You are on page 1of 60

‫© حقوق الطبع محفوظة للناشر‬

‫ََ َ َ‬
‫ني يف رمضان‪.‬‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬
‫اط ِ‬
‫اسم الكتاب‪ :‬تص ِفيد الشي ِ‬
‫ِّ‬
‫األزهر ّي‪.‬‬
‫ِ‬
‫الت َج ّ‬
‫اين ثاين سعد‬ ‫املؤلف‪ :‬دكتور ‪ /‬أحمد‬
‫املقاس‪ 20 × 14 :‬سم‬
‫ ‬
‫رقم اإليداع‪0000 / 000000 :‬‬
‫الرتقيم الدويل‪000 - 000 - 0000 - 00 - 0 :‬‬

‫‪ 1443‬هجري ‪ 2022 -‬ميالدي‬


‫ْ‬ ‫الش ْي َطان ‬
‫الن ْي ِل ِم َن ِان َس ِان‬
‫‬
‫رة‬ ‫د‬‫ م ُومه‪َ ،‬وم َدى ُق ْ‬
‫ِ ‬ ‫ِ‬
‫‪‬‬

‫والسال ُم‬ ‫ِ‬ ‫بمنِّه إىل َسبِ ِ‬ ‫ِ‬


‫والصال ُة َّ‬ ‫الرشاد‪َّ ،‬‬ ‫يل َّ‬ ‫احلمدُ هلل اهلَادي َ‬
‫اإلمداد‪ ،‬ســي ِدنا ٍ‬
‫ِ‬ ‫وســن َِد‬ ‫ِ ِ‬
‫حممد ا ُمل َفدَّ ى با ُمل َه ِج‬ ‫َ ِّ‬ ‫عىل َخ ْ ِي العباد َ‬
‫وم ِ‬ ‫قدره ِ‬
‫حق ِ‬ ‫وص ْحبِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫قداره العظيم‪.‬‬ ‫وف َلذ األكباد‪ ،‬وعىل آله َ‬
‫أما ُ‬
‫بعد‪،‬‬

‫ربى عىل ُأ َّم ِة اإلسال ِم‪،‬‬ ‫َ ِ ِ‬


‫رمضان من ن َع ِم اهللِ ال ُك َ‬ ‫شــهر‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫ِ‬ ‫بــاد يف أ ّي ِامــه‬
‫الع ِ‬‫املفــروض عىل ِ‬
‫املباركة‬ ‫ُ‬ ‫و ّملــا كان ِّ‬
‫الصيا ُم‬
‫وغايــة ُم َع َّي ٍنة وهي تقوى اهلل ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫صد ُم َدَّ ٍد‪،‬‬ ‫مرشو ًعا َمل ْق ٍ‬

‫ﱫﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﱪ(((‪ ،‬وكان‬
‫ِ‬ ‫اإلنسان ي ْفت َِقد التقوى‪ ،‬ويعجز عن االت ِ‬
‫ألحد أمرين‬ ‫ِّصاف هبا‬ ‫ُ َ‬
‫وسوس‬ ‫ِ‬
‫بالسوء‪ ،‬والشيطان الذي ُي ِ‬ ‫اثنني‪ ،‬ومها النَّ ْف ُس األ َّمار ُة‬

‫(( ( البقرة‪.183 :‬‬


‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪6‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫يف صدور الناس‪ ،‬كام يشري إىل ذلك اإلما ُم البوصريي بقوله‪:‬‬
‫واع ِص ِه ام‬ ‫والش َ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫يطان‬ ‫َّ‬ ‫س‬ ‫وخالف ال َّن ْف َ‬
‫فاتِ مِ‬
‫ه ا َ َّم َض اك ال ُّن ْص َح َّ‬‫وإنْ ُ َ‬
‫خص ًم وال َح َك ًم‬‫ْ‬ ‫وال ت ُِط ْع ِم نهام‬
‫َ َ )‪(1‬‬ ‫فأنت تع ِر ُف كيدَ ا َ‬
‫خل ْص مِ وا حلك مِ‬
‫العظيم بتصفيد الشــياطني فيه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الشــهر‬
‫َ‬ ‫اختص اهلل هذا‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫وإغوائهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫إزالل الناس‪ ،‬والنز ِغ بينَهم‪،‬‬ ‫تقوى عىل‬
‫بحيث ال َ‬
‫ِ‬
‫حاسبة‬ ‫لإلنسان فرص ٌة تام ٌة لِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫لتكون‬ ‫ِ‬
‫صدورهم؛‬ ‫ِ‬
‫والوسوسة يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفسه وإدانتها‪ ،‬واستعادة تقوى اهلل ‪ -  -‬يف ِّ‬
‫الرس‬
‫ِ‬
‫وإصالح ما بينه وبني ر ِّبــه من جهة‪ ،‬وما بينه وبني‬ ‫والع َل ِ‬
‫ــن‪،‬‬
‫جهة أخرى‪.‬‬‫عباد اهلل من ٍ‬
‫ِ‬

‫ُ‬
‫حديث‬ ‫ِ‬
‫أنواعها‬ ‫ِ‬
‫بمختلف‬ ‫الســن َِّة‬
‫وقد اســتفاض يف كتب ُّ‬
‫صحيحة متعدِّ ٍ‬
‫دة املباين‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بروايات‬ ‫ِ‬
‫الشياطني يف رمضان‬ ‫ِ‬
‫تصفيد‬
‫ِ‬
‫متقاربة املعــاين‪ ،‬ومنها ما أخرجه البخــاري عن أيب هريرة‬
‫ان‬
‫شــهر َر َم َض َ‬
‫ُ‬ ‫‪ -  -‬أنــه ‪« :‬إذا َد َخ َل‬

‫(( ( من بردة اإلمــام البوصريي‪ ،‬وينظر ديوانــه (ص‪ ،)192 :‬تح‪ :‬حممد‬
‫سيد كيالين‪ ،‬نش‪ :‬رشكة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احللبي وأوالده‬
‫بمرص‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫ةـــــــــــــــمدقم‬

‫ت َأبواب جهنَّم‪ ،‬وس ْل ِســ َل ِ‬ ‫ت أبواب الس ِ‬ ‫ُفتِ َح ْ‬


‫ت‬ ‫ــاء‪ ،‬و ُغ ِّل َق ْ ْ َ ُ َ َ ُ‬ ‫ُ َّ َ‬
‫رمضان ُفت َِّح ْ‬ ‫الشياطِني»(((‪ ،‬وأخرجه مسلم ِ‬
‫ت‬ ‫ُ‬ ‫بلفظ‪« :‬إذا كان‬ ‫ٌ‬ ‫َّ َ ُ‬
‫ني»‪،‬‬ ‫ت َّ ِ‬ ‫ت أبواب جهنَّم‪ ،‬وس ْل ِس َل ِ‬ ‫ح ِة‪ ،‬و ُغ ِّل َق ْ‬
‫الشياط ُ‬ ‫ُ َ َ َ ُ‬ ‫الر ْ َ‬‫أبواب َّ‬ ‫ُ‬
‫أبواب‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أبواب اجلن ِّة‪ ،‬و ُغ ِّل َق ْ‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫رمضان ُفت َِّح ْ‬
‫ُ‬ ‫وبلفظ‪« :‬إذا جاء‬ ‫ِ‬
‫ت َّ ِ‬ ‫َّار‪ ،‬وص ِّفدَ ِ‬
‫الرتمذي مطوال عن‬ ‫ّ‬ ‫ني»(((‪ ،‬وأخرجه‬ ‫الش َياط ُ‬ ‫الن ِ ُ‬
‫ت‬‫رمضان ص ِّفدَ ِ‬ ‫ليلة ِمن ِ‬
‫شهر‬ ‫أيب هريرة بلفظ‪« :‬إذا كان أو ُل ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬
‫َّار‪ ،‬فلم ُيفت َْح منها‬ ‫أبواب الن ِ‬ ‫ت‬ ‫اجل ِّن‪ ،‬و ُغ ِّل َق ْ‬‫وم َر َد ُة ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ني َ‬ ‫الشــياط ُ‬
‫َاد‪:‬‬ ‫َادي من ٍ‬ ‫ت أبواب اجلن َِّة فلم ي ْغ َل ْق منها باب‪ ،‬وين ِ‬ ‫باب‪ ،‬و ُفت َِّح ْ‬
‫ُ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫تقاء م َن ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلري َأ ْقبِ ْل‪ ،‬ويا باغ َي َّ َ‬ ‫يا َباغ َي ِ‬ ‫ِ‬
‫النار‪،‬‬ ‫ص‪ ،‬وهللِ ُع ُ‬ ‫الش أ ْق ْ‬
‫ِّ‬
‫ليلة»(((‪.‬‬‫كل ٍ‬ ‫وذلك َّ‬
‫ِ‬
‫فضل‬ ‫بيان‬ ‫ِ‬
‫املتعددة يذكَر يف ِ‬ ‫احلديث برواياتِه‬
‫ُ‬ ‫فإذا كان هذا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكونية‬ ‫ِ‬
‫الظواهــر‬ ‫يدل عــى أن لبعض‬ ‫ِ‬
‫شــهر رمضان‪ ،‬فإنه ُّ‬
‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬ومنها‬ ‫ِ‬
‫وعــارة‬ ‫ِ‬
‫عبــادة اهلل‪،‬‬ ‫تأثــرا عىل النــاس يف‬
‫ً‬
‫وحتريضهم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫صدورهم‪،‬‬ ‫ووســوتم يف‬
‫ُ‬ ‫إغوا ُء الشياطني هلم‪،‬‬

‫(( ( صحيح البخاري ‪ -‬كتاب الصوم ‪ -‬باب هل يقال‪ :‬رمضان أو شــهر‬


‫رمضان ‪.)1899( -‬‬
‫((( صحيح مسلم ‪ -‬كتاب الصيام ‪ -‬باب فضل شهر رمضان ‪.)1079( -‬‬
‫(( ( سنن الرتمذي ‪ -‬أبواب الصوم ‪ -‬باب ما جاء يف فضل شهر رمضان ‪-‬‬
‫(‪.)682‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪8‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ِ‬
‫رصاط اهلل‬ ‫ِ‬
‫الشــهوات‪ ،‬والقعــو ُد عىل‬ ‫ِ‬
‫املعصية‪ ،‬وإثار ُة‬ ‫عــى‬
‫ِ‬
‫طريق‬ ‫ِ‬
‫املبارك عن‬ ‫املستقي ِم‪ ،‬فقىض اهللُ عىل ذلك يف هذا الشهر‬
‫ِ‬
‫النريان؛‬ ‫أبواب‬ ‫أبواب الســاء‪ ،‬و ُغ ِّل َقت‬ ‫ِ‬
‫تصفيدهم‪ ،‬و ُفت َِّح ْت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لعبادة اهلل؛ وليحظى اإلنســان فيها بالقدْ ِر‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلنســان‬ ‫ليتفر َغ‬
‫َّ‬
‫التوفيق يف أموره الدنيوية واألخروية واالستجابة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبري من‬
‫لدعواته‪.‬‬
‫َ‬
‫رمضـان‬ ‫ِ‬
‫خصائـص‬ ‫وباإلضافـة إىل مـا سـبق‪ ،‬فـإن ِمـن‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫سـابات‪،‬‬ ‫وتصفيـة ِ‬
‫احل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ملراجعـة الن ْف ِ‬
‫ـس‬ ‫َوي‬
‫موسـم َسـن ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫أنـه‬
‫ِ‬
‫اإلنسـان‬ ‫ُـم حيـا َة‬ ‫واألس ِ‬ ‫ومدارس ِ‬
‫ـس التـي حتك ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـة املبـادئ‬ ‫ُ َ‬
‫النفـس حتظى فيه بقدْ ٍر‬ ‫َ‬ ‫أموره؛ ألن‬ ‫وجل من ِ‬ ‫دق َّ‬ ‫املسـل ِم فيما َّ‬
‫النفيس ال يكـون هلا يف غري‬ ‫ِ‬
‫واالسـتعداد‬ ‫ِ‬
‫والنقاء‬ ‫ِ‬
‫الصفـاء‬ ‫مـن‬
‫ِّ‬
‫الشـهور‪ ،‬فلا جـرم أن اهلل ‪-  -‬‬ ‫ِ‬ ‫رمضـان مـن‬
‫دارسـة القرآن الكريم بين ن ِّبينا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالـذات ُمل‬ ‫الشـهر‬ ‫اختـار هذا‬
‫َ‬
‫جربيل ‪ ،‬كام‬ ‫َ‬ ‫حممـد ‪ -  -‬وبني سـ ِّي ِدنا‬
‫ُروي ذلـك عـن ابن عبـاس ‪ ‬أنـه قـال‪« :‬كان النبِ ُّي‬
‫أجـو َد مـا يكون‬ ‫ِ‬
‫باخلير‪ ،‬وكان َ‬ ‫ِ‬
‫النـاس‬ ‫أجـو َد‬
‫‪َ ‬‬
‫جربيل ‪-  -‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جربيـل‪ ،‬وكان‬ ‫رمضـان حين يلقاه‬
‫َ‬ ‫يف‬
‫ليلـة يف رمضـان حتى ينسـلِ َخ‪ِ ،‬‬
‫يعر ُض عليـه النبِ ُّي‬ ‫كل ٍ‬ ‫يلقـاه َّ‬
‫‪9‬‬ ‫ةـــــــــــــــمدقم‬

‫ُ‬
‫جربيـل ‪ -  -‬كان‬ ‫القـرآن‪ ،‬فإذا لقيه‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫رسـ َل ِة»(((‪.‬‬
‫الريحِ ا ُمل َ‬
‫ـن ِّ‬
‫ِ ِ‬
‫باخلير م َ‬ ‫أجو َد‬
‫َ‬
‫متحيــص املوضوعِ‪ ،‬وإماط َة‬ ‫ِ‬
‫ومن أجل ذلك ك ِّله ابت َغ ْي ُت‬
‫َ‬
‫اللثام عنه‪ ،‬واإلجاب َة عن التســاؤالت التــي تثور يف نفوس‬
‫موضوع ال خيفى ما‬
‫ٌ‬ ‫ي الرشي َفني‪ ،‬وهو‬‫املعنيــن بمعاين الوح َي ْ ِ‬
‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫ُ‬
‫احلديث عن‬ ‫ِ‬
‫واللطف والدقة‪ ،‬وهو‬ ‫فيه من الغموض‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‪،‬‬ ‫الشــيطان‪ ،‬وجنوده‪ ،‬ومدى قدرهتم وتأثريهم عىل‬
‫وحتقيق معنى تصفيد الشياطني يف هذا الشهر املبارك‪.‬‬

‫مباحث‪ ،‬حتدَّ ْث ُت‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫وثالثة‬ ‫ٍ‬
‫مقدمة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احتوت العجال ُة عىل‬ ‫وقد‬
‫يف املبحث األول عن ماهية الشــياطني عند علامء اإلســا ِم‪،‬‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‪ ،‬ويف املبحث‬ ‫ويف املبحث الثاين عن أثر الشياطني عىل‬
‫الثالــث عن معنى تصفيد الشــياطني يف رمضان‪ ،‬ثم اخلامتة‪،‬‬
‫وقائمة املصادر واملراجع‪ ،‬وفهرس املوضوعات‪.‬‬

