ ،‬ىحا حجيث دقيق ججاً‪ ،‬وأصل مغ أصػؿ الجيغ‪ ،‬ال تقصف ثسار الجيغ إال إذا ذقت حبلوة‬

‫اإليساف‪ ،‬وال تحوؽ حبلوة اإليساف إال إذا دفعت ثسغ حبلوة اإليساف‪ ،‬أف تؤثخ شاعة هللا عمى مرالحظ‪ ،‬وأف يكػف‬

‫والؤؾ لمسؤمشيغ‪ ،‬وأف تكػف في األعساؽ‪ ،‬وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪198‬‬


‫الجرس (‪ < )09-06‬كاعبجكا هللا كَّل تذخكؾا بو شيئا‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫أعدائي السؤمشيغ ‪ ،‬إخػتي السذاىجيغ ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫محػر ىحا المقاء الصيب إف شاء هللا تعالى قػلو تعالى في سػرة الشداء<‬

‫يؽ َكاْل َج ِار ِذي اْلُقْخَبى َكاْل َج ِار‬ ‫َّللا كََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشيئًا كبِاْلؾ ِال َجي ِؽ ِإحدانًا كب ِِحي اْلُقخبى كاْلي َتامى كاْلسد ِ‬
‫اك ِ‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ َْ َ‬ ‫اعُب ُجكا َّ َ َ‬
‫﴿ك ْ‬
‫َ‬

‫َّللا ََّل ُي ِح ُّب َم ْؽ َك َ‬


‫اف ُم ْخ َتا ًَّل َف ُخؾ اًر (‪﴾)58‬‬ ‫ِ‬
‫الدبيل َك َما َمَم َك ْت أَْي َساُن ُك ْؼ إ َّف َّ َ‬
‫الر ِ‬
‫اح ِب ِباْل َجْش ِب َك ْاب ِؽ َّ ِ ِ‬ ‫اْل ُجُش ِب َك َّ‬

‫[ سػرة الشداء< اآلية ‪]58‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ‪،‬‬

‫َّللا َكََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشْيئًا َكبِاْل َؾ ِال َجْي ِؽ ِإ ْح َدانًا﴾‬


‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫آية ثانية<‬

‫اه َكبِاْل َؾ ِال َجْي ِؽ ِإ ْح َداناً﴾‬


‫﴿كَق َزى َرُّب َػ أَََّّل َت ْعُب ُجكا ِإََّّل ِإَّي ُ‬
‫َ‬

‫[ سػرة اإلسخاء< اآلية ‪]75‬‬

‫معشى ذلظ أف العبادة هلل وحجه ‪ ،‬وأف اإلحداف إلى الخمق ال العكذ ‪ ،‬العبادة ال تكػف إال هلل ‪ ،‬وال تكػف لسخمػؽ‪،‬‬

‫كائشًا مغ كاف عمى وجو األرض ‪ ،‬العبادة هلل ‪ ،‬العبادة قاصخة عمى الخالق<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪199‬‬


‫اعُب ُجكا َرَّب ُك ُؼ َّال ِحي َخَمَق ُك ْؼ﴾‬
‫اس ْ‬ ‫﴿يا أَُّي َيا َّ‬
‫الش ُ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة البقخة< اآلية ‪]70‬‬

‫واإلحداف إلى الخمق ‪ ،‬لحلظ مغ أدؽ اآليات قػلو تعالى<‬

‫الدَك ِ‬
‫اة َما ُد ْمت َحّيًا (‪﴾،)50‬‬ ‫﴿ كأَكص ِاني ِبالر ِ‬
‫الة ك َّ‬ ‫ّ‬ ‫َْ ْ‬

‫[ سػرة مخيع< اآلية ‪]50‬‬

‫بل ‪ ،‬وإخبلصًا ‪ ،‬وحخكة نحػ الخمق ‪ ،‬إحدانًا ‪ ،‬وانزباشًا ‪،‬‬ ‫حخكة نحػ خالق الكػف ‪ ،‬اترا ً‬
‫ال ‪ ،‬وإنابة ‪ ،‬وتػك ً‬

‫العبادة هلل‪.‬‬

‫أييا اإلخػة ‪ ،‬العبادة عمة وجػدنا ‪ ،‬ترػر شالباً أرسمو أبػه إلى بمج غخبي ليشاؿ درجة الجكتػراه ‪ ،‬عمة وجػده في‬

‫ىحا البمج الجراسة ‪ ،‬لحلظ يشبغي أف تكػف كل جدئيات حياتو في ىحا البمج متعمقة بالجراسة ‪ ،‬يختار البيت القخيب‬

‫مغ الجامعة ‪ ،‬يختار الرجيق الحؼ يعيشو عمى تعمع لغة البمج ‪ ،‬يختار مغ الصعاـ ما يعيشو عمى أداء واجباتو‬

‫الجراسية ‪ ،‬يختار مغ الكتب ما يديجه ثقافة في اختراصو ‪ ،‬فكل جدئيات حياة ىحا الصالب في ىحا البمج مشػشة‬

‫بشيل الذيادة العميا ‪ ،‬عمة وجػده ‪ ،‬لػ أف إندانًا سافخ إلى بمج معيغ ‪ ،‬وندؿ في أحج الفشادؽ ‪ ،‬واستيقع في‬

‫صبيحة اليػـ األوؿ ‪ ،‬وسأؿ< إلى أيغ أذىب ؟ سؤاؿ عجيب ‪ ،‬قل لو أنت< لساذا أتيت إلى ىشا ؟ إذا جئت إلى‬

‫ىشا لمدياحة فاذىب إلى السقاصف والستشدىات ‪ ،‬وإف جئت تاج ًاخ فاذىب إلى السعامل والسؤسدات ‪ ،‬وإذا جئت‬

‫معيغ قج سافخت إليو ال ترح إال إذا عخفت‬


‫شالب عمع فاذىب إلى السعاىج والجامعات ‪ ،‬أؼ إف حخكتظ في بمج ّ‬

‫سبب مجيئظ إلى ىحا البمج ‪ ،‬إال إذا عخفت عمة وجػدؾ في ىحا البمج ‪ ،‬لػ كبخنا السثل ‪ ،‬ما عمة وجػدنا عمى وجو‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪200‬‬


‫األرض ؟‬

‫أييا اإلخػة ‪ ،‬ال يسكغ أف يرح عسمشا إال إذا عخفشا عمة وجػدنا ‪ ،‬كسا أنو ال ندعج إال إذا جاءت حخكتشا مصابقة‬

‫ليجفشا‪.‬‬

‫بل لػ أف شالبًا عمى مذارؼ امتحاف مريخؼ ‪ ،‬وقبل أياـ مغ ىحا االمتحاف أخحه أصجقاؤه إلى مكاف جسيل ‪،‬‬
‫مث ً‬

‫أشعسػه أشيب الصعاـ ‪ ،‬واستستع بأجسل السشاضخ ‪ ،‬ىػ عمى مذارؼ امتحاف مريخؼ ‪ ،‬يبشى عمى نجاحو تعييشو‬

‫في وضيفة مخمػقة ‪ ،‬ثع زواجو ‪ ،‬لساذا يذعخ بانقباض شجيج مع أنو في مكاف جسيل ؟ مع أنو مع أصجقاء يحبيع‪،‬‬

‫ويحبػنو ؟ ىحه الحخكة نحػ السكاف الجسيل ‪ ،‬ونحػ الشدىة ال تتشاسب مع ىجفو‪.‬‬

‫ندتشبط أييا اإلخػة مغ ىحيغ السثاليغ أف اإلنداف ال ترح حخكتو إال إذا عخؼ سخ وجػده ‪ ،‬أو عمة وجػده ‪ ،‬كسا‬

‫أنو ال يدعج إال إذا جاءت حخكتو مصابقة لعمة وجػده أو ليجفو ‪ ،‬نحغ في الجنيا مغ أجل أف نعبج هللا ‪ ،‬بالشز‬

‫القخآني الرخيح القصعي الجاللة<‬

‫ذ ِإََّّل ِلَي ْعُب ُجك ِف (‪﴾)78‬‬ ‫﴿ َكما َخَم ْق ُت اْل ِج َّؽ َك ِْ‬
‫اْل ْن َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الحاريات< اآلية ‪]78‬‬

‫ولكغ أييا اإلخػة ‪ ،‬يفيع معطع السدمسيغ كمسة عبادة عمى أنيا العبادات الذعائخية كالربلة ‪ ،‬والرياـ ‪ ،‬والدكاة ‪،‬‬

‫والحج ‪ ،‬والشصق بالذيادتيغ ‪ ،‬ىي مغ العبادات ‪ ،‬ىحا الترشيف الفقيي ‪ ،‬الفقياء صشفػا اإلسبلـ إلى عقائج ‪،‬‬

‫وإلى عبادات ‪ ،‬ويقرجوف بيا الربلة والرػـ والحج والدكاة ‪ ،‬وإلى معامبلت ‪ ،‬األحكاـ الذخعية التعاممية ‪ ،‬وإلى‬

‫آداب ‪ ،‬العبادة في القخآف معشاىا غيخ السعشى الترشيفي لمفقياء ‪ ،‬معشاىا شاعة هللا في كل ما أمخ ‪ ،‬قج يفيع‬

‫الشاس أف مشيج هللا خسدة أوامخ ‪ ،‬ثع ىػ يفرل بيغ ىحه العبادات وبيغ حياتو ‪ ،‬ال تخػ في بيتو مشيج هللا‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪201‬‬


‫مصبقاً‪ ،‬ال تخػ في تجارتو مشيج هللا مصبقًا ‪ ،‬ال تخػ في أفخاحو مشيج هللا مصبقًا ‪ ،‬ال تخػ في تعاممو مع اآلخخيغ‬

‫مشيج هللا مصبقاً ‪ ،‬وكأف ىحا اإلسبلـ العطيع الحؼ ىػ تعميسات الرانع ‪ ،‬الحؼ ىػ مشيج الخالق ‪ ،‬الحؼ ىػ‬

‫ضغط إلى خسذ عبادات قج تؤدػ أداء أجػؼ‪.‬‬


‫شخيق الدعادة ‪ ،‬وكأنو ُ‬

‫فمحلظ أييا اإلخػة ‪ ،‬حيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َّللا ﴾‬
‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫أؼ إف عمة وجػدكع ىي عبادة هللا ‪ ،‬والعبادة تذسل األحػاؿ كميا ‪ ،‬ذلظ بأنو ما مغ شيء تتعامل معو في الحياة‬

‫إال وتحكسو األحكاـ الفقيية ‪ ،‬قج يكػف فخضًا ‪ ،‬وقج يكػف واجبًا ‪ ،‬وقج يكػف سشة ‪ ،‬وقج يكػف مباحًا ‪ ،‬وقج يكػف‬

‫مكخوىاً كخاىة تشدييية ‪ ،‬وقج يكػف مكخوىاً كخاىة تحخيسية ‪ ،‬وقج يكػف محخماً ‪ ،‬فاألحكاـ الفقيية تعتبخ كل شيء ‪،‬‬

‫تتعامل معو في األرض ‪ ،‬عبادة هللا تعشي غاية الخزػع هلل في كل أوامخه‪.‬‬

‫اسسحػا لي أف أقػؿ< لعل مجسػع أوامخ هللا عد وجل قج تديج عمى مئة ألف في كل شؤوف حياتظ ‪ ،‬في أدؽ‬

‫عبلقاتظ ‪ ،‬في عبلقاتظ الحسيسة ‪ ،‬في بيتظ ‪ ،‬في غخفة نػمظ ‪ ،‬في تخبية أوالدؾ ‪ ،‬في قزاء وقت فخاغظ ‪ ،‬في‬

‫ندىاتظ ‪ ،‬في أفخاحظ ‪ ،‬في تدويج أوالدؾ ‪ ،‬في كدب مالظ ‪ ،‬في حمظ في تخحالظ ‪ ،‬مشيج هللا يغصي كل شؤوف‬

‫حياتظ ‪ ،‬فالعبادة ال تعشي أف نكتفي بالعبادات الذعائخية ‪ ،‬العبادات الذعائخية ثسخة العبادات التعاممية ‪ ،‬وإذا‬

‫جسعشا العبادات التعاممية مغ صجؽ وأمانة وأداء لمػاجب ‪ ،‬وتػاضع وإنراؼ ‪ ،‬لػ جسعشا العبادات الذعائخية مع‬

‫العبادات التعاممية لكانت في مجسميا أوامخ هللا عد وجل ‪ ،‬فحيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َّللا ﴾‬
‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ك ْ‬
‫َ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪202‬‬


‫أؼ يشبغي أف نشراع ألمخه مع محبتو‪.‬‬

‫ولكغ أييا اإلخػة لمعمساء أقػاؿ سجيجة في مػضػع العبادة ‪ ،‬يشبغي أف تعبج هللا فيسا أقامظ ‪ ،‬إذا أقامظ عالساً‬

‫فيشبغي أف تكػف عبادتظ األولى تعميع العمع ‪ ،‬فإذا أقامظ غشياً فيشبغي أف تكػف عبادتظ األولى إنفاؽ الساؿ ‪ ،‬وإذا‬

‫أقامظ قػياً فيشبغي أف تكػف عبادتظ األولى إنراؼ الزعفاء ‪ ،‬وإذا أقامظ امخأة يشبغي أف تكػف عبادتظ األولى‬

‫حدغ رعاية زوجظ وأوالدؾ ‪ ،‬ىحه العبادة فيسا أقامظ ‪ ،‬في ىػيتظ ‪ ،‬في أدؽ خرائرظ ‪ ،‬ىشاؾ عبادة أخخػ في‬

‫الطخؼ الحؼ وضعظ هللا فيو ‪ ،‬لظ قخيب مخيس ‪ ،‬لظ أب مخيس ػ ال سسح هللا ػ عبادتظ األولى عشايتظ بأبيظ ‪،‬‬

‫تييئ لو الجػ السشاسب ألداء االمتحاف ‪ ،‬أف تعبجه في الطخؼ الحؼ‬


‫لظ ابغ يؤدؼ امتحانًا ‪ ،‬عبادتظ األولى أف ّ‬

‫وضعظ فيو ‪ ،‬ثع أف تعبجه في الدمغ الحؼ أضمظ ‪ ،‬فإف هلل عسبلً في الميل ال يقبمو في الشيار ‪ ،‬وإف هلل عسبلً في‬

‫الشيار ال يقبمو في الميل‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب ‪ ،‬يشبغي أف تكػف العبادة في سمع األولػيات عمى الذكل التالي ‪ ،‬الصخؼ اآلخخ إف أراد‬

‫إفقارنا ػ إفقار السدمسيغ ػ العبادة األولى كدب الساؿ الحبلؿ ‪ ،‬وحل مذكبلت السدمسيغ ‪ ،‬أف نشسي ثخواتشا ‪ ،‬أف‬

‫نرشع حاجاتشا بأيجيشا ‪ ،‬أف نكتفي ذاتياً ‪ ،‬إذا كاف الصخؼ اآلخخ يخيج إفقارنا فعبادتشا األولى كدب الساؿ ‪،‬‬

‫وترشيع الثخوات ‪ ،‬واالكتفاء الحاتي ‪ ،‬سيجنا عسخ مخ عمى بمجة فمع يجج أصحاب الفعاليات االقترادية مغ‬

‫السدمسيغ ‪ ،‬فقاؿ بشطخة عسيقة ججاً< كيف بكع إذا أصبحتع عبيجاً عشجىع ؟ كأف ىحا الخميفة الخاشج رأػ أف السشتج‬

‫قػؼ ‪ ،‬وأف السدتيمظ ضعيف ‪ ،‬فحيشسا يخاد لشا أف نفتقخ فيشبغي أف نشسي وارداتشا ‪ ،‬وأف نرشع حاجاتشا ‪ ،‬وويل‬

‫ألمة تأكل ما ال تدرع ‪ ،‬وتمبذ ما ال تشدج‪.‬‬

‫أييا اإلخػة ‪ ،‬وإذا أراد الصخؼ اآلخخ إضبللشا فالعبادة األولى أف نػضح حقائق الجيغ ‪ ،‬أف نبيغ دقائق ىحا الذخع‬

‫العطيع ‪ ،‬أف نعصي األدلة القػية ‪ ،‬أف نخد عمى كل الذبيات ‪ ،‬والجالالت ىي العبادة األولى إذا أريج لشا أف نزل‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪203‬‬


‫عغ ديششا ‪ ،‬وإذا أريج لشا أف نفدج العبادة األولى أف نرػف أخبلؽ أبشائشا مغ كل انحخاؼ وضبلؿ ‪ ،‬وإذا أرادوا أف‬

‫يجتاحػا أرضشا يشبغي أف نقف مقاوميغ أشجاء ‪ ،‬ألف ىحا مغ الجيغ ‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫ظع ُتؼ ِمؽ ُق َّؾٍة ك ِمؽ ِرب ِ‬


‫اط اْل َخْي ِل﴾‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫﴿ َكأَعُّجكا َل ُي ْؼ َما ْ‬
‫اس َت َ ْ ْ ْ‬

‫[ سػرة األنفاؿ< اآلية ‪]81‬‬

‫فرار مغ معاني العبادة أف تعبجه فيسا أقامظ ‪ ،‬وأف تعبجه في الطخؼ الحؼ وضعظ فيو ‪ ،‬وأف تعبجه في الدماف‬

‫الحؼ أضمظ ‪ ،‬وأف تعبجه أيزاً في الطخوؼ البعيجة السحيصة بالسدمسيغ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ<‬

‫َّللا ﴾‬
‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫لكغ يشبغي أف نعبج هللا وحجه ‪ ،‬يشبغي أف نعبج هللا فيسا شخع ‪ ،‬ال وفق أمدجتشا ‪ ،‬يشبغي أف نعبج هللا فيسا قدع لشا‬

‫مغ مشيج تفريمي‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ‪ ،‬لحلظ قاؿ تعالى<‬

‫َّللا َكََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشْيًئا ﴾‬


‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمُخُه ُفُخطًا (‪﴾)4:‬‬
‫اف أ ْ‬ ‫﴿كََّل ُتظ ْع َم ْؽ أَ ْغَفْمَشا َقْمَب ُو َع ْؽ ذ ْك ِخَنا َك َّاتَب َع َى َؾ ُ‬
‫اه َكَك َ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الكيف< اآلية ‪]7:‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪204‬‬


‫اؿ<‬ ‫يشبغي أف نعبجه ‪ ،‬ويشبغي أف نعبجه وحجه ‪ ،‬ويشبغي أال نعبج أحجًا سػاه ‪ ،‬عغ مع ِاذ ب ِغ جب ٍل ر ِ‬
‫َّللاُ َع ْشوُ َق َ‬
‫ضي َّ‬
‫َ ْ ُ َ ْ ََ َ َ‬

‫َّللا عَمي ِو كسَّمؼ َليذ بيِشي كبيَشوُ ِإََّّل ِ‬


‫اؿ< َيا ُم َعا ُذ ‪ُ ،‬قْم ُت< َلَّبْي َػ َيا‬ ‫آخَخُة َّ ِ‬
‫الخ ْحل َفَق َ‬ ‫الشِب ِّي َصَّمى َّ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫(( َبْيَش َسا أََنا َرِد ُ‬
‫يف َّ‬

‫اع ًة ‪،‬‬ ‫َّللا ‪ ،‬كسعجيػ ‪ ،‬ثُ َّؼ سار ساع ًة ‪ ،‬ثُ َّؼ َقاؿ< يا معا ُذ ‪ُ ،‬قْمت< َلَّبيػ رسؾؿ َّ ِ‬
‫ِ‬
‫َّللا ‪َ ،‬ك َس ْع َجْي َػ ‪ ،‬ثُ َّؼ َس َار َس َ‬ ‫ُ َْ َُ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ؾؿ َّ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫َر ُس َ‬

‫َّللا‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ق َّ ِ‬‫اؿ< َى ْل َت ْجرِي َما َح ُّ‬ ‫ُث َّؼ َقاؿ< يا معا ُذ بؽ جب ٍل ‪ُ ،‬قْمت< َلَّبيػ رسؾؿ َّ ِ‬
‫َّللا َعَمى عَباده ؟ ُقْم ُت< َّ ُ‬ ‫َّللا ‪َ ،‬ك َس ْع َجْي َػ ‪َ ،‬ق َ‬ ‫ُ َْ َُ َ‬ ‫َ َ ُ َ ْ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ق َّ ِ‬
‫اؿ< َيا ُم َعا ُذ‬ ‫كه ‪َ ،‬كََّل ُي ْذ ِخُكؾا ِبو َشْيًئا ‪ ،‬ثُ َّؼ َس َار َس َ‬
‫اع ًة ‪ ،‬ثُ َّؼ َق َ‬ ‫َف َي ْعُب ُج ُ‬
‫َّللا َعَمى عَباده أ ْ‬ ‫اؿ< َح ُّ‬
‫َعَم ُؼ ‪َ ،‬ق َ‬
‫َكَر ُسؾُل ُو أ ْ‬
‫ق اْل ِعب ِاد عَمى َّ ِ‬ ‫بؽ جب ٍل ‪ُ ،‬قْمت< َلَّبيػ رسؾؿ َّ ِ‬
‫َّللا‬ ‫َّللا ِإ َذا َف َعُم ُ‬
‫ؾه ؟ ُقْم ُت< َّ ُ‬ ‫اؿ< َى ْل َت ْجرِي َما َح ُّ َ َ‬
‫َّللا ‪َ ،‬ك َس ْع َجْي َػ ‪َ ،‬ق َ‬ ‫ُ َْ َُ َ‬ ‫ْ َ ََ‬

