You are on page 1of 1

‫عدد خاص‬

‫‪TOLERANCE‬‬
‫مشروع إماراتي‬
‫‪15‬‬ ‫الخميس ‪ 7‬ربيع األول ‪ 1440‬هـ الموافق ‪ 15‬نوفمبر ‪2018‬م‬

‫ال يفنى بل يتحول‬


‫إلى أشكال أخرى‬

‫إنهاء‬ ‫ليس اإلنسان كائناً مسالماً بالفطرة‪ ،‬كما تؤكد مدارس‬

‫التطرف‬
‫نفسية مختلفة‪ ..‬ف�لا ي��ك��اد يخلو ال��ت��اري��خ البشري من‬
‫ال��ص��راع��ات‪ ،‬وك���أن ال��ح��رب ه��ي ال��ق��اع��دة وال��س�لام هو‬
‫االستثناء‪ ..‬وال يزال العدوان غريزة بدائية كامنة في كثير‬
‫من البشر تتحين فرصة التعبير عن نفسها بشتى السبل‪..‬‬
‫ولم تنجح الحضارة الحديثة بكل منجزاتها‪ ،‬في القضاء‬
‫على تلك الرغبة البدائية في الصراع لهزيمة طرف آخر‪،‬‬

‫ال يكفي!‬
‫بل جعلتها تأخذ أشكاالً أكثر تهذيباً‪ ..‬كتشجيع الرياضات‬
‫التنافسية أو متابعة المناظرات الفكرية‪ ،‬إذ ما زال هناك‬
‫شعور بالمتعة واإلث��ارة ال شك فيه‪ ،‬عند متابعة نزاع ما‬
‫ضد آخر ما!‬

