Professional Documents
Culture Documents
شروط شهادة ان لا اله الاالله تأصيلا ودراسة رس
شروط شهادة ان لا اله الاالله تأصيلا ودراسة رس
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال الله
أعمالنا ،من يهده الله فال َّ
وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
[آل عمران.]201 : ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [النساء .]1
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ
[األحزاب 07 :ـ .]01 ﯜ ﯝ ﯞ
فأما بعد؛ فإن ال إله إال الله هي كلمة اإلسالم ،ومفتاح دار السالم ،وقد َّ
سماها الله
كلمة التقوى والعروة الوثقى ,وهي كلمة اإلخالص التي جعلها إبراهيم باقية في عقبه,
ومضمونها نفى اإللهية عما سوى الله ,وإخالص العبادة بجميع أفرادها لله وحده ,كما قال
ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮇ تعالى :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
[الزخرف 22 :ـ .]20
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ وقال عن يوسف :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ
ﮈ ﮉ إلى قوله: ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
[يوسف 33 :ـ .]07
وقال تعالى :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ [األنعام ،]10 :وقال:
ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ [األنعام ،]120 :وقال :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [األنعام .]10 :وقال :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ
[الرعد.]32 : ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
والقرآن من أوله إلى آخره يقرِّر أن دين الله الذي بعث به رس لَه وأنزل به كتبه
هو إخالص العبادة بجميع أن واعها لله وحده دون كل ما س واه ،والب راءة من الشرك
وأهله ،وهذا ال يخفى على من له أدنى بصيرة ،فهذا هو مدلول ال إله إال الله .وقد عرف ذلك
0 االفتتاحية
كفار قريش فما انقادوا له ،فإنهم لما دعاهم رسول الله إلى أن يقولوا ال إال إله إال الله
ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ قالوا :ﭵ ﭶ ﭷ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ [ص 5 :ـ .]2
والناس يتفاوتون في هذا التوحيد الذي هو معنى ال إله إال الله فهماً وعلماً واعتقاداً
وعمالً أعظم تفاوت؛ فمنهم من يقول "ال إله إال الله" عن علم ويقين ،صادقاً مخلصاً من
قلبه وأدى حقوقها وعمل بمقتضاها من المعاداة ألهل الشرك بالله والمواالة ألهل التوحيد
متقدمهم ومتأخرهم ,واستقام على ذلك ولم يأت بما يبطلها .وهؤالء هم المسلمون
المؤمنون الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك ,فلهم األمن وهم مهتدون كما قال تعالى :ﭑ
[األنعام .]32 :ومنهم من يقول ال إله إال الله وما عرف ﭒ ﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
مدلولها من النفي واإلثبات ،فيثبت بفعله ما دلت هذه الكلمة العظيمة على نفيه بإشراكه
بالله في اإللهية ،وينفي ما دلت على إثباته من إفراده الرب تعالى باإللَهية وينكر ذلك,
وعرف به ,وذلك من فرط جهله بمعنى ما يقول كما هو ويعادي من دعا إلى التوحيد َّ
الغالب على أكثر من يقول ال إله إال الله.
قال النووي في شرح حديث سعد في شأن الرجل الذي قال فيه سعد لرسول الله
َ :مالَك عن فالن إني ألراه مؤمناً؟ قال « :أو مسلماً»( .)1قال(( :وفيه داللة لمذهب
أهل الحق في قولهم :إن اإلقرار باللسان ال ينفع إال إذا اقترن به االعتقاد بالقلب ،خالفاً
للكرامية( )2وغالة المرجئة( )3في قولهم يكفي اإلقرار .وهذا خطأ ظاهر يرده إجماع
المسلمين والنصوص في إكفار المنافقين وهذه صفتهم))( )4انتهى.
( )1أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب :إذا لم يكن اإلسالم على الحقيقة ،وكان على االستسالم أو الخوف
فإذا كان على الحقيقة ،فهو على قوله من القتل لقوله تعالى :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ (جـ )11 /1ح ( ،)72ومسلم في كتاب اإليمان ( )137/1حديث رقم جل ذكره:
(.)151
( )2الكرامية سيأتي التعريف بهم مفصالً في مطلب خاص .انظر( :ص.)192 :
( )3المرجئة سيأتي التعريف بهم مفصالً في مطلب خاص .انظر( :ص 333 :ـ .)331
( )4شرح النووي على صحيح مسلم (جـ .)181/7وما قبله مقتبس من القول الفصل النفيس في الرد على المفتري
ابن جرجيس (ص 711 :ـ .)715
5 االفتتاحية
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ :فإذا دان المرء بالشرك بالله وأنكر
التوحيد ،فهذا أعدل شاهد على أنه ليس في قلبه من اإليمان شيء ,كما قاله
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ تعالى :ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ
ﯕ ﯖ [ا لزمر ]05 :وأمثال ذلك من اآليات.
فليتأمل الناصح لنفسه ما قرره الله تعالى في كتابه من أدلة التوحيد كقوله:
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ
[الروم 00 :ـ ]01 ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
ومنهم المنافقون وقد كانوا مع المسلمين يقولون ال إله إال الله ويشهدون أن محمداً
رسول الله ،ويزكون ويصومون ويجاهدون مع المسلمين ولم يظاهروا عليهم عدواً ،ومع هذا
فأكدوا شهادتهم وغيره أكذبهم الله لما جاءوا رسوله وقالوا :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ
ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ بالمؤكدات "إن والالم" ،فقال الله عز وجل :ﮙ ﮚ
ﯔ ﯕ ﯖ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
[المنافقون 1 :ـ .]2 ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ووجه الداللة من هذه اآليات أن شهادتهم وأعمالهم لم تنفعهم مع قيام المنافي لذلك ،فإنهم
قام بهم من الجهل والشك والريب وغير ذلك ما صاروا به كفاراً في الدرك األسفل من النار ,ومن
صفاتهم ما ذكر الله في سورة البقرة :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
اآلية ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ -إلى قوله -ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
[البقرة 17 :ـ .]10
وقال في سورة النساء :ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ اآلية
[النساء .]103 :وقال تعالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ [الفتح .]11 :وقال الله:
[التوبة.)1(]3 : ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ
والمقصود :أن القول ال ينفع إال مع علم القلب وإيمانه ويقينه ،وتصديقه ،ومحبته لهذه
الكلمة ،ولذا جعل أهل العلم ذلك من شروط شهادة أن ال إله إال الله ،التي ال تصح
الشهادة إال به.
( )1القول الفصل النفيس في الرد على المفتري ابن جرجيس (ص 711 :ـ )718بتصرف يسير.
2 االفتتاحية
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ(( :وقد قيدت ال إله إال الله,
في األحاديث الصحيحة بقيود ثقال ,البد من اإلتيان بجميعها ,قوالً ،واعتقاداً ,وعمالً,
فمن ذلك :حديث عتبان الذي في الصحيح« :فإن الله حرم على النار من قال ال إله إال
الله ،يبتغي بذلك وجه الله»( ،)1وفي حديث آخر« :صدقا من قلبه»(« ،)2خالصاً من
قلبه»(« ،)3مستيقنا بها قلبه ،غير شاك»( ،)4فال تنفع هذه الكلمة قائلها إال بهذه القيود ،إذا
اجتمعت له ،مع العلم بمعناها ،ومضمونها كما قال تعالى :ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ
[الزخرف ]32 :وقال تعالى لنبيه : ﰀ ﰀ ﰀ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﰀ ﰀ ﰀ [محمد]11 :؛ فمعناها يقبل الزيادة ،لقوة العلم ،وصالح العمل(.)5
فالبد من العلم بحقيقة معنى هذه الكلمة ،علماً ينافي الجهل ،بخالف من يقولها ،وهو
ال يعرف معناها ،والبد من اليقين ،المنافي للشك ،فيما دلت عليه من التوحيد؛ والبد من
اإلخالص ،المنافي للشرك ،فإن كثيراً من الناس يقولها ،وهو يشرك في العبادة ،وينكر
معناها ،ويعادي من اعتقده ،وعمل به ،والبد من الصدق المنافي للكذب ،بخالف حال
المنافق ،الذي يقولها من غير صدق ،كما قال تعالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ
[الفتح ،]11 :والبد من القبول ،المنافي للرد؛ بخالف من يقولها وال يعمل بها ،والبد من
المحبة ،لما دلت عليه ،من التوحيد ،واإلخالص ،وغير ذلك؛ والفرح بذلك ،المنافي
لخالف هذين األمرين ،والبد من االنقياد بالعمل بها ،وما دلت عليه مطابقة ،وتضمناً،
والتزاماً؛ وهذا هو دين اإلسالم ،الذي ال يقبل الله دينا سواه))(.)6
ولما كانت شروط شهادة أن ال إله إال الله بهذه المكانة وبهذه المنـزلة ،فقد وقع اختياري
( )1رواه البخاري في كتاب الرقاق ،باب العمل الذي يبتغي به وجه الله تعالى (جـ )227/0ح رقم (،)2023
مسلم في كتاب المساجد (.)055/1
( )2رواه البخاري في كتاب العلم ،باب :من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن ال يفهموا (جـ 02/1ـ )00ح
(.)120
( )3رواه البخاري في كتاب العلم ،باب الحرص على الحديث (جـ )33/1ح (.)11
( )4أخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( 52/1ـ ،) 50ح ( ،00و.)05
ﯱ ﯲ ﯳ ( )5المراد بالزيادة في المعنى هنا الزيادة في علم القلب ومعرفته بمعنى الشهادة كما قال تعالى:
[سورة محمد.]71 : ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
( )6الدرر السنية ( 713ـ .)711
0 االفتتاحية
على هذا الموضوع والذي هو بعنوان" :شروط شهادة أن ال إله إال الله تأصيالً ودراسة" ليكون
موضوع بحثي في مرحلة الدكتوراه ،وذلك ألهمية هذه الشروط من جهة ،ولما وقع حولها من
التشكيك والتشغيب بل والرد من جهة أخرى حتى أن ذلك قد انطلى على ٍ
فئام ممن ينتسبون
إلى السنة فدخلت عليهم شبهة اإلرجاء من حيث ال يشعرون ،فكان من الضروري التأصيل
لهذه الشروط ِّ
بردها لنصوص الكتاب والسنَّة وكالم األئمة ،والبيان لمنـزلتها ومكانتها من اإليمان
وذلك إحقاقاً للحق وإبطاالً للشبَه؛ ثم باإلضافة لما سبق ذكره من األهمية فإن هناك أسباباً
دفعتني الختيار هذا الموضوع ،وهذه األسباب هي:
1ـ بيان الموقف الحق الصحيح من هذه الشروط.
2ـ أن هذه الشروط أصول في اإليمان ولذا كان في دراستها توضيح لمذهب أهل السنة
وبيان لمعتقدهم في اإليمان.
3ـ الرد على مختلف طوائف المرجئة ممن انحرفوا في ِّ
عد هذه الشروط حيث اعتبروا
بعضها وأهملوا البعض اآلخر مع التشكيك في صحتها.
0ـ الرد على أهل التكفير والذين يتخذون من هذه الشروط َم ْعبَراً لتكفير المسلمين وبيان أن
الحق وسط بين غلو أهل التكفير وتقصير أهل اإلرجاء.
5ـ أنه على الرغم من أهمية هذا الموضوع فإنه لم ينل حقه من العناية لدى الباحثين ال
سيما في مجال العقيدة ،فإنني لم أقف ـ بحسب اطالعي ـ على بحث علمي أو كتاب مؤلف
في هذا الموضوع بالطريقة التي خططت لها في هذه الرسالة ،وإن وجدت كتابات متفرقة عن
بعض جزئياته فهي غير وافية بما تستحقه هذه الشروط العظيمة من العناية والبيان.
2ـ أن تفشي الشرك في جانب توحيد العبادة سببه الجهل بهذه الشروط أو عدم العناية
بها.
0ـ ظهور أقالم حاقدة تطعن في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب اإلصالحية وتتخذ من
شكك في إسالم من نطق هذه الشروط سهاماً للطعن في دعوته بأنها ِّ
تكفر المسلمين وت ِّ
3 االفتتاحية
( )1سيأتي بيان أن القول بهذه الشروط ال يلزم منه التكفير ،وال يعني التوقف في إسالم من نطق بالشهادتين .انظر:
(ص.)157 :
1 االفتتاحية
ـ خطة البحث ـ
جعلت البحث في مقدمة ،وتمهيد ،وخمسة أبواب ،وخاتمة ،وتفصيل ذلك كما
يلي:
المقدمة:
وتشتمل على االفتتاحية وبيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره وخطة البحث
ومنهجي فيه.
االفتتاحية:
في لمحة موجزة في تعريف توحيد األلوهية ،وأهميته ،وضرورة االشتغال بدعوة
الناس إليه مع بيان معنى التوحيد وأقسامه.
التمهيد:
في بيان معنى الشرط ومعنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل السنة
ومخالفيهم وفضائل كلمة التوحيد ال إله إال الله
وفيه ثالثة مباحث:
شرط .وتحته أربعة مطالب. المبحث األول :تعريف ال ّ
المطلب األول :تعريف الشرط في اللغة.
المطلب الثاني :تعريف الشرط في االصطالح.
المطلب الثالث :مراد أهل العلم بالشرط في شروط شهادة أن "ال إله إال الله".
المطلب الرابع :عالقة هذه الشروط بأصل اإليمان.
المبحث الثاني :معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة
ومخالفيهم .وتحته مطلبان:
المطلب األول :معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة.
المطلب الثاني :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند المخالفين .وتحته
مقصدان.
17 االفتتاحية
المقصد األول :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل الحلول والوحدة وأثره
على العقيدة.
المقصد الثاني :معنى شهادة أن ال إله إال عند المتكلمين وأثره على العقيدة.
المبحث الثالث :فضائل ال إله إال الله .وتحته مطلبان:
المطلب األول :فضائل ال إله إال الله في القرآن العظيم.
المطلب الثاني :بعض ما ورد في فضلها في السنة المطهرة.
الباب األول :ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال الله.
وتحته فصالن:
الفصل األول :ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً.
وتحته تمهيد .وثمانية مباحث:
المبحث األول :من ع ّدها سبعة شروط.
المبحث الثاني :من ع ّدها ثمانية شروط.
المبحث الثالث :من ع ّدها تسعة شروط.
المبحث الرابع :من عدها أربعة شروط فقط.
المبحث الخامس :الجمع والتأليف بين قول من ع ّدها سبعة شروط
عدها ثمانية أو تسعة شروط؛ وبيان أنه ال فرق سوى اإلجمال وقول من َّ
والتفصيل.
المبحث السادس :من نفى هذه الشروط من المعاصرين وزعم أنها من
بدع المتأخرين مع بيان شبهته ونقدها.
المبحث السابع :دليل تعيين هذه الشروط وحص ِرها.
المبحث الثامن :ذكر بعض اآلثار عن السلف فيها الداللة على أن
لشهادة أن ال إال الله شروطاً.
الفصل الثاني:
النطق واإلقرار بال إله إال اللَّه ،هل ُّ
يعد من شروطها؟ ومأخذ من
لم يع ّده في الشروط.
وتحته ستة مباحث:
11 االفتتاحية
المبحث الثالث :العلم بالمشهود له ،وهو الله تعالى .وتحته ثالثة
مطالب:
المطلب األول :طرق تحصيل العلم بالله تعالى .وتحته ثالثة مقاصد:
المقصد األول :طرق تحصيل العلم بالله تعالى عند أهل السنة.
المقصد الثاني :اعتراضات المتكلمين على فطرية المعرفة عند أهل السنة
ودفعها.
المقصد الثالث :طرق تحصيل العلم بالله عند المتكلمين مع المناقشة.
المطلب الثاني :حكم اإليمان بالتقليد.
المطلب الثالث :معرفة الله عند غالة الصوفية.
المبحث الرابع :من زعم أن العلم بالمشهود له كاف لصحة اإليمان من
المرجئة مع بيان شبههم ونقدها .وتحته ثالثة مطالب:
المطلب األول :التعريف بالمرجئة.
المطلب الثاني :ذكر أصحاب هذه المقالة من المرجئة.
المطلب الثالث :شبههم في اعتبار العلم بالله كافياً لصحة اإليمان ونقدها.
المبحث الخامس :زيادة العلم بشهادة أن ال إله إال الله وأثره في
تكميل شهادة أن ال إله إال الله .وتحته ثالثة مطالب:
المطلب األول :تفاضل الناس في العلم والمعرفة التي في قلوبهم بالشهادة.
المطلب الثاني :األسباب المقتضية لهذا التفاضل.
المطلب الثالث :أثر الزيادة في المعرفة التي بالقلب بالشهادة في تكميل
الشهادة.
المبحث السادس :ما يُضا ّد شرط العلم أو ينافيه .وتحته تمهيد ومطلبان:
المطلب األول :الجهل بالمشهود له ،وهو الله تعالى .وتحته ثالثة مقاصد:
المقصد األول :جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعالى.
المقصد الثاني :جهل غالة أهل التعطيل بالله تعالى.
المقصد الثالث :جهل أهل التشبيه والتمثيل بالله تعالى.
13 االفتتاحية
المطلب الثاني :الجهل بمعنى شهادة أن ال إله إال الله وأحكامه .وتحته تمهيد
مقصدان:
المقصد األول :من نطق بشهادة أن ال إله إال الله وجهل أصل دعوة الرسل،
يحكم بإسالمه؟
وهو معنى الشهادة هل ُ
وج ِه َل
المقصد الثاني :من نطق بشهادة أن ال إله إال الله عالماً بأصل معناهاَ ،
بعض تفاصيل ما ينقضها ،هل يُعذر بجهله؟
المبحث السابع :المخالفون في شرط العلم بمعنى ال إله إال الله من
أهل القبلة.
الفصل الثاني :شرط اليقين.
وتحته تمهيد ،وسبعة مباحث.
المبحث األول :معنى اليقين .وتحته مطلبان.
المطلب األول :معنى اليقين في اللغة.
المطلب الثاني :معنى اليقين شرعاً.
المبحث الثاني :الفرق بين العلم واليقين.
المبحث الثالث :ح ّد اليقين الذي يُـ َع ّد شرطاً في شهادة أن ال إله إال
الله.
المبحث الرابع :طرق تحصيل اليقين بمعنى شهادة أن ال إله إال الله.
المبحث الخامس :األدلة على كون اليقين من شروط شهادة أن ال إله
إال الله.
المبحث السادس :أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين لصحة
الشهادة.
المبحث السابع :ما ينافي شرط اليقين بشهادة أن ال إله إال الله
وينقضه .وتحته مطلبان:
المطلب األول :الشك في وجود الله تعالى.
المطلب الثاني :الشك في استحقاق الله وحده للعبادة.
الباب الثالث :شرطا الصدق واإلخالص.
10 االفتتاحية
وتحته فصالن:
الفصل األول :شرط الصدق المنافي للكذب.
وتحته تمهيد وثمانية مباحث:
المبحث األول :معنى الصدق .وفيه مطلبان:
المطلب األول :تعريف الصدق في اللغة.
المطلب الثاني :معنى الصدق في االصطالح والشرع وبيان متعلّقه.
حد الصدق الذي هو شرط في شهادة أن ال إله إالالمبحث الثانيُّ :
الله.
المبحث الثالث :األدلة على كون الصدق من شروط شهادة أن ال
إله إال الله.
المبحث الرابع :أقوال أهل العلم في اشتراط الصدق لصحة الشهادة.
المبحث الخامس :الرد على من جعل الصدق هو الشرط األوحد لصحة
اإليمان .وفيه مطلبان:
ال مطلب األول :التعريف بالمقالة مع نسبتها إلى قائليها.
المطلب الثاني :شبههم ونقدها.
المبحث السادس :زيادة التصديق بشهادة أن ال إله إال الله وأثره
في تكميل شهادة أن ال إله إال الله.
المبحث السابع :ما ينافي شرط الصدق في شهادة أن ال إله إال
الله .وتحته ثالثة مطالب:
المطلب األول :كفر التكذيب.
المطلب الثاني :النفاق االعتقادي .وتحته مقصدان:
المقصد األول :تعريف النفاق االعتقادي.
المقصد الثاني :حكم المنافق.
المطلب الثالث :الزنديق حكمه ،واختالف العلماء في توبته .وتحته
مقصدان:
المقصد األول :معنى الزنديق في عرف الفقهاء.
15 االفتتاحية
المبحث الخامس :أقوال أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقوق ال إله إال
الله شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله.
المبحث السادس :الموافاة على شهادة أن ال إله إال الله وارتباطها
بشرط االنقياد .وتحته مطلبان:
المطلب األول :معنى الموافاة .وتحته مقصدان.
المقصد األول :معنى الموافاة لغة.
المقصد الثاني :معنى الموافاة على كلمة ال إله إال الله وارتباطها بشرط
االنقياد.
المطلب الثاني :فضل من كان آخر كالمه من الدنيا قول ال إله إال الله.
المبحث السابع :ما ينافي شرط االنقياد بحقوق هذه الكلمة .وتحته
ثالثة مطالب:
المطلب األول :ترك العمل المشروع .وتحته ثالثة مقاصد:
المقصد األول :أهمية األعمال وأنها من اإليمان.
المقصد الثاني :أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها.
المقصد الثالث :ال ّدراسة والتّحقيق لحكم من ترك مباني اإلسالم بعد
شهادتين. ال ّ
المطلب الثاني :فعل المحذور.
الردة .وتحته خمسة مقاصد. المطلب الثالثِّ :
المقصد األول :تعريف ِّ
الردة لغة.
الردة اصطالحاً. المقصد الثاني :تعريف ِّ
المقصد الثالث :أقسام ِّ
الردة.
المقصد الرابع :شروط ثبوت ِّ
الردة.
المقصد الخامس :األحكام المترتبة على ِّ
الردة بعد ثبوتها.
المبحث الثامن :المخالفون في شرط االنقياد.
توصلت إليها من خالل البحث والدراسة
الخاتمة :وفيها ذكر أهم النتائج التي َّ
لجوانب هذا الموضوع مع المقترحات والتوصيات.
27 االفتتاحية
3ـ التزام خطة الرسالة ،وعدم الخوض فيما لم ينص عليه ،وذلك وفاءً بالعهد
الضمني في الئحة الدراسات.
1ـ عند بداية كل شرط من شروط كلمة الشهادة افتتح بتمهيد أذكر فيه وجه
اشتراط ذلك الشرط.
بكل شرط في اللغة واالصطالح. عرف ِّ ـ أ ِّ 17
17ـ أدلِّل على كل شرط من الكتاب والسنة ومن العقل ،وأذكر اإلجماع ـ إن وجد
ـ وذلك لما في اإلجماع من قوة التوثيق وزيادة التأكيد.
11ـ أبين وجه الداللة من كل دليل استدللت به في تقرير هذه الشروط.
12ـ أنقل كالم أهل العلم في اعتبار هذه الشروط مع التعليق.
12ـ أبين الفروق بين الشروط المتالزمة والمتداخلة.
الفَرق المخالفة في كل شرط من هذه الشروط ـ إن وجدت ـ مع بيان 13ـ أذكر ِّ
الرد عليهم.
وجه مخالفتهم و َّ
10ـ أبين ما ينافي كل شرط من المخالفة ،لما في ذلك من التقرير وزيادة التعزيز؛
وكما قيل:
ض ِّدها تَـتَميَّـز األَ ْشيَاء(.)1
وبِّ ِّ
ومنهجي في ذلك أن أبيِّن ما ينافي األصل (= الشرط) ثم أردف ذلك بما ينافي
الكمال الواجب وذلك ليحصل التمييز بين ما ينافي األصل وما ينافي الكمال
المكفرات وغيرها؛ فكمِّ الواجب لتتبيَّن الحدود وتتميَّز المراتب وينتفي الخلط بين
وقع الناس في الغلط بسبب عدم العلم بحدود األشياء ومراتبها.
15ـ ثم هنالك بعض الرموز واالصطالحات:
شيخ اإلسالم فالمقصود شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ. 1ـ إذا أطلقت َ
2ـ إذا أطلقت مجموع الفتاوى فالمقصود به مجموع فتاوى ابن تيمية.
3ـ الرمز (ح) لرقم الحديث.
0ـ الرمز (ص) لكلمة "صفحة".
( )1البيت للمتنبي ،وهو في في ديوانه مع شرحه ألبي البقاء العكبري (جـ .)22/1وصدره:
ِّ
((ونذيمهم َوبِّ ِّه ْم َعَرفْـنَا فَ ْ
ضلَه)).
22 االفتتاحية
وباإلضافة لما سبق ذكره من المنهج فإن عملي في البحث ،هو دراسة هذه
الشروط دراسة تأصيلية ِّ
بردها إلى النصوص الشرعية وكالم السلف واألئمة.
12ـ كما قمت بوضع فهارس علمية في نهاية البحث تسهل االستفادة منه ،وهي:
1ـ فهرس اآليات القرآنية.
2ـ فهرس األحاديث النبوية.
3ـ فهرس اآلثار.
4ـ فهرس المصطلحات العلمية.
5ـ فهرس األعالم المترجم لهم.
6ـ فهرس الطوائف والفرق.
7ـ ثبت المصادر والمراجع.
8ـ فهرس الموضوعات.
والله المسئول بمنه وكرمه أن يغفر لي خطئي وزللي وأن يجعل هذا العمل خالصاً
لوجهه الكريم ،وأن يكون ذخراً لي عنده يوم ألقاه ،إنه سميع مجيب.
23 االفتتاحية
الشيخ ِّ
فضيلة ِّ يمي َن ِّ
ض َو ْي المناقشة ال َك ِّر ْ التقدير لِّع ْ
بالشكر و ِّ ِّ كما ال يفوتني أيضاً أَ ْن َ
أتقدم
األستاذ الدكتور ِّ
عبد الله ِّ
بن ِّ ِّ
وفضيلة الم ْدخلي ِّ بيع ِّ محم ِّد بن ِّ
بن هادي ع َمير َ الشيخ ر ِّ الدكتور َّ
يدها على صها وتَس ِّد ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
سليما َن الغ َفْيلي ـ َحفظَه َما الله ـ قَـبو َلهما مناقشةَ َهذه الرسالة لتقويمها َوفَ ْح َ ْ
األجر والمثوبةَ. أجزل لهما َ الكثيرة؛ فجزاهما الله خيراً و َ ِّ غم من أشغالِّ ِّهما وأعبائِِّّهما الر ِّ
َ
البحث ،فلَه الحمد أوالً ِّ ِّ
إلتمام هذا ووفق
يسَر َ وأخيراً؛ فإني أحمد اللهَ كثيراً َعلَى ما َّ
حول لي وال قوةٌ الثناء .فإني ال ٌ المحامد وأفر ِّاد ِّ
ِّ وآخراً ،باطناً وظاهراً بما هو أهله من أنو ِّاع
البحث ،وما خالف الصواب فهو ِّمن ضع ِّفي ِّ
وم ْن ِّ اب هذا المتفضل بصو ِّ ِّ إال به ،فهو
ْ َْ َ َ
فتلك مرتبةٌ ال يد ِّعيها الكمالَ ، َ الشيطان .والله ورسوله منه بريئان .فال أ ََّد ِّعي أنَّنِّي قَ ْد بلغت
صى َج ْه ِّدي .فهذا ِّ
ذاهل عن َع ْج ِّزه ،ولكني َحَرصت على ما يؤديه أَقْ َ ٌ هفإال جاهل بِّضع ِّ
ٌ َْ
المقل ،وأقول لِّ َم ْن قَـَرأَه: َج ْهد ِّ
الع ْجـ َـزـرف بالجه ـ ِّـل و َ معتـ ٌ فإن الـذي قَـد كتب ْـه العيب َّ لح َ َص ِّأْ
أرجو أ ْن
أطويها ،و ْ الشروط ِّ ِّ تحقيق هذهِّ صفحةٌ ِّم ْن َح َس ِّن الكالم في وفي الختام ،فهذه َ
ِّ
مضامينَها ومعانِّيَها ،وقمت بما ِّ وقبل ذلك حققت الحق فيهاَ ، القول َ أكو َن قد حررت َ
وغاويها .وإن أصبت فمن الله فروعها ومبانِّيها .فإن أخطأت فمن نفسي ِّ تقتضيِّه من ِّ ِّ
للقول الصواب فيها. مس ِّديها ،وأحمده أن وفقني ِّ
َ ْ
أستغفرك وأتوب إليك. وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت ِّ ِّ وسبحانَك اللهم
25 االفتتاحية
7ـ ((الشهادتان حقيقتهما وأثرهما)) وهي رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير من قسم
العقيدة والمذاهب المعاصرة ،جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض ،أعدها
الطالب :محمد يوسف سنيك عام ( )1412هـ.
ما يتعلق منها بشروط شهادة أن ال إله إال الله في حدود أربع عشرة صفحة من
(ص 120/إلى ص.)131/
وهو بحث مجمل ذكر فيه طرفاً من أدلة هذه الشروط مع تحديد مفهومها بإيجاز.
اإلضافات الجديدة لألعمال السابقة:
هذا البحث ـ كما هو مخطط له ـ سيحظى بحول الله وقوته ـ باإلضافات التالية
لألعمال السابقة ،والتي هي بمثابة األهداف الرئيسة للكتاب حول هذا الموضوع:
مباحث وأحكام في مؤلف خاص؛ حيث إن من ألف َ 1ـ جمع ما يتعلق بهذه الشروط من
المباحث المهمة المتعلقة بهذه الشروط كما يرى لعين َ في هذه الشروط قد أغفل الكثير من
الناظر في الدراسات السابقة حول هذه الشروط حيث يجد أنها دراسات مقتضبة ال تتعدى
الصفحات اليسيرة جلها في التعريف بهذه الشروط ِّ
وعدها.
2ـ بيان مرادهم بالشرط في شروط شهادة أن ال إله إال الله.
فصل في ِّ
عدها عد هذه الشروط والتأليف بين قول من أجمل أو َّ 3ـ ذكر خالف الناس في ِّ
من أهل السنة.
4ـ الرد على المنكرين لهذه الشروط من مرجئة العصر.
0ـ مزيد من االستقصاء ألدلة هذه الشروط من الكتاب والسنة.
7ـ المزيد من جمع أقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين في اعتبار هذه الشروط.
1ـ بيان ما يخالف هذه الشروط وينقضها.
1ـ تحقيق بعض المسائل المشكلة من مسائل اإليمان واألحكام المتعلقة بهذه الشروط
والتي قد طال حولها الجدل ـ ال سيما في هذا الوقت ـ ،وذلك على ضوء نهج السلف وكالم
أئمة الدعوة وعدم الشذوذ والخروج عن كالمهم ـ ال سيما علماء هذه البالد ـ إذ هم من أعلم
الناس بهذه المسائل :كمسألة العذر بالجهل وترك جنس العمل.
11ـ شرط الكفر بالطاغوت وما يتعلَّق به من مباحث وأحكام.
11ـ الموافاة على كلمة اإلخالص وما يتعلق بها من مسائل.
20 االفتتاحية
االفتتاحية
في لمحة موجزة في تعريف توحيد األلوهية ،وأهميته ،وضرورة االشتغال بدعوة الناس
إليه مع بيان معنى التوحيد وأقسامه
أقول :من الغرابة أن يحتاج الناس إلى شرح مفهوم توحيد األلوهية الذي هو في الوضوح
أشد من الشمس المنيرة؛ لتضافر النصوص على بيانه وتتابعها على تبيانه .ولكن هذه الغرابة
سرعان ما تزول إذا نظر الواحد ِّمنَّا في كثرة المخالفين في هذا التوحيد بسبب ما حصل لهم
شتباه في مفهومه وذلك بسبب ما أدخله علماء الكالم( )1وغيرهم في مس َّماه من ٍ
معان من ا ٍ
مسمى التوحيد ،ونسبوا
بعيد وال من قريب ،فنسبوا نفيهم الصفات إلى َّ ال يدل هو عليها من ٍ
مسمى التوحيد( ،)2فكان خليقاً بأهل الحق أن يبينوا حقيقة هذا التوحيد
شركهم باألموات إلى َّ
وصفاءَه مما نسب إليه مما ال يدخل تحته ،وهذا ما تضافرت عليه جهود أهل السنة منذ
ظهور البدع وإلى يومنا هذا.
يقول الشيخ عبد الرحمن المعلِّمي( )3ـ رحمه الله ـ في مطلع كتابه (رفع االشتباه عن
( )1علماء الكالم نسبة إلى علم الكالم سموا بذلك لكونهم يكثرون الكالم في مسائل الغيبيات وإخضاعها لعقولهم،
لزعمهم أن دالالت العقول قطعية يقينية ودالالت النصوص ظنية .انظر :شرح المقاصد ( ،)6/1ودرء تعارض
العقل والنقل (.)3/6
( )2يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :لفظ التوحيد والتنزيه والتشبيه والتجسيم ألفاظ قد دخلها االشتراك،
بسبب اختالف اصطالحات المتكلمين وغيرهم ،وكل طائفة تعني بهذه األسماء ما ال يعنيه غيرهم .فالجهمية
من المعتزلة وغيرهم يريدون بالتوحيد والتنـزيه :نفى جميع الصفات ،وبالتجسيم والتشبيه :إثبات شيء منها ،حتى
إن من قال :إن الله يرى أو إن له علماً فهو عندهم مشبه مجسم .وكثير من المتكلمة الصفاتية يريدون بالتوحيد
والتنـزيه :نفى الصفات الخبرية ،أو بعضها .وبالتجسيم والتشبيه :إثباتها أو بعضها .والفالسفة تعني بالتوحيد ما
تعنيه المعتزلة وزيادة،حتى يقولون :ليس له إال صفة سلبية أو إضافية أو مركبة منهما .واإلتحادية تعني بالتوحيد:
أنه هو الوجود المطلق ،ولغير هؤالء فيه اصطالحات أخرى .وأما التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به
الكتب فليس هو ِّ
متضمناً شيئاً من هذه االصطالحات ،بل أمر الله عباده أن يعبدوه وحده ال يشركوا به شيئاً؛
فال يكون لغيره نصيب فيما يختص به من العبادة وتوابعها .هذا في العمل .وفي القول هو اإليمان بما وصف به
نفسه ووصفه به رسوله [ .))مجموع الفتاوى ( 157/0ـ .])151
( )3هو :عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن محمد العْتمي المعلمي اليماني ثم المكي ،نسبته إلى بالد عتمة باليمن،
عالم محقق في السنة ،كانت والدته في أواخر سنة ( )1312هـ ،ووفاته في أوائل سنة ( )1332هـ .انظر:
األعالم للزركلي (.)302/3
23 االفتتاحية
معنى العبادة واإلله)(( :أما بعد :فإني تدبرت الخالف المستطير بين األمة في القرون
المتأخرة في شأن االستغاثة بالصالحين الموتى وتعظيم قبورهم ومشاهدهم ،وتعظيم بعض
المشايخ األحياءَ ،وَز ْعم بعض األمة في كثير من ذلك أنه شرك ،وبعضها أنه بدعة ،وبعضها
أنه من الدين الحق .ورأيت كثيراً من الناس قد وقعوا في تعظيم الكواكب والروحانيين مما
يطول شرحه ،وهو موجود في كتب التنجيم والتعزيم( ،)1كشمس المعارف( )2وغيرها.
وعلمت أن مسلماً من المسلمين ال يقدم على ما يعلم أنه شرك وال تكفير من يعلم أنه
غير كافر ،ولكنه وقع االختالف في حقيقة الشرك ،فنظرت في حقيقة الشرك فإذا هو
باالتفاق :اتخاذ غير الله إلهاً من دونه ،أو عبادة غير الله .)3(فانتقل النظر إلى
معنى اإلله والعبادة فإذا فيه اشتباه شديد ،فإن أصح األقوال في تفسير "إله" قولهم :معبود
أو معبود بحق ،ومعنى العبادة مشتبه كذلك ـ كما سنراه إن شاء الله ـ .فعلمت أن ذلك
االشتباه هو سبب الخالف ،وإذاً الخطر أشد مما يظَن ،ألن الجهل بمعنى اإلله يلزمه
الجهل بمعنى كلمة التوحيد؛ "ال إله إال الله" وهي أساس اإلسالم وأساس جميع الشرائع
الحقة ،قال الله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
[األنبياء.)4())]25: ﭠ
وقال أبو األعلى المودودي ـ رحمه الله ـ(( :فإذا كان الرجل ال يعرف ما اإلله ،وما معنى
الرب ،وما العبادة ،وما تطلق عليه كلمة الدين فال جرم ،أن القرآن كله سيعود في نظره
فهم من معانيه شيئاً ،فال يقدر أن يعرف حقيقة التوحيد ،أو يتفطَّن إلىكالماً م ْه َمالً ال يَ َ
ماهية الشرك ،وال يستطيع أن يخص عبادته بالله سبحانه أو يخلص دينه لله .وكذلك إذا
( )1التعزيم :من العزائم ،وهي الرقى .انظر :لسان العرب (.)113/1
( )2كتاب "شمس المعارف" ألحمد بن علي البوني ،كتاب سحر وشعوذة ،وهو مليء بالشرك ـ والعياذ بالله تعالى.
قال الشيخ ابن جبرين ـ حفظه الله ـ (( :هذا الكتاب من كتب الخرافيين ،وقد شحنه مؤلفه باألكاذيب والخرافات
الباطلة ،وفيه عقائد باطلة يكفر من اعتقدها ،وهو أيضاً مليء بأمور السحر والكهانة ،وأكثر من يقتنيه هم
السحرة وأهل الشعوذة ،وقد حصل بسببه مفاسد وأضرار أوقعت جماعات كثيرة في أنواع من الكفريات والضاللة
والضرر باألمة)) [نقالً عن كتب حذر منها العلماء ( )120/1للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان].
( )3سيأتي تعريف الشرك وأق وال أهل العلم في حده .في شرط اإلخالص وما ينافيه .انظر( :ص522 :
ـ .) 523
( )4رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص 31 :ـ .)32
21 االفتتاحية
كان مفهوم تلك المصطلحات غامضاً متشابهاً في ذهن الرجل ،وكانت معرفته بمعانيها
ناقصة فال شك أنه يلتبس عليه كل ما جاء به القرآن من الهدى واإلرشاد ،وتبقى عقيدته
وأعماله كلها ناقصة مع كونه مؤمناً بالقرآن))(.)1
وقد ذكر النعمي ـ رحمه الله ـ( )2سبب االلتباس في معنى هذا التوحيد مع ظهوره في
القرآن الكريم ،فقال(( :وال إله إال الله كيف التبس مثل هذا ،وهو من أبين البيِّنات ،وأوضح
الواضحات؟ متداول الدالئل ،متجاذب األهداب ،متلو بكرة وعشية ،مقروء في الصلوات،
دائر في األلسنة ،يأثره الحر والعبد ،والذكر واألنثى ،والصغير والكبير!!
ال جرم لما كان مالك الجميع وحاصل مبلغهم ،وغايتهم :التالوة دون التدبر والصورة
المقدمات دون المقاصد ،والجسد دون الروح :خفي عليهم ذلك ،وأنى لهم دون المعنى ،و ِّ
ذلك؟ وقد منعهم سادتهم وكبراؤهم من أهليهم ،ومن يقوم عليهم ويسوسهم ،وقالوا :كتاب
الله حجر محجور ،ال يستفاد منه ،وال يقتبس من أنواره ،وال ينال ما فيه؛ ألن رجاله قد
ذهبوا ،وليس هذا الزمان صالحاً أن يكون فيه أحد كأولئك في أصل هذا الباب ...وإال
فلوال ذلك لكانت هذه المسألة من أظهر الظواهر ،لما أن العناية في شأنها أتم وأكمل،
والقصد إليها بالتكرير والتقرير والبيان في كتاب الله أكثر وأشمل .فإنها روح المطلوب،
وعماد ما سئله المربوب ،ودرجة الصالة ،والزكاة ،والحج ،والصيام ،وأفراد العبادة :بعد تلك
االسطوانة العامة .والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم))(.)3
فذكر ـ رحمه الله ـ من أسباب هذا االلتباس تقليد المشايخ ،وترك النظر في دالالت
النصوص الشرعية.
وهذا السبب ذكر المعلِّمي ـ رحمه الله ـ أنه من أسباب االشتباه في معنى العبادة واإلله
فقال(( :فقد اتضح لك إن شاء الله تعالى اضطرار كل مسلم إلى معرفة معنى ال إله إال الله،
فأما كون معرفتها متوقفة على معرفة معنى إله فواضح .ولنبين لك اآلن ما وقع فيه من
االشتباه ـ يعني االشتباه في توحيد العبادة ـ:
اعلم أنني تتبعت عبارات أهل العلم في تفسير لفظ "إله" فوجدتهم كالمجمعين على أن معناه:
معبود بحق .وقال بعضهم :معبود .وسيأتي نقل عباراتهم والكالم عليها إن شاء الله تعالى.
ولكن كلمة ((معبود)) تحتاج إلى تفسير ،فتتبعت عباراتهم في معنى العبادة ،فإذا هي ما
بين مجمل ومنقوض ،كما ستَ ِّرد عليك إن شاء الله تعالى.
وتتبعت عقائد أهل القرون المتأخرة من الفرق المختلفة ،فوجدت أكثرهم يبنون اعتقادهم
على التقليد ،ثم يدافعون عنه باستدالل ناقص ،فيحتجون بما ليس بحجة أصالً ،وبما هو
في نفسه حجة ،ولكن ال داللة فيه على مدَّعاهم ،وبما فيه داللة على مدَّعاهم بحسب
الظاهر ،ولكن تخالف تلك الداللة أدلة أخرى ،فيترك المستدل تلك األدلة ،أو يتأول ما
لصاع بالطعن والتشنيع على مخالفه ،والتنفير منه. يسهل عليه تأويله ،ثم يوفي ا َ
وقد تكون الدعوى حقاً في نفسها ،ولكن المدَّعي قصر عن إثباتها ،فلم ِّ
يأت إال بما
يعارضه بمثله أو أقوى منه.
يمكن مخالفه أن َ
وأرى أن أذكر لك أهم األمور التي كثيراً ما ي ْستَـنَد إليها في االعتقاد ،وليست بصالحة
لالستناد ،وأنبه على ما فيها.
فمن تلك األمور :التقليد))( .)1انتهى.
وهناك أسباب غير التقليد َّأدت لهذا االشتباه؛ منها :الجهل بحقيقة دعوة النبي ،
ومنها أيضاً :تفسير المتكلمين لمعنى كلمة «إله» بمعنى الربوبية .ومن ذلك أيضاً :عدم
المعرفة بحقيقة شرك األولين.
وهذه األسباب كلها ترجع إلى السبب األول الذي أشار إليه المعلِّمي ـ رحمه الله ـ ،وهو
الجهل بمعنى كلمة (إله) وكلمة (العبادة) ،ألن الجهل بحقيقة كلمة اإلله وكلمة العبادة
جهل بحقيقة دعوة النبي ،إذ هي في بيان مفهومهما وتحقيقه .وكذا تفسير كلمة (إله)
بكلمة رب هو جهل بمدلول كلمة (اإلله) .وأيضاً عدم المعرفة بحقيقة شرك األولين هو
جهل بمعنى العبادة واإلله ،ألن شرك األولين هو في تأليه غير الله بصرف العبادة له طلباً
( )1رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص 22 :ـ .)20
31 االفتتاحية
( )1الفرق بين الوسائل والوسائط أن الوسائل هي األمور التي يؤدى بها الشيء ويتوصل بها إليه ،والوسائط هي
األمور التي بواسطتها يؤدى الشيء الذي يراد التوصل إليه .وذلك كالشريط وطرق الدعوة وأساليبها ،فالشريط
وسيط وطرق الدعوة وأساليبها وسيلة .ومن هنا قال بعض أهل العلم أن وسائل الدعوة توقيفية بخالف الوسائط
فهي عادية؛ وذلك بمالحظة هذا الفرق الدقيق.
32 االفتتاحية
الرزق وأنواع النعم ما يعينهم على طاعته ،وما يكون زاداً لهم إلى نهاية آجالهم ،إقامة للحجة،
وقطعا للمعذرة ،وقال تعالى :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحل،]13 :
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ وقال سبحانه :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
[األنبياء ]92:وقال سبحانه :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ
[الزخرف .]52:وقال جل وعال :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [اإلسراء .]91 :وقال سبحانه
في سورة الفاتحة :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [الفاتحة ]2 :إلى غير ذلك من اآليات الداالت على أنه
سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وحده ،وأمرهم بذلك ،وأرسل الرسل لهذا األمر ليدعوا إليه،
وليوضحوه للناس.
فوجب على أهل العلم خلفاء الرسل أن يبينوا للناس هذا األمر العظيم ،وأن يكون أعظم
المطلوب ،وأن تكون العناية به أعظم عناية؛ ألنه متى أسلم( )1صار ما بعده تابعاً له،
ومتى لم يوجد التوحيد لم ينفع المكلف ما حصل من أعمال وأقوال ،قال الله تعالي:
ﭴ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [األنعام .]88 :وقال تعالى :ﭲ ﭳ
[الفرقان .]91 :وقال سبحانه :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [الزمر ]32 :في آيات كثيرات))( .)2انتهى. ﯕ ﯖ ﯗ
قلت :ويؤيد هذا المعنى شدة عناية النبي بدعوة الناس إلى هذا التوحيد؛ حيث مكث
عشر سنين بمكة يدعو أهلها وما جاورهم من القبائل إلى هذا التوحيد قبل
صلوات الله وسالمه عليه َ
أن تفرض عليه الصالة وغيرها( )3ثم انتقل إلى مهاجره المدينة فنـزلت عليه بقية شرائع الدين
كالزكاة ،والصوم والحج والجهاد واآلذان واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من شرائع
اإلسالم أخذ على هذا عشر سنين وبعدها توفي ،وهو في المدينة ـ صلوات الله وسالمه
عليه ـ لم ينقطع عن دعوة الناس إلى التوحيد بل استمر على ذلك ،حتى وهو على فراش
يحذر أمته من مبطالت هذا التوحيد ونواقضه .فقد أخرج البخاري ومسلم من الموت كان ِّ
طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة( )1أن عائشة وعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهم ـ قاال:
لما نَـَزَل برسول الله طفق يطرح خميصة( )2له على وجهه ،فإذا اغتم ،كشفها عن وجهه،
وهو كذلك يقول« :لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يح ِّذر ما
صنعوا(.)3
هب الدعاة إلىوهذا من تمام نصحه ألمته وحرصه على دينها وصالح أعمالها .فلو َّ
وطم ـ كثيراً ،وكانوا ألمتهم
عم َّ الله تعالى في بيان هذا األمر العظيم لتضاءل أمر الشرك ـ الذي َّ
يبددوا الجهود في أمور تشغلهم عن هذا الواجب العظيم الذي هو سبيل ناصحين بدالً أن ِّ
وعزها وحصول القوة والمكنة لها كما قال تعالى في وعده الكريم :ﭬ ﭭ ﭮ وحدة األمة ِّ
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ
ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ [النور.]55 : ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
وبعد هذه اإللماحة السريعة عن أهمية توحيد العبادة وضرورة االشتغال بدعوة الناس إليه
نعود إلى دراسة معنى التوحيد ،وبيان أقسامه .وهذا أوان الشروع في تبيين ذلك:
فالتوحيد لغة :مصدر مشتق من الفعل «َو َح َد» ،والواو والحاء والدال في أصل اللغة تدل على
االنفراد.
قال ابن فارس(( :الواو والحاء والدال :أصل واحد يدل على االنفراد))(.)4
الو َحد المنفرد ..يقالَ :و َح َد الشيء فهو ونقل اإلمام األزهري في معناه قول الليثَ (( :
دة ٍَ بائن من آخر ..والوحدة االنفراد ..والتوحيد اإليمان يحد ِّحدةً ،وكل شيء على ِّح ٍ ِّ
بالله وحده ال شريك له .والله الواحد األحد ذو الوحدانية ،والتوحد))(.)5
وأما لفظ التوحيد شرعاً فالمراد به إفراد الله بالعبادة؛ فمتى أطلق في النصوص ،فإن
( )1هو :عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ،أبو عبد الله المدني ،ثقة فقيه ثبت ،مات سنة ( )10هـ.
وقيل :سنة ( )13هـ .وقيل غير ذلك .انظر :تقريب التهذيب (ص.)207 :
( )2الخميصة :قال األصمعي(( :الخمائص ثياب خز أو صوف معلمة .وقال غيره :الخميصة رداء من صوف ذو
علمين وال تسمى خميصة إال أن تكون معلمة)) [النهاية في غريب الحديث البن الجوزي .]318/1
ﰀ ﰀ ﰀ ( )3صحيح البخاري ،كتاب الصالة (جـ )121/1باب مرض النبي ووفاته ،وقول الله تعالى:
ح ( ،)035وصحيح مسلم ،كتاب المساجد ( )300/1ح (.)531 ﰀ
( )4معجم مقاييس اللغة ( .)17/2وانظر :الصحاح ( )500/2باب الدال ،فصل الحاء.
( )5تهذيب اللغة ( 112/5ـ .)113
30 االفتتاحية
رسول الله « :إنه لو كان مسلماً فأعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك» .وفي
رواية« :فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك»(.)1
فالمراد بالتوحيد هنا توحيد األلوهية ال الربوبية ،ألن مشركي العرب كانوا يقرون بتوحيد
[لقمان: الربوبية كما قال تعالى :ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
.]25
قال اإلمام الدارمي ـ رحمه الله ـ(( :تفسير التوحيد عند األمة وصوابه قول(( :ال إله إال
الله وحده ال شريك له))(.)2
قلت :وهذا تعريف للتوحيد بما يستلزمه ويتضمنه من بقية أنواع وأقسام التوحيد .ألن من
أفرد الله بالعبادة فقد أقر له بالربوبية وباألسماء والصفات.
فتوحيد العبادة شامل لتوحيد الربوبية واأللوهية(.)3
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وشهادة أن ال إله إال الله فيها اإللهيات ،وهي
األصول الثالثة :توحيد الربوبية ،وتوحيد األلوهية ،وتوحيد األسماء والصفات .وهي األصول
الكبار التي تدور عليها أديان الرسل وما أنزل إليهم ،وهي األصول الكبار التي دلت عليها
وشهدت بها الفطر والعقول))( )4انتهى.
ومما جاء في تعريف التوحيد أيضاً :إفراد الله ـ سبحانه ـ بما يختص به من الربوبية
واأللوهية واألسماء والصفات(.)5
وهذا تعريف للتوحيد بذكر أقسامه وأنواعه؛ فأقسام التوحيد كما سيأتي ثالثة :هي:
( )1أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ( )58/3ح ( ،)17128وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (،)729/6
وأورده بدر الدين العيني في عمدة القارئ ( )119/3وعزاه إلى أبي بكر النجار في كتاب السنن .والحديث
حكم األلباني بأنه صحيح كما في السلسلة الصحيحة ( ،)181وأحكام الجنائز (ص .)26 :وقال :والحديث
دليل على أن الصدقة والصوم تلحق الوالد ومثله الوالدة بعد موتهما إذا كانا مسلمين ويصل إليهما ثوابها بدون
وصية منهما؛ ولما كان الولد من سعي الوالد فهو داخل في عموم قوله تعالى ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
[النجم.]39 :
( )2نقض عثمان بن سعيد الدارمي على المريسي (ص.)0 :
( )3انظر :فقه العبادات البن عثيمين (ص 13 :ـ .)11
( )4نقالً عن التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية (ص.)13 :
( )5القول المفيد شرح كتاب التوحيد (.)3/1
32 االفتتاحية
( )1انظر :اجتماع الجيوش اإلسالمية (ص ،)13 :والصواعق المرسلة ( ،)071/2ومدارج السالكين (.)057/3
( )2منهج شيخ اإلسالم ابن تيمية في تقرير العقيدة إلبراهيم البريكان ( 103/1ـ .)100
( )3اجتماع الجيوش اإلسالمية (ص.)10 :
30 االفتتاحية
والملك ،والتدبير ،فهذه الثالثة هي أصول الربوبية .وهي ال تجتمع إال في الله ،ومن
اجتمعت فيه كان حقيقاً بأن تصرف العبادة إليه ،لكونه أهالً للخوف والرجاء والمحبة ،التي
هي أصول وأركان العبادة القلبية .وهذه األصول ال تجتمع في عبادة إال في عبادة الرب
.فإذا اجتمعت لغيره فهذا هو الشرك المناقض لألصل التوحيد.
وأما توحيد األلوهية فضابطه هو :إفراد الله تعالى بأجناس العبادة وأنواعها وأفرادها وعدم
اإلشرك بالله غيره في شيء منها مع اعتقاد كمال ألوهيته سبحانه وتعالى .وذلك هو تحقيق
معنى ((ال إله إال الله))؛ ألن ال إله إال الله متركبة من نفي وإثبات ،واسم اإلله الدال على
صفة األلوهية ،فمعنى النفي منها :خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في
جل وحده بجميع جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت .ومعنى اإلثبات منها :إفراد الله َّ
أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قوالً وعمالً بإخالص على الوجه الذي شرعه الله على ألسنة
رسله عليهم الصالة والسالم .وأما الوصف فهو األلوهية التي من لوازمها سائر أسماء الله
وصفاته األخرى ،ألنه تعالى إنما استحق العبادة ألمرين :لربوبيته لخلقه ،ولكمال وصفه(.)1
وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد ،وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم.
[ص.]5 : ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭵ ﭶ ﭷ
والعبادة تطلَق على شيئين:
األول :التعبد :بمعنى التذلل لله بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ محبة وتعظيماً.
الثاني :المتعبَّد به ،وهو اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من األقوال واألعمال
الظاهرة والباطنة كما جاء عن شيخ اإلسالم في تعريف العبادة.
ومثال ذلك :الصالة؛ ففعلها عبادة ،وهو التعبد ،ونفس الصالة عبادة ،وهو المتعبَّد به.
فإفراد الله بهذا التوحيد :أن تكون عبداً لله وحده تفرده بالتذلل؛ محبة وتعظيماً ،وتعبده بما
[اإلسراء .]22 :وقال تعالى: شرع ،قال تعالى :ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
[الفاتحة]2 :؛ فوصفه سبحانه بأنه رب العالمين كالتعليل لثبوت ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
األلوهية له؛ فهو اإلله ألنه رب العالمين ،وقال تعالى :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ
[البقرة]21 :؛ فالمنفرد بالخلق هو المستحق للعبادة.
إذ من السفه أن تجعل المخلوق الحادث اآليل للفناء إلهاً تعبده؛ فهو في الحقيقة لن
ينفعك ال بإيجاد وال بإعداد وال بإمداد ،فمن السفه أن تأتي إلى قبر إنسان صار رميماً
تدعوه وتعبده ،وهو بحاجة إلى دعائك ،وأنت لست بحاجة إلى أن تدعوه؛ فهو ال يملك
لنفسه نفعاً ال ضراً؛ فكيف يملكه لغيره؟!
وهذا القسم من أقسام التوحيد كفر به وجحده أكثر الخلق ،ومن أجله أرسل الله الرسل،
وأنزل عليهم الكتب ،قال الله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [األنبياء.]25 :
وأما توحيد األسماء والصفات فهو :إفراد الله بما له من األسماء والصفات.
وقيل في تعريفه أيضاً :هو اإليمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه ووصفه به
رسوله من األسماء الحسنى والصفات العلى وإمرارها كما جاءت بال كيف.
يتضمن شيئين:
وهذا َّ
األول :اإلثبات ،وذلك بأن نثبت لله جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في
كتابه أو سنة نبيه .
الثاني :نفي المماثلة ،وذلك بأن ال نجعل لله مثيالً في أسمائه وصفاته؛ كما قال تعالى:
ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ [الشورى .]11 :فدلت هذه اآلية على أن جميع صفاته ال يماثله
فيها أحد من المخلوقين؛ فهي وإن اشتركت في أصل المعنى ،لكن تختلف في حقيقة الحال،
فمن لم يثبت ما أثبته الله لنفسه؛ فهو معطل ،وتعطيله هذا يشبه تعطيل فرعون ،ومن أثبتها مع
التشبيه صار مشابهاً للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ،ومن أثبتها بدون مماثلة صار من
الموحدين(.)1
وهذه األنواع الثالثة للتوحيد متالزمة ،إذ يلزم من توحيد الله في ربوبيته توحيده في
ألوهيته ،ألن المنفرد بأفعال الربوبية هو المستحق للعبادة .ولذا كثيراً ما ينبه الله تعالى
بأفعال الربوبية على توحيده في العبادة .ومن ذلك اآلية المتقدمة :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﭨ ﭩ ﮤ [البقرة.)2(]21 :
( )1القول المفيد شرح كتاب التوحيد ( 3/1ـ .)10بتصرف .وتعريف توحيد العبادة مأخوذ من القول السديد في
الرد على من أنكر تقسيم التوحيد (ص ،)20 :وتعريف األسماء والصفات الثاني مأخوذ من أعالم السنة
المنشورة للحكمي (ص.)50 :
( )2انظر :تيسير العزيز الحميد (ص.)511 :
31 االفتتاحية
ولذا كان هذا البحث الذي أسأل الله تعالى أن يعينني ويسددني فيه.
وهذا أوان الشروع فيه:
01 االفتتاحية
التمهيد:
وفيه ثالثة مباحث:
شرط. المبحث األول :تعريف ال ّ
المبحث الثاني :معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة ومخالفيهم.
المبحث الثالث :فضائل ال إله إال الله.
02 االفتتاحية
وفيه ثالثة مباحث:
شرط.
المبحث األول :تعريف ال ّ
وتحته أربعة مطالب:
المطلب األول :تعريف الشرط في اللغة.
(شَر َط) ،وهو يدور على معنيين بحسب بنية الكلمة: الشرط مأخوذ من ٍ
أصل واحد َ
األول :الش ْرط ـ بإسكان الراء ـ وهو إلزام الشيء والتزامه في العقود ونحوها .ويجمع على
شروط ،وشرائط.
والثاني :الشَرط ـ بالتحريك ـ وهو العالمة الالزمة للشيء .ويجمع على أشراط .ومنه
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰀ ﰀﰀ [محمد: أشراط الساعة .قال تعالى :ﯸ ﯹ ﯺ
.]13ومنه سمي الشَرط ألنهم جعلوا ألنفسهم عالمةً يعرفون بها(.)1
والمعنى المراد بلفظ الشرط ههنا ـ كما قال األزميري( )2في حاشيته على (مرآة األصول في
شرح مرقاة الوصول)( )3ـ إنما هو بالسكون بمعنى اإللزام ،ال ما هو بالفتح بمعنى العالمة.
المطلب الثاني :تعريف الشرط في االصطالح.
الشرط في كالم أهل العلم له إطالقان:
األول :إطالق عام ،وهو الالزم في الشيء ،سواء دخل في ماهية ذلك الشيء( )4أو لم
يدخل فيها.
للشرط (بإسكان الراء)(.)5
وهذا مطابق للمعنى اللغوي ْ
( )2ينظر :معجم مقايس اللغة ( ،)227/3وتهذيب اللغة لألزهري ( 373/11ـ ،)371والصحاح للجوهري
( ،)1132/3ولسان العرب البن منظور ( ،)32/0والمصباح المنير للفيومي( ،ص.)113 :
( )2هو :سليمان األزميري ،من علماء الحنفية ،توفي سنة ( )1172هـ .انظر :إيضاح المكنون في الذيل على
كشف الظنون (.)021/2
(.)027/2( )3
( )4بأن يكون جزءا منها ـ أي الماهية للشيء ـ يتوقف تقومها عليه.
والماهية ما به الشيء هو هو ،سميت بها ألنه يسأل عنها "بما هو"[ .حاشية ابن عابدين (.])272/1
( )5مرآة األصول في شرح مرقاة الوصول (.)171/7
03 االفتتاحية
وفي هذا يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وأما عند التحقيق فيجوز أن تكون الماهية
أو شيء من صفاتها شرطاً في صفة أخرى))(.)1
فتبيَّن أن الشرط قد يكون داخالً في ماهية الشيء.
كن( .)2وذلك في مسائل كثيرة. قلت :ومن ذلك إطالق الفقهاء الشر َط على ما هو ر ٌ
()3
يتسمحون فيطلقون الشرط على يقول الدسوقي في حاشيته(( :لكن الفقهاء قد َّ
الركن))( .)4انتهى.
والثاني :إطالق خاص ،وهو ما خرج عن الماهية وهذا اإلطالق هو الغالب على علماء
األصول حيث يقولون في تعريف الشرط :ما يلزم من عدمه العدم ،وال يلزم من وجوده وجود
وال عدم لذاته ،ويكون خارجاً عن ماهية ذلك الشيء؛ كالطهارة للصالة ،فإنه يلزم من انتفاء
الطهارة انتفاء صحة الصالة ،وال يلزم من وجودها وجود صحة الصالة؛ لجواز انتفائها
النتفاء شرط آخر(.)5
وهذا التعريف بالنظر للشرط الالزم في الشيء وال يصح بدونه ،وهو ما يعرف بشرط
الصحة عندهم.
وأما "شرط الكمال" فهو دونه؛ فالشيء يصح بدونه ،ولكن هو شرط يلزم لكماله؛
كسنن الصالة ،فهي شرط لكمال أجرها ولكن تصح بدونها.
فشروط شهادة أن ال إله إال الله إذن أمور الزمة في اإليمان ،ال يصح هو وال الشهادة به
إال بها ،وهذا ما سيتضح لك من خالل المطلب التالي والذي بعده.
المطلب الثالث :مراد أهل العلم بالشرط في شروط شهادة أن "ال إله إال الله":
بالش ْرط؛ ألن
بالش ْرط في شروط " ال إله إال الله " غير مراد األصوليين َّ مراد أهل العلم َّ
الشرط عند األصوليين ـ كما قد مر ـ ما كان خارجاً عن ماهية الشيء ،ولكن بالنظر إلى
هذه الشروط فهي من ماهية اإليمان ومن أركانه العِّظام ،ولذا فَ ِّه َي تَ ِّرد في كالم أهل العلم
صحة حيناً ،وعلى اعتبارها أركاناً حيناً ،وعلى تسميتها أصوالً حيناً؛ ٍ على أنها شروط
ويجمع ذلك كله اعتبارهم إياها من لوازم الشهادة؛ فإذا نظروها من جهة الحكم ـ بأن
اإليمان ينتفي بانتفائها ـ اعتبروها شروطاً ،وإذا نظروها من جهة دخولها في ماهية اإليمان
عدوها أركاناً وأصوالً في اإليمان ،أو قد يذكرون لفظاً يدل على ذلك؛ كالتعبير عنها بروح
اإليمان وحقيقته ،أو فرضه.
وفيما يلي ذكر ألقوال أهل العلم الدالة لما ذكرت من تنوع ورودها في كالمهم:
أوالً :من عبَّر عنها بالشروط:
التعبير عنها بالشروط ورد في كالم بعض أهل العلم .ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن
ـ رحمه الله ـ حيث قال(( :ال بد في شهادة أن ال إله إال الله من سبعة شروط ال تنفع قائلها
إال باجتماعها .أحدها( :العلم) المنافي للجهل .الثاني (اليقين) المنافي للشك .الثالث:
(القبول) المنافي للرد .الرابع( :االنقياد) المنافي للترك .الخامس( :اإلخالص) المنافي
للشرك .السادس (الصدق) المنافي للكذب .السابع( :المحبة) المنافية لضدها))(.)1
وجاء التعبير عنها بالشروط أيضاً في كالم حافظ الحكمي ـ رحمه الله ـ( )2حيث قال في
نظمه (سلم الوصول)(( :شروط شهادة أن ال إله إال الله:
وف ـ ــي نص ـ ــوص ال ـ ــوحي حق ـ ـاً وردت وبش ـ ـ ـ ـ ـ ــروط س ـ ـ ـ ـ ـ ــبعة ق ـ ـ ـ ـ ـ ــد قـيِّـ ـ ـ ـ ـ ــدت
بـ ـ ـ ـ ـ ــالنطق إال حيـ ـ ـ ـ ـ ــث يسـ ـ ـ ـ ـ ــتكملها فإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ينتف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع قائله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
واالنقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادر م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول العل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم واليق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين والقب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول
( )1فتح المجيد( ،ص 110 :ـ .)115وانظر :الدرر السنية ( 255 ،202/2ـ.)252
( )2هو :الشيخ العالمة حافظ بن أحمد بن علي الحكمي ،أحد علماء المملكة العربية السلفيين ،وهو من أعالم
منطقة الجنوب (تهامة) ،والحكمي نسبة إلى الحكم بن سعد ،وينتهي نسبه إلى قحطان .كانت والدته سنة
( )1302هـ ،ووفاته بمكة سنة ( )1300هـ .انظر :ترجمته مستوفاة بقلم ابنه الدكتور أحمد بن حافظ حكمي
ضمن مقدمة تحقيق معارج القبول ( 11/1ـ .)22
05 االفتتاحية
() 1
أحبه لما الله وفقك
والصـدق واإلخـالص والمحبة
جاءالمحــبة
التعبير عنها بالشروط أيضاً في كالم الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ. و و
يقول الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ(( :ولها سبعة شروط ،وهي العلم بمعناها واليقين وعدم
الشك بصحتها ،واإلخالص لله في ذلك وحده ،والصدق بقلبه ولسانه ،والمحبة لما دلت
عليه من اإلخالص لله في ذلك ،وقبول ذلك ،واالنقياد له ،وتوحيده ونبذ الشرك مع البراءة
من عبادة غيره ،واعتقاد بطالنها ،وكل هذا من شرائط ال إله إال الله وصحة معناها ...إلى
أن قال :وقد جمع بعضهم شروطها في بيتين:
محبَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة وانِّْقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ ِّ ِّ
ـاد وال َقب ـ ـ ـ ـ ـ ــول لَ َه ـ ـ ـ ـ ـ ــا ََ َ ك َم ـ ـ ْـع ـالص َو ِّصـ ـ ـ ْدق َ ـين وإِّ ْخ ـ ـ ٌ عْل ـ ـ ٌـم يَق ـ ـ ٌ
ِّ ()2
ِّس ـ ـ َـوى ِّاإللَ ـ ـ ِّـه ِّم ـ ـ ْـن األَ ْش ـ ــيَاء ق ـ ــد أله ـ ـ ـا َوِّزي ـ ـ ـ ـ َـد ثَ ِّامنـ َه ـ ـ ـ ــا الك ْف ـ ـ ـ ـ ـَار َن ِّمن ـ ـ ـ ـ ـ َ
ـك بم ـ ـ ـ ــَا
كما جاء في كالم بعض المتقدمين التعبير عنها بالشروط:
يقول اإلمام ابن بطة العكبري( )3في سياق تفسير قوله تعالى :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البقرة(( .]100 :فانتظمت هذه اآلية أوصاف اإليمان وشرائطه من القول
والعمل( )4واإلخالص))( .)5انتهى.
فنص على أن اإلخالص والعمل وهما من شروط ال إله إال الله على أنهما وصف
اإليمان وشرطه .وما اإليمان إال شهادة أن ال إله إال الله ،وما يستتبعها.
( )1معارج القبول شرح سلم األصول ( 013/2ـ .)011وانظر :تفصيله لهذه الشروط في أعالم السنة المنشورة
(ص.)32 :
( )2مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز ( 01/3ـ .)57
( )3هو إالمام القدوة العابد المحدث شيخ العراق أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان أبو عبد
الله العكبري الحنبلي ،مصنف كتاب االبانه الكبرى ،أخذ عن أبي القاسم البغوي ،وأبي بكر النيسابوري ،وإسماعيل
الوراق وغيرهم ،وحدَّث عنه :أبو نعيم األصبهاني ،وأبو إسحاق البرمكي ،وأبو محمد الجوهري وآخرون .والدته في
َّ
سنة ( )370هـ ،ووفاته في سنة ( )330هـ .انظر :ترجمته في طبقات الحنابلة ( 100/2ـ ،)153وسير أعالم
النبالء ( ،)521/12وتاريخ دمشق (.)175/33
( )4المراد بالعمل هنا شرط االنقياد كما سيأتي تحقيقه في موضعه.
( )5اإلبانة (.)002/2
02 االفتتاحية
أمر ،وكالم الله خبر وأمر؛ يَـ ْع ِّرض للخبر فقط .فأما األمر فليس فيه تصديق من حيث هو ٌ
عمل في
فالخبر يستوجب تصديق المخبر ،واألمر يستوجب االنقياد له واالستسالم ،وهو ٌ
القلب جماعه الخضوع واالنقياد لألمر ،وإن لم يفعل المأمور به ،فإذا قوبل الخبر
بالتصديق ،واألمر باالنقياد ،فقد حصل أصل اإليمان في القلب وهو الطمأنينة واإلقرار...
أال ترى أن من صدق الرسول بأن ما جاء به هو رسالة الله ،وقد تضمنت خبراً وأمراً ،فإنه
ثان؛ وهو تصديقه خبر الله وانقياده ألمر الله ،فإذا قال( :أشهد أن ال إله مقام ٍيحتاج إلى ٍ
إال الله) فهذه الشهادة تتضمن تصديق خبره واالنقياد ألمره ،فإذا قال( :وأشهد أن محمداً
تضمنت تصديق الرسول فيما جاء به من عند الله ،فبمجموع هاتين الشهادتين رسول الله) َّ
يتم اإلقرار ،فلما كان التصديق البد منه في كال الشهادتين ـ وهو الذي يتلقى الرسالة
أصل لجميع اإليمان ،و َغ َفل عن أن األصل اآلخر ال بد منه وهو بالقبول ـ ظن من ظن أنه ٌ
يصدق الرسول ظاهراً وباطناً ثم يمتنع من االنقياد لألمر؛ إذ غايته في االنقياد ،وإال قد ِّ
تصديق الرسول أن يكون بمنـزلة من سمع الرسالة من الله سبحانه كإبليس))(.)1
وأيضاً ورد في كالمه ـ رحمه الله ـ ما يبين أن شـرط المحبة أصل في اإليمان القلبي ،في
قوله(( :محبة الله ورسوله من أعظم واجبات اإليمان ،وأكبر أصوله ،وأجل قواعده ،بل هي
أصل كل عمل من أعمال اإليمان والدين ،كما أن التصديق به أصل كل قول من أقوال
اإليمان والدين؛ فإن كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبته ،إما عن محبة محمودة،
أو عن محبة مذمومة ...فجميع األعمال اإليمانية الدينية ال تصدر إال عن المحبة
المحمودة ،وأصل المحبة المحمودة هو محبة الله سبحانه وتعالى؛ إذ العمل الصادر عن
محبة مذمومة عند الله ال يكون صالحاً))(.)2
وكذا في قوله(( :وإذا كان الحب أصل كل عمل من حق وباطل ،وهو أصل األعمال
الدينية وغيرها ،وأصل األعمال الدينية حب الله ورسوله ،كما أن أصل األقوال الدينية
تصديق الله ورسوله ،فالتصديق بالمحبة أصل اإليمان ،وهذا هو قول وعمل))(.)3
وفي قوله أيضاً(( :وإذا كان أصل اإليمان العملي هو حب الله تعالى ورسوله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ،وحب الله أصل التوحيد العملي ،وهو أصل التأليه ،الذي هو عبادة الله وحده
ال شريك له ،فإن العبادة أصلها أكمل أنواع المحبة مع أكمل أنواع الخضوع وهو
اإلسالم))(.)1
فالحاصل أنه عبَّر عن الصدق واالنقياد والمحبة ،وهي من شروط ال إله إال الله بأصل
اإليمان.
رابعاً :التعبير بأنها حقيقة اإليمان واإلسالم:
هذا التعبير ورد في كالم شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في النقل اآلتي:
((والصدق واإلخالص هما في الحقيقة تحقيق اإليمان واإلسالم ،فإن المظهرين لإلسالم
ينقسمون إلى مؤمن ومنافق ،والفارق بين المؤمن والمنافق هو الصدق ...وأما اإلخالص لله
فهو حقيقة اإلسالم؛ إذ اإلسالم هو االستسالم لله ال لغيره ،كما قال تعالى :ﯫ ﯬ ﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ
[الزمر.)2())]21:
فعد شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ الصدق واإلخالص ـ وهما من شروط شهادة أن ال إله َّ
إال الله ـ أنهما تحقيق حقيقة اإليمان واإلسالم ،واإليمان واإلسالم ال يخرج مفهومهما عن
معنى ال إله إال الله.
وجاء التعبير عنها بحقيقة اإليمان أيضاً في كالم ابن القيم ـ رحمه الله ـ حيث قال ـ بعد
حد اإليمان وحقيقته ـ(( :واإليمان وراء ذلك كله ،وهو ذكره كالم طوائف المخالفين في ِّ
حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول علماً ،والتصديق به عقداً ،واإلقرار به نطقاً،
واالنقياد له محبةً وخضوعاً ،والعمل به باطناً وظاهراً ،وتنفيذه والدعوة إليه بحسب
اإلمكان))(.)3
فانظر .كيف انتظم كالمه ـ رحمه الله ـ في عد هذه الشروط حيث ذكر العلم والمحبة
واالنقياد واإلقرار المستلزم للقبول ،وذكر التصديق المقتضي لإلخالص واليقين وبين أن
ذلك حقيقة اإليمان الذي بانتفائه ينتفي إيمان القلب؛ واإليمان إذا أفرد في الذكر تضمن
اإلسالم الذي هو معنى شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله كما في حديث وفد
عبد القيس ،وفيه قول النبي « :أتدرون ما اإليمان بالله وحده؟» قالوا :الله ورسوله أعلم.
قال« :شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله »...الحديث(.)1
وقال أيضاً(( :وها هنا أصل آخر ،وهو أن حقيقة اإليمان مرَّكبة من قول وعمل ،والقول
قسمان :قول القلب وهو االعتقاد ،وقول اللسان وهو التكلم بكلمة اإلسالم .والعمل
قسمان :عمل القلب ،وهو نيته وإخالصه ،وعمل الجوارح .فإذا زالت هذه األربعة زال
اإليمان بكماله .وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية األجزاء؛ فإن تصديق القلب شرط في
اعتقادها وكونها نافعة .وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق ،فهذا موضع المعركة بين
المرجئة وأهل السنة .فأهل السنة مجمعون على زوال اإليمان ،وأنه ال ينفع التصديق مع
انتفاء عمل القلب ،وهو محبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه ،واليهود
والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول ،بل ويقرون به سراً وجهراً ،ويقولون :ليس
بكاذب ولكن ال نتبعه وال نؤمن به))(.)2
وهذا كسابقه من جعل هذه الشروط حقيقة من حقائق اإليمان ال يتم اإليمان إال بها،
وال يصح اإلسالم إال بتحققها.
خامساً :التعبير عنها بروح اإليمان:
وقد جاء هذا التعبير في كالم ابن القيم اآلتي نصه(( :وهو من اإليمان ـ يعني اليقين ـ
بمنزلة الروح من الجسد وبه تفاضل العارفون ،وفيه تنافس المتنافسون ،وإليه شمر
العاملون ...فاليقين روح أعمال القلوب التي هي روح أعمال الجوارح؛ وهو حقيقة
الصديقية))( .)3اهـ.
ومصداقه ما جاء عن عبد الله بن مسعود من قوله(( :اليقين اإليمان كلُّه))( .)4وهذا
( )1أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب :أداء الخمس من اإليمان (جـ )23/1ح ( )53ومسلم في كتاب
اإليمان ( )02/1ح (.)23
( )2الصالة وحكم تاركها (ص.)03 :
( )3مدارج السالكين (.)310/2
( )4علقه البخاري في أول كتاب اإليمان ( .)1/1ووصله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق ( 21/2ـ ،)22وحكم بأنه
صحيح .وأخرجه الحاكم في المستدرك ( )030/2موقوفاً على ابن مسعود .وقال :صحيح اإلسناد ولم يخرجاه.
57 االفتتاحية
يشمل أصل اإليمان وكمالَه الواجب وكمالَه المستحب؛ فالناس يتفاوتون في هذا اليقين
تفاوتاً عظيماً ـ كما سيأتي ذلك مفصالً عند الكالم على درجات الناس في اليقين(.)1
سادساً :التعبير عنها بفروض اإليمان:
وهذا التعبير ورد في كالم بعض المتقدمين ،ومن هؤالء اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ
حيث قال(( :إن الله ـ جل ذكره ـ فرض اإليمان على جوارح بني آدم ،فقسمه فيها ،وفرقه
عليها؛ فليس من جوارحه جارحة إال وقد وكلت من اإليمان بغير ما وكلت به أختها ،بفرض
من الله تعالى:
فمنها (قلبه) الذي يعقل به ،ويفهم وهو أمير بدنه الذي ال تَ ِّرد الجوارح ،وال تصدر إال عن
الع ْقد والرضا
رأيه وأمره ......فأما فرض الله على القلب من اإليمان فاإلقرار والمعرفة و َ
والتسليم بأن الله ال إله إال هو وحده ال شريك له ،لم يتخذ صاحبة وال ولداً ،وأن محمداً
عبده ورسوله ،واإلقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب .فذلك ما فرض الله ـ جل ثناؤه
ـ على القلب ،وهو عمله ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [النحل ،]172 :وقال:
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [الرعد ، ]23 :وقال :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ
ﭩ [المائدة ،]01 :وقال :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البقرة ]230 :فذلك
ما فرض الله على القلب من اإليمان ،وهو عمله وهو رأس اإليمان.
التعبير عن القلب بما عقد وأقر به ،فقال في ذلك: القول و َوفرض الله على اللسان َ
ﭣ ﭤ ﭥ [البقرة ،]132 :وقال :ﯦ ﯧ ﯨ [البقرة ]33 :فذلك ما فرض الله على
اللسان من القول ،والتعبير عن القلب ،وهو عمله ،والفرض عليه من اإليمان))(.)2
فكالم الشافعي ـ رحمه الله ـ دال على هذه الشروط ،وعلى وجه شرطيتها.
أما داللته على هذه الشروط :فقد ذكر الرضا والتسليم المستلزم لالنقياد والقبول ،وذكر
متضمن ألعمال القلوب من الصدق واإلخالص والمحبة واليقين ،وذكر المعرفة، العقد ال ِّ
وهي العلم بال إله إال الله.
والذي يدل من كالمه ـ رحمه الله ـ على الشرطية قوله ـ رحمه الله ـ عن هذه األعمال:
((فذلك ما فرض الله على القلب من اإليمان)) ،وما فرض الله على القلب من اإليمان ال
يتم اإليمان إال به ،ألن اإليمان قول وعمل واعتقاد؛ وما فرض الله على القلب من اإليمان
هو االعتقاد.
وممن عبر عنها بالفروض أيضاً :ابن بطة العكبري ـ رحمه الله ـ فقال(( :وأما ما فرض
على القلب فاإلقرار واإليمان والمعرفة والتصديق والعقل والرضا والتسليم وأن ال إله إال الله
وحده ال شريك له ،أحداً صمداً لم يتخذ صاحبة وال ولداً وأن محمداً عبده ورسوله،
واإلقرار بما جاء من عند الله تعالى من ٍ
رسول أو كتاب.
فأما ما فرض على القلب من اإلقرار والمعرفة فقد ذكرناه في أول هذا الكتاب ونعيده
هاهنا؛ فمن ذلك قوله تعالى :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [النحل،]172 :
وقال :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [الرعد ]23 :وقال :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ
ﭩ [المائدة .]01 :فذلك ما فرضه على القلب من اإلقرار والمعرفة .وهو رأس اإليمان ،وهو
عمله .وفرض على اللسان القول والتعبير عن القلب وما عقد عليه وأقر به))( .)1انتهى.
وجاء التعبير عنها بالفروض في كالم بعض المتأخرين من أهل العلم ،ومن ذلك ما جاء
عن السعدي ـ رحمه الله ـ عند تفسير قوله تعالى :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
[محمد ]11:حيث قال(( :العلم ال بد فيه من إقرار القلب ومعرفته بمعنى ما طلب منه علمه،
وتمامه أن يعمل بمقتضاه ،وهذا العلم الذي أمر الله به ـ وهو العلم بتوحيد الله ـ فرض عين
على كل إنسان ،ال يسقط عن أحد كائناً من كان ،بل كل مضطر إلى ذلك))(.)2
فتبين من كالم هؤالء األعالم أهمية هذه الشروط وعالقتها بأصل اإليمان ،وأن إيمان
القلب ال يتم إال بها ،وأن عقد اإلسالم ال يَـثْـبت إال بتحققها؛ فالعجب ممن يقول "ال إله
إال الله" ،وهو غافل عن مقتضياتها ذاهل عن شروطها وواجباتها .فكيف يصح له إسالم أو
يثبت له إيمان!!
وأيضاً(( :فليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظ كلماتها؛ فكم من عامي اجتمعت
فيه والتزمها ،ولو قيل له اعددها لم ي ْح ِّسن ذلك .وكم من حافظ لها يجري فيها كالسهم
وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها))( ،)1ولكن المقصود قيام معانيها في القلب والتزام العبد بها؛ إذ
العبرة بالمعاني ال باأللفاظ والمباني.
()2
فخالصة المطلب :أن أهل العلم قد يطلقون الشرط على ما هو ركن وأصل في الشيء
وذلك باعتبار الحكم؛ ألن حكم الركن والشرط واحد ـ وهو أن الشيء ينتفي بانتفائهما؛ وتعبير
أهل العلم عن هذه األركان بالشروط هو من هذا القبيل ،أو أن ذلك منهم على سبيل التوسع أو
التسامح في العبارة كما أشار إلى ذلك الشاطبي ـ رحمه الله ـ(.)3
يتسمحون أكثر فيطلقون الفرض على ما هو ركن أو شرط بجامع اللزوم في كل ،ألن وقد َّ
كن والشر َط الزمان.
الفرض الزم كما أن الر َ
المطلب الرابع :عالقة هذه الشروط بأصل اإليمان:
من خالل أقوال أهل العلم في المطلب السابق تبيَّنت عالقة هذه الشروط بأصل
نص العلماء على أن هذه الشروط لوازم ال بد منها لتصحيح اإليمان ،وإن اإليمان .حيث َّ
تنوعت عباراتهم في الداللة على ذلك. َّ
فالقول بأنها حقيقة اإليمان فيه إشارة لعالقة هذه الشروط بأصل اإليمان ،ألن حقيقة
الشيء هي أصله وروحه.
وكذا التعبير بأنها أركان في اإليمان ،ألن الركن يكون داخالً في حقيقة وماهية الشيء.
وأيضاً القول بأنها فرض اإليمان وروحه .كل ذلك مما يبين عالقة هذه الشروط بأصل
اإليمان.
ومما يبين هذه العالقة ويوضحها أيضاً :أن اإليمان عند أهل السنة قول وعمل واعتقاد،
وهذه الشروط ثمثِّل هذه األمور الثالثةِّ ،
وتكون حقيقتها.
مفصالً من خالل عرض مباحث ومطالب هذه الرسالة. وسيأتي ذلك َّ
مجرد اإلشارة لعالقة هذه الشروط بأصل اإليمان ،ودفع توهم أن مراد أهل
والمقصود هنا َّ
( )1ما بين القوسين من معارج القبول للحكمي بتصرف يسير (.)013/2
( )2أي شطر داخل في مفهومه.
( )3انظر :الموافقات ( 115/1ـ .)112
53 االفتتاحية
العلم بالشرط في هذه الشروط ما كان خارجاً عن ماهية الشيء كما هو الشأن في تعريف
الشرط عند األصوليين .وإنما عبِّر بالشرط هنا ـ كما سبق ـ على سبيل التوسع في العبارة ،أو
المقرر عند أهل العلم أنه ال مشاحة فيبالنظر إلى اتحاد الحكم بين الشرط والركن ،و َّ
االصطالح إذا ع ِّرف المقصود وتبين المراد ولم يكن هنالك لبس(.)1
والبن القيم ـ رحمه الله ـ كالم جامع نفيس بيَّن من خالله عالقة هذه الشروط بأصل
اإليمان من المناسب ذكره هنا.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في سياق تفسيره لقول الله تعالى :ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ [إبراهيم(( :]20 :الكلمة الطيبة
هي شهادة أن ال إله إال الله ،فإنها تثمر جميع األعمال الصالحة الظاهرة والباطنة ،فكل
عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة ،وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
قال « :ﯸ ﯹ :شهادة أن ال إله إال الله .ﯺ ﯻ :وهو المؤمن .ﯼ
ﯽ :قول ال إله إال الله في قلب المؤمن .ﯾ ﯿ ﰀ :يقول يرفع بها عمل المؤمن
إلى السماء» .وقال الربيع بن أنس « :ﯸ ﯹ هذا مثل اإليمان ،فاإليمان الشجرة
الطيبة ،وأصلها الثابت الذي ال يزول اإلخالص فيه ،وفرعه في السماء خشية الله».
والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن ،فإنه ـ سبحانه ـ شبَّه شجرة التوحيد في القلب
بالشجرة الطيبة الثابتة األصل الباسقة الفرع في السماء علواً ،التي ال تزال تؤتي ثمرتها كل
حين ،وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقاً لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي
فروعها من األعمال الصالحة صاعدة إلى السماء ،وال تزال هذه الشجرة تثمر األعمال
( )1وال ينبغي في هذا الموضع تحكيم مقاصد السلف وأتباعهم على اصطالحات علماء أهل الكالم ،فالسني
يحا َكم لمعتقده ومراده كما أن المتكلم ي َحا َكم لمعتقده واصطالحه .فالسلف وأتباعهم إذا عبَّروا بالشرط لما هو
في معتقدهم أنه أصل في اإليمان ال ينبغي التشغيب عليهم بمصطلحات المتأخرين من أهل الكالم واألصول
وإخضاع معتقداتهم لتلك المصطلحات الحادثة.
((وهذا األصل ـ أي عدم تسليط اصطالح المتأخرين من أهل الكالم واألصول على األلفاظ العرفية واللغوية ـ مهم للغاية
حتى نتفهم مقاصد األئمة وأهل الكالم من ألفاظهم ،فال نقع في تخطئة الواحد منهم ،أو اتهامه أو حتى إساءة فهم
الكالم بسبب محاكمة ألفاظهم إلى اصطالحات أصحاب الفنون ،خصوصاً إذا علمنا تأثر هذه الفنون باالصطالح
المنطقي المحدث ،وأن أكثر المصنفين في هذه الفنون ـ كأصول الفقه مثالً ـ هم من أهل الكالم الذين أدخلوا في هذه
العلوم ما ليس منها)) [شرح ألفاظ السلف والخلف في حقيقة اإليمان (ص 322 :ـ .])325
50 االفتتاحية
الصالحة كل وقت ،بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخالصه فيها ومعرفته
بحقيقتها وقيامه بحقوقها ومراعاتها حق رعايتها .فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه
بحقيقتها التي هي حقيقتها ،واتصف قلبه بها ،وانصبغ بها بصبغة الله التي ال أحسن صبغة
منها ،فعرف حقيقة اإللهية التي يثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه ،ونفى تلك
الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله ،وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي واإلثبات ،وانقادت
جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه( )1ذلالً غير ناكبة عنها وال باغية سواها
بدالً كما ال يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدالً فال ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب
على هذا اللسان ال تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت .فهذه
الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب تعالى .وهذه الكلمة الطيبة تثمر
َكلِّماً كثيراً طيباً يقارنه عمل صالح ،فيرفع العمل الصالح إلى الكلم الطيب كما قال تعالى:
الكلم الطيب،ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ [فاطر ،]17 :أخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع َ
وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عمالً صالحاً كل وقت.
والمقصود :أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفاً بمعناها وحقيقتها نفياً وإثباتاً،
متصفاً بموجبها ،قائماً قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته ،فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت
هذا العمل من هذا الشاهد ،أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء وهي
كل وقت)).مخرجة لثمرتها َّ
ثم ذكر ـ رحمه الله ـ الحكمة من تشبيه المؤمن بالشجرة فقال(( :وفي هذا المثل من
األسرار والعلوم والمعارف ما يليق به ،ويقتضيه علم الذي تكلم به وحكمته ،فمن ذلك أن
الشجرة ال بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر ،فكذلك شجرة اإليمان واإلسالم؛
ليطابق المشبه المشبه به؛ فعروقها العلم والمعرفة واليقين ،وساقها اإلخالص ،وفروعها
األعمال وثمرتها ما توجبه األعمال الصالحة من اآلثار الحميدة والصفات الممدوحة
ستدل على َغ ْرس هذه الشجرة اله ْدي والدل المرضي ،في َالسمت الصالح و َ واألخالق الزكية و َّ
في القلب وثبوتها فيه بهذه األمور ،فإذا كان العلم صحيحاً مطابقاً لمعلومه الذي أنزل الله
كتابه به ،واالعتقاد مطابقاً لما أخبر به عن نفسه ،وأخبرت به عنه رسله ،واإلخالص قائم
السمت مشابه لهذه األصول مناسب لها اله ْدي ،والدل و َّ
في القلب واألعمال موافقة لألمر و َ
( )1كذا في األصل ،والصواب ((ربها)) مراعاة للسياق.
55 االفتتاحية
علم أن شجرة اإليمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء ،وإذا كان األمر بالعكس
علِّم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق األرض ما لها من قرار))
( .)1انتهى.
فالحاصل أن ابن القيم ـ رحمه الله ـ تعالى بيَّن في كالمه المتقدم عالقة هذه الشروط
بأصل اإليمان الذي يكون في القلب ،وهو عمله من المحبة والصدق واإلخالص ،ورسوخ
العلم الذي هو يقينه بالله ،فيثمر ذلك انقياد الجوارح بالعمل الصالح ،الذي هو فرع التوحيد
الذي في القلب المتحقق بهذه الشروط مجتمعة.
ِّ
المتقدم تتبين أهمية هذه الشروط وعالقتها بأصل اإليمان ،وأنها الزمة فبهذا العرض
لتحققه .والله المستعان...
المبحث الثاني :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل السنة ومخالفيهم.
وتحته مطلبان:
المطلب األول :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل السنة.
تضمنت بالوضع نفي اإللهية
"ال إله إال الله" أعظم كلمة في الوجود ،وذلك ألنها َّ
عما سوى الله ،وإثباتها له بوصف االختصاص ،فداللتها على إثبات إلهيته أعظم من داللة
قولنا« :الله إله» ،وال يستريب أحد في هذا ألبتة(.)1
وهذا االختصاص في كلمة التوحيد إنما يستفاد من أسلوبي النفي واإلثبات الذيْن
تضمنتهما هذه الكلمة العظيمة؛ فليس ثمة كلمة في الوجود تدل على التوحيد المحض ّ
الخالص لله مثلها .ولذا قال النبي في بيان فضلها من بين الكالم« :أفضل ما قلته
أنا والنبيون من قبلي ال إله إال الله» الحديث(.)2
وإليضاح المعنى الحق لهذه الكلمة البد من الكالم أوالً على إعرابها()3؛ إذ إن مشارب
الناس ومذاهبهم قد اختلفت في معنى هذه الكلمة نتيجة اختالفهم في تقدير خبر "ال
النافية للجنس" المحذوف في هذه الكلمة .ومن ثم الكالم على ألفاظها.
أوالا :الكالم على إعراب هذه الكلمة عند أهل السنة:
أهل السنة يوافقون النحاة في إعراب كلمة التوحيد ـ ال إله إال الله ـ إال أنهم قد
يخالفونهم في تقدير خبر "ال النافية للجنس" المحذوف في هذه الكلمة.
فـ"ال" في كلمة التوحيد نافية للجنس ،عاملة عمل ((إ ّن)) لشبهها إياها في أربعة أمور،
ذكرها ابن يعيش( )1في شرحه على ((المفصل))(.)2
و"إله" اسمها ،مبني على الفتح في محل نصب ،وهي واسمها في محل رفع باالبتداء،
نصاً في العموم،
وقد ض ّمنت ال مع اسمها معنى ((م ْن))؛ إذ التقدير ال من إله ،ولهذا كانت ّ
كأنه نفي كل إله غير الله ،)3( وخبر "ال" محذوف للعلم به تقديره عند أكثر النحويين
موجود( ،)4وعند أهل السنة "معبود بحق" ـ أي :ال إله معبود بحق( )5إال الله؛ وذلك ألن
نفي وجود اآل لهة مخالف للواقع؛ فهناك آلهة كثيرة دون الله موجودة ،ولكن معبودة
بالباطل ،فقد حكى الله عن قوم نوح :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [نوح ، ]23 :وعن قوم موسى
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ [األعراف )6(]135 :؛ فهذه أدلة وجود آلهة غير
الله معبودة بالباطل.
( )1هو :الموفق يعيش بن علي بن يعيش األسدي ،ولد بحلب سنة ( ،)633وسمع بالموصل من أبي فضل
الطوسي .قال ابن خلكان( :كان فاضالً ماهراً في النحو والتصريف) .توفي سنة ()523هـ .انظر :ترجمته في
وفيات األعيان ( 25/7ـ ،)63وسير أعالم النبالء ( 122/23ـ ،)127وشذرات الذهب (.)362/7
( )2شرح المفصل ( .)156/1وانظر :شرح التصريح على التوضيح (.)335/1
( )3انظر :التجريد في إعراب كلمة التوحيد لعلي القاري (ص 16 :ـ .)15
( )4وبعضهم يقدره( :لنا) فيقول ال إله لنا إال الله .وهو ال يدل على التوحيد الخالص ألنه ال ينفي االشتراك ،وال يدل
على نفي العموم .انظر :المفصل مع شرحه البن يعيش ( ،)157/1وشرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص:
.)126
( )5قال القرافي ـ رحمه الله ـ ...(( :تعيّن أن نقول :ال معبود باستحقاق؛ فإن نفي المعبودات مطلقاً ليس بصادق فإن
المعبودات واقعة كثيراً من الشجر والحجر والكواكب وغير ذلك ،فال يصدق اإلخبار عن النفي إال إذا قيد
باالستحقاق))[ .االستغناء في أحكام االستثناء (ص.])365 :
قلت :والدليل على صحة هذا التقدير أنه صريح نص القرآن كما قال تعالى :ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
[الحج .]52 :وانظر :معالم التنـزيل ( ،)167/5وتفسير ابن كثير (،)233/3 ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ
وتفسير السمعاني (.)33/1
( )6انظر :معنى ال إله إال الله للزركشي (ص ،)72:وروح المعاني لأللوسي ( 5/2ـ )7والدرر السنية (،267/2
325ـ .)326
65 التمهيد
وألن النـزاع بين الرسل وقومهم في كون آلهتهم حقاً أو باطالً ،قال تعالى :ﭶ ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [سـبأ . ]22 :وأما إلهية الله ،فال نزاع فيها ،ولم ينفها أحد
ممن يعترف بالربوبية(.)1
فثبت أن النفي ليس للوجود ،وإنما هو لالستحقاق.
كما أن التقدير بالوجود((( )2يفهم منه االتحاد؛ فإن اإلله هو المعبود ،فإذا قيل ال معبود
موجود إال الله ،لزم منه أن كل معبود عبد بحق أو بباطل هو الله ،فيكون ما عبده
المشركون من الشمس والقمر والنجوم واألشجار واألحجار والمالئكة واألنبياء واألولياء
وغير ذلك هي الله ،فيكون ذلك كله توحيداً ،فما عبد على هذا التقدير إال الله؛ إذ هي
هو ،وهذا ـ والعياذ بالله ـ أعظم الكفر وأقبحه على اإلطالق ،وفيه إبطال لرساالت جميع
الرسل وكفر بجميع الكتب وجحود لجميع الشرائع وتكذيب بكل ذلك وتزكية لكل كافر
من أن يكون كافراً ،إذ كل ما عبده من المخلوقات هو الله ،فلم يكن عندهم مشركاً بل
موحداً ،تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً .فإذا فهمنا هذا فال يجوز
تقدير الخبر موجود إال أن ينعت اسم ال بحق فال بأس ،ويكون التقدير ال إله حقاً موجود
إال الله؛ فبقيد االستحقاق ينتفي المحذور الذي ذكرنا))(.)3
و"إال" أداة استثناء ،وهي تفيد الحصر والقصر ،فيكون المعنى :اإللهية الح ّقة أو اإلله
الحق هو الله ليس َّثم إله حق إال هو ،دون ما سواه(.)4
ولفظ الجاللة ((الله)) بدل من محل "ال" مع اسمها أو من الضمير المستتر في الخبر
مستثنى منصوباً(.)5
ً مرفوع بالضمة الظاهرة .ويجوز نصبه وإعرابه
( )1رسالة في إعراب ال إله إال الله للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ ضمن الدرر السنية (.)326/2
( )2انظر :المستدرك الملحق بشرح العقيدة الطحاوية ،طبعة دار الفكر العربي( ،ص )635 :لسماحة الشيخ عبد
العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ.
( )3ما بين القوسين من كتاب معارج القبول للحكمي (.)215/2
( )4انظر :معنى ال إله إال الله للزركشي( ،ص 77 :ـ ،)55ومعجم اإلعراب واإلمالء للدكتور إميل بديع يعقوب
ص.266/
( )5المصدر السابق ص .266/وانظر :تفصيل القول في إعرابها في روح المعاني لأللوسي ( 5/2ـ ،)7والدرر
السنية (.)335 ،267/2
66 التمهيد
( )1انظر :شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص ،)135 :وشرح الطحاوية (ص.)52 :
( )2هو :شرف الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي األندلسي ،أديب نحوي مفسر ،لقيه
ياقوت الحموي المؤرخ المشهور بمصر سنة ( )522هـ ،وأخبره أن مولده بمرسية سنة ( )675هـ .له مؤلفات
كثيرة منها (تفسير القرآن ،سماه ري الظمآن في تفسير القرآن ،وهو كبير جداً قصد فيه ارتباط اآلي بعضها
ببعض .توفي سنة ( )566هـ .انظر :ترجمته في سير أعالم النبالء ( 312/23ـ ،)315وشذرات الذهب البن
العماد ( 256/7ـ ،)255وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ( 122/1ـ .)125
( )3والقول بالتفريق بين الوجود والماهية ـ كما هو مذهب المعتزلة ـ مبني على أن الماهية سابقة للوجود ،وأن األعيان لها
وجود في العدم ،وهو قول باطل يستلزم أن الله تعالى لم يخلق شيئاً من ذوات الموجودات ،وإنما خلق وجودها ،وهذا
تفرعت عنه عقيدة وحدة الوجود واالتحاد .انظر :بغية المرتاد (ص 236:ـ .)235
هو القول الذي َّ
( )4نقالً عن شرح الطحاوية (ص 52 :ـ .)56
55 التمهيد
الوجود إال الله وقد أخبر سبحانه عن وجود آلهة كثيرة للمشركين كما في قوله سبحانه :ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [هود ،]151 :وقوله سبحانه:
ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ [األحقاف]25 :؟ فال سبيل إلى التخلص من هذا
االعتراض وبيان عظمة هذه الكلمة وأنها كلمة التوحيد المبطلة آللهة المشركين وعبادتهم من
دون الله إال بتقدير الخبر بغير ما ذكره النحاة ،وهو كلمة «حق» ألنها هي التي توضح بطالن
جميع اآللهة وتبين أن اإلله الحق والمعبود بالحق هو الله وحده ...وبهذا التقدير يزول جميع
اإلشكال ويتضح المعنى المطلوب))( )1انتهى كالمه ـ رحمه الله ـ.
ثانيا :الكالم على ألفاظ شهادة أن ال إله إال الله وتفسيرها:
شهادة التوحيد" :أشهد أن ال إله إال الله" اشتملت على ستة ألفاظ:
(( .1أشهد)).
(( .2أ ْن)).
(( .3ال)).
(( .2إله)).
((إال)) .6
.5لفظ الجاللة ((الله)).
أوالا :لفظ "أشهد":
هذا اللفظ معناه في اللغة والشرع وفي تفاسير السلف آلي القرآن التي فيها لفظ ((شهد))؛
كقوله تعالى :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
[الزخرف]55 : ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ [آل عمران ،]15 :وكقوله :ﯩ ﭵ ﭶ ﭷ
يدور على الحكم ،والقضاء ،واإلعالم ،والبيان واإلخبار ،واإلقرار لما شهد به( ،)2وهذه األقوال
( )1المستدرك الملحق بشرح العقيدة الطحاوية ،طبعة دار الفكر العربي( ،ص )635 :لسماحة الشيخ عبد العزيز بن
عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ.
( )2انظر :القاموس المحيط ( )655/1باب الدال ـ فصل الشين ،مفردات القرآن للراغب ص 256 /ـ 255مادة
((شهد)) ،معاني القرآن للزجاج ( ،)356/1ومعالم التنزيل ( 17/2ـ ،)15وزاد المسير ( ،)352/1والجامع
ألحكام القرآن (جـ.)22/2
51 التمهيد
كلها حق ال تنافي بينها؛ وذلك أن الشهادة تتضمن كالم الشاهد وخبره ،وتتضمن إعالمه
وإخباره وبيانه( ،)1فلها أربع مراتب:
األولى :علمه بالمشهود له .فالشهادة ال تصح إال عن علم يقيني ال يخالطه شك
[الزخرف: ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ بالمشهود له وهو الله ،ولذا قال تعالى :ﯩ
،]55وقال النبي لرجل أراد أن يشهد عنده(( :أرأيت الشمس)) قال :نعم .فقال :
((على مثلها فاشهد أو دع)) ؛ فمن شهد غير عالم بالمشهود له فشهادته زور ْ
()2
ومين.
الثانية :تكلم الشاهد وإقراره بهذا الذي علمه؛ فالشهادة كما أنها تقتضي اعتقاداً ـ وهو العلم
واليقين بالمشهود له ـ فهي تقتضي كذلك نطقاً وإن لم يـ ْعلم به غيره ،بل يتكلم بها مع نفسه.
يسمى شاهداً حتى يعلم غيره بما شهد به .وهذا الثالث :إعالمه وإخباره بها؛ فال ّ
اإلعالم نوعان؛ إما أن يكون إعالماً بالقول أو إعالماً بالفعل ،وهذا شأن كل م ْعلم لغيره
بأمر ،تارة يـ ْعلمه به بقول وتارة بفعل ،ولهذا كان من جعل داره مسجداً وفتح بابها لكل من
دخل إليها وأذن بالصالة فيها معلماً أنها وقف وإن لم يتلفظ به ،وكذلك من وجد متقرباً
إلى غيره بأنواع المسار م ْعلماً له ولغيره أنه يحبه وإن لم يتلفظ بقوله.
الرابعة :إلتزامه بمضمونها واألمر به.
وهذا من شهادة الفعل ،فالشهادة كما أنها تكون نطقاً باللسان ،فهي أيضاً تكون عمالً
باألركان كما قال تعالى ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ [التوبة .]17 :فهذه
شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه ،وكذا القائل لهذه الكلمة فال بد أن يشهد بعمله على
صدق شهادته ،وال يكون ذلك إال بانقياد في الظاهر.
( )1انظر :مجموع الفتاوى البن تيمية ( 155/12ـ ،)156ومدارج السالكين ( 261/3ـ ،)266والكواشف
الجلية (ص.)35 :
( )2أخرجه البيهقي في شعب اإليمان ( )266/7برقم ( ،)15672وذكره العجلوني في كشف الخفاء ()63/2
وعزاه إلى الحاكم في المستدرك ،والبيهقي في الشعب من حديث طاووس عن ابن عباس مرفوعاً .ولفظه« :هل
ترى الشمس» قال :نعم قال «على مثلها فاشهد أو دع».
قال ابن حزم في المحلى ((( :)232/6وهذا خبر ال يصح سنده؛ ألنه من طريق محمد بن سليمان بن
مشمول ،وهو هالك عن عبيد الله بن سلمة بن وهرام ،وهو ضعيف؛ لكن معناه صحيح)) أ.هـ.
52 التمهيد
( )1انظر :مجموع الفتاوى ( 471/41ـ ،)471ومدارج السالكين ( 154/3ـ ،)155والكواشف الجلية (ص:
33ـ .)11
53 التمهيد
ثالثاً :لفظ ((ال)) :ال هي النافية للجنس ،وقد تقدم أنها تعمل عمل ((إن)) .وهنا تنفي
جنس اإللهية الح ّقة عن ما سوى الله عز وجل.
رابعاً :لفظ ((إله))(( :اإلله)) ((فِعال)) بمعنى ((مفعول)) ككتاب بمعنى مكتوب ،وغراس
بمعنى مغروس ،وفراش بمعنى مفروش ،وهو مشتق من أله ـ بالفتح ـ يأله إلهةً أي عبد عبادة()1؛
فاإلله هو المألوه أي المعبود بحق((( )2الذي تألهه القلوب أي تعبده محبة وتذلالً ،وخوفاً ورجاء،
ورغباً ورهباً ،وتوكالً عليه ،واطّراحاً بين يديه ،واستعانة به ،والتجاء إليه ،وافتقاراً إليه ،وذلك ال
ومصرفه ومدبره ،مبدي الخلق ومعيده ومحييه ّ ومصوره
ّ ينبغي إال لله خالق كل شيء
الفعال لما يريد ،الذي هو على كل شيد شهيد ،الذي ال ملجأ وال منجأ منه إال إليه، ومبيدهَّ ،
ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ وال حول وال قوة إال به ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭠ [يونس ،]157 :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮪ ﮭ ﮮ [فاطر،]2 :
ﯗ ﯘ [فاطر 16:ـ .)3())]17
وهذا المعنى لكلمة ((إله)) مجمع عليه بين أهل السنة .وقد حكى اإلجماع عليه غير واحد؛
منهم الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ حيث قال(( :وهذا كثير جداً في كالم العلماء،
وهو إجماع منهم :أن اإلله هو المعبود))( .)4وممن نقله أيضاً الشيخ عبد الله أبا
() 5
وشراح الحديث بطين ـ رحمه الله ـ حيث قال(( :وجميع العلماء من المفسرين ّ
والفقه وغيرهم يفسرون اإلله بأنه المعبود)) ( .)1اهـ.
( )1انظر :إشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي (ص 23:ـ ،)22ومعجم مقاييس اللغة ( ،)127/1والصحاح
للجوهري (.)2223/5
( )2انظر :تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (ص ،)25 :وتفسير ابن جرير الطبري ( ،)121/1ودرء التعارض
(.)225/1
( )3معارج القبول للحكمي ( 232/2ـ .)236
( )4تيسير العزيز الحميد (ص.)65 :
( )5هو :الشيخ العالمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله الملقب أبا بطين – بضم
الباء الوحدة (تصغير بطين) -العائذي ،وعائذ إحدى قبائل قحطان ،ولد المترجم له في (روضة سدير) ونشأ فيها
نشأةً صالحة ،ثم رحل إلى (الدرعية) فقرأ على علمائها ،ولما استولى الملك سعود بن عبد العزيز على الحجاز عيّنه
=
52 التمهيد
وقال المعلمي( )2ـ رحمه الله ـ(( :اعلم أنني تتبعت عبارات أهل العلم في تفسير لفظ ((إله))،
فوجدتهم كالمجمعين على أن معناه ـ معبود بحق ـ وقال بعضهم :معبود))( .)3اهـ.
قلت :وأصل هذا المعنى لكلمة ((إله)) قد جاء في كالم النبي وذلك على ما رواه مسلم
في صحيحه( )4عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال :سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
يقول« :بني اإلسالم على خمس :على أن يعبد الله ويكفر بما دونه ...الحديث»( ،)5وفي
رواية أخرى عنه« :بني اإلسالم على خمس :شهادة أن ال إله إال الله ..الحديث»()6؛ فالرواية
مفسرة لمعنى الشهادة في الرواية الثانية.
األولى ّ
ومن أدلة السنة أيضاً ما جاء عن ربيعة بن عباد الدئلي( )7أنه قال :رأيت رسول الله في
الجاهلية بسوق ذي المجاز ( ،)8وهو يقول« :يا أيها الناس قولوا :ال إله إال الله تفلحوا» قال:
ــــــــــ
= قاضياً على الطائف .من مشايخه :الشيخ عبد العزيز الحصين ،وحمد بن ناصر بن معمر ،وعبد الله بن الشيخ
محمد بن عبد الوهاب .من مؤلفاته(( :رسالة االنتصار)) وهي رد على رجل من أهل العراق يقال له داود بن
جرجيس ،و((تأسيس التقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس)) ،وله ((الفتاوى)) ،و((حاشية نفيسة على شرح
المنتهى)) .توفي بشقراء عام 4771هـ .انظر :علماء نجد خالل ثمانية قرون ( 775/1ـ .)714
( )1الدرر السنية (.)267/2
( )2نقدمت ترجمته.
) ) 3رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص.)55 :
( )4كما في صحيحه (.)26/1
( )5صحيح مسلم ( )26/1كتاب اإليمان ح (.)25
( )6صحيح مسلم ،)26/1( ،كتاب اإليمان ح (.)21
( )7هو :ربيعة بن عباد بكسر المهملة وتخفيف الموحدة الدئلي ويقال في أبيه بالفتح والتثقيل .واألول الصواب قاله
ابن معين وغيره .رأى النبي بسوق ذي المجاز قبل أن يسلم ثم أسلم وشهد اليرموك .حدث عنه محمد ابن
المنكدر وهشام بن عروة وأبو الزناد وزيد بن أسلم ،توفي في خالفة الوليد .انظر :سير أعالم النبالء (،)615/3
واإلصابة في تمييز الصحابة (.)256/2
( )8ذو المجاز :موضع سوق بعرفة عن يمين الموقف .انظر :معجم البلدان (.)55/5
56 التمهيد
يرددها مراراً ،والناس مجتمعون عليه يتبعونه ،وإذا وراءه رجل أحول ذو غديرتين وضيء الوجه
يقول :إنه صابئ كاذب .فسألت من هذا؟ فقالوا :عمه أبو لهب(.)1
وفي رواية أنه قال ـ أي ربيعة بن عبَّاد الدئلي :رأيت رسول الله بمنى في منازلهم قبل أن
يهاجر إلى المدينة يقول« :يا أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه وال تشركوا به شيئاً» قال
ووراءه رجل يقول :يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم .فسألت من هذا الرجل؟
قيل :أبو لهب(.)2
مفسر لقوله« :قولوا ال إله إال الله».
فقوله « :أن تعبدوه وال تشركوا به شيئاً» ّ
وأيضاً ورد في الكتاب العزيز ما يقرر هذا المعنى لال إله إال الله.
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ(( :وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى :ﮁ
ﮓ ﮔ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ الزخرف 25 :ـ ]25وقوله تعالى :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﮉ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮊ [آل عمران.)3())]52 :
وورد أيضاً في كالم ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ما يؤيد هذا المعنى كما في القراءة
المشهورة عنه :ﮜ ﮝ [األعراف ]127 :بدل ﮝ وتعليله ذلك بأن فرعون كان
يعبد ولم يكن يـ ْعبد؛ فمعنى اآلية على قراءته ويذرك وعبادتك(.)4
العجاح(:)1
قلت :ويؤيد ما ذهب إليه حْبر األمة قول رؤبة بن ّ
( )1أخرجه أحمد في المسند ( ،262/3و ،321/2و ،)375/6وابن المبارك في الزهد ( )215/1رقم
( ،)1152وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)332/7والدار قطني في السنن ( ،)22/3والحاكم في المستدرك
( )51/1رقم ( ،)36والضياء في المختارة ( )125/5وقال :إسناده صحيح.
( )2أخرجه أحمد في المسند ( ،)262/3والطبراني في الكبير ( ،)51/6والحاكم في المستدرك ( )51/1وقال:
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ،ورواته عن آخرهم ثقات أثبات.
( )3األصول الثالثة مع أدلتها ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص.)165 :
( )4انظر :تفسير ابن جرير الطبري ( ،122/1و ،)355/15والصحاح للجوهري (.)2223/5
55 التمهيد
()3 ()2
تـ ــألهي)) سـ ــبّحن واسـ ــترجعن مـ ــن ((لل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه در الغاني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّده
أي من تعبدي وطلبي الله بعملي(.)4
كما أن العرب لم تستعمل هذا اللفظ إال في معنى المعبود( .)5وأيضاً لم يرد في ألفاظ
الشرع إال في هذا المعنى()6؛ فاتحدت الحقيقتان اللغوية والشرعية في تقرير أصل معناه بما
ال يدع لقائل مقاالً أو لمجتهد مجاالً.
وقد جاء في أصل معنى كلمة ((إله)) أقوال أخرى( .)7وكلها ال تخلو من مقال وإشكال.
وأشهر هذه األقوال:
القول األول :أنه بمعنى اآلله ((اسم فاعل)) أي القادر على االختراع .وهذا المعنى ذهب
إليه جمهور المتكلمين( .)8وسيأتي بيان فساده عند مناقشة المتكلمين في تفسيرهم لـ"ال إله
إال الله بمعنى الربوبية.
ــــــــــ
(= )1هو :أبو الحجاج رؤبة بن العجاج التميمي البصري ،وقيل في كنيته :أبو الشعثاء ،كان بصيراً باللغةَّ ،برز في
الرجز ،وله ديوان فيه ،توفي سنة ( )126هـ .انظر :في ترجمته :خزانة األدب ( 56/1ـ ،)63ووفيات األعيان َّ
( 353/2ـ .)356
(َّ )2
المده جمع المادة .وهو المادح ،والتمدَّه التمدَّح وزناً ومعنى .انظر :الصحاح للجوهري ( .)2226/5باب
الهاء ،فصل الميم.
( )3أورد هذا البيت ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ في تفسيره ( 121/1ـ )122ثم عقب عليه بقوله(( :وال شك
التفعل من أله يأله ،وأن أله ـ إذا نطق به ـ عبد الله)) .وانظر :البيت في ديوان رؤبة ضمن مجموعة أشعار
أن التأله ّ
العرب (ص.)156 :
( )4تفسير ابن جرير الطبري ( .)122/1وانظر :اشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي (ص.)22:
( )5انظر :تهذيب اللغة لألزهري ( 222/5ـ ،)222والصحاح للجوهري ( )2223/5مادة (أله) ،القاموس
المحيط ( )366/2باب الهاء ـ فصل الهمزة ،والمفردات ص 52/ـ 53مادة ((أله)) ،وتفسير ابن جرير الطبري
(.)121/1
( )6انظر :تفسير ابن جرير الطبري (.)121/1
( )7وقد استوعب هذه األقوال صاحب القاموس الفيروزآبادي في مؤلف خاص وأوصلها إلى عشرين قوالً .انظر:
القاموس المحيط (.)366/2
( )8درء التعارض ( .)377/6وانظر :االعتقاد للبيهقي (.)62
57 التمهيد
القول الثاني :أنه مشتق من أله يأله إلهةً بمعنى فزع .وهذا القول ذهب إليه بعض
اللغويين ،ومنهم الخليل بن أحمد( )1ـ رحمه الله ـ .وهو ال يصح من جهة معناه؛ فإن الله
وهو اإلله الحق ال يجوز أن يقال في ح ّقه الفازع أو المفزع ،فليس هذا من أسمائه
الحسنى وال من صفاته العلى ،كما لم يرد اإلخبار به عنه تعالى.
القول الثالث :وذهب بعضهم إلى أن أصله ((واله)) ـ من وله إذا تحيّر ـ ثم قلبت الواو
همزة كما في إشاح ووشاح وإسادة ووسادة ..وهذا كسابقه أيضاً باطل من جهة معناه،
ولفظه أيضاً .أما اللفظ(( :فلو كان مشتقاً من ((وله)) لقيل في تـفعل منه (( ّتولَّه)) ألن الواو فيه
واو في ((توله)) وفي إجماعهم على أنه من تألّه بالهمز ما يبين أنه ليس من ((وله))( )2وأما
القياس على إشاح ووشاح وإسادة ووسادة فال يصح ،ألن هذه األلفاظ سماعية عن العرب
وليست قاعدة قياسية تطّرد في شبيهاتها .وأما وجه بطالنه من جهة معناه :فإن التحير في
كنه الشيء وحقيقته ليس مختصاً بالله تعالى بل هناك أمور كثيرة ال يزال العقل حائراً في
كنهها وحقيقتها ،وال يجوز أن نطْلق عليها آلهة.
كما أن العرب لم تطلق في كالمها لفظ "التحير" على األصنام ،ألنهم صنعوا هذه
األصنام بأيديهم؛ فلن يتحيَّروا في كنهها وحقيقتها.
القول الرابع :أنه مشتق من ((اله)) يلوه إلهة ولياهاً إذا استتر واحتجب ،وهو كالذي قبله باطل
من جهة لفظه ومعناه .أما اللفظ :فلو كان مشتقاً من ((اله)) لقيل في تفعل منه تليّهاً أو تولّهاً،
وهو مخالف إلجماعهم أن التفعل منه تألّه بالهمز ال بالياء وال بالواو( .)3وأما بطالنه من جهة
المعنى :فإن الله عز وجل ،وهو اإلله الحق اسم اإلله ووصف اإللهية الحقة مالزم له في الدنيا
واآلخرة ،وهو في اآلخرة ال يحتجب عن عباده المؤمنين بل يراه المؤمنون كما جاءت بذلك
( )1هو :الخليل بن أحمد الفراهيدي ،يكنى أبا عبد الرحمن ،أصله من األزد؛ من فراهيد ،عالم بالنحو والعربية ،وهو
وحصن به أشعار العرب ،وكان من الزهاد في الدنيا المنقطعين إلى العلم ،توفي بالبصرة
أول من استخرج العروض َّ
سنة سبعين ومائة وعمره أربع وسبعون سنة ،وله من الكتب المصنفة كتاب العين .انظر :الفهرست البن نديم
(ص.)53 :
( )2تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج 5ص ،)26 :وانظر :معجم مقاييس اللغة البن فارس ( ،)127/1وتهذيب
اللغة ( 222/5ـ .)222
( )3انظر :ما تقدم.
55 التمهيد
األخبار وصحت به اآلثار؛ فلو كان اإلله مشتق من اله يلوه إذا استتر واحتجب لما رآه المؤمنون
في اآلخرة.
كما ال يعقل أن العرب سموا أصنامهم آلهة لكونها محتجبة عنهم ،ألنها غير محتجبة
عنهم ،بل سموها آلهة ألنها معبوداتهم.
خامساً :لفظ ((إال)) :كلمة [إال] أداة استثناء ،وهي تفيد الحصر والقصر.
سادساً :لفظ الجاللة ((الله)):
()1
جل في عاله ،وهو اسم خاص لفظ الجاللة ((الله)) علم مشتق يدل على ذات البارئ َّ
بالله ،ال يشركه فيه غيره و ال يدعى به أحد سواه ،قبض الله األلسن عن ذلك( .)2وهو
تعرف إال به ،فيقال :الرحيم هو الله .والرحمن هو أعرف المعارف ،فأسماء الله األخرى ال َّ
الله..الخ .وقد اختلف أهل العلم في اشتقاقه على أقوال أوصلها بعضهم إلى عشرين
قوالً ذكرها الفيروزأبادي( )3في المباسيط( .)4فذهب بعض النحاة إلى أن أصله ((إاله)) على
زنة فعال من قولهم أله يأله إلهةً( )5ـ أي عبد عبادة فحذفوا منه الهمزة تخفيفاً ـ كما حذفت من
((الناس)) وأصلها ((األناس)) ،وكما حذفت الهمزة من ((خير وشر)) وأصلها ((أخير ،وأشر)) ـ
لكثرة وروده واستعماله ثم أدخلت ((أل)) عليه للتعظيم ودفع الشيوع الذي ذهبوا إليه من تسمية
) ) 1أي أنه دال على صفة له تعالى ،وهي اإللهية ،كسائر أسمائه الحسنى ،كالعليم والقدير ،والغفور والرحيم،
والسميع والبصير ،فإن هذه األسماء مشتقة من مصادرها بال ريب ،وليس المراد باالشتقاق أنها متولد عن أصل
وإنما هي مالقية لمصادرها في اللفظ والمعنى .قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ( :وتسمية النحاة للمصدر والمشتق
منه «أصالً وفرعاً» ليس معناه أن أحدهما تولد من اآلخر ،وإنما باعتبار أن أحدهما يتضمن اآلخر وزيادة ...وال
محذور في اشتقاق أسماء الله بهذا المعنى) [بدائع الفوائد ( 36/1ـ ،])25وانظر :لما قبله نفس المصدر
(.)36/1
( )2انظر :شرح المفصل البن يعيش (.)3/1
( )3هو :محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي ،من علماء الشافعية ،اشتهر باللغة ،سمع من ابن
القيم ،وابن الخباز ،والسبكي والمرداوي ،والعالئي ،من تصانيفه :تسهيل الوصول إلى األحاديث الزائدة على
جامع األصول ،واإلسعاد باإلصعاد إلى درجة االجتهاد ،وله شرح مطول على البخاري بلغ عشرين سفراً ،كانت
والدته سنة ( )726هـ ،ووفاته بمدينة زبيد سنة ( )517هـ .انظر :في ترجمته :الضوء الالمع ( 76/15ـ ،)55
إنباء الغمر بأبناء العمر ( 166/7ـ ،)153وشذرات الذهب ( 155/6ـ .)161
( )4انظر :القاموس المحيط ( )366/2باب الهاء ـ فصل الهمزة.
( )5انظر :الصحاح للجوهري (.)2223/5
56 التمهيد
أصنامهم وما يعبدونه آلهة فصار لفظه ((الله)) ،وهو قول يونس بن حبيب( ،)1والكسائي(،)2
والفراء( ،)3وسيبويه(.)5()4
وقال سيبويه ـ بعد أن وافق الجماعة األولين ـ :وجائز أن يكون أصله ((اله)) على وزن فعل
ثم دخلت عليه األلف والالم للتعريف فقيل ((الله))(.)6
واستدل عليه بقول العرب(( :ل ْهي أبوك)) يريد اله أبوك على زنة باب ودار(.)7
وقال الخليل بن أحمد :أصل ((إله)) واله من الوله والتحير ،وقد أبدلت الواو همزة
النكسارها فقيل(( :إله)) كما قيل في ((وعاء)) إعاء ،وفي ((وشاح)) إشاح ،ثم أدخلت األلف
والالم وحذفت الهمزة ،فقيل(( :الله))(.)8
( ) 1هو :يونس بن حبيب الضبي البصري ،من أئمة النحو واللغة ،أخذ عنه أبو عمرو بن العالء ،وسيبويه والكسائي
تفرد بها .توفي سنة ( )153هـ .انظر :ترجمته في نزهة األلباء (ص: والفراء ،وكان له قياس في النحو ،ومذاهب َّ
62ـ ،)62وبغية الوعاة (.)356/2
( )2هو :أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي ،أحد القراء السبعة .أخذ عن معاذ الهراء ،والخليل بن أحمد ،وكان
إمام الكوفيين في النحو ،من تصانيفه الكثيرة( :معاني القرآن) ،وكتاب القراءات ،وله مختصر في النحو .توفي
سنة ( )153هـ .انظر :ترجمته في نزهة األلباء (ص 55 :ـ ،)72وبغية الوعاة ( 152/2ـ .)152
( )3هو :يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي ،إمام العربية .قيل له الفراء ألنه كان يـ ْفري الكالم .كان أعلم
الكوفيين بالنحو بعد سيبويه .أخذ عنه وعليه اعتمد ،وأخذ أيضاً عن يونس بن حبيب .من تصانيفه (معاني
القرآن) .مات بطريق مكة سنة ( )257هـ .انظر :ترجمته في نزهة األلباء (ص 65 :ـ ،)62وبغية الوزعاة
(.)333/2
( )4سيبويه هو :عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالوالء ،وهو إمام النحاة ،وأول من بسط علم النحو .،أخذ عن الخليل
بن أحمد ،وموسى بن حبيب ،وعيسى بن عمرو وغيرهم .وأخذ عنه األخفش وقطرب .من تصانيفه (الكتاب) في
النحو .توفي شاباً سنة ( )255هـ وقيل ( )255هـ.
وسيبويه بالفارسية :رائحة التفاح؛ ألن "سيب" التفاحة ،و"ويه" الريح ،وقيل :سمي به :ألن وجنتيه كانتا
كالتفاحتين .انظر :تاريخ بغداد (291/21ـ ،)291ونزهة األلباء (ص 06 :ـ ،)01وسير أعالم النبالء
( 112/1ـ .)111
) )5انظر :اشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي (ص.)12 ،11 :
( )6اشتقاق أسماء الله الحسنى (ص.)12 :
( )7انظر :نفس المصدر (ص.)12 :
( )8اشتقاق أسماء الله الحسنى (ص 10 :ـ .)12وانظر :في اشتقاقه أيضاً :تهذيب اللغة لألزهري ( 211/0ـ
،)212والمفردات للراغب ص 11/ـ 11مادة ((أله)) ،وشرح المفصل البن يعيش ( ،)1/2ومعنى ال إله إال
=
75 التمهيد
لتضمنه معنى
هذه أشهر األقوال في اشتقاق لفظ الجاللة ((الله)) .وأصحها األول؛ وذلك ّ
العبادة التي هي أخص استحقاقاته ،والتي ألجلها خلق مخلوقاته وأرسل الرسل وأيَّدهم
بمعجزاته.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :ولهذا كان القول الصحيح أن الله أصله ((اإلله)) كما هو
قول سيبويه وجمهور أصحابه إال من َّ
شذ منهم))( .)1اهـ.
فسره ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ورجحه ابن وأما معنى اسمه تعالى(( :الله)) :فهو كما ّ
جرير وغيره(( :ذو األلوهية والعبودية على خلقه أجمعين))(.)2
أسلوبا النفي واإلثبات في كلمة التوحيد ال إله إال الله:
أسلوبا النفي واإلثبات من األساليب العربية المعروفة ،والعرب تستعملهما لحصر الشيء
وقصره عما سواه؛ فالجمع بينهما في الكالم يفيد الحصر والقصر بل أبلغ أنواعه؛ ولما كان
التوحيد هو حق الله المحض الخالص على عباده الذي ال يجوز أن يشاركه فيه أحد كائن
األسلوبين( )3كما في كلمة التوحيد "ال إله
ْ من كان ورد محصوراً مقصوراً عليه ـ تعالى ـ بهذين
يتطرق إليه االحتمال ،ولهذا ـ والله أعلم ـ لما قال تعالى:المجرد قد ّّ إال الله؛ إذ ((اإلثبات
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﯿ [البقرة ]153 :قال بعده :ﰀ ﯽ ﯾ
[البقرة .]153 :فإنه قد يخطر خاطر شيطاني :هب أن إلهنا واحد ،فلغيرنا إله ﰀ ﰀ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ))(.)4 ﰀ غيره ،فقال تعالى :ﰀ ﰀ
وأيضاً :فإن النفي المحض ليس توحيداً ،فال يكون التوحيد إال متضمناً للنفي واإلثبات،
وهذا هو حقيقة التوحيد( ،)5وهو ظاهر في كلمة التوحيد "ال إله إال الله"؛ فالنفي خلع
ــــــــــ
= الله للزركشي( ،ص 269 :ـ ،)226والجامع ألحكام القرآن للقرطبي ( 261/2ـ ،)261والتفسير الكبير
للرازي 202/2ـ ،)201وشرح أسماء الله الحسنى للرازي ( 222ـ .)219
) )1بدائع الفوائد (.)211/1
) )2جامع تأويل القرآن (.)212/2
( )3أي :النفي العام ،واإلثبات الخاص.
( )4ما بين القوسين مأخوذ من شرح الطحاوية البن أبي العز الحنفي ص 52/ط .وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف
بالمملكة العربية السعودية عام ( .)1215وانظر :شرح األسماء الحسنى للرازي (ص.)126 :
( )5بدائع الفوائد (.)235/1
71 التمهيد
جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ،واإلثبات :إفراد رب السموات
واألرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع(.)1
تصور
ومن الجدير ذكره ههنا أن بعض المتكلمين قد أورد استفساراً ،وحاصله :أن ّ
تصور النفي ،بدليل أن الواحد منا يمكنه أن يتصور اإلثبات وإن لم اإلثبات متقدم على ّ
يخطر بباله العدم ،ويمتنع عليه أن يتصور العدم إال وقد تصور اإلثبات أوالً؛ إذ النفي فرع
عن اإلثبات ألن العدم المطلق غير معقول ،بل العدم ال يعقل إال إذا أضيف إلى موجود معين.
فمثالً إذا قلنا عدم السواد فال نفهم عدمه إال إذا فهمنا السواد ،فثبت إذاً أن تصور اإلثبات
مقدم على تصور النفي ،وأنه أسهل فهماً .فحينئذ فما السبب في أن جعل النفي الذي هو فرع
متقدماً على اإلثبات الذي هو األصل في كلمة شهادة التوحيد ال إله إال الله()2؟
وأجيب بأمور ،منها:
.1أن التقديم والتأخير في كلمة التوحيد باعتبار اللفظ وأما المعنى فالكالم مثبت
ألن معناها(( :الله مستحق للعبادة وحده)).
.2أن نفي اإللهية عن غيره ثم إثباتها له آكد في اإلثبات ألن تقدم النفي على اإلثبات
أبلغ في الحصر ،فإن قولنا :ليس في البلد عالم غير فالن آكد في المدح من قولنا :فالن عالم
البلد ،ألن الثاني ال يمنع المشاركة لغيره في العلم بخالف األول فإنه يمنع المشاركة.
.3إنما بدأ بالنفي ،ألن النفي تفريغ القلب ،فإذا كان القلب خالياً كان أقرب إلى
ارتسام التوحيد فيه ،وإشراق نور الله تعالى عليه(.)3
.2أن التخلي قبل التحلّي كما هو القاعدة عند أهل العلم ،ولذا قدم الكفر
بالطاغوت على اإليمان في قوله تعالى :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
تقديم الشرط على مشروطه. ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
خواص كلمة التوحيد "ال إله إال الله":
ذكر بعض أهل العلم أن قول "ال إله إال الله" فيه خاصيتان ال توجدان في غيره من
الكالم:
إحداهما :أن جميع حروفها جوفية ،ليس فيها حرف من الحروف الشفهية؛ لإلشارة إلى
اإلتيان بها من خالص جوفه وهو القلب ،ال من الشفتين(.)1
التجرد عن
متجردة عن النقط؛ إشارة إلى ّالثانية :أنه ليس فيها حرف م ْعجم بل جميعها ّ
كل معبود سوى الله تعالى(.)2
خالصة المطلب:
بعد هذا العرض المجمل لدالالت كلمة التوحيد "ال إله إال الله" من حيث إعرابها
بحق إال الله تبارك
وتفسير ألفاظها ومعرفة اشتقاقها يكون معناها عند أهل السنة" :ال معبود ّ
وتعالى"؛ وذلك يقتضي إفراد الله تعالى بالعبادة وترك عبادة ما سواه ،والحكم عليها بالفساد
والبطالن كما هو صريح نص القرآن.
وهذا المعنى لصحته وقوة حجته وافق عليه بعض علماء المتكلمين؛ فهذا
الهْبطي( ،)3وهو من متكلّمة الصوفية ـ يقول في معناها(( :ال معبود في الوجود بالحق إال
الله ،الخالق لجميع الخلق ،وكل معبود غير الله إنما هو معبود بالباطل ،وعابد ذلك الغير
فهو كافر بالله وبجالله ،جاهل مخلد في نار جهنم))(.)4
وقال في موضع آخر(( :فمعنى أشهد أن ال إله إال الله :أي :أعلم وأحقق وأعرف
معرفة صحيحة تامة ،ال يدخلني فيها شك وال ريب وال تكذيب وال احتمال عيب ،دريت
ذلك بعقلي وقلبي وروحي ونفسي وذهني أن ال معبود في الوجود يستحق العبادة وحده من
( )1وقد ذكر الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ فائدة لفظية في كلمة التوحيد ،وهي :أن الذكر بها ال يستلزم تحريك
الشفتين ،ألن جميع حروفها جوفية.
( )2معنى ال إله إال الله للزركشي (ص 52 :ـ .)53
( )3هو :أبو محمد عبد الله بن محمد الصنهاجي الهبطي ،أصله من صنهاجة طنجة من قبيلة مثنة ،صوفي متكلم ،من
علماء المغرب ،توفي سنة ( )653هـ .من آثاره رسالة في التوحيد والهيللة ،ومنظومة في التوحيد والطريقة والحقيقة،
ووصية جامعة وأدعية نافعة .انظر :ترجمته في شجرة النور الزكية (ص ،)252 :ومقدمة تحقيق رسائل التوحيد والهيللة
للدكتور خالد زهري (ص 6 :ـ .)16
( )4رسالة في الهيللة ضمن رسائل التوحيد والهيللة (ص.)27 :
73 التمهيد
غير شك إال الله الخالق لنا وآلبائنا األولين ،وجميع الموجودات سواه من العرش إلى
الفرش( .)2()))1اهـ.
وال شك أنه المعنى المتعيّن لما فيه من موافقة البراهين النقلية والعقلية الدالة على أن الله
تعالى هو الذي يستحق أن يـ ْعبد وال ي ْشرك معه أحد في عبادته ،وأن عبادة غيره من أبطل
الباطل وهي كثيرة؛ والقرآن كله إنما هو في تقرير هذا المعنى.
فتبين بهذا المعنى أن معنى ال إله إال الله ومقتضاها إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما
سواه ،فإذا قال العبد :ال إله إال الله فقد أعلن وجوب إفراد الله بالعبادة وبطالن عبادة ما
[سواه من القبور]( )3واألولياء والصالحين.
وبهذا يبطل ما يعتقده عبَّاد القبور اليوم وأشباههم من أن معنى ال إله إال الله هو اإلقرار
بأن الله موجود أو أنه هو الخالق القادر على االختراع وأشباه ذلك .أو أن معناها ال
()4
وفسر به ال إله إال الله فقد حقق التوحيد حاكمية إال لله ،ويظنون أن من اعتقد ذلك َّ
المطلق ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله واالعتقاد باألموات والتقرب إليهم بالذبائح
والنذور والطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم.
وما شعر هؤالء أن كفار العرب األولين يشاركونهم في هذا االعتقاد ويعرفون أن الله هو
الخالق القادر على االختراع ويقرون بذلك وأنهم ما عبدوا غيره إال لزعمهم أنهم يقربونهم
إلى الله زلفى ال أنهم يخلقون ويرزقون.
كما أن الحاكمية( )1جزء من معنى ال إله إال الله وليست هي معناها الحقيقي المطلوب،
فال يكفي الحكم بالشريعة في الحقوق والحدود والخصومات مع وجود الشرك في العبادة [بل
طهر من ال يطهر ،ألن المشرك نجس ال يط ّهره إال التوحيد](.)2 ذلك من السفه كيف ي َّ
ولو كان معنى ال إله إال الله ما زعمه هؤالء لم يكن بين الرسول وبين المشركين نزاع
بل كانوا يبادرون إلى إجابة الرسول إذا قال لهم أقروا بأن الله هو القادر على االختراع أو
أقروا أن الله موجود .أو قال لهم تحاكموا إلى الشريعة في الدماء واألموال والحقوق وسكت
عن العبادة .لكن القوم وهم أهل اللسان العربي فهموا أنه إذا قالوا" :ال إله إال الله" فقد أقروا
ببطالن عبادة األصنام وأن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ ال معنى له ،ولهذا نفروا منها
وقالوا:
ص.]6 : [ ّ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭸﭹ ﭺ ﭵ ﭶ ﭷ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ وكما قال الله عنهم :ﮒ ﮓ
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ [الصافات 36 :ـ .]35
فعرفوا أن ال إله إال الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله وإفراد الله بالعبادة ،وأنهم لو
قالوها واستمروا على عبادة األصنام لتناقضوا مع أنفسهم وهم يأنفون من التناقض ،وعباد
القبور اليوم ال يأنفون من هذا التناقض الشنيع؛ فهم يقولون ال إله إال الله ،ثم ينقضونها
بعبادة األموات والتقرب إلى األضرحة بأنواع من العبادات فتباً لمن كان أبو جهل وأبو لهب
أعلم منه بمعنى ال إله إال الله(.)3
المطلب الثاني :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند المخالفين.
وتحته مقصدان.
المقصد األول :معنى ال إله إال الله عند أهل الحلول والوحدة واالتحاد وأثره على العقيدة.
قبل البدء في معرفة موقف االتحادية وموقف الحلولية والوجودية من توحيد األلوهية الذي
هو معنى ال إله إال الله يحسن بنا التعريف بهذه الطوائف الثالث على سبيل اإليجاز.
وبهذا المعنى فإن الحلول العام يكون مرادفاً لمعنى االتحاد العام ،ألن حكمها
واحد ،وهو إنكار ثنائية الوجود ،واعتقاد أن الله والعالم شيء واحد.
ثالث ا :التعريف بالوجودية:
الوجودية نسبة إلى القول بوحدة الوجود؛ ومعنى وحدة الوجود عند الصوفية إنكار
ثنائية الوجود واعتقاد أن الوجود واحد؛ وهو حقيقة الرب في اعتقادهم(.)1
يقول عبد الغني النابلسي ((أحد دعاة االتحادية)) (:)2
ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق وخلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق؛ إذ همـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيئان ل ـ ـ ـ ـ ـ ــيس الوج ـ ـ ـ ـ ـ ــود كم ـ ـ ـ ـ ـ ــا يق ـ ـ ـ ـ ـ ــال اثن ـ ـ ـ ـ ـ ــان
()3
عنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد المحقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق ظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهر الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطالن ه ـ ـ ـ ـ ــذا مق ـ ـ ـ ـ ــال علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه قب ـ ـ ـ ـ ـ ــح عقي ـ ـ ـ ـ ـ ــدة
وأصل مقالة الحلول واالتحاد العام ترجع إلى قول فرقة من الصابئة وهم الحرنانية( )4فإنهم
يقولون :المعبود واحد بالذات ،وكثير باألشخاص في رأي العين .أما الواحد ففي الذات
واألول واألصل واألزل .وأما الكثير فألنه يتكثَّر باألشخاص في رأي العين ،وهي المدبرات
ويتشخص بأشخاصها َّ السبعة واألشخاص األرضية الخيرة العالمة الفاضلة ،فإنه يظهر بها
وال تبطل وحدته في ذاته(.)5
( )1نقالً عن كتاب وحدة الوجود عقيدة الصوفية الخفية (ص )26:وعزاه إلى ديوان الحقائق للنابلسي (.)175/2
( )2هو :عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني الدمشقي النابلسي الحنفي ،من أعالم االتحادية الصوفية .من تآليفه
الكثيره(( :الحضرة األنسية في الرحلة القدسية)) و((جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص)) وهو شرح
لفصوص الحكم البن عربي في جزئين .وله أيضاً(( :جواب عبد الغني النابلسي في حكم شطح الولي)) .مولده
بدمشق في ذي الحجة ( ،)1565ووفاته بها في شعبان سنة ( )1123هـ .انظر :ترجمته في :في جامع
كرامات األولياء ( ،)162/2األعالم ( ،)32/2معجم المؤلفين ( ،)175/2وتقديس األشخاص عند الصوفية
(.)622/1
( )3نقالً عن وحدة الوجود عقيدة الصوفية الخفية (ص .)26:وعزاه إلى ديوان الحقائق للنابلسي (.)175/2
( )4الحرنانية جماعة من الصابئة قالوا :إن الصانع المعبود واحد وكثير ،إما واحد ففي الذات واألول واألصل واألزل،
وأما كثير فألنه يتكثر باألشخاص في رأي العين وهي المدبرات السبعة واألشخاص األرضية الخيرة العالمة
الفاضلة فإنه يظهر بها ويتشخص بأشخاصها وال تبطل وحدته في ذاته .انظر :الملل والنحل (.)62/2
( )5انظر :الملل والنحل (.)62/2
77 التمهيد
وذكر شيخ اإلسالم أن أرسطو حكى عن بعض قدماء الفالسفة قوله :إن الوجود واحد،
ورد ذلك ـ يعني أرسطو ـ .ثم قال معلّقاً عليه(( :وحسبك بمذهب ال يرضاه متكلمة َّ
الصابئين))(.)1
ثانيا :معنى ال إله إال الله عند أهل الوحدة واالتحاد والحلول:
لكون مذهب أهل الوحدة واالتحاد والحلول العام في أصل عقيدته يقوم على أن كل
شيء في الوجود هو الله عينه ليس شيئاً غيره ،فمعنى ال إله إال الله عندهم أن ال موجود
بحق أو بباطل هو الله عينه ليس شيئاً كل مألوه ومعبود عبد ّ على الحقيقة إال الله ،وأن ّ
غيره.
نص على هذا المعنى عند االتحادية غير واحد ،منهم :صاحب كتاب "شطح وقد ّ
ﰀ ﰀ ﰀ [محمد: الولي"( )2حيث قال تحت قوله تعالى :ﰀ ﰀ ﰀ
]16أي ال موجود إال الله(.)3
ونص عليه أيضاً عبد الكريم الجيلي( )4في ((اإلنسان الكامل)) حيث يقول(( :كلمة الشهادة َّ
مبنية على سْلب وهي؛ ال ،وإيجاب وهي؛ إال ،معناه :ال وجود لشيء إال الله))(.)5
وقد شرح هذا المعنى في موضع آخر ،فقال(( :ثم جملة "ال إله إال أنا" يعني اإللهية
ليست إال أنا ،فأنا الظاهر في تلك األوثان ،واألفالك ،والطبائع ،وفي كل ما يعبده أهل كل
ملة ونحلة؛ فما تلك اآللهة كلها إال أنا ،ولهذا أثبت لهم لفظ اآللهة ...وهذه التسمية
تسمية حقيقية؛ ألن الحق ـ سبحانه وتعالى ـ عين األشياء))(.)1
()2
ومما يدل على تأصل ورسوخ هذا المعنى لـال إله إال الله عند االتحادية أن ابن سبعين
ـ وهو من كبار دعاة االتحادية ـ ((كان هو وأتباعه يقولون ((ليس إال الله)) بدل قول
المسلمين ((ال إله إال الله)) (.)3
ومن األقوال الدالة صراحة على هذا المعنى عند االتحادية الحلولية :قول ابن عربي
الطائي في فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية(( :ومن أسمائه الحسنى :العلي .على
من؟ وما ثم إال هو!! فهو العلي لذاته ،أو عن ما ذا؟ وما هو إال هو!! فـعلوه لنفسه ،وهو من
حيث الوجود عين الموجودات .فالمسمى محدثات هي العلية لذاتها ،وليست إال هو .فهو
العلي ،ال علو إضافة ،ألن األعيان التي لها العدم الثابتة فيه( ،)4ما شمت رائحة من الوجود،
فهي على حالها مع تعداد الصور في الموجودات والعين واحدة من المجموع في المجموع،
فوجود الكثرة في األسماء ،وهي النسب ،وهي أمور عدمية ،وليس إال العين الذي هو
الذات ،فهو العلي لنفسه ،ال باإلضافة ،فما في العالم من هذه الحيثية علو إضافة ،لكن
الوجوه الوجودية متفاضلة ،فـعلو اإلضافة موجود في العين الواحدة من حيث الوجوه الكثيرة،
لذلك نقول فيه :هو ،ال هو .أنت ال أنت))(.)1
فهذا نقل صريح يدل على معنى ال إله إال الله عند ابن عربي رائد الفكر االتحادي ،وهو
سلب كل وجود إال وجود الله تعالى ،فما في الكون غيره ـ سبحانه وتعالى ـ؛ والتغاير في
الصور عنده هو من تجليات الذات ،فالصور مظاهر للذات؛ إذ تظهر في صورة
معبود كما ظهرت في صورة فرعون وهبل ونحوه من المعبودات .وتظهر تارة في صور
العبيد ،وتظهر تارة في صورة هاد كاألنبياء والرسل والعلماء ،وتظهر في المهدي
كأتباع الرسل ،وهكذا( . )2وهذا المذهب هو الذي عليه االتحادية قاطبة ممن سبق
()3
يفرق بين ابن عربي أو ممن جاء بعده .ومن هؤالء أبو منصور الحالج ؛ فكان ال ّ
نفسه وبين ربّه ،وقد ظهر ذلك في نظمه ونثره فكان مما قاله(( :أنا الحق ،وما في
الجبة إال الله))(.)4
نح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان حللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدنا و((أن ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ــن أه ـ ـ ـ ــوى وم ـ ـ ـ ــن أه ـ ـ ـ ــوى أن ـ ـ ـ ــا
()5
أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرتنا)) وإذا أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرته فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإذا أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرتني ،أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرته
قلت :وقد وافق هؤالء االتحادية أبو حامد الغزالي ّلما ّقرر في ((مشكاة األنوار)) أن يقال
بدالً عن قول المسلمين ال إله إال الله(( :ليس إالَّ الله)) أو ((ال هو إالَّ هو)) ،أو ((هو الله)) أو
((هو هو))(.)1
وتبعه في ذلك الفخر الرازي حيث زعم أن هذا الذكر أنفع للقلب( )2من قول المسلمين
((ال إله إال الله))(.)3
قلت :وهذا واقع كثير من المتصوفة اليوم حيث جعلوا من أورادهم ((هو هو)) ((إال هو إال
هو))(( ،إال الله)) يترنمون بذلك صباح مساء في خلواتهم وبعد صلواتهم .وقد زعم لهم
تضمن
مشايخهم أن هذا الذكر أفضل من قول المريد :ال إله إال الله؛ ألن ال إله إال الله ّ
مجرد اإلثبات إيمان ،فكانت السالمة مجرد النفي كفر ،وعلى ّ نفياً وإثباتاً ،والوقوف على ّ
في المداومة على اإلثبات ،وهو قول المريد ((هو هو)) أو ((إال هو)) خشية أن يموت
اإلنسان على النفي فيموت على الكفر( .)4وال يعدو ذلك أن يكون تلبيساً على أولئك
الطغام ،وإال فهو تقرير لعقيدة الحلول واالتحاد وإدخالها عليهم من حيث ال يشعرون.
فإن العلماء متفقون على أن العبد إذا قال«:ال إله» ثم مات ومعتقده وضميره الوحدانية
وما يجب له من الصفات مات مؤمناً موحداً ،وكان من أهل الجنة قطعاً.
يقول القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله « :من كان آخر كالمه ال إله إال الله دخل
الجنة»( )1ـ(( :والمقصود القلب ال اللسان ،فلو قال« :ال إله» ومات ومعتقده وضميره
الوحدانية وما يجب له من الصفات لكان من أهل الجنة باتفاق أهل السنة))(.)2
وقد غلَّط شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ اقتصار الصوفية على هذا اللفظ من عدة أوجه،
فذكر منها:
1ـ أن العبد لو مات في هذه الحال ،لم يمت إال على ما قصده ونواه؛ إذ األعمال
بالنيات.
2ـ أنه ثبت أن النبي أمر بتلقين الميت ال إله إال الله ،وقال« :من كان آخر كالمه
ال إله إال الله دخل الجنة»( .)3ولو كان ذلك محذوراً ،لم يأمر أن ي َّلقن الميت كلمةً يخاف
يلقن ما اختاروه من ذكر االسم المفرد. أن يموت في أثنائها موتاً غير محمود ،بل كان َّ
3ـ أن جميع ما شرعه الله من الذكر ،إنما هو كالم تام ،ال اسم مفرد ،ال مظْهر وال
ضمر.
مْ
المجرد ال يتعلَّق به كفر وال إيمان باتفاق أهل اإلسالم(.)4
2ـ أن االسم َّ
صححوا كل عبادة ولما كانت ال إله إال الله بهذه المثابة عند أهل الحلول واالتحاد َّ
لغير الله تعالى وع ّدوها توحيداً؛ ألن اإلله في عقيدتهم يتجلّى في صور جميع
الموجودات كما تقدم.
يقول ابن عربي(( :فاألدنى من تخيل فيه ـ أي في كل معبود ـ األلوهية ،فلوال هذا التخيل،
ما عبد الحجر وال غيره ،ولهذا قال :سموهم ﯬ ﯭ [الرعد ]33 :فلو سموهم لسموهم
حجارة وشجراً وكوكباً ،ولو قيل لهم :من عبدتم؟ لقالوا :إلهاً .ما كانوا يقولون :الله ،وال :اإلله.
واألعلى ما تخيل ،بل قال :هذا مجلى إلهي ينبغي تعظيمه ،فال يقتصر ،فاألدنى صاحب
[الزمر :ة ،]3واألعلى العالم يقول: التخيل يقول :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
وال شك أن هذا المعنى المبني على تقدير خبر ال النافية للجنس في كلمة التوحيد بـ
((موجود)) يلزم منه تلك اللوازم الفاسدة التي ذكرها العالمة حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ :من
أن التوحيد عين الشرك وأن الشرك هو عين التوحيد ال فرق بين موحد ومشرك ،وفي هذا
إبطال لجميع الرساالت وجحد لجميع الشرائع التي تدعوا إلى توحيد الله جل وعال وإفراده
بالعبادة وحده ال شريك له.
وهذا الالزم هو ملزومهم الذي بنوا عليه تفسيرهم لكلمة التوحيد ،فهو الزم لهم وملزوم.
بعلو الله تعالى ومباينته لخلقه حيث يعتقد كما يلزم من القول باالتحاد أيضاً عدم اإليمان ّ
علو الله تعالى على أصحاب هذا المذهب الضال أن الله تعالى بذاته في كل مكان ،وهذا ينافي َّ
خلقه كما هو معتقد أهل السنة والجماعة .وعلو الله تعالى على خلقه أمر شهدت به الفطر
وتضافرت عليه النصوص من الكتاب والسنة.
وهذا أيضاً ملزوم لهم؛ حيث يعتقدون أن الله بذاته حال في كل مكان بل هو عين ذلك
المكان تعالى الله عن قولهم علواًكبيراً.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وهؤالء االتحادية هم أكفر وأضل ممن يقول :إن الله
ـ تعالى ـ بذاته في كل مكان ،ونحو ذلك من المقاالت الشنيعة المتقدمة ،ولكن هم مشاركون
لهم في أصل المقالة وزائدون عليهم في الضاللة))(.)1
كما يلزم منه اختالط الله وامتزاجه بالنجاسات ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ؛ إذ إن الله
حال في كل شيء ،بل هو ـ عندهم ـ عين الكلب وعين الخنزير وعين تعالى في عقيدتهم ٌّ
صرحوا بذلك فقال النجاسات ال يقولون إنه مخالط لها بل وجودها عين وجود الله تعالى .وقد ّ
أحد شعرائهم:
()2
ومالل ـ ـ ــه إال راه ـ ـ ــب ف ـ ـ ــي كنيس ـ ـ ــة وم ـ ـ ــا الكل ـ ـ ــب والخن ـ ـ ـ ـزير إال إلهن ـ ـ ــا
وقال الش ْشتري( )3ـ من شعرائهم ـ متغزالً في الذات اإللهية:
( )1بيان تلبيس الجهمية (.)623/2
( )2انظر :النفحات األقدسية (ص ،)335:وبيان تلبيس الجهمية (.)156/2
( )3هو :علي بن عبد الله الششتري النميري األندلسي ،شيخ الطريقة الششترية السبعينية ،وصاحب الموشحات
الصوفية المشهورة ،ولد سنة ( ،)041في ششتر (قرية باألندلس) ،التقى بابن سبعين وافتتن به ،حتى كان يطلق
على نفسه (عبد ابن سبعين) ،دخل مصر ومعه أربعمائة من أتباعه ،وله مؤلفات منها :العروة الوثقى ،والمقاليد
الوجودية في أسرار الصوفية ،وديوان شعر ،توفي بمصر قرب دمياط سنة ( )033هـ .انظر :لسان الميزان
=
56 التمهيد
وقـ ـ ـ ـ ــد ظهـ ـ ـ ـ ــر فـ ـ ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـ ــيض وس ـ ـ ـ ــود محب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوبي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الوج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود
()1
وف ـ ـ ـ ـ ــي الخن ـ ـ ـ ـ ــازير م ـ ـ ـ ـ ــع الق ـ ـ ـ ـ ــرود وف ـ ـ ـ ـ ـ ــي النص ـ ـ ـ ـ ـ ــارى م ـ ـ ـ ـ ـ ــع اليه ـ ـ ـ ـ ـ ــود
ويقول أحد شيوخ األزهر في وقته مصطفى((( :)2الخبير اللطيف الظاهر في كل
المراتب ،الخسيس منها والشريف))(.)3
وقد حكى شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أن هذا حقيقة قولهم في الحلول واالتحاد ،فقال ـ
رحمه الله ـ(( :وكذلك من يقول بالحلول كما يقوله الجهمية ،الذين يقولون :إن الله بذاته
في كل مكان ،ويجعلونه مختلطاً بالمخلوقات ،حتى إن هؤالء يجعلونه في الكالب
والخنازير والنجاسات ،أو يجعلون وجود ذلك وجوده ،فمن أراد هذه المعاني فهو ملحد
ضال ،يجب أن يستتاب فإن تاب وإال قتل))( )4انتهى.
كما يلزم منه أيضاً تصويب المجتهدين في أصول الدين ،وأن المعتقدات الغير مؤتلفة
عند أهل الطوائف المختلفة كلها حق ،واعتقاد أن جميعها صدق ،وأنه ال فرق بين كفر
وإيمان بل كالهما سواء في االعتقاد .وقد التزم ذلك ابن عربي حيث قال :عند قوله تعالى:
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ [هود(( .]65 :فكل شيء
ماشِ فعلى صراط الرب المستقيم ،فهم غير مغضوب عليهم من هذا الوجه))( .)5وقال أيضاً:
((فما من أحد إال على صراط مستقيم ،وهو صراط الرب تعالى))( .)6اهـ.
ــــــــــ
= ( ،)711/1وجامع كرامات األولياء ( ،)310/7والموسيوعة الصوفية (ص ،)717 :واألعالم للزركلي
(.)315/1
والششتري هذا من المشايخ المعظمين عند الصوفية ،يصفونه بأنه (اإلمام الكبير ،والصوفي الشهير) [جامع
كرامات األولياء للنبهاني (.])310/7
( )1إيقاظ الهمم في شرح الحكم البن عجيبة (ص.)55 :
( )2هو :مصطفى بن محمد بن أحمد بن موسى العروسي ،المصري الشافعي ،عالم مشارك في بعض العلوم ،تولى
مشيخة الجامع األزهر ،من مؤلفاته :نتائج األفكار القدسية في بيان معاني شرح الرسالة القشيرية في التصوف،
والعقود والفرائد في بيان معاني العقائد ،واألنوار البهية في بيان أحقية مذهب الشافعية .توفي سنة 4793هـ.
انظر :معجم المؤلفين ( ،)379/3واألعالم للزركلي (.)713/7
( )3نقالً عن كتاب عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص )35 :وعزاه إلى حاشية العروسي (.)71/7
( )4مجموع الفتاوى (.)265/2
( )5فصوص الحكم (.)155
( )6نفس المصدر (ص.)155 :
55 التمهيد
يقرر في كتبه األمر بعبادة األوثان والتنقل في األديان؛ كقوله(( :فإياك أن ولذا نجده ّ
تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بكل ما سواه( )1فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم باألمر
على ما هو عليه؛ فكن في نفسك هيولي( )2لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع
وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه تعالى يقول :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [البقرة:
]116فما ذكر أينا من أين وذكر أن ثم وجه الله ووجه الشيء حقيقته))( .)3ثم قال(( :فقد
بان لك عن الله تعالى في أينيّتة كل وجهة ،وما ثم إال االعتقادات ،فالكل مصيب ،وكل
مصيب مأجور سعيد ،وكل سعيد ْمرضي عنه ،وإن شقي زماناً ما في الدار اآلخرة ،فقد
مرض ،وتألم أهل العناية ـ مع علمنا بأنهم سعداء وأهل حق ـ في الحياة الدنيا))(.)4
وهذا األثر يقودنا بدوره إلى أثر آخر ال يقل خطورة عن ذلك األثر ،وهو مواالة الكفار
والمشركين وترك جهادهم؛ ألن الجميع في نظر هؤالء وعقيدتهم على الصراط المستقيم كما
تقدم (.)5
ومن فروع توحيد االتحادية أيضاً :أن فرعون وقومه كاملو اإليمان ،عارفون بالله على
الحقيقة( ،)6وقد التزم ذلك ابن عربي حيث صرح في فصوصه :بأن فرعون خرج من الدنيا
طاهراً مطهراً(.)1
ومن فروعه أيضاً :أن عباد األصنام على الحق والصواب وأنهم إنما عبدوا الله ال غيره(،)2
وقد تقدم تقريره في كالم ابن عربي(.)3
ومن فروعه كذلك أنه ال فرق في التحريم والتحليل بين األم واألخت واألجنبية ،وال فرق
بين الماء والخمر والزنا والنكاح ،فالكل من عين واحدة ،ال بل هو العين الواحدة( ،)4وقد
صرح بذلك ابن عربي والتلمساني من أعالم االتحادية(.)5
ومن فروعه أن األنبياء ضيَّقوا على الناس تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا ( ،)6وقد صرح
به ابن عربي حيث قال(( :ضيّق ابن أبي كبشة ـ يعني النبي عليه الصالة والسالم ـ أمر الدنيا
على الموحدين))(.)7
والقول بالحلول واالتحاد نجم عنه أيضاً تقديس األولياء والصالحين واعتقاد أنهم كالله رب
العالمين ،ولذا تجد انحراف العقيدة عند الصوفية ظاهراً وفشو الشرك فيهم واضحاً حيث
يتوجهون إلى األولياء بأنواع من العبادات كالدعاء واالستغاثة والذبح والنذر.
وفي هذا يقول على القارئ( )8ـ رحمه الله ـ(( :وهذا الفساد في االعتقاد ـ يعني القول
أضل العباد حيث يزعمون أن الشيخ محل االعتماد))(.)1 بالحلول واالتحاد ـ أ ْخرب العبَّاد و َّ
ــــــــــ
(= )1فصوص الحكم ص (ص.)251 :
( )2شرح الطحاوية البن أبي العز (ص.)25 :
( )3انظر( :ص.)52 :
( )4شرح الطحاوية البن أبي العز (ص.)25 :
( )5انظر :مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم (.)272/2
( )6شرح الطحاوية البن أبي العز (ص.)25 :
( )7الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص.)32:
( )8هو :المال علي بن سلطان بن محمد الهروي المكي الحنفي ،المعروف بالقارئ :عالم بالقراءات والفقه .ولد في
هراة من مدن خراسان وبها تلقى العلم ،ثم انتقل إلى مكة فاستوطنها حتى توفي ،صنف في مختلف العلوم،
وكان جيد الخط عالماً بالقراءات والتفسير ،وكان يكتب في كل عام مصحفاً وعليه طرز من القراءات والتفسير
فيبيعه فيكفيه ذلك قوته من العام إلى العام .من أشهر مؤلفاته :كتاب ((المصنوع في معرفة الحديث الموضوع))،
و((الموضوعات الكبير)) ،و((شرح مشكاة المصابيح)) وغيرها .توفي ـ رحمه الله ـ في سنة ( )1512هـ بمكة
المكرمة.
انظر :خالصة األثر ( 156/3ـ ،)155والبدر الطالع ( ،)226/1ومعجم المؤلفين (.)225/2
55 التمهيد
هذه بعض اآلثار السيئة الناجمة عن هذا االعتقاد ،وحصرها في حيّز الممتنع المحال،
ألن هذا االعتقاد منتهى الكفر وغاية الضالل؛ فأثره ال يقف عند ح ّد أو مجال ،ولكن
جماع ذلك كما بيَّن شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ((هدم أصول اإليمان؛ فإن أصول
اإليمان :اإليمان بالله ،واإليمان برسله ،واإليمان باليوم اآلخر.
فأما اإليمان بالله فزعموا أن وجوده وجود العالم ،ليس للعالم صانع غير العالم.
وأما الرسول فزعموا أنهم أعلم بالله منه ،ومن جميع الرسل ،ومنهم من يأخذ العلم بالله ـ
الذى هو التعطيل ووحدة الوجود ـ من مشكاته ،وأنهم يساوونه في أخذ العلم بالشريعة عن الله.
وأما اإليمان باليوم اآلخر فقد قال ـ يعني ابن عربي ـ:
وبالوعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاين فلـ ـ ـ ـ ــم يبـ ـ ـ ـ ــق إال صـ ـ ـ ـ ــادق الوعـ ـ ـ ـ ــد وحـ ـ ـ ـ ــده
عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذة فيه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا نع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيم يب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاين وإن دخل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا دار الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقاء فإنهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم
وهذا يذكر عن بعض أهل الضالل قبله أنه قال :إن النار تصير ألهلها طبيعة نارية
يتمتعون بها ،وحينئذ :فال خوف وال محذور وال عذاب ألنه أمر مستعذب))( .)2انتهى.
المقصد الثاني :معنى ال إله إال عند المتكلمين وأثره على العقيدة.
جمهور المتكلمين ـ وعلى رأسهم األشاعرة( )3ـ اعتقدوا أن اإلله بمعنى اآلله ((اسم
فاعل)) ،وأن اإللهية القدرة على االختراع دون غيرها ،وأن من أقر بأن الله هو القادر على
()4
وبنوا على ذلك تفسير ال إله إال الله،
االختراع دون غيره فقد شهد أن ال إله إال هو ْ ، ــــــــــ
(= )1الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص 72:ـ .)73
( )2مجموع الفتاوى (221/2ـ .)222وانظر :كالم ابن عربي في فصوص الحكم (ص.)62:
ولمزيد من هذه المفاسد المترتبة على هذا القول ينظر مجموع الفتاوى ( 225/2ـ .)255
( )3األشاعرة نسبة إلى أبي الحسن األشعري ـ رحمه الله ـ ،ينتسبون إليه في طوره الثاني ،بعد رجوعه عن مذهب
االعتزال وميوله إلى مذهب ابن كالب.
ومتأخروهم في الجملة يثبتون صفات المعاني السبع ،وهي العلم والقدرة والحياة واإلرادة ،والسمع والبصر
والكالم ،وينفون قيام الصفات االختيارية بالله تعالى .وهم مجبرة في القدر ،ومرجئة في اإليمان .انظر :الملل
والنحل (جـ 51/1ـ ،)61والمواقف لإليجي ( 55/3ـ .)56
( )4االعتقاد للبيهقي (ص .)62 :وانظر :درء التعارض ( ،)225/1ومجموع الفتاوى (.)151/3
=
56 التمهيد
فسره بقوله(( :وبيانه أن استغناءه عن كل ما سواه يوجب له الوجود ،والقدم والبقاء ثم َّ
والقيام ،والتنـزه عن الحوادث والنقائص ،ويقتضي ثبوت السمع والبصر والكالم ،إذ لو لم
تجب له لكان محتاجاً إلى المحدث أو المحل ،أو من يدفع عنه النقائص .ويؤخذ منه
أيضاً تنزهه تعالى عن األغراض في أفعاله وأحكامه ،وإال لزم افتقاره ـ سبحانه ـ إلى ما
يحصل غرضه كيف؟ وهو ـ جل وعال ـ الغني عن كل ما سواه.
وأما افتقار كل ما سواه إليه ،فيوجب له الحياة ،والقدرة ،واإلرادة ،والعلم ،ألنه لو انتفى
شيء من هذه لما أمكن أن يوجد شيء من الحوادث .فال يفتقر إليه شيء؛ كيف؟ وهو
الذي يفتقر إليه كل ما عداه .وكذا يوجب له الوحدانية ،إذ لو كان معه ثان في األلوهية لما
افتقر إليه شيء للزوم عجزهما حينئذ؛ كيف؟ وهو الذي يفتقر إليه كل ما سواه.
ويؤخذ منه أيضاً حدوث العالم بأسره ،إذ لو كان شيء منه قديماً لكان ذلك الشيء
مستغنياً عنه تعالى؛ كيف؟ وهو الذي يجب أن يفتقر إليه كل ما سواه .ويؤخذ أيضاً :أنه ال
تأثير لشيء من الكائنات في أثر ما ،وإال للزم أن يستغني ذلك األثر عن الله( ،)1كيف؟
يتصور تأثير مما سواه .فقد بان لك في الجملة وهو الذي يفتقر إليه كل ما عداه ،وال َّ
ومعنى ،فعليك بالمحافظة عليها ،ودوام التوجه إليها))( )2انتهى.
ً تحقيق الكلمة مبنى
ففسر ـ رحمه الله ـ معناها ـ عندهم ـ بالربوبية ،ولوازمها من الحياة والوجود وصفات الحي
الموجود مما يبين إغفالهم لما تدل عليه من معنى األلوهية ـ أي كونه اإلله الحق المعبود.
يقول ميارة( )3في (مختصر الدر الثمين والمورد المعين)( )4بعد بيان معنى هذا التعريف
لالإله إال الله عند المتكلمين(( :فالحاصل أن استغناءه تعالى عن ما سواه يوجب له ثمان
( )1هذه العبارة توضح مذهب األشاعرة في الجبر؛ ـ وهو نفي األسباب ـ وأنه مركب على هذا التعريف الساقط
لمعنى ال إله إال الله.
( )2التجريد في إعراب ال إله إال الله للقاري (ص 35 :ـ .)37وانظر :مختصر الدر االثمين والمورد المعين على
منظومة المرشد المعين على الضروري من علوم الدين (ص 62 :ـ .)66
( )3هــو :محمــد بــن أحمــد بــن محمــد الفاســي الفقيــه المــالكي ،الشــهير بميــارة ،لــه مــن المصــنفات(( :اإلتقــان واألحكــام فــي شــرح
تحفة الحكام)) البن عاصم ((الدر الثمين والمورد المعين في شرح مرشد المعين)) لعبد الواحـد الفاسـي ((الـروض المـبهج فـي فـي
شرح تكميل المنهج)) ،توفي عام (4177هـ) .انظر :هدية العارفين ( ،)791/0ومعجم المؤلفين (.)155/3
(( )4ص)66 :
61 التمهيد
صفات من الصفات الواجبة) ـ يعني في حقه تعالى .وهي صفات المعاني السبع مضافاً
إليها صفة الوجود كما ذكرها في سياق بيانه لمعنى هذا التعريف عند المتكلمين.
شبهاتهم ونقدها:
المفسرين في فهمها ،ونازعوا أهل
أسسوا هذا القول على أدلة من القرآن خالفوا جمهور ّ وقد ّ
الرازي ـ وهو من أساطينهم ـ في صدد حكاية مذاهب السنة في وجهها؛ فمن ذلك ما ذكره ّ
الناس في أصل اشتقاق لفظ الجاللة ((الله)) تعالى(( :القول السابع :اإلله من له اإللهية ،وهي
ﭲ [الشعراء،]23 : القدرة على االختراع ،والدليل عليه أن فرعون لما قال :ﭯ ﭰ ﭱ
قال موسى في الجواب :ﭴ ﭵ ﭶ [الشعراء ]22 :فذكر في الجواب عن السؤال الطالب
لماهية اإلله القدرة على االختراع؛ ولوال أن حقيقة اإللهية هي القدرة على االختراع؛ لم يكن
هذا الجواب مطابقاً لذلك السؤال))( )1انتهى.
والجواب عن هذه الشبهة من ثالثة وجوه:
الوجه األول :أن فرعون استفهم استفهام إنكار وجحود ،ولم يسأل عن ماهية الرب؛
ألن السؤال عن ماهية الشيء فرع اإلقرار به ،وهو لم يكن مقراً بالصانع ،بل كان منكراً له
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ [الشعراء: جاحداً بالكلية ،ولهذا قال في تمام الكالم:
جل وعال لقال: ،]26وقال :ﮜ ﮝ ﮞ [غافر .]37 :فلو كان سؤاالً عن ماهية الرب َّ
((ومن رب العالمين؟)) ،ألن ((م ْن)) سؤال عن عين الشيء يسأل بها من عرف جنس
المسؤول عنه ،وص ّدق به إال أنه شك في عينه ،كما يقال لرسول عرف أنه جاء من عند
إنسان ((من أرسلك؟)).
وأما ((ما)) فهي سؤال عن الوصف ،فكأنه يقول :أي شيء هو هذا؟ وما هو هذا الذي
سميته ((رب العالمين))؟ يقول ذلك منكراً له جاحداً(.)2
الوجه الثاني :لو كان معنى اإلله ما ذكره هؤالء المتكلمون من القدرة على االختراع لما
كان لإلنكار على المشركين وجه أو مساغ ،ولما كان ثمة نزاع بين مشركي العرب والرسول
مقرين بأن الله خالقهم وخالق األشياء
بل لبادروا إلى إجابته وتلبية دعوته؛ ألنهم كانوا ّ
( )1شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص 123 :ـ .)122
( )2انظر :مجموع الفتاوى ( 332/15ـ ،)336وتفسير ابن كثير (.)321/3
62 التمهيد
كلها ،وأنه رب كل شيء ومليكه كما حكى الله عنهم في قوله :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
ﯿ ﰀ ﰀ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
[المؤمنون 52 :ـ .]56وفي قوله :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ [العنكبوت ،]51 :وقوله ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯓ ﯔ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
[الزخرف]57 : [العنكبوت .]53 :وفي قوله :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ وفي قوله :ﯚ ﯛ ﯜ
ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ [يونس ]31 :إلي غير ذلك من اآليات(.)1
كما أن أشعارهم مليئة بهذا االعتقاد ـ أعني اعتقاد ربوبية الله تعالى وقدرته على االختراع
واإلماتة واإلحياء ،ومن ذلك قول زهير بن أبي سْلمى(:)2
ليخف ـ ـ ـ ــى ومهم ـ ـ ـ ــا ي ْك ـ ـ ـ ــتم الل ـ ـ ـ ــه يعل ـ ـ ـ ــم ـتمن اللـ ـ ــه مـ ـ ــا فـ ـ ــي صـ ـ ــدوركم
فـ ـ ــال تكـ ـ ـ َّ
()3
عجـ ـ ـ ــل فـيـْنـ ـ ـ ـ ـتـقم
ليـ ـ ـ ــوم الحسـ ـ ـ ــاب أو ي َّ ـؤخر فيوض ـ ـ ــع ف ـ ـ ــي الكت ـ ـ ــاب في ـ ـ ــدَّخر
ي ـ ـ ـ َّ
ومنه أيضاً قول حاتم الطائي(:)4
()5
ويح ـ ـ ــي العظ ـ ـ ــام الب ـ ـ ــيض وه ـ ـ ــي رم ـ ـ ــيم أمـ ـ ـ ــا والـ ـ ـ ــذي ال يعلـ ـ ـ ــم الغيـ ـ ـ ــب غيـ ـ ـ ــره
( )1انظر :تيسير العزيز الحميد (ص 65 :ـ ،)67والغنية عن الكالم وأهله للخطابي (ص.)31:
( )2هو :زهير بن أبي سلمة ،واسم أبي سلمة ربيعة بن رياح المزني ،وهو أحد الشعراء الثالثة الفحول المتقدمين على
سائر الشعراء باالتفاق ،وإنما الخالف في تقديم أحدهم على اآلخر ،وهم :امرؤ القيس وزهير والنابغة الذبياني.
انظر :خزانة األدب ( 332/2ـ .)333
( )3ديوان زهير بن أبي سلمى (ص.)157 :
( )4هو :حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي ،من شعراء العرب الجاهليين ،اشتهر
بالكرم ،حتى صار يضرب به المثل فيه ،مات في الجاهلية ولم يدرك اإلسالم .انظر :األغاني (،)353/17
( )5ديوان شعر حاتم الطائي (.)27
63 التمهيد
الوجه الثالث :أن هذا لم يكن معروفاً في لغة العرب ،إذ لو كان معروفاً لنقله أئمة
اللغة( .)1ولذلك لم يستشهدوا عليه بشيء من كالم العرب(.)2
( )1والعرب كانت تفرق بين لفظي (إله) و(رب) في المعنى .فاإلله كما مر المعبود ،والرب قالوا في معناه :السيد
المطاع ،والمصلح والمالك ،ولم يقولوا :المعبود .انظر :الصحاح للجوهري ( ،)2223/5باب الهاء ،فصل
األلف ،وتهذيب اللغة ( 175/16ـ ،)177ولسان العرب ( )66/6مادة (ربب).
( )2المصدر السابق.
62 التمهيد
الشبهة الثانية:
ومن الشبهات المحكية عنهم :أن الله تعالى ّلما أخذ العهد والميثاق على بني آدم في
[األعراف ]172 :ولم يقل(( :ألست بإلهكم)) عالم الذر ّقررهم بقوله تعالى :ﭲ ﭳ
فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية ومن المعلوم أن من أقر بالربوبية فقد أقر له باأللوهية ،إذ ليس
الرب غير اإلله بل هو اإلله عينه(.)1
والجواب على هذه الشبهة من ثالثة وجوه أيضاً:
الوجه األول :أن هذه اآلية الكريمة دالة على إلهية الله تعالى بطريق اللزوم ،إذ يلزم من
اإلقرار بربوبية الله تعالى اإلقرار بإلهيته .وهذا كثير في القرآن الكريم يحتج الله تعالى على
المشركين بما يعتقدونه ويقرون به من توحيد ربوبيته واستقالله بالملك والخلق والتأثير
والتدبير على توحيد إلهيته كما في قوله تعالى :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
مرت(.)2
ﯟ ﯠ ﯡ [البقرة 21 :ـ ،]22وكما في آيات ((ولئن سألتهم)) ّ
يعرج على هذه الحجة ،ألنها من أكبر الحجج ،وأوضحها وهذه عادة القرآن دائماً ّ
أدلها على المقصود(.)3
و ّ
الوجه الثاني :أن في اآلية اختصاراً .والمقصود ((ألست بربكم وإلهكم)) ويدل عليه أثر
ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ(( :إن الله مسح صلب آدم ،فاستخرج منه كل نسمة هو
خالقها إلى يوم القيامة ،وأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه وال يشركوا به شيئاً))( .)4وأصرح منه
()5
ما رواه أبو العالية عن أبي بن كعب في معنى هذه اآلية :قال :فجمعهم له يومئذ جميعاً
ما هو كائن منه إلى يوم القيامة فجعلهم في صورهم ثم استنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم
العهد والميثاق ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ اآلية [األعراف .]172 :قال :فإني
أشهد عليكم السموات السبع واألرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم
القيامة لم نعلم بهذا .اعلموا أنه ال إله غيري ،وال رب غيري ،وال تشركوا بي شيئاً ،وإني
سأرسل إليكم رسالً يذكرونكم عهدي وميثاقي ،وسأنزل عليكم كتبي .قالوا :شهدنا أنك ربنا
وإلهنا ،ال رب لنا غيرك .فأقروا له يومئذ بالطاعة ،ورفع عليهم أباهم آدم فنظر إليهم ،فرأى فيهم
الغني والفقير ،وحسن الصورة ودون ذلك ،فقال :يا رب لوال ساويت بينهم؟ قال :فإني أحب
أن أشكر .ورأى فيهم األنبياء ـ عليهم السالم ـ يومئذ مثل السرج عليهم النور ،وخص األنبياء
بميثاق آخر ،قال الله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [األحزاب ،]7 :وهو الذي يقول :ﯔ ﯕ ﯖ ﭢ ﭣ
ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [الروم ،]35 :وفي ذلك قال :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
[النجم .]65 :يقول :أخذنا ميثاقه مع النذر األولى ومن ذلك قوله :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [األعراف ،]152 :وقوله :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ [يونس .]72 :قال كان في علمه يوم أقروا من يصدق ومن يكذب(.)1
الوجه الثالث :أن المراد بالرب هنا المعبود [التوبة .]31 :ويدل عليه حديث عدي
لما سمع النبي يقرأ قول الله تعالى :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
[التوبة ]31 :ففهم أن المراد باألرباب ﯥ ﯦ ﯧﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
في اآلية __ ((المعبودون)) فقال ـ مستشكالً مستفهماً ـ :إنهم لم يعبدوهم يا رسول الله؟
فحرموه وأحلوا لهم الحرام
وجواب النبي له بقوله« :بلى ،إنهم حرموا عليهم الحالل ّ
فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم»( )2فيه إقرار من النبي لما فهمه عدي من أن األرباب
في اآلية بمعنى المعبودات(.)3
( )1أخرجه ابن جرير الطبري ( 667/15ـ ،)665واآلجري في الشريعة ( 566/2ـ )555برقم ( ،)236وابن
أبي حاتم في التفسير ( ،)1516/6والاللكائي في شرح اعتقاد أصول أهل السنة ( 666/3ـ )655رقم
( .)661وانظر :صيانة اإلنسان (ص 225 :ـ .)227
وحسن إسناده األلباني كما في
( )2أخرجه الترمذي في كتاب التفسير من جامعه ( )266/6رقم (َّ .)3566
صحيح الترمذي لأللباني ( )65/3برقم (.)2271
( )3انظر :صيانة اإلنسان (ص.)226 :
65 التمهيد
وأيضاً فإن أهل الكتابين ما كانوا يقولون :إن أحبارهم ورهبانهم يخلقون ويرزقون ونحو
ذلك ،ولذلك نبَّه الله عليهم في آخر اآلية نفسها بالذي أمرهم به ،وهو :ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
[التوبة.)1( ]31 : ﯦ ﯧﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
وأما قولهم :من المعلوم أن من أقر لله بالربوبية فقد أقر له باأللوهية إذ ليس الرب غير
اإلله ،بل هو عينه .فيجاب عنه :بأنه ال يلزم من اإلقرار بالربوبية اإلقرار باإللهية ،وقد تقدم
بيان أن مشركي العرب كانوا مقرين بتوحيد الربوبية جاحدين لتوحيد اإللهية ولذا لما قال لهم
النبي « قولوا ال إله إال الله تفلحوا»( :)2قالوا كما حكى القرآن عنهم :ﭵ ﭶ ﭷ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ ّص.] 6: ﭸﭹ ﭺ
وقولهم :الرب عين اإلله هو صادق في حق الموحد الذي أفرد الله باإللهية ،وغير صادق
في حق المشرك الذي أشرك مع الله غيره في اإللهية؛ ألن اإللهية وصف زائد عن الربوبية
فمن اعتقدها في حق الله تعالى وقام بلوازمها من إفراد العبادة لله وحده ال شريك له كان
الرب في حقه عين اإلله ،ومن لم يعتقدها لله تعالى أو اعتقدها ولم يقم بلوازمها من
إخالص العبادة لله وحده ال شريك له بأن وقع في الشرك لم يكن الرب في حقه عين اإلله؛
فهي أمر يكون بحسب اعتقاد المكلَّف(.)3
الشبهة الثالثة:
قالوا :أن هناك آيات دالة على أن المشركين لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية؛ فذكروا من
ذلك ما جاء في سورة يوسف من قوله لصاحبيه ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭷ [يوسف .]36 :قالوا :فسمى معبوداتهم أرباباً ولم يقل آلهة .وأيضاً ما جاء ﭶ
في قصة إبراهيم الخليل :ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
[األنعام 75 :ـ .]75قالوا :فإن ﭻ ﭼ ﭽ إلى قوله :ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ
الخليل إبراهيم قال ((هذا ربي)) في الثالث آيات مستقهماً لهم ،مبكتاً متكلماً على
خطئهم حيث يسمون الكواكب أرباباً .ومن ذلك أيضاً :قوله تعالى :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
( )1منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد الله (.)473/4
( )2سبق تخريجه.
( )3انظر :صيانة اإلنسان (ص 226 :ـ .)265
67 التمهيد
ﮀ ﮁ ﮂ [آل عمران .]52 :قالوا :فهذا دال على أن المشركين من أهل الكتاب كان شركهم
باتخاذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله .وذكروا من ذلك أيضاً قوله تعالى :ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ
ﯯ [األنعام .]152 :قالوا :وهذا نص على أن المشركين كانوا يبغون غير ﯬ ﯭ ﯮ
الله من األصنام واألوثان رباً .وذكروا من ذلك أيضاً :قوله تعالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ
[النازعـات ]22 :قالوا :فدل على أن فرعون كان يثبت الربوبية لنفسه ولغيره من األوثان.
والرد على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه األول :أنه ليس في شيء من اآليات المذكورة أن مشركاً قال في حق غير الله
تعالى أنه رب غير أن فرعون قال(( :أنا ربكم األعلى)) ،وهو لم يكن مشركاً بالله بل دهرياً
منكراً لله تعالى حيث قال(( :وما رب العالمين)) وإنما في بعضها اتخاذ األرباب ،وهذا ليس
نصاً على أنهم مقرون بربوبيتهم ،بل يحتمل أن يكون بمعنى صرف شيء من العبادة إليهم،
أو بمعنى اتباع ما شرعوا لهم من تحريم الحالل وتحليل الحرام ،ال أنهم كانوا يطلقون لفظ
الرب عليهم.
وأما استداللهم بقصة الخليل فالجواب عنها بما قال شيخ اإلسالم(( :فليس مراد
الخليل بقوله {هذا ربّي} رب العالمين ،وال أن هذا هو القديم األزلي الواجب الوجود،
الذي كل ما سواه محدث ممكن مخلوق له ،وال كان قومه يعتقدون هذا حتى يدلهم على
فساده ،وال اعتقد هذا أحد يعرف قوله ،بل قومه كانوا مشركين يعبدون الكواكب واألصنام،
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ويقرون بالصانع؛ ولهذا قال الخليل :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮆ ﮇ [الشعراء 76 :ـ ،]77وقال: ﯥ ﯣ ﯤ ﯢ
[الزخرف 25 :ـ ،]25 ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
فذكر لهم ما كانوا يفعلونه من اتخاذ الكواكب والشمس والقمر ربّاً يعبدونه ويتقربون إليه ،كما
هو عادة عباد الكواكب ومن يطلب تسخير روحانية الكواكب ،وهو مذهب مشهور ما زال
عليه ظوائف من المشركين إلى اليوم))(.)1
قال العالمة حسن بن خالد( )1ـ رحمه الله ـ في ((منفعة القلوب في إخالص توحيد عالم
الغيوب)) :ومن هنا تعلم أن من صرف شيئاً من العبادة إلى غير الله فقد اتخذه إلهاً رباً؛ أما
كونه اتخذه إلهاً فقد صار له مألوهاً ،والمألوه المعبود ،وإذا كان رسول الله قال
ألصحابه وقد سأله بعض حديثي اإلسالم منهم أن يجعل لهم ذات أنواط فقال« :الله
أكبر ،هذا كما قالت بنو إسرائيل اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة لتركبن سنن من كان
قبلكم»( ...)2مع أنهم ال يعبدون الشجرة وال يسألونها ،بل ينوطون بها أسلحتهم ومتاعهم،
فجعل اتخاذهم لها لذلك اتخاذ آلهة ،فما الظن بقصد مخلوق معظَّم لدعائه والهتف به
عند الشدائد ،فأي نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بمن توحي إليهم الشياطين؟ وأما كونه قد
اتخذه ربّاً فلتشبيهه لله في الربوبية ،وقد قال تعالى :ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [آل
عمران.]55 :
وسبب نزول هذه اآلية ما ذكروا أن اليهود والنصارى قالوا للنبي أتريد أن نعبدك كما تعبد
النصارى عيسى بن مريم؟ فقال رسول الله « :معاذ الله أن يعبد غير الله ،أو نأمر بعبادة غير
ﭲ ﭳ ﭱ الله ،ما بذلك بعثني وال بذلك أمرني» فأنزل الله تعالى في ذلك ﭯ ﭰ
ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭴ ﭵ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮈ ﮉ ﮆ ﮇ
[آل عمران 76 :ـ ،)3(]55فالرسول نفى أن يعبد غير الله أو يأمر بعبادة ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
غير الله في جوابه عليهم ،والقرآن نزل بنفي أمره باتخاذ المالئكة والنبيين أرباباً ،ألن الربوبية
من لوازم اإللهية ،فنفي أحدهما نفي لآلخر وإثبات أحدهما إثبات لآلخر ،ألن المعبود ال
بد أن يكون مالكاً للنفع والضر ،ومن يملك النفع والضر فهو المعبود ،فمن أثبت العبادة
ألحد فقد أثبت له الربوبية ،ومن أثبت الربوبية ألحد فقد أوجب له العبادة)) .اهـ(.)1
وقال أيضاً فيه(( :إذا علمت أن معنى الرب المتصرف المالك ،وأن معنى اإلله المعبود،
وأن معنى اإلالهة واأللوهية العبادة والعبودية ،وأن العبادة هي أقصى مراتب الخضوع حباً
وذالً ،علمت أن من قصد غير الله بشيء من العبادة ،أو أثبت له بعض خواص الرب
سبحانه وتعالى فقد اتخذه رباً وإلهاً ،سواء أطلق عليه اسم اإلله أم لم يطلقه ،فإن اإلله
المعبود ،وغلب على المعبود بحق وهو الله تعالى)) .اهـ(.)2
فـعلم أن األسماء تابعة للمعاني ،وأ ْن ال عبرة باألسماء إن هي خالفت أصل المعنى
الذي وضعت له؛ فمن صرف شيئاً من العبادة لغير الله فقد اتخذ هذا الغير إلهه
ومعبوده سواء أطلق عليه اسم اإللهية والربوبية أم لم يطلق ذلك؛ وسواء عبَّر عن المعنى
الذي في نفسه بالعبادة أم عبر عنه بعبارة أخرى؛ فأما اتخاذه إيّاه إلهاً فعلى وجه التطابق،
ألن كل معبود فهو مألوه؛ وأما اتخاذه إياه ربَّاً فبطريق التضمن ،ألن اإللهية متضمنة للربوبية؛
فال وجه إذن للخلط والتسوية بين معنى الربوبية واأللوهية بل هما متغايران تمام المغايرة في
لالتحاد بينهما
مسوغاً ّ المفهوم ،وإن كان بينهما تالزم في المعنى وعدم انفكاك فليس ذلك ّ
في أصل المعنى ،بل هو دال على فساده ،ألن توحيد األلوهية ـ كما تقدم ـ متضمن لتوحيد
الربوبية( ،)3فتوحيد األلوهية أشمل وأوسع في المعنى من توحيد الربوبية؛ فاإللهية وصف زائد
عن معنى الربوبية.
ــــــــــ
= (الرئيس) وهو السيد من نصارى نجران لرسول الله قد دعاهم إلى اإلسالم أتريد منا يا محمد فذكره .وذكره
الواحدي في أسباب النـزول (ص ،)235 :من طريق الكلبي وعطاء عن ابن عباس أن أبا رافع والربيس من
نصارى نجران قاال يا محمد فذكره .وأورده السيوطي في الدر المنثور ( )52/2وزاد نسبته البن إسحاق وابن
المنذر وابن أبي حاتم.
( )1نقالً عن صيانة اإلنسان (ص 265 :ـ ،)261وانظر :رسالة الشرك ومظاهره للميلي (ص 137 :ـ .)135
( )2نقالً عن المصدر السابق (ص.)261 :
( )3انظر( :ص.)35 :
155 التمهيد
الوجه الثاني :أنه يحتمل أن يكون المراد بالرب في اآليات المذكورة المعبود ،وقد تقدم
أن الرب قد يأتي بمعنى المعبود(.)1
الوجه الثالث :أن الكالم في مشركي العرب ،واآليات المذكورة أكثرها في حق غيرهم
من مشركي أهل الكتاب ،وقوم إبراهيم ،وقوم يوسف عليهما السالم ،فال يصح االستدالل
بتلك اآليات على أن مشركي العرب لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية (.)2
اعتراضات المتكلمين على معنى اإلله عند أهل السنة ودفعها:
اعترض المتكلمون على معنى اإلله عند أهل السنة وبأنه «المعبود» من وجوه:
األول :أنه تعالى كان إلهاً في األزل وما كان في األزل عابد يعبده.
الثاني :أن العبادة إنما تجب على العبد بأمر الله ،فلو لم يأمر الخلق بالعبادة لم يكن معبوداً،
فلو كان كونه إلهاً عبارة عن كونه معبوداً ،فتقدير أن ال يأمر عباده بالعبادة يوجب أن ال يكون إلهاً.
الثالث :أنه إله من ال تصح منه العبادة كالجمادات والبهائم.
الرابع :أنه تعالى لو صار إلهاً بالعبادة لكان العابد بعبادته جعله إلهاً ،ومعلوم أن ذلك باطل.
الخامس :يلزم أن تكون األصنام آلهة ألن الكفار كانوا يعبدونها.
هذه االعتراضات على معنى ال إله إال الله عند أهل السنة أوردها الرازي في ((شرح
أسماء الله الحسنى)) وعزاها إلى المتكلمين ثم أجاب عنها بجواب يخدم عقيدتهم حيث
قال(( :والجواب :هذه اإلشكاالت إنما تلزم لقولنا اإلله هو المعبود ،أما إذا قلنا اإلله هو
الموصوف بصفات ألجلها يستحق أن يكون معبوداً للخلق زالت اإلشكاالت))( )3اهـ.
ففسر اإلله بمعنى الرب.َّ
قلت :واألولى أن يجاب عن هذه االعتراضات بما يلي:
الجواب عن االعتراض األول:
يجاب عن االعتراض األول بأن الله تعالى من أسمائه اإلله واإللهية صفته لم يزل وال
زال متصفاً بها ،وال يلزم من كونه غير معبود قبل أن يخلق العباد أن ال يكون موصوفاً بهذه
الصفة كما أنه ال يلزم أن يكون قبل خلقه الخلق أن ال يكون موصوفاً بصفة الخلق.
قال أبو جعفر الطحاوي ـ رحمه الله ـ ((ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم «الخالق» وال
بإحداثه البرية استفاد اسم «الباري»))( )1بل ((ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه ،لم يزدد
بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته))(.)2
كما أنه يلزم من ذلك تعطيل معنى الربوبية أيضاً عن الله تعالى ،ألن معنى الرب السيّد
المطاع( .)3وقد كان الله ولم يكن شيء غيره( ،)4فكيف استحق اسم ذلك قبل أن يخلق
طائعاً يطيعه ،أوخلقاً يسوده؟
والذي يجعلنا نسلم من هذا أن نقول :أن الله لم يكن معطَّالً عن الصفات ،وال
نخوض في أمور الغيب ،ألنا ال نعلم كيفية اتصافه بهذه الصفات ،وال متية اتصافه بها،
فأهل السنة يمسكون ـ في باب الصفات ـ عن الكيفية والمتية ،فال يقولون متى؟ وال يقولون
كيف؟
يقول اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(( :بل نقول :إن الله لم يزل متكلماً إذا شاء ،وال نقول:
إنه كان وال يتكلم حتى خلق كالماً.
وال نقول :إنه قد كان وال يعلم حتى خلق ع ْلماً فـعلم.
وال نقول :إنه قد كان وال ق ْدرة له حتى خلق لنفسه قدرةً.
وال نقول :إنه قد كان وال نور له حتى خلق لنفسه نوراً.
وال نقول :إنه قد كان ال عظمة له حتى خلق لنفسه عظمة.
فقالت الجهمية لنا ـ لما وصفنا الله بهذه الصفات ـ إن زعمتم أن الله ونوره ،والله
وقدرته ،والله وعظمته ،فقد قلتم بقول النصارى حين زعموا( )1أن الله لم يزل ونوره ولم يزل
وقدرته.
فقلنا ال نقول :إن الله لم يزل وقدرته ،ولم يزل ونوره ،ولكن نقول لم يزل بقدرته وبنوره ال
متى قدر ،وال كيف قدر.
فقالوا :ال تكونون موحدين أبداً حتى تقولوا :قد كان الله وال شيء.
فقلنا نحن نقول :قد كان الله وال شيء ،ولكن إذا قلنا :إن الله لم يزل بصفاته كلها
أليس إنما نصف إلهاً واحداً بجميع صفاته؟ وضربنا لهم في ذلك مثالً:
فقلنا :أخبرونا عن هذه النخلة أليس لها جذع ،وكرب وليف وسعف وخوص ،وج َّمار،
واسمها اسم شيء واحد .وسميت نخلة بجميع صفاتها؟
فكذلك الله سبحانه وتعالى ـ وله المثل األعلى ـ بجميع صفاته إله واحد.
وال نقول :إنه قد كان في وقت من األوقات وال قدرة له حتى خلق له قدرة ،والذي ليس
له قدرة هو عاجز.
وال نقول :قد كان في وقت من األوقات وال علم له حتى خلق له علماً فعلم ،والذي ال
يعلم هو جاهل.
ولكن نقول :لم يزل الله عالماً ،قادراً ،ال متى ،وال كيف))( .)2انتهى.
الجواب عن االعتراض الثاني:
اضي عدمي ،والعدم ال حقيقة له ،فال يصح أن هذا االعتراض تقدير ذهني ،وهو أمر افتر ٌّ
االستدالل بأمر عدمي ـ وهو عدم أمره تعالى بعبادته ـ على أمر وجودي ،وهو األمر بعبادته
تعالى؛ ألن الوجود ناف للعدم أو احتماله.
والخوض في مثل هذا من الرأي المذموم الذي ذمه السلف ،فقد ظهر في زمان ابن عمر
من يقول :أرأيت كذا وكذا؟ من االحتماالت الغير واقعة أو التي لم تقع فزجره ابن عمر
()1
رضي الله عنهما وقال« :اجعل ((أرأيت)) باليمن»
( )1في األصل المنقول منه «زعمتم» والمثبت من طبعة الثبات بتحقيق ،صبري شاهين أولى.
( )2الرد على الزنادقة والجهمية (ص 257 :ـ .)252
153 التمهيد
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ(( :وإنما قال له ذلك ،ألنه فهم منه معارضة الحديث
بالرأي ،فأنكر عليه ذلك ،وأمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي))( )2انتهى محل
الغرض.
وأيضاً فهو من األغلوطات التي نهينا عن الخوض فيها.
قال ابن حبان في صحيحه((( :)3ذكر األخبار عن خوض الناس في األغلوطات من
المسائل التي أغضي لهم عنها)).
ثم أورد تحته حديث أبي هريرة قال :قال رسول الله « :ال يزالون يستفتون حتى
يقول أحدهم :هذا الله خلق الخلق .فمن خلق الله؟»(.)4
قال الحافظ ابن حجر(( :وقد ثبت النهي عن األغلوطات .أخرجه أبو داود من حديث
معاوية .وثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة ،أو
يندر جداً .وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع والقول بالظن ،إذ ال يخلو صاحبه من
الخطأ)) انتهى(.)5
الجواب عن االعتراض الثالث:
القول بأن الجمادات والبهائم ال تصح منها العبادة صحيح من جهة أنها غير مكلَّفة،
ولكن ال ينفي ذلك أن ال تقع منها العبادة لله تعالى ،فقد جاء في نصوص القرآن والسنة
ما يشير إلى أن الجمادات تقع منها العبادة ،وهذه النصوص على نوعين:
النوع األول :نصوص عامة هي داخلة تحت عمومها كقوله تعالى :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ
ﮧ ﮨ ﮩ [اإلسراء.]22 : ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩﮤ ﮥ ﮦ
قال عكرمة في تفسيرها(( :األسطوانة تسبّح والشجرة تسبّح))(.)6
ــــــــــ
(= )1أخرجه البخاري في كتاب الحج ،باب تقبيل الحجر(جـ )493/7رقم (.)4044
( )2فتح الباري (.)170
(.)447/45( )3
( )4أخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( )474/4ح (.)435
( )5فتح الباري (.)117/41
( )6أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف ( )126ضمن موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا (( /2ص ،)56 :وابن جرير في التفسير
( ،)556/512وعزاه السيوطي في الدر المنثور ( 332/2ـ )333إلى ابن أبي حاتم.
152 التمهيد
وعنه أيضاً في تفسيرها(( :ال يعيب َّن أحدكم دابته وال ثوبه ،فإن كل شيء يسبّح
بحمده))(.)1
()2
وعن قتادة ـ رحمه الله ـ(( :كل شيء فيه الروح يسبح من شجرة أو شيء فيه الروح))
ّ
انتهى.
وقد بين ابن القيم ـ رحمه الله ـ أن التسبيح المسند إلى الجمادات تسبيح حقيقي يقع
منها بذواتها وأنفسها على اختالف عددها(.)3
ومن األدلة العامة في وقوع العبادة من الجمادات أيضاً قوله تعالى :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [الحج ،]15 :وقوله تعالى :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭻ [الرعد.]16:
قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي بعد أن حكى اختالف أهل العلم في المراد بسجود
الظل وسجود غير المؤمنين في هذه اآلية(( :ونحن نقول إن الله ـ جل وعال ـ قادر على كل
شيء ،فهو قادر على أن يخلق للظل إدراكاً يسجد به لله تعالى سجوداً حقيقياً ،والقاعدة
المقررة عند علماء األصول هي حمل نصوص الوحي على ظواهرها إال بدليل من كتاب أو
سنة ،وال يخفى أن حاصل القولين:
أن أحدهما :أن السجود شرعي ،وعليه فهو في أهل السموات واألرض من العام
المخصوص.
والثاني :أن السجود لغوي بمعنى االنقياد والذل والخضوع ،وعليه فهو باق على عمومه،
والمقرر في األصول عند المالكية والحنابلة وجماعة من الشافعية :أن النص إن دار بين
الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية حمل على الشرعية ،وهو التحقيق خالفاً ألبي حنيفة في
تقديم اللغوية))( .)4انتهى.
( )1أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف ( )126ضمن موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا (( /2ص ،)56 :وابن جرير
في التفسير ( )556/512وعزاه السيوطي في الدر المنثور ( )333/2إلى سعيد بن منصور وابن أبي حاتم.
( )2أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ( ،)322/1وابن جرير في التفسير (.)555/12
( )3انظر :بدائع الفوائد (.)471/4
( )4أضواء البيان (.)55/3
156 التمهيد
والنوع الثاني من النصوص الدالة على وقوع العبادة من الجمادات :نصوص خاصة
ببعض الجمادات؛ كسجود الشمس بين يدي الله تعالى عند الشروق والغروب( ،)1وكقوله
ﮁ ﮂ ﮃ جل وعال :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ّ
ﮗ ﮘ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ
[الحج ،]15 :وكقوله في الحديث« :ال تقتلوا الضفدع فإن صوتها ﮙ ﮚ ﮜ
الذي تسمعون تسبيح وتقديس»( .)2وأيضاً ما جاء أن الصفحة سبَّحت بما فيها من طعام
بين يدي سلمان وأبي الدرداء رضي الله عنهما(.)3
ثم على فرض عدم وقوع العبادة من الجمادات والبهائم طوعاً بال إباء ،فإن ذلك واقع
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ منها كرهاً كما قال تعالى :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
[مريم ،]63 :وكما قال تعالى :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ [البقرة .]115 :قال المفسرون :أي مقرون
له بالعبودية(.)4
قال شيخ اإلسالم(( :اسم العبد يتناول معنيين:
ﯶ ﯷ ﯸ أحدهما :بمعنى العابد كرها كما قال :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
[آل عمران،]53 : ﯲ ﯳ ﯴ ﯹ [مريم ،]63 :وقال :ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ،وقال :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ .
والثاني :بمعنى العابد طوعاً ،وهو الذي يعبده ويستعينه ،وهذا هو المذكور في قوله:
( )1حديث سجود الشمس بين يدي الله عند الشروق والغروب أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق ،باب صفة
الشمس والقمر (جـ )65/2ح ( ،)3166ومسلم في كتاب اإليمان ( )135/1ح ( .)265ولفظه كما في
الصحيح :عن أبي ذر عنه قال :قال النبي ألبي ذر حين غربت الشمس «أتدري أين تذهب قلت؟»
قلت :الله ورسوله أعلم ،قال «فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ،فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد
فال يقبل منها ،وتستأذن فال يؤذن لها ،فيقال لها :ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى:
[يّـس.])35: ﯫ ﯪ ﯥﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯢ ﯣ ﯤ
( )2أخرجه عبد الرزاق في المصنف ( )262/2ح ( ،)5215وابن أبي شيبة في المصنف ( )52/6رقم
( ،)23715وصححه أبو محمد الرازي في علل الحديث (.)335/2
( )3أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف ( )135ضمن موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا (( /2ص.)62 :
( )4انظر :تفسير ابن كثير (.)401/4
155 التمهيد
( )1يعني العبادة الشرعية والتي تكون وفق ما أمر الله وشرع بنية التعبد لله ،أما جنس العبادة المأمور بها فهذه ال يخلو
منها أحد؛ إذ ال يخلو أحد من فعل البر والخير.
يقول النعمي ـ رحمه الله ـ(( :ال يمكن الخلو واالنفصال من العبادة البتة ،حتى يتفق في فرد من الناس ،أنه ال يصدر
عنه شخص منها قط .فهذا مستبعد جداً ـ أي فقدان كل شخص أي :من معنى العبادة ـ في أحد من البشر،
لحديث« :أسلمت على ما سلف لك من خير» [معارج األلباب (.])551/2
( )2مجموع الفتاوى ( 79/41ـ .)31
( )3نقض عثمان بن سعيد على المريسي (ص.)12 :
157 التمهيد
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :والله ـ سبحانه ـ غني بذاته عن كل ما سواه ،ال يستفيد من
خلقه كماالً ،بل خلقه يستفيدون كمالهم منه))(.)1
وعليه فنقول ال وجه لهذا االعتراض ،ألنه ال يلزم من الوصف الج ْعل ،فالوصف قد يقوم
بالشيء قبل المقتضي له ،وإال للزم تعطيل الله تعالى عن وصف الفعل ،وهو باطل قطعاً،
ألنه ينافي الكمال الالئق بالله تعالى في األزل.
فإن القابل للشيء في األزل أكمل من غير القابل له في األزل ثم قبل.
وتوضيح ذلك:
قال شيخ اإلسالم(( :فإنا إذا عرضنا على صريح العقل م ْن يقدر على الفعل القائم به،
والمنفصل عنه ،وم ْن ال يقدر على أحدهما علم أن األول أكمل...
وكذلك إذا عرضنا على العقل من فـعل األفعال المتعاقبة مع حدوثها ،ومن ال يفعل
حادثاً أصالً لئال يكون عدمه قبل وجوده عدم كمال ،شهد صريح العقل بأن األول أكمل،
فإن الثاني ينفي قدرته وفعله للجميع ،لئال يعدم البعض في األزل ،واألول يثبت قدرته وفعله
للجميع مع عدم البعض في األزل ،فذاك ينفي الجميع حذراً من فوت البعض ،والثاني يثبت
ما يثبته من الكمال مع فوت البعض؛ ففوت البعض الزم على التقديرين ،وامتاز األول
بإثبات كمال في قدرته وفعله لم يثبته الثاني))( .)2انتهى.
الجواب عن االعتراض الخامس:
أما ما اعترضوا به من أنه يلزم أن تكون أصنام الكفار آلهة؛ ألنها معبوداتهم فيجاب بأن
سمى معبودات الكفار آلهة وذلك في نصوص هذا الالزم ال إشكال فيه ،ألن الله تعالى قد َّ
كثيرة ،منها قوله تعالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ
[الصافات ،]55:وقوله :ﮝ ﮊ ﮋ ﮌ [هود ،]151 :وقوله :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﭠ ﭟ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ [الصافات ،]35:وقوله :ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
[األنبياء.]66 : ﭡ ﭢ
ونحن نلتزم ما دل عليه القرآن؛ وهو مما يبين صحة هذا المعنى لكلمة إله ،وأنه
معبود.
وال يرد على هذا أن هذه التسمية لمعبوداتهم هي من قبلهم ،ألنهم هم أهل اللسان،
وأيضاً إلقرار القرآن لها.
أثر هذا المعنى على العقيدة:
مفهوم المتكلمين لمعنى اإلله وتفسيرهم الخاطئ له بالقادر على االختراع كان له أبلغ األثر
على العقيدة؛ فمن جنايته العظيمة فتح باب الشرك على األمة ،وهذا هو الواقع اليوم في كثير
من بالد المسلمين حيث الشرك الصراح فاش عند أكثر العامة من دعاء األموات واالستغاثة
بهم والذبح والنذر لهم وغير ذلك من صرف صنوف العبادة لهم ،وال تجد من علماء الكالم
إنكاراً لهذا الشرك بل بعضهم قد يزيّنه للعامة بأنه توسل باألموات لقضاء الحاجات وليس
تشريكاً في الذوات؛ ألن غاية التوحيد عند هؤالء المتكلمين هو اعتقاد الربوبية لله تعالى،
والشرك ما خالف ذلك من اعتقاد الفاعلية في غيره ـ سبحانه و تعالى ـ( ،)1وهذا من أبطل
مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء ومليكه ،وكانوا مع هذا الباطل؛ فإن مشركي العرب كانوا ّ
[يوسف .]155 :قالت ﭮ ﭯ ﭰ مشركين كما قال تعالى :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
طائفة من السلف :تسألهم من خلق السموات واألرض؟ فيقولون :الله ،ومع هذا يعبدون غيره
[العنكبوت: ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ كما قال تعالى :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
.)2(]51
ولهذا تجد م ْن هؤالء من يسجد للولي ويدعوه كما يدعو الله تعالى ،ويتقرب إليه بالذبح
والنذر له ويفنى في خدمته ثم يقول هذا ليس بشرك ،وإنما الشرك إذا اعتقدت أنه الخالق
المدبّر لي ،فإذا جعلته سبباً وواسطة لم أكن مشركاً.
ومن المعلوم باالضطرار من دين اإلسالم أن هذا شرك ووثنية ،وهو مناقض لما دعت إليه
مسمى التوحيد الذي اصطلحوا الرسل من إخالص التوحيد لله تعالى ،وهم ال يدخلونه في َّ
( )1انظر :الدر المنثور في الرد على عثمان بن منصور (ص 11 :ـ ،)12وتحفة الطالب والجليس في الرد على ابن
جرجيس لعبد اللطيف آل الشيخ (ص 22 :ـ .)65 ،22
( )2درء التعارض ( 225/1ـ ،)227وانظر :تفسير ابن جرير الطبري ( 372/13ـ .)377
156 التمهيد
عليه ،ألن التوحيد في كالمهم له ثالثة معان ،هي :أن الله واحد في ذاته ال قسيم له ،أو ال
جزء له ،وواحد في صفاته ال شبيه له ،وواحد في أفعاله ال شريك له( .)1فال مكان لتوحيد
مسمى الربوبية عندهم(.)2
اإللهية هنا ،ألنه ليس قسيماً عندهم ألنواع التوحيد بل هو عين َّ
ولهذا السبب خلت كتب المتكلمين من الكالم في توحيد العبادة وصرفوا هممهم إلى
إثبات وجود الصانع( ،)3إال نزراً يسيراً في كالم بعض علمائهم ممن تأثروا بالدعوة السلفية
في جانب توحيد األلوهية.
ومن أعظم هذه الجنايات تص ّدي بعض علماء المتكلمين للتأليف في تقرير الشرك والدفاع
عن عقائد القبورية معلّلين ذلك بأنه توسل واستشفاع بالصالحين .ومن هؤالء السبكي( )4حيث
ألف كتابه المعروف(( :شفاء السقام في زيارة خير األنام)) في الرد على شيخ اإلسالم ،وقد
تصدَّى له علم من أعالم أهل السنة وهو ابن عبد الهادي( )5ـ رحمه الله ـ فألّف في الرد عليه
كتابه المعروف(( :الصارم المنكي في الرد على السبكي)) .ومن هؤالء أيضاً ابن حجر
( )1انظر :تقسيم التوحيد عند المتكلمين في المنهاج في شعب اإليمان للحليمي (ص 153:ـ ،)152وتحفة
المريد شرح جوهرة التوحيد (ص 66 :ـ ،)55والملل والنحل (.)22/1
( )2درء التعارض ( 227/1ـ )225بتصرف ،وانظر :مجموع الفتاوى (.)151/3
( )3لزعمهم أنه هو التوحيد الذي جاءت به الرسل ودعت أقوامهم إليه.
( )4هو :علي بن عبد الكافي بن تمام تقي الدين السبكي ،محدث حافظ أصولي بارع ،ولد بسْبك من أعمال
المنوفية بمصر سنة ( )033هـ ،وتفقه على ابن الرفعة ،وأخذ الحديث عن الدمياطي .من تصانيفه(( :اإلبهاج
شرح المنهاج للبيضاوي)) في أصول الفقه ،و((شفاء السقام في زيارة خير األنام)) وهو رد على شيخ اإلسالم ابن
تيمية وقد يسمى ((شن الغارة والسيف المسلول على من سب الرسول)) ولم يوفق فيه .توفي سنة ( )750هـ.
انظر :طبقات الشافعية ( 439/41ـ ،)731وذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي (ص.)11 :
( )5هو :شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن
قدامة المقدسي الحنبلي ،أحد األذكياء المشهورين ،وإمام الفقهاء المحدثين ،ولد في رجب سنة 755وقيل
قبلها وقيل بعدها ،وسمع من التقى سليمان وابن سعد وطبقتهما ،وتفقه بابن مسلم وتردد إلى شيخ اإلسالم ابن
تيمية ومهر في الحديث والفقه واألصول والعربية وغيرها .من مؤلفاته(( :الصارم المنكي)) رد به على السبكي في
مسألة الزيارة ،وله رسالة في التوحيد وفضائل ال إله إال الله .توفي سنة ( )711هـ .انظر :ذيل طبقات الحفاظ
للسيوطي (ص ،)354 :وأبجد العلوم (.)433/3
115 التمهيد
الهيتمي( )1صاحب ((الفتاوى الحديثية)) ( ،)2ودحالن( )3حيث ألف كتابه الموسوم بـ((الدرر
السنية في الرد على الوهابية))؛ وهو من أخطر الكتب التي تحارب السلفية وعقيدتها النقية في
جانب توحيد األلوهية ،وقد حشد فيه من الشبه الواهية واألقوال الباطلة واآلراء الفاسدة ما
يجرئ العامة على اقتحام الشرك بأوسع طرقه وأفظع صوره ،والله المستعان.
وقد تصدى للرد على هذا الكتاب علم من أعالم السنة المنشورة ،وهو الشيخ محمد
بشير السهسواني ـ رحمه الله ـ في كتابه المعروف بـ((صيانة اإلنسان في الرد على وسوسة
دحالن))(.)4
هذه بعض اآلثار الناجمة عن تفسير المتكلمين لمعنى اإللهية بمعنى الربوبية وبعض
ردها وإبطالها ،وهي ـ كما ترى ـ آثار سيئة ،وطَّدت للشركَّ ،
ومهدت جهود أهل السنة في ّ
لعودة الوثنية ،فحصل فساد عريض في المعتقد عند بعض األمة بسبب ذلك.
( )1هو :شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي ،نسبة على ما قيل إلى
جد من أجداده كان مالزماً للصمت فشبه بالحجر الهيتمي ،السعدي ،األنصاري ،المصري ثم المكي،
الشافعي ،ولد بمصر ،مات أبوه وهو صغير ،أخذ عن علماء مصر ،وممن أخذ عنه الهيتمي :شيخ اإلسالم
القاضي زكريا والشيخ عبد الحق السنباطي والشهاب الرملي .من مؤلفاته(( :شرح الشمائل للترمذي)) و((شرح
االربعين للنووي)) و((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) و((الصواعق المحرقة إلخوان االبتداع والضالل والزندقة))،
توفي في سنة ( )975هـ .انظر :شذرات الذهب ( 514/41ـ ،)517والبدر الطالع ( ،)419/4ومعجم
المؤلفين (.)793/4
( )2وهو مطبوع ،وقد مشى فيه على طريقة التصوف الغالي ،وم َّجد فيه الحالج وابن عربي الطائي.
( )3هو :أحمد زيني دحالن ،الشافعي ،المكي ،المتوفي سنة 4311هـ ،من مؤلفاته(( :أسنى المطالب في نجاة
أبي طالب)) و((خالصة الكالم في بيان أمراء البلد الحرام من زمن النبي عليه السالم إلى وقتنا هذا بالتمام)).
انظر :إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون (.)130/3 ،37/3
( )4ينظر :منهج أهل السنة ومنهج األشاعرة في توحيد الله تعالى ( 155/1ـ .)173
111 التمهيد
112 التمهيد
فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم))(.)1
كما أن أهل العلم قد استنبطوا لهذه الكلمة العظيمة جملةً من الفضائل في القرآن
الكريم؛ بعضها مأخوذ من كالم النبي ،وأخرى مأخوذة من كالم السلف من الصحابة
آي القرآن الكريم .فمن ذلك: والتابعين في تفسير بعض ّ
( )1أنها كلمة التوحيد التي ألجلها خلق الله الخلق( )2كما في قوله تعالى :ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ [الذاريات ]65 :ـ أي إال ليوحدون(.)3
( )2وألجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب( ،)4قال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [األنبياء ،]26 :وقال تعالى :ﮓ ﮔ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭩ ﮤ ﮥ [النحل: ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ
.]2
( )3أن الله جعل النطق بها باللسان من اإليمان بل أعلى مراتبه كما في الحديث:
()5
«اإليمان بضع وستون شعبة أعالها قول ال إله إال الله»..
( )2أنها أعظم نعمة وأكبر منّة أنعم الله بها على عباده أ ْن هداهم إليها ،ولهذا
ذكرها الله تعالى في سورة النحل التي هي سورة النّعم ،فق ّدمها أوالً قبل كل نعمة فقال
ﭩ تعالى :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ
ﮤ ﮥ [النحل.)6( ]2 :
( )1هو :مجاهد بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة ،أبو الحجاج المخزومي موالهم المكي ،ثقة إمام في التفسير
وفي العلم ،من الثالثة ،مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثالث أو أربع ومائة .وله ثالث وثمانون ،وحديثه عند
الجماعة[ .تقريب التهذيب (ص.])621 :
( )2رواه ابن جرير الطبري في التفسير ( ،)655/15والبيهقي في الشعب ( )116/2رقم ( ،)2652وعزاه
السيوطي في الدر المنثور ( )322/6إلى الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
( )3تفسير ابن جرير الطبري ( ،)655/15وانظر :الدر المنثور (.)322/6
( )4هو :سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهاللي ،أبو محمد الكوفي ثم المكي ،ثقة حافظ فقيه ،إمام
حجة ...من رؤوس الطبقة الثامنة ،وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار ،مات في رجب سنة ثمان وتسعين ،وله
إحدى وتسعون سنة ،وحديثه عند الجماعة[ .تقريب التهذيب (ص.])366 :
( )5أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر (ص )25 :رقم ( ،)66والبيهقي في الشعب ( )116/2رقم ( ،)2655وأبو
نعيم في الحلية (.)272/7
( )6هو :سعيد بن جبير األسدي موالهم ،الكوفي ،ثقة فقيه ،من الثالثة ،قتل بين يدي الحجاج دون المائة ،ولم
يكمل الخمسين[ .تقريب التهذيب (ص 372 :ـ .])376
( )7هو :الضحاك بن مزاحم البلخي الهاللي ،أبو محمد ،من مشايخه :ابن عباس ،وأبي سعيد وابن عمر وغيرهم،
وقيل :لم يلق ابن عباس .وكان عالماً بالتفسير حجة .توفي سنة ( )152هـ ،وقيل ،)156( :وقيل )155( :هـ.
من مصنفاته :التفسير .انظر :ميزان االعتدال ( ،)225/3وتقريب التهذيب (ص.)266 :
( )8انظر :تفسير ابن أبي حاتم ( ،)265/2وتفسير ابن جرير ( 655/2ـ .)651
116 التمهيد
[الزخرف 25 :ـ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
.)1(]25
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ وجل في قوله :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ عز ّ ( )7أنها العهد الذي ذكره الله ّ
[مريم ]57 :كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية علي بن أبي ﮪ ﮭ
()2
عنه ((هو شهادة أن ال إله الله ،ويتبرأ إلى الله من الحول والقوة ،وال يرجو إال الله)) طلحة
(.)3
( )5أنها الحسنى التي وردت في قول الله تعالى :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ
[الليل 6 :ـ ]7؛ جاء ذلك عن ابن عباس من رواية عطية العوفي( ،)4وبه ﮯ ﮰ ﮱ
قال الضحاك وأبو عبد الرحمن السلمي(.)6()5
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ( )6أنها شهادة الحق ودعوة الحق ،كما في قوله تعالى :ﯩ
ﯮ ﯯ [الزخرف.)7(]55 :
[الفتح: ( )15أنها كلمة التقوى الواردة في قوله تعال :ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ
( )1انظر :تفسير ابن كثير ( ،)126/2وحاشية ثالثة األصول البن قاسم (ص.)63 :
( )2هو :علي بن أبي طلحة سالم ،مولى بني العباس ،سكن حمص ،أرسل عن بن عباس ولم يره ،من السادسة ،صدوق
قد يخطئ ،مات سنة ثالث وأربعين بعد المائة[ .تقريب التهذيب (ص.])565 :
( )3أثر ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( )533/16والطبراني في الدعاء ( )1615/3رقم (،)1675
والبيهقي في االسماء والصفات ( )272/1رقم ( ،)255وعزاه السيوطي في الدر المنثور ( )615/2إلى ابن
المنذر وابن أبي حاتم .وانظر :معارج القبول (.)211/2
قلت :ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس منقطعة .انظر :تقريب التهذيب (ص.)565 :
( )4هو :عطية بن سعد بن جنادة ،بضم الجيم بعدها نون خفيفة ،الع ْوفي ،الجدلي ،بفتح الجيم والمهملة ،أبو
الحسن صدوق يخطئ كثيراً ،وكان شيعياً مدلساً ،من الثالثة ،مات سنة إحدى عشرة بعد المائة[ .تقريب
التهذيب (ص.])555 :
( )5هو :عبد الله بن حبيب بن ربـيّعة ،بفتح الموحدة وتشديد الياء ،أبو عبد الرحمن السلمي ،الكوفي ،المقرئ ،مشهور
بكنيته ،وألبيه صحبة ،من الثانية ،مات بعد السبعين[ .تقريب التهذيب (ص.])266 :
( )6انظر :تفسير ابن أبي حاتم ( ،)3225/15وابن جرير الطبري ( 253/22ـ ،)252ومعالم التنـزيل للبغوي
(.)226/5
( )7معالم التنـزيل ( ،)222/7مسألة في التوحيد وفضائل ال إله إال الله البن عبد الهادي (ص.)66:
115 التمهيد
.]25روى ذلك ابن جرير الطبري( )1وعبد الله بن أحمد( )2والترمذي( )3بأسانيدهم إلى
أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ،)4(وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
موقوفاً( .)5وكذا عن علي وابن عباس ـ رضي الله عنهم(.)6
( )11أنها القول الثابت الذي ذكر الله عز وجل إذ يقول :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ([ )7إبراهيم ]27 :كما في الصحيحين من حديث البراء بن عازب
عن النبي ـ .)8(
ﯹ ﯺ ﯻ ( )12أنها الكلمة المضروبة مثالً في قوله تعالى :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ([ )9إبراهيم]22 :؛ رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ـ رضي
الله عنهما .وكذا قاله الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة( )1ومجاهد وغير واحد(.)2
والمراد بالشجرة هنا النخلة كما ورد ذلك صريحاً فيما رواه البزار من طريق موسى بن
عقبة عن نافع عن بن عمر قال :قرأ رسول الله فذكر هذه اآلية فقال« :أتدرون ما هي»
قال ابن عمر :لم يخف عل َّي أنها النخلة ،فمنعني أن أتكلم مكان سني ،فقال رسول الله
« هي النخلة»(.)3
( )13أنها الحسنة التي ذكر الله ،إذ يقول :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
[النمل .]56:قال ذلك زين العابدين وإبراهيم النخعي( ،)4وابن جرير(،)5 ﭚ ﭛ ﭜ
ويروي عن عكرمة وعطاء ،وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم(.)6
( )12أنها منتهى الصواب وغايته( )7قال تعالى :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ [النبأ.]35 :
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى :ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ أنه قال(( :إال من أذن له الرب بشهادة أن ال إله إال الله،
وهي منتهى الصواب))(.)8
وقال عكرمة(( :الصواب ال إله إال الله))(.)9
( )1هو :عكرمة مولى ابن عباس ،ثقة ثبت ،عالم بالتفسير ،من الثالثة ،مات سنة أربع ومائة وقيل بعد ذلك .انظر:
تقريب التهذيب (ص 557 :ـ .)555
( )2انظر :تفسير ابن أبي حاتم ( 2221/7ـ ،)2222وتفسير ابن جرير (.)536/13
( )3فتح الباري (.)177/1
( )4انظر :معالم التنزيل (.)153/5
( )5انظر :تفسير ابن جرير (.)136/15
( )6انظر :تفسير ابن أبي حاتم ( ،)2636/6ومعالم التنزيل ( ،)153/5والدعاء للطبراني ( 1267/3ـ )1265
رقم (.)1653
( )7فقه األدعية واألذكار لشيخنا الدكتور عبد الرزاق البدر ـ القسم األول (ص.)175 :
( )8رواه الطبراني في الدعاء ( )1625/3رقم ( ،)1677وابن جرير الطبري في التفسير ( ،)61/22والبيهقي في
األسماء والصفات ( )271/1رقم (.)256
( )9رواه الطبراني في الدعاء ( )1625/3رقم ( ،)1675وابن جرير في تفسيره (.)62/22
115 التمهيد
ﭗ ﭘ ﭙ فضلهن:
ّ ( )16أنها من الباقيات الصالحات()1؛ والله تعالى يقول في
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ [الكهف.]25 :
( )15أن السؤال يكون عنها يوم القيامة( )2كما قال تعالى :ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ ﭝ [الحجر 61 :ـ .]62
قال اإلمام البخاري ـ رحمه الله ـ(( :وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى :ﭖ ﭗ
ﭜ ﭝ :عن ال إله إال الله))(.)3 ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
المطلب الثاني :بعض ما ورد في فضلها في السنة المطهرة.
الفضيلة األولى :أنها أول ما يدخل به اإلسالم ،وأول مبانيه العظام؛ فيدخل بها في
اإلسالم ولو لم يـقّر بغيرها ،وقد اشترط جماعة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ابتداء
اإلسالم ترك أشياء من الفرائض فـقبل منهم ذلك ،ففي المسند( )4من حديث جابر ـ رضي
الله عنه ـ قال(( :اشترطت ثقيف على رسول الله ـ أن ال صدقة عليهم وال جهاد ،وأن
رسول الله قال :سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا)) .وفيه أيضاً عن نصر بن عاصم
الليثي( )5عن رجل منهم(( :أنه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأسلم على أن ال يصلي إال
صالتين فقبل منه ذلك))( .)6وأخذ اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ بهذه األحاديث وقال :يصح
( )1مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله البن عبد الهادي (ص.)66:
( )2معارج القبول (.)215/2
( )3صحيح البخاري (جـ )12/1باب من قال :أن اإليمان هو العمل.
( .)321/3( )4وأخرجه أيضاً أبو داود في كتاب الخراج واإلمارة والفيء ،باب ما جاء في خبر الطائف ()153/3
ح ( )3526وابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني ( )155/3رقم ( .)1622وحكم عليه األلباني بأنه صحيح
كما في السلسلة الصحيحة (.)1555
( )5هو :نصر بن عاصم الليثي ،البصري ،ثقة رمي برأي الخوارج وصح رجوعه عنه ،من الثالثة[ .تقريب التهذيب
(ص.])666 :
( )6أخرجه أحمد في المسند ( ،)353 ،22/6وابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني ( )166/2رقم (،)621
وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية ( )637/6رقم (.)2572
قال األلباني ـ رحمه الله ـ في الثمر المستطاب ( :)61/1وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
116 التمهيد
( )1انظر :مسألة في التوحيد وفضائل ال إله إال الله البن عبد الهادي (ص ،)56وجامع العلوم والحكم البن رجب
(ص.)166 :
( )2أخرجه البخاري في كتاب الزكاة ،باب وجوب الزكاة( ،جـ )132/2رقم ( ،) 1366ومسلم في كتاب
اإليمان رقم ( ،) 32ومسلم في كتاب اإليمان حديث رقم ( ) 15وفيه تقديم الصوم على الحج.
( )3خرجه البخاري في كتاب اإليمان من صحيحه ،باب :دعاؤكم إيمانكم (جـ 6/1ـ )15حديث رقم (.)5
( )4أخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( )53/1ح ( ،)36وأصله في صحيح البخاري ،كتاب اإليمان ،باب :أمور
اإليمان (جـ )15/1ح (.)6
( )5أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات ،باب أن دعوة المسلم مستجابة ( )231/6حديث رقم ( .)3353وقال:
هذا حديث حسن غريب ال نعرفه إال من حديث موسى بن إبراهيم ،وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة رقم
( )531وفي الكبرى رقم ( )15666والحاكم في المستدرك ( )575/1وقال :هذا حديث صحيح ،ولم
وحسن إسناده األلباني كما في صحيح الجامع (.)1152
يخرجاهَّ .
قلت :وقد اختلف أهل العلم في أي الكلمتين أفضل كلمة الحمد أو كلمة التهليل .وقد أشار إلى هذا الخالف ابن
رجب في جامع العلوم والحكم (ص ،)256 :وابن عبد الهادي في مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله
(ص 61:ـ )62وقال(( :والصحيح أن ال إله إال الله أفضل من غيرها ،وذلك ألحاديث قد تقدمت في الفصل
األول فتأملها ،والله الموفق)) .انتهى كالم ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ.
125 التمهيد
الفضيلة الرابعة :أنها أفضل ما قاله النبيون ،كما ورد في دعاء يوم عرفة «خير الدعاء
دعاء عرفة وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي :ال إله إال الله وحده ال شريك له ،له الملك
وله الحمد ،وهو على كل شيء قدير»(.)1
الفضيلة الخامسة :أنها أفضل األعمال وأكثرها تضعيفاً ،وتعدل عتق الرقاب ،وتكون
حرزاً من الشيطان( )2كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ(( :من قال ال إله إال الله وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد
وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ،وكتب له مائة حسنة
ومحيت عنه مائة سيئة ،وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ،ولم يأت أحد
بأفضل مما جاء به إال أحد عمل أكثر من ذلك))(.)3
وفيهما أيضاً عن أبي أيوب عن النبي (( :من قالها عشر مرات كان كمن أعتق
رقبة من ولد إسماعيل))(.)4
الفضيلة السادسة :أنها أحسن الحسنات()5؛ فقد ثبت في المسند وغيره عن أبي ذر أنه
قال :قلت يا رسول الله ،علمني عمالً يقربني من الجنة ،ويباعدني من النار ،قال(( :إذا
عملت سيئة فاعمل حسنة ،فإنها عشر أمثالها)) .قلت :يا رسول الله ،ال إله إال الله من
الحسنات؟ قال(( :هي أحسن الحسنات))(.)6
الفضيلة السابعة :أنها من أحب الكالم إلى الله تعالى كما ثبت في صحيح مسلم من
حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال :قال رسول الله (( : أحب الكالم إلى
الله أربع ،ال يضرك بأيّهن بدأت :سبحان الله ،والحمد لله ،وال إله إال الله ،والله أكبر))(.)1
الفضيلة الثامنة :أنها توجب إجابة الدعاء؛ فمن قالها استجاب الله دعاءه وأعطاه س ْؤله
ورجاءه ( )2كما جاء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ(( :اسم الله الذي إذا دعي به أجاب،
وإذا سئل به أعطي ،دعوة يونس بن متّى)) قيل :يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة
عوا بها .ألم تسمع قول الله تبارك المسلمين؟ قال(( :هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا د ْ
ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ وتعال :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ [األنبياء 57 :ـ ] 55فهو شرط الله لمن دعاه بها))(.)3
وي شهد له حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي أنه قال (( :ال إله إال أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلم ربه في شي إال استجاب
له )) (. ) 4
()5
الفضيلة التاسعة :أن من قالها عصم نفسه ،وماله ،وليس هذا الحكم لغيرها من الكالم
كما جاء في الحديث عنه (( :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا :ال إله إال الله ،فمن
قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على الله))(.)6
الفضيلة العاشرة :أنها آخر كالم ينبغي أن يقوله العبد ،وقد ورد هذا في أحاديث كثيرة(،)7
ولهذا عرضها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على عمه أبي طالب عند الوفاة(.)1
الفضيلة الحادي عشرة :أنها أثقل األعمال في الميزان ،فلو وزنت بالسموات واألرض
رجحت بهن( .)2فقد ثبت في المسند وغيره( )3عن عبد الله بن عمرو عن النبي (( :أن
نوحاً قال البنه عند موته :آمرك بال إله إال الله ،فإن السموات السبع واألرضين السبع لو
وضعت في كفة ،ووضعت ال إله إال الله في كفة ،رجحت بهن ال إله إال الله ،ولو أن
السموات السبع واألرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن ال إله إال الله))(.)4
قال الحافظ ابن رجب(( :ولذلك ترجح بصحائف الذنوب كما في حديث السجالت
والبطاقة(.)6()))5
البزار
الفضيلة الثانية عشر :أ ّن لها شأناً عند الله عظيماً وحقاً على الله كريماً؛ ففي مسند ّ
عن عياض األنصاري عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال(( :إ ّن ال إله إال الله كلمة
( )1كما في صحيح البخاري (جـ ،)125/2عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره :لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه
رسول الله فقال« :يا عم ،قل ال إله إال الله كلمة أشهد لك بها عند الله».
( )2كلمة اإلخالص البن رجب (ص 23 :ـ .)22
( )3المسند ( ،)226 ،175/2وأخرجه الحاكم ( .)26/1وقال :هذا حديث صحيح اإلسناد ،ووافقه الذهبي.
( )4أخرجه النسائي في الكبرى ( )255/5رقم ( ،)15555وأحمد في المسند ( ،)156/2وابن أبي شيبة في
المصنف ( )66/5رقم ( ،)26226والحاكم في المستدرك ( ،)112/1وقال :هذا حديث صحيح اإلسناد
ولم يخرجاه ،وأورده المنذري في الترغيب والترهيب ( )256/2برقم ( .)2355والحديث حكم عليه األلباني
بأنه صحيح في مواضع من كتبه ،ومنها :صحيح الترغيب والترهيب ( ،)1635والسلسلة الصحيحة (،)132
واألدب المفرد (.)625
( )5حديث البطاقة أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان ،باب :ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن ال إله إال الله
حديث رقم ( ،)2536وابن ماجة في كتاب الزهد ،باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة ( )1237/2رقم
( ،)2355وأحمد في المسند ( 221 ،213/2ـ ،)222والحاكم في المستدرك ( )25/1وقال :هذا
يخرج في الصحيحين ،وهو صحيح على شرط مسلم .انتهى .وصححه األلباني كما في
حديث صحيح لم َّ
الصحيحة برقم ( )136وصحيح سنن ابن ماجة (.)3255
( )6كلمة اإلخالص (ص.)26 :
123 التمهيد
( )1مسند البزار ،وقال الهيثمي في المجمع ((( :)25/1رواه البزار ورجاله موثوقون)) .وضعفه األلباني في تخريجه
ألحاديث كلمة اإلخالص.
( )2أخرجه أحمد في المسند ( )222/6وأورده الهيثمي في المجمع ( )15/1وقال :رواه أحمد والبزار ،وفيه
انقطاع بين شهر ومعاذ ،وإسماعيل بن عياش روايته عن أهل الحجاز ضعيفة .وفي إسناده انقطاع .وانظر :كلمة
اإلخالص البن رجب (ص 61 ،21 :ـ .)62
( )3أخرجه البخاري في كتاب العلم ،باب الحرص على الحديث (جـ )35/1رقم (.)66
( )4كلمة اإلخالص البن رجب (ص.)21 :
( )5برقم (.)352
( )6أخرجه ابن حبان في صحيحه ( )362/1رقم ( ،)156والهيثمي في زوائد ابن حبان ( )155/1ح ( )7وقال
في المجمع ( :)15/1رواه الطبراني في األوسط والكبير ،وفيه أبو مشرح أو مشرس لم أقف له على ترجمة.
انتهى .وصحح إسناده األلباني في فقه السيرة (ص.)35 :
( )7سبق تخريجه.
( )8أخرجه أحمد في المسند ( ،)233/6والحاكم في المستدرك ( )653/1وقال :هذا حديث صحيح اإلسناد
ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبي .وصححه األلباني في صحيح الجامع ( )1156/2برقم (.)5276
122 التمهيد
ومن المقيد قوله (( :من قال ال إله إال الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة))(،)1
وقوله(( :من قال ال إله إال الله صدقاً من قلبه دخل الجنة))( ،)2وقوله(( :من مات وهو
يعلم أنه ال إله إال الله دخل الجنة))( ،)3وقوله ألبي هريرة (( :إذهب بنعلي هاتين من
لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن ال إله إال الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة))(.)4
فالمطلق من تلك األحاديث يحمل على المقيد منها ،وهذا كله إشارة إلى عمل القلب،
()5
مجرد القول وإال لنفعت عبد الله بن أبي بن وتحققه بمعنى الشهادتين ،وأنه ال يكفي ّ
أبي سلول ومن ضاهاه من المنافقين؛ فال تنفع ال إله إال الله قائلها إال باستكمال هذه
القيود الثقال التي وردت في تلك األحاديث المقيدة.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ(( :أما النطق بها من غير معرفة لمعناها وال
يقين وال عمل بما تقتضيه :من البراءة من الشرك ،وإخالص القول والعمل :قولِ القلب
واللسان ،وعمل القلب والجوارح ،فغير نافع باإلجماع))( )6انتهى.
وقال ابن رجب ـ رحمه الله ـ(( :فقال طائفة من العلماء :إن كلمة التوحيد سبب مقتض
لدخول الجنة وللنجاة من النار ،لكن له شروط :وهي اإلتيان بالفرائض ،وموانع :وهي إتيان
الكبائر))( )7انتهى.
وبالجملة فإن فضائلها ال تحصى ،وإنها لتوصل قائلها إلى المقام األقصى ،وقد ألفت
كتب في بيان فضائلها وتعداد شمائلها ،فال نطيل الكالم في ذلك .ومن أراد التوسع في
معرفة فضائلها فليرجع إلى كتاب "مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله" البن عبد
الهادي المقدسي ـ رحمه الله ـ حيث ع ّد من فضائلها مائتي فضيلة .والله تعالى أعلم.
الباب األول:
ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال الله.
وتحته فصالن:
الفصل األول :ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً.
الفصل الثاني :النطق واإلقرار بال إله إال اللَّه ،هل يع ُّد من
شروطها؟ ومأخذ من لم يعدّه في الشروط.
621 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
الفصل األول:
ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً.
وتحته تمهيد .وثمانية مباحث:
المبحث األول :من ع ّدها سبعة شروط.
المبحث الثاني :من ع ّدها ثمانية شروط.
المبحث الثالث :من ع ّدها تسعة شروط.
المبحث الرابع :من عدها أربعة شروط فقط.
المبحث الخامس :الجمع والتأليف بين قول من
عدها ثمانية أو تسعة ع ّدها سبعة شروط وقول من َّ
شروط؛ وبيان أنه ال فرق سوى اإلجمال والتفصيل.
المبحث السادس :من نفى هذه الشروط من
المعاصرين وزعم أنها من بدع المتأخرين مع بيان
شبهته ونقدها.
المبحث السابع :دليل تعيين هذه الشروط وحص ِرها.
المبحث الثامن :ذكر بعض اآلثار عن السلف فيها
الداللة على أن لشهادة أن ال إال الله شروطاً.
621 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
د بعد هور عوة ال ي محمد ب عبد الوهاب م رحمه الله م، ( )1أئمة الدعوة موحل يحلق على علماا
يهوس فيه إلى عور شي اإلسهل وم تأثر بدعوته قبل هور عوة ال ي محمد ب عبد الوهاب، والبع
وااول أ ك م حيث النسبة .والله أعلم.
( )2ا ظر :فه الم يد (م 661 :م ،)661والدرر السنية ( 231/2م 313 ،211م .)313
623 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
م عليمه العهممة ابم سمحمان م رحممه اللمه م( )1فم مقدمممة اليهمه المسمماة «أشمعة اا موار فيممما
تضمنهه ال إله إال الله م بعم ااسمرار»( ،)2ثمم تبم ال مي عبمد المرحم بم حسم علمى ذلم
جم م أهل العلم .منهم ال ي سليمان ب سحمان( ،)3وال ي حافظ حكم (.)4
وم المعاصري :ال ي عبد العزيز السلمان( ،)5والفوزان( ،)6واب جبري (.)7
وهممذه ال ممروط السممبعة موجممو ة فم مممهل المهقممدمي م م أهممل العلممم منثممورة فم
ثنايا تقريراتهم ،وإن اخهل فت اصحهحاتهم فم الهعبيمر عنهما؛ حيمث يمن المبع علمى
أ همما أرمممان ف م اإليمممان ،والممبع علممى أ همما أصممل اإليمممان ،أو روحم ه ،أو حقيقهممه ،أو
فرضم ه مممما سممبقت اإلشممارة إلمى ذلم ( )8ومممما سمميأت ؛ وال م مماحة فم االصممحه إذا
اتح ممدت المعم م ا واتفق ممت الالت المب مما .والمه ممأخرون مم م أه ممل العل ممم ق ممد جمعم موا
مهفرك مهمهم ف اعهبار هذه ال روط ،وقرروا ذل بأوجز عبارة وألخ إشارة تقريباً
لفهمها وتيسيراً لحفظها وضبحها.
( )1هو :العالم المونف واللسان المداف ع الدعوة السلفية سليمان ب مول ب حمدان ب مسفر الم هور باب
هر قلب ثم شرع ف سحمان ،ولد ف أواخر عال ( )6213هم ف قرية السقا ،وقرأ القرآن على أبيه حهى حفظه ع
راسة العلول ال رعية فهاجر إلى الرياض والزل ال ي العهمة حمد ب عهيق حهى توف ال ي حمد عال ( )6336هم.
وعينه اإلمال عبد الله ب فيول ماتباً له ثم أخذ م رحمه الله م ير شبه الملحدي ويذب ع اإلسهل وأهله حهى توف عال
( )6313هم على رأس الثما ي م عمره .ا ظر :علماا د خهل ثما ية قرون ( 333/2م .)162
حياته وعلمه وتحقيق شعره اب عبد الرحم اب عقيل الظاهري ( )2ضم مهاب اب سحمان تاري
(جم.)616/3
( )3ا ظر :م ف ال بهات اله أور ها البغدا ي (م 1 :م ،)1والدرر السنية ( 112/6م .)113
( )4ا ظر :معارج القبول ( 161/2م .)163
( )5الكواشف ال لية (م.)53 :
( )6ا ظر :محاضرات ف العقيدة والدعوة (م 11 :م .)11
( )7ا ظر :ال ها تان وما يسهلزل مل منهما الب جبري (م 633 :م .)662
( )8ا ظر( :م 11 :م .)13
633 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
وممم م علممى اشممهراطه أيضماً ال ممي عبممد اللحيممف بم عبممد الممرحم بم حسم آل
ال ي مما ف "موبا الظهل"( ،)1و سبه أيضاً إلى ال ي اإلممال محممد بم عبمد الوهماب م
رحمه الله تعالى م(.)2
( )1ذمر هذا ال رط موحفى أبو بويرة ف بحث له بعنوان شروط ال إله إال الله (م )13 :عبر اال هر ت.
( )2االعهقا للبيهق (م )36 :طبعة ار الفضيلة ،بهحقيق أحمد ب إبراهيم أبو العيني ،ط :ااولى ( )6123هم.
633 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
المبحثثث الخثثامس :الجمثثع والتثثأليف بثثين قثثول مثثن عث ّدها سثثبعة شثثروط وقثثول مثثن عث َّثدها
أربعة فقط؛ وبيان أنه ال فرق سوى اإلجمال والتفصيل. ثمانية أو تسعة شروط ،أو ٍ
بالنظر إلى مناح أهل العلم ومذاهبهم ف عد شروط شها ة أن ال إلمه إال اللمه مد
أن هذه المذاهب والمنماح فم عمدها مخهلفمةً عنمد الهفوميل ال تنماف بينهما عنمد الهحوميل؛
فالمفول ف قول البع هو م مل ف قول امخر.
ومممما يبممي ذل م :أن م م عممدها سممبعة شممروط لممم يغفممل ممما زا ه امخممرون م م شممرط
الكفر بالحاغوت والموافاة على ملممة الهوحيمد .فمالكفر بالحماغوت ال ينمازع فم اعهبماره شمرطاً
م لم يعده فم ال مروط ،ولكم قمد يمراه اخمهً أو منمدرجاً تحمت شمرط اإلخمهم والمحبمة،
وذل م لل ممههزل واله ممداخل ال ممديد ب ممي اإلخ ممهم والكف ممر بالح مماغوت وب ممي المحب ممة والكف ممر
بالحاغوت إذ بهما تمال معناه مما سيأت (.)1
وأمما الموافماة علممى ملممة الهوحيمد فهم تمدخل ضمممناً تحمت شمرط اال قيمما .بمل جميم
ال ممروط ي ممب أن ي موافى عليهمما؛ فيممموت العبممد عالم ماً موقن ماً بمعنممى ال إلممه إال اللممه ،صمما قاً
مخلواً ف قولها ،منقا اً قابهً لها.
وأما م عدها أربعة شروط فهو يخرج قوله على أمري :
ااول :إممما أ ممه ذمممر بع م ال ممروط مممما يمفهمممه قول مه(( :أن االعهممدا بممالنحق بهمما لممه
شروط منها))؛ فهكون ((م )) تبعيضية.
الثا :أو أ ه امهفى ب رط العلم ع ال روط القلبية ااخرى بدليل أ مه أور مم أ لمة
شرط العلم أ لة شرط اإلخهم والودك واليقي (.)2
وامهفى ب رط الهسليم والرضا ع شرط القبول والمحبة.
فالحاصل أن مهمه مهضم لل روط السبعة الم هورة عند أهل العلم.
أممما ممما زا ه امخممرون م م شممرط الكفممر بالحمماغوت والموافمماة؛ فممالكهل هنمما مممالكهل
هناك؛ إذ ال فرك ،ما ال أن مهمه قد اشهمل ال روط السبعة الم هورة عند أهل العلم.
فبان إذاً أن هذه ااقوال مهفقمة مؤتلفمة؛ فمما زا ه المبع لمم ينفمه امخمر ،ولكم ممنهم
م م أجم ممل وم ممنهم م م فو مل ،والهفو مميل ف ممرع ع م اإلجم ممال؛ وال تع ممارض ب ممي ف ممرع وأص ممله؛
معنى واحد ،وال يحرج على م فول أو أجمل ف حورها. ف مي هذه ااقوال ترج إلى ً
والفائ ممدة المهحوم ملة مم م ه ممذا الحو ممر المهق ممدل ه ممو ش ممر ملم ممة الهوحي ممد وإيض مماحها
وتقريممر أحكامهمما؛ م ممأن تقسمميم الهوحيممد إلممى أقسممال ثهثممة ،و حممو ذلم م م تقسمميمات أهممل
العلم وتفريعاتهم اله يور و ها لهقرير المعلول وتأميد حكمه ،وتقريب معناه.
وه ممذا الحو ممر ال يعنم م بالض ممرورة أن ال تك ممون أعم ممال القل مموب ااخ ممرى؛ م ممالخوف
والرجاا والهومل والرغبة والرهبة م أرمان اإليمان وشروط صحة الهوحيد ،إال أن هذه ال روط
الس ممبعة أو الثما يممة المنومموم عليه مما ف م مممهل أهممل العل ممم ه م مااصممول لس ممائر ااعم ممال؛
فسائر أعمال القلموب ااخمرى مهفرعمة عنهما؛ إذ هم المة عليهما إمما بالهضمم أو بمااللهزال()1؛
فالهومل م ممثهً م همو اخمل تحمت شمرط اإلخمهم؛ ان الهوممل معنماه ال مرع اعهمما القلمب
علممى اللممه تعممالى ف م جلممب ف م أو ف م ضممر؛ واعهممما القلممب علممى اللممه هممو م م إخممهم
الهوحيد لله الم يد؛ إذ ال ي وز تعليق الهومل بغير الله تعالى ا ه م ال رك.
مما أن الهومل أيضاً م معا يه الثقة باللمه رب العمالمي ،فبهمذا المعنمى يكمون اخمهً
أيضاً تحت شرط اليقي .
وأيضاً :فالهوممل مرجعمه إلمى علمم العبمد بربمه وأ مه مفهقمر إليمه فم ممل أمموره وفم جميم
شؤو ه ،فبهذا االعهبار يكون الهومل م لوازل العلم والمعرفة بالله .
وفم ذلم يقممول ابم القمميم م رحمممه اللممه م(( :فممإن الهومممل ي م م أصمملي :علممم القلممب
وعمله؛ أما علمه :فيقينمه بكفايمة وميلمه ،ومممال قياممه بمما وملمه إليمه ،وأن غيمره ال يقمول مقاممه
فم ذلم ؛ وأممما عملممه :فسممكو ه إلممى وميلممه وطمأ ينهممه إليممه ،وتفويضممه وتسممليمه أمممره إليممه ،وأن
غيممره ال يقممول مقامممه ف م ذل م ،ورضمماه بهوممرفه لممه فمموك رضمماه بهوممرفه هممو لنفسممه .فبهممذي
( )1الهضم وااللهزال م أ واع الدالالت اللفظية ،وأهل العلم يقسمون الدالالت اللفظية إلى ثهثة أقسال؛ ان اللفظ
إما أن يدل على تمال ما وض له أو ال .وااول المحابقة مداللة البيت على الم موع المرمب م السقف
وال دار وااس .والثا :إما أن يكون على جزا مسماه أوال؛ وااول اللة الهضم ؛ مداللة البيت على ال دار
اعة .ا ظر :اإلبهاج اللة االلهزال مداللة ااسد على ال أن يكون خارجا ع مسماه وه فقط .والثا
للسبك (.)303/1
631 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
ااصمملي يهحقممق الهومممل ،وهممما جماعممه ،وإن مممان الهومممل خممل فم عمممل القلممب مم عملممه
ممما قممال اإلمممال أحمممد :الهومممل عمممل القلممب ،ولكم ال بمد فيممه مم العلممم وهممو إممما شممرط فيممه
وإما جزا م ماهيهه))(.)1
وأما الرجاا والخوف( )2فهما م لوازل شرط اال قيا العمل بحقموك ال إلمه إال اللمه؛
ا مه مهممى ا قممد ف م قلبممه قمما الخمموف والرجمماا تحممرك للعمممل طلب ماً للخممهم م م الخمموف
ورغبةً ف حوول المرجو ،فيكون محققاً ل رط الخوف والرجاا.
يقممول ابم تيميممة م رحمممه اللممه م مقممرراً ذلم (( :وإذا مممان اإل سممان ال يهحممرك إال راجيماً،
وإن مممان راهبماً خائفماً لممم يسم إال فم الن مماة ،ولممم يهممرب إال مم الخمموف ،فالرجمماا ال يكممون
إال بممما يلقممى ف م فسممه م م اإليعمما بممالخير الممذي هممو طلممب المحبمموب ،أو ف موات المكممروه.
فكل بن آ ل له اعهقا فيه توديق ب ا وتكذيب ب م ا ،ولمه قومد وإرا ة لمما يرجموه ممما
هممو عنممده محبمموب ممكم الوصممول إليممه ،أو لوجممو المحبمموب عنممده ،أو لممدف المكممروه عنممه.
والله خلق العبد يقود الخير فيرجوه بعمله ،فإذا مذب بالحق فلمم يومدك بمه ولمم يمرج الخيمر
فيقوده ويعمل له مان خاسراً بهرك توديق الحق وطلب الخير)) ا ههى محل الغرض(.)3
مممما أن للخمموف تعلقماً ب ممرط العلممم مم جهممة ممالممه و قوممه ،فكلممما مممان العبممد باللممه
أعلم مان له أطوع وأخوف مما قال تعالى :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [فاطر.)4(]21 :
وأيضاً فالخوف الذي يو به اإليمان إ مما يهولمد م ممما قمال ابم القميم م مم تومديق
الوعيد وذمر ال ناية ومراقبة العاقبة( ،)5فيكون م لوازل الهوديق بمعنى ال ها ة.
وه ممذا بخ ممهف الرغب ممة فهم م تهولم مد مم م مهحظ ممة اإليع مما ب ممالخير ،فهك ممون مم م لم موازل
الهوديق بالوعد ااخروي(.)1
مممما أن الخمموف والرجمماا لهممما تعل مق ب ممرط المحبممة م م جهممة تحققهمما ،فممه تهحقممق
المحبة إال بهما ،فهكون المحبة مهضمنة لهما.
يقول اب القيم م رحممه اللمه م(( :ومقمال المحبمة جمام لمقمال المعرفمة والخموف والرجماا
معنى يلهئم م هذه ااربعة وبها تحققها))(.)2 واإلرا ة؛ فالمحبة ً
قلممت :ولعممل وجممه ذل م م واللممه أعلممم م ،فممتن المحبممة ال تسممهقر إال بعممد العلممم والمعرفممة
بوممفات المحبمموب الهم اجلهمما يحمب؛ فممإن للمحبممة اعيممان م مممما قممرر ذلم ابم القمميم م هممما:
ال هل وال مال(.)3
مممما أن الخمموف والرجمماا واإلرا ة مم البواعممث علممى العمممل ،والمحبممة ه م أصممل مممل
عمل.
يقممول شممي اإلسممهل م رحمممه اللممه م(( :الحممب أصممل مممل عمممل م م حممق وباطممل ،وهممو
أصل ااعمال الدينية وغيرها))(.)4
فثبت أن تحقيق المحبة يكون بالخوف والرجاا ،واإلرا ة م العلم.
وأما الحياا م الله تعالى فهو اخل ف معنى الخوف.
فب ممان إذن أن أعم ممال القل مموب ااخ ممرى اخل ممة فم م ش ممروط ال إل ممه إال الل ممه ،وال ممروط
السممبعة الممة عليهمما؛ إممما تضمممناً أو اسممهلزاماً ،فممه وجممه للقممد فم هممذا الحوممر ،والههمموي مم
شأ ه بل هو م مما سيأت م حور اسهقرائ تال(.)5
وبع م م المعاص م مري أ كم ممر صم ممحة هم ممذا الحوم ممر ف م م مو هم مما سم ممبعة بمم مما زا ه الم ممبع
عليها( ،)6وحاصل الدف أ ه لم يفرك بي اإلجمال والهفويل(.)7
مممممممممم
(= )1ا ظر :م موع الفهاوى (.)55/1
( )2مدارج السالكي (.)631/6
( )3ا ظر :ال واب الكاف (م.)316 :
( )4قاعدة ف المحبة (م .)663 :وا ظر :ال واب الكاف (م.)331 ،336 :
( )5وذل باعهبار اإلجمال ال باعهبار الهفويل ،ان الحور الهال مما سيأت هو ال امل الذي ال يقبل الزيا ة أو
النق ،فهذه ال روط باعهبار اإلجمال حاصرة ل روط ال إله إال الله أما باعهبار اافرا واا واع فه ليست
بحاصرة ،وهذا اهر فيما تقدل.
( )6ا ظر :قواعد ومسائل ف توحيد اإللهية لل ي عبد العزيز الريس (م.)173 :
( )7ا ظر( :م )150 :حاشية رقم (.)3
631 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
633 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
المبحث السادس :من نفى هذه الشثروط مثن المعاصثرين وزعثم أنهثا مثن بثدع المتثأخرين
مع بيان شبهته ونقدها.
تقدل معنا م قريباً م أن همذه ال مروط مقمررة فم ممهل أهمل العلمم منثمورة فم مهمهمم إال أن
أهممل البممدع علممى عمما تهم فم اله ممغيب علممى أهممل الحممق حمل موا علممى المهممأخري م م أهممل السممنة
وألبسوهم لباس البدعة؛ حيث زعموا أن القول بهذه ال روط م بدع المهأخري م أهمل السمنة.
وقد خلت هذه ال بهة حهى على بع المنهسبي إلى العلم والسنة.
وأول ه م ممور ه م ممذا اإل ك م ممار يرجم م م إل م ممى م م ممهل الكرامي م ممة( )1أتب م مماع محم م ممد بم م م مم م مرال
الس سممها ( )2حيممث زعممم أن اإليمممان هممو م ممر النحممق واإلق مرار م باللسممان ون القلممب م؛
فأخرج أعممال القلموب وال موار عم مسممى اإليممان( .)3ومم ذلم شمروط شمها ة أن ال إلمه
إال الله؛ إذ ه أصل اعمال ال وار والقلوب ،فهدخل خوالً أوليماً فم عمدل اعهبارهما عنمده
ف صحة اإليمان.
والكهل ف الر على هؤالا الكرامية سيأت ف موضعه م إن شاا اللمه تعمالى م عنمد
مناق ممة مم جعممل النحممق واإلقمرار ال ممرط ااوحممد لوممحة اإليمممان ،ا ممه اا سممب واالوممق
مقاماً به.
اف ل ميعها ( )1بل جمي طوائف المرجئة محبقون على ف هذه ال روط؛ ولك بي مقل ومكثر؛ فم
مالكرامية ،وم اف لبعضها على خهف بينهم ف وع المنف منها ،وسيأت بيان القدر المنف و وعه عند مل
طائفة ف ثنايا تفويل هذه ال روط.
( )2هو :محمد ب مرال الس سها ،رأس الفرقة الكرامية ،م المرجئة الغهة ،مان عامياً ال يقرأ وال يكهب؛ فكان يمل
على أصحابة م بنيان أفكاره ،ومان يزعم أن معبو ه جسم له ٌّ
حد و هاية ،فحر م س سهان ،فاسهقر به المقال
بنيسابور ،فكان يظهر الزهد والهق ف ،ومان يقول أن اإليمان قول اللسان ون اعهقا القلب وعمل اارمان.
ا ظر :الفرك بي الفرك للبغدا ي (م 261 :م ،)221والبرهان للسكسك (م.)31 :
( )3ا ظر :مقاالت اإلسهميي لتشعري ( )223/6والفرك بي الفرك (م ،)223 :والبرهان للسكسك (م.)31 :
وال دير بالذمر أن الكرامية ال تنكر وجوب أعمال القلوب ،مالمعرفة والهوديق و حوهما ،ولك تقول :ال تدخل
ف اسم اإليمان حذراً م تبعضه وتعد ه ،ا هم رأوا م مما سيأت ف شبههم م أ ه ال يمك أن يذهب بعضه ويبقى
بعضه ،بل ذل يقهض أن ي هم ف القلب إيمان ومفر ،واعهقدوا اإلجماع على ف ذل ،مما ذمر هذا
اإلجماع ااشعري وغيره[ .م موع الفهاوى ( )331/1بهورف يسير].
613 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
وقد تأثر بهؤالا الكرامية بعم المهمأخري ممم ينهسمب إلمى العلمم والسمنة ،فظهمر فم
مهمهم النف لهذه ال روط إما توريحاً وإما تلويحاً .ومم قال بنف همذه ال مروط صمراحة
رج ممل ه ممر قبملن مما بالس ممو ان ينهس ممب إل ممى العل ممم والس ممنة حي ممث زعم مم أن ه ممذه ال ممروط مم م ب ممدع
السلفيي ( ،)1وأن أول م قعد وأصل لها ال ي اإلمال محمد ب عبد الوهاب م رحممه اللمه م بمل
ذهممب إلممى أبعممد مم ذلم ،فقممال :لمميس فم اإلسممهل شم ا اسمممه شممروط ال إلممه إال اللممه( )2ثممم
أخذ يهناق ف مهمه؛ فهارة يقول :إ هما شمروط مممال؛ وتمارة يقمول :أ هما شمروط صمحة بمي
العبد وربه وشروط ممال بي العبا ،فأتى بموحلحات حا ثة لمم يسمبقه إليهما أحمد مم أهمل
السممنة .ولمميس لممه شممبهة إال قولممه أن القممول بهممذه ال ممروط مرمممب إلممى تكفيممر اامممة .والممر علممى
مهمه م عدة جهات:
ااولى :قوله أن هذه ال مروط مم بمدع السملفيي :ممهل غيمر محم ابق للواقم ،فهمو
مذب عليهم ،فالسلفيون هم أهمل السمنة ،وهمم المذي يقهفمون آثمار مم مضم وا مم سملف
هممذه اامممة مم الوممحابة والهممابعي ،وهممم فم اعهبممار هممذه ال ممروط مقهفممون مثممارهم؛ فقممد
جاا ف مهل السلف ااوائل ما يدل على أن ل (( ال إله إال اللمه)) شمروطاً .فقمد روى ابم
أب الد يا ف مهابه (( حس الظ بالله))( )3بإسنا ه إلى الحسم ( )4أ مه قمال للفمرذ ك(،)5
وهممو يممدف امرأتممه :ممما أعممد ت لهممذا اليممول()6؟ فقممال الفممرذ ك :شممها ة أن ال إلممه إال اللممه منممذ
( )1يعن المهأخري مم ينسبون إلى السلف ويحرصون على اقهفاا آثارهم ،والسير بسيرهم ف االعهقا والعمل.
أ هر ويحلق عليهم السلفيون .وال محظور ف هذه النسبة .قال شي اإلسهل م رحمه الله م(( :ال عيب على م
مذهب السلف وا هسب إليه واعهزى إليه ..فإن مذهب السلف ال يكون إال حقاً)) ا ههى[ .م موع الفهاوى
(.)613/1
( )2ا ظر :م ازفات ع يش ،لتخ زار هاشم.
(( )3م )11 :رقم ( ،)632وأور ه الحافظ اب رجب ف ملمة اإلخهم (م.)63 :
( )4هو :الحس ب يسار البوري مولى اا وار سيد الهابعي ف زما ه بالبورة ،قال الذهب ف ترجمهه(( :مان ثقة
ف فسه ،ح ة رأساً ف العلم والعمل ،عظيم القدر ،وقد بدت منه هفوة ف القدر لم يقودها لذاتها ،فهكلموا
فيه فما الهفت إلى مهمهم ،ا ه لما حوقق عليها تبرأ منها)) مات سنة ع ر ومائة .ا ظر :ميزان االعهدال
( ،)216/2وتقريب الههذيب (م)231 :
( )5هو :همال ب غالب ب صعوعة ،م بن تميم ،شاعر م هور بلقبه ،منيهه أبو فراس ،ومان يه ي مل البيت.
يغلب على شعره الفخر ،توف سنة ( )661هم .ا ظر :يوا ه (م 1 :م .)1
( )6ف الحبقات الب سعد ((( :)613/1ما أعد ت لهذا المض ؟)).
616 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
سممبعي سممنة .قممال الحس م م رحمممه اللممه م (( :عممم العممدة .لك م ل ممهإله إال اللممه شممروط ،فإيمماك
وقذف المحونة))(.)1
وقيل للحس :إن اساً يقولون :م قال ال إله إال الله خل ال نمة؟ فقمال :مم قمال:
ال إله إال الله ،فأ ى حقها وفرضها خل ال نة(.)2
وقممال وهممب بم منبممه( )3لمم سممأله :ألمميس ال إلممه إال اللممه مفهمما ال نممة()4؟ قممال :بلممى،
ولك ليس مفها إال له أسنان؛ فإن جئت بمفها له أسنان فه ل ،وإال لم يفه ل (.)5
وقد فسرت أسنان المفها ب روط شها ة أن ال إله إال الله(.)6
فهبممي أن القممول بممأن ل م((شممها ة أن ال إلممه إال اللممه)) شممروطاً قممول قممديم قممال بممه السمملف،
وليس هو م بدع المهأخري مما زعمه هذا القائل.
الجهثثة الثانيثثة :قولممه لمميس فم اإلسممهل شم ا اسمممه شممروط ال إلممه إال اللممه .إن أرا بممه االسممم،
فهو مذل ؛ فلم ير هذا االصحه ف القرآن وال ف السمنة .أمما إن أرا المسممى فهمو ممما
ور ف القرآن والسنة؛ إذ ما م شرط م هذه ال روط إال وعليه أمثر م ليل م الكهاب
( )1بهذا اللفظ أور ه الحافظ اب رجب ف ملمة اإلخهم (م .)63 :وأصله ف الحبقات الب سعد
( ،)613/1وعند اب أب شيبة ف المونف ( .)211/1وهو حس بم موع طرقه ورواياته .ا ظر :أقوال
الهابعي ف مسائل الهوحيد واإليمان لعبد العزيز المبدل (م.)131 :
( )2أخرجه الهيم ف مهابه الح ة وبيان المح ة ( ،)612/2وف سنده الحس ب عميرة ،وهو م هول .ولك
ااثر ي هد له ما قبله .ا ظر :أقوال الهابعي ف العقيدة ( 132/2م .)133
( )3هو :أبو عبد الله الونعا اابناوي م بفه الهمزة وسكون الموحدة بعدها ون م ،عالم اليم ،م مبار الهابعي
وفضهئهم ،ولد ف آخر خهفة عثمان روى ع أبو هريرة وعبد الله ب عمر واب عباس وأب سعيد وجابر
وغيرهم م رض الله عنهم أجمعي .وعنده م علم الكهاب ال ا الكثير ،وحديثه ف الوحيحي .توف سنة أرب
ع رة ومائة .ا ظر :ال ر والهعديل ( ،)21/3وتذمرة الحفاظ (.)636/6
( )4ي ير السائل إلى قوله م صلى الله عليه وسلم م(( :إن مفها ال نة ال إله إال الله)) .خرجه اإلمال أحمد ف المسند
( .)212/1قال الحافظ اب رجب :إسنا ه منقح [ملمة اإلخهم (م.])66 :
( )5أخرجه البخاري ف مهاب الهاري الكبير ( ،)31/6وعلقه ف أول مهاب ال نائز م صحيحه ،وأخرجه أبو عيم
ف الحلية ( ،)11/1وف صفة ال نة (جم )33/2رقم ( ،)636والبيهق ف ااسماا والوفات ( )211/6رقم
( ،)231ووصله الحافظ اب ح ر ف تغليق الهعليق (.)111/2
( )6ا ظر :ملمة اإلخهم الب رجب (م.)66 :
612 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
أو الس ممنة .والعب ممرة بالمع مما ال باالف مماظ والمب مما ؛ والحك ممم عل ممى االف مماظ ون النظ ممر إل ممى
المعا اهرية مرفوضة .والقح أن مرا ه الثا ان زاعه ف اعهبار هذه المعا .
الجهة الثالثة :قوله أن القول بهذه ال روط مرمب إلمى تكفيمر ااممة ،همو مم ال همل بأصمول
أهل السنة؛ فإن أهل السنة م وهم القائلون بهذه ال روط م مم أمثمر النماس ورعماً وأبعمدهم عم
تكفيممر المعينممي ؛ إذ مم أصمولهم المقممررة أن مم ثبممت إسممهمه بيقممي ال يخممرج منممه إال بيقممي ،
وأ ممه ال يكفممر المسمملم إال بعممد تمموفر ال ممروط وا هفمماا الموا م .مممما أ هممم ال ينقبممون عممما ف م
قلمموب النمماس تأس مياً بإمممامهم وقممدوتهم محمممد القائممل« :إ م لممم أأمممر أن أ قممب عممما ف م
قلمموب النمماس»( ،)1والقائممل« :هممه شممققت ع م قلبممه»( )2بممل يحكمممون بالظمماهر ويكلممون أمممر
السرائر إلى الله تعالى.
يقول اإلمال الححاوي م رحمه الله م(( :وال مهد علميهم بكفمر ،وال ب مرك ،وال بنفماك
ما لم يظهر منهم ش ا م ذل ،و ذر سرائرهم إلى الله تعالى))(.)3
فالمقرر عندهم أن مل م تلفظ بال ها تي هو باك على إسهمه ،ال يزول عنه اسم
اإلسهل إال إذا أتى بناق م واق اإلسهل المعروفة عند أهل العلم(.)4
وم ذل فمالهكفير لميس احمد ممنهم بمل همو حكمم شمرع للمه ولرسموله )5(ينحبمق
على م تلبس بمه ،ولكم أهمل السمنة قمد وضمعوا لمه ضموابط مسمهفا ةً مم الكهماب والسمنة()6؛
( )1أخرجه البخاري ف مهاب المغازي ،باب :بعث عل ب أب طالب وخالد ب الوليد رض الله عنهما إلى اليم
(.)6311 ( ،)1316ومسلم ف مهاب الزماة ()112/2 قبل ح ة الو اع (جم)623/1
( )2أخرجه البخاري ف مهاب اإليمان م صحيحه ( )61/6حديث رقم ( ،)21ومسلم ف مهاب اإليمان
( )31/6حديث رقم ( )611مههما م حديث أسامة ب زيد رض الله عنهما.
( )3الححاوية م شرحها الب أب العز (م.)316 :
اإلسهل الع رة لل ي محمد ب عبد الوهاب م رحمه الله م ضم م موع مؤلفاته واق ( )4ا ظر :لهذه النواق
( 311/6م .)311
))5يقول اإلمال أحمد م رحمه الله م ((فإن اإلي اب والهحريم والثواب والعقاب والهكفير والهفسيق هو إلى الله ورسوله
ليس احد ف هذا حكم وإ ما على الناس إي اب ما أوجبه الله ورسوله وتحريم ما حرمه الله ورسوله وتوديق ما
أخبر الله به ورسوله)) .قهً ع م موع الفهاوى ( .)111/1وا ظر :فس المودر (.)121/62
))6لضوابط الهكفير عند أهل السنة ينظر :م موع الفهاوى ( ،)133/21وشر الححاوية الب أب العز (م:
231م ،)331والهكفير وضوابحه عند أهل السنة للدمهور إبراهيم ب عامر الرحيل .