‫َف ََّل ُي َع ِّحَب ُي ْؼ ))‬ ‫ق اْل ِعب ِاد عَمى َّ ِ‬


‫َّللا أ ْ‬ ‫اؿ< َح ُّ َ َ‬ ‫َعَم ُؼ ‪َ ،‬ق َ‬
‫َكَر ُسؾُل ُو أ ْ‬

‫[ البخارؼ ‪ ،‬مدمع ‪ ،‬التخمحؼ ‪ ،‬أبػ داود ‪ ،‬ابغ ماجو ‪ ،‬أحسج ]‬

‫كأف هللا أنذأ لشا حقًا عميو‬

‫َّللا َكََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشْيًئا َكبِاْل َؾ ِال َجْي ِؽ ِإ ْح َداًنا ﴾‬


‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫أليدت عبادة هللا فخعًا مغ وجػدؾ ؟ شبعًا ‪ ،‬مغ ىسا سبب وجػدؾ ؟ الػالجاف ‪ ،‬لحلظ رفع هللا األمخ باإلحداف‬

‫لمػالجيغ إلى مدتػػ عبادتو ‪،‬‬

‫َّللا َكََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشْيًئا َكبِاْل َؾ ِال َجْي ِؽ ِإ ْح َداًنا ﴾‬


‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫لعل لعمساء المغة تعميقات لصيفة< الػاو واو عصف ‪ ،‬تقتزي السذاركة ‪ ،‬بسعشى أنظ ال تقػؿ< اشتخيت بيتاً‬

‫وممعقة‪ ،‬ال يتشاسباف ‪ ،‬تقػؿ< اشتخيت بيتاً وأرضاً ‪ ،‬اشتخيت بيتاً ومخكبة ‪ ،‬أما اشتخيت ممعقة وشػكة ‪ ،‬فكأف الػاو‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪205‬‬


‫مذتخكا بيشيسا ‪ ،‬فمحلظ<‬
‫ً‬ ‫قاسسا‬
‫بل عغ أنيا حخؼ عصف تفيج أف بيغ الستعاشفيغ ً‬
‫فز ً‬

‫َّللا َكََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشْيًئا َكبِاْل َؾ ِال َجْي ِؽ ِإ ْح َداًنا ﴾‬


‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫ىحه الباء عشج عمساء المغة باء اإللراؽ ‪ ،‬ىي حخؼ جخ ‪ ،‬لكغ معشاىا اإللراؽ ‪ ،‬أؼ أف االبغ يشبغي أف يكػف‬

‫ممترقاً بأبيو ‪ ،‬أف يكػف معو ‪ ،‬أف يكػف كطمو ‪ ،‬بل إنظ إف أردت أف تبخ أباؾ فيشبغي أف تبخه بشفدظ ‪ ،‬ال‬

‫بػاسصة أحج ىحا معشى ‪،‬‬

‫َّللا َكََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشْيًئا َكبِاْل َؾ ِال َجْي ِؽ ِإ ْح َداًنا ﴾‬


‫اعُب ُجكا َّ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫بل إف بعس العمساء استشبط مغ قػلو تعالى<‬

‫﴿كحاؿ بيَشيسا اْلسؾج َف َك ِ‬


‫اف م َؽ اْل ُس ْغَخِق َ‬
‫يؽ (‪﴾)65‬‬ ‫َ َ َ َْ ُ َ َ ْ ُ َ‬

‫[ سػرة ىػد< اآلية ‪]65‬‬

‫أؼ إف هللا سبحانو وتعالى رحسة باألب ما سسح لو أف يخػ ابشو وىػ يغخؽ<‬

‫﴿كحاؿ بيَشيسا اْلسؾج َف َك ِ‬


‫اف م َؽ اْل ُس ْغَخِق َ‬
‫يؽ (‪﴾)65‬‬ ‫َ َ َ َْ ُ َ َ ْ ُ َ‬

‫[ سػرة ىػد< اآلية ‪]65‬‬

‫بل إف العخب قبل اإلسبلـ إف أرادت أف تيجػ أحجاً تقػؿ لو< ال أبا لظ ‪ ،‬بل إف هللا عد وجل حيشسا قجـ اآلباء‬

‫عمى غيخىع<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪206‬‬


‫اج ُك ْؼ﴾‬
‫ِخ َؾاُن ُك ْؼ َكأ َْزَك ُ‬ ‫﴿ ُق ْل ِإ ْف َك َ‬
‫اف آََب ُاؤُك ْؼ َكأَْبَش ُاؤُك ْؼ َكإ ْ‬

‫[ سػرة التػبة< اآلية ‪]76‬‬

‫كاف ىحا تقجيع أىسية ‪ ،‬أؼ إف اإلنداف يشبغي أف يعتد بأبيو‪.‬‬

‫إذًا المحاف كانا سبب وجػدؾ يشبغي أف تحدغ إلييسا ‪ ،‬قاؿ<‬

‫﴿ َك ِباْل َؾ ِال َجْي ِؽ ﴾‬

‫ولع يحكخ ما وضعيسا ‪ ،‬ولع يحكخ التداميسا بالجيغ ‪ ،‬مصمق الػالجيغ ‪ ،‬مؤمشيغ كانا أو غيخ مؤمشيغ ‪ ،‬ممتدميغ كانا‬

‫أو غيخ ممتدميغ ‪ ،‬وبالػالجيغ إحداناً ‪ ،‬والباء تفيج اإللراؽ ‪ ،‬أؼ أف تكػف لريقاً بيسا ‪ ،‬أف تكػف معيسا ‪ ،‬أف‬

‫تكػف كطميسا ‪ ،‬وإذا أديت ليسا خجمة يشبغي أف تؤدييا بشفدظ إكخاماً ليسا ‪ ،‬ثع وسع الجائخة فقاؿ‬

‫﴿ َكب ِِحي اْلُقْخَبى ﴾‬

‫كأف في اإلسبلـ تزامشاً عطيساً ىحا التزامغ أساسو القخبى ‪ ،‬وأساسو الجػار ‪ ،‬تزامغ مكاني ‪ ،‬وتزامغ‬

‫ندبي‪ ،‬أصل التزامغ بيغ السؤمشيغ ‪ ،‬أصل التعاوف بيغ السؤمشيغ يشبغي أف يبشى عمى عبلقة ندبية ‪ ،‬وعمى‬

‫عبلقة جغخافية ‪ ،‬فمحلظ قاؿ<‬

‫﴿ َكب ِِحي اْلُقْخَبى ﴾‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪207‬‬


‫الشبي عميو الربلة والدبلـ يبيغ أف اإلنداف إذا أدػ صجقة ألقخبائو ىي عشج هللا صجقة وصمة في وقت واحج ‪،‬‬

‫بل إف العمساء يقػلػف< ال تقبل زكاة ماؿ إنداف مؤمغ وفي أقخبائو محاويج ‪ ،‬ألف الشاس ىػ ليع ‪ ،‬وغيخه ليع ‪،‬‬

‫لكغ أقخباءه مغ ليع غيخه ‪ ،‬ىػ يعخفيع ‪ ،‬يعخؼ مذكبلتيع ‪ ،‬يعخؼ قزاياىع ‪ ،‬يعخؼ نقاط ضعفيع ‪ ،‬يعخؼ‬

‫حاجتيع إلى الساؿ قاؿ< } َوبِاْل َػ ِال َج ْي ِغ ِإ ْح َد ًانا َوبِِحؼ اْلُق ْخَبى { ‪ ،‬وسع الجائخة ‪ ،‬بل إف هللا سبحانو وتعالى حيشسا‬

‫خاشب الشبي عميو الربلة والدبلـ قاؿ<‬

‫ِ‬
‫﴿كأَْنحْر َع ِذ َيخَت َػ ْاألَ ْقَخب َ‬
‫ِيؽ (‪﴾)406‬‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الذعخاء< اآلية ‪]706‬‬

‫خصاب إليي لديج الخمق ‪ ،‬لساذا<‬

‫ِ‬
‫ِيؽ ﴾‬ ‫﴿ َكأَْنحْر َع ِذ َيخ َ‬
‫تػ األَ ْقَخب َ‬

‫ليع حق عميظ أوالً ‪ ،‬وليذ بيشظ وبيشيع ججار قمق ‪ ،‬ثانياً ‪ ،‬أنت ال تدتصيع أف تقػؿ إلنداف ال تعخفو< اذىب‬

‫معي إلى السدجج ‪ ،‬لكغ أخاؾ تقػؿ لو ذلظ الكبلـ ‪ ،‬وىػ مصسئغ لظ ‪ ،‬إذًا يشبغي أف تدتغل ىحه الرمة بيشظ‬

‫وبيغ أقخبائظ ‪ ،‬وأف تأخح بيجىع إلى هللا عد وجل ‪ ،‬فاإلحداف إلى القخبى شيء دقيق ججاً ‪ ،‬قج نطشو جيبلً مشا ‪،‬‬

‫أف تدوره في العيج ؟ ال ‪ ،‬يشبغي أف تدوره ‪ ،‬ويشبغي أف تتفقج أحػالو ‪ ،‬أحػالو السعيذية أحػالو االقترادية ‪ ،‬أحػالو‬

‫االجتساعية ‪ ،‬أحػاؿ أوالده التخبػية ‪ ،‬يشبغي أف تأخح بيجه لحل مذكبلتو ‪ ،‬يشبغي أف تأخح بو إلى هللا عد وجل ‪،‬‬

‫ىحه صمة الخحع التي قاؿ عشيا الشبي عميو الربلة والدبلـ في أنيا تديج في األجل<‬

‫﴿ كب ِِحي اْلُقخبى كاْلي َتامى كاْلسد ِ‬


‫اك ِ‬
‫يؽ ﴾‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪208‬‬


‫أما اليتامى ىؤالء الحيغ فقجوا األب ‪ ،‬أو فقجوا األـ ‪ ،‬أو فقجوا األب واألـ معاً ‪ ،‬ولكغ الحؼ يتألع لو اإلنداف أف‬

‫يخػ شفبلً في حكع اليتيع ‪ ،‬أف تخػ لو أماً تخمت عشو ‪ ،‬أو أباً مذغػالً ‪ ،‬ىشاؾ يتع حقيقي ‪ ،‬وىشاؾ يتع حكسي ‪،‬‬

‫فيحا الحؼ فقج الخعاية ‪ ،‬وفقج التػجيو ‪ ،‬وفقج اإلنفاؽ ‪ ،‬وفقج العصف ‪ ،‬والحشاف يحتاج إلى عصف السجتسع ‪ ،‬فمحلظ‬

‫إف هللا يحب كل بيت فيو يتيع مكخـ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة ‪،‬‬

‫﴿ كب ِِحي اْلُقخبى كاْلي َتامى كاْلسد ِ‬


‫اك ِ‬
‫يؽ ﴾‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬

‫َو َسَّم َع<‬ ‫َّللاُ َعَم ْي ِو‬


‫صَّمى َّ‬ ‫عغ أَِبي ىخيخة َقاؿ< َقاؿ رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫َُ ْ َ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َْ‬

‫الز ِع ِ‬ ‫ِي َخيخ ‪ ،‬كأَح ُّب ِإَلى َّ ِ‬


‫َّللا ِم ْؽ اْل ُس ْؤ ِم ِؽ َّ‬
‫يف‪)) ...‬‬ ‫(( اْل ُس ْؤ ِم ُؽ اْلَقؾ ُّ ْ ٌ َ َ‬

‫[ مدمع ‪ ،‬ابغ ماجو ‪ ،‬أحسج ]‬

‫وفي أحاديث يقػؿ<‬

‫(( الميؼ احذخني مع السداكيؽ ))‬

‫[ ورد في األثخ ]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪209‬‬


‫والتػفيق بيشيسا أف اإلنداف إذا كاف شميق القػة ‪ ،‬وشميق الغشى سالكاً أمامو وفق مشيج هللا يشبغي أف يكػف قػياً ‪،‬‬

‫ويشبغي أف يكػف غشياً ‪ ،‬ذلظ بأف القػة في العمع والغشى ىحه تتيح لظ أعساالً صالحة ‪ ،‬ال تعج وال تحرى ‪ ،‬أؼ‬

‫خياراتظ في العسل الرالح تدداد إذا كشت قػيًا أو غشيًا ‪ ،‬إذا كاف شخيق الغشى أو شخيق القػة محفػفًا بالسعاصي‬

‫فعشجئح يشبغي أال تعري هللا إشبلقاً ‪،‬‬

‫﴿ كب ِِحي اْلُقخبى كاْلي َتامى كاْلسد ِ‬


‫اك ِ‬
‫يؽ ﴾‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬

‫السداكيغ إذا انفخدت تعشي الفقخاء والسداكيغ ‪ ،‬وإذا انفخدت كمسة الفقخاء تعشي الفقخاء أو السداكيغ ‪ ،‬أما إذا‬

‫اجتسعا تفخقا ‪ ،‬وإف تفخقا اجتسعا ‪ ،‬فالفقيخ ىػ الحؼ ال يجج حاجتو ‪ ،‬أما السدكيغ فيػ الحؼ ألست بو مريبة‬

‫أقعجتو عغ العسل ‪ ،‬لحلظ يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫يؽ َكاْل َج ِار ِذي اْلُقْخَبى ﴾‬ ‫َّللا كََّل ُت ْذ ِخُكؾا ِب ِو َشيًئا كبِاْلؾ ِال َجي ِؽ ِإحداًنا كب ِِحي اْلُقخبى كاْلي َتامى كاْلسد ِ‬
‫اك ِ‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ ْ َْ َ‬ ‫اعُب ُجكا َّ َ َ‬
‫﴿ َك ْ‬

‫الجار الحؼ إلى جانبظ لعمو قخيبظ ‪ ،‬لو عميظ حقاف ‪ ،‬لعمو جار مدمع ‪ ،‬لو عميظ حقاف ‪ ،‬حق اإلسبلـ ‪ ،‬وحق‬

‫الجػار ‪ ،‬لعمو جار قخيب مدمع ‪ ،‬لو عميظ ثبلثة حقػؽ ‪ ،‬حق الجػار ‪ ،‬وحق اإلسبلـ ‪ ،‬وحق القخابة ‪َ } ،‬واْل َج ِار‬

‫اْل ُج ُش ِب { ‪ ،‬مصمق الجار يشبغي أف تحدغ إليو ‪ ،‬مصمق الجار ‪ ،‬أؼ جار كاف ‪ ،‬إذا استعاف بظ أعشتو ‪ ،‬وإف‬

‫استشرخؾ نرختو ‪ ،‬وإف استقخضظ أقخضتو ‪ ،‬وإف مخض عجتو ‪ ،‬وإف مات شيعتو ‪ ،‬وال تدتصل عميو بالبشاء ‪،‬‬

‫فتحجب عشو الخيح إال بإذنو ‪ ،‬وإذا اشتخيت فاكية فأىج لو مشيا ‪ ،‬فإف لع تفعل فأدخميا س اًخ ‪ ،‬و ال يخخج بيا ولجؾ‬

‫ليغيع ولجه ‪ ،‬وال تؤذه بقتار قجرؾ ‪ ،‬إال أف تغخؼ لو مشو ‪،‬‬

‫﴿ َكاْل َج ِار ِذي اْلُقْخَبى ﴾‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪210‬‬


‫الحؼ لو عميظ أكثخ مغ حق ‪،‬‬

‫﴿كاْل َج ِار اْل ُجُش ِب ﴾‬


‫َ‬

‫مصمق الجار ‪،‬‬

‫الر ِ‬
‫اح ِب ِباْل َجْش ِب ﴾‬ ‫﴿ َك َّ‬

‫ىحا زميل العسل ‪ ،‬مجرس في ثانػية ‪ ،‬شبيب في مدتذفى ‪ ،‬ميشجس في مؤسدة ‪ ،‬ىحا الجار الراحب بالجشب ‪،‬‬

‫وقاؿ بعس العمساء< ىػ الجار الصارغ رفيق الدفخ أحياناً ‪،‬‬

‫الدِب ِ‬
‫يل َك َما َمَم َك ْت أَْي َساُن ُك ْؼ ﴾‬ ‫﴿ َك ْاب ِؽ َّ‬

‫أييا اإلخػة األحباب ‪ ،‬ىحه اآلية أصل مغ أصػؿ السعامبلت ‪ ،‬يشبغي أف تتجو إلى هللا بالعبادة ‪ ،‬وأف تعبجه‬

‫وحجه‪ ،‬ويشبغي أف تحدغ إلى خمقو وفق ىحا التختيب ‪ ،‬الػالجاف قبل كل شيء ‪ ،‬األقخباء بعج الػالجيغ ‪ ،‬ثع اليتامى‪،‬‬

‫فالسداكيغ ‪ ،‬فالجار ذؼ القخبى ‪ ،‬فالجار الجشب ‪ ،‬والراحب بالجشب ‪ ،‬وابغ الدبيل الحؼ انقصع في الصخيق ‪ ،‬وال‬

‫فقج ماليع عغ العػدة إلى‬


‫يسمظ ثسغ العػدة إلى بمجه ‪ ،‬وقج نجج شبلباً كثيخيغ انقصعت بيع األحػاؿ ‪ ،‬وأقعجىع ُ‬

‫ببلدىع ىحا مسا يقتزي أف نعيشيع‪.‬‬

‫﴿ َك َما َمَم َك ْت أَْي َساُن ُك ْؼ ﴾‬

‫ليا بحث شػيل ‪ ،‬إف شاء هللا في لقاء قادـ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪211‬‬


‫أرجػ هللا سبحانو و تعالى أف يشفعشا بيحه التػجييات القخآنية ‪ ،‬فعطسة اإلسبلـ أنو نطاـ اجتساعي في أعطع‬

‫درجة‪ ،‬يحقق التكافل االجتساعي ‪ ،‬إف عغ شخيق الجػار ‪ ،‬وإف عغ شخيق الشدب ‪ ،‬وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا‬

‫تعالى‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪212‬‬


‫الجرس (‪ < )09-07‬أسباب الذقاؽ الدكجي‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫آيات هللا عد كجل <‬

‫أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا‬

‫وبخكاتو‪ ،‬يقػؿ هللا هلالج لج في كتابو العديد <‬

‫الدساك ِ‬ ‫ِِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬
‫ض﴾‬ ‫﴿ َك ِم ْؽ آََياتو َخْم ُ‬
‫ق َّ َ َ‬

‫[ سػرة الخوـ < ‪] 77‬‬

‫ذ َكاْلَق َسُخ ﴾‬ ‫الش َي ُار َك َّ‬


‫الذ ْس ُ‬ ‫﴿ َك ِم ْؽ آََي ِات ِو َّ‬
‫المْي ُل َك َّ‬

‫[ سػرة فرمت< ‪] 59‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫﴿ َك ِم ْؽ آََياتو أ ْ‬
‫َف َخَم َق َل ُك ْؼ م ْؽ أَْن ُفد ُك ْؼ أ َْزَك ً‬
‫اجا ﴾‬

‫[ سػرة الخوـ < ‪] 70‬‬

‫فكسا أف خمق الدسػات واألرض آية كبخػ دالة عمى عطسة هللا عد وجل ‪ ،‬كحلظ أنو خمق مغ أنفدشا أزواجاً‬

‫لشدكغ إلييا ‪ ،‬وجعل بيششا مػدة ورحسة ‪ ،‬آية دالة عمى عطسة هللا عد وجل ‪ ،‬األصل في العبلقة بيغ الدوجيغ أف‬

‫يدكغ كل مشيسا إلى الصخؼ اآلخخ ‪ ،‬وأف تكػف السػدة والخحسة بيشيسا ‪ ،‬ىحا ىػ األصل ‪ ،‬والحقيقة أف تساسظ‬

‫األسخة لو دور خصيخ في تساسظ السجتسع ‪ ،‬ونسػ األسخة لو أثخ واضح في نسػ السجتسع ‪ ،‬لحلظ الذخائع الدساوية‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪213‬‬


‫دعست األسخة ‪ ،‬وصانتيا مغ الخصخ والدلل ‪.‬‬
‫ّ‬

‫حقيقة اْلنداف كأخالقو تتبجى في بيتو <‬

‫أييا األخػة ‪ ،‬ولكغ اإلنداف العاقل الػاعي إذا بجا عغ ب ٍ‬


‫عج أف ىشاؾ مبلمح لمذقاؽ الدوجي يشبغي أف يدتعج‬ ‫ُ‬

‫لسعالجة الخمل ‪ ،‬فقج قاؿ هللا عد وجل <‬

‫اؽ َبْيِش ِي َسا ﴾‬ ‫ِ‬ ‫﴿ كإ ْ ِ‬


‫ِف خ ْف ُت ْؼ شَق َ‬ ‫َ‬

‫[سػرة الشداء< ‪]57‬‬

‫أؼ إنو يشبغي أف تكتذف بػادر الذقاؽ قبل أف يقع ‪،‬‬

‫وىحا مغ البصػلة أف تكتذف الذيء قبل أف تعايشو ‪،‬‬

‫لحلظ سيكػف مػضػع ىحا المقاء الصيب حػؿ أسباب‬

‫الذقاؽ الدوجي ‪ ،‬إنو مػضػع حيػؼ ‪ ،‬واجتساعي ‪،‬‬

‫ويسذ كل أسخة ‪.‬‬

‫بجاية أييا األخػة ‪ ،‬الشبي عميو الربلة والدبلـ جعل‬

‫خيخية اإلنداف داخل بيتو ‪ ،‬أصل خيخيتو العامة ‪ ،‬ذلظ أف اإلنداف خارج البيت يحخص عمى مكانتو وسسعتو ‪،‬‬