‫(( ( أخرجه البخاري يف صحيحه كتاب الصوم ‪ -‬باب أجود ما كان النبي‬
‫مسلم يف كتاب‬
‫ٌ‬ ‫‪ ‬يكون يف رمضان ‪ ،)1902( -‬وأخرجه‬
‫الفضائــل ‪ -‬بــاب كان النبي ‪ ‬أجود النــاس باخلري من‬
‫الريح املرســلة ‪ ،)2308( -‬وأخرجه الرتمذي يف الشــائل ‪ -‬باب ما‬
‫جاء يف ُخ ُلق رسول اهلل ‪.)347( - ‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪10‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫واهللَ أسأل أن يوفقني لبيان ما فيه النفع واخلري لعباده‪ ،‬وأن‬


‫َ‬
‫القبول احلس َن من عنده‪.‬‬ ‫يكتب له‬
‫هذا واهلل عىل ما نقول وكيل‪ ،‬وهو اهلادي بمنِّه إىل ســواء‬
‫ِ‬
‫السبيل‪.‬‬

‫كتبه العبد الفقري إىل اهلل‬


‫أمحد التجاين ثاين سعد النيجريي األزهري‬
‫القاهرة‪ 17 :‬رمضـــان ‪1440‬هـ‬
‫املوافق ‪ 22‬مايو ‪2019‬م‬
‫مفهوم الشياطني عند علماء اإلسالم‬
‫أهل العلم ‪ -‬بمختلف‬ ‫بني ِ‬ ‫ِم َن ا ُمل َّت َف ِ‬
‫ــق ع َليه‪ ،‬وا ُملن َط َل ِق منه َ‬
‫الــي ِء فرع عن تَصو ِره‪ِ ،‬‬ ‫أنواعهم ‪ّ -‬‬ ‫ِ‬
‫ومن هنا‬ ‫َ ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫احلكم عىل َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫الشــيطان عىل البرش‪ ،‬و َمدَ ى ُقدْ رتِه‬
‫ِ‬ ‫فاحلديث عن ســ ْل ِ‬
‫طان‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وس ْل َســ َلتِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التأثري فيهم وإيذائهم‪ ،‬وحتديد معنى تصفيده َ‬ ‫ِ‬ ‫عىل‬
‫ني حقيق َة الشيطان وماه ّي َة‬ ‫أن ن َْســتَبِ َ‬
‫وجب علينا ْ‬ ‫يف رمضان ُي ِ‬
‫جنده بادئ ذي ٍ‬
‫بدء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وقد اختلف علام ُء اإلســا ِم خال ًفا طويال يف حتديد ماهية‬
‫حتديــد مفهو ِم‬ ‫ِ‬ ‫نحــو اختالفِهم يف‬
‫ِ‬ ‫الشــيطان وحقيقتِه عىل‬
‫ب‬ ‫والشياطني ِم َن ال َغ ْي ِ‬
‫َ‬ ‫أن املالئك َة‬ ‫ِ‬
‫اخلالف ّ‬ ‫وســبب‬
‫ُ‬ ‫املالئكة‪،‬‬
‫اإلنسان عنها‬‫ُ‬ ‫سبيل؛ وال ِ‬
‫يعرف‬ ‫ٍ‬ ‫العقول إليه ِمن‬
‫ِ‬ ‫الذي ما عىل‬
‫صحيحة‪ ،‬وال يثبت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫برواية‬ ‫ِ‬
‫الثابت‬ ‫شي ًئا إال عن طريق الوحي‬
‫ِ‬
‫واالستئناس(((‪،‬‬ ‫هلا يش ٌء عن طريق العقل إال عىل سبيل الظ ِّن‬

‫((( مفاتيح الغيب لإلمام فخر الدين الرازي (‪.)176 - 174 / 2‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪12‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫وح الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬


‫والر ُ‬ ‫الصفات الذاتية لإلنسان‪ُّ ،‬‬ ‫العقل م َن ِّ‬ ‫فإذا كان‬
‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫واحلب الذي ال ُّ‬
‫ينفك عنه‬ ‫ُّ‬ ‫غريه‪،‬‬ ‫اإلنسان ِمن ِ‬
‫ُ‬ ‫ال يكون‬
‫ِ‬
‫شاهدة‬ ‫باحلس وا ُمل‬ ‫ِ‬
‫حقائقها؛ ألهنا ال تُدْ َرك‬ ‫قد اخت ُِلف يف بيان‬
‫ِّ‬
‫املالئكة والشياطني ِمن باب أوىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫فإن االختِ َ‬
‫الف يف‬ ‫ّ‬

‫مفهو ُم املالئكة‪:‬‬
‫ِ‬
‫املالئكة عند أكثر املسلمني‬ ‫أن مفهو َم‬ ‫قد نقل اإلما ُم الرازي ّ‬
‫متَلِ َف ٍة‬ ‫بأشك ٍ‬
‫َال ُ ْ‬ ‫(أ ْج َسا ٌم َلطِيف ٌة َهوائِ َّي ٌة َت ْق ِد ُر َع َل الت ََّشك ِ‬
‫ُّل ْ‬ ‫هو‪َ :‬‬
‫ات)(((‪.‬‬ ‫َم ْس َكن َُها َّ‬
‫الس َم َو ُ‬
‫الصفات التي اتفق‬ ‫ِ‬ ‫التعريف قــد ُبنِي عىل‬
‫َ‬ ‫ويظهر ّ‬
‫أن هذا‬
‫آيات جل َّي ٍة‪،‬‬
‫عليها املسلمون‪ ،‬وهي ‪ -‬يف الظاهر ‪ -‬مأخوذ ٌة من ٍ‬
‫كالتشك ِ‬
‫ُّل‬ ‫َ‬ ‫بلغت َحدَّ التوات ُِر أو كادت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫مســتفيضة‬ ‫َ‬
‫وأحاديث‬
‫ِ‬
‫واالستقرار يف الساموات‪،‬‬ ‫بأشكال خمتلفة ٍكشكل اإلنســان‪،‬‬
‫ِ‬
‫املالئكة فإنه ال ُي َعدُّ‬ ‫ِ‬
‫حقيقة‬ ‫ِ‬
‫تصور‬ ‫التعريف مل ُي ْب َن عىل‬
‫َ‬ ‫وبام ّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫بالعالمة‪ ،‬والرس ِم‪.‬‬ ‫حدًّ ا منطق ًّيا‪ ،‬وإنام هو من التعريف‬
‫اخلالف‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للمالئكة وقع فيها‬ ‫صفات أخــرى‬ ‫ٍ‬ ‫غري ّ‬
‫أن هناك‬
‫ُوب مطلقا‪ ،‬حيث ذهب‬ ‫كالع ْص َم ِة ِم َن ُّ‬
‫الذن ِ‬ ‫بني علامء اإلسال ِم ِ‬

‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)175 / 2‬‬


‫‪13‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫ِ‬
‫والذنوب؛‬ ‫ِ‬
‫األخطاء‬ ‫مجهور املسلمني إىل أهنم معصومون ِم َن‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنصوص رصحية م َن الذكر احلكيم‪ ،‬منها قو ُله‬ ‫واستدلوا لذلك‬
‫تعاىل‪ :‬ﱫ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﱪ(((‪،‬‬
‫وقو ُلــه‪ :‬ﱫ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﱪ(((‪ ،‬وقو ُله‪:‬‬
‫ﱫ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﱪ(((‪ ،‬وقو ُلــه‪:‬‬
‫ﱫﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ‬
‫ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ‬
‫ــوي ُة‬ ‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﱪ(((‪ ،‬وخالفهم يف ذلك َ‬
‫احل َش ِّ‬
‫تول العلام ُء الردو َد العلمي َة عليها(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بشبهات َّ‬
‫قدرتم عىل‬ ‫ِ‬ ‫القائلين بعصمة املالئكـة اختِ ٌ‬
‫لاف يف‬ ‫ِ‬ ‫وبين‬
‫بعضهـم إىل أهنـم ال ِ‬
‫يقـد ُرون عليهـا‪ ،‬ومل‬ ‫املعصيـة‪ ،‬فذهـب ُ‬
‫وانق ِ‬
‫يادهم‬ ‫لطاعـة اهللِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالنسـبة‬ ‫ِ‬
‫كالناس‪ ،‬فهم‬ ‫االختيار‬ ‫ُي ْع ُطـوا‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫احليـاة‬ ‫ِ‬
‫رضورات‬ ‫النق ِ‬
‫يادهـم إىل‬ ‫بالنسـبة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالنـاس‬ ‫ِ‬
‫ألوامـره‬

‫النحل‪.50 :‬‬ ‫((( ‬


‫األنبياء‪.20 :‬‬ ‫(( (‬
‫األنبياء‪.27 - 26 :‬‬ ‫(( (‬
‫التحريم‪.6 :‬‬ ‫((( ‬
‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)186 - 181 / 2‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪14‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ٌ‬
‫إنسـان‬ ‫ِ‬
‫احلوائـج‪ ،‬فلا يسـتطيع‬ ‫ِ‬
‫والشرب وقضـاء‬ ‫ِ‬
‫كاألكل‬
‫ِ‬
‫لقضـاء احلاجـة عندمـا تعرتيه‬ ‫احلما ِم‬ ‫ِ‬
‫أن يمتنـع عـن دخـول َّ‬
‫ِ‬
‫خالف‬ ‫ِ‬
‫العلماء إىل‬ ‫بعض‬
‫الضرور ُة إىل ذلـك‪ ،‬يف حين ذهب ُ‬
‫ذلك(((‪.‬‬
‫مفهوم الشيطان‪ ،‬وجنسه‪:‬‬
‫ِ‬
‫العلــاء يف مفهو ِم الشــيطان‪ ،‬أهو ِم َن‬ ‫خالف‬
‫ُ‬ ‫هنا يــأيت‬
‫املالئكة‪ ،‬أم هو ِم َن ِ‬
‫اجل ِّن؟‬ ‫ِ‬

‫املالئكة فام وج ُه معصيتِه ِ‬


‫ألمر اهلل بالسجود آل َد َم‬ ‫ِ‬ ‫فإذا كان ِم َن‬
‫أن املالئك َة ال يعصون اهللَ ما أمرهم‪ ،‬ويفعلون ما ُيؤ َم ُرون؟‬ ‫مع ّ‬
‫اخلطاب ا ُمل َو َّج ِه إىل‬
‫ِ‬ ‫وإذا كان ِمــ َن اجلن فام معنى دخولِه يف‬
‫واألصل يف املستثنى أن‬ ‫ُ‬ ‫املالئكة‪ ،‬وما معنى استِ ِ‬
‫ثنائه منهم(((؟‬ ‫ِ‬

‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)187 - 186 / 2‬‬


‫أحس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــن ما‬ ‫كثري م َن املفرسين اإلجاب َة عن هذا الســؤال‪ ،‬ومن َ‬ ‫((( حاول ٌ‬
‫ِ‬
‫الباب ما نقلــه اإلما ُم أبو حيان ‪ -  -‬بقوله‪ ،...« :‬ومن‬ ‫ٍ‬ ‫قيل يف‬
‫ِ‬
‫األزرار)‬ ‫ك‬‫كتاب ( َف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫صاحب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تأويل اآلية ما ذهب إليه‬ ‫أندَ ِر ما وقع يف‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫عيل ابن أيب‬‫احلس ِن ِّ‬ ‫الوزير أيب َ‬ ‫ــن اب ُن‬
‫حل َس ُ‬ ‫الشيخ َصف ُّي الدين ا ُ‬ ‫‪-‬وهو‬
‫املالئكة يشعرِ‬
‫ِ‬ ‫ظاهر كال ِم‬ ‫ِ‬
‫الكتاب‪:‬‬ ‫املنصور اخلزرجي ‪ ،-‬قال يف ذلك‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫أن املالئك َة كانوا‬ ‫والبيان ّ‬‫ُ‬ ‫منزهون عن ذلك‪،‬‬ ‫اض‪ ،‬وهم َّ‬‫االعت ِ‬‫ِ‬ ‫بنو ٍع ِم َن‬
‫مندر ًجا يف مج َلتِهم‪= ،‬‬ ‫إبليس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ني‪ ،‬وكان‬ ‫اخلطاب عليهم ُم َم ِل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورود‬ ‫حني‬
‫َ‬
‫‪15‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫بعض األصوليني إىل‬ ‫ِ‬


‫جنس املستثنى منه حتى ذهب ُ‬ ‫يكون من‬
‫ّ‬
‫أن املستثنى ال يكون إال من جنس املستثنَى منه!‬
‫قدنقلاإلما ُمالرازييفاملسألةمذهبنياثنَنيعىلالنحواآليت‪:‬‬
‫مذهب‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‪ ،‬وهو‬ ‫إبليس ليس ِم َن‬ ‫املذهب األول‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫التأويل((( كالزخمرشي(((‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬ ‫ِ‬
‫وبعــض ا ُمل َت َك ِّلمني‬ ‫ِ‬
‫املعتزلة‪،‬‬
‫ابن عباس‪ ،‬واحلســن‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وشــهر بن‬ ‫ور ِو َي ذلك عن ِ‬
‫ُ‬
‫َح َ‬
‫وشب‪ ،‬وابن زيد‪ ،‬وسعد بن مسعود(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫وظهور‬ ‫فورد منهم اجلواب ُممال‪ ،‬فلم انفصل إبليس عن مجلتِهم ِ‬
‫بإبائه‬ ‫= ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فنوع االعتاض منه‬‫اجلواب إىل نو َعني‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫يس َّيتِه واســتِ ِ‬
‫كباره ان َف َصل‬ ‫إب ِل ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫والتسبيح والتقديس كان عن املالئكة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأنواع الطاعة‬ ‫إبليس‪،‬‬ ‫كان عن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كل‬‫وناسب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نسني‪َ ،‬‬ ‫قسمني‪ ،‬كانقسام اجلنس إىل ج َ‬ ‫اجلواب إىل َ‬
‫ُ‬ ‫فانقســم‬
‫َ‬
‫حس ٌن‪،‬‬ ‫أعلم‪ ،‬انتهى كال ُمه‪ ،‬وهو ٌ‬
‫تأويل َ‬ ‫جواب َمن ظهر عنه‪ ،‬واهلل تعاىل ُ‬ ‫ٍ‬
‫وصار شــبيها بقوله تعــاىل‪ :‬ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﱪ‬ ‫ِ‬
‫كل ٍ‬
‫قول‬ ‫ِ‬
‫نوعان‪ُ ،‬فر َّد ُّ‬ ‫ُ‬
‫والقائل‬ ‫ألن اجلمل َة ك َّلها مقولــ ٌة‪،‬‬
‫[البقــرة‪]135 :‬؛ ّ‬
‫ناسبه» اه البحر املحيط (‪..)32 - 31 / 2‬‬ ‫ِ‬
‫لن َ‬
‫((( جامــع البيــان للطــري (‪ ،)542 - 539 / 1‬ومفاتيــح الغيــب‬
‫(‪. )232 / 2‬‬
‫((( الكشاف (‪.)254 / 1‬‬
‫(( ( جامــع البيــان (‪ ،)542 - 539 / 1‬واملحرر الوجيــز (‪،)124 / 1‬‬
‫والنكــت والعيون للــاوردي (‪ ،)102 / 1‬واجلامع ألحكام القرآن‬
‫(‪.)440 - 439 / 1‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪16‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫أصحاب هذا املذهب بام يأيت‪:‬‬


‫ُ‬ ‫وقد استدل‬

‫الدليــل األول‪ :‬قوله تعــاىل‪ :‬ﱫ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬


‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﱪ(((‪.‬‬

‫إبليس ِم َن‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫نص ْت عــى ّ‬ ‫أن اآليــ َة َّ‬
‫دالل ّ‬‫االســت ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ووجــه‬
‫يكون ِم َن‬
‫َ‬ ‫املالئكة‪ ،‬فلز َم ِم َن ذلك َّأل‬
‫ِ‬ ‫اجلن بعد اســتِ ِ‬
‫ثنائه من‬ ‫ِ ِّ‬
‫نس ِ‬
‫اجل ِّن‪،‬‬ ‫ــرا ِجل ِ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫غاي ً‬ ‫جنس‬
‫يكون ُ‬ ‫املالئكــة(((‪ ،‬وأن‬
‫ِ‬
‫املالئكــة واجل ِّن أيضــا قو ُله تعاىل‪:‬‬ ‫ويدل عــى ا ُمل ِ‬
‫غايرة بني‬
‫ﱫﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﱪ(((‪.‬‬

‫بــأن قو َله تعاىل‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ِ‬
‫االســتدالل‬ ‫غــر أنه قــد ُر َّد عىل هذا‬

‫(( ( الكهف‪.50 :‬‬


‫(( ( جامــع البيــان (‪ ،)542 1‬والكشــاف (‪ ،)254 / 1‬ومفاتيح الغيب‬
‫(‪ ،)232 / 2‬واجلامع ألحكام القرآن (‪.)439 / 1‬‬
‫((( سبأ‪.41 - 40 :‬‬
‫‪17‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫يكون قد ن ُِسب إىل اجلن فيه؛ ألنه‬


‫َ‬ ‫ﱫ ﮤ ﮥ ﮦ ﱪ((( ِ‬
‫حيتم ُل ْ‬
‫أن‬
‫عم َل عم َلهم‪ ،‬عىل نحو قولِه عنه‪ :‬ﱫ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫ِ‬

‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﱪ(((‪،‬‬
‫ويدل عىل ذلك ما بعده‪ :‬ﱫ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﱪ((( يف اآلية‬
‫التفسري ملعنى كونِه ِم َن اجل ِّن‪ ،‬فكام ّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمنزلة‬ ‫نفســها(((‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬

‫بســبب كونِه ِمن الكافرين‪ ،‬فال‬ ‫ِ‬ ‫اإلنســان ال ُيْرج ِمن ِ‬


‫جنسه‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫بمج َّر ِد كونِه ِمن‬ ‫ِ‬
‫جنس املالئكة َ‬ ‫ِ‬ ‫الشــيطان ِمن‬
‫ُ‬ ‫ينبغي ْ‬
‫أن ُي َر َج‬
‫اســم لكل‬ ‫ِ‬
‫العربية‬ ‫اجل َّن يف‬ ‫أن ِ‬
‫ار اجل ِّن‪ ،‬و ُيضاف إىل ذلك ّ‬ ‫ُك َّف ِ‬
‫ٌ‬
‫يان‪ ،‬ومن ثم أطلــق ِ‬ ‫مســتور ال يدْ ر ُك ِ‬
‫بالع ِ‬
‫اجل ُّن عىل املالئكة‬ ‫ٍ ُ َ‬
‫يف قولــه تعــاىل‪ :‬ﱫ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ِ‬
‫باآلية أن‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﱪ(((‪ ،‬ووجــ ُه االســتدالل‬
‫ِ‬
‫ونزلت اآلي ُة‬ ‫أن املالئك َة ُ‬
‫بنات اهللِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باآلية يعتقدون ّ‬ ‫املخاطبني‬
‫اجل َّن‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫يدل عىل أن‬ ‫ِ‬
‫املالئكــة ِ‬ ‫ر ًّدا عليهم‪ ،‬و َأ ْط َل َق ْت عىل‬

‫الكهف‪.50 :‬‬ ‫(( (‬


‫البقرة‪.34 :‬‬ ‫(( (‬
‫الكهف‪.50 :‬‬ ‫(( (‬
‫املحرر الوجيز البن عطية (‪ ،)125 / 1‬ومفاتيح الغيب (‪.)232‬‬ ‫((( ‬
‫(( ( الصافات‪.158 :‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪18‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ومن هنا ال يلزم ِمن ِ‬


‫نسبة إبليس‬ ‫املالئك َة قد يسمون باجلن(((‪ِ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫ِ‬
‫املالئكة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫خروجه ِمن‬ ‫إىل اجلن‬
‫ُ‬
‫بعــض املرشكني اعتقدوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫ُ‬
‫حيتمل أن‬ ‫وأجيــب بأنه‬
‫وبعضهم اعتقدوه يف اجل ِّن‪ ،‬وهذه اآلي ُة ر ٌّد‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‪،‬‬ ‫ذلــك يف‬
‫ب بني اهللِ واجل ِّن(((‪.‬‬
‫النس َ‬
‫عىل من اعتقد َ‬
‫نص ُيفيد التفرق َة‬
‫اجلواب؛ ألنه حيتاج إىل ٍّ‬
‫ُ‬ ‫وال يظهر يل هذا‬
‫ِ‬
‫واملالئكة‪ ،‬وإال فال‪ ،‬وال ســيام أن‬ ‫يف اعتقاد ِالعرب بني اجل ِّن‬
‫العرب كقول األعشى‬ ‫ِ‬ ‫اجلمع بني االســمني قد ورد يف شعر‬
‫عن نبي اهلل سليامن‪:‬‬

‫ـد ا َأ ْو ُم َع َّم ًرا‬ ‫ش ٌء َخــالِـ ً‬ ‫َف َل ْو َكـ َ‬


‫ـان َ ْ‬
‫البي َء ِم َن َّ‬
‫الد ْه ِر‬ ‫ان ُس َل ْي َم ُن َ ِ‬ ‫َل َك َ‬
‫ِ‬ ‫واص َ‬ ‫ِ‬
‫ــب ــا َد ُه‬‫ــطــ َفــا ُه ع َ‬ ‫ـــرا ُه إِ َل ـــي‪ْ ،‬‬
‫َب َ‬
‫ص‬ ‫ي ال ُّث َر َّي ا إىل ِم ْ ِ‬ ‫َو َم َّل َك ُه َما َب ٍ َ‬

‫(( ( جامــع البيــان (‪ ،)543 - 542 / 1‬واملحرر الوجيــز (‪- 124 / 1‬‬
‫‪ ،)125‬ومفاتيح الغيب (‪ ،)233 - 232 / 2‬واجلامع ألحكام القرآن‬
‫(‪.)440 - 439 / 1‬‬
‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)233 - 232 / 2‬‬
‫‪19‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫ــك تِ ْس َع ًة‬‫ــا ئِ ِ‬ ‫ـخ ــر ِمــن ج ـ ِّ‬


‫ـن ا ملَ َ‬ ‫َو َسـ َّ‬
‫ون بِ َل َأ ْج ر‬
‫ِ )‪(1‬‬ ‫ِق َي ا ًما َل دَ ْي ِه َي ْع َم ُل َ‬

‫بدليــل قولِه تعاىل‪:‬‬


‫ِ‬ ‫إبليس لــه ُذ ِّر َي ٌة؛‬
‫َ‬ ‫الدليــل الثــاين‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫ﱫﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﱪ(((‪ ،‬واملالئكــ ُة‬
‫بدليل قولِه تعــاىل‪ :‬ﱫ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ِ‬ ‫ال ُذ ِّر َي َة هلــم؛‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﱪ(((‪.‬‬
‫وصف‬
‫َ‬ ‫أن اهللَ ‪ -  -‬أنكر يف ِ‬
‫اآلية‬ ‫ُ‬
‫ووجه ذلك ّ‬
‫ذكور‪ ،‬فإذا كان‬ ‫ِ‬
‫باألنوثة‪ ،‬ومعنى ذلك أهنم كلهــم‬ ‫ِ‬
‫املالئكــة‬
‫ٌ‬
‫فنفي‬ ‫الذك ِ‬
‫َــر واألنثى‪ُ ،‬‬ ‫ــل والت ََّوا ُلدُ ال يكــون إال َ‬
‫بني َّ‬ ‫التناس ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلناث منهم‪ ،‬ويلزم‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫يلز ُم منه عد ُم‬ ‫األنوثة عن ِ‬
‫مجيعهم َ‬ ‫ِ‬

‫األبيات يف كتب التفسري واللغة إىل األعشى‪ ،‬ومل أجدها يف‬


‫ُ‬ ‫((( ن ُِسبت هذه‬
‫ديوانه املطبوعِ‪ ،‬وينظر‪ :‬جامع البيان للطربي (‪ ،)539 / 1‬واألضداد‬
‫البن األنبــاري (ص‪ ،)335 - 334 :‬واملحرر الوجيز (‪،)125 / 1‬‬
‫واجلامع ألحكام القرآن (‪)440 / 1‬‬
‫(( ( الكهف‪.50 :‬‬
‫(( ( الزخرف‪.19 :‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪20‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ــل عنهم(((‪ ،‬وقد‬ ‫والتناس ِ‬ ‫ُ‬ ‫الذ ِر َّي ِة‬


‫نفي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من عد ِم وجود اإلناث ُ‬
‫ِ‬
‫احلسن(((‪.‬‬‫ِ‬ ‫أثر عن‬
‫روي يف ذلك ٌ‬
‫وإن نفى‬‫للمالئكة الذكور َّي َة‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الكريم‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫ت‬‫قلت‪ :‬مل ي ْثبِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الذكورية واألنوثةِ‬
‫ِ‬ ‫احلي بــن‬ ‫ِ‬ ‫عنهم األنوث َة‪،‬‬
‫الكائن ِّ‬ ‫وحرص‬
‫ُ‬
‫تنحص‬ ‫ِ‬ ‫ات ال‬ ‫وعقله فقــط‪ ،‬وا ُمل َغ َّي َب ُ‬ ‫ِ‬ ‫يتم َّث ُل يف واق ِع اإلنســان‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والذكورية‬ ‫ِ‬
‫األنوثة‬ ‫االرتباط بني التوا ُل ِد وبني‬ ‫َ‬ ‫يف ذلك‪ ،‬كام أن‬
‫ِ‬
‫املالئكة واجلن مما ال ُيدْ َر ُك بالعقل‪ ،‬وال‬ ‫أمر‬
‫كذلك‪ ،‬فإذا كان ُ‬
‫ِ‬
‫الذكورية‬ ‫فإثبات‬ ‫ِ‬
‫الوحي‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بيشء إال عن طريــق‬ ‫يك َُم عليهام‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫يصح إال‬ ‫هلم ال يصح إال بنص‪ ،‬كام أن نفــي ُّ ِ‬
‫الذ ِّر َّية عنهم ال ُّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬
‫التوقف فيهام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نص وجب‬ ‫بــه كذلك‪ ،‬فإن مل يرد يف القضيتني ٌّ‬
‫الكفار يف املالئكة‬ ‫ِ‬ ‫أن إنــكار اعتِ ِ‬
‫قاد‬ ‫ويضاف إىل ذلك عندي ّ‬
‫َ‬
‫بالغيب‪ ،‬بأهنم يشهدون فيام‬ ‫ِ‬ ‫جمر ُد رج ٍم‬ ‫ِ‬
‫ظاهره إىل أنه َّ‬ ‫يرجع يف‬
‫حق‪ ،‬ف ْل ُيتأ َّم ْل‪.‬‬
‫منكر ٌة وإن كانت عىل ٍّ‬
‫الزور َ‬ ‫ِ‬ ‫ال يعلمون‪ ،‬وشهاد ُة‬
‫الشــيطان ُخ ِل َق ِم َن الن ِّار بنص قوله‪:‬‬
‫َ‬ ‫الدليــل الثالث‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫ﱫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﱪ(((‪،‬‬

‫(( ( جامع البيان للطــري (‪ ،)542 / 1‬واملحــرر الوجيز (‪- 124 / 1‬‬
‫‪ ،)125‬ومفاتيح الغيب (‪.)232 / 2‬‬
‫(( ( جامع البيان للطربي (‪.)540 / 1‬‬
‫(( ( ص‪.76 :‬‬
‫‪21‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫بنص قوله‪:‬‬ ‫َ ِ‬
‫يكون من اجل ِّن؛ ألهنــم أيضا كذلك ِّ‬ ‫فوجب أن‬
‫ﱫ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱪ(((‪ ،‬وأ ّمــا‬
‫ِ‬
‫احلديث أهنم ُخ ِل ُقوا‬ ‫ي َل ُقوا منها (((‪ ،‬وورد يف‬
‫املالئك ُة فإهنم مل ُ ْ‬
‫النور‪ ،‬وهو مــا ُر ِو َي عن عائشــ َة ‪ -  -‬أنه ‪-‬‬ ‫ِمــ َن ِ‬
‫ان‬ ‫وخلِ َق َ‬
‫اجل ُّ‬ ‫ت ا َمل َلئِ ُك ُة ِمن ن ٍ‬
‫ُور‪ُ ،‬‬ ‫«خلِ َق ِ‬
‫‪ - ‬قال‪ُ :‬‬
‫ف لكم»(((‪ ،‬فإذا أمجع‬ ‫وخلِ َق آ َد ُم ِمّــا ُو ِص َ‬
‫نار‪ُ ،‬‬ ‫ِمــن مارجٍ ِمن ٍ‬
‫الناس خملوقون ِم َن‬
‫َ‬ ‫الناس واجل ِّن بأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املغايرة بني‬ ‫الناس عىل‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫املالئكة واجل ِّن يف‬ ‫االختالف بني‬
‫َ‬ ‫النار‪ ،‬فإن‬ ‫ِ‬
‫الطني‪ ،‬واجل َّن من ِ‬
‫جنسيهام‪.‬‬ ‫اخللق ُي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب التغا ُي َر بني َ‬ ‫وج ُ‬ ‫أصل‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫املخلوق‬ ‫َ‬
‫اإلنســان‬ ‫قطعي؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫ٍّ‬ ‫غــر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الدليل‬ ‫قلــت‪ :‬هذا‬
‫غــره من‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الطــن هــو ســيدُ نا آد ُم ‪ ،‬وأمــا‬ ‫ِمــ َن‬
‫ِ‬
‫النطفــة؛ بدليــل قولــه تعاىل‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫فمخلــوق مــن‬ ‫(((‬
‫النــاس‬

