Professional Documents
Culture Documents
المختار من األنوار
في صحبة األخيار
لسيدي اإلمام
عبد الوهاب الشعراني رضي هللا عنه
باب اآلداب
آداب الزيارة
آدابهم على المائدة وتقديرهم للنعمة
حقوق الوالدين
توبتهم من الصغيرة وسوء الظن
من فضل الصحبة في اهلل
آثار السلف الصالح في المتحابين
باب حقوق الصحبة
باب اآلدا ب
من آداب القوم ان يفروا يف مجيع الشدائد إىل اهلل تعاىل قبل مجيع اخللق
لعلمهم ان بيده تبارك تعاىل ملكوت كل شيء خبالف غريهم فإهنم ال
يرجعون إىل اهلل إال بعد الوقوف على خلقه .ومن آداهبم مجع احل واس
والقلب حال العمل وقد ورد يف بعض الكتب اإلهلية يقول اهلل تعاىل
للمالئكة الكرام الكاتبني ( اكتب وا عمل عبدي فالن واكتب وا أين كان قلبه
حال العمل ليأخذ ث وابه ممن كان قلبه حاضرا عنده ) .ومن كالم سيدي
على اخل واص رضي اهلل عنه ( كل عمل مل حيضر العبد فيه مع ربه تعاىل
فهو كامليتة وهو بالنفاق أشبه وذلك انه يوهم الناس انه مع اهلل حال
مناجاته وهو مع اخللق وقد طالت الطريق على الناس لغفلتهم عن ذلك
فحجب وا باإلعمال عن املعمول له ولو أهنم الحظ وا املعمول له الشتغل وا
به ) .ومن آداهبم ال يطلبون بعبادهتم مقاما أو حاال أو تقريبا من احلضرة
اإلهلية فقد قال وا :من خدم اهلل تعاىل لطلب مقام فقد طلب قطيعة ومن
خدمه لطلب الث واب أو خوف من عقاب فقد أبدى طمعه وأظهر خسته .
وقال وا :ابغض اخللق إىل اهلل من متلق إليه يف األسحار يطلب قربه تعاىل
بذلك .وقال وا افعل وا ما أمركم به الشرع ان استطعتم ولكن من حيث
مشروعيته والنص به ال من حيث علة أخرى واترك وا العلل كلها يف مج يع
أعمالكم وأح والكم وال تنظروا إىل ث واب فمن نظر إىل ث واب يف أعماله
عاجال أو آجال فقد خرج عن أوصاف العبودية الكاملة اليت ال ث واب هلا
إال وجه احلق عز وجل .ومن آداهبم تفتيش أعضائهم الظاهرة والباطنة
صباحا ومساء :هل حفظت حدود اهلل اليت حدها اهلل هلا أو تعدت ..؟
وهل قامت مبا أمرت به من غض البصر وحفظ اللسان واآلذان والقلب
وغري ذلك على وجه اإلخالص أو مل تقم؟ فان رأ وا جارحة من ج وارحهم
أطاعت شكروا اهلل تعاىل ومل يروا نفوسهم أهال لذلك وان رأوها تلطخت
بشيء من املعاصي أخذ وا يف االستغفار والندم مث يشكرون اهلل تعاىل إذ مل
يقدر عليهم أكثر من تلك املعصية ومل يبتل ج وارحهم اليت مرضت حال
عصياهنا فان كل عضو مستحق نزول البالء .
ومن آداهبم ال يغفلون عن تفتيش باطنهم فان األخالق الردية كامنة يف
العبد ومعلوم أن الفق راء إذا ترق وا يف املقامات كان وقوعهم يف املعاصي
الظاهرة معدوما غالبا ف يقنع احدهم بذلك وينسى تفتيش باطنه وهو
قصور عن درجة أهل العرفان ومن ظن أن األخالق الردية زالت عنه فقد
وهم .
قال تعاىل :
( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم املفلحون )
آية 9من سورة احلشر .
فلم يقل :ومن يزل شح نفسه بل أبقى الشح فيها اال انه يوق العمل
بذلك بعبادته هلل تع اىل .
ومن كالم الشيخ أفضل الدين :اهلل قد جعل يف طينة اآلدميني سائر
األضداد فجميع األخالق احلميدة والذميمة تشرق وتغرب يف د واهتم ولكن
ما دامت العناية الربانية حتف العبد فجميع األخالق الذميمة خامدة
متعطلة فإذا ختلفت عنه العناية حتركت لالستعمال ومخدت أخالقه
احل سنة .
مث ال خيفى أن طينة األنبياء عليهم الصالة والسالم قد طهرها اهلل من
سائر الرذائل بسابق العناية فافهم وإياك والغلط .
ومن آداهبم عدم م وافقتهم للوعد فال يعدون أحدا بوعد اال يف النادر
لعلمهم ان صدق الوعد ال يكون اال لألنبياء عليهم الصالة والسالم
لعصمتهم وأما غريهم ف رمبا وعد وأخلف فيصري فيه خصلة من النفاق .
ومن آداهبم :إذا ذكر احد من أصحاهبم يف غيبته حبضرهتم ال يقولون :هو
من أصحابنا أو من اكرب أصحابنا اال ان كان دوهنم بدرجات فان كان
مساويا هلم أو فوقهم فيقولون :حنن من اتباعه أو خدامه .
ومن آداهبم :ال يقولون ذهب األكابر والصادقون فإهنم ما ذهب وا حقيقة
وإمنا ككنز صاحب اجلدار .
وقد يعطى اهلل من جاء يف آخر الزمان ما حجبه عن أهل العصر األول
فان اهلل قد أعطى نبينا حممد صلى اهلل عليه وسلم ما مل يعطه األنبياء مث
قدمه عليهم يف املدح .
ومن كالم صاحب احلكم :بدال من ان تقول :أين األولياء أين
الصاحلون ..؟ قل :أين البصرية ..؟
ومثل هذا اللفظ ال يقع اال ممن مل يكن عنده اعتقاد يف أولياء عصره
وعلمائه وال خيفى ما يف ذلك ..
ومن آداهبم :ال يطلبون اال يكون هلم حاسد فان احلكم الوجودي اقتضى
مقابلة النعم باحلسد فمن طلب اال يكون له حاسد فقد طلب اال تكون
له نعمة .
ومن آداهبم إذا ذكروا ذنوهبم ال يقولون ال حول وال قوة اال باهلل ملا يف
ذلك من رائحة احلجة على اهلل تعاىل .
بل يقولون ( :ربنا ظلمنا أنفسنا وإن مل تغفر لنا وترمحنا لنكونن من
اخلاسرين ) آية 32من سورة األعراف .ومع األف راد ( :رب إين ظلمت
نفسي فاغف ر ) .
ومن آداهبم :ال يقولون نأنس باهلل تعاىل فان اإلنسان ال يأنس اال جبنسه
واحلق تعاىل ليس بينه وبني عباده جمانسة بوجه من الوجوه .
فإذا رأيت يف كالم احد من القوم انه يأنس باهلل تعاىل فاعلم انه غري حمقق
من اهلل تعاىل ال باهلل تعاىل النت فاء اجملانسة .
ولو حقق لوجد انسه مبا َ
ومن آداهبم :ال يقولون نطلب اهلل إذ الطلب ال يكون اال ملفقود واهلل
تعاىل موجود وواجب الوجود وال يطلب دركه ألنه ال غاية له وإمنا يقولون
نطلب الطريق إىل معرفة اهلل .
ومن آداهبم :عدم زخرفتهم الكتب اليت يرسلوهنا إىل إخ واهنم خوفا من
الكذب .
ومن وصية أىب نصر بشر احلايف ( :إذا كتب أحدكم كتابا إىل احد فال
يزخرفه حبسن األلفاظ فاين كتبت مرة كتابا فعرض يل كالم ان كتبته حسن
الكتاب وكان كذبا وان تركته مسج الكتاب وكان صدقا فعزمت على ذكر
الكالم السمج الصدق فنادى هاتف من جانب البيت ( يثبت اهلل الذين
آ من وا بالقول ا لثابت يف احلياة الدنيا وىف اآلخرة ) آية 32من سورة
إبراهيم .
ومن آداهبم :كثرة االستغفار إذا اعتقد فيهم اخللق وهم يف السر خالف
ذلك وىف احلديث :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( :طوبى لمن وجد
في صحيفته اس ت غفار كثير ) رواه بن ماجة عن عبد اهلل بن بسر وأبو نعيم
يف احللية عن عائشة رضي اهلل عنها .
وقد حث وا على االعتناء باالستغفار ليال وهنا را س واء تذكر العبد ذنوبا أو
مل يتذكر .
ومن آداهبم :إذا مدح وا أن يكثروا من الشكر واالستغفار وأن يقول وا :
اللهم أنت اعلم بنا منهم اللهم اجعلنا خ ريا مما يظنون وال ت ؤاخذنا مبا
يقولون واغفر لنا ماال يعلمون .
ومن آداهبم :ال يعتمدون على كسبهم فان االعتماد على الكسب شرك
باهلل عز وجل .
قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( :ما منكم من أحد ينجيه عمله
قالوا :وال أنت يا رسول اهلل؟ قال :وال أنا اال ان يتغمدني اهلل منه
برحمة وفضل ) رواه سفيان عن األعمش عن أ ىب صاحل عن أىب هريرة
رضي اهلل عنهم .
ومن آداهبم :عدم نسبة شيء من األعمال الصاحلة إىل نفوسهم إال بقدر
نسبة التكليف فقط .
قال القوم :كل عمل اتصل بالعبد شهوده فهو غري متقبل فمن شهد له
عمال فعمله عند نفسه ال عند ربه .
ومن حقق النظر علم أنه ال أثر ملخلوق يف فعل شي ء من حيث التكوين
وإمنا له احلكم فقط وغالب الناس ال يفرق بني احلكم واألثر .
ومن كالم سيدي على اخل واص :ما دام العبد ينسب األمور إىل نفسه ذوقا
وإ ىل اهلل علما فهو حمجوب فإذا رفع احلجاب رأى أفعاله كلها خلقا هلل
تعاىل وذوقا .
وأما علمه أهنا خلق اهلل تعاىل فال يكفي ه إذ ليس العلم كالذوق .
قال :وأكثر املريدين مل يثبت هلم قدم يف نسبة أفعاهلم هلل تعاىل ولذلك
يطلبون اجلزاء من اهلل تعاىل على ما أجرى على أيديهم من األعمال
الصاحلة .
وكذلك يطلبون اجل زاء من اخللق إن أجرى على أيديهم إحسانا هلم فلوال
نسبتهم ذلك إىل أنفسهم ما طلبوا اجل زاء من اهلل تعاىل وال من اخللق .
ومن آداهبم التجرد عن العزة والغىن والتحقق بالذلة والفقر إذا توجه وا إىل
اهلل يف أمر دنيوي أو أ خروي لئال مينع وا اإلجابة .
ومن كالمهم :
إذا توجهت إىل اهلل فتوجه إليه وأنت فقري ذليل فإن غناك وعزتك وان كانا
باهلل مينعانك اإل جابة الن الغىن والعزة صفتان ال يصح لعبد الدخول هبما
على اهلل أبدا الن حضرة اهلل تعاىل هلا العزة فال تقبل عزيزا وال غنيا .
قال اهلل تعاىل ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إىل اهلل واهلل هو الغىن احلميد )
اية 51من سورة فاطر
ومن آداهبم :ال يسألون اهلل شيئا من أمور الدنيا إال مع التفويض ورد
العلم إليه سبحانه عمال بقوله تعاىل ( وعسى أن تكره وا شيئا وهو خري
لكم وعسى أن حتب وا شيئا وهو شر لكم واهلل يعلم وأنتم ال تعلمون ) آية
352من سورة البقرة
فيقول احدهم يف س ؤاله اللهم أ عطين ( كذا ) ( وكذا ) ان كان فيه خ ريا يل
واصرف عىن ( كذا ) و ( كذا ) إن كان فيه شر يل .