‫الجذور النفسية للتطرف‬


‫ف��ي ع��دي��د م��ن ال��ت��ج��ارب العلمية ال��م��ع��اص��رة‪ ،‬الح��ظ‬
‫العلماء أن تقسيم ال��ن��اس لمجموعات بشكل عشوائي‬
‫ا) يجعل أف���راد ك��ل مجموعة‬ ‫(ح��س��ب ل���ون ال��ش��ع��ر م��ث�ل ً‬
‫يترابطون وينسجمون فيما بينهم‪ ،‬بل ويتحيزون لجماعتهم‬
‫ويفضلونها على الجماعات األخرى! ويتكرر هذا السلوك‬
‫العجيب لو تم تقسيمهم لمجموعات حسب أي معيار آخر‬
‫(حسب الطول‪ ،‬أو لون العين‪ ،‬أو شكل المالبس‪ ،)..‬بل‬
‫حتى لو تم تقسيمهم بشكل عشوائي تماما!‬
‫لماذا تتصرف عقولنا على هذا النحو؟‬
‫التسامح يحتاج إلى تدريب فكري ووجداني‬ ‫التحيز لجماعة ضد الجماعات األخ��رى‪ ،‬نزوع نفسي‬
‫ق��دي��م‪ ،‬ي��رى علماء علم النفس ال��ت��ط��وري أن��ه ظهر في‬
‫األخ��رى في ال��م��دارس كي نعرف أننا‬ ‫العصر البالستوسيني‪ ،‬ال��ذي ع��اش فيه اإلنسان وسط‬
‫قراءة األدب تعزز التسامح‬ ‫لسنا وحدنا في ه��ذا ال��ك��ون‪ ..‬ونمعن‬ ‫بيئة قاسية مليئة باألخطار الطبيعية‪ ..‬في هذه البيئة‬
‫وجد العلماء أن قراءة األدب مفيدة‬ ‫في تمييز أنفسنا عن اآلخر وكأن ليس‬ ‫كان لزاماً عليه االنضمام لجماعة‪ ،‬والتماهي مع القطيع‪،‬‬
‫في تنمية الوعي بتعدد وجهات النظر‬ ‫بيننا قواعد أخالقية مشتركة‪ ..‬لكن‬ ‫ليستطيع البقاء على قيد الحياة‪ ..‬وفي ظل شح الموارد‬
‫والتدريب على التعاطف مع شخصيات‬ ‫القارئ الذي يتمتع بفضيلتي الفضول‬ ‫والصراع الدموي المستمر من أجل البقاء‪ ،‬ال يمكن الثقة‬
‫مختلفة الرؤى!‬ ‫والتفتح الذهني‪ ،‬يسعى بنفسه ‪-‬بشكل‬ ‫في أف��راد الجماعات األخ��رى‪ ،‬بل ينبغي النفور تلقائياً‬
‫نتكلم طبعاً ع��ن األدب الحقيقي‪،‬‬ ‫فردي لألسف‪ -‬لتنويع مجاالت القراءة‬ ‫منهم‪ ..‬عقلية القطيع تتلخص في أننا (نحن) جيدون‪ ،‬و‬
‫الذي يغوص بك في أغوار شخصيات‬ ‫والتعرف على طيف أوسع من وجهات‬ ‫(اآلخر) وغد‪.‬‬
‫مختلفة عنك فكرياً وأخالقياً لتفهم‬ ‫النظر المختلفة‪ ..‬ي��ق��رأ ف��ي األدي��ان‬
‫طريقة تفكيرها‪ ..‬ال األدب المعقم‬ ‫وال��ف��ل��س��ف��ات وال����م����دارس ال��ف��ك��ري��ة‬ ‫أليس في هذا بذرة التطرف المسبق ضد اآلخر؟‬
‫دوستويفكسي‬ ‫الطفولي‪ ..‬الفن الحقيقي يصطدم‬ ‫د‪.‬شريف عرفة‬ ‫المختلفة‪ ..‬فيدرك أن كل شخص لديه‬ ‫ينزع اإلنسان للتفكير بهذه العقلية‪ ،‬ما لم تقم الثقافة‬
‫مع مسلمات المرء واستقراره الفكري‬ ‫من المبررات ‪-‬المنطقية بالنسبة له‪-‬‬ ‫والتربية وخ��ب��رات الحياة بإكسابه ال��م��ه��ارات النفسية‬