‫احلجر‪.27 :‬‬ ‫((( ‬


‫جامع البيان (‪ ،)542 / 1‬ومفاتيح الغيب (‪.)232 / 2‬‬ ‫((( ‬
‫مســلم يف كتاب يف الزهد والرقائق ‪ -‬باب يف‬ ‫ٌ‬ ‫حديث صحيح أخرجه‬ ‫((( ‬
‫أحاديث متفرقة ‪.)2996( -‬‬
‫فاملشــهور أهنا‬ ‫بعض اخلالف‪،‬‬
‫الســيدة حواء ‪ُ -  -‬‬ ‫ِ‬ ‫يف خلق‬ ‫((( ‬
‫ُ‬
‫قت من‬ ‫ِ‬
‫والتحقيق أهنا ُخل ْ‬
‫ُ‬ ‫ُخ ِل َق ْت من ضلع زوجها آد َم ‪،-  -‬‬
‫ِ‬
‫الطني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫خملوق منه وهو‬ ‫قت ممَّا هو‬ ‫ِ‬
‫ونوعه‪ ،‬فيعني ذلك أهنا ُخ ِل ْ‬ ‫ِ‬
‫جنسه‪،‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪22‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ﱫ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﱪ(((‪،‬‬
‫ب‬ ‫وج ِ‬ ‫سيدنا آدم وبق ّي ِة ذريتِه مل ُي ِ‬ ‫األصل بني ِ‬
‫ِ‬ ‫الف‬‫فكام أن اختِ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الشيطان‬ ‫ِ‬
‫أصل‬ ‫الف بني‬‫جنس ِيهام‪ ،‬فكذلك االختِ ُ‬ ‫ا ُملغاير َة بني َ‬
‫جنسيهام‪ ،‬وكذلك ِّاتا ُد ِ‬
‫أصل‬ ‫ِ‬
‫واملالئكة‪ ،‬ال ُي ِ‬
‫التغاير بني َ‬
‫َ‬ ‫ب‬‫وج ُ‬
‫غري ســ ِّي ِدنا‬
‫الناس ك َّلهم ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اجلنس؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫ب احتا َد‬ ‫اخللق ال ُي ِ‬
‫وج ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الرجال‪،‬‬ ‫جنس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آد َم خملوقــون م َن النطفة‪ ،‬ومع ذلــك ففيهم ُ‬
‫ِ‬
‫واحلرشات ‪-‬‬ ‫والطيور‬ ‫الدواب‬ ‫ِ‬
‫النســاء؛ وألن‬ ‫جنس‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وفيهم ُ‬
‫الطني كام أن اإلنســان كذلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الظاهــر ‪ -‬خملوق ٌة أيضا من‬ ‫يف‬
‫وأجناس هذه األشياء خمتلف ٌة متباين ٌة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وقد مجع اإلمــا ُم الطربي األدل َة الثالث َة الســابق َة‪ ،‬فر َّدها‬
‫إبليس ليس‬ ‫أن‬ ‫بقولِــه‪ِ ،...« :‬‬
‫وع َّل ُة َمن قال هذه املقال َة ‪ -‬أي‪ّ :‬‬
‫َ‬
‫ذكره ‪ -‬أخرب يف كتابه أنه خلق‬ ‫أن اهلل ‪ -‬تعاىل ُ‬ ‫ِم َن املالئكــة ‪ّ -‬‬
‫ْب عن‬ ‫إبليس من نار الســموم‪ ،‬ومــن مارج من نــار‪ ،‬ومل ُي ِ ْ‬ ‫َ‬
‫أخب أنه ِم َن‬ ‫ٍ‬
‫املالئكــة أنه خل َقها ِمن يشء ِمن ذلــك‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫وأن اهللَ َ َ‬
‫غري ما نســبه اهللُ إليه‪،‬‬ ‫ــب إىل ِ‬ ‫نس َ‬ ‫فغري ٍ‬
‫جائز أن ُي َ‬ ‫اجل ِّن‪ ،‬قالوا‪ُ :‬‬
‫َاس ُ‬
‫ــل‪ ،‬وال‬ ‫وذري ٌة‪ ،‬واملالئك ُة ال َت َتن َ‬
‫ــل‪ِّ ،‬‬ ‫نس ٌ‬ ‫وإلبليس ْ‬‫َ‬ ‫قالــوا‪:‬‬
‫ِ‬
‫معرفــة ِ‬
‫أهلها‪ ،‬وذلك‬ ‫ِ‬
‫ضعف‬ ‫َتت ََوا َلدُ ‪ ،‬وهــذه ِع َل ٌل ُتنْبِ ُئ عن‬

‫((( النحل‪.4 :‬‬


‫‪23‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫أصناف‬
‫َ‬ ‫ذكره ‪ -‬خ َل َق‬ ‫َ‬
‫يكون اهللُ ‪ -‬تعاىل ُ‬ ‫غري ُم ْســتنك ٍَر ْ‬
‫أن‬ ‫أنه ُ‬
‫بعضا ِمن ٍ‬
‫نور‪،‬‬ ‫خلقه شــتّى‪ ،‬فخ َل َق ً‬ ‫أصناف ِمن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مالئكتِه ِمن‬
‫غري ذلك‪ ،‬وليس يف ِ‬
‫ترك‬ ‫وبعضا ممَّا شــاء من ِ‬ ‫ً‬ ‫وبعضا من ٍ‬
‫نار‪،‬‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫وإخباره عام‬ ‫عم َخ َل َق منه مالئكتَه‪،‬‬
‫رب ّ‬‫اهلل ‪ -‬تعــاىل ذكره ‪ -‬اخل َ‬
‫خارجا ِمن معناهم؛ إذ‬ ‫ً‬ ‫وجب أن يكون‬ ‫إبليس مــا ُي ِ‬‫َ‬ ‫َخ َل َق منه‬
‫نار كان منهم‬ ‫كان جائزا أن يكون َخ َل َق صن ًفا ِمن مالئكتِه من ٍ‬
‫نار السمو ِم دون‬ ‫بأن َخ َل َقه من ِ‬
‫إبليس ْ‬ ‫َ‬ ‫إبليس‪ ،‬وأن يكون أ ْف َر َد‬
‫ُ‬
‫نس ٌل وذر ّي ٌة؛ َلِا‬ ‫ِ‬
‫غري ُم ْ ِرجه بأن كان له ْ‬
‫ِ‬
‫سائر مالئكته‪ ،‬وكذلك ُ‬ ‫ِ‬
‫سائر املالئكة‪َ ،‬لِا‬‫واللذة التي ن ُِز َع ْت من ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشهوة‬ ‫َركَّب فيه من‬
‫ذكره ‪ -‬عنه أنه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رب اهلل ‪ -‬تعاىل ُ‬ ‫أراد اهللُ بــه من املعصية‪ ،‬وأما خ ُ‬
‫ِ‬
‫األشياء ك ِّلها‬ ‫اجت َّن من‬
‫ــمى ما ْ‬ ‫فغري مدفو ٍع أن ُي َس َّ‬ ‫من اجل ِّن‪ُ ،‬‬
‫شــعر األعشى ‪ -‬فيكون‬ ‫ِ‬ ‫قبل يف‬ ‫األبصار جنًّا ‪ -‬كام ذكرنا ُ‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫ِ‬
‫أبصار بني آدم»(((‪.‬‬ ‫نانم عن‬ ‫إبليس واملالئك ُة منهم؛ الجتِ ِ‬
‫ُ‬
‫إبليس‬ ‫َ‬ ‫جرير يــرى أن‬‫ٍ‬ ‫و ُي ْف َهــم من هــذا ِّ‬
‫النص أن ابــ َن‬
‫َّ‬
‫اســتدل به املعتزل ُة‬ ‫كل ما‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‪ ،‬ويرى فســا َد ِّ‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫ِمــن‬
‫االختالف‬
‫ُ‬ ‫اخللق ال يلز ُم منه‬‫أصل ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأن اختِ َ‬
‫الف‬ ‫واملتكلمون‪ّ ،‬‬
‫خملوقني من ِ‬
‫النار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬
‫اجلنس‪ ،‬فيجوز أن يكون ُ‬ ‫يف‬

‫((( جامع البيان (‪.)543 - 542 / 1‬‬


‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪24‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫وإبليــس واحدٌ منهــم‪ ،‬وبعضهم خملوقني ِمــن ٍ‬


‫يشء آخر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وقد ُر ِو َي ذلك عن ســعيد بن جبري(((‪ ،‬كــا جيوز أن يكون‬
‫ٌ‬
‫خملوق من‬ ‫وإبليــس وحده‬ ‫ٍ‬
‫أصل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خملوقني من‬ ‫ِ‬
‫املالئكــة‬ ‫ُّ‬
‫كل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫النطفة‪ ،‬وآدم‬ ‫الناس ك َّلهم خملوقون من‬ ‫ونظري ذلك أن‬ ‫ِ‬
‫النار‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رسول اهلل ‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الطني‪ ،‬وســيدُ نا‬ ‫ٌ‬
‫خملوق من‬ ‫وحده‬
‫خملوق من ِ‬
‫النور‪ ،‬ومع ذلك مل‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫والشــيعة‬ ‫ِ‬
‫الصوفية‬ ‫عند مجاهري‬
‫الطربي أن‬
‫ُّ‬ ‫خيــرج ‪ِ -  -‬من جنس البرش‪ ،‬وزاد‬
‫ب املغايرةَ‪ ،‬ويؤكد ذلك ‪ -‬عندي‪-‬‬ ‫التناس َل والتوا ُلد ال ُي ِ‬
‫وج ُ‬ ‫ُ‬
‫عقيم‪ ،‬ومع ذلــك ال ُي َر ُج ِمن‬‫الناس َمــن جعله اهللُ ً‬ ‫ِ‬ ‫أن ِمن‬
‫ِ‬
‫النساء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنســانية‪ ،‬ومنهم من ن ُِزع منه اللذةُ‪ ،‬وشهو ُة‬ ‫ِ‬
‫جنس‬
‫ِ‬
‫الناس باإلمجاعِ‪.‬‬ ‫ومع ذلك فهو من‬
‫ينص عــى أن املالئكــ َة ُخ ِل ُقوا‬ ‫الطــري مل َّ‬
‫َّ‬ ‫لحــظ أن‬ ‫و ُي َ‬
‫مســكوت عنــه‪ ،‬ولعل‬ ‫ٌ‬ ‫َــر أن أص َلهم‬‫ُّور‪ ،‬بــل َذك َ‬ ‫ِمــن الن ِ‬
‫يصــح عنــده‪ ،‬أو مل ْ‬
‫يصل‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫البــاب مل‬ ‫املــروي يف‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫احلديــث‬
‫إبليــس ُخ ِل َق ِمن‬
‫َ‬ ‫تنصيصــه مرتني عىل أن‬‫ُ‬ ‫إليه‪ ،‬كــا ُي ْل َحظ‬
‫نــار‪ ،‬واآليــ ُة عىل خالف‬ ‫مــارج من ٍ‬
‫ٍ‬ ‫نــار الســموم‪ِ ،‬‬
‫ومن‬
‫ٍ‬
‫بيشء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النــار دون التقييد‬ ‫ذلك حيــث إنه ُخ ِل َق ِمــن ُمطلق‬

‫((( اجلامع ألحكام القرآن (‪. )439 / 1‬‬


‫‪25‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫ﱫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﱪ(((‪ ،‬وإنام‬
‫مارج من ٍ‬
‫نار‬ ‫إبليس من نار السموم ومن ٍ‬ ‫ُخ ِل َق ْت بقي ُة ِ‬
‫اجلن دون َ‬
‫كام يف قولِه‪ :‬ﱫ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱪ(((‪،‬‬
‫وقوله‪ :‬ﱫ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﱪ(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫مجهور املسلمني‬ ‫أن املالئك َة معصومون عند‬
‫الدليل الرابع‪ّ :‬‬
‫غري معصومني باإلمجاعِ‪ ،‬فوجب‬
‫وإبليس وذريتُه ُ‬
‫ُ‬ ‫كام ســبق‪،‬‬
‫التغا ُي ُر بينهام(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّبت‬ ‫وقد ُر َّد عليه بأنه اســ ُت ْثن ِي من عصمــة املالئكة‪ُ ،‬‬
‫ورك ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أمر شقائه(((‪.‬‬ ‫فيه غريز ُة الشــهوة واللذة؛ لا سبق يف عل ِم اهلل ُ‬
‫الدليل ‪ -‬عندي ‪ -‬أن يقال‪ :‬العصم ُة‬ ‫ِ‬ ‫واألوىل يف الر ِّد عىل هذا‬
‫اجلنس‪ ،‬فاألنبيا ُء معصومون عند مجهور‬ ‫ِ‬ ‫ب املغاير َة يف‬ ‫ال ت ِ‬
‫ُوج ُ‬
‫ِ‬
‫البرش باإلمجاع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جنس‬ ‫املســلمني‪ ،‬وعصمتُهم مل ُت ِْر ْجهم من‬
‫النــاس مل ُي ِر ْجهم من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنبياء من‬ ‫ِ‬
‫عصمة غــر‬ ‫كام أن عد َم‬

‫ص‪.76 :‬‬ ‫(( (‬


‫احلجر‪.27 :‬‬ ‫((( ‬
‫الرمحن‪.15 :‬‬ ‫(( (‬
‫املحــرر الوجيــز (‪ ،)125 - 124 / 1‬ومفاتيح الغيب (‪- 232 / 2‬‬ ‫(( (‬
‫‪ ،)233‬واجلامع ألحكام القرآن (‪.)440 - 439 / 1‬‬
‫((( اجلامع ألحكام القرآن (‪.)439 / 1‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪26‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ِ‬
‫القــول بعصمة املالئكة ‪ -‬مع أن‬ ‫ِ‬
‫البرشية أيضا‪ ،‬فعىل‬ ‫ِ‬
‫جنــس‬
‫ِ‬
‫االحتامل فيام ُي ُّ‬
‫ستدل به عىل ذلك‬ ‫وبعض‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫اخلالف‪،‬‬ ‫بعض‬ ‫فيه َ‬
‫إخراج الشيطان ِمن جنسهم فيام يظهر يل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬فإنه ال جيب منه‬

‫بنــص قوله‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫رســل اهللِ‬ ‫الدليــل اخلامــس‪ :‬أن املالئك َة‬
‫ﱫﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﱪ(((‪ ،‬واجلن ليسوا كذلك باإلمجاع (((‪.‬‬
‫ِ‬
‫اجلنس‬ ‫ب املغايــر َة يف‬ ‫ِ‬
‫الرســالة ال ُي ِ‬ ‫حتم َ‬
‫وج ُ‬ ‫ــل‬ ‫وأرى أن ُّ‬
‫بتحم ِل‬ ‫جنســهم‬ ‫الناس مل ُيْرجوا من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فرســل اهلل من‬ ‫أيضا‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫حتم ِّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرســالة‪ ،‬وبقي ُة‬
‫خير ُجوا من جنســهم؛ لعدم ُ‬ ‫الناس مل َ‬
‫ِ‬
‫املالئكة واجلــ ِّن؛ ويضاف إىل‬ ‫رســالة اهلل‪ ،‬وكذلك فيــا بني‬
‫ِ‬
‫املالئكة كام‬ ‫ذلك أنه يمكن ا ِّدعا ُء أن الرســال َة ليست يف مجيع‬
‫ســتدل عىل ذلك بقوله تعاىل‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫الناس؛ و ُي‬ ‫ليســت يف مجي ِع‬
‫ْ‬ ‫أهنا‬
‫ﱫ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﱪ(((‪.‬‬

‫(( ( فاطر‪.1 :‬‬


‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)233 / 2‬‬
‫(( ( احلج‪.75 :‬‬
‫‪27‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫مذهب‬ ‫املالئكة‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫جنس‬ ‫إبليس ِمن‬ ‫املذهب الثاين‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫كثري ِم َن‬ ‫اجلمهور ِمن ِ‬‫ِ‬
‫الفقهاء(((‪،‬‬ ‫أهل العلــ ِم ‪ ،‬وذهب إليه ٌ‬
‫(((‬