613 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
فالقول بهذه ال روط ال يسهلزل الهكفير ،ولك اإلخهل بهذه ال مروط همو المسمهلزل للهكفيمر
وذل وفقاً للضوابط المقررة عند أهل السنة ف تكفير المعي .
واإلخهل بهذه ال روط أمر يظهر على ال وار ،وذل للههزل بي الظماهر والبماط ؛
ففسمما الظمماهر ممرتبط بفسمما البمماط مممما أن صممهحه ممرتبط بوممه البمماط .وقممد ل علممى
ذلم قولممه م صمملى اللممه عليممه وسمملم م(( :أال وإن فم ال سممد مضممغة إذا صمملحت صممل ال سممد
مله ،وإذا فسدت فسد ال سد مله أال وه القلب))(. )1
وفم هممذا يقممول شممي اإلسممهل م رحمممه اللممه م(( :العمممل الظمماهر الزل للعمممل البمماط ال
ينف عنه ،وا هفاا الظاهر ليل ا هفاا الباط ))( .)2ويقول(( :ثمم القلمب همو ااصمل؛ فمإذا ممان
فيممه معرفممة وإرا ة سممرى ذل م إلممى البممدن بالضممرورة ،ال يمك م أن يهخلممف البممدن عممما يريممده
القل ممب ،وله ممذا ق ممال النبم م « :أال وإن فم م ال س ممد مض ممغة إذا ص مملحت ص ممل له مما س ممائر
ال سد أال وه القلمب» .....؛ فمإذا ممان القلمب صمالحاً بمما فيمه مم اإليممان علمماً وعممهً
قلبيماً لممزل ضممرورة صممه ال سممد بممالقول الظمماهر والعمممل ،فاإليمممان المحلممق( )3مممما قممال أئمممة
أهممل الحممديث :قممول وعمممل ،قممول بمماط و مماهر ،وعمممل بمماط و مماهر ،والظمماهر تمماب للبمماط
الزل له ،مهى صل البماط صمل الظماهر ،وإذا فسمد فسمد .ولهمذا قمال مم قمال مم الومحابة
ع المول العابث :لو خ قلب هذا لخ عت جوارحه))(.)4
وأيضاً :فإن ال خ قد يهكلم بكهل يحكمم بموجبمه عليمه با هفماا همذه ال مروط مم
قلبه؛ مم سمعناه يقول :إ ه ي ف صحة ي اإلسهل ،أو ف صدك النب عليه الوهة
والسهل ،أو قال :قلت ال إله إال الله وأ ا مبغ لها ،أو ول ا قا لحقوقها ،فهذا مافر ا مه
قد شر بالكفر صدراً وأبان عما ف قلبه(.)5
(( )12جم 22/6م ،)23ومسلم مهاب ( )1أخرجه البخاري ف مهاب اإليمان ،باب :فضل م اسهبرأ لدينه
(.)6133 المساقاة ( 6263/3م )6223
( )2م موع الفهاوى (.)111/1
( )3ف م موع الفهاوى العبارة(( :والعمل باإليمان المحلق)) وه غير مسهقيمة.
( )4المودر فسه (.)611/1
) ) 5ا ظر :مغن المريد ال ام ل رو مهاب الهوحيد ( 313/6م .)316
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
()1
م ،حيممث ومم ذلم أيضماً قممول مم يقممول :إن الز ممديق ال تقبممل توبهممه م مممما سمميأت
يحكم بكفره ف الظاهر ،لكو ه يرج احهمال عدل صدقه ف الباط .
رابعاً :قوله أن هذه ال روط شروط ممال هو خهف المقمرر عنمد أهمل العلمم مم أهمل السمنة؛
ف ممإ هم ق ممد و موا عل ممى أ ه مما ش ممروط ص ممحة؛ ف ممه تنف م ش ممها ة الهوحي ممد م عن ممدهم م قائله مما إال
باجهماع هذه ال روط وتحققها.
يقول ال ي عبمد المرحم بم حسم آل ال مي م رحممه اللمه م(( :ال بمد فم شمها ة أن
ال إله إال الله م سبعة شروط ،ال تنف قائلها إال باجهماعها))( )2ثم عدها.
وقال حافظ حكم م رحمه الله م ف ظمه سلم الوصول:
وف م م م م م م وم م م م م مموم ال م م م م م موح حق م م م م م ماً ور ت وب م م م م م م م م م ممروط سم م م م م م م م م ممبعة قم م م م م م م م م ممد قميم م م م م م م م م ممدت
()3
ب م م م م م م م م م م م ممالنحق إال حي م م م م م م م م م م م ممث يسهكملم م م م م م م م م م م م م ممها فإ م م م م م م م م م م م م م ممه لم م م م م م م م م م م م م ممم ينهف م م م م م م م م م م م م م م قائلهم م م م م م م م م م م م م مما
مما أن القول بأ ها شمروط مممال ال شمروط صمحة موافمق لقمول الكراميمة مم المرجئمة
القممائلي بممأن اإليمممان هممو اإلق مرار بال ممها تي ،وأن ااعمممال غيممر اخلممة ف م أصممله ،وق مولهم
مبه ممدع فم م اإلس ممهل ،وق ممد ب ممدعهم الس مملف ،ومث ممر كي ممرهم عل مميهم؛ ومهمه ممم فم م تب ممديعهم،
وت ديد اإل كار عليهم م هور عنمد أهمل السمنة وسميأت ذممر طمرف منمه فم موضمعه إن شماا
الله تعالى.
خامس ماً :قولممه :بممأن هممذه ال ممروط شممروط صممحة بممي العبممد وربممه وشممروط ممممال بممي العبمما ،
موحل حا ث بل فاسد .فقوله :أ ها شروط صحة بي العبد وربه يلزل منه حور الكفر ف
الباط فقط ،وهمو ممذهب المرجئمة .ومفمر البماط ال سمبيل احمد إلمى معرفهمه والك مف عنمه،
وعليممه فممه يهحقممق مفممر مممافر قممط إال بممالن الخممام ف م شممخ شممخ ( ،)4وهممو خممهف
المقرر عند أهل العلم؛ إذ المقرر عندهم أن ااحكال جميعها مبناها على الظاهر.
يقممول اإلمممال ال ممافع م رحمممه اللممه م(( :إ ممما ملممف العبمما الحكممم علممى الظمماهر م م
القول ،أو الفعل ،وتولى الله الثواب على السرائر ون خلقه))(.)1
وقممد حكممى الحممافظ اب م ح ممر م رحمممه اللممه م اإلجممماع علممى هممذه القاعممدة ،فقممال:
((وملهم أجمعوا على أن أحكال الد يا على الظاهر ،والله يهولى السرائر ،وقد قال م صملى اللمه
عليممه وسمملم م اسممامة« :هممه شممققت ع م قلبممه» .وقممال للممذي سمماره ف م قهممل رجممل« :ألمميس
يول ؟» قال :عم .قال :أولئ الذي هيت ع قهلهم))(.)2
ويقممول شممي اإلسممهل م رحمممه اللممه م فم توضممي هممذه القاعممدة(( :وقممد يكممون فم بممه
الكفمر مم همو مممؤم فم البمماط يكممهم إيما مه مم ال يعلمم المسمملمون حالمه ،إذا قمماتلوا الكفممار
فيقهلو ممه ،وال يمغسممل ،وال يومملى عليممه ،ويممدف م م الم ممرمي ،وهممو ف م امخممرة م م المممؤمني
أهل ال نة ،مما أن المنافقي ت رى عليهم ف الد يا أحكال المسلمي ،وهمم فم امخمرة فم
الدرك ااسفل م النار؛ فحكم الدار امخرة غير حكم الدار الد يا))(.)3
وقممد أجممرى أهممل العلممم هممذه القاعممدة ف م جمي م ااحكممال ،ف م إثبممات اإلسممهل وف م
اإلخ مراج ع م ائرتممه ،وف م الهفسمميق والهبممدي ،وف م حقمموك العب مما بعضممهم عل ممى بع م وف م
منامحاتهم وسائر معامهتهم.
ومممما يممدل علممى إج مرائهم هممذه القاعممدة ف م مسممائل الهكفيممر خاصممة قممول اب م ح ممر
الهيهم اقهً ع القاض عياض( )4ومقراً له(( :وما ذمره اهر إذ المدار فم الحكمم بمالكفر
على الظواهر ،وال ظر بالمقوو والنيات))(.)5
ال هممة السا سممة :وقولممه بأ همما شممروط ممممال بممي العبمما هممو مم غرائبممه وفرائممده .وهممو محهمممل
لقممول باطممل موجممو ،ولقممول فاسممد إليممه غيممر مسممبوك؛ فممإن قوممد بممه أ همما شممروط ممممال ف م
أحكال الد يا ،بمعنى أ ه ال يكفر المسلم بفقدها ،فهمذا قمول غاليمة المرجئمة ممما تقمدل .وإمما
إن قود به أن تفاضل الناس ف الد يا فيما بينهم يكون وفمقاً لهحقيق هذه ال روط ،فهمذا ال
يقوله عاقل ،ان تفاضل الناس ومراتبهم ف اإليمان ال علم احمد مم النماس بمه ،بمل همو مم
الغيب الذي ال يعلممه إال اللمه ،والخموض فيمه مم بماب تعلميم اللمه تعمالى بمما فم القلمب،
وهممو سمموا أ ب مم اللممه تعممالى .قممال تعممالى :ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ([ )1الح م مرات .]61 :ولكم م مم م ور ال ممن فم م تفض مميله ج مماز لن مما
تفضيله مما ف السن ع أب بكرة ع النب قال« :هل رأى أحد ممنكم رأيما؟» .فقمال
رجل :أ ا .رأيت مأن ميزا ماً مزل مم السمماا فوز مت أ مت وأبمو بكمر فرجحمت أ مت بمأب بكمر
ثم وزن أبو بكر وعمر فرج أبو بكر ثم وزن عمر وعثمان فرج عمر ثم رف الميزان فاسمهاا
لهمما النب م .فقممال« :خهفممة بمموة ثممم يممؤت اللممه المل م م م ي مماا»( .)2قممال أبممو بكممر ب م
عيمما ( )3م معلقماً علممى هممذا الحممديث م :ممما سممبقهم أبممو بكممر بوممهة وال صمميال ولكم ب م ا
وقر ف قلبه(.)4
))1ا ظر :مهل اب سعدي م رحمه الله م ف تفسير هذه امية ف تفسيره (م.)132 :
( ،)1131والهرمذي ف مهاب الرأيا ،باب ما ( )2أخرجه أبو او ف مهاب السنة ،باب الخلفاا ()231/1
( )2211وقال :حس صحي ،ورواه أحمد ف المسند ()13 ،11/1 جاا ف رأيا النب )111/1(
والحامم ف المسهدرك ( .)16/3وقال :صحي على شرط ال يخي ولم يخرجاه .وحكم االبا بأ ه صحي
مما ف صحي سن الهرمذي (.)6111
( )3هو :أبو بكر ب عيا ب سالم ااسدي الكوف المقرىا ،الحناط ،بمهملة و ون ،م هور بكنيهه ،وااص أ ها
اسمه ،وقيل :اسمه محمد أو عبد الله أو سالم أو شعبة أو رأبة أو مسلم أو خدا أو محرف أو حما أو
حبيب ع رة أقوال ،ثقة عابد ،إال أ ه لما مبر ساا حفظه ،ومهابه صحي ،م السابعة ،مات سنة أرب وتسعي
بعد المئهي ،وقيل :قبل ذل بسنة أو سنهي ،وقد قارب المائة ،وروايهه ف مقدمة مسلم[ .تقريب الههذيب (م:
.])1111
( )4أور ه الع لو ف م ف الخفاا ( )211/2وقال ذمره الغزال ف اإلحياا ،وقال مخرجه العراق :لم أجده
مرفوعاً ،وهو عند الحكيم الهرمذي ،وأبو يعلى ع عائ ة وأحمد ب مني ع أب بكر مههما مرفوعاً ،وقال ف
النوا ر :إ ه م قول بكر ب عبد الله المز .ا ههى .وا ظر :منهاج السنة ( ،223/1و.)133/1
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
إال أن االحهمال ااول ينقضه قوله(( :إ ها شروط صحة بي العبد وربه)) ،فلم يبمق إال
االحهمال الثا ،وهو ال يخرج م رأس ذي عقل للمعا (.)1
ومم م ألم م إلممى ف م هممذه ال ممروط أيض ماً صمماحب مهمماب "الهكفيممر جممذوره أسممبابه
مبرراتممه" حيممث قممال فم ((م ))611:منممه ...(( :مم مممل ذلم وأمثالممه يهضم جليماً أن النحممق
بال ها ة يكف للحكمم لوماحبها باإلسمهل ،وال نملث أن نعثع لثذل شثروطاً لثم يبلبهثا
الشارع الحكيم)) .اهم.
وقد بن هذا القول على أ لة م ال رع ،مفا ها :أن ال خ إذا قال ال إله إال الله
ال يحالب بأمثر مم ذلم ،وال يسمأل همل قمال ال مها ة بمإخهم وصمدك ويقمي .فمذمر مم
ذل :قوة ذات أ واط ،وفيها طلب بع الوحابة م النب أن ي عمل لهمم ذات أ مواط
مممذات أ مواط الم ممرمي الهم ممما وا ينوطممون بهمما أسمملحههم طلبماً للحممرز والبرمممة .ومم ذلم لممم
ي ممر النبم علمميهم شممها تهم بممدليل أ ممه لممم يحممالبهم بإعا تهمما ،بممل قممال« :قلممهم والممذي فممس
محمممد بيممده مممما قالممت بنممو إسمرائيل لموسممى :اجعممل لنمما إلهماً مممما لهممم آلهممة ،قممال :إ كممم قممول
ت هلون»(.)2
واالسهدالل بهذا الحديث على ف شروط شها ة أن ال إله إال الله غير مهوجمه .بمل
هممو ٌّال علممى هممذه ال ممروط بممدليل أن النب م أ كممر علمميهم ق مولهم ،وشممبه قممالهم بقممال بن م
إس مرائيل لموسممى(( :اجعممل لنمما إله ماً مممما لهممم آلهممة)) ،فلممو ممما وا غيممر محممالبي ب ممروط تحقيممق
ملم ممة الهوحي ممد لم مما م ممان ل .ك ممار عل مميهم مس مما .وغاي ممة م مما فم م ه ممذا الح ممديث أن العلم مماا
يسهدلون بمه علمى مسمألة العمذر بال همل فم مسمائل االعهقما فم حمق مم ممان حمديث عهمد
أن حفظ هذه ال روط ( )1قلت :وقد يريد معنىً حقاً ،ولك ال يدل عليه اللفظ ،وهو أن يقود بذل
وإحوااها شرط ممال ،فالذي يعلم هذه ال روط م تحقيقها لها أممل مم ال يعلم هذه ال روط إال أ ه
محقق لها .ولك القول بأ ها شروط ممال موحل شرع ال يعبر به على هذه الوورة اله قد يريدها القائل؛
فالواجب الهعبير باالفاظ المبينة وترك االفاظ الم ملة.
( )2أخرجه الهرمذي ف جامعه ( )162/1حديث رقم ( ،)2613وأحمد ف المسند ( ،)261/1واب أب شيبة
ف المونف ( ،)113/1وعبد الرزاك ف المونف ( ،)313/66وأبو يعلى ( ،)33/3والحبرا ف الكبير
( )211/3رقم ( ،)3233وأور ه الهيثم ف الم م ( )21/1وقال :رواه الحبرا وفيه مثير ب عبد الله،
هل ال نة وقد ضعفه ال مهور ،وحس الهرمذي حديثه .قلت :وحس إسنا ه العهمة االبا م رحمه الله م ف
ف تخريج السنة الب أب عاصم (م.)31:
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
بإسممهل ،ولممم يممهمك بمعممد مم العلمم بهفاصمميل شممعب اإليمممان ،وممما يناقضممها ،بممل آمم إيما ماً
م مهً فوق منه موع شرك ،فه يكفر بذل (.)1
وم ال بهات اله أور ها أيضاً وبنى عليها فيه لهذه ال روط :قوة ااعرابم المذي
سأل النب ع شرائ اإلسهل ،فلمما أخبمره بهما ا ومرف وهمو يقمول(( :واللمه ال أزيمد عليهما
ش مميئاً)) .فق ممال معقبم ماً عل ممى قول ممه« :أفلم م إن ص ممدك»( .)2ق ممال :ففم م ه ممذا الح ممديث ل ممم
يحال ممب ااعرابم م ب ممأمثر مم م ق ممول ال إل ممه إال الل ممه وفع ممل الو ممهة والزم مماة والو ممول ف ممأي ه ممذه
ال روط؟
ثممم أضمماف :ومم المعممروف أن بعم ااعمراب مممان يقممف علممى رسممول اللممه يسممأله
ثم يسلم وينورف ،ولم يحع أحد ف إسهل هؤالا وأمثالهم(.)3
وي اب ع اسهدالله بهذا الحديث م جههي :
أوالً :أ ه لم ير ف أي لفظ م ألفاظ الحمديث أن النبم أممر ااعرابم بقمول ال إلمه إال اللمه،
وعلى ذل فه يو االسهدالل بهذا الحديث ف موض النمزاع.
ثا يماً :علممى فممرض ورو اامممر بال ممها ة إال أن الممرواة لممم ينقلوهمما اخهومماراً ل ممهرتها مممما ذهممب
إليه بع أهل العلم( )4فال واب م ثهثة أوجه:
( )1ا ظر :م ف ال بهات ضم مؤلفات ال ي محمد ب عبد الوهاب ،القسم ااول ،العقيدة وام اب اإلسهمية
(م.)611 :
وا ظر :ف تقرير هذه المسألة :الهمهيد الب عبد البر ( ،)12/61وم موع الفهاوى (.)166/66
( )2أخرجه البخاري ف مهاب اإليمان ،باب :الزماة م اإلسهل (جم )23/6حديث رقم ( ،)11ومسلم ف مهاب
اإليمان ( )16/6حديث رقم ( 1و.)63
( )3الهكفير جذوره أسبابه مبرراته (م .)611 :قلت :وال ير هنا أ ه يقود بكهمه عدل الهوقف ف إسهل م حق
بال ها تي حهى يعلم منه تحقق هذه ال روط ،ا ه اسهدل بقوة ذات أ واط على عدل المحالبة بهذه ال روط
مما يدل على أ ه ي ن إلى ف هذه ال روط وعدل اعهبارها محلقاً مما هو اهر اسهدالله .وتوضيحه :أن
أصحاب ذات أ واط قد اسهقر إسهمهم فالذي حول منهم هو بعد قولهم ال إله إال الله ،فلو مان مرا ه أن ال
يسأل م حق بال ها تي هل قالها مسهكمهً لهذه ال روط لما اسهدل بهذه القوة ،فاسهدالله بهذه القوة
ليل فيه لهذه ال روط ،وقد يكون له قود آخر معهبر ،ولك ح حاممه على اهر مهمه ال على ما ف
قلبه و يهه ان االفاظ مما قيل قوالب المعا .والله تعالى أعلم بمرا عبا ه.
( )4ا ظر :فه الباري (.)631/6
613 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
الوجه ااول :أن ف هذا الحديث ما يدل علمى اعهبمار همذه ال مروط بمدليل أن النبم أممر
ااعراب م بالوممهة والزم مماة والوممول بعممد ال ممها تي ،وهممذه ااعمممال ٌّال بعض ممها علممى شممرط
اال قيمما العمل م مممما سمميأت ( .)1مممما أن قولممه « :أفل م إن صممدك» فيممه إشممارة إلممى شممرط
الودك؛ إذ أ اط النب فه ااعراب ف امخرة بودقه ف الهزال ما أأمر به ،وم ذلم
الوممدك ف م شممها ة الهوحيممد ،والوممدك أيض ماً مهضممم ل ممرط اإلخممهم واليقممي .مممما أن
قولممه(( :واللممه ال أزيممد علممى ذل م وال أ ق م )) ال علممى قبولممه لممما أأمممر بممه ،وا قيمما ه لممذل .
وأيضاً م يئه إلى النب وإسهمه بي يديه م طائعماً مخهماراً م ال علمى محبهمه لهمذه الكلممة
ولما تقهضيه م إخهم الهوحيد لله تعالى و بذ ال رك والهنديد.
الوجممه الثمما :أن المخمماطبي زم م البعثممة ممما وا عرب ماً أقحاح ماً خلو ماً يفهمممون معنممى الخحمماب؛
ولممذل لممما أمممر النب م م ممرم العممرب بممأن يقول موا :ال إلممه إال اللممه .اسممهنكروا قممائلي م مممما
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [م،]1 : ﭸﭹ ﭺ حكممى اللممه تعممالى عممنهم م :ﭵ ﭶ ﭷ
وذلم لعلمهممم بممما تقهضميه هممذه الكلمممة وتسممهلزمه مم إخممهم الهوحيممد للممه تعممالى والبمرااة مم
ال رك وأهله .ولك لما بمعد الناس ع عهد الرسالة وشابت الع مة لغة العمرب بسمبب خمول
ااعاجم وخاصة الفرس ف اإلسهل ووق الهمأثر بعلمم الكمهل حومل االشمهباه عنمد بعم النماس
ف معا مثير مم االفماظ ال مرعية ،ومم ذلم لفمظ ((اإللمه)) ولفمظ ((المرب)) فماحهيج إلمى همذا
البيان لمعنى ملمة الهوحيد وما تقهضيه وتسهلزمه.
وحول هذا المعنى يقول أبو ااعلى المو و ي م رحمه الله م...(( :أ مه لمما مزل القمرآن
ف العرب وعرض على الناطقي بالضما ،ممان حينئمذ يعمرف ممل اممرا ممنهم مما معنمى ((اإللمه))
وممما الممرا ب((الممرب))؛ ان ملمهم اإللممه والممرب ما همما مسممهعملهي فم مهمهممم مم ذي قبممل،
وما وا يحيحون علماً ب مي المعا اله تحلقان عليها .وم ثم إذا قيل لهم :ال إلمه إال اللمه
،وال رب سواه وال شمري لمه فم ألوهيهمه وربوبيهمه ،أ رمموا مما عموا إليمه تمامماً ،وتبمي لهمم مم
غير ما لبس وال إبهال أي ش ا هو الذي قمد فماه القائمل ومنم غيمر اللمه أن يوصمف بمه ،وأي
ش ا قد خومه وأخلومه للمه تعمالى؛ فالمذي مفمروا إ مما مفمروا عم بينمة ومعرفمة بكمل مما يبحلمه
وينعى عليه مفره بألوهيمة غيمر اللمه وربوبيهمه ،وممذل مم آمم فقمد آمم عم بينمة وبوميرة بكمل
العقيممدة ااخممذ بممه أو اال سممهخ عنممه ،ومممذل ما ممت ملمهمما ((العبمما ة)) ممما يوجممب قبممول تل م
و((الدي )) شائعهي ف لغههم؛ وما وا يعلمون مما العبمد ،ومما الحمال الهم يعبمر عنهما بالعبو يمة،
وم مما ه ممو المنه مماج العمل م ال ممذي يحل ممق علي ممه اس ممم ((العب مما ة)) وم مما مغ ممزى ((ال ممدي )) ،وم مما ه م
المعمما الهم ت ممهمل عليهمما هممذه الكلمممة؟ وم م ثممم إذا قيممل لهممم :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
وا خلموا فم يم اللممه منقحعممي عم اا يممان ملهمما ممما أخحممأأا فم فهممم هممذه الممدعوة الهم جمماا
به مما الق ممرآن .وم مما إن قرع ممت ملماته مما أس ممماعهم حه ممى تبين موا :أي مموع م م الهغيي ممر ف م ظ ممال
حياتهم جاات تحالبهم به تل الدعوة.
ولكم م فم م الق ممرون الهم م تل ممت ذلم م العو ممر الزاه ممر جعل ممت تهب ممدل المع مما ااص مميلة
الوممحيحة ل مي م تل م الكلمممات ،تل م المعمما اله م ما ممت شممائعة بممي القممول عوممر ممزول
القرآن ،حهى أخذت تضيق مل ملمة م تلكم الكلمات اارب عما ما مت تهسم لمه وتحميط
بممه م م قبممل ،وعمما ت منحوممرة ف م معممان ضمميقة محممدو ة ،ومخووصممة ،بمممدلوالت غامضممة
م هبهة .وذل لسبي اثني :ااول :قلة الذوك العرب السليم و ضوب معي العربية الخالومة
ف العوور المهأخرة ،والثا :أن الذي ولدوا ف الم هم اإلسهم و أوا فيه لم يك قد
بق م له ممم م م مع مما ملم ممات ((اإلل ممه)) و((ال ممرب)) و((العب مما ة)) و((ال ممدي )) م مما م ممان ش ممائعاً ف م
الم هم ال اهل وقت زول القرآن.
واجممل هممذي السممببي أصممب اللغويممون والمفسممرون ف م العوممور المهممأخرة ي ممرحون
أمثممر ملمممات القممرآن ف م معمماجم اللغممة ومهممب الهفسممير بالمعمما اله م فهمهمما المهممأخرون م م
المسلمي بدالً م معا يها اللغوية ااصيلة .و و م ذل أمثلة:
إن ملمة ((اإلله)) جعلوها مأ ها مهرا فة م ملمة ااصنال وااوثان.
وملمممة ((الممرب)) جعلوهمما مهرا فممة م م الممذي يرب م وين م ،وللممذات القائمممة بممأمر تربيممة
الخلق وتن ئههم.
وملمة ((العبا ة)) جعلوها ف معا الهأله والهنس والخضوع والوهة بي يدي الله.
وملمة ((الدي )) جعلوها ظيراً لكلمة ((النحلة)).
وملمة ((الحاغوت)) فسروها بالونم أو ال يحان.
فك ممان النهي ممة أن تع ممذر عل ممى الن مماس أن ي ممدرموا حه ممى الغ ممرض الحقيق م م والمقو ممد
ال وهري م عوة القرآن ،فمإذا عماهم القمرآن أال يهخمذوا مم ون اللمه إلهماً ،نموا أ همم وفمموا
محالبة القرآن حقها لما ترموا ااصنال واعهزلموا ااوثمان؛ والحمال أ همم ال يزالمون مه مبثي بكمل
616 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
مما يسممعه ويحميط بممه مفهمول ((اإللممه)) مما عممدا ااوثمان وااصممنال ،وهمم ال ي ممعرون أ همم بعملهممم
ذل قد اتخذوا غير الله آلهاً( .)1وإذا ا اهم القمرآن أن اللمه تعمالى همو المرب فمه تهخمذوا مم
ون اللممه رب ماً ،قممالوا :همما ح م أوالا ال عهقممد أحممداً م م ون اللممه مربي ماً لنمما ومهعهممداً امر مما،
وبذل مملت عقيدتنا ف باب الهوحيد( ،)2والواق أ ه قد أذعم أمثمرهم لربوبيمة غيمر اللمه مم
حيممث المع مما ااخممرى اله م تحل ممق عليهمما ملم ممة ((ال ممرب)) غيممر ه ممذا المعن ممى م المرب م م وإذا
خم مماطبهم القم ممرآن :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحم ممل ]31 :قم ممالوا :ال عبم ممد ااوثم ممان ،و م ممبغ
ال يحان و لعنه وال خ إال لله ،فقد امهثلنا همذا ااممر القرآ م أيضماً امهثماالً ،والحمال أ همم
ال يزالون مهمسمكي بأذيمال الحواغيمت ااخمرى غيمر ااصمنال المنحوتمة مم ااح مار( ،)3وقمد
خووا سائر ضروب العبا ة م اللهم إال الهأله( )4م لغيمر اللمه ،وقمل مثمل ذلم فم ((المدي )) ،فإ مه
ال يفهمم النماس مم معنمى إخمهم المدي للممه تعمالى غيمر أن ينهحمل الممرا مما يسممو ه ((الديا ممة
اإلسممهمية)) وأال يبقممى فم ملممة الهنمما ك أو اليهممو أو النوممارى .ومم ههنمما يممزعم مممل مم هممو
معممدو م م أهممل الديا ممة اإلسممهمية أ ممه قممد أخل م ين ممه للممه ،والحممق أن أغلبيممههم مم م لممم
يخلوموا يممنهم للممه تعممالى مم حيممث المعمما الواسممعة الهم ت ممهمل عليهمما ملمممة ((الممدي ))(.)5
ا ههى.
الوجه الثالث :أن هذا الحديث م إن سلم إطهقه م مقيد بأحا يث أخرى فيها الهنوي علمى
أن ال ها ة ال تنف قائلهما إال ب مروط؛ مقولمه (( :مم قمال ال إلمه إال اللمه مخلوماً بهما قلبمه
خممل ال نممة))( ،)6ومقولممه(( :إن اللممه حممرل علممى النممار مم قممال ال إلممه إال اللممه يبهغم بممذل وجممه
( )1لعله يقود هنا شرك القبورية ،وهو الهعلق بأهل القبور ف جلب المناف و ف المضار وتفسير ذل بأ ه توسل
بااموات وليس عبا ة لهؤالا المقبوري ان مفهول العبا ة عندهم ه عبا ة ااوثان وااصنال مما مان يون أهل
يهحذلق فيقول :إن ال رك هو اعهقا الفاعلية ف غير الله ،و ح ال عهقد ف أهل ال اهلية ااولى .والبع
القبور هذه الوفة ،وهذا سببه االشهباه ف لفظ ((العبا ة)) و((اإلله)) مما سبقت اإلشارة إلى ذل .
( )2لعله ي ير إلى مذهب المهكلمي ف تفسير معنى الهوحيد ف العبا ة بأ ه توحيد الربوبية ،فيخلحوا بي معنى
((اإلله)) وبي معنى ((الرب)).
( )3قلت :مالقبور و حوها.
( )4يريد الوهة مما تقدل ف تفسيره لمعنى الهأله.
( )5الموحلحات ااربعة ف القرآن اب ااعلى المو و ي (م 1 :م .)66
( )6سبق تخري ه ف (م.)622 :
612 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
الله))( ،)1ومقوله (( :م قال ال إله إال اللمه موقنماً بهما قلبمه خمل ال نمة))( )2وغيمر ذلم ممما
سيأت ف ثنايا هذا البحث.
وثمممة ج مواب م مممل علممى قولممه ...(( :م م مممل ذل م وأمثالممه يهض م جلي ماً أن النحممق
بال ممها ة يكف م للحكممم لومماحبها باإلسممهل ،وال مل م أن ض م لممذل شممروطاً لممم يحلبهمما
ال ارع الحكيم)) بأن يقال :أن هذا ف أحكال الد يا يحكم بإسهل م حق بال ها ة ،وال
يسأل عما ف قلبه هل قالها بودك وإخهم ويقي أل همو مماذب فم قولهما .وأمما عنمد اللمه
تعالى فإن إسهل م حق بال ها تي ال يو إال بهحقق هذه ال روط.
وم ذل فقد يحكم على م قال :ال إله إال الله بالكفر فم المد يا إذا همر منمه مما
يدل على اإلخهل بهذه ال روط ،ممالوقوع فم ال مرك ،أو حمو ذلم مم المكفمرات ،ولكم
بعد توفر ال روط وا هفاا الموا .
فالعبممد محالممب بهممذه ال ممروط لهوممحي إسممهمه وتحقيممق إيما ممه فيممما بينممه وبممي ربممه،
وأممما ثبمموت إسممهمه ف م الظمماهر فهممو يكممون بم ممر النحممق بال ممها تي ،فه ممرى عليممه أحكممال
اإلسهل ف الد يا .والله يهولى سرائر العبا ف ااخرى.
وم ال بهات الهم أثارهما بعم المعاصمري ( )3أن القمول بهمذه ال مروط يقهضم الهوقمف
ف إسهل م حق بال ها تي حهى يهبي م حاله ،وهو مخالف للنووم الدالة على أن مم
قال :ال إله إال الله حكم بإسهمه ،ومان ذل القول عاصماً لدمه وماله(.)4
فيقممال ف م ر هممذه ال ممبهة أن القممول بهممذه ال ممروط ال يعن م الهوقممف ف م إسممهل م م
حق بال ها ة وال يسهلزل ذلم ؛ ان اإلسمهل الحكمم يقحم بمه لكمل مم حمق بال مها تي
حكاية ع فسه ،وإ ما يهوقف ف اإلسهل المن م عنمد اللمه فم امخمرة ،فهمذا ال يقحم بمه
احد إال م ل الدليل على اته ،ولهذا مان السلف يسهثنون ف هذا النوع م اإلسهل؛
( )1رواه البخاري ف مهاب الرقاك ،باب العمل الذي يبهغ به وجه الله (جم 223/1م )226رقم (.)1123
( )2أخرجه أب يعلى ف المسند ( ،)36/66والحبرا ف ااوسط ( )231/6رقم ( )111وأبو عيم ف الحلية
(جم.)362/1
))3ا ظر :مغن المريد ال ام ل رو مهاب الهوحيد ( 121/2م .)133
مااهم وأموالهم إال ))4يعن قوله ( :أمرت أن أقاتل الناس حهى ي هدوا أن ال إله إال الله فإذا قالوها عوموا من
بحقها ،وحسابهم على الله عز وجل).
613 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
وذلم ان هممذا اإلسمهل هممو ال مام لخوممال اإليمممان المقهضم لكمالممه ،وهمو أمممر مغيممب ال
[الممن م: ﯟ ﯠ ﯡ يعلمممه إال اللممه جممل وعممه مممما قممال تعممالى :ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ
.]32
يقول شي اإلسهل م رحمه الله م(( :بل المرا أ ه إذا أتى بالكلمة خمل فم اإلسمهل،
وهذا صحي ،فإ ه ي هد له باإلسهل ،وال ي مهد لمه باإليممان المذي فم القلمب ،وال يسمهثنى
ف همذا اإلسمهل ،ا مه أممر م مهور ،لكم اإلسمهل المذي همو أ اا الخممس ممما أممر بمه يقبمل
االسممهثناا ،فاإلسممهل الممذي ال يسممهثنى فيممه ال ممها تان باللسممان فقممط فإ همما ال تزيممد وال تممنق
فه اسهثناا فيها))( )1اهم.
وقال ف موضم آخمر(( :وتعليمل أحممد وغيمره مم السملف مما ذممروه فم اسمم اإليممان
ي م ا فم اسممم اإلسممهل ،فممإذا أريممد باإلسممهل الكلمممة فممه اسممهثناا فيممه ،مممما م عليممه أحمممد
وغيره .وإذا أريد به م فعل الواجبمات الظماهرة ملهما ،فاالسمهثناا فيمه ماالسمهثناا فم اإليممان،
ولممما مممان مممل م م أتممى بال ممها تي صممار مسمملماً مهمي مزاً ع م اليهممو والنوممارى ت ممري عليممه
أحكال اإلسهل اله ت ري على المسلمي مان هذا مما ي زل به به اسهثناا فيه ،فلهذا قال
الزهري :اإلسهل الكلمة ،وعلى ذل وافقه أحمد وغيره))( )2ا ههى.
فمعلم م هذه النقول أن أهل السنة يفرقمون بمي اإلسمهل الحكمم واإلسمهل المن م
عنممد اللممه فم الممدار امخممرة؛ فاإلسممهل الحكمم يكممون علممى الظمماهر ،فمم قممال ال إلممه إال اللممه
حاميماً عم فسمه حكمموا بإسممهمه،ولم ينقبموا ع م باطنممه هممل هممو صمما ك فم ذلم القممول أل
ماذب ،بل هذا ما ال سبيل إليه ألبهة.
وأممما اإلسممهل المن م ف م امخممرة فهممو اإلسممهل الممذي ي مواط القلممب عليممه اللسممان،
ويظهممر أثممره علممى اارمممان وال موار ،وهممذا ال يهحقممق إال بهممذه ال ممروط الهم م عليهمما أهممل
العلم.
مما أن فم همذه ال مروط قمد همر فم ممهل بعم خومول عموة ال مي محممد بم
عبممد الوهمماب اإلصممهحية إلممى السممنة ومحاربممة ال ممرك فم عوممره ،ومم ذل م ممما أور ه ال ممي
عبد اللحيف ب عبد الرحم آل ال ي ف ((موبا الظهل)) ع بع خومول همذه المدعوة
حيث قال معهرضاً على ال ي (( :قال زي الدي اب رجب م رحممه اللمه تعمالى م ومم المعلمول
بالضرورة أن النب مان يقبل م ممل مم جماا يريمد المدخول فم اإلسمهل ال مها تي فقمط،
ويعوممم مممه ،وي علممه مسمملماً .وقممد أ كممر علممى أسممامة قهلممه لمم شممهد أن ال إلممه إال اللممه لممما رفم
عليمه السميف ،واشممهد كيمره .ثمم بممي م رحمممه اللمه م أ ممه إذا ممان مسملماً بال ممها تي ألمزل حقمموك
اإلسهل إلى أن قال:
وبهذا الذي قرر ا يظهر ال م بي ألفاظ ااحا يث ف هذا البماب؛ ويهبمي أن ملهما
حق فإن ملمهم اإلخمهم بم ر هما تعوممان مم أتمى بهمما ويومير بمذل مسملماً همذا عمي
مهمه ا ههى(.)1
إذا لوال أ ه يكون مسلماً بهما لمم يلمزل شمرائ اإلسمهل ،ولمم ي بمر عليهما .فمإن الكمافر
ال ي بممر علممى شمرائ اإلسممهل .وإن مممان علممى قولنمما مخاطبماً بهمما ،إال أ همما ال توم منممه لعممدل
شممرطها ،ان مم شممرط صممحة شمرائ اإلسممهل ،تقممدل ال ممها تي .ومم جعممل شمرائ اإلسممهل
م ال ها تي شرطاً لدخول اإلسهل وصحهه ،وأ مه ال يكمون مسملماً إال بمذل مهمذا الرجمل،
فقممد أبعممد الن عممة وخممالف ممما عليممه سمميد الب ممر وأصممحابه ،وسمملفه الوممال وسممل طريممق
االبهداع بهكفير اامة على أصل هذا المذهب الخبيث))(.)2
فالحاصل أ ه أور مهل اب رجب المهقدل ليسهدل به على ف هذه ال روط.
وقد ر عليه ال ي عبد اللحيف م رحمه الله م بكمهل طويمل مفما ه :أن يقمال :أن اللمه
تعالى وتقدس وعد رسله والذي آمنوا أن ينورهم ف ((الحياة الد يا)) ويول يقمول ااشمها يمول
ال ينف الظالمي معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوا الدار .وم ومر اللمه تعمالى اوليائمه وعبما ه
المممؤمني ول مميخنا م رحمممه اللممه تعممالى م خممذالن أعممدائهم ،وعممدل تسممديدهم ،وتهافممت أقموالهم
وممما مسمماها مم الظلمممة والهنمماق والهممداف ،والوح ممة الهم يعرفهمما مم سمملمت فحرتممه ،وصم
إسهمه فضهً ع أهل العلم ب مرعه و ينمه .فلربنما الحممد ،ال حوم ثنماا عليمه ،بمل همو ممما
أثنى على فسه.
ويقممال لهممذا :قممد حرفممت عبممارة زي م الممدي اب م رجممب وتوممرفت فيها م وأخرجههمما ع م
موضوعها ،وأزلت به هها :مم ذلم قولم عنمه :إ مه يقمول :ومم المعلمول بالضمرورة أن النبم
مممان يقبممل م م مممل م م جمماا يريممد الممدخول ف م اإلسممهل ال ممها تي فقممط .وقممد ممزه اللممه
العهمممة ابم رجممب وأمثالممه عم أن يظنموا برسممول اللممه أ ممه يقبممل م ممر القممول مم غيممر الهمزال
لحقيقه ممه ،وال عم ممل بمدلول ممه ،وعب ممارة ابم م رج ممب ت ممدل عل ممى أ ممه يب ممدأ بالهوحي ممد فم م ال ممدعوة
والحلب ،وال يقبل قبله عمل م ااعمال .والمقوو م ال مها تي مما لهما عليمه مم البمرااة
م م مممل معبممو سمموى اللممه؛ وأ ممه هممو المعبممو وحممده ال ش مري لممه ،واإليم مان بالرسممل ،واله مزال
مهابعههم .هذا هو مدلول ال ها تي وهو الذي لت عليه عبارة اب رجمب .وشميخنا م رحممه
اللممه م أصممل عوتممه وجهمما ه علممى هممذا ،وعلممى تممرك عبمما ة الوممالحي م م اام موات والغممائبي ،
و عممائهم م م اللممه رغب ماً ورهب ماً ،والهوجممه إلمميهم واالسممهغاثة بهممم ف م ال ممدائد والملم مات؛ مممما
ما ممت تفعلممه ال اهليممة فهممذا الممذي جاهممد شمميخنا عليممه ،و عمما النمماس إلممى ترمممه ،وأخبممرهم أن
اإليمممان باللممه ينمماق هممذا ويبحلممه ،فعبممارة اب م رجممب ت ممهد لهممذا ال ممي بممالعلم والمهابعممة،
خهف ماً لممما توهمممه بع م ال هممال والضممهل أن الرسممول يقبممل م ممر القممول واللفممظ ،م م
ارتكاب ما ينافيه ويناقضه.
ثممم بممي م رحمممه اللممه م أن ممرا ابم رجممب :أن مم أ هممر وتكلممم بال ممها تي ولممم يممأت
منه ما ينافيهما يحكم بإسهمه ،ويؤمر ببقية ال رائ .وقد ذمر اب رجب بعد عبارته :أن م
ش مرائ اإلسممهل ممما يقاتممل عليممه ويكفممر تارمممه( .)1فممدل مهمممه علممى أن اله مزال أرمممان اإلسممهل
باعهقا وجوبها شرط لوحة اإلسهل وقبوله ف الدار امخمرة .وأمما ااحكمال الد يويمة فه مرى
علممى م م أ هممر اإلسممهل مماهراً .فممإن هممر منممه ممما ينمماف ذل م حكممم عليممه بممما يقهضمميه هممذا
المنمماف م م تكفيممر أو قهممال .وهممذا هممو الممذي ل عليممه حممديث أسممامة وغيممره م م ااحا يممث
الدالة على الكف عم أتى بال ها تي (.)2
( )1ا ظر :جام العلول والحكم (م 613 :م .)611
( )2يقول الحافظ اب ح ر ف الفه ((( :)172/21وفيه م يعن حديث :أمرت أن أقاتل الناس حهى يقولوا ال إله
مااهم وأموالهم إال بحقها م من قهل م قال ال إله إال الله ولو لم يز عليها، إال الله فإذا قالوها عوموا من
وهو مذل ،لك هل يوير بم ر ذل مسلماً؟ الراج ،ال بل ي ب الكف ع قهله حهى يخهبر ،فإن شهد
بالرسالة والهزل أحكال اإلسهل حكم بإسهمه ،وإلى ذل اإلشارة لهسهثناا بقوله :إال بحق اإلسهل)) .ا ههى.
وقال الونعا ف تحهير االعهقا (م 231 :م (( :)231فإن قلت :قد أ كر على أسامة قهله لم قال ال
= إله إال الله مما هو معروف ف مهب الحديث والسير.
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
و عم مواك أن ابم م رج ممب ق ممال :يقب ممل مم م م ممل مم م ج مماا يري ممد ال ممدخول فم م اإلس ممهل
ال ممها تي فقممط :عمموى ماذبممة ،وآحمما العقممها يهنممزه عم هممذه العبممارة .ان معنممى ((فقممط)) ال
غير .وحينئذ فمدلولها أ ه ال يقبل بقية ال رائ م اارمان اإلسهمية وال معب اإليما يمة .وال
يظ هذا برسول الله م له عقل يميز به ولو مافراً .فضهً ع أهل العلم واإليمان.
وأما قول :وم جعل شرائ اإلسهل م ال ها تي شمرطاً لمدخول اإلسمهل وصمحهه
وأ ه ال يكون مسلماً إال بذل م مهذا الرجل م فقد أبعد الن عة ،وخالف مما عليمه سميد الب مر
وسلفه الوال إلى آخر ما قلت.
فهممذا القممول من م ص مري ف م مخالفممة عبممارة اب م رجممب اله م ه م مرتبحممة بممما قلهممه.
وشممرط الهمزال ال مرائ والمبمما اإلسممهمية م مم علممى اعهبمماره فم اإلسممهل المن م فم الممدار
امخرة( .)1ومهل اب رجب الذي ساقه بعد العبارة اله ذمرها المعهرض صري ف هذا ،فإ ه
قممرر ممما يقاتممل عليممه مم ال مرائ وممما يقهممل بممه الفممر المعممي .وذمممر شمميئاً مممما يكفممر بممه ،وذمممر
الخهف ف تكفير م ترك أحد المبا .وأمما مم تمرك الهوحيمد المذي لمت عليمه شمها ة أن
ال إله إال الله فقد اتفق العلماا على مفره ووجوب قهله إن أصر وعا د.
مممممممممم
قلت :ال ش أن م قال" :ال إله إال الله" م الكفار حق مه وماله حهى يهبي منه ما يخالف ما قاله ،ولذا أ زل الله =
[النساا .]31 :فأمرهم الله تعالى بالهثبت ف شأن ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ف قوة محلم ب جثامة آية ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
م قال ملمة الهوحيد ،فإن تبي الهزامه لمعناها مان له ما للمسلمي وعليه ما عليهم .وإن تبي خهفه لم يحق بم ر
الهلفظ ماله وال مه.
وهكذا مل م أ هر الهوحيد وجب الكف عنه إلى أن يهبي منه ما يخالف ذل .فإذا تبي لم تنفعه هذه الكلمة
لم تنف اليهو وال فعت هذه الكلمة الخوارج م ما ا ضم إليها م العبا ة اله يحهقر بم ر ها .ولذل
الوحابة عبا تهم إلى جنبها ،بل أمر بقهلهم ،وقال« :لئ أ رمههم اقهلنهم قهل عا » وذل لما خالفوا بع
ال ريعة وما وا شر القهلى تحت أ يم السماا ،مما ثبهت به ااحا يث.
فثبت أن م ر قول ملمة الهوحيد غير ما م ثبوت شرك م قالها الرتكابه ما يخالفها م عبا ة غير الله
تعالى)) ا ههى.
( )1اإلجماع هنا محمول على ترك جمي المبا بما ف ذل ترك ما تدل عليه ال ها تان م الهوحيد مما هو
اهر عبارته.
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
ثم قل مهمماً طمويهً عم شمي اإلسمهل فم وجموب قهمال الههمر لمما زعمموا إتبماع أصمل
اإلسم ممهل م م م امهنم مماعهم ع م م اله م مزال ش م مرائ اإلسم ممهل الظم مماهرة بمم مما ف م م ذل م م امهنم مماعهم ع م م
الهوحيد(.)1
و قممل مهمماً آخممر عم شممي اإلسممهل فم وجمموب قهممال مممل مم غممه فم بم أو رجممل
صال وجعل فيه وعاً م اإللهية بالس و إليه ،أو مثل أن يقول :يا سيدي فمهن اغفمر لم ،
أو ارحمنم ،أو ا وممر ،أو ارزقنم ،أو أغثنم أو أجر م ،أو توملممت عليم أو أ ممت حسممب ،
أو أ مما ف م حسممب أو حممو هممذه ااق موال واافعممال اله م ه م م م خوممائ الربوبيممة اله م ال
تول إال لله تعالى(.)2
ثمم قمال م رحممه اللمه م :فلمو ممان لهمذا المعهمرض عقمل يميمز بمه وعلمم يمدري بمه مما مممان
عليمه رسممول اللممه مم تكفيممر مم عبممد غيمر اللممه؛ واتخممذ معممه املهممة واا ممدا ،وسمموى بيممنهم
وبينه م تعالى وتقدس م ف الحب والهعظيم ،واإل ابة والهومل والدعاا ،لعرف أ ه همو المخمالف
لما مان عليه سائر رسل الله وأتباعهم إلمى يمول القياممة ،وأ مه ي ما ل ويناضمل عم عما وثممو
وقول و وقمول فرعمون وجاهليمة العمرب ،وأمثمالهم مم ااممم المذي ممذبوا الرسمل ولمم يسمه يبوا
لهممم ،ولممم يلهفه موا إلممى ممما اخهلق موا لممه( ،)3وهممذا الوممنف م م النمماس هممم أول م م اخهممرع ال ممرك
وابهممدع فم يم اللممه ،وهممم الممذي أصمملوا ااصممول الخبيثممة الهم مقهضماها العممدل بمربهم وتسمموية
غيممره بممه ،ومعمما اة أوليائممه وحزبممه ،و سممبههم إلممى م مما ال يليممق به ممم ،وهممذا هممو حقيقممة الخبممث
والرجس والفسا ؛ قمال تعمالى :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ [الهوبمة ،]21 :وزعميمهم المذي يناضمل
عممنهم وي مما ل و هممم هممو أخبممثهم علممى اإلطممهك قممال تعممالى :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ
[غافر.]31 :
ثم قال :وأما جعله شيخنا م رحممه اللمه م ممم ي مهرط ال مرائ اإلسمهمية فم المدخول
في ممه فه ممذا باط ممل ،إ م مما ت ممهرط المب مما و حوه مما فم م ص ممحة اإلس ممهل ،ال فم م ال ممدخول في ممه،
وشمميخنا م رحمممه اللممه م لممم يقممل هممذا الممذي زعمممه هممذا المعهممرض ،بممل هممو م م جهلممه وإفكممه
وض ممهله وبهه ممه ،والن م مزاع إ م مما ه ممو ف م ش ممها ة أن ال إل ممه إال الل ممه ،ول ممم يمهن م أح ممد م م اله ممزل
اإلسممهل ف م زمم ال ممي محمممد م رحمممه اللممه م عم شم ا مم شممعائر اإلسممهل وأرما ممه ،حهممى
يقال :إ ه لم يقبل منه الدخول ف اإلسهل.
فهو م رحمه الله م وإن قاتمل علمى تمرك أحمد المبما فلمم يقمل :ال قبمل اإلسمهل ابهمدااً
إال به مما ،ولك م ه ممذا البه ممت ال يس ممهغرب م م جهال ممة ه ممذا الرج ممل ،وع ممدل ش ممعوره ب م ا م م
الحقائق الدينية(.)1
وهذه ال بهة اله أور ها هذا المعهرض لنف هذه ال مروط هم مماثلمة ل مبهة أخمرى
ذمرها ال ي عبد اللحيف م رحمه الله م ع م به آخر ،وهو المدعو اب جمرجيس( ،)2ثمم ر
عليها بكهل فيس.
وحاصممل ال ممبهة هم قولممه م أعنم اوو بم جممرجيس م(( :أن ال ممي أحمممد بم تيميممة
وتلميممذه ابم القمميم ال يكفمران أحممداً مم أهممل القبلممة))( )3يريممد وإن قممارف ال ممرك ،وخممالف مممل
شرط لهإله إال الله.
وحاصممل الممر :أن القائممل بممأن مم صمملى وقممال ال إلممه إال اللممه فهممو مم أهممل القبلممة وإن
أ هممر مم ال ممرك والهممرك فقممد مما ى علممى فسممه بال هالممة والضممهلة فممإن اإلمممال أحمممد م رحمممه
الله م أ كر على م يقول ال كفر أهل القبلة .ومقوو م قالها إ ما هو البمرااة مم ممذهب
الخ موارج الممذي يكفممرون بم ممر الممذ وب ،وهممذا وض م مهمممه ف م غيممر موضممعه ،وأزال به هممه
ا ه تأوله ف أهل ال رك و عاا الوالحي ،فالهبس عليه اامر ،ولم يعرف مرا م قال همذا
م السلف.
وهمذا الفهمم الفاسمد مممر و بكهماب اللمه وسممنة رسموله ،وبإجمماع أهممل العلمم ،وقمد عقممد
الفقهمماا مم أربمماب المممذاهب بابماً مسممهقهً فم هممذه المسممألة ،وذمممروا حكممم المرتممد مم أهممل
القبلممة ،وقممرروا م م المكف مرات أشممياا مثيممرة ون ممما ح م فيممه( ،)1وجزم موا بممأن العومممة بممالهزال
اإلسهل ومبا يه و عائمه العظال ال بم ر القول والوهة م اإلصرار على المناف .
وهممذا يعرفممه صممغار الحلبممة ،وهممو مممذمور فم المخهومرات مم مهممب الحنابلممة وغيممرهم.
فهممذا لممم يعممرف ممما عرفممه صممبيان المممدارس والكهاتيممب ،فالممدعوى عريضممة والع ممز مماهر .واللممه
المسهعان(.)2
وبهذا يمعلم أن اإل كار لهذه ال روط لميس أممراً جديمداً بمل همو شم ا قمديم ت مبث بمه
المبحلممون مم أهممل ال ممرك واإلرجمماا فم مخهلممف العوممور ،فوممار إرثماً م مماعاً بيممنهم ،وبمماطهً
مس مماغاً عن ممدهم ،وص ممدك القائ ممل :لك ممل ق ممول وارث ،ولك ممل باط ممل م م ااجي ممال ح ممارم أي:
شديد الحرم.
مسألة :إذا ثبت أن هذه ال روط الزمة لوحة اإليمان وأ ه ال يكهفى بم ر النحمق
بال ها تي فهل هذه ال روط ه شروط ف قبول اإلسهل الظاهر ف الد يا أل ه ف فم
صاحبها ف امخرة ،أل ه لتمري ؟
ال يمك ال واب ب واب واحد فم الحكمم علمى همذه المسمألة ،ففم ذلم تفوميل،
وهممو أن يقممال :أن م م جمماا مسمملماً فممه حالبممه بممأمثر م م الممهلفظ بال ممها تي ،فم م تلفممظ
اإلمال أحمد وغيره م السلف على بال ها تي فقد ثبت له عقد اإلسهل ،واجل هذا
أن اإلسهل هو الكلمة ،ومرا هم م مما حققه شي اإلسهل اب تيميمة م أ مه يمدخل فيمه بكلممة
ال ممها ة( .)3ولك م ال يعن م ذل م أن ال راع م هممذه ال ممروط ف م بمماب ااسممماا وااحكممال،
فم م هممر منممه إخ مهل بهممذه ال ممروط م بعممد تلفظممه بال ممها تي م حكممم بكفممره( )4بعممد ااخممذ
بالضوابط المعروفة عند أهل العلمم فم الهكفيمر ،ولكم مما ال أ مه لمم يظهمر إخمهالً بهمذه ال مروط
( )1سهأت اإلشارة إلى طرف م هذه اا واع ف مباحث الر ة ف آخر الرسالة.
( )2الئل الرسوخ ف الر على المنفو (م 21 :م .)21
( )3ا ظر :م موع الفهاوى ( 161/1م .)161
( )4أي بر ته.
613 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
فإسمم اإلسممهل بماك لممه ،وحكمنما عليممه بأ مه مسمملم ال يعنم ذلم أ مه مسمملم فم فممس ااممر ،فقممد
يكون مافراً ف الباط ،وم مان مذل فه ينفعه م عند الله م حكمنا عليه بكو ه مسلماً.
وأيض ماً هممذه ال ممروط منهمما ممما يهعل مق بالبمماط مالو مدك واليقممي واإلخممهم والمحب مة
ومنهمما ممما يهعلمق بالظمماهر ماال قيمما والقبممول والنحممق بهمما ،وفسمما الظمماهر ممرتبط بفسمما البمماط
أيضماً ،واجممل هممذا ما ممت ال مروط القلبيممة لهمما الئممل فم الظمماهر تممدل علممى فقممدها وا عممدامها
مما سيأت تحقيقه.
فالحاصممل أن هممذه ال ممروط ال يمنمقممب ع م ممما بح م منهمما ،وم م أ هممر س مريرته أو ل
عليها( )1أخذ بها .ومان الحكم أيضاً هو حكم على الظاهر ،وليس لما ف القلمب ،ان مم
أ هممر عممدل صممدقه ف م قممول ه مذه ال ممها ة بممأن يقممول أ ممه قممال هممذه الكلمممة وهممو ممماذب ف م
قولهمما ،أو صممر بعممدل يقينممه بهممذه الكلمممة ،فهممذا يحكممم علممى ممما أ هممر م م الكممذب المنمماف
للودك ،وال المناف لليقي بهذه الكلمة ،أو حو ذل (.)2
ولك لو أن ذمياً م يهو ياً أو ومرا ياً م قمال همذه الكلممة ثمم قمال :إ مه لمم يكم صما قاً
ف قولهما حمال ذلم حهمى ي مد سمبيهً إلمى الكفمر ااصمل ( )3فين مو مم حمد المر ة ،فهمذا ال
يحكم بأ مه ممافر أصمل ( )4بمل همو بهلفظمه بال مها تي فقمد ثبمت لمه حكمم اإلسمهل( ،)5ولكم
ذلم قممد يمهوممور فم مم قممال هممذه الكلمممة وأر فهمما بأ ممه ال يريممد بهمما اإلسممهل ،ولممذا قمل عم
اإلمممال أحمممد روايهممان ف م الحكممم بر تممه ذمرهممما الموفممق اب م قدامممة ف م ((المغن م )) ورج م أ ممه
يقهل مما لو طالت مدته(.)6
والفرك بي هذه الوورة واله قبلها :أن ااولى لمم يك مف فيهما عم ممرا ه بهما ،فلمما
قالها حكم بظاهر قوله ،وأما الثا ية فقد م ف لنا ع مرا ه بهذه الكلمة ،ولما مان يحهممل
صدقه قال اإلمال أحمد ف إحدى الروايهي عنه :أ ه يقبل منه ،وال ي بر على اإلسهل ،ا ه
يحهمل الودك ،فه يراك مه بال بهة(.)1
وبهممذا يعلممم أن هممذه ال ممروط ال يسممأل عنهمما العبممد حممي تلفظممه بال ممها تي وإن مممان
يحالمب بهمما إذا تبممي لنما مم حالممه أ ممه مخمل بهمما بعممد ذلم ،ولكم ال يلحممق بالكممافر ااصممل
بعد تلفظه بال مها تي ؛ لثبموت عقمد اإلسمهل فم حقمه إال فم أحموال سمهأت ( .)2واللمه تعمالى
أعلم.
وأمما اإلسممهل المن م عنممد اللممه فممه بممد فيممه مم هممذه ال ممروط ممما لممم يكم هنمماك ممما
مم جهممل أو حمموه( .)3في ممب الهفريممق بممي مما ي ممهرط لوممحة اإلسممهل وممما ي ممهرط للممدخول
فيه.
وإليم بعم النومموم مم مممهل أهممل العلممم الدالممة علممى أن م ممر النحممق بال ممها تي
ماف ف الحكم بإسهل ال خ ف الظاهر:
قال اإلمال ال افع (( :فإن قال قائل :لم أملف همذا إ مما ملفمت مما همر ،واللمه ولم
ما غاب .فأقبل القول باإليمان إذا قاله اهراً ،وأ سبه إليه ،وأعممل بمه إذا عممل م فهمذا واجمد
فم مممل أحممد سمواا ال يخهلممف ،وال ي مموز أن يفممرك بينممه إال بح ممة إال أن يفممرك اللممه ورسموله
بينه .ولم علم لله حكماً ،وال لرسوله يفرك بينه.
وأحك ممال الل ممه ورسم موله ت ممدل عل ممى أن ل مميس اح ممد أن يحك ممم عل ممى أح ممد إال بظ مماهر،
والظاهر ما أقر به ،أو ما قامت به بينة تثبت عليه.
فالح م ممة في مم مما وصم ممفنا م م م الم نم ممافقي ،وف م م الرجم ممل ا لم ممذي ا سم ممهفهى ف يم ممه
الم ق ممدا رس ممول ال ل ممه ، وق ممد ق حم م ي ممده ع ل ممى ال ممرك ( ) 4وق ممول الن بم م « :ف ه ممه
م فت ع قلبه » ( ) 5يعنى أ ه لم يك ل إال اهره ،وف قول النب فم المههعنمي :
( )1المودر فسه (.)23/3
( )2وبهذا يمك القول أن هذه ال روط شروط محالبة ال طلب بمعنى أن الكافر إذا أسلم ال يحالب بها حال النحق
فإذا أخل ب ا منها بعد النحق أجبر عليها.
( )3سيأت أن ال اهل معذور عند الله والدليل على ذل ف مبحث العذر بال هل.
( )4هو قوله للمقدا لما سأل قال :قلت يا رسول الله :أرأيت إن اخهلفت أ ا ورجل م الم رمي ضربهي فقح
يدي ،فلما هويت إليه اضربه قال :ال إله إال الله ،أأقهله أل أ عه؟ قال« :بل عه» قال قلت :وإن قح يدي؟
قال« :وإن فعل» .وسيأت ف مهل اب مندة قريباً ،وتخري ه هناك.
( )5مضى تخري ه قريباً.
612 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
«إن ج مماات ب ممه أحم ممر مأ ممه وح ممرة( )1ف ممه أراه إال ق ممد م ممذب عليه مما ،وإن ج مماات ب ممه أ يع ممج
جعداً( )2فه أراه إال قد صدك ،ف اات به على النعت المكروه ،فقال رسمول اللمه « :إن
أمره لبي ،لوال ما حكم الله»( .)3وف قول رسول اللمه « :إ مما أ ما ب مر وإ كمم تخهوممون
إل ،فلعل بعضمكم أن يكمون ألحم بح همه مم بعم ،وأقضم لمه علمى حمو مما أسمم منمه،
فم قضيت له ب ا م حق أخيه فه يأخذ به ،فإ إ ما أقح له قحعة م النار»(.)4
ففم مممل هممذا اللممة بينممة أن رسممول اللممه إذا لممم يقم إال بالظمماهر ،فالحكممال بعممده
أولى أن ال يقضوا إال على الظاهر ،وال يعلم السرائر إال الله ،والظنون محرل على النماس،
وم حكم بالظ لم يك ذل له ،والله تعالى أعلم))( )5ا ههى.
وجماا أيضماً عنممه(( :وقمول اللممه م جمل شممأ ه م ﮦ ﮧ ﮨ [الم ا لممة :]61 :يمدل علممى أن
إ هار اإليمان جنة م القهل ،والله ول السرائر))(.)6
وقال اإلممال أحممد فم رجمل قمال :أشمهد أن ال إلمه إال اللمه وأشمهد أن محممداً رسمول
اللمه :ي بمر علمى اإلسمهل .وأ كمر علمى مم يقممول :ال ي بمر( .)7ممما يمدل أ مه يمرى المهلفظ بهمما
مافياً ف ثبوت عقد اإلسهل.
وعقمد الحممافظ ابم منمدة م رحمممه اللمه م فم مهماب اإليمممان( )8بابماً بعنموان(( :ذمممر ممما يممدل
على أن قول ال إله إال الله يوجب اسم اإلسمهل ويحمرل ممال قائلهما و ممه)) ثمم أور تحهمه حمديث
المقدا ،قال :قلت يا رسول الله :أرأيت إن اخهلفت أ ا ورجل م الم رمي ضربهي فقح
( )1ف القاموس ((( :)261/2وامرأة وحرة م محرمة م سو اا ميمة ،أو حمراا قويرة)) .ا ههى.
( )2ف صحي البخاري« :وإن جاات به أسو أعي ذا إليهي ».
(.)1333 ( )3أخرجه البخاري ف مهاب الحهك ،باب اللعان وم طلق بعد اللعان (جم 263/1م )223
( )4أخرجه البخاري ف أبواب مهعد ة م صحيحه .وبنحو هذا اللفظ أخرجه ف مهاب ال ها ات ،باب :م أقال
( )6163م حديث ( ،)2113ومسلم ف مهاب ااقضية ()6331/3 البينة بعد اليمي (جم)261/3
أل سلمة رض الله عنها.
( )5اال ( 111/2م .)111
( )6فس المودر (.)113/2
( )7ذمره اب المنذر ع أصحاب الرأي ف باب ذمر صفة ممال اإليمان مما ف اإلشراف على مذاهب أهل العلم
(.)216/2
(.)631/6( )8
613 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
يممدي ،فلممما هويممت إليممه اض مربه قممال :ال إلممه إال اللممه ،أأقهلممه؟ أل أ عممه؟ قممال« :بممل ع مه» .قممال
قلممت :وإن قحم يممدي .قممال« :وإن فعممل» .فراجعهممه ممرتي أو ثهثماً .فقممال :النبم « :إن قهلهممه
بعد أن يقول :ال إله إال الله فأ ت مثله قبل أن يقولها ،وهو مثل قبل أن تقهله»(.)1
وترجم اب المنذر( )2ف مهاب اإلشمراف((( :)3ذكر صثفة كمثال اإليمثان :أجمم ممل
مم حفممظ عنمه مم أهممل العلممم ،علممى أن الكممافر :إذا قممال أشممهد أن ال إلممه إال اللممه وأشممهد أن
محمممدا عبممده ورس موله ،وأن مممل ممما جمماا بممه محمممد حممق ،وأتب مرأ م م مممل ي م خممالف ي م
اإلسممهل وهممو بممال صممحي العقممل :أ ممه مسمملم ،فمإن رجم بعممد ذلم فمأ هر الكفممر مممان مرتممداً
ي ب عليه ما ي ب على المرتد)) ا ههى.
وقال شي اإلسهل اب تيمية م رحممه اللمه م(( :وقمد علمم باالضمحرار مم يم الرسمول م
م واتفقممت عليممه اامممة ،أن أصممل اإلسممهل وأول ممما يممؤمر بممه الخلممق :شممها ة أن ال إلممه إال
الله ،وأن محمداً رسول الله ،فبمذل يومير الكمافر مسملماً ،والعمدو وليماً ،والمبما ممه ومالمه:
معوول الدل والمال ،ثم إن مان ذل م قلبمه فقمد خمل فم اإليممان ،وإن قالمه بلسما ه ون
قلبه فهو ف اهر اإلسهل ون باط اإليمان))( )4ا ههى.
( )1اإليمان الب مدة ( .)236/6والحديث أخرجه أيضاً ال افع ف اال ( ،)113/2ومسلم ف صحيحه
( )31/6حديث رقم (.)611
بمنزلهه قبل قال الربي (( :معنى قول النب م إن شاا الله تعالى م «فإن قهلهه فإ ه بمنزله قبل أن تقهله ،وأ
أن يقول ملمهه اله قال» :يعن :أ ه بمنزله حرال الدل ،وأ ت إن قهلهه بمنزلهه منت مبا الدل قبل أن يقول
الذي قال)) [اال لل افع (.])113/2
( )2هو :اإلمال الحافظ العهمة شي اإلسهل أبو بكر محمد ب إبراهيم اب المنذر النيسابوري ،الفقيه ،زيل مكة،
ولد ف حدو موت أحمد ب حنبل .روى ع الربي ب سليمان ،ومحمد ب ميمون وعل ب عبد العزيز وخلق
مثير مذموري ف مهبه ،وحدث عنه أبو بكر ب المقرئ ،ومحمد ب يحيى ب عمار الدمياط وخلق مثير
غيرهما .يعد م علماا ال افعية .م توا يفه(( :اإلشراف ف اخههف العلماا)) ومهاب ((اإلجماع)) ومهاب
((المبسوط)) ،وله مونف مبير ف الهفسير يقض بإمامهه ف علم الهأويل .توف سنة ( )361هم.
ا ظر :سير أعهل النبها ( 133/61م .)132
( 213/2( )3م )216رقم (.)6113
( )4قهً ع تيسير العزيز الحميد (م.)636 :
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
ويقول العهمة اب رجب الحنبل م رحمه الله م(( :وم المعلمول بالضمرورة أن النبم
مان يقبل م مل م جااه يريد الدخول ف اإلسهل ال مها تي فقمط ،ويعومم ممه بمذل ،
وي علممه مسمملماً))( .)1ويقممول أيض ماً ف م شممأن ال ممها تي (( :أ هممما علممم اإلسممهل ،وبهممما يوممير
اإل سان مسلماً))(.)2
ويقول الحافظ اب ح ر م رحمه الله م(( :وف حديث اب عباس م الفوائد [حمديث
بعث معاذ إلى اليم ] ...االقهوار ف الحكم بإسهل الكافر إذا أقر بال ها تي ))(.)3
وقممال أيض ماً...(( :أممما بممالنظر إلممى ممما عنممد ا م [أي ف م الممد يا] م فاإليمممان هممو اإلق مرار
فقط ،فمم أقمر أجريمت عليمه ااحكمال فم المد يا ولمم يحكمم عليمه بكفمر إال إن اقهمرن بمه فعمل
يدل على مفره مالس و للونم))(.)4
فهذه ال نووم ع هؤالا اائمة واضحة ف تقريمر همذا ااصمل ،وبهما يهضم خحمأ
م يقول :أن م يقعون ف ش ا م ال رك م ذر وذب لغير اللمه وطمواف علمى القبمور
مم شهد ب ها ة الهوحيد مفمار أصمليون باعهبمار أ همم لمم يفهمموا الهوحيمد( .)5ممما يهضم
بهمما أيض ماً خحممأ م م يخلممط بممي الحكممم الممد يوي وااخممروي؛ فمميظ أ ممه يلممزل م م الحكممم
بإسممهل شممخ ،الحكممم لممه بالن مماة فم امخممرة( ، )6أو يظم أن هممذه ال ممروط الهم ذمرهمما
العلممماا لكلمممة الهوحيممد ال بممد منهمما حممال النحممق بكلمممة الهوحيممد لمميحكم بإسممهمه ،ولك م
الحقيقة أن م ر النحق بكلمة الهوحيد ال ين م العبمد عنمد اللمه إال باإلتيمان ب مروطها مما
لم يك هنال ما (.)7
وقممد م علممى ذلم الحممافظ ابم رجممب م رحمممه اللممه م حيممث قممال فم جممام العلممول
والحكممم((( :)1وبهممذا الممذي قرر مماه يظهممر ال م م بممي ألفمماظ أحا يممث هممذا البمماب ،ويهبممي أن
ملهمما حممق ،فممإن ملمهم ال ممها تي بم ر هممما تعوممم مم أتممى بهممما ،ويوممير بممذل مسمملماً،
ف ممإذا خ ممل فم م اإلس ممهل ،ف ممإن أق ممال الو ممهة ،وآت ممى الزم مماة ،وق ممال ب م مرائ اإلس ممهل ،فل ممه م مما
للمسلمي ،وعليه ما عليهم ،وإن أخل ب م ا مم همذه اارممان ،فمإن مما وا جماعمة لهمم منمعمة
قوتلوا.
وقممد م بعضممهم أن معنممى الحممديث أن الكممافر يقاتممل حهممى يممأت بال ممها تي ،ويقمميم
الوممهة ،ويممؤت الزممماة ،وجعل موا ذل م ح ممة علممى خحمماب الكفممار بممالفروع ،وف م هممذا ظممر،
وسيرة النب ف قهال الكفار تدل على خهف هذا.
وف م صممحي مسمملم ع م أب م هريممرة رض م اللممه عنممه أن النب م عمما علي ماً يممول خيبممر
فأعحمماه الرايممة ،وقممال« :امممش وال تلهفممت حهممى يفممه اللممه علي م » فسممار عل م ٌّ شمميئاً ثممم وقممف
فوممرخ :يمما رسممول اللممه علممى ممماذا أقاتمل النمماس؟ فقممال« :قمماتلهم علممى أن ي ممهدوا أن ال إلممه إال
الله وأن محمداً رسول الله ،فإذا فعلوا ذل ،فقد عوموا منم ممااهم وأمموالهم إال بحقهما،
وحسابهم على الله .)2(»
ف عل م ر اإلجابة إلى ال ها تي عومة للنفوس وااموال إال بحقهما ،ومم حقهما
االمهناع ع الوهة والزماة بعد الدخول ف اإلسهل مما فهمه الوحابة رض الله عنهم)).
ثممم ذمممر م رحمممه اللممه م قهممال ممما ع الزممماة ومنمما رة أب م بكممر رضم اللممه عنهممما لعمممر،
وقوله ر اً على عمر لما قال« :ميف تقاتل الناس وقد قمال رسمول اللمه « :أممرت أن أقاتمل
النمماس حهممى يقولموا :ال إلممه إال اللممه ،فمم قممال :ال إلممه إال اللممه فقممد عوممم منم مالممه و فسممه إال
بحقه وحسابه على الله »وجواب أب بكر(( :والله اقماتل مم فمرك بمي الومهة والزمماة،
فإن الزمماة حمق الممال ،واللمه لمو منعمو عقماالً مما وا يؤ و مه إلمى رسمول اللمه لقماتلههم علمى
منعه)).
ثم قال اب رجب(( :فمأبو بكمر أخمذ قهمالهم مم قولمه« :إال بحقمه» فمدل علمى أن
قهال م أتى بال ها تي بحقه جائز ،وم حقه أ اا حق المال الواجب ،وعمر م أن
م ر اإلتيان بال ها تي يعوم الدل ف المد يا تمسمكاً بعممول أول الحمديث ممما م طائفمة
م م النمماس أن م م أتممى بال ممها تي امهن م م م خممول النممار ف م امخممرة تمسممكاً بعمممول ألفمماظ
ور ت وليس اامر على ذل ))(.)1
( )1االسهقراا ،مودر م اسهقريت ال ا إذا تهبعهه .وهو وعان :تال ،وهو :إثبات الحكم الكل لثبوته ف جزئياته،
وهو :الحكم على مل لوجو ه ف أمثر جزئياته، يعبر عنه بالقياس المقسم ،و اق وهو يفيد اليقي ،والبع
وهو ن .
وسم اسهقراا ان مقدماته ال تحول إال بههب ال زئيات.
فهو يقبل أن الهال ال يقبل الزيا ة أو النق ،بخهف الناق والفرك بي االسهقرائ الهال واالسهقرائ الناق
الزيا ة أو النق .
(.)612/6 ا ظر :الهعريفات لل رجا (م ،)61 :والمواقف ل.ي
( )2بل ذمر ال ي اب عثيمي م رحمه الله تعالى م أن االسهدالل المبن على الههب واالسهقراا ثابت حهى ف القرآن
[مريم 11 :م ﭠ ﭡ ﭝ ﭞ ﭟ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ مما ف قوله تعالى:
ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ [مريم[ .]13 :م موع فهاوى ورسائل ]11ال واب ال هذا وال هذا .ولهذا قال تعالى:
فضيلة ال ي محمد ب صال العثيمي ( 13/6م .])11
مما أ ه ور أيضاً ف السنة مما ف قوله « :لقد هممت أن أ هى ع الغيلة ،فنظرت ف الرول وفارس ،فإذا
هم يغيلون أوال هم فه يضر أوال هم ذل شيئاً» [أخرجه مسلم ف صحيحه ( ])1027/3فالنب عدل ع
النه ع الغيال م وهو أن ي ام الرجل امرأته وه مرض م لما اسهقرى م حال فارس والرول أ هم يفعلو ه وال
يضر أوال هم شيئاً .ا ظر :النهاية ف غريب الحديث (.)111/3
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
اامر بالخير والنه ع ال ر ،فإ ه يفهمها أوالً ،فإذا فهمها وعرفها()1؛ اعهرف القلب بها،
وصدقها توديقاً ال ريب فيه( ،)2توديقاً لله ولرسوله( ،)3وذل يقهض محبهها( ،)4والهقرب إلى
الله باعهقا ما لت عليه ،وال زل بأ ه الحق الناف ،فإذا عرف الله ورسوله وأحبه ،أحب مل ما
يقرب إلى الله ،ومره مل ما يبغضه ويمقهه( ،)5وحينئذ ينقا القلب( )6ا قيا اً جازماً لحاعة الله
وطاعة رسوله ،فيقود ويريد فعل ما يقدر عليه م محبوبات الله م واجب ومسهحب قوداً
جازماً يهرتب عليه وجو ما قوده وأرا ه ،ويقود اجهناب ما هى الله عنه و هى عنه رسوله
قوداً جازماً يقهرن به الهرك ،وهذا هو معنى قوله :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
[آل عمران ،]633 :وقول المؤمني :ﮮ ﮯ [البقرة ،]211 :ومنة الله عليهم بقوله :ﭾ ﭿ
ﮈ ﮉ ﮊ امية [الح رات ،]1 :فهبي أن هذه اامور: ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮀ ﮁ
الهوديق ،واالعهراف ،والحب ،واال قيا ،ووجو مقهضى هذا اال قيا ،مههزمة مرتبط بعضها
ببع ،إذا تم واحد منها وممل علم أن جميعها قد مملت ،وإذا ا هفى واحد منها بالكلية علم
أن جميعها قد ا هفت ،وإذا ق واحد منها فلنمق ف بقيهها؛ فافهم هذا اإليضا ف بيان
اإليمان ،ولهذا مثل الله اإليمان بال رة ف وجو ها وممالها و قوها على هذا الوصف الذي
ذمر ا ،والله أعلم))( )7ا ههى.
وهذا منه م رحمه الله م تأصيل فيس ف بيان ترابط حقائق اإليمان وجو اً وعدماً ،وأ ه
ال يسهغنى ببعضها ع بع ف حال النق .
ومما يوض الهرابط بي هذه ال روط خاصة :أن شها ة أن ال إله إال الله ال تكون
شها ًة معهبرة إال إذا ما ت ع علم تال بمعناها ،والعلم بمعناها ال يكون تاماً إال م اليقي (،)8
واليقي ال يهحقق إال بالهوديق( ،)1والهوديق يقهض القبول ،والقبول مسهلزل له قيا الوا ك
ا ه تحقيق اال قيا الوا ك مما سيأت ،واال قيا الوا ك يسهلزل اإلخهم ،واإلخهم
يقهض الكفر بالحاغوت ،والكفر بالحاغوت مسهلزل للمحبة لهذه الكلمة وما تضمنهه م
إخهم الهوحيد لله الم يد.
فا ظر ،ميف ا بنت هذه ال روط بعضها على بع ،وتضم بعضها البع حهى
مأ ها ترج إلى شرط واحد.
ومما يدل على صحة هذا الهرابط بي شروط ال إله إال الله امهناع وجو شرط منها ف
حق الم رك.
يقول ال ي عبد الرحم ب حس آل ال ي ف حق م أشرموا بالله(( :وهؤالا وإن
قالوا "ال إله إال الله" فقد ترموا مل قيد قميدت به هذه الكلمة العظيمة)).
ثم بره ذل بقوله(( :ان الم رك جاهل بمعناها ،وم جهله بمعناها جعله لله شريكاً
ف المحبة وغيرها ،وهذا هو ال هل المناف للعلم بما لت عليه م اإلخهم ،ولم يك
صا قاً ف قولها ،ا ه لم ينف ما فهه م ال رك ولم يثبت ما أثبههه م اإلخهم ،وترك اليقي
أيضاً؛ ا ه لو عرف معناها وما لت عليه ا كره( )2أو ش فيه ،ولم يقبله وهو الحق ،ولم
يكفر بما يعبد م ون الله ،مما قال تعالى :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [البقرة ]611 :ا هم
أخلووا له الحب فلم يحبوا إال إياه ،ويحبون م أحبه ويخلوون أعمالهم جميعاً لله ،ويكفرون
بما عبد م ون الله))( .)3ا ههى.
وأيضاً :أن النب قد رتب خول ال نة على مل شرط منها على حدته ،وال يدل
ذل على المغايرة بينها ،ا ه ما م شرط م هذه ال روط إال وله ما ينقضه ويذهب بأصله.
فلو قال ال إله إال الله خالواً م قلبه ،وهو غير عالم بمعناها أو شاك فيه لم يو
إيما ه بم ر إخهم قلبه.
فإذا ثبت أن هذه ال روط مههزمة ومنبنية بعضها على بع ،فقد ير سؤال هنا ،وهو:
لماذا هذا السبر والهقسيم( )1لهذه ال روط؟ فلماذا ال يكهفى بأعلى هذه ال روط ،ا ه مهضم
لت ى؟
ويقال ف ال واب ع هذا السؤال :أن تقسيم أهل العلم لهذه ال روط له اعهبارات
ومقاصد صحيحة ،وذل مما يل :
6م أن هذا السبر والهقسيم هو بالنظر إلى اا لة حيث وت اا لة ال رعية على أفرا
هذه ال روط ورتبت صحة ال ها ة عليها مما سيأت عند الحديث ع أفرا هذه ال روط.
2م أن ذمر النوع م جنسه أمر مهقرر ف ال ريعة ،وذل لبيان أهمية هذا النوع
والهأميد على لزوميهه؛ مذمر ااعمال بعد اإليمان م أن اإليمان مهضم لها .ومذمر بقية
أرمان اإليمان بعد اإليمان بالله م أن اإليمان بالله مهضم لها .فف ذمر الخام بعد العال
فوائد ومقاصد ،ومنها أيضاً أن العال ال يهوور إال بعد معرفة أفرا ه.
يقول شي اإلسهل اب تيمية م رحمه الله م(( :فهوور العال وشموله لهل اافرا مسبوك
بهوور تل اافرا ))(.)2
3م بيان أن اإليمان ينقسم ويه زأ ،ويهفاضل بعضه على بع .وف ذل رٌّ على
الخوارج والمرجئة والمعهزلة القائلي بأن اإليمان ال ينقسم وال يه زأ وال يهفاضل بل هو ش ا
واحد ،والناس ف أصله سواا.
1م الر على أهل البدع مم يحد أصل اإليمان ببع شعبه وأجزائه .مهعريف المرجئة
ل.يمان بأ ه توديق القلب فقط أو معرفهه بالله ون ا قيا ال وار .فف تفويل هذه ال روط
بيان اجزاا اإليمان ومناق ههم على ضوئها.
وم ال دير ذمره هنا أن هذا الحور ل روط ملمة الهوحيد هو حور إجمال ليس
تفويلياً؛ ان هذه ال روط م مما تقدل م ه مااصول لسائر شروط صحة اإليمان ،ف روط
()1ا السبر و الهقسيم ف اصحه ااصوليي حور ااوصاف ف ااصل المقيس عليه ،و إلغاا بعضها ليهع ًن
الباق للعلية .ا ظر :الهقرير والهحبير ( ،)311/5والمع م الوسيط (.)115/1
( )2بيان تلبيس ال همية (.)112/2
612 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
صحة اإليمان ااخرى ترج وتؤول إليها ،ا ها مهفرعة عنها؛ إذ هذه ال روط السبعة الة
عليها إما بالهضم أو باالسهلزال ،وقد ذمرت شواهد ذل فيما تقدل( ،)1والله تعالى أعلم.
ثم هنا مسألة أخيرة مهمة خهم بها الكهل ف هذا المبحث ،وه هل هذا االسهقراا
لهذه ال روط هو اسهقراا تال أو اق ()2؟
تقدل معنا أن هذا االسهقراا صحي تال ،ولك ينبغ أن يعلم أن الهمال هنا هو باعهبار
اإلجمال ال الهفويل ،فهو اسهقراا تال م أي :ف المعنى والحور م باعهبار اإلجمال ،أما باعهبار
الهفويل فهو اسهقراا اق باعهبار العد ،تالٌّ باعهبار المعنى( ،)3ولذا فهو يقبل الزيا ة م جهة
الحور(.)4
وذل مما تقدل ال يقد ف صحة الحور ف مو ها سبعة شروط ،ان ما لم يذمر
هو اخل تحهها ضمناً.
المبحث الثامن :ذكر بعض اآلثار عن السلف فيها الداللة على أن لشهادة أن ال إال
الله شروطاً.
السلف م رحمهم الله تعالى م ووا على أن ل ها ة أن ال إله إال الله شروطاً ،ال
ينهف قائلها إال بهذه ال روط؛ وذل ان ملمة الهوحيد ليست م ر أحرف جوفاا ال اللة
لها وال معنى ،وليست م ر ملمة تقولها االس ون أن يكون لها وق ف القلب أو أثر
على ال وار بل ه قول وعمل واعهقا .وعلى هذا م ى السلف م الوحابة والهابعي
حيث ووا على أن اإليمان ما جم هذه اامور الثهثة قول اللسان واعهقا ال نان وعمل
اارمان ال ي زي واحد م الثهثة ع امخر.
يقول اإلمال محمد ب إ ريس ال افع م رحمه الله م(( :ومان اإلجماع م الوحابة
والهابعي م بعدهم مم أ رمناهم :أن اإليمان قول وعمل و ية ال ي زي واحد م الثهثة
بامخر))( .)1اهم.
وقال امجري م رحمه الله م...(( :بل قول م والحمد لله م قوالً يوافق الكهاب والسنة،
وعلماا المسلمي الذي ال يسهوحش م ذمرهم م وقد تقدل م ذمر اهم م :أن اإليمان معرفة
بالقلب م توديقاً يقينياً م وقول بالسان ،وعمل باال وار ،ال يكون مؤمناً إال بهذه الثهثة ،ال
ي زئ بعضها ع بع ،وال مد لله على ذل ))(.)2
وهذه اارمان الثهثة اله ينبن عليها اإليمان مهضمنة ل روط ملمة الهوحيد ال إله إال
الله؛ وبيان ذل جاا ف بع مهل الحافظ اب منده( )3م رحمه الله م حيث قال ف مهابه
( )1أخرجه الهلكائ ف شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة (جم 881/1م )887رقم ( ،)2123وأور ه شي
اإلسهل اب تيمية ف م موع الفهاوى ( )102/7وعزاه الهلكائ لل افع ف مهاب اال ف باب (النية ف
ف الباب الوهة) ومذا عزاه شي اإلسهل م رحمه الله م ،وقد رجعت إلى مهاب اال فلم أجد هذا الن
المذمور.
ومم حكى اإلجماع ع السلف أيضاً ف حقيقة اإليمان وأ ه قول باللسان واعهقا بال نان وعمل باارمان
امجري ف مهابه ال ريعة ( ،)122/1واب بحة ف مهابه اإلبا ة ( 710/1م .)712
( )2ال ريعة ( 212/3م .)217
( )3هو :اإلمال الحافظ ال وال محدث اإلسهل ،أبو عبد الله محمد ب المحدث أب يعقوب إسحاك ب الحافظ أب
عبد الله محمد ب يحيى ب مندة ،مولده ف سنة ع ر وثهث مئة أو إحدى ع رة ،وأول سماعه ف سنة ثمان
= ع رة وثهث مئة .مثر سماعه فقيل :إ ه مهب ع ألف شي وسبعمائة شي ،فحدث ع أبيه ،وعم أبيه عبد الرحم
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
اإليمان ما وه(( :وقال أهل ال ماعة اإليمان ه ( )1الحاعات ملها بالقلب واللسان وسائر
ال وار غير أن له أصهً وفرعاً؛ فأصله المعرفة بالله والهوديق له وبه وبما جاا م عنده
بالقلب واللسان م الخضوع له والحب له والخوف منه والهعظيم له ،م ترك الهكبر
واالسهنكاف والمعا دة .فإذا أتى بهذا ااصل( )2فقد خل ف اإليمان ولزمه اسمه وأحكامه،
وال يكون مسهكمهً له حهى يأت بفرعه ،وفرعه المفهرض عليه أو الفرائ واجهناب المحارل.
وقد جاا الخبر ع النب صلى الله عليه وسلم أ ه قال« :اإليمان بض وسبعون أو سهون شعبة
()3
أفضلها شها ة أن ال إله إال الله ،وأ اها إماطة ااذى ع الحريق والحياا شعبة م اإليمان»
ف عل اإليمان شعباً بعضها باللسان وال فهي ،وبعضها بالقلب ،وبعضها بسائر ال وار ؛
ف ها ة أن ال إله إال الله فعل اللسان ،تقول :شهدت أشهد شها ة .وال ها ة فعله بالقلب
واللسان ال اخههف بي المسلمي ف ذل ،والحياا ف القلب ،وإماطة ااذى ع الحريق
فعل سائر ال وار ))( .)4اهم.
فا ظر إلى مهمه م رحمه الله م ميف ا هظم عد هذه ال روط؛ حيث ذمر المعرفة
بالله ،المهضمنة العلم بالم هو له وما ي ب له م إخهم الهوحيد ،المقهضية لليقي به،
وذمر الهوديق المهضم ل.خهم ف القول والعمل ،وذمر الحب المهضم حب هذه
الكلمة وحب أهلها العاملي بها ،وذمر الخضوع المقهض له قيا والهسليم ،وذمر ترك
مممممممممم
ب يحيى ب مندة ،ومحمد اب القاسم ب موف الكرا وغيرهم .وحدث عنه :أبو بكر ب المقرئ ،وأبو عبد اله =
الحامم ،وأبو عيم ااصبها وخلق مثير غيرهم .ومان صاحب سنة ،ينهسب إلى اإلمال أحمد م رحمه الله م.
ا ظر :طبقات الحنابلة ( ،)217/1وسير أعه النبها ( 18/27م .)21
( )1مذا ف ااصل ،وااولى" :هو" مما أشار المحقق.
رة؛ فأصلها ( )2وأصل اإليمان هو اإلقرار بال ها تي مما جاا ع طاوس م رحمه الله م(( :مثل اإليمان م
ال ها ة ،وساقها وورقها مذا ،وثمرها الورع ،وال خير ف ش رة ال ثمر لها ،وال خير ف إ سان ال ورع له).
ﯹ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ أخرجه عبد الله ب أحمد ف السنة ( )321/2رقم ( .)131وي هد له قوله تعالى:
(إبراهيم)12:؛ والكلمة الحيبة ه ال إله إال الله عند جمهور المفسري . ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ
ا ظر :إعهل الموقعي الب القيم (.)271/2
(،)2 امية (جم)20/2 ﭒ ﭓ ( )3البخاري ف مهاب اإليمان ،باب :أمور اإليمان وقول الله تعالى:
(.)18 ومسلم ف مهاب اإليمان ()13/2
( )2اإليمان الب مندة ( 332/2م .)331
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
الهكبر واالسهنكاف والمعا دة ا ه يناف القبول واإلذعان لهذه الكلمة ،وعد ذل مله أصل
اإليمان الذي ال يو اإليمان إال به.
وقال حافظ حكم م رحمه الله م ف شر عبارة السلف :اإليمان قول وعمل(( :وقد
قدمنا ل أن اإليمان قول وعمل ،قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان وال وار ،
فقول القلب هو الهوديق ،وقول اللسان :هو الهكلم بكلمة اإلسهل ،وعمل القلب هو النية
واإلخهم ،وعمل ال وار :هو اال قيا ب مي الحاعات( ،)1فإذا زالت جمي هذه
ااربعة :قول القلب وعمله ،وقول اللسان ،عمل ال وار زال اإليمان بالكلية ،وإذا زال
توديق القلب لم تنف البقية؛ فإن توديق القلب شرط ف اعهقا ها ومو ها افعة ،وذل
مم مذب بأسماا الله وصفاته ،أو بأي ش ا مما أرسل الله به رسله وأ زل به مهبه ،وإن
زال عمل القلب م اعهقا الودك فأهل السنة م معون على زوال اإليمان مله بزواله ،وأ ه
ال ينف الهوديق م ا هفاا عمل القلب وهو محبهه وا قيا ه ،مما لم ينف إبليس وفرعون
وقومه واليهو والم رمي الذي ما وا يعهقدون صدك الرسول بل ويقرون به سراً وجهراً،
ويقولون :ليس بكاذب ،ولك ال هبعه وال ؤم به))( )2ا ههى.
وأما النووم الوار ة ع السلف ف الداللة على هذه ال روط فبعضها جاات
م ملة وبعضها جاات مفولة .فم المفول قول أب ثور( )3م رحمه الله م(( :فاعلم يرحمنا
الله وإياك أن اإليمان توديق بالقلب وقول باللسان وعمل بال وار .وذل أ ه ليس بي
أهل العلم خهف ف رجل لو قال :أشهد أن الله واحد وأن ما جاات به الرسل حق،
وأقر ب مي ال رائ ثم قال :ما عقد قلب عل ش ا م هذا وال أصدك به أ ه ليس
بمسلم .ولو قال :المسي هو الله وجحد أمر اإلسهل قال لم يعهقد قلب على ش ا م ذل
( )1هذا م حيث الكمال ،أما باعهبار ااصل فيكف فعل الوهة مما سيأت ف شرط اال قيا .
( )2أعهل السنة المن ورة (م 611 :م .)611
( )3هو :إبراهيم ب خالد ب أب اليمان الكلب ،أبو ثور الفقيه ،صاحب ال افع ،أحد الفقهاا ااعهل ،سم م
سفيان ب عيينة وتفقه بال افع وغيره .قال عنه اإلمال أحمد :أعرفه بالسنة منذ خمسي سنة وهو عندي ف
مسهخ سفيان الثوري .توف سنة أربعي ومائهي ببغدا .
ا ظر :سير أعهل النبها ( 12/62م ،)11وتقريب الههذيب (م ،)631 :وميزان االعهدال ( 611/6م
.)611
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
أ ه مافر بإ هار ذل وليس بمؤم ،فلما لم يك باإلقرار إذا لم يك معه توديق مؤمناً وال
بالهوديق إذا لم يك معه اإلقرار مؤمناً حهى يكون مودقاً بقلبه مقراً بلسا ه ،فإذا مان توديق
بالقلب وإقرار باللسان مان عندهم مؤمناً وعند بعضهم ال يكون مؤمناً حهى يكون م الهوديق
عمل فيكون بهذه ااشياا إذا اجهمعت مؤمناً .فلما فوا أن اإليمان ش ا واحد وقالوا :يكون
ب يئي ف قول بعضهم وثهثة أشياا ف قول غيرهم لم يك مؤمناً إال بما اجهمعوا عليه م
هذه الثهثة ااشياا .وذل أ ه إذا جاا بالثهثة أشياا فكلهم ي هد أ ه مؤم فقلنا بما اجهمعوا
عليه م الهوديق بالقلب واإلقرار باللسان وعمل ال وار ))(.)1
فبي م رحمه الله م أن اإليمان ال يو إال بم موع هذه الثهثة؛ قول اللسان ،وهو
اإلقرار والهلفظ بال ها تي ،والعمل وهو القبول واال قيا ،وتوديق القلب المهضم للعلم
واإلخهم واليقي ،ثم قح بعدل إجزاا واحد منها مفر اً؛ فه يو إيمان العبد إال
باجهماعها واسهكمالها.
وي هد له قول ااوزاع ( )2م رحمه الله م امت (( :ال يسهقيم اإليمان إال بالقول ،وال
يسهقيم اإليمان والقول إال بالعمل ،وال يسهقيم اإليمان والقول والعمل إال بنية موافقة للسنة،
فكان م مضى مم سلف ال يفرقون بي اإليمان والعمل؛ فالعمل م اإليمان واإليمان م
العمل ،وإ ما اإليمان اسم ي م مما ي م هذه اا يان اسمها ويودقه العمل()3؛ فم آم
بلسا ه وعرف بقلبه وصدك ذل بعمله فذل العروة الوثقى( ... )4وم قال بلسا ه ولم يعرف
بقلبه ولم يودك بعمله لم يقبل منه ومان ف امخرة م الخاسري ))( .)5اهم.
( )1شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة (جم 822/2م .)810
( )2هو :عبد الرحم ب عمرو ب أب عمرو ااوزاع ،أبو عمرو الفقيه ،ثقة جليل ،م السابعة مات سنة سب وخمسي
بعد المئهي ،وحديثه عند أصحاب الكهب السهة[ .تقريب الههذيب (م.])123 :
( )3ف شر أصول اعهقا أهل السنة :جاات العبارة هكذا(( :ال يفرقون بي اإليمان والعمل م اإليمان واإليمان
م العمل ف م هذه اا يان اسمها وتوديقه العمل)) وهو غير مسهقيم ،والمثبت م م موع الفهاوى
( ،)231/1وبه يسهقيم المعنى.
( )4والعروة الوثقى ه ال إله إال الله مما تقدل.
( )5أور ه الهلكائ ف شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة ( ،)811/1واب تيمية ف م موع الفهاوى (.)121/7
وجاا بنحوه م مهل سعيد ب جبير م رحمه الله م ا ظر :شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة ( )17/2رقم (.)10
611 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
ومما جاا ع السلف أيضاً ف بيان أن شها ة أن ال إله إال الله ال تنف قائلها إال
ب روط قول الحس البوري م رحمه الله م(( :اإليمان مهل ،وحقيقهه العمل ،فإن لم يحقق
القول بالعمل لم ينفعه القول))(.)1
وقال أبو العالية( )2م رحمه الله م :ف قول الله تعالى :ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ
[البقرة(( : ]611:تكلموا بكهل اإليمان وحققوه بالعمل))(.)3
وقال محمد ب الحسي امجري م رحمه الله م(( :هذا بيان لم عقل ،يعلم أ ه ال
يو الدي إال بالهوديق بالقلب ،واإلقرار باللسان ،والعمل بال وار ؛ مثل الوهة والزماة
والويال والحج وال ها ،وما أشبه ذل ))(.)4
هذه بع النووم المفولة ع السلف اله فيها الداللة على أن ال إله إال الله ال
تنف قائلها إال ب روط وقيو ي ب تحققها تزيد ع الهلفظ بها.
مما أن هناك ووصاً م ملة ور ت عنهم تدل على هذه ال روط أيضاً؛ وه على
ضربي :م ملة فيها الداللة على هذه ال روط ،وأخرى فيها الهنوي على أن ل ها ة أن ال
إله إال الله شروطاً؛ فم الضرب ااول :ما رواه اب جرير الحبري م رحمه الله م ف تفسيره بسنده
إلى قها ة( )5م رحمه الله م أ ه قال ف قوله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [البقرة(( :]61:إن المنافق تكلم به إله إال الله ،فأضاات له
ف الد يا ،فنام بها المسلمي ،وعا ( )6بها المسلمي ،ووارث بها المسلمي ،وحق بها مه
وماله ،فلما مان عند الموت سلبها المنافق؛ ا ه لم يك لها أصل ف قلبه ،وال حقيقة ف
عمله))( .)1اهم.
فقوله(( :لم يك لها أصل ف قلبه)) إشارة إلى ال روط القلبية لهذه الكلمة ،وقوله:
((وال حقيقة لها ف عمله)) فيه إشارة إلى شرط اال قيا العمل ؛ فالمنافق سلب هذه ال روط
أو فعها؛ فقلبه خه م العلم والهوديق بها ،وم المحبة لها واهلها العاملي بها ،وأعماله
الظاهرة ف الد يا رياا فكا ت ف امخرة هباا؛ ال ف لها.
وم هذا الضرب أيضاً قول أب بكر امجري م رحمه الله م يقول(( :فإن احهج محهج
بااحا يث اله رويت( :م قال ال إله إال الله خل ال نة) قيل له :هذه ما ت قبل زول
الفرائ على ما تقدل ذمر ا له ،وهذا قول علماا المسلمي مم فعهم الله تعالى بالعلم،
وما وا أئمة يقهدى بهم ،سوى المرجئة الذي خرجوا ع جملة ما عليه الوحابة والهابعون لهم
بإحسان ،وقول اائمة الذي ال تسهوحش م ذمرهم))( )2ا ههى.
وهو بنحوه يروى ع اإلمال أحمد م رحمه الله م )3(،وهو بي ف الداللة على أن
شها ة أن ال إله إال الله ال تنف بم ر ها بل ال بد م اإلتيان بحقوقها والقيال ب روطها.
وم الضرب الثا ( :)4ما أثر ع الحس م رحمه الله م أ ه قال للفرذ ك وهو يدف
امرأته :ما ذا أعد ت لهذا اليول؟ فقال الفرذ ك :شها ة أن ال إله إال الله منذ سبعي سنة.
فقال له الحس م رحمه الله م (( :عم العدة فإن لمهإله إال الله شروطاً ،فإياك وقذف
()7( )6
المحونة))( ،)5وروي عنه أ ه قال :هذا العمو ،فأي الحنب ؟
وقيل للحس :إن اساً يقولون :م قال ال إله إال الله خل ال نة؟ فقال :م قال:
ال إله إال الله ،فأ ى حقها وفرضها خل ال نة(. )8
( )1تفسير اب جرير ( .)332/2وأور ه السيوط ف الدر المنثور ( 71/2م )73بزيا ة( :فهرك ف لمات وعمى
يهسك فيها مما مان أعمى ف الد يا ع حق الله وطاعهه) ف آخره ،وزا سبهه إلى عبد ب حميد :وبنحوه أثر
(البقرة.)27: ع الحس البوري م رحمه الله م ف تفسير قوله تعالى :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
( )2ال ريعة ( 331/3م .)333
( )3ا ظر :السنة للخهل ( 172/3م .)171
( )4أي النووم الدالة على أن ل.له إال الله شروطاً.
( )5تقدل تخري ه
( )6جاا ف القاموس ((( :)131/2الحنب بضمهي حبل طويل ي د به سرا ك البيت أو الوتد جم أطناب وطنبة)) أ.هم.
( )7أور ه الحافظ اب رجب ف جام العلول والحكم (م.)321 :
( )8تقدل تخري ه.
613 الا
عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ
ومنه أيضاً قول وهب ب منبه لم سأله :أليس ال إله إال الله مفها ال نة؟ قال :بلى،
ولك ليس مفها إال له أسنان؛ فإن جئت بمفها له أسنان فه ل ،وإال لم يفه ل (.)1
وقد فسرت أسنان المفها ب روط شها ة أن ال إله إال الله(.)2
وبهذا يعلم أن لهذه ال روط أصهً ف مهل السلف ،وبه درك خحأ م يزعم أن
هذه ال روط م بدع المهأخري .
يعد من شروطها؟ ومأخذ من الفصل الثاني :النطق واإلقرار بال إله إال اللَّه ،هل ُّ
لم يع ّده في الشروط.
وتحته ستة مباحث:
المبحث األول :أدلة من جعل النطق واإلقرار بها من شروطها.
المبحث الثاني :مأخذ من لم يع ّد النطق واإلقرار بال إله إال الله في الشروط.
المبحث الثالث :من جعل النطق واإلقرار كافياً لصحة اإليمان[ .وهم الكرامية
من المرجئة].
المبحث الرابع :حكم من ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة.
المبحث الخامس :إيمان األخرس.
المبحث السادس :ما يجزئ عن النطق بالشهادتين في الشهادة على اإلسالم.
080 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
الفصل الثاني :النطق واإلقرار بال إله إال الله ،هل ُّ
يعد من شروطها؟ ومأخذ من
لم يع ّده في الشروط.
وفيه ستة مباحث:
المبحث األول :أدلة من جعل النطق واإلقرار بها من شروطها.
وقع في كالم بعض أهل العلم التنصيص على شرط النطق واإلقرار لصحة
()1
ولعل ذلك منهم بالنظر إلى أ ّن ال إله إال الله هي اإلسالم؛ فبهذا االعتبار ال
الشهادة ّ .
حرج في ع ّده شرطا كما قال النووي ـ رحمه الله ـ...(( :اإليمان شرطه اإلقرار بالشهادتين مع
اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به رسول الله )2())اهـ.
وأيضا جاء عن ابن الصالح( )3عند ذكره حديث عثمان المرفوع« :من مات وهو
يعلم أنه ال إله إال الله دخل الجنة»( )4التنصيص على هذا الشرط حيث قال(( :قوله« :وهو
يعلم» ال يحملنا على مخالفة الفقهاء وسائر أهل السنة في قولهم :إنه ال يصير مسلما
بمجرد المعرفة بالقلب دون النطق بالشهادتين إذا كان قادرا عليه؛ ألن اشتراط ذلك ثابت
بينته أحاديث أخرى))()5؛ ثم شرع في ذكرها..
وأيضا جاء التنصيص على هذا الشرط في كالم الشيخ عبد اللطيف بن حسن آل
الشيخ حيث يقول في "مصباح الظالم"((( :)6وال شك أن العلم والقول والعمل مشترط في
صحة اإلتيان بهما)) يعني :الشهادتين.
( )1انظر :مصباح الظالم (ص 783 :ـ ،)788ورفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص.)73 :
( )2شرح صحيح مسلم (جـ .)161/1وانظر :الشريعة لآلجري (.)617/3
( )3هو :اإلمام الحافظ العالمة تقي الدين أبو عمرو عثمان ابن المفتي صالح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى
الكردي الشهرزوري ،الموصلي ،الشافعي ،صاحب علوم الحديث ،مولده في سنة سبع وسبعين وخمس مئة ،تفقه على
والده بشهرزور ،وسمع من ابن مظفر السمعاني ،وروى عن ابن عساكر وخلق ،وكان إماما كبيرا فقيها مجتهدا ،زاهدا
ورعا ،مفيدا معلِّّما .من مصنفاته( :صيانة صحيح مسلم) ،و(التقييد) في مصطلح الحديث .توفي سنة ثالث وأربعين
وست مئة .انظر :سير أعالم النبالء ( ،)111/37وطبقات الشافعية ( 736/8ـ .)776
( )4أخرجه مسلم في صحيحه ،في كتاب العلم ( )55/1رقم (.)17
( )5صيانة صحيح مسلم (ص 133 :ـ .)137
(( )6ص 783 :ـ .)788
081 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
نص على اشتراطه أيضا ابن حجر في (الفتح)( )1والمعلِّّمي في (رفع وممن ّّ
االشتباه)( ،)2وميارة( )3في (مختصر الدر الثمين على منظومة المرشد المعين على الضروري
من علوم الدين)( ،)4والتتائي( )5في شرحه لرسالة أبي زيد القيرواني( ،)6وأبو جمرة( )7في
(بهجة النفوس)( ،)8وابن عبد البر في (الكافي)(.)9
قلت :وهو كذلك ،فإن المقرر في كالم أهل العلم أن النطق بكلمة التوحيد مع القدرة
شرط الدخول في اإلسالم( )10بل نص أهل العلم على أنه أول الواجبات العِّظام( ،)11وقد حكى
شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ إجماع السلف واألئمة على ذلك .فقال(( :والمقصود هنا أن السلف
واألئمة متفقون على أن أول ما يؤمر به العباد الشهادتان( ...)12فإذا لم يتكلم بهما مع القدرة
فهو كافر باتفاق المسلمين ،وهو كافر باطنا وظاهرا عند سلف األمة وأئمتها وجماهير
(.)101/1( )1
(( )2ص.)73 :
( )3ميارة هو :محمد بن أحمد بن محمد الفاسي ،الفقيه المالكي ،تقدم.
(( )4ص.)59 :
( )5هو :محمد بن إبراهيم بن خليل التتائي الفقيه الفرضي ،أبو عبد الله شمس الدين المصري كان قاضيا بها،
والتتائي نسبة إلى "تتا" من قرى المنوفية بمصر ،له من المؤلفات( :فتح الجليل شرح مختصر خليل) في الفقه
المالكي ،و(تنوير المقالة في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني) ،توفي سنة ( )219هـ .انظر :نيل االبتهاج
(ص ،)855 :وشجرة النور الزكية ( ،)979واألعالم للزركلي (.)209/8
( )6انظر :تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة ( 180 ،112/1ـ .)189
( )7هو :أبو محمد عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة ،األزدي األندلسي ،من علماء المالكية ،توفي بمصر
عام ( )528هـ ،له من المؤبفات( :بهجة النفوس) في شرح مختصر صحيح البخاري .انظر :نيل اإلبهاج (ص:
.)915واألعالم للزركلي (.)52/1
(.)127/1( )8
( 189/1( )9ـ .)182
( )10انظر :الصارم المسلول (.)431/7
) )11انظر :المفهم ( 181/1ـ ،)183ومجموع الفتاوى (.)364/3
) )12درء التعارض (.)11/8
081 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
علمائها))( )1أ.هـ.
كما حكاه أيضا النووي ـ رحمه الله ـ فقال(( :واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء
والمتكلمين على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة ،وال يخلد في النار ،ال يكون إال
من اعتقد بقلبه دين اإلسالم اعتقادا جازما خاليا من الشكوك ،ونطق بالشهادتين ،فإن اقتصر
على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصال ،إال إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه ،أو لعدم
التمكن منه لمعاجلة المنية ،أو لغير ذلك ،فإنه يكون مؤمنا))(.)2
قلت :ومصداق هذا اإلجماع إجماعهم على أن اإليمان قول وعمل واعتقاد ال
يجزي واحد عن الثالثة إال باآلخر؛ كما تقدمت حكايته عنهم.
فمن قال ال إله إال الله من المكلّفين فقد ثبت إسالمه بيقين.
كما أن العلماء متفقون على أن الصبي إذا قالها قبل البلوغ وكان أبواه مسلمين ال
يؤمر بتجديدها عقيب بلوغه بل يؤمر بالطهارة والصالة إذا بلغ أو ميّز عند من يرى ذلك،
ولم يوجب أحد منهم على وليّه أن يخاطبه حينئذ بتجديد الشهادتين ،وإن كان اإلقرار
بالشهادتين واجبا باتفاق المسلمين ووجوبه يسبق وجوب الصالة لكن هو أدى هذا
الواجب قبل ذلك( .)3أما إذا كان أبواه كافرين ففي صحة إسالمه قبل البلوغ نزاع مشهور
بين أهل العلم ،والصحيح أنه يصح ،ألن قوله لها موافق لفطرته التي ف ِّطر عليها وهي
اإلسالم؛ فإذا نطق بكلمة اإلسالم فقد نطق بموجب الفطرة؛ فتكون الفطرة والكلمة قد
َع ِّملت عملها ،وعليه فال يؤمر بتجديد الشهادتين أيضا كشأن من كان أبواه مسلمين(.)4
ويشترط في النطق أن يكون على سبيل االعتراف؛ للقطع بأن المشرك إذا نطق بها
حكاية عن غيره ال يعت ّد له بذلك؛ كالمسلم إذا نطق بكلمة الكفر حكاية عن غيره(.)5
( )1مجموع الفتاوى ( .)614/3وانظر :نفس المصدر ( ،)364/3والصارم المسلول ( )413/7والمحلى البن
حزم (.)61/1
( )2شرح النووي على صحيح مسلم (جـ.)112/1
( )3انظر :درء التعارض ( 3/8ـ ،)11وشرح الطحاوية البن أبي العز (ص.)33 :
( )4انظر :أحكام الذمة البن القيم ( 411/3ـ .)414
( )5رفع االشتباه في معنى العبادة واإلله للمعلمي (ص.)73:
081 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
قلبه .واألحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة كلها تبين :أن الشفاعة إنما تكون في أهل «ال
إله إال الله» ...فهؤالء هم الذين شهدوا بالحق ،شهدوا أن ال إله إال الله كما شهد الله لنفسه
بذلك ومالئكته وأولوا العلم ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ
[آل عمران ،]08 :فإذا شهدوا وهم يعلمون كانوا من أهل ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
الشفاعة ،شافعين ومشفوعا لهم؛ فإن المؤمنين أهل التوحيد يشفع بعضهم في بعض ،كما ثبت
في األحاديث الصحيحة))(.)1
جل وعال :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ومن أدلة القرآن أيضا قوله ّ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
[البقرة.]011 :
قال البيهقي ـ رحمه الله ـ(( :باب الدليل على أن التصديق بالقلب واإلقرار باللسان
أصل اإليمان وأن كليهما شرط في النقل عن الكفر عند عدم العجز.
[البقرة: ﭭ ﭮ قال الله تعالى :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
]011اآلية فأمر المؤمنين أن يقولوا آمنا بالله .وقال الله عز وجل ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ [الحجرات ،]11 :فأخبر أن القول العاري عن
االعتقاد ليس بإيمان ،وأنه لو كان في قلوبهم إيمان ،لكانوا مؤمنين ،لجمعهم بين التصديق
بالقلب والقول باللسان .ودلت السنة على مثل ما دل عليه القرآن))( )2ثم شرع في هذه
األدلة.
وقال أيضا(( :باب أول ما يجب على العاقل البالغ معرفته واإلقرار به.
قال الله جل ثناؤه لنبيه محمد :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[محمد :من اآلية .]14وقال له وألمته :ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ [األنفال :من اآلية .]11وقال :ﭨ ﭩ
ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [هود :من اآلية .]11وقال: ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
اآلية [البقرة :من اآلية ]176فوجب باآليات قبلها معرفة الله ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
تعالى وعلمه ،ووجب بهذه اآلية ،االعتراف به والشهادة له بما عرفه))( .)3اهـ.
بالشهادتين لم يقر بالتوحيد؛ فال يصح له إسالم وإن صلى وصام وفعل بقية شرائع اإلسالم.
ومن أدلة السنة أيضا قوله (( :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال الله ،فمن
قال ال إله إال الله فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابهم على الله))(.)1
قال النووي ـ رحمه الله ـ(( :وفيه أن اإليمان شرطه اإلقرار بالشهادتين مع اعتقادهما
واعتقاد جميع ما أتى به رسول الله )2())اهـ.
قلت :وهو ظاهر؛ فإن النبي جعل النطق واإلقرار بالشهادة هو المانع من قتالهم
العاصم ألموالهم؛ ألن حكم اإلسالم قد ثبت في حقهم بقولها ،ولذا وجب الكف عن
قتالهم وأخذ أموالهم.
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ(( :ومن المعلوم بالضرورة أن النبي كان يقبل من كل
من جاءه يريد الدخول في اإلسالم الشهادتين فقط ،ويعصم دمه بذلك ،ويجعله
مسلما...فإن كلمتي الشهادتين بمجردهما تعصم من أتى بهما ،ويصير بذلك مسلما))(.)3
عمه أبي طالب؛ فقد روى البخاري في ومن أدلة السنة أيضا قصة النبي مع ّ
صحيحه( )4من طريق سعيد بن المسيب عن أبيه( ،)5أنه قال :لما حضرت أبا طالب الوفاة،
جاءه رسول الله فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ،فقال رسول
عم قل :ال إله إال الله كلمة أشهد لك بها عند الله)) فقال أبو جهل وعبد الله :يا ِّ
الله(( :يا ّ
أبا طالب أترغب عن ملّة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ،ويعيد له تلك
المقالة ،حتى قال أبو طالب آخر ما كلّمهم :هو على ملّة عبد المطلب ،وأبى أن يقول ال
عز
إله إال الله .فقال رسول الله (( :أما والله ألستغفرن لك ما لم أنه عنك)) .فأنزل الله ّ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ وجل :ﭣ ﭤ ّ
) )1متفق عليه .أخرجه البخاري في كتاب الزكاة ،باب وجوب الزكاة حديث رقم ( ،)1744ومسلم في كتاب
اإليمان حديث رقم ( )31من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه.
) )2شرح صحيح مسلم (جـ .)161/1وانظر :الشريعة لآلجري (.)617/3
) )3جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم (ص 158 :ـ.)161
(( )4جـ )925/1كتاب فضائل الصحابة ،باب :قصة أبي طالب ح (.)2551
( )5هو :المسيب بن حزن ،بفتح المهملة وسكون الزاي ،بن أبي وهب المخزومي ،أبو سعيد ،له وألبيه صحبة،
عاش إلى خالفة عثمان [ .تقريب التهذيب (ص.])911 :
088 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
ﭵ ﭶ ﭷ [التوبة ،]117:وأنزل الله تعالى في أبي طالب ،فقال لرسول الله :ﮏ ﮐ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [القصص.]51: ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
عم قل ال إله إال الله كلمة أشهد لك بها عند ِّ
الشاهد من الحديث قوله (( :يا ّ
فدل على أن النطق الله))؛ فلو قالها لشهد له بها النبي باإلسالم عند الله تعالى؛ ّ
بالشهادة هو شرط الدخول في اإلسالم.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ـ رحمه الله ـ(( :قوله :أحاج لك بها عند
الله .هو بتشديد الجيم من المحاجة وهي مفاعلة من الحجة ،والجيم مفتوحة ،على الجزم
وجواب األمر ،أي :أشهد لك بها عند الله كما في الرواية األخرى .وفيه دليل على أن
األعمال بالخواتيم ،ألنه لو قالها لنفعته ،وإن مات على التوحيد نفعته الشفاعة وإن لم يعمل
شيئا غير ذلك ،وأن من كان كافرا يجحدها إذا قالها عند الموت أجريت عليه أحكام
اإلسالم ،فإن كان صادقا من قلبه نفعته عند الله إال فليس لنا إال الظاهر ،بخالف من كان
يتكلم بها في حال كفره))( .)1اهـ.
قلت :ويشهد لكالمه ما جاء في صحيح البخاري أيضا عن أنس أنه قال :كان
غالم يهودي يخدم النبي فمرض فأتاه النبي ، فقال(( :أتشهد أن ال إله إال الله فنظر
الغالم إلى أبيه فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأسلم .فقال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد
لله الذي أنقذه بي من النار))(.)2
ففيه أن النبي رتّب نجاة الغالم اليهودي من النار على إسالمه؛ وإسالمه هو
قوله :ال إله إال الله.
ومن أدلة السنة أيضا قوله « :يخرج من النار من قال ال إله إال الله وفي قلبه وزن
شعيرة من خير ،ويخرج من النار من قال ال إله إال الله وفي قلبه وزن بـّرة من خير ،ويخرج
ذرة من خير))(.)3
من النار من قال ال إله إال الله وفي قلبه وزن ّ
ففي هذا الحديث اشترط النبي لدخول الجنة وعدم الخلود في النار قول ال إله
إال الله حيث جاء بحرف " َمن" المفيدة للشرطية ،ومن المعلوم أن دخول الجنة وعدم
الخلود في النار ال يكون إال ألهل التوحيد؛ إذ المشركون محكوم عليهم بالخلود في النار
وتحريم دخول الجنة كما في قوله تعالى :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ
[المائدة.]33 : ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ(( :قوله« :من قال ال إله إال الله وفي قلبه» فيه
دليل على اشتراط النطق بالتوحيد»(.)1
ومن أدلة السنة أيضا على اشتراط النطق بالشهادتين للدخول في اإلسالم قوله :
((ما من عبد قال ال إله إال الله ثم مات على ذلك إال دخل الجنة))(.)2
فرتب النبي دخول الجنة على النطق بالشهادتين؛ فدل ذلك على إسالم من نطق بالشهادتين.
ومن هذه األدلة أيضا قوله « :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا :ال إله إال الله،
فمن قال :ال إله إال الله عصم منى ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على الله .)3(»
قال الحليمي( )4في وجه االستشهاد به على اشتراط النطق(( :ومعلوم أن اإليمان هو
الواجب للعصمة ،فلما أخبر النبي :أن العصمة المزايلة بالكفر تثبت بالقول ،صح أن
القول إيمان ،وأن الحاجة إليه كالحاجة إلى االعتقاد النتفاء الكفر))(.)5
كما أن العقل قد دل على اشتراط النطق واإلقرار بالشهادتين لصحة اإلسالم،
ووجه :قال الحليمي(( :ألن اللسان محل التوحيد كالقلب ،فإن القاصد إلى اإليمان كما
يخطر بقلبه أن ال إله إال الله ،ويو ِّطّن نفسه على أن ذلك كذلك ،فيكون موحدا بقلبه:
فكذلك يجري لسانه بمثل ما كسب قلبه ويعبِّّر عما في ضميره فيقول :ال إله إال الله،
فيكون موحدا بلسانه ،فبان بذلك أن كل واحد من القلب واللسان محل التوحيد ،ووجب
إذا كان اعتقاد التوحيد أمرا ال ينتفي الكفر بدونه أن يكون القول باللسان في هذا مثله ،وأن
ال يقضى بزوال الكفر مع خلو الكفر وبالله التوفيق))( )1انتهى.
وبهذا يعلم فساد مذهب جهم ومن وافقه من المرجئة الزاعمين أن اإليمان هو مجرد
المعرفة ،وال يشترط لصحته النطق بالشهادتين ،وسيأتي الرد عليهم مفصال في موضعه(.)2
كما أن نفع قول ال إله إال الله في هذه األحاديث المتقدمة مقيد بقيود تزيد عن
مجرد النطق بالشهادتين.
وفي ذلك يقول الشيخ سليمان آل الشيخ ـ رحمه الله ـ(( :وأحسن ما قيل في معناها
ما قاله شيخ اإلسالم وغيره إن هذه األحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت
مقيدة وقالها خالصا من قلبه مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين فإن حقيقة
التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة فمن شهد أن ال إله إال الله خالصا من قلبه دخل
الجنة ألن اإلخالص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحا
فإذا مات على تلك الحال نال ذلك))( .)3اهـ.
كما أن ظاهر هذه األحاديث قد يفهم منه أن من نطق بال إله إال الله فقط ،دون
أن يضم إليها الشهادة بالرسالة للنبي حكم بإسالمه ،وهذا الظاهر غير مراد قطعا؛ ألن
الشهادتين متالزمتان.
يقول القرطبي ـ رحمه الله ـ(( :قوله (( :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال
الله ،فمن قال ال إله إال الله فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابهم على الله)) .ظاهره:
أن من نطق بكلمة التوحيد فقط حكم له بحكم اإلسالم ،وهذا الظاهر متروك قطعا؛ إذ ال بد
مع ذلك من النطق بالشهادة بالرسالة أو بما يدل عليها ،لكنه سكت عن كلمة الرسالة لداللة
كلمة التوحيد عليها ألنهما متالزمان فهي مرادة قطعا .ثم النطق بالشهادتين يدل على الدخول
في الدين والتصديق بكل ما تضمنه ،وعلى هذا فالنطق بالكلمة األولى يفيد إرادة الثانية كما
يقال قرأت :ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ [الفاتحة ]1 :والمراد :جميع السورة .ويدل على ما صحة
ما قلناه الروايات األخر التي فيها« :أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال الله،
ويقيموا الصالة ،ويؤتوا الزكاة» ،وفي لفظ آخر« :أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله
إال الله ،ويؤمنوا بما جئت به»( )2()) )1أ.هـ.
ويقول حافظ حكمي(( :وقد قدمنا أن العبد ال يدخل الدين إال بهاتين الشهادتين،
وأنهما متالزمتان ،فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية ،كما أنها هي الشرط في
األولى))(.)3
فإذا ثبت أن الشهادتين البد منهما لصحة اإلسالم ،فههنا مسألة :وهي هل كل من
نطق بالشهادتين يحكم بإسالمه بمجرد هذا النطق؟ أم البد من التحقق واالختبار؟
األصل أن كل من نطق بالشهادتين حكاية عن نفسه حكم بإسالمه في الظاهر ـ كما
تقدم ـ إال أن أهل العلم استثنوا من ذلك بعض األحوال:
األولى :الكتابي إن كان مقرا بالتوحيد وبرسالة النبي إال أنه يعتقد أن النبي
رسول للعرب خاصة ،فهذا إذا قال أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمدا رسول الله لم
يقبل منه حتى يقر برجوعه عما تلبس به من نواقض هذه الكلمة ،كأن يضيف :وإن دين محمد
حق ،أو فرض ،وأبرأ مما خالف محمد أو دين اإلسالم ،أو نحو ذلك.
وفي ذلك يقول الشافعي ـ رحمه الله ـ(( :اإلقرار باإليمان وجهان :فمن كان من أهل
األوثان ومن ال دين له يدعي أنه دين نبوة وال كتاب ،فإذا شهد أن ال إله إال الله وأن محمدا
عبده ورسوله فقد أقر باإليمان ،ومتى رجع عنه قتل .قال :ومن كان على دين اليهودية
والنصرانية ،فهؤالء يدعون دين موسى وعيسى صلوات الله وسالمه عليهما ،وقد بدلوا منه،
وقد أخذ عليهم فيهما اإليمان بمحمد رسول الله فكفروا بترك اإليمان به واتباع دينه ،مع
ما كفروا به من الكذب على الله قبله ،فقد قيل لي :إن فيهم من هو مقيم على دينه يشهد أن
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ (جـ )11/1ح ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ) )1الروايتان األولى أخرجها البخاري في كتاب اإليمان ،باب:
( ،)35والرواية الثانية أخرجها مسلم في كتاب اإليمان (.)53/1
) )2المفهم ( 183/1ـ .)188
( )3أعالم السنة المنشورة (ص.)11 :
091 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
ال إله إال الله وأن محمدا عبده ورسوله .ويقول :لم يبعث إلينا ،فإن كان فيهم أحد هكذا(،)1
فقال أحد منهم :أشهد أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله لم يكن هذا مستكمل اإلقرار
باإليمان ،حتى يقول :وإن دين محمد حق ،أو فرض ،وأبرأ مما خالف دين محمد أو
دين اإلسالم ،فإذا قال هذا فقد استكمل اإلقرار باإليمان ،فإذا رجع استتيب ،فإن تاب وإال
قتل ،وإن كان منهم طائفة تـعرف بأال تقر بنبوة محمد إال عند اإلسالم ،أو تزعم أن من
أقر بنبوته لزمه اإلسالم ،فشهدوا أن ال إله إال الله وأن محمدا عبده ورسوله فقد استكملوا
اإلقرار باإليمان ،فإن رجعوا عنه استتيبوا ،فإن تابوا وإال قتلوا)) (.)2
ففرق اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في الحكم باإلسالم بين الكافر الوثني والكتابي
محمد وبين الكتابي الذي يقر بنبوة محمد إال أنه يزعم أنه ٍ الذي ال يعتقد نبوة
رسول للعرب خاصة ،فإذا تلفظ األوالن بالشهادة حكم بإسالمهما فإن رجعوا عنه استتيبوا،
فإن تابوا وإال قتلوا .وأما الثالث فإذا تلفظ بالشهادة فال يحكم بإسالمه حتى ِّّ
يصرح بما
يدل على أنه يؤمن بعموم رسالة محمد .
وبعضهم اشترط في النصراني مطلقا أن يصلي جماعة أو يؤذن لهم حتى يكون مستكمال
لإلقرار باإليمان ،وهو ينسب إلى أهل الرأي(.)3
وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى اشتراط البراءة مطلقا .قال النووي :وليس بشيء(.)4
الثانية :من تلفظ بالشهادتين وهو ال يميِّّز بين الله ورسوله؛ لمالزمة الشهادتين ،فقد
ذكر صاحب ((الدر الثمين في شرح المرشد المعين)) من علماء المالكية ما ملخصه :أن
) )1وقد وجد من فرق اليهود من يقرون برسالة النبي ،ويقولون هو رسول للعرب خاصة .فقد ذكر ابن حزم في
الفصل في الملل والنحل ( :)134/1أن العيسوية تقر بنبوة النبي وتزعم أنه رسول من كان من ولد إسماعيل
من العرب خاصة .والعيسوية طائفة من اليهود حدثت في آخر دولة بني أمية ،وهم منسوبون إلى رجل يقال له:
أبو عيسى أحدث لهم ذلك .انظر :فتح الباري (.)41/3
ونقل ابن حجر في الفتح ( )41/3كالما البن عبد البر حاصله :أن من نطق بالتشهد في اآلذان حكم بإسالمه
إال إذا كان عيسويا .وانظر :هداية الحيارى (ص.)84 :
) )2األم ( 744/3ـ .)111وانظر :شرح صحيح مسلم للنووي (جـ.)116/1
( )3انظر :اإلشراف على مذاهب أهل العلم (.)110/1
( )4شرح صحيح مسلم للنووي (.)011/0
091 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
علماء بجاية( )1في المغرب اجتمعوا في القرن الحادي عشر وتحدثوا وكان في حديثهم أن
قالوا :ما رأيكم في شخص يعمل مع الناس أعماال ،ولكنه ال يعلم صحة ذلك من عدمه،
وال يعرف معنى ال إله إال الله وال ِّّ
يفرق بين الله ورسوله؛ لمالزمة الشهادتين؟ قالوا :هذا ال
يكون إال بالبوادي حيث ال علم عندهم .فقال بعضهم :فإذا كان األمر كذلك ،هل له
نصيب في اإلسالم؟ فأجابوا جميعا :بأن هذا أو مثله ليس له نصيب في اإلسالم.
جلي في غاية الجالء ،ال يمكن أن يختلف فيه ثم قال شارحه :وهذا الذي أفتوا به ّ
اثنان)) انتهى(.)2
قلت :ومن باب أولى من يعتقد الحلول واالتحاد العام كأصحاب وحدة الوجود ،أو
يعتقد الحلول الخاص كالنصارى ومن ضاهاهم من الرافضة وفرق الباطنية؛ كالدروز( )3أن ال
تقبل شهادتهم حتى يتبيّن منهم.
لعل الضابط المميِّّز لذلك أن ما كان مرجعه القدح في العلم الج َملي بمعنى ال إلهو ّ
إال الله فإنه ال ينعقد معه أصل اإلسالم( ،)4بخالف ما كان مرجعه القدح في العلم
التفصيلي بمعنى هذه الكلمة فإنه يصح معه اإلسالم(.)5
وخالصة المبحث :أن النطق بالشهادتين شرط لصحة اإليمان ،وأن من ترك التكلم
بهما مع القدرة هو كافر باطنا وظاهرا ،وذلك خالفا لمن يشترط ذلك ظاهرا ال باطنا
نصوا على أن اإليمان هو التصديق بالقلب ،وإنما اإلقرار شرط كاألشاعرة والماتريدية فإنهم ّ
( ) 1بجاية بالكسر وتخفيف الجيم بعدها ألف وياء ،وهاء :مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب[ .معجم
البلدان (.])774/1
( )2صـ 33بمعناه .وانظر :تيسير العزيز الحميد (ص.)61 :
( )3الدروز :الدروز من الطوائف الباطنية التي ظهرت في القرن الرابع الهجري ـ بعد القرون المفضلة ـ ومذهبهم يقوم على
تأليه الحاكم بأمر الله ،ويعتقدون أنه هو وجه الله ،ألنه هو الذي يدل العالم إلى معرفة الله ،كما يعتقدون انبعاث
العقول الروحانية من العقل الكلي الذي هو معبودهم الحقيقي .وبذلك يظهر التشابه الكبير بين هذه الطائفة وأصحاب
الفلسفة األفالطونية حيث يعتقدون أن الله هو العقل الكلي المدبر .انظر :عقيدة الدروز للدكتور محمد أحمد
الخطيب (ص 01 :ـ .)15
( )4سيأتي في مبحث العلم التعريف بالعلم اإلجمالي ،وبيان الفرق بينه وبين العلم التفصيلي.
( )5ولذا فإن اإلجماع منعقد على صحة إسالم من كان حديث العهد باإلسالم وجهل بعض تفاصيل ما يناقض
توحيد العبادة.
091 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
( )1وهل هو مؤمن ناقص اإليمان أم كامل اإليمان؟ ذهب بعض األشاعرة إال أنه مؤمن ناقص اإليمان .يقول الغزالي ـ
ِّ
رحمه الله ـ(( :الدرجة الخامسة :أن يص ّدق بالقلب ويساعده من العمر مهلة النطق بكلمتي الشهادة َ
وعلم
وجوبها ،ولكنه لم ينطق بها ،فيحتمل أن يجعل امتناعه عن النطق كامتناعه عن الصالة ،ويقال :هو مؤمن غير
مخلد في النار ،ألن اإليمان هو التصديق المحض ،واللسان ترجمان اإليمان ،فال بد أن يكون اإليمان موجودا
بتمامه قبل اللسان حتى يترجمه اللسان ،وهذا هو األظهر؛ إذ ال مستند إال اتباع موجب األلفاظ ووضع اللسان،
ألن اإليمان هو عبارة عن التصديق بالقلب .وقد قال « يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة» ،وال
ينعدم اإليمان من القلب بالسكوت عن النطق الواجب كما ال ينعدم بالسكوت عن الفعل الواجب)) [اإلحياء
(.])111/1
قلت :وهذا يدل على اضطراب األشاعرة في مسائل اإليمان ،وأن هذا الباب لم ينضبط عندهم ،وهذا مصير كل
من يخالف منهج القرآن والسنة في تقرير الحق فإنه يقع في التناقض والحيرة والشك ،فإن المعروف عن كافة
األشاعرة إنكار تفاضل اإليمان ،فاإليمان عندهم شيء واحد ال يزيد وال ينقص وهنا ِّّ
يصرح الغزالي بما ينقض
مذهبه في اإليمان.
( )2شرح الفقه األكبر ( 52ـ .)70وانظر :إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد (ص 17 :ـ ،)87وحاشية
الدسوقي على أم البراهين (ص 998 :ـ .)995
095 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
المبحث الثاني :مأخذ من لم يع ّد النطق واإلقرار بال إله إال الله في الشروط.
وأما مأخذ من لم يَـع ّد النطق واإلقرار في الشروط مع كونه شر َط الدخول في
اإلسالم ـ كما تقدم ـ ،فألن التنصيص على لفظ الشهادة يتضمن هذا الشرط .ووجهه :ألن
الشهادة من معانيها اإلخبار ،ومن لوازمه النطق واإلقرار؛ فالنطق واإلقرار فرع الشهادة.
تضمنت مرتبتين :إحداهما تكلم يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ..(( :فالشهادة ّ
الشاهد وقوله وذكره لما شهد في نفسه به .والثاني إخباره وإعالمه لغيره بما شهد به...
وذلك أنه إذا شهد أنه ال إله إال هو فقد أخبر وبيّن و أعلم أن ما سواه ليس بإله فال يعبد،
وأنه وحده اإلله الذي يستحق العبادة))(.)1
وقال أبو الحسن األشعري ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ [آل عمران(( :]08 :وال بد
أن يكون شهد بهذه الشهادة وسمعها من نفسه ،ألنه إن كان سمعها من مخلوق ،فليست
شهادة له))( .)2فبين ـ رحمه الله ـ أن الشهادة هي كالم الشاهد ِّ
نفسه.
وفي القاموس( :الشهادة) خبر قاطع ...وأشهد أي أَعلم وأبَـيِّّن(.)3
وقال الزجاج( )4في سياق تفسيره لقوله تعالى :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ
اآلية(( :وحقيقته أنه علم وبين الله؛ ألن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه))(.)5
وقال الشيخ عبد الله أبا بطين(( :فمعنى شهادة أن ال إله إال الله :أن يقولها ،نافيا
المبحث الثالث :من جعل النطق واإلقرار كافياً لصحة اإليمان[ .وهم الكرامية من
المرجئة] مع بيان شبههم ونقدها.
وتحته ثالثة مطالب:
بالكرامية.
المطلب األول :التعريف َّ
الكرامية هم أتباع محمد بن كرام السجستاني ،كان قد دعا أتباعه إلى تجسيم
مماس للعرش من الصفحة العليا.
حد ونهاية ،وأنه ٌّ معبوده()1؛ فزعم أنه جسم له ٌّ
والكرامية في الجملة اثنتي عشرة فرقة؛ أهمها :الطرايقة ،واإلسحاقية ،والحماقية
والعابدية ،واليونانية ،والسورمية ،والهيصمية(.)2
المطلب الثاني :قولهم في المسألة.
أعني بالمسألة هنا قول الكرامية في ح ّد اإليمان ،وما يشترط لصحته.
فالكرامية يعتقدون أن اإليمان شيء واحد ال يكون ذا عدد ،وهو اإلقرار بالشهادتين
مقرا بقلبه كان من أهل الجنة ،وإن
فقط؛ فمن تكلم بهما فهو مؤمن كامل اإليمان ،لكن إن كان ّ
كان مكذبا بقلبه كان مؤمنا في الدنيا حقيقة إيمانه كإيمان المالئكة واألنبياء إال أنه مستحق
للعقاب األبدي في اآلخرة(.)3
قال شيخ اإلسالم (( :وبعض الناس يحكي عنهم( )4أن من تكلم به بلسانه دون
قلبه فهو من أهل الجنة ،وهو غلط عليهم بل يقولون :إ نه مؤمن كامل اإليمان ،وأنه
من أهل النار))(.)5اهـ.
) )1لبيان مراد الكرامية بالتجسيم ينظر مجموع الفتاوى ( 138/5ـ .)134
( )2انظر :مقاالت اإلسالميين ( ،)337/1والفرق بين الفرق (ص 315 :ـ ،) 335والملل والنحل (جـ،44/1
،) 111والتبصير في الدين وتمييز الفرق الناجية (ص ،) 184 :واعتقادات فرق المسلمين للرازي (ص:
111ـ .)113
) )3انظر :مقاالت اإلسالميين ( ،)337/1والملل والنحل للشهرستاني (جـ ،)111/1والفرق بين الفرق (ص:
.)337
( )4انظر :على سبيل المثال الفصل في الملل واألهواء والنحل ( ،)333/7والمحلى (.)13/11
) )5مجموع الفتاوى ( ،)56/17وانظر :نفس المصدر ( ،)111،136/3والملل والنحل للشهرستاني
(جـ.)111/1
098 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
األول ،وهو قولهم بلى جوابا ومنهم من زعم أن اإليمان هو اإلقرار السابق في الذر ّ
لقوله تعالى :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ
باق أبدا ال يزول إال بالردة ،وأن تكريره ال يكون [األعراف .]011 :وزعموا أن ذلك القول ٍ
إيمانا إال من المرتد(.)1
المطلب الثالث :شبههم ونق ُدها.
تمسك بها الكرامية من القرآن أورد ناقلو مذهب الكرامية بعض الشبهات التي ّ
والسنة في الدفاع عن مذهبهم( ،)2وهي ال تستقيم لهم ،ألنها أخ ٌذ ببعض النصوص ٌ
وترك
يفرقون بين المتماثالت من نصوص الكتاب للبعض اآلخر ،وهذا مسلك أهل البدع ،فإنهم ّ
والسنة ،وهو أصل من أصول الضالل.
وأما طريقة السلف فهي أحسن الطرق وأجودها ألنها طريقة تجمع بين النصوص
وتؤلّف بينها؛ ففيها إعمال لجميع النصوص بخالف طريقة أهل البدع فإنهم يعملون بعض
النصوص ويهملون البعض اآلخر؛ وذلك ألن مناهجهم قائمة رأسا على العقل وجعله أصال
في النقل ،وإذا أخذوا بالنصوص إنما يأخذون بها لالعتضاد ال لالعتماد.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وأهل البدع سلكوا طريقا آخر ابتدعوها اعتمدوا عليها ،وال
يذكرون الحديث بل وال القرآن ،في أصولهم إال لالعتضاد ال لالعتماد))( )3اهـ.
ويقول ابن أبي العز ـ رحمه الله ـ(( :ولهذا نجد أهل التأويل إنما يذكرون نصوص
الكتاب والسنة لالعتضاد ال لالعتماد ،إن وافقت ما ادعوا أن العقل دل عليه قبلوه ،وإن
خالفته أولوه ،وهذا فتح باب الزندقة ،نسأل الله العافية))( .)4اهـ.
جل وعال :ﭣ ﭤ ﭥ ومن الشبهات التي تمسكوا بها من القرآن الكريم قول الله ّ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ
ﮙ [البقرة 011:ـ .]011 ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ
) )1انظر :الفرق بين الفرق (ص ،)337 :والمواقف لإليجي (جـ.)316/7
( )2أي في حد اإليمان.
) )3منهاج السنة النبوية ( ،)73/3وانظر :مجموع الفتاوى (.)37/14
) )4شرح الطحاوية البن أبي العز (ص .)183 :وانظر :مجموع الفتاوى ()58/17
099 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
قالوا :ففي هذه اآلية دليل على أن اإليمان يكون بالقول فقط .ووجهه :أن الله
تعالى أمر بالقول ثم سمى هذا القول الصادر منهم إيمانا ،ثم ذكر أن من تبعهم على هذا
اإليمان فقد اهتدى ،وكان إيمانهم بالقول فقط(.)1
بكل اإليمان؛
ويقال في رد هذه الشبهة :أن في هذه اآلية أمرا ببعض اإليمان ال ّ
بمجرده إال أن ينضم
فاإليمان من أجزائه القول ،وهو فرض عليهم أن يقولوه إال أنه ال يكفي ّ
إليه اعتقاد القلب وعمل الجوارح؛ فاإليمان ال يتم في القلب إال بهذه الثالثة كما أجمع
عليه السلف رحمهم الله تعالى.
ويقال أيضا :أن المعنى :قولوا قوال تترتب عليه أحكامه ،وتأتون بلوازمه .ويدل عليه أنه
سبحانه في موضع آخر لم يقبل من األعراب قولهم "آمنا" :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [الحجرات .]01 :وقال في المنافقين :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ [آل عمران .]011 :فعلم بذلك أنه حين أمر بالقول ال يقبل
قوال ال يحمل معه لوازمه وتَـتـبَعه أحكامه ،وإال كان يأمر بما ال يقبله وبما يعيب به ،وهذا
عبث ال يليق بجالل الله تعالى.
قال ابن سعدي ـ رحمه الله ـ(( :فقوله تعالى :ﮕ أي :بألسنتكم متواطئة عليها
قلوبكم ،وهذا هو القول التام المترتب عليه الثواب والجزاء ،فكما أن النطق باللسان بدون
اعتقاد القلب ،نفاق وكفر ،فالقول الخالي من العمل عمل القلب عديم التأثير ،قليل
الفائدة ،وإن كان العبد يؤجر عليه ،إذا كان خيرا ومعه أصل اإليمان ،لكن فرق بين القول
المجرد والمقترن به عمل القلب)) (.)2
ومما استدلوا به من القرآن أيضا قوله تعالى :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﯨ ﯨ ﯪ [غافر.]81: ﯧ
وجه االستشهاد باآلية :أن ذلك القول لم ينقلهم عن الكفر ،ألنه كان بعد رؤية
البأس ،فثبت أنه لو كان قبلها ،لنفعهم بأن كان ينقلهم عن الكفر إلى اإليمان فدل على أن
اإليمان يكون بالقول فقط(.)3
ويقال في الجواب عن هذه الشبهة :أن هذا االستدالل يستقيم لهم إذا اقتصرت اآلية
على قولهم :ﯢ ﯣ ولكن اآلية جمعت بين هذا القول ـ وهو اإلقرار بالتوحيد ـ وبين البراءة
ﯨ ﯨ من الشرك والتي تكون بالقلب والجوارح واللسان ـ كما في قولهم ﯥ ﯦ ﯧ
ـ وهو تمام شرط الكفر بالطاغوت .ولو قال ذلك كافر عند الموت لنفعه هذا القول كما
أحاج لك بها عند الله» عم قل :ال إله إال الله كلمة ّ قال النبي لعمه أبي طالب يا ّ
والمقصود بها اللفظ والمعنى المترتب عليه بدليل أن المشركين كانوا يقولون(( :أترغب عن ملة
عبد المطلب)) لعلمهم أنها تقتضي وتستلزم البراءة من الشرك وإخالص التوحيد لله تعالى وفي
ذلك نبذ لما يخالف دعوته من الشرك الذي آثاروه عن علم باللغة ومعاني الكالم تمسكا
بما وجدوا عليه اآلباء واألجداد(.)1
ومما استدلوا به أيضا قوله تعالى :ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [المائدة.]85 :
ووجه االستشهاد بها :أن الله تعالى رتب ثواب الجنة على القول فقط(.)2
والجواب عن ذلك أن هذا الدليل معارض بدليل آخر ،وهو قوله تعالى :ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [النساء ]015:حيث رتب على القول الخالي عن تصديق القلب العقاب
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ بالنار .ومعارض أيضا بقوله تعالى :ﭬ ﭭ
[البقرة ]8 :حيث نفى اإليمان عمن أقر باللسان ،فلو كان القول كافيا وحده لما نفى عنه
اإليمان(.)3
السنة فقد تمسكوا ببعض األحاديث ،منها :حديث الجارية .ولفظه ـ كما و ّأما من ّ
في المسند ـ :أن النبي قال للجارية« :أتشهدين أن ال إله إال الله؟» قالت :نعم .قال:
«أتشهدين أني رسول الله؟» قالت :نعم .قال « :أتؤمنين بالبعث؟» قالت :نعم .قال:
«اعتقها فإنها مؤمنة» (.)4
ووجه الداللة منه :أن النبي شهد للجارية باإليمان بمجرد إقرارها باللسان مما
يدل على أن القول ٍ
كاف في اإليمان(.)1
وقد أجاب اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ على هذا الحديث بأجوبة ثالثة قاطعة لهذه
الشبهة من أصلها:
الجواب األول :أن المراد بقوله ((فإنها مؤمنة)) ،فهي حين تقر بذلك فحكمها حكم
المؤمنة(.)2
وهذا الجواب أيّده شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ وزاده توضيحا ،فقال(( :ولهذا لما ذكر
األثرم ألحمد احتجاج المرجئة بقول النبي « :اعتقها فإنها مؤمنة» أجابه بأن المراد حكمها
في الدنيا حكم المؤمنة؛ لم ي ِّرد أنها مؤمنة عند الله تستحق دخول الجنة بال نار إذا لقيته
بمجرد هذا اإلقرار))( .)3وإنما هو بمثابة االمتحان للتحقق من اإليمان ال إلنشاء أصل اإليمان
ـ وأنه يكتفى بذلك ـ كما كان النبي يمتحن المهاجرات إليه للتثبت من صدق إيمانهن عمال
بقوله تعالى :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ [الممتحنة.]01:
وإلى هذا أشار الخطابي ـ رحمه الله ـ بقوله(( :وأما قول النبي « اعتقها فإنها
مؤمنة» ولم يكن يظهر له من إيمانها أكثر من قوله حين سألها أين الله؟ فقالت :في
السماء .وسألها من أنا؟ فقالت :رسول الله .فإن هذا سؤال عن إمارة اإليمان وسمة
أهله ،وليس بسؤال عن أصل اإليمان وصفة حقيقته ،ولو أن كافرا يريد االنتقال من الكفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= قال ابن عبد البر في التمهيد (( :)111/4وهذا الحديث ،وإن كان ظاهره االنقطاع في رواية مالك ،فإنه
محمول على االتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة) انتهى.
قلت :وقد تعقبه الزرقاني في شرحه على الموطأ ( )85/1قائال( :فيه نظر؛ إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط،
إذ المرسل ما رفعه التابعي ـ وهو من لقي الصحابي .قال :ومثل هذا ال يخفى على أبي عمر ،فلعله أراد لقاء عبيد
الله جماعة من الصثحابة الذين رووا الحديث) .اهـ.
والحديث ضعفه األلباني من أجل ابن أبي ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن األنصاري ،وهو فقيه فاضل ،لكنه
سيئ الحفظ .انتهى .انظر :اإليمان البن أبي شيبة (ص ،)76 :وتقريب التقريب (ص.)831 :
) )1انظر :الفصل في الملل واألهواء والنحل ( ،)316/7والتمهيد البن عبد البر (.)113/4
) )2انظر :السنة للخالل (.)535/7
) )3مجموع الفتاوى ( .)116/3وانظر :مجموع الفتاوى ( 314/3ـ .)311
111 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
إلى دين اإلسالم فوصف من اإليمان هذا القدر الذي تكلمت به الجارية لم يصر به مسلما
حتى يشهد أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله ويتبرأ من دينه الذي كان يعتقده،
وإنما هذا كرجل وامرأة يوجدان في بيت فيقال للرجل من هذه منك؟ فيقول زوجتي وتصدقه
المرأة فإنا نصدقهما في قولهما وال نكشف عن أمرهما وال نطالبهما بشرائط عقد الزوجية
حتى إذا جاءانا وهما أجنبيان يريدان ابتداء عقد النكاح بينهما فإنا نطالبهما حينئذ بشرائط
عقد الزوجية من إحضار الولي والشهود وتسمية المهر.كذلك الكافر إذا عرض عليه اإلسالم
لم يقتصر منه على أن يقول إني مسلم حتى يصف اإليمان بكماله وشرائطه وإذا جاءنا من
نجهل حاله بالكفر واإليمان فقال إني مسلم قبلناه ،وكذلك إذا رأينا عليه أمارة المسلمين من
هيئة وشارة ونحوهما حكمنا بإسالمه إلى أن يظهر لنا منه خلف ذلك))( .)1اهـ.
قلت :وما قاله الخطابي ـ رحمه الله ـ هو بناء على راوية أبي داود حيث لم يرد فيها
سؤال النبي الجارية عن شهادة أن ال إله إال الله ،وهي الرواية األشهر واألصح ،وقد
أخرجها مسلم ـ رحمه الله ـ من حديث معاوية بن الحكم السلمي ـ رضي الله عنه ـ ولفظه
الجوانيّة( ،)2فاطلعت ِّ
كما في صحيح مسلم(( :كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد و ّ
ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ،وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون،
لكني صككتها صكة ،فأتيت رسول الله فعظم ذلك علي .قلت :يا رسول الله أفال
أعتقها؟ قال« :ائتني بها» فأتيته بها فقال لها« :أين الله»؟ قالت :في السماء .قال« :من
أنا؟» قالت :أنت رسول الله .قال« :اعتقها فإنها مؤمنة»(.)3
يرض منها حتى قال تؤمنين بكذا تؤمنين بكذا( )4أي فلم الجواب الثاني :أن النبي لم َ
يقتصر على مجرد النطق بالشهادتين لصحة إيمانها.
الجواب الثالث :أن هذا يمكن أن يكون قبل أن تنـزل الفرائض()1؛ فيكون ذلك سؤاال عن
بعض شرائع اإلسالم.
يوضحه كالم أبي عبيد القاسم بن سالم ـ رحمه الله ـ حيث يقول في رد استداللهم
بهذا الحديث(( :وإنما هذا على ما أعلمتك من دخولهم في اإليمان ،ومن قَبولهم
وتصديقهم بما نزل منه ،وإنما كان ينـزل متفرقا كنزول القرآن.
والشاهد لما نقول والدليل عليه كتاب الله تبارك وتعالى ،وسنة رسول الله ،فمن
الكتاب قوله :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭶ [التوبة ،]011 :وقوله :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
[األنفال .]1 :في مواضع من القرآن مثل هذا. ﭶ ﭷ ﭸ
ينزل عليهم اإليمان جملة ،كما لم ينزل أفلست ترى أن الله ـ تبارك وتعالى ـ لم ِّّ
َ
القرآن جملة؟ فهذه الحجة من الكتاب ،فلو كان اإليمان مكمال بذلك اإلقرار ما كان
للزيادة معنى ،وال لذكرها موضع.
وأما الحجة من السنة واآلثار المتواترة في هذا المعنى من زيادات قواعد اإليمان
بعضها بعد بعض ،ففي حديث منها أربع ،وفي آخر منها خمس ،وفي الثالث تسع ،وفي
الرابع أكثر من ذلك))( .)2ثم شرع في ذكر تلك األحاديث واآلثار.
وهناك جواب رابع ذكره ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ حيث قال(( :وقد احتج بهذا
الحديث من قال اإليمان :قول وإقرار دون عمل ،وظاهره فيه دليل على ذلك .لكن ههنا
دالئل ،غير هذا الحديث))( .)3انتهى.
ومراد ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ أن هذا الحديث مقيد بأحاديث أخرى فيها الداللة
على أن اإليمان قول وعمل ،وأن اإليمان ال يحصل بمجرد النطق واإلقرار بالشهادتين .وقد
ذكر ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ هذه الدالئل في باب :ابن شهاب عن سالم(.)4
ومما استدلوا به من السنة أيضا قوله لعمه أبي طالب(( :قل كلمة أحاج لك بها عند
الله))(.)1
وهذا الحديث ال حجة لهم فيه ،ألن هذا في حق الكافر إذا قالها عند الموت،
وكان صادقا في قولها فإنها تنفعه عند الله بخالف من قالها في زمن المهلة ،ولم يضم إليها
عمال أو اعتقادا ،فهذا ال ينتفع بقولها.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ـ رحمه الله ـ(( :وفيه دليل على أن
األعمال بالخواتيم ألنه لو قالها لنفعته وإن مات على التوحيد نفعته الشفاعة وإن لم يعمل
شيئا غير ذلك وأن من كان كافرا يجحدها إذا قالها عند الموت أجريت عليه أحكام
اإلسالم ،فإن كان صادقا من قلبه نفعته عند الله إال فليس لنا إال الظاهر بخالف من كان
يتكلم بها في حال كفره))( .)2اهـ.
وقال ابن حزم ـ رحمه الله ـ في الجواب على استداللهم بهذا الحديث(( :وأما قوله:
يحاج بها على ظاهر األمر وحسابه على الله تعالى؛ فبطل ((أحاج لك بها عند الله)) فنعم ّ
موهوا به)) ( .)3اهـ.
كل ما ّ
ومن حججهم أيضا قصة مالك بن دخشم( .)4وفيها قول النبي في حقه« :أليس
يشهد أن ال إله إال الله وأني رسول الله؟» .قالوا :أنه يقول ذلك ،وما هو في قلبه .قال:
«ال يشهد أحد أن ال إله إال الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تَط َع َمه» .قال أنس:
فأعجبني هذا الحديث .فقلت البني :اكتبه .فكتبه(.)5
قالوا :ففيه داللة على أن النطق بالشهادة ينفع وإن لم تعت َقد بالقلب(.)6
قال المازري((( :)1إن احتجت به الغالة من المرجئة ـ يعني الكرامية ـ في أن الشهادتين
تنفع وإن لم تـعتَقد بالقلب ،قيل لهم معناه :أنه لم يصح عند النبي ما حكوا عنه من أن
ذلك ليس في قلبه ،والحجة في قول النبي ،وهو لم يقل ذلك ،ولم يشهد به عليه))(.)2
) )1انظر :الفصل في الملل واألهواء والنحل (.)313/7
) )2تيسير العزيز الحميد ( 361ـ .)363
) )3الفصل في الملل واألهواء والنحل (.)313/7
) )4لم أقف له على ترجمة.
) )5رواه مسلم في كتاب اإليمان من صحيحه ( 61/1ـ )63رقم (.)51
) )6إكمال المعلم ( ،)366/1وشرح مسلم للنووي (جـ.)184/1
115 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
قال القاضي عياض معقبا على قول المازري في نقض استدالل الكرامية بحديث
ابن الدخشم أن الشهادة تنفع وإن لم تعتقد في القلب(( :وقد ورد في الحديث من رواية
البخاري «أال تراه قال :ال إله إال الله يبتغي بها وجه الله»( )3فهذه الزيادة تخرس غالة
المرجئة ،وأن الحجة في هذا الحديث))( .)4أهـ.
وقال النووي ـ رحمه الله ـ في رد استداللهم بهذا الحديث(( :وقد نص النبي على
إيمانه باطنا وبراءته من النفاق بقوله في رواية البخاري رحمه الله« :أال تراه قال ال إله إال
الله يبتغي بها وجه الله؟» فهذه شهادة من رسول الله له بأنه قالها مصدقا بها معتقدا
صدقها متقربا بها إلى الله .وشهد له في شهادته ألهل بدر بما هو معروف .فال ينبغي أن
يشك في صدق إيمانه رضي الله عنه .وفي هذه الزيادة رد على غالة المرجئة القائلين بأنه
يكفي في اإليمان النطق من غير اعتقاد ،فإنهم تعلقوا بمثل هذا الحديث ،وهذه الزيادة
تدمغهم .والله أعلم))( .)5أ.هـ.
ومما استدلوا به أيضا ظواهر األحاديث التي فيها أن من تكلم بالشهادة عصمت
ماله ودمه في الدنيا ونفعته في األخرى؛ كقوله (( :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله
إال الله ،فمن قال ال إله إال الله فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابهم على الله))(،)6
وقوله(( :ما من عبد قال ال إله إال الله ثم مات على ذلك إال دخل الجنة))(.)1()7
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(= )1هو :الشيخ اإلمام العالمة البحر المتفنن أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري،
المالكي ،كان أحد األذكياء الموصوفين واألئمة المتبحرين ،وكان بصيرا بعلم الحديث ،حدث عنه القاضي عياض
وأبو جعفر بن يحيى القرطبي الوزغي .من مصنفاته :كتاب المعلم بفوائد شرح مسلم ،وكتاب إيضاح المحصول في
األصول ،وشرح التلقين للقاضي عبد الوهاب .كان مولده بمدينة المهدية من إفريقية وبها مات في ربيع األول سنة
ست وثالثين وخمس مئة وله ثالث وثمانون سنة .انظر :الديباج المذهب ( 351/3ـ ،)353وشجرة النور الزكية
( 133ـ ،)138وسير أعالم النبالء (.)111/31
( )2المعلم بفوائد مسلم ( .)61/1ونقله عنه القاضي عياض في اإلكمال (.)366/1
) )3صحيح البخاري ،كتاب التهجد ،باب صالة النوافل جماعة (جـ.)64( )64/3/
) )4إكمال المعلم بفوائد مسلم ( 366/1ـ .)363
) )5شرح مسلم للنووي (جـ.)184/1
) )6تقدم تخريجه في (ص.)114 :
) )7تقدم تخريجه في (ص.)184 :
111 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
وفي هذا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه :ال خالق إال
الله وأن الله رب كل شيء ومليكه ،كما كان عباد األصنام مقرين بذلك وهم مشركون ،بل
التوحيد يتضمن من محبة الله ،والخضوع له ،والذل وكمال االنقياد لطاعته ،وإخالص العبادة له،
وإرادة وجهة األعلى بجميع األقوال واألعمال والمنع والعطاء والحب والبغض ما يحول بين
صاحبه وبين األسباب الداعية إلى المعاصي واإلصرار عليها ،ومن عرف هذا عرف قول النبي
« :إن الله حرم على النار من قال ال إله إال الله يبتغي بذلك وجه الله»( ،)1وقوله« :ال يدخل
النار من قال ال إله إال الله» ،وما جاء من هذا الضرب من األحاديث التي أشكلت على كثير
من الناس حتى ظنها بعضهم منسوخة ،وظنها بعضهم قيلت قبل ورود األوامر والنواهي واستقرار
الشرع ،وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار ،وأول بعضهم الدخول بالخلود ،وقال:
المعنى ال يدخلها خالدا ،ونحو ذلك من التأويالت المستكرهة .والشارع صلوات الله وسالمه
عليه لم يجعل ذلك حاصال بمجرد قول اللسان فقط ،فإن هذا خالف المعلوم باالضطرار
من دين اإلسالم ،فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها في الدرك
األسفل من النار ،فال بد من قول القلب وقول اللسان ،وقول القلب يتضمن من معرفتها
والتصديق بها ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي واإلثبات ومعرفة حقيقة اإللهية المنفية عن
غير الله المختصة به التي يستحيل ثبوتها لغيره وقيام هذا المعنى بالقلب علما ومعرفة،
ويقينا وحاال ،ما يوجب تحريم قائلها على النار ،وكل قول رتب الشارع ما رتب عليه من
الثواب فإنما هو القول التام؛ كقوله « من قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة
حطت عنه خطاياه أو غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر»( ،)2وليس هذا مرتبا على
مجرد قول اللسان ،نعم من قالها بلسانه غافال عن معناها معرضا عن تدبرها ولم
يواطىء قلبه لسانه وال عرف قدرها وحقيقتها راجيا مع ذلك ثوابها حطت من خطاياه
بحسب ما في قلبه؛ فإن األعم ال ال تتفاضل بصورها وعددها ،وإنما تتفاضل بتفاضل ما
في القلوب ،فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء واألرض
والرجالن يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صالتيهما كما بين السماء واألرض))(.)1
انتهى.
قلت :ومما يدل على أن المراد من هذه الكلمة ليس مجرد قول اللسان أن النبي
ﭻ ﭼ ﭽ ﭸﭹ ﭺ لما دعا المشركين إلى قولها قالوا مستنكرين :ﭵ ﭶ ﭷ
ﭾ [ص]5 :؛ ففهموا أن المراد القول الذي تترتب عليه لوازمه من التوحيد ونفي الشريك ال
القول المجرد.
تمسك بها الكرامية ،ووجوه الرد عليها من كالم أهل العلم.
هذه بعض الشبهات التي ّ
وهناك شبهات أخرى يشتركون فيها مع بعض طوائف المرجئة ،وستأتي عند الكالم على
مذهب المرجئة في اإليمان ،ومن ذلك استداللهم باللغة في حد اإليمان حيث ذكروا أنه
تصديق باللسان وهو اإلقرار بالشهادتين دون طمأنينة القلب مما يفيد أن األفعال ليست من
اإليمان وال من شرائعه ،وأنه إذا أتى بالشهادتين فهو كامل اإليمان وإن لم يأت باألفعال(.)2
ﭮ جل ذكره :ﭬ ﭭ ومن أظهر األدلة في بيان بطالن هذا المذهب قول الله ّ
[البقرة .]8 :ففي هذه اآلية نفى الله اإليمان عن ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
المنافقين مطلقا بقوله :ﭴ ﭵ ﭶ ،وذلك شامل لحكم الدنيا وحكم اآلخرة مع
إدعائهم اإليمان بقولهم(.)3
يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ في تأويل هذه اآلية(( :وفي هذه اآلية داللة واضحة على
بطول ما زعمته الجهمية أن اإليمان هو التصديق بالقول ،دون سائر المعاني غيره ،وقد أخبر الله
جل ذكره عن الذين ذكرهم في كتابه من أهل النفاق أنهم قالوا بألسنتهم ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ثم
نفى عنهم أن يكونوا مؤمنين إذا كان اعتقادهم غير مصدق قيلهم ذلك))( )4أهـ(.)5
( )1مدارج السالكين ( 771/1ـ .)771وانظر :لهذه الوجوه :سنن الترمذي ( ،)31/5والشريعة لآلجري (551/3
ـ ،)554وإكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض ( ،)351/1وشرح صحيح مسلم للنووي (جـ 163/1ـ
،)168وصيانة صحيح مسلم (ص ،)135 :وكلمة اإلخالص (ص 16 :ـ .)18
) )2القاضي أبو يعلى وكتابه مسائل اإليمان (ص 154 :ـ .)161وانظر :لنقض هذه الشبهة وغيرها (ص 773 :ـ
.)718
) )3انظر :لوامع األنوار للسفاريني (.)111/1
) )4جامع البيان عن تأويل القرآن (.)334/1
( )5وانظر :ما أورده ابن حزم الظاهري في الفصل ( )119/1من آيات وبراهين عقلية في بيان بطالن مذهبهم.
119 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
كما يلزم من قولهم أن المنافق كامل اإليمان مستحق للعذاب األبدي في اآلخرة أن
يكون المؤمن الكامل اإليمان مخلّدا في النار ،وهو الزم ال محيد لهم به ،وهو باطل بداللة
القران والسنة .وفي هذا يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وقالت الكرامية هو القول فقط،
فمن تكلم به فهو مؤمن كامل اإليمان ،لكن إن كان مقرا بقلبه كان من أهل الجنة ،وإن
كان مكذبا بقلبه كان منافقا مؤمنا من أهل النار ،وهذا القول هو الذي اختصت به الكرامية
وابتدعته .ولم يسبقها أحد إلى هذا القول ،وهو آخر ما أحدث من األقوال في اإليمان،
وبعض الناس يحكي عنهم أن من تكلم به بلسانه دون قلبه فهو من أهل الجنة ،وهو غلط
عليهم؛ بل يقولون :إنه مؤمن كامل اإليمان ،وأنه من أهل النار ،فيلزمهم أن يكون المؤمن
الكامل اإليمان معذبا في النار ،بل يكون مخلدا فيها .وقد تواتر عن النبي « :أنه يخرج
منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان».
وإن قالوا ال يخلد وهو منافق لزمهم أن يكون المنافقون يخرجون من النار،
والمنافقون قد قال الله فيهم :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [النساء:
.]015وقد نهى الله نبيه عن الصالة عليهم واالستغفار لهم وقال له :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ [التوبة ، ]81 :وقال :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [التوبة ]81 :وقد أخبر :أنهم ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ
كفروا بالله ورسوله.
سرا فكفروا بذلك ،وإنما يكون مؤمنا
فإن قالوا :هؤالء قد كانوا يتكلمون بألسنتهم ّ
إذا تكلم بلسانه ولم يتكلم بما ينقضه ،فإن ذلك ردة عن اإليمان .قيل لهم :ولو اضمروا
النفاق ولم يتكلموا به كانوا منافقين .قال تعالى :ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [التوبة.]11 :
وأيضا قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وأنهم
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ [البقرة: ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ كاذبون ،فقال تعالى ﭬ ﭭ
ﮛ ﮜ ﮝ ،]8وقال تعالى :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ [المنافقون .]0 :وقد قال النبي « :اإلسالم عالنية واإليمان في
القلب» .وقد قال الله تعالى :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ [الحجرات .]01 :وفى الصحيحين عن سعد أن النبي أعطى رجاال ولم
101 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
يعط رجال فقلت :يا رسول الله! أعطيت فالنا وفالنا وتركت فالنا وهو مؤمن؟ فقال:
«أو مسلم» مرتين أو ثالثا ))( )1اهـ.
ومن لوازم هذا القول الباطلة أيضا إيجاب أصل اإليمان للمنافقين ،وهو باطل
ترده النصوص الشرعية كما تقدم.
يقول اإلما م محمد بن نصر المروزي( )2ناقال عن اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ:
((فإن زعموا أنه القول باللسان ـ يعني اإليمان ـ فقد أوجبوا للمنافقين أصل اإليمان إذ
يشهدوا للنبي أنه رسول الله ،وقد أكذبهم الله وأخبر أنهم كاذبون ،ثم أخبر
فأخبر أن عن األعراب ﮍ ﮎ ﮏﮐ فقال :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
قولهم ذلك ليس بإيمان ،ثم أخبر أن اإليمان أوله على القلب فقال ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ فقد دل القرآن على ﮛ وقال :ﭬ ﭭ
إكفار من أقر بلسانه وقلبه منكر))(.)3
متضمن للمعرفة والتصديق وااللتزام؛ إذ
ّ كما أن اإلقرار الذي ح ّدوا به اإليمان هو
لفظ اإلقرار يتناول هذه الثالثة جميعا ،فال وجه إلخراج المعرفة وهي عمل القلب ،وااللتزام
رد قولهم وبيان فساده(( :وأما
وهو عمل الجوارح؛ ولهذا قال اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ في ّ
من زعم أن اإليمان اإلقرار ،فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار؟ وهل
يحتاج أن يكون مصدقا بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار فقد زعم أنه
من شيئين ،وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرا ومصدقا بما عرف فهو من ثالثة أشياء ،وإن
جحد وقال :ال يحتاج إلى المعرفة والتصديق ،فقد قال قوال عظيما ،وال أحسب أحدا يدفع
المعرفة والتصديق ،وكذلك العمل مع هذه األشياء))( .)4اهـ.
قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ معلقا على كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ:
(( وأحمد قال :البد مع هذا اإلق رار أن يكون مصدقا وأن يكون عارفا وأن يكون
مصدقا بما عرف .وفى رواية أخرى :مصدقا بما أقر ،وهذا يقتضي أنه البد من
تصديق باطن ،ويحتمل أن يكون لفظ التصديق عنده يتضمن القول والعمل
جميعا ،كما قد ذك رنا ش واهده أنه يقال صدق بالقول والعمل ،فيكون تصديق
القلب عنده يتضمن أنه مع معرفة قلبه أنه رسول الله قد خضع له وانقاد ،فصدقه
بقول ق لبه وعمل قلبه محبة وتعظيما ،وإال فمجرد معرفة قلبه أنه رسول الله مع
اإلع راض عن االنقياد له ولما جاء به ،إما حسدا وإما كب را ،وإما لمحبة دينه الذي
يخالفه ،وإما لغير ذلك ،فال يكون إيمانا ،والبد في اإليمان من علم القلب
وعمله ،فأ راد أ حمد بالتصديق أنه مع الم عرفة به صار القلب مصدقا له ،تابعا له ،
محبا له ،معظما له ،فإن هذا البد منه ،ومن دفع هذا عن أن يكون من اإليمان
فهو من جنس من دفع المعرفة من أن تكون من اإليمان ،وهذا أشبه بأن يحمل
عليه كالم أ حمد ؛ ألن وجوب انقياد القلب مع معرفته ظاهر ثابت بدالئل الكتاب
وال سنة وإجماع األمة ،بل ذلك معلوم باالضط رار من دين اإلسالم ،ومن نازع من
الجهمية في أن انقياد القلب من اإليمان فهو كمن نازع من الك رامية في أن معرفة
القلب من اإليمان ،فكان حمل كالم أحمد على هذا هو المناسب لكالمه في
هذا المقام )) ( . )1ا ه ـ.
ستدل به أيضا على بيان بطالنوسيأتي أن كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ مما اَ َ
يتبعض وال يتجزأ؛ فال يكون
شبهة الكرامية وسائر طوائف المرجئة أن اإليمان شيء واحد ال ّ
اإليمان ـ عندهم ـ ذا عدد اثنين أو ثالثة ،وهذه أصل شبهة المرجئة كما ذكر شيخ اإلسالم ـ
رحمه الله ـ.
التام في القلب إال ويحصل في الظاهر موجبه بحسب القدرة ،فإن من الممتنع أن يحب
اإلنسان غيره حبا جازما وهو قادر على مواصلته ،وال يحصل منه حركة ظاهرة إلى
ذلك))( .)2اهـ.
وقال في موضع آخر(( :فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر
باتفاق المسلمين .وهو كافر باطنا وظاهرا عند سلف األمة وأئمتها وجماهير علمائها.
وذهبت طائفة من المرجئة وهم جهمية المرجئة :كجهم( )3والصالحي( )4وأتباعهما إلى أنه
إذا كان مصدقا بقلبه كان كافرا في الظاهر دون الباطن ،وقد تقدم التنبيه على أصل هذا
القول وهو قول مبتدع في اإلسالم لم يقله أحد من األئمة ،وقد تقدم أن اإليمان الباطن
يستلزم اإلقرار الظاهر بل وغيره وأن وجود اإليمان الباطن تصديقا وحبا وانقيادا بدون اإلقرار
الظاهر ممتنع))( .)5اهـ.
وأما اإلجماع؛ فإن السلف مجمعون على أن من ترك التكلم بالشهادتين مع القدرة
هو كافر باطنا وظاهرا ،وقد حكى هذا اإلجماع عنهم جماعة من األئمة ،وفيما يلي ذكر
لبعض نصوصهم في ذلك:
يقــول اآلجــري ـ رحمــه اللــه ـ (( :اعلم ـوا ـ رحمنــا اللــه وإيــاكم ـ أن الــذي عليــه علمــاء
المســلمين :أن اإليمــان واجــب علــى جميــع الخلــق ،وهــو تصــديق بالقلــب ،وإق ـرار باللســان،
وعمل بالجوارح.
ثم اعلموا أنه ال تجزئ المعرفة بالقلـب والتصـديق إال أن يكـون معـه اإليمـان باللسـان
نطقا ،وال تجزئ معرفـة بالقلـب ونطـق اللّسـان حتـى يكـون عمـل بـالجوارح ،فـإذا َكملَـت هـذه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(= )1يشير رحمه الله إلى مذهب الجهمية في اإليمان وأنه المعرفة بالقلب فقط.
) )2مجموع الفتاوى ( .)557/3وانظر :الفتاوى الكبرى (.)731/3
( )3هو :الجهم بن صفوان شيخ الجهمية وإمامهم.
( )4هو :محمد بن مسلم أبو الحسين الصالحي ،من أهل البصرة ،أحد المتكلمين على مذهب اإلرجاء ،ورد بغداد
حاجا واجتمع إليه المتكلمون وأخذوا عنه ،وله من المصنفات منها كتاب ((اإلدراك األول)) وكتاب ((اإلدراك
الثاني)) ذكرهما محمد بن إسحق النديم في كتاب الفهرست .انظر :الوافي بالوفيات ( ،)12/8والفهرست البن
نديم* .
) )5مجموع الفتاوى ( .)614/3وانظر :نفس المصدر (.)188/3
105 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
دل على ذلك القـرآن والسـنة وقـول علمـاء اإلسـالم))( .)1اهــ .ثـمالخصال الثالث كان مؤمناّ ،
ذكر ـ رحمه الله ـ أدلة كل فرد من أجزاء اإليمان الثالثة.
وقال ابن حزم ـ رحمه الله ـ(( :من اعتقد اإليمان بقلبه ولم ينطق بلسانه دون تقية،
فهو كافر عند الله تعالى وعند المسلمين))( .)2اهـ.
وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو
كافر باتفاق المسلمين( ،)3وهو كافر باطنا وظاهرا عند سلف األمة وأئمتها ،وجماهير
علمائها))( .)4اهـ.
أما إذا عجز العبد عن النطق بالشهادتين ـ بعد حصول إيمانه القلبي ـ لخلل في لسانه
أو لعدم التمكن منه لمعاجلة المنية( ،)5فإنه يكون مؤمنا؛ وذلك ألن العجز التام الذي ال يمكن
دفعه تسقط معه التكاليف المعجوز عنها باتفاق أهل العلم(.)1()6
قال ابن قدامة جانحا لهذا القول ومرتضيا له(( :وبهذا جاءت أكثر األخبار ،وهو
الصحيح ألن من يجحد شيئين ال يزول جحدهما إال بإقراره بهما جميعا))( .)1اهـ.
والقول الثالث :أن من اقتصر على لفظ(( :أشهد أن محمدا رسول الله)) لم يصح
إسالمه مطلقا ،يستوي في ذلك من يقر بالتوحيد وغيره .وعلل أصحاب هذا القول بأن شهادته
بالله تعالى ـ يعنون من يقر بالتوحيد ـ قبل الشهادة بالنبي ال ح َكم لها ،ألنه إنما يصح
وشهادتهم بالله إذا كان مص ِّّدقا لرسوله ممتثال ألمره ،وهذا المعنى ال يصح منه في تلك
الحال(.)2
ومن هؤالء من يرى أن "ال إله إال الله" لفظ مخصوص باإليمان؛ فال يجوز العدول
عن غيره ،وهذا مذهب ابن العربي المالكي(.)3
والذي أراه راجحا في المسألة ـ والعلم عند الله ـ أن اإلسالم ال ينعقد إال باللفظ
المعهود ،وهو الجمع بين الشهادتين في اللفظ ،ألن األحاديث الواردة في الكف عن
الكافر فيها التنصيص على قول ال إله إال الله.
وإلجماع السلف أن من لم يتلفظ بالشهادتين مع القدرة هو كافر باطنا وظاهرا ،وإن
قام بشرائع اإلسالم األخرى ،وقد مرت حكايته عنهم(.)4
وأما األحاديث الواردة في حكمه بإسالم من جاء بمعنى الشهادتين أو اقتصاره
على بعضها ،كهذا الحديث :ليست بصريحة في ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة ،ألنها
تحتمل االختصار أو الرواية بالمعنى.
كما أنها تحتمل أيضا الكف عنه حتى يختَـبَر من استكماله اإلقرار باإلسالم ،وهذا
مسلك الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في تأويل هذه األحاديث.
يقول الحافظ ابن حجر(( :وفيه ـ يعني قوله « :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا:
ال إله إال الله ،فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إال بحقه» ـ منع قتل من قال ال إله
إال الله ولو لم يزد عليها ،وهو كذلك ،لكن هل يصير بمجرد ذلك مسلما؟ الراجح ال ،بل
يجب الكف عن قتله حتى يختبر ،فإن شهد بالرسالة والتزم أحكام اإلسالم حكم بإسالمه،
وإلى ذلك اإلشارة باالستثناء بقوله إال بحق اإلسالم))( )1انتهى.
فهذا وإن كان في االقتصار على اإلتيان بشهادة أن ال إله إال الله إال أنه يجري على
من اقتصر على شهادة أن محمدا رسول الله أيضا ،ألن استكمال اإلسالم ال يتحقق إال
باإلتيان بهما جميعا.
يتضمن معنى الشهادة أو يدل عليها؛ كلفظ كما ال يجزي عن النطق الواجب ماال ّ
رب إال الله)) كما ّقرره المتكلمون في معنى الشهادة(.)2 ((ال ّ
قال المقريزي( )3ـ رحمه الله ـ (( :ولهذا كانت كلمة اإلسالم" :ال إله إال الله" فلو
رب إال الله" لما أجزأه عند المحققين ،فتوحيد األلوهية هو المطلوب من قال" :ال ّ
العباد))( .)4اهـ.
متضمنا معنى الشهادة أو داال عليها انعقد به اإلسالم في ّ أما إذا كان اللفظ
الظاهر ،أما في الباطن فال يصح إسالمه إال إذا أتى بلفظ الشهادتين.
يقول الحليمي ـ رحمه الله ـ(( :وال أعلم من أهل الفتيا خالفا في أن اإليمان قد
ينعقد بغير القول المعروف ـ يعني شهادة أن ال إله إال الله ـ ،فدل ذلك على أن معنى قول
رسول الله « :حتى يقولوا ال إله إال الله» أي يقولوها وما يؤدي معناها ،ودل الكتاب
ﮆ على ذلك أيضا؛ ألن الله أخبر أن إبراهيم صلوات الله عليه قال ألبيه وقومه:
فقلت :والله ال أقتل أسيري وال يقتل رجل من أصحابي أسيره .حتى قدمنا على النبي
فذكرناه ،فرفع النبي يديه فقال(( :اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين))(.)1
ولكن هل يصير بمجرد ذلك مسلما؟ الراجح ال ـ كما تقدم ـ ،ألن األحاديث
المتقدمة ليست بصريحة في ترك التكلم بالشهادتين الحتمال أنها ن ِّقلت إلينا بالمعنى.
يقول القرطبي ـ رحمه الله ـ ..(( :على أن قوله في هذه الرواية« :أسلمت» يحتمل أن
يكون ذلك نقال بالمعنى فيكون بعض الرواة عبر عن قوله :ال إله إال الله بأسلمت كما قد
جاء ذلك مفسرا في رواية أخرى ،قال فيها :فلما أهويت ألقتله قال :ال إله إال الله))(.)2
وأما إذا غيّر لفظ الجاللة ((الله)) باسم آخر من أسماء الله الحسنى؛ كأن يقول" :ال
إله إال الرحمن" أو إال الرحيم" ،فهل يحكم بإسالمه؟ في ذلك قوالن ألهل العلم:
األول :يحكم بإسالمه؛ وبه قال الحليمي من المتكلمين ،وعلل ذلك بأن أسماء الله تعالى أعالم
مترادفة تدل على ذات واحدة كما قال تعالى :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
خص من ذلك ما يقع به االشتراك كما لو قال ﮔ ﮕ ﮖ [اإلسراء .]001 :إال أنه ّ
يصرح باسٍم ال تأويل فيه ألن الطبائعي(" )3ال إله إال المحيي المميت" فإنه ال يكون مؤمنا حتى ِّّ
ذلك( )4في اعتقادهم هو الطبيعة (.)5
والقول الثاني :ال يحكم بإسالمه في الظاهر؛ ألن أسماء الله تعالى غير لفظ الجاللة ((الله))
يقع فيها االشتراك بغيرها من األسماء ،وأيضا قد تخفى على بعض الكفار كما خفي اسم
"الرحمن" على كفار قريش فقالوا متعجبين :وما الرحمن()6؟ وقال بعضهم مستهزئين :ال
) )1أخرجه البخاري في كتاب المغازي ،باب :بعث النبي خالد بن الوليد إلى بني جذيمة (جـ )135/5ح (.)1774
( )2المفهم (.)191/0
) )3الطبائعي :نسبة إلى الطبيعة ،وهم من يعتقدون أن للطبيعة تأثيرا ذاتيا في اإليجاد واإلمداد واإلعدام ،كالفالسفة
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ الدهرية المنكرين للصانع ومن وافقهم من مشركي العرب القائلين
[الجاثـية .]31 :انظر :تفسير ابن كثير ()157/1 ﭵ ﭶ
( )4أي :المحيي المميت.
) )5انظر : :المنهاج في شعب اإليمان ( 178/1ـ ،)174وفتح الباري (.)754/17
[الفرقان.]61 : ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ) )6كما في قوله تعالى :ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
110 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
نعرف الرحمن إال رحمن اليمامة( .)1وإلى هذا القول ذهب الرازي( ،)2والتتائي من علماء
المالكية(.)3
قلت :واألحوط أن ال يقبل منه حتى يستفصل عن مراده بما غيّر من أسماء الله تعالى.
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ ((وأن من قال "ال إله إال الرحمن" حكم
بإسالمه إال إن ع ِّرف أنه قال ذلك عنادا ،وسمى غير الله "رحمانا" كما وقع ألصحاب
مسيلمة الكذاب))( )4انتهى.
وقد أطلق بعض أهل العلم أن الكافر يصير مسلما إذا أقر بما يصيّر المسلم كافرا إذا
جحده.
قال النووي ـ رحمه الله ـ (( :أما إذا أقر بوجوب الصالة أو الصوم أو غيرهما من
أركان اإلسالم ،وهو على خالف ملته التي كان عليها فهل يجعل بذلك مسلما؟ فيه
وجهان ألصحابنا :فمن جعله مسلما قال :كل ما يكفر المسلم بإنكاره يصير الكافر
باإلقرار به مسلما))( .)5اهـ.
وهذا الوجه( )6ضعفه الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ(.)7
ولعل وجهَ تضعيفه أنه يلزم منه الحكم بإسالم الكافر إذا أقر بالمستحب قلتّ :
دون الشهادتين ألن المسلم يكفر بإنكاره ،وهو باطل ألنه يخالف اشتراط النطق
بالشهادتين لصحة اإلسالم.
أما إذا كان يحسن العربية فأقر بالشهادتين بالعجمية ،فهل يحكم بإسالمه؟ قوالن
ألهل العلم ،أصحهما :أنه يحكم بإسالمه لوجود اإلقرار منه.
قال النووي ـ رحمه الله ـ(( :هذا الوجه ـ يعني الحكم بإسالمه ـ هو الحق وال يظهر
لآلخر وجه))( )1اهـ.
قلت :وهذا كله في حق الكافر إذا وجد منه ذلك في دار الحرب فإنه يكف عنه،
ويحكم بإسالمه في الظاهرّ ،أما اإلسالم الشرعي المنجي عند الله تعالى فيشترط له اللفظ
المعهود ،وهو أن يقول :أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمدا رسول الله ،ولو قال :ال إله
إال الله محمدا رسول الله أجزأه عند المحققين( )2ولم يتوقف إسالمه على لفظ الشهادة(.)3
والكافر إن كان صادقا في إسالمه نطق بالشهادتين وال بد؛ ألنه سيصلي ،والصالة من
متضمن للفظ الشهادتين.ِّ
أجزائها التشهد ،وهو ّ
ينو بها الدخول في اإلسالم؟ فالذي يظهر ـولكن يبقى النظر هل تصح منه إذا لم ِّ
والله أعلم ـ أنها تصح ،ألن فعله للصالة دليل رغبته في اإلسالم ،كما أن المقصود اعتقاد
اإلسالم بقلبه وقد وجد منه ذلك .والنية تكون متقدمة على القول ،وهو إذا صلى قياما
بواجبات اإلسالم فقد وجدت منه نية عامة ،وهي القيام بواجب اإلسالم ،فتشمل هذه النية
نية إرادة اإلسالم ،فإذا تشهد مع سبق هذه النية ،فقد دخل في اإلسالم حقيقة.
وأيضا قياسا على الصبي؛ فإنه إذا بلغ ال يؤمر بتجديد الشهادتين مع أن نطقه األول
بالشهادتين حال صغره لم يكن ينوي به الدخول في اإلسالم ،ومع ذلك صح إسالمه
إجماعا.
) )1أخرجه ابن راهوية في المسند ( ،)133/1وابن المبارك في الزهد ( ،)166/1وابن حبان في صحيحه كما في ترتيب
بلبان ( 756/16ـ )753رقم ( .)3753وقال في مجمع الزوائد ( )316/3رواه أحمد والبزار ...ورجاله في طريق
األسود بن سريع وأبي هريرة رجال الصحيح.
وقال ابن القيم في طريق الهجرتين ((( :)584/1قال الحافظ عبد الحق في حديث األسود قد جاء هذا
الحديث وهو صحيح فيما أعلم ،واآلخرة ليست دار تكليف وال عمل ،ولكن الله يخص من يشاء بما يشاء،
ويكلف من شاء ما شاء وحيثما شاء ،ال يسأل عما يفعل وهم يسألون .قلت :وسيأتي الكالم على وقوع
التكليف في الدار اآلخرة وامتناعه عن قريب إن شاء الله)) .انتهى.
) )2أخرجه أحمد في المسند ( ،)31/1وابن راهوية في مسنده ( ،)137/1والضياء في المختارة ( 355/1ـ
،)356وهو في الصحيحة ( )114/7برقم (.)1171
( )3أخرجه البخاري في كتاب الجنائز ،باب :ما قيل في أطفال المشركين (جـ )197/9ح ( ،)1252ومسلم في
كتاب القدر ( )9015/1ح (.)9585
115 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
وهذا هو الذي ذكره األشعري في المقاالت عن أهل السنة والحديث ،وذكر أنه
يذهب إليه.
وهذا التفصيل يذهب الخصومات التي كره الخوض فيه ألجلها من كرهه ،فإن من
قطع لهم بالنار كلهم ،جاءت نصوص تدفع قوله ،ومن قطع لهم بالجنة كلهم ،جاءت
نصوص تدفع قوله .ثم إذا قيل :هم مع آبائهم ،لزم تعذيب من لم يذنِّب ،وانفتح باب
الخوض في األمر والنهي ،والوعد والوعيد ،والقدر والشرع ،والمحبة والحكمة والرحمة.
فلهذا كان أحمد يقول :هو أصل كل خصومة.
فأما جواب النبي الذي أجاب به أحمد آخرا ،وهو قوله « الله أعلم بما كانوا
عاملين» ،فإنه فصل الخطاب في هذا الباب ،وهذا العلم يظهر حكمه في اآلخرة ،والله
تعالى أعلم)) (.)1
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ مؤكدا ذلك(( :المذهب الثامن :أنهم يمتحنون في
عرصات القيامة ويرسل إليهم هناك رسول ،وإلى كل من لم تبلغه الدعوة ،فمن أطاع الرسول
دخل الجنة ،ومن عصاه أدخله النار ،وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة وبعضهم في
النار ،وبهذا يتألف شمل األدلة كلها وتتوافق األحاديث)) ( .)2والله تعالى أعلم.
ويلتحق بهذه المسألة مسألة شبيهة( )3وهي من كان أعجميا ال يحسن العربية فهل
جزئه أن يتلفظ بالشهادتين بلغته أو بأي ٍ
لغة أخرى ،أو ال بد أن يتلقن ألفاظها؟ يَ ِّ
قلت :مر في كالم النووي (ص )110:ما يشير إلى أنه إذا كان يحسن العربية فأقر
بالشهادتين بالعجمية حكم بإسالمه لوجود اإلقرار منه؛ فمن باب أولى من كان أعجميا ال
يحسن التلفظ بها بالعربية ألن ذلك فرضه وال يكلف الله نفسا إال وسعها إال أنه يستحب
أن يتعلم ألفاظها وأن يجتهد في تعلم العربية ليحصل له أجر التلفظ باألذكار( )4النبوية ألنها
توقيفية باللفظ والمعنى ،والله تعالى أعلم.
( )1هذا المبحث يذكره الفقهاء في كتب الفقه بعنوان(( :ما يثبت به إسالم الكافر األصلي)).
) )2أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم ( 81/1ـ )88رقم ( ،)1911وعبد الرزاق في المصنف (،)019/00
وابن مندة في اإليمان ( .)151/0وأصله في صحيح البخاري صحيح البخاري (جـ ،)009/0كتاب الصالة،
باب فضل استقبال القبلة ح ( .)191 ،190وحكم األلباني بأنه صحيح كما في صحيح الجامع (.)1151
) )3أخرجه البخاري في كتاب الجنائز ،باب :إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه ،وهل يعرض على الصبي
اإلسالم؟ (جـ )009/1ح ( ،)0158ومسلم في كتاب القدر ( )1111/1ح (.)1158
) )4المنتقى (.)99/1
118 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
المسلمين بهم وزعم أن أوالد المشركين خدم أهل الجنة ،ومنهم من توقف في الجميع ووكل
أمرهم إلى الله عز وجل(.)2( )1
وال خالف بين أهل العلم في أن األبوين إذا كانا مسلمين كان أوالدهما مسلمين،
وأما إذا كان أحد األبوين مسلما واآلخر كافرا؛ فالجمهور على أن الولد يتبع المسلم منهما
أبا كان أم أ ّما()3؛ ألنه األخيَر دينا ،وقال الشافعي ـ رحمه الله ـ(( :يتبع األبوين وإن َعلَ َوا
سواء كانا وارثين أو لم يكونا وارثين(.)4
وذهب مالك ـ رحمه الله ـ إلى أنه ال يتبع أمه في اإلسالم ،بل تختص التبعية باألب.
صبة .وقد قال تعالى: وعلّل ذلك بأن النسب له ـ أي لألب ـ والوالية على الطفل له ،وهو َع َ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ([ )5الطور.]10 :
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور ،والدليل على تبعيته ألمه قول النبي « :فأبواه
يهودانه وينصرانه» .وهذا شامل لألبوين ومن وجد منهما.
وأما قول المالكية :إن الوالية والتعصيب لألب ،فتكون التبعية له دون األم ،فيقال
فيه :والية التربية والحضانة والكفالة لألم دون األب ،وإنما قوة والية األب على الطفل في
حفظ ماله .ووالية األم في التربية والحضانة أقوى فتبعية الطفل ألمه في اإلسالم إن لم تكن
أقوى من تبعية األب فهي مساوية له.
) )1اختلف العلماء في مصير أوالد المشركين إلى عشرة أقوال ذكرها ابن القيم ـ رحمه الله ـ في أحكام أهل الذمة
( 109/1ـ ،)151وفصلها بأدلتها وبيّن الراجح منها .وأما أطفال المسلمين فهم في الجنة ،بل حكى ابن عبد
البر في التمهيد ( )118/1اإلجماع عليه.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :وهذا القول في أطفال المسلمين هو المعروف من قواعد الشرع حتى إن اإلمام
أحمد أنكر الخالف فيه وأثبت بعضهم الخالف)) .اهـ [أحكام أهل الذمة ( 101/1ـ .])108
) )2شعب اإليمان للبيهقي ( 111/0ـ .)111بتصرف يسير ،وانظر :التمهيد البن عبد البر (.)11/08
) )3انظر :بدائع الصنائع للكاساني ( ،)510/9والمنهاج في شعب اإليمان للحليمي ( ،)050/0والتهذيب
للشيرازي ( ،)111/5والمغني البن قدامة ( 081/01ـ ،)185وأحكام أهل الذمة الذمة البن القيم
(.)511/1
) )4انظر :المنهاج في شعب اإليمان (.)050/0
) )5انظر :بداية المجتهد ( ،)18/1وأحكام أهل الذمة (.)511/1
119 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
وأيضا فالولد جزء منها حقيقة؛ ولهذا تبعها في الحرية والرق اتفاقا دون األب ،فإذا
أسلمت تبعها سائر أجزائها والولد جزء من أجزائها؛ يوضحه أنها لو أسلمت وهي حامل
به حكم بإسالم الطفل تبعا إلسالمها؛ ألنه جزء من أجزائها فيمتنع بقاؤه على كفره مع
الحكم بإسالم أمه(.)1
وأما تبعيته لجده وجدته فالجمهور منعوا منه ،والشافعي قال به طردا ألصله في
إقامة الجد مقام األب ،ولكن قد نقض هذا األصل في عدة مواضع ،فلم يطرده في إسقاطه
لإلخوة ،وال في توريث األم معه ثلث الباقي إذا كان معها أحد الزوجين .وقد ألزم الشافعي
إسالم الخلق كلهم تبعا آلدم ،فإنه لم يقتصر بذلك على الج ّد األدنى (.)2
ومثل الوالدة ألبوين مسلمين أو أحدهما في تبعية الصبي أن يأسره المسلمون بعيدا
عن أبويه فيصير مسلما على الصحيح.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :فإذا سبي الطفل منفردا عن أبويه حكم بإسالمه ألنه
صار تحت واليته ،وانقطعت والية األبوين عنه .هذا مذهب األئمة األربعة))( .)3اهـ.
وقال صاحب المهذب((( :)4ففيه وجهان :أحدهما أنه باق على حكم كفره ،وال
يتبع السابي في اإلسالم ،وهو ظاهر المذهب....والثاني :يتبعه ،ألنه ال يصح إسالمه
بنفسه ،وال معه من يتبعه في كفره ،فجعل تابعا للسابي؛ ألنه كاألب في حضانته،
وكفالته فتبعه في اإلسالم))( .)5اهـ.
) )1أحكام أهل الذمة ( 511/1ـ .)518وانظر :المغني البن قدامة ( 181/01ـ .)185
) )2أحكام أهل الذمة (.)518/1
) )3أحكام أهل الذمة (.)519/1
) )4هو :أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي الشافعي ،نزيل بغداد قيل لقبه جمال الدين،
مولده في سنة ثالث وتسعين وثالث مئة ،تفقه على أبي عبد الله البيضاوي ،وعبد الوهاب بن رامين بشيراز
وأخذ بالبصرة عن الخرزي ،وقدم بغداد سنة خمس عشرة وأربع مئة فلزم أبا الطيب وبرع وصار معيده ،وكان
يضرب المثل بفصاحته وقوة مناظرته ،حدث عنه الخطيب وأبو الوليد الباجي والحميدي .توفي سنة ست
وسبعين وأربع مئة ببغداد .انظر :سير أعالم النبالء ( 151 /08ـ ،)110وطبقات الشافعية للسبكي (105/1
ـ .)151
) )5المهذب ( .)111/5وانظر :شعب اإليمان للبيهقي (.)115/0
111 النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ
الشروط
قال صاحب الروضة((( :)1وشذ صاحب المهذب ،فذكر في كتاب السير في الحكم
بإسالمه وجهين ،وزعم أن ظاهر المذهب :أنه ال يحكم به ،وليس بشيء وإنما ذكرته تنبيها
على ضعفه لئال يغتر به))( .)2اهـ.
بالشراء حكمبالسباء الملك بالشراء ،فإذا صار الصغير في ملك المسلم ّ ويلحق ّ
نص عليه اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ ،وقال ابن القيم ـ رحمه بإسالمه إذا لم يكن معه أبواهّ .
بالسباء وملكه بالشراء؛ ألن الله ـ معلقا عليه(( :وهذا محض الفقه؛ إذ ال فرق بين ملكه ّ
بالسباء هو بعينه موجود في صورة الملك المعنى الذي حكم ألجله بإسالمه إذا ملك ّ
بالشراء ،فيجب التسوية بينهما الستوائهما في علة الحكم))( .)3اهـ.
قلت :ومن ذلك أيضا تبعية الدار ،وذلك في صور:
األولى :أن يخرج الصبي من دار الشرك إلى أبويه في دار اإلسالم ،وهما نصرانيان
في دار اإلسالم .قال اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ :يحكم بإسالمه .حكاه عنه الخالل(.)4
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ معقبا على كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(( :فقد َح َكم
بإسالمه مع وجود أبويه الكافرين من غير سباء وال رق حادث عليه .ووجه هذا ـ والله أعلم ـ
أنه لما كان منفردا عن أبويه ،ولم يكن لهما عليه حكم في الدار التي حكم المسلمين فيها
عليه دون أبويه ،كان محكوما بإسالمه بانقطاع تبعيته لهما ،فإذا خرج إليهما وهما في دار
اإلسالم خرج إليها وهو مسلم فلم يجر الحكم بكفره؛ فالدار فرقت بينهما حكما كما فرقت
بينهما حسا))( .)5اهـ.
الثانية :اختالط أوالد المسلمين بأوالد الكفار على وجه ال يتميّزون.
قال المروذي قلت ألبي عبد الله :ما تقول في رجل مسلم ونصراني في دار ولهما
أوالد فلم يعرف ولد النصراني من ولد المسلم؟ قال :يجبرون على اإلسالم(.)6
الثالثة :االلتقاط؛ فكل لقيط وجد في دار اإلسالم فهو مسلم .وأما إن وجد في دار
الكفر وال مسلم فيها ،فحكمه حكم الكفار ،وإن كان فيها مسلم فهل يحكم بإسالمه أو
يكون كافرا على وجهين(.)1
هذا ما يتعلق بأحكام إتـبَاع الصغير إذا كان متولدا من أبوين مسلمين أو من أحدهما.
وهنا مسألة متعلّقة بهذه المسألة قد تنازع فيها أهل العلم ،وهي تبعية الصغير إذا
ردتهما فال يؤمر إذا بلغ بتجديد النطق بالشهادتين كان أبواه مرت ّدين هل تكون ألبويه قبل ّ
ردتهما فيؤمر بتجديد النطق بالشهادتين إذا بلغ؟ أم بعد ّ
ولهذه المسألة صورتان:
األولى :أن يكون مولودا قبل ردة والديه :فهذا حكمه حكم والديه قبل ردتهما،
الردة ،وال يجوز أن يؤاخذ بجريرة غيره؛ لقولهبردته؛ ألنه لم يباشر ّ
فيكون مسلما .وال يحكم ّ
تعالى :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
بردته ما دام في دار اإلسالم ،فإن لحق بوالديه في [فاطر .]08 :وقالت الحنفية :ال يحكم ّ
الردة .وعللوا ذلك ٍ
دار حرب فحكمه حكمهما؛ ألن التبعية عندهم تتحول إلى الدار بعد ّ
بأن الدار لما كانت ال تصلح إلثبات التبعية ابتداء عند استتباع األبوين فهي تصلح لإلبقاء
ألنه أسهل من االبتداء؛ فما دام في دار اإلسالم بقي على حكم اإلسالم تبعا للدار ،وإن
لحق بوالديه في دار الحرب فله حكم والديه(..)2
والراجح مذهب الجمهور؛ ألن العبرة في اإلتـبَاع باألبوين ال باختالف الدارين ،وإال
الذميين إذا أقِّروا بدار المسلمين ،وهو باطل مبين.
للزم الحكم بإسالم أوالد ّ
ردتهما .وصورة ذلك :أن يرت ّد الزوجان وال الثانية :أن يولد المولود لهما في حال ّ
ردتهما .ففي حكم هذا المولود أقوال ثالثة: ولد لهما ثم تحمل المرأة من زوجها بعد ّ
القول األول :أنه يحكم بإسالمه ،وعلّل أصحاب هذا القول :بأن حرمة اإلسالم باقية
في المرتد ،ولذلك ال يـ َقر المرتد بالجزية وال بالهدنة وال يسترق بخالف الكافر األصلي فإنه
يؤمن ويس َترق.
وبناء على هذا القول إذا بلغ ولد المرتدي ن وأعرب عن نفسه بالكفر يجعل
مرتدا فيـ ق تَل.
القول الثاني :أنه بمنـزلة والديه ،فيكون مرتدا .وعلّلوا ذلك بأنه يحكم للولد بحكم
والديه .إال أنهم قالوا :ال يـقتَل ما لم يبلغ ،فإذا بلغ استتيب فإن تاب وإال قتل.
القول الثالث :أنه كالكافر األصلي؛ ألنه متولد من أبوين كافرين كالمتولد بين
كافرين أصليين ،فعلى هذا إذا بلغ الولد ولم يسلم يلتحق بالمستأمن ،وإذا وقع في األسر
يقران ِّ
يمن عليه وأن يفاديَه ،ويجوز استرقاقه والهدنة معه بخالف األبوين ال ّ يجوز لإلمام أن ّ
باالسترقاق والهدنة؛ لتركهما اإلسالم بعد اإلقرار به(.)1
وأرجح هذه األقوال ـ والله أعلم ـ الثالث :أنه كالكافر األصلي؛ وذلك ألنه لم
الردة ،ولم يكن مسلما حتى يقال أنه ارت ّد ،وال يعامل بجريرة والديه؛ لآلية :ﯟ ﯠ يباشر ّ
ﯡ ﯢ ﯣﯤ [فاطر . ]08 :وال يحكم بإسالمه ،ألن الحكم بالتبعية يكون لديانة
الوالدين حال الوالدة.
وعليه يؤمر بالنطق بالشهادتين إذا أراد الدخول في اإلسالم.
األمر الثاني :أن الذي يجزي عن التلفظ بشهادة التوحيد ويـثبت حكم اإلسالم
المواظبة على الصلوات الخمس؛ فمن رؤي يصلي الصالة في وقتها حتى صلى صلو ٍ
ات
كثيرة ولم يعلم عنه إقرار باللسان من قبل يحكم عليه باإلسالم ،وتجرى عليه أحكامه
ومتعلقاته من حقوق وواجبات لورود النص في ذلك.
قال « :من صلى صالتنا واستقبل قبلتنا ،وأكل ذبيحتنا ،فذلك المسلم له ذمة
الله وذمة رسوله .)2(»
وأيضا جاء في الحديث عنه « :إني نهيت عن قتل المصلين»(.)3
ولما رأى رجلين اعتزال في المسجد ولم يصليا مع جماعة المسلمين قال منكرا
عليهما« :ألستما مسلمين؟»( .)1مما يدل على أن فعل الصالة مما يحكم به على إسالم
الشخص.
وأيضا جاء في سيرته ـ عليه الصالة والسالم ـ أنه كان يَغِّير عند صالة الصبح ،فإذا
سمع آذانا أمسك(.)2
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ(( :اإليمان ال يكون إال بال إله إال الله دون غيره من
األقوال واألفعال إال الصالة .قال إسحاق بن راهوية :ولقد أجمعوا في الصالة على شيء لم
يجمعوا عليه في سائر الشرائع؛ ألنهم بأجمعهم قالوا :من عرف بالكفر ثم رأوه يصلي
الصالة في وقتها حتى صلى صلوات كثيرة ،ولم يعلموا منه إقرار باللسان أنه يحكم له
باإليمان ،ولم يحكموا له في الصوم والزكاة بمثل ذلك))( .)3اهـ.
وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ(( :وإذا صلّى الكافر حكم بإسالمه ،سواء كان في دار
الحرب ،أو دار اإلسالم ،أو صلى جماعة أو إفرادا ...وأما سائر األركان من الزكاة والصيام
والحج ،فال يحكم بإسالمه به( ،)4فإن المشركين كانوا يحجون في عهد رسول الله ،
حتى منعهم النبي ،فقال« :ال يحج بعد العام مشرك» .والزكاة صدقة ،وهم يتصدقون.
وقد ف ِّرض على نصارى بني تغلب من الزكاة ِّمثـلَي ما يؤخذ من المسلمين ،ولم يصيروا بذلك
بفعل ،إنما هو إمساك عنمسلمين ،وأما الصيام فلكل أهل دين صيام ،وألن الصيام ليس ٍ
أفعال مخصوصة في وقت مخصوص ،وقد يتفق هذا من الكافر ،كاتفاقه من المسلم ،وال
عبرة بنية الصيام؛ ألنها أمر باطن ،وال علم لنا به ،بخالف الصالة ،فإنها أفعال تتميّز عن
أفعال الكفار ،ويختص بها أهل اإلسالم ،وال يثبت اإلسالم حتى يأتي بصالة يتميّز بها عن
صالة الكفار ،من استقبال قبلتنا ،والركوع والسجود ،وال يحصل بمجرد القيام؛ ألنهم
يقومون في صالتهم .وال فرق بين األصلي والمرتد في هذا؛ ألن ما حصل به اإلسالم في
األصلي حصل به في حق المرتد كالشهادتين .فعلى هذا لو مات المرتد فأقام ورثته بينة أنه
صلى بعد ردته ،حكم لهم بالميراث إال أن يثبت أنه ارتد بعد صالته أو تكون ردته بجحد
فريضة ،أو كتاب ،أو نبي ،أو ملك ،أو نحو ذلك من البدع التي ينتسب أهلها إلى
اإلسالم ،فإنه ال يحكم بإسالمه بصالته ،ألنه يعتقد وجوب الصالة ،ويفعلها مع كفره،
فأشبه فِّعله غيرها .والله أعلم))( .)1اهـ.
قلت :وبعض أهل العلم فرق بين ما لو صلى في دار اإلسالم أو صلى في دار
الحرب في الحكم بإسالمه ،فقال :لو صلى في دار الحرب يحكم بإسالمه بخالف ما لو
صلى في دار اإلسالم؛ فال يحكم بإسالمه ،ألنها في دار الحرب ال تكون إال عن اعتقاد،
وفي دار اإلسالم قد تكون للتقية والرياء(.)2
واألول أظهر ،ألن احتمال التقية في دار الحرب أكبر من احتمالها في دار
اإلسالم ،كما أن العبرة بما ظهر لنا من حاله ،وال سبيل إلى معرفة ما في قلبه من المخادعة
والتقية.
وهذا كله فيمن علمنا كفره .أما من لم نعلم كفره وال إسالمه ،ولكن أظهر شعار اإلسالم
وجب أن يعامل بمقتضى ما أظهر؛ كتحية اإلسالم ،أو التسمي بأسماء المسلمين أو اآلذان في
قوم ،فإن أظهر أنه كان كافرا لم يجعل بما أظهر مرتدا ،بل هو على كفره األصلي ألنه لم يدخل
في اإلسالم بذلك .وإنما عاملناه بما أظهر من القرائن بخالف الشهادتين والوالدة ألب أو أم
مسلمين أو الصالة فإنه إن ادعى أنه لم يرد اإلسالم لم يقبل منه ،ويصير مرتدا.
ودليل المعاملة بالقرائن ما رواه أنس ـ رضي الله عنه ـ قال :كان رسول الله إذا
غزا قوما لم يغز حتى يصبح ،فإذا سمع آذانا أمسك وإن لم يسمع آذانا أغار بعدما
يصبح( .)3وأيضا ما جاء عن ابن عباس في تفسير قول الله تعالى :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ [النساء .]91 :أنه قال :كان رجل في غنـي َم ٍة له ،فلحقه المسلمون .فقال:
السالم عليكم ،فقتلوه وأخذوا غنَيمته ،فأنزل الله في ذلك :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ [النساء.)2()))1(]91 :
ولهذا كان اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ يرى أن المقتول بدار الحرب يستدل على
إسالمه بالختان والثياب كما أن النصراني يستدل عليه بالزنار( ،)3واليهودي بالعسلي(.)4
قال ابن مفلح بعد أن نقل كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ هذا(( :فثبت أن للسيما
حكما في هذه المواضع ،في باب الحكم باإلسالم والكفر))(.)5
هذا ما يتعلّق بهذا المبحث ،وهناك بعض المسائل المتعلقة بثبوت إسالم الكافر؛
كشهادة الكافر على ابنه الصغير بأنه مسلم ،وشهادة المسلم على الكافر بكونه مسلما،
ف له به ـ وكتلفظ المكره ـ غير المرتد ـ بالشهادتين ،وكإسالم الكافر على ٍ
شرط لم يـ َو ّ
أضربت عنها الذكر لكونها ال تعلّ َق لها بما نحن بصدده ،فمن أرادها فمحلّها كتب الفقه.
( )1هو :حيى بش نحمد بش هبي بش سعد بش الحسش نش شلد سفيأإ بش ثعلبة شلد ا ربيع اآلخ سنة تسع
شتسعيش ش ربعمأئة بألدشرقية نش عمأل نريل شنخل بغدان وأبأ شق الق اإ بأل شا أت على رمأعة شسمع
الحد ث على القأضا بى الحسيش ابش الف اء لف شصنف ا المذهب الحنبلا .نش نؤلفأته :كنأي اإل يأح
عش نعأنا اليحأح ا عد نجلدات شهو و ح اليحيحيش شكنأي المقنيد ا النحو شله اخنيأر على
كنأي المنطق البش السكيت .تو ا سنة سنيش شخمسمأئة .انظ :المقيد األرود ( 902/3ه )990شكشف
الظنوإ (.)936/9
( )2نقال عش تيسي العز ز الحميد (ص .)75 :شانظ :ق عيوإ الموحد ش (ص.)12 :
) )3نعجم نقأ يس اللغة ( 901/4ه .)990بأي العيش شالالم شنأ للثل مأ.
631 شرط العلم بمعنى الشهادة
شخبَه ْته))(.)1
بمعنى َعَ نه َ
شقأل ابش ننظور(( :شعلمت الشاء ْعلَمه ِع ْلمأ :ع نه .قأل ابش ب ب( :)2شتقول َعلِ َم
ِ
سأن العلمأءَ شالفق أء))( .)3انن ى.
شعلم شَهقه ب َ َشَقه ب تعلَّم شتفقه َ
المطلب الثاني :تعريف العلم في االصطالح:
العلم لوضوحه ننع بعض هل العلم نش ح ثِده شنش هؤالء ابش الع با ه رحمه الله ه؛ قد
نك على نش تي ثدى لنع ف العلم شقأل(( :هو بيش نش إ بيثش))(.)4
قأل الحأ ظ ابش حج ه رحمه الله ه(( :شهذه قة الغزالا شويخه اإلنأم( )5إ العلم
ال َح ثد؛ لوضوحه( )6ش لعس ه(.)8()))7
شلكش بأل غم نش ذلك قد ارن د بعض هل العلم ا شضع ح ثد للعلم؛ ألإ نش
الواضح نأ قد خفى شال سيمأ إذا َ َشأ الج ل شاسنشَى.
ِ ()9 ِ
المنأنل ا تعأر ف هل العلم للعلم جد ن أ لم تسلم نش اعن اضأت المنكلثميش ش ث
جأن ح ثد للعلم كوإ رأنعأ نأنعأ َسلم نش تلك شغي هم .شقد حأشل بعض هل العلم إ َ
االعن اضأت شنش هؤالء اإلنأم الشوكأنا ه رحمه الله ه حيث قأل ا ((إروأن الفحول)) بعد
إ انه لنعأر ف هل العلم شاالعن اضأت علي أ(( :شاألشلى عندب إ قأل ا تحد ده :هو صفة
نكشف ب أ المطلوي انكشأ أ تأنأ شهذا ال َِن عليه واء نمأ تقدم ندبَّ ))( )1انن ى.
شنش الحدشن المأنعة الجأنعة ضأ قول بعض م :العلم هو اعنقأن الشاء على نأ هو
قيد ((عش ض شر ( )3ش اسندالل))( )4شذلك حنى خ ج ()2
به ه ب :ا الواقع .شالبعض زان عليه َ
به النقليد المطأبق للواقع(.)5
شقد نك هذه الز أن بعض هل العلم؛ نن م ابش حزم الظأه ب ه رحمه الله ه شعلل
ذلك :بأإ العلم قد حيل بغي هذ ش الط قيش(.)6
إال إ ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه بيَّش إ النهزاع بين م لفظا ألإ الض شرب ا
اصطالح كل هل العلم تدخل تحنه نواع ننعدن شذلك بخالف نأ اه البعض ا نعنى
الض شرب؛ للنأس اصطالحأت ننعدن ا نعنى الض شرب نش لم ع أ جعل بين م نزاعأ
نعنو أ شليس كذلك(.)7
قلت :شالبعض عبِث عش العلم :بإنراك الشاء بحقيقنه(.)8
هذا نحيل قوال هل العلم المعنب ا ح ثد العلم؛ شهنأك قوال خ ى ا ح ثده
) )1لمع ة هذه النع فأت شاالعن اضأت علي أ انظ :الب هأإ للجو نا ( 995/9ه )921شاإلحكأم لآلندب
( 91/9ه )94ش بجد العلوم ( 22/9ه )19شالمواقف لإل جا ( 47/9ه )51شو ح المقأصد لسعد الد ش
النفنأزانا ( )97/9شكشف الظنوإ للقسطنطينا ( 1/9ه .)4
) )2المف نات لل اغب ص.)520(/
) )3انظ :الحدشن األنيقة ( 22/9ه )27شالنعأرف ص )222(/شالنع فأت ص 241/شالمف نات (ص 520 :ه .)529
) )4ندارج السألكيش (.)112/1
646 شرط العلم بمعنى الشهادة
[الممنحنة ]90:شإإ شقع على ش عل العلم قنضا نفعوليش؛ كقوله تعألى :ﯕ ﯖ ﯗ
نفعول شاحد كأإ بمعنى المع ة؛ كقوله :ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ [األنفأل.]20 :
شهذا إ لفظا.
شنش الف شإ المعنو ة :إ "المع ة" تفيد تمييز المع شف عش غي ه ش"العلم" فيد
تمييز نأ وصف به عش غي ه.
شنش الف شإ ضأ :إ «المع ة» تنعلق بمع ة الذشات شالعلم نعلق بحأل هذه
الذشات ال بمع ن أ؛ إذا قلت علمت ز دا لم فد المخأ ب ويئأ ألنه ننظ بعد إ
قلت:
قلت :ك مأ ش وجأعأ حيلت له الفأئد شإذا َ تخب ه على ب حأل علمنَه .إذا َ
ع ت ز دا اسنفأن المخأ ب نك ثبنه شنيثزته عش غي ه شلم بق نننظ ا لشاء آخ .شهذا
الف إ ا النحقيق إ ضأح للف إ الذب قبله.
شنش الف شإ ضأ :إ «المع ة» علم بعيش الشاء نفيال عمأ سواه بخالف
«العلم» إنه قد نعلق بألشاء نجمال(.)1
عل ل ذا الف إ عبث هل العلم به((و ه العلم)) شلم عبِث شا به((و ه المع ة))؛
قلت :شل ث
ألإ المقيون بألعلم الذب هو و ه ا كلمة النوحيد ه كمأ سيأتا ه العلم الج َملا ال
النفييلا.
نأ بقية الف شإ ألذب ظ ن أ ال ث ل أ يمأ نحش بيدنه؛ إذ المطلوي حيول
العلم بمعنى كلمة النوحيد بأب ق؛ شال نشأحة بعد ذلك ا تسمية الوسيلة إليه علمأ ش
نع ة .شالله تعألى علم.
رل شعال ه شحده للعبأن نشإ سواه الذب األصل الثاني :العلم بألمش ون به شهو اسنحقأإ الله ه ث
هو نعنى الش أن شهو نلزشم األصل األشل كمأ تقدم.
األصل الثالث :العلم بيدإ ال سول ألإ العلم بمعنى الش أن إنمأ رأء نش ق
ال سول مش اعنقد هذا المعنى قد صدَّإ ال سول يمأ رأء به.
صل هذه الكلمة نش الش ك ألنه حأ ظ ل صل اللأنا األصل الرابع :العلم بمأ نأ ا َ
شهو اإلثبأت ا كلمة الش أن .
قأل الشيخ عبد ال حمش المعلما ه رحمه الله ه(( :شهذا العلم نبنا على إ كلمة النوحيد
نسنلزنة لجميع العقأئد ا اليفأت شغي هأ نمأ ال جب العلم به تفييال شال ن تب عليه
عمل ب :بألنسبة إلى نأ تسنلزنه كفا العلم اإلرمألا ش نأ بألنسبة إلى نعنأهأ المطأبق
ال بد نش العلم النحقيقا شالله علم))( .)1اهه.
ش نأ نقدار هذا العلم :و نحقق بألقدر الذب ميِثز العبد به بيش ربِثه شبيش سأئ
اآلل ة البأ لة شذلك ا الورون( )2شاالسنحقأإ()3؛ يكوإ نفثِقأ ا علمه شقيده شو أنته
شإرانته شنع نه شنحبنه بيش الخألق شالمخلوإ؛ بحيث كوإ عألمأ بألله ذاك ا له عأر أ
به ش نه تعألى نبأ ش لخلقه ننف ن عن م بألوهينه ش عأله شصفأته ليحقق نعنى النفا شاإلثبأت
ا كلمة الش أن (.)4
ذه المع ة ها النا نحقق ب أ اإل مأإ المجمل شتجعل صأحب أ ا سالنة نش
ريش نش اإل مأإ شتخ ره نش حد الج ل ب بِثه شنأ جب له(.)5 الكف شالش ك المخ ْ
شهذا القدر نش العلم هو الذب يبح به العبد نسلمأ إذا قده لم يدإ عليه نه
نسلم بل هو كأ صلا شلذا و شن ه حأل قول أ.
) )1ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص )59 :بني ف سي .شانظ :نجموع الفنأشى ( )192/1شنرء
النعأرض (.)59/9
( )2ب تميٌّز الورون شهو المبأ نة بيش الخألق شالمخلوإ.
) )3ب :اسنحقأإ العبأن شبطالإ عبأن غي ه.
) )4انظ :الدرر السنية ( )105/2شنعنقد هل السنة شالجمأعة ا توحيد األسمأء شاليفأت للدكنور نحمد بش
خليفة النميما (ص.)91 :
( )5نعنقد هل السنة شالجمأعة ا توحيد األسمأء شاليفأت للدكنور نحمد بش خليفة النميما (ص.)91 :
شانظ :ر ع االونبأه (ص.)59 :
644 شرط العلم بمعنى الشهادة
( )1سيأتا ا نسألة العذر بألج ل إ هذا العلم ال عذر بألج ل به بخالف العلم بنفأصيل توحيد العبأن قد
عذر بألج ل به بش شه شضوابط سنأتا .شلذا إإ العلم النفييلا بمسأئل توحيد العبأن قد يح إسالم الم ء
شلو نع الج ل به بدليل قية ذات نواه كمأ سيأتا.
شلذا مكش القول بأإ العلم النفييلا بمعنى ال إله إال الله و ه نع العلم بخالف القدر اإلرمألا نش العلم ب أ
و و ه نطلقأ ه ب :ا حأل العلم شالج ل.
) )2تيسي العز ز الحميد (ص.)20:
( )3هو :نحمد عبد الله بش نحمد الين أرا تقدم.
) )4رسأئل النوحيد شال يللة (ص.)57 :
( )5هو :حمد بش عم بش إب اهيم بش عم األنيأرب الق با بو العبأس المألكا المع شف بأبش المز ش نؤلف
المف م نأت ا ذب القعد سنة ست شخمسيش شسنمأئة بأإلسكندر ة .شنولده سنة ( )755هه .سمع ننه
الش ف الدنيأ ا .انظ :الد بأج المذهب ا نع ة عيأإ المذهب البش حوإ ( 142/2ه )141شذ ل
النقييد (.)312/2
( )6سبق تخ جه ا (ص.)252 :
642 شرط العلم بمعنى الشهادة
نررأت الجنة شها حألة النبييش شاليد قيش شال لزم يمش لم كش كذلك ال دخل
وك يه شال ر ب نخل الجنة شصدإ به تيد قأ رأزنأ ال َّ الجنة :إإ نش اعنقد الحق َّ
كمأ قدننأه))(. .)1هه.
قوله ه رحمه الله ه (( :مش اعنقد الحق شصدإ به....إلخ)) يه إوأر إلى العلم
المجمل الذب هو و ه ا الش أنتيش ألنه قل نأ لزم ا انعقأنهمأ.
شقد بيش ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه شره االكنفأء بألعلم الجملا ا صحة اإل مأإ
نشإ النفييلا قأل (( :إإ ذلك ه عنا العلم النفييلا ه ناخل ا تبليغ نأ بعث الله به
رسوله شناخل ا تدب الق آإ شعقله ش مه شعلم الكنأي شالحكمة شحفظ الذك
شالدعأء إلى الخي شاألن بألمع شف شالن ا عش المنك شالدعأء إلى سبيل ال ي بألحكمة
شالموعظة الحسنة شالمجأنلة بألنا ها حسش شنحو ذلك نمأ شربه الله على المؤننيش؛
ذا شارب على الكفأ ة نن م .ش نأ نأ شرب على عيأن م ذا ننوع بننوع قدرهم
شحأرن م شنع ن م شنأ ن به عيأن م ال جب على العأرز عش سمأع بعض العلم ش
عش م نقيقه نأ جب على القأنر على ذلك ش جب على نش سمع النيوص ش م أ نش
علم النفييل نأ ال جب على نش لم سمع أ ش جب على المفنا شالمح ثِدث ش ِ
المجأنل
نأ ال جب على نش ليس كذلك))( )2انن ى.
العلم بورون الله تعألى شاإلق ار له بأل بوبية حسب ه كمأ مه
شليس الم ان ب ذا العلم َ
المنكلموإ ه؛ ذا القدر نش العلم ط ب ض شرب شن ك ا العلم به رميع الخالئق شلذا لم تقع
الخيونة يه بيش ال سل ش قوان م كمأ قأل تعألى :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ([ .)3العنكبوت.)4(]29 :
شلكش المقيون ه كمأ تقدم ه إ ع ف العبد ربثه ه سبحأنه شتعألى ه بأسمأئه الحسنى
شصفأته العلى نع ة صحيحة تمكنه نش النمييز بينه شبيش سأئ المعبونات األخ ى شنش نع ة
حقه شحق غي ه نش المورونات األخ ى حنى ال ي ف حق الله لغي ه ذه المع ة ها
الموربة للخضوع لله شاالعن اف له بأأللوهية.
إال إ هذه المع ة غي كأ ية بمف نهأ ا حيول صل اإل مأإ إال إ نضم
إلي أ العمل بمقنضأهأ.
قأل البقأعا( )1ه رحمه الله ه"(( :ال إله إال الله" ب :اننفأء عظيمأ إ كوإ نعبون
بحق غي الملك األعظم إإ هذا العلم هو عظم الذك ى المنجية نش هوال السأعة
شإنمأ كوإ علمأ إذا كأإ نأ عأ شإنمأ كوإ نأ عأ إذا كأإ نع اإلذعأإ شالعمل بمأ
تقنضيه شإال و ر ل ص ف))(.)2
شب ذا نبيش إ العلم الجملا الذب هو و ه ا و أن إ ال إله إال الله نضمش:
صل توحيد ال بوبية( )3ش صل توحيد األسمأء شاليفأت ش صل توحيد األلوهية(.)4
ش نأ العلم النفييلا بألله تعألى( )5شنف نات توحيده و قدر زائد عش العلم الذب
المفيلة ألنواع النوحيد اللالثة شنأ رأء ا
ث يح به اإلسالم ابنداء شهو حيل بألدراسة
ذلك نش آ أت الق آإ الك م ش حأن ث سيد الم سليش شتفسي هأ اللأبت عش اليحأبة
شالنأبعيش شنحوهم(.)7()6
شالجد بألذك هنأ إ الم ان بألعلم هنأ :العلم الذب قوم بألقلب ليس النعبيَ عنه.
ِ
( )1هو :إب اهيم بش عم بش حسش ال بأه الخ بأشب البقأعا الشأ عا نز ل القأه ثم ننشق عألم ن ب ث
نفس
ثِ
شنؤرخ .تفقه على النقا الحينا شالش ف السبكا تو ا سنة ( )445هه .انظ :الضوء الالنع نح ثِدث
( 909/9ه )999شنعجم المؤلفيش (.)41/9
) )2نقال عش نح المجيد ( 20ه.)29
( )3شها نأ سمي أ هل العلم بكأئز ال بوبية اللالث 2 :ه الخلق 1ه الم ْلك 3ه الندبي .
) )4صل توحيد األلوهية :هو العلم بأإ الله تعألى هو المسنحق للعبأن ش إ عبأن نش سواه بأ لة.
( )5العلم النفييلا بألله تعألى الم ان به هنأ العلم النفييلا بأ عأل ربوبينه ش سمأئه شصفأته لحد ث(( :لئش قدر الله
علا)) كمأ سيأتا ا نسألة العذر بألج ل.
) )6انظ :األصف أنية ( )295/9شاألنلأل القيأسية المض شبة لإل مأإ بألله (.)224/9
) )7انظ :األسبأي الجألبة ل ذه المع ة ا نبحث األسبأي المقنضية للنفأضل بيش النأس ا المع ة بألش أن النا
ا قلوب م (ص 124 :ه .)122
642 شرط العلم بمعنى الشهادة
ش ا هذا اليدن قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه(( :شنعلوم إ العلم ليس هو
الكالم؛ شل ذا قأل :العلم علمأإ؛ علم ا القلب شعلم ا اللسأإ .علم القلب هو العلم
النأ ع شعلم اللسأإ هو حجة الله على عبأنه .شقد رشب ذلك عش الحسش عش النبا
ن سال شقد قيل :إنه نش كالم الحسش .شهو ق ي))( .)1انن ى.
شهل قأل إ هذا العلم بمعنى الش أن القأئم بألقلب انفعألا( )2ش علا()3؟ هذا
خنلف بأخنالف األوخأص؛ مش النأس نش كوإ هذا العلم قأئدا له إلى الفعل يكوإ
ا حقه علمأ ِ ْعلَيأ .شنش النأس نش كوإ هذا العلم ال تأثي له ا شرون المعلوم؛ كحأل
المشكيش األشائل ش ض اب م نمش موا حقيقة هذه الكلمة شلكش َر َحدشا نعنأهأ شلم
عملوا بمقنضأهأ :يكوإ العلم ا حق م انفعأليأ ليس عليأ.
شخالصة القول :إ الم ان بش ه العلم العلم الج َملا بال إله إال الله شال كفا
النيور شاإلنراك بل ال بد نش عقد القلب نع االنقيأن شذلك إ العلم علمأإ( :)4علم نجَّن ث
نظ ب نع ا قط كألعلم بمورونات العألم شعلم عملا بمعنى نه ال نم هذا العلم إال
بألعمل به كألعلم بسأئ العبأنات شنن أ الش أنتأإ(.)5
المطلب الثاني :األدلة على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة التوحيد.
العلم بمعنى ال إله إال الله عظم نطلوي لبه الله ه سبحأنه شتعألى ه نش العبأن .قأل
ﰊ ﰊﰊ تعألى نخأ بأ نبيه :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد.]91 :
) )1نرء النعأرض (.)451 /7
( )2العلم االنفعألا هو العلم النأبع للمعلوم الذب ال تأثي له يه؛ كعلمنأ بألله ش سمأئه شصفأته ه إإ هذا العلم ليس نؤث ا
ا شرون المعلوم بأتفأإ هل العلم ه شكعلمنأ بألمورونات السأبقة ش المنعلِثقة بألغي إإ هذا العلم ال ؤث ا المعلوم
شال هو الش ه يه .انظ :نجموع نأشى ابش تيمية ( )240/4شنفنأح نار السعأن ( 194/9ه .)195
( )3العلم الفعلا هو ِع ْلم الفأعل المخنأر لمأ د إ فعله شهو نوقف على إران الفأعل الموقو ة على تيوره
الم ان شعلمه به يكوإ له تأثي ا شرون المعلوم؛ كعلمنأ بمأ دعونأ إلى الفعل ش ع نأ صفنه شقدره؛ إإ األ عأل
االخنيأر ة ال تيدر إال نمش له وعور شعلم إإ اإلران نش ش ة بألعلم .انظ :الميدر السأبق ()240/4
شنفنأح نار السعأن (.)194/9
( )4المف نات لل اغب (ص.)540 :
( )5انظ :هذا النلخيص ا نن ج هل السنة شنن ج األوأع ا توحيد الله (.)71/9
641 شرط العلم بمعنى الشهادة
ششره كونه عظم نطلوي نه نعلق بألعلم بألله ه سبحأنه شتعألى ه شهو المش ون له.
شبحقه األعظم شهو توحيده شإ انه بألعبأن الذب هو نعنى الش أن ؛ شو ف العلم ه كمأ
قيل ه بش ف المعلوم.
شلمأ كأإ العلم بال إله إال الله ب ذه الملأبة شالمنزلة كأإ و أ ا و أن النوحيد ال
إله إال الله ال تيح الش أن إال به.
شاألصل ا اون ا ه ليحة النوحيد نليل الكنأي شنليل السنة شنليل اإلرمأع
شالعقل.
أوالً :دليل الكتاب على اشتراط العلم بال إله إال الله لصحة التوحيد.
تنوعت نلة الق آإ الك م على اون اه العلم بال إله إال الله ليحة النوحيد شهذه
األنلة على نوعيش:
النوع األشل :نلة عأنة ي أ الداللة على ضل العلم ش هله ش ن م هم هل توحيده
ش أعنه:
شنش تلك األنلة :قوله تعألى :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
ﮪﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [األنعأم.]40:
ِ
قأل قنأن ه رحمه الله ه ا تفسي هأ(( :األعمى :الكأ الذب قد َعما عش ِث
حق الله
وحد الله شحده شعمل ش ن ه شنِ َع ِمه عليه شالبيي :العبد المؤنش الذب بي بي نأ عأ َّ
بطأعة ربه شاننفع بمأ تأه الله))( .)1اهه.
شنن أ :قوله تعألى :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال عد.]92: ﮡ ﮢ ﭩﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
قأل ابش ر ا تفسي هأ (( :قول تعألى ذك ه لنبيه نحمد :قل أ نحمد ل ؤالء
المشكيش الذ ش عبدشا نش نشإ الله الذب بيده نفع م شض هم نأ ال نفع شال ضث :هل
ي ويئأ شال ندب لمحجة سلك أ إال بأإ ه ْ َدى شالبيي سنوب األعمى الذب ال هب ِ
ْ
وك لغي نسنو ْيش قول: الذب دب األعمى لمحجة الط ق الذب ال بي ه إن مأ ال َّ
) ) 1شرنه ابش ر الطب ب ا تفسي ه رأنع البيأإ (.)257/1
640 شرط العلم بمعنى الشهادة
ششره الداللة نش اآل ة ظأه على اون اه العلم بمعنى ال إله إال الله ليحة النوحيد
شهو :إ الله تعألى قيثد الش أن بألعلم بألمش ون به ليهْنهنَه َفع بألشفأعة شالشفأعة إنمأ تنفع
هل النوحيد شهم هل ال إله إال الله كمأ ا حد ث با ه ش يه سؤاله النبا :نش
سعد النأس بشفأعنك وم القيأنة؟ قأل« :نش قأل ال إله إال الله نخليأ نش قلبه»(.)2
شهذا الوره نش اآل ة على اون اه العلم ليحة الش أن شرن ا كالم بعض
المفس ش:
قول ويخ المفس ش ابش ر الطب ب ه رحمه الله ه(( :اخنلف هل النأش ل ا
ذلك؛ قأل بعض م :نعنى ذلك :شال ملك عيسى شعز شالمالئكة الذ ش عبدشهم( )3هؤالء
المشكوإ بألله الشفأعة عند الله ألحد ﯩ ﯪ ﯫﯬ عنا به عندهم :إال نش و د
ِ
شصحة نأ رأءت به وحد الله رل شعز ش أعه على علم ننه ش قيش بنوحيد الله ِث
بألحق ث
رسله.
الحق)) .ثم قأل:
ثم سند نحوه عش نجأهد :ش يه ((إال لمش و د بألحق شهو علم َّ
((شقأل آخ شإ :عنِا بذلك :شال تملك اآلل ة النا دعوهأ المشكوإ ش عبدشن أ نش نشإ
الله الشفأعة إال عيسى شعز شذششهمأ شالمالئكة الذ ش و دشا بألحق أق شا به شهم
علموإ حقيقة نأ و دشا به.
ثم سند نحوه عش قنأن ثم قأل(( :ش ْشلى األقوال ا ذلك بأليواي إ قأل :إإ الله ه
تعألى ذك ه ه خب نه ال ملك الذ ش عبدهم المشكوإ نش نشإ الله الشفأعة عنده ألحد
إال نش و د بألحق شو أنته ِث
بألحق هو إق اره بنوحيد الله شإنمأ عنا بذلك :إال نش آنش
بألله شهم علموإ حقيقة توحيده))( .)4انن ى الم ان نقله نش كالنه رحمه الله.
شقأل الق با ه رحمه الله ه(( :قوله تعألى :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ دل على
نعنيش:
حدهمأ :إ الش أن بألحق غي نأ عة إال بألعلم ش إ النقليد ال غنا نع عدم العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=) )1انظ :نعألم الننهز ل ( )224/7شنعأرج القبول للحكما ( ) 491/2ش عالم السنة المنشور (ص.)17 :
) )2خ ره البخأرب ا كنأي العلم بأي الح ص على العلم (ره )14/9ح (.)11
( )3كذا ا األصل شلعل اليواي ( عبدهم).
) )4رأنع البيأإ ( 229/20ه .)222شانظ :ر ع االونبأه (ص 12 :ه .)11
643 شرط العلم بمعنى الشهادة
اللأنا :إ و ه سأئ الش أنات ا الحقوإ شغي هأ إ كوإ الشأهد عألمأ ب أ.
شنحوه نأ رشب عش النبا « :إذا ر ت نلل الشمس أو د شإال دع»(. .)2()))1هه.
ش قول األلوسا ه رحمه الله ه (( :ﯩ ﯪ ﯫﯬ الذب هو النوحيد .ﯭ ﯮ ب
علمونه شالجملة ا نوضع حأل شقهيثد ب أ ألإ الش أن عش غي علم بألمش ون به ال
عول علي أ))(. .)3هه.
ث
نخلص نمأ سبق ذك ه إلى إ اآل ة الك مة أنت إ العلم بمعنى الش أن و ه
ا نفع أ؛ مش تلفظ ب أ شهو ال ع ف نعنأهأ شنقنضأهأ إن أ ال تنفعه ألنه لم عنقد نأ
نلثت عليه يكوإ كأل أذب شالمجنوإ الذب نكلم بكالم ال ف مه.
قأل القأضا عيأض ه رحمه الله ه(( :شنذهب هل السنة إ المع ة ن تبطة
بألش أنتيش ال تنفع إحداهمأ شال تنجا نش النأر نشإ األخ ى))(. .)4هه.
6ه شنش األنلة ضأ على اون اه العلم ليحة الش أن :قوله تعألى :ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد :نش اآل ة.]91
فا هذه اآل ة الك مة ن الله تعألى نبيثه الك م بألعلم شالخطأي شإإ كأإ
للنبا و نننأشل ألننه شذلك بط ق األشلى؛ ألإ العلم بألنوحيد ا حقه إنمأ هو
للنأكيد .شالمعنى :اثبت على نأ نت عليه نش العلم بوحدانية الله ششروي تف نه بألعبأن ؛
شذلك ألإ النبا قد كأإ عألمأ بأنه ال إله إال الله قبل هذا؛ و خشى النأس ش تقأهم
لله ش علم م به .ش نأ األن بألعلم بألنوحيد ا حق ننه و للنأسيس .شنعنأه :الدعو إلى
النوحيد شإ ان الله بألعبأن ؛ شذلك ألإ نش ننه نش ج ل النوحيد؛ شالنأسيس ه كمأ هو
نعلوم ه شلى نش النأكيد(.)5
ششره الداللة نش اآل ة على اون اه العلم بمعنى ال إله إال الله ليحة الش أن :إ
القول ال عنب إال بألعلم.
قأل اإلنأم البخأرب ه رحمه الله ه ا رأنعه :بأي العلم قبل القول شالعمل لقول الله
تعألى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ بد بألعلم(.)1
قأل الحأ ظ ابش حج ه رحمه الله ه(( :قوله« :بأي العلم قبل القول شالعمل» قأل ابش
المني :ران به إ العلم و ه ا صحة القول شالعمل ال عنب اإ إال به و ننقدم علي مأ
ألنه نيحح للنية الميححة للعمل .نبه المينف على ذلك حنى ال سبق إلى الذهش نش
قول م« :إإ العلم ال نفع إال بألعمل» ت و ش ن العلم شالنسأهل ا لبه))( .)2انن ى.
شلذا كأإ لزانأ على كل نسلم إ جن د ا نع ة نعنى و أن النوحيد ال إله
إال الله ش عمل بمقنضى ذلك ألإ ذلك هو النوحيد الذب هو حق الله على رميع
العبيد؛ رله خلق م شللقيأم به شردهم كمأ قأل تعألى :ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
[الذار أت.]42 :
3ه شنش األنلة ضأ الدالة على اون اه العلم ليحة الش أن قوله تعألى :ﮢ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [هون.]94 : ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
شره الداللة نش اآل ة كسأبقن أ ي أ األن بوروي نع ة الله ش نه المسنحق للعبأن
نشإ حد سواه.
قأل البي قا ه رحمه الله ه(( :بأي شل نأ جب على العأقل البألغ نع نه شاإلق ار به))
ذك هذه اآل ة شالنا قبل أ ثم ضأف (( :ورب ب ذه اآل ة نع ة الله تعألى شعلمه))( .)3اهه.
4ه شنش األنلة ضأ على اون اه العلم ليحة الش أن :قوله تعألى :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
[آل عم اإ: ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮢ ﭩ
.)4(]92
شره الداللة نش اآل ة :إ الله ه تبأرك شتعألى ه ق إ و أنته على نفسه بأأللوهية
بش أن شلا العلم له بذلك؛ شو أن الله تعألى على نفسه بأإلل ية حق شصدإ لبت إ
و أن هل العلم حق شصدإ؛ شنأ ذاك إال ألن أ صأنر عش علم نطأبق لحقيقة الش أن
بدليل شصف "العلم" ا اآل ة .يلزم نش ذلك إ و أن الجأهل بمعنى الش أن ال تكوإ
كذلك.
ش قأل :إ الله ه تبأرك شتعألى ه ثبت صحة و أن هل العلم له بأأللوهية شنأ
ذاك إال ليدشرهأ عش علم بمعنى الش أن بدليل شصف "العلم" ا اآل ة يلزم نش ذلك إ
و أن الجأهل بمعنى الش أن ال تكوإ صحيحة.
ثانياً :أدلة السنة على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة التوحيد:
نلة السنة على اون اه العلم بمعنى الش أن ليحة النوحيد كلي .شنن أ:
9ه قوله « :نش نأت شهو علم نه ال إله إال الله نخل الجنة» (.)1
شره الداللة ننه :إ النبا رتب نخول الجنة على العلم بال إله إال الله شالعلم
ب أ ال نفع إال نع القول؛ نحيل إذإ إ العلم ب أ و ه ا نفع قول أ.
ششره آخ :إ قوله « :شهو علم» نوضع حأل شالمعنى :حأل كونه علم؛
ش ه لدخول الجنة إ موت حأل كونه عألمأ بمعنأهأ ه ب بمعنى ال إله إال الله.
قأل القأضا عيأض ه رحمه الله ه عند و ح هذا الحد ث(( :شنذهب هل السنة إ
المع ة ن تبطة بألش أنتيش ال تنفع إحداهمأ شال تنجا نش النأر نشإ األخ ى))( .)2اهه.
6ه شنش نلة السنة ضأ الدالة على اون اه العلم ليحة النطق بألش أن :األحأن ث النا
شرن ي أ لفظ الش أن ؛ كقوله « :نش و د إ ال إله إال الله ش إ نحمدا عبده شرسوله
حَّم الله عليه النأر»( .)3شقوله« :نش و د إ ال إله إال الله شحده ال و ك له ش إ نحمدا
عبده شرسوله ش إ عيسى عبد الله شرسوله شابش ََننَه شكلمنه لقأهأ إلى ن م شرشح ننه ش إ
الجنة حق ش إ النأر حق نخله الله الجنة على نأ كأإ نش العمل»(.)4
ششره الداللة نش هذه األحأن ث على اون اه العلم :إ لفظ الش أن نقنضا للعلم
شنيش.
بمأ و د به؛ ألإ الش أن عش غي علم زشر ْ
) )1خ ره نسلم ا صحيحه ا كنأي العلم ( )55/9رقم (.)41
) )2إكمأل المعلم بفوائد نسلم (.)251/9
) )3ب ذا اللفظ خ ره نسلم ا صحيحه ( )57/9ح ( )54ح (.)47
) )4خ ره نسلم ا صحيحه ( )57/9ح (.)42
642 شرط العلم بمعنى الشهادة
قأل الشيخ سليمأإ آل الشيخ ه رحمه الله ه(( :قوله« :نش و د إ ال اله إال الله»
ب :نش تكلم ب ذه الكلمة عأر أ لمعنأهأ عأنال بمقنضأهأ بأ نأ شظأه ا كمأ نل عليه
قوله :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ شقوله :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ .نأ النطق
ب أ نش غي نع ة لمعنأهأ شال عمل بمقنضأهأ إإ ذلك غي نأ ع بأإلرمأع ش ا
الحد ث نأ دل على هذا شهو قوله« :نش و د» إذ كيف ش د شهو ال علم شنج ن
النطق بشاء ال سمى و أن به))(.)1
شقأل ابش القيم ه رحمه الله ه (( :إإ «الش أن » تنضمش كالم الشأهد شخب ه شقوله.
شتنضمش إعالنه شإخبأره شبيأنه .ل أ ربع ن اتب .أشل ن اتب أ :علم شنع ة شاعنقأن
ليحة المش ون به شثبوته))(.)2
3ه شنش نلة السنة ضأ الدالة على اون اه العلم بمعنى الش أن ليحة النوحيد :قوله
ألبا ه « :أ بأ ه ه قأل :بو ه :ش عطأنا نعليه اذهب ه بنعلا هأتيش
مش لقيت نش شراء هذا الحأئط ش د إ ال إله إال الله نسنيقنأ ب أ قلبه بش ه
بألجنة».
شره الداللة شاضح نش هذا الحد ث على اون اه العلم ليحة الش أن شهو :إ
النبا رتب نخول الجنة على قول ال إله إال الله بيقيش شاليقيش نقنضا للعلم؛ ألإ
اليقيش هو العلم ال اسخ اللأبت ا القلب كمأ سيأتا.
قأل ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه (( :ال طلق الموقِش إال على نش اسنقث ا قلبه
العلم شالعمل))( .)3اهه.
ثالثاً :داللة اإلجماع على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة التوحيد:
رمع العلمأء على إ الش أن ال تنفع قأئل أ إال نع العلم بمعنأهأ شالعمل
()4
بمقنضأهأ شقد حكى هذا اإلرمأع غي شاحد؛ شنش هؤالء اآلر ب كمأ ا "الش عة"
شالشيخ سليمأإ بش عبد الله آل الشيخ كمأ ا "تيسي العز ز الحميد"( )1شكذلك عبد
ال حمش المعلما كمأ ا "ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله"( )2شكذا غي هم.
شهو إرمأع قطعا ننحقق شال ض خالف هل البدع نش الك انية( )3ألن م على غي
السبيل لمخألفن م للنيوص الظأه النا ال تحنمل النأش ل شالنا قد تقدم ذك ف نن أ.
قأل اآلر ب ه رحمه الله ه (( :اعلموا ه رحمنأ الله شإ أكم ه إ الذب عليه علمأء
المسلميش :إ اإل مأإ شارب على رميع الخلق شهو تيد ق بألقلب شإق ار بأللسأإ
شعمل بألجوارح.
ثم اعلموا نه ال تجزئ المع ة بألقلب شالنيد ق إال إ كوإ نعه اإل مأإ بأللسأإ
نطْقأ شال تجزئ نع ة بألقلب شنطق اللثسأإ حنى كوإ عمل بألجوارح إذا َكملَت يه هذه
نل على ذلك الق آإ شالسنة شقول علمأء اإلسالم))( .)4اهه. الخيأل اللالث كأإ نؤننأ ث
رابعاً :داللة العقل على اشتراط العلم بال إله إال الله لنفع قولها:
ش نأ ناللة العقل ظأه على إ و أن النوحيد ال إله إال الله ال تنفع إال نع العلم
بمعنأهأ؛ ألإ نش نطق بش أن إ ال إله إال الله شهو ال علم نعنى هذه الش أن ((قد جمع
نع االعن اف بال إله إال الله على الوره المذكور ه عنا الج ل بألمعنى ه االعن اف بمأ
نأقض نعنأهأ ه عنا :الش ك شإنكأر حقيقة نعنأهأ ه عنا :النوحيد .شحينئذ لم حيل
له واء نش المقيون؛ شهو توحيد الله شتنهز ه شالخضوع له شتعظيمه شنأ در نأ لعل
هذا ال رل لو علم حقيقة المعنى لمأ اعن ف به؛ شهل كذي المشكوإ رسل م إال لمجيئ م
بمأ خألف األهواء؟))(.)5
شعليه ال بد نش العلم ب أ حنى َ ْسلَم له عقدهأ.
كمأ إ المقيون نش القول االلنزام شالعمل شهو ال نفع إال نع العلم شلذا ذم الله
؛ ألن م عملوا شلم علموا. تعألى النيأرى ا قوله :ﭲ ﭳ ﭴ
)( )1ص.)51 :
)( )2ص.)14 :
) )3الك انية تقدم ن م قولوإ :إ اإل مأإ هو نج ن اإلق ار بألش أن تيش شال شن ه ليحنه العلم شالمع ة شسأئ
األعمأل القلبية األخ ى.
) )4الش عة (.)299/2
( )5ر ع االونبأه (ص 42 :ه )41بأخنيأر.
642 شرط العلم بمعنى الشهادة
األثر الثالث :قأل نألك ه رحمه الله ه(( :اإل مأإ المع ة شاإلق ار شالعمل))(.)1
التعليق عليه :كالم نألك ه رحمه الله ه هو بنحو كالم الفضيل المنقدم .شالنعليق عليه
كسأبقه؛ إذ ال إ ألإ كالم هل السنة خ ج نش نشكأ شاحد ال َِنشإ شال يدرشإ
إال عش الكنأي شالسنة .شلله الحمد شالمنة.
األثر الرابع :قأل األشزاعا( )2ه رحمه الله ه (( :مش آنش بلسأنه شع ف بقلبه شصدإ بعمله
نلك الع ش الوثقى النا ال انفيأم ل أ شنش قأل بلسأنه شلم ع ف بقلبه شلم يدإ بعمله
لم قبل ننه شكأإ ا اآلخ نش الخأس ش))(.)3
وجه االستشهاد به :إ نش لم ع ف بقلبه لم كش نسنمسكأ بألع ش الوثقى النا النفيأم
ل أ؛ شالع ش الوثقى ها ال إله إال الله عند رم ور المفس ش .دل على إ نع ة القلب
بمعنى كلمة النوحيد "ال إله إال الله" و ه ا صحة النوحيد ال يح هو شال الش أن به
إال ب أ.
األثر الخامس :قأل عبيد بش عمي الليلا(« :)4ليس اإل مأإ بألنمنا شلكش اإل مأإ قول
عقل( )5شعمل عمل»(.)6
التعليق على األثر:
) )1رشاه الخالل ا السنة ب قم ( )9002شابش بطة ا اإلبأنة الكب ى ( )402/2شالم شزب ا تعظيم قدر اليال
( )592/2ب قم ( )524شالاللكأئا ا و ح السنة ( )444/4ب قم (.)9547
الحمأن ْش.
شهو شى ضأ عش و ك ش بو بك بش عيأش شعبد العز ز بش با سلمة ش َّ
( )2هو :عبد ال حمش بش عم ش بش با عم ش األشزاعا ثقة قيه نأت سنة سبع شخمسيش شنئنيش شحد له عند
الجمأعة[ .تق ب الن ذ ب (ص.])713 :
) )3اإلبأنة البش بطة ( )407/2ب قم (.)9017
) )4هو :عبيد بش عمي بش قنأن الليلا بو عأصم المكا شلد على ع د النبا ه قأله نسلم َّ
شعده غي ه ا كبأر
النأبعيش شكأإ قأص هل نكة نجمع على ثقنه حدَّث عنه صحأي الكنب السنة نأت قبل ابش عم .
[تق ب الن ذ ب (ص.])259 :
( )5ا بعض الميأنر (( :فعل)) شهو خطأ.
) )6خ ره حمد ا السنة ( )197/9ب قم 211 :شابش بطة ا اإلبأنة ( 404/2ه )405ب قم ( .)9012ش يه:
تح ت كلمة ( عقل) إلى ( فعل) ش ا إسنأنه ابش ل يعة شقد اخنلط.
629 شرط العلم بمعنى الشهادة
نل األث على إ حقيقة اإل مأإ قول عقل ب علم نعنأه شعمل ه ْع َمل :إوأر إلى
عمأل القلوي شالجوارح ش ن أ نش اإل مأإ.
ششره الداللة ننه ظأه على اون اه العلم شهو :قوله(( :اإل مأإ قول ه ْع َقل)) :شالذب
عقل هو العلم به ش عظم العلم هو العلم بألله تعألى شتوحيده الذب هو نعنى الش أن .دل
على إ العلم بمعنى الش أن حقيقة نش حقأئق اإل مأإ ال يح اإل مأإ إال به؛ شنأ الش ه
إال كذلك.
رل ذك ه ه ض اإل مأإ على األثر الخامس :قأل اإلنأم الشأ عا ه رحمه الله ه(( :إإ الله ه ث
قسمه ي أ ش ثقه علي أ؛ ليس نش روارحه رأرحة إال شقد شكلت نش روارح بنا آنم ث
اإل مأإ بغي نأ شكلت به خن أ بف ض نش الله تعألى:
من أ ((قلبه)) الذب عقل به ش ف م شهو ني بدنه الذب ال ت ن الجوارح شال تيدر
إال عش ر ه ش ن ه ......أنأ ض الله على القلب نش اإل مأإ :أإلق ار شالمع ة شالعقد
شال ضأ شالنسليم بأإ الله ال إله إال هو شحده ال و ك له لم نخذ صأحبة شال شلدا ش إ
نحمدا عبده شرسوله شاإلق ار بمأ رأء نش عند الله نش نبا ش كنأي .ذلك نأ ض
[النحل: الله ه رل ثنأؤه ه على القلب شهو عمله ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
]902شقأل :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [ال عد ]62 :شقأل :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
ﭩ [المأئد ]49 :شقأل :ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البق ]624 :ذلك نأ ض الله على
القلب نش اإل مأإ شهو عمله شهو رس اإل مأإ.
ش ض الله على اللسأإ :القول شالنعبي عش القلب بمأ عقد ش قث به قأل ا ذلك:
ﭣ ﭤ ﭥ شقأل :ﯦ ﯧ ﯩ ذلك نأ ض الله على اللسأإ نش القول شالنعبي
عش القلب شهو عمله شالف ض عليه نش اإل مأإ))(.)1
التعليق عليه :نل قول الشأ عا ه رحمه الله ه على اعنبأر المع ة و أ ا صحة اإل مأإ إال
نه عبث عن أ بمأ ض الله على القلب نش اإل مأإ شنأ ضه الله نش إ مأإ القلب هو ض
الزم ال نم اإل مأإ إال به .ش دل لذلك قول الشأ عا ه رحمه الله ه(( :شهو ر س اإل مأإ)) ه
عنا عمل القلب ه شالشاء ال نم إال ب سه .شال إله إال الله ها ر س اإل مأإ كمأ نل عليه
قوله « :اإل مأإ بضع شسبعوإ وعبة عالهأ قول ال إله إال الله»(.)1
األثر السادس :قأل بو عبيد القأسم بش سالم((( :)2ثم حدثت قة ثأللة و ثذت عش
الطأئفنيش رميعأ ليست نش هل العلم شال الد ش قألوا :اإل مأإ نع ة بألقلوي بألله
شحده شإإ لم كش هنأك قول شال عمل! شهذا ننسلخ عندنأ نش قول هل الملة الحنفية؛
لمعأرضنه لكالم الله شرسوله بأل ن شالنكذ ب ال تسمع قوله :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ
ﭭ اآل ة [البق ]932 :؟ جعل القول ضأ حنمأ كمأ رعل نع نه ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ض بأإ قول :اع ونا بقلوبكم))(.)3
ضأ شلم َ
شالشأهد نش األث على اون اه العلم ليحة النوحيد قوله(( :كمأ رعل المع ة ضأ
حنمأ)).
ششره االسنش أن ظأه ننه شهو :إ ن ان با عبيد ه رحمه الله ه بألف ض هنأ :الالزم
الذب ال يح اإل مأإ إال به بدليل قوله (( :جعل القول ضأ حنمأ)) شالقول بإرمأع هل
العلم و ه الزم ليحة اإل مأإ ال يح اإل مأإ إال به.
األثر السابع :قأل الشأ عا ه رحمه الله ه ا حق الم تد المغلوي على عقله(( :شلو شصف
اإلسالم شهو ال عقله قد انقطعت العيمة بين مأ ال تلبت العيمة إال بأإ سلم شهو عقل
اإلسالم))(.)4
ششره االسنش أن به إ الشأ عا ه رحمه الله ه اون ه ا ثبوت عيمة الزشرية إ
عقل الزشج اإلسالم نمأ دل على نه ى اون اه م نأ دخل به اإلسالم شهو
الش أنتأإ.
األثر الثامن :قأل اإلنأم حمد ه رحمه الله ه(( :ش نأ نش زعم إ اإل مأإ اإلق ار مأ قول
ا المع ة؟ هل حنأج إلى المع ة نع اإلق ار؟ شهل حنأج إ كوإ ني ثِدقأ بمأ ع ف؟
إإ زعم نه حنأج إلى المع ة نع اإلق ار قد زعم نه نش ويئيش شإإ زعم نه حنأج إ
كوإ نق ا شنيدقأ بمأ ع ف و نش ثالثة ويأء شإإ رحد شقأل :ال حنأج إلى المع ة
شالنيد ق قد قأل قوال عظيمأ شال حسب حدا د ع المع ة شالنيد ق شكذلك العمل
نع هذه األويأء))( .)1اهه.
التعليق على األثر :نل األث على إ المع ة و ه ا صحة اإل مأإ إال ن أ غي كأ ية ا
تحييله إال نع القول شالعمل؛ قول اللسأإ شعمل الجوارح(.)2
األثر التاسع :قأل اإلنأم الم شزب (( :أصل اإل مأإ هو النيد ق بألله شنأ رأء نش عنده
شإ أه ...شنعنى النيد ق هو المع ة بألله شاالعن اف له بأل بوبية بوعده ششعيده ششارب
حقه شتحقيق نأ صدإ به نش القول شالعمل))(.)3
نص على إ النيد ق صل اإل مأإ ثم َّس شره االسنش أن به :نه ه رحمه الله ه ث
النيد ق بألمع ة بألله المنضمنة المع ة بنوحيده شنأ جب له نش اسنحقأإ العبأن نشإ
حد سواه دل على إ المع ة بألنوحيد صل يه ال يح هو شال الش أن به إال ب أ.
األثر العاشر :قأل ابش بطة العكب ب ه رحمه الله ه(( :اعلموا رحمكم الله إ الله رل ثنأؤه
شتقدَّست سمأؤه ض على القلب المع ة به شالنيد ق له شل سله شلكنبه شبكل نأ رأءت
به السنة شعلى األلسش النطق بذلك شاإلق ار به قوال شعلى األبداإ شالجوارح العمل بكل نأ
ن به ش ضه نش األعمأل ال تجزئ شاحد نش هذه إال بيأحبن أ شال كوإ العبد نؤننأ
إال بأإ جمع أ كل أ حنى كوإ نؤننأ بقلبه نق ا بلسأنه عأنال نجن دا بجوارحه ثم ال
كوإ ضأ نع ذلك نؤننأ حنى كوإ نوا قأ للسنَّة ا كل نأ قوله ش عمله ننبعأ للكنأي
شالعلم ا رميع قواله ش عمأله .شبكل نأ و حنه لكم نزل به الق آإ شنضت به السنة
ش رمع عليه علمأء األنة))(.)4
) )1رشا ة اإلنأم حمد شرنهأ ويخ اإلسالم نجموع الفنأشى (.)111/7
) )2انظ :بسط ذلك ا نجموع الفنأشى ( 117/7ه .)114
( )3تعظيم قدر اليال (.)117/1
) )4اإلبأنة ا بيأإ عقيد الف قة النأرية ( 720/2ه .)729
624 شرط العلم بمعنى الشهادة
شقأل ا نوضع آخ (( :شنأ نأ ض على القلب أإلق ار شاإل مأإ شالمع ة شالنيد ق
شالعقل شال ضأ شالنسليم ش ثإ ال إله إال الله شحده ال و ك له حدا صمدا لم نخذ صأحبة شال شلدا
شإ نحمدا عبده شرسوله شاإلق ار بمأ رأء نش عند الله تعألى نش رسول ش كنأي.
أنأ نأ ض على القلب نش اإلق ار شالمع ة قد ذك نأه ا شل هذا الكنأي
[النحل: شنعيده هأهنأ؛ مش ذلك قوله تعألى :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
]902شقأل :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [ال عد ]62 :شقأل : :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﮢ ﭩ [المأئد .]49 :ذلك نأ ضه على القلب نش اإلق ار شالمع ة .شهو ر س اإل مأإ شهو
عمله ش ض على اللسأإ القول شالنعبي عش القلب شنأ عقد عليه ش ق به))(.)1
قوله ه رحمه الله ه :إ المع ة ر س اإل مأإ نليل على عظم وأإ المع ة شتقدم
شرشنهأ على القلب ش إ اإل مأإ ال يح بدشن أ؛ إذ ها و ه ش ركش يه.
األثر العاشر :قأل اآلر ب ه رحمه الله ه (( :اعلموا ه رحمنأ الله شإ أكم ه إ الذب عليه علمأء
المسلميش :إ اإل مأإ شارب على رميع الخلق شهو تيد ق بألقلب شإق ار بأللسأإ
شعمل بألجوارح.
ثم اعلموا نه ال تجزئ المع ة بألقلب شالنيد ق إال إ كوإ نعه اإل مأإ بأللسأإ
نطْقأ شال تجزئ نع ة بألقلب شنطق اللثسأإ حنى كوإ عمل بألجوارح إذا َكملَت يه هذه
نل على ذلك الق آإ شالسنة شقول علمأء اإلسالم))( .)2اهه.
الخيأل اللالث كأإ نؤننأ ث
التعليق عليه:
نل األث على إ المع ة و ه ا صحة اإل مأإ ال يح إ مأإ العبد إال نع
شرونهأ ا القلب شالم ان بألمع ة هنأ نع ة نعنى و أن النوحيد ال إله إال الله ألن أ
سأس اإل مأإ ش على وعبه كمأ ا الحد ث اليحيح« :اإل مأإ بضع شسبعوإ وعبة
عالهأ قول ال إله إال الله ش ننأهأ إنأ ة األذى عش الط ق»(.)3
قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه(( :ش ضأ فا اليحيح عش بى ه عش النبا
نه قأل« :اإل مأإ بضع شسبعوإ وعبة عالهأ قول ال إله إال الله ش ننأهأ إنأ ة األذى عش
الط ق» قد ص ح بأإ على وعب اإل مأإ ها هذه الكلمة .ش ضأ فا صحيح نسلم إ
النبا قأل « :أ بى تدرب ب آ ة ا كنأي الله عظم؟» قأل :الله ال إله إال هو الحا
القيوم قأل رسول الله « :لي نك العلم بأ المنذر» أخب ا هذا الحد ث اليحيح ن أ
عظم آ ة ا الق آإ ش ى ذاك ن أ عال وعب اإل مأإ شهذا غأ ة الفضل؛ إإ األن كله
نجنمع ا الق آإ شاإل مأإ إذا كأنت عظم الق آإ ش عال اإل مأإ ثبت ل أ غأ ة ال رحأإ.
ش ضأ إإ النوحيد صل اإل مأإ شهو الكالم الفأرإ بيش هل الجنة ش هل النأر شهو ثمش
الجنة شال يح إسالم حد إال به شنش كأإ آخ كالنه :ال إله إال الله نخل الجنة شكل
خطبة ليس ي أ تش د ا كأليد الجذنأء منزلنه ننزلة األصل))( )1اهه.
ثانياً :أقوال بعض العلماء المتأخرين في اعتبار شرط العلم بمعنى الشهادة لصحة
التوحيد:
أوال :قول القاضي أبي يعلى:
قأل القأضا بو على((( :)2شالذب ضه الله على األعيأإ على ض بيش :حدهمأ نأ
ال نم اإل مأإ إال به شهو نع ة الله شتوحيده ش نه صأنع األويأء ش إ الكل عبيده ش نلأل
ذلك))(.)3
شره االسنش أن به :نه َع َّد نع ة الله شتوحيده نمأ ال نم اإل مأإ إال به شنأ ال نم
الشاء إال به كوإ و أ يه.
ثأنيأ :قول أبي منصور البغدادي:
قأل البغدانب(( :إإ الكش األشل نش ركأإ اإلسالم كمأ شرن به الخب و أن إ ال
إله إال الله ش إ نحمدا رسول الله .شل ذه الش أن و شه)) شذك نن أ إ كوإ القول ل أ
نأوئأ ((عش نع ة شتيد ق بألقلب))(.)1
شالشأهد نش كالنه ه رحمه الله ه على اون ا ه العلم ليحة النوحيد :قوله :إ اإل مأإ
حقيقة نكبة نش نع ة نأ رأء به ال سول علمأ .ش عظم نأ رأء به ال سول هو النوحيد
الذب هو نعنى ال إله إال الله.
ششره االسنش أن نش كالنه على اون ا ه العلم ليحة النوحيد :نه رعل نع ة نأ
رأء به ال سول نش النوحيد حقيقة نش حقأئق اإل مأإ شالحقيقة ا الشاء تدخل ا
نأهينه ال نم الشاء إال ب أ نكوإ و أ يه.
شنمأ قأله ابش القيم ضأ ا اعنبأر و ية العلم(( :شالمقيون إ كلمة النوحيد إذا
و د ب أ المؤنش عأر أ بمعنأهأ شحقيقن أ نفيأ شإثبأتأ ننيفأ بمورب أ قأئمأ قلبه شلسأنه
شروارحه بش أنته ذه الكلمة الطيبة ها النا ر عت هذا العمل نش هذا الشأهد صل أ
ثأبت راسخ ا قلبه ش شع أ ننيلة بألسمأء شها نخ رة للم ت أ كل شقت))(.)1
خامساً :قول الوزير أبي المظفر رحمه الله:
قأل ا ((اإل يأح))(( :قوله "و أن إ ال إله إال الله" قنضا إ كوإ الشأهد
عألمأ بأإ ال إله إال الله كمأ قأل الله عز شرل :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[نحمد .]91 :ش نبغا إ كوإ النأ ق ب أ وأهدا ي أ قد قأل الله عز شرل نأ شضح به إ
الشأهد بألحق إذا لم كش عألمأ بمأ و د به إنه غي بألغ نش اليدإ به نع نش و د نش
ذلك بمأ علمه ا قوله تعألى :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [الزخ ف.)2())]22 :
ساساً :قول الشيخ محمد عبد الوهاب ـ رحمه الله.
قأل الشيخ نحمد بش عبد الوهأي ه رحمه الله ه(( :ليس الم ان قول أ بأللسأإ نع
الج ل بمعنأهأ إإ المنأ قيش قولون أ شهم تحت الكفأر ا الدرك األسفل نش النأر نع
كون م يلوإ ش نيدقوإ شلكش الم ان قول أ نع نع ن أ بألقلب شنحبن أ شنحبة هل أ
شبغض نأ خألف أ شنعأناته))(.)3
ششره االسنش أن به :نه اون ه لنفع أ قول أ نع نع ن أ بألقلب نمأ دل على نه
ى اون اه العلم ليحة الش أن .
شقأل ا نوضع آخ (( :إنا قول ال نم إسالم إنسأإ حنى ع ف نعنى ال إله إال
الله))(.)1
ششره االسنش أن نش كالنه على اون ا ه العلم :نه رعل نع ة نعنى ال إله إال الله
نمأ ال نم اإلسالم به؛ شنأ ال نم اإلسالم إال به كوإ و أ يه؛ ش صل اإلسالم هو
الش أنتأإ.
كمأ نه ه رحمه الله تعألى ه قد نص على اون اه العلم بمعنى الش أن ليحة
النوحيد حيث ذك نش و شه و أن إ ال إله إال الله العلم بمعنأهأ نفيأ شإثبأتأ كمأ حكأه
عنه غي شاحد.
سابعاً :قول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ:
قأل الشيخ عبد ال حمش بش حسش ه رحمه الله ه(( :ال بد ا و أن إ ال إله إال الله
نش سبعة و شه ال تنفع قأئل أ إال بأرنمأع أ .حدهأ(( :العلم)) المنأ ا للج ل))(.)2
ثامناً :قول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ:
قأل الشيخ عبد اللطيف بش عبد ال حمش بش حسش(( :ش نأ نجثن اللفظ نش غي علم
بمعنأهأ شال اعنقأن لحقيقن أ ذا ال فيد العبد ويئأ .شال خليه نش الش ك ش شعه .قأل
ﯪ ﯫ تعألى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد .]91 :شقأل :ﯩ
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ [الزخ ف.)3())]22 :
شقأل ضأ(( :شقد قيَّد الله ه سبحأنه ه االننفأع بألش أن بقيد ليس عندهم ننه خب
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ شلم قفوا ننه على عيش شال ث .قأل الله تعألى :ﯩ
[الزخ ف .]22 :شقأل تعألى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد.)4())]91 :
) )1نؤلفأت الشيخ اإلنأم نحمد بش عبد الوهأي القسم الخأنس ال سأئل الشخيية ال سألة األشلى ص .92/ش
الدرر السنية (.)21/9
شانظ :نفس الميدر ال سألة العش شإ ص 914/شنجموعة رسأئل ا النوحيد شاإل مأإ لشيخ اإلسالم
(.)121/9
( )2نح المجيد (ص 994 :ه .)995شانظ :الدرر السنية (.)252 242/2
) )3نيبأح الظالم ا ال ن على نش كذي على الشيخ اإلنأم (ص.)11 :
( )4نفس الميدر (ص.)222 :
621 شرط العلم بمعنى الشهادة
شقأل ا كالم له آخ (( :أإل مأإ بمعنأهمأ ه عنا الش أنتيش ه شاالنقيأن له ال نيور
شال نحقق إال بعد العلم شالحكم على الشاء ع عش تيوره إذا لم علم شلم نيور و
كأل أذب شكألنأئم ش نلأل مأ نمش ال عقل نأ قول))(.)1
ششره االسنش أن نش كالنه المنقدم على اون اه العلم :نه نفى نفع القول المج ن
لالإله إال الله نشإ العلم بمعنأهأ شعلل ذلك بأإ لم علم بألمعنى كوإ كأل أذب شالنأئم
شغي همأ نمش ال عقل الخطأي ال نيور ننه إ مأإ صحيح نمأ دل على نه ى
اون اه العلم بمعنأهأ ليحة النوحيد.