‫ليجعله أك��ث��ر وع��ي�اً ونضجاً وإدراك���اً‬ ‫التي تبرر سلوكه‪ ..‬قس على ذلك كل‬ ‫ال�لازم��ة لتقبل قيم حديثة نسبياً ف��ي ت��اري��خ البشرية‪،‬‬
‫لتعقيدات الحياة… نتكلم عن روايات‬ ‫المختلفين عنا دينياً وأيديولوجياً‪..‬‬ ‫كاحترام التعددية والتنوع والمساواة والحرية الشخصية‪..‬‬
‫ك��ـ (الجريمة وال��ع��ق��اب) لديستويفسكي‬ ‫ربما لو كنت مكانهم (أي ولدت في نفس‬ ‫أي تعليمه كيف يكون متسامحاً م��ع اآلخ��ر م��ن أعماق‬
‫وصفة‬ ‫ال��ظ��روف ون��ش��أت نفس ال��ن��ش��أة‪ )..‬لتبنيت نفس اآلراء أو (ال���س���راب) و(ح��ض��رة ال��م��ح��ت��رم) لنجيب م��ح��ف��وظ‪..‬‬
‫حيث تندمج فيها مع شخصيات غريبة ساقطة مختلفة‬ ‫والمعتقدات أو سلكت نفس السلوك‪!..‬‬
‫نفسه‪ ،‬حقيقة ال ادعا ًء‪.‬‬
‫لذلك من الضروري التعامل مع التطرف كطريقة تفكير‬
‫للتعايش‬ ‫لذلك تجد المنادين بتقبل اآلخ��ر جلهم من المثقفين عنك تماماً فتصبح أكثر وعياً وفهماً لعوالمها الذهنية‪..‬‬
‫الروائي الحقيقي عالم نفس بارع يجعلك تتقمص عقليات‬ ‫المنفتحين‪ ،‬ال المتشددين المنغلقين!‬
‫ال محتوى معرفي‪ ..‬التطرف كالوعاء‪ ،‬لن يفنى لو قمنا‬
‫بسكب محتواه‪ ..‬أي أننا لو اكتفينا فقط بالقضاء على‬
‫أش��خ��اص آخ��ري��ن لتفهم ط��ري��ق��ة ت��ف��ك��ي��ره��م ودواف��ع��ه��م‬ ‫خطاب ديني متطرف (المحتوى المعرفي) فلن يؤدي هذا‬
‫من الضروري التعامل‬
‫ومبررات تصرفاتهم‪ ..‬وهذا مفيد للقارئ الناضج على‬ ‫التقمص العاطفي‬ ‫إل��ى القضاء على عقلية التطرف (ال��وع��اء)‪ ،‬بل يجعلها‬
‫مع التطرف كطريقة‬
‫إذا كان التفتح الذهني ضرورياً لفهم اآلخر‪ ،‬فالتقمص المستوى المعرفي والنفسي‪ ..‬وال عجب أن الدكتور يحيى‬ ‫مستعدة ألي نوع آخر من التطرف البديل (العلماني أو‬
‫تفكير ال محتوى معريف‬ ‫العاطفي ‪ Empathy‬ضروري لنتعاطف معه‪ .‬يتم تعريف الرخاوي (عالم النفس التطوري الشهير) قال لي يوماً‬ ‫القومي أو العشائري أو المناطقي‪...‬إلخ) ألن هذا مجرد‬
‫‪ ..‬التطرف كالوعاء‪،‬‬
‫التقمص العاطفي بأنه القدرة على وضع أنفسنا مكان إنه يتعلم من روايات «نجيب محفوظ» أكثر مما يتعلم من‬ ‫تغيير شكلي لنوع التطرف‪ ،‬ال إلغاء وجوده كنزوع نفسي!‬
‫لن يفنى لو قمنا‬ ‫لو أردنا حقاً نشر التسامح‪ ،‬ينبغي التدريب عليه فكرياً‬
‫اآلخر وكأننا نعيش ذات تجربته الحياتية‪ ،‬أي أن نشعر مراجع علم النفس!‬
‫بسكب محتواه‪ ..‬أي‬
‫وفي عالم عربي ال يقرأ‪ ،‬يمكن التركيز في تقديم هذه‬ ‫بنفس ش��ع��وره‪ ..‬نتألم ألل��م��ه‪ ..‬ونحزن لحزنه‪ ..‬ويسهل‬ ‫ووجدانياً‪ ..‬ال االكتفاء باقتالع التطرف فقط!‬