‫لحلظ يطيخ مغ الترخفات ما ىػ مقبػؿ عشج السجتسع ‪ ،‬أما إذا دخل إلى البيت فبل رقابة ‪ ،‬وال مدؤولية ‪ ،‬لحلظ‬

‫حقيقة اإلنداف وتجيشو وأخبلقيتو تتبجػ في بيتو ‪ ،‬مغ ىحا السشصمق قاؿ عميو الربلة والدبلـ <‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪214‬‬


‫ِ‬ ‫((خيخُكؼ َخيخُكؼ ِأل ِ‬
‫ؾه))‬ ‫ِ‬ ‫َىِمي ‪َ ،‬كِإ َذا َم َ‬
‫ات َصاحُب ُك ْؼ َف َج ُع ُ‬ ‫َىِمو ‪َ ،‬كأََنا َخْيُخُك ْؼ أل ْ‬
‫َ ُْ ْ ُْ ْ ْ‬

‫[التخمحؼ َع ْغ َع ِائ َذ َة]‬

‫أرأيتع أييا األخػة أف اإلنداف إذا امتحغ ليشاؿ شيادة سػؽ القيادة يستحغ في أصعب أشػار القيادة ‪ ،‬فإذا نجح في‬

‫الذيء الرعب كاف الديل عميو سيبلً ‪ ،‬لحلظ أصعب شيء أف تكػف أخبلقياً في بيتظ ‪ ،‬حيث ال رقابة ‪ ،‬وال‬

‫خذية ‪ ،‬وال سسعة ‪ ،‬مغ ىشا أعيج عمى أسساعكع قػؿ الشبي عميو الربلة والدبلـ <‬

‫ِ‬ ‫((خيخُكؼ َخيخُكؼ ِأل ِ‬


‫ؾه))‬ ‫ِ‬ ‫َىِمي ‪َ ،‬كِإ َذا َم َ‬
‫ات َصاحُب ُك ْؼ َف َج ُع ُ‬ ‫َىِمو ‪َ ،‬كأََنا َخْيُخُك ْؼ أل ْ‬
‫َ ُْ ْ ُْ ْ ْ‬

‫[التخمحؼ َع ْغ َع ِائ َذ َة]‬

‫أسباب الذقاؽ الدكجي <‬

‫‪ 0‬ػ الجيل <‬

‫إذا حممشا أسباب الذقاؽ الدوجي ىشاؾ أسباب عجيجة نحاوؿ في ىحا المقاء الصيب إف شاء هللا تعالى أف نذخح‬

‫بعزيا ‪.‬‬

‫يقع في رأس ىحه األسباب الجيل ‪ ،‬فيػ أعجػ أعجاء اإلنداف ‪ ،‬فالجاىل عجو نفدو‪ ،‬ويفعل في نفدو ما ال‬

‫يدتصيع عجوه أف يفعمو بو ‪ ،‬اإلنداف انصبلقًا مغ حبو لػجػده ‪ ،‬وسبلمة وجػده ‪ ،‬وكساؿ وجػده ‪ ،‬واستسخار‬

‫وجػده‪ ،‬حيشسا يعمع وسائل سبلمتو وسعادتو يقبل عمييا ببل تخدد ‪ ،‬أيغ األزمة ؟ إنيا أزمة العمع ‪ ،‬حتى أىل الشار‬

‫وىع في الشار يقػلػف <‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪215‬‬


‫الد ِع ِ‬
‫يخ ﴾‬ ‫َص َح ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َكَقاُلؾا َل ْؾ ُكَّشا َن ْد َس ُع أ َْك َن ْعق ُل َما ُكَّشا في أ ْ‬

‫[ سػرة السمظ< ‪]01‬‬

‫لحلظ إذا أردت الجنيا فعميظ بالعمع ‪ ،‬وإذا أردت اآلخخة فعميظ بالعمع ‪ ،‬وإذا أردت حياة زوجية ناجحة عميظ بالعاـ ‪،‬‬

‫والعمع ال يعصيظ بعزو إال إذا أعصيتو كمو ‪ ،‬فإذا أعصيتو بعزظ ال يعصيظ شيئاً ‪.‬‬

‫أييا األخػة ‪ ،‬ما مغ عقج قخاف وإال ويقػؿ العاقج < عمى كتاب هللا وسشة رسػلو ‪ ،‬فيل عخؼ الدوجاف ما في كتاب‬

‫هللا وفي سشة رسػلو مغ أحكاـ الدواج ؟ ىل عخؼ الدوج حقػؽ زوجتو وواجباتو تجاىيا ؟ ىل عخفت الدوجة‬

‫حقػؽ زوجيا وواجباتيا تجاىو وتجاه أوالدىا ؟ الشبي عميو الربلة والدبلـ يخاشب الشداء عامة مغ خبلؿ امخأة‬

‫قاؿ <‬

‫(( اعمسي أيتيا السخأة ‪ ،‬كأعمسي مؽ دكنػ مؽ الشدا ً أف حدؽ تبعل السخأة زكجيا يعجؿ الجياد في سبيل هللا))‬

‫[أخخجو ابغ عداكخ وأخخجو البييقي في شعب اإليساف عغ أسساء بشت يديج األنرارية]‬

‫لحلظ أييا األخػة ‪ ،‬البج مغ أف تعخؼ واجباتظ أييا الدوج ‪ ،‬والبج مغ أف تعخفي أيتيا الدوجة واجباتظ ‪ ،‬لحلظ قاؿ‬

‫عميو الربلة والدبلـ <‬

‫(( أكخمؾا الشدا ً ‪ ،‬وهللا ما أكخميؽ إَّل كخيؼ ‪ ،‬كما أىانيؽ إَّل لئيؼ))‬

‫[ابغ عداكخ عغ عمي]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪216‬‬


‫وفي بعس الديادات عمى بعس الخوايات يقػؿ عميو الربلة والدبلـ <‬

‫(( يغمبؽ كل كخيؼ ‪ ،‬كيغمبيؽ لئيؼ ‪ ،‬كأنا أحب أف أكؾف كخيسًا مغمؾبًا مؽ أف أكؾف لئيسًا غالبًا ))‬

‫[ابغ عداكخ عغ عمي]‬

‫يقع في رأس قائسة أسباب الذقاؽ الدوجي الجيل الحؼ يييسغ عمى األسخة ‪ ،‬حقػؽ الدوجة وواجباتيا ‪ ،‬وحقػؽ‬

‫الدوج وواجباتو ‪ ،‬الحجود التي يشبغي أف يقفػا عشجىا ‪ ،‬الحكع فيسا بيشيع مغ مذكبلت ‪ ،‬الحكع الحؼ يشبغي أف‬

‫يخجعػا إليو ‪ ،‬السخجعية التي يشبغي أف تحكع عبلقتيسا ‪ ،‬ىحا كمو مفقػد في أسخة تفقج العمع الذخعي ‪.‬‬

‫‪ 4‬ػ ضعف اْليساف <‬

‫أييا األخػة ‪ ،‬الدبب اآلخخ ىػ ضعف اإليساف ‪ ،‬ذلظ أف الدوجيغ السؤمشيغ يذعخاف أف هللا بيغ الدوجيغ ‪ ،‬فكل‬

‫شخؼ مشيسا يخاؼ هللا أف يطمع اآلخخ ‪ ،‬وكل مشيسا يتقخب إلى هللا بخجمة الصخؼ اآلخخ ‪ ،‬فإذا كاف الدوجاف‬

‫مؤمشيغ فإيسانيسا باهلل ‪ ،‬وأنو يخاقبيسا‪ ،‬وبأف هللا سبحانو وتعالى سيكافئيسا عمى عسميسا ‪ ،‬ىحا أكبخ ضسانة لشجاح‬

‫الدواج في ضخوؼ اإليساف ‪.‬‬

‫وقج قاؿ بعزيع < ِّ‬


‫زوج ابشتظ لمسؤمغ ‪ ،‬إف أحبيا أكخميا ‪ ،‬وإف لع يحبيا ‪ -‬ال سسح هللا ‪ -‬لغ يطمسيا ‪.‬‬

‫أييا األخػة ‪ ،‬القشاعة شيء ‪ ،‬وأف تحسل نفدظ عمى أف تفعل ما أنت مقتشع بو شيء آخخ ‪ ،‬ىشاؾ مغ يعخؼ‬

‫الحبلؿ والحخاـ ‪ ،‬والػاجبات والحقػؽ ‪ ،‬لكشو أضعف مغ أف يقػـ بيسا ‪ ،‬فقػة اإليساف تقػؼ اإلرادة ‪ ،‬فإذا قػؼ‬

‫إيسانظ قػيت إرادتظ ‪ ،‬فإذا سألشا ىحاف زوجاف يعمساف الحقػؽ والػاجبات ويعمساف حجود الذخيعة فمساذا الذقاؽ‬

‫بيشيسا ؟ ألف كبلً مشيسا مقرخ مع الصخؼ اآلخخ ‪ ،‬وىحا التقريخ ىػ الحؼ يدبب الذقاؽ بيشيسا ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪217‬‬


‫ٍ‬
‫كل ىشاؾ حجيث شخيف يشصبق عمى ىحا السػضػع انصباقاً تاماً <‬
‫عمى ّ‬

‫َّللا‬ ‫اؿ ِبَي ِج ِه ِإَلى َص ْج ِرِه ‪َ ،‬ك َما َت َؾ َّاد ا ْثَش ِ‬


‫اف ِفي َّ ِ‬ ‫(( اْل ُس ْدِم ُؼ أَ ُخؾ اْل ُس ْدِم ِؼ ‪ََّ ،‬ل َي ْغِم ُس ُو ‪َ ،‬كََّل َي ْخ ُحُل ُو ‪َّ ،‬‬
‫الت ْق َؾى َى ُ‬
‫اىَشا ‪َ ،‬كَق َ‬

‫َح ُج ُى َسا ‪َ ،‬كاْل ُس ْح ِج ُث َشّّخ ‪َ ،‬كاْل ُس ْح ِج ُث َشّّخ ‪َ ،‬كاْل ُس ْح ِج ُث َشّّخ ))‬ ‫ِ‬
‫ؽ َبْيَش ُي َسا ِإََّّل َح َج ٌث ُي ْحجثُ ُو أ َ‬
‫َعَّد َك َج َّل ََّل ُي َفِّخ ُ‬

‫[ أحسج عغ أبي ىخيخة ]‬

‫ال يكفي أف أتعمع الحقػؽ والػاجبات والحجود والقيػد البج مغ أف أممظ إرادة قػية عمى تصبيق ما أنا مقتشع بو ‪،‬‬

‫ىحه اإلرادة القػية مغ نتائج قػة اإليساف ‪ ،‬فإذا قػؼ إيساف الدوجيغ قػيت إرادتيسا ‪ ،‬وقػة إرادتيسا تعيشيسا عمى أف‬

‫يصبقا ما تعمساه مغ مشيج هللا عد وجل ‪.‬‬

‫‪ 5‬ػ سؾ ً الترخؼ <‬

‫أييا األخػة األحباب ‪ ،‬ىشاؾ سبب ثالث لمذقاؽ الدوجي ىػ سػء الترخؼ ‪ ،‬أنا مقتشع تساماً أف السؤمغ لو عصاء‬

‫مغ هللا ال يقجر بثسغ ‪ ،‬ىحا العصاء قج ال يبجو جميًا واضحاً لعامة الشاس ‪ ،‬إنو الحكسة ‪ ،‬فقج قاؿ هللا عد وجل <‬

‫﴿ َك َمؽ ُي ْؤ َت اْل ِح ْك َس َة َفَق ْج أُكِتي َخْيًاخ َكِثي ًاخ ﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة البقخة< ;‪] 78‬‬

‫الحكسة أف تزع الذيء في مػضعو ‪ ،‬وأف تقػؿ الكمسة السشاسبة في الػقت السشاسب ‪ ،‬مع الذخز السشاسب ‪،‬‬

‫بالقجر السشاسب ‪ ،‬الحكسة أعطع عصاء إليي عمى اإلشبلؽ ‪ ،‬إنو خاص بالسؤمشيغ ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪218‬‬


‫يل َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َع َساَل ُي ْؼ﴾‬
‫َض َّل أ ْ‬
‫َّللا أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ َّالح َ‬
‫يؽ َك َفُخكا َكصُّجكا َع ْؽ سِب ِ‬

‫[ سػرة دمحم < ‪]0‬‬

‫اس َت ْغَشى * َكَك َّح َب ِباْل ُح ْدَشى *‬ ‫ِ‬


‫َما َم ْؽ َبخ َل َك ْ‬
‫﴿ َكأ َّ‬

‫َف َدُشَي ِّدُخُه ِلْم ُع ْدَخى ﴾‬

‫[ سػرة الميل ]‬

‫الحكسة ضالة السؤمغ ‪ ،‬ومغ ثسار اإليساف ‪.‬‬

‫أييا األخػة ‪ ،‬أنت بالحكسة تدعج بدوجة مغ الجرجة الخامدة ‪ ،‬وبالحكسة تعير بساؿ محجود ‪ ،‬وتقمب األعجاء إلى‬

‫أصجقاء ‪ ،‬وبانعجاـ الحكسة تذقى بدوجة مغ الجرجة األولى‪ ،‬وبشقز الحكسة تبجد الساؿ ‪ ،‬وتجعل األصجقاء أعجاء‬

‫‪ ،‬لحلظ الرفة األولى التي يتسيد بيا السؤمشػف حكستيع التي مشحيع هللا إياىا ‪.‬‬

‫﴿ َك َمؽ ُي ْؤ َت اْل ِح ْك َس َة َفَق ْج أُكِتي َخْيًاخ َكِثي ًاخ ﴾‬


‫َ‬

‫[ سػرة البقخة< ;‪] 78‬‬

‫الحكسة ال تؤخح ‪ ،‬لكشيا تؤتى ‪ ،‬تؤتى لمسؤمغ كشتيجة لصاعتو هلل عد وجل ‪ ،‬وكانرياع ألمخ هللا ‪ ،‬ألع يقل هللا‬

‫عد وجل <‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪219‬‬


‫﴿ َك َم ْؽ َي َّت ِق َّ َ‬
‫َّللا َي ْج َع ْل َل ُو َم ْخَخجًا ﴾‬

‫[ سػرة الصبلؽ< ‪] 7‬‬

‫أؼ إنو مغ يتق هللا في اختيار زوجتو يجعل هللا لو مخخجًا مغ الذقاؽ الدوجي ‪ ،‬مغ يتق هللا في تخبية أوالده‬

‫يجعل هللا لو مخخجاً مغ عقػؽ أوالده ‪ ،‬مغ يتق هللا في كدب مالو يجعل هللا لو مخخجاً مغ تبجيج الساؿ ‪ ،‬فحيشسا‬

‫تصبق مشيج هللا إنظ تصبق تعميسات الرانع ‪ ،‬وما مغ جية يسكغ أف تمتدـ بتعميساتيا إال الجية الرانعة ‪ ،‬ألنيا‬

‫الخبيخة ‪ ،‬قاؿ تعالى <‬

‫﴿ َكََّل ُيَشِّبُئ َػ ِم ْث ُل َخِب ٍ‬


‫يخ ﴾‬

‫[ سػرة فاشخ< ‪] 06‬‬

‫‪ 6‬ػ التعالي <‬

‫أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬شيء آخخ مغ أسباب الذقاؽ‬

‫الدوجي ىػ التعالي ‪ ،‬أحيانًا يتعالى الدوج عمى‬

‫زوجتو‪ ،‬أو تتعالى الدوجة عمى زوجيا ‪ ،‬والتعالي‬

‫دخمت إلى البيت‬


‫َ‬ ‫معػؿ ييجـ الدعادة الدوجية ‪ ،‬إذا‬

‫ِ‬
‫دخمت إلى البيت‬ ‫فأنت واحج مغ أىل البيت ‪ ،‬إذا‬

‫فأنت واحجة مغ أىل البيت ‪ ،‬أما أف أستعمي عمى‬

‫تفاوت لبعس الذيء بيغ مدتػػ‬


‫ٌ‬ ‫شخيكي في الحياة ‪ ،‬أو أف أستعمي عمى شخيكتي في الحياة ‪ ،‬وقج يكػف ىشاؾ‬

‫األسختيغ ‪ ،‬ولكغ ىحا الدوج ىػ والج أوالدؾ ‪ ،‬وىحه الدوجة ىجية هللا إليظ أييا الدوج ‪ ،‬فإذا دخمشا في عر‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪220‬‬


‫الدوجية فبل يشبغي أف يكػف ىشاؾ ٍ‬
‫تعاؿ ‪.‬‬

‫كصية أمامة بشت الحارث َّلبشتيا يؾـ زفافيا <‬

‫أييا األخػة األحباب ‪ ،‬امخأة قبل اإلسبلـ اسسيا أمامة بشت الحارث ‪ ،‬أوصت ابشتيا يػـ زفافيا ‪ ،‬فقالت < أؼ بشية‪،‬‬

‫إف الػصية لػ تخكت لفزل ٍ‬


‫أدب تخكت لحلظ مشظ ‪ ،‬ولكشيا تحكخة لمغافل ‪ ،‬ومعػنة لمعاقل ‪ ،‬ولػ أف السخأة استغشت‬

‫عغ الدوج لغشى أبػييا ‪ ،‬أو لذجة حاجتيسا إلييا لكشت أغشى الشاس عشو ‪ ،‬ولكغ الشداء لمخجاؿ ُخِمقغ ‪ ،‬وليغ ُخِمق‬

‫الخجاؿ ‪ ،‬أؼ بشية ‪ ،‬إنظ فارقت الجػ الحؼ مشو خخجت ‪ ،‬وخمفت العر الحؼ فيو در ِ‬
‫جت ‪ ،‬إلى وكخ لع تعخفيو ‪،‬‬

‫َمة يكغ لظ عبجاً ‪ ،‬أؼ بشية ‪ ،‬خحؼ عشي عذخ‬ ‫وقخ ٍ‬


‫يغ لع تألفيو ‪ ،‬فأصبح بسمكو عميظ رقيبًا ومميكًا ‪ ،‬كػني لو أ َ‬

‫خراؿ تكغ لظ ذخ اًخ وأج اًخ < الرحبة بالقشاعة ‪ ،‬أعطع الشداء بخكة أقميغ مؤونة ومي اًخ ‪ ،‬والسعاشخة بحدغ الدسع‬

‫والصاعة ‪ ،‬السخأة إذا صمت خسديا ‪ ،‬وصامت شيخىا ‪ ،‬وأشاعت زوجيا ‪ ،‬وحفطت نفديا دخمت جشة ربيا ‪،‬‬

‫والتفقج لسػاضع عيشو وأنفو ‪ ،‬فبل تقع عيشظ مشو عمى قبيح ‪ ،‬وال يذع مشظ إال أشيب ريح ‪ ،‬وال كحل إال أحدغ‬

‫الحدغ ‪ ،‬والساء أشيب الصيب السفقػد ‪.‬‬

‫أييا األخػة ‪ ،‬ثبت أف لخائحة الجمج رائحة عصخة ‪ ،‬يكفي أف يشطف فمو رائحة ‪ ،‬وىحه الحقيقة أشيخ إلييا في ىحه‬

‫الػصية ‪ ،‬والساء أشيب الصيب السفقػد ‪ ،‬والتفقج لػقت مشامو وشعامو ‪ ،‬فإف ح اخرة الجػع مميبة ‪ ،‬وتشغيز الشػـ‬

‫مغزبة ‪ ،‬واالحتخاس لسالو والخعية عمى حذسو وعيالو ‪ ،‬ومبلؾ األمخ في الساؿ حدغ التجبيخ ‪ ،‬وفي العياؿ‬

‫ِ‬
‫أوغخت صجره ‪ ،‬وإف أفذيت سخه لغ‬ ‫تعز لو أم اًخ ‪ ،‬وال ِ‬
‫تفر لو س اًخ ‪ ،‬فإنظ إف عريت أمخه‬ ‫ِ‬ ‫حدغ التقجيخ ‪ ،‬وال‬

‫تأمشي غجره ‪ ،‬ثع يا بشيتي ‪ ،‬إياؾ والفخح بيغ يجيو إف كاف تخحًا ‪ ،‬والكببة بيغ يجيو إف كاف فخحًا ‪ ،‬فإف األولى مغ‬

‫التقريخ ‪ ،‬والثانية مغ التكجيخ ‪ ،‬واعمسي أنو لغ تَرمي إلى ما تحبيغ حتى تؤثخؼ رضاه عمى رضاؾ ‪ ،‬وىػاه‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪221‬‬


‫عمى ىػاؾ فيسا أحببت أو كخىت ‪ ،‬وهللا يختار لظ ‪.‬‬

‫أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬التعالي معػؿ ييجـ الدعادة الدوجية ‪ ،‬أراد هللا أف يكػف بيغ الدوجيغ الػد والخحسة ‪ ،‬فالػد ىػ‬