ومن وصية سيدي عبد القادر اجليلي :اح ذ ر أن تسأل اهلل شيئا إال مع
التفويض وأما إذا أعطاك اهلل تعاىل شيئا من غري س ؤال فذلك مبارك
وعاقبته محيدة وليس عليك فيه حساب إن شاء اهلل تعاىل لكونه جاء من
غري استشراف نفسي .
ومن آداهبم :عدم االشتغا ل بالنعم عن املنعم إذ قبيح بالعبد أن يألف
النعمة دون املنعم أو مييل إليها فان امليل إىل كل شيء دون اهلل مذموم إال
يف حقوق اهلل وم أ موراته .
وىف وصية سيدي عبد القادر اجليلي :
إياك أن تشتغل مبا أعطاك احلق سبحانه وتعاىل من املال فيحجبك بذلك
عنه دنيا وأخرى ورمبا سلبك ذلك املال عقوبة لك وإذا اشتغلت بطاعته
عن ذلك املال كان من املال احملمود ال املذموم .
ومن آداهبم :
لزوم الرمحة للمسلمني وىف احلديث :
قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( :الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك
وتعالى ) رواه اإلمام أمحد يف مسنده بزيادة ورواه أبو داود والرتم ذي
واحلاكم يف مستدركه عن ابن عمر .
ومن كالم سيدي على اخل واص :عليك بالرمحة باملسلمني إن أردت أن
ترحم ومن الرمحة هلم أن حتمل مهومهم .
قال واعلم :ان محلنا هلموم إخ واننا املسلمني ال يناىف التسليم كما تومهه
بعضهم فالعبد حيمل هم إخ وانه من كسبهم للذنوب اليت استحق وا هبا
البالء النازل ع ليهم ويسلم من حيث التقدير اإلهلي الذي سبق به العلم
إذ ال ميكن رد مثل ذلك فافهم فانه قد غلط يف ذلك مجاعة من مشايخ
اجلهل زاعمني أهنم مسلمون هلل تعاىل وخيرجون على من يرونه حيمل هم
إخ وانه ويقولون :ما لفالن ومعارضة األقدار ؟ ويتومهون م ا هم عليه أكمل
وهو جهل وقد كان اإلمام عمر ابن اخلطاب رضي اهلل عنه إذا نزل
باملسلمني بالء ال يضحك قط وكذلك عمر بن عبد الع زيز وسفيان الثوري
وعطاء السلمي حىت يرتفع البالء .
قال وا :الرمحة خاصة والبالء عام وذلك من مجلة رمحة اهلل تعاىل .
ومن آداهبم :عدم شك واهم إىل اخللق ما يصيبهم من بالء وحمن وغري
ذلك .
ومن وصية سيدي عبد القادر اجليلي :احذر ان تشكو ربك وأنت معاىف
يف بدنك أو لك قدرة على حتمل هذا البالء بالقدرة اليت ق واك هبا فتقول :
ليس عندي قوة وال قدرة أو تشكو إىل خلقه وعندك نعم مما انعم هبا
عليك وتقصد بتلك الشكوى ال زيادة من خلقه وأنت متعام عما له عندك
من العافية والنعم .
فاحذر من الشكوى ملخلوق جهدك ولو تقطع حلمك فان أكثر ما ينزل
بابن أدم من البالء من جهة شك واه .
وكيف يشكو العبد من هو أرحم به من والدته الشفيقة .
ومن آداهبم :كثرة شكرهم للنعم امتثاال لألمر ال طلبا لزيادة .
ومن كالمهم :عليك بشكر النعم فان من مل يشكر النعم فقد تعرض
لزواهلا واحذر أن يكون شكرك ألجلها بل اجعل شكرك امتثاال ألمر ربك
بالشكر .
وهلذا :
قال تعاىل ( :أن اشكر يل ) آية 51من سورة لقمان .
ومن آداهبم :
شدة سرتهم ملقامهم فقد قال وا :الكامل من يهضم نفسه حىت يزكيه ربه .
وقال وا أحسن بذور احلرث ما بذره مث سرته بعد ما بذره حىت نبت يف بطن
األرض وأقبحه ما نبت فوقها ألنه ال ثبات له .
ومن آداهبم :ترك التدبري وهو على قسمني :تدبري حممود وتدبري مذموم .
فاحملمود :ما كان فيما يقربك إىل اهلل تعاىل كالتدبري يف ب راءة الذمم من
حقوق ال عباد إما وفاء وإما استحالال وىف تصحيح التوبة وفيما يؤدى إىل
قمع اهلوى والشيطان .
والتدبري املذموم :تدبري الدنيا للدنيا وهو أن يدبر يف أسباب مجعها افتخا را
هبا واستكثا را وكلما ازداد منها شيئا ازداد منها غفلة واغ رتا را .
وقال وا :
ال تركن إىل شيء وال تأمن مكر شيء وال لغري شيء وال خترت شيئا فانك
ال تدرى أتصل إىل ما اخرتته أم ال .
مث ان وصلت إليه فال تدرى ألك فيه خري أم ال ..؟
وال تق ف مع شيء وال حتزن على شيء خرج منك فإنه لو كان لك ما
خرج منك .
وال تفرح مبا حيصل لك من أمور الدا رين سوى اهلل تعاىل فان ما سوى اهلل
تعاىل عدم .
ومن آداهبم :أن يرضوا بالدون يف كل شيء حتبه النفس من شه وات الدنيا
وأن يثبت وا إذا ضيق اهلل عليهم يف املعيشة .
مث ال خيفى أن من رضي بالدون من كل شيء حتبه النفس من شه وات
الدنيا مل يقع بينه وبني احد منازعة وال خصومة واس رتاح قلبه وبدنه من
التعب يف حتصيل ال زائد عن احلاجة .
فان رزق كس رة من الشعري قنع هبا وشكر اهلل عليها وان رزق حبة قنع هبا
وشكر اهلل عليها .
مث بعد ذلك إن جاءه أمر زائد أكثر من الشكر عليه باللسان والبدن .
ومن آداهبم :ال يقولون ملن قصدهم يف حاجة :ارجع وتعال ألينا يف وقت
أخر .
وال مينعون سائال إال حلكمة ال شحا وخبال .
ومن آداهب م :كل موضع عظمهم الناس فيه خاف وا منه الفتنة ال يألفونه .
ومن آداهبم :قلة التحدث على األكل ألهنم جالسون حقيقة على مائدة
اهلل تعاىل واهلل ناظر إليهم واىل آداهبم وأثارهم وشكرهم له عز وجل
وكذلك من آداهبم ال يأكلون من وسط اإلناء عمال باحلديث :
قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( إن البركة لتنزل في وسط اإلناء
فكلوا من حافاته وال تأكلوا من وسطه ) عن عبداهلل بن بسر .
ومن آداهبم إجابة أخيهم التقى إذا دعاهم إىل طعامه .
ومن كالم سيدي على اخل واص :إذا دعاك أخوك املؤمن التقى إىل طعامه
فأجبه تسره .
وال جت ب ظاملا وال فاجرا وال م ن يعامل بالربا وال من خيص األغنياء بدعوته
دون الفقراء .
وإذا أكلت فال تتحرك حىت ت رتفع املائدة فإن ذلك من سنة السلف
الصاحل .
وإذا غسلت يدك فادع بالربكة واستأذن يف اخلروج )
ومن وصية سيدي على اخل واص :ال تأكل وحدك وال يف ظلمة وال تضي ع
من الطعام شيئا فأن ما تقدم إليك لتأكله ال لرتميه يف األرض ) .
وليس من آداهبم :صرف وجوههم عن احلاضرين عند الشرب فال الشيخ
جنم الدين البكري ( :إذا شرب أحدكم فليشرب ووجهه إىل القوم وال
يصرف وجهه عنهم كما يفعله الع وام بقصد االح رتام ) .
وإذا فرغ أحدكم من غسل يده فليدع ملن يصب بنحو ( طهرك اهلل من
الذنوب ) .
ومن آداهبم :إذا استربؤوا جيعلون يدهم من داخل الثوب وخيافون من وقوع
يدهم اليمىن على فرجهم إك راما للقرآن العظيم وكتب العلم واملسبحة اليت
يسبحون عليها .
ومن كالم الشيخ أفضل الدين ( إ ين الستحى أن ادخل اخلالء ) بثوب
وقعت فيه الصالة أو قرىء القران .
ورمب ا أترك القراءة إذا تكلمت كلمة قبيحة زمانا طويال حىت أنسى تلك
الكلمة .
وكذلك أستحي أن أمسك فرجي بيدي اليمىن وقد بلغنا عن بعض
الصحابة أنه مل ميس فرجه بيده اليمىن مذ بايع النيب صلى اهلل عليه وسلم .
ومن آداهبم :تقصري ثياهبم .قال احلسن البصري يف قوله تعاىل ( :وثياب ك
فطهر ) آية 1من سورة املدثر .أي فقصر .
وكذلك من آداهبم إذا لبس وا ثوبا جديدا ال يغفلون عن قول ( احلمد هلل
الذي كساين هذا ورزقنيه من غري حول مىن وال قوة ) ملا روى أبو داود عن
معاذ بن أنس قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( .من أكل طعاما
فقال :الحمد هلل الذي أ طعمني هذا ورزقنيه من غير حول منى وال قوة
غفر له ما تقدم من ذنبه ,ومن لبس ثوبا جديدا فقال :الحمد هلل الذي
كساني هذا ورزقنيه من غير حول منى وال قوة غفر له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر ) رواه أبو داود واحلاكم ومل يقل :وما تأخر وقال :صحيح
اإلسناد ' وروى الرتمذي وابن ماجة شطره األول وقال الرتمذي حديث
حسن غريب .
ومن آداهبم :إكرام أهل احلرف املشروعة وتعظيمهم بطريق الشرع ألهنم
متخلقون باألدب مع اهلل تعاىل ومع الكون وان كان وا ال يشعرون بذلك .
ومن آداهبم :تعظيم العلماء ومحلة القرآن الكرمي حمبة يف رسول اهلل صلى
اهلل عليه وسلم ألهنم محلة شريعته املطهرة .
ومن آداهبم :ال ميرون راكبني على من علمهم من علمهم شيئا من القرآن
العظيم .ولو صاروا من مشايخ العصر وال ميشون أمامه وال ينسون ه من
اهلدية والشكر والدعاء وال يتزوجون له مطلقة أو امرأة مات عنها وال
يتولون له وظيفة عزل عنها ولو سئل وا ف يها ألنه أبو الروح .
وقد كان الشيخ مشس الدين الديروطى صاحب ( الربج ) بدمياط إذا مر على
فقيه ينزل عن دابته ويسوقها أمامه ويقبل يده مث ال يركب حىت يبعد عنه
جدا ويت وارى عنه جبدار أو حنوه مع أنه بلغ من العلم الغاية وشرح
( املنهاج ) وغريه .
ومن آداهبم :ال يزهدون يف ال دنيا إال لكوهنا مبغوضة هلل تعاىل :قال
تعاىل ( إمنا مثل احلياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات
األرض مما يأكل الناس واألنعام ) آية 31من سورة يونس .
ال لعلة أخرى من راحة البدن أو ختفيف حساب وكذلك ال يزهدون فيما
بأيدي الناس إال امتثاال لألمر وليحبهم الناس فيشفع وا فيهم عند رهبم إذا
وقعت امل ؤاخذة على الذنوب ال لعلة أخرى من إقامة جاه أو انتشار
صيت عندهم .
ومن آداهبم التباعد عن كل من يرونه من العلماء ال يعمل بعلمه مع
إحسان الظن به .
ومن كالم سيدي على وفا ( :علماء السوء أضر على الناس من إبليس الن
إبليس إذا وسوس للمؤمن عرف انه مضل مبني فان أطاع وساوسه عرف
أنه قد عصى فيأخذ يف التوبة من ذنبه واالستغفار لربه .وعلماء السوء
يلبسون احلق بالباطل ويردون األحكام على وفق غرضهم وأهويتهم فمن
أطاعهم ضل سعيه وهو حيسب انه حيسن صنعا فاجتنبهم وكن مع
الصادقني فانك ال تستفيد منهم إال دعوى العلم والتكرب به على
املسلمني .