‫أننا لو اكتفينا فقط‬ ‫تنمية هذه الصفة حين يكون هذا اآلخر مقرباً منك على القصص في السينما وال��درام��ا التلفزيونية م��ث�ل ً‬
‫ا‪ ..‬أي‬
‫بالقضاء على خطاب‬
‫الروايات التي تقدم وجهة نظر شخصية مختلفة‪ ،‬كأقلية‬ ‫المستوى اإلنساني‪ ..‬فكيف يتحقق هذا؟‬ ‫بذرة التسامح‬
‫ديني متطرف (احملتوى‬ ‫ال��ت��س��ام��ح ص��ف��ة مكتسبة يتعلمها معظم ال��ن��اس من دينية أو مذهبية أو عرقية م��ث�ل ً‬
‫ا‪ ،‬ك��ي ي��ع��رف المتلقي‬ ‫منذ سنوات‪ ،‬كنت مدعواً لغداء يجمع أسرتي وأصدقاء‬
‫املعريف) فلن يؤدي هذا‬
‫مجتمعاتهم‪ ..‬ولو نظرت للمجتمعات التي تعاني صراعات ال��ع��ادي رؤي��ت��ه��ا للعالم ويتقمص م��ش��اع��ره��ا ويستطيع‬ ‫من إيطاليا‪ .‬وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث‪ ،‬دخلت‬
‫إلى القضاء على عقلية‬
‫طائفية اليوم‪ ،‬ستالحظ بسهولة أن فيها أحياء ومناطق التعاطف معها‪ ..‬ففي تجربة علمية‪ ،‬وج��د العلماء أن‬ ‫علينا من النافذة حشرة عمالقة رمادية شعثاء غريبة‪..‬‬
‫التطرف (الوعاء) بل‬
‫مخصصة لكل طائفة‪ ،‬وك��أن لكل منها غيتو منعزالً‪ ..‬مشاهدة فيديو يصور معاناة فرد من أقلية معينة‪ ،‬يساعد‬ ‫فساد الوجوم والصمت‪ ،‬وخيم شعور يمزج بين الحذر‬
‫يجعلها مستعدة ألي‬
‫يمكن للشخص أن يعيش مكتفياً بالتعامل فقط مع الذين في زيادة التعاطف معها وتفهم ما تعانيه‪.‬‬ ‫والتقزز‪ ،‬بينما راحت الحشرة تحرك قرون استشعارها‬
‫نوع آخر من التطرف‬
‫ح��ي��ن ت��ق��دم ال��درام��ا التلفزيونية شخصيات نمطية‬ ‫يشبهونه‪ ..‬وفي هذا خطر بالغ ألنه يرسخ عقلية (نحن‬ ‫في بطء‪.‬‬
‫البديل (العلماني أو‬
‫وهم)‪ .‬اآلخر في هذه الحالة مجهول‪ ،‬ال أعرفه وال أتعامل بالستيكية معقمة ذات توجه قيمي واح��د‪ ،‬فإن هذا لن‬ ‫ه ّم أحدنا باالبتعاد‪ ،‬وه ّم آخر بالبحث عن شبشب‪..‬‬
‫القومي أو العشائري أو‬
‫يساهم في ارتقاء المشاهد وتنمية وعيه بتعدد وجهات‬ ‫معه‪ ..‬وبالتالي من الصعب أن أتعاطف معه‪.‬‬ ‫إال أن المرأة اإليطالية قامت ببساطة من مكانها وتوجهت‬
‫املناطقي‪...‬إلخ) ألن هذا‬
‫حين يختلط الناس ببعضهم وتتشابك عالقتهم في النظر‪ ..‬بل سيجعله أكثر تشدداً واستنكاراً حين يصادف‬ ‫ص��وب ال��ح��ش��رة لتمسك ب��ه��ا‪ ،‬وتضعها ب��ي��ن راح��ت��ي��ه��ا‪..‬‬
‫مجرد تغيير شكلي لنوع‬
‫سياقات عديدة‪ ،‬كالصداقة والزمالة والجيرة والشراكة ما يخالف منظومته الفكرية المعتادة‪..‬ألنه لم يعتد هذا‪..‬‬ ‫وتوجهت نحو النافذة لتطلق سراحها‪ ،‬فطارت بعيداً‪.‬‬
‫التطرف‪ ،‬ال إلغاء وجوده‬