‫الطربي(((‪ ،‬واب ُن‬ ‫ُّ‬ ‫التأويل(((‪ ،‬منهم اب ُن جريــر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫أهــل‬ ‫وقال به‬
‫والقرطبي(((‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫عطي َة(((‪،‬‬
‫ِ‬
‫واملالئكة‬ ‫الفرق بني اجل ِّن‬ ‫ُ‬ ‫يصح‬ ‫ِ‬
‫املذهب أنه ال ُّ‬ ‫والز ُم هذا‬
‫بنص‬ ‫وخملوق من ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫بحجة ّ‬ ‫ِ‬
‫النار‪ِّ ،‬‬ ‫بنص اآلية‪،‬‬ ‫إبليس م َن اجل ِّن ِّ‬ ‫أن َ‬
‫إبليس ِمن‬ ‫ُ‬ ‫النــار‪ ،‬فإذا كان‬‫ِ‬ ‫اآليــة‪ ،‬كام أن اجل َّن قد ُخ ِلقوا من‬ ‫ِ‬
‫الفارق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بالرضورة؛ لِعدم وجود‬ ‫ِ‬ ‫املالئكة‪ ،‬فاجلــ ُّن أيضا منهم‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫أحياء‬ ‫ــي ِمن‬ ‫أصحاب هــذا القول‪ِ :‬‬
‫«اجل ُّن َح ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ومــن هنا قال‬
‫ٍ‬ ‫ور ِو َي ذلك عن ابن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عباس‪،‬‬ ‫ا َمل َلئكَة‪ ،‬وقبيل ٌة من قبائلهــم»‪ُ ،‬‬
‫وســعيد بن املســيب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جريج‪ ،‬وقتادةَ‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مســعود‪ ،‬وابن‬ ‫وابن‬
‫والضحاك ‪.(((‬‬

‫املحــرر الوجيز البن عطيــة (‪ ،)124 / 1‬واجلامع ألحــكام القرآن‬ ‫((( ‬


‫(‪.)438 /1‬‬
‫مفاتيح الغيب (‪.)232 / 2‬‬ ‫(( (‬
‫جامع البيان البن جرير الطربي (‪.)539 - 535 / 1‬‬ ‫((( ‬
‫جامع البيان (‪.)543 - 542 / 1‬‬ ‫((( ‬
‫املحرر الوجيز البن عطية (‪.) / 1‬‬ ‫((( ‬
‫اجلامع ألحكام القرآن (‪.)438 / 1‬‬ ‫((( ‬
‫(( ( جامع البيــان البن جريــر الطــري (‪ ،)539 - 535 / 1‬والنكت‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪28‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫أصحاب هذا املذهب بقوله تعاىل‪ :‬ﱫ ﮦ ﮧ‬


‫ُ‬ ‫ّ‬
‫استدل‬ ‫وقد‬
‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ‬
‫ِ‬
‫االستدالل يف أمرين‪:‬‬ ‫ﯓ ﯔ ﱪ(((‪ ،‬ويتم َّث ُل وج ُه‬
‫ِ‬
‫املالئكة بالســجود‪ ،‬ولو مل‬ ‫إبليس يف ِ‬
‫أمر‬ ‫ُ‬
‫دخــول‬ ‫األول‪:‬‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫يدخل يف‬ ‫املوج ِه إليهم‪ ،‬ولو مل‬
‫اخلطاب َّ‬ ‫ِ‬ ‫يكن منهم‪َ ،‬ملا دخل يف‬
‫ســجوده عصيانا‪ ،‬ولو مل يكن عصيانًا‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلطاب‪َ ،‬ملا كان عد ُم‬
‫والعقاب بالطرد واللعنة إىل يوم الدين(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫العتاب‬
‫َ‬ ‫ملا استحق‬
‫اخلطاب من باب املخالطة‬ ‫ِ‬ ‫وقد رد هذا الوج ُه بأنه دخل يف‬
‫واملجاورة‪ ،‬والتغليب وأجيب بأن ذلك يقتيض أال ُيلت َف َت إىل‬
‫ِ‬
‫امتثال األطفال املميزين‪ ،‬فإهنم منه ُّيون ‪-‬‬ ‫عدم امتِثالِه‪ ،‬كعد ِم‬
‫ِ‬
‫اخلمر‪ ،‬والزنى‪ ،‬والقتل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رشب‬ ‫ِ‬
‫والتغليب ‪ -‬عن‬ ‫ِ‬
‫املخالطة‪،‬‬ ‫بحق‬
‫بالصالة‪ ،‬والصدق‪ ،‬وأداء األمانة ونحو‬ ‫ِ‬ ‫والقذف‪ ،‬ومأمورون‬
‫والعتاب عند عد ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعقاب‬ ‫ذلك‪ ،‬ومع ذلك ال ُي ْل َت َفت إليهم‬
‫ِ‬
‫القول َّأل ُي ْل َت َف َت‬ ‫ِ‬
‫االمتثال لعدم البلوغِ‪ ،‬ومن هنا يلزم من هذا‬
‫مأمور بالسجود عن‬ ‫امتناعه عن الســجود؛ ألنه‬ ‫ِ‬ ‫إىل إبليس يف‬
‫ٌ‬
‫والعيــون للــاوردي (‪ ،)102 / 1‬واملحــرر الوجيــز البــن عطية‬
‫(‪ ،)124 / 1‬واجلامع ألحكام القرآن للقرطبي (‪. )438 / 1‬‬
‫(( ( البقرة‪.34 :‬‬
‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)234 - 233 / 2‬‬
‫‪29‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫ِ‬
‫خالف ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآليات عىل‬ ‫ورصيــح‬ ‫طريق التبع والتغليب‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املالئكـة‪ ،‬ولـو مل يدخل فيهم‬ ‫إبليـس ِمن‬ ‫الثـاين‪ :‬اسـتثنا ُء‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫واألصل يف‬ ‫ِ‬
‫االسـتثناء‪،‬‬ ‫إخراجـه منهـم عـن طريـق‬ ‫يصـح‬ ‫مل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ي َمل‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫متصل‪ ،‬وهـو ظاهر اآليـة ‪ ،‬وال ُ‬ ‫االسـتثناء أن يكـون‬
‫(((‬

‫ٍ‬
‫موجـودة‪ ،‬وال حاج َة‬ ‫ٍ‬
‫بقرينـة‪ ،‬وهـي غير‬ ‫على االنقطـا ِع إال‬
‫إليهـا أصال‪.‬‬
‫ِ‬
‫املالئكة عىل سبيل‬ ‫إخراجه من‬ ‫بأن‬ ‫ُ‬
‫االســتدالل ّ‬ ‫ور َّد هذا‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫واملخالطة‬ ‫ِ‬
‫املالزمة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالنظر إىل‬ ‫ِ‬
‫االمتثال؛‬ ‫االســتثناء عند عدم‬
‫ِ‬
‫الزمان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املالئكة مد ًة طويل ًة من‬ ‫فإبليس كان مع‬ ‫ِ‬
‫والتغليب(((‪،‬‬
‫ُ‬
‫واإلخبار‪ ،‬ومن هنا‬ ‫ِ‬ ‫كل ما خيصهم من األوامــر‪،‬‬ ‫فيدخل يف ِّ‬
‫وصــح أن ُيت ََو َّه َم دخو ُله يف‬ ‫ِ‬
‫املوجه إليهم‪،‬‬ ‫دخل يف اخلطاب‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫تقتض ت ََو ُّه َم ا ُمل َش َارك َِة‬
‫بالسجود؛ ألن املالزم َة ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلخبار عنهم‬
‫اجلريان‪ ،‬وقديام‬ ‫ِ‬ ‫وا ُملجاور ِة‪ ،‬وت ِ‬
‫ُوه ُم ا ُمل َســاو َة يف األحكام بني‬ ‫َ ََ‬
‫قالوا‪:‬‬
‫بج ر ِم اجلار‬
‫اجلار ُ‬
‫ُ‬ ‫قد يؤخذ‬

‫((( املحرر الوجيز (‪ ،)124 / 1‬ومفاتيــح الغيب (‪ ،)233 / 2‬واجلامع‬


‫ألحكام القرآن للقرطبي (‪.)439 - 438 / 1‬‬
‫((( الكشاف للزخمرشي (‪ ،)254 / 1‬ومفاتيح الغيب (‪.)233 / 2‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪30‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫منقطع‪ ،‬ودخو ُله‬


‫ٌ‬ ‫إبليس من املالئكة‬
‫َ‬ ‫وعىل هذا فاســتثنا ُء‬
‫ِ‬
‫التغليب‪ ،‬وأجيب بأن هذا االســتثنا َء املنقطع‬ ‫فيهم من باب‬
‫‪ -‬وإن ثبــت يف العربية ‪ -‬فإنه عىل خــاف األصل‪ ،‬وأمجع‬
‫حيم ُل عليه عند إمكان احلمل عىل االتصال‪،‬‬
‫العلام ُء عىل أنه ال َ‬
‫أن األدل َة التــي اعتمد عليها املتكلمون يف‬
‫ويضاف إىل ذلك ّ‬
‫ٍ‬
‫قطعيــة‪ ،‬وأهنا من‬ ‫غري‬ ‫ِ‬
‫إخراج الشــيطان من جنس املالئكة ُ‬
‫املالئكة ُي َعــدُّ ِمن ختصيص‬
‫ِ‬ ‫إبليــس من‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فكون‬ ‫ِ‬
‫العمومــات‪،‬‬
‫ِ‬
‫احلمل عىل االســتثناء‬ ‫وأكثر من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أســهل‪،‬‬ ‫العمومات‪ ،‬وهو‬
‫املنقطع يف كتاب اهلل ‪.(((‬‬
‫ِ‬
‫املالئكة‬ ‫تعريــف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫اجلمهــور هذا فإن‬ ‫وبنــا ًء عىل مذهب‬
‫ٍ‬
‫بأشــكال‬ ‫بـــ (أجســا ٌم لطيفــ ٌة َهوائِ َّي ٌة تقدر عىل التشــك ِ‬
‫ُّل‬
‫إبليس‬ ‫الساموات) ((( ‪ -‬كام ســبق ‪ -‬يشمل‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫خمتلفة مســكنُها‬
‫َ‬
‫األخري حيتاج‬ ‫اجل ِّن عىل حدٍّ ســواء‪ ،‬إال ّ‬
‫أن القيد‬ ‫و ُذ ِّر َيتَــه ِم َن ِ‬
‫َ‬
‫الســاوات)؛ ألن‬
‫ُ‬ ‫يشء ِمــ َن التعديــل‪ ،‬وهو (مســكنُها‬ ‫إىل ٍ‬

‫الرصيح ‪ -‬يف علمي ‪ -‬أهنا تســكن‬


‫ِ‬ ‫يثبت بالنــص‬
‫اجلــ َّن مل ْ‬
‫ٍ‬
‫وضوح ‪ -‬مــن قوله تعاىل‪:‬‬ ‫فهم ‪ -‬بكل‬ ‫ِ‬
‫يف الســاوات‪ ،‬بل ُي َ‬

‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)233 / 2‬‬


‫(( ( مفاتيح الغيب (‪.)175 / 2‬‬
‫‪31‬‬ ‫سإلا ءاملع دنع نيطايشلا موهفم ‪:‬لوألا ثحبملا‬

‫ﱫﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﱪ(((‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫ﱫ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﱪ(((‪،‬‬
‫ِ‬
‫االســتقرار فيها‬ ‫أهنم عاجزون عن الصعود إليها ً‬
‫فضل عن‬
‫ِ‬
‫كاملالئكة‪.‬‬
‫فإن للج ِّن تعري َفهم‬
‫وأمــا عىل مذهب املعتزلة واملتكلمني ّ‬
‫ِ‬
‫الســابق‪ ،‬ويمكن‬ ‫اخلــاص بحيث ال يدخلــون يف التعريف‬
‫َّ‬
‫تعري ُفهــم ‪ -‬يف ت ََص ُّوري ‪ -‬بأهنم‪( :‬أجســا ٌم لطيفــ ٌة هوائي ٌة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫خمتلفة‪ ،‬منهم‬ ‫ٍ‬
‫بأشكال‬ ‫ُخلِقت من ِ‬
‫النار‪ ،‬هلم قدر ٌة عىل التشك ِ‬
‫ُّل‬
‫الصاحلون‪ ،‬ومنهم دون ذلك)‪.‬‬

‫(( ( الرمحن‪.33 :‬‬


‫(( ( الرمحن‪.35 :‬‬
‫تأثري الشياطني على الناس‬
‫ِ‬
‫واألركان‬ ‫امت القطع ّي ِة‬ ‫اجلن ِمن ا ُملســ َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليامن بوجود ِ ِّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُي َعدُّ‬
‫مجهور علامء اإلسالم‪،‬‬ ‫املسل ِم‪ ،‬حيث ذهب‬ ‫ِ‬
‫عقيدة ِ‬ ‫اجلوهر َّي ِة يف‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫اجل َّن واملالئك َة ِمن‬ ‫أن ِ‬ ‫الســن َِّة واجلامعة إىل ّ‬ ‫أهل ُّ‬‫رأســهم ُ‬ ‫عىل ِ‬
‫ِ‬
‫بمالئكة‬ ‫َ‬
‫اإليامن‬ ‫حديث جربيل ّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫واحد‪ ،‬فإذا ثبت يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جنس‬
‫يندر ُجون يف ذلك‪ ،‬وحتى عند‬ ‫اجل َّن ِ‬ ‫فإن ِ‬ ‫اهلل ِمن حقيقة اإليامن‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫بالرضورة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الدين‬ ‫بوجود اجل ِّن معلو ٌم ِم َن‬
‫ِ‬ ‫املعتزلة فإن اإليامن‬
‫بالغيب عىل ما جاء يف قولِه تعاىل‪ :‬ﱫ ﭝ‬ ‫ِ‬ ‫ويدخل يف اإليامن‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱪ(((‪.‬‬

‫اجل ِّن‪ ،‬فإهنم ُمت َِّف ُقون عىل‬ ‫ِ‬


‫وجود ِ‬ ‫مجع ِ‬
‫املسل ُمون عىل‬ ‫وكام أ َ َ‬
‫بصفة عامة‪ ،‬عىل‬ ‫ٍ‬ ‫حياة اإلنسان‬ ‫التأثري السلبي عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قدرتم يف‬
‫ِّ‬
‫آيات‬
‫قدراتم يف ذلك‪ ،‬فقد تضافرت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حتديد قدْ ِر‬ ‫ٍ‬
‫اختالف يف‬

‫(( ( البقرة‪.3 :‬‬


‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪34‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫للشك يف‬‫ِّ‬ ‫ٍ‬


‫بنصوص ال تدع جماال‬ ‫الذكر احلكيم‪ ،‬واستفاضت‬
‫اإلزالل‪ ،‬واإلزال ُة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الشيطان حينا‬ ‫َم َض ِامينِها‪ ،‬حيث ن ُِسب إىل‬
‫والتزيني‪ ،‬كام ُأ ْســنِدَ ْت إليه‬
‫ُ‬ ‫ــب إليه اإلغوا ُء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وحينا ثانيا نُس َ‬
‫رصاط اهلل املستقي ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واألمر‪ ،‬والقعو ُد عىل‬ ‫حينا الوسوســ ُة‪،‬‬
‫ُ‬
‫دة يف احلديث‬ ‫وكذلك ما ورد من األحاديــث الرشيفة املتعدِّ ِ‬
‫شع اهللُ‬ ‫ومن ِ‬‫عمل الشــيطان يف حياة البرش؛ ِ‬ ‫عن ِ‬
‫أجل ذلك َ َ‬
‫وحذ َرهم عنه َ‬
‫أبلغ‬ ‫ِ‬
‫االســتعاذة منه‪َّ ،‬‬ ‫عىل الناس أن يكثروا ِم َن‬
‫ِ‬
‫الذكــر احلكي ِم‪ ،‬حتى كان َّأو ُل ما ُي ْ َ‬
‫ش ُع‬ ‫التحذير يف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ما‬
‫القرآن الكري ِم هو االستعاذة ِمن هذا‬ ‫ِ‬ ‫للمسل ِم ْ‬
‫أن يبدأ به تالو َة‬
‫الشــيطان ال َّل ِع ِ‬
‫ني الرجي ِم‪ ،‬فقال احلق‪ :‬ﱫ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱪ(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫القرآن الكري ِم عن الشيطان‬ ‫ِ‬
‫اآليات الوارد َة يف‬ ‫واحلق ّ‬
‫أن‬
‫وبني اهلل ‪،‬‬ ‫رة بينه َ‬ ‫و ُذريتِه ممــا جرى ِمن ا ُملحــاو ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ِّ َ ّ‬
‫ُفر َد بالتأليف‪ ،‬وأن‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫القرآن من أقواله تســتح ُّق أن ت َ‬ ‫وما حكى‬
‫اجلــودة والد َّق ِة‪ ،‬وذلك من‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رســائل علمي ٌة عالي ُة‬ ‫َب فيها‬
‫تُكت َ‬
‫الناحية النحوية‪ ،‬ومن الناحية البالغية‪ ،‬ومن الناحية الفقهية‪،‬‬
‫َ‬
‫األبلغ‬ ‫الكالم َّي ِة‪ ،‬وهيمني هنــا أن ُأ ِ‬
‫ور َد ما أراه هو‬ ‫ِ‬ ‫والع َق ِدي ِ‬
‫ــة‬ ‫َ َّ‬