‫ترخؼ يعبخ صاحبو بو عغ الحب ‪ ،‬والخحسة ىي الذفقة‪ ،‬فأراد هللا ليحا الدواج أف يدتسخ ‪ ،‬ويشسػ بالػد والخحسة‬

‫معًا أو أحجىسا فبلبج مغ وجػدىسا بيغ الدوجيغ ‪.‬‬

‫‪ 7‬ػ التقميج األعسى <‬

‫أيتيا األخػات الكخيسات ‪ ،‬أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬التقميج‬

‫األعسى معػؿ آخخ ييجـ الحياة الدوجية ‪ ،‬حقيقة‬

‫دقيقة ججًا أنو في حياتشا سعادة ول ّحات ‪ ،‬الم ّحات‬

‫مشبعيا خارجي ‪ ،‬فتأتي مغ شعاـ نفيذ ‪ ،‬مغ بيت‬

‫واسع ‪ ،‬ومشاضخ خبلبة ‪ ،‬وأشفاؿ نجباء ‪ ،‬لكغ‬

‫الدعادة تشبع مغ الجاخل ‪ ،‬الم ّحات تحتاج إلى مرادر‬

‫خارجية ‪ ،‬وأمػاؿ شائمة ‪ ،‬والم ّحات ليدت مدتسخة ‪ ،‬بل متشاقرة ‪ ،‬وإف لع تكغ وفق مشيج هللا تبعتيا كببة ‪ ،‬أما‬

‫الدعادة فتشبع مغ قمب اإلنداف ‪ ،‬ويسمكيا ‪ ،‬وفي متشاوؿ يجه ‪ ،‬وتدعجه ‪ ،‬وال عبلقة ليا بالذخوط السادية التي‬

‫تحيط باإلنداف ‪ ،‬فحيشسا تػازف امخأة نفديا مع امخأة أخخػ ‪ ،‬والفخؽ االقترادؼ كبيخ ‪ ،‬ىحا معػؿ آخخ ييجـ‬

‫الحياة الدوجية ‪ ،‬ذلظ أف أساس الحياة الدوجية الدكغ ‪ ،‬قاؿ تعالى <‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪222‬‬


‫اجا ِل َت ْد ُكُشؾا ِإَلْي َيا َك َج َع َل َبْيَش ُك ْؼ َم َؾَّد ًة َكَر ْح َس ًة ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫﴿ َك ِم ْؽ آََياتو أ ْ‬
‫َف َخَم َق َل ُك ْؼ م ْؽ أَْن ُفد ُك ْؼ أ َْزَك ً‬

‫[ سػرة الخوـ< ‪] 70‬‬

‫و لحكسة أرادىا هللا جعل الدوجيغ متكامميغ ‪ ،‬وليدا متذابييغ ‪ ،‬فكل شخؼ يكسل نقرو بالصخؼ اآلخخ ‪ ،‬فيدكغ‬

‫إليو ‪ ،‬الدوجة تكسل نقريا بدوجيا القػؼ األميغ ‪ ،‬فتدكغ إليو‪ ،‬والدوج يكسل نقرو العاشفي بدوجتو الجياشة‬

‫العاشفية ‪ ،‬فيدكغ إلييا ‪ ،‬وىحا مغ حكسة هللا ‪ ،‬أما حيشسا تأتي امخأة لتقمج امخأة أخخػ ليا وضع ومدتػػ آخخ‬

‫فإنيا بيحا التقميج األعسى تيجـ الدعادة الدوجية فيسا بيشيا وبيغ زوجيا ‪ ،‬فمحلظ قيل < إف هللا يعصي الرحة‬

‫والحكاء والساؿ والجساؿ لمكثيخيغ مغ خمقو ‪ ،‬ولكشو يعصي الدكيشة بقجر ألصفيائو السؤمشيغ ‪.‬‬

‫‪ 8‬ػ الغياب الظؾيل <‬

‫أيي ا األخػة األحباب ‪ ،‬شيء آخخ مغ أسباب الذقاؽ الدوجي الغياب الصػيل ‪ ،‬مادامت الدوجة بحاجة لدوجيا‬

‫كي تدكغ إليو ‪ ،‬وما داـ الدوج بحاجة إلى زوجتو كي يدكغ إلييا ‪ ،‬متى تكػف ىحه الدكشى ؟ إذا كاف غيابو عغ‬

‫بل ‪ ،‬العذخة الدوجية أصل في الدواج ‪ ،‬فإذا امتز العسل كل وقت الدواج فيحا العسل ميسا كاف الجخل‬
‫البيت شػي ً‬

‫فيو كبي اًخ فيػ في الحقيقة خدارة ‪ ،‬ألنو فَقج شخيكة حياتو ‪ ،‬وفقجت شخيظ حياتيا ‪ ،‬ضاع األوالد ‪ ،‬وربػا تخبية‬

‫ليدت سميسة ‪ ،‬فالغياب الصػيل عغ السشدؿ لو مزاعفات خصيخة ‪ ،‬قج تكػف لو مزاعفات معتجلة بيغ زوجيغ‬

‫مشزبصيغ ‪ ،‬وقج تكػف لو مزاعفات خصيخة بيغ زوجيغ غيخ مشزبصيغ ‪ ،‬حيشسا تفتقخ الدوجة إلى األنذ‬

‫وعصف زوجيا ووجػده إلى جانبيا فقج تزعف نفديا أماـ خبيث مغ خبثاء األرض ‪.‬‬

‫أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬عجـ اإلقامة في البيت لفتخة معقػلة أحج أسباب الذقاؽ الدوجي ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪223‬‬


‫‪ 9‬ػ الدكؾت كعجـ اَّلىتساـ بالظخؼ اَلخخ <‬

‫شيء آخخ ‪ ،‬األزواج أحياناً ال ييتسػف لذأف زوجاتيع ‪ ،‬عجـ اىتساميع يتبجػ في عجـ اىتساميع بسطيخ زوجاتيع ‪،‬‬

‫قج تعتشي بشفديا ‪ ،‬وتطيخ بأبيى زيشة أمامو ‪ ،‬ال يمتفت إلى ذلظ ‪ ،‬قج تعج لو شعاماً نفيداً ال يذكخىا عميو ‪ ،‬قج‬

‫يخػ األوالد في أحمى حالة ال يثشي عمييا بيحا ‪ ،‬قج يخػ البيت رائعاً ال يشتبو إليو ‪ ،‬عجـ االىتساـ بالدوجة ‪،‬‬

‫بسطيخىا ‪ ،‬وبعسميا ‪ ،‬وبإدارة بيتيا ‪ ،‬وبصعاميا ‪ ،‬وبشطافة وتخبية أوالدىا ‪ ،‬ىحا يزعف العبلقة بيغ الدوجيغ ‪،‬‬

‫فمحلظ الدوج الشاجح ىػ الحؼ يثشي عمى زوجتو مغ حيغ إلى آخخ حتى تذعخ أنو يعع قجراتيا وما عشجىا مغ‬

‫خيخ‪.‬‬

‫‪ :‬ػ اَّلبتعاد عؽ الكمسة الظيبة <‬

‫أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬شيء آخخ في العبلقة الدوجية ‪ ،‬ألع يقل هللا عد وجل <‬

‫﴿ َكُقؾُلؾا ِل َّمش ِ‬
‫اس ُح ْدشًا ﴾‬

‫[ سػرة البقخة< ‪] :5‬‬

‫أييسا أحق بكبلمظ الصيب الشاس عامة أـ ىحه التي‬

‫ىي في البيت أـ شخيكة حياتظ؟ الكمسة الصيبة‬

‫صجقة‪.‬‬

‫كاف عميو الربلة والدبلـ زوجاً ناجحاً ‪ ،‬كانت‬

‫الديجة عائذة تدألو مغ حيغ آلخخ< يا رسػؿ هللا‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪224‬‬


‫كيف حبظ لي ؟ فعبخ الشبي عغ حبو الذجيج ليا ٍ‬
‫بسثل قاؿ < حبي لظ كعقجة الحبل ‪ ،‬فأصبح ىحا رم ًاد بيشيسا ‪،‬‬

‫تدألو مغ حيغ آلخخ < كيف العقجة ؟ فيقػؿ < عمى حاليا ‪.‬‬

‫أنت تيت ع بالدوجة ‪ ،‬وتثشي عمى فعميا ‪ ،‬وىشجاميا ‪ ،‬وإدارة بيتيا ‪ ،‬وشعاميا ‪ ،‬وتخبية أوالدىا ‪ ،‬وتدسعيا كمسة‬

‫شيبة‪ ،‬وتعبخ ليا عغ حبظ ‪ ،‬ىحا مغ أسباب الدعادة الدوجية‪ ،‬بل إف مغ عكذ ذلظ مغ أسباب الذقاؽ الدوجي‬

‫َّللاُ َعَم ْي ِو َو َسَّم َع <‬


‫صمَّى َّ‬ ‫ذ ْب ِغ م ِال ٍظ َأ َّف َر ُج ًبل َق ِ ِ‬
‫اؿ ل َّمشب ِّي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أضخب لكع مثبلً يشدحب عمى ىحه الحالة < َع ْغ أ ََن ِ‬

‫ُحُّبػ ِفي َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُح ُّب ُف َال ًنا ِفي َّ ِ‬


‫(( ِإِّني أ ِ‬
‫اؿ <‬
‫َّللا ‪َ ،‬ق َ‬ ‫اؿ < َت ْعَم ُؼ أَّني أ ِ َ‬ ‫َخَبْخَت ُو ؟ َقاؿ < ََّل ‪َ ،‬قاؿ < َفأ ْ ِ‬
‫َخبْخُه ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اؿ < َفأ ْ‬
‫َّللا ‪َ ،‬ق َ‬

‫َحَبْب َتِشي َل ُو ))‬ ‫ِ‬


‫َحَّب َػ َّالحي أ ْ‬
‫اؿ َل ُو < َفأ َ‬
‫َفَق َ‬

‫ذ ْب ِغ َمالِ ٍظ]‬
‫[أبػ داود ‪ ،‬أحسج َع ْغ أََن ِ‬

‫فمع يبخل الدوج بكمسات الحب والػد لدوجتو ؟ ولع تبخل الدوجة بكمسات الحب لدوجيا؟‬
‫إذا كاف ىشاؾ ود بيشيسا ‪َ ،‬‬

‫ىحا أيزًا الدكػت وعجـ االىتساـ بالصخؼ اآلخخ مغ أسباب الذقاؽ الدوجي ‪.‬‬

‫; ػ الظسع السالي <‬

‫شيء آخخ < مغ أسباب الذقاؽ الدوجي الصسع‬

‫السالي ‪ ،‬ىحا العقج بيغ الدوجيغ ىػ أقجس عقج في‬

‫األرض ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل <‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪225‬‬


‫ض َكأَ َخ ْح َف ِمْش ُك ْؼ ِمي َثا ًقا َغِمي ً‬
‫غا ﴾‬ ‫ز ُك ْؼ ِإَلى َب ْع ٍ‬
‫﴿ َكَق ْج أَ ْف َزى َب ْع ُ‬

‫[ سػرة الشداء < ‪] 70‬‬

‫ىحا السيثاؽ الغميع يفدجه االتجاه السالي ‪ ،‬فحيشسا يصسع الدوج بساؿ زوجتو‪ ،‬أو حيشسا تصسع الدوجة بسا عشج‬

‫زوجيا لتقتشرو ألىميا ىحا يفدج العبلقة بيغ الدوجيغ ‪ ،‬فالسادة تفدج العبلقة ‪ ،‬وإف جعمتيا تحت قجمظ تكدبيا ‪،‬‬

‫وإف كانت أمامظ تخدخىا ‪ ،‬وأكبخ خدارة أف تخدخ الدوجة زوجيا أو أف يخدخ الدوج زوجتو ‪.‬‬

‫‪ 01‬ػ بخل الدكج <‬

‫أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬ومغ أشج معاوؿ ىجـ الدعادة الدوجية بخل الدوج ‪ ،‬فقج قاؿ عميو الربلة والدبلـ <‬

‫(( ليذ مشا مؽ كسع هللا عميو ثؼ قتخ عمى عيالو ))‬

‫[ الجامع الرغيخ عغ جبيخ بغ مصعع]‬

‫وقج قاؿ بعس الرحابة الكخاـ < " حبح الساؿ أصػف بو عخضي ‪ ،‬وأتقخب بو إلى ربي " ‪ ،‬إال أف الرحابية‬

‫الجميمة حيشسا تػدع زوجيا تقػؿ < ِ‬


‫اتق هللا فيشا نربخ عمى الجػع ‪ ،‬وال نربخ عمى الحخاـ ‪ ،‬أما السخأة التي‬

‫تزغط عمى زوجيا كي يكدب الساؿ الحخاـ فيي شخيكتو في اإلثع ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪226‬‬


‫‪ 00‬ػ سؾ ً الغؽ <‬

‫أييا األخػة األحباب ‪ ،‬مغ أسباب الذقاؽ الدوجي سػء الطغ ‪ ،‬وىػ حدـ إذا كاف ىشاؾ دليل ‪ ،‬وإف لع يكغ ىشاؾ‬

‫دليل فيػ إثع ‪ ،‬فيشبغي أف نحدغ الطغ إف لع يكغ ىشاؾ دليل عمى سػء الطغ ‪ ،‬أما إف كاف ىشاؾ دليل فالحدـ‬

‫سػء الطغ ‪.‬‬

‫‪ 04‬ػ خخكج السخأة مؽ دكف إذف زكجيا <‬

‫شيء آخخ أييا األخػة ‪ ،‬خخوج السخأة مغ دوف إذف زوجيا ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ؾى َّؽ ِم ْؽ ُبُيؾِت ِي َّؽ َكََّل َي ْخُخ ْج َؽ ﴾‬


‫﴿ ََّل ُت ْخ ِخ ُج ُ‬

‫[سػرة الصبلؽ< ‪]0‬‬

‫أصغخ مذكمة إذا خخجت الدوجة مغ بيت زوجيا ونذدت تغجو أكبخ مذكمة ‪ ،‬وقج تشتيي بالصبلؽ ‪ ،‬وأكبخ مذكمة‬

‫بيغ الدوجيغ إذا بقيت الدوجة في بيت الدوجية قج تشتيي إلى الػفاؽ ‪.‬‬

‫أييا األخػة الكخاـ ‪ ،‬ىحه بعس أسباب الذقاؽ الدوجي ‪ ،‬فالذقاؽ الدوجي معػؿ ييجـ األسخ ‪ ،‬وإذا ضاعت األسخ‬

‫ضاع السجتسع ‪ ،‬بل إف بعس أقصاب الحزارة الغخبية يقػؿ< نحغ ميجدوف بتفكظ األسخة ‪ ،‬وشيػع الجخيسة ‪،‬‬

‫وباالنحخاؼ األخبلقي ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪227‬‬


‫فيا أييا األخػة األكارـ ‪ ،‬عطسة ىحا الجيغ أنو مشيج قػيع يبجأ مغ األسخة ‪ ،‬ويشتيي بالعبلقات الجولية ‪ ،‬فالدوج‬

‫والدوجة إذا بشيا بيتيسا عمى شاعة هللا تػلى هللا في عميائو التػفيق بيغ الدوجيغ ‪ ،‬أما إذا بشيا مشدليسا عمى‬

‫معرية فيتػلى الذيصاف التفخيق بيشيسا ‪.‬‬

‫أييا األخػة األحباب ‪ ،‬إلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى ‪ ،‬والدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو ‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪228‬‬


‫الجرس (‪ < )09-08‬أسباب الدعادة الدكجية‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫إخػتي السؤمشيغ‪ ،‬الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫في الحمقة الدابقة تحجثشا عغ أسباب الذقاؽ الدوجي‪ ،‬وفي الحقيقة ىػ مػضػع سمبي‪ ،‬ولكغ ىحه الحمقة إف شاء‬

‫هللا تعالى سشتحجث فييا عغ أسباب الدعادة الدوجية‪ ،‬والحقيقة أنو يشبغي أف نتبلفى أسباب الذقاؽ‪ ،‬ثع أف نفعل‬

‫مػجبات الدعادة الدوجية‪ ،‬لػ عجنا إلى كتاب‪ ،‬ومشيج هللا‪ ،‬وتعميسات الرانع‪ ،‬وكبلـ الخبيخ فإنشا نجج هللا عد‬

‫وجل يقػؿ<‬

‫كى َّؽ ِباْلسعخ ِ‬


‫كؼ﴾‬ ‫﴿ كع ِ‬
‫اشُخ ُ‬
‫َ ُْ‬ ‫ََ‬

‫(سػرة الشداء)‬

‫ما معشى كمسة معخوؼ ؟ السعخوؼ تعخفو الفصخ الدميسة بجاىة‪ ،‬إذا قاؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿ كيأْمخك َف ِباْلسعخ ِ‬
‫كؼ َكَيْش َي ْؾ َف َع ِؽ اْل ُسْش َك ِخ﴾‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َ ُُ‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪229‬‬


‫ما السعخوؼ ؟ الذيء الحؼ تعخفو الشفػس بجاىة يقػؿ ىكحا فصخت يقػؿ وجبمت عميو‪ ،‬ألع يقل هللا عد وجل<‬

‫اىا (‪﴾):‬‬
‫ؾرَىا َكَت ْق َؾ َ‬
‫اىا (‪َ )9‬فأَْل َي َس َيا ُف ُج َ‬
‫ذ َك َما َس َّؾ َ‬
‫﴿ َكَن ْف ٍ‬

‫(سػرة الذسذ)‬

‫يشبييا أحج‪ ،‬وإذا فجخت تعمع مغ دوف أف يشبييا أحج‪ ،‬ىحه ىي‬
‫يعشي أنيا إذا اتقت تعمع أنيا اتقت مغ دوف أف ّ‬

‫الفصخة‪ ،‬وىي متػافقة تساماً مع مشيج هللا‪ ،‬قاؿ تعالى<‬

‫الشاس عَمييا ََّل َتب ِجيل ِل َخْم ِق َّ ِ‬ ‫يؽ حِشيفًا ِف ْظخَة َّ ِ‬


‫َّللا َّالِتي َف َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا﴾‬ ‫ْ َ‬ ‫ظَخ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ َفأَق ْؼ َك ْج َي َػ ل ّمج ِ َ‬

‫(سػرة الخوـ)‬

‫جبمت أنت عميو في األصل‪ ،‬لحلظ حيشسا‬


‫َ‬ ‫تذج ىستظ إلى تصبيق الحق‪ ،‬ىػ ما‬
‫أؼ أف تقيع وجيظ نحػ الجيغ‪ ،‬أف ّ‬

‫يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫﴿ كيأْمخك َف ِباْلسعخ ِ‬
‫كؼ َكَيْش َي ْؾ َف َع ِؽ اْل ُسْش َك ِخ﴾‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َ ُُ‬

‫الذيء الحؼ تعخفو الشفػس فصخة وابتجاء وبجاىة مغ دوف تػجيو‪ ،‬والفصخة أييا اإلخػة شيء ميع ججاً في الجيغ‪.‬‬

‫يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫َّللا ِف ِ‬
‫يو َخْي اًخ َكِثي ًاخ (;‪﴾)0‬‬ ‫كى َّؽ ِباْلسعخ ِ‬ ‫﴿ كع ِ‬
‫َف َت ْكَخُىؾا َشْيئًا َكَي ْج َع َل َّ ُ‬ ‫كؼ َفِإ ْف َك ِخْى ُت ُس ُ‬
‫ؾى َّؽ َف َع َدى أ ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫اشُخ ُ‬ ‫ََ‬

‫(سػرة الشداء)‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪230‬‬


‫نحغ في دار ابتبلء‪ ،‬ال في دار استػاء‪ ،‬وفي مشدؿ تخح‪ ،‬ال مشدؿ فخح‪ ،‬ومغ عخؼ الجنيا لع يفخح لخخاء‪ ،‬ولع‬

‫يحدف لذقاء‪ ،‬قج جعميا هللا دار بمػػ‪ ،‬وجعل اآلخخة دار عقبى‪ ،‬فجعل ببلء الجنيا لعصاء اآلخخة سببا‪ ،‬وجعل‬

‫عصاء اآلخخة مغ بمػػ الجنيا عػضا‪ ،‬فيأخح ليعصي‪ ،‬ويبتمي ليجدؼ‪.‬‬

‫قاؿ بعس السفدخيغ في تفديخ قػلو تعالى<‬

‫كى َّؽ ِباْلسعخ ِ‬


‫كؼ﴾‬ ‫﴿ كع ِ‬
‫اشُخ ُ‬
‫َ ُْ‬ ‫ََ‬

‫قالػا< ليدت السعاشخة بالسعخوؼ أف تستشع عغ إيقاع األذػ بيا‪ ،‬بل أف تحتسل األذػ مشيا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬روت كتب األدب والديخة أف قاضياً شيي اًخ اسسو شخيح لقيو صجيقو الفزيل‪ ،‬فقاؿ لو< يا‬

‫شخيح‪ ،‬كيف حالظ في بيتظ ؟ قاؿ< وهللا مشح عذخيغ عامًا لع أجج ما ِّ‬
‫يعكخ صفائي‪ ،‬قاؿ< وكيف ذلظ يا شخيح ؟‬