ومن آداهبم :كثرة انقباضهم يف نفوسهم إذا رأ وا أمرا خمالفا للشرع إيثا را
للجانب االهلى وشفقة على الفاعل .
وليس من أدهبم أن يقول وا :هذا فعل اهلل فال ينقبض منه ألنه جهل فقد
كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يغضب إذا انتهكت حرمات اهلل عز
وجل .
قال الفضيل بن عياض حدثنا منصور بن املعتمر عن ابن شهاب الزهري
عن عروة عن عائشة رضي اهلل عنها قالت ( ما رأيت رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم منتصرا من مظلمة ظلمها قط ما مل تنتهك حمارم اهلل فإذا
انتهك حمارم اهلل بشيء كان أشدهم يف ذلك غضبا .وما خري بني أم رين
إال اختار أيسرمها ما مل يكن مأمثا )
وقد قال وا :ينبغي للمؤمن أن يكون له عينان :
عني ينظر هبا إىل الفعل اإل هل ي من احلكم البالغة ليسلم من الوقوع يف
االع رتاض على أفعال حكيم عليم .
وعني ينظر هبا إىل خمالفة العبيد أل وامر رهبم فيغار هلل تعاىل .فعلم أن إنكار
املنكر ال يقدح يف مقام التسليم الن كال منهم مأمور به شرعا فافهم .
ومن آداهبم غض البصر عن فضول النظر واإلسراع يف املشي مع السكينة
وإصالح ذات البني والتعامي عن عيوب الناس وسرتها ونشر حماسنهم إال
املبتدعة فان يف عدم سرت مساويهم والتحذير منهم رمحة هلم ول لمسلمني
فال يزيد املبتدع باتباع الناس له يف بدعته وال يأمث احد بسببه .
ومن آداهبم :عدم سب الوالة وإن جاروا ألهنم مسلطون غالبا على الرعية
حبسب أعماهلم ونياهتم .
ومن آداهبم :عدم االنتصار لنفوسهم فإن االنتصار للنفس من األمور اليت
كلها تعب ومن سلم األمر ملواله ن صره من غري عشرية وال أهل .
ومن كالمهم :إذا انتصر الصويف لنفسه وأجاب عنها فهو وال رتاب س واء .
ومن آداهبم :ال يدخلون املساجد بنية النوم واالس رتاحة وال يتحدثون فيها
بشيء من أمر الدنيا وال ميدون فيها أرجلهم وال يرفعون فيها أص واهتم .
ومن آداهبم :
ال يقولون :ليد الن يب صلى اهلل عليه وسلم يسا را وإمنا يقولون :اليمن األول
واليمن الثاين أو ميني وجهه أو ميني خلفه .
وال يذكرون امسه الشريف إال مع مصاحبة لفظ السيادة يف مجيع امل واطن .
ومعلوم أن تعظيم النيب صلى اهلل عليه وسلم مفروض على األمة .وذكر
امسه الشريف بغري لفظ السيادة منا ف للتعظيم وفيه من إساءة األدب ما
ال خيف ى على كل ذي نور .
ومن آداهبم :حمبة إخ واهنم املسلمني حمبة إخ وان وإميان ال حمبة طمع
وإحسان .
ومن وصية سيدي عبد القادر اجليلي ( إذا وجدت يف قلبك بغض شخص
أو حبه فاعرض أعماله على الكتاب والسنة فان كانت مكروهة فيهما
فاكره وإن ك انت حمبوبة فيهما فأحببه كيال حتبه هب واك قال تعاىل ( وال تتبع
اهلوى فيضلك عن سبيل اهلل ) آية 32من سورة ص .
فحقيقة احلب يف اهلل إال يزيد بالرب وال ينقص باجلفا .
ومن آداهبم :حفظ الود ملن أكل وا عنده خبزا أو ذاق وا عنده ملحا .
ومن آداهبم :هجر السوق واخلائن وإخراجهما من بينهم والفرق بني
السارق واخلائن :أن اخلائن هو من يسرق ما أ ؤمتن عليه والسارق هو من
يسرق ما مل يؤمتن عليه .
وقد قال وا :إن اخليانة تذهب الربكة من مال اإلنسان وعمره وكذلك القول
يف السرقة فما وجدنا قط سارقا إال والربكة ممحوقة من ماله وعمره .
وكذلك من آداهبم :ه جر الكذاب قالت أم املؤمنني عائشة رضي اهلل
عنها :ل " م يكن شيء أبغض إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من
الكذب .كان يهجر الرجل على الكلمة من الكذب " .ومن آداهبم تقدمي
من مروءته من حيث إميانه على مروءته من حيث نفسه .
وميزان ذلك :النظر يف أمر العبد :فمن كان إقدامه ع لى األه وال يف دين
اهلل وىف غري دين اهلل على حد س واء فذلك من املروءة النفسانية .
ومن كان إقدامه على األه وال يف دين اهلل فقط فذلك من املروءة اإلميانية .
وكذلك من آداهبم :تقدمي الفقيه الصرف على الفقيه املتفعل يف الطريق
الن الفقيه الصرف سامل من النفاق الذي يقع ف يه املتفعل مع زيادته عليه
بالعلوم الشرعية .
بل العامي الذي يعبد اهلل تعاىل ويسأل العلماء عما يشكل عليه يف دينه
أحسن حاال من املتفعل يف طريق القوم .
آداب الزيارة
ومن آداهبم :ال خيرجون لزيارة أحد حىت يتخلق وا بآداب الزيارة وهى
الشوق للمزور واجلزم بفضله وطها رت ه من املعاصي املعنوية واحلسية
والتماس بركة دعائه وحت رير النية بان يكون الباعث على الزيارة امتثال
األمر ال غري ذلك وحفظ اللسان من الوقوع يف إعراض الناس وترك ذكر
احملاسن وهذان يشرتك فيهما الزائر واملزار .فإن خلت ال زيارة عن هذه
اآلداب فال نفع فيها وال ث واب بل هي تكلف ونفاق .مث ال خيفى أنه جيب
على الزائر إذا ذكر املزور شيئا من حماسنه أن يعتقد أنه ما ذكر ذلك اال
لغرض شرعي .
آدابهم على المائدة وتقديرهم للنعمة
ومن آداهبم :إعطاء اخلبز حقه من اإلك رام والتعظيم ومن كالم سيدي على
اخل واص :إياكم أن تضع وا اخلبز على األرض من غري حائل فان فيه احتقار
لنعمة اهلل عز وجل .
وعن عائشة رضي اهلل عنها قالت :دخل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
مرة فرأى كسرة يابسة يف جدار وقد عالها الغبار فأخذها رسول اهلل صلى
اهلل عليه وسلم وقبلها ووضعها على عينيه مث قال ( :يا عائشة أحسىن جماورة
نعم اهلل ف ان النعمة قلما نفرت من أهل البيت فكادت ترجع إليهم )
رواه أبو يعلى يف مسنده والبيهقى يف شعب اإلميان
ومن كالم سيدي امحد الرفاعى :قلة إكرام اخلبز كفر بنعمة املنعم
فاجتهد وا يف إكرامه ما استطعتم فإن تعظيم نعمة اهلل من تعظيم اهلل وما
ابتلى قوم بالغال حىت أهان وا احلب لرخصه .
ويكفينا يف تعظيم اخلبز أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم جعله عديال
لرؤية اهلل يف حديث ( للصائم فرحتان فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء
ربه ) .يف رواية مسلم .
ومن آداهبم :إذا أ كلوا شيئا إهداء من حضر معهم ذلك املأكول .
ومن كالم سيدي على اخل واص :إذا أكل طعاما فاطعم منه من حضر إن
أردت د وام النعم عليك ومن أكل وعني تنظر إليه ومل يطعمها منه ابتاله
اهلل بداء يسمى النفس .
ومن آداهبم :إذا فرغ وا من أكل ما قدم هلم يقولون :احلمد هلل رب العاملني
على كل حال احلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات وتنزل الربكات
ويقرؤون سورة قريش وسورة اإلخالص .
ومن آداهبم :إذا أكل وا عند أحد مل خيرج وا من عنده حىت يشرب وا وقد
قال وا :من خبل الصويف أن يأكل وال يشرب .
حقوق الوالدين
ومن آداهبم :ال يصرون على ذنب فان اإلصرار من املهلكات وتصري
الصغري به كبرية .
وقد حد بعض األشياخ اإلص رار :بأن يؤخر التوبة حىت يدخل عليه وقت
صالة أخرى من اخلمس .
ومن آداهبم :إذا وقع وا يف س وء الظن بأحد أو غيبة ومل يعلم هبما
صاحبهما ان يقرء وا أم القران وسورة اإلخالص واملعوذتني ويهدون ثواب
ذلك يف صحائف من اس ا ؤوا به الظن أو اغتابوه .
وكيفية اإلهداء أن يقول :اللهم صل وسلم على نبيك وحبيبك سيدنا
حممد وعلى اله وأثبين على ما ق رأته واجعله يف صحائف عبدك ( فالن ) .
ومن آداهبم يشهدون الكمال يف صاحبهم والنقص يف أنفسهم ومن شهد
ذلك كره العزلة عن الناس اال لغرض شرعي أخر كأن خيشى ان حيصل هلم
منه شيء يتضررون به .
ومن آداهبم يشهدون على الد وام أن اهلل تعاىل أرحم هبم منهم ولذلك ال
يقع منهم قنوط من رمحة اهلل تعاىل يف وقت من األوقات .
ومن آداهبم :ال يتحفظون من حمبتهم ألحد من الصحابة رضي اهلل عنهم
أو ألوالدهم الن الواجب على كل احد أن حيب أصحاب رسول اهلل صلى
اهلل عليه وسلم تبعا حلب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وحيب أوالدهم
كذلك .
وذكر الشيخ عبد الغفار القوصى :انه كان له صاحب من أكابر العلماء
فمات فرآه بعد موته فسأله عن دين اإلسالم فتلجلج يف اجل واب قال :
فقلت له :أما هو ح ق . ..؟ فقال :نعم هو حق .
فنظرت إىل وجهه فإذا هو اسود وكان رجال ابيض فقلت له :ان كان دين
إالم حقا فما سود وجهك . ..؟ فقال :خبفض صوت كنت أقدم بعض
الصحابة على بعض بالعصبية .
ومن آداهبم :يعتنون ب إ ف ا دة كل جليس معهم وان مل يكن معتنيا بالفائدة .
وكان بعضهم ال جيلس اح د معه إال ذكر هو وإياه جملس ذكر مث يصرفه
بعد ذلك ويقول :من مل يصلح الستفادة العلوم يصلح لذكر اهلل .
ومن آداهبم ال يزورون أحدا ويأكلون من طعامه اال ان علم وا انه كثري
التوقف عما ب أ يد ي أهل زمانه من املكاسبني والظلمة واألع وان .
ومن آداهبم :املداومة على صالة الضح ى خلرب :ما من عبد يصلى الضحى
ومل يرتكها اال عرجت إىل اهلل تعاىل وقالت :يا رب ان فالنا مل يضيعين فال
تضيعه .
وىف احلديث :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( :ركعتان الضحى
يعدالن عند اهلل تعاىل حجة وعمرة مقبولتني ) رواه أبو الشيخ يف الث واب
عن أنس رضي اهلل عنه .
ومن آداهبم :يتهمون نفوسهم يف امل واظبة على اخلري وجمالس الذكر فقل
من ي واظب على خري وحيمد الناس عليه ويسلم من اآلفات .
ومن شان النفس إذا ألفت التعظيم ألجل عبادهتا يشق عليها تركه ا ألجل
ذلك ال ألجل جمالسة احلق تعاىل .