تاسعاً :قول حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ:
قأل حأ ظ حكما ه رحمه الله ه :ا نظمه ((سلم الوصول))(( :و شه ال إله إال
الله:
ش ه هها ني ه ههوص ال ه ههوحا ح ثق ه ههأ شرنت شبش ه ه ه ه ه ه شه س ه ه ه ه ه ههبعة ق ه ه ه ه ه ههد قهيِثه ه ه ه ه ههدت
به ه ه ه ه ههألنطق إال حيه ه ه ه ه ههث سه ه ه ه ه ههنكمل أ إن ه ه ه ه ه ه ه ه ههه ل ه ه ه ه ه ه ه ه ههم ننف ه ه ه ه ه ه ه ه ههع قأئل ه ه ه ه ه ه ه ه ههأ
شاالنقي ه ه ه ه ه ه ههأن ه ه ه ه ه ه ههأنر ن ه ه ه ه ه ه ههأ ق ه ه ه ه ه ه ههول العل ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههم شاليق ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههيش شالقب ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههول
ش قه ه ه ه ه ههك الله ه ه ه ه ههه لمه ه ه ه ه ههأ حبه ه ه ه ه ههه))(.)2 شاليه ه ه ه ههدإ شاإلخه ه ه ه ههالص شالمحبه ه ه ه ههة
عاشراً :قول المعلمي ـ رحمه الله ـ:
قأل المعلما ه رحمه الله ه(( :شقد نل الكنأي شالسنة شاإلرمأع شالمعقول على نه ال
كفا النطق ب أ بدشإ نع ة نعنأهأ .شإ ضأح ذلك :إ االعندان بألنطق ب أ له و شه نن أ:
إ كوإ على سبيل االعن اف للقطع بأإ المش ك إذا نطق ب أ حكأ ة عش غي ه ال عند
بذلك كألمسلم إذا نطق بكلمة الكف حكأ ة عش غي ه ش نت خبي إ العبأر ال حكم
بكون أ اعن ا أ حنى علم إ المنكلم ب أ ع ف نعنأهأ لو ثبت ز د على إنسأإ عجما نه
قأل :نأ رقيق لز د ششردنأ األعجما ال ع ف نعنى "رقيق" شإنمأ ل ثقنوه تلك العبأر بدشإ
إعالنه بمعنأهأ لم عند بأعن ا ه شهذا نمأ ال خالف يه صال))( .)3انن ى.
( )1نفس الميدر (ص .)14 :شانظ :كشف الشب أت النا شرنهأ عبد الك م البغدانب البش سحمأإ (ص.)7 :
( )2نعأرج القبول و ح سلم األصول ( 494/2ه .)491
) )3ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص.)12 :
620 شرط العلم بمعنى الشهادة
( )1هو :رمأل الد ش ( ش نحمد رمأل الد ش) بش نحمد بش سعيد بش قأسم القأسما الحالإ عألم نشأرك ا
نواع نش العلوم شلد بدنشق شنشأ شتعلم ب أ .قأل الزركلا :شكأإ إنأم الشأم ا عي ه شقأل :شكأإ سلفا
العقيد ال قول بألنقليد .نش تيأنيفه الكلي (( :نحأسش النأش ل ا تفسي الق آإ الك م)) ((إصالح المسأرد
ش((نالئل النوحيد)) .تو ا بدنشق سنة ( )2331هه. الشأم)) ((تعطي المشأم ا نآث شالعوائد)) نش البدع
انظ :األعالم للزركلا ( )237/1شنعجم المؤلفيش (.)724/2
( )2نالئل النوحيد (ص.)11 :
626 شرط العلم بمعنى الشهادة
شقبل الدخول ا تفأصيل هذا الدليل حسش بنأ النع ف بألفط :
الفط اخنلف هل العلم ا تحد د الم ان ب أ على ثالثة قوال تفييل أ كمأ لا:
القول األول :إ الم ان ب أ اإلسالم شالنوحيد .شبه قأل رمأعة نش المفس ش .شنمش قأل
به ابش عبأس( )1شعك نة( )2شنجأهد( .)3شقأل الشوكأنا :إنه نذهب رم ور السلف(.)4
شقأل ابش عبد الب :شهو المع شف عند عأنة السلف نش هل العلم بألنأش ل( .)5شهو
نذهب اإلنأم البخأرب( )6شاخنيأر ويخ اإلسالم ابش تيمية( )7شتلميذه ابش القيم( )8شغي هم نش
المحققيش.
شن ان صحأي هذا القول بأإلسالم ا نعنى الفط :صل اإلسالم الذب هو توحيد
شنع نه؛ ألإ هذا القدر هو الذب ت دب إليه الفط شتوربه شتقنضيه .ش نأ تفأصيل اإلسالم
ششاربأته ال تع ف إال نش ر ة الش ع إال إ الفط نسنعد لقبول أ ننى ع ِضت علي أ(.)9
شلذا و ح بعض هل العلم ن انهم بأإلسالم ا نعنى الفط قأل :بأإ الفط نع ة
الله شتوحيده ش نه ال إله غي ه.
قول ابش القيم ه رحمه الله ه (( :قد تبيش بداللة الكنأي شالسنة شاآلثأر شاتفأإ
السلف على إ الخلق نفطورشإ على ن ش الله الذب هو نع نه شاإلق ار به شنحبنه
شالخضوع له ش إ ذلك نورب ط ت م شنقنضأهأ جب حيوله ي أ إإ لم حيل نأ
عأرضه ش قنضا حيول ضده ...شحيول الحنيفية شاإلخالص شنع ة ال ي شالخضوع له
ال نوقف صله على غي الفط شإإ توقف كمأله شتفييله على غي هأ .شبألله النو يق))(.)1
.هه.
شقد حأشل بعض البأحليش الجمع بيش المعنى األشل شالمعنى اللأنا للفط بعد إ
خألف بين مأ( )2قأل كالنأ حسنأ شهو إ للفط نعنييش :حدهمأ :نأ ركز ا النفوس
ش عطيت إ أه ا صل الخلقة.
شاللأنا :نأ ركز ي أ نش الداعا إلى الشاء ش تكه.
ألقول بأإ الفط ها نع ة الله شتوحيده ان به المعنى األشل ش نه ركِز ا النفوس
ذلك ش ط ت عليه.
َشرد الله اشالقول بأإ الفط ها اإلسالم ان به المعنى اللأنا بألنظ إلى نأ َ
النفوس ش ط هأ عليه نش االسنعدان شالن ريح لقبول الحق شنع نه إذا ع ض علي أ ش ن أ
خلقت سو ة تنع ف على الخي شتنش ح له شتقبله شتنف نش الش شتشمئز ننه شتسندعا
نأ نأسب نأ شنع ي أ نش نع ة الله شتوحيده شنحبنه ه الذب هو صل اإلسالم ه ا
بذلك ن يأ لقبول اإلسالم إذا ع ض علي أ بواسطة ال سل ش تبأع م شالذب وا ق نأ
ربلوا عليه.
ألذب قأل :الفط ها نع ة الله شتوحيده شنحبنه نظ نأ ركز ا النفوس شربلت
عليه.
شالذب قأل :ها اإلسالم ران ن م قد ربلوا على صل اإلسالم شهو النوحيد
شنع ة الله شنحبنه ش إ ذلك سندعا ش سنلزم تمأنه شقبول سأئ وعأئ ه.
شعلى هذا أصل اإلسالم الذب هو نع ة الله شتوحيده شنحبنه شالخضوع له نش
نورب الفط ال نوقف صله على غي هأ.
نأ اإلسالم الذب هو كمأل االسنقأنة على النوحيد شالعبأن و نوقف على غي هأ ه
نمأ رأءت به ال سل ه شها تسندعيه ش جب حيوله ي أ إذا ع ض علي أ شلم ورد نأ
عأرضه ش قنضا حيول غي ه(.)3
( )1وفأء العليل (ص .)411:شانظ :نرء تعأرض العقل شالنقل ( )459/4شتفسي ابش كلي (.)421/3
( )2عنا ا الذك .
( )3األنلأل الق آنية القيأسية المض شبة لإل مأإ بألله ( 311/1ه .)315
624 شرط العلم بمعنى الشهادة
القول الثاني :إ الم ان بألفط الميل شاالسنعدان لقبول اإلسالم شت ريحه؛ ألفط عند
صحأي هذا القول نَه ْوع نش الجبلة شالطبع المن يئ لقبول اإلسالم ننى ع ِض علي أ إذا خلت
عش المؤث ات.
شالبعض قول :إن أ ربلة ا نفس الطفل ميِثز ب أ نينوعأت الله تعألى ش سندل ب أ
على ربه شتوحيده.
ألحأصل إ الفط عند صحأي هذا القول إنأ ن أ الميل لقبول اإلسالم ش ن أ قو
ا النفس للنمييز على صحة اإلسالم شالنوحيد.
()4
شإلى هذا القول ذهب ابش عبد الب ( )1شابش عطية( )2شابش الع با( )3شابش ررب
شابش األثي ( )5شغي هم نش العلمأء.
القول الثالث :إ الم ان بألفط البِد النا ابند الله علي أ العبأن شنأ يي شإ إليه نش الشقأء
شالسعأن .شلعل صحأي هذا القول نظ شا إلى المعنى اللغوب للفط ؛ إذ صل الفط ا كالم
الع ي البِد شالفأ :المبدئ شالمبندئ( .)6شهذا القول حكأه ابش عبد الب ه رحمه الله ه عش
اإلنأم نألك شعبد الله بش المبأرك(.)7
شالقول بأإ الفط ها اإلسالم شالنوحيد هو الموا ق لي ح الق آإ كمأ ا قوله
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ تعألى :ﯔ ﯕ ﯖ
ﯫ ﯬ ﯭ [ .ال شم.]30 : ﯪ
قأل ابش كلي ه رحمه الله ه ا تفسي هأ (( :إنه تعألى ط خلقه على نع نه
شتوحيده ش نه ال إله غي ه . .)8())...هه.
شإنمأ عدل عنه نش عدل آل ة نش آ أت البش شالنقليد ثم تملَّل بأشالن الي ون شالنيأرى
ا اتبأع م آلبأئ م شالميل إلى ن أن م عش نقنضى الفط السليمة))( . .)1هه.
ش نأ القول اللألث و ضعيف ألنه اعنمد المعنى اللغوب للفط شالمعنى الش عا
نق ثدم على المعنى اللغوب شذلك بأتثفأإ هل الش ع شالعأر يش بألفقه(.)2
شلكش نبغا إ علم إ الفط شإإ كأنت ها اإلسالم ال عنا ذلك إ المولون
حيش خ ج نش بطش نه علم هذا الد ش ش ده .إإ الله قول :ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ
ﯫ [النحل ]22 :شلكش الم ان إ ط ته نوربة شنقنضية لد ش اإلسالم لق به نن أ .نفس
الفط تسنلزم اإلق ار بخألقه شنحبنه شإخالص الد ش له .شنوربأت الفط شنقنضيأت أ
تحيل ويئأ بعد واء بحسب كمأل الفط إذا سلمت نش المعأرض .لو خلِثا شعدم
المعأرض لم عدل عش ذلك إلى غي ه .كمأ نه ولد على نحبة نأ الئم بدنه نش األغذ ة
ندرج ا قبول ذلك ويئأ شيئأ بحسب حأرنه شهذا نش هدا ة الله تعألى شاألو بة ثم َّ
لخلقه ا رلب نأ نفع م شن ع نأ ضثهم كمأ قأل تعألى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ [ هه.)3(]40 :
إذا ثبت هذا إإ هذا الط ق ه عنا نليل الفط ه قون إلى العلم بورون الله تعألى
شربوبينه شالعلم بنوحيده شتف نه بأسنحقأإ العبأن ؛ ورون الله تعألى ط ب ض شرب كمأ إ
العلم بنوحيد الله تعألى ششروي تف نه بألعبأن قد ِط النأس عليه كمأ ا الحد ث
القدسا« :خلقت عبأنب حنفأء كل م شإن م تن م الشيأ يش أرنألن م عش ن ن م»( )4إال
إ تفأصيل العبأنات الوارب ص أ لله تعألى ال حيل العلم ب أ إال بواسطة الش ع ألإ
العبأنات نبنأهأ على النوقيف.
كمأ إ نليل الفط قون ضأ إلى إثبأت الكمأل شنفا النقأئص شالعيوي عش الله تعألى؛
ألإ النأس كمأ ن م نفطورشإ على اإلق ار بألخألق إن م نفطورشإ على نه رل شكب شعلى
وذ شندر ه لم قع بين م خالف ا شعظم شكمل نش كل واء؛ شلذا كل األنم السألفة ه إال نش َّ
إثبأت الكمأل لله تعألى شنفا النقأئص عنه شإنمأ شقع ا بيأإ صفأت الكمأل شتفييالت أ شنأ
نش حيث األصل ألكل نسنق ا ط هم الكمأل النأم الذب ال نقص يه بوره نش الوروه لله
سبحأنه(.)1
ش نأ تعييش صفأت الكمأل الالئقة بألله تعألى ال كوإ إال نش ر ة الش ع شنع
ذلك قد تقون الفط إلى تعييش بعض هذه اليفأت كيفة ثِ
علو الله تعألى على خلقه؛ لمأ
جد اإلنسأإ نش الض شر ا قلبه بطلب العلو حأل الدعأء إذا َحَزبَه ود ش حأرة ((شهذا
ن ننفق عليه بيش األنم النا لم تنغي ط ت أ لم حيل بين م بنوا ئ شاتفأإ .شل ذا ورد
هذا ا ط األع اي شالعجأئز شاليبيأإ نش المسلميش شالي ون شالنيأرى شالمشكيش شنش
لم ق كنأبأ شلم نلق نلل هذا عش نعلِثم شال سنأذ))(.)2
قلت :شنش و القيص ا هذه المسألة قية با المعألا الجو نا( )3لمأ كأإ
قثِر نفا صفة ثِ
العلو ش قول :كأإ الله شال ع ش شهو اآلإ على نأ كأإ عليه .قأل بو رعف
ال مذانا( )4نعن ضأ عليه :خب نأ أ سنأذ عش هذه الض شر النا نجدهأ ا قلوبنأ نأ قأل
عأرف قط « :أ الله» إال شرد ا قلبه ض شر بطلب العلو ال لنفت منة شال س
كيف ند ع هذه الض شر عش نفسنأ؟!! قأل :لطم بو المعألا على ر سه شنزل ش ظنه
بكى .شقأل :حيث نا ال مذانا حيث نا ال مذانا(.)5
( )1انظ :نجموع الفنأشى ( /2ه )72شالفط حقيقن أ شنذاهب النأس ي أ (ص 255 :ه .)252
( )2نرء النعأرض (.)92/2
( )3هو عبد الملك بش وسف بش عبد الله الجو نا بو المعألا الملقب بإنأم الح نيش قيه صولا ننكلثِم
شكأإ ويخ الشأ عية ا زنأنه .نش تيأنيفه الكلي (( :الشأنل)) ش((الب هأإ)) شله تلخيص لكنأي
((النق ب)) للبأقالنا .تو ا سنة ( )474هه .انظ :سي عالم النبالء ( 424/94ه )477ش بقأت
الشأ عية ( 925/5ه .)222
( )4هو :بو رعف نحمد بش الحسش بش نحمد بش عبد الله ال مذانا الحأ ظ .قأل الحأ ظ ابش السمعأنا :هو
ويح ثقة نِثش ش أل :نأ ع ف إ ا ويوخ عي ه سمع حدا كل نمأ سمع هو .شقأل الذهبا :الحأ ظ
ال َّحأل الزاهد بقية السلف شاألثبأت نأت سنة ( )439هه .انظ :النقييد البش نقطة (ره 42/9ه )42شسي
عالم النبالء ( 909/60ه .)906
( )5العلو للذهبا (ص )251 :شذك ه ا السي نسندا ( )477/94ش شرنه ابش تيمية ا االسنقأنة (.)927/9
= قأل األلبأنا ا نخني العلو (ص :)277 :شإسنأن هذه القية صحيح نسلسل بألحفأظ ش بو رعف اسمه
622 شرط العلم بمعنى الشهادة
هذا إإ العلم الفط ب بألله تعألى شتوحيده ال كفا ا الحكم على صأحبه
بأإلسالم إال إ نضم إليه اإلق ار بألش أنتيش شالعمل بمقنضى ذلك شقد تق ثدم إ نش
اعنقد اإلسالم شلم نلفظ بألش أنتيش نع القدر و كأ بأ نأ شظأه ا(.)1
حد العلم ه الذب هو و ه ا و أن إ ال إله إال الله ه ن شخالصة نأ سبق إ َّ
السو ة النا خلِ َق علي أ اإلنسأإ.
تقون شت دب إليه الفط َّ
كمأ إ تعلق هذا العلم بألفط هو نليل على و ينه شذلك نش شر يش:
الوجه األول :إ هذا العلم الفط ب ن ال تنفك عنه النفس حيث ظل نيأحبأ ل أ ال نفك
عن أ إال بمؤث خأررا شكذا صفة الش ه المنعلِثق بكل عبأن صحيحة إنه كوإ نالزنأ
لنلك العبأن ؛ إذ لو انفك عن أ خ رت عش كون أ صحيحة .شهذا طثِن ا و أن النوحيد ال
إله إال الله؛ إذ ها عظم العبأنات بل صل أ ش سأس أ شرميع العبأنات نبنية علي أ.
الوجه الثاني :إ نعنى الفط الش عا هو صل النوحيد شاإلسالم على القول الحق
شالنوحيد شاإلسالم همأ نقنضى العلم بش أن إ ال إله إال الله بل همأ عه؛ شالمقنضا
للشاء كوإ و أ يه .بيأنه :إ المقنضا للشاء الشَّاء ال يح إال به؛ يكوإ و أ
ليحنه .نلأله :إ اإلسالم نقنضِ لليال شاليال ال تيح إال به؛ و و ه ليحن أ.
الدليل الثاني :دليل الخلق واإليجاد:
هذا الدليل ا األصل سأإ للنوصل نش خالله إلى العلم بنوحيد الله الذب هو
و ه ا كلمة النوحيد ال إله إال الله .شهو نمأ َسنَ ِدل به هل السنة ضأ على شرون الله
تعألى شإ جأنه األويأء.
ش ق هذا الدليل هو النظ ا نفعوالت الله تعألى(( :إذ ها نالة على األ عأل
شاأل عأل نالة على اليفأت؛ إإ المفعول دل على أعل عله شذلك سنلزم شرونه
شقدرته شنشيئنه شعلمه السنحألة صدشر الفعل االخنيأرب نش نعدشم ش نورون ال قدر له
شال حيأ شال علم شال إران ))(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= نحمد بش با علا الحسش بش نحمد ال مدانا نأت سنة ( )519هه شقد شصفه ويخ اإلسالم ا نجموع
الفنأشى ( )44/4بألشيخ العأرف. .هه.
( )1شانظ :نعألم الننز ل 221 /2ه )270ش نح القد للشوكأنا ( 194/4ه .)191
( )2الفوائد البش القيم (ص.)49 :
621 شرط العلم بمعنى الشهادة
تنوعت سأليب الق آإ ا ع ضه شقد رأء تق هذا الدليل ا الق آإ الك م شقد َّ
ش مكش حي هأ ا سلوبيش:
األسلوب األول :هو الدعو إلى النظ شالنفك ا نخلوقأت الله ه تعألى ه العظيمة؛ كخلق
السموات شاألرض شتعأقب الليل شالن أر شتي ف ال أح شالسحأي شإنزال المط شغي
ذلك نش اآل أت الكونية الدالة على شرون الله تعألى ششروي توحيده .شهذا األسلوي ع ف
بدليل اآلفاق.
األسلوب الثاني :هو الدعو إلى النظ شالنأنل ا خلقة اإلنسأإ شنأ ي أ نش عجأئب
شتكأنل عضأئه شتنأسق أ ششرون كل عضو ا الموضع ِ صنع الله تعألى شإتقأنه
المنأسب له بل كل عضو ننه ال يلح إال للموضع الذب هو يه نبأرك الله حسش
الخألقيش .شكذلك نأ تؤشل إليه النفس البش ة نش النغي ات المشأهد حيث كأنت نطفة
ثم صأرت علقة ثم نضغة ثم لحمأ شعيبأ شعظأنأ شآالت شحواس حية نوا قة
لميألح أ ثم بعد االنفيأل نش ق ار نكيش نعأقب علي أ اليغ شالكب شالضعف
شالقو شالج ل شالعلم شالم ض شاليحة إلى غي ذلك نش النغي ات؛ ال بد ل ذه
النغي ات نش نغيثِ قأنر عألم شهذا األسلوي ع ف بدليل األنفس(.)1
شكل هذه األنلة تقون إلى العلم بورون الله تعألى شتوحيده ش نه الخألق المورد ل ذا
الكوإ .ش يمأ لا ذك لبعض نيوص الق آإ الدالة على هذه األنلة شنأ تيس نش كالم
هل العلم علي أ.
قول تعألى :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
ﰊ ﰊ ﰊ [ يلت.]43 : ﯽ ﯾ ﯿ
ا هذه اآل ة الك مة رمع الله تعألى بيش نليلا اآل أإ شاألنفس ا الننبيه على
المورد له شلذا كأإ هو اإلله الحق المسنحق ألإشرونه تعألى ش نه الخألق ل ذا الكوإ ِ
عبد شحده ال و ك له.
شنش نالئل األنفس على شرون الله تعألى قوله تعألى :ﮢ ﭩﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
[الذارأت ]69:شقوله :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ [الطأرإ ]4:حيث نعأ سبحأنه شتعألى اإلنسأإ
( )1انظ :ت ريح سأليب الق آإ (ص )15 :شنوقف الطوائف المننسبة إلى اإلسالم نش شرون الله شإ جأنه األويأء
(ص.)924 :
620 شرط العلم بمعنى الشهادة
إلى النفك شالنبي ا هذه النفس النا بيش رنبيه شنأ ي أ نش عجأئب صنع الله تعألى شإتقأنه
عظم ناللة على شرونه تعألى.
ألإ ا ذلك َ
كمأ إ الله تعألى ق ر شروي توحيده شإ انه بألعبأن ب ذا الدليل ذاتِه كمأ ا قوله
تعألى :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [البق 69 :ه .]66نبَّه
العبأن على شروي عبأنته بأنه خألق م شنوردهم ثم رنف بعده نليال آ أقِيأ على شروي
توحيده ا هذه العبأن شهو تم يده ه سبحأنه شتعألى ه األرض شر عه السموات بغي عمد
ت شن أ شإنزاله المط المخ ج للزرع شالنبأت؛ شذلك ألإ اعنقأن هذا النوحيد الزم لمش قث لله
تعألى بألخلق شاإل جأن؛ ألخألق ل ذه األويأء هو المسنحق للعبأن .
قول العالنة السعدب ه رحمه الله ه (( :شهذه اآل ة رمعت بيش األن بعبأن الله
شحده شالن ا عش عبأن نأ سواه شبيأإ الدليل البأه على شروي عبأنته شبطالإ عبأن
نش سواه شهو ذك توحيد ال بوبية المنضمش النف انه بألخلق شال زإ شالندبي إذا كأإ كل
حد نق ا بأنه ليس له و ك ا ذلك كذلك ليكش إق اره بأإ الله ال و ك له ا
العبأن شهذا شضح نليل عقلا على شحدانية البأرب شبطالإ الش ك))(.)1
شنش نالئل اآل أإ على شرون الله تعألى شتوحيده قوله تعألى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [البق .]924 :
قأل ابش ر ه رحمه الله تعألى ه بعد إ ذك اخنالف المفس ش ا السبب الذب
نش رله نزل الله تعألى هذه اآل ة على نبيه الك م صلى الله عليه شسلم(( :شاليواي نش
القول ا ذلك إ الله ه تعألى ذك ه ه نبَّه عبأنه على الداللة على شحدانينه شتفثنه بأأللوهة
نشإ كل نأ سواه نش األويأء ب ذه اآل ة))(.)2
ش ش د لكالم ابش ر ه رحمه الله ه نأ ذك ه الشوكأنا بقوله(( :لمأ ذك سبحأنه النوحيد
بقوله :ﯽ ﯾ ﯿ عقب ذلك بألدليل الدال عليه شهو هذه األنور النا ها نش عظم صنعة
اليأنع الحكيم نع علم كل عأقل بأنه ال ن يأ نش حد نش اآلل ة النا ثبن أ الكفأر إ أتا
بشاء نن أ ش قندر عليه ش على بعضه شها خلق السموات شخلق األرض شتعأقب الليل
بث الدش ِث
اي نن أ شالن أر شر ب الفلك ا البح شإنزال المط نش السمأء شإحيأء األرض به ش َّ
بسببه شتي ف ال أح؛ إإ نش نعش نظ ه شعمل ك ه ا شاحد نن أ انب له شضأإ ذهنه عش
تيور حقيقنه .شتحنم عليه النيد ق بأإ صأنعه هو الله سبحأنه))( .)1انن ى.
كمأ إ نليل الخلق شاإل جأن نال ضأ على العلم بيفأت الله تعألى .شقد ق ر ذلك
ابش القيم ه رحمه الله ه حسش تق حيث قول (( :أنأ المفعوالت إن أ نالة على األ عأل
شاأل عأل نالة على اليفأت؛ إإ المفعول دل علا أعل عله شذلك سنلزم شرونه شقدرته
شنشيئنه شعلمه السنحألة صدشر الفعل االخنيأرب نش نعدشم ش نورون ال قدر له شال حيأ شال
علم شال إران .ثم نأ ا المفعوالت نش النخيييأت المننوعة نال على إران الفأعل ش إ عله
الح َكم شالغأ أتليس بألطبع بحيث كوإ شاحدا غي ننك ر .شنأ ي أ نش الميألح ش ِ
المحمون نال على حكمنه تعألى .شنأ ي أ نش النفع شاإلحسأإ شالخي نال على رحمنه .شنأ
ي أ نش البطش شاالننقأم شالعقوبة نال على غضبه .شنأ ي أ نش اإلك ام شالنق ب شالعنأ ة نال
شن ْقنِه ...إلى إ قأل: ِ
على نحبنه .شنأ ي أ نش اإلهأنة شاإلبعأن شالخذالإ نال على بغضه َ
مفعوالته نش نل واء على صفأته شصدإ نأ خب ت به رسله عنه؛ ألمينوعأت وأهد
تيدإ اآل أت المسموعأت ننب ة على االسندالل بأآل أت المينوعأت))(.)2
جأنه ل أ نش ظ األنلة شخالصة القول إ َخ ْلق الله ه سبحأنه شتعألى ه األويأءَ شإ َ
الدالة على شرونه ششروي توحيده بألعبأن شعلى كمأل صفأته.
الطريق الثالث :العقل.
قة العقل ا االسندالل على إثبأت شرون الله تعألى ششروي توحيده ا العبأن
شتق صفأته نش الط إ النا سلك أ هل السنة شالجمأعة شذلك نوا قة نن م لمن ج
الق آإ الذب رأء بألكلي نش األقيسة العقلية الدالة على شرون الله تعألى شتوحيده شإثبأت
صفأته( .)3شهذا بطل نزاعم المنكلميش نش إ هل السنة لم سلكوا إ العقل ا النفا
شاإلثبأت؛ لظن م ه ب المنكلميش ه إ الق آإ ليس يه ِح َجأج عقلا .شهؤالء لم ندب شا نلة
الق آإ شلم قفوا على نعأني أ؛ إذ لو عملوا عقول م ا م كالم الله تعألى لوردشا نأ
هْب العقول ش حيِث األلبأي نش األنلة العقليَّة النا رأء ب أ الق آإ ا تق شرون الله
ششروي توحيده .شقد اعن ف ب ذا كلي نش سأ يش علمأء الكالم نمش ع ض عش الق آإ
شاونغل بفلسفة اليونأإ ثم ررع إلى قة الق آإ شقد شرن ابش القيم ه رحمه الله تعألى ه نللة
ل ذه االعن ا أت؛ حكى عش بعض المنكلميش قوله (( :نيت عم ب ا الكالم لب
الدليل شإذا نأ ال زنان إال بعدا عش الدليل رعت إلى الق آإ تدب ه ش تفك يه شإذا نأ
بألدليل حقأ نعا ش نأ ال وع به .قلت :شالله نأ نللا إال كمأ قأل القأئل:
ق ه ه ه ي الحبيه ه ههب شنه ه ههأ إليه ه ههه شصه ه ههول رم ه ههة
شن ه ههش العجأئ ه ههب شالعجأئ ه ههب َّ
شالم ه ه ه ههأء ه ه ه ههوإ ظ وره ه ه ه ههأ نحم ه ه ه ههول ك ههألعيس هها البي ههداء قنل ههأ الظَّم ههأ
قأل :لمأ ررعت إلى الق آإ إذا هو الحكم شالدليل شر ت يه نش نلة الله
شحججه شب اهينه شبيِثنأته نأ لو رمع كل حق قأله المنكلموإ ا كنب م لكأنت سور نش
المفيل شح ْسش
َّ سور الق آإ شا ية بمضمونه؛ نع حسش البيأإ ش يأحة اللفظ شتطبيق
االحن از شالننبيه على نواقع الشبه شاإلروأن إلى رواب أ))(.)1
ثم علَّق ابش القيم ه رحمه الله ه على هذا القول قأئال(( :شإذا هو كمأ قيل ه بل وإ
نأ قيل ه:
لذب ري ا القول ِردَّا شال هزال هزال كفى شوفى نأ ا الفؤان لم دع
إلا كمأ كأنت شتنزاحم ا صدرب شال أذإ ل أ ِ
شرعلت ريوش الكالم بعد ذلك تَفد َّ
القلب بألدخول يه شال تلقى ننه إقبأال شال قهبوال ن رع على نبأرهأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضا ب م إلى البأ ل ألإ العقل نظنة الخطأ إقحأنه بمعزل عش الش ع ا نور الغيب نش عظم الضالل =
الله شليس لله نظي يقيس ش بطل البأ ل ألإ العقل ليس عنده ا نور الغيب نأ قيسه عليه؛ ألنه لم
صفأته عليه لم بق إال الش ع ش قنه العقلية ا بأي النفا شاإلثبأت ألنه قد تى بكلي نش تلك المقأ يس
العقلية كمأ تقدم.
( )1نفنأح نار السعأن (.)459/9
623 شرط العلم بمعنى الشهادة
شقأل ابش كلي ه رحمه الله ه ا نعنى اآل ة(( :شهذا حنمل ويئيش حدهمأ ا شرونه
وك إإ الفط وأهد بورونه شنجبولة على اإلق ار به إإ االعن اف به ض شرب ا الفط
( )1نفنأح نار السعأن ( )457/9شانظ :نعأرج الوصول إلى إ صول الد ش ش شعه قد بين أ ال سول صلى الله
عليه شسلم (ص.)90:
( )2نجموع الفنأشى ( 111/92ه )140شانظ :اليواعق الم سلة (.)9229/4
624 شرط العلم بمعنى الشهادة
السليمة شلكش قد ع ض لبعض أ وك شاضط ار نحنأج إلى النظ ا الدليل الموصل إلى
شرونه شل ذا قألت ل م ال سل ت ودهم إلى ق نع نه بأنه ﯘ ﯙ ﯚ الذب خلق مأ
شابندع مأ على غي نلأل سبق إإ وواهد الحدشث شالخلق شالنسخي ظأه علي مأ ال بد
ل مأ نش صأنع شهو الله ال إله إال هو خألق كل واء شإل ه شنليكه.
شالمعنى اللأنا :ا قول م ﯕ ﯖ ﯗ ب ا إل ينه شتف نه بوروي العبأن له وك
شهو الخألق لجميع المورونات شال سنحق العبأن إال هو شحده ال و ك له إإ غألب األنم
كأنت نق بأليأنع شلكش تعبد نعه غي ه نش الوسأئط النا ظنون أ تنفع م ش تق ب م نش الله
زلفى))(.)1
شعلى االحنمأل اللأنا الذب ذك ه ابش كلي ه رحمه الله ه ا نعنى اآل ة تكوإ اآل ة
نش نلة العقول الشأهد بنوحيد الله ششروي تف نه بأسنحقأإ العبأن .شب ذا االحنمأل ا
تفسي اآل ة قأل رمع نش المفس ش(.)2
شنش األنلة العقلية الشأهد بورون الله تعألى ش نه الخألق ل ذا الكوإ ضأ قوله
تعألى :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ [الطور .]34 :ذه اآل ة ود قطعأ
شناللة على شرون الله تعألى؛ ألن أ قد اونملت على حجة عقلية شاضحة ال مكش ألب
عقل إنكأرهأ ش رنهأ؛ إذ ها نقنضى قسمنِه اليحيحة إإ اإلنسأإ ه ال عدش ه إنأ إ
كوإ قد خلق نفسه ش خلقه غي ه ش خلِق نش غي خألق ب نش غي واء .شالعقل
حيل إ كوإ اإلنسأإ خألقأ لنفسه ألإ ذلك وإ نقدشر اإلنسأإ ش أقنه؛ و ال
سنطيع إ ز د ا حيأته بعد شرونه شتعأ يه سبأي الحيأ سأعة شاحد شال صبعأ شال
ظف ا شال وع كيف كوإ خألقأ لنفسه حأل عدنه؟ هذا نمننع نحأل ا العقول.
كمأ إ االحنمأل القأضا بأإ كوإ اإلنسأإ قد خلِق نش غي خألق نحأل ضأ
عند كل عأقل؛ ألإ ذلك نعأرض لقأنوإ السببية الذب بط بيش المسببأت ش سبأب أ ش بط
الننأئج بمقدنأت أ شالظواه بعلل أ ش سنحيل ش قأ له إ ورد ث بال نؤث شخلق بال
خألق ش حكم بأإ كل نخلوإ ال بد له نش خألق.
إذا بطل القسمأإ األشالإ عقال ش ط تعيَّش القسم اللألث :شهو إ ل م خألقأ
ي العظيم الخألق لكل واء المنيثِف ا كل واء خلق م شنحدثأ حدث م شهو ال ث
المدبِث ل نور كل أ .كيف شكوإ به إل أ غي ه شهو شحده الخألق ل م؟(.)1
شنش نالئل العقول الشأهد بوروي توحيد الله تعألى شإ انه بألعبأن قوله تعألى:
ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ [المؤننوإ.]19 :
هذه اآل ة نش ظ األنلة الدالة على توحيد الله تعألى شبطالإ الش ك ا ربوبية الله
تعألى ش لوهينه؛ إذ ها نشنملة على نليل النمأنع( )2الدال على لوهية الله تعألى بط ق
اللزشم؛ إذ لزم نش النمأنع ا الخلق شاإل جأن النمأنع ا العبأن شاأللوهية؛ كمأ سنحيل
إ كوإ للعألم ربثأإ خألقأإ ننكأ ئأإ كذلك سنحيل إ كوإ ل م إل أإ نعبوناإ.
العز ه رحمه الله ه ا تق هذا الدليل(( :شلمأ كأإ الش ك ا ال بوبيةقول ابش با ث
ننمأثليش ا اليفأت شاأل عألْ خألقيش
ْ نعلوم االنننأع عند النأس كلِث م بأعنبأر إثبأت
شإنمأ ذهب بعض المشكيش إلى إ ثم خألقأ خلق بعض العألم كمأ قوله اللنو ة ا
الظلمة شكمأ قوله القدر ة ا عأل الحيواإ شكمأ قوله الفالسفة الده ة ا حكة
( )1انظ :اليواعق الم سلة (412/2ه )411شال أض النأض (ص 202 :ه )207شنوقف الطوائف المننسبة
إلى اإلسالم نش شرون الله شإ جأنه المخلوقأت (ص 911 :ه .)940
( )2نليل النمأنع :نعنأه انننأع صدشر العألم عش اثنيش .شهذا الدليل قثِره المنكلموإ إلثبأت صدشر هذا العألم عش
خألق شاحد شهو الله عز شرل .شتوضيحه كمأ قأل ويخ اإلسالم ابش تيمية ه رحمه الله ه ( نه لو كأإ للعألم
صأنعأإ لكأإ حدهمأ إذا ران ن ا ش ران اآلخ خال ه نلل إ د حدهمأ إ الع الشمس نش نش ق أ ش د
اآلخ إ الع أ نش نغ ب أ ش نش ر ة خ ى انننع إ حيل ن اناهمأ ألإ ذلك رمع بيش الضد ش يلزم إنأ إ ال
حيل ن ان كل شاحد نن مأ ال كوإ شاحد نن مأ ربأ شإنأ إ حيل ن ان حدهمأ نشإ اآلخ يكوإ الذب
حيل ن انه هو ال ي نشإ اآلخ .
شقد ق ر ذلك بأإ قأل :إذا ران نأال خلو المحل عن مأ نلل إ د حدهمأ تح ك رسم ش د اآلخ
تسكينه انننع حيول ن انهمأ شانننع عدم ن اناهمأ رميعأ ألإ الجسم ال خلو عش الحكة ش السكوإ
نعيَّش إ حيل ن ان حدهمأ نشإ اآلخ يكوإ هو ال ي)[ .نن أج السنة النبو ة ( 104/1ه .])105شانظ :
نرء النعأرض ( 154/1ه )155شو ح الطحأش ة البش با العز (ص )10:شو ح المقأصد ا علم الكالم
( 45/2ه .)42
622 شرط العلم بمعنى الشهادة
األ الك ش حكأت النفوس ش األرسأم الطبيعية إإ هؤالء لبنوإ نورا نحدثة بدشإ
إحداث الله إ أهأ م نشكوإ ا بعض ال بوبية شكلي نش نشكا الع ي شغي هم قد ظش
ا آل نه ويئأ نش نقع ش ضث بدشإ إ خلق الله ذلك.
لمأ كأإ هذا الش ك ا ال بوبية نورونا ا النأس بيثش الق آإ بطالنه كمأ ا قوله
ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ تعألى :ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭩ ﭪ ﭫﭬ [المؤننوإ.]19 :
نأنل هذا الب هأإ البأه ب ذا اللفظ الوريز الظأه .إإ اإلله الحق ال بد إ كوإ ث
خألقأ أعال وصل إلى عأبده النفع ش د ع عنه الض لو كأإ نعه ه سبحأنه ه إله آخ
شكه ا نلكه لكأإ له خلق ش عل شحينئذ ال ضى تلك الشكة بل إإ قدر على ق
ذلك الش ك شتف نه بألملك شاإلل ية نشنه عل شإإ لم قدر على ذلك انف ن بخلقه شذهب
بذلك الخلق كمأ نف ن نلوك الدنيأ بعض م عش بعض بملكه إذا لم قدر المنف ن نن م
على ق اآلخ شالعلو عليه .ال بد نش حد ثالثة نور:
إنأ إ ذهب كل إله بخلقه شسلطأنه.
شإنأ إ علو بعض م على بعض.
شإنأ إ كونوا تحت ق نلك شاحد ني ف ي م كيف شأء شال ني وإ يه
بل كوإ شحده هو اإلله شهم العبيد الم بوبوإ المق ورشإ نش كل شره.
شاننظأم ن العألم كله شإحكأم ن ه نش نل نليل على إ ندبِث ه إله شاحد شنلك
شاحد شري شاحد ال إله للخلق غي ه شال ري ل م سواه .كمأ قد نل نليل النمأنع على إ
خألق العألم شاحد ال ري غي ه شال إله سواه ذلك تمأنع ا الفعل شاإل جأن شهذا تمأنع
ا العبأن شاإلل ية .كمأ سنحيل إ كوإ العألم ربَّأإ خألقأإ ننكأ ئأإ كذلك سنحيل
إ كوإ ل م إل أإ نعبوناإ.
ألعلم بأإ شرون العألم عش صأنعيش ننمأثليش نمننع لذاته نسنق ا الفط نعلوم
بي ح العقل بطالنه كذا تبطل إل ية اثنيش أآل ة الك مة نوا قة لمأ ثبت شاسنق ا
الفط نش توحيد ال بوبية نالة نلبنة نسنلزنة لنوحيد االل ية))(.)1
( )1و ح الطحأش ة (ص 17 :ه .)11شانظ :اليواعق الم سلة البش القيم ( 421/2ه )424شنن أج السنة النبو ة
( 111/1ه )115شنفنأح نار السعأن ( 47/2ه .)44
622 شرط العلم بمعنى الشهادة
الوجه الثاني :على سبيل النفييل :إإ العقل قد نل على بعض اليفأت الالئقة بألله
سميه بعض العلمأء بداللة الينعة ِ
تعألى شذلك نش خالل نينوعأته شنفعوالته شهو نأ ث
على اليفأت شهو ق نش إ اإلثبأت.
قأل ابش القيم ه رحمه الله ه ((هذا هو الط ق اللأنا نش إ إثبأت اليفأت شهو
ناللة الينعة علي أ؛ إإ المخلوإ دل على شرون خألقه شعلى حيأته شعلى قدرته شعلى
علمه شنشيئنه .إإ الفعل االخنيأرب سنلزم ذلك اسنلزانأ ض شر أ .شنأ يه نش اإلتقأإ
شاإلحكأم ششقوعه على كمل الوروه دل على حكمة أعله شعنأ نه .شنأ يه نش اإلحسأإ
شالنفع ششصول المنأ ع العظيمة إلى المخلوإ دل على رحمة خألقه شإحسأنه شرونه .شنأ
يه نش آثأر الكمأل دل على إ خألقه كمل ننه معطا الكمأل حق بألكمأل شخألق
األسمأع شاألبيأر شالنطق حق بأإ كوإ سميعأ بيي ا ننكلمأ شخألق الحيأ شالعلوم
شالقدر شاإلرانات حق بأإ كوإ هو كذلك ا نفسه مأ ا المخلوقأت نش نوع
النخيييأت هو نش نل واء على إران ال ي سبحأنه شنشيئنه شحكمنه النا اقنضت
النخييص .شحيول اإلرأبة عقيب سؤال الطألب على الوره المطلوي نليل على علم
ال ي تعألى بألجزئيأت شعلى سمعه لسؤال عبيده شعلى قدرته على قضأء حوائج م
شعلى ر نه شرحمنه ب م .شاإلحسأإ إلى المطيعيش شالنق ي إلي م شاإلك ام شإعالء نررأت م
دل على نحبنه شرضأه .شعقوبنه للعيأ شالظلمة ش عداء رسله بأنواع العقوبأت المش ون
تدل على صفة الغضب شالسخط .شاإلبعأن شالط ن شاإلقيأء دل على المقت شالبغض.
ذه الدالالت نش رنس شاحد عند النأنل شل ذا نعأ سبحأنه ا كنأبه عبأنه إلى
االسندالل بذلك على صفأته و لبت العلم ب بوبينه ششحدانينه شصفأت كمأله بآثأر صفنه
المش ون شالق آإ نملوء بذلك .يظ وأهد اسم الخألق نش نفس المخلوإ شوأهد اسم
ال ازإ نش شرون ال زإ شالم زشإ شوأهد اسم ال حيم نش و ون ال حمة المبلوثة ا العألم
شاسم المعطا نش شرون العطأء الذب هو ندرار ال نقطع لحظة شاحد شاسم الحليم نش
النواي نش نغف الذنوي شقبول حلمه عش الجنأ شالعيأ شعدم نعأرلن م شاسم الغفور ش َّ
النوبة ش ظ وأهد اسمه الحكيم نش العلم بمأ ا خلقه ش ن ه نش الحكم شالميألح
ششروه المنأ ع شهكذا كل اسم نش سمأئه الحسنى له وأهد ا خلقه ش ن ه ع ه نش ع ه
ش ج له نش ر له ألخلق شاألن نش عظم وواهد سمأئه شصفأته .شكل سليم العقل
621 شرط العلم بمعنى الشهادة
شالفط ع ف قدر اليأنع شحذقه شتب زه على غي ه شتفثنه بكمأل لم شأركه يه غي ه نش
نشأهد صنعنه .كيف ال تع ف صفأت نش هذا العألم العلوب شالسفلا شهذه المخلوقأت
نش بعض صنعه .شإذا اعنب ت المخلوقأت شالمأنورات شردت أ بأس هأ كل أ نالة على
النعوت شاليفأت شحقأئق األسمأء الحسنى شعلمت إ المعطلة نش عظم النأس عمى
شنكأب .ش كفا ظ ور وأهد الينع يك خأصة كمأ قأل تعألى ﮢ ﭩﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
[الذار أت ]69 :ألمورونات بأس هأ وواهد صفأت ال ي رل رالله شنعوته ش سمأئه ا
كل أ تشي إلى األسمأء الحسنى شحقأئق أ شتنأنب علي أ شتدل علي أ شتخب ب أ بلسأإ
النطق شالحأل كمأ قيل:
ن ه ه ه ههش المل ه ه ه ههك األعل ه ه ه ههى إلي ه ه ه ههك رس ه ه ه ههأئل تأن ه ه ه ه ه ه ه ههل س ه ه ه ه ه ه ه ههطور الكأئن ه ه ه ه ه ه ه ههأت إن ه ه ه ه ه ه ه ههأ
ال كه ه ه ههل وه ه ه ههاء نه ه ه ههأ خه ه ه ههال الله ه ه ههه بأ ه ه ه ههل تأنله ه ه ههت خطَّ ه ه ه ههأ هط ي ه ه ه ههأ له ه ه ههو َّ شقه ه ه ههد خه ه ه ه َّ
ه ه ه ه ه ههيأنن أ ه ه ه ه ه ههدب شن ه ه ه ه ه ههش ه ه ه ه ه ه ههو قأئ ه ه ه ه ه ه هل ت ه ه ه ه ه ه ههشي بإثه ه ه ه ه ه ه ههبأت اليف ه ه ه ه ه ه ههأت ل ب ه ه ه ه ه ه ههأ
نل على واء نش ناللة المخلوقأت على صفأت خألق أ لست ت ى ويئأ ث
شنعوت كمأله شحقأئق سمأئه شقد تنوعت نلن أ بحسب تنوع أ ا تدل عقال شحسأ
ش ط شنظ ا شاعنبأرا))(.)1
نل على بعض أ العقل إإ العقل ال سنقل إال إ تفييل صفأت الله تعألى شإإ َّ
بإثبأت أ لله تعألى شلذا شرب النوقف ا بأي اإلثبأت حنى ن الدليل النقلا.
شنأ نل عليه العقل نش اليفأت الوارن ا كالم ابش القيم شالبي قا ه رحم مأ الله
تعألى ه قد نل الدليل نش الكنأي شالسنة على إثبأت أ لله تعألى شهذا دل على إ العقل
شالنقل ال نعأرضأإ؛ ألعقل الي ح ال عأرض النقل اليحيح.
شنمأ ؤكد ذلك إ الله تعألى قد خأ ب العقل على اتيأ ه سبحأنه شتعألى ببعض
اليفأت ألإ ذلك ال نأ يه بل نمأ ق به ش هلْبنه لله سبحأنه شتعألى شنش ذلك قوله تعألى
ا إثبأت صفة العلم :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ [الملك ]94 :أسندل بقدرته على
ﭦ ﭧﮢ ﭩ الخلق على اتيأ ه بألعلم .شقوله ا إثبأت صفة اإلل ية :ﭣ ﭤ ﭥ
[النحل ]92 :أسندل على إل ينه بقدرته على الخلق .شقوله ا تق صفة ﭪ ﭫ
الكالم :ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ [األع اف ]942 :نبه ب ذا الدليل على إ نش ال كلم شال دب
ال يلح إ كوإ إل أ شكذلك قوله ا اآل ة األخ ى عش العجل :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ [ هه ]21 :جعل انننأع صفة الكالم شالنكليم شعدم نلك
الض شالنفع نليال على عدم اإلل ية .شهذا نليل عقلا سمعا على إ اإلله ال بد إ كلم ش نكلم
ش ملك لعأبده الض شالنفع شإال لم كش إل أ .شقأل :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﮢ [البلد 2 :ه .]90نب ك ب ذا الدليل العقلا القأ ع إ الذب رعلك تبي شتنكلم
شتعلم شلى إ كوإ بيي ا ننكلمأ عألمأ .أب نليل عقلا قطعا قوى نش هذا ش بيش
ش ق ي إلى المعقول .شقأل تعألى ا آل ة المشكيش المعطليش :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [األع اف]914 :
جعل سبحأنه عدم البطش شالمشا شالسمع شالبي نليال على عدم إل ية نش عدنت يه
هذه اليفأت؛ ألبطش شالمشا نش نواع األ عأل شالسمع شالبي نش نواع اليفأت(.)1
ش ضأ إإ بعض اليفأت نضمش بعض أ البعض ش سنلزم بعض أ اآلخ شذلك إنمأ
ع ف بألعقل؛ ملال صفة الخلق تدل على صفة العلم شالقدر نش لوازم صفة الخلق؛ لبت
نل على كلي نش هذه اليفأت ش نه ال تعأرض بيش العقل شالنقل. إ العقل َّ
الطريق الرابع :دليل معجزة الرسل واألنبياء ـ عليهم الصالة والسالم.
شهذا ق نش إ إثبأت شرون الله تعألى شقد سلكه هل السنة ا االسندالل
على شرون الله تعألى شربوبينه المسنلزم لوروي توحيده ا العبأن .شنمش اسندل ب ذا
()3
الط ق على إثبأت اليأنع :بو سليمأإ الخطأبا( )2ه رحمه الله ه ش بو على الحنبلا
شالبي قا( )4ه رحمه الله ه شويخ اإلسالم ابش تيمية( )5شتلميذه ابش القيم( )1شنش المنأخ ش
ابش الوز اليمأنا ه رحمه الله(.)2
قول ابش القيم ه رحمه الله ه(( :شهذه الط ق نش قوى الط إ ش صح أ ش نل أ على
اليأنع شصفأته ش عأله شارتبأه نلة هذه الط ق بمدلوالت أ قوى نش ارتبأه األنلة العقلية
الي حة بمدلوالت أ إن أ رمعت بيش ناللة الحس شالعقل شناللن أ ض شر ة بنفس أ شل ذا
سمي أ الله سبحأنه آ أت بينأت شليس ا إ األنلة شثق شال قوى نن أ إإ انقالي عيأ
تَِقل أ اليد ثعبأنأ عظيمأ بنلع نأ م به ثم عون عيأ كمأ كأنت نش نل الدليل على شرون
اليأنع شحيأته شقدرته شإرانته شعلمه بألكليأت شالجزئيأت ....شكذلك سأئ آ أت األنبيأء
إخ اج نأقة عظيمة نش صخ تمخضت ب أ ثم انيدعت عن أ شالنأس حول أ نظ شإ
شكذلك تيو أئ نش يش ثم نفخ يه النبا ينقلب أئ ا ذا لحم شنم شر ش ش رنحة طي
بمش د نش النأس شكذلك إ مأء ال سول إلى القم ينشق نيفيش بحيث اه الحأض
شالغأئب يخب به كمأ رآه الحأض شإ ش نلأل ذلك نمأ هو نش عظم األنلة على اليأنع
شصفأته ش عأله شصدإ رسله شاليوم اآلخ .شهذه نش إ الق آإ النا رود إلي أ عبأنه
شنل م ب أ كمأ نل م بمأ شأهدشنه نش حوال الحيواإ شالنبأت شالمط شالسحأي
شالحوانث النا ا الجو ش ا األرض ش حوال المعلونأت نش السمأء شالشمس شالقم
شالنجوم ش حوال النطفة شتقلب أ بقأ بعد بق حنى صأرت إنسأنأ سميعأ بيي ا حيأ
ننكلمأ عألمأ قأنرا فعل األ عأل العجيبة ش علم العلوم العظيمة كل ق نش هذه
الط إ صح ش ق ي ش س ل ش شصل نش إ المنكلميش النا لو صحت لكأإ ي أ نش
النطو ل شالنعقيد شالنعسي نأ منع الحكمة اإلل ية شال حمة ال بأنية إ دل ب أ عبأنه عليه
شعلى صدإ رسله شعلى اليوم اآلخ ))(.)3
ش قول ويخ اإلسالم ابش تيمية ه رحمه الله ه ا تق هذا الدليل...(( :شذلك ألإ
المعجز ه النا ها عل خأرإ للعأن ه تدل بنفس أ على ثبوت اليأنع كسأئ الحوانث
بل ها خص نش ذلك ألإ الحوانث المعنأن ليست ا الداللة كألحوانث الغ بة؛ شل ذا
سبح ال ي عندهأ ش مجد ش عظم نأ ال كوإ عند المعنأن ش حيل ا النفوس ذلة نش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(= )1انظ :اليواعق الم سلة ( 9917/1ه .)9914
( )2انظ :إ لأر الحق على الخلق ا رن الخال أت( :ص.)54:
( )3اليواعق الم سلة ( 9917/1ه .)9914
616 شرط العلم بمعنى الشهادة
لبنه النظأر نش المنكلميش شالفالسفة ا هذا البأي أتا الق آإ بخالصنه شبمأ هو حسش
ننه على تم الوروه بل ال نسبة بين مأ لعظم النفأشت))(. .)1هه.
شقأل ا نقأم نشأبه ...(( :شقد بسطنأ الكالم على هؤالء ا غي هذا الموضع
شبينأ إ صول الد ش الحق الذب نزل الله به كنأبه ش رسل به رسوله؛ شها األنلة شالب اهيش
شاآل أت الدالة على ذلك قد بين أ ال سول حسش بيأإ ش نه نل النأس شهداهم إلى األنلة
العقلية شالب اهيش اليقينية النا ب أ علموإ المطألب اإلل ية شب أ علموإ إثبأت ربوبية الله
ششحدانينه شصفأته شصدإ رسوله شالمعأن شغي ذلك نمأ حنأج إلى نع نه بأألنلة العقلية
بل شنأ مكش بيأنه بأألنلة العقلية شإإ كأإ ال حنأج إلي أ إإ كلي ا نش األنور تع ف
بألخب اليأنإ شنع هذا أل سول بيش األنلة العقلية الدالة علي أ جمع بيش الط قيش
السمعا شالعقلى .شبينأ إ ناللة الكنأي شالسنة على صول الد ش ليست بمج ن الخب كمأ
تظنه أئفة نش الغألطيش نش هل الكالم شالحد ث شالفق أء شاليو ية شغي هم بل الكنأي
شالسنة نال الخلق شهد أهم إلى اآل أت شالب اهيش شاألنلة المبينة ألصول الد ش))( .)2انن ى
الم ان نقله نش كالنه رحمه الله.
هذه بعض الط إ عند هل السنة الدالة على العلم بألله تعألى شها تقون إلى العلم
اليحيح بألله تعألى شتوحيده الذب عنب و أ ا و أن النوحيد "ال إله إال الله" ألإ
هذه الط إ نأخوذ نش الق آإ المقثِر لنوحيد العبأن الذب هو نعنى ال إله إال الله .شرميع
نالئل الق آإ الدالة على العلم بألله إنمأ ها للفت األنظأر إلى شروي توحيد الله
شإ انه بألعبأن شليس المقيون نن أ تق ربوبية الله تعألى ألإ العلم ب بوبية الله تعألى
نكوز شكأنش ا الفط شالدعو إليه تحييل حأصل شإنمأ نزل الق آإ بألدعو إلى توحيد
ﭝ ﭞ العبأن كمأ قأل تعألى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭟ ﭠ [األنبيأء.]64 :
شالط إ الدالة على العلم بألله ششروي توحيده تفوإ الحي شالسب ؛ شكمأ قيل:
ائق ه ب لالسندالل على شرونه شتوحيده ه بعدن نفأس الخالئق. إإ لله َ
( )1الفنأشى الكب ى (.)122/5
( )2نعأرج الوصول إلى إ صول الد ش ش شعه قد بين أ ال سول ( ص 1 :ه ) 90شانظ :النب وات
(ص.) 249 :
614 شرط العلم بمعنى الشهادة
ش ا هذا قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه ((شإنمأ قأل األئمة :شلِد على نأ ط عليه
نش وقأء شسعأن ألإ القدر ة كأنوا حنجوإ ب ذا الحد ث على إ الكف شالمعأصا ليس
بقدر الله بل نمأ عله النأس ألإ كل نولون ولَد خلقه الله على الفط شكف ه بعد ذلك
أشل الحد ث قأل نش النأس .شل ذا قألوا لمألك بش نس :إإ القدر ة حنجوإ علينأ ب ثِ
احنجوا علي م بآخ ه .شهو قوله« :الله علم بمأ كأنوا عأنليش» .بيَّش األئمة نه ال حجة يه
شتني
للقدر ة إن م ال قولوإ إإ نفس األبو ش خلقأ ت وَنه شتنيَه بل هو ت َّون َّ
بأخنيأره لكش كأنأ سببأ ا ذلك بألنعليم شالنلقيش .إذا ضيف إلي مأ ب ذا االعنبأر إ
األشلى ألإ الله شإإ خلقه نولونا على ضأف إلى الله الذب هو خألق كل واء بط ق ْ
شعلِ َم ذلك))( . .)1هه.
الفط سليمأ قد قدَّر عليه نأ سيكوإ بعد ذلك نش تغيي ه َ
تأشلوه بمأ يلح ا ال ن ثم بيش ه رحمه الله ه ضعف تأشل م ل ذا الحد ث ه حيث ث
على المعنزلة القأئليش بنفا خلق عأل العبأن شهم بذلك قد خألفوا النفسي اليحيح الذب
تدل عليه اآل أت شاألحأن ث نش إ الفط ها اإلسالم نظي نأ شقع نش بعض هل السنة
كذي به القدر ة ه قأل رحمه الله: تأشالت ضعيفة لحد ث « حج آنم نوسى» لمأ َّ نش ث
((نقيون ح َّمأن شإسحأإ شنألك شابش المبأرك شنش اتثبع م كأبش قنيبة شابش بطة شالقأضا
با علا شغي هم هو ننع احنجأج القدر ة ب ذا الحد ث على نفا القدر شهذا نقيون
صحيح شلكش سلكوا ا حيوله قأ بعض أ صحيح شبعض أ ضعيف .كمأ إ النبا
صلى الله عليه شسلم لمأ ثبت عنه نه قأل« :احنج آنم شنوسى قأل نوسى :ربنأ رنأ بأنأ
آنم الذب خ رنأ نش الجنة .قأل له :نت آنم بو البش الذب خلقك الله بيده شنفخ
يك نش رشحه ش سجد لك نالئكنه لمأذا خ رننأ شنفسك نش الجنة؟ قأل له آنم :نت
علا نكنوبأ قبل إ نوسى الذب كلَّمك الله تكليمأ شخط لك النورا بيده بكم تجد َّ
خلق ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ [ هه ]969 :قأل بأربعيش خ فأ .قأل حج آنم نوسى».
ذا الحد ث ا اليحيحيش نش حد ث با ه شهو ن شى بإسنأن ريد نش حد ث
عم .لمأ توهم نش توهم إ ظأه ه إ المذنب حنج بألقدر على نش النه على الذنب
شتأشله أئفة نش هل السنة تأش الت كذي به أئفة نش القدر ة كألجبَّأئا َّ اضط بوا يه َّ
ضعيفة قيدا لنيحيح الحد ث شنقيونهم صحيح لكش ق م ا رن قول القدر ة
( )1نرء تعأرض العقل شالنقل ( .)122/4شانظ :وفأء العليل (ص.)472 :
612 شرط العلم بمعنى الشهادة
شتفسي الحد ث ضعيفة كقول بعض م إنمأ حجة لكونه بأه شقول اآلخ :لكونه كأإ قد
تأي شقول اآلخ :لكوإ الذنب كأإ ا و عة شالمالم ا خ ى شقول اآلخ َ :ح َّجه ألإ
االحنجأج به كأإ ا اآلخ نشإ الدنيأ شقول اآلخ :االحنجأج بألقدر نفع الخأصة
المشأهد ش لج أإ القدر علي م نشإ العأنة إإ الحد ث ص ح بأإ آنم احنج بألقدر
شحج نوسى))( . .)1هه.
شحنى على القول اليحيح ا تفسي ه ه عنا تفسي قوله « :كل نولون ولد
على الفط » ه و ال نفق نع نذهب المعنزلة القأئليش بنفا خلق عأل العبأن بل هو
حجة علي م .شذلك نش شر يش:
األول :إ المعنزلة نفوإ ا األصل إ كوإ العبد نولونا على اإلسالم بل
قولوإ :هو الذب خلق عمله نش الكف شاإل مأإ(.)2
الثاني :ن م قولوإ إ نع ة الله ال تحيل إال بألنظ المش شه بألعقل()3؛
يسنحيل إ تكوإ المع ة عندهم ض شر ة ش تكوإ نش عل الله تعألى(.)4
االعتراض الثاني :شهو نأ اعن ض به القأضا عبد الجبأر( )5زاعمأ إ لو كأإ العلم بألله
ض شرَّأ لورب إ ال مكش نفيه عش النفس بشك ش وب ة؛ شالمعلوم خال ه(.)6
قأل ا الجواي عش هذه الشب ة :إ ن ع العلم بورون الله تعألى عش النفس شنفيَه عن أ بشك
ش بشب ة ن ال مكش شقوعه شلكش مكش إ قول ذلك بلسأنه يكوإ َر ْحدا شاسنكبأ ار كمأ قأل
( )1نرء النعأرض ( 401/7ه .)404شانظ :نجموع الفنأشى ( )140/92شنن ج هل السنة شاألوأع ا توحيد
الله ( 244/9ه .)241
612 شرط العلم بمعنى الشهادة
( )1خيالإ :رمع خيل األخيلة بل تميل إلى السوان تكوإ ا الوره .انظ :المغ ي ا ت تيب المع ي
(.)155/2
( )2نجموع الفنأشى ( 140/92ه .)149
( )3انظ :المواقف ( 944/9ش.)221/1
611 شرط العلم بمعنى الشهادة
( )1كالم العز بش عبد السالم نقال عش هأنش اإلروأن شالنق ب للبأقالنا (.)221/9
( )2انظ :المواقف لإل جا ( )77/9شنرء النعأرض (.)154/7
( )3هو :علا بش با علا بش نحمد بش سألم الملقب بسيف الد ش وع ب ننكلم بأرع ا علم األصول نسبنه
إلى آند شها ند نة كأإ ل أ وأإ ا الح شي بيش الع ي شال شم .قأل الذهبا :قأل لا ويخنأ ابش تيمية :غلب
على اآلندب الحي شالوقف حنى إنه شرن على نفسه سؤاال ا تسلسل العلل شزعم نه ال ع ف عنه روابأ
شبنى إثبأت اليأنع على ذلك ال ق ر ا كنبه إثبأت اليأنع شال حدشث العألم شال شحدانية الله شال النبوات
شال ويئأ نش األصول الكبأر .نش تآليفه(( :األحكأم ا صول األحكأم)) .انظ :سي عالم النبالء (314/11
ه .)311
( )4األحكأم ا صول األحكأم ( )322/4شالمواقف لإل جا (.)55/2
300 شرط العلم بمعنى الشهادة
الوره األشل :إ الخلو نش هذه المع ة ليس ن ا نائمأ شإنمأ هو لعأرض اليغ شعدم
النمييز شلكش ننى نيَّز اليبا َعلِ َم نش نفسه ض شر نه ن بوي نخلوإ لله تعألى .شحيول
العأرض ال عأرض األصلية بل هو را ع ل أ شننى ارتفع العأرض ررع الشاء إلى صله.
الوره اللأنا :قوله إ األصل عدم الدليل المفضا إليه ب إلى الدليل بأ ل عأرض نأ خب
الله تبأرك شتعألى به نش نه خلق النأس على النوحيد كمأ ا الحد ث القدسا« :خلقت
عبأنب حنفأء كل م أرنألن م الشيأ يش» .شكمأ ا تق ه رل شعال عبيده شهم ا عألم
الذر :ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ [األع اف.]926 :
هذه هم االعن اضأت النا اعن ض ب أ المنكلموإ على ط ة نع ة الله شها ه
كمأ ن ه ال تقدح ا نلة هل السنة الدالة على ط ة المع ة بل نأ ها إال نكأب
للحسيأت شرحد للض شر أت.
شالجد بألذك هنأ َّإ نأ سلكه المنكلموإ نش نفا ط ة المع ة بألله ليس
ذلك نضط نا عند بعض م من م نش قَّر ط ة المع ة بألله تأر ششروي النظ تأر .
شنش هؤالء الش سنأنا( )1حيث ق ر ا كنأبه ((ن أ ة إقدام العقول))( :)2إ الفط
اإلنسأنية و دت بض شر ط ت أ شبد ة ك ت أ على صأنع حكيم عألم قد شل ذا لم ن
النكليف بمع ة شرون اليأنع شإنمأ شرن بمع ة النوحيد شنفا الش ك)).
شهو نص ص ح بيش ط ة صل المع ة بألله شهو نوا ق لمأ عليه هل السنة
قأ بة نش ط ة هذه المع ة ش إ النكليف لم ن بمع ن أ؛ ألن أ حأصلة بألفط شإنمأ
رأء النكليف بنق النوحيد شنفا الش ك.
شنش األقوال المق ر لفط ة المع ة عندهم ضأ نأ رأء عش ال ازب ه شهو نش
سأ ين م ه حيث قول(( :الوره اللأنا :ا الننبيه على إ اإلق ار بورون اليأنع بد ا هو
( )1هو :بو الفنح نحمد بش با القأسم عبد الك م الش سنأنا صأحب كنأي الملل شالنحل ننكلم وع ب
تفقه على حمد الخلوا ا شعلا با ني القشي ب شغي همأ شب ع ا الفقه شق الكالم على با القأسم
األنيأرب شتف ن يه .صنف كنأي (ن أ ة اإلقدام ا علم الكالم) ش(المنأهج شالبيأإ) شكنأي (المضأرعة)
ش(تلخيص األقسأم لمذاهب األنأم) .شلد سنة ( )422ش سنة ( )421بش سنأإ شتو ا ب أ ا آخ وعبأإ
سنة ( )442ش سنة ( .)441انظ :بجد العلوم ( 996/3ه )993شكشف الظنوإ (.)426/9
(( )2ص 964 :ه .)964
309 شرط العلم بمعنى الشهادة
إ الفط وأهد بأإ حدشث نار ننقووة بألنقوش العجيبة نبنية على النكيبأت اللطيفة
الموا قة للحكم شالميلحة سنحيل إال عند شرون نقأش عألم شبأإ حكيم .شنعلوم إ
آثأر الحكمة ا العألم العلوب شالسفلا كل نش آثأر الحكمة ا تلك الدار المخني
لمأ و دت الفط األصلية بأ نقأر النقش إلى النقأش شالبنأء إلى البأنا بأإ تش د
بأ نقأر كل هذا العألم إلى الفأعل المخنأر الحكيم كأإ شلى.
الوره اللألث :إ اإلنسأإ إذا شقع ا نحنة ود د شبلية قو ة ال بقى ا ظنه ررأء
المعأشنة نش حد كأنه بأصل خلفنه شنقنضى ربلنه نض ع إلى نش خلِثيه نن أ ش خ ره
عش عالئق أ شحبأئل أ شنأ ذاك إال و أن الفط بأال نقأر إلى اليأنع المدب ))(.)1
شلمأ ذك ابش تيمية ه رحمه الله ه نذاهب النأس شتنأزع م ا صل المع ة بألله ((هل
ش تحيل ب ذا تأر شهذا تأر )) تحيل ض شر ا قلب العبد ش ال تحيل إال بألنظ
شنسب إلى كلي نش األوع ة شغي هم نش المنكلميش القول بأن أ ال تحيل إال بألنظ قأل:
((شنش هؤالء القأئليش بأن أ تحيل تأر بألض شر شتأر بألنظ بو حأند شال ازب شاآلندب
شغي هم))(.)2
ألحأصل إ بعض المنكلميش نضط بوإ ا ط ة صل المع ة بألله شهذا
نمأ ؤكد قو هذا الدليل عند هل السنة ش إ الفط تقون إليه شلذا شقع ا كالم بعض
سأ ين م شنأ ذاك إال لقو صل البأي؛ إذ دب إليه ع إ الفط ب :صل أ.
المقصد الثالث :طرق تحصيل العلم بالله عند المتكلمين مع المناقشة.
المنكلموإ ل م إ ا تحييل العلم بألله تعألى اسنقلوا ب أ عش هل السنة
شالجمأعة شها إ كالنية تسبق أ نقدنأت لسفية شع نعنأصة( )3شرل أ عنمد على
العقل شنأ اسندلوا به نش النقل ثشلوه ش خ روه عش ظأه ه حنى وا ق عقول م النا رعلوهأ
صال للمنقول شإذا خذشا بألنيوص ال أخذشإ ب أ اسنقالال إال إذا شا قت قضأ أ العقول
ا ظنية ال عندهم؛ لزعم م إ نالالت العقول قطعية قينية بخالف نالالت النقول
تفيد اليقيش.
شب ذا األصل البِدعا نك شا نالالت الكنأي شالسنة شخألفوا ن ج سلف األنة
الذ ش خذشا بظواه هذه النيوص شحكموا علي م بألج ل شالبَله ش ن م ق ؤشإ كالنأ ال
ف موإ نعنأه شال ع وإ نغزاه()1؛ شلذا نار ا كالن م شتحأشرهم إ قة الخلف علم
ش حكم( .)2شن انهم بط قة الخلف قة المنكلميش النا سلكوهأ ا تأش ل األسمأء
شاليفأت حيث إن م شصفوهأ بأن أ علم ش حكم لمأ ي أ نش نز د اإل ضأح شالبيأإ شلمأ
ي أ نش ال ن على الخيوم؛ شها األررح عندهم(.)3
ش ا هذا المطلب سأتط إ إلى واء نش إ المنكلميش ا تحييل العلم بألله
تعألى نع بيأإ آثأرهأ.
شقبل الدخول ا بيأإ هذه الط إ ال بد نش نع ة ن ان المنكلميش بألعلم بألله
تعألى شهل هو نوا ق لم ان هل السنة م نخألف له؟
بِألنظ ا كالم المنكلميش شتق ات م النا ورنشن أ ا هذا البأي إإ ن انهم بألعلم
نع ة اليأنع شاالسندالل العقلا على شرونه شنأ جب له ش مننع عليه نش
اليفأت( .)4شهذا خألف نأ عليه هل السنة تأصيال شتفييال .نأ تأصيال :إإ المنكلميش
عولوا على النقل لِمأ قأم ااعنمدشا العقل ا بأي نع ة الله تعألى شنع ة صفأته شلم ث
النقل
ذهأن م نش المعأرضة بيش العقل شالنقل جعلوا العقل صال ا النقل شحأكمأ عليه ش َ
نحكونأ عليه ألإ ناللة العقل ه كمأ ن ه تفيد اليقيش عندهم بخالف ناللة النقل ا ال
تفيد إال الظش .شهذا خألف نأ عليه هل السنة نش إ النقل هو األصل ا هذا البأي شنع
( )1قول ابش القيم ه رحمه الله ه (( :لمأ ابننى ن هم على هأتيش المقدننيش الكأذبنيش كأنت الننيجة اسنج أل
السأبقيش الذ ش هم علم األنة بألله شصفأته شاعنقأن ن م كأنوا نييش بمنهزلة اليألحيش البله الذ ش لم نبح شا ا
حقأئق العلم بألله شلم نفطنوا لدقأئق العلم اإلل ا ش إ الخلف هم الفضالء العلمأء الذ ش حأزشا قيب السبق
شاسنولوا على الغأ ة شظف شا نش الغنيمة بمأ أت السأبقيش األشليش)) .اليواعق الم سلة (.)924/9
( )2انظ :هذه المقولة ا تحفة الم د للبيجورب (ص )75 :اتحأف السأن المنقيش للزبيدب ( )992/2ش نح
البأرب (.)152/91
( )3انظ :نجموع الفنأشى ( )1/5اليواعق الم سلة (.)921/9
( )4المواقف لإل جا ( 944/9ه .)947
303 شرط العلم بمعنى الشهادة
( )1قول السمعأنا رحمه الله ا كنأي اإلننيأر ألهل الحد ث( :ال ننك النظ قدر نأ شرن به الكنأي شالسنة لينأل
المؤنش بذلك ز أن اليقيش شثلج اليدر شسكوإ القلب)[ .نقال عش صوإ المنطق للسيو ا (ص .])79 :شانظ :
نعأرج الوصول إلى نع ة إ صول الد ش ش شعه قد بين أ ال سول صلى الله عليه شسلم (ص 90 :ه .)99
( )2انظ :األصول الخمسة للقأضا عبد الجبأر (ص )11 :شالمواقف ( 925/9ه .)922
( )3انظ ( :ص 47:ه .)44
( )4قأل ابش القيم (( :أنأ االسندالل بألينعة .كلي ش نأ االسندالل بأليأنع له وأإ شهو الذب وأرت إليه ال سل
ب :شك ا الله حنى طلب إقأنة الدليل على شرونه؟ ش ب نليل صح بقول م ألنم م ﯕ ﯖ ﯗ
ش ظ نش هذا المدلول؟ كيف سندل على األظ بأألخفى؟ ثم نب وا على الدليل بقول م :ﯘ ﯙ ﯚ .
شسمعت ويخ اإلسالم تقا الد ش بش تيمية ه قدس الله رشحه ه قول :كيف طلب الدليل على نش هو نليل على
كل واء؟ شكأإ كلي ا نأ نملل ب ذا البيت:
شليس يح ا األذهأإ واء إذا احنأج الن أر إلى نليل.
شنعلوم إ شرون ال ي تعألى ظ للعقول شالفط نش شرون الن أر شنش لم ذلك ا عقله ش ط ته
لين م أ))[ .ندارج السألكيش (.])20/9
304 شرط العلم بمعنى الشهادة
تطَلَّبوا الدليل الخأررا إلثبأت شرونه كمأ ها قة المنكلميش القأئليش بأإ شل الواربأت
هو الشك ا شرون الله تعألى ثم القيد إلى النظ إلثبأت شرونه( )1شذلك ألإ هل
السنة لم عنمدشا العقل المجثن ا إثبأت شرون الله تعألى ه كمأ ها قة بعض المنكلِثميش
ه شإنمأ اسندلوا بأألنلة الق آنية الدالة على شرونه تعألى؛ شاالسندالل بأألنلة الق آنية هو ع
اإلق ار بورونه تعألى ألن م قولوإ عند االسندالل ب أ :قأل تعألى؛ ورون الله تعألى ن
ننقثِر عندهم سلفأ شإنمأ اسندلوا على شرونه نش بأي المعأرضة شن ع الشبَه.
الثانية :إ َإ المنكلِثميش ا إثبأت شرون الله تعألى كل هأ نأخوذ عش الفالسفة
شالفالسفة نضط بوإ ا إثبأت شرون الله تعألى شنن م نش نفى شرونه؛ كألفالسفة
المشأئيش( )2القأئليش بقدم العألم؛ ال جوز للمسلم إ َعنمد على قوال تقون إلى الحي
شاالضط اي ش النوقف ا شرون الله تعألى ش ا ثبوت صفأته.
ش نأ بألنسبة لط إ المنكلميش ا تحييل العلم بألله تعألى ا كلي ؛ ش هم أ نأ
لا:
الطريق األول :االستدالل العقلي على وجود الله تعالى:
شهذا الط ق هم الط إ عندهم شعليه تعو ل م ا إثبأت شرون الله تعألى.
شن انهم بأالسندالل العقلا النظ ( )3المجَّن عش الش ع( )4قألوا :لئال لزم الدشر؛
ألإ الش ع نوقف ثبوته على إثبأت شرون الله تعألى لو ثبت شرونه بألش ع للزم الدشر؛
ألإ كل شاحد نن مأ حينئذ نوقف على اآلخ ( .)5شالدشر عندهم بأ ل ألنه فضا إلى
النسلسل الغي نننأها.
( ) 1المنكلموإ اخنلفوا ا شل الواربأت هل هو الشك ش القيد إلى النظ ش النظ ؟ حذاق م كأبا هأوم
الجبأئا شنش شا قه نش المعنزلة ذهبوا إلى إ شل الواربأت هو الشك .شرم مورهم على إ شل الواربأت هو
النظ شاالسندالل المؤنب إلى المع ة .انظ :نرء النعأرض (.)343/2
ِ
( )2الفالسفة المشَّأؤشإ هم تبأع آرسطو شهم نه ة ننك شإ لليأنع .سموا بذلك :ألإ نعلثم م األشل (آرسطو)
كأإ نش عأنته إ لقا علي م الدرشس شهو نمشى ا رشاإ شهم مشوإ خلفه .انظ :بيأإ تلبيس الج مية
( )100/9شتأر خ الفلسفة اليونأنية ألحمد نيش (ص.)991:
( )3النظ هو الفك الذب طلب به علم ش غلبة ظش ش هو ت تيب نقدنأت علمية ش ظنية لينوصل ب أ إلى تحييل
علم ش غلبة ظش .انظ :المواقف لإل جا ( )992/9شنعألم صول الد ش لل ازب (ص.)22:
( )4شهو النظ ا األع اض ش ن أ الزنة ل رسأم؛ يمننع شرون األرسأم بدشن أ .انظ :نجموع الفنأشى
(.)311/21
( )5انظ :المواقف (.)205/9
304 شرط العلم بمعنى الشهادة
ش قأل ا الجواي عش هذه الشب ة :إ شرون اليأنع لو كأإ شاربأ بألنظ العقلا
للزم الدشر ضأ شذلك ألإ شروي النظ غي ض شرب؛ إذ هو ننوقف على نقدنأت نفنق
إلى نظأر نقيقة شللمكلَّف إ قول ال نظ حنى ع ف شروي النظ شال ع ف شروي
النظ حنى نظ ؛ يلزم ا هذا الدشر ضأ(.)1
شعلى القول بأإ شرون الله تعألى ط ب ض شرب ننفا المحذشر ا ثبوت شرونه
بألش ع ش بألعقل شهو نذهب هل السنة كمأ تقدم نش إ شرون الله تعألى ط ب
ض شرب.
ثم إإ ل م ربعةَ نسألك ا اسندالل العقل على شرون الله تعألى شها نأتجة عش
()3 ()2
سندل بكل العألم إنأ روه ش َعَض شقد َ سب شتقسيم عقلا حأص ؛ حيث قألواَ :
شاحد نن مأ؛ إنأ بإنكأنه ش بحدشثه ذه شروه ربعة(.)4
شهذه الط إ تسبق أ نقدنأت ننطقية عند المنكلميش لم تسلم نش القوانح
شاالعن اضأت النا رن ب أ بعض م على بعض ش بطل ب أ بعض م قول بعض؛ شليس هذا
نوضع بسط أ(.)5
ش نأ هذه المسألك بإ جأز:
المسلك األول :االستدالل بحدوث الجوهر على وجود الله تعالى.
قألوا :هذه قة الخليل صلوات الله شسالنه عليه حيث قأل :ﭺﭻ ﭼﭽ [األنعأم:
]22؛ شها إ العألَم روه شالجوه هو المنحيثز( )6بألذات و حأنث شكل حأنث ال بد له
نش ِ
نحدث كمأ تش د به بد ة العقل؛ إإ نش رى بنأء ر يعأ حأنثأ رزم بأإ له بأنيأ.
( )1انظ :ن هم العلل (ص.)51 :
( )2الجوه ا اصطالح المنكلميش هو اسم لمأ نكب ننه الشاء .شهو المننأها الذب ال قبل االنقسأم كألذر بألنسبة
ل رسأم .شنش خص شصأ ه عندهم النحيز .انظ :الشأنل للجو نا (ص 44:ه )41شو ح المقأصد ا علم الكالم
( )22/2 247/9شالحدشن األنيقة (ص.)79 :
( )3الع ض ا اصطالح م هو :نأ ع ض ش زشل؛ كألسوان شالبيأض؛ شال ورد إال ا نحل قوم به شهو ال بقى زنأنيش.
انظ :بجد العلوم ( )450/2و ح المقأصد ( )940/9المواقف ( )412/9شاإلنيأف للبأقالنا (ص.)92:
( )4المواقف لإل جا (.)7/1
( )5انظ :هذه المقدنأت ا كنأي األصول النا بنى علي أ المبندعة نذهب م ا اليفأت شال ن علي أ نش كالم
ويخ اإلسالم ابش تيمية ( 122/9ه .)122
= ( )6الم ان بألنحيز عند المنأ قة :الج م الشأغل قدرا نش المسأحة .شال ثنم ذلك عندهم إال إذا اننقل ا حيز بعد
302 شرط العلم بمعنى الشهادة
المسلك الرابع :االستدالل بإمكان األعراض مقيسة إلى محالها؛ كمأ اسندل به نوسى
عليه السالم حيث قأل ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [ هه]40 :
ب عطى صورته الخأصة شوكله المعيش المطأبقيش للحكمة شالمنفعة المنو ة به شهو إ
األرسأم ننمأثلة ننفقة الحقيقة لنكب أ نش الجواه المنجأنسة على نأ ع ت أخنيأص
ِ
نخيص له(.)1
كل نش األرسأم بمأ له نش اليفأت رأئز ال بد ا النخييص نش ث
ثم ذك شا بعد هذه الوروه األربعة نليال على إ شرون الله ذاتا زلا قألوا :إ
ندبِث العألَم إإ كأإ شارب الورون و المطلوي شإال كأإ نمكنأ له نؤِث ش عون الكالم
يه ش لزم إنأ الدشر ش النسلسل( )2شإنأ االنن أء إلى نؤث شارب الورون لذاته شاألشل
()1
نعيَّش اللأنا ه ب: بقسميه بأ ل لمأ ن ا ن صد العلة شالمعلول نش األنور العأنة
االنن أء إلى نوث شارب الورون لذاته(.)2
قلت :شهو نأ ع ف عند هل العلم بدليل اإلنكأإ شالوروي .شتوضيحه:
نه تعألى لو كأإ نسنحيل الورون لم يح إ سنند إليه الممكش ا حدشثه
نيور ا العقل شرونه ش أقد الشاء ال عطيه. بداهة ألإ المسنحيل نأال ث
شلو كأإ نمكنأ ال نق ا حدشثه إلى نش ِثرج شرونه على عدنه لمأ تقدم إإ
اسنم ت الحأرة أسنند كل ا شرونه إلى نظي له نش الممكنأت لزم إنأ الدشر القبلا
شإنأ النسلسل ا المؤث ات إلى نأ ال ن أ ة شكالهمأ نحأل.
شإذا اننفى عنه اإلنكأإ شاالسنحألة ثبت له الورون ض شر ألإ قسأم الحكم
العقلا ثالثة شقد اننفى اثنأإ نعيَّش اللألث شهو الوروي ألله تعألى شارب الورون؛
ورونه نش نفسه(.)3
قلت :شنمأ دخل تحت هذه المسألك ضأ نليل النكيب(( :شهو إ ض شر العقل
قأضية بأإ كل ن ثكب و نسبوإ بألغي بعد العدم نأ نسبوقينه بألغي لنقدم رزائه النا
تكب نن أ كمأ هو نشأهد ا المكبأت نلل الس شالجدار .ش نأ نسبوقينه بألعدم نه
نسبوإ بعدم النكيب شكل نسبوإ بألغي شنورون بعد العدم و حأنث لبنة شالعألم
بأس ه نش العلو أت شالسفليأت نأ بيش ن َّكب عقلا كألمأهية المنعلقة شنأ بيش نكب
خأررا كأألرسأم يكوإ ه ب العألم ه ب ننه حأنثأ شالض شر قأضية ضأ بأإ كل حأنث
و نفنق ا شرونه إلى نورد شهو صأنعه النننأع إ ورد نفسه))(.)4
شهذه المسألك النا سلك أ المنكلموإ إلثبأت شرون الله تعألى رنهأ هل السنة
ش نك شا على القأئليش ب أ شذلك ألن أ إ نبندعة نذنونة ا الش ع .كمأ ن أ تفنق إلى
نقدنأت ليست بيِثنة بنفس أ شال مكش إثبأت أ بط ق القطع نلل قول م :إ العألم نكب
عليه شإنمأ سلكت الفالسفة هذه الط قة ألن م ال لبنوإ النبوات شال شإ ل أ حقيقة
كأإ قوى واء عندهم ا الداللة على إثبأت هذه األنور نأ تعلَّقوا به نش االسندالل
ب ذه األويأء .أنأ نلبنو النبوات قد غنأهم الله تعألى عش ذلك شكفأهم كلفة المؤشنة ا
ركوي هذه الط قة المنع رة))( .)1انن ى.
كمأ إ بعض هذه الط إ قد ضت ببعض ح ثذاق م إلى نفا شرون الله تعألى ألإ
ذلك الزن أ.
قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه(( :شكذلك نأ ابندعه ا هذه الط ق ابش سينأ
ش تبأعه نش االسندالل بألممكش على الوارب بطل نش ذلك كمأ قد بسط ذلك ا غي
هذا الموضع شحقيقنه إ كل نورون و نمكش ليس ا الورون نورون بنفسه نع ن م
رعلوا هذا قأ إلثبأت الوارب بنفسه كمأ جعل شلئك هذا قأ إلثبأت القد م.
شكالهمأ نأقض ثبوت القد م شالوارب ليس ا شاحد نن مأ إثبأت قد م شال شارب
بنفسه نع إ ثبوت نورون قد م ششارب بنفسه نعلوم بألض شر .
شل ذا صأر حذاإ هؤالء إلى إ المورون الوارب شالقد م هو العألم بنفسه .شقألوا:
هو الله ش نك شا إ كوإ للعألم ربثأ نبأ نأ للعألم؛ إذ كأإ ثبوت القد م الوارب بنفسه البد
ننه على كل قول ش عوإ شنحوه نمش نك اليأنع نأ كأإ نك هذا الورون المش ون
لمأ كأإ حقيقة قول شلئك سنلزم نه ليس نورون قد م شال شارب لكن م ال ع وإ إ
هذا لزن م بل ظنوإ ن م قأنوا الدليل على إثبأت القد م الوارب بنفسه .شلكش شصفوه
بيفأت الممننع قألوا ال ناخل العألم شال خأرره شال هو صفة شال نوصوف شال شأر
إليه شنحو ذلك نش اليفأت السلبية النا تسنلزم عدنه شكأإ هذا نمأ تنف عنه العقول
شالفط ش ع ف إ هذا صفة المعدشم الممننع ال صفة المورون دليل م ا نفس األن
سنلزم نه نأ ثَ َّم قد م شال شارب شلكش ظنوا ن م ثبنوا القد م شالوارب شهذا الذى ثبنوه
هو نمننع مأ ثبنوا قد مأ شال شاربأ!!))(.)2
ثم إنك تعجب عش هؤالء المنكلميش حيث جعلوإ هذه الط إ ها المورثة لليقيش
ش إ نأ عداهأ ال وصل إلى اليقيش شلذا لزنوإ النأس ب أ ش زعموإ ن أ شل الواربأت
( )1الغنية عش الكالم (ص )30 :ش بيأإ تلبيس الج مية (.)644/9
( )2نحموع الفنأشى ( 941/93ه .)940
399 شرط العلم بمعنى الشهادة
على المكلَّفيش ش إ نش لم لبت شرون الله على قن م ليس بمؤنش يكلِثفوإ العوام بف م
هذه األنور الدقيقة النا قد عجز حنى بعض علمأئ م عش م أ شالقطع ب أ يقعوإ ا
ظلمأت الحي شن أري الشك كمأ هو شاقع كلي نش علمأء المنكلميش نمش سجلوا
اعن ا أت م بأإ هذه الط إ لم توصل م إلى اليقيش ل ِم َِا ر َْشه نش سأن نلن أ ش تكأ ئ أ.
شقد ن واء نش ذلك(.)1
الطريق الثاني :االستدالل النقلي على وجود الله تعالى.
شهذه األنلة النقلية لم سندل ب أ المنكلموإ اسنقالال كمأ ها قة هل السنة
شإنمأ اسندلوا ب أ ألن أ قد شا قت عقول م؛ ا لالعنضأن ال لالعنمأن.
شنش و نأ اسندلوا به اآل أت الدالة على النمأنع( )2شها قوله تعألى :ﭗ
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ ﭫﭬ
[المؤننوإ ]19 :شقوله :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [األنبيأء ]66 :شقوله تعألى:
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [اإلس اء.)3(]46: ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
قألوا :هذه اآل أت نالة على إثبأت شرون الله تعألى؛ للنمأنع ه ب :النننأع
صدشر هذا ال عألم عش إل يش اثنيش()4؛ قي شا نليل النمأنع على إثبأت ال بوبية .شاليحيح
بألنضمش على توحيد ال بوبية.
ث إ نليل النمأنع هو ا تق توحيد األلوهية شهو نال
شتوحيد ال بوبية ه كمأ هو نعلوم ه ن كأنش شنكوز ا الفط ال حأرة إلى إثبأته.
قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه(( :شكلي نش هل النظ زعموإ إ نليل النمأنع هو
نعنى قوله تعألى ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ العنقأنهم إ توحيد ال بوبية الذب ق رشه
هو توحيد اإلل ية الذب بيثنه الق آإ شنعت إليه ال سل ه علي م السالم ه شليس األن كذلك
( )1انظ ( :ص 622 :ه .)621شلمز د نش هذه االعن ا أت انظ :نجموع الفنأشى ( )62/4شاليواعق الم سلة
( 922/9ه 9626/4 922ه .)9623
( )2النمأنع تقدم النع ف به انظ ( :ص.)242 :
( )3رسألة با الحسش إلى هل اللغ (ص 952 :ه )957و ح المقأصد ( )21/2شالنبيي ا الد ش شتمييز
الف قة النأرية (ص.)952 :
( )4شانظ :نأ تقدم ا تع ف النمأنع (ص.)622:
396 شرط العلم بمعنى الشهادة
بل النوحيد الذب نعت إليه ال سل شنزلت به الكنب هو توحيد اإلل ية المنضمش توحيد
ال بوبية شهو عبأن الله شحده ال و ك))(.)1
شقأل ابش با العز ه رحمه الله ه ا تق هذا الدليل شال ن على المنكلميش ا
نخألفة شر ه(( :شقد ظش وائف إ هذا نليل النمأنع الذب تقدم ذك ه شهو نه لو كأإ
للعألم صأنعأإ الخ شغفلوا عش نضموإ اآل ة إنه سبحأنه خب نه لو كأإ ي مأ آل ة
غي ه شلم قل ربأي .ش ضأ إإ هذا إنمأ هو بعد شرونهمأ ش نه لو كأإ ي مأ شهمأ
نورونتأإ آل ة سواه لفسدتأ ش ضأ إنه قأل :ﯥ شهذا سأن بعد الورون شلم قل:
لم وردا .شنلت اآل ة على نه ال جوز إ كوإ ي مأ آل ة ننعدن بل ال كوإ اإلله إال
شاحدا شعلى نه ال جوز إ كوإ هذا اإلله الواحد إال الله ه سبحأنه شتعألى ه ش إ سأن
السموات شاألرض لزم نش كوإ اآلل ة ي مأ ننعدن شنش كوإ اإلله الواحد غي الله ش نه
ال صالح ل مأ إال بأإ كوإ اإلله ي مأ هو الله شحده ال غي .لو كأإ للعألم إل أإ
نعبوناإ لفسد نظأنه كله إإ قيأنه إنمأ هو بألعدل شبه قأنت السموات شاألرض .ش ظلم
الظلم على اإل الإ الش ك ش عدل العدل النوحيد .شتوحيد اإلل ية ننضمش لنوحيد ال بوبية
نشإ العكس؛ مش ال قدر على إ خلق كوإ عأرزا شالعأرز ال يلح إ كوإ إل أ.
قأل تعألى :ﮟﮠﮡ ﮢ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ [األع اف ]919 :شقأل تعألى :ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧﮢ
ﭩ ﭪ ﭫ [النحل ]92 :شقأل تعألى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ [اإلس اء .]46:ش ي أ للمنأخ ش قوالإ :حدهمأ التخذشا سبيال إلى نغألبنه .شاللأنا ه
شهو اليحيح المنقول عش السلف كقنأن شغي ه شهو الذب ذك ه ابش ر شلم ذك غي ه ه:
التخذشا سبيال بألنق ي إليه كقوله تعألى :ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
ﮃ .شهم لم قولوا إإ العألم [المزنل ]91 :شذلك نه قأل :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
له صأنعأإ بل رعلوا نعه آل ة اتخذشهم وفعأء شقألوا ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ [الزن ]3 :بخالف اآل ة األشلى)) . .هه(.)2
شقبل ذك الخالف ا هذه المسألة شبيأإ شره الحق ي أ حسش بنأ إ نعثِف
شنوضح نش هو المقلِثد.
ِث النقليد
ثم إإ نش األصول المسلَّمة النا ال نحل لالخنالف علي أ :إ تقليد النبا غي
الش عة؛ مش قلثدنقيون بألكالم ا حكأم النقليد ألإ تقليد النبا هو الد ش شهو ِ
النبا قد تى بألوارب ألإ تقليد النبا ا ذاته هو الوارب شإال لفأت نقيون
ال سألة شالحكمة نن أ ألإ نش عطا ال سألة شالنبو ن بع ض اإلسالم شال على الكف
لو كأإ اإلسالم ال يح بألع ض شالنقليد لمأ كأإ إلرسأل ال سل حكمة ش أئد (.)1
إذا ثبت هذا إإ النقليد نعنأه ا اللغة :شضع الشاء ا العنق نحيطأ به
كألقالن ()2؛ (( كأإ المجن د رعل الفنوى ا عنق السأئل ش إ السأئل رعل األن ا
عنق المسئول .شكال األن ش صحيح))(.)3
ش ا االصطالح عَّ ه الفق أء بنعأر ف كلي شنش نإ نأ قيل يه :قبول قول نش
ليس قوله نليال بغي نليل(.)4
شهذا النع ف عنب رأنعأ نأنعأ؛ ألنه خ ج العمل بقول ال سول شبأإلرمأع
سمى ذلك تقليدا بل هو اتبأع ألنه اتبأع للحجة شلكش قد سمى تقليدا على شره ال َّ
المجأز شالنوسع(.)5
شب ذا ظ الف إ بيش المقلِثد شالمنبع؛ ألمقلِثد هو الذب عمل بقول نش ليس قوله
حجة بال حجة .ش نأ المنبع و الذب عمل بمأ ثبنت عليه الحجة.
( )1انظ :و ح الفقه األكب (ص )27 :شنخني ابش الحأرب ( )2145/1ش نرء النعأرض (.)441/5
( )2انظ :اليحأح للجوه ب ( )527/2شالقأنوس المحيط ( )225/9بأي الدال ه يل القأف شلسأإ الع ي
( )272/99شاألصول نش علم األصول البش عليميش (ص.)47 :
( )3هأنش تق ب الوصول إلى علم األصول البش رزب الكلبا لمحققه الدكنور نحمد المخنأر بش نحمد األنيش
الشنقيطا (ص.)444 :
( )4انظ :نخني ابش الحأرب ( )9244/2شاإلحكأم لآلندب ( )217/4شالعد ألبا على (.)9292/4
( )5انظ :لوانع األنوار الب ية (ره )227/9شإروأن الفحول ( )145/2شاألصول نش علم األصول (ص.)47 :
392 شرط العلم بمعنى الشهادة
ش ا هذا المعنى قول ابش خواز نندان( )1ه نش علمأء المألكية ه(( :كل نش اتبعت
قوله نش غي إ جب عليك قبوله لدليل ورب ذلك أنت نقلِثده ...شكل نش شرب
عليك الدليل اتبأع قوله أنت ننبعه))( )2انن ى.
هذا نأ نعلَّق بنع ف النقليد شالف إ بينه شبيش االتبأع.
ثم إإ النقليد نش االصطالحأت النا حيل ي أ االونبأه بسبب نزا دات علمأء
الكالم يه؛ حيث إإ النقليد ا اصطالح م نأ خألف قن م ا تق األنلة شتح هأ
مش لم كش على قن م ا النظ شاالسندالل و المقلِثد شال إ مأإ لمقلِثد عندهم(.)3
شقد وأعوا هذه المقألة حنى اسنق ا كلي نش األذهأإ إ النقليد ن انف لعدم النظ ا
علم الكالم شب ذا صأر النقليد طلق على نعنييش المعنى األشل نعنى حقيقا :شهو الذب
تقدم نش إ النقليد هو العمل بقول نش ليس قوله إحدى الحجج بال حجة .شالمعنى اللأنا
نعنى نخن ع شهو االقنيأر على النظ على قة السلف بدشإ نظ خأص(.)4
ثم إإ النقليد ه بألمعنى الحقيقا ه إنأ إ كوإ ا ذات المع ة بألنوحيد ش كوإ
للمع ة بألنوحيد؛ أنأ النقليد ا ذات المع ة ذا ال يح به اإل مأإ بأالتفأإ ألإ اإل مأإ
ال نحقق إال بألعلم المفيد للجزم شاليقيش شالمقلِثد ا المع ة ال حيل له هذا العلم المفيد
لليقيش.
شقد نقل اإلرمأع على ذلك المعلِثما ه رحمه الله ه حيث قأل ا ((ر ع االونبأه))(:)5
((شعلى هذا ال كوإ خالف حقيقا ا إ النقليد بمعنأه الحقيقا ال كفا ا صول
الد ش شال سيمأ صل األصول شهو ال إله إال الله)).
( )1ابش خواز ش خو ز نندان هو :نحمد بش علا بش إسحأإ بش خو ز نندان ش قأل خواز نندان الفقيه المألكا
كنى بأ عبد الله شقيل :بأ بك .تفقه بأبا بك األن ب شسمع نش با بك بش ناسة ش با إسحأإ
ال جيما شغي همأ شصنف كنبأ كلي نن أ :كنأبه الكبي ا الخالف شكنأبه ا صول الفقه شكنأبه ا حكأم
الق آإ تو ا ا شاخ المأئة ال ابعة .انظ :لسأإ الميزاإ (.)219/5
( )2رأنع بيأإ العلم ش ضله ( )111/2ق (.)9415
و قول لشذاذهم ( )3الحكم بعدم صحة إ مأإ المقلِثد ليس نذهبأ لجميع المنكلميش بل رم ورهم على خال ه
شغالت م .انظ :نرء النعأرض ( 407/7ه )449 404ش نح البأرب ( 122/91ه .)121
( )4ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص )75 :بني ف.
(( )5ص.)75 :
392 شرط العلم بمعنى الشهادة
األشلى :صحة اإل مأإ بألنقليد .شاللأنية :تأثيم العأنل بألنقليد .شاللأللة :إ النقليد
ق شليس تحقيقأ .نأ المسألة األشلى إإ هل السنة نجمعوإ ه ا الجملة ه على إ
النقليد إذا قأن إلى العلم اليحيح بألعقأئد إإ اإل مأإ يح به شذلك خال أ لبعض
المنكلميش نمش ال يححوإ إ مأإ المقلِثد ش.
ش نأ المسألة اللأنية ه شها تأثيم العأنل بألنقليد ه ذه ها النا شقع النهزاع ي أ بيش
هل السنة؛ ألقأئلوإ بوروي النظ أثِموإ نش ن ك النظ ش عمل بألنقليد()1؛ شنش ى
رواز النقليد لحيول المع ة بألنوحيد ال قول بنأثيم تأرك النظ شاالسندالل للمع ة
نطلقأ(.)2
شكلي نمش ال ننبَّه إلى هأتيش المسألنيش لحق خالف هل السنة القأئليش بوروي
النظ بخالف المنكلميش الذ ش ال يححوإ إ مأإ المقلِثد يَهْن ِسب ه خطأ ه إلى هل السنة
القأئليش بوروي النظ القول بعدم صحة إ مأإ المقلِثد.
ش نأ المسألة اللأللة ه شها إ النقليد ق شليس تحقيقأ ه ألم ان نه ق قون إلى
العلم اليحيح بألعقأئد شليس الم ان إ ذات النقليد نحقق به اإل مأإ .ششره ذلك :نه إذا
سمى بعد ذلك نقلِثدا ا الحقيقة ألإ حيل للمقلِثد اعنقأن العلم اليحيح بألعقيد ال َّ
ِ
المؤنب إلى هذا
االعنقأن ال كوإ إال عش علم ش قيش شإنمأ كأإ تقليده ا الط ق ث
االعنقأن شذلك نه إذا علم الحق شاعنقده صأر عألمأ رأزنأ؛ ألعلم شالنقليد ضدَّاإ
شالضداإ ال جنمعأإ شال تفعأإ.
إذا ثبت هذا إإ رمأهي هل السنة ال وربوإ النظ شاالسندالل للمع ة
بألنوحيد ألإ العلم عندهم قد حيل بألنقليد شالنقليد رأئز عندهم ا الجملة(.)3
( )1القأئلوإ بوروي النظ نش هل السنة :نن م نش وربه على كل حد حنى على العأنة شالنسأء شنن م نش قي ه
على القأنر نشإ العأرز .انظ :نجموع الفنأشى (.)606/60
قة السلف شهو النظ ( )2ليس ن ان هل السنة بألنظ هنأ النظ الذب حدثه المنكلموإ شإنمأ ن انهم النظ على
ا األنلة الش عية شاسننبأه األحكأم نن أ حنى نوصل النأظ نش خالل ذلك إلى المع ة اليقينية بنوحيد الله
عز رل شإ انه بألعبأن .شهو نأ عب عنه بعض هل السنة بألنظ الخأص .انظ :نجموع الفنأشى
( )606/60شر ع االونبأه للمعلما (ص.)24 :
( )3انظ :و ح الفقه األكب (ص )95 :شالمف م لمأ وكل نش تلخيص كنأي نسلم ( )942/9شنرء النعأرض
= ( )449/7شنجموع الفنأشى البش تيمية ( 201 202/20ه )204شإروأن الفحول للشوكأنا ( 144/2ه
391 شرط العلم بمعنى الشهادة
شبعض هل السنة ننع النقليد نطلقأ شنش ذلك النقليد لنحييل العلم بمعنى
و أن النوحيد ش قولوإ هو عأص بن ك نأ شرب عليه نش النظ ( )1شاالسندالل( .)2شهو
نذهب ابش ر الطب ب( )3ه رحمه الله ه شاخنأره رمع نش المنأخ ش نن م :المعلما( )4ه
رحمه الله ه ش شنأ إليه ويخ اإلسالم نحمد بش عبد الوهأي ا األصول اللالثة حيث قأل:
(( جب على كل نسلم شنسلمة تعلم ثالثة نسأئل)) .شذك نن أ(( :نع ة الله تعألى بأألنلة))(.)5
ش يمأ لا نذك نلة الف قيش نش هل السنة شنبيِثش ال ارح نن أ:
أوالً :أدلة المجيزين للتقليد للمعرفة بالتوحيد:
اسندل هل السنة المجيزشإ للنقليد ا المع ة بش أن النوحيد ال إله إال الله بأنلة
كلي نن أ:
9ه عموم قوله تعألى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ [النحل.]43 :
قألوا :فا هذه اآل ة رود الله تعألى نش ال علم إلى سؤال هل الذك شهم
العلمأء شذلك ا عموم المسأئل دخل صل الد ش لو كأإ العمل بألنقليد ا صول
الد ش ال جوز لمأ ن نأ الله تعألى بأألخذ عن م.
شاآل ة ا سيأإ إثبأت ال سألة شهو نش صول الد ش.
شألإ العأنا ال نمكش نش نع ة الحق بأنلنه إذا تعذر عليه نع ة الحق بنفسه لم
[النغأبش.)6(]92 : بق إال النقليد؛ لقوله تعألى :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
6ه كمأ اسندلوا ضأ بإرمأع السلف على قبول الش أنتيش نش غي إ قول
لقأئل مأ :هل نظ ت()1؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= .)159
قة المنكلميش كمأ تقدم.
( )1الم ان بألنظ هنأ النظ ا النيوص شليس النظ على
( )2إال ن م يححوإ إ مأإ المقلِثد كمأ تقدم.انظ :و ح الفقه األكب (ص )95:شنرء النعأرض (449/7
)15/4البح المحيط للزركشا ( )274/2شإروأن الفحول (.)141/2
( )3انظ :النبيي بمعألم الد ش (ص.)991 :
( )4انظ :ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص.)75 27:
( )5انظ :األصول اللالثة ش نلن أ ضمش نجموع نؤلفأت الشيخ اإلنأم نحمد بش عبد الوهأي القسم األشل العقيد
شاآلناي (ص.)945 :
( )6انظ :األصول نش علم األصول (ص.)55 :
360 شرط العلم بمعنى الشهادة
شقألوا ضأ :إإ العوام نش األع اي كأنوا حض شإ إلى النبا ش نلَّفظوإ بكلمنا
ض نظ ا ذلك شال اسندالل لو ِ
الش أن شكأإ حكم بيحة إ مأن م شلم كلثف م َ
كأإ النظ شاربأ لمأ ت ك األن به(.)2
3ه شاسندلوا ضأ بإرمأع المسلميش على إ المكفوف قلِثد نش لق بخب ه ا
تعييش ر ة القبلة؛ ألنه ال قدر على كل نش ذلك(.)3
إذا رأز النقليد ا و ه اليال الذب هو القبلة رأز كذلك ا و ه النوحيد
الش أن نش ركأإ اإلسالم الذب هو العلم بمعنى الش أن بجأنع إ كالًّ نش َّ
اليال ش َّ
ش صول اإل مأإ(.)4
4ه كمأ اسندلوا ضأ بألقيأس قألوا :نه لمأ كأإ النقليد قأ لمسأئل الف شع
كذلك رأز إ كوإ قأ لمسأئل األصول نش حيث إإ كل شاحد نن مأ نعلَّق
بألنكليف نش ر ة الله ه سبحأنه شتعألى ه؛ كمأ كلثفنأ اعنقأن األحكأم قلَّدنأ العلمأء
كذلك كلثفنأ اعنقأن األصول قلَّدنأ(.)5
ثانياً :أدلة من ذهب من أهل السنة إلى منع التقليد لمعرفة أصول الدين ومناقشتها:
اسندل هل السنة المأنعوإ للنقليد ا صول الد ش بأنلة كلي نن أ:
9ه عموم اآل أت القأضية بذم النقليد نطلقأ شالنا نن أ قوله تعألى :ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ
[البق ]920:شقوله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ [المأئد ]904 :شقوله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(= )1انظ :نرء النعأرض ( )404/7شإروأن الفحول للشوكأنا (.)141/2
( )2انظ :الدر يمأ جب اعنقأنه البش حزم (ص 110 :ه )119شالمعيأر المع ي ( )457/2شلوانع األنوار الب ية
(.)221/9
( )3انظ :رأنع بيأإ العلم ش ضله (.)115/2
( )4انظ :نجموع الفنأشى (.)29/2
( )5الواضح ا صول الفقه البش عقيل ( 632/4ه .)631
369 شرط العلم بمعنى الشهادة
على شروي النظ شاالسندالل بل غأ ة نأ ي أ األن بألعلم شهو حيل بغي نظ خأص؛
كألنقليد(.)1
شعلى ض إ اآل ة نوربة للعلم االسنداللا نكوإ ا حق القأنر عليه شالعأنا
عأرز عنه ف ضه النقليد حينئذ كمأ قأل تعألى :ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ [النحل.]43 :
ش نأ القول بأإ الله تعألى ن بألندب شالنفك شالنظ إإ ذلك نش شه بألوسع شالطأقة
شالنقليد ال جوز إال نع العجز شالضيق.
ش نأ قول م :إإ ا تقليد المقلِثد رروعأ إلى خب ه شخب ه ن نن بيش اليدإ شالكذي...
إلى آخ ه .يقأل يه :إإ المقلِثد ضه إ قلِثد نش غلب على ظنه نه نييب للحق شغلبة الظش
كألجزم تن َّهزل ننهزلة القطع كمأ وأر إليه الحأ ظ ابش حج ا ((الفنح))(.)2
ن رح إذإ عدم شروي النظ شاالسندالل لنحييل المع ة بش أن النوحيد ال إله إال الله.
شنمأ عضد ذلك :إ النظ شاالسندالل الخأص ليس نقيونا ا نفسه شإنمأ هو ق إلى
حيول العلم حنى يي بحيث ال ن نن؛ مش حيل له هذا االعنقأن الذب ال وك يه نش غي
اسندالل خأص كنقليد نش علم نه نييب قد صأر نؤننأ (.)3
قول الغزالا ه رحمه الله ه (( :إذا بلغ ال رل العأقل بأالحنالم ش السش ضحو ن أرا
نلال أشل شارب عليه تعلم كلمنا الش أن ش م نعنأهمأ شهو قول« :ال إله إال الله نحمد
( )1قول ويخ اإلسالم ابش تيمية ه رحمه الله ه (( ألعلم قد حيل بال نظ خأص بل بط إ خ نش اضط ار
شانظ :المف م (])202/20 شكشف شتقليد نش علم نه نييب شغي ذلك))[ .نجموع الفنأشى
( )942/9ش نح البأرب (.)121/91
( )2لفظ الحأ ظ كمأ ا (الفنح) ((( :)40/9لجواز إ الإ العلم على الظش الغألب شننه قوله تعألى :ﯕ ﯖ ﯗ
[الممنحنة.))]90 :
ﯕ ﯖ ﯗ شقأل ويخ اإلسالم رحمه الله ...(( :العلم ننأشل اليقيش شاالعنقأن ال ارح؛ كقوله تعألى
[الممنحنة .]90 :ش إ تخييص لفظ العلم بألقطعيأت اصطالح المنكلميش)) انن ى[ .االسنقأنة.])54/9( :
نيور يه
ششره االسنش أن ب ذه اآل ة على تنأشل العلم لغلبة الظش إ العلم بإ مأإ هؤالء الم أر ات ال كأن ث
اليقيش شذلك نش شر يش :األشل :إ اإل مأإ يه رأنب قلبا (=االعنقأن) شهذا نأ ال سبيل إلى نع نه البنة.
شاللأنا :ألإ اليقيش ا نع ة إ مأإ وخص ه على ض تسليمه ه حنأج إلى ول نش نخألطة شنحو ذلك
شهؤالء تيش النو نش بالن الش ك.
( )3انظ :البح المحيط للزركشا ( )274/2شإروأن الفحول للشوكأنا (.)141/2
363 شرط العلم بمعنى الشهادة
رسول الله» .شليس جب عليه إ حيل كشف ذلك لنفسه بألنظ شالبحث شتح األنلة
بل كفيه إ ي ثِدإ به ش عنقده رزنأ نش غي اخنالج ر ب شاضط اي نفس شذلك قد حيل
بمجَّن النقليد شالسمأع نش غي بحث شال ب هأإ؛ إذ اكنفى رسول الله نش رالف الع ي
بألنيد ق شاإلق ار نش غي تعلم نليل( )1إذا عل ذلك قد نى شارب الوقت شكأإ العلم
الذب هو ض عيش عليه ا الوقت تعلم الكلمنيش ش م مأ شليس لزنه ن شراء هذا ا
الوقت بدليل نه لو نأت عقيب ذلك نأت نطيعأ لله غي عأص له))(.)2
ش قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه (( :نأ ا المسأئل األصولية كلي نش المنكلمة
شالفق أء نش صحأبنأ شغي هم نش ورب النظ شاالسندالل على كل حد حنى على العأنة
شالنسأء حنى وربوه ا المسأئل النا تنأزع ي أ ضالء األنة قألوا :ألإ العلم ب أ
شارب شال حيل العلم إال بألنظ الخأص .ش نأ رم ور األنة على خالف ذلك؛ إإ نأ
شرب علمه إنمأ جب على نش قدر على تحييل العلم شكلي نش النأس عأرز عش العلم
ب ذه الدقأئق كيف كلَّف العلم ب أ؟ ش ضأ ألعلم قد حيل بال نظ خأص بل بط إ
خ نش اضط ار شكشف شتقليد نش علم نه نييب شغي ذلك))( .)3انن ى.
شنمأ دل على ضعف القول بوروي النظ شتح م النقليد ا المع ة بألنوحيد :إ
هذا القول يه إلزام للعأنة بأالرن أن شهو تكليف ل م بمأ ال طيقوإ؛ إذ ((لو اونغلوا بعلم
نأ يي شإ به نجن د ش النقطعوا عش المعأ ش شالح اثة شالزراعة شخثِبت الدنيأ شهلك
الخلق شانقطع النسل شت ك الج أن شخ بت الدنيأ شال سبيل إلى هذا شقد قأل الله تعألى:
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ))(.)4
ِ
الميحح لإل مأإ شنمأ تجدر اإلوأر إليه هنأ :إ النقليد الذب حيل به و ه العلم
ث
هو النقليد المؤنب إلى العلم اليحيح ا نفس األن ؛ إذا حيل للمقلِثد هذا العلم صح إ مأنه
شال إثم عليه شكأإ عمله صألحأ نأ نام نه قد ارن د ا تقليد نش قلِثده()5؛ ((ألنه قد عل نأ
ن ه الله تعألى به شاتبع نش ن ه بأتبأعه))( .)1ش نأ إذا لم حيل له هذا العلم بل حيل نأ
نأقضه ل يح إ مأنه ش ال يح؟ ذه نسألة اإلعذار بألج ألة شسنأتا.
نخلص نمأ سبق إ هل السنة ننفقوإ على إ النقليد ه على المعنى الحقيقا ه ق
حيل به العلم بألنوحيد إال ن م نخنلفوإ ا تأثيم نش ن ك النظ ش عمل بألنقليد شاألكل شإ
على نه ال إثم عليه ألإ النظ ليس نقيونا ا نفسه.
ثم إإ نمأ بيِثش إ العلم بال إله إال الله ليس اسندالليأ ا صله إ الله تعألى شضع
العلم بنوحيده ا العبأن ا صل الفط قأل تعألى :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞﯟ [ال شم ]30 :شقأل ه كمأ ا الحد ث القدسا ه «خلقت عبأنب حنفأء كل م»(.)2
ذه نلة إ العلم بال إله إال الله ط ب شلكش قد ط عليه نش خأرج الفط نأ فسده
إذا انجلى هذا الفسأن عأن األن إلى صله يكوإ العلم ب أ نش وأإ الفط ش صل
الخ ْل َقة شال قأل ا نلل هذا نه نحنأج إلى اسندالل. ِ
كمأ نه ال قأل إنه نقلِثد بعد إ عأن األن إلى صله بل المقيون إ النقليد ق
حيل به العلم بألنوحيد إذا حيل العلم بألنوحيد عأن إلى كونه ط أ ال اسندالليأ.
لبت إ اليحيح عدم شروي االسندالل لمع ة النوحيد ش نه بحيول العلم ننفا
النقليد.
نع األخذ ا االعنبأر إ العلم الذب كوإ عش نظ شاسندالل على نررة نش العلم
النأوئ عش تقليد(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذا ال ؤاخذ إإ خطأ كمأ ا القبلة ش نأ إإ قلد وخيأ نشإ = نأ قدر عليه نلله نش االرن أن ا النقليد
ذا نش هل الجأهلية شإإ كأإ ننبوعه نظي ه بمج ن هواه شني ه بيده شلسأنه نش غي علم إ نعه الحق
نييبأ لم كش عمله صألحأ شإإ كأإ ننبوعه نخطئأ كأإ آثمأ كمش قأل ا الق آإ ب ه إإ صأي قد
خطأ شإإ خطأ لينبو نقعده نش النأر)) [نجموع الفنأشى ( 79/7ه .])72
( )1الدر يمأ جب اعنقأنه (ص .)119:شانظ :المحلى (.)29/9
( )2تقدم تخ جه ا (ص.)277 :
( )3انظ :نرء النعأرض (.)441/5
364 شرط العلم بمعنى الشهادة
723 شرط العلم بمعنى الشهادة
ومما جاء في معناه االصطالحي قول أبي الحسين النوري((( :)1التصوف ترك كل حظ
للنفس))( ،)2وقول الجنيد ـ لما سئل عن التصوف ـ(( :أن تكون مع الله تعالى بال عالقة))(،)3
وقول الشبلي( )4ـ من ساداتهم ـ(( :التصوف هو العصمة عن رؤية الكون))( .)5ومن ذلك ما
جاء عن أبي الحسين بن سمعون( )6ـ لما سأله رجل عن التصوف ما هو ـ فقال(( :إن له
اسماً وحقيقة ،فعن أيهما تسأل؟ فقال :عنهما جميعاً .فقال :أما اسمه ،فنسيان الدنيا
ونسيان أهلها .وأما حقيقته ،فالمداراة مع الخلق ،واحتمال األذى منهم من جهة الحق))(.)7
هذا ما يتعلق بتعريف التصوف في اللغة واالصطالح بإيجاز.
والمراد بالصوفية هنا :الصوفية الغالية ،أصحاب القول بوحدة الوجود واالتحاد.
وأما ما يتعلق ببيان موقفهم من شرط العلم؛ فإن مما يبيِّن هذا الموقف أن ألعالم هذه
حد المعرفة بالله وماهيتها ،وفي صفات العارف بالله ،وهي وإن اختلفت فيالفرقة عبارات في ِّ
ـــــــــ
( )1هو :أحمد بن محمد الخراساني البغوي الزاهد ،شيخ الطائفة بالعراق ،صحب السري السقطي وغيره ،وكان الجنيد
يعظمه .كان يقول بفناء األوصاف النفسانية ونحوها ،توفي قبل الجنيد ،وذلك في سنة خمس وتسعين ومئتين .انظر:
طبقات الصوفية ( 361ـ ،)361وحلية األولياء ( 211/35ـ ،)255وسير أعالم النبالء ( 05/31ـ .)06
( )2طبقات الصوفية للسلمي (ص.)366 :
( )3نقالً عن الرسالة القشيرية (.)552/2
( )4هو :أبو بكر الشبلي البغدادي .مختلف في اسمه واسم أبيه ،فقيل :اسمه دلف بن جحدر ،وقيل :جعفر بن يونس،
وقيل :جعفر بن دلف .أصله من الشبلية قرية ومولده بسامراء .كان فقيهاً عارفاً بمذهب مالك ،تبع القوم وكتب
الحديث عنهم ،وكانت تحصل له أحوال أقرب ما تكون إلى السكر والغيبة فيقول أشياء منكرة كعادة من سلك هذا
الطريق ،فأمره فيها إلى الله .وكان رحمه الله لهجاً بشعر الغزل والمحبة ،وله ذوق في ذلك ،وله مجاهدات عجيبة
انحرف منها مزاجه ،توفي ببغداد سنة أربع وثالثين وثالث مئة عن نيف وثمانين سنة .انظر :طبقات الصوفية (ص:
110ـ ،)118وحلية األولياء ( 166/35ـ ،)105وسير أعالم النبالء ( 160/35ـ .)161
( )5نقالً عن المصدر السابق (.)551/2
( )6هو :أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس البغدادي شيخ زمانه ببغداد ،مولده سنة ثالث مئة،
وسمعون هو لقب جده إسماعيل .سمع أبا بكر بن أبي داود وهو أعلى شيخ له ،ومحمد بن مخلد العطار،
ومحمد بن عمرو بن البختري ،وغيرهم ،وكان ثقة ديناً مأموناً .حدث عنه أبو عبد الرحمن السلمي وعلي بن
طلحة المقرئ ،وأبو محمد الخالل .توفي سنة سبع وثمانين وثالث مئة .انظر :تاريخ بغداد ( 201/3ـ ،)200
وطبقات الحنابلة ( 355/2ـ ،)362وسير أعالم النبالء ( 555/36ـ .)535
( )7شعب اإليمان للبيهقي ( )156/6برقم (.)8553
723 شرط العلم بمعنى الشهادة
قلت إن جميعها يرمي إلى اللفظ والمبنى ،فهي تتفق في المغزى والمعنى .وال أكون مجازفاً إذا ُ
القول باالتحاد( )1ووحدة الوجود( .)2وفيما يلي ذكر لبعض هذه العبارات والتعليق عليها.
يقول ابن عربي في صفة العارف بالله(( :العارف من يرى الحق في كل شيء ،بل يراه
عين كل شيء))(.)3
َ
وهذه العبارة في صفة العارف بالله عند ابن عربي تتضمن ما أشرت إليه آنفاً من عقيدة
االتحاد ووحدة الوجود؛ حيث عد العارف بالله هو من يرى الله في كل شيء ،بل هو عين كل
شيء ،أي ُمت ِّحد بجميع األشياء؛ فوجودها عين وجوده ـ تعالى عن ذلك علواًكبيراً.
وهذا ما تدعو إليه الصوفية الوجودية ،وهو إنكار ثنائية الوجود ،واعتقاد أن الوجود
واحد كما تقدم في تعريف وحدة الوجود(.)4
ومن عباراتهم المنخرطة في صفة العارف بالله ،والتي تصب في معين عقيدة وحدة
الوجود أيضاً :قول الدباغ( )5ـ وهو من كبرائهم ـ(( :العارفون أهل الباطن ،يشاهدون عبادة كل
مخلوق عبادة لله تعالى ،وتسبيحه له ،ألنه ال يخرج أحد عن عبادته))(.)6
وهذه العبارة كسابقتها صريحة في تقرير وحدة الوجود ،حيث وصف فيها الدباغ العارفين
بالله بأنهم الذين يرون الشرك بعبادة المخلوق عبادة لله تعالى؛ ألن العارف عندهم ـ كما مر
في عبارة ابن عربي ـ من يرى الحق في كل شيء.
وهذا ما ترمي إليه الصوفية الوجودية من أن عبادة غير الله ،هي في الحقيقة تقع عبادة
لله؛ إذ ال فرق عندهم بين العابد والمعبود وبين الرب والمربوب(( ،فهو العابد باعتبار تعينه
ـــــــــ
( )1االتحاد تقدم التعريف به .انظر( :ص)05 :
( )2وحدة الوجود تقدم التعريف بها .انظر( :ص.)06 :
( )3فصوص الحكم (ص.)115 :
( )4انظر( :ص.)06 :
( )5هو :عبد العزيز بن مسعود الدباغ ،صوفي شاذلي ،ولد بفارس سنة ( )3155هـ ،أخذ التصوف عن عمرو بن
محمد الهواري الشاذلي ،ثم صار شيخاً من مشايخ الصوفية ،مع أنه أمي ،وألتباعه مبالغة في الثناء عليه ،ونسبة
الخوارق إليه ،وقد صنف تلميذه أحمد بن المبارك السلجماسي (اإلبريز من كلم سيدي عبد العزيز) ،ترجم له،
ونقل أقواله ،توفي الدباغ بفارس سنة ( )3312هـ .انظر :معجم المؤلفين ( ،)262/5وعقيدة الصوفية وحدة
الوجود الخفية (ص.)251 :
( )6اإلبريز (ص.)321:
773 شرط العلم بمعنى الشهادة
وتقيده بصور العبد التي هي شأن من شئونه الذاتية ،وهو المعبود باعتبار إطالقه))( ،)1وقد مر
من عباراتهم ما يشير إلى ذلك عند الكالم على مبحث :معنى ال إله إال الله عند االتحادية
والوجودية ،فال داعي لتكرارها هنا.
ومن العبارات المنخرطة أيضاً في معنى المعرفة ما جاء عن الواسطي( )2ـ من كبرائهم ـ(( :ال
تصح المعرفة ،وفي العبد استغناء بالله وافتقار إليه))()3؛ فجعل من شرط صحة المعرفة
االستغناء عن الله وترك االفتقار إليه.
وقد شرح هذه العبارة القشيري( )4في رسالته ،بعد أن نقلها عن الواسطي بما يتفق مع عقيدة
وحدة الوجود حيث قال(( :أراد الواسطي بهذا أن االفتقار واالستغناء من أمارات صحو العبد وبقاء
رسومه ـ [أي :عدم إحساسه بالوحدة] ـ ،ألنها من صفاته ،والعارف محو في معروفه ـ [أي الله] ـ،
فكيف يصح له ذلك ،وهو الستهالكه في وجوده ـ [أي :في وجود الله] ـ ،أو الستغراقه في
شهوده ،إن لم يبالغ الوجود ُمختَطف ـ [أي مغيب] ـ عن إحساسه بكل وصف هو له))(.)5
وقريب من عبارة الواسطي في معنى المعرفة ما نُسب إلى أبي يزيد البسطامي( )6من
القول(( :عجبت ممن عرف الله كيف يعبده؟))(.)7
قلت :وهذا غاية التحقيق في المعرفة عند غالة الصوفية ،وهي إسقاط التكاليف عن
أنفسهم ،حتى قال قائلهم:
ـــــــــ
( )1هامش مصرع التصوف للشيخ عبد الرحمن الوكيل (ص.)56 :
( )2لم يتبيِّن لي.
( )3الرسالة القشيرية (.)651/2
( )4هو :أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن الشافعي ،الفقيه المفسر ،تفقه على أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي،
واألستاذ أبي إسحاق اإلسفراييني ،وابن فورك ،وحدث عن أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف صاحب أبي
العباس الثقفي ،وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن اإلسفراييني .وكان حسن الوعظ مليح العبارة ،توفي سنة
( .)165انظر :سير أعالم النبالء ( 220/38ـ ،)211وكشف الظنون (.)150/3
( )5المصدر السابق (.)651/2
( )6هو :أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامي ،المتوفى سنة ( )263هـ ،كان جده شروسان مجوسياً
فأسلم ،وأبو يزيد من غالة الصوفية المؤمنين بعقيدة بوحدة الوجود ،أخذ هذا المذهب عن رجل هندي ،اسمه
أبو علي السندي .انظر :سير أعالم النبالء ( ،)86/31وعقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص.)332 :
( )7نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية ،وعزاه إلى النور من كلمات أبي طيفور للسهلكي (ص.)351 :
773 شرط العلم بمعنى الشهادة
الم َكلف؟
يا ليت شعري من ُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق والعبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق
أو قلت :رب أنى يُكلف()2؟ ()1
إن قل ـ ـ ـ ــت :عب ـ ـ ـ ــد ف ـ ـ ـ ــذاك مي ـ ـ ـ ــت
ومن العبارات المندرجة تحت هذه العقيدة أيضاً في معنى ((االمعرفة)) ما قاله أحمد
المستغانمي( )3في حقيقة العارف(( :ينادي لسان حال العارف :إلهي أنت العابد
والمعبود))(.)4
هذه بعض العبارات عن الصوفية في معنى المعرفة وصفة العارف بالله ،وهي ـ كما
سبق ـ ترمي إلى عقيدة وحدة الوجود واالتحاد العام المناوئة لعقيدة اإلسالم.
وهذه المعرفة مناقضة بال شك وال ريب للعلم الصحيح بمعنى كلمة التوحيد ال إله
إال الله ،الذي هو شرط في قبولها؛ فكلمة ال إله إال الله تعني عندهم ال موجود إال الله ،وال
معبود في الكون غير الله ،فالذي يعبد الصنم أو الوثن هو عابد لله في الحقيقة .فأي معرفة
بالله وتوحيده عند أصحاب هذه العقيدة؟!! فالمعرفة بالله عند هؤالء هي عين الجهل به
بل وبأنفسهم .أعاذنا الله من الضالل.
تحقق المعرفة الصحيحة بالله تعالى وسيأتي مزيد تفصيل وبيان أن هذه المعرفة ال ِّ
وتوحيده عند مبحث جهل أهل الحلول واالتحاد بالله تعالى وتوحيده(.)5
ـــــــــ
( )1في بعض الروايات (رب).
( )2الفتوحات المكية البن عربي (.)12/3
( )3هو :أحمد مصطفى العلوي المستغانمي ،من صوفية الجزائر ،شاذلي الطريقة ،ولد في مستغانم (في الجزائر)،
سنة ( )3213هـ ،له مؤلفات منها :المنح القدوسية ،ولباب العلم في تفسير سورة النجم ،واألبحاث العلوية في
الفلسفة اإلسالمية ،توفي في مستغانم سنة ( .)3151انظر :األعالم للزركلي (.)258/3
( )4المنح القدوسية (ص.)281 :
( )5انظر( :ص 105 :ـ .)181
772 شرط العلم بمعنى الشهادة
المبحث الرابع :من زعم أن العلم بالمشهود له كاف لصحة اإليمان من المرجئة مع
بيان شبههم ونقدها.
المقصود بالعلم بالمشهود له مجرد المعرفة العامة بالله تعالى التي تكون فطرية كما
تقدم .فلما كانت هذه المعرفة مما يدخل تحت شرط العلم بال إله إال الله( ،)1ناسب
ونحن نتكلم عن شرط العلم أن نذكر من جعل هذه المعرفة كافيةً لصحة التوحيد واإليمان من
طوائف أهل اإلسالم المنحرفة في باب اإليمان.
عرف بهذه الطوائف وأبيِّن شبههم في اعتبارهم العلم بالله تعالى كافياً لصحة وقبل أن أ ِّ
قدم فأقول :أن المعرفة بالله تعالى غير كافية لتحقيق شرط العلم بال إله إال الله فضالً اإليمان ،أُ ِّ
عن أن تكون كافيةً لصحة اإليمان.
العلم بتوحيده وإفر ِّاده بالعبادة،
ووجه ذلك :أن شرط العلم يتضمن مع معرفة الله تعالى َ
يؤد له حقه لم يعرفه على الحقيقة ،ومن عرفه لزمه الذي هو العلم بحقه على من عرفه .فمن لم ِّ
تأدية حقه عليه.
كما أن اإليمان عند أهل السنة يتضم ن قول اللسان ،واعتقاد الجنان ،وعمل
الجوارح واألركان ،ال يجزي واحد عن الثالثة إال باآلخر ـ كما مرت حكاية إجماعهم
على ذلك(.)2
والمعرفة بالله هي مما يدخل تحت اعتقاد الجنان ،وليست هي جملة اعتقاده بل
ال بد أن تنضم إليها أعمال القلوب األخرى( )3التي تضمنتها شروط كلمة اإلسالم "ال إله
إال الله" التي سيأتي تفصيلها الحقاً في ثنايا الكالم.
فبان إذن أن مجرد العلم بالله تعالى غير كاف لصحة اإليمان.
وأما ما يتعلق بالتعريف بأصحاب هذه المقالة من المرجئة ،وذكر شبههم ونقدها،
فسيتضح من خالل المطالب التالية:
المطلب األول :التعريف بالمرجئة.
كلمة ((المرجئة)) اسم فاعل من اإلرجاء ،واإلرجاء يأتي في اللغة على معنيين:
ـــــــــ
( )1انظر( :ص.)211 :
( )2انظر( :ص.)301 :
( )3انظر :شرح حديث جبريل ( ص ،)120 :ومجموع الفتاوى (.)602/0
777 شرط العلم بمعنى الشهادة
األول :التأخير؛ تقول(( :أرجأت كذا)) تريد أخرته .وفي التنـزيل قوله تعالى :ﮒ
ﮓ ﮔ [األعراف ]333 :أي :أخره وأمهله.
والمعنى الثاني لإلرجاء :إعطاء الرجاء ،تقول(( :أرجأت فالناً)) تريد أنك أعطيته
الرجاء(.)1
فيجوز أن تكون تسمية هذه الفرقة بالمرجئة مأخوذة عن المعنى األول؛ ألنهم كانوا
يؤخرون العمل عن اإليمان ،أو ((العتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي ـ أي
أخره عنهم))( .)2ويجوز أن تكون مأخوذة عن المعنى الثاني؛ ألنهم كانوا يقولون(( :ال يضر
مع اإليمان معصية كما ال تنفع مع الكفر الطاعة))( ،)3فكانوا يعطون المؤمن العاصي الرجاء
في ثواب الله(.)4
المطلب الثاني :ذكر أصحاب هذه المقالة من المرجئة.
هذه المقالة في األصل تُنقل عن الجهم بن صفوان حيث نص على أن اإليمان هو
معرفة الله بالقلب فقط؛ قال :فمن أتى بهذه المعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده،
ألن العلم والمعرفة ال يزوالن بالجحد في زعمه(.)5
الجهم على هذا القول أبو الحسين الصالحي( ،)6حيث زعم أن اإليمان هو َ وتبع
المعرفة بالله فقط ،والكفر هو الجهل به فقط(.)7
ـــــــــ
( )1انظر :تهذيب اللغة لألزهري ( ،)52/6والصححاح للجوهري ( )2152/6باب الواو والياء ،ولسان العرب
( ،)361/5وتاج العروس للزبيدي ( 215/3ـ )315/18 ،212مادة (رجأ) و(رجو) ،ومقاالت اإلسالميين
مع تعليق محمد محي الدين عبد الحميد عليه ( ،)231/3والملل والنحل للشهرستاني (جـ.)310/3
( )2النهاية في غريب الحديث (.)256/2
( )3وهذا القول يذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( )383/0أنه ال يعلم ُم َعيناً ُحكي عنه ،وإنما الناس
يحكونه في الكتب وال يعينون قائله .قلت :إال أنه جاء في بعض الكتب نسبته إلى طائفة المقاتلة أصحاب مقاتل بن
سليمان زعيم أهل التشبيه كما في البرهان للسكسكي (ص.)15 :
( )4انظر :مقاالت اإلسالميين بتعليق محمد محي الدين عبد الحميد (.)231/3
( )5انظر :مقاالت اإلسالميين ( ،)231/3والملل والنحل ( ،)01/3والسنة للخالل (جـ ،)503/1واإليمان ألبي
عبيد (ص.)63 ،51 :
( )6لم أقف له على ترجمة.
( )7انظر :مقاالت اإلسالميين ( ،.)231/3ومجموع الفتاوى (.)511/0
773 شرط العلم بمعنى الشهادة
وممن تبع الصالحي في قوله األشعري في أشهر قوليه ،وعلى هذا أكثر أصحابه،
وهو مذهب الماتريدي(.)1
إال أن األش ـ ـ ـ ــاعرة( )2والماتريدي ـ ـ ـ ــة( )3يعبِّـ ـ ـ ـ ـرون بالتص ـ ـ ـ ــديق( )4ب ـ ـ ـ ــدالً ع ـ ـ ـ ــن لف ـ ـ ـ ــظ
() 5
((المعرفة)) .وقد ذكر شيخ اإلسـالم ابـن تيميـة ـ رحمـه اللـه ـ أن أكثـر العقـالء ال ي نـرون فرقـاً
بينهمــا؛ إذ الفــرق بــين معرفــة القلــب وبــين مجــرد تصــديق القلــب الخــالي عــن االنقيــاد الــذي
يجعـل قــول القلــب أمـر دقيــق؛ فـال فائــدة فـي قــول ال يَتصــوره أكثــر النـاس( ،)6وأن مــا قالــه ابــن
كالب واألشعري من الفرق باطل ،ال حقيقـة لـه ،وكثيـر مـن أصـحاب األشـعري اعتـرف بعـدم
الفرق(.)7
وقد فرق األشعري وابن كالب بقول القلب .قاال :هو تصديق ،وليس بعلم(.)8
ـــــــــ
( )1انظر :شرح حديث جبريل عليه السالم لشيخ اإلسالم (ص 108 :ـ .)111 ،182 ،101
( )2األشاعرة تقدم التعريف بهم .انظر( :ص.)01 :
( )3الماتريدية تقدم التعريف بهم .انظر( :ص.)135 :
( )4انظر :تمهيد األوائل للباقالني (ص ،)188:التوحيد للماتريدي (ص ،)112 :وشرح الفقه األكبر (ص ،)36 :واإلنصاف
(ص 11:ـ ،)85 ،11وشرح المقاصد في علم الكالم ( ,)210/2إحياء علوم الدين للغزالي (.)332/3
ومعنى التصديق عند األشاعرة كالم النفس الذي هو قول القلب .يقول الجويني في اإلرشاد (ص:)11:
((والمرضي عندنا أن حقيقة اإليمان التصديق بالله تعالى؛ فالمؤمن من صدقه .ثم التصديق على التحقيق كالم
النفس ،ولكن ال يثبت إال مع العلم ،فإنا أوضحنا أن كالم النفس يثبت على حسب االعتقاد)).
وانظر :الفتاوى الكبرى ()381/5
( )5والقول بأن اإليمان هو مجرد تصديق القلب هو المشهور عن األشاعرة ،ونسبه البيجوري إلى محققيهم ،وذكر
قوالً آخر وافق فيه بعض األشاعرة أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ من إدخال القول في اإليمان .وذكر النيسابوري ـ من
علماء األشاعرة ـ أن بعض متقدمي األشاعرة يذهب إلى قول السلف في اإليمان كأبي علي الثقفي ،وأبي العباس
القالنسي ،وأبي عبد الله بن مجاهد كما نقله عنه شيخ اإلسالم في الفتاوى الكبرى ( .)312/5وانظر :لما قبله:
هامش اإليمان ألبي يعلى لمحققه الدكتور سعود بن عبد العزيز الخلف (ص.)351 :
( )6قال شيخ اإلسالم في مجموع الفتاوى ((( :)155/0والمقصود هنا أن اإلنسان إذا رجع إلى نفسه عسر عليه التفريق
بين علمه بأن الرسول صادق ،وبين تصديق قلبه تصديقاً مجرداً عن انقياد وغيره من أعمال القلب بأنه صادق)).
( )7مجموع الفتاوى ( )118/0بتصرف .وانظر :اإلرشاد للجويني (ص ،)11:وشرح المقاصد في علم الكالم
( ،)253/2والفتاوى الكبرى البن تيمية (.)312/5
( )8مجموع الفتاوى ( ،)116/0والفتاوى الكبرى (.)381/5
773 شرط العلم بمعنى الشهادة
وعمدتهم في التفريق هو خبر الكاذب .قاال :ففي قلبه خبر بخالف علمه(.)1
وأجيب :بأنه يستحيل أن يقوم بقلب اإلنسان خبر بخالف علمه ،وإنما يمكنه أن
يقول بلسانه ما ليس في قلبه ،وأما أنه يقوم بقلبه خبر بخالف ما يعلمه فهذا غير ُمتصور؛
إذ يلزم منه وجود العلم مع ضده في نفس األمر ،وهو باطل قطعاً(.)2
وقد فرق بعض أصحاب األشعري بين العلم والتصديق ،فقالوا :أن من الكفار من
يصدق به عناداً واستكباراً؛ فاحتيج إلى الفرق بين العلم بما جاء بهكان يعرف الحق وال ِّ
النبي وهو المعرفة ،وبين التصديق الذي هو نقيض الجحود؛ ليصح كون األول حاصالً
للمعاندين دون الثاني ،وكون الثاني إيماناً دون األول(.)3
يصدق به ،ومن صدق والجواب :أنه ال فرق في الحكم بين من عرف الحق ولم ِّ
بالحق ولم يعمل به ،بل هما في الكفر سواء .ويتضح ذلك بكفر أبي طالب فإنه لم يكن عن
معرفة فقط دون تصديق ،بل كان عارفاً ،مصدقاً بقلبه( )4إال أنه لم يقترن مع علمه وتصديقة
ـــــــــ
( )1انظر :مجموع الفتاوى (.)118/0
( )2انظر :المصدر السابق ( ،)118/0ومنهاج السنة ( .)252/1بل نص األئمة بأنه ال فرق بين مفهومي
التصديق ،والمعرفة وكالهما داخل تحت قول القلب ومما يبين ذلك:
يقول المروزي ـ رحمه الله ـ ((ومعنى التصديق هو المعرفة بالله واالعتراف له بالربوبية بوعده ووعيده وواجب حقه
وتحقيق ما صدق به من القول والعمل))[ .تعظيم قدر الصالة (.])615/2
وأضاف أيضاً(( :وإنما المعرفة التي هي إيمان هي معرفة تعظيم الله وجالله وهيبته ،...فإذا كان كذلك فهو
المصدق الذي ال يجد محيصاً عن اإلجالل والخضوع لله بالربوبية))[ .المصدر نفسه (.])005/2
ويذكر ابن تيمية (أن اإليمان أصله تصديق وإقرار ومعرفة) ثم ينص على أن ذلك من باب قول القلب) [مجموع
الفتاوى ( ])261/0مما يبين اتحاد معنى المعرفة والتصديق وأنهما شيء واحد ،وأنه يطلق عليهما قول القلب.
( )3انظر :شرح المقاصد في علم الكالم ( 255/2ـ .)253
( )4يدل لذلك ما نسب إليه من قوله:
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر أدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان البري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة دينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ولق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد علم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن دي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن محم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
الحب واالنقياد الذي يمنع ما يضاد ذلك من محبة الباطل وكراهية الحق ،فكان كافراً (.)1
إال أن هذه التفرقة بينهما قد تكون في شأن الحكم على بعض الكفار؛ فالجاحد عند
األشاعرة والماتريدية يكفر ،بخالف الجاحد عند الجهمية فإنه ال يكفر ألنه عارف بالله في
قلبه غير جاهل به.
ويظهر هذا الفرق في الحكم على فرعون حيث يلزم من كالم جهم عدم الحكم
بكفره ،وال يلزم ذلك على قول األشعري والماتريدي؛ ألن الجحد عندهما مما يناقض
تصديق القلب فيكفر به.
وأما عند أهل السنة فالقوالن متفقان؛ ألن الجميع قد أخرجوا األعمال عن مسمى
المكفرات ،فهذا خارج عن محل النـزاع؛ ِّ وأما ما ذكروه من ال َف نرق في شأن اإليمان.
إذ النـزاع في حد اإليمان ما هو؟ ال في ما يكفر به وما ال يكفر به.
كما يلزم من القولين أن الكفر يكون في القلب كما أن اإليمان في القلب ،وهو
باطل؛ ألنه ال يمكن والحال هذه الحكم على معين بالكفر إال بالنص الخاص في شخص
شخص؛ ألنه قد يُظهر الكفر ويُبطن اإليمان.
يقول ابن الوزير اليماني بعد أن حكى مذهب المرجئة في اإليمان(( :وعلى هذا ال
يكون شيء من األفعال واألقوال كفراً إال مع االعتقاد ،حتى قتل األنبياء .واالعتقاد من
السرائر المحجوبة ،فال يتحقق كفر كافر قط ،إال بالنص الخاص في شخص شخص ،وال
يدل حرب األنبياء على ذلك الحتمال أن يكون على الظاهر))(.)2
وألجل ذلك نجد شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كثيراً ما يسوق مذهب
الجهمية ومذهب األشعرية والماتريدية في اإليمان مساقاً واحداً ،ويقرن بينهما في الذكر،
حيث ال يرى فرقاً حقيقياً بينهما؛ فهو كثيراً ما يطلق اسم الجهمية على األشعرية والماتريدية
في قضية اإليمان( .)3كما أنه يعبِّر عند حكاية مذهب جهم في اإليمان بالتصديق تارة
وبالمعرفة تارة(.)4
ـــــــــ
( )1انظر :شرح حديث جبريل ( ص.)156 :
( )2إيثار ا لحق على الخلق في رد الخالفيات (ص .) 185 :وانظر( :ص 153 :ـ .) 152
( )3انظر :انظر :على سبيل المثال :مجموع الفتاوى (.)581 ،535 ،251 /0
= ( ) 4انظر :على سبيل مجموع الفتاوى ( 582،616 /0ـ ،) 610وشرح حديث جبريل (ص 106 :ـ
773 شرط العلم بمعنى الشهادة
إال أنه بالنظر إلى كالم بعض األشاعرة والماتريدية فهناك فرق في ما يتسع له لفظ
المعرفة والتصديق ـ ال في نفس المعرفة والتصديق؛ فاالستثناء منقطع ـ؛ فالتصديق عند بعض
األشاعرة والماتريدية يدخل فيه عمل القلب()1؛ كاإليمان بالله والمالئكة والكتب والرسل
بخالف الجهمية الذين جعلوا اإليمان المعرفة بالله فقط والكفر الجهل به ،فقد ال يكون
ذلك عندهم من اإليمان.
يقول اإليجي موضحاً مذهب األشاعرة في اإليمان(( :اعلم أن اإليمان في اللغة هو
التصديق مطلقاً.
ِّ
بمصدق قال تعالى حكاية عن إخوة يوسف ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ [يوسف ]30 :أي:
فيما حدثناك به.
وقال « اإليمان أن تؤمن بالله ومالئكته وكتبه ورسله» أي :تصدق))(.)2
قلت :وهو فرق غير اعتباري ،وذلك ألمرين:
األول :ألنه ليس في نفس المعرفة والتصديق.
والثاني :ألنه ال يترتب عليه دخول العمل في اإليمان الذي هو م نك َمن الخالف بين
السلف وسائر طوائف المرجئة.
قلت :ومن الفروق التي ذكروها في أن المعرفة غير التصديق ما قاله أبو منصور
الماتريدي ـ رحمه الله ـ(( :وظن قوم أن ال يكون بالقلب تصديق وإنما يكون به معرفة خاصة
واألصل أنه يكون وإن كان ال يقدر على اإلشارة إلى ذلك بحرف يفصل إال من طريق
الداللة بالمعروف من القول إن اإليمان تصديق في اللغة والكفر تكذيب أو تغطية فضد
المعرفة في الحقيقة النكرة والجهالة وال كان جاهال بشيء أو منكراً له من حيث المعرفة
مكذب على ما قال قوم منكرون أي ال يعرفون وكذلك كل من جهل حقا ال يوصف
بالتكذيب له ثبت أن اإليمان بالقلب في التحقيق غير المعرفة على أن المعرفة هي سبب
يبعث على التصديق كما قد يبعث الجهالة على التكذيب ربما فكذلك لكل معنى ليس
ــــــــــ
،)181 ،100ومقدمة شرح حديث جبريل لمحققه الدكتور على بخيت الزهراني (ص 325 :ـ .)326 =
( )1أكثر األشاعرة ال يجعلون أعمال القلوب من اإليمان .انظر :مجموع الفتاوى (.)596/7
( )2المواقف ( .)511/1وانظر :المسائل والرسائل المروية عن اإلمام أحمد في العقيدة (.)05/3
773 شرط العلم بمعنى الشهادة
لآلخر في التحقيق))( .)1فجعل ـ رحمه الله ـ المعرفة سبباً للتصديق ليست ذات التصديق.
كما أن عمدته في التفريق بين المعرفة والتصديق أن ضد المعرفة الجهل ،والجاهل ال يقال
في حقه أنه مكذب.
فرق بين معرفة وتصديق قلت :وهو فرق لغوي ال يترتب عليه فرق شرعي ،ألنه ال َ
عار نيين عن انقياد القلب والجوارح .وقد سبق أن ما ذكروه من الفرق باطل؛ فصح إذن أنه ال
فرق بين مذهب األشاعرة والماتريدية وبين مذهب الجهمية.
يصرح بمذهب الجهم بن ومما يؤكد ذلك أنه ُوِّجد من كبار علماء األشاعرة من ِّ
صفوان في اإليمان ،فهذا القاضي أبو بكر الباقالني( )2ينقل عنه القاضي عياض في
((الشفا))( )3قوله« :أن الكفر بالله هو الجهل بوجوده ،واإليمان بالله هو العلم بوجوده ،وأنه
ال يكفر بقول وال رأي إال أن يكون هو الجهل بالله» .مما يدل على أنه ال يرى فرقاً بين
الخاليين من االنقياد الذي هو عمل القلب.
ن معرفة القلب وتصديقه
المطلب الثالث :شبههم في اعتبار العلم بالله كافياً لصحة اإليمان ونقدها.
في هذا المطلب سيكون الحديث عن شبه المرجئة من الجهمية واألشعرية
والماتريدية في اعتبار العلم بالله كافياً لصحة اإليمان ،وذلك لما تقرر من اتحاد مذهبهم
في اإليمان ،وإن اختلف وا في التعبير عنه .فنقدم فنقول :أورد ناقلوا مذهب الجهمية
حد اإليمان بأنه تصديق الجنان وعلمه بالله بعض الشبهات واألشعرية والماتريدية في ِّ
عنهم التي تعل قوا بها في تقرير ذلك.
ـــــــــ
( )1التوحيد للماتريدي (ص.)185 :
(( )2جـ.)213/2
( )3هو :القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم البصري ثم البغدادي ابن الباقالني صاحب
التصانيف ،وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه .قال الذهبي( :وكان ثقة إماماً بارعاً .صنف في الرد على الرافضة
والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرامية ،وانتصر لطريقة أبي الحسن األشعري ،وقد يخالفه في مضائق؛ فإنه من
نظرائه ،وقد أخذ علم النظر عن أصحابه) انتهى .وذكره القاضي عياض في طبقات المالكية فقال( :هو الملقب
بسيف السنة ولسان األمة ،المتكلم على مذهب المثبتة وأهل الحديث وطريق أبي الحسن األشعري إمام وقته).
حدث عنه الحافظ أبو ذر الهروي ،وأبو جعفر محمد بن أحمد السمناني ،وقاضي الموصل ،والحسين بن حاتم
األصولي .توفي عام ( .)151انظر :ترتيب المدارك ( 11/0ـ ،)05وسير أعالم النبالء ( 315/30ـ .)311
773 شرط العلم بمعنى الشهادة
وهذه الشبهات على نوعين :شبهات عامة تشترك فيها جميع طوائف المرجئة،
وشبهات خاصة لبعض الفرق منهم دون أخرى.
أولً :الشبهات العامة التي تشترك فيها جميع فرق المرجئة:
الشبهة األولى :أنهم جعلوا اإليمان شيئاً واحداً ال يتجزأ؛ إما أن يوجد كله ،وإما أن
يذهب كله ،وإذا ثبت بعضه ال بد أن يثبت كله.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ عن هذه الشبهة(( :وأصل نزاع هذه الفرق في اإليمان،
من الخوارج ،والمرجئة ،والمعتزلة ،والجهمية ،وغيرهم ،أنهم جعلوا اإليمان شيئاً واحداً إذا زال
بعضه زال جميعه ،وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه؛ فلم يقولوا بذهاب بعضه وبقاء بعضه كما قال
النبي « :يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من اإليمان» ...وقالت المرجئة
والجهمية ليس اإليمان إال شيئاً واحداً ال يتبعض ،إما مجرد تصديق القلب كقول الجهمية أو
تصديق القلب واللسان كقول المرجئة .قالوا ألنا إذا أدخلنا فيه األعمال صارت جزءاً منه ،فإذا
ذهبت ذهب بعضه فيلزم إخراج ذي الكبيرة من اإليمان))(.)1
فظهر من كالم شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أن المرجئة على اختالف طوائفهم قالوا
بإخراج األعمال عن مسمى اإليمان؛ لئال يلزم من تَـ نرِّك بعضها إخراج صاحب الكبيرة من
اإليمان؛ ألن اإليمان ـ عندهم ـ شيء واحد ال يتبعض وال يتجزأ ،إما أن يوجد كله ،وإما أن
يذهب كله.
وقد أوضح شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ هذه الشبهة عند المرجئة ،فقال(( :وجماع
شبهتهم في ذلك :أن الحقيقة المركبة تزول بزوال بعض أجزائها ،كالعشرة فإنه إذا زال
بعضها ،لم تبق عشرة ،وكذلك األجسام المركبة كالسكنجبين( ،)2إذا زال أحد جزئيه خرج
عن كونه سكنجبيناً.
قالوا :فإذا كان اإليمان مركباً من أقوال ،وأعمال ظاهرة وباطنة ،لزم زواله ،بزوال
ـــــــــ
( )1شرح حديث جبريل (ص 181:ـ .)181
( )2السكنجبين هو شراب يركب من الخل والعسل ،وهو معرب عن ((سركا)) و((انكبين)) بالفارسية ،ومعناهما خل
وعسل.
قال صاحب القانون(( :يؤخذ عسل جيد يجعله على حجر لين ،وتأخذ رغوته ،وتلقي عليه الخل)) [القانون البن
سيناء (.])161/1
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
ومعلوم أن اسم اإليمان من هذا الباب ،فإن النبي قال« :اإليمان بضع وسبعون
شعبة ،أعالها قول ال إله إال الله ،وأدناها إماطة األذى عن الطريق ،والحياء شعبة من
اإليمان»( )1ثم من المعلوم أنه إذا زالت اإلماطة ونحوها لم يزل اسم اإليمان.
ومما يعضد ذلك أنه قد ثبت عن النبي في الصحيحين أنه قال« :يخرج من
النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان»( ،)2فأخبر أن اإليمان يتبعض ويبقى
بعضه ،فعُلِّم أن بعض اإليمان يزول ويبقي بعضه .وهذا ينقض مآخذهم الفاسدة ،ويبين أن
اسم اإليمان مثل اسم القرآن والصالة والحج ،ال يلزم من زوال بعضها زوال اسمها.
ولكن الذي يزول هو بعض كماله الواجب أو المستحب(.)3
الوجه الثاني :أن اإليمان ليس له حقيقة واحدة مثل حقيقة السواد والبياض ،يزول بزوالها
االسم ،بل اإليمان والكفر يختلف باختالف المكلفين ،وبلوغ التكليف ،ونزول الخطاب
الذي به التكليف ،ونحو ذلك.
وتوضيحه :أن اإليمان الواجب على الخلق قبل نزول األحكام من الصالة والزكاة
والحج والصيام ليس هو نفس اإليمان الواجب عليهم بعد نزول هذه األحكام .فلو أتى
المكلف باإليمان الذي قبل نزول األحكام بعد الهجرة لم يقبل منه ،ولو اقتصر عليه كان
كافراً .أما لو أتى به قبل الهجرة كان حينئذ مؤمناً تام اإليمان الذي وجب عليه.
وأيضاً فالرجل إذا آمن بالرسول إيماناً جازماً ومات قبل دخول وقت الصالة ،أو
وجوب شيء من األعمال ،مات كامل اإليمان الذي وجب عليه ،فإذا دخل وقت الصالة
فعليه أن يصلي وصار يجب عليه ما لم يجب عليه قبل ذلك.
وكذلك القادر على الحج والجهاد يجب عليه ما لم يجب على غيره من التصديق
المفصل ،والعمل بذلك .فصار ما يجب من اإليمان يختلف باختالف حال نزول الوحي
من السماء ،وبحال المكلف في البالغ وعدمه ،وهذا مما يتنوع به نفس التصديق،
ويختلف حاله باختالف القدرة والعجز ،وغير ذلك من أسباب الوجوب ،وهذه يختلف بها
ـــــــــ
( )1سبق تخريجه (ص.)301 :
( )2أخرجه البخاري في كتاب الرقاق ،باب :صفة الجنة والنار (جـ )258/0ح ( ،)6565ومسلم في صحيحه
( )302/3كتاب اإليمان ح رقم (.)151
( )3شرح حديث جبريل( ص 113 :ـ )111باختصار.
732 شرط العلم بمعنى الشهادة
العمل أيضاً.
ومعلوم أن الواجب على كل من هؤالء ال يماثل الواجب على اآلخر ،فإذا كان نفس
ما وجب من اإليمان في الشريعة الواحدة يختلف ويتفاضل ،وإن كان بين جميع هذه
األنواع قدر مشترك موجود في الجميع ،كاإلقرار بالخالق وإخالص الدين له ،واإلقرار برسله،
واليوم اآلخر على وجه اإلجمال ،فمن المعلوم أن بعض الناس إذا أتى ببعض ما يجب عليه
دون بعض كان قد تبعض ما أتى فيه من اإليمان كتبعض سائر الواجبات.
الوجه الثالث :أن أجزاء الشيء تختلف أحكامها شرعاً وطبعاً .مثاله الحج؛ ففيه أجزاء
ينقص الحج بزوالها عن كماله الواجب وال يبطل ،كرمي الجمار ،والمبيت بمنى ،ونحو
ذلك ،وفيه أجزاء ينقص بزوالها عن كماله المستحب ،كرفع الصوت باإلهالل والرمل
واالضطباع في الطواف األول.
وكذلك الصالة فيها أجزاء تنقص بزوالها عن كمال االستحباب ،وفيها أجزاء واجبة
تنقص بزوالها عن الكمال الواجب مع الصحة ،وفيها ماله أجزاء إذا زالت جبر نقصها
بسجود السهو ،وأمور ليست كذلك.
كمالين كماالً واجباً ،وكماالً مستحباً ،وال يزول بزوالهما(.)1
وكذا اإليمان فإن له ن
ومن الوجوه أيضاً :ما أجاب به اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ حيث قال(( :وأما من
زعم أن اإليمان اإلقرار ،فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار؟ وهل
يحتاج أن يكون مصدقاً بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار فقد زعم أنه
ومصدقاً بما عرف فهو من ثالثة أشياء ،وإن ِّ من شيئين ،وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقراً
جحد وقال :ال يحتاج إلى المعرفة والتصديق ،فقد قال قوال عظيماً ،وال أحسب أحداً يدفع
المعرفة والتصديق وكذلك العمل مع هذه األشياء))(.)2
قلت :وكالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ هو في األصل في الرد على من جعل
()3
اإليمان هو مجرد اإلقرار من الكرامية إال أنه يصلح للرد على من جعل اإليمان شيئاً
واحداً ال يذهب بعضه ويبقى بعضه من جميع طوائف المرجئة بما فيهم الكرامية .ولهذا
ـــــــــ
( )1شرح حديث جبريل ( ص 111 :ـ .)115بتصرف يسير.
( )2نقالً عن مجموع الفتاوى ( ،)111/0وقد نسبه إلى الخالل في السنة ولم أقف عليه.
( )3الكرامية تقدم بيان مذهبهم ،والرد عليهم .انظر( :ص310 :ـ .)258
737 شرط العلم بمعنى الشهادة
علق عليه شيخ اإلسالم قائالً(( :قلت :أحمد وأبو ثور وغيرهما من األئمة كانوا قد عرفوا
أصل قول المرجئة ،وهو أن اإليمان ال يذهب بعضه ويبقى بعضه ،فال يكون إال شيئاً واحداً
فال يكون ذا عدد :اثنين أو ثالثة ،فإنه إذا كان له عدد ،أمكن ذهاب بعضه وبقاء بعضه،
بل ال يكون إال شيئاً واحداً ،ولهذا قالت الجهمية :إنه شيء واحد في القلب .وقالت
الكرامية :إنه شيء واحد على اللسان ،كل ذلك فراراً من تبعض اإليمان وتعدده ،فلهذا
صاروا يناظرونهم بما يدل على أنه ليس شيئاً واحداً كما قلتم))(.)1
الشبهة الثانية :قالوا :أنه ال يجتمع في اإلنسان بعض اإليمان وبعض الكفر(.)2
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في تقرير هذه الشبهة عنهم(( :ومن العجب أن
األصل الذي أوقعهم في هذا ،اعتقادهم أنه ال يجتمع في اإلنسان بعض اإليمان وبعض
الكفر ،أو ما هو إيمان وما هو كفر ،واعتقدوا أن هذا متفق عليه بين المسلمين كما ذكر
أبو الحسن األشعري وغيره))(.)3
والجواب :إن قولهم :ال يجتمع في اإلنسان بعض إيمان وبعض كفر فيه إجمال،
فال بد من التفصيل؛ فيقال :إن هذا يختلف باختالف البعض المتروك من اإليمان ،فإن
كان البعض المتروك منه شرطاً في وجود اآلخر كمن آمن ببعض القرآن وكفر ببعضه أو آمن
ببعض الرسل وكفر ببعضهم فهذا كفر كما قال تعالى :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ
[النساء 355 :ـ .]353وأما إن كان البعض المتروك منه ليس شرطاً في وجود اآلخر وال قبوله
فهذا ال يكون كفراً .ويدل لذلك ما في الصحيحين عن النبي أنه قال« :أربع من كن
فيه كان منافقاً خالصاً ،ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى
يدعها ،إذا حدث كذب ،وإذا ائتمن خان ،وإذا عاهد غدر ،وإذا خاصم فجر»(.)4
ـــــــــ
( )1نفس المصدر ( 111/0ـ .)111
( )2المقاالت ألبي الحسن األشعري (.)852/5
( )3مجموع الفتاوى (.)151/0
( )4صحيح البخاري (جـ ،)57/5كتاب اإليمان ،باب عالمة النفاق ح رقم ( ،)43وصحيح مسلم ()72/5
كتاب اإليمان ح رقم (.)62
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
وفى الصحيحين عنه أيضاً أنه قال« :سباب المسلم فسوق ،وقتاله كفر»(.)1
وعنه أيضاً« :اثنتان في الناس هما بهم كفر :الطعن في األنساب ،والنياحة على
الميت»(.)2
وأيضاً جاء عنه قوله« :ال ترغبوا عن آبائكم ،فإن كفراً بكم أن ترغبوا عن
آبائكم»(.)4()3
فهذه األعمال المنصوص على أنها كفر ،ليست هي بمناقضة ألصل اإليمان
بإجماع أهل العلم المعتبرين.
والقول إنما يُعلم بطالنه إذا كان غير متفق مع أدلة الشرع كما هو مقرر عند
أهل العلم.
ولما كان اإليمان من األلفاظ الشرعية وجب المصير إلى نصوص الشرع في تحديد
مفهومه ،وفي معرفة ما يكون ناقضاً له ،وما ال يكون كذلك.
هذه بعض الشبهات التي يشترك فيها جميع طوائف المرجئة والجواب عنها باختصار.
وأما النوع الثاني :وهو الشبهات التي تختص ببعض الفرق منهم دون األخرى،
فمنها ما استدلت به األشعرية والماتريدية على أن اإليمان هو التصديق .قالوا :إلجماع
أهل اللغة قاطبة على أن اإليمان في اللغة قبل نزول القرآن وبعثة النبي هو مجرد
التصديق .قالوا :فوجب أن يكون اإليمان في الشريعة هو اإليمان المعروف في اللغة ،ألن
الله ما غير لسان العرب وال قَـلَبَه .ويذكرون في ذلك قوله :ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ِّ
بمصدق لنا(.)5 ﭺ ﭻ ﭼ [يوسف ]30 :أي :ما أنت
ـــــــــ
( )1أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو ال يشعر (جـ )23/3ح (،)18
ومسلم في صحيحه ( )83/3كتاب اإليمان ح (.)336
( )2أخرجه مسلم في صحيحه ( :)82/3كتاب اإليمان ،باب :إطالق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة
ح رقم (.)323
( )3أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة ،باب :رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت (جـ)11/8
ح ( ،)6821ومسلم في كتاب اإليمان ( )85/3ح (.)331
( )4انظر :شرح حديث جبريل ( ص.)118 :
= ( )5انظر :التوحيد للماتريدي (ص ،)185 ،112 :والتمهيد األوائل للباقالني (ص ،)181:واإلنصاف (ص 81:ـ ،)85
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
وقد تقدم أن هذه الشبهة قد استدل بها أيضاً الكرامية في تقرير أن اإليمان اإلقرار
بالشهادتين دون طمأنينة القلب وأعمال الجوارح(.)1
والرد على هذه الشبهة من وجوه بعضها إجمالية ،وبعضها تفصيلية.
فأما الوجوه اإلجمالية فهي:
الوجه األول( :)2أننا ننازع في صحة هذا اإلجماع :أي إجماع أن اإليمان في اللغة
هو مجرد التصديق وليس لتصرفات الكلمة معان أخرى؛ فإن من أئمة اللغة من نقل في معنى
"اإليمان" غير "التصديق" .ومن هؤالء اإلمام األزهري ـ رحمه الله ـ حيث نقل عن الخليل بن
أحمد أنه الطمأنينة( ،)3وعن اللحياني( )4أنه الثقة(.)5
كما أن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قد نقل في معناه قوالً رابعاً غير الطمأنينة والثقة
والتصديق ،وهو اإلقرار ،واختار أنه األقرب( )6ـ كما سيأتي تعليله لذلك(.)7
فعلى ما نقله األزهري وأضافه شيخ اإلسالم في معنى اإليمان يكون معنى اآلية ﭵ
ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ أي ال تقر بخبرنا ،وال تثق به ،وال تطمئن إليه ،ولو كنا
صادقين(.)8
ثم على فرض صحة إجماع أهل اللغة على أن اإليمان مجرد التصديق ال غير؛ فإن
ــــــــــ
واإلرشاد للجويني (ص ،)110 :وشرح المقاصد في علم الكالم ( ،)255/2ومجموع الفتاوى (.)281/0 =
( )1انظر( :ص.)802 :
( )2وقد رد شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ دعوى إجماع اللغة على أن اإليمان هو التصديق من ستة عشر وجهاً .كما في
مجموع الفتاوى ( 321/0ـ .)313
( )3التهذيب لألزهري (.)535/35
( )4هو :النحوي اللغوي علي بن المبارك ،وقيل :ابن حازم أبو الحسن اللحياني ،من كبار علماء اللغة ،أخذ عن الكسائي ،وأبو
زيد ،وأبو عمرو الشيباني واألصمعي وغيرهم ،وأخذ عنه القاسم بن سالم وغيره ،وله من المصنفات النوادر المشهورة .مختلف
في تاريخ وفاته ،فقيل سنة ( )381هـ ،وقيل ( )311هـ ،وقيل :في حدود سنة ( )235هـ .انظر :بغية الوعاة (،)385/2
ونزهة األلباء (ص.)81 :
( )5التهذيب لألزهري (.)536/35
( )6أي األقرب إلى اشتقاق لفظ اإليمان؛ ألنه مأخوذ من األمن .انظر :مجموع الفتاوى (.)610 ،213/0
( )7انظر :الوجه الثاني من الرد التفصيلي (ص.)116 :
( )8انظر :مجموع الفتاوى (.)212/0
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
بالقلب يستلزم ـ وال بد ـ الواجب من أعمال القلوب والجوارح ،فإنها لوازم اإليمان التام،
وانتفاء الالزم دليل على انتفاء الملزوم(.)1
الوجه السادس :أن القول بأن التصديق وحده إيماناً يلزم منه أن يكون أهل الشرك
زمن النبي كلهم مؤمنين.
قال الله تعالى في حق أهل الشرك :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
[األنعام.]11 :
ومن الوجوه المجملة أيضاً ما ذكره ابن حزم في ((الفصل))(:)2
قال أبو محمد(( :إن اإليمان هو التصديق في اللغة ،فهذا حجة على األشعرية
والجهمية والكرامية مبطلة ألقوالهم إبطاالً تاماً كافياً ال يحتاج معه إلى غيره ،وذلك قولهم:
إن اإليمان في اللغة التي بها نزل القرآن هو التصديق فليس كما قالوا على اإلطالق ،وما
سمي قط التصديق بالقلب دون التصديق باللسان إيماناً في لغة العرب ،وما قال قط عربي:
أن من صدق شيئاً بقلبه فأعلن التكذيب به بقلبه وبلسانه فإنه ال يسمى مصدقاً به أصالً
وال مؤمناً به البتة ،وكذلك ما سمي قط التصديق باللسان دون التصديق بالقلب إيماناً في
لغة العرب أصالً على اإلطالق ،وال يسمى تصديقاً في لغة العرب وال إيماناً مطلقاً إال من
صدق بالشيء بقلبه ولسانه معاً()3؛ فبطل تعلق الجهمية واألشعرية باللغة جملة)) .انتهى.
ثانياً :وجوه الرد التفصيلية على أن اإليمان في اللغة التصديق:
هذه الوجوه ذكرها شيخ اإلسالم ـ رحمه الله تعالى ـ ،وهي باختصار:
الوجه األول :أن لفظ اإليمان ليس مرادفاً للفظ التصديق من جهة اللفظ ،وذلك
من ناحيتين:
األولى :أن الفعل في لفظ التصديق يتعدى بنفسه فتقول لمن أخبرك بخبر :صدقته؛
المصدق بخالف الفعل في لفظ اإليمان فإنه ال يتعدى بنفسه؛ فيتعدى الفعل بنفسه إلى ُ
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى (.)322/0
(.)228/1( )2
( )3ابن حزم ـ رحمه الله ـ يريد أن يبيِّن حقيقة اإليمان في اللغة .أما حقيقته الشرعية فهي تزيد على ما ذكره ابن حزم
ـ رحمه الله ـ ألن اإليمان قول وعمل واعتقاد ،وما ذكره ابن حزم ليس هو حقيقة اإليمان الشرعي عند السلف بل
هو حقيقة اإليمان الشرعي عند مرجئة الفقهاء .فينبغي أن يُفهم كالم ابن حزم على مراده هنا .وهذا للتنبيه.
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
فال يقال :آمنته إال من األمان الذي هو ضد اإلخافة ،بل تقول :آمنت له ،وآمنت به؛
فيتعدى بالالم والباء.
الثانية :أن لفظ التصديق يستعمل في كل خبر ،فيقال لمن أخبر باألمور المشهودة
مثل :الواحد نصف اإلثنين ،والسماء فوق األرض صدقت ،وصدقنا بذلك ،وال يقال آمنا
لك ،وال آمنا بهذا؛ ((ألن الخبر عن المشهود ليس تصديقه إيماناً؛ ألنه من األمن الذي هو
الطمأنينة ،وهذا إنما يكون في الخبر الذي قد يقع فيه ريب ،والمشهودات ال ريب
()1
للمخبَر به آمنا به
الم نخبَر به من األمور الغائبة قيل للمخبر :آمنا له ،و ُ
فيها)) .وأما إذا كان ُ
كما قال إخوة يوسف :ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ أي بمقر لنا ،ومصدق لنا؛ ألنهم أخبروه عن
غائب ،واإلخبار عن الغائب قد يقع فيه الريب عند المخبَر به ،ولذا يستعمل فيه لفظ
اإليمان.
الوجه الثاني :أن لفظ اإليمان يفارق لفظ التصديق من جهة المعنى؛ فإن لفظ
اإليمان مأخوذ من األمن الذي هو الطمأنينة والثقة والقرار كما أن لفظ اإلقرار مأخوذ من
قر يقر ،وهو قريب من آمن يأمن؛ فالمؤمن داخل في األمن كما أن المقر داخل في القرار،
ولفظ اإلقرار يتضمن االلتزام ،وهو على معنيين:
أحدهما :اإلقرار بمعنى اإلخبار ،وهو من هذا الوجه كلفظ التصديق والشهادة
ونحوها ،وهذا معنى اإلقرار الذي يذكره الفقهاء في كتاب اإلقرار.
والثاني :اإلقرار بمعنى إنشاء االلتزام كما في قوله تعالى :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [آل عمران .]83 :ولفظ اإلقرار هنا ليس هو الخبر
المجرد؛ يوضحه أول اآلية ،وهو قوله تعالى :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ففيها إنشاء االلتزام باإليمان ،والتعهد بنصرة النبي عليه الصالة والسالم ،وكذلك ﯟ ﯠ
لفظ اإليمان ،فيه إخبار وإنشاء والتزام ،بخالف لفظ التصديق المجرد.
ومن الفروق في المعنى أيضاً :أن لفظ التصديق يستعمل في جنس األخبار؛
فالتصديق إخبار بصدق المخبِّر ،والتكذيب إخبار بكذب المخبِّر ،فقد يُصدق الرجل
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى (.)616/0
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
الكاذب تارة ،وقد يُكذب الرجل الصادق أخري ،فالتصديق والتكذيب نوعان من الخبر
وهما خبر عن الخبر.
وأما الحقائق الثابتة في نفسها ،والتي تعلم بدون خبر ال يكاد يُستعمل فيها لفظ
التصديق والتكذيب إن لم يـُ َقدر ُمخبِّر عنها ،بخالف اإليمان واإلقرار واإلنكار والجحود،
ونحو ذلك ،فإنه يتناول الحقائق واإلخبار عن الحقائق أيضاً.
ومن الفرق في المعنى أيضاً :أن الذوات التي تحب تارة ،وتبغض أخرى ،وتوالي تارة
وتعادى أخرى تختص بلفظ اإليمان .وأما لفظ التصديق فيستعمل في متعلقات هذه الذوات
من الحب والبغض والمواالة والمعاداة ،وغير ذلك ،فيقال :حب صادق ،وبغض صادق.
ويشهد لذلك الدعاء المأثور المشهور عند استالم الحجر األسود(( :اللهم إيماناً
بك ،وتصديقاً بكتابك ،ووفاء بعهدك ،وإتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه
وسلم))(.)2()1
فقال إيماناً بك ،ولم يقل تصديقاً بك ،كما قال :تصديقاً بكتابك وقال تعالى عن
مريم :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ [التحريم ]32 :فجعل التصديق بالكلمات والكتب.
ومن الفروق في المعنى أيضاً :أن المعروف في االستعمال أن يقال :آمنت بالله،
وفالن آمن بالله ،وهو مؤمن بالله ،ويا أيها الذين آمنوا ولم ِّ
يأت في دالئل القرآن والسنة
أوفي كالم السلف قول :صدقت بالله ،أو فالن صدق بالله ،أو فالن مصدق بالله ،أو يا
أيها الذين صدقوا(.)3
ومن الفروق في المعنى أيضاً :أن لفظ اإليمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب كلفظ
التصديق ،وإنما قوبل بلفظ الكفر؛ والكفر ليس منحصراً في التكذيب بل يقع بالتكذيب وغيره.
بل لو قال للنبي :أنا أعلم أنك صادق لكن ال أتبعك بل أعاديك وأبغضك لكان كفره أعظم؛ فلما
كان الكفر المقابِّل لإليمان ليس هو التكذيب فقط عُلِّم أن اإليمان ليس هو التصديق فقط(.)4
ـــــــــ
( )1أخرجه عبد الرزاق في المصنف ( ،)44/6والطبراني في األوسط ( ،)567/5البيهقي في السنن ()79/6
وأورده الهيثمي في المجمع ( )830/4وقال :رواه الطبراني في األوسط ورجاله رجال الصحيح.
( )2شرح حديث جبريل (ص 131 :ـ .)130وانظر :مقدمة التحقيق (ص 331 :ـ .)322
( )3مجموع الفتاوى (.)511/0
( )4مجموع الفتاوى ( )212/0بتصرف.
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
فالحاصل أن لفظ "اإليمان" في اللغة يشمل معنى التصديق واإلقرار والثقة ،وليس
هو مجرد التصديق كما ذهبت إليه المرجئة.
أثر هذه المقالة في فهم توحيد األلوهية وتطبيقه:
هذا العنوان يعتبر امتداداً لما تقدم من أوجه بطالن هذه المقالة في اإليمان؛ ألن
القول إذا كان له أثر سيء على األمة في معتقداتها أو عباداتها ،فإن ذلك مما يُستدل به
أيضاً على بطالن ذلك القول؛ ألن فساد الالزم دال على فساد الملزوم.
وبالنظر إلى هذا القول فإن له أثراً سيئاً على فهم توحيد األلوهية وتطبيقه عند بعض
األمة .وقبل أن نبين هذا األثر يجدر بنا أن نبيِّن االرتباط بين التوحيد واإليمان ،ألن بموجبه
يتضح هذا األثر ،فنقول:
إن هذا االرتباط إنما يُعلم من خالل معرفة العالقة بين التوحيد واإليمان ،وهذه
العالقة تظهر إذا أخذنا في االعتبار أن التوحيد في كالم أهل العلم ،وفي لسان الشرع قد
يَِّرد مطلقاً ،ويُراد به مجموع التوحيد العلمي الخبري والتوحيد اإلرادي الطلبي ((العملي)).
وقد يَِّرد مقيداً بأحدهما .ففي حال اإلطالق يكون مرادفاً لإليمان؛ ألن اإليمان ـ كما تقدم ـ
قول وعمل ونية .وفي حال التقييد يكون جزءَ اإليمان ال جملته؛ إما اعتقاد القلب مع قول
اللسان ،أو قول اللسان مع عمل الجوارح الذي هو اإلسالم.
ويدل لألول حديث وفد عبد القيس( )1حيث فسر النبي فيه اإليمان بأعمال
اإلسالم ،واإلسالم هو التوحيد؛ فيكون التوحيد مطابقاً لمسمى اإليمان عند اإلطالق.
ويدل للثاني حديث بعث معاذ إلى اليمن ،وفيه قوله « :فليكن أول ما تدعوهم إليه
شهادة أن ال إله إال الله» ،وفي رواية« :إلى أن يوحدوا الله»()2؛ فإن المراد بالتوحيد هنا اعتقاد
القلب وقول اللسان( )3اللذان هما جزء اإليمان ،وليسا جملة اإليمان؛ يبيِّن ذلك ما جاء في
ـــــــــ
( )1هو قوله لوفد عبد القيس ـ كما في الصحيحين ـ «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع .آمركم باإليمان بالله وحده.
أتدرون ما اإليمان بالله وحده؟ قالوا :الله ورسوله أعلم .قال :شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله،
وإقام الصالة ،وإيتاء الزكاة ،وصيام رمضان ،وأن تعطوا من المغنم الخمس» الحديث.
( )2تقدم تخريجه في (ص.)15 :
( )3انظر :المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (.)383/3
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
ثم إن مما يبيِّن أثر هذه المقالة على فهم توحيد األلوهية وتطبيقه أن المرجئة من
األشعرية والجهمية والماتريدية لما حدوا اإليمان بأنه مجرد تصديق القلب ومعرفته بالله
تعالى أخرجوا بذلك التوحيد العملي عن مسمى اإليمان؛ فنتج عنه إقرارهم ما يناقض هذا
التوحيد من الشرك العملي ،والتصدي للدفاع عن عقائد القبورية ـ كما مر عند بيان أثر
تعريف توحيد األلوهية عند المتكلمين بتوحيد الربوبية بسبب الخلط عندهم بين مفهوم
الربوبية ومفهوم األلوهية؛ حيث جعلوا مسمى األلوهية هو عين مسمى الربوبية.
ومما يوضح هذا األثر عند أصحاب هذه المقالة أن الجهم والصالحي ومن اتبعهما
في اإليمان من األشعرية والماتريدية قد حصروا الكفر؛ إما في الجهل بالله فقط كقول جهم
والصالحي( ،)3وإما في تكذيب القلب فقط كقول األشعري والماتريدي( ،)4وكال النوعين ُك نفُر
اعتقاد؛ فال محل إذن للكفر العملي عند أصحاب هذه المقالة( .)5بل صرحت األشعرية
والماتريدية بأن الركن األول وهو الشهادتان ليس من اإليمان ،كما حكى ذلك عنهم سعد
الدين التفتازاني( )6في شرح العقائد النسفية ((ص ))128:ـ وهو من أهم مصادرهم ـ حيث
ـــــــــ
( )1هذه الرواية أخرجها البخاري في صحيحه حديث رقم ( ،)0102وانظر :فتح الباري (.)100/31
( )2بدائع الفوائد ( ،)5486/3وانظر :درء التعارض (.)346/7
( )3انظر :مقاالت اإلسالميين ( ،)231/3والملل والنحل للشهرستاني (جـ ،)01/3وشرح حديث جبريل
(ص.)113:
( )4انظر :التوحيد للماتريدي (ص ،)185 :ومجموع الفتاوى (.)381/0
( )5انظر :المصدر السابق (ص 113 :ـ .)111 ،111
= ( )6هو :مسعود بن القاضي فخر الدين عمر بن برهان الدين الشهير بسعد الدين التفتازاني ،عالم بالنحو والتصريف
732 شرط العلم بمعنى الشهادة
ذكر(( :أن ال إله إال الله ليست جزءاً من اإليمان ،لداللة النصوص على أن محل اإليمان
القلب ،فال يكون اإلقرار باللسان داخالً فيه))( .)1كما ذكر التفتازاني أيضاً أن ((السجود
للصنم كفر في الظاهر ،ولكن ال يُحكم بكفره فيما بينه وبين الله))()2؛ ألنه قد يكون في
الباطن عارفاً بالله موحداً له مؤمناً به (.)3
ولذا تجد الشرك فاشياً في بيئات األشعرية والماتريدية ،وال تجد من علماء هذه
الفرق إنكاراً لهذا الشرك .وهذا أمر ظاهر يعرفه من عاش في تلك البيئات ممن أنار الله
بصيرته بنور التوحيد واإليمان.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ :مبيناً أثر مقالة الجهم والصالحي ومن اتبعهما
في حد اإليمان(( :وأيضاً فهؤالء القائلون بقول جهم والصالحي قد صرحوا بأن سب الله
ورسوله ،والتكلم بالتثليث ،وكل كلمة من كلمات الكفر ،ليس هو كفراً( )4في الباطن،
ولكنه دليل في الظاهر على الكفر ،ويجوز مع هذا أن يكون هذا السباب الشاتم في
الباطن عارفاً بالله موحداً له مؤمناً به ،فإ ذا أقيمت عليهم حجة بنص أو إجماع أن هذا
كافر باطناً وظاهراً ،قالوا :هذا يقتضي أن ذلك مستلزم للتكذيب الباطن ،وأن اإليمان
يستلزم عدم ذلك))(.)5
وقال أيضاً(( :ومن هنا يظهر خطأ قول «جهم بن صفوان» ومن اتبعه حيث ظنوا
ــــــــــ
والمعاني والبيان والمنطق وغيرها ،شافعي المذهب .قال ابن حجر( :ولد سنة ( )032هـ ،وأخذ عن القطب =
وغيره ،وتقدم في الفنون ،واشتهر ذكره وطار صيته ،وانتفع الناس بتصانيفه) .من مصنفاته( :شرح التلخيص)،
و(التلويح شرح التوضيح) ،و(شرح العقائد النسفية) ،وله حاشية على الكشاف لم يكملها ،مات بسمرقند سنة
( )013هـ .انظر :إنباء الغمر ( ،)101/2وأبجد العلوم (.)50/1
( )1بل نص الدسوقي في حاشيته على أم البراهين (ص 886 :ـ :)885أن المعتمد عند األشاعرة أن النطق
بالشهادتين ليس شرطاً في صحة اإليمان وال جزءاً من مفهومه بل هو شرط إلجراء األحكام الدنيوية ،وعليه فمن
صدق بقلبه ولم ينطق بالشهادتين سواء كان قادراً على النطق أو كان عاجزاً عنه ،فهو مؤمن عند الله يدخل
الجنة.
( )2شرح العقائد النسفية (ص.)120 :
( )3شرح حديث جبريل المعروف باإليمان األوسط (ص.)111:
( )4في األصل (كفر) ،والتصويب من مطبوعة مجموع الفتاوى.
( )5المصدر السابق (ص .)111:وانظر :مجموع الفتاوى (.)582/0
737 شرط العلم بمعنى الشهادة
أن اإليمان مجرد تصديق القلب وعلمه ،لم يجعلوا أعمال القلب من اإليمان ،وظنوا أنه قد
يكون اإلنسان مؤمناً كامل اإليمان بقلبه ،وهو مع هذا يسب الله ورسوله ويعادي الله
ورسوله ،ويعادي أولياء الله ،ويوالى أعداء الله ،ويقتل األنبياء ،ويهدم المساجد ،ويهين
المصاحف ،ويكرم الكفار غاية الكرامة ،ويهين المؤمنين غاية اإلهانة ،قالوا :وهذه كلها
معاص ال تنافي اإليمان الذي في قلبه ،بل يفعل هذا وهو في الباطن عند الله مؤمن قالوا:
وإنما ثبت له في الدنيا أحكام الكفار ،ألن هذه األقوال أمارة على الكفر ليحكم بالظاهر
كما يحكم باإلقرار والشهود ،وإن كان في الباطن قد يكون بخالف ما أقر به وبخالف ما
شهد به الشهود ،فإذا أورد عليهم الكتاب والسنة واإلجماع على أن الواحد من هؤالء كافر
في نفس األمر معذب في اآلخرة ،قالوا :فهذا دليل على انتفاء التصديق والعلم من قلبه،
فالكفر عندهم شيء واحد وهو الجهل ،واإليمان شيء واحد وهو العلم ،أو تكذيب القلب
وتصديقه ،فإنهم متنازعون هل تصديق القلب شيء غير العلم أو هو هو()2()))1؟
خالصة المبحث:
بعد عرض أقوال هذه الطوائف الثالث من المرجئة في اإليمان يظهر لنا أن هذه
الطوائف مخالفة ألهل السنة والجماعة في اعتبار شروط لتحقيق كلمة التوحيد "ال إله إال
الله" غير علم القلب أو تصديقه بالله تعالى ـ على ما فيهما ـ كما سيأتي.
ومما يدل لذلك أمور ِّعدة:
األمر األول :ما ترتب على مقالتهم في اإليمان من أثر في فهم توحيد األلوهية ـ الذي
هو معنى ال إله إال الله ـ وتطبيقه حيث لم يعدوا الشرك العملي مناقضاً للتوحيد واإليمان ،وذلك
نابع من عدم اعتبارهم االنقياد العملي من لوازم اإليمان وشروط كلمة التوحيد.
كما أنه نبع أيضاً من عدم اعتبارهم اإلخالص في كلمة التوحيد بترك الشرك في
العبادة من شروطها ،ألن الشرك العملي ـ كما سيأتي ـ من لوازم عدم إخالص العبادة لله
تعالى.
األمر الثاني :أنهم أخرجوا أعمال القلوب غير المعرفة والتصديق من اإليمان .وهذا
ـــــــــ
( )1تقدم أنه ال فرق بينهما ،وإن ُسلِّم بالفرق فهو فرق ال تترتب عليه الثمرة ،ألنه ال يحقق اإليمان ،فمجرد التصديق
أو المعرفة ال يحقق اإليمان ،وال ينقل صاحبه عن الكفران.
( )2مجموع الفتاوى ( 388/0ـ .)381
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
بتكفير معين منهم ،فهو أمر يحتاج إلى تفصيل( ،)1ليس هذا موضع بسطه.
قلت :وممن حكم بكفرهم اإلمام أ حمد ـ رحمه الله ـ؛ فقد أخرج الخالل في
السنة( )2بسنده إلى حمدان بن علي الوراق( )3قال :سألت أحمد وذكر عنده المرجئة:
فقلت إنهم يقولون :إذا عرف الرجل ربه بقلبه فهو مؤمن .فقال(( :المرجئة ال تقول هذا بل
الجهمية تقول بهذا ،المرجئة تقول :حتى يتكلم بلسانه وجوارحه( .)4والجهمية تقول :إذا
عرف ربه بقلبه وإن لم تعمل جوارحه .وهذا كفر ،إبليس قد عرف ربه فقال(( :رب بما
أغويتني)) قلت :فالمرجئة لم كانوا يجتهدون ،وهذا قولهم؟ قال :البالء)).
وممن قال بكفرهم أيضاً :أبو عبيد القاسم بن سالم حيث قال بعد أن ذكر لوازم
هذه المقالة (( :وهذا عندنا كفر لن يبلغه إبليس فمن دونه من الكفار قط!))(.)5
كما نجد شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ يحكي كفرهم عند السلف ،فيقول(( :وقول
جهم في اإليمان قول خارج عن إجماع المسلمين قبله ،بل السلف كفروا من يقول بقول
جهم في اإليمان))( .)6انتهى.
وبذلك يُعلم أهمية هذه الشروط ومكانتها عند السلف حيث يحكمون بكفر من لم
يعتبرها ،ويشنِّعون عليه.
ـــــــــ
( )1انظر :االستقامة لشيخ اإلسالم (.)361/3
(( )2جـ)503/1
( )3هو :حمدان بن علي الوراق الجرجاني ،اسمه محمد ،من أصحاب اإلمام أحمد ،توفي سنه اثنتين وسبعين
ومائتين .انظر :اإلكمال (.)551/2
( )4لعله يريد مرجئة الفقهاء أبا حنيفه وشيخه حماد ،ومن وافقهم حيث يجعلون اإليمان إقرار اللسان وعمل القلب وال
يجعلون أعمال الجوارح داخلة فيه ،وإن كان لها أثر في النعيم والعذاب يوم القيامة؛ فيرون أن مرتكب الكبيرة معرض
للوعيد من جهة تركه الواجب الذي أُِّمَر به ال من جهة تركه لبعض اإليمان الواجب عليه .وقولهم متناقض كيف يقال:
كامل اإليمان وهو معرض للوعيد؟!
( [ )5كتاب اإليمان ألبي عبيد (ص .]62 :وانظر :نفس المصدر (ص ،) 61 :ومجموع الفتاوى (،325/0
.)155
( )6مجموع الفتاوى (.)313/0
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
المبحث الخامس :زيادة العلم بشهادة أن ل إله إل الله وأثره في تكميل شهادة أن ل
إله إل الله ،وتحته ثالثة مطالب:
المطلب األول :تفاضل الناس في العلم والمعرفة التي في قلوبهم بالشهادة.
من المناسب ونحن نتكلم عن شرط العلم بشهادة كلمة التوحيد "ال إله إال الله" أن
نذكر تفاضل الناس في العلم الذي في قلوبهم بمعنى هذه الشهادة ،وذلك نظراً ألهمية هذا
التفاضل ،وما يترتب عليه من آثار وثمار تزيد في تكميل هذه الشهادة؛ ألن العلم بشهادة
التوحيد ال إله إال الله منه ما هو أصل( )1ال يصح اإلسالم إال به ،ومنه ما هو فرع زائد على
الشرط ،به يتحقق كمال العلم بهذه الشهادة؛ إذ ((ليس من شرط اإليمان بالله تعالى وجود
العلم التام))( ،)2ولذا كان هذا العلم سبباً في ِّرفعة درجات المؤمنين في الجنة ،وذلك لما
يقع بسببه من التفاضل بينهم في اإليمان ،وليس بالزم لدخولهم الجنان ،ألن الله تعالى
يُدخل الجنة بقدر وزن الشعيرة والحبة من اإليمان كما صح عن النبي .)3(
وقبل أن ندخل في تفاصيل هذا التفاضل ال بد أن نبين أن المعرفة بشهادة كلمة
التوحيد "ال إله إال الله" قسمان :منها ما يستوي جميع الناس فيها .ومنها ما يتفاضل
الناس فيها.
فأما التي يستوي جميع الناس فيها ،فهي المعرفة العامة ،والتي تكون فطرية(.)4
ـــــــــ
( )1أي شرط.
( )2اقتباس من شرح حديث جبريل لشيخ اإلسالم ابن تيمية (ص.)121 :
( )3كما في قوله « :يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان» .وقد تقدم تخريجه في
(ص.)111 :
( )4وهذا بخالف المعرفة المكتسبة ،فهذه يتفاضل الناس فيها تفاضالً عظيماً ،وذلك في األصل والكمال؛ فليس
التفاضل مقصوراً على الكمال دون األصل كما تقوله مرجئة الفقهاء؛ ومما يبين ذلك :أن اإليمان الواجب
يختلف باختالف المكلف وبلوغ التكليف له وبزوال الخطاب الذي به التكليف ونحو ذلك؛ فإن اإليمان
الواجب قبل الهجرة لو اقتصر عليه العبد بعد الهجرة كان كافراً؛ بيانه :أن الله بعث محمداً رسوالً إلى الخلق
فكان الواجب على الخلق تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر ،ولم يأمرهم حينئذ بالصلوات الخمس وال صيام
شهر رمضان ،وال حج البيت ،وال حرم عليهم الخمر والربا ونحو ذلك ،وال كان أكثر القرآن قد نزل فمن صدقه
حينئذ فيما نزل من القرآن وأقر بما أمر به من الشهادتين وتوابع ذلك كان ذلك الشخص حينئذ مؤمناً تام اإليمان
= الذي وجب عليه ،وإن كان مثل ذلك اإليمان لو أتى به بعد الهجرة لم يقبل منه ،ولو اقتصر عليه كان كافراً،
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
ويدل لذلك قوله فيما يرويه عن ربه ـ عز وجل ـ« :خلقت عبادي حنفاء كلهم» أي:
مائلون جميعهم عن الشرك إلى التوحيد؛ فعلمهم بأن الله ربهم المستحق أن يعبدوه فطري
ضروري كما تقدم .وهذا مما ال يتفاضل الناس فيه.
ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ومما يدل على ذلك أيضاً قوله تعالى :ﯔ ﯕ ﯖ
ﯫ ﯬ ﯭ [الروم .]15:فإقامة الوجه ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ
بوجوب إخالص العبادة لله تعالى مما يستوي في العلم به جميع الناس ،ما داموا على
الفطرة السليمة التي خلقوا عليها ،والتي لم يطرأ عليها ما يغيِّرها.
وأما المعرفة التي يتفاضل الناس فيها ،فهي ما زاد عن المعرفة العامة ،فهذه مما
محصل ألعلى كماالتها وبين حائز ألدنى درجاتها. يتفاوت الناس فيها تفاوتاً عظيماً؛ فبين ِّ
ن
وبين هذين الطرفين درجات ومقامات ال يعلمها ويحصيها إال الله تبارك وتعالى.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :أن العلم والتصديق نفسه ،يكون بعضه أقوى من
بعض ،وأثبت وأبعد عن الشك والريب ،وهذا أمر يشهده كل أحد من نفسه؛ كما أن
الحس الظاهر بالشيء الواحد ،مثل رؤية الناس للهالل ،وإن اشتركوا فيها فبعضهم تكون
رؤيته أتم من بعض ،وكذلك سماع الصوت الواحد ،وشم الرائحة الواحدة ،وذوق النوع
ــــــــــ
قال اإلمام أحمد(( :كان بدء اإليمان ناقصاً فجعل يزيد حتى كمل)) ،ولهذا ال يجب في أول األمر ما وجب =
بعد نزول القرآن كله ،وال يجب على كل عبد من اإليمان المفصل مما أخبر به الرسول ما يجب على من بلغ
غيره؛ فمن عرف القرآن والسنن ومعانيها لزمه من اإليمان المفصل بذلك ما ال يلزم غيره ،ولو آمن الرجل بالله
وبالرسول باطناً وظاهراً ثم مات قبل أن يعرف شرائع الدين مات مؤمناً بما وجب عليه من اإليمان ،وليس ما
وجب عليه وال ما وقع عنه مثل إيمان من عرف الشرائع فآمن بها وعمل بها ،بل إيمان هذا أكمل وجوباً ووقوعاً؛
فإن ما وجب عليه من اإليمان أكمل ،وما وقع منه أكمل.
ويدل لذلك قصة ذاك الرجل الذي قال لبنيه« :إذا مت فاسحقوني ثم أذروني في اليم ،فوالله لئن قدر الله علي
ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين»؛ فإن اإليمان بقدرة الله على كل شيء ومعاد األبدان من أصول
اإليمان ،ومع هذا فهذا لما كان مؤمناً بالله وأمره ونهيه وكان إيمانه بالقدرة ،والمعاد مجمالً فظن أن تحريقه يمنع
ذلك فعل ذلك ومع ذلك غفر الله له ،ومعلوم أنه لو كان قد بلغه من العلم أن الله يعيده وإن ُح ِّرق كما بلغه أنه
يعيد األبدان لكان كافراً.
ذات أنواط كذات أنواط المشركين
وأيضاً قصة أصحاب ذات أنواط حيث طلبوا من النبي أن يجعل لهم َ
ومع ذلك لم يطالبهم النبي بتجديد إسالمهم ،ألنه لم يبلغهم أن ذلك شرك مناقض للتوحيد.
انظر :مجموع الفتاوى ( ،)652 ،848/7وبغية المرتاد (ص)112 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
الواحد من الطعام ،فكذلك معرفة القلب وتصديقه يتفاضل أعظم من ذلك من وجوه
متعددة! والمعاني التي يؤمن بها من معاني أسماء الرب وكالمه ،يتفاضل الناس في معرفتها،
أعظم من تفاضلهم في معرفة غيرها))( .)1انتهى.
وقال في موضع آخر(( :فإن ألوهية الله متفاوتة في قلوبهم على درجات عظيمة
تزيد وتنقص ،ويتفاوتون فيها تفاوتاً ال ينضبط طرفاه ،حتى قد ثبت في الصحيح عن النبي
في حق شخصين« :هذا خير من ملء األرض( )2مثل هذا»( )3فصار واحد من اآلدميين
خيراً من ملء األرض من بنى جنسه؛ وهذا تباين عظيم ال يحصل مثله في سائر
الحيوان))(.)4
وهذا التقرير في زيادة المعرفة وتفاضلها سبقه إليه اإلمام المروزي ـ رحمه الله ـ حيث
يقول(( :أن اإليمان يوجب اإلجالل لله والتعظيم له والخوف منه والتسارع إليه بالطاعة،
على قدر ما وجب في القلب في عظيم المعرفة وقدر المعروف))(.)5
فإذا تقرر هذا ،فإن مما يدل على وقوع هذا التفاضل وجوه؛ منها:
الوجه األول :أن اإليمان بالله تعالى كما هو معتقد أهل السنة والجماعة يزيد وينقص
باعتبار أفراده وأجزائه ،فزيادة اإليمان دليل على زيادة في بعض تلك األفراد .والمعرفة ـ كما ـ
تقدم من أفراد اإليمان ،فدل على أنها مما تقبل الزيادة والنقصان؛ فيحصل للناس التفاضل
فيها بحسب تلك الزيادة والنقصان.
الوجه الثاني :أن العلم بالشهادة ـ كما تقدم ـ منه ما هو مجمل ،ومنه ما هو مفصل؛ فالعلم
المفصل أعلى وأتم من العلم المجمل.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ...(( :نفس المعرفة تختلف باإلجمال والتفصيل،
والقوة والضعف ،ودوام الحضور ،ومع الغفلة ،فليست المفصلة المستحضرة الثابتة التي
يثبِّت الله صاحبها بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ،كالمجملة التي غفل عنها،
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى (.)211/0
( )2في مجموع الفتاوى زيادة كلمة (من) وهي ليست في الحديث كما في البخاري.
( )3أخرجه البخاري في كتاب النكاح ،باب األكفاء في الدين (جـ )560/5ح (.)6095
( )4نفس المصدر ( 181/2ـ .)185
( )5تعظيم قدر الصالة (.)775/8
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
وإذا حصل له ما يريبه فيها وذكرها في قلبه ثم رغب إلى الله في كشف الريب))(.)1
الوجه الثالث :أن من مراتب العلم بالشهادة اليقين ،وهو ـ كما سيأتي ـ العلم التام الذي
ينتفي معه الريب والشك.
نفسه مراتب ودرجات بعضها أعلى من بعض؛ فمرتبة حق اليقين كما أن اليقين َ
أعلى من مرتبة عين اليقين ،ومرتبة عين اليقين أعلى من مرتبة علم اليقين(.)2
الوجه الرابع :أن الناس يتفاوتون في العلم والمعرفة التي في قلوبهم بحسب الطريق التي
يحصل العلم بها؛ فعلم المشاهدة أقوى من علم اإلخبار ،ولذا جاء في الحديث« :ليس
المخبر كالمعاين»()3؛ ((فإن موسى لما أخبره ربه أن قومه عبدوا العجل ،لم يلق األلواح.
فلما رآهم قد عبدوه ألقاها؛ وليس ذلك لشك موسى في خبر الله ،لكن المخبر وإن جزم
بصدق المخبر ،فقد ال يتصور المخبر به في نفسه ،كما يتصوره إذا عاينه ،بل يكون قلبه
مشغوالً عن تصور المخبر به ،وإن كان مصدقاً به؛ ومعلوم أنه عند المعاينة ،يحصل له من
تصور المخبر به ما لم يكن عند الخبر ،فهذا التصديق أكمل من ذلك التصديق))(.)4
ولذا كان أصحاب النبي أكمل إيماناً ممن جاء بعدهم ،وذلك لِّ َما شاهدوا
وعاينوا من اآليات الدالة على صدق نبوة النبي .والعلم التام بصدق النبوة ينعكس طرداً
على قوة العلم والمعرفة التي في قلوبهم بما جاء به النبي من التوحيد واإليمان.
ولذا قال النبي في بيان فضلهم« :لو أنفق أحدكم مثل جبل أُ ِّحد ذهباً ما بلغ
مد صحابي وال نصي َفه»( )5الحديث.
وما ذاك إال لقوة إخالصهم ويقينهم ورسوخ العلم بالتوحيد في قلوبهم.
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى ( 158/0ـ .)151وانظر :نفس المصدر (.)212/0
( )2انظر :مجموع الفتاوى ( 615/35ـ .)616
محمد بن
ُ ( )3أخرجه الطبراني في األوسط ( ،)351/0وقال :لم يرو هذا الحديث عن حكيم بن حكيم إال
حفص بن عبد الرحمن ،تفرد به :إسحاق بن الخشك .والحديث حكم األلباني بأنه
ُ إسحاق ،وال عن محمد إال
صحيح كما في صحيح الجامع (.)5101
( )4مجموع الفتاوى ( 211/0ـ .)215
( )5أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة ،باب قول النبي « لو كنت متخذاً خليالً» (جـ )216/1ح
( ،)1601ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم ( )3160/1ح (.)2515
732 شرط العلم بمعنى الشهادة
الوجه الخامس :أن علم األنبياء والمالئكة بالله تعالى وتوحيده ـ على اختالف مراتبهم فيه ـ
أكمل من علم غيرهم بال نزاع أو شك.
ويشهد لذلك :ما قاله النبي في حق نفسه مقارنة بأصحابه« :إن أتقاكم
وأعلمكم بالله أنا»(.)1
فهذا الحديث ظاهر في أن العلم بالله درجات ،وأن بعض الناس فيه أفضل من
بعض ،وأن النبي منه في أعلى الدرجات(.)2
يد العلم ،فقال :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ الوجه السادس :أن الله ـ سبحانه ـ أمر نبيه أن يسأله مز َ
ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ([ )3طـه .]331:وهذا عام في
كل علم ،ويدخل فيه دخوالً أولوياً العلم بشهادة أن ال إله إال الله .فدل ذلك على أن العلم
بها مما يقبل الزيادة ويحصل فيه التفاضل ،وإال كان يأمر بما ال يقبله ،وهذا عبث ال يليق
بجالل الله تعالى؛ فالله منـزه عنه.
الوجه السابع :أنا نرى في الشاهد أن الناس يتفاضلون في معرفة المالئكة وصفاتهم
والتصديق بهم ،ويتفاضلون في معرفة روح اإلنسان وصفاتها والتصديق بها ،وفي معرفة الجن
وصفاتهم وفي التصديق بهم ،وفي معرفة ما في اآلخرة من النعيم والعذاب وفي التصديق
بذلك؛ فتفاضلهم في المعرفة بالله من باب أولى أن يكون أعظم وأعظم من ذلك(.)4
الوجه الثامن :أن الله تعالى قد قرن شهادته على نفسه بالتوحيد بشهادة أُنولي العلم على
ذلك كما في قوله تعالى :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ [آل عمران .]38:وما ذاك إال ألن شهادتهم أتم وأكمل من
شهادة غيرهم.
الوجه التاسع :أن الله تعالى قد قال في شأن أهل العلم :ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ
ﰈ ﰈ ﰈ [المجادلة .]33 :أي في الجنة ،وذلك لكمال علمهم بالله تعالى وتوحيده.
ـــــــــ
( )1أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب قول النبي « أنا أعلمكم بالله» وأن المعرفة فعل القلب (جـ)32/3
ح (.)25
( )2فتح الباري (.)70/5
( )3مفتاح دار السعادة (.)221/3
( )4مجموع الفتاوى (.)561/0
737 شرط العلم بمعنى الشهادة
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه اآلية ـ(( :يرفع أهل
العلم واإليمان درجات ،بحسب ما خصهم به ،من العلم واإليمان))(.)1
الوجه العاشر :أن الله تعالى قد فرق في اإليمان بين الجاهل الذي ال يعلم والعالم الذي
يعلم كما في قوله تعالى :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [الرعد ،]36:وقوله :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ [الزمر .]1 :وما ذاك إال لكمال علمهم به وبتوحيده.
الوجه الحادي عشر :يقول شيخ اإلسالم(( :فالعلم الذي يعمل به صاحبه ،أكمل من العلم
الذي ال يُعمل به ،وإذا كان شخصان يعلمان أن الله حق ،ورسوله حق ،والجنة حق ،والنار
حق ،وهذا علمه أوجب له محبة الله ،وخشيته ،والرغبة في الجنة ،والهرب من النار واآلخر
علمه لم يوجب ذلك فعلم األول أكمل؛ فإن قوة المسبب دل على قوة السبب ،وهذه
األمور نشأت عن العلم ،فالعلم بالمحبوب يستلزم طلبه ،والعلم بالمخوف ،يستلزم الهرب
()2
منه ،فإذا لم يحصل الالزم ،دل على ضعف الملزوم) .
الوجه الثاني عشر :أن التفاضل في العلم يحصل أيضاً من جهة أسبابه؛ فالعلم الذي يكون
بكثرة األدلة وقوتها ،وبفساد الشبه المعارضة له أكمل من العلم الحاصل عن دليل واحد من
غير أن يعلم الشبه المعارضة له؛ فإن الشيء كلما قويت أسبابه وتعددت وانقطعت موانعه
واضمحلت كان أوجب لكماله وقوته وتمامه(.)3
يقول شيخ اإلسالم(( :فمن كان مستند تصديقه ومحبته أدلة توجب اليقين وتبين
فساد الشبهة العارضة لم يكن بمنـزلة من كان تصديقه ألسباب دون ذلك))(.)4
الوجه الثالث عشر :ما جاء عن النبي من قوله فيما يرويه عن ربه « :أخرجوا من
النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»(.)5
ـــــــــ
( )1تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم الرحمن (ص.)816 :
( )2مجموع الفتاوى (.)211/0
( )3مجموع الفتاوى (.)566/0
( )4مجموع الفتاوى (.)656/7
( )5سبق تخريجه في (ص.)113 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
فقد دل الحديث على أن اإليمان يتفاضل فيكون بعضه أكمل من بعض؛ فلما
كانت المعرفة من اإليمان فهي مما يشملها هذا التفاضل أيضاً.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :والذي مضى عليه سلف األمة وأئمتها أن نفس
اإليمان الذي في القلوب يتفاضل كما قال النبي حكاية عن ربه« :أخرجوا من النار من
كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»))(.)1
ومن الجدير بالذكر هنا أنه قد ورد عن اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ في تفاضل الناس في
المعرفة روايتان؛ رواية يذهب فيها إلى التفاضل( ،)2وأخرى يذهب فيها إلى عدمه(.)3
والسؤال الطبعي الذي قد يرد هنا :هل إنكاره لعدم التفاضل في احدي الروايتين
عنه ،هو إنكار حقيقي أو أن له وجهاً يُمكن أن يحمل عليه كالمه في اإلنكار؟
قد أجاب عن ذلك القاضي أبو يعلي الفراء ـ رحمه الله ـ قائالً(( :وعندي أن المسألة
ليست على روايتين ،وإنما هي على اختالف حالين ،فالموضع الذي قال :ال تزيد وال تنقص
يعني به نفس المعرفة ،ألن المعرفة :هي معرفة المعلوم على ما هو به ،وذلك ال يختلف بحال
(( .)4())...والموضع الذي قال :تزيد وتنقص يعني بالزيادة في معرفة األدلة ،وذلك قد يزيد
وينقص ،فمنهم من يعرف الشيء من جهة واحدة ،ومنهم من يعرفه من جهات كثيرة))(.)5
قلت :وقد ذكر شيخنا الدكتور عبد الرزاق البدر ـ حفظه الله ـ كالماً قريباً مما ذكره
أبو يعلى الفراء في الجمع بين الروايتين يتضح به المقصود ،وهو قوله(( :قلت :وال تعارض
عندي بين هاتين الروايتين عن اإلمام ،فهو ـ رحمه الله ـ جزم في الرواية األولى باإلثبات
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى (.)101/6
( )2وهذه الرواية أخرجها الخالل في السنة (جـ )585/1بإسناد صحيح ،ولفظه(( :أخبرنا أبو بكر المروزي قال :قلت
ألبي عبد الله في معرفة الله عز وجل في القلب يُتفاضل فيه؟ قال :نعم .قلت :ويزيد؟ .قال :نعم)).
( )3وهذه الرواية أخرجها أيضاً الخالل في السنة (جـ )583/1ولفظه(( :أخبرنا أبو بكر محمد بن علي أن يعقوب
بن بختان حدثهم قال :سألت أبا عبد الله عن المعرفة والقول ،تزيد وتنقص؟ قال :ال ،قد جئنا بالقول والمعرفة،
وبقي العمل)) .وانظر :درء التعارض ( ،)153/0ومجموع الفتاوى (.)158/0
( )4كالم بمقدار نصف سطر غير واضح في المخطوط.
( )5الروايتين والوجهين ألبي يعلى الفراء (/253ق) الوجه (ب) .وقد طُبع منه الجزء المتعلق بالمسائل الفقهية ،في
ثالث مجلدات بتحقيق عبد الكريم بن محمد الالحم ،طبع :دار المعارف ،الرياض ،ط :األولى ( )3135هـ.
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
بالمعرفة والقول ،وهذا مما ال يجوز لمسلم أن يرتاب فيه ،إذ إن من شك في إتيانه بالمعرفة
والقول يكفر ،لكن المعرفة تختلف من شخص آلخر قوة وضعفاً بحسب قوة األدلة وكثرة
النظر ،وهذا ما بينه ـ رحمه الله ـ في الرواية الثانية ،حيث بين أن الناس يتفاضلون في المعرفة
وأنها تزيد ،وهذا ال يتنافى مع الجزم باإلتيان بالمعرفة ،ألن القدر الواجب من المعرفة يجزم
به المسلم ،وال يمكنه أن يجزم بأنه بلغ أعلى درجات المعرفة ،ألن المعرفة درجات الناس
متفاضلون فيها ،والله أعلم))(.)1
قلت :وما تقدم ذكره في التوفيق بين الروايتين هو المتعيِّن ،وذلك ألن اإلمام أحمد ـ
رحمه الله ـ أراد في رواية اإلنكار أصل المعرفة( ،)2وأن الناس ال يتفاضلون فيها ،ولذا ال يجوز
االستثناء فيها ،ألن ذلك شك في اإليمان وهو كفر ،وأما رواية اإلثبات فإنه قد أراد بها كمال
المعرفة ،وهي ما زاد عن األصل ،فهذه مما يتفاضل الناس فيها.
ومما يبين ذلك أنه في رواية النفي ُسئل عن الزيادة والنقصان ،ففهم من السائل أنه
أراد أصل المعرفة ،وهل يجوز أن يقع فيها االستثناء ،فنفى.
وأما في رواية اإلثبات ُسئل عن الزيادة فقط ،ففهم من السائل أنه أراد الكمال؛
فأثبت التفاضل.
َ
ومما يدل على أنه قصد االستثناء في رواية النفي أنه قال(( :قد جئنا بالمعرفة
والقول)) أي :الالزمان على وجه الجزم واإليقان فال نستثني(( ،وبقي العمل)) أي :فنستثني
فيه ،ألنه ال حد ألكثره؛ فال يجزم به المسلم.
ومن المسائل المتعلِّقة بتفاضل المعرفة أيضاً :هل يلزم من زيادة اإليمان زيادة
المعرفة التي في القلوب بالشهادة؟
وهذه المسألة تنبني على مسألة معروفة ،وهي هل يلزم من الزيادة في الجنس الزيادة
في كل النوع؟
والجواب عن ذلك :أن األجناس في ذلك على نوعين .منها :ما تكون أنواعه متميزة؛
ِّ
المتفرقات ،فهذه ال يلزم من زيادة الجنس فيها زيادة كل النوع .ومنها :ما تكون كأجناس
ـــــــــ
( )1زيادة اإليمان ونقصانه وحكم االستثناء فيه (.)362
( )2تقدم أنها المعرفة اإلجمالية العامة والتي تكون فطرية.
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
أنواعه غير متميزة؛ كأجناس المركبات ،فهذه قد يلزم من زيادة الجنس فيها الزيادة في كل النوع.
فاألول :كجنس اإلنسان فهو يتكون من نوع الذكورة ،ونوع اإلناث ،فال يلزم من زيادة جنس
اإلنسان بسبب زيادة نوع الذكور ـ مثالً ـ الزيادة في نوع اإلناث.
والثاني :كجنس اإليمان فإنه قد يلزم من زيادته الزيادة في شعبه وأفراده.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :أن شعب اإليمان قد تتالزم عند القوة ،وال
تتالزم عند الضعف ،فإذا قوي ما في القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله،
[ﮥ ﮦ ﮧ أوجب بغض أعداء الله ،كما قال تعالى :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
()2
]([ )) )1المائدة.]83 :
وعلى هذا فقد يلزم من زيادة اإليمان زيادة المعرفة التي في القلب بالشهادة.
[محمد ]30:مما قلت :ولعل قوله تعالى :ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
يشهد لذلك.
يقول العالمة السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه اآلية (( :ﯱ ﯲ باإليمان
واالنقياد ،واتباع ما يرضي الله ﯳ ﯴ شكراً منه تعالى لهم على ذلك ،ﯵ ﯶ
أي :وفقهم للخير ،وحفظهم من الشر ،فذكر للمهتدين جزاءين :العلم النافع ،والعمل
الصالح))( .)3أ .هـ.
المطلب الثاني :األسباب المقتضية لهذا التفاضل.
وجوه إثبات وقوع تفاضل الناس في العلم والمعرفة التي في قلوبهم بعد أن ذكرنا َ
بالشهادة لزم أن نذكر األسباب المقتضية لهذا التفاضل ،وذلك ألن تلك األسباب مما
ستدل بها أيضاً على وقوع هذا التفاضل. يُ َ
المسبب دليل على قوة سببه ،وقوة السبب يترتب عليها قوة ووجه ذلك :أن قوة ُ
المسبب؛ فكلما قوي السبب أو تعدد قوي المسبب(.)4 ُ
إذا تقرر هذا ،فهناك أسباب كثيرة بسطها أهل العلم تزيد في قوة العلم الذي في
ـــــــــ
( )1تمام اآلية ليس في المصدر المنقول عنه.
( )2شرح حديث جبريل ( ص.)152 :
( )3تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان (ص.)080 :
( )4انظر :الوجه الحادي عشر من أوجه وقوع التفاضل.
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
دفع شر ،فإن العلم بذلك يوجب العلم بأنه ال إله إال هو وبطالن إلهية ما سواه.
الـسـادس :اتفاق كتب الله على ذلك ،وتواطؤها عليه.
الـسـابـع :أن خواص الخلق ،الذين هم أكمل الخليقة أخالقاً وعقوالً ،ورأياً ،وصواباً،
وعلماً ـ وهم الرسل واألنبياء والعلماء الربانيون ـ قد شهدوا لله بذلك.
الـثـامـن :ما أقامه الله من األدلة األفقية والنفسية ،التي تدل على التوحيد أعظم
داللة ،وتنادي عليه بلسان حالها ،بما أودعها من لطائف صنعته ،وبديع حكمته ،وغرائب
خلقه.
فهذه الطرق ،التي أكثر الله من دعوة الخلق بها إلى أنه ال إله إال الله ،وأبداها في
كتابه وأعادها :عند تأمل العبد في بعضها البد أن يكون عنده يقين ،وعلم بذلك ،فكيف
إذا اجتمعت وتواطأت واتفقت ،وقامت أدلة للتوحيد من كل جانب .فهناك يرسخ اإليمان
والعلم بذلك في قلب العبد ،بحيث يكون كالجبال الرواسي ،ال تزلزله الشبه والخياالت ،وال
يزداد ـ على تكرر الباطل والشبه ـ إال نمواً وكماالً.
هذا ،وإن نظرت إلى الدليل العظيم ،واألمر الكبير ـ وهو تدبر هذا القرآن العظيم،
والتأمل في آياته ـ فإنه الباب األعظم إلى العلم بالتوحيد ويحصل به من تفاصيله وجمله ما
ال يحصل في غيره))( .)1انتهى كالمه ـ رحمه الله.
قلت :ومن األسباب المقتضية للتفاضل في العلم بالشهادة أيضاً :العمل بمقتضى
الشهادة؛ فكلما ازداد اإلنسان عمالً بمقتضى العلم بالشهادة ازداد علماً وبصيرة ومعرفة
بالتوحيد الذي هو معنى الشهادة .ومصداق ذلك عموم قوله تعالى :ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ [محمد.]30 :
يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ(( :العلم البد فيه من إقرار القلب
ومعرفته ،بمعنى ما طلب منه علمه؛ وتمامه أن يعمل بمقتضاه))(.)2
ومن األسباب أيضاً :اإلكثار من ذكر الله تعالى بلفظ الشهادة مع استحضار معناها
ـــــــــ
( )1تفسير ابن سعدي (ص.)080:
( )2المصدر نفسه (ص .)080 :وانظر :الوجه التاسع من أوجه وقوع التفاضل ،وكتاب العلم للشيخ ابن عثيمين
(ص.)361 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
اإلكسير األعظم؛
ُ قلبتها حسنات ،كما سبق ذكره في تبديل السيئات حسنات ،فإن هذا التوحيد هو
فلو وضع ذرة منه على جبال الذنوب والخطايا ،لقلبها حسنات ،كما في «المسند» وغيره ،عن أم
هانيء ،عن النبي ،قال« :ال إله إال الله ال تترك ذنباً وال يسبقها عمل»(.)2()))1
ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :فإن المعرفة الصحيحة تقطع من القلب العالئق
كلها ،وتعلقه بمعروفه ،فال يبقى فيه عالقة بغيره ،وال تمر به العالئق إال وهي مجتازة ،ال
تمر مرور استيطان.
وقال أحمد بن عاصم( :)3من كان بالله أعرف كان منه أخوف .ويدل على هذا
[فاطر ]28 :وقول النبي « أنا أعرفكم بالله قوله تعالى :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ
()5()))4
وأشدكم له خشية»
ونَـ َق َل عن بعض العارفين قوله(( :فمن عرف الله أحبه على قدر معرفته به ،وخافه
ورجاه ،وتوكل عليه ،وأناب إليه ،ولهج بذكره ،واشتاق إلى لقائه ،واستحيا منه ،وأَ َجله
وعظمه على قدر معرفته به))( )6انتهى.
قلت :وليس بأدل من قوله تعالى :ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ [فاطر]82 :؛
فمن كان ت معرفته بالله أقوى كان لربه أتقى وأخشى ،وإيمانه به أقوى .قال تعالى:
ـــــــــ
( )1أخرجه ابن ماجة في كتاب األدب ،باب :فضل الذكر ( )3218/2ح ( ،)1010وأحمد في المسند ( )125/6من وجه
آخر بنحوه ،والمزي في تهذيب الكمال ( 322/26ـ )321قال في الزوائد (( :)3218/2وفي إسناده زكريا بن منظور،
وهو ضعيف) ،والحديث ضعفه األلباني كما في ضعيف ابن ماجة ( ،)820وتخريج كلمة اإلخالص البن رجب (ص:
.)56
( )2جامع العلوم والحكم (ص 011 :ـ .)011
( )3قال الذهبي في ترجمته( :الزاهد الرباني الولي أبو عبد الله األنطاكي ،صاحب مواعظ وسلوك ...،روى عنه
نيمة باردة :أصلح فيما بقي يغفر لك ما مضى .وقال:
أبوزرعة الدمشقي ،وأحمد بن أبي الحواري ،وكان يقولَ :غ َ
إذا صارت المعاملة إلى القلب استراحت الجوارح .لم أظفر له بتاريخ وفاة ،ولعله بقي إلى نحو الثالثين ومئتين) انتهى.
وانظر :ترجمته في حلية األولياء (جـ 820/9ـ .)897
( )4أخرجه مسلم في كتاب الصيام ( )725/8ح (.)5550
( )5مدارج السالكين ( .)118/1وكالم أحمد بن عاصم األنطاكي أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصالة
( )028/2وصدقه اإلمام أحمد.
( )6نفس المصدر (.)111/1
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
ـــــــــ
( )1نصيحة موجهة إلى طلبة الجامعة اإلسالمية لسماحة الشيخ ابن باز ضمن نصائح هامة لسماحة الشيخ (ص:
52ـ ،)59نشر الجامعة اإلسالمية ،ط :األولى ( )5387هـ.
( )2انظر :معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد األسماء والصفات (ص 31 :ـ .)25
732 شرط العلم بمعنى الشهادة
جهل أهل الوحدة واالتحاد( ،)1والثاني هو جهل نفاة الصفات من الجهمية الغالة.
وفي هذا النوع ومتعلقه يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :والجهمية نفاة الصفات تارة
يصرحون بذلك ،وتارة بما يستلزم الجحود والتعطيل؛ يقولون بما يستلزم الحلول واالتحاد ،أو ِّ
فنفاتهم ال يعبدون شيئاً ،ومثبتيهم يعبدون كل شيء( .)3()))2انتهى.
ـــــــــ
( )1ليس المراد من تعطيل الذات هنا نفي أن تكون لله ذات ،ولكن المراد نفيهم حقيقة هذه الذات .ألن القول
بالحلول واالتحاد يستلزم تعطيل ذات الله تعالى ،ألن ذات الله تعالى ذات مباينة لسائر الموجودات ففي اعتقاد
أنها الوجود الكلي أو العام تعطيل لحقيقتها ونفي لماهيتها؛ فحقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى..
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ...(( :وكان منتهى أمرهم تعطيل الخالق ،وتكذيب رسله ،وإبطال دينه .ودخل
في ذلك باطنية الصوفية ،أهل الحلول واالتحاد ،وسموه تحقيقاً ومعرفة وتوحيداً .ومنتهى أمرهم هو إلحاد باطنية
الشيعة ،وهو أنه ليس إال الفلك وما حواه وما وراء ذلك شيء .وكالم ابن عربي ـ صاحب «فصوص الحكم»،
وأمثاله من االتحادية القائلين بوحدة الوجود ،يدور على ذلك لمن فهمه ،ولكن يسمون هذا العالَم الله .فمذهبهم
في الحقيقة مذهب المعطلِّة ،كفرعون وأمثاله ،ولكن هؤالء يطلقون عليه هذا االسم ،بخالف أولئك))[ .درء
التعارض ( .])211/8وانظر :المصدر نفسه ( ،)1/5ومدارج السالكين ( ،261/3و.)116/1
( )2المراد بالنفاة هنا متكلمة الجهمية ،والمراد بمثبتيهم متفلسفة االتحادية :وفي هذا يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ:
((وأما هؤالء االتحادية فهم أخبث وأكفر من أولئك الجهمية ولكن السلف واألئمة أعلم باإلسالم وبحقائقه؛ فإن
كثيرا من الناس قد ال يفهم تغليظهم في ذم المقالة حتى يتدبرها ويرزق نور الهدى فلما أطلع السلف على سر
القول نفروا منه ،وهذا كما قال بعض الناس متكلمة الجهمية ال يعبدون شيئاً ،ومتعبدة الجهمية يعبدون كل
شىء ،وذلك ألن متكلمهم ليس في قلبه تأله وال تعبد ،فهو يصف ربه بصفات العدم والموات ،وأما المتعبد ففي
قلبه تأله وتعبد ،والقلب ال يقصد إال موجوداً ال معدوماً فيحتاج أن يعبد المخلوقات؛ إما الوجود المطلق ،وإما
بعض المظاهر؛ كالشمس والقمر والبشر واألوثان وغير ذلك ،فإن قول االتحادية يجمع كل شرك في العالم ،وهم
ال يوحدون الله ـ سبحانه وتعالى ـ ،إنما يوحدون القدر المشترك بينه وبين المخلوقات ،فهم بربهم يعدلون .ولهذا
حدثني الثقة :أن ابن سبعين كان يريد الذهاب إلى الهند ،وقال :إن أرض اإلسالم ال تسعه ،ألن الهند مشركون
يعبدون كل شيء حتى النبات والحيوان ،وهذا حقيقة قول االتحادية ،وأعرف ناساً لهم اشتغال بالفلسفة
والكالم ،وقد تألهوا على طريق هؤالء االتحادية فإذا أخذوا يصفون الرب سبحانه بالكالم ،قالوا :ليس بكذا ،ليس
بكذا ووصفوه بأنه ليس هو رب المخلوقات كما يقوله المسلمون ،لكن يجحدون صفات الخالق التي جاءت
بها الرسل عليهم السالم ،وإذا صار ألحدهم ذوق ووجد تأله وسلك طريق االتحادية وقال :إنه هو الموجودات
كلها ،إذا قيل له :أين ذلك النفي من هذا اإلثبات قال :ذلك وجدي ،وهذا ذوقي)) [مجموع الفتاوى (100/2
ـ .])108
( )3مجموع الفتاوى ( 18/6ـ .)11وانظر :الفتاوى الكبرى (.)21/5
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
وأما النوع الثاني ،وهو الجهل الذي سببه التشبيه التام ،فهو كذلك نوعان.
النوع األول :تشبيه الخالق بالمخلوق .والثاني :تشبيه المخلوق بالخالق.
والفرق بين الجهل الذي سببه التعطيل واآلخر الذي سببه التمثيل ،هو :أن األول
يؤدي إلى عدم محض( ،)1فال محل فيه للمشهود به ،فتقع الشهادة فيه على غير مشهود
له( .)2وهذا الجهل يصدق عليه الجهل البسيط؛ ألنه نفي وإنكار لحقيقة الشيء.
وأما الثاني :فهو يؤدي إلى وقوع الشهادة على مشهود له آخر غير الله ،وهو
المشبه به في النوع األول ،والمشبه في النوع الثاني( .)3وهذا الجهل يصدق عليه الجهل
المركب ،ألنه قلب وإبدال لحقيقة الشيء.
ضاد شرط العلم وينافيه سيكون تحت إذا ثبت هذا ،فإن الكالم على الجهل الذي يُ َ
المطالب والمقاصد التالية.
المطلب األول :الجهل بالمشهود له وهو الله تعالى ،وتحته ثالثة مقاصد:
المقصد األول :جهل أهل الوحدة والتحاد بالله تعالى(.)4
ـــــــــ
( )1انظر :بغية المرتاد (ص ،)101 :ومجموع الفتاوى (.)0/1
( )2ألن الله عندهم هو الوجود المطلق الذي ال يتعين ،وما كان كذلك فال وجود له في الخارج بال ريب [بغية
المرتاد( :ص.])374 :
( )3تشبيه المخلوق بالخالق من أسباب الشرك في األلوهية ،فالمشبِّه على هذا النحو يكون عابداً لله ولغيره،
فشهادته تقع على الله تارة وعلى غير الله تارة؛ باعتبار المعبود .أما باعتبار المعنى فهي غير صادقة لكونها
مخالفة للواقع؛ ألن معنى الشهادة تجريد العبادة لمعبود واحد عظيم ،وهو الله كما تقدم ،بخالف
الشهادة في النوع األول فهي واقعة لما تصوره في قلبه من الصورة لربه بمخلوق ما.
( )4جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعالى صادر عن عناد واستكبار في الواقع ـ كما قال ابن القيم ـ [طريق الهجرتين (ص:
،])340فحقه أن يوضع ضمن ((كفر العناد)) المناقض لشرط القبول ،ولكن مناسبة وضعه هنا:
أن كفر الجهل أعم من كفر العناد ،ألنه ما عصي الله تبارك وتعالى إال بجهل كما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [النساء :]57 :قال عنهما ـ في تفسير قوله تعالى :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
(( :من عمل السوء فهو جاهل من جهالته عمل السوء)) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ( ،)899/3وعن
مجاهد في قوله {جهالة} قال(( :كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينـزع عن معصيته)) أخرجه ابن أبي حاتم
في التفسير ( .)297/4وعن أبي العالية أنه كان يحدث(( :أن أصحاب رسول الله كانوا يقولون :كل ذنب
أصابه عبد فهو بجهالة)) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (.)892/3
= وألنه ـ أي القول باالتحاد ـ قد يكون جهالً حقيقةً إذا قويت الشبهة وتمكن الوارد.
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
أهل الوحدة واالتحاد تقدم التعريف بهم ،وبيان شيء من جهلهم بالله تعالى ،وذلك
حد المعرفة بالله ومعناها عندهم( .)1وقد ذكرت حينها أن هذه من خالل عباراتهم في ِّ
المعرفة عندهم ،هي عين الجهل بالله تعالى(.)2
وفي هذا المقصد سيكون التفصيل أكثر في ذكر ما يبيِّن هذا الجهل عندهم ،وذلك
من خالل عباراتهم في تقرير عقيدة الوحدة واالتحاد .وسأقتصر على ذكر أقوال أشهر دعاة
هذه الطائفة؛ ألن في ذكر أقوال األشهر تحصيالً للمقصود من التنفير من هذه الفرقة،
والبعد والنأي عنها ،ألن األشهر يكون ذا حظوة ومكانة عند أتباع هذه العقيدة ،فإذا علموا
من كالمه ما يصادم القرآن والسنة كان ذلك أرجى في هدايتهم إلى الصواب.
ومن تلك األقوال:
أولً :أقوال الحالج الدالة على جهله بالله تعالى.
الحالج من أشهر أعالم الصوفية االتحادية ،وكانت له جرأة شديدة في نشر
المذهب االتحادي ،حتى أنه قُتِّ َل بسببه( .)3وقد عاب عليه بعض الصوفية أنه كان يبوح
بال ِّسر ،حتى أخرجوه من الطريق تمويهاً وتَِّقية( .)4وأقواله الدالة على جهله بالله تعالى من
منظور هذه العقيدة كثيرة جداً؛ فمنها:
يقول الحالج(( :رأيت ربي بعين ربي ،فقال :من أنت؟ فقلت :أنت))(.)5
وأكد ذلك في أبيات له ،قال فيها:
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبحانك س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبحاني أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك
ــــــــــ
وأيضاً :فالحكم عليهم بالجهل أوجه من جهة أن كفر العناد واالستكبار أمر قلبي فال يظهر إال عن معرفة =
بالشخص وأقواله ،ولذا ال يُحكم به إال في حق من ورد النص بجحودهم كفرعون القائل(( :أنا ربكم األعلى))
[النمل ،]53 :وكذا َم نن علم من شخص مقالةً هو مخالف ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ قال تعالى في شأنه:
لما في قرارة نفسه فيها ،والله تعالى أعلم.
( )1انظر( :ص 121 :ـ .)113
( )2انظر( :ص.)113 :
( )3انظر :واقعة قتله في البداية والنهاية (جـ 338/33ـ .)322
( )4انظر :مجموع الفتاوى ( ،)181/2وعقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية ص.)321( :
( )5طواسين (ص.)360 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
()1
وعص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيانك عص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــياني توحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك توحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي
ثم زاد ذلك تأكيداً فقال:
غي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي عن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو لسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بالتوحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ألهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو
()2
وص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحيح أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو كي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهو كي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف أله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو
كما أن الحالج قد ادعى الربوبية لنفسه قائالً(( :أنا الحق ،وما في الجبة سوى
الله))(.)3
وقد كتب إليه أحد أصحابه يسأله عن الطريق .فأجابه قائالً(( :الطريق بين اثنين،
وليس مع الله أحد)) .قال :فقلت بيِّن .قال(( :من لم يقف على إشارتنا لم ترشده عبارتنا.
ثم قال:
()4
حاش ــاك حاش ــاك م ــن إثب ــات اثن ــين)) أأن ـ ـ ـ ــت أم أن ـ ـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ــذا ف ـ ـ ـ ــي إله ـ ـ ـ ــين
مصرحاً بهذه العقيدة(( :وجود المحدثات المخلوقات هو عين وجود ويقول ِّ
()5
الخالق)) .
وكان أتباعه يكتبون إليه(( :يا ذات الذات ،ومنتهى غاية اللذات ،نشهد أنك تتصور
فيما شئت من الصور ،وأنك اآلن ِّ
متصور في صورة الحسين بن منصور ،ونحن نستجيرك يا
عالم الغيوب))(.)6
فهذه العبارات بمجموعها دالة على ما وصل إليه أصحاب هذه العقيدة من الجهل
بالله تعالى حيث ِّ
يصور لنا الحالج وأتباعه الذات اإللهية بأنها تتجسد في كل شيء ،وأن
كل ما في الكون هو مظاهر تجليات الوجود اإللهي؛ فال غضاضة عند هؤالء أن يقول
الرجل :أنه هو الله ،أو يعتقد ذلك في غيره.
ـــــــــ
( )1ديوان الحالج (ص.)5 :
( )2نفس المصدر (ص.)62 :
( )3جمهرة األولياء وأعالم التصوف (جـ .)266/3وأورد جزءاً من هذه العبارة االسفراييني في التبصير في الدين
وتمييز الفرقة الناجية (ص.)311 :
( )4أخبار الحالج (ص.)50 :
( )5الطواسين (ص.)381 :
( )6التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية (ص.)311 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
يصورها الحالج وغيره من دعاة االتحادية؟ ال فهل هذا هو حقيقة الذات اإللهية كما ِّ
شك أنه عين الجهل بها؛ فذات الله تعالى ـ كما يـَ نع ِّرفُها أهل اإليمان ـ ذات كاملة ،قائمة
عين جميع عين شيء من المخلوقات فضالً عن أن تكون َ بنفسها ،يستحيل أن تكون َ
الموجودات؛ فضرورة العقل تشهد بالتمايز بين ذات الخالق وذوات المخلوقين ،وذلك في
الوجود والكمال.
ولهذا لما أدرك العلماء حقيقة قول الحالج في الذات اإللهية أجمعوا على قتله
وصلبه(.)1
وهكذا تبقى أقوال الحالج شاهدة عليه بالكفر والزندقة والمروق من دين اإلسالم؛
فيشارك المتأخر المتقدم في الحكم عليه بالكفران .فهل لقائل بعد ذلك أن يقول :أن
أتوا جرماً؟!! هذا ال يقوله إال جاهل بالحقيقة أو الحالج قد قُتل ظلماً ،وأن قاتلوه قد ن
مجار في العقيدة.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :ولكن بعض الناس يقف فيه؛ ألنه لم يعرف أمره،
وأبلغ من يحسن به الظن يقول :إنه وجب قتله في الظاهر؛ فالقاتل مجاهد والمقتول
شهيد ،وهذا أيضاً خطأ .وقول القائل :إنه قتل ظلماً قول باطل ،فإن وجوب قتله على ما
أظهره من اإللحاد أمر واجب باتفاق المسلمين))(.)2
ثانياً :أقوال ابن سبعين الدالة على جهله بالله تعالى من منظور عقيدة الوحدة والتحاد:
ابن سبعين من أعالم هذا المذهب أيضاً ،وإن كان في الشهرة دون الحالج .وأقواله
في تقرير هذا المذهب رموز وإشارات خفية ،ال يعرفها إال من أحاط باصطالحاته ،وتمكن
من فهم إشاراته.
ومن أقواله التي تدل على أنه قائل باالتحاد الدال على جهله بالله تعالى قوله(( :الله
()3
فقط ...،وهو الكل بالمطابقة)) .
وأيضاً قوله(( :اختلط في اإلحاطة الزوج مع الفرد ،واتحد فيه النجو مع الورد))(.)4
ـــــــــ
( )1انظر :لحادثة قتله وصلبه (البداية والنهاية) (جـ 338/33ـ .)322
( )2مجموع الفتاوى (.)181/2
( )3انظر :رسائل ابن سبعين (ص.)312 :
( )4رسائل ابن سبعين (ص.)311 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
واإلحاطة هي من االصطالحات التي يستخدمها ابن سبعين حين يشير إلى وحدة
الوجود(.)1
ومن أقواله أيضاً(( :فالوجود واحد ،وهو القائم بجميع الصور))(.)2
ِّ
متجسدة في يصور لنا ابن سبعين حقيقة الذات اإللهية بأنها ففي هذه األقوال ِّ
جميع الموجودات ،وأنها متجلية في صور جميع الكائنات حتى في األقذار والنجاسات.
ولذا كان هو وأتباعه يقولون(( :ليس إال الله)) بدل قول المسلمين(( :ال إله إال
الله))( .)3تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
ثالثاً :أقوال ابن الفارض الدالة على جهله بالله تعالى:
ابن الفارض من مشاهير أعالم المذهب االتحادي ،وله ديوان كامل في تقرير هذا
يصرح بأن الذات اإللهية كشفت له عن المذهب ،وفلسفته فيه واضحة جداً؛ حيث كان ِّ
حقيقة الكون ،فكل ما يرى ببصره فهو مظهر للوجود اإللهي بزعمه(.)4
ومن أقواله الدالة على ذلك:
ِّ()5
فف ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ِّـل َم نرئِّـ ـ ـ ـي أََر َاه ـ ـ ـ ـا بِّرؤي ـ ـ ــة َجلَـ ــت فـ ــي تجلِّيهـ ــا الوجـ ــود لنـ ــاظري
ومن تلك األقوال أيضاً:
وذات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاتي إذا تحل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت فف ــي الص ــحو( )6بع ــد المح ــو( )7ل ــم ُأك َغنيـَره ــا
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ (
حال )8المحو
العقيدة في حال الصحو وفي ت ففي هذا البيت يرى أنه دائم على هذه تجل
ـــــــــ
( )1عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص ،)15 :وانظر :مجموع الفتاوى (.)102/2
( )2رسائل ابن سبعين (ص.)212 :
( )3عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص ،)365 :وعزاه إلى كتاب ابن سبعين وفلسفته الصوفية للتفتازاني (ص:
.)111
( )4انظر :عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص.)318 :
( )5ديوان ابن الفارض (ص.)18 :
( )6الصحو في عقيدة الصوفية رجوع العارف إلى اإلحساس بعد غيبته بوارد قوي .وفيه يشهد العارف المغايرة بين
الذات اإللهية ومظاهرها أو صفاتها ،يشهد أن الكون ليس هو الذات اإللهية ،وإنما هو تجليات أسمائها
وصفاتها ومجال ألفعالها .انظر :التعاريف للمناوي (ص.)111 :
( )7المحو في عقيدة الصوفية إسقاط إضافة الوجود إلى األعيان ،وتجلي الوحدة المطلقة؛ فيرى الصوفي في الخلق
عين الحق ،والمربوب عين الرب .انظر :هامش مصرع التصوف لعبد الرحمن الوكيل (ص.)65 :
( )8ديوان ابن الفارض (ص.)18 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
الذي هو الغيبوبة ،فهو غير مفارق لها في الحالين بل مشاهد لها في كِّلتنيهما.
ومن أقواله الدالة على جهله بالله أيضاً:
م ـ ـ ــن آي جمع ـ ـ ــي مش ـ ـ ــركاً ب ـ ـ ــي ص ـ ـ ــنعتي(.)1 ـلخت
ـدت وانس ـ ـ ُ
ـدت ألح ـ ـ ُ
ول ـ ــو أنن ـ ــي وح ـ ـ ُ
فهو يرى أن التوحيد الذي هو عقيدة المسلمين شرك ،ألنه مثبت لألغيار ،وهذا
عين الشرك عنده؛ فالتوحيد في نظره أن ال ترى في الكون غير الله.
وهذا ما صرح به أيضاً في قوله:
()2
والمعية لم تخطـر على ألمعيتي ول ـ ــيس مع ـ ــي ف ـ ــي المل ـ ــك ش ـ ــيء سـ ـ ـواي
كما يرى أن العبادة لله تعالى إنما تقع عليه ((ألنه بحسب اعتقاده في الوحدة هو
اإلله المعبود ،فهو العابد باعتبار ظاهره ،وهو المعبود باعتبار باطنه ،والظاهر والباطن شيء
واحد عنده هو الله!))( ،)3ومما يبين ذلك قوله:
ِّ ()4
ـت مـ ـ ـ ــن دعـ ـ ـ ــاني ولبـ ـ ـ ــت ِّ
ى أجابـ ـ ـ ـ ن
ـاد ً
منـ ـ ـ ـ َ ـب ،وإ نن أك ـ ــن
ـت المجي ـ ـ َ
ـت كنـ ـ ُ
فـ ــإن ُدعي ـ ـ ُ
وقوله:
وأشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهد فيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أنهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ِّ
ت لهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلواتي بالمقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام أُقيمهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
حقيقتـ ـ ـ ـ ــه بـ ـ ـ ـ ــالجمع فـ ـ ـ ـ ــي كـ ـ ـ ـ ــل سـ ـ ـ ـ ــجدة ص ـ ـ ـ ـ ــل واح ـ ـ ـ ـ ــد س ـ ـ ـ ـ ــاجد إل ـ ـ ـ ـ ــى
كالن ـ ـ ـ ـ ــا ُم َ
( )5
صـ ـ ـ ـ ــالتي لغيـ ـ ـ ـ ــري فـ ـ ـ ـ ــي أداءكـ ـ ـ ـ ــل ركعت ـ ـ ـ ـ ــي وم ـ ـ ــاك ـ ـ ــان ل ـ ـ ــي ص ـ ـ ــلى س ـ ـ ـ ـواي ول ـ ـ ــم تك ـ ـ ــن
فانظر كيف وصل به الجهل إلى هذه الغاية من اإللحاد والكفر والعناد حيث يزعم
صلِّي لنفسه ،وإليها
أن قيامه بالعبادة لله تعالى إنما هو في الحقيقة قيام بها له ،فهو الذي يُ َ
يسجد ،وهو الذي يدعى ويرجى ،وهو المجيب وهو الد ِّ
اعي!! ُ َ َُ َ ُ
رابعاً :أقوال ابن عربي الطائي في تقرير عقيدة وحدة الوجود الدالة على الجهل بالله
تعالى:
ـــــــــ
( )1نفس المصدر (ص.)18 :
( )2نفس المصدر (ص.)18 :
( )3اقتباس من عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص )507 :مع تصرف.
( )4نقس المصدر( :ص.)18 :
( )5نفس المصدر (ص.)18:
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
ابن عربي من أبرز دعاة هذه العقيدة ،بل يُعتبر رائد هذا الفكر الضال ،وقد حاول
أن يصبغ هذه العقيدة بصفة الشرعية ،حيث يورد اآليات واألحاديث ثم ِّ
يفسرها تفسيراً
إشارياً باطنياً يتفق َوعقيدة وحدة الوجود .ولكن هيهات أن يجد في القرآن أو في السنة أو
في كالم األئمة ما ينصر هذه العقيدة أو يدل عليها ،ولو من طرف بعيد خفي.
ومن األقوال التي تدل على ضالله وجهله بماهية الذات العلية :قوله في فص
((حكمة قدوسية في كلمة إدريسية))(( :ومن أسمائه الحسنى :العلي .على من؟ وما ثم إال
هو!! فهو العلي لذاته ،أو عن ماذا؟ وما هو إال هو!! فعلوه لنفسه ،وهو من حيث الوجود
عين الموجودات .فالمسمى محدثات هي العلية لذاتها ،وليست إال هو .فهو العلي ،ال
علو إضافة ،ألن األعيان التي لها العدم الثابتة فيه ،ما شمت رائحة من الوجود ،فهي على
حالها مع تعداد الصور في الموجودات .والعين واحدة من المجموع في الموجود ،فوجود
الكثرة في األسماء ،وهي النسب ،وهي أمور عدمية ،وليس إال العين الذي هو الذات...
إلى أن قال :فهو األول والظاهر والباطن ،فهو عين ما ظهر وهو عين ما بطن في حال
ظهوره ،وما ثم من يراه غيره ،وما ثم من يبطن عنه ،فهو ظاهر لنفسه ،باطن عنه ،وهو
المسمى أبا سعيد الخراز ،وغير ذلك من أسماء المحدثات))(.)1
وهذا نص صريح واضح جلي من ابن عربي ال يحتمل التأويل أنه يؤمن بأن الله
سبحانه وتعالى عين كل شيء مادي أو روحي(.)2
قال زين الدين العراقي( )3ـ رحمه الله ـ(( :وأما قوله ـ يعني ابن عربي ـ فهو عين ما
ظهر وعين ما بطن ،فهو كالم مسموم ،ظاهره :القول بالوحدة المطلقة ،وأن جميع
مخلوقاته هي عينه ،ويدل على إرادته لذلك صريحاً قوله بعد ذلك(( :وهو المسمى أبا سعيد
ـــــــــ
( )1فصوص الحكم (ص 06 :ـ .)00
( )2هامش مصرع التصوف للمحقق عبد الرحمن الوكيل (ص.)61 :
( )3هو :عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن الكردي الشافعي ،المعروف بالزين العراقي ،حافظ ِّ
محدث فقيه،
ولد بمصر سنة ( )786هـ ،أخذ الحديث عن جماعة منهم الحافظ العالئي ،وتقي الدين السبكي .من أبرز
تالميذه الحافظ ابن حجر العسقالني .من تصانيفه الكثيرة(( :التبصرة والتذكرة))(( ،تنـزيه الشريعة المرفوعة))،
و((نظم الدرر السنية في السيرة الزكية)) .توفي سنة ( )205هـ .انظر :إنباء الغمر ( ،)570/6وحسن المحاضرة
(.)450/5
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
أو قلـ ـ ـ ـ ــت :رب أنـ ـ ـ ـ ــى يُكلـ ـ ـ ـ ــف()1؟ إن قل ـ ـ ـ ـ ــت :عب ـ ـ ـ ـ ــد ف ـ ـ ـ ـ ــذاك مي ـ ـ ـ ـ ــت
مع قوله:
() 2
وأن ــا اعتق ــدت جمي ــع م ــا عق ــدوه عقـ ـ ـ ــد النـ ـ ـ ــاس فـ ـ ـ ــي اإللـ ـ ـ ــه عقائـ ـ ـ ــداً
وقوله(( :فكل شيء ماش فعلى صراط الرب المستقيم ،فهم غير مغضوب عليهم من
هذا الوجه))(.)3
وقوله(( :فما من أحد إال على صراط مستقيم ،وهو صراط الرب تعالى))( )4اهـ.
خامساً :أقوال التلمساني:
التلمساني من أعالم المذهب االتحادي ،وأقوالُه فيه أعمق في الكفر والضاللة من
أقوال غيره كما قرر ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ()5؛ وعلل ذلك بأنه كان ال ِّ
يفرق بين
يفرق غيره ،وال يرى الكثرة والتفرقة إال في ذهن اإلنسان ،فعنده ما ثم الوجود والثبوت( )6كما ِّ
السوى ما دام محجوباً عن شهود غير وال ِّسوى بوجه من الوجوه ،وأن العبد إنما يشهد ِّ
الحقيقة ،فإذا انكشف عنه الحجاب رأى أنه لم يكن غير ،وأن الرائي عين المرئي(.)7
وهذا بخالف ما يعتقده غيره من إثبات التفرقة والكثرة مع الجمع(.)8
ولهذا كان يستحل جميع المحرمات ،حتى كان يقول البنت واألم واألجنبية شيء
واحد ،وليس في ذلك حرام علينا ،وإنما هؤالء المحجوبون قالوا :حراماً .فقلنا :حرام عليكم.
وكان يقول(( :القرآن كله شرك ليس فيه توحيد وإنما التوحيد في كالمنا))()9؛ ألن
التوحيد الذي جاء به القرآن مثبت لألغيار ،وهذا عين الشرك عنده؛ فالتوحيد عنده أن ال
ـــــــــ
( )1الفتوحات المكية البن عربي (.)12/3
( )2فصوص الحكم بتحقيق أبي العال عفيفي (.)312/3
( )3فصوص الحكم (ص.)356 :
( )4نفس المصدر (ص.)358 :
( )5كما في مجموع الفتاوى (.)305 ،361/2
( )6أي الكثرة والتعدد الثابت في األعيان.
( )7انظر :مجموع الفتاوى (.)102 ،305/2
( )8انظر :تقديس األشخاص في الفكر الصوفي (.)512/3
( )9مجموع الفتاوى (.)102/2
737 شرط العلم بمعنى الشهادة
وأما التعطيل في االصطالح ،فهو نفي الصفات اإللهية ،وإنكار قيامها بذاته
تعالى(.)1
والمعطلة الغالة مصطلح يُطلَق على من نفوا جميع األسماء والصفات.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ( :والتحقيق أن التجهم المحض ،وهو نفي األسماء
والصفات ،كما يُحكى عن جهم والغالية من المالحدة ،ونحوهم من نفي أسماء الله
الحسنى )2()...أ .هـ.
فالتعطيل إذن ضد اإلثبات ،وذلك نوع جهل بالله تعالى ،ووجهه ظاهر ،وهو :أن
المعطل لم يعرف الله تعالى على الحقيقة التي هو عليها من اتصافه بالصفات ،فالله تعالى إنما ِّ
يُعرف بصفاته التي هي تحقيق ذاته ،فالذي لم يعرف صفاته جاهل بذاته ،فالمعرفة بصفاته ـ
حد الجهل بالذات(.)3خرح عن ِّسبحانه وتعالى ـ هي التي تُ ِّ
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :ال يستقر للعبد قدم في المعرفة ـ بل وال في اإليمان ـ
حتى يؤمن بصفات الرب ـ جل جالله ـ ،ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه؛
فاإليمان بالصفات وتعرفها :هو أساس اإلسالم ،وقاعدة اإليمان ،وثمرة شجرة اإلحسان.
فمن جحد الصفات فقد هدم أساس اإلسالم واإليمان وثمرة شجرة اإلحسان ،فضالً عن
أن يكون من أهل العرفان))( .)4انتهى.
وأما جهل أهل التعطيل بالله تعالى فسيتضح من خالل ذكر مقاالت طوائفهم،
وتصوير مذاهبهم في باب صفات الله .
فالمعطلة الغالة أقسام ودرجات في التعطيل:
الدرجة األولى :المع ِّطّلة المحضة.
وهؤالء هم الذين نَـ َف نوا جميع األسماء والصفات ،وأنكروا قيامها بالذات اإللهية.
وهم قسمان:
ـــــــــ
( )1شرح الواسطية للدكتور محمد خليل هراس (ص .)60 :ط :دار الهجرة.
( )2النبوات (ص.)221:
( )3الجهل بالذات هنا نسبي.
( )4مدارج السالكين (.)110/1
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
الثبوتية أبلغ في التعطيل ممن يقول ال يقيد ال بأمور سلبية وال ثبوتية )(.)1
)
وأوضح ذلك ابن القيم فقال(( :وال ريب أن أصولهم التي عارضوا بها الوحي تنفي
وجود الصانع فضالً عن كونه صانعاً للعالم ،بل تجعله ممتنع الوجود فضالً عن كونه واجب
الوجود؛ ألن الصفات التي وصفوه بها صفات معدوم ممتنع في العقل والخارج ،فال العقل
يتصوره إال على سبيل الفرض الممتنع كما يفرض المستحيالت ،وال يمكن في الخارج
وجوده؛ فإن ذاتاً هي وجود مطلق ال ماهية لها سوى الوجود المطلق المجرد على كل ماهية
وال صفة لها البتة ،وال فيها معنيان متغايران في المفهوم ،وال هي هذا العالم وال صفة من
صفاته ،وال داخلة فيه ،وال خارجة عنه ،وال متصلة به ،وال منفصلة عنه ،وال مجانبة له ،وال
مباينة ،وال فوقه ،وال تحته ،وال يمينه ،وال يسرته ،وال ترى ،وال يمكن أن ترى ،وال تدرك
شيئاً ،وال تُدرك هي بشيء من الحواس ،وال هي متحركة وال ساكنة ،وال توصف بغير
السلوب واإلضافات العدمية ،وال نعتت بشيء من األمور الثبوتية هي بامتناع الوجود أحق
منها بإمكان الوجود فضالً عن وجوبه وتكليف العقل باالعتراف بوجود هذه الذات ووجوبها
الجمع بين النقيضين ،ومعلوم أن مثل هذه الذات ال تصلح لفعل وال ربوبية وال َ كتكليفه
إلهية ،وأي ذات فرضت في الوجود فهي أكمل منها ،فالذي جعلوه واجب الوجود هو
أعظم استحالة من كل ما يـُ َقدر مستحيالً ،فال يكثر عليهم بعد هذا إنكارهم لصفاته؛ كعلمه
وقدرته وحياته وسمعه وبصره ،وال إنكارهم لكالمه وتكليمه ،فضالً عن استوائه على عرشه،
ونزوله إلى سماء الدنيا ،ومجيئه وإتيانه ،وفرحه وحبه ،وغضبه ورضاه ،فمن هدم قواعد
البيت من أصلها هان عليه هدم السقف والجدران .ولهذا كان حقيقة قول هؤالء القول
ﭵ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ بالدهر وإنكار الخالق بالكلية وقولهم :ﭬ ﭭ ﭮ
ﭶ [الجاثـية ]21 :وإنما صانعوا المسلمين بألفاظ ال حقيقة لها واشتق إخوانهم الجهمية
النفي والتعطيل من أصولهم فسدوا على أنفسهم طريق العلم بإثبات الخالق وتوحيده
()2
بمشاركتهم لهم في األصل المذكور)) .
القسم الثاني :غالة الغالة(:)3
ـــــــــ
( )1الصفدية ( 211/3ـ .)155وانظر :والصواعق المرسلة ( 3161/1ـ .)3105
( )2الصواعق المرسلة ( 103/1ـ .)101
( )3مجموع الفتاوى (.)355/1
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
وهؤالء نوعان:
النوع األول :من يسلب النقيضين؛ فيمتنع عن إثبات أحدهما لله تعالى؛ فيقول(( :ال
يوصف بأنه حي وال ميت ،وال عالم وال جاهل ،وال قادر وال عاجز بل قالوا :ال يوصف
باإليجاب وال بالسلب ،فال يقال هو حي عالم ،وال يقال ليس بحي عالم ،وال يقال هو
عليم قدير ،وال يقال ليس بقدير عليم ،وال يقال هو متكلم مريد ،وال يقال ليس بمتكلم
()1
مريد)) .قالوا(( :ألن في اإلثبات تشبيهاً له بالموجودات ،وفي النفي تشبيهاً له
بالمعدومات وكل ذلك تشبيه))(.)2
وهؤالء هم غالة المعطلة من القرامطة الباطنية المتفلسفة؛ كأصحاب رسائل إخوان
الصفا(.)4()3
فهؤالء قد سلبوا عن الله النقيضين ،فشبهوه بالممتنعات؛ إذ سلب النقيضين كجمع
النقيضين كالهما من الممتنعات؛ ففروا من تشبيه الله بالموجودات ووقعوا في تشبيه شر منه ،وهو
الجهل بحقيقة الذات بل
َ تشبيهه ـ سبحانه وتعالى ـ بالممتنعات والمعدومات( ،)5وذلك يقتضي
ووجود تلك الذات.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ عن مذهب القرامطة الباطنية في نفي أسماء الله
وصفاته...(( :وذلك ل يقتضي إل الجهل بالله تعالى والغفلة عن ذكر الله ،واإلعراض
عنه والكفر به ،وذلك يقتضي أنه في نفسه ليس حقاً موجوداً له األسماء الحسنى
والصفات العلى)).
ثم أعرب عنهم فقال(( :وال ريب أن هذا هو غاية القرامطة الباطنية والمعطلة الدهرية
ـــــــــ
( )1نفس المصدر (ص .)356 :وانظر :الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ()165/1
( )2مجموع الفتاوى ( .)15/6وانظر :نفس المصدر (.)355/1
( )3أصحاب رسائل إخوان الصفا من طوائف الباطنية اإلسماعلية ،وضعوا هذه الرسائل لما ظهرت دولة اإلسماعيلية
الباطنية الذين بنوا القاهرة المعزية سنة بضع وخمسين وثالثمائة ،فأظهروا فيها اتباع الشريعة ،ولكن لها باطناً مخالفاً
لظاهرها ،وباطن أمرهم مذهب الفالسفة بل هي أصل مذهب القرامطة ،وربما نسبوها إلى جعفر الصادق ـ رحمه الله ـ
ترويجاً .انظر :منهاج السنة ( 51/1ـ ،)55وشرح نونية ابن القيم ألحمد بن عيسى (.)218/3
( )4األصفهانية (ص ،)00 :والملل والنحل (جـ 312/3ـ .)311
( )5انظر :مجموع الفتاوى ( 0/1ـ .)355 ،8
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
أنهم يبقون في ظلمة الجهل وضالل الكفر ،ال يعرفون الله وال يذكرونه ،ليس لهم دليل
على نفيه ونفي أسمائه وصفاته .فإن هذا جزم بالنفي وهم ال يجزمون وال دليل لهم على
النفي ،وقد أعرضوا عن أسمائه وآياته وصاروا جهاالً به ،كافرين به غافلين عن ذكره ،موتى
القلوب عن معرفته ومحبته وعبادته))(.)1
النوع الثاني :من يمتنع عن نفي أحد النقيضين ،فيقول :ال نقول ليس بموجود وال معدوم وال
حي وال ميت؛ فال ننفي النقيضين ،بل نسكت عن هذا وهذا فنمتنع عن كل من
المتناقضين ال نحكم ال بهذا وال بهذا؛ فال نقول ليس بموجود وال معدوم(.)2
قال شيخ اإلسالم(( :ومن الناس من يحكي نحو هذا عن الحالج .وحقيقة هذا
القول هو الجهل البسيط والكفر البسيط الذي مضمونه اإلعراض عن اإلقرار بالله ومعرفته
وحبه ،وذكره وعبادته ،ودعائه))(.)3
الدرجة الثانية من درجات التعطيل :المعطلة للصفات دون األسماء:
وهؤالء هم المعتزلة.
يقول ابن المرتضى المعتزلي((( :)4فقد أجمعت المعتزلة على أن للعالم م ِّ
حدثاً ُ
قديماً ،قادراً عالماً حياً ال لمعان))(.)5
قال أبو الحسن األشعري(( :وزعمت الجهمية ـ يعني المعتزلة ـ أن الله تعالى ال علم
حي
له ،وال قدرة ،وال حياة ،وال سمع ،وال بصر له ،وأرادوا أن ينفوا أن الله تعالى عالم قادر ٌّ
سميع بصير ،فمنعهم خوف السيف من إظهارهم نفي ذلك فأتوا بمعناه؛ ألنهم إذا قالوا :ال
علم لله وال قدرة له فقد قالوا :إنه ليس بعالم وال قادر ووجب ذلك عليهم ،وهذا إنما أخذوه
عن أهل الزندقة والتعطيل؛ ألن الزنادقة قد قال كثير منهم :إن الله تعالى ليس بعالم وال قادر
ـــــــــ
( )1نفس المصدر (.)18/6
( )2انظر :الصفدية ( ،)16/3ومنهاج السنة النبوية ( ،)525/2والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح
(.)165/1
( )3الصفدية (.)10/3
( )4هو :أحمد بن يحيى بن أحمد بن المرتضى ،الملقب ب(المهدي لدين الله) ،زيدي المذهب ،معتزلي الطريقة ،توفي بظفير
شمال غرب صنعاء سنة ( )230هـ .انظر :ترجمته في البدر الطالع (.)588/5
( )5شرح األصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (ص.)353 :
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
وال حي وال سميع ،وال بصير ،فلم تقدر المعتزلة أن تفصح بذلك ،فأتت بمعناه .وقالت:
إن الله عالم قادر حي سميع بصير من طريق التسمية ،من غير أن يثبتوا له حقيقة العلم
والقدرة والسمع والبصر))(.)1
وهذا القول هو حقيقة قول الجهمية النفاة.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :والمعتزلة استعظموا نفي األسماء لما فيه من
تكذيب القرآن تكذيباً ظاهر الخروج عن العقل والتناقض؛ فإنه ال بد من التمييز بين الرب
وغيره بالقلب واللسان ،فما ال يميز من غيره ال حقيقة له ،وال إثبات .وهو حقيقة قول
الجهمية فإنهم لم يثبتوا في نفس األمر شيئاً قديماً البتة))(.)2
وبهذا يُعلم جهل هذه الطوائف بالله ومقتضيات وجوده األمر الذي يتنافى وشرط العلم
بشهادة أن ال إله إال الله؛ فإن الجاهل بالله تعالى أو بوجوده شهادته بتوحيد الله تقع على غير
المشهود له به ـ الذي هو الله .
قلت :وذلك ما دفع ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ إلى وصف من اعتقد أن معبوده غير
سميع وال بصير بأنه ((يعبد غير الخالق الباري ،الذي هو سميع بصير))(.)3
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ وقال في مقام مشابه(( :قال الله ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
[الفرقان 11 :ـ ﯷ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
.]11
فأعلم الله أن من ال يسمع وال يعقل كاألنعام بل هم أضل سبيالً ،فمعبود الجهمية ـ
عليهم لعائن الله ـ كاألنعام التي ال تسمع وال تبصر ،والله قد ثبت لنفسه :أنه يسمع ويرى،
والمعطلة من الجهمية تنكر كل وصف لله وصف به نفسه في محكم تنزيله ،أو على لسان نبيه
لجهلهم بالعلم ،وذلك أنهم وجدوا في القرآن أن الله قد أوقع أسماء من أسماء صفاته على
بعض خلقه ،فتوهموا لجهلهم بالعلم أن من وصف الله بتلك الصفة التي وصف الله بها نفسه قد
شبهه بخلقه ،فاسمعوا ـ يا ذوي الجحد ـ ما أبين جهل هؤالء المعطلة المعطلة!!))(.)4
ـــــــــ
( )1اإلبانة عن أصول الديانة (جـ.)311 /2
( )2النبوات (ص.)83 :
( )3كتاب التوحيد البن خزيمة (.)356/3
( )4نفس المصدر ( 58/3ـ .)51
732 شرط العلم بمعنى الشهادة
وقــال الشــيخ عبــد اللطيــف آل الشــيخ فــي شــأن منكــري الصــفات(( :وأمــا التوحيــد،
اإلخالص ،فهو أجنبي عنه ال يدريه ،وكيـف يـدري ذلـك مـن أنكـر الذي اشتملت عليه كلمة ِّ
اإلخــالص ،واســتحق بهــا الــرب مــا لــه مــن صــفات أظهــر الصــفات التــي بنيــت عليهــا كلمــة ِّ
ِّ
اإللَهيــة ،والربوبيــة ،والكمــال المطلــق؛ فمــا للجهميــة وهــذا؟! وهــم إنمــا يعبــدون عــدماً؛ وإنمــا
يبحث عن هذا ،ويدريه :من يعبد إلَهاً واحداً ،فرداً صمداً))(.)1
قلت :وألجل هذا أطلق السلف من القول بتكفير الجهمية ما لم يطلقوه بتكفير
أحد .وقالوا« :نحكي كالم اليهود والنصارى وال نحكي كالم الجهمية»(.)2
قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :والمحفوظ عن أحمد وأمثاله من األئمة إنما هو
تكفير الجهمية المشبهة وأمثال هؤالء ....مع أن أحمد لم ِّ
يكفر أعيان الجهمية ،وال كل
من قال إنه جهمي كفره ،وال كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم ،بل صلى خلف
الجهمية الذين دعوا إلى قولهم ،وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة،
لم يكفرهم أحمد وأمثاله ،بل كان يعتقد إيمانهم ،وإمامتهم ،ويدعو لهم ،ويرى اإلئتمام بهم
في الصلوات خلفهم والحج ،والغزو معهم ،والمنع من الخروج عليهم ،ما يراه ألمثالهم من
األئمة .وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم ،وإن لم يعلموا هم أنه كفر،
وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب اإلمكان؛ فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار
السنة والدين ،وإنكار بدع الجهمية الملحدين ،وبين رعاية حقوق المؤمنين من األئمة
واألمة ،وإن كانوا جهاالً مبتدعين ،وظلمة فاسقين))(.)3
قلت :وهذا بخالف الفالسفة والقرامطة من الباطنية ،فهؤالء لم يختلف القول في
كفر أعيانهم.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وهؤالء القوم يشهد عليهم علماء األمة وأئمتها
ـــــــــ
( )1الدرر السنية (.)215/1
( )2بيان تلبيس الجهمية ( .)320/3وهذه المقالة تنسب إلى عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله كما في السنة لإلمام
أحمد ( ،)333/3واإلبانة (جـ )15/2في ذكر الرواية في القرآن ،واإليمان البن بطة ( )311/1طبعة دار الراية
بتحقيق الوليد بن محمد نبيه بن سيف نصر ،الرياض ،األولى )3138( ،هـ.
( )3مجموع الفتاوى ( 550/0ـ .)558
737 شرط العلم بمعنى الشهادة
األول :تشبيه المخلوق ببعض خصائص الخالق؛ وهو إثبات شيء للمخلوق مما يختص
به الخالق من الصفات ،أو األفعال أو الحقوق.
والثاني :تشبيه الخالق بالمخلوق؛ وهو على نوعين :األول :تشبيه ذاته بغيره من الذوات،
والثاني :تشبيه صفاته بصفات أغياره؛ كأن يقول :لله يد كأيدي المخلوقين ،أو سمع
كسمعهم ،أو بصر كبصرهم ،أو نحو ذلك(.)1
وجهل أهل التشبيه بالله تعالى يظهر من جهتين؛ بناءً على قسمي التشبيه.
الجهة األولى :جهل بوحدانية ذاته ـ سبحانه وتعالى ـ.
وهذا النوع من الجهل يقع فيه من يشبِّه المخلوقين ببعض خصائص ذات الله
تعالى؛ فيقتضي تعدد الذات.
وهذا التشبيه يوجد عند بعض الفرق المنتسبة إلى اإلسالم وغيرهم .فمن الفرق
المتلبسة بهذا التشبيه اليوم غالة الصوفية أصحاب وحدة الوجود حيث يعتقدون أن الله
تعالى تعين بذاته وأسمائه وأفعاله في صور مخلوقاته()2؛ وقولهم تشبيه من جهة وتعطيل
() 4
من جهة أخرى كما تقدم( .)3ومن الفرق المتلبسة بهذا التشبيه أيضاً فرقة الدروز
حيث يعتقدون ألوهية الحاكم بأمر الله( )5ويدعون أن له حقيقةً الهوتيةً وأخرى
ناسوتية( .)6ومن الفرق المتلبسة بهذا التشبيه أيضاً فرق النصيرية( )7حيث يعتقدون ألوهية
ـــــــــ
( )1انظر :التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص ،)331 :ونواقض توحيد األسماء والصفات
للدكتور ناصر القفاري (ص ،)52 :ومقالة التشبيه وموقف أهل السنة منها (.)01/3
( )2انظر :شرح الطحاوية البن أبي العز (ص ،)06 :وهذه الصوفية لعبد الرحمن الوكيل (ص)25 :
( )3انظر( :ص 102 :ـ .)101وانظر :كذلك :مجموع الفتاوى ( 18/6ـ ،)51/35 ،11والتبصير في الدين (ص:
،)325وبغية المرتاد (.)101
( )4الدروز تقدم التعريف بهم في (ص.)311 :
( )5انظر :لترجمة الحاكم بأمر الله عقيدة الدروز للدكتور محمد الخطيب (ص 11 :ـ .)01
( )6انظر :المصدر السابق (ص.)330 :
( )7النصيرية .ويقال لهم :النميرية نسبة إلى محمد ين نصير النميري ،كان من أصحاب الحسن العسكري ،وادعى
النبوة ،ثم ادعى الربوبية .ويقوم مذهب النصيرية على ما يأتي:
3ـ أن الله تعالى حل في خمسة أشخاص .هم :النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
= 2ـ أن هؤالء الخمسة آلهة.