‫((( النحل‪.98 :‬‬


‫‪35‬‬ ‫سانلا ىلع نيطايشلا ريثأت ‪:‬يناثلا ثحبملا‬

‫واألقوى يف التعبري عن تأثري الشياطني عىل الناس من بني ِ‬


‫آي‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬وهي عىل النحو اآليت‪:‬‬

‫األول‪ :‬قوله تعاىل‪ :‬ﱫ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬


‫ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ‬
‫ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﱪ(((‪.‬‬
‫احلوار بني‬ ‫هذا املوضع ِمــن أبل ِغ ا َملو ِ‬
‫اض ِع التي جرى فيها‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫الشيطان ر َّبه‬ ‫اهلل ‪ ،‬وبني الشــيطان‪ ،‬فقد خاطب‬
‫ِ‬
‫االستجابة‬ ‫صاغرا ذليال‪ ،‬وبعد‬ ‫جلن ِّة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫بعد طرده وإخراجه م َن ا َ‬
‫لدعوتِــه يف بقاء حياتِه إىل يو ِم الدين‪ ،‬وأقســم به عليه أنه لن‬
‫ُي َق ِّص يف صدِّ الناس عن رصاطِه املســتقي ِم‪ ،‬وأنه سيقعد هلم‬
‫ِ‬
‫اجلهات‬ ‫ٍ‬
‫مرصد‪ ،‬من‬ ‫ســبيل‪ ،‬وســيرت َّبص هبم يف وكل‬ ‫ٍ‬ ‫يف كل‬
‫أكثرهم‬ ‫ِ‬
‫األربعــة كلهــا‪ ،‬وأن اهللَ ‪ -  -‬ال جيــد َ‬
‫حتص كــا وقع ذلك منه‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫شــاكرين لن َعمه التــي ال ُت َعدُّ وال َ‬
‫اآلية أك َث ُر ِحدَّ ةً‪ ،‬وأكرب ثق ًة بنفســه ِمن‬
‫والغريب أنــه يف هذه ِ‬
‫ُ‬
‫بي‬ ‫نقل ِ‬
‫كالمه‪ ،‬و ُيلحظ أنه هنا َّ َ‬ ‫ِ‬
‫ســائر املواض ِع التي ورد فيها ُ‬
‫الناس‪ ،‬وكراهيتِه إياهم‪ ،‬وهو أن اهلل أغواه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫حقده عىل‬‫سبب ِ‬
‫َ‬
‫فنسب اإلغوا َء إىل اهلل‪ ،‬وأنه ســ ُي ْغ ِوي عبا َده كام أغواه‪ ،‬وهذا‬

‫((( األعراف‪.17 - 16 :‬‬


‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪36‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫عمل الشــيطان يف‬ ‫دل عىل ٍ‬


‫يشء فإنه يدل عىل أن َ‬ ‫اخلطاب إن َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان‪ ،‬كام أن كتاب َة اهلل يف‬ ‫ِ‬
‫لضالل‬ ‫ِ‬
‫حياة اإلنســان ليس سببا‬
‫السبب يف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وضالل من يضل ال ُت َعدُّ‬ ‫ِ‬
‫األزل هلداية من هيتدي‪،‬‬
‫ِ‬
‫األشقياء‪،‬‬ ‫سعاة الســعداء ‪ -‬جعلنا اهلل منهم ‪ -‬وال يف شقاوة‬
‫فكأن الشــيطان يعرض عىل الناس سبي َله‪ ،‬و ُي َز ِّين هلم ضال َله‬
‫كام يبني اهللُ للناس أن يضلوا‪ ،‬ويدعوهم إىل دار الســا ِم عىل‬
‫سواء‪.‬‬

‫الثــاين‪ :‬قولــه تعــاىل‪ :‬ﱫ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ‬


‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﱪ(((‪.‬‬
‫ُ‬
‫الشــيطان له؛‬ ‫قــد أخربنــا اهلل ‪ -  -‬بام قاله‬
‫املفروض ِمن ِ‬
‫عباد اهلل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حيث أقســم عىل أنه ســيأخذ نصي َبه‬
‫ِ‬
‫الضالل‪ ،‬كام‬ ‫جهنم وحده‪ ،‬وأنه ســيدعوهم إىل‬ ‫َ‬
‫يدخل‬ ‫ولن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الكاذبة‬ ‫ســيبش حز َبه باألماين‬
‫ِّ‬ ‫يدعو األنبيا ُء إىل اهلدى‪ ،‬وأنه‬

‫((( النساء‪.120 - 118 :‬‬


‫‪37‬‬ ‫سانلا ىلع نيطايشلا ريثأت ‪:‬يناثلا ثحبملا‬

‫ِ‬
‫الوعود‬ ‫يبش األنبيا ُء املؤمنني بام عند اهلل ‪ ‬من‬ ‫كام ِّ‬
‫سيحر ُضهم عىل ِ‬
‫تغيري رشيعة‬ ‫ِ‬
‫التحقيق‪ ،‬وأنه‬ ‫ِ‬
‫القطعية‬ ‫الصادقة‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫خســارة‬ ‫ِ‬
‫بتصوير‬ ‫ِ‬
‫وتبديلها‪ ،‬ثم ختم اهلل اآليات‬ ‫ِ‬
‫وحتريفها‬ ‫اهلل‬
‫ِ‬
‫وإفساده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تضليله‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الشيطان يف‬ ‫َمن نجح‬

‫الثالــث‪ :‬قولــه تعــاىل‪ :‬ﱫ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬


‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﱪ(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حوار‬ ‫ُ‬
‫الشــيطان بعد‬ ‫قد حكت هذه اآلي ُة الكريم ُة ما قاله‬
‫ألمر اهلل‬ ‫ِ‬
‫االمتثال ِ‬ ‫رب العا َلِني‪ ،‬وكان َّأو ُلــه َ‬
‫رفض‬ ‫بينــه وبني ِّ‬
‫والرجــم‪ ،‬واللعن ُة‪ ،‬ثم طلب أن ِّ‬
‫يؤخ َر‬ ‫ُ‬ ‫تعاىل‪ ،‬وهنايتُه الطر ُد‪،‬‬
‫اهللُ له أج َلــه‪ ،‬فتكون له احليــا ُة ِمن َّأو ِل الدنيــا إىل هنايتِها‪،‬‬
‫ِ‬
‫داخله من‬ ‫فاســتجاب اهللُ له‪ ،‬وكتب له ذلك‪ ،‬ثم بني هلل ما يف‬
‫ِ‬
‫الطويلة ك ِّلها‬ ‫ضحي بحياتِه‬ ‫ِ‬
‫الرش والعداوة لبني آد َم‪ ،‬بحيث ُي ِّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والتحريض‬ ‫الرش‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للنيل منهم‪ ،‬وذلك ُ‬ ‫ِ‬
‫النيل عن طريق تزيني ِّ‬
‫ِ‬
‫معصية اهلل‪ ،‬وحماولة إفشــال اإلنسان يف‬ ‫ِ‬
‫والرتغيب يف‬ ‫عليه‪،‬‬
‫ُ‬
‫الشــيطان تزيينًا وإغوا ًء‬ ‫كل ما ينفعه يف دنياه وأخراه‪ ،‬فسامه‬

‫((( احلجر‪.40 - 39 :‬‬


‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪38‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ِ‬
‫مواض َع أخرى كقوله‪ :‬ﱫ ﰕ ﰖ‬ ‫يف هذا املوضــعِ‪ ،‬ويف‬
‫(((‬
‫ﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﱪ‬
‫وبي هللِ أنه ال ينجــو منه أحدٌ ِمن ذري ِ‬
‫ــة آدم إال َمن أخ َل َصه‬ ‫ِّ َ‬ ‫َّ‬
‫اهللُ من عباده‪ ،‬بحيث ال جيد الشــيطان إليهم سبيال‪ ،‬وهنا ر َّد‬‫ِ‬
‫ســلطان عىل مجيع عباده بغض‬‫ٌ‬ ‫اهللُ عليه‪ ،‬وبني له أنه ليس له‬
‫ب أحدا عىل‬ ‫يَِ‬ ‫ِ‬
‫إخالص اهللِ هلم‪ ،‬فإنه ال يستطيع أن ُ ْ‬ ‫النظر عن‬
‫لنفسه‪،‬‬‫الضالل‪ ،‬وعىل صدّ ه عن سبيل اهلل‪ ،‬إال من أراد ذلك ِ‬‫ِ‬
‫َ‬
‫وفض َله عىل رصاط اهلل املستقي ِم‪ ،‬فقال‬ ‫واختار َ‬
‫سبيل الشيطان َّ‬ ‫َ‬
‫احلــق‪ :‬ﱫ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﱪ(((‪ ،‬وقــال يف موضع آخر‪ :‬ﱫ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﱪ(((‪.‬‬
‫الكريم تأثري الشــيطان عىل بني آدم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫صو َر‬
‫هكــذا َّ‬
‫سلطان له عىل ٍ‬
‫أحد‪ ،‬وال يتب ُعه‬ ‫َ‬ ‫وقد قال اهلل للشــيطان‪ :‬إنه ال‬
‫ِ‬
‫وبنفسه‪،‬‬ ‫نفســه‪ ،‬وأراد ذلك لنفسه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رت به إال من سفه َ‬ ‫وال يغ ُّ‬

‫(( ( ص‪.83 - 82 :‬‬


‫((( احلجر‪.42 :‬‬
‫((( النحل‪.100 - 99 :‬‬
‫‪39‬‬ ‫سانلا ىلع نيطايشلا ريثأت ‪:‬يناثلا ثحبملا‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سيعرتف به‬ ‫أمره‪ ،‬وهو ما‬‫األبواب‪ ،‬و ُي َس ِّل ُم له َ‬
‫َ‬ ‫للشيطان‬ ‫فيفتح‬
‫القيامة أما َم اهللِ‪ ،‬ذلك اليو ُم الذي ال ينطِ ُق‬
‫ِ‬ ‫نفسه يوم‬ ‫ُ‬
‫الشيطان ُ‬
‫القرآن عن ذلك بقولِه‪ :‬ﱫ ﮌ ﮍ‬ ‫ُ‬ ‫عب‬
‫باحلق كام َّ‬
‫أحدٌ إال ِّ‬
‫ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ‬
‫ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ‬
‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ‬
‫ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﱪ(((‪.‬‬
‫السلبي يف‬ ‫ِ‬
‫التأثري‬ ‫ِ‬
‫الشــيطان عىل‬ ‫يتجل أن قدر َة‬‫وممّا تقدَّ م َّ‬
‫ِّ‬
‫مسلم‪،‬‬ ‫يشك فيها‬ ‫ِ‬
‫الثبوت ال ينبغي أن َّ‬ ‫اإلنســان ِ‬
‫قطع ّي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حياة‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫كاألنبياء‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫والشــياطني بالنسبة للتأثري السلبي يف ِ‬
‫حياة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫التأثري اإلجيايب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واألوليــاء يف‬ ‫ِ‬
‫العلامء‬ ‫والرســل وورثتِهم من‬
‫ِ‬
‫ومن هنا قال احلــق ‪ :‬ﱫ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫وقوع النف ِع من الشياطني‬
‫ُ‬ ‫ﮏ ﮐ ﱪ(((‪ ،‬وأ ّما‬
‫رصيح ِم َن الوح َي ْ ِ‬
‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫يف بنــي آدم فإنه ِمَّا ال يكاد يظهر له ٌ‬
‫دليل‬
‫اإلنســان بشــهواتِه‬
‫ُ‬ ‫ــن‪ ،‬وما هو إال أوهام ِ‬
‫يؤم ُن هبا‬ ‫ٌ‬ ‫الرشي َف ِ‬

‫((( إبراهيم‪.22 :‬‬


‫((( األنعام‪.121 :‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪40‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ِ‬
‫والنقل‪ ،‬وبإغواء الشيطان إياه‪ ،‬فإذا‬ ‫وذهولِه عن دليل العقل‬
‫اإلنســان أن ينتفع باجلن‪ ،‬ويستعني هبم عىل ٍ‬
‫أمر مل يكن‬ ‫ُ‬ ‫توهم‬
‫َّ‬
‫غرضه إىل عكس ما يتمناه‪ ،‬عىل ما يظهر يف‬
‫له إال أن ينقلــب ُ‬
‫قولــه تعــاىل‪ :‬ﱫ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﱪ(((‪.‬‬
‫واهلل تعاىل أعىل وأعلم‪.‬‬

‫(( ( اجلن‪.6 :‬‬


‫معنى تصفيد الشياطني يف رمضان‬

‫يتبين‬
‫مـن خلال املبحـث السـابق يمكـن للقـارئ أن َّ َ‬
‫ِ‬
‫وتقييدهـا‪ ،‬و َغ ِّلهـا‬ ‫ِ‬
‫ومـردة اجلـ ِّن‬ ‫ِ‬
‫الشـياطني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تصفيـد‬ ‫معنـى‬
‫متعـددة‪ ،‬عـن أيب‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫روايـات‬ ‫وس ْل َسـ َلتِها كما وردت يف‬
‫َ‬
‫بعضهـا(((‪ ،‬أنـه ‪-‬‬ ‫هريـرة ‪ -  -‬سـبقت اإلشـار ُة إىل ِ‬
‫أبـواب‬
‫ُ‬ ‫رمضـان‪ُ ،‬فت َِّحـت‬
‫ُ‬ ‫‪ - ‬قـال‪« :‬إذا جـاء‬
‫أبـواب النار‬
‫ُ‬ ‫اجلنـة‪ - ،‬ويف روايـة‪ :‬أبـواب السماء‪ -‬و ُغ ِّلقـت‬
‫‪ -‬ويف روايـة‪ :‬أبـواب النيران‪ ،‬ويف أخرى‪ :‬أبـواب جهنم ‪،-‬‬
‫الشـياطني»(((‪ ،‬وبروايـة أخـرى عنـد الرتمـذي‪:‬‬ ‫ت‬‫وص ِّفـدَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشـياطني‪،‬‬ ‫رمضـان‪ ،‬ص ِّف ِ‬
‫ـدت‬ ‫ِ‬
‫شـهر‬ ‫أول ٍ‬
‫ليلـة مـن‬ ‫«إذا كان ُ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫باب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النـار‪ ،‬فلـم ُيفت َْح منهـا ٌ‬ ‫أبواب‬
‫ُ‬ ‫اجلـن‪ ،‬وغ ِّلقـت‬
‫ِّ‬ ‫وم َـر َد ُة‬‫َ‬
‫اجلنـة‪ ،‬فلم يغ َلـق منها بـاب‪ ،‬وينـادي م ٍ‬
‫ناد‬ ‫ِ‬ ‫أبـواب‬ ‫وفت َِّحـت‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫(( ( ينظر‪( :‬ص‪.)7-6 :‬‬