فليمتحن السالك نفسه فان رأى عندها استحياء إذا ترك إظهار تلك
العبادة فليعلم أهنا كلها رياء وجيب عليه التوب واالستغفار وإن رآها ليس
عندها استحياء فليشكر اهلل تعاىل الذي جناه مث ال يأمن .
وقد وقع لبعض السلف انه صلى الصل وات اخلمس يف الصف األول مدة
فتخلف يوما فوجد يف نفسه خجال فأعاد تلك الصل وات كلها وقال :إمنا
كانت م واظبيت مسعة ورياء .
ومن آداهبم :ال يستل ذ احدهم مبا حيصل له من صورة اخلشوع والدعوة
وضم األكتاف وإط راق الرأس إىل األرض وال يسام ح نفسه يف ذلك اال ان
كان مغلوبا وقد رأى اإلمام عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه رجال يصلى
وقد ضم كتفيه فض ربه وقال له :ليس اخلشوع هكذا إمنا اخلشوع يف
القلب .
ففر ي ا أ خ ي من الوقوع يف مثل ذلك فان رأيت أحدا فعل ذلك فامحله
على انه مغلوب .
ومن آداهبم :إذا كان وا يقرءون يف الق ران الكرمي أو احلديث الشريف وأ راد وا
أن يكلم وا أحدا يف حاجة فال يكلمونه حىت يستأذن وا اهلل تعاىل ورسوله
بقلبهم ولساهنم أن يكلم وا ذلك اإلنسان مث إن غفل وا عن االستئذان
وكلم وا أحدا استغفروا اهلل تعاىل حىت يلقى اهلل يف قل وهبم انه قبل
استغفارهم .
وقد وقع للشيخ أفضل الدين انه كلم إنسانا وهو يق راْ الق ران الكرمي قبل
ان يستأذن فاستغفر اهلل ألف مرة .
ووقع له أيضا انه كلم إنه كلم إنسانا وهو يقرأ احلديث قبل أن يستأذن
النيب صلى اهلل عليه وسلم فاستغفر اهلل تعاىل سبعني مرة .
ومن آداهبم :ال يشتغلون حال األذان بشيء أدبا مع اهلل تعاىل .
ومن أدهبم :ال ميدون أرجلهم حىت يستأذن وا اهلل تعاىل وكذلك احلكم يف
مدها حنو املدينة املشرفة أو حنو وىل من األولياء ال ميدوهنا حىت يستأذن وا
النيب صلى اهلل عليه وسلم أو ذلك الويل وكل ذلك لشهودهم أهنم بني
يدي اهلل وبني يدي رسوله صلى اهلل عليه وسلم على الد وام شعروا بذلك
أم مل يشعروا .
ومن آداهبم :م واظبتهم على االستغفار ثالثا وعلى قراءة أم القرآن وآية
الكرسي وأخر سورة الكهف وقل يأيها الكافرون واإلخالص واملعوذتني
عند النوم .
وكذلك من آداهبم عند النوم :ي واظبون على التسب يح ثالثا وثالثني
والتحميد ثالثا وثالثني والتكبري أ ربعا وثالثني خلرب أىب داود الرتمذي :قال
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( خصلتان ال حيصيهما عبد إال دخل اجلنة
ومها يسري ومن يعمل هبما قليل :يسبح أحدكم دبر كل صالة عشرا
وحيمده عشرا ويكربه عشرا فتلك مائة ومخسون ب اللسان وألف ومخسمائة
يف املي زان وإذا أوى إىل ف راشه يسبح ثالثا وثالثني وحيمد ثالثا وثالثني
ويكرب أربعا وثالثني فتلك مائة باللسان وألف يف امليزان .
قيل يا رسول اهلل وكيف ال حيصيهما فقال :يأت أحدكم الشيطان وهو يف
صالته فيقول اذكر كذا أو يأتيه عند منامه فينومه .رواه أبو داود والرتمذي
والط رباىن يف الكبري عن أىب مالك األ شعري .
ومن آداهبم شدة ك راهتهم النوم على حدث أكرب أو اصغر .
ومن كالم سيدي عل ي اخل واص رمحه اهلل :إياك ان تنام على حدث ظاهر
أو باطن من حمبة الدنيا أو شه واهتا ف رمبا اخذ اهلل تعاىل بروحك تلك الليلة
فتلقى اهلل وهو عليك غضبان حبسب قبح ذلك الذنب الذي منت عليه .
فمن نام على حمبة الدنيا ومات يف تلك النوم حشر مع مبغوض ي اهلل تعاىل
مل ينظر إليه منذ خلقه وهذا األمر قل من ينتبه له يف هذا الزمان حىت
يتوب منه بل غالب الناس ال يعد حمبة الدنيا ذنبا .
وقد كان مالك بن دينار جيمع أصحابه ويقول هلم :استغفروا اهلل من
الذنب الذي غفله الناس وهو حب الدنيا .
ومن آداهبم :العمل على تصفية صدورهم من الغش ليصلح وا لدخول
احلضرة اإلهلية فإن دخوهلا حمرم على من يف قلبه غش ألحد من اخللق .
وىف احلديث عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه قال :فال يل رسول ا هلل
صلى اهلل عليه وسلم ( يا بين إن قدرت أن تصبح ومتسى وليس يف قلبك
غش ألحد فافعل مث قال يل :يا بين وذلك من سنيت ومن أحيا سنيت فقد
أحياين ومن أحياين كان معي يف اجلنة ) .رواه الرتمذي وقال :حديث حسن
غريب .
وقال الشيوخ :مقاساة اجلوع والصرب سهل ومعاجلة األخالق والت نق ي من
سفسافها صعب شديد .
وامل راد بالغش :الغل واحلقد والبغض واحلسد وسوء الظن .
وال يقد ر على تصفية صدره من هذه املذمومات اال من زهد يف الدنيا
وىف الرياسة فإن منبع ذلك من حب الدنيا ومن حب الرياسة .
ومن هنا ظهر فضل الصوفية وكمل شرفهم على غريهم لزهدهم يف الدنيا
وىف حمبة الرفعة على أهلها والستمساكهم من التقوى بأوثق العرى .
فعلم أن من زهد يف الدنيا واستمسك بالتقوى صارت نفسه مأمونة الغاية
من الغل واحلقد والبغض واحلسد وسائر املذمومات فهذا حال الصويف .
وفال بعضهم :جممل حال الصوفية أمران مها وصف الصوفية واليهما
اإلشارة بق وله تعاىل ( جيتىب إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ) آية 52
من سورة الشورى .
فقوم من الصوفية خص وا باالجتباء احملض غري معلل بكسب العبد وهذا
حال احملبوب املراد يبادئه احلق سبحانه وتعاىل مبنحه وم واهبه من غري
سابقة كسب منه يسبق كشفه اجتهاده .
وأما أهل اهلداية الذين شرط احلق تعاىل هلم اإلنابة فقال تعاىل ( ويهدى
إليه من ينيب ) فقد طولب وا باالجتهاد قال تعاىل ( والذين جاهد وا فينا
لنهدينهم سبلنا ) آية 29من سورة العنكبوت .
يدرجهم اهلل يف مدارج الكشف بأن واع الرياضات واجملاهدات وسهر
الدياجر وظم أ اهل واجر يتقلبون يف رمضاء اإل رادة وخيرجون عن كل مألوف
وعادة وهى اإلنابة اليت شرطها احلق سبحانه هلم وجعل اهلداية معروفة هبا .
وهذه اهلداية أيضا هداية خاصة ألهنا هداية إليه سبحانه تعاىل غري اهلداية
العامة اليت هي التهد ي إىل أمره وهنيه مبقتضى املعرفة األولية .
وهذا حال احملب السالك ( املريد ) سبق اجتهاده كشفه وهذا أمثر وأكمل
من األول .
ومن آداهبم :يفتتحون قيام الليل بركعتني خفيفتني يقرؤون يف األوىل بعد
الفاحتة قوله تعاىل ( ولو أهنم إذ ظلم وا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اهلل
واستغفر هلم الرسول لوجد وا اهلل ت وابا رحيما ) لية 21من سورة النساء
وىف الثانية قوله تعاىل ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه مث يستغفر اهلل جيد
اهلل غفورا رحيما ) آية 551من سورة النساء .
وقد حبب يل ان أقول بقليب ولساين بعد السالم :يا سيدي يا رسول اهلل
استغفر يل ربك ثالث مرات أو أكثر اللهم عملت سوء وظلمت نفسي
فاغفر يل صدقة من صدقاتك علي يا أرحم ال رامحني ثالث م رات أو أكثر .
وأعلم ان الفقراء يكرهون النوم يف الثلث األخري من الليل أشد من
كراهتهم للمعاصي الظاهرة .
وقد مكث ابن املؤذن بناحية منية أىب عبد اهلل أ ربعني سنة ال يضع جنبه
على األرض بالليل فكان سيدي حممد السروي يقول :هنيئا البن املؤذن مل
يع مددا ين زل من السماء يف الليل اال وله فيه نصيب .
ومن آداهبم :كثرة ثنائهم على اهلل تعاىل إذا نزل هبم ما يسوءهم عادة
لعلمهم بأن تقديراته تعاىل على عباده عني احلكمة ال باحلكمة ألهنا لو
كانت باحلكمة لكانت أفعاله تعاىل معلولة حتت حكم احلكمة .
ومن هنا ال جيوز السخط على شي ء من أفعاله أبدا ومن سخط فهو
جاهل .
ولو كسف للعبد عما أعده اهلل له يف نظري صربه على البالء يف اجلسد أو
املال أو الولد لكان هو يسأل اهلل تعاىل يف نزول ذلك به .
وأيضا فإن كل واقع يف الوجود بإ رادة إهلية وسبق علم ال يصح تغيريه
فالرضا به واجب قال تعاىل ( وما يعقله ا اال العاملون ) آية 12من سورة
العنكبوت .
ونظري ذلك حمبتهم للعفو من قبل احلق تعاىل .
ومن آداهبم :شدة كراهتهم ملناجاة احلق تعاىل إذا تلطخ ثوهبم أو بدهنم
بنجاسة ولو من حصول مرض تعظيما حلضرة مناجاة احلق تعاىل فمن
ناجى اهلل تعاىل يف حال تقذر بدنه أو ثوبه فهو خارج عن آداب األكابر .
ومن آداهبم :رد كل ما يأتيهم من مال الوالة ألنه خملوط باحلرام
والشبهات .
ومن آداهبم أهنم يتمرون عند أكلهم عند ما يأكلون من طعام الغري ومن
كالم سيدي إب راهيم املتبويل :ال ينبغ ي لفقري ان يأكل من طعام احد اال
ان كان حبيث لو أخربه جبميع زالته ا لسابقة اليت عملها بينه وبني اهلل تعاىل
مل يتغري اعتقاده عليه وإال حرم عليه األكل .
ومن آداهبم :إذا أكل وا عند احد أو شرب وا أن يقول وا :اللهم ان كان ما
أكلناه عند عبدك أو شربناه حالال فوسع عليه وأجزه خ ريا وإن كان حراما
أو شبهة فاغفر له ولنا وارض عن أصحاب التبع ات يوم القيامة واجعلها
صدقة من صدقاتك علينا يا أرحم الرامحني .
ومن آداهبم إذا أ راد وا الدخول يف عمل من األعمال الصاحلة يقولون
بقلبهم ولساهنم :نعمل ذلك أو نقول ذلك امتثاال أل مرك يا موالنا وموىل
كل موجود وأنت خالقه وهلذ ه الكلمة تأثري عظيم .
فإذا فرغ وا منه محد وا اهلل إذ أهلهم لذلك واستغفروا اهلل من تقصريهم فيه
ثالث م رات .
وقد حبب يل ان أقول :استغفر اهلل العظيم من تقصريي يف كل عبادة عدد
أنفاسي .
وآداب القوم كثرية كما تقدم وىف هذا القدر كفاية واحلمد هلل رب العاملني .
اعلم – وفقين اهلل وإياك إيل ما جيب -:أن الصحبة يف اهلل تعايل من أوثق
عري اإلسالم ومن أكرب أب واب اخلري ،وقد رغب العلماء فيها سلفا وخلفا .