‫والمصاهرة والمعامالت المختلفة‪ ..‬فإن هذا التداخل ل��ذا ينبغي تقديم «اآلخ���ر» ف��ي ال��درام��ا وع��رض أسلوب‬ ‫التفتت لنا وقالت باسمة إن هذه الحشرة «الجميلة» نادرة‬
‫كنزوع نفسي!‬
‫االج��ت��م��اع��ي ي��س��اه��م ف��ي ت��رس��ي��خ ال��ت��ع��اط��ف وال��ت��س��ام��ح حياته ورؤيته للعالم لتعزيز التقمص العاطفي والتسامح‪..‬‬ ‫غير مؤذية‪ ..‬فلماذا ال ندعها تعيش؟‬
‫لو أردنا حق ًا نشر‬
‫وهو ما تقوم به هوليوود بالمناسبة‪ ،‬حين تقدم أقليات‬ ‫والتآلف‪..‬‬ ‫ظل هذا المشهد محفوراً في ذهني لسنوات طويلة‪..‬‬
‫التسامح‪ ،‬ينبغي التدريب‬
‫في المدرسة‪ ،‬كان لي صديق مسيحي‪ ،‬اعتاد دعوتي معينة باستمرار لتعزيز دمجها وتقبلها ف��ي المجتمع‬ ‫وكنت أتساءل‪ :‬لماذا شعرنا بالعدوانية تجاه هذه الحشرة‬
‫عليه فكري ًا ووجداني ًا‪ ..‬ال‬
‫إلفطار رمضان في منزله وسط أسرته‪ ..‬وربما ساهمت األميركي!‪.‬‬ ‫البريئة‪ ،‬بينما شعرت هي بالحنو؟‬
‫االكتفاء باقتالع التطرف‬
‫هذه الذكرى في نفوري الشديد من الداعين الضطهاد‬ ‫لو حللنا هذا التصرف‪ ،‬سنجد أن المرأة ربما تعرف‬
‫فقط!‬
‫أص��ح��اب أي دي��ن‪ .‬وك��ان ج��دي أسمر البشرة‪ ،‬وبالطبع كلمة أخيرة‬ ‫هذه الحشرة جيداً في بالدها‪ ..‬نشأت وسط من يمسكون‬
‫تشكل عقلية القطيع (نحن وهم‪ ،‬معنا أو ضدنا‪ ،‬صواب‬ ‫ساهم هذا في احتقاري الشديد لتصنيف الناس حسب‬ ‫بها ف��اع��ت��ادت شكلها وال��ت��ع��ام��ل م��ع��ه��ا‪ ..‬ه��ذه الحصيلة‬
‫أو خطأ‪ ،‬أبيض أو أسود) قنبلة اجتماعية موقوتة تنتظر‬ ‫لون بشرتهم‪..‬‬ ‫المعرفية والوجدانية كفيلة بتقويض شعورها الغريزي‬
‫ال نتحدث هنا عن فهم اآلخر على المستوى الفكري‪ ،‬االنفجار‪ ..‬فالتطرف طريقة تفكير‪ ،‬ال محتوى‪ ..‬واختالف‬ ‫بالعدوان تجاه كائن مسالم‪ ..‬لم تكن الحشرة مجهولة لها‪،‬‬
‫بل التعاطف معه إنسانياً‪ ..‬فتشابك العالقات اإلنسانية وجهات النظر سنة كونية تحدث بين أبناء الوطن الواحد‬ ‫بل مألوفة وعادية‪ ..‬بل إنني بعد ذلك عرفت أنها مجرد‬
‫يجعل ال��ن��اس يشعرون باالنتماء تجاه بعضهم كمجتمع واأليديولوجيا ال��واح��دة‪ ..‬وإن لم يتدرب العقل الجمعي‬ ‫‪ Moth‬أي نوع من الفراشات‪..‬‬
‫واح��د‪ ..‬خصوصاً مع إع�لاء هوية مشتركة أكثر شموالً لمجتمع ما على احترام ‪ -‬بل والدفاع عن ‪ -‬الحق في‬ ‫لماذا «تط ّرفنا» ضد فراشة مسالمة غير ضارة وأردنا‬
‫واتساعاً ‪-‬تتجاوز التقسيمات البدائية التي تضر أكثر االختالف والتعدد‪ ،‬فإن هذا نذير بتفتت وتصادم مكوناته‬ ‫إيذاءها؟‬
‫ال‪ ..‬أي يوماً ما‪.‬‬
‫مما تنفع‪ ..‬أي اإلعالء من قيمة كـ (اإلنسانية) مث ً‬ ‫اإلجابة هي‪ :‬بسبب الجهل وعدم األلفة وعدم التعاطف‪.‬‬