‫(( ( ينظر‪ :‬فتح الباري (‪.)275 - 273 / 6‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪42‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـي ِ‬
‫اخلري أ ْقبِ ْ‬ ‫ِ‬
‫تقاء من‬ ‫الشر أ ْق ْ‬
‫صر‪ ،‬وهللِ ُع ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ـي‬
‫ـل‪ ،‬ويا باغ َ‬ ‫يـا باغ َ‬
‫كل ٍ‬
‫ليلـة»(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫النـار‪ ،‬وذلـك َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشــياطني من‬ ‫أن ا ُملرا َد هبذا التصفيد هو ُ‬
‫منع‬ ‫والظاهــر ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫املعاص‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والتحريض عىل‬ ‫ِ‬
‫للشــهوات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلثارة‬ ‫ِ‬
‫قدرتــم عىل‬
‫ِ‬
‫ومتويه‬ ‫ِ‬
‫الصدور‪،‬‬ ‫الســيئة‪ ،‬والوسو ِ‬
‫ســة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألعامل‬ ‫ِ‬
‫والتزيني‬
‫َ ْ َ‬
‫مريض‪ ،‬وهو يف منتهى‬ ‫ُ‬
‫اإلنســان أنه ٌ‬ ‫ِ‬
‫احلقائق‪ ،‬بحيث يشــعر‬
‫ٍ‬
‫ســبب‪ ،‬ويشــعر‬ ‫ِ‬
‫والعافية‪ ،‬ويشــعر أنه حزي ٌن بال‬ ‫الصحــة‬
‫ِ‬
‫كزوجه أو أخيه قد أســاء إليه‪ ،‬وهو‬ ‫أقــرب الناس إليــه‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫والراحة يف فعل الرش‪،‬‬ ‫فعل ِ‬
‫اخلري‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالضيق يف ِ‬ ‫برا ٌء‪ ،‬ويشــعر‬
‫وتصويرهم األشــيا َء عىل غــر حقيقتِها‪ ،‬فهــم ال يقدرون‬
‫ِ‬
‫عــى ذلك يف هذا الشــهر العظيم‪ ،‬وتصفيدُ هــم هذا حيتمل‬
‫َ‬
‫سالسل كام‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة‪ ،‬ف ُيح َبســون‪ ،‬و ُيق َّيدون يف‬ ‫أن يكون عىل‬
‫ٍ‬
‫صورة‬ ‫واملجرمون يف الســجون عىل‬‫ِ‬ ‫الرشيرةُ‪،‬‬
‫الدواب ِّ‬
‫ُّ‬ ‫تُق َّيدُ‬
‫ِ‬
‫املجاز‪،‬‬ ‫تليق بعقاب جنس الشــياطني‪ ،‬وحيتمل أن يكون عىل‬
‫ِ‬
‫رشورهم عن الناس َ‬
‫طوال هذا‬ ‫تصويرا جمازيا إليقاف‬
‫ً‬ ‫فيكون‬
‫الشهر املبارك(((‪.‬‬

‫((( سبق خترجيه (ص‪.)7 :‬‬


‫(( ( ينظر‪ :‬فتح الباري (‪.)275 - 274 / 6‬‬
‫‪43‬‬ ‫ناضمر يف نيطايشلا ديفصت ىنعم ‪:‬ثلاثلا ثحبملا‬

‫ِ‬
‫نصـوص أهـل العلـم‬ ‫ِ‬
‫خلال تت ُّبـ ِع‬ ‫غير أنـه يظهـر مـن‬
‫ِ‬
‫التصفيـد عىل‬ ‫ِ‬
‫حتديـد معنـى‬ ‫يف املسـألة أهنـم قـد اختلفـوا يف‬
‫ِ‬
‫األقـوال اآلتيـة‪:‬‬

‫األول‪ :‬أنّه بمعنى منع الشــياطني من القدرةعىل اسرتاق‬


‫األغالل والسالسل عليهم‪ِ ،‬‬
‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الســاء بوض ِع‬ ‫السم ِع ِم َن‬
‫ُ‬
‫احلديث بتحصني املسلمني من إيذاء الشياطني‬ ‫هنا فال يتع َّلق‬
‫يف شهر رمضان‪.‬‬

‫الشــياطني)‬ ‫يقول اإلمام ابن حجر‪« :‬قوله‪( :‬وس ْل ِســ َل ِ‬


‫ت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫الشــياطني ُم َ ِ‬
‫ستقوا‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫قال احل َل ِ‬
‫يم ُّي‪ :‬حيتمل أن يكون املرا ُد ّ‬ ‫ُ‬
‫دون أ ّي ِامه؛‬
‫وأن ت ََس ْل ُس َلهم يقع يف ليايل رمضان َ‬
‫السم ِع منهم‪ّ ،‬‬
‫فزيدوا‬ ‫القرآن ِمن ِ‬
‫است ِاق السمعِ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نزول‬ ‫ألهنم ُمنِعوا يف ِ‬
‫زمن‬
‫ِ‬
‫احلفظ» (((‪.‬‬ ‫الت ََّس ْل ُس َل مبالغ ًة يف‬

‫الثــاين‪ :‬أنــه بمعنى ختفيف قدرة الشــياطني عــى افتتان‬


‫املســلمني وإغواهــم الشــتغاهلم بالصيا ِم الــذي هو ُ‬
‫قمع‬
‫بعض‬
‫أمراض الرصع التي يعاين منها ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الشهوات‪ ،‬وال يعني أن‬

‫(( ( ينظر‪ :‬فتح الباري (‪.)274 / 6‬‬


‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪44‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫الناس ال يكون يف رمضان؛ ألن الواقع بخالفِه(((‪.‬‬


‫ِ‬

‫احلقيقـي‪ ،‬أو املجازي‪،‬‬


‫ِّ‬ ‫الثالـث‪ :‬أن التصفيـدَ على معنـاه‬
‫ِ‬
‫بأعيانـم ال‬ ‫ارهـم‪ ،‬فهـم‬ ‫ِ‬
‫بمـردة اجلـ ِّن وك ّف ِ‬ ‫خـاص‬ ‫وهـو‬
‫ٌّ‬
‫يقـدرون عىل إيـذاء الناس‪ ،‬وال عىل الوسوسـة يف صدورهم‬
‫يف شـهر رمضـان(((‪.‬‬
‫فإن تســاءل أحدٌ ّ ِ‬
‫بأن م َن الناس َمن ال يتو َّقف ُّ‬
‫رشهم يف‬
‫رمضان‪ ،‬وال يزيدون فيه إال فسادا وطغيانا‪ ،‬وكيف ُيو َّف ُق بني‬
‫ِ‬
‫تصفيد الشياطني يف هذا الشهر؟‬ ‫ذلك وبني‬

‫الرش مطلقا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فاجلــواب ّ‬


‫احلديــث ال يدل عىل توقــف ِّ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬
‫والشــياطني ‪ -‬كــا ســبق ‪ -‬ليس هلم‬
‫ُ‬ ‫يف شــهر رمضــان‪،‬‬
‫أحــد ِمــن عبــاد اهلل‪ُّ ،‬‬
‫وكل مــا يملكون هو‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ســلطان عىل‬
‫وتزيــن املعايص‬
‫ُ‬ ‫للــر يف صــورة ِ‬
‫اخلري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العرض‬ ‫جــود ُة‬
‫فاإلنســان هو الــذي يقتنع بــا ُع ِرض له‬
‫ُ‬ ‫وكأهنــا ُق ُر ٌ‬
‫بات‪،‬‬
‫تقرير ذلــك من قوله‪:‬‬ ‫من الرش‪ ،‬وخيتاره ِ‬
‫لنفســه كام ســبق‬
‫ُ‬
‫(( ( ينظر‪ :‬فتح الباري (‪.)274 / 6‬‬
‫((( ينظر‪ :‬فتح البــاري (‪ ،)275 - 274 / 6‬واملعيار املعرب للونرشييس‬
‫(‪.)426 - 425 / 1‬‬
‫‪45‬‬ ‫ناضمر يف نيطايشلا ديفصت ىنعم ‪:‬ثلاثلا ثحبملا‬

‫ﱫﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﱪ(((‪ ،‬ومن قوله‪ :‬ﱫ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ‬
‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﱪ(((‪ ،‬وإذا كان‬
‫فيمن شحنت‬ ‫أثر َ‬ ‫األمر كذلك فتقييدُ الشــياطني ال يكون له ٌ‬ ‫ُ‬
‫ُشــح ُن األجهز ُة اإللكرتوني ُة من‬‫َ‬ ‫كم ت‬ ‫نفوســهم َ‬ ‫الشــياطني َ‬
‫ُ‬
‫بعملها‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬
‫الصالحيــة يف القيا ِم ِ‬ ‫الكهربــاء‪ ،‬فيكون هلا متا ُم‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الناس‬ ‫بعض‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفــوس‬ ‫الكهربائي‪ ،‬فيكون يف‬
‫ُّ‬ ‫انقطع اجلهــاز‬ ‫َ‬
‫الباطل واملعايص يف شهر رمضان‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫وانغراق يف‬ ‫الرش‪،‬‬
‫ركون إىل ِّ‬ ‫ٌ‬
‫أثر‬
‫ثم ال يكون لتصفيد الشياطني ٌ‬ ‫كغريه من الشــهور‪ ،‬ومن ّ‬ ‫ِ‬
‫سلوكهم يف أيام رمضان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ظاهر عىل‬ ‫ٌ‬
‫الناس كالذيــن َي ِْل ُطون عمال صاحلا‬ ‫ِ‬ ‫غريهم ِمــ َن‬ ‫وأ ّما ُ‬
‫لبعض الضعف يف أنفســهم‪ ،‬بحيث تنال منها‬ ‫ِ‬ ‫وآخر ســ ِّيئا‬ ‫َ‬
‫املتغيون وا ُمل ِفيدون‬ ‫ِ‬
‫الشــياطني يف بعض األحوال‪ ،‬فإهنم هم ِّ‬ ‫ُ‬
‫تأثري عىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من تصفيد الشــياطني‪ ،‬فإذا كان إلغواء الشياطني ٌ‬
‫((( احلجر‪.42 :‬‬
‫((( النحل‪.100 - 98 :‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪46‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫ِ‬
‫والرمحة‬ ‫ِ‬
‫املغفرة‬ ‫أبــواب‬ ‫الناس كام ســبق‪ ،‬فــإن اهلل يفتح هلم‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وجنده‪ ،‬ولذلك‬ ‫ِ‬ ‫إبليس‬ ‫ربا لِا ُي َعانُونَــه ِمن جهة‬
‫َ‬ ‫فأكثر ج ً‬
‫َ‬ ‫أكثر‬
‫َ‬
‫صاة يف هذا الشهر‪ُ ،‬فروي عن‬ ‫وجتاوزه عن الع ِ‬ ‫عفوه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رفع اهللُ َ‬
‫رت‬‫رج ٍل ُذكِ ُ‬ ‫ــم ُ‬
‫أنف ُ‬
‫أيب هريرة أنه ‪ ‬قال‪ِ :‬‬
‫«رغ َ‬‫َ‬
‫رمضان‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫رجل دخل عليه‬ ‫ُ‬
‫أنــف‬ ‫عنده فلم يص ِّل عيل‪ِ ،‬‬
‫ورغ َم‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬
‫رجل أدرك عنده أبواه‬ ‫ٍ‬ ‫قبل أن ُيغ َف َر له‪ ،‬ورغم ُ‬
‫أنف‬ ‫انس َل َخ َ‬
‫ثم َ‬
‫دخاله اجلنــ َة»(((‪ ،‬وعن جابر بن عبد اهلل أن النبي‬ ‫الكِب فلم ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫رب يوما‪ ،‬فلام َر ِق َي الدَّ َر َج َة األوىل‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫‪َ -  -‬رق َي املن َ‬
‫رق َي الثالث َة‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫رقي الثاني َة‪ ،‬فقال‪ :‬آمني‪ ،‬ثم ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬آمني‪ ،‬ثم َ‬
‫َ‬
‫ثالث‬ ‫ســم ْعناك تقــول‪ :‬آمني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫رســول اهللِ‬ ‫آمني !‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا‬
‫ُ‬
‫جربيل‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫يت الدرج َة األوىل جاءين‬ ‫مرات؟ فقال‪ّ « :‬ملا َر ِق ُ‬
‫ٍ‬

‫رمضان‪ ،‬فانســ َلخ منه‪ ،‬ومل ُيغ َف ْر له‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫أدرك‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫شــق َي عبدٌ َ‬
‫أدر َك والدَ يه أو أحدَ مها فلم ُيدْ ِخاله‬ ‫ِ‬
‫آمني‪ ،‬ثم قال‪ :‬شق َي عبدٌ َ‬
‫رت عنده ومل ِّ‬
‫يصل‬ ‫شق َي عبدٌ ُذكِ َ‬ ‫اجلن َة‪ ،‬فقلت‪ :‬آمني‪ ،‬ثم قال‪ِ :‬‬

‫عليك‪ ،‬فقلت‪ :‬آمني»(((‪.‬‬

‫((( أخرجه الرتمذي يف أبواب الدعوات ‪ -‬رقم (‪.)3545‬‬


‫(( ( أخرجــه البخــاري يف األدب املفــرد ‪ -‬بــاب َمن ذكر عنــده النبي‬
‫صل عليه ‪ -‬رقم (‪.)644‬‬ ‫‪ ‬فلم ُي ِّ‬
‫‪47‬‬ ‫ناضمر يف نيطايشلا ديفصت ىنعم ‪:‬ثلاثلا ثحبملا‬