أما من حذر منها وقال :أن العزلة أقرب إيل السالمة من اآلفات ،وأبعد
من حتمل احلقوق يف املخالطات وأجزأ لالشتغال بالطاعات ،فإن ذلك يف
حق املريد ما دام قاصرا ،فإذا انتهي سلوكه وكمل حاله كان األفضل يف
حقه ( اخللطة ) بل ( -اخللطة ) يف حق مثل هذا واجبة كما قال بعضهم .
فعلم أنه ال يقال :العزلة مطلقا .
مث ال خيفي أن صحبة األ دىن لأل عل ى ليست بصحبة يف احلقيقة ،وإمنا هي
تعليم وخدمة ،إذا صاحب اإلنسان من هو يشرب من حبره وحييط مبقامه .
فإطالق الصحبة بني املريد والشيخ والصحايب والرسول عليه السالم ،
إطالق جمازي ال حقيقي
إذا علمت ذلك ،فنورد عليك شيئا من األخبار ال واردة يف فضل املتحابني
يف
اهلل تعايل آلن القلب يقوي باالطالع علي الدليل :
روي الشيخان يف صحيحهما ( :سبعة يظلهم اهلل يف ظله ،يوم ال ظل إال
ظله :اإلمام العادل وشاب نشأ يف عبادة اله ،ورجل قلبه معلق يف
املساجد .ورجالن حتابا يف اهلل اجتمعا عليه وتفرقا عليه .ورجل دعته امرأة
ذات منصب ومجال فقال :إين أخاف اهلل ،ورجل تصدق بصدقة فأخفاها
حىت ال تعلم مشاله ما تنفق ميينه ورجل ذكر اهلل خاليا ففاضت عيناه ) .
وروي مسلم ( :والذي نفسي بيده ،لن تدخل وا اجلنة حىت تؤمن وا ولن تؤمن وا
حىت حتاب وا .أوال أدلكم علي شيء إذا فعلتموه حتاببتم أفش وا السالم
بينكم ) .
وروي أيضا ( :أن رجال زار أخا يف قرية أخري ،فأرصد اهلل ع لي مدرجته
ملكا ،فلما أيت عليه قال :أين تريد . ..؟
قال :أ ريد أخا يل يف هذه القرية .
قال :هل لك عليه من نعمة ترهبا قال :ال ،غري أين أحبه يف اهلل .
قال :فإين رسول اهلل إليك ،إن اهلل قد أحبك كما أحببته فيه
وروي ابن عساكر وغريه ( :سبعة يف ظل العرض ،يوم ال ظل إال ظله ورجل
ذكر اهلل ففاضت عيناه .ورجل حيب عبدا ال حيبه إال هلل .ورجل قلبه معلق
باملساجد من شدة حبه إياه ،ورجل يعطي الصدقة بيمينه فيكاد خيفيها
عن مشاله ،وإمام مقسط يف رعيته ورجل عرضت عليه امرأة نفسها فرتكها
جلالل اهلل ،ورجل كان يف سرية مع قوم فلق وا العدو ،فان كشف وا ،فحمي
أثارهم حىت جن وا وجنا أو استشهد ) .
وروي البيهقي يف األمساء ( :سبعة يظلهم اهلل حتت ظل عرشه يوم ال ظل
إال ظله :رجل قلبه معلق باملساجد ،ورجل دعته امرأة ذات منصب ومجال
فقال :أين أخاف اهلل .ورجالن حتابا يف اهلل :ورجل غض عينيه عن حمارم
اهلل ،وعني حرست يف سبيل اهلل ،وعني بكت من خشية اهلل ) .
وروي أيضا يف شعب اإلميان ( :رأس العقل بعد اإلميان باهلل التودد إيل
الناس وأهل التودد يف الدنيا هلم درجة يف اجلنة .ومن كانت له درجة فهو
يف اجلنة )
وروي أيضا :رأس العقل بعد اإلميان التحبب إيل الناس ،واصطناع اخلري
إيل اخلري إ يل وكل بر وفاجر
وروي الدار قطين ( :املؤمن يألف ويؤلف ،وال خري فيمن ال يألف وال
يؤلف ) .
( وخري الناس أنفعهم للناس ) .
وروي أبو داود ( :من أحب هلل ،وأبغض هلل ،وأعطي هلل ،ومنع هلل ،فقد
استكمل اإلميان .
وروي أيضا ( :أفضل اإلميان أن حتب هلل وتبغض هلل .وتستعمل لسانك يف
ذكر اهلل .وأن حتب للناس ما حتب لنفسك ،وتكره هلم ما تكره لنفسك .
وأن تقول خ ريا أو تصمت )
وروي اإلمام أمحد ( :أن اهلل يقول يوم القيامة :أين – املتحابون جلاليل
اليوم ..أظلهم يف ظلي )
وروي أيضا ( :املؤمن الذي خيالط الناس ،ويصري علي أذاهم أفضل من
املؤمن الذي ال خي الط الناس وال يصرب علي أذاهم )
وروي أيضا ( :إن أوثق عري اإلسالم أن حتب يف اهلل وتبغض يف اهلل )
وروي أيضا بسند صحيح ( إن املتحابني يف اهلل لرتي غرفهم يف اجلنة
كالكوكب الطالع الشرقي أو الغريب .
فيقال :من هؤالء . ..فيقال :هؤالء املتحابون يف اهلل
وروي أيضا ( :أحب األعمال إيل اهلل احلب يف اهلل ،والبغض يف اهلل ):
وروي أيضا ( :من سره أن جيد حالوة اإلميان فليحب املرء ال حيبه إال هلل )
وروي الط رباين ( :رأس العقل بعد اإلميان باهلل ،التحبب إيل الناس )
وروي أيضا ( :إن املتحابني يف اهلل يف ظل العرش )
وروي أيضا ( :املتحابون يف ا هلل يف ظل العرش يوم ال ظل إال ظله )
وروي أيضا قول اهلل تعايل يف احلديث القدسي ( :وجبت حمبيت للمتحابني
يف ،واملتجالسني يف ،واملتباذلني يف واملتزاورين يف )
وروي أيضا ( :لو أن عبدين حتابا يف اهلل ،واحد يف املشرق وآخر يف
املغرب ،جلمع اهلل بينهما يوم القيامة ،يقول :هذا الذي كنت حتبه يف )
وروي أيضا ( :ما حتابا رجالن يف اهلل ،إال جيلسهم يوم القيامة علي منابر
من نور ،يغشي وجوههم النور ،حىت يفرغ من حساب اخلالئق )
وروي أيضا ( :من أحب قوما حشر يف زمرهتم )
وروي أيضا ( :املتحابون يف اهلل يف ظل اهلل ،يوم ال ظل إال ظله ،علي من ابر
من نور ،يفزع الناس وال يفزعون )
وروي أيضا ( :إن اهلل عبادا ،ليس وا بأنبياء وال شهداء ،يغبطهم النبيون
والشهداء علي منازهلم وقرهبم من اهلل .
قيل :من هم يا رسول اهلل ؟
قال :ناس من بلدان شيت ،مل تصل بينهم أرحام متقا ربة حتاب وا يف اهلل
وتصافح وا ،يضع اهلل هلم يوم القيامة منابر من نور ،فيجلسهم عليها ،
يفزع الناس وال يفزعون )
وروي أيضا ( ليبعثن اهلل أق واما يوم القيامة يف وجوههم النور ،علي منابر
اللؤلؤ ،يغبطهم الناس ،ليس وا بأنبياء ،وال شهداء .
قيل :من هم ؟
قال :املتحابون يف اهلل من قبائل شيت وبالد شيت جيتمعون علي ذكر ا هلل
يذكرونه ) .
وروي أيضا ( :إن يف اجلنة غرفا ،يري ظ واهرها من ب واطنها وب واطنها من
ظ واهرها ،أعدها اهلل للمتحابني فيه ،واملتزاورين فيه ،واملتاذلني فيه )
وروي ( :إن يف اجلنة لعمدا من ياقوت ،عليها غرف من زبرجد ،له أب واب
مفتحه ،تضيء كما يضيء الكوكب الدري .
قال :قلنا :يا رسول اهلل من يسكنها . ..؟
قال :املتحابون يف اهلل واملتباذلون يف اهلل واملتالقون يف اهلل )
وروي الرتمذي – وقال :حديث حسن صحيح ( : -قال اهلل تعايل
املتحابون يف جاليل هلم منابر من نور ،يغبطهم النبيون والشهداء ) .
وروي أيضا ( :ثالث من كن فيه وجد حالوة اإلميان .من كان اهلل ورسوله
أحب إليه مما س وامها .
ومن أحب عبدا ال حيبه إال هلل .
ومن يكره أن يعود يف الكفر ،بعد أن أنقذه اهلل منه ،كما يكره أن يقذف
يف النار ) .
وروي أيضا ( املؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا )
وروى ابن النجار ( 1استكثروا من اإلخ وان فأن لكل مؤمن شفاعة يوم
القيامة )
وروى احلكيم ( :نظر الرجل ألخيه على شوق خري من اعتكاف يف
مسجدي هذا )
وروى ابن الدنيا ( :حقت حمبيت للمتحابني يف ،وأظلهم يف ظل العرش يوم
القيامة ،يوم ال ظل إال ظلي )
وروي أيضا ( :ما أحدث رجل أخا يف اهلل إال أحدث اهلل له درجة يف
اجلنة )
وروي أيضا ( :أصب بطعامك من حتبه يف اهلل ) .
وروي احلاكم وغريه ( قال اهلل تعايل :املتحابون يف علي منابر ،يغبطهم
مبكاهنم النبيون والصديقون والشهداء )
وروي البيهقي ( :من أحب أن جيد طعم اإلميان فليحب املرء ال حيبه إال
هلل )
وروي أيضا ( :إن اله تعايل يقول :أين ألهم بأهل األرض عذ ابا ،فإذا
نظرت إيل عمار بيويت ،واملتحابني يف ،واملستغفرين باألسحار صرفت
عذايب عنهم ) .
واألخبار يف فضل املتحابني كثرية ونقتصر منها علي هذا القدر .
اعلم – وفقين اهلل وإياك ملا حيب : -أن حقوق الصحبة كثرية ،ولكن
نذكر لك مجلة من احلقوق اليت ال بد منها يف طريق العشرة واملخالطة .
وأعلم أيضا أن املشايخ قد حث وا على االعتناء يف حقوق اإلخ وان ،وقال وا :
( من ضيع حقوق إخ وانه ،وابتاله اهلل تعايل بتضييع حقوقه ،وإذا اب تلي
عبدا بذلك مقته وإذا مقت اهلل عبدا طرحة يف النار ) .
إذا علمت ذلك فأقول – وباهلل التوفيق :
( من حقوق األخ علي األخ أن يتعامي عن عيوبه ،فقد قال املشايخ ( :من
نظر إيل عيوب الناس قل نفعه وخرب قلبه .
وقال وا ( :إذا رأيتم الرجل موكال بعيوب الناس ،خب ريا هبا ،علم وا أ نه قد
مكر به ) .
وقال وا ( من عالمات االستد راج للعبد نظره يف عيوب الناس وعماه عن
عيوب نفسه .
وقال وا ( :ما رأينا شيئا أحبط لألعمال ،وال أفسد للقلوب ،وال أسرع هلالك
العبد ،وال أقرب من املقت ،وال ألزم مبحبه الرياء ،والعجب ،والرياسة من
قلة معرفة العبد عيوب نفسه ،ونظرة يف عيوب الناس ) .
ومن حق األخ علي األخ أن حيمل ما يراه منه علي وجه من التأويل ،
مجيل ما أمكن فإن مل جيد تأويال رجع علي نفسه باللوم .
ويف وصية سيدي ( إبراهيم الدسوقي ) رضي اهلل عنه ( ال تنكروا علي
أخيكم حاله ،وال لباسه ،وال طعامه ،وال شرابه فإن اإلنكار يورث
الوح شة واالنقطاع عن اهلل تعايل ) .