‫التسامح مسألة أمن‬ ‫التسامح مسألة أمن قومي‪ ..‬والدفاع عن التعددية ‪-‬ال‬ ‫جعل دائرة االنتماء أوسع لتشمل الجميع‪..‬‬ ‫وهي األمور التي ينبغي التغلب عليها‪ ،‬لزيادة التسامح!‬
‫قومي‪ ..‬والدفاع عن‬ ‫إلغاؤها‪ -‬هو ما يحافظ على تماسك المجتمع‪.‬‬ ‫كلما اتسعت دائرة االنتماء‪ ،‬زاد التسامح‪.‬‬
‫التعددية ‪ -‬ال إلغاؤها‬ ‫فضيلة التفتح الذهني‬
‫تقول الحكمة إن الناس أعداء ما يجهلون‪ .‬لن تستطيع‬
‫‪ -‬هو ما يحافظ على‬ ‫أن تتعاطف مع شخص ما لم تفهمه‪ ،‬ولن تفهمه إال حين‬
‫تماسك المجتمع‬ ‫تتعرف عليه‪ ،‬وتدرك وجهة نظره‪.‬‬
‫لذلك ي��رى علماء علم النفس اإلي��ج��اب��ي‪ ،‬أن «التفتح‬
‫الذهني» واحد من أرقى الفضائل العقلية‪ ..‬وهي صفة‬
‫يتم تعريفها بـ‪«:‬سعي اإلنسان المستمر للبحث في األدلة‬
‫التي تدعم وجهة النظر المخالفة له!»‪.‬‬
‫لماذا يعتبر ه��ذا مهماً؟ ألن��ه يوسع المجال المعرفي‬
‫لإلنسان ف�لا يظل حبيساً لألفكار ال��ت��ي يتلقاها ممن‬
‫نشر ثقافة التسامح بين‬ ‫حوله دون تفكير‪ ..‬بل يصبح رصيده المعرفي أكثر ثراء‬
‫وتنوعاً‪ ..‬وال يتخذ وجهة نظره ألنه جاهل تم تلقينه‪ ،‬بل‬
‫الناس مهمة نبيلة‪..‬‬ ‫ألنه يفهم الموضوع جيداً من جميع جوانبه‪ ..‬يفهم وجهة‬
‫لكنها معقدة ألن‬ ‫نظر اآلخرين ويدرك دوافعهم‪ ،‬وهو ما يجعله ‪-‬بالتالي‪-‬‬
‫ال لالختالف وتسامحاً مع المختلف‪.‬‬ ‫أكثر تقب ً‬
‫التطرف أكثر تجذرًا في‬ ‫لمعرفة مدى تمتعك بهذه الصفة‪ ،‬فكر في أي قضية‬
‫النفس اإلنسانية من‬ ‫لك رأي واضح فيها‪ .‬ثم أحضر ورقة وقلماً‪ ،‬واكتب أكبر‬
‫قبول اآلخر‬ ‫عدد ممكن من األدلة والبراهين التي تدعم وجهة النظر‬
‫المخالفة لك!‬
‫هل فعلت؟ كلما زاد عدد هذه األدل��ة‪ ،‬كلما كنت أكثر‬
‫تفتحا ذهنيا‪ ..‬وه��ذا مهم‪ ،‬ألنك الجهل بوجهات النظر‬
‫األخرى‪ ،‬والتحيز المسبق ضدها دون تفكير‪ ،‬هو نوع من‬
‫التطرف!‬

‫من هو اآلخر؟‬
‫هل ق��رأت يوماً كتاباً يتحدث عن الفضائل األخالقية‬
‫التي يدعو لها دين آخر‪ ،‬بقلم أحد أتباعه؟‬
‫هذا مثال لنوع من القراءات الضرورية لو أردن��ا حقاً‬
‫فهم اآلخر وإدراك أن لنا ذات «األرضية األخالقية» وأن‬
‫ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا‪ ..‬ومن المؤسف أن مثل هذه‬
‫الكتب ممنوعة في أكثر الدول العربية! هل لهذا تداعيات؟‬
‫العدوان غريزة بدائية كامنة في كثير من البشر تتحين فرصة التعبير عن نفسها بشتى السبل‬ ‫ف��ي ال��ع��ال��م ال��ع��رب��ي‪ ،‬ال ن���درس األدي���ان أو الفلسفات‬

You might also like