‫وججت صبلحاً وكساالً‪ ،‬يقرج صبلحاً في ديشيا‪ ،‬وكساالً‬


‫ُ‬ ‫خصبت امخأة مغ أسخة صالحة‪ ،‬فمسا كاف يػـ الدفاؼ‬
‫ُ‬ ‫قاؿ‬

‫فرميت ركعتيغ شكخ عمى نعسة الدوجة الرالحة‪ ،‬فمسا سمست مغ صبلتي وججت زوجتي ترمي‬
‫ُ‬ ‫في ُخمقيا‪،‬‬

‫دنػت مشيا‪ ،‬فقالت لي< عمى‬


‫ُ‬ ‫بربلتي‪ ،‬وتدمع بدبلمي‪ ،‬وتذكخ شكخؼ‪ ،‬فمسا خبل البيت مغ األىل واألحباب‬

‫ِرسمظ يا أبا أمية‪ ،‬ثع قامت فخصبت‪ ،‬وقالت< أما بعج‪ ،‬فيا أبا أمية‪ ،‬إنشي امخأة غخيبة‪ ،‬ال أعخؼ ما تحب‪ ،‬وال ما‬

‫تكخه‪ ،‬فقل لي ما تحبو حتى آتيو‪ ،‬وما تكخه حتى أجتشبو‪ ،‬ويا أبا أمية‪ ،‬لقج كاف لظ مغ نداء قػمظ مغ ىي كفء‬

‫لظ‪ ،‬وكا ف لي مغ رجاؿ قػمي مغ ىػ كفء لي‪ ،‬ولكغ كشت لظ زوجة عمى كتاب هللا وسشة رسػلو ػ ‪ e‬ػ ليقزي‬

‫هللا أم ًاخ كاف مفعػالً‪ ،‬فاتّ ِق هللا بي‪ ،‬وامتثل قػلو تعالى<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪231‬‬


‫يح ِبِإ ْح َد ٍ‬
‫اف﴾‬ ‫اؾ ِب َس ْعُخ ٍ‬
‫كؼ أ َْك َت ْد ِخ ٌ‬ ‫﴿ َفِإ ْم َد ٌ‬

‫(سػرة البقخة)‬

‫ثع قعجت ! قاؿ< فألجأتشي إلى أف أخصب‪ ،‬فػقفت وقمت< أما بعج‪ ،‬فقج ِ‬
‫قمت كبلماً إف ترجقي فيو‪ ،‬وتثبتي عميو‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وججت مغ حدشة فانذخييا‪،‬‬ ‫يكغ ِ‬
‫لظ ذخ اًخ وأج اًخ‪ ،‬وإف تََجعيو يكغ حجة عميظ‪ِ ،‬‬
‫أح ُّب كحا وكحا‪ ،‬وأكخه كحا وكحا‪ ،‬وما‬

‫ِ‬
‫وججت مغ سيئة فاستخييا‪.‬‬ ‫وما‬

‫فزاحة‪ ،‬وقاؿ في‬


‫أييا اإلخػة‪ ،‬وصف الشبي عميو الربلة والدبلـ السخأة الرالحة بأنيا ستّيخة‪ ،‬والسخأة الفاجخة ّ‬

‫بعس األحاديث< إني أكخه السخأة تخخج مغ بيتيا تذتكي عمى زوجيا‪.‬‬

‫ِ َّ‬ ‫صمَّى َّ‬ ‫َف رسػؿ َّ ِ‬


‫اؿ<‬
‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫اف أ َّ َ ُ َ‬
‫وع ْغ ثَ ْػَب َ‬
‫َ‬

‫اـ َعَمْي َيا َرِائ َح ُة اْل َجَّش ِة ))‬ ‫ط َال ًقا ِم ْؽ َغْي ِخ َبأ ٍ‬
‫ْس َف َحَخ ٌ‬ ‫امَأَخ ٍة َسأََل ْت َزْك َج َيا َ‬
‫(( أَُّي َسا ْ‬

‫[التخمحؼ]‬

‫وال يشطخ هللا إلى امخأة ال تذكخ لدوجيا‪ ،‬وىي ال تدتغشي عشو‪ ،‬وما وججت مغ حدشة فانذخييا‪ ،‬وما وججت مغ‬

‫سيئة فاستخييا‪ ،‬قالت< كيف ندور أىمي وأىمظ ؟ ما رأيظ في ىحا السػضػع ؟ قاؿ< ندورىع غباً‪ ،‬مع انقصاع بيغ‬

‫الحيغ والحيغ لئبل ُّ‬


‫يسمػا‪ ،‬وفي الحجيث الذخيف<‬

‫(( زر غباً تددد حباً ))‬

‫[الصبخاني عغ عبج هللا بغ عسخو]‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪232‬‬


‫فسغ ِم َغ الجيخاف تحب أف أسسح ليغ بجخػؿ بيتظ ؟ ومغ تكخه ؟ قاؿ< بشػ فبلف قػـ صالحػف‪ ،‬وبشػ فبلف‬
‫قالت< َ‬

‫قػـ غيخ ذلظ‪ ،‬يقػؿ شخيح< ومزى عمي عاـ عجت فيو إلى البيت‪ ،‬فإذا أـ زوجتي عشجنا‪ ،‬رحبت بيا أجسل‬

‫تخحيب‪ ،‬وكانت قج عمست مغ ابشتيا أنيا في أىشأ حاؿ‪ ،‬قالت< يا أبا أمية‪ ،‬كيف وججت زوجتظ ؟ قمت< وهللا ىي‬

‫خيخ زوجة‪ ،‬قالت< يا أبا أمية‪ ،‬ما أوتي الخجاؿ ش اًخ مغ السخأة السجلمة فػؽ الحجود‪ ،‬فأدب ما شئت أف تؤدب‪،‬‬

‫وىحب ما شئت أف تيحب‪ ،‬ثع التفت إلى ابشتيا تأمخىا بحدغ الدسع والصاعة‪ ،‬ومزى عمي عذخوف عاماً لع أجج‬

‫ما يعكخ صفائي إال ليمة واحجة كشت أنا الطالع‪.‬‬

‫ألع أقل لكع في الحمقة الدابقة< إذا بشي الدواج عمى شاعة هللا تػلى هللا في عميائو التػفيق بيغ الدوجيغ‪ ،‬أما إذا‬

‫بشي عمى معرية هللا يتػلى الذيصاف التفخيق بيشيسا‪ ،‬إذا أشاع السؤمغ ربو أليسو الحكسة‪ ،‬فعاش مع زوجتو حياة‬

‫سعيجة‪ ،‬وإذا عرى الخجل ربو أليع الحسق‪ ،‬فكع مغ إنداف يحفخ قبخه بيجه‪ ،‬وييجـ سعادتو بيجه‪ ،‬إنو حيشسا يشقصع‬

‫عغ هللا عد وجل فيحخـ مغ الحكسة‪ ،‬اآلية األولى<‬

‫َّللا ِف ِ‬
‫يو َخْي اًخ َكِثي ًاخ (;‪﴾)0‬‬ ‫كى َّؽ ِباْلسعخ ِ‬ ‫﴿ كع ِ‬
‫َف َت ْكَخُىؾا َشْيئًا َكَي ْج َع َل َّ ُ‬ ‫كؼ َفِإ ْف َك ِخْى ُت ُس ُ‬
‫ؾى َّؽ َف َع َدى أ ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫اشُخ ُ‬ ‫ََ‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬شيء آخخ‪ ،‬هللا عد وجل بيغ الدوجيغ وىػ أروع ما في الدواج اإلسبلمي‪ ،‬كل شخؼ يخذى هللا أف‬

‫يطمع الصخؼ اآلخخ‪ ،‬وكل شخؼ يخجػ رحسة هللا بخجمة الصخؼ اآلخخ‪ ،‬ىحا مغ خرائز الدواج اإلسبلمي‪،‬‬

‫اآلف يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪233‬‬


‫﴿ كَلي َّؽ ِم ْثل َّال ِحي عَمي ِي َّؽ ِباْلسعخ ِ‬
‫كؼ َكِل ِّمخ َج ِ‬
‫اؿ َعَمْي ِي َّؽ َدَر َجةٌ﴾‬ ‫َ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫(سػرة البقخة)‬

‫كسا أنظ تحب أف تحتخـ أىمظ ىي تحب أف تحتخـ أىميا‪ ،‬كسا تحب أف تخاىا بسطيخ أنيق ىي تحب أف تخاؾ‬

‫بسطيخ أنيق‪ ،‬كسا تحب أف تكػف صادقة معظ ىي تحب أف تكػف صادؽ معيا‪ ،‬كسا تحب أف تقجر شعػرؾ‬

‫تحب أف تقجر شعػرىا‪.‬‬

‫﴿ كَلي َّؽ ِم ْثل َّال ِحي عَمي ِي َّؽ ِباْلسعخ ِ‬


‫كؼ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫والسعخوؼ ما في الفصخة ما ركد في أىل الفصخة‪ ،‬وما جبل عميو اإلنداف‪ ،‬أما ىحه الجرجة التي لمدوج فيي درجة‬

‫واحجة‪ ،‬درجة القيادة‪ ،‬ألف الدواج والبيت مؤسدة ال بج ليا مغ قائج واحج‪ ،‬وصاحب قخار‪ ،‬لكغ الدوج يشبغي أف‬

‫يدتذيخ زوجتو أحياناً‪ ،‬والجليل أف هللا عد وجل يقػؿ<‬

‫﴿ َكْأ َت ِسُخكا َبْيَش ُك ْؼ ِب َس ْعُخ ٍ‬


‫كؼ﴾‬

‫(سػرة الصبلؽ)‬

‫بل إف الشبي عميو الربلة والدبلـ في الحجيبية استذار أـ سمسة‪ ،‬وأشارت عميو‪ ،‬ونفح استذارتيا‪ ،‬وحمت السذكمة‪،‬‬

‫يشبغي أف تدتذيخىا‪ ،‬وتدتذيخؾ‪ ،‬وتتبادال اآلراء‪ ،‬ولكغ ىحه السؤسدة تحتاج إلى صاحب قخار‪ ،‬هللا عد وجل‬

‫يقػؿ<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪234‬‬


‫اكرىؼ ِفي ْاألَم ِخ َفِإ َذا ع َدمت َف َتؾَّكل عَمى َّ ِ‬
‫َّللا﴾‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َك َش ِ ْ ُ ْ‬

‫(سػرة آؿ عسخاف)‬

‫فيحه الجرجة درجة القخار‪ ،‬ألف الحؼ يخاه الدوج قج ال تخاه الدوجة‪ ،‬والحؼ يعخفو الدوج مغ الطخوؼ السحيصة بالبيت‬

‫قج ال تعمسيا الدوجة‪ ،‬أما أف يطغ الدوج أف لو كل شيء‪ ،‬وليذ ليا شيء‪ ،‬فيحا جيل فاضح في حقػؽ الدوجة‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪،‬‬

‫﴿ كَلي َّؽ ِم ْثل َّال ِحي عَمي ِي َّؽ ِباْلسعخ ِ‬


‫كؼ َكِل ِّمخ َج ِ‬
‫اؿ َعَمْي ِي َّؽ َدَر َجةٌ﴾‬ ‫َ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫ىشاؾ فكخة دقيقة‪ ،‬وىي أف ىحه الجرجة درجة الخجمة والخؤية والحدـ والقخار‪ ،‬وليدت درجة التعدف‪ ،‬وال درجة‬

‫االستبجاد‪ ،‬بل درجة الدبلمة‪ ،‬ودائساً وأبجًا كمسة ( ال )عشػاف الدبلمة‪ ،‬وكمسة ( نعع ) عشػاف اليبلؾ‪ ،‬فالحؼ يسمظ‬

‫قيادة البيت ىػ الدوج‪.‬‬

‫شيء آخخ‪ ،‬السخأة أييا اإلخػة في القيع اإلسبلمية‪ ،‬والفكخ اإلسبلمي‪ ،‬وفي الشرػص اإلسبلمية مداوية لمخجل‬

‫تساماً في التكميف‪ ،‬فيي مكمفة كسا ىػ مكمف‪ ،‬وفي التذخيف‪ ،‬ىي مذخفة كسا ىػ مذخؼ‪ ،‬وفي السدؤولية ىي‬

‫مدؤولة كسا ىػ مدؤوؿ‪ ،‬لحلظ الشبي عميو الربلة والدبلـ فيسا تخوؼ بعس الخوايات حيشسا فتح مكة دعي لبعس‬

‫بيػتاتيا‪ ،‬فقاؿ< انربػا لي خيسة عشج قبخ خجيجة‪ ،‬مغ خجيجة ؟ زوجتو األولى‪ ،‬ويخوػ أنو نرب الخاية أماـ قبخىا‬

‫ليذعخ الشاس جسيعاً أف ىحا الفتح السبيغ ليا جدء كبيخ مغ الفزل فيو‪ ،‬كانت رضي هللا عشيا سشجه مغ الجاخل‪،‬‬

‫فمحلظ أشار الشبي إلى فزميا‪ ،‬وما تتستع بو مغ حخص لشجاح الجعػة‪ ،‬لحلظ أشعخ الشاس أف ليحه الس أخة العطيسة‬

‫التي كانت عشج الشبي عميو الربلة والدبلـ‪ ،‬والتي عاش معيا ربع قخف كاف ليا فزل كبيخ حتى في ىحا الفتح‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪235‬‬


‫السبيغ‪.‬‬

‫﴿ كَلي َّؽ ِم ْثل َّال ِحي عَمي ِي َّؽ ِباْلسعخ ِ‬


‫كؼ َكِل ِّمخ َج ِ‬
‫اؿ َعَمْي ِي َّؽ َدَر َجةٌ﴾‬ ‫َ ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫أما قػلو تعالى<‬

‫الخجاؿ َق َّؾامؾ َف عَمى الِّشد ِ‬


‫ا ً﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ِّ َ ُ ُ‬

‫(سػرة الشداء)‬

‫َقػامػف جسع َقػاـ‪َ ،‬قػاـ صيغة مبالغة اسع الفاعل‪ ،‬شجيج القياـ‪ ،‬يفيسيا بعس الشاس أف قػامة الخجل سيصخة‪،‬‬

‫وعشجيية‪ ،‬واستعبلء‪ ،‬واستبجاد‪ ،‬وتعدف‪ ،‬ال‪ ،‬أبجاً‪ ،‬بل قػامة الخجل جيج كبيخ في داخل البيت وخارجو‪ ،‬متابعة‬

‫لؤلمػر‪ ،‬ترحيح لمسدار‪ ،‬ترػيب لؤلخصاء‪ ،‬ىحه قػامة الخجل‪ ،‬فاهلل سبحانو وتعالى أناط مدؤولية األسخة بالخجل‪،‬‬

‫ألنو بحدب تكػيشو الفكخؼ والجدسي واالجتساعي والشفدي‪ ،‬لعمو أقجر عمى قيادة ىحا السخكب مغ الدوجة‪ ،‬فمحلظ‬

‫حيشسا يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫الخجاؿ َق َّؾامؾ َف عَمى الِّشد ِ‬


‫ا ً﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ِّ َ ُ ُ‬

‫بسعشى أنيع يتحسمػف مدؤولية سبلمة‪ ،‬ونسػ ىحه األسخة‪.‬‬

‫بل‪ ،‬ويشبغي أف يقػؿ الدوج< لدت خي ًاخ مغ‬


‫أذكخ أف سيجنا عسخ مخة قاؿ< لدت خي ًاخ مغ أحجكع‪ ،‬ولكششي أثقمكع حس ً‬

‫واحج مغ أسختي‪ ،‬ولكششي أثقميع حسبلً‪ ،‬ىحا معشى قػامة الدوج<‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪236‬‬


‫َم َؾ ِال ِي ْؼ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ِسا أَْن َفُقؾا م ْؽ أ ْ‬
‫ض َكب َ‬ ‫امؾ َف َعَمى الّش َدا ً ب َسا َف َّز َل َّ ُ‬
‫َّللا َب ْع َز ُي ْؼ َعَمى َب ْع ٍ‬ ‫اؿ َق َّؾ ُ‬ ‫﴿ ِّ‬
‫الخ َج ُ‬

‫فيي تكميف‪ ،‬وليدت تذخ ًيفا‪ ،‬ىي إشخاؼ‪ ،‬وخجمة‪ ،‬وحخص‪ ،‬ودأب‪ ،‬وجيج‪ ،‬وسعي‪ ،‬وليدت استعبلء وغصخسة‪،‬‬

‫وتحكساً‪ ،‬وتعدفاً‪ ،‬واستبجاداً‪.‬‬

‫آية أخخػ تشطع العبلقة والدعادة الدوجية‪ ،‬ىحه السخأة الرالحة التي قاؿ عشيا هللا في بعس األدعية< } َرب ََّشا ِآت َشا‬

‫الش ِار {‪ ،‬قالػا< حدشة الجنيا السخأة الرالحة‪ ،‬التي إذا نطخت إلييا‬ ‫ِِ‬ ‫ِفي ُّ‬
‫الج ْنًيا َح َد َش ًة َوِفي اآلخ َخة َح َد َش ًة َوِق َشا َع َ‬
‫حاب َّ‬

‫سختظ‪ ،‬وإذا غبت عشيا حفطتظ‪ ،‬وإذا أمختيا أشاعتظ‪ ،‬السخأة الرالحة شيء ال يقجر بثسغ‪ ،‬ىي سبب سعادة‬

‫زوجيا وأوالدىا‪ ،‬ألع أقل لكع في الحمقة الدابقة< يقػؿ الشبي عميو الربلة والدبلـ<‬

‫(( اعمسي أيتيا السخأة‪ ،‬كأعمسي مؽ دكنػ مؽ الشدا ً أف حدؽ تبعل السخأة زكجيا يعجؿ الجياد في سبيل هللا ))‬

‫[ورد في األثخ]‬

‫أليدت العبادة بالسفيػـ الػاسع أف تعبج هللا فيسا أقامظ ؟ إف أقامظ أييا الخجل غشياً فالعبادة األولى إنفاؽ الساؿ‪،‬‬

‫ِ‬
‫أقامظ امخأة فالعبادة‬ ‫وإف أقامظ عالسًا فالعبادة األولى تعميع العمع‪ ،‬وإف أقامظ قػيًا فالعبادة إنراؼ الزعيف‪ ،‬وإف‬

‫األولى حدغ رعاية زوجظ وأوالدؾ‪.‬‬

‫َّللا﴾‬
‫ظ َّ ُ‬‫ات ِلْم َغْي ِب ِب َسا َح ِف َ‬
‫غ ٌ‬ ‫ات َق ِان َت ٌ‬
‫ات َح ِاف َ‬ ‫الر ِال َح ُ‬
‫﴿ َف َّ‬

‫(سػرة الشداء)‬

‫السخأة الرالحة تحفع نفديا وفق مشيج هللا‪ ،‬ال وفق مداجيا وترػراتيا الزعيفة‪ ،‬ما خبل رجل بامخأة إال كاف‬

‫الذيصاف ثالثيسا‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪237‬‬


‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬بقيت آية مغ آيات هللا التي تشطع العبلقة بيغ الدوجيغ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل<‬

‫ات َبْيِش ُك ْؼ﴾‬


‫َصِم ُحؾا َذ َ‬ ‫﴿ َف َّاتُقؾا َّ َ‬
‫َّللا َكأ ْ‬

‫(سػرة األنفاؿ)‬

‫ىحه اآلية تفيع عمى مدتػيات ثبلثة<‬

‫ال< أف أصمح عبلقتظ مع هللا‪ ،‬فإف صمحت عبلقتظ معو صمح معظ كل شيء‪ ،‬حتى إف بعس العارفيغ يقػؿ<‬
‫أو ً‬

‫إني أعخؼ مقامي عشج ربي مغ أخبلؽ زوجتي‪ ،‬إذا كانت عبلقتو باهلل قػية يميع هللا الدوجة أف تشراع لو‪،‬‬

‫وتعتشي بو‪ ،‬وتحبو وتكػف في خجمتو‪ ،‬أعخؼ مقامي عشج ربي مغ أخبلؽ زوجتي‪.‬‬

‫ات َبْيِش ُك ْؼ﴾‬


‫َصِم ُحؾا َذ َ‬ ‫﴿ َف َّاتُقؾا َّ َ‬
‫َّللا َكأ ْ‬

‫أنت حيشسا تصبق مشيج هللا عد وجل تكػف كبي اًخ في نطخ زوجتظ‪ ،‬وذا ىيبة كبيخة‪ ،‬وعشجئح تشراع لظ‪ ،‬وتتػدد‬

‫إليظ‪ ،‬وتتقخب مشظ‪ ،‬وأصمحػا العبلقة بيشكع وبيغ جية أخخػ‪ ،‬وىل مغ جية أقخب إليكع مغ زوجاتكع ؟ أؼ‬

‫أصمحػا العبلقة يغ الدوجيغ‪ ،‬والخصأ يرحح‪ ،‬ماداـ اإلنداف حيِّا يخزؽ‪ ،‬وماداـ القمب يشبس فكل شيء يرحح‪،‬‬

‫الخصأ يرحح‪ ،‬يسكغ أف نعتحر‪ ،‬أف نقجـ ىجية‪.‬‬

‫َصِم ُحؾا َذا َت َبْيِش ُك ْؼ﴾‬ ‫﴿ َف َّاتُقؾا َّ َ‬


‫َّللا َكأ ْ‬

‫والسعشى الثالث< يشبغي أف ترمح العبلقة بيغ كل اثشيغ‪ ،‬مع هللا أوالً‪ ،‬فإف صمحت عبلقتظ مع هللا صمح معظ كل‬