ومن كالم سعيد بن املسيب ( :ما من شريف وال ذي فضل إال وفيه نقص ،
ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ،وهب نفسه لفضله ) .
ومن حق األخ علي األخ :أن يرجو له من اخل ريات ،واملساحمة ،وقبول
التوبة ولو فعل من املعاصي ما فعل كما يرجو ذلك لنفسه .
وم ن حق األخ علي األخ :أال ينظر إيل زلة سبقت ،وال يكشف عورة
سرتت .
ويف احلديث ( /من رأي عورة فسرتها ،كان كمن أحيا موؤودة من قربها )
رواه البخاري يف األدب واحلاكم يف املستدرك .
وقال املشايخ ( :كل من مل يسرت علي إخ وانه ما يراه منهم من اهلف وات
فقد فتح علي نفسه باب ك شف عورته ،بقدر ما أظهر من هف واهتم ) .
وقال وا ( :إذا رأيتم أحدا من إخ وانكم علي معصية مل يتجاهر هبا فاسرتوه ،
فإن جتاهر هبا فوخبوه بينكم ،فإن مل ي ت ج اه ر فوخبوه بني الناس ،مصلحة
له ،ال تشفيا فيه ،فلعله برعوي وينزجر ) .
ومن حق األخ علي األخ :أال يعريه بذنب وال غريه ،فإن املعايرة تقطع
الود أو تكدر صفاءه .
ومن كالم احلسن البصري – رضي اله عنه – ( أذا بلغكم عن أحد زلة ،
ومل تثبت عند حاكم فال تعريوه هبا ،وكذب وا إشاعتها عنه – ال سيما إن
كان هو ينكر ذلك ،آلن األصل براءة الساحة ،حىت تقام البينة العادلة
عند احلاكم .
مث بعد ثبوت ذل ك عنده فإياكم أن تعريوه أيضا ف رمبا عافاه اهلل وابتالكم )
وىف احلديث ( :من عري أخاه بذنب مل مييت حىت يعمل ذلك الذنب ) رواه
الرتمذي عن معاذ بن جبل وذكر السيوطي يف اجلامع الصحيح انه
صحيح .
ومن كالم سيدي ( على وفا ) ( :ال تعب أخاك مبا أصابه من مصائب
دنياك فأنه يف ذل ك :إما مظلوم سينصره اهلل ،أو مذنب عوقب فطهره اهلل
ومن الرعونة أن تفتخر مبا ال تأمن سلبه وتعري أحدا مبا ال يستحيل يف
حقك وأنه تعلم أن ما جاز على مثلك جاز عليك )
ومن حق األخ على األخ :أال ينظر له بعن االحتقار ،فقد قال املشايخ :
( من نظر إىل أخيه بعني احتقار عوقب بالذل )
وىف احلديث ( :من نظر إىل أخيه نظرة ود غفر اهلل له ) رواه احلكيم عن
ابن عمر رضي اهلل عنه وقال اإلمام السيوطي :ضعيف
ومن حق األخ على األخ :إذا اطلع على عيب فيه ،أن يتهم نفسه يف
ذلك ،ويقول :إمنا ذلك العيب يف ألن املسلم مرآة املسلم ،وال يرى اإلنسان
يف املرأة إال صورة نفسه .
وقد صحب رجل ( أبا إسحاق إبراهيم بن أدهم ) ،فلما أ راد أن يفارقه قال
له :
( لو نبهتين على ما يف من العيب .فقال له ( :يا أخي مل أرى لك عيبا ،
ألين حلظتك بعني الوالء ،فاستحسن ت منك ما رأيت ،فاسأل غريي عن
عيبك )
وىف هذا املعىن أنشد وا :
وعني الرضا عن كل عيب كليلة .كما أن عني السخط تبدى املساويا .
ومن حق األخ على األخ :أن يرى نفسه دونه على الد وام ،وذلك على
سبيل الظن والتخمني ،فقد قال وا ( :من مل ير نفسه دون أخيه مل ينتفع
بصحبته ) .
ومن كالم الشيخ أبو امل واهب الشاذيل ( :ملا علم أهل اهلل تعاىل :أن كل
نبات ال ينبت وال يثمر إال جبعل ه حتت األرض ،تعلوه األرجل ،جعل وا
نفوسهم أرض اَ للكل )
ومن كالم سيدي ( على وفا ) ( :إمنا جعل اهلل لكم األرض بساط اَ ليعلمكم
الت واضع فت واضع وا تنبسطوا ) .
ومن حق األخ على األخ :أن يؤثره على نفسه يف كل شيء ،فقد قال وا :
( ال يسودَ أحد على أقرانه إال إن آثرهم على نفسه ،فاحتمل أذاهم ،ومل
يشاركهم يف شيء مما است ش رفت إليه نفوسهم .
ومن حق األخ على األخ :أن خيدمه إِذا مرض ،فقد ذكروا ( :أن الفتوة يف
خدمة اإلخ وان ) .
ومن كالم األستاذ ( اجلنيد ) رمحه اهلل ( :ينبغي للنسان أن خيدم إخ وانه مث
إنه يعتذر إليهم بأنه ما قام إليه م ب واجبهم ،ويقرهم باخليانة على نفسه ،
ولو علم أنه بريء الساحة ،ما مل يرتتب على ذلك حد أو تع زير ،وإال
دخ ل فيمن ظلم نفسه وذلك ح رام ) .
ومن كالم الشيخ ( أبو امل واهب الشاذيل ) ( :من تعزز على خدمه إخ وانه
أورثه اهلل ذال ال انفكاك له منه أبدا ،ومن خدم إخ وانه أعطى من خا لص
أعماهم )
ومن حق األخ على األخ :ان حيرتمه ويوقره ،ال سيما إذا استحق ذلك ،
كأن كان من العلماء ،أو من محلة الق راَن الكرمي ،أو من عرتة رسول صلى
اهلل عليه وسلم
وىف وصية اإلمام ( النووي ) رمحة اهلل ( :ال تستصغر أحدا فإن العاقبة
منطوية ،والعبد ال يدرى ،مب خيتم ل ه .فإذا رأيت عاصيا فال تر نفسك
عليه ،ف رمبا كان يف علم اهلل أعلى منك مقاما وأنت من الفاسقني ،ويصري
يشفع فيك يوم القيامة .وإذا رأيت صغ ريا فاحكم بأنه خري منك ،باعتبار
أنه أحقر منك ذنوبا .وإذا رأيت من هو أكرب منك سنا فاحكم بأنه خري
منك باعتبار أنه أقدم منك ه جرة يف اإلسالم .وإذا رأيت كاف را فال تقطع
له بالنار الحتمال أنه يسلم وميوت مسلما ) .
ومن حق األخ على األخ :أن يثىن عليه يف غيبة وىف حضوره بطريق
ِ
صفاء املودة . الشرع ،فأن ذلك مما يزيد يف
ألن املؤمن الكامل إذا مدح شكر اهلل على سرت نقائصه وإظهار حماسنه
ِ
صفاء املودة فيزيد إمي انه بذلك ،مث ال خيفى أن ذلك إمنا يكون قبل
وصحت فأن الثناء حينئذ
وأنشدوا :
إذا صفت املودة بني قوم *** وصح والؤهم مسج الثناء
ومن حق األخ على األخ :أن يكرمه إذا ورد عليه ،بأن يتلقاه بالرتحيب
وطالقة الوجه ،ويأخذه بالعناق إن كان رجال ويفرش له شي ئا يقيه من
ال رتاب .
ومن حق األخ على األخ :أن يوسع له يف اجمللس إذا رآه ،فإن ذلك مما
يزيده يف تقوية املودة .
الرج ل من جملسه مث جيلس فيه ،ولكن
وىف احلديث ( :ال يقيم الرجل َ
أفسح وا يفسح اهلل لكم ) رواه اإلمام امحد عن أىب هريرة .
ومن حق األخ على األخ :أال يدعوه بامس ه فقط ،ومن وصية بعضهم :
( إذا ناديت أخاك فعظمه تثبت مودته ) .
ومن اجلفاء لألخ :نداؤه اخلايل عن الكنية واللقب ،ولفظ السيادة ،
وكذلك أوالده وأحفاده ،غيبة وحضورا .
ومن حق األخ على األخ :ان يعرتف له بالفضل ،وان يظهر عدم
مكافأته ،السيما إن كان قد بدأه هبدية ،ألنه ال يقدر على بدايته ،كما
قال الشيخ حم يي الدين ابن العريب .
وىف احلديث ( :هتاد وا ،إن اهلدية تذهب وحر الصدر ،وال حتقرن جارة
جلارهتا ولو شق فرس شاة ) رواه اإلمام امحد يف مسنده .
ومن حق األخ على األخ :أن يزوره كل قليل من األيام .
ففي احلديث ( :ال زائر أخاه يف بيته ،األك ل من طعامه أرفع درجة من
املطعم ) رواه اخلطيب يف التاريخ عن أنس رضي اهلل عنه .
وفيه أيضا ( :إذا زار أحدكم أخاه فألقى له شيئا يقيه من األرض وقاه اهلل
عذاب النار ) رواه الط رباين يف الكبري عن سلمان رضي اهلل عنه .
ومن كالم سيدي ( إبراهيم املتبويل ) :اسع إىل إخ وانك وإياك أن تنقطع
عليهم ،حبيث يستوحشون فيأتون إىل زيا رتك فإن مجيع ما مع الفقري من
العناية يف هذا الزمان ال جييء حق طريق واحد ميشى إليه ).
وقد كان اإلمام ( الشافعي ) رضي اهلل عنه يزور تلميذه اإلمام ( أمحد ابن
حنبل ) كث ريا ويزوره اآلخر ،فقيل للشافعي يف ذلك ،فأنشد رضي اهلل تعاىل
عنه :
قالوا يزورك أمحد فتزوره *** قلت الفضائل ال تفارق منزله
إن زارين فبفضله أو زرته *** فلفضله والفضل يف احلالني له
ومن كالم سيدي ( على اخل واص ) رمحه اهلل ( :الزيارة للخ وان تزيد يف
الدين ،وتركها ينقصه )
وقد قال القوم ( :إذا قل رأس مالك فزر إخ وانك )
قلت :زيارة اإلخ وان ال تزيد يف الدين إال مع أدب لزوم الزيارة واهلل أعلم ،
ومن حق األخ على األخ :أن يصافحه كلما لقيه بنية ال تربك وامتثال
األمر ،وقد روى الط رباين ( :إذا تصافح املسلمان ،مل تفرتق أكفهما حىت
يغفر هلما )
وروى أبو الشيخ ( :إذا التقى املسلمان :وسلم أحدهم على صاحبه ،كان
أحبهما إىل اهلل أحسنهم بش را لصاحبه ،فإذا تصافحا أنزل اهلل عليهم مائة
رمحة )
ومن حق األخ على األخ :إذا القاه وصافحه أن يصلى ويسلم على النيب
صلى اهلل عليه وسلم ويذكره بذلك .
وقد روى أبو يعلى ( :ما من عبدين متحابني يستقبل أحدهم صاحبه ،
ويصليان على النيب صلى اهلل عليه وسلم مل يتفرقا حىت يغفر هلما ذنوهبما
ما تقدم منها وما تأخر ) رواه اإلمام امحد بن حنبل يف مسنده والضياء
عن عامر بن ربيعة .
ومن حق األخ على األخ :أن يهاديه كل قليل من األيام ،ال سيما إذا
بلغه عنه وقفه ،وىف احلديث ( ،هتاد وا حتاب وا وتصافحوا يذهب الغل عنكم )
رواه أبو يعلى يف مسنده ورواه ابن عساكر عن أىب هريرة .
ومن حق األخ على األخ :أن يرشده إىل ترك البغي على من بغى عليه
وأن ينتصر باهلل تعاىل ،إذا أن إرشاد األخ املظلوم إىل االنتصار باهلل تعاىل ،
والتسليم إليه سبحانه وتعاىل من أكرب نصرة األخ .