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
نفسه ،وبصفات النقص وبصفات الذم ،أال ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها
إلى آخرها .وكلها حق له كما هي صفات المحدثات للحق))( .)1فيجعل ابن عربي
صفات الله هي كصفات المخلوق.
ِّ
المتقدمة تنقيص لله تعالى ،وتجهيل به ،فالله تعالى أكمل وهذا التشبيه بجميع صوره
من أن يُشبه بشيء كما قال ـ عن نفسه ـ :ﭡ ﭢ ﭣ ،ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ .فالله تعالى:
{لَهُ الن َمثَ ُل األ نَعلَى} أي :الوصف األعلى الذي ال يعتريه نقص بوجه من الوجوه.
وهذا التشبيه يتضمن أيضاً من الجهل بكمال صفات الله تعالى بل وبحقيقة ذاته ما
يوجب الكفر لصاحبه ،ولهذا اشتهر عن السلف القول بتكفير طوائف المشبهة .ومن ذلك ما
قاله نعيم بن حماد شيخ البخاري ـ رحمه الله ـ(( :من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر))( .)2وقال
إسحاق بن راهوية(( :من وصف الله ،فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله
العظيم))(.)3
كما أن هذا التشبيه يستلزم الشرك بالله تعالى ،وذلك ألن المشبِّه ـ في الحقيقة ـ
يعبد تلك الذات التي تصورها في وهمه لله تعالى.
يقول أبو حاتم الرازي(( :المجسم ما عبد الله قط ،ألنه يعبد ما تصوره في وهمه من
الصورة ،والله تعالى منـزه عن ذلك))(.)4
وذكر بعض أهل العلم أن ((المشبِّه يعبد صنماً ،و ِّ
المعط ل يعبد عدماً))( .)5انتهى. ُ
وبهذا يتبين جهل أهل التشبيه بالله تعالى ،الجهل المنافي للعلم بحقيقة الشهادة لله
تعالى بوحدانية ذاته وعدم المماثلة في صفاته ،ألن ذلك مما تتضمنه شهادة أن ال إله إال الله
ـ؛ فإن من مقتضياتها العلم بالمشهود له ،والذي منه العلم بوحدانية ذاته وتفر ُِد صفاته،
وذلك حتى تقع على المشهود له بها حقيقةً ،ولذا كانت شهادة أهل التشبيه واقعةً على
ـــــــــ
( )1فصوص الحكم بشرح القاشاني (ص.)88 :
( )2شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( )512/1برقم (.)116
( )3نفس المصدر ( )512/1برقم (.)110
( )4الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص.)21 :
( )5انظر :درء التعارض ( ،)156/35ومنهاج السنة (.)526/2
733 شرط العلم بمعنى الشهادة
ينبغي رفعه حسب االستطاعة))( ،)1ولذا ينظر في العذر به وعدمه إلى سببه؛ فإن كان سببه تقصيراً
وتفريطاً من المكلف لم يُعذر به؛ وإما إن كان سبب الجهل خفاء الحق والتباسه مع بذل الجهد
في دفعه ،فهذا مختلف في اإلعذار به ،إن كان مما يمكن التحرز عنه؛ أما إ نن كان مما ال يمكن
التحرز عنه فصاحبه معذور بال خالف( )2كمن كان حديث العهد باإلسالم ،ولم يتمكن بعد من
معرفة تفاصيل اإلسالم ،وكمن عاش في بادية بعيدة عن أهل العلم(.)3
على ضوء هذا تكلم أهل العلم في جاهل التوحيد( ،)4هل يُعذر أو ال يُعذر؟ بمعنى هل
يَ نك ُفر أو ال يَك ُفر؟
وقبل الدخول في تفاصيل هذه المسألة ،والخوض في غمار كالم أهل العلم فيها ،ال
بد أن نبين :أن الجهل بالتوحيد يتفاوت تفاوتاً عظيماً؛ فمن الجهل ما ال يُعذر به إجماعاً،
ومن الجهل ما يُعذر به إجماعاً()5؛ ومنه ما اختلف أهل العلم في العذر به(.)6
فأما الجهل الذي ال يُعذر به إجماعاً بل يكون كفراً بإجماع المسلمين ،فهو الجهل
بحقيقة دعوة النبي ،وأنه دعا إلى عبادة الله وحده ال شريك له؛ فمن جوز عبادة غير الله
،فزعم أن غير الله ـ كائناً من كان ـ يستحق أن يُعبَد مع الله أو سماه إلهاً كما كان
القدر من التوحيد ال يصح المشركون يفعلون كفر إجماعاً ولم يُعذر لجهله؛ ألن هذا َ
اإلسالم ابتداءً إال به ،وهو كذلك ظاهر يفهم بأدنى نظر؛ فإن أول ما يُدخل به اإلسالم هو
ـــــــــ
( )1نواقض اإليمان القولية والعملية (ص.)69 :
( )2يقول القرافي(( :وضابط ما يعفى عنه من الجهاالت الجهل الذي يتعذر االحتراز منه عادة ،وما ال يتعذر
االحتراز عنه وال يشق لم يعف عنه)) [الفروق (.])560/8
( )3وبهذا يعلم أن الجهل مراتب :منه ما يمكن دفعه بيسر وسهولة ،وال يتصور الجهل معه إال عن تفريط ،فهذا ال
يعد عذراً ،ومنه ما ال يمكن التحرز منه ،وهذا صاحبه معذور باالتفاق .ومنه ما يكون بينهما ،وهذا هو موضع
النـزاع هنا هل يُتصور معه انتفاء التفريط أو ال يتصور؟
( )4مقصود العلماء بالجهل الذي يعذر به أو ال يعذر ،أن يقول قوالً أو يفعل فعالً بخالف ما حقه أن يفعل ،أو
يعتقد اعتقاداً بخالف ما هو عليه من الحق ،أو يشك في حقيقة الشيء .انظر :الكفر الذي يعذر صاحبه
بالجهل (ص ،)35 :ونوقض اإلسالم االعتقادية للوهيبي (ص.)225 :
( )5المراد بالجهل هنا الجهل الناشي عن عدم تفريط وإهمال .أما الجهل الذي يكون سببه اإلهمال والتفريط فهو
ال يعذر به مطلقاً كما سيأتي في ضابط الجهل الذي يعذر به والجهل الذي ال يعذر به.
( )6انظر :الشفا للقاضي عياض (جـ 282/2ـ ،)211والمعيار المعرب (.)181/2
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
قول ال إله إال الله ،وهي تتضمن هذا القدر من التوحيد بل وتزيد عليه ،فال بد لقائلها أن
يفهم هذا القدر مما تضمنته؛ ألنه ظاهر يـُ نفهم بأدنى نظر ،وال يتصور الجهل به إال عن
تفريط وتقصير بل من أهل العلم من ال يتصور الجهل به أصالً ،ألن الحجة قائمة بذلك
على كل أحد.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وهذا إذا كان في المقاالت الخفية فقد يقال :إنه
فيها مخطئ ضال ،لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها؛ لكن ذلك يقع في طوائف
منهم في األمور الظاهرة التي تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين؛
بل اليهود والنصارى يعلمون :أن محمداً بُعث بها ،وكفر مخالفها؛ مثل أمره بعبادة الله
وحده ال شريك له ،ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من المالئكة والنبيين والشمس والقمر
والكواكب واألصنام وغير ذلك؛ فإن هذا أظهر شعائر اإلسالم))( .)1انتهى.
ومما يندرج تحت األمور الظاهرة التي ال عذر ألحد من الخلق في الجهل بها وال
شبهة أيضاً :معرفة الله ،وتميز ذاته ـ سبحانه ـ عن ذوات مخلوقاته.
قال أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ فيما نقل عنه الكاساني في بدائع الصنائع((( :)2فإن أبا
يوسف روى عن أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ هذه العبارة فقال :كان أبو حنيفة يقول :ال
عذر ألحد من الخلق في جهله معرفة خالقه ،ألن الواجب على جميع الخلق معرفة الرب ـ
سبحانه وتعالى ـ وتوحيده لما يرى من خلق السموات واألرض ،وخلق نفسه ،وسائر ما خلق
الله ـ سبحانه وتعالى ـ .فأما الفرائض فمن لم يعلمها ولم تبلغه فإن هذا لم تقم عليه حجة
حكمية))(.)3
وقال ابن حزم الظاهري ـ رحمه الله ـ...(( :وأما من قال أن الله هو فالن إلنسان
بعينه ،أو أن الله تعالى يحل في جسم من أجسام خلقه ،أو أن بعد محمد نبياً غير
عيسى بن مريم ،فإنه ال يختلف اثنان في تكفيره؛ لصحة قيام الحجة بكل هذا على كل
أحد))( )4انتهى.
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى ( .)51/1وانظر :منهاج أهل الحق واالتباع البن سحمان (ص.)32:
(.)523/1( )2
( )3وانظر :التبصير في معالم الدين البن جرير الطبري (ص 336 :ـ ،)330ودرء التعارض ( ،)62/1وبيان تلبيس
الجهمية (.)220/3
( )4الفصل في الملل والنحل ( .)211/1وانظر :المعيار المعرب (.)181/2
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
وقال األنصاري( )1في صدد تقسيمه للجهل الذي يعذر به والذي ال يعذر به(( :جهل
ال يصلح عذراً بحال ال في الدنيا وال في العقبى ،وال شبهة أيضاً؛ كجهل الكافر بذات الله
ورسوله ،ألن الدالئل الدالة على الوحدانية والصفات والرسالة من الحوادث والمعجزات
واضحة بحيث التحقت بالضروريات الواضحة ،فإنكار الضروريات مكابرة ال يلتفت إليه وال
يعذر به))( )2أ .هـ.
وأما الجهل الذي يُعذر به إجماعاً فهو الجهل بمسائل التوحيد الخفية التي قد يخفى
حكمها من الكتاب والسنة على كثير من البَ ِّرية ،وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة؛
كالجهل ببعض الصفات ،ومن ذلك أيضاً :معتقدات الفرق التي تخالف اعتقاد أهل السنة
والجماعة في مسائل اإليمان واألحكام؛ كالمرجئة والخوارج والمعتزلة؛ فإن بعض أقوالهم
ِّ
المتضمن تتضمن أموراً كفرية من رد أدلة الكتاب وأدلة السنة المتواترة النبوية ،فيكون القول
لرد بعض النصوص كفراً ،وال يحكم على قائله بالكفر الحتمال وجود مانع؛ كالجهل وعدم
العلم بنفس النص أو بداللته ،فإن الشرائع ال تلزم إال بعد بلوغها وفهمها(.)3
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :والتحقيق في هذا :أن القول قد يكون كفراً؛
كمقاالت الجهمية الذين قالوا :إن الله ال يتكلم ،وال يُرى في اآلخرة ،ولكن قد يخفى على
بعض الناس أنه كفر ،فيطلق القول بتكفير القائل ،كما قال السلف :من قال :القرآن
مخلوق فهو كافر ،ومن قال :إن الله ال يُرى في اآلخرة فهو كافر .وال يكفر الشخص
من جحد وجوب الصالة والزكاة ،واستحل المعين حتى تقوم عليه الحجة كما تقدم؛ ك ن
الخمر والزنا وتأول؛ فإن ظهور تلك األحكام بين المسلمين أعظم من ظهور هذه ،فإذا كان
المتأول يخطئ في تلك وال يحكم بكفره إال بعد البيان له واستتابته ،كما فعل الصحابة في ِّ
الطائفة الذين استحلوا الخمر ،ففي غير ذلك أولى وأحرى ،وعلى هذا يُخرج الحديث
الصحيح حديث الذي قال« :إذا أنا مت فاحرقوني ،ثم اسحقوني في اليم ،فوالله لئن قدر
ـــــــــ
( )1هو :عبد العلي محمد بن نظام الدين محمد األنصاري الهندي ،من فقهاء األحناف ،له فواتح الرحموت شرح
مسلم الثبوت لمحب الله البهاري الهندي .توفى سنة 3225هـ .انظر :إيضاح المكنون في الذيل على كشف
الظنون (.)183/1
( )2فواتح الرحموت بهامش المستصفى في أصول الفقه للغزالي (.)427/8
( )3انظر :منهاج أهل الحق واالتباع (ص ،)31 :والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل (ص.)31 :
332 شرط العلم بمعنى الشهادة
الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين» .وقد غفر الله لهذا مع ما حصل له
من الشك في قدرة الله وإعادته إذا حرقوه))(.)1
وقال تلميذه ابن القيم ـ رحمه الله ـ في شأن الفرق المنتسبة لإلسالم المخالفة ألهل
السنة والجماعة في بعض األصول(( :وأما أهل البدع الموافقون ألهل اإلسالم ،ولكنهم
مخالفون في بعض األصول؛ كالرافضة والقدرية والجهمية وغالة المرجئة ونحوهم ،فهؤالء
أقسام أحدها :الجاهل المقلِّد الذي ال بصيرة له ،فهذا ال يكفر وال يفسق ،وال ترد
شهادته ،إذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى .وحكمه حكم المستضعفين من الرجال
والنساء والولدان الذين ال يستطيعون حيلة وال يهتدون سبيالً فأولئك عسى الله أن يعفو
عنهم وكان الله عفواً غفوراً))(.)2
قلت :وقد نقل ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ إجماع المتقدمين ومن سلك سبيلهم من
المتأخرين على عدم تكفير جاهل بعض صفات الله تعالى ،فقال ـ رحمه الله ـ ((من جهل
صفة من صفات الله وآمن بسائر صفاته وعرفها ،لم يكن بجهله بعض صفات الله
ِّ
المتقدمين من العلماء، كافراً؛ قالوا :وإنما الكافر من عاند الحق ال من جهله؛ وهذا قول
ومن سلك سبيلهم من المتأخرين))( .)3انتهى(.)4
قلت :ولعل مستند هذا اإلجماع قصة ذاك الرجل الذي أمر بنيه أن ِّ
يحرقوه ويَ نذروه في
اليَم حتى ال يقدر عليه الله ،فشك في قدرة الله تعالى على إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه ال
يعاد .وهي في الصحيح( )5وغيره(.)6
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ عن هذا الحديث(( :فغاية ما في هذا أنه كان رجالً
ـــــــــ
( )1شرح حديث جبريل عليه السالم (ص 502 :ـ .)501وانظر :مجموع الفتاوى ( 555/28 ،151/1ـ ،553
365/15ـ ،)366ومنهاج التأسيس والتقديس (ص.)353 :
( )2الطرق الحكمية (ص.)301 :
( )3التمهيد (.)12/38
( )4وانظر :تفصيل القول فيما يعذر به وما ال يعذر به وما اختلف في اإلعذار به من مسائل التوحيد في كتاب الشفا
للقاضي عياض (جـ 282/2ـ .)135
(( )5جـ ،)531/6كتاب أحاديث األنبياء ،رقم الحديث (.)1183
( )6مسلم :كتاب التوبة ( )8550/3ح (.)8765
337 شرط العلم بمعنى الشهادة
لم يكن عالماً بجميع ما يستحقه الله من الصفات ،وبتفصيل أنه القادر ،وكثير من المؤمنين
قد يجهل مثل ذلك فال يكون كافراً))(.)1
قلت :وأما الجهل المختلف في اإلعذار به بين أهل العلم فهو الجهل ببعض تفاصيل ما
ينافي توحيد العبادة مع اإلقرار بأصل استحقاق الله ـ وحده ـ للعباده؛ كمن يجهل كون االستغاثة
بغير الله عبادة لغير الله ،أو يجهل أن صرف الدعاء لغير الله عبادة لغير الله ،أو يجهل أن النذر
لغير الله شرك بالله ،أو نحو ذلك()2؛ فالعلماء متنازعون في الحكم عليه بالكفر وعدمه(.)3
وسبب الخالف بينهم هو في إلحاق هذه المسائل ،هل تُلحق بالمسائل الظاهرة
حكمها على بعض ألنها مما ال تخفى؟ أو تُلحق باألمور الخفية ألنها مما قد يخفى ُ
البرية؟
()4
ثم إن من يرى أنها مما ال يخفى يرى أن الجهل بها ال يكون إال عن تفريط
شكل مع طول البحث وتقصير في طلب العلم بها بخالف المسائل الخفية ،فإنها قد تُ ِّ
والفحص والنظر نظراً لكثرة الشبهات التي قد تمنع من فهمها.
فعاد األمر إذن إلى التفريط وعدمه؛ فاألمور الظاهرة ال يكون الجهل فيها إال عن
تفريط وتقصير في التعلم بخالف األمور الخفية فقد يحصل الجهل فيها مع عدم التفريط
والتقصير في طلب العلم بها.
فالحاصل أنهم متفقون على أن األمور الظاهرة ال يكون الجهل بها إال عن تفريط وتقصير وإن
اختلفوا في تعيين هذه األمور بخالف المسائل الخفية فقد يقع الجهل بها مع انتفاء التفريط والتقصير
وإن اختلفوا أيضاً في ما يلحق بهذه األمور ويكون من جنسها.
يقول الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ(( :علماء األمة متفقون على أن الجهل
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى ( .)133/33وانظر :الصفدية (.)211/3
( )2بعض العلماء ِّ
يسمي هذا النوع من الجهل جهل المستشفع ال ِّ
متأول الذي ال يقصد بالنداء دعاء العبادة ،وال َ
يعتقد استقالل الرسول بالتأثير والشفاعة .انظر :تعليقات الشيخ محمد رشيد رضا على الهدية السنية البن
سحمان (ص.)16 :
( )3أي :ابتداءً قبل النظر في حاله والتحقق من أمره هل جهله عن غير تفريط أو ال؟
( )4التفريط :التقصير واإلهمال ،يقال :فرط في األمر ـ قصر فيه وضيعه حتى فات[ .ضياء السالك إلى أوضح
المسالك (جـ.])87/5
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
بأمور الدين القطعية المجمع عليها التي هي معلومة منه بالضرورة كالتوحيد والبعث وأركان
اإلسالم وحرمة الزنا والخمر ليس بعذر للمقصر في تعلمها مع توفر الدواعي؛ أما غير
المقصر ،كحديث العهد باإلسالم ،والذي نشأ في شاهق جبل ـ مثالً ـ أي حيث ال يجد ِّ
من يتعلم منه ـ فهو معذور))(.)1
وقال المعلِّمي ـ رحمه الله ـ(( :وكذلك من نطق بالشهادتين ملتزماً لإلسالم ،ولم يكن
يعلم معناهما تفصيالً؛ فإنه يقبل إسالمه ،ولكنه ال يُعذر إذا جرى منه ما ينقض الشهادة،
إال إذا كان قريب العهد بالكفر لم يُمكنه التعلم ،وحال ما يبين له أن قوله أو فعله مخالف
للشهادة يرجع عنه ...إلى أن قال:
واعلم أن قريب العهد ليس له حد معين ،وإنما المدار فيه على التقصير في التعلم
وعدمه ،فمن لم يقصر عذر ،ومن قصر لم يعذر))(.)2
قلت :وإناطة اإلعذار بالجهالة وعدمه على التقصير في التعلم وعدمه مقرر في كالم
أهل العلم.
يقول القرافي رحمه الله(( :القاعدة الشرعية دلت على أن كل جهل يمكن دفعه ،ال
يكون حجة للجاهل ،فإن الله تعالى بعث رسله إلى خلقه برسائله ،وأوجب عليهم كافة أن
يعلموها ،ثم يعملوا بها ،فالعلم والعمل بها واجبان ،فمن ترك التعلم والعمل ،وبقي جاهالً،
فقد عصى معصيتين لتركه واجبين))(.)3
ويؤكد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على هذه القاعدة فيقول(( :إن بيان الحكم سبب لزوال
الشبهة المانعة من لحوق العقاب ،فإن العذر الحاصل باالعتقاد ليس المقصود بقاءه بل
المطلوب زواله بحسب اإلمكان ،ولوال هذا لما وجب بيان العلم ولكان ترك الناس على
جهلهم خيراً لهم ،ولكان ترك دالئل المسائل المشتبهة خيراً من بيانها)) انتهى(.)4
ويذكر أيضاً أن ذلك مناط المؤاخذة وعدمها في مسائل التكفير فيقول(( :وأما
ـــــــــ
( )1من تعليقات الشيخ محمد رشيد على رسالة ما يعذر به وما ال يعذر به من الجهالة للشيخ عبد الله أبا بطين ضمن
بضع رسائل الدينية في العقيدة اإلسالمية (ص )13 :في الهامش طبع مكتبة المنار ،مصر.
( )2رفع االشتباه (ص.)52 :
( )3الفروق (.)853/3
( )4مجموع الفتاوى (.)879/80
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
(التكفير) فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد وقصد الحق فأخطأ :لم يكفر :بل
يغفر له خطؤه .ومن تبين له ما جاء به الرسول ،فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى،
واتبع غير سبيل المؤمنين :فهو كافر .ومن اتبع هواه؛ وقصر في طلب الحق ،وتكلم بال
()1
علم :فهو عاص مذنب .ثم قد يكون فاسقاً ،وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته))
ويفرط في تعلميقصر ِّويقول ابن اللحام((( :)2جاهل الحكم إنما يعذر إذا لم ِّ
الحكم ،أما إذا قصر أو فرط فال يعذر جزماً))(.)3
ويقول السيوطي((( :)4كل من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم
يقبل ،إال أن يكون قريب عهد باإلسالم ،أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيها مثل ذلك))(.)5
وضابط عدم التقصير في التعلم المقتضي لعدم التكفير بينه شيخ اإلسالم في قوله:
((فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه ،إذا كان مقصوده متابعة
الرسول بحسب إمكانه هو أحق بأن يتقبل الله حسناته ،ويثيبه على اجتهاداته ،وال يؤاخذه بما
أخطأ ،تحقيقاً لقوله تعالى :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ [البقرة.)6())]286 :
ثم إن َم نن حكموا بكفر جاهل تفاصيل توحيد العبادة لم يجزموا بكفره في نفس
األمر ،ولكن يقولون :ظاهره أنه مات على الشرك ،ما لم تقم عليه حجة رسالية واضحة
يكفر لتركها؛ ألنه قد يكون معذوراً عند الله تعالى ،ولكن يعاملونه في الدنيا معاملة
المشركين في الظاهر ،ويكلون أمر الباطن إلى الله تعالى.
فمرادهم بعدم اإلعذار هو في حكم الدنيا ِّم نن سلبه حقوق اإلسالم( ،)7ال في حكم
ـــــــــ
( )1مجموع الفتاوى (.)520/58
( )2هو :علي بن محمد بن عباس البعلي الحنبلي ،الفقيه الواعظ األصولي ،توفي بمصر سنة ( )204هـ .انظر :ترجمته
في شذرات الذهب (.)45/7
( )3القواعد والفوائد األصولية (ص.)62 :
( )4هو :عبد الرحمن بن محمد المصري الشافعي الملقب جالل الدين ،عالم مشارك في أنواع من العلوم ،نشأ
بالقاهرة ،وألف كتباً كثيرة في مختلف الفنون ،توفي سنة ( )955هـ .انظر :البدر الطالع (.)482/5
( )5األشباه والنظائر (ص.)800 :
( )6مجموع الفتاوى ( 365/25ـ ،)366ودرء التعارض ( .)135/2وانظر :مجموع الفتاوى (.)385/32
( )7ألهل السنة ثالثة أقوال في حكمهم في الدنيا.
= األول :أنهم كفار في الدنيا.
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
اآلخرة؛ فهو إلى الله تعالى()1؛ وقد يكون له عذر عند الله تعالى.
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ(( :من كان من أهل الجاهلية عامالً
باإلسالم تاركاً للشرك فهو مسلم ،وأما من كان يعبد األوثان ،ومات على ذلك قبل ظهور هذا
الدين ،فهذا ظاهره الكفر ،وإن كان يحتمل أنه لم تقم عليه الحجة الرسالية ،وعدم من ينبهه،
ألنا نحكم على الظاهر ،وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله))( .)2انتهى.
ويقول ابن معمر ـ رحمه الله ـ((( :)3وأما من كانت حاله حال أهل الجاهلية ال يعرف
التوحيد الذي بعث الله به رسوله يدعوا إليه ،وال الشرك الذي بعث الله رسوله ينهى عنه
ويقاتل عليه ،فهذا ال يقال إنه مسلم لجهله بل من كان ظاهر عمله الشرك بالله فظاهره
الكفر فال يستغفر له ،وال يتصدق عنه ،ونكل حاله إلى الله الذي يبلو السرائر ويعلم ما
نفرق بين المعين وغيره ،فال نحكم على تخفي الصدور ،وال نقول فالن مات كافراً ،ألنا ِّ
معين بكفر ألنا ال نعلم حقيقة حاله وباطن أمره ،بل ذلك إلى الله))(.)4
وكذا من حكموا بأن ظاهره اإلسالم ،فإنهم ال يقطعون بنجاته عند الله.
ــــــــــ
والثاني :أنهم ليسوا بكفار في الدنيا. =
الثالث :الوقف في كفرهم والجزم بفسقهم لخروجهم عما كان ينبغي لهم من النظر الذي هو خاصة اإلنسان ،وهو
مذهب ابن القيم .انظر :النونية مع شرحها للشيخ محمد خليل هراس ( 854/8ـ .)853
( )1ألهل العلم في حكمهم في اآلخرة أيضاً ثالثة أقوال:
األول :أنه يعاقب عقوبة تارك التوحيد.
الثاني :أنه يعاقب عقوبة تارك الواجباب إ نن عُ ِّذب ،فيكون تحت المشيئة عند أصحاب هذا القول.
الثالث :أنه كأصحاب الفترات أمره إلى الله تعالى.
والقوالن األخيران ألهل السنة ،واألول قول اإلباضية من الخوارج.
انظر :مقاالت اإلسالميين ( ،)525/5والطرق الحكمية (ص ،)573 :ومجموع الفتاوى (،)520/58
ومجموعة الرسائل والمسائل النجدية (.)615/2/1
( )2الدرر السنية ( .)111/3وانظر :نفس المصدر (.)312/3
( )3هو :حمد بن ناصر بن عثمان بن عمر ،من أئمة الدعوة ،أخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،والشيخ حمد
بن مانع والشيخ حسين بن غنام وغيرهم من العلماء ،بعثه اإلمام سعود بن عبد العزيز لما استولى على الحجاز
عام ( )3223هـ إلى مكة مشرفاً على أحكام قضاتها ،كانت وفاته سنة ( )3225هـ ،ووالدته عام ()3365
هـ .ينظر األعالم للزركلي ( ،)201/2وعلماء نجد خالل ثمانية قرون ( 323/2ـ .)328
( )4مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (.)615/2/1
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
يقول المعلِّمي(( :ولو فُِّرض أن قريب العهد بالكفر أصر على قوله أو فعله بعد أن بـُيِّن
له مخالفته للشهادة ،فإنه يصير مرتداً جزماً .أما لو مات قبل أن يُبين له ،فالذي يقتضيه
النظر أنه وإن حكمنا في الظاهر بأنه لم يخرج عن اإلسالم ،هو في نفس األمر مفوض إلى
ِّع نلم الله ،فإن َعلِّم الله منه أنه لو بـُيِّن له لرجع؛ فهو ناج ،وإن َعلِّ َم الله تعالى منه
أنه لو بيِّن له ألصر عليه؛ فال .والله أعلم))(.)1
فهذه المسألة إذن ترجع إلى تحقيق كفر األعيان ،أي من أجل تطبيق الحكم على
الشخص المعين؛ إذ الجميع متفقون أن العذر إذا قام فعالً( )2بالشخص المرتكب
للمكف ر أنه يعذر ،ولذا هذه المسألة كان حقها أن تبحث في باب الردة ،ولكن ذكرها ِّ
هنا من باب المناسبة.
يقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ(( :االختالف في العذر بالجهل كغيره من
االختالفات الفقهية االجتهادية ،وربما يكون اختالفاً لفظياً في بعض األحيان من أجل
تطبيق الحكم على الشخص المعين ،أي أن الجميع يتفقون على أن هذا القول كفر ،أو
هذا الفعل كفر ،أو هذا الترك كفر ،ولكن هل يصدق الحكم على هذا الشخص المعين
لقيام المقتضي في حقه وانتفاء المانع ،أو ال ينطبق لفوات بعض المقتضيات ،أو وجود
بعض الموانع)) انتهى محل الغرض(.)3
إذا ثبت هذا ،فإن الكالم على هذه المسألة سيكون تحت المقصدين التاليين:
المقصد األول :من نطق بشهادة أن ل إله إل الله وجهل أصل دعوة الرسل ،وهو معنى
يحكم بإسالمه؟ الشهادة ،هل ُ
الجواب :من كان وصفه كذا فإنه لم يتصور اإلسالم كما يجب ،وعلى هذا فال تصح
منه شهادة التوحيد ال إله إال الله؛ النتفاء شرط العلم ـ الذي يصبح به العبد مسلماً ـ في
أصلي؛ فقد ذكر صاحب ((الدر الثمين في شرح ٌّ حقه( ،)4وال يُعد مسلماً بل هو كافر
ـــــــــ
( )1رفع االشتباه (ص.)52 :
( )2وذلك إنما يكون بحصول الجهل مع انتفاء التفريط والتقصير ،كما تقدم.
( )3شرح كشف الشبهات (ص.)47 :
( )4تقدم أنه العلم الجملي بمعنى الشهادة ال التفصيلي.
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
المرشد المعين))( )1من علماء المالكية ما ملخصه :أن علماء بجاية( )2في المغرب اجتمعوا
في القرن الحادي عشر وتحدثوا وكان في حديثهم أن قالوا :ما رأيكم في شخص يعمل مع
الناس أعماالً ،ولكنه ال يعلم صحة ذلك من عدمه ،وال يعرف معنى ال إله إال الله وال ِّ
يفرق
بين الله ورسوله؛ لمالزمة الشهادتين؟ قالوا :هذا ال يكون إال بالبوادي حيث ال علم عندهم.
فقال بعضهم :فإذا كان األمر كذلك ،هل له نصيب في اإلسالم؟ فأجابوا جميعاً :بأن هذا
أو مثله ليس له نصيب في اإلسالم.
ثم قال شارحه :وهذا الذي أفتوا به جلي في غاية الجالء ،ال يمكن أن يختلف فيه
اثنان)) انتهى(.)3
وسئِّل الشيخ أحمد بن عيسى ـ من فقهاء بجاية بالمغرب ـ :عمن نشأ بين ظهراني ُ
المسلمين وهو يقول ال إله إال الله محمد رسول الله ويصلي ويصوم ،إال أنه ال يعرف ما
انطوت عليه الكلمة العليا فيما يعتقده لعدم معرفته بها ،إذ اعتقاد شيء فرع المعرفة به ،كالذي
أفرق بينهما أو غير ذلك يقول :ال أدري ما الله ورسوله ،وال أدري من هو األخير منها ،أو ال ِّ
من كالم ال يمكن معه معرفة الوحدانية وال الرسالة ،وإنما يقول سمعت الناس يقولون هذه
الكلمة فقلتها وال أدري المعنى الذي انطوت عليه وال أتصور صحته وال فساده وال أدري ما
أعتقد في ذلك بوجه وال أعبِّر عنه بلساني وال غيره ،ألن التعبير عن الشيء فرع المعرفة به .وأنا
ال أعرفه .فهل يكتفي في إيمانه بمجرد النطق بالشهادتين والصالة والصيام وغير ذلك من أركان
اإلسالم ويعذر بجهل معنى الكلمة؟ أو ال بد من معرفة المعنى الذي انطوت عليه الكلمة العليا
من الوحدانية والرسالة وإال لم يكن مؤمناً.
فأجاب ـ رحمه الله ـ(( :من نشأ بين أظهر المسلمين ،وهو ينطق بكلمة التوحيد ،مع
شهادة الرسول ،ويصوم ويصلي ،إال أنه ال يعرف المعنى الذي انطوت عليه الكلمة
الكريمة كما ذكرتم ال يضرب له في التوحيد بسهم ،وال يفوز منه بنصيب ،وال ينسب إلى
إيمان وال إسالم ،بل هو من جملة الهالكين ،وزمرة الكافرين ،وحكمه حكم المجوس في
ـــــــــ
( )1هو :محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله مياره ،فقيه مالكي ،من أهل فاس ،ولد سنة تسع وتسعين
وتسعمائة هجرية ،وتوفي سنة اثنتين وسبعين وألف هجرية .انظر :ترجمته في األعالم للزركلي ( 33/6ـ .)32
( )2بجاية ـ بكسر الباء وتخفيف الجيم ـ مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب [معجم البلدان (.])111/3
(( )3صـ )00بمعناه .وانظر :تطهير االعتقاد بتعليق السناني (ص ،)01 :وتيسير العزيز الحميد (ص.)65 :
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
جميع أحكامه ،إال في القتل؛ فإنه ال يقتل إال إذا كان امتنع من التعليم))( )1انتهى.
فثبت أن هؤالء كفار أصليون ألنهم لم يفهموا حقيقة التوحيد.
وج ِّه َل بعض
المقصد الثاني :من نطق بشهادة أن ل إله إل الله عالماً بأصل معناهاَ ،
تفاصيل ما ينقضها ،هل يُعذر بجهله؟
هذه هي المسألة الكبيرة التي تضاربت فيها اآلراء واختلفت فيها األقوال؛ فكلٌّ نظر
إليها بما انقدح في نفسه من تصور الجهل فيها أو ال.
نقرر أموراً هي محل ِّوفاق وقبل الدخول في خالف أهل العلم في هذه المسألةِّ ،
بين أهل العلم ،بعضها قد سبقت اإلشارة إليه:
األمر األول :أن الجهل في ذاته عذر شرعي يُعذر به في هذه المسائل وغيرها(.)2
ومما يؤكد ذلك أن أهل العلم متفقون على العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة
في صور منها :من كان حديث العهد باإلسالم ،أو نشأ ببادية بعيدة عن بالد المسلمين كما
تقدم()3؛ فإن هذا ليس استثناءً في الواقع وإنما هو تطبيق للقاعدة األصلية التي تمنع مؤاخذة
من يجهل التحريم حتى يصبح العلم ُميَسراً له؛ فمثل هؤالء لم يكن العلم ُميَسراً لهم ،وال يعتبرون
عالمين بأحكام الشريعة(.)4
متمكناً من أدواته وآالته ثم أعرض األمر الثاني :أن الجاهل إن كان قادراً على العلم ِّ
عن طلبه فليس بمعذور؛ لتفريطه في ترك الواجب عليه من التعلم ال ألصل جهله( .)5ونظير
ـــــــــ
( )1المعيار المعرب ( 428/8ـ .)424
( )2ولكن كما سيأتي في األمر الثاني والخامس ،فهو ليس عذراً بإطالق.
( )3وهذا مما يبين الفرق بين العلم اإلجمالي والتفصيلي ،وهو أن العلم اإلجمالي ال عذر ألحد في جهله ،وأما العلم
التفصيلي فسيأتي تحقيق القول فيه.
( )4انظر :التشريع الجنائي لعبد القادر عودة ( .)345/5ولكن يجب أن يعلم أن حديث العهد باإلسالم وكذا من
نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم ليس معذوراً لذاته ولكن ألجل عدم تيسر العلم له ،فمتى تيسر العلم له وأمكنه
التعلم ثم قصر في طلبه لم يكن معذوراً شأنه شأن غيره من المكلفين.
( )5ويدخل في ذلك من بلغته الحجة من القرآن أو من السنة على وجه يفهمها لو أراد ذلك ،ثم لم يلتفت إليها ولم
مفرط ومعرض ،قال الله تعالى :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ يعمل بها ،فهذا ال يعذر بالجهل وال بعدم فهمه ألنه ِّ
[األحقاف[ .]3 :اإلعالم بنواقض اإلسالم (ص ])84 :لعبد العزيز الطريقي ،بحث غير منشور .وانظر :طريق
الهجرتين (ص 906 :ـ ،)910ومجموع الفتاوى ( )140/11و (.)389/13
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
ذلك ما جاء في شأن المستضعفين في األرض الذين رضوا بما هم عليه من االستضعاف
المانع لهم من إظهار دينهم أو فعلهم لبعض الواجبات الظاهرة حيث فرطوا في ما يرفع ِّ
مكنهم فيه إظهار دينهم والقيام بما يجب ذلك االستضعاف عنهم وهو الهجرة إلى بلد ي ِّ
ُ
عليهم ،فقال تعالى في شأنهم :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ [النساء)1(]10 :؛ فذمهم
الله على تفريطهم في ترك الهجرة ،ولم يجعل ذلك االستضعاف عذراً مانعاً لهم من اإلثم
والعقوبة.
األمر الثالث :أن الجاهل إن كان مقبالً على طلب العلم ،ولكن ليس بين يديه
أدواته وهو عاجز عن آالته ال يستطيع تحصيله؛ فهو معذور بجهله(.)2
األمر الرابع :أن القدر من العلم الذي ال يكون اإلسالم إال به ال عذر بجهله()3؛ إما
لكونه ضرورياً ال يتصور الجهل به ،وإما ألنه ظاهر يفهم بأدنى نظر فال يُتصور الجهل به إال
عن تفريط وتقصير ،وإما ألنه العلم الذي يصبح به العبد مسلماً وإال فهو كافر أصلي.
األمر الخامس(( :من كان يعيش في جو إسالمي مصفى وجهل من األحكام ما كان
منها معلوماً من الدين بالضرورة ـ كما يقوله الفقهاء ـ فهذا ال يكون معذوراً ألنه بلغته الدعوة
وأقيمت عليه الحجة))(.)4
األمر السادس :أن الجهل ببعض تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ال ينافي العلم
حال قولها بدليل قصة أصحاب ذات أنواط( ،)5فإنه الجملي بمعنى الشهادة الذي هو شرط َ ُ
ـــــــــ
( )1انظر :روح المعاني لأللوسي ( 323/1ـ .)322
( )2انظر :مجموع الفتاوى (.)520/58
الج َملي ال التفصيلي .انظر( :ص.)211 :
( )3تقدم أنه العلم ُ
( )4سلسلة األحاديث الصحيحة (.)554/7
( )5حديث ذات أنواط أخرجه الترمذي في جامعه ( )105/1حديث رقم ( ،)2385وأحمد في المسند
( ،)238/5وعبد الرزاق في المصنف ( ،)161/33وابن أبي عاصم في السنة ( .)10/3وقال األلباني في
ظالل الجنة ( )10/3إسناده حسن.
وذات أنواط هي اسم شجرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها أسلحتهم أي يعلقونها بها ويعكفون حولها،
فسأل بعض الصحابة النبي أن يجعل لهم مثلها فقال« :قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل
= لموسى :اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ،إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم ..الحديث» .انظر :النهاية في
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
ِّ
المتمكن من ويترتب على اشتراط فهم الحجة (العلم) الخالف بينهم في اعتبار غير
العلم؛ فهو عند من يشترط فهم الحجة صنفان من الناس :من لم يتمكن من العلم أصالً،
ومن تمكن من العلم بسؤال أهل العلم إال أنه لم يفهم العلم .وأما من ال يشترط فهم الحجة
المتمكن من العلم عنده صنف واحد ،وهو من عجز عن العلم فلم يتمكن من ِّ فغير
تحصيله .أما من تمكن من العلم بسؤال أهل العلم إال أنه لم يفهم العلم فهو عنده في حكم
ِّ
المتمكن من العلم ،ألن الحجة تقوم عنده بمجرد بلوغ العلم.
للمتمكن من العلم بمن يقيم بين مسلمين أهل العلم بينهم متوافرون أو من ِّ ومثلوا
كانت كتب أهل العلم بين يديه وأمكنه الرجوع إليها( ،)1فهذا غير معذور بجهله عند من ال
يتصور الجهل في هذه المسائل إال عن تفريط وتقصير وال يعتبر مع ذلك فهم الحجة شرطاً
مفرط في إزالة الجهل عن نفسه بسؤال أهل العلم، لقيد التمكن من العلم؛ إذ يرى أن هذا ِّن
وأنه لو سأل لكانت الحجة مقامةً عليه بمجرد بلوغ العلم؛ فإذا سمع من أهل العلم اآليات
المبينة للشرك فقد قامت عليه الحجة بذلك فهمها أو لم يفهمها .وأما من يتصور الجهل بهذه
المسائل مع انتفاء التفريط والتقصير لعروض الشبهات التي تحول عنده دون التمكن من العلم،
فقد يقول بعذره.
وكون المسلم يقيم بين ظهراني مسلمين هذا ال يكفي بمجرده في توفر شرط
إمكانية العلم ـ كما قد يقوله البعض ـ إال إذا كانت هذه المسائل منتشرة بينهم يشترك غالب
الناس في العلم بها أو كان أهل العلم الذين ينبهون على هذه المسائل متوافرين .أما إذا
غلب على البيئة الجهل واندراس آثار النبوة ولم يوجد من ينبِّه على هذه المسائل ،فهذه
أوصاف ال يتأتى معها شرط اإلمكانية عندهم(.)2
ومن الصور التي ينتفي معها شرط اإلمكانية أيضاً من نشأ ببادية بعيدة عن بالد
المسلمين ،أو من كان قريب العهد باإلسالم ولم يمكنه بعد التعرف على تفاصيل اإلسالم،
أو أسلم في دار حرب؛ ألنها ليست محالً لشهرة األحكام(.)3
ـــــــــ
( )1انظر :التشريع الجنائي ( ،)115/3وفتاوى الشيخ ابن باز ( 528/2ـ )521طبع دار الوطن ،الرياض ،ط:
األولى (.)3136
( )2انظر :مجموع الفتاوى ( 365/15 ،150/33ـ .)366
= ( )3انظر :مجموع الفتاوى ( ،)150/33 ،151 ،213/1وتعليق محمد رشيد على رسالة ما يعذر به وما ال يعذر
337 شرط العلم بمعنى الشهادة
إال أن ههنا صورة قد تُلحق بقاعدة إمكانية العلم ،وهي من نشأ ببادية بعيدة عن
بالد المسلمين ،فوقع في نَـ نوِّع شرك ثم حصل عنده شك في صحة ما هو عليه ،فهذا يتعين
في حقه أن يهاجر في طلب دفع هذا الشك عن نفسه وإال كان ِّ
مقصراً ،وذلك لقيام
المقتضي عنده للتعلم ،وهو شكه في صحة ما هو عليه .وال يُعذر بكونه بعيداً عن بالد
المسلمين ،ألن هذا ممن يشمله قوله تعالى :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ [النساء:
.]10
فيتبين مما سبق أن مورد النـزاع بينهم هو في صورة واحدة ،وهي من نشأ في بعض
البالد اإلسالمية التي انتشر فيها الشرك والبدعة والخرافة ،وغلب عليها الجهل ،ولم يوجد
فيهم عالم يبين لهم ما هم فيه من الضالل ،أو وجد ولكن بعضهم لم يسمع بدعوته وإنذاره،
أو سمع ولكن انطلت عليه شبهات المخالفين ولم يستطع التمييز بين الحق والباطل .أما
من كان حديث عهد بإسالم أو نشأ ببادية بعيدة عن بالد المسلمين ولم يطرأ عليه الشك
في صحة ما هو عليه ،أو أسلم في دار حرب فهو معذور عند الجميع ،وذلك النتفاء شرط
التكليف في حقه ،وهو إمكانية العلم أو قيام المقتضي للتعلم(.)1
وبعد أن تحرَر مورد النـزاع نعود إلى أصل مسألتنا ،فنقول :أن من عاش بين ظهراني
َ
مسلمين وجهل بعض تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة الناس في الحكم عليه باإلعذار
فريقان(:)2
ــــــــــ
به من الجهالة للشيخ عبد الله أبا بطين ضمن بضع رسائل الدينية في العقيدة اإلسالمية (ص )13 :طبع مكتبة =
المنار ،مصر ،فتاوى الشيخ ابن باز ( )521/2رقم ( )1265ط :دار الوطن.
( )1انظر :سلسلة األحاديث الصحيحة ( ،) 331/0وشرح كشف الشبهات للشيخ ابن عثيمين (ص.)18 :
( )2أشار إلى الخالف في هذه المسألة سماحة الشيخ العالمة ابن باز ـ رحمه الله ـ كما نقله صاحب كتاب سعة
رحمة رب العالمين للجهال المخالفين للشريعة من المسلمين (ص ،)08 :ونقله عنه أيضاً سماحة الشيخ
العالمة عبد المحسن العباد في شرح شروط الصالة وأركانها وواجباتها لشيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب
(ص 05:ـ .)01
قلت :وبعض أهل العلم ال يرى خالفاً حقيقياً بينهم بل يعزو القول بعدم العذر إلى حقب زمنية معينة انتشر فيها العلم
وتميز فيها الحق؛ فتكون هذه األقوال العتبارات متباينة ليست في اعتبار واحد؛ ولكن مهماً يكن من شيء فإن سبب
= الخالف بينهم أمر ال ينضبط ،وال يمكن التواطؤ عليه ألنه شيء نسبي ،وهو الحكم بالتقصير في طلب الحجة
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
فريق يرى أنه ال يُعذر؛ لظهور أدلة الشرك في الكتاب والسنة ،وأن جاهل تلك األدلة ال
مفرطاً في رفع الجهل عن نفسه ،وعلى هذا يخلو :إما أن يكون متجاهالً قاصداً الكفر بقلبه أو ِّ
َ
()1
أكثر العلماء من أئمة الدعوة وفقهاء المذاهب ،وهو مذهب جماعة من المتقدمين؛ منهم
ابن جرير الطبري( )2ـ رحمه الله ـ .وقد نقل بعض أهل العلم إجماع المتقدمين عليه ،وممن نقل
إجماعهم إسحاق بن عبد الرحمن كما في رسالته "حكم تكفير المعين"( )3وعبد الله أبا بطين
كما في رسالته "اإلنتصار لحزب الله"( .)4وفي نقل هذا اإلجماع نظر كبير(.)5
وقسم يرى أنه قد يُعذر؛ ألن أدلة الشرك قد تخفى على بعض المكلفين مع بذلهم
الجهد في طلبها ،وذلك بسبب غلبة الجهل وكثرة الشبهات التي قد تمنع من فهم تلك
األدلة على وجهها الصحيح .ومن هؤالء ابن العربي( )6وشيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه
الله( ،)7وإمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ واإلمام الصنعاني(،)8
ــــــــــ
وعدمه ،ألنه تكتنفه أمور كثيرة كما سيأتي. =
( )1انظر :الفروق للقرافي (جـ 355/2ـ ،)353شرح الشفا (.)118/2
( )2انظر :التبصير بمعالم الدين (ص 336 :ـ .)330
( )3انظر :حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة للشيخ إسحاق ضمن فتاوى األئمة النجدية
(.)338/1
(( )4ص )89 :ضمن مجموعة ((عقيدة التوحيد)).
( ) 5نقل اإلجماع يصح إذا كان المراد الجهل بمعرفة الله سبحانه وتعالى ،فالجهل بمعرفة الله ال عذر ألحد من
الخلق فيه إجماعاً ،كما تقدم .أما تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ،فإن وقوع الخالف فيها دليل على عدم
اإلجماع؛ فلو كانت مسألة إجماعية لما ساغ الخالف فيها أصالً .أو يكون ذلك إجماعاً نسبياً باعتبار العصور
األولى حيث ظهور هذه المسائل وعدم وقوع اللبس فيها.
( )6انظر :محاسن التأويل للقاسمي ( 3150/5ـ .)3158
( )7ومن الجدير بالذكر أن شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ال يعذر بالجهالة في العلم بأصل توحيد العبادة الذي هو األمر
بعبادة الله وحده ال شريك له والنهي عن عبادة أحد سوى الله تعالى ،ولكن يرى العذر في تفاصيل هذا التوحيد
مثل :الجهل بكون االستغاثة بغير الله شركاً أو كون النذر لغير الله شركاً؛ فمتى جاء في كالمه عدم العذر بالجهالة
في الشرك فهو محمول على أصل التوحيد ،ومتى جاء في كالمه العذر بالجهالة في مسائل الشرك فهو محمول
على الجهل بتفاصيل التوحيد وفروعه .ولذا جرى التنبيه حتى ال يتوهم التناقض في كالمه ـ رحمه الله .وانظر:
للمقارنة ( )51/38 ،51/1مع تلخيص االستغاثة ( )013/2والرد على اإلخنائي (ص 63 :ـ .)62
( )8انظر :تطهير االعتقاد المطبوع مع شرحه للشيخ علي بن سنان (ص.)325 :
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
ِّ
المتمكن من العلم إال أنه أعرض عن طلبه ركوناً إلى التقليد( )1فقد حكى ابن القيم ـ رحمه الله
ـ في كفره قولين ألهل العلم وتوقف في حكمه(.)2
تلك مجمل األقوال في المسألة ،وفيما يلي نذكر نماذج من هذه األقوال مفصلة:
أولً :نماذج من أقوال أصحاب القول األول:
يقول الشيخ سليمان بن سحمان في كتابه (الضياء الشارق)(( :الوهابية ال يكفرون
إال من كفره الله ورسوله ،وقامت عليه الحجة التي يكفر تاركها ،وال يلزم من تكفير من قام
به الكفر وقامت عليه الحجة تكفير جميع المسلمين؛ فإن هذا من اللوازم الباطلة واألقوال
الداحضة ،وأما تكفير الشخص المعين فال مانع من تكفيره إذا صدر منه ما يوجب تكفيره؛
فإن عبادة الله وحده ال شريك له ـ من األمور الضرورية المعلومة من دين اإلسالم ،فمن
بلغته دعوة الرسول وبلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة ،وأما األمور التي ال يكفر فاعلها
حتى تقوم عليه الحجة إنما هو في المسائل النظرية واالجتهادية التي قد يخفى دليلها .وأما
عباد القبور فهم عند السلف وأهل العلم ،يسمون الغالية؛ ألن فعلهم غلو يشبه غلو النصارى
في األنبياء والصالحين وعبادتهم ،فمسألة توحيد الله وإخالص العبادة له لم ينازع في
وجوبها أحد من أهل اإلسالم ،ال أهل األهواء وال غيرهم ،وهي معلومة من الدين بالضرورة،
كل من بلغته الرسالة وتصورها على ما هي عليه عرف أن هذا زبدتها وحاصلها ،وسائر
األحكام تدور عليه))(.)3
يقرر أن تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ظاهرة في نصوص الكتاب وهذا القول ِّ
والسنة ،وأن الحجة تقوم على المكلفين بمجرد بلوغ تلك التفاصيل إليهم .وهذا منـزع من ال
يرى العذر بالجهل في هذه التفاصيل؛ إذ هي عنده من أعظم ضرورات الدين التي بينها
ــــــــــ
( 855/8ـ .])857 =
( )1يقول الشيخ محمد خليل هراس ـ رحمه الله ـ في وصفه(( :كان متمكناً من العلم قد يسرت له أسبابه من عقل
ذكي وبصر نافذ وقدرة على فهم معاني السنة والقرآن ،لكنهم مالوا إلى الفتور والكسل ورضوا بالتخلف وعطلوا ما
وهبهم الله من سالمة العقول وجودة األذهان ،واستسهلوا الجري وراء غيرهم ،يقلدونهم كالعميان ،ولم يبذلوا
الوسع في إدراكهم للحق لقلة اكتراثهم بهذا الشأن)) [شرح نونية ابن القيم ( 854/8ـ .])853
( )2انظر :الطرق الحكمية البن القيم (ص ،)301 :والنونية مع شرح الشيخ محمد خليل هراس عليها ( 261/2ـ
.)261
( )3الضياء الشارق في الرد على المازق المارق( :ص .)215:ط :المنار .وانظر :كشف الشبهتين (ص.)11 :
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
اإلسالم ،ولذا فهو ال يَتصور الجهل بها إال مع التقصير والتفريط في طلب العلم بها؛
و ِّ
المفرط ال يعذر بإجماع العلماء.
وهذا ما قرره ابن سحمان ـ رحمه الله ـ في موضع آخر حيث قال(( :إن الشرك األكبر
من عبادة غير الله ،صرفها لمن أشركوا به مع الله من األنبياء ،واألولياء والصالحين ،فإن هذا ال
يعذر أحد في الجهل به ،بل معرفته واإليمان به من ضروريات اإلسالم))( .)1انتهى.
ومن الجدير بالذكر أن البن سحمان قوالً آخر في المسألة يقرر فيه أن الجهل في
مسائل الشرك مانع من التكفير ،وهو قوله(( :وال نكفر إال من بلغته دعوتنا للحق ،ووضحت
له المحجة ،وقامت عليه الحجة ،وأصر مستكبراً معانداً كغالب من نقاتلهم اليوم ،يصرون
على ذلك اإلشراك ،ويمتنعون من فعل الواجبات ،ويتظاهرون بأفعال الكبائر المحرمات))(.)2
ومن األقوال المقررة للقول بعدم اإلعذار بالجهالة أيضاً في مسائل الشرك األكبر
ما قاله الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ( )3ـ رحمه الله ـ(( :وأما قوله نقول بأن القول
كفر وال نحكم بكفر القائل؛ فإطالق هذا جهل صرف ألن هذه العبارة ال تنطبق إال على
المعين ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة إذا قال قوال يكون القول به كفرا فيقال من قال
بهذا القول فهو كافر لكن الشخص المعين إذا قال ذلك ال يحكم بكفره حتى تقوم عليه
الحجة التي يكفر تاركها وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس كما
في مسائل القدر واإلرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل األهواء؛ فإن بعض أقوالهم تتضمن أموراً
كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة ،فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفراً وال
يحكم على قائله بالكفر الحتمال وجود مانع كالجهل وعدم العلم بنقض النص أو بداللته ،فإن
الشرائع ال تلزم إال بعد بلوغها .ذكر ذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية قدس الله روحه في كثير من
كتبه وذكر أيضا تكفير أناس من أعيان المتكلمين بعد أن قرر هذه المسألة .قال:
ـــــــــ
( )1فتاوى األئمة النجدية.)213/1( ،
( )2الهدية السنية (ص.)35 :
( )3هو :إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ،من علماء نجد
المحققين ،كان آية في الفهم والحفظ والذكاء ،أخذ العلم عن والده عبد اللطيف ،وعنه أخذ :ابنه الشيخ محمد
بن إبراهيم ،وابنه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم ،والشيخ سليمان بن سحمان ،وغيرهم ،توفي بمدينة الرياض في
شهر ذي الحجة عام ( )3121هـ .انظر :علماء نجد خالل ثمانية قرون ( 115/3ـ .)111
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال بعدم التكفير وأما ما يقع منهم في
المسائل الظاهرة الجلية أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا ال يتوقف في كفر قائله .انتهى
وال تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها في نحر من كفر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة
والصفات بعد بلوغ الحجة ووضوح المحجة.
وأما قوله وهؤالء فهموا الحجة فهذا مما يدل على جهله وأنه لم يفرق بين فهم
الحجة وبلوغ الحجة ففهمها نوع وبلوغها نوع آخر فقد تقوم الحجة على من لم يفهمها
وقد قال شيخنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كالم له فإن الذي لم تقم عليه
الحجة هو الذي حديث عهد باإلسالم أو نشأ ببادية بعيدة أو يكون ذلك في مسائل
خفية مثل مسألة الصرف والعطف فال يكفر حتى يعرف وأما أصول الدين التي وضحها الله
وأحكمها في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فقد بلغته الحجة ولكن أصل اإلشكال أنكم
لم تفرقوا بين قيام الحجة وفهم الحجة فإن الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها
عليهم كما قال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ [الفرقان ]11 :إلى قوله :ﭡ ،وقال
تعالى :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [اإلسراء ]16 :فقيام الحجة وبلوغها نوع
وفهمها نوع آخر وكفرهم الله ببلوغها إياهم مع كونهم لم يفهموها إلى آخر كالمه رحمه الله
تعالى))(.)1
أشرت إليه آنفاً من عدم اعتبار فهم الحجة شرطاً لقيد التمكن
يقرر ما ُ وهذا النص ِّ
عند أصحاب هذا القول ،ألن العبرة عندهم ببلوغ الحجة ال بفهمها.
ومن هذه النصوص المقررة لعدم اإلعذار بالجهالة في مسائل توحيد العبادة أيضاً
قول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ(( :وال ريب :أن الله تعالى لم
يعذر أهل الجاهلية الذين ال كتاب لهم ،بهذا الشرك األكبر ،فكيف يعذر أمة كتاب الله
بين أيديهم ،يقرؤونه ويسمعونه وهو حجة الله على عباده))(.)2
وقوله أيضاً(( :والعلماء رحمهم الله تعالى سلكوا منهج االستقامة ،وذكروا باب حكم
المرتد ،ولم يقل أحد منهم :أنه إذا قال كفراً أو فعل كفراً ،وهو ال يعلم أنه يضاد الشهادتين
ـــــــــ
( )1فتيا في تكفير الجهمية (ص 358:ـ .)365
( )2فتاوى األئمة النجدية ( )226/1ط :دار ابن خزيمة ،الرياض.
333 شرط العلم بمعنى الشهادة
أنه ال يكفر لجهله ،وقد بين الله تعالى في كتابه :أن بعض المشركين جهال مقلدون ،فلم
يرفع عقاب الله بجهلهم وتقليدهم))( .)1انتهى.
هذه بعض النقول ألصحاب القول األول ،وهي دالة على عدم اإلعذار بالجهالة في
مسائل التوحيد ،إذ يعدون هذه المسائل من أظهر شعائر اإلسالم وأوضح فرائضه التي ال
يخفى حكمها على الناس؛ ولذا ال يتصورون الجهل بها إال مع التقصير والتفريط في طلب
العلم بها ال مع االجتهاد في معرفتها وتحصيلها.
قلت :وبعض أهل العلم يرى أن هذه األقوال تُنـزل على حاالت معينة وهي :زمن
انتشار الدعوة وقوة أهل الحق وتميزهم( ،)2ألنه وجد من أصحاب هذه األقوال من له قول
آخر في المسألة(.)3
كما قد يُحمل كالمهم أيضاً على عدم اإلعذار بالجهالة على من أمكنه السؤال
والتعلم ثم أعرض عنه ،فهذا ليس بمعذور؛ فالجهل ليس عذراً بإطالق كما تقدم .ولكن
مهماً يكن من أمر فإن أسباب الخالف في هذه المسألة أمور ال تنضبط ،ألن الخالف
مبني فيها على التقصير وعدمه ،والتقصير أو عدمه تكتنفه أمور كثيرة كما سيأتي عند
الترجيح بين هذه األقوال( ،)4ولذا القول بأن هذه المسألة ترجع إلى تحقيق كفر األعيان ال
في أصل المسألة فيه وجاهة كما تقدم ،والله تعالى أعلم.
ثانياً :نماذج من أقوال أصحاب القول الثاني في المسألة:
يقول أبو بكر ابن العربي ـ رحمه الله ـ(( :فالجاهل والمخطئ من هذه األمة لو عمل
من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً ،فإنه يعذر بالجهل والخطأ ،حتى تتبين
له الحجة ،التي يكفر تاركها ،بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله ،وينكر ما هو معلوم
بالضرورة من دين اإلسالم مما أجمعوا عليه إجماعاً قطعياً يعرفه كل من المسلمين من غير
ـــــــــ
( )1نفس المصدر ( .)212/1وانظر :الضياء الشارق (ص ،)361 :وكشف الشبهتين (ص 13 :ـ .)12
( )2ألن الحق إذا كان له دولة وقوة كان ظاهراً؛ فال يتصور الجهل به إال مع التفريط واإلعراض عن طلبه.
( )3هذا التأليف بين األقوال المتعارضة في هذه المسألة ذهب إليه العالمة ابن باز ـ رحمه الله ـ كما نقله عنه معالي الشيخ
صالح العبود ـ حفظه الله ـ في بعض دروسه بالمسجد النبوي الشريف وأنا أسمع.
( )4انظر( :ص.)389 :
323 شرط العلم بمعنى الشهادة
نظر وتأمل))(.)1
فهذا نص صريح من ابن العربي ـ رحمه الله ـ في تقرير العذر بالجهالة في مسائل
الشرك ،وأنه ال يكفر جاهل تلك المسائل إال بعد أن نبين له الحجة بياناً يفهمه ويزيل
اللبس عنده.
ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :كذلك من دعا غير الله وحج إلى غير الله هو
أيضاً مشرك والذي فعله كفر ،لكن قد ال يكون عالماً بأن هذا شرك محرم كما أن كثيراً من
الناس دخلوا في اإلسالم من التتار وغيرهم وعندهم أصنام لهم صغار من لبد وغيره وهم
ويعظمونها وال يعلمون أن ذلك محرم في دين اإلسالم ،ويتقربون إلى النار يتقربون إليها ِّ
أيضاً ،وال يعلمون أن ذلك محرم ،فكثير من أنواع الشرك قد يخفى على بعض من دخل في
اإلسالم وال يعلم أنه شرك ،فهذا ضال وعمله الذي أشرك فيه باطل ،لكن ال يستحق العقوبة
حتى تقوم عليه الحجة قال تعالى :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [البقرة.]22 :
وفي صحيح أبي حاتم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال« :الشرك في
هذه األمة أخفى من دبيب النمل» فقال أبو بكر رضي الله عنه :يا رسول الله كيف ننجو
منه؟ قال« :قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما ال أعلم».
وكذلك كثير من الداخلين في اإلسالم يعتقدون أن الحج إلى قبر بعض األئمة والشيوخ
أفضل من الحج أو مثله وال يعلمون أن ذلك محرم ،وال بلغهم أحد أن هذا شرك محرم ال
يجوز .وقد بسطنا الكالم في هذا في مواضع))(.)2
فهذا نص صريح من كالم شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ يدل على ضرورة إقامة الحجة
على جاهل ما يناقض توحيد العبادة من الشرك ،وأنه معذور بجهله ـ ما لم يكن ِّ
مفرطاً ـ حتى
تقوم عليه الحجة ،وتظهر له المحجة.
وقد بين ـ رحمه الله ـ في موضع آخر أن هذا ـ يعني الوقوع في الشرك ـ إنما يحصل
بسبب غلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة ،ولذا ال سبيل إلى تكفيرهم ،فقال ـ رحمه الله ـ:
((فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول نعلم بالضرورة أنه لم يشرع ألمته أن تدعو أحداً من
ـــــــــ
( )1محاسن التأويل للقاسمي ( 3150/5ـ .)3158
( )2الرد على األخنائي (ص 63 :ـ .)62
323 شرط العلم بمعنى الشهادة
األموات ال األنبياء ،وال الصالحين ،وال غيرهم ،ال بلفظ االستغاثة ،وال يغيرها ،وال بلفظ
االستعاذة ،وال يغيرها ،كما أنه لم يشرع ألمته السجود لميت ،وال لغير ميت ،ونحو ذلك،
بل نعلم أنه نهى عن كل هذه األمور ،وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله؛
لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك
حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول مما يخالفه))( .)1انتهى.
وقال أيضاً(( :وهكذا األقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص
الموجبة لمعرفة الحق ،وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ،أو لم يتمكن من فهمها ،وقد يكون
قد عرضت له شبهات يعذره الله بها؛ فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق
وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان ،سواء كان في المسائل النظرية ،أو العملية هذا
الذي عليه أصحاب النبي وجماهير أئمة اإلسالم))(.)2
وقال تلميذه ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :نعم ،ال بد في هذا المقام من تفصيل به يزول
اإلشكال وهو الفرق بين مقلِّد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه ،ومقلِّد لم يتمكن
مفرط تارك للواجب عليه من ذلك بوجه ،والقسمان واقعان في الوجود؛ فالمتمكن المعرض ِّ
ال عذر له عند الله ،وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي ال يتمكن من العلم بوجه فهم
قسمان أيضاً :أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه وال على طلبه لعدم من
يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة .الثاني معرض ال إرادة له وال
يحدث نفسه بغير ما هو عليه ،فاألول يقول يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه
لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن ال أعرف سوى ما أنا عليه وال أقدر على غيره فهو غاية
جهدي ونهاية معرفتي ،والثاني راض بما هو عليه ال يؤثر غيره عليه وال تطلب نفسه سواه.
وال فرق عنده بين حال عجزه وقدرته ،وكالهما عاجز ،وهذا ال يجب أن يلحق باألول لما
بينهما من الفرق؛ فاألول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ
الوسع في طلبه عجزاً وجهالً ،والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه ،وإن كان لو طلبه
لعجز عنه ،ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض .فتأمل هذا الموضع ،والله يقضي بين
ـــــــــ
( )1الرد على البكري (.)013/2
( )2مجموع الفتاوى ( .)116/21وانظر :نفس المصدر (.)385/32
322 شرط العلم بمعنى الشهادة
عباده يوم القيامة بحكمه وعدله وال يعذب إال من قامت عليه حجته بالرسل ،فهذا مقطوع
به في جملة الخلق .وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم ال ،فذلك ما ال
يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه ،بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان
بدين غير دين اإلسالم فهو كافر ،وأن الله سبحانه وتعالى ال يعذب أحداً إال بعد قيام الحجة
عليه بالرسول .هذا في الجملة ،والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه .هذا في أحكام الثواب
والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر األمر))(.)1
ثم ذكر ـ رحمه الله تعالى ـ أربعة أصول عظيمة نافعة في هذه المسألة بين أنه بها
يزول اإلشكال في هذه المسألة العظيمة فقال ـ رحمه الله ـ(( :وبهذا التفصيل يزول اإلشكال
في المسألة وهو مبني على أربعة أصول:
أحــدها :أن اللــه ســبحانه وتعــالى ال يعــذب أحــداً إال بعــد قيــام الحجــة عليــه كمــا قــال
[اإلس ـراء ،]35 :وقــال تعــالى :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ تعــالى :ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [النســاء ، ]365 :وقــال تعــالى :ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
[الملـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك،]3 ،3 : ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯕ
وقال تعالى :ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ [الملك ،]33 :وقال تعالى :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [األنعام ]373 :وهـذا كثيـر فـي القـرآن؛ يخبـر أنـه إنمـا يعـذب مـن
جــاءه الرســول وقامــت عليــه الحجــة ،وهــو المــذنب الــذي يعتــرف بذنبــه ،وقــال
تع ـ ــالى :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [ الزخـ ــرف ،]33 :والظـ ــالم مـ ــن عـ ــرف مـ ــا جـ ــاء بـ ــه
الرســول ،أو تمكــن مــن معرفتــه بوجــه .وأمــا مــن لــم يعــرف مــا جــاء بــه الرســول وعجــز عــن ذلــك
فكيف يقال إنه ظالم.
األصــل الثــاني :أن العــذاب يســتحق بســببين؛ أحــدهما :اإلع ـراض عــن الحجــة وعــدم إرادتهــا
والعمل بها وبموجبها .الثاني :العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها؛ فاألول كفر إعـراض،
والثــاني كفــر عنــاد .وأمــا كفــر الجهــل مــع عــدم قيــام الحجــة وعــدم الــتمكن مــن معرفتهــا فهــذا
الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل.
ـــــــــ
( )1طريق الهجرتين (ص 651 :ـ .)635
327 شرط العلم بمعنى الشهادة
واألصل الثالث :أن قيام الحجة يختلف باختالف األزمنة واألمكنة واألشخاص.....
األصل الرابع :أن أفعـال اللـه سـبحانه وتعـالى تابعـة لحكمتـه التـي ال يخـل بهـا وأنهـا مقصـودة
لغايتها المحمودة وعواقبها الحميدة ،وهذا األصل هو أساس الكالم في هـذه الطبقـات))....
أ.هـ(.)1
فكالم ابن القيم ـ رحمه الله ـ ظاهر في التفريق في اإلعذار بالجهالة في المسائل
متمكن من تحصيل العلم ومعرفته وبين عاجز عن العلم مع شدة طلبه وإرادته؛ المكفرة بين ِِّّ
فاألول ال يُعذر بجهله؛ لتفريطه ،والثاني يُعذر لعدم تفريطه .وقد بنى ذلك على هذه
األصول األربعة المتقدم ذكرها في كالمه ـ رحمه الله.
المقررة لإلعذار بالجهالة في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة أيضاً ما ومن األقوال ِّ
جاء عن إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ حيث يقول(( :وإذا كنا ال
نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر ،والصنم الذي على قبر أحمد البدوي ،وأمثالهما
ألجل جهلهم وعدم من ينبههم ،فكيف نكفر من لم يشرك بالله؟! إذا لم يهاجر إلينا ،أو لم
يكفر ويقاتل ،ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ [النور.)2())]36 :
وقال أيضاً(( :الثالثة :تكفير من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله ثم أبغضه
ونفر الناس عنه ،وجاهد من صدق الرسول فيه ،ومن عرف الشرك وأن رسول الله بعث
بإنكاره وأقر بذلك ليالً ونهاراً ثم مدحه وحسنه للناس وزعم أن أهله ال يخطئون ألنهم
السواد األعظم .وأما ما ذكر األعداء عني أني أكفر بالظن وبالمواالة أو أكفر الجاهل الذي
()3
لم تقم عليه الحجة ،فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله)) .
وقال أيضاً(( :ما ذُكر لكم عني أني أكفر بالعموم فهذا بهتان األعداء ،وكذلك
قولهم إني أقول من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنه ما يكفيه حتى يجيء
عندي فهذا أيضاً من البهتان ،إنما المراد اتباع دين الله ورسوله في أي أرض كانت.
ولكن نكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه ،وكذلك من عبد
األوثان بعد ما عرف أنه دين المشركين وزينه للناس فهذا الذي أكفره ،وكل عالم على وجه
ـــــــــ
( )1طريق الهجرتين (ص 635 :ـ .)632
( )2الدرر السنية (.)351/3
( )3مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب في العقيدة (ص.)25 :
323 شرط العلم بمعنى الشهادة
يوجد فيهم عالم يبين لهم ما هم فيه من الضالل ،أو ُو ِّج َد ولكن بعضهم لم يسمع
بدعوته وإنذاره؛ فهؤلء معذورون بجامع اشتراكهم مع األولين في عدم بلوغ دعوة الحق
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ إليهم؛ لقوله تعالى :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [األنعام ،]31 :وقوله :ﯨ ﯨ
ﯮ [اإلسراء ،]35 :ونحو ذلك من األدلة التي تفرع منها تبنِّي العلماء عدم مؤاخذة أهل
الفترة؛ سواء كانوا أفراداً أو قبائل أو شعوباً؛ الشتراكهم في العلة ،كما هو ظاهر ال يخفى
على أهل العلم والنهى))( .)1انتهى.
فهذه بعض النصوص من أقوال من يرى العذر بالجهالة في تفاصيل ما يناقض
توحيد العبادة مع انتفاء التفريط والتقصير ،وهي صريحة في تقرير هذا القول ،وقد
ضت في ذكر النقول عن شيخ اإلسالم ،والشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهما الله أَفَ ُ
تعالى ـ في تقرير هذه المسألة( ،)2وذلك إبراءً لساحتهما مما قد يُنسب إليهما من
التكفير بالتعيين وعدم اإلعذار للجاهلين في مسائل التوحيد.
الترجيح:
بعد عرض هذه األقوال وبيان ِّ
مأخذها ،فالذي ترجح في نظري ـ والعلم عند الله ـ
مذهب من يتصور العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ،وذلك لقوة ما اعتل ُ
به أصحاب هذا الرأي من جهة النظر ـ أعني قولهم :بأن هذه التفاصيل قد تخفى على
بعض المكلفين مع بذلهم الجهد في طلبها نظراً لكثرة الشبهات التي قد تحول دون
فهمها؛ وخفاء الحق بسبب قيام الشبه مع انتفاء التقصير في طلب الحق موجب لإلعذار
ومانع لإلكفار بإجماع العلماء(.)3
ـــــــــ
( )1السلسلة الصحيحة ( 332/0ـ .)331وانظر :ما نقله عنه صاحب كتاب سعة رحمة رب العالمين للجهال
المخالفين للشريعة من المسلمين (ص 83 :ـ .)82
( )2وأما ما جاء عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ من عبارات تدل على أنه ال يرى العذر بالجهل،
يحمل؛ إما على زمن انتشار الدعوة وتيسر العلم لكل من طلبه ،أو يحمل على من أمكنه التعلم ثم أعرض
فهذا ُ
عنه؛ إذ الجهل ليس عذراً بإطالق ،والثاني متفرع عن األول.
( )3يقول الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ(( :إن المتأولين من أهل القبلة الذين ضلوا وأخطأوا في فهم ما جاء به الكتاب
والسنة ،مع إيمانهم بالرسول ،واعتقادهم صدقه في كل ما قال ،وأن ما قاله كله حق ،والتزموا ذلك ،لكنهم
= أخطأوا في بعض المسائل الخبرية أو العملية ،فهؤالء دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين ،وعدم
323 شرط العلم بمعنى الشهادة
أما األدلة النقلية فهي متساوية؛ ألن الجميع متفقون على تقرير أصل العذر
بالجهل ف ي نصوص الكتاب والسنة ،إنما وقع الخالف بينهم في التسليم بوقوع الجهل في
ما يناقض توحيد العبادة مع انتفاء التقصير والتفريط في طلب الحق.
وأما قول بعض المانعين من اإلعذار بأن الحجة تقوم بمجرد بلوغها ـ ولو لم يفهمها
المكلف( )1ـ فهو ضعيف ،ألنه تكليف بما ال يُستطاع؛ إذ كيف يكلف العبد بما يَعجز عن
فهمه؟ هذا ينافي حكمة التشريع في رفع الحرج والعنت عن هذه األمة ،وهو أمر ممتنع في
دين الله تعالى.
يقول الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ(( :في هذه المسألة نظر ـ أي :كون الحجة
تقوم بمجرد بلوغ الحجة ،وال يشترط لها فهم الخطاب ـ وقد اختلف فيها كبار علماء نجد
المعاصرون في مجلس اإلمام عبد العزيز بن فيصل آل سعود بمكة المكرمة ،فكانت الحجة
للشيخ عبد الله بن بليهد( )2بأن العبرة بفهم الحجة ال بمجرد بلوغها من غير فهم .وأورد لهم
نصاً صريحاً في هذا من كالم المحقق ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ فقنعوا به))( .)3انتهى.
وأما استداللهم عليه ـ أعني القول بأن الحجة تقوم بمجرد بلوغها ،وال يشترط لها فهم
الخطاب ـ بقوله تعالى :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [األنعام ]31 :فهو استدالل باآلية
ــــــــــ
ومن بعدهم من أئمة السلف على
الحكم لهم بأحكام الكافرين ،وأجمع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعون َ
=
ذلك))[ .اإلرشاد إلى معرفة األحكام (ص .])250 :وانظر :منهاج السنة ( ،151/1و 211/5ـ ،])215
وفتح الباري (.)151/32
( )1انظر :الضياء الشارق (ص ،)361 :وكشف الشبهتين (ص 13 :ـ ،)12وحكم تكفير المعين والفرق بين قيام
الحجة وفهم الحجة للشيخ إسحاق ضمن فتاوى األئمة النجدية ( ،)321/1وفتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز
( ،)55/3والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل وحكم من يكفر غيره من المسلمين (ص 33 :ـ .)32
( )2هو :عبد الله بن سليمان بن سعود بن بليهد ،من علماء نجد ،كان جيد الفهم ،فصيحاً بليغاً ،واسع المعرفة باألدب
الجغرافي في شبه الجزيرة ،وانفرد بمعرفة األماكن الوارد ذكرها في شعر المتقدمين ،ولي رئاسة القضاة بمكة ثم عيِّن في
قضاء المدينة ،وتوفي سنة ( )3151هـ .من آثاره :رسالة في مناسك الحج ،وله رسالة في الرد على مدع للخالفة
نشرت في جريدة أم القرى في ( )3115/6/1هـ .انظر :األعالم للزركلي ( ،)221/1وكتاب قضاة المدينة المنورة
( 85/3ـ .)83
( )3من تعليقات الشيخ محمد رشيد رضا على رسالة ما يعذر به وما ال يعذر به من الجهل للشيح عبد الله بابطين
ضمن مجموع بضع رسائل دينية في العقائد اإلسالمية (ص.)21 :
323 شرط العلم بمعنى الشهادة
في غير محلِّها؛ فإن اآلية ـ كما يظهر من سباقها وسياقها ـ هي في حق الكافر تبلغه الدعوة إلى
اإلسالم ،فإن الحجة تكون مقامةً عليه بمجرد بلوغ القرآن إليه ،ويدل لذلك قول النبي :
«والذي نفس محمد بيده ،ال يسمع بي أحد من هذه األمة :يهودي وال نصراني ثم يموت ولم
يؤمن بالذي أرسلت به إال كان من أصحاب النار»()1؛ فمن بلغه القرآن من أصناف الكفار
فقد قامت عليه الحجة بذلك ،فال عذر له بعد ذلك في ترك اإلسالم ،وذلك ألن دين
اإلسالم موافق للفطرة( )2التي ُخلق عليها اإلنسان فال يرده إال جاحد مكابر( )3كما قال
تعالى في شأن الكافرين المعارضين لدعوة النبي :ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ [النمل]31:؛ والجحد والمكابرة يستلزمان العلم والفهم ،ألنهما ال يكونان
إال بعد معرفة الهدى والحق ،فدل على أن القرآن إذا بلغ الكافر تبين له أنه الحق ،فال
يحيد عنه بعد ذلك إال عن عناد واستكبار ال عن جهل واشتباه.
الج َملي( )4ال التفصيلي ،وذلك جمعاً بين
أو يقال :هي في قطع العذر في العلم ُ
هذه اآلية والنصوص الدالة على إعذار الجاهلين.
أو يقال :إن المقصود بالبلوغ أن يبلغه القرآن على وجه يفهمه لو أراد ذلك حتى
تقوم به عليه الحجة ،فتكون اآلية عامة في حق الكافر والمسلم.
ومما استدلوا به أيضاً لتقرير هذا القول :قولهم بأن الكفار الذين بُعِّث فيهم النبي
قامت عليهم الحجة بسماع القرآن ،مع وصف الله تعالى لهم بعدم العقل والسمع،
كقوله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ،
[الفرقان .]11:وغيرها من اآليات في هذا المعنى ،مما يدل على قيام الحجة ببلوغها ،وإن
لم يفهمها المخاطَب(.)5
ـــــــــ
( )1أخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( )311/3من حديث أبي هريرة .
( )2الفطرة تقدم التعريف بها .انظر( :ص 201 :ـ .)205
( )3انظر :تفسير ابن سعدي (ص[ )251 :تفسير آية األنعام ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ
]. ﭻ ﭼ
( )4تقدم أن العلم الجملي ال يعذر بالجهل به .انظر( :ص 499 :ـ .)300
( )5انظر :رسالة تكفير المعين ،والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة( ،ص.)1 :
323 شرط العلم بمعنى الشهادة
ويقال في الجواب عن ذلك أن المنفي في هذه اآليات ليس هو موجب الس نمع والعقل
من الفهم عن الله تعالى وعن رسوله ،وإنما المنفي فيها عدم انتفاعهم بهذه اآلالت في
اله َدى لما في قلوبهم من اإلعراض المانع لهم من ذلك ،فَن ِّـزلت اآللة منـزلة فائدتها في
قبول ُ
النفي.
يقول الشوكاني ـ رحمه الله ـ :في تفسير اآلية السابقة( :أي :ما هم في االنتفاع بما
يسمعونه إال كالبهائم التي هي مسلوبة الفهم والعقل ،فال تطمع فيهم ،فإن فائدة السمع
والعقل مفقودة ،وإن كانوا يسمعون ما يقال لهم ،ويعقلون ما يتلى عليهم ،ولكنهم لما لم
ينتفعوا بذلك كانوا كالفاقد له)(.)1
بنى في األصل على التقصير في طلب كما أن القول بعدم اإلعذار بالجهالة ُم ً
الحجة؛ والحكم على المكلف بالتقصير أمر في غاية العسر والصعوبة ،وذلك ألن التقصير
تكتنفه أمور كثيرة .منها :تمكن الشبهة في النفس مما قد يحول دون تمكنها من فهم
العلم .ومنها أيضاً :تقصير العالم في كمال البيان الكافي إلقامة الحجة وإزالة الشبهة .ومنها
كذلك :أن ال يقوم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على بال المكلف أن هذا الشيء
محرم أصالً ،أو لم يحصل له فيه اشتباه ،أو لم يبلغه فيه خالف ،وما إلى ذلك من
الحواجز التي تحول دون معرفة الحق أو السعي في طلبه.
وقد أشار لذلك الشيخ العالمة عبد الرزاق عفيفي حيث يقول ـ رحمه الله ـ :
((إن وجوب اإليمان بالله تعالى ورسله وكتبه ومالئكته واليوم اآلخر والقدر ،وما يتصل
بذلك من أصول وفروع بمقتضاه :يتوقف على البالغ الصحيح ومعرفة ما تضمنه البالغ من
الحق ،وهذا مما يتفاوت بتفاوت الناس في مداركهم وقواهم العقلية ،وكثرة العلماء والدعاة إلى
اإلسالم ،وما إلى هذا مما يتيسر معه معرفة الحق وتأييده ،واستبانة الباطل وتميزه من الحق
والقضاء عليه ،أو بُعدهم عن ديار اإلسالم والدعاة إليه ،وما إلى ذلك من الحواجز التي يشق
معها الوصول إلى معالم شرع الله تعالى ،والوقوف على حقيقة جمله أو التبحر فيه.
فيجب أن يراعى ذلك وأمثاله في الحكم على الناس ،فقد يجب على بعض الناس
اإليمان بالله تعالى وبرسوله وما جاء به من عند الله إجماالً ،إذا لم يبلغه إال ذلك ،ولم
ـــــــــ
( )1فتح القدير (.)332/1
373 شرط العلم بمعنى الشهادة
الضعيفة والموضوعة كحديث « :لو حسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه»( ،)5وحديث ((إذا
ـــــــــ
( )1فتاوى ورسائل الشيخ سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص 474 :ـ ،)473نشر دار الفضيلة ،ط :الثانية
( )5380هـ.
( )2انظر :نقض أساس التقديس (ص )5 :بتحقيق د .موسى الدويش ،طبع :دار العلوم والحكم ،المدينة المنورة،
ط :األولى ( )3125هـ.
( )3طريق الهجرتين (ص 633 :ـ .)632وانظر :بغية المرتاد (ص.)133 :
( )4انظر :معارج األلباب ( 653/2ـ )652بتحقيقي.
( )5حديث موضوع :ذكره العجلوني في كشف الخفاء ( )26/5رقم ( )26رقم ( )854بلفظ« :إذا تحيرتم في
= األمور ،فاستعينوا بأصحاب القبور» وعزاه لألربعين البن كمال باشا ،المتوفى سنة ( )930هـ .انظر :ترجمته في
373 شرط العلم بمعنى الشهادة
فليناد :يا عباد الله احبسوا))( ،)1وحديث ((إذا أعيتكم األمور فعليكمانفلتت دابة أحدكم ِّ
بأصحاب القبور))( )2وغير ذلك مما يحتج به عباد القبور.
فلو علموا أن هذه األحاديث مما ال يصح االحتجاج بها ،وعلموا الفرق بين التوسل
والدعاء لما أقدموا على االستغاثة بغير الله ،ولكن أُتوا من جهلهم ال من جهة تقصيرهم في
طلب الهدى والحق.
يقول الشيخ محمد رشيد رضا في بعض تعليقاته على أحد كتب أئمة الدعوة(( :هذا
الجواب صريح في عدم تكفير المستشفع الجاهل والمتأول؛ كالذي ال يقصد بالنداء دعاء
العبادة ،وال يعتقد استقالل الرسول بالتأثير والشفاعة ،وإنما يكفرون من أصر على دعاء
غير الله فيما ال يطلب إال منه عناداً))(.)3
ويقول المعلِّمي ـ رحمه الله ـ(( :ومن هنا يظهر أنه على فرض أن تكون بعض األقوال
واألعمال المنتشرة بين عوام المسلمين بعد القرون األولى مناقضة لشهادة أن ال إله إال الله،
يكون عامتهم معذورين ،ألن المشهور بين أهل العلم ـ فضالً عن غيرهم ـ أن معناها(( :ال
واجب الوجود إال الله)) ...فغالب الناس ال يظنون أن لها معنى غير ذلك ،فلسنا نستطيع
ــــــــــ
معجم المؤلفين ( .)532/5وذكر هذا الحديث أيضاً شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في مجموع =
الفتاوى ( ،)465/5وفي االستغاثة ( ،)324/8وبين أنه مكذوب مفترى على رسول الله باتفاق العارفين
بحديثه ،ولم يروه أحد من العلماء ،وال يوجد في شيء من كتب الحديث المعتمدة.
( )1أخرجه الطبراني في الكبير ( ،)260/35وفي إسناده معروف بن حسان قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
( )121/8عن أبيه :مجهول ،وأورده ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ( )2126/6وقال :منكر
الحديث.
وانظر :كالم الشيخ عبد الله البابطين في نقض استدالهم بهذا الحديث على جواز دعاء األموات والغائبين في
دحض شبهات من سوء الفهم لثالثة أحاديث (ص 16 :ـ .)18
( )2حديث موضوع :ذكره أصحاب الموضوعات في كتبهم وأشاروا إلى أنه موضوع .انظر :تمييز الطيب من الخبيث
البن الديبع (ص ،)544 :واألسرار المرفوعة في األخبار الموضوعة (ص )822 :رقم ( ،)475وكشف
الخفاء للعجلوني ( )592/8رقم ( ،)8027وسلسلة األحاديث الضعيفة والموضوعة (.)360
وممن حكم عليه بالوضع أيضاً شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ كما في مجموع الفتاوى
( ،)446/83و( ،)654/55والحافظ ابن حجر كما نقله عنه تلميذه السخاوي في المقاصد الحسنة (ص:
)433عند الحديث رقم (.)233
( )3تعليقات الشيخ محمد رشيد رضا على الهدية السنية( ،جمع وترتيب ابن سحمان) (ص.)16 :
372 شرط العلم بمعنى الشهادة
أن نحكم عليهم بالتقصير .وهناك أسباب أخرى تمنع الحكم عليهم بالتقصير ،فوجب أن
ال يحكم على مسلم قال أو فعل ما يكون مناقضاً للشهادة بأنه كافر أو مشرك ،حتى يتبين
لنا تقصيره .وما لم يتبين لنا تقصيره فهو عندنا مسلم ،وقد يكون من خيار المسلمين
وصالحيهم وأوليائهم .ولكن أُعيذك بالله أن يغرك الشيطان ،فيقول لك :فأنت على هذا
معذور ،فيصدك بذلك عن البحث والتحقيق ،فاحذر ذلك وإال كنت مقصراً غير معذور.
واعلم أننا لم نحكم على أكثر الناس بالتقصير؛ فإنما ذلك بحسب علمنا ،وقد يكون كثير
منهم في نفس األمر مقصرين ،ومن كان كذلك فهو في حكم الله كذلك ،وال ينفعه عدم
حكمنا عليه بذلك))( .)1انتهى.
ومع هذا يرى المعلِّمي ـ رحمه الله ـ أن ال توسع دائرة اإلعذار بالجهالة في هذه
األعصار حتى يُعتذر لجميع العوام شركهم بالله تعالى؛ حيث بين أن دائرة العذر بالجهل قد
ضاقت في هذه األزمنة بسبب فشو العلم والتمكن من تحصيله لكل من طلبه بجد
وإخالص ،وتجرد وإنصاف ،وذلك بسبب جهود أهل العلم في بيان التوحيد والتحذير من
الشرك .فأقل أحوال من اشتبه عليهم األمر ـ إن لم ينشطوا للبحث والتحقيق ـ أن يجتنبوا ما
اشتبه عليهم من الشرك عمالً بقوله « :الحالل بين والحرام بين ،وبينهما أمور مشتبهات
ال يعلمهن كثير من الناس ،فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ،ومن وقع في
الشبهات وقع في الحرام .كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ،أال وإن لكل
ملك حمى .أال وإن حمى الله محارمه»(.)3()2
قلت :ومما يدل على رجحان القول باإلعذار بالجهالة في تفاصيل ما يناقض
توحيد العبادة أيضاً أن العلم المشترط مطلقاً في شروط ال إله إال الله هو العلم اإلجمالي ال
التفصيلي ،والقول بعدم العذر بجهل هذه التفاصيل يلزم منه أن يكون العلم التفصيلي داخالً
في العلم اإلجمالي الذي ال يصح اإلسالم ابتداءً إال به(.)4
ـــــــــ
( )1رفع االشتباه (ص 52 :ـ .)51
( )2أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب :فضل من استبرأ لدينه (جـ )22/3ح ( ،)52ومسلم في كتاب
المساقاة (.)3231/1
( )3انظر :رفع االشتباه (ص 51:ـ .)51
( )4العلم التفصيلي كما تقدم شرط في حال العلم وذلك بإزاء العلم اإلجمالي فهو شرط مطلقاً.
377 شرط العلم بمعنى الشهادة
وقد أوضح ذلك العالمة عبد الرزاق عفيفي ـ رحمه الله ـ حيث قال في رد على سؤال
نصه :ما هو العلم المشترط في شروط ال إله إال الله أهو العلم اإلجمالي بأنه ال يستحق
العبادة إال الله أم ال بد من العلم التفصيلي بأن الذبح عبادة والنذر عبادة ..وهكذا؟ ـ
فأجاب(( :العلم المشترط هو العلم اإلجمالي ال التفصيلي ما هو بالزم أن يكون فيلسوفاً
بدليل حديث معاذ وسجوده للرسول ،وقصة ذات أنواط .فالجهل بتفاصيل العبادة ال
يمنع للحكم بالشخص باإلسالم))(.)1
قلت :ويؤكد ذلك أن الرجل المسرف على نفسه الذي قال لبنيه« :إذا أنا مت
فاسحقوني ثم أذروني في اليم .فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من
العالمين»( )2كان عنده إيمان مجمل بالبعث ،ولم يكن عالماً بجميع تفاصيله فع َذره الله.
مما يدل على أن الشخص إذا جهل بعض تفاصيل أصول اإليمان ال يكفر بذلك ما لم تقم
عليه الحجة التي يكفر تاركها.
ووجه كونه أن معه إيماناً مجمالً بالبعث أنه خشي أن يكون من جملة المبعوثين
فيحصل له العذاب والنكال لقاء تفريطه في جنب الله ،ولذا أمر بنيه أن يفعلوا به ما يَظُن
أنه ال يُبعث مع فعله به .فهو شاك في قدرة الله في بعث نفسه ال في بعث غيره؛ فلو كان
شاكاً في قدرة الله على بعث جميع الخلق لكفر.
وقد أشار لذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ فقال(( :وأما تكفير من لم يكن منافقاً
فهذا فيه تفصيل قد بسطناه في غير هذا الموضع ،وبينا الفرق بين من قامت عليه الحجة
النبوية التي يكفر تاركها ،وبين المخطئ المجتهد في اتباع الرسول إذا اقتضى خطؤه نفي
بعض ما أثبته ،أو إثبات بعض ما نفاه ،حتى نفس المقالة الواحدة يكفر بتكذيبها من قامت
عليه الحجة دون من لم تقم عليه ،كالذي قال« :إذا مت فاسحقوني ثم أذروني في اليم،
فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين» .فإن اإليمان بقدرة الله
على كل شيء ومعاد األبدان من أصول اإليمان ،ومع هذا فهذا لما كان مؤمناً بالله وأمره
ونهيه وكان إيمانه بالقدرة ،والمعاد مجمالً فظن أن تحريقه يمنع ذلك فعل ذلك .ومعلوم أنه
ـــــــــ
( )1فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (.)302/3
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ (جـ 255/8ـ )253ح ( )2أخرجه البخاري في كتاب التوحيد ،باب قول الله تعالى:
( ،)0556ومسلم في كتاب التوبة (.)2351/1
373 شرط العلم بمعنى الشهادة
لو كان قد بلغه من العلم أن الله يعيده وإن حرق كما بلغه أنه يعيد األبدان لم يفعل
ذلك))(.)1
كما يدل عليه أيضاً من السنة حديث حذيفة ـ وله حكم الرفع ـ الذي فيه« :يأتي
على الناس زمان ال يعرفون فيه صالة وال زكاة وال صوماً وال حجاً إال الشيخ الكبير والعجوز
الكبيرة يقوالن أدركنا آباءنا وهم يقولون« :ال إله إال الله» فقيل لحذيفة ما يغني عنهم قول
ال إله إال الله وهم ال يعرفون صالة وال زكاة وال صوما وال حجاً؟ قال« :تنجيهم من النار
تنجيهم من النار»( .)2فهؤالء معهم إيمان مجمل باإلسالم وجهل بكثير من تفاصيله ومع
ذلك نفعهم هذا اإليمان.
وقد بين شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أن ذلك يحصل ـ أي الجهل بتفاصيل توحيد
العبادة ـ بسبب خفاء الحق لفتور الوحي واندراس آثار النبوة وقلة دعاة العلم واإليمان مما
يدل على أن الظهور والخفاء أمر نسبي ال ينضبط في مسائل دون أخرى(.)3
الج َملي بمعنى شهادة أن
فخالصة ما سبق :أن الجهل منه ما يرجع إلى فقد العلم ُ
ال إله إال الله ،فهذا ال عذر فيه وال شبهة .ومنه ما يرجع إلى فقد العلم التفصيلي بمعنى ال
إله إال الله ،وهذا صاحبه ال يخلو من ثالثة أحوال:
مفرطاً في رفع الجهل عن نفسه ،فهذا ال يُعذر باتفاق ،ولكن قد األولى :أن يكون ِّ
يختلفون في حكمه في اآلخرة إذا لم يكن معذوراً في نفس األمر :هل يعاقب عقوبة
الكافرين أو يعاقب عقوبة المذنبين؛ فيكون تحت المشيئة؟
الثانية :أن يكون بين ظهراني مسلمين إال أنه غلب عليه الجهل بسبب الشبهات فهذا
مختلف في إعذاره .والصحيح أنه يُع َذر.
ويُلحق به أيضاً في الحكم من لم يطرأ على باله أن ما عليه شرك مخالف للتوحيد
وإن كان بين ظهراني مسلمين.
ـــــــــ
( )1بغية المرتاد (ص.)112 :
( )2أخرجه ابن ماجة في كتاب الفتن ،باب ذهاب القرآن والعلم ( )3111/2حديث رقم ( ،)1511والبيهقي في
الشعب ( ،)156/2والحاكم في المستدرك ( .)525/1وقال :صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .وصححه
األلباني في مواضع من كتبه منها حكم تارك الصالة (ص ،)51:وسلسلة األحاديث الصحيحة (.)303
( )3انظر :بغية المرتاد (ص ،)133 :ومجموع الفتاوى (.)365/15
373 شرط العلم بمعنى الشهادة
الثالثة :أن يكون حديث عهد بإسالم أو عاش في شاهق أو بأرض بعيدة عن ديار
متيسر له ،فمتى تيسر له العلم فله حكمالمسلمين .فهذا يع َذر باتفاق ما دام أن العلم غير ِّ
ُ
أمثاله ممن تمكن من العلم فأعرض عن طلبه؛ فال يكون معذوراً.
ومن هنا يمكن القول بأن الجهل بالتوحيد نوعان؛ جهل يَدخل في مسائل العذر وهو
الجهل بالمعنى التفصيلي لكلمة الشهادة؛ وجهل ال يَدخل في مسائل العذر وهو الجهل بالعلم
بحث في حق من ثبت الجملي بمعنى الشهادة؛ ووجه هذا التقسيم أن مسألة العذر بالجهل تُ َ ُ
()1
له عقد اإلسالم ثم وقع في شيء من النواقض جاهالً ،وذلك من أجل تطبيق الحكم عليه
بالكفر أو عدمه .أما من لم يـَثنـبُت له عقد اإلسالم ـ بجهله بالعلم الجملي لكلمة الشهادة ـ فهو
كافر أصلي فال تُراعى فيه أحكام الجهل ونحو ذلك من موانع التكفير.
إذا ثبت ذلك ،فإن مما ينبغي أن يُعلم أن مسألة العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض
توحيد العبادة هي ليست من مسائل األصول التي يُضلل المخالف فيها ،وإنما هي من مسائل
االجتهاد وموارده بحسب تصور الناظر فيها من تحقق الكفر في الشخص المعين أو عدمه،
ولذا ال ينبغي أن يُبنى عليها تبديع أو تفسيق لمن خالف فيها؛ فالمخالف مجتهد مخطئ في
اجتهاده.
وممن أشار إلى ذلك الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث قال(( :االختالف في
العذر بالجهل كغيره من االختالفات الفقهية االجتهادية ،وربما يكون اختالفاً لفظياً في
بعض األحيان من أجل تطبيق الحكم على الشخص المعين ،أي أن الجميع يتفقون على
أن هذا القول كفر ،أو هذا الفعل كفر ،أو هذا الترك كفر ،ولكن هل يصدق الحكم على
هذا الشخص المعين لقيام المقتضي في حقه وانتفاء المانع أو ال ينطبق لفوات بعض
المقتضيات ،أو وجود بعض الموانع)) انتهى محل الغرض(.)2
وأما تضخيم هذه القضية وتضليل المخالف ،وإلزامه بلوازم لم يقل بها ،فهو خلل
وانحراف ،أما إذا التزم أحد الفريقين بأي من اللوازم الباطلة فهو مبتدع ،وإليك اإلشارة إلى
أهم هذه اللوازم:
أوالً :اللوازم التي قد تلزم من يقول بعدم العذر بالجهل في مسائل العقائد.
ـــــــــ
( )1تقدم أنه من تلفظ بالشهادتين وهو عالم بمعناهما الجملي.
( )2شرح كشف الشبهات (ص.)47 :
373 شرط العلم بمعنى الشهادة
الكلمة إال أنه لم تقم عليه الحجة الرسالية التي يكفر لتركها ،وهو نوعان :من كان جهله بأصل
المعنى ،فهذا يُكفر مطلقاً ،وذلك باتفاق أهل العلم .النوع الثاني :من كان جهله في تفاصيل
المعنى ال في أصله فهذا اختلفوا في حكمه في الدنيا .فذهب قوم إلى أنه يُ َكفر مطلقاً في
حكم الدنيا واآلخرة وهم اإلباضية من الخوارج( ،)1وذهب آخرون إلى أن ظاهره الكفر أي :في
حكم الدنيا( ،)2وأما في اآلخرة فأمره إلى الله تعالى( .)3وذهب بعض أهل العلم إلى التفصيل
مفرطاً في طلب الحجة أو ال ،فإن كان ِّ
مفرطاً في حكمه فقالوا :ال يخلو إما أن يكون ِّ
فذهب بعضهم إلى أنه يكفر في حكم الدنيا وأما حكم اآلخرة فهو إلى الله( ،)4وقال
اآلخرون منهم :هو عاص في حكم الدنيا ،وأما في حكم اآلخرة فإنه يعاقب عقوبة المذنبين
وَم نن ترك الواجبات ،فال يُخلد في النار( .)5هذا إن عوقب(.)6
وأما إ نن لم يكن ِّ
مفرطاً فهو مسلم عندهم قوالً واحداً.
الجهة الثانية :من كان ظاهره التفريط فأقيمت عليه الحجة فهذا يكفر اتفاقاً أياً كان
جهله في أصل المعنى أو في تفاصيله.
إال أنهم قد يختلفون في ضابط التقصير والتفريط على ما تقدم(.)7
فالحاصل أن هذه المنافاة كلية من كل وجه إذا كان الجهل في أصل المعنى وذلك
مطلقاً مع التفريط أو عدمه .أما إن كان الجهل في تفاصيل المعنى ال في أصله فإن هذا
الجهل ال يخلوا إما أن يكون ناشئاً عن تفريط وتقصير في العلم والتعلم أو ال يكون كذلك.
فإن كان هذا الجهل ناشئاً عن تقصير وتفريط في العلم والتعلم ،فعلى المذهب األول
والثاني تكون المنافاة تامة وعلى المذهب الثالث تكون المنافاة للكمال الواجب ال
ـــــــــ
( )1انظر :مقاالت اإلسالميين (.)525/5
( )2تقدم أن أصحاب هذا الرأي ال يتصورون الجهل في مسائل توحيد العبادة ،ولذا فهم ال يتصورون الجهل بهذه
المسائل إال مع التفريط.
( )3انظر :مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (.)615/2/1
( )4انظر :المصدر نفسه (.)530/8/3
( )5يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وأما (التكفير) فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد وقصد الحق
فأخطأ :لم يكفر :بل يغفر له خطؤه .ومن بين له ما جاء به الرسول ،فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى،
واتبع غير سبيل المؤمنين :فهو كافر .ومن اتبع هواه؛ وقصر في طلب الحق ،وتكلم بال علم :فهو عاص مذنب.
ثم قد يكون فاسقاً ،وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته)) [مجموع الفتاوى ( ،])520/58وانظر :الطرق
الحكمية البن القيم (ص.)573 :
( )6لكونه تحت المشيئة.
( )7انظر :المقصد الثاني من هذا المطلب.
373 شرط العلم بمعنى الشهادة
ـــــــــ
الم نع ِّرض؛ ولذا فاألسلم أن يقال :أن الجهل بمعنى الشهادة
كم بإسالم ُ ( )1ولكن قد يرد على هذا المذهب ُ
الح ُ
ينافي شرط العلم مع التفريط مطلقاً ،وتبقى أحكام الجاهل معلقة بإقامة الحجة أو عدمها ،وهو النظر في تحقق
كفره أو ال؟ أما من حيث األصل فكل من نطق بالشهادتين وهو يعلم معناهما الجملي فهو باق على أصل
إسالمه حتى تقام عليه الحجة التي يكفر لتركها هذا في أحكام الدنيا ،أما أحكام اآلخرة فهي إلى الله تعالى.
373 شرط العلم بمعنى الشهادة
المبحث السابع :المخالفون في شرط العلم بمعنى ل إله إل الله من أهل القبلة:
من المناسب ونحن نتكلم عن أحكام الجهل بالمشهود به ،وهو معنى الشهادة أن
نشير إلى المخالفين في شرط العلم بال إله إال الله من أهل القبلة ،ألن مرجع هذه المخالفة
راجع إلى الجهل بمعنى الشهادة غالباً ،فنشرع فنقول :إن المخالفين في شرط العلم بمعنى
ال إله إال الله يمكن حصرهم في نوعين:
النوع األول :المخالفون في هذا الشرط خالفاً عملياً ،وهؤالء سيأتي الحديث عنهم في
شرط االنقياد ،ألن عدم انقيادهم لما دلت عليه هذه الكلمة من التوحيد والبراءة من الشرك هو
نابع في الغالب من عدم علمهم بمعنى هذه الكلمة ،وإال فال يُظن بمن فَـ ُقه معنى هذه الكلمة
من أهل اإلسالم أن ال ينقاد ألصل معناها إال أن يكون منافقاً مبطناً للكفر بقلبه.
النوع الثاني :المخالفون في هذا الشرط خالفاً ِّعلمياً ،وهؤالء هم طائفة المتكلمين
يفسرون معنى ال إله إال الله بمعنى الربوبية ،وهؤالء قد سبق أن بينا مذهبهم في تفسير ممن ِّ
هذه الكلمة وأشرنا إلى بعض أقوالهم ثم بينا فساد ذلك التفسير من نصوص الكتاب والسنة
وأقوال سلف األمة ،فال داعي أن نكرر ما سبق هنا.
444 شرط اليقين
ومليكه ،وال خالق غيره ،وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ،فهذا قد تصحبه الطمأنينة
إلى الله والتوكل عليه وقد ال يصحبه العمل بذلك؛ إما لغفلة القلب عن هذا العلم .والغفلة:
هي ضد العلم التام وإن لم يكن ضدا ألصل العلم؛ وإما للخواطر التي تسنح في القلب من
االلتفات إلى األسباب ،وإما لغير ذلك))( .)1انتهى.
فاليقين إذن هو مرتبة من مراتب العلم ،وهي تكون بعد استقرار العلم في القلب؛ فالعلم
يكون سابقا لها بل لجميع أعمال القلوب ،ولذلك عقد اإلمام البخاري ـ رحمه الله ـ ترجمة في
صحيحه بعنوان :باب العلم قبل القول والعمل ،لقول الله تعالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[محمد ]41 :فبدأ بالعلم( .)2فالعلم أول ما يطرق في قلب المؤمن ثم تأتي ﰊ ﰊ
بعده مرتبة اليقين الدالة على استقرار هذا العلم في القلب استقرارا ال يختلج معه الشك.
والعلم إذا استقر في القلب استقرارا ينتفي معه الشك فإن ذلك يثمر قوة العلم
واالستمرار عليه بحيث ال تؤثر فيه القواطع والشُّبه ،فيستصحب العبد العلم بتوحيد ربه
فيكون أبعد شيء عن الشرك والوسائل المؤدية إليه.
المبحث الثاني :الفرق بين العلم واليقين.
الفرق بين العلم واليقين ظاهر جدا ،وهو قد تبين من خالل معرفة حد اليقين ،فاليقين
ـ كما تقدم ـ هو العلم الراسخ القوي التام الذي ليس عرضة للريب والشك والموانع ،وهذا
مجرد العلم المنافي للجهل ،فيكون اليقين بهذا االعتبار أخص من العلم؛ قدر زائد عن َّ
مجرد اإلدراك والتصور ولو لم ينتف معه الشك؛ فكما هو معلوم أن اإلنسان فالمراد بالعلم َّ
قد يعلم بأشياء وهو يتردد في صحتها أو وجودها ،فأما إذا علم هذه األشياء علما ال يختلج
معه الشك فذاك اليقين.
كما ألمح شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى فرق آخر بين العلم واليقين حيث
قال(( :والريب يكون في علم القلب وفى عمل القلب بخالف الشك ،فإنه ال يكون إال في
العلم ،ولهذا ال يوصف باليقين إال من اطمأن قلبه علما وعمال ،وإال فإذا كان عالما بالحق،
ولكن المصيبة أو الخوف أورثه جزعا عظيما ،لم يكن صاحب يقين قال تعالى :ﮖ ﮗ
ــــــــــ
( )1نفس المصدر (.)521/5
( )2صحيح البخاري ،كتاب العلم (جـ.)21/4
445 شرط اليقين
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [األحزاب.)1())]44 :
فتبين من كالمه ـ رحمه الله ـ أن اليقين يكون في علم القلب وعمله بخالف العلم فال
يكون إال في علم القلب.
يوضحه :أن العبد قد يعلم علما جازما بأمر ومع هذا فيكون في قلبه حركة واختالج
من العمل الذي يقتضيه ذلك العلم؛ كعلم العبد أن الله رب كل شيء ومليكه وال خالق
غيره ،وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فهذا قد تصحبه الطمأنينة إلى الله والتوكل عليه
وقد ال يصحبه العمل بذلك؛ إما لغفلة القلب عن هذا العلم .والغفلة :هي ضد العلم التام
وإن لم يكن ضدا ألصل العلم؛ وإما للخواطر التي تسنح في القلب من االلتفات إلى
األسباب ،وإما لغير ذلك(.)2
ومن الفروق أيضا :أن اليقين من صفة العلم ،فوق المعرفة والدراية وأخواتها ،يقال:
علم يقيني ،وال يقال :يقين علمي(.)3
ومن الفروق أيضا ما ذكره السعدي ـ رحمه الله ـ في قوله(( :فالعلم هو تصور
المعلومات على ما هي عليه ،ولهذا يقال :العلم ما قام عليه الدليل والعلم النافع ما كان
مأخوذا عن الرسول ،واليقين أخص من العلم بأمرين:
أحدهما :أنه العلم الراسخ القوي الذي ليس عرضة للريب والشك والموانع ،ويكون
علم يقين إذا ثبت بالخبر ،وعين يقين إذا شاهدته العين والبصر ،ولهذا يقال« :ليس الخبر
كالمعاينة»( ،)4وحق يقين إذا ذاقه العبد وتحقق به.
األمر الثاني :أن اليقين هو العلم الذي يحمل صاحبه على الطمأنينة بخبر الله،
والطمأنينة بذكر الله ،والصبر على المكاره ،والقوة في أمور الله؛ والشجاعة القولية والفعلية،
واإلستحالء للطاعات ،وأن تهون على العبد في ذات الله المشقات وتحمل الكريهات،
فهذه اآلثار الجميلة التي هي أعلى وأحلى من كل شيء من آثار اليقين))(.)5
ــــــــــ
( )1مجموع الفتاوى (.)284/1
( )2نفس المصدر (.)521/5
( )3المفردات للراغب (ص )298 :بتصرف.
( )4هذا لفظ حديث نبوي ،وقد تقدم تخريجه في (ص.)753 :
( )5تيسير اللطيف المنان (ص.)828 :
446 شرط اليقين
وهذا الفرق الذي ذكره السعدي ـ رحمه الله ـ هو يرجع إلى الفرق األول بل هو
عينه.
فالحاصل أن اليقين مرتبة فوق العلم والدراية ،وال تكون إال بعد استقرار العلم في
القلب استقرارا ينـزاح معه الشك وينتفي معه الريب.
441 شرط اليقين
المبحث الثالث :ح ّد اليقين الذي يُع ّد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله.
اليقين ـ كما هو معلوم ـ ليس شيئا واحدا يستوي فيه جميع الناس بل هو مراتب
ودرجات يتفاوت فيها الناس تفاوتا عظيما ،وقبل أن نبين القدر الذي يُشترط منه لصحة
شهادة أن ال إله إال الله نذكر مراتب ودرجات هذا اليقين.
اليقين له ثالث درجات متفاوتة ،وهي:
4ـ علم اليقين.
2ـ عين اليقين.
5ـ حق اليقين.
ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ودليل هذه الدرجات الثالث قوله تعالى :ﮛ ﮜ
[الحاقة: ﮮ ﮦ ﮧ ﮨ [التكاثر 5 :ـ ،]1مع قوله تعالى :ﮫ ﮬ ﮭ ﮤ ﮥ
.]54
فعلم اليقين :هو ما علمه اإلنسان بالسماع والخبر والقياس والنظر.
وعين اليقين هو ما شاهده وعاينه بالبصر.
وحق اليقين هو ما باشره ووجده وذاقه وعرفه باالعتبار( ،)1وهو خالص اليقين
وأصحه(.)2
وقد مثَّل شيخ اإلسالم ـ رحمه الله تعالى ـ لهذه األقسام الثالثة بمن أخبرك أن عنده
عسال وأنت ال تشك في صدقه ثم أراك إياه ،فازددت يقينا ،ثم ذقت منه ووجدت طعمه
وحالوته.
فاألول علم اليقين ،والثاني :عين اليقين وهو أعلى مما قبله كما قال النبي :
«ليس الخبر كالمعاينة» .والثالث :حق اليقين وهو أعلى من سابقه كما قال عليه الصالة
والسالم« :ثالث من كن فيه وجد حالوة اإليمان ،من كان الله ورسوله أحب إليه مما
سواهما ،ومن كان يحب المرء ال يحبه إال لله ،ومن كان يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ
أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار»( .)3وكما قال« :ذاق طعم اإليمان من رضي
ــــــــــ
( )1انظر :مجموع الفتاوى (.)645/44
( )2انظر :لسان العرب (.)454/45
= ( )3أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب حالوة اإليمان (جـ )44/4ح رقم ( ،)46ومسلم في كتاب اإليمان
448 شرط اليقين
والمراد به العلم اليقيني الحق ،وهو ((ما جمع الجزم ،والمطابقة والثبات عند
التشكيك؛ فالظنون تلتبس بالعلوم الجازمة عند كثير من العامة .واالعتقادات الباطلة وإن
كانت جازمة في نفوس أهلها فهي غير مطابقة في الخارج ،واعتقادات عوام المسلمين وإن
كانت جازمة في نفوسهم مطابقة للحق فإنها ال تثبت في نفوسهم عند التشكيك ،والعلم
الحق هو ما جمع هذه األوصاف الثالثة))(.)1
وصفة هذا العلم اليقيني المتعلق بشهادة أن ال إله إال الله أن يكون قائلها مستيقنا
بصحة مدلول هذه الكلمة يقينا جازما ال شك معه وال ارتياب ،فإن اإليمان المجمل الذي
هو قول القلب وعمله ال يتحقق إال بهذا القدر من اليقين؛ فمن شك في الله أو رسوله
أو فيما جاء به الرسول من عند الله ،أو في استحقاق الله وحده للعبادة ،فهو كافر ال
شهادة له وال إيمان عنده(.)2
أما عين اليقين وحق اليقين فهذه مراتب أعلى من أصل اليقين ،وهي شرط لكمال
اإليمان ال ألصله؛ فأصل اليقين بال إله إال الله يتحقق بالعلم المنافي للشك والريب الذي
هو علم اليقين.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :وحقيقة الطمأنينة التي تصير بها النفس مطمئنة أن
تطمئن في باب معرفة أسمائه وصفاته ونعوت كماله إلى خبره الذي أخبر به عن نفسه
وأخبرت به عنه رسله ،فتتلقاه بالقبول والتسليم واإلذعان وانشراح الصدر له وفرح القلب به،
فإنه معرفة من معرفات الرب سبحانه إلى عبده على لسان رسوله ،فال يزال القلب في أعظم
القلق واالضطراب في هذا الباب حتى يخالط اإليمان بأسماء الرب تعالى وصفاته وتوحيده
وعلوه على عرشه وتكلمه بالوحي بشاشةُ قلبه( ،)3فينـزل ذلك عليه نزول الماء الزالل على
ــــــــــ
وقال في موضع آخر(( :أن الريب قد يكون في علم القلب وفي عمل القلب بخالف الشك فإنه ال يكون إال في =
العلم))[ .المصدر نفسه .])284/1
فعُلم أن المراد بالريب هنا ما يرادف الشك ،وهو الريب الذي يكون شكا في علم القلب.
( )1إيثار الحق على الخلق (.)424/4
( )2انظر :معارج القبول ( ،)441/2وأعمال القلوب حقيقتها وأحكامها عند أهل السنة وعند مخالفيهم(ص:
،)251رسالة دكتوراه مقدمة إلى قسم العقيدة والمذاهب بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض،
إعداد الدكتور :سهل بن رفاع بن سهيل العتيبي.
= ( )3يقول ابن القيم(( :والطمأنينة إلى أسماء الرب تعالى وصفاته نوعان؛ طمأنينة إلى اإليمان بها وإثباتها واعتقادها،
454 شرط اليقين
القلب الملتهب بالعطش ،فيطمئن إليه ،ويسكن إليه ،ويفرح به ،ويلين له قلبه ومفاصله،
حتى كأنه شاهد األمر كما أخبرت به الرسل ،بل يصير ذلك لقلبه بمنـزلة رؤية الشمس في
الظهيرة لعينه فلو خالفه في ذلك من بين شرق األرض وغربها لم يلتفت إلى خالفهم ،وقال
إذا استوحش من الغربة قد كان الصديق األكبر( )1مطمئنا باإليمان وحده وجميع أهل
األرض يخالفه ،وما نقص ذلك من طمأنينته شيئا .فهذا أول درجات الطمأنينة ثم ال يزال
يقوى كلما سمع بآية متضمنة لصفة من صفات ربه ،وهذا أمر ال نهاية له ،فهذه
الطمأنينة أصل أصول اإليمان التي قام عليها بناؤه ،ثم يطمئن إلى خبره عما بعد الموت
من أمور البرزخ وما بعدها من أحوال القيامة حتى كأنه يشاهد ذلك كله عيانا ،وهذا حقيقة
[البقرة: اليقين الذي وصف به سبحانه وتعالى أهل اإليمان حيث قال :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
،]4فال يحصل اإليمان باآلخرة حتى يطمئن القلب إلى ما أخبر الله سبحانه به عنها
طمأنينته إلى األمور التي ال يشك فيها وال يرتاب ،فهذا هو المؤمن حقا باليوم اآلخر كما
في حديث حارثة( :)2أصبحت مؤمنا حقا .فقال رسول الله « :إن لكل حق حقيقة فما
حقيقة إيمانك؟» قال :عزفت نفسي عن الدنيا وأهلها ،وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا
وإلى أهل الجنة يتزاورون فيها وأهل النار يعذبون فيها ،فقال« :عبد َّنور الله قلبه»(.)4()))3
وقال الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ في بيان هذا القدر من اليقين(( :هذا
ــــــــــ
= وطمأنينة إلى ما تقتضيه وتوجبه من آثار العبودية؛ مثاله الطمأنينة إلى القدر وإثباته .فاإليمان به يقتضي الطمأنينة
إلى مواضع األقدار التي لم يؤمر العبد بدفعها ،وال قدرة له على دفعها فيسلم لها ويرضى بها ،وال يسخط ،وال
يشكو ،وال يضطرب إيمانه؛ فال يأسى على ما فاته وال يفرح بما أتاه ،ألن المصيبة فيه مقدرة قبل أن تصل إليه،
وقبل أن يخلق كما قال تعالى :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ
ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ [الحديد .]88 :قال تعالى :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﯦ ﯣ ﯤ ﯥ
ﭪﭫ [التغابن ]11 :قال غير واحد من السلف :هو العبد تصيبه المصيبة ،فيعلم أنها من عند الله ،فيرضى
ويسلم ،فهذه طمأنينة إلى أحكام الصفات وموجباتها وآثارها في العالم ،وهى قدر زائد على الطمأنينة بمجرد
العلم بها واعتقادها ،وكذلك سائر الصفات وآثارها ومتعلقاتها كالسمع والبصر والرضا والغضب والمحبة فهذه
طمأنينة اإليمان)) .انتهى.
كذبه أهل مكة[ .نقال عن ( )1يقصد أبا بكر .ويشير إلى تصديق أبي بكر بحادثة اإلسراء والمعراج حيث َّ
هامش كتاب الروح لمحققه الدكتور بسام علي سالمة وعزاه إلى السيرة البن هشام (.])4/2
( )2هو الحارث بن مالك كما في مجمع الزوائد (.)53/1
( )3أخرجه الطبراني في الكبير ( ،)733/7وابن حميد في مسنده (ص )135 :برقم ( ،)445والبيهقي في
الشعب ( ،)738/3وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( )53/1وقال :رواه الطبراني في الكبير ،وفيه ابن لهيعة
وفيه من يحتاج إلى الكشف عنه.
( )4الروح ( 666/2ـ .)661
454 شرط اليقين
تفصيل الشروط السبعة السابق ذكرها التي قيدت بها هذه الشهادة ،فأصغ سمعك وأحضر
قلبك إلمالء أدلتها وتفهمها وتعلقها ،ثم اعمل على وفق ذلك ،تفز بسعادة الدنيا واآلخرة
إن شاء الله عز وجل كما وعد الله تعالى ذلك إنه ال يخلف الميعاد ....واليقين أي
والثاني اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما؛
فإن اإليمان ال يغني فيه إال علم اليقين ال علم الظن ،فكيف إذا دخله الشك ،قال الله
:ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ إلى قوله :
ﯝ ﯞ ﯟﯠ [الحجرات ]45 :فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ،أي
لم يشكوا))(.)1
وممن أوضح هذا القدر الذي يحصل به شرط اليقين لتصحيح الشهادتين أيضا
الشيخ عبد الله بن جبرين ـ حفظه الله ـ حيث يقول(( :اليقين وضده الشك والتوقف أو
مجرد الظن والريب ،والمعنى أن من أتى بالشهادتين فال بد أن يوقن بقلبه ويعتقد صحة ما
يقوله ،من أحقية إلهية الله تعالى ،وصحة نبوة محمد ،وبطالن إلهية غير الله بأي نوع
من التأله ،وبطالن قول كل من ادعى النبوة بعد محمد ؛ فإن شك في صحة معناها أو
توقف في بطالن عبادة غير الله لم تنفعه هاتان الشهادتان))( .)2انتهى.
قلت :ومما يدخل تحت هذا اليقين :اليقين بما وصف الله به نفسه أو وصفه به
رسولُه ،واليقين بمالئكته وأنهم موجودون ،واليقين بأنبيائه ورسله وأنهم مبعوثون صادقون
صدقون ،واليقين بكتبه ،وباليوم اآلخر ،وبالقدر خيره وشره ،واليقين بالسنة وأنها قطعية ُم َّ
الثبوت قطعية الداللة ،من شك في ذلك كفر ونقض شهادته وتوحيده.
المبحث الرابع :طرق تحصيل اليقين بمعنى شهادة أن ال إله إال الله.
ــــــــــ
( )1معارج القبول (.)441/2
( )2الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما (ص.)446 :
452 شرط اليقين
اليقين بمعنى ال إله إال الله الذي ينتفي معه الشك يحصل بأمور ،منها:
أوالً :الفطرة السليمة من اجتيال الشياطين الباقية على صبغة الله ،فهذه الفطرة من
موجبات اليقين بمعنى ال إله إال الله ،فهي ـ كما تقدم ـ تقود إلى العلم بمعنى ال إله إال
الله()1؛ فكلما رسخت هذه الفطرة وسلمت من االجتيال أثمرت من زيادة العلم وحصول
اليقين في القلب بحسب ذلك.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه تام الفطرة،
فكر بقلبه وجال بفكره دلَّه قلبه وعقله على صحة القرآن ،وأنه الحق ،وشهد قلبه بما أخبر فإذا َّ
به القرآن؛ فكان ورود القرآن على قلبه نورا على نور الفطرة ،وهذا وصف الذين قيل فيهم :ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [سـبأ .]6 :وقال في حقهم ﮩ ﮬ ﮫ ﮬﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [النور .]55 :فهذا نور
الفطرة على نور الوحي ،وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي ....فصاحب القلب،
يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن؛ فيجدها كأنها قد كتبت فيه ،فهو يقرأها عن ظهر قلب.
ومن الناس من ال يكون تام االستعداد ،واعي القلب ،كامل الحياة ،فيحتاج إلى
شاهد يميز له بين الحق والباطل ،ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب القلب
الحي الواعي؛ فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكالم ،وقلبه لتأمله والتفكير فيه وتعقل
معانيه؛ فيعلم حينئذ أنه الحق.
فاألول :حال من رأى بعينه ما ُدعي إليه وأُخبر به.
والثاني :حال من علم صدق المخبر وتيقنه ،وقال يكفيني خبره؛ فهو في مقام
اإليمان ،واألول في مقام اإلحسان.
هذا قد وصل إلى علم اليقين ،وترقَّي قلبه منه إلى منـزلة عين اليقين .وذاك معه
التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في اإلسالم))( .)2انتهى.
ثانياً :ومن هذه الطرق الموصلة لليقين بمعنى ال إله إال الله أيضا ما ذكر شيخ
ــــــــــ
( )1انظر( :ص211 :ـ .)218
( )2الفوائد (ص 41 :ـ .)48
455 شرط اليقين
اإلسالم ـ رحمه الله حيث يقول(( :وأما كيف يحصل اليقين فبثالثة أشياء:
أحدها :تدبر القرآن.
والثاني :تدبر اآليات التي يحدثها الله في األنفس واآلفاق التي تبين أنه حق.
والثالث :العمل بموجب العلم .قال تعالى :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﰊ ﰊ ﰊ [فصلت .]55 :والضمير ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
عائد على القرآن كما قال تعالى :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ اآلية))(.)1
تأملتها وجدتها تصب في فهذه الطرق التي ذكرها شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ إذا َّ
معين التوحيد الذي هو العلم بمعنى شهادة أن ال إله إال الله.
فأول هذه الطرق تدبر القرآن ،والقرآن إنما هو في تقرير التوحيد بالبراهين التي هي
المقاييس العقلية المفيدة لليقين.
والثاني :هو تدبر اآليات التي يحدثها الله في األنفس واآلفاق؛ فإن ذلك أيضا مما
يحصل اليقين بألوهية الله تعالى واستحقاقه للعبادة ،ولذا كثيرا ما ينبه الله تعالى بأفعال
ربوبيته ليشير بذلك إلى وجوب اإليقان بإلهيته ،وهذا كثير في القرآن ليس هذا موضع
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [إبراهيم]44 : بسطه .ونذكر من ذلك ـ على سبيل المثال ـ قوله تعالى:
والمراد :أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك وهو الخالق لجميع الموجودات ،وال
يستحق العبادة إال هو وحده ال شريك له()2؟ أي :الواجب أن يحصل لكم اليقين بذلك.
والثالث :العمل بموجب العلم فإن ذلك مما يحصل به اليقين أيضا؛ ((فإن العمل
بموجب العلم يثبته ويقرره ،ومخالفته تضعفه بل قد تذهبه ،قال الله تعالى :ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﯭ [الصف ،]5 :وقال تعالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[النساء: [األنعام ،]444 :وقال تعالى :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
.)3())]66
ومن هذه الطرق أيضا الموجبة لليقين :قوة أدلة التوحيد الواردة على القلب
ــــــــــ
( )1مجموع الفتاوى ( 554/5ـ .)554
( )2تفسير ابن كثير (.)546/2
( )3مجموع الفتاوى ( 552/5ـ .)555
454 شرط اليقين
وتضافرها(.)1
فمتى وصل هذا اليقين إلى القلب امتأل نورا وإشراقا ،وانتفى عنه كل ريب وشك
وسخط ،وهم وغم .فامتأل محبة لله ،وخوفا منه ،ورضى به وشكرا له ،وتوكال عليه ،وإنابة
إليه .فهو مادة جميع المقامات والحامل لها(.)2
قال الحافظ ابن رجب(( :فمن حقق اليقين ،وثق بالله في أموره كلها ،ورضي بتدبيره
له ،وانقطع عن التعلُّق بالمخلوقين رجاء وخوفا ،ومنعه ذلك من طلب الدنيا باألسباب
المكروهة))(.)3
فالحاصل أن اليقين من أعمال القلوب التي يتم بها تحقيق التوحيد أصله وكماله؛
فال نجاة إال به؛ وهو ـ كما قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ ((من اإليمان بمنـزلة الروح من
شمر العاملون ،وعمل القوم إنما
الجسد ،وبه تفاضل العارفون ،وفيه تنافس المتنافسون وإليه َّ
كان عليه ،وإشارتهم كلها إليه))( .)4انتهى
ــــــــــ
( )1انظر :القوانين الفقهية البن جزي (ص.)524 :
( )2مدارج السالكين (.)518/2
( )3جامع العلوم والحكم (ص.)545 :
( )4مدارج السالكين (.)511/2
455 شرط اليقين
المبحث الخامس :األدلة على كون اليقين من شروط شهادة أن ال إله إال الله.
األدلة على اشتراط اليقين لصحة شهادة التوحيد ال إله إال الله جعلتها على قسمين:
أدلة نقلية وأخرى عقلية؛ فأما النقلية فهي قسمان أيضا :أدلة من القرآن الكريم وأخرى من
السنة المطهرة.
أوالً :األدلة النقلية على اشتراط اليقين لصحة الشهادة:
أوالً :األدلة من القرآن الكريم على اشتراط اليقين لصحة الشهادة:
األدلة من القرآن الكريم على اشتراط اليقين كثيرة ،منها:
4ـ قوله تعالى :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ
إلى قوله :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [ .الحجرات.]45 :
ووجه االستشهاد باآلية واضح على اشتراط اليقين وهو :أن الله تعالى اشترط في
صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي لم يشكوا( ،)1واإليمان أصله شهادة أن ال
إله إال الله.
[إبراهيم: ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ 2ـ قوله تعالى :ﮣ ﮤ ﮥ
.]1
وجه االستشهاد بها :أنها دلت على أن سبب كفرهم وجحودهم هو شكهم فيما
دعتهم إليه الرسل؛ والشك ال يكون إال بعد علم ،فدل هذا على أن كفرهم لم يكن سببه
الجهل بل العلم الذي ال يقين معه .والرسل إنما دعتهم إلى تحقيق التوحيد الذي هو
شهادة أن ال إله إال الله كما أخبر تعالى عن جميع رسله أنهم دعوا إلى التوحيد كما في
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ قوله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
[األنبياء ،]25:وقوله :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحل.]56 :
ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد حكى هذا الجواب عن قوم صالح ـ عليه السالم ـ لما
نهاهم عن عبادة غير الله كما في قوله تعالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [هود.]62 :
ــــــــــ
( )1انظر :معارج القبول ( .)441/2وانظر :تفسير ابن سعدي (ص.)842 :
456 شرط اليقين
قال الشوكاني في تفسيرها(( :والمعنى إننا لفي شك مما تدعونا إليه من عبادة الله
وحده وترك عبادة األوثان))(.)1
5ـ ومن أدلة القرآن أيضا :اآليات التي تصف المؤمنين بأنهم أهل يقين وأن أهل الشرك
والنفاق هم أهل تردد وشك وتخمين ،وهي كثيرة؛ ومن ذلك قوله تعال في شأن المؤمنين:
[البقرة ،]4 :مع قوله :ﭺ ﭻ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭥ ﭦ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [السجدة ،]24 :وقوله :ﭢ ﭣ ﭤ
ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ [األنعام ،]15 :وقال في شأن المنافقين :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ [التوبة ،]45 :وقال في شأن المشركين :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [العنكبوت ،]48 :وقال ﰊ ﰊ ﮉ ﮊ
ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [الروم ،]64:وقال :ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[الجاثية.]52 : ﰊ ﰊ ﰊ
فهذه األدلة من القرآن فيها بيان ما عليه أهل اإليمان من التصديق واليقين بجميع
ما أخبر الله به في كتابه أو على لسان رسله ،ومن ذلك توحيده وإفراده بالعبادة الذي هو
معنى الشهادة .كما أنها في المقابل تبين ما عليه أهل الشرك والنفاق من الريب والشك
والتردد في أخبار الله تعالى.
فهذه المشاكلة والمقابلة تدل على أن اليقين وصف اعتباري في صحة اإليمان.
4ـ ومن األدلة أيضا لتقرير هذا الشرط قوله تعالى :ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ [الحج .]62 :فقوله الحق إشارة إلى ﮰ
اليقين بمدلول هذه الكلمة.
يقول العالمة ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ(( :فال بد من التصديق بالقلب واليقين بأنه
ﮱ ﯓ ال معبود حق إال الله ...قال تعالى :ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ )) انتهى محل الغرض(.)2
ــــــــــ
( )1فتح القدير ( ،)155/2وانظر :روح المعاني لأللوسي (.)281/6
( )2مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة للشيخ ابن باز ،القسم األول ،العقيدة ( )882/1ط :دار الوطن ،جمع وترتيب
أ.د عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار.
451 شرط اليقين
قوله « :نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال :رب أرني كيف تحيي الموتى؟ قال:
ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [البقرة)1(»]264 :؟
أجاب أهل العلم عن هذا الحديث بأجوبة عدَّة؛ فمن أظهرها ما يلي:
فإن الشك لو كانالجواب األول :أن معناه أن الشك مستحيل في حق إبراهيم ؛ َّ
متطرقا إلى األنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم ،وقد علمتم أني لم أشك ،فاعلموا أن
إبراهيم لم يشك.
الشراح :وإنما قال ذلك تواضعا منه ،أو من قبل أن يـُعلمه الله بأنه أفضلقال َّ
من إبراهيم .)2(
الجواب الثاني :أنه خرج مخرج العادة في الخطابَّ ،
فإن من أراد المدافعة عن إنسان قال
للمتكلم فيه :ما كنت قائال لفالن أو فاعال معه فقله لي وافعله معي ،ومقصوده ال تقل ذلك
فيه(.)3
الجواب الثالث :أن إبراهيم سأل زيادة اليقين ،وذلك بأن يعلم بالعيان ما علم
بالدليل ،ومعلوم أن بين العلمين في العادة من انتفاء الشكوك تباينا ،فعبَّر عن المعنى
الذي بين العلمين بالشك مجازا ،ولم يُرد حقيقة الشك(.)4
الجواب الرابع :أن إبراهيم إنما أراد بسؤاله اختبار منـزلته عند ربه في إجابة دعائه،
فسأل ربه أن يخرق له العادة ،ويحيي له الموتى ،ليعلم بذلك قدر منـزلته عند الله تعالى.
وعلى هذا القول يكون معنى قوله تعالى :ﭛ ﭜﭝ أي :تصدق بعظم منـزلتك عندي
واصطفائك وخلتك .فيكون التقدير :نحن أولى أن نختبر حالنا عند الله من إبراهيم .
ــــــــــ
(جـ )412/5رقم ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭑ ﭒ ﭓ ( )1أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن ،باب:
(جـ)445/4 ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ( ،)4551وفي كتاب أحاديث األنبياء ( 44ـ باب قول الله عز وجل:
ح ( )5512بدون لفظة (الشك) ونبه الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ أنها سقطت من بعض الروايات كما في
الفتح ( .)414/6وأخرجه مسلم في كتاب اإليمان من صحيحه ( )455/4ح (.)258
( )2نقله النووي ـ رحمه الله ـ في المنهاج (شرح صحيح مسلم) (جـ )564/2عن اإلمام أبي إبراهيم المزني صاحب
الشافعي ،وجماعة من العلماء .وانظر :فتح الباري (.)445/6
( )3المنهاج (شرح صحيح مسلم) (جـ.)564/2
( )4إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (.)464/4
464 شرط اليقين
غاية المعرفة ،ووضوح العلم واليقين ،واالنتفاء عن الجهل بشيء من ذلك ،أو الشك ،أو
الريب فيه ،والعصمة من كل ما يضاد المعرفة بذلك واليقين؛ هذا ما وقع إجماع المسلمين
عليه؛ وال يصح بالبراهين الواضحة أن يكون في عقود األنبياء سواه))(.)1
ــــــــــ
( )1الشفا (جـ.)11/2
465 شرط اليقين
المبحث السادس :أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين لصحة الشهادة:
أقوال أهل العلم في اعتبار اليقين قيدا تصح به الشهادة كثيرة جدا؛ واإلحاطة
بجميعها من الصعوبة بمكان ،وسأقتصر على ذكر أمثلة منها.
فمن هذه األقوال قول عبد الله بن مسعود (( :اليقين اإليمان كله))(.)1
ومراد ابن مسعود كما قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ ((أن اليقين هو أصل
اإليمان ،فإذا أيقن القلب انبعثت الجوارح كلها للقاء الله باألعمال الصالحة))( .)2فعبر
باألصل عن الجميع ،كقوله الحج عرفة ،والمراد أصل الحج ومعظمه عرفة(.)3
وهذا األثر ظاهر في اشتراط اليقين لصحة الشهادة ،ألن أصل اإليمان هو
الشهادتان ،فيكون اليقين داخال في حقيقتهما.
كما أن فيه اإلشارة إلى عالقة اليقين باإليمان من حيث أصله وكماله؛ فأصله شرط
صحة في اإليمان ،وكماله شرط كمال فيه .فشجرة اليقين تثمر اإليمان الكامل بحسب قوة
اليقين في القلب ،فكلما قوي هذا اليقين انبعثت الجوارح باألعمال الصالحة التي يكمل
بها اإليمان ويزداد بها عن أصله.
يقول الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ(( :وهذا مما يتعلق به ـ يعني أثر ابن مسعود
المتقدم ـ من يقول :إن اإليمان هو مجرد التصديق ،حيث جعل اليقين اإليمان كله ،فحصره
في اليقين .ولكن لم يُرد ابن مسعود أن ينفي األعمال من اإليمان ،إنما مراده أن اليقين هو
أصل اإليمان كله ،فإذا أيقن القلب بالله ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر ،انبعثت الجوارح
كلُّها لالستعداد للقاء الله تعالى باألعمال الصالحة ،فنشأ ذلك كله عن اليقين))(.)4
ــــــــــ
( )1علقه البخاري في كتاب اإليمان ،باب قول النبي « :بني اإلسالم على خمس» (جـ.)1/4
قال الحافظ ابن حجر وصله الطبراني بسند صحيح ،وبقيته« :الصبر نصف اإليمان» .وأخرجه أبو نعيم في الحلية،
والبيهقي في الزهد من حديثه مرفوعا ،وال يثبت رفعه[ .فتح الباري (.])48/4
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ( :)51/4رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح؛ باب في حقيقة
اإليمان وكماله .انتهى.
( )2فتح الباري (.)48/4
( )3عمدة القاري (.)445/4
( )4أورده ابن رجب في فتح الباري (.)44/4
464 شرط اليقين
ومن األقوال أيضا في اعتبار شرط اليقين ما جاء عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ(( :ال
يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر))(.)1
وهذا األثر ظاهر في اشتراط اليقين أيضا؛ ألن ما حاك في الصدر هو الشك
والتردد .فبيَّن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن العبد ال ينال حقيقة التقوى حتى يدع هذا
الشك فيحل محله اليقين ،والتقوى هي ثمرة التوحيد واإليمان كما في قوله تعالى :ﮜ ﮝ
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ إلى قوله :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [البقرة 24 :ـ ]22؛ فدل ذلك
على شرطية اليقين لصحة التوحيد.
ومن األقوال أيضا في اعتبار اليقين شرطا في صحة اإليمان الذي هو شهادة أن ال
إله إال الله ومقتضاها قول سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ(( :لو أن اليقين وقع في القلب كما
ينبغي لطارت القلوب اشتياقا إلى الجنة وهربا من النار))(.)2
فهذا األثر دل على أن اليقين أصل اإليمان الذي في القلوب ،فإذا رسخ أثمر
األعمال الموجبة لدخول الجنة ،وهكذا اإليمان فإنه إذا استقر في القلوب انبعثت الجوارح
كلها باألعمال الصالحة .فدل على أنهما شيء واحد ،وإن كان اإليمان أشمل وأعم من
اليقين؛ فاليقين من حقائق اإليمان وأجزائه وأفراده ،واإليمان من مقتضيات اليقين ولوازمه؛
فبينهما تالزم.
ومن أقوال أهل العلم أيضا في اعتبار شرط اليقين ما جاء عن اآلجري ـ رحمه الله ـ
حيث يقول(( :أما بعد؛ اعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أن الله تعالى بعث محمدا إلى
الناس كافة ليقروا بتوحيده فيقولوا :ال إله إال الله ،محمدا رسول الله ،فكان من قال هذا
موقنا من قلبه ،وناطقا بلسانه أجزأه ،ومن مات على هذا فإلى الجنة))(.)3
قلت :وهو ظاهر في اشتراط اليقين حيث قيَّد إجزاء هذه الشهادة بأن يقولها العبد
موقنا من قلبه.
ومن أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين أيضا ما جاء عن ابن حبان ـ رحمه الله
ــــــــــ
( )1أخرجه البخاري في أول كتاب اإليمان (جـ.)1/4
( )2أورده الحافظ ابن رجب في فتح الباري ( ،)44/4والحافظ في الفتح (.)48/4
( )3الشريعة ( 552/2ـ .)555
465 شرط اليقين
جل وعال بالوحدانية ،وكان ذلك ـ :قال(( :ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله َّ
للمقر بها دون أن يُقَّر بهاعن يقين من قلبه ،ال أن اإلقرار بالشهادة يوجب الجنة ُ
باإلخالص))(.)1
ثم قال عقبه(( :ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما وصفنا عن يقين من
قلبه ثم مات على ذلك))(.)2
وقول ابن حبان ظاهر في اشتراط اليقين لصحة الشهادة حيث نص على أن الجنة
ال تجب إال لمن شهد لله بالتوحيد وكان موقنا بما شهد به.
ومن أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين أيضا ما جاء عن اإلمام البربهاري ـ
رحمه الله ـ حيث يقول(( :كما أن شهادة أن ال إله إال الله ال تقبل من صاحبها إال بصدق
النية وخالص اليقين))(.)3
وقول اإلمام البربهاري ـ رحمه الله ـ ظاهر جدا في اشتراط اليقين لصحة الشهادة
حيث نص على أن الشهادة ال تقبل إال باليقين الخالص.
ومن أقوال أهل العلم الدالة على اشتراط اليقين أيضا ما جاء عن أبي منصور
األزهري( )4ـ رحمه الله ـ قال(( :وفي قول الله تعالى :ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [الحجرات ]45 :ما يبي ن أن المؤمن
هو المتضمن لهذه الصفة وأن من لم يتضمن هذه الصفة فليس بمؤمن؛ ألن ((إنما)) في
كالم العرب تجيء لتثبيت شيء ونفي ما خالفه))(.)5
قلت :ونـقل أيضا عن الخليل بن أحمد ـ رحمه الله ـ أن اإليمان هو الطمأنينة(.)6
وهذا أيضا مما يدل على أن اليقين معتبر عنده في اإليمان ،ألن الطمأنينة فرع اليقين.
ــــــــــ
( )1اإلحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (.)421/4
( )2المصدر نفسه (.)474/1
( )3شرح السنة للبربهاري مع شرحه إرشاد الساري للنجمي (ص.)414 :
( )4هو :المفسر اللغوي محمد بن أحمد بن األزهر بن طلحة أبو منصور األزهري ،الهروي الشافعي .من مشايخه:
السراج .من تالمذته :أبو عبيد الله الهروي ،وأبو ذر عبد بن حميد الحافظ وغيرهما.
البغوي ،وابن أبي داود بن َّ
وكان رأسا في اللغة والفقه ،ثقة ،ثبتا ،دينا ،توفي سنة ( )743هـ.
انظر :سير أعالم النبالء ( 715/13ـ ،)713وطبقات الشافعية للسبكي ( 37/7ـ .)35
( )5التهذيب لألزهري (.)545/45
( )6نفس المصدر (.)545/45
466 شرط اليقين
وقال البغدادي في اعتبار شرط اليقين لصحة الشهادة(( :ولهذه الشهادة شروط
منها :أنها ال تقبل وال يثاب عليها صاحبها إال إذا عرف صحتها ،وقالها عن معرفة وتصديق
بالقلب))(.)1
فقوله ـ رحمه الله ـ ((إال إذا عرف صحتها)) إشارة إلى شرط اليقين ألن المعرفة
بكونها صحيحة ال يكون إال مع اليقين .ولذا نجد بعض أهل العلم يعبر بأن الشك
والتوقف في معنى الشهادة جهل بالمعنى(.)2
وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ في اعتبار اليقين شرطا لصحة الشهادة(( :باب :ال يكفي
مجرد اللفظ بالشهادتين ،بل ال بد من استيقان القلب))(.)3
وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في اعتباره(( :فأما اليقين الذي هو صفة العبد ،فذاك
قد فعله من حين عبد ربه( ،)4وال تصح العبادة إال به ،وإن كان له درجات متفاوتة))(.)5
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ مبينا منـزلته من اإليمان ((وهو من اإليمان بمنزلة الروح
من الجسد ،وبه تفاضل العارفون ،وفيه تنافس المتنافسون ،وإليه شمر العاملون ...فاليقين
روح أعمال القلوب التي هي روح أعمال الجوارح))(.)6
وممن نص أيضا على أن اليقين شرط لصحة الشهادة :الشيخ عبد الرحمن بن
حسن آل الشيخ( ، )7والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ( )8والشيخ حافظ
حكمي( ،)9والمعلمي( )10وابن سحمان(.)1
ــــــــــ
( )1أصول الدين (ص.)122 :
( )2انظر :الدرر السنية ( ،)587/11والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل ألبابطين (ص.)15 :
( )3المفهم (.)244/4
( )4يعني عثمان بن مظعون لما مات ،فقال النبي « أما عثمان فقد أتاه اليقين من ربه» الحديث ،وهو َّ
مخرج في
غير الصحيحين أخرجه أحمد في المسند ( ،)473/3والطبراني في الكبير (.)179/85
( )5االستقامة ( .)448/4وانظر :مجموع الفتاوى (.)86/24
( )6مدارج السالكين (.)518/4
( )7انظر :فتح المجيد (ص.)444 :
( )8انظر :مصباح الظالم (ص.)465 :
( )9انظر :معارج القبول (.)448/2
( )10انظر :رفع االشتباه (ص.)55 :
461 شرط اليقين
هذه بعض أقوال أهل العلم في اشتراط اليقين لصحة الشهادة ،وهي ظاهرة في
ذلك .وهذا مما يدل على أن لهذا االشتراط أصال في كالمهم.
ــــــــــ
(= )1كما في داليته ضمن ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان (ص.)558 :
468 شرط اليقين
المبحث السابع :ما ينافي شرط اليقين بشهادة أن ال إله إال الله وينقضه.
اليقين بمدلول ال إله إال الله ـ كما تقدم ـ عبادة قلبية ال تصح الشهادة إال بها .وكل
عبادة فلها ما ينقضها؛ فينفي أصلها أو يُبطل أجرها .فالصالة ـ مثال ـ لها نواقض ال تصح
بوجودها ،وكذلك اليقين فله ما ينقضه فيذهب بأصله وحقيقته .وفي هذا المبحث سأتعرض
إلى بيان ما يناقض هذا اليقين وينافيه ،وذلك من خالل المطلبين التاليين:
المطلب األول :الشك في وجود الله تعالى.
الشك في وجود الله تعالى صورته أن يقول :أنا اعتقدت وجود الله تعالى ،وذلك
احتياطا لنفسي ،فإن يكن حقا وكان بعد الموت بعث وحساب وجنة ونار فقد فزت
وأفلحت ،وإن لم يكن من ذلك شيء لم يضرني.
وهو كفر ،ألنه تردد ينافي االعتقاد الذي هو توطين النفس على أحد األمرين،
واإلسالم ال يصح إال مع االعتقاد والجزم المطابق للواقع؛ فثبت أنه كفر(.)1
وأيضا(( :فإن ما ضاد العلم بالله ضاد اإليمان به ،والشك فيه مضاد للعلم به ،كما
أن الجهل به مضاد له .فلما استحال وجود اإليمان به مع جحده والجهل به استحال
وجوده مع الشك فيه واالرتياب به)) (.)2
ومن الجدير بالذكر هنا أن أصل العلم بوجود الله تعالى فطري ضروري ال يمكن
دفعه بشك أو بجهل ،ولكن من الناس من تفسد فطرته فيعرض له الشك في وجود الله
تعالى ،أو قد يقول ذلك على سبيل الجحود واإلنكار وهو غير معتقد له في الباطن كما
وقع من فرعون حيث قال لهامان كما حكى عنه تعالى :ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮯ [غافر 56 :ـ ]51فشك في وجود الله ـ
تعالى ـ ظاهرا ،وهو مقر بوجوده باطنا ،ولذا خاطبه موسى خطاب من يوقن بأنه حق؛
كقوله :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ [اإلسراء ]442:ولما
ﭻ قال فرعون لموسى ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ قال له :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ــــــــــ
( )1انظر :المنهاج في شعب اإليمان للحليمي (.)445/4
( )2نفس المصدر (.)445/4
461 شرط اليقين
()1
[الشعراء 25:ـ .]28 ﮛ ﮜ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ
هذا ،وبالرغم من أن الشك في وجود الله تعالى كفر صريح ،فقد وجد ممن ينتسب
يحكى عن أبي هاشم الجبائي من المعتزلة( ،)2حيث إلى اإلسالم من يقول بوجوبه ،وذلك ُ
ذهب إلى أن أول الواجبات الشك في وجود الله تعالى .قال(( :لتوقف القصد إلى النظر
عليه))( .)3وتبعه على ذلك طائفة من أصحابه(.)4
وقولهم باطل من وجوه عدَّة:
الوجه األول :أن هذا القول يقتضي إقرار الكفر ،ألن الشك في وجود الله تعالى ـ كما
تقدم كفر ـ ،فالقول بوجوبه إقرار لوجوده ،وذلك عين اإلقرار للكفر.
الوجه الثاني :أن هذا القول يلزم منه أن ال يصح اإليمان إال بالكفر.
يقول ابن حزم ـ رحمه الله ـ(( :فأقبح من قول هؤالء( )5أنه ال يصح اإليمان إال
بالكفر ،وال يصح التصديق إال بالجحد ،وال يوصل إلى رضاء الله إال بالشك فيه،
وأن من اعتقد موقنا بقلبه وبلسانه أ ن الله تعالى ربه ال إله إال هو ،وأن محمدا رسول
الله ،وأن دين اإلسالم دين الله ،الذي ال دين غيره فإنه كافر مشرك ـ اللهم إنا نعوذ بك
من الخذالن))(.)6
الوجه الثالث :أنهم إن قصدوا بالوجوب الوجوب الشرعي فهو كذب وافتراء على الله
تعالى؛ فإنه لم يأمر بذلك ،وال أمر بذلك رسولُه .وإن قصدوا بالوجوب الوجوب العقلي
فهو دليل على فساد عقولهم؛ فإن العقل الصحيح ال ينازع في الضروري(.)7
الوجه الرابع :أن هذا القول بدعة في اإلسالم لم يسبق المعتزلة أحد إليه ،وكل بدعة فهي
ــــــــــ
( )1انظر :مجموع الفتاوى ( 528/46ـ ،)554ومنهاج السنة (.)214/2
( )2هو :عبد السالم بن الشيخ أبي علي محمد بن عبد الوهاب شيخ المعتزلة ،أبو هاشم الجبائي له تصانيف على
مذهب المعتزلة ،سكن بغداد ،وتوفي بها سنة إحدى وعشرين وثالثمائة ولم يرو شيئا .انظر :تاريخ بغداد
( ،)55/44وميزان االعتدال (.)552/4
( )3شرح المقاصد (جـ.)48/4
( )4انظر :المواقف لإليجي ( ،)461/4وشرح المقاصد (جـ ،)48/4ودرء التعارض ()555/1
( )5يعني في مقابل قول األشاعرة ،ويريد قول المعتزلة.
( )6الفصل في األهواء والملل والنحل ( .)14/4وانظر :درء التعارض (.)441/1
( )7انظر :الصواعق المرسلة ( 4211/4ـ .)4218
414 شرط اليقين
وجدتموه؟» قالوا :نعم .قال« :ذلك صريح اإليمان» .وفي السنن من وجه آخر أنهم قالوا:
إن أحدنا ليجد في نفسه ما يتعاظم أن يتكلم به .فقال« :الحمد لله الذي رد كيده إلى
الوسوسة» .قال غير واحد من العلماء :معناه أن ما تجدونه في قلوبكم من كراهة الوساوس
والنفرة عنه وبغضه ودفعه هو صريح اإليمان))(.)1
وليس المراد من الحديث أن ذات الوسوسة هي صريح اإليمان ،بل ما يجدونه من
النفرة والخوف والتعاظم في قلوبهم من أن يتكلموا به ،ذاك هو صريح اإليمان؛ إذ هو دليل
على صحة إيمانهم ويقينهم ،ألن هذا الخوف ينافي الشك في الله تعالى(.)2
فالكافر الشاك ال يجد هذا البغض وهذه النفرة في قلبه .ذاك هو الفرق بينه وبين المؤمن.
المطلب الثاني :الشك في استحقاق الله وحده للعبادة.
شهادة أن ال إله إال الله تقتضي ـ كما تقدم ـ أن يوقن العبد بمدلولها ،ومدلو ُلها ـ كما
تقدم ـ هو نفي استحقاق غير الله للعبادة ،وإثبات هذا االستحقاق لله تعالى؛ فمن شك في
ذلك كفر.
والشك في استحقاق الله وحده للعبادة له صور ،وهي:
الصورة األولى :أن يقول :أنا اعتقدت استحقاق الله وحده للعبادة ،وذلك احتياطا
أفلحت ،وإن
فزت و ُ لنفسي ،فإن يكن حقا وكان بعد الموت بعث وحساب وجنة ونار فقد ُ
لم يكن من ذلك شي لم يضرني(.)3
الصورة الثانية :أن يتوقف في بطالن عبادة غير الله من اآللهة ،ويدخل في هذه الصورة أن
يشك في كفر من أشرك مع الله غيره من اآللهة(.)4
الصورة الثالثة :أن يتوقف في صحة معنى الشهادة؛ فيقول :ال أقول أنه مستحق للعبادة وال
أقول أنه غير مستحق لها(.)5
ــــــــــ
( )1شرح العقيدة األصفهانية (ص.)461 :
( )2انظر :إكمال المعلم بفوائد مسلم ( 428/4ـ ،)421والمفهم ( 544/4ـ .)545
( )3المنهاج للحليمي ( )445/4بتصرف.
( )4انظر :الدرر السنية (.)587/11
( )5انظر :البيان األظهر في الفرق بين الشرك والكفر لعبد الله أبا بطين (ص 51 :ـ ،)58والشهادتان معناهما وما
يستلزم كل منهما البن جبرين (ص.)446 :
412 شرط اليقين
أو كأن يقول :قلت هذه الكلمة ،وال أدري المعنى الذي انطوت عليه وال أتصور
صحته وال فساده ،وال أدري ما أعتقد في ذلك بوجه وال أعبر عنه بلساني وال غيره ،ألن التعبير
عن الشيء فرع المعرفة به .وأنا ال أعرفه(.)1
فالصورة األولى ظاهرة في الشك والكفر االعتقادي ،ألنها تردد في النفس ينافي
جزمها وإيقانها بأن الله وحده هو المستحق للعبادة ،والشهادة ال تصح إال مع االعتقاد
الجازم بمدلولها.
وأما الصورة الثانية فوجه الشك فيها أن صاحبها لم يعقد قلبه على معنى الشهادة،
وهو كون الله وحده هو المستحق للعبادة ،ففيه نـوع تردد وشك في صحة المعنى.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ(( :لو عرف العبد معنى ال إله إال الله،
لعرف أن من شك أو تردد في كفر من أشرك مع الله غيره أنه لم يكفر بالطاغوت))(.)2
وأما الثالثة :فصاحبها لم يجزم بشيء ،بل هو شاك في كال األمرين.
قلت :ومما يدخل تحت الشك الكفري االعتقادي المناقض ألصل اليقين أيضا
الشك في صدق نبوة الرسول ،أو في وقوع البعث ،أو في اعتقاد وجوب الواجبات ،أو
في اعتقاد تحريم المحرمات ،ألن ذلك من لوازم اليقين بشهادة أن ال إله إال الله.
يقول ابن سحمان ـ رحمه الله ـ(( :الشك هو التردد بين شيئين كالذي ال يجزم
بصدق الرسول وال كذبه ،وال يجزم بوقوع البعث وال عدم وقوعه ،ونحو ذلك كالذي ال
يعتقد وجوب الصالة وال عدم وجوبها ،أو ال يعتقد تحريم الزنا وال عدم تحريمه ،وهذا كفر
بإجماع العلماء)) .انتهى(.)3
ومما يدخل تحت هذا الشك الكفري أيضا عدم اليقين بالسنة والتشكيك في
صحتها بحجة أنها ظنية الثبوت ،كما يقع فيه طوائف من أهل الكالم وأهل العبادة
والتصوف ،وهو مذهب قد التزمه من يجعل مصدر التشريع واحدا هو القرآن؛ كطائفة
القرآنيين ،وسيأتي تفصيل هذه المسألة في شرط المحبة والقبول ألنهما األلصق مقاما به.
إذا تقرر هذا فثمة مسألة أخرى مهمة لها ارتباط وثيق بشرط اليقين ناسب أن نشير
ــــــــــ
( )1المعيار المعرب (.)727/8
( )2الدرر السنية ( )587/11بتصرف يسير.
( )3كشف الشبهتين (ص.)12 :
415 شرط اليقين
إلى حكمها ،وهي مسألة االستثناء في اإلسالم ـ إذا أريد به الكلمة ـ ،ألن االستثناء ـ وهو
قول الرجل أنا مسلم إن شاء الله ـ نوع شك ينافي اليقين(.)1
فالسلف من الصحابة والتابعين على استحباب هذا االستثناء في اإليمان وتركه في
اإلسالم .ومأخذهم في ذلك(( :أن اإليمان المطلق شامل لفعل كل ما أمر الله به ،والبعد
يدعي أحد أنه جاء بذلك كله على التمام والكمال))(.)2 عن كل ما نهى عنه ،وال َّ
وهذا بإزاء اإلسالم فإن ما يستحق به العبد وصف اإلسالم ـ وهو إتيانه بالشهادتين ـ
تيقن ال شك فيه. ُم َّ
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ...(( :فإذا أريد باإلسالم الكلمة فال استثناء فيه،
كما نص عليه أحمد وغيره ،وإذا أريد به من فعل الواجبات الظاهرة كلها ،فاالستثناء فيه
كاالستثناء في اإليمان ،ولما كان كل من أتى بالشهادتين صار مسلما متميزا عن اليهود
والنصارى تجري عليه أحكام اإلسالم التي تجري على المسلمين ،كان هذا مما يجزم به
بال استثناء فيه))(.)3
وأضاف أيضا(( :لكن اإلسالم الذي هو أداء الخمس كما أُمر به يقبل االستثناء،
فاإلسالم الذي ال يستثنى فيه الشهادتان باللسان فقط فإنها ال تزيد وال تنقص فال استثناء
فيها))(.)4
قلت :ومما يلحق بالتلفظ بالشهادتين في ترك االستثناء اإليمان الباطن الذي هو
اعتقاد القلب ،فهو أيضا مما يعلمه اإلنسان من نفسه قطعا.
قال اآلجري ـ رحمه الله ـ(( :هذا طريق الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعين لهم
بإحسان ،عندهم أن االستثناء في األعمال ال يكون في القول والتصديق في القلب ،وإنما
ــــــــــ
( )1االستثناء في األصل له صورتان :األولى هي قول الرجل أنا مؤمن أو مسلم إن شاء الله .والثانية :هي قول الرجل
أنا مؤمن بكذا وكذا إال بكذا .فالصورة األولى هي المرادة هنا .أما الصورة الثانية فال يختلف القول فيها ألن من
شك أو استثنى في شيء جاء به النبي فقد كفر.
( )2زيادة اإليمان ونقصانه وحكم االستثناء فيه ( 462ـ .)465وأصله في في شرح مجموع الفتاوى (،)446/1
وشرح حديث جبريل ( ص.)541 :
( )3مجموع الفتاوى (.)445/1
( )4مجموع الفتاوى ( .)251/1وانظر :هذه المسألة بطولها في مجموع الفتاوى ( )421/1وما بعدها.
414 شرط اليقين
وتحته فصالن:
ر يـ ره اللره ر(( :الصر ياراا اإلررالم ،مفرزا اإل را ،أس اي الشفم الس
ال ا يالمته يلى ك اي ال تصف اه ،أ له ال قام األيلرى فري الر ا الر نفا .هرا صرر
اإلخالص فا ال خلص ارتاإل ظراهر ااطاره ،الصر كرذل .االصر صرل ال بر
إلى ماازي األاراي ،اه محصل الاجاة ما ج فع الشر ي))(.)2
جه اشتراطه لصحة الشنا ة أنه ـاصرل ال لرن الفقرفا إذ هرا مرمبرة محصرل ا ر ه ا
ك ررا رررفأمي فرري افررا الفررر اررفا هررذ الشررر ط الثال ررة لررذا فنررا أخررذ ـك ن ررا أ :فرري
جاب الشرطفة(.)3
إذا برره هررذا ،فررا الح ر ع يررا شرررط الص ر مررا ت ل ر ارره مررا أـكررام رررفكا
محه ال باـع التالفة.
المبحث األول :معنى الصدق.
وفيه مطلبان:
المطلب األول :تعريف الصدق في اللغة.
راي ااررا فرايس(( :الصررا الر اي القررا أصرل ر ي يلرى رراة فري الشرري را ً فررر .
()1
راة لره[ ،ارل] ما ذل الص :خال الكذب ،ر ي لقامه فري نفسره ،أل الكرذب
هررا ااطررل .أصررل هررذا مررا رالنن :شرري صر أ صررلنُ .يمر صر .قرراي :صر اهن
القتاي ،في خال ذل كذااهن .الص ال الزم للص ))( )2انتنى.
صر ا اً.
صر ص اً صر ص اً مَ ص
صر َ صر ُ َ اي في اللسرا (( :الصر نقرفا الكرذبَ ،
ص ه بل الَه))(.)3
َ
المطلب الثاني :معنى الصدق في االصطالح والشرع وبيان متعلّقه.
الص في ا صطالح ال ام م اا :مطااقة الحكن للاا ع(.)4
فل :مطااقة الكالم للاا ع احسن ايتقا ال تكلن(.)5
األ ي أص أ ي يلى ال قصا ر في نير ر ،ذل ما جنتفا:
األ لرى :أ القراي اأنرره ((مطااقرة الحكرن)) يررام ،ففر خل ففرره الصر فري األ رااي الصر فرري
األي اي الص في األـااي .ففقاي :اي صا ،ف ل صا ،ايتقا مطاا .
ئذ ُ تبر ص ص اً. كا ماافقاً للح يا ٍ الثانفة :أ ايتقا ال تكلن
رراي الرا ررن(( :الصر مطااقررة القرراي الار فر ال ُ صخبَرر يارره م راً .متررى انخرررم شرررط مررا
اصررف االصر ،إمررا أ اصررف مرراية االص ر ، ذلر لررن كررا صر اً مامراً ،اررل إمررا أ
ماية االكذب يلى نير ا مختلففا ،كقاي كافر إذا اي ما فر ايتقا :مح يراي اللره،
صر َ َ لكررا ال ُ صخبَرر يارره كررذل ،صر أ قرراي كررذب ل خالفررة فررا هررذا صر أ قرراي َ
) )1لفسه في األصل السفا قتاي إضافتنا هاا.
) )2م جن مقا فس اللغة (.)332/3
) )3لسا ال رب ( )307/7ما ة (ص ).
) )4الت ر فات للجرجاني (ص.)232 :
) )5ال جن الارفط (.)122/2
674 شرط الصدق
اله ضر فر ،االاجره الثراني :إكرذاب اللره م رالى ال ارافقفا ـفرع رالاا :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
[ال اافقا .)1())]4 :
أما مت لّ َّ الص فنا كا في األ ااي األي اي األـااي.
قاي الرا ن(( :الص الكذب أصلن ا فري القراي ،ماضرفاً كرا أ مسرتقبالً ،ير اً
ست ل الص الكذب فري كرل مرا حر حصرل فري ا يتقرا نحرا كا أ فر ...
ص َ فري القتراي إذا فرى ـقره، ب ،ست ال في أف اي الجاايح ،ففقايَ : ص َ َ ظاي َك َذ َ َ
ف ل ما جن ك ا جن ،كذب فري القتراي :إذا كرا اخرال ذلر راي م رالى :ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ [األـ رزاب ]34 :أ :ـقق راا ال ن ر ا ررا أظنررر مررا أف ررالنن ،الرره :ﭤ ﭥ
ص ر َ َ السررانه يررا ص ر ص ف لرره مابفن راً أنرره كفرري
ﭦ ﭧ [األـ رزاب ]8 :أ :س رأي مررا َ
محر ه االف ل))(.)2 ا يترا االح
اي شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر فري افرا مت لقرات الصر مجا مره (( :م را ابغري
أ ررر أ الصر التصر كررا فرري األ رااي األي رراي كقرراي الابرري فرري الحر ع
محالررة فال فاررا مزنفررا الصررحف ُ « :كترن يلررى ااررا ح م ـيرره مررا الزنررا فنررا مر ي ذلر
زناه ررا الايررر األذنررا مزنف ررا زناه ررا الس ر ع ،الف ر ا مزنف ررا زناه ررا الرربط ،الرررجال
مزنفررا زناه ررا ال شرري القلررن ت اررى شررتني ،الفرررج ص ر ذل ر كذارره»( )3قرراي:
ـ لاا يلى ال ـ لة صا ة ،إذا كانه إيا منن للقتاي ااترة جازمرة .قراي :فرال صرا
الحررن ال ررا ة ،نحررا ذلر .لنررذا ررا االصررا الصررا فرري إيا مرره صر طلبرره ،هررا
الصا في ي له ،ر الصا في خبر كالمه))(.)4
لك ررا الص ر ر م ررا األلف ررا الش ررريفة فف رري ر ررفا الاص رراص اف ررا ل ا ررا ،م ررا ه ررذ
الاصاص:
بال رره مطااق ررة رالنن م ررا ف رري ل رراانن ،ال طااق ررة الت رري ف رري الا ر فر متا ر ا ا نقف ررا للح ر
محبته( )1ك ا رفأمي.
اي ااا القرفن ر يـ ره اللره ر فري م ر رف الصر (( :الصر :هرا ـصراي الشري م امره،
ك اي امره اجت راأ أجزائره ،ك را قراي :يز رة صرا ة ،إذا كانره ا رة مامرة .كرذل محبرة
صررا ة ،إيا ة صررا ة ،كررذا رالنن :ـررال ة صررا ة ،إذا كانرره ا ررة مامررة ااتررة الحقفقررة لررن
اقص مانا شي ))(.)2
هذا الت ر ف ر ن ما ال اى اللغا ،ها م ر ف للص اايتباي أصله ـقفقته.
كررا فرري أـاال ر شرراب فرري م ررا فررل فرري م ر ررف الص ر أ ا راً(( :الص ر أ
ايتقا ي ن في أي ال يفن))(.)3
هذا الت ر ف للقشفر ،ها م ر ف للص اايتباي مت لقامه.
م ا فل في م ر فه أ ااً(( :الص ماافقة الح في السر ال النفة))(.)4
هذا الت ر رف ألاري قراب الانرجراي ( )5هرا مرا أـسرا م را فرل فري م ر رف الصر
افررا ـقفقترره .هررا الت ر ررف ال خترراي فرري نيررر ،ألنرره جررامع ل ت لقررات الصر ماافر
لاصاص الشرأ فنا أ رب الت اي ف إلى ماضف ال اى الشريي للص .
ذكر ااا القفن ر يـ ه الله ر أ الص كرا فري األ رااي األي راي األـرااي رن ارفا
ذل اقاله(( :فالص في األ ااي ارتاا اللسا يلى األ ااي كارتاا السابلة يلرى ررا نا،
الص ر فرري األي رراي ارررتاا األف رراي يلررى األمررر ال تاا ررة كارررتاا ال ررأس يلررى الجس ر ،
( )1مانج أهل الساة مانج األشايرة في ماـف الله م الى (.)84/4
) )2م ايج السالكفا (.)272/2
) )3الت ر فات (ص.)232 :
ذكر الغزالي في اإلـفا ( ،)380/8نسبه إلى أاي قاب الانرجاي ،أ ي ياه الذهبي ) )4هذا الت ر ف للص
في رفر أيالم الابال (.)233/21
ي ر اا الصافي الانرجاي ،شفم الصاففة في زمانه ،صحن الجاف ) )5ها :أاا قاب إرحا اا مح
يث ا ال كي ،جا ي م ة مات ا كة راة ال فا ال ئة .اي أاا يث ا ال غراي :ما يأ ه في مشا خاا أناي
ماه .انير :رفر أيالم الابال ( 232/21ر .)233
683 شرط الصدق
()1
ارتفراغ الارع اذي الص في األـااي ارتاا أي اي القلن الجاايح يلى اإلخالص
الطا ة))(.)2
الص في شنا ة أ إله إ الله قتاي هذ األماي :ها أ قالنا اج فع ألفاظنرا
ص اً ما لبه ،رااط لبُره لسرانَه ،مصر اً ذلر اجاايـره م تقر اً صر مرا لره يلفره(،)3
ذل أل هذا ها ـقفقة الص الشريي.
اي الرا ن (( :الص ما كثر ماره الصر .فرل :ارل قراي ل را كرذب رط فرل:
اررل ل ررا تررأمى مارره الكررذب لت ررا الصر .فررل :اررل ل ررا صر اقالرره ايتقررا ـقر
ص ه اف له))(.)4
رراي ش ررفم اإلر ررالم ف رري ص ر ذك ررر لخ ررال الا رراس ف رري مس ر ى اإل ررا ـقفقت رره ...(( :إم ررا
التصر ر االقل ررن الق رراي ال ررل ف ر را الج ف ررع ر ر خل ف ر ري مس ر ر ى التص ر ر يل ررى م ررذهن أه ررل
الح ع))(.)5
ر شرررح ذل ر فرري مقر ٍرام مشررااه ،فقرراي(( :فأمررا رراي القلررن فنررا التص ر الجررازم االلرره
مالئكته كتبه يرله الفام اآلخر ،خل ففه اإل ا اكل ما جا اه الرراي ...هذا
تب رره ي ررل القلررن ،هررا ـررن اللرره ير راله ،م يررفن اللرره ير راله ،م ز ررر الرررراي التص ر
خشفة الله اإلنااة إلفه ،اإلخالص له التاكل يلفه ،إلى فر ذل ما األـااي. ما فر ،
ا يتقررا إ جرراب األي رراي القلبفررة كلنررا مررا اإل ررا ،ه ري م ررا اجبنررا التص ر فنررذ
لرراي .تبرع ا يتقررا رراي اللسررا ،تبررع ي ررل القلررن الجراايح مررا الصررالة الزكرراة ال لررة ال
الحج نحا ذل ))( .)1انتنى. الصام
حد الصدق الذي هو شرط في شهادة أن ال إله إال الله. المبحث الثانيُّ :
ال را اح الص الذ ها شرط في شنا ة أ إله إ الله أ رل مرا قرع يلفره اررن الصر
التص .مق م ر باً م اى الص في الشرنا ة ،هرا :أ قالنرا اج فرع ألفاظنرا صر ص اً مرا
لبه ااط لبُره لسرانَه مصر اً ذلر اجاايـره م تقر اً صر مرا لره يلفره .هرذا اايتبراي الك راي
األيلررى ،أمررا ـر الصر الررذ حصررل ارره الشرررط فنررا الصر ال اررافي للكررذب التكررذ ن فرري
الج َ لرري( )2ر اك الرره الااجررن
ُ أصررل اإل ررا ( ،)1ذلر كررا اررأ نى الصر ر هررا التصر
أل التص الكامل اشنا ة أ إله إ الله قتاي ف َل ج فرع الااجبرات ،ذلر لرفس شررطاً
للصحة أل اإل ا ص مع مر ا ا الااجبات الياهرة(.)3
افا ذلر شرفم اإلررالم فري كرالم لره نفرفس ـفرع راي(( :فاإلررالم تارا ي مرا أظنرر
اإلرالم لفس م ه شي مرا اإل را ،هرا ال اراف ال حرا تارا ي مرا أظنرر اإلررالم مرع
التصثثدي الم مثثل ف ثي البثثاون ولكثثن لثثم يفعثثل الواجثثب كلثثه مررا هررذا هررذا ،هررن
(.)4
الفسا ))
يلفه ف ا اي إله إ الله اص اً انا ال خاي في ا اإلرالم ر الافرا ر ،م تقر اً ل را
له يلفه ما التاـف ايتقا اً جازماً مر ففه( ،)5فق ـق شرط التص اشنا ة أ إلره
إ الله(.)6
كفرري ـر لحصرراي اإل ررا إ إذا اناررن إلفرره ال رل ا قتاررى إ أ هررذا التصر
هذ الشنا ة.
ق رراي اا ررا الق ررفن ر يـ رره الل رره ر (( :نح ررا نق رراي اإل ررا ه ررا التصر ر ،لك ررا ل ررفس
ا نقفررا لرره ،لررا كررا مجررر ايتقررا التصر التصر مجرررَ ايتقررا صر ال ُ خب رر
إ اناً ،لكا إالرفس ،فريرا امره ،رام صرال ،الفنرا الرذ ا يرفراا أ مح ر اً يرراي
[األن ررام: اللرره ك ررا رفررا أااررا هن مررؤمافا مص ر فا ،ر رراي م ررالى :ﯙ ﯚ ﯛ
]44أ :تق ر ر أن ر ر صر ررا .ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [األن ر ررام ]44 :الجحر ررا
ك ررا إ ا ر ر م رف ررة الحر ر ،رراي م ررالى :ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ [الا ررل .]46 :رراي
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ [اإلر ررا .]443 :رراي م ررالى مارررى لفريررا :
يررا الفنررا :ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [البقرررة .]464 :أالررم مررا
هررذا رراي الافررر ا الفنررا فا ل ررا جررا ا إلررى الابرري ،رررأ ي را لن ررا يلررى نبامرره ،فقررا :
رزاي فري ذي تره نشن أن نبي ،فقاي« :ما ا ك را مرا امبرايي؟» را :إ ا يرا أ
نبي ،إنا نخا إ امب اا أ مقتلاا الفنا (.)1
أ ر ا األساتنن إ راياً مطااقاً ل تق هن أنه نبي ،لن ر خلاا انرذا التصر فنؤ
اإل رراي فرري اإل ررا ،ألننررن لررن لتزمراا طايترره ا نقفررا ألمررر ،مررا هررذا كفررر أارري طالررن،
فانه ير ـقفقة ال رفة أنه صا ،أ ر اذل السانه ،صرح اره فري شر ر ،لرن ر خل
اذل في اإلرالم.
ف التص إن ا تن اأمر ا:
أـ ه ا :ايتقا الص .
الثاني :محبة القلن انقفا .
لن ر ررذا ر رراي م ر ررالى إلا ر رراهفن :ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ [الصر ررافات 446 :ر ]441
إا رراهفن كررا م تق ر اً لص ر يا ررا مررا ـررفا يحهررا ،فررا يا ررا األنبفررا ـرري ،إن ررا ج لرره
مص ا لنا ا أ ف ل ما أُم َر اه.
الرجل ( )77/1ح ) )1أخرجه الترمذ في كتاب ا رتئذا يا يراي الله ،ااب :ما جا في بلة الف
( )2733اي :ـسا صحف ،أخرجه ااا أاي شفبة في ال صاف ( ،)326/7البفنقي في الساا
( ،)266/4ااا أاي ـامن في التفسفر (.)26262
684 شرط الصدق
ي ررل ك ررذل ال رره « :الف رررج صر ر ذلر ر كلر ره أ كذ ا رره» .فج ررل التصر ر
صر الفرج ما ت اى القلن ،التكذ ن مركه لذل .هذا صر في أ التصر
إ اال ل.
رراي الحسررا :لررفس اإل ررا اررالت اي اررالتحل ي ،لكررا مررا ررر فرري القلررن صر ه
(. ) 2
هذا مرفاياً)) ال ل( .)1ي
كالم له حخر (( :كذل التص انرا ر اري إلره إ اللره ر قتاري اإلذيرا اي في ٍ
اإل راي احقا نا ،هي شرائع اإلرالم التري هري مفصرفل هرذ الكل رة االتصر اج فرع
أخبرراي امتثرراي أ امررر اجتارراب نااهفرره ...فال ص ر انررا يلررى الحقفقررة هررا الررذ ررأمي
ا ررذل كل رره ،م ل ررام أ يص ر ة ال رراي ال ر م ل ررن محص ررل يل ررى اإلط ررال إ ان ررا االقف ررام
احقنررا ،كررذل الاجرراة مررا ال ررذاب يلررى اإلطررال لررن محصررل إ انررا احقنررا فال قااررة
في ال نفا اآلخرة يلى مركنا أ مر ـقنا))(.)3
رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر(( :فرا اإل ررا احسررن كررالم اللرره يرررالته ،كررالم اللرره
ير ررالته تار ر ا أخب رراي أ ام ررر ففصر ر القل ررن أخب رراي مصر ر قاً اج ررن ـ ررا ً ف رري القل ررن
احسررن ال ص ر ارره ،التص ر هررا مررا نرراأ ال لررن القرراي ،اقررا ألمررر ستسررلن ،هررذا
ا نقف ررا ا رتس ررالم ه ررا ن رراأ م ررا اإليا ة ال ررل ،ك ررا مؤمار راً إ ا ج رراأ األم ررر ا،
ف تى مر ا نقفا كا مستكبراً ،فصاي ما الكافر ا))(.)4
إلرره إ اللرره أ قررف يار صرراع اللرره م ررالى ،يار رراي الحكررفن الترمررذ ( (( :)5صر
أمررر كال بفر .أمررا صررا ه فنررا أـكامرره يلفر مر افر ففر مثررل ال ررز الررذي الصررحة السررقن
الفقر الغاى كل ـاي محباب مكر فتقف هاا كال بف م صي الله في جان مرا ـكرن
يلف ار ل حكن اه يلف .أما أمر فنا أ ا الفرائا اجتااب ال حايم فال م صرفه فري
إله إ الله))(.)1 مر فر اة انتنا محرم هذا أ نى مارزلة في ص
اذل ُ لن أ هذا الشرط متا ا لثال ة أماي:
األمر األ ي :القباي ال اافي للر .
األمر الثاني :ا نقفا ال اافي للتر .
األمر الثالع :ال حبة ال ااففة للبغا.
فل ررا خ ررال ضر ر فر ال ررتكلن ي ررا ه ررذ األم رراي الثال ررة ل ررن ك ررا ص ررا اً ف رري مكل رره اكل ررة
التاـف ،ك ا ها شأ ال اافقفا(.)2
فتبفا أ الصا ها الذ ر م اى هذ الكل ة ،ل ا ا مقتافه ،ما لزم ائلنرا
ما اجبات ال ا ،ففص لبُه لسانَه ،ي لُه لسانَه َجاانَه(.)3
ا رره تب ررفا فس ررا م ررذهن ال رجئ ررة م ررا األش ررايرة الجن ف ررة ال امر ررة ال ررذ ا ـص ررر ا
اإل ررا فرري مص ر القلررن فقررط ،لررن تبررر ا شرررط ا نقفررا احقررا هررذ الكل ررة .ر
مق مه اإلشاية إلى فسا مذهبنن في اإل ا (.)4
الجر ر ر اال ررذكر ها ررا أ ش رررط الصر ر شر ر ل التصر ر أ ار راً ،أل الصر ر مت ل ر ر
كر ررا االقلر ررن كر ررا فر رري األ ر رااي ،التص ر ر االقلر ررن الج ر راايح ،اللسر ررا .فالصر ر
ص َ َ في اله ،ص اقلبه جاايـه. الجاايح .ففقايَ :
( )1ناا ي األصاي في أـا ع الرراي (.)47/4
( )2انير :مانج أهل الساة مانج األشايرة في ماـف الله (.)84/4
( )3ال يي السافة ( )311/3اتصر .
( )4انير :الصفحات ( 444ر .)413
688 شرط الصدق
المبحث الثالث :األدلة على كون الصدق من شروط شهادة أن ال إله إال الله.
األ لة يلرى ايتبراي الصر فر اً مصر اره الشر نا ة كثفررة جر اً ،هري يلرى سر فا :أ لرة
نقلفة أخرإل يقلفة .فأما الاقلفة ف انا ما لي:
4ر ر ر رراي م ر ر ررالى :ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ [ال اكبات 4 :ر .]4 ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
فال را ااإل ا في اله م الى :ﮧ ﮨ ﮩ إله إ الله.
ي لذل ما جا يا الش بي ر يـ ه الله ر فري مفسرفر الره م رالى :ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
اآل ررة .رراي :نزلرره فرري أنرراس ا كررة ر أ ررر ا ااإلرررالم ،فكتررن إلررفنن أصررحاب يررراي اللرره مررا
ال ا ررة ل ررا نزل رره ح ررة النج رررة :إن رره قب ررل م رراكن إ رراي إر ررالم ـت ررى من رراجر ا .رراي :فخرج راا
يام ا إلى ال اة ،فأمب نن ال شركا فر هن فارزله ففنن هذ اآل ة(.)1
ن أ ترك راا أ قال راا :إلرره إ اللرره ـتررى أ ا راً مررا جررا يررا الحسررا فرري مفسررفرها(( :أَ َـس ر َ
أاتلفنن ،فأير الصا ما الكاذب))(.)2
كرا ناف راً يار اللره م رالى له :جه ا رتشنا انا يلى اشتراط الص :أ اإل ا
إ إذا كا صراـبه صرا اً ففره ،لرذا كرا ا متحرا ا ارتال لرفُ لن الصرا فري إ انره ففجرازإل
يلى ص ه ُ ،لن الكاذب في إ انه ففجازإل يلى كذاه(.)3
3ر ما أ لة القرح أ اراً يلرى اشرتراط الصر لصرحة الشرنا ة مرا جرا فري شرأ ال ارافقفا
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ال ر رذ ا الاه ررا ك ررذااً ﭬ ﭭ
ﮏ ﮐ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
[البقرة 8 :ر.)4(]44
( )1أخرجه ااا جر ر ( ،)414/48ااا أاي ـامن ( )4444/4ار ن ( ،)47444يب الرزا في مفسفر
( )41/3يا م ر يا يجل يا الش بي ،يزا السفاطي في ال ي ال اثاي ( )134/44إلى يب اا ـ ف ،
ااا ال اذي.
( )2أخرجه ااا أاي ـامن في التفسفر ( 4444/4ر )4443ي ن (.)47444
( )3انير :أيالم الساة ال اشاية (ص.)64 :
( )4م ايج القباي (.)633/3
684 شرط الصدق
ج رره ا رتش ررنا م ررا اآل ررات يل ررى اش ر رتراط الص ر ر :أ ه ررذ األ ص ررا ال ذمام ررة م ر ر ي ر
()1
اتابفننا ر يلى أ ال رؤمافا ـقراً هرن ال تصرفا اار ذلر مرا الصر اإلخرالص ظراهراً
()2
ااطااً .
3ر ما األ لرة أ اراً الره م رالى فري صرف ال ارافقفا :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [الفرت :
.]22
جرره ا رتشررنا ااآل ررة يلررى اشررتراط الص ر :أنرره ر ررربحانه م ررالى ر صررف ال اررافقفا اررأننن
قالررا األسرراتنن مررا لررفس فرري ل راانن ف ر ي يلررى أ ال ررؤما يكررس ذل ر ،فنررا الررذ ص ر لبرره
لسانه(.)3
8ر مرا األ لرة أ اراً يلرى اشرتراط الصر لصرحة الشرنا ة الره م رالى :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
[ال اافقا .]4: ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ
ففرري هررذ اآل ررة كررذب اللرره ال اررافقفا فرري رالنن :ﮕ ﮖ ﮗﮘ مررع كانرره مطااقراً
للخررايج ،ألننررن لررن تق ر فصرراي رالنن كررذااً ل خالفررة اليرراهر البرراطا( ،)4ف ر ي يلررى أ
ال ؤما ها ما قالنا صا اً في النا ،أما ما قالنا ها كاذب في النا فذا ال ااف .
جه حخر :ها أ شنا منن أي النن لن مراف نن مرع فرام ال ارافي لرذل ،فراننن رام انرن
ما الجنل الشر الر رن ير م الصر فري راي هرذ الكل رة ماصراي ا اره كفراياً فري الر ي
األرفل ما الااي محه الكفاي ،ما صفامنن ما ذكر الله في راية البقررة :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮏ ﮐ ر إلررى الرره ر :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ [البقرة 44 :ر .]46اي في راية الاسرا :ﮌ ﮍ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ اآل ر ررة [الاس ر ررا .]464 :ر رراي م ر ررالى :ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻﭼﭽ [الفت .]22 :اي :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [التااة.)5(]8 :
ال ر رره م ر ررالى :ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ 1ر ر ر م ر ررا أ ل ر ررة الق ر رررح أ ا ر راً يل ر ررى اش ر ررتراط الص ر ر
[األـزاب.]36:
فرري مفسررفرها(( :أ :اسرربن صر نن ،فرري أ راالنن أـراالنن ،م رراملتنن مررع رراي السر
الله ،ارتاا ظاهرهن ااطانن))(.)1
له :جه ا رتشنا انا ظاهر يلى اشرتراط الصر ،هرا :أننرا شراملة لج فرع مجرا ت
()2
الص ،مرا ذلر الصر فري شرنا ة التاـفر إلره إ اللره را ً انقفرا اً فرالجزا ال رمرن
إن ا كا اسبن هذا الص ف ي ذل يلى أ الشنا ة مافع إ مع الص .
4ر مررا أ لررة القرررح أ اراً يلررى اشررتراط الصر الرره م ررالى :ﯾﯿ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ
[ال ائ ة.]444 : ﰀ ﰀ
رراي الس ر فرري مفسررفرها (( :ﯾﯿ ﰀ ﰀ ﰀﰀ :الصررا ا هررن الررذ ا ارررتقامه
رررة ذل ر أي ررالنن أ راالنن نفررامنن يلررى الص رراط ال سررتقفن الن ر القررا ن ،ففررام القفامررة ج ر
الص ر ،إذا أـلنررن اللرره فرري مق ر ص ر يا ر ملف ر مقت ر ي ،لنررذا رراي :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ))(.)3
اي األلاري ر يـ ه الله ر (( ﯿ ﰀ ﰀ أ :ال ست ر ا يلى الص في األمراي
ال طلااة مانن ،التي م ينا التاـف الذ نحا اص الشررائع األـكرام ال ت لقرة اره ،مرا
الررررل الارراطقفا اررالح الص ر ال ر ايفا إلررى ذل ر ،ارره محصررل الشررنا ة اص ر يفسررى
ما األمن ال ص فا أل لئ الكرام يلفنن الصالة السالم ال قت ا انرن يقر اً ي رالً،
اه تحق مر فن السام فا ال قصرا االحكا رة فري اإل را اررراي اللره .ﰀ أ :فف را
ذكر في ال نفا إذ ها ال ستتبع للافع ال جازاة امئذ))( .)4انتنى.
جرره ا رتشررنا ااآل ررة ظرراهر يلررى اشررتراط الص ر ،هررا كسررااقه فرري اآل ررة ال تق مررة،
هرا :أ اآل رة شراملة لج فرع مجرا ت الصر ،الرذ ماره الصر فري شرنا ة أ إلره إ اللره
ا ً انقفا اً ،فرالجزا ال رمرن إن را كرا اسربن هرذا الصر فر ي يلرى أ الشرنا ة مافرع إ
مع الص .
7ر مرا أ لرة القررح أ اراً يلررى اشرتراط الصر لافرع الشرنا ة :الره م ررالى :ﭣ ﭤ
ﭥ ﭦ ﭧﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ [الزمر.]44 :
رراي ااررا يبرراس ر يضرري اللرره يان ررا ر ((الررذ جررا االص ر :مررا جررا ا رال إلرره إ
اللر رره))( .)1ير ررا مجاه ر ر :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ ر رراي :هر ررن أهر ررل القر رررح جفئر ررا ر ررام
القفامة ،ففقالا :هذا الذ أيطفت انا فامب اا ما ففه))(.)2
اي ااا كثفر ر يـ ه الله ر م لقاً يلى اي مجاهر (( :هرذا القراي يرا مجاهر شر ل كرل
لا اه الرراي أ لى الااس االر خاي فري هرذ ال ؤمافا فا ال ؤمافا قالا الح
اآل ررة يلررى هررذا التفسررفر ،فانرره جررا االص ر ص ر ال ررررلفا حمررا ا ررا أنررزي إلفرره مررا يارره
ال ؤماا كل حما االله مالئكته كتبه يرله)) .انتنى.
رراي اللف ررع ف رري مفس ررفرها(( :ك ررل م ررا ص ر اك ررل أم ررر الل رره تخالج رره ف رري ش رري ما رره
ش ))(.)3
اي ااا جر ر (( :الصااب ما القاي في ذل أ قاي :إ الله ر م رالى ذكرر ر َيارى اقالره
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ك ررل م ررا ير ررا إل ررى ماـف ر ر الل رره ،مص ر ر ير ررله
أمباي ره ال ررؤمافا ارره .أ قرراي: ال ررل ا ررا اات ررع ارره يررراي اللرره مررا اررفا يرررل اللررهَ ،
( )1أخرجه ااا جر ر في التفسفر ( ،)346/34البفنقي في األر ا الصفات ( )373/4ار ن ( ،)344أ ي
السفاطي في ال ي ال اثاي ( )444/43يزا إلى ااا أاي ـامن ،ااا مر ه ،ااا ال اذي.
جا ت في مفسفرها أ ااي أخرإل :فقفل{ :ما جا االص } :الرراي هذا أـ األ ااي في مفسفر اآل ة:
،فل جبر ل .فل األنبفا .انير :لنذ األ ااي مفسفر ااا جر ر الطبر ( ،)346/34زا ال سفر
(.)484/7
( )2أخرجه ااا جر ر في التفسفر ( ،)34/34ااا ال باي في الزه ( ، )841ااا أاي شفبة ( )647/44ي ن
( ،)44444يب الرزا في مفسفر ( ،)474/3أاا ن فن في الحلفة ( ،)384/4السفاطي في ال ي ال اثاي
( )443/43يزا إلى ر ف اا ماصاي ،يب اا ـ ف ،ااا ال اذي.
( )3لسا ال رب ،ما ة (ص ).
643 شرط الصدق
ارره ال ؤما را اررالقرح مررا ج فررع الص ر هررا القرررح ،شررنا ة أ إلرره إ اللرره ،ال ص ر
خل الله كائااً ما كا ما نبي الله أمبايه.
إن ررا لاررا :ذلر أ لررى االصرااب ،أل الرره م ررالى ذكررر ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ يقفررن
ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [الزمر ر ررر]43 : الر ر رره :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ذل ذم ما اللره لل فترر ا يلفره ال كرذافا اتاز لره ـفره الجاـر ا ـ انفتره ،فالااجرن أ
كررا يقفررن ذلر م ر ح مررا كررا اخررال صررفة هررؤ ال ررذمامفا هررن الررذ ا يرراهن إلررى
ماـف ر اللرره ،صررفه االصررفة الترري هررا انررا مص ر قنن اتاز ررل اللرره ـفرره ،الررذ ا هررن كرراناا
راي اللره صرلى أصرحااه ،مرا ا ر هن ،القرائ ا فري كرل كذل ام نزله هذ اآل رة ير ُ
يصر زما اال يا إلى ماـف الله ـكن كتااه ،أل الله م الى ذكر لن خص صفه انذ
فرررهن ،إن ررا الصررفة الترري فرري هررذ اآل ررة يلررى أشررخاص اأيفرراننن يلررى أهررل زمررا
صررفنن اصررفة ررن مر ـنن انررا هرري ال جرري االصر التصر ارره ،فكررل مررا كررا كررذل
صفه فنا اخل في ج لة هذ اآل ة إذا كا ما ااي ح م))(.)1
فالحاصررل أ الرره ﭤ ﭥ يررام شر ل الصر فرري األ رااي األي رراي األـرااي ،ر خل فرري
أصل اإل ا .َ ذل خا ً أ لا اً الص في اي إله إ الله ،أل ذل
رراي ااررا القررفن ر يـ رره اللرره ر(( :فالررذ جررا االصر :هررا مررا شررأنه الصر فري الرره
ي لره ـالره فالصر فري هرذ الثال رة فالصر فري األ رااي اررتاا اللسرا يلرى األ رااي
كارررتاا السررابلة يلررى رررا نا ،الص ر فرري األي رراي ارررتاا األف رراي يلررى األمررر ال تاا ررة
كارررتاا ال ررأس يلررى الجس ر ،الص ر فرري األـ رااي ارررتاا أي رراي القلررن الج راايح يلررى
اإلخررالص ارررتفراغ الارررع اررذي الطا ررة .فبررذل كررا ال ب ر مررا الررذ ا جررا ا االص ر ،
احسن ك اي هذ األماي ففه فامنا اه مكا ص قفته))( .)2انتنى.
ل رره :ج رره ا رتش ررنا م ررا اآل ررة يل ررى اش ررتراط الصر ر لص ررحة الش ررنا ة :أ أه ررل
الصر هررن أهررل التقرراإل ر (( الررذ ا امقراا اللرره اتاـفر البررا ة مررا األ ررا األن ر ا ،أ ا
الف ررائا ،اجتارراب م اصررفه فخررافاا يقاارره))( )3ر ال ايررا فرري الرره م ررالى ر فرري اآل ررة
فررر مررا الشررر ط القلبفررة .اررل جررا فرري ا ررا فقالرره «مررا لبرره» يررام ش ر ل الص ر
القلرن ك را أشراي إلفره أارا ن رفن فري مسرت يكه الر ا ات مقفف اله « :مرا لبره» اصر
ال ستخرج يلى صحف اإلمام مسلن(.)1
3ر ما األ لة ال امة يلى اشتراط الص اله « :فا الله ـرم يلى الاراي
م ر ررا ر رراي :إل ر رره إ الل ر رره بتغ ر رري ا ر ررذل ج ر رره الل ر رره»( .)2ال ر ر ررا م ر ررا قالن ر ررا اصر ر ر
إخالص(.)3
4ر ما األ لة ال امة يلى اشتراط الصر أ اراً :األـا رع ال الرة يلرى أ مرا راي إلره
إ الله ُما ااً انرا لبره خرل الجارة ،هري كثفررة ،ر مقر م طرر مانرا فري شررط الفقرفا .جره
ال لة ظاهر مانا يلى اشتراط الصر لصرحة الشرنا ة ،هرا :أ الصر مرا مرامرن الفقرفا،
هررا الفقررفا الررذ اتفرري م رره الر ررن ،ذلر أيلررى مررا الفقررفا الررذ اتفرري م رره الشر اضررحه
الر ر ر رره م ر ر ر ررالى :ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ
ﯟ ﯠ [الحجرات.]41 :
ر ر ر رراي ش ر ر ر ررفم اإلر ر ر ر ررالم ر يـ ر ر ر رره الل ر ر ر رره ر ((...ك ر ر ر ررا ر ر ر رراي م ر ر ر ررالى :ﮪ ﮭ ﮮ
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕ إلى اله :ﯝﯞﯟ [الحجرات .]41:فبفا ر رربحانه م رالى ر أ ال رؤما
ا له ما ال ة أماي:
أ لنا :أ ؤما االله يراله.
انفنررا :رمرراب ا ر ذل ر :أ كررا ما ا راً اات راً .الفقررفا خررالف الر ررن ،الر ررن
نايررا :نرراأ كررا شرركاً لرراقص ال لررن .نرراأ كررا اضررطراااً فري القلررن .كاله ررا لرراقص
الحراي اإل راني فرا اإل را ار ففره مرا يلرن القلرن ،لررفس كرل مكرا كرا لره يلررن
ل رره .ي ررل القلررن أ اصررفرمه بامرره ط أنفاترره ررركفاته ماكلرره إخالصرره إنااترره إلررى
الله م الى ،هرذ األمراي كلنرا فري القررح ،قراي :ياااري كرذا كرذا ر باري أ :ـرر لبري،
(.)8/3( )1
( )2أخرجه البخاي في كتاب الصالة ،ااب ال ساج في البفات ( 431/4ر )434ح ( ،)631مسلن في كتاب
اإل ا (.)611/4
( )3انير :ففا الق ر (.)364/3
641 شرط الصدق
مارره الحر ع يررا يررراي اللرره أنرره مررر ايبري ـررا ف( )1فقرراي « :ر برره أـر »( )2أ :
حركرره أـ ر .مارره الرره « :أ مررا ر ب ر إلررى مررا ر ب ر ف را الص ر ط أنفاررة،
الكذب ي بة»( )3فث ن الصثادق مثن ال يقلث قلبثه ،والكثابب يقلث قلبثه ،ولثيس هنثا
شك بل يعلم أن الريب أعم من الشك.
لن ر ررذا فر ر ري الر ر ر يا ال ر ر رأ اي« :اللن ر ررن ا س ر ررن لا ر ررا م ر ررا خش ر ررفت م ر ررا مح ر رراي ا ر رره افاا ر ررا ا ر ررفا
م صفت ..الح ع إلى حخر »( .)4في ال سا ( )5الترمذ ( )6يا أاى اكرة أنه اي« :رلاا
اللرره الفقررفا ال اففررة ،فانرره لررن ُ ررط خفررر مررا الفقررفا ال اففررة .فارررألاها اللرره ررربحانه م ررالى»(.)7
ال رب مقاي :ما قا ،إذا كا راكااً تحر ،فقلن ال ؤما مط ئا كرا ففره ي رن .هرذا
م اى اله ر رربحانه م رالى ر ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ))(.)8
فبفا شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر أ الص كا اافي الر ن ،الر ن حصرل مرع انتفرا
الش ،فنا أين ما الش ( )9فتحصل أ الص أيلى مرمبةً ما الفقفا .أ قاي :ها محقف
الفقفا(.)1
ر ن الح ع اا رالم انحاى في نامه .انير :الانا ة في ر ن الح ع (،)644/4 ( )1اي الذ
(.)488/3
( )2أخرجه مال في ال اطأ ( ،)414/4البفنقي في الكبرإل ( ،)444/3ااا ـبا في صحفحه (.)143/44
في ال سا ( ،)344/4أاا لي ( ،)443/43الطفالسي ( )3أخرجه الترمذ في رااه ( ،)488/6أـ
( ،)444/4البفنقي في الكبرإل (.)441/1
( )4أخرجه الترمذ في جام ه ( ،)138/1البفنقي في الكبرإل ( ،)444/4ااا ال باي في الزه (،)466/4
الطبراني في ال يا (.)141/4
(.)8/4( )5
(.)174/1( )6
( )7أخرجه كذل :ااا أاي شفبة ( ،)34/4البفنقي في الكبرإل ( ،)334/4يب الرزا في ال صاف
( ،)474/44الافا في ال ختاية (.)444/4
( )8مج اأ الفتا إل ( 63/38ر .)64
كا في األ ااي أين ما مت ل الفقفا فالص الفقفا أ ااً :أ مت ل الص ( )9ما الفر افا الص
األي اي في القلن ،أما الفقفا فال كا إ االقلن.
644 شرط الصدق
ر يـ رره اللرره ر (( :فررأيلى الش ر ن أصررلنا أرارررنا رراي :إلرره إ اللرره رراي الس ر
صا اً ما لبه ،احفع لن ا ا أنه سرتح هرذا الاصرف ال يرفن ،هرا األلاهفرة إ
الله ـ ))(.)2
فج ررل ر يـ رره اللرره ر الصر محقفر الفقررفا .اررل ك ررا رررفأمي أنرره ج ررل الصر مرا فراً
للفقفا(.)3
ررن م ررا بررفا يال ررة الص ر اررالفقفا أ الش ر ر ررا قفا راً اخبررر أهررل الص ر ،
ي لذل ـ ع ذ الف ا( )4ـفع يجع الابي إلى خبر الج اية(.)5
4ر ما األ لة ال امة أ ااً التي م ي ا امنا يلرى اشرتراط الصر :مرا جرا يرا يث را
اي :ر ه يراي الله قاي« :إني أليلن كل ة قالنا يبر ـقراً مرا لبره إ
م ررا ه رري ،ه رري :كل ررة ـ رررم يل ررى الا رراي» فق رراي ل رره ي ررر ا ررا الخط رراب :أن ررا أـر ر
اإلخررالص الترري أيررز اللرره ر مبرراي م ررالى ر انررا مح ر اً أصررحااه ،هررى كل ررة التقرراإل
الت رري أ ص( )6يلفن ررا نب رري الل رره ي رره أا ررا طال ررن يا ر ر ال ررات ش ررنا ة أ إل رره إ
الله(.)7
فقالرره « :قالنررا يب ر ـق راً مررا لبرره» يررام ،ش ر ل مررا قالنررا اص ر أ اغفررر
ذل ما اقفة الشر ط القلبفة.
رررررررررر
(= )1اي ااا القفن ر يـ ه الله ر(( :فالفقفا ي ح أي اي القلاب التي هي أي اح أي اي القلاب التي هي ما أي اي
الجاايح ،ها ـقفقة الص قفة))( .م ايج السالكفا ( .)447/3انير :الر اض الااضرة (ص.])344 :
( )2الآلل ال يي الس ة (ص.)347 :
( )3انير( :ص.)144 :
( )4ـ ع ذ الف ا أخرجه البخاي في صحفحه (جر :)84/3كتاب السنا ،ااب :ما لن تشن في رج مي
السنا ـ ع ي ن ( ،)4338مسلن في كتاب ال ساج ما صحفحه ( )644/4ـ ع ي ن (.)174
اا يب البر (.)464/4 ( )5الت نف
ذ الف ا صحااي جلفل مختلف في ار ه ،األكثر يلى أنه الخ صراا ما ااي رلفن ،ايت ا اً يلى ما ع في
ـ ع ي را اا ـصفا يا مسلن لفيه« :فقام إلفه يجل قاي له الخراا ،كا في طاي» .ها
الراج .انير :فت الباي ( ،)444/4صحف مسلن مع شرـه للاا (جر.)48/1
ففنا[ .الانا ة في ر ن الح ع (.])374/6 ( )6أ أ اي يلفنا يا
في ال سا ( ،)44/4الافا في ال ختاية (.)618/4 ( )7أخرجه أـ
647 شرط الصدق
أما األ لة الخاصة يلى اشتراط الص ر ففاف يانا ال قام ر مانا:
4ر ال رره ف رري األيراا رري ال ررذ يل رره ش ررائع اإلر ررالم« :أفل ر إ ص ر »( .)1ف رري
ا ررا الر ا ررات« :إ ص ر لف ر خلا الجاررة»( ،)2فاشررترط فرري فالـرره خال ره الجاررة أ
كا صا اً في فامه اشرائع اإلرالم ،التي ما أيي نا الشنا ما (.)3
3ر الره ألاري ماررى ر م ره نفرر مرا امره ر« :أاشرر ا ر
اش ر ا َمر صا يائكرن :أنره مرا
شن أ إله إ الله صا اً انا لبه خل الجاة»(.)4
4ر اله ل اذ « :ما ما أـر شرن أ إلره إ اللره أ مح ر اً يرراي
الله ص اً ما لبه إ ـرمه الله يلى الااي»( .)5في ي ا ة يا اإلمام أـ ر « :مرا مرات
ها شن أ إله إ الله أ مح اً يراي الله صا اً ما لبه خل الجاة»(.)6
6ر اله فف ا ي ا البزاي فري مسرا يرا يفراض األنصراي يرا الابري راي« :إ
إلرره إ اللرره كل ررة يلررى اللرره كر ررة لنررا يا ر اللرره مكررا ،هرري كل ررة مررا النررا صررا اً
أ خلرره اللرره انررا الجاررة ،مررا النررا كاذا راً ـقارره مرره أـرررزت مالرره لقرري اللرره ر اً
فحاربه»(.)7
1ر الرره ر ك ررا فرري ـ ر ع يفايررة اررا يرااررة الجنارري يارره ر «أشررن يا ر اللرره
ررات يبر شررن أ إلرره إ اللرره أنرري يررراي اللرره صر اً مررا لبرره ررن سر إ رررل
في الجاة»(.)8
4ر الرره ألارري هر رررة ل ررا رررأله :مرراذا ي إلف ر يا ر فرري الشررفاية؟ رراي « :الررذ
نفررس مح ر اف ر لق ر ظاارره أن ر أ ي مررا سررألاي يررا ذل ر مررا أمترري ل ررا يأ رره مررا
ـرص ر يلررى ال لررن ،الررذ نفررس مح ر اف ر ل ررا ن ارري مررا انقصررافنن( )1يلررى أا رااب
الجاة أهن يا ما م ام شفايتي لنن ،شفايتي :ل را شرن أ إلره إ اللره مخلصراً
أ مح ا يراي الله ُص لسانه لبه لبه لسانه»(.)2
7ر يا ر الطبرانرري مررا ـ ر ع يقبررة اررا يررامر يررا أارري اكررر الص ر رراي :رراي
يررراي اللرره « مررا رراي إلرره إ اللرره ص ر لبرره لسررانه خررل مررا أ أا رااب الجاررة
الث انفة شا »(.)3
7ر يررا ي ررا اررا ـصررفا رراي رر ه يررراي اللرره قرراي« :مررا يلررن أ اللرره
ياه أني نبفه صا اً ما لبه ر أ مأ اف إلى جل ر ـرمه الله يلى الااي»(.)4
جر رره ا رتشر ررنا انر ررذ األـا ر ررع ال تق مر ررة ظر رراهر يلر ررى اشر ررتراط الص ر ر لصر ررحة
الشررنا ة ،هررا أنرره ف ر نفررع الشررنا ة االص ر فرري النررا ال اررافي للكررذب التكررذ ن
في أصل اإل ا إذا انتفى الشرط انتفى ال شر ط.
قرراي الشررفم يبر الرررـ ا اررا ـسررا حي الشررفم يـ رره اللرره م لفقراً يلررى الرره :
«ص ر اً مررا لبرره ،خالص راً مررا لبرره» (( :كررذل مررا النررا فررر صررا ٍ فرري الرره فاننررا
ما ف رره ،ل خالفررة القلررن اللسررا ،كحرراي ال اررافقفا الررذ ا قالررا األسرراتنن مررا لررفس فرري
لاانن))(.)5
ثانيا :األدلة العقلية على اشتراط الصدق لصحة الشهادة:
لة ال قل يلى اشتراط الص مينر في أماي:
لفرط الزـام .الانا ة في ر ن الح ع (.)73/8 ( )1انقصافنن :ما القصف ها ال فع الش
( )2مق م مخر جه.
( )3ال يا للطبراني (.)644/4
في ال سا ( ،)646/6أاا ن فن في الحلفة (جر ،)483/4أ ي الطبراني في الكبفر ( )4أخرجه أـ
( .)36/48اي النفث ي في مج ع الز ائ ( :)41/44في إراا ما أيرفنن.
( )5رة يفا ال اـ ا (ص ،)38 :انير :أيالم الساة ال اشاية (ص.)64 :
644 شرط الصدق
4ر ر أ اإل ررا مشررت مررا األمررا الررذ هررا اإل رراي الط أنفاررة ك را ررري ذل ر شررفم
حصرال إ اره ك را جرا اإلرالم ر يـ ه الله ر( ،)1الط أنفاة اإل راي ما لاازم التصر
اخ ررل ف رري ف رري الح ر ع« :ف را الص ر ط أنفا ررة ،الك ررذب ي ب ررة»( )2فثب رره أ التص ر
ص اإل ا إ اه. ـقفقة اإل ا
ص ر ر إ مر ررع ا يتقر ررا ،ا يتقر ررا مر رراطفا الر ررافس يلر ررى أـ ر ر 3ر ر ر أ اإل ر ررا
ثبه اإل ا إ االتص . فاجن أ كا إ مع التص األمر ا( ،)3ذل
4ر أ الكفر ل ا كرا حصرل االتكرذ ن ،التكرذ ن إن را اتفري االتصر فصر أنره
ثبه اإل ا إ االتص . محتاج إلفه لافي كفر التكذ ن ر إ ج ر فاجن أ
6ر أ ما مفقا لن ص فال اف ه قفاه إذ ي م ص الفقفا ا ح في محقفر أصرل
الفقفا الذ ها شرط في صحة اإل ا ك ا مق م.
1ر مررا جررا ال قررل فرري اشررتراطه أ ا راً :أ الشررنا ة مقتارري ال لررن الفقررفا ذل ر
طر ر لتحصررفل الص ر التص ر اررال اى فالص ر متا ر ا لل لررن الفقررفا إذ هررا مرمبررة
محصل ا ه ا ك ا رفأمي في افا الفر افا هذ الشر ط الثال ة.
فل ا كا الص ـاصل ال لن الفقفا فنا أخذ ـك ن ا ففكا شرطاً في صرحة
الشنا ة.
هذ ا ا األ لة ال قلفة يلى اشتراط الص لصحة الشنا ة.
أ ا راً :ف ررا ه ررذا الش رررط ُمج ررع يلف رره ا ررفا أه ررل ال ل ررن ،م ررا ـك ررى اإلج رراأ يلف رره
ال ل ي ر يـ ه الله ر في ((يفع ا شتبا ))(.)4
فثبه أ الص شرط ايتبراي لصرحة الشرنا ة ار لفل الكتراب ار لفل السراة ،ار لفل
ال قل ،ا لفل اإلج اأ.
في الزه (ص.)464 : ( )1ي ا البفنقي في ش ن اإل ا ( )344/6ار ن ( .)6781أ ي اإلمام أـ
( )2انير :ففا الق ر (.)464/6
اا ما ة (.)414/4 ( )3م يفن ي الصالة ( .)747/3انير :اإل ا
( )4التاـف (.)444/3
143 شرط الصدق
7ر يق ر البفنقرري فرري الش ر ن ااا راً ر ر ا (( :ارراب ال ر لفل يلررى أ التص ر االقلررن
اإل راي االلسا أصل اإل ا ،أ كلفن ا شرط في الاقل يا الكفر يا ي م ال جز)).
ررن أ ي األ لررة ال الررة يلررى هررذا ال اررى مررا القرررح فررذكر الرره م ررالى :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [البقررة ]444:ن اي (( :فأمر ال رؤمافا أ قالراا حمارا االلره)).
ن ذكر اله م رالى :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
[الحجرات .]46:ن اي(( :فأ خبر أ القاي ال اي يا ا يتقا لفس اا ا أنه لرا كرا
فرري لرراانن إ ررا لكرراناا مررؤمافا لج نررن اررفا التص ر االقلررن القرراي االلسررا )) .ررن رراي:
له السراة يلرى مثرل مرا ي يلفره الكتراب( ،)1فرأ ي ج لرة مرا األـا رع ال الرة يلرى ذلر ،
أكثرها مق م يا الكالم يلى أ لة الساة يلى شرط الص .
8ر رراي البغر ا (( :إ الررركا األ ي مررا أيكررا اإلرررالم ،ك ررا ي ارره الخبررر ،شررنا ة
أ إلرره إ اللرره أ مح ر اً يررراي اللرره ،لنررذ الشررنا ة شررر ط)) ذكررر مانررا أ كررا
النا ناشئاً يرا (( مصر لنرا االقلرن ،فأمرا إذا أطلقنرا ال اراف الرذ تقر خالفنرا فانره
كا يا الله مؤمااً ناجفاً ما يقاب اآلخرة))(.)2
4ر يقر اآلجررر ر يـ رره اللرره ر اااراً فرري ـقفقررة اإل ررا أنرره مصر االقلررن إ رراي
االلسا ي ل االجاايح فأ ي محتره راي اللره م رالى :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [الحجرات .]46:ن اي(( :فنذا م ا ر ل يلرى أ يلرى
ال رفررة ،افررع القرراي ارره إذا لررن كررا القلررن مصر اً القلررن ااإل ررا ،هررا التصر
ا ا اط اه اللسا مع ال ل))(.)3
44ر اي الحكفن الترمذ ( (( :)4رة هذ الكل ة ألهلنا أهلنا مرا يياهرا ـترى رام
اافائنرا صر نا ،مرا لررن رينرا فلرفس مرا أهررل إلره إ اللره ،إن را هررن مرا أهرل رراي
إله إ الله .فأهل اي إله إ الله ما كرا مرج ره إلرى القراي اره ال رل انراا أهرل
إله إ الله ما كا مرج ه إلى إ امة هذا القاي فا ص اً))(.)1
44ر اي البغا ر يـ ه الله ر يا مفسفر راي اللره م رالى :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [الحج ر ر ر ررات (( .]46:ف ر ر ر ررأخبر أ ـقفق ر ر ر ررة اإل ر ر ر ررا التص ر ر ر ر
التصر ر ك ررا إ انر راً االقل ررن ،أ اإل ر رراي االلس ررا إظن رراي شر ررائ ه ااألار ر ا
االقلن اإلخالص))(.)2
43ر ذكر ااا يب البر ال الكي ر يـ ه الله ر :أ أـر اً كرا االافرة مسرل اً
القاي ،ـتى لفظ شنا ة اإل ا كل ة اإلرالم ،كا لبه مص اً في ذل (.)3
44ر رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر مقرررياً هررذا الشرررط (( :الصر اإلخررالص ه ررا
في الحقفقة محقف اإل ا اإلررالم ،فرا ال ينرر ا لإلررالم اقسر ا إلرى مرؤما ماراف ،
الفاي افا ال ؤما ال ااف ها الص ))(.)4
46ر اي ااا القفن ر يـ ه الله ر(( :فا مصر القلرن شررط فري ايتقا هرا كاننرا
ناف ة))(.)5
41ر اي الحافظ ااا ـجر ر يـ ه الله ر في م لفل الحكن اارالم الكرافر إذا نطر
االشنا مفا(( :فا ما زم اإل ا االله يراله :التص اكل ما به يان ا التزام ذل ،
ففحصل ذل ل ا ص االشنا مفا))(.)6
44ر رراي ال اررا «(( :مررا رراي إلرره إ اللرره مخلصراً ر زا فرري ي ا ررة مررا « لبرره» ر خررل
الجاة» اي الطفبي :اله« :مخلصراً» فري ي ا رة ا لره «صر اً» أ رفن مقرام ا ررتقامة ،أل
ذل ر بررر ارره ررا ً يررا مطااقررة القرراي ال خبررر يارره ،بررر ارره ف رالً يررا محررر األخررال
ال رضفة كقالره م رالى :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ [الزمرر ]44 :أ :ـقر مرا أ ي را ً ا را
محررا ف رالً .انررذا التقر ررر ا ر فع مررا أ ه رره ظرراهر األخبرراي مررا ماررع خرراي كررل مررا نط ر
االشنا مفا الااي إ كا ما الفجاي))( )1انتنى.
له :هذا إشاية ماه إلى شر ط إله إ الله ،مانا :شرط الص .
47ر رراي الشررفم يبر الرررـ ا اررا ـسررا حي الشررفم (( :ار فرري شررنا ة أ إلرره إ اللرره مررا
رب ة شر ط ،مافع ائلنا إ ااجت اينا)) .فذكر مانا(( :الص ال اافي للكذب))(.)2
48ر رراي الشررفم يبر اللطفررف حي الشررفم ..(( :اررل لررا ـصررل لرره ال لررن فامرره الص ر لررن كررا
شرراه اً ،اررل هررا كرراذب ،إ أمررى ان ررا فرري صرراية .رراي اللرره م ررالى :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
[ال ا ر ر ررافقا ]4:فك ر ر ررذانن ف ر ر رري ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ
فلنن ،ي شنا منن ،شرن يلرى كرذانن ،أكر الحكرن ارا ال ؤكر ة م الت لفر ،فنرل قراي ائرل
أننررن شررن اكل ترري اإلخررالص ،ترفررا انررا؟ هررل هررذا إ ي لكترراب اللرره خررر ج يررا ررربفل
ال ررؤمافا؟ ف رراننن مج ررا يل ررى ايتب رراي م ررا ل رره يلف رره الش ررنا ما م ررا ال ا ررى ال ر ررا .أن رره ه ررا
ال قصا ،لن قل أـ إ اإل ا مجر اللفرظ مرا فرر يقفر ة القلرن يل ره مصر قه ،مرا فرر
ي ل ا لاي الشنا مفا))( .)3انتنى.
44ر اي ـافظ ـك ي ا أ ذكر اآل ات األـا ع ال الة يلى اشرتراط الصر
لصحة الشنا ة (( :فاشترط في إنجا ما اي هذ الكل ة ما الاراي :أ قالنرا صر اً مرا
لبه ،فال اف ه مجر اللفظ ا مااطأة القلن))(.)4
اي في مقام مشااه (( :فا مص القلن شرط في ايتقا ها كاننا ناف ة))(.)5
34ر ذكر ال ل ي ر يـ ه الله ر أ هذا الشرط ُمج ع يلفه افا أهل ال لن(.)6
34ر ر رراي الشررفم ااررا ارراز ر يـ رره اللرره ر فرري مقر ررر هررذا الشرررط (( :الص ر فرري ذل ر ،
تقر اأنرره م بررا ـر إ اللرره ،لررا النررا كاذاراً كال اررافقفا قالاننررا ذلر اررأ
( )1ففا الق ر (.)484/4
( )2فت ال جف (ص.)446 :
( )3مصباح اليالم (ص.)46 :
( )4م ايج القباي (.)633/3
( )5أيالم الساة ال اشاية (ص.)474 :
( )6انير :يفع ا شتبا (ص)46 :
144 شرط الصدق
ه ررن تقر ر أ م ررع الل رره حلن ررة أخ رررإل ل ررن م رراف نن ه ررذ الكل ررة ل ررن ر ر خلاا ف رري
رراي :ﭬ ﭭ اإلرررالم ااطا راً ،ك ررا رراي م ررالى :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ فال ا ما التص االقلن الفقفا اأنه
م با ـ إ الله)) انتنى.
()1
لصررحة الشررنا ة ،هرري هررذ ا ررا الاقرراي مررا كررالم أهررل ال لررن فرري اشررتراط الص ر
ظاهرة في ال لة يلى ذل .
المبحث السادد :ايادة التصدي بشهادة أن ال إله إال الله وأثثرل فثي تكميثل شثهادة
أن ال إله إال الله.
التص ر اشررنا ة أ إلرره إ اللرره ر ك ررا مق ر م ر لرره أصررل ص ر إ ارره ،لرره ك رراي
تفررا ت الارراس ففرره ،احسررن هررذا التفررا ت متفررا ت يجررامنن فرري اإل ررا فالتص ر فرري نفسرره
مرامن يجات ،فرأيلى يجامره مرامبره مرمبرة الصر قفة :هري ر ك را راي اارا القرفن ر يـ ره اللره ر:
((ك رراي اإلخررالص ا نقفررا ال تاا ررة للخبررر األمررر ظرراهراً ااطاراً))( ،)1أ ((ك رراي اإل ررا ا ررا
جا اه الرراي يل اً مص قاً فاماً اه))(.)2
راي ر يـ رره اللرره ر فرري صررف الصر (( :الص ر هررا الررذ ص ر فرري الرره
ف لرره ،صر الحر اقالرره ي لرره ،فقر انجررذاه راا كلنررا لالنقفررا للرره لرررراله يكررس
ال ااف الذ ظاهر خال ااطاه اله خال ي له))(.)3
مقام مشااه (( :أما الص فنا الذ ك ل مقام الص قفة لك راي اصرفرمه، اي في ٍ
ـتى كأنه ااشر اصر م را أخب َرر اره الررراي مرا ااشرر لبره فلرن بر افاره ارفا إ يا
البصررر إ ـجرراب الغفررن ،فنررا كأنرره ايررر إلررى مررا أخبررر ارره مررا الغفررن مررا يا رررتاي ،
هذا لك اي البصفرة ،هذا أفال مااهن ال ب أيين كرامامه التي كرم انرا ،لرفس ا ر
يجة الاباة إ هي ،لنذا ج لنا رربحانه ا ر ها فقراي ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ [الاسررا .]44 :هررذا هررا السر ر الررذ رررب ارره
الص ،اكثرة صام اكثرة صالة(.)))4
لررذل ل ررا كررا ألارري اكررر الصر ذي ة ررراام هررذ ال رمبررة ر ي :الصر
ُر
() 6
. يلى اإلطال .الص أالم ما الص ( ،)5الص أالم ما الصا
فنذ الث مرامن فري الصر متفا مرة .هرن فري الجارة كرذل يلرى مررامبنن متفرا ما
ك ا جا في الصحفحفا ما ـ ع أاي ر ف الخ ي يا الابي أنه اي« :إ أهرل
الجاررة ت ررا أهررل الغررر مررا فررا نن ك ررا مت ررا الكاكررن ال ر ي الغرراار( )1فرري األف ر مررا
ال شررر أ ال غرررب لتفاضررل مررا افررانن» .ررالاا ررا يررراي اللرره :مل ر ماررازي األنبفررا بلغنررا
فرهن! .اي« :الى ،الذ نفسي اف يجاي حمااا االله ص اا ال ررلفا»(.)2
ه ررن يج ررات ف رري ذلر ر ،ف ررا ذلر ر الص ر
ف رراذا ب رره أ الا رراس متفر را ما ف رري ر
ررا كس يل ررى رراة ش ررنا منن لل رره م ررالى االتاـف ر فأك ررل الا رراس ماـف ر اً أك لن ررن ان ررذ
الشنا ة مص قاً.
قاي الحافظ ااا يجن ر يـ ه اللره ر فري افرا أ رر الصر فري مقا رة الشرنا ة مك فلنرا:
(( فأما ما خل الاراي مرا أهرل هرذ الكل رة ،فلق لرة صر ه فري النرا ،فرا هرذ الكل رة إذا
ص ر ه فرري النررا طنر رت القلررن مررا كررل مررا ررراإل اللرره ،متررى اقرري فرري القلررن أ ررر ل ررا
راإل الله ،ف ا لة ص ه في النا.
ررج إ إ را ،لرن خر َ ما ص فري راي :إلره إ اللره ،لرن حرن رراا ،لرن ُ
أـ اً إ الله ،لن تاكل إ يلى الله ،لن ب َ له اقفة ما ح اي نفسه هاا ))(.)3
رالم لرره(( :أ ش ر ن اإل ررا ر رراي شررفم اإلرررالم ااررا مف فررة ر يـ رره اللرره ر فرري كر ٍ
ال رفررة مررتالزم يار القرراة مررتالزم يار الار ف فرراذا ررا مررا فري القلررن مررا التصر
ال حبة لله يرراله أ جرن اغرا أير ا اللره ك را راي م رالى :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ [ال ائ ر ر ر ر ر ة .]84 :ر ر ر ر رراي :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ [ال جا لة.)4())]33 :
اي مل فذ ااا القفن(( :ف ا يرخه هذ الكل ة في لبه احقفقتنرا التري هري ـقفقتنرا،
امصررف لبرره انررا انصرربم انررا اصرربغة اللرره الترري أـسررا صرربغة مانررا ،ف ررر ـقفقررة اإللنفررة
الترري ثبتنررا لبرره للرره شررن انررا لسررانه مصر نا جاايـرره ،نفررى ملر الحقفقررة لاازمنررا يررا
كل ما راإل الله ،اطأ لبُه لسانَه في هذا الافي اإل بات ،انقا ت جاايـره ل را شرن لره
االاـ انفة طائ ةً رالكةً ربل ياره ذُلرالً فرر ناكبرة يانرا اا فرة ررااها ار ً ،ك را بتغري
القلن راإل م با الح ا ً فال ي رن أ هرذ الكل رة مرا هرذا القلرن يلرى هرذا اللسرا ُ
مزاي مؤمي رمنا ما ال ل الصرال الصراي إلرى اللره كرل ره ،فنرذ الكل رة الطفبرة هري
الترري يف رره هررذا ال ررل الصررال إلررى الرررب م ررالى ،هررذ الكل ررة الطفبررة مث ررر َكل راً كثفرراً طفبراً
قاينرره ي ررل صررال ففرفررع ال ررل الصررال الكلر َرن الطفررن ك ررا رراي م ررالى :ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ
ﯬﯭ [فرراطر .]44:فررأخبر ررربحانه أ ال ررل الصررال رفررع الكلررن الطفررن ،أ الكل ررة الطفبررة
مث ر لقائلنا ي الً صالحاً كل ه ...إلى أ اي :فاذا كا ال لن صحفحاً مطااقراً ل لامره
الررذ أنررزي اللرره كتااَره ارره ،ا يتقررا مطااق راً ل ررا أَخبر َرر ارره يررا نفسرره أخبرررت ارره يارره ير رلُه،
اإلخررالص ررائن فرري القلررن ،األي رراي ماافقررة لألمررر الن ر ال ر ي الس ر ه مشررااه لنررذ
األصاي ماارن لنا يلن أ شجرة اإل ا في القلن أصلنا ااه فرينرا فري السر ا ،إذا
كررا األمررر اررال كس يلررن أ القررائن االقلررن إن ررا هررا الشررجرة الخبفثررة الترري اجتثرره مررا فررا
األيض ما لنا ما راي))(.)1
فتبفا أ التص كل ا ا في القلن أ ر ما ز ا ة اإل ا التاـفر مرا كرا
ربباً في مك فل شنا ة أ إله إ الله فأك ل الااس شنا ة أك لنن انا مص قاً.
المبحث السابع :ما ينافي شرط الصدق في شهادة أن ال إله إال الله.
الذ اافي الص في شنا ة أ إله إ الله التكذ ن ا اا ال ام( .)1التكذ ن ا ارا
ال ررام نقررفا التصر .رراي شررفم اإلرررالم فرري ـر (( :التكررذ ن إخبرراي اكررذب ال خبررر فقر
صر الرجررل الكرراذب مرراية ،ر كررذب الرجررل الصررا أخررر ،فالتصر التكررذ ن نايررا
مرا الخبرر ه را خبرر يرا الخبرر فالحقرائ الثااترة فري نفسرنا التري ر م لرن ار خبرر كرا
س ررت ل ففن ررا لف ررظ التصر ر التك ررذ ن إ لر رن قر ر ي مخب ررر يان ررا اخ ررال اإل ررا اإل ر رراي
اإلنكاي الجحا ،نحا ذل فانه تاا ي الحقائ اإلخباي يا الحقائ أ ااً))(.)2
فتبفا ما كالم شفم اإلرالم ر يـ ره اللره ر أ التكرذ ن مخالفرة الحر ع للاا رع(،)3
ها تاا ي الحقائ الشريفة الثااتة في نفسنا التي م لن ا خبر كلفظ اإل ا لفرظ
الكفر ،تاا ي اإلخباي يانرا ففكرا التكرذ ن ارالقاي لرافس الخبرر ،كرا االقلرن لرافس
ا يتقا ،االف ل لافس الف ل ففكا اأي اي القلاب اأي اي الجاايح.
له :م ا بف ا ذل اله « :الفرج ُص ذل كله أ كذ اه»(.)4
إذا به هذا ،فالتكذ ن م ا اافي الص فري شرنا ة أ إلره إ اللره ،مينرر
ماافامُه له ما جنفا:
األ ي :مزا لترره لرره االكلفررة ،ذل ر إذا ـصررل فرري أصررل اإل ررا كتكررذ ن ال اررافقفا
الرذ ا ررالاا هررذ الكل ررة لررن رااط ررالنن مررا فرري لرراانن ارل الاهررا لف صر اا انررا مررا هن
ﮛ أم ر راالنن ك ر ررا ر رراي م ر ررالى :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ
( )1ال را االتكذ ن هاا التكذ ن ال ام لفس التكذ ن الخاص الذ ها نقفا الشرطفة .ما ال لام أ التكذ ن
اافي الك اي الااجن ،ذل احسن نايه. اافي األصل ر الشرط ر ال ام
( )2مج اأ الفتا إل (.)143/7
فال ذم إ إذا ،إما إذا ـصل يا فر م ( )3مخالفة الح ع للاا ع ذم مطلقاً إ إذا كا يا م
صاـبه مفر ط ما ـفع ي م محر الاا ل للكذب ،هذا ما أشاي إلفه الابي اقاله« :كفى اال ر كذااً
أ ح ث اكل ما ر ع» .أخرجه مسلن في ال ق مة ما صحفحه ( )44/4ح ي ن (.)1
محالة كذب ،الكذب اإلخباي يا في م لفقه يلى هذا الح ع(( :فاذا ـ ث اكل ما ر ع اي ال اا
شرط اإل ن))[ .ففا الق ر (.])3/1 ،لكا الت الشي يلى فر ما ها يلفه إ لن ت
( )4ماى مخر جه في (ص.)144 :
143 شرط الصدق
ﮯ ﮰ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ
[ال اافقا 4 :ر .)1(]3
الثرراني :ماافامرره للصر مررا جنررة ذهااره لك الره الااجررن ككررذب الحر ع ،لررذا ير
الابي ذلر نفا راً ك را فري الحر ع الصرحف « :أيارع مرا كرا ففره كرا ماافقراً خالصراً،
ما كانه ففه خلة مانا كا ففره خلرة مرا نفرا ـترى ر ينا» فرذكر مانرا« :إذا َرـ ث
كذب»(.)2
ال را اه الافا ال لي ((األصغر)) الذ جت ع مع أصل اإل ا ،فال خررج صراـبه
مررا ال ل رة إ إذا ارررتحكن ك ررل فق ر اسررلم صرراـبه يررا اإلرررالم االكلف رة ،إ صررلى
صام زين أنه مسلن ،فا اإل ا انى ال ؤما يا هذ الخرالي ،فراذا ك لره فري ال بر
لن كا له ما انا يا شي مانا ،فنذا كا إ ماافقاً خالصاً(.)3
اي الارا ر يـ ره اللره ر فري شررح هرذا الحر ع(( :هرذا الحر ع م را ير ج ايرة مرا
ال ل ررا مشرركالً ،مررا ـفررع إ هررذ الخصرراي ماج ر ف ري ال سررلن ال ص ر الررذ لررفس ففرره
ش ر ،ر أج ررع ال ل ررا يلررى أ مررا كررا مص ر اً اقلبرره لسررانه ف ررل هررذ الخصرراي
حكر رن يلف رره اكف ررر ،ه ررا ما رراف خلر ر فر ري الا رراي فر را إخ رراة ار ررف ج ر راا ه ررذ
الخصرراي ،كررذا ج ر لررب ا السررلف ال ل ررا ا ررا هررذا أ كلرره .هررذا الح ر ع لررفس ففرره
اح ر ر اللر رره م ر ررالى إشر رركاي ،لكر ررا اختلر ررف ال ل ر ررا ف ر ري م ار ررا ،فالر ررذ الر رره ال حققر ررا
األكثررر ،هررا الصررحف ال خترراي :أ م اررا :أ هررذ الخصرراي خصرراي نفررا ،صرراـبنا
شرربفه اال اررافقفا ف ري هررذ الخصرراي ،متخل ر ا رأخال نن ف را الافررا هررا إظنرراي مررا رربطا
خالفرره ،هررذا ال اررى ماجررا فري صرراـن هررذ الخصرراي ،كررا نفا رره فري ـر مررا ـ رره
ي ر ائت ارره خاص ر ه ياه ر مررا الارراس ،أنرره مارراف ف ري اإلرررالم ،ففينررر هررا رربطا
( )1انير :الكشا للزمخشر ( ،)433/4ال ي ال اثاي للسفاطي ( ،)444/4م ايج القباي (.)633/3
( )2أخرجه البخاي في كتاب ال يالن ،ااب :إذا خاصن فجر (جر ،)444/4ح ( ،)3614مسلن في كتاب
اإل ا (.)78/4
سفر. ( )3الصالة ـكن مايكنا (ص )66 :اتصر
144 شرط الصدق
الكفررر ،لررن ررر الاب ري انررذا أنرره مارراف نفررا الكفرراي ال خل ر ا ف ري ال ر ي األرررفل مررا
الااي))( .)1انتنى.
فالحاصل أ التكذ ن إما أ حصل في أصل اإل را ففكرا كفرراً أكبرر ارافي أصرل
التص ر اش ررنا ة أ إل رره إ الل رره .إم ررا أ حص ررل ف رري ك رراي اإل ررا ففا ررافي ك رراي
التص الااجن ،كا كفراً ال م صفة مُ صخرج يا ائرة اإل ا .
في ما لي مفصرفل لرب ا صراي الكرذب ال ااففرة لشرنا ة أ إلره إ اللره مرا ـفرع
األصل أ الك اي:
المطلب األول :كفر التكذيب.
كفررر التكررذ ن م ررا اررافي أصررل التصر اشررنا ة أ إلرره إ اللرره ،صرراية هررذا
الكفر .اي ااا القفن ر يـ ه الله ر(( :فأما كفر التكرذ ن فنرا ايتقرا كرذب الرررل .هرذا
القسررن لفررل فرري الكفرراي ،فررا اللرره م ررالى أ رر يرررله أيطرراهن مررا الب رراهفا اآل ررات يلررى
صر نن مررا أ ررام ارره الحجررة أزاي ارره ال ررذية رراي اللرره م ررالى يررا فريررا امرره :ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ [الا ررل ،]46 :رراي لرر رراله :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
[األن ام ]44 :إ ر ي هذا كفر مكذ ن أ ااً فصحف إذ ها مكذ ن االلسا ))(.)2
رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر(( :ف ررا رراي السررانه :إلرره إ اللرره ،كررذب الرررراي
فنا كافر اامفا ال سل فا .كذل إ جح شفئاً م ا أنزي الله))(.)3
اي ااا الاز ر في ـ (( :ايلن أ أصل الكفرر هرا التكرذ ن ال ت ر لشري مرا كترن
الله م الى ال لامة ،أ ألـ ما يرله يلفنن السالم ،أ لشي م ا جاا ا اره إذا كرا ذلر
األمررر ال ُ كررذب ارره م لامراً االاررر ية مررا الر ا ،خررال أ هررذا القر ي كفررر ،مررا صر ي
ياه فنا كافر إذا كا مكلفاً مختاياً فر مختل ال قل مكر ))( )4انتنى.
( )1شرح الاا يلى صحف مسلن (جر 346/3ر .)441انير :مج اأ فتا إل شفم اإلرالم ( 641/38ر .)644
( )2م ايج السالكفا ( .)447/4انير :في م ر فه أ ااً :ي الت ايض ( ،)363/4مج اأ الفتا إل (.)74/3
( )3مج اأ الفتا إل (.)374/8
( )4إ ثاي الح يلى الخل في الر الخالفات (ص 474 :ر .)477
146 شرط الصدق
() 1
هررذا التكررذ ن للابرري أ لشرري م ررا جررا ارره ر قررع االلسررا ففكررا كفرراً
ظرراهراً ،ر قررع االقلررن مررع ال صرران ة االطايررة ا نقفررا ففكررا كفر َرر نفررا ( ،)2رررفأمي
الح ع ياه في ال طلن التالي.
فالحاصل أ كفر التكذ ن كا ظاهراً ااطااً(.)3
الج ر االذكر هاا أ التكذ ن أخص ما الكفر.
قرراي ااررا مف فررة ر يـ رره اللرره ر (( :التكررذ ن أخررص مررا الكفررر ،فكررل مكررذب ل ررا
جا ت اه الررل فنا كافر لفس كل كافر مكذااً ،ال كا مرمااراً إ كرا نراظراً ففره،
أ م رضراً يارره ا ر أ لررن كررا نرراظراً ففرره ،ر كررا ررافالً يارره لررن تصرراي احرراي لكررا
يقااة هذا ما افة يلى مبلفم ال ررل إلفه))(.)4
انذا تبفا ضالي ما حصر الكفر فري مكرذ ن القلرن فقرط .ذلر هرا ـقفقرة
مذهن ال رجئة(.)5
قرراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر (( :ماشررأ هررذ الشربنة الترري أ جبرره هررذا الرراهن
ما ال تكل فا أ ما ـذا ـذ هن ما الفقنا :أننن يأ ا أ اإل را هرا مصر الررراي
فف ررا أخبررر ارره ،يأ ا أ ايتقررا ص ر ة اررافي السررن الشررتن االررذات ،ك ررا أ ايتقررا
إ جرراب طايترره اررافي م صررفته ،ف را اإل نسررا ر نررفا مررا تق ر جرراب إكرامرره ك ررا
تررر مررا تق ر جرراب ف لرره ف ررل مررا تق ر جرراب مركرره ،ررن يأ ا أ األمررة ر كفرررت
الساب فقالاا :إن ا كفر أل ربه لفل يلى أنه لن تق أنره ـررام ،ايتقرا ـلره مكرذ ن
للررراي فكفثثر بهثثذا التكثذيب ال بتلثثك اإلهانثثة ،إن را اإل هانررة لفرل يلررى التكررذ ن(،)6
فراذا فرررض أنرره فرري نفررس األ مررر لررفس ا كررذب كررا فرري نفررس األمررر مؤماراً ،إ كررا ـكررن
الياهر إن ا جر يلفره ا را أظنرر .فنرذا مأخرذ ال رجئرة م تار هن هرا الرذ ا قالرا :
القلن فذل ها كفر الجحا .رفأمي في شرط القباي. ( )1أ مع القلن .أما التكذ ن االلسا
التكذ ن .انير :م ايج القباي (.)144/3 قع أ ااً مع الش ( )2كفر الافا
( )3أيالم الساة ال اشاية (ص.)477 :
( )4مج اأ الفتا إل (.)74/3
( ،)446شرح ال قاص ( )5انير :في ـ ال رجئة للكفر أنه مكذ ن القلن فقط :التاـف لل امر
( 347/3ر ،) 348الت نف في أصاي ال ا للاسفي (ص.)444 :
( )6انير :شرح ال قاص ( 347/3ر ،)348ال لل الاحل للشنررتاني (جر.)466/4
141 شرط الصدق
اإل ا هرا ا يتقرا القراي ،المنرن هرن الكرامفرة الرذ ا قالرا :هرا مجرر القراي إ
ير يا ا يتقا ))(.)1
ررن أجرراب يررا هررذ الشرربنة مقرررياً أ الكفررر أيررن مررا التكررذ ن فقرراي (( :ج رااب
الشبنة األ لى ما جا :
ا ر أ اجررن أـ ر ها :أ اإل ررا إ كررا أصررله مص ر القلررن ،فررذل التص ر
ـا ً في القلن ي الً له ،ها م يفن الررراي إجاللره محبتره ،ذلر أمرر زم كالترألن
التا ن يا اإلـساس اال ؤلن ال را ن ،كرالافرة الشرناة يار الشر اي ارال الئن ال ارافي.
لررن غررا شررفئاً. فراذا لررن محصررل هررذ الحرراي ،ال ررل فرري القلررن لررن افررع ذلر التصر
إن ررا اررع ـصرراله إ ذا يايضرره م ررايض مررا ـسر الرررراي ،أ التكبررر يلفرره ،أ اإله رراي
ل رره ،إي رراض القل ررن يا رره ،نح ررا ذل ر ،ك ررا أ إ يا ال الئ ررن ،ال ا ررافي اج ررن الل ررذة
األلن ،إ أ ايضه م ايض .متى ـصل ال ايض كا جرا ذلر التصر ك مره،
ك ا كا جا ذل ك مره ،ارل كرا ذلر ال رايض ماجبراً ل ر م ال لراي الرذ هرا
ـاي في القلن .اتارط ي مه ز ي التص الذ ها ال لة ففاقلع اإل ا االكلفرة مرا
القلن .هذا ها ال اجن لكفرر مرا ـسر األنبفرا ،أ مكبرر يلرفنن ،أ كرر فررا اإللرف
ال ا ة مع يل ه اأننن صا ا ،كفرهن أ لظ ما كفر الجناي.
إن را هررا الثرراني :أ اإل ررا إ كررا تا ر ا التص ر ،فلررفس هررا مجررر التص ر
اإل رراي الط أنفا رة ،ذل ر أل التص ر إن ررا رررض للخبررر فقررط فأمررا األمررر فلررفس ففرره
مص ر مررا ـفررع هررا أم رر ،كررالم اللرره خبررر أمررر فررالخبر سررتاجن مص ر ال خب رر،
األ م ررر س ررتاجن ا نقف ررا ل رره ا رتس ررالم ،ه ررا ي ررل ف رري القل ررن ،ج اي رره :الخا رراأ
ا نقفررا لألمررر إ لررن ف ررل ال رأماي ارره ،ف راذا ااررل الخبررر االتص ر ،األمررر اا نقفررا ،
فق ر ـصررل أصررل اإل ررا فرري القلررن ،هررا الط أنفا رة اإل رراي ف را اشررتقا ه مررا األمررا
ا نقفرا ، الذ ها القراي الط أنفارة ،ذلر إن را حصرل إ ذا اررتقر فري القلرن التصر
إذا كررا كررذل فالسررن إهانررة ار ررتخفا ،ا نقفررا لألمررر إك ررام إي رزاز .مح رراي أ
نررفا القلررن مررا ر انقررا لرره خاررع ارتسررلن ،أ سررتخف ارره ف راذا ـصررل فرري القلررن
ارررتخفا ارررتنانة امتاررع أ كررا ففرره انقفررا أ ارتسررالم ،فررال كررا ففرره إ ررا .هررذا
ها ا فاره كفرر إالرفس فانره رر ع أمرر اللره لره فلرن كرذب يررا ً ،لكرا لرن اقر لألمرر لرن
خاع له ،ارتكبر يا الطاية فصاي كافراً ،هذا ماضع زاغ ففه خل ما الخلرف مخفرل
لنن أ اإل ا لفس في األصل إ التص ،ن ر مثل إ الفس فريا م ا لن صر ي
يا رره مك ررذ ن أ صر ر ي يا رره مك ررذ ن االلس ررا االقل ررن( )1كف ررر م ررا أ ل ررظ الكف ررر،
ففتحفررر ل را أننررن ه ر ا ل ررا ه ر إلفرره السررلف الصررال ل ل راا أ اإل ررا رراي ي ررل
أياي في األصل ا ً في القلن ،ي الً في القلن ،فا اإل ا احسن كالم الله يررالته
ر كالم الله يرالته تا ا إخباي أ امر ففص القلرن أخبراي مصر قاً ر اجرن ـرا ً
ف رري القل ررن احس ررن ال ص ر ر ا رره التص ر ر ه ررا م ررا ن رراأ ال ل ررن الق رراي اق ررا ألم ررر
ستسررلن ،هررذا ا نقفررا ا رتسررالم هررا نرراأ مررا اإليا ة ال ررل ،كررا مؤما راً إ
ا ج اأ األمر ا ف تى مر ا نقفا كا مسرتكبراً فصراي مرا الكرافر ا ،إذا كرا مصر اً
ف ررالكفر أي ررن م ررا التك ررذ ن ك ررا مك ررذ باً جنر رالً ،ك ررا ار ررتكباياً ظل ر راً ،لن ررذا ل ررن
التك ررذ ن .لن ررذا ك ررا كف ررر م ررا ل ررن مث ررل اص ررف إال ررفس إ ا ررالكفر ا ر ررتكباي
الفنا نحاهن ما جاس كفر إالفس ،كا كفر ما جنل مثل الاصايإل نحاهن ضرال ً
هررا الجنررل ،أ مرررإل أ نف رراً مررا الفنررا جرراا ا إلررى الابرري ر رألا يررا أشررفا فرراخبرهن،
فقررالاا :نشررن إن ر نبرري لررن تب را ،كررذل هر ررل فررر ،فلررن رراف نن هررذا ال لررن ه رذا
التص ر .أ مرررإل أ مررا ص ر الرررراي ا رأ مررا جررا ارره هررا يرررالة اللرره ،ر ما ر اه
خبراً أمرراً فانره حتراج إ لرى مقرام را هرا مصر قه خبرر اللره انقفرا ألمرر اللره ،فراذا راي:
أشن أ اله إ الله ،فنذ الشرنا ة متار ا مصر خبرر ،ا نقفرا ألمرر ،فراذا راي:
أش ررن أ مح ر ر اً ير رراي الل رره مار ر اه مصر ر الرر رراي فف ررا ج ررا ا رره م ررا يار ر الل رره،
ار ماره فري كرال الشررنا مفا فب ج راأ هرامفا الشرنا مفا رتن اإل رراي ،فل را كرا التصر
هررا الررذ تلقررى الررررالة اررالقباي ظررا مررا ظررا انرره أصررل لج فررع اإل ررا ،فررل يررا أ
األصل اآلخر ا ماه ،ها ا نقفا إ فق ص الررراي ظراهراً ااطاراً رن تارع مرا
ا نقفررا لألمررر إ ذ ا ترره فرري مص ر الرررراي أ كررا ا ا ررزلة مررا ر ر ع الررررالة مررا اللرره
كا شي ما األف اي أ األ ااي كفراً إ مع ا يتقا ـتى ( )1هذا م ا بفا خطاية هذا ال ذهن إذ زمه :أ
تل األنبفا ،ا يتقا ما السرائر ال حجااة ،فال تحق كفر كافر ط إ االاص الخاص في شخص شخص.
[اإل ثاي الح يلى الخل في ي الخالفات اا الاز ر (ص.])484 :
147 شرط الصدق
ربحانه م الى كاالفس ،هذا م را برفا لر أ ا ررتنزا االلره يرراله ارافي ا نقفرا لره
الطاي ررة مااف رراة ذامف ررة ،ا ررافي التصر ر اطر ر ر ا ر ررتلزام ألن رره ا ررافي ماج ررن التصر ر
مقتاا ا ه يا ـصاي رمه مقصا ،لكا اإل را االررراي إن را را أصرله إلرى
التص فقط ألنه مبلم لخبر الله أمر ،لكا ستلزم ا نقفا له ألنه الرم يرا اللره أنره
أم ررر اطايت رره ،فص رراي ا نقف ررا ل رره م ررا مص ر قه ف رري خب ررر ،ف ررا ل ررن اق ر ألم ررر ،فن ررا إم ررا
مكررذب لرره ،أ م تاررع يررا ا نقفررا لرارره ،كاله ررا كفرراً صررر ،مررا ارررتخف ارره ارررتنزأ
اقلب رره امتا ررع أ ك ررا ماق ررا اً ألم ررر ،فر را ا نقف ررا إج ررالي إكر ررام ،ا ر ررتخفا إهان ررة
إذ ي ،ه ر ررذا ض ر ر ر ا ف ت ر ررى ـص ر ررل ف ر رري القل ر ررن أـ ر ر ر ه ا انتف ر ررى اآلخ ر ررر ،ف ل ر ررن أ
ا رتخفا ا رتنانة اافي اإل ا ماافاة الا للا ))(.)1
هررذا الجرااب الررذ أ ي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر فرري ي هررذ الشرربنة ررربقه إلفرره
ااح ررا اا ررا ـ ررزم الي رراهر ر يـ رره الل رره ر ـف ررع ق رراي ف رري ((الفص ررل ف رري ال ل ررل األه راا
اإل رراي فقررط لكررا ج فررع ال خل ر ا فرري الاحررل))( (( :)2لررا كررا اإل ررا هررا االتص ر
الاراي مرع الفنرا الاصرايإل ررائر الكفراي مررؤمافا ألننرن كلنرن مصر ا اكرل مرا كرذااا ارره
في ال نفا ،مقر اكل ذلر ،لكرا إالرفس الفنرا الاصرايإل فري الر نفا مرؤمافا ضرر ية،
هررذا كفررر مجررر م ررا أجرراز .إن ررا كفررر أهررل الارراي ا ررا نن مررا األي رراي رراي م ررالى:
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [القلن .))]63 :أ .هر.
انررذا ُ لررن خطررأ رراي ال رجئررة فرري ررالنن إ الكفررر مرج رره إلررى مكررذ ن القلررن فقررط
اإل ررا هررا مجررر التصر ،ذلر ل ررا فرري هررذا القرراي مررا اإلشرركا ت ال يف ررة ـفررع
لزم ماه القاي اا ا إالفس فريا الفنا نحاهن ال الن األمن الكرافرة ((ـفرع لرن
فرا إالرفس لرن خبرر أـر اخبرر ارل أمرر اللره كا أصرل كفررهن مرا جنرة ير م التصر
االسررجا آل م ف ررأاى ار ررتكبر كررا م ررا الك ررافر ا ،فكف ررر ااإلاررا ا ر ررتكباي م ررا تب ررع
ذل ر ،ألجررل مكررذ ن ،كررذل فريررا امرره جح ر ا انررا ارررتفقاتنا أنفسررنن ظل راً
يلااً ،اي له مارى :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ [اإلررا .)3())]443 :
لكا ُح َكن يلى ال ل اأنه كفرر إ إذا كرا مرج ره إلرى اررتحالي القلرن أ كرا
ه ر ررا ف ر رري ذام ر رره كفر ر رراً ظ ر رراهراً كالس ر ررجا للص ر رران ،أ ا ر ر ررتنانة اال ص ر ررحف االقائ ر رره ف ر رري
القرراذ يات ،أ محر فرره اارررقاط شرري مارره ،أ االز ررا ة ففرره ،أ تررل نبرري ،أ السرحر ،أ كررا
الف ررل مسررتلزماً نتفررا الت يررفن القلبرري ك رالنزي ا رررتنزا اال ر ا ،أ رررن اللرره أ ر ررن
يراله )1(أ رن ال ا ،نحا ذل ما ال كفرات الياهرة(.)2
خالصررة مررا رررب أ كفررر التكررذ ن م ررا اررافي أصررل التص ر اشررنا ة أ إلرره إ
الله ،لفس ها كل الكفر ك ا زي ه ال رجئة ال الكفر أين ما التكذ ن(.)3
هذا م را برفا صرحة مقسرفن هرذ الشرر ط ،أننرا متاايرة لتاراأ م لقامنرا ماراأ جرا
ماافامنا.
المطلب الثاني :النفاق االعتقادي أو كفر النفاق:
الاف ررا ا يتق ررا أ كف ررر الاف ررا م ررا ص رراي الك ررذب ال اافف ررة ألص ررل اإل ررا ،
الكالم يلفه رفكا محه ال قص ا التالففا.
المقصد األول :تعريف النفاق االعتقادي.
الافررا ا يتقررا ماايرره يبررايات أهررل ال لررن فرري ـ ر ،ال ررؤ إل اـ ر ،مررا هررذ
الت اي ف:
( )1قاي شفم اإلرالم(( :إ رن الله ،أ رن يراله كفر ظاهراً ااطاا راا كا الساب تق أ ذل محرم،
أ كا مستحال له ،أ كا ذاهالً يا ايتقا .هذا مذهن الفقنا رائر أهل الساة القائلفا اأ اإل ا اي
ي ل)) [الصايم ال سلاي (.])411/4
( )2انير :ي ضة الطالبفا ( ،)46/44الصايم ال سلاي ( 744/4ر ،)743الصالة ـكن مايكنا (ص،)64 :
أيالم الساة ال اشاية (ص.)484 :
( )3ذهن ا ا ال اصر ا إ أ ج فع صاي الكفر األخرإل مؤ ي إلى التكذ ن االقلن ،ها أ ااً ااطل ألنه
مصا م للاصاص ال الة يلى الكفر االجحا التي ما أصرـنا اي الله جل يال :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ
[الا ل ]46 :فف ي هذ اآل ة افا أ هؤ الكفاي لن كا كفرهن ما جنة التكذ ن ا لفل اله م الى:
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮪ ا لفل اله جل يال: التص الص ا رتفقا مرمبة مكا ا ﭓ ﭔ
ففنا ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [الحجرات ،]41 :ـفع يمن م الى الص
يلى نفي الر ن ر الذ ها الفقفا ر ،القفام انذ األي اي الصالحة.
134 شرط الصدق
( )1مج اية التاـف (ص .)7 :انير :مج اأ الفتا إل (.)646/38
الاهفبي (جر.)414/3 ( )2انير :ناا ا اإلرالم ا يتقا ة لل كتاي مح
( )3أخرجه البخاي في كتاب اإل ا ،ااب :فال ما ارتبرأ ل اه ح ( ،)13مسلن في كتاب ال سا اة
( 4344/4ر )4334ح (.)4144
( )4م ايج القباي (.)144/3
133 شرط الصدق
ك ررا م ررا ها ررا ين ررر الف ررر ا ررفا الاف ررا كف ررر التك ررذ ن ،ه ررا أ ال ا رراف ر
مكذااً االرراي أ :السانه ،لكا مخا ياً فري إ انره فكفرر الافرا أخرص مرا مطلر كفرر
التكررذ ن إذ هررا مكررذ ن خرراص ،هررا التكررذ ن االا ر فر .ك ررا ر حصررل كفررر الافررا
اأماي أخرإل فر التكذ ن كالش البغا ،الله م الى أيلن.
المقصد الثاني :حكم النفاق االعتقادي.
الافا ا يتقا ر ك ا مق م في ـ ر كا ااظناي اإلرالم إض اي الكفر ،لرذا
فق امف أهل ال لن يلى أ ال ااف نفا اً ايتقا اً مُجررإل يلفره أـكرام اإلررالم فري اليراهر ر
راي أ ف ررل ر فررفُح َقا ُمره ُح َفرظ مالُره ،ففرررث ُرايث، مررا لررن ينرر مررا فرري لبرره مررا الكفررر اقر ٍ
ُ
ُصلى يلفه ُ فا في مقاار ال سل فا إلى فر ذلر مرا األـكرام التري مثبره ا قر اإلررالم.
أما في اآلخرة فنا محه الكفاي في ال ي األرفل ما الااي خال اً ففنا ك ا اي م الى:
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ([ )1الاس ر ررا ،]461 :إن ر ررا ار ر ررتحقاا ه ر ررذا
الجرزا لكرراننن كفراياً فرري البرراطا مسررتنزئفا االر ا( )2ك ررا رراي م ررالى فرري صررفنن :ﯛ ﯜ
ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ [البق ر ر ر رررة ،]46 :ر ر ر رراي :ﮒ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﮢ ﮣ [ال ائ ر ر ر ة: ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
.]44فاللرره م ررالى هررا ال لررفن اسررائرهن ال طلرع يلررى ضر ائرهن .أمررا فرري الر نفا فف رراملا ا ررا
أظنر ما اإلرالم ،أل أـكام ال نفا مبااها يلى الياهر.
رراي اإلمررام الشرراف ي ر يـ رره اللرره ر(( :لررفس ألـ ر أ حكررن يلررى أـ ر اخررال مررا
أظنررر مررا نفسرره ،أ اللرره إن ررا ج ررل لل بررا الحكررن يلررى مررا ظنررر ،أل أـ ر اً مررانن
لررن مررا رراب إ مررا يل رره اللرره ،فاجررن يلررى مررا يقررل يررا اللرره أ ج ررل الياررا كلنررا
في األـكام م طلة فال حكن يلى أـ ٍ اي ٍا))( .)3انتنى.
رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر (( ر كررا فرري اررال الكفررر مررا هررا مررؤما فرري البرراطا
كتن إ انه لرن ال سرل ا ـالره إذا راملاا الكفراي ففقتلانره ،غسرل ،صرلى يلفره،
( )1انير :األم للشاف ي ( ،)441/7أصاي ايتقا أهل الساة لاللكائي ( ،)444/4م ايج السالكفا
(.)467/4
( )2انير :فت الباي (.)344/8
( )3األم ( .)444/7انير :الطحا ة مع شرـنا اا أاي ال ز (ص.)474:
134 شرط الصدق
ر فا مررع ال شررركفا ،هررا فرري اآلخرررة مررا ال ررؤمافا أهررل الجاررة ،ك ررا أ ال اررافقفا مجرررإل
يلفنن أـكام ال سرل فا ،هرن فري اآلخررة فري الر ي األررفل مرا الاراي فحكرن الر اي اآلخررة
فر ـكن ال اي ال نفا))(.)1
يلرل ذلر الحرافظ ااررا القرفن فقرراي (( :أل شررائع اإلرررالم يلرى األف رراي اليراهرة ،أمررا
ـقائ اإل ا الباطاة ،فتل يلفنا شرائع الثااب ال قاب فلله م الى ـك را :ـكرن فري
ال ر نفا يلررى الش ررائع اليرراهرة أي رراي الج راايح ،ـكررن ف ري اآلخرررة يلررى الي رااهر الب رااطا،
لنذا كا الابي قبل يالنفة ال اافقفا ،كل أررايهن إلى الله م الى ،ففااكحا ر را
اي ررا ،تر اصررالمنن فرري أـكررام الر نفا ،فررال كررا ـك نررن ـكررن مرراي الصررالة ،إذ ر
أماا اصايمنا الياهرة ،أـكام الثااب ال قاب ،لفسره إلرى البشرر ،ارل إلرى اللره ،اللره ترا
في ال اي اآلخرة))(.)2
اذل مينر خطاية الافا ا يتقا ،أنه أراأ رفئة ما الكفر الياهر ،ل ل جره ذلر
ر اللرره أيلررن ر ،فررأل ال ارراف نفا راً ايتقا راً ر ج ررع اررفا رررفئتفا ييف تررفا ،ه ررا رررفئة الكفررر
ر ررفئة مخا ي ررة ال ررؤمافا ك ررا رراي م ررالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
[البقر رررة ،]4 :ذل ر ر اخر ررال الكر ررافر الصر ررر ال ينر ررر لكفر ررر ،فانر رره محصر ررل مار رره رر ررفئة
ال خا يررة لل ررؤمافا ااإل ررا ،لررذا كانرره يقااررة ال ارراف أشر مررا يقااررة الكررافر الصررر فرري
اآلخرة ك ا اي م الى :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [الاسا .]461 :
المطلب الثالث :الزندي حكمه واختالف العلماء في قبول توبته.
محته مقص ا :
المقصد األول :معنى الزندي في عرف الفقهاء.
الزن ها ال ااف في يُصر الفقنا .
راي اارا امرة ر يـ ره اللره ر (( :الزنر هرا الرذ ينرر اإلرررالم سرتتر ارالكفر ،هررا
ال ااف ،كا س ى في يصر الابي ماافقاً ،س ى الفام زن قاً))(.)3
ال اراف ارل لرزم م اره امحرا الزنر أشراي الحرافظ فري ((الفرت ))( )1إلرى أ هرذا
ٍ
يكس. كل زن مااف ما فر
جه ذل ر الله أيلن ر أل فري ال ارافقفا مرا كرا نفا ره ي لفراً ايتقا راً فرال كرا كرافراً
مبطااً للكفر ،فال كا زن قاً ،أل الزن ما أاطا الكفر كا نفا ه ايتقا اً.
أمررر حخررر ،هررا أ الزنر ُينررر زن ترره اررأم ٍر ر ي يلررى نفا رره ،فررال سر ى زنر قاً إ
إذا أظنر نفا ه.
المقصد الثاني :حكم الزندي واختالف العلماء في قبول توبته في الظاهر.
ينر اإل ا بطا الكفرر شرأنه كشرأ ال اراف اختلرف ال ل را فري ل ا كا الزن
()3
باي مااته فري اليراهر( )2إذا ُفرع إلرى لري األمرر برل أ تراب إلرى أ رااي ((ف رذهن مالر
أـ ر َ فرري أشررنر الررر ا تفا يارره( )4طائفر ٍرة مررا أصررحاب الشرراف ي( ،)5هررا أـ ر الق رالفا فرري
مذهن أاي ـاففة( )6أ مااته مقبل.
ذهررن الشرراف ي فرري أشررنر الررر ا تفا يارره إلررى بالنررا( ،)7كالر ا ررة األخرررإل يررا أـ ر ( .)1هررا
القرراي اآلخررر فرري مررذهن أارري ـاففررة( )2مررانن مررا فصررل))( )3فقرراي :إ أُخر َذ لفُقتررل فترراب لررن
مُقبل ،إ جا مائباً اات ا ً ظنرت ماه أمايات الص ُبله(.)4
(.)374/43( )1
فذا ( )2اي شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر (( :الفقنا إذا ماازياا في باي مااة ما مكريت ي مه ،أ باي مااة الزن
ا اتااته ،أما إذا ي أنه أخلص التااة لله في الباطا فانه خل في اله إن ا ها في الحكن الياهر ،ألنه
ﯚ ﯘ ﯙ ﯕﯖ ﯗ ﯔ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ م الى:
[الزمر[ .))]14 :مج اأ الفتا إل (.])44/44 ﯛ
التحصفل ( )3انير :ال اطأ ( ،)744/3ا رتذكاي ( ،)414/7الكافي اا يب البر ( ،)4444/3البفا
اا يش ( 666/44ر .)661
( )4انير :ال سائل الفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى ( ،)441/3كتاب اإليشا إلى ربفل الرشا
( ،)443/44ال حري في الفقه ( ،)448/3شرح ـ ع جبر ل لل ر ا (ص ،)644 :اإلنصا
(ص.)443 :
مسلن للاا ( ،)74/44شرح صحف ( )5انير :ال ز ز للراف ي ( ،)441/44ي ضة الطالبفا للاا
(.)417/3
اا نجفن (.)444/1 ( )6انير :البحر الرائ
الكبفر ( ،)414/44ي ضة الطالبفا ( 71/44ر .)74 ( )7األم ( 644 ،444 ،448/7ر ،)644الحا
131 شرط الصدق
ربن الخال افانن :ي م التحق ما صر ه ف را ارتصرحن ررااقته فري الكرذب لرن
حكن اارالمه في الياهر ،ما نير إلى ي ام األ لة ال الة يلرى أ الحكرن كرا االيراهر
َـ َكن اارالمه في الياهر.
أدلة الفريقين:
استدل القائلون بقبول توبته اأ لة كثفرة مانا:
4ر ال ر رره م ر ررالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﯕ [الاسا .]46 :
الاا :ف له اآل ة يلى أنه ايتباي االا فر في أـكرام الر نفا ،إن را ا يتبراي ا را ينرر
ما القاي ،ذل ـكن يام في ج فع الكفاي ،ف خل ففه الزن (.)5
3ر اله م الى :ﮦ ﮧ ﮨ [ال جا لة.]44 :
الاا :ف ي يلى أ إظناي اإل ا حصا ما القتل(.)6
4ر ال رره م ررالى :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
[الحجرات.]46 :
يلن أنره لرن ر خل اإل را فري لراانن أننرن أظنرر اي اإلمام الشاف ي ر يـ ه الله ر(( :فأَ َ
ـقا اه ما هن))(.)7
6ر ارررت لاا مررا السرراة اقالرره ألرررامة «هررال شررققه يررا لبرره»( .)8اقالرره للررذ
رررررررررر
(،)444/44 (= )1انير :ال سائل الفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى ( ،)441/3اإلنصا لل ر ا
شرح ـ ع جبر ل ( ص ،)443 :نفل األ طاي ( 781/6ر .)784
( )2انير :فت الق ر اا الن ام (.)74/4
( )3محرر األ ااي في هذ ال سألة ها كالم شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر ك ا في ـ ع جبرل ( ص.)443 :
( )4ي ضة الطالبفا ( .)74/44انير :ال ز ز للراف ي (.)441/44
(.)414/44 الكبفر لل ا ي ( )5انير :أـكام القرح للجصاص ( ،)374/4الحا
اا ـجر (.)374/43 ( )6فت الباي
( )7األم (.)643/7
( )8أخرجه مسلن في كتاب اإل ا ( )44/4ح ( .)418أصله يا البخاي في كتاب ال غاز ،ااب :ا ع
الابي أرامة اا ز إلى الحر ات ما جنفاة (جر )446/1ح (.)6344
134 شرط الصدق
ر رراي ف رري ت ررل يج ررل« :أل ررفس ُص ررلي؟» رراي :ن ررن .رراي« :أ لئر ر ال ررذ ا نن رراني الل رره ي ررا
تلنن»( .)1اقاله « :إني لن أُامر أ أنقن لاب الااس ،أش اطاننن»(.)2
الاا :ف ي ذل يلى أ أـكام ال نفا مُجرإل يلى الياهر ،الله تالى السرائر(.)3
1ر أ ااً ارت لاا اقاله « :أمررت أ أ امرل الاراس ـترى قالراا إلره إ اللره فراذا
الاها يص اا ماي ما هن أماالنن إ احقنا ـساانن يلى الله»(.)4
يلن أ ـك ن ررن ف رري الي رراهر أ مُ ا ررع م ررااهن رراي اإلم ررام الش رراف ي ر يـ رره الل رره ر(( :ف رأَ َ
ااظناي اإل ا ـساانن في ال غفن يلى الله))(.)5
4ر ررالاا أ اراً :إ ال اررافقفا كرراناا يلررى ينر يررراي اللرره ينررر اإلرررالم سررر
الكفررر مررع هررذا فررالابي لررن كررا قررتلنن ،كررذل الزن ر إذا أظنررر اإلرررالم جررن أ
قتل(.)6
ٍ
بأدلة كثيرة أيضا منها: واستدل القائلون بعدم قبول توبة الزندي
4ر اله م الى :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [البقرة.]444:
لن مبففا يجايه ،مااتره ألنره َينرر ماره االتاارة خرال مرا كرا يلفره، الاا :الزن
فانه كا افي الكفر يا نفسه بل ذل ،لبه ُطلع يلفه(.)7
[حي 3ر ال رره م ررالى :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
ي را .]44:
الاا :الزن كذل مكري ماه الكفر(.)8
( )1أخرجه البفنقي في الساا ( ،)447/4يب اا ـ ف في مسا (ص )477 :ح (.)644
( )2ماى مخر جه في (ص.)448 :
( )3انير :فت الباي (.)374/43
( )4ماى مخر جه في (ص.)484 :
( )5األم (.)644/7
( )6ال سائل الفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى (.)441/3
( )7مااي السبفل (ص .)743 :انير :فت الباي (.)381/43
الكبفر (،)413/44 ( )8انير :ال سائل اللفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى ( ،)443/3الحا
فت الباي ( ،)374/43مج اأ الفتا إل (.)44/44
137 شرط الصدق
4ر ارررت لاا أ ا راً االقفرراس ،فقررالاا :أل الزن ررة أييررن فسررا اً فرري األيض مررا الحرااررة
لج نا افا فسا ال ا ال نفا ،فل ا لن مقبل مااة ال حايافا ا الق ية ،فرأ لى أ مقبرل
مااة الزن ا الق ية.
أل الياهر ما مااة الزن أنه ست فع انرا القترل ،ك را كرا اليراهر مرا ماارة ال حرايب
ارت فاأ القترل انرا ،فاجرن أ مح رل مااتره يلرى اليراهر مرا ـالنرا فري فرع القترل انا،ك را
ـ له مااة ال حايب يلى الياهر ما ـالنا(.)1
4ر ارررت لاا أ ا راً مررا الايررر ،فقررالاا :إ الزن ر أمررر ررائن يلررى ال خا يررة التاررلفل،
مااترره فرري هررذا ال قررام محررل اـت رراي ،فقر كررا ال ر فاأ إلررى لرري األمررر ـررفا ُينررر التااررة
كا كاذااً ،مرجف أـ األمر ا ضرب ما ال حاي ،لكا رااقته فري الزن رة صا اً،
التي كا حا ي كت اننا مقاي ا م باي مااته ،ألنه كرا أ كرا ر أظنرر التاارة مقفرة
خافاً ما ال قاب( )2فاجن أ ُقطع شر ُسرت فع ضرري يرا ال سرل فا ،ذلر اقتلره ،إ
أظنر التااة ،ذل لخطاية أمر خفائه في نفس الا ه.