‫شيء‪ " ،‬ابغ آدـ‪ ،‬اشمبشي تججني‪ ،‬فإذا وججتشي وججت كل شيء‪ ،‬ابغ آدـ‪ ،‬كغ لي كسا أريج أكغ لظ كسا تخيج‪،‬‬

‫ابغ آدـ‪ ،‬كغ لي كسا أريج‪ ،‬وال تعمسشي بسا يرمحظ‪ ،‬نرمح عبلقتشا مع هللا أوالً‪ ،‬ثع مع زوجاتشا ثانياً‪ ،‬ونرمح أية‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪238‬‬


‫عبلقة بيغ اثشيغ ثالثًا‪ ،‬ىحه آية أخخػ تشتطع العبلقة الدوجية‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬ىشاؾ بعس القػاعج االجتساعية مغ شأنيا أف تجيع الحب بيغ الدوجيغ‪ ،‬وأف تجيع ح اخرة العبلقة‬

‫بيغ الدوجيغ‪ ،‬وأف تجيع الػد بيشيع والخحسة‪ ،‬وكميا مدتشبصة مغ نرػص الكتاب والدشة‪ ،‬إما مباشخة‪ ،‬أو بذكل‬

‫غيخ مباشخ‪.‬‬

‫فمع ال تعبخ عغ ىحا الحب ؟ ألع يقل الشبي ألحج الرحابة< ىل أعمستو أنظ‬
‫أييا اإلخػة‪ ،‬إف كشت تحب زوجتظ َ‬

‫تحبو ؟ قاؿ< ال‪ ،‬قاؿ< أعمسو‪.‬‬

‫َمغ أولى الشاس أف تعبخ ليا عغ حبظ ؟ حيشسا تعبخ لدوجتظ عغ محبتظ فيحا سبب مغ أسباب الدعادة الدوجية‪،‬‬

‫ويجيع الحب بيغ الدوجيغ‪ ،‬وح اخرة المقاء بيشيسا‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬أف تثشي عمى عسميا كسا قمت في الجرس الدابق‪ ،‬بيتيا نطيف‪ ،‬شعاميا شيب‪ ،‬مطيخىا أنيق‪ ،‬أوالدىا‬

‫مختَّبػف‪ ،‬ىحه اإلنجازات التي تفعميا يشبغي أف تخػ صجاىا عشجؾ‪ ،‬فحيشسا تثشي عمى ما عشجىا‪ ،‬عمى عسميا‪،‬‬

‫واىتساميا‪ ،‬فيحا يجيع الدعادة الدوجية‪ ،‬وقج ورد في بعس األحاديث أف مغ سعادة السخء أف تكػف زوجتو صالحة‪،‬‬

‫وأوالده أبخًارا‪ ،‬ورزقو في بمجه‪ ،‬ومشدلو واسعاً‪ ،‬ومخكبو وشيئاً‪.‬‬

‫شيء آخخ‪ ،‬أف تجمذ معيا‪ ،‬وتشرت إلييا‪ ،‬وتدأليا عغ يػميا‪ ،‬ىحا اىتساـ بيا‪ ،‬في أياـ الخصبة قج تدتسخ‬

‫السكالسة ست ساعات بعج حيغ مغ الدواج ال يشصق وال بكمسة‪ ،‬وال يتكمع‪ ،‬وال تتكمع ىي‪ ،‬ما ىحه القصيعة ؟ يشبغي‬

‫أف تجمذ معيا‪ ،‬وتشرت إلييا دوف أف تتذاغل بسجمة أو جخيجة‪ ،‬أف تعصييا مغ اىتسامظ‪ ،‬وتقبل عمييا‪ ،‬وتدأليا‬

‫عغ يػميا‪ ،‬ع ّسا حجث ليا‪ ،‬عغ شؤونيا‪ ،‬عغ إنجازاتيا‪ ،‬ىحا يعشي أنظ ميتع بيا حتى تيتع بظ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪239‬‬


‫اف‬ ‫ِ‬ ‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬كاف عميو الربلة والدبلـ في ميشة أىمو يخجميع‪ ،‬فع ْغ ْاأل ِ‬
‫اؿ< َسأَْل ُت َعائ َذ َة< َما َك َ‬
‫َس َػد َق َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫ر َش ُع ِفي َب ْيِت ِو ؟ َقاَل ْت<‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬


‫َّللاُ َعَم ْيو َو َسم َع َي ْ‬
‫َِّ‬
‫الشب ُّي َ‬

‫الر َال ِة ))‬ ‫َىِم ِو‪َ ،‬فِإ َذا َح َزَخ ْت َّ‬ ‫(( َكاف ي ُكؾ ُف ِفي ِميَش ِة أ ِ‬
‫الر َال ُة َخَخ َج ِإَلى َّ‬ ‫َىِمو‪َ ،‬ت ْعِشي ِخ ْج َم َة أ ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬

‫[البخارؼ]‬

‫أحياناً إف رأيتيا مذغػلة‪ ،‬أو مخيزة‪ ،‬أو متعبة فحاوؿ أف تعيشيا عمى أعباء السشدؿ‪ ،‬وأف تقجـ ليا شيئاً‪ ،‬وتأتييا‬

‫بصعاـ جاىد‪ ،‬وتعفييا مغ بعس السيسات‪ ،‬ىحا يؤكج الػد بيشكسا‪ ،‬وىحا أيزًا مغ سشغ الشبي عميو الربلة‬

‫والدبلـ‪.‬‬

‫أنا أقػؿ لكع أييا اإلخػة< إف ضغط العسل‪ ،‬وضغط عسل السشدؿ‪ ،‬والحياة الختيبة‪ ،‬والزغػط الشفدية الذجيجة‪ ،‬ىحه‬

‫تفزي إلى تػتخ شجيج‪ ،‬الشدىة السشزبصة وفق مشيج هللا أساسية في تججيج الشذاط‪ ،‬وتستيغ العبلقات‪ ،‬ال تشدى أف‬

‫تأخح أىمظ إلى ندىة مغ حيغ آلخخ‪ ،‬عمى أف تكػف الشدىة مشزبصة‪ ،‬ىحا أيزاً مغ أسذ العبلقة الدوجية‪.‬‬

‫ما الحؼ يسشع أف تترل بيا م اخ ًار‪ ،‬وأنت في عسمظ كي تصسئغ عشيا ؟ أف تترل بيا ىحا يذعخ أنظ تحبيا‪ ،‬وىي‬

‫في بالظ‪ ،‬وأنظ تحبيا‪ ،‬فاترالظ الياتفي مغ خبلؿ عسمظ بيا تدأليا عغ أحػاليا‪ ،‬تعمسيا ببعس األفكار‬

‫والحاالت‪ ،‬ىحا جدء مغ حدغ العبلقة بيغ الدوجيغ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬إذا كشت سػؼ تتأخخ فيشبغي أف تعمسيا عغ شخيق اتراؿ ىاتفي‪ ،‬أما أف تشتطخ‪ ،‬وتشتطخ إلى بعج‬

‫مشترف الميل‪ ،‬وقج تكػف معحو ًار‪ ،‬لكغ االتراالت اآلف جيجة ججًا‪ ،‬فيحا الحؼ ال يكمف نفدو أف يترل بدوجتو‬

‫كي يعمسيا أنو متأخخ فيحه حالة َم َخضية تدبب عجـ السباالة بيغ الدوجيغ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪240‬‬


‫أييا اإلخػة الكخاـ‪ ،‬ىحا مغ بعس ما تقتزيو الحكسة التي قاؿ هللا عد وجل عشيا<‬

‫﴿ َك َم ْؽ ُي ْؤ َت اْل ِح ْك َس َة َفَق ْج أُكِتي َخْي اًخ َكِثي ًاخ﴾‬


‫َ‬

‫(سػرة البقخة)‬

‫أعػد وأقػؿ< أنت بالحكسة التي ييبيا هللا لظ كسكافأة عمى إيسانظ بو‪ ،‬وشاعتظ لو قج تدعج بدوجة مغ الجرجة‬

‫الخامدة‪ ،‬ومغ دوف حكسة قج تذقى بدوجة مغ الجرجة األولى‪.‬‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬مغ ىحه القػاعج االجتساعية إذا سافخت خارج البمجة فيشبغي أف تترل بيا‪ ،‬وتخبخىا عغ رقع ىاتفظ‪،‬‬

‫وأنظ وصمت بالدبلمة‪ ،‬وتتيح ليا أف تترل بظ‪ ،‬ىحا شيء مغ الػد بيغ الدوجيغ‪ ،‬ىي تحب مغ ييتع بيا‪ ،‬ويدأؿ‬

‫خصيخ في حياتظ‪ ،‬وأف الحياة مغ‬


‫ًا‬ ‫دور‬
‫عشيا‪ ،‬بل إنظ إف سافخت بعيجًا فيشبغي أف تخبخىا أنظ تفتقجىا‪ ،‬وأف ليا ًا‬

‫دونيا ال تصاؽ‪ ،‬ىحا مغ حكسة الدوج‪.‬‬

‫بل كسا عمسشا الشبي عميو الربلة والدبلـ أنو ال تجخل إلى بيتظ مغ بعج سفخ إال بعج أف تعمسيا عغ مػعج قجومظ‬

‫كي تييئ نفديا‪.‬‬

‫الشبي عميو الربلة والدبلـ حيشسا يكػف في الغدوات ال يأتي أزواجو مباشخة‪ ،‬يقيع خارج السجيشة يػمًا‪ ،‬وي ِ‬
‫عمع مغ‬‫ُ‬

‫في السجيشة أنيع قج حزخوا‪ ،‬ىحا مغ حكسة الدوج‪ ،‬ال تفاجئ زوجتظ بجخػؿ البيت عقب سفخ شػيل‪ ،‬البج أف‬

‫تعمسيا مدبقاً عغ مػعج قجومظ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪241‬‬


‫أييا اإلخػة‪ ،‬تعاشف مع مذاعخىا‪ ،‬إنو بجت متعبة‪ ،‬أو شعخت بالزيق‪ ،‬فالكمسة الصيبة صجقة‪ ،‬حيشسا تتعاشف‬

‫مع مذاعخىا في حاؿ الزجخ فيحا التعاشف ىػ العبلج والحل‪ ،‬والحؼ يستز ضجخىا‪ ،‬وقمقيا‪ ،‬وتبخميا‪ ،‬ثع إنظ‬

‫اؿ<‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫فع ْغ أَِبي ُى َخْي َخَة َع ِغ َِّ‬


‫َّللا َعَم ْيو َو َسم َع َق َ‬ ‫الشب ِّي َ‬ ‫إف فاجأتيا بيجية مغ حيغ إلى آخخ فيحا جيج‪َ ،‬‬

‫(( َت َي َاد ْكا‪َ ،‬فِإ َّف اْل َي ِجَّي َة ُت ْح ِى ُب َك َحَخ َّ‬


‫الر ْج ِر‪)) ...‬‬

‫(سشغ التخمحؼ)‬

‫َّللا َعَم ْي ِو‬


‫صَّمى َّ‬ ‫َّللاِ اْلخخاس ِان ِي َقاؿ< َقاؿ رسػؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فيي رسالة محبة ورمد السػدة‪ ،‬فعغ ع َ ِ‬
‫صاء ْب ِغ أَبي ُم ْدم ٍع َع ْبج َّ ُ َ َ ّ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َْ َ‬

‫َو َسَّم َع<‬

‫ا ً ))‬ ‫(( َت َرا َف ُحؾا َي ْح َى ِب اْل ِغ ُّل‪َ ،‬كَت َي َاد ْكا َت َح ُّابؾا‪َ ،‬كَت ْح َى ِب َّ‬
‫الذ ْحَش ُ‬

‫(مػشأ مالظ)‬

‫ليذ القرج أف تكػف اليجية ثسيشة‪ ،‬بل أف تكػف معبخة‪ ،‬ليذ غيخ‪ ،‬فسغ حيغ إلى آخخ ال َ‬
‫تشذ أف تقجـ ليا ىجية‪،‬‬

‫ليدت البصػلة أف تبمغ القسة‪ ،‬بل أف تبقى في القسة‪ ،‬ليدت البصػلة أف تتدوج‪ ،‬بل أف يبقى الدواج ناجحاً‪ ،‬ليذ‬

‫البصػلة أف تحب زوجتظ في أياـ الخصبة‪ ،‬بل أف يجوـ ىحا الحب‪ ،‬ويتشامى بعج العخس‪ ،‬وأف يكػف خصظ البياني‬

‫صاعجاً‪ ،‬ال أف يكػف نازالً‪ ،‬ففاجئيا بيجايا صغيخة مغ حيغ آلخخ‪ ،‬فإف اليجية كسا قاؿ عميو الربلة والدبلـ<‬

‫(( ت ْح َى ِب اْل ِغ ُّل ))‬

‫ا ً ))‬ ‫(( َكَت َي َاد ْكا َت َح ُّابؾا َكَت ْح َى ِب َّ‬


‫الذ ْحَش ُ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪242‬‬


‫إذا كانت مخيزة اسأليا عغ حاليا‪ ،‬تفقج شأنيا‪ ،‬واسأليا عغ تصػر السخض‪ ،‬وعغ األدوية التي تأخحىا‪ ،‬حاوؿ أف‬

‫تحكخىا بأوقات األدوية‪ ،‬ىحا اىتساـ مشظ بيا‪ ،‬أما إذا جخحت مذاعخىا فسا الحؼ يسشع أف تعتحر ليا ؟ وتقػؿ ليا<‬

‫سامحيشي لقج أخصأت معظ‪ ،‬فيحه كمسة تشدييا كل األلع والزجخ‪ ،‬فمحلظ<‬

‫﴿ ُي ْؤِتي اْل ِح ْكس َة م ْؽ َي َذا ً َكم ْؽ ُي ْؤ َت اْل ِح ْكس َة َفَق ْج أُكِتي َخْي ًاخ َكِثي ًاخ َكما َي َّح َّكُخ ِإََّّل أُكُلؾ ْاألَ ْلَب ِ‬
‫اب (;‪﴾)48‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬

‫أييا اإلخػة‪ ،‬حيشسا تشجح في إسعاد زوجتظ وتخبية أوالدؾ تدتصيع مػاجية السذكبلت الخارجية‪ ،‬كشت أقػؿ دائساً<‬

‫لػ بمغت أعمى مشرب في العالع‪ ،‬وجسعت أغمى ثخوة في األرض‪ ،‬ولع يكغ بيتظ كسا تتسشى فأنت أشقى الشاس‪،‬‬

‫أما إذا كشت سعيجاً في بيتظ فكل شيء ييػف‪.‬‬

‫أرجػ هللا سبحانو وتعالى أف نشتفع بيحا الشيج السحسجؼ الدميع في زواجشا وبيػتشا‪ ،‬وفي عبلقتشا مع زوجاتشا‪ ،‬وتخبية‬

‫أوالدنا‪ ،‬وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى‪ ،‬والدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪243‬‬


‫الجرس (‪ < )09-09‬إضا ًة قخآنية لسا بعج أحجاث ‪4110‬‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬

‫إضا ًات قخآنية <‬

‫الحسج هلل رب العالسيغ ‪ ،‬والربلة والدبلـ عمى سيجنا دمحم الرادؽ الػعج األميغ وعمى آلو وصحبو أجسعيغ ‪.‬‬

‫أعدائي السؤمشيغ ؛ الدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو ‪ ،‬إف محػر ىحا المقاء الصيب ػ إف شاء هللا ػ إضاءة قخآنية لسا‬

‫حجث ‪ ،‬فالعبخة أييا اإلخػة ال أف نأخح عمع بسا حجث ‪ ،‬ولكغ العبخة أف نفيع الحؼ حجث فيسًا عمسياً ‪ ،‬ولعل مغ‬

‫أبدط تعخيفات العمع الػصف السصابق لمػاقع مع الجليل ‪ ،‬فسا أكثخ التحميبلت والتفديخات لؤلحجاث الكبخػ التي‬

‫نذيجىا اليػـ ‪ ،‬لكغ البصػلة أف نسمظ التفديخ الرحيح ‪ ،‬والتفديخ العمسي السصابق لمػاقع ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ؛ لػ أف إنداناً يخكب مخكب ًة ‪ ،‬وفي لػحة البيانات تألق ضػء أحسخ ‪ ،‬تألق أو لع يتألق ليدت‬

‫ىي السذكمة ‪ ،‬إنو تألق ‪ ،‬ولقج رأػ راكب السخكبة ُّ‬


‫تألَقو رأؼ العيغ ‪ ،‬ولكغ لساذا تألق ىحا الزػء ؟ إف فيسو أنو‬

‫ضػء تدييشي فقج أحخؽ السحخؾ ‪ ،‬وسػؼ يجفع مبالغ شائمة ‪ ،‬وسػؼ تتعصل الخحمة ‪ ،‬وسػؼ يزيع اليجؼ ‪ ،‬أما‬

‫إف فيسو أنو ضػء تححيخؼ أوقف السخكبة ‪ ،‬وأضاؼ الديت ‪ ،‬وتابع الخحمة ‪ ،‬وحقق اليجؼ ‪.‬‬

‫ىل العبخة أف آخح عمساً بالحؼ حجث ؟ أـ أف أفيع لساذا حجث الحؼ حجث ‪ ،‬وما التفديخ الرحيح العمسي لسا‬

‫حجث ؟‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ؛ األحجاث تتخػ ‪ ،‬وتتابع ‪ ،‬ولكغ البصػلة أف نفيسيا فيسًا عمسيًا صحيحًا ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪244‬‬


‫التفديخ الرحيح لألحجاث الجارية مؽ خالؿ القخآف <‬

‫الدؤاؿ اآلف < َمغ ىي الجية التي تسمظ التفديخ الرحيح ؟ إنيا الجية الرانعة ‪ ،‬ألف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ<‬

‫﴿ َكََّل ُيَشِّبُئ َػ ِم ْث ُل َخِب ٍ‬


‫يخ ﴾‬

‫[ سػرة فاشخ اآلية < ‪]06‬‬

‫قج تدتسع إلى آالؼ التفديخات ‪ ،‬وإلى عذخات التحميبلت ‪ ،‬ولكغ يشبغي أف تعتسج التفديخ الحؼ جاء بو الػحياف‬

‫الكتاب والدشة ‪ ،‬أنت حيشسا تعالج آل ًة ‪ ،‬وتبحث عغ خرائريا قج تريب ‪ ،‬وقج تخصئ ‪ ،‬وفي أغمب األحياف‬

‫تخصئ ‪ ،‬أما حيشسا تدأؿ مختخعيا ‪ ،‬عغ دقائقيا ‪ ،‬وعغ تفاصيميا ‪ ،‬ففي األعع األغمب أنظ ال تخصئ ‪ ،‬ألف‬

‫الػحي ال يأتيو الباشل مغ بيغ يجيو وال مغ خمفو ‪.‬‬

‫أوالً < اإللو الحؼ خمقشا ىل يتػىع الستػىسػف أنو خبلؽ ‪ ،‬وليذ فعاالً ‪ ،‬أـ أنو إلو عطيع خبلّؽ ّ‬
‫وفعاؿ ‪ ،‬قاؿ‬

‫تعالى<‬

‫ض ِإَلوٌ ﴾‬ ‫الدس ِ‬
‫ا ً ِإَل ٌو َكِفي ْاألَْر ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫﴿ َك ُى َؾ الحي في َّ َ‬

‫[ سػرة الدخخؼ اآلية < ‪] :6‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫﴿ َما َل ُي ْؼ م ْؽ ُدكِنو م ْؽ َكِل ٍّي َكََّل ُي ْذ ِخ ُؾ في ُح ْكسو أ َ‬
‫َحجاً ﴾‬

‫[ سػرة الكيف اآلية < ‪]78‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪245‬‬


‫اعُب ْج ُه َكَت َؾَّك ْل َعَمْي ِو ﴾‬
‫َمُخ ُكُّم ُو َف ْ‬
‫ِ‬
‫﴿ َكِإَلْيو ُيْخ َج ُع ْاأل ْ‬

‫[ سػرة ىػد اآلية < ‪] 075‬‬

‫الدساك ِ‬
‫ات َك ْاألَْر ِ‬
‫ض﴾‬ ‫﴿ َل ُو َمَق ِال ُ‬
‫يج َّ َ َ‬

‫[ سػرة الدمخ اآلية < ‪] 85‬‬

‫ِ‬ ‫َّللا َخ ِال ُ ِ‬


‫ق ُك ّل َش ْي ٍ ً َك ُى َؾ َعَمى ُك ّل َش ْي ٍ ً َكِك ٌ‬
‫يل ﴾‬ ‫﴿ َّ ُ‬

‫[ سػرة الدمخ اآلية < ‪] 87‬‬

‫َمُخ ﴾‬
‫ق َك ْاأل ْ‬
‫﴿ َل ُو اْل َخْم ُ‬

‫[ سػرة األعخاؼ اآلية < ‪] 76‬‬

‫اس ِم ْؽ َر ْح َس ٍة َف َال ُم ْس ِد َػ َل َيا َك َما ُي ْس ِد ْػ َف َال ُمْخِس َل َل ُو ِم ْؽ َب ْع ِج ِه ﴾‬