وىف ( زبور ) السيد ( داود ) عليه السالم ( :يا داود ،ال تبغ على من بغى
عليك فمن بغى على من بغى ختلفت عنه نصريت ) .
ومن حق األخ عل ى األخ :مساعدته له يف التزويج ،وقد ذكروا ( :أن
اإل عانة يف ذلك أفضل من الغ زاة واملكاتبني ،إذا هو أفضل ن وافل اخل ريات ،
واألجر يعظم السبب ،فلوال النكاح ما وجد جماهد ،وال عابد هلل تعاىل .
ومن حق األخ على األخ :أال يغف ل عن عيادته إذا مرض وال عن خدمته
ال سيما يف ال ليل .
وينبغي للعايد أال يأكل عند امل ريض ،ويف احلديث ( :إذا عاد أحدكم
م ريضا فال يأكل عنده شيئا ) رواه الديلمي يف مسنده الفردوس عن أىب
أمامة رضي اهلل عنه .
ومن حق األخ علي األخ :أن يرشده إيل الوصية إذا حض رته الوفاة ،وال
يتبع احلياء الطبعي ،والفائدة يف ذلك معلومة .
ومن حق األخ علي األخ :ان يسهر إيل الصباح إذا كان يف حالة تفضي
إيل املوت ،ف رمبا يكون اآلجل يف ذلك الوقت فيفارقه عل ى وفائ ه حبقه .
ومن حق األخ علي األخ :أن يصدقه إذا انتسب إيل أحد من األكابر من
أولياء أو علماء أو أم راء .
ومن وصية الشيخ حميي الدين بن عريب ( أذا انتسب أخوك إيل أحد من
األكابر فاحذر أن تطعن يف نسبه ،ولو يف نفسك فتدخل بني ذلك
الشخص وبني اهلل تعايل ،فتقع يف إمث كبري ،بل ورد أن الطعن يف اإلنسان
كفر )
ومن حق األخ علي األخ :أال يكفره بذنب ،ولو الث الناس به ،إذ ال
خيفي قلة ورع الناس يف الكالم وعسر معرفة مجيع األلفاظ اليت يكفر هبا
اإلنسان .
والتكفري كما قال شيخ اإلسالم السبكي أمر هائل ،أقل ما فيه أنه أخرب
عن إنسان أنه خالد يف النار ال جتري عليه أحكام اإل سالم يف حياته بعد
مماته .
ومن حق األخ علي األخ :أال يبغض ذاته إذا وقع فيما ال ينبغي .
ومن كالم سيدي علي اخل واص – رمحة اهلل ( عداوتنا ألفعال من أم رنا احلق
تعايل بعداوته عداوة شرعية وعداوتنا لذاته عداوة طبيعية والسعادة يف
الشرعية ال يف الطبيعية .
والغالب يف الناس بغضهم لذات من مسع وا عنه أنه وقع يف حمرم وأما إن
مسع وا عنه أنه تكلم فيهم بشيء يكرهونه فإهنم يكرهون أوالد ه فضال عن
ذاته وحيتقرونه زيادة علي ذلك ورمبا يزعم بعضهم أنه مصيب يف احتقاره
له وغاب عنهم أن من اجلهل احملض احتقار عبد اعتين به احلق تعايل
وأخرجه من العدم إيل الوجود .
( فأحذر يا أخي من ذلك فإن احلق تعايل ما أمرك أن حتتقر أحدا من
خلقه وإمنا أمرك أن تنكر علي أ فعاله املخالفة لشرعة ال غري فتأمر العاصي
وتنهاه وأنت غري حمتقر له ) .
وتأمل قوله :يف شجرة الثوم ( إهنا شجرة أكره رحيها ) رواه البخاري ومسلم
يف صحيحهما .
فما كره ذاهتا وإمنا كره رحيها الذي هو بعض صفاهتا فعلم أن عداوتنا
للكفار عداوة صفات بدليل أهنم إذا أسلم وا وحس ن إسالمهم حرم علينا
عداوهتم .
ومن حق األخ علي األخ :إذا حصل بينه وبني أخيه وقفه أن يزيد يف بث
حماسنه أكثر مما كان قبل الوقفة مراعاة للود وقد كان السلف الصاحل
ميدحون عدوهم كلما ذكر حبضرهتم حبيث يظن الظان أنه من أعظم
املعجبني هلم .
فاقتد يا أخي هبم وال تتوقف يف ذكر أخيك باملعروف أيام غيظك عليه ،
واحذر من الوقوع يف عرضه ف رمبا وقع الصلح فيصري ذلك يكدر صفاء
املودة وتذكر ما أكلت عنده من اخلبز وما سبق من املعروف وقل من
يفعل ذلك .
ومن حق األخ علي األخ :ان يقدم ح وائجه الضرورية علي عباداته
املسنونة ومعلوم أن اخلري يتعدي نفعه أفضل من القاصر علي فاعله ومن
حق األخ علي األخ :إذا وقع يف حقه شيء وبلغه ان يباد ر إىل االستغفار
وإ ىل كشف الرأس واإل ط را ق إىل األرض وإ ظهار الندم علي ما وقع منه يف
حق أخيه ويدمي ذلك إىل أن يرمحه أخوه مث إن مل يرمحه رجع عل ى نفسه
باللوم واعرتف بأنه ظامل وقل من يفعل ذلك .
ومن حق األخ علي األخ :أن يقبل اعتذاره ولو كان مبطال فقد روي
الرتمذي وغريه ( من أتاه أخوه متنصال من ذنب فليقبل اعتذاره حمقا كان
أو مبطال فإن مل يفعل مل يرد علي احلوض ) .
ويف معين ذلك أنشد :
وروي عن النيب صلى اهلل عليه وسلم ( من اعتذر إليه أخوه مبعذرة فلم
يقبلها منه كا ن عليه من اخلطيئة مصل صاحب مكس ) رواه أبو داود يف
املراسيل .
ومن كالم سيدي ( علي اخل واص ) رمحه اهلل
( أذا جاءكم أخوكم معتذ را فاقبلوه السيما أن طال به الوقوف فإن مل جيد
أحدكم يف قلبه رقة ألخيه فلريجع علي نفسه باللوم وليقل هلا :يأتيك
أخوك معتذ را فال تقبليه ؟ فكم وقعت أنت يف حقه فلم تلتفيت إليه فأنت
إذا أسوأ حاال منه ) .
وقال بعضهم ( األخ الذي يلجيء أخاه أن يعتذر إليه ليس بأخ صادق ،
وال من أهل الطريق ،فإن أهل الطريق يقيمون للخلق املعاذير قبل أن
يعتذروا إليهم ) .
ومن حق األخ علي األخ :كثرة فرحه له إذا كثرت طاعاته وانقلب ال ناس
إليه باالعتقاد ومن مل يكن كذلك قام به داء احلسد ويف احلديث ( احلسد
يأكل احلسنات كما تأكل النار احلطب ) رواه ابن ماجة عن أنس رضي اهلل
عنه .
ومن وصية سيدي ( علي وفا ) إياك أن حتسد من اصطفاه اهلل عليك
فيمسخك اهلل كما مس خ إبليس من الصورة امللكية إيل الصورة الشيط انية
ملا حسد السيد آدم على نبينا وعليه أفضل الصالة والسالم .
ويف مناقب سيدي ( أمحد البدوي ) نفعنا اهلل بربكاته :أن صاحب الدي وان
( بطنطا ) املسمي بوجه القمر كان وليا عظيما فثار عنده حسد حني جاء
سيدي ( امحد البدوي ) إيل طنطا وانقلب الناس إليه باالعتقاد فسلب حاله
وا نطفأ امسه وذكره .
ومن حق األخ علي األخ :أذا أ راد سف را أال خيرج حىت يودعه بالعناق إن
كان رجال وباإلشارة إن كان صغ ريا .
ففي احلديث ( :إذا خرج أحدكم إيل سفر فليودع إخ وانه ،فإن اهلل جاعل
له يف دعائهم الربكة ) رواه ابن عساكر .
ومن حق األخ علي األخ :أذا رجع من سفر أن يذهب إليه يف منزله
فيسلم عليه ويهنئه بالسالمة وكذلك ولده وسائر أعزته إذا رجع وا من سفر
أو شف وا من مرض ،فمن حقه أن يذهب إليه أخوه ويهنئه بالسالمة .
ومن حق األخ علي األخ :أن يشاوره يف كل أمر مهم ،فقد ذكروا أن
املشاورة تزيد يف صفاء املودة .
ويف احلديث ( :من أ راد أمرا فشاور فيه امرءا مسلما وفقه اهلل ألرشد أموره )
رواه الط رباين يف األوسط .
وكان سيدي ( علي اخل واص ) يقول ( عليكم مبشاورة إخ وانكم يف كل أمر
مهم ،فإن يف احلديث ( ما خاب من استخار ،وال ندم من استشار ) رواه
الط رباين يف األوسط .
وأنشد وا :
شاور أخاك يف اخلفي املشكل *** واقبل نصيحة فاضل متفضل
ومن حق األخ على األخ :أن يتفقد عياله وأ والده إذا غاب عنهم ،ومن
كالمهم ( :من مل يتفقد عيال أخيه يف غيبته ،فقد خان الصحبة )
ومن حق األخ على األخ :أن يشاطره يف ماله وغريه ،وقال الشيخ ( أبو
امل واهب الشاذيل ) ( :جيب على الفقري إذا أخي يف اهلل أن يشاطره أخوه يف
ماله ،كما فعلت األنصار مع املهاجري ن حني قدم وا عليهم املدينة وهم
فق راء ،فكل من أدعى األخوة يف اهلل تعاىل فامتحنه هبذه امليزان .
وقال سيدي ( أبو مدين التلمساين ) ( :ال تكمل صحبتك إال بانشراح
صدرك ل كل ما أخده أخوك من مالك ،وثيابك ،وطعامك ،ومىت ما
وجدت يف قلبك انقباضا من ذلك فأنت منافق يف صحبتك ) .
وقال بعضهم ( :ما تصح الصحبة بني اثنني حىت يقول أحدهم لآل خر يا
أنا ،وليس بأخ من يقول :قصعيت أو ثويب )
ومن حق األخ على األخ :أال يتذكر منه إذا قال له :أنا أبغض ك ،ويفتش
على الصفات اليت أبغضه ألجلها فيزيلها فأن زال بغضه وإال كرر التفتيش
ثانيا وثالثا .
ومن حق األخ على األخ :أن يكتم سره ،إذ السر كالعورة ،وقد حرم اهلل
كشفها إليها ،والتحدث هبا .
وىف احلديث ( :من سرت عورة أخيه ،ومن كشف عورة أخيه كشف اهلل
عورته ) رواه ابن م اجه عن ابن عباس رضي اهلل عنهما .
وىف وصية الشيخ ( أىب امل واهب الشاذيل ) ( :احذر أن تفشى سر أخيك إىل
غريه ،فأن اهلل رمبا مقتك بذلك فخسرت الدنيا واآلخرة )
ومن حق األخ على األخ :أال يصدق من من له فيه .
وقد ذكر حجة اإلسالم ( الغ زايل ) ( :أنه جيب على كل من محلة إليه من يمة
ستة أمور . :
األول :أال يصدقه -أي النمام .
الثاين :أن ينهاه عن ذلك .
الثالث :أن يبغضه يف اهلل .
الرابع :أال يظن باملنقول عنه السوءَ.
اخلامس :أال يتجسس على حتقق ذلك .
السادس :أال حيكى ما من له به .
ومن كالم الشيخ ( أىب امل واهب الشاذيل ) إذا نقل إليك احد كالما عن
صاحب لك فقل :يا هذا أنا من حمبة أخي ووده على يقني ومن قولك
على ظن وال يرتك يقني بظن .