في هذا ال اى قاي شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر (( :الزن ها ال ااف ،إن ا قتلره مرا
قتله إذا ظنر ماه أنه كتن الافا ،الاا :م لن مااته ،أل ا ة ما يا أنه ينر ما كرا
ينررر ،ر ك ررا ينررر اإل ررا ه ررا مارراف ،ل ررا بل رره مااررة الزنا ررة ل ررن كررا ر رربفل إل ررى
ماي هن االتقتفل))(.)3 مقتفلنن ،القرح
ام ال لفل يلى فسا يقف مره مكذ بره اررتنانته االر ا اي مل فذ ااا القفن(( :فنذا الزن
ـرره ففرره ،فاظنرراي اإل رراي التااررة ا ر القر ية يلفرره لررفس ففرره أكثررر م ررا كررا ينررر بررل هررذا ،هررذا
الق ي اطله لته ا ا أظنر ما الزن ة فال جاز ا يت ا يلفه))( .)4انتنى.
أجاب القائلا اقباي مااة الزن يا أ لة القائلفا ا م بالنا فقالاا (:)5
( .)413/44انير :ال سائل اللفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى الكبفر لل ا ي ( )1الحا
(.)441/3
سفر. ( )2مق مة محقف شرح ـ ع جبر ل ( ص )43 :اتصر
( )3مج اأ الفتا إل (.)341/7
( )4إيالم ال ا فا (.)444/4
( 416/44ر .)411 الكبفر لل ا ي ( )5هذ األجااة ما كتاب الحا
138 شرط الصدق
الصدق واليقين.
المبحث الثامن :الفرق بين ّ
الص ر الفقررفا متالزمررا مالزم راً اف ر أا ر اً فرري يررر الشرررأ ك ررا ينررر فرري افررا الفررر
افان ا فا الص ر ك ا مق م ر ها محقف الفقفا ،ذل مرمبة أيلى ما أصل الفقفا الذ ها
يلررن الفقررفا ،ف لررن الفقررفا حصررل اانتفررا الش ر .أمررا شرررط الص ر ففتحق ر اانتفررا الر ررن،
الر ن ر ك ا ري شفم اإلرالم ر أين ما الش ،فنا كا في يلن القلن في ي له ،اخال
الش فال كا إ في ال لن(.)1
ر يـ ره اللره ر فري م ر رف الصر الفقرفا(( :ال لرن الراررم الرذ ألجل هذا اي السر
ي ررن ففرره شر ال ث ررر لط أنفاررة القلررن يل راً ط أنفاررة ،ررركاناً ل با ررة اللرره ألي رراي
الجراايح))( .)2فج ررل الصر مرا فراً للفقررفا اايتبرراي الغا ررة فررالفقفا رررفلة لحصرراي الصر ،
لفس ها الص فالص مرمبة محصل ا الفقفا.
اض ذل الره م رالى :ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [الحجررات ،]41 :ـفررع يمررن م ررالى الصر يلررى نفرري الر ررن ر الررذ
ها الفقفا ر ،القفام انذ األي اي الصالحة ف ي يلى أ الص مرمبة محصل ا الفقفا.
كرا إ ااإل را الارافي قاي الشفم مح اا يب الاهاب ر يـ ه اللره ر(( :الصر
للر ن))(.)3
فتبفا أ الصر أيرن مرا جنرة نفسره أخرص مرا جنرة أهلره مرا الفقرفا فكرل مصر ٍ فنرا
ما ا ،لرفس كرل مرا ا كرا مصر اً فالصر ت لر ارال لن ال رل م راً ،اخرال الفقرفا فرال
ت ل إ اال لن.
إذا برره هررذا ،فبقرري أ أشررفر إلررى مسررألة أخفرررة أخررتن انررا الح ر ع يررا شرررط الص ر ،
هي الفر افاه افا ال لن .فأ اي:
الفررر اررفا ال لررن الص ر ينررر مررا خررالي م رفررة الفررر اررفا الفقررفا الص ر ،ذل ر أل
الفقفا ر ك ا مق م ر ها ك اي ال لن ال اافي للش ( )4ففكا الفر افا ال لن الص كالفر
( )1مج اأ الفتا إل (.)384/7
( )2الر اض الااضرة (ص.)344 :
( )3مسائل لخصنا اإلمام مح اا يب الاهاب (ص.)44 :
( )4انير( :ص.)664 :
144 شرط الصدق
افا الفقفا الص ( ،)1هذا يا أهرل السراة .أمرا يار ال رجئرة فقر مرر أ مرا ذكرر مرا الفرر
ااطل ،ألنه مترمن يلفه رة(.)2
قاي شفم اإلرالم ااا مف فة ر يـ ه الله ر مقررياً ل رذهن أهرل السراة فري الفرر ارفا ال لرن
الص مبطالً لتفر ال رجئة (( :أـ ر راي :ار مرع هرذا اإل رراي أ كرا مصر اً ،أ
كا يايفاً ،أ كا مص اً ا ا ير ،فى ي ا رة أخررإل :مصر اً ا را أ رر ،هرذا قتاري
أنرره ار مررا مصر ارراطا ،حت رل أ كررا لفررظ التصر يار تار ا القرراي ال ررل
ج ف اً ،ك ا ذكرنا شااه أنره قراي :صر ارالقاي ال رل ففكرا مصر القلرن يار
تا ا أنه مع م رفة لبه أنره يرراي اللره ر خارع لره انقرا ،فصر ه اقراي لبره ي رل لبره
محبة م يف اً ،إ ف جر م رفة لبه أنه يراي الله مرع اإليرراض يرا ا نقفرا لره ل را جرا
اره ،إمررا ـسر اً إمررا كبرراً ،إمرا ل حبررة ارره الررذ خالفرره إمرا لغفررر ذلر ،فررال كررا إ انراً،
ا ر ف ري اإل ررا مررا يلررن القلررن ي لرره فررأيا أـ ر االتص ر أنرره مررع ال رفررة ارره صرراي
القلن مص اً لره ،ماا راً لره ،محبراً لره ،م ي راً لره ،فرا هرذا ار ماره ،مرا فرع هرذا يرا أ
كا ما اإل ا فنا ما جاس ما فع ال رفة ما أ مكا ما اإل را ،هرذا أشربه ارأ
ح ررل يلفرره كررالم أـ ر ،أل جرراب انقفررا القلررن مررع م رفترره ظرراهر اارره ار ئل الكترراب
الساة إج راأ األمرة ،ارل ذلر م لرام اا ضرطراي مرا را اإلررالم ،مرا نرازأ مرا الجن فرة
في أ انقفا القلن ما اإل ا فنا ك ا نازأ مرا الكرامفرة فري أ م رفرة القلرن مرا اإل را ،
فكا ـ ل كالم أـ يلى هذا ها ال اارن لكالمه في هذا ال قام.
أ ااً فا الفر افا م رفرة القلرن ارفا مجرر مصر القلرن الخرالي يرا ا نقفرا الرذ
ج ل اي القلن أمر ف ،أكثر ال قرال اكر نره اتقر ر صرحته جرن يلرى كرل أـر
أ اجن شفئفا تصراي الفرر افان را ،أكثرر الاراس تصراي الفرر ارفا م رفرة القلرن
مص ر قه ،قالررا :إ مررا الرره ااررا كررالب األش ر ر مررا الفررر كررالم ااطررل ـقفقررة لرره،
كثفر ما أصحااه ايتر ا م الفر ))( .)3انتنى.
فل في الفر افان ا( :)1أ التص مرا ُ تقر ففره اا ختفراي القصر ،ذلر
صر ارره ك ررا كررا الكفرراي رفانرره أخررص مررا ال لررن القط رري إذ ر حصررل اررال اختفرراي ُ َ
ك ا رفا أااا هن(.)2
كفري لصرحة اإل را ، له :ها ااطل ،أل مرجع ذل إلرى مصر القلرن ،ذلر
ص مص قاً جازماً اقا ال َجح ُ رض .مق م أنره فرر ارفا م رفرة ألنه ُ َ
القلن مص قه الخالي يا ا نقفا .
لررا فررل فرري حخررر :لررا صر اا آلماراا ،رررتقام الفررر ،يجررع إلررى األ ي( ،)3اللرره م ررالى
أيلن.
فالحاصررل :أ الصر ـاصررل مج رراأ ال لررن الفقررفا ،فبرره تحقر الفقررفا ال سررتلزم لل لررن
ا اى الشنا ة.
وأيضا بين في مودع نخر و ر مه الله و أن اإلخالص في شهادأ أن ال إله إال الله هو
مقصود الرسالة وزبدأ الكتاب ،وألجله خلق الله العباد ،وهو الغاية التي إليها ينتهى؛ به تحصل
السعادأ ألوليائه وبتركه تكون الشقاوأ ألعدائه ،وهو قيقة ال إله إال الله ،وعليه اتفقت الرسل،
وله قامت السموات واألرض(.)2
ووجه اشتراط اإلخالص و كما قال الفخر الرازي و ((أن أ كام اإليمان بعضها يتعلق
بالباةن وبعضها بالةاهر؛ فمما يتعلق بالباةن أ كام اآلخرأ ،وذا متفرع على اإلخالص
الذي هو باةن عن الخلق؛ ومما يتعلق بالةاهر أ كام الد يا ،وذا ال يعرف إال بالقول()3؛
فصار اإلخالص ركنا أصليا في ق الله ،والقول ركنا شرعيا في ق الخلق))(.)4
ومن الوجوه أيضا :أن من ال يعرف اإلخالص يخشى أن يواقع الشر كما هو واقع
عباد القبور(.)5
وأيضا :للتالزم بين الشر المنافي لإلخالص و في اعتقادها .قال بعض أهل العل :
((من قال ال إله إال الله معتقدا لها فما أشر ،وإن أشر فما اعتقد ال إله إال الله))(.)6
وليس المراد هنا أن يخلص في قولها فحسب بل أن يخلص في قولها وتحقيقها؛
ألن ال إله إال الله من اإليمان ،بل هي أصل الشعب القولية كما في الحديو الصحيح:
«اإليمان بضع وسبعون شعبة أعالها قول ال إله إال الله»( ،)7واإليمان قول وعمل .ولذا
وووووووووو
= اإليمان ( ،)6وأورده العقيلي في الضعفاء ( )230/5برق ( ،)5252والهييمي في مجمع الزوائد ()32/5
وقال :رواه أ مد وأبو يعلى بتمامه ،والبزار باختصار ،ورجاله رجال الصحيح ما خال علي بن مسعدأ ،وقد وثقه
ابن بان وأبو داود الطيالسي وأبو ات وابن معين ودعفه نخرون .والحديو دعف إسناده األلبا ي كما في
دعيف الجامع (.)2270
( )1التحفة العراقية (ص 508 :و .)507
( )2بتصرف من قاعدأ في اإلخالص لشيـ اإلسالم دمن المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيـ اإلسالم ابن
تيمية ،جمع وتحقيق د .هشام بن إسماعيل بن علي الصيني ،شر دار ابن الجوزي ،ط :األولى ( )5525هو.
( )3والعمل أيضا .ولعل إهماله للعل هنا أل ه و ر مه الله و من المتإلثرين بالجهمية في د اإليمان يو ال يعدون
العمل من اإليمان.
( )4قال عن فيض القدير للمناوي (ص.)572/6( :
( )5ا ةر :الدرر السنية ( 555/2و .)552
( )6الطبقات الكبرى للشعرا ي (ص.)555 :
( )7تقدم تخريجه (ص.)585 :
356 شرط اإلخالص
سإلتناول دراسة هذا الشرط بنووع من الشمولية واالستقصاء كما سيةهر في المبا و التالية:
358 شرط اإلخالص
من كل شوب))(.)2
قال ابن القي و ر مه الله و شار ا لهذا التعريف(( :أي :ال يمازج عمله ما يشوبه من
شوائب إرادات النفس :إما ةلب التزين في قلوب الخلق؛ وإما ةلب مد ه ،والهرب من
ذمه ،أو ةلب تعةيمه ،أو ةلب أمواله ،أو خدمته ومحبته ،وقضائه وائجه ،أو
غير ذلك من العلل والشوائب التي عقد متفرقاتها هو إرادأ ما سوى الله بعمله ،كائنا ما
كان))(.)3
وقال الغزالي مبينا قيقة اإلخالص(( :اعل أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره ،فإذا
صفا عن شوبه وخلص عنه سمي خالصا ،ويسمى الفعل المصفى المخلص إخالصا .قال
تعالى :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ [النحل ...]66 :واإلخالص يضاده
اإلشرا ...فمهما كان الباعو وا دا على التجرد سمي الفعل الصادر عنه إخالصا..
ولكن العادأ جارية بتخصيص اس اإلخالص بتجريد قصد التقرب إلى الله تعالى عن جميع
الشوائب))(.)4
وقال ابن القي و في تعريف اإلخالص:
فو و و و و و و و ووال يزا مو و و و و و و و ووه م و و و و و و و و وراد ثو و و و و و و و ووان و قيق و ووة اإلخ و ووالص تو ي و وود المو و وراد
()5
م و ووا في و ووه تفري و ووق ل و وودى اإل س و ووان لك و و وون م و و و وراد العب و و وود يبق و و ووى وا و و وودا
وقال الجرجا ي في تعريفه(( :تخليص القلب عن شائبة الشوب المكدر
وووووووووو
(= )1هو :اإلمام العالمة شيـ اإلسالم أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد الهروي ،مصنف كتاب ذم
الكالم وشيـ خراسان ،دث عن أبي منصور محمد بن محمد األزدي ،وأبي الفضل محمد بن أ مد
الجارودي الحافظ وغيرهما .و دث عنه المؤتمن الساجي ،ومحمد بن ةاهر ،وأبو الوقت عبد األول السجزي
خادمه ،ونخرون ،ولقد كان سيفا مسلوال على المتكلمين ،له صولة وهيبة واستيالء على النفوس ببلده ،يعةمو ه
ويتغالون فيه ،ويبذلون أروا ه فيما يإلمر به .توفي ببلده هراأ سنة أربع وثما ين وأربع مئة .ا ةر :سير أعالم
النبالء ( 305/57و .)357
( )2مدارج السالكين (.)22/2
( )3فس المصدر.
( )4اإل ياء ( 522/5و .)550
( )5الكافية مع شر ها البن عبسى (.)238/2
350 شرط اإلخالص
لصفائه))(.)1
وقال الشيـ افظ كمي في تعريفه(( :هو تصفية العمل بصالح النية عن جميع
شوائب الشر ))(.)2
()3
ومما قيل في تعريفه أيضا(( :هو إفراد الحق سبحا ه بالقصد في الطاعة)) .
وقيل(( :تصفية الفعل عن مال ةة المخلوقين))(.)4
وقيل(( :التوقي من مال ةة الخلق تى عن فسك))(.)5
وقيل(( :إرادأ إخراج العمل من كل شبهة))(.)6
وقيل(( :صدق القلب في الطلب))(.)7
هذا بعض مما قيل في معنى اإلخالص ،وهي أقوال كما ترى متفقة على اصل
وا د وقصد متحد ،وهو أن يخلص العبد لله في أقواله ،وأفعاله ،وإراداته ،و يته ،وبالجملة
أن يفرد الله تعالى بالطاعات ويوجهها له دون غيره ويصفيها ويجردها من كل شوب سوى
التقرب إلى الله و ده ال شريك له .وذلك قيقة دين اإلسالم(.)8
كما أن اإلخالص في هذه الكلمة بينه النبي بقوله ألبي هريرأ لما سإلله:
ماذا رد إليك رب ك في الشفاعة؟« :شفاعتي :لمن شهد أن ال إله إال الله مخلصا وأن
محمدا رسول الله يصد ق لسا ه قلبه وقلبه لسا ه»(.)9
فقوله« :يصد ق لسا ه قلبه وقلبه لسا ه» جملة الية مفس رأ لقوله« :مخلصا».
وخالصة ما سبق :أن اإلخالص يشمل اإلرادأ والنية( )10كما يشمل سالمة
وووووووووو
( )1التعريفات (ص.)55:
( )2معارج القبول (.)525/2
( )3مدارج السالكين (.)25/2
( )4فس المصدر (.)25/2
( )5فس المصدر (.)25/2
( )6شعب اإليمان (.)558/3
( )7فس المصدر (.)743/5
( )8ا ةر :الدرر السنية ( 225/2و .)225
( )9تقدم تخريجه.
( )10أي ية إرادأ المعبود دون ما سواه ،وذلك قيقة اإلخالص كما سيإلتي في بيان الفرق بين اإلخالص والنية.
355 شرط اإلخالص
االعتقاد والجوارح( )1من الشر ،وذلك ألن معنى اإلخالص تصفية العمل بتر الشر
في العبادأ ،كما في األدلة السابقة والتي من أصر ها قوله تعالى :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ [الزمر 2 :و .]5أي الصافي من الشر .وبيا ه :أن الله تعالى قال في اآلية
بعدها :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ [الزمر.]5 :
قال أبو السعود( )2و معلقا على هذه اآلية و(( :وذلك هو تحقيق لحقية ما ذكر من
إخالص الدين ،الذي هو عبارأ عن التو يد ببيان بطالن الشر الذي هو عبارأ عن تر
إخالصه))( )3ا تهى.
وقال ابن جزي الكلبي( )4مقررا لما سبق(( :اإلخالص يراد به التو يد وتر الشر ،
أو تر الرياء .وذلك أن اإلخالص مطلوب في التو يد وفي األعمال ،وعدم اإلخالص في
()5
التو يد هو الشر الجلي ،وعدم اإلخالص في األعمال هو الشر الخفي ،وهو الرياء))
ا تهى.
المبحث الثاني :الفرق بين اإلخالص والنية عند الفقهاء.
بما أن اإلخالص يشمل ية إرادأ المعبود دون ما سواه اسب أن بين الفرق بين
اإلخالص والنية عند الفقهاء.
فالنية في لغة العرب يدور معناها على العزم واإلرادأ والقصد .تقول :وويت الشيء أ ويه
وووووووووو
( )1إشارأ إلى الشر العملي كالسجود لغير الله أو الطواف بالقبور ،أو الذبح والنذر لغير الله ،وغير ذلك من صور
الشر العملي ،فاإلخالص أن تسل من ذلك كله فتصرف العبادات بجميع أ واعها لله تعالى.
( )2هو :الشيـ المفس ر محمد بن محمد العمادي ،أخذ عن أبيه الشيـ محمد بن مصطفى العماد ،له
اشية على تفسير الكشاف .توفي سنة ( )272هو .ا ةر :ةبقات المفسرين للداوودي (ص 527 :و
.)522
( )3تفسير أبي السعود (جو.)042/3
( )4هو :أبو القاس محمد بن أ مد بن جزي الكلبي الغر اةي ،عال متفنن ،أخذ عن أبي جعفر ابن الزبير ،والزم
ابن رشد وأبا المجد بن أبي األ وط ،والقادي ابن برةال وأبا القاس بن الشاط وا تفع به ،وله تصا يف منها:
وسيلة المسل في تهذيب مسل ،والبارع في قراءأ افع ،والفوائد العامة في لحن العامة ،توفي في واقعة ةريف
سنة 347هو وكان مولده سنة 397هو .ا ةر :الدرر الكامنة في أعيان المائة اليامنة ( 88/5و .)89
[البينة: ( )5التسهيل لعلوم التنوزيل ( )070/4عند تفسير قوله تعالى :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
.]3
352 شرط اإلخالص
ية و وواأ إذا عزمت عليه وقصدته .وتقول العرب :وا الله بخير ،أي أراد الله بخير(.)1
وقيل :بل النية أخص من اإلرادأ؛ فإن إرادأ اإل سان تتعلق بعمله وعمل غيره ،والنية ال
تكون إال لعمله ،فإ ك تقول :أردت من فالن كذا وال تقول :ويت من فالن كذا(.)2
وهذا التفريق غير سديد من جهة الشرع ،وإن كان وجيها من جهة اللغة.
يقول ابن رجب و ر مه الله و(( :وإ ما فرق من فرق بين النية وبين اإلرادأ والقصد و حوهما،
لةنه اختصاص النية بالمعنى األول الذي يذكره الفقهاء( ،)3فمنه من قال :النية تختص بفعل
الناوي ،واإلرادأ ال تختص بذلك ،كما يريد اإل سان من الله أن يغفر له وال ينوي ذلك.
وقد ذكر ا أن النية في كالم النبي وسلف األمة إ ما يراد بها هذا المعنى غالبا،
فهي ينئذ بمعنى اإلرادأ ،ولذلك يعبر عنها بلفظ اإلرادأ في القرنن كييرا ،كما في قوله
تعالى :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [نل عمران ،]532 :وقوله :ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ
ﯬﯭ [األ فال......]68 :
وقد يعبر عنها في القرنن بلفظ ((االبتغاء)) ،كما في قوله تعالى :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ [الليل ،]20 :وقوله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ [البقرأ ،]263 :وقوله :ﭒ ﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ
ﭫ ﭬ ﭭ [النساء .)4())]555 :ا تهى.
وأما النية في االصطالح ،فهي :ا بعاث القلب حو ما يراه موافقا لغرض؛ من جلب
فع أو دفع در ،اال أو مآال ،إال أن الشرع خصصها باإلرادأ المتوجهة حو الفعل البتغاء
رداء الله وامتيال كمه(.)5
أو يقال :هي ا بعاث القلب وتوجهه تجاه الفعل توجها جازما تقربا لله تعالى.
أو هي :اعتقاد القلب فعل شيء ،وعزمه عليه من غير تردد(.)6
وووووووووو
( )1ا ةر :مختار الصحاح (ص ،)276 :والقاموس المحيط ( .)388/5باب الواو والياء و فصل النون.
( )2مجموع الفتاوى (.)232/57
( )3سيإلتي ذكر هذا المعنى في الصفحة التالية.
( )4جامع العلوم والحك (ص 26 :و ،)28وا ةر :مجموع الفتاوى (.)236/57
( )5وهذا التعريف للبيضاوي ا ةر :فتح الباري ( ،)55/5عمدأ القاري (.)25/5
( )6المغني البن قدامة (.)558/5
355 شرط اإلخالص
والفرق بينها وبين اإلخالص أن اإلخالص وصف للنية وهيئة لها ،ألن النية قد
تكون إخالصا وقد ال تكون إخالصا بل شركا ورياء؛ فالنية أصلٌ واإلخالص وصف له.
إال أن الفقهاء قد يطلقون النية في الشرع على ما هو أوسع من معنى اإلخالص ،ولذا فهي
ترد عنده على معنيين:
أ دهما :بمعنى تمييز العبادات و التي تلتبس بغيرها و بعضها عن بعض؛ كتمييز
صالأ الةهر من صالأ العصر ميال ،وتمييز قضاء رمضان من صيام غيره .أو تمييز رتب
العبادات بعضها من بعض كتمييز الصوم بين كو ه فردا أو ذرا أو مستحبا أو افلة .أو
تمييز العبادات من العادات فيما توافق فيه فعل العادأ والعبادأ؛ كتمييز الغسل من الجنابة
من غسل التبرد والتنةف ميال ،وتمييز الصوم عن الحمية ،و حو ذلك .وهذه النية هي التي
توجد كييرا في كالم الفقهاء في كتبه .
والمعنى اليا ي :بمعنى تمييز المقصود بالعمل ،وهل هو الله و ده ال شريك له ،أم
غيره ،أم الله وغيره ،وهذه النية هي التي يتكل فيها العارفون في كتبه في كالمه على
اإلخالص وتوابعه ،وهي التي توجد كييرا في كالم السلف المتقدمين.
وقد صنف أبو بكر بن أبي الد يا مصنفا سماه :كتاب ((اإلخالص والنية)) ،وإ ما
أراد هذه النية ،وهي النية التي يتكرر ذكرها في كالم النبي تارأ بلفظ النية ،وتارأ بلفظ
اإلرادأ ،وتارأ بلفظ مقارب لذلك ،وقد جاء ذكرها كييرا في كتاب الله بغير لفظ النية
أيضا من األلفاظ المقاربة لها(.)1
فالحاصل أن النية عند الفقهاء تقع على معنيين هما :تميز العمل لله عن العمل
لغيره ،الذي هو إفراد المعبود ،وهو معنى اإلخالص .واليا ي :ية العبادأ ،وهي مرتبتان:
إ داهما :تمييز العبادأ عن العادأ .واليا ية تمييز رتب العبادات بعضها من بعض إن كا ت
مما تلتبس بغيرها ،كصيام التطوع وصيام الفرض غير صيام رمضان.
إذا ثبت هذا ،فاإلخالص يطلق على المعنى األول من إةالقات النية عند الفقهاء،
وهو المعنى الذي يكير وروده في كالم السلف المتقدمين ،وهو مراد النبي من ذكر النية
وووووووووو
( )1ا ةر :جامع العلوم والحك (ص 25:و ،)23وفتح الباري البن جر ( ،)553/5ومجموع الفتاوى
( ،)236/57وبدائع الفوائد ( 5550/5و ،)5552وتقييد الفوائد على منةومة ابن سعدي (ص.)57 :
355 شرط اإلخالص
وووووووووو
( )1وهي مرتبتان كما تقدم.
( )2ا ةر :مدارج السالكين (.)772/7
( )3بمعنى أن ال ينوي قطعها أثناء العبادأ.
( )4أخرجه البخاري في كتاب بدء الو ي ،باب :بدء الو ي (جو )5/5ح ( ،)5ومسل في كتاب اإلمارأ
( )5353/5ح (.)5208
( )5شرح رياض الصالحين البن عييمين (.)55/5
( )6ا ةر( :ص 525 :و .)522
( )7فتح الباري (.)773/7
353 شرط اإلخالص
356 شرط اإلخالص
المبحث الثالث :األدلة من الكتاب والسنة على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادة.
األدلة من الكتاب والسنة على اشتراط اإلخالص قيدا تصح به الشهاد متةافرأ
متكاثرأ.
يقول الشيـ عبد الله أبا بطين و ر مه الله و(( :وقد تةافرت دالئل الكتاب والسنة
وإجماع األمة ،على اشتراط اإلخالص لألعمال ،واألقوال الدينية ،وأن الله ال يقبل منها إال
ما كان خالصا ،وابتغي به وجهه))( .)1ومنها:
5و قوله تعالى :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ [الزمر 2 :و .)2(]5
يقول ابن جرير و ر مه الله و في تفسيرها(( :يقول تعالى ذكره :فاخشع لله يا محمد
بالطاعة ،وأخلص له األلوهة ،وأفرده بالعبادأ ،وال تجعل له في عبادتك إياه شريكا ،كما
فعله عبدأ األوثان))(.)3
وقال الشوكا ي (( :وفى اآلية دليل على وجوب النية وإخالصها عن الشوائب،
ألن اإلخالص من األمور القلبية التي ال تكون إال بإلعمال القلب ،وقد جاءت السنة
الصحيحة أن مال األمر في األقوال واألفعال النية ،كما في ديو «إ ما األعمال
بالنيات» ،و ديو « ال قول وال عمل إال بنية» .وجملة ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ مستإل فة مقررأ
لما قبلها من األمر باإلخالص :أي إن الدين الخالص من شوائب الشر وغيره هو لله
وما سواه من األديان فليس بدين الله الخالص الذي أمر به قال قتادأ :الدين الخالص
شهادأ أن ال إله إال الله(.)5()))4
2و قوله :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ [البينة:
.]3
قال ابن كيير و ر مه الله و(( :وقوله تعالى :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
وووووووووو
( )1الدرر السنية (.)225/2
( )2ا ةر :الدرر السنية (.)235/2
( )3جامع البيان (.)533/20
( )4أثر قتادأ رواه عبد الرزاق في تفسيره ( ،)585/2وابن جرير في جامع البيان ( ،)536/20وأورده السيوةي في
الدر المنيور ( )602/3وزاد في سبته إلى عبد بن ميد وابن المنذر.
( )5فتح القدير ( 658/5و .)657
358 شرط اإلخالص
3و ومن األدلة أيضا على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادأ :النصوص الدالة على أن قبول
العمل منوط بتحقيق التو يد وتر الشر ،والتي منها قوله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
[األ عام .]72 :والمراد بالةل في اآلية :الشر عند عامة ﭚ ﭛ ﭜ ﭗ ﭘ ﭙ
المفسرين(.)2
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ومنها أيضا قوله تعالى :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯝ ﯞ [الزمر ،]63 :وقوله :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﮊ [المائدأ ،]82 :وقوله :ﰀ ﰀ
[الكهف.]550 : ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
ووجه االستشهاد بهن على شرط اإلخالص ظاهر جدا ،وهو :لما كان العمل
الصالح ال يقبل مع الشر فكان محتاج في قبول األعمال إلى اإلخالص الذي ينافي هذا
الشر في كل عمل ،وال إله إال الله هي مما تدخل تحت هذه األعمال ،فدل ذلك على
اشتراط اإلخالص لقبولها.
ومما يدخل تحت هذه اآليات أيضا :اآليات التي فيها األمر بالعبادأ وتر الشر في
العبادأ ،والتي من أظهرها قوله تعالى :ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [النساء.]56 :
يقول الشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ في وجه االستشهاد بها على شرط
اإلخالص في صحة العبادأ التي هي مقتضى شهادأ أن ال إله إال الله(( :وهذه اآلية تبين
العبادأ التي خلقوا لها أيضا ،فإ ه تعالى قرن األمر بالعبادأ التي فردها بالنهي عن الشر
الذي رمه ،وهو الشر في العبادأ ،فدلت هذه اآلية على أن اجتناب الشر شرط في
صحة العبادأ ،فال تصح بدو ه أصال كما قال تعالى :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ [األ عام ،]77 :وقال تعالى :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [الزمر ]66 _ 63 :فتقدي المعمول يفيد الحصر ،أي:
بل الله فاعبد ال غير ،كما في فاتحة الكتاب :]3[ :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ))(.)3
هذه بعض أدلة القرنن الكري الدالة على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادأ .وأما
وووووووووو
(= )1قرأ عيون المو دين (ص 03 :و .)08
( )2ا ةر :تفسير أبي السعود (جو.)525/5
( )3قرأ عيون المو دين (ص :)77 :دار ابن خزيمة ،الطبعة األولى عام (7404هو).
352 شرط اإلخالص
أدلة السنة الدالة على اشتراط اإلخالص قيدا تصح به الشهادأ فهي كييرأ ال تحصى أيضا،
وهذه األدلة على وعين:
النوع األول :األدلة الدالة على تقرير وجوب اإلخالص في كل عمل صالح يراد به وجه الله،
ومن هذه األدلة:
5و ما جاء عن أبي هريرأ أ ه قال :سمعت رسول الله يقول« :قال الله تعالى أ ا
أغنى الشركاء عن الشر من عمل عمال أشر فيه معي غيري ،تركته وشركه»(.)1
2و قوله « :إ ما األعمال بالنيات وإ ما لكل امرء ما وى»(.)2
بوب عليه اإلمام البخاري و ر مه الله و(( :باب ما جاء إن األعمال بالنية والحسبة،
ولكل امرء ما وى .فدخل فيه اإليمان والودوء والصالأ والزكاأ والحج والصوم
واأل كام(.)3
5و ديو« :ال قول وال عمل إال بنية»(.)4
ووجه الداللة من هذه األدلة وادحة على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادأ ،وهو
أن العمل ال يكون مقبوال إال باإلخالص وتر الشر ،فدل ذلك على اشتراط اإلخالص
لصحة األعمال ،وشهادأ أن ال إله إال الله مما يدخل تحت هذه األعمال فدل على
اشتراط اإلخالص لقبولها.
5و قوله « :إن الله ال يقبل من العمل إال ما كان له خالصا وابتغي به وجهه»(.)1
وووووووووو
( )1رواه مسل في كتاب الزهد والرقائق من صحيحه ( )2272/5ح (.)2273
( )2أخرجه مسل في كتاب الزهد والرقائق ( )2272/5ح (.)2273
( )3صحيح البخاري (جو.)25/5
( )4أورده الديلمي في الفردوس بمإلثور الخطاب ( )573/3عن علي ديو رق ( ،)8207وابن عدي في
الكامل ( )255/5في ترجمة خالد بن عبد الدائ المصري ،وأورده ابن جر في لسان الميزان عند ترجمة
إسماعيل بن عبد الله الكندي ( )558/5من ةريق بقية عنه عن أبان ث قل كالم النباتي في أ اديو بقية
وأ ها ليست بتقية ث عقب قائال(( :وأبان في التضعيف أشد منهما بكيير .ويحتمل عندي أن يكون هو البصري
سيب بن سيرين)) ا تهى .فالحاصل أن الحديو دعيف عند الحفاظ ،ولكن يشهد لمعناه الحديو قبله« :إ ما
األعمال بالنيات».
قال ابن زم الةاهري مستدال بهذا الحديو و أعني قوله « :إ ما األعمال بالنيات»(( :فصح أن ال عمل إال
بنية وال ية إال بعمل)) [المحلى (.])200/50
330 شرط اإلخالص
ووجه الداللة منه :أن قوله « من العمل» عام يشمل كل عمل قولي أو قلبي أو
جار ي .فتدخل فيه شهادأ أن ال إله إال الله.
والنوع الثاني :األدلة التي فيها تقييد فع الشهادأ بإلن يقولها العبد ال كو ه مخلصا في
ذلك .ومن هذه األدلة:
5و ما ورد في الصحيح عن أبي هريرأ أ ه قال :قيل يا رسول الله من أسعد الناس
بشفاعتك يوم القيامة؟ قال« :لقد ظننت يا أبا هريرأ أن ال يسإللني عن هذا الحديو أ د
أول منك ،لما رأيت من رصك على الحديو .أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال
ال إله إال الله خالصا من قبل فسه»(.)2
2و ما رواه معاذ أن النبي قال« :من شهد أن ال إله إال الله مخلصا من قلبه دخل
الجنة»(.)3
5و ما رواه ابن عمر و ردي الله عنهما و أن رسول الله قال« :إ ي ألرجو أال يموت أ د
يشهد أن ال إله إال الله مخلصا من قلبه فيعذبه الله عز وجل»(.)4
5و ما ورد في الصحيح من ديو عتبان بن مالك أن النبي قال« :لن يوافي عبد يوم
القيامة يقول ال إله إال الله يبتغي به وجه إال رم الله عليه النار»( .)5وفي رواية عند مسل (:)6
«إن الله رم على النار من قال ال إله إال الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل».
3و وعن أبي هريرأ ردي قال :قال رسول الله « :ما قال عبد ال إله إال الله مخلصا من
وووووووووو
(= )1أخرجه النسائي في كتاب الجهاد ،باب :من غزا يلتمس األجر والذكر ( )23/6ح ( ،)5550والطبرا ي في
الكبير ( ،)550/7وأورده المنذري في الترغيب والترهيب ( )525/2برق ( ،)2085والحديو ك عليه
األلبا ي بإل ه سن كما في صحيح الجامع ( .)5732وا ةر :الصحيحة ( )557/5ح (.)32
( )2رواه البخاري في كتاب العل ،باب الحرص على الحديو (جو )57/5ح (.)22
( )3رواه أ مد في المسند ( ،)256/3والطبرا ي في الكبير ( ،)55/20وأبو يعلى في المسند ( )532/5ح
( ،)5720وابن بان في صحيحه ( ،)568/5وأورده الهييمي في مجمع الزوائد ( )58/5وقال :رواه البزار
ورجاله ثقات.
( )4رواه الديلمي كما في كنز العمال (جو 35/5و ،)32والخطيب في تاريـ بغداد ( 252/3و .)230
( )5رواه البخاري في كتاب الرقاق ،باب العمل الذي يبتغي به وجه الله تعالى (جو )220/8ح رق (.)6525
( )6صحيح مسل ،كتاب المساجد (.)533/5
335 شرط اإلخالص
قلبه ،إال فتحت له أبواب السماء تى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر»(.)1
6و وأخرج البخاري في تاريخه( )2من ةريق مشرس( )3عن أبيه( )4قال :سمعت أبا شيبة
الخدري يقول :أفلح أبو شيبة الخدري( )5سمعت رسول الله يقول« :من قال ال إله اال
الله مخلصا من قلبه دخل الجنة».
ووجه الداللة من هذه األدلة وادح جدا على اشتراط اإلخالص ،وهو أن الرسول
قيد فع الشهادأ بإلن يقولها العبد ال كو ه مخلصا في ذلك ،فمن يقولها وهو غير
مخلص في قولها بمقارفة الشر األكبر فإن الشهادأ ال تنفعه .فدل على اشتراط اإلخالص
المنافي للشر األكبر لال تفاع بالشهادأ.
يقول الشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ و ر مه الله و تعليقا على قوله
«خالصا من قلبه»(( :وكذلك ال المشر ،فال تقبل من مشر ،لمنافاأ الشر لإلخالص،
ولما دلت عليه هذه الكلمة مطابقة ،فإ ها دلت على في الشر ،والبراءأ منه ،واإلخالص
لله و ده ال شريك له مطابقة ،ومن ل يكن كذلك ل ينفعه قوله :ال إله إال الله ،كما هو
ال كيير من عبدأ األوثان؛ يقولون :ال إله إال الله ،وينكرون ما دلت عليه من اإلخالص،
ويعادون أهله ،وينصرون الشر وأهله))(.)6
المبحث الرابع :أقوال أهل العلم في اشتراط اإلخالص لصحة الشهادة.
هذا الشرط مما أجمعت عليه الكلمة ،واتفقت فيه الجملة من المسلمين أئمته
وعامته ،وهو في كالم أهل العل كيير ال يحصى ،ومن ذلك ما ياوي:
قال قتادأ( )7و ر مه الله و(( :أرسلت الرسل باإلخالص والتو يد ،ال يقبل منه عمل
وووووووووو
( )1أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب رق ( )528رق (.)5320
( )63/7( )2رق (.)2585
( )3هو :مشرس الطائفي .قال ابن جر في لسان الميزان ((( :)55/6مشرس عن أبيه عن أبي شيبة الخدري
مجهول كإلبيه)).
( )4مجهول ،ل أقف له على ترجمة .ا ةر :لسان الميزان (.)47/3
( )5هو :أبو شيبة الخدري األ صاري ،له صحبة ،وال يعرف اسمه ،روى عن النبي دييا وا دا ،وهو الحديو
المتقدم .ا ةر :الجرح والتعديل ( ،)520/2واإلصابة في تمييز الصحابة (.)202/8
( )6قرأ عيون المو دين (ص.)08 :
( )7هو :قتادأ بن دعامة بن قتادأ السدوسي ،أبو الخطاب البصري ،ثقة ثبت .يقال :ولد أكمه ،وهو رأس الطبقة =
332 شرط اإلخالص
تى يقولوه ويقروا به ،والشرائع مختلفة؛ في التوراأ شريعة ،وفي اإل جيل الشريعة ،وفي
القرنن الشريعة ،الل و رام ،وهذا كله في إخالص لله و ده ،وتو يد له))(.)1
وعن أبي العالية( )2في تفسير قوله تعالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [نل عمران]52 :
قال(( :اإلسالم :اإلخالص لله و ده ،وعبادته ال شريك له ،وإقام الصالأ ،وإيتاء الزكاأ،
وسائر الفرائض لهذا تبع))(.)3
وعن الربيع بن أ س( )4في تفسير قوله تعالى :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ
ﮑ [النحل ]28 :قال (( :اإليمان :اإلخالص لله و ده؛ فبين أ ه ال يقبل عمال إال
باإلخالص له))(.)5
وعنه أيضا في تفسير قوله تعالى :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
[إبراهي ]25 :قال(( :هذا ميل اإليمان؛ فاإليمان :الشجرأ الطيبة ،وأصله اليابت ﰀ ﰀ
الذي ال يزول :اإلخالص لله .وفرعه في السماء :خشية الله))(.)6
وعنه أيضا في تفسير قوله تعالى :ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
[ةه ]72 :قال (( :ﮗ ﮘ :من الشر ،ﮙ .يقول :وأخلص لله وعمل في
إخالصه))(.)7
وعنه أيضا(( :عالمة الدين اإلخالص لله))(.)8
وووووووووو
= الرابعة ،مات سنة بضع عشرأ ومائة .ا ةر :تقريب التهذيب (ص.)398 :
( )1أورده ابن جرير بإسناده إلى قتادأ في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (.)230/56
( )2هو :رفيع بن مهران ،أبو العالية الريا ي ،من كبار التابعين ،ثقة كيير اإلرسال ،مات سنة ( )20هو .و دييه عند
أصحاب الكتب الستة .ا ةر :تقريب التهذيب (ص.)527 :
( )3أورده ابن جرير بإسناده إلى أبي العالية في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (.)272/3
( )4هو :الربيع بن أ س البكري أو الحنفي ،بصري ،زل خراسان ،صدوق له أوهام ،ورمي بالتشيع من الخامسة،
مات سنة أربعين ومائة أو قبلها ،يروي عن أبو العالية الريا ي ،وعنه يروي أبو جعفر الرازي .ا ةر :تقريب
التهذيب ( ،)778واليقات (.)722/3
( )5أورده ابن جرير بإسناده إلى الربيع في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (.)535/55
( )6أورده ابن جرير بإسناده إلى الربيع في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (.)653/55
( )7أورده ابن جرير بإسناده إلى الربيع في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (.)528/56
( )8أخرجه ابن أبي الد يا في اإلخالص (ص ،)55 :رق ( ،)5ورواه المروزي في تعةي قدر الصالأ ( )687/2رق
(.)855
335 شرط اإلخالص
وعن مطرف( )1و ر مه الله و قال(( :صالح القلب بصالح العمل ،وصالح العمل
بصالح النية))(.)2
وعن سفيان اليوري( )3و ر مه الله و قال(( :اإليمان عند أهل السنة اإلخالص لله
بالقلوب واأللسنة والجوارح ،وهو قول وعمل يزيد وينقص ،على ذلك وجد ا كل من أدركنا
من عصر ا بمكة والمدينة والشام والبصرأ والكوفة))(.)4
وقال اإلمام البخاري و ر مه الله و(( :باب ما جاء إن األعمال بالنية والحسبة ،ولكل
امرء ما وى .فدخل فيه اإليمان( ،)5والودوء والصالأ والزكاأ والحج والصوم
واأل كام))(.)6
وقال محمد بن صر المروزي( )7و بعد روايته لحديو« :جددوا إيما ك » قالوا :كيف
جدد إيما نا يا رسول الله؟ قال« :تكيروا من قول ال إله إال الله»( )8و ((ففي هذا داللة على أن
المؤمن متى قال ال إله إال الله مخلصا متقربا بذلك إلى الله كان ذلك منه إيما ا))(.)9
وقد بين ذلك في مودع نخر فقال(( :يعني مخلصا بالشهادأ قلبه ،ليس كما
شهدت المنافقون إذ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ قال الله ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
وووووووووو
( )1هو :مطرف بن عبد الله بن الشخير و بكسر الشين المعجمة وتشديد المعجمة المكسورأ بعدها تحتا ية ساكنة
ث راء و العامري الحرشي بمهملتين مفتو تين ث معجمة ،أبو عبد الله البصري ،ثقة عابد ،فادل من اليا ية ،مات
سنة خمس وتسعين ،و دييه عند أصحاب الكتب الستة .ا ةر :تقريب التهذيب (ص.)948 :
( )2أخرجه أ مد في الزهد برق ( ،)5523وأبو عي في الحلية (.)522/2
( )3هو :سفيان بن سعيد بن مسروق اليوري ،أبو عبد الله الكوفي ،ثقة افظ ،فقيه عابد ،إمام جة ،كان يلقب بإلمير
المؤمنين في الحديو ،ولد بالكوفة سنة ( )93هو .وتوفي سنة ( )737هو .ا ةر :تاريـ بغداد ( ،)757/9وسير
أعالم النبالء ( ،)09/3وتقريب التهذيب (ص.)794 :
( )4أخرجه الاللكائي في أصول اعتقاد أهل السنة (.)265/3
( )5وأعة اإليمان هو قول ال إله إال الله كما في الحديو« :اإليمان بضع وسبعون شعبة :أعالها قول ال إله إال
الله» .الحديو.
( )6صحيح البخاري (جو.)25/5
( )7محمد بن صر المروزي ،تقدم.
( )8أخرجه أ مد في المسند ( ،)532/2وأبو عي في الحلية (جو ،)538/2وقال(( :غريب من ديو محمد بن
واسع ،تفرد به عنه صدقة بن موسى ،ويعرف بالدقيقي ،بصري مشهور)).
( )9تعةي قدر الصالأ (.)878/2
335 شرط اإلخالص
[المنافقون ]5 :فل يكذب قوله أ ه ق في عينه ،ولكن كذبه من قوله ،فقال :ﮙ
ﮛ ﮜ [المنافقون ]5 :ث قال :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ فكذبه من ﮚ
قوله ( ،)1ال أ ه قالوا :بإللسنته باةال أو كذبا))(.)2
وممن أشار إلى هذا الشرط أيضا أبو عوا ة( )3و ر مه الله و يو عقد بابا في أن
اإلقرار بال إله إال الله ال ينفع إذا ل يورد به وجه الله ث ذكر تحته األ اديو الدالة على
ذلك(.)4
وممن أشار إليه أيضا اإلمام البربهاري و ر مه الله و يو قال(( :شهادأ أن ال إله
إال الله ال تقبل من صا بها إال بصدق النية وخالص اليقين))(.)5
وقال ابن أبي جمرأ في سياق شر ه لحديو« :أسعد الناس بشفاعتي من قال :ال
إله إال الله خالصا من قلبه»(( :فيه دليل على أن من خالط إيما ه شائبة ال يسعد أل ه
شرط فيه اإلخالص ،واإلخالص يتضمن عدم الشوائب دقها وجلها))( )6ا تهى.
وممن أشار إلى هذا الشرط أيضا شيـ اإلسالم و ر مه الله و يو قال(( :فإن
الشهادأ لله بإل ه ال إله إال هو تتضمن إخالص اإللهية له ،فال يجوز أن يتإلله القلب غيره ،ال
بحب وال خوف وال رجاء وال إجالل وال إكرام وال رغبة ،وال رهبة ،بل ال بد أن يكون
الدين كله لله كما قال تعالى :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [األ فال ]52 :فإذا كان
بعض الدين لله وبعضه لغير الله كان في ذلك من الشر بحسب ذلك))(.)7
وقال ابن القي و ر مه الله و مشيرا إلى هذا الشرط(( :وها هنا أصل نخر ،وهو أن
وووووووووو
( )1أي من جهة قوله .
( )2المصدر فسه ( 808/2و .)807
( )3هو :اإلمام الحافظ الكبير الجوال ،أبو عوا ة يعقوب بن إسحاق بن إبراهي بن يزيد النيسابوري األصل ،اإلسفراييني،
صا ب المسند الصحيح الذي خرجه على صحيح مسل وزاد أ اديو قليلة في أواخر األبواب ،مولده بعد اليالثين
ومئتين ،أكير من التجوال والتر ال وسمع من بالء الرجال ،دث عنه :أ مد بن علي الرازي ،والطبرا ي الحافظ
وغيرهما .توفي سنة ستة عشرأ وثالثمائة .ا ةر :سير أعالم النبالء ( 558/55و .)552
( )4مسند أبي عوا ة (.)53/5
( )5شرح السنة لإلمام البربهاري مع شر ه إرشاد الساري للنجمي (ص.)520 :
( )6بهجة النفوس (جو.)773/7
( )7اقتضاء الصراط المستقي (.)755/2
333 شرط اإلخالص
قيقة اإليمان مركبة من قول وعمل ،والقول قسمان :قول القلب وهو االعتقاد ،وقول
اللسان وهو التكل بكلمة اإلسالم .والعمل قسمان :عمل القلب ،وهو يته وإخالصه،
وعمل الجوارح .فإذا زالت هذه األربعة زال اإليمان بكماله))(.)1
وممن ص على اشتراةه أيضا :الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و(،)2
والشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ( ،)3والشيـ عبد اللطيف بن عبد الر من نل
الشيـ( )4والشيـ افظ كمي( ،)5والمعلمي( )6و ر مه الله.
وووووووووو
( )1الصالأ و ك تاركها (ص.)52 :
( )2ا ةر :كتاب التو يد دمن مؤلفات الشيـ اإلمام محمد بن عبد الوهاب ،القس األول ،العقيدأ واآلداب
اإلسالمية (ص.)55 :
( )3ا ةر :فتح المجيد (ص ،)555 :والدرر السنية (.)236 ،235/2
( )4ا ةر :مصباح الةالم (ص.)505 :
( )5ا ةر :معارج القبول (.)557/2
( )6ا ةر :رفع االشتباه (ص.)55 :
336 شرط اإلخالص
خالصا صوابا .والخالص :أن يكون لله ،والصواب :أن يكون على السنة .وهذا الذي ذكره
الفضيل مما اتفق عليه أئمة المشايخ))( .)1ا تهى.
قلت :وهذان الشرةان هما تحقيق الشهادأ.
ووجهه :أن شهادأ أن ال إله إال الله تقتضي اإلخالص لله تعالى في العبادأ الذي
هو عمل القلب ،كما تقتضي اال قياد لرسول الله الذي هو صورأ العبادأ؛ فبمجموع
هذين األمرين يتحقق اإليمان.
وكذلك فإن للعمل جهتين :عمل ،ومقصود بالعمل؛ فالعمل ال تكون صورته صحيحة
إال إذا كان وفقا للسنة .والمقصود بالعمل و وهو الله و ال يبالي بهذا العمل ما ل يكن
القصد به متمحضا إليه ،كما قال تعالى في بهيمة األ عام التي يتصدق بها أو تهدى لبيته
الحرام :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [الحج.]58 :
قال الشوكا ي و ر مه الله و في تفسيره لهذه اآلية(( :أي :لن يصعد إليه وال يبلغ رداه
وال يقع موقع القبول منه لحوم هذه اإلبل التي تتصدقون بها وال دماؤها التي تونصب عند
حرها من يو إ ها لحوم ودماء ﯫ ﯬ أي :يبلغ إليه تقوى قلوبك ،ويصل إليه
إخالصك له وإرادتك بذلك وجهه ،فإن ذلك هو الذي يقبله الله ويجازي عليه))( .)2ا تهى.
وسئل ابن القي و ر مه الله و عن تجريد األفعال الشرعية عن النية ،فكان جوابه:
((أن لله على العبد عبوديتين :عبودية باةنة وعبودية ظاهرأ؛ فله على قلبه عبودية ،وعلى
لسا ه وجوار ه عبودية ،فقيامه بصورأ العبودية الةاهرأ مع تعريه عن قيقة العبودية الباةنة
مما ال يقربه إلى ربه ،وال يوجب له ثوابه وقبول عمله؛ فإن المقصود امتحان القلوب وابتالء
السرائر ،فعمل القلب هو روح العبودية ولبها ،فإذا خال عمل الجوارح منه كان كالجسد
الموات بال روح ،والنية هي عمل القلب الذي هو ملك األعضاء والمقصود باألمر والنهي،
فكيف يسقط واجبه ،ويعتبر واجب رعيته وجنده وأتباعه الالتي إ ما شرعت واجباتها ألجله
وألجل صال ه ،وهل هذا إال عكس القضية وقلب الحقيقة؟! والمقصود باألعمال كلها
ظاهرها وباةنها إ ما هو صالح القلب وكماله وقيامه بالعبودية بين يدي ربه وقيومه وإلهه،
وووووووووو
( )1مجموع الفتاوى (.)373/55
( )2فتح القدير (.)635/5
332 شرط اإلخالص
ومن تمام ذلك قيامه هو وجنوده في ضرأ معبوده وربه ،فإذا بعو جنوده ورعيته ،وتغيب
هو عن الخدمة والعبودية ،فما أجدر تلك الخدمة بالرد والمقت ،وهذا ميل في غاية
المطابقة ،وهل األعمال الخالية عن عمل القلب إال بمنزلة ركات العابيين؟! وغايتها أن ال
يترتب عليها ثواب وال عقاب)).
فيتعبدون الله تعالى بما استحدثوه من البدع والريادات التي يةنون أن فيها صال ا لقلوبه .
وهذا كحال بعض المتصوفة ممن استعادوا بتلك البدع عن موافقة الشرع المحمدي.
وأما الفساق :فهؤالء يزعمون أن اإليمان في القلوب ،فال يبالون بعد ذلك بفعل
المعاصي والذ وب؛ فيفرةون في موافقة األمر والنهي.
فكال الطائفتين تاركون لصورأ العمل الشرعي ،ففسدت بذلك عبودية قلوبه ؛ وذلك
ألن صالح القلب إ ما يكون بصالح الجوارح والنيات كما سبقت اإلشارأ إليه.
فالحاصل أن اإلخالص شرط في صحة العبادأ ،وأن العبادأ أصلها تجريد اإلخالص
لله تعالى و ده ،وتجريد المتابعة للرسول ،)1(وبه يتبين منوزلة اإلخالص من العبادأ وأ ه
رو ها ولبها وقوامها ،فالعبادأ تصح بصحته وتفسد بفساده ،والله تعالى أعل .
وووووووووو
( )1ا ةر :الدرر السنية (.)38/0
365 شرط اإلخالص
المبحث السادس :أثر قوة اإلخالص في تكميل شهادة أن ال إله إال الله:
إخالص الدين لله ليس مرتبة وا دأ يستوي الناس فيه جميعه ،بل يتفاوت فيه
أهله تفاوتا عةيما؛ فبين محصل ألد اه و ائز ألعاله ،وبين ذلك مراتب ودرجات ال يعلمها
إال الله تعالى(.)1
ولذا كلما قوي هذا اإلخالص في القلب أثمر من كمال التو يد وتحقيقه ما يكون
سببا في تكميل شهادأ أن ال إله إال الله ،وذلك على أصل أهل السنة في زيادأ اإليمان
بحسب زيادأ أعمال القلوب والجوارح.
يقول شيـ اإلسالم و ر مه الله و مبينا التالزم بين قوأ اإلخالص وتكميل الشهادأ:
((«ال إله إال الله رب السموات ورب األرض رب العرش الكري »( )2فإن هذه الكلمات فيها
تحقيق التو يد ،وتإلله العبد ربه ،وتعلق رجائه به و ده ال شريك له ،وهى لفظ خبر
يتضمن الطلب .والناس وإن كا وا يقولون بإللسنته :ال إله إال الله ،فقول العبد لها مخلصا
من قلبه له قيقة أخرى ،وبحسب تحقيق التو يد تكمل ةاعة الله .قال تعالى :ﯮ ﯯ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﯰ ﯱ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [الفرقان 55 :و ...]55وكلما قق العبد اإلخالص في قول :ال إله
إال الله خرج من قلبه تإلله ما يهواه ،وتصرف عنه المعاصي والذ وب ،كما قال تعالى :ﭸ
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [يوسف ]25 :فعلل صرف السوء والفحشاء عنه
بإل ه من عباد الله المخلصين .وهؤالء ه الذين قال فيه ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
[ص: [الحجر .]52 :وقال الشيطان :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
72و .]75وقد ثبت في الصحيح عن النبي أ ه قال« :من قال ال إله إال الله مخلصا من
قلبه رمه الله على النار»( .)3فإن اإلخالص ينفى أسباب دخول النار؛ فمن دخل النار من
القائلين" :ال إله إال الله ل يحقق إخالصها المحرم له على النار؛ بل كان في قلبه وع من
وووووووووو
( )1ا ةر :مجموع الفتاوى (.)606/22
( )2لفظ ديو بوي خرجه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه ،باب :قول الله تعالى :ﯤ ﯥﯦ ﯧ وقوله
(جو 004/8و )005ح ( ،)3477ومسل في كتاب الدعاء والذكر والتوبة ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ جل ذكره
واالستغفار (.)0297/4
( )3بمعناه .ا ةر :صحيح البخاري (جو )58 ،57/5ح ( )22و(.)527
362 شرط اإلخالص
الشر الذي أوقعه فيما أدخله النار .والشر في هذه األمة أخفى من دبيب النمل .ولهذا
كان العبد مإلمورا في كل صالأ أن يقول :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ [الفاتحة ]3 :والشيطان
يإلمر بالشر والنفس تطيعه في ذلك ،فال تزال النفس تلتفت إلى غير الله؛ إما خوفا منه؛
وإما رجاء له .فال يزال العبد مفتقرا إلى تخليص تو يده من شوائب الشر .وفى الحديو
الذي رواه ابن أبي عاص وغيره عن النبي أ ه قال« :يقول الشيطان :أهلكت الناس
بالذ وب وأهلكو ي بال إله إال الله واالستغفار .فلما رأيت ذلك بييت فيه األهواء فه
يذ بون وال يستغفرون؛ أل ه يحسبون أ ه يحسنون صنعا»( )2()))1ا تهى.
وقال الحافظ ابن رجب و ر مه الله و رابطا بين دعف اإلخالص و قص التو يد:
((وتحقيق هذا المعنى وإيضا ه أن قول العبد :ال إله إال الله يقتضي أن ال إله له غير الله،
واإلله هو الذي يطاع فال يعصى هيبة له وإجالال ،ومحبة وخوفا ورجاء وتوكال عليه ،وسؤاال
منه ،ودعاء له ،وال يصلح ذلك كله إال لله ،فمن أشر مخلوقا في شيء من هذه
األمور التي هي من خصائص اإللهيه كان ذلك قد ا في إخالصه في قول :ال إله إال الله،
و قصا في تو يده .وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك ،وهذا كله من
فروع الشر ،ولهذا ورد إةالق الكفر والشر على كير من المعاصي التي منشؤها من ةاعة
غير الله أو خوفه أو رجائه ،أو التوكل عليه والعمل ألجله ،كما ورد في الصحيح إةالق
الشر على الرياء ،وعلى الحلف بغير الله ،وعلى التوكل على غير الله ،واالعتماد عليه،
وعلى من سوى بين الله وبين المخلوق في المشيئة ،ميل أن يقول :ما شاء الله وشاء فالن.
وكذا قوله :مالي إال الله وأ ت؛ وكذلك ما يقدح في التو يد وتفرد الله بالنفع والضر
كالطيرأ ،والرقى المكروهة ،وإيتان الكهان وتصديقه بما يقولون ،وكذلك اتباع هوى النفس
فيما هى الله عنه ،قادح في تمام التو يد وكماله.
ولهذا أةلق الشرع على كيير من الذ وب التي منشؤها من هوى النفس أ ها كفر
وشر ؛ كقتال المسل ،ومن أتى ائضا ،أو امرأأ في دبرها ،ومن شرب الخمرأ في المرأ
وووووووووو
( )1أخرجه أبو يعلي في المسند ( )525/5ح رق ( ،)556والديلمي في الفردوس بمإلثور الخطاب (،)75/5
وأورده الهييمي في المجمع (جو )208/50وقال« :رواه أبو يعلي ،وفيه عيمان بن مطر دعيف» .ا تهى.
و ك عليه األلبا ي بإل ه مودوع كما في دعيف الجامع برق (.)5823
( )2مجموع الفتاوى ( 260/50و .)265وا ةر :االستقامة ( 523/5و .)526
365 شرط اإلخالص
وووووووووو
( )1كلمة اإلخالص (ص 57 :و .)52
365 شرط اإلخالص
وقال الشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ(( :والصدق واإلخوالص متالزموان ،ال يوجود
أ وودهما بوودون اآلخوور ،فووإن موون ل و يكوون مخلصووا فهووو مشوور ،وموون ل و يكوون صووادقا فهووو
منافق))(.)1
وقووال الش وريف الجرجووا ي فووي بيووان الفوورق بينهمووا(( :والفوورق بووين اإلخووالص والصوودق :أن
الصوودق أصوول ،وهووو األول؛ واإلخووالص فوورع وهووو تووابع .وفوورق نخوور :اإلخووالص ال يكووون إال
بعد الدخول في العمل))(.)2
فتحصل من كالم هؤالء األعالم أن الصدق يفارق اإلخالص من جهتين:
األولــى :أن الصوودق أصوول فووي الطلووب واإلرادأ مووع بووذل الجهوود فووي الموافقوة ،واإلخووالص
أصل في المطلوب أي :المعبود.
الثانيــة :أن الصوودق يكووون بعموول القلووب والج ووارح بخووالف اإلخووالص فووال يكووون إال فووي
القلووب؛ ويتفوورع عنووه أن اإلخووالص ال يكووون إال بعوود الوودخول فووي العموول ،وهووو أيضووا فوورع عوون
الصدق.
وأمر ثالو وهو أن اإلخالص ينفي الشر ،والصدق ينفي النفاق.
وووووووووو
( )1قرأ عيون المو دين (ص.)03 :
( )2التعريفات (ص.)74 :
366 شرط اإلخالص
وقد أجيب سؤله؛ لقوله تعالى :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [ ،ةه ]56 :ودروري أن
ظ هارون من الرسالة دون ظ موسى ،ولهذا تقول فالن شريك لغيره في دار أو أرض أو
بضاعة ،ولو ل يكن له منها إال معشار العشر ،بل األجير على جزء الربح كالخماس،
وعامل القراض شريك لرب المال ،من غير أن يكون له ظ من األصل ،هذا في
الحسيات ،وميله في المعنويات؛ تقول :األبوان شريكان في ةاعة ابنهما لهما ،وإن كان
ق األم في الطاعة أقوى ،وتقول :أبنائي شركاء في محبتي ،وأ ت تحب بعضه أشد من
بعض .هذا تقرير معنى الشر لغة))( )1ا تهى.
فالحاصل أن الشر في اللغة مطلق الخلطة في األ صباء سواءت تساوت صوص
الشركاء منها أو تفاوتت ،ولذا فمن صرف شيئا من قوق الله لغير الله ،أو اعتقد في
المخلوق فقد أشر ،وإن اعتقد أن غير الله غير مساو لله في جميع الخصائص والحقوق
كما سيإلتي في تعريف الشر .
ثانياً :معنى الشرك األكبر في االصطالح:
اختلفت عبارات أهل العل في بيان معنى الشر األكبر وذلك العتبارات مختلفة؛
فمنه من عرف الشر األكبر بالتمييل بذكر شيء من أ واعه وأفراده ،ومنه من عرف
الشر ببيان أصله و قيقته ،ومنه من عرف الشر ببيان كمه وأثره ،ومنه من جمع بين
هذه األمور اليالثة ،أو بعضها كما سيتضح عند ذكر هذه التعاريف؛ وهي كما يلي:
قال ابن القي و ر مه الله و(( :وأما الشر فهو وعان :أكبر وأصغر؛ فاألكبر ال
يغفره الله إال بالتوبة منه ،وهو أن يتخذ من دون الله دا يحبه كما يحب الله ،وهو الشر
الذي تضمن تسوية نلهة المشركين برب العالمين ،ولهذا قالوا آللهته في النار ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [الشعراء 28و ]27مع إقراره بإلن الله و ده خالق كل
شيء وربه ومليكه وأن نلهته ال تخلق وال ترزق وال تحيي وال تميت وإ ما كا ت هذه
التسوية في المحبة والتعةي والعبادأ))(.)2
وقد تضمن تعريف ابن القي و ر مه الله و للشر األكبر ذكر كمه وأثره ،وهو أن
وووووووووو
( )1رسالة الشر ومةاهره (ص.)505:
( )2مدارج السالكين (.)552/5
367 شرط اإلخالص
الله تعالى ال يغفره إال بالتوبة؛ فصا ب هذا الشر مخلد في النار كما قال تعالى :ﭺ
[المائدأ ،]82 :وكما قال :ﭨ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ
ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ [النساء ،]57 :ألن هذا الشر محبط
ﯘ ﯙ ﯚ لألعمال مبطل ليوابها كما قال تعالى :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
[األ عام: ﯗ ﯘ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [الزمر ،]63 :وقال :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
.]77
كما أن ابن القي و ر مه الله و قد ذكر في هذا التعريف أصل الشر و قيقته ،وهو
التسوية بين الخالق والمخلوق في بعض الحقوق ،كما أشار إلى شيء من أ واعه ،يو
ذكر شر المحبة وشر التعةي وشر العبادأ.
ولذا فهو يعتبر من أجمع ما قيل في تعريف الشر األكبر.
ومما جاء في تعريفه أيضا قول القرةبي و ر مه الله و(( :وأصله اعتقاد شريك لله في
ألوهيته ،وهو الشر األعة ،وهو شر الجاهلية ،وهو المراد بقوله تعالى :ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ [النساء.)1())]57 :
وهو تعريف للشر بإلصله وبيان قيقته مع اإلشارأ إلى كمه.
وقال شيـ اإلسالم في تعريفه(( :فإلما الشر في اإللهية فهو :أن يجعل لله دا أي
ميال في عبادته ،أو محبته أو خوفه أو رجائه أو إ ابته))(.)2
وهو تعريف للشر بإلصله مع بيان شيء من أ واعه.
وقال الشيـ سليمان نل الشيـ و ر مه الله و في تعريفه(( :تشبيه للمخلوق بالخالق و
تعالى وتقدس و في خصائص اإللهية من ملك الضر والنفع ،والعطاء والمنع الذي يوجب
تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل وأ واع العبادأ كلها بالله و ده))(.)3
وهو تعريف للشر األكبر ببيان قيقته وأصله ،ألن أصل الشر تشبيه في
الخصائص والحقوق(.)4
وووووووووو
( )1الجامع أل كام القرنن (جو.)575/3
( )2مجموع الفتاوى (.)25/5
( )3تيسير العزيز الحميد (ص.)25 :
( )4يقول المقريزي و ر مه الله و (( :اعل أن قيقة الشر تشبيه الخ الق بالمخلوق ،وتشبيه المخلوق =
362 شرط اإلخالص
وقال الشيـ عبد اللطيف بن عبد الر من نل الشيـ في تعريفه للشر (( :والشر
إعطاء المخلوق ما يستحقه الخالق و ده من دعاء ،وتوكل ومحبة ،و حو ذلك من
العبادات والطاعات))(.)1
وهو تعريف للشر بإلصله مع بيان شيء من أ واعه وأفراده.
ومما جاء في تعريفه أيضا(( :هو كل ما اقض التو يد أو قدح فيه ،مما ورد في
الكتاب والسنة تسميته شركا))(.)2
وهذا تعريف للشر بإلثره ،ألن من نثار الشر قض التو يد.
وقال المعلمي و ر مه الله و :في ده ..(( :فنةرت في قيقة الشر فإذا هو باالتفاق:
()3
اتخاذ غير الله إلها من دو ه ،أو عبادأ غير الله . ))
وهو تعريف للشر في اإللهية ببيان قيقته وأصله ،وهو جامع ما ع.
وعرفه عبد الر من السعدي بقوله(( :أن يصرف العبد وعا أو فردا من أفراد العبادأ
لغير الله)) ث علق عليه قائال (( :فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أ ه مإلمور به من الشارع
فصرفه لله و ده تو يد وإيمان وإخالص ،وصرفه لغير الله شر وكفر))(.)4
وهذا التعريف يعتبر من التعاريف الجامعة الما عة أيضا.
وقال ابن عييمين في ده(( :كل شر أةلقه الشارع ،وهو متضمن لخروج اإل سان
من دينه ،ميل :أن يصرف شيئا من أ واع العبادأ لغير الله؛ كإلن يصلي لغير الله ،أو يصوم
لغير الله ،أو يذبح لغير الله))(.)5
وهذا تعريف للشر بحكمه مع بيان شيء من أ واعه.
وووووووووو
= بالخالق.
أما األول :فإن المشر شبه المخلوق بالخالق في خصائص اإللهية وهي التفرد بملك الضر والنفع والعطاء
والمنع ،فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق تعالى ،وسوى بين التراب ورب األرباب فإلي فجور وذ ب
أعة من هذا))[ .تجريد التو يد (ص .])52 :وا ةر :الجواب الكافي (ص.)255 :
( )1مصباح الةالم (ص.)27 :
( )2ذكر هذا التعريف صا ب كتاب الشر في القدي والحديو ( )552/5و سبه إلى الجزائري في عقيدأ المؤمن ول أجده.
( )3رفع االشتباه عن معنى العبادأ واإلله (ص.)55 :
( )4القول السديد (ص 520 :و .)525
( )5مسائل في العقيدأ لمجموعة من أصحاب الفضيلة ،جمع وترتيب أبو مالك محمد بن عبد الوهاب (ص.)50 :
380 شرط اإلخالص
هذه بعض عبارات أهل العل في بيان معنى الشر األكبر في اإللهية ،وال تنافي
بينها في الحقيقة ألن بعضها يكمل بعضا ويشد من بعض.
وقد أفضت في ذكر النقول من كالم أهل العل في بيان معنى الشر األكبر وذلك
تى تنجلي قيقته ،وتتضح صورته ،وذلك لما صل فيه من اشتباه في معناه ،وا حراف
كبير في مفهومه ومغزاه.
المقصد الثاني :أقسام الشرك األكبر وأنواعه.
يقس أهل العل الشر األكبر في الجملة إلى قسمين:
األول :شرك الربوبية ،وهو الشر المتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله.
واليا ي :شرك اإللهية ،وهو الشر في عبادته ومعاملته ،وإن كان صا به يعتقد أ ه
سبحا ه ال شريك له في ذاته وال في صفاته وال في أفعاله.
أما القس األول و وهو الشر في الربوبية و فنوعان:
قال ابن القي في بيا هما(( :أحدهما :شر التعطيل:
[الشعراء]25 : ﭲ وهو أقبح أ واع الشر ؛ كشر فرعون إذ قال :ﭯ ﭰ ﭱ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ وقال تعالى مخبرا عنه أ ه قال لهامان :ﮌ ﮍ
ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ [غافر 56 :و .]58
ومن هذا الشر شر أهل الو دأ القائلين :ما ث خالق ومخلوق وال هاهنا شيئان،
بل الحق المنزه هو عين الخلق المشبه ،)1(،ومنه أيضا شر المال دأ القائلين بقدم العال
وأبديته ،وأ ه ل يكن معدوما أصال ،بل ل يزل وال يزال ،وأن الحوادث بإلسرها مستندأ
عنده إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها ،يسمو ها بالعقول والنفوس.
ومن هذا الشر شر من عطل الرب عن صفاته وأفعاله من غالأ الجهمية والقرامطة
والمعتزلة ،فل ييبتوا له اسما وال صفة ،بل جعلوا المخلوق أكمل منه ،إذ كمال الذات
بإلسمائها وصفاتها.
والنوع الثاني :شر من جعل مع الله تعالى إلها نخر ،ول يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته؛
وووووووووو
( )1أهل الو دأ تقدم التعريف به ،وه كما تقدم ةائفة ابن عربي وغيره من دعاأ االتحادية .وشركه و كما قال ابن
القي و في الربوبية ،أل ه عطلوا ذات الرب بل جعلوها عين كل شيء ،وذلك أقبح أ واع التعطيل.
385 شرط اإلخالص
كشر النصارى الذين جعلوه ثالو ثالثة ،فجعلوا المسيح إلها ،وأمه إلها.
ومن هذا شر المجوس القائلين بإسناد وادث الخير إلي النور ،و وادث الشر
إلى الةلمة.
ومن هذا أيضا شر القدرية القائلين بإلن الحيوان هو الذي يخلق أفعال فسه ،وأ ها
تحدث بدون مشيئة الله وقدرته وإرادته ،ولهذا كا وا من أشباه المجوس.
ومن هذا شر الذي اج إبراهي في ربه ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ [البقرأ:
]237فهذا جعل فسه دا لله تعالى ،يحيي ويميت بزعمه ،كما يحيي الله ويميت.
ومن هذا شر كيير ممن يشر بالكواكب العلويات ،ويجعلها أربابا مدبرأ ألمر هذا
العال ،كما هو مذهب مشركي الصابئة ،وغيره .
ومن هذا شر عباد الشمس وعباد النار وغيره .
ومن هؤالء من يزع أن معبوده هو اإلله على الحقيقة ،ومنه من يزع أ ه أكبر اآللهة،
ومنه من يزع أ ه إله من جملة اآللهة ،وأ ه إذا خصه بعبادته والتبتل إليه واال قطاع إليه أقبل عليه
واعتني به ،ومنه من يزع أن معبوده األد ى يقربه إلى المعبود الذي هو فوقه ،والفوقا ي يقربه إلى
من هو فوقه ،تى تقربه تلك اآللهة إلى الله سبحا ه ،فتارأ تكير الوسائط وتارأ تقل))(.)1
هذه بعض أ واع الشر في الربوبية.
وأما القسم الثاني :وهو الشر في األلوهية ،فقد جعله الشيـ محمد بن عبد
الوهاب و ر مه الله و أربعة أ واع:
النوع األول :شر الدعوأ ،وهو صرف شيء من أ واع العبادأ لغير الله تعالى ،كصرف
الدعاء لغير الله .والدليل قوله تعالى :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ [العنكبوت 63 :و .]66
النوع الثاني :شر النية وهي واإلرادأ والقصد .والدليل قوله تعالى :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﮍﮎ ﮏ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮗ [هود 53 :و .]56 ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮐ ﮑ ﮒ
النوع الثالث :شر الطاعة .والدليل قوله تعالى :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
وووووووووو
( )1الجواب الكافي فيمن سإلل عن الدواء الشافي (ص 255 :و )255باختصار .وا ةر :مجموع الفتاوى ( 25/5و .)22
382 شرط اإلخالص
[التوبة.]55 : ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
والمراد ةاعة العلماء والعباد ،في معصية الله سبحا ه كما فسرها رسول الله لعدي
ابن ات ،لما سإلله فقال :لسنا عبده .فبين له أن عبادته ةاعته في معصية الله(.)1
النوع الرابع :شر المحبة .والدليل عليه قوله تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮆ
ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ إلى قوله تعالى :ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ [ .البقرأ 563 :و .)2(]568
وهذه األ واع األربعة التي ذكرها الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و اصرأ أل واع
الشر في اإللهية ال يشذ فرد عنها؛ ألن الشر بالنةر إلى فعل العبد وما يصدر منه من أمور
شركية؛ إما أن يكون ظاهرا في أقواله وأفعاله ،أو يكون خفيا في قلبه وقصوده.
فالنوع األول شر في الةاهر ،وبقية األ واع شر في الباةن ،إما في النية والقصد؛
كالنوع اليا ي ،أو في االعتقاد والقلب كالنوعين اليالو( )3والرابع.
وقد أشار ابن القي و ر مه الله و إلى هذه األ واع األربعة من الشر بقوله(( :ويتبع
هذا الشر -يعني الشر في العبادأ -الشر به سبحا ه في األفعال ،واألقوال واإلرادات
والنيات:
فالشرك في األفعال كالسجود لغيره ،والطواف بغير بيته ،و لق الرأس عبودية وخضوعا
لغيره ،وتقبيل األ جار غير الحجر األسود الذي هو يمين الله في األرض ،وتقبيل القبور
واستالمها ،والسجود لها…
ومن الشرك به سبحانه الشرك به في اللفظ :كالحلف بغيره ،كما رواه اإلمام
وووووووووو
( )1أخرجه الترمذي في كتاب التفسير من جامعه ( )232/3رق ( ،)5023والبخاري في التاريـ الكبير ()506/8
ترجمة رق ( ،)585وابن أبي ات في التفسير ( ،)5875/6والطبرا ي في الكبير ( ،)22/58وفي إسناده
غطيف بن أعين قال الحافظ في التقريب (ص( :)888 :دعيف من السابعة) .ولكن الحديو له شاهد موقوف
على ذيفة رواه ابن أبي ات في تفسيره ( )5875/6رق ( ،)50038والبيهقي في السنن (،)556/50
وابن جرير في التفسير ( .)552/55قلت :وألجل هذا الشاهد سنه األلبا ي و ر مه الله و كما في صحيح
الترمذي ( )258/5برق (.)2585
( )2الدرر السنية ( 62/2و .)80
( )3سيإلتي أن النوع اليالو المراد به ةاعته في استحالل ما رم الله أو العكس.
385 شرط اإلخالص
أ مد وأبو داود عنه أ ه قال« :من لف بغير الله فقد أشر » وصححه الحاك وابن
بان( .)1ومن ذلك قول القائل للمخلوق :ما شاء الله وشئت ،كما ثبت عن النبي أ ه
قال له رجل :ما شاء الله وشئت ،فقال« :أجعلتني لله دا؟ بل قل :ما شاء الله و ده»(،)2
هذا مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة ،كقوله :ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ [التكوير،]27 :
فكيف بمن يقول :أ ا متوكل على الله وعليك ،وأ ا في سب الله و سبك ،ومالي إال الله
وأ ت ،وهذا من الله ومنك ،وهذا من بركات الله وبركاتك ،والله لي في السماء وأ ت لي
في األرض ،أو يقول :والله و ياأ فالن ،أو يقول :ذرا لله ولفالن ،أو أ ا تائب لله ولفالن،
أو أرجو الله وفال ا ،و حو ذلك...
وأما الشرك في اإلرادات والنيات :فذلك البحر الذي ال سا ل له ،وقل من ينجو
منه؛ فمن أراد بعمله غير وجه الله ،أو وى شيئا غير التقرب إليه ،وةلب الجزاء منه ،فقد
أشر في يته وإرادته.
واإلخالص :أن يخلص لله في أقواله وأفعاله وإرادته ونيته ،وهذه هي الحنيفية ملة
إبراهي التي أمر الله بها عباده كله ،وال يقبل من أ د غيرها ،وهي قيقة اإلسالم :ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [نل عمران .]73 :وهي ملة إبراهي التي
من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء))( .)3ا تهى
فالحاصل أن الشر األكبر قد يكون في االعتقاد وعمل القلب ،كاعتقاد الشريك
مع الله في التإلثير والتدبير أو اعتقاد من يعل الغيب المطلق مع الله ،وكالشر في المحبة،
والخوف ،والتوكل ،والرجاء ،والشر في النية وهي اإلرادأ والقصد.
وووووووووو
( )1كما قال المؤلف :أخرجه أ مد في المسند ( ،)523 ،76 ،55/2وأبو داود في كتاب اإليمان ،باب :كراهة
الحلف باآلباء ( )235/3ح رق ( )5235والترمذي في جامعه رق ( ،)5385وابن بان ( )5588والطيالسي
( ،)5726والبيهقي ( ،)22/50والحاك في المستدر ( .)228/5 ،57/5وقال :صحيح على شرط الشيخين
وافقه الذهبي.
( )2أخرجه أ مد في المسند ( ،)225 ،255/5والبيهقي في السنن ( ،)258/5وابن أبي شيبة في المصنف
( ،)550/3والطبرا ي في الكبير ( ،)255/52والبخاري في األدب المفرد ( ،)875والنسائي في عمل اليوم
والليلة (.)668
( )3الجواب الكافي فيمن سإلل عن الداء الشافي (ص 256 :و .)255
385 شرط اإلخالص
وفي المسند من ديو أم المؤمنين عائشة ردي الله عنها قالت :قال رسول الله
« :الدواوين عند الله ثالثة :ديوان ال يعبإل الله به شيئا ،وديوان ال يغفره الله ،وديوان ال
يتر الله منه شيئا .فإلما الديوان الذي ال يغفره الله ،فالشر بالله قال الله عز وجل :ﭨ ﭩ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ [النساء ،]57 :وأما الديوان الذي ال يعبإل
الله به شيئا قط فةل العبد فسه فيما بينه وبين ربه ،وأما الديوان الذي ال يتر الله منه شيئا
فمةال العباد بينه ؛ القصاص ال محالة»(.)1
وقد قل شيـ اإلسالم ابن تيمية و ر مه الله و إجماع األمة على أن الشر األكبر
كفر أكبر مخرج من الملة فقال و ر مه الله و ((فمن جعل لله دا من خلقه فيما يستحقه و عز
وجل و من اإللهية والربوبية ،فقد كفر بإجماع األمة))(.)2
وعقد اإلمام البخاري و ر مه الله و بابا في كتابه الصحيح فقال(( :باب المعاصي من
أمر الجاهلية ،وال يكفر صا بها بارتكابها إال بالشر لقول النبي « :إ ك امرؤ فيك
[النساء: جاهلية» وقول الله تعالى :ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ
.)3())]57
وقال اإلمام أ مد و ر مه الله و(( :ويخرج الرجل من اإليمان إلى اإلسالم ،وال
يخرجه من اإلسالم شيء إال الشر بالله العةي ،أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل
جا دا بها.)4())..
فالحاصل أن الشر األكبر كفر ال يغفره الله إال بالتوبة منه.
المقصد الرابع :بيان خطر الشرك األكبر.
الشر األكبر و كما تقدم و أعة المعاصي وأغلةها على اإلةالق ،ولذا كان خطره
عةيما ودرره جسيما .ومخاةر هذا الشر وأدراره تتضح من خالل معرفة نثاره السيئة
التي تترتب عليه .وبالنةر إلى هذه اآلثار فإن بعضها عائد على الفرد فسه ،وبعضها عائد
وووووووووو
( )1أخرجه أ مد في المسند ( ،)250/6والحاك في المستدر ( ،)652/5وقال :هذا ديو صحيح اإلسناد
ول يخرجاه.
( )2مجموع الفتاوى (.)77/5
( )3صحيح البخاري ،كتاب اإليمان (جو.)53/5
( )4رواه القادي أبو يعلي في ةبقات الحنابلة (.)555/5
386 شرط اإلخالص
على المجتمع كله .وفي هذا المقصد سإلتناول ذكر شيء من هذه المخاةر واآلثار.
أوالً :أثر الشرك األكبر على الفرد:
نثار الشر األكبر على الفرد كييرأ من أهمها ما يلي:
5و أ ه محبط لألعمال مبطل ليوابها ،ويدل لذلك قوله تعالى :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﯘ ﯙ ﯚ [الزمر ،]63 :وقوله :ﭲ ﭳ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﭺ ﭻ [الفرقان ،]25 :وقوله :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [األ عام،]77 :
وأيضا قوله :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [المائدأ.]3 :
2و أن صا به مستحق للنار بل خالد فيها .ويدل لذلك من القرنن قوله تعالى :ﭺ ﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [المائدأ .]82 :ويدل عليه من السنة
قوله « :من مات ال يشر بالله شيئا دخل الجنة ،ومن مات يشر بالله شيئا دخل
النار» .وفي لفظ« :من لقي الله ال يشر به شيئا دخل الجنة ،ومن لقيه يشر به شيئا دخل
النار»(.)1
قال القرةبي و ر مه الله و في تعليقه على هذا الحديو...(( :وأن من مات على الشر ال
يدخل الجنة ،وال يناله من الله تعالى ر مة ،ويخلد في النار أبد اآلباد ،من غير ا قطاع عذاب ،وال
تصرم نماد ،وهذا معلوم دروري من الدين ،مجمع عليه من المسلمين))(.)2
وقال النووي و ر مه الله و في شر ه لهذا الحديو(( :فإلما دخول المشر النار ،فهو على
عمومه ،فيدخلها ويخلد فيها ،وال فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصرا ي وبين عبدأ األوثان
وسائر الكفرأ ،وال فرق عند أهل الحق بين الكافر عنادا وغيره ،وال بين من خالف ملة اإلسالم
وبين من ا تسب إليها ث ك بكفره ،بجحده ما يكفر بجحده ،وغير ذلك))( .)3ا تهى.
قلت :ووجه هذا الخلود في النار لكون الشر ال يغفره الله تعالى كما جاء ذلك في
ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ كتاب الله تعالى :قال تعالى :ﯡ ﯢ ﯣ
[نل عمران ،]25 :وقال تعالى :ﮦ ﮧ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
[فاةر: ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
وووووووووو
( )1أخرجه مسل في كتاب اإليمان ( )25/5ح رق ( ،535و )532من ديو جابر .
( )2المفه لما أشكل من صحيح مسل (.)220/5
( )3شرح صحيح مسل (جو.)275/2
388 شرط اإلخالص
ﮘ ﮙ ﮖ ﮗ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ،]56وقال :ﮋ ﮌ ﮍ
ﮚ [محمد.]55 :
5و أن صا به ال تناله الشفاعة في إسقاط العذاب عنه ،وإن كان بعض المشركين قد ينتفع
بشفاعة النبي في تخفيف العذاب كما فعت أبا ةالب في تخفيف العذاب عنه.
قال شيـ اإلسالم و ر مه الله و ((والتوسل بدعائه وشفاعته ينفع مع اإليمان به ،وأما
بدون اإليمان به ،فالكفار والمنافقون ال تغني عنه شفاعة الشافعين في اآلخرأ .ولهذا هي
عن االستغفار لعمه وأبيه وغيرهما من الكفار ،و هي عن االستغفار للمنافقين وقيل له :ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ [المنافقون ،]6 :ولكن الكفار يتفادلون في
الكفر كما يتفادل أهل اإليمان في اإليمان ،قال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ [التوبة.]58 :
فإذا كان في الكفار من خف كفره بسبب صرته ومعو ته فإ ه تنفعه شفاعته في تخفيف
العذاب عنه ال في إسقاط العذاب بالكلية ،كما في صحيح مسل ( )1عن العباس بن عبد
المطلب أ ه قال :قلت يا رسول الله هل فعت أبا ةالب بشيء ،فإ ه كان يحوةك ويغضب
لك؟ قال « :ع ،هو في دحضاح من ار ،ولوال أ ا لكان في الدر األسفل من النار».
وفي لفظ :أن أبا ةالب كان يحوةك وينصر ويغضب لك فهل فعه ذلك؟ قال « :ع ،
وجدته في غمرات من ار فإلخرجته إلى دحضاح»( ،)2وفيه عن أبي سعيد أن رسول الله
ذكر عنده عمه أبو ةالب فقال« :لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في دحضاح( )3من
النار يبلغ كعبيه يغلي منهما دماغه»( .)4وقال« :إن أهون أهل النار عذابا أبو ةالب ،وهو
()5
منتعل بنعلين من ار يغلي منهما دماغه» ))( .)6ا تهى.
والدليل على في الشفاعة عن المشر قوله تعالى :ﭑﭒﭓ ﭔﭕ [المدثر،]57 :
وووووووووو
( 525/5( )1و .)562 ،537 ،538( .)526
( )2أخرجه مسل في كتاب اإليمان ( 525/5و )523ح (.)537 ،538
( )3أي قليل من النار ،والضحضاح في األصل يطلق على ما رق من الماء على وجه األرض أو ما يبلغ الكعبين
فاستعاره للنار[ .النهاية في غريب الحديو (.])35/7
( )4أخرجه مسل في كتاب اإليمان ( )523/5ح (.)565
( )5أخرجه مسل في كتاب اإليمان ( )526/5ح (.)562
( )6مجموع الفتاوى (555/5و.)555
387 شرط اإلخالص
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [األ بياء ،]27 :والمشر غير مردي عنه؛ فال تناله شفاعة وقوله:
الشافعين.
ومن السنة قوله و جوابا ألبي هريرأ لما سإلله من أ ق الناس بشفاعتك؟ و« :من
قال ال إله إال الله خالصا من قلبه» .فمفهوم المخالفة للحديو :أن من ل يقل ال إله إال
الله ،أو قالها ولكن قارف شيئا من الشر ليس له ق في شفاعة النبي ،ألن الشر
ينافي إخالص القلب في قول ال إله إال الله.
ولكن تبقى هنا مسإللة بحيها العلماء ،وهي :ما جاء من ا تفاع أبي ةالب بشفاعة
بينا في تخفيف العذاب عنه ،هل هي عامة لكل مشر ،فيخفف عنه العذاب ألجل
صرته ومعو ته كما خفف عن أبي ةالب ،أو ذلك خاص بإلبي ةالب ال يتعداه إلى غيره؟
فذهب بعض العلماء إلى أن ذلك عام في ق كل المشر .وإليه مال القرةبي في
التذكرأ( )1و قله عنه ابن كيير( ،)2وقرره شيـ اإلسالم(.)3
وأولوا اآليات الواردأ في في ا تفاع المشركين بشفاعة الشافعين بنفي الخروج من
النار .وقالوا :إن األ اديو تدل على ا تفاعه بالتخفيف فيما دون الخروج من النار(.)4
وذهب نخرون بإلن ذلك خاص بإلبي ةالب ال يتعداه .وأن اآليات النافية ال تفاع
المشركين بالشفاعة تبقى على عمومها في في الخروج والتخفيف .وإليه مال البيهقي كما في
«البعو والنشور»( .)5و قله ابن رجب عن بعض أهل العل (.)6
والذي يةهر و والعل عند الله و أن القول بالخصوصية أرجح من جهة أن التخصيص
ورد في ق أبي ةالب فال وجه للعموم .وكذلك لما يلزم من التعمي من التإلويل المخرج
للنصوص عن دالالتها الةاهرأ ،وذلك ال يذهب إليه إال عند عدم إمكان الجمع ،وهنا من
وووووووووو
( )1ا ةر :التذكرأ للقرةبي (.)607/2
(.)028/0 ( )2النهاية في الفتن والمال
( )3ا ةر :مجموع الفتاوى (.)555/5
( )4ا ةر :التكفير ودوابطه (ص 536 :و .)538
(( )5ص ،)65 :ولفةه(( :إن الشفاعة للكفار إ ما امتنعت لورود خبر الصادق بإل ه ال يشفع منه أ دا ،وقد ورد
الخبر بذلك عام .فورد هذا عليه مورد الخاص على العام)) ا تهى.
( )6ا ةر :التخويف من النار (ص.)575 :
382 شرط اإلخالص
مهما قاموا باإليمان والعمل الصالح ،فال بد أن يوجد ما وعده الله ،وإ ما يسلط الله
عليه الكفار والمنافقين ،ويديله في بعض األ يان بسبب إخالل المسلمين باإليمان
والعمل الصالح))( .)1ا تهى.
ولذا فإذا أراد المسلمون عودأ العز إليه والتمكين ،فما عليه إال األخذ بهذا السبب
العةي الذي ورد في القرنن الكري ،ولنحذر من دعوى تو يد المسلمين بغير ذلك من اآلراء
الذميمة المخالفة لمنهج القرنن ،فإن ذلك شرخ في األمة ما ع لها من االستخالف والعز
والتمكين.
5و لول المصائب والنق بالمجتمعات التي يقع فيها هذا الشر ،وذلك أل ه من جملة
المعاصي بل هو أعةمها على اإلةالق كما في الحديو :قيل :يا رسول الله أي الذ ب
أعة ؟ قال« :أن تجعل لله دا وهو خلقك»( .)2والله تعالى قد توعد العصاأ بحلول بإلسه به
في الد يا قبل اآلخرأ كما في قوله :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ [النور .]65 :وإذا زل العذاب فإ ه ال يقتصر على العصاأ فحسب بل يع تى أهل
الصالح واالستقامة كما في ديو« :ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يإلجوج
ميل هذا و لق لقة بإصبعه اإلبهام والتي تليها فقالت عائشة و ردي الله عنها و يا رسول الله:
أ هلك وفينا الصالحون؟ قال « :ع إذا كير الخبو»(.)3
هذه بعض اآلثار المترتبة على الشر األكبر على الفرد والمجتمع ،وبها يتبين قبح هذا
الشر ،وعةي خطره ،مما يستدعي من المسل اال تباه إلى ةرقه ووسائله ومعرفة أ كامه وصوره،
وذلك تى يبتعد المسل عن كل ةريق أو سبيل يؤدي إليه .كما يجب على المسل أن يخافه
على فسه كما كان الخليل يقول في دعائه و كما كى الله عنه و ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭵ ﭶﭷ [إبراهي 53 :و .]56قال إبراهي التيمي(( :ومن يإلمن البالء ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
بعد قول إبراهي :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ [إبراهي .)4())]53 :
وووووووووو
( )1تيسير الكري المنان (ص.)385:
( )2تقدم تخريجه.
( )3أخرجه البخاري في كتاب أ اديو األ بياء ،باب قصة يإلجوج ومإلجوج (جو )552/5ح ( ،)5556ومسل في
أول كتاب الفتن وأشراط الساعة ( )2208/5رق (.)2770
( )4أخرجه ابن أبي جرير في التفسير ( 678/55و ،)677وأورده السيوةيي في (الدر المنيور) ( )560/5وعزاه إلى ابن =
372 شرط اإلخالص
وعرفه الشيـ السعدي و ر مه الله و بقوله(( :وأما الشر األصغر فهو جميع األقوال
واألفعال التي يتوسل بها إلى الشر ،كالغلو في المخلوق الذي ال يبلغ رتبة العبادأ؛ وكالحلف
بغير الله ويسير الرياء و حو ذلك))(.)1
وقال في مودع نخر(( :هو كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشر األكبر من اإلرادات
واألقوال واألفعال التي ل تبلغ رتبة العبادأ))(.)2
وقال ابن عييمين و ر مه الله و في ده(( :هو كل عمل قولي أو فعلي أةلق الشارع عليه
وصف الشر ،ولكنه ال يخرج من الملة؛ ميل الحلف بغير الله))(.)3
هذا بعض مما قيل في تعريف الشر األصغر.
وبقي أن شير في تعريفه إلى مسإللة يقر ها كيير من أهل العل بحد الشر األصغر،
وهي :هل الشر األصغر هو عين الشر الخفي( )4الذي فسره النبي بإل ه الرياء( ،)5أم أن
هنا فرق بين النوعين؟
قلت :من أهل العل من يجعل الشر الخفي قسيما في أ واع الشر ،فيقول :بإلن
وووووووووو
( )1القول السديد (ص 72 :و .)75
( )2فس المصدر السابق (ص.)525 :
( )3مسائل في العقيدأ لمجموعة من أصحاب الفضيلة ،جمع وترتيب أبو مالك محمد بن عبد الوهاب (ص.)55:
( )4الشر الخفي قيل في تعريفه(( :هو ما خفي من قائق إرادأ القلوب ،وأقوال اللسان مما فيه تسوية بين الله
وخلقه))[ .المدخل لدراسة العقيدأ للبريكان (ص.])528 :
وقيل هو :ما ينتاب اإل سان في أقواله وأعماله في بعض الفترات من غير أن يعل أ ه شر [ .شرح واقض التو يد
للعواجي (ص .)23 :ففي التعريف األول جعل خفاؤه باعتبار الغير .وفي اليا ي جعل خفاؤه باعتبار النفس.
ولعل األول أرجح ،ألن النبي قال في تعريفه « :يقوم الرجل فيصلي فيزين صالته لما يرى من ةر رجل».
فعلقه بإرادأ القلب ،وذلك مما ال يخفى على النفس .والله تعالى أعل .
( )5كما في الحديو الذي أخرجه أ مد في المسند ( )50/5من ديو أبي سعيد مرفوعا« :أال أخبرك بما هو
أخوف عليك عندي من المسيح الدجال» .قالوا بلى .قال« :الشر الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صالته لما
يرى من ةر رجل» .سنه األلبا ي في صحيح الترغيب (.)58/5
قال الشيـ سليمان نل الشيـ في تيسير العزيز الحميد (ص(( :)585 :قوله :قال« :الشر الخفي» :سمي الرياء
شركا خفيا ،ألن صا به يةهر أن عمله لله ،ويخفي في قلبه أ ه لغيره ،وإ ما تزين بإظهاره أ ه لله بخالف الشر
الجلي)).
375 شرط اإلخالص
فالحاصل أن الشر الخفي صفة لنوعي الشر ،ألن الشر األكبر قد يكون خفيا
وقد يكون جليا ،وكذا الشر األصغر؛ فيقال :شر أصغر خفي ،وشر أصغر جلي ،وذلك
باعتبار الةهور والخفاء ،والله تعالى أعل .
المقصد الثاني :أقسام الشرك األصغر.
الشر األصغر له أقسام كييرأ ،ال تقع تحت الحصر( .)3ودابط هذا الشر و كما تقدم
و هو كل عمل قولي أو فعلي أو قلبي أةلق الشارع عليه وصف الشر ( ،)4ولكنه ال يخرج من
الملة .وهو بحسب تعلقه بفعل العبد وما يصدر منه ثالثة أقسام ،يدخل تحت كل قس
أ واع كييرأ ،تفصيلها كما يلي:
القسم األول :شر قلبي ،وهو ما يعرف بالشر في النيات واإلرادات والمقاصد(.)5
ويدخل فيه ما يلي:
5و الرياء إن كان يسيرا.
الرياء مصدر راءى يرائي مراءاأ ورياء ،مشتق من الرؤية ،سمي بذلك ألن المرائي يري
الناس أ ه يفعل وال يفعل بالنية(.)6
ومعناه :إظهار العبادأ ليراها الناس فيحمدوا صا بها(.)7
وووووووووو
( )1الدرر السنية (.)80 ،62/2
( )2الدروس المهمة لعامة األمة ( 38/5و .)37
( )3ا ةر :مدارج السالكين (.)558/5
( )4ا ةر( :ص.)375 :
( )5ا ةر :الجواب الكافي (ص.)250 :
( )6ا ةر :لسان العرب (.)22/3
( )7فتح الحميد في شرح التو يد البن منصور (.)5355/5
373 شرط اإلخالص
فيما يرويه عن ربه « :قال الله و تبار وتعالى و أ ا أغنى الشركاء عن الشر ،من عمل
عمال أشر معي فيه غيري تركته وشركه»( .)1وقد قس أهل العل الرياء باعتبار إبطاله للعمل
إلى قسمين:
األول :أن يكون رياء محضا ،فال يراد به سوى مراءاأ المخلوقين؛ فهذا محبط للعمل
المراءى فيه ،ولو صل في أصل اإليمان و كرياء المنافقين و كان شركا أكبر محبطا لجميع
األعمال.
يقول الحافظ ابن رجب و ر مه الله و(( :واعل أن العمل لغير الله أقسام ،فتارأ يكون
رياء محضا ،بحيو ال يراد به سوى مراءاأ المخلوقين لغرض د يوي ،كحال المنافقين في
ﮊ ﮋ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ صالته ،كما الله :ﭾ ﭿ ﮀ
[النساء ،]552 :وقال تعالى :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﭤ ﭥ ﭦ [الماعون 5 :و .]6وكذلك وصف الله الكفار بالرياء في قوله :ﭡ ﭢ ﭣ
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ [األ فال .]58 :وهذا الرياء المحض ال يكاد يصدر من مؤمن
في فرض الصالأ والصيام ،وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحج ،وغيرهما من األعمال
الةاهرأ ،أو التي يتعدى فعها؛ فإن اإلخالص فيها عزيز ،وهذا العمل ال يشك مسل أ ه
ابط ،وأن صا به يستحق المقت من الله والعقوبة))( .)2ا تهى المراد قله من كالمه و
ر مه الله و.
القس اليا ي :أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء .فهذا ال يخلو من الين:
الحال األولى :أن يشاركه في أصله ،فهذا محبط للعمل ا لمراءى فيه ،وال يتعداه إلى
غيره؛ لحديو(( :أ ا أغنى الشركاء عن الشر ،من عمل عمال أشر معي فيه غيري تركته
وشركه))(.)3
الحال اليا ية :أن يكون الباعو األول على العمل هو اإلخالص ث يعرض له الرياء
وإرادأ غير الله في إثنائه ،فهذا على قسمين:
األول :أن يدافعه؛ فهذا ال يضره .بغير خالف.
وووووووووو
( )1سبق تخريجه.
( )2جامع العلوم والحك (ص.)58 :
( )3تقدم تخريجه.
378 شرط اإلخالص
القس اليا ي :أن يسترسل معه .فهذا اختلف أهل العل في بوط العمل به أي:
بسببه .فمن أهل العل من قال :يجازى على أصل يته ،وال يضره ةريان ذلك الرياء( .)1وهو
يروى عن اإلمام أ مد( )2و ر مه الله و ،وهو اختيار ابن جرير الطبري( )3و ر مه الله ،ورجح
القول به الحافظ ابن جر في ((الفتح))(.)4
ومن أهل العل من قال بحبوط هذا العمل .وقد اختار ذلك الشيـ ابن عييمين و ر مه
الله و ،وذكر تفصيال جيدا في امتداد بطال ه لجميع العبادأ :فقال و ر مه الله و(( :ولكن هل
هذا البطالن يمتد إلى جميع العبادأ أم ال؟ قول :ال يخلو من الين:
الحال األولى :أن يكون نخر العبادأ مبنيا على أولها ،بحيو ال يصح أولها مع فساد
نخرها()5؛ فهذه كلها فاسدأ .وذلك ميل الصالأ؛ فالصالأ و ميال و ال يمكن أن يفسد نخرها
وال يفسد أولها ،و ينئذ تبطل الصالأ كلها إذا ةرأ الرياء في أثنائها ول يدافعه.
الحال اليا ية :أن يكون أول العبادأ منفصال عن نخرها ،بحيو يصح أولها دون نخرها(،)6
فما سبق الرياء؛ فهو صحيح ،وما كان بعده؛ فهو باةل .ميال ذلك :رجل عنده مئة ريال،
فتصدق بخمسين بنية خالصة ،ث تصدق بخمسين بقصد الرياء؛ فاألولى مقبولة ،واليا ية غير
مقبولة ،ألن نخرها منفك عن أولها))( )7ا تهى.
وأما إن كان أصل العمل لغير الله و أي رياء محضا و ث ةرأ عليه اإلخالص ،فهذا إن
كا ت العبادأ متصلة ال يصح أولها إال بصحة نخرها؛ فالعمل باةل للحديو المتقدم «أ ا
أغنى الشركاء عن الشر » ،وإن كان ال ارتباط ألوله بآخره؛ فهما كالعملين ،األول باةل
وووووووووو
( )1قال ابن رجب في جامع العلوم والحك (ص(( :)50 :ويستدل لهذا القول بما خرجه أبو داود في (مراسيله) عن
عطاء الخراسا ي أن رجال قال :يا رسول الله ،إن بني سلمة كله يقاتل ،فمنه يقاتل للد يا ،ومنه يقاتل جدأ،
ومنه من يقاتل ابتغاء وجه الله ،فإليه شهيد؟ قال« :كله إذا كان أصل أمره أن تكون كلمة الله هي العليا».
قلت :والحديو كما قال هو في المراسيل ألبي داود (ص.)573 :
( )2ا ةر :جامع العلوم والحك (ص.)50 :
( )3ا ةر :جامع العلوم والحك (ص ،)50 :وفتح الباري (.)57/5
(.)57/5( )4
( )5بعض أهل العل يعبر عن ذلك بالعبادأ التي ال تتجزأ.
( )6يعبر عنها بعض أهل العل بالعبادأ التي تتجزأ.
( )7القول المفيد على كتاب التو يد ( 557و .)552
377 شرط اإلخالص
واآلخر صحيح(.)1
وأما إذا استوى الحاالن بإلن يبتدئ العبادأ مريدا بها الله والناس؛ فيريد أداء فرده والجزاء
والشكور من الناس؛ فهذا ال يقبل منه العمل ،وإن كا ت النية شرةا في سقوط الفرض وجبت
عليه اإلعادأ(.)3()2
أما لو اةلع الناس على عمله الصالح الخالص بغير إرادأ منه فحصل له ثناؤه فإلعجب به
ل يكن ذلك اإلعجاب رياء بل ذلك و كما قال النبي و« :عاجل بشرى المؤمن»(.)4
يقول ابن رجب و ر مه الله و(( :فإلما إذا عمل العمل لله خالصا ،ث ألقى الله له اليناء
الحسن في قلوب المؤمنين بذلك ،ففرح بفضل الله ور مته ،واستبشر بذلك ،ل يضره ذلك.
وفي هذا المعنى جاء ديو أبي ذر عن النبي ،أ ه سئل عن الرجل يعمل العمل من الخير
يحمده الناس عليه ،فقال« :تلك عاجل بشرى المؤمن» خرجه مسل (.)5
قال :وبهذا المعنى فسره اإلمام أ مد ،وإسحاق بن راهوية ،وابن جرير الطبري وغيره (.)6
وكذلك الحديو الذي خرجه الترمذي( )7وابن ماجة( )8من ديو أبي هريرأ أن رجال
قال :يا رسول الله ،الرجل يعمل العمل فيسره ،فإذا اةلع عليه أعجبه ،فقال« :له أجران :أجر
السر ،وأجر العال ية»(.)10()))9
قال اإلمام الترمذي و ر مه الله و ((وقد فسر بعض أهل العل هذا الحديو ،فقال :إذا اةلع
وووووووووو
( )1ا ةر :إعالم الموقعين ( ،)572/2واإلخالص لألشقر (ص.)557 :
( )2ومن أهل العل من ال يرى أن عليه اإلعادأ ألن صورأ العمل صحيحة فتكون العبادأ مجزئة ،وإن تخلف األجر.
()3ا ةر :إعالم الموقعين (.)572/2
( )4أخرجه مسل في كتاب البر والصلة واألدب ( ،)2055/5ح (.)2652
( )5تقدم تخريجه قريبا.
( )6جامع العلوم والحك (ص.)55 :
( )325/5( )7ح (.)2575
( )5552/2( )8ح (.)5226
( ) 9قال الترمذي :هذا ديو سن غريب ،وقد روى األعمش وغيره ،عن بيب بن أبي ثابت ،عن أبي صالح،
عن النبي مرسال .وكذا رجح اإلرسال أبو ات كما في العلل البنه ( ،)286وأبو عي في الحلية
(.)230/7
( )10جامع العلوم والحك (ص .)55 :وا ةر :الفروع البن مفلح (.)523/5
372 شرط اإلخالص
عليه ،فإلعجبه فإ ما معناه :أن يعجبه ثناء الناس عليه بالخير؛ لقول النبي « :أ ت شهداء الله
في األرض» ،فيعجبه ثناء الناس عليه لهذا ،لما يرجو بيناء الناس عليه .فإلما إذا أعجبه ليعل
الناس منه الخير ،ليكرم على ذلك ويعة عليه ،فهذا رياء.
وقال بعض أهل العل :إذا اةلع عليه ،فإلعجبه رجاء أن يعمل بعمله ،فيكون له ميل
أجوره ،فهذا له مذهب أيضا))( .)1ا تهى.
قلت :والفرق بين هذه الصورأ والرياء أن عمل المرائي أ شئ على الرياء أصالة ،بخالف
هذه الصورأ؛ فإن ية العمل فيها متمحضة لله تعالى ،والعبرأ إ ما تكون بالنية في ابتداء
العمل وفي أثنائه.
2و إرادأ المؤمن بعمله الد يا.
إرادأ المؤمن بعمله الد يا وتحصيل أعرادها وأغرادها من الشر األصغر على الصحيح
و كما سيإلتي( )2و ،والفرق بينه وبين الرياء :أن المرائي يعمل ألجل مدح الناس وثنائه بخالف
من يريد بعمله الد يا ،فإ ه يعمل ألجل الحصول على مقصوده الد يوي مدح أم ل يمدح ،عل
به أم يعل ؛ وهذا على حو الذين سماه النبي في قوله« :تعس عبد الدينار والدره
والقطيفة( )3والخميصه( ،)4إن أعطي ردي وإن ل يعط ل يرض تعس وا تكس ،وإذا شيك فال
ا تقش» الحديو(.)5
ووجه كون العمل ألجل الد يا من الشر :أن العامل ينبغي أن يبتغي بعمله وجه الله
والدار اآلخرأ ،فمن عمل عمل اآلخرأ ألجل الله وألجل الد يا فقد أشر في يته وإرادته،
واإلخالص أن يخلص العبد لله في أقواله وأفعاله وإرادته و يته(.)6
وووووووووو
( )1سنن الترمذي (.)325/5
( )2ا ةر( :ص 320 :و .)325
( )3قال في النهاية ((( :)75/5القطيفة :كساء له خمل)) .ا تهى.
( )4الخميصة قال في النهاية ( 70/2و :)75هو ثوب خز أو صوف معل .وقيل :ال تسمى خميصة إال أن تكون
سوداء معلمة.
( )5أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب :الحراسة في الغزو في سبيل الله (جو )393/3ح (3882و
.)3882
( )6ا ةر :فتح الحميد في شرح التو يد البن منصور (.)5327/5
320 شرط اإلخالص
به وبطل ل يبق معه ما ينجيه ،فإن كان معه إيمان ل يرد به الد يا وزينتها بل أراد الله به
والدار اآلخرأ ،ل يدخل هذا اإليمان في العمل الذي بط وبطل ،وأ جاه إيما ه من الخلود
في النار ،وإن دخلها بحبوط عمله الذي به النجاأ المطلقة .واإليمان :إيما ان إيمان يمنع
من دخول النار ،وهو اإليمان الباعو على أن تكون األعمال لله يبتغى بها وجهه وثوابه.
وإيمان يمنع الخلود في النار إن كان مع المرائي شيء منه ،وإال كان من أهل الخلود؛
فاآلية لها ك ةائرها من نيات الوعيد ،والله الموفق))(.)1
وقال في مودع نخر(( :بقي أن يقال :فما ك من يريد الد يا واآلخرأ ،فإ ه داخل
تحت ك اإلرادتين فبإليهما يلحق؟ قيل :من هاهنا شإل اإلشكال وظن من ظن من
المفسرين أن اآلية في ق الكافر ،فإ ه هو الذي يريد الد يا دون اآلخرأ ،وهذا غير الزم
ةردا وال عكسا؛ فإن بعض الكفار قد يريد اآلخرأ ،وبعض المسلمين قد ال يكون مراده إال
الد يا ،والله تعالى قد علق السعادأ بإرادأ اآلخرأ ،والشقاوأ بإرادأ الد يا ،فإذا تجردت
اإلرادتان تجرد موجبهما ومقتضاهما ،وإن اجتمعتا فحك اجتماعهما ك اجتماع البر
والفجور والطاعة والمعصية واإليمان والشر في العبد .وقد قال تعالى لخير الخلق بعد
الرسل ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [نل عمران .]532 :وهذا خطاب للذين
شهدوا معه الوقعة ،ول يكن فيه منافق))( )2ا تهى.
قلت :واآلية وإن كان ظاهر السياق فيها أ ها في ق الكفار كما يفيده الحصر في
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ قوله :ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
[هود .]56 :فال يمنع أن تشمل المؤمن من جهة ك العمل الصالح المراد به ﮗ
الد يا ،وأ ه ابط ،ال من جهة استحقاق النار والخلود فيها ،ألن الخلود في النار مترتب
على الكفر ،ال على إرادأ الد يا بالعمل ،ومما يبين ذلك أن الكافر ولو عمل لآلخرأ فهو
ﭴ ﭵ ﭶ خالد مخلد في النار ال ينفعه ذلك العمل كما يفيده قوله تعالى :ﭲ ﭳ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ [الفرقان.]25:
وأما األدلة من السنة على بوط عمل من أراد بعمله الد يا فهي كييرأ ،ومن تلك األدلة:
وووووووووو
( )1عدأ الصابرين (ص.)285 :
( )2فس المصدر (ص.)285:
322 شرط اإلخالص
5و ديو أبى هريرأ في اليالثة الذين ه أول من تسعر به النار :الغازي
والمتصدق والقارئ الذين أرادوا بذلك الد يا والنصيب وهو في صحيح مسل (.)1
2و ديو أبى أمامة قال :جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله :رجل غزا
يلتمس األجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله « :ال شيء له» فإلعادها ثالث مرات يقول
له رسول الله « :ال شيء له» ث قال «إن الله تعالى ال يقبل إال ما كان خالصا وابتغي
به وجهه»(.)2
قال ابن القي و ر مه الله و معلقا على هذا الحديو و(( :فهذا قد بطل أجره و بط عمله
مع أ ه قصد صول األجر لما د إليه قصد الذكر بين الناس ،فل يخلص عمله لله فبطل
كله))( .)3ا تهى.
5و ومنها أيضا :ما رواه غير وا د عن أبي هريرأ أن رجال قال :يا رسول الله رجل يريد
الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عردا من الد يا؟ فقال رسول الله « :ال أجر له»
فإلعة ذلك الناس ،فقالوا للرجل :عد إلى رسول الله فعلك ل تفهمه! فقال الرجل :يا
رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي من عرض الد يا؟ فقال« :ال أجر
له» فإلعة ذلك الناس ،فقالوا للرجل :عد إلى رسول الله ،فقال له اليالية :رجل يريد
الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرض الد يا قال« :ال أجر له»(.)4
5و وفى المسند أيضا وسنن النسائي عن عبادأ بن الصامت قال :إن رسول الله
قال« :من غزا في سبيل الله وهو ال ينوي في غزاته إال عقاال فله ما وى»(.)5
وووووووووو
(.)5355/5( )1
( )2أخرجه النسائي في كتاب الجهاد ،باب :من غزا يلتمس األجر والذكر (6جو )23/ح ( ،)5550وأورده
السيوةي في الدر المنيور ( )565/5وزاد في سبته إلى أبي داود والطبرا ي ،وقال :إسناده جيد.
( )3عدأ الصابرين (ص.)535:
( )4أخرجه أبي داود في كتاب الجهاد ،باب :في من يغزو ويلتمس الد يا ( )74/7ح ( ،)0573وأ مد في
المسند ( ،)092/0والحاك في المستدر ( )94/0وقال :صحيح اإلسناد ،وابن بان في صحيحه
( )494/72ديو رق ( ،)4373وأورده المنذري في الترغيب والترغيب ( ،)797/0و سن إسناده
األلبا ي كما في صحيح الترغيب والترهيب (.)7708
( )5أخرجه النسائي في كتاب الجهاد ،باب :من غزا في سبيل الله ول ينو من غزاته إال عقاال ( )25/6ح
( ،)5552وأ مد في المسند ( ،)520/3والبيهقي في الكبير ( ،)555/6والضياء في المختارأ (= )536/7
325 شرط اإلخالص
هذه بعض األدلة من الكتاب والسنة الدالة على بوط عمل من يريد بعمله الد يا
وأغرادها ،وفيها اإلشارأ إلى منوزلة اإلخالص وعةي مكا ته في اإلسالم ،والتحذير مما
ينافيه من الشر األصغر.
إذا ثبت هذا ،فبقي أن شير إلى مسإللة أخرى ذات صلة بهذا المودوع خت بها
الكالم على هذه المسإللة ،وهي :ما ك من يريد بعمله عودا في اآلخرأ ،وهل ذلك مما
ينافي اإلخالص أم ال؟
الجواب :بعض أهل العل يشترط في المخلص أن ال يقصد بعمله عودا في
اآلخرأ ،ويجعل تشوفه بالعوض عليه في اآلخرأ من القوادح في إخالصه لله تعالى.
قال صا ب منازل السائرين((( :)1وهو و يعني اإلخالص و على ثالث درجات
الدرجة األولى :إخراج رؤية العمل عن العمل ،والخالص من ةلب العوض على العمل
والنزول عن الردى بالعمل))(.)2
وقال الفخر الرازي(( :الفرع اليا ي :أن من الناس من يعبد الله لطلب اليواب وهو
جهل وسخف)).
ث دلل عليه من وجوه:
((األول :أن من عبد الله ليتوصل بعبادته إلى شيء نخر كان المعبود في الحقيقة
هو ذلك الشيء ،فمن عبد الله لطلب اليواب كان معبوده في الحقيقة هو اليواب ،وكان الله
تعالى وسيلة إلى الوصول إلى ذلك المعبود ،وهذا جهل عةي .
الثاني :أ ه لو قال أصلي لطلب اليواب أو للخوف من العقاب ،ل تصح صالته(.)3
الثالث :أن من عمل عمال لغرض نخر كان بحيو لو وجد ذلك الغرض بطريق نخر
لتر الواسطة؛ فمن عبد الله لألجر واليواب كان بحيو لو وجد األجر واليواب بطريق نخر ل
وووووووووو
= رق ( ،)553والحاك في المستدر ( )520/2وصححه ،وذكر له شاهدا من ديو يعلى بن أمية .
( )1هو أبو إسماعيل الهروي ،وقد تقدمت ترجمته.
( )2منازل السائرين دمن مدارج السالكين (.)22/2
( )3قلت :هذا ال يتصور إال فيه اإلخالص؛ أل ه لو كان مريدا لليواب قيقة ال بد أن يكون مريدا وجه الله به،
فطلب اليواب في اآلخرأ ال ينفك عن اإلخالص ،أل ه ينبني عليه.
325 شرط اإلخالص
يعبد الله ،ومن كان كذلك ل يكن محبا لله ول يكن راغبا في عبادأ الله ،وكل ذلك جهل))(.)1
قلت :وقد سب شيـ اإلسالم و ر مه الله و هذا القول إلى بعض المتصوفة ،ث أجاب
عنه بقوله(( :وهذا الكالم فيه ق ،ويقع فيه غلط؛ فإلما الحق فهو ما اشتمل عليه من
اإلخالص لله وإرادأ وجهه دون ما سواه ...وأما الغلط :فتوه المتوه أن إرادأ وجه الله
والنةر إليه ليس فيها ظ للعبد وال غرض ،وأن ةالبها قد تر مقاصده ومطالبه ،وأ ه عامل
لغيره ال لنفسه ،تى قد يخيل أن عمله لله بمنوزلة كسب العبد لسيده وخدمة الجند
لملكه ( ،)2وهذا غلط ،بل إرادأ وجه الله أعلى ةوظ العبد ،وأكبر مطالبه وأعة
مقاصده ،ففي الحديو الصحيح عند أهل السنة قال« :فيكشف الحجاب فينةرون إليه،
فما أعطاه شيئا أ ب إليه من النةر إليه» ،وهي الزيادأ(...)3
وإ ما للعبد ةان :ظ من المخلوق و ظ من الخالق ،وله لذتان :لذأ تتعلق بالمخلوق
ولذأ تتعلق بالخالق فتر أد ى الحةين واللذتين لينال أعالهما ،وما عمل إال لنفسه ،وال طب إال
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [فصلت .]53 :وقال في بله .قال تعالى :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ
النبي « :أسإللك لذأ النةر إلى وجهك» كما تقدم))( .)4ا تهى.
قلت :والذي يةهر أن ةلب العوض على العمل الصالح له االن:
األولى :أن يعتقد العامل أن له قا واجبا على الله يجب أن يتقاداه على سبيل
العوض والمقابلة على عمله .فهذا ال يجوز ،بل هذا قول أهل البدع من المعتزلة كما هو
معتقده السيئ في الوعد والوعيد يو يوجبون على الله تعالى العوض على األعمال
الصالحة باليواب عليها ،ويجعلون ذلك من أصول التو يد عنده (.)5
وووووووووو
( )1التفسير الكبير (.)565/5
( )2قال الرازي(( :ومن الناس من يعبد الله لغرض أعلى من األول و يعني ما تقدم من إرادأ بعمله اليواب في اآلخرأ و
وهو أن يتشرف بخدمة الله ،أل ه إذا شرع في الصالأ صلت النية في القلب ،وتلك النية عبارأ عن العل بعزأ
الربوبية وذلة العبودية ،و صل الذكر في اللسان ،و صلت الخدمة في الجوارح واألعضاء؛ فيتشرف كل جزء من
أجزاء العبد بخدمة الله ،فمقصود العبد صول هذا الشرف)) ا تهى [التفسير الكبير (.])563/5
( )3أخرجه مسل في كتاب اإليمان ( )565/5ح ( )228من ديو صهيب .
( )4قاعدأ في اإلخالص لله تعالى دمن المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيـ اإلسالم ابن تيمية (ص 65 :و
.)62
( )5ا ةر :شرح األصول الخمسة للقادي عبد الجبار (ص.) 625 :
323 شرط اإلخالص
وهو باةل ترده األ اديو واآلثار الصحاح ،والتي من أصر ها قوله « :لن يدخل
أ د منك الجنة بعمله» قيل :وال أ ت يا رسول الله! قال« :وال أ ا إال أن يتغمد ي الله
بر مة منه وفضل»( .)1وفي لفظ« :ليس أ د منك ينجو بعمله »(.)2
يقول النووي في سياق شر ه لهذه األ اديو(( :ومذهب أهل السنة ...أن الله تعالى
ال يجب عليه شيء و تعالى الله و بل العال ملكه والد يا ،واآلخرأ في سلطا ه ،يفعل فيهما ما
يشاء ،فلو عذب المطيعين ،والصالحين أجمعين ،وأدخله النار كان عدال منه ،وإذا أكرمه ،
و عمه ،وأدخله الجنة ،فهو فضل منه ،ولو ع الكافرين ،وأدخله الجنة كان له ذلك .ولكنه
أخبر ،وخبره صدق أ ه ال يفعل هذا ،بل يغفر للمؤمنين ،ويدخله الجنة بر مته ،ويعذب
المنافقين ،ويخلده في النار عدال منه .وأما المعتزلة فييبتون األ كام بالعقل ،ويوجبون ثواب
األعمال ،ويوجبون األصلح ويمنعون خالف هذا في خبط ةويل له و تعالى الله عن
اختراعاته الباةلة المنابذأ لنصوص الشرع .وفى ظاهر هذه األ اديو داللة ألهل الحق أ ه ال
يستحق أ د اليواب والجنة بطاعته)).
ث أداف و ر مه الله و :فإن قيل :دلت األدلة األخرى على أن الجنة تستحق باألعمال
الصالحة ميل قوله تعالى :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ [النحل ،]52 :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
ﰀ ﰀﰀ [األعراف.]55 :
قيل :ال تعارض بين تلك النصوص بل معنى اآليات أن دخول الجنة بسبب األعمال،
ث التوفيق لألعمال ،والهداية لإلخالص فيها ،وقبولها بر مة الله تعالى وفضله ،فيصح أ ه ل
يدخل بمجرد العمل ،وهو مراد األ اديو ،ويصح أ ه دخل باألعمال ،أي :بسببها وهى من
الر مة ،والله أعل ))(.)3
الحال الثانية :أن يعمل العامل العمل وهو يطمح في ر مة الله وفضله بإلن يجازيه
على عمله الصالح فيدخل بسببه الجنة .فهذا ال يقدح في إخالصه وال ينافيه بل هو قصد
محمود أثنى الله تعالى على أهله كما في قوله تعالى :ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
وووووووووو
( )1أخرجه البخاري في كتاب المردى ،باب :تمني المريض الموت (جو )55/8ح ( ،)3685ومسل في كتاب
صفات المؤمنين والمنافقين ( )2562/5ح (.)2756
( )2أخرجه مسل في صحيح مسل في كتاب صفات المؤمنين والمنافقين ( )2562/5ح (.)2756
( )3شرح النووي على صحيح مسل (جو 538/58و .)532بتصرف يسير.
326 شرط اإلخالص
تعالى في التعةي والعةمة أو أ ه سيجازيه إن كان كاذبا فهو شر أكبر( ،)1أل ه يكون
والحال هذه تعةي عبادأ؛ كحلف الذين يعبدون األوثان بإلوثا ه ،أو لف الذين يعةمون
(.)2
المشاهد والقبور بإلصحابها
بل من هؤالء من يعة محلوفه أكير من الله تعالى ،فإذا وجبت عليه اليمين ربما
تجاسر أن يحلف بالله كاذبا ،وال يتجاسر أن يحلف بصا ب القبر ،أل ه يخشى إن لف
به كاذبا من أن يناله بعقوبة عاجلة؛ فيجتمع في قلبه تعةي المحلوف به أشد من تعةيمه
الله وخوف السر من المخلوق( ،)3وكال األمرين عبادأ.
والدليل على أن الحلف بغير الله من الشر قوله « :ال تحلف بإلبيك وال بغير
الله؛ فإ ه من لف بغير الله فقد كفر أو أشر »(.)4
وأيضا قوله « :من لف منك فقال في لفه :بالالت والعزى ،فليقل :ال إله إال
الله»(.)5
وأيضا ما جاء في خبر اليهودي الذي أتى النبي فقال« :إ ك تشركون...
وتقولون :والكعبة ،فإلمره النبي إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا :ورب الكعبة»(.)6
فالمراد بالكفر والشر هنا إما األصغر أو األكبر وذلك بحسب اعتقاد الحالف؛ وال
يصح مله على كفر النعمة كما هو صنيع بعض الفقهاء()7؛ ((إذ ما من معصية وذ ب
وووووووووو
( )1ا ةر :رودة الطالبين للنووي ( ،)6/55والقول المفيد على كتاب التو يد (.)255/2
( )2التمهيد على كتاب التو يد (ص 536 :و .)538
( )3خوف السر :هو أن يخاف من غير الله أن يصيبه بما يشاء من مرض أو فقر أو قتل و حو ذلك بقدرته
ومشيئته ،سواء ادعى أن ذلك كرامة للمخوف بالشفاعة ،أو على سبيل االستقالل.
فهذا الخوف ال يجوز تعلقه بغير الله أصال ،ألن هذا من لوازم اإللهية؛ فمن اتخذ مع الله دا يخافه هذا الخوف
فهو مشر [ .تيسير العزيز الحميد (ص.])526 :
( )4تقدم تخريجه.
( )5أخرجه البخاري في كتاب األدب من صحيحه باب من ل ير إكفار من قال ذلك متإلوال أو جاهال،
(جو )528/8ح رق ( ،)6508ومسل في كتاب األيمان ( )5268/5ح (.)5658
( )6أخرجه النسائي في كتاب األيمان والنذور ،باب :الحلف بالكعبة ( )6/8ح ( ،)5885وصحح إسناده األلبا ي
كما في صحيح سنن النسائي ( )822/2برق (.)5355
( )7ا ةر - :ميال -شرح الزرقا ي على الموةإل (.)75/5
327 شرط اإلخالص
يفعله المكلف المختار إال وفيه من كفر النعمة بحسبه .والشكر هو استعمال النعمة في
ةاعة معطيها ومسديها مع محبته والردا عنه ،واليناء بها عليه .والشكر دد الكفر ،فمن
أخل بشيء من الشكر ففيه من كفر النعمة بحسب ذلك .فتحصل أن كفر النعمة ال
يختص بما أةلق عليه الشارع الكفر من األفعال ،فال بد للنص من معنى يخصه و كمة
في تخصيص بعض األفراد .وهذا معلوم بالشرع والفطرأ إذ تخصيص بعض أفراد الجنس من
غير مخصص يقتضي ذلك تحك محض وترجيح بال مرجح))(.)1
ووجه كون الحلف بغير الله من الشر أن الحلف يقتضي تعةي المحلوف به ،والمعة
على الحقيقة هو الله و جل وعال و ،فالحلف بغيره تعةي لذلك الغير ،فيبت أ ه من الشر (.)2
أما ما ثبت في ((صحيح مسل ))( )3من قوله « :أفلح وأبيه إن صدق».
فقد أجاب عنه أهل العل بعدأ أجوبة:
األول :أن بعض العلماء أ كر هذه اللفةة( ،)4وقال :إ ها ل تيبت في الحديو ،أل ها
مناقضة للتو يد ،وما كان كذلك فال تصح سبته إلى رسول الله ،فيكون باةال.
الثاني :أ ها تصحيف من بعض الرواأ ،واألصل« :أفلح والله إن صدق» .وكا وا في
السابق ال يشكلون الكلمات ،وال يضعون عليها النقاط ،و((أبيه)) تشبه ((الله)) إذا ذفت
النقط السفلى.
الثالث :أن هذا مما كان يجري على األلسنة وال يقصد به قيقة الحلف ،والنهى إ ما ورد
فيمن قصد قيقة الحلف لما فيه من إعةام المحلوف به ومضاهاته به الله سبحا ه وتعالى.
وإلى هذا جنح البيهقي( ،)5وقال النووي :إ ه الجواب المردي( ،)6وقواه الحافظ في ((الفتح))(.)1
وووووووووو
( )1الضياء الشارق في الرد على شبهات الماذق المارق (ص.)227 :
( )2ا ةر :التمهيد على كتاب التو يد (ص.)536 :
( .)50/5( )3وأصله في البخاري في كتاب اإليمان ،باب :الزكاأ من اإليمان ح رق (.)56
( )4ومن هؤالء ابن عبد البر يو قال( :هذه لفةة غير محفوظة في هذا الحديو من ديو من يحتج به ،وقد
روى هذا الحديو مالك وغيره عن أبي سهيل ل يقولوا ذلك فيه ،وقد روي عن إسمعيل بن جعفر هذا الحديو،
وفيه «أفلح والله إن صدق أو دخل الجنة والله إن صدق» وهذا أولى من رواية من روى «وأبيه» ،أل ها لفةة
منكرأ ،تردها اآلثار الصحاح .وبالله التوفيق)[ .التمهيد (.])568/55
( )5ا ةر :فتح الباري (.)574/77
( )6ا ةر :شرح النووي على مسل (جو.)525/2
322 شرط اإلخالص
الرابع :أ ه وقع من النبي ،وهو أبعد الناس عن الشر ؛ فيكون من خصائصه ،وأما
غيره؛ فه منهيون عنه ،أل ه ال يساوون النبي في اإلخالص والتو يد.
الخامس :أ ه على ذف مضاف ،والتقدير(( :أفلح ورب أبيه)).
السادس :أن هذا منسوخ ،وأن النهي هو الناقل من األصل(.)2
وأقوى هذه الوجوه أن هذا وقع منه قبل علمه بالنهي و أي منسوخ .وقد مال إلى
هذا الوجه الشيـ ابن عييمين( )3و ر مه الله ،وجزم به صا ب تيسير العزيز الحميد( )4وقواه
الحافظ في ((الفتح))( .)5وقال السهيلي :إن أكير الشراح عليه(.)6
أما بالنسبة للوجه األول؛ فضعيف ألن هذه اللفةة ثابتة في الصحيح.
وأما الوجه اليا ي ،فيلزم منه تغليط اليقة فيما روى بغير دليل.
وأما اليالو(( :فهو فاسد ألن أ اديو النهي عامة مطلقة ،ليس فيها تفريق بين من قصد
القس وبين من ل يقصد .وغاية ما يقال :أن من جرى ذلك على لسا ه من غير قصد معفو
عنه ،أما أن يكون ذلك أمرا جائزا للمسل أن يعتاده فال يسل .وأيضا فهذا يحتاج إلى قل أن
ذلك كان يجري على ألسنته من غير قصد للقس ،وأن النهي إ ما ورد في ق من قصد
قيقة الحلف ،وأ ى يوجد ذلك!!)) ا تهى ملخصا من تيسير العزيز الحميد(.)7
وأما دعوى الخصوصية فتحتاج إلى دليل ،وإال فاألصل التإلسي به .
وأما الحذف واإلدمار فضعيف ،ألن األصل عدم الحذف ،وألن الحذف هنا يستلزم
فهما باةال ،وال يمكن أن يتكل النبي بما يستلزم ذلك بدون بيان المراد(.)8
وووووووووو
(=.)507/5( )1
( )2بتصرف من القول المفيد على كتاب التو يد ( .)253/2وا ةر :لهذه الوجوه المفه فيما أشكل شرح صحيح
مسل ( 560/5و ،)565وشرح السنة للبغوي ( 6/50و ،)8وشرح النووي لمسل (جو 525/2و ،)522وفتح
الباري ( ،508/5و 355/55و .)355
( )3ا ةر :القول المفيد (.)253/2
( )4ا ةر :تيسير العزيز الحميد (ص.)327 :
(.)507/5( )5
( )6تيسير العزيز الحميد (ص.)327 :
(( )7ص.)328 :
( )8بتصرف من القول المفيد على كتاب التو يد ( 256/2و .)258
600 شرط اإلخالص
ومن الجدير ذكره أن قولنا :أن أقوى الوجوه أن هذا كان قبل النهي ليس مرادا به الجزم
والترجيح ،ألن هذا يحتاج إلى معرفة التاريـ ،واألمر محتمل والله تعالى أعل (.)1
ث لعل قائال يقول :إن القول بإلن هذا قبل علمه بالنهي أدعف الوجوه ليس بإلقواها،
ألن الحلف بغير الله مما ينافي التو يد والنبي منوزه عن كل قول أو فعل يتنافى والتو يد.
فيجاب عنه بإلن يقال :أن هذا قد يرد إذا كان الحلف بمعة عند أهل الشر ؛
كالحلف بالالت ،أو العزى ،أو حو ذلك من األوثان ،أل ه يقتضي تعةي العبادأ الذي
يتنافى والتو يد.
أما الحلف باآلباء فال يقتضي ذلك بقدر ما هو من باب التوقير واإلكرام؛ كسجود
التحية الذي سـ في هذه األمة.
بل قوله « :وأبيه» في هذا الحديو يوبوعد معه تى إرادأ التوقير واإلكرام ،ألن أبا
هذا الرجل من أهل الشر غالبا.
ولذلك يبقى القول بإلن هذا مما جرى على األلسن من غير إرادأ قيقة الحلف فيه
وع من القوأ أيضا لوال ما يرد عليه من القوادح التي تقدمت.
2و ومن شر األلفاظ أيضا قول الرجل(( :ما شاء الله وشاء فالن)) ،إن ل يعتقد أ ه
يساوي الله في التدبير والمشيئة ،فإن صا به اعتقاد أن فال ا مساو لله تعالى في
المشيئة والتدبير كان شركا أكبر.
ووجه أن قول الرجل(( :ما شاء الله وشاء فالن)) من الشر :أ ه شر غير الله مع الله
()2
بالواو ،ألن العطف بالواو يقتضي المقار ة والتسوية ،فيكون من قال(( :ما شاء الله وشئت))
«أجعلتني لله دا ،بل ما شاء الله و ده»( .)1وفي رواية« :أجعلتني لله عدال ،بل ما شاء
الله و ده»(.)2
وأيضا ما جاء في خبر اليهودي الذي أتى النبي فقال :إ ك تشركون تقولون :ما
شاء الله وشئت ...فإلمره النبي أن يقولوا« :ما شاء الله ث شئت»(.)3
ومن الجدير ذكره أ ه وإن كان للعبد مشيئة إال أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله
تعالى كما قال تعالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [اإل سان ،]50 :فال يجوز التسوية بين
مشيئة الله ومشيئة العبد؛ ألن األصل ليس كالتابع.
أما قول الرجل(( :شاء الله ث شاء فالن)) فجائز كما قال النبي « :ولكن قولوا :ما
شاء الله ث شئت» .ووجهه أن العطف ب ((ث )) يقتضي الترتيب والتراخي فتكون مشيئة العبد
تابعة لمشيئة الله تعالى ال تحصل إال بعدها ،وهو كذلك فإن مشيئة العبد إ ما تحصل بعد
مشيئة الله ،وذلك بخالف ما لو قيل(( :شاء الله وشاء فالن))؛ فإن الواو تقتضي مطلق الجمع
فال تمنع من التشريك والمقار ة في الفعل كما تقدم(.)4
قال ابن األثير و ر مه الله(( :وإ ما فرق بين قول ما شاء الله وشئت ،وما شاء الله ث
شئت ،ألن الواو تفيد الجمع دون الترتيب ،وث تجمع وترتب فمع الواو يكون قد جمع بين الله
وبينه في المشيئة ،ومع ث يكون قد قدم مشيئة الله على مشيئته))(.)5
وقال الشافعي و ر مه الله و(( :وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية ...والمشيئة إرادأ الله
تعالى :قال الله عز وجل ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [التكوير ،]22 :فإلعل
خلقه أن المشيئة له دون خلقه ،وأن مشيئته ال تكون إال أن يشاء الله فيقال لرسول الله
وووووووووو
( )1تقدم تخريجه.
( )2أخرجها أ مد في المسند ( ،)275/5وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)85/6والنسائي في عمل اليوم والليلة
( ،)277وابن أبي الد يا في الصمت ونداب اللسان (.)553
( )3أخرجه النسائي في كتاب النحل ،باب :الحلف بالكعبة ( )6/8ح ( ،)5885وصحح إسناده األلبا ي كما في
صحيح الصحيحة برق (.)556
( )4ا ةر :أعالم السنة المنشورأ (ص.)35 :
( )5النهاية (.)358/2
602 شرط اإلخالص
ما شاء الله ث شئت[ ،وال يقال :ما شاء الله وشئت]))(.)1
وقال شيـ اإلسالم و ر مه الله و مقررا عدم اقتران مشيئة الخالق بالمخلوق و:
((فليست مشيئة أ د من العباد مشيئة لله ،وال مشيئة الله مستلزمة لمشيئة العباد بل ما شاء الله
كان وإن ل يشإل الناس ،وما شاء الناس ل يكن إن ل يشإل الله))(.)2
5و ومن شر األلفاظ أيضا :الشر المتعلق بااللتفات إلى األسباب دون مسببها؛
كقول القائل :لوال فالن ل يكن كذا ،ولوال البط في الدار ألتا ا اللصوص ،إن ل يعتقد أن
هذه األسباب فاعلة بذاتها .أما لو اعتقد أ ها فاعلة بذاتها ،يكون شركا أكبر ،ألن فيه
إدافة الفعل لغير فاعله ،فيكون شركا في الربوبية.
والدليل على أن هذه األلفاظ من الشر قوله تعالى :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
[البقرأ.]22 :
قال ابن عباس و ردي الله عنهما و في تفسيرها(( :األ داد هو الشر ،أخفى من
دبيب النمل على صفاأ سوداء في ظلمة الليل ،وهو أن تقول :والله ،و ياتك يا فالن،
و ياتي ،وتقول :لوال كليبة هذا ألتا ا اللصوص البار ة ،ولوال البط في الدار ألتى اللصوص،
وقول الرجل لصا به :ما شاء الله وشئت وقول الرجل لوال الله وفالن ،ال تجعل فيها فالن؛
هذا كله به شر ))(.)3
ووجه كون هذه األلفاظ من الشر :أن فيها إسناد األمور إلى غير مسببها ،وإدافة
النعمة إلى غير موجدها.
قال تعالى :ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [النحل.]75 :
قال عون بن عبد الله( :)4إ كاره إياها ،أن يقول الرجل :لوال فالن ما كان كذا
وووووووووو
( )1األم ( 556/5و )558باب :ما يكره من الكالم في الخطبة وغيرها ،ط :دار الكتب العلمية بتخريج وتعليق
محمود مطرجي ،بيروت ،ط :األولى ( )5555هو ،وما بين المعقوفين زيادأ في معرفة السنن للبيهقي
(.)582/5
( )2مجموع الفتاوى (.)502/5
( )3رواه ابن أبي ات كما في تفسير ابن كيير ( .)36/5وقال :الشيـ سليمان في تيسير العزيز الحميد (:)325
(سنده جيد).
( )4هو :عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ،أبو عبد الله الكوفي ،ثقة عابد ،من الرابعة مات قبل سنة =
605 شرط اإلخالص
في ذلك.
قال الشيـ ابن عييمين و ر مه الله و...(( :وصار كافرا بالله؛ أل ه أ كر عمة الله
و سبها إلى سبب ل يجعله الله سببا ،فتعلقت فسه بهذا السبب ،و سي عمة الله))(.)1
ا تهى.
وأما إذا قال مطر ا في وء كذا يريد الوقت جاز .والفرق بين هذا اللفظ وبين القول:
((مطر ا بنوء كذا)) أن الباء للسببية ،وفي للةرفية.
قال اإلمام الشافعي و ر مه الله و(( :وأما من قال مطر ا بنوء كذا وكذا على ما كان
بعض أهل الشر يعنون من إدافة المطر إلى أ ه أمطره وء كذا فذلك كفر كما قال رسول
الله ؛ ألن النوء وقت والوقت مخلوق ال يملك لنفسه وال لغيره شيئا وال يمطر وال يصنع
شيئا؛ فإلما من قال مطر ا بنوء كذا على معنى مطر ا بوقت كذا فإ ما ذلك كقوله مطر ا في
شهر كذا وال يكون هذا كفرا ،وغيره من الكالم أ ب إلي منه ...أ ب أن يقول مطر ا في
وقت كذا))( .)2ا تهى.
فالحاصل أن سبة المطر إلى النوء تنقس إلى ثالثة أقسام:
5و سبة إيجاد ،وهذه شر أكبر.
2و سبة سبب ،وهذه شر أصغر.
5و سبة وقت ،وهذه جائزأ بإلن يريد بقوله بنوء كذا؛ أي :جاء ا المطر في هذا
النوء أي :في وقته(.)3
3و ومن شر األلفاظ أيضا :تسمية الرجل بو((ملك األمال )) ،وقادي القضاأ.
والدليل قوله « :أخنع اس ( )4عند الله يوم القيامة رجل تسمى ملك
األمال ،ال مالك إال الله»( .)5وفي رواية« :أغيظ رجل على الله وأخبيه وأغيةه( )1عليه
وووووووووو
( )1القول المفيد ( .)50/2وا ةر :تيسير العزيز الحميد (.)505
( )2األم ( )552/5ط :دار الكتب العلمية بتخريج وتعليق محمود مطرجي ،بيروت ،ط :األولى ()5555هو،
وا ةر :التمهيد البن عبد البر (.)276/56
( )3القول المفيد (.)55/2
( )4أي أذلها وأودعها ،والخا ع الذليل الخادع .النهاية (.)75/2
( )5أخرجه البخاري في كتاب األدب ،باب :أبغض األسماء إلى الله (ج )533/8ح ( ،)6203ومسل في =
603 شرط اإلخالص
رجل تسمى بملك األمال »( ،)2وفي رواية أخرى «اشتد غضب الله على من زع أ ه ملك
األمال »(.)3
قال الحافظ ابن جر و ر مه الله و(( :ويلتحق به ما في معناه ميل :خالق الخلق،
وأ ك الحاكمين ،وسلطان السالةين ،وأمير األمراء .وقيل :يلتحق به أيضا من تسمى
بشيء من أسماء الله الخاصة به كالر من والقدوس والجبار))(.)4
وهل يلتحق به من تسمى أقضى القضاأ أو أ ك الحكام؟ اختلف العلماء في ذلك؛
فذهب الزمخشري( )5إلى المنع منه فقال في قوله تعالى :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [هود،]53 :
أي :أعل الحكام وأعدله ؛ أل ه ال فضل لحاك على غيره إال بالعل والعدل ،ورب غريق
في الجهل والجور من متقلدي الحكومة في زما ك قد لقب أقضى القضاأ ،ومعناه :أ ك
الحاكمين ،فاعتبر واستعبر(.)6
وتعقبه ابن المنير( )7بحديو «أقضاك علي»( )1قال :فيستفاد منه أن ال رج على
وووووووووو
= اآلداب ( )5677/5ح (.)5555
( )1قال ابن األثير(( :ال وجه لتكرار لفةتي أغيظ في الحديو ولعله أغنظ بالنون من الغنظ وهو شدأ الكرب والله
أعل )) .أ .هو[ .لسان العرب مادأ (غلظ)].
( )2أخرجه البخاري في كتاب األدب (جو ،)533/8باب أبغض األسماء إلى الله ح ( )6203مسل في اآلداب
( )5677/5ح (.)5555
( )3رواه ابن أبي شيبة في المصنف ( )585/8الطبرا ي في الكبير ( ،)526/55والحاك في المستدر
( )506/5وقال :صحيح على شرط الشيخين ول يخرجاه ،وأورده الديلمي في الفردوس بمإلثور الخطاب
( ،)523/5والهييمي في المجمع ( )30/7وقال :رواه الطبرا ي وفيه أبو شيبة إبراهي بن عيمان ،وهو مترو .
وصحح إسناده األلبا ي في صحيح الجامع (.)277
( )4فتح الباري (.)320/50
( )5هو :أبو القاس محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي ،المعروف بالزمخشري ،عال بالنحو والتفسير
واللغة ،وكان داعية إلى االعتزال .قال عنه الذهبي :صالح لكنه داعية إلى االعتزال أجار ا الله فكن ذرا من
كشافه ا تهى .من تصا يفه الكييرأ(( :الكشاف))(( ،أساس البالغة)) ،و((المستقصى في األميال)) ،توفي سنة
( )578هو .ا ةر :سير أعالم النبالء ( 757/02و ،)753وميزان االعتدال في قد الرجال (.)787/3
( )6الكشاف للزمخشري (.)205/5
( )7هو :العالمة القادي اصر الدين أ مد بن محمد بن منصور بن أبي القاس الجذامي اإلسكندرا ي المعروف بابن المنير،
اصر الدين أبو العباس ،من فقهاء المالكية برع في الفقه ورسـ فيه ،وفي العربية وفي فنون شتى ،من مؤلفاته(( :البحر الكبير =
606 شرط اإلخالص
من أةلق على قاض يكون أعدل القضاأ أو أعلمه في زما ه أقضى القضاأ ،أو يريد إقليمه
أو بلده .ث تكل في الفرق بين قادي القضاأ وأقضى القضاأ ،وفي اصطال ه على أن
األول فوق اليا ي.
وقد تعقب كالم ابن المنير عل الدين العراقي( )2فصوب ما ذكره الزمخشري من
المنع ،ورد ما ا تج به من قضية علي في جواز إةالقه :بإلن التفضيل في ذلك وقع في
ق من خوةب به ،ومن يلتحق به فليس مساويا إلةالق التفضيل باأللف والالم( ،)3قال:
وال يخفى ما في إةالق ذلك من الجراءأ وسوء األدب ،وال عبرأ بقول من ولي القضاء
فنعت بذلك فلذ في سمعه فا تال في الجواز ،فإن الحق أ ق أن يتبع(.)4
ووجه أن التسمي بملك األمال أو قادي القضاأ من الشر :أن من تسم ى
بذلك ،فقد جعل فسه شريكا مع الله فيما ال يستحقه إال الله؛ ألن لفظ ((ملك
األمال )) و(( قادي القضاأ)) ال يصدق إال على الله ، أل ه ال أ د يستحق أن
يكون قادي القضاأ أو ملك األمال إال الله و سبحا ه وتعالى و ،فالله هو القادي فوق
كل قاض وهو المالك لجميع األشياء إليه يرجع األمر كله(.)5
قال المناوي و ر مه الله و في شر ه لحديو« :اشتد غضب الله على من زع أ ه
ملك االمال »(( :إ ما اشتد غضبه عليه لمنازعته لله في ربوبيته وألوهيته ،فهو قيق بإلن
وووووووووو
= في خب التفسير)) ،وله اختصار التهذيب ،توفي سنة ( )675هو ،ومولده سنة ( .)650ا ةر :الديباج المذهب
( 255/5و ،)256ومعح المؤلفين (.)222/5
( )1أخرجه الطبرا ي موقوفا على عمر كما في األوسط ( ،)8825وذكره العجلو ي في كشف الخفاء (،)573/5
وعزاه إلى البخاري في كتاب التفسير ،وقال إن هذه الصيغة كمها الرفع على الصحيح .وقال الحافظ في الفتح
( :)85/8وله شاهد صحيح من ديو بن مسعود عند الحاك .ا تهى.
( )2هو :عبد الر ي بن الحسين بن عبد الر من بن أبي بكر بن إبراهي الكردي الشافعي ،المعروف بالزين العراقي،
افظ محدث فقيه ،ولد بمصر سنة ( )305هو .أخذ الحديو عن جماعة منه الحافظ العالئي ،وتقي الدين
السبكي ،ومن أبرز تالميذه الحافظ ابن جر العسقال ي و ر مه الله و .ا ةر :إ باء الغمر ( ،)732/5و سن
المحادرأ (.)732/7
( )3يعني التفضيل المطلق الذي ال يختص بمعينين ،فهذا الذي ورد المنع فيه.
( )4فتح الباري ( .)320/50بتصرف يسير.
( )5ا ةر :القول المفيد ( ،)252/2وفتح المجيد (ص.)652 :
608 شرط اإلخالص
يمقته عليه فيهينه غاية الهوان ،ويذله غاية الذل ،ويجعله تحت أقدام خلقه؛ لجرأته وعدم
يائه في تشبهه به في االس الذي ال ينبغي إال له ،فهو ملك الملو و ده ،اك
الحكام و ده ،فهو الذي يحك عليه كله ال غيره))(.)1
ثالثاً :أنواع الشرك األصغر المتعلِّقة باألفعال ((أي بإلعمال الجوارح)):
من أ واع هذا الشر :
5و التطير:
التطير في اللغة مصدر تطير ميل تحير يرأ ،مإلخوذ من زجر الطير.
قال الجوهري(( :وتطيرت من الشيء وبالشيء ،واالس منه الطيرأ و بكسر الطاء وفتح
()2
الياء و ميال العنبة ،وقد تسكن الياء ،وهو ما يتشاءم به من الفإلل الردىء)) .
وأما الطيرأ في االصطالح :فقد دها النبي بقوله« :إ ما الطيرأ ما أمضا أو
رد »(.)3
وفرق بعض أهل العل بين الطيرأ والتطير فقال(( :التطير هو الةن السيئ الكائن في
القلب .والطيرأ هو الفعل المرتب على هذا الةن من فرار أو غيره؛ وكالهما رام))(.)4
قلت :وأصل التطير إ ما هو في التفاؤل بالطير ،واستعمل لكل ما يتفاءل به
ويتشاءم وقد كا وا في الجاهلية يتطيرون بالسوا ح والبوارح( )5من الطير والةباء
وووووووووو
( )1فيض القدير ( 355/5و )353عند ديو رق ( .)5052وا ةر :تجريد التو يد للمقريزي (ص 55 :و .)55
( )2الصحاح ( .)827/2وا ةر :لسان العرب ( ،)250/7والتمهيد البن عبد البر (.)272/2
( )3أخرجه أ مد في المسند ( )255/5من ديو الفضل بن عباس.
( )4الفروق للقرافي (.)257/5
( )5قال في اللسان ((( )573/6السا ح :ما أتا عن يمينك من ظبي أو ةائر أو غير ذلك ،والبارح :ما أتا من
ذلك عن يسار ؛ قال أبو عبيدأ :سإلل يو س رؤبة ،وأ ا شاهد ،عن السا ح والبارح ،فقال :السا ح ما وال
ميامنه ،والبارح ما وال مياسره)) ا تهى .وا ةر :تهذيب اللغة (.)525/5
وجاء عن المبرد :السا ح ما أرا مياسره فإلمكن الصائد ،والبارح ما أرا ميامنه فل يمكن الصائد إال أن ينحرف
له .ا ةر :الدر الفاخرأ في األميال السائرأ لألصفها ي (.)252/5
قال الحافظ(( :وكا وا يتيمنون بالسا ح ويتشاءمون بالبارح ،أل ه ال يمكن رميه إال بإلن ينحرف إليه ،وليس في
شيء من سنوح الطير وبرو ها ما يقتضي ما اعتقدوه ،وإ ما هو تكلف بتعاةي ما ال أصل له ،إذ ال طق للطير
وال تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه ،وةلب العل من غير مةا ه جهل من فاعله ،وقد كان بعض =
607 شرط اإلخالص
وغيرهما()1؛ فإذا أرادوا أمرا فإن رأوا الطير و ميال و ةار يمنة تيمنوا به ،وإن ةار يسرأ تشاءموا
به(.)2
قال اإلمام الشافعي و ر مه الله و في تفسير قوله « :أقروا الطير في مكناتها(:)4(»)3
((إن عل العرب كان في زجر الطير والبوارح واالعتياف()5؛ فكان أ ده إذا غدا من منزله يريد
أمرا ،ةر أول ةائر يراه ،فإن سنح عن يساره فاجتال( )6عن يمينه قال :هذه ةير األيامن فمضى
في اجته ،ورأى أ ه سينجحها ،وإن سنح عن يمينه فمضى عن يساره قال :هذا ةير األشائ ،
وقال هذه اجة مشؤومة ...وكان العرب إذا ل تر ةائرا سا حا فرأى ةيرا في وكره ركه من
وكره ليطيره ،لينةر أسلك ةريق األشائ أو ةريق األيامن ،فيشبه قول النبي « :أقروا الطير في
مكناتها» أي ال تحركوها؛ فإن تحريكها وما تعملون به من الطيرأ ال يصنع شيئا ،وإ ما
يصنع فيما تتوجهون له قضاء الله عز وجل))( .)7ا تهى.
وووووووووو
= عقالء الجاهلية ينكر التطير ويتمدح بتركه[ .))..فتح الباري (.])255/50
( )1ا ةر :النهاية في غريب الحديو ( ،)532/5وعون المعبود (.)555/5
( )2تيسير العزيز الحميد (.)567
( )3لتفسير م كناتها واختالف النحاأ في معناها ينةر كالم ابن القي في مفتاح دار السعادأ ( 080/7و
) 087بتحقيق الحلبي.
( )4أخرجه أبو داود في كتاب الضحايا ،باب :في العقيقة ( )503/5ح ( ،)2753وأ مد في المسند
( ،)575/6والطبرا ي في الكبير ( ،)568/23والبيهقي في السنن ( ،)555/2وابن أبي عاص في اآل اد
والميا ي ( ،)82/6وأبو عي في الحلية (جو ،)23/2وابن بان في صحيحه ( ،)523/55والحاك في
المستدر ( )263/5وقال :صحيح اإلسناد ول يخرجاه .وصححه األلبا ي كما في صحيح الجامع (،)5588
وصحيح سنن أبي داود (.)2753
( )5قال ابن األثير في النهاية ( :)550/5العيافة زجر الطير والتفاؤل بإلسمائها وأصواتها وممرها .وهو من عادأ
العرب كييرا ،وهو كيير في أشعاره .يقال :عاف يعيف عيفا إذا زجر و دس وظن.
( )6قال في اللسان ( :)525/2جال واجتال ،إذا ذهب وجاء.
( )7رواه ابن أبي ات في نداب الشافعي ومناقبه ( 530و ،) 532وأبو عي في الحلية (جو 25/2و ،)23
و قل البيهقي في مناقب الشافعي ( 507/5و )502إقرار ابن عيينة لكالم الشافعي في تفسير قوله « :أقروا
الطير في مكناتها».
602 شرط اإلخالص
ومن الجدير ذكره أن الطيرأ تكون في المكروه والمحبوب؛ ففي الحديو أ ه « :هى
عن الطيرأ» .ث قال« :وخيرها الفإلل( .)2(»)1فدل على أ ها تكون على وجوه ،والفإلل خيرها(.)3
وأصرح منه ما جاء في ديو ية بن ابس التميمي( )4عن أبيه( )5أ ه سمع النبي يقول:
«العين ق ،وأصدق الطيرأ الفإلل»()6؛ ففيه التصريح بإلن الفإلل من جملة الطيرأ لكنه مستينى(.)7
قال الخطابي و ر مه الله و(( :والفرق بين الفإلل( )8والطيرأ :أن الفإلل إ ما هو من
ةريق سن الةن بالله ،والطيرأ إ ما هي من ةريق االتكال على شيء سواه))(.)9
يقول ابن القي و ر مه الله و(( :أخبر في ديو أبى هريرأ أن الفإلل من الطيرأ وهو
خيرها فقال« :ال ةيرأ ،وخيرها الفإلل» فإلبطل الطيرأ ،وأخبر أن الفإلل منها ،ولكنه خيرها ،فوفصل
بين الفإلل والطيرأ لما بينهما من االمتياز والتضاد و وفع أ دهما ومضرأ اآلخر ،و ةير هذا منعه
من الرقى بالشر ،وإذ ه في الرقية إذا ل تكن شركا ،لما فيها من المنفعة الخالية عن المفسدأ...
فقوله « :ال ةيرأ وخيرها الفإلل» ينفي عن الفإلل مذهب الطيرأ من تإلثير أو فعل أو شركة،
ويخلص الفإلل منها .وفي الفرقان بينهما فائدأ كبيرأ ،وهي أن التطير هو التشاؤم من الشيء
المرئي أو المسموع ،فإذا استعملها اإل سان و يعني الطيرأ و فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم
وووووووووو
( )1والفإلل بينه النبي لما سئل عنه بقوله« :الكلمة الصالحة يسمعها أ دك » .وذلك أل ها تحدث ا شرا ا في
النفس و شاةا في ةلب المقصود؛ وليس المراد أن يعتمد عليها ويمضي ألجلها مع سيان التوكل على الله؛ فإن
ذلك من الطيرأ .ا ةر :تيسير العزيز الحميد (ص.)576 :
( )2أخرجه البخاري في كتاب الطب ،باب :الطيرأ (جو )55/7ح ( ،)3835ومسل في كتاب السالم
( )5853/5ح (.)2225
( )3فتح الحميد في شرح التو يد ( .)5082/5وا ةر :مفتاح دار السعادأ ( 507/5و .)552
( )4مقبول من اليالية ،ووه من زع أن له صحبة[ .تقريب التهذيب (ص.])272 :
( )5هو :ابس التميمي ،له صحبة .ا ةر :الجرح والتعديل (.)090/7
( )6أ مد في المسند ( ،)80/3والترمذي في العلل ( )266ح ( ،)576والبخاري في األدب المفرد (ص)553 :
برق ( ،)255وابن سعد في الطبقات ( .)66/8وصحح إسناده األلبا ي في الصحيحة (.)2386
( )7فتح الباري (.)255/50
( )8الفإلل .قال في المفه ((( :)626/3هو أن يسمع اإل سان قوال سنا أو يرى شيئا يستحسنه يرجو منه أن
يحصل له غرده الذي قصد تحصيله)) .ا تهى.
( )9غريب الحديو (.)575/5
650 شرط اإلخالص
عليه فقد قرع باب الشر ،بل ولجه وبرء من التوكل على الله ،وفتح على فسه باب الخوف
والتعلق بغير الله ،والتطير مما يراه أو يسمعه ،وذلك قاةع له عن مقام ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
،و ﮘ ﮙ ﮚ و ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ،فيصير قلبه متعلقا بغير الله عبادأ وتوكال،
فيفسد عليه قلبه وإيما ه و اله ،ويبقى هدفا لسهام الطيرأ ،ويساق إليه من كل أوب ،ويقيض له
الشيطان من ذلك ما يفسد عليه دينه ود ياه.
وك من هلك بذلك وخسر الد يا واآلخرأ! فإلين هذا من الفإلل الصالح السار للقلوب،
المؤيد لآلمال ،الفاتح باب الرجاء ،المسكن للخوف ،الرابط للجإلش ،الباعو على االستعا ة
بالله والتوكل عليه ،واالستبشار المقوي ألمله ،السار لنفسه ،فهذا دد الطيرأ؛ فالفإلل يفضي
بصا به إلى الطاعة والتو يد ،والطيرأ تفضي بصا بها إلى المعصية والشر ( ،)1فلهذا استحب
الفإلل وأبطل الطيرأ))(.)2
والتطير من الشر األصغر المنافي لكمال ا إلخالص والتو يد ،والدليل ما جاء
عن ابن مسعود مرفوعا « :الطيرأ شر ،الطيرأ شر ،وما منا إال( )3ولكن الله يذهبه
بالتوكل»(.)4
قال ابن األثير و ر مه الله و(( :ليس الكفر بالله ،أل ه لو كان كفرا لما ذهب
بالتوكل(.)6()))5
وممن ص على أ ه من الشر األصغر أيضا اإلمام محمد بن صر المروزي في "تعةي
وووووووووو
( )1ينةر هنا كالما سنا للشيـ السعدي و ر مه الله و في توديح الفرق بين الفإلل والطيرأ ذكره في باب الطيرأ،
كتاب القول السديد في مقاصد التو يد (شرح كتاب التو يد).
( )2مفتاح دار السعادأ ( 507/5و .)552
( )3قوله (وما منا ولكن) هذا الكالم مدرج من كالم ابن مسعود و ردي الله عنه و ،ول يذكر فيه المستينى والمراد:
أي إال وقد يعتريه التطير وتسبق إلى قلبه الكراهة .ا ةر :سنن الترمذي (.)560/5
( )4أخرجه أ مد في المسند ( ،)550 ،557 ،572/5وأبو داود في كتاب الطب باب في الطيرأ (،)250/5
والترمذي في السير ،باب ما جاء في الطيرأ ( .)556/3وقال :سن صحيح .وابن ماجة في كتاب الطب،
باب من كان يعجبه الفإلل ( ،)5580/2والحاك في المستدر ( )58/5وقال :صحيح ،ووافقه الذهبي.
( )5أي لما أذهبه التوكل.
( )6النهاية في غريب الحديو (.)568/2
655 شرط اإلخالص
قدر الصالأ"(.)1
ووجه أ ه من الشر أن المتطير قد قطع توكله على الله واعتمد على غيره في جلب النفع
ودفع الضر .وأيضا تعلق قلبه بإلمر موهوم ال قيقة له ،فاستعان به على قضاء وائجه .وهذا ال
شك مخل بالتو يد ،ألن التو يد عبادأ واستعا ة كما قال تعالى :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ،
وقال :ﮘ ﮙ ﮚ [هود.)2(]525 :
يقول ابن القي و ر مه الله و...(( :التطير هو التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع ،فإذا
استعملها اإل سان و يعني الطيرأ و فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليه فقد قرع باب
الشر ،بل ولجه وبرء من التوكل على الله ،وفتح على فسه باب الخوف والتعلق بغير الله،
والتطير مما يراه أو يسمعه ،وذلك قاةع له عن مقام ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ،و ﮘ ﮙ
ﮚ و ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ،فيصير قلبه متعلقا بغير الله عبادأ وتوكال ،فيفسد عليه قلبه
وإيما ه و اله ،ويبقى هدفا لسهام الطيرأ ،ويساق إليه من كل أوب ويقيض له الشيطان من ذلك
ما يفسد عليه دينه ود ياه ،وك من هلك بذلك وخسر الد يا واآلخرأ))(.)3
وقال صا ب عون المعبود في سبب كو ها من الشر «(( :الطيرأ شر » أي :العتقاده
أن الطيرأ تجلب له فعا أو تدفع عنه درا ،فإذا عملوا بموجبها فكإل ه أشركوا بالله في ذلك،
ويسمى شركا خفيا...
قال القادي إ ما سماها شركا أل ه كا وا يرون ما يتشاءمون به سببا مؤثرا في صول
المكروه .ومال ةة األسباب في الجملة شر خفي فكيف إذا ا ض إليها جهالة وسوء
اعتقاد))(.)4
وقد أرشد النبي من وقع في قلبه شيء من التطير أن يقول« :الله ال خير إال خير
وال ةير إال ةير وال إله غير »(« .)5الله ال يإلتي بالحسنات إال أ ت وال يدفع السيئات إال
وووووووووو
(.)328/3( )1
( )2ا ةر :تيسير العزيز الحميد (ص )575 :والقول المفيد ( 332/5و .)360
( )3مفتاح دار السعادأ ( 555/5و .)552
( )4عون المعبود (جو.)277/50
( )5تخريجه في الذي قبله.
652 شرط اإلخالص
في الوجود))(.)1
قال الحافظ في ((الفتح))((( :)2وما أشار إليه ابن العربي في تإلويل كالم مالك أولى،
وهو ةير األمر بالفرار من المجذوم مع صحة في العدوى ،والمراد بذلك س المادأ
وسد الذريعة لئال يوافق شيء من ذلك القدر فيعتقد من وقع له أن ذلك من العدوى أو من
الطيرأ فيقع في اعتقاده ما هي عن اعتقاده ،فإلشير إلى اجتناب ميل ذلك)) .ا تهى.
2و إ ما هذا منه خبر عن غالب عادأ ما يتشاءم به ال أ ه خبر عن الشرع بجواز ذلك.
هذا الجواب قله ابن العربي ث دعفه بقوله(( :هذا جواب ساقط أل ه ل يبعو
ليخبر الناس عن معتقداته المادية والحاصلة ،وإ ما بعو ليعلمه ما يلزمه أن
يعتقدوه))( .)3ا تهى .ووافقه على ذلك الحافظ ابن جر و ر مه الله و يو قال(( :وسياق
األ اديو الصحيحة المتقدم ذكرها يبعد هذا التإلويل))(.)4
5و أ ه جاء في بعض ةرق مسل « :إن يكن الشؤم قا»( ،)5فهذا لفظ ينافي القطع،
ويكون محمله إن يكون الشؤم قا فهذه اليالثة أ ق به ،بمعنى أن النفوس يقع فيها
التشاؤم بهذه أكير مما يقع بغيرها(.)6
5و أن الشؤم هنا على غير المفهوم منه من معنى التطير لكن بمعنى قلة الموافقة وسوء
الطباع كما جاء في الحديو اآلخر« :سعادأ ابن ندم في ثالثة وشقوأ ابن ندم في ثالثة:
فمن سعادته :المرأأ الصالحة ،والمسكن الواسع ،والمركب الصالح ،ومن شقاوته :المسكن
السوء ،والمرأأ السوء ،والمركب السوء»(.)7
وووووووووو
( )1المفه (.)622/3
(.)62/6( )2
( )3المفه (.)650/3
( )4فتح الباري (.)65/6
( )5أخرجه مسل في كتاب السالم (.)5857/5
( )6إكمال المعل بفوائد مسل (.)557/8
( )7أ مد في المسند ( ،)567/5والطبرا ي في الكبير ( ،)556/5والطيالسي في مسنده ( ،)250والحاك في
المستدر ( )538/2وقال :صحيح اإلسناد ،وأورد الهييمي في المجمع ( )282/5وقال :رواه أ مد والبزار
والطبرا ي في الكبير واألوسط ورجال أ مد رجال الصحيح .و سن إسناده األلبا ي كما في صحيح الجامع برق
(.)5622
655 شرط اإلخالص
5و وذهب الخطابي إلى أن هذا استيناء من غير الجنس ،ومعناه إبطال مذهب الجاهلية،
فكإل ه قال :إن كا ت أل دك دار يكره سكناها أو امرأأ يكره صحبتها أو فرس يكره سيره
فليفارقه(.)1
3و ومنه من تإلول الشؤم المذكور في الحديو فقال :الشؤم في المرأأ سوء خلقها وأال
تلد ،وفي الفرس أن ال يغزى عليه ،وفي الدار ديقها وسوء جوارها(.)2
6و وذهب ابن عبد البر إلى ا تمال النسـ فقال(( :وقد يحتمل أن يكون قول رسول الله
«الشؤم في ثالثة :في الدار والمرأأ والفرس» كان في أول اإلسالم خبرا عما كا ت تعتقده العرب
في جاهليتها على ما قالت ((عائشة)) ث سـ ذلك وأبطله القرنن( )3والسنن))( .)4ا تهى.
وقد تعقب بإلن القول بالنسـ ال ييبت باال تمال ،ال سيما مع إمكان الجمع ،وال
سيما وقد ورد في فس الخبر في التطير ث إثباته في األشياء المذكورأ(.)5
هذه أه مسالك العلماء في توجيه هذا الحديو.
والذي يةهر و والله أعل و أن هذا الحديو ال مدخل له في التشاؤم الممنوع بل هو
من التشاؤم الفطري الذي يعتري بعض النفوس لما يةهر لها من الشر الذي تدعو الفطرأ
إلى اجتنابه؛ كالخوف الطبعي من شر هامة و حوها .وميل هذا كما أن الفطرأ تحتمله
ويكون فيها ،فإن الشرع يحتمله ويبيحه وال رج فيه عنده ،وليس ذلك ألمر متوقع في
المستقبل كما هو الشإلن في التشاؤم الممنوع بل هو شر قائ اصل ،معلوم غير موهوم؛
فالمرأأ إذا كا ت سيئة الخلق و ميال و أو ال تلد فقد أباح الشرع لزوجها أن يفارقها ويستبدلها
بغيرها مما تطيب به فسه ويسكن به خاةره ،ول يلزمه الشارع أن يقي مع امرأأ يكرهها.
وكذلك الدار إذا كرهها صا بها لضيقها ،أو لسوء جوارها ،فإن الشرع قد أباح لصا بها أن
يستبدلها بغيرها مما تطيب به فسه ويسكن به خاةره ،ول يلزمه الشارع أن يقي في مودع
وووووووووو
( )1فتح الباري ( ،)62/6وا ةر :معال السنن (.)256/5
( )2ا ةر :معال السنن ( ،)256/5والتمهيد البن عبد البر ( ،)282/2والمفه (.)655/3
[الحديد .]22 :ا ةر :التمهيد ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﮯ ﮰ ( )3يشير إلى قوله تعالى:
( ،)272/2وعمدأ القارئ (.)530/55
( )4التمهيد (.)220/2
( )5ا ةر :فتح الباري (.)62/6
653 شرط اإلخالص
هو يكرهه .وكذلك الفرس؛ فإذا كرهه صا به لجموح فيه ،أو حوه فله أن يفارقه .فالنفوس
تخاف من الشر وتسعى لدفعه ،ولذا شرع لها االستخارأ( .)1والشؤم بهذا المعنى مستعمل
في كالم أهل العل ،ومن ذلك قوله :إن المعاصي شؤم على أصحابها ،وهذا من شؤم
المعصية .ولعل هذا مراد من قال من أهل العل :إن الحديو على ظاهره ،وهو قريب من
كالم ابن العربي المتقدم( )2في تإلويل كالم اإلمام مالك و ر مه الله و ،وهو الذي ترجح في
ةري والعل عند الله تعالى.
5و لبس الحلقة والخيط و حوهما لرفع البالء أو دفعه ((إن ل يعتقد أ ها ترفع أو تدفع
بذاتها)).
لبس الحلقة والخيط على هذا الوجه من الشر األصغر ،والدليل ما جاء عن
ذيفة أ ه رأى رجال في يده خيط من الحمى ،فقطعه وتال قوله تعالى :ﭩ ﭪ ﭫ
ﭮ ﭯ ﭰ [يوسف.)3(]506 : ﭬ ﭭ
قال الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و(( :تالوأ ذيفة اآلية دليل على أن
الصحابة يستدلون باآليات التي في الشر األكبر على األصغر))(.)4
وقال الشيـ عبد الر من بن سن و ر مه الله و(( :ففيه :صحة االستدالل على
الشر األصغر بما أ زل الله في الشر األكبر؛ لشمول اآلية له ،ودخوله في مسمى
الشر ))( .)5ا تهى.
ووجه كو ه من الشر األصغر أ ه علق قلبه بسبب ل يجعله الله سببا ال شرعا وال
قدرا؛ ألن إثبات أن هذا سبب ال بد أن يكون؛ إما من جهة الشرع؛ وإما من جهة التجربة
وووووووووو
( )1االستخارأ :معنى االستخارأ سؤال إعطاء الخير من األمرين ،وهي مشروعة كما في الصحيح (جو)65/2
( )5562عن جابر بن عبد الله ردي الله عنهما قال :كان رسول الله يعلمنا االستخارأ في األمور كما
يعلمنا السورأ من القرنن يقول :ث ساق الحديو .وا ةر :مشارق األ وار (.)252/5
( )2في (ص.)358 :
( )3أخرجه ابن أبي ات في التفسير ( ،)0028/3وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)75/5وأورده ابن كيير في
تفسيره ( )495/0ولفةه عن ماد بن سلمة عن عاص بن أبي النجود عن عروأ ،قال« :دخل ذيفة على
)). ﭮ ﭯ ﭰ مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه أو ا تزعه ،ث قال :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
( )4كتاب التو يد مع شر ه فتح المجيد (ص.)565 :
( )5فتح المجيد (ص.)565 :
656 شرط اإلخالص
الةاهرأ ،ميل دواء الطبيب ،وميل اال تفاع ببعض األسباب التي فيها اال تفاع ظاهرا .أما لبس
الحلقة فهو ل يإلذن به الله ،فال يكون سببا شرعيا ،وكذلك من جهة التجربة فهو ليس سببا،
أل ه ال يمكن أن يويوبت ذلك على وجه الةهور ،وإ ما هو اعتقاد من المالبس لتلك الحلقة
أو الخيط فقد يوافق القدر فيشفى أو يبقى قلبه معلقا بإل ها تدفع عنه(.)1
أما لو اعتقد أن لبس الخيط أو الحلقة يرفع أو يدفع بذاته دون أمر الله فهو شر
أكبر ،أل ه ووع تشريك في صفات الربوبية(.)2
ومما يلحق بلبس الخيط والحلقة أيضا تعليق التمائ .والدليل على أ ها من الشر
قوله « :إن الرقى والتمائ والتولة شر »( ،)3ووجه كو ها من الشر (( :أن اإل سان إذا
علقها تعلق قلبه بها ،و سي القراءأ المشروعة والتعوذات المشروعة ،بل وربما تعلق قلبه بها
تعلقا تاما ينسى به الخالق))( ،)4فيكون شركا أكبر .وأيضا فلمةنة ما يصحبها من اعتقاد أن
لغير الله تإلثيرا في الشفاء من الداء(.)5
أما إذا كان المعلق من القرنن فقد اختلف السلف في كمه ،فمنه من أجازه،
ومنه من رمه( ،)6وهو إلى التحري أقرب؛ لعموم الحديو ،ولما فيه من امتهان القرنن،
وأل ه وسيلة إلى تعليق محرم وهو تعليق غير القرنن(.)7
المقصد الثالث :حكم الشرك األصغر.
وووووووووو
( )1ا ةر :التمهيد على كتاب التو يد (ص 25 :و .)25
( )2ا ةر :القول المفيد (.)585/5
( )3أخرجه أبو داود في كتاب الطب ،باب :ما جاء في العين ( ،)5775( )2/5وابن ماجة في كتاب الطب،
باب :تعليق التمائ ( )5566/2ح ( ،)5350وأبو يعلى في المسند ( ،)555/2والبيهقي في السنن
( ،)530/2والطبرا ي في الكبير ( ،)585/2وابن بان في صحيحه ( .)536/55والحديو صححه األلبا ي
كما في الصحيحة برق (.)555
( )4من فتاوى الشيـ ابن عييمين دمن مسائل في العقيدأ ألصحاب الفضيلة :ابن باز ،والعييمين ،واأللبا ي ،وعبد
الرزاق عفيفي ،جمع أبي مالك محمد بن عبد الوهاب (ص 56 :و .)58
( )5ا ةر :الدر النضيد في إخالص كلمة التو يد (ص.)77 :
( )6ا ةر :تيسير العزيز الحميد (ص.)558 :
( )7ا ةر :التمهيد لشرح كتاب التو يد (ص 553 :و .)556
658 شرط اإلخالص
الشر األصغر كمه أ ه أكبر من كل كبيرأ( ،)1ويدل لذلك قول ابن مسعود :
((ألن أ لف بالله كاذبا أ ب إلي من أن أ لف بغيره صادقا))(.)2
قال الشيـ سليمان نل الشيـ(( :وفيه دليل على أن الشر األصغر أكبر من
الكبائر))(.)3
ولعل وجه ذلك ما جاء عن شيـ اإلسالم و ر مه الله و من أن الحلف بالله تو يد
والحلف بغيره شر ،وإن قدر الصدق في الحلف بغير الله فحسنة التو يد أعة من سنة
الصدق وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشر (.)4
أو يقال :أن الذ ب الذي يوصف بإل ه شر أعة من الذ ب الذي ال يوصف بإل ه
شر .
ومن الوجوه أيضا :أن الشر األصغر من الكبائر االعتقادية( ،)5وجنس الكبائر
االعتقادية أعة من جنس الكبائر العملية(.)6
فإذا ثبت أن الشر األصغر أكبر من كل كبيرأ عملية فههنا مسإللة ،وهي هل يلحق
بالكبائر( )7فيكون داخال تحت المشيئة أو ال يلحق فال يدخل تحت المشيئة؟
هذه المسإللة اختلف فيها أهل العل على قولين:
األول :أن هذا الشر ليس داخال تحت المشيئة فال يغفره الله ،وهو اختيار شيـ
وووووووووو
( )1أي دون الشر األكبر ،ألن الشر األكبر يوصف أيضا بإل ه من الكبائر كما في الحديو «أكبر الكبائر الشر
بالله» .أخرجه الترمذي في جامعه ( ،)256/3وأ مد في المسند ( ،)523/5والبيهقي في الشعب
( .)285/5وهو يروى أيضا من كالم ابن عباس.
( )2أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ( )562/7برق ( ،)53222والطبرا ي في الكبير و ديو رق ( .)7202قال
الهييمي في مجمع الزوائد ( :)588/5رواه الطبرا ي في الكبير ورجاله رجال اليقات .وقال األلبا ي في إرواء
الغليل ( :)522/7إسناده صحيح على شرط الشيخين.
( )3تيسير العزيز الحميد (ص .)350 :وا ةر :الدرر السنية (.)507/2
( )4قال عن تيسير العزيز الحميد ( .)625/5وهو بنحوه في الفتاوى الكبرى ( ،)625/5وا ةر :مجموع الفتاوى
(.)75/5
( )5هذا باعتبار الغالب؛ ألن من الشر األصغر ما يكون باأللفاظ كالحلف بغير الله.
( )6ا ةر :التمهيد لشرح كتاب التو يد (ص 606 :و .)608
( )7المقصود بالكبائر هنا الذ وب دون الشر .
657 شرط اإلخالص
اإلسالم و ر مه الله و( .)1وتبعه عليه جمع من المحققين ،منه الشيـ عبد الر من بن سن
نل الشيـ كما في قرأ عيون المو دين( ،)2والشيـ عبد الله أبا بطين كما في الدرر
السنية( ،)3وعبد الر من بن قاس كما في اشيته على كتاب التو يد( .)4واستدلوا له بعموم
قوله تعالى :ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ [النساء.]57 :
ووجه الداللة من اآلية أن قوله :ﮦ ﮧ ﮨ مصدر مؤول ،فيكون المعنى :أن الله
ال يغفر شركا به ،أو أن الله ال يغفر إشراكا به .وشركا كرأ في سياق النفي فتفيد عموم الشر
األكبر واألصغر(.)5
واستدلوا من السنة بعموم قوله « :من مات ال يشر بالله شيئا دخل الجنة ومن
مات يشر بالله شيئا دخل النار»(.)6
ووجه االستشهاد من الحديو أن كلمة ((شيئا)) كرأ في سياق النفي فتع وعي
الشر ؛ األكبر واألصغر؛ والمعنى من مات على شر أكبر أو أصغر ل يتب منه دخل النار،
ودخول النار ينافي المغفرأ(.)7
وألن الشر األصغر داخل في مسمى الشر األكبر ،والدليل أن الصحابة كا وا
يستدلون باآليات التي في الشر األكبر على األصغر ،ويشهد لذلك ما جاء عن ذيفة
أ ه رأى رجال في يده خيط من الحمى ،فقطعه وتال قوله تعالى :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ ﭯ ﭰ [يوسف.)8(]506 :
قال الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و(( :تالوأ ذيفة اآلية دليل على أن
وووووووووو
( )1تلخيص االستغاثة ( ،)505/5وجامع رسائل شيـ اإلسالم ابن تيمية (.)235/2
(( )2ص.)55 :
(.)577/50( )3
(( )4ص.)35 :
( )5ا ةر :القول المفيد ( ،)255/2والتمهيد على كتاب التو يد (ص 53 :و .)58
( )6أخرجه مسل في كتاب اإليمان ( )25/5ح ( )25من ديو جابر .
( )7ا ةر :اشية ابن قاس النجدي على كتاب التو يد (ص 32 :و .)35
( )8أخرجه ابن أبي ات في التفسير ( ،)0028/3وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)75/5وأورده ابن كيير في
تفسيره ( )495/0ولفةه عن ماد بن سلمة عن عاص بن أبي النجود عن عروأ ،قال« :دخل ذيفة على
)). ﭮ ﭯ ﭰ مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه أو ا تزعه ،ث قال :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
652 شرط اإلخالص
قالوا :ومما يدل على ذلك أن هذا اللفظ ورد في موادع أخرى مرادا به الشر
األكبر باإلجماع فيحمل عليها ،ومن ذلك قوله تعالى :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [المائدأ ،]82 :فقوله في
اآلية :ﭼ هو أيضا فعل داخل في سياق الشرط ،فيكون عاما ،وال يدخل فيه الشر
األصغر باإلجماع ،ألن تحري الجنة والتخليد فيها إ ما هو ألهل الموت على الشر
األكبر.
ومن ذلك أيضا قوله تعالى :ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ
ﭥﭦﭧ [الحج ]55 :فهي أيضا في الشر األكبر(.)1
ث القائلون بإلن الشر األصغر ال يغفر اختلفوا هل يدخل تحت المواز ة و أي بين
الح سنات والسيئات ،فإذا رجحت الحسنات على السيئات ل يعذب صا به و أو ال
يدخل؟ فذهب البعض إلى أ ه يدخل ،ومن هؤالء الشيـ عبد الر من بن سن نل
الشيـ كما في ((قرأ عيون المو دين))( ، )2واختاره الشيـ عبد الر من بن قاس كما في
اشيته على كتاب التو يد(.)3
وذهب نخرون إلى أ ه ال يدخل .قال شيـ اإلسالم(( :وقد يقال الشر ال يغفر منه
شيء ال أكبر و ال أصغر على مقتضى عموم القرنن ،وإن كان صا ب الشر األصغر يموت
مسلما لكن شركه ال يغفر له بل يعاقب عليه ،وإن دخل بعد ذلك الجنة))( .)4ا تهى.
قلت :ووجه ذلك و والله أعل و ألن المواز ة بين الحسنات والسيئ ات تقتضي
المغفرأ لمن رجحت سناته على سيئاته.
المقصد الرابع :الفرق بين الشرك األكبر والشرك األصغر.
5و الشر األكبر اقض لشرط اإلخالص بخالف الشر األصغر فإ ه ال ينقض شرط
اإلخالص ،وإ ما ينافي كمال اإلخالص الواجب(.)5
وووووووووو
( )1ا ةر :التمهيد على كتاب التو يد (ص 56 :و .)58
(( )2ص.)55 :
(( )3ص.)35 :
( )4تلخيص االستغاثة (.)505/5
( )5ا ةر :أعالم السنة المنشورأ (ص.)30 :
625 شرط اإلخالص
2و الشر األكبر محبط لألعمال مبطل ليوابها إذا مات عليه اإل سان ،واختلفوا في من
يتوب هل يعود إليه ثواب عمله .وسيإلتي تحقيق هذه المسإللة و إن شاء الله تعالى و عند
الكالم على أ كام الردأ في شرط اال قياد.
وأما الشر األصغر فال يحبط جميع األعمال ،ولكن قد يحبط بعض األعمال؛
كالرياء فإ ه يحبط العمل المراءى فيه ،وكمن يريد بعمل اآلخرأ الد يا إذا صدر من مؤمن
فإ ه يحبط ذلك العمل وال يتعداه إلى غيره.
5و الشر األكبر صا به يخلد في النار إذا مات عليه بخالف األصغر فصا به وإن
عذب فال يخلد في النار.
5و الشر األكبر موجب أل كام الردأ و إذا صدر من مسل و بخالف األصغر فصا به ال
يخرج عن دائرأ اإلسالم؛ أل ه من جملة الكبائر.
3و الشر األكبر يوجب العداوأ الخالصة ،والبراءأ الكاملة من صا به .وأما الشر األصغر
فال يمنع المواالأ مطلقا ،بل صا به يحب ويوالى على قدر ما فيه من إيمان ،ويبغض بقدر
ما فيه من عصيان.
6و أن الشر األكبر يفوت معه مطلق األمن واالهتداء ،وأما الشر األصغر فيفوت معه األمن
واالهتداء المطلق ،فاالهتداء التام واألمن التام ال يكون إال من أتى بالتو يد الكامل.
8و الشر األكبر ال يجتمع مع اإلسالم ألبتة ،والشر األصغر يجتمع مع اإلسالم(.)1
المقصد الخامس :الصور التي ينقلب الشرك األصغر فيها شركاً أكبر.
أفراد الشر األصغر تنقلب فتصير شركا أكبر فيكون اقضا ألصل اإلخالص
والتو يد ،وذلك في صور متعددأ ،تقدمت اإلشارأ إلى بعضها ،ومن هذه الصور ما يلي:
5و الحلف بغير الله إذا اعتقد الحالف أن المحلوف به مساو لله تعالى في التعةي
والعةمة.
2و الرياء إذا صل في أصل اإليمان ،أو كان متمحضا ألجل الناس؛ كرياء اإلخالص(.)2
5و التطير إذا اعتقد المتطير القدرأ في المتطير به في جلب النفع أو دفع الضر.
وووووووووو
( )1ا ةر :عقيدأ التو يد للفوزان ( 505و ،)505والمدخل لدراسة العقيدأ (ص ،)572 :وسبيل الرشاد (ص:
.)535
( )2رياء اإلخالص تقدم التعريف به في كالم القرافي المنقول (ص.)585 :
622 شرط اإلخالص
6و لبس الحلقة والخيط لرفع البالء أو دفعه مع اعتقاد التإلثير الذاتي فيهما دون أمر الله
تعالى.
8و قول الرجل(( :ما شاء الله وشئت)) إذا صا به اعتقاد أن مشيئة العبد كمشيئة الله
تعالى.
7و االستسقاء باأل واء إذا صا به اعتقاد أن النوء يفعل بنفسه.
2و التسمي بملك األمال وقادي القضاأ إذا اعتقد أ ه كذلك.
50و االعتماد على األسباب واعتقاد الفاعلية فيها.
55و تعبيد غير الله( )1مع اعتقاد أ ه كذلك(.)2
وبهذا تتبين خطورأ الشر بنوعيه :األكبر واألصغر ،وأن الشر األصغر قد يترقى
فيصير شركا أكبر فينافي أصل اإلخالص ،ولذا فالواجب على المسل أن يبتعد عن الشر
األصغر ،ويخافه ويسعى في دفعه متى عرض إليه .ومن أ فع األدوية الرافعة لهذا الشر بعد
اإلخالص الدعاء المإلثور عن النبي « :الله إ ي أعوذ بك أن أشر بك وأ ا أعل
وأستغفر لما ال أعل »()3؛ ((تقوله ثالث مرات)).
وفيه أن النبي علمه لبعض أصحابه ،وقال« :إذا قلته ذهب عنك قليله
وكييره»( .)4الله أعذ ا من الشر واعصمنا من الكفر.
وبهذا ينتهي الكالم عن شرط اإلخالص .ويليه شرط الصدق.
وووووووووو
( )1كتسمية عبد النبي ،وعبد الرسول ،وعبد الحارث و حو ذلك.
( )2أما إذا كان لمجرد تسمية ل يقصد قيقتها فهو شر أصغر كما ص على ذلك الشيـ محمد بن عبد الوهاب
ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ و ر مه الله و في مسائله على باب قول الله تعالى:
[األعراف .]792 :ا ةر :كتاب التو يد دمن مؤلفات الشيـ اإلمام محمد بن عبد الوهاب ،اليس ﮝ ﮞ
األول ،العقيدأ واآلداب اإلسالمية (ص.)707 :
( )3أخرجه أ مد في المسند ( ،)505/5والنسائي في عمل اليوم والليلة ( )235/5برق ( ،)276والبخاري في
األدب المفرد ( ،)230/5وأبو يعلى في المسند ( ،)60/5والضياء في المختارأ ( .)530/5وأورده الهييمي
في المجمع (جو )225/50وقال(( :رواه أ مد والطبرا ي في الكبير واألوسط ورجال أ مد رجال الصحيح غير
أبي علي ووثقه ابن بان)) .ا تهى .والحديو صحح إسناده األلبا ي كما في صحيح الجامع (،)5855
واألدب المفرد (.)856
( )4تخريجه في الذي قبله.
326 شرط المحبة
الفصل األول
شرط المحبة لما دلت عليه ال إله إال الله
تمهيد
محبة ال إله إال الله هي قوت القلوب ونعيم األرواح وبهجة النفوس وقرة العيون
وأعلى نعيم الدنيا واآلرخرة لكونها متضمنةً لمحبة المعبود بالحق ـ سبحانه وتعالى ـ ومحبة
عبادته(.)1
والمحبة هي حقيقة ال إله إال الله.
ووجه ذلك كما قال ابن القيم(( :فإن اإلله هو الذي تألهه القلوب ،أي تحبه وتذل
له ،وأصل التأله التعبد ،والتعبد آرخر مراتب الحب .يقال :عبده الحب وتيمه ،إذا ملكه
وذلـله لمحبوبه؛ فالمحبة حقيقة العبودية))(.)2
والكالم عن شرط المحبة سيكون تحت المباحث التالية:
وكذا محبة هذه الكلمة؛ فال بد أن تكون صافيةً من كدر األغيار( ،)1رخالصةً للواحد
القهار ،ظاهرًة على الجوارح واألقوال( ،)2ثابتةً في القلب ال تفارقه بحال.
المطلب الثاني :تعريف المحبة اصطالحاً.
لم يصطلح أهل العلم على تعريف للمحبة ،ولكن تداول أهل العلم تعريفها بألفاظ
معنى آرخر .ولعل العلة في ذلك ما قالهمعنى ،وبعضها على ً متباينة ،يجتمع بعضها على ً
ابن القيم ـ رحمه الله ـ :من أن((( )3الشيء إذا كان في األمور الوجدانية الذوقية التي إنما
تعلم بآثارها وعالماتها ،وكان مما يقع فيه التفاوت بالشدة والضعف ،وكان له لوازم وآثار
وعالمات متعددة ،ارختلفت العبارات عنه بحسب ارختالف هذه األشياء ،وهذا شأن
المحبة ،فإنها ليست بحقيقة معانيها تُرى باألبصار فيشترك الواصفون لها في الصفة ،وهي
في نفسها متفاوتة أعظم تفاوت ،كما بين العالقة التي هي تعلق القلب بالمحبوب ،والخلة
التي هي أعلى مراتب الحب ،وبينهما درجات متفاوتة تفاوتاً ال ينحصر ،ولها آثار توجبها،
وعالمات تدل عليها ،فكل أدرك بعض عالماتها فعبر بحسب ما أدركه ،وهي وراء ذلك كله،
ليس اسمها كمسماها ،وال لفظها مبين لمعناها ،وكذلك اسم المصيبة والبلية والشدة واأللم،
إنما تدل أسماؤها عليها نوع داللة ال تكشف حقيقتها ،وال تعلم حقيقتها إال بذوقها ووجودها،
وفرق بين الذوق والوجود وبين التصور والعلم ،فالحدود والرسوم التي قيلت في المحبة
صحيحة ،غير وافية بحقيقتها ،بل هي إشارات وعالمات وتنبيهات))( .)4انتهى.
ومما قاله أهل العلم في تعريف المحبة:
((ميلك للشيء بكليتك ،ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك ،ثم موافقتك له
سراً وجهراً ،ثم علمك بتقصيرك في حبه))(.)5
هذا التعريف للحارث المحاسبي( ،)6وهو تعريف للمحبة بلوازمها وأحكامها.
وجاء في تعريفها أيضاً(( :أن تحب ما أحب الله وتبغض ما أبغض الله ،وتفعل
الخير لله ،وترفض كل ما يشغل عن الله ،وأن ال تخاف في الله لومة الئم ،مع العطف
للمؤمنين والغلظة على الكافرين ،واتباع سنة رسول الله في الدين))(.)1
وهذا تعريف ذي النون المصري( )2لما ُسئل عن المحبة.
ومما جاء في تعريف المحبة أيضاً(( :توحيد المحبوب بخالص اإلرادة وصدق
الطلب))( .)3أي توحيده باإلرخالص والصدق ،وذلك من شروط المحبة التي هي حقيقة ال إله إال
الله كما تقدم.
ومما قاله أيضاً أهل العلم في تعريفها(( :سقوط كل محبة من القلب إال محبة
الحبيب))(.)4
وهذا التعريف لمحمد بن الفضل( .)5ومراده توحيد المحبوب بالمحبة(.)6
وجاء أيضاً في تعريفها(( :موافقة الحبيب في المشهد والمغيب))(.)7
وهذا حكم من أحكام المحبة وأثر من آثارها.
ومما قيل في تعريفها أيضاً(( :تعلق القلب بالمحبوب ،ولزوم الحب للقلب ،فال تنفك
عنه ،تقتضي من صاحبها االنكفاف عما يكره الحبيب ،والمبادرة إلى ما ير يه ،بقلب منشرح
وصدر رحيب ،فإن تكلم تكلم بالله ،وإن سكت سكت لله ،وإن تحرك فلله ،وإن سكن فله))(.)8
ــــــــــ
كتب كثيرة في الزهد وأصول الديانة والرد على المعتزلة والرافضة .وقال ابن األعرابي :تفقه الحارث وكتب =
الحديث وعرف مذاهب النساك ،وكان من العلم بمو ع إال أنه تكلم في مسألة اللفط ومسألة اإليمان .وقيل
هجره أحمد فارختفى مدة .توفي سنة ثالث وأربعين ومئتين[ .سير أعالم النبالء ( 001/02ـ .])002
( )1رواه البيهقي في شعب اإليمان ( )639/0بإسناده إلى ذي النون المصري.
( )2هو :ذو النون المصري الزاهد العارف ،اسمه ثوبان بن إبراهيم ،ويقال الفيض بن أحمد .ويقال كنيته أبو الفيض،
ويقال أبو الفياض .قال الدار قطني روى عن مالك أحاديث فيها نظر .وكان عالماً فصيحاً حكيماً أصله من
النوبة ،مات سنة رخمس وأربعين ومائتين .انظر :حلية األولياء (جـ 660/9ـ ،)662وميزان االعتدال (.)66/6
( )3مدارج السالكين (.)06/6
( )4نفس المصدر (.)06/6
( )5لم أجد له ترجمة.
( )6مدارج السالكين (.)06/6
( )7نفس المصدر (.)00/6
( )8المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي (.)026/0/6
329 شرط المحبة
هذا التعريف للشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ ،وهو جامع للتعاريف السابقة قبله ،ولذا
فهو من أجمع ما قيل فيها(.)1
فنخلص من هذه التعاريف إلى أن المحبة هي(( :ميل القلب إلى المحبوب وتعلقه
به ،ومن ثم إيثار مر اته والجد في تحصيلها بكل وسيلة وطريق)) (.)2
وأما محبة شهادة أن ال إله إال الله فالمراد بها ميل القلب ومودته لـإلله إال الله
ورغبته إليها ،ولما اقتضته ودلت عليه من األقوال واألفعال المحققة لها ،المنافية لضدها.
ومن ذلك :أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،والمحبة في الله ولله ألهلها
العاملين بها الملتزمين بشروطها ،وبغض ما ناقض ذلك(.)3
وهذه المحبة يعبر عنها بعض أهل العلم بالمحبة الخاصة ،أي :التي ال تصلح إال
لله وحده ،لكونها محبة العبادة المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة واإليثار
على الغير ،وذلك ال يصلح إال لله وحده(.)4
وهي بهذا المعنى مرادفة لمحبة الله تعالى المقتضية لمحبة نبيه ودينه دين
اإلسالم .ووجه ذلك؛ فإن ال إله إال الله معناها ـ كما تقدم ـ ال مألوه بحق إال الله ،والمألوه
هو المعبود ،والعبادة معناها كمال الحب مع كمال الذل ،فهي متضمنة لمعنى المحبة.
يقول شيخ اإلسالم(( :بل ال شيء يستحق أن يحب لذاته محبة مطلقة إال الله
وحده ،وهذا من معنى كونه معبوداً؛ فحيث جاء القرآن باألمر بالعبادة والثناء على أهلها أو
على المنيبين إلى الله ،والتوابين إليه أو األوابين أو المطمئنين بذكره أو المحبين له ونحو
ذلك ،فهذا كله يتضمن محبته وما ال يحب ممتنع كونه معبوداً ومألوها ومطمأنا بذكره))(.)5
فثبت أن محبة ال إله إال الله هي محبة المعبود بحق ،وهو الله سبحانه وتعالى.
( )1ولمزيد من عبارات أهل العلم في حد المعرفة بذكر آثارها وأسبابها وأحكامها ولوازمها ينظر مدارج السالكين
( 06/6ـ )03فقد أورد في حدها ثالثين قوالً.
( )2أعمال القلوب وأثرها في اإليمان( ،ص )023 :رسالة مقدمة لنيل الدكتوراه ،بقسم العقيدة بالجامعة اإلسالمية
بالمدينة المنورة ،العام الجامعي ( 0602ـ )0608هـ .بتصرف.
( )3شروط ال إله إال الله للدكتور عبد الله المعتق (ص )66 :بتصرف .وانظر :معارج القبول (.)626/2
( )4انظر :طريق الهجرتين البن القيم (ص )662 :والقول المفيد (.)66/2
( )5النبوات (ص.)111 :
361 شرط المحبة
المبحث الثاني :حد المحبة التي هي شرط في شهادة أن ال إله إال الله.
حد المحبة التي تلزم لصحة الشهادة يظهر من رخالل معنى محبة شهادة أن ال إله إال
الله ،وقد سبق أن معنى هذه المحبة ميل القلب ومودته لهذه الكلمة ،ولما اقتضته ودلت عليه
من األقوال واألفعال المحققة لها المنافية لضدها .فيكون حد هذه المحبة الالزمة ،هو :أن
يحب الله ورسوله أعظم مما سواهما()1؛ وذلك يقتضي أن يحب ما يحبه الله ورسوله
من التوحيد والطاعات الالزمة وأن يبغض ما أبغضه الله ورسوله من الشرك والمعاصي
القاصمة .ويدرخل في هذه المحبة الالزمة أيضاً :بغض الكفار ،ومحبة األنبياء والرسل(،)2
والمالئكة وأن ال يـُبغض أحداً منهم(.)3
وقد أو ح ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في قوله(( :محبة الله ورسوله على درجتين
واجبة :وهي درجة المقتصدين .ومستحبة ،وهي :درجة السابقين؛ فاألولي تقتضي أن يكون الله
ورسوله أحب إليه مما سواهما ،بحيث ال يحب شيئاً يبغضه كما قال تعالي :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ [المجادلة .]22:وذلك يقتضي محبة جميع ما أوجبه الله
تعالي ،وبغض ما حرمه الله تعالى ،وذلك واجب ....،فيجب علي كل مؤمن أن يحب ما
أحبه الله ،ويبغض ما أبغضه الله قال تعالي :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
[محمد .]28:وقال تعالي ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
[التوبة 026 :ـ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
( )1ووجه ذلك :ألن محبة الله تعالى محبة تعبد ومحبة التعبد أرفع مقامات المحبة وأعلى مراتبها كما نص على
ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ؛ ألنها رخالص المحبة التي ال بغض معها .وأما محبة النبي فهي تابعة
[آل عمران .]31 :انظر: ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ لمحبة الله تعالى كما في قوله تعالى:
مجموع الفتاوى (.)153/11
( )2وهل يدرخل في ذلك محبة ما جاؤوا به من عند الله؛ في ذلك تفصيل :وهو إن كان ماجاؤوا به لم يُنسخ في شريعتنا
فهذا يكون دارخالً في المحبة الالزمة ،وأما إن كان مما نُسخ في شريعتنا بوجوب مخالفته فهذا ال يدرخل في المحبة
الالزمة بل يجب بغضه من جهة أنه حرام في شريعتنا ال من جهة أنه كان من عند الله .وأما ما ُسكت عنه فهذا تجب
محبته مطلقاً ألنه من عند الله تعالى .والله تعالى أعلم.
( )3المقصود هنا المحبة الالزمة للشرطية وأما المحبة الواجبة فهي مرتبة أعلى من المحبة الالزمة وتحققها يكون بأكثر من
ذلك كما سيأتي في تفصيالت أفراد هذه المحبة وما ينافي كمالها الواجب أو أصل تحققها.
360 شرط المحبة
()1
)) ﭶﭷ .]026وقال تعالي :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
[الرعد.]63 :
قلت :وهذه المحبة الواجبة ال يخلو منها مؤمن ،وبرهان ذلك :أن المؤمن ((إذا ُرخير بين
أهله وماله وبين الله ورسوله ،فإنه يختار الله ورسوله))( ،)2وأما ما زاد عن ذلك فهو شرط كمال
وليس شرط صحة ،والناس يتفاوتون فيه تفاوتاً ال ينحصر؛ فبين محصل ألدناه وحائز ألعاله،
وبين ذلك درجات ال يحصيها إال الله .
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :والناس متفاوتون في درجات هذه المحبة تفاوتاً ال
يحصيه إال الله؛ فبين محبة الخليلين( )3ومحبة غيرهما ما بينهما))(.)4
وقال في مو ع آرخر(( :وهي ـ يعني المحبة ـ في نفسها متفاوتة أعظم تفاوت ،كما
بين العالقة التي هي تعلق القلب بالمحبوب ،والخلة التي هي أعلى مراتب الحب(،)5
وبينهما درجات متفاوتة تفاوتاً ال ينحصر))(.)6
فالحاصل أن المحبة منقسمة إلى أصل وكمال ،والذي يعنينا هنا األصل ،ألنه القدر
الالزم لصحة اإليمان وتحقيق اإلسالم ،وهو قدر الشرطية الذي سبق بيانُه.
المبحث الثالث :األدلة على كون المحبة من شروط شهادة أن ال إله إال الله.
( )1قاعدة في المحبة (ص )036 :نشر مكتبة التراث اإلسالمي ،القاهرة ،بتحقيق د .محمد رشاد سالم .وانظر:
الجواب الكافي (ص.)690 ،662 ،626 :
( )2درء التعارض (.)22/3
ﮞ ﮟ ﮠ ( )3يعني إبراهيم الخليل ونبينا محمد ،فهما رخليال الرحمن ـ سبحانه وتعالى ـ كما في قوله تعالى:
[النساء .]026 :وكما في قوله « :فإن الله تعالى قد اتخذني رخليالً كما اتخذ إبراهيم رخليالً» .أرخرجه ﮡ ﭨ
مسلم في صحيحه ( :)622/0كتاب المساجد وموا ع الصالة حديث رقم (.)662
( )4الجواب الكافي (ص.)690 :
( )5انظر :تفصيل هذه المراتب في مدارج السالكين ( 22/6ـ .)61
( )6طريق الهجرتين (ص.)661 :
362 شرط المحبة
األدلة الدالة على اشتراط المحبة لصحة الشهادة متضافرة في نصوص الكتاب
والسنة ،وفي هذا المبحث سنذكر ما يتسع له المقام من ذكر هذه األدلة.
وهذه األدلة على نوعين:
النوع األول :األدلة من الكتاب على اشتراط المحبة لصحة الشهادة.
ومن هذه األدلة:
ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ 0ـ قوله تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮍﮎ [البقرة.]036 :
وجه االستشهاد باآلية على شرط المحبة أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ عاب على
المشركين محبتهم آلهتهم محبةً مساويةً لمحبة الله تعالى ،ألن ذلك نـوعُ تشريك في
المحبة ينافي أصل التوحيد .فدل على وجوب إفراد الله سبحانه بهذه المحبة.
قلت :وقد ذكر أهل العلم في معنى قولـه تعـالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ق ـولين حكاهم ــا ش ــيخ اإلس ــالم اب ــن تيمي ــة وغي ــره م ــن ﮆ
أهل العلم:
أحدهما :يحبون أندادهم كحب المؤمنين الله ،والذين آمنوا أشـد حبـاً للـه مـن محبـة
المشركين ألندادهم.
وثانيهما :والذين آمنوا أشد حباً لله من محبة المشركين لله؛ فـإن محبـة المـؤمنين للـرب رخالصـة،
ومحبة أصحاب األنداد قد ذهبت أندادهم بقسط منها ،والمحبة الخالصة أشد من المشتركة.
وهذا القول جزم به الزجاج ،وصوبه شيخ اإلسالم ،وعلله :بأن األول متناقض ،لكون
المشركين ال يحبون األنداد مثل محبة المؤمنين لله(.)1
2ـ قولـه تعـالى :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ([ )2المائدة.]66:
ووجــه االستشــهاد وا ــح بهــا علــى اشــتراط المحبــة لصــحة الشــهادة ،وهــو :أن اللــه
تعــالى أرخبــر أنــه إن ارتــد بعــض المــؤمنين فســوف يــأتي بقــوم غيــرهم رخيــر مــنهم ،مــن صــفاتهم
( )1انظر :معاني القرآن للزجاج ( ،)262/0وزاد المسير البن الجوزي ( ،)021/0ومجموع الفتاوى ( ،088/2و
،)662/8ومدارج السالكين (.)21/6
( )2انظر :أعالم السنة المنشورة (ص.)60 :
366 شرط المحبة
أنهــم يحبــون اللــه تعــالى ويحــبهم .فــدل علــى أن المرتــد علــى نقــيض ذلــك؛ فصــح أنــه محتــاج
إلى هذا الشرط لنفي الردة ـ إن وجدت ـ ،وذلك وجه الشرطية.
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ 6ـ قول ــه تع ــالى :ﭮ ﭯ ﭰ
ﭼ ﭽ [آل عمران.]60 :
ووجه االستدالل باآلية ظاهر أيضاً على اشتراط المحبة لصـحة الشـهادة ،وهـو :أن متابعـة
النبــي واجبــة ،وهــي دليــل وعالمــة علــى محبــة اللــه تعــالى؛ إذ يلــزم منهــا محبتــه ســبحانه وتعــالى،
ووجوب الالزم دال على وجوب الملزوم؛ فصح أن محبة الله واجبة ،ال تتم الشهادة إال بها.
يقــول اآلجــري ـ رحمــه اللــه ـ(( :أعلمنــا موالنــا أن عالمــة محبــة مــن ادعــى محبــة اللــه
تعالى أن يكون محباً لرسوله محمد ،متبعاً له ،وإال لم تصح له المحبة لله .)1())
فمجمــوع مــا أفادتــه آيتــا آل عمـران والمائــدة المتقــدمتان رخمــس صــفات هــي الــدالئل
على صدق المحبة لله وهي :اتباع الرسول والتراحم مع اإلرخوان فـي الـدين ،والشـدة علـى
األعداء فيه ،والقيام بكل ما يؤيد الدين ،وعدم التقصير في الصدع بالحق مراعاة للناس(.)2
6ـ ومن األدلة أيضاً على اشتراط المحبة قوله تعالى :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [التوبة.]26 :
ووجه االستدالل ظاهر بها على اشتراط المحبة لصحة الشهادة ،وهو :أن الله تعالى
نفى اإليمـان عمـن قـدم محبـة غيـره علـى محبتـه سـبحانه وتعـالى؛ فصـح أنـه محتـاج إلـى هـذه
المحبة لتصحيح اإليمان.
ووجــه اآلرخــر ،وهــو :أن اللــه توعــدهم علــى تفضــيل محبــتهم لغيــره علــى محبتــه
ومحبة رسوله ،والوعيـد ال يقـع إال علـى تـرك فـرض أو شـرط( .)3فثبـت أن محبـة اللـه فـرض ال
يتم اإليمان إال بها.
والم ـراد بالح ــب ف ــي اآلي ــة :الح ــب االرختي ــاري المس ــتتبع ألث ــره ،ال ــذي ه ــو المالزم ــة
وتقــديم الطاعــة ال ميــل الطبــع( ،)1فــذلك أمــر جبلــي ال يمكــن الــتحفظ عنــه ،ولــذا ال يكلــف
اإلنسان باالمتناع عنه(.)2
6ـ قول ــه تع ــالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ
[المجادلة.]22: ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ
ووجه االستشهاد بها على اشتراط المحبة لصحة الشهادة :بمـا أن اآليـة تـدل بمنطوقهـا
على أن االتصاف بوصف اإليمان مانع من موالة الكفار ،لكونه ـ أي عـدم مـواالتهم ـ مـن لـوازم
محبة الله تعالى ،فهي دالة بتنبيههـا علـى نفـي اإليمـان عـن مـن أرخـل بهـذا الشـرط للمحبـة ،وهـو
عدم مواالة الكفار ،فيكون من باب أولى أن يُنفى اإليمان عمن أرخل بجميع هذه المحبة.
يقول الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ(( :وعالمة حب العبد ربـه تقـديم محابـه وإن
رخالف ــت ه ـواه ،وبغ ــض م ــا ي ــبغض رب ــه وإن م ــال إلي ــه ه ـواه ،وم ـواالة م ــن وال ــى الل ــه ورس ـوله،
ومعاداة من عاداه ،واتباع رسوله ،واقتفاء أثره ،وقبول هداه .وكل هذه العالمات شرروط
في المحبة ال يتصور وجود المحبة مع عدم شرط منها))(.)3
أو يقال في وجه االستشهاد بها :أنه وصفهم باإليمان بشرط ترك الود لمن حاد اللـه
ورسوله ،وذلك من لوازم المحبة الصحيحة كما تقدم.
[محمـد: ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ 3ـ قوله تعالى فـي شـأن الكفـار :ﯦ ﯧ ﯨ
.]9
( )1المراد بالحب االرختياري الحب العقلي ،وهو إيثار ما يقتضي العقل رجحانه ،وإن رخالف الطبع ،كالدواء يكره
طبعاً ،ويميل إليه العقل لصالحه ،والعاقل يعلم أن رخير الدنيا واآلرخرة اتباع الرسول ،وأنه أشفق عليه من نفسه
والناس كلهم ،فيرجح جانبه على كل مخلوق ،فيحبه من كل قلبه ،وال يتم اإليمان إال بهذا .بخالف محبة الطبع
فهي تكون تابعة لشهوة النفس [إكمال إكمال المعلم لألبي ( )063/0بتصرف].
( )2انظر :روح المعاني ( ،)236/0وتفسير البيضاوي (.)062/6
( )3معارج القبول (.)626/2
366 شرط المحبة
()1
ووجه االستشهاد ظاهر بها على اشتراط المحبـة ،وهـو :أن اللـه تعـالى نفـى أصـل اإليمـان
عمن أرخـل بـبعض شـروط هـذه المحبـة ،وهـو عـدم محبتـه لمـا أنـزل اللـه مـن الشـرائع واألحكـام ،فمـن
باب أولى أن يُنفى أصـلُه عمـن أرخـل بجميـع هـذه المحبـة؛ فصـح أنـه محتـاج إلـى هـذه المحبـة لنفـي
هذا الكفر ـ متى وجد ـ.
يقول الحافظ ابـن رجـب ـ رحمـه اللـه ـ(( :ومـن تمـام محبتـه محبـة مـا يحبـه وكراهـة مـا
يكرهــه ،فمــن أحــب شــيئاً ممــا يكرهــه اللــه ،أو كــره شــيئاً ممــا يحبــه اللــه لــم يكمــل توحيــده
وصدقه في قول ال إله إال الله ،وكان فيه من الشرك الخفي بحسب مـا كرهـه ممـا يحبـه اللـه،
وما أحبه مما يكرهـه اللـه .قـال اللـه تعـالى :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
[محمد.)2())]28 :
ووجه آرخر في االستشهاد بهذه اآلية على شرط المحبة ،وهو :كراهة ما أنزل الله الموجبـة
للكفر عامة ،فيدرخل فيها بغض التوحيد المنافي لمحبة هذا الكلمـة ،الـذي هـو أعظـم مـا أنـزل اللـه
علـى أنبيائـه .فثبـت أنـه محتـاج إلـى المحبـة لنفــي هـذا الـبغض الموجـب للكفــر ـ إن وجـد ـ ،وذلــك
وجه شرطيتها.
2ـ ومــن األدلــة أيضـاً قولــه تعــالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
[المائدة.]08 :
ووجه االستشـهاد بهـا :أن اآليـة أشـارت بمنطوقهـا إلـى فائـدة المحبـة الشـرعية ،وأنهـا نجـاة
من العذاب ،فدل ذلك على اشتراط المحبة لنفع الشهادة(.)3
النوع الثاني :أدلة السنة.
أدلـة السـنة علـى اشـتراط المحبـة لصـحة شـهادة أن ال إلـه إال اللـه بحـر ال سـاحل لـه،
فهي متضافرة متكاثرة يضيق المقام عن ذكرها .فمن تلك األدلة:
( )1وجه نفي أصل اإليمان أن حبوط األعمال ال يكون إال بالكفر .انظر :مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين
(.)098/2
( )2كلمة اإلرخالص (ص.)26 :
( )3الشرك ومظاهره (ص.)238 :
363 شرط المحبة
0ـ قوله « :ثـالث مـن كـن فيـه وجـد حـالوة اإليمـان :أن يكـون اللـه ورسـوله أحـب إليـه
ممــا سـواهما ،وأن يحــب المــرء ال يحبــه إال للــه ،وأن يكــره أن يعــود فــي الكفــر بعــد أن أنقــذه
الله منه كما يكره أن يقذف في النار»(.)1
وجــه االستشــهاد بالحــديث ظــاهر علــى اشــتراط المحبــة لصــحة الشــهادة ،وهــو :أن
حالوة اإليمان ال تحصل إال بهـذه الـثالث رخصـال ،والتـي منهـا أن يكـون اللـه ورسـوله أحـب
إلي ــه مم ــا سـ ـواهما .وال يص ــح أن تُحم ــل ح ــالوة اإليم ــان ف ــي ه ــذا الح ــديث عل ــى الكم ــال
فحسب ،بل هي شاملة لألصل والكمال ،ألن مـن هـذه الخصـال الـثالث مـا هـو مـن شـروط
المحبـ ــة ومسـ ــتلزماتها()2؛ كحـ ــب اللـ ــه ورس ـ ـوله أكثـ ــر ممـ ــا س ـ ـواهما( ،)3وبغـ ــض العـ ــودة إلـ ــى
الكفــر( ،)4ومنهــا مــا هــو مــن تمــام المحبــة ومكمالتهــا؛ وذلــك كــأن يحــب المــرء ال يحبــه إال
لله(.)5
أو يقـال فــي وجــه االستشـهاد أن المـراد كمــال اإليمــان؛ ألن حـالوة اإليمــان أمــر زائــد
علــى األص ـل ،واألصــل درخولُـه تبع ـاً .والمعنــى ـ كمــا قــال الشــيخ ســليمان آل الشــيخ ـ(( :أن
يكــون اللــه ورس ـوله عنــد العبــد أحــب إليــه ممــا س ـواهما حب ـاً قلبي ـاً كمــا فــي بعــض األحاديــث
( )1أرخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب حالوة اإليمان (جـ )00/0ح (.)03
( )2انظر :مجموع الفتاوى (.)260/01
( )3يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إغاثة اللهفان ((( :)093/2فمحبته تعالى بل كونه أحب إلى العبد من كل ما
سواه على اإلطالق من أعظم واجبات الدين ،وأكبر أصوله ،وأجل قواعده؛ ومن أحب معه مخلوقاً مثل ما يحبه
فهو من الشرك الذي ال يغفر لصاحبه وال يقبل معه عمل)).
( )4يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :من لم يكن في قلبه بغض ما يبغضه الله ورسوله من المنكر الذي حرمه الله
ورسوله من الكفر والفسوق والعصيان لم يكن في قلبه اإليمان الذي أوجبه الله عليه؛ فإن لم يكن مبغضا لشيء
من المحرمات أصالً لم يكن معه إيمان أصالً))[ .مجموع الفتاوى (.])60/2
وقال في مو ع آرخر أيضاً(( :أن القلب إذا لم يكن فيه بغض ما يكرهه الله من المنكرات كان عادماً لإليمان)).
[مجموع الفتاوى (.])662/2
( )5انظر :أعالم السنة المنشورة (ص.)60 :
362 شرط المحبة
«أحب ـوا الل ــه بك ــل قل ــوبكم»( ،)1فيمي ــل بكليت ــه إل ــى الل ــه وح ــده حت ــى يك ــون وح ــده محبوب ــه
ومعبوده))(.)2
ويشــهد للوجــه األول :أن مــن لــم يكــن اللــه ورسـوله أحــب إليــه ممــا سـواهما لــم يكــن
مؤمناً ،وكذا من أحب العودة إلى الكفر فال يكون مؤمناً أيضاً.
2ـ وعن أبي رزين العقيلي( )3قال :قلت يا رسـول اللـه مـا اإليمـان؟ قـال« :أن تشـهد
أن ال إله إال الله وحده ال شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ،وأن يكـون اللـه ورسـوله أحـب
إليــك ممــا س ـواهما ،وأن تحتــرق فــي النــار أحــب إليــك مــن أن تشــرك باللــه شــيئاً ،وأن تحــب
غيــر ذي نســب ال تحبـه إال للــه .فــإذا كنــت كــذلك فقــد درخــل حــب اإليمــان فــي قلبــك كمــا
درخل حب الماء للظمآن في اليوم القائظ(.)5(»)4
ووجه االستشهاد به على اشتراط المحبة أن أبـا رزيـن سـأل النبـي عـن حقيقـة
اإليمــان ،فــذكر مــن ذلــك« :وأن يكــون اللــه ورس ـوله أحــب إليــك ممــا س ـواهما» ،فجعــل
محبة الله تعالى ومحبة رسوله من حقـائق اإليمـان .واإليمـان أصـله الشـهادتان ،ولـذا قـدمهما
النب ــي ف ــي ال ــذكر ث ــم ذك ــر لوازمهم ــا ،وه ــي محب ــة الل ــه ورسـ ـوله ،وبغ ــض الش ــرك ،ومحب ــة
المؤمنين ،وجعل جميع ذلك حقيقة اإليمان.
قال البيهقـي ـ رحمـه اللـه ـ فـي شـرحه لهـذا الحـديث(( :فأبـان المصـطفى بهـذا أن
ح ــب الل ــه وح ــب رسـ ـوله م ــن اإليم ــان ،وأب ــان بم ــا قبل ــه أن ت ــرك متابعت ــه ت ــدل عل ــى رخ ــالف
( )1أرخرجه البيهقي في الدالئل ( ،)626/2وأورده السيوطي في الدر المنثور ( ،)619/6وابن رجب في جامع
العلوم والحكم (ص .)386 :وهو مرسل ألنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن النبي .
( )2تيسير العزيز الحميد (ص .)609 :وانظر :القول المفيد (.)32/2
( ) 3هو :لقيط بن عامر بن المنتفق بن عامر العامري ،أبو رزين العقيلي ،وافد بني المنتفق ،صحابي مشهور .انظر:
الجرح والتعديل ( ،)022/2التاريخ الكبير ( ،)268/2واإلصابة (.)383/6
( )4أي شديد الحر[ .النهاية (.])062/6
( )5أرخرجه أحمد في المسند ( ،)00/6وابن بطة في اإلبانة ( )331/2رقم ( ،)860وأورده الهيثمي في المجمع
(جـ 66/0ـ )66وقال :رواه أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب وقد وثق على عف فيه .انتهى.
قلت :ويشهد لمعناه الحديث الذي قبله.
368 شرط المحبة
المحب ــة ،وف ــي ذل ــك دالل ــة عل ــى وج ــوب المحب ــة ووج ــوب م ـا تقتض ــيه المحب ــة م ــن المتابع ــة
والموافقة))(.)1
6ـ عــن عائشــة ـ ر ــي اللــه عنهــا قالــت :قــال رســول اللــه « : الشــرك أرخفــى مــن
دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ،وأدناه أن تُحب على شيء من الجور ،أو تُبغض
عل ــى ش ــيء م ــن الع ــدل .وه ــل ال ــدين إال الح ــب وال ــبغض .ق ــال الل ــه تع ــالى :ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [آل عمران.)2(»]60:
ووجه االستشهاد به على اشتراط المحبة لتحقيق الشهادة :أن الحديث دل بمنطوقـه
على أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه ،والمواالة على ذلك من الشرك الخفـي( ،)3فهـو
يــدل بمفهومــه علـى أن نقــيض هــذه األمــور مــن التوحيــد .ونقــيض هــذه األمــور هــي مــن لـوازم
وأف ـراد محبــة اللــه تعــالى .فمــن بــاب أولــى إذن أن ينــتقض التوحيــد بمــا ينــاقض جميــع أف ـراد
ولوازم هذه المحبة .فصح أن محبة الله شرط لتحقيق التوحيد.
قال المناوي ـ رحمه الله ـ مبيناً وجه الشرك بسبب اإلرخالل في هذه األمور مـن لـوازم
محب ــة الل ــه تع ــالى ـ (( :أي م ــا دي ــن اإلس ــالم إال ذل ــك؛ ألن القل ــب ال ب ــد ل ــه م ــن التعل ــق
بمحبوب ،فمن لم يكن الله وحده له محبوبه ومعبوده فال بد أن يتعبد قلبه لغيـره ،وذلـك هـو
الشــرك المبــين ،فمــن ثــم كــان الحــب فــي اللــه هــو الــدين ،أال تــرى أن ام ـرأة العزيــز لمــا كانــت
مشركة كان منها ما كان مع كونها ذات زوج ،ويوسـف لمـا أرخلـص الحـب فـي اللـه وللـه نجـا
من ذلك ،مع كونه شاباً عزباً مملوكاً))( .)4انتهى.
6ـ قول ــه « :ال ي ــؤمن أح ــدكم حت ــى أك ــون أح ــب إلي ــه م ــن وال ــده وول ــده والن ــاس
أجمعين»(.)1
ووجه االستشهاد بـه ظـاهر علـى شـرط المحبـة ،وهـو أن النبـي نفـى اإليمـان عمـن
لــم يحبــه هــذه المحبــة ،والتــي هــي أكثــر مــن محبــة الــنفس والوالــد والولــد والنــاس أجمعــين،
ومحبته من لوازم محبة الله تعالى ،فإذا انتفى الالزم انتفى الملزوم.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في صـحيح مسـلم مبوبـاً علـى هـذا الحـديث« :بـاب وجـوب
محبــة رســول اللــه أكثــر مــن األهــل والولــد والوالــد والنــاس أجمعــين وإطــالق عــدم اإليمــان
على من لم يحبه هذه المحبة))(.)2
وقــال القا ــي عيــاض...(( :وإذا تحقــق مــا ذكرنــاه تبــين أن حقيقــة اإليمــان ال تـتم إال
بــذلك ،وال يصــح اإليمــان إال بتحقيــق إناق ـة( )3قــدر النب ـي ومنزلتــه علــى كــل والــد وولــد،
ومفضل ،ومن لم يعتقد هذا واعتقد سواه فليس بمؤمن))(.)4 ومحسن ُ
وقال الحافظ ابن رجب ـ رحمـه اللـه ـ فـي شـرحه علـى هـذا الحـديث(( :فـال يكـون المـؤمن
مؤمناً حتى يُقدم محبة الرسول على محبة جميع الخلق؛ ومحبة الرسول تابعة لمحبة ُمرسله))(.)5
والمراد بالمحبة هنا ـ كما تقدم ـ محبة االرختيـار ال محبـة الطبـع ،ألن محبـة الطبـع ال
سبيل إلى دفعها .والمعنى ـ كما قال أبو سليمان الخطابي ـ ((ال تصدق في حبـى حتـى تُفنـي
في طاعتي نفسك ،وتؤثر ر اي على هواك ،وإن كان فيه هالكك))(.)6
وهكذا المحبة الصادقة فإنها تبعث على تقديم محاب المحبوب على محابه هـو ،فيفنـى
في طاعة محبوبه ،ويؤثر ر اه على ر ى غيره ،فيحب بقلبه ما يحبه محبوبه ،ويبغض ما يُبغضـه؛
((فالمحبة الصحيحة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات وبغض المكروهات))(.)7
( )1أرخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب حب الرسول من اإليمان (جـ )00/0ح رقم ( ،)06ومسلم في
كتاب اإليمان ( )32/0ح رقم ( .)39واللفظ للبخاري.
( )2صحيح مسلم بشرح النووي (جـ.)216/2
( )3إناقة هنا بمعنى الرفع في المنـزلة .انظر :إكمال إكمال المعلم ()066/0
( )4إكمال المعلم (.)280/0
( )5جامع العلوم والحكم (ص.)226 :
( )6شرح النووي على صحيح مسلم (جـ.)216/2
( )7جامع العلوم والحكم (ص.)223 :
361 شرط المحبة
هذه بعض األدلـة مـن الكتـاب والسـنة الدالـة علـى وجـوب محبـة اللـه تعـالى المقتضـية
محبة هذه الكلمة ،وما دلت عليه من التوحيد واإلرخالص ،وتجريد المتابعة للنبي .
كمــا أن هنــاك وجوهـاً أرخــرى مســتفادة مــن نصــوص أرخــرى تـدل علــى شــرطية المحبــة
بطريق االلتزام ،ومن هذه الوجوه :أن اإليمان ال بد فيـه مـن عمـل الجـوارح؛ ألن اإليمـان قـول
وعمل ـ كمـا دلـت عليـه النصـوص ـ ،وموجـب هـذه األعمـال ـ كمـا تقـدم ـ هـو مـا فـي القلـوب
مــن محبــة اللــه تعــالى ومحبــة رس ـوله ،وم ـا ال يــتم الواجــب إال بــه فهــو واجــب؛ فثبــت أن
محبة الله واجبة ال يتم اإليمان إال بها.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسـن آل الشـيخ(( :وال بـد مـن المحبـة المنافيـة لضـدها،
فال يحصل لقائلها معرفة وقبول( )1إال بمحبة ما دلت عليه من اإلرخالص))(.)2
وقد أشار شـيخ اإلسـالم ابـن تيميـة ـ رحمـه اللـه ـ إلـى هـذا االرتبـاط بـين محبـة القلـب
وانقيــاد الجـوارح بقولــه(( :فاإليمــان ال بــد فيــه مــن هــذين األصــلين :التصــديق بــالحق ،والمحبــة
له ،وهذا أصل القول ،وهذا أصل العمل ،ثم الحرب الترام مرع الةردرة ،يسرتلمم حركرة البردن
بالةول الظاهر والعمل الظاهر ضررورة كمرا تةردم ،فمـن جعـل مجـرد العلـم والتصـديق موجبـاً
لجميــع مــا يــدرخل فـي مســمى اإليمــان ،وكــل مــا يسـمى إيمانـاً فقــد غلــط ،بــل البــد مــن العلــم
والحب ،والعلم شرط في محبة المحبوب ،كما أن الحيـاة شـرط فـي العلـم ،لكـن ال يلـزم مـن
المحــب العلــم بالشــيء والتصــديق بثبوتــه محبتــه ،إن لــم يكــن بــين العلــم والمعلــوم معنـ ًـى ف ـي ُ
ومعنى في المحبوب كان محبوباً ألجله. ً أُحب ألجله،
ولهــذا كــان اإلنســان يصــدق بثبــوت أشــياء كثيــرة ويعلمهــا وهــو يبغضــها ،كمــا يصــدق
بوجود الشياطين والكفـار ويبغضـهم ،فـنفس التصـديق بوجـود الشـيء ال يقتضـي محبتـه ،لكـن
اللــه ســبحانه يســتحق لذاتــه أن يحــب ويعبــد ،وأن يحــب ألجلــه رسـوله ،والقلــوب فيهــا معنـ ًـى
يقتضــي حبــه وطاعتــه ،كمــا فيهــا معنـ ًـى يقتضــي العلــم والتصــديق بــه ،فمــن صــدق بــه وبرسـوله،
ولم يكن محباً له ولرسوله ،لم يكن مؤمناً حتى يكـون فيـه مـع ذلـك الحـب لـه ولرسـوله ،وإذا
قررام بالةلررب التصررديا برره والمحبررة لرره ،لررمم ضرررورةً أن يتحرررك البرردن بموجررب ذل ر مررن
( )1القبول هنا شامل لعمل الجوارح كما سيأتي في تو يح الفرق بين القبول واالنقياد.
( )2الدرر السنية (.)266/2
360 شرط المحبة
األق رروال الظ رراهرة ،واألعم ررال الظ رراهرة ،فم ــا يظهــر علــى الب ــدن م ـن األق ـوال واألعم ــال هــو
موجب ما في القلوب والزمه ،ودليله ومعلوله ،كمـا أن مـا يقـوم بالبـدن مـن األقـوال واألعمـال
له أيضاً تـأثير فيمـا فـي القلـب ،فكـل منهمـا يـؤثر فـي اآلرخـر ،لكـن القلـب هـو األصـل والبـدن
فرع له ،والفرع يستمد من أصله ،واألصل يثبت ويقـوى بفرعـه ،كمـا فـي الشـجرة التـي يضـرب
المثل لكلمة اإليمان بها.
ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﭑ ﭒ ق ـ ـ ــال تع ـ ـ ــالى :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
ﭔ ﭕ ﭖﭗ [إبراهيم 26 :ـ .]26وهـو( )1كلمـة التوحيـد ،فالشـجرة كلمـا قـوي ﭓ
أصلها وعروقها وروي ،قويت فروعها ،وفروعها أيضـاً إذا اغتـذت بـالمطر والـريح أثـر ذلـك فـي
أصلها.
وكــذا اإليم ـان ف ـي القلــب ،واإلســالم عالنيــة ،ولمــا كانــت األق ـوال واألعمــال الظــاهرة
الزمة ومستلزمة لألقوال واألعمـال الباطنـة ،كـان يسـتدل بهـا عليهـا ،كمـا فـي قولـه تعـالى :ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ [المجادل ــة ،]22:ف ــأرخبر أن م ــن ك ــان مؤمنـ ـاً بالل ــه والي ــوم اآلرخ ــر ال
يوجدون موادين ألعداء الله ورسوله ،بل نفس اإليمان ينـافى مـوادتهم ،فـإذا حصـلت المـوادة دل
ذلك على رخلل اإليمان))(.)2
وأيضـاً :فــإن مــن أنـواع الشــرك شــرك المحبــة ،كمــا قــال تعــالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮇﮈ [البقــرة ،]036 :فصــح أنــه محتــاج إلــى تجريــد المحبــة للــه تعــالى ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
لنفي هذا الشرك متى وجد.
ومن الوجوه أيضاً :أن الكفر لما كان يحصل بالبغض والكره لله تعالى أو لرسـوله
أو لشــيء ممــا شــرعه اللــه تعــالى أو رس ـوله ،)3(والــبغض ال ينتفــي إال بالحــب؛ فصــح أنــه
محتاج إليه لنفي هذا الكفر متى وجد.
( )1في مجموع الفتاوى (وهي) بعود الضمير على الكلمة .وهنا ـ كما في شرح حديث جبريل ـ يعود الضمير إلى
األصل الذي يقوى بفرعه .كما أشار إلى ذلك المحقق.
( )2شرح حديث جبريل (ص 622 :ـ .)628
( )3الفتاوى الكبرى البن تيمية (،)313/6
362 شرط المحبة
كمــا أن هـذا الشــرط مجمــع عليــه أيضـاً بــين أهــل العلــم .وممــن حكــى اإلجمــاع عليــه
الغزالي في ((اإلحياء))( )1والـرازي( )2فـي ((المحصـول))( ،)3والسـبكي فـي ((اإلبهـاج))( ،)4وشـيخ
اإلسالم في ((المجموع))(.)5
كمــا أن المحبــة أيضـاً هــي مــن موجبــات الفطــرة ،فــالفطرة دالــة عليهــا ،ألن الفطــرة دلــت
على استحقاق الله للعبادة ،والعبادة أصلها وقوامها حب الله .)6(
(.)262/6( )1
( )2هو :فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري ،أصولي ،مفسر ،متكلم .قال عنه الذهبي( :قد
بدت منه في تواليفه باليا وعظائم وسحر وانحرافات عن السنة ،والله يعفو عنه ،فإنه توفي على طريقة حميدة
والله يتولى السرائر ،مات بهراة يوم عيد الفطر سنة ست وست مئة ،وله بضع وستون سنة ،وقد اعترف في آرخر
عمره حيث يقول :لقد تأملت الطرق الكالمية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليال وال تروي غليال ورأيت
[فاطر: ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ [طـه،]6 : ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮉ أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في اإلثبات
[الشورى .]00 :ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي)[ .سير .]01وأقرأ في النفي ﭡ ﭢ ﭣﭤ
أعالم النبالء (.])610/20
(.)669/6( )3
(.)221/2( )4
( .)20/01( )5وانظر :درء التعارض (.)32/3
( )6انظر :درء التعارض (.)551/8
366 شرط المحبة
المبحث الرابع :أقوال أهل العلم في اعتبار المحبة شرطاً لصحة الشهادة.
تضمنت أقوال أهل العلم وتقريراتهم ما تضمنته النصوص من الكتاب والسنة من رورة
محبة هذه الكلمة ،وما تقتضيه من محبة الله تعالى ،ومحبة رسوله ،ومحبة عباده
الصالحين ،والبغض لمن أرخل بشيء من ذلك .وفي هذا المبحث سأذكر بعض أقوال أهل
العلم من المتقدمين والمتأرخرين في تقرير وجوب محبة هذه الكلمة ،ولزوميتها لصحة الشهادة:
قال اإلمام محمد بن نصر المروزي ـ رحمه الله ـ(( :وكذلك محال أن يفارق اإليمان
الحب ،وكان عزيزاً أن يفارق أحدهما اآلرخر ،فإذا لم يجز أن يفارق البغض الكفر ،فالحب
اإليمان ال غيره))(.)1
ففي كالم هذا اإلمام داللة وا حة على اشتراط محبة الله تعالى لصحة اإليمان ،حيث
نص على أنه ((محال أن يفارق الحب اإليمان)) ،فهما مرتبطان ،فال يتصور وجود أحدهما إال
مع وجود اآلرخر ،وذلك وجه الشرطية.
كما نجده ـ رحمه الله ـ قد ربط بين المحبة واإليمان ربطاً وثيقاً ،وبين بصريح النص أن
المؤمن هو المحب لربه ،وذلك أثناء نقاشه للمرجئة في أمر اإليمان حيث قال(( :ويقال لهم
أرخبرونا عن الحب لله إيمان هو؟ فإن قالوا :ال .قيل لهم :فما د الحب؟ فإن قالوا البغض،
وال بد لهم من ذلك .قيل لهم :فالبغض لله إذاً ليس بكفر ،ألن الكفر د اإليمان ،وما ليس
بكفر ليس ده إيماناً...إلى أن قال :والله تعالى يقول :ﮨ ﮩ [المائدة .]66 :فأرخبر أن
أولياءه له محبون))( )2انتهى.
وقال أبو العباس ابن سريج( )3ممتحناً لبعض أصحابه(( :أين تعرف في نص الكتاب أن
محبة الله فرض؟ فقال :ال أدري ،ولكن يقول القا ي ـ يعني ابن سريج ـ .فقال له قوله
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ إلى قوله ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖﮗ [التوبة ،]26 :والوعيد ال يكون إال على ترك فرض(.)1
وعقد البيهقي باباً في ((الشعب)) سماه(( :من شعب اإليمان اإليمان بوجوب محبة
الله .))ثم أورد األدلة الدالة على هذه الترجمة فذكر من ذلك قوله تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ ﮇﮈﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ [البقرة ،]036:وحديث أنس بن مالك المخرج في
الصحيحين« :ثالث من كن فيه ،وجد بهن حالوة اإليمان» الحديث(.)2
وقال أبو حامد الغزالي(( :جعل رسول الله الحب لله من شرط اإليمان في
أرخبار كثيرة))( )3ثم أورد اآليات واألحاديث المتقدمة في اشتراط المحبة لصحة الشهادة.
وقال ابن جزيء الكلبي( )4في معرض كالمه عن المنهيات المتعلقة بأعمال
القلوب(( :السابع عشر :محبة الله تعالى ،وهي نوعان :عامة ورخاصة؛ فالعامة لجميع
المسلمين وال يصح اإليمان إال بها ،وهو مقام أصحاب اليقين ،والخاصة مقام المقربين
وهي أعلى المقامات وأرفع الدرجات))(.)5
وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :فاإليمان ال بد فيه من هذين األصلين:
التصديق بالحق ،والمحبة له ،وهذا أصل القول ،وهذا أصل العمل))(.)6
وقال في مو ع آرخر(( :فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضى أن ال يحب إال لله وال
يبغض إال لله ،وال يوالى إال لله ،وال يعادي إال لله ،وأن يحب ما يحبه الله ،ويبغض ما أبغضه،
ويأمر بما أمر الله به ،وينهى عما نهي الله عنه ،وإنك ال ترجو إال الله ،وال تخاف إال الله ،وال
تسأل إال الله ،وهذا ملة إبراهيم وهذا اإلسالم الذي بعث الله به جميع المرسلين))(.)7
وقال تلميذه ابن القيم في شأن المحبة(( :فإنها عمود اإليمان وعمدته وساقه الذي ال
يقوم إال عليه ،فال إيمان بدونها البتة))(.)1
وقال في مو ع آرخر(( :فلو بطلت مسألة المحبة لبطلت جميع مقامات اإليمان
واإلحسان ،ولتعطلت منازل السير إلى الله؛ فإنها روح كل مقام ومنزلة وعمل ،فإذا رخال
منها فهو ميت ال روح فيه ،ونسبتها إلى األعمال كنسبة اإلرخالص إليها بل هي حقيقة
اإلرخالص بل هي نفس اإلسالم ،فإنه االستسالم بالذل والحب والطاعة لله ،فمن ال محبة
له ال إسالم له البتة بل هي حةيةة شهادة أن ال إله إال الله ،فإن اإلله هو الذي يأله
العباد حباً وذالً ،ورخوفاً ورجاء ،وتعظيماً وطاعة له ،بمعنى مألوه ،وهو الذي تألهه القلوب
أي تحبه وتذل له ،وأصل التأله التعبد ،والتعبد آرخر مراتب الحب .يقال :عبده الحب
وتيمه إذا ملكه وذلـله لمحبوبه؛ فالمحبة حقيقة العبودية))(.)2
وقال الحافظ ابن حجر ـ ناقالً عن بعض أهل العلم ـ(( :محبة الله على قسمين:
فرض وندب ،فالفرض المحبة التي تبعث على امتثال أوامره واالنتهاء عن معاصيه والر ا
بما يقدره ،فمن وقع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله حيث
قدم هوى نفسه))(.)3
قلت :ومحبة الفرض في كالم الحافظ تشمل أصل المحبة وكمالها الواجب ،ألن
قوله(( :تبعث على امتثال أوامره ،واالنتهاء عن معاصيه)) عام يشمل امتثال التوحيد وغيره،
واالنتهاء عن الشرك وعن سائر المعاصي.
وقال بدر الدين العيني( )4ـ رحمه الله ـ عند شرح حديث« :ثالث من كن فيه وجد
بهن حالوة اإليمان» الحديث ـ ((قال النووي هذا حديث عظيم أصل من أصول اإلسالم.
قلت :كيف ال؟ وفيه محبة الله ورسوله التي هي أصل اإليمان بل عينه))( .)5انتهى.
وقال شمس الدين الحنفي( )1ـ وقد سئل عن الولي ـ (( :هو من قال ال إله إال الله
وقام بشروطها ،وشروطها أن يوالي الله ورسوله بمعنى أن يواد الله بشهادته له بالوحدانية
ولمحمد بالرسالة))(.)2
ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ(( :أصل التوحيد وروحه :إرخالص
المحبة لله وحده ،وهي أصل التأله والتعبد له ،بل هي حقيقة العبادة ،وال يتم التوحيد حتى
تكمل محبة العبد لربه ،وتسبق محبته جميع المحاب وتغلبها ،ويكون لها الحكم عليها،
بحيث تكون سائر محاب العبد تبعاً لهذه المحبة ،التي بها سعادة العبد وفالحه))(.)3
وقال أيضاً(( :واعلم أن أنواع المحبة ثالثة أقسام:
األول :محبة الله التي هي أصل اإليمان والتوحيد.)4())..
كما جاء في كالم بعض أهل العلم التنصيص على أنها شرط لصحة شهادة ال
إله إال الله ،وممن نص على ذلك :عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ( ،)5وابن
سحمان( ،)6والشيخ حافظ حكمي( ،)7والعالمة ابن باز( ،)8وابن جبرين(.)9
هذا ما تيسر جمعه من أقوال أهل العلم في وجوب محبة هذه الشهادة ،و رورة
ذلك لصحة اإليمان .والله المستعان.
( )1ذكره الشعراني في طبقاته ونسب إليه بعض البدع والخرافات ،والله أعلم بحقيقة حاله .انظر :ترجمته في
الطبقات الكبرى (ص 931 :ـ .)994
( )2الطبقات الكبرى للشعراني (ص.)995 :
( )3القول السديد (ص.)216 :
( )4المصدر نفسه (ص.)216 :
( )5كما في فتح المجيد (ص.)006 :
( )6كما في داليته من الهدية السنية (ص ،)061 :وديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان (ص.)662 :
( )7كما في نظمه سلم الوصول من شرحه معارج القبول (.)609/2
( )8كما في حاشية الدروس المهمة لعموم األمة البن باز (ص.)61 :
( )9كما في الشهادتان وما تستلزمه كل منهما (ص.)002 :
362 شرط المحبة
المبحث الخامس :زيادة المحبة وأثرها في تكميل شهادة أن ال إله إال الله.
تقدم أن المحبة مراتب ودرجات ال تنحصر()1؛ ولذا يتفا ل الناس فيها بحسب
زيادة هذه المحبة التي في قلوبهم.
والمحبة لهذه الكلمة كلما زادت كان لها أثر في تكميل هذه الشهادة وما تقتضيه
وتستلزمه من أعمال القلوب والجوارح؛ وذلك ألن الباعث لهذه األعمال هو محبة الله
ورسوله( ،)2ومحبة الله ورسوله هي أصل شهادة أن ال إله إال الله وتحقيق هذه الشهادة كما
تقدم()3؛ فكلما قويت هذه المحبة في القلوب انعكس ذلك على تكميل هذه الشهادة.
ومما يدل على أن محبة الله ورسوله هي الدافع ألعمال القلوب والجوارح المكملة
لهذه الشهادة قوله تعالى ـ كما في آية االمتحان ـ :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
[آل عمران ]60:حيث دلت على أن دليل محبة الله تعالى هو تمحض المتابعة للنبي
بفعل أوامره وترك زواجره.
قال السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيرها(( :هذه اآلية هي الميزان التي يُعرف بها من
أحب الله حقيقة ،ومن ادعى ذلك دعوى مجردة؛ فعالمة محبة الله اتباع محمد الذي
جعل متابعته وجميع ما يدعو إليه طريقاً إلى محبته ور وانه ،فال تُنال محبة الله ور وانه
وثوابه إال بتصديق ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما،
فمن فعل ذلك أحبه الله وجازاه جزاء المحبين))(.)4
وكذلك فإن الجوارح تعمل ـ في الغالب ـ بمقتضى الحب والبغض ،يدفعها حب الشيء
إلى عمله وبغض الشيء إلى تركه ،ولذا إذا تمكنت محبة الله تعالى في القلب لم تنبعث
الجوارح إال إلى طاعة الله .)5(
يقول ابن رجب ـ رحمه الله ـ(( :ومتى تمكنت المحبة في القلب لم تنبعث الجوارح إال
إلى طاعة الرب .وهذا هو معنى الحديث اإللهي الذي رخرجه البخاري في ((صحيحه))( )1وفيه:
«وال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره
الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي بها» .وفي بعض الروايات بعد قوله
«ورجله التي يمشي بها»« :فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي»(.)2
والمعنى أن محبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إال إلى
مرا ي الرب ،وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة موالها عن مرادها وهواها))(.)3
ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ مبيناً سبب التالزم بين المحبة وأعمال الجوارح:
((ومعلوم أن الحب يحرك إرادة القلب ،فكلما قويت المحبة في القلب طلب القلب فعل
المحبوبات ،فإذا كانت المحبة تامة استلزمت إرادة جازمة في حصول المحبوبات ،فإذا كان
العبد قادراً عليها حصلها ،وإن كان عاجزاً عنها ،ففعل ما يقدر عليه من ذلك كان له كأجر
الفاعل ،كما قال النبي « :من دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور من اتبعه من غير
أن ينقص من أجورهم شيئاً ،ومن دعا إلى اللة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه ،من
غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً»(.)4
وقال «إن بالمدينة لرجاالً ما سرتم مسيراً ،وال قطعتم وادياً إال كانوا معكم» قالوا :وهم
()5
بالمدينة؟! قال « :وهم بالمدينة حبسهم العذر» ...وإذا تبين هذا ،فكلما ازداد القلب حباً
لله ازداد له عبودية ،وكلما ازداد له عبودية ازداد له حباً وفضله عما سواه))( .)6انتهى.
فالحاصل أن زيادة المحبة يحصل بسببها تكميل شهادة أن ال إله إال الله بحسب
هذه الزيادة ،وذلك لوجهين:
األول :أن المحبة أصل للشهادة؛ فإذا زاد األصل زاد ما انبنى عليه رورة.
الثاني :أن زيادة المحبة يحصل بسببها زيادة في أعمال القلوب والجوارح؛ وهذه
األعمال هي من مكمالت الشهادة.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيان هذا االرتباط بين زيادة المحبة وتكميل شهادة
أن ال إله إال الله..(( :وكلما تمكنت محبة الله من القلب وقويت فيه أرخرجت منه تألهه لما
سواه وعبوديته له...
وما من مؤمن إال وفي قلبه محبة لله تعالى وطمأنينة بذكره وتنعم بمعرفته ،ولذة وسرور
بذكره ،وشوق إلى لقائه ،وأنس بقربه وإن لم يحس به الشتغال قلبه بغيره ،وانصرافه إلى ما هو
مشغول به ،فوجود الشيء غير اإلحساس والشعور به ،وقوة ذلك و عفه وزيادته ونقصانه هو
بحسب قوة اإليمان ،و عفه وزيادته ونقصانه .ومتى لم يكن الله وحده غاية مراد العبد ونهاية
مقصوده ـ وهو المحبوب المراد له بالذات والقصد األول وكل ما سواه فإنما يحبه ويريده
ويطلبه تبعاً ألجله ـ لم يكن قد حقق شهادة أن ال إله إال الله وكان فيه من النقص والعيب
والشرك بقدره ،وله من موجبات ذلك من األلم والحسرة والعذاب بحسب ما فاته من
ذلك))(.)1
وقال أيضاً(( :فإن التوحيد نوعان :عامي ورخاصي كما أن الصالة نوعان ،والذكر
نوعان ،وسائر القرب كذلك رخاصية وعامية ،فالخاصية ما بذل فيها العامل نصحه وقصده
بحيث يوقعها على أحسن الوجوه وأكملها .والعامية ما لم يكن كذلك ،فالمسلمون كلهم
مشتركون في إتيانهم بشهادة أن ال إله إال الله ،وتفاوتهم في معرفتهم بمضمون هذه الشهادة
وقيامهم باطناً وظاهراً أمر ال يحصيه إال الله ...فالغاية التي ال غاية وراءها وال نهاية
بعدها الفناء في توحيد اإللهية ،وهو أن يفنى بمحبة ربه عن محبة كل ما سواه ،وبتألهه عن
تأله ما سواه ،وبالشوق إليه وإلى لقائه عن الشوق إلى ما سواه ،وبالذل له والفقر إليه من
جهة كونه معبوده وإلهه ومحبوبه عن الذل إلى كل ما سواه ،وكذلك يفنى بخوفه ورجائه عن
رخوف ما سواه ورجائه ،فيرى أنه ليس في الوجود ما يصلح له ذلك إال الله ثم يتصف بذلك
حاالً وينصبغ به قلبه صبغةً ثم يفنى بذلك عما سواه .فهذا هو التوحيد الخاصي))(.)2
( )1إغاثة اللهفان ( .)098/2وانظر :الفتاوى الكبرى البن تيمية ( 683/2ـ .)682
( )2طريق الهجرتين (ص 66 :ـ .)63وانظر :التسهيل لعلوم التنـزيل للكلبي (.)32/0
361 شرط المحبة
فمـراد ابــن القــيم ـ رحمــه اللــه ـ ب ـ«التوحيــد الخاصـي» هنــا التوحيــد الكامـل ،الــذي نــتج
مـن قــوة محبــة شــهادة أن ال إلــه إال اللــه ،وقــوة مــا تقتضــيه مــن رخــوف اللــه ـ ســبحانه وتعــالى ـ
ورجائه .وهذه األمور الثالثة تجمع أركان العبادة القلبية؛ فإذا رسـخت فـي القلـب أثمـرت مـن
تكميل التوحيد وزيادة اإليمان بحسب قوة هذه األركان.
وهذا يدلل على صحة مذهب أهل السنة والجماعـة فـي اإليمـان ،وأنـه يزيـد ويـنقص،
وأن أهلــه يتفا ــلون فيــه بحســب تفــاوتهم فــي هــذه الزيــادة ،رخالفـاً لمــن أنكــر ذلــك مــن أهــل
البدع(.)1
( )1منكرو زيادة اإليمان ونقصانه هم الخوارج والمعتزلة ،والمرجئة على ارختالف طوائفهم.
360 شرط المحبة
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :وإنما كان إنكاره لكونه تعالى محبوباً ُمحباً ،لم ينكر
حاجة إبراهيم إليه ،التي هي الخلة عند الجهمية ،التي يشترك فيها جميع الخالئق ،فكلهم
أرخالء لله عندهم(.)2()))1
وسبب هذا اإلنكار يرجع إلى أصلين فاسدين عند الجهمية:
األول :أن اإلرادة ال تتعلق إال بمعدوم ُمحدث ،وهو ما يـُراد أن يُفعل ،فأما القديم
الواجب بنفسه فال تتعلق به اإلرادة ،قالوا :والمحبة نوع من اإلرادة ،ألنها ميل إلى ما يوافق
المحب؛ فتستلزم المناسبة بين الحديث والقديم ،وهو منتف(.)3 ُ
والثاني :إنكار أن تكون أفعال العباد من كسبهم ،واقعةً بارختيارهم؛ ولذا أنكروا أن تقع
المحبة ـ وهي فعل العبد ـ من العبد.
ــــــــــ
والخلة هي مرتبة من مراتب المحبة ،وهي أعلى درجاتها ،وهي في حق المخلوق ال تكون إال لواحد ألن قلب =
المخلوق ال يتسع إال لخليل واحد ،ولذا قال النبي « :لو كنت متخذاً من أهل األرض رخليالً التخذت ابن
أبي قحافة ـ يعني أبا بكر ـ رخليالً ،ولكن صاحبكم رخليل الله» أرخرجه مسلم في صحيحه ( )0866/6وأصله
في البخاري.
وأما الخلة في حق الله ،فإن الله يخالل من يشاء ،فقد اتخذ إبراهيم رخليالً ومحمد رخليالً.
والخلة كما قرر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أصلها محبة الله تعالى للعبد ومحبة العبد لله .انظر :العبودية (ص:
.)060
( )1الجهمية يثبتون الخلة بمعنى الفقر والحاجة ،ال بمعنى المحبة ،فهم ينكرون أن الله سبحانه يحب أو يحب،
ﮪ فيلزم من قولهم أن الناس كلهم أرخالء الله حتى عابدو األوثان واألصنام؛ لقوله تعالى :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
[فاطر .]06 :وفي هذا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
أحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد يكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون رخليلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه النفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاك ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالوا مال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن رخلق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه
ذا الوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدرخل عاب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدو األوث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ورخليل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه المحت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاج عن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدهم وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر قبضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــته ذليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان فالكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل مفتقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر إليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه لذاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه
يقول البغدادي في سياق بيان عقائد الجهم بن صفوان(( :وقال ـ يعني الجهم بن
صفوان ـ :ال فعل وال عمل ألحد غير الله تعالى ،وإنما تنسب األعمال إلى المخلوقين على
المجاز ،كما يُقال زالت الشمس ،ودارت الرحى من غير أن يكونا فاعلين أو مستطيعين لما
وصفتا به))(.)1
قلت :وممن تأثر بالجهمية في نفي المحبة طوائف من أهل الكالم والرأي ،فزعموا
أن الله ال يُحب ،ومن هؤالء األشاعرة ،ومن نحا نحوهم( .)2ولذا أولوا محبة العبد لله
باستقامته في طاعة الله والتزامه أوامره ،وبعده عن زواجره ،أو إرادة طاعته ،ومحبة رخدمته.
يقول القا ي عياض((( :)3وارختلفت عبارات المتكلمين في هذا الباب بما ال يؤول
إلى ارختالف إال من حيث اللفظ وااللتفات إلى أسبابها أو إلى ثمراتها .وبالجملة :فأصل
المحبة الميل لما يوافق المحب ،والله ـ جل اسمه ـ منـزه عن أن يميل أو يُمال إليه))(.)4
وقال في كالم له آرخر(( :ومعنى حب العبد لله :استقامته في طاعته ،والتزامه أوامره
ونواهيه في كل شيء ،ولهذا قال بعضهم :المحبة مواطأة القلب على ما ير ي الرب،
فيحب ما أحب ويكره ما يكره))(.)5
قال السنوسي( )6في ((مكمل إكمال اإلكمال))( :)7ما سلكه القا ي هو مذهب
إمام الحرمين(.)8
( )1الفرق بين الفرق (ص .)099 :وانظر :الصواعق المرسلة (.)960/6
( )2انظر :درء التعارض (.)32/3
( )3تقدمت ترجمته.
( )4إكمال المعلم (.)228/0
( )5نفس المصدر ( .)228/0وانظر :التفسير الكبير للفخر الرازي (جـ 216/6ـ ،)216والمواقف لإليجي
(.)032/2
(.)066/0( )6
( )7لم أقف له على ترجمة.
( )8هو :أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني ،الملقب إمام الحرمين ،فقيه ،أصولي،
متكلم ،تتلمذ على والده ،وكان شيخ الشافعية في زمانه .من تصانيفه الكثيرة( :الشامل)( ،البرهان) ،وله تلخيص
لكتاب (التقريب) للباقالني .توفي سنة ( )628هـ .انظر( :سير أعالم النبالء ( ،)638/08وطبقات الشافعية
(.)036/6
366 شرط المحبة
قلت :ومنهم من فرق ـ أعني المتكلمين ـ فقال :إن الله يُحب ال لذاته ،ولكن لغيره.
يحِب اإلنسان غيره لذاته ما لم يرجع منه حظ إلى وشبهته في ذلك :أنه ال يُتصور أن ُ
المحب سوى إدراك ذاته(.)1 ُ
هذه بعض الشبه التي تمسك بها من نفى محبة العبد لربه ،أو زعم أن الله ال يُحب
لذاته.
وأما الرد عليهم فمن وجوه:
الوجه األول :أن هذا القول يناقض اآليات واألحاديث الكثيرة الدالة على إثبات
الحب لذات الله ،والتي من أصرحها قوله تعالى :ﮨ ﮩ [المائدة ،]66 :وقوله ﮉ ﮊ
ﮋ ﮌ ﮍﮎ [البقرة ،]036 :ومن السنة قوله « :أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما
سواهما»( ،)2والقول يُعرف بطالنه إذا كان يخالف نصاً من الكتاب أو السنة ،كيف وهذا
القول يخالف نصوصاً ال حصر لها في الكتاب والسنة؟
الوجه الثاني :أن األمة مجمعة على أن الحب لله تعالى ولرسوله فرض ،وكيف
يُفرض ما ال وجود له؟!(.)3
الوجه الثالث :أن هذا القول يتضمن إنكار إلهية الله ،ألن ((حقيقة اإللهية
كونه مألوهاً ،محبوباً بغاية الحب المقرون بغاية الذل والخضوع واإلجالل والتعظيم؛ فأنكروا
كونه محبوباً وذلك إنكار إللهيته))(.)4
الوجه الرابع :أن تفسير المحبة باإلرادة غير دقيق ،ألن اإلرادة غير المحبة ،فاإلرادة
ميل إلى محبوبقص ٌد إلى الشيء سواءً كان محبوباً أو غير محبوب ،بخالف المحبة فهي ٌ
مرغوب ،فهي أرخص من اإلرادة(.)5
ثم على فرض أن المحبة مطابقة لإلرادة من كل وجه ،فإن قولكم بأن اإلرادة ال
تتعلق إال بمعدوم محدث ،وهو ما يُراد أن يفعل باطل ،يلزم منه أن اإلرادة تتعلق باألفعال
دون الذوات ،والصحيح أن اإلرادة تتعلق بالذوات كما تتعلق باألفعال ،فالشيء قد يكون
تحبمحبوباً مراداً لذاته ـ ال لشيء آرخر ـ ،وذلك لما في هذه الذات من نعوت وصفات ُ
ألجلها .وليس في الوجود ذات أولى بأن تحب من ذات الباري ـ سبحانه وتعالى ـ ،وذلك
لما تتصف به هذه الذات من حميد الخصال ونعوت الكمال ،وصفات الجمال بل ليس
في الوجود ذات تستحق أن تحب لذاتها من كل وجه سوى ذاته سبحانه وتعالى.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ معلالً ذلك(( :والمحبة لها داعيان :الجمال ،والجالل،
والرب تعالى له الكمال المطلق من ذلك؛ فإنه جميل يحب الجمال بل الجمال كله له،
واإلجالل كله منه ،فال يستحق أن يحب لذاته من كل وجه سواه))( .)1انتهى.
وقال محمد بن نصر المروزي ـ مبي ناً الخالل التي أوجبت محبة المؤمنين لربهم
تعالى ـ(( :إنه الكريم ذو اإلحسان والجود ،وإنه ليس كمثله شيء ،وإنه العادل الذي ال
يجور وال يظلم ،ألن ذلك ليس من صفاته ،وإنه متفضل على من أراد ،وعادل على من
يستحق العدل ال ينصرف من عدل إلى جور أبداً .فهذه الخالل الموجبة للحب لله))(.)2
وأيضاً فالمحبة ال تستلزم نقصاً بل هي صفة كمال ،بل هي أصل اإلرادة فكل إرادة
فال بد أن تستلزم محبة؛ فإن الشيء إنما يراد ألنه محبوب ،أو ألنه وسيلة إلى المحبوب،
ولو قُدر عدم المحبة المتنعت اإلرادة ،فإن المحبة الزمة لإلرادة فإذا انتفى الالزم انتفى
الملزوم(.)3
ــــــــــ
الكفر والفسوق والعصيان فينتقض أصلهم الفاسد في وجوب العدل على الله ،والتزمت ذلك الجبرية ،فقالوا :إن الله =
يحب الكفر والفسوق والعصيان ،وأن العبد ال مشيئة له وال ارختيار .انظر :منهاج السنة ( ،)063/0ودقائق التفسير
(.)000/2
( )1الجواب الكافي (ص.)680 :
( )2تعظيم قدر الصالة ( .)266/2وانظر :تقرير ذلك في المفهم ( ،)206/0والتفسير الكبير للرازي
(جـ.)213/6
( )3منهاج السنة النبوية (.)911/5
363 شرط المحبة
الوجه الخامس :أن مما ينفي تأويل محبة العبد لربه ويدل على أنها محبة حقيقية تتوجه
للمحب متعلق من العبد لربه :أن النبي علق محبة العبد لربه بأمر مطلوب ُمراد ُ
بذات المحبوب ،وهو لذة النظر إلى وجه الله الكريم كما ثبت في ((صحيح مسلم))( )1عن
صهيب قال :قال رسول الله « :إذا درخل أهل الجنة الجنة يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ
تريدون شيئاً أزيدكم .فيقولون :ألم تبيض وجوهنا ،ألم تدرخلنا الجنة ،وتنجينا من النار .قال:
فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم .»
وفي السنن عن النبي « :اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك ،والشوق إلى
لقائك»(.)2
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :فقد بين الرسول أن الله لم يعط أهل
الجنة شيئاً أحب إليهم من النظر إليه ،وهذا غاية مراد العارفين ،وهذا موجب حبهم إياه
لذاته ال لشيء آرخر.
فمن قال إنه ال يحب لذاته ،وال يتلذذ بالنظر إليه ،كما تزعمه طائفة من أهل الكالم
والرأي فقد أرخطأ ،ومن قال :إن محبة ذاته وإرادة ذاته ال تتضمن حصول لذة العبد بحبه ،وال
يطلبه العبد وال يريده بل يكون العبد محباً مريداً لما ال يحصل له لذة به ،فقد أبطل...
وكل مراد محبوب لذاته فال معنى لكونه مرادا محبوبا لذاته إال أن ذاته هو غاية
مطلب الطالبين ،بمعنى أن ما يحصل لهم من النعم واللذة هو غاية مطلوبهم ،ال يطلبونها
ألجل غيرها .فأما بتقدير أن تنتفي كل لذة ،فال يتصور حب ،فإن حب ما ال لذة في
الشعور به ممتنع))(.)3
الوجه السادس :أن تفسير محبة العباد لربهم باستقامتهم على طاعته ال يستقيم ،ألن ذلك
ثمرة المحبة ،ال حقيقتها.
قال المازري( )1ـ بعد أن حكى تأويالت المتكلمين لمعنى محبة العبد لربه ـ:
((والتحقيق أن االستقامة ثمرة المحبة .وحقيقة المحبة له ميلهم إليه الستحقاقه سبحانه
المحبة من جميع وجوهها))(.)2
وأيضاً :فمحبة االستقامة على الطاعة هي فرع محبة الله ،ال تأتى إال بعد محبتة ـ
سبحانه وتعالى ـ كما قال تعالى :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ [آل عمران]60 :؛
فجعل متابعة النبي بفعل أوامره وترك زواجره برهان محبته ودليل رخلته ،مما يجعل ذلك
تبعاً لمحبته.
يقول أبو حامد الغزالي(( :وكيف يفسر الحب بالطاعة ،والطاعة تبع الحب وثمرته؟
فال بد وأن يتقدم الحب ثم بعد ذلك يطيع من أحبه))(.)3
الوجه السابع :أن هذا القول يلزم منه إنكار أن تكون أعمال الجوارح من اإليمان ،ألن أصل
هذه األعمال هو محبة الله )4(؛ ونفي األعمال أن تكون من اإليمان هو أصل فاسد من
أصول الجهمية كفساد أصلهم في إنكار المحبة.
يقول أبو الحسن األشعري في صدد حكاية مذاهبهم في اإليمان(( :وزعموا ـ يعني
الجهمية ـ أن معرفة الله هي المحبة له وهى الخضوع لله ...وزعموا أن الصالة ليست
بعبادة لله ،وأنه ال عبادة إال اإليمان به ،وهو معرفته ،واإليمان عندهم ال يزيد وال ينقص
وهو رخصلة واحدة))( .)5اهـ.
( )1هو :أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري المالكي ،يلقب باإلمام ،كان بصيراً بعلم
الحديث ،أرخذ عن اللخمي وعبد الحميد السوسي وغيرهما من شيوخ أفريقية ،وعنه أرخذ القا ي عياض ،وأبو
جعفر ابن يحيى القرطبي .من تصانيفه( :المعلم بفوائد مسلم) ،وشرح كتاب التلقين للقا ي عبد الوهاب المالكي،
كان مولده بمدينة المهدية ـ بالقارة األفريقية ـ ،ووفاته بها في ربيع األول سنة ست وثالثين ورخمس مئة وله ثالث
وثمانون سنة .انظر :الديباج المذهب ( 261/2ـ ،)262وسير أعالم النبالء ( 016/21ـ .)013
( )2نقالً عن فتح الباري (.)662/06
( )3إحياء علوم الدين ( .)262/6وانظر :مجموع الفتاوى (.)062/8
( )4انظر :التحفة العراقية (ص ،)601 :وقاعدة في المحبة (ص ،)006 :والجواب الكافي (ص.)660 :
( )5مقاالت اإلسالميين (.)206/0
368 شرط المحبة
فانظر كيف جعلوا اإليمان هو المحبة لله ،ثم فسروا المحبة بالخضوع لله ،ثم قالوا:
إن اإليمان هو معرفة الله ،وما ذاك إال ألنهم ينكرون حقيقة المحبة ،ألن المحبة غير
تصور عقلي يكون فيالمعرفة ،فالمحبة أمر ذوقي يكون في النفس بخالف المعرفة فهي ٌ
الذهن.
الوجه الثامن :أن ما بنوا عليه نفي محبة العبد من القول بإنكار أن تكون أفعال العباد من
كسبهم :باطل ،ترده النصوص الشرعية الدالة على أن أفعال العباد من كسبهم ،واقعة
بارختيارهم وهم العاملون لها حقيقة ،والتي منها قوله تعالى :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
[التوبة ،]016 :وقوله :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [األعراف ،]66 :ﮇ ﮈ ﮉ
[الزلزلة .]8 ،2 :إلى غير ذلك من ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
النصوص التي يضيق المقام عن ذكرها ،التي فيها إ افة هذه األعمال إلى العباد أنفسهم؛
وما بُني على باطل فهو باطل.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ ((..النصوص جاءت بأن أفعال العباد أعمال لهم ،واقعة
بارختيارهم وإرادتهم ،ليست أفعاالً لله ،وإن كانت مفعولة له))(.)1
الوجه التاسع :أن إنكارهم لمحبة العبد ربه مخالف للضرورة والحس ،ألن محبة العبد ربه
رورة يجدها كل مؤمن في قلبه( ،)2والنـزاع في الضروري باطل ،لكونه مكابرةً للحس
ومعار ةً للعقل.
المحدث والقديم كالم مجمل، الوجه العاشر :أن قولكم بأن المحبة تستلزم المناسبة بين ُ
فإن كنتم تعنون بالمناسبة الوالدة أو المماثلة ونحو ذلك مما يجب تنـزيه الرب عنه فإنا ال
نسلم أن المحبة ال بد فيها من هذا ،وإن أردتم بالمناسبة أن يكون المحبوب متصفاً بمعنى
يحبه المحب ،فهذا الزم للمحبة ،والرب متصف بكل صفة تحب ،وكل ما يُحب فإنما هو
منه ،فهو أحق بالمحبة من كل محبوب(.)3
هذه بعض الوجوه الدالة على بطول القول بإنكار محبة العبد لربه محبة حقيقية،
وقد ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ((مدارج السالكين))( )1أنه أبطل هذا القول بأكثر من
ثمانين وجهاً في كتابه المسمى ((قرة عيون المحبين ورو ة قلوب العارفين)) .ولم أقف عليه.
وأما قول من فرق من المتكلمين :بأن األعيان ال تحب لذاتها ولكن لغيرها ،فباطل
يكذبه الواقع والحس أيضاً ،وقد مر ذكر شيء من ذلك في الوجه الثاني والثالث ،وأُ يف
هنا ما قاله الغزالي ـ رحمه الله ـ في وجهان إبطاله.
يقول الغزالي(( :أن يحب الشيء لذاته ال لحظ ينال من وراء ذاته ،بل تكون ذاته
عين حظه ،وهذا هو الحب الحقيقي التابع بدوامه ،وذلك كحب الجمال والحسن ،فإن
كل جمال محبوب عند مدرك الجمال ،ألن إدراك الجمال فيه عين اللذة ،واللذة محبوبة
لذاتها ال لغيرها .وال نظن أن حب الصور الجميلة ال يتصور إال ألجل قضاء الشهوة ،فإن
قضاء الشهوة لذة أرخرى قد تحب الصور ألجلها ،وإدراك نفس الجمال أيضاً لذيذ ،فيجوز
أن يكون محبوباً لذاته ،وكيف ينكر ذلك والخضرة والماء الجاري محبوب ال ليشرب الماء
وتؤكل الخضرة أو ينال منها حظ سوى نفس الرؤية؟ ...والطباع السليمة قا ية باستلذاذ
النظر إلى األنوار واألزهار واألطيار المليحة األلوان ،الحسنة النقش ،المتناسبة الشكل ،حتى
أن اإلنسان لتنفرج عنه الهموم والغموم بالنظر إليها ،ال لطلب حظ وراء النظر ،فهذه
األسباب ملذة ،وكل لذيذ محبوب ،وكل حسن وجمال فال يخلو إدراكه عن لذة ،وال أحد
ينكر كون الجمال محبوباً بالطبع ،فإن ثبت أن الله جميل كان ال محالة محبوباً عند من
انكشف له جماله وجالله كما قال النبي « :إن الله جميل يحب الجمال(.)3())»)2
(.)92/0( )1
( )2أرخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( )96/0حديث رقم (.)90
( )3أحياء علوم الدين ( .)230/6وهناك أسباب أرخرى داعية إلى محبة الله محبة ذاتية بسطها الغزالي في
اإلحياء تركتها مخافة التطويل .وانظر :اإلحياء ( 232/6ـ .)238
331 شرط المحبة
تعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ،هو األحد الصمد ،الذي لم يلد ولم يولد ،ولم يكن
له كفواً أحد.