‫وجاء يف املعيار أنه ُس ِئل الشــيخ أبو احلسن القابيس عن‬


‫ني ت َُص َّفدُ يف رمضان»‪،‬‬ ‫«إن َّ ِ‬
‫الش َياط َ‬ ‫معنى قوله ‪ّ :‬‬
‫َجدُ ِم َن املسلمني َمن‬
‫ــو ُس يف رمضان‪ ،‬ون ِ‬ ‫ونحن ن ِ‬
‫َجدُ ها ت َُو ْس ِ‬
‫عص يف رمضان؟‬ ‫ي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وســوس وهــو مص َّفدٌ ‪ ،‬ثم قــال‪ :‬كنت بــ‬ ‫فقال‪« :‬قد ُي‬
‫رجل ِمن ِ‬
‫أهل‬ ‫(املنســتري) يف بعض الرمضانات‪ ،‬وكان هبــا ٌ‬
‫الشــيخ‪ :‬فأنا جالِ ٌس‬
‫ُ‬ ‫القرآن‪ ،‬وكانت به ُع ْر َض ٌة َ‬
‫ترص ُعه‪ ،‬قال‬
‫فالن‪ ،‬ثم سألوين عن معنى قول‬ ‫صع ٌ‬ ‫حتى َأت َْو ِن‪ ،‬فقالوا يل‪ِ ُ :‬‬
‫قلت هلم‪:‬‬
‫النبي ‪ ‬يف تصفيد الشــياطني فقــال‪ُ :‬‬
‫اإلنســان يف هذا ِع ٌ‬
‫يان‪ ،‬فيحتمل ‪-‬‬ ‫َ‬ ‫حق‪ ،‬وما يصيب‬ ‫ُ‬
‫احلديث ٌّ‬
‫ت‬ ‫واهلل أعلــم ‪ -‬أن يكون معنى قوله ‪( -  -‬وص ِّفدَ ِ‬
‫ُ‬
‫الشياطني‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫َ‬ ‫ــم َ‬
‫ون‬ ‫الشــياطني)‪ ،‬أي‪ :‬كفر ُة ِ‬
‫اجل ِّن الذين ُي َس َّ‬
‫وتزيني‬
‫ُ‬ ‫الوســواس‬
‫ُ‬ ‫املؤمنني ِم َن اجلــ ِّن ال ُي َص َّفدون‪ ،‬فيكون‬
‫دونم املســلمون‬ ‫ومن ِ‬ ‫ــاق اجلن‪ِ ،‬‬‫املعــايص إنام يقع ِمن ُفس ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫معايص مؤمني املســلمني يعصون‪ ،‬فكيف‬
‫َ‬ ‫ونا‬
‫منهم‪ ،‬و ُي َعدُّ َ‬
‫والكفار منهــم ُيص َّفــدون دون املؤمنني؛‬
‫ُ‬ ‫بمؤمنــي اجلــن‪،‬‬
‫اختص‬
‫َّ‬ ‫ــن)‪ ،‬إنام‬ ‫(وص ِّفدت ِ‬
‫اجل ُّ‬ ‫ألنــه ‪ -  -‬مل يقل‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫الناس قال فيه‪ :‬ت َُص َّفد عن‬ ‫بعض‬ ‫الشياطني‪ ،‬قيل له‪ّ :‬‬
‫إن َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪48‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫بعض‬ ‫ّ‬
‫بــأن معناه حيتمل َ‬ ‫ُ‬
‫القول‬ ‫ٍ‬
‫بعــض‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫األعامل َ‬
‫دون‬
‫وأول ِمن هذا أن يقال‪ :‬ال علم‬
‫أول‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫بعض َ‬ ‫الشــياطني َ‬
‫دون‬
‫لنا‪ ،‬قد قاهلا النبي ‪ ‬رواها عنه العلام ُء؛ ألنه إذا مل‬
‫غري ما قلناه مما هو‬
‫يذكر لنــا املعنى قد حيتمل أن يكون املعنى َ‬
‫خري وأحس ُن مما تأولناه»(((‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وأعل ِمــن هذا؛ ألنه ثبت‬
‫أن مــا قدَّ ْمتُه َأ ْو َل َ‬‫ويظهــر يل ّ‬
‫أن الشيطان‬ ‫النفس ت َُو ْس ِو ُس كام َ‬
‫ثبت ّ‬ ‫ِ‬
‫القرآن الكري ِم َّ‬
‫أن‬ ‫بنص‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ُي َو ْس ِو ُس‪ ،‬يقول اهلل تعاىل‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ِ‬
‫بالســوء‬ ‫بنص القرآن َّ‬
‫أن النفس تأمر‬ ‫ﭗ ﭘ ﱪ(((‪ ،‬وثبت ِّ‬
‫ُ‬
‫الشيطان يفعل‪ ،‬وهو قوله تعاىل‪ :‬ﱫ ﭒ ﭓ‬ ‫وت َُز ِّينُه كام كان‬
‫ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ومــن َث َّم فالوسوســ ُة واملعايص يف رمضان‬ ‫ﭢ ﭣ ﱪ(((‪ِ ،‬‬

‫أتص َّو ُر ‪-‬‬ ‫راجع ٌة إىل نفوس املسلمني‪ ،‬وأ ّما َّ‬
‫الص ُع فهو ‪ -‬فيام َ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان كسائر األمراض يعرض للمصاب‬ ‫صاب به‬
‫مرض ُي ُ‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫فاعل‬ ‫بــه حينا‪ ،‬وينقطع حينا‪ ،‬وال يعني أنه ال يكون إال بفعل‬

‫(( ( املعيار املعرب للونرشييس (‪.)426 - 425 / 1‬‬


‫((( ق‪.16 :‬‬
‫((( يوسف‪.53 :‬‬
‫‪49‬‬ ‫ناضمر يف نيطايشلا ديفصت ىنعم ‪:‬ثلاثلا ثحبملا‬

‫من اجلن خال ًفــا ملا يعتقده ُ‬


‫الناس‪ ،‬وملن فهمه من قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱫﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﱪ((( كاإلمام القرطبي ‪.((( ‬‬
‫الرصع ال يكون إال ِم َن‬
‫َ‬ ‫الناس ِمن ّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫الشــائ ِع بني‬
‫وعىل ّ‬
‫جواب ما قاله أبو احلســن القابس ِمن أنه يقع‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫فأفضل‬ ‫اجلــ ِّن‬
‫ِ‬
‫العصاة من اجلن(((‪.‬‬ ‫ِم َن املسلمني‬
‫واهلل تعاىل أعىل وأعلم‪.‬‬

‫(( ( البقرة‪.275 :‬‬


‫(( ( ينظر‪ :‬اجلامع ألحكام القرآن (‪ ،)282 / 2‬و(‪.)391 / 4‬‬
‫(( ( املعيار املعرب للونرشييس (‪. )426 - 425 / 1‬‬
‫ب‪ ،‬وقد وفقني اهلل ‪ -  -‬فيه‬ ‫هذه خامت ُة ال ُك َت ّي ِ‬
‫ُ‬
‫الوصول‬ ‫ِ‬
‫وتقريب ما يب ُعدُ‬ ‫ِ‬
‫العلــاء‪،‬‬ ‫إىل مج ِع ما َت َب ْع َثر يف ِ‬
‫كتب‬
‫ب عليه حتصي ُله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للمبتد ِئ‪،‬‬
‫وتسهيل ما يص ُع ُ‬ ‫إليه‬
‫حس ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ــن‪ ،‬وأن ينفع به‬ ‫واهللَ أســأل أن يتق َّب َلــه مني بقبول َ‬
‫والداين من أهل العلم وعوا ِّم املســلمني‪ ،‬وأن يكون‬ ‫َ‬ ‫القايص‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ِّيئات‪.‬‬ ‫فيه من احلسنات ما ُي ْذه ُ‬
‫ب َّ‬
‫وحسبنا واهلل ونعم الوكيل‪.‬‬

‫كتبه العبد الفقري إىل اهلل‬


‫أمحد التجاين ثاين سعد النيجريي األزهري‬
‫القاهرة‪ 17 :‬رمضـــان ‪1440‬هـ‬
‫املوافق ‪ 22‬مايو ‪2019‬م‬
‫‪1 -1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪2 -2‬األدب املفــرد لإلمام البخاري‪ ،‬تح‪ :‬ســمري بن أمني‬
‫الزهــري‪ ،‬نش‪ :‬مكتبــة املعارف للنــر والتوزيع ‪-‬‬
‫الرياض‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1419‬هـ ‪1998 /‬م‪.‬‬
‫‪3 -3‬تفســر التحرير والتنويــر البن عاشــور‪ ،‬ط‪ :‬الدار‬
‫التونسية للنرش ‪1984‬م‪.‬‬
‫‪4 -4‬تفسري القرآن العظيم البن كثري الدمشقي‪ ،‬تح‪ :‬سامي‬
‫بن حممد السالمة‪ ،‬ط‪ :‬دار طيبة للنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪:1‬‬
‫‪1418‬هـ ‪1997‬م‪.‬‬
‫‪5 -5‬التفسري الكبري ومفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي ط‪:‬‬
‫دار الفكر للطباعة والنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪1401 :1‬هــ‬
‫‪1981 -‬م‪.‬‬
‫‪6 -6‬التمهيد ملا يف املوطأ من املعاين واألسانيد تح‪ :‬األستاذ‬
‫مصطفى بن أمحدالعلوي واألســتاذ حممد عبد الكبري‬
‫البكري ‪1387‬هــ ‪1967 -‬م‪.‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪54‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫‪7 -7‬جامــع البيان عــن تأويــل آي القرآن البــن جرير‬


‫الطــري‪ ،‬تح‪ :‬د عبد اهلل بن عبد املحســن الرتكي ط‪:‬‬
‫دار هجر للطباعة والنرش والتوزيع واإلعالن ‪ -‬ط‪:1‬‬
‫‪1422‬هــ‪2001 -‬م‪.‬‬
‫عواد‬
‫‪8 -8‬اجلامع الكبري أليب عيســى الرتمذي ‪ -‬تح‪ :‬بشار ّ‬
‫معروف‪ ،‬ط‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪1996 :1‬م‪.‬‬
‫‪9 -9‬اجلامع ألحكام القرآن واملبني لِا تضمنّه من السنة وآي‬
‫الفرقان للقرطبي تح‪ :‬د عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي‬
‫ط‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬ط‪1427 :1‬هــ ‪2006 -‬م‪.‬‬
‫‪1010‬اجلامع لشعب اإليامن للبيهقي ‪ -‬تح‪ :‬د عبد العيل عبد‬
‫احلميد حامد‪ ،‬ط‪ :‬مكتبة الرشــد ‪ -‬ط‪1423 :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫‪1111‬الدر املنثور يف التفســر باملأثور للسيوطي‪ ،‬تح‪ :‬د عبد‬
‫اهلل بن عبد املحسن الرتكي ‪ -‬ط‪ :‬مركز هجر للبحوث‬
‫والدراســات العربيــة واإلســامية ‪ -‬الطبعة األوىل‬
‫‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫‪1212‬سنن أيب داوود ‪ -‬تح‪ :‬شعيب األرنؤوط وحممد كامل‬
‫قروبليل‪ ،‬ط‪ :‬دار الرســالة العاملية ‪ -‬ط‪1430 :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫عجارملاو رداصملا مهأ‬

‫‪1313‬ســنن ابن ماجه تح‪ :‬عيل بن احلســن بن عيل بن عبد‬


‫احلميد احللبــي األثري ‪ -‬ط‪ :‬مكتبــة املعارف للنرش‬
‫والتوزيع ‪ -‬الرياض‪ .‬ط‪1419 :1‬هـ ‪1998 -‬م‪.‬‬
‫‪1414‬الســنن الكربى للبيهقي‪ ،‬تح‪ :‬حممد عبد القادر عطا‪،‬‬
‫ط‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪ -‬ط‪1424 :2‬هـ ‪-‬‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫‪1515‬السنن الكربى للنسائي‪ ،‬تح‪ :‬حسن عبد املنعم شلبي‪،‬‬
‫ط‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬ط‪1421 :1‬هـ ‪2001 -‬م‪.‬‬
‫‪1616‬الشــائل املحمدية لإلمام أيب عيسى الرتمذي‪ ،‬تعليق‪:‬‬
‫عــزت عبيد الدعاس‪ ،‬نــش‪ :‬دار احلديــث للطباعة‬
‫والنرش والتوزيع ‪ -‬بــروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1408‬هـ‬
‫‪1988 -‬م‪.‬‬
‫‪1717‬صحيــح ابن حبــان ‪ -‬تح‪ :‬أمحد حممد شــاكرط‪ :‬دار‬
‫املعارف ‪ -‬مرص ‪.‬‬
‫‪1818‬صحيح ابن خزيمة‪ ،‬تح‪ :‬د حممد مصطفى األعيظمي‪،‬‬
‫ط‪ :‬املكتب اإلسالمي ‪1400‬هـ ‪1980 -‬م‪.‬‬
‫‪1919‬صحيح البخاري ‪ -‬ط‪ :‬دار ابن كثري ‪ -‬دمشق ‪ -‬بريوت ‪-‬‬
‫ط‪1423 :1‬هـ ‪2002 -‬م‪.‬‬
‫َ َ‬
‫ين في َر َمضان‬ ‫َ ْ ُ َّ َ‬ ‫‪56‬‬
‫اط ِ‬
‫تص ِفيد الشي ِ‬

‫‪2020‬صحيح مسلم ط‪ :‬دار طيبة للنرش والتوزيع ‪1426‬هـ ‪-‬‬


‫‪2005‬م‪.‬‬
‫‪2121‬صحيح مســلم برشح النووي‪ ،‬ط‪ :‬مؤسســة قرطبة‬
‫للطبتعة والنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪1414 :2‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫‪2222‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري‪ ،‬تح‪:‬‬
‫أمحد عبد الغفــور عطار‪ ،‬ط‪ :‬دار العلــم للماليني ‪-‬‬
‫بريوت ط‪1399 :2‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫‪2323‬فتح البــاري برشح صحيــح البخــاري البن حجر‬
‫العسقالين‪ ،‬ط‪ :‬املكتبة السلفية ‪.‬‬
‫‪2424‬القاموس املحيط للفريوز آبــادي‪ ،‬تح‪ :‬مكتب حتقيق‬
‫الرتاث يف مؤسســة الرسالة ط‪ :‬مؤسســة الرسالة ‪-‬‬
‫ط‪1426 :8‬هـ ‪2005 -‬م‪.‬‬
‫‪2525‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل‬
‫يف وجوه التأويل للزخمرشي‪ ،‬تح‪ :‬الشــيخ عادل أمحد‬
‫عبد املوجود‪ ،‬والشــيخ عيل حممد معوض‪ ،‬واألستاذ‬
‫الدكتور فتحي عبــد الرمحان أمحد حجازي ط‪ :‬مكتبة‬
‫العبيكان ‪ -‬ط‪1418 :1‬هـ ‪1998-‬م‪.‬‬
‫‪2626‬املحرر الوجيز يف تفســر الكتاب العزيز البن عطية‪،‬‬
‫تح‪ :‬عبد الســام عبد الشــايف حممد‪ ،‬ط‪ :‬دار الكتب‬
‫‪57‬‬ ‫عجارملاو رداصملا مهأ‬

‫العلمية ‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪ -‬ط‪1422 :1‬هـ ‪2001 -‬م‪.‬‬


‫‪2727‬املســتدرك عىل الصحيحــن لإلمام احلافــظ احلاكم‬
‫النيســابوري‪ ،‬تح‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬ط‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪.‬‬
‫‪2828‬مســند اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬تح‪ :‬شعيب األرنؤوط‬
‫وعادل مرشد ‪ -‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪2929‬املغني البن قدامة‪ ،‬تح‪ :‬د عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي‬
‫وعبد الفتاح حممد حلــو ط‪ :‬دار عامل الكتب للطباعة‬
‫والنرش والتوزيع ‪ -‬رياض ‪ -‬ط‪1417 :3‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪3030‬املعيار املعرب واجلامع املغرب عن فتاوى أهل إفريقية‬
‫واألندلس واملغرب‪ ،‬لأليب العباس الونرشييس‪ ،‬نش‪:‬‬
‫وزارة األوقافوالشؤون اإلســامية باململكة املغربية‬
‫‪1401‬هـ ‪1981 -‬م‪.‬‬
‫‪3131‬النكت والعيون يف تفسري املاوردي‪ ،‬راجعه وعلق عليه‬
‫الســيد عبد املقصود بن عبد الرحيم‪ ،‬نش‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية بريوت ‪ -‬مؤسسة الكتب العربية بريوت‪.‬‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫املقدمة ‪5..............................................‬‬
‫مفهوم الشياطني عند علامء اإلسالم ‪11...............‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تأثري الشيطان عىل الناس ‪33...........‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬معنى تصفيد الشياطني يف رمضان ‪41....‬‬
‫اخلامتة ‪51............................................‬‬
‫أهم املصادر واملراجع ‪53.............................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪59...............................‬‬

You might also like