ومن كالم الشيخ ( أفضل الدين ) :إذا نقل إليكم أحد كالما يف عرضكم
عن أحد فازجروه ،ولو كان أعز إخ وانكم ،وقول وا له ( إن كنت تعتقد فينا
هذا األمر فأن ت ومن نقلت عنه س واء بل أنت أسوأ حاال منه ألنه مل
يسمعنا ذلك وأنت أمسعته لنا وإ ن كنت تعتقد أن هذا األمر باطل يف
حقنا ،وبعيد منا أن نقع يف مثله ،فما فائدة نقله إلينا ) .
وقد ذكرنا يف غري هذا الرسالة ( :أن من أ راد أن يدوم له ود أصحابه فلريد
كالم النمام بباد يء الرأي ) .
ومن حق األخ على األخ :أن يذب عن عرضه لكن مع النية الصاحلة ،
والسياسة احلسنة .
وىف احلديث ( :من رد عن عرض أخيه رد اهلل عن وجهه النار يوم ا لق يامة )
رواه البيهقي عن أىب الدرداء .
ومن كالم اإلمام ( الشافعي ) رضي اهلل عنه ( :من عالمات الصادق يف
أخوة أخيه أن يقبل علله ،ويسد خلله ويغفر زل ـل ه ) .
ومن حق األخ على األخ :أن يوقظه قبل الوقت ليدخل الوقت وهو على
أهبة ،فال تفوته السنة ال راتبة قبل الفريضة ،وال تكبري اإلحرام .
وكذلك من حقه أن يوقظه يف السحر ،إذ الشفقة يف أمر الدين أوىل
وأفضل من الشفقة يف أمر الدنيا .
وينبغي أن يكون ذلك بلطف فإن النفس رمبا حتركت مع اإليقاظ بغلظ ة .
ومن حق األخ على األخ :أن ال يداهنه ،ففي احلديث ( :الدين النصيحة )
رواه البخاري يف األدب عن ثوبان ورواه البزار عن ابن عمر رضي اهلل
عنهم .
وقال القوم ( :اإلخ وان خبري ما تنافس وا ،فأن اصطلح وا هلك وا )
ومن حق األخ على األخ :أن يتهم نفسه بالك رب والنفاق ،إذا وجد عنده
ثقال منه ،ويسعى يف إ زالة ذلك من باطنه .
وقد صحب شخص ( أبا بكر الكتاين ) وكان على قلبه ثقيال .
قال :فوهبت له شيئا ،بنية أن يزول ثقله عىن فلم يزل ،فخلوت به يوما
وقلت له ( ضع رجلك على خدي ) ،فأىب ،فقلت له ( :ال بد من ذلك )
ففعل ،فزال ما كن ت أجده يف بطين .
ومن حق األخ على األخ :أن يقبل نصيحة ،فقد قال وا ( :من أرشدك إىل
ما به ختلص من غضب اهلل تعاىل فقد شفع فيك ،فأن أطعته وقبلت
نصحه فقد قبلت فيك شفاعة ،وإال فنعود باهلل من قوم ال تنفعهم شفاعة
الشافعني ،حيث كان وا عن التذكر معرضني ) .
ومن حق األخ على األخ :أن يرشده إىل تعظيم حرمات اهلل ،والتباعد عن
تعدى حدوده ،حبيث يصري إذا وقع يف أصغر الذنوب ،يرى ذلك الصغري
من الكبائر جبامع املخالفة .
فال يزال كذلك حىت يرى الغفلة عن اهلل خطيئة أشد من ال زنا ،وقتل
النفس .
مث إذا كمل السالك رجع إىل أكمل من ذلك وهو تعدى حدود اهلل على
حسب ما ورد يف الشرع ،فأن العبد تابع ما هو مشروع ،فيعظم الكبري
على الصغرية على املكروه ،واملكروه على خالف األوىل .
وما بني الشارع صلى اهلل عليه وسلم مراتب احلدود إال ليعلمنا بتفاوهتا
فنعظمها حبسب مراتبها وكذلك القول يف قسم املأمورات فنعظم ال واجب
أ كثر من املندوب واملندوب أكثر من املستحب وتندم على كل واحد
حبسب تأكيد الشارع عليه .
فرجع السالك يف حال هنايته إىل صورة بدايته والقصد خمتلف من حيث
تفاوت املأمورات واملنهيات يف الدرجة .
وكانت مسا واة األ وامر والن واهي يف البداية للسالك من شدة تعظيمه اهلل
تعاىل فا ستعظم مأموراته ومنهياته وسدا لباب املخالفة بقطع النظر عن
مشاهدة حكمة تفاوهتا كما ورد يف الشرع فثم مقام رفيع ومقام أرفع .
وعلى ما تقرر حيمل قول اجلنيد ( ليس عندي ذنب أعظم من الغفلة عن
اهلل تعاىل ) ألنه رأى أن سبب وقوع العبد يف الذنوب الغفلة عن اهلل تعاىل .
ومن حق األخ على األخ :أن يأمره بسرت املقام إذا تلمح منه امليل إىل
الظهور ومن أحب احلق فهو عبد اخلفاء .
وكل من خرج إىل اخللق قبل وجود اإلذن اخلاص به فهو مفتون ومسخرة
للناس .
وما خرج األولياء للخلق إال بعد أن هدد وا بالسلب إن مل يفعل وا فالعاقل
من سرت مقامه حىت يتوىل اهلل إظهاره بغري م راد منه .
ومن حق األخ على األخ :أن يتظاهر بعداوة من عاداه بغري حق أما
معاداته بالباطن ال جتوز .
ومن حق األخ على األخ :أن يقوم له إذا ورد عليه ولو كره هو ذلك
السيما يف احملافل فقد قال وا :إياك أن ترتك القيام ألخيك يف احملافل ف رمبا
تولد من ذ لك احلقد والضغائن فتعجز بعد ذلك عن إ زالته .
ومن حق األخ على أخيه إال حيدثه حبديث كذب الن فيه استهانة به وىف
احلديث ( كربت خيانة أن حتدث أخاك حبديث هو لك مصدق وأنت له
كاذب ) رواه البخاري يف األدب .
ومن حق األخ على أخيه :إال ينساه من الدعاء واملغفرة والرمحة كلما وجد
وقته صافيا مع ربه س واء كان ذلك يف ليل أو هنار أو سجود أو غريه .
ومن حق األخ على أخيه :إال حيقد عليه .
وىف احلديث ( :ثالث من كن فيه فإن اهلل يغفر له ما سوى ذلك :من مات
ال يشرك باهلل شيئا ومل يكن ساحرا يتبع السحرة ومل حيقد على أخيه ) رواه
اإلمام البخاري يف األ دب .
وقال القوم :كل من كان عنده حقد أو مكر أو خديعة أو غش ألحد
فهو كذاب يف طريق القوم وال جيوز ان يكون داعيا إىل اهلل تعاىل .
ومن حق األخ على أخيه :إذا حتدث ان يشخص ببصره إليه حىت يفرغ
من حديثه فإن ذلك يزيد يف صفاء املودة .
كما ان التالهي عن حديث األخ أو قطع كالمه قبل متامه يورث اجلفاء .
ومن حق األخ على األخ :إال ميتحنه فان االمتحان من جنس كشف
العورة وقد قال وا :إياكم أن متتحن وا إخ وانكم فإن اهلل ال ميتحن عباده اال
ان علم وفائهم كيال خيجلهم بإظهار ما كان كامنا عندهم .
وقيل لكسرى :اال متتحن أصحابك فقال :إذن خنرج ك لنا عيوبا .
ومن حق األخ على األخ :أن يتهي أ للقائه باحلرمة والتعظيم كلما فارقه .
قال الشيخ حمي الدين ( :ولو كان زمن املفارقة يس ريا إحسانا للظن بأن اهلل
نفحه نفحة أو نظر إليه نظرة من نظراته اليت يرسلها يف اليوم والليلة إىل
عباده فصار هبا أعلى مقاما منه .
مث ان ك ان األمر صحيحا فقد وفاه حقه وان مل يكن صحيحا فقد تأدب
مع اهلل تعاىل حيث عامله مبا تقتضيه م رتبة األلوهية من إك رام كل وارد
على حضرهتا ) .
قال وهذا األمر قل من يتفقد نفسه فيه الستحكام الغفلة على القلوب .
ومن حق األخ على األخ :إذا رآه فيما ال ينبغ ي أن يعتقد انه ت اب من
وقته وندم يف سريرته وقد كان بعض السلف يقول :إ ين الستحى من اهلل
أن اقطع التوبة عن شخص عصى ربه مث ت وارى عىن جبدار .
وقال وا :من قطع التوبة عن احد من العصاة رأى نفسه خ ريا منه ضرورة
وكل من ظن انه خري من احد من املسلمني فهو جاهل خمدوع ولو أعطي
من الكرامات م ا أ عط ي .
ومن حق األخ على األخ :أن حيفظ وده وان خانه هو أو زاغ مراعاة
للود .
قال ابن اخلطاب رضي اهلل عنه ( رأيت رب العزة يف النوم فقلت :يا رب
علمين شيئا آخذه عنك بال واسطة فقال :يا ا بن اخلطاب من أحسن إىل
من أساء إليه فقد أخلص هلل شكرا ومن أساء إىل من أحسن إليه فقد
بدل نعمة اهلل كف را فقلت يا رب حسيب فقال :حسبك )
ومن حق األخ على األخ :أن ال مين عليه مبا فعله من املعروف إذ هو
خاصمه ونسى ذلك املعروف .
فان ذكر املعروف يف املخاصمة عن وان على عدم اإلخالص فيه ودليل على
خسة األصل فإن طيب األصل ال مين أبدا مبا فعله مع أخيه من املعروف
بل يرى الفضل لذلك األخ الذي أكل عنده مثال أو قبل منه هدية وىف
احلديث ( ثالثة ال ينظر اهلل إليهم يوم القيامة وال يزكيه م وهلم عذاب اليم
املسبل واملنان واملنفق سلعته باحللف الكاذب ) رواه الط رباين .
وقال بعضهم :املن باملعروف يف املخاصمة دمل ال يندمل .
ومن حق األخ على األخ :إال خياصمه فان املخاصمة تقطع الود وقد
قال وا :ما وجد أذهب للدين وال أشغل للقلب من املخاصمة يتولد الغضب
واحلقد واخلديعة حىت انه يكون يف الصالة وخاطره معلق باحملاججة وال
خيفى ما يف ذلك .
وانشد وا :
جتنب قرين السوء واصرم حباله *** فإن مل جتد عنه حميصا فداره
وأحبب قرين الصدق واترك مراءه *** تنل منه صفو الود ما مل متاره
ومن حق األخ على األخ :إال يبادر إىل هجره فان املبادرة إىل مثل ذلك
ليست مبحمودة وخطؤها أكثر من ص واهبا .
ومن حق األخ على األخ :أ ال ي ؤاخذه إذا قصر يف حقه مراعاة لألدب
ومن وصية سيدي ( على اخل واص ) :اترك حقك ألخيك ما استطعت وأقل
عثرة املروءات من إخ وانك وإياك أن تعتدي على من اعتدى عليك فان
احلق تعاىل ما أباح االعتداء إال بشرط املثلية واملثلية متعذرة جدا ف رمبا
زادت ورمبا أثرت تلك السيئة يف اخلصم أكثر مما أثرت فيك واجملا زاة
رخصة للضعفاء .
ومن حق األخ على األخ :د وام الشفقة على أوالده والقيام هبم بعد موته
قال القوم :من مل يشفق على أوالد أخيه يف غيبته ومل يقم هبم بعد موته
فليس بصادق يف إخوته .
ومن حق األخ على األخ :إال يقره على بدعة وان مل يرجع عنها تركه
خوفا على نفسه أن يلحقه شؤمها ولو بعد حني .
ومن حق األخ على األخ :إال يتزوج له زوجة طلقها أو مات عنها ولو
أوصاه بذلك وقال أنت أحق من الغري .
فاعرض يا أخ ي ما يف هذا الفصل على نفسك ف ان رايتها متخلقة به
فاشكر اهلل وإال فعليك باالستغفار من التقصري يف حقوق إخ وانك ليال
وهنا را واحلمد هلل رب العاملني .