ومن هؤالء من يعشق الصور الجميلة ،ويزعم أنه يتجلى فيها ،وأنه إنما يُحب مظاهر
جماله .وقد بسطنا الكالم في كفرهم و اللهم في غير هذا المو ع .فمن زعم أن الله يُحب أو
يـُعشق ،وأشار إلي هذا المعني ،فهو أعظم كفراً من اليهود والنصارى))( .)1انتهى.
قلت :ومن أقوال الصوفية الدالة على استعمالهم اللفظ في حق الله تعالى:
يقول القشيري ـ وهو من أعالم الصوفية ـ في تعريف المحبة أنها(( :استهالك في اللذة))(.)2
وقالوا أيضاً في تعريفها(( :أن يكون مفتوناً بالحبيب عن كل شيء))(.)3
وقال ابن الدباغ((( :)4ومقام العشق أقصى مقامات الذهول والغيبة عن الحس،
واالتصال بالعالم الروحاني ،فإذا وصل اإلنسان إلى هذا الحد من الغيبة عن نفسه اطلع على
أسرار الغيوب وأرخبر بها معاينة ال على سبيل الحدس وغلبات الظنون ،بل على الكشف
والمشاهدة))(.)5
ومما يدل على تجسد هذا المعنى عندهم :أن ابن الفارض ـ وهو من شعرائهم ـ
الملقب بسلطان العاشقين وإمام المحبين عندهم قال ،وهو يصور حقيقة الذات اإللهية:
بمظهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا ُحك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُم البُنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوة فف ـ ـ ـ ـ ـ ــي النش ـ ـ ـ ـ ـ ــأة األول ـ ـ ـ ـ ـ ــى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراءت آلدم
م ـ ــن الل ـ ــبس ف ـ ــي أش ـ ــكال ُحسـ ـ ـن بديع ـ ــة وتظه ـ ـ ـ ـ ــر للعُش ـ ـ ـ ـ ـ ـاق ف ـ ـ ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ـ ــل مظه ـ ـ ـ ـ ـ ـر
وآون ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدعى بع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزة ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزت فف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرة لُبن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى وأرخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى بـُثين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
وم ـ ــا إن له ـ ــا ف ـ ــي ُحسـ ـ ـنها م ـ ــن شـ ـ ـريكة ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيس س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواها ال وال ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن غيره ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
()1
كم ـ ــا ل ـ ــي ب ـ ــدت ف ـ ــي غيره ـ ــا وتزيـ ـ ـت ك ـ ـ ـ ـ ـ ــذاك بحك ـ ـ ـ ـ ـ ــم االتح ـ ـ ـ ـ ـ ــاد بحس ـ ـ ـ ـ ـ ــنها
والمعنى ـ كما قال الشيخ عبد الرحمن الوكيل ـ أن الذات اإللهية تتصور وتتبدى
للعُشاق في صور معشوقاتهم ،فهي التي تصورت لقيس في صورة «ليلى» ،ولجميل في
صورة «بـُثـينة» ،ولكثير في صورة «عزة»؛ فما حوا أم البشر إال الحقيقة اإللهية ،تعالى الله
عن قولهم علواً كبيراً(.)2
كما يرى ابن عربي أن أكمل الشهود للحق شهوده في الصور الجميلة ،فيقول:
((فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهوداً في منفعل ،وإذا شاهده في نفسه من حيث
ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل ،وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما كان
شهوداً في منفعل عن الحق بال واسطة ،فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل ،ألنه يشاهد
الحق من حيث هو فاعل منفعل ،ومن نفسه من حيث هو منفعل رخاصة؛ فلهذا أحب
النساء لكمال شهود الحق فيهن ،إذ ال يشاهد الحق مجرداً عن المواد أبداً ،فإن الله
بالذات غني عن العالمين وإذا كان األمر من هذا الوجه ممتنعاً ،ولم تكن الشهادة إال في
مادة؛ فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله ،وأعظم الوصلة النكاح ،وهو نظير
التوجه اإللهي على من رخلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه ،فسواه وعدله ونفخ فيه من
روحه الذي هو نفسه فظاهره رخلق وباطنه حق))(.)3
إذا ثبت هذا ،فحقيقة هذا المقام عند الصوفية أنهم يوجهون المريد إلى أن يحب الله ال
من جنس محبة العبد الضعيف لسيده ومواله ،بل من جنس محبة العاشق لمعشوقه ،حتى إنه
من سكرة هذا العشق يقوم ويقعد ،ويدور ويتواجد ،وربما يسقط على األرض ،وقد يحصل منه
صراخ ،وتخبط وصرع( )4كما هو واقع كثير من الصوفية في محافل سماعهم ورقصهم ووجدهم،
ولذا شاع عنهم إطالق لفظ "العاشق والمعشوق" في حق الله تعالى.
( )1وأما حقيقة الحب عند غالة الصوفية فهو سكر في حب الله تعالى ،وتصور للذات العلية حتى يسكر فيها
صوفيهم ،وال يعود يميز غيرها ،وهو ما يعرف بالحلول واالتحاد ،والذي بنوا عليه مرتبة العشق ،حتى زعموا أن
أكمل التجلي اإللهي شهوده في صورة امرأة .انظر :مصرع التصوف للبقاعي (ص 066 :ـ ،)066ومحبة الله
ومحبة رسوله ( ص.)612 :
( )2هو :عبد الواحد بن زيد البصري قال عنه يحيى بن معين :ليس بشيء .قال البخاري في تاريخه ( )30/3عبد
الواحد بن زيد صاحب الحسن تركوه .وقال عنه السعدي :عبد الواحد بن زيد كان قاصاً بالبصرة سيء المذهب
ليس من معادن الصدق .انتهى مات سنة ( )021هـ .انظر :ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ( 206/62ـ
،)263والكامل في عفاء الرجال (.)292/6
( )3لم أقف عليه مسنداً في كتاب يعتمد عليه.
( )4أرخرجه أحمد في المسند ( ،)063/6وعبد الرزاق في المصنف ( )000/3رقم ( ،)01031وأبو داود في
السنن ( )608/6ح ( ،)6366والطبراني في الكبير ( )661/22رقم ( ،)823والبيهقي في السنن
( .)01/2وحكم عليه األلباني بأنه صحيح كما في السلسلة الصحيحة برقم (.)2811
( )5قاعدة في المحبة (ص.)008 :
( )6الرسالة القشيرية (ص.)626 :
336 شرط المحبة
ومرادهم بنفي النـيل هنا :أن ينسى العبد حظه من الله ،فال يعبده رخوفاً من ناره وال طمعاً
في جنته فيكون كأجير السوء ،بل يعبده حباً له وشوقاً إليه كما جاء عن رابعة العدوية(.)2()1
وجاء عن أحد القادرية( )3المعاصرين(( :الصوفية يحبون الله ال رخوفاً وال طمعاً بل
يحبونه لذاته ،وتلك المثالية في الحب ،لم تُعرف لغير هؤالء الصفوة الربانية))(.)4
قلت :وشبهتهم في ذلك أن محبة النـيل هي محبة العرض( ،)5وهذه تتالشى متى حصل
الغرض.
واالنحراف الثالث في مفهوم المحبة هو أنهم حكموا على أنفسهم بمحبة الله لهم ،ولذا
ادعوا ألنفسهم دعاوى تتجاوز حدود األنبياء والمرسلين حتى يقول قائلهم :أنا ُمحب فال أؤارخذ
بما أفعله من أنواع الجهل والعدوان(.)6
وأما الجواب عن الوجه األول في انحرافهم في معنى محبة الله تعالى بإ افة العشق إلى
الله ،فمن جهتين:
أوالً :من جهة اللفظ ،فإنه لم يرد وصف الله أو اإلرخبار عن جالله بأنه معشوق
ويُعشق النصراف هذا المعنى إلى األنثى التي تُعشق تعالى الله عن ذلك.
وأيضاً ،فالمعروف من استعمال لفظ العشق في اللغة إنما هو في محبة جنس
النكاح ،مثل حب اإلنسان اآلدمي مثله ،ممن يستمتع به من امرأة ونحوها؛ فال يكاد
يُستعمل هذا اللفظ في محبة اإلنسان لولده وأقاربه ووطنه وماله ودينه ،وغير ذلك بل
( )1هي :أم عمرو رابعة بنت إسماعيل ،البصرية الزاهدة العابده الخاشعه ،قيل عاشت ثمانين سنه ،توفيت سنة
ثمانين ومئة ،ينسب إليها أقوال منكرة في الزهد والمعرفة ،والبعض يشكك في وجودها .انظر :سير أعالم النبالء
( 260/8ـ .)266
( )2انظر :إحياء علوم الدين (.)201/6
( )3القادرية فرقة من فرق الصوفية ،تنتسب إلى الشيخ عبد القادر الجيالني ـ رحمه الله ـ ،وهي طريقة واسعة االنتشار في مصر
والسودان وبالد الشام ،وتتفرع منها طرق كثيرة .ويجمع هذه الطرق الوغول في تقديس عبد القادر الجيالني لدرجة إعطائه
بعض رخصائص اإلله عز وجل مع ما يصاحب ذلك من طقوس وأوراد مبتدعة ،وهذه تشترك فيها جميع الطرق الصوفية.
( )4نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص ،)631 :وعزاه إلى األنوار الرحمانية لمحمد الكسنـزاري (ص.)32 :
( )5كذا جاء اللفظ في األصول ،وهي تحتمل(( :الغرض)) فيكون تصحيفاً وتحتمل ((العرض)) أي الذي يـعرض ثم
يزول.
( )6انظر :العبودية لشيخ اإلسالم (ص 032 :ـ .)036
336 شرط المحبة
المشهور من لفظ العشق هو محبة النكاح ومقدماته؛ فالعاشق يريد االستمتاع بالنظر إلي
المعشوق وسماع كالمه ،أو مباشرته بالقبلة والحس والمعانقة أو الوطء(.)1
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :ثم لفظ «العشق» قد يستعمل في غير ذلك؛ إما
علي سبيل التواطؤ ،فيكون حقيقة في القدر المشترك ،وإما علي سبيل المجاز ،لكن
استعماله في محبة الله؛ إما أن يُفهم ،أو يُوهم المعني الفاسد ،وهو أن الله يُحب ويُحب
كما تحب صور اآلدميين التي نستمتع بمعاشرتها ووطئها ،وكما تحب الحور العين التي في
الجنة وهذا المعني من أعظم الكفر ،وإن كان قد بلغ إلى هذا الكفر االتحادية ،الذين
يقولون« :إنه عين الموجودات ،ويقولون« :ما نكح سوي نفسه وهو الناكح والمنكوح»،
وكذلك الذين يقولون بالحلول العام ،والذين يقولون باالتحاد في صور معينة أو بحلوله فيها
كما يقوله الغالية من النصارى ،والرافضة وغالية النساك ،فإن هؤالء يصفونه بما يوصف به
البشر من النكاح ،تعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ،هو األحد الصمد ،الذي لم
يلد ولم يولد ،ولو يكن له كفواً أحد .ومن هؤالء من يعشق الصور الجميلة ويزعم أنه يتجلي
فيها ،وأنه إنما يحب مظاهر جماله .وقد بسطنا الكالم في كفرهم و اللهم في غير هذا
المو ع .فمن زعم أن الله يحب أو يعشق وأشار إلي هذا المعني ،فهو أعظم كفراً من
اليهود والنصارى))( .)2انتهى.
ثانياً :فساده من جهة المعنى:
وأما فساده من جهة المعنى ،فإن العشق ـ كما تقدم ـ هو اإلفراط في الحب حتى
يزيد على القصد الواجب(( ،وهذا المعني ممتنع في حق الله من الجهتين؛ فإن الله ال يُحب
محبةً زيادة على العدل ،ومحبة عباده المؤمنين له ليس لها حد تنتهي إليه حتى تكون
الزيادة إفراطاً وإسرافاً ومجاوزة للقصد بل الواجب أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما
سواهما ،كما ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال« :ثالث من كن فيه وجد حالوة اإليمان،
من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،ومن كان يحب المرء ال يحبه إال لله ومن كان
يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه منه كما يكره أن يلقي في النار»( .)3وفي رواية في
الصحيح« :ال يجد عبد حالوة اإليمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما إلي
آرخره»( .)1وقال« :والذي نفسي بيده ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده
وولده والناس أجمعين»( .)2وفي الصحيح( :)3أن عمر قال له :يا رسول الله والله ألنت
أحب إلي من كل شيء إال من نفسي فقال« :ال يا عمر حتى أكون أحب إليك من
نفسك» قال :فألنت أحب إلي من نفسي .قال« :اآلن يا عمر».
وقد تقدم داللة القرآن علي هذا األصل بقوله تعالي :ﭻﭼﭽﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ
[التوبة: ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮇ
.)4())]26
ثم إن ((الناس في العشق على قولين .قيل :إنه من باب اإلرادات ،وهذا هو
المشهور .وقيل من باب التصورات ،وأنه فساد في التخييل حيث يتصور المعشوق على
غير ما هو به ...،ولهذا ال يوصف الله بالعشق ،وال أنه يُعشق ،ألنه منـزه عن ذلك ،وال
يحمد من يتخيل فيه رخياالً فاسداً))(.)5
هذه بعض األوجه في بطالن العشق في حق الله ،وهي تبين فساد هذا اللفظ،
وأنه ليس من مراتب المحبة الشرعية ،التي تتوجه من العبد لربه .
وأما الجواب عن الوجه الثاني من وجوه انحرافهم في المحبة ،فمن وجوه أيضاً:
الوجه األول :أن تجريد المحبة عن الحظ األرخروي مخالف لطريقة األنبياء
والمرسلين حيث كانوا يجمعون مع حبهم لله تعالى بين الخوف والرجاء .قال تعالى ـ في
[ألنبياء .]91 :وأيضاً مخالف لطريقة أولياء حقهم ـ :ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
الله المتقين كما قال تعالى في وصفهم :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ﮟ [السجدة ،]03 :وقال في بعضهم :ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
[الزمر.]9 : ﯾ ﯿ ﰀ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ
الوجه الثاني :أن تجريد الحب عن النيل والحظ أمر متدافع في نفسه .برهانه :أن
المحبة تبعث على التلذذ بالنظر إلى ذات المحبوب ،وهو نوعٌ من الحظ والنصيب .وفي
الحديث« :اللهم أني أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم»(.)1
فثبت أن الحظ ال ينفك عن المحبة.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وأما الغلط :فتوهم المتوهم أن إرادة وجه الله
والنظر إليه ليس فيها حظ للعبد وال غرض ،وأن طالبها قد ترك مقاصده ومطالبه ،وأنه عامل
لغيره ال لنفسه ،حتى تخيل أن عمله لله بمنـزلة كسب العبد لسيده ورخدمة الجند لملكهم،
وهذا غلط ،بل إرادة وجه الله أعلى حظوظ العبد وأكبر مطالبه وأعظم مقاصده ،ففي
الحديث الصحيح« :فيكشف الحجاب فينظرون إليه ،فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من
النظر إليه» ،وهي الزيادة(...)2
وإنما للعبد حظان :حظ من المخلوق وحظ من الخالق ،وله لذتان :لذة تتعلق
بالمخلوق ولذة تتعلق بالخالق فترك أدنى الحظين واللذتين لينال أعالهما ،وما عمل إال لنفسه،
ﮥ ﮦ ﮧ ﮤ وال حطب إال في حبله .قال تعالى :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ
ﮨ [فصلت .]66 :وقال النبي « :أسألك لذة النظر إلى وجهك» كما تقدم))( .)3انتهى.
الوجه الثالث :أنه ال يلزم من محبة الغرض العرض ،وأنها تزول بزوال الغرض كما زعموا،
بل إن محبة المؤمنين لربهم محبة راسخة في النفوس تبقى حتى بعد درخولهم الجنة ،ومما
يدل على ذلك أن أعظم نعيم ألهل الجنة ،هو رؤيتهم لوجه الله المستلزم لمحبتهم لذاته ـ
سبحانه وتعالى ـ ،وذلك إنما يحصل بعد درخولهم الجنة وتأمينهم من العذاب كما جاء في
الحديث الصحيح« :إذا درخل أهل الجنة الجنة يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ :تريدون شيئاً
أزيدكم .فيقولون :ألم تُبيض وجوهنا ،ألم تدرخلنا الجنة ،وتنجينا من النار .قال :فيكشف
الحجاب ،فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم .)4(»
ثم على فرض أن المحبة تابعة للغرض فإن حاجة الناس وافتقارهم إلى الله ال تزول وال
تنقطع بل هي باقية أبد اآلباد؛ فالغني التام ليس ألحد سوى الله كما قال :ﮧ ﮨ ﮩ
ﮯ ﮰ [فاطر.]06 : ﮪﮫ ﮪ ﮭ ﮮ
بل الصحيح أن المحبة تابعة لإلحسان واإلنعام وذلك ال ينقطع عن المؤمنين فأُ ُكل
نعيمها دائم ال ينقطع؛ فثبت أن محبة المؤمنين لربهم باقية ال تزول وال تحول.
الجنة و ُ
الوجه الرابع :أن هذا القول بدعة في اإلسالم ،لم يسبق الصوفية أحد إليه ،وكل
بدعة فهي اللة باتفاق المسلمين.
الوجه الخامس :أن هذا القول يؤول بصاحبه إلى الكفر والزندقة ،ولذا جاء عن
بعض السلف القول(( :من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق( ،)1ومن عبده بالرجاء وحده
فهو مرجئ ،ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ،ومن عبده بالحب والخوف والرجاء
فهو مؤمن موحد))( )2انتهى.
يقول ابن رجب ـ رحمه الله ـ تعليقاً على هذا الكالم ـ(( :وسبب هذا أنه يجب على
المؤمن أن يعبد الله بهذه الوجوه الثالثة :المحبة والخوف والرجاء ،وال بد له من جميعها،
ومن أرخل ببعضها فقد أرخل ببعض واجبات اإليمان))( ،)3وذلك ألن هذه األمور الثالثة من
شروط صحة اإليمان بل نص بعض العلماء على أن هذه األمور الثالثة هي أركان العبادة
والتي ال تصح أي عبادة إال باجتماعها(.)4
إذا ثبت هذا ،فإن بعض أهل العلم استحبوا أن يكون الحب أغلب من الخوف
والرجاء ،واستشهدوا على ذلك بما نقله وهب بن منبه( )5عن بعض الحكماء(( :إني
ألستحي من الله أن أعبده رجاء ثواب الجنة أي قط فأكون كاألجير السوء ،إن عطي عمل
وإن لم يعط لم يعمل ،وإني ألستحي من الله أن أعبده مخافة النار أي قط ،فأكون كعبد السوء إن
رهب عمل وإن لم يرهب لم يعمل وإنه يستخرج حبه مني ما ال يستخرجه مني غيره))(.)1
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ (( :وكالم هذا الحكيم يدل على أن الحب ينبغي
أن يكون أغلب من الخوف والرجاء ،وقد قال الفضيل بن عياض« :المحبة أفضل
من الخوف» ثم استشهد بكالم هذا الحكيم الذي حكاه عنه وهب ،وكذا قال يحيى
بن معاذ .قال« :ح سبك من الخوف ما يمنع من الذنوب ،وال حسب من الحب
أبداً» .فأما الخوف والرجاء فأكثر السلف على أنهما يستويان ،ال يرجح أحدهما
على اآلرخر .قاله مطرف والحسن وأحمد وغيرهم ،ومنهم من رجح الخوف على
الرجاء ،وهو محكي عن الفضيل وأبي سليمان الداراني( . )))2انتهى المراد نقله من
كالمه ـ رحمه الله ـ(.)3
هذه بعض األوجه في بطالن تجريد المحبة عن النـيل والحظ األرخروي.
( )1أرخرجه ابن المبارك في الزهد (ص ،)26 :وأبو نعيم في الحلية ( 66/6ـ ،)66وأورده ابن رجب في التخويف
من النار (ص.)02 :
( )2قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ(( :ارختلف العلماء هل يُقدم اإلنسان الرجاء أو يقدم الخوف على أقوال:
فقال اإلمام أحمد رحمه الله " :ينبغي أن يكون رخوفه ورجاؤه واحداً ،فال يغلب الخوف وال يغلب الرجاء" .قال
رحمه الله ":فأيهما غلب هلك صاحبه " .ألنه إن غلب الرجاء وقع اإلنسان في األمن من مكر الله ،وإن غلب
الخوف وقع في القنوط من رحمة الله.
وقال بعض العلماء (( :ينبغي تغليب الرجاء عند فعل الطاعة وتغليب الخوف عند إرادة المعصية)) ،ألنه إذا فعل
الطاعة فقد أتى بموجب حسن الظن ،فينبغي أن يغلب الرجاء وهو القبول ،وإذا هم بالمعصية أن يغلب الخوف
لئال يقع في المعصية.
وقال آرخرون (( :ينبغي للصحيح أن يغلب جانب الخوف وللمريض أن يغلب جانب الرجاء)) ألن الصحيح إذا
غلب جانب الخوف تجنب المعصية ،والمريض إذا غلب جانب الرجاء لقي الله وهو يُحسن الظن به.
والذي عندي في هذه المسألة أن هذا يختلف بارختالف األحوال وأنه إذا رخاف إذا غلب جانب الخوف أن يقنط من
رحمة الله وجب عليه أن يرد ويقابل ذلك بجانب الرجاء ،وإذا رخاف إذا غلب الرجاء أن يأمن مكر الله فليرد ويغلب
جانب الخوف ،واإلنسان في الحقيقة طبيب نفسه إذا كان قلبه حيًّا ،أما صاحب القلب الميت الذي ال يعالج قلبه
وال ينظر أحوال قلبه فهذا ال يهمه األمر)) انتهى كالمه ـ رحمه الله ـ [مجموع رسائل وفتاوى الشيخ ابن عثيمين
( 011/0ـ .])010
( )3التخويف من النار (ص.)02 :
321 شرط المحبة
وأما الجواب عن االنحراف الثالث في مفهوم المحبة عند غالة الصوفية ،وهي
حكمهم على أنفسهم بأنهم محبوبون .فهذا من تزكية النفس ورفعها ،وهو أشبه بقول اليهود
والنصارى :ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ،وال يخفى ما في ذلك من الرعونة والضالل.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :ولهذا وجد في المستأرخرين من انبسط في
دعوى المحبة؛ حتى أرخرجه ذلك إلى نوع من الرعونة والدعوى التي تنافى العبودية ،وتدرخل
العبد في نوع من الربوبية التي ال تصلح إال لله ،ويدعي أحدهم دعاوى تتجاوز حدود
األنبياء والمرسلين ،أو يطلبون من الله ما ال يصلح بكل وجه إال لله ،وال يصلح لألنبياء.
وهذا باب وقع فيه كثير من الشيوخ؛ وسببه عف تحقيق العبودية التي بينها الرسل،
وحررها األمر والنهي ،الذي جاؤا به؛ بل عف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته.
وإذا عف العقل ،وقل العلم بالدين ،وفى النفس محبة طائشة جاهلة ،انبسطت
النفس بحمقها في ذلك كما ينبسط اإلنسان في محبة اإلنسان مع حمقه وجهله ،ويقول:
أنا ُمحب فال أؤارخذ بما أفعله من أنواع يكون فيها عدوان وجهل!
فهذا عين الضالل ،وهو شبيه بقول اليهود والنصارى :ﭔﭕﭖ ﭗ .
قال الله تعالى :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ،
فإن تعذيبه لهم بذنوبهم يقتضي أنهم غير محبوبين وال منسوبين إليه بنسبه البنوة ،بل يقتضى
أنهم مربوبون مخلوقون))(.)1
وبذلك يظهر انحراف الصوفية في مفهوم محبة الله ،وأنهم لم يزنوها بميزان
الكتاب والسنة ،وفهم سلف هذه األمة.
ثم إن من نـفل القول ،فإن هذا االنحراف في المحبة قاد الصوفية إلى انحراف في
لوازم هذه المحبة ومقتضياتها؛ فإن من لوازم المحبة الصحيحة متابعة النبي كما قال
تعالى :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ اآلية( .)2والناظر في حال المتصوفة يجد
انحرافهم الوا ح في هذه المتابعة للنبي حيث ال يعرون لها أي اهتمام بل يتعبدون الله
بغير ما شرع لهم هذا النبي ؛ فيسقطون وساطته في التبليغ ،ويزعمون أنهم يأرخذون
من الله مباشرة وبال واسطة حتى يقول قائلهم :حدثني قلبي عن ربي ،وجاءني هاتف،
كشف ،وغير ذلك مما هو من مصادر تلقيهم غير الكتاب والسنة(.)1وحصل لي ٌ
كما أن من تمام محبة الله ورسوله بغض من حاد الله ورسوله والجهاد في سبيله؛ لقوله
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ تعالى :ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ [التوبة ]26 :والصوفية الغالية تُبطل هذا النوع من
الجهاد ،وتزعم أن الجهاد المفروض هو جهاد النفس وترويضها حتى تتأهل لالتصال بالله تعالى
ال جهاد الكفار وقتالهم ،بل هم ال يرون كافراً أصالً في الوجود كما سبق ذلك في بيان
عقيدتهم(.)2
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :فلما صار كثير من الصوفية النساك المتأرخرين
يدعون المحبة ،ولم يزنوها بميزان العلم والكتاب والسنة درخل فيها نوع من الشرك واتباع
األهواء ،والله تعالى قد جعل محبته موجبة التباع رسوله فقال :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ ﭵ [آل عمران .]60 :وهذا ألن الرسول هو الذي يدعو إلى ما يحبه الله ،وليس شيء
يحبه الله إال والرسول يدعو إليه ،وليس شيء يدعو إليه الرسول إال والله يحبه ،فصار
محبوب الرب ومدعو( )3الرسول متالزمين بل هذا هو هذا في ذاته .وإن تنوعت الصفات،
فكل من ادعى أنه يحب الله ولم يتبع الرسول فقد كذب ليست محبته لله وحده بل إن
كان يحبه فهي محبة شرك ،فإنما يتبع ما يهواه كدعوى اليهود والنصارى محبة الله ،فإنهم
لو أرخلصوا له المحبة لم يحبوا إال ما أحب ،فكانوا يتبعون الرسول فلما أحبوا ما أبغض الله
مع دعواهم حبه كانت محبتهم من جنس محبة المشركين .وهكذا أهل البدع ،فمن قال أنه
من المريدين لله المحبين له وهو ال يقصد إتباع الرسول والعمل بما أمر به ،وترك ما نهى
عنه ،فمحبته فيها شوب من محبة المشركين ،واليهود و النصارى بحسب ما فيه من
البدعة ،فإن البدع التي ليست مشروعة وليست مما دعا إليه الرسول ال يحبها الله ،فإن
الرسول دعا إلى كل ما يحبه الله ،فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر.
( )1انظر :تفصيل ذلك في كتاب مصادر التلقي عند الصوفية للشيخ الصادق سليم.
( )2انظر( :ص.)82 :
( )3أي ما يدعو إليه الرسول مما يحبه الله.
322 شرط المحبة
وأيضاً :فمن تمام محبة الله ورسوله بغض من حاد الله ورسوله والجهاد في سبيله
لقوله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ [المجادلة .]22 :وقال تعالى :ﮈ ﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ [المائدة 81 :ـ .]80وقال ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ تعالى :ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [الممتحنة ]6 :فأمر ﯙ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
المؤمنين أن يتأسوا بإبراهيم ومن معه حيث أبدوا العداوة والبغضاء لمن أشرك حتى يؤمنوا
بالله وحده .فأين هذا من حال من ال يستحسن حسنة و ال يستقبح سيئة.
وهؤالء سلكوا طريق اإلرادة والمحبة مجمالً من غير اعتصام بالكتاب والسنة كما
سلك أهل الكالم والرأي طريق النظر والبحث من غير اعتصام بالكتاب والسنة فوقع هؤالء في
الالت وهؤالء في الالت كما قال تعالى :ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﰀ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
[طـه: ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﭑ ﭒ
026ـ ،]023وقال :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ [األنعام،]066 :
وقال :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [اإلسراء ،]9 :وقال :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ
[يونس ،]018 :ومثل هذا كثير في ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ
القرآن))(.)1
وقال في مو ع آرخر(( :وهؤالء يدعون محبة الله في االبتداء ويعظمون أمر محبته،
ويستحبون السماع بالغناء والدفوف والشبابات ويرونه قربة ،ألن ذلك بزعمهم يحرك محبه الله في
قلوبهم ،وإذا حقق أمرهم وجدت محبتهم تشبه محبة المشركين ال محبة الموحدين؛ فإن محبة
الموحدين بمتابعة الرسول والمجاهدة في سبيل الله .قال تعالى :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭶ ﭷ ﭸﭹ [آل عمران ]60 :وقال تعالى :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ [التوبة .]26 :وقال تعالى:
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ [المائدة .]66 :وهؤالء ال يحققون متابعة الرسول وال الجهاد في سبيل الله بل كثير
منهم أو أكثرهم يكرهون متابعة الرسول وهم من أبعد الناس عن الجهاد في سبيل الله بل يعاونون
أعداءه ويدعون محبته ،ألن محبتهم من جنس محبة المشركين الذين قال الله فيهم ﭨ ﭩﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ [األنفال .]66 :ولهذا يحبون سماع القصائد أعظم مما يحبون سماع القرآن،
ويجتهدون في دعاء مشايخهم واالستعانة بهم عند قبورهم ،وفي حياتهم في مغيبهم أعظم مما
يجتهدون في دعاء الله واالستعانة به في المساجد والبيوت ،وهذا كله من فعل أهل الشرك ليس من
فعل المخلصين لله دينهم ،كالصحابة والتابعين لهم بإحسان ،فأولئك( )1أنكروا محبته وهؤالء درخلوا
في محبة المشركين .والطائفتان رخارجتان عن الكتاب والسنة ،فنفس محبته أصل لعبادته ،والشرك
في محبته أصل اإلشراك في عبادته وأولئك فيهم شبه من اليهود ،وعندهم كبر من جنس كبر اليهود،
وهؤالء فيهم شبه من النصارى وفيهم شرك من جنس شرك النصارى))(.)2
المبحث السابع :ما ينافي شرط المحبة.
وتحته خمسة مطالب:
المطلب األول :بغض الله تعالى أو بغض رسوله .
بغض الله مما يُنافي ويناقض محبة شهادة التوحيد ال إله إال الله ،وحكم هذا البغض
ووجه منافاته للشهادة سيتضح من رخالل ذكر صور هذا البغض ،فلهذا البغض صور:
الصورة األولى :أن يصرح بلسانه أنه مبغض لله ،أو يُضمر ذلك بقلبه.
الصورة الثانية :أن يعمل بما يستلزم هذا البغض من سب لله أو سب لدينه،
أو سب لنبيه .)3(
الصورة الثالثة :أن يخالف الله في الحب والبغض؛ فيبغض ما أحبه الله ،أو
يحب ما يبغضه الله سبحانه وتعالى(.)1
فأما الصورة األولى فهي نادرة الوقوع ،أو ال تكاد تقع ،ألن القلوب مفطورة على محبة
الله ؛ فمحبته سبحانه وتعالى ،ال يخلو منها كافر وال مسلم.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون
الله))(.)2
ومما يبين ذلك أن الله لم يعب على المشركين أنهم ال يحبون الله ،وإنما عاب
عليهم شركهم في هذه المحبة كما في قوله تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ([ )3البقرة.]036 :
وعلى فرض وقوعها فهي كفر أكبر يناقض أصل محبة شهادة التوحيد ال إله إال
الله( .)4ووجه ذلك :أن بغض المعبود هو بغض لما تضمنته هذه الشهادة من وجوب إفراد
الله بالعبادة ،وذلك بغض لحقيقة الشهادة.
وأما الصورة الثانية :فهي واقعة بالفعل ،ولذا تكلم أهل العلم في حكم الساب لله
،أو الساب لدينه ،أو لنبيه ،ولهم في ذلك تفصيالت وكالم يطول ذكره هنا ،والذي
ــــــــــ
(= )1ووجه تعلق الصورتين :الثانية والثالثة ببغض الله ،أن من شرط المحبة موافقة المحبوب في ما يحبه ويبغضه
من الذوات واألفعال واألحوال؛ فالمحبة الصادقة تقتضي الطاعة والموافقة .وكما قال الشاعر:
ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا لعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـرك فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي القيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاس شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنيع تعصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزعم حبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه
يعنينا منه هنا أنهم اتفقوا على أن من سب الله أو سب نبيه أو سب دين اإلسالم ،فقد
كفر وانسلخ من ملة اإلسالم ،ألن ذلك مناقض لمحبة الله المقتضية محبة نبيه
ومحبة دينه دين اإلسالم.
قال إسحاق ابن راهوية ـ رحمه الله ـ(( :وقد أجمع العلماء أن من سب الله ،أو سب
رسول الله ،أو دفع شيئاً أنزله الله ،أو قتل نبياً من أنبياء الله ،وهو مع ذلك مقر بما أنزل
الله أنه كافر))(.)1
وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :إن سب الله ،أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً،
وسواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم ،أو كان مستحالً له ،أو كان ذاهالً عن اعتقاده،
هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن اإليمان قول وعمل))( .)2انتهى.
وقالت اللجنة الدائمة لإلفتاء في الرياض بالمملكة العربية السعودية(( :سب الدين ـ
والعياذ بالله ـ كفر بواح بالنص واإلجماع؛ لقوله تعالى :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ اآلية ،وما ورد في معناها))(.)3
وأما الصورة الثالثة ،فهي التي عناها ابن القيم ـ رحمه الله ـ بقوله(( :فهذا ميزان عادل
توزن به موافقة الرب ومخالفته ومواالته ومعاداته ،فإذا رأينا شخصاً يحب ما يكرهه الرب
تعالى ،ويكره ما يحبه علمنا أن فيه من معاداته بحسب ذل ،وإذا رأينا الشخص يحب
ما يحبه الرب ويكره ما يكرهه ،وكلما كان الشيء أحب إلى الرب كان أحب إليه وآثره
عنده ،وكلما كان أبغض إليه كان أبغض إليه وأبعد منه ،علمنا أن فيه من مواالة الرب
بحسب ذلك .فتمسك بهذا األصل غاية التمسك في نفسك وفي غيرك ،فالوالية عبارة عن
موافقة الولي الحميد في محابه ومسارخطه ،ليست بكثرة صوم وال صالة وال تمزق( )4وال
ريا ة))(.)5
ولذا ال يمكن الحكم على هذه الصورة بحكم واحد ،فال بد من التفصيل في شأن
أصحابها؛ فإن كان يحب ما يكره الرب تعالى لشهوة في قلبه ،كمن يحب الفواحش وسائر
المعاصي التي دون الشرك ويتلذذ بفعلها ،فهذا ال يكفر إال إذا استحل ذلك بقلبه .وأما بغض
ما يحبه الله ،فال يخلو :إما أن يكون بغضاً لطاعة ،فمبغض الطاعات كافر؛ كمن يبغض
الصالة أو نحو ذلك( ،)1والدليل قوله تعالى :ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [محمد :
.)2( ]9أو يكون المبغوض ذاتاً محبوبة لله ؛ فإن كانت هذه الذات لمعظم عند الله
)3(كاألنبياء والمالئكة فمبغض ذلك كافر مرتد .والدليل قوله تعالى :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ [البقرة .)4(]98 :وأما إن كانت ذاتاً غير معظمة؛ كسائر المؤمنين،
فإن ذلك ال يكون كفراً ،بل هو من كبائر الذنوب ،ويعظُم الذنب بحسب مكانة هذه
الذات ومنـزلتها ،فبغض الصحابة أعظم من بغض غيرهم(.)5
فهذا هو تحقيق الكالم في هذه المسألة العظيمة ،والله تعالى أعلم.
إذا ثبت هذا فينبني على هذا البحث مسألة ،وهي ما حكم سب الصحابة كما
يفعله بعض غالة الرافضة؟
الجواب :أن سب الصحابة له وجهان:
األول :أن يكون السب ألمر ديني ،فهذا ال شك أنه كفر ،كمن يسب واحداً منهم
ألجل أنه صحابي ،ألن ذلك استخفاف بحق الصحبة؛ ففيه تعرض إلى النبي ؛ فال
شك في كفر الساب كما نص على ذلك السبكي ـ رحمه الله ـ(.)6
ﭖﭗ ( )1المقصود البغض الشرعي ـ االعتقادي ـ ال البغض الجبلي الطبعي كما في قوله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
[البقرة .]203 :فإن ﭬ ﭭ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
هذا ال أثر له إال إذا أدى إلى ترك تلك الطاعة.
( )2قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ( :من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ،ولو عمل به كفر).
[نواقض اإلسالم مع شرحه للشيخ الفوزان (ص.])000 :
( )3المراد بالتعظيم في حق الله هنا االصطفاء واالرختيار والعناية والرعاية لهذه الذوات ،وإيجاب تعظيمها على رخلقه.
( )4انظر :اإلنصاف للمرداوي (.)623/01
وعليه يحمل كالم أبي الزرعة الرازي ـ رحمه الله ـ(( :إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً
من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق ،وذلك أن الرسول عندنا حق ،والقرآن حق،
وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ،وإنما يريدون أن يجرحوا
شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح أولى بهم وهم زنادقة))(.)1
ويلتحق بهذا الوجه أيضاً :أن يسب جميع الصحابة أو يبغض جملتهم ،فهذا ال
شك في كفره .وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول الطحاوي ـ رحمه الله ـ(( :وبغضهم
()2
لمعنى ديني.
ً إال يكون ال ألنه ،كفر أنه شك ال بجملتهم الصحابة بغض فإن ؛ كفر))
الثاني :إذا سب صحابياً ال من حيث كونه صحابياً بل ألمر رخاص به ،فهذا ال
يكون كفراً بل معصية وذنباً ،ألنه يخالف ما أمر الله به من حبهم والدعاء لهم كما في قوله
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ [الحشر.)3(]01 :
وهنا مسألة تذكر تبعاً هنا ،وهي :بغض الرافضي ألبي بكر وعمر ر ي الله عنهما
ليس ألمر دنيوي من معاملة أو مشاركة أو نحوها بل ألجل تقديمه علياً واعتقاده
بجهله أنهما ظلماه وهما مبرآن عن ذلك؛ فهو يعتقد بجهله أن ينتصر لعلي ر ي الله عنه
لقرابته من النبي ،فما حكم هذا البغض إذاً؟
في هذه المسألة قوالن ألهل العلم:
األول :أن ذلك كفر ،ألن ذلك يعود على الدين ،ووجهه ألن أبا بكر وعمر ـ ر ي
الله عنهما هما أصل بعد النبي ؛ وألن األمة أجمعت على إمامتهما وتقديمهما على
سائر الصحابة ومخالفة اإلجماع كفر؛ فهذا مأرخذ التكفير ببغض الرافضة لهما وسبهم
لهما.
الثاني :أنه معصية وليس بكفر ،ألنه عن شبهة وتأويل .وبه قال مالك ـ رحمه
الله(.)4
( )1أرخرجه ابن عساكر في تاريخه ( 33/38ـ ،)33وأورده المزي في تذهيب الكمال (.)14/11
( )2الطحاوية مع شرحها البن أبي العز (ص.)538 :
( )3انظر :فتاوي السبكى (.)555/3
( )4انظر :فتاوي السبكي ( ،555/3و.)551
328 شرط المحبة
والصحيح أن ذلك راجع إلى اعتقاد الساب إن سبهما معتقداً أنهما كفرا وارتدا بعد
موت النبي فهو كفر ألنه مكذب لخبر النبي وشهادته لهم بأن كل واحد منهما في
الجنة ،كما ثبت ذلك عنه .)1(ولقوله أيضاً« :إذا قال الرجل ألرخيه يا كافر فقد باء به
أحدهما»( .)2وإن سبهما معتقداً أنهما لم يكفرا ولكن ظلما وجارا فهو فسق و الل(.)3
( )1أرخرجه أبو داود في كتاب السنة ،باب الخلفاء ( )311/9ح (.)9491
( )2أرخرجه البخاري في كتاب األدب ،باب :من كفر أرخاه من غير تأويل فهو كما قال (جـ )134/5ح
( ،)4113ومسلم في كتاب اإليمان ( )51/1حديث رقم (.)111
( )3انظر :فتاوي السبكي (.)551/3
329 شرط المحبة
( )1انظر :مجموع الفتاوى ( 012/06ـ ،)018والصارم المسلول ( ،)920/6وكشاف القناع (.)6122/3
( )2أرخرجه الطوسي في األربعين (ص )60 :رقم ( ،)9وابن أبي عاصم في السنة ( )02/0رقم ( ،)06وأورده
الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب ( ،)066/6وابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص )226 :وقال:
حديث حسن صحيح ،رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح ،وأورده الحافظ في فتح الباري ()289/06
وقال :رخرجه الحسن بن سفيان وغيره ،ورجاله ثقات ،وقد صححه النووي في آرخر األربعين .انتهى .و عف
األلباني إسناده في ظالل الجنة في تخريج أحاديث السنة البن أبي عاصم (.)06
381 شرط المحبة
ﭑ ﭒ أو الشرع ،أو أريده من حيث العقل أو الشرع وأكرهه من حيث الطبع ،وقوله:
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ [البقرة .]203 :أي :تكرهونه من حيث الطبع))(.)1
وقال اإلمام البغوي (( :ﭔ ﭕ ﭖﭗ أي :شاق عليكم .قال بعض أهل المعاني:
هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس ورخطر الروح ،ال
أنهم كرهوا ثم أحبوه))(.)2
وقال اإلمام القرطبي ـ رحمه الله ـ ((وإنما كان الجهاد كرهاً ألن فيه إرخراج المال
ومفارقة الوطن واألهل ،والتعرض بالجسد للشجاج والجراح ،وقطع األطراف ،وذهاب
النفس ،فكانت كراهيتهم لذلك ،ال أنهم كرهوا فرض الله تعالى))(.)3
وبين اإلمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ أن هذا الكره ال ينافي الر ى والتسليم فقال:
((وليس من شرط الر ى أال يحس باأللم والمكاره ،بل أال يعترض على الحكم وال
يتسخطه ،ولهذا أشكل على بعض الناس الر ى بالمكروه ،وطعنوا فيه ،وقالوا :هذا ممتنع
على الطبيعة .وإنما هو الصبر ،وإال فكيف يجتمع الر ى والكراهية؟ وهما دان،
والصواب :أنه ال تناقض بينهما ،وأن وجود التألم وكراهة النفس له ال ينافي الر ى ،كر ى
المريض بشرب الدواء الكريه ،ور ى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع
والظمأ ،ور ى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيره.)4())...
ورخالصة ما سبق ،أن بغض أو كراهة ما جاء به الرسول عن الله تعالى مناف
لعمل القلب من الحب والر ى والتعظيم مع التفريق بين الكره االعتقادي ،والطبعي
واالعتقادي والشهوي ،والله أعلم(.)5
المطلب الثالث :شرك المحبة.
شرك المحبة مما يناقض تجريد المحبة لله .وحقيقة هذا الشرك ـ كما بين
الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ(( :اتخاذ األنداد من الخلق يحبهم كحب الله ،ويقدم طاعتهم
على طاعة الله ،ويلهج بذكرهم ودعائهم))(.)1
ومما قيل في بيان حقيقته أيضاً(( :كل محبة تغر في الدين وتبعث على االكتفاء
بها دون الجد في الطاعات وتحري المشروع منها ،وال تثمر ربط القلوب وصلتها بعضها
ببعض إذا اتحدت على الشهادتين ،وال توجب النفور من كل من يحاول هدم تعاليم
اإلسالم ،وال تدعوا إلى األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وال تعود صاحبها على
استعذاب العذاب في رخدمة المبدأ الحق المجمل في الشهادتين))( .)2أ .هـ.
وفي هذا المطلب سنتكلم عن صور هذا الشرك وأقسامه ،وبيان منافاته لشرط
المحبة.
فشرك المحبة مما يناقض وينافي محبة كلمة التوحيد «ال إله إال الله» .ووجه هذه
المنافاة سيتضح من رخالل بيان صور هذا الشرك وأقسامه؛ فلهذا الشرك صور كما سيأتي:
كحب المشركين ألندادهم ،وآلهتهم، األولى :أن يُحب غير الله كما يُحب الله؛ ُ
التي يحبونها ويعظمونها من دون الله.
ﮇﮈ ﮉ ودليل هذه الصورة قوله تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ([ )3البقرة.]036 :
وحكم هذه الصورة أنها شرك أكبر ينافي أصل المحبة.
ووجه ذلك :أن التوحيد ال يتم إال بصرف كامل الذل والمحبة لله تعالى ،ألن هذا هو
حقيقة العبادة()4؛ ((فأصل العبادة محبة الله بل إفراده بالمحبة))( ،)5فمن صرف شيئاً من هذه
ﮇﮈ ﮉ ( )1القول السديد (ص .)216 :شرح باب :قول الله تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ .
( )2الشرك ومظاهره للميلي (ص.)238 :
( )3انظر :مدارج السالكين (.)21/6
( )4انظر :العبودية لشيخ اإلسالم (ص 66 :ـ .)66
( )5اقتباس من مدارج السالكين (.)99/0
382 شرط المحبة
المحبة لغير الله فقد أشرك في العبادة ،والشرك في العبادة ينافي وجوب إفراد الله تعالى
بالمحبة.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :فمعلوم أن أصل اإلشراك العملي بالله اإلشراك
ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ في المحبة قال تعالي ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮍﮎ [البقرة ]036 :فأرخبر أن من الناس من يشرك بالله فيتخذ أنداداً يحبونهم كما يحبون
الله ،وأرخبر أن الذين آمنوا أشد حباً لله من هؤالء ،والمؤمنون أشد حباً لله من هؤالء
ألندادهم ولله ،فإن هؤالء أشركوا بالله في المحبة فجعلوا المحبة مشتركة بينه وبين األنداد،
والمؤمنون أرخلصوا دينهم لله الذي أصله المحبة لله ،فلم يجعلوا لله عدال في المحبة بل
كان الله ورسوله أحب إليهم مما سواهما))(.)1
ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حكم هذا الشرك(( :والنوع األول ـ يعني من الشرك
ـ ينقسم إلى كبير وأكبر ،وليس شيء منه مغفور؛ فمنه الشرك بالله في المحبة والتعظيم ،بأن
يحب مخلوقاً كما يحب الله ،فهذا من الشرك الذي ال يغفره الله .وهو الشرك الذي قال
سبحانه فيه ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ اآلية [البقرة .]036 :وقال أصحاب هذا
الشرك آللهتهم وقد جمعتهم الجحيم ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
[الشعراء 92 :ـ .]98ومعلوم أنهم ما سووهم به ـ سبحانه ـ في الخلق ،والرزق ،واإلماتة،
واإلحياء ،والملك ،والقدرة ،وإنما سووهم به في الحب والتأله والخضوع والتذلل لهم))(.)2
الصورة الثانية :أن يُحب غير الله محبةً تستولي على القلب ،تُنسي محبة الله
سبحانه وتعالى؛ كحب العاشق معشوقه محبةً يقدم فيها محاب معشوقه على محاب الله
تعالى ،ويؤثر فيها مرا يه على مرا ي الله ؛ فيخلص له المحبة دون الله.
وحكم هذه الصورة كسابقتها ،وهي أنها شرك أكبر ينافي أصل المحبة .ووجه
ذلك :ألن من شرط المحبة أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،والعاشق قد جعل
معشوقه أحب إليه من الله ورسوله بدليل تقديم محابه على محاب الله ورسوله؛ وإذا انتفى
الشرط انتفى المشروط.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في العشق(( :وهو أقسام :تارة يكون كفراً؛ كمن اتخذ
معشوقه نداً يحبه كما يحب الله ،فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟
فهذا عشق ال يغفر لصاحبه ،فإنه من أعظم الشرك ،والله ال يغفر أن يشرك به ،وإنما يغفر
بالتوبة الماحية ....وعالمة هذا العشق الشركي الكفري :أن يقدم العاشق ر ى معشوقه
على ر ى ربه ،وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحظه ،وحق ربه وطاعته ،قدم حق معشوقه
على حق ربه وآثر ر اه على ر اه ،وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه ،وبذل لربه ـ إن
بذل ـ أردى ما عنده ،واستفرغ وسعه في مر ات معشوقه وطاعته والتقرب إليه ،وجعل لربه ـ
إن أطاعه ـ الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته.
فتأمل حال أكثر عشاق الصور هل تجدها مطابقة لذلك ،ثم ع حالهم في كفة،
وتوحيدهم في كفة وإيمانهم في كفة ،ثم زن وزناً ير ي الله ورسوله ويطابق العدل؛ وربما
صرح العاشق منهم بأن وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه كما قال العاشق الخبيث:
()1
هن أحلى فيه من التوحيد يـترش ـ ـ ـ ـ ـ ـفن م ـ ـ ـ ـ ـ ـن فم ـ ـ ـ ـ ـ ـي رش ـ ـ ـ ـ ـ ـفات
وكما صرح الخبيث اآلرخر :أن وصل معشوقه أشهى إليه من رحمة ربه ـ فعياذاً بك
اللهم من هذا الخذالن ـ فقال:
م ـ ـ ـ ـ ـ ـن رحم ـ ـ ـ ـ ـ ـة الخ ـ ـ ـ ـ ـ ــالق الجلي ـ ـ ـ ـ ـ ــل وص ـ ـ ـ ـ ـ ـلُك أش ـ ـ ـ ـ ـ ـهى إلـ ـ ـ ـ ـ ــى ف ـ ـ ـ ـ ـ ـؤادي
وال ريب أن هذا العشق من أعظم الشرك ،وكثير من العشاق يصرح بأنه لم يبق في
قلبه مو ع لغير معشوقه ألبتة ،بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله فصار عبداً محضاً من كل
وجه لمعشوقه :فقد ر ي هذا من عبودية الخالق ـ جل جالله ـ بعبودية المخلوق مثله .فإن
العبودية هي كمال الحب والخضوع ،وهذا قد استفرغ قوة حبه ورخضوعه وذله لمعشوقه،
فقد أعطاه حقيقة العبودية.
وال نسبة بين مفسدة هذا األمر العظيم ومفسدة الفاحشة ،فإن تلك ذنب كبير
لفاعله حكمه حكم أمثاله ،ومفسدة هذا العشق مفسدة الشرك .وكان بعض الشيوخ من
العارفين يقول :لئن أُبـتلى بالفاحشة مع تلك الصورة أحب إلي من أن أُبـتـلى فيها بعشق
يتعبد لها قلبي ويشغله عن الله))(.)1
ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ مبيناً فساد هذا العشق الكفري ـ...(( :فكما أن
الحب أوله عالقة لتعلق القلب بالمحبوب ،ثم صبابة إلنصاب القلب نحوه ،ثم غرام للزومه
القلب كما يلزم الغريم غريمه ،ثم يصير عشقاً إلى أن يصير تتيماً ،والتتيم التعبد ،وتـيم الله
عبد الله ،فيصير القلب عبداً للمحبوب ،مطيعاً له ،ال يستطيع الخروج عن أمره ،وقد آل
األمر بكثير من عشاق الصور إلى ما هو معروف عند الناس ،مثل من حمله ذلك على قتل
نفسه ،وقتل معشوقه ،أو الكفر والردة عن اإلسالم ،أو أفضى به إلى الجنون ،وزوال العقل،
أو أوجب رخروجه عن المحبوبات العظيمة ،من األهل والمال والرياسة أو أمراض
جسمه))( .)2انتهى.
الصررورة الثالثررة :تقــديم هــوى الــنفس علــى محبـة اللــه ومحبــة مــا يحبــه بفعــل المعاصــي دون
الشرك وترك الواجبات دون التوحيد.
يقــول ابــن رجــب ـ رحمــه اللــه ـ(( :وكــذلك المعاصــي إنمــا تقــع مــن تقــديم الهــوى علــى
محبة الله ومحبة ما يحبه))(.)3
ويقول الحافظ ابـن حجـر ـ نـاقالً عـن بعـض أهـل العلـم ـ(( :فمـن وقـع فـي معصـية مـن فعـل
محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله حيث قدم هوى نفسه))(.)4
وحكم هذه الصورة أنها تنافي كمال المحبة ال أصلها.
ووجــه ذلــك يظهــر فــي كــالم الحــافظ ابــن رجــب ـ رحمــه اللــه ـ(( :فمــن أحــب اللــه ورسـوله
محبة صادقة من قلبه ،أوجب له ذلك أن يحـب بقلبـه مـا يحبـه اللـه ورسـوله ،ويكـره مـا يكرهـه اللـه
ورسـوله ،وير ــي بمــا ير ـي اللــه ورسـوله ،ويســخط مــا يســخطه اللــه ورس ـوله ،وأن يعمــل بجوارحــه
بمقتضــى هــذا الحــب والــبغض ،فــإن عمــل بجوارحــه شــيئاً يخــالف ذلــك ،بــأن ارتكــب بعــض مــا
يكرهــه اللــه ورس ـوله ،أو تــرك بعــض مــا يحبــه اللــه ورس ـوله مــع وجوبــه والقــدرة عليــه ،دل ذلــك علــى
نقص محبته الواجبة ،فعليـه أن يتـوب مـن ذلـك ويرجـع إلـى تكميـل المحبـة الواجبـة)) انتهـى كالمـه ـ
رحمه الله ـ(.)1
المطلب الرابع :مواالة أعداء الله ورسوله .
مواالة أعداء الله ورسوله من قوادح محبة الله تعالى ورسوله ،فشرط المحبة ـ
كما تقدم ـ ترك هذه المواالة(.)2
والحديث عن هذه المواالة سيكون تحت المقاصد التالية:
المةصد األول :معنى المواالة لغة وشرعاً.
من المهم ونحن نتكلم عن منافاة مواالة أعداء الله ورسوله لشرط المحبة أن نبين
مفهوم هذه المواالة وحقيقتها في اللغة واالصطالح ،وذلك ألن الحكم على الشيء ـ كما
تقدم ـ فرع عن تصوره.
فالمواالة في اللغة مأرخوذة من الولي ،وهو الدنو وال ُقرب( .)3وهي تأتي بمعنى
المناصرة والتأييد ،المستلزم للمحبة(.)4
وأما المواالة في االصطالح ،فقد ارختلفت عبارات أهل العلم في تحديد مفهومها،
وليس ذلك الرختالفهم في معناها ،وإنما لتنوع وجوه هذه المواالة ،وتعدد صورها ومظاهرها.
ومن أقوال أهل العلم في ذلك:
((وأصل المواالة :الحب؛ وأصل المعاداة :البغض؛ وينشأ عنهما من أعمال القلوب،
والجوارح ،ما يدرخل في حقيقة المواالة ،والمعاداة ،كالنصرة ،واألنس ،والمعاونة ،وكالجهاد،
والهجرة ،ونحو ذلك من األعمال))(.)5
وفيه حد المواالة بالنصرة والمعاونة المستلزم للمحبة.
وأيضاً(( :موافقة الكفار على كفرهم ،وإظهار مودتهم ،ومعاونتهم على المسلمين،
وتحسين أفعالهم ،وإظهار الطاعة واالنقياد لهم على كفرهم))(.)1
وفيه حد المواالة المكفرة بمحبة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين ،وذلك من
صور التولي كما سيأتي.
وقال الدكتور محمود ياسين في تعريفها(( :موالة الكفار تعني :التقرب إليهم وإظهار
الود لهم باألقوال واألفعال والنوايا))(.)2
وهو تعريف للمواالة بأعم أحوالها ،وهو أنها حب وتقرب للمتولى يظهر على
اللسان أو على الجوارح أو على القلب أو عليهم جميعاً.
هذه بعض أقوال أهل العلم في تفسير المواالة ،وهي تدور حول الميل القلبي
بالمودة والمحبة ،أو بما يظهر على الجوارح من المعونة والنصرة ،وأنها ـ أي المواالة ـ تقع
بالقلب وباللسان وبالجوارح.
ويقرر ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ فيقول(( :وهذا البغض والعداوة والبراءة مما
يعبد من دون الله ومن عابديه هي أمور موجودة في القلب وعلى اللسان والجوارح كما أن
حب الله ومواالته ومواالة أوليائه أمور موجودة في القلب وعلى اللسان والجوارح))(.)3
المةصد الثاني :الفرق بين المواالة والتولي.
بما أن أحكام المواالة تختلف بحسب نوعية هذه المواالة وصورتها ،فإن أهل العلم
من دقتهم في بط األلفاظ وتحريرها بينوا فروقاً لتصرفات هذه الكلمة ،وذلك بالنظر إلى
تصرف هذه الكلمة في نصوص القرآن الكريم مع ارختالف الحكم؛ حيث يتصرف فيها هذا
اللفظ ،فأحياناً يرد بلفظ "التولي" :كما في قوله تعالى :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ [المائدة]60 :
فيكون كفراً أكبر ،وأحياناً بلفظ "أولياء" كما في قوله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ
ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ [الممتحنة ،]0 :فيكون ذنباً وكبيرة ال تُخرج من الملة.
ومما ذكروه من الفرق بين الكلمتين :أن التولي أرخص من المواالة؛ فهو أكمل
درجاتها وأتم صورها ،ألنه بذل تمام المحبة أو النصرة ،وما لم يكن كذلك من المواالة
فليس بتولي ،وإن كان مواالة؛ فالتولي يلزم منه المحبة ألجل الدين وكذا النصرة من أجل
ــــــــــ
(= )1فتاوى اللجنة الدائمة ( .)22/2ط .دار العاصمة للنشر والتوزيع ،الرياض.
( )2اإليمان أركانه ،حقيقته ،نواقضه (ص.)020 :
( )3مجموع الفتاوى (.)281/06
388 شرط المحبة
الدين ألن ذلك مما يدرخل تحت تمام المحبة والنصرة؛ فقيد "الدين" هنا هو المؤثر في
وصف "التولي" سواء وقعت المواالة بالنصرة فقط أو بالمحبة فقط أو مع االثنين جميعاً(.)1
وبذلك يظهر الفرق بين المواالة والتولي ،وهو أن كل تولي فهو مواالة ،وليس كل
مواالة فهي تولي؛ فالمواالة أعم ،والتولي أرخص.
ومن أهل العلم من ال يرى فرقاً بين اللفظين ،ولذا يفسرون التولي بالمواالة ،وهذا
كثير في كالم المفسرين .ومن أقوالهم في ذلك:
يقول ابن عطية عند تفسيره لقوله تعالى :ﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹﭺ [التوبة ]26 :أي:
"واالهم واتبعهم في أغرا هم"()2؛ ففسر التولي بالمواالة.
ويقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ عند تفسيره لقوله :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
[الممتحنة(( :]06 :ينهى تبارك وتعالى عن مواالة الكافرين في آرخر هذه السورة ﮁ ﮂ
[الممتحنة: كما نهى عنها في أولها ،فقال تعالى :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
]06يعني اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليه ولعنه واستحق من الله
الطرد واإلبعاد ،فكيف توالونهم وتتخذونهم أصدقاء وأرخالء؟))()3؛ ففسر التولي بالمواالة،
ألن "توالوهم" تفاعل ،وهو من المواالة ال التولي.
وقال البيضاوي عند تفسيره لقوله سبحانه وتعالى :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ [المائدة:
:]60
((أي :ومن واالهم منكم فإنه من جملتهم ،وهذا التشديد في وجوب مجانبتهم))(.)4
وهو كسابقه فسر التولي بالمواالة ،ألن "واالهم" فاعل من "والى" ال تولى.
وأيضاً فإن شيخ المفسرين ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ في عدة موا ع من تفسيره
يفسر معنى اتخاذ الكفار أولياء بمعنى جعلهم أنصاراً؛ وهو بمعنى توليهم(.)5
( )1انظر :في هذا الفرق الدرر السنية ( ،)210/2وعقود الجواهر المنضدة البن سحمان (ص ،)063 :والمواالة
والمعادة (.)06/0
( )2تفسير ابن عطية (.)062/8
( )3تفسير ابن كثير (.)662/6
( )4تفسير البيضاوي ( .)666/2وانظر :تفسير األلوسي (جـ ،)62/28وتفسير القاسمي (.)660/3
( )5نواقض اإليمان القولية والعملية (ص 680 :ـ .)682
389 شرط المحبة
كما أن الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ يرى أن التولي مراتب ودرجات ،منه ما يكون
تولياً تاماً مزايالً لإليمان بالكلية ،ومنه ما يكون دون ذلك(.)1
فالحاصل أن أصحاب هذا الرأي يرون أن التولي كالمواالة كل منها ذو شعب
متفاوتة ،منها ما يناقض اإليمان بالكلية ،ومنها ما يكون دون ذلك ،وهو أيضاً على مراتب،
ما هو غليظ وما هو دونه(.)2
وأما أصحاب الرأي األول ،فإن التولي عندهم مرتبة واحدة ،وهي كل مواالة موصوفة
بأنها كفر.
ورخالصة األمر؛ فإنه ال مشاحة في االصطالح ،ألن الحكم واحد ،فالجميع متفقون
على أن المواالة منقسمة إلى ما يكون منها كفر أكبر ،وإلى ما يكون منها كفر أصغر ال
يخرج من الملة ،سواء قلنا أن ذلك مواالة أو تولي.
المةصد الثالث :ارتباط المواالة والمعاداة بالشهادتين.
((لما كان أصل المواالة :الحب .وأصل المعاداة :البغض .وينشأ عنهما من أعمال
القلوب والجوارح ما يدرخل تحت حقيقة المواالة والمعاداة كالنصرة ،واألنس ،وكالجهاد،
ونحو ذلك))( ،)3فإن الوالء والبراء من لوازم ال إله إال الله(.)4
وقد ذكرنا من أدلة القرآن والسنة عند التدليل على شرطية المحبة لصحة الشهادة ما
يكفي ويغني لصحة هذا التالزم(.)5
وبقي أن نشير إلى أن أهل العلم قد الحظوا هذا التالزم ،واالرتباط ،ولذا سجلوا في
كتبهم من وجوه هذا التالزم الشيء الكثير .وفيما يلي ذكر لبعض هذه الوجوه من كالمهم،
والتي بها يتبين أن من لم يحقق هذا الوالء والبراء فإنه لم يحقق الشهادتين.
( )1انظر :تفسير السعدي (ص )862 ،266 :تفسير آية المائدة ،)60( :وتفسير آية الممتحنة.)9( :
( )2انظر :مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ( .)2/6المطبعة السلفية ،القاهرة 0626 ،هـ.
( )3الدرر السنية (.)626/2
( )4الوالء والبراء في اإلسالم (ص.)61 :
( )5ينظر (ص 360 :ـ .)362
391 شرط المحبة
يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضى أن ال يُحب إال
لل ــه ،وال ي ــبغض إال لل ــه ،وال يـ ـوالي إال لل ــه ،وال يع ــادي إال لل ــه ،وأن يح ــب م ــا يحب ــه الل ــه،
ويبغض ما أبغضه))(.)1
فذكر من هذه الوجوه ،أن ذلك من لوازم تحقيق الشهادة بالتوحيد.
ويقــول الشــيخ عبــد الــرحمن بــن حســن فــي بيــان وجــوه هــذا الــتالزم بــين ال إلــه إال اللــه
والبـراءة مــن المشــركين(( :إن التوحيــد هــو إفـراد اللــه باإللهيــة ،وال يحصــل ذلــك إال بــالبراءة مــن
الشرك والمشركين ظـاهراً وباطنـاً ،كمـا ذكـر اللـه عـن إمـام الحنفـاء فـي قولـه تعـالى :ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [الزرخ ـ ـ ـ ــرف ،]22 ،23:وقول ـ ـ ـ ــه :ﮟ ﮠ ﮡ
ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ [األنعام 28 :ـ .]29فتأمـل :كيـف
ابتدأهم بالبراءة من المشركين ،وهذا هو حقيقة معنى ال إله إال الله ومدلولها))(.)2
فجعل ـ رحمه الله ـ من وجوه هذا التالزم أن ذلك من لـوازم إفـراد اللـه باأللوهيـة ودلـل
عليه بصنيع إبراهيم مع قومه حيث أعلـن البـراءة مـنهم ومـن معبـوداتهم المقتضـية لبغضـه
وعداوتــه لهــم ولمعبــوداتهم ،ثــم بــين علــة ذلــك ،وهــو قولــه :ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ وذلــك
مما يدل على أن هذا البراء من لوازم التوحيد.
ويقول الشيخ عبد اللطيف آل الشـيخ فـي بيـان هـذا الـتالزم(( :فالسـبب المقتضـي لهـذا ـ
يعنــي هجــرة الصــحابة ر ـوان اللــه علــيهم إلــى الحبشــة ـ مــا أوجبــه اللــه مــن إظهــار اإلســالم
ومباداة أهل الشرك بالعداوة والبراءة بل هو مقتضى كلمة اإلرخـالص؛ فـإن نفـي اإللهـة( )3عمـا
سوى الله صريح في البراءة منه ،والكفر بالطاغوت ،وعيب عبادتهم ،وعداوتهم ومقتهم ،ولـو
سكت المسلم ولم ينكر كما يظنه هذا الرجل أللقت الحرب رحاها عصـاها ،ولـم ت ُـدر بيـنهم
رحاها ،كما هو الواقع ممن يدعي اإلسـالم ،وهـو مصـاحب معاشـر عبـاد الصـالحين واألوثـان
واألصنام ،فسحقاً للقوم الظالمين)) .انتهى(.)4
( )1مجموع الفتاوى ( .)662/8وانظر :جامع الرسائل ،المجموعة الثانية (ص )86 :شرح كلمات من فتوح
الغيب ،تحقيق محمد رشاد سالم.
( )2الدرر السنية (جـ )022/2ط .دار اإلفتاء بالمملكة العربية السعودية ،ط :الثانية ( )0686هـ.
( )3لعله (األلوهية).
( )4نقالً عن كشف الشبهتين البن سحمان (ص.)60 :
390 شرط المحبة
فظهــر ممــا تقــدم مــدى ارتبــاط الم ـواالة والمعــاداة بالش ـهادتين ،وأن ذلــك هــو حقيقــة
معن ــى ه ــذه الكلم ــة؛ فـ ــإن التوحي ــد والء وب ـ ـراء ،والء له ــذه الكلمـ ــة وانتمـ ــاء لحزبه ــا وأهلهـ ــا
المحققين لها ،وبراء من كل ما يناقضها( )1أو يذهب بكمالها(.)2
المةصد الرابع :حكم مواالة أعداء الله ورسوله.
لما كانت مواالة أعداء الله ورسوله مما ينافي محبة شهادة أن ال إله إال الله ناسب
أن نذكر حكم هذه المواالة ،وذلك حتى يتضح مدى هذه المنافاة ،هل هي منافاة كلية؟
أو جزئية؟ أو بحسبها؟ فهذا ما سيتضح من رخالل ذكر أحكام هذه المواالة.
فنشرع فنقول :أن أهل العلم نصوا على أن مواالة الكفار تقع على شعب وصور
متفاوتة؛ فهي مراتب متعددة ،ولذا كان لكل منها حظه وقسطه من الوعيد والذم()3؛ فقد
تكون كفراً أكبر يناقض أصل محبة شهادة أن ال إله إال الله ،وقد تكون ذنباً ينافي الكمال
الواجب؛ فإن كان الحامل على هذه المواالة حب الشرك والمشركين ،ومحبةُ ظهور دينهم
على دين المسلمين ،أو كانت بالمشاركة أو بالموافقة لهم فيما هو من موجبات كفرهم
تكون كفراً أكبر ،وهو ما يُعرف عند بعض أهل العلم بالتولي( .)4ويظهر هذا التولي للكفار
في صور منها:
0ـ موادتهم ،وقد نهى الله عنها بقوله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [المجادلة.]22 :
عن هذه الصورة يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :فأرخبر ـ يعني الله تعالى ـ أنك ال
تجد مؤمناً يواد المحادين لله ورسوله؛ فإن نفس اإليمان ينافى موادته كما ينفي أحد
الضدين اآلرخر ،فإذا وجد اإليمان انتقى ده ،وهو مواالة أعداء الله؛ فإذا كان الرجل يوالي
أعداء الله بقلبه؛ كان ذلك دليالً على أن قلبه ليس فيه اإليمان الواجب))(.)5
وقد يدرخل تحت هذه الصورة (( ما يفعله كثير من الجهال في زماننا إذا لقي
أحدهم عدواً لله سلم عليه وو ع يده على صدره إشارة إلى أنه يحبه محبة ثابتة في
قلبه .أو يشير بيده إلى رأسه إشارة إلى منـزلته عنده على الرأس .وهذا الفعل المحرم
يُخشى على فاعله أن يكون مرتداً عن اإلسالم؛ ألن هذا من أبلغ المواالة والموادة
والتعظيم ألعداء الله تعالى))(.)1
قلت :والمقصود بالموادة هنا المحبة ألجل الدين للدين ،أما المحبة ألجل
غرض دني وي فهذه كما سيأتي ال توجب الكفر ،ولو كانت ألجل الدين.
والفرق بين الصورتين أن المحبة ألجل الدين للدين هي المحبة الدينية المحضة
الخالصة كمن يحب النصراني ـ مثالً ـ لكونه نصرانياً ال ألمر آرخر فيه ،أما المحبة الدينية
ألجل الدنيا فهي ليست رخالصةً ألجل الدين كمن يحب نصرانياً ـ مثالً ـ ألجل تفرغه
التام للعمل من دون انقطاع ألجل صالة أو نحو ذلك فيستأجره ألجل ذلك دون
المسلم ،وكمن يحب زوجته الكتابية ألجل أنها لن ترثه ونحو ذلك من الحب الذي
غايته الدنيا ال الدين .فاألولى تستلزم محبة الدين فتكون كفراً ،والثانية ال تستلزم محبة
الدين فتكون معصيةً.
يقول ابن الوزير ـ رحمه الله ـ في سياق تفسيره لقوله تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ (( :أن هذا كله في
الحب الذي هو في القلب والمخالصة ألجل الدين ،وذلك للمؤمنين المتقين باإلجماع،
وللمسلمين الموحدين إذا كان ألجل إسالمهم وتوحيدهم عند أهل السنة))( )2انتهى.
2ـ ومن صور التولي أيضاً :إظهار الوالء لهم في الدين ،ولو لم يحبهم .وقد نهى
الله عن ذلك بقوله :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ [آل عمران.]28 :
قال ابن جرير في تفسيرها(( :وهذا نهي من الله للمؤمنين أن يتخذوا الكفار
أعواناً وأنصاراً وظهوراً ...ومعنى ذلك ال تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً توالونهم
على دينهم ،وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين ،وتدلونهم على عوراتهم ،فإنه من
يفعل ذلك ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ يعني بذلك :فقد بريء من الله ،وبرئ الله منه ،بارتداده
عن دينه ودرخوله في الكفر ،ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ :إال أن تكونوا في سلطانهم
فتخافوهم على أنفسكم ،فتظهروا لهم الوالية بألسنتكم ،وتضمروا لهم العداوة( ،)1وال
تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ،وال تعينوهم على مسلم بفعل))(.)2
6ـ ومن صور التولي أيضاً :مظاهرتهم على المسلمين ألجل الدين ،وقد نهى الله
عنها بقوله :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [القصص ]83 :أيُ :معيناً لهم على دينهم(.)3
أما إن كانت المظاهرة بسبب القرابة ،أو بسبب المحبة مع اعتقاد أن دينه باطل،
فهذا ال يوجب الكفر إال أنه منهي عنها ،ألن المواالة بهذا المعنى قد تجره إلى استحسان
طريقته والر ا بدينه ،وذلك يخرجه عن اإلسالم(.)4
6ـ ومن الصور أيضاً :مشاركتهم في ما هو من موجبات كفرهم وشركهم.
وفي ذلك يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :ومنها أن مشاركتهم في الهدي الظاهر
توجب االرختالط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً ،بين المهديين المر يين ،وبين
المغضوب عليهم والضالين إلى غير ذلك من األسباب الحكمية .هذا ،إذا لم يكن ذلك
الهدي الظاهر إال مباحاً محضاً ،لو تجرد عن مشابهتهم ،فأما إن كان من موجبات كفرهم
كان شعبةً من شعب الكفر ،فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم .فهذا أصل
ينبغي أن يتفطن له))(.)5
( )1وهذا يسمى عند أهل العلم بالمداراة ،وهي دون المداهنة ،والفرق بينها وبين المداهنة :أن المدارة تكون عند
الضرورة لدفع شر الكفار ،أما المداهنة فهي التنازل عن شيء من الدين إلر اء الكفار ،فهي ال تجوز مطلقاً كما
ﯙ ﯚ ﯛ [القلم 8 :ـ .]9انظر :شرح نواقض اإلسالم للفوزان ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ قال تعالى:
(ص 038 :ـ .)039
( )2تفسير ابن جرير الطبري ( 606/6ـ ،)603وانظر :تفسير البغوي ( 26/2ـ .)23
( )3انظر :تفسير البغوي (.)222/3
( )4التفسير الكبير للرازي (.)11/8
( )5اقتضاء الصراط المستقيم ( 81/0ـ .)80
396 شرط المحبة
قلت :ومن المسائل التي يجب التنبيه إليها هنا قضية العولمة ،والتي يرمي أصحابها
إلى تذويب عقيدة الوالء والبراء وقلعها من قلوب المسلمين ،بما قد يحصل بسببها من
االنصهار والتوافق معهم ،فيما هو من موجبات كفرهم .ونضرب لذلك مثاالً بـ((الفيفا)) ،وهي
النظم التي ترعى شئون ما يُسمى بالريا ة العالمية أو الدولية ،والتي من أهدافها تنظيم
دورات عالمية يُشارك فيها بعض أبناء المسلمين قد يقع بسببها مشاركةٌ لهم في بعض
أفعالهم الموجبة للكفر ،األمر الذي يدعو إلى مواالتهم في الباطن بحصول التوافق في
الهدي الظاهر الذي يكون من موجبات كفرهم.
6ـ ومن صور التولي أيضاً :إظهار الموافقة لهم ،،،وعن هذه الصورة يقول الشيخ
حمد بن عتيق نقالً عن كالم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ(( :وأما المسألة
الثالثة ،وهي ما يعذر به الرجل على موافقة المشركين وإظهار الطاعة لهم ،فاعلم أن إظهار
الموافقة للمشركين له ثالث حاالت:
الحالة األولى :أن يوافقهم في الظاهر والباطن فينقاد لهم بظاهره ،ويميل إليهم
بباطنه ،فهذا كافر رخارج عن اإلسالم ،سواء كان مكرهاً على ذلك أو لم يكن( .)1وهو ممن
[النحل: ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ قال الله فيه :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
.]013
الحالة الثانية :أن يوافقهم ويميل إليهم في الباطن مع مخالفته لهم في الظاهر ،فهذا
كافر أيضاً ،ولكن إذا عمل باإلسالم ظاهراً عصم ماله ودمه ،وهو المنافق.
الحالة الثالثة :أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن ،وهو على وجهين:
أن يفعل ذلك لكونه في سلطانهم وتقييدهم له ،ويهددونه بالقتل فيقولون له :إما أن
توافقنا وتظهر االنقياد لنا ،وإال قتلناك ،فإنه والحالة هذه يجوز له موافقتهم في الظاهر مع
كون قلبه مطمئناً باإليمان ،كما جرى لعمار حين أنزل الله تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [النحل ،]013 :وكما قال تعالى :ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ
[آل عمران ،]28 :فاآليتان دلتا على الحكم كما نبه على ذلك ابن كثير في تفسير آية آل
عمران...
( )1ما دامت وقعت الموافقة بالباطن فليس لإلكراه صورة هنا.
396 شرط المحبة
الوجه الثاني :أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن ،وهو ليس في
سلطانهم ،وإنما حمله على ذلك :إما طمع في رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال أو
رخوف مما يحدث في المآل ،فإنه في هذه الحال يكون مرتداً ،وال تنفعه كراهته لهم في
الباطن( ،)1وهو ممن قال الله فيهم :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﭨ ﭩ [النحل ))]012 :انتهى(.)2
فتلخص من كالم الشيخ ـ رحمه الله ـ أن الموافقة للكفار على ثالثة أحوال ،كل
حال منها دارخلة تحت مفهوم التولي ،وهي:
الحال األولى :الموافقة لهم في الظاهر والباطن.
الحال الثانية :الموافقة لهم في الباطن دون الظاهر.
الحال الثالثة :الموافقة لهم في الظاهر دون الباطن ،إذا لم يكن مكرهاً .أما إن كان
مكرهاً فال يكون متولياً لهم في الحقيقة ألنه معذور.
والمراد هنا الموافقة لهم في ما هو من موجبات كفرهم ،كما قال تعالى :ﯵ ﯶ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ
[النساء ]60 :كما سيأتي تفصيله.
والفرق بين هذه الصورة والتي قبلها ،أن الموافقة قد تكون بالر ى دون الفعل،
بخالف المشاركة فال تكون إال مع الفعل.
( )1يقول الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ـ رحمه الله ـ في رسالته حكم مواالة أهل اإلشراك من مجموع
الفتاوى النجدية (ص( :)622 :اعلم رحمك الله تعالى أن اإلنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم رخوفاً
منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم فإنه كافر مثلهم ،وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ،ويحب اإلسالم والمسلمين،
هذا إذا لم يقع منه إال ذلك ،فكيف إذا كان في دار منعة واستدعى بهم ،ودرخل في طاعتهم ،وأظهر الموافقة على
دينهم الباطل وأعانهم عليه بالنصرة ،وواالهم ،وقطع المواالة بينه وبين المسلمين ،وصار من جنود القباب والشرك
وأهلها بعد ما كان من جنود اإلرخالص والتوحيد وأهله؟ فإن هذا ال يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عدواة لله
تعالى ورسوله ،وال يستثنى من ذلك إال المكره ،وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له :اكفر أو افعل
كذا وإال فعلنا بك وقتلناك ،أو يأرخذونه فيهددونه حتى يوافقهم ،فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب
باإليمان .وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازالً أنه يكفر ،فكيف بمن أظهر الكفر رخوفاً وطمعاً في
الدنيا؟) .انتهى.
( )2رسالة الشيخ حمد بن عتيق من مجموعة التوحيد (ص 296 :ـ .)293
393 شرط المحبة
3ـ ومن صور التولي أيضاً :المشابهة المطلقة أو الكلية للكفار والمشركين(.)1
() 2
قال شيخ اإلسالم ـ تعليقاً على قوله « :من تشبه بقوم فهو منهم»
وعلى قول عبد الله بن عمرو بن العاص « :من بنى بأرض المشركين ،وصنع
نيروزهم( )3ومهرجانهم ،وتشبه بهم حتى يموت ُح شر معهم يوم القيامة»( )4ـ ((فقد
يُحمل هذا على التشبه المطلق ،فإنه يوجب الكفر ،ويقتضي تحريم أبعاض ذلك .وقد
( )1وابط تكفير المعين عند ابن تيمية وابن عبد الوهاب (ص.)280 :
والجدير بالذكر أن المشابهة للكفار يختلف حكمها بارختالف أنواع هذه المشابهة وقدرها :فقد تكون كفراً إذا كانت
مشابهة مطلقة ،أو مشابهة في بعض موجبات كفرهم؛ كالتشبه بهم في عبادة القبور ودعاء أصحابها واالستغاثة بهم .فإن
الغلو في الصالحين وصرف العبادة لهم هو من صنيع األمم السابقة.
وقد تكون المشابهة بدعة إذا كان الفعل بدعة؛ كالدعاء عند القبور ،والصالة عندها ،ألن ذلك من صنيع اليهود
والنصارى كما في الحديث« :لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» .وكالبناء على القبور فهو
من بدع النصارى كما في الحديث« :إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا
فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» .والحديثان في الصحيح.
وقد تكون المشابهة محرمة؛ إذا كانت في زيهم ،ولباسهم ،ومشيهم ،وكالمهم.
وقد تكون مكروهة إذا كانت في العادات التي لم يختصوا بها ،ولكن مما غلب عليهم ،كترك تغيير الشيب ،أو
ترك الصالة في النعلين ،ونحو ذلك.
وقد تكون جائزة إذا كانت في األمور النافعة؛ كصناعة األسلحة ،وما فيه تقوية للمسلمين ،واستقالل عنهم .انظر:
تفصيل هذه المسألة في اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم.
( )2أرخرجه أبو داود في كتاب اللباس ،باب :في الشهرة ( )606/6رقم ( ،)6160وأحمد في المسند (،)61/2
وحسن إسناده :السيوطي في الجامع الصغير ( ،)691/0وابن تيمية في االقتضاء ( ،)263/0وقال األلباني في
صحيح الجامع الصغير ( )81962صحيح.
( )3النيروز معرب ،و هو أول السنة لكنه عند الفرس عند نزول الشمس أول الحمل ،وعند القبط أول توت .وفي
القاموس المحيط :النيروز أول يوم السنة معرب نوروز ،والنوروز مشهور وهو أول يوم تتحول الشمس فيه إلى برج
الحمل ،وهو أول السنة الشمسية كما أن غرة شهر المحرم أول السنة القمرية)) انتهى .وهو عيد من أعياد
المشركين كانوا يظهرون فيه السرور والفرح .انظر :المصباح المنير (ص ،)699 :وعون المعبود (.)660/6
( )4أرخرجه البهقي في السنن الكبرى ( ،)266/9قال ابن تيمية :إسناده صحيح [االقتضاء (.])660/0
392 شرط المحبة
يُحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه؛ فإن كان كفراً أو معصية،
أو شعاراً لهما كان حكمه كذلك))(.)1
ولعل العلة في ذلك ـ والله أعلم ـ ما ذكره شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في مو ع
آرخر :من أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة ومواالة في الباطن ،كما أن
المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر( ،)2وذلك من صور التولي كما تقدم.
2ـ ومن الصور أيضاً(( :تمجيد ما هم عليه من كفر وشرك))(.)3
8ـ ومنها أيضاً(( :محبة ظهورهم على المسلمين وكراهية نصرة المسلمين عليهم))(.)4
ومن هذا النوع ما حصل من المنافقين زمن النبي من مظاهرة المشركين ومناصرتهم
على المسلمين ومحبة ظهور دينهم على دين المسلمين رغبة في الشرك عن اإلسالم.
9ـ وأيضاً :الدعوة إلى تطبيق ما هم عليه من تشريعات كفرية ،وتفضيلها على الشريعة
اإلسالمية ،ألن في ذلك ركوناً إليهم(.)5
عن هذه الصورة يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :ومن جنس مواالة الكفار التي ذم الله
بها أهل الكتاب والمنافقين :اإليمان ببعض ما هم عليه من الكفر ،أو التحاكم إليهم دون
كتاب الله ،كما قال تعالى :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [النساء ،]60:وقد عرف أن سبب نزولها شأن كعب بن
األشرف أحد رؤساء اليهود لما ذهب إلى المشركين ،ورجح دينهم على دين محمد
وأصحابه))(.)6
01ـ ومن صور التولي أيضاً(( :الطعن في أحكام اإلسالم إر اءً لهم ،كالطعن في
أحكام آيات الحجاب والطالق والنكاح))(.)7
00ـ ومن فروع هذه المواالة أيضاً ما يدعو إليه بعض الجهلة من أبناء المسلمين من
الوحدة بين األديان الثالثة ،والسعي إلزالة الخالف العقدي ،وإسقاط الفوارق األساسية فيما بين
تلك الديانات ،وعقد مؤتمرات عالمية بخصوص ذلك الشأن يلتقي فيها الكافر مع المسلم في
مشهد ارخوي ـ زعموا ـ ألجل التقنين لهذه الفكرة الخبيثة والتي يقصد من ورائها إسقاط عقيدة
الوالء والبراء وقلعها من قلوب المسلمين بدعوى حرية األديان والتعايش بين األديان وعدم معاداة
السامية .ونجد ـ ولألسف الشديد ـ من أبناء المسلمين ممن ينخدع وينساق وراء هذه الشعارات
البراقة ،والتي باطنها وظاهرها الكفر .وإال فأي دين يدعو لذلك؟؟!!
وقد يطلقون على هذه الوحدة المزعومة بين الديانات الثالثة ((اإلسالم والنصرانية
واليهودية)) ما يسمى بالديانة اإلبراهيمية أو الديانة العالمية.
وقد نشأت هذه الدعوة المضللة في أحضان التنصير ،والصهيونية العالمية كما كان
للبهائية مشاركة في إيجاد دين يوافق عليه الجميع.
ويذكر أن من أشهر دعاة وحدة األديان في العصر الحديث جمال الدين الفارسي
والمشهور باألفغاني( ،)1فقد كان له دور رخطير في السعي إلى توحيد األديان الثالثة.
وتلقف هذه الدعوة من بعده تلميذه محمد عبده( ،)2فقد كان له مشاركة في التوفيق بين
اإلسالم والنصرانية(.)3
( )1هو :جمال الدين بن صفدر بن علي بن محمد الحسيني ،كان قد دعا إلى نهضة إصالحية في الدين والسياسة
بمصر ،فنفته الحكومة المصرية ،فقصد باريس وأنشأ بها مع رفيقه محمد عبده جريدة العروة الوثقة ،توفي بتركيا
سنة ( )1319هـ ،وكان ذا شخصية غامضة ،وفكر منحرف .انظر :معجم المؤلفين ( ،)513/1واإلسالم
والحضارة الغربية لمحمد محمد حسين (ص.)43 :
( )2هو :محمد عبده بن حسن رخير الله المصري ،فقيه متكلم صوفي ،شارك في سياسة الدولة المصرية ثم تخلى
عنها ،اتهم بأنه أفتى بوجوب قتل الخديوي ،ففر من القطر المصري إلى الشام ،ثم غادر منها إلى باريس لنشر
مجلة العروة الوثقى مع شيخه جمال الدين األفغاني ،ثم عفي عنه ،فعاد إلى مصر ،وولي رئاسة اإلفتاء .من آثاره:
(رسالة في وحدة الوجود)( ،شرح نهج البالغة)( ،تفسير سورة العصر) ،وكان صاحب نزعة عقلية وميول غربي
توفي باإلسكندرية سنة ( )1333هـ .انظر :اإلسالم والحضارة الغربية لمحمد حسين (ص ،)43 :ومعجم
المؤلفين ( 959/3ـ .)955
( )3نواقض اإليمان العملية (ص )622 :بتصرف.
399 شرط المحبة
كما أن جذور هذه الدعوة ترجع إلى مالحدة قدماء الصوفية ألن اعتقادهم بالحلول
واالتحاد يحتم عليهم تصويب كل اعتقاد كما مر شواهد ذلك في أقوالهم عند مبحث
"معنى ال إله إال الله عند أهل الحلول واالتحاد وأثره على العقيدة" ،ولذا كانوا من المنادين
بهذه العقيدة الداعين إليها المنافحين عنها ،وقد أشار إلى ذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية في
أكثر من مو ع في كتبه ،فمن ذلك قوله(( :ولهذا كان هؤالء؛ كابن سبعين ونحوه يعكسون
دين اإلسالم فيجعلون أفضل الخلق المحقق عندهم هو القائل بالوحدة .وإذا وصل إلى هذا
فال يضره عندهم أن يكون يهودياً أو نصرانياً بل كان ابن سبعين وابن هود والتلمساني
وغيرهم يسوغون للرجل أن يتمسك باليهودية والنصرانية كما يتمسك باإلسالم ،ويجعلون
هذه طرقاً إلى الله بمنـزلة مذاهب المسلمين ويقولون لمن يختص بهم من النصارى واليهود
إذا عرفتم التحقيق لم يضركم بقاؤكم على ملتكم بل يقولون مثل هذا للمشركين عباد
األوثان))(.)1
كما ُوجدت هذه الدعوة الخبيثة أيضاً عند التتار ،يقول ابن تيمية في ذلك:
((وكذلك األكابر من وزرائهم وغيرهم يجعلون دين اإلسالم كدين اليهود والنصارى ،وأن هذه
كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب األربعة عند المسلمين))( .)2انتهى.
وال شك أنها كفر بواح وردة صريحة ،وذلك لما فيها من إقرار عقائد الكفار،
واستحالل ما حرم الله تعالى من ترك مواالتهم ،وأيضاً ما يترتب عليها من إسقاط فريضة
الجهاد وتوابع ذلك(.)3
فجميع هذه الصور مكفرة .والدليل قوله تعالى :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ [المائدة:
.]60وقوله :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ [المائدة.)4(]80 :
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمـه اللـه ـ فـي بيـان وجـه االستشـهاد بهـذه اآليـة والتـي قبلهـا فـي نفـي
اإليمــان عم ـن والــى الكفــار علــى هــذه الصــفة(( :فــذكر "جملــة شــرطية" تقتضــي أنــه إذا وجــد الشــرط
وجد المشروط بحرف «لو» التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشـروط ،فقـال :ﮝﮞﮟﮠﮡﭨﭩﮤﮥ ﮦ
ﮧ فــدل علــى أن اإليمــان المــذكور ينف ـي اتخــاذهم أوليــاء ويضــاده ،وال يجتمــع اإليمــان واتخــاذهم
أولياء في القلـب .ودل ذلـك علـى أن مـن اتخـذهم أوليـاء مـا فعـل اإليمـان الواجـب مـن اإليمـان باللـه
والنب ـي ،ومــا أنــزل إليــه .ومثلــه قولــه تعــالى :ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
ﭣﭤ [المائدة ]60 :فإنه أرخبر فـي تلـك اآليـات أن متـوليهم ال يكـون مؤمنـاً ،وأرخبـر هنـا أن متـوليهم
هو منهم))(.)1
وقال في مو ع آرخر(( :فبين سبحانه وتعالى :أن اإليمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم
لعدم واليتهم ،فثبوت واليتهم يوجب عدم اإليمان؛ ألن عدم الالزم يقتضي عدم الملزوم))(.)2
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في معرض حديثه عن نواقض اإلسالم
ومبطالته(( :الناقض الثامن :مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ،والدليل قوله تعالى:
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ [المائدة.)3())]61 :
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن(( :األمر الثاني من النواقض :انشراح الصدر لمن
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ أشرك بالله وموادة أعداء الله كما قال تعالى :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
ﮓ ﮔ ﮕ إلى قوله تعالى :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ [النحل 013 :ـ .]012فمن فعل
ذلك فقد أبطل توحيده ولو لم يقع في الشرك بنفسه ،قال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ [المجادلة .]22 :قال شيخ اإلسالم :أرخبر سبحانه أنه ال يوجد
مؤمن يواد كافراً ،ومن واده فليس بمؤمن))(.)4
وفي سؤال عُرض على اللجنة الدائمة نصه :ما حدود المواالة التي يكفر صاحبها
وتخرجه من الملة؟ فأجابت اللجنة(( :الحمد لله ،والصالة والسالم على رسول الله وآله
وصحبه ،وبعد :مواالة الكفار التي يكفر بها من واالهم :هي محبتهم ونصرتهم على
المسلمين ،ال مجرد التعامل معهم بالعدل ،وال مخالطتهم لدعوتهم لإلسالم ،وال غشيان
مجالسهم ،والسفر إليهم للبالغ ونشر اإلسالم))(.)2()1
وأما إن كان الداعي إلى هذه المواالة أمر دنيوي من صلة قرابة أو طمع في حصول
مالِ أو رئاسة ،أو نُصرة أو تأييد من الكفار ،أو مشحة بوطن أو عيال ،أو ألجل رخوف
مما يحدث في المآل ،ولم تكن بالموافقة أو بالمشاركة لهم في ما هو من موجبات كفرهم
فتكون ذنباً غير مخرج من الملة ،وذلك لما تفضي إليه من استحسان طريقتهم والر ا
بدينهم.
والدليل قوله تعالى ـ في شأن حاطب بن أبي بلتعة( )3لما كاتب المشركين ببعض
أرخبار النبي ـ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ [الممتحنة ،]0 :حيث
ناداه بوصف اإليمان المقتضي لعدم الكفران.
وفي ذلك يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو
حاجة ،فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ،وال يكون به كافراً ،كما حصل من حاطب بن أبي
بلتعة ،لما كاتب المشركين ببعض أرخبار النبي ،وأنزل الله فيه :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ [الممتحنة.)4(]0 :
( )1فتاوى اللجنة الدائمة ( 20/2ـ .)22ط .دار العاصمة للنشر والتوزيع ،الرياض.
( )2ومن رخالل هذه الصور المتقدمة نستطيع أن نضع ابطاً للموالة المكفرة ،وهو :حب الكفار مع نصرتهم ألجل
الدين أو نصرتهم فقط ألجل الدين وإن عريت عن المحبة لهم ،وكذا الموافقة لهم في موجبات كفرهم ولو مع
عدم المشاركة وسواء اقترن بها الحب أم لم يقترن .ومما يدرخل في صور هذه الموالة المشابهة المطلقة لهم،
وكذا تفضيل التحاكم إلى قوانينهم وأيضاً الر ا بقدحهم وطعنهم في أحكام ديننا ،أو المشاركة لهم في ذلك.
( )3هو :حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب اللخمي ،حليف بني أسد بن عبد العزي ،من السابقين
إلى اإلسالم ،شهد بدراً والحديبية ،مات في رخالفة عمر بن الخطاب .انظر :الجرح والتعديل ( ،)616/6وتاريخ
مدينة دمشق ( ،)280/66وتهذيب التهذيب (.)062/2
( )4القصة وردت في الصحيحين ،وسياقها في الصحيح (جـ 26/6ـ :)26عن علي قال :بعثني رسول الله أنا
والزبير والمقداد بن األسود .قال « :انطلقوا حتى تأتوا رو ة رخاخ ،فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها» فانطلقنا
تُعادى بنا رخيلنا ،حتى انتهينا إلى الرو ة ،فإذا نحن بالظعينة ،فقلنا :أرخرجي الكتاب .فقالت :ما معي من كتاب.
فقلنا :لتخرجن الكتاب ،أو لنُلقين الثياب .فأرخرجته من عقاصها ،فأتينا به رسول الله ،فإذا فيه من حاطب بن أبي
= بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله .فقال رسول الله « :يا حاطب ما
212 شرط المحبة
وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر البن أُبي في قصة اإلفك ،فقال لسعد بن
معاذ(( :كذبت والله ال تقتله وال تقدر على قتله)) .قالت عائشة(( :وكان قبل ذلك رجالً
()1
صالحاً ،ولكن احتملته الحمية))
ولهذه الشبهة سمى عمر حاطباً منافقاً فقال :دعني يا رسول الله أ رب عنق هذا
المنافق .فقال « :إنه شهد بدراً»( ،)2فكان عمر متأوالً في تسميته منافقاً للشبهة التي
فعلها))(.)3
وقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ ـ رحمه الله ـ(( :وأنزل الله في ذلك صدر سورة
الممتحنة :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ اآليات .فدرخل حاطب في المخاطبة باسم
اإليمان ،ووصفه به ،وتناوله النهي بعمومه ،وله رخصوص السبب الدال على إرادته ،مع أن
في اآلية الكريمة ما يشعر أن فعل حاطب نوعُ مواالة ،وأنه أبلغ إليهم بالمودة ،وأن فاعل
ذلك قد ل سواء السبيل ،لكن قوله « :صدقكم رخلوا سبيله» ظاهر في أنه ال يكفر
بذلك إذا كان مؤمناً بالله ورسوله ،غير شاك وال مرتاب ،وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي ،ولو
كفر لما قال« :رخلوا سبيله».
وال يقال قوله « :ما يدريك لعل اطلع على أهل البدر فقال :اعملوا ما شئتم فقد
غفرت لكم» هو المانع من تكفيره ،ألنا نقول لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنع من
لحاق الكفر وأحكامه ،فإن الكفر يهدم ما قبله ،لقوله تعالى :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀﰀ
ــــــــــ
هذا؟» .قال :يا رسول الله ال تعجل علي ،إني كنت امرأ ملصقاً في قريش ،ولم أكن من أنفسها ،وكان من معك من =
المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم ،فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً
يحمون بها قرابتي ،وما فعلته كفراً وال ارتداداً وال ر ًى بالكفر بعد اإلسالم .فقال رسول الله « لقد صدقكم» .قال
عمر :يا رسول الله دعني أ رب عنق هذا المنافق .قال« :إنه قد شهد بدراً ،وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع
على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».
( )1القصة أرخرجها بطولها البخاري في كتاب المغازي ،باب :حديث اإلفك ،واإلفك بمنزلة النجس (جـ 33/6ـ
)22ح رقم ( ،)6061ومسلم في كتاب التوبة ( )2063/6ح (.)2221
( )2تقدم تخريجه قريباً.
( )3مجموع الفتاوى ( 622/2ـ .)626
216 شرط المحبة
فالحاصل أن مواالة الكفار والمبتدعة تنافي محبة شهادة أن ال إله إال الله( ،)1ووجه
ذلك :أن محبة شهادة أن ال إله إال الله تستلزم أن يحب العبد ما يحبه الله تعالى من
الذوات واألفعال ،وأن يبغض ما يبغضه الله من ذلك.
يقول الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ(( :وعالمة حب العبد ربـه تقـديم محابـه وإن
رخالف ــت ه ـواه ،وبغ ــض م ــا ي ــبغض رب ــه وإن م ــال إلي ــه ه ـواه ،وم ـواالة م ــن وال ــى الل ــه ورس ـوله،
ومعاداة من عاداه ،واتباع رسوله ،واقتفاء أثره ،وقبول هداه .وكل هذه العالمات شرروط
في المحبة ال يتصور وجود المحبة مع عدم شرط منها))(.)2
ويقــول شــيخ اإلســالم فــي بيــان هــذا الــتالزم بــين المحبــة والــبغض ألعــداء اللــه(( :فمــن
المعلوم أن من أحب الله المحبة الواجبة فال بد أن يبغض أعداءه ،وال بد أن يحب ما يحبه
ﯘ م ــن جه ــادهم ،كم ــا ق ــال تع ــالى ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯙ ﯚ [الصف.)3())]6 :
ويو ــح ذلــك ابــن رجــب فيقــول(( :ثــم ذكــر أوص ـاف الــذين يحــبهم ويحبونــه ،فقــال:
ﮪ ﮫ ﮪ يعنــي :أنهــم يعــاملون المــؤمنين بالذلــة واللــين ورخفــض الجنــاح ،ﮭ ﮮ ﮯ
يعنــي :أنهــم يعــاملون الكــافرين بــالعزة والشــدة علــيهم واإلغــالظ له ـم ،فلمــا أحب ـوا أوليــاءه
الـذين يحبونــه ،فعــاملوهم بالمحبــة والرأفــة والرحمـة ،وأبغضـوا أعــداءه الــذين يعادونــه ،فعــاملوهم
ﭚ ﭛ [الفـ ــتح ،]29 :ﮰ ﮱ بالشـ ــدة والغلظـ ــة ،كمـ ــا قـ ــال تعـ ــالى :ﭗ ﭘ ﭙ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ [المائ ـ ـ ـ ــدة]66 :؛ ف ـ ـ ـ ــإن م ـ ـ ـ ــن تم ـ ـ ـ ــام المحب ـ ـ ـ ــة مجاه ـ ـ ـ ــدة أع ـ ـ ـ ــداء
المحبوب))( .)4انتهى.
ووجرره ثرران :أن الواليــة كمــا قــال ابــن القــيم(( :أصــلها الحــب؛ فــال مـواالة إال بحــب))(،)5
فحــب اللــه ســبحانه وتعــالى ال يجتمــع مــع محبــة أعدائــه ،فــال بــد أن يُزايــل أحــدهما اآلرخــر ،أو
يُذهب كماله الواجب(.)1
( )1إال أن حكم هذه المنافاة يختلف بحسب نوعية هذه المواالة وتعلقها بالموالي كما تقدم.
( )2معارج القبول ( .)626/2وانظر :طريق الهجرتين (ص ،)662 :والتحفة العراقية (ص.)692 :
( )3مجموع الفتاوى ( 31/01ـ .)30
( )4جامع العلوم والحكم (ص 322 :ـ .)328وانظر :نفس المصدر (ص.)222 :
( )5الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص.)680 :
216 شرط المحبة
ووجرره ثالررث :أن حقيقــة المحبــة ،كمــا قــال شــيخ اإلســالم ـ رحمــه اللــه ـ(( :مـواالة أوليــاء
المحبوب ومعاداة أعدائه))( ،)2فإذا انتفت هذه المعاداة انتفت المحبة.
المحدث إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ ـ ووجه رابع :وهو وجه عقلي ذكره الشيخ ُ
رحمه الله ـ في قوله(( :وأما وجوب الهجرة وفراق المشركين عقالً ،فـألن الحـب أصـل كـل عمـل
م ــن ح ــق وباط ــل ،وم ــن عالم ــة ص ــدق المحب ــة موافق ــة المحب ــوب فيم ــا أح ــب وك ــره ،وال تحق ــق
المحبــة إال بــذلك ،ومحــال أن توجــد المحبــة مــع مالءمــة أعــداء المحبــوب .وهــذا ممــا تقتضــيه
المحبة فكيف إذا كان قد حذرك من عدوه الذي قد طرده عن بابه ،وأبعده عن جنابه ،واشترطه
عليك في عهده إليك ،هذا والله مما ال يسمح به المحب ،وال يتصوره العاقل.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر فظيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع مت ـ ـ ـ ـ ـ ــى ص ـ ـ ـ ـ ـ ــدقت محب ـ ـ ـ ـ ـ ــة م ـ ـ ـ ـ ـ ــن يران ـ ـ ـ ـ ـ ــي
()3
وتسمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح عين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بالدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع فتسمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح أذنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بسم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتمي
ومــن وجــوه العقــل أيض ـاً فــي وجــوب معــاداة الكفــار :فــإن التوحيــد انتمــاء ووالء وذلــك
يقتضي البراءة من المخالف.
إذا ثبــت هــذا ،فهنــاك أمــور ال تــدرخل تحــت مفهــوم هــذه الم ـواالة ،قــد تلتــبس علــى
بعــض النــاس ،ـ وهــي مــن بــاب المعاملــة ال بــاب الواليــة ـ ،ولــذا ناســب أن نشــير إليهــا ،ولــو
بإجمال.
األمر األول :المعاملة الدنيوية مع الكفار؛ كتبادل التجارات والمنافع المباحة.
األمر الثاني :االستعانة بخبرائهم في األمور التي ال يحسنها إال هم.
األم ررر الثال ررث :االس ـتعانة بهــم علــى الكفــار عنــد الحاجــة واال ــطرار( )4بالشــروط
والضوابط المعروفة عند أهل العلم(.)5
ــــــــــ
(= )1انظر :قاعدة في المحبة (ص.)036 :
( )2التحفة العراقية (ص.)663 :
( )3سلوك الطريق األحمد (ص 26 :ـ .)23
( )4ارختلف أهل العلم في حكم االستعانة بالكفار على ثالثة أقوال :الجواز مطلقاً ،المنع مطلقاً ،الجواز مع
الحاجة .والقول بالجواز عند الحاجة رجحه ابن القيم كما في زاد المعاد (.)311/3
( )5من الضوابط التي ذكرها أهل العلم في جواز االستعانة بالكافر الحربي :أن يكون مأموناً يقول ابن القيم ـ رحمه
الله ـ(( :الستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة)) [زاد المعاد (.])311/3
213 شرط المحبة
فهــذه األمــور ال تســتلزم الميــل القلبــي وال تــدل عليــه ،كمــا أنهــا ال تــدرخل فــي مناصــرة
الكفــار ومظــاهرتهم ،بــل فيهــا تقويــة للمســلمين ونُصــرةٌ لهــم .وأيضـاً فالــدليل قــد دل عليهــا()1؛
فهي من باب المعاملة ال باب الوالية.
ومن ذل أيضاً :مداراة الكفار إذا رخشي المسـلم مـن شـرهم ،كمـا قـال تعـالى :ﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ [آل عم ـران ]28 :يعنــي :المــداراة ،ولــيس هــذا مــن الم ـواالة بــل هــو مــن
دفع الضرر عن المسلمين.
فالتقية ـ كما قال أكثر المفسرين ـ ليسـت مـن بـاب الركـون ،بـل هـي إباحـة عار ـة ال
تكون إال مع رخوف القتل(.)2
وصورتها ـ كما قال الشيخ سليمان آل الشيخ ـ(( :أن يكون اإلنسان مقهوراً معهم ،ال
يقدر على عداوتهم فيظهر لهم المعاشرة والقلب مطمئن بالبغضاء والعداوة))(.)3
ومن األمور التي ال تدخل تحت مفهروم المروالة أيضراً :مكافـأة الكفـار إذا أحسـنوا
ﭻ ﭼ إلينا ال محبة لهـم ،وإنمـا نكـافئهم علـى صـنيعهم فقـط كمـا قـال تعـالى :ﭹ ﭺ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
[الممتحن ــة ،]8 :ف ــإذا ك ــان الكف ــار ل ــم يق ــاتلوا المس ــلمين ،وك ــان له ــم ي ــد عن ــد المس ــلمين ف ــإن
المسلمين يكافئونهم على إحسانهم ،وفي ذلك فوائد ومصالح عظيمـة ،منهـا أن هـذا ترغيـب
لهــم فــي اإلســالم ،ومنهــا أنــه ال يبقــى لهــم يــد علــى المســلمين إذا كافأنــاهم علــى جمــيلهم،
نقول :أعطيناكم كما أعطيتمونا ولم يبق لكم يد تذلوننا بها.
ومررن األمررور أيضراً :بــر الوالــد الكــافر كمــا قــال تعــالى :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [لقمــان:
،]06فليس هذا من باب المـودة والمحبـة الدينيـة ،وإنمـا هـو مـن بـاب رد الجميـل إلـى الوالـد
الــذي رب ـاك وأحســن إليــك ،وهــذا مــن بــاب التعامــل الــدنيوي ،أمــا التعامــل الــديني بالمحبــة
والمناصرة والمعاونة فال ،كما قـال تعـالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ اآلية(.)4
( )1انظر :هذه األدلة في شرح نواقض اإلسالم للفوزان ( 036ـ .)033
( )2انظر :بدائع الفوائد ( ،)626/6وسلوك الطريق األحمد (ص.)29 :
( )3حكم مواالة أهل اإلشراك من مجموعة التوحيد النجدية (ص .)628 :وانظر :بدائع الفوائد (.)626/6
( )4انظر :تفصيل هذه األمور في شرح نواقض اإلسالم للفوزان (ص 036 :ـ .]021
212 شرط المحبة
الذي ال بد منه لكل مؤمن ،فإن من عرف أن ال إله إال الله فال بد من االنقياد لحكم الله
والتسليم ألمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد ،فمن شهد أن ال إله إال الله
ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول في موارد النزاع فقد كذب في شهادته))(.)1
ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في حقيقة هذا الترابط(( :فمث ُل اإلسالم من
اإليمان ،كمثل الشهادتين إحداهما من األرخرى في المعنى والحكم؛ فشهادة الرسول غير
شهادة الوحدانية فهما شيئان في األعيان وإحداهما مرتبطة باألرخرى في المعنى والحكم
كشيء واحد))(.)2
ويو ح ذلك الشيخ حافظ حكمي فيقول(( :وقد قدمنا أن العبد ال يدرخل الدين إال
بهاتين الشهادتين ،وأنهما متالزمتان ،فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية ،كما
أنها هي الشرط في األولى))(.)3
وذكر الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في «كلمة اإلرخالص»( )4وجه هذا التالزم
بين الشهادتين فقال(( :ومن هاهنا يُعلم أنه ال تتم شهادة أن ال إله إال الله إال بشهادة أن
محمداً رسول الله؛ فإنه إذا علم أنه ال تتم محبة الله إال بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه،
فال طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إال من جهة محمد المبلغ عن الله ما يحبه وما
يكرهه باتباع ما أمر به ،واجتناب ما نهِى عنه ،فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله
وتصديقه ومتابعته .ولهذا قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى :ﭻ ﭼ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [التوبة .]26 :كما قرن طاعة الله
وطاعة رسوله في موا ع كثيرة)) .انتهى(.)5
فخالصة ما سبق أن من شرط محبة ال إله إال الله متابعة النبي ،ألنه هو الطريق الوحيد
إلى معرفة تفاصيل مقتضيات المحبة ،وأن شهادة أن ال إله إال الله ال تتم بدون هذه المتابعة.
والجدير بالذكر هنا أن من الفرق المخالفة في متابعة النبي المنازعة في وجوبها
طائفة "القرآنيين" ،ـ والقرآن منهم بريء ـ وهم الذين يزعمون أنه ال حاجة بهم لهذه المتابعة،
وأنه يُكتفى بالقرآن في إقامة الشرع؛ ولذا فهم يفسرون القرآن بأهوائهم وعقولهم دون
()1
السنة وحي ثان من الله االستعانة على ذلك بالسنة الصحيحة ،ونسوا أو تجاهلوا أن ُ
( )1أرخرجه أحمد في المسند ( )061/6من حديث المقدام بن معد يكرب الكندي .وأصله في سنن الترمذي
( ،)62/6كتاب العلم ،باب :ما نُهي عنه أن يقال عند حديث النبي ح ( .)2336وحكم عليه األلباني
بأنه صحيح كما في صحيح الجامع (.)2366
وتمامه« :أال يوشك رجل ينثني شبعاناً على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حالل فأحلوه وما
وجدتم فيه من حرام فحرموه».
قال المباركفوري في شرحه على هذا الحديث(( :وهذا الحديث دليل من دالئل النبوة وعالمة من عالماتها ،فقد
وقع ما أرخبر به ،فإن رجالً قد رخرج في الفنجاب من إقليم الهند وسمى نفسه بأهل القرآن ،وشتان بينه وبين أهل
القرآن بل هو من أهل اإللحاد ،وكان قبل ذلك من الصالحين ،فأ له الشيطان وأغواه وأبعده عن الصراط
المستقيم ،فتفوه بما ال يتكلم به أهل اإلسالم ،فأطال لسانه في رد األحاديث النبوية بأسرها رداً بليغاً ،وقال:
هذه كلها مكذوبة ومفتريات على الله تعالى ،وإنما يجب العمل على القرآن العظيم فقط دون أحاديث النبي ،
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ وإن كانت صحيحة متواترة؛ ومن عمل على غير القرآن فهو دارخل تحت قوله تعالى:
[المائدة .]66 :وغير ذلك من أقواله الكفرية وتبعه على ذلك كثير من الجهال ،وجعلوه إماماً. ﮫ ﮪ ﮭ
وقد أفتى علماء العصر بكفره وإلحاده ورخرجوه عن دائرة اإلسالم .واألمر كما قالوا)) .انتهى[ .تحفة األحوذي
( 666/2ـ .])666
( )2كما وقد دل على كفرهم وجوه أرخرى منها:
1ـ أنهم أنكروا أصالً مجمعاً عليه عند المسلمين وهو السنة النبوية.
3ـ أنهم ينكرون أموراً معلومة من الدين بالضرورة؛ حيث ينكرون بعض الصلوات الخمس في اليوم والليلة فهم ال
يؤدون إال ثالث صلوات في اليوم والليلة.
200 شرط المحبة
وتجريحهم ،لما في ذلك من النصيحة لألمة ،والمراعاة لشروط هذه الكلمة ولوازمها من
الموالة والمعاداة على السنة.
شبهة وجوابها:
وأرختم الكالم على شرط المحبة بشبهة قد يتمسك بها البعض لنفي هذا الشرط،
كما وقد شافهني بذلك أحدهم؛ حيث فهم أن المحبة شرط كمال وليست بشرط صحة.
والشبهة هي :االستدالل على صحة إسالم من كان كارهاً مبغضاً لإلسالم بقوله
()1
أجدني كارهاً .قال« :أسلم وإن كنت كارهاً» لرجل من بني النجار «أسلم» .قالُ :
قال الشوكاني ـ بعد أن أورد هذا الحديث من جملة من األحاديث ـ(( :هذه
األحاديث فيها دليل على أنه يجوز مبايعة الكافر وقبول اإلسالم منه ،وإن شرط شرطاً
باطالً ،وأنه يصح إسالم من كان كارهاً))(.)2
ويقال في الجواب عن هذه الشبهة:
أوالً :من األصول المقررة والتي ال محل لالرختالف عليها بين أهل العلم أن دين
الله واحد ،ليس فيه تضاد وال تعارض وال تخالف من كل وجه ،لكونه من عند الله كما قال
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ [النساء.]82 : تعالى :ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ
وإنما يقع التعارض في ظن الناظر؛ لقصور فهمه ،ولذا يلجأ إلى دفع هذا التعارض؛ إما
بالتأويل( )3أو بالترجيح( ،)4أو باحتمال النسخ(.)5
ثانياً :أن المحبة كما تقدم هي حقيقة ال إله إال الله ال تصح شهادة أن ال إله إال الله إال
بها.
( )1أرخرجه أحمد في المسند ( ،)080 ،019/6وأبو يعلى في مسنده ( )613،620/3ح رقم (،6236
،)6829والضياء في المختارة ( )66 ،62/3ح رقم ( .)0990 ،0989وقال إسناده صحيح ،وأورده
الحافظ ابن كثير في التفسير ( )296/0وعزاه إلى اإلمام أحمد .وقال :ثالثي صحيح .وقال الهيثمي :رجاله
رجال الصحيح [فيض القدير .])618/0
( )2نيل األوطار ( .)296/6ط :دار الكلم الطيب.
( )3أي بصرف اللفظ عن جارحه.
( )4أي من غير مرجح.
( )5أي ولو لم يعلم بالتاريخ.
206 شرط المحبة
إذا ثبت هذا ،فإن هذا الحديث ال يُعارض األدلة ـ المتقدمة ـ الدالة على لزومية
المحبة لصحة اإلسالم وشرطيتها في تحقيق اإليمان لما تقدم من أن دين الله واحد ال
يتعارض وال يتناقض على وجه ال يمكن معه الجمع بين األدلة.
وهنا من الممكن الجمع بين تلك األدلة الدالة على شرطية المحبة لصحة اإلسالم
وقول النبي ـ عليه الصالة والسالم ـ لذاك الرجل «أسلم وإن كنت كارهاً» ،وذلك أن يقال:
أنه ال تنافي أصالً بين هذه األدلة ،وإنما هذا محمول ـ أعني قوله « :أسلم ولو كنت
كارهاً» ـ على التألف والترغيب في اإلسالم واألرخذ بالتدرج مع المخالف إلدرخاله في دين
اإلسالم ،ألنه إذا درخل في اإلسالم ظاهراً فإنه سرعان ما يتمكن اإلسالم من قلبه فيحب
هذه الكلمة وما دلت عليه من التوحيد والوالء والبراء ،وذلك لما يرى من األدلة الدالة على
سماحة دين اإلسالم وصحته من بين األديان ،فيُسلم لله ظاهراً وباطناً.
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في معنى هذا الحديث(( :فإنه لم يكرهه النبي
على اإلسالم بل دعاه إليه ،فأرخبره أن نفسه ليست قابلة له بل هي كارهة فقال له:
«أسلم وإن كنت كارهاً» ،فإن الله سيرزقك حسن النية واإلرخالص))(.)1
قلت :وفي هذا المعنى أيضاً ما جاء عن النبي أنه كان يُعطي أقواماً يتألفهم
بالعطية( )2حتى يتمكن اإلسالم من قلوبهم فيسلموا لله ظاهراً وباطناً؛ فكان يُدرجهم على
اإلسالم شيئاً فشيئاً(.)3
وليس المقصود أن من مات وهو كاره لدين اإلسالم مات مسلماً موحداً بمجرد
إقراره بالشهادتين ،كيف ذلك ،وقد قال ـ سبحانه وتعالى ـ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ
ﯮ [محمد.] 9:
وقيل :بل المقصود كراهة الطبع ال كراهة االرختيار ،وذلك يكون لمفارقة المألوف،
ولكن متى رخالطت بشاشةُ اإليمان القلب ،ومازجت بهجة التوحيد اللب انشرح الصدر،
واتسع األمر وآب المؤمن بعظيم األجر(.)1
ولكن التوجيه األول أظهر ،ألن كراهة الطبع قد تعرض حتى لمن تمكن اإلسالم في
قلبه بأن يكره بعض األمور الواجبة عليه ،وال يكون بذلك كافراً ،كما قال تعالى مخاطباً
المؤمنين :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ [البقرة .]203 :فأرخبر بما يجيش في صدور المؤمنين من
كراهية القتال الواجب عليهم لما فيه من التعب والمشقة وحصول أنواع المخاوف والتعرض
للمتالف ،ولم يرتب عليه شيئاً ،بل أرشدهم إلى أن القتال رخير محض؛ لما فيه من الثواب
العظيم والتحرز من العقاب األليم ،والنصر على األعداء ،والظفر بالغنائم ،وغير ذلك مما هو
ُمرب على ما فيه من الكراهة ( .)2والله تعالى أعلم.
كما وقد يجاب عن هذه الشبهة أيضاً بأن الحديث يُحمل على صحة اإلسالم ولو مع
الشرط الفاسد ثم يُلزم المشترط بشرائع اإلسالم كلها؛ كما نص عليه اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(،)3
واستدل عليه بحديث جابر :اشترطت ثقيف على رسول الله أن ال صدقة عليهم وال
جهاد ،وأنه سمع النبي بعد ذلك يقول« :سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا»(.)4
وفيه أيضاً عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي فأسلم على أن ال
يصلي إال صالتين ،فقبل منه(.)5
واستدل ـ أيضاً ـ بأن حكيم بن حزام قال بايعت النبي على أن ال أرخر إال قائماً»(.)6
قال أحمد :معناه أن يسجد من غير ركوع(.)7
ــــــــــ
(= )1هامش مسند أبي يعلى للمحقق حسين سليم أسد (.)612/3
( )2تفسير السعدي (ص )92 :بتصرف.
( )3جامع العلوم والحكم (ص 068 :ـ .)069وانظر :تعظيم قدر الصالة للمروزي (.)96/0
( )4أرخرجه أبو داود في كتاب اإلمارة والخراج والفيء ،باب :ما جاء في رخبر الطائف ( )143/3ح ()3135
وصحح إسناده األلباني كما في السلسلة الصحيحة ( )511/9برقم (.)1888
( )5أرخرجه أحمد في المسند ( ،)343/5وابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني ( )115/3ح ( ،)191وأورده
ابن حجر في المطالب العالية ( )535/1تحت باب :التألف على اإلسالم ،وأورده الشوكاني في النيل
( )13/8وبوب عليه :باب صحة اإلسالم مع الشرط الفاسد.
( )6أرخرجه النسائي في كتاب التطبيق ،باب :كيف يخر للسجود ( )315/3ح ( ،)1189وأحمد في المسند
( ،)913/3وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)318/5والطبراني في الكبير ( .)115/3وصحح إسناده
األلباني كما في صحيح سنن النسائي (.)315/3
( )7جامع العلوم والحكم (ص 068 :ـ .)069وانظر :تعظيم قدر الصالة للمروزي (.)96/0
206 شرط المحبة
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ بعد أن ذكر هذه األحاديث وما يعار ها ـ (( :وبهذا
الذي قررناه يظهر الجمع بين ألفاظ أحاديث هذا الباب ،ويتبين أن كلها حق؛ فإن كلمتي
الشهادتين بمجردهما تعصم من أتى بهما ويصير بذلك مسلماً .فإذا درخل في اإلسالم،
فإن أقام الصالة ،وآتى الزكاة ،وقام بشرائع اإلسالم ،فله ما للمسلمين ،وعليه ما على
المسلمين ،وإن أرخل بشيء من هذه األركان ،فإن كانوا جماعة لهم منعة قوتلوا .وقد ظن
بعضهم أن معنى الحديث أن الكافر يُقاتل حتى يأتي بالشهادتين ،ويقيم الصالة ،ويؤتي،
الزكاة وجعلوا ذلك حجة على رخطاب الكفار بالفروع ،وفي هذا نظر ،وسيرة النبي في
قتال الكفار تدل على رخالف هذا .وفي صحيح مسلم( )1عن أبي هريرة أن النبي
دعا عليًا يوم رخيبر ،فأعطاه الراية وقال« :امش وال تلتفت حتى يفتح الله عليك» فسار
علي شيئاً ،ثم وقف فصرخ :يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ فقال« :قاتلهم على أن
يشهدوا أن ال إله إال الله ،وأن محمداً رسول الله ،فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا منك دماءهم
وأموالهم إال بحقها ،وحسابهم على الله .»فجعل مجرد اإلجابة إلى الشهادتين عصمة
للنفوس واألموال إال بحقها ،ومن حقها االمتناع عن الصالة والزكاة بعد الدرخول في اإلسالم
كما فهمه الصحابة ر ي الله عنهم))( )2أ .هـ.
وبهذا يُعلم صحة تأويل هذا الحديث وأنه محمول على التألف على اإلسالم ثم
اإللزام ببقية شرائع اإلسالم ،وأن اإلسالم يصح ولو مع الشرط الفاسد؛ كسائر العقود فإنها
تصح مع الشرط الفاسد ثم يُلزم الطرف اآلرخر بإلغاء فاسد الشرط كما في حديث بريرة لما
شرط أهلها على عائشة لما أرادت شراءها وعتقها والءها ،فقال النبي لعائشة لما ذكرت
له ذلك« :ابتاعيها فأعتقيها ،فإن الوالء لمن أعتق» ثم قام رسول الله على المنبر وقال:
«ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله
فليس له ،وإن اشترط مائة مرة»(.)3
( )1851/9( )1كتاب فضائل الصحابة ر ي الله عنه حديث رقم (.)3915
( )2جامع العلوم والحكم (ص.)141 :
( )3أرخرجه البخاري في كتاب الصالة ،باب :ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد (جـ )139/1ح (،)954
ومسلم في كتاب العقد ( )1193/3ح (.)1519
203 شرط المحبة
قال الحافظ ابن عبد البر(( :وفي هذا الحديث دليل على أن الشرط الفاسد في
البيع ال يفسد البيع ،ولكنه يُسقط ،ويبطل الشرط ،ويصح البيع))( )1انتهى.
كما يلزم من القول بأن المحبة شرط كمال ال شرط صحة أن تكون جميع األعمال
الباطنة والظاهرة غير الزمة لصحة اإليمان ،ألن المحبة أصل لجميع هذه األعمال كما
تقدم.
وتو يح ذلك :أن المحبة ملزومة لهذه األعمال وهذه األعمال الزمة لها ،والزم
الكمال ال يكون إال كماالً.
أو بعبارة أخرى :أن هذه األعمال فرع عن المحبة وذلك في حق المؤمن( ،)2وما
تفرع عن الكمال فإنه ال يكون إال كماالً ،فصح أن القول بأن المحبة شرط كمال ال شرط
صحة يلزم منه أن تكون األعمال الباطنة والظاهرة غير الزمة لصحة اإليمان ،وهو باطل .وما
أدى إلى باطل فهو باطل.
فالحاصل أن هذه الشبهة ساقطة من كل وجه ،وليس في نصوص الشرع ما يعضدها.
( )1البراءة من الشرك هو تعبير الشيم ابن باز ر فال ال الكال ر ا تقشم.
( )2افظر( :ص 742 :ر .)727
( )3افظر( :ص 721 :ر .)727
( )4أبو ال ظفر تقشمل ترج تال.
( )5فقالك ن تيسير العز ز الح يش (ص.)55 :
( )6مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب في العقيشة (ص ،)126:الشفف السإلية (.)176/17
( )7الشفف السإلية (.)767/6
717 شرط الكفر بالطاغوت
وأمررا مكافررة هررها الشرررط فدرري ظي ررة .فدررو شررطر التواليررش ،و ك ررة التواليررش تررش كيررال
بالت ن ،وهي ر ا تقشم ر تت ن الإلفي واعابات ،وهو ر أي :الكفر بالطاغوت ر القيقة الإلفي
فيدا.
قو الشيم برش الكطيرف برن برش الررال ن آ الشريم(( :شردا ة أال إ هلرال هإ الكرال لرل
كى الكفرر ب را برش مرن وال الكرال ت ر إلاك إ التزامراك ،ولرم قرل أالرش مرن ال سرك ين والعررب :هفدرا
لررل كررى للررو التزامراك هإ كررى قررو طائفررة مررالة مررن ال تكك ررين( )1ز رروال أال معإلاهررا :إ
قا ف كى اإختراع هإ الكال))(.)2
قكل :ومرن أهرل العكرم مرن برر رن هرها الت ر ن برالتالزم ،وإ ر رشوال الرتالزم ب عإلرار
اإصطالالي الهي غا ر معإلى الت ن ،ولكن جرت بافاتدم ن الت ن بكفل الرتالزم ،أو
اسررتع كوا الكفررل فرري غيررر معإلررار ال ومرروع لررال ،ومررن هررؤإء الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر
فال ال الكال ر اليث قو (( :ول ا فدى فروح بإليرال رن الشررك ،أمررهم برال هلرال هإ الكرال ،فكريذ هرها
تك ررافاك .بررل هررهاال أصررالال مسررتقالال بي رراال ،وهال افررا متالزمررين ،ف رالإلدي ررن الشرررك سررتكزم
الكفررر بالطرراغوت ،وإ هلررال هإ الكررال اع رراال بالكررال ،وهررها وهال رراال متالزمراك ،فإلومررو لكررم الواقررع،
وهو :أال بيراك من الإلاس قو :إ أ بش هإ الكال ،وأفا أشدش بكرها ،وأقرر بكرها ،و كبرر الكرالم؛
فررإلا قيررل لررال :مررا تقررو فرري فررالال وفررالال ،هلا ببررشا أو بررشا مرن وال الكررالق قررا :مررا كرري مررن
الإلرراس ،الكررال أ كررم بحررالدم ،و ظررن بباطإلررال أال للررو إ ج ر كيررال .ف ررن أالسررن اإقت رراال :أال
الكال قرال بين اع اال بال والكفر بالطاغوت ،فبشأ برالكفر برال كرى اع راال بالكرال ،وقررال األفبيراء
بين األمر بالتواليش والإلدي ن الشرك.)3())...
قكرل :ولدرها جرر ،التإلبيرال الترى إ ظرن اتفراق مقاصرش هرؤإء مرع مقاصرش ال تكك رين
اله ن عبروال ن هها الشرط بالتالزم .فيقولوال هو من لوازم األلوهية ليذ من معافيدا.
وأما الكالم ن شرط الكفر بالطاغوت فسيكوال تحل ال باالث التالية:
وأما الطاغوت فدو كى وزال فرعكبوت ،مشت من الطغياال ،ومعإلار في الكغة مجاوزة الحش
وتعشي القشف.
قررا ابررن جر ررر الطبررري ر فال ررال الكررال ر(( :أصررل الطرراغوت الطغرووت ،مررن قررو القائررل:
طغا فالال طغو ،هلا شا قشفر فتجاوز الرشر؛ رالجبروت مرن التجبرر والخكبروت مرن الخكر ،
وفحو للو من األس اء التي تأتي كى تقش ر «فرعكبوت» بز ا ة الواو والتاء))(.)1
وأما لفل الطاغوت في اإصرطالح( ،)2فقرش تإلو رل فيرال برافات أهرل العكرم وال رؤ ،
واالش ،وم ا جاء في تعر فال:
( )1تفسير ابن جر ر الطبري ( .)557/4وافظر :الصحاح لكجوهري ( ،)6416/2ولساال العرب (،)177/7
الكغة (.)127/7 وتده
( )2وف ل ر الطاغوت في القرآال في ا افية موامع:
1ر قولال تعالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [البقرة.]652 :
[البقرة.]657 : ﭝ ﭞ 6ر ﭛ ﭜ
7ر ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ [الإلساء.]51 :
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭣ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ 4ر
[الإلساء.]27 :
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [الإلساء.]72 : 5ر ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ
[ال ائشة.]27 : 2ر ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
[الإلحل.]72 : 7ر ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
[الزمر.]17 : ﮨ ﭨ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ 7ر ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ووفو هها الكفل في ههر اآل ات كى فحو ين:
ﰊ ﰊ 1ر مرا اك بال معإلار ا لعام ،وهو اتخال معبو ات من وال الكال وجعل هها في مقابل التواليش ا قا تعالى:
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ . ، ﰊ ﰊ ﰊ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ 6ر مرا اك بال بعض أفرا ر .أي بعض أفرا ال عبو ات ا في قولال تعالى:
ﯿ .فزلل في اليدو في سؤا قر ش لدم :أهم أهش ،أم الإلبي .والجبل من مفر ات الطاغوت .قيل :هو
الساالر ،وقيل :هو مش ي كم الغي .
ﭤ ﭥ ﭣ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ و ا في قولال:
ﭦ ﭧ ﭨ .فزلل في تحا م ال إلافقين واليدو هلى " اهن" وقش س ار الكال طاغوتاك.
766 شرط الكفر بالطاغوت
قررا ابررن جر ررر ر مبيإل راك األصررل الررهي مإلررال قيررل لكطرراغوت طرراغوت ر(( :والص رواب مررن
القو إلشي في الطاغوت :أفال ل لي طغياال طغى كى الكال ،فعببش من وفال؛ همرا بقدرر مإلرال
ل ررن ب رشر ،وهمررا بطا ررة م ررن بررشر لررال؛ هفسررافاك رراال للررو ال عبررو ،أو شرريطافاك ،أو واإل راك ،أو
صإل اك ،أو ائإلاك ما اال من شيء))(.)1
وقا شريم اعسرالم ابرن تي يرة فري تعر فرال(( :الطراغوت رل معظرم ومرتعظم بغيرر طا رة
الكال وفسولال ،من هفساال ،أو شيطاال ،أو شيء من األوااال))(.)2
وق ررا أ ر راك(( :وه ررو اس ررم جر رإلذ ررشخل في ررال الش رريطاال ،وال رروان ،والكد رراال ،وال ررشفهم
والش إلاف ،وغير للو))(.)3
وقررا ابررن القرريم(( :الطرراغوت ررل مررا تجرراوز بررال العبررش الررشر مررن معبررو ،أو متبرروع ،أو
مطاع؛ فطراغوت رل قروم مرن تحرا وال هليرال غيرر الكرال وفسرولال ،أو عبشوفرال مرن وال الكرال ،أو
تبعوفال كى غير بصيرة من الكال ،أو طيعوفال في ا إ عك وال أفال طا ة لكال))(.)4
وقا الشيم مح ش بن بش الوهاب(( :والطاغوت ام في ل مرا برش مرن وال الكرال،
فكل ما ببش من وال الكال وفمي بالعبا ة ،من معبو ،أو متبوع ،أو مطاع في غير طا رة الكرال
وفسولال ،فدو طاغوت))(.)5
وقررا صرراال فررتو الح يررش((( :)6الطرراغوت :اسررم وصررف ررام ،طكر كررى مررن طغررى
ن الح فعش إلال هلرى الباطرل ائإلراك مرن راال ،ومإلرال مرن را هلرى مراللة ،أو برش مرن وال
برمى مإلال))( .)7افتدى.
الكال ك
( )1تفسير ابن جر ر الطبري (.)557/4
( )2مج وع الرسائل (.)777/6
( )3مج وع الفتاو 525/12( ،ر .)522
( )4ه الم ال وقعين (.)57/1
( )5مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب (القسم األو ،العقيشة واآل اب اعسالمية ،ص.)777 :
( )6هو :ب اال بن بش العز ز بن مإلصوف بن ال ش بن هبراهيم الت ي ي ،من ك اء فجش ،أخه ن الشيم بش الرال ن
ابن السن آ الشيم .من أشدر تالمهتال ابن بشر .افل وإ تال في أوائل القرال البالث شر ،ووفاتال في ام
( )1676هر في الوطة سش ر .افظر :ك اء فجش خال ا افية قروال لكبسام ( 77/5ر .)77
( )7فتو الح يش في شرح تاب التواليش (.)1217/4
767 شرط الكفر بالطاغوت
وقا العالمة ابن باز في تعر فال(( :الطاغوت هو ل ما بش من وال الكرال وهرو فا،،
و ررل مررن الكررم بغيررر مررا أفررز الكررال أو ررا هلررى للررو ،والطرراغوت مررأخولة مررن الطغيرراال ،وهررو
تج رراوز الح ررش ،والط رراغوت ه ررو ال ر رهي تج رراوز الح ررش هم ررا بش ررر ال و ف رررر ،وهم ررا بش وت ررال هل ررى
للو))(.)1
فتحصررل مررن مج رروع المدررم ر فال دررم الكررال تعررالى ر فرري تعر ررف الطرراغوت :أال اسررم
((الط رراغوت)) شر ر ل ررل معب ررو م ررن وال الك ررال ،و ررل فأس ف رري ال ررال ررش و هل ررى الباط ررل
و حسإلال ،و ش ل أ اك :ل من فصبال الإلاس لكحكم بيإلدم بأالكام الجاهكية ال ا ة لحكم
الكررال وفس رولال ،و ش ر ل أ راك :الكرراهن والسرراالر ،وسررشفة األوارراال ..وأصررل هررهر األف رواع كدررا
وأ ظ دا الشيطاال ،فدو الطاغوت األ بر .والكال سبحافال وتعالى أ كم(.)2
وأج ع ههر التعاف ف لكطاغوت تعر ف ابن القريم ر فال رال الكرال ر .قرا الشريم سركي اال
بن سح اال ر فال رال الكرال ر(( :وأمرا القيقترال وال ررا برال ر عإلري الطراغوت ر فقرش تعرش ت برافات
السكف إلال ،وأالسن ما قيل فيال الم ابن القيم ر فال ال الكال تعالى))( ،)3فال شه إلرال فرر مرن
أفرا الطاغوت؛ ((فال تبوع ر ا قا ابن بي ين ر :الكداال والسحرة و ك اء السوء.
وال عبو مبل األصإلام.
وال طاع مبل :األمراء الخافجين ن طا ة الكال ،فإلا اتخرههم اعفسراال أفبابراك بحرل مرا
الر رررم الكر ررال مر ررن أجر ررل تحكر رريكدم لر ررال ،و حر رررم مر ررا أالر ررل الكر ررال مر ررن أجر ررل تحر ررر دم لر ررال فدر ررؤإء
طواغيل))(.)4
فافظر يف اجت عل أفرا الطواغيل في الم ابن القيم ر فال ال الكال ر ،فدهر ر را قرا
ابن القيم ر ((طواغيل العالم .هلا تأمكتدرا وتأمكرل أالروا الإلراس معدرا فأ رل أ بررهم مرن برا ة
الكرال هلرى برا ة الطراغوت ،و رن التحرا م هلرى الكرال وهلرى الرسرو هلرى التحرا م هلرى الطرراغوت،
و ن طا تال ومتابعة فسولال هلى الطاغوت ومتابعتال))(.)5
ولكررن بقررى هشرركا هإلررا ،وهررو أال بي رراك مررن أهررل العكررم أطك ر ر ررا فرري التعرراف ف
الس ررابقة ر أال م ررن ببر رش م ررن وال الك ررال فد ررو ط رراغوت .ومح ررل اعش رركا ه ررو أال مر رن ه ررؤإء
ال عبو ن مرن هرم أفبيراء أو مالئكرة أو أوليراء صركحاء .فدرل قرع هرها اعطرالق كريدمق فدرها
ما فحققال هإلا ر بحو الكال وقوتال ر .فإلقو :بأال بافات أهرل العكرم فري معإلرى الطراغوت والرشر
تتصرف كى أموف:
ص ررفل ،س رواء فمرري مررن األمررر األول :أال بررا ة غيررر الكررال فرري لاتدررا طرراغوت اليررث ب
صررفل لررال أو لررم ررر ،،مبررل يسررى ؛ فعبا تررال مررن الطغيرراال ،وهررو لرريذ بطرراغوت ،ألفررال لررم ب
ر ،أال كوال معبو اك ،بل أفكر للو فكم قر بال في ال من ا ار فري القرال ،و رها سرائر
األفبيراء وال الئكررة الكررام ررا قررا تعررالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ [سبأ.]41 ،47 : ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ
ﮆ ﮇ ﮈ وق ررا ف رري ش ررأال يس ررى :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮚ ﮛ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ
ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ [ال ائشة.]112 : ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
قكل :وألجل للو قيش الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر ال عبو بالرمرى
بالعبر ررا ة ليبخر ررر مر ررن بب ر رش وهر ررو غير ررر فا،؛ األفبير رراء وال الئكر ررة واألولي ر راء ،فدر ررؤإء ليس ر روا
بطواغيل.
صررفل قررو وم ررا ررش مررن ررالم أهررل العكررم كررى أال بررا ة غيررر الكررال طرراغوت اليررث ب
الشيم سكي اال آ الشيم فري تعر رف التواليرش(( :والاصركال هرو البرراءة مرن برا ة رل مرا سرو،
الكررال واعقبررا بالقكر والعبررا ة كررى الكررال ،وللررو هررو معإلررى الكفررر بالطرراغوت ،واع رراال بالكرال
وهو معإلى إ هلال هإ الكال))( .)1فجعل با ة ما سو ،الكال طاغوتاك.
وأ ر راك :ق ررو الش رريم الس ررعشي ر فال ررال الك ررال ر :ف رري تفس ررير معإل ررى اع رراال بالجب ررل
والطرراغوت(( :وهررو اع رراال بكررل بررا ة لغيررر الكررال ،أو الكررم بغيررر شرررع الكررال؛ فررشخل فرري للررو
السحر والكدافة و با ة غير الكال وطا ة الشيطاال ل هها من الجبل والطاغوت))(.)2
األمر الثاني :أال من ا هلى با ة ففسال فدو طاغوت ،وهال لم بوجش من عببشر.
و ررش لررهلو مررن ررالم أهررل العكررم قررو الشرريم بررش ال ررال ن بررن السررن ر فال ررال الكررال ر:
((وال خررالف لدررها األصررل مررن هررهر األمررة أقسررام :همررا طرراغوت إلررازع الكررال فرري فبوبيترال وهلديتررال،
و رش و الإلراس هلرى با ترال ،أو طراغوت رش و الإلرراس هلرى برا ة األواراال ،أو مشررك رش و غيررر
الكال و تقرب هليال بأفواع العبا ة أو بع دا)) افتدى محل الغر.)1(،
وأ راك :ل ررا ررش الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب فكوس الطواغيررل ل ررر م رإلدم(( :مررن
ا الإلاس هلى با ة ففسال))(.)2
األمررر الثالررث :أفررال قررش جت ررع فرري الشرريء وصررف الطرراغوت مررن وجدررين؛ حررا مررن
ررا هلررى بررا ة ففسررال و بب رش ،فررإال العبررا ة ال صررروفة لررال فرري لاتدررا طرراغوت ،وهررو فرري لاتررال
طاغوت .و هلو في الا من فمي .هو في لاترال طراغوت ،والعبرا ة ال صرروفة لرال طراغوت.
وقش إ كوال الطاغوت هإ من وجال واالش؛ ن ا هلرى برا ة ففسرال ولرم بوجرش مرن عبرشر،
فد ررو ط رراغوت ،ول ررم ق ررع ط رراغوت با ت ررال .و ررن ببر رش ول ررم ررر،؛ فالعب ررا ة ال ص ررروفة ل ررال
طاغوت ،وهو ليذ بطاغوت.
وقررش أشرراف هلررى هررها التفصرريل ال تقررشم الشرريم ابررن بي ررين ر فال ررال الكررال ر اليررث قررا
معكق راك كررى تعر ررف ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر لكطرراغوت(( :وم ررا ر مررن رراال فامررياك بررهلو ،أو
قررا :هررو طرراغوت با تبرراف ابررشر ،وتابعررال ،ومطيعررال؛ ألفررال تجرراوز بررال الررشر اليررث فزلررال فرروق
مإل رزلتال الترري جعكدررا الكررال لررال ،فتكرروال با تررال لدررها ال عبررو ،واتبا ررال ل تبو ررال ،وطا تررال ل طا ررال
طغيافاك ل جاوزتال الحش بهلو))( .)3افتدى.
ففرق ر فال ال الكال ر هإلا بين العبا ة وال عبو .
وفرري مومررع آخررر مررن المررال ر فال ررال الكررال ر :ف ر كررى أال الكدرراال والسررحرة و ك رراء
السوء واألمراء الخافجين ن طا ة الكال طواغيل( ،)4م ا ش كى أال التفر إلرشر فري الر
من اال صالحاك غير فا ،بالعبا ة وإ اع هليدا.
قك ررل :وم ررن أه ررل العك ررم م ررن أطك ر أال العب ررا ة ترج ررع هل ررى الش رريطاال هلا رراال ال عب ررو
صالحاك( )1ألال الشيطاال هو الهي أمر بدا( .)2ولكن بقى هشكا آخر هإلا ،وهو :أال برا ة
فر وال وسائر الطواغيل هي أ اك من أمر الشيطاال.
فإال قيل :هال فر وال ا هلى با ة ففسال وفمي بدا ،فكاال طاغوتراك مرن هرهر الجدرة.
قكإلررا :ف ررا تقولرروال :فرري األص رإلام والررشفهم والررش إلاف ،فدرري إ بتصرروف مإلدررا الررش وة وإ الرمررى
لكوفدا غير اقكة ،ومع للو شها أهل العكم في الطواغيلق
فإال قيل :هفدا الص جدرإلم ر را قرا تعرالى ر :ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
ﮪ ﮭ [األفبياء ،]77 :فش كى أفدا طواغيل.
قيل :الحك ة في للو ر ا قا أهل العكم ر ((بياال هب مرن اتخرهها آلدرةك وليرز ا
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ [األفبير رراء .]77 :وهر ررها ررهابدم ،فكدر ررها قر ررا :ﮮ ﮯ
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ [الإلحررل )3())]77 :لرريذ قولررال تعررالى :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
لكوفدا مستحقةك لهلو.
فإال قيل :ف ا تقولوال فيدا هلالق
قكإل ررا :ه رري ليس ررل بط رراغوت ف رري لاتد ررا ،وهف ررا أم رريف الطغي رراال هليد ررا ألفد ررا س ررب ،
وال را ابشوها.
وم ررن ف ر كررى للررو ابررن الجرروزي اليررث قررا :فرري تفسررير قولررال « :إ تحكف روا
بررالطواغي وإ بابررائكم»( )4ر (( :عإلرري الطواغيررل وهرري األص رإلام ،وأمرريف الطغيرراال هليدررا ألفدررا
سب وال را ابشوها))( .)5افتدى.
أو قا :هي طاغوت با تباف أفدا صافت محال كً لكعبا ة ،وهي ليسل أهالك لهلو،
وومرع فرري غيررر مكافررال فدررو تعررش وتجرراوز .وللررو أ راك هف ررا و ررل مررا رراال لرريذ أهرالك لكشرريء ب
رجع هلى طغياال الغير .فببل أفدا ليسل بطواغيل في لاتدا.
وبدها التفصيل ال تقشم زو اعشركا ،وتكتردم األقروا ،فيرشخل فري الطراغوت برا ة
ل معبو صالحاك اال أو طالحاك ،الجراك اال أو واإلاك ،فه اك اال أو إلافاك ،ل ا قرففا من أفرال
إ كزم فمى ال عبو لتس ية با تال طاغوتاك.
فالضرراب لمعنررى الطرراغوت إذن :ررل بررا ة ص ررفل لغيررر الكررال أو معبررو تجرراوز الررشر
فا ى لإلفسال شيداك م ا تفر الكال بال ،أو فبس هليال للو فرمي بال ،أو اال في الكم الرامي(.)1
وأما معإلى الكفر بالطاغوت با تبافر مر باك همافياك ،ولفظراك شرر ياك ،فدرو :البرراءة مرن برا ة رل
معبو سو ،الكال ،واعقبا بالقك كى الكال تعالى و كى با تال ،وبغض الشرك و شاوتال.
قا الشيم سكي اال بن بش الكال آ الشيم في تعر رف التواليرش(( :والاصركال هرو البرراءة
مررن بررا ة ررل مررا سررو ،الكررال واعقبررا بالقك ر والعبررا ة كررى الكررال ،وللررو هررو معإلررى الكفررر
بالطاغوت ،واع اال بالكال وهو معإلى إ هلال هإ الكال))(.)2
وقررا أ راك(( :ومعإلررى الكفررر بالطرراغوت ،هررو :خكررع األفررشا واآللدررة الترري تررش ى مررن
وال الكال من القك ،وترك الشرك بدا فأساك وبغ ال و شاوتال))(.)3
ف ررتلخما مم ررا رربق :أال أص ررل الكف ررر بالط رراغوت فف رري ب ررا ة غي ررر الك ررال ،وبغ رردا
و ررشاوتدا ،والبرراءة م ررن ررش و هليدررا ،أو رمررى بدررا ،أو تكرربذ بدررا .وللررو هررو الررش الشرررطية
األ فى لككفر بالطاغوت الالزم إفعقا أصل اع اال وصحة الشدا ة.
وأال الطاغوت الهي ففتال ك ة التواليش طك كى االاة أموف:
األول :كى با ة ل معبو ببش بالباطل.
والثاني :كى ال عبو بالباطل لاتال هلا اال فامياك أو ا ياك هلى با ة ففسال.
والثالث :كى من تجاوز الحش بشر ال و فرر(.)4
( )1أخرجال البخافي في تاب اإ تكاف ،باب :ز افة ال رأة زوجدا في ا تكافال (جر )717/6ح ( ،)6777ومسكم
في تاب السالم (.)1716/4
( )2مج و ة التواليش الإلجش ة (ص.)477 :
( )3ال حرف الوجيز (.)677/1
( )4شرح االاة األصو (ص.)40 :
777 شرط الكفر بالطاغوت
قكل :وقش ف ج ع مرن أهرل العكرم كرى أال الشريطاال مرن الطواغيرل ،ومرإلدم :رر
،)1(والحسررين بررن كرري( )2ر فمرري الكررال إلد ررا ر ،وابررن برراس( )3ر فمرري الكررال إلد ررا ،وأبرري
العالير ر ررة( ،)4ومجاهر ر ررش( ،)5والحسر ر ررن( )6وسر ر ررعيش بر ر ررن جبير ر ررر( ،)7وال ر ر ررحاك( ،)8و كرمر ر ررة(،)9
وقتا ة( ،)10والشعبي( ،)11والسشي( ،)12و طاء(.)13
ووجررال أفررال مررن الطواغيررل ،ألفررال بعبررش مررن وال الكررال وهررو فا،؛ همررا بطا تررال في ررا ررش و
هليال من الشرك ال إلافي لكتواليش؛ وهما بعبا ة لاتال.
والررشليل كررى أفررال عبررش مررن وال الكررال ،وهررو فا ،بررهلو قولررال تعررالى :ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ [ الإلحل.]177 :
قررا الشرريم مح ررش األمررين الشرإلقيطي ر بعررش أال ل ررر أقروا ال فسررر ن فرري معإلررى هررهر
أال ال ر ير ائررش هل رى الشرريطاال إ هلررى اآل ررة ر ((وأظدررر األق روا :فرري قولررال ﯘ ﯙ ﯚ
الكال ،ومعإلى وفدم مشر ين برال هرو طرا تدم لرال فري الكفرر وال عاصري را رش كيرال قولرال تعرالى:
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [ ر ررذ .]27 :وقول ر ررال ر ررن
كررى أفررال مررن فكوس الطواغيررل الشرريم اعمررام مح ررش بررن بررش الوهرراب ر قكررل :وم ررن فر
فال ال الكال ر(.)1
وال ررشليل ك ررى أف ررال م ررن الطواغي ررل قول ررال تع ررالى :ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ [الإلساء ،]14 :وقولال :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [ األفبياء.]67 :
قكررل :و ررشخل فرري هررها الص رإلف أولدررو الرره ن رش بوال الإلرراس هلررى تقررش ذ أففسرردم،
بأخ رره التبر ك ررات والعر رزائم م رإلدم ،أو بال ررههاب هل رريدم لق رراء ال روائج قاص ررشهم ،الت ررى ق ررو
قائكدم(( :من افل لال الاجة فكيأت هلى قبري و طك الاجترال أق ردا لرال ،فإف را بيإلري وبيرإلكم
لفاع مررن ت رراب ،و ررل فجررل حجبررال ررن أصررحابال لفاع مررن ت رراب فكرريذ برجررل))( ،)2ررا هررو
الحا إلش غالة الصروفية ،م رن ترشرحوا لكعبرا ة ،فإلصربوا أففسردم آلدرةك وأفبابراك تولروال شردوال
الكوال باسم األقطاب واألوتا ،والغوث ،والفر ،واألبرشا والإلجبراء( ،)3ولريذ لدرم سركف مرن
الخكيقة هإ فر وال القائل :ﭹ ﭺ ﭻ ،والإل رو القائل :ﮁ ﮂ ﮃ ،وغيره ا م رن
سكو ههر الشعوب( )4ال خوفة ،فجاوز طوف امة من فر بالكال تعالى.
4ر مرن ا رى شريداك مرن كرم الغير :هرو أ راك مرن فكوس الطواغيرل ،ألفرال مإلرازع لكرال
ف رري فبوبيت ررال ،ألال ك ررم الغير ر م ررن خصوص رريات الربوبي ررة ،فا رراكر ا رراء ل ررا ه ررو م ررن
خصائ الرب ر جل و ز ر ،وللو هو ال جاوزة في الطغياال والتعشي لحشو األفام.
ﭴ ﭵ ﭶ ق ررا تع ررالى :ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ
[الإل ل.]25 :
كررى أفررال مررن فكوس الطواغيررل الشرريم اعمررام مح ررش بررن بررش الوهرراب ر قكررل :وم ررن ف ر
فال ال الكال ر(.)1
و ررشخل ف رري ه ررها الص ر رإلف الس رراالر ،والك رراهن ،وال ر رإلجم والع ررراف ،وق ررافك الك ررف
والفإلجاال ،فككدم من الطواغيل ،ألفدم بمش وال لعكم الغي (.)2
5ر من الكم بغير ما أفز الكال.
الحكررم بغيررر مررا أفررز الكررال مررن التجرراوز والطغيرراال ررا قررا تعررالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلسرراء .]27 :ف ررن الك رم بالطرراغوت ر امررشاك مختررافاك ر فقررش
طغا ،وتجاوز الحش ،فصاف طاغوتاك.
قو الشيم مح ش بن هبراهيم(( :والطاغوت مشت من الطغياال ،وهو مجراوزة الحرش.
فكل من الكم بغير ما جاء بال الرسو فقش الكم بالطاغوت والرا م هليرال ،وللرو أفرال مرن
ال ل أالش أال كروال الا راك ب را جراء برال الإلبري فقرط إ بخالفرال ،را أال مرن الر رل
أالررش أال حررا م هلررى مررا جرراء بررال الإلبرري ،ف ررن الكررم بخالفررال ،أو الررا م هلررى خالفررال ،فقررش
طغى ،وجاوز الشر بالك اك ،أو تحكي اك ،فصاف بهلو طاغوتاك لتجاوزر الشر))(.)3
و قررو الشرريم السررعشي ر فال ررال الكررال ر(( :فاع رراال إ صررو وإ ررتم هإ بتحكرريم الكررال
وفسولال في أصو الش ن وفرو ال ،وفي ل الحقوق ...ف ن تحا م هلرى غيرر الكرال وفسرولال فقرش
اتخه للو فباك ،وقش الا م هلى الطاغوت))(.)4
()5
قكل :وم ن ف كى أال الحا م الجائر ال غيرر لحكرم الكرال مرن فكوس الطواغيرل
الشيم اعمام مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر( ،)6وتبعال كى للو ج ع من األ الم.
فدهر فكوس الطواغيل الخ سة التي ف كيدرا أهرل العكرم ،هلا تأمكتدرا وجرشتدا هري
األصو لبقية الطواغيل األخر ،،فبقية الطواغيل إ تشه أو تخر إلدا.
775 شرط الكفر بالطاغوت
( )1أي ابوتال .قا :مربة إزب أي إزماك اابتاك[ .القاموس ال حيط ( )677/1باب الباء ر فصل الالم].
( )2في األصل :الخصومة ،وهو تحر ف.
( )3سكوك الطر األال ش (ص.)67 :
772 شرط الكفر بالطاغوت
ررا أال مجرراإت الكفررر بالطرراغوت ومتعكقاتررال تظدررر أ راك مررن خ رتم اآل ررة فرري قولررال
تع ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررالى :ﯿ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[البق ر ر ر ر ر ر ر ر رررة .]652 :فقول ر ر ر ر ر ر ر ر ررال: ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
((س يع)) هشافة هلى أال الكفر بالطاغوت م ا إلط بال الكساال؛ فيبس ع ،وقولال (( :كيم)) هشافة
هلى أال الكفر بالطاغوت م ا عتقشر الجإلاال وتباشرر األف اال؛ فيبعكم(.)1
فالحاصررل م ررا تقررشم أال بو ررة الكفررر بالطرراغوت مإلقسر ة كررى :القكر ،والكسرراال،
والجوافح ،و كى ل مإلدا بو ة تخصال.
و قرررف للررو شرريم اعسررالم فيقررو (( :وهررها الرربغض ،والعررشاوة ،والبرراءة ممررا يعبررد مررن
دون الله ومرن عابديره هري أمرور موورودة فري القلرب ،وعلرى اللسران ،والجروار ،را أال
ال الكال ،ومواإتال ،ومواإة أوليائرال أمروف موجرو ة فري القكر و كرى الكسراال و الجروافح ،وهرى
تحقي قو إ هلال هإ الكال))( .)2افتدى.
و ق ررو أب ررو مإلص رروف ال اتر ررشي(( :ول رريذ الكف ررر بالط رراغوت بالكس رراال خاص ررة ف بك ررال
اع ر رراال أإ ر ررر ،هل ر ررى قول ر ررال :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ هل ر ررى قول ر ررال :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
[الإلساء ]27فيصير ال يل والتحا م ترك لككفر ،وهال أخبر ن لسافال أفال ز م أفال مؤمن بالهي
كيال اع اال بال ،والكال ال وف ))(.)3
فه ر ر فال ال الكال ر من متعكقات فرر الطراغوت قرو الكسراال ،وميرل القكر الرهي هرو
ا تقا ر و كال ،ول ر التحا م الهي هو ل األف اال.
قكل :وأما يفية وقو ال بدهر األموف البالاة فسيت و من خال ال طال التالية.
و ح التو ل كيرال ،وخشريتال ،و راءر ،و ر بغض التو رل كرى غيررر وخشريتال و راءر .فدرهر
كدا أموف موجو ة في القك ،وهى الحسإلات التي بي الكال كيدا))( .)1افتدى.
وقررا الشرريم بررش الرررال ن بررن السررن آ الشرريم(( :لررو رررف العبررش معإلررى إ هلررال هإ
الك ر ررال ،لع ر رررف أال م ر ررن ش ر ررو أو ت ر ررر ف ر رري ف ر ررر م ر ررن أش ر رررك م ر ررع الك ر ررال غي ر رررر ،أف ر ررال ل ر ررم كف ر ررر
بالطاغوت))(.)2
فظدررر مررن ررالم هررؤإء األئ ررة األ ررالم أه يررة الكفررر اإ تقررا ي بالطرراغوت ،وأفررال مررن
أسذ اع اال ،ومن تحقي شدا ة أال إ هلال هإ الكال .ف ن شدش أال إ هلال هإ الكرال ولرم كفرر
بالطاغوت كى ههر الصفة لم تصو شدا تال ،و اال فري رشا ال إلرافقين الره ن قولروال إ هلرال
هإ الكال وال ا تقا ل عإلاها.
وهررها الحررش مررن الكفررر بالطرراغوت إ ررهف ألالررش فرري تر ررال ألفررال مررن اع رراال ال قررشوف
كيال ،فكل هفساال ستطيع أال أتي بال من وال أ فى مشقة أو مررف ،وإ سركطاال ألالرش وال
الك ررال ب كإلبر رال م ررن الحيكول ررة بيإل ررال وب ررين ا تق ررا ر .و كي ررال ف ررال تص رروف في ررال اع ر ررار ،ألال الرم ررى
بالطاغوت من ل القك ،وما في القك ليذ باستطا ة أالش اإطالع كيال.
ررا قررا تعررالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ [الإلحررل .]172 :فافشرراح القكر بررالكفر إ تصرروف فيررال
اع رار.
المطلب الثاني :صفة الكفر القولي بالطاغوت.
الكفررر الق رولي بالطرراغوت كرروال بررإ الال الب رراءة مررن آلدررة الكفرراف ،وسرربدا وتقبيحدررا
بالكساال ،والشدا ة كيدا و كى ابش دا بالكفر والخسراال.
ﮯ والر ر ر ررشليل قولر ر ر ررال تعر ر ر ررالى :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
[ال تحإلررة .]4 :وقولررال :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [األفبيرراء .]27 :وقولررال :ﭨ ﮣ
( )1تفسير السعشي (ص 627 :ر .)627وافظر :ه الم ال وقعين (.)177/7
747 شرط الكفر بالطاغوت
ف ري هلررى ال فسررشة ،فرإلا رراال مقت ررياك لك صرركحة الراجحرة لررم كررن مف ررياك هلررى ال فسررشة ر أي
فيجوز ر(.)1
ا قش إ كزم أال كوال الس الفية.
فال قصو أفال متى ما خال الس مرن مفسرشة سر الكرال تعرالى أو االت الرال جراز؛ فكراال
من ت ام الكفر بالطاغوت .والكال تعالى أ كم.
وفرري اآل ررة البالبررة :الشرردا ة كررى آلدررتدم بالخسرراال والخكررو فرري الإلرراف ،وللررو كرروال
بالكساال.
وفي اآل ات األخر ات :ه الال البراءة مإلدم ظاهراك وباطإلاك(.)2
فدهر صفات الكفر القولي بالطاغوت قش افتظ ل في ههر اآل ات.
ا أال السإلة قش جاءت ببياال ههر البراءة؛ فإال الإلبي قرش قرا ر را صرو إلرال ر« :هال
آ بإل رري ف ررالال ليس روا ل رري بأولي رراء هال ولي رري الك ررال وال ؤمإل رروال»( ،)3ولل ررو أس رروة ب ررإبراهيم ،
وتحقي مإلال لكبراءة من الطاغوت بالكساال.
وقش أشاف هلى صفة البراءة من الطاغوت بالكساال ج ع من أهل العكم.
م ررن ه ررؤإء الش رريم س رركي اال ب ررن س ررح اال ر فال ررال الك ررال ر الي ررث ق ررو (( :وال ررا م ررن
اجتإلاب ررال :ه ررو بغ ررال و شاوت ررال بالقك ر ،وس رربال وتقبيح ررال بالكس رراال ،وهزالت ررال بالي ررش إل ررش الق ررشفة،
ومفافقتال ،ف ن ا ى اجتإلاب الطاغوت ولم فعل للو ف ا صشق))(.)4
وم رإلدم شرريم اعسررالم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر اليررث قررو (( :ومعإلررى
الكفر بالطاغوت :أال تبرأ من ل ما عتقش فيرال غيرر الكرال ،مرن جإلري ،أو هفسري ،أو الجرر ،أو
شجر ،أو غير للو ،وتشدش كيال بالكفر وال ال ،وتبغ ال ولو اال أبوك وأخوك .فأما مرن
قررا :أفررا إ أ بررش هإ الكررال ،وأفررا إ أتعررر ،لكسررا ة والقبرراب كررى القبرروف ،وأمبررا للررو فدررها
الب في قو إ هلال هإ الكال ،ولم ؤمن بالكال ،ولم كفر بالطاغوت))(.)5
( )1مج وع الفتاو 581/25( ،ر ،)584وما بين الحاصرتين همافة بيافية لكالم شيم اعسالم.
( )2افظر :تفسير السعشي (ص.)772 :
( )3أخرجال البخافي في تاب األ ب ،باب :تبل الرالم بباللدا (جر )77/7ح (.)5777
( )4الشفف السإلية (.)576/17
( )5الشفف السإلية ( 161/6ر .)166
741 شرط الكفر بالطاغوت
وم ا قالال أ اك(( :وا فرروا بالطواغيرل و را وهم وابغ روا مرن أالربدم ،أو جرا رإلدم
أو لررم كفرررهم ،أو قررا مررا كرري م رإلدم ،أو قررا مررا كفإلرري الكررال بدررم ،فقررش ررهب كررى الكررال
وافتررر ،،بررل كفررال الكررال بدررم وفررر ،كيررال الكفررر بدررم والبرراءة مرإلدم ،ولررو ررافوا هخوافررال وأوإ ر.
فالكال الكال ت سكوا بأصل إلكم لعككم تكقوال فبكرم إ تشرر وال برال شريداك ،الكدرم توفإلرا مسرك ين
وألحقإلا بالصالحين))(.)1
فعكم من ههر الإلقرو أفرال إ كفري أال قرو العبرش إ هلرال هإ الكرال وإ أ برش صرإل اك ،برل
إ بش أال كفر بال عبو ات وال الكال و قو :هال با تدا ليسل بح (.)2
المطلب الثالث :صفة الكفر العملي بالطاغوت.
الب رراءة الع كي رة مررن الط راغوت تكرروال بإزالررة الطواغيررل والق رراء كيدررا ق رراءك الس رياك.
و ررشخل فرري للررو قتررل السرراالر والكرراهن ،ومررش ي الإلبرروة ،وتحطرريم األوارراال ،و سررر األصرإلام،
وجدررا الكفرراف ر هال أبروا هإ القتررا ر ،وهررشم ال شرراهش الترري تببإلررى كررى القبرروف ،وغيررر للررو مررن
شعائر الشرك ووسائكال.
وفي للو تحصين لألمة وال ا ة لدا من الفتن والشروف.
قو ابن القيم ر فال ال الكال ر(( :إ جوز هبقاء موامع الشرك والطواغيل بعش القشفة
كى هشمدا وهبطالدا وماك واالشاك ،فإفدا شعائر الكفر والشرك ،وهي أ ظم ال إلكرات فال
جوز اعقراف كيدا مع القشفة البتة .وهها الكم ال شاهش التي بإليل كى القبوف التي
اتخهت أواافاك وطواغيل تعبش من وال الكال .واألالجاف التي تقصش لكتعظيم والتبرك والإلهف
والتقبيل إ جوز هبقاء شيء مإلدا كى وجال األف ،مع القشفة كى هزالتال ،و بير مإلدا ب إلزلة
الالت والعز ،ومإلاة البالبة األخر ،أو أ ظم شر اك إلشها وبدا .والكال ال ستعاال))(.)3
وقررش مرررب الإلبرري أفوع األمبكررة فرري هزالررة الطواغيررل والق رراء كيدررا تحقيق راك لدررها
الواجر العظرريم ،الررهي هررو الكفررر الع كرري بالطرراغوت ،يررف إ ،وهررو همررام ال والررش ن وقائررش
الغررر ال حجكررينق ومررن للررو هزالتررال األصرإلام بيررشر الشررر فة رروم الفررتو ال بررين( .)1وأ راك افتررشب
من أصحابال من قوم لال بدها الواج العظيم؛ فبعث خالش بن الوليش هلى الطائف عزالة صرإلم
قر ش وجبتدا وطاغوتدا األ بر ((العز ،))،فكاال خالش قو ر وهو وًط ب دا ر:
(( ا ز ،فرافو إ سبحافو هفي فأ ل الكال قش أهافو))(.)2
وهكها تسري ههر السإلة وتإلتقل في خكفائال الراشش ن ،فدها ر برن الخطراب قطرع
()4
الشررجرة الترري افررل تحتدررا بيعررة الرمرواال .فقررش فو ،ابررن ومرراح( )3مررن طر ر يسررى بررن روفذ
ن ابن وال( )5ن فافع( )6أال :ر بن الخطاب أمر بقطرع الشرجرة التري بو رع تحتدرا الإلبري
،ألال الإلاس افوا ههبوال فيصكوال تحتدا .فخاف كيدم الفتإلة))(.)7
( )1أي فتو مكة .فقش فو ،ابن ر أال الإلبي ل ا قشم مكة وجش بدا اكب ائة وستين صإل اك فأشاف بعصار هلى ل
فيسقط الصإلم ولم سال) .قا الديب ي في ال ج ع ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨﮣ صإلم مإلدا ،وقا :
( :)172/2فوار الطبرافي في األوسط والكبير بإلحور .وفيال اصم بن ر الع ري ،وهو متروك .وواقال ابن الباال .وقا
خالف و خطىء وبقية فجالال اقات.
( )2قصة هشم العز ،أوف ها سا ر في تاف م مش ( ،)676/12وابن بش البر في اإستيعاب ( ،)467/6وابن
بير في تفسير سوفة الإلجم (.)655/4
( )3هو :مح ش بن وماح القرطبي ،أبو بش الكال ،صشوق لال أخطاء .أخه ن أصحاب مالو والكيث ،توفي في
الشو الب افين وال دتين .افظر :ترج تال في ميزاال اإ تشا ( ،)757/2ولساال ال يزاال (.)527/7
( )4هو :يسى بن وفذ بن أبي هسحاق الد شافي ،اقة مأموال ،مات سإلة ( )177هر ،وقيل ( .)171افظر:
(ص.)777 : التده التاف م الكبير ( ،)472/2وتقر
التده ( )5هو :بش الكال بن وال بن أفطباال ال زفي موإهم ،اقة ابل فامل ،توفي سإلة ( .)151افظر :تقر
(ص.)577 :
التده ( )6هو :مولى ابن ر ،أبو بش الكال ال شفي ،اقة ابل ،فقيال مشدوف ،مات سإلة ( )117هر .افظر :تقر
(.)772
( )7البشع والإلدي إلدا (ص .)71 :وم ن خرجدا أ اك ابن سعش في طبقاتال ( ،)177/6وابن أبي شيبة في مصإلفال
ر ( ،)775/6كدم أخرجوها من فوا ة وال ن فافع ،وهو مإلقطع .ولكن إ ستعبش وقوع للو من
الغيوف كى ن الكال تعالى ،الإلاصو لألمة فمي الكال إلال وأفمار.
747 شرط الكفر بالطاغوت
قا ابن القيم ر فال ال الكال ر (( :فإلا اال هرها فعرل رر بالشرجرة التري ل رهرا الكرال
تعررالى فرري القرررآال ،وبررا ع تحتدررا الصررحابة فسررو الكررال ف ررالا الك ررال في ررا ررشاها مررن هررهر
األفصاب واألوااال( ،)1التي قش ظ ل الفتإلة بدا واشتشت البكية بداق!))(.)2
وأ اك قام ب اال بتحطيم الطواغيل التي الشال بزمإلال في صإلعاء(.)3
وأ راك رراال الرروإة ب كررة دررشموال البإلرراء كررى القبرروف ررا جرراء ررن الشررافعي ر فال ررال الكررال ر:
((أ ف ل من الوإة ب كة من دشموال البإلاء كى القبوف ،ولم أف الفقداء عيبوال للو))(.)4
وهكها تسري ههر الجدو ال باف ة وتإلتقل كى مر العصروف ،ومرن للرو جدرو شريم
اعس ررالم ،وجد ررو هم ررام ال ررش وة الش رريم مح ررش ب ررن ب ررش الوه رراب ف رري هزال ررة الكبي ررر م ررن ه ررهر
الطواغيل والق اء كيدا.
قو ابن القيم ر فال ال الكال ر ((وقش راال بشمشر بيرر مرن هرهر األفصراب ،فيسرر الكرال
ر سبحافال ر سرها كى ش شيم اعسرالم والرزب الكرال ال والرش ن ،رالع و ال خكر ،والإلصر
ال ررهي ر رراال ب سر ررجش الإلر رراففج إلر ررش ال صر رركى عبر ررشر الجدر ررا ،والإلص ر ر الر ررهي ر رراال تحر ررل
الطرراالوال ،الررهي إلررش مقررابر الإلصرراف ،،إلتابررال الإلرراس لكتبرررك بررال ،و رراال صرروفة ص رإلم فرري فدررر
القكرروط إلررهفوال لررال ،و تبر رروال بررال ،وقطررع الكررال سرربحافال الإلص ر الررهي رراال إلررش الرالبررة سررر
إلشر ،و تبرك بال ال شر وال ،و اال و اك طو الك كى فأسال الجر الكرة ،و إلرش مسرجش فب
ص قش ببإلي كيال مسجش صغير ،عبشر ال شر وال سر الكال سرر))(.)5 الحجر فب ب
و قو ابن بشر رن همرام الرش وة الشريم مح رش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر(( :فرأ كن
بالش وة هلرى الكرال واألمرر برال عروف والإلدري رن ال إلكرر ،وتبعرال أفراس مرن أهرل العييإلرة ،و راال فيدرا
أشررجاف تبعظرم وبعكر كيدررا ،فبعررث هليدررا مررن قطعدررا فقطعررل ،وفرري البكررش شررجرة هرري أ ظ دررن
إلشهم ،لب ر لي أال الشيم خر هليدا بإلفسال فقطعدا))(.)6
( )1ر ش األمرالة والقباب التي تبعبش من وال الكال ،والتي ل بدا البكو ،في بير من البكشاال.
( )2هغااة الكدفاال (.)677/1
( )3افظر :هغااة الكدفاال (.)666/6
( )4األم ( )271/6تاب الجإلائز ،باب ما كوال بعش الشفن.
( )5هغااة الكدفاال ( 677/1ر .)647
( )6إلواال ال جش ( 77/1ر .)77
744 شرط الكفر بالطاغوت
وأ اك :هشم القبة التي كى قبر ز ش بن الخطراب التري مرل بسرببدا بيرر مرن الإلراس
ن الدش ،بيشر(.)1
وللو م ا بين أه ية الكفر الع كي بالطاغوت ،وأفال واج الت ي كى ل مسكم ،هإ
أفال مإلوط بالقشفة واإستطا ة ،ألفال من هزالة ال إلكر باليرش ،وقرش قرا « :مرن فأ ،مرإلكم مإلكرراك
فكيغيرررر بيررشر ،فررإال لررم سررتطع فبكسررافال ،فرإال لررم سررتطع فبقكبررال ،وللررو أمررعف اع رراال»( .)2أمررا
الكفررر اإ تقررا ي بالطواغيررل ،فررال ررهف ألالررش فرري تر ررال ،ألفررال ر ررا تقررشم ر فرري مقررشوف ررل
مككف؛ فال بعجز إلال ،وألفال القشف الواج الهي إ صو اعسالم هإ بال.
وقررش أل ررو هلررى للررو الشرريم بررش الرررال ن بررن السرن آ الشرريم ر فال ررال الكررال ر اليررث
قررو (( :هال الكررال تعررالى ل ررا أفسررل مح ررشاك ررش و الإلرراس هلررى أال شرردشوا أال إ هلررال هإ الكررال
وأفررال فسررو الكررال ،و رراال الررو الكعبررة االا ائررة وسررتوال ص رإل اك تعبررشها قررر ش ،و ررافوا عبررشوال
الررالت والعررز ،ومإلرراة وهرري أ بررر الطواغيررل الترري عبررشها أهررل مكررة والطررائف وم رن ال رولدم،
فاس ررتجاب لكإلب رري م ررن اس ررتجاب م ررن الس ررابقين واألول ررين ،وه رراجر م ررن ه رراجر مر رإلدم هل ررى
الحبشة ،و ل من آمن مإلدم شدش أال إ هلال هإ الكال وأال مح شاك فسرو الكرال فغبرة رن الشررك
و با ة األوااال و فراك بدا ،وبراءة مإلدا ،ومسبة لدا ،فصو هسالمدم وه افدم بهلو مرع وفدرا
موجو ة عبشها من عبشها م ن لم رغ إلدا و ن با تدا.
فبدررها تبررين أفررال لرريذ ال ررا مررن ففرري األوارراال واألص رإلام وغيرهررا فرري ك ررة اعخررالص
زوا ماهيررة األص رإلام وففرري وجو هررا ،وهف ررا ال ررا هفكرراف با تدررا والكفررر بدررا و ررشاوتدا ررا
تقشم بيافال ،و ل من تبرأ مإلدا وفغ إلدا فقش ففاها بقو إ هلال هإ الكال ،وأابل األلوهيرة لكرال
تعالى وال ل ما عبش من وفال.
فك ررا ت كررن مررن هزالررة هررهر األص رإلام سرررها وبعررث مررن ز ررل مررا بعررش إلررال مإلدررا
فخكل الجز رة من أ يافدا))(.)3
وبدها تبين خطأ مرن رببرا ف هلرى هزالرة الطواغيرل وال فظرر ل را ترتر كرى للرو مرن
ال فاسررش ،إ تقررا ر أال اع رراال إ حصررل هإ بدررها .فدررها مررن الفدررم الس ريئ ل عإلررى الكفررر
بالطاغوت ،فالكفر بالطراغوت تحقر با تقرا القكر وقرو الكسراال .أمرا الكفرر الع كري فدرو
مإلوط بالقشفة وبالإلظر هلى ال صالو وال فاسش.
742 شرط الكفر بالطاغوت
المبحث الرابع :األدلة على أن الكفر بالطاغوت من شروط شهادة أن ال إله إال الله.
األ ل ررة الشال ررة ك ررى اش ررتراط الكف ررر بالط رراغوت لص ررحة الش رردا ة بي رررة مت ررافرة ف رري
فصرروص الررواليين الكترراب والس رإلة ،وس رإلعر ،فرري هررها ال بحررث هلررى مررا تسررع لررال ال قررام مررن
ل ر ههر األ لة .فإلبشأ أوإك بأ لة القرآال:
أ لة القرآال الشالة كى اشتراط الكفر بالطاغوت لصحة الشدا ة تإلقسم هلى االاة أقسام.
القسم األول :األ لة التي فيدا التصر و باجتإلاب الطاغوت.
ومن ههر األ لة:
1ر قول ررال تع ررالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ
[البقرة.]652 : ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
وجال اإستشدا بدرا كرى اشرتراط الكفرر بالطراغوت لصرحة الشردا ة :أال الكرال تعرالى
اشترط لالست ساك بالعروة الواقى الكفر بالطاغوت ،والعروة الواقى هي شردا ة أال إ هلرال هإ
الكال إلش ج اهير ال فسر ن(.)1
ففي اآل ة تقش م الكفر بالطاغوت تقش م الشرط كى مشروطال.
قررو الشرريم مح ررش األمررين الش رإلقيطي ر فال ررال الكررال ر(( :ومفدرروم الشرررط أال مررن لررم
كفر بالطاغوت لم ست سو بالعروة الواقى ،وهو هلو ومن لم ست سو بالعروة الواقى،
فدررو ب عررز ررن اع رراال ،ألال اع رراال بالكررال هررو العررروة الررواقى واع رراال بالطرراغوت سررتحيل
اجت ا ال مع اع اال بالكال ،ألال الكفر بالطاغوت شرط في اع اال بالكال أو ف ن مإلال را هرو
صر و قولال :ﰊ ﰊ ﰊ اآل ة))(.)2
( )1قو الشو افي ر فال ال الكال ر(( :وقش اختكف ال فسروال في تفسير العروة الواقى ...فقيل :ال را بالعروة اع اال.
وقيل :اعسالم .وقيل :إ هلال هإ الكال ،وإ مافع من الح ل كى الج يع))[ .فتو القش ر (.])677/1
وقا الحافل ابن بير ر بعش أال ل ر ههر األقوا في تفسير العروة الواقى ر ((و ل ههر األقوا صحيحة وإ تإلافي
بيإلدا))[ .تفسير ابن بير (.])675/1
( )2أمواء البياال (.)677/1
747 شرط الكفر بالطاغوت
وقا العالمة بش الرال ن بن السن آ الشيم ر فال رال الكرال ر(( :فرشلل اآل رة كرى أفرال
إ ك رروال مست س رركاك ب ررال هل ررال هإ الك ررال هإ هلا ف ررر بالط رراغوت ،وه رري الع ررروة ال ررواقى الت رري إ
اففصام لدا ،ومن لم عتقش هها فكيذ ب سكم ألفال لم ت سو بال هلال هإ الكال))(.)1
وقا أ راك(( :والقررآال كرال ر مرن أولرال هلرى آخررر ر فري معإلرى إ هلرال هإ الكرال ،فدري ك رة
اعخررالص ،و ك ررة التقررو ،،والعررروة الررواقى ،وإ ت س رو بدررا هإ مررن فررر بالطرراغوت وآمررن
بالكال))(.)2
والحك ة في تقش م الكفر بالطاغوت كى اع اال في اآل ة االاة أموف:
األول :أفررال قررش ررش ي اع رراال وهررو إ جتإلر الطرراغوت فتكرروال روار البررة ،ولررها
قبشم الكفر بالطاغوت ليبعكم ال ؤمن من غير ال ؤمن.
قو الشيم سكي اال بن سح اال ر فال ال الكال ر(( :فبرين تعرالى أال ال ست سرو برالعروة
ال ررواقى ه ررو ال ررهي كف ررر بالط رراغوت ،وق ررشم الكف ررر ب ررال ك ررى اع رراال بالك ررال ،ألف ررال ق ررش ررش ي
ال ش ي أفال ؤمن بالكال ،وهو إ جتإل الطاغوت ،وتكوال وار البة))(.)3
الثاني :اإهت ام بوجوب الكفر بالطاغوت.
قررا أبررو الف ر الشمشررقي(( :وقررشم ل ررر الكفررر بالطرراغوت كررى ل ررر اع رراال بالكررال
اهت اماك بوجوب الكفر بالطاغوت وفاس اتصالال بكفل الغي))(.)4
الثالررث :مررا جرراء ررن بعررض أهررل العكررم مررن أال التخكي رة قبررل التحكي رة ،والتطديررر قبررل
التز ية .قا الشيم ابرن بي رين ر فال رال الكرال ر(( :برشأ الكرال برالكفر بالطراغوت قبرل اع راال
بالك ررال؛ ألال م ررن ررا الش رريء هزال ررة ال واف ررع قب ررل وج ررو البواب ررل ،ولد ررها ق ررا التخكي ررة قب ررل
التحكية))(.)5
قكر ررل :وفر رري بعر ررض الإلصر رروص فجر ررش تقر ررش م اع ر رراال واألم ر ررر بالعبر ررا ة ك ر ررى الكف ر ررر
بالط ر رراغوت ،ر ررا ف ر رري قول ر ررال تع ر ررالى :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ
[الإلحرل .]72 :وقو الإلبي « :من قا إ هلال هإ الكال و فر ب ا عبش من وال الكرال ،الررم مالرال
و مال ،والسابال كى الكال» .وفي فوا ة« :من والش الكال» ام ل ر ب بكال(.)1
وفي اعجابة ن هها قو الرش توف برش الكرال الجربروع(( :وتقرش م األمرر بالتواليرش كرى
الكفر بالطاغوت ت ن اعشافة هلى أمر ن هامين:
األول :أال بررا ة الكررال والررشر إ شررر و لررال هرري األسرراس األهررم لب رراال ،وهرري الر الكررال
كى با ر .والكفر بالطاغوت شرط لدا .فش وة الرسل تإلص كى ال قصش األهم وهرو العبرا ة
الخالصة ام بياال شرطدا .فتقش م الغا ة كى شرطدا هو األفس في مقام التبكيغ والبياال.
أمررا فرري فعررل العبررش وامتبالررال ل ررا ب كرف بررال ،فررال بررش أوإك أال خكررع ارروب الشرررك و كفررر
بالطاغوت ارم رشخل اع راال فقيراك طراهراك فيتز رى ،را قرا تعرالى فري فعرل العبرش :ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ .
وقا :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ [الزمر.]17 :
الث رراني :أال ت ررأخير ﭽ ﭾﭿ ف رري اآل ررة« ،و ف ررر ب ررا عب ررش م ررن وال الك ررال» ف رري
الحش ث فيش وجوب اإست راف .فك را أال الكفرر بالطراغوت مقرشم فري ال جرا الع كري ،هإ
أفال ج أال ست ر هلى أال كقى العبش فبال .فعكى ال ؤمن طو الياتال أال ستقيم كرى برا ة
الكال الخالصة ،و جتإل الطاغوت ،وللو الصالة والطدافة لدا .فالطدافة تكوال قبل الصرالة
وتست ر التى فدا تدا .والكال تعالى أ كم))(.)2
6ر وم ررن أ ل ررة القس ررم األو الشال ررة ك ررى اش ررتراط الكف ررر بالط رراغوت أ ر راك لص ررحة
[الزم ر ررر: الش ر رردا ة قول ر ررال تع ر ررالى :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
.]17
وجر ررال اإستشر رردا بدر ررا :أال الكر ررال تعر ررالى فت ر ر البشر ررر ،،وهر رري الجإلر ررة كر ررى اجتإلر رراب
الطاغوت بترك با تال ،فش كى اشتراط الكفر بالطاغوت لشخو الجإلة ،والجإلة إ شخكدا
هإ أهل التواليش الخال .فببرل أال الكفرر بالطراغوت محترا هليرال لتحقير التواليرش الخرال
ال وج لشخو الجإلاال.
وووه آخر :وهو أال إ هلال هإ الكال تت ن الكفر بالطاغوت ال وج لرشخو الجإلرة
ا في ههر اآل رة .فببرل أال إ هلرال هإ الكرال إ تإلفرع قائكدرا هإ مرع الكفرر بالطراغوت ،وللرو
وجال الشرطية لككفر بالطاغوت لصحة الشدا ة.
7ر ومررن األ لررة أ راك قولررال تعررالى :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [الإلحل.]72 :
ووجررال اإستشرردا باآل ررة كررى اشررتراط الكفررر بالطرراغوت لصررحة شرردا ة أال إ هلررال هإ
الكال هو :أال الكال ر سبحافال وتعالى ر بين في ههر اآل ة القيقة وة ل فسرو أفسركال هلرى أمرة،
وهررو بررا ة الكررال والررشر واجتإلرراب الطرراغوت .وهررها هررو معإلررى إ هلررال هإ الكررال ررا جرراء مصرررالاك
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ بال في آ ة األفبيراء :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
[األفبيرراء .]65 :وهررها مررا فتر كيررال الدشا ررة ررا فرري قولررال :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ .فررش كررى
أال هشا ررة الك ررال إ إلالد ررا هإ م ررن ق ررا إ هل ررال هإ الك ررال واجتإلر ر الط رراغوت .ولل ررو ه ررو وج ررال
الشرطية.
وووه آخر من اآلية :وهو أال تر ي ههر اآل ة هو تر ير إ هلرال هإ الكرال .فقولرال:
هررو معإلررى اعابررات فرري ك ررة التواليررش ،وقولررال :ﭽ ﭾﭿ هررو معإلررى الإلفرري ﭻ ﭼ
فرري ك ررة التواليررش .وللررو هررو القيقررة رروة ج يررع ال رسرركين ،وهررو اعسررالم العررام لكررال فب
العال ين ال وج لرشخو الجإلراال .فرشلل اآل رة كرى أفرال إ برش فري اعسرالم مرن الإلفري الرهي
هو الكفر بالطاغوت ،واعابات الهي هو هخالص العبا ة لكال والشر.
قررو الشرريم سرركي اال آ الشرريم ر فال ررال الكررال ر(( :وأمررا معإلررى اآل ررال فررأخبر تعررالى أفررال
بعررث فرري ررل أمررة أي فرري ررل طائفررة وقر ررال مررن الإلرراس فسرروإك بدررهر الكك ررة أال ا بررشوا الكررال
واجتإلبر روا الط رراغوت أي :ا ب ررشوا الك ررال وال ررشر واتر ر روا ب ررا ة م ررا سر روار فكد ررها خكق ررل الخكيق ررة
ررا ق ررا تع ررالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ وأفس رركل الرس ررل وأفزل ررل الكتر ر
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [األفبي رراء .]65 :وق ررا تع ررالى :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭛ ﭜ
[الر رش .]72 :وهررهر اآل ررة هرري معإلررى إ هلررال هإ الكررال ،فإفدررا ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
اعابررات، ت ر إلل الإلفرري واعابررات ررا ت ر إلتال "إ هلررال هإ الكررال" ،ففرري قولررال ﭻ ﭼ
وف رري قول ررال :ﭽ ﭾﭿ الإلف رري .ف ررشلل اآل ررة ك ررى أف ررال إ ب ررش ف رري اعس ررالم م ررن الإلف رري
واعابات ،فيببل العبا ة لكال والشر ،و إلفي با ة ما سوار ،وهو التواليش الهي ت إلتال سوفة
757 شرط الكفر بالطاغوت
( )1تيسير العز ز الح يش (ص .)74 :وافظر :مج وع الفتاو.)74/7 ،71/1( ،
من ففي ه افدم؛ فإال ( ز وال) هف ا قا غالباك ل ن ﭕ ( )2وجال الإلفي لب اال فيدا( :ل ا في م ن قولال:
ا ى و ،هو فيدا الب ل خالفتال ل وجبدا ،و كال ب ا إلافيدا)[ .فتو ال جيش (ص.])527 :
( )3تيسير العز ز الح يش (.)474
751 شرط الكفر بالطاغوت
وجررال اإستشرردا بدررا إشررتراط الكفررر بالطرراغوت :أال الكررال ر تعررالى ر وصررف الكف راف
بأفدم تولوال الطاغوت الوإ ة ال ستكزمة لعشم الكفر بال ،فش كى أال ال سكم فقيض للو.
2ر ومإلدا هلو قولال تعرالى فري شرأال أهرل الكتراب :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
[الإلساء.]51 : ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ
وجررال اإستشرردا بدررا كررى اشررتراط الكفررر بالطرراغوت لصررحة اع رراال أال الكررال تعررالى
وصررف أهررل الكترراب بررأفدم ؤمإلرروال بالجبررل والطرراغوت ،فررش كررى أال ال سرركم كررى فقرريض
للو؛ وفقيض اع اال بالطاغوت هو الكفر بال.
وأمررا القسررم الثرراني مررن األ لررة فدرري األ لررة الشالررة كررى الب رراءة مررن ال شررر ين ،ومررن
معبو اتدم :والفررق برين هرهر األ لرة والتري قبكدرا أال األولرى امرة فري ج يرع الطواغيرل ،وهرهر
خاصة في بعض أفرا ر.
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ومررن هررهر األ لررة قولررال تعررالى :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ [الزخرف 62 :ر .]67
ق ر ررو الش ر رريم ب ر ررش الكطي ر ررف آ الش ر رريم(( :ف ر ررشلل ه ر ررهر اآل ر ررة ...ك ر ررى أال الكف ر ررر
بالطاغوت شرط إ حصل اعسالم بشوفال))(.)1
ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ومإلد ر ر ر ررا أ ر ر ر راك قول ر ر ر ررال تع ر ر ر ررالى :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
[ال تحإلة.]4 :
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ومإلد ر ررا قول ر ررال تع ر ررالى :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
ﯥ [الشعراء 75 :ر .]77 ﯣ ﯤ
ومإلدررا ررهلو قررو هبرراهيم :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
[األفعام.]77 :
قررا الشرريم بررش الرررال ن بررن السررن آ الشرريم(( :والحإليررف هررو الررهي ترررك الشرررك
فأساك ،وتبرأ مإلال ،وفافق أهكال و ا اهم ،وأخك أ الال الباطإلة والظاهرة لكال والشر))(.)2
( )1إلة ال طابقة إلة الكفل كى امل معإلار .افظر :الحشو األفيقة (ص ،)77 :ومإلدا السإلة (.)457/5
( )2إلة الت ن هي إلة الكفل كى جزء معإلار .افظر :الحشو األفيقة (ص ،)77 :ومإلدا السإلة (.)457/5
( )3إلة اإلتزام تقشم معإلاها.
( )4تيسير العز ز الح يش (ص.)44 :
757 شرط الكفر بالطاغوت
قو الشيم مح ش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر(( :ول را فدرى فروح بإليرال رن الشررك
أم رررهم ب ررال هل ررال هإ الك ررال ،فك رريذ ه ررها تكر ررافاك ب ررل ه ررهاال أص ررالال مس ررتقالال بير رراال ،وهال اف ررا
متالزمين؛ فالإلدي ن الشرك ستكزم الكفر بالطاغوت))(.)1
وأما أدلة السنة فدي كى االاة أقسام هلو.
القسم األول :األدلة التي فيها لفظ الطاغوت أو فيها معناه.
ومن ههر األ لة:
1ر قولررال ر ر ررا فرري الررش ث طررافق بررن أشرريم )2(ر« :مررن قررا إ هلررال هإ الكررال
و فررر ب ررا عبررش مررن وال الكررال الرررم مالررال و مررال والسررابال كررى الكررال»( .)3وفرري فوا ررة« :مررن والررش
الكال» ام ل ر ب بكال(.)4
قا الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال رال الكرال ر(( :وهرها مرن أ ظرم مرا برين معإلرى إ
الررال هإ الكررال؛ فإفررال لررم جعررل الررتكفل بدررا اصر اك لكررشم وال ررا بررل وإ معرفررة معإلاهررا مررع الررتكفل
بدررا بررل وإ اعقرراف بررهلو بررل وإ وفررال إ ررش و هإ الكررال والررشر إ شررر و لررال بررل إ حرررم مررال
ومالال التى يف هلى للو الكفرر ب را عبرش مرن وال الكرال ،فرإال شرو أو ترر لرم حررم مالرال
و مال .فيالدا من مسألة ما أجكدا و الال من بياال ما أومحال والجة ما أقطعدا لك إلازع))(.)5
قا الشيم بش الكطيف بن بش الرال ن ر فال ال الكال ر معكقاك كى الم الشيم مح ش
بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر(( :وتقر رر الشريم كرى هرها الحرش ث مرن أالسرن التقراف ر وأ لدرا
وأبيإلدررا .فإفررال اسررتش بالج كررة ال عطوفررة البافيررة كررى أال الكفررر بالطرراغوت ومررا بررش مررن وال
الكال شرط في تحر م الشم وال ا ،وأال إ ص ة ب جر القو وال عرفة وإ ب جر تررك برا ة
مررا بررش مررن وال الكررال ،بررل إ بررش مررن الكفررر ب ررا بررش مررن وال الكررال ،والكفررر بررال وبغ ررال وتر ررال
والب رراءة مإلررال ومعرفررة بطالفررال ،وهررها إ بررش مإلررال فرري اعسررالم .قررا تعررالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [ البقر ر رررة ]652 :فج ر ر ررع ب ر ر ررين اع ر ر رراال والكف ر ر ررر
بالطاغوت في ههر اآل ة .ولدا فظرائر فري تراب الكرال؛ قولرال تعرالى رن هبرراهيم :ﮁ ﮂ ﮃ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ [الزخر ر ر رررف 62 :ر ]67فر ر ر ررشلل ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ههر اآل ة وما قبكدرا كرى أال الكفرر بالطراغوت شررط إ حصرل اعسرالم بشوفرال ،وهكرها هرها
الحش ث مبل ههر اآل ات))( .)1افتدى.
وقا الشيم بش الرال ن بن السرن ر فري شررالال لدرها الحرش ث ر(( :قولرال« :الررم مالرال
و مررال والسررابال كررى الكررال .»فيررال ليررل كررى أفررال إ حرررم مالررال و مررال هإ هلا قررا :إ هلررال هإ
الكررال و فررر ب ررا بعبررش مررن وال الكررال؛ فررإال قالدررا ولررم كفررر ب ررا عببررش مررن وال الكررال؛ فشمررال ومالررال
الررال ،لكوفررال لررم إلبك رر الشرررك و كفررر بررال ،ولررم إلفررال ررا ففتررال إ هلررال هإ الكررال .فتأمررل هررها
ال ومع فإفال ظيم الإلفع))(.)2
قكررل :وبدررها تبررين ظررم إلررة هررها الحررش ث كررى شرررط الكفررر بالطرراغوت لصررحة
الشدا ة بالتواليش.
قا الشيم الفوزاال ر الفظال الكرال ر(( :فدرها الحرش ث كرى اختصرافر مرإلدج ظريم ،برين
معإلررى شرردا ة أال إ هلررال هإ الكررال ،وأفدررا ليسررل مجررر لفررل قررا بالكسرراال و ررر فرري األل رراف
واألوفا ،وهف را ه رري القيق ررة تقت رري مإل ررو أال تكف ررر ب ررا عب ررش م ررن وال الك ررال ،وأال تتب ررأ م ررن
ال شررر ين ،ولررو ررافوا أقرررب الإلرراس ،ررا تبررأ الخكيررل ر كيررال الصررالة والسررالم ر مررن أبيررال وأقرررب
الإلاس هليال))(.)3
قكل :ومن أ لة هها القسم أ اك مرا جراء فري بعرض ألفرا األالا رث مرن الإلدري رن
تعظيم الطواغيل والحكف بدا ،قولال « :إ تحكفوا بالطواغي وإ بابائكم»(.)4
جاء هها الكفل مفسراك في الروا ة األخر« :،إ تحكفوا بابائكم وإ بالطواغيل»(.)1
قا ابن األاير(( :الطواغي ج ع طاغية .وهي ما افوا عبشوفال من األصإلام وغيرها.
ومإلال الحش ث« :ههر طاغية وس وخبعم»( )2أي :صإل دم ومعبو هم(.)3
و جرروز أال كرروال أفا بررالطواغي مررن طغررى فرري الكفررر وجرراوز القررشف فرري الشررر وهررم
ظ اكهم وفكساكهم))( .)4افتدى.
قكل :ووجال اإستشدا بالحش ث ظاهر جشاك كى اشتراط الكفر بالطراغوت ،وهرو
أفال ل ا اال الحكف بدا ر أي الطواغي ر قت ي تعظي دا فبدي إلال لكوفال إلافي الكفر بدرا وإ
سي ا هلا اقترال بالحكف بدا ا تقا أفدا مساو ة لكرال تعرالى فري التعظريم والعظ رة ،فيكروال فرراك
أ بر إلافي أصل الكفر بالطاغوت .أما هلا لم قترال بالحكف بدا ا تقا مساواتدا لكال فيكروال
شر اك أصغر إلافي ا الكفر بالطاغوت.
أو قر ررا :هال الحكر ررف بر ررالطواغي (الطواغير ررل) ت ر ر ن التحر رره ر مإلدر ررا والإلدر رري ر ررن
تعظي دا ،ألال الحكف بغير الكال قت ي تعظيم ال حكوف بال.
قررا الإلررووي ر فال ررال الكررال ر(( :قررا العك رراء الحك ررة فرري الإلدرري ررن الحكررف بغيررر الكررال
تعررالى ،أال الحكررف قت رري تعظرريم ال حكرروف بررال ،والقيقررة العظ ررة مختصررة بالكررال تعررالى ،ف رال
اهي بال غيرر))( .)5افتدى.
ومن األالا ث أ اك قولال « :من الكف فقرا فري الكفرال برالالت والعبرز ،فكيقرل إ
هلال هإ الكال ،ومن قا لصاالبال تعا أقامرك فكيتصشق»(.)6
رررررررررر
(= )1بدها الكفل هو إلش اعمام أال ش في ال سإلش ( ،)26/5والإلسائي في تاب األ اال والإلهوف ،باب الحكف
بالطواغيل ( ،)17/7والبيدقي في السإلن ( ،)67/17وابن أبي شيبة في ال صإلف ( .)77/7والحش ث
صححال العالمة األلبافي ا في صحيو الإلسائي (.)777/6
( )2لم أقف كيال بدها الكفل .وقش وف في صحيو البخافي (جر )167/7تاب الفتن ،باب تغيير الزماال التى تعبش
األوااال ح ( )7112قولال « : لو الخكصة طاغية وس التي افوا عبشوال في الجاهكية».
( )3ال را صإلم لي الخكصة .قا العيإلي(( :و افل صإل اك تعبشها وس .وقا ابن الية قيل هو بيل أصإلام اال
لشوس وخبعم وبجيكة ومن اال ببال هم)) [ .شة القافي (.])627/14
الحش ث (.)167/7 ( )4الإلدا ة في غر
( )5شرح مسكم (.)177/11
( )6أخرجال البخافي في تاب األ اال والإلهوف ،باب إ حكف باإت وإ بالطواغيل (جر )676/7ح (.)2257
752 شرط الكفر بالطاغوت
ب رروب كي ررال اعم ررام البخ ررافي ر فال ررال الك ررال ر(( :ب رراب إ حك ررف ب ررالالت والع ررز ،،وإ
بالطواغيل(.)1
ق ررا الح ررافل اب ررن الج ررر(( :اقتص ررر ال صر رإلف ك ررى لف ررل الطواغي ررل لكوف ررال األص ررل،
و طفال كى الالت والعز ،إشتراك الكل في ال عإلى .وهف را أمرر الحرالف برهلو بقرو إ هلرال
هإ الكال لكوفال تعاطى صوفة تعظيم الصإلم اليث الكف بال))(.)2
وفقررل ررن البغرروي قولررال(( :وهف ررا أم ررر بالتواليررش ألال الحكررف بررالالت والعررز ،رراهي
الكفاف فأمرر أال تشافك بالتواليش))(.)3
وفقل ن الطيبي قولال(( :الحك ة في ل ر الق اف بعش الحكف بالالت :أال من الكف
بالالت واف الكفاف في الكفدم فأبمر بالتواليش ،ومن ا هلى ال قامرة وافقدم في لعربدم فرأبمر
بكفافة للو بالتصشق))(.)4
وقرا السرإلشي ر فال ررال الكرال ر(( :وقولرال إ هلررال هإ الكرال اسرتشفاك ل را فاتررال مرن تعظريم الكررال
تعالى في محكال وففي ل ا تعاطى من تعظيم األصإلام صوفة .وأمرا مرن قصرش الحكرف باألصرإلام
تعظي اك لدا فدو افر فعول بالكال مإلال))(.)5
فظدر م را تقرشم خطروفة الحكرف بالطواغيرل ل را فيرال مرن ال إلافراة الكامكرة أو الإلاقصرة
لككفررر بالطرراغوت بحسر القصررش والإليررة م ررا ررش كررى أفررال محتررا لككفررر بالطرراغوت لإلفرري
الشرك بإلو يال األ بر واألصغر وللو وجال الشرطية.
القسم الثاني :األدلة التي فيها لفظ ال إله إال الله.
والفرررق بررين هررهر األ لررة والترري قبكدررا أال أ لررة القسررم األو الررة كررى وجرروب الكفررر
بالطاغوت مطابقةك من لفظدا ،وههر هف ا تش كى وجوب الكفر بال ن طر الت ن؛ فإال
وج رروب هف ر ررا الكر ررال بالعب ررا ة ر الر ررهي تر ررش كي ررال معإلر ررى الشر رردا ة ر مت ر ر ن وجر رروب الكفر ررر
بال عبو ات سوار ،وهو الكفر بالطاغوت.
ومن ههر األ لة قولال ر ا في الش ث أبي هر رة ر« :من قرا إ هلرال هإ الكرال
ففعتال وماك من هرر ،صيبال قبل للو ما أصابال(.)2(»)1
ومإلد ررا أ راك قول ررال ر ررا ف رري ال ررش ث أف ررذ ب ررن مال رو « : ا ررالث م ررن أص ررل
اع اال :الكف ن قا :إ هلال هإ الكال ،وإ تكفرر برهف ،وإ تخرجرال مرن اعسرالم بع رل.
والجدا ما ،مإله بعبإلي الكال هلى أال قاتل آخر أمتي الشجا إ بطكال جروف جرائر وإ رش
ا ،واع اال باألقشاف»(.)3
وأ راك قولررال :ر ررا فرري الررش ث يررا ،ر« :هال إ هلررال هإ الكررال ك ررة كررى الكررال
ر ة لدا إلش الكال مكاال .وهي ك ة من قالدا صرا قاك أ خكرال الكرال بدرا الجإلرة .ومرن قالدرا البراك
القإلل مال وأالرزت مالال ولقي الكال غشا فحاسبال»(.)4
وقولررال« :مررن قررا إ هلررال هإ الكررال بتغرري بررهلو وجررال الكررال خررل الجإلررة»( ،)5وقولررال« :مررن
قا إ هلال هإ الكال خالصاك من قكبال خل الجإلة»(.)6
وقولال« :من قا إ هلال هإ الكرال مسرتيقإلاك بدرا قكبرال خرل الجإلرة»( ،)7وقولرال« :مرن قرا إ
هلال هإ الكال صشق قكببال لسافال خل من أي أبواب الجإلة الب افية شاء»(.)8
ووجال اإستشدا مإلدا ظاهر كى اشتراط الكفر بالطاغوت ،وهو :أال ك ة التواليرش
"إ هلال هإ الكال" مت إلة لككفر بالطاغوت الرة كيرال فري الرا هفرا هرا ،وفري الرا اقترافدرا برال
ا قرف للو أهل العكم.
قررو الشرريم بررش الكطيررف بررن بررش الرررال ن آ الشرريم(( :وقررش فررر اع رراال و خر
بالرره ر ،فيررشخل فيررال الكفررر بالطرراغوت؛ شرردا ة أال إ هلررال هإ الكررال ،فإفدررا الررة كررى اع رراال
بالكال ال ت ن لككفر بالطاغوت و با ة الكال والشر إ شر و لرال .وقرش ج رع بيإلد را را فري
الررش ث طررافق( .)1فيسررتفا معإلر كرى زائررش والكررم آخررر ،س رواء افررل الج كررة البافيررة مؤ ررشة أو
مؤسسة .وأ اك فإال إلرة األلفرا واألسر اء تختكرف فري الرا اقترافدرا واففرا هرا ،ومعكروم أال
الج كررة ال عطوفررة أفررا ت فائررشة أخررر ،والصررل بدررا لررم حصررل بالج كررة األولررى ،كررى القررو
بأفدا مؤسسة ،و ها القرو بأفدرا مؤ رشة .فرإال الإلفري فري الج كرة األولرى( )2ت ر ن الكفرر ب را
بش من وال الكرال كرى وجرال الع روم ال سرتفا مرن الإلفري ،وفري الج كرة األخرر ،خصرل أالرش
ال عررافي ال سررتفا ة مررن الج كررة األولررى ،تإلبيدراك كررى أفررال أجررل معافيدررا وأه دررا .وهررها مشرردوف
في الم الكال فسولال و الم العرب))(.)3
وق ررا مبيإل راك وج ررال اإس ررتشإ باألالا ررث ال تقشم ررة ك ررى اش ررتراط الكف ررر بالط رراغوت
لصررحة الشرردا ة(( :وقررش قررشمإلا أال شرردا ة اعخررالص الررة كررى الكفررر بالطرراغوت فرري الررا
هفرا ها ،و ها في الا اقترافدا بغيرها.
فدهر األالا ث التي ساقدا ال عتر ،كدا بح ش الكال ،الة كى ما قرفر شيخإلا
كيررال فرري الررش ث طررافق شرراهشة لررال مقرررفة ل عإلررار ،حررش ث يررا ،،والررش ث أبرري وفر
هر رررة ،و ررهلو الررش ث أفررذ .ررل هررها ررش كررى أال الكفررر بالطرراغوت إ بررش مإلررال فرري
ص ة ال ا والشم))(.)4
( )1عإلي ال تقشم ،وهو قولال « :من قا إ هلال هإ الكال و فر ب ا عبش من وال الكال » ...الحش ث.
( )2عإلي قو إ هلال هإ الكال.
( )3مصباح الظالم (ص.)127 :
( )4ففذ ال صشف (ص.)125 :
757 شرط الكفر بالطاغوت
قكرل :وم ررا ومرو للررو أال ال شرر ين ل ررا قرا لدررم الإلبري « :قولروا إ هلرال هإ الكررال
تفكحروا»( )1فد روا أفدرا تررش كررى الكفررر بالطرراغوت والبرراءة مررن بررا ة غيررر الكررال ،ولررها قررالوا ر
ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ص.]5 : ا الكى الكال إلدم ر ﭵ ﭶ ﭷ
قو الشريم مح رش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر(( :والكفراف عك روال أال مررا الإلبري
بدهر الكك ة هو هفرا الكال برالتعك ،والكفرر ب را عبرش مرن وفرال والبرراءة مإلرال؛ فإفرال ل را قرا
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭸﭹ ﭺ لدم « :قولوا إ هلال هإ الكال» قرالوا :ﭵ ﭶ ﭷ
[ص.)2())]5 :
و ها ل ا ر ،الإلبي قو إ هلرال هإ الكرال كرى رال أبري طالر قرالوا :أترغر رن
مكررة بررش ال طك ر ( .)3ومكررة بررش ال طك ر هرري الشرررك ،والررهي مإلررال اع رراال بالطرراغوت فررش
كى أال إ هلال هإ الكال مت إلة لككفر بالطاغوت الة كيال ب قت ى الشرع و الم العرب.
القسررم الثالررث :األدلررة الترري فيهررا اشررتراط السررالمة والخلرروص مررن الشرررح لصررحة
التوحيد ودخول الجنة:
والفرق بين ههر األ لة والتي قبكدا أال األ لة قبكدا الة كى وجوب الكفر بالطاغوت
هما مطابقة أو ت إلاك ،وههر هف ا تش كيال بطر الكزوم؛ هل كزم من الإلدي ن الشرك الكفر
بالطاغوت.
ومن ههر األ لة :قولرال ر را فوار إلرال ابرن مسرعو ر« :مرن مرات وهرو رش و
من وال الكال فشاك خل الإلاف».
قا ابن مسعو :وقكل أفا :من مات وهو إ ش و لكال فشاك خل الجإلة(.)4
قررا الشرريم بررش الرررال ن بررن السررن ر فال ررال الكررال ر(( :وهررها الحررش ث فيررال التحرره ر مررن
الشرك أ اك ،والتخو ف مإلال .والإلش ال بل والشبيال ،ف ن را ميتراك أو غائبراك ،وأقبرل هليرال بوجدرال
وقكبال ،فغبة هليال وفهبة مإلال ،سواء سألال أم لم سألال؛ فدها هو الشرك الهي إ غفرر الكال))(.)1
ومن األ لة أ اك :ما جاء في الش ث جابر :أتى الإلبي فجل فقرا :را فسرو
الكال ما ال وجبتاالق فقا « :من مات إ شررك بالكرال شريداك خرل الجإلرة ومرن مرات شررك بالكرال
شيداك خل الإلاف»(.)2
ووجال اإستشدا بال وامو كى اشتراط الكفر بالطاغوت لصرحة الشردا ة ،وهرو :أال
الإلبي اشترط لشخو الجإلرة الخكروص والسرالمة مرن الشررك ،وللرو إ كروال هإ باجتإلراب
الطواغيررل والبرراءة مإلدررا ،ألال الإلدرري ررن الشرررك سررتكزم الكفررر بالطرراغوت ررا تقررشم؛ وللررو
وجال الشرطية .والكال تعالى أ كم.
رررررررررر
(= )1قرة يوال ال والش ن (ص.)47 :
( )2أخرجال مسكم في تاب اع اال (.)74/1
721 شرط الكفر بالطاغوت
المبحث الخامس :أقوال أهرل العلرم فري اعتبرار الكفرر بالطراغوت شررطاً فري شرهادة أن
ال إله إال الله.
ت ر إلل أقروا أهررل العكررم وتقر رراتدم مررا ت ر إلتال فصرروص الكترراب والسرإلة مررن ا تبرراف
الكفر بالطاغوت قيشاك إ بش مإلال لصحة الشدا ة وففع قولدا.
ومن أقوالدم في للو:
1ر ما أار ن ر برن الخطراب أفرال هلا اسرتكم الحجرر األسرو راال قرو :آمإلرل بالكرال
و فرت بالطاغوت(.)1
وفرري بعررض الروا ررات أفررال رراال قررو ر هلا بررر إسررتالم الحجررر ر :بسررم الكررال والكررال أ بررر
كررى مررا هررشافا الكررال ،إ هلررال هإ الكررال والررشر إ شررر و لررال ،آمإلررل بالكررال ،و فرررت بالطرراغوت،
وب ررالت والع ررز ،،وم ررا ررش ى م ررن وال الك ررال؛ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
[األ راف.)2())]172 :
وأبار أال هها القو اال كي بن الحسين ر فال ال الكال ر عك ال ألبإلائال(.)3
قكل :ووجال الشرطية مإلال قر إلة الحا ؛ فإال اع اال بالكال واع اال بالطاغوت تإلافياال ،فرإلا
قبر ررال ب ررين اع رراال بالك ررال والكف ر رر بالط رراغوت ف رري ال رره ر فبد ررم أال ال ر ررا تحقي ر ر اع رراال ب ررالكفر
بالطاغوت.
وفظيررر هررها القررو مررا جرراء ررن خالررش بررن الوليررش فرري شررأال العررز ،ل ررا أفسرركال الإلبرري
لتحطي دا:
هف ر رري فأ ر ررل الك ر ررال ق ر ررش أهاف ر ررو))(.)4 ر ر ر ررا ر ر ر ررز ،فرافر ر ر ررو إ سر ر ر رربحافو
فقر إلة الحا بستش بدا كى مرا ال تككم وقصشر .والكال تعالى أ كم.
6ر وجاء ن أبي الشف اء ( ) 5أفال ا مر اك من جيرتال فوجشر في
السروق( )1وهررو غرغررر ،إ فقدرروال مررا ر ررش .فسررألدم :ر ررش أال إلطر ق قررالوا :فعررم ،ر ررش أال
قو :آمإلل بالكال ،و فرت بالطاغوت.
قا أبو الشف اء :وما ك كم بهلوق قالوا :لم ز ر ها التى افكسر لسافال ،فرإلحن
فعكم أفال هف ا ر ش أال إلط بدا.
فق ررا أب ررو ال ررشف اء :أفك ررو ص رراالبكم هال الك ررال ق ررو :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[البقرة.)2())]652 : ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
و ن مكحو ( )3الين أوصى قا (( :تشدش هها ر فاشدش بال ر تشردش أال إ هلرال هإ الكرال
والشر إ شر و لال وأال مح شاك بشر وفسولال و ؤمن بالكال و كفر بالطاغوت كى للرو حيرى
هال شاء الكال و وت و بعث ...ام قا :ههر وصية أبي الشف اء))(.)4
7ر وأبار ن رروة برن الزبيرر( )5أفرال راال قرو ر هلا أصربو وهلا أمسرى ر(( :آمإلرل بالكرال
العظيم ،وا تص ل بال ،و فررت بالطراغوت ،واست سركل برالعروة الرواقى التري إ اففصرام لدرا
والكال هو الس يع العكيم))(.)6
ووجال الشرطية ظاهر من األار ن ال تقشمين هل مقصو أبي الشف اء و رروة ر فال رال
الكررال ر تحقي ر اع رراال بررالكفر بالطرراغوت بررشليل اسررتشإه ا با ررة البقرررة الترري هرري مررن أظدررر
األ لررة فرري شرررطية الكفررر بالطرراغوت .وبرراألار ن أ راك تبررين مررا ررر مررن قولررال(( :آمإلررل
بالكال و فرت بالطاغوت)) وهو أفال ر ش تحق اع اال بالكفر بالطاغوت.
رررررررررر
( ،]757وافظر :التاف م الكبير (،)72/2 التده الستة[ .تقر بعش للو ،والش بال إلش أصحاب الكت =
والجرح والتعش ل (.)62/7
( )1السوق هإلا ب عإلى الشروع في الإلرزع .قا في القاموس ( :)727/7وساق ال رض سوقاك وسياقاك شرع في فزع الروح.
( )2أخرجال ابن جر ر في التفسير (.)557/4
( )3هو :مكحو الشامي ،أبو بش الكال الشمشقي ،اقة فقيال ،بير اعفسا ،مات سإلة ب ع شرة ومائة[ .تقر
(ص ،])727 :وافظر :الجرح والتعش ل (.)477/7 التده
( )4سإلن الشافمي ( 6776/4ر )6777فقم ( )7667طبعة :اف ال غإلي ،الر ا.،
( )5هو :روة بن الزبير بن العوام بن خو كش األسشي ،أبو بش الكال ال شفي ،اقة فقيال ،أالش فقداء ال ش إلة السبعة،
ر فو ،إلال الزهري وابإلال هشام ،توفي قبل ال ائة سإلة ( )74هر كى س ع أبار و ائشة ،و بش الكال بن
(ص.)274 : التده الصحيو .افظر :التاف م الكبير ( ،)71/7وتقر
( )6أخرجال ابن سا ر في تاف م مش (.)627/47
727 شرط الكفر بالطاغوت
4ر وقا ابن طية((( :)1وقشم تعالى ل ر الكفر بالطاغوت كى اع اال بالكال ليظدر
اإهت ام بوجوب الكفر بالطاغوت))(.)2
5ر وقر را أب ررو الي رراال( )3ر بع ررش أال س رراق ررالم اب ررن طي ررة مبي إلر راك وج ررال التق ررش م ر:
((وفاسر للررو أ راك ر عإلرري تقررش م الكفررر بالطرراغوت كررى اع رراال ر اتصررالال بكفررل الغرري،
وألال الكف ررر بالط رراغوت متق ررشم ك ررى اع رراال بالك ررال ،ألال الكف ررر بد ررا ه ررو فف رردا وفف ررض
با تد ررا .ول ررم كت ررف بالج ك ررة األول ررى ،ألفد ررا إ تس ررتكزم الج ك ررة البافي ررة؛ هل ق ررش رررفض
با تدررا وإ ررؤمن بالك ررال لكررن اع رراال بالك ررال سررتكزم الكفررر بالط رراغوت ،ولكإلررال فبررال ب رره ر
الكفر بالطراغوت كرى اإفسرالا بالككيرة م را راال مشرتبداك برال سرابقاك لرال قبرل اع راال ألال
في الإلصية كيال مز ش تأ يش كى تر ال))(.)4
2ر وقا الحكي ي(( :ولو قا الواإلي :إ هلال هإ الكرال ،و راال رز م أال الصرإلم قربرال هلرى
الكال؛ لم كن مؤمإلاك التى تبرأ من با ة الصإلم))(.)5
7ر ر وقررا ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر(( :فإفررال إ وإء هإ لكررال ،وإ وإء هإ بررالبراءة مررن رل
ﮯ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ معبر ر ررو س ر ر روار .قر ر ررا تعر ر ررالى :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ [ال تحإل ر ررة .]4 :وق ر ررا تع ر ررالى :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ [الزخرررف 62 :ر ]67أي :جعررل هررهر ال رواإة
( )1هو :اعمام ال فسر ،بش الح بن غال بن بش ال كو بن غال بن ت ام بن طية ،اعمام الكبير ،قشوة ال فسر ن،
أبو مح ش الغرفاطي القامي ،الشث ن أبيال الحافل الحجة أبي بكر و ن أبي كي الغسافي ومح ش بن الفر .و اال
فقيداك اففاك باألالكام والحش ث ،بصيراك بكساال العرب واسع ال عرفة ،توفي سإلة سل وأفبعين وخ س ائة .افظر :طبقات
ال فسر ن لكشاوو ي (ص 175 :ر .)172
( )2ال حرف الوجيز ( 6776/6ر )6777فقم (.)7667
( )3هو :الشيم ال فسر ،الكغوي ال تبحر ،مح ش بن وسف بن كي بن وسف بن الياال ،أبو الياال الغرفاطي ،س ع
الكبير بغرفاطة من األستال أبي جعفر بن الزبير وأبي جعفر بن بشير وغيرهم ،و اال هماماك مإلتفعاك بال ،بصيراك بالكغة
والتفسير ،اتف أهل صرر كى تقش ال وهمامتال .توفي سإلة خ ذ وأفبعين وسبع ائة .افظر :طبقات ال فسر ن
لكشاوو ي (ص 677 :ر .)677
( )4البحر ال حيط ( 676/6ر .)677
( )5فقالك ن فتو البافي (.)757/17
724 شرط الكفر بالطاغوت
لكال والبراءة من ل معبو سوار ك ةك باقيةك في قبال توافادا األفبيراء وأتبرا دم بع ردم رن بعرض،
وهي ك ة :إ هلال هإ الكرال ،وهري التري وفادرا همرام الحإلفراء ألتبا رال هلرى روم القيامرة))( .)1وقرا أبرو
السعو ((( :)2وتقرش م الكفرر بالطراغوت كرى اع راال برال تعرالى لتوقفرال كيرال؛ فرإال التخكيرة متقشمرة
كى التحكية))(.)3
7ر وقا شريم اعسرالم مح رش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر(( :وا كرم :أال اعفسراال
ما صير مؤمإلاك بالكال هإ بالكفر بالطاغوت))(.)4
وقا أ اك(( :ال سألة الكبيرة أال با ة الكال إ تحصل هإ بالكفر بالطاغوت))(.)5
7ر وقررا الشرريم سرركي اال بررن بررش الكررال آ الشرريم ر تعكيق راك كررى بعررض أ لررة اشررتراط
الكفر بالطاغوت لصحة الشدا ة ر(( :وفيدن ليل كى أال التواليش أو واج كى ال ككرف
وهو الكفر بالطاغوت واع اال بالكال ال ستكزم لعبا تال والشر إ شر و لال))(.)6
وقا أ اك(( :فدها هو معإلى إ هلال هإ الكرال وهرو برا ة الكرال وتررك برا ة مرا سروار وهرو
الكفر بالطاغوت وه اال بالكال))(.)7
وقررا فرري تفسررير قولررال تعررالى :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ [الإلسرراء(( ]27 :أي بالطرراغوت،
وهررو ليررل كررى أال التحررا م هلررى الطرراغوت مإلرراف لب رراال م ررا لررال؛ فررال صررو اع رراال هإ
بالكفر بال وترك التحا م هليال ف ن لم كفر بالطاغوت لم ؤمن بالكال))(.)8
17ر وقا العالمة بش الرال ن بن السن ر فال ال الكال ر ...(( :الكفر بالطراغوت ف رن
التواليش ا في آ ة البقرة .فإلا لم حصل هها الر ن لم كن موالشاك))(.)9
()1
وقا أ اك(( :وأما قولال في الحش ث الصحيو« :و فر ب ا عبش مرن وال الكرال»
فدها شرط ظيم ،إ صو قو :إ هلال هإ الكال هإ بوجو ر ،وهال لم وجش لم كن من قا إ
هلررال هإ الكررال معصرروم الررشم وال ررا ،ألال هررها هررو معإلررى إ هلررال هإ الكررال فكررم إلفعررال القررو بررشوال
اعتياال بال عإلى ،الهي لل كيال من ترك الشرك ،والبراءة مإلال ،وم رن فعكرال ،فرإلا أفكرر برا ة
ل ما عبش من وال الكال وتبرأ مإلال و ا ،من فعل للو :صاف مسك اك معصوم الرشم وال را ،
وهر ر ررها معإلر ر ررى قر ر ررو الكر ر ررال تعر ر ررالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[البقرة.)2())]652 : ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
ول ررر أ ر راك(( :أال األ ررا إ تص ررو هإ ب ررالبراءة م ررن ب ررا ة ررل م ررا بعب ررش م ررن وال
الكال))( .)3وأ اك ل ا ش شروط شدا ة أال إ هلال هإ الكال ل ر مإلدا :والكفر ب را عبرش مرن وال
()4
الكال ا في قرة يوال ال والش ن
وقررا الشرريم بررش الكطيررف بررن بررش الرررال ن بررن السررن ر فال ررال الكررال ر(( :وأ ظررم ال ر
اعسررالم وأصرركال األصرريل هررو :بررا ة الكررال والررشر ،والكفررر ب ررا عبررش مررن وفررال ،وهررها هررو الررهي
لل كيال ك ة اعخالص))(.)5
وقا أ اك(( :شدا ة أال إ هلال هإ الكال لل كى الكفر ب ا بش من وال الكال ت ر إلاك إ
التزاماك ،ولم قل أالش مرن ال سرك ين والعررب :هفدرا لرل كرى للرو التزامراك هإ كرى قرو طائفرة
مالة من ال تكك ين ز وال أال معإلاها :إ قا ف كى اإختراع هإ الكال ،وأمرا روال شردا ة أال
إ هل ررال هإ الك ررال ه رري ال إلجي ررة م ررن الخك ررو ف رري الإل رراف فر رإلعم ،ولك ررن إ ب ررش م ررن العك ررم واليق ررين،
والصررو مررا لررل كيررال مررن الإلفرري واعابررات ،وهررها لإلررا إ كيإلررا ،وهررو شرردش لدررها الحررش ث
الهي فيال ز ا ة« :و فر ب ا عبش من وال الكال»(.)7()))6
11ر وقا العالمة ال حشث هسرحاق برن برش الررال ن برن السرن آ الشريم ر فال رال
الكال ر في فظم لال في العقيشة:
تب ر ر ر ررغ ر ر ر ررن ال ر ر ر ررش ن الق ر ر ر ررو م مع ر ر ر ررشإك والقر ر ر ر ر ر ر ر التوالي ر ر ر ر ر ر ررش هخالصر ر ر ر ر ر ر راك وإ
وش ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رررع الجد ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررا واعم ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررام ألال فير ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررال وقر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررع الخصر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررام
ف ر ر ر ررافدم خطاب ر ر ر راك إل ر ر ر ررا م ر ر ر ررا اس ر ر ر ررتبإلى قر ر ر ر ر ر ررو جر ر ر ر ر ر ررل ولقر ر ر ر ر ر ررش بعبإلر ر ر ر ر ر ررا
مر ر ر ررا صر ر ر ررو هخر ر ر ررالص وهر ر ر ررها ر ر ر رروتى أال ا ب ر ر ر ررشوا الك ر ر ر ررال اتر ر ر ر ر روا الطاغوت ر ر ر ررا
لصر ر ر ر ررحة فاسر ر ر ر رركو طر ق ر ر ر ر راك وسر ر ر ر ررطاك ق ر ر ر ر ررش ر ر ر ر ررشر أه ر ر ر ر ررل البي ر ر ر ر رراال ش ر ر ر ر رررطاك
وتخكص ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر روا الإلير ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررات واعفا ة معإلر ر ر ر ر ر ر ر ر ررار أال تحقق ر ر ر ر ر ر ر ر ر روا العبر ر ر ر ر ر ر ر ر ررا ة
هلى أال قا ر فال ال الكال ر:
فر ر ر رري العر ر ر ررروة الر ر ر ررواقى فر ر ر ررأ ن العر ر ر ررالم والكف ر ر ر ر ررر بالطر ر ر ر ر رراغوت فر ر ر ر ر ررر ،إزم
كفر رري وش ر ررفى فاش ر رررب الص ر ررافي الع ر ررهب ف ر رري آ ر ررة الكرس ر رري( )1والإلح ر ررل( )2ال ر ررهي
فإف ر ر ر ر ر ررال الط ر ر ر ر ر رراغوت ق ر ر ر ر ر ررل م إلو ر ر ر ر ر ر راك فكر ر ر ر ر ر ررل مر ر ر ر ر ر ررا جر ر ر ر ر ر رراوز ال شر ر ر ر ر ر رررو ا
()3
سر ر ررم ال طر ر رراع ف ر ر رري ال ر ر رراللة فب ر ر راك
بر ر ر ر ر ر ر ر ر ررا ة أو طا ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررة أو الب ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك كً
16ر وقا بعض أهل العكم فاظ اك لدها الشرط أ اك:
()5
سررو ،اعلررال مررن األفررشا قررش أبلدررا وز ر ر ررش اامإلدر ر ررا( )4الكف ر ر رراال مإلر ر ررو ب ر ر ررا
17ر ر وقررا العالمررة بررش الكررال أبررا بطررين ر فال ررال الكررال ر(( :ومررن ال عكرروم أفررال إ صررو
هسالم هفساال التى كفر بالطاغوت ،وهو ل ما بش من وال الكال))(.)6
وقا العالمة أال ش بن هبراهيم الإلجشي ( )1ر فال ال الكال ر(( :وقش ك إلا أال الكال سبحافال
تعالى قش شرط في صحة اع اال برال الكفرر بالطراغوت لقولرال ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ [البقرررة ]652 :فصرراف الكفررر بالطرراغوت شرررطاك فرري صررحة اع رراال بالكررال واجبراك
إ كن وجو اع اال هإ بوجو ر))(.)2
14ر ر وقررا الشرريم مح ررش األمررين الش رإلقيطي(( :وأشرراف هلررى أفررال إ ررؤمن أالررش التررى
كفر ررر بالط ر رراغوت بقول ر ررال :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [البقر رررة،]652 :
ومفدوم الشرط أال من لم كفر بالطاغوت لم ست سو بالعروة الواقى ،وهرو رهلو ومرن لرم
ست سررو بررالعروة الررواقى ،فدررو ب عررز ررن اع رراال ،ألال اع رراال بالكررال هررو العررروة الررواقى
واع رراال بالطرراغوت سررتحيل اجت ا ررال مررع اع رراال بالكررال ،ألال الكفررر بالطرراغوت شرررط فرري
اع اال بالكال أو ف ن مإلال ا هو صر و قولال :ﰊ ﰊ ﰊ اآل ة))(.)3
وقا أ اك(( :وا كم أال ل ما بش من وال الكال فدو طاغوت وإ تإلفرع برا ة الكرال هإ
بشرط اجتإلاب با ة ما سوار))(.)4
15ر وقررا الش ريم صررالو الفرروزاال ر الفظررال الكررال ر(( :فاع رراال بالكررال إ صررو هإ بعررش
الكفررر بالطرراغوت ،فررالكفر بالطرراغوت ف ررن اع رراال؛ فررال صررو أال تج ررع بررين اع رراال بالكررال
واع اال بالطاغوت ،ألال هها ج ع بين فقي ين)) ( .)5افتدى.
هررهر بعررض الإلقررو مررن ررالم أهررل العكررم فرري اشررتراط الكفررر بالطرراغوت لصررحة شرردا ة
أال إ هلررال هإ الكررال وبدررا تبررين تأصررل هررها الشرررط وفسرروخال فرري ررالم أهررل العكررم م ررا ررش كررى
أه يتررال و ظرريم مكافتررال ،ولررها رراال ررشر فرري الشررروط وهب رراز أفررال مإلدررا أمرراك مإلاسررباك خالفراك ل ررن
أغفكررال مكتفيراك باسررتكزام بعررض الشررروط لررال()6؛ وألجررل للررو بإليررل الرسررالة كررى ا تبررافر شرررطاك.
والكال تعالى أ كم.
رررررررررر
(= )1هو :أال ش بن هبراهيم بن يسى ،من ك اء فجش ،لال شرح كى الإلوفية ،وف كى الإلبدافي ،افل وإ تال ام
( )1657هر ،ووفاتال ام ( .)1767افظر :لترج تال ك اء فجش خال ا افية قروال ( 155/1ر .)126
( )2شرح قصيشة ابن القيم الإلوفية (.)157/1
( )3أمواء البياال (.)677/1
( )4ففذ ال صشف (.)774/7
( )5ه افة ال ستفيش (.)127/6
( )6سيأتي بياال وجال هها التالزم في ال بحث اآلتي.
727 شرط الكفر بالطاغوت
727 شرط الكفر بالطاغوت
الش ررخ ق ررش إ فع ررل الش رررك ،و خكر ر لك ررال العب ررا ة هإ أف ررال قصر رر ف رري جافر ر البر رراءة م ررن
ال شر ين فيتحق فيال معإلى اعخالص وإ تحق فيال ت ام معإلى الكفر بالطاغوت.
قو الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال رال الكرال ر(( :ول را فدرى فروح بإليرال رن الشررك،
أم رررهم ب ررال هل ررال هإ الك ررال ،فك رريذ ه ررها تك ر ررافاك .ب ررل ه ررهاال أص ررالال مس ررتقالال بي ر رراال ،وهال اف ررا
متالزمين ،فالإلدي ن الشرك ستكزم الكفر بالطاغوت ،وإ هلال هإ الكال اع راال بالكرال ،وهرها وهال
اال متالزماك ،فإلومو لكم الواقع ،وهو :أال بيراك مرن الإلراس قرو :إ أ برش هإ الكرال ،وأفرا أشردش
بكها ،وأقر بكها ،و كبر الكالم؛ فإلا قيل لال :ما تقرو فري فرالال وفرالال ،هلا ببرشا أو برشا مرن
وال الكررالق قررا :مررا كرري مررن الإلرراس ،الكررال أ كررم بحررالدم ،و ظررن بباطإلررال أال للررو إ جر كيررال.
ف ررن أالسررن اإقت رراال :أال الكررال ق ررال بررين اع رراال بررال والكفررر بالطرراغوت ،فبررشأ بررالكفر بررال كررى
اع اال بالكال ،وقرال األفبياء بين األمر بالتواليش والإلدي ن الشرك.)1())...
ومررن جدررة أخررر ،فررإال شرررط اعخررالص ز ررش كررى شرررط الكفررر بالطرراغوت فرري وفررال
مت إلاك لتجر ش أصل الإلية وت ح دا لكال تعالى.
وم ررن هإل ررا ك ررن الق ررو ب ررأال ش رررط اعخ ررالص والكف ررر بالط رراغوت تفق رراال م ررن جد ررة
و فترقاال من جدة أخر ،،فد ا متفقراال فري أال رالا مإلد را مت ر ن عخرالص العبرا ة لكرال تعرالى
إلى إ ش كيال اآلخرر؛ فبيإلد را بترك الشرك في العبا ة ،ومفترقاال في وال ل مإلد ا ش ل مع ك
تالزم وجدي ليذ من ل الوجور.
ثانياً :الفرق بين شرط ال حبة والكفر بالطاغوت.
أال شرط الكفر بالطاغوت أ م من شرط ال حبة( ،)2وللو ألال شرط الكفر
بالطاغوت ستكزم البراءة من الشرك وال شر ين ،وللو هو ت ام الوإء وال حبة لدهر
الكك ة ،بخالف ال حبة فدي تستكزم البراءة من ال شر ين ،وإ كزم مإلدا البراءة من الشرك
بشليل أال ال شر ين و ببا الصكي حبوال الكال ا قا تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ [البقرة]125 :؛ فكم ع كيدم أفدم إ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
حبوفال ر سبحافال وتعالى ر ،وهف ا اب كيدم الشرك في ههر ال حبة.
وبدها ظدر مش ،التالزم والترابط بين شرط ال حبة والكفر بالطاغوت وبين شرط
الكفر بالطاغوت وشرط اعخالص ،وأال الفرق هف ا هو في معإلى وال آخر .وهها هف ا ش
كى أه ية الكفر بالطاغوت ولزوميتال لصحة الشدا ة؛ هل هو مت ن ل عاال قش لل كيدا
شروط أخر ،إ تصو الشدا ة هإ بدا.
إلى كتدم من هه ن الشرطين وبد ا تحققال، فخالصة ما سب أال شرط الكفر بالطاغوت مع ك
والكال تعالى أ كم.
المبحث السابع :ما ينافي شرط الكفر بالطاغوت .وفيه مطلبان.
المطلب األول :اإليمان بالطاغوت.
اع اال بالطراغوت م را إلرافي و إلراقض شررط الكفرر بالطراغوت .ووجدرال :أال اع راال
بالشيء مش الكفر بال ،فاع اال بالطاغوت مش الكفر بال.
واع اال بالطاغوت كى وجور:
1ر التووه له بالعبادة.
التوجال بالعبا ة لكطاغوت م ا إلافي الكفر بال ،ألال الكفر بال ر ا تقشم ر ستكزم تررك
با تررال بخكررع األفررشا واآللدررة الترري تررش ى مررن وال الكررال مررن القك ر ،وترررك الشرررك بدررا فأس راك
وبغ ال و شاوتال.
ووجررال رروال التوجررال لكطرراغوت بالعبررا ة ه افراك بررال أال العبررا ة تسررتكزم التصررش بررال عبو
والبقررة بررال ،ألال العبررا ة مررأخولة مررن معإلررى الخ رروع والتررهلل اع ررافيين ال ت ر إلين لكتصررش
واعقراف( ،)1وللو هو الش اع اال في الكغة ا تقشم(.)2
والتوجال لكطراغوت بالعبرا ة رام شر ل :رل برا ة لغيرر الكرال تعرالى ،فكرل برا ة لغيرر
الكال فدي من الطغياال والتعشي.
قو السعشي ر فال ال الكال ر :فري تفسرير اع راال بالجبرل والطراغوت(( :وهرو اع راال
بكل با ة لغير الكال ،أو الكم بغير شرع الكال؛ فشخل فري للرو السرحر والكدافرة و برا ة غيرر
الكال وطا ة الشيطاال ل هها من الجبل والطاغوت))(.)1
( )1قو شيم اعسالم ر فال ال الكال ر( :إ كوال مؤمإلاك التى صشق تصش قاك قت ي الخ وع واإفقيا فحيث لم
قت ال لم كن للو التصش ه افاك)[ .الصافم ال سكو (.])776/7
( )2افظر( :ص.)745 :
776 شرط الكفر بالطاغوت
قك ررل :وم ررا ررشخل تح ررل التوج ررال لكط رراغوت بالعب ررا ة التق رررب هل ررى الج ررن وطكر ر
الحوائج مإلدم.
ق ررو ش رريم اعس ررالم ر فال ررال الك ررال ر(( :وم ررن الإل رراس م ررن تق رررب هل ررى الج ررن بالع ررشس
فيطبخوال شساك و عوفال في ال رااليض أو رسركوفال و طكبروال مرن الشرياطين بعرض مرا طكر
مر ر رإلدم ر ررا فعك ر رروال مبر ر رل لل ر ررو فر ر ري الح ر ررام وغي ر ررر لل ر ررو .وه ر ررها م ر ررن اع ر رراال بالجب ر ررل
والطاغوت))(.)2
ووجال للو:
أال التقرررب هلررى الجررن اخررل فرري با تدررا ررا تفعكررال السررحرة والكدإلررة اليررث تقربرروال
هليدم؛ هما بالسجو أو بالهبو أو بطا تدم في ترك بعض الواجبات أو فعل بعض ال حرمات
التى تقوم بخشمتدم ومطكوبدم(.)3
وأ اك :ف ن ال عكوم أال فسقة الجرن طواغيرل ،ألفدرا مرن وصرف الشريطاال الرهي هرو
فأس الطواغيل وأساسدا ا تقشم.
فالحاصررل أال التقرررب هلررى الجررن وسرؤالدم بعررض الحاجررات هررو مررن بررا ة الطرراغوت
ال إلافية ألصل الكفر بال .والكال تعالى أ كم.
وم ا شخل تحل التوجال لكطاغوت بالعبا ة أ اك با ة األولياء والصالحين بالتقرب
هلرريدم بالإلررهف والررهبو ،وطك ر الح روائج م رإلدم وس رؤالدم تفررر ج الكربررات وهزالررة الإلكبررات ررا
فعكررال بيررر مررن الجدررا إلررش تبررات ال شررا م ومررائو األمروات( .)4وهررها أمررر قررش رل بررال
البكو ،في أغك البكشاال ،والص بر من ببكي بال م ا إ بشاال.
ق ررو بع ررض أه ررل العك ررم مص رروفاك لد ررهر الح ررا (( :وه ررها ش رريء إ خ ررت ب ررال الواال ررش
واإاإلرراال ،وإ البكررشة والبكررشتاال ،وإ القطررر والقط رراال ،بررل ررم أمررر ال شرراهش و قائررش األم روات
رررررررررر
(= )1تيسير الكر م ال إلاال (ص.)176 :
( )2ففذ ال صشف (.)67/67
( )3افظر :القو السش ش (ص 171 :ر .)172 ،176
( )4افظر :قرة يوال ال والش ن (ص.)51 :
777 شرط الكفر بالطاغوت
التررى آ األمررر هلررى أفررال بجإل ري الشرررك غ راك طر راك ،و بكغإلررا مررن للررو الكبيررر ،الررهي إ تحو ررال
السطوف ،سو ،ما س عإلار وشاهشفار))(.)1
ام ل ر ر فال ال الكال ر صوفاك من هها الشرك وألوافاك من هها الكفر ،فقا ر فال رال الكرال ر:
((التى هفا وجشفا في أفعالدم لش ،هرهر ال شراهش صرإليع الجاهكيرة إلرش بيروت األواراال ،وز را ة
غكررو كررى مررن مررا الكررال وفسرولال باتخررال هلررال ارراال .فإفررا سر عإلا الكررال قررو ر فرري تابررال هل سررجل
ك ررى أولد ررو األقر روام ر ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ [اعسر رراء ]27 :أي
هو تعالى لو الجال واع رام ،وشاهشفا أفباب القباب هلا الط ل كريدم أمروا البحرر العبراب
س ر عل ل ررر الز كعرري والحررشا ،و ررل ررش و شرريخال إلررش للررو اإمررطراب؛ هل لكررل طر قررة إ
إلتحي سواها في الدترف واإفتسراب .ولكرل مرن الجيالفري ،وابرن كرواال ،والعيرشفوس ،والحرشا
وغيرررهم مررن أشررياا هررهر الطوائررف :طائفررة مررن العببرا ،و رره روال الكررال فرري ج كررة مررن ل رفررا ،ررا
س عإلاهم أ اك ،أفال واالش من تكو األ شا ))(.)2
فافظر يف جعل ر فال ال الكال ر شرك ال شرر ين اليروم أ ظرم مرن شررك األولرين .وهرها أمرر
قررش شرراف ال فيررال غيرررر مررن أهررل العكررم ،فدررها شرريم اعسررالم مح ررش بررن بررش الوهرراب صرررح بررهلو
فيقررو (( :فررا كم أال شرررك األولررين أخررف مررن شرررك أهررل وقتإلررا بررأمر ن ،أالررشه ا :أال األولررين إ
شر وال وإ ش وال ال الئكة أو األولياء أو األوااال هإ في الرخاء ،وأما فري الشرشة فيخكصروال
لكررال الررش اء ررا قررا تعررالى :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﭳ [العإلكبرروت ،]25 :وقررا تعررالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ
ﭥ [اعس ر ر ر رراء ،]27 :وقولر ر ر ررال :ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ [األفعام ،]41 ،47 :وقولال تعرالى :ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ
ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [الزم ر ررر ،]7 :وقول ر ررال تع ر ررالى :ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [لق اال.]76 :
ف ن فدم ههر ال سألة التي ومحدا الكرال فري تابرال وهري :أال ال شرر ين الره ن قراتكدم
فسرو الكرال رش وال الكرال و رش وال غيررر فري الرخراء ،وأمرا فري ال رراء والشرشة فرال رش وال هإ
الكال والشر إ شر و لال ،و إلسوال سا اتدم تبين لال الفرق بين شرك أهرل زمافإلرا وشررك األولرين،
ولكن أ ن من فدم قكبال ههر ال سألة فد اك فاسخاكق والكال ال ستعاال.
األمر البافي :أال األولين ش وال مع الكال أفاساك مقربين إلرش الكرال؛ همرا أفبيراء؛ وهمرا أوليراء؛
وهمررا مالئكررة؛ أو ررش وال أالجررافاك أو أشررجافاك مطيع ررة لكررال تعررالى ليسررل بعاصررية ،وأهررل زمافإل ررا
ش وال مرع الكرال أفاسراك مرن أفسر الإلراس ،والره ن رش وفدم هرم الره ن حكروال رإلدم الفجروف مرن
الزفررا والس ررقة ،وترررك الصررالة وغيررر للررو .والررهي عتقررش فرري الصررالو والررهي إ عصرري ر مبررل
الخش والحجر ر أهوال م ن عتقش في ن شاهش فسقال وفسا ر ،و شدش بال))( )1افتدى.
وبدررها بعكررم مررش ،افح رراف بيررر مررن ال سررك ين فرري جاف ر تواليررش األلوهيررة األمررر الررهي
تإلافى والكفر بالطاغوت.
ولها اال اإهت ام بتقر ر تواليش األلوهية و وة الإلاس هليرال مرن أو األوليرات وأوجر
الواجبررات ال تحت ررات ،فاإفشررغا بغيرررر ررا تفعكررال بعررض الج ا ررات افشررغا بررالفرع ررن
األصل ،وبالوسيكة ن الغا ة.
هلا إل ر ر ر ر ررل تبإلي ر ر ر ر رال وغي ر ر ر ر رررك د ر ر ر ر ررشم متر ر ر ر ر ررى بكر ر ر ر ر ررغ البإلير ر ر ر ر ررا بال وم ر ر ر ر ر راك ت ام ر ر ر ر ر رال
وه ررل س ررتقيم الظ ررل والع ررو أ ررو ق ف ر ر ررا س ر ر ررتقيم األم ر ر ررر ،وال ك ر ر ررو ج ر ر ررائر
وم ررا ررشخل تحررل بررا ة الطرراغوت أ راك :طا ررة ررل مطرراع فرري الكفررر بالكررال أو اسررتحال
معصية الكال.
والشليل الرش ث رشي برن الراتم قرا « :أتيرل فسرو الكرال وفري إلقري صركي
مررن لهر .فقررا « :ررا ررشي اطرررح هررها الرروان مررن إلقررو» قررا فطرالتررال وافتديررل هليررال ،وهررو
قرأ في سروفة برراءة فقررأ هرهر اآل رة ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ قرا :قكرل :را فسرو الكرال
هف ررا لسر رإلا فعب ررشهم .فق ررا « :أل رريذ حرم رروال م ررا أال ررل الك ررال فتحرموف ررال ،و حك رروال م ررا ال رررم الك ررال
فتحكوفال» قا :قكل بكى .قا « :فتكو با تدم»(.)1
قا الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر(( :تفسيرها الرهي إ هشركا فيرال ر عإلري
ر :طا ر ررة العك ر رراء والعبر ررا فر رري ال عصر ررية ،إ ر رراكهم اآل ر ررة ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ه اهم))( )2افتدى.
وقش ف أهل العكم كى أال ال طاع في معصية الكال طاغوت.
قررا ابررن القرريم(( :الطرراغوت ررل مررا تجرراوز بررال العبررش الررشر مرن معبررو ،أو متبرروع ،أو
مطاع؛ فطراغوت رل قروم مرن تحرا وال هليرال غيرر الكرال وفسرولال ،أو عبشوفرال مرن وال الكرال ،أو
تبعوفال كى غير بصيرة من الكال ،أو طيعوفال في ا إ عك وال أفال طا ة لكال))(.)3
وقا الشيم مح ش بن بش الوهاب(( :والطاغوت ام في ل مرا برش مرن وال الكرال،
فكل ما ببش من وال الكال وفمي بالعبا ة ،من معبو ،أو متبوع ،أو مطاع في غير طا رة الكرال
وفسولال ،فدو طاغوت))(.)4
فإلا اال ال طاع في غير طا ة الكال طاغوتاك فطا تال ه اال بالطاغوت.
قو ابن جر ر الطبري ر فال ال الكال ر في تفسير قولال تعالى :ﯽ ﯾ ﯿ (( :و رهلو ر
أي م ا شخل في اآل ة ر باليي بن أخط و ع بن األشرف ،ألفد ا افا مطا ين في أهل
مكتد ا من اليدو في معصية الكال والكفر بال وبرسولال فكافا جبتين طاغوتين))(.)5
قكررل :ومررن أهررل العكررم مررن أطك ر أال طا ررة غيررر الإلبرري فرري معصررية الكررال بتحكيررل
الحرام وتحر م الحال شرك بالكال تعالى.
( )1أخرجال الترمهي في تاب التفسير من جامعال ( )657/5ح ( ،)7775والبخافي في التاف م (،)172/7
ترج ة فقم ( ،)471والطبرافي في الكبير ( )76/17فقم (.)617 ،617
( )2تاب التواليش مع شرالال فتو ال جيش (ص.)157 :
( )3ه الم ال وقعين (.)57/1
( )4مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب (القسم األو ،العقيشة واآل اب اعسالمية ،ص.)777 :
( )5تفسير ابن جر ر الطبري (.)141/7
772 شرط الكفر بالطاغوت
قررا الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر فرري ترراب التواليررش(( :برراب :مررن
أطاع العك اء واألمراء في تحر م ما أالل الكال ،أو تحكيل ما الرمال الكرال فقرش اتخرههم أفبابراك مرن
وال الكال))(.)1
قررا بعررض الشررراح(( :وال قصررو هإلررا الطا ررة الخاصررة فرري تحررر م الحررال أو تحكيررل
الحرام؛ ف ن أطاع مخكوقاك في للو غير الرسو ر فإفال إ إلطر رن الدرو ،رر ،فدرو مشررك
ا بيإلال الكال تعالى في قولال :ﯘ ﯙ ﯚ أي :ك راءهم ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
[التوبررة .]71 :وفس ررها الإلبرري ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
بطا تدم في تحر م الحال وتحكيل الحرام ا سيأتي في الش ث شي))(.)2
وقررش وجررال الشرريم السررعشي ر فال ررال الكررال ر ررالم الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب فرري
هطالقال أال طا ة غير الكال في معصية الكال بتحكيرل الحررام و كسرال فرر بالكرال فقرا (( :ووجرال مرا
ل رررر ال ص رإلف ظرراهر ،فررإال الرررب واعلررال هررو الررهي لررال الحكررم القررشفي ،والحكررم الشررر ي،
والحكررم الجزائرري ،وهررو الررهي ؤلررال ،و عبررش والررشر إ شررر و لررال ،و طرراع طا ررة مطكقررة ،فررال
بعصى بحيث تكوال الطا ات كدا تبعاك لطا ترال .فرإلا اتخره العبرش العك راء واألمرراء كرى هرها
الوجال ،وجعل طا تدم هي األصرل وطا رة الكرال وفسرولال تبعراك لدرا ،فقرش اتخرههم أفبابراك مرن وال
الكال ،تألدم ،و تحا م هليدم ،و قشم الك دم كى الكم الكال وفسرولال ،فدرها هرو الكفرر بعيإلرال؛
فإال الحكم كال لكال ،ا أال العبا ة كدا لكال))(.)3
قكررل :ومررن أهررل العكررم مررن فصررل فرري الكررم طا ررة غيررر الكررال فرري معصررية الكررال بتحكيررل
الحرام و كسال.
قا شيم اعسالم ر فال ال الكال ر :
((وهررؤإء الرره ن اتخررهوا أالبررافهم وفهبررافدم أفبابراك اليررث أطررا وهم فري تحكيررل مررا الرررم
الكال وتحر م ما أالل الكال كوفوال كى وجدين:
( )1تاب التواليش م ن مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب (القسم األو ،العقيشة واآل اب اعسالمية ،ص:
.)176
( )2تيسير العز ز الح يش (ص.)476 :
( )3القو السش ش (ص 664 :ر .)665
777 شرط الكفر بالطاغوت
أحدهما :أال عك وا أفدم بشلوا ن الكال فيتبعوفدم كرى التبرش ل ،فيعتقرشوال تحكيرل مرا
الرم الكال وتحر م ما أالرل الكرال اتبا راك لركسرائدم مرع ك درم أفدرم خرالفوا رن الرسرل فدرها فرر
وقش جعكال الكال وفسولال شر اك ،وهال لم كوفوا صكوال لدم و سجشوال لدم ،فكراال مرن اتبرع غيررر
في خالف الش ن مرع ك رال أفرال خرالف الرش ن وا تقرش مرا قالرال للرو وال مرا قالرال الكرال وفسرولال
مشر اك مبل هؤإء.
والثرراني :أال كرروال ا تقررا هم وه ررافدم بتحررر م الحررال وتحكيررل الح ررام اابت راك لك رإلدم
أطا وهم في معصية الكرال را فعرل ال سركم مرا فعكرال مرن ال عاصري التري عتقرش أفدرا معراص،
فدؤإء لدم الكم أمبالدم من أهل الهفوب))( .)1افتدى.
وقا ابن بي ين ر فال ال الكال ر:
((اتباع العك اء أو األمراء في تحكيل ما الرم الكال أو العكذ إلقسم هلى االاة أقسام:
القسررم األو :أال تررابعدم فرري للررو فامررياك بقرولدم مقررشماك لررال سرراخطاك لحكررم الكررال فدررو
ﯨ ﯪ ﯫ افر ألفال رر ما أفز الكال ،و راهرة مرا أفزلرال الكرال فرر لقولرال تعرالى :ﯦ ﯧ ﯨ
ﯬ ﯭ ﯮ [مح ررش ،]7 :وإ تحرربط األ ررا هإ بررالكفر ،فكررل مررن رررر مررا أفررز الكررال فدررو
افر.
القسم البافي :أال تابعدم في للو فامياك بحكم الكال ،و ال اك بأفال أمبل وأصكو لكعبا
والبال ،ولكن لدو ،في ففسال تابعدم في للو فدها إ كفر ولكإلال فاس .
فإال قيل :ل الا إ كفرق
لدو ،في ففسال؛ فدو سرائر أجي بأفال لم رفض الكم الكال ،ولكإلال فمي بال وخالفال ك
أهل ال عاصي.
القسم البالث :أال تابعدم جاهالك ظن أال للو الكم الكال فيإلقسم هلى قس ين:
القسررم األو :أال كإلررال معرفررة الحر بإلفسررال فدررو مفرررط أو مقصررر فدررو آاررم ألال الكررال
أمر بسؤا أهل العكم إلش شم العكم.
القسرم البرافي :أال كروال جراهالك وإ كإلرال معرفررة الحر بإلفسرال فيتابعرال بفرر ،التقكيررش
ظن أال هها هو الح ،فال شيء كيال ،ألفال فعل ما أمر بال و اال معرهوفاك برهلو ،ولرهلو وف
ررن فسررو الكررال « :أال مررن أبفترري بغيررر كررم فإف ررا ها ررال كررى مررن أفتررار»( .)1ولررو قكإلررا بإا ررال
بخطأ غيرر لكزم من للو الحر وال شقة ،ولم ب الإلاس بأالش إالت ا خطأر))(.)2
وهها التفصيل الهي ل رر شيم اعسالم ابن تي ية وابن بي ين هرو الرهي ت شرى مرع مرإلدج
أهل السإلة والج ا ة اله ن إ كفروال بالهفوب هإ مع اإستحال ،و كيال توجرال قولرال تعرالى :ﮒ
[األفعررام ،]161 :وهررها مررا قرررفر ال حققرروال مررن أهررل التفسررير ،وهررو أال الطررائع ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
في تحكيل الحرام و كسال إ كوال مشر اك هإ مع ا تقا اإستحال ؛ فرال صرو األخره بظراهر هرهر
اآل ة في تع يم الحكم في تكفير ل من أطاع أالشاك في معصية الكال تعالى.
قو ابن العربي(( :هف ا كوال ال ؤمن بطا ة ال شرك مشر اك هلا أطا رال فري اإ تقرا .
فأم ر ررا هلا أطا ر ررال ف ر رري الفع ر ررل و ق ر ررشر س ر رركيم مس ر ررت ر ك ر ررى التوالي ر ررش والتص ر ررش فد ر ررو ر رراص
فأفد ور))(.)3
و قو القرطبي(( :قولال تعالى :ﮒ ﮓ أي :في تحكيرل ال يترة هفكرم ل شرر وال.
فشلل اآل ة كى أال من استحل شيداك م ا الرم الكال تعالى صاف بال مشر اك))(.)4
وقررا القاسر ي ر فال ررال الكررال ر(( :وقولررال تعررالى :ﮔ ﮕ ؛ فررإال مررن أ ررل ال يتررة أو مررا
لبو كى الإلص فس ،ومع اإستحال فر))( .)5افتدى.
فالحاصل أال طا ة غير الإلبي في معصرية الكرال بتحكيرل الحررام و كسرال هري ه راال
بالطرراغوت ،ألفدررا توجررال لررال بالعبررا ة ،وأمررا الك دررا فدررو ختكررف بحسر الررا ال طيررع ،فقررش
تكوال فراك أ برر إلراقض أصرل الكفرر بالطراغوت ،وللرو هلا ا تقرش مرا قالرال ال طراع ،أو جعرل
طا تررال أصرالك وطا ررة الكررال وفسرولال تبعراك لدررا .وقررش تكرروال معصرريةك تإلررافي ررا الكفررر بالطرراغوت
الواج ،وللو هلا لم عتقش ما قالال ال طاع.
( )1أخرجال ابن ماجة في تاب اتباع السإلة ،باب :اجتإلاب الرأي والقياس ( )67/1ح ( ،)56وأال ش في ال سإلش
( ،)761/6والحا م في ال ستشفك ( ،)177/1والبيدقي في السإلن (.)116/17
( )2مج وع فتاو ،وفسائل الشيم ابن بي ين (.)177/6
( )3فقالك ن أالكام القرآال لكقرطبي (جر 77/7ر .)77
( )4تفسير القرطبي (جر.)77/7
( )5تفسير القاس ي (.)6474/2
777 شرط الكفر بالطاغوت
ولكررن إلبغرري التفر ر هإلررا بررين جاهررل ب كإلررال معرفررة الح ر بإلفسررال ،وجاهررل إ ب كإلررال
معرفة الح بإلفسال؛ فاألو إ بعهف ،والبافي بعهف ،ا مر في مسألة العهف بالجدل.
2ر التصديق بالطاغوت وإن لم يُعبد.
التصررش بالطرراغوت وهال لررم بعبررش م ررا إلررافي الكفررر بررال ،ألال مررن مقت رريات الكفررر
بالطاغوت التكه بال والشدا ة كيال بالبطالال.
ولرريذ ال ررا بالتصررش هإلررا التصررش بوجررو ر ومررا هررو كيررال مررن الصررفات؛ فررإال هررها
شترك فيال ال ؤمن والكافر؛ فإال األصإلام والشيطاال والسرحر شرترك فري العكرم بحالدرا ال رؤمن
والكررافر؛ ف ررن ال عكرروم أال مررن رراال ال راك بررأالوا الشررياطين واألص رإلام ومررا حصررل بدررا مررن
الفتإلة لم كن مؤمإلاك بدا ب جر العكم بأالوالدا ،ولكن ال قصو التصش ب ا حصل لدا مرن
العبا ة أو ب ا قع مإلدا من الخوافق واعخباف بال غيبات(.)1
وم ررا ررشخل تحررل التصررش بالطرراغوت التصررش بالسررحرة وال بكد راال( )2وب ررا قررع
م رإلدم مررن هخبرراف بال غيبررات .لكرروال السرراالر والكرراهن مررن أف ررا الطواغيررل إ ائد ررا العكررم
بال غيبات الهي هو من خصائ الرب ر جل و ز ر ،فتصش قد ا تصش بالطاغوت ،وللو
إلافى الكفر بال.
وم ررن ف ر كررى أال الكرراهن والسرراالر مررن الطواغيررل أبررو العاليررة الر رراالي( ،)3وفوي
أ اك ن سعيش بن جبير( )5()4والشعبي(.)7()6
وجاء ن جابر بن بش الكال ر فمي الكال إلد ا ر (( :افرل الطواغيرل التري تحرا وال
هليدا في جديإلة واالش وفي أسكم واالش وفي ل الي واالش داال إلز كيدم الشيطاال...
وقا كرمة :الجبل بكساال الحبشة شيطاال .والطاغوت الكاهن))(.)1
وقر ررا ابر ررن جر ررر ج :الطواغير ررل در رراال تإلر ررز كيدر ررا شر ررياطين كقر رروال كر ررى ألس ر رإلتدم
وقكوبدم))( .)2افتدى.
وم ا رشخل تحرل التصرش بالطراغوت أ راك :التصرش بصرحة برا ة مرن بعبرش مرن
وال الكال سواء ا هلى با ة ففسال أو لم رش و هليدرا ،فمري بعبا ترال أو لرم رر ،ألال با ترال
في الش لاتدا طغيافاك وتجاوزاك ا سب تقر رر.
واألصل في تحر م التصش بالطراغوت قولرال تعرالى :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ [الإلساء.]51 :
قررا ابررن جر ررر الطبررري ر فال ررال الكررال ر بعررش أال الكررى أق روا ال فسررر ن فرري تفسرريرها:
((والصرواب مررن القررو فرري تأو ررل قولررال :ﯽ ﯾ ﯿ أال قررا :صررشقوال ب عبررو ن مررن وال
الكال فيعبشوفد ا من وال الكال ،و تخهوفد ا هلدين ،وللو أال الجبرل والطراغوت اسر اال لكرل
معظم بعبا ة من وال الكرال ،أو طا رة ،أو خ روع لرال ،ائإلراك مرا راال للرو ال عظرم مرن الجرر،
أو هفسرراال ،أو شرريطاال ،وهل رراال للررو ررهلو ،و افررل األصرإلام الترري افررل الجاهكيررة تعبررشها
افررل معظ ررة بالعبررا ة مررن وال الكررال فقررش افررل بجببوت راك وطواغيررل ،و ررهلو الشررياطين الترري
افل الكفاف تطيعدا في معصية الكال ،و هلو الساالر والكاهن الكهاال اال مقبوإك مإلد را مرا
ق رراإ ف رري أه ررل الش رررك بالك ررال .و ررهلو بالير ري ب ررن أخط ر و عر ر ب ررن األش رررف ،ألفد ررا اف ررا
مط ررا ين ف رري أه ررل مكتد ررا م ررن اليد ررو ف رري معص ررية الك ررال والكف ررر ب ررال وبرسر رولال ،فكاف ررا جبت ررين
طاغوتين))(.)3
و قو السعشي ر فال ال الكال ر :في تفسير اع اال بالجبل والطاغوت(( :وهرو اع راال
بكل با ة لغير الكال ،أو الكم بغير شرع الكال؛ فشخل فري للرو السرحر والكدافرة و برا ة غيرر
الكال وطا ة الشيطاال؛ ل هها من الجبل والطاغوت))(.)4
فرإلا ابررل أال التصررش بالكدرراال والسررحرة وال عبررو ن مررن وال الكررال م ررا إلررافي الكفررر
بالطاغوت ،ف ا الكم من صشق بشيء من للوق
رررررررررر
(= )1صحيو البخافي ،تاب التفسير (جر.)617/5
( )2تفسير ابن جر ر الطبري (.)557/4
( )3تفسير ابن جر ر الطبري ( 147/7ر .)141
( )4تيسير الكر م ال إلاال (ص.)176 :
771 شرط الكفر بالطاغوت
الجواب ن للو :أال من صشق بأفعا السحرة والكدراال ،أو أقررهم كرى للرو فقرش
فر وافسكم من مكة اعسالم.
والشليل قولال « :من أتى اهإلاك أو رافاك فصرشقال ب را قرو فقرش فرر ب را أفرز كرى
مح ش .)1(»
ولفل الكاهن ام شخل فيال ل مشع لعكم الغي فيش ل الساالر وغيرر م ن ش ي
ال غيبات ،ولها جاء ن الإلبي في الرش ث اسرتراق الشرياطين السر ع« :فيسر عدا مسرترق
الس ع ،ومسترق الس ع هكرها بع رال فروق بعرض» .ووصرف سرفياال بكفرال فحرفدرا وبرش برين
أصابعال «فيس ع الكك ة فيكقيدا هلى مرن تحترال ،ارم كقيدرا اآلخرر هلرى مرن تحترال ،الترى كقيدرا
كى لساال الساالر أو الكاهن»( )2م ا ش كى اشتراك السراالر والكراهن فري هرهر الصرفة،
وهي ا اء كم ال غيبات.
وفي هها قو الافل الك ي ر فال ال الكال ر(( :ارم ا كرم أال الكراهن وهال راال أصركال مرا
ل رفا فدو ام في ل من ا ى معرفة ال غيبات))(.)3
ف ن صشق من ا ى للو فقش جعل لكال شر كاك في ا هو مرن خصائصرال ،وقرش رهب
الكال وفسولال ،وللو هو وجال فرر.
قو العالمة الس عشي ر فال ال الكال ر في الكداال وفحوهم ر(( :هم ل من ش ي كرم
الغي ر بررأي طر ر مررن الطرررق .وللررو أال الكررال تعررالى هررو ال إلفررر بعكررم الغي ر ،ف ررن ا ررى
مشاف ة الكال في شيء من للو بكدافة أو رافة أو غيرها ،أو صرشق مرن ا رى للرو ،فقرش
جع ررل لك ررال ش ررر كاك في ررا ه ررو م ررن خصائص ررال ،وق ررش ررهب الك ررال وفس ررولال .و بي ررر م ررن الكداف ررة
ال تعكقررة بالشررياطين إ تخكررو مررن الشرررك ،والتقرررب هلررى الوسررائط الترري تسررتعين بدررا كررى
( )1أخرجال أبو او في تاب الط ،باب في الكاهن ( )15/4ح ( ،)7774وأال ش في ال سإلش (،)467/6
و بش الرزاق في ال صإلف ( ،)617/11والطبرافي في الكبير ( ،)27/66والبزاف في ال سإلش ( ،)715/5وأوف ر
الديب ي في ال ج ع ( )117/5وقا :فوار البزاف وفجالال فجا الصحيو خال هبيرة بن مر م وهو اقة.
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ( )2صحيو البخافي ،تاب التفسير باب قولال:
( )67سوفة سبأ (جر )77/76ح (.)4777
( )3معاف القبو (.)576/6
776 شرط الكفر بالطاغوت
بال ،ومن جدة و ،العكوم الغيبية ،فدو شرك من جدة مشاف ة الكال في ك ال الهي اخت
التقرب هلى غير الكال))(.)1
قكررل :ولرربعض أهررل العكررم وجررال آخررر فرري تكفيرررر ،وهررو أفررال مكررهب لقررو الكررال تعررالى:
ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ [الإل ل.)2(]25:
وأمررا التصررش ب عبررو ات وال الكررال تعررالى تسررتح شرريداك مررن العبررا ة فدررو أ راك فررر
أ بر إلافي شرط الكفر بالطاغوت.
ﰊ قرا تعرالى :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
[الإلساء 51ر .]56
قو الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر(( :ومعإلى اع اال بد ا؛ هما التصش
بأفدا آلدة وهشرا د ا بالعبا ة مع الكال تعالى ،وهما طا تد ا وموافقتد ا كى ما ه ا كيال من
الباطل ،وهما القشف ال شترك بين ال عإلين؛ التعظيم مبالك .وال تبا ف ال عإلى األو ؛ أي :أفدم
صشقوال بألوهية هه ن الباطكين و شر وفد ا في العبا ة مع اعلال الح و سجشوال لد ا))(.)3
قكل :وج يع ههر األفعا اخكة في معإلى الكفر بالكال ،ألفدا شرك بال تعالى.
3ر الموافقة لعبدة الطاغوت ولو مع بغضه ومعرفة بطالنه.
ال وافقة لعبشة الطاغوت ولو مع بغ ال ومعرفة بطالفال هي م ا رشخل تحرل اع راال
بالطاغوت ال إلافي لككفر بال أ اك.
والررشليل قولررال تعررالى :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [الإلساء.]51 :
فقش فو ،ابن أبي الاتم في تفسيرر( )4ن كرمة في سب فزولدا(( :جاء اليي بن
أخط و ع بن األشرف هلى أهل مكة ،فقالوا لدم :أفتم أهل الكتاب وأهل العكم،
فأخبروفا إلا و ن مح ش .فقالوا :ما أفتم وما مح شق فقالوا :فحن فصل األفالام ،وفإلحر
الكوماء( )1وفسقي ال اء كى الكبن ،وففو العبإلاة ،وفسقي الحجيج ،ومح ش صإلبوف(،)2
قطع أفالامإلا واتبعال بسراق الحجيج بإلوا غفاف ،فإلحن خير أو هوق قالوا :أفتم خير وأهش،
سبيالك .فأفز الكال ز وجل :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [الإلساء.))]51 :
وق ررا مح ررو ش رركري األلوس رري ف رري تفس رريرها(( :ال قص ررو هإل ررا أال جدك ررة الكت ررابيين
بقولوال لك شر ين :أفتم أهش ،من ال سك ين ،وما إلش م خير م ا كيال مح ش وأصحابال.
وتررر ،بعررض ال تصرروفة والغررالة اليروم كررى هررها ال رإلدج ،قولرروال :هال رراة أهررل القبرروف
خير م ن إلع ن للو من أهل التواليش والفا السإلة))(.)3
قكل :وقش بين العك اء أال هها الصرإليع مرن بعرض اليدرو هرو موافقرة لك شرر ين فري
الظاهر ،وهال افوا في البراطن معتقرش ن بطرالال للرو ،ومرع للرو رافوا م رن آمرن بالجبرل
والط رراغوت ،ف ررش ك ررى أال مج ررر ال وافق ررة لك ش ررر ين ف رري الظ رراهر تس ر ى ه اف راك ول ررو ل ررم
وافقدم في الباطن.