‫َّللا ِل َّمش ِ‬
‫﴿ َما َي ْف َت ِح َّ ُ‬

‫[ سػرة فاشخ اآلية < ‪] 7‬‬

‫حيشسا تؤمغ كسا يؤمغ بعس الذارديغ عغ هللا أف هللا خبلؽ ‪ ،‬وليذ فعاالً تقع في متاىة كبيخة ‪ ،‬أما حيشسا تؤمغ‬

‫وفعاؿ ‪ ،‬يفعل ما يخيج بيجه ‪ ،‬كل شيء ىػ الحؼ يعصي ‪ ،‬وىػ الحؼ يسشع ‪ ،‬ىػ الحؼ يخفع ‪ ،‬وىػ‬
‫أف هللا خبلّؽ ‪ّ ،‬‬

‫الحؼ يخفس ىػ الحؼ يعد ىػ الحؼ يحؿ ‪ ،‬حيشسا تؤمغ أف هللا فعاؿ عشجئح يشعقج األمل عمى هللا عد وجل ‪،‬‬

‫عشجئح تدتجيب ألمخ هللا ‪ ،‬عشجئح ترصمح معو ‪ ،‬عشجئح تتػكل عميو ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪246‬‬


‫أييا اإلخػة الكخاـ ؛ يسكغ أف ندتشبط مغ ىحه السقجمة أف كل شيء وقع أراده هللا ‪ ،‬ألنو ال يعقل ‪ ،‬وال يقبل أف‬

‫يقع في ممظ هللا ما ال يخيج ‪ ،‬ال يسكغ أف يقع في ممظ هللا إال الحؼ يخيج ‪ ،‬ندتشبط مغ ىحه الحقيقة التي تتشاسب‬

‫مع أسساء هللا الحدشى ‪ ،‬ومع صفاتو العميا أف كل شيء وقع أراده هللا ‪ ،‬أراده ليذ معشى ىحا أنو أمخ بو ‪ ،‬وليذ‬

‫معشى ىحا أنو رضيو ‪ ،‬ولكغ أراده أؼ سسح بو ‪ ،‬ألف اإلنداف في األصل مخيخ ‪ ،‬وال يعقل أف يغيخ هللا سبحانو‬

‫وتعالى ىػية اإلنداف فيشقمو مغ االختيار إلى االضصخار ‪.‬‬

‫جيء بخجل إلى سيجنا عسخ رضي هللا عشو ‪ ،‬ىحا الخجل شارب خسخ ‪ ،‬فقاؿ الخميفة سيجنا < عسخ أقيسػا عميو‬

‫قجر عمي ذلظ ‪ ،‬فقاؿ < أقيسػا عميو الحج مختيغ ‪ ،‬مخًة ألنو شخب‬
‫الحج ‪ ،‬قاؿ < وهللا يا أميخ السؤمشيغ ‪ ،‬إف هللا ّ‬
‫ّ‬
‫الخسخ ‪ ،‬ومخًة ألنو افتخػ عمى هللا ‪ ،‬قاؿ < ويحظ يا ىحا ‪ ،‬إف قزاء هللا لع يخخجظ مغ االختيار إلى االضصخار ‪.‬‬

‫إذًا كل شيء وقع أراده هللا ال يميق بإلػىية هللا عد وجل ‪ ،‬أف يقع في ممكو ما يخيج ‪ ،‬وكل شيء وقع أراده هللا ‪،‬‬

‫وإذا أراد هللا شيئاً وقع ‪ ،‬لكغ إرادة هللا متعمقة بالحكسة السصمقة ‪ ،‬وحكستو السصمقة متعمقة بالخيخ السصمق كيف ؟‬

‫اإلنداف أحياناً بدب ضغط شجيج قج يترخؼ ترخفاً غيخ حكيع ‪ ،‬أو بدبب إغخاء شجيج ‪ ،‬قج ال يكػف حكيساً في‬

‫أفعالو ‪ ،‬أو حيشسا يجيل حقيق ًة يترخؼ بخبلفيا ‪ ،‬ىل يميق بحات هللا العمية أف يترف بيحه الرفات ؟ مدتحيل‪،‬‬

‫إذا أراد هللا شيئاً وقع ‪ ،‬وإذا وقع الذيء فقج أراده هللا ‪ ،‬وإرادة هللا متعمقة بالحكسة السصمقة ‪ ،‬وحكستو السصمقة متعمقة‬

‫بالخيخ السصمق ‪ ،‬قاؿ تعالى <‬

‫ا ً ِبَي ِج َؾ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ا ً َكُتعُّد َم ْؽ َت َذ ُ‬
‫ا ً َكُتح ُّؿ َم ْؽ َت َذ ُ‬
‫ِ‬ ‫ا ً َكَتْش ِد ُ‬
‫ع اْل ُسْم َػ م َّس ْؽ َت َذ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫﴿ ُقل الم ُي َّؼ َمال َػ اْل ُسْمػ ُت ْؤتي اْل ُسْم َػ َم ْؽ َت َذ ُ‬

‫اْل َخْيُخ ِإَّن َػ َعَمى ُك ِّل َشي ٍ ً َق ِج ٌيخ ﴾‬


‫ْ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف اآلية < ‪] 78‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪247‬‬


‫لع يقل < بيجؾ الخيخ والذخ ‪ ،‬ألف الشبي عميو الربلة والدبلـ يقػؿ <‬

‫ذ ِإَلْي َػ ))‬ ‫(( َك َّ‬


‫الذُّخ َلْي َ‬

‫[أخخجو مدمع وأبػ داود والتخمحؼ والشدائي عغ عمي بغ أبي شالب رضي هللا عشو]‬

‫الذخ شبيعتو سمبية ‪ ،‬أف مخمػقًا كاإلنداف أودعت فيو الذيػات ‪ ،‬والذيػات يسكغ أف يخقى بيا إلى هللا مختيغ ‪،‬‬

‫يخقى بيا إلى هللا صاب اًخ ‪ ،‬ويخقى بيا إلى هللا شاك اًخ ‪ ،‬أودعت فيو الذيػات ‪ ،‬وأعصي عقبلً يجرؾ ‪ ،‬أعصي فصخًة ‪،‬‬

‫ثع أعصي مشيجاً ‪ ،‬فسا ىػ الذخ ؟ الذخ إنداف يشصمق بجافع مغ شيػاتو مغ دوف مشيج ‪ ،‬ومغ دوف تعقل فيقع‬

‫الذخ ‪.‬‬

‫الذخ مختز باإلنداف السخيخ ‪ ،‬الحؼ أودعت فيو الذيػات ‪ ،‬ليخقى بيا في األصل إلى رب األرض والدساوات‪،‬‬

‫فتحخؾ بجافع مشيا تحخكاً عذػائياً مغ دوف تعقل ‪ ،‬ومغ دوف مشيج يديخ عميو ‪ ،‬قاؿ تعالى <‬

‫َض ُّل ِم َّسؽ َّاتبع ىؾاه ِب َغي ِخ ىجى ِمؽ َّ ِ‬


‫َّللا ﴾‬ ‫﴿ َك َم ْؽ أ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ْ ًُ‬

‫[ سػرة القرز اآلية < ‪] 71‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ؛ حقيقة البج مغ تػضيحيا ‪ ،‬لػ أف إنداناً ػ ال سسح هللا ػ تمقى ضخب ًة بعرا ‪ ،‬إذا كاف عاقبلً‬

‫ىل يحقج عمى العرا ؟ إنيا أداة ‪ ،‬لكشو يشبغي أف يحقج عمى الزارب ‪ ،‬فإذا كاف الزارب ىػ هللا ‪ ،‬وهللا عد‬

‫وجل أسساؤه حدشى ‪ ،‬وصفاتو فزمى ‪ ،‬وأف الصغاة في األرض ىع عري بيج هللا ‪ ،‬ألع يقل هللا عد وجل في‬
‫ّ‬
‫معخض الحجيث عغ بعس أنبيائو <‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪248‬‬


‫اصَيِت َيا ِإ َّف َرّبِي‬
‫َخ ٌح ِبَش ِ‬
‫ِكؼ ما ِم ْؽ َد َّاب ٍة ِإََّّل ُىؾ آ ِ‬ ‫﴿ َف ِكيجكِني ج ِسيعًا ُث َّؼ ََّل ُتْش ِغخك ِف * ِإِّني َتؾَّكْمت عَمى َّ ِ‬
‫َ‬ ‫َّللا َرّبِي َكَرّب ُ ْ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫اط ُم ْد َت ِق ٍ‬
‫يؼ ﴾‬ ‫َعَمى ِصَخ ٍ‬

‫[ سػرة ىػد اآلية < ‪] 78-77‬‬

‫محكسة ‪ ،‬فعبلقة ىحا اإلنداف الزعيف مع الػحػش أـ‬ ‫إنيع وحػش كاسخة مخيفة مفتخسة ‪ ،‬لكشيا مخبػشة ِ‬
‫بأزَّمة َ‬

‫مع مغ يسمكيا ؟ الحقيقة أف عبلقتو مع مغ يسمكيا ‪ ،‬فإذا تمقى اإلنداف ضخب ًة قاسي ًة مغ جية أرضية فيشبغي إف‬

‫كانت عقيجتو صحيحة أف يعتقج يقيشاً أف هللا سسح بيحا السراب أف يحل بو لحكسة بالغة ‪ ،‬فبجؿ أف يحكع عمى‬

‫الزارب يخاجع نفدو ‪ ،‬الكخة في ممعبو ‪ ،‬ىشاؾ خمل في عبلقتو مع ربو ‪.‬‬

‫فاإلنداف حيشسا تحف بو السذكبلت ػ ال سسح هللا وال قجر ػ حيشسا يراب بسرائب كثيخة ‪ ،‬يشبغي أف يأخح ىحا‬

‫السػقف ‪ ،‬الحقيقة أف أىل الجنيا الذارديغ عغ هللا يفيسػف السرائب فيسًا قيخيًا ‪ ،‬يفيسػنيا فيسًا قيخياً ‪ ،‬أرضياً‬

‫شخكياً ‪ ،‬وىحا القيخ يشتيي بيع إلى اليأس ‪ ،‬وىحا القيخ يشتيي بيع إلى االستدبلـ ‪ ،‬وىحا القيخ يشتيي بيع إلى‬

‫الخشػع ‪ ،‬إلى الحؿ ‪ ،‬إلى االنبصاح ‪ ،‬أما إذا كاف السؤمغ مػحجًا ‪ ،‬وكاف تػحيجه قػيًا فبل يفيع ىحه السرائب فيساً‬

‫قيخياً شخكياً أرضياً ‪ ،‬بل يفيع ىحه السرائب فيساً تػحيجياً سساوياً ‪ ،‬فيو حكسة بالغة‪.‬‬

‫إذًا لسجخد أنظ تػحج ‪ ،‬لسجخد أنظ تعمع عمع اليقيغ أف كل شيء وقع أراده هللا ‪ ،‬وأف هللا سبحانو وتعالى ال يعقل ‪،‬‬

‫وال يقبل أف يدػؽ مريب ًة ببل سبب ‪ ،‬ومغ دوف حكسة ‪ ،‬قاؿ تعالى <‬

‫يخ ﴾‬ ‫َص َاب ُك ْؼ ِم ْؽ ُم ِر َيب ٍة َفِب َسا َك َدَب ْت أَْي ِج ُ‬


‫يك ْؼ َكَي ْع ُفؾ َع ْؽ َكِث ٍ‬ ‫﴿ َك َما أ َ‬

‫[ سػرة الذػرػ اآلية < ‪] 51‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪249‬‬


‫ما مغ عثخة ‪ ،‬وال اختبلج عخؽ ‪ ،‬وال خجش عػد إال بسا قجمت أيجيكع ‪ ،‬وما يغفخ هللا أكثخ ‪.‬‬

‫إذًا أنا حيشسا أفيع األحجاث الجداـ ‪ ،‬حيشسا أفيع السرائب الكبيخة فيسًا قيخيًا شخكيًا أرضيًا يجب أف يقػدني ىحا‬

‫الفيع إلى اليأس ‪ ،‬والزعف ‪ ،‬والتصامغ ‪ ،‬واالستدبلـ ‪ ،‬والخشػع ‪ ،‬واالنبصاح ‪ ،‬والحؿ ‪ ،‬أما حيشسا أفيع الحػادث‬

‫الكبيخة والسرائب الجميمة ‪ ،‬حيشسا أفيسيا فيساً تػحيجياً ‪ ،‬فيساً إلييًا ‪ ،‬فيسًا قخآنياً ال أحقج عمى أحج ‪ ،‬بل أراجع‬

‫نفدي ‪ ،‬ألف هللا عد وجل يقػؿ <‬

‫َمْش ُت ْؼ ﴾‬ ‫﴿ ما َي ْف َعل َّ ِ ِ ِ‬
‫َّللا ب َع َحاب ُك ْؼ إ ْف َش َكْخُت ْؼ َكآ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬

‫[ سػرة الشداء اآلية < ‪] 069‬‬

‫ألف هللا غشي عغ تعحيبشا ‪ ،‬قاؿ تعالى <‬

‫﴿ ِإََّّل َم ْؽ َر ِح َؼ َرُّب َػ َكِل َحِل َػ َخَمَق ُي ْؼ ﴾‬

‫[ سػرة ىػد اآلية < ;‪] 00‬‬

‫خمقيع ليخحسيع ‪ ،‬خمقيع ليدعجىع ‪ ،‬لكشيع خالفػا مشيج هللا عد وجل ‪ ،‬فجفعػا الثسغ ‪ ،‬ذلظ أنو ما مغ مذكمة عمى‬

‫وجو األرض إال بدبب خخوج عغ مشيج هللا ‪ ،‬وما مغ خخوج عغ مشيج هللا إال بدبب الجيل ‪ ،‬والجيل أعجػ‬

‫أعجاء اإلنداف ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪250‬‬


‫آية كخيسة أييا اإلخػة تحيخ العقػؿ ‪ ،‬يقػؿ هللا عد وجل <‬

‫َّللا ِلُي َع ِّحَب ُي ْؼ َكَأْن َت ِف ِ‬


‫يي ْؼ ﴾‬ ‫اف َّ ُ‬
‫﴿ َك َما َك َ‬

‫[ سػرة األنفاؿ اآلية < ‪] 55‬‬

‫في حياة الشبي ‪ e‬معشى اآلية ضاىخ ‪ ،‬ما داـ الشبي ملسو هيلع هللا ىلص بيغ ضيخاني أمتو فيع في مأمغ مغ عحاب هللا ‪ ،‬لكغ بعج‬

‫أف انتقل الشبي الكخيع ‪ e‬إلى الخفيق األعمى كيف نفيع اآلية ؟ قاؿ عمساء التفديخ < مادامت سشة الشبي ملسو هيلع هللا ىلص مصبقة‬

‫في حياتيع ‪ ،‬مصبقة في بيػتيع ‪ ،‬مصبق ًة في أعساليع ‪ ،‬مصبقة في كدب أمػاليع ‪ ،‬مصبقة في إنفاؽ أمػاليع ‪،‬‬

‫مصبق ًة في اختيار زوجاتيع ‪ ،‬مصبق ًة في تخبية أوالدىع ‪ ،‬فيحه الدشة السصبقة ىي أماف مغ عحاب هللا ‪ ،‬ألف هللا‬

‫سبحانو وتعالى ال يدػؽ عحاباً مغ دوف سبب ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب ؛ إذاً ندتشبط مغ ىحا أف األحجاث الجداـ إما أف نفيسيا فيساً تدميصياً ‪ ،‬وىحه كمسة قخآنية ‪.‬‬

‫َّللا َل َدَّم َ‬
‫ظ ُي ْؼ َعَمْي ُك ْؼ ﴾‬ ‫ا ً َّ ُ‬
‫﴿ َكَل ْؾ َش َ‬

‫[ سػرة الشداء اآلية < ‪] ;1‬‬

‫وإما أف نفيسيا فيساً تدميصياً لدبب فيشا ‪ ،‬لعمة فيشا ‪ ،‬النحخاؼ في سمػكشا ‪ ،‬لتفمت مغ مشيج ربشا ‪ ،‬لتقريخ في‬

‫أداء واجباتشا ‪ ،‬وإما أف نفيسيا فيسًا قيخيًا شخكيًا أرضيًا ‪ ،‬ىحا الفيع القيخؼ الذخكي األرضي يقػدنا إلى اليأس‬

‫والخشػع والحؿ ‪ ،‬لحلظ قاؿ تعالى <‬

‫ِ‬ ‫﴿ َف َال َت ْجع مع َّ ِ‬


‫َّللا ِإَليًا َآ َخَخ َف َت ُكؾ َف م َؽ اْل ُس َع َّحِب َ‬
‫يؽ ﴾‬ ‫ُ ََ‬

‫[ سػرة الذعخاء اآلية < ‪] 705‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪251‬‬


‫يعشي أف أحج أكبخ أسباب عحاب اإلنداف أف يذخؾ ‪ ،‬أف يخػ أف ىحه السريبة جاءتو مغ فبلف ‪ ،‬ألف هللا عد‬

‫وجل يقػؿ <‬

‫ِ ِ ِ‬
‫ُم ِ‬
‫ؾر ﴾‬ ‫اصِبْخ َعَمى َما أ َ‬
‫َص َاب َػ إ َّف َذل َػ م ْؽ َع ْدِـ ْاأل ُ‬ ‫﴿ َك ْ‬

‫[ سػرة لقساف اآلية < ‪] 09‬‬

‫قج أتي السراب بقزاء مغ هللا وقجر ‪ ،‬فيشبغي أف تربخ ‪ ،‬وىحا الربخ يحتاج إلى عديسة إيسانية قػية ‪ ،‬ولكغ‬

‫هللا يقػؿ في آية دقيقة <‬

‫ُم ِ‬
‫ؾر ﴾‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫﴿ َكَل َس ْؽ َصَبَخ َك َغ َفَخ إ َّف َذل َػ َلس ْؽ َع ْدِـ ْاأل ُ‬

‫[ سػرة الذػرػ اآلية < ‪] 65‬‬

‫أحيانًا يأتي القزاء والقجر عمى يج جية أرضية ‪ ،‬أنت يشبغي أف تعالج األمخ ‪ ،‬أف تجافع عغ نفدظ ‪ ،‬أف تشترخ‪،‬‬

‫أف تقزي عمى البغي والعجواف ‪ ،‬لكغ يشبغي أالّ تذعخ أنظ مقيػر ‪.‬‬

‫﴿ َكَل َس ْؽ َصَبَخ ﴾‬

‫عمى قزاء هللا وقجره ‪ ،‬ولع يحقج عمى مغ كاف ىحا القزاء بدببو ‪.‬‬

‫ُم ِ‬
‫ؾر ﴾‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫﴿ إ َّف َذل َػ َلس ْؽ َع ْدِـ األ ُ‬

‫والبلـ الـ التػكيج ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪252‬‬


‫أييا اإلخػة األحباب ؛ أعطع ما في اإليساف أف اإلنداف إذا ساؽ هللا لو مريب ًة يحاسب نفدو أشج الحداب ‪،‬‬

‫يخجع إلى سمػكو ‪ ،‬يخجع إلى مشيج ربو ‪ ،‬يخجع إلى تقريخه ‪ ،‬تػضع الكخة في ممعبو ‪ ،‬إف ىحا الفيع الجقيق‬

‫لمسرائب يخقى بشا إلى هللا عد وجل ‪ ،‬يجفعشا إلى التػبة ‪ ،‬يجفعشا إلى الصاعة ‪ ،‬يجفعشا إلى اإلنابة إلى هللا عد‬

‫وجل ‪ ،‬لحلظ قالػا < مغ لع تحجث السريبة في نفدو مػعط ًة فسريبتو في نفدو أكبخ ‪.‬‬

‫عشجئح حيشسا ال تحجث السريب ُة السريب َة في نفدو مػعطة فحلظ أف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ <‬

‫اب ْاألَ ْكَب ِخ َل َعَّم ُي ْؼ َيْخِج ُعؾ َف ﴾‬ ‫﴿ َكَلُش ِح َيقَّش ُيؼ ِم َؽ اْل َع َح ِ‬
‫اب ْاأل َْدَنى ُدك َف اْل َع َح ِ‬
‫ْ‬

‫[ سػرة الدججة اآلية < ‪] 70‬‬

‫بالسشصق الدميع ‪ ،‬بالفيع الرحيح ‪ ،‬باإليساف اليقيشي هللا عد وجل غشي عغ تعحيبشا ‪ ،‬أما إذا ساؽ لشا مغ الذجائج‬

‫ما ال ِقبل لشا بتحسمو معشى ذلظ أف ىشاؾ خمبل خصي اخ في عبلقتشا باهلل عد وجل ‪ ،‬وفي عبلقتشا بسغ حػلشا ‪ ،‬إذاً‬

‫نخجع إلى هللا ‪ ،‬ونتػب إليو حتى يخفع عشا العحاب ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪253‬‬


‫لكل عرخ فخعؾف <‬

‫لكل عرخ فخعػف ‪ ،‬وقج قاؿ هللا عد وجل <‬

‫ِ ِ‬ ‫ف َِ ِ‬
‫ا ً ُى ْؼ ِإَّنوُ‬
‫ا ً ُى ْؼ َكَي ْد َت ْحيي ن َد َ‬
‫ِ‬
‫طائ َف ًة مْش ُي ْؼ ُي َحّب ُح أَْبَش َ‬ ‫َىَم َيا ِشَيعًا َي ْد َت ْز ِع ُ‬ ‫﴿ ِإ َّف ِفْخ َع ْؾ َف َع َال ِفي ْاألَْر ِ‬
‫ض َك َج َع َل أ ْ‬