قو الشيم صالو الفوزاال(( :في اآل ة ليل كى أال ال وافقرة لدرم فري الظراهر تسر ى
ه افراك ولررو لررم روافقدم فرري البرراطن ،ألال اليدررو ل ررا قررالوا لكفرراف قررر ش أفررتم أهررش ،مررن الرره ن
آمإلروا سرربيالك .هررم فرري البرراطن عتقررشوال بطررالال هررها الكررالم ولكرإلدم وافقرروهم فرري الظرراهر ومررع
هها س ى الكال هها ه افاك بالجبل والطاغوت))(.)4
وله بعض أهل العكم هلى أال ال را بال وافقة فري اآل رة ال شراف ة لدرم فري موجبرات
ف رررهم ،وه ررها الق ررو اخت ررافر العالم ررة ب ررش الد ررا ي ب ررن مح ررش العجيك رري( )5الي ررث ق ررا ف رري
تفسرريرها(( :وال قصررو أال اليدررو وافق روا قر ش راك كررى السررجو لكص رإل ين مررع بغ ررد ا ومعرفررة
بطالفد ا و قولوال أفدم أهش ،سبيالك من ال ؤمإلين وهم عرفوال فرهم))(.)1
ولعكررال إالررل مررا ل رررر بعررض أهررل العكررم فرري سررب فزولدررا فقررش جرراء ررن كرمررة فرري
سررب ف رزو هررهر اآل ررة(( :أال عر بررن األشرررف خررر فرري سرربعين فا براك مررن اليدررو هلررى مكررة
بعررش وقعررة أالررش ليحررالفوا قر ش راك كررى فسررو الكررال و إلق روا العدررش الررهي رراال بي رإلدم وبررين
فسو الكال فإلرز ع كى أبي سفياال فأالسن مبوار ،وفزلل اليدو فري وف قرر ش فقرا
أهل مكة :هفكم أهل تاب ومح ش صاال تاب وإ فأمن أال كوال هها مكراك مإلكم ،فرإال
أف تم أال فخر معكم فاسجشوا لده ن الصإل ين وآمإلوا بد ا ،ففعكوا للو .فهلو قولال ﯽ
ﯾ ﯿ ))(.)2
ولهر بعررض أهررل العكررم هلررى أال ال ررا باع رراال بالجبررل والطرراغوت فرري اآل ررة التصررش
بألوهيررة صرإل ين افررل تعبررشه ا قررر ش ،ومررن هررؤإء الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر
اليررث قررو (( :ومعإلررى اع رراال بد ررا؛ همررا التصررش بأفدررا آلدررة وهشررا د ا بالعبررا ة مررع الكررال
تعررالى ،وهمررا طا تد ررا وموافقتد ررا كررى مررا ه ررا كيررال مررن الباطررل ،وهمررا القررشف ال شررترك بررين
ال عإلررين؛ ررالتعظيم مرربالك .وال تبررا ف ال عإلررى األو أي :أفدررم صررشقوال بألوهيررة هرره ن البرراطكين
و شر وفد ا في العبا ة مع اعلال الح و سجشوال لد ا))(.)3
ومد راك كررن مررن أمررر فإفررال إ مررافع مررن ال ررل اآل ررة كررى الج يررع ،ألال معإلررى اع رراال
ش ل اعقراف الهي هو ال وافقة بالكساال ،و ش ل التصرش الرهي هرو رل القكر ،و شر ل
ال شاف ة التي هي ل الجوافح ،فكل للو م را رشخل تحرل معإلرى اع راال أي :بالجبرل
والطاغوت.
وأما الكم ال وافقة لككفاف كى فرهم فري الظراهر مرع تكره البراطن فدري فرر أ برر
هال لم كن الحامل كيدا اع رار أو الجدل.
قو الشيم سكي اال بن بش الكال آ الشيم ر فال ال الكال ر(( :ا كم فال و الكال تعالى أال
اعفساال هلا أظدر لك شر ين ال وافقة كى إلدم خوفاك مإلدم ومشافاة لدم ومشاهإلة لشفع شرهم
فإفال افر مبكدم( ،)1وهال اال كرر إلدم و بغ دم ،و ح اعسالم وال سك ين ،هها هلا لم
قع مإلال هإ للو ،فكيف هلا اال في اف مإلعة واستش ى بدم ،و خل في طا تدم ،وأظدر
ال وافقة كى إلدم الباطل وأ افدم كيال بالإلصرة ،وواإهم ،وقطع ال واإة بيإلال وبين
ال سك ين ،وصاف من جإلو القباب والشرك وأهكدا بعش ما اال من جإلو اعخالص والتواليش
وأهكالق فإال هها إ شو مسكم أفال افر من أشش الإلاس شواة لكال تعالى وفسولال ،وإ
ستبإلى من للو هإ ال كرر ،وهو الهي ستولي كيال ال شر وال فيقولوال لال :ا فر أو افعل ها
وهإ فعكإلا بو وقتكإلاك ،أو أخهوفال فيدش وفال التى وافقدم ،فيجوز لال ال وافقة بالكساال مع
ط أفيإلة القك باع اال .وقش أج ع العك اء كى أال من تككم بالكفر هازإك أفال كفر ،فكيف
ب ن أظدر الكفر خوفاك وط عاك في الشفياق))( .)2افتدى.
و قو الشيم ال ش بن تي ر فال ال الكال ر في معر ،المال ن أوجال ال وافقة
لك شر ين ر(( :الوجال البافي :أال وافقدم في الظاهر مع مخالفتال لدم في الباطن ،وهو ليذ
في سكطافدم ،وهف ا ال كال كى للو :هما ط ع في ف اسة أو ما أو مشحة بوطن أو يا
أو خوف م ا حشث في ال ا ،فإفال في ههر الحا كوال مرتشاك ،وإ تإلفعال راهتال لدم في
الباطن ،وهو م ن قا الكال فيدم :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ
ﭨ ﮣ [الإلحل )3())]177 :افتدى.
قكررل :ومررن أهررل العكررم مررن فصررل فرري الكررم ال وافقررة لككفرراف كررى فرررهم .قررا ابررن
بي ين ر فال رال الكرال ر(( :أمرا ه راال القكر وا تقرا ر ،فدرها إ شرو فري خولرال فري اآل رة .وأمرا
موافق ررة أص ررحابدا م ررع بغ رردا ومعرف ررة بطالفد ررا ،فد ررها حت ررا هل ررى تفص رريل ،ف ررإال رراال وافر ر
أص ررحابدا بإل رراء ك ررى أفد ررا ص ررحيحة؛ فد ررها ف ررر ،وهال رراال وافر ر أص ررحابدا وإ عتق ررش أفد ررا
صررحيحة؛ فإفررال إ كفررر ،لكإلررال إ شررو كررى خطررر ظرريم خشررى أال ررؤ ي بررال الحررا هلررى
الكفر والعيال بالكال))(.)4
والص ررحيو األو ،أي :أفد ررا ف ر ٌرر مطكقر راك ،ألال الك ررال سر ر ى لل ررو ه افر راك بالط رراغوت،
واع رراال بالطرراغوت فرٌرر ألفررال إلررافي الكفررر بالطرراغوت الررهي هررو شرررط فرري شرردا ة أال إ هلررال
هإ الكال.
فالحاصل أال أهل العكم اختكفوا في ال را باع اال بالجبل والطاغوت في اآل ة هل
هو ا تقا القك أو موافقة أصحابدا ر أي األصإلام ر مع بغ دا ومعرفة بطالفدا أو أال للو
كوال مع ال شاف ةق وإ مافع من الح ل كى الج يع ا تقشم ،والكال تعالى أ كم.
4ر التحاكم إلى الطاغوت.
التحا م هلى الطاغوت م ا شخل أ اك تحل اع اال بالطاغوت ال إلافي لككفر بال،
ووجال للو :ألفال فوع افقيا فيت ن التصش لغير شر عة الكال.
قررو الشرريم السررعشي ر فال ررال الكررال ر :فرري تفسرريرر لب رراال بالجبررل والطرراغوت(( :هررو
اع رراال بكررل بررا ة لغيررر الكررال ،أو الكررم بغيررر شرررع الكررال؛ فررشخل فرري للررو السررحر والكدافررة
و با ة غير الكال وطا ة الشيطاال ،ل هها من الجبل والطاغوت))( .)1افتدى.
والتحررا م هلررى الطرراغوت بطكر فرري ررالم أهررل العكررم و ربرا بررال :العررشو ررن الكررم الكررال
والكررم فسرولال ،والتحررا م هلررى مررا ومررعال البشررر مررن القروافين الومررعية ،وسروالف أهررل
البا ة وأموف الجاهكية ،وغير للو م ا هو مخالف لحكم الكال تعالى؛ و ش ل للو التحا م
الحكم بال(.)2 هليال و ب
وبالإلظر هلى هرها التعر رف فرإال التحرا م هلرى الطراغوت كروال طاغوتراك فري لاترال .ووجرال
للررو ر والكررال أ كررم ر ألال مررا خررالف الكررم الكررال وفسرولال فدررو طغيرراال وا تررشاء كررى الكررم مررن لررال
[األ رراف: الحكم وهليال برجع األمرر كرال .قرا تعرالى :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
)3(]54؛ ول ررها ص ررو أال بإلس ر ر هل ررى الط رراغوت فيق ررا :الحك ررم الط رراغوتي أو التح ررا م هل ررى
الطاغوت.
وقررش أومررو للررو ابررن القرريم فقررا (( :اررم أخبررر سرربحافال أال مررن تحررا م أو الررا م هلررى
غي ررر م ررا ج رراء ب ررال الرس ررو فق ررش الكر رم الط رراغوت وتح ررا م هلي ررال ....فط رراغوت ررل ق رروم م ررن
تحا وال هليرال غيرر الكرال وفسرولال أو عبشوفرال مرن وال الكرال أو تبعوفرال كرى غيرر بصريرة مرن
الكررال ،أو طيعوفررال في ررا إ عك رروال أفررال طا ررة لكررال؛ فدررهر طواغيررل العررالم هلا تأمكتدررا وتأمكررل
أالوا الإلاس معدا ،فأ ل أ برهم من با ة الكال هلى با ة الطاغوت ،و ن التحرا م هلرى الكرال
وهلى الرسو هلى التحا م هلى الطاغوت))( .)1افتدى.
وقررا الشرريم مح ررش بررن هبرراهيم(( :والطرراغوت مشررت مررن الطغيرراال ،وهررو مجرراوزة الحررش.
فكررل مررن الكررم بغيررر مررا جرراء بررال الرسررو فقررش الكررم بالطرراغوت والررا م هليررال ،وللررو أفررال مررن
ال ل أالش أال كوال الا اك ب ا جاء بال الإلبي فقط إ بخالفال ،ا أال من ال رل أالرش
أال حررا م هلررى مررا جرراء بررال الإلبرري ،ف ررن الكررم بخالفررال ،أو الررا م هلررى خالفررال ،فقررش طغررى،
وجاوز الشر بالك اك ،أو تحكي اك ،فصاف بهلو طاغوتاك لتجاوزر الشر))(.)2
بررل جرراء فرري القرررآال مررا قرررف هررها ال عإلررى ررا فرري قولررال جررل و ررال :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلساء.]27:
قكل :ولها ش بعض أهل العكرم الحرا م الجرائر ،ال غيرر ألالكرام الكرال تعرالى مرن فكوس
الطواغيل(.)3
فإلا ابل للو ،فدإلا مسألة ،وهي :هلا اال التحا م هلى الطاغوت طاغوتاك فري لاترال ف را
الكم هها التحا م هلالق
فر أهررل العكررم كررى أال التحررا م هلررى الطرراغوت ختكررف بحس ر الررشوافع هليررال ،فقررش
كرروال ف رراك أ بررر رإلقض أصررل الشرردا ة ،وقررش كرروال ف رراك أصررغر إلررافي الدررا الواج ر (.)4
و ظدر للو من خال ل ر صوف هها التحا م ،وللو في ا كي:
((أ)) تحكيم القوانين الوضعية.
م ررا إ شررو فيررال أال تشررر ع الحكررم ج ر أال كرروال لكررال تعررالى ،فدررو الحكررم وهليررال
ﮑ [ وسرف،]47 : الحكم ا قرا تعرالى :ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ب
وق ررا مخاطب راك فبي ررال :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ
[ال ائ ررشة ،]47 :وه ررو أالس ررن الح ررا ين ررا ق ررا تع ررالى :ﯾ ﯿ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[ال ائررشة ،]57:فدررو العررالم ب ررا بصرركو بررا ر وب ررا رإلفعدم ،وقررش ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
سررن لدررم هررهر األالكررام ،وأوج ر أال تحررا وا هليدررا ل ررا فرري للررو مررن ال صررالو العظي ررة
والحكم الجسي ة التي عجز العبش ن شها ومعرفة مقشافها أوالشها.
والعررشو ررن هررهر األالكررام هلررى غيرهررا م ررا ومررعال البشررر أمررر مإلكررر والررام ،والك ررال
ختكف بحس الشوافع هليال ،فإال اال الشافع هليال مبا ك ك افية وأصوإك هلحا ة كوال فراك
أ بررر إلقررل ررن أصررل ال كررة اعسررالمية؛ ألال العك افيررة تعتقررش أال الررش ن إ خررل لررال فرري فبظ رم
الحياة ،وأال التشر عات اعسالمية غير موا بة لكح رافة والعصرر ،فالع رل بدرا وجعكدرا سرتوفاك
الحكررم والتحررا م تخكررف وفجعيررة؛ فالقررافوال الومررعي فرري ظرإلدم الفاسررش لألمررة ترجررع هليررال إلررش ب
أففع وأصكو لكخك من تطبي الشر عة اعسالمية(.)1
الحكررم مررن ررر ،ج رواز التحررا م هلررى تكررو الق روافين ،وهال لررم و سررتوي مررع هررؤإء فرري ب
عتق ر ررش أفد ر ررا األص ر رركو واألفف ر ررع لكخك ر ر ؛ ألال لل ر ررو ف ر رروع اس ر ررتحال ل ر ررا ال ر رررم الك ر ررال ،)2(
واستحال ما الرم الكال فر بإج اع العك اء.
( )1ومن أقوالدم الشإليعة أ اك :أال أالكام الشر عة قاسية وأفدا والشية وأفدا تعاف ،القوق اعفساال ،والحر ات
الشخصية .وللو التى روجوا ألفكافهم البدي ية ،والتي تعإلي اإفسالا من ل خك و ن.
( )2ال را باإستحال اإستحال مع العكم بالتحر م ر ا تقا أال الكال لم حرمدا أو شم ا تقا أال الكال الرمدا ر
الهي هو الجحو ال حض ،فدها مقتض لككفر وهال لم عكم صاالبال أفال ب فٌر؛ ألال الكفر إ بشترط القصش هليال
بل كفي قصش الع ل وهال لم عكم أفال فر .وأما اإستحال الهي كوال ن جدل أو ن شبدة وتأو ل فدها إ
كفر صاالبال هإ بعش هقامة الحجة وهزالة الشبدة.
وفي هها قو شيم اعسالم ر فال ال الكال ر(( :فإال بيراك من ال سائل الع كية كيدا أ لة قطعية إلش من رفدا،
وغيرهم لم عرفدا وفيدا ما هو قطعي باعج اع؛ تحر م ال حرمات ووجوب الواجبات الظاهرة ،ام لو أفكرها
رر ا أال ج ا ة استحكوا شرب الخ ر كى دش الرجل بجدل وتأو ل لم كفر التى تقام كيال الحجة؛
= فمي الكال إلال ر مإلدم قشامة وفأوا أفدا الال لدم ،ولم تكفرهم الصحابة التى بيإلوا لدم خطأهم فتابوا وفجعوا)).
777 شرط الكفر بالطاغوت
و شرترك مررع هررؤإء فري الحكررم أ راك :مرن إ ررر ،الفرررق برين مررا أفزلررال الكرال وشررر ال مررن
األالكام والقافوال الومعي؛ ل ا فري للرو مرن تسرو ة ال خكروق بالخرال وال إلاق رة وال عافرشة
ﭣ [الشرروف ،]11 :،وأ راك ل ررا فيررال التسررو ة بررين الكررم البشررر لقولررال تعررالى :ﭡ ﭢ
وفب البشر ،وللو من أشإلع أفواع الشرك وال ال ا قا تعالى مخبراك ن أهرل الإلراف أفدرم
ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [الشر ررعراء 77 :ر ،]77ف ررإلا قول رروال :ﮝ ﮞ ﮟ
افل التسو ة بين الكال تعالى وبين خكقال في با ة من العبا ات تعتبر شر اك إلاقض التواليرش،
فكيف ب ن سو ،الكم البشر بحكم الكال تعالىق
وأ اك من بش الشرع ال ج ع كيال وأماف تبش كال هلى الشرع( ،)1و ها الجاالش الرا
لحكم الكال تعالى.
فج يع ههر الصوف مإلاق ة لككفر بالطاغوت ،وللو باتفاق أهل العكم.
وأما من تح كال الشدوة هلى التحا م هلى تكو القوافين في بعض الق را ا مرع ا تقرا ر
أفررال آاررم بررهلو ،وأال األالكررام الشررر ية هرري الح ر الررهي ج ر أال بتح را م هليررال ،وأفدررا هرري
رو ،فرري ففسررال ر أي محبرةك ل ررا الكررم بررال ،إ األصرركو واألففررع لكخكر (( ،لكررن الكررم بغيرهررا لدر ك
راهررة لحكررم الكررال ر مبررل :أال حكررم لشررخ لرشرروة بفشرري ه اهررا ،أو لكوفررال قر براك أو صررش قاك ،أو
رررررررررر
[مج وع الفتاو ،]677/17( ،وافظر :ال غإلي إبن قشامة ( 75/17ر ، )72مإلدا السإلة ( ،)77/5والصافم =
ال سكو (ص.)771/7 :
قلت :ولها فرق أهل العكم بين من استحل قتل ال عصومين وأخه أموالدم بغير شبدة وإ تأو ل ،فدها كفر بخالف من
اال استحاللال ن شبدة وتأو ل؛ الخواف فدؤإء إ كفروال ر كى الصحيو من قولي العك اء .افظر :فسالة في ا
عهف بال وما إ عهف بال لعبش الكال أبا بطين م ن مج و ة فسائل إلية في العقيشة اعسالمية (ص.)72 :
لال)) ومابط اإستحال كوال بأمر ن :األو :ا تقا القك قا شيم اعسالم(( :واإستحال :ا تقا أفدا الال
[الصافم ال سكو ( ])771/7وقا العالمة ابن القيم ر فال ال الكال ر (( :فإال ال ستحل لكشيء هو :الهي فعكال بمعتقشاك
الكال)) [هغااة الكدفاال ( .])742/1وافظر :الفتاو ،الكبر.)117/7( ،
البافي :التصر و بأفدا الال سواء اال معتقشاك أم جاالشاك قو الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر(( :اإستحال هو :أال
عتقش اعفساال الل ما الرمال الكال ...وأما اإستحال الفعكي فيبإلظر :لو أال اعفساال تعامل بالربا ،إ عتقش أفال الال
لكإلال بصر كيال؛ فإفال إ بكفر؛ ألفال إ ستحكال .ولكن لو قا ( :هال الربا الال ) و عإلي بهلو الربا الهي الرمال الكال؛ فإفال
كفر؛ ألفال مكهب لكال وفسولال)) افتدى[ .لقاء الباب ال فتوح ( ،)77/7لقاء ،57 :سؤا * .]1177 :
ا سيأتي. ( )1ألفال فروعب استحال
777 شرط الكفر بالطاغوت
طكر ر م ررن وفائ ررال الاج ررة ،وم ررا أش رربال لل ررو م ررع ا تق ررا ر أال الك ررم الك ررال ه ررو األمب ررل والواجر ر
اتبا ال))( ،)1فدها فرر أصغر إ بخرجال ن ال كة ،وهرو الرهي تإلررز كيرال قرو ابرن براس ر فمري
الكال إلد ا ر (( فر وال فر))( ،)2وللو باتفاق أهل العكم أ اك(.)3
ق ررو الش رريم مح ررش ب ررن هبر رراهيم فابطر راك ق ررية الحك ررم بغي ررر م ررا أف ررز الك ررال بالتوالي ررش
والشدا تين ،ومفصالك في ل ر الصوف التي كفر بدا والتي إ كفرر بدرا(( :القروافين فرر فاقرل
ن ال كة ا تقا أفدا الا ة وسائغة وبع دم راها أ ظرم ،فدرؤإء فق روا شردا ة أال مح رشاك
فسررو الكررال وإ هلررال هإ الكررال أ راك فق رروها ،فررإال شرردا ة أال إ هلررال هإ الكررال ،إ مطرراع غيررر الكررال،
ا أفدم فق وها بعبا ة غير الكال.
وأمررا الررهي قيررل فيررال :فررر وال فررر ،هلا الررا م هلررى غيررر الكررال مررع ا تقررا ر أفررال رراص،
وأال الكم الكال هو الح ،فدها الهي صشف مإلال ال رة.
أما الهي جعل قروافين بترتير وتخ ريع ،فدرو فرر ،وهال قرالوا أخطأفرا ،والكرم الشررع
أ ررش ،ففرررق بررين ال قرررف ،وال ببررل ،وال رجررع ،فررإال جعكررور هررو ال رجررع ،فدررها فررر فاقررل ررن
ال كة))(.)4
وقا الشيم صالو الفوزاال ر الفظرال الكرال ر فري بيراال القيقرة هرها اإفتبراط(( :ف رن را
هلى تحكيم القوافين البشر ة ،فقش جعرل لكرال شرر كاك فري الطا رة والتشرر ع ،ومرن الكرم بغيرر مرا
أفررز الكررال ،و ررر ،أفررال أالسررن أو مسرراو ل ررا أفزلررال الكررال وشررر ال ،أو أفررال جرروز الحكررم بدررها ،فدررو
افر بالكال ،وهال ز م أفال مؤمن ،ألال الكال أفكر كى من ر ش التحرا م هلرى غيرر شرر ال و رهبدم
فرري ز دررم اع رراال ألال قولررال ﭕ مت ر ن لإلفرري ه ررافدم ،ألال هررهر الكك ررة تبقررا غالب راك
ل ررن ررش ي ررو ،فيدررا هررو ررالب ،وألال تحكرريم القروافين تحكرريم لكطرراغوت ،والكررال قررش أمررر
بالكفر بالطاغوت ،وجعل الكفرر بالطراغوت ف رن التواليرش ،قرا تعرالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [البقرررة .]652 :ف ررن الك رم الق روافين لررم كررن موالررشاك ،ألفررال اتخرره
لكال شر كاك في التشر ع والطا ة ،ولم كفر بالطاغوت الهي أمر أال كفر بال وأطاع الشريطاال،
()1
ا قا تعالى :ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلساء ))]27 :افتدى.
بعررش أال ل رفررا الصرروف ال تف ر كررى التكفيررر بدررا فرري تحكرريم الق روافين الومررعية والصرروف
ال تف كى شم التكفير بدا في تحكيم تكو القروافين ،وبيإلرا وجرال افتبراط الحكرم بغيرر مرا أفرز
الكال بالتواليش والشدا تين فشير هلى صوفة في تحكيم القوافين هي محل خرالف برين أهرل العكرم
فرري التكفيررر بدررا ،وهرري :ال بررش ( )2الررهي أقصررى الشررر عة هقصرراءك ام راك ررن الحكررم والتحررا م
( )1اعفشا هلى تصحيو اإ تقا ( .)77وافظر :فتو ال جيش (ص 522 :ر )572شرح باب قو الكال تعالى :ﭑ
اآل ة [الإلساء.]27: ﭣ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
( )2ال بش من التبش ل ،والتبش ل في الكغة معإلار قيام الشيء مقام الشيء سواء جاء بعو ،بشإك إلال أو لم أت
بعو.،
قا ابن فافس« :الباء والشا والالم أصل واالش ،وهو قيام الشيء مقام الشيء الهاه .قا :هها بش الشيء
ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ وبش كال ،و قولوال :بشلل الشيء هلا غيرتال وهال لم تأت لال ببش ،قا تعالى :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
[ وفذ.]15 : ﭫﭬ
وأبشلتال هلا أتيل لال ببش ،قا الشا ر:
ز األمير لألمير ال بش » [معجم مقا يذ الكغة (.])617/1
ولفل التبش ل هإلا ام ش ل ل تعطيل لشر عة الكال ،أو هالالإك لدا بغيرها .أو بعبافة أخر :،ش ل من جاء هلى
= شر عة قائ ة فعطكدا وأالكدا بالقافوال الومعي ،أو من الكم بغير ما أفز الكال هبتشاءك من غير سب شرع قائم.
776 شرط الكفر بالطاغوت
وجع ررل ال رج ررع لألالك ررام الك ررم الط رراغوت م ررن القر روافين الوم ررعية م ررع ا تق ررا ر أال الش ررر عة
اعسالمية هي األصكو واألففع لكخك ،وأال العشو إلدا مإلكر والرام.
هررهر الصرروفة لررم تكررن معروفررة فرري زمررن السرركف ،وهف ررا الررشال فرري األزمرراال ال تررأخرة
الترري الصررل فيدررا التبررش ل العررام مررن بعررض الحكررام م ررن إلتس ر هلررى اعسررالم ،ولررها اجتدررش
الحكم كيدا ،وقش اختكفوا فيدا كى قولين: بعض ال تأخر ن من أهل العكم في ب
القول األول :أال ههر الصوفة مكفرة ،ولكن بعش هقامة الحجة وهزالة الشبدة.
القول الثاني :أال ههر الصوفة غير مكفرة التى ستحل.
وبكررال القررولين قررا ج ا ررة مررن أهررل السررإلة ،و خطررئ مررن ررش ي هج ررا دم كررى
قو واالش فيدا.
وفي ا كي فه ر من أقوالدم ما قرف اختالفدم في ههر ال سألة.
أوالً :أقوال من يرى منهم أن هذه الصورة يُك مفر بها أو يفهم ذلك من كالمه.
قا القامي هس ا يل( )1في أالكام القرآال(( :ظاهر اآل ات ش كى أال من فعل
مبل ما فعكوا ر عإلي اليدو ر واخترع الك اك خالف بال الكم الكال ،وجعكال إلاك ع ل بال ،فقش
لزمال مبل ما لزمدم الا اك اال أو غيرر))(.)2
وقا اعمام ابن بير ر فال ال الكال ر(( :ف ن ترك الشرع ال حكم ال إلرز كى مح ش بن
بش الكال ،خاتم األفبياء وتحا م هلى غيرر من الشرائع ال إلسوخة فر ،فكيف ب ن تحا م
هلى الياسا( )3وقشمدا كيال( ،)1من فعل للو فر بإج اع ال سك ين))(.)2
رررررررررر
وصوفة التبش ل هإلا أال ببش الكم الكال تعالى بحكم غيرر ،وإ كوال مستحالك ،وإ جاالشاك ،وإ بمكهباك ،وإ =
مف الك ،وإ مساو اك ،وإ إلس الحكم الهي جاء بال لش ن الكال[ .الحكم بغير ما أفز الكال مإلاقشة تأصيكية (ص:
.])75
( )1هو :اعمام العالمة الحافل شيم اعسالم أبو هسحاق هس ا يل بن هسحاق بن هس ا يل بن محشث البصرة
ال ا بن ز ش بن فهم األز ي موإهم البصري ،ال الكي ،قامي بغشا وصاال التصافيف ،لال تاب أالكام
القرآال لم سب هلى مبكال ،و تاب معافي القرآال ،و تاب في القراءات .مولشر سإلة تسع وتسعين ومدة ،ووفاتال في
شدر لي الحجة سإلة ااإلتين وا افين ومدتين .افظر :سير أ الم الإلبالء ( 777/17ر .)741
( )2فقالك ن هامش زا ال سير إبن الجوزي (.)727/6
( ) 3الياسا :أو الياس أو الياساق وهو بافة ن تاب مج وع من أالكام قش اقتبسدا ر جإلكيز خاال ر من شرائع
= شتى من اليدو ة والإلصرافية وال كة اعسالمية وغيرها وفيدا بير من األالكام أخهها من مجر فظرة وهوار
777 شرط الكفر بالطاغوت
وقا اعمام الشو افي(( :ومع ههر ففيدم من ال صائ العظي ة ،والقبائو الوخي ة،
والبال ا الجسي ة ،أموف غير موجو ة في القسم األو ( .)3مإلدا :أنهم يحكمون ويتحاكمون
إلى من ال يعرف إال األحكام الطاغوتية منهم في وميع األمور التي تنوبهم ،وتعر،
لدم ،من غير هفكاف وإ الياء من الكال وإ من با ر وإ خافوال من أالش ،بل قش حك وال
بهلو بين من قشفوال كى الوصو هليدم من الر ا ا ومن اال قر باك مإلدم ...وإ شو وإ
ف أال هها فر بالكال ،وبشر عتال التي أمر بدا كى لساال فسولال ،واختافها لعبا ر في
تابال و كى لساال فسولال بل فروا بج يع الشرائع من إلش آ م هلى اآلال ،وهؤإء
جدا هم واج ،وقتالدم متعين ،التى قبكوا أالكام اعسالم ،و ه إلوا لدا ،و حك وا بيإلدم
بالشر عة ال طدرة ،و خرجوا من ج يع ما هم فيال من الطواغيل الشيطافية ،ومع هها فدم
مصروال كى أموف غير الحكم بالطاغوت والتحا م هليال و ل واالش مإلدا كى اففرا ر وج
فر فا كال ،وخروجال من اعسالم))(.)4
وقا اعمام مح ش بن بش الوهاب :إلش ل رر لركوس الطواغيل:
رررررررررر
= فصافت في بإليال شر اك متبعاك قشموفال كى الحكم بكتاب الكال وسإلة فسو الكال صكى الكال كيال وسكم[ .تفسير ابن
بير ( )24/6بتصرف سير].
( )1ال را بالتقش م هإلا :التف يل بشليل قولال ( :فر بإج اع ال سك ين) ألال ههر الصوفة هج ا ية ا تقشم .وفي للو ف
كى من ت سكوال بدها القو ن ابن بير في تكفير الكام ال سك ين اليث عوال الم ابن بير في غير محكال،
و إلبرزلوفال غير مإلرزلال ،و شلسوال كى شباب ال سك ين ال تح سين بأفال الكى اعج اع كى تكفير من ترك التحا م بالشرع
وهال لم ستحل ،فالواج في الشرع تإلرزل الم العك اء مإلرزلتال وومعال في ال كاال الالئ بال التى إ قع اإفتراء كيدم.
وم ا ؤ ش للو أفال ل ا تككم ن الياس ل ر أفال مأخول من شرائع شتى؛ مإلدا اعسالم فال صشق كيال التبش ل العام .وما
وال التبش ل العام مج ع كى أفال إ بكفر بال هإ مع قيش اإستحال أو التف يل.
و المال هإلا قش بستش بال كى أفال بكفر بالتبش ل العام من غير قيش اإستحال من غير الكا ة هج اع كى للو
في المال ،وللو ظدر من صشف المال اليث ل ر تكفير من ترك التحا م هلى الشرع ولم ه ر هج ا اك كى
ههر ال سألة ،ولكن إلشما ل ر مسألة التقش م (=التف يل) الكى اعج اع ،ألال للو هو الح .
( )2البشا ة والإلدا ة (.)171/17
( )3عإلي الر ا ا م ن إ حسإلوال الصالة ،وإ عرفوال ما إ تصو هإ بال وإ تتم بشوفال[ .الشواء العاجل (ص.)67 :
م ن الرسائل السكفية].
( )4الشواء العاجل (ص 77 :ر .)74م ن الرسائل السكفية.
774 شرط الكفر بالطاغوت
((البافي :الحا م الجائر ،ال غير ألالكام الكال تعالى والشليل قولال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلساء.]27:
البالث :الهي حكم بغير ما أفز الكال ،والشليل قولال تعالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائشة.)1())]44 :
وقا أ اك(( :والطواغيل بيرة ،وفكوسدم خ سة ،هبكيذ لعإلال الكال ،ومن بش وهو
فا ،،من ا ى شيداك من كم الغي ،ومن ا الإلاس هلى با ة ففسال ،ومن الكم بغير ما
أفز الكال))(.)2
وقا العالمة مح ش بن هبراهيم آ الشيم إلش ل رر ألفواع الصوف التي بكفر بدا في
التحا م لغير شر عة الكال(( :الخامذ :وهو أ ظ دا وأش كدا وأظدرها معافشة لكشرع ،ومكابرة
ألالكامال ،ومشاقة لكال ولرسولال ،وم اهاة بال حا م الشر ية ،ه شا اك وهمشا اك وهفصا اك
وتأصيالك ،وتفر عاك وتشكيالك وتإلو عاك والك اك وهلزاماك ،ومراجع ومست شات .فك ا أال لك حا م
الشر ية مراجع ومست شات ،مرجعدا كدا هلى تاب الكال وسإلة فسولال ،فكدهر ال حا م
مراجع ،هي :القافوال ال كف من شرائع شتى ،وقوافين بيرة ،القافوال الفرفسي ،والقافوال
األمر كي ،والقافوال البر طافي ،وغيرها من القوافين ،ومن مهاه بعض البش يين ال إلتسبين
هلى الشر عة ،وغير للو .فدهر ال حا م اآلال في بير من أمصاف اعسالم مديأة مك كة
مفتوالة األبواب ،والإلاس هليدا أسراب هار أسراب ،حكم الكامدا بيإلدم ب ا خالف الكم
السإلة والكتاب ،من أالكام للو القافوال ،وتكزمدم بال ،وتقرهم كيال ،وتحت ال كيدم .فأي
فر فوق هها الكفر ،وأي مإلاق ة لكشدا ة بأال مح شاك فسو الكال بعش ههر ال إلاق ةق!))
(.)3
وقا أ اك(( :القوافين فر فاقل ن ال كة ا تقا أفدا الا ة وسائغة وبع دم راها
أ ظم ،فدؤإء فق وا شدا ة أال مح شاك فسو الكال وإ هلال هإ الكال أ اك فق وها ،فإال من
شدا ة أال إ هلال هإ الكال إ مطاع غير الكال ،ا أفدم فق وها بعبا ة غير الكال.
وأما الهي قيل فيال فر وال فر هلا الا م هلى غير الكال مع ا تقا أفال اص وأال
الكم الكال هو الح ،فدها الهي صشف مإلال ال رة وفحوها ،أما الهي جعل قوافين بترتي
وتخ يع فدو فر وهال قالوا أخطأفا والكم الشرع أ ش ،ففرق بين ال قرف وال ببل
وال رجع ،جعكور هو ال رجع فدها فر فاقل ن ال كة))(.)1
وقا الشيم الفوزاال معكقاك كى الم الشيم مح ش بن هبراهيم ر فال ال الكال ر(( :ففرق ر
فال ال الكال ر بين الحكم الجزئي الهي إ تكرف ،وبين الحكم العام الهي هو ال رجع في
ج يع األالكام ،أو غالبدا ،وقرف أال هها الكفر فاقل ن ال كة مطكقاك ،وللو ألال من فحى
الشر عة اعسالمية ،وجعل القافوال الومعي بش الك إلدا ،فدها ليل كى أفال ر ،أال القافوال
أالسن وأصكو من الشر عة ،وهها إ شو أفال فر أ بر خر من ال كة و إلاقض
التواليش))( .)2افتدى.
وقا الشيم بش الرزاق فيفي (( :من اال مإلتسباك لبسالم ال اك بأالكامال ،ام ومع
لكإلاس أالكاماك وهيأ لدا فظ اك ليع كوا بدا و تحا وا هليدا ،وهو عكم أفدا تخالف أالكام
اعسالم ،فدو افر خاف ن مكة اعسالم))(.)3
وقا العالمة ابن بي ين (( :ج كى طال العكم أال عرف الفرق بين التشر ع الهي
جعل فظاماك شي كيال و ستبش بال القرآال ،وبين أال حكم في ق ية معيإلة بغير ما أفز
الكال فدها قش كوال فراك أو فسقاك أو ظك اك))(.)4
وقا أ اك(( :الحكم بغير ما أفز الكال إلقسم هلى قس ين:
القسم األو :أال بطل الكم الكال ليحل محكال الكم آخر طاغوتي ،بحيث كغي
الحكم بالشر عة بين الإلاس ،و جعل بشلال الكم آخر من ومع البشر اله ن إلحوال
األالكام الشر ية في ال عامكة بين الإلاس ،و حكوال محكدا القوافين الومعية ،فدها إ شو
أفال استبشا بشر عة الكال غيرها ،وهو فر مخر ن ال كة؛ ألال هها جعل ففسال ب إلرزلة
الخال ،اليث شرع لعبا الكال ما لم ألال بال الكال ...،وقش س ى الكال تعالى للو شر اك في
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ [الشوف.)1())]12 :، قولال تعالى :ﮭ ﮮ
وقا الشيم صالو بن بش العز ز آ الشيم ر الفظال الكال ر الا ياك الخالف في ههر
ال سألة(( :أما الحا م الهي إ حكم بشرع الكال بتاتاك و حكم ائ اك وبكزم الإلاس بغير شرع
الكال ،فدها من أهل العكم من قا :كفر مطكقاك كفر الهي سن القافوال؛ ألال الكال جل و ال
قا :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ فجعل الهي حكم بغير شرع الكال مطكقاك طاغوتاك ،وقا :
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ .
ومن أهل العكم من قا :التى هها الإلوع إ كفر التى ستحل؛ ألفال قش ع ل للو
و حكم وهو عتقش في ففسال أفال اص ،فكال الكم أمبالال من ال شمإلين كى ال عصية اله ن
لم توبوا مإلدا))(.)2
واختاف ر الفظال الكال ر القو األو ،فقا (( :والقو األو ر هو الصحيو إلشي ر وهو قو
الجش الشيم مح ش بن هبراهيم ر فال ال الكال ر في فسالتال «تحكيم القوافين»)) .و كل للو
بقولال(( :ألفال إ صشف في الواقع من قك قش فر بالطاغوت ،بل إ صشف هإ م ن ظم
القافوال ،و ظم الحكم بالقافوال))(.)3
فأصحاب هها القو روال الحا م الهي شفال الحكم بغير ما أفز الكال افراك وهال لم
قل باستحال للو .أما هلا الكم في الق ية والق يتين أو األ بر بغير ما أفز الكال وهو
عتقش التحر م فإفال إ كوال افراك إلشهم.
ثانياً :أقوال من يرى منهم أن هذه الصورة ال يُك مفر بها.
فقل اعمام البغوي ن بش العز رز برن حيرى الكإلرافي( )4وقرش سردل رن هرهر اآل رات ر
ﭽ فقرا (( :هفدرا تقرع كرى ﯯ عإلي ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
ج يررع مررا أفررز الكررال إ كررى بع ررال ،و ررل مررن لررم حكررم بج يررع مررا أفررز الكررال فدررو ررافر ظررالم
فاس ؛ فأما من الكم ب ا أفز الكال من التواليش وترك الشرك ام لم حكم بربعض مرا أفرز الكرال
من الشرائع لم ستوج الكم ههر اآل ات))( )1افتدى.
وجاء إلال في تفسرير قولرال تعرالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ قولرال ﮧ
ﮨ ﮩ صيغة وم؛ فقولال :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ معإلرار مرن أترى ب رش الكرم الكرال تعرالى
في ل ما أفز الكال فأولدو هم الكافروال.
وهها ال ألال الكافر هو الهي أتى ب ش الكرم الكرال تعرالى فري رل مرا أفرز الكرال ،أمرا الفاسر
فإفال لم أت ب ش الكم الكال هإ في القكيل وهو الع ل؛ أما في اإ تقرا واعقرراف فدرو موافر ))
افتدى(.)2
وقا أبو ال ظفر الس عافي( )3ر فال ال الكال ر(( :وا كم أال الخواف سرتشلوال بدرهر اآل رة
و قولوال :من لم حكم ب ا أفز الكال فدو افر ،وأهل السإلة قالوا :إ كفر بترك الحكم.
ولآل ة تأو الال:
أالشه ا :معإلار :ومن لم حكم ب ا أفز الكال ف اك وجحشاك فأولدو هم الكافروال.
والبافي :معإلار :ومرن لرم يحكرم بكرل مرا أنرهل اللره فموللرك هرم الكرافرون ،والكرافر
هو الهي ترك الحكم بكل ما أفز الكال وال ال سكم))( )1افتدى.
قا ابن الجوزي بعش أال ل ر أقوا ال فسر ن في تفسير اآل رة :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ (( :وفصل الخطاب أال من لم حكم ب را أفرز الكرال جاالرشاك لرال وهرو عكرم أال
الكال أفزلال ا فعكل اليدو فدو افر ،ومن لم حكم بال ميالك هلى الدو ،من غير جحرو فدرو
ظالم وفاس ))(.)2
وقررا القرطبرري ر فال ررال الكررال ر(( :قولررال تعررالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
والظال وال ،والفاسقوال فزلل كدا في الكفاف ابل للو في صحيو مسركم مرن الرش ث البرراء
وقش تقشم( .)3و كى هها ال ب عظم .فأما ال سكم فال كفر وهال افتك بيرة .وقيرل فيرال همر اف
أي :ومن لم حكم ب ا أفز الكال ف اك لكقرآال وجحرشاك لقرو الرسرو كيرال الصرالة والسرالم فدرو
ررافر قالررال ابررن برراس ومجاهررش ،فاآل ررة امررة كررى هررها .قررا ابررن مسررعو والحسررن هرري امررة
ف رري ررل م ررن ل ررم حك ررم ب ررا أف ررز الك ررال م ررن ال س ررك ين واليد ررو والكف رراف أي :معتق ررشاك لل ررو
ومسررتحالك لررال ،فأمررا مررن فعررل للررو وهررو معتقررش أفررال فا ر محرررم فدررو مررن فسرراق ال سررك ين،
وأمرررر هلررى الكررال تعررالى هال شرراء هبررال وهال شرراء غفررر لررال .وقررا ابررن برراس فرري فوا ررة :ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ ﮩ فقش فعل فعالك راهي أفعرا الكفراف .وقيرل :أي ومرن لرم حكرم بج يرع مرا أفرز
رررررررررر
(= )1تفسير الس عافي ( .)46/6وبإلحو الم الس عافي ر فال ال الكال ر في ف ظاهر ههر اآل ة الهي تستش بال الخوافح
في تكفير ل الا م بغير ما أفز الكال جاء ن ابن بش البر في الت ديش ( ،)12/17واآلجري في الشر عة (ص:
،)44والقرطبي في ال فدم ( ،)117/5وأبي الياال في البحر ال حيط ( ،)575/7وفسبال الشاطبي في
اإ تصام ( )174/6هلى سعيش جبير.
( )2زا ال سير (.)722/6
( )3شير هلى قولال في الش ث البراء بن ازب في صحيو مسكم ( )1767/7قا :مر كى الإلبي بيدو ي
مح اك مجكو اك فش اهم فقا «هكها تجشوال الش الزافي في تابكم قالوا فعم فش ا فجالك من ك ائدم ،فقا
أفششك بالكال الهي أفز التوفاة كى موسى أهكها تجشوال الش الزافي في تابكم» قا :إ ولوإ أفو فششتإلي
بدها لم أخبرك فجشر الرجم ولكإلال بر في أشرافإلا ،فكإلا هلا أخهفا الشر ف تر إلار وهلا أخهفا ال عيف أق إلا كيال
الحش ،قكإلا تعالوا فكإلجت ع كى شيء فقي ال كى الشر ف والوميع فجعكإلا التح يم والجكش مكاال الرجم فقا
فسو الكال « الكدم هفي أو من أاليا أمرك هل أماتور فأمر بال فرجم» فأفز الكال ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
قو ائتوا مح شاك فإال أمر م بالتح يم والجكش فخهور ،وهال ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ هلى قولال: ﮚ ﮛ
ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ]44 [ال ائشة: أفتا م بالرجم فاالهفوا فأفز الكال تعالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
في الكفاف كدا)). ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
777 شرط الكفر بالطاغوت
الكررال فدررو ررافر فأمررا مررن الكررم بالتواليررش ولررم حكررم برربعض الشررائع فررال ررشخل فرري هررهر اآل ررة
والصحيو األو ))(.)1
فقيش ر فال ال الكال ر الكفر باإستحال مطكقاك ،والكرى القرو برأال مرن لرم حكرم بج يرع
ما أفز الكال فدو افر ،وقا الصحيو األو أي :هلا اال معتقشاك للو ومستحالك لال.
وقا شيم اعسالم ر فال ال الكال ر مقرفاك اشتراط اإستحال لكفر الحا م بدهر
الصوفة(( :فإال بيراك من الإلاس أسك وا ولكن مع هها ال يحكمون إال بالعادات الجارية لدم
التي أمر بدا ال طا وال ،فدؤإء هلا رفوا أفال إ جوز الحكم هإ ب ا أفز الكال فكم كتزموا
للو بل ا تحلوا أن يحكموا بخالف ما أنهل الله فهم كفار وهإ افوا جداإك ن تقشم
أمرهم))(.)2
وقررا أ راك(( :واعفسرراال متررى الكررل الح ررام ال ج ررع كيررال ،أو الرررم الحررال ال ج ررع
كيال ،أو بش الشرع ال ج رع كيرال راال رافراك مرترشاك باتفراق الفقدراء .وفري مبرل هرها فرز قولرال
كررى أالررش الق رولين ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائررشة ]44 :أي :هررو ال سررتحل
لكحكم بغير ما أفز الكال))(.)3
ررا أفررال ر فال ررال الكررال ر قررش توقررف فرري أمررر الكررام صرررر م ررن الك روا الك راك ام راك
بغيررر شررر عة الكررال ،وفررو ،أمررر الحكررم فرريدم هلررى فب العررال ين وهلررال ال رسرركين .وهررها ف ر
المال ر فال ال الكال ر قو (( :فقرش و رش الكرال بإلصرر مرن إلصررر ،وفصررر هرو فصرر تابرال و إلرال
وفسولال ،إ فصر مرن حكرم بغيرر مرا أفرز الكرال ،و رتككم ب را إ عكرم؛ فرإال الحرا م هلا راال
إلاك لكإلال الكم بغير كم ،اال من أهل الإلاف ،وهال راال ال راك لكإلرال الكرم بخرالف الحر
الهي عك ال اال من أهل الإلاف ،وهلا الكم بال ش وإ كم اال أولى أال كوال مرن أهرل
الإلرراف ،وهررها هلا الكررم ف ري ق ررية معيإلررة لشررخ .وأمررا إذا حكررم حكم راً عام راً ف ري ديررن
المسلمين فجعل الحق باطالً ،والباطل حقاً ،والسنة بدعة ،والبدعرة رنة ،والمعرروف
منك رراً ،والمنكررر معروف راً ،ونهررى عمررا أمررر اللرره برره ور رروله ،وأمررر بمررا نهررى اللرره عنرره
ور رروله ،فهررذا لررون آخررر يحكررم فيرره را العررالمين ،وإلرره المر ررلين ،مالررك يرروم الرردين
الذي له الحمد في األولى وفي اآلخرة ولره الحكرم وإليره تروعرون ،الرذي أر رل ر رله
بالهرردى وديررن الحررق ليظهررره علررى الرردين كلرره وكفررى باللرره شررهيدا كً .والح ررش لكررال فب
العال ين ،وصكى الكال كى مح ش وآلال وصحبال وسكم))( .)1افتدى.
وقا العالمة بش الكطيف بن بش الرال ن بن السن آ الشيم (( :وهف ا حرم
التحكيم هلا اال ال ستإلش هلى شر عة باطكة تخالف الكتاب والسإلة ،أالكام اليوفاال
واعفرفج والتتر وقوافيإلدم التي مصشفها آفاكهم وأهواكهم ،و هلو سوالف البا ة
و ا اتدم الجاف ة .ف ن استحل الحكم بدها في الشماء أو غيرها فدو افر ،قا
تعالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائشة ،]44 :وههر اآل ة ل ر فيدا
بعض ال فسر ن :أال الكفر ال را هإلا :فر وال الكفر األ بر؛ ألفدم فد وا أفدا
تتإلاو من الكم بغير ما أفز الكال ،وهو غير مستحل لهلو ،لكإلدم إ تإلاز وال في
ومدا لك ستحل ،وأال فرر مخر ن ال كة))(.)2
وقا العالمة األلبافي ر فال ال الكال ر في فتو ،لال طو كة في مسألة التكفير في الحكم
بغير ما أفز الكال وغيرر(( :وخالصة الكالم اآلال :أفال إ بش من معرفة أال الكفر الفس
والظكم ،إلقسم هلى قس ين :فر وفس وظكم مخر ن ال كة ،و ل للو عو هلى
اإستحال القكبي ،فكل العصاة وبخاصة ما فشا في هها الزماال من استحال كي لكربا،
والزفا وشرب الخ ر وغيرها ،ل هها فر كي ،فال جوز أال فكفر العصاة ل جر
افتكابدم معصية واستحاللدم ه اها كياك ،هإ هلا بشا لإلا مإلدم ما كشف ا في قرافة
ففوسدم أفدم إ حرموال ما الرم الكال وفسولال قيشة ،فإلا رفإلا أفدم وقعوا في ههر ال خالفة
القكبية ،الك إلا اليإلده أفدم فروا فر ف ة .أما هلا لم فعكم للو فال سبيل لإلا هلى الحكم
بكفرهم))(.)3
ول ر ر فال ال الكال ر ههر الق ية تإلصيصاك فقا في بعض أشرطتال ال سجكة تعكيقاك كى
((من آمن بشر عة الكال تبافك قو الكال تعالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
وتعالى ،وأفدا صالحة لكل زماال ولكل مكاال ،ولكإلال إ حكم ر فعالك ر بدا؛ هما الك وهما
بع اك أو جزءاك ،فله نصيب من هذه اآلية ،له نصيب من هذه اآلية ،لك من هذا النصيب ال
يصل إلى به إلى أن يخرج من دائرة اإل الم))(.)1
وقا الشيم ابن باز :في هجابتال كى سؤا فصال :هل عتبر الحكام اله ن حك وال
بغير ما أفز الكال فافاكق وهلا قكإلا :هفدم مسك وال ف الا فقو ن قولال تعالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ،فأجاب(( :الحا م بغير ما أفز الكال أقسام ،تختكف أالكامدم
بحس ا تقا هم وأ الدم؛ ف ن الكم بغير ما أفز الكال ر ،أال للو أالسن من شرع
الكال؛ فدو افر إلش ج يع ال سك ين ،وهكها من حكم القوافين الومعية بشإك من شرع
الكال ،و ر ،أال للو جائز ولو قا :هال تحكيم الشر عة أف ل فدو افر ،لكوفال استحل ما
الرم الكال.
أما من الكم بغير ما أفز الكال؛ اتبا اك لكدو ،أو لرشوة أو لعشاوة بيإلال وبين ال حكوم
كيال ،أو ألسباب أخر ،،وهو عكم أفال اص لكال بهلو ،وأال الواج كيال تحكيم شرع
الكال ،فدها عتبر من أهل ال عاصي والكبائر ،و عتبر قش أتى فراك أصغر وظك اك أصغر وفسقاك
أصغر ،ا جاء هها ال عإلى ن ابن باس و ن طاووس وج ا ة من السكف الصالو ،وهو
ال عروف إلش أهل العكم ،والكال ولي التوفي ))(.)2
وقا أ اك(( :ف ن ز م أفال جوز التحا م بغيرها( ،)3أو قا ( :هفال جوز أال تحا م
إلاس هلى اآلباء) أو( :هلى األجشا ) ،أو( :هلى القوافين الومعية التي ومعدا الرجا ) ،سواء ال ب
افل شرقية أو غربية ،ف ن ز م أال هها جوز فإال اع اال مإلتف إلال ،و كوال بهلو افراك
فراك أ بر ...أما الهي ر ،أال الواج تحكيم شرع الكال ،وأفال إ جوز تحكيم القوافين وإ
غيرها م ا خالف شرع الكال ،ولكإلال قش حكم بغير ما أفز الكال لدو ،في ففسال مش
ال حكوم كيال ،أو لرشوة ،أو ألموف سياسية ،أو ما أشبال للو من األسباب ،وهو عكم أفال
حقه كمال ظالم ومخطيء ومخالف لكشرع؛ فهذا يكون ناقا اإليمان ،وقد انتفى في ِّ
اإليمان وهو بهلو كوال افراك فراك أصغر ،وظال اك ظك اك أصغر ،وفاسقاك فسقاك أصغر))(.)4
وسدل ر فال ال الكال ر ن تبش ل القوافين وهل عتبر فراك مخرجاك من ال كةق فأجاب ر فال ال
الكال ر بقولال(( :هلا استباالدا عتبر افراك فراك أ بر ،أما هلا فعل للو ألسباب خاصة ،من
أجل الرشوة ،أو من أجل هفماء أشخاص ،و عكم أفدا محرمة؛ فإفال كفر فراك وال فر ،أما
هلا فعكدا ألسباب مبل الرشوة ،أو العشاوة ،أو من أجل هفماء بعض الإلاس ،وما أشبال للو،
فإال للو كوال فراك وال فر ،وهها الحكم ش ل ج يع الصوف ،و واء التبديل وغير
التبديل .و ج كى ولي األمر أال إلع للو ،و حكم بشرع الكال))(.)1
وقا العالمة ابن بي ين(( :وأما هلا اال شرع الك اك اماك ت شي كيال األمة ،ر ،أال
للو من ال صكحة ،وقش لب ًس كيال فيال :فال كفر أ اك؛ ألال بيراك من الحكام إلشهم
جدل في كم الشر عة ،و تصل بدم من إ عرف الحكم الشر ي ،وهم روفال ال اك بيراك ٌ
فتحصل بهلو ال خالفة.
وهلا اال عكم الشرع ولكإلال الكم بدها أو شرع هها ،وجعكال ستوفاك شي الإلاس
كيال؛ عتقش أفال ظالم في للو ،وأال الح في ا جاء بال الكتاب والسإلة :فإفإلا إ فستطيع أال
فكفر هها ،وهف ا فكفر من ر ،أال الكم غير الكال أولى أال كوال الإلاس كيال ،أو مبل الكم
الكال ز وجل؛ فإال هها افر ،ألفال مكهب لقو الكال تبافك وتعالى :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
[التين ،]7 :وقولال :ﯾ ﯿ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [ال ائشة:
]57ام ههر ال سائل إ عإلي أفإلا هلا فرفا أالشاك فإفال ج الخرو كيال ألال الخرو
تترت كيال مفاسش ظي ة أ بر من السكوت))(.)2
والجش ر باله ر أال هها القو إبن بي ين هو آخر القولين لال في ال سألة ،اليث
اال قبل وفاتال بأشدر قكيكة .والكال تعالى أ كم.
فدهر ف ال من أقوا أصحاب القولين في ههر ال سألة ،وهي تقرف اختالفدم في
ههر ال سألة الكبيرة.
( )1في لقاء أجرتال معال مجكة الفرقاال ،العش (* .)74
( )2فتو ،في شر ط كى سؤا ألالش طكبة العكم في /02فبيع األو 0202/هر .وقش فبررغل في تاب الحكم بغير ما أفز
الكال مإلاقشة تأصيكية ك ية ها ئة (ص 000 :ر )001وومو مصشفها ،وهو شر ط بعإلواال ((التحرر في مسألة
التكفير)) ،هصشاف تسجيالت ابن القيم ،الكو ل.
777 شرط الكفر بالطاغوت
( )1افظر :التكفير وموابطال لكش توف هبراهيم بن امر الراليكي (ص.)712 ،777 :
الحش ث ( ،)77/1وا تقا أصو ( )2بواالاك :أي ظاهراك با اك إ لبذ وإ شبدة فيال .وقيل :خالصاك .افظر :غر
أهل السإلة والج ا ة لكاللكائي (جر.)1667/7
( )3أخرجال البخافي في تاب الفتن ،باب :قو الإلبي « :ستروال بعشي أموفاك تإلكروفدا» (جر )116/7ح
( ،)7752ومسكم في تاب اعمافة (.)1477/7
( )4أ إلي من ابل هسالمال بيقين فال خر إلال هإ بيقين .افظر :تقرر ههر القا شة في مج وع الفتاو،422/16( ،
.)571
774 شرط الكفر بالطاغوت
قو الحافل ابن بش البر ر فال رال الكرال ر فري شرأال التكفيرر وأفرال إ برش أال كروال فري أمرر
قش أبج ع كيال (( :ل من ابل لال قش اعسالم في وقل بإج اع من ال سك ين ارم ألفر لفبراك،
أو تررأو تررأو الك فرراختكفوا بعررش فرري خروجررال مررن اعسررالم لررم كررن إخررتالفدم بعررش هج ررا دم معإلر كرى
وج الجة ،وإ خر من اعسالم ال تف كيال هإ باتفاق آخر ،أو سإلة اابتة إ معاف ،لدا.
وقش اتف أهل السإلة والج ا ة ر وهم أهل الفقال واألار ر كى أال أالشاك إ خرجال لفبرال
ر وهال ظم ر من اعسالم ،وخالفدم أهل البشع.
فالواجر ر ف رري الإلظ ررر أال إ كف ررر هإ م ررن اتفر ر الج ي ررع ك ررى تكفي رررر ،أو ق ررام ك ررى
تكفيرر ليل إ مشفع لال تاب أو سإلة( .)2()))1افتدى.
ول ا سأ هس ا يل الشالإلجي( )3اعمام أال ش ر فال ال الكال ر رن قولرال تعرالى :ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائررشة :]44 :مررا هررها الكفرررق قررا :فررر إ إلقررل ررن ال كررة،
مبل اع اال بع ال وال بعض ،فكهلو الكفر التى جئ من للو أمر إ ختكف فيال(.)4
وقا الشيم بش الكال أبا بطين ر فال ال الكال ر(( :وبالج كة فيج كى من فصرو ففسرال
هإ ررتككم فرري هررهر ال سررألة هإ بعكررم وبرهرراال مررن الكررال ،وليحررهف مررن هخررا فجررل مررن اعسررالم
ب ج ررر فد ررال واستحس رراال قك ررال ف ررإال هخ ررا فج ررل م ررن اعس ررالم أو ه خال ررال في ررال أ ظ ررم أم رروف
الش ن...
وأ اك :ف ا تإلازع العك اء في وفال فراك ،فاإالتيراط لكرش ن التوقرف و رشم اعقرشام ،مرا
لم كن في ال سألة ف صر و من ال عصوم .)5())
[ال ائشة،]44 : ( )1وإ ر أال القرآال قش الكم بكفرر ا في قولال تعالى :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
ألال الكفر في ألفا الشرع قش ر و را بال األ بر وقش ر و را بال األصغر .وفي ههر الصوفة قش اختكف أهل
العكم في ال ل الكفر كى أي الإلو ين؛ فال بستش بأمر مختكف فيال كى ترجيو أمر مختكف فيال.
( )2الت ديش (.)61/17
( )3ترج تال في طبقات الحإلابكة ()174/1
( )4وأوف ر أ اك شيم اعسالم في مج وع الفتاو ،)767 ،654/7( ،وابن القيم في الصالة والكم تاف دا (ص:
.)44
( )5الكفر الهي عهف صاالبال بالجدل والكم من كفر غيرر من ال سك ين (ص.)61 :
775 شرط الكفر بالطاغوت
قكررل :وللررو إ عإلرري بال ررروفة التقكيررل مررن شررأال هررها ال إلكررر ،بررل فررر ،أال هقصرراء
الشررر عة فرري ق ررية واالررشة بررالحكم فيدررا بغيررر مررا أفررز الكررال مإلكررر جسرريم ص راالبال كررى خطررر
ظيم ،فكيف ب ن قصي الشر عة ن ج يع األالكام ،إ شو أال أمرر أخطر وبالءر أشش.
هررها مررن اليررث التأصرريل العررام .وأمررا هررهر الصرروفة بعيإلدررا ف ررن الإلرراس مررن بإلررازع فرري
وقو دا ،وللو ل را وجرش فري الرشو التري حك درا مسرك وال مرن ال حرا م الشرر ية ال تعكقرة
باألالوا الشخصية؛ الإلكاح وال واف ث والطالق.
و كررى فررر ،وقرروع هررهر الصرروفة ،أو أال وجررو تكررو ال حررا م إ بخررر ررن التبررش ل
العام ،وللو كى القو بقصر الحكم كى الحشو خاصة وال غيرها( ،)1فيكروال األمرر را
سررب تقر رررر ،وللررو ل ررا ترت ر كررى تكفيررر الحكررام بدررهر الصرروفة أو بغيرهررا مررن ال فاسررش
العظي ة من الخرو وما ترت كيال من سفو الشماء ال حرمة وافتداك العرو.،
ومن الجش ر ل رر هإلا :أال اله ن ههبوال هلى التكفير بدهر الصوفة من أهرل السرإلة إ
كفرروال ال عررين ال تكرربذ بدررا هإ بعررش ترروفر الشرروط وافتفرراء ال وافررع ،وهف ررا التكفيررر قررع مرإلدم
كى سبيل اعطالق والع وم( ،)2وفرر ٌق بين التكفير برالع وم والتكفيرر برالتعيين؛ ((فرإال فصروص
الو يش التي في الكتاب والسإلة ونصوص األئمة بالتكفير والتفسيق وفحو للرو إ تسرتكزم
ابوت موجبدا في ال ال عين هإ هلا وجشت الشروط وافتفرل ال وافرع ،إ فررق فري للرو برين
األصو والفروع)) ا قرف للو شيم اعسالم ر فال ال الكال تعالى ر(.)3
بافة ن تاب مج وع من أالكام (( ا مبل بال البعض ،وهو ر ا قا ابن بير ر: ( )1ا هو الشأال في الياس
قش اقتبسدا ر عإلي جإلكز خاال مكو التتاف ر من شرائع شتى من اليدو ة والإلصرافية وال كة اعسالمية ،وغيرها وفيدا
بير من األالكام أخهها من مجر فظرر وهوار فصافت في بإليال شر ا متبعا قشموفال كى الحكم بكتاب الكال
وسإلة فسو الكال صكى الكال كيال وسكم ،ف ن فعل للو مإلدم فدو افر ج قتالال التى رجع هلى الكم الكال
وفسولال فال حكم سوار في قكيل وإ بير)) [تفسير ابن بير (.])24/6
ا ل ر ابن بير فيال بعض األالكام ال ست شة من الشر عة قكل :وهال اال في هها الت بيل فظر ألال الياسا
اعسالمية ،فال صشق كيال التبش ل الككي العام ،ولكن فه رر هإلا تإلرزإك مع ال خالف.
( )2بشليل أفدم إلكروال كى اة التكفير وفتإلاء التفجير.
= ( )3مج وع الفتاو.)776/17( ،
772 شرط الكفر بالطاغوت
رررررررررر
قكل :ومصشاقاك لدها فقش سدل الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر :هإلاك ق ية تباف اآلال الو فر اله ن حك وال =
بالقوافين الومعية ،و ستش أصحاب هها الرأي بفتوا م ر الفظكم الكال ر في ال ج وع الب ين بأال هها فر وأفال
وامو ألفال تبش ل لشرع الكال ،هلو إلس هها هلى الشيم مح ش بن هبراهيم فال ال الكال.
فالسؤا هإلا :هل كزم ا تباف موافع التكفير أو ما اشترطال أهل السإلة والج ا ة في هقامة الحجة كى من الكم
بغير ما أفز الكال تشر عاك اماك ،جزا م الكال خيراكق
فأجاب ر فال ال الكال ر (( :ل هفساال فعل مكفراك فالبش أإ وجش فيال مافع التكفير ،ولدها جاء في الحش ث
الصحيو ل ا سألور ن مإلابهة الحا م قا « :إ ،هإ أال تروا فراك بواالاك إلش م فيال من الكال برهاال» ،فالبش من
الكفر الصر و ال عروف الهي إ حت ل التأو ل ،فإال اال حت ل التأو ل فإفال إ كفر صاالبال وهال قكإلا هفال فر.
فيفرق بين القو والقائل ،وبين الفعل والفا ل ،قش تكوال الفعكة فسقاك وإ فس الفا ل لوجو مافع إلع من
تفسيقال ،وقش تكوال فراك وإ كفر لوجو مافع إلع من تكفيرر ،وما مر األمة اعسالمية في خرو الخواف هإ
هها التأو ل ،فالخواف افوا مع كي بن أبي طال كى جيش أهل الشام ،فك ا الصكل ال صالحة بين كي بن
أبي طال وأهل الشام ،خرجل الخواف اله ن افوا معال كيال التى قاتكدم وقتكدم والح ش لكال ،لكن الشاهش أفدم
قالوا :الك ل بغير ما أفز الكال؛ ألفو الك ل البشر فخرجوا كيال.
فالتأو ل الفاسش هو بالء األمة؛ فقش كوال الشيء فراك فيعتقش هها اعفساال افال فر بواح فيخر ،وقش كوال
الشيء فراك لكن الفا ل ليذ بكافر ،لوجو مافع إلعال من تكفيرر ،فيعتقش هها الخاف أفال إ هف لال فيخر .
كى اعفساال التحرز من التسرع في تكفير الإلاس أو تفسي الإلاس ،فب ا فعل اعفساال فعالك فسقاك إ ولدها ج
شو فيال ،لكإلال إ شفي ،فإلا قكل ا أخي هها الرام ،قا :جزاك الكال خيراك ،وافتدى إلال ،هلال يف أالكم كى
وال أال تقوم كيال الحجة ،فدؤإء اله ن تشير هليدم ،من الكام العرب وال سك ين قش كوفوال هفساال هفال فاس
معهوف ن لم تتبين لدم الحجة ،أو بيإلل لدم وجاءهم من كبذ كيدم و شبال كيدم.
فالبش من التأفي في األمر ،ام كى فر ،أفإلا فأ إلا فراك بواالاك إلشفا فيال من الكال برهاال ،و ك ة :فأ إلا شرط ،و فراك
شرط ،وبواالاك شرط ،و إلشفا فيال من الكال برهاال شرط أفبعة شروط.
فقو " :أال تروا " أي تعك وال قيإلاك االترازاك من الشائعات التي إ القيقة لدا.
و ك ة " :فراك " االترازا من الفس ،عإلي لو اال الحا م فاسقاك فاجراك ،لكن لم صل هلى الش الكفر فإفال إ جوز
الخرو كيال.
البالث " :بواالاك " أي صر حاك ما حت ل التأو ل وقيل البواح :ال عكن.
والرابع " :إلشفا فيال من الكال برهاال " عإلي ليذ صر حاك في أففسإلا فقط ،بل فحن مستإلشوال كى ليل وامو
قاطع.
كيإلا هلا ههر الشروط األفبعة شرط لجواز الخرو ،لكن بقى إلشفا شرط خامذ لوجوب الخرو وهو :هل ج
كيإلا أال فخر ق إلظر لك صكحة ،هال إلا قا ف ن كى هزالتال؛ فحيإلده جاز لإلا اال فخر كى الحا م ،هل ج
= فخر ،وهلا إلا غير قا ف ن فال فخر ،ألال ج يع الواجبات الشر ية مشروطة بالقشفة واإستطا ة .ام هلا خرجإلا فقش
777 شرط الكفر بالطاغوت
وللو بإزاء ال تسر ين في التكفير اليث قع مإلدم التكفير لكحكام ال تكبسرين بدرهر
الصرروفة كررى سرربيل التعيررين وال أخرره بالشررروط وافتفرراء ال وافررع الترري ألجكدررا كرروال التكفيررر
لك عيإلين ،فيقع مإلدم بسب للو خكط ظيم في فدم الم أهل العكم والش ن.
ام هال من أبرز األ لة التي ستش بدا ال كفروال بدهر الصوفة قولال تعرالى :ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائشة.]44 :
ووجررال اإستشرردا بدررا :أال اسررم ال وصررو فرري قولررال ﮧ ﮨ ﮩ صرريغة رروم فيفيررش
ج يررع الق ررا ا ،والتقررش ر أي :مررن ترررك الحكررم ب را أفررز الكررال فرري ج يررع الق ررا ا ،فأولدررو هررم
الكافروال.
قاصر من جدتين:
قكل :واستشإلدم باآل ة ٌ
الجهة األولى :قصرهم اآل ة كى الحشو خاصرة .والصرحيو أال اآل رة شرامكة لج يرع
األالكام الشر ية ،و شخل في للو أالكام العقائرش والعبرا ات وال عرامالت ،و رش لرهلو مرا
فيشر اسم ال وصو من الع وم ،الع وم الشامل لكرل الكرم أفزلرال الكرال وتعبرشفا برال ،سرواء راال
الحكم كيال فدو اخل في ههر اآل رة را قرا كياك أو ا تقا اك؛ ف ن الكم غير القرآال في ب
ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ تع ر ر ر ر ررالى :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
[الإلسرراء ،]25 :فررأي خررالف بررين ال سررك ين وجر ف التحررا م فيررال هلررى القرررآال والسرإلة ﯯ
ر ر ررا ق ر ر ررا تع ر ر ررالى :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [الش ر ر رروف]17 :،؛ ف ر ر ررالحكم ب ر ر ررين
ال تإلرراز ين قررع التررى فرري غيررر أمرروف الحكررم والق رراء ررا فرري قولررال تعررالى :ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
[الإلسراء]57 :؛ فقولال ﰊ هإلا رام شر ل رل تإلرازع ،فكرل تإلرازع وجر ف التحرا م فيرال
هلى القرآال والسإلة.
رررررررررر
كى خروجإلا مفسشة أ بر وأ ظم م ا لو بقي هها الرجل كى ما هو كيال ،ألفإلا هلا خرجإلا ام ظدرت العزة ترت =
لال ،صرفا أللة أ بر ،وت ا ،في طغيافال و فرر أ بر ،فدهر ال سائل تحتا هلى تعقل ،وأال قترال الشرع بالعقل .وأال
تبعش العاطفة في ههر األموف ،فإلحن محتاجوال لكعاطفة ألجل تح سإلا ،ومحتاجوال لكعقل والشرع التى إ فإلساق
وفاء العاطفة التي تؤ ي هلى الدالك)) .افتدى الم الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر[ .من لقاء الباب ال فتوح مع
ف يكة الشيم مح ش صالو العبي ين ،الكقاء ،51السؤا (.])1664
777 شرط الكفر بالطاغوت
و كى للو كزم من كفر الحا م بغير ما أفز الكال غير ال ستحل في الحشو أال كفرر
من حكم بغير مرا أفرز الكرال فري أبرواب العقيرشة؛ صرفات الكرال تعرالى .فرال تكك وال ر كرى سربيل
ال بررا ؛ ومرإلدم األشررا رة ر قررش الك روا قرولدم فرري برراب الصررفات ر الررهي هررو مررن أ ظررم أبرواب
العقيررشة ر ،وتر روا التحررا م فيررال هلررى مررا أفررز الكررال ،ومررع هررها لررم حكررم العك رراء بكفرررهم .فكرريذ
تكفيررر مررن كفررر الحررا م بغيررر مررا أفررز الكررال الغيررر ال سررتحل بررأولى مررن تكفيررر هررؤإء؛ ألال
سررالمة الررش ن أولررى مررن سررالمة الررشفيا؛ فررإلا جرراف الحررا م فحكررم بغيررر مررا أفررز الكررال فرري أمرروف
الررشفيا أفسررشها ،وأمررا هلا الكررم ال فترري أو العررالم بغيررر مررا أفررز الكررال فرري أمرروف الررش ن فقررش مررل
وأمل وأفسش من الش ن بقشف ما الكم فيال بغير ما أفز الكال ،والش ال حكوم كيال.
فالحاصل أفال شخل فري الكرم اآل رة رل مرن الكرم بغيرر مرا أفرز الكرال فري أمروف الرشفيا
أو الررش ن ،و كررى هررها فدرري تش ر ل ررل مررن حكررم فرري األمرروف العامررة أو الخاصررة؛ فتش ر ل
ك رراء أهررل البررشع ،والكررام الجرروف وأم رراء السرروء ،وغيرررهم م ررن تص رشوال لكحكررم فرري األمرروف
العامة أو الخاصة فيحك وال فيدا بغير ما أفز الكال.
وقررش أشرراف هلررى للررو ابررن تي يررة ر فال ررال الكررال ر اليررث بررين أال الحك رام حك رروال فرري
األموف ال عيإلة إ حك روال فري األمروف الككيرة ،ولرها قيرش فررهم باإسرتحال لكحكرم بغيرر مرا
أفز الكال بخرالف األمروف الككيرة ال شرتر ة برين األمرة ،ف رن الكرم فيدرا بغيرر مرا أفرز الكرال فدرو
افر ،ولو لم ستحل(.)1
وسرربقال هلررى للررو اعمررام أبررو ال ظفررر السر عافي ر فال ررال الكررال ر اليررث قررا (( :وا كررم أال
الخواف سرتشلوال بدرهر اآل رة ،و قولروال :مرن لرم حكرم ب را أفرز الكرال فدرو رافر ،وأهرل السرإلة
قالوا :إ كفر بترك الحكم.
ولآل ة تأو الال:
أالشه ا :معإلار :ومن لم حكم ب ا أفز الكال ف اك وجحشاك فأولدو هم الكافروال.
والبافي :معإلار :ومن لم يحكم بكرل مرا أنرهل اللره فموللرك هرم الكرافرون ،والكرافر
هو الذي يترح الحكم بكل ما أنهل الله ،دون المسلم))( )2افتدى.
وأ اك :شإلع الشيم مح ش صش خاال ر فال ال الكال ر كرى ال بتش رة بدرهر اآل رة ،م را
ررش كررى ا تب ررافر ش ر و هررهر اآل ررة لكتح ررا م بغيررر م ررا أفررز الكررال ف رري أمرروف الررش ن ومس ررائل
العكم(.)1
(بررل التررى العصرراة اخكرروال تحررل رروم هررهر اآل ررة؛ ألال العاصرري قررش اسررتبش الكررم
الكال (= األمر والإلدي) بحكم غيرر (=هوار وشيطافال) و كيال فريكزم تكفير من أج ع أهل السإلة
كى شم فرر وهو العاصي)(.)2
قو ابن الزم الظاهري ر فال رال الكرال ر(( :فرإال الكرال رز وجرل قرا :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
[ال ائر ر ر ر ر ر ررشة: ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائر ر ر ر ر ر ررشة ،]44 :ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ
،]45ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ال ائر ر ر ر ر ررشة]47 :؛ فكيبكر ر ر ر ر ررزم ال عتزلر ر ر ر ر ررة أال
ص رررالوا بكف ررر ررل رراص وظ ررالم وفاسر ر ألال ررل ام ررل بال عص ررية فك ررم حك ررم ب ررا أف ررز
الكال))(.)3
الجهة الثانية :ال كدم الكفر في اآل ة كى الكفر األ بر .وهي شامكة لإلو ي الكفر؛ األ بر
واألصغر بشليل تفسير ابن باس فمي الكال إلد ا( ،)4وتفسير غيرر من السكف(.)5
ررا أفررال إ وجررال فرري التفر ر بح ررل الكفررر فرري اآل ررة كررى الكفررر األ بررر فرري التبررش ل
العام وال الحكم بغير ما أفز الكال في بعض الق را ا ،هل إ ليرل كرى هرها التفر ر .فإمرا أال
تبح ررل اآل ررة كررى الكفررر األ بررر فرري ررال الحررالين أو بصرراف هلررى التفصرريل الررهي جرراء ررن
السكف .أما التفر فال وجال لال ،ألال اسم ال وصو حت ل األمر ن :من لرم حكرم ب را أفرز
الكررال فرري أي ق ررية ،أو فرري ج يررع الق ررا ا ،و ررال اإالت ررالين متسرراو اال؛ هل إ مرررجو بيإلد ررا
خافجي من الإلصوص .والكال تعالى أ كم.
ررا أال لفررل اإسررتبشا فرري لغررة العرررب صررشق كررى القكيررل والكبيررر ررا فرري قولررال
تع ر ر ر ر ر ر ر ر ررالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
[الإلسر رراء ،]67:فس ر ر ى تطكي ر ر الواالر ررشة واسر ررتبشالدا بر ررأخر ،اسر ررتبشاإك ر ررا أال تطكي ر ر األفبعر ررة
واستبشالدن بأبخر بس ى استبشاإك.
وأ اك :فكفل التبش ل طك في الم أهل العكم كى ما أمافال الإلراس هلرى الشررع؛ همرا
بالكهب واإفتراء؛ وهما بالتأو ل والغكط ،فال بس ى تبش الك التى إلسبال هلى الشرع.
قررو شرريم اعسررالم ر فال ررال الكررال ر(( :ولكررن بي رراك مررن الإلرراس إلسرربوال مررا قولوفررال هلررى
الشرررع ،ولرريذ مررن الشرررع بررل قولرروال للررو؛ همررا جدرالك ،وهمررا غكطراك ،وهمررا ررشاك وافترراء ،وهررها
هو الشرع المب مدل الهي ستح أصحابال العقوبة))(.)1
وقا في مومع آخر(( :والبالث "الشرع المب مدل" وهو الكهب كى الكال وفسرولال ،أو
كررى الإلرراس بشرردا ات الررزوف وفحوهررا ،والظكررم البررين؛ فمررن قررال :إن هررذا مررن شرررع اللرره فقررش
فر بال فزاع؛ ن قا هال الشم وال يتة الال ،ولو قا :هها مههبي وفحو للو))(.)2
وهررها ال عإلررى لكتبررش ل هررو الررهي ترت ر كيررال الكفررر فرري تحكرريم الطرراغوت؛ فحيررث
أماف الك ال هلى الكال فقا :هفال من شرع الكال فر ،ستوي للو في الكبير والقكيل.
قررو الجصرراص فرري تفسررير آ ررة ال ائررشة(( :فررإال رراال ال ررا جحررو الكررم الكررال ،أو
الحكررم بغيرررر مررع اعخبرراف بأفررال الكررم الكررال ،فدررها فررر خررر ررن ال كررة ،وفا كررال مرتررش هال رراال
قبل للو مسك اك .و كرى هرها تأولرال مرن قرا :هفدرا فزلرل فري بإلري هسررائيل وجررت فيإلرا عإلروال:
أال من جحش مإلا الكم الكال ،أو الكم بغير الكم الكال ،ام قا :هال هها الكم الكرال فدرو رافر،
ا فرت بإلو هسرائيل الين فعكوا للو))(.)3
وقا ابن العربي ر فال ال الكال ر في شأال الحكم بغير مرا أفرز الكرال(( :وهرها ختكرف؛ هال
الكررم ب ررا إلررشر كررى أنرره مررن عنررد اللرره فهررو تبررديل لرره وجر الكفررر ،وهال الكررم بررال هررو،
ومعصية فدو لف تشف ال ال غفرة كى أصل أهل السإلة في الغفراال لك هفبين))( )4أ .هر.
والتبش ل بدها ال عإلى صشق كيال معإلى اإستحال ،ولها قا شيم اعسالم ر فال ال
الكال ر في ق ية التحا م هلى الطاغوت وأفال فر(( :واعفساال متى الكل الحرام ال ج ع كيال ،أو
الرم الحال ال ج ع كيال ،أو بش الشرع ال ج ع كيال اال افراك مرتشاك باتفاق الفقداء .وفي
[ال ائشة]44 : مبل هها فز قولال كى أالش القولين ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
أي :هو المستحل للحكم بغير ما أنهل الله))(.)1
ف را شيم اعسالم بقولال(( :أو بش الشرع ال ج ع كيال)) هإلا ما اال كى جدة
اإستحال ،بشليل قولال(( :أي :هو ال ستحل لكحكم بغير ما أفز الكال)) ،وللو هف ا كوال
بإمافتال هلى الشرع.
وأما التبش ل هلا لم كن كى جدة فسبتال هلى الشرع فدها ائر في الم أهل العكم بين
الظكم والفس .
قو ابن القيم ر فال ال الكال ر(( :وأما الحكم ال بش وهو الحكم بغير ما أفز الكال فال
حل تإلفيهر ،وإ الع ل بال ،وإ سوغ اتبا ال ،وصاالبال بين الكفر والفسوق والظكم))(.)2
ام قا :ما هو ال ابط في ش الق ا ا التي إ بكفر بدا والق ا ا التي بكفر بدا،
ألال البع ية تش ل الجزء مع ترك القكيل ،والجزء مع ترك الكبير ،فال بش من ميزاال ف بط برال
هها القكيل من هها الكبير؛ وهها ما إ سبيل هليال.
(اررم كررى القررو بررأال مررن اسررتبش الشررر عة كدررا كفررر ف ررا الكررم مررن اسررتبش ررل
الشررر عة هإ الك راك واالررشاك؛ فررإال فرررر فقررش خررالف مررا قرررفر مررن أال مإلرراط التكفيررر هررو اسررتبشا
الكل! وهال لم كفرر فقش أتى ب ا إ تواف مع صر و العقل)(.)3
ا ررم هفر رال ب ررالإلظر هل ررى أقر روا ال ختكف ررين ف رري ه ررهر ال س ررألة م ررن أه ررل السر رإلة فج ررش أال
صوفي أو تصوفي. اإختالف بيإلدم اختالف ب
ووجدررال :أال القررائكين بررأال ال بررش لكشررر عة ال تحررا م هلررى غيرهررا فرري ج يررع الق ررا ا
ك بفر عككوال ب فرر :بأفال لم فعرل للرو هإ وهرو معتقرش أال مرا رش هليرال مرن القروافين الومرعية
أففررع وأصرركو لكعبررا مررن أالكررام الشررر عة اعسررالمية()4؛ ف رأفجعوا الحكررم بررالتكفير هلررى ا تقررا
القك الهي هو اإستحال أو التف يل.
وم ا بين للو قو الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر(( :أما بالإلسبة ل رن ومرع قروافين
تشر عية مع ك ال بحكم الكرال وب خالفرة هرهر القروافين ،فدرها قرش برش الشرر عة بدرهر القروافين،
فدررو ررافر ألفررال لررم رغر بدررها القررافوال ررن شررر عة الكررال هإ وهررو عتقررش أفررال خيررر لكعبررا والرربال
من شر عة الكال))(.)1
وقا الشيم صالو آ الشيم معكالك لكتكفير بصوفة التبرش ل(( :ألفرال إ صرشف ر عإلري
تحكيم القافوال الومرعي كرى الرشوام ر فري الواقرع مرن قكر قرش فرر بالطراغوت ،برل إ صرشف
هإ م ن ظم القافوال ،و ظم الحكم بالقافوال))(.)2
رررررررررر
الووه األول :ما قرفر أهل العكم من أال إزم ال هه إ كوال مههباك؛ فكهلو هلا قرف كى الخصم أفكرر غا ة اعفكاف. =
أما هلا رفال والتزمال فحيإلده كوال مههباك لال .وأال ال رء قش عتقش خالف ما كزم من قولال ،ولو اال التالزم قو اك بحيث
بإلس القائل لكتإلاقض لو لم كتزم للو الالزم.
أال كوال مههباك بل أ بر الإلاس إ ج قا شيم اعسالم في مج وع فتاو ال ((( :)421/12وإزم ال هه
قولوال أقواإك وإ كتزموال لوازمدا؛ فال كزم هلا قا القائل ما ستكزم التعطيل أال كوال معتقشاك لكتعطيل بل كوال
معتقشاك لبابات و لكن إ عرف للو الكزوم)).
وقا أ اك(( :ف ا اال من الكوازم رمار القائل بعش وموالال لال؛ فدو قولال ،وما إ رمار؛ فكيذ قولال ،وهال اال
متإلاق اك ....فأما هلا ففى هو الكزوم لم جز أال اف هليال الالزم بحا ))[ .مج وع الفتاو.])46/67( ،
وافظر :ففذ ال صشف (.)617/67
الووه الثاني :أال هها الالزم قش تخكف؛ هل قش وجش من فعل للو وهو عتقش أال الشر عة أففع من الك ال ،ا
مر الت بيل في الم شيم اعسالم باألقوا ال وه ة لكتعطيل وأفال إ كزم أال كوال أصحابدا قائكوال بالتعطيل ا
في الإلقل الساب .
الووه الثالث :أال أهل السإلة إ كفروال هإ بأمر إ االت ا فيال ،وللو أال الحشو تبشفأ بالشبدات ،والتكفير
أولى أال شفأ بهلو.
قا شيم اعسالم ابن تي ية ر فال ال الكال ر في الفتاو(( :)422/16( ،من ابل هسالمال بيقين لم ز للو إلال
بالشو)).
ا في الشفف السإلية ((( :)176/1وإ فكفر هإ ب ا أج ع وقا الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر
كيال العك اء كدم)) أ.هر.
[ههر الوجور البالاة مستفا ة من تاب الحكم بغير ما أفز الكال مإلاقشة تأصيكية ك ية ها ئة لبإلشف بن فا ف
العتيبي ر الفظال الكال ر (ص 57 :ر .])56
( )1القو ال فيش ( .)127/6وافظر :تعكيقال كى فتو ،األلبافي في تاب فتإلة التكفير (ص.)67 :
( )2ففذ ال صشف(ص.)477 :
717 شرط الكفر بالطاغوت
وق ر ررا الش ر رريم ص ر ررالو الف ر رروزاال ف ر رري الق ر ررية لاتد ر ررا(( :ولل ر ررو ألال م ر ررن فح ر ررى الش ر ررر عة
اعسررالمية ،وجعررل القررافوال الومررعي بررش الك إلدررا ،فدررها ليررل كررى أفررال ررر ،أال القررافوال أالسررن
وأصكو من الشر عة ،وهها إ شو أفال فر أ بر خر من ال كة و إلاقض التواليش))(.)1
قكل :وبدها زو اعشكا وتصرطكو األقروا فري أال التكفيرر فري ق رية الحكرم بغيرر
مررا أفررز الكررال فرري األمرروف الخاصررة( )2مررر ر هلررى ا تقررا القك ر هلا لررم كررن جحررو اك( .)3ولكررن
بقى الإلرزاع في التسكيم بوقوع اإستبشا من غير ا تقا اإستحال .وهرها كرى التحقير أفرال
قع .وبالكال التوفي .
وهررها إ عإلرري أال الكفررر محصرروف فرري ا تقررا القك ر فحس ر ر ررا قررش فد ررال
الرربعض ر بررل الكفررر قررع برراألقوا وباألفعررا وباإ تقررا وبالشررو وبرراع را ،،وباعبرراء
واإمتإلاع ،وللو في صوف ستأتي إلش مبحرث الرر ة فري شررط اإفقيرا .ولكرن ال قصرو
تقر ررر وجررال الكفررر فرري خصرروص هررهر ال سررألة بعيإلدررا ،وأفررال كرروال بررالإلظر هلررى اسررتحال
القك ما لم كن جحو ا( ،)4وللو إ ط ر في ل فر ا سيأتي.
وج كة الفائشة :أال تبرش ل الشررع تصررف فري رالم أهرل العكرم كرى أفبعرة معراال،
تختكف أالكامدا بحس هها التبش ل:
الإلرروع األو :التبررش ل العررام الشررامل لج يررع األالكررام ،العامررة( )1والخاصررة .فدررها
الك ررال أفررال فررر ،وهال لررم سررتحل صرراالببال ،و ررشخل فيررال تبررش ل التواليررش بالشرررك ،والسررإلة
بالبش ة ،والطا ة بال عصية ،وال عروف بال إلكر.
الإلروع البرافي :التبرش ل فري األمروف العامرة برالحكم فيدرا بغيرر مرا أفرز الكرال ،وهررو إ
إلس ر لل ررو هل ررى الش رررع .ه ررها الإل رروع توق ررف ش رريم اعس ررالم اب ررن تي ي ررة ف رري الك ررال(.)2
والصحيو أفال فر ألفال شخل فيال ر ا تقشم ر تبش ل التواليش بالشرك.
الإلروع البالرث :التبررش ل فري األمرروف الخاصرة بررالحكم فيدرا بغيررر مرا أفررز الكرال ،وهررو
إ إلس ر للررو هلررى الشرررع .فدررها مختكررف فيررال بررين أهررل العكررم .وال رراجو أفررال إ كفررر
صاالببال هإ هلا استحل أو فس تبش كال هلى الشرع.
الإل رروع الراب ررع :التب ررش ل ال ررهي ك رروال س ررببال فس رربتال هل ررى الش رررع؛ سر رواء ف رري األم رروف
الخاص ررة أو العام ررة .فد ررها الك ررال أف ررال ف ررر ؛ ألف ررال إ ك رروال هإ ر رن اس ررتحال بالقكر ر
ستوي فيال القكيل والكبير(.)3
فالحاصررل أال تحكرريم الق روافين الومررعية كرروال ف رراك أ بررر مإلاق راك ألصررل الكفررر
بالط رراغوت هلا رراال ك ررى وج ررال اإس ررتحال أو الجح ررو أو الك ررهب بإلس رربة لل ررو هل ررى
الشرع ،أو التسو ة أو التف يل ،أو التجو ز وهال لم عتقش التسو ة بيإلد را .أمرا مرن الكرم
بالقوافين الومعية ر كي اك أو جزئي اك ر وهو لرم سرتحل بقكبرال ولرم جحرش بكسرافال ،أو ف رل
أالكر ررام ال خكر رروقين كر ررى شر ررر عة فب العر ررال ين ،أو عتقر ررش ال ااكر ررة بيإلد ر را ،أو جر رروز
الرجرروع هلررى غيررر أالكررام الشررر عة وهال لررم عتقررش التسررو ة بيإلد ررا ،ولررم إلسر تبش كررال هلررى
الشرررع فررال كرروال ررافراك ف رراك أ بررر كررى الصررحيو مررن قررولي أهررل العكررم( ،)4والكررال تعررالى
أ كم.
كيدا األموف الككية ال شتر ة بين األمة .افظر :مإلدا ( )1أي :ال شتر ة بين ج يع األمة ،وبعض أهل العكم بطك
السإلة الإلبو ة ( 171/5ر .)176
( )2افظر :مج وع الفتاو.)777/75( ،
( )3افظر :مإلدا السإلة الإلبو ة ( 171/5ر ،)176ومج وع الفتاو 627/7( ،ر .)627
( )4هها ما له هليال أهل التحقي من أهل العكم قو ابن باز ر فال ال الكال تعالى ر معكقاك كى فتو ،اعمام األلبافي ر
= فال ال الكال ر في ق ية التكفير بالحكم بغير ما أفز الكال وأفال إ كوال هإ باستحال القك ألفال مكفر ا تقا ي إ
715 شرط الكفر بالطاغوت
وهر ررها هر ررو الر ررهي تإلر ر رز كير ررال قولر ررال تعر ررالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ [الإلساء 27 :ر.]21
أو كوال غير فافض لحكم الكال ،وإ معتقشاك أفال أفصف لال من الكرم الكرال ،ولكرن
لدو ،في ففسال اختاف التحا م هلى الطاغوت كى الكم الكال ؛ لظإلال ر مبالك ر أفال سيحصل ك
كررى القررال؛ همررا برشرروة ،أو فحررو للررو .فدررها إ كفررر ،ولكررن كرروال مقترفراك عاررم ظرريم وجرررم
بير.
راص أو مفرر بررل هرو بمكجرأٌ هلجرراءكوأمرا الصرروفة البافيرة؛ ففرري الحرا األولررى فكرريذ لرال مإلر ٌ
هلى ال بو بين شي الطاغوت وقبو الك ال فيال .فدها إ فغبة لال وإ اختياف؛ فرال هارم كيرال،
ألفررال فرري الكررم ال ب كجررأ غيررر ال خترراف ،الررهي برربط وبرمررى بررال كررى شررخ ،في رروت للررو
الشخ ،فإفال إ هام كيال.
وأما الحا البافية ،فألهل العكم فيدا قوإال:
القو األو :أفال ترك القال وإ تحا م هلى الطاغوت .وهال له أام ولم ك بفر.
القرو البررافي :أال لررال أال رهه إسررتخالص القرال ،ألفررال فري الكررم ال ررطر الررهي إ
اليكة لال(.)1
والصررحيو القررو البررافي ،ألال الك ررال الكررم ال ست ررعفين مررن الرجررا والإلسرراء والولررشاال
الرره ن إ جررشوال اليكرةك وإ دتررشوال سرربيالك ،فأولدررو سررى الكررال أال ترروب كرريدم و رراال الكررال فررواك
غفوفاك .فيكوال لهابال ر ا قا ابن القيم ر فال ال الكال ر(( :من باب غهاء ال طر ،هلا لرم جرش مرا
قيترال هإ مرن ال يترة والرشم .وأالسرن أالوالرال :أال كروال مررن براب الترراب الرهي هف را تري م برال إلررش
العجز ن استع ا ال اء الطدروف))( ،)2ولكرن إلبغري أال بالالرل و ستح رر بغرض القكر و رشم
هفا تال لدهر األالكام ،فإال للو واج إ سقط ،ألفال في مقشوف ل هفساال.
( )1افظر :الت ديش لشرح تاب التواليش (ص 477 :ر ،)471وفتاو ،وفسائل س االة الشيم بش الرزاق فيفي
(ص.)122 :
( )2مشاف السالكين (.)177/6
717 شرط الكفر بالطاغوت
ا ج أال برا ي بالكم الكال في ا لو بالكم لال بحر إ حرل لرال أخرهر()1؛ فدرو أخره
القال وإ خه القاك ليذ لال ،والكال تعالى أ كم.
ولكررن لررو ترررك القررال مطكقراك ولررم ررهه لكتحررا م لكقررافوال الومررعي رراال للررو أف ررل فرري
القال ل ا فيال من ا الكفر بالطاغوت.
ور ر التحاكم إلى أذواق وُكشوفات الصوفية:
م ا شخل تحل التحا م هلى الطاغوت ال إلافي لككفر بال أ اك ترك الكم الكال
والكم فسولال والتحا م هلى الهوق( )2والكشف( )3ا تفعكال غالة الصوفية ،ظإلاك مإلدم أفدم
بهلو وفقوال بين الشإئل الهوقية والشإئل الشر ية؛ ولها جعكوا معت شهم في الحكم كى
األشياء األوهام وال إلامات والخياإت وتر وا تاب الكال وسإلة فسولال وفاءه ا ظدر اك؛ فقشموا
ألواقدم ومواجيشهم و شوفاتدم الباطكة كى تاب الكال وسإلة فسولال فصاف لساال الالدم قو :
((هلا تعاف ،الهوق والوجش والكشف وظاهر الشرع قشمإلا الهوق والوجش والكشف))( )4فصشق
كيدم قولال تعالى :ﮪﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ [سربأ ،]67:وقولال :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ [الفرقاال.]47:
قو ابن القيم ر فال ال الكال ر :في صش بيافال ألفواع اإ ترامات الساف ة في الإلاس
كى الكم الكال وشر ال:
((الإلر ر رروع البر ر ررافي :اإ ت ر ر ررا ،كر ر ررى القر ر ررائ اع ر ر رراال والشر ر رررع بر ر رراأللواق وال واجير ر ررش
والخيرراإت ،والكشرروفات الباطكررة الشرريطافية ،ال ت ر إلة شرررع ررن لررم ررألال بررال الكررال ،وهبطررا
إلررال الررهي شررر ال كررى لسرراال فس رولال ،والتعررو ،ررن القررائ اع رراال بخررشع الشرريطاال،
والظو الإلفوس الجاهكة))(.)1
و كشررف الغزالرري ر فال ررال الكررال ر ررن سررر تقررش م الصرروفية الكشررف والوجررش كررى الرإل
فيق ررو (( :أف ررال ق ررش اب ررل ل ررش دم بص ررر و الكش ررف م ررا خ ررالف ص ررر و ال رإل ،والكش ررف ر ف رري
ا تقررا هم ر هررو الح ر واليقررين ال طرراب لكص رواب ،وال رإل قررش ررر كيررال مررا جعكررال بخررالف
للو))(.)2
ول ررها ف ررإال الص رروفية ل ررم حرص روا ك ررى فاس ررة العك ررم ،وتحص رريل م ررا صر رإلفال ال صر رإلفوال
والبحث ن األقاو ل واأل لة ال ه وفة(.)3
حكم التحاكم إلى الذوق والكشف والوود:
قبل أال فبين الحكم كى الهوق والوجش والكشف فإال هإلالو االث قوا ش ظي ة ر هي
مررن أهررم قوا ررش اع رراال والسرركوك ر ل رهررا العالمررة ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر ظدررر مررن خاللدررا
فصل الإلرزاع في الحكم كى ههر ال سألة جشف بإلا ل رها هإلا.
قا ابن القيم ر فال ال الكال ر(( :والهي فصل الإلرزاع في الكم ههر ال سألة :االث قوا ش ر
من أهم قوا ش اع اال والسكوك ر ف ن لم بن كيدا فبإلاكر كى شفا جرف هاف.
القاعدة األولى:
أال الررهوق والحررا والوجررش هررل هررو الررا م أو محكرروم كيررال ،فرريحكم كيررال بحررا م
آخر ،أو و تحا م هليالق
فدررها مإلشررأ مررال مررن مررل مررن ال فسررش ن لطر ر القرروم الصررحيحة اليررث جعكررور
الا راك فتحررا وا هليررال في ررا سرروغ و تإلررع ،وفي ررا هررو صررحيو وفاسررش وجعكررور محك راك لكح ر
والباطل ،فإلبهوا لرهلو موجر العكرم والإلصروص ،والك روا فيدرا األلواق واألالروا وال واجيرش،
فعظررم األمررر ،وتفرراقم الفسررا والشررر ،وط سررل معررالم اع رراال والسرركوك ال سررتقيم ،وافعكررذ
السررير و رراال هلررى الكررال فصرريرور هلررى الإلفرروس ،فالإلرراس ال حجوبرروال ررن ألواقدررم عبررشوال الكررال،
وهؤإء عبشوال ففوسدم.
( )1ففذ ال صشف ( 27/6ر .)77وافظر :ل ا قبكال ألقاب الوإة (ص.)71 :
( )2فقالك ن مصا ف التكقي إلش الصوفية (ص .)615 :و زار هلى هالياء كوم الش ن ،ولم أقف كيال في مظافال.
( )3هالياء كوم الش ن (.)17/7
717 شرط الكفر بالطاغوت
ومررن العج ر :أفدررم خك روا فرري أف رواع الر امررات وال جاهررشات والزهررش ليتجررر وا ررن
شرردوات الإلفرروس والظوظدررا فررافتقكوا مررن شرردوات هلررى شرردوات أ بررر مإلدررا ،ومررن الظررو هلررى
الظررو أالررط مإلدررا .و رراال الررالدم [مررع]( )1شرردوات ففوسرردم فري الشرردوات الترري افتقكروا إلدررا
أ ررل ،والررا أفبابدررا خيررر مررن الررا هررؤإء ،ألفدررم لررم عافم روا بدررا العكررم وإ قررشموها كررى
الإلصرروص ،وإ جعكوهررا إلراك وقربررة ،وإ از فوا مررن أجكدررا العكررم وأهكررال ،والشرردوات الترري افتقكروا
هليدررا جعكوهرا أ كررى مررا ش ر روال هليدررا ،فدرري قبكررة قكرروبدم ،فدررم الولدررا ررا فوال ،واقفرروال مررع
الظوظدم من الكرال فرافوال بدرا رن مررا الكرال مرإلدم .الإلراس عبرشوال الكرال ،وهرم عبرشوال أففسردم،
ائبوال كى أهرل الحظرو والشردوات ومرز فوال لدرم وهرم أ ظرم الإلراس الظوظراك ،وهف را زهرشوا
في الل هلى الل أ كى مإلال ،وهف ا تر وا شدوة لشدوة أالط.
فكيتشبر الكبي هها ال ومع في ففسال وفي غيرر ،فكل ما خالف مرا الكال الش إلي من
العبررش فدررو الظررال وشرردوتال ،مرراإك رراال ،أو ف اسررة ،أو صرروفة ،أو الرراإك ،أو لوقراك ،أو وجررشاك .اررم
مررن قشمررال كررى م ررا الكررال فدررو أس روأ الرراإك م ررن رررف أفررال فق ر ومحإلررة ،وأال م ررا الكررال أولررى
بالتقش م مإلال ،فدو توب مإلال ل وقل هلى الكال.
ام هفال وقع مرن تحكريم الرهوق مرن الفسرا مرا إ عك رال هإ الكرال؛ فرإال األلواق مختكفرة
فري أففسرردا ،بيرررة األلرواال ،متبا إلررة أ ظررم التبررا ن ،فكررل طائفررة لدررم ألواق وأالروا ومواجيررش،
بحس معتقشاتدم وسكو دم.
فالقررائكوال بوالررشة الوجررو لدررم لوق والررا ووجر ٌش فرري معتقررشهم بحسرربال ،والإلصرراف،
لدم لوق في الإلصرافية بحس ف امتدم و قائشهم ،و ل من ا تقرش شريداك أو سركو سركو اك
ر الق راك رراال أو برراطالك ر فإفررال هلا افتررا ،وتجررر :لزمررال ،وت كررن مررن قكبررال ،وبقرري لررال فيررال الررا
ولوق ووجش ،فبهوق من توزال الحقائ هلال ،و عرف الح من الباطلق!!
وهر ررها سر رريش أهر ررل األلواق وال واجير ررش ،والكشر رروف واألال ر روا ،مر ررن هر ررهر األمر ررة ال حر ررشث
ال كاشف رر إ كتفرل هلرى لوقرال ووجرشر ومخاطباترال فري شريء مرن أمروف الرش ن ،الترى إلشرش
إلررال الرجررا والإلسرراء واأل رراب ،فررإلا أخبرررور ررن فسررو الكررال بشرريء لررم كتفررل هلررى لوقررال ،وإ هلررى
وجشر وخطابال ،بل قو « :لو لم فس ع بدها لق يإلا بغيرر» .و قو « :أ درا الإلراس فجرل أخطرأ وامررأة
أصابل» .فدها فعل الإلاصو لإلفسال ولألمة ،ليذ فعل من غش ففسال والش ن واألمة.
القاعدة الثانية:
أفررال هلا وقررع الإلر رزاع فرري الكررم فعررل مررن األفعررا ،أو الررا مررن األال روا ،أو لوق مررن
األلواق هل هو صحيو أو فاسشق أو الر أو باطرلق وجر الرجروع فيرال هلرى الحجرة ال قبولرة
إلررش الكررال و إلررش بررا ر ال ررؤمإلين ،وهرري واليررال الررهي تربتكقررى أالكررام الإلرواز واألالروا والرواف ات
مإلال ،وتبعر ،كيال وتوزال برال ،ف را ز رار مإلدرا وقبكرال وفجحرال وصرححال فدرو ال قبرو ،ومرا أبطكرال
وف ر فدو الباطل ال رر و .ومرن لرم ربن كرى هرها األصرل ك رال وسركو ال و كرال :فكريذ كرى
ﭻ ﭼ ﭺ شيءً من الرش ن ،وهال وهال ،وهف را معرال خرشع وغرروف ﭹ
[الإلوف.]77 : ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
القاعدة الثالثة:
هلا أشكل كى الإلراظر أو السرالو الكرم شريء :هرل هرو اعباالرة أو التحرر مق فكيإلظرر
هلررى مفسررشتال وا رتررال وغا تررال ،فررإال رراال مشررت الك كررى مفسررشة فاجحررة ظرراهرة ،فإفررال سررتحيل
كى الشافع األمر بال أو هباالتال ،بل العكم بتحر ال من شر ال قطعي ،وإ سري ا هلا راال طر قراك
الكال وفسولال ،موصالك هليرال رن قررب ،وهرو بفقيرة لرال وفائرش وبر رش ،فدرها إ مف ياك هلى ما غ
شرو فرري تحر ررال أولرو البصررائر ،فكيررف ظرن بررالحكيم الخبيررر أال حررم مبررل فأس اعبرررة مررن
ال سكر ،ألفال سوق الإلفذ هلى السكر الهي سروقدا هلرى ال حرمرات ارم بريو مرا هرو أ ظرم
مإلال سوقاك لكإلفوس هلى الحرام بكبيرق فإال الغإلاء ر ا قا ابن مسعو ر« :هو بفقية الزفرا».
وقش شاهش الإلاس :أفال ما افرار صربي هإ وفسرش ،وإ امررأة هإ وبغرل ،وإ شراب هإ وهإ ،وإ
شرريم هإ وهإ .والعيرراال مررن للررو غإلرري ررن البرهرراال ،وإ سرري ا هلا ج ررع هيدررة تحررشو الإلفرروس
أ ظررم كالرشو هلررى ال عصررية والفجرروف ،بررأال كرروال كررى الوجررال الررهي إلبغرري ألهكررال ،مررن ال كرراال
واعمكاال ،والعبشراء واعخواال ،وآإت ال عازف :من اليراع ،والشف ،واألوتاف والعيشاال ،و اال
القرروا شررا فاك( )1شررجي الصرروت ،لطيررف الش ر ائل مررن ال ررر اال أو الإلس رواال .و رراال القررو فرري
العش والوصا ،والصش والدجراال.
فكس ر ر ر ر ر ررل ت ر ر ر ر ر ررر ،فر ر ر ر ر ر رريدم صر ر ر ر ر ر رراالياك و افت ر ر ر ر ر ر ررؤوس الد ر ر ر ر ر ر ررو ،بير ر ر ر ر ر ر رإلدم
و ر ر ر ر ر ررل أج ر ر ر ر ر رراب الد ر ر ر ر ر ررو ،ال ر ر ر ر ر ررشا يا فك ر ر ر ر ر ر ررل ك ر ر ر ر ر ر ررى ق ر ر ر ر ر ر ررشف مش ر ر ر ر ر ر ررروبال
تإل ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رراو أم الد ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررو ،خالي ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك ف ر ر ر ررالوا س ر ر ر رركاف ،وإ س ر ر ر رركر م ر ر ر ررن
ول ر ر ر ر ر ر ر ر ررم ر ر ر ر ر ر ر ر ررؤاروا غي ر ر ر ر ر ر ر ر رررر س ر ر ر ر ر ر ر ر رراقياك وجر ر ر ر ر ر رراف كر ر ر ر ر ر ررى القر ر ر ر ر ر رروم سر ر ر ر ر ر رراقيدم
لباسر ر ر ر ر ر ر ر راك كي ر ر ر ر ر ر ر ررال ر ر ر ر ر ر ر ررر ،م ر ر ر ر ر ر ر ررافياك ف ر ر ر ر ر ر ررزق مر ر ر ر ر ر ر رإلدم قكوبر ر ر ر ر ر ر راك غ ر ر ر ر ر ر ررشت
هلر ر ر ر ر ر رريدم مإلر ر ر ر ر ر ررا ي الكقر ر ر ر ر ر رراء ا ي ر ر ر ر ر ر راك فكر ر ر ر ر ر ررم سر ر ر ر ر ر ررتفيقوا هلر ر ر ر ر ر ررى أال أتر ر ر ر ر ر ررى
كر ر ر ر ر ر ر ر ر ررى الالر ر ر ر ر ر ر ر ر ررال فب ر ر ر ر ر ر ر ر ر رال إقي ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك أجيب ر ر ر ر ر ر روا فك ر ر ر ر ر ررل ام ر ر ر ر ر ررر،ء م ر ر ر ر ر ر رإلكم
شر ر ر ر ر ر رربل م ر ر ر ر ر ررع الق ر ر ر ر ر رروم أم ص ر ر ر ر ر ررافياك هإلال ر ر ر ر ر ر ر ررو تعك ر ر ر ر ر ر ر ررم م ر ر ر ر ر ر ر ررن ال ر ر ر ر ر ر ر ررأة
س ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رإلعكم لا هال ت ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررو وا ي ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك وبالكر ر ر ر ر ر ر ر ررال إ بر ر ر ر ر ر ر ر ررش قبر ر ر ر ر ر ر ر ررل الكقر ر ر ر ر ر ر ر ررا
()1
وهم ر ر ر ر ررا هإل ر ر ر ر رراك فك ر ر ر ر ررن فام ر ر ر ر ررياك)) إ ب ر ر ر ر ر ر ر ر ررش تص ر ر ر ر ر ر ر ر ررحو فإم ر ر ر ر ر ر ر ر ررا هإل ر ر ر ر ر ر ر ر ررا
فظدر من الم ابن القيم ر فال ال الكال ر قبو التحرا م هلرى الرهوق والوجرش ،وأفرال مخطررة
ف رري العق ررل ،ومخوف ررة ف رري الواق ررع ،ولل ررو ل ررا ف رري هلي ررال أو ص رراالبال م ررن ا تق ررا ات باطك ررة
وأالكام فاسشة.
وأما الكرم التحرا م هليرال فدرو ختكرف بحسر الرا ال تحرا م؛ فرإال صراالبال هسرقاط
وس رراطة التبكي ررغ ،واإس ررتغإلاء ب ررال ررن الش رررع ال ح ررشي ررا تفعك ررال غ ررالة الص رروفية ،فتق ررو :
«الشاإلي قكبي ن فبي»« ،وجراءفي هراتف( »)2فدرو فرر صرر و وف ة ظراهرة ،ألال للرو تررك
لشدا ة أال مح شاك فسو الكال؛ فإال هرهر الشردا ة را هرو معكروم تقت ري أال إ بعبرش الكرالب هإ
بواسطة الرسو .
قررو ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر(( :وهررؤإء الجدررا ررر ،أالررشهم أ فررى شرريء فرريحكم
هواجسال وخواطرر كى الكتاب والسإلة ،وإ كتفل هليد ا ،و قو « :الشاإلي قكبي ن فبي»
وفحن أخهفا ن الحي الهي إ وت ،وأفتم أخهتم ن الوسائط ،وفحن أخرهفا بالحقرائ ،
وأفتم اتبعتم الرسوم ،وأمبا للو من الكالم الرهي هرو فرر وهلحرا .وغا رة صراالبال أال كروال
جرراهالك عررهف بجدكررال .التررى قيررل لرربعض هررؤإء :إ تررهه فتسر ع الحررش ث مررن بررش الرررزاق.
فقررا « :مررا ص رإلع بالس ر اع م رن بررش الرررزاق م رن س ر ع مررن ال كررو الخررالق» .وهررها غا ررة
الجدررل؛ فررإال الررهي س ر ع مررن ال كررو الخررالق موسررى بررن رراال كرريم الرررال ن ،وأمررا هررها
وأمبالال فكم حصل لدم الس اع مرن بعرض وفارة الرسرو ،وهرو رش ي أفرال سر ع الخطراب مرن
مرسكال ،فيستغإلي بال ن ظاهر العكم .ولعل الرهي خراطبدم هرو الشريطاال ،أو ففسرال الجاهكرة،
أو ه ا مجت عين ومإلفر ن .ومن ظن أفال ستغإلي ا جاء بال الرسو ب ا كقى في قكبرال مرن
الخواطر والدواجذ :فدو من أ ظرم الإلراس فرراك ،و رهلو هال ظرن أفرال كتفري بدرها ترافة وبدرها
تافة .ف ا بكقى في القكوب إ برة بال وإ التفات هليال هال لرم بعرر ،كرى مرا جراء برال الرسرو ،
و شدش لال بال وافقة ،وهإ فدو من هلقاء الإلفذ والشيطاال))( .)1افتدى.
وأ اك هإلالو وجال آخر في تحقي فرر ،وهو أفال إلسر مرا قولرال بهوقرال هلرى الكرال
تعالى ،وللو من أ ظم الكهب كى الكرال ،وأظكرم الظكرم را قرا تعرالى :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﮠ ﮡ ﭨ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯖ
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ [األفعام.]77 :
قو ابن القيم ر فال ال الكال ر ((وقش لم الكرال تعرالى برأبكغ الرهم مرن إلسر هليرال مرا لريذ مرن
ﭬ ﭭ إل ررشر ررا ق ررا تع ررالى ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ
[البقررة: ﭮ [آ راال .]77 :وقا تعرالى :ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ .]77وق ر ررا تع ر ررالى :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ
[األفعرام]77 :؛ فكل من قا :هها العكم من إلرش الكرال ر وهرو رالب فري هرهر الإلسربة ر فكرال فصري
وافر من هها الهم .وهها في القرآال بير هم الكال سربحافال مرن أمراف هليرال مراإ كرم لرال برال ،ومرن
قا كيال ماإ عكم .ولدها فت سبحافال ال حرمات أفبع مرات ،وجعل أشرشها :القرو كيرال برال
كم( ،)1فجعكال آخر مرات ال حرمات التري إ تبراح بحرا ،برل هري محرمرة فري رل مكرة ،و كرى
لساال ل فسو ؛ فالقائل« :هال هها كم لشفي» ل ا إ عكم أفال من إلش الكال ،وإ قام كيال برهاال
من الكال أفال من إلشر الب مفتر كى الكال ،وهو من أظكم الظال ين وأ هب الكالبين))(.)2
ررا أال القررو بالررهوق والوجررش ت ر ن أ راك :شرررع ررن لررم ررألال بررال الكررال تعررالى ،وقررش
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ سر ى الكررال للررو شررر اك ررا فرري قولررال تعررالى :ﮭ ﮮ
ﯘ ﯙﯚ [الشر رروف ،]61 :،وقولر ررال :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﯧﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ [التوبة.]71:
وأمررا هال رراال الحامررل كيررال الدررو ،والشرردوة واسررتحكام الغفكررة والجدررل مررع ا تقررا أال
الواجر ال صررير هلررى شرر عة الكررال ،فكررال الكرم أمبالررال مررن البرشع؛ فررإال افررل البش رة مكفررة رراال
فراك ،وهال افل البش ة مفسقة اال فسقاك.
د ر التحاكم إلى مقاالت الفال فة وقواعد المنطق:
وأ اك م ا شخل تحل التحا م هلى الطاغوت ال إلافي لككفرر برال العرشو رن الكرم
الكررال و ررن الكررم فسرولال والتحررا م هلررى مقرراإت الفالسررفة وقوا رش ال إلطر ررا فعكررال
ال تكك وال ظإلاك مإلدم أفدم بهلو وفقوال برين القواطرع العقكيرة واأل لرة الشرر ية؛ فقرشموا لرهلو
قرولدم الفاسررشة ال ر ررة كررى صررر و أ لررة الشررر عة ،وصرراف لسرراال قررالدم قررو « :هلا تعرراف،
العقررل والإلقررل قررشمإلا الإلقررل»( )3فرراجتروا بدررهر القا ررشة الشرريطافية ر ررا قررا ابررن القرريم ر (( كررى
أسر اء الكررال( )4وصررفاتال بالشرربال الباطكررة ،الترري سر يدا أفبابدررا قواطررع قكيررة ،وهرري فرري الحقيقررة
خيرراإت جدكيررة ،ومحرراإت لهإليررة ،ا ترم روا بدررا كررى أس ر ائال وصررفاتال ،والك روا بدررا
كيررال ،وففروا ألجكدررا مررا أابتررال لإلفسررال ،وأابتررال لررال فسرولال وأابتروا مررا ففررار ،ووالروا بدررا أ ررشاءر،
و ررا وا بدررا أوليرراءر ،والرف روا بدررا الككررم ررن موامررعال ،وفس روا بدررا فصرريباك بي رراك م ررا لب رروا بررال
وتقطعوا لدا أمرهم بيإلدم زبراك ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ [ال ؤمإلوال.)1())]57 :
وقش ل ر ابن القيم ر فال ال الكال ر ههر القا شة الشيطافية م ن الطواغيل األفبعة التري
بإلى كيدرا ال تكك روال براطكدم فري ففري الصرفات وتقرش م قرولدم كرى ظرواهر اآل رات ،والتري
افتدكوا بدا الرمة القرآال ،ومحو بسببدا فسوم اع اال ،فقا ر فال ال الكال ر:
((الفصررل الرابررع والعشرررون :فرري ذكررر الطواغيررت األربررع الترري هرردم بهررا أصررحاا
التمويررل الباطررل معاقررل الرردين ،وانتهكرروا بهررا حرمررة القرررآن ،ومحرروا بهررا ر رروم اإليمرران،
وهي:
قولهم :هال الم الكال و الم فسولال أ لة لفظية إ تفيش ك اك وإ حصل مإلدا قين.
وقولهم :هال آ ات الصفات وأالا ث الصفات مجازات إ القيقة لدا.
وقر ررولهم :هال أخب رراف فسر ررو الك ررال الصر ررحيحة التر رري فواهر ررا الع ررشو وتكقتدر ررا األمر ررة
بالقبو ،إ تفيش العكم ،وغا تدا أال تفيش الظن.
وقولهم :هلا تعاف ،العقل وفصوص الوالي أخهفا بالعقل ،ولم فكتفل هلى الوالي)).
ام قا ر فال ال الكال ر:
(( فدهر الطواغيل األفبع ،هي التري فعكرل باعسرالم مرا فعكرل ،وهري التري محرل
فس ررومال ،وأزال ررل معال ررال ،وه ررشمل قوا ررشر ،وأس ررقطل الرم ررة الإلص رروص م ررن القك رروب،
وفدجررل طر ر الطعررن فيدررا لكررل زفررش ومكحررش ،فررال حررتج كيررال ال حررتج بحجررة مررن
تاب الكال أو سإلة فسولال ،هإ لجأ هلى طاغوت من ههر الطواغيل وا تصم بال ،واتخرهر
جإلررة صررش بررال ررن سرربيل الكررال ،والكررال تعررالى بحولررال وقوتررال وم إل رال وف رركال ،قررش سررر هررهر
الطواغيررل طاغوتراك طاغوتراك ،كررى ألسررإلة خكفرراء فسرركال ووفاررة أفبيائررال ،فكررم ررز أفصرراف الكررال
وفسررولال صرريحوال بأهكدررا مررن أقطرراف األف ،و رج رروفدم بشررد الرروالي وأ لررة ال عقررو ،
وفحن ففر الكالم كيدا طاغوتاك طاغوتاك))(.)2
ام ل كى تكسيرها طاغوتاك طاغوتاك بكالم ك ي فصين ليذ هها مومع فقكال.
ال رسكة ([ .)1177/7الوجال ( )1اإستقامة ( 66/1ر .)67وافظر :مج وع الفتاو ،)471/11( ،والصوا
البالث بعش ال ائة في هبطا قا شة تقش م العقل كى الإلقل].
762 شرط الكفر بالطاغوت
العقكية والشإئل الإلقكية ،فدؤإء إ كفروال ابتشاءك ألفدم متأولوال ،وهال اال صوفة الفعرل فرراك،
ولكررن بررين لدررم أال الواج ر ال صررير هلررى إإت الإلصرروص ،وأال العقررل الصررر و إ عرراف،
الإلق ررل الص ررحيو( ،)1وأال الإلص رروص إ ت ررأتي ب ررا تحيك ررال العق ررو وهف ررا ت ررأتي ب ررا تح رراف في ررال
العقو ( ،)2وغير للو من مإلاقشرات أهرل السرإلة لدرؤإء( ،)3فرإال أصرروا بعرش للرو كرى تقرش م
العقل كى الإلقل فروا لقيام الحجة كيدم .والكال تعالى أ كم.
المطلب الثاني :ترح البراءة من الطاغوت [و ش ل ال الشرك وأهكال].
ترك البراءة من م ا إلافي الكفر بالطاغوت ،ألال من لوازم الكفر بالطاغوت البراءة
من الشرك وال شر ين .وقبل الشروع في الكالم ن مإلافاة ترك البراءة لشرط الكفر
بالطاغوت وأفواع ههر ال إلافاة حسن بإلا أال فبين أفواع ههر البراءة.
قسم أهل العكم البراءة هلى قس ين:
قو ابن بي ين ر فال ال الكال ر(( :والبراءة نوعان:
األول :براءة من ل.
الثاني :براءة من امل.
فمما البراءة من العمل :فتج من ل ل محرم سواء اال فراك ،أم وفال فيبرأ
ال ؤمن من الشرك ،والزفى ،وشرب الخ ر وفحو للو بحيث إ رمار وإ قرر ،وإ ع ل
بال ،ألال الرما بهلو ،أو هقرافر ،أو الع ل بال م ا ة لكال تعالى :وفماك ب ا إ رمار.
وأما البراءة من العامل :فإال اال كال فراك وجبل البراءة مإلال بكل الا من ل
وجال ل ا سب من اآل ات الكر ة ،وألفال لم تصف ب ا قت ي وإءر.
وهال اال كال وال الكفر وجبل البراءة مإلال من وجال وال وجال فيوالى ب ا معال من اع اال
والع ل الصالو ،و تبرأ مإلال ب ا معال من ال عاصي ،ألال الفسوق إ إلافي أصل اع اال ،فقش
كوال في اعفساال خصا فسوق ،وخصا طا ة ،وخصا ه اال ،وخصا فر ا قا
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ الكال تعالى :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﭨ ﮣ
ال رسكة ( 1166/7ر [ )1177الوجال الحا ي، ( )1افظر :الم ابن القيم في تقر ر ههر القا شة في الصوا
والبافي بعش ال ائة في هبطا قا شة تقش م العقل كى الإلقل].
( )2أي ب ا تعجز ن معرفتال .افظر :فء التعاف 672/5( ،ر .)677
ال رسكة. ( )3قش أبطل ابن القيم ر فال ال الكال ر ههر القا شة ب ا ز ش ن ال ائتين وجداك ا في الصوا
767 شرط الكفر بالطاغوت
للو التزاماك هإ كى قو طائفة مالة من ال تكك ين ز وال أال معإلاها :إ قا ف كى
اإختراع هإ الكال))( .)1افتدى.
وهؤإء ال تكك وال سب أال بيإلا موقفدم من تواليش األلوهية وما ترت كى هها
ال وقف من مفاسش ،ا أشرفا هلى بعض شبداتدم التي تعكقوا بدا ،فال ا ي أال فعيش ما
سب هإلا .هإ أفإلا فقو قوإك كياك ،وهو :أال تفسير تواليش األلوهية بتواليش الربوبية مستكزم
لإلفي شرط الكفر بالطاغوت ،ألال إ هلال هإ الكال مت إلةٌ لدها الشرط العظيم ومشت كةٌ كيال
كى التفسير الصحيو .وأما كى تفسير ال تكك ين فإفدا إ تش كى هها الشرط وإ
تشت ل كيال إ من بعيش وإ من قر .
وم ا ش كى شم ا تباف ال تكك ين لدها الشرط ر ولو كى طر الكزوم قط( :أي:
الس ) ر ،هقر باف الكبير مإلدم لعقائش القبوف ة واإفتصاف لدا .بل مإلدم من ألف في جواز
اإستغااة والتوسل باألموات ،ألال للو في قيشتدم إ إلافي التواليش وإ بصا م أصل
الش ن.
وقش سب أال مبكإلا ببعض هؤإء ال سا ين.
و شخل في هها الصإلف أ اك :غالة ال رجدة .وقش سب أال بيإلا موقفدم من شروط
إ هلال هإ الكال وماك( ،)2فشخل في هها الع وم موقفدم من شرط الكفر بالطاغوت ،ألال
كي ،وهم إ جعكوال للو من اع اال .بل إلشهم من سجش الكفر بالطاغوت لال جاف
لكصإلم أو الوان إ كفر ،ألال الكفر إلشهم هو الجدل بالكال فقط ا تقشم(.)3
وأما الإلافوال لدها الشرط في الحامر القر فدم خصوم ههر الش وة ((الشافقوال
بالتواليش ،اله ن إ ر شوال التواليش وإ ل ر اسم التواليش))(.)4
ومن هؤإء ال عتر )1(،الهي ف كيال الشيم بش الكطيف بن بش الرال ن في تابال
العظيم "مصباح الظالم" .اليث له هها ال عتر ،هلى ففي هها الشرط قائالك(( :فصل :وقا
( )1مصباح الظالم ( .)125وافظر :القو الفصل الإلفيذ في الر كى ال فتري بن جرجيذ (ص.)642 :
( )2افظر( :ص 757 :ر .)755
( )3افظر( :ص 751 :ر .)757
( )4اقتباس من شرح فواقض اعسالم لكفوزاال (ص 57 :ر .)57
776 شرط الكفر بالطاغوت
في مسائكال كى تواليشر ر عإلي الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر :في الش ث طافق
بن أشيم الهي في صحيو مسكم« :من قا إ هلال هإ الكال و فر ب ا عبش من وال الكال الرم
مالال و مال والسابال كى الكال »فقا كيال :وهها من أ ظم ما بين لو معإلى "إ هلال هإ الكال"
فإفال لم جعل التكفل بدا اص اك لكشم وال ا ،بل وإ معرفة معإلاها مع لفظدا ،بل إ حرم مال
ومالال التى يف هلى للو الكفر ب ا عبش من وال الكال .هها المال.
ام قا :فيالدا من مسألة ما أجكدا .و الال من بياال ما أومحال؛ والجة ما أقطعدا
لك إلازع .افتدى المال.
ام قا ال عتر :،فتفكر بعقكو هها الكالم ،وتفدم لقو فسو الكال في قولال« :من
قا إ هلال هإ الكال» ام أ ر ،كيال الم هها الرجل وما الكم كيال بال ،التى تر ،مخالفتال لال
أومو من الش ذ اليث ال كال ماإ حت كال قالك وإ شر اك وإ لغة سواء جعكإلار من طف
الخاص كى العام .قولال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ [البقرة ،]677 :وقولال :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ [البقرة .]77 :أو جعكإلا الواو واو الحا ،أو جعكإلا الواو شرطاك .فيكوال تأ يشاك
وتحقيقاك ل ا( )2كزم بالكفل بشدا ة اعخالص؛ ألفدا ال طكوبة ب ا ت إلتال في ج يع
األالا ث .وهي ال إلجية من الخكو في الإلاف .وفي مسإلش البزاف ن يا ،األفصافي قا :قا
فسو الكال « :هال إ هلال هإ الكال ك ة كى الكال ر ة .لدا إلش الكال مكاال .وهي ك ة من
قالدا صا قاك أ خكال الكال الجإلة .ومن قالدا الباك القإلل مال .وهو هلى الكال تعالى غشاك
ف حاسبال»( ،)3و إلش البيدقي وصححال البزاف والطبرافي في معج يال وأبي فعيم في الحكية ن
أبي هر رة قا :قا فسو الكال « :من قا إ هلال هإ الكال ففعتال وماك من هر ،صيبال قبل
للو ما أصابال»( ،)4و إلش أبي او بسإلش السن من الش ث أفذ قا :قا فسو الكال :
«االث من أصل اع اال :الكف ن قا إ هلال هإ الكال ،وإ فكفرر بهف ،وإ فخرجال من
رررررررررر
تاب (= )1هو صاال تاب شف الغ ة في تكفير األمة ،وقش فبس هها الكتاب هلى ب اال بن مإلصوف صاال
فتو الح يش ،وقيل هفال من آخر تبال ،وفي هها فظر .افظر :ك اء فجش خال ا افية قروال لكبسام (.)77/5
( )2في األصل (لم) وهو خطأ محيل لك عإلى ،ألال مرا ر أال الكفر بالطاغوت كوال إزماك ب جر التكفل بكك ة
اعخالص .وقش صوب في مومع آخر ا سيأتي في (ص.)777 :
( )3سب تخر جال.
( )4سب تخر جال.
777 شرط الكفر بالطاغوت
اعسالم بع ل .والجدا ما ،مإله بعبإلي الكال هلى أال قاتل آخر أمتي الشجا .إ بطكال جوف
جائر وإ ش ا .واع اال باألقشاف»(.)1
فدها قو فسو الكال .وهها الرجل قو إ إلفعال التكفل بدا ،بل وإ معرفة معإلاها..
هلى آخر المال))( .)2أ .هر.
فالحاصل أال ال عتر ،أوف ههر األالا ث محتجاك بدا كى وار أال اشتراط الكفر
ب ا عبش من وال الكال لصحة الشدا ة من ز ا ات الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر
وأفال مخالف لألالا ث التي أوف ها ر أي ال عتر ،ر ،وأفدا إ تحت كال قالك وإ شر اك وإ لغة،
وهف ا ال را مجر التكفل بدا لالفتفاع بدا ،وأال من قالدا فال جوز هخراجال من اعسالم بأي
ل اال .والكال ال ستعاال.
وقش ف كيال الشيم بش الكطيف بكالم طو ل إ مز ش كيال فقا ر فال ال الكال ر بعش
أال ل ر المال ال تقشم:
((والجواا أن يقال:
في فسبة التواليش أ إلي هلى شيخإلا :ما شعر ببراءة هها الرجل مإلال ،والكتاب الهي
شير هليال ليذ فيال هإ الم الكال و الم فسولال ،أوف ر ال صإلف ر فال ال الكال ر مستشإك بال كى
ما ومع من األبواب والتراجم .فالبراءة مإلال براءة من تاب الكال وسإلة فبيال وإ شو في فر
من قصش للو ،وإ أف ،لقو ال عتر ،في بافتال :أال الشيم ل رر في مسائكال كى تواليشر
هإ ما شعر بدها ،والكال أ كم بقصشر ومرا ر.
وتقر ر الشيم كى هها الحش ث من أالسن التقاف ر وأ لدا وأبيإلدا .فإفال استش
بالج كة ال عطوفة البافية كى أال الكفر بالطاغوت وما بش من وال الكال شرط في تحر م
الشم وال ا ،وأال إ ص ة ب جر القو وال عرفة وإ ب جر ترك با ة ما بش من وال
الكال؛ بل إ بش من الكفر ب ا بش من وال الكال ،والكفر بال وبغ ال وتر ال وف ر والبراءة مإلال
ومعرفة بطالفال ،وهها إ بش مإلال في اعسالم .قا تعالى :ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ
ﰊ ﰊ ﰊ [البقرة ]652 :فج ع بين اع اال بالكال والكفر بالطاغوت في ههر اآل ة ولدا
( )1سب تخر جال وبياال أفال معيف .افظر( :ص.)757 :
( )2فقالك من مصباح الظالم في الر كى من هب كى الشيم اعمام (ص 157 :ر .)121
774 شرط الكفر بالطاغوت
وما قرفر ،وليذ فيال ما ستر و بال هها ال عتر .،لكإلال إ تأتى كى قوا ش العربية ،ألال
وصف ف كة بمفدم لكحالية ،و شترط في وال الج كة الاإك شروطاك إ تتأتى هإلا(.)1 ٌ الحا
فقولال« :أو جعكإلا الواو الاإك شرطاك أو لكحا » الم جاهل بالعربية إ شف دا،
فالواو إ تقع شرطاك وهف ا تقع لكعطف والتشر و .والج كة بعشها إ تصو أال تكوال لكحا .
فإفدا ج كة فعكية مامو ة إ تبفدم الاإك .ولغير للو من موافع الحالية ا عكم من باب
الحا في الخالصة وغيرها من ت العربية.
وهها الغ ر رمي أتباع الشيم بعشم العكم بالعربية وهو فيدا أشش لحإلاك وأفسش تر يباك من
البربر والش كم .أ ن أفل ومعرفة معافي الحروف والترا ي ق ليذ لا شو أ فجي.
وقولال« :ل ا كزم بالكفل بشدا ة اعخالص» فيال جدل ظيم .ألال شدا ة أال إ هلال
هإ الكال لل كى الكفر ب ا بش من وال الكال ت إلاك إ التزاماك؛ ولم قل أالش من ال سك ين
والعرب :هفدا لل كى للو التزاماك هإ كى قو طائفة مالة من ال تكك ين ،ز وال أال
معإلاها :إ قا ف كى اإختراع هإ الكال .وأما وال شدا ة اعخالص هي ال إلجية من الخكو
في الإلاف فإلعم ،ولكن إ بش من العكم واليقين ،والصو ما لل كيال من الإلفي واعابات،
وهها لإلا إ كيإلا؛ لدها الحش ث الهي فيال ز ا ة «و فر ب ا عبش من وال الكال».
وقش قشمإلا أال شدا ة اعخالص الة كى الكفر بالطاغوت في الا هفرا ها،
و هلو في الا اقترافدا بغيرها.
فدهر األالا ث التي ساقدا ال عتر ،كدا لإلا بح ش الكال ،الة كى ما قرفر شيخإلا وف
كيال في الش ث طافق شاهشة لال مقرفة ل عإلار ،حش ث يا ،،والش ث أبي هر رة ،و هلو
الش ث أفذ .ل هها ش كى أال الكفر بالطاغوت إ بش مإلال في ص ة ال ا والشم.
وال عتر ،أوف ها محتجاك بدا كى وار أال اشتراط الكفر ب ا عبش من وال الكال
من ز ا ات شيخإلا ،وأفال مخالف لألالا ث ،وأفدا إ تحت كال قالك وإ شر اك وإ لغة ،وهف ا
( )1بشترط في الج كة التي تقع الاإك االاة شروط ل رها ابن هشام في أومو ال سالو ،وهي :وفدا خبر ة ،وأال إ
كى اإستقبا ،السين ،وسوف ،ولن ،وأ اة الشرط..هلم ،وأال تكوال مصشفة بشليل استقبا ر أي :بعالمة تش
ﯲ ﯳ ﯴﯵ تكوال مرتبطة؛ هما بالوا وال ير فحو :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ .أو بال ير فحو :ﯱ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ .افظر :أومو ال سالو مع شرالال مياء السالو ﯻ أي :متعا ن .أو بالواو فقط فحو:
( 617/6ر .)661
772 شرط الكفر بالطاغوت
ال را مجر لفظدا .والو ش بالجإلة واإفتفاع بدا و شم تكفير قائكدا وهخراجال من اعسالم
ل هها إلش ال عتر ،إ شترط فيال الكفر ب ا عبش من وال الكال ال ه وف في الش ث
طافق ،وجعل ف الحش ث ومإلطوقال م ا إ ش كيال الش ث طافق وإ ههر األالا ث،
فال شترط الكفر بالطاغوت إلشر ،بل هو من ز ا ات شيخإلا ومن الخز بالت إلش هها
ال عتر ،و كى ز ال ،والحش ث مشدوف إلش أهل العكم فجعكال من الخز بالت مع العكم
بأال الرسو قش قالال ف ة صر حة إلش افة أهل الفقال والفتو .،فسبحاال من طبع كى قكبال
بحك تال ،وجعل ايراال ال شاف( )1أهش ،مإلال ل عرفة ما ش كى تواليش العز ز الغفاف.
وأما قولال في الش ث أفذ« :االث من أصل اع اال ر هلى قولال ر وإ فخرجال من
اعسالم بع ل» فالصحيو وقفال ،وليذ من ال رفوع والج كة األخيرة وهي قولال «والجدا
ما ،مإله بعبإلي الكال» فدي ترو.)2(،
وأما قولال« :وهها الرجل قو إ إلفعال التكفل بدا وإ معرفة معإلاها».
فدها هب ،لم قل :إ إلفعال ،وهف ا قا شيخإلا :فإفال لم جعل التكفل بدا اص اك
()3
لكشم وال ا ،بل وإ معرفة معإلاها ر فحرف هها ال فتري وبدل الشيم بقو لم صشف مإلال...
فإلعول بالكال من جدش البالء))( .)4افتدى ال را فقكال من المال ر فال ال الكال ر.
وأما النوع الثالث من أفواع ال خالفين في شرط الكفر بالطاغوت فدم اله ن إلاهم
الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر بقولال(( :فأما من قا :أفا إ أ بش هإ الكال ،وأفا
إ أتعر ،لكسا ة والقباب كى القبوف ،وأمبا للو فدها الب في قو إ هلال هإ الكال ،ولم
ؤمن بالكال ،ولم كفر بالطاغوت))(.)5
وأباال إلدم أ اك الشيم بش الرال ن بن السن ر فال ال الكال ر في قولال(( :أال الرجل إ
كوال مسك اك هإ هلا رف التواليش و اال بال ،و ل ب وجبال ،وصشق الرسو في ا أخبر بال،
ف ن قا :إ أ ا ي ال شر ين أو ا اهم ولم كفرهم أو قا :إ أتعر ،ألهل إ هلال هإ الكال
( )1ايراال ،ج ع اوف ،مه ر البقر ،ولعكال ر ش ببيراال ال شاف :البيراال التي تشوف كى الرالى لطحن قشر الحبوب.
( )2سب تخر جال .وبياال أفال معيف .افظر( :ص.)757 :
( )3الم غير مستقيم ب قشاف أفبع ك ات.
( )4مصباح الظالم ( 126ر .)122
( )5الشفف السإلية ( 161/6ر .)166
777 شرط الكفر بالطاغوت
:إ أتعر ،لكقباب فدها إ كوال مسك اك ،بل ولو فعكوا الكفر والشرك ،و ا وا ن الكال ،أو قا
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ هو م ن قا الكال فيدم :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
معا اة ال شر ين ومإلابهتدم وتكفيرهم فقا : [الإلساء 157 :ر .]151والكال سبحافال وتعالى أوج
ﭜ اآل ة [ال جا لة ]66 :وقا تعالى :ﭑ ﭒ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ اآل ات والكال ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
أ كم))( .)1أ.هر.
و شخل في هها الإلوع أ اك من توقف في تكفير اليدو والإلصاف ،و ش وا هلى والشة
األ اال والتعا ش معدم بحجة أال اليدو والإلصاف ،متفقوال معإلا في أصل التواليش واع اال؛
فدم هخوافإلا ا قولال بعض الجدكة من ال سك ين.
فج يع هؤإء مخالفوال في هها الشرط العظيم.
قو الشيم بش الرال ن بن السن آ الشيم(( :لو رف العبش معإلى إ هلال هإ الكال،
لعرف أال من شو أو تر في فر من أشرك مع الكال غيرر أفال لم كفر بالطاغوت))(.)2
و قو القامي يا ،ر فال ال الكال ر(( :ولدها فكفر من اال بغير مكة ال سك ين من
ال كل ،أو توقف فيدم أو شو ،أو صحو مههبدم ،وهال أظدر مع للو اعسالم وا تقشر،
وا تقش هبطا ل مهه سوار ،فدو افر بإظدافر ما أظدر من خالف للو))(.)3
ول ر الشيم مح ش بن بش الوهاب في فواقض اعسالم(( :الإلاقض البالث :من لم
كفر ال شر ين ،أو شو في فرهم ،أو صحو مههبدم فر))(.)4
وهلى هإلا إلتدي الكالم ن هها الشرط ،والح ش لكال والشر كى الك ا والت ام.
( )1بعض أهل العلم يعبر عنه بالرضى والتسليم .يقول المعلمي ـ رحمه الله ـ في صدد بيانه لهذه الشروط( :ومنها
التسليم ويعبر عنه بالرضى)[ .رفع االشتباه( :ص.])53 :
( )2انظر :الدرر السنية (.)533 ،833/8
( )3قرة عيون الموحدين (ص.)82 :
( )4أي :المرتد .فإنه يُكره على اإلسالم.
045 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
( )1أخرجه البخاري في كتاب األدب ،باب :المقه من الله (جـ )883/7ح ( ،)3848ومسلم في كتاب البر
والصلة ( )8858/4ح (.)8357
( )2انظر :المصباح المنير (ص ،)803 :ولسان العرب ( 88/88ـ ،)88والنهاية في غريب الحديث (.)0/4
( )3انظر :الموسوعة الفقهية (.)585/58
( )4أخرجه أحمد في المسند ( 3/8ـ ،)7والبخاري في تاريخه ( ،)833/8/8وعبد الرزاق في المصنف
( )803/88برقم ( ،)88334وأبو يعلى في مسنده ( )88/8برقم ( ،)3والبيهقي في الشعب ( )838/8برقم
رجل لم يسمه
( ،)38 ،38والبزار في مسنده ( ،)37/8والخطيب في تاريخ دمشق ( .)878/8وفي إسناده ٌ
الزهري .قال" :رجل من األنصار" إال أن الزهري قطع بأنه ثقة حيث وصفه بأنه من أهل الفقه ،وبأنه غير متهم.
انظر :التاريخ الكبير للبخاري ( ،)833/8/8وبقية رجاله رجال الشيخين .والحديث له شاهد من رواية عمر بن
الخطاب أخرجه أحمد في المسند ( ،)583/8وألجله قال شعيب األرناؤؤط صحيح بشواهده .انظر:
المسند بتحقيق شعيب األرناؤؤط ( .)887/8فالحاصل أن الحديث حسن بالشواهد.
( )5أخرجه البخاري في كتاب العلم ،باب :فضل من َعلم وعلَّم (جـ 58/8ـ )55ح ( ،)73ومسلم في كتاب
الفضائل ( )8707/4ح (.)8808
044 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
جاء بها الحق بواسطة الرسول بقلبه ،أو ـ مختاراً ـ بلسانه أو بشيء من جوارحه()1؛ ألن
الشهادة قد يقولها من يعرف معناها لكنه ال يقبل ممن دعاه إليها بعض مقتضياتها؛ إما كبراً،
أو حسداً ،أو غير ذلك .فهذا لم يحقق شرط القبول لما دلت عليه .وهذا كحال اليهود
والنصارى الذين عرفوا محمداً كما يعرفون أبناءهم ،ومع ذلك لم يقبلوا ما جاء به من عند
الله حسداً من عند أنفسهم كما قال تعالى :ﭑﭒﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
ﭞ ﭟ ﭠ [البقرة.]843:
وهكذا كان مشركو قريش يعرفون معنى ال إله إال الله وصدق محمد ،ولكنهم
يستكبرون عن قبوله ،كما قال تعالى :ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
[األنعام: [الصافات .]53 :وقال تعالى :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮜ
.)2(]55
وأيضاً؛ كحال عبَّاد القبور اليوم ،فإنهم يقولون" :ال إله إال الله" وال يتركون عبادة
القبور؛ فال يكونون قابلين لمعنى ال إله إال الله(.)3
يتحقق إال بالقولوأما متعلَّق القبول :فهو يكون في األصل بالقلب إال أنه ال َّ
وعمل الجوارح ،وذلك كاإليمان فإن أصلَ ه في القلب إال أنه ال يتحقق إال بقول اللسان
وعمل القلب والجوارح.
سمى قابالً حتى يوضحه :أن الشخص إذا قبل بقلبه ولم يصد ق بجوارحه ال يُ َّ
سمى قابالً يأتي بما يدل على قبوله وإذعانه .فالشخص إذا أُعطي هديةً ـ مثالً ـ ال يُ َّ
يسمى قابالً ،ال
ت .ثم لم يفعل ال َّ للهدية إالَّ إذا أخذها ،ولو أُمر بفعل شيء فقال :قَبلْ ُ
لغة وال عرفاً .ولذا كان القبول له أصل ال يصح إال به وهو رضى القلب وسكونه
وانشراحه مع عزمه على الفعل ،وله عالمات وأمارات ال يستحق اسم القبول إال بها.
( )1وذلك كما كان يفعل بعض الكفار من استغشاء الثياب :أي جمعها على الرؤوس والتغطي بها ،وجعل األصابع في
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯤ اآلذان كما قال تعالى ـ حكاية عن نوح مع قومه ـ :ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ
فهذا مما يدل على عدم القبول بأفعال الجوارح .والله تعالى أعلم.
( )2انظر :الدرر السنية ( ،)835/8ومختصر العقيدة اإلسالمية للسويدان (ص ،)30 :والشهادتان معناهما وما
تستلزمه كل منهما (ص ،)880 :وشروط ال إله إال الله للمعتق (ص 43 :ـ .)43
( )3عقيدة التوحيد للفوزان (ص.)33 :
043 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
علي»
فردها َّ كما يدل عليه قوله « :من قَب َل مني الكلمة التي عرضتها على عمي َّ
مجرد علم القلب وتصديقه بمعنى هذه الكلمة وما دلت عليه ،ولكن فليس المراد بالقبول هنا َّ
المراد أن يقولها بلسانه ويأخذ بما دلَّت عليه بجوارحه بدليل أن أبا طالب كان عارفاً بالمعنى
إال أنه لم يذعن لذلك بجوارحه فكان راداً لمعنى هذه الكلمة غير قابل لها.
وهذا كحال قريش ،فإنهم علموا معناها إال أنهم رفضوا االنقياد لمقتضاها .فقالوا ـ
ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ص.]3: كما حكى الله عنهم ـ :ﭵ ﭶ ﭷ
يقول ابن سحمان ـ رحمه الله ـ في منظومته:
ك ال َقْيد تـُ ْر َشدفافهم َذلَ َ
ْ هو الرد ول وضده وثَانيُهاَ :وْه َو ال َقبُ ُ
.وردوه لَ َّما أ ْن َعتَـ ْوا في التَّ َمرد َ.ك َحال قُـَريْش حْي َن لم يَـ ْقبَـلُوا
تَُ .دل َعلَى تَوحيده والتَـ َفرد المَر َاد وأَنَّها
الهْدَدى َعل ُموا مْنـ َها ُ
َوقَُ
اعلَ َم ْن َذ َاك تَـ ْهتَد
بُ .سوَرة "ص" فَ ْ فَ.ـ َقالُوا َك َما قَ ْد قَالَه اللهُ َعْنـ ُهم
()1
َ.حالالً َوأَ ْغنَ َاماً لكل ُم َوحد ت به أَْم َوالُ ُه ْم َود َماؤُه ْمصا َر ْ
فََ .
للقبول قد يكون باللسان وقد يكون بعمل . المنافي
َ .ووجه آخر :وهو أن الرد
الجوارح ،فصح أنه محتاج إلى قول اللسان وعمل الجوارح لنفي الرد ،وحصول القبول.
توضيحه :أن العبد إذا َّرد معنى هذه الكلمة فال يصح قبوله حتى ينفي هذا الرد بلسانه.
وإذا َّرد ما دلت عليه بفعله فال يكون قابالً حتى ينفي هذا الرد بفعل من جنس القبول(.)2
فالحاصل أن القبول تتعدد مجاالته فال يُخص بعمل القلب فقط من الرضى
والميل.
وسيأتي مزيد توضيح وبيان لذلك عند مبحث الفرق بين القبول واالنقياد(.)3
قلت :ومن أهل العلم من يرى أن متعلَّق القبول هو القلب واللسان كما هو
حاصل صنيع حافظ الحك مي ـ رحمه الله ـ حيث يقول في صدد بيانه لهذه الشروط:
((والثالث :القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه .)4())..ولعلَّه الحظ أصل
( )1ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان (ص ،)537 :أو الدرر السنية (.)308/8
( )2أي محصل للقبول.
( )3انظر( :ص 383 :ـ .)388
( )4معارج القبول (.)488/8
043 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
ؤدى بالقلب واللسان معاً ،ولكن تحقيق القبول ال يكون إال القبول ،فإن أصل القبول يُ َّ
مع عمل الجوارح كما تقدم.
ومن أهل العلم من يرى أن متعلَّق القبول هو االلتزام ـ وهو عزم القلب على الفعل
ـ كما هو حاصل صنيع المعل مي ـ رحمه الله ـ حيث قال في سياق بيانه لهذه الشروط:
(( ومنها أن يكون النطق على سبيل االلتزام ،أي :التزام أن يعمل طول حياته بمضمون
كلمة التوحيد وال يخالفها))(.)1
ويوضح ذلك قوله(( :فإن قيل :أفال يكفي اإلنسان أن يكون معترفاً بصدق الرسول
في جميع ما جاء به ،مصدقاً به ،مسلماً راضياً ،ملتزماً العمل بموجب ذلك عازماً عليه،
فلما سمع كلمة ال إله إال الله ،وعلم أن الرسول جاء بها ،اعترف وصدق وسلَّم ورضي
والتزم ،وعزم على العمل بموجبها )2())..مع قوله(( :ولما جعلت الشهادة إعالناً بقبول ما
أرسل به الرسول كانت متضمنة االلتزام ،الشاهد أن ال يعبد إال الله))(.)3
قلت :وذلك ال ينافي أن متعلَّق القبول يكون بالقلب والجوارح ،ألن العزم الصادق
يتبعه عمل وال بد؛ فإن العزم الجازم مع القدرة يستلزم وقوع المقدور ـ أي المراد.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :ومنها :قصد القلب وعزمه إذا قصد الفعل وعزم
عليه مع قدرته على ما قصده هل يمكن أن ال يوجد شيء مما قصده وعزم عليه؟ فيه قوالن
أصحهما :أنه إذا حصل القصد الجازم مع القدرة وجب وجود المقدور ،وحيث لم يفعل
العبد مقدوره دل على أنه ليس هناك قصد جازم ...وقيل :بل قد يمكن حصول العزم التام
بدون أمر ظاهر .وهذا نظير قول من قال ذلك في المعرفة والتصديق وهما من أقوال أتباع
جهم الذين نصروا قوله في اإليمان كالقاضي أبى بكر وأمثاله؛ فإنهم نصروا قوله وخالفوا
السلف و األئمة و عامة طوائف المسلمين))( .)4انتهى.
نص على نص ع لى أن القبول هو قبول الدين كله .وممن َّ ومن أهل العلم من َّ
الرزاق عفيفي ـ رحمه الله ـ()1؛ ولعله الحظ المعنى الشامل ذلك الشيخ العالمة عبد َّ
برضى تام ال
ً الكامل للقبول؛ فالقبول باعتبار الكمال هو :أن يأخذ العبد بجميع الدين
حرج أو ضيق ؛ فالقبول مراتب ودرجات وأهله يت فاضلون فيه ،وذلك على أصل يشوبه ٌ
أهل السنة :أن أعمال القلوب والجوارح تتفاضل ،وأن اإليمان يزيد وينقص تبعاً لذلك.
ومما يدل على تفاضل الناس في القبول ،أن من مراتب تَقبل القضاء ـ الذي هو
الصبر .فمن الناس من يتقبَّل القضاء
نظام التوحيد ـ مرتبة الرضى ،وهي مرتبة أعلى من َّ
بالصبر مع ما يجد في نفسه من الكراهة للمقدور ،ومنهم من يتقبَّل القضاء بالرضى
الراضي وإن اشتركا في أصل القبول إالَّ أنواالنشراح المستلزم لكمال القبول .فالصابر و َّ
الراضي فوق مرتبة الصابر ،وكالهما محمود. مرتبة َّ
وأيضاً على ما َّقررناه من أن القبول شامل ألعمال الجوارح؛ والناس متفاضلون
في هذه األعمال تفاضالً ال ينضبط بمقدار.
أن أهله يتفاضلون فيه بحسب وهذا مما يبين حقيقة اإليمان عند أهل السنة ،و َّ
قبولهم لهذا الدين ،وفي ذلك رد على أهل البدع الذين جعلوا اإليمان مرتبةً واحدة ال
يتفاضل أهلُه فيه ،وفي ذلك إ خراج لهذه المقامات العظيمة من الدين ،والتي منها
القبول واإلذعان لهذا الدين ،وتمام الرضى به والتسليم .أي :أن تكون من اإليمان.
يتضمن
وجملة القول أن شرط القبول ،هو أقل ما يقع عليه اسم القبول ،وذلك َّ
أمرين:
األول :أصل القبول( )2المنافي للرد.
والثاني :أصل االنقياد المنافي للترك(.)3
()1
فبتحقيق هذين األصلين يتحقق شرط القبول المنافي للرد ،وما زاد عن ذلك
فهو شرط كمال يختلف حكمه بحسبه ،فقد يكون واجباً ،وقد يكون مندوباً ،وذلك
بمالحظة أدلة الشرع .والله تعالى أعلم.
فإن قيل :إذا كان القبول شامالً لشرط االنقياد ،فلماذا هذا الفصل بين شرطي
القبول واالنقياد ،أال يكفي التنصيص على شرط القبول؟
يقال :أن ذلك راجع إلى أن القبول له أصالن :أصل ظاهر ،وهو االنقياد ،وأصل
باطن ،وهو الرضى والتسليم .ولما كان القبول الباطن ال يكفي بمفرده احتيج إلى هذا
الفصل ،لبيان أن قبول الظاهر ال بد منه؛ فكأنه أصل مستقل بنفسه.
أو أ ن ذلك من باب ذكر الخاص بعد العام ،وذلك ألهمية الخاص وحتى ال
أن الله سبحانه وتعالى كثيراً ما يقرن يتوهم عدم دخوله في العام .وألجل ذلك نجد َّ
العمل باإليمان ،وإن كان العمل من اإليمان ليلفت االنتباه إلى هذه الفائدة.
وأيضاً كما َّقرر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ فإن العام ال يُتصور إال بعد معرفة أفراده
(.)2
وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة عند بيان الفرق بين القبول واالنقياد(.)3
( )1المراد هنا القبول التام المستلزم لجميع أعمال الجوارح ،أما القبول المنافي لترك عمل القلب من الحب والرضى،
فهذا شرط صحة في اإليمان.
( )2بيان تلبيس الجهمية (.)478/8
( )3انظر( :ص 383 :ـ .)388
043 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
المبحث الثاني :األدلة على أن القبول من شروط شهادة أن ال إله إال الله.
األدلة على أن القبول شرط من شروط صحة شهادة أن ال إله إال الله كثيرة
متضافرة ،وهي من المنقول والمعقول ،ودليل الفطرة.
أوالً :األدلة النقلية على اشتراط القبول لصحة الشهادة:
األدلة النقلية على اشتراط قبول الشهادة لصحة اإليمان والتوحيد كثيرة ،فمن هذه األدلة
قصى الله علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قَبلَها وانتقامه ممن َّردها وأباها كما ما َّ
في قوله :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ [الزخرف 85 :ـ ،]83وقوله :ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﭹﭺ ﭻ ﭼ
ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ [يونس ،]885:وقوله :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ [الروم.]47 :
عده لمن َّردها من العذاب كما وكذلك أخبرنا بما وعد به القابلين لها من الثواب ،وما أ َّ
في قوله :ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﰀ ﰀ إلى قوله :ﮒ ﮓ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ [الصافات 88 :ـ.]53
فجعل الله تعالى علَّة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول ال إله إالَّ الله وتكذيبها،
وتكذيبهم من جاء بها فلم ينفوا ما نفته ولم يثبتوا ما أثبتته ،بل قالوا إنكاراً واستكباراً :ﭵ ﭶ
ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﭷ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ [ص 3 :ـ ]7ويقولون :ﮞﮟﮠﮡﮢﮣ [الصافات:
ورد ذلك عليهم وعن رسوله فقال :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ .]53فكذبهم الله َّ
[الصافات ]57:إلى آخر اآليات(.)1
ثم قال ـ في شأن من قَبلَها ـ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ [الصافات 48 :ـ ]45إلى آخر اآليات.
( )1فهذه اآليات وإن كانت هي في شأن الكفار األصليين إال أنها مما يصلح دليالً على القبول المنافي للرد في حق من
قالها ثم ردها ،وذلك ألنها ليست وصفاً مختصاً بالكفار األصليين بل هي سبب ينسحب على كل من كفر بالرد
المنافي للقبول سواء لم يقبل الشهادة مطلقاً أو قبلها ثم ردها وجحدها.
038 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
القبول ،واالمتناع من التسليم .وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم
بارتداد من امتنع من أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهم ،ألن الله تعالى حكم بأن من لم يسلم
للنبي قضاءه وحكمه ،فليس من أهل اإليمان))(.)1
وقال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه اآلية(( :فالتحكيم في مقام
اإلسالم ،وانتفاء الحرج في مقام اإليمان ،والتسليم في مقام اإلحسان؛ فمن استكمل هذه
المراتب وكملها فقد استكمل مراتب الدين كلها .ومن ترك هذا التحكيم المذكور غير
ملتزم له فهو كافر ،ومن تركه ـ مع التزامه( )2ـ فله حكم أمثاله من العاصين))(.)3
والمراد بالتسليم في اآلية ترك المعارضة والممانعة للحكم الديني الشرعي والحكم
القدري الكوني.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ(( :وأما االستسالم للحكم فيجوز أن يريد به الحكم
الديني الشرعي ،فيكون معناه عدم معارضته برأي أو شهوة ،ويجوز أن يريد به االستسالم
للحكم القدري ،وهو عدم تلقيه بالتسخط والكراهة واالعتراض))( )4انتهى.
وهذه اآلية سيأتي أنها من أدلة شرط االنقياد أيضاً ،وذلك لشمول القبول لالنقياد
كما سيأتي في تحقيق الفرق بين االنقياد والقبول(.)5
ومن أدلة القرآن أيضاً الدالة على اشتراط القبول لصحة الشهادة قوله تعالى:
ﭛﭜ أي :ال أحد أظلم لنفسه .ﭝﭞﭟﭠ أي :بحججه وعالماته الدالة على توحيده
وإفراده بالعبادة .ﭡﭢ ﭣﭤ بترك القبول ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ لتكذيبهم وإعراضهم(.)6
ووجه االستشهاد ظاهر بها ،وهو أنه رتب انتقامه منهم على إعراضهم بترك القبول،
فدلت بمفهومها على اشتراط القبول للنجاة من العذاب.
فالحاصل أن هذه اآليات دالة على شرط القبول لصحة الشهادة ،إما داللة مطابقة
أو داللة التزام ،ألن منها ما يفيد نفع اإليمان بحصول القبول ،ومنها ما يفيد انتفاء اإليمان
بحصول الرد المستلزم لنفي القبول.
وأما أدلة السنة على اشتراط القبول لصحة الشهادة فهي كثيرة ال تحصى:
منها ما جاء في الصحيح عن أبي موسى عن النبي أنه قال« :مثل ما بعثني
الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً ،فكانت منها نقيَّة( )1قبلت الماء،
فأنبتت الكأل والعشب الكثير ،وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس
فشربوا وسقوا وزرعوا ،وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان ال تمسك ماءً وال تنبت
وعلَّمَ ،
ومثَ ُل من لم يرفع كألً ،فذلك َمثَ ُل من فقه في دين الله ،ونفعه ما بعثني الله به فَـ َعلم َ
بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»(.)3()2
الهدى باألرض ووجه االستشهاد ظاهر به ،وهو أنه مثَّل لقبول ما جاء به من ُ
الطيبة التي تقبل الماء ف تنبت الكأل والعشب الكثير ،وأن من لم يقبل هداه باألرض
القيعان التي ال تُمس ك الماء ،وجعل هذا الصنف األخير ممن لم يقبل هدى الله ولم
وه َدى الله الذي جاء يرفع به رأساً ،فعري عن العلم والعمل ،ولذا كان بأحط المنازل؛ ُ
به محمد هو معنى الشهادتين ومقتضاهما(.)4
قال اإلمام النووي ـ رحمه الله ـ:
(( أما معاني الحديث ومقصوده فهو تمثيل الهدى الذي جاء به بالغيث
ومعناه أن األرض ثالثة أنواع ،وكذلك الناس:
فالنوع األول :من األرض ينتفع بالمطر ،فيحيى بعد أن كان ميتاً ،وينبت الكأل،
فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها.
وكذا النوع األول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه ،فيحيا قلبه ويعمل به،
ويعلمه غيره فينتفع وينفع.
( )1في صحيح مسلم (طيبة) بدل (نقية) والمعنى واحد .انظر :صحيح مسلم (جـ.)40/83
( )2مضى تخريجه.
( )3انظر :أعالم السنة المنشورة للحكمي (ص.)53 :
( )4انظر :كالم ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حكمه على هذه الطبقة في الوابل الصيب (ص 858 :ـ .)858
035 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
والنوع الثاني :من األرض ماال تقبل االنتفاع في نفسها ،لكن فيها فائدة ،وهي
إ مساك الماء لغيرها فينتفع بها الناس والدواب.
وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة ،وال
رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني واألحكام ،وليس عندهم اجتهاد في الطاعة
والعمل به فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم أهل
للنفع واالنتفاع فيأخذه منهم فينتفع به ،فهؤالء نفعوا بما بلغهم.
والنوع الثالث :من األرض السباخ التي ال تنبت ونحوها ،فهي ال تنتفع بالماء
وال تمسكه لينتفع بها غيرها.
وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة وال أفهام واعية ،فإذا
سمعوا العلم ال ينتفعون به وال يحفظونه لنفع غيرهم .والله أعلم.
وفي هذا الحديث أنواع من العلم منها ضرب األمثال ،ومنها فضل العلم والتعليم،
وشدة الحث عليهما ،وذم اإلعراض عن العلم والله أعلم))(.)1
أصرح من هذا الحديث في اشتراط القبول لصحة الشهادة قوله ـ فيما قلت :و َّ
يرويه عنه خليفته أبو بكر الصديق ـ« :من قَب َل مني الكلمة التي عرضتها على عمي
علي ،فهي له نجاة»(.)2
فردها َّ
َّ
فدل على ووجه االستشهاد ظاهر به أيضاً ،وهو :أنه علَّق النجاة بقبول هذه الكلمةَّ ،
أن ال إله إال الله ال تنفع قائلها إال مع القبول لما دلَّت عليه من التوحيد واإلخالص .وذلك وجهَّ
الشرطية.
ومن أدلة السنة أيضاً في اشتراط القبول لصحة الشهادة :ما جاء في حديث
جابر أنه قال« :جاءت مالئكة إلى النبي وهو نائم...إلى أن قال :فقالواَ :مثَـلُه
كمثل رجل بنى داراً وجعل فيها مأدبة ،وبعث داعياً ،فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل
من المأدبة .ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة .فقالوا :أولُوها له
يفقهها .فقال بعضهم :إنه نائم .وقال بعضهم :إن العين نائمة والقلب يقظان .فقالوا :فالدار
الجنة ،والداعي محمد ،فمن أطاع محمداً فقد أطاع الله ،ومن عصى محمداً
فقد عصى الله ،ومحمد َّ فرق بين الناس»(.)1
وجه االستشهاد به أن دخول الجنة منوط بإجابة دعوة الداعي ،وهو النبي ،
وذلك ال يكون إال باتباعه كما يدل عليه آخر الحديث «فمن أطاع محمداً فقد
أطاع الله».
ومن األدلة أيضاً على اشتراط القبول لصحة الشهادة :قوله « :ذاق طعم اإليمان
من رضي بالله رباً وباإلسالم ديناً وبمحمد رسوالً»(.)2
قال المناوي في شرحه:
((«ذاق طعم اإليمان من رضي بالله رباً» أي :قنع بالله رباً واكتفى به ولم يطلب
غيره« .وباإلسالم ديناً» بأن لم يَ ْس َع في غير طريقه .قال الطيبي :وال يخلو :إما أن يراد
باإلسالم االنقياد كما في حديث جبريل ،أو مجموع ما يعبَّر بالدين عنه كما في خبر« :بُني
اإلسالم على خمس» .ويؤيد الثاني اقترانه بالدين ،ألن الدين جامع باالتفاق .وعلى
التقديرين :هو عطف على قوله« :بالله رباً» عطف عام على خاص ،وكذا قوله« :وبمحمد
رسوالً» بأن لم يسلك إال ما يوافق شرعه .ومن كان هذا نعته فقد وصلت حالوة اإليمان
طعمه .شبَّه األمر الحاصل الوجداني من الرضا باألمور المذكورة بمطعوم يستلذ إلى قلبه وذاق َ
به ،ثم ذكر المشبَّه به وأراد المشبَّه ،ورشح بقوله« :ذاق»))(.)3
وقال القاضي عياض:
((معنى الحديث :صح إيمانه واطمأنت به نفسه وخامر باطنه ،ألن رضاه بالمذكورات
سهل عليه ،فكذا
دليل لثبوت معرفته ونفاذ بصيرته ومخالطة بشاشته قَـْلبَه ،ألن من رضي أمراً ُ
المؤمن إذا دخل قلبه اإليمان سهلت عليه الطاعة ،و َّلذ له اإليمان))( .)4انتهى.
تضمن لوازم القبول ومقتضياته الثالثة ،وهي: فالحاصل أن هذا الحديث قد َّ
( )1أخرجه البخاري في كتاب االعتصام بالكتاب والسنة ،باب االقتداء بسنن النبي ( جـ 877/0ـ )870ح
(.)7808
( )2سبق تخريجه.
( )3فيض القدير ( 337/5ـ .)330
( )4الديباج على مسلم (.)38/8
033 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
يرضى في ذلك بحكم غيره ،وال يرضى إال بحكمه ،فإن عجز عنه كان تحكيمه غيره من
باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يقيته إال من الميتة والدم ،وأحسن أحواله :أن يكون من
باب التراب الذي إنما يتيمم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور.
وأما الرضى بدينه :فإذا قال ،أو حكم ،أو أمر ،أو نهى رضي كل الرضى ،ولم يبق
في قلبه حرج من حكمه ،وسلَّم له تسليماً ـ ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها ،أو قول
مقلَّده وشيخه وطائفته ـ وههنا يوحشك الناس كلهم إال الغرباء في العالم ،فإياك أن
العزة والصحبة مع الله ورسوله وروح تستوحش من االغتراب والتفرد ،فإنه ـ والله ـ عين َّ
األنس به ،والرضى به رباً ،وبمحمد رسوالً وباإلسالم ديناً))(.)1
وأما وجه االستشهاد فظاهر به على اشتراط القبول ،وهو أن الحديث قد َّ
دل
يرض بهذه األمور لم يذق طعم اإليمان ،والمراد باإليمان هنا أن من لم َ بمفهومه على َّ
يرض بشيء من هذه األمور كفر ال محالة ،ألن الرضى بها من لوازم أصله ،ألن من لم َ
اإليمان ،والرضى مما يدخل في معنى القبول ،فدل على اشتراط القبول لصحة اإليمان.
وأيضاً :فإن هذه األمور الثالثة هي التي يُسأل عنها العبد في قبره كما في حديث
البراء بن عازب ؛ وفيه :أن الكافر أو المنافق يقول :ها ها ال أدري سمعت الناس يقول
شيئاً فقلته( .)2فالحاصل أن من حقق هذه الثالث اجتاز الفتنة ،وكان من أهل الجنة قطعاً،
ومن لم يحققها في الدنيا لم يجتز الفتنة ،وكان من أهل النار قطعاً.
ثانياً :األدلة العقلية على اشتراط القبول لصحة الشهادة:
دل العقل على اشتراط القبول ،وذلك من وجهين: َّ
األول :أن المظهرين العمل بالدين هم أحد ثالثة :إما مؤمناً موحداً ،وإما منافقاً
خائفاً ،وإما كافراً ُم ْكَرهاً .والذي يميز بين هؤالء هو القبول التام( ،)3فالمؤمن قابل لهذه
( )1مدارج السالكين ( 878/8ـ .)875وانظر :جامع العلوم والحكم (ص.)33 :
( )2أخرجه البخاري في كتاب االعتصام بالكتاب والسنة ،باب :االقتداء بسنن رسول الله ،وقول الله تعالى :ﮭ
(جـ 873/0ـ )808ح (.)7807 ﮯ ﮰ ﮮ
( )3أي :القبول ظاهراً وباطناً كما تقدم في بيان حد القبول.
037 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
المبحث الثالث :أقوال أهل العلم في اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله.
تضمنت أقوال أهل العلم وتقريراتهم لمعنى الشهادة ما تضمنته النصوص من الكتاب
والسنة من اشتراط القبول لتحقيق مقتضاها الذي هو شرط نفعها في الدار اآلخرة.
ومن أقوالهم في ذلك:
قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ:
« اإليمان عندنا داخله وخارجه اإلقرار باللسان والقبول بالقلب والعمل»(.)1
فجعل ـ رحمه الله ـ القبول من حقائق اإليمان ،وما اإليمان إال الشهادتان
ومقتضاهما.
وقال اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ (( :فأما ما فرض الله على القلب من اإليمان
فاإلقرار والمعرفة والعقد ،والرضا والتسليم بأن الله ال إله إال هو وحده ال شريك له لم
يتخذ صاحبة وال ولداً ،وأن محمداً عبده ورسوله ،واإلقرار بما جاء من عند الله من
نبي أو كتاب ،فذلك ما فرض الله على القلب وهو عمله))(.)2
فجعل ـ رحمه الله ـ الرضا والتسليم المتضم ن للقبول من عمل القلب ،وعمل
القلب شرط لصحة اإليمان باتفاق أهل العلم.
وقال اإلمام البربهاري ـ رحمه الله ـ« :وكذلك ال يقبل الله شيئاً من السنة في ترك
رد السنة كلها ،فعليك بالقبول»(.)3 بعض ،ومن خالف ورَّد من السنة شيئاً ،فقد َّ
رد شيئاً من السنة لتأويل أووهذا اإلطالق منه ـ رحمه الله ـ فيه تفصيل؛ فإن كان َّ
رد شيئاً مجمعاً عليه من السنة رد شيئاً شك في ثبوته ،فهذا ال يكفر ،وإنما يكفر من َّ َّ
بغير تأويل(.)4
وأما الشاهد من كالمه ـ رحمه الله ـ على اشتراط القبول فهو ما يُحمل منه على الرد
المنافي للقبول في أمر مجمع عليه من السنة من غير تأويل ،فمن َّرد شيئاً مجمعاً عليه من السنة
( )1أخرجه عبد الله في السنة عن اإلمام أحمد ( 583/8ـ ،)583والاللكائي في شرح اعتقاد أهل السنة
(.)338/3
( )2أورده البيهقي في مناقب الشافعي (.)507/8
( )3شرح السنة للبربهاري المطبوع ضمن شرحه إرشاد الساري (ص.)838 :
( )4انظر :إرشاد الساري في شرح السنة للبربهاري للنجمي (ص ،)838 :وشرح نواقض اإلسالم للفوزان (ص.)884 :
038 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
( )1مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العقيدة (ص .)83 :وانظر :اإلبانة الصغرى البن بطة (ص،888 :
.)888
( )2هو :نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود النابلسي المقدسي الفقيه الشافعي صاحب التصانيف واألمالي،
ارتحل إلى دمشق قبل الثالثين فسمع الحديث من أبي الحسن بن السمسار صاحب الفقيه أبي زيد المروزي،
وعبد الرحمن بن الطبيز ،وغيرهما ،وتفقه على الدارمي .من تصانيفه(( :الحجة على تارك المحجة))[ .سير أعالم
النبالء ( 853/83ـ .])850
( )3مختصر الحجة على تارك المحجة ( .)58/8والحديث أخرجه البخاري في صحيحه (جـ :)883/5كتاب
المساقاة ،باب سكر األنهار ح ( ،)8533ومسلم في كتاب الفضائل (.)8083/4
038 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
ولم يُثبت لهم اإليمان بذلك أيضاً ،حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى
والتسليم ،وعدم المنازعة ،وانتفاء المعارضة واالعتراض))( .)1انتهى.
ثم أبان عن ذلك في موضع آخر فقال:
((وهو أنه مع التصديق الجازم( )2يمتنع وقوع المعارضة والممانعة ،وحيث وجد ذلك
فهو ملزوم النتفاء التصديق ،ووجود الملزوم بدون الزمه محال))( .)3انتهى.
للرد والممانعة ،ومتى
أن اإليمان ال يثبت إال مع القبول المنافي َّ فبيَّن ـ رحمه الله ـ َّ
ُوجدا أي :الرد والممانعة انتفى اإليمان ،مما يدل على أنه يرى القبول شرطاً لصحة اإليمان
وتحقيق اإلسالم.
وذكر أبو السعود في تفسيره( )4أن فرعون ـ عليه لعنة الله ـ حرص على القبول
المفضي إلى النجاة ،ولذا قال ـ كما حكى الله عنه ـ :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
[يونس]38 :؛ فكرر المعنى الواحد بثالث عبارات .ولكن ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
هيهات هيهات بعد ما فات ما فات وأتى ما هو آت وقوله :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ [يونس.]38 :
والشاهد من كالمه ـ رحمه الله ـ ظاهر على اشتراطه القبول لصحة الشهادة ،وهو أنه
جعل القبول هو المفضي للنجاة ،فلو حصل ذلك من فرعون قبل معاينته العذاب لنفعه عند
الله تعالى؛ وذلك مما يبين أن القبول شرط لالنتفاع بقول ال إله إال الله إذا صدر في وقته.
قال ابن برجان( )5في تفسيره(:)6
((لو كانت شهادته تلك في وقتها على حقيقة المحبة وحسن النية وصحيح التوبة
من قرار نفسه ألنجاه هو وأتباعه من عذابه .ولما كانت في غير وقتها ،وعلى عالتها نجاه
ببدنه فقط ليجعله لمن خلفه آية ،على أن الشهادة بهذه الكلمة المباركة عنده في غاية
القبول.
نجاه الله تعالى بها ميتاً ،ولو كانت حية لنجاه
فانظر إليها لما كانت شهادته ميتة َّ
بها حياً)) .انتهى(.)1
قلت :ومن أهل العلم من ذكر هذا الشرط تنصيصاً .ومن هؤالء :الشيخ عبد الرحمن
ابن حسن آل الشيخ( ،)2والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ( ،)3والشيخ
سليمان بن سحمان( ،)4والشيخ حافظ حكمي( ،)5والعالمة ابن باز ـ رحمه الله ـ(،)6
والشيخ ابن جبرين( ،)7والشيخ صالح الفوزان(.)8
ف هذا قيض من فيض من أقوال أهل العلم في تقرير شرط القبول لصحة شهادة أن
ال إله إال الله ،ويصعب االستقصاء لكالمهم في مثل ذلك ،والمراد فقط التقرير ال
اإلحاطة والتكرير.
واشتهار ا شتراط القبول بين أهل العلم وطالبه شاهد على ما ذكرنا.
( )1انظر :تهذيب تسهيل العقيدة اإلسالمية (ص ،)835 ،37 :ونواقض اإليمان االعتقادية (جـ.)880/8
( )2ويخرج بهذا القيد من لم تبلغه الدعوة ،فال يسمى معرضاً بل جاهالً .يقول ابن القيم في طريق الهجرتين (ص:
(( :)388أن العذاب يستحق بسببين ،أحدهما :اإلعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها.
الثاني :العناد لها بعد قيامها ،وترك إرادة موجبها؛ فاألول كفر إعراض ،والثاني كفر عناد .وأما كفر الجهل مع
عدم قيام الحجة ،وعدم التمكن من معرفتها ،فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل)).
( )3مدارج السالكين ( .)550/8وانظر :مفتاح دار السعادة ( ،)34/8والفوائد ( ،)888/8ومجموع الفتاوى
(.)733/88
034 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
[األحقاف: بأنفسهم ،فلم ينقادوا ،وبقوا على كفرهم ،قال الله تعالى :ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ
.]5
ومن أنواعه أيضاً :اإلعراض عن العمل بحقوق هذه الكلمة ،بأن ال يعمل
ب أحكام اإلسالم وفرائضه بعد إقراره بقلبه بأركان اإليمان ونطقه بالشهادتين ،فمن ترك
العمل بأحكام اإلسالم ،فلم يفعل شيئاً من الواجبات ،ال صالة وال صياماً وال زكاةً
وال حجاً وال غيرها ،فهو كافر كفراً أكبر بإجماع السـلف ،لقوله تعـالى :ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [آل عمران ،]58 :ولقوله تعالى :ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ [السجدة ،]88:وآليات أخرى كثيرة تدل
على كفر عموم المعرضين ،وألن تركه لجميع األعمال ال ظاهرة دليل على خلو باطنه
من اإليمان والتصديق الجازم(.)1
وسيأتي تحقيق هذه المسألة عند الكالم على مسألة ترك العمل في شرط االنقياد.
ومرجع هذه األقسام لإلعراض هو :أن اإلعراض عن التوحيد يكون في العلم والعمل،
فالذي يرفض تعلم التوحيد رغبة عنه يكون كافراً ،والذي يرفض العمل بموجبه يكون كافراً
أيضاً؛ فالنوع األول إعراض في العلم والعمل ،والثاني والثالث إعراض في العمل .وبما أن
العمل يتفاوت تفاوتت مراتب اإلعراض في العمل.
ولهذا ،فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ لما ذكر ناقض اإلعراض قال:
((اإلعراض عن دين الله ال يتعلمه وال يعمل به ،والدليل قوله تعالى :ﭛ ﭜ ﭝ
[السجدة )2())]88:ليبين أن كفر اإلعراض يكون ﮢ ﮣ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭧ
باإلعراض عن العلم وحده ،وباإلعراض عن العمل وحده ،وباإلعراض عنهما جميعاً.
وبهذا يتبين ضالل من يترك العلم ويشتغل بالعمل فقط(( ،كحال النصارى ،ومن
وافقهم من المتعبدة والمتصوفة الذين يعبدون الله على جهل وضاللة وال يعبدون الله
على علم ،ويقولون :تعلم العلم يعوق عن العمل ،أو يقولون :إذا عملت فإن العلم يأتيك
تلقائياً بال تعلم ،بأن يفتح على قلبك ويأتيك العلم دون أن تتعلم على العلماء .فهذا هو
قول الصوفية قديماً وحديثاً .يزهدون في تعلم العلم والجلوس عند العلماء .ويقولون:
العلم بدون أن تتعلم .وهذاالمطلوب العمل ،وإذا عملت وعبدت الله فتح الله عليك َ
ضالل والعياذ بالله.
فالذي يرفض تعلم العلم رغبة عنه يكون كافراً ،والذي يرفض العمل بالعلم نهائياً يكون
كافراً أيضاً))(.)1
الح َميَّة
وقد بيَّن العلماء أن هذا اإلعراض الكفري عن العلم والعمل سببه في الغالب َ
والمحافظة على دين اآلباء واألجداد:
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في سياق بيانه ألنواع التقليد(( :فأما النوع األول ،فهو
ثالثة أنواع؛ أحدها :اإلعراض عما أنزل الله وعدم االلتفات إليه ،اكتفاءً بتقليد
اآلباء))(.)2
وأوضح ذلك الشيخ صالح الف وزان ـ حفظه الله ـ بكالم نفيس فقال(( :ومن الناس
من يرفض الدليل وقبول الحق إذا بـُي ن له محافظة على دين آبائه وأجداده حمية وال
يقبل الحق ويبقى على ما هو عليه وما أدرك عليه آباءه وأجداده كما كان عليه
المشركون ،فالذين يعبدون القبور ال يقبلون حقاً وال يقبلون جداالً ،فهم مقتنعون بما
هم عليه تماماً ،وال يقبلون توجيهاً أو إرشاداً ،يغلقون أسماعهم عن قبول الحق،
ويصرون على ما هم عليه ،بل ربما يقاتلون دونه ،ويبذلون أنفسهم دون هذه العقائد
الباطلة وال يقبلون الحق مهما يسمعون من القرآن والسنة ،ويسمعون النهي عن الشرك
واألمر بالتوحيد ،وال يلتفتون إلى ما في القرآن بل هم معرضون عنه ،وهذا من اإلعراض عن
الدين الصحيح والرضا بالدين الباطل ،وهذا كثير في الناس اليوم ،قال الله تعالى :ﯴ ﯵ
[العنكبوت .]38 :فهؤالء يؤمنون بالباطل ويكفرون بالله، ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
ويعبدون غيره ،ويستغيثون بغيره ،ويؤمنون بعبادة غير الله ويكفرون بالله علناً وجهاراً ،هذا
هو اإلعراض الكفري ـ والعياذ بالله ـ حميةً وأنفةً.
ولما حضرت أبا طالب الوفاة ..جاءه النبي إشفاقاً عليه وهو في االحتضار فقال
له« :يا عم ،قل ال إله إال الله كلمة أحاج لك بها عند الله» ،وكان عنده أناس من
المشركين فقالوا له :أترغب عن ملة عبد المطلب؟ ـ عرفوا أنه إذا قال :ال إله إال الله فقد
ترك ملة عبد المطلب وهي عبادة األصنام ـ ،فأعاد عليه النبي ،فأعادوا عليه وقالوا:
أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال :هو على ملة عبد المطلب ،فأبى أن يقول ال إله إال
الله ومات على ذلك حمية لدين عبد المطلب ودين الشرك ،فأعرض عن قبول التوحيد
فصار في النار والعياذ بالله...
وهناك أناس من دعاة السوء يقولون :ال تعلموا الناس التوحيد والعقيدة ،ال تعلموا
شباب وأوالد المسلمين العقيدة ،ألنهم مسلمون وال يحتاجون ألن يتعلموا التوحيد.
أليس هذا هو اإلعراض عن تعلم الدين؟
هذا هو اإلعراض عن تعلم الدين ،ألن الدين ال يؤخذ بالوراثة والبيئة ،الدين يؤخذ
بالعلم والتعلم ،فال بد من تعلم الدين وتعليمه والعمل به ،فالذي ال يتعلم الدين رغبة عنه وال
يعمل به إذا تعلمه وإن كان يقول ال إله :ال إله إال الله فهو مرتد مرتكب لناقض من نواقض
اإلسالم ،فهذا األمر خطير.
واإلعراض إذا كان عن تعلم أصول الدين والعقيدة وعدم رغبة فيها فهذا ناقض من
نواقض اإلسالم ،وأما إذا كان اإلعراض عن تعلم تفاصيل الدين وتفاصيل األحكام بسبب
الكسل ،أو عدم التفرغ لذلك ،فهذا معصية وال يعد ناقضاً من نواقض اإلسالم ،وأما أصول
الدين والتي ال يستقيم دين العبد إال بها ،فمن أعرض عن تعلمها زهداً فيها ،فإنه ينتقض
إسالمه))( .)1انتهى محل الغرض من كالمه ـ حفظه الله.
وقد أشار في كالمه بعد أن بيَّن سبب اإلعراض :إلى أن اإلعراض ينافي أصل القبول
اجب إذا كانكمال الو َ
إذا كان إعراضاً عن تعلم أصل الدين أو عن العمل به .وينافي ال َ
إعراضاً عن تعلم تفاصيل الدين مما ال يُ َّ
كفر بتركه.
وبهذا يتبين أن اإلعراض منه ما هو كفر إذا كان إعراضاً عن تعلم التوحيد أو العمل
به ،ومنه ما هو معصية إذا كان إعراضاً عن تعلم مكمالت التوحيد أو العمل بهن .وهي كل
ذنب دون الشرك.
الرد وعدم إرادة الحق المنافيان
وأما وجه منافاته لشرط القبول فلما فيه من معنى َّ
للقبول.
()1
قلت :ومن أهل العلم من يجعل اإلعراض نوعين بالنظر إلى العجز وعدمه .إعراضاً
مجرد الهوى أو العصبية ،وهومخرجاً من الملة ،وهو اإلعراض الذي يكون الحامل عليه َّ
الذي جاء في كالم شيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في نواقض اإلسالم:
((اإلعراض عن دين الله ال يتعلمه وال يعمل به))(.)2
وإعراضاً غير مخرج من الملة ،وهو اإلعراض الذي يكون بسبب العجز وعدم القدرة
على العلم مع إرادة الهدى ومحبته .وهذا النوع ذكره ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الطبقة
السابعة عشرة من طبقات المكلفين ،فقال (( :وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي ال
يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً :أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير
قادر عليه وال على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه
الدعوة .الثاني معرض ال إرادة له وال يحدث نفسه بغير ما هو عليه ،فاألول يقول يا رب
لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا علي ه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن ال أعرف سوى ما
أنا عليه وال أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي ،والثاني راض بما هو عليه ال
يؤثر غيره عليه وال تطلب نفسه سواه .وال فرق عنده بين حال عجزه وقدرته ،وكالهما
عاجز ،وهذا ال يجب أن يلحق باألول لما بينهما من الفرق؛ فاألول كمن طلب الدين في
الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزاً وجهالً ،والثاني كمن لم
( )1هذا التقسيم لإلعراض ذكره العالمة ابن سحمان في كشف غياهب الظالم (ص .)583 :ط :أضواء السلف
( )8483هـ.
( )2نواقض اإلسالم ضمن مجموع مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب ،القسم األول ،العقيدة واآلداب
اإلسالمية( ،ص.)507 :
030 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
يطلبه بل مات على شركه ،وإن كان لو طلبه لعجز عنه ،ففرق بين عجز الطالب وعجز
المعرض))(.)1
قلت :وال تعارض بين التقسيمين ،ألن التقسيم األول هو داخل تحت القسم األول
من التقسيم الثاني؛ إذ هو أنواع له .وأما القسم الثاني من التقسيم األخير فهو ال يتعلَّق بما
مانع من موانع التكفير ،وهو الجهل مع إرادة الهدى وطلبه، نحن بصدده ،ألنه فيمن قام به ٌ
ونحن نتكلم فيمن أعرض غير مريد للحق وال طالب له.
المطلب الثاني :كفر الجحود.
تقدم في المطلب السابق أن الرد المنافي لقبول هذه الكلمة وما دلَّت عليه قد
يكون بالجحود .وأرجأنا الحديث عنه ،ألن كفر الجحود أعم من رد ما دلَّت عليه ال إله
إال الله من التوحيد واإلخالص ،فالجاحد يكفر ولو َرَّد أمراً مستحباً يعلم أن النبي
قد أرشد إليه .ولذا ذكر العلماء في باب الرد ة أن من جحد أصالً من أصول الدين أو
جل ذلك أو صغر(.)2 فرعاً مجمعاً عليه ،أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول كفرَّ ،
وهذا أوان الشروع في الكالم عليه.
ففــي معنــى الجحــود قــال الراغــب(( :هــو نفــي مــا فــي القلــب إثباتــه ،وإثبــات مــا فــي
وج ْحـ َداً .قــال :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ [النمــل.]84 : القلــب نفيــه .يقــال :جحــد جحــوداًَ ،
[األعراف.)3())]38 : وقال :ﰀ ﰀ ﰀ
وأما كفر الجحود فقـد قـال البغـوي فـي تعريفـه(( :هـو :أن يعـرف اللـه تعـالى بقلبـه وال
يقر بلسانه))( ،)4وكذا جاء عن ابن األثير في تعريفه(.)5
وقال الحكمي في حده(( :كتم الحق مع العلم بصدقه))(.)6
( )1طريق الهجرتين (ص 906 :ـ .)910وانظر :كشف غياهب الظالم (ص .)619 :ط :أضواء السلف
( )1249هـ.
( )2مراتب اإلجماع (ص ،)877 :واإلحكام البن حزم ( ،)43/8ومختصر الصواعق المرسلة ( ،)8303/4ورسالة
تحكيم القوانين (ص.)3 :
( )3المفردات (ص.)807 :
( )4تفسير البغوي (.)34/8
( )5النهاية (.)803/4
( )6معارج القبول (.)335/8
033 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
وهــو مثــل كفــر فرعــون وقومــه()1؛ فــإنهم نف ـوا مــا فــي ق ـرارة نفوســهم مــن المعرفــة باللــه
ووجوب توحيده.
قال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ [ ،النمل.]84 :
ومثــل كفــر اليهــود()2؛ فــإنهم نف ـوا مــا فــي قلــوبهم مــن المعرفــة بصــدق النبــي .قــال
تعالى :ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ [ ،البقرة.]03 :
وعــد البغــوي وابــن األثيــر كفــر إبلــيس مــن هــذا النــوع( .)3وفيــه نظــر؛ فــإن إبلــيس أقــر
بلس ـ ـ ــانه :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ [ ،س ـ ـ ــورة الحج ـ ـ ــر .]53 :وه ـ ـ ــذا اعت ـ ـ ـ ـراف من ـ ـ ــه
بالربوبيــة ،وبتــوفي اللــه لألنفــس ،وبالبعـث ،ويــوم القيامــة ،فــدل علــى أن كفــر إبلــيس لــيس عــن
جحــود؛ ألن الجاحــد مكــذب بلســانه؛ وإنمــا كفــره نــاتج عــن إبــاء واســتكبار ،ولــذا عــده ابــن
القيم من هذا النوع( ،)4كما سيأتي(.)5
فالحاصل أن كفر الجحوود هـو تـرك القبـول باللسـان لمعنـى ال إلـه إال اللـه أو لشـيء
من مقتضياتها.
وكفر الجحود نوعان:
كفر مطلق عـام؛ وهـو :أن يجحـد الربوبيـة أو معنـى ال إلـه إال اللـه ،أو جملـة مـا أنْـزل
الله ،أو إرسال الرسول.
وكفر مقيـد خـاص؛ وهـو :أن يجحـد فرضـاً مـن فـروض اإلسـالم ،أو تحـريم مح َّـرم ،أو
خبراً أخبر الله به ،أو رسولُه .)6(
رد الجحود ينافي القبول باللسان ـ دون والفرق بين رد الجحود ورد اإلعراض :أن َّ
القلب ـ ،وأما رد اإلعراض فهو ينافي القبول بالقلب والجوارح.
رداً ،وإن ُوجد العمل( .)1بخالف رد يسمى َّ رد الجحود َّ وفرق آخر :وهو أن َّ
اإلعراض فشرطه ترك العمل ،إذ لو عمل لخرج عن كونه إعراضاً إلى كونه نفاقاً(.)2
المطلب الثالث :كفر العناد.
ممــا ينــافي شــرط القبــول أيضـاً كفــر العنــاد .وفــي معنــى العنــاد قــال األزهــري نــاقالً عــن
الليــثَ (( :عنــد الرجــل يَـ ْعنــد عنــوداًَ ،و َعانــد معانَـدةً ،وهــو :أن يعــرف الشــيء ويــأبى أن يقبلــه؛
ككفـر أبـي طالـب ،كـان كفـره معانـد ًة؛ ألنـه عــرف وأقـر وأنـف أن يقـال :تبـع ابـن أخيـه فصــار
بذلك كافراً))(.)3
عرفــه البغــوي فقــال(( :وكفــر العنــاد هــو :أن يعــرف الل ــه بقلب ـه ،ويعتــرف وكفــر العنــاد َّ
بلسانه ،وال يدين به ككفر أبي طالب حيث يقول:
مـ ـ ـ ـ ـ ْـن َخْيـ ـ ـ ـ ــر أ َْديَـ ـ ـ ـ ــان البَريَّـ ـ ـ ـ ــة دينَ ـ ـ ـ ـ ـاً ـت بَـ ـ ـأ َّ
َن ديـ ـ ـ َـن ُم َح َّم ـ ـ ـد َولََق ـ ـ ـ ْد علمـ ـ ـ ُ
لََو َجـ ـ ـ ْدتَني َس ـ ـ ْـمحاً ب ـ ــذاك ُمبْيـنَـ ـ ـاً))(.)4
ـذار مس ـ ـ ـ ـ ـبَّة
المالََم ـ ـ ـ ـ ـةُ أو ح ـ ـ ـ ـ ُ
لَ ـ ـ ـ ــوالَ َ
وقــال ابــن األثيــر فــي حــده(( :وهــو :أن يعتــرف بقلبــه ،ويعتــرف بلســانه ،وال يــدين بــه
حسداً وبغياً ،ككفر أبي جهل وأضرابه))(.)5
وقال حافظ حكمي في حده(( :هو ما كان بعد االنقياد للحق مع اإلقرار به))(.)6
قلــت :ومــن أســباب كفــر العنــاد االســتكبار وغيــره؛ فكفــر العنــاد يكــون باالســتكبار،
ويكون بالعصبية للقبيلة أو الجنس؛ ككفر أتباع مسيلمة حيـث قـالوا« :كـاذب مضـر ـ يعنـون
مســيلمة ـ خيــر مــن صــادق ربيعــة ـ يعنــون النبــي .»كمــا يقــع أيضـاً بســبب المالمــة وحــذار
المسبة كما تقدم في كفر أبي طالب.
وأما االستكبار ،فككفر أبي جهل ،وإبليس.
يقول ابن القيم(( :وأما كفر اإلباء واالستكبار :فنحو كفر إبليس؛ فإنـه لـم يجحـد أمـر
اللــه وال قابلــه باإلنكــار ،وإنمــا تلقــاه باإلبــاء واالســتكبار( ،)1ومــن هــذا كفــر مــن عــرف صــدق
الرسول ،وأنه جـاء بـالحق مـن عنـد اللـه ،ولـم يَـْنـ َقـد لـه إبـاء واسـتكباراً ،وهـو الغالـب علـى كفـر
أعداء الرسل))(.)2
قلــت :ولعــل الشــيخ حــافظ حكمــي ـ رحمــه اللــه ـ الحــظ هــذا المعنــى فجمــع بــين
اللفظ ــين ،فق ــال(( :وإن انتف ــى عم ــل القل ــب وعم ــل الج ـوارح م ــع المعرف ــة بالقل ــب واالعت ـراف
باللســان فكفــر عنــاد واســتكبار ،ككفــر إبلــيس وكفــر غالــب اليهــود الــذين شــهدوا أن الرســول
حق ولم يتبعوه))( .)3فجعل كفر العناد واالستكبار شيئاً واحداً(.)4
وبهذا يظهر منافاة كفر الجحود وكفر العناد وكفر ((اإلباء واالستكبار)) لشرط
القبول لما في هذه األنواع من معنى االمتناع والرد المنافيين للقبول.
وتشترك هذه األنواع الثالثة في استلزام العلم .وبذلك يتبين الفرق بين الرد
باإلعراض والرد بهذه األنواع ،وهو أن هذه األنواع يلزم منها العلم والمعرفة بالتوحيد ،وال
يلزم ذلك في رد اإلعراض .فيكفي في كفر اإل عراض أن يسمع بدعوة النبي ثم ال
يتبعه ولو لم يعلم بحقيقة ما يدعو إليه.
كذب يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :والكفر أعم من التكذيب ،فكل من َّ
الرسول كافر ،وليس كل كافر مكذباً ،بل من يعلم صدقة ويقر به ،وهو مع ذلك يبغضه
أو يعاديه كافر ،أو من أعرض فلم يعتقد ال صدقة وال كذبه كافر ،وليس بمكذب))(.)5
المطلب الرابع :عدم التسليم ألمر الله ورسوله ورفض التحاكم إليهما.
حكم الله ورسوله حقه أن يُتلَ َقى بالمسالمة والتسليم وترك المنازعة بل باالنقياد
وجد ،والالمحض والتسليم الكامل ،وذلك حقيقة العبودية المحضة؛ فال يُع َارض بذوق ،وال ْ
سياسة ،وال قياس ،وال تقليد ،وال يُرى إلى خالفه سبيالً البتة؛ وإنما هو االنقياد المحض
والتسليم واإلذعان والقبول ،كما قال تعالى :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
[النساء.)1(]33 : ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حقيقة هذا التسليم:
((اعلم أن التسليم هو الخالص من شبهة تعارض الخبر ،أو شهوة تُعارض األمر،
أو إرادة تُعارض اإلخالص ،أو اعتراض يُعارض القدر والشرع.
وصاحب هذا التخلص :هو صاحب القلب السليم الذي ال ينجو يوم القيامة إال
من أتى اللهَ به))(.)2
ثم بين ـ رحمه الله ـ وجوه المنازعة لحكم الله ورسوله بهذه األمور وكيفية
الخالص من ذلك فقال (( :فإن التسليم ضد المنازعة؛ والمنازعة إما بشبهة فاسدة،
تعارض اإليمان بالخبر عما وصف الله به نفسه من صفاته وأفعاله ،وما أخبر به عن
اليوم اآلخر ،وغير ذلك؛ فالتسليم له :ترك منازعته بشبهات المتكلمين الباطلة.
وإما بشهوة تعارض أمر الله ؛ فالتسليم لألمر :بالتخلص منها.
أو إرادة تعارض مراد الله من عبده ،فتعارضه إرادة تتعلق بمراد العبد من الرب؛
فالتسليم :بالتخلص منها.
أو اعتراض يعارض حكمته في خلقه وأمره ،بأن يظن أن مقتضى الحكمة
خالف ما شرع ،وخالف ما قضى وقدر؛ فالتسليم :التخلص من هذه المنازعات كلها.
وبهذا يتبين أنه ـ يعني التسليم ـ من أجل مقامات اإليمان ،وأعلى طرق الخاصة،
وأن «التسليم» هو محض الصديقية ،التي هي بعد درجة النبوة ،وأن أكمل الناس تسليماً:
أكملهم صديقية))(.)3
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رابطاً بين شهادة أن ال إله إال الله
والتسليم لحكم الله ورسوله ـَّ (( :
فإن من عرف أ ْن ال إله إال الله فال بد من االنقياد لحكم الله
والتسليم ألمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد ؛ فمن شهد أن ال إله إال الله ثم
عدل إلى تحكيم غير الرسول في موارد النـزاع فقد كذب في شهادته))( .)1انتهى.
فإذا ثبت هذا ،فإن ترك التسليم ألمر الله ورسوله برفض التحاكم إليهما في موارد
النزاع مما ينافي تمام القبول لشهادة أن ال إله إال الله وشهادة أن محمداً رسول الله
.ويظهر ذلك في صور؛ منها:
8ـ ترك التحاكم إلى الشرع في األمور الخاصة أو األمور الكلية العامة .وقد تقدم الكالم
على ذلك في شرط الكفر بالطاغوت بما ال حاجة إلى إعادته هنا.
8ـ ترك حكم الله وحكم رسوله والتحاكم إلى الذوق والوجد ومقاالت أهل
الفلسفة ،وقد تقدم الكالم على ذلك بم ا أغنى عن إعادته هنا.
5ـ ترك متابعة النبي واالكتفاء بالقرآن ،وقد تقدم ذلك في شرط المحبة.
4ـ ترك التحاكم إلى أخبار اآلحاد وعدم األخذ بها في مسائل العقيدة :لكونه ينافي
قبول حكم النبي في تلك المسائل الثابتة بأخبار آحادية ،وذلك من أعظم الضالل
والرد ألحكام الشريعة اإلسالمية؛ إذ ال وجه لهذا التفريق ،فهذه األخبار كاألخبار
المتواترة توجب األخ َذ بها في االعتقاد والعمل وعلى ذلك مشى السلف.
وال وجه لقول من يقول أنها توجب العمل وال توجب االعتقاد ،فهذا من التفريق
الساقط الذي جاء به المتكل مون إلنكار حقائق هذه ا ألخبار في باب الغيبيات من
الصفات ونحوها .ألن معظم مسائل االعتقاد جاءت من طريق اآلحاد.
وليس لهؤالء شبهة إال قولهم :أن أخبار اآلحاد تفيد الظن ،والمطلوب في هذه
المسائل ـ يعنون مسائل االعتقاد ـ اليقين والجزم .وقد يستدلون بقوله تعالى في
المشركين :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ [النجم ،]85 :وبقوله سبحانه :ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [يونس .]53 :ونحو ذلك من اآليات التي يذم الله تعالى فيها
المشركين على اتباعهم الظن(.)1
وقد أجاب أهل العلم في الرد على هذه الشبهة من وجهين(:)2
أن أخبار اآلحاد كاألخبار المتواترة تفيد العلم ،وأنه ال وجه لهذا األول :بيان َّ
التفريق ،وفي ذلك يقول العالمة األلباني ـ رحمه الله ـ:
(( لقد عرضت لهم شبهة ثم صارت لديهم عقيدة ،وهي أن حديث اآلحاد ال يفيد
إال الظن ويعنون به الظن الراجح طبعاً ،والظن الراجح يجب العمل به في األحكام
اتفاقاً ،وال يجوز األخذ به عندهم في األخبار الغيبية والمسائل العلمية ،وهي المراد
بالعقيدة .ونحن لو سلمنا لهم جدال بقولهم « :إن حديث اآلحاد ال يفيد إال الظن»
على إطالقه ،فإنا نسألهم :من أين لكم هذا التفريق؟ وما الدليل على أنه ال يجوز األخذ
بحديث اآلحاد في العقيدة؟ لقد رأينا بعض المعاصرين ي ستدلون على ذلك بقوله تعالى
في المشركين :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ [النجم ،]85 :وبقوله سبحانه :ﮌ ﮍ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [يونس .]53 :ونحو ذلك من اآليات التي يذم الله تعالى فيها
المشركين على اتباعهم الظن .وفات هؤالء المستدلين أن الظن المذكور في هذه اآليات
ليس المراد به الظن الغالب الذي يفيده خبر اآلحاد والواجب األخذ به اتفاقاً .وإنما هو
الشك الذي هو الخرص فقد جاء في "النهاية"( )3و"اللسان( ")4وغيرها من كتب اللغة:
«الظن :الشك يع رض لك في الشيء فتحققه وتحكم به»( .)5فهذا هو الظن الذي نعاه
( )1انظر :أساس التقديس أساس التقديس في علم الكالم (ص ،) 887 :والحديث حجة بنفسه (ص:
.)38
( )2للعالمة األلباني ـ رحمه الله ـ بحث قيم حول هذه المسألة بعنوان(( :وجوب األخذ بحديث اآلحاد في العقيدة
والرد على شبه المخالفين)) ،وقد أبطل فيه هذا القول من عشرين وجهاً يحسن الرجوع إليه ،ألنه واف في هذا
الموضوع الخطير.
( 838/5( )3ـ .)835
( .)878/0( )4مادة (ظنن).
( )5قلت :بل جاء في تفسيرها عند الطبري وغيره :ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ يقول :إن الشك ال يُغني من
مقامه ،وال يُنتفع به حيث يحتاج إلى اليقين[ .تفسير ابن جرير (.])808/88
اليقين شيئاً ،وال يقوم في شيء َ
073 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
الله تعالى على المشركين ومما يؤي د ذلك قوله تعالى فيهم :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ
[يونس .)1(]33 :فجعل الظن هو الخرص الذي هو مجرد الحزر ﮙ ﮚ ﮛ
والتخمين .ولو كان الظن المنعي على المشركين في هذه اآليات هو الظن الغالب ـ كما
زعم أولئك المستدلون ـ لم يجز األخذ به في األحكام أيضاً .وذلك لسببين اثنين:
األول :أن الله أنكره عليهم إنكاراً مطلقاً ولم يخصه بالعقيدة دون األحكام.
واآلخر :أنه تعالى صرح في بعض اآليات أن الظن الذي أنكره على المشركين
يشمل القول به في األحكام أيضاً .فاسمع إلى قوله تعالى الصريح في ذلك :ﭟ ﭠ ﭡ
((وهذا حكم)) ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ((فهذه عقيدة)) ﮣ ﭪ ﭫ ﭬﭭ
ﮂ ﮃ ﮄ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ
ﮅ ﮆ ﮇ [األنعام .]840:ويفس رها قوله تعالى :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮛ ﮜ ﮝ [ألعراف.]55 :
فثبت مما تقدم أن الظن الذي ال يجوز األخذ به إنما هو الظن اللغوي المرادف
للخرص والتخمين والقول بغير علم ،وأنه يحرم الحكم به في األحكام كما يحرم األخذ به في
العقائد وال فرق.
وإذ كان األمر كذلك فقد سلم لنا القول المتقدم :إن كل اآليات واألحاديث
المتقدمة الدالة على وجوب األخذ بحديث اآلحاد في األحكام تدل أيضاً بعمومها
وشمولها على وجوب األخذ به في العقائد أيضاً(.)2
والحق أن التفريق بين العقيدة واألحكام في وجوب األخذ فيها بحديث اآلحاد
فلسفة دخيلة في اإلسالم ال يعرفها السلف الصالح ،وال األئمة األربعة الذين يقلدهم
جماهير المسلمين في كل العصر الحاضر))(.)3
يقول :ما يتبعون في قيلهم ذلك ودعواهم إال الظن. ﮖ ( )1يقول ابن جرير في تفسيرها ( :ﮓ ﮔ ﮕ
يقول :إال الشك ال اليقين)[ .تفسير ابن جرير (.])877/88
( )2ستأتي في الوجه الثاني من وجوه الرد.
( )3الحديث حجة بنفسه ( 38ـ .)34
073 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
ثم كشف ـ رحمه الله ـ عن سبب آخر أوقع هؤالء النافون لألخذ بأخبار اآلحاد
في العقيدة ،وهو بناؤهم عقيدة ((عدم األخذ بحديث اآلحاد)) على الوهم والخيال؛ مما
يدل على تناقضهم .فقال ـ رحمه الله ـ:
(( وإن من أعجب ما يسمعه المسلم العاقل اليوم هو هذه الكلمة التي يرددها
كثير من الخطباء والكتاب كلما ضعف إيمانهم عن التصديق بحديث حتى ولو كان
متواتراً عند أهل العلم بالحديث كحديث نزول عيسى في آخر الزمان فإنهم
يتسترون بقولهم« :حديث اآلحاد ال تثبت به عقيدة» .وموضع العجب أن قولهم هذا
هو نفسه عقيدة كما قلت مرة لبعض من ناظرتهم في هذه المسألة .وبناء على ذلك
فعليهم أن يأتوا بالدليل القاطع على صحة هذا القول ،وإال فهم متناقضون فيه .وهيهات
هيهات فإنهم ال دليل لهم إال مجرد الدعوى ومثل ذلك مردود في األحكام فكيف في
العقيدة؟ وبعبارة أخرى :لقد فروا من القول بالظن الراجح في العقيدة فوقعوا فيما هو
أسوأ منه ،وهو قولهم بالظن المرجوح فيها .فاعتبروا يا أولى األبصار!! وما ذلك إال
بسبب البعد عن التفقه بالكتاب والسنة واالهتداء بنورهما مباشرة واالنشغال عنه بآراء
الرجال))( .)1انتهى.
الوجه الثاني :تقرير وجوب العمل بهذه األحاديث بداللة النصوص وعمل السلف.
فأما داللة النصوص على وجوب األخذ بأحاديث اآلحاد في العقيدة فمنها:
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ أوالً :ما يشمله قوله ﭚ في آية ﭑ ﭒ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ [األحزاب.]53:
وهكذا أمره تعالى بإطاعة نبيه والنهي عن عصيانه والتحذير من مخالفته،
وثناؤه على المؤمنين الذين يقولون عندما يُ ْد َع ون للتحاكم إلى الله ورسوله :ﮮ
ﮯﮰ كل ذاك يدل على وجوب طاعته واتباعه في العقائد واألحكام.
وأيضاً قوله تعالى :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ [الحشر ]7 :فإن ((ما)) من ألفاظ العموم
والشمول كما هو معلوم .وأنت لو سألت هؤالء القائلين بوجوب األخذ بحديث اآلحاد
في األحكام عن الدليل عليه الحتجوا بهذه اآليات السابقة وغيرها مما لم نذكره
اختصاراً(.)1
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى :ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ
[التوبة.]888: ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ
ووجه االستشهاد بها :أن الله تبارك وتعالى حض المؤمنين على أن ينفر طائفة منهم
إلى النبي ليتعلموا منه دينهم ويتفقهوا فيه .وال شك أن ذلك ليس خاصاً بما يسمى
بالفروع واألحكام بل هو أعم .بل المقطوع به أن يبدأ المعلم بما هو األهم تعليماً وتعلماً.
ومما ال ريب فيه أن العقائد أهم من األحكام .و((الطائفة)) في لغة العرب تقع على الواحد
فما فوق .فلوال أن الحجة تقوم بحديث اآلحاد عقيدة وحكماً لما حض الله تعالى الطائفة
على التبليغ حضاً عاماً معلال ذلك بقوله :ﯼﯽ الصريح في أن العلم يحصل بإنذار
الطائفة؛ فاآلية نص في أن خبر اآلحاد حجة في التبليغ عقيدة وأحكاماً.
[اإلسراء ]53:أي: ومنها كذلك قوله تعالى :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ
ال تتبعه وال تعمل به .ومن المعلوم أن المسلمين لم يزالوا من عهد الصحابة يقفون أخبار
اآلحاد ويعملون بها ويثبتون بها األمور الغيبية والحقائق االعتقادية مثل بدء الخلق وأشراط
الساعة بل ويثبتون بها لله تعالى الصفات ،فلو كانت ال تفيد علماً وال تثبت عقيدة لكان
الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة اإلسالم كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم كما قال ابن
القيم رحمه الله تعالى في ((مختصر الصواعق))( .)2وهذا مما ال يقوله مسلم.
وأيضاً :فإن السنة قد دلت على األخذ بخبر اآلحاد في العقائد.
بيانه :أ ن السنة العملية التي جرى عليها النبي وأصحابه في حياته وبعد وفاته
تدل أيضاً داللة قاطعة على عدم التفريق بين حديث اآلحاد في العقيدة واألحكام وأنه
حجة قائمة في كل ذلك واألحاديث في ذلك كثيرة ،منها ما ذكره اإلمام البخاري في
صحيحه تحت باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في األذان والصالة والصوم
والفرائض واألحكام وقول الله تعالى :وقول الله تعالى :ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ
[التوبة.]888: ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ
ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [الحجرات ]3:فلو اقتتل
[الحجرات]3 : ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ رجالن دخال في معنى اآلية .وقوله تعالى :ﭢ
وكيف بعث النبي أمراءه واحداً بعد واحد ،فإن سها أحد منهم ُرَّد إلى السنة.
ثم ساق اإلمام البخاري أحاديث مستدالً بها على ما ذكر من إجازة خبر
الواحد ،والمراد بها جواز العمل والقول بأنه حجة فأسوق بعضاً منها:
األول :عن مالك بن الحويرث قال :أتينا النبي ونحن شببة متقاربون ،فأقمنا
عنده نحوا من عشرين ليلةً ،وكان رسول الله رفيقاً ،فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو
عم ن تركنا بعدنا ،فأخبرناه قال « :ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، قد اشتقنا سألنا َّ
وعلموهم ومروهم .وصلوا كما رأيتموني أصلي» .الحديث(.)1
فقد أمر كل واحد من هؤالء الشببة( )2أن يعلم كل واحد منهم أهله والتعليم
يعم العقيدة بل هي أول ما يدخل في العموم فلو لم يكن خبر اآلحاد تقوم به الحجة لم
يكن لهذا األمر معنى.
الثاني :عن أنس بن مالك :أن أهل اليمن قدموا على رسول الله فقالوا:
ابعث معنا رجالً يعلمنا السنة واإلسالم .قال :فأخذ بيد أبي عبيدة فقال« :هذا أمين
هذه األمة»(.)3
قلت( :)4فلو لم تقم الحجة بخبر الواحد لم يبعث إليهم أبا عبيدة وحده وكذلك
يقال في بعثه صلى الله عليه وسلم إليهم في نوبات مختلفة أو إلى بالد منها متفرقة غيره
من الصحابة رضي الله عنهم كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي موسى األشعري
وأحاديثه م في " الصحيحين " وغيرهما ومما ال ريب فيه أن هؤالء كانوا يعلمون الذين
أرسلوا إليهم العقائد في جملة ما يعلمونهم فلو لم تكن الحجة قائمة بهم عليهم لم
يبعثهم رسول الله أفردا ألنه عبث يتنزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا
( )1صحيح البخاري ،كتاب اآلحاد ،باب :ما جاء إجازة خبر الواحد الصدوق في األذان والصالة والصوم
والفرائض واألحكام (جـ )833/0ح (.)7843
( )2الشببة جمع شاب .ينظر الفائق للزمخشري (.)383/3
( )3أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ( .)8008/4ورواه البخاري مختصراً .حديث رقم (.)7833
( )4الزال الكالم موصوالً عن العالمة األلباني ـ رحمه الله ـ.
073 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
معنى قول اإلمام الشافعي رحمه ال له تعالى في "الرسالة((( :")1وقد كان قادراً على أن
يبعث إليهم فيشافههم أو يبعث إليهم عدداً فبعث واحدا يعرفونه بالصدق ،وهو ال يبعث
بأمره إال والحجة للمبعوث إليهم وعليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله .فإذا كان
هكذا مع ما وصفت من مقدرة النبي على بعثه جماعة إليهم كان ذلك إن شاء الله
فيمن بعده ممن ال يمكنه ما أمكنهم وأمكن فيهم أولى أن يثبت به خبر الصادق))(.)2
انتهى.
وأما عمل السلف بخبر الواحد في العقائد فيشهد له رجوع التابعين إلى آحاد
الصحابة في كثير من مسائل العقيدة التي قد أشكلت عليهم.
ومن األمثلة على ذلك:
وح َم يد بن عبد الرحمن الحميري( )4إلى عبد الله
ُ
() 3
8ـ رجوع يحيى بن يعمر
بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لما ظهرت بدعة القدرية( )5بالبصرة ،وهو في صحيح
مسلم(.)6
8ـ ما جاء عن مجاهد بن جبر ـ رحمه الله ـ أنه قال :لقد عرضت القرآن على
ا بن عباس ثالث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم أنزلت؟ وفيم كانت؟( )7وذلك
يشمل العقائد بال شك.
عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ 5ـ إرسال علي بن أبي طالب َ
لمناظرة الخوارج ،ورجوع الكثير منهم إلى قوله(.)1
كما أن القول بقبول خبر الواحد في العقائد أمر مجمع عليه بين السلف في
روايتهم ألحاديث ال صفات ومسائل القدر ،وأصول اإليمان ،والشفاعة والحوض ،والجنة
والنار ،والوعد والوعيد ،وفضائل النبي ومناقب أصحابه ،وأخبار األنبياء المتقدمين،
وغير ذلك مما يكثر ذكره .فإذا قلنا خبر الواحد ال يجوز أن يوجب العمل حملنا أمر
األمة في نقل هذه األخبار على الخطأ ،وجعل ناهم الغين هاذين ،مشتغلين بما ال يفيد
أحداً شيئاً وال ينفعه ،ويصير كأنهم قد دونوا في أمور الدين ما ال يجوز الرجوع إليه
واالعتماد عليه(.)2
ثم إن هذا القول في األصل منبني على أساس أن العقيدة ال يقترن معها عمل،
واألحكام العملية ال يقترن معها عقيدة ،وكال األمرين باطل.
قال ابن الموصلي ناقالً عن بعض أهل التحقيق(( :الفرعيات :هي المسائل العملية
والمطلوب منها أمران :العلم والعمل .والمطلوب من العلميات العلم والعمل أيضاً ،وهو حب
القلب وبغضه وحبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته ،وبغضه للباطل الذي يخالفها ،فليس
العمل مقصوراً على عمل الجوارح ،بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح ،وأعمال الجوارح
تبع ،فكل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه ،وذلك عمل ،بل هو أصل
العمل ،وهذا مما غفل عنه كثير من المتكلمين في مسائل اإليمان حيث ظنوا أنه مجرد
التصديق دون األعمال ،وهذا من أقبح الغلط وأعظمه ،فإن كثيراً من الكفار كانوا جازمين
بصدق النبي غير شاكين فيه ،غير أنه لم يقترن بذلك التصديق عمل القلب من حب ما
جاء به والرضا به وإرادته والمواالة والمعاداة عليه.
فال تهمل هذا الموضع فإنه مهم جداً به تعرف حقيقة اإليمان.
فالمسائل العلمية ع ملية ،والمسائل العملية علمية؛ فإن الشارع لم يكتف من
بمجرد العلم دون
َّ بمجرد العمل دون العلم ،وال في العلميات َّ المكلفين في العمليات
العمل))( .)1انتهى.
وأوضح ذلك العالمة األلباني ـ رحمه الله ـ فقال(( :ومما يوضح لك أنه ال بد من
اقتران العقيدة في العمليات أيضاً أو األحكام :أنه لو افترض أن رجالً يغتسل أو يتوضأ
للنظافة ،أو يصلي تريضاً ،أو يصوم تطبباً ،أو يحج سياحة ،ال يفعل ذلك إال معتقداً أن الله
تبارك وتعالى أوجبه عليه وتعبده به لما أفاده شيئاً ،كما ال تفيده معرفة القلب إذا لم تقترن
بعمل القلب الذي هو التصديق كما تقدم(.)2
فإذن كل حكم شرعي عملي يقترن به عقيدة ـ وال بد ـ ترجع إلى اإليمان بأمر غيبي
ال يعلمه إال الله تعالى ،ولوال أنه أخبرنا به في سنة نبيه لما وجب التصديق به والعمل
به .ولذلك لم يجز ألحد أن يحرم أو يحلل بدون حجة من كتاب أو سنة .قال الله تعالى:
ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ [النحل .]883:فأفادت هذه اآلية الكريمة أن التحريم والتحليل بدون إذن منه
كذب على الله تعالى وافتراء عليه ،فإذا كنا متفقين على جواز التحليل والتحريم بحديث
التقول على الله ،فكذلك يجوز إيجاب العقيدة بحديث اآلحاد اآلحاد ،وأننا به ننجو من َّ
وال فرق ،ومن ادعى الفرق فعليه البرهان من كتاب الله وسنة رسوله ،ودون ذلك خرط
القتات!))( .)3انتهى.
ثم إن القول بعدم األخذ بخبر الواحد تلزم منه لوازم كفرية باطلة ،منها:
8ـ رفع الثقة بالشريعة كلها ،ألن تسعة أعشار الشريعة آحاد ،فالمتواتر قليل.
وأوصله بعضهم إلى ثالثمائة حديث.
8ـ وإذا رفعت الثقة بالشريعة بطل العمل بها.
5ـ أن هذا القول يلزم منه القدح في الرب سبحانه وتعالى ،ألنه أرسل آحاداً ،وكتباً
ال تَـْبـلُغ للناس بطريق يثبت عند هؤالء .فتكون الشريعة عبث .أو أنها وقتية تقوم بها الحجة
على من عاصر الرسول فقط.
والجدير بالذكر هنا أن عدم األخذ بخبر الواحد من األسباب التي َّأدت إلى
اإلعراض عن السنة دراسةً واتباعاً.
وهناك أصول وقواعد أخرى أقامها الخلف َّأدت أيضاً إلى اإلعراض عن دراسة
السنة واتباعها( )1ذكرها أ هل العلم تجدر اإلشارة إليها هنا؛ هي:
أ ـ تقديم القياس على خبر اآلحاد(.)2
ب ـ رد خبر اآلحاد إذا خالف األصول(.)3
جـ ـ رد الحديث المتضم ن حكماً زائداً على نص القرآن بدعوى أن ذلك نسخ
له والسنة ال تنسخ القرآن(.)4
د ـ عدم جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد(.)5
هـ ـ تقديم عمل أهل المدينة على الحديث الصحيح(.)6
ي ـ القول بانقطاع االجتهاد في هذه األعصار وتحريم أخذ األحكام من أدلتها
الشرعية ،واالكتفاء بالتقليد.
3ـ المنازعة ألقدار الله تعالى بالتسخط منها:
التسليم لقضاء الله وقدره بقبوله بالرضى وترك المنازعة من مقتضيات التوحيد،
ألن مفهوم التوحيد عام يشمل أَ ْم َر الرب وفعلَه بالعبد ،والقدر هو فعل الرب؛ فالواجب
التسليم له كما يُسل م لألمر ،وذلك بترك التسخط والتردد .فعدم التسليم لفعل الرب ينافي
كمال القبول لشهادة أن ال إله إال الله.
ووجه ذلك أن من مقتضيات القبول لشهادة أن ال إله إال الله الرضى بربوبية الله
يتضمن الرضى بتدبيره لعبده ،ويتضمن إفراده بالتوكل عليه، تعالى ،وذلك ـ كما تقدم ـ (( َّ
واالستعانة به ،والثقة به ،واالعتماد عليه ،وأن يكون راضياً بكل ما يَفعل به؛ فاألول:
يتضمن رضاه بما يـُ َقدر عليه))( ،)1وترك التسليم لقضاء يتضمن رضاه بما يؤمر به ،والثانيَّ : َّ
الله ينافي هذا الرضى.
وبذلك يتبين عالقة القدر بربوبية الله تعالى ،وأنه من مقتضيات الربوبية ،فالواجب
مقابلة ما يقدره الله على العبد من المصائب والمحن بالرضى والقبول وترك المنازعة والتسخط.
وقد اختلف العلماء في الرضى بالمقدور هل هو واجب أو مستحب؟ على قولين
مشهورين عند أهل السنة؛ والصحيح أنه مستحب(.)2
وأما الرضى بالقدر الذي هو وصف الرب سبحانه وتقديره وفعله وحكمته فذلك
واجب باتفاق أهل السنة.
يقول ابن القيم(( :وأما القضاء الذي هو وصفه سبحانه وفعله؛ كعلمه وكتابته وتقديره
ومشيئته فالرضا به من تمام الرضا بالله رباً وإلهاً ومالكاً ومدبراً))(.)3
وبعض أهل العلم ذكر تفصيالً حسناً في هذه المسألة حيث بيَّن أن القضاء الذي
هو فعل الرب أنواع يختلف الحكم فيها بحسب هذه األنواع(:)4
شرعي ،فهذا الرضى به واجب ،من أفرض الفروض ،بل ٌ وح ْك ٌم
أحدها :قضاء ديني ُ
ال يتم اإليمان إال به قال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞﭟﭠ
[األحزاب ،]53 :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ إلى آخر اآلية [النساء ،]33 :فيجب على
كل مؤمن أن يرضى بأحكام الله الشرعية ويتلقاها بالقبول والسمع والطاعة ،ولهذا قال
المؤمنون ملتزمين لها :سمعنا وأطعنا.
الثاني :قضاؤه على عبده فيما يحب للعبد من صحة بدنه وسعة رزقه وحصول
منافعه واندفاع مضاره ،فهذا ال بد له فيه من الرضى طبعاً ألنه من مطالب النفوس ،ولكن
يجب في هذا النوع الشكر لله والثناء عليه بما أولى ،والحذر من األشر والبطر والعصيان.
الثالث :قضاؤه على عبده المكاره والمصائب فبعض العلماء يرى وجوب الرضى
بها ،وأكثر العلماء ـ وهو الصحيح ـ أن الرضى مستحب .والرضى فيها غير الصبر فإن الصبر
واجب باالتفاق ،فالصبر أن ال يتسخطها بقلبه وال بلسانه وال بجوارحه ،فإذا صبَّر نفسه عن
هذا السخط فهو صابر ،ولو كان قلبه يحب أن ال يكون المصيبة ،وأما الرضى فهو على
ذلك قلبه راضي وبما قسم الله غير مختار على ربه ،وهذا أعلى؛ ألنه متضمن الصبر وزيادة
طمأنينة القلب ،وأن ال يكون له إرادة تخالف ما قضاه الله عليه.
الرابع :قضاؤه على عبده الطاعات والمعاصي؛ فيجب الرضاء بالطاعات الواقعة منه
ومن غيره ومحبتها ،وكراهة المعاصي الواقعة منه ومن غيره .فالرضى والكراعة في هذين
النوعين يرجعان إلى فعل العبد ،وذلك راجع إلى موافقة الرب في محبته للطاعات وكراهته
للمعاصي ،وحكمه بالتفريق بينهما في أحكام الدنيا واآلخرة؛ فعلينا أن نوافق الله في ذلك،
وأما من جهة تقدير الله وفعل الرب التي نشأت عنه؛ فعلينا أن نرضى بها من هذه الجهة
موافقين لربنا في ذلك ،فإنه قضى الخير والشر ،وأحب الخير وكره الشر الواقع بالعباد ،فهذا
التفصيل يزول اإلشكال في هذه المسألة العظيمة التي تحتاج إلى فرقان عملي ،ومن لم
يفرق هذا التفريق وقع في أنواع من الخطأ والجهاالت ،والله أعلم(.)1
3ـ االعتراض على حكمة الله في خلقه وأمره بأن يظن ب أن مقتضى الحكمة خالف ما
وقدر( :)2فهذا من الرد المنافي للقبول .فالتسليم التخلص من شرع وخالف ما قضى َّ
ذلك :بأن يُظَن بالله تعالى كمال الحكمة في خلقه وأمره ،كما قال تعالى عن نفسه:
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ [النمل ،]3:وقال :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
[فصلت .]48 :هذا في شأن األمر .وأما في شأن الخلق فقال عن نفسه :ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [األنبياء.)3(]83 :
ومن الف َرق المخالفة في ذلك أدعياء الحكمة والتعليل من المعتزلة حيث
يعترضون على كثير من أحكام الله تعالى بحجة أنها تنافي الحكمة وتعارض األصلح في
حق الله تعالى .ولذا جعلوا من أصولهم وجوب مراعاة األصلح على الله تعالى ،وذلك
الح َس َن في حق الله تعالى ما استحسنه بمقتضى العقل ال بمقتضى الشرع ،ولذا جعلوا َ
ورَّده لذاته(.)1
العقل وقَبلَه لذاته ،والقبيح ما استقبحه العقل َ
وأما أهل السنة والجماعة فإنهم توس طوا بين الفرق ،فلم ينكروا الحكمة والتعليل
في أفعال الله كما تفعله الجبرية ولم يغلوا في هذا الباب كما تفعله المعتزلة بل قالوا إن
أن الواجب التسليم لحكم الله يفعل لحكمة ،وهذه الحكمة قد تظهر لنا وقد ال تظهر ،و َّ
الله تعالى ظهرت حكمته أو لم تظهر.
لح ْكم تظهر حكمته بمحض العقل ـ وهذا بإزاء المعتزلة ،فإنهم ال يُسلمون إال ُ
عندهم ـ ال الشرع(.)2
( )1انظر :شفاء العليل (ص ،)448 :ومجموع الفتاوى ( 38/0ـ .)38وانظر :لتقرير مذهبهم المعتمد ألبي الحسين
البصري (.)783/8
( )2وقد أبطل أهل السنة هذا المذهب بما يأتي:
حسن العقل أو قبَّح لذاته ،لما اختلف الفعل الواحد ُح ْسناً وقُبحاً ،لكنه اختلف ،فال يكون كل منهما
أنه لو َّ
ذاتياً ،ألن ما بالذات ال يختلف ،وإال لزم اجتماع النقيضين.
بيان المالزمة :هو أن الذاتي للشيء ال ينفك عنه ،فيستلزم ذلك أن ال يختلف ،ألنه يؤدي إلى االنفكاك.
حداً ،ويقبح ظلماً ،والكذب بيان دفع التالي هو :أن الفعل الواحد يحسن تارةً ،ويقبح أخرى؛ فالقتل يحسن َّ
يحسن انقاذاً لنبي أو مظلوم ،ويقبح إهالكاً لنبي أو مظلوم .فلو كان قبحهما ذاتياً لهما لكانا قبيحْين أين ُوجدا.
وكذلك ما نُسخ من الشريعة ،لو كان حسنه لذاته ،لم يَستَحل قبيحاً ،ولو كان قبحه لذاته ،لم يَستَحل حسناً
بالنسخ.
وأيضاً :لو كان الفعل حسناً لذاته المتنع الشارع من نسخه قبل إيقاع المكلَّف له وقبل تمكنه منه ،ألنه إذا كان
حسناً لذاته فهو ُمنشأٌ للمصلحة الراجحة ،فكيف يُنسخ ولم تحصل منه تلك المصلحة؟ وأجاب المعتزلة عن
وجوزوا وقوع النسخ قبل
هذا بالتزامه ومنعوا النسخ قبل وقت الفعل .ونازعهم جمهور هذه األمة في هذا األصل َّ
حضور وقت الفعل ،واستدلوا عليه بالوقوع.
انظر :مفتاح دار السعادة ( ،) 87،48 / 8والمعتمد ( 483 / 8ـ ،) 487وروضة الناظر ( ،) 884 / 8
والوصف المناسب (ص.) 44 :
003 شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله
وهذا عين ال محادة والمنازعة ألمر الله تعالى؛ فبعقل َم ْن يُوزن حكم الله
ورسوله؟!!
وقد بيَّ ن ابن القيم ـ رحمه الله ـ خطورة هذا المسلك وما يؤدي إليه من ضعف
القبول واالنقياد أو تركه بالكلية فقال ـ رحمه الله ـ (( :ومن العلل التي توهن االنقياد :أن
يُعلَّل الحكم بعلة ضعيفة ،لم تكن هي الباعثة عليه في نفس األمر .فيضعف انقياد العبد
إذا قام عنده أن هذه هي علة الحكم .ولهذا كانت طريقة القوم عدم التعرض لعلل
التكاليف خشية هذا المحذور.
وفي بعض اآلثار القديمة« :يا بني إسرائيل ال تقولوا :ل َم أََمر ربنا؟ ولكن قولوا:
ب َم أََمر ربنا؟».
وأيضاً :فإنه إذا لم يُمتَـثَل األمر حتى تظهر له علتُه ،لم يكن منقاداً لألمر .وأقل
درجاته :أن يضعف انقياده له.
وأيضاً :فإنه إذا نظر إلى ح َك م العبادات والتكاليف ـ مثالً ـ وجعل العلَّة فيها هي:
جمعية القلب ،واإلقبال به على الله .فقال :أنا أشتغل بالمقصود عن الوسيلة .فاشتغل
بجمعيته وخلوته عن أوراد العبادات فعطلها ،وترك االنقياد بحمله األمر على العلة التي
أذهبت انقياده.
وكل هذا من ترك تعظم( )1األمر والنهي .وقد دخل من هذا الفساد على كثير من
الطوائف ما ال يعلمه إال الله ،فما يُدرى ما أوهنت العلل الفاسدة من االنقياد لله؛ فكم
وحرمت من مباح؟ وهي التي اتفقت كلمة عطلت لله من أمر .وأباحت من نهيَّ .
السلف على ذم ها))( .)2انتهى.
فهذه بعض الصور المنافية لشرط القبول ووجوه منافاتها .وبها نختم الكالم على
شرط القبول ،وهناك مباحث أخرى متعل قة بهذا الشرط ستأتي في شرط االنقياد ،وذلك
لشمول القبول لالنقياد كما تقدم ،وكما سيأتي.
( )1بعض أهل العلم يعبر عنه بشرط االلتزام .يقول المعلمي ـ رحمه الله ـ في صدد بيانه لهذه الشروط(( :ومنها أن
يكون النطق على سبيل االلتزام))[ .رفع االشتباه (ص.])63 :
( )2هو :محمد بن علي بن عطية ،أبو طالب المكي ،الزاهد الواعظ ،صاحب «قوت القلوب» ،نشأ بمكة ،حدث
عن علي بن أحمد المصيصي والمفيد ،وكان مجتهداً في العبادة .حدث عنه عبد العزيز األزجي وغيره .وله في
قوت القلوب أقوال منكرة في الصفات .مات سنة ست وثمانين وثالثمئة .انظر :ميزان االعتدال ( 36233ـ
،)235ولسان الميزان (.)633/7
883 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
ومن وجوه اشتراط االنقياد أيضاً :أن جانب االلتزام( )1هو المغلب في شهادة أن ال إله
المحارب ،وإن لم يسمع شيئاً من البراهين المبطلة ِّ إال الله ،بداللة االكتفاء بها من المشرك
للشرك .ففي الحديث أن أم سليم؛ وهي أم أنس بن مالك ،بعد تأيُّ ِّمها( )2من أبيه ،جاء أبو
طلحة يخطبها وهو مشرك ،فأبت عليه إال أن ي ْسلِّم ،فذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله
وسلم لي ْسلِّم ،فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال« :جاء أبو طلحة غرة اإلسالم
بين عينيه»(.)3
بل قال تبارك وتعالى :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ
[الحجرات.]19 : ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ
فهؤالء شهدوا أن ال إله إال الله على سبيل االلتزام ،وقبلت منهم ،مع شهادة أن ال إله
إال الله تعالى عليهم بأنه لم يدخل اإليمان في قلوبهم ،وبذلك انتفى صدق االعتراف،
وانتفى التصديق ،وانتفى الرضا الحقيقي ،فلم يبق إال االلتزام؛ فتدبر.
وقد قال العلماء أن ((لما)) النافية تشعر بأن المنفي سيقع بعد ذلك(.)4
ومن األوجه أيضاً التي ذكرها أهل العلم في اشتراط االنقياد أن من مراتب الشهادة ـ كما
تقدم ـ اإلعالم واإلخبار ،وهو نوعان :إعالم بالقول ،وإعالم بالفعل ،وهذا شأن كل م ْعلِّم لغيره
بأمر ،تارة يـ ْعلِّم به بقول ،وتارة يـ ْعلِّم به بِِّّف ْعل ،ولهذا كان من جعل داره مسجداً وأبرزها وفتح
طريقها وأذن للناس بالدخول والصالة فيها م ْعلِّماً أنها وقف وإن لم يتلفظ.
ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل قوله تعالى :ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎ ﮏﮐ [التوبة ]15 :فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه ،وكذا القائل
لهذه الكلمة فال بد أن يشهد بعمله على صدق شهادته ،وال يكون ذلك إال بانقياد في
الظاهر(.)5
هذه بعض األوجه الدالة على اشتراط االنقياد لصحة الشهادة ،وسيأتي من نصوص
الكتاب والسنة وأقوال سلف األمة ما يدل على صحة هذا االشتراط في المباحث المعنونة
لذلك.
والحديث عن شرط االنقياد سيكون تحت المباحث التالية:
886 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
وحده الذي يشترط في شهادة أن ال إله إال الله. المبحث األول :معنى االنقياد ُّ
االنقياد معناه في اللغة :مأخوذ من أصل ثالثي صحيح ،هو(( :قـود))(.)1
وهذا األصل يدور في اللغة على معان عدة ،والذي يهمنا هنا معنيان:
األول :ما كان نقيض الس ْوق؛ فالق ْود من أمام والس ْوق من خلف .يقال :قاد البعير إذا
جره خلفه(.)2
وعلى هذا المعنى يكون االنقياد السير إثر الغير .أي :إتباعه.
الثاني :الخضوع( .)3يقال :ق ْدته فانقاد لي ،إذا أعطاك مقادته وخضع لك(.)4
وعلى هذا ،فيكون االنقياد خضوعاً وإذعاناً للغير.
وأما االنقياد في االصطالح فقد اختلفت فيه عبارات أهل العلم والمؤدى واحد.
فمما قيل في تعريفه:
قال ابن عقيل(( :والطاعة واالنقياد واإلتباع نظائر ،فإنها االستجابة بسهولة))(.)5
وعرفه شيخ اإلسالم فقال(( :وهذا االنقياد واالستسالم هو نوع من اإلرادة والعمل))(.)6
وقال الطوفي(( :االنقياد هو المتابعة مع المطاوعة))(.)7
وقال ابن جبرين(( :االنقياد :هو االستسالم واإلذعان ،وعدم التعقيب لشيء من أحكام
الله تعالى))(.)8
حده وكلها يدور حول االستسالم والطاعة ،واإلتباع هذه بعض أقوال أهل العلم في ِّ
وسرعة االستجابة.
واالنقياد الشرعي يحصل بالعمل واإلذعان لما فرضه الله وترك ما حرمه والتزام ذلك.
ألن اإلسالم حقيقة :أن يسلم العبد بقلبه وجوارحه لله ،وينقاد له بالتوحيد والطاعة ،ولنبيه
بصدق المتابعة(.)1
وبذلك يتبين تقارب المعنى اللغوي والمعنى االصطالحي الشرعي لالنقياد ،وأن المعنى
الشرعي لالنقياد مستمد من المعنى اللغوي.
كما يظهر من هذا التعريف أيضاً أن االنقياد نوعان :انقياد التألُّه وإقامة الوجه ،وهذا لله
وحده .وانقياد التشريع وطاعة األمر والنهي ،وهذا للنبي وحده.
وأما المراد بشرط االنقياد فهو :أقل ما يقع عليه اسم االنقياد المنافي للترك ،وهو
االنقياد ألصل مقتضاها العملي( ،)2وذلك إنما يحصل بأدنى العمل الظاهر الالزم لصحة
اإليمان المتحقق به .وسيأتي بيان هذا القدر من العمل الظاهر الذي يتحقق به شرط
االنقياد عند الكالم على مراتب األعمال في مبحث ما ينافي شرط االنقياد ،ألنه األلصق
مقاماً به.
واالنقياد كما أنه يكون بالظاهر ،فإن له أصالً في الباطن ،وتفصيل ذلك في المبحث
التالي:
( )1انظر :مختصر الصواعق المرسلة ( ،)1785/9ومجموع الفتاوى ( ،)663/11والصارم المسلول ( 835/6ـ
،)838وإغاثة اللهفان (.)8/1
( )2مجموع الفوائد واقتناص األوابد للسعدي (ص 98 :ـ .)73
(( )3جـ 22/1ـ )26كتاب اإليمان ،باب :فضل من استبرأ لدينه ح ( .)72وأخرجه مسلم كتاب المساقاة
( 1218/6ـ )1223ح (.)1788
883 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
الرضى ،وتعظيم الله سبحانه وتعالى(.)1 والرهبة ،والمراقبة ،والتوكل ،و ِّ
وهذه األعمال تضمنتها شروط كلمة التوحيد ـ كما تقدم ـ إما بالمطابقة ،أو
بالتضمن ،أو باالستلزام(.)2
ُّ
وبهذا يتبين أهمية االنقياد القلبي وعالقته بشروط كلمة التوحيد.
إال أن هذا االنقياد يتفاوت نظراً لتفاوت هذه األعمال ،فما في القلوب من أعمال
وإيمان يتفاوت الناس فيه تفاوتاً عظيماً ال ينضبط بمقدار.
وفي ذلك يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :وما في القلوب ،يتفاضل ال يعرف
مقادير ما في القلوب من اإليمان إال الله))( .)3انتهى.
ودليل هذا التفاضل:
أوالً :النصوص الدالة على زيادة اإليمان ونقصانه ،وهي كثيرة في الكتاب والسنة،
ومنها قوله تعالى :ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷ إلى قوله :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ [األنفال 2 :ـ .]9وقوله :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ
ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [التوبة ،]129 :وقوله :ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ [محمد .]15 :ومن السنة قوله « :أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»(،)4
وقوله« :م ْن أحب لله ،وأبغض لله ،وأعطى لله ،ومنع لله فقد استكمل اإليمان»( ،)5وقوله
( )1المراد بتعظيم الله تعظيم أمره ونهيه ،فيكون تعظيم المؤمن ألمر الله تعالى ونهيه داالً على تعظيمه لصاحب
األمر والنهي .يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الوابل الصيب (ص( :)23 :فبحسب هذا التعظيم يكون من
األبرار المشهود لهم باإليمان والتصديق ،وصحة العقيدة والبراءة من النفاق األكبر)[ .وانظر :لما قبله نفس
المصدر (ص.])23 :
( )2انظر( :ص.)167 :
( )3منهاج السنة ( ،)222/3ومجموع الفتاوى (.)958/3
( )4أخرجه أبو داود في كتاب السنة من سننه ،باب :الدليل على زيادة اإليمان ونقصانه ( )223/9ح (،)9382
والترمذي في كتاب الرضاع ،باب :ما جاء في حق المرأة على زوجها ( )933/6ح ( ،)1132والبيهقي في
السنن ( ،)182/13والحاكم في المستدرك ( .)69/1وقال :صحيح على شرط مسلم .وحكم األلباني ـ رحمه
الله ـ بأنه صحيح في مواضع من كتبه منها :صحيح سنن أبي داود ( ،)223/9وصحيح الجامع (.)9382
( )5أخرجه أبو داود في كتاب السنة من سننه ،باب :الدليل على زيادة اإليمان ونقصانه ( )223/9ح (،)9381
وابن أبي شيبة في المصنف ( ،)151/3والحاكم في المستدرك ( )158/2وقال :صحيح على شرط الشيخين
=
885 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
« :ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»( ،)1وقوله« :يخرج من النار من كان في قلبه
مثقال حبة من خردل من إيمان»(.)2
ووجه االستدالل بها :أن هذه األعمال هي حقائق اإليمان الذي في القلب ،فزيادة
معنى.
اإليمان يقتضي تفاضلها في أنفسها وإال إذا تماثل الناس فيها لما كان لزيادة اإليمان ً
ثانياً :بما علِّم بالضرورة التي يجدها العبد من نفسه من تفاضل هذه األعمال في
القلوب ،والتفاوت في تحقيقها(.)3
ثالثاً :التالزم بين الظاهر والباطن؛ فإن هذه األعمال موجبة ومقتضية ألعمال الظاهر
ـ كما سيأتي توضيحه ـ ،ونجد في الشاهد أن هذه األعمال متفاضلة ،فتفاضل معلول هذه
األعمال يقتضي تفاضلها في أنفسها ،وإال فإذا تماثلت األسباب الموجبة لزم تماثل موجبها
ومقتضاها؛ فتفاضل الناس في األعمال الظاهرة يقتضي تفاضلهم في موجب ذلك
ومقتضيه(.)4
وهذا التفاضل في أعمال القلوب يدل على تفاضل الناس في اإليمان ،وأنهم ليسوا
على درجة واحدة فيه ،وهو مما يشهد ألصل أهل السنة :أن اإليمان يزيد وينقص وأهله
يتفاضلون فيه كما أشرنا لذلك مراراً.
المطلب الثاني :انقياد الجوارح.
المراد بانقياد الجوارح قيام هذه الجوارح بما شرع الله لها من أعمال اإليمان
الظاهرة ،وهي كثيرة .فمراتب األعمال متعددة ،منها ما ال يصح اإليمان إال به ،ومنها ما هو
شرط للكمال الواجب إذ ينتفي كمال اإليمان بانتفائه ،ومنها ما يكون شرطاً للكمال
المستحب .وسيأتي بيان ذلك عند الكالم على مراتب هذه الشعب عند بيان ما ينافي
ــــــــــ
ولم يخرخاه .والحديث حكم عليه األلباني بأنه صحيح في مواضع من كتبه؛ منها :السلسلة الصحيحة (،)683 =
وصحيح الترغيب والترهيب (.)6328
( )1أخرجه البخاري في كتاب المظالم ،باب النهبى بغير إذن صاحبه (جـ )193/6ح ( ،)2959ومسلم في كتاب
اإليمان ( .)53/1وبوب عليه النووي :باب بيان نقصان اإليمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على
إرادة نفي كماله.
( )2أخرجه البخاري في كتاب اإليمان (جـ ،)16/1باب :تفاضل أهل اإليمان في األعمال ح (.)22
( )3انظر :مجموع الفتاوى (.)739/5
( )4مجموع الفتاوى (.)736/5
888 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
( )1انظر :شرح النووي على صحيح مسلم (جـ ،)121/13وجامع العلوم والحكم (ص.)36 :
( )2مجموع الفتاوى (.)789/5
( )3ذكره ملخصاً الدكتور صالح العقيل في كتابه منـزلة اإليمان عند أهل السنة والجماعة (ص .)19 :وانظر :أصله في
مجموع الفتاوى ( 781/5ـ .)789
( )4رواه ابن أبي شيبة في اإليمان رقم ( ،)86وابن بطة في اإلبانة ( ،)837/2والبيهقي في شعب اإليمان
( ،)83/1وأورده الحكيم الترمذي في نوادر األصول ( ،)13/6وأورده شيخ اإلسالم ابن تيمية في مجموع
الفتاوى ( 286/5ـ .)289ثم قال :وهذا مشهور عن الحسن يروى عنه من غير وجه .انتهى.
833 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
فجعل ـ رحمه الله ـ مصداق إيمان القلب ودليله العمل الظاهر ،فإذا انتفى العمل
الظاهر كان ذلك دليالً على انتفاء العمل الباطن(.)1
وقريب من قول الحسن ـ رحمه الله ـ ما جاء عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ـ رحمه
الله ـ(( :صالح القلب بصالح العمل ،وصالح العمل بصالح النية))( ،)2حيث أناط صالح
القلب بصالح العمل ،وصالح العمل بصالح القلب.
وقال محمد بن نصر المروزي(( :فأصل اإليمان هو التصديق بالله وما جاء من
عنده ...،وعنه يكون الخضوع لله ألنه إذا صدق بالله خضع له وإذا خضع أطاع ...ومعنى
التصديق هو المعرفة بالله واالعتراف له بالربوبية بوعده ووعيده وواجب حقه وتحقيق ما
صدق به من القول والعمل ...فمن التصديق بالله يكون الخضوع لله ،وعن الخضوع تكون
الطاعات ،فأول ما يكون عن خضوع القلب لله الذي أوجبه التصديق من عمل الجوارح
اإلقرار باللسان)) .)3
(
وقال أيضاً(( :أصل اإليمان هو التصديق ،وعنه يكون الخضوع؛ فال يكون ِّ
مصدقاً إال
خاضعاً وال خاضعاً إال ِّ
مصدقاً ،وعنهما تكون األعمال))(.)4
فنص ـ رحمه الله ـ على أن تصديق الباطن يوجب عمل الظاهر ،مما يبين حقيقة هذا
التالزم بين الظاهر والباطن ،وأنه متى سلم الباطن سلم الظاهر؛ ففساد الظاهر دليل على
فساد الباطن.
وقال اآلج ِّري ـ رحمه الله ـ مقرراً ذلك(( :فاألعمال ـ رحمكم الله ـ بالجوارح تصديق
يصدق اإليمان بعمله بجوارحه؛ مثل الطهارة والزكاةعن اإليمان بالقلب واللسان ،فمن لم ِّ
والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ،ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً ،ولم
تنفعه المعرفة والقول .وكان تركه للعمل تكذيباً إليمانه ،وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه
إليمانه))(.)5
فجعل ـ رحمه الله ـ أعمال الجوارح دليالً لتحقق إيمان الباطن وتـ ْرك هذه األعمال
تكذيباً لهذا اإليمان ،مما يدل على هذا التالزم بين الظاهر والباطن؛ فيلزم من إيمان الباطن
إيمان الظاهر.
وقال أبو طالب المكي(( :من كان عقده اإليمان بالغيب وال يعمل بأحكام اإليمان
وشرائع اإلسالم فهو كافر كفراً ال يثبت معه توحيد))(.)1
ففي كالم أبي طالب المكي ـ رحمه الله ـ ما يشير إلى هذا التالزم ،وهو أنه صرح
بأن التوحيد ال يثبت مع ترك العمل بجميع شرائع اإلسالم؛ فال إيمان صحيح إال مع عمل،
وال عمل صحيح إال مع إيمان.
وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في بيان هذا التالزم(( :ثم القلب هو األصل ،فإذا كان
فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة ،ال يمكن أن يتخلف البدن عما يريده
القلب ،ولهذا قال النبي في الحديث الصحيح« :أال وإن في الجسد مضغة إذا صلحت
صلح لها سائر الجسد ،وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ،أال وهى القلب» ...فإذا كان
القلب صالحاً بما فيه من اإليمان علماً وعمالً قلبياً لزم ضرورة صالح الجسد بالقول
الظاهر ،والعمل؛ فاإليمان( )2المطلق كما قال أئمة أهل الحديث قول وعمل ،قول باطن
وظاهر ،وعمل باطن وظاهر ،والظاهر تابع للباطن الزم له ،متى صلح الباطن صلح الظاهر،
وإذا فسد فسد ولهذا .قال من قال من الصحابة عن المصلى العابث :لو خشع قلب هذا
لخشعت جوارحه))(.)3
وقال في نص آخر(( :ثم الحب التام مع القدرة ،يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر
والعمل الظاهر ضرورة....
وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له ،لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من
األقوال الظاهرة ،واألعمال الظاهرة ،فما يظهر على البدن من األقوال واألعمال هو موجب
ما في القلب والزمه ،ودليله ومعلوله ،كما أن ما يقوم بالبدن من األقوال واألعمال له أيضاً
تأثير فيما في القلب ،فكل منهما يؤثر في اآلخر ،لكن القلب هو األصل والبدن فرع له،
والفرع يستمد من أصله ،واألصل يثبت ويقوى بفرعه ،كما في الشجرة التي يضرب المثل
لكلمة اإليمان بها))(.)1
ويقول في نص آخر أيضاً(( :أن اإليمان الذي في القلب من التصديق والحب وغير
ذلك يستلزم األمور الظاهرة من األقوال الظاهرة واألعمال الظاهرة ،كما أن القصد التام مع
القدرة يستلزم وجود المراد ،وأنه يمتنع مقام اإليمان الواجب في القلب من غير ظهور
موجب ذلك ومقتضاه))(.)2
بل قال ـ رحمه الله ـ(( :وقد تبين أن الدين البد فيه من قول وعمل ،وأنه يمتنع أن
يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله ،بقلبه أو بقلبه ولسانه ،ولم يؤد واجباً ظاهراً ال صالة ،وال
زكاة ،وال صياماً ،وال غير ذلك من الواجبات))(.)3
ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيان هذه المالزمة(( :فإنه يستحيل في العادة
والطبيعة أن يكون الرجل مصدقاً تصديقاً جازماً أن الله فرض عليه كل يوم وليلية خمس
صلوات ،وأنه يعاقبه على تركها أشد العقاب ،وهو مع ذلك مصر على تركها .هذا من
مصدق بفرضها أبداً؛ فإن اإليمان يأمر صاحبه المستحيل قطعاً ،فال يحافظ على تركها ِّ
بها ،فحيث لم يكن في قلبه ما يأمر بها ،فليس في قلبه شيء من اإليمان.
صغ إلى كالم من ليس له خبرة وال علم بأحكام القلوب وأعمالها ،وتأمل في وال ت ِّ
الطبيعة بأن يقوم بقلب العبد إيمان بالوعد والوعيد ،والجنة والنار ،وأن الله فرض عليه
الصالة ،وأن الله يعاقبه معاقبةً على تركها ،وهو محافظ على الترك في صحته ،وعافيته،
وعدم الموانع المانعة له من الفعل! وهذا القدر هو الذي خفي على من جعل اإليمان مجرد
التصديق ،وإن لم يقارنه فعل واجب وال ترك محرم.
وهذا من أمحل المحال أن يقوم بقلب العبد إيمان جازم ال يتقاضاه فعل طاعة وال ترك
معصية))(.)1
وقال أيضاً في نص آخر(( :فإنه يلزمه من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح ،إذ لو
أطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت ،ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق
المستلزم للطاعة ،وهو حقيقة اإليمان))(.)2
وقال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله « :ال يستقيم إيمان عبد حتى
يستقيم قلبه»((( :)3والمراد باستقامة إيمانه :استقامة أعمال جوارحه ،فإن أعمال جوارحه ال
تستقيم إال باستقامة القلب ،ومعني استقامة القلب أن يكون ممتلئاً من محبة الله ،ومحبة
طاعته ،وكراهة معصيته))( )4انتهى.
وقال حافظ بن أحمد حكمي ـ رحمه الله ـ في بيان هذا التالزم(( :ومحال أن ينتفي
انقياد الجوارح باألعمال الظاهرة مع ثبوت عمل القلب ،قال النبي « :إن في الجسد
مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،وإذا فسدت فسد الجسد كله ،أال وهي القلب».
ومن هنا يتبين لك أن من قال من أهل السنة في اإليمان هو التصديق على ظاهر
اللغة ،أنهم إنما عنوا التصديق اإلذعاني المستلزم لالنقياد ظاهراً وباطناً بال شك ،لم يعنوا
مجرد التصديق))(.)5
هذه بعض أقوال أهل العلم في بيان هذه المالزمة وبها يتبين مدى العالقة بين إيمان
الظاهر وإيمان الباطن ،وأن صالح الباطن هو ملزوم لصالح الظاهر؛ فال يتصور إيمان صحيح
مع عدم عمل ظاهر ،وهذا يدل على منـزلة االنقياد من اإليمان ،وأنه شرط لصحته.
ومن المعلوم أن المراد باالنقياد هنا :القدر الالزم لصحة اإليمان .وهو كما سيأتي
فعل الصالة.
وفي ذلك رد على مختلف طوائف المرجئة حيث يخرجون األعمال من مسمى
( )1كتاب الصالة (ص .)61 :وانظر :شرح حديث جبريل ( ص.)773 :
( )2كتاب الصالة (ص.)68 :
( )3أخرجه أحمد في المسند ( ،)511/2وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت ( ،)1وأورده الهيثمي في مجمع
الزوائد ( )12/5وقال :رواه أحمد وفي إسناده علي بن مسعدة وثقه جماعة وضعفه آخرون.
( )4جامع العلوم والحكم (ص.)511 :
( )5معارج القبول (.)789/2
839 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
ونكتة أخرى :وهي أن شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ قد عبر بنفي اإليمان الواجب أو
القلبي التام عمن ترك التلفظ بالشهادتين( )5مع أن ترك التلفظ بهما كفر باتفاق المسلمين
( )1هذه النصوص المتقدمة هي تسري على جميع طوائف المرجئة بما فيهم مرجئة الفقهاء ،وال يصح قصرها على
غالة المرجئة ممن ال يشترطون التكلم بالشهادتين لصحة اإليمان ألن هذه النصوص تشمل من ترك التكلم
بالشهادتين ودون ذلك من األعمال الظاهرة التي ال يصح اإليمان إال بها؛ كترك الصالة .ومما يبين ذلك أن
شيخ اإلسالم ابن تيمية – رحمه الله – قد استشهد بهذا التالزم في بطالن مذهب مرجئة الفقهاء ممن يشترطون
الشهادتين لصحة اإليمان ،ويخرجون العمل الظاهر دونها من اإليمان .انظر :على سبيل المثال ال الحصر كالمه
في مجموع الفتاوى ( ،)511/7و(.)116/7
( )2انظر :مجموع الفتاوى (.)313 ،758 ،757 ،293 ،239/5
( )3مجموع الفتاوى (.)198/5
( )4شرح حديث جبريل ( ص 773 :ـ .)775
( )5انظر :مجموع الفتاوى ( ،)511/7و(.)112/7
837 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
كما تقدم(.)1
فالحاصل أن اإليمان القلبي التام في كالم شيخ اإلسالم هو اإليمان الصحيح الذي
به يتحقق أصل اإليمان ،وال يكون ذلك إال مع عمل الجوارح .ولذا فإن نفي اإليمان التام
هنا ليس المراد به نفي الكمال ،ألن نفي الكمال يصح معه اإليمان ،وأما نفي التمام فال
يصح معه اإليمان.
ولهذا جرى التنبيه حتى ال يظن بأن مراد شيخ اإلسالم بنفي اإليمان التام كمال
اإليمان ال أصله ،فيكون مدخالً ألهل اإلرجاء.
وأيضاً حتى ال ينسب التناقض في كالم شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ.
كما أن شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ يتنـزل ـ أحياناً ـ مع خصمه ،فيستخدم عباراته؛ ولذا
فإن الجهمية لما زعموا حصول اإليمان التام في القلب مع عدم عمل الجوارح ذكر ـ رحمه
الله ـ أن اإليمان التام ال يكون في القلب مع عدم عمل الجوارح( .)2ومراد الجهمية باإليمان
التام كما هو معلوم أصل اإليمان ألن اإليمان عندهم شيء واحد والناس في أصله سواء ال
يزيد وال ينقص.
تمسك ماء وال تنبتفشربوا وسقوا وزرعوا ،وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان ال ُّ
كأل ،فذلك مثل من فقه في دين الله ،ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ،ومثل من لم يرفع
بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به(.)2(»)1
وأيضاً ما جاء في حديث جابر قال« :جاءت مالئكة إلى النبي وهو نائم» إلى
أن قال« :فقالوا :مثـله كمثل رجل بنى داراً وجعل فيها مأدبة ،وبعث داعياً ،فمن أجاب
الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة .ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من
المأدبة .فقالواِّ :أولوها له يفقهها .فقال بعضهم :إنه نائم .وقال بعضهم :إن العين نائمة
والقلب يقظان .فقالوا :فالدار الجنة ،والداعي محمد ،فمن أطاع محمداً فقد أطاع
الله ،ومن عصى محمداً فقد عصى الله ،ومحمد فرق بين الناس»(.)3
فقوله« :فمن أجاب الداعي» هو تفسير لمعنى القبول ـ أي :قبول دعوة الداعي ـ ،وهو
أيضاً كناية عن االتباع الذي هو تحقيق شرط االنقياد.
قال الحافظ في الفتح(( :ومحمد الداعي .فمن اتبعه كان في الجنة))( .)4ففسر اإلجابة
باالتباع .وهو كذلك ،ألن الحديث رتب دخول الجنة على قبول دعوة الداعي ،وذلك ال
ﯲ ﯳ يكون إال مع العمل كما قال تعالى :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ
ــــــــــ
فهذه الطبقة كان لها قوة الحفظ والفهم والفقه في الدين والبصر بالتأويل ،ففجرت من النصوص أنهار العلوم، =
واستنبطت منها كنوزها ،ورزقت فيها فهما خاصاً ،كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد سئل :هل
خصكم رسول الله بشيء دون الناس؟ فقال ال والذي فـلق الحبة وبـرأ النسمة ،إال فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه.
فهذا الفهم هو بمنـزلة الكأل والعشب الكثير الذي أنبتته األض ،وهو الذي تميزت به هذه الطبقة))[ .الوابل
الصيب (ص 128 :ـ .])128
( )1يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حال الطائفة التي لم تقبل هدى الله(( :فإن الرجل إنما ينقاد للحق بالخير الذي
فيه والميل إليه والطلب له ومحبته والحرص عليه والفرح بالظفر به ،وهؤالء ليس في قلوبهم شيء من ذلك فوصل
الهدى إليها ووقع عليها كما يصل الغيث النازل من السماء ويقع على األرض الغليظة العالية التي ال تمسك ماء،
وال تنبت كأل ،فال هي قابلة للماء وال للنبات؛ فالماء في نفسه رحمة وحياة ولكن ليس فيها قبول له)) [إغاثة
اللهفان (.])151/2
( )2مضى تخريجه.
( )3أخرجه البخاري في كتاب االعتصام بالكتاب والسنة ،باب االقتداء بسنن النبي ( جـ 155/8ـ )158ح
(.)5281
( )4فتح الباري ( 277/16ـ .)273
838 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
[الزخرف .]52 :بل ذلك جاء مصرحاً به في الحديث ،وهو قوله« :فمن أطاع محمداً
»فذلك هو معنى إجابة دعوة الداعي الذي هو االتباع كما فسر به الحافظ ـ رحمه
الله ـ.
فدل الحديثان على أن القبول ي ِّثمر االنقياد ،وال بد ،وذلك بخالف االنقياد المجرد
فقد ال يلزم منه القبول .والله تعالى أعلم.
وعليه فال يتصور قبول بال انقياد؛ فاالنقياد ثمرة القبول وعالمة صدقه.
وكأن ابن القيم ـ رحمه الله ـ قد الحظ هذا المعنى حيث قال ـ رحمه الله ـ(( :فإن الرجل
إنما ينقاد للحق بالخير الذي فيه والميل إليه والطلب له ومحبته والحرص عليه والفرح
بالظفر به وهؤالء ليس في قلوبهم شيء من ذلك فوصل الهدى إليها ووقع عليها كما يصل
الغيث النازل من السماء ويقع على األرض الغليظة العالية التي ال تمسك ماء وال تنبت كأل
فال هي قابلة للماء وال للنبات فالماء في نفسه رحمة وحياة ولكن ليس فيها قبول له))(.)1
االلتزام ،و ِّ
اإليثار، وأيضاً جعل الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ شروط القبول ثالثةِّ :
الرضاء .ثم قال(( :وإذا اجتمعت هذه الشروط حصل القول المنجي ،والشهادة النافعة))(.)2 و ِّ
مما يدل على أنه يرى االنقياد ـ وهو االلتزام ـ داخالً في معنى القبول.
فهم ذلك قوله: كما أن المعلِّمي ـ رحمه الله ـ نص على أن القبول ِّ
متضمن لالنقياد؛ ي ِّ
((ولما جعلت الشهادة إعالناً بقبول ما أرسل به الرسل كانت متضمنة االلتزام(.)4()))3
الرضى ـ يعني شرط القبول ـ فإنه مستلزم لاللتزام))(.)5 وقال في نص آخر(( :وأما التسليم و ِّ
ولذا يمكن القول بأن القبول هو كمال االنقياد ،أو االنقياد التام الصادق ،ألنه عزم
وعمل .وقد ألمح إلى ذلك ابن القيم ـ رحمه الله ـ حيث يقول:
الرضى بنبيه رسوالً :فيتضمن كمال االنقياد له ،والتسليم المطلق إليه ،بحيث ((وأما ِّ
يكون أولى به من نفسه ،فال يتلقى الهدى إال من مواقع كلماته ،وال يحاكم إال إليه ،وال
حكم عليه غيره ،وال يرضى بحكم غيره البتة ال في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ي ِّ
وال في شيء من أذواق حقائق اإليمان ومقاماته ،وال في شيء من أحكام ظاهره وباطنه ،ال
يرضى في ذلك بحكم غيره ،وال يرضى إال بحكمه .فإن عجز عنه كان تحكيمه غيره من
باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يقيته إال من الميتة والدم .وأحسن أحواله أن يكون من
باب التراب الذي إنما يتيمم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور))(.)1
الص ِّديقية ـ التي هي أعلى مراتب الصدق والقبول ـ هي كمال االنقياد ولذا كانت مرتبة ِّ
للرسول مع كمال اإلخالص للم ِّ
رسل(.)2
قلت :ومن أهل العلم من جعل القبول مرادفاً لالنقياد( ،)3ولعله الحظ انقياد المؤمن
فهو صادق دال على القبول.
ومن أهل العلم من فرق بينهما ،فقال :ولعل الفرق بينه وبين القبول أن االنقياد هو
االتباع باألفعال والقبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول ،ويلزم منهما جميعاً االتباع(.)4
قلت :وهو ال ينافي الفرق األول؛ ألنه جعل ثمرة القبول االتباع الذي هو تحقيق شرط
االنقياد .والله تعالى أعلم.
وبذلك يظهر الفرق بين االنقياد والقبول ،وهو أن القبول تحقيق االنقياد بالقول،
والقلب ،والجوارح؛ فهو أخص من االنقياد ،وشامل له(.)5
إذا ثبت هذا ،فإن ههنا نكتة لطيفة قد تزيد األمر وضوحاً في بيان الفرق بين االنقياد
والقبول ،وهي :أن في إطالقات الفقهاء لمعنى القبول منهم من جعل القبول بمعنى
اإلجزاء( ،)1ومنهم من ذكر فرقاً دقيقاً ،وهو :أن القبول أخص من اإلجزاء ،ألن القبول عبارة
عن ترتيب الثواب على الفعل ـ وذلك أمر مغيب باطن ال تدخله أحكامنا ـ ،واإلجزاء عبارة
عن سقوط القضاء ـ وهو أمر مشاهد ظاهر ،فتدخله أحكامنا( .)2وعليه يكون االنقياد
بمثابة اإلجزاء للشهادة ،ألنه أمر ظاهر تدخله أحكامنا من ثبوت اإلسالم وعصمة الدم
والمال( ،)3وترتيب الثواب بمثابة القبول للشهادة ،ألنه أمر باطن ال تدخله أحكامنا .وهذا
كاإليمان واإلسالم؛ فإن اإليمان أمر باطن ال تدخله أحكامنا ،وهو شامل لإلسالم .فثبت
أن القبول أخص من االنقياد ،وأنه شامل له.
( )1يقول المبارك فوري ـ رحمه الله ـ(( :والمراد بالقبول ...ما يرادف الصحة وهو اإلجزاء ،وحقيقة القبول ثمرة وقوع
الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة)) انتهى[.تحفة األحوذي ( .])21/1وانظر :جامع العلوم والحكم (ص:
.)185
( )2انظر :إكمال اإلكمال ( ،)5/1والضياء الالمع على شرح جمع الجوامع (.)223/1
( )3سيأتي بيان القدر المشترط من االنقياد ،وهو الكلمة ،وفعل الصالة.
811 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
المبحث الرابع :األدلة على كون االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن
ال إله إال الله.
دلت األدلة النقلية والعقلية ودليل اإلجماع على اشتراط االنقياد لصحة الشهادة ،وفيما
يلي تفصيل هذه األدلة.
أوالً :األدلة النقلية .وهي على نوعين:
1ـ األدلة من القرآن:
من أدلة القرآن الدالة على اشتراط االنقياد لصحة الشهادة:
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ [الزمر.]79 : قال تعالى :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
قال البغوي في تفسيرها(( :أقبلوا وارجعوا إليه بالطاعة ﯟ ﯠ :أخلصوا له التوحيد
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ))(.)1 ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
كما نقل ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ في تفسيرها قول ابن زيد فقال(( :قال :اإلنابة
الرجوع إلى الطاعة والنـزوع عما كانوا عليه .أال تراه يقول :ﯯ ﯰ ﯱ [الروم.]61 :
وقوله :ﯟ ﯠ يقول :واخضعوا له بالطاعة واإلقرار بالدين؛ الحنيفية .ﯡ ﯢ ﯣ
ﯥ من عنده على كفركم به ﯦ ﯧ ﯨ يقول :ثم ال ينصركم ناصر فينقذكم ﯤ
من عذابه النازل بكم))( .)2انتهى.
وذكر العالمة ابن سعدي ـ رحمه الله ـ كالماً جامعاً في تفسيرها به يتضح المراد أكثر،
فقال(( :ولهذا أمر تعالى باإلنابة إليه ،والمبادرة إليها فقال :ﯜ ﯝ ﯞ بقلوبكم ﯟ
ﯠ بجوارحكم .إذا أفردت اإلنابة ،دخلت فيها أعمال الخوارج ،وإذا جمع بينهما ،كما
في هذا الموضع ،كان المعنى ما ذكرناه.
وفي قوله :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ دليل على اإلخالص ،وأنه من دون إخالص ،ال تفيد
األعمال الظاهرة والباطنة شيئاً.
ﯥ مجيئاً ال يدفع ﯦ ﯧ ﯨ .فكأنه قيل :ما هي اإلنابة ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
واإلسالم؟ وما جزئياتها وأعمالها؟
الشرك قصداً أي :تاركاً له عن بصيرة ،ومقبل على الحق بكليته ،ال يصده عنه صاد ،وال
يرده عنه راد)) .انتهى محل الغرض(.)1
فحاصل ما تضمنته اآلية أمران:
أولهما :أنه ال ينال عمل عند الله القبول حتى يجتمع فيه اإليمان بالله واإلخالص له
ومتابعة رسول الله .وهذا هو تمام االنقياد وغايته.
وثاني األمرين :أن الحنيفية التي بعث الله بها محمداً ومن قبله من األنبياء
والمرسلين :هي ملة إبراهيم الخليل .)2(
ووجه االستدالل بها على شرط االنقياد :فقد ظهر ذلك في كالم الحافظ ـ رحمه الله ـ
حيث نص على أن من فقد االتباع لم يكن عمله صالحاً كعمل المؤمنين.
ووجه آخر :وهو قوله تعالى :ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
[البقرة ]112 :جواباً لمن قال :ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
ﯰﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ [البقرة ]111 :فيه ترتيب دخول الجنة على إسالم
وجهه لله بإطاعته وإذعانه وانقياده لله بامتثال أمره واجتناب نهيه مع إخالصه في ذلك.
الدليل الثالث :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ [لقمان.]22 :
قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي في تفسيرها(( :ومعنى إسالم وجهه لله إطاعته
وإذعانه وانقياده لله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه في حال كونه محسناً أي :مخلصا
عمله لله ال يشرك فيه به شيئاً مراقباً فيه لله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فالله تعالى يراه.