‫ِ‬ ‫اس ُت ْز ِع ُفؾا ِفي ْاألَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َك ِ‬


‫ض َكَن ْج َعَم ُي ْؼ أَئ َّس ًة َكَن ْج َعَم ُي ُؼ اْل َؾ ِارِث َ‬
‫يؽ *‬ ‫َف َن ُس َّؽ َعَمى َّالح َ‬
‫يؽ ْ‬ ‫يج أ ْ‬ ‫اف م َؽ اْل ُس ْف ِدج َ‬
‫يؽ * َكُن ِخ ُ‬ ‫َ‬

‫ؾد ُى َسا ِمْش ُي ْؼ َما َكاُنؾا َي ْح َحُرك َف ﴾‬


‫اف َك ُجُش َ‬
‫ام َ‬
‫ِ ِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َكُن َس ّك َؽ َل ُي ْؼ في ْاألَْرض َكُنخ َ فْخ َع ْؾ َف َك َى َ‬

‫[ سػرة القرز اآليات < ‪] 8 - 6‬‬

‫إذًا حتى السرائب التي نخاىا مؤلسة أشج األلع ىي في حقيقتيا نعسة باششة ‪ ،‬ىي في حقيقتيا تخبية إليية ‪ ،‬ىي‬

‫في حقيقتيا سػؽ لمعباد إلى دار هللا عد وجل ‪ ،‬ىي في حقيقتيا معالجة ربانية ‪ ،‬فاإلنداف عشجما تأتيو السريبة‬

‫يشبغي أف يتػب إلى هللا ‪ ،‬األصل أف تيتجؼ إليو بالبياف اإلليي ‪ ،‬بالذخح ‪ ،‬بالقخآف ‪ ،‬بالدشة ‪ ،‬بكمسة يمقييا عالع‬

‫جميل ‪ ،‬بكتاب إسبلمي تقخأه ‪ ،‬بذخيط تدسعو ‪ ،‬بشجوة تذاىجىا ‪ ،‬بحجيث تصالعو ‪ ،‬ىحا ىػ األصل ‪ ،‬أف تكػف‬

‫الجعػة بيانية ‪ ،‬وحيشسا تكػف الجعػة بيانية يشبغي أف تدتجيب ليا ‪ ،‬ألف هللا سبحانو وتعالى يقػؿ <‬

‫اك ْؼ ِل َسا ُي ْحِي ُ‬


‫يك ْؼ ﴾‬ ‫﴿ اس َت ِجيبؾا َِّ ِ‬
‫ّلِل َكِل َّمخس ِ‬
‫ؾؿ ِإ َذا َد َع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬

‫[ سػرة األنفاؿ اآلية < ‪] 76‬‬

‫يجعػكع لمحياة الحقيقية ‪ ،‬يجعػكع لمحياة التي تميق بكع ‪ ،‬يجعػكع لمحياة التي خمقتع مغ أجميا ‪ ،‬حياة القيع ‪ ،‬حياة‬

‫القمب ‪ ،‬حياة الخوح ‪ ،‬حياة الصاعة ‪ ،‬حياة الدسػ ‪ ،‬حياة العسل الرالح ‪ ،‬حياة العسل لآلخخة <‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪254‬‬


‫اك ْؼ ِل َسا ُي ْحِي ُ‬
‫يك ْؼ ﴾‬ ‫﴿ يا أَُّييا َّال ِحيؽ آَمُشؾا اس َت ِجيبؾا َِّ ِ‬
‫ّلِل َكِل َّمخس ِ‬
‫ؾؿ ِإ َذا َد َع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة األنفاؿ اآلية < ‪] 76‬‬

‫الس َّخة أفزل ألف َم ّ ٍخة مغ الػىع السخيح ‪ ،‬نحغ نعتقج كسا في القخآف الكخيع‬
‫أييا اإلخػة ؛ أقػؿ لكع دائسًا < الحقيقة ُ‬

‫في قػلو تعالى <‬

‫ُخ ِخ َج ْت ِل َّمش ِ‬
‫اس ﴾‬ ‫ُم ٍة أ ْ‬
‫﴿ ُكْش ُت ْؼ َخْيَخ أ َّ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف اآلية < ‪] 001‬‬

‫الحقيقة أف ىحه اآلية ليا عمة ‪ ،‬عمتيا يقػؿ هللا عد وجل <‬

‫اس َتأْمخك َف ِباْلسعخ ِ‬ ‫ِ‬


‫كؼ َكَتْش َي ْؾ َف َع ِؽ اْل ُسْش َك ِخ ﴾‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُخ ِخ َج ْت ل َّمش ِ ُ ُ‬
‫ُم ٍة أ ْ‬
‫﴿ ُكْش ُت ْؼ َخْيَخ أ َّ‬

‫[ سػرة آؿ عسخاف اآلية < ‪] 001‬‬

‫َّ‬
‫فعمةُ الخيخية اإليساف باهلل ‪ ،‬واألمخ بالسعخوؼ ‪ ،‬والشيي عغ السشكخ ‪ ،‬فإف ضعف إيسانشا ‪ ،‬إف ضعف تػحيجنا ‪،‬‬

‫إف ضعف أمخنا بالسعخوؼ ‪ ،‬إف ضعف أمخنا بالسشكخ ‪ ،‬إف أمخنا بالسشكخ ‪ ،‬ونييشا عغ السعخوؼ ‪ ،‬إذا كاف‬

‫السعخوؼ مشك ًاخ ‪ ،‬والسشكخ معخوفًا ‪ ،‬عشجئح البج مغ دفع الثسغ ‪ ،‬إذًا هللا عد وجل يشتطخ مشا أف ندتجيب لو‬

‫بجعػتو البيانية ‪ ،‬فإف لع ندتجب لو بجعػتو البيانية فبلبج مغ أف يخزعشا لمتأديب التخبػؼ <‬

‫اب ْاألَ ْكَب ِخ َل َعَّم ُي ْؼ َيْخِج ُعؾ َف ﴾‬ ‫﴿ َكَلُش ِح َيقَّش ُيؼ ِم َؽ اْل َع َح ِ‬
‫اب ْاأل َْدَنى ُدك َف اْل َع َح ِ‬
‫ْ‬

‫[ سػرة الدججة اآلية < ‪] 70‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪255‬‬


‫ىحا التأديب التخبػؼ السػقف الكامل مشو أف تدتجيب هلل عد وجل ‪ ،‬أف تعػد إليو تائباً ‪،‬‬

‫رؾحًا ﴾‬ ‫﴿ يا أَُّييا َّال ِحيؽ آَمُشؾا ُتؾبؾا ِإَلى َّ ِ‬


‫َّللا َت ْؾَب ًة َن ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬

‫[ سػرة التحخيع اآلية < ‪] :‬‬

‫والتائب مغ الحنب كسغ ال ذنب لو ‪ ،‬وهللا أفخح بتػبة عبجه مغ الزاؿ الػاجب والعقيع الػالج والطسبف الػارد <‬

‫ؾب َج ِسيعًا ﴾‬ ‫ظؾا ِمؽ رحس ِة َّ ِ‬


‫َّللا ِإ َّف َّ ِ ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّللا َي ْغفُخ الحُن َ‬
‫َ‬ ‫َسَخُفؾا َعَمى أَْن ُفدي ْؼ ََّل َت ْقَش ُ ْ َ ْ َ‬ ‫﴿ ُق ْل َيا عَباد َي َّالح َ‬
‫يؽ أ ْ‬

‫[ سػرة الدمخ اآلية < ‪] 75‬‬

‫يؼ ﴾‬ ‫﴿ َنِبئ ِعب ِادي أَِّني أََنا اْل َغ ُفؾر َّ ِ‬


‫الخح ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ْ َ‬

‫[ سػرة الحجخ اآلية < ;‪] 6‬‬

‫أييا اإلخػة ؛ إف ساؽ هللا لشا دعػة بيانية فيشبغي أف ندتجيب إلييا ‪ ،‬وإف ساؽ هللا لشا شجة تأديبية فيشبغي أف‬

‫نتػب مغ ذنػبشا ‪ ،‬وقج يخزع اإلنداف لسعالجة ثالثة ضاىخىا مخيح ‪ ،‬لكغ باششيا مخيف ‪ ،‬ىػ اإلكخاـ‬

‫االستجراجي ‪،‬‬

‫اب ُك ِّل َش ْي ٍ ً َح َّتى ِإ َذا َف ِخ ُحؾا ِب َسا أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اى ْؼ َب ْغ َت ًة َفِإ َذا ُى ْؼ‬
‫ُكتؾا أَ َخ ْحَن ُ‬ ‫﴿ َفَم َّسا َن ُدؾا َما ُذ ّكُخكا ِبو َف َت ْحَشا َعَمْي ِي ْؼ أَْب َؾ َ‬

‫ُمْبِم ُدؾ َف﴾‬

‫[ سػرة األنعاـ اآلية < ‪] 66‬‬

‫ىحا اإلكخاـ االستجراجي خصيخ ججًا ‪ ،‬ألف احتساؿ التػبة في التأديب التخبػؼ أكبخ مشو في اإلكخاـ االستجراجي ‪،‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪256‬‬


‫أما حيشسا يجعػنا هللا دعػة بيانية فبل ندتجيب ‪ ،‬وحيشسا يدػؽ لشا مغ الذجائج كي نعػد إليو فبل نتػب ‪ ،‬وحيشسا‬

‫يكخمشا إكخاماً كي نذكخه فبل نذكخه ‪ ،‬عشجئح البج مغ القرع ‪ ،‬عشجئح يدػؽ هللا لشا شجة قاصسة تشيي اإلنداف‬

‫الزاؿ التائو ‪.‬‬

‫أييا اإلخػة الكخاـ ؛ يشبغي أف نؤمغ باهلل وحجه ‪ ،‬والذيء الجقيق أف اإلنداف إذا آمغ بالصاغػت فبل يسكغ أف‬

‫يؤمغ باهلل ‪ ،‬ال يجتسع إيساف بصاغػت في األرض ‪ ،‬بخاؽ ‪ ،‬حياتو ناعسة ‪ ،‬يجعي القيع الدامية ‪ ،‬يتحجث عغ‬

‫الحخية ‪ ،‬يتحجث عغ الجيسقخاشية ‪ ،‬يتحجث عغ حقػؽ اإلنداف ‪ ،‬وىػ ليذ كحلظ ‪ ،‬واألحجاث األخيخة كذفت‬

‫الحقائق ‪ ،‬إف هللا عد وجل يقػؿ <‬

‫اس َت ْس َد َػ ِباْل ُعْخَكِة اْل ُؾْثَقى ﴾‬ ‫ؾت كي ْؤ ِمؽ ِب َّ ِ ِ‬


‫﴿ َفسؽ ي ْك ُفخ ِب َّ ِ‬
‫اّلِل َفَقج ْ‬ ‫الظا ُغ َ ُ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫[ سػرة البقخة اآلية < ‪] 778‬‬

‫لع تأت اآلية < فسغ يؤمغ باهلل فقج استسدظ ‪ ،‬ال يسكغ أف تؤمغ باهلل قبل أف تكفخ بالصاغػت ‪ ،‬حيشسا تكػف جية‬

‫شاغػتية تخصف أبرار العالع ‪ّ ،‬تجعي ما ليذ عشجىا ‪ ،‬تجعي مغ الكساؿ ما ليذ عشجىا ‪ ،‬حيشسا تذجع الشاس‬

‫عمى أف يأتػا إلى ببلدىا ‪ ،‬حيشسا تغجؽ األمػاؿ الصائمة ‪ ،‬حيشسا تتحجث عغ كساؿ مديف البج مغ كذف حقيقتيا‪،‬‬

‫البج مغ أف يدقط القشاع ‪ ،‬البج مغ أف تطيخ األكاذيب ‪ ،‬لحلظ ىحا الحؼ حجث كذف األقشعة ‪ ،‬وأزاؿ األكاذيب ‪،‬‬

‫وجعل ىحه الجية القػية الصاغية الباغية يبجو شغيانيا ‪ ،‬وتبجو وحذيتيا لكل الشاس ‪.‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪257‬‬


‫إذًا ىحه اآلية دقيقة ججًا <‬

‫اس َت ْس َد َػ ِباْل ُعْخَكِة اْل ُؾْثَقى ﴾‬ ‫ؾت كي ْؤ ِمؽ ِب َّ ِ ِ‬


‫﴿ َفسؽ ي ْك ُفخ ِب َّ ِ‬
‫اّلِل َفَقج ْ‬ ‫الظا ُغ َ ُ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫[ سػرة البقخة اآلية < ‪] 778‬‬

‫ولعل اإلضاءة القخآنية لسا حجث أف اإلنداف ال يدتصيع أف يخجع كل الشاس كل الػقت ‪ ،‬قج يخجع بعس الشاس‬

‫كل الػقت ‪ ،‬وقج يخجع كل الشاس بعس الػقت ‪ ،‬أما أف يخجع كل الشاس كل الػقت فيحا ما ال يكػف ‪ ،‬وال يسكغ‬

‫أف يكػف ‪ ،‬لحلظ هللا عد وجل متكفل أف يزع كل جية في حجسيا الحقيقي ‪ ،‬قل ما شئت ‪ ،‬تحجث ما شئت ‪،‬‬

‫تبجح بسا شئت ‪ ،‬هللا عد وجل متكفل أف يخجعظ إلى حجسظ الحقيقي ‪ ،‬فيحه الجيات التي تتحجث عغ حقػؽ‬

‫اإلنداف ‪ ،‬وعغ حخية الذعػب ‪ ،‬وعغ الجيسقخاشية ‪ ،‬وعغ كخامة اإلنداف ‪ ،‬وعغ الخفق بالحيػاف ‪ ،‬إنيا تفعل‬

‫األعاجيب <‬

‫قتل امخئ في غابة جخيسة َّل تغتفخ‬

‫ك قتل شعب مدمؼ مدألة فييا نغخ‬

‫فسغ إيجابيات الحؼ حجث أف األقشعة قج سقصت ‪ ،‬وأف األكاذيب قج كذفت ‪ ،‬وأف التدويخ قج انكذف ‪ ،‬مغ‬

‫إيجابيات الحؼ حجث أنشا ال يسكغ أف نعػد إلى ربشا ‪ ،‬وإلى ديششا ‪ ،‬وإلى مشيجشا ‪ ،‬وإلى وحي الدساء إال إذا كفخنا‬

‫بالصػاغيت <‬

‫اـ َل َيا ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؾت كي ْؤ ِمؽ ِب َّ ِ ِ‬


‫﴿ َفسؽ ي ْك ُفخ ِب َّ ِ‬
‫اس َت ْس َد َػ باْل ُعْخَكة اْل ُؾْثَقى ََّل اْنف َر َ‬
‫اّلِل َفَقج ْ‬ ‫الظا ُغ َ ُ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫[ سػرة البقخة اآلية < ‪] 778‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪258‬‬


‫أييا اإلخػة الكخاـ ؛ الحقيقة أنيع بػحذيتيع أعانػنا أف نكفخ بيع ‪ ،‬أنيع بػحذيتيع جعمػا الصخيق إلى هللا سالكًا ‪،‬‬

‫أنيع بػحذيتيع وكبخىع وغصخستيع ورغبتيع في إلغاء ثقافات الذعػب ‪ ،‬ورغبتيع في محػ حخية الذعػب ‪،‬‬

‫ميجوا الصخيق إلى ديششا ‪،‬‬


‫وميجوا الصخيق إلى ربشا ‪ّ ،‬‬
‫ورغبتيع في نيب ثخوات الذعػب أعانػنا أف نكفخ بيع ‪ّ ،‬‬

‫ميجوا الصخيق إلى أف نعتد بيحا الجيغ العطيع ‪ ،‬إذاً ىحا مغ إيجابيات الحؼ حجث ‪.‬‬
‫ميجوا الصخيق إلى تػبتشا ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫نبي كخيع كاف يسذي مع أصحابو في الصخيق ‪ ،‬أروا شاة ميتة تفػح مشيا رائحة ال تحتسل فقالػا < ما أنتغ ريحيا !‬

‫فقاؿ ىحا الشبي الكخيع < بل ما أشج بياض أسشانيا ‪ ،‬ىحه إشارة إلى أف الحؼ حجث ميسا كاف قاسيًا ‪ ،‬ميسا كاف‬

‫مؤلساً ‪ ،‬ميسا كاف مدعجاً ففيو إيجابيات ‪ ،‬لعل مغ أكبخ إيجابيات الحؼ حجث أف ىحا الحؼ ّيجعي الكساؿ‬

‫البذخؼ‪ّ ،‬يجعي الحزارة ‪ّ ،‬يجعي الخقي كذفت أوراقو ‪ ،‬وسقصت أقشعتو ‪ ،‬وانكذفت أكاذيبو ‪ ،‬وأصبح الصخيق إلى‬

‫هللا سالكاً ‪ ،‬وتحقق قػلو تعالى <‬

‫اس َت ْس َد َػ ِباْل ُعْخَكِة اْل ُؾْثَقى ﴾‬ ‫ؾت كي ْؤ ِمؽ ِب َّ ِ ِ‬


‫﴿ َفسؽ ي ْك ُفخ ِب َّ ِ‬
‫اّلِل َفَقج ْ‬ ‫الظا ُغ َ ُ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫[ سػرة البقخة اآلية < ‪] 778‬‬

‫أييا اإلخػة األحباب ؛ هللا عد وجل يقػؿ <‬

‫﴿ كَق ْج م َكخكا م ْكخىؼ ك ِعْشج َّ ِ‬


‫َّللا َم ْكُخُى ْؼ ﴾‬ ‫َ َ ُ َ َ ُْ َ َ‬

‫[ سػرة إبخاىيع اآلية < ‪] 68‬‬

‫أييا اإلخػة ؛ قبل أف أتابع اآلية ‪ ،‬ىل جية في األرض ميسا كانت قػية بإمكانيا أف تشقل جبل قاسيػف الحؼ‬

‫يصل عمى دمذق إلى درعا ؟ ىل بإمكاف دوؿ األرض مجتسعة ؟ ىل بإمكاف جيػش األرض مجتسعة ؟ ىل‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪259‬‬


‫بإمكاف القػػ التي ميسا بجت عطيسة أف تشقل جب ً‬
‫بل مغ مكاف إلى آخخ ؟ قاؿ تعالى <‬

‫ف َك ْع ِج ِه ُر ُسَم ُو ِإ َّف‬
‫َّللا ُم ْخِم َ‬
‫اؿ * َف َال َت ْح َدَب َّؽ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِف َكاف م ْكخُىؼ ِل َت ُد ِ‬
‫كؿ مْش ُو اْلجَب ُ‬
‫َ‬
‫﴿ كَق ْج م َكخكا م ْكخىؼ ك ِعْشج َّ ِ‬
‫َّللا َم ْكُخُى ْؼ َكإ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُْ َ َ‬

‫اـ ﴾‬ ‫ِ‬ ‫َّللا َع ِد ٌ‬


‫يد ُذك اْنتَق ٍ‬ ‫َّ َ‬

‫[ سػرة إبخاىيع اآليات < ‪] 69 – 68‬‬

‫وإلى لقاء آخخ إف شاء هللا تعالى ‪ ،‬والدبلـ عميكع ورحسة هللا وبخكاتو ‪.‬‬

‫كالحسج ﵀ رب العالسيؽ‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪260‬‬


‫الفهرس‬
‫الجرس (‪ < )17-10‬أركاف الشجاة ‪0..........................................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-17‬مقػمات التكميف ‪07....................................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-15‬السرائب ‪7:...........................................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-16‬حسل ىسػـ السدمسيغ ‪ -‬غمبت الخوـ في أدنى األرض ‪67................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-17‬سػرة الميل ‪7;..........................................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-18‬سػرة العرخ ‪97......................................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-19‬معخفة السذكمة ومػاجيتيا أىػف مغ الػىع ‪;7...........................................‬‬

‫الجرس ‪ < )09 - 1:‬مقاييذ التفػؽ التي يشبغي أف يعتسجىا اإلنداف ‪000...................................‬‬

‫الجرس (;‪ < )09-1‬مػلج الخسػؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪079............................................................. 0 -‬‬

‫الجرس (‪ < )09-01‬مػلج الخسػؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪067............................................................... 7-‬‬

‫الجرس (‪ < )09-00‬وال تأكمػا أمػالكع ‪079...................................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-07‬وال تتسشػا ما فزل هللا ‪097............................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-05‬حبلوة اإليساف ‪0:9.....................................................................‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪261‬‬


‫الجرس (‪ < )09-06‬واعبجوا هللا وال تذخكػا بو شيئا ‪0;;......................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-07‬أسباب الذقاؽ الدوجي ‪705.............................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-08‬أسباب الدعادة الدوجية ‪77;............................................................‬‬

‫الجرس (‪ < )09-09‬إضاءة قخآنية لسا بعج أحجاث ‪766............................................... 7110‬‬

‫كتاب اإلسالم و الحياة لفضيلة الدكتور دمحم راتب النابلسي‬ ‫‪262‬‬

You might also like