والعرب تطلق إسالم الوجه وتريد به اإلذعان واالنقياد التام .ومنه قول زيد بن نفيل العدوي
المتقارب:
ل ـ ـ ـ ـ ــه الم ـ ـ ـ ـ ــزن تحم ـ ـ ـ ـ ــل ع ـ ـ ـ ـ ــذبا زالال وأس ـ ـ ــلمت وجه ـ ـ ـي لم ـ ـ ــن أس ـ ـ ــلمت
لــه األرض تحمــل صــخراً ثقــاال))(.)3 وأس ـ ـ ــلمت وجه ـ ـ ــي لم ـ ـ ــن أس ـ ـ ــلمت
ووجه االستشهاد بها :دلت اآلية بمنطوقها على أنه متى يسلم وجهه ـ أي :ينقاد ـ وهو
محسن فهو مستمسك بالعروة الوثقى أي :بأوثق سبيل النجاة .فهي تدل بمفهومها على
أنه :من لم ي ْسلِّم وجهه إلى الله؛ ـ فلم ينقد ـ ولم يك محسناً ،فإنه لم يستمسك بما يكون
سبباً لنجاته؛ وال نجاة إال بالتوحيد.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
أي :يخضع له ،وينقاد له بفعل الشرائع ،مخلصاً له دينه .ﮗ ﮘ في ذلك اإلسالم
بأن كان عمله مشروعاً ،قد اتبع فيه الرسول .
أو :من يسلم وجهه إلى الله ،بفعل جميع العبادات ،وهو محسن فيها ،بأن يعبد الله
كأنه يراه ،فإن لم يكن يراه فإنه يراه.
أو :من يسلم وجهه إلى الله ،بالقيام بحقوقه ،وهو محسن إلى عباد الله ،قائم
بحقوقهم.
والمعاني متالزمة ،ال فرق بينها إال من جهة اختالف مورد اللفظين ،وإال فكلها متفقة
على القيام بجميع شرائع الدين ،على وجه تـ ْقبل به وت ْكمل ،فمن فعل ذلك فقد أسلم
واستمسك بالعروة الوثقى أي :بالعروة التي من تمسك بها ،توثق ونجا ،وسلم من الهالك،
وفاز بكل خير.
ومن لم يسلم وجهه لله أو لم يحسن لم يستمسك بالعروة الوثقى .وإذا لم يستمسك
بالعروة الوثقى لم يكن ثم إال الهالك والبوار))(.)1
ﯨ ﯨ الدليل الرابع :قوله تعالى :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ [النساء.]37 :
في هذه اآلية يخبر جل وعال أن اإليمان الظاهر والباطن يحصل بثالثة أمور عظيمة
أقسم بها وأقسم على نفي اإليمان عمن لم يتحقق بها:
أولها :تحكيم النبي ،وهو تحكيم شخصه في حياته وتحكيم شرعه بعد مماته.
ثانيها :انتفاء الحرج من النفوس حال التحكيم ،وهذا يستلزم قبول الحكم مع اتساع
الصدور وانشراحها له.
ثالثها :التسليم التام لحكمه ،وذلك إنما يكون بتجريد المتابعة له وحده .
( )1تفسير السعدي (ص .)373 :وانظر :معارج القبول ( 921ـ .)922
817 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
ويوضح معنى هذه اآلية ما رواه البخاري في كتاب التفسير( )1عن عروة ابن الزبير
قال :خاصم الزبير رجالً من األنصار في ش ِّريج( )2من الحرة فقال النبي « :أسق يا زبير
ثم أرسل الماء إلى جارك» .فقال األنصاري :يا رسول الله أ ْن كان ابن عمتك؟ فتلون وجهه
ثم قال« :أسق يا زبير ثم أحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك»
واستوعى( )3النبي للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه( )4األنصاري وكان أشار
عليهما بأمر لهما فيه سعة قال الزبير :فما أحسب هذه اآليات إال نزلت في ذلك ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ .
ونظير هذه اآلية في وجوب التسليم لحكم الله ورسوله قوله تعالى :ﰀ ﰀ ﰀ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ
[النساء.)5(]78 :
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ في شرح هذه اآلية وما قبلها(( :ثم أمر
برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه ،إلى الله وإلى رسوله ،أي :إلى كتاب
الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخالفية ،إما بصريحهما ،أو
عمومهما؛ أو إيماء ،أو تنبيه ،أو مفهوم ،أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه ،ألن كتاب
الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين ،وال يستقيم اإليمان إال بهما.
فالرد إليهما شرط في اإليمان ،فلهذا قال :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ
فدل ذلك على أن من لم يـرد إليهما مسائل النـزاع فليس بمؤمن حقيقةً ،بل مؤمن
بالطاغوت ،كما ذكر في اآلية بعدها.
ﰀ أي :الرد إلى الله ورسوله ﰀ ﰀ ﰀ فإن حكم الله ورسوله أحسن
وذ ْكر العمل مع اإليمان ،هو من ِّذ ْكر الخاص مع العام ،ألن األعمال من اإليمان، ِّ
وذ ْكر الخاص مع العام يفيد حكماً زائداً ،وهو أهمية هذا الخاص والعناية به ،وحتى ال ِّ
يتوهم عدم دخوله في المشروط.
وبهذا يتبين شدة عناية الشرع باألعمال الظاهرة ،وذلك لما يترتب عليها من صحة
اإليمان وتحقيق اإلسالم .وذلك مما يبين منـزلة االنقياد من اإليمان ومكانته من عقد اإلسالم.
ومن أدلة اعتبار االنقياد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله أيضاً قوله تعالى في شأن
النبي :ﭡ ﭢ ﭣﭤ [النور.]79 :
وجه االستشهاد ظاهر بها على اشتراط االنقياد ،وهو :أن الله علق االهتداء
على إطاعة نبيه ،وإطاعة نبيه هي حاصل معنى االنقياد كما تقدم.
قال الحافظ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتابه:الحجة على تارك
المحجة"(( :باب وجوب التسليم للسنة وتأميرها واالنقياد لها وترك معارضتها.
قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل ـ رحمه الله تعالى ـ :من أمر السنة على نفسه
قوالً وفعالً نطق بالحكمة ،ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة ،ألن الله تبارك وتعالى
يقول :ﭡ ﭢ ﭣﭤ [النور.)1())]79 :
وسيأتي أنه ـ رحمه الله ـ عقد باباً بعنوان(( :باب كون القبول والتسليم شرطاً لصحة
اإليمان))(.)2
ومن األدلة الدالة أيضاً على اعتبار االنقياد لصحة الشهادة :اآليات التي فيها نفي
اإليمان عمن تولى عن العمل .والتي من أصرحها قوله تعالى :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [النور.]95 :
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :التولي هو التولي عن الطاعة ...فنفى
اإليمان عمن تولى عن العمل ،وإن كان قد أتى بالقول))(.)3
ومن أدلة القرآن الدالة أيضاً على اشتراط االنقياد ما ذكره المعلِّمي ـ رحمه الله ـ عند
تقريره لهذا الشرط حيث قال(( :ومنها أن يكون النطق على سبيل االلتزام ،أي :التزام أن
يعمل طول عمره بمضمون كلمة التوحيد وال يخالفها ،وأدلته أكثر من أن تحصى ،منها قول
الله ـ جال وعال ـ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﮉ ﮊ [آل عمران.]39 : ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ
قال :وهذا كالتفصيل لكلمة التوحيد ،وفيه بيان االلتزام...
ﭝ ﭞ ﭟ وقال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
[األنبياء .]27 :وقال تعالى :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحل: ﭠ
.]63وقال سبحانه :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯨ ﯪ ﯫ ﯬ
إلى قوله :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ [األعراف 37 :ـ.]53
ونحو ذلك في قصة صالح ـ األعراف ـ ،56وفي قصة شعيب ـ األعراف ـ .87
وجاء نحوه في سورة هود ،ونحوه عن نوح ـ المؤمنون ـ .26
وهذا كله بيان آلية األنبياء ،وهو متضمن االلتزام ،فإن إرسال الرسل إلى قومهم كان
لدعوتهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة غيره ،وأجلبت الرسل مفتاحاً لقبول ما أرسلوا به،
ولما جعلت الشهادة إعالناً بقبول ما أرسل به الرسل كانت متضمنة االلتزام ،الشاهد أن ال
يعبد إال الله))( .)1انتهى.
ثانياً أدلة السنة:
أدلة السنة الشتراط االنقياد لصحة الشهادة أكثر من أن تحصى ،منها:
1ـ قوله « :ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به»(.)2
هذا الحديث ضعيف اإلسناد وقد استدل به الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه
الله ـ على اشتراط االنقياد ،وذلك لصحة معناه(.)3
قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ بعد أن نقل كالم النووي في تصحيحه:
((تصحيح هذا الحديث بعيد جداً من وجوه:
منها :أنه حديث ينفرد به نعيم بن حماد المروزي ،ونعيم هذا وإن كان وثقه جماعة من
األئمة ،وخرج له البخاري ،فإن أئمة الحديث كانوا يحسنون به الظن لصالبته في السنة
وتشدده في الرد على أهل األهواء ،وكانوا ينسبونه إلى أنه ي ِّهم ،ويشبه عليه في بعض
األحاديث ،فلما كثر عثورهم على مناكيره حكموا عليه بالضعف ...إلى أن قال:
وأما معنى الحديث فهو أن اإلنسان ال يكون مؤمناً كامل اإليمان الواجب حتى
تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول من األوامر والنواهي وغيرها ،فيحب ما أمر به،
ويكره ما نهى عنه.
ﯠ ﯡ ﯢ وقد ورد القرآن بمثل هذا في غير موضع .قال تعالى :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
[النساء.]37 : ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ وقال تعالى :ﭑ ﭒ
[األحزاب.]63 :
ﯨ وذم سبحانه وتعالى من كره ما أحبه الله وأحب ما كرهه الله ،قال :ﯦ ﯧ ﯨ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [محمد .]8 :وقال تعالى :ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ [محمد.]28 :
فالواجـب علــى كــل مـؤمن أن يحــب مــا أحبـه اللــه محبـةً توجـب لــه اإلتيــان بمـا وجــب عليــه
منه ،فإن زادت المحبة ،حتى أتـى بمـا نـدب إليـه منـه ،كـان ذلـك فضـالً ،وأن يكـره مـا كـره اللـه
تعالى كراهةً توجب له الكف عما حرم اللـه عليـه منـه ،فـإن زادت الكراهـه حتـى أوجبـت الكـف
عمــا كرهــه تنـ ـزيهاً ،كــان ذلــك فض ـالً .وقــد ثبــت فــي الصــحيحين عنــه أنــه قــال« :ال يــؤمن
أحــدكم حتــى أكــون أحــب إليــه مــن نفســه وولــده وأهلــه والنــاس أجمعــين»( )1فــال يكــون المــؤمن
رسـله.مؤمناً حتى يقدم محبة الرسـول علـى محبـة جميـع الخلـق ،ومحبـة الرسـول تابعـة لمحبـة م ِّ
والمحبة الصحيحة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات وبغض المكروهات))(.)2
فالحاصل أن الحديث معناه صحيح تشهد له اآليات واألحاديث المتقدمة.
المتقدم ،وهو :أن النبي ِّ وأما وجه االستشهاد به فقد ظهر في كالم الحافظ ابن رجب
نفى اإليمان عمن لم تكن محبته تابعةً لما جاء به الرسول من األوامر والنواهي وغيرها ،فدل
على أن اإليمان ال يصح إال بأن يحب ما أمر به الرسول ،ويكره ما نهى عنه ،وذلك إنما
يتحقق بالعمل واالنقياد ،ألنه دليل المحبة وشرط صدقها .كما قال تعالى :ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [آل عمران.]61 :
وقد عقد الحافظ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتاب "الحجة على تارك
المحجة" باباً بعنوان(( :كون قبول السنة والتسليم لها شرطاً في صحة اإليمان)) أورد تحته
الحديث المتقدم(.)3
2ـ قوله ـ كما في حديث سعد بن عبادة ـ« :من قال ال إله إال الله وحده ال
شريك له أطاع بها قلبه وذل بها لسانه ،وأشهد أن محمداً رسول الله حرمه الله على
النار»(.)1
حرمه الله على النار ،مما يدلوجه االستشهاد بالحديث أن فيه وعداً لمن انقاد بأن ي ِّ
على اشتراط االنقياد لدخول الجنة ،والجنة ال يدخلها إال أهل التوحيد ،وهم أهل ال إله إال
الله كما تقدم(.)2
6ـ قوله « :العهد الذي بيننا وبينهم الصالة ،فمن تركها فقد كفر»(.)3
وجه االستدالل به :أن النبي حكم بكفر تارك الصالة ،وهي ـ أي :الصالة ـ من
حقوق ال إله إال الله ،فلوال أن االنقياد بفعلها شرط لصحة الشهادتين لم يحكم بكفر
تاركها.
9ـ قوله ـ كما في حديث أنس بن مالك ـ« :ال تزال ال إله إال الله تنفع من
قالها وترد عنهم العذاب والنقمة ما لم يستخفوا بحقها» .قالوا يا رسول الله :وما
االستخفاف ِّ
بحقها؟ قال :يظهر العمل بمعاصي الله فال ينكر وال يغير»(.)4
قلت :والحديث ضعيف جداً؛ فال يصلح لالحتجاج ،وبعض الباحثين ذكره مستدالً به
على شرط االنقياد( .)5ولعله الحظ المعنى ،فهو صحيح؛ ألن من استخف بحقوق ال إله
إال الله ،فلم يعمل بما دلت عليه ،فإنها ال تنفعه عند الله .ويشهد لذلك اآليات
( )1أخرجه الطبراني في األوسط ( .)87/2قال الهيثمي في المجمع (جـ :)21/1رواه الطبراني في األوسط وفيه
عبدالرحمن بن زيد بن أسلم واألكثر على تضعيفه.
( )2انظر :شروط ال إله إال الله للمعتق (ص.)96 :
( )3أخرجه الترمذي في كتاب الصالة ،باب :ما جاء فيمن ترك الصالة ( ،)16/7وابن ماجة في كتاب الصالة،
باب :ما جاء فيمن ترك الصالة ( ،)692/1وأحمد في المسند ( ،)693/7وابن أبي شيبة في المصنف
( ،)135/3وابن حبان في صحيحه ( ،)637/9والبيهقي في سننه ( ،)933/6والحاكم في مستدركه
( .)98/1وقال :هذا حديث صحيح اإلسناد ال تعرف له علة بوجه من الوجوه .والحديث حكم عليه األلباني
بالصحة في مواضع من كتبه؛ منها مشكاة المصابيح ( ،)759وصحيح الجامع (.)9196
( )4ذكره المنذري في الترغيب والترهيب ( .)132/6والحديث حكم األلباني بأنه ضعيف جداً كما في ضعيف
الترغيب (.)1681
( )5انظر :شروط ال إله إال الله للدكتور عواد بن عبد الله المعتق (ص.)92 :
821 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
( )1أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب :سؤال جبريل النبي عن اإليمان ،واإلسالم ،واإلحسان (جـ)22/1
ح ( ،)73ومسلم في كتاب اإليمان ( )68/1ح (.)7
( )2أخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( )65/1ح (.)1
( )3أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب :أداء الخمس (جـ )26/1ح ( ،)76ومسلم في كتاب اإليمان
(.)93/1
( )4أخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( )98/1ح ( .)23وأصله في البخاري كما تقدم.
( )5رفع االشتباه (ص 63 :ـ .)65
822 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
أن اإليمان داخل في اإلحسان ،فال يكون محسناً حتى يكون مؤمناً( .)1واإلسالم هو
العمل الظاهر الذي هو تحقيق االنقياد .فصح أنه محتاج لالنقياد لصحة اإليمان.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :فال يكون الرجل مؤمناً ظاهراً حتى يظهر أصل
اإليمان ،وهو شهادة أن ال إله إال الله ،وشهادة أن محمداً رسول الله ،وال يكون مؤمناً
باطناً حتى يقر بقلبه بذلك ،فينتفي عنه الشك ظاهراً وباطناً مع وجود العمل الصالح))(.)2
الثاني :أنه قد تقدم أنه يلزم من صالح الباطن صالح الظاهر؛ فإذا انتفى الالزم انتفى
الملزوم .والالزم هو العمل الظاهر؛ إذ هو الزم اإليمان الباطن ،فإذا انتفى انتفى اإليمان
الباطن .فصح أنه محتاج النقياد الظاهر لتحقيق إيمان الباطن.
الثالث :أن من شروط ال إله إال الله القبول لما دلت عليه ،وقد تقدم أن شرط القبول
ال يتحقق إال مع االنقياد .فصح أنه محتاج لالنقياد لتحقيق شرط القبول.
وأما دليل اإلجماع:
فقد أجمع السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين على اشتراط
االنقياد لصحة الشهادة ،وقد حكى هذا اإلجماع عنهم جماعة من األئمة.
قال األوزاعي(( :ال يستقيم اإليمان إال بالقول ،وال يستقيم اإليمان والقول إال
بالعمل ،وال يستقيم اإليمان والقول والعمل إال بنية موافقة للسنة .وكان من مضى من سلفنا
يفرقون بين اإليمان والعمل ،العمل من اإليمان ،واإليمان من العمل ،وإنما اإليمان اسم ال ِّ
يجمع هذه األديان )3(...ويصدقه العمل؛ فمن آمن بلسانه وعرف بقلبه وصدق بعمله تلك
العروة الوثقى التي ال انفصام لها ،ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدق بعمله لم
يقبل منه وكان في اآلخرة من الخاسرين))(.)4
وبنحوه قال سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ ونسبه إلى عامة الفقهاء(.)5
وقال اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ(( :وكان اإلجماع من الصحابة والتابعين من
بعدهم ممن أدركناهم أن اإليمان قول وعمل ونية ال يجزي واحد من الثالثة باآلخر))(.)1
وقال اإلمام اآلجري(( :اعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أن الذي عليه علماء المسلمين
أن اإليمان واجب على جميع الخلق ،وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح.
ثم اعلموا أنه ال تجزي المعرفة بالقلب والتصديق إال أن يكون معه اإليمان باللسان
نطقاً ،وال تجزيء معرفة بالقلب ونطق اللسان حتى يكون عمل بالجوارح ،فإذا كملت فيه
هذه الخصال الثالث كان مؤمناً .دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين))(.)2
وقال ابن بطة العكبري(( :اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه
فرض على القلب المعرفة به والتصديق له ولرسله ولكتبه وبكل ما جاءت به السنة .وعلى
األلسن النطق بذلك واإلقرار به قوالً .وعلى األبدان والجوارح العمل بكل ما أمر به وفرضه
من األعمال ال تجزيء واحدة من هذه إال بصاحبتها.
وال يكون العبد مؤمناً إال بأن يجمعها كلها حتى يكون مؤمناً بقلبه مقراً بلسانه
عامالً مجتهداً بجوارحه ثم ال يكون أيضاً مع ذلك مؤمناً حتى يكون موافقاً للسنة في كل
ما يقوله ويعمله متبعاً للكتاب والعلم في جميع أقواله وأعماله .وبكل ما شرحته لكم نزل به
القرآن ومضت به السنة وأجمع عليه علماء األمة))(.)3
وقال اإلمامان أبوزرعة وأبو حاتم الرازيان(( :أدركنا العلماء في جميع األمصار ـ
حجازاً وعراقاً ،وشاماً ويمناً ـ فكان من مذهبهم اإليمان قول وعمل يزيد وينقص))(.)4
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ(( :وشرط التزام الشرائع
والمباني اإلسالمية مجمع على اعتباره في اإلسالم المنجي في الدار اآلخرة))(.)5
المحدث إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن(( :أصل اإلسالم وقاعدته ِّ وقال العالمة
( )1أورده عنه الاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 883/7ـ .)885
( )2الشريعة (.)311/2
( )3اإلبانة ( 533/2ـ .)531
( )4أخرجه الاللكائي في أصول أهل السنة ( ،)153/1وذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش اإلسالمية (ص:
،)266وابن تيمية في مجموع الفتاوى ( )222/6وعزاه إلى نصر المقدسي في كتاب الحجة على تارك
المحجة.
( )5مصباح الظالم (ص.)677 :
829 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
شهادة أن ال إله إال الله ،وهذا األصل ال بد فيه من العلم والعمل واإلقرار؛ بإجماع
المسلمين؛ ومدلوله وجوب عبادة الله وحده ال شريك له ،والبراءة من عبادة ما سواه كائناً
من كان؛ وهذا هو الحكمة التي خلقت لها الجن واإلنس ،وأرسلت لها الرسل ،وأنزلت بها
الكتب ،وهي تتضمن كمال الذل والحب ،وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم ،وهذا هو دين
اإلسالم الذي ال يقبل الله ديناً سواه ال من األولين وال من اآلخرين))(.)1
فتضمنت هذه النقول إجماع أهل العلم على أن اإليمان قول وعمل واعتقاد ،وهذا
مما يدلِّل على شرطية االنقياد؛ إذ اإلجماع دليل معتبر عند أهل السنة ،به تثبت األحكام
والعقائد.
المبحث الخامس :أقوال أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقول ال إله إال الله شرطاً في
شهادة أن ال إله إال الله.
تنوعت أقوال أهل العلم في الداللة على اشتراطهم االنقياد لصحة الشهادة ،ويظهر
ذلك في األمور التالية:
األول :تصريحهم بأن اإليمان قول وعمل( )1واعتقاد ،وأنه ال بد من هذه األمور
الثالثة جميعاً ،ال يكتفى ببعضها دون اآلخر(.)2
فهذا دليل بيِّن على اشتراط االنقياد ،وأنه ال يكتفى بالقول واالعتقاد دون العمل ،فلو
كان االنقياد العملي ليس شرطاً لما صرحوا بأنه ال يجزي القول واالعتقاد دون العمل.
وممن حفظ عنه ذلك:
1ـ اإلمام محمد بن إدريس الشافعي ـ رحمه الله ـ:
قال(( :وكان اإلجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم أن اإليمان
قول وعمل ونية ال يجزي واحد من الثالثة باآلخر))(.)3
2ـ أبو ثور(:)4
قال(( :فاعلم يرحمنا الله وإياك أن اإليمان تصديق بالقلب ،والقول باللسان ،وعمل
بالجوارح .وذلك أنه ليس بين أهل العلم خالف في رجل لو قال :أشهد أن الله واحد،
وأن ما جاءت به الرسل حق ،وأقر بجميع الشرائع ثم قال :ما عقد قلبي على شيء من هذا
وال أصدق به أنه ليس بمسلم.
ولو قال :المسيح هو الله وجحد أمر اإلسالم ثم قال :لم يعتقد قلبي على شيء من
ذلك أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن.
( )1المقصود بالعمل هنا عمل القلب والجوارح .يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :ومن أصول أهل السنة :أن
الدين واإليمان قول وعمل؛ قول القلب واللسان ،وعمل القلب واللسان والجوارح ،وأن اإليمان يزيد بالطاعة وينقص
بالمعصية)) [مجموع الفتاوى ( ،])171/6وانظر :المصدر نفسه (.)532 ،737 ،185 ،151/5
( )2منـزلة العمل من اإليمان عند أهل السنة للدكتور صالح العقيل (ص ،)3 :بحث غير منشور.
( )3أورده عنه الاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 883/7ـ .)885
( )4هو :إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي ،أبو ثور ،الفقيه صاحب الشافعي ،ثقة من العاشرة مات سنة أربعين
ومئتين .انظر :تقريب التهذيب (ص.)135 :
823 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
فلما لم يكن باإلقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمناً وال بالتصديق إذا لم يكن معه
اإلقرار مؤمناً حتى يكون مصدقاً بقلبه مقراً بلسانه.
فإذا كان التصديق بالقلب وإقرار باللسان كان عندهم مؤمناً وعند بعضهم ال يكون حتى
يكون مع التصديق عمل فيكون بهذه األشياء إذا اجتمعت مؤمناً.
فلما نفوا أن اإليمان شيء واحد وقالوا :يكون بشيئين في قول بعضهم وثالثة أشياء في
قول غيرهم لم يكن مؤمناً إال بما اجتمعوا عليه من هذه الثالثة األشياء.
وذلك أنه إذا جاء بالثالثة أشياء فكلهم يشهد أنه مؤمن ،فقلنا بما اجتمعوا عليه من
التصديق بالقلب واإلقرار باللسان وعمل بالجوارح.)1())..
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ معلقاً على كالم أبي ثور(( :قلت :يعني اإلمام
أبو ثور ـ رحمه الله ـ أنه ال يكون مؤمناً إال إذا التزم بالعمل مع اإلقرار ،وإال فلو أقر ولم يلتزم
العمل لم يكن مؤمناً .وهذا االحتجاج الذي ذكره أبو ثور هو دليل على وجوب األمرين:
اإلقرار والعمل ،وهو يدل على أن كالً منهما من الدين ،وأنه ال يكون مطيعاً لله ،وال
مستحقاً للثواب ،وال ممدوحاً عند الله ورسوله إال باألمرين جميعاً .وهو حجة على من
يجعل األعمال خارجة عن الدين واإليمان جميعاً))( .)2انتهى محل الغرض.
6ـ محمد بن حسين اآلجري:
قال في الشريعة(( :باب القول بأن اإليمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل
بالجوارح ال يكون مؤمناً إال بأن تجتمع فيه هذه الخصال الثالث)) (.)3
وقال(( :اعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أن الذي عليه علماء المسلمين أن اإليمان واجب
على جميع الخلق ،وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح.
ثم اعلموا أنه ال تجزيء المعرفة بالقلب والتصديق إال أن يكون معه اإليمان نطقاً ،وال
تجزيء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح .فإذا كملت فيه هذه
الخصال الثالث كان مؤمناً .دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين))(.)4
( )1شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 898/9ـ .)873وذكره ابن تيمية في المجموع ( 685/5ـ .)688
( )2مجموع الفتاوى (.)688/5
( )3الشريعة (.)311/2
( )4الشريعة (.)311/2
825 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
وقال أيضاً...(( :بل نقول -والحمد لله -قوالً يوافق الكتاب والسنة ،وعلماء
المسلمين الذين ال يستوحش من ذكرهم ـ وقد تقدم من ذكرناهم ـ أن اإليمان معرفة بالقلب
ـ تصديقاً يقينياً ـ وقول باللسان ،وعمل بالجوارح ،ال يكون مؤمناً إال بهذه الثالثة ،ال يجزي
بعضها عن بعض ،والحمد لله على ذلك))(.)1
الثاني :تصريحهم بأنه ال انفكاك بين اإليمان والعمل ،وأنه يمتنع أن يوجد اإليمان في
القلب ثم ال يوجد عمل الجوارح(.)2
فهذا دليل بيِّن على اشتراط االنقياد العملي؛ إذ يلزم من إيمان الباطن عمل الظاهر،
فإذا انتفى العمل الظاهر دل ذلك على انتفاء اإليمان الباطن.
وقد مر في مطلب العالقة بين انقياد الظاهر وانقياد الباطن من كالم أهل العلم ما
يشفي ويكفي فال داعي إلعادته هنا.
الثالث :تصريحهم بأن العمل بفرائض الله هو تصديق التوحيد واإليمان واإلقرار بهما.
وممن حفظ عنه ذلك:
1ـ الحسن البصري ـ رحمه الله ـ:
قال الحسن البصري :ليس اإليمان بالتمني وال بالتحلي ،ولكن ما وقر في القلب
وصدقته األعمال(.)3
2ـ ابن جرير الطبري:
قال(( :وكذلك العمل بفرائض الله التي فرضها على عباده ،تصديق من العامل بعمله
لله ـ جل ثناؤه ـ ورسولِّه .)4())
ذلك ِّ
الرابع :تصريحهم بتكفير تارك العمل الظاهرِّ ،
وخلو قلبه من اإليمان.
فهذا دليل بيِّن على اشتراط االنقياد العملي لصحة اإليمان ،وأنه ال يكتفى بالقول وعمل
القلب ،فلو كان االنقياد العملي ليس شرطاً في اإليمان لم يحكموا بكفر تارك العمل.
وممن حفظ عنه ذلك ـ أي التصريح بتكفير تارك العمل الظاهر ـ:
المكتوبات ،وصوم رمضان ،والزكاة ،والحج ،وعامة الفرائض من غير جحود لها :إنا ال
نكفره ،يرجأ أمره إلى الله بعد ،إذ هو مقر؛ فهؤالء الذين ال شك فيهم))(.)1
قال الحافظ ابن رجب(( :يعني في أنهم مرجئة))(.)2
فهذا نص صريح من هذا اإلمام في تكفير تارك العمل بالكلية ،والمراد بالعمل هنا
العمل الظاهر .ألن اإلمام إسحاق بن راهوية ههنا يتكلم عن المرجئة ،والمرجئة المشهور
عنهم إخراج العمل الظاهر عن مسمى اإليمان(.)3
فال يشكل هنا قوله(( :وعامة الفرائض))؛ فهي تحمل هنا على الفرائض الظاهرة ،ال القلبية.
كفرون بالشعب القلبية ،فلو كما ال يمكن أن يحمل على الكرامية ،ألن الكرامية ال ي ِّ
كان مراده هؤالء لما احتاج إلى قيد "من غير جحود" ،وال قيد "اإلقرار" .فليفهم.
6ـ سفيان بن عيينة:
قال ـ وقد سئل عن المرجئة ـ(( :نحن نقول :اإليمان قول وعمل ،والمرجئة أوجبوا
الجنة لمن شهد أن ال إله إال الله مصراً بقلبه على ترك الفرائض ،وسموا ترك الفرائض ذنباً
بمنزلة ركوب المحارم ،وليس بسواء ،ألن ركوب المحارم من غير استحالل معصية ،وترك
الفرائض متعمداً من غير جهل وال عذر هو كفر))(.)4
وهو كسابقه فيه الداللة على تكفير تارك العمل بالكلية ،والمراد بالعمل هنا العمل
الظاهر ،ألن المعروف عن المرجئة أنهم يخرجون األعمال الظاهرة عن مسمى اإليمان ،ولذا
قيل لهم مرجئة.
9ـ ابن بطة العكبري:
قال(( :فكل من ترك شيئاً من الفرائض التي فرضها الله في كتابه أو أكدها
رسول الله في سنته ـ على سبيل الجحود لها والتكذيب بها ـ فهو كافر ،بيِّن الكفر ،ال
يشك في ذلك عاقل يؤمن بالله واليوم اآلخر.
ومن أقر بذلك وقاله بلسانه ثم تركه تهاوناً ومجوناً ،أو معتقداً لرأي المرجئة ومتبعاً
لمذاهبهم فهو تارك اإليمان ليس في قلبه منه قليل وال كثير ،وهو في جملة المنافقين الذين
نافقوا رسول الله فنـزل القرآن بوصفهم وما أعد لهم وأنهم في الدرك األسفل من
النار))(.)1
وقال أيضاً(( :فقد تلوت عليكم من كتاب الله ما يدل العقالء من المؤمنين أن
اإليمان قول وعمل ،وأن من صدق بالقول وترك العمل كان مكذباً وخارجاً من اإليمان،
وأن الله ال يقبل قوالً إال بعمل وال عمل إال بقول))(.)2
وهو كسابقيه يحمل أيضاً على تكفير تارك العمل الظاهر ألن النقاش هنا مع المرجئة،
في أمر اإليمان.
7ـ اإلمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ.
قال في إجابته عن سؤال حاصله" :ما حكم األعراب سكان البادية الذين ال يفعلون
شيئاً من الشرعيات إال مجرد التكلم بالشهادتين هل هم كفار أم ال؟ وهل يجب على
المسلمين غزوهم أم ال؟ ((أقول :من كان تاركاً ألركان اإلسالم وجميع فرائضه ورافضاً لما
يجب عليه من ذلك من األقوال واألفعال ،ولم يكن لديه إال مجرد التكلُّم بالشهادتين فال
شك وال ريب أن هذا كافر شديد الكفر حالل الدم ...إلى أن قال :فإن لم يعمل فهو
حالل الدم والمال حكمه حكم أهل الجاهلية .وما أشبه الليل بالبارحة ،وقد أبان لنا رسول
الله قوالً وفعالً ما نعتمده في قتال الكافرين))(.)3
الخامس :تصريحهم بأن الله لم يدخل المؤمنين الجنة باإليمان وحده ،ولكن مع العمل
فهذا دليل بيِّن على اشتراط انقياد الجوارح لنفع القول واعتقاد القلب.
وممن حفظ عنه ذلك :اآلجري ـ رحمه الله.
يقول اآلجري(( :اعلموا -رحمنا الله وإياكم -يا أهل القرآن ويا أهل العلم بالسنن
واآلثار ،ويا معشر من فقههم الله تعالى في الدين بعلم الحالل والحرام أنكم إن تدبرتم
القرآن كما أمركم الله تعالى علمتم أن الله تعالى أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به
وبرسوله العمل ،وأنه تعالى لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم وأنهم قد رضوا عنه؛
وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار إال باإليمان والعمل الصالح ،قرن مع
اإليمان العمل الصالح لم يدخلهم الجنة باإليمان وحده حتى ضم إليه العمل الصالح الذي
وفقهم له ،فصار اإليمان ال يتم ألحد حتى يكون مصدقاً بقلبه ،وناطقاً بلسانه ،وعامالً
بجوارحه ال يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه وجده كما ذكرت.
اعلموا –رحمنا الله وإياكم – أني قد تصفحت القرآن فوجدت ما ذكرته في شبيه من
خمسين موضعاً من كتاب الله تعالى أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة باإليمان
وحده؛ بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم ،وبما وفقهم له من اإليمان والعمل الصالح.
وهذا رد على من قال اإليمان قول ،ورد على من قال اإليمان معرفة وإن لم يعمل ،نعوذ
بالله من قائل هذا))(.)1
السادس :حكمهم على من ترك الصالة والزكاة والصيام والحج بالكفر ،ولو كان
ِّ
مصدقاً بقلبه مقراً بلسانه.
فهذا دليل بيِّن على اشتراط العمل ـ أي :االنقياد ـ وأنه ال يكتفى بالقول والتصديق ،فلو
كان االنقياد العملي ليس شرطاً في اإليمان لم يحكموا بكفر تارك هذه األعمال مجتمعة(.)2
وممن حفظ عنه ذلك ـ أي التكفير بهذه المباني ـ:
1ـ الحميدي(:)3
قال :وأخبرت أن قوماً يقولون :إن من أقر بالصالة والزكاة والصوم والحج ،ولم يفعل من
ذلك شيئاً حتى يموت ،أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن مالم
يكن جاحداً )4(...فقلت :هذا الكفر بالله الصراح ،وخالف كتاب الله وسنة رسوله
( )1السنة للخالل (جـ 783/6ـ ،)785وشرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (جـ.)885/7
( )2السنة للخالل (جـ ،)785/6وشرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (جـ.)885/7
( )3شرح حديث جبريل ( ص 773 :ـ .)775
866 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
قال :لما ذكر له معقل بن عبيد الله العبسي( )1قول المرجئة(( :إنهم يقولون نحن نقر
بأن لصالة فريضة وال نصلي ،وأن الخمر حرام ونحن نشربها ،وإن نكاح األمهات حرام
ونحن نريده فنتر يده من يدي ،ثم قال :من فعل هذا فهو كافر))(.)2
2ـ أيوب السختياني(:)3
قال(( :ترك الصالة كفر ال يختلف فيه))(.)4
6ـ اإلمام أحمد:
قال سليمان بن األشعث(( :وسمعت أبا عبد الله قال إذا قال الرجل ال أصلي فهو
كافر))(.)5
9ـ ابن القيم.
قال(( :فيبقى النظر في الصالة هل هي شرط لصحة اإليمان؟
هذا سر المسألة .واألدلة التي ذكرناها وغيرها تدل على أنه ال يقبل من العبد شيء من
أعماله إال بفعل الصالة؛ فهي مفتاح ديوانه ،ورأس مال ربحه ،ومحال بقاء الربح بال رأس
مال؛ فإذا خسرها خسر أعماله كلها))( .)6انتهى.
الثاني :التكفير بترك الصالة الواحدة؛ وممن حفظ عنه ذلك:
1ـ عبد الله بن شقيق:
( )1هو :معقل بن عبيد الله الجزري العبسي موالهم ،من أهل حران ،كنيته أبو عبد الله ،حدث عن عطاء والزهري وميمون
بن مهران ،وروى عنه الثوري والحسن بن محمد بن أعين ،وأهل بلده ،مات سنة ست وستين ومائة .انظر :الثقات
البن حبان ( ،)981/5وسير أعالم النبالء ( 618/5ـ .)618
( )2السنة لعبد الله بن أحمد ( 682/1ـ )686رقم ،861والسنة للخالل (28/9ـ ،)61واإلبانة البن بطة
( ،)813/2وشرح أصول اعتقاد أهل السنة (.)879/7
( )3هو :أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني ـ بفتح المهملة ـ أبو بكر البصري ،ثقة ثبت حجة ،من كبار الفقهاء
العباد من الخامسة مات سنة إحدى وثالثين ومائة وله خمس وستون سنة ،روى عنه أصحاب الكتب الستة.
[تقريب التهذيب (ص.])178 :
( )4تعظيم قدر الصالة ( )827/2رقم (.)858
( )5السنة للخالل (.)789/6
( )6الصالة وحكم تاركها (ص.)93 :
869 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
قال(( :من قال إني ال أصلى المكتوبة اليوم فهو أكفر من الحمار))(.)1
2ـ عبد الله بن المبارك:
قال(( :من ترك الصالة متعمداً من غير علة حتى أدخل وقتا في وقت فهو كافر))(.)2
6ـ إسحاق بن راهوية:
قال محمد بن نصر المروزي(( :سمعت إسحاق يقول قد صح عن رسول الله
إن تارك الصالة كافر ،وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي إلى يومنا هذا :أن تارك
الصالة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر))(.)3
الثامن :التنصيص على هذا االشتراط.
وممن حفظ عنه ذلك:
1ـ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي(:)4
قال في كتاب "الحجة على تارك المحجة"(( :باب كون قبول السنة والتسليم لها شرطاً
في صحة اإليمان.
عن أم سلمة أن الزبير بن العوام خاصم رجالً إلى النبي فقضى للنبي للزبير.
فقال الرجل :إنما قضى له ألنه ابن عمته فأنزل الله سبحانه وتعالى :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
[النساء .)))5( ]37 :أ. ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
هـ.
2ـ أبو طالب المكي(:)6
قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ناقالً عن أبي طالب المكي(( :ال إيمان لمن ال
إسالم له ،وال إسالم لمن ال إيمان له ،إذ ال يخلو المسلم من إيمان به يصح إسالمه ،وال
يخلو المؤمن من إسالم به يحقق إيمانه من حيث اشترط الله لألعمال الصالحة اإليمان،
وتتـ ـ ـ ـ ـ ــرك مـ ـ ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ــد حـ ـ ـ ـ ـ ــرم اللـ ـ ـ ـ ـ ــه طائع ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ومستسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلماً للـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بالقلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب ترشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
. .
فم ـ ـ ـ ــن ل ـ ـ ـ ــم يك ـ ـ ـ ــن لل ـ ـ ـ ــه بالقل ـ ـ ـ ــب مس ـ ـ ـ ــلماً ولـ ـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ـ ــك طوع ـ ـ ـ ـ ـ ـاً بـ ـ ـ ـ ـ ــالجوارح ينقـ ـ ـ ـ ـ ــد
. .
()3
فليس على نهج الشريعة سالكاً وإن خال رشداً ما أتى من تعبد . .
.
8ـ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ: .
متالزمتان ،فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية ،كما أنها هي الشرط في
األولى))( .)1فنص على شرطية االتباع الذي هو معنى االنقياد.
8ـ المعلِّمي ـ رحمه الله ـ.
قال(( :ومنها ـ يعني من شروط شهادة أن ال إله إال الله ـ أن يكون النطق على سبيل
االلتزام .أي :التزم أن يعمل طول عمره بمضمون كلمة التوحيد وال يخالفها))(.)2
وقال في نص آخر(( :فعلم مما قدمناه أن من شرط االعتداد بكلمة الشهادة أن تكون
على سبيل االلتزام))(.)3
13ـ الشيخ ابن باز:
قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ(( :ولها سبعة شروط)) .وذكر منها(( :واالنقياد لها))(.)4
11ـ الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ :حيث نص على أن شروط ال إله إال الله
سبعة .وذكر منها :االنقياد بأداء حقوقها .ثم قال(( :وهي األعمال الواجبة إخالصاً لله وطلباً
لمرضاته .وهذا هو مقتضاها))(.)5
12ـ الشيخ ابن جبرين ـ حفظه الله ـ :حيث نص أيضاً على أن شروط ال إله إال الله
سبعة وذكر منها االنقياد(.)6
هذه بعض أقوال أهل العلم وتنوعات دالالتها على شرطية االنقياد لصحة الشهادة،
وليس المقام هنا مقام استقصاء وبيان لكل ما قاله أهل العلم في الداللة على اشتراط
االنقياد ،وإنما المقصود التقرير ال اإلحاطة والتكرير.
واشتهار هذا الشرط بين أهل العلم وطالبه شاهد على ما ذكرنا ،فال داعي لإلطالة أكثر
من ذلك .وقد أفضت في النقول من كالم أهل العلم لتقرير هذا الشرط لما وقع فيه من
اختالف في اعتباره ،ولما يكثر من التشغيب على ِّ
عده واعتباره.
يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ...(( :فإن الناس كثر نزاعهم في مواضع في مسمى
اإليمان واإلسالم لكثرة ذكرهما ،وكثرة كالم الناس فيهما ،واالسم كلما كثر التكلم فيه،
فتكلم به مطلقاً ومقيداً بقيد ،ومقيداً بقيد آخر في موضع آخر ،كان هذا سبباً الشتباه
بعض معناه ،ثم كلما كثر سماعه كثر من يشتبه عليه ذلك .ومن أسباب ذلك :أن يسمع
بعض الناس بعض موارده وال يسمع بعضه ،ويكون ما سمعه مقيداً بقيد أوجبه اختصاصه
بمعنى ،فيظن معناه في سائر موارده كذلك)) .انتهى محل الغرض(.)1
المبحث السادس :الموافاة على شهادة أن ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد.
وتحته مطلبان:
المطلب األول :معنى الموافاة.
وتحته مقصدان.
المقصد األول :معنى الموافاة لغة.
الموافاة كلمة تدور في اللغة على معنى بلوغ الشيء واستكماله ،ومنه بلوغ األجل،
وهو :الموت(.)1
والمعنى األخير هو المراد هنا.
قال الراغب(( :وقد عبِّر عن الموت والنوم بالتوفِّي .قال تعالى :ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ
[الزمر ،]92 :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ [األنعام ،]33 :ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ [السجدة ،]11 :ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ [النحل .)2())]53 :أ .هـ.
المقصد الثاني :معنى الموافاة على كلمة ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد.
المراد بالموافاة على ال إله إال الله الموت على اإلسالم والتوحيد كما قال تعالى :ﮂ
[الحجر ،]88 :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ [آل عمران.]132 : ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ
ويتحقق ذلك بأن ال يحدث من صاحبها ما يخل بموجبها عند الموت ،وذلك شرط
استمرار حكمها.
يقول المعلِّمي ـ رحمه الله ـ(( :ثم إذا وقعت كلمة الشهادة مستكملة للشروط ،فشرط
استمرار حكمها أن ال يحدث من صاحبها ما يخل بموجبها .وهذا هو المقصود الحقيقي
والثمرة المطلوبة ،ولذلك وقع االتفاق على أن السجود للصنم ،أو الشمس ،أو نحوهما ردة
تخرج عن اإلسالم إال لمن أ ِّ
كره))( .)3انتهى.
وال يشترط أن يقولها عند الموت حتى يكون موافياً عليها ،ألن قولها عند الموت من
عالمات حسن الخاتمة ،ومن موجبات دخول الجنة ،وليس ذلك كل ح ِّ
سن الخاتمة،
( )1انظر :الصحاح ( ،)2723/3والمصباح المنير (ص ،)273 :ولسان العرب (.)678/17
( )2المفردات (.)858
( )3رفع االشتباه (ص.)92 :
893 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
سن الخاتمة كثيرة كما دلت على ذلك األحاديث الصحيحة(.)1 فعالمات ح ِّ
ولذا كان قوله « :من كان آخر كالمه ال إله إال الله دخل الجنة»( )2ال مفهوم له في
نفي دخول الجنة عمن لم يكن آخر كالمه من الدنيا ال إله إال الله ،وإنما المراد دخوله الجنة
بما يختم له من الكالم الطيِّب؛ فنبه بأعلى الكالم الطيِّب على أدناه ،ألن األعمال ـ كما
قال النبي ـ بالخواتيم(.)3
المتحقق بتحقيق معنى هذهِّ أو المراد بما يموت عليه اإلنسان من صحة المعتقد
الكلمة بالقلب والجوارح ،فلو قالها في زمن المهلة ومات محققاً لها بقلبه وجوارحه مات
على اإلسالم وصدق عليه أنه قالها عند الموت الستصحابه ح ْكم قولها.
وقد بين ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في كالم له نفيس حيث أشار فيه إلى أن لفظ
( )1والتي منها غير نطقه بالشهادة عند الموت :الموت برشح الجبين لحديث بريدة بن الخصيب رضي الله عنه:
«أنه كان بخراسان فعاد أخا له وهو مريض فوجده بالموت وإذا هو بعرق جبينه فقال :الله أكبر سمعت رسول الله
يقول« :موت المؤمن بعرق الجبين» ،ومنها أيضاً :الموت ليلة الجمعة أو نهارها لقوله « :ما من مسلم
يموت الجمعة أو ليلة الجمعة إال وقاه الله فتنة القبر» .ومنها أيضاً :االستشهاد في ساحة القتال قال الله تعالى:
ﮭ ﮮ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ
[آل عمران: ﯣ ﯤ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮱ ﯓ ﯔ ﮯ ﮰ
138ـ .]151وقال « :للشهيد عند الله ست خصال :يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة
ويجار من عذاب القبر ويأمن الفزع األكبر ويحلى حلية اإليمان ويزوج من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا
من أقاربه» .ومنها أيضاً :الموت غازيا في سبيل الله لقوله « :ما تعدون الشهيد فيكم؟» قالوا :يا رسول الله
من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال« :إن شهداء أمتي إذا لقليل» .قالو :فمن هم يا رسول الله قال« :من قتل
في سبيل الله فهو شهيد ،ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ،ومن مات في الطاعون ،فهو شهيد ومن مات في
البطن فهو شهيد والغريق شهيد» .ومنها أيضاً :الموت بالطاعون وفيه أحاديث منها قوله « :الطاعون شهادة
لكل مسلم» .ومن هذه العالمات أيضاً :الموت بداء البطن لقوله في الحديث المتقدم« :ومن مات في
البطن فهو شهيد» .وكذلك الموت بالغرق والهدم ،وموت المرأة في نفاسها بسبب ولدها .وانظر :هذه العالمات
وغيرها مفصلة بأدلتها في أحكام الجنائز لأللباني ( 98ـ .)78
( )2أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز ،باب :تلقين الميت ( )183/6رقم ( ،)6113وأحمد في المسند
( ،)295 ،266/7والطبراني في الدعاء ( ،)966والحاكم في المستدرك (/1ص )736وقال :هذا حديث
صحيح اإلسناد ولم يخرجاه .وحسن إسناده األلباني كما في أحكام الجنائز (ص.)98 :
( )3أخرجه البخاري في كتاب الرقاق ،باب :األعمال بالخواتيم وما يخاف منها (جـ )293/5ح (.)3986
891 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
الكالم والقول في الكتاب والسنة وكالم السلف واألئمة بل وسائر األمم يتناول عند إطالقه
اللفظ والمعنى جميعاً .وهذا نص كالمه ـ رحمه الله ـ قال(( :وعامة ما يوجد في الكتاب
والسنة وكالم السلف واألئمة بل وسائر األمم عربهم وعجمهم من لفظ الكالم والقول وهذا
كالم فالن أو كالم فالن فإنه عند إطالقه يتناول اللفظ والمعنى جميعاً؛ لشموله لهما ،ليس
حقيقة في اللفظ فقط كما يقوله قوم ،وال في المعنى فقط ،كما يقوله قوم ،وال مشترك
بينهما كما يقوله قوم ،وال مشترك في كالم اآلدميين وحقيقة في المعنى في كالم الله كما
يقوله قوم.
ومنه قول النبي « :إن الله تجاوز ألمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به ،أو
تعمل به»( ،)1وقول معاذ له :وأنا لمؤاخذون بما نتكلم فقال« :ثكلتك أمك يا معاذ وهل
يكب الناس في النار على مناخرهم إال حصائد ألسنتهم»( ،)2وقوله« :كلمتان ثقيلتان في
الميزان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله
العظيم»( ،)3وقوله« :إن أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:
كل شيء ما خال الله باطل»(.)4
أال ُّ
وقوله« :إني ألعلم كلمة ال يقولها أحد عند الموت إال وجد روحه لها روحاً»(،)5
( )1أخرجه البخاري في كتاب الطالق ،باب :الطالق في اإلغالق والمكره والسكران والمجنون وأمرهما والغلط
والنسيان في الطالق (جـ )233/3ح ( ،)7238ومسلم في كتاب اإليمان (.)113/1
( )2أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان ،باب :ما جاء في حرمة الصالة ( )11/7رقم ( ،)2313وابن ماجة في
كتاب الفتن ،باب :كف اللسان في الفتنة ( )1619/2رقم ( ،)6856وأحمد في المسند (،263 ،261/7
،)265والطبراني في األوسط ( )286/5برقم ( ،)5736والحاكم في المستدرك ( ،)995/2وقال :صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه .وصحح إسناده األلباني في مواضع من كتبه؛ منها صحيح الجامع (،)7163
والصحيحة (.)1122
( )3أخرجه البخاري في كتاب الدعوات ،باب :فضل التسبيح (جـ 217/5ـ )213ح ( ،)3933ومسلم في كتاب
الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار (.)2352/9
( )4أخرجه مسلم في كتاب الشعر من صحيحه (.)1538/9
( )5أخرجه أحمد في المسند ( ،)28/1والنسائي في عمل اليوم والليلة ( )781/1برقم ( ،)1388وأبي يعلى في
المسند ( ،)16/2والبيهقي في السنن ( .)238/3قال الهيثمي في المجمع ( :)629/2رواه أبو يعلى ورجاله
رجال الصحيح.
892 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ :في تفسير هذا الحديث(( :والمقصود القلب ال اللسان ،فلو
قال« :ال إله» ومات ومعتقده وضميره الوحدانية وما يجب له من الصفات لكان من أهل
الجنة باتفاق أهل السنة))( .)1انتهى.
قلت :ويشهد لذلك قوله « :إني ألعلم كلمة ال يقولها عبد حقاً من قلبه فيموت على
حرم على النار :ال إله إال الله»( .)2وفي بعض األلفاظ« :ما من نفس تموت وهي ذلك إال ِّ
تشهد أن ال إله إال الله وأني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب مؤمن إال غفر الله لها»(.)3
فتبين إذن أن المراد من قوله « :من كان آخر كالمه ال إله إال الله دخل الجنة» أن
معنى؛ فلو قالها عند الموت ولم يكن محققاً لها بعمله لم تنفعه ِّ
يموت محققاً لها قوالً و ً
عند الله؛ كالكافر أو المشرك يقولها عند الغرغرة()4؛ فإنها ال تنفعه ،وهذا مما يدل على
أهمية هذه الشروط وعالقتها بأصل اإليمان وأساس اإلسالم ،إذ المعول في دخول الجنة
على تحقيقها بالقلب واألركان.
أو يقال في تأويل الحديث :أن المراد دخل الجنة بال حساب بخالف من لم تكن
آخر كالمه من الدنيا من أهل التوحيد المخلِّطين .يقول األلوسي ـ رحمه الله ـ معلالً ذلك:
((وإال فما الفرق بين ذلك ومن قالها ولم تكن آخر كالمه من الدنيا؟))(.)5
قلت :وهذا على اعتبار أن المراد خصوص القول دون المعنى وحده؛ فيكون ذلك آخر
نطقه وخاتمة لفظه .والله تعالى أعلم.
يقول النووي ـ رحمه الله ـ(( :ويجوز في حديث« :من كان آخر كالمه ال إله إال الله
دخل الجنة» أن يكون خصوصاً لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه ،وإن كان قبل
مخلِّطاً؛ فيكون سبباً لرحمة الله تعالى إيِّاه ونجاته رأساً من النار وتحريمه عليها ،بخالف
( )1شرح النووي لصحيح مسلم (جـ 135/1ـ .)138ط :دار المؤيد ،بتحقيق خليل مأمون شيحا.
897 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
ت( )1بين عزها ،وخرج منها حرصها على الدنيا وفضولها ،واستحذ ْ إعراضها ،وذلت بعد ِّ
يدي ربِّها وفاطرها وموالها الحق أذل ما كانت له ،وأرجى ما كانت لعفوه ومغفرته ورحمته،
وتجرد منها التوحيد بانقطاع أسباب الشرك وتحقق بطالنه؛ فزالت منها تلك المنازعات
همها على من أيقنت بالقدوم عليه والمصير إليه؛ فوجه التي كانت مشغولة بها ،واجتمع ُّ
وهمه عليه؛ فاستسلم وحده ظاهراً وباطناً، العبد وجهه بكلِّيته إليه ،وأقبل بقلبه وروحه ِّ
سره وعالنيته ،فقال :ال إله إال الله مخلصاً من قلبه .وقد تخلص قلبه من التعلق واستوى ُّ
بغيره وااللتفات إلي ما سواه .قد خرجت الدنيا كلها من قلبه ،وشارف القدوم على ربه،
وخمدت نيران شهوته ،وامتأل قلبه من اآلخرة ،فصارت نصب عينيه ،وصارت الدنيا وراء
ظهره ،فكانت تلك الشهادة الخالصة خاتمة عمله؛ فطهرته من ذنوبه ،وأدخلته علي ربِّه؛
وسرها عالنيتها.
ألنه لقي ربه بشهادة صادقة خالصة ،وافق ظاهرها باطنهاُّ ،
فلو حصلت له الشهادة على هذا الوجه في أيام الصحة ،الستوحش من الدنيا وأهلها،
وفر إلى الله من الناس ،وأنِّس به دون ما سواه ،لكنه شهد بها بقلب مشحون بالشهوات
وحب الحياه وأسبابها ،ونفس مملوءة بطلب الحظوظ وااللتفات إلى غير الله .فلو تجردت ِّ
كتجردها عند الموت ،لكان لها نبأ آخر ،وعيش آخر سوى عيشها البهيمى .والله ُّ
المستعان))(.)2
فالحاصل أن قول هذه الكلمة عند الموت موجب لدخول الجنة ،وذلك لما اقترن بها
من الصدق واإلخالص والصفاء وحسن النية؛ إذ الكلمات والعبادات وإن اشتركت في
الصورة الظاهرة فإنها تتفاوت بحسب أحوال القلوب والمواقف تفاوتاً عظيماً(.)3
وبهذا يتبين فضل من يقول هذه الكلمة عند الموت.
خاص بالمسلم؟ أو أن الكافر كذلك ،إذا قالها عند ٌّ إذا ثبت هذا ،فهل هذا الفضل
الموت حصل له هذا الفضل والتكريم؟
غرغر أو يعاينفالذي تشهد له النصوص :أن الكافر إذا قالها عند الموت قبل أن ي ِّ
العذاب ،فإنها تنفعه عند الله تعالى ،بأن تكون سبباً في محو سيئاته وتكفير خطيئاته؛
فتعصمه من النار.
ويدل لذلك ما جاء في خبر الغالم اليهودي الذي كان يضع للنبي وضوءه ويناوله
نعليه ،فمرض فأتاه النبي فدخل عليه وأبوه قاعد عند رأسه ،فقال له النبي « :يا فالن
قل ال إله إال الله» فنظر إلى أبيه ،فسكت أبوه ،فأعاد عليه النبي ،فنظر إلى أبيه ،فقال
أبوه :أطع أبا القاسم .فقال الغالم :أشهد أن ال إله إال الله وأنك رسول الله .فخرج النبي
وهو يقول« :الحمد لله الذي أخرجه بي من النار»(.)1
وكذا قوله لعمه أبي طالب عندما حضرته الوفاة« :يا ِّ
عم قل ال إله إال الله كلمةً
أحاج لك بها عند الله»(.)2
بوب عليه النووي في «صحيح مسلم» :باب الدليل على صحة إسالم من حضره
الموت ما لم يشرع في النـزع ،وهو الغرغرة(.)3
ولعل الحكمة في ذلك :أنه عند الغرغرة يحصل اإليمان الضروري بالمعاينة ويرتفع
اإليمان بالغيب؛ لظهور اآليات التي تضطرهم إلى اإليمان .ولذا جاء في القرآن :ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ
[األنعام: ﭶ ﭷ ﭸ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
،]178وف ِّسر في قوله « :ال تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها؛ فإذا طلعت من
مغربها آمن الناس كلهم أجمعون ،فيومئذ ال ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو
كسبت في إيمانها خيراً»( ،)4ألنه قد ارتفع عنها الغيب الذي هو محل االبتالء ،فصارت
التوبة للمشاهدة ،فانتفى المانع منها الذي هو عدم التصديق بالغيب؛ فإن كل أحد بعد موته
يؤمن بالغيب(.)5
( )1أخرجه أحمد في المسند ( .)157/6وأصله في البخاري ،كتاب الجنائز ،باب :إذا أسلم الصبي فمات هل
يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي اإلسالم؟ (جـ )118/2ح (.)1679
( )2سبق تخريجه.
( )3صحيح مسلم ( .)79/1وانظر :فتح الباري (.)187/5
( )4أخرجه مسلم في كتاب اإليمان ( .)165/1وبوب عليه النووي :باب بيان الزمن الذي ال يقبل فيه اإليمان.
( )5انظر :زاد المسير ( ،)175/6والجواب الصحيح ( 69/9ـ ،)67وفتح الباري البن حجر،)679/11( .
وعارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي (جـ.)252/11
895 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
وال يشكل على هذا ما جاء في قصة أسامة لما قتل الرجل الذي قال ال إله إال الله
فقال له النبي مبكتاً« :أقتلته بعد أن قال ال إله إال الله؟»( )1وفي رواية« :كيف تصنع بال
إله إال الله إذا جاءت يوم القيامة؟»( )2فإن هذا محمول على ما كان قبل الغرغرة ومعاينة
آيات اآلخرة ،وقد أوضح الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ الفرق بين المقامين فقال(( :أنه في
مثل تلك الحالة ينفعه نفعاً مقيداً بأن يجب الكف عنه حتى يختبر أمره هل قال ذلك
خالصاً من قلبه أو خشيةً من القتل؟ وهذا بخالف ما لو هجم عليه الموت ووصل خروج
الروح إلى الغرغرة ،وانكشف الغطاء ،فإنه إذا قالها لم تنفعه بالنسبة لحكم اآلخرة ،وهو المراد
من اآلية))( )3انتهى.
( )1أخرجه البخاري في كتاب المغازي ،باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة ()5111/1
حديث رقم ( .)1735طبعة :دار ابن كثير ،بيروت ،تحقيق د .مصطفى ديب البغا ،ط :الثالثة ()5177هـ.
( )2أخرجها مسلم في كتاب اإليمان من صحيحه ( )17/5ح (.)17
( )3فتح الباري (.)516/53
898 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
المبحث السابع :ما ينافي شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله.
وتحته ثالثة مطالب:
المطلب األول :ترك العمل المشروع.
ترك المشروع من األعمال مما ينافي االنقياد لحقوق ال إله إال الله .والحديث عنه
سيكون تحت المقاصد التالية:
المقصد األول :أهمية األعمال وأنها من اإليمان.
من المناسب ونحن نتكلم عن ترك العمل المشروع وأحكامه أن نتكلم عن أهمية
العمل ومنـزلته من اإليمان ،ألن في بيان أهميته تمهيداً لبيان خطورة تركه مما يعين على
الحكم على صور تركه؛ إذ الحكم على الشيء ـ كما هو معلوم ـ فرع تصوره.
وأما بيان منـزلة العمل من اإليمان :فإنه قد تقدم إجماع أهل العلم على أن األعمال
من اإليمان ،وأنها منه بمنـزلة الرأس من الجسد ،فإذا انتفت كان ذلك دليالً على انتفاء
يقرر ذلك .وبقي أن نشير هنا إلى بعض اإليمان القلبي التام .وذكرنا من أقوال أهل العلم ما ِّ
األدلة الدالة على أن األعمال من اإليمان .وهذا أوان الشروع في ذلك؛ فنقول :بأن
النصوص الشرعية قد دلت على دخول أعمال الجوارح في مسمى اإليمان .وفيما يلي ذكر
لبعض هذه النصوص:
قال تعالى :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البقرة.]155 :
قال اإلمام ابن بطة في اإلبانة(( :فانتظمت في هذه اآلية أوصاف اإليمان وشرائطه
من القول والعمل واإلخالص))( .)1انتهى.
ووجه االستدالل بها على دخول األعمال في مسمى اإليمان :أن الله عطف
هذه األعمال الظاهرة ـ من إيتاء المال وصرفه في وجوه البر واإلحسان ،وإقام الصالة،
والصبر والمصابرة في البأساء والضراء ـ على اإليمان الباطن مما يدل على دخولها في
مسمى اإليمان.
ويدل لصحة هذا الوجه ما جاء عن أبي ذر أنه سأل النبي عن اإليمان .فقال:
«اإليمان اإلقرار والتصديق بالعمل» ثم تال هذه اآلية « :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
إلى قوله ﮅ ﮆ ﮇ »(.)1
قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(( :حديث أبى ذر هذا مروي من غير وجه؛ فإن كان
هذا اللفظ هو لفظ الرسول فال كالم .وإن كانوا رووه بالمعنى دل على أنه من المعروف
في لغتهم أنه يقال :صدق قوله بعمله .وكذلك قال شيخ اإلسالم الهروي :اإليمان تصديق
كله))(.)2
وقال ابن رجب(( :وهذا يدل على أن الخصال المذكورة في هذه اآلية ،هي خصال
اإليمان المطلق ،فإذا أطلق اإليمان دخل فيه كل ما ذكر في هذه اآلية ،كما سأل السائل
عن اإليمان ،فتال عليه النبي هذه اآلية))(.)3
وقال تعالى في شأن الصالة :ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔﮕ [البقرة .]196 :فسمى
الصالة إيماناً.
قال الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ(( :ولما كانت الصالة جامعة لقول القلب
وعمله ،وقول اللسان وعمله ،وعمل الجوارح سماها الله تعالى إيماناً))(.)4
قال اإلمام البخاري ـ رحمه الله ـ في كتاب اإليمان من صحيحه(( :باب الصالة من
اإليمان .وقول الله تعالى :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ يعني :صالتكم عند البيت.
وقال الحافظ ابن مندة(( :ذكر ما يدل على أن اإليمان هو الطاعات كلها وأن الله
ﮒ ﮓ ﮔﮕ . سمى الصالة في كتابه إيماناً .قال الله ﮐ ﮑ
قال أهل التأويل :صالتكم إلى القبلة األولى وتصديقكم نبيكم واتباعه إلى القبلة
األخرى ،أي :ليعطيكم أجرهما جميعاً))(.)5
( )1أورده شيخ اإلسالم ابن تيمية في المجموع ( .)283/5وهو مخرج في المستدرك ( ،)288/2ومصنف عبد
الرزاق ( ،)128/11وتعظيم قدر الصالة ( .)913/1ولكن بغير زيادة« :اإليمان اإلقرار والتصديق بالعمل».
( )2مجموع الفتاوى (.)283/5
( )3فتح الباري (.)23/1
( )4معارج القبول (.)333/2
( )5اإليمان (.)625/1
873 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
فالحاصل :أن تسمية الصالة إيماناً دليل على دخول أعمال الجوارح جميعها في
اإليمان.
يقول الحليمي(( :أجمع المفسرون على أنه أراد صالتكم إلى بيت المقدس ،فثبت أن
الصالة إيمان ،وإذا ثبت ذلك ،فكل طاعة إيمان إذ لم أعلم فرقاً في هذه التسمية بين
الصالة وسائر العبادات))(.)1
وقال تعالى :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ [المائدة.]7 :
قال الحافظ ابن مندة في تفسيرها (( :ﯽ ﯾ ﯿ يعني :بما أمر الله أن يؤمن به من
الطاعات التي سماها على لسان جبريل عليه السالم إيماناً وإسالماً .وكذلك من يكفر
بمحمد أو بالصالة أو بالصوم فقد حبط عمله))( .)2انتهى.
وقال الله تعالى :ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ
[األنفال 2 :ـ .]9
وجه االستدالل بها :أنه سبحانه وتعالى أخبر أن المؤمنين حقاً هم الذين جمعوا هذه
األعمال التي بعضها يقع في القلب وبعضها في اللسان وبعضها بهما ،وبعضها في الجوارح
وسائر البدن .مما يدل على دخول أعمال الجوارح في مسمى اإليمان(.)3
وقال تعالى في وصف المؤمنين :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭞ
[المؤمنون 1 :ـ .]3 ﭳ ﭴ ﭵ
قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ(( :وهذه اآلية صريحة في أن اإليمان يشمل عقائد
الدين وأخالقه وأعماله الظاهرة والباطنة))(.)4
وقال تعالى :ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ
إلى قوله :ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ
( )1أخرجه البخاري في كتاب اإليمان ،باب :أداء الخمس من اإليمان (جـ )26/1ح (.)76
( )2تعظيم قدر الصالة (.)931/1
( )3التوضيح والبيان لشجرة اإليمان ضمن الآللئ والدرر السعدية (ص.)293 :
( )4أخرجه أحمد في المسند ( ،)283/9والمروزي في تعظيم قدر الصالة ( 936/1ـ )939برقم (،)686
والروياني في مسنده ( ،)253/1والبيهقي في الشعب ( .)93/1كلهم رووه من طريق ليث بن أبي سليم .وليث
يضعف في الحديث ،لكنه ال بأس به في الشواهد والمتابعات .وللحديث شواهد تقويه ويبلغ بها إلى درجة
الحسن .انظر :هامش تعظيم قدر الصالة للدكتور عبد الرحمن الفريوائي (.)939/1
876 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
شيء منها؛ ألن االسم ال ينتفي إال بانتفاء بعض أركان المسمى أو واجباته))( )1انتهى.
هذه بعض األدلة على دخول األعمال في مسمى اإليمان ،وهي قد تضمنت معتقد
أهل السنة والجماعة في اإليمان ،وأنه قول وعمل( ،)2وذلك مما يبين أهمية أعمال الجوارح
ومنزلتها من اإليمان عند أهل السنة ،ولذا كان ترك هذه األعمال أمراً ليس بالهيِّن .ويظهر
ذلك من خالل المقصد التالي.
المقصد الثاني :أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها.
ننوه بأن المراد بالعمل المشروع قبل أن نبين أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها ِّ
هنا عمل الجوارح ،ألن الكالم هنا على ما ينافي شرط االنقياد العملي .ولذا فلن أتعرض
اسب الحديث عن منافاته هنا إلى ترك العمل االعتقادي ،ألن ترك العمل االعتقادي يـن ِّ
شروط أخرى غير االنقياد العملي قد مر الحديث عليها.
يقسمون ترك العمل الظاهر إلى ثالثة أقسام: إذا ثبت هذا ،فإن أهل العلم ِّ
القسم األول :ما اتفق العلماء في التكفير بتركه ،وهو ترك جميع األعمال الظاهرة ـ
على فرض وقوعه ـ ،وذلك لما تقدم من إجماعهم على أن اإليمان قول وعمل واعتقاد ال
بجزيء واحد عن الثالثة.
وكذلك لما بينا من المالزمة بين األعمال الظاهرة واألعمال الباطنة(.)3
ومسألة التكفير بترك األعمال الظاهرة ـ على فرض وقوع هذا الترك ـ ظاهرة في كالم
السلف ،ال ينبغي أن تكون محالً لالختالف بين أهل السنة.
وقد ذكرنا فيما سبق شواهد ذلك في أقوالهم(.)4
إال أن هنالك بعض األحاديث التي قد يتعلق بها البعض إلحداث خالف في هذه
المسألة ،وهؤالء وإن كنا نعذرهم إال أن المنبغي أن ال نجعل خالفهم سبيالً إلى إحداث
قول ثان في المسألة ،ألن السلف مجمعون على كفر م ْن ترك جميع األعمال الظاهرة ،وإن
كان هذا شيئاً غير متصور في الواقع أن يترك الشخص جميع األعمال الظاهرة ،فاألعمال
الظاهرة ال يخلو منها حتى الكافر بدليل قوله لحكيم بن ِّحزام(« : )1أسلمت على
ما سلف لك من خير»(.)2
الخلو واالنفصال من العبادة البتة ،حتى يتفق
يقول النُّعمي ـ رحمه الله ـ(( :ال يمكن ُّ
في فرد من الناس ،أنه ال يصدر عنه شخص( )3منها قط .فهذا مستبعد جداً ـ أي :فقدان
كل شخص أي :من معنى العبادة( )4ـ في أحد من البشر)) .ثم ذكر الحديث المتقدم(.)5
فتبقى مسألة ترك العمل الظاهر بالكلية مسألة نظرية فرضية في األذهان ال تحقق
لها في األعيان.
ولذا نجد أن السلف لم يختلفوا في التكفير بترك العمل الظاهر بالكلية ،ألن
المتقرر عندهم أنه كفر إ ْن وِّجد( .)6وإنما اختلفوا في التكفير بترك المباني األربعة بعد
ِّ
الشهادتين ،وهي(( :فعل الصالة ،والزكاة ،والصيام ،والحج))؛ لعموم البلوى بتركهن .وسيأتي
( )1هو :حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد األسدي بكنى أبا خالد ،وهو ابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي
،كان من أشراف قريش ووجوهها في الجاهلية واإلسالم ،وتأخر إسالمه إلى عام الفتح ،وكان من المعمرين،
عاش في الجاهلية ستين سنة ،وفي اإلسالم ستين سنة .توفي بالمدينة في خالفة معاوية ،وقد اختلف في سنة
وفاته قيل :سنة خمسين ،وقيل سنة أربع وقيل ثمان وخمسين وقيل سنة ستين .انظر :االستيعاب (،)632/1
واإلصابة (.)112/2
( )2جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب الزكاة ،باب :من تصدق في الشرك ثم أسلم (جـ ،)193/2ح
( ،)1963ومسلم في كتاب اإليمان ( )116/1ح ( .)189كالهما أخرجاه من حديث حكيم بن حزام
ولفظه كما في الصحيح :قال ـ أي حكيم بن حزام ـ :قلت :يا رسول الله الله ،أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في
الجاهلية من صدقة أو عتاقة ،ومن صلة رحم ،فهل فيها أجر؟ فقال النبي « :أسلمت على ما سلف من
خير».
( )3الشخص أو الشقص بمعنى الجزء أو الطائفة من الشيء .انظر :المصباح المنير (ص .)122 :مادة (شقص).
( )4المراد بالعبادة هنا العمل الظاهر بدليل استدالل النعمي بحديث حكيم بن حزام.
( )5معارج األلباب (.)331/2
( )6وجه التكفير به أنه ترك لجزء من أجزاء اإليمان ال يصح اإليمان إال به كما يدل عليه إجماعهم على القطع بعدم
إجزاء واحد من الثالثة عن اآلخر .وأنه ال بد من هذه األمور الثالثة جميعاً ،ال يكتفى ببعضها دون اآلخر .فال
بد من عمل ظاهر يصح به اإليمان ،وإن كانوا قد يختلفون في قدر هذا العمل كما سيأتي.
كما أن ترك العمل الظاهر بالكلية شامل لترك الصالة ،وهي كفر على الصحيح من قولي أهل العلم على ما
سيأتي تحقيقه.
873 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
الحسنات إال التوحيد ،ولو كان عنده غير ذلك لذكِّر ،ومع ذلك أدخله الله الجنة(.)1
وأيضاً قوله « :لم يعملوا خيراً قط» يعم نفي جميع الخير ،ألن كلمة «خيراً» نكرة
في سياق النفي فتعم ،ولكن خرج من هذا العموم قول اللسان وعمل القلب باإلجماع ألن
ترك ذلك كفر بإجماع العلماء( ،)2فلم يبق إال عمل الجوارح فيتسلط النفي عليه(.)3
وقد أجاب أهل العلم عن ذلك بأجوبة عدة؛ منها(:)4
1ـ أن الحديث ليس على ظاهره أيضاً في نفي أعمال الجوارح ،ألن في نفس
الحديث ما يدل على أنه كان يعمل بعض الخير من أعمال الجوارح الظاهرة؛ ففيه أنه كان
يداين الناس فيقول لرسوله« :خذ ما تيسر واترك ما عسر ،وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا»(،)5
وهذا عمل ظاهر يراه الناس ،بل هو من أخير الخير في نظرهم؛ فيكون ذلك من باب إطالق
الكل في نفي أعمال الجوارح وإرادة جزئها ،وذلك سائغ في لغة العرب جائز في لسانها أن
يؤتى بلفظ الكل ،والمراد البعض.
قال اإلمام ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ(( :أن هذه اللفظة« :لم يعملوا خيراً قط» من الجنس
الذي يقول العرب :ينفي االسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام ،فمعنى هذه اللفظة على
األصل ،لم يعملوا خيراً قط ،على التمام والكمال ،ال على ما أوجب عليه وأِّمر به))(.)6
وقال أبو عمر ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في سياق توجيهه لهذا الحديث(( :وفي
هذا األصل ما يدلك على أن قوله في هذا الحديث :لم يعمل حسنة قط ،أو لم يعمل خيراً
قط ـ لم يعذبه ـ إال ما عدا التوحيد من الحسنات والخير .وهذا سائغ في لسان العرب،
عملوه وال خير قدموه)) أن هؤالء «يعرفون بعالمة آثار السجود»( )1مما يدل على أنهم كانوا من
أهل الصالة( ،)2والصالة هي أعلى األعمال الظاهرة؛ وهذا ينصر القول بأن ترك الصالة كفر ـ
كما سيأتي ـ ،كما يبطل الشبهة بأن الجنة تستحق دخولها بغير عمل ظاهر يصحح اإليمان.
فدل على أن نفي الخير ليس على إطالقه في نفي أعمال الجوارح أيضاً.
2ـ أن المقصود أنه لم يعمل خيراً قط فيما يراه الناس ،ألن بعض الناس يطلق الخير
على نفع الخلق فقط؛ فيكون في نفي الخير ِّ
المتعدي من أعمال الجوارح ال في كل الخير.
6ـ أنه يحتمل أنه كان في عهد اندراس الوحي ،فيكون داخالً في اإلعذار بالجهالة
كما جاء في أثر حذيفة قال :ليدرسن اإلسالم كما يدرس الثوب ،حتى ال تعرف صالة،
وال صياماً ،وال نسكاً إال بقايا من شيخ كبير وعجوز يقولون :كنا نسمع كالماً من أقوام:
أدركنا من قبلنا يقولون :ال إله إال الله فنحن نقولها .فقال له صلة بن زفر العبسي( )1يا أبا
عبد الله فما تنفعهم ال إله إال الله ،وهم ال يعرفون صال ًة وال صياماً وال نسكاً؟ قال :تنجيهم
من النار(.)2
9ـ كما يحتمل أن له أعماالً صالحةً عديدة من صالة وزكاة وحج وصيام إال أنه
أخذها الداينون كما في حديث المفلِّس؛ وفيه قوله « :المفلس من أمتي من يأتي يوم
القيامة بصالته وصيامه وزكاته وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا
فيقعد فيعطى هذا من حسناته ،وهذا من حسناته ،فإن فنيت حسناته قبل أن يعطي ما عليه
أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار»(.)3
فهذا يصدق عليه أنه لم يعمل من الخير قط باعتبار الموازنة بين الحسنات والسيئات،
فيدخله الله الجنة بال عمل صالح يـْبـقى له ،يستحق به دخول الجنة – إن شاء الله .)4( -
7ـ أو يقال :أن هذا الحديث من المتشابه ،والقاعدة عند أهل العلم أن
المتشابه يـرد إلى المحكم من أدلة الشريعة ،والمحكم من أدلة الشريعة أن الجنة ال
يدخلها إال المؤمن ،واإليمان ال يصح مع ترك جميع األعمال الظاهرة .فال بد أن يكون
معه عمل ظاهر يصح به إيمانه(.)5
3ـ وإلحاقاً لما سبق فإن هذا الحديث معارض بمحكم القرآن أيضاًكما في قوله تعالى :ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ
[األنعام]178 : ﭶ ﭷ ﭸ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
( )1هو :صلة ـ بكسر أوله وفتح الالم الخفيفة ـ ابن زفر ـ بضم الزاي وفتح الفاء ،العبسي ،أبو العالء الكوفي ،تابعي كبير ،من
الثانية ،ثقة جليل ،مات في حدود السبعين[ .تقريب التهذيب (ص.])977 :
( )2تقدم تخريجه .وهو وجه صالح للدفع لوال ما يرد عليه من أن أهل اإلعذار بالجهالة ال يدخلون النار ابتداء فال
يخرجون منها انتهاء كما هو الحال في أصحاب هذا الحديث حيث ورد فيه أنهم يخرجون من النار وقد
امتحشوا .ولكن تبقى بقية االحتماالت في تأويل هذا الحديث قوية م ِّ
دحضة للشبهة.
( )3أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة واآلداب (.)1885/9
( )4هذا الجواب قيدته فهماً من تقريرات شيخنا عبد المحسن العباد في دروسه من كتاب شرح الترمذي بالمسجد
النبوي.
( )5انظر :أسئلة وأجوبة في اإليمان للشيخ عبد العزيز الراجحي (ص.)28 :
831 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
حيث دلت على نفي اإليمان عمن لم ي ْك ِّسب الخير فيه .وإلى هذا القول في تفسير اآلية ذهب
بعض المحققين.
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ(( :والمعنى أنه ال ينفع نفساً إيمانها عند حضور اآليات متصفة بأنها
لم تكن آمنت من قبل أو آمنت من قبل ولكن لم تكسب في إيمانها خيراً ،فحصل من هذا :أنه
ال ينفع إال الجمع بين اإليمان من قبل مجيء بعض اآليات مع كسب الخير في اإليمان ،فمن
آمن من قبل فقط ولم يكسب خيراً في إيمانه أو كسب خيراً ولم يؤمن ،فإن ذلك غير نافعه ،وهذا
التركيب هو كقولك :ال أعطي رجالً اليوم أتاني لم يأتني باألمس ،أو لم يمدحني في إتيانه إلي
باألمس ،فإن المستفاد من هذا أنه ال يستحق العطاء إال رجل أتاه باألمس ومدحه في إتيانه إليه
باألمس))( )1انتهى.
ونقله أيضاً الرازي( )2عن أهل السنة في (حجج القرآن)( )3حيث ذكر هذه اآلية ضمن أدلة
أهل السنة القائلين بأن اإليمان قول وعمل وعقد ،وذكر وجه استشهادهم بها :وهو أن الله سوى
بين الكافر وغير العامل.
تقرر أن اإليمان ال ينفع إال مع كسب الخير كما هو معتقد أهل السنة في فالحاصل أن اآلية ِّ
اإليمان وأنه قول وعمل وعقد فيجب الحمل عليه ألنه المحكم.
وخالصة القول :أن الحديث ال ينفي أن يكون معه أصل االنقياد بل غاية ما فيه أن
النفي هنا ليس على إطالقه في نفي أعمال الجوارح أيضاً بل جرى مجرى الغالب في
الكالم ،وهو أسلوب من أساليب العرب في نفي االسم عن الشيء القليل ،وهي ال تريد
نفي ماهيته.
وعلى فرض إرادة الظاهر به فهو يحمل على الكافر الجاحد يقولها عند الموت
عمه أبي طالب ،وقال« :أحاج لك ويقارن ذلك عقد القلب( )4كما عرضها النبي على ِّ
بها عند الله» ،وكما في خبر الغالم اليهودي الذي قال :ال إله إال الله عند الموت مستجيباً
ألمره بها ،فقال« :الحمد لله الذي أخرجه بي من النار»()1؛ وذلك جمعاً بين
األدلة(.)2
أو يحمل ـ وإن كان بعيداً ـ على الخلق الذين ينشئهم الله فيدخلهم الجنة( ،)3فهؤالء يصدق
عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط .وهو احتمال قوي لوال ما يرد عليه من أن اآلخرة ليست دار تكليف
وال عمل( ،)4وأيضاً فهؤالء لم يبعث إليهم رسول تقوم به حجة الله عليه.
الدليل الثاني :قوله في حديث البطاقة« :إن الله سيخلص رجالً من أمتي على
رؤوس الخالئق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجالً كل سجل مثل مد البصر ثم
يقول :أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول :ال يا رب .فيقول أفلك عذر؟
فيقول :ال يا رب .فيقول :بلى إن لك عندنا حسنة ،فإنه ال ظلم عليك اليوم ،فتخرج بطاقة
فيها أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .فيقول :أحضر وزنك فيقول:
يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجالت؟ فقال :إنك ال تظلم .قال فتوضع السجالت في
كفه والبطاقة في كفه فطاشت السجالت ،وثقلت البطاقة ،فال يثقل مع اسم الله
شيء»( .)5قالوا :ولم يذكر في البطاقة غير الشهادة ولو كان فيها غيرها لقال(.)1
يقال في الجواب عن استداللهم بهذا الحديث أنه ال ينفي أن معه أصل االنقياد بل
غاية ما فيه أنه مسيء مسرف على نفسه قد عمل شراً كثيراً فاق ما عنده من الحسنات،
فلم يبق له إال حسنة التوحيد.
وعلى فرض أ ْن ليس معه شيء من الحسنات؛ فإن شهادة أن ال إله إال الله تتضمن
أصل االنقياد.
أو يكون كسابقه ،فتجري عليه نفس األجوبة ِّ
المتقدمة ،ولذا نجد بعض أهل العلم يربط
بينهما ويسوقهما في مساق واحد ،وذلك التحادهما في المعنى ،ومما يبين ذلك أن في بعض
روايات حديث لم يعمل خيراً قط «إال التوحيد» ،وذلك كشأن صاحب البطاقة ،فليس له من
الخير إال شهادة أن ال إله إال الله التي تطابق "التوحيد" في حديث لم يعمل خيراً قط .والله تعالى
أعلم.
الدليل الثالث :استدلوا بحديث حذيفة المتقدم قال(( :ليدرسن اإلسالم كما يدرس
الثوب ،حتى ال تعرف صالة ،وال صياماً ،وال نسكاً إال بقايا من شيخ كبير وعجوز يقولون:
كنا نسمع كالماً من أقوام :أدركنا من قبلنا يقولون :ال إله إال الله فنحن نقولها .فقال له
صلة بن زفر العبسي يا أبا عبد الله فما تنفعهم ال إله إال الله ،وهم ال يعرفون صال ًة وال
صياماً وال نسكاً؟ قال :تنجيهم من النار.
نص من حذيفة على أن تارك الصالة ،ومثلها بقية األركان ،ليس بكافر ،بل قالوا :فهذا ٌّ
هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة ،ومن باب أولى أن يترك ما دون ذلك(.)2
ويقال في الجواب عن هذا الحديث :أن هذا الحديث ال يدل على نفي العمل
الظاهر عنهم بالكلية ،وإن كنا نرى أن ذلك ال يكفي لصحة إيمانهم.
ولذا كان الجواب األوجه :أن هؤالء لم يكفروا :من جهة إعذارهم بالجهالة ال من
جهة تركهم لهذه األعمال ،فلو تركوا هذه األعمال مع قيام العلم أو المقتضي له لحكمنا
بكفرهم؛ لقيام الحجة عليهم أو لتفريطهم في طلب الحجة على ما قررناه في قضية العذر
ــــــــــ
ووافقه الذهبي .وحكم عليه األلباني بالصحة في مواضع من كتبه منها السلسلة الصحيحة ( ،)167وصحيح الجامع =
(.)1553
( )1الصالة وحكم تاركها (.)27
( )2انظر :الخالف في حكم تارك الصالة (ص ،)511 :وحكم تارك الصالة لأللباني (ص.)56 :
839 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
بالجهل وضوابطه(.)1
فالحاصل أن الحديث ال يؤيد هذا الفهم الخاطئ ،بل يشير إلى أن اندراس
اإلسالم ،وانتشار الجهل وعجز الناس عن معرفة فرائضه مانع من التكفير.
وقد أشار شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ إلى ذلك فقال (( :لكن من الناس من يكون جاهالً
ببعض هذه األحكام جهالً يعذر به ،فال يحكم بكفر أحد حتى تقوم عليه الحجة من جهة
بالغ الرسالة ،كما قال تعالى :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ [النساء ،]137 :وقال تعالى:
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [اإلسراء.]17 : ﯨ ﯨ
ولهذا لو أسلم رجل ولم يعلم أن الصالة واجبة عليه ،أو يعلم أن الخمر يحرم ،لم يكفر
بعدم اعتقاد إيجاب هذا وتحريم هذا ،بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية....
وكثير من الناس قد ينشأ في األمكنة واألزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات،
حتى ال يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة ،فال يعلم كثيراً مما
يبعث الله به رسوله ،وال يكون هناك من يبلغه ذلك ،ومثل هذا ال يكفر.
ولهذا اتفق األئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم واإليمان وكان حديث
العهد باإلسالم فأنكر شيئاً من هذه األحكام الظاهرة المتواترة فإنه ال يحكم بكفره حتى
يعرف ما جاء به الرسول.
ولهذا جاء في الحديث« :يأتي على الناس زمان ال يعرفون فيه صالة ،وال زكاة وال
صوماً ،وال حجاً ،إال الشيخ الكبير ،والعجوز الكبيرة ،يقول :أدركنا آباءنا وهم يقولون :ال
إله إال الله»))(.)2
فتبين أن حديث حذيفة يحمل على ما قاله شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ،وهو أنه
فيمن جهل بعض الفرائض ،ال ألجل تـ ْركِّها بعد بلوغ العلم بها .أال ترى أن صلة ـ رحمه الله ـ
تعجب من مجرد قولهم ال إله إال الله كيف ذلك ينفعهم؟ ألن المستقر عند عامة الصحابة
والتابعين أن شهادة أن ال إله إال الله ال تنفع وحدها وال تغني صاحبها شيئاً ،وال تكون سبباً
( )1يقول سفيان بن عيينة ـ رحمه الله ـ وهو من أئمة السلف في صدد تشنيعه على المرجئة(( :وترك الفرائض من غير
جهل وال عذر هو كفر))[ .السنة لعبد الله بن اإلمام أحمد (ص.])698 :
( )2مجموع الفتاوى ( 933/11ـ .)938
837 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
وثمة جواب مجمل هنا ،وهو :أن القائلين بعدم كفر تارك العمل بالكلية من أهل السنة
ال يخالفون في أن هذه األحاديث ال تنفي عمل القلب .وكذا يوافقون في التالزم ـ الغير
منفك ـ بين عمل الظاهر وعمل الباطن .فيلزم من قولهم بعدم كفر تارك العمل وجود حالة
ينتفي معها هذا التالزم مع صحة اإليمان ،وذلك تناقض بيِّن .والقول إنما يعرف بطالنه إذا
لم يطرد مذهب قائله ،أو عاد على مذهب قائله بالنقض.
فإما أن يبقوا على التالزم فتبطل شبهتهم ،وإما أن ينفوا دخول أعمال القلوب في اإليمان
فيلزمهم مذهب جهم(.)1
فإن قالوا :أن هذا استثناء من عموم التالزم بين الظاهر والباطن .أجيبوا :بما تقدم من
أجوبة تفصيلية بأن هذه األحاديث ال تدل على نفي العمل الظاهر.
ومن الوجوه كذلك الدالة على بطول هذا القول :أن الكفر يقع بترك القول وحده؛ كترك
الشهادتين ،ويقع بترك االعتقاد وحده؛ كترك عمل القلب من الحب والخشية والتصديق
والمعرفة .فكذا يجب أن يقع بترك العمل الظاهر وحده ،ألنه قرين للقول واالعتقاد في
اإليمان ،ألن هذه األمور الثالثة هي أجزاء اإليمان ،وإن كانت متفاوتة باعتبار األفراد ،فهي
متساوية باعتبار االجتماع .أي :الصورة والهيئة االجتماعية .أما باعتبار األفراد فال شك أن
القول أعلى من عمل القلب الفرد ،وعمل القلب الفرد الواحد أعلى من عمل الجوارح الفرد
الواحد ،ولذا جاء في الحديث« :اإليمان بضع وسبعون شعبة أعالها :قول ال إله إال الله،
وأدناها إماطة األذى من الطريق .والحياء شعبة من شعب اإليمان»( .)2وفي الحديث
اآلخر« :أوسط شعب اإليمان الحب في الله والبغض في الله»( .)3فجعل القول أعلى
الشعب ،وعمل القلب الواحد أوسط الشعب ،وجعل عمل الجوارح الواحد أدنى الشعب.
وقبل أن نختم الكالم على مسألة ترك العمل بالكلية ينبغي التنبيه هنا إلى مسألة عظيمة
ــــــــــ
ولذا ينبغي أن يعلم الفرق بين مسألتين دقيقتين يحصل فيهما الخلط كثيراً ،األولى ترك العمل بالكلية فهذه لم =
يختلف القول عند السلف في حكمها ،وأنه كفر .الثانية :ترك مباني اإلسالم بعد الشهادتين فهذه اختلف فيها
القول عند السلف في حكمها كما سيأتي.
( )1انظر :مجموع الفتاوى (.)511/7
( )2مضى تخريجه.
( )3أخرجه أحمد في المسند ( )283/9من حديث البراء بن عازب .
835 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
قد خاض فيها الخلف ،وال تجد لهذه المسألة ذكراً في كالم السلف األوليين ،وإنما هي
()1
مسألة حادثة ،وهي :مسألة «جنس العمل » هل هو شرط لصحة اإليمان أو ليس شرطاً
لصحة اإليمان؟ فيقال :أن «جنس العمل» من األلفاظ المجملة يدخل فيه أعمال القلوب
وأعمال الجوارح ،وفي إطالقه محذوران عظيمان:
األول :من جهة أن جنس العمل شرط صحة ،وقد يحتمل أن يقصد به ما ال يكفر
بتركه من أعمال الجوارح ،فيؤول إلى مذهب الخوارج.
حتمل المقصود به عمل القلب دون أعمال الثاني :من جهة لفظ «العمل» ،قد ي ِّ
الجوارح ،فيؤول إلى اإلرجاء.
ولكن نقول قوالً عاماً :أن كل عمل مشروع من الواجبات والمستحبات هو من اإليمان،
وأما أثر هذا العمل في اإليمان فينبغي أن يفصل فيه .ألن األعمال مراتب منها ما يكون تركه
كفراً؛ كالصالة( ،)2ومنها ما ال يكون كذلك .فالواجب االستفصال وترك اإلجمال.
ولذا كان األحوط أن يقال :جميع األعمال من اإليمان ،وال يقال العمل شرطاً( )3أو
ركناً ،ألن هذه األلفاظ مجملة محدثة لم يتكلم بها السلف في مقام اإلجمال ،وإن تكلموا
ببعضها في مقام التفصيل.
ثم إن مسالة "ترك جنس العمل" كما أسلفت قضية ذهنية ال حقيقة لها في الواقع ،فال
يتصور في الواقع أن يعيش الشخص أبد الدهر وهو ال يعمل شيئاً من الطاعات .فالنفقة على
عياله عمل صالح ،وبر الوالدين عمل صالح ،ومسح رأس اليتيم عمل صالح ،والتبسم في وجوه
اآلخرين عمل صالح ،فال يتصور انفكاك العمل الصالح عن فرد كافر فضالً عن مسلم(.)4
( )1المراد بجنس العمل حده األدنى الدال عليه المتحقق به[ .الرد البرهاني (ص.])562 :
( )2على القول الراجح كما سيأتي.
( )3وال يرد هنا التعبير بشرط االنقياد العملي ،ألن ذلك مبين ليس مجمالً ،فهو مقيد ببعض األعمال كما سيأتي.
انظر( :ص.)881 :
( )4قيدته فهماً من تقريرات شيخنا الدكتور إبراهيم الرحيلي في بعض دروسه لكتاب اإليمان ألبي عبيد القاسم ابن
سالم بمسجد الجامعة اإلسالمية حرسها الله.
838 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
فهل يقال :أن هذه األعمال تكفي لصحة اإليمان؟ فهذا إشكال( .)1ولذا نجد أن
أهم وأولى ،وهو ترك المباني
السلف أضربوا عن الكالم في هذه المسألة ،وتكلموا فيما هو ُّ
األربعة ،مع اتفاقهم بأنه ال يصح اإليمان إال مع العمل كما تقدم.
والمقصود هنا بيان أن ترك العمل بالكلية كفر ،والتعبير باشتراط جنس العمل لصحة
اإليمان غير دقيق بل هو موهم.
فيقال :تارك العمل بالكلية كافر ،ألن العمل من اإليمان أو جزء اإليمان .وال يقال :تارك
جنس العمل كافر ألن جنس العمل شرط أو ركن في اإليمان ،وذلك لما فيه من اإلجمال
واإليهام.
يقول العالمة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث سئل عن قول البعض :تارك جنس العمل
كافر ،وتارك آحاد العمل ليس بكافر :فقال(( :من قال هذه القاعدة؟! من قائلها؟! هل
قالها محمد رسول الله؟! كالم ال معنى له .يقول :من كفره الله ورسوله فهو كافر ،ومن لم
يكفره الله ورسوله ،فليس بكافر .هذا هو الصواب .أما (جنس العمل) أو (نوع العمل) أو
(آحاد العمل) :فهذا كله طنطنة ال فائدة منها))( .)2انتهى.
القسم الثاني :ما اختلف في التكفير بتركه ،وهي :أركان اإلسالم األربعة بعد
الشهادتين(( :الصالة ،والزكاة ،والصيام ،والحج)) ،فإن العلماء اختلفوا في التكفير بترك شيء
من هذه الفرائض من عدمه ،واألقوال في هذه المسألة كلها مأثورة عن السلف ،وفي
مذهب اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(.)3
يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :ولهذا تنازع العلماء في تكفير من يترك
شيئاً من هذه الفرائض األربع بعد اإلقرار بوجوبها))(.)4
ويقول الحافظ ابن رجب في سياق شرحه لحديث(( :بني اإلسالم على خمس(( :))...وأما
( )1ووجه أنه يلزم منه إدخال الكافر في اإلسالم بفعل المستحب وإخراج المسلم من دين اإلسالم بترك المستحب،
وذلك لم يقل به أحد من السلف .كما يلزم منه أيضاً القول بالتساوي بين الشعب العملية في األثر على زيادة
اإليمان ونقصانه أو بذهاب أصله وكماله وهو باطل قطعاً.
( )2نقله الشيخ علي حسن عبد الحميد في كتابه الرد البرهاني (ص.)193 :
للرحيلي (ص.)261 :
( )3التكفير وضوابطه ُّ
( )4مجموع الفتاوى (.)338/5
838 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
هذه الخمس ،فإذا زالت كلها سقط البنيان ولم يثبت بعد زوالها ،وكذلك إن زال منها الركن
األعظم وهو الشهادتان ،وزوالهما يكون باإلتيان بما يضادهما وال يجتمع معهما.
وأما زوال األربع البواقي ،فاختلف العلماء هل يزول اإلسالم بزوالها أو بزوال واحد
منها؟ أم ال يزول بذلك؟ أم يفرق بين الصالة وغيرها ،فيزول بترك الصالة دون غيرها؟ أم
يختص زوال اإلسالم بترك الصالة والزكاة خاصة؟ وفي ذلك اختالف مشهور وهذه األقوال
كلها محكية عن اإلمام أحمد))(.)1
والمقصود هنا بيان أن أهل السنة اختلفوا في التكفير بترك شيء من هذه األركان األربعة بعد
اإلقرار بوجوبها .وأما قدر منافاة هذه األعمال لشرط االنقياد فسيظهر ذلك من خالل الترجيح
في حكم ترك شيء من هذه األعمال .وقد آثرت أن يكون ذلك في مقصد مستقل ،وذلك
ألهميته ،وحتى ال يتوهم أن ترجيح قول على قول من هذه األقوال يكون قاطعاً للخالف،
فينسب المخالِّف للمخالفة بل هذه األقوال كلها ألهل السنة كما سيأتي بيانه.
الثالث :ما اتفق أهل السنة على عدم التكفير بتركه ،وهو على نوعين:
األول :سائر األعمال الواجبة بعد أركان اإلسالم ،فإن المسلم ال يكفر بتركها مع اعتقاد
وجوبها ،عند أهل السنة قاطبة.
يقول اإلمام ابن رجب ـ رحمه الله ـ(( :فأما بقية خصال اإلسالم واإليمان ،فال يخرج
العبد بتركها من اإلسالم عند أهل السنة والجماعة ،وإنما خالف في ذلك الخوارج ونحوهم
من أهل البدع))(.)2
وقال أيضاً(( :فسائر خصال اإلسالم الزائدة على أركانه الخمس ودعائمه إذا زال منها
شيء نقص البنيان ،ولم ينهدم أصل البنيان بذلك النقص))(.)3
وقد ذكر شيخ اإلسالم العلة ـ في عدم التكفير بترك الواجبات ـ فقال(( :لكن المأمور به إذا
تركه العبد ،فإما أن يكون مؤمناً بوجوبه أو ال يكون ،فإن كان مؤمناً بوجوبه تاركاً ألدائه فلم يترك
الواجب كله بل أدى بعضه ،وهو اإليمان به ،وترك بعضه هو العمل به))(.)4
النوع الثاني :ترك األعمال المستحبة ،فهذه ال يكفر المسلم بتركها ،بل وال يؤثم أيضاً
مع اعتقاده باستحبابها ،عند أهل السنة قاطبة .وقد تقدم اإلجماع على أن األعمال الواجبة
ال يكفر بتركها ،فمن باب أولى ترك المستحبات ،ألن حكم المستحب عند العلماء :ما
يثاب على فعله وال يعاقب على تركه؛ كترك السالم ،أو ترك السواك عند الوضوء ،أو ترك
السنن الرواتب.
عرضوالفرق بين هذا النوع والذي قبله :أن النوع األول ينافي كمال االنقياد الواجب وي ِّ
عرض صاحبه للعقوبة أو صاحبه للعقوبة .وأما هذا النوع فينافي تركه االنقياد المستحب وال ي ِّ
اإلثم.
المقصد الثالث :الدراسة والتحقيق لحكم من ترك مباني اإلسالم بعد الشهادتين.
هذا المقصد يدخل ضمناً تحت المقصد قبله ،وأفردته بالذكر هنا ألهميته ،وذلك لما
وقع من اختالف بين السلف في حكم من ترك هذه األعمال ،فكان ال بد من التحقيق
والدراسة في حكم ترك هذه األعمال حتى تتبين منافاة كل منها لشرط االنقياد ،وهل هي
منافاة تامة أو ناقصة؟ هذا ما سيتضح عند بيان أحكام ترك هذه األعمال بالنظر إلى
نصوص الشرع.
فقد اختلف أهل العلم من السلف وم ْن بعدهم في من ترك المباني األربعة أو بعضها
بعد الشهادتين مع اإلقرار بوجوبها( )1هل يكفر أو ال يكفر بذلك؟ على خمسة أقوال كلها
في مذهب اإلمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ .وجملة هذه األقوال:
القول األول :أنه يكفر بترك واحد من األربعة حتى الحج ،وإن كان في جواز تأخيره
نزاع بين العلماء ،فمتى عزم على تركه بالكلية كفر .وهو قول طائفة من السلف ،ومنهم:
الحكم بن عتبة ،وسعيد بن جبير وغيرهما .وقال به ابن حبيب من المالكية .وهي إحدى
الروايات عن أحمد اختارها أبو بكر الخالل.
القول الثاني :أنه ال يكفر بترك شيء من ذلك .وهذا هو المشهور عند كثير من
الفقهاء ،من أصحاب أبي حنيفة ،ومالك ،والشافعي ،وهو إحدى الروايات عن أحمد
( )1المقرر عند أهل العلم أن التزام شرائع اإلسالم باعتقاد وجوبها شرط لصحة اإلسالم ،وإنما وقع الخالف في
الترك مع اعتقاد الوجوب.انظر :مصباح الظالم (ص.)679 :
851 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
( )1انظر :لهذه األقوال :شرح حديث جبريل ( ص 779 :ـ ،)773ومجموع الفتاوى ( 632/5ـ ،)636
وكتاب اإليمان من إكمال المعلم ( 186/1ـ ،)189والمجموع للنووي ( ،)13/6وفتح الباري البن رجب
( 23ـ ،)26وجامع العلوم والحكم (ص 86 :ـ ،)89والمحرر في الفقه (.)135/2
( )2الصالة وحكم تاركها (ص 23 :ـ .)25
852 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
ﯝ ﯞ [الحجرات.)1())]13 :
[التوبة: 6ـ قوله تعالى :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ
.]7
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ مستشهداً بها على كفر تارك الصالة(( :وقد شرط الله في
القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصالة وإيتاء الزكاة...؛ فال يخُلى من لم يقم الصالة))(.)2
9ـ ما أخرجه مسلم في صحيحة من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ ،قال:
((سمعت رسول الله يقول :إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصالة))(.)3
قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ(( :وهو واضح في أن تارك الصالة
كافر؛ ألن عطف الشرك على الكفر فيه تأكيد قوي لكونه كافراً))( .)4وذكر(( :أنه من أقوى
أدلة أهل هذا القول))(.)5
وقال اإلمام النووي ـ رحمه الله ـ(( :ومعنى بينه وبين الشرك ترك الصالة :أن الذي يمنع من
كفره كونه لم يترك الصالة فإذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل بل دخل فيه))(.)6
وقد استدل اإلمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ بهذا الحديث على كفر تارك الصالة ،وذكر كالم
النووي المتقدم وأضاف قائالً(( :والحق أنه كافر يقتل ،أما كفره فألن األحاديث قد صحت :أن
الشارع سمى تارك الصالة بذلك االسم وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطالق هذا االسم
عليه هو الصالة فتركها مقتض لجواز اإلطالق))( .)7أ.هـ محل الغرض.
7ـ ما جاء عن بريدة بن الحصيب ،قال :قال رسول الله (( :العهد الذي بيننا وبينهم
الصالة ،فمن تركها فقد كفر))(.)1
فهذا الحديث صريح في كفر تارك الصالة ،حيث جعلها النبي الحد الفاصل بين
أهل اإلسالم وبين أهل الكفر ،ثم أكد ذلك بقوله(( :فمن تركها فقد كفر)) .وهذا مما ينفي
أن المراد بالكفر هنا الكفر األصغر(.)2
3ـ ومن األدلة أيضاً قوله لمعاذ بن جبل « :أال أخبرك برأس األمر وعموده
وذروة سنامه؟» فقلت :بلى يا رسول الله .قال« :رأس األمر اإلسالم وعموده الصالة وذروة
سنامه الجهاد»(.)3
وجه الداللة منه أنه أخبر أن الصالة من اإلسالم بمنـزلة العمود الذي تقوم عليه
الخيمة ،فكما تسقط الخيمة بسقوط عمودها ،فهكذا يذهب اإلسالم بذهاب الصالة؛
وهذا الحديث مما احتج به أحمد على كفر تارك الصالة(.)4
هذه بعض األدلة على كفر تارك الصالة ،وهي صريحة في الداللة على ذلك،
وليس لها في النصوص ما ي عارضها ،أو يصرفها عن ظواهرها ،وما أوهم المعارضة منها
هي أدلة عامة مطلقة؛ كاألحاديث الدالة على أن من قال ال إله إال الله خالصاً من
( )1أخرجه النسائي في كتاب الصالة ،باب :الحكم في تارك الصالة ( )261/1ح ( ،)936والترمذي في كتاب
اإليمان ،باب :ما جاء في ترك الصالة ( )16/7ح ( ،)2321وأحمد في المسند ( ،)693/7وابن أبي شيبة
في المصنف ( ،)135/3والبيهقي في السنن ( ،)633/6والحاكم في المستدرك ( )98/1وقال :هذا حديث
صحيح اإلسناد ال تعرف له علة بوجه من الوجوه .ووافقه الذهبي .وصححه األلباني في مواضع من كتبه؛ منها
صحيح الجامع ( ،)9196وصحيح ابن ماجة (.)1358
للرحيلي (ص.)299 : ( )2التكفير وضوابطه ُّ
( )3أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان ،باب :ما جاء في حرمة الصالة ( )11/7ح ( ،)2313وأحمد في المسند
( ،)261/7والصنعاني في التفسير ( ،)138/6والبيهقي في السنن ( ،)928/3والمنذري في الترغيب
والترهيب ( ،)668/6والحاكم في المستدرك ( )995/2وقال :صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
ووافقه الذهبي .صححه األلباني في مواضع من كتبه ،منها :صحيح الجامع ( ،)7163وصحيح الترغيب
والترهيب (.)2833
( )4الصالة وحكم تاركها (ص .)69 :وانظر :جامع العلوم والحكم (ص.)86 :
859 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
قلبه أو موقناً بها ،أو عالماً بها دخل الجنة( ، )1أو األدلة التي فيها أن الله يدخل الجنة
بغير عمل ظاهر( .)2والمطلق ال يعارض المقي د بل ي حمل -أي :المطلق -عليه.
أو أدلة محمولة على أزمنة تندرس فيها آثار النبوة فيعذر الجاهل فيها ،كحديث حذيفة
ِّ
المتقدم(.)3
أو أنها غير ظاهرة في الداللة؛ كحديث« :خمس صلوات كتبهن الله على العباد في
اليوم والليلة ،فمن حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ،ومن لم يحافظ
عليهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة»(.)4
فهذا ال يدل على الترك المطلق ،وإنما يدل على ترك المحافظة(( ،والمحافظة فعلها في
[البقرة .]268 :وعدم المحافظة أوقاتها كما أ ِّمر كما قال تعالى :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ
يكون مع فعلها بعد الوقت ،كما أخر النبي صالة العصر يوم الخندق ،فأنزل الله آية
األمر بالمحافظة عليها وعلى غيرها من الصلوات))(.)5
والقول بتكفير تارك الصالة منقول عن جمع من األئمة :منهم أيوب السختياني(،)6
وإسحاق بن راهوية( ،)7وابن المبارك( ، )8وأحمد ابن حنبل( ، )1والحكم بن عيينة(،)2
وأبو داود الطيالسي( ،)3وأبو بكر بن أبي شيبة( ،)4وأبو خيثمة زهير بن حرب(.)5
وكذا أجمع الصحابة على ذلك .فعن عبد الله بن شقيق قال(( :كان أصحاب رسول
الله ال يرون شيئاً من األعمال تركه كفراً غير الصالة))(.)6
وممن نقل إجماعهم أيضاً إسحاق بن راهوية( ،)7ومحمد بن نصر المروزي( ،)8وابن
حزم الظاهري( ،)9وشيخ اإلسالم ابن تيمية( ،)10وابن القيم( )11وغيرهم.
ثم إن القائلين بتكفير تارك الصالة اختلفوا في القدر الذي بتركه يكون كافراً ،هل هو
مطلق الترك أو الترك المطلق.
فذهب جمع من األئمة أن من ترك فرضاً واحداً متعمداً كفر ،وهو مروي عن جمع من
الصحابة منهم :عمر ،وعبد الرحمن بن عوف ،ومعاذ بن جبل ،وأبو هريرة( .)12وقال به عبد
الله بن شقيق( ،)13وإسحاق بن راهوية( )14وعبد الله بن المبارك( ،)15وأحمد في رواية(.)1
ــــــــــ
(= )1انظر :تعظيم قدر الصالة (.)825/2
( )2انظر :الصالة وحكم تاركها (ص 63 :ـ .)65
()3انظر :المصدر نفسه (ص.)65 :
( )4انظر :تعظيم قدر الصالة (.)828/2
( )5انظر :الصالة وحكم تاركها (.)65
( )6أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان ،باب :ما جاء في ترك الصالة ( )19/7ح ( ،)2322والمروذي في تعظيم
قدر الصالة ( 839/2ـ ،)837وأورده المنذري في الترغيب والترهيب ( ،)219/1والذهبي في الكبائر (ص:
.)23وصححه األلباني في مواضع من كتبه ،منها :مشكاة المصابيح ( ،)758وصحيح الترغيب والترهيب
(.)737
( )7تعظيم قدر الصالة (.)828/2
( )8انظر :تعظيم قدر الصالة (.)827/2
( )9انظر :المحلى (.)292/2
( )10انظر :مجموع الفتاوى (.)85/5
( )11انظر :الصالة وحكم تاركها (ص.)88 :
( )12انظر :المحلى البن حزم (.)292/2
( )13تعظيم قدر الصالة ( )823/2رقم (.)883
( )14انظر :تعظيم قدر الصالة (.)828/2
( )15انظر :تعظيم قدر الصالة (.)823 ،827/2
853 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
وذهب إسحاق من أصحاب اإلمام أحمد :إن كانت الصالة المتروكة تجمع إلى ما
بعدها ،كالظهر والعصر ،والمغرب والعشاء ،لم يقتل حتى يخرج وقت الثانية ،ألن وقتها
وقت األولى في حال الجمع(.)2
وقيل :يكفر بترك صالتين .وقيل :يكفر بترك ثالث صلوات فصاعداً حتى تخرج عن
أوقاتها كلها ،وهي ثالثة روايات عن اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(.)3
وذهب آخرون إلى أنه ال يكفر إال بتركها مطلقاً .وبه قال محمد بن كعب القرظي،
وابن زيد ،والسدي ،وهو اختيار ابن جرير في تفسيره(.)4
والذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أن الترك الذي يكفر به هو الترك مطلقاً لحديث:
((خمس صلوات افترضهن الله تعالى ،من أحسن وضوءهن ،وصالهن لوقتهن ،وأتم ركوعهن
وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ،ومن لم يفعل فليس له على الله عهد ،إن
شاء غفر له وإن شاء عذبه))(.)5
وفي رواية(( :من حافظ عليهن كان عهد عند الله أن يدخله الجنة ،ومن لم يحافظ
عليهن لم يكن له عهد عند الله ،إن شاء عذبه ،وإن شاء غفر له))(.)6
ففيه التنصيص على ترك المحافظة ،وذلك يكون بترك البعض.
ووجه االستدالل به أن قوله « :إن شاء غفر له وإن شاء عذبه» ال يقال في حق
الكافر ،ألن الكافر من أهل الخلود في النار قطعاً.
يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ(( :من كان مصراً على تركها ال يصلي قط،
ويموت على هذا اإلصرار والترك فهذا ال يكون مسلماً ،لكن أكثر الناس يصلون تارة،
ويتركونها تارة ،فهؤالء ليسوا يحافظون عليها ،وهؤالء تحت الوعيد ،وهم الذين جاء فيهم
الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي أنه قال(( :خمس صلوات كتبهن الله
ــــــــــ
(= )1انظر :كتاب اإلرشاد إلى سبيل الرشاد (ص.)935 :
( )2الصالة وحكم تاركها (ص.)15 :
( )3انظر :كتاب اإلرشاد إلى سبيل الرشاد البن أبي موسى (ص.)935 :
( )4انظر :تفسير ابن جرير الطبري ( 738/17ـ ،)753وأضواء البيان (.)638/9
( )5سبق تخريجه.
()6تخريجه في الذي قبله.
855 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
على العباد في اليوم والليلة ،من حافظ عليهن كان عهد عند الله أن يدخله الجنة ،ومن لم
يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله ،إن شاء عذبه ،وإن شاء غفر له))(.)1
وقال أيضاً(( :فإن كثيراً من الناس ،بل أكثرهم في كثير من األمصار ال يكونون
محافظين على الصلوات الخمس ،وال هم تاركوها بالجملة بل يصلون أحياناً ويدعون
أحياناً ،فهؤالء فيهم إيمان ونفاق ،وتجري عليهم أحكام اإلسالم الظاهرة في المواريث
ونحوها من األحكام ،فإن هذه األحكام إذا جرت على المنافق المحض كابن أبي وأمثاله
من المنافقين ،فألن تجري على هؤالء أولى وأحرى))(.)2
ويقول الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ بعد ذكر أقوال العلماء في القدر الذي يكفر به
من ترك(( :والذي يظهر من األدلة أنه ال يكفر إال بترك الصالة دائماً ،فإن كان يصلي فرضاً أو
فرضين فإنه ال يكفر ،وذلك لقول النبي (( :بين الرجل والكفر والشرك ترك الصالة))(.)3
أما بقية األركان األربعة فقد جاءت النصوص مبينة أنه ال يكفر بتركها ،ومن ذلك قوله
في شأن الزكاة(( :ما من صاحب كْنز ال يؤدي زكاته إال أحمى عليه في نار جهنم،
فيجعل صفائح ،فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة ،ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ،وما من صاحب إبل ال
يؤدي زكاتها إال بطح لها بقاع قرر كأوفر ما كانت تستن عليه كلما مضى عليه آخرها ردت
عليه أوالها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ،ثم يرى
سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ،ومن صاحب غنم ال يؤدي زكاتها إال بطح لها بقاع
قرر ،كأوفر ما كانت فتطؤه بأظالفها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء وال جلحاء كلما
مضى عليه أ ْخراها ردت عليه أ ْوالها ،حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة ،مما تعدون ،ثم يرى سبيله ،إما إلى الجنة وإما إلى النار))(.)4
فدل الحديث على عدم كفر تارك الزكاة ،ألن قوله« :ثم يرى سبيله إلى الجنة وإما إلى
نار» ال يقال في حق الكافر ،ألن الكافر سبيله واحد ،وهو إلى النار ،وليس له سبيل إلى الجنة
( )1تعظيم قدر الصالة وحكم تاركها ( .)1317/2والحديث أخرجه مسلم في صحيحه من حديث كعب بن مالك
(.)833/2
( )2أخرجه البخاري في أول كتاب الزكاة ح رقم (.)1932
( )3انظر :بدائع الفوائد البن القيم ( ،)318/6وتحفة األحوذي ( ،)282/5والتمهيد البن عبد البر ( 261/9ـ
،262و.)282/21
858 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
فهذا إشكال قد أورده اإلمام النووي ـ رحمه الله ـ ثم أجاب عنه فقال(( :قلنا ال .فإن من أنكر
فرض الزكاة في هذه األزمان كان كافراً بإجماع المسلمين .والفرق بين هؤالء وأولئك أنهم إنما
عذروا ألسباب وأمور ال يحدث مثلها في هذا الزمان؛ منها قرب العهد بزمان الشريعة الذي كان
يقع فيه تبديل األحكام بالنسخ .ومنها أن القوم كانوا جهاالً بأمور الدين وكان عهدهم باإلسالم
قريباً ،فدخلتهم الشبهة فعذروا .فأما اليوم وقد شاع دين اإلسالم واستفاض في المسلمين علم
وجوب الزكاة حتى عرفها الخاص والعام واشترك فيه العالم والجاهل فال يعذر أحد بتأويل يتأوله
في إنكارها ،وكذلك األمر في كل من أنكر شيئاً مما أجمعت األمة عليه من أمور الدين ،إذا كان
علمه منتشراً كالصلوات الخمس ،وصوم شهر رمضان ،واالغتسال من الجنابة ،وتحريم الزنى
والخمر ،ونكاح ذوات المحارم ،ونحوها من األحكام إال أن يكون رجالً حديث عهد باإلسالم،
وال يعرف حدوده ،فإنه إذا أنكر شيئاً منها جهالً به لم يكفر ،وكان سبيله سبيل أولئك القوم في
بقاء اسم الدين عليه))(.)1
وأما ترك الصوم تهاوناً فال يكفر به المسلم التفاق العلماء على عدم تكفير م ْن أفطر
رمضان أو شيئاً منه متعمداً.
يقول اإلمام محمد بن نصر المروزي(( :وقد اتفق أهل الفتوى ،وعلماء أهل األمصار على أن
من أفطر في رمضان متعمداً أنه ال يكفر بذلك .واختلفوا فيما يجب عليه عند ذلك ،...فإن
أفطر رمضان كله متعمداً فمنهم من أوجب عليه لكل يوم كفارة مع القضاء ،ومنهم من قال:
تجزئه كفارة واحدة ما لم يكفر ،ثم يعود ،ولم يقل أحد من العلماء أنه قد كفر))( .)2انتهى.
وكذا الحج فإنه ال يكفر المسلم بتركه ما دام أنه معتقد لوجوبه عند عامة أهل العلم والفتوى.
قال ابن أبي موسى((( :)3ومن ترك فعل الحج مع اإلقرار به واعتقاد وجوبه ،وقدرته على
فعله ،لم يكفر قوالً واحداً))(.)4
ومن األوجه الظاهرة لعدم كفر تارك الصيام والحج أنه ثبت بالدليل عدم كفر تارك الزكاة،
والزكاة قرينة الصالة ،وهي مقدمة على الصيام والحج في النصوص ،وكذلك العلماء لما اختلفوا
في التكفير بترك شيء من هذه المباني لم يقل أحد منهم بكفر تارك الصوم أو الحج دون تارك
الزكاة ،بل لم يقل أحد منهم بكفر تارك الصوم أو الحج إال قال بكفر تارك الزكاة ،فإن لم يثبت
كفر تارك الزكاة ،فأولى أال يثبت كفر تارك الصيام والحج .والله أعلم.
وأيضاً فقد ثبت عن عبد الله بن شقيق ـ رحمه الله ـ أنه قال(( :كان أصحاب محمد
ال يرون شيئاً من األعمال تركه كفراً غير الصالة))( ،)1فهو صريح في أنهم ما كانوا يرون
كفر تاركي المباني الثالثة بعد الصالة وهي :الزكاة ،والصيام ،والحج ،وبه احتج بعض
المحققين لهذه المسألة(.)2
وبهذا التحقيق يتبين أن الصالة هي التي تشترط ـ فقط ـ لحصول شرط االنقياد العملي
بحقوق ال إله إال الله ،وأن تركها كلياً مما ينافي أصل االنقياد .وأما بقية المباني الثالثة
((الزكاة ،والصوم ،والحج)) فهي كبقية الواجبات الظاهرة :يكون تركها منافياً لكمال االنقياد
الواجب مع بقاء األصل ،وكذا ترك الصالة وفعلها أحياناً.
وبهذا يتبين أهمية الصالة ،وعظيم شأنها ومكانتها في اإلسالم ،وأن تركها ـ ولو مع
اإلقرار بوجوبها ـ من غير عذر ناقض لشهادة أن ال إله إال الله.
فإن قيل :إن شرط االنقياد العملي بحقوق ال إله إال الله عام ،فال ينتفي إال بترك جميع
األعمال! قلنا أن ترك الصالة هو في الواقع ترك لجميع األعمال وذلك باعتبار المآل،
وذلك لحديث« :أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصالة فإن صلحت صلح سائر
عمله وإن فسدت فسد سائر عمله»(.)3
يقول اإلمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في شأن الصالة (( :فيبقى النظر في الصالة هل هي
شرط لصحة اإليمان؟
هذا سر المسألة .واألدلة التي ذكرناها وغيرها تدل على أنه ال يقبل من العبد شيء من
( )1أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان ،باب :ما جاء في ترك الصالة ( )19/7ح ( ،)2322وحكم عليه األلباني
بالصحة في حكم تارك الصالة (ص.)17 :
للرحيلي (ص.)296 :
( )2التكفير وضوابطه ُّ
( )3أخرجه الضياء في المختارة ( )511/7ح ( ،)3171والطبراني في األوسط ( )317/3ح ()5111
وصححه األلباني بمجموع طرقه كما في الصحيحة (.)5211
881 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
أعماله إال بفعل الصالة؛ فهي مفتاح ديوانه ،ورأس مال ربحه ،ومحال بقاء الربح بال رأس
مال؛ فإذا خسرها خسر أعماله كلها))( .)1انتهى.
وال ينبغي التشغيب على من يشترط االنقياد لصحة اإليمان بأن األئمة األربعة مختلفون
في حكم تارك الصالة وأنهم كالمجمعين على أنه ال يكفر ،وذلك ألن إجماعهم ـ على
فرض وقوعه( )2ـ ليس بحجة كما أن العبرة بما رووا ال بما رأوا ،ومن استبانت له سنة رسول
الله ال يجوز له أن يتركها لقول كائن من كان.
المطلب الثاني :فعل المحذور.
فعل المحذور كترك المشروع مما ينافي االنقياد بحقوق ال إله إال الله .وهو قسمان:
القسم األول :ما يكون ِّ
مكفراً باالتفاق وهو سائر األعمال المناقضة لإليمان بالله ورسوله،
وقد تكون متعلقة باالعتقاد أو اللسان أو عمل الجوارح .والمقصود هنا المتعلقة بالجوارح.
ِّ
المكفرة هو :مناقضتها لإليمان بالله ورسوله ،وانقياد والضابط المميز لهذه األعمال
القلب وتسليمه لدين الله(.)3
المتضمن لالستخفاف واالستهانة ِّ يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية(( :فالكالم والفعل
مستلزم لعدم التصديق النافع ،ولعدم االنقياد واالستسالم ،فلذلك كان كفراً))(.)4
ويقول ابن القيم(( :وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد اإليمان وإلى ما ال يضاده؛
فالسجود للصنم ،واالستهانة بالمصحف ،وقتل النبي ،وسبه يضاد اإليمان))(.)5
ويقول الشيخ السعدي(( :والحاصل أن من كذب الله أو كذب رسوله في شيء مما أخبر
به فهو كافر ،أو لم يلتزم ما أمر الله به ورسوله؛ ألن هذا كله مناقض لإليمان بالقرآن والسنة
وكل ما ذكره الفقهاء من تفاصيل المكفرات الصحيحة فإنه يعود إلى هذا السبب))(.)6
وصور أعمال الجوارح المكفرة كثيرة ،ومن أمثلة ذلك :السجود للصنم ،أو للشمس ،أو
للقمر ،أو امتهان المصحف بإلقائه في القاذورات ،أو تحريفه بإسقاط شيء منه ،أو
بالزيادة فيه ،أو قتل نبي ،أو السحر ،أو الهزل واالستهزاء بالدين(.)1
يقول النووي(( :واألفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين
صريح ،كالسجود للصنم ،أو للشمس ،وإلقاء المصحف في القاذورات ،والسحر الذي فيه
عبادة الشمس ونحوها))(.)2
ويقول ابن القيم(( :وكذلك شعب الكفر القولية والفعلية ،فكما يكفر باإلتيان بكلمة
الكفر اختياراً ،وهي شعبة من شعب الكفر ،فكذلك يكفر بفعل شعبة من شعبه ،كالسجود
للصنم ،واالستهانة بالمصحف))(.)3
وقد علل الشيخ حافظ حكمي سبب الكفر بهذه األعمال فقال(( :اعلم أن هذه األربعة
وما شاكلها ليست هي من الكفر العملي إال من جهة كونها واقعة بعمل الجوارح فيما يظهر
للناس ،ولكنها ال تقع إال مع ذهاب عمل القلب من نيته وإخالصه ومحبته وانقياده ال يبقى
معها شيء من ذلك ،فهي وإن كانت عملية في الظاهر فإنها مستلزمة للكفر االعتقادي وال
بد ،ولم تكن هذه لتقع إال من منافق مارق ،أو معاند مارد))(.)4
مكفراً باتفاق أهل السنة .وهي الذنوب القسم الثاني(( :من فعل المحظور)) ،ما ال يكون ِّ
والمعاصي التي ال تضاد أصل اإليمان بالله ورسوله ،مثل :الزنا ،وشرب الخمر ،والسرقة،
وعقوق الوالدين ،وأكل الربا وغيرها من المعاصي التي ال تخرج صاحبها من الدين.
وضابط هذه الذنوب(( :أنها ال تتنافى مع أصل اإليمان ،وال تضاده بل توجد معه))(.)5
يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية(( :إنه قد تقرر من مذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه
الكتاب والسنة؛ أنهم ال يكفرون أحداً من أهل القبلة بذنب ،وال يخرجونه من اإلسالم بعمل
إذا كان فعالً منهياً عنه ،مثل :الزنا ،والسرقة ،وشرب الخمر ،ما لم يتضمن ترك اإليمان))(.)6
وأهل السنة متفقون على أن هذه الذنوب ال تخرج من الملة إن كان مرتكبها مقراً بتحريمها،
ولم يخالف في هذا إال أهل البدع من الخوارج والمعتزلة الذين يرون منافاتها لإليمان(.)1
يقول اإلمام أبو عبيد(( :وإن الذي عندنا في هذا الباب كله :أن المعاصي والذنوب ال
تزيل إيماناً وال توجب كفراً ،ولكنها إنما تنفي من اإليمان حقيقته وإخالصه( )2الذي نعت
الله به أهله))(.)3
ويقول ابن بطة(( :وقد أجمعت العلماء ال خالف بينهم أنه ال يكفر أحد من أهل القبلة
بذنب ،وال نخرجه من اإلسالم بمعصية ،نرجو للمحسن ونخاف على المسيء))(.)4
ويقول الصابوني((( :)5ويعتقد أهل السنة أن المؤمنو إن أذنب ذنوباً كثيرة صغائر كانت
أو كبائر ،فإنه ال يكفر بها وإن خرج عن الدنيا غير تائب منها ،ومات على التوحيد
واإلخالص ،فإن أمره إلى الله إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة يوم القيامة سالماً غانماً
غير مبتلى بالنار وال معاقب على ما ارتكبه واكتسبه ،ثم استصحبه إلى يوم القيامة من اآلثام
واألوزار ،وإن شاء عفا عنه وعذبه مدة بعذاب النار ،وإذا عذبه لم يخلده فيها بل أعتقه
وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار))(.)6
ويقول ابن أبي العز(( :إن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة ال يكفر كفراً
ينقل عن الملة بالكلية ،كما قالت الخوارج))(.)7
فالحاصل أن فعل المحذور مما ينافي االنقياد لحقوق ال إله إال الله؛ إما منافاةً كليةً
كما في القسم األول ،أو منافا ًة جزئية تذهب بالكمال ال األصل كما في القسم الثاني.
والضابط في ذلك ما يكفر به وما ال يكفر به من المعاصي والذنوب العملية؛ فالذنوب
مكفرة تنافي كمالالمكفرة تنافي أصل االنقياد وتزايله بالكلية ،والذنوب العملية الغير ِّ
العملية ِّ
االنقياد وال تزايله بالكلية بل تذهب بكماله الواجب مع بقاء األصل ،وينتفي من الكمال
الواجب بحسب المخالفة.
المطلب الثالث :الردة.
ِّ
الردة هي كالجامع لألمور التي بها ينتقض أصل االنقياد .ولذا ناسب أن نتكلم عنها هنا.
الردة في األصل ناقضة لكل شرط من شروط ال إله إال الله ،ألنها كما سيأتي تقع و ِّ
بالقول ،وبالفعل ،وباالعتقاد ،وبالشك؛ كأنواع الكفر .إال أن تعلُّقها بشرط االنقياد أكثر من
جهة أنها تقطعه .ألن معنى االنقياد االستمرار على الطاعة والموافاة عليها كما تقدم.
الردة سيكون تحت المقاصد التالية:والحديث عن ِّ
المقصد األول :تعريف الردة لغة.
الردة في اللغة مصدر رددت الشيء بمعنى أرجعته وصرفته عن وجهه .وتطلق أيضاً على ِّ
[البقرة: التحول .يقال :ارتد عنه تحول .وفي التنـزيل قوله تعالى :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ُّ
.)1(]215ومنها س ِّمي المرتد ،ألنه رد نفسه إلى الكفر(.)2
قال في المصباح((( :)3وارتد الشخص رد نفسه إلى الكفر ،واالسم ِّ
الردة)) .أ.هـ.
المقصد الثاني :تعريف الردة شرعاً أو اصطالحاً.
الردة شرعاً ال يختلف كثيراً عن المعنى اللغوي بل المعنيان هما متقاربان؛ ف ِّ
الردة معنى ِّ
عرفها العلماء بأنها رجوع المسلم عن دين اإلسالم إلى الكفر بما يوجب تكفيره من شرعاً ي ِّ
األقوال ،أو األفعال ،أو االعتقادات ،أو الشكوك.
يقول ابن مفلح( )1في تعريف المرتد(( :هو الراجع عن دين اإلسالم إلى الكفر؛ إما
كما يقتل الرجل لعموم قوله « :من بدل دينه فاقتلوه»( ،)1وهو الصحيح.
والثالث :العبد البالغ إذا ارتد عن اإلسالم؛ فحكمه حكم الرجل الحر ،فإن تاب وإال
قتل اتفاقاً.
والرابع :إذا ارتدت األمة قال أبو حنيفة :فإنها ال تقتل ولكنها تحبس ،وتضرب فيما
بين األيام حتى تسلم أو يكون حالها كذلك ،فإن احتاج مواليها إلى خدمتها دفعت إليهم
يستخدمونها ويجبرونها على اإلسالم ،ويدعوا بها اإلمام فيما بين األيام ويستتيبها ويضربها
كما ذكرنا في الحرة.
وذهب مالك والشافعي وأحمد أنها تقتل كالحرة ،لعموم قوله « :من بدل دينه
فاقتلوه»( .)2وهو الصحيح(.)3
والخامس ارتداد الصبي :قال الشافعي وأحمد في رواية ليس ارتداده وال إسالمه بشيء
حتى يكون ذلك منه بعد البلوغ.
وقال مالك وأحمد في رواية ال تعتبر ردته ،وإسالمه يصح (.)4
وذهب أبو حنيفة إلى أن ارتداده ارتداد كما إسالمه إسالم إال أنه ال يقتل حتى يبلغ(.)5
وخالف بعض أصحابه فقال إسالمه إسالم وارتداده ليس بارتداد ،وهو منقول عن
القاضي أبي يوسف ،ومحمد بن الحسن ،وزفر(.)6
والصحيح أن الصبي ال تنعقد ردته؛ لقوله « :رفع القلم عن ثالث» وذكر منهم:
«والصبي حتى يحتلم»(.)7
وأما إسالمه فيصح ألنه موافق ألصل خلقته.
( )1أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير ،باب :ال يعذب بعذاب الله (جـ )25/9ح (.)6315
( )2انظر :األم للشافعي ( 133/3ـ .)135
( )3انظر :بداية المجتهد (.)188/3
( )4انظر :الذخيرة ( ،)17/12والمحرر في الفقه ( ،)135/2وجواهر العقود (.)273/2
( )5بدائع الصنائع (.)766 ،723/8
( )6انظر :مختصر اختالف العلماء ( ،)983/6وفتاوى السغدي ( 388/2ـ .)383
( )7أخرجه الضياء في المختارة ( ،)151وابن حبان في صحيحه ( ،)211/5والحاكم في المستدرك
( )211/5وقال :صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
885 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
علمائها))(.)1
وقد علل شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ سبب الكفر بترك هذا القول مع القدرة فقال:
((وبهذا تعرف أن من آمن قلبه إيماناً جازماً امتنع أن ال يتكلم بالشهادتين مع القدرة؛ فعدم
الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء اإليمان القلبي التام))(.)2
ثالثاً :تقسيم الردة باعتبار الحد مع التوبة وعدمه:
الردة باعتبار الحد مع التوبة وعدمه إلى قسمين(:)3 يقسم أهل العلم ِّ
األول :ردة مجردة ،وهي التي يكتفى فيها بالتوبة.
والثاني :الردة المغلظة ،وهي التي ش ِّرع القتل على خصوصها؛ فال يسقط مع التوبة،
وذلك كسب النبي ،فإن الساب للنبي قد قامت األدلة على أنه مرتد وأنه يقتل بكل
حال( )4على القول الراجح في المسألة(.)5
وقد ذكر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ وجه هذا التقسيم فقال(( :وكالهما ـ يعني القسمين
المتقدمين ـ قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها ،واألدلة الدالة على سقوط القتل بالتوبة
ال تعم القسمين بل إنما تدل على القسم األول كما يظهر لمن تأمل األدلة على قبول توبة
المرتد فيبقى القسم الثاني ،وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبه ولم يأت نص وال إجماع
بسقوط القتل عنه ،والقياس متعذر مع وجود الفرق الجلي ،فانقطع اإللحاق.
والذي يحقق هذه الطريقة أنه لم يأت في كتاب وال سنة وال إجماع أن كل من ارتد
بأي قول أو أي فعل كان فإنه يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه ،بل الكتاب
إذا تقرر هذا ،فإن أهل العلم ذكروا شروطاً ال تثبت الردة إال بعد توفرها وتحقق وجودها
في الشخص المعين:
الشرط األول :البلوغ ،فال تصح ردة الصبي ـ ما لم يبلغ ـ على الصحيح من قولي
العلماء لما تقدم من قوله « :رفع القلم عن ثالث» وذكر منهم« :والصبي حتى
يحتلم»( )1الحديث.
الردة إال من عاقل ،وذلك بإجماع أهل العلم كما الشرط الثاني :العقل .فال تنعقد ِّ
تقدم؛ لقوله « :رفع القلم عن ثالثة» وذكر منهم« :والمجنون حتى يفيق»(.)2
قال ابن قدامة(( :إن الردة ال تصح إال من عاقل ،فأما من ال عقل له ،كالطفل الذي ال
عقل له والمجنون ،ومن زال عقله بإغماء أو نوم أو مرض ،أو ش ْر ِّب دواء يباح شربه ،فال
تصح ردته وال حكم لكالمه بغير خالف))(.)3
وقال النووي(( :فال تصح ردة صبِّي وال مجنون ومن ارتد ثم جن فال يقتل في
جنونه))(.)4
المكفر ال يؤاخذ بل هو معذور،ِّ الشرط الثالث :انتفاء اإلكراه .فإن المكره على فعل
وذلك النتفاء القصد واالختيار في حقه كما قال تعالى :ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ
[سورة النحل: ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
.]133
قال ابن كثير(( :اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاء
لمهجته ،ويجوز له أن يأبى كما كان بالل يأبى عليهم ذلك ،وهم يفعلون به
األفاعيل))(.)5
ويدخل في هذا الصنف من أغلِّق عليه فكره فال يدري ما يقول لشدة فرح ،أو حزن ،أو
خوف ،أو نحو ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :في سياق حديثه عن شروط التكفير وموانعه:
((ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه؛ ولذلك صور:
منها :أن يكره على ذلك ،فيفعله لداعي اإلكراه ال اطمئناناً به فال يكفر...
ومنها :أن يغلق عليه فكره فال يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو
ذلك ،ودليله ما ثبت في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال :قال رسول الله :
«لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فالة فانفلتت
منه ،وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ،فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته
فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال :من شدة الفرح :اللهم أنت
()2( )1
عبدي ،وأنا ربك ،أخطأ من شدة الفرح» ))
قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في سياق شرحه لهذا الحديث(( :فيه أن ما قاله
اإلنسان من مثل هذا ـ من دهش وذهول ـ غير مؤاخذ به إن شاء الله))(.)3
وعدم المؤاخذة بما لم ي ِّرْده اإلنسان ألي سبب من األسباب ،إلكراه أو إغالق ،أو
غيرهما من األسباب األخرى ،من القواعد المقررة في الشريعة ،والبن القيم كالم متين
وتحقيق رصين ،في تقرير هذه القاعدة ،وذكر الصور التي ترفع بها المؤاخذة عن العباد في
أحكام الشرع(.)4
قال ـ رحمه الله ـ(( :فإذا اجتمع القصد والداللة القولية أو الفعلية ترتب الحكم .هذه
قاعدة الشريعة ،وهي من مقتضيات عدل الله وحكمته ورحمته ،فإن خواطر القلوب وإرادة
النفوس ال تدخل تحت االختيار ،فلو ترتبت عليها األحكام لكان في ذلك أعظم حرج
ومشقة على األمة ،ورحمة الله وحكمته تأبى ذلك ،والغلط والنسيان والسهو وسبق اللسان
بما ال يريده العبد بل يريد خالفه والتكلم به مكرهاً وغير عارف لمقتضاه ،من لوازم البشرية
ال يكاد ينفك اإلنسان من شيء منه ،فلو رتب عليه الحكم لحرجت األمة وأصابها غاية
التعب والمشقة ،فرفع عنها المؤاخذة بذلك كله حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح
والغضب ،والسكر كما تقدمت شواهده ،وكذلك الخطأ والنسيان واإلكراه والجهل بالمعنى،
وسبق اللسان بما لم يرده ،والتكلم في اإلغالق ولغو اليمين ،فهذه عشرة أشياء ال يؤاخذ
الله بها عبده بالتكلم في حال منها لعدم؛ قصده وعقد قلبه الذي يؤاخذ به))( .)1ثم ذكر
األدلة على ذلك.
الشرط الرابع :قيام الحجة على المكلف التي يكفر تاركها.
متأوالً .فإن كان جاهالً أو ِّ
متأوالً، والحجة إنما تقوم على المكلف إذا لم يكن جاهالً أو ِّ
مفرطاً فهذا له شأن آخر. فإنه معذور ال تثبت الردة في حقه؛ لعجزه ،إال أن يكون ِّ
يقول ابن حزم(( :وال خالف في أن امرءاً لو أسلم ،ولم يعلم شرائع اإلسالم فاعتقد أن
الخمر حالل ،وأن ليس على اإلنسان صالة ،وهو لم يبلغه حكم الله تعالى لم يكن كافراً بال
خالف يعتد به ،حتى إذا قامت عليه الحجة فتمادى ،حينئذ بإجماع األمة فهو كافر))(.)2
ويقول ـ أيضاً ـ(( :قال الله :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ [ ،األنعام.]18 :
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [اإلسراء ،]17 :فنص على أن النذارة وقال تعالى :ﯨ ﯨ
ال تلزم إال من بلغته ال من لم تبلغه ،وأنه تعالى ال يعذب أحداً حتى يأتيه رسول من عند
الله ،فصح بذلك أنه من لم يبلغه اإلسالم أصالً فإنه ال عذاب عليه ...وكذلك من لم
يبلغه الباب من واجبات الدين فإنه معذور ال مالمة عليه))(.)3
ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية(( :من كان مؤمناً بالله ورسوله مطلقاً ،ولم يبلغه من العلم
ما يبين له الصواب ،فإنه ال يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي من خالفها كفر ،إذ
كثير من الناس يخطئ فيما يتأوله من القرآن ،ويجهل كثيراً مما يرد من معاني الكتاب
والسنة ،والخطأ والنسيان مرفوعان عن هذه األمة ،والكفر ال يكون إال بعد البيان))(.)4
ويقول اإلمام ابن القيم(( :إن الله سبحانه وتعالى ال يعذب أحداً إال بعد قيام الحجة،
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [اإلسراء.]17 : كما قال تعالى :ﯨ ﯨ
وقال تعالى :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ [ ،النساء.]137 :
الثاني :أن الحجة ال تقوم على المكلف إال بعد فهمها فهماً يدرك به المقصود(.)1
والصحيح أن الحجة ال تقوم إال بعد فهمها فهماً يزيل اللبس ويوضح المقصود ،وذلك
بناءً على قاعدة الشريعة في التيسير ورفع الحرج والعنت وأن ال يكلف العبد إال بما يطاق،
فالتكليف بما ال يطاق ينافي حكمة التشريع في رفع الحرج والعنت.
والقول بأن الحجة ال تقوم إال بعد فهمها هو الذي عليه المحققون من أهل العلم.
يقول ابن العربي(( :فالجاهل والمخطئ من هذه األمة ولو عمل من الكفر والشرك ما
يكون صاحبه مشركاً أو كافراً ،فإنه يعذر بالجهل والخطأ حتى يتبين له الحجة التي يكفر
تاركها بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله ،وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين اإلسالمِّ ،مما
أجمعوا عليه إجماعاً قطعياً ،يعرفه كل من المسلمين من غير نظر وتأمل))(.)2
ويقول ابن قدامة بعد ذكره لجماعة من السلف استحلوا بعض المحرمات ِّ
متأولين فلم
يكفروا(( :فيخرج في من كان مثلهم حكمهم ،وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله،
ال يحكم بكفره حتى يعرف ذلك ،وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك))(.)3
ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية(( :وهكذا األقوال التي يكفر قائلها ،قد يكون الرجل لم
تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ،وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده ،أو لم يتمكن من
فهمها ،وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله تعالى بها ،فمن كان من المؤمنين مجتهداً
في طلب الحق وأخطأ ،فإن الله سبحانه وتعالى يغفر له خطأه كائناً ما كان ،سواء كان في
المسائل النظرية أو العملية ،هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
وجماهير أئمة اإلسالم))(.)4
ويقول(( :من كان مؤمناً بالله ورسوله إيماناً مطلقاً ولم يبلغه من العلم ما يبين له الصواب
فإنه ال يحكم بكفره ،حتى تقوم عليه الحجة التي من خالفها كفر؛ إذ كثير من الناس
يخطئ فيما يتأوله من القرآن ،ويجهل كثيراً مما يرد من معاني الكتاب والسنة ،والخطأ
( )1انظر :رسالة تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة (ص.)8 :
( )2تفسير القاسمي ( 1635/7ـ .)1638
( )3المغني ( 253/12ـ .)255
( )4المسائل الماردينية (ص.)33 :
885 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
والصحيح أن المرتد إذا تاب وأناب رجع إليه من ثواب أعماله ما كان فيه خالصاً
صادقاً.
يقول العالمة األثري سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ في
بعض تعليقاته على هذا المحل(( :الصواب أن العمل ال يحبط بالردة بمجردها ،وإنما يبقى
معلقاً؛ فإن مات عليها حبطت حسناته ،وإن لم يمت عليها بقي له عمله الصالح لقول الله
سبحانه :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ
ﮮ ،وقوله سبحانه :ﯡ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯨﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ [آل عمران .]81 :اآلية .وحديث حكيم« :أسلمت على ما أسلفت
من خير»(.)2()))1
قال الشيخ إسماعيل األنصاري بعد نقله لكالم الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ المتقدم:
((انتهى كالم الشيخ ،وهو الذي تقتضيه النصوص))(.)3
ويناسب هنا أن نذكر كالماً حسناً البن القيم ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة ،هو غاية
في التحقيق أيضاً.
يقول ابن القيم(( :ولم يزل في نفسي من هذه المسألة ،ولم أزل حريصاً على الصواب
فيها ،وما رأيت أحداً شفي فيها .والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم وبه المستعان وال قوة إال به
ـ أن الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل ،ويكون الحكم فيها للغالب ،وهو يقهر المغلوب،
ويكون الحكم له ،حتى كأن المغلوب لم يكن ،فإذا غلبت على العبد الحسنات دفعت
حسناته الكثيرة سيئاته ،ومتى تاب من السيئة ترتب على توبته منها حسنات كثيرة قد تربي
وتزيد على الحسنة التي حبطت بالسيئة ،فإذا عزمت التوبة ،وصحت ،ونشأت من صميم
القلب ،أحرقت ما مرت عليه من السيئات ،حتى كأنها لم تكن ،فإن التائب من الذنب ال
ذنب له.
وقد سأل حكيم بن حزام النبي عن عتاقة وصلة وبر فعله في الشرك :هل يثاب
عليه؟ فقال النبي « :أسلمت على ما أسلفت من خير»( .)1فهذا يقتضي أن اإلسالم
أعاد عليه ثواب تلك الحسنات التي كانت باطلة بالشرك ،فلما تاب من الشرك عاد إليه
ثواب حسناته المتقدمة.
فهكذا إذا تاب العبد توبة نصوحاً ،صادقة خالصة أحرقت ما كان قبلها من السيئات،
وأعادت عليه ثواب حسناته.
يوضح هذا :أن السيئات والذنوب هي أمراض قلبية ،كما أن الحمى واألوجاع أمراض
بدنية ،والمريض إذا عوفي من مرضه عافية تامة ،عادت إليه قوته وأفضل منها حتى كأنه لم
يضعف قط.
فالقوة المتقدمة بمنـزلة الحسنات ،والمرض بمنزلة الذنوب ،والصحة والعافية بمنزلة
التوبة سواء بسواء ،وكما أن من المرضى من ال تعود إليه صحته أبداً لضعف عافيته ،ومنهم
من تعود صحته كما كانت لتقاوم األسباب وتدافعها ،ويعود البدن إلى كماله األول ،ومنهم
من يعود أصح مما كان وأقوى وأنشط لقوة أسباب العافية وقهرها وغلبتها ألسباب الضعف
والمرض ،حتى ربما كان مرض هذا سببا لعافيته كما قال الشاعر:
ِّ ()2 ِّ
صحت األجسام بالعلل وربما لع ـ ـ ـ ـ ـ ـل عتبـ ـ ـ ـ ـ ـك محمـ ـ ـ ـ ـ ـود عواقب ـ ـ ـ ـ ــه
فهكذا العبد بعد التوبة على هذه المنازل الثالث .والله الموفق ،ال إله غيره وال رب
سواه))(.)3
إذا ثبت هذا ،فثمة مسألة أخرى مهمة لها ارتباط وثيق بهذه المسألة بحثها أهل العلم،
وهي :الصحابي إذا ارتد ثم عاد إلى اإلسالم لكن لم يـر النبي ثانياً ،فهل يرجع كونه
صحابياً؟
أيضاً اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
األول :أنه لم يـعد صحابياً.
والثاني :أنه يعود صحابياً .وبه جزم الحافظ ابن حجر وعلل ذلك بإطباق المحدثين
()1
ونحوه ،ممن وقع له ذلك وإخراجهم أحاديثهم في على عد األشعث بن قيس
المسانيد(.)2
ومن هنا قال بعض أهل العلم في تعريف الصحابي :من لقي النبي ،مؤمناً به ومات
على اإلسالم وإن تخللت ردة في األصح(.)3
جـ ـ إيقاف ملكه:
من المسائل التي بحثها العلماء في باب ِّ
الردة ما يتعلق بمال المرتد ،هل يزول بمجرد
الردة أو بالموت عليها؟ وإذا قلنا بعدم زواله بمجرد الردة هل يوقف ويحجر عليه ،أو له
مطلق التصرف فيه؟
فمحصل األقوال في ذلك ثالثة:
القول األول :أن المرتد ال يزول ملكه عن ماله بارتداده إال أنه يوقف( ،)4فإن تاب
فماله مردود عليه .وبه قال أكثر العلماء بل حكى بعضهم اإلجماع عليه( .)5وفيه نظر.
القول الثاني :أن ملكه باق ال يزول عنه وال يوقف بل له كامل ُّ
التصرف فيه حتى يتبين
أمره .وبه قال :الصاحبان محمد بن الحسن وأبو يوسف من الحنفية( ،)6وهو اختيار المزني
من الشافعية(.)7
القول الثالث :أن ملكه يزول بمجرد الردة ،ونصره اإلمام الشيرازي حيث قال« :والقول
الثاني :أنه يزول ملكه عن ماله ،وهو الصحيح لما روى طارق بن شهاب :أن أبا بكر
الصديق قال لوفد بزاخة وغطفان :نغنم ما أصبنا منكم ،وتردون إلينا ما أصبتم
( )1قال ابن عبد البر في االستيعاب ( :)166/1كان ممن ارتد عن اإلسالم بعد النبي ثم راجع اإلسالم في
خالفة أبي بكر الصديق .
( )2انظر :فتح الباري ( ،)9/5وتدريب الراوي (.)238/2
( )3هذا تعريف الحافظ ابن حجر – رحمه الله – كما في نخبة ِّ
الفكر (ص.)55 : ْ
( )4بعض أهل العلم يعبر فيقول :يزول زواالً مراعى .انظر :شرح فتح القدير البن الهمام (.)56/3
( )5انظر :اإلشراف على مذاهب أهل العلم ( ،)273/2ومختصر اختالف العلماء ( 733/6ـ ،)735واألم
للشافعي ( 936/5ـ ،)939والمغني ( ،)252/12والذخيرة (.)96/12
( )6شرح فتح القدير البن الهمام ( 56/3ـ .)59
( )7انظر :المهذب للشيرازي (.)212/7
1339 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
منا»( .)1وأل نه عصم باإلسالم دمه وماله ثم ملك المسلمون دمه بالردة فوجب أن يملكوا
ماله بالردة))(.)2
ولعل القول بأن ماله يوقف حتى يـْنظر حاله أرجح من جهة النظر ،وذلك ألن المرتد
يستتاب ويجبر على اإلسالم ،ففي إيقاف ملكه صيانة لماله إن هو رجع إلى اإلسالم.
وأما أثر أبي بكر فهو محمول على مال المرتد الذي معه إذا لحق بدار الحرب
فإنه يصير مباحاً لمن قدر عليه بخالف ماله الذي في دار اإلسالم فإن ملكه ثابت فيه كما
سيأتي(.)3
وأما القول بعدم زوال ملكه ففيه إعانة له على استمراره على الكفر ،ألنه قد يضن بماله
دون الكفر فيكون سبباً لهدايته ورجوعه إلى دين اإلسالم.
ومن المسائل المتعلقة بهذه المسألة أيضاً حكم مال المرتد إذا لحق بدار الكفار ،فقد
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال ذكرها ابن المنذر في "اإلشراف"( )4حيث
عقد باباً ،فقال :باب ذكر لحوق المرتد بدار الحرب ...ثم قال:
((واختلفوا في مال المرتد الالحق بدار الحرب:
فقالت طائفة :إذا قتل المرتد ،أو مات فماله للمسلمين دون ورثته ،لم يفرقوا في ذلك بين
من مات منهم أو قتل في دار الحرب أو دار اإلسالم ،هذا قول مالك والشافعي(.)5
وقال األوزاعي :ماله بمنـزلة دمه إذا لحق بدار الحرب.
وقال الثوري ...:فإن لحق بدار الحرب فماله للمسلمين.
وقال النُّعمان ـ يعني أبا حنيفة ـ :يقسم ماله بين ورثته على سهام الله وفرائضه ،مات أو
لحق بدار الكفار(.)6
وقال الحسن البصري :ما حمل معه من ماله فهو مغنم إذا أصيب ،وما خلف فهو
لورثته)).
هذه مجمل األقوال في هذه المسألة ،والذي يظهر منها بعد التأمل أن مال المرتد
الذي بقي في دار اإلسالم ال يزول عنه إذا انتقل( )1إلى دار الكفار بخالف ما كان معه من
مال في دار الحرب فإنه يصير مباحاً لمن قدر عليه كالكافر الحربي .وإنما قلنا بعدم زوال
ملكه في دار اإلسالم ،ألن اختالف الدار ال يغيِّر عنه اسم ِّ
الردة.
قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ(( :وإن لحق المرتد بدار الحرب ،فالحكم فيه كالحكم فيمن
هو في دار اإلسالم ،إال أن ما كان معه من ماله يصير مباحاً لمن قدر عليه ،كما أبيح دمه،
وأما أمالكه وماله الذي في دار اإلسالم فملكه ثابت فيه ويتصرف فيه الحاكم بما يرى
المصلحة فيه...وإنما حل ماله الذي معه ألنه زال العاصم له ،فأشبه مال الحربي الذي في
دار الحرب .وأما الذي في دار اإلسالم فهو باق على العصمة كمال الحربي الذي مع
مضاربه في دار اإلسالم أو عند مودعه))(.)2
ومن مسائل هذا الباب أيضاً اختالفهم في مصرف مال المرتد بعد موته أو قتله ،هل
يكون لورثته من المسلمين ،أو لبيت مال المسلمين ،أو هو لورثته من أهل ملته؟
في هذه المسألة ثالثة أقوال:
قال سفيان وأصحاب الرأي :ماله لورثته من المسلمين.
وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن أبي ليلى :ميراث المرتد فيء .وكذلك قال
الشافعي وأحمد وأبو ثور.
وقال قتادة ميراثه لورثته من أهل ملته(.)3
والصحيح أن ماله يكون فيئاً في بيت مال المسلمين ،وال يعطى لورثته من المسلمين،
لقوله « :ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم»(.)4
قال اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ بعد أن ذكر هذا الحديث(( :وبهذا نقول .فكل من
خالف دين اإلسالم من أهل الكتاب ،أو من أهل األوثان ،فإن ارتد أحد من هؤالء عن
اإلسالم لم يرثه المسلم لقول رسول الله ،وقطع الله الوالية بين المسلمين
والمشركين))(.)1
فإن قيل :إذا جعلتموه فيئاً ورثتموه للمسلمين ،قلنا :ال يأخذونه ميراثاً ،بل يأخذونه فيئاً،
الذمي إذا لم يخلِّف وارثاً(.)2
كما يؤخذ مال ِّ
4ـ حكم ذبيحته:
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذبيحة المرتد هل تؤكل على قولين:
فذهب أئمة المذاهب األربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد إلى عدم حل أكلها
وإن كانت ردته إلى دين أهل الكتاب ،ألنه ال يقر على دينه الذي ارتد إليه(.)3
وذهب إسحاق واألوزاعي إلى أن المرتد إن تدين بدين أهل الكتاب حلت ذبيحته ألن
علياً قال :من تولى قوماً فهو منهم(.)4
والصواب ما ذهب إليه أئمة المذاهب :أن ذبيحته ال تؤكل ،وذلك ألمرين:
األول :أنه كافر ال يـقر على دينه ،فلم تحل ذبيحته؛ كالوثني.
والثاني :ألنه ال تثبت له أحكام أهل الكتاب إذا تدين بدينهم؛ فإنه ال يقر بالجزية وال
يسترق ،وال يحل نكاح المرتدة.
وأما ما جاء عن علي « :من تولى قوماً فهو منهم» فيجاب عنه بأن علياً لم ي ِّرد أنه
منهم في جميع األحكام بدليل ما ذكرنا ،وألنه لم يكن يرى حل ذبائح نصارى بني تغلب
وال نكاح نسائهم مع توليتهم للنصارى ودخولهم في دينهم ومع إقرارهم بما صولحوا عليه،
فألن ال يعتقد ذلك في المرتدين أولى(.)5
هذه أبرز المسائل المتعلقة بأحكام المرتدين ،وهنالك مسائل أخرى أضربت الذكر
عنها خشية اإلطالة ،ومن أرادها فموضعها كتب الفقه وشروح الحديث .والله تعالى أعلم.
وقال األوزاعي :كان يحيي بن أبى كثير وقتادة يقوالن :ليس شيء من األهواء أخوف
عندهم على األمة من اإلرجاء.
وقال شريك القاضى ـ وذكر المرجئة ـ فقال :هم أخبث قوم ،حسبك بالرافضة خبثاً
ولكن المرجئة يكذبون على الله.
وقال سفيان الثوري :تركت المرجئة اإلسالم أرق من ثوب سابري(.)1
وقال قتادة :إنما حدث اإلرجاء بعد فتنة فرقة ابن األشعث.
وسئل ميمون بن مهران( )2عن كالم المرجئة ،فقال :أنا أكبر من ذلك.
وقال سعيد بن جبير لذر الهمدانى( :)3أال تستحي من رأي أنت أكبر منه.
وقال أيوب السختياني :أنا أكبر من دين المرجئة .إن أول من تكلم في اإلرجاء رجل
من أهل المدينة من بني هاشم يقال له :الحسن.
وقال زاذان( :)4أتينا الحسن بن محمد ،فقلنا :ما هذا الكتاب الذي وضعت ـ وكان هو
الذي أخرج كتاب المرجئة ـ فقال لي :يا أبا عمر لوددت أني كنت مت قبل أن أخرج هذا
الكتاب ،أو أضع هذا الكتاب(.)5
فإن الخطأ في اسم اإليمان ليس كالخطأ في اسم محدث ،وال كالخطأ في غيره من
األسماء؛ إذ كانت أحكام الدنيا واآلخرة متعلقة باسم اإليمان واإلسالم والكفر والنفاق))(.)6
وبذلك يتبين خطورة خالف المرجئة في مسائل اإليمان؛ ولوال إدراك السلف لمخاطر
هذا القول لما شنعوا عليهم هذا التشنيع البليغ ،ولما حذروا منهم هذا التحذير الشديد.
كما يظهر أيضاً شدة حرص السلف على متابعة السنة ،وترك األهواء وما أحدث من
( )1سابري :يطلق على كل ثوب رقيق يستشف ما وراءه .انظر :النهاية في غريب الحديث (.)669/2
( )2هو :ميمون بن مهران الجزري ،أبو أيوب ،أصله كوفي ،نزل الرقة ،ثقة فقيه ،ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز ،وكان
يرسل من الرابعة مات سنة سبع عشرة ومئة[ .تقريب التهذيب (ص.])883 :
( )3هو :ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني المرهبي ،أبو عمر الكوفي ،رمي باإلرجاء ،مات قبل المائة .انظر:
تهذيب الكمال ( ،)711/8وخالصته تقريب التهذيب (ص.)616 :
( )4لم يتبين لي .ولعله أبو صالح ،مولى طلحة .انظر :تقريب التهذيب (ص.)1132 :
( )5السنة لعبد الله بن اإلمام أحمد (.)627/1
( )6مجموع الفتاوى ( 689/5ـ .)687وانظر :اإليمان ألبي عبيد (ص 66 :ـ .)67
1313 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
البدع واآلراء.
ولذا كانت السالمة في سلوك منهجهم .وصدق القائل:
وكل شر في ابتداع من خلف وكـ ــل خيـ ــر فـ ــي اتبـ ــاع مـ ــن السـ ــلف
النوع الثاني :الخالف العملي في شرط االنقياد.
الخالف العملي في هذا الشرط بحر ال ساحل له ،وانحدار ال نهاية له .فبين مضيِّع
ألصل االنقياد( )1وبين مضيِّع ألدنى الكمال الواجب ،وبين تـْينِّك الدرجتين درجات ال
تنضبط بحد أو مقدار.
ويمكن حصر هؤالء المخالفين في األنواع التالية:
1ـ الكفار األصليون :وهم على ثالثة أصناف:
أ ـ الجاحدون .ب ـ المعرضون .جـ .المستشرقون.
فالصنف األول والثاني قد سبق الحديث عنهم(.)2
وأما الصنف الثالث ،وهم المستشرقون( )3فهم على قسمين .قسم درسوا اإلسالم ألجل
الكيد له ،وقسم درسوا اإلسالم ألجل االستطالع ومعرفة ما عند الغير .فكال النوعين علموا
بحقيقة دين اإلسالم ،فمنهم من يهتدي إلى أن اإلسالم هو الحق وأنه الدين الواجب
اتباعه ،ثم يفترقون؛ فمنهم من ينقاد إلى اإلسالم ظاهراً وباطناً فيصير في عداد المسلمين.
يصرح بإعجابه باإلسالم ويقينه بصحته ،وتجد بعض المسلمين ومنهم من ال ينقاد ،إال أنه ِّ
( )1تطهير االعتقاد المطبوع مع شرحه للشيخ علي بن سنان (ص 115 :ـ ،)118وحكم تكفير المعين للشيخ
إسحاق بن عبد الرحمن (ص.)15 ،8 :
( )2قال الحافظ ابن حجر(( :ومقتضى قوله "يجبر" أنه إذا لم يلتزم يجري عليه حكم المرتد ،وبه صرح القفال))
[نيل األوطار (.])53/1
( )3المغني (.)28/8
1316 شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله
والدماء يحتاط لها في الموضع المحتمل والشبهة ،وهاهنا شبهة ألنه يحتمل صدقه في
ذلك(.)1
وما ذهب إليه ابن قدامة ـ رحمه الله ـ أظهر ،ألن المكلف إذا أتى باللفظ الذي يتعلق
به الحكم فالظاهر أنه قصده واعتقده ،وقوله بعد ذلك :لم أقصده ،لم يصدق ألنه خالف
الظاهر؛ أال ترى أنه لو أقر وقال كذبت في إقراري أو سهوت لم يقبل منه ،وكذلك لو تلفظ
بالطالق الصريح ،وقال :لم أقصد الطالق لم يقبل منه!!
أما لو أتى بالشهادتين على وجه يشهد له الظاهر أنه لم يقصد به اإلسالم؛ مثل أن
يأتي بألفاظ اآلذان على وجه الحكاية واإلخبار عن صفته ال على وجه التأذين ،أو يذكر أن
فيها توحيداً على وجه الحكاية لم يجبر كما يقال في باب الطالق :إذا أتى بصريحه على
وجه الحكاية لم يقع(.)2
النوع الثاني :من ليسوا بكفار أصليين ،وإنما هم مسلمون في األصل إال أنهم خالفوا
في شرط االنقياد .وهم على قسمين:
األول :من ارتدوا عن اإلسالم بترك الصالة بعد فعلها ـ على القول الراجح ـ ،فسلِّبوا
أصل االنقياد ،وهؤالء قد سبق الحديث عنهم في حكم تارك الصالة.
مفرطون في بعض القسم الثاني( :)3من هم باقون على أصل إسالمهم إال أنهم ِّ
الفرائض الظاهرة دون الصالة ،فهؤالء ال يسلبون أصل االنقياد وال يـ ْعط ْون االنقياد المطلق
بل يقال :إنهم مؤمنون بإيمانهم فاسقون بكبائرهم ،وهم تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عفا
عنهم وإن شاء عذبهم ،إذا لق ْوه على تلك الحال.
هذا آخر ما تم تقييده في هذه الشروط .والحمد لله أوالً وآخراً ،وباطناً وظاهراً .فال
أحق بالحمد منه ،نثني عليه الخير كله ،ونحمده بما هو أهله ،ونسأله المزيد من توفيقه
وفضله ،فال حول وال قوة لنا إال به .وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
( )1المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى (.)253/3
( )2المصدر نفسه (.)253/3
( )3هذا الصنف لم يخالفوا في أصل االنقياد ،ولكن وجه ذكري لهم ضمن المخالفين من باب التمييز لهم عن
غيرهم ،ألن بعض الناس يخلط بينهما نزوعاً إلى مذهب الخوارج.
0101 خاتمة الرسالة
الخاتمة
وفي ختام هذا البحث فإني أحمد الله كثيراً أن وفقني إلتمامه ،فله الشكر أوالً
وآخراً ،وله الحمد باطناً وظاهراً .ال أحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه.
وبعد؛ فإني قد قمت بإعداد هذه الرسالة مستلهماً فيها الصواب من الله وحده ،وقد
اجتهدت في جمع مادتها العلمية والتنسيق بين فصولها ومباحثها ومطالبها ،متبعاً الخطة
التي رسمت لها وأجيزت عبر المجالس المعنية في الجامعة .وقد قسمت البحث فيها إلى
باب منها فصالن فصلت فيهما القول في ماله صلة وتعلق بهذه خمسة أبواب تحت كل ٍ
الشروط ،فجمعت شوارد مباحث هذه الشروط .ثم إني خرجت بنتائج ومقترحات من
خالل هذا البحث أجملها في النقاط التالية:
أوالً :النتائج.
0ـ أن لال إله إال الله شروطاً ال يحصل اإلسالم الحقيقي على الكمال والتمام إال بالقيام
بها علماً وعمالً ،ولها نواقض ومبطالت تنافيها ،ومن أعظم ذلك الشرك بالله في عبادته،
كدعوة غير الله ورجائه واالستعانة به واالستغاثة والتوكل ،ونحو ذلك من أنواع العبادة.
2ـ أن هذه الشروط مراتب في أصل اإليمان ليست شيئاً واحداً ،وهذا مما يدل على صحة
السبر والتقسيم لهذه الشروط .وتضمن هذه الشروط بعضها ٍ
لبعض ال يقدح في هذا التقسيم؛
ات عديدة في هذا التقسيم(.)1 ألن للعلماء مقاصد صحيحة واعتبار ٍ
3ـ أن تحقيق التوحيد هو بتحقيق هذه الشروط ،ألن هذه الشروط تمثِّل أركان التوحيد
ٍ
بشيء منها وأصوله التي ال يتحقق التوحيد إال بها ،ولذا كان اإلخالل بهذه الشروط أو
إخالالً بأصل التوحيد ونقضاً لعُراه.
1ـ أن هذه الشروط ليست شروطاً لكلمة التوحيد ال إله إال الله فحسب ،بل منها ما
يدخل في توحيد الربوبية واألسماء والصفات ،كشرط العلم والمعرفة بالله ،وكشرط التصديق
واإلخالص( .)2فهذه الشروط موضوعة للمحافظة على أنواع التوحيد الثالثة ،وذلك ألن
أنواع التوحيد متداخلة متالزمة.
بحج ِّز بعض ،ال يُتصور انفكاكها أبداً في عرف 1ـ أن هذه الشروط متالزمة آخذ بعضها ُ
الشرع؛ فإذا َّتم واحد منها وك ُمل عُلِّم أن جميعها قد ك ُملت ،وإذا انتفى واحد منها بالكلية
ٍ
فلنقص في بقيتها. عُلِّم أن جميعها انتفت ،وإذا نقص واحد منها
6ـ أن شروط كلمة التوحيد ليست منحصرة في الشروط السبعة أو الثمانية من حيث
التفصيل بل كل عمل من أعمال القلوب الواجبة شرط في قبولها يوم القيامة ،ومن ذلك
الخوف والرجاء والرغبة والرهبة والتوكل ،واإليمان بالبعث وبالنبوة والرسالة وغير ذلك من
أعمال القلوب الالزمة لصحة اإليمان.
7ـ أن هذه الشروط السبعة أصول ألعمال الجوارح والقلوب؛ فبقية أعمال القلوب ترجع
إليها .وهذا أيضاً مما يدل على صحة هذا الحصر في هذه الشروط.
1ـ أن الحصر لهذه الشروط حصر إجمالي ليس تفصيلياً .فالمسكوت عنه ي ِّرجع إليها.
1ـ أن أفراد هذه الشروط يتفاوت الناس فيها زيادة ونقصاناً ألنها من اإليمان ،واإليمان يزيد
وينقص عند أهل السنة كما دل على ذلك القرآن والسنة وإجماع السلف؛ ولذا كانت أفراد
أصل وكمال واجب وكمال مستحب. هذه الشروط منقسمة إلى ٍ
01ـ أن هذه الشروط ليست شرطاً لقبول اإلسالم الظاهر ابتداءً.
00ـ أن التزام هذه الشروط أمر يظهر على الجوارح ،وذلك للتالزم بين الظاهر والباطن ،ولذا
فال وجه للتشغيب بأن القول بها يقتضي التوقف في إسالم من نطق بالشهادتين.
02ـ أن اإلخالل بهذه الشروط أمر قد يظهر على الجوارح ،وذلك لما مضى من التالزم
بين الظاهر والباطن.
03ـ أن اإلخالل بشرط من هذه الشروط موجب للكفر ،ألن أصل اإليمان ال يتم إال
باجتماعها.
01ـ أن المرجئة( )1عاطلون عن هذه الشروط نافون لها ،ولذا فمن التزم اإليمان على
مذاهبهم لم يكن إيمانه صحيحاً.
( )1لفظ "المرجئة" المراد به هنا من ينكر دخول أعمال القلوب والجوارح في اإليمان كالكرامية،
والجهمية ،ومن تأثر بهم؛ كاألشعرية والماتريدية.
0106 خاتمة الرسالة
01ـ اتفاق المرجئة المعاصرين( )1مع المرجئة المتقدمين في نفي هذه الشروط أو بعضها
الحقب ال أثر له في مر العصور ،واختالف ِّ مما يدل على توافق مذهب المرجئة على ِّ
المنهج ،وكما قيل :لكل قوم وارث.
06ـ أن خوارج العصر لم يراعوا شروط التكفير عند أهل السنة ،ولذا عظمت فتنتهم في
هذا العصر.
07ـ اختالف العلماء في عد هذه الشروط ال أثر له ،ألنه اختالف في اإلجمال والتفصيل،
ومفصل؛ إذ التفصيل فرع عن اإلجمال. وال تعارض بين ُمجمل َّ
الجملي ـ هو آكد هذه 01ـ أن شرط العلم بمعنى ال إله إال الله ـ على ما قررناه أنه العلم ُ
الشروط وأعالها في نظر النظار ،وذلك ألمرين:
األول :أن جميع الطوائف ـ بما فيهم المرجئة ـ مطبقة على اشتراطه في الجملة.
والثاني :ألن بفقده ال يصح اإلسالم ،ولو مع الجهل به.
01ـ أن شرط االنقياد العملي هو أدنى مراتب هذه الشروط ،وذلك ألنه قد يصح اإلسالم
مع فقده؛ كمن ترك الصالة جاهالً بوجوبها.
21ـ أن العلم بال إله إال الله منه ما يكون فِّعلياً مؤثراً في وجود المعلوم ،ومنه ما يكون
انفعالياً ال تأثير له في وجود المعلوم؛ وذلك بحسب األشخاص.
20ـ أن المعطلة على اختالف درجاتهم في التعطيل مخالفون في شرط العلم بال إله إال
الله ،ألن من أسس هذا العلم ولوازمه معرفة المشهود له بأسمائه وصفاته ،وهم بتعطيلهم
لصفات ربهم لم يعرفوه على الحقيقة ،وذلك وجه إطالق السلف لتكفيرهم.
22ـ أن أهل التشبيه باختالف مقاالتهم مخالفون أيضاً لشرط العلم بال إله إال الله ،ألن
من لوازمه كما تقدم معرفة المشهود له ،وهم بتشبيههم لصفات ربِّهم لم يعرفوه حقيقة،
تصوروه في أذهانهم من الصورة لربِّهم ،وذلك هو وجه إطالق فتكون شهادتهم واقعةً على ما َّ
السلف تكفيرهم.
23ـ أن قضية العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ترجع إلى أن العلم
المشترط في شهادة أن ال إله إال الله هو العلم اإلجمالي ال العلم التفصيلي.
مناف لشرط العلم بمعنى الشهادة فيكون 21ـ أن الجهل بمعنى شهادة أن ال إله إال الله ٍ
كفراً إذا كان في أصل المعنى ومع التفريط إذا كان في تفاصيل توحيد العبادة أو توحيد
األسماء الصفات عند قوم؛ وذهب بعض أهل العلم -وهو قول مرجوح -إلى أنه ينافي
الكمال الواجب ما لم تقم الحجة الرسالية التي يُكفر لتركها.
21ـ أن خالف أهل العلم في قضية اإلعذار بالجهالة مرجعه إلى تحقيق كفر األعيان،
ليس في أصل المسألة.
26ـ أن العلم التفصيلي شرط مع العلم ،والعلم اإلجمالي شرط مطلقاً.
27ـ أن من ترك عمل الجوارح بالكلية لم يصح إيمانه ،ألنه لم يحقق شرط االنقياد
بحقوق هذه الكلمة.
21ـ أن النطق بال إله إال الله من شروط شهادة أن ال إله إال الله إال أن العلماء لم ينصوا
عليه في الشروط ،ألن لفظ الشهادة يتضمنه ،ولذا فمن ترك النطق بال إله إال الله مع القدرة
يكفر ،إال على قول طائفة ضالة من المرجئة تزعم أن المراد قولها بالقلب ال اللسان ،ولذا
تجعل اإليمان هو معرفة القلب أو تصديقه بالله تعالى.
21ـ أن النطق واإلقرار بالشهادتين يُشترط للنجاة في الدنيا واآلخرة؛ فالعصمة في
الدنيا من القتل تنبني عليه؛ وكذا النجاة في اآلخرة إال أنه في اآلخرة ال يكفي إال
تنض م إليه بقية الشروط.
31ـ أن هذه الشروط شروط مطالبة ال طلب بمعنى أن الكافر إذا أسلم ال يُطالب بها
حال النطق فإذا أخل بشيء منها بعد النطق أ ُِّجبر عليها.
ِّ
30ـ أن من تلفظ بالشهادتين قُبِّل منه إال إذا عُلم أنه ال يريد معناهما ُ
الجملي المراد
مقراً بالتوحيد وبرسالة النبي إال أنه يعتقد أن النبي رسول منهما؛ كالكتابي إن كان َّ
للعرب خاصة ،فهذا إذا قال أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمداً رسول الله لم يُقبل منه
عما تلبس به من نواقض هذه الكلمة ،كأن يضيف :وإن دين محمد حق ،أو حتى يُقر برجوعه َّ
فرض ،وأبرأ مما خالف دين اإلسالم ،أو نحو ذلك ،وكذا من ال يميِّز بين الله وغيره من
الموجودات كأصحاب وحدة الوجود واالتحاد.
0101 خاتمة الرسالة
32ـ أن المنافق نفاقاً اعتقادياً كافر عند جميع الطوائف عدا الكرامية ،ألنه مخل بجميع
هذه الشروط أو ببعضها.
33ـ أن القدر المشترط في كل شرط هو أقل ما يقع عليه اسم ذلك الشرط.
31ـ أن المراد بشرط الصدق الصدق المنافي للكذب والتكذيب؛ فمن كذب في إيمانه
كذب بشيء من شرائع الدين كفر. كفر ،ومن َّ
31ـ أن المراد بشرط اإلخالص سالمة اإلرادة والنية وسالمة االعتقاد من الشرك.
36ـ أن الشرك األصغر ينافي كمال اإلخالص ال شرط ـ [أصل] ـ اإلخالص.
37ـ أن أكثر هذه الشروط أمور وجدانية يصعب حدها ،ولكنها تتميز بأضدادها ،وذلك
وجه ذكري عند كل شرط ما ينافيه أو يضاده من المخالفة والمعصية.
31ـ انحراف غالة الصوفية في معنى العلم المشترط لصحة ال إله إال الله.
31ـ انحراف غالة الصوفية في شرط المحبة.
11ـ انحراف الجهمية في شرط المحبة.
10ـ انحراف بعض المتكلمين في شرط المحبة.
12ـ الكفر ليس محصوراً في تكذيب القلب فقط ـ كما زعمت المرجئة ـ بل يقع بالقول
وبالقلب وبأعمال الجوارح والشك ،وذلك نظراً لتنوع هذه الشروط وتعدد تعلقاتها.
13ـ أن الكفر كما أنه يقع بالفعل فهو أيضاً يقع بالترك ،وذلك نظراً لتعلق هذه الشروط
بالفعل والترك.
11ـ أن التحاكم إلى الطاغوت يختلف حكمه بحسب الدوافع إليه.
11ـ أن شهادة أن ال إله إال الله دلَّت على شرط الكفر بالطاغوت تضمناً ال التزاماً ،ولم يقل
أحد من المسلمين والعرب :إنها دلت على ذلك التزاماً إال على قول طائفة ضالة من
المتكلمين يزعمون أن معناها :ال قادر على االختراع موجود إال الله.
16ـ أن من أسباب فتح باب الشرك على األمة تفسير ال إله إال الله بمعنى الربوبية وما
ترتب عليه من نف ٍي لشرط الكفر بالطاغوت.
المتقدمين وليست هي من بدع المتأخرين كما ِّ 17ـ أن هذه الشروط موجودة في كالم
زعمه بعض المعاصرين.
0101 خاتمة الرسالة
11ـ أن المراد تحقيق هذه الشروط ال حفظها وإحصاؤها ـ وما أحسن ما قال الشيخ
حافظ حكمي في معارج القبول((( :)1ومعنى استكمالها :اجتماعها في العبد والتزامه إياها،
بدون مناقضة منه لشيء منها ،وليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها؛ فكم من عامي
اجتمعت فيه والتزمها ،ولو قيل له اُعددها لم يحسن ذلك؛ وكم حافظ أللفاظها يجري فيها
كالسهم وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها ،والتوفيق بيد الله والله المستعان)).
11ـ أن الموافاة داخلة تحت شرط االنقياد ،فال وجه ِّ
لعدها شرطاً مستقالً.
11ـ أن الردة قاطعة لشرط االنقياد بل ولجميع الشروط.
10ـ أن مواالة الكفار تنافي المحبة لالإله إال الله ،وحكمها يختلف بحسب الدوافع إليها؛
فقد تكون كفراً أكبر ينافي أصل هذه المحبة ،وقد تكون معصية تنافي الكمال الواجب.
12ـ أن التحاكم إلى الوجد والذوق والعقل ينافي الكفر بالطاغوت إال أن حكمه يختلف
بحسب حال المتحاكم.
خرج
13ـ تالزم الشهادتين :شهادة أن ال إله إال الله وشهادة أن محمداً رسول الله .وهو يُ َّ
على أمور:
أولها :شرط العلم بال إله إال الله وما يستلزمه من العلم بصدق الرسول .
ثانيها :شرط المحبة وما يستلزمه من تجريد المتابعة للرسول .
الهدى ودين الحق. ثالثاً :شرط القبول وما يقتضيه من قبول ما جاء به الرسول من ُ
رابعاً :شرط االنقياد وما يستلزمه من عبادة الله وفق ما شرع هذا الرسول .
فهذه أربعة أمور هي تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله تستلزمها وتقتضيها شهادة أن ال
إله إال الله؛ مما يدل على قوة هذا التالزم وشدة هذا الترابط والصلة بين الشهادتين .وما
أحسن ما قال حافظ حكمي في حقيقة هذا الترابط(( :وقد قدمنا أن العبد ال يدخل الدين
إال بهاتين الشهادتين ،وأنهما متالزمتان ،فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية،
كما أنها هي الشرط في األولى))(.)2
11ـ أن شرط القبول شامل لشرط االنقياد.
تصور الوقوع.
11ـ أن ترك العمل الظاهر بالكلية كفر؛ وهو غير ُم َّ
(.)101/2( )1
( )2أعالم السنة المنشورة (ص.)13 :
0121 خاتمة الرسالة
كما أقترح بحثاً آخر ،بعنوان( :أثر تقسيمات أهل العلم في توضيح توحيد
العبادة) تكون دراسة هذه الشروط عمد ًة فيه.
وبذلك تكمل األعمال والدراسات حول هذه الشروط ،فيحصل النفع والخير الكثير
بإذن الله .إذا كان الدافع لذلك إخالص النية ،وصدق القصد واإلرادة.
والله المسئول أن يخلص نياتنا وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه ،ناصحة لعباده إنه
قريب مجيب.
2211 الفهارس العامة للرسالة
الفهارس العامة
2211 الفهارس العامة للرسالة
فهرس الفرق
رقم الصفحة الفرقة
15 االتحادية..........................................................
59 األشاعرة.........................................................
139 سائل إخوان الصفا............................................. أصحا
191 أهل الت بي .......................................................
135 أهل التعطيل......................................................
11 الحرنانية..........................................................
16 الح ولية...........................................................
291 ال وز...........................................................
116 ال يطانية........................................................
113 الصوفية.........................................................
125 الفالسفة الم َّاؤون................................................
664 القاد ية.........................................................
196 الق ية..........................................................
129 القرآنيين.........................................................
291 الكرامية.........................................................
َّ
125 الماتري ية.........................................................
111 المرجئة...........................................................
2222 المست رقون......................................................
125 المعتزلة...........................................................
196 المقات ة............................................................
194 النصيرية..........................................................
195 اله امية..........................................................
16 الوجودية.........................................................
196 اليونسية..........................................................
2212 الفهارس العامة للرسالة
2211 الفهارس العامة للرسالة
ـ إرشاد الساري في شرح السنة للبربهاري ،تأليف :الشيخ أحمد بن يحيى النجمي ،نشر
مكتبة الفرقان ،اإلمارات العربية ،عجمان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول ،تأليف :محمد بن علي الشوكاني ،تحقيق:
د .شعبان محمد إسماعيل ،نشر دار الكتبي ،مصر ـ القاهرة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ أسباب النـزول ،تأليف :أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي ،تحقيق:
ماهر ياسين الفحل ،نشر دار الميمان للنشر والتوزيع ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ اشتقاق أسماء الله ،تأليف :أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي ،تحقيق :د .عبد
الحسين المبارك ،نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط :الثالثة ( )4171هـ.
ـ اإلصابة في تمييز الصحابة ،تأليف :أحمد بن علي بن حجر العسقالني ،تحقيق :علي بن
محمد البجاوي ،نشر دار الجيل ،بيروت ،الطبعة األولى ()4144هـ.
ـ أصول الدين ،تأليف :أبي منصور بن طاهر التميمي البغدادي ،نشر مكتبة الدولة،
استانبول ،ط :األولى ( )4111هـ.
ـ أصول وضوابط في التكفير ،تأليف :عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ،
نشر دار المنار ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،تأليف :محمد األمين بن محمد المختار الجكني،
نشر المؤسسة السعودية ،ط :الثانية ( )4177هـ.
ـ إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ،تأليف :د .صالح بن فوزان الفوزان ،نشر مؤسسة
الرسالة ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ،تأليف :فخر الدين محمد بن عمر الخطيب الرازي،
نشر مكتبة الكليات األزهرية ،القاهرة ،عام ( )4171هـ.
ـ أعالم السنة المنشورة العتقاد الطائفة الناجية المنصورة ،تأليف :حافظ بن أحمد
الحكمي ،تحقيق :أحمد بن علي علوش مدخلي ،نشر مكتبة الرشد ،الرياض ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ أعالم الموقعين عن رب العالمين ،تأليف :ابن القيم ،تحقيق :محمد محي الدين عبد
الحميد ،نشر دار الفكر ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4101هـ.
4701 الفهارس العامة للرسالة
ـ أعمال القلوب حقيقتها وأحكامها عند أهل السنة وعند مخالفيهم ،رسالة دكتوراه
مقدمة إلى قسم العقيدة والمذاهب بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض،
إعداد الدكتور :سهل بن رفاع بن سهيل العتيبي.
ـ إغاثة اللهفان ،تأليف :ابن القيم الجوزية ،تحقيق محمد حامد الفقي ،نشر دار المعرفة،
بيروت ،الطبعة الثانية ( )4171هـ.
ـ اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ،تأليف :شيخ اإلسالم أحمد بن عبد
الحليم بن تيمية ،تحقيق :د .ناصر عبد الكريم العقل ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ أقوال التابعين في مسائل التوحيد واإليمان ،تأليف :عبد العزيز بن عبد الله المبدل ،نشر
دار التوحيد ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ إكمال إكمال المعلم (شرح صحيح مسلم) ،تأليف :أبي عبد الله محمد بن خلفة
الوشتاني األُبي المالكي ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت.
المعلم بفوائد مسلم ،تأليف :أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، ـ إكمال ُ
تحقيق :د .يحيى إسماعيل ،نشر دار الوفاء ،المنصورة ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ اآلحاد والمثاني ،تأليف :أبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني ،تحقيق :د .باسم
فيصل أحمد الجوابرة ،نشر دار الراية ،الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ اإلبانة عن أصول الديانة ،تأليف :أبي الحسن علي بن إسماعيل األشعري ،تحقيق :د.
فوقية حسين محمود ،نشر دار األنصار ،القاهرة ،ط :األولى ( )4170هـ.
ـ اإلبانة عن شريعة الفرقة الناجية ،تأليف :أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة
العكبري ،تحقيق :رضا نعسان ُمعطي ،نشر دار الراية ،الرياض ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ اإلبهاج في شرح المنهاج للبيضاوي ،تأليف :علي بن عبد الكافي السبكي وولده تاج
الدين عبد الوهاب بن علي السبكي ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى
( )4171هـ. .
ـ األحاديث المختارة ،تأليف :ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد
المقدسي ،تحقيق :عبد الملك بن عبد الله الدهيش ،نشر مكتبة النهضة الحديثة ،مكة المكرمة،
ط :األولى ( )4141هـ.
4700 الفهارس العامة للرسالة
ـ اإلحسان في تقريب صحيح ابن حبان ،تأليف :عالء الدين علي بن بلبان الفارسي ،تحقيق:
شعيب األرناؤوط ،نشر مؤسسة الرسالة ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ اإلحكام في أصول األحكام ،تأليف :أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ،نشر
دار اآلفاق الجديدة ،بيروت ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ األحكام في أصول األحكام ،تأليف :سيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمد
اآلمدي ،نشر دار الكتب العلمية ـ بيروت.
ـ األربعين ،تأليف :أبي الحسن محمد بن أسلم الطوسي ،تحقيق :مشعل بن باني الجبرين
المطيري ،نشر دار ابن حزم ،بيروت ،عام ( )4144هـ.
ـ اإلرشاد إلى سبيل الرشاد :تأليف :الشريف محمد بن أحمد بن محمد بن أبي موسى
الرسالة ،بيروت ،ط:
مؤسسة ّ الهاشمي ،تحقيق :د .عبد الله بن عبد المحسن التركي ،نشر ّ
األولى )4147( :هـ.
ـ اإلرشاد إلى صحيح االعتقاد والرد على أهل الشرك واإللحاد ،تأليف :د .صالح بن
فوزان الفوزان ،نشر دار ابن الجوزي ،الدمام ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ اإلرشاد إلى معرفة األحكام ،تأليف :عبد الرحمن بن ناصر السعدي ،نشر مكتبة المعارف،
الرياض ،عام ( )4177هـ.
ـ االستغاثة في الرد على البكري ،تأليف :شيخ اإلسالم ابن تيمية ،تحقيق :عبد الله بن دجين
السهلي ،نشر دار الوطن ،ط :األولى ( )4140هـ.
ـ االستقامة ،تأليف :أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ،تحقيق :د .محمد
رشاد سالم ،نشر مؤسسة قرطبة ،مدينة األندلس ،الهرم ،ط :الثانية.
ـ االستيعاب ،تأليف :أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي،
تحقيق :علي محمد البجاوي ،نشر دار الجيل ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ اإلسالم والحضارة الغربية ،تأليف :محمد محمد حسين ،نشر المكتب اإلسالمي ،بيروت،
ط :األولى ( )4177هـ.
ـ األسماء والصفات ،تأليف :أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،تحقيق :عبد الله بن محمد
الحاشدي ،نشر مكتبة السوادي ،جدة ،ط :األولى ( )4141هـ.
4701 الفهارس العامة للرسالة
ـ األشباه والنظائر ،تأليف :عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ،نشر دار الكتب العلمية،
بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ اإلشراف على مذاهب أهل العلم ،تأليف :محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري،
تحقيق :محمد بخيت سراج الدين ،نشر دار إحياء التراث اإلسالمي ،دولة قطر ،ط:
األولى ( )4171هـ.
ـ األصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات والرد عليها من كالم شيخ اإلسالم
ابن تيمية ،تأليف :د .عبد القادر بن محمد عطا صوفي ،نشر مكتبة الغرباء األثرية ،المدينة
النبوية ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ األصول من علم األصول ،تأليف :محمد بن صالح العثيمين ،نشر دار ابن الجوزي،
الرياض ،طبعة العام الهجري ( )4140هـ.
ـ االعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ،للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،نشر دار
اآلفاق الجديدة ،بيروت ط :األولى ( )4174هـ.
ـ اإلعالم بما في دين النصارى ،تأليف :أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح
القرطبي ،تحقيق :د .أحمد حجازي السقا ،نشر دار التراث العربي ،القاهرة عام ( )4171هـ.
ـ األعالم ،تأليف :خير الدين الزركلي ،نشر :دار العلم للماليين ،بيروت ـ لبنان ،ط :الخامسة
عشرة ( )4774م.
ـ األغاني ،ألبي الفرج األصفهاني ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ط :الرابعة ( )4144هـ.
ـ اإلكمال ،تأليف :علي بن هبة الله بن أبي نصر بن ماكوال ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت،
عام ( )4144هـ.
ـ األم ،تأليف :محمد بن إدريس الشافعي ،تحقيق :د .رفعت فوزي عبد المطلب ،نشر دار
الوفاء ،المنصورة ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ األمثال القرآنية المضروبة لإليمان بالله ،تأليف :د .عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع ،نشر
عمادة البحث العلمي ،الجامعة اإلسالمية ـ المدينة المنورة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ االنتصار لحزب الله الموحدين ،تأليف :عبد الله أبا بطين( ،ضمن مجموعة :عقيدة
الموحدين) ،جمع عبد الله بن سعيد العبدلي ،ط :األولى ( )4144هـ.
4707 الفهارس العامة للرسالة
ـ اإليمان أركانه ،حقيقته ،نواقضه ،تأليف :د .محمد نعيم ياسين ،نشر مكتبة السنة،
القاهرة ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ اإليمان ،تأليف :أبي عبيد القاسم بن سالم ،تحقيق :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر مكتبة
المعارف ،الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ اإليمان ،تأليف :الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ،تحقيق :محمد ناصر
الدين األلباني ،نشر المكتب اإلسالمي ،ط :الثانية ( )4171هـ.
ـ اإليمان ،تأليف :الحافظ محمد بن إسحاق بن يحيى بن مندة ،تحقيق :علي بن محمد بن
ناصر الفقيهي ،نشر المجلس العلمي ،الجامعة اإلسالمية ،المدينة المنورة ،ط :األولى
( )4174هـ.
ـ البحر الزخار بمسند البزار ،تأليف :أبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار،
تحقيق :د .محفوظ الرحمن زين الله ،نشر مكتبة العلوم والحكم ،المدينة المنورة ،ط:
األولى ( )4141هـ.
ـ البحر المحيط للزركشي ،تأليف :بدر الدين بن بهادر بن عبد الله الشافعي ،تحقيق :عبد
القادر بن عبد الله العاني ،نشر دار الصفوة ،الكويت ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ البداية والنهاية ،تأليف :أبي الفداء ابن كثير الدمشقي ،تحقيق :الشيخ علي بن محمد
معوض ،وعادل أحمد عبد الموجود ،نشر دار الكتب العلمية ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ،تأليف :محمد بن علي الشوكاني ،نشر دار
الكتاب اإلسالمي ،القاهرة.
ـ البرهان في أصول الفقه ،تأليف :أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني ،تحقيق :د.
عبد العظيم الديب ،نشر دار األنصار ،القاهرة ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ البرهان في معرفة عقائد أهل األديان ،تأليف :أبي الفضل عباس بن منصور الثريني
السكسكي ،تحقيق :د .بسام علي سالمة العموش ،نشر مكتبة المنار ،الزرقاء ،األردن ،ط:
األولى ( )4171هـ.
ـ البعث والنشور ،تأليف :الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،تحقيق :الشيخ عامر
أحمد حيدر ،نشر مركز الخدمات واألبحاث الثقافية ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى ( )4171هـ.
4717 الفهارس العامة للرسالة
ـ بهجة النفوس وتحليتها بمعرفة ما لها وما عليها ،شرح مختصر صحيح البخاري ،تأليف :أبي
محمد عبد الله بن أبي جمرة ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ التاريخ الكبير ،تأليف :أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري نشر دار الكتب
العلمية ،بيروت.
ـ التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين ،تأليف :أبي المظفر
اإلسفراييني ،تحقيق :كمال يوسف الحوت ،نشر دار عالم الكتب ،لبنان ،ط :األولى
( )4171هـ.
ـ التبصير في معالم الدين ،تأليف :أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري ،تحقيق :علي
بن عبد العزيز بن علي الشبل ،نشر دار العاصمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ التبيان في أقسام القرآن ،تأليف :ابن القيم الجوزية ،تحقيق وتعليق :محمد زهري النجار،
نشر المؤسسة السعيدية ،الرياض.
ـ التجريد في إعراب كلمة التوحيد وما يتعلٌّق بمعناها من التمجيد ،تأليف :علي بن سلطان
محمد القاري ،نشر المكتب اإلسالمي ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ التحبير شرح التحرير في أصول الفقه ،تأليف :عالء الدين أبي الحسن علي بن سليمان
المرداوي ،تحقيق :د .عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين ،نشر مكتبة الرشد ،ط :األولى،
( )4144هـ.
ـ التحذير من مختصرات محمد علي الصابوني في التفسير ،تأليف :د .بكر بن عبد الله أبو
زيد ،ط :الثانية ( )4147هـ.
ـ التحفة العراقية في األعمال القلبية ،تأليف :شيخ اإلسالم تقي الدين أحمد بن تيمية،
تحقيق :د .يحيى بن محمد بن عبد الله النهيدي ،نشر مكتبة الرشد ،الرياض ،ط :األولى
( )4144هـ.
ـ التخويف من النار ،تأليف :الحافظ أبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب
الحنبلي البغدادي ،تحقيق :بشير محمد عيون ،نشر دار البيان ،دمشق ـ سوريا ،ط :الثالثة
( )4141هـ.
ـ الترغيب والترهيب ،تأليف :الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري ،تحقيق :إبراهيم
شمس الدين ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4140هـ.
4714 الفهارس العامة للرسالة
ـ التسهيل لعلوم التنـزيل ،تأليف :محمد بن أحمد بن محمد الغرناطي المعروف بابن جزيء
الكلبي ،نشر دار الكتاب العربي ،لبنان ،بيروت ،ط :الرابعة ( )4171هـ.
الجنائي اإلسالمي مقارناً بالقانون الوضعي ،تأليف :عبد القادر عودة ،نشر مؤسسة ـ التشريع َ
الرسالة ،بيروت.
ـ التعاريف ،تأليف :محمد بن عبد الرؤوف المناوي ،تحقيق :د .محمد رضوان الداية ،نشر
دار الفكر المعاصر ،بيروت ـ دمشق ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ التعريفات ،تأليف :الشريف علي بن محمد الجرجاني ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ـ
لبنان ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ التفسير الكبير ومفاتيح الغيب ،تأليف :محمد الرازي فخر الدين بن العالمة ضياء الدين
عمر المشتهر بخطيب الري ،نشر دار الفكر بيروت ط :األولى ( )4174هـ.
ـ التقرير والتحبير ،تأليف :شرح ابن أمير الحاج على التحرير في أصول الفقه ،ضبط وتخريج:
عبد الله محمود محمد عمر ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى عام ()4147
هـ.
ـ التقييد لمعرفة الرواة والسنن والمسانيد ،تأليف :أبي بكر محمد بن عبد الغني الشهير بابن
نقطة ،نشر مجلس دائرة المعارف العثمانية ،حيدر آباد ـ الهند ،ط :األولى ( )4171هـ.
جذوره ،أسبابُهِّ ،
مبرراتُه ،تأليف :د .نعمان عبد الرزاق السامرائي ،نشر دار المنارة ُ ـ التكفير
للطباعة والنشر ،بيروت ،ط :الثانية ( )4171هـ.
ـ التكفير وضوابطه ،تأليف :د .إبراهيم بن عامر الرحيلي ،نشر دار اإلمام البخاري ،قطر ،ط:
األولى ( )4141هـ.
ـ التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد ،تأليف :أبي عمر يوسف بن عبد الله بن
محمد بن عبد البر النمري القرطبي ،تحقيق :سعيد أحمد أعراب ومحمد الفالح.
السنية على العقيدة الواسطية ،تأليف :عبد العزيز الناصر الرشيد ،نشر دار الرشيد، ـ التنبيهات َّ
الرياض ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة ،تأليف :أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن خليل
التتائي ،تتحقيق :د .محمد عايش عبد العال شبير ،ط :األولى ( )4177هـ.
4714 الفهارس العامة للرسالة
ـ التهذيب في فقه اإلمام الشافعي ،تأليف :أبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفراء،
تحقيق :عادل أحمد عبد الموجود ،وعلي محمد معوض ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت،
ط :األولى ( )4141هـ.
ـ التوحيد ،تأليف :أبو منصور الماتريدي ،تحقيق :فتح الله خليف ،نشر دار الجامعات،
اإلسكندرية.
ـ الثقات ،تأليف :محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم البستي ،تحقيق :السيد شرف الدين
أحمد ،،نشر دار الفكر ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر دار
غرائس ،الكويت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ الجامع ألحكام القرآن ،تأليف :أبي عبد الرحمن محمد بن أحمد األنصاري القرطبي،
تحقيق :هشام سمير البخاري ،نشر عالم الكتب ،الرياض ،العليا )4141( ،هـ.
ـ الجامع والعلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ،تأليف :الحافظ
زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي ،تحقيق :طارق عوض الله بن
محمد ،نشر دار ابن الجوزي ،ط :الرابعة ( )4141هـ.
ـ الجرح والتعديل ،تأليف :أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ،نشر دار الكتب
العلمية ،بيروت ،عام ( )4104هـ.
ـ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ،لشيخ اإلسالم أبي العباس أحمد بن عبد
الحليم بن تيمية ،تحقيق :د .علي بن حسن بن ناصر ،ود .عبد العزيز بن إبراهيم العسكر،
ود .حمدان بن محمد الحمدان ،نشر دار العاصمة ،الرياض ،ط :الثانية ( )4147هـ.
ـ الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ،تأليف :شمس الدين أبي عبد الله محمد
بن أبي بكر الزرعي الدمشقي ،تحقيق :يوسف علي بدوي ،نشر دار ابن كثير ،دمشق ـ بيروت،
ط :األولى ( )4141هـ.
ـ حاشية الدسوقي على أم البراهين ،تأليف :الشيخ محمد الدسوقي ،نشر دار إحياء الكتب
العربية (عيسى البابي الحلبي).
4711 الفهارس العامة للرسالة
ـ الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة ،تأليف :الحافظ أبي القاسم بن محمد
بن الفضل التيمي األصبهاني ،تحقيق :محمد بن محمود أبو رحيم ،نشر دار الراية ،الرياض،
ط :األولى ( )4144هـ.
ـ الحدود األنيقة ،تأليف :زكريا بن محمد بن زكريا األنصاري ،تحقيق :د .مازن المبارك ،نشر
دار الفكر المعاصر ،بيروت ـ دمشق ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ الخالف في حكم تارك الصالة ،عرض ألقوال اإلئمة وبيان الراجح منها ،تأليف :د .عبد
الله بن إبراهيم الزاحم ،نشر دار الفضيلة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الدر الثمين ،للعالمة الشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي ـ طبع دار الفكر بيروت لبنان
عام ( )4141هـ.
ـ الدر الثمين والمورد المعين في شرح المرشد األمين ،تأليف :العالمة محمد بن أحمد
ميارة المالكي ،نشر دار الفكر بيروت لبنان عام ( )4141هـ.
ـ الدر المنثور في التفسير المأثور ،تأليف :جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي،
نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ الدر المنثور في الرد على عثمان بن منصور ،تأليف :الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل
الشيخ ،نشر مكتبة الهداية ،الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ الدر النضيد في إخالص كلمة التوحيد ،تأليف :اإلمام محمد بن علي الشوكاني ،تخريج
وتعليق :أبي عبد الله الحلبي ،نشر دار ابن خزيمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الدراية على تخريج أحاديث الهداية ،تأليف :الحافظ أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي
بن محمد بن حجر العسقالني ،نشر دار المعرفة ،بيروت ـ لبنان.
ـ الدرة فيما يجب اعتقاده ،تأليف :أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ،تحقيق :د.
أحمد بن ناصر بن محمد الحمد ،ود .صعيد بن عبد الرحمن بن موسى القزقي ،نشر مطبعة
المدني ،مصر ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ الدرر السنية في األجوبة النجدية ،تأليف :عبد الرحمن بن قاسم العاصمي النجدي ،ط:
السادسة ( )4140هـ.
ـ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ،تأليف :شيخ اإلسالم شهاب الدين أحمد بن علي
بن محمد الشهير بابن حجر العسقالني ،نشر دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،لبنان.
4711 الفهارس العامة للرسالة
ـ الدعاء ،تأليف :الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ،تحقيق :محمد سعيد محمد
حسن البخاري ،نشر دار البشائر اإلسالمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4170هـ.
ـ الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب ،تأليف :ابن فرحون المالكي ،تحقيق :محمد
األحمدي أبو النور ،نشر دار التراث ،القاهرة.
ـ ذيل طبقات الحفاظ ،تأليف :عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ،نشر دار الكتب العلمية،
بيروت ،الطبعة األولى ()4171هـ.
ـ الرد البرهاني في اإلنتصار للعالمة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين األلباني ،تأليف:
علي بن حسن بن علي الحلبي ،نشر مكتبة الفرقان ،اإلمارات ،عجمان ،ط :األولى
()4141هـ.
ـ الرد على األخنائي ،تأليف :شيخ اإلسالم تقي الدين ابن تيمية الحراني ،تحقيق :عبد الرحمن
بن يحيى المعلمي ،نشر الرئاسة العامة إارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد،
الرياض ،عام ( )4171هـ.
ـ الرد على البكري ،تأليف :تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم الحراني ،تتحقيق:
محمد علي عجال ،نشر مكتبة الغرباء األثرية ،المدينة المنورة ،الطبعة األولى ( )4140هـ.
ـ الرد على الجهمية ،تأليف :عثمان بن سعيد الدارمي ،تحقيق :بدر البدر ،نشر الدار
السلفية ،الصفاة ،الكويت ،ط :األولى ( )4171هـ.
وتأولته ،تأليف :اإلمام
ـ الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن َّ
أحمد بن حنبل الشيباني ،تحقيق :دهيش بن شبيب العجمي ،نشر دار غراس للنشر والتوزيع،
الكويت /الجهراء ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الرد على القائلين بوحدة الوجود ،تأليف :علي بن سلطان القارئ ،تحقيق :علي رضا بن
عبد الله بن علي رضا ،نشر دار المأمون للتراث ،دمشق ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الرسائل السلفية في إحياء سنة خير البرية ،تأليف :اإلمام محمد بن علي الشوكاني،
نشر دار الكتب العلمية ،بيروت.
ـ الرسالة القشيرية ،تأليف :أبي القاسم عبد الكريم القشيري ،تحقيق :د .عبد الحليم محمود،
نشر دار الكتب الحديثة لصاحبها توفيق عفيفي.
ـ الروايتين والوجهين ،مصور في قسم المخطوطات بالجامعة اإلسالمية.
4711 الفهارس العامة للرسالة
ـ الروح ،تأليف :ابن القيم الجوزية ،تحقيق :د .بسام علي سالمة العموش ،نشر دار ابن تيمية،
ط :األولى ( )4171هـ.
ـ الزهد ،تأليف :عبد الله بن المبارك المروزي ،تحقيق :حبيب الرحمن األعظمي ،نشر دار
الكتب العلمية ،بيروت.
ـ السنة ،تأليف :أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخالل ،تحقيق :د .عطية
الزهراني ،نشر دار الراية ،الرياض ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ السنة ،تأليف :أبي بكر عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني ،وبهامشه ظالل
السنة في تخريج السنة لأللباني ،نشر المكتب اإلسالمي ،بيروت ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ السنة ،تأليف :اإلمام عبد الله بن اإلمام أحمد بن حنبل الشيباني ،تحقيق :محمد بن سعيد
بن سالم القحطاني ،نشر دار عالم الكتب ،الرياض ،ط :الرابعة ( )4141هـ.
ـ السنن الكبرى ،ألبي أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ،ط :دار الفكر بيروت.
ـ السنن الكبرى ،تأليف :أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ،تحقيق :حسن عبد
المنعم شلبي ،نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ. .
ـ السيرة النبوية ،تأليف :ابن هشام ،تحقيق :مصطفى السقا ،وإبراهيم األبياري ،وعبد الحفيظ
شلبي ،نشر دار إحياء التراث العربي ،ط :الثانية ( )4140هـ.
ـ السيل الجرار ،تأليف :محمد بن علي بن محمد الشوكاني ،تحقيق :محمود إبراهيم زايد،
نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ،تأليف :شهاب الدين أبي الفالح عبد الحي بن أحمد
بن محمد العكري الحنبلي ،المعروف بابن العماد الحنبلي ،تحقيق عبد القادر األرنؤوط ،نشر
دار ابن كثير دمشق.
ـ شرح ثالثة األصول (مفرغ من الكاسيت) ،لشارحه الدكتور محمد أمان الجامي ،عناية
وتصحيح محمود إبراهيم الطرابلسي ،نشر مكتبة دار النصيحة ،المدينة المنورة ،الطبعة األولى
()4141هـ.
ـ الشريعة ،تأليف :اإلمام المحدث أبي بكر محمد بن الحسين اآلجري ،تحقيق :د .عبد الله
بن عمر بن سليمان الدميجي ،نشر دار الوطن ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
4711 الفهارس العامة للرسالة
ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى ،تأليف :القاضي أبي الفضل عياض اليحصبي ،نشر دار
الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،عام ( )4177هـ.
ـ الشمائل المحمدية ،تأليف :محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ،تحقيق :سيد عباس
الجليمي ،نشر مؤسسة الكتب ،بيروت ،ط :األولى (.)4144
ـ الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما ،تأليف :عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين،
نشر دار الوسيلة ،جدة ،ط :الرابعة.
ـ الصارم المسلول عاى شاتم الرسول ،تأليف :أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد
السالم ابن تيمية ،تحقيق :محمد بن عبد الله بن عمر الحلواني ،ومحمد كبير شودري ،نشر
دار رمادي للنشر ،الدمام ،ط :األولى ( )4140هـ.
ـ الصحاح ،تأليف :إسماعيل بن حماد الجوهري ،تحقيق :أحمد عبد الغفور عطار ،نشر دار
العلم للماليين ،بيروت ،ط :الثانية ( )4177هـ.
ـ الصفدية ،تأليف :أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ،تحقيق :د .محمد رشاد سالم،
سنة النشر ( )4171هـ.
ـ الصمت وآداب اللسان ،تأليف :أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن أبي
الدنيا ،دراسة وتحقيق :محمد عبد القادر أحمد عطا ،نشر مؤسسة الكتب الثقافية ،بيروت
ـ لبنان ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ،تأليف :شمس الدين أبي عبد الله محمد بن
أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي المشهور بابن قيم الجوزية ،تحقيق :د .علي بن محمد
الدخيل الله ،نشر :دار العاصمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ الضعفاء الكبير ،تأليف :الحافظ أبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي،
تحقيق :عبد المعطي أمين قلعجي ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى.
ـ الضوء الالمع بمحاسن أهل القرن التاسع ،تأليف :شمس الدين محمد بن عبد الرحمن
السخاوي ،نشر دار الجيل ،بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ الضوء الالمع ألهل القرن التاسع ،تأليف :شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي،
نشر دار الجيل ،بيروت.
4710 الفهارس العامة للرسالة
ـ الضياء الشارق في رد شبهات المازق المارق ،تأليف :سليمان بن سحمان ،نشر مطبعة
المنار ،مصر ،ط :األولى ( )4111هـ.
ـ الضياء الالمع شرح جمع الجوامع في أصول الفقه ،للشيخ حلولو :أحمد بن عبد
الرحمن بن موسى ،نشر مكتبة الرشد ،الرياض ،ط :الثانية ( )4147هـ.
ـ الطبقات الكبرى ،تأليف :محمد بن سعد بن منيع الزهري ،نشر دار صادر ،بيروت.
ـ الطبقات الكبرى المسماة بلواقح األنوار في طبقات األخيار ،تأليف :عبد الوهاب بن
أحمد بن علي األنصاري المعروف بالشعراني ،تحقيق :سليمان الصالح ،نشر دار المعرفة،
بيروت ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ،تأليف :أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي
الدمشقي ،الشهير بابن قيم الجوزية ،تحقيق :محمد حامد الفقي ،نشر دار الوطن ،الرياض.
ـ العبودية ،تأليف :شيخ اإلسالم تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ،تحقيق :علي
حسن عبد الحميد ،نشر مكتبة دار األصالة ،اإلسماعيلية ،جمهورية مصر العربية ،ط:
الثانية ( )4141هـ.
ـ العقد الثمين في تاريخ البلد األمين ،تأليف :العالمة تقي الدين محمد بن أحمد الحسيني
الفاسي المكي ،تحقيق :فؤاد سيد ،نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ العلو للعلي الغفار ،تأليف :الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي،
تحقيق :أبو محمد أشرف بن عبد المقصود ،نشر أضواء السلف ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الفائق ،تأليف :محمد بن عمر الزمخشري ،تحقيق :علي محمد بجاوي ،نشر دار المعرفة
لبنان ،ط :الثانية.
ـ الفتاوى الكبرى ،تأليف :أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن تيمية الحراني ،تحقيق:
حسين محمد مخلوف ،نشر دار المعرفة عام ( )4111هـ.
ـ الفتوحات المكية ،تأليف :محيي الدين ابن عربي الطائي ،تحقيق :د .عثمان يحيى ،ود.
إبراهيم مدكور ،نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة )4174( ،هـ.
ـ الفردوس بمأثور الخطاب ،تأليف :أبي شجاع شيرون بن شهردار بن شيرون الدليمي ،نشر
دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
4711 الفهارس العامة للرسالة
ـ الفرق بين الفرق ،تأليف :عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي ،تحقيق :محمد محيي
الدين عبد الحميد ،نشر دار المعرفة ،بيروت ،لبنان.
ـ الفروع ،تأليف :شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مفلح المقدسي ،نشر عالم الكتب،
بيروت ،ط :الثالثة ( )4174هـ.
ـ الفروق ،تأليف :شهاب الدين الصنهاجي القرافي ،نشر دار المعرفة ،بيروت ،لبنان.
ـ الفصل في الملل واألهواء والنحل ،تأليف :أبي محمد علي بن أحمد المعروف بابن
حزم ،تحقيق :عبد الرحمن عميرة ،نشر دار الجيل ،بيروت ،لبنان ،ط :عام ( )4171هـ.
ـ الفطرة حقيقتها ومذاهب الناس فيها ،تأليف :علي بن عبد الله بن علي القرني ،نشر دار
المسلم ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الفهرست ،تأليف :محمد بن إسحاق النديم ،نشر دار المعرفة ،بيروت ـ لبنان ،سنة النشر
( )4171هـ.
ـ الفوائد ،تأليف :اإلمام شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيم الجززية ،تحقيق :محمد
عثمان الخشت ،نشر دار الكتاب العربي ،بيروت ـ لبنان ،ط :الثامنة ( )4144هـ.
ـ القاضي أبو يعلى وكتابه مسائل اإليمان ،دراسة وتحقيق :د .سعود بن عبد العزيز
الخلف ،نشر دار العاصمة ،الرياض،ة ط :األولى ( )4147هـ.
ـ القاموس المحيط ،تأليف :مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ،نشر دار إحياء
التراث العربي ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ القانون في الطب ،تأليف :أبو علي الحسين بن علي بن سينا ،الملقب بالشيخ الرئيس ،نشر
دار صادر ،بيروت.
ـ القواعد والفوائد األصولية ،تأليف :ابن اللحام ،تحقيق :محمد حامد الفقي ،نشر دار الكتب
العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد ،تأليف :عبد الرزاق بن عبد المحسن
العباد البدر ،نشر دار ابن عفان ،ط :األولى ( )4140هـ.
ـ القول الفصل النفيس في الرد على المفتري داود بن جرجيس ،تأليف :العالمة عبد
الرحمن بن حسن آل الشيخ ،نشر دار الهداية للطبع والترجمة )4171( ،هـ.
4717 الفهارس العامة للرسالة
ـ القول المفيد على كتاب التوحيد شرح لكتاب التوحيد ،لفضيلة الشيخ محمد بن صالح
العثيمين ،نشر دار ابن الجوزي ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ الكامل في ضعفاء الرجال ،تأليف :أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ،نشر دار الفكر،
بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ الكشاف عن غوامض التنـزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل ،تأليف :جار الله أبي
القاسم محمود بن عمر الزمخشري ،تعليق وتحقيق :الشيخ عادل أحمد عبد المجواد،
والشيخ علي محمد معوض ،نشر مكتبة العبيكان ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الكشف والبيان ،المعروف بتفسير الثعلبي ،تأليف :أبي إسحاق أحمد المعروف بالثعلبي،
دراسة وتحقيق أبي محمد بن عاشور ،نشر دار إحياء التراث العربي ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى
( )4144هـ.
ـ الكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل وحكم من يكفر غيره من المسلمين ،تأليف :الشيخ
عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين ،نشر مكتبة السالم العالمية ،القاهرة.
ـ اللمع :تأليف :عبد الله بن علي الطوسي السراج ،تأليف :عبد الحليم محمود وطه سرور،
نشر دار الكتب الحديثة ،مصر )4117( ،هـ.
ـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،تأليف :القاضي أبي محمد عبد الحق بت غالب
بن عطية األندلسي ،تحقيق :المجلس العلمي بمكناس ،نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية
بدولة المغرب ( )4171هـ.
ـ المحصول في علم األصول ،تأليف :فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي،
دراسة وتحقيق طه جابر فياض العلواني ،نشر جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية،
ط :األولى ( )4177هـ.
ـ المحلى ،تأليف :أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ،نشر دار الفكر ،بيروت ـ لبنان.
ـ المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين ،تأليف :أبي يعلى محمد بن الحسين بن
محمد بن خلف بن أحمد الفراء ،تحقيق :عبد الكريم بن محمد الالحم ،نشر مكتبة
المعارف ،الرياض ،ط :األولى ( )4171هـ.
4777 الفهارس العامة للرسالة
ـ المغني ،تأليف :موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي
الجماعيلي ،تحقيق :د .عبد المحسن التركي ،وعبد الفتاح محمد الحلو ،نشر دار عالم
الكتب ،الرياض ،ط :الرابعة ( )4147هـ.
ـ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ،تأليف :الحافظ أبي العباس أحمد بن عمر بن
إبراهيم القرطبي ،تحقيق :محيي الدين مستو ،ويوسف بدوي ،وآخريْن ،نشر دار ابن كثير،
دمشق ،ط :األولى ( )4140هـ.
ـ المقاصد الحسنة :تأليف :محمد بن عبد الرحمن السخاوي ،نشر دار الكتب العلمية،
بيروت ،ط :األولى ( )4170هـ.
ـ مقدمة تاريخ ابن خلدون ،تأليف :عبد الرحمن بن خلدون ،نشر دار إحياء التراث العربي،
بيروت.
ـ المقصد األرشد ،تأليف :برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح،
تحقيق :د .عبد الله بن سليمان العثيمين ،نشر مكتبة الرشد ،الرياض ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ الملل والنحل ،تأليف :أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ،تصحيح وتعليق :أحمد
فهمي محمد ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :الثالثة ( )4141هـ.
ـ المنتقى في األحكام الشرعية من كالم خير البرية ،تأليف :مجد الدين أبي البركات
عبد السالم بن تيمية الحراني ،تحقيق وتعليق :طارق عوض الله بن محمد ،نشر دار ابن
الجوزي ،الدمام ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ المنهاج في شعب اإليمان ،تأليف :أبي عبد الله الحسن بن الحسن الحليمي ،تحقيق:
حلمي محمد فودة ،نشر دار الفكر ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ المهذب في فقه اإلمام الشافعي ،تأليف :أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي ،تحقيق
وتعليق :د .محمد الزحيلي ،نشر دار القلم ،دمشق ،ط :األولى ( )4140هـ.
ـ الموافقات في أصول الشريعة ،تأليف :إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي ،تحقيق :عبد
المنعم إبراهيم ،نشر مكتبة مصطفى الباز ،مكة المكرمة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ المواقف ،تأليف :عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد اإليجي ،تحقيق :عبد الرحمن عميرة،
نشر دار الجيل ،بيروت ،ط :األولى ( )4140هـ.
4774 الفهارس العامة للرسالة
ـ الموسوعة الفقهية ،التابعة لوزارة األوقاف الكويتية ،نشر مكتبة دار الصفوة ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ الموضوعات ،تأليف :أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد المعروف بابن الجوزي،
تحقيق :د .نور الدين بن شكري بويا جيالر ،نشر مكتبة أضواء السلف ،الرياض ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ الموطأ ،تأليف :مالك بن أنس ،تصحيح وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ،نشر دار إحياء
التراث العربي ،بيروت ،عام ( )4171هـ.
ـ النبوات ،تأليف :أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ،تحقيق :محمد عبد
الرحمن عوض ،نشر دار الكتاب العربي ،بيروت ،ط :الثانية ( )4144هـ.
ـ النفحات األقدسية شرح الصلوات األحمدية اإلدريسية ـ لمحمد بهاء الدين البيطار ت
( )4141هـ ـ طبع شركة الرغائب بمصر.
ـ النهاية في غريب الحديث واألثر ،تأليف :مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد
الجزري ،تحقيق :طاهر أحمد الزاوي ،ومحمد محمد الطناحي ،نشر المكتبة اإلسالمية
لصاحبها الحاج رياض الشيخ.
ـ الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية ،جمع وترتيب الشيخ سليمان بن سحمان النجدي،
تعليق وإيضاح محمد رشيد رضا ،نشر مطابع دار الثقافة ،مكة المكرمة عام ( )4171هـ.
ـ الهواتف ،تأليف :أبي بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي الدنيا ،تحقيق :مصطفى
عبد القادر عطا ،نشر مؤسسة الكتب الثقافية ،بيروت ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ الواضح في أصول الفقه ،تأليف :أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل ،تحقيق:
د .عبد الله بن عبد المحسن التركي ،نشر مؤسسة الرسالة ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ الوسيط في تفسير القرآن المجيد ،تأليف :أبي الحسين علي بن أحمد الواحدي
النيسابوري ،تحقيق :عادل أحمد عبد الموجود ،والشيخ علي محمد معوض وآخريْن ،نشر دار
الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ إنباء الغمر بأنباء العمر تأليف :شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقالني
نشر مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية حيدر آباد الدكن الهند .ط :األولى ( )4111هـ.
4771 الفهارس العامة للرسالة
ـ إيثار الحق على الخلق في رد الخالفيات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد ،تأليف:
أبي عبد الله محمد بن المرتضى اليماني ،المشهور بابن الوزير ،نشر دار الكتب العلمية،
بيروت ،ط :الثانية ( )4170هـ.
ـ إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ،تأليف:
إسماعيل باشا بن محمد أمين ،نشر دار العلوم الحديثة ،بيروت ـ لبنان.
ـ باعث النهضة اإلسالمية (ابن تيمية السلفي نقده لمسالك المتكلمين والفالسفة في
اإللهيات) ،تأليف :محمد خليل هراس ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ بدائع الصنائع وترتيب الشرائع ،تأليف :عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني ،تحقيق
وتعليق :الشيخ علي محمد معوض ،والشيخ عادل أحمد عبد الموجود ،نشر دار الكتب
العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ بدائع الفوائد ،تأليف :أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية ،تحقيق:
علي بن محمد العمران ،نشر دار عالم الفوائد مكة المكرمة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،تأليف :القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن
أحمد بن رشد القرطبي ،تحقيق :الشيخ علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود ،نشر
دار الكتب العلمية ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4141هت.
ـ بستان العارفين ،تأليف :اإلمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي ،نشر دار
البشائر اإلسالمية ،تحقيق :محمد الحجاز ،بيروت ،لبنان ،ط :السادسة ( )4140هـ.
ـ بغية المرتاد ،تأليف :أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ،تحقيق :د .موسى
بن سليمان الدويش ،نشر مكتبة العلوم والحكم ،المدينة المنورة ،ط :الثالثة ( )4144هـ.
ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ،تأليف :الحافظ جالل الدين عبد الرحمن
السيوطي ،تحقيق :محمد أبو الفضل إبراهيم ،نشر مطبعة عيسى بابا الحلبي وشركاه ،عام
( )4111هـ.
ـ بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية ،تأليف :أبي العباس أحمد بن عبد الحليم
ابن تيمية الحراني ،نشر مطبعة الحكومة ،مكة المكرمة ،عام ( )4174هـ .على نفقة الملك
فيصل بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ.
4771 الفهارس العامة للرسالة
ـ تاج العروس من جوهر القاموس ،تأليف :السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي ،تحقيق:
الترزي ،نشر دار إحياء التراث اإلسالمي ،بيروت ( )4111هـ.إبراهيم َ
ـ تاريخ بغداد ،تأليف :الحافظ أبي بكر أحمد بن علي البغدادي ،نشر دار الكتب العلمية،
بيروت.
ـ تاريخ دمشق ،تأليف :الحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله بن عبد الله المعروف
الع ْمري ،نشر دار الفكر ،بيروت ـ
بابن عساكر ،دراسة وتحقيق :محيي الدين أبي سعيد عمر غرامة َ
لبنان ،ط .عام ( )4141هـ.
ـ تاريخ مدينة دمشق ،تأليف :أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن
عساكر ،دراسة وتحقيق :محب الدين أبي سعيد بن غرامة العمري ،دار الفكر ،بيروت ـ
لبنان ط )4141( :هـ.
ـ تجريد التوحيد المفيد ،تأليف :أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي ،تحقيق وتعليق :د.
محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الشظيفي ،نشر دار البخاري ،المدينة النبوية ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ تحفة األحوذي شرح جامع الترمذي ،تأليف :أبي العالء محمد بن عبد الرحمن
المباركفوري ،نشر دار الكتب العلمية ،لبنان ،ط :األولى ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ تحفة اإلخوان لما جاء في المواالة والمعاداة والحب والبغض والهجران ،تأليف:
حمود بن عبد الله التويجري ،نشر مؤسسة النور للطباعة والتجليد ،الرياض.
ـ تحفة الطالب والجليس في كشف شبهة داوود بن جرجيس ،تأليف :عبد اللطيف بن عبد
الرحمن بن حسن آل الشيخ ،تحقيق :عبد السالم بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم ،نشر دار
العاصمة ،الرياض ،ط :الثانية ( )4147هـ.
ـ تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد ،تأليف :عبد الهادي بن محمد بن عبد الهادي
العجلي ،تحقيق :حسين بن علي بن حسين العواجي ،نشر مكتبة أضواء السلف ،الرياض،
ط :األولى ( )4147هـ.
ـ ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان ،تأليف :محمد بن إبراهيم الوزير اليمني
الصنعاني ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
4771 الفهارس العامة للرسالة
ـ تطهير االعتقاد عن أدران اإللحاد تأليف :محمد بن إسماعيل بن األمير الصنعاني ،تقديم
وتعليق علي بن محمد بن سنان آل سنان ،تحقيق :د .ناصر بن عايض بن حسن الشيخ ،نشر
مطابع وحيد ،مكة المكرم ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ تعظيم قدر الصالة ،تأليف :اإلمام محمد بن نصر المروزي ،تحقيق :د .عبد الرحمن بن عبد
الجبار الفريوائي ،نشر مكتبة الدار ،المدينة المنورة ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ تغليق التعليق على صحيح البخاري ،تأليف :أحمد بن علي بن حجر العسقالني ،تحقيق:
سعيد عبد الرحمن موسى القزقي ،نشر المكتب اإلسالمي ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى
( )4171هـ.
ـ تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ،تأليف :أبي
السعود محمد بن محمد العمادي ،نشر دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
ـ تفسير أسماء الله الحسنى ،تأليف :أبي إسحاق بن السري الزجاج ،تحقيق :أحمد يوسف
الدقاق ،دار المأمون للتراث ،دمشق ط :الخامسة ( )4171هـ.
ـ تفسير اإلمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني ،تحقيق :د .مصطفى مسلم محمد ،نشر
مكتبة الرشد ،الرياض ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ تفسير الثعالبي ،تأليف :أبي إسحاق أحمد المعروف باإلمام الثعالبي ،تحقيق :محمد بن
عاشور ،نشر دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني التأويل ،تأليف :عالء الدين علي بن
محمد بن إبراهيم البغدادي ،نشر المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى
محمد.
ـ تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم ،تأليف :أبي الليث نصر بن محمد بن أحمد بن
إبراهيم السمرقندي ،تحقيق :علي محمد معوض ،والشيخ عادل أحمد عبد الموجود ،وآخر،
نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ تفسير الفخر الرازي المشهور بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب ،تأليف :للفخر الرازي
المشهور بخطيب الري ،نشر دار الفكر ،نشر ط :األولى ( )4174هـ.
ـ تفسير القرآن العظيم ،تأليف :أبي الفداء إسماعيل ابن كثير الدمشقي ،نشر دار الحديث،
القاهرة ،ط :األولى ( )4171هـ.
4771 الفهارس العامة للرسالة
ـ تفسير القرآن العظيم ،تأليف :اإلمام الحافظ عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ابن أبي حاتم
الرازي ،تحقيق :أسامة محمد الطيب ،نشر مكتبة نزار مصطفى الباز ،مكة المكرمة ،ط :األولى
( )4140هـ.
ـ تفسير القرآن الكريم ،تأليف :أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني،
تحقيق :أبي تميم ياسر بن إبراهيم ،نشر دار الوطن ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني ،تحقيق :عبد المعطي قلعجي ،نشر دار المعرفة،
بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ تفسير مجاهد ،تأليف :أبو الحجاج مجاهد بن جبر المخزومي ،تحقيق :عبد الرحمن
الطاهر بن محمد السورتي ،نشر مجمع البحوث اإلسالمية ،باكستان ـ إسالم أباد.
ـ تقديس األشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل ،تأليف :محمد أحمد لوح ،نشر دار
الهجرة ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ تقريب التهذيب ،تأليف :الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني ،تحقيق :أبو األشبال
صغير أحمد شاغف الباكستاني ،نشر :دار العاصمة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل ،تأليف :محمد بن الطيب الباقالني ،تحقيق :عماد الدين
أمد حيدر ،نشر مؤسسة الرسالة ،لبنان ،ط :األولى ( )4170هـ.
ـ تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث :تأليف :عبد الرحمن
بن علي المعروف بابن الديبع ،نشر دار الكتاب العربي ،بيروت.
ـ تهذيب التهذيب ،تأليف :الحافظ أبي الفضل أحمد بن حجر العسقالني ،تحقيق :مصطفى
عبد القادر عطا ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال ،تأليف :جمال الدين أبي الحجاج المزي ،تحقيق :د.
بشار عواد معروف ،نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ تهذيب اللغة ،تأليف :أبي منصور محمد بن أحمد األزهري ،تحقيق :األستاذ محمد أبو
الفضل إبراهيم ،نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة ،القاهرة.
ـ تيسير اإلله بشرح أدلة شروط ال إله إال الله ،تأليف :الشيخ عبيد بن عبد الله بن
سليمان الجابري ،نشر مكتبة الغرباء األثرية ،المدينة النبوية ،ط :األولى ( )4141هـ.
4770 الفهارس العامة للرسالة
ـ تيسير العزيز الحميد ،تأليف :الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ،نشر
وتوزيع رئاسة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد ،المملكة العربية السعودية ،الرياض.
ـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان ،تأليف :عبد الرحمن بن ناصر السعدي،
اللويحق ،نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ّ تحقيق :عبد الرحمن بن معال
( )4141هـ.
ـ تيسير اللطيف المنان في خالصة القرآن ،تأليف :عبد الرحمن بن ناصر السعدي ،ط:
الثانية ( )4177هـ.
ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن ،تأليف :أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ،تحقيق:
د .عبد الله بن عبد المحسن التركي ،نشر دار هجر للنشر ،مصر ـ الجيزة ط :األولى
( )4144هـ.
ـ جالء األفهام في فضل الصالة على محمد خير األنام ،تأليف :شمس الدين أبي عبد الله
محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي المشهور بابن قيم الجوزية ،تحقيق :شعيب
األرناؤوط ،وعبد القادر األرناؤوط ،نشر دار العروبة ،الكويت ،ط :األولى ( )4170هـ.
ـ جمهرة األولياء وأعالم التصوف ،تأليف :السيد محمود أبو الفيض المنوفي ،نشر مؤسسة
الحلبي وشركاه ،مصر )4110( ،هـ.
ـ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ،تأليف :شمس الدين محمد عرفة الدسوقي ،نشر دار
إحياء التراث العربي لعيسى بابا الحلبي وشركاه.
ـ حاشية ثالثة األصول ،تأليف :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي النجدي ،ط:
السابعة ( )4140هـ.
ـ حاشية كتاب التوحيد ،تأليف :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي ،ط:
الرابعة ( )4141هـ.
ـ حسن الظن بالله ،تأليف :أبي بكر بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي المعروف بابن أبي
الدنيا ،تحقيق :عبد الحميد شانوحة ،نشر مؤسسة الكتب الثقافية ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة ،تأليف :جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر
السيوطي ،تحقيق :محمد أبو الفضل إبراهيم ،نشر دار إحياء الكتب العربية ،القاهرة ،ط:
األولى ( )4144هـ.
4771 الفهارس العامة للرسالة
ـ حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين ،تأليف :عبد الرحيم بن صمايل السلمي ،نشر
دار المعلمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ حكم تارك الصالة ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر دار الجاللين ،الرياض ،ط:
األولى ( )4144هـ.
ـ حلية األولياء وطبقات األصفياء ،تأليف :أبي نعيم أحمد بن عبد الله األصبهاني ،نشر
مطبعة السعادة ،القاهرة ،عام ( )4177هـ.
ـ خزانة األدب ،تأليف :عبد القادر بن عمر البغدادي ،تحقيق :عبد السالم هارون ،مكتبة
الخانجي ،القاهرة ،ط :الثالثة ( )4177هـ.
ـ خالصة األثر في أعيان القرن الحادي عشر ،للمحبي ،نشر دار الكتاب اإلسالمي ،القاهرة.
ـ دحض شبهات من سوء الفهم لثالثة أحاديث ،تأليف :عبد الله بن عبد الرحمن البابطين
النجدي الحنبلي ،تحقيق :عبد السالم بن برجس بن ناصر العبد الكريم ،،ط :األولى
( )4171هـ.
ـ درء التعارض ،تأليف :أبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ،تحقيق :د .محمد رشاد
سالم ،نشر جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ،الرياض ،ط :األولى ( )4174هـ.
ـ درء تعارض العقل والنقل ،تأليف :أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية،
تحقيق :د .محمد رشاد سالم ،ط :األولى ( )4174هـ.
ـ دالئل التوحيد ،تأليف :الشيخ محمد جمال الدين القاسمي ،نشر دار الكتب العلمية،
بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ دالئل الرسوخ في الرد على المنفوح ،تأليف :عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل
الشيخ ،نشر الرئاسة العامة لهيئة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،اإلدارة العامة للطباعة
والتوجيه عام ( )4174هـ.
ـ دالئل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة ،تأليف :أبو بكر أحمد بن الحسين
البيهقي ،تحقيق :عبد المعطي قلعجي ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى
( )4171هـ.
ـ ديوان ابن الفارض ،تأليف :أبي حفص عمر الشهير بابن فارض ،نشر دار العلم العربي ،ط:
األولى ( )4711م.
4777 الفهارس العامة للرسالة
ـ ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري المسمى «التبيان في شرح الديوان»،
نشر دار المعرفة ،بيروت )4170( ،هـ.
ـ ديوان الحالج :تأليف :الحسين بن منصور الحالج ،نشر مكتبة الكليات األزهرية،
القاهرة.
ـ ديوان حاتم الطائي ،نشر دار الكتب العلمية ،ط :الثالثة ( )4141هـ.
ـ ديوان رؤبة بن العجاج ضمن مجموعة أشعار العرب ،نشر مكتبة ابن قتيبة ،الكويت.
ـ ديوان زهير بن أبي سلمة ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :الثالثة ( )4141هـ.
ـ ديوان شعر حاتم الطائي وأخباره ،دراسة وتحقيق د .عادل سليمان جمال ،نشر مطبعة
المدني ،مصر ،القاهرة.
ـ ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان شعر عالمة الزمان الشهير بابن سحمان،
تحقيق وتعليق :عبد الرحمن بن سليمان الرويشد ،من منشورات مؤسسة الدعوة اإلسالمية.
ـ ذيل التقييد ،تأليف :محمد بن أحمد الفاسي المكي ،تحقيق :كمال يوسف الحوت ،نشر
دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير األبصار ،تأليف :محمد أمين الشهير بابن
عابدين ،تحقيق :عادل أحمد عبد الموجود ،والشيخ علي محمد معوض ،نشر دار الكتب
العلمية ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ رسائل ابن سبعين ،تأليف :أبي محمد عبد الحق بن سبعين المرسي ،تحقيق :د .عبد
الرحمن بدوي ،نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة.
ـ رسائل التوحيد والهيللة ،تأليف :أبي محمد عبد الله بن محمد الهبطي ،تحقيق :د .خالد
َزْه ِري ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ رسالة الشرك ومظاهره ،تأليف :مبارك بن محمد الميلي ،تحقيق :أبي عبد الرحمن محمود،
نشر دار الراية ،الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ رسالة إلى أهل الثغر ،تأليف :علي بن إسماعيل أبو الحسن األشعري ،تحقيق :عبد الله
شاكر الجنيدي ،نشر مكتبة العلوم والحكم ،المدينة المنورة ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ رسالة تحكيم القوانين الوضعية ،تأليف :الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل
الشيخ ،ط :الثالثة (دون بيانات طبع).
4477 الفهارس العامة للرسالة
ـ رسالة في التوبة ضمن جامع الرسائل لشيخ اإلسالم ابن تيمية ،تحقيق :د .محمد رشاد
سالم ،الطبعة المصرية.
ـ رسالة في تحقيق مسألة علم الله ،تأليف :أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ،نشر اإلدارة
العامة للطبع ( )4147هـ.
ـ رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله ،تأليف :عبد الرحمن بن يحيى اليماني ،تحقيق :الداني
بن منير آل زهوي ،نشر :المكتبة العصرية ،بيروت ـ صيدا .ط :األولى ( )4141هـ.
ـ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ،تأليف :أبي الفضل شهاب الدين
السيد محمود األلوسي البغدادي ،وضبط وتصحيح :علي عبد الباري عطية ،نشر دار الكتب
العلمية ،بيروت ط :األولى ( )4141هـ.
ـ روضة الطالبين وعمدة المفتين ،تأليف :محيي الدين يحيى بن زكريا النووي ،نشر المكتب
اإلسالمي ،بيروت ،ط :الثالثة ( )4144هـ.
ـ روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه ،تأليف :موفق الدين عبد الله بن أحمد بن
قدامة المقدسي ،تحقيق :د .عبد الكريم بن علي بن محمد النملة ،نشر مكتبة الرشد،
الرياض ،ط :األولى ،عام ( )4141هـ.
ـ زاد المسير في علم التفسير ،تأليف :أبي الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد
الجوزي ،نشر المكتب اإلسالمي ،ط :الرابعة ( )4170هـ.
ـ زاد المعاد في هدي خير العباد ،تأليف :شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر
الزرعي المعروف بابن القيم الجوزية ،تحقيق :شعيب األرنؤوط وعبد القادر األرنؤوط ،نشر
مؤسسة الرسالة ،بيروت ،لبنان ،ط :الثالثة ( )4141هـ.
ـ زيادة اإليمان ونقصانه وحكم االستثناء فيه ،تأليف :د .عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد،
نشر مكتبة كنوز إشبيليا ،الرياض ،ط :الثانية ( )4140هـ.
ـ سبيل الهدى والرشاد في بيان حقيقة توحيد رب العباد ،تأليف :د .محمد بن عبد الرحمن
الخميس ،مكتبة الصحابة ،اإلمارات ـ الشارقة.
ـ سعة رحمة رب العالمين للجهال المخالفين للشريعة من المسلمين وبيان عموم العذر
في الدارين ألصول وفروع الدين ،تأليف :سيد بن سعد الدين الغباشي ،نشر دار المسلم،
الرياض ،الطبعة األولى :األولى ( )4141هـ.
4474 الفهارس العامة للرسالة
ـ سلسلة األحاديث الصحيحة ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر مكتبة المعارف،
الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ( .األجزاء من 4إلى .)1
ـ سلسلة األحاديث الصحيحة ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر مكتبة المعارف،
الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ( .األجزاء األخيرة).
ـ سنن ابن ماجة ،تأليف :محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني ،تحقيق :محمد فؤاد عبد
الباقي ،نشر دار الفكر ،بيروت ،لبنان.
ـ سنن أبي داود ،تأليف :سليمان بن االشعث السجستاني األزدي ،تحقيق :محمد محيي
الدين عبد الحميد ،نشر المكتبة العصرية ،صيدا.
ـ سنن الترمذي ،تأليف :أبي عيسى محمد بن عيسى بن َس ْورة ،تحقيق :أحمد محمد الشاكر،
نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ سنن الدار قطني ،تأليف :الحافظ علي بن عمر الدار قطني ،تحقيق :عبد الله هاشم يماني،
نشر دار المعرفة ،بيروت ،عام ( )4111هـ.
ـ سنن الدارمي ،تأليف :أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي،
تحقيق :حسين سليم أسد الداراني ،نشر دار المغني ،الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ سنن النسائي مع شرح الحافظ جالل الدين السيوطي ،تحقيق وترقيم مكتب التراث
اإلسالمي ،نشر دار المعرفة ،بيروت ،ط :الثالثة ( )4141هـ.
ـ سير أعالم النبالء ،تأليف :شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ،تحقيق :د .بشار
عواد معروف ،ود .محيي هالل السرحان ،نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى
( )4171هـ.
ـ شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ،تأليف :محمد بن محمد مخلوف ،نشر دار
الكتاب العربي ،بيروت ،ط :األولى ( )4117هـ.
ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ،تأليف :ابن العماد عبد الحي بن أحمد بن محمد
العكري الحنبلي ،تحقيق :محمود األرناؤوط ،نشر دار ابن كثير ،دمشق ـ بيروت ،ط: َ
األولى ( )4144هـ.
ـ شرح أسماء الله الحسنى ،تأليف :فخر الدين محمد بن عمر الخطيب الرازي ،نشر دار
الكتاب العربي ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
4474 الفهارس العامة للرسالة
ـ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ،تأليف :أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور
الاللكائي ،تحقيق :د .أحمد سعد حمدان ،نشر دار طيبة ،الرياض.
ـ شرح األصول الخمسة ،تأليف :القاضي عبد الجبار بن أحمد ،تحقيق :د .عبد الكريم
عثمان ،نشر مكتبة وهبةمصالدر الثمين ـ للعالمة الشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي ـ طبع دار
الفكر بيروت لبنان عام ( )4141هـ .ط :األولى (.)4111
ـ شرح التصريح على التوضيح أو التصريح لعموم التوضيح في النحو بشرح الشيخ خالد بن
عبد الله األزهري المتوفي سنة 771على أصح المسالك إلى ألفية بن مالك ،تحقيق :محمد
باسل عيون السود ،نشر دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان ط :األولى ( )4144هـ.
ـ شرح حلية طالب العلم ،تأليف :محمد الصالح العثيمين ،نشر مكتبة األنصار ،مصر ،ط:
األولى ) )4141هـ.
ـ شرح الزرقاني على الموطأ ،تأليف :محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني ،نشر دار
الكتب العلميةـ بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ شرح السنة ،تأليف :اإلمام المحدث المفسر محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود
الفراء البغوي ،تحقيق :شعيب األرناؤوط ،نشر المكتب اإلسالمي ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ شرح السنن ،تأليف :محي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي ،تحقيق
شعيب األرناؤوط ،نشر المكتب اإلسالمي )4171( ،هـ ،دمشق.
ـ شرح ألفاظ السلف ونقض ألفاظ الخلف في حقيقة اإليمان ،تأليف :أحمد بن صالح
الزهراني ،نشر دار اإلمام مالك ،أبو ظبي ،اإلمارات ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ شرح الشيخ ابن باز على األصول الثالثة ،نشر دار الفتح ،المدينة المنورة ،ط :األولى
( )4170هـ.
ـ شرح العقيدة األصفهانية ،تأليف :شيخ اإلسالم ابن تيمية ،تحقيق :إبراهيم سعيداي ،نشر
مكتبة الرشد ،ط :األولى (.)4141
ـ شرح العقيدة الطحاوية ،تأليف :ابن أبي العز الحنفي ،تحقيق أحمد محمد شاكر ،طبع وزارة
الشئون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد ،المملكة العربية السعودية ،عام ( )4141هـ.
ـ شرح العقيدة النونية المسماة الكافية الشافية في االنتصار للفرقة الناجية ،تأليف :د.
محمد خليل هراس ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ط :األولى ( )4171هـ.
4471 الفهارس العامة للرسالة
ـ شرح العقيدة الواسطية ،تأليف :أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن تيمية ،شرح وتعليق
محمد خليل هراس ،ضبط وتخريج علوي بن عبد القادر السقاف ،نشر دار الهجرة ،الرياض،
ط :الثالثة )4141( ،هـ.
ـ شرح الفقه األكبر المنسوب لإلمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت ،تأليف :أبي منصور
محمد بن محمد الحنفي الماتريدي ،طبع دائرة المعارف النظامية ،الهند ـ حيدرآباد عام
(.)4144
ـ شرح القصيدة النونية المسماة الكافية الشافية في االنتصار للفرقة الناجية ،شرح وتحقيق:
د .محمد خليل هراس ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ شرح الكوكب المنير ،تأليف :محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المعروف
بابن النجار ،تحقيق :د .محمد الزحيلي ،ود .نزيه حماد ،نشر مكتبة العبيكان ،الرياض ،عام
( )4141هـ.
ـ شرح المفصل ،تأليف :موقف الدين بن علي بن يعشيس ت )111( :هـ .إدارة الطباعة
المنبرية ،مصر.
ـ شرح المقاصد في علم الكالم ،تأليف :سعد الدين مسعود بن عمر بن تعبد الله
التفتازاني ،نشر دار المعارف النعمانية ،باكستان ،ط :األولى ( )4174هـ.
ـ شرح حديث جبريل في اإلسالم واإليمان واإلحسان المعروف باسم اإليمان األوسط،
تأليف :شيخ اإلسالم أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ،دراسة وتحقيق :د .علي بن بخيت
الزهراني ،نشر دار ابن الجوزي ،الدمام ،ط :األولى ( )4141هـ.
شرح ثالثة األصول ،تأليف :سماخة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ،اعتنى به وخرج
أحاديثه وكتب هوامشه علي بن صالح بن عبد الهادي المري ،وأحمد بن عبد العزيز بن عبد
الله بن باز ،نشر دار الفتح ،المدينة المنورة ،ط :األولى الرابعة ( )4141هـ.
ـ شرح رياض الصالحين من كالم سيد المرسلين ،تأليف :محمد بن صالح العثيمين ،طبع
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح الخيرية ،نشر دار الوطن ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ شرح شروط الصالة وأركانها وواجباتها ،تأليف :شيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب ـ
رحمه الله تعالى ـ ،تأليف :عبد المحسن بن حمد العباد البدر ،ط :األولى ( )4141هـ.
4471 الفهارس العامة للرسالة
ـ شرح صحيح مسلم لإلمام النووي ،تقديم :الشيخ خليل مأمون شيحا ،نشر دار المعرفة،
بيروت ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ شرح كشف الشبهات ،تأليف :محمد بن الصالح العثيمين ،نشر دار الثريا ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ شرح مختصر الروضة ،تأليف :نجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوي بن عبد
الكريم بن سعد الطوفي ،تحقيق :عبد الله بن عبد المحسن التركي ،نشر مؤسسة الرسالة،
بيروت ،لبنان ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ شرح مسائل الجاهلية لشيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب ،تأليف :فضيلة الشيخ
صالح بن فوزان الفوزان ،نشر دار العاصمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ شرح منتهى اإلرادات ،تأليف :أبي منصور يونس بن إدريس البهوتي ،نشر المكتبة
السلفية ،المدينة المنورة.
ـ شرح نواقض التوحيد ،تأليف :أبي أسامة حسن بن علي العواجي ،نشر مكتبة لينة ،دمنهور،
ط :األولى ( )4141هـ.
ـ شرح نونية ابن القيم البن عيسى المسماة توضيح المقاصد وتصحيح القواعد ،تأليف:
أحمد بن إبراهيم بن عيسى ،نشر المكتب اإلسالمي ،ط :الثالثة ( )4171هـ.
ـ شروط ال إله إال الله ،تأليف :د .عواد بن عبد الله المعتق ،نشر مكتبة الرشد ،الرياض،
ط :األولى ( )4141هـ.
ـ شعب اإليمان ،تأليف :أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،تحقيق :محمد بن بسيوني زغلول،
نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ،تأليف :شمس الدين محمد بن
أبي بكر بن قيم الجوزية ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ صحيح ابن حبان ،تأليف :محمد بن حبان بن أحمد البستي ،تحقيق :شعيب األرناؤوط،
نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ صحيح البخاري ،تصنيف :اإلمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ،نشر:
دار الفكر ،طبع عام ( )4141هـ.
4471 الفهارس العامة للرسالة
ـ صحيح الجامع الصغير وزيادته ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر المكتب
اإلسالمي ،بيروت ،ط :الثانية ( )4171هـ.
ـ صحيح الكلم الطيب ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،مكتبة المعارف ،الرياض،
ط :الثامنة ( )4170هـ.
ـ صحيح سنن ابن ماجة ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر مكتبة المعارف ،الرياض،
ط :األولى للطبعة الجديدة ( )4140هـ.
ـ صحيح سنن الترمذي للحافظ محمد بن عيسى بن سورة ،تأليف :محمد ناصر الدين
األلباني ،نشر المكتب اإلسالمي ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ صحيح مسلم ،تصنيف :أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ،ترتيب محمد
فؤاد عبد الباقي ،نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد بالمملكة العربية
السعودية ،ط .عام ( )4177هـ.
ـ صفة الجنة ،تأليف :الحافظ أبي نُعيم األصبهاني ،تحقيق :علي رضا بن علي بن رضا ،نشر
دار المأمون للتراث ،دمشق ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ صيانة اإلنسان عن وسوسة الشيخ دحالن ،تأليف :محمد بشير السهسواني الهندي ،نشر
مكتبة ابن تيمية ،القاهرة ،ط :الرابعة ( )4147هـ.
ـ صيانة صحيح مسلم من اإلخالل والغلط ،وحمايته من اإلسقاط والسقط ،تأليف :الحافظ
المحدث أبي عمرو بن الصالح ،تحقيق :د .موفق بن عبد الله بن عبد القادر ،نشر دار الغرب
اإلسالمي ،ط :الثانية ( )4171هـ.
ـ ضعيف سنن ابن ماحة ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر المكتب اإلسالمي،
بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ طبقات الحنابلة ،تأليف :القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى ،نشر دار المعرفة،
بيروت.
ـ طبقات الشافعية الكبرى ،تأليف :تاج الدين أبي النصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي
السبكي ،تحقيق :محمود محمد الطناجي ،وعبد الفتاح محمد الحلو ،نشر دار إحياء الكتب
العربية ،القاهرة.
4471 الفهارس العامة للرسالة
ـ طبقات الصوفية ،تأليف :أبي عبد الرحمن السلمي ،تحقيق :نور الدين سريبة ،نشر مكتبة
الخانجي ،القاهرة ،ط :الثالثة ( )4141هـ.
ـ طبقات المفسرين ،تأليف :أحمد بن محمد الداوودي ،تحقيق :سليمان بن صالح
الخزي ،نشر مكتبة العلوم والحكم ،المدينة المنورة ،عام ( )4140هـ.
ـ طريق الهجرتين وباب السعادتين ،تأليف :شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر
الزرعي الدمشقي ،تحقيق :عمر بن محمود أبو عمر ،نشر دار ابن القيم ،الدمام ،ط :الثانية
( )4141هـ.
ـ طواسين :تأليف :الحسين بن منصور الحالج ،نشر مكتبة الكليات األزهرية ،القاهرة.
ـ ظالل الجنة في تخريج أحاديث السنة مع كتاب السنة البن أبي عاصم ،تأليف :محمد
ناصر الدين األلباني ،نشر المكتب اإلسالمي ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي ،تأليف :ابن العربي المالكي ،ترقيم :هشام سمير
البخاري ،نشر دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى ،عام ( )4141هـ.
ـ عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ،تصنيف ابن القيم الجوزية ،تخريج وتعليق :سليم بن عيد
الهاللي ،نشر دار ابن الجوزي ،الدمام ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها أو ينقضها من الشرك األكبر واألصغر والتعطيل
والبدع وغير ذلك ،تأليف :د .صالح بن فوزان الفوزان ،نشر دار العاصمة ،الرياض ،ط:
األولى ( )4147هـ.
ـ عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية ،تأليف :د .أحمد بن عبد العزيز القصير ،نشر مكتبة
الرشد ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ علل الحديث ،تأليف :أبي محمد عبد الرحمن الرازي المعروف بابن أبي حاتم ،نشر دار
المعرفة ،بيروت ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ علماء نجد خالل ثمانية قرون ،تأليف :عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام ،نشر
دار العاصمة ،الرياض ،ط :الثانية ( )4147هـ.
ـ عمدة القارئ شرح صحيح البخاري ،تأليف :العالمة البدر العيني ،نشر دار الفكر ،بيروت،
( )4177هـ.
4470 الفهارس العامة للرسالة
ـ عمل اليوم والليلة ،تأليف :أحمد بن شعيب النسائي ،تحقيق :فاروق حمادة ،نشر مؤسسة
الرسالة ،بيروت ،ط :الثانية ( )4140هـ.
ـ عوارض األهلية عند األصوليين ،تأليف :د .حسين خلف الجبوري ،نشر جامعة أم القرى،
مكة المكرمة ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ فتاوى األئمة النجدية حول قضايا األمة المصيرية ،جمع وإعداد أبو يوسف مدحت بن
الحسن آل فراج ،نشر دار ابن خزيمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ فتاوى السبكي ،تأليف :أبي الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي ،نشر دار
المعرفة ،بيروت ،لبنان.
ـ فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية الحراني ،جمع وترتيب :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم
النجدي ،نشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
ـ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ،جمع وترتيب :أحمد بن عبد الرزاق
الدويش ،طبع ونشر الرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية ،الرياض ،المملكة العربية السعودية،
( )4144هـ.
ـ فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي ،إعداد :وليد بن إدريس بن منسي،
والسعيد صابر عبده ،نشر دار الفضيلة ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،تأليف :الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني،
نشر دار المعرفة ،بيروت ،لبنان.
ـ فتح الباري في شرح صحيح البخاري ،تأليف :زين الدين أبي الفؤج عبد الرحمن بن شهاب
الدين البغدادي ،تحقيق :أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد ،نشر دار ابن الجوزي،
الدمام ،ط :األولى ( )4140هـ.
ـ فتح الحميد في شرح كتاب التوحيد ،تأليف :الشيخ عثمان بن عبد العزيز بن منصور
التميمي ،تحقيق :د .سعود بن عبد العزيز العريفي ،ود .حسين بن جلبعب السعيدي ،نشر دار
عالم الفوائد للنشر والتوزيع ،مكة المكرمة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ،تأليف :محمد بن علي
الشوكاني ،نشر دار الفكر ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4144هـ.
4471 الفهارس العامة للرسالة
ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ،تأليف :الشيخ عبد الرحمن بن حن آل الشيخ،
تحقيق :أشرف عبد المقصود ،نشر مؤسسة قرطبة ،القاهرة.
ـ فتنة التكفير ،تأليف :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر دار الوطن ،الرياض ،عام
( )4140هـ.
ـ فتيا في تكفير الجهمية ،تأليف :إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ ،تحقيق :عبد العزيز بن
عبد الله الزير ،نشر دار العاصمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ فصوص الحكم ،تأليف :محيي الدين ابن عربي الطائي ،بدون بيانات طبع.
ـ فقه األدعية واألذكار ،القسم األول ،تأليف :د .عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر،
الكويت ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ فقه السيرة ،تأليف :محمد الغزالي ،تحقيق :محمد ناصر الدين األلباني ،نشر دار القلم،
دمشق ،ط :السابعة ( )4771م.
ـ فقه العبادات ،تأليف :محمد صالح العثيمين ،إعداد وتقديم أ.د عبد الله بن محمد بن
أحمد الطيار ،نشر :دار الوطن ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير ،تأليف :عبد الرؤوف المناوي ،نشر دار المعرفة،
بيروت )4174( ،هـ.
ـ قاعدة في اإلخالص لله تعالى ضمن المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيخ
اإلسالم ابن تيمية ،جمع وتحقيق هشام بن إسماعيل بن علي الصيني ،نشر دار ابن
الجوزي ،الدمام ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ قاعدة في المحبة ،تأليف :أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم ابن تيمية،
تحقيق :فواز أحمد زمرلي ،نشر المكتب اإلسالمي ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة األنبياء والمرسلين ،تأليف :عبد الرحمن بن
حسن آل الشيخ ،نشر دار ابن خزيمة ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى ،عام (4141هـ).
ـ قواعد ومسائل في توحيد اإللهية ،تأليف :عبد العزيز بن ريس الريس ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ الكافي ،تأليف :الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري
القرطبي ،ط :مكتبة الرياض الحديثة ،ط :األولى ،عام ( )4171هـ.
4477 الفهارس العامة للرسالة
ـ كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب ،تأليف :اإلمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن
خزيمة ،دراسة وتحقيق :د .عبد العزيز بن إبراهيم الشهواني ،نشر دار الرشد ،ط :األولى
( )4171هـ.
ـ كتاب الشكر لله ،تأليف :أبي بكر بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي المعروف
بابن أبي الدنيا ،تحقيق :السعيد بن بسيوني زغلول ،نشر مؤسسة الكتب الثقافية ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ كتاب الصالة وحكم تاركها ،تأليف :شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيم الجززية،
نشر مكتبة ابن حزم ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ كتب حذر منها العلماء ،تصنيف :أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ،نشر :دار
الصميعي ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوي ،تأليف :عالء الدين عبد العزيز بن أحمد
البخاري ،نشر دار الكتاب العربي ،ط :الثانية )4141( ،هـ.
ـ كشف الخفاء ومزيل اإللباس عما اشتهر من األحاديث على ألسنة الناس ،تأليف :إسماعيل
بن محمد العجلوني ،نشر مؤسسة الرسالة ،ط :الرابعة ( )4171هـ.
ـ كشف الشبهات ،تأليف :محمد بن عبد الوهاب التميمي ،تحقيق :عبد الله بن عائض
القحطاني ،نشر دار الصميعي ،الرياض.
ـ كشف الشبهات التي أوردها عبد الكريم البغدادي في حل ذبائح الصلب وكفار
البوادي ،تأليف :الشيخ سليمان بن سحمان ،ط :الثانية ،الصادرة عن مطابع الرياض ،عام
( )4100هـ.
ـ كشف الشبهتين ،تأليف :سليمان بن سحمان النجدي ،تصحيح وتعليق :عبد السالم بن
برجس بن ناصر آل عبد الكريم ،نشر دار العاصمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ كشف الظنون ،تأليف :مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي ،نشر دار الكتب
العلمية ،بيروت ـ لبنان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ كلمة اإلخالص وتحقيق معناها ،تأليف :الحافظ أبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن
أحمد بن رجب الحنبلي ،تحقيق :بشير محمد عيون ،نشر مكتبة دار البيان ،دمشق ،ط:
األولى ( )4144هـ.
4447 الفهارس العامة للرسالة
ـ كنـز العمال في سنن األفعال واألفعال ،تأليف :عالء الدين علي الهندي ،نشر مؤسسة
الرسالة ،بيروت ،عام ( )4177هـ.
ـ ال إله إال الله معناها ،أركانها ،فضائلها ،شروطها ،تأليف :محمد بن إبراهيم الحمد،
نشر دار ابن خزيمة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ لسان العرب ،تأليف :أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور اإلفريقي المصري،
نشر دار إحياء التراث العربي ،بيروت ـ لبنان ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ لسان الميزان ،تأليف :الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني ،تحقيق :سلمان عبد
الفتاح أبو غدة ،نشر مكتبة المطبوعات اإلسالمية ،ودار البشائر اإلسالمية ،بيروت ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ لقاء الباب المفتوح مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ،نشر دار الوطن ،الرياض،
ط :األولى ( )4141هـ.
ـ لوامع األنوار البهية وسواطع األسرار األثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية،
تأليف :الشيخ محمد بن أحمد السفاريني ،نشر مؤسسة الخافقين ومكتبتها ،دمشق ـ سوريا،
ط :الثانية ( )4174هـ.
ـ مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب في العقيدة ،تحقيق :عبد العزيز بن زيد
الرومي ،د .محمد بلتاجي ،ود .سيد حجاب ،نشر جامعة اإلمام محمد بن سعود ،الرياض.
ـ مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب ،إعداد عبد العزيز بن سيد الرومي ،ود.
محمد بلتاجي ،نشر مكتبة ابن تيمية.
ـ ما جاء في البدع والنهي عنها ،تأليف :محمد بن وضاح القرطبي ،تأليف :بدر بن عبد
الله البدر ،نشر دار الصميعي ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ ما يعذر به وما ال يعذر به من الجهل ،تأليف :الشيخ عبد الله أبا بطين النجدي ،ضمن
مجموع بضع رسائل دينية في العقائد اإلسالمية ،تعليق :الشيخ محمد رشيد رضا ،نشر مكتبة
المنار ،مصر.
ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ،تأليف :الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ،نشر دار
الكتاب العربي ،بيروت ،ط :الثالثة ( )4174هـ.
4444 الفهارس العامة للرسالة
ـ مجموع الفوائد واقتناص األوابد ،تأليف :عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي ،نشر دار ابن
الجوزي ،الدمام ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ مجموع فتاوى ابن تيمية ،جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم النجدي ،نشر :مكتبة
المعارف الرباط ـ المغرب ،على نفقة الملك خالد ـ رحمه الله ـ.
ـ مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (فتاوى العقيدة) ،جمع
وترتيب ناصر بن إبراهيم السليمان ،نشر دار الوطن ،الرياض ،ط :األخيرة ( )4141هـ.
ـ مجموع ومقاالت متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ،جمع وإشراف:
د .محمد بن سعد الشويعر ،نشر :دار القاسم ،الرياض ( )4141هـ.
ـ مجموعة التوحيد النجدية ،نشر األمانة العامة لالحتفال بمرور مائة عام على تأسيس
المملكة عام ( )4147هـ.
ـ مجموعة التوحيد النجدية ،نشر المطبعة السلفية ،القاهرة ( )4101هـ.
ـ مجموعة الرسائل المسائل ،تأليف :شيخ اإلسالم ابن تيمية ،تعليق :الشيخ محمد رشيد
رضا ،نشر لجنة التراث العربي.
ـ مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ،رسائل ومسائل لبعض علماء نجد ،إشراف عبد
السالم بن برجس آل عبد الكريم ،نشر دار العاصمة ،الرياض ،ط :الثانية ( )4177هـ.
ـ مجموعة الرسائل والمسائل البي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ،تعليق:
محمد رشيد رضا ،بدون معلومات طباعة.
ـ محاسن التأويل ،تأليف :محمد جمال الدين القاسمي ،تصحيح وتخريج محمد فؤاد
عبد الباقي ،نشر دار إحياء الكتاب العربي لصاحبها عيسى البابي الحلبي وشركاه ،ط:
األولى ( )4100هـ.
ـ محبة الله ورسوله في الكتاب والسنة ،تأليف :د .غسان أحمد عبد الرحمن ،نشر دار
ابن حزم ،بيروت ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ مختصر الحجة على تارك المحجة ،تأليف :أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي،
تحقيق :د .محمد إبراهيم محمد هارون ،نشر أضواء السلف ،الرياض ،ط :األولى
( )4141هـ.
4444 الفهارس العامة للرسالة
ـ مختصر الدر الثمين والمورد المعين ،تأليف :العالمة محمد بن أحمد الفاسي ،الشهير
بميارة ،على منظومة المرشد المعين على الضروري من علوم الدين لعبد الواحد بن عاشر
األندلسي ،ط :الملك الحسن الثاني ،ملك المغرب.
ـ مختصر الشمائل المحمدية ،تأليف :لحمد بن عيسى بن سورة الترمذي ،اختصره وحققه
محمد ناصر الدين األلباني ،نشر المكتبة اإلسالمية ،عمان ،األردن.
ـ مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ،تأليف :ابن القيم الجوزية ،اختصار
محمد بن الموصلي ،تحقيق :د .الحسن بن عبد الرحمن العلوي ،نشر أضواء السلف،
الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ مختصر العقيدة اإلسالمية ،تأليف :طارق السويدان ،نشر دار الدعوة ،الكويت ،ط:
األولى ( )4171هـ.
ـ مختصر العلو للعلي الغفار ،تأليف :شمس الدين الذهبي ،تحقيق واختصار الشيخ محمد
ناصر الدين األلباني ،نشر المكتب اإلسالمي ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ مختصر منهاج القاصدين ،تأليف :الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي ،تخريج
وضبط علي حسن عبد الحميد ،نشر دار عمار ،األردن ،عمان ،ط :الثانية ( )4141هـ.
ـ مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ،تأليف :شمس الدين أبي عبد الله
محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي المشهور بابن قيم الجوزية ،تحقيق :محمد حامد
الفقي ،نشر دار الكتاب العربي ،بيروت ـ لبنان.
ـ مرآة األصول في شرح مرقاة الوصول ،تأليف :منال خسرو وعليها حاشية األزميري ،نشر
المكتبة األزهرية للتراث ،القاهرة ،ط )4774( :هـ.
ـ مراتب اإلجماع في العبادات والمعامالت واالعتقادات ،تأليف :ابن حزم الظاهري،
نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان.
ـ مرهم العلل ،تأليف :عبد الله بن أسعد اليافعي ،تحقيق :محمود حسن نصار نشر دار
الجيل ،لبنان ـ بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ مسائل الجاهلية ،تأليف :محمد بن عبد الوهاب ،شرح وتحقيق محمود شاكر األلوسي،
نشر الجامعة اإلسالمية ،المدينة المنورة عام ( )4171هـ.
4441 الفهارس العامة للرسالة
ـ مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله ،تأليف :يوسف بن حسين بن عبد الهادي
المقدسي ،تحقيق :عبد الهادي محمد منصور ،نشر دار البشائر اإلسالمية ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ مسند أبي عوانة ،تأليف :اإلمام أبي عوانة يعقوب بن إسحاق اإلسفرائيني ،تحقيق :أيمن
عارف الدمشقي ،نشر دار المعرفة ،بيروت ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ مسند أبي يعلى الموصلي ،تأليف :أحمد بن علي بن المثنى التميمي ،تحقيق :حسين سليم
أسد ،نشر دار المأمون للتراث ،دمشق ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ مسند إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهوية ،تحقيق :د .عبد الغفور بن عبد الحق
البلوشي ،نشر مكتبة اإليمان ،المدينة المنورة ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ مسند اإلمام أحمد بن حنبل وبهامشه كنـز العمال ،بدون معلومات نشر.
ـ مسند عبد بن حميد ،تحقيق :صبحي السامرائي ،ومحمود خليل الصعيدي ،نشر مكتبة
السنة ،القاهرة ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ مصباح الظالم في الرد على من ك َذب على الشيخ اإلمام ،تأليف :عبد اللطيف بن عبد
الرحمن بن حسن آل الشيخ ،نشر دار الهداية للنشر والترجمة ،الرياض.
ـ مصرع التصوف ،أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي ،تأليف :برهان الدين البقاعي ،تحقيق:
عبد الرحمن الوكيل ،نشر رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد ،المملكة العربية
السعودية ،الرياض ،عام ( )4141هـ.
ـ مصطلحات في كتب العقائد (دراسة وتحليل) ،تأليف :محمد بن إبراهيم الحمد ،نشر دار
ابن خزيمة ،الرياض ،ط :األولى ( )4140هـ.
ـ مصنف ابن أبي شيبة ،تأليف :الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ،تحقيق:
كمال يوسف الحوت ،نشر مكتبة الرشد ،ط :األولى ( )4177هـ.
ـ مصنف عبد الرزاق المصنف ،للحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني ،تحقيق:
حبيب األعظمي ،منشورات المجلس العلمي ،جوهانسبرج ،جنوب أفريقيا ،ط :الثانية
( )4171هـ.
ـ مع الله ،تأليف :الشيخ محمد الغزالي ،نشر دار الكتب الحديثة ،القاهرة عام ( )4117هـ.
4441 الفهارس العامة للرسالة
ـ معارج األلباب في مناهج الحق والصواب ،تأليف :أبي محمد حسين بن مهدي النعمي،
تحقيق :محمد عبد الله مختار ،نشر :دار المغني ،الرياض .ط :األولى ( )4141هـ.
ـ معارج القبول بشرح ُسلُّم الوصول إلى علم األصول في التوحيد ،تأليف :حافظ بن
أحمد حكمي ،تحقيق :عمر محمود أبو عمر ،نشر دار ابن القيم ،الدمام ،ط :الثالثة
( )4141هـ.
ـ معارج الوصول إلى أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول ،تأليف :شيخ اإلسالم
تقي الدين أحمد بن تيمية ،نشر دار ابن الجوزي ،الدمام ،ط :األولى ( )4170هـ.
ـ معالم التنـزيل ،تأليف :محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي ،تحقيق :محمد
بن عبد الله النمر ،عثمان جمعة ضميرية ،وسليمان مسلم الخرش ،نشر دار طيبة ،الرياض ،ط:
األولى ( )4144هـ.
ـ معالم السنن ،تأليف :محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي ،تحقيق:
محمد عبد الله النمر وعثمان ضميرية ،وسليمان بن مسلم الخرشي ،نشر ،دار طيبة،
الرياض عام ( )4144هـ.
ـ معاني القرآن وإعرابه تأليف :أبي إسحاق إبراهيم بن السري ،شرح وتحقيق :د .عبد
الجليل عبده شلبي ،نشر عالم الكتب ،ط :األولى ( )4171هـ.
ـ معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد األسماء والصفات ،تأليف :د .محمد بن خليفة
التميمي ،نشر دار إيالف الدولية للنشر والتوزيع ،الكويت ـ الجهراء ،ط :األولى ()4140
هـ.
ـ معجم اإلعراب واإلمالء جمع وتحقيق د :إميل بديع يعقوب ،دار العلم للماليين ،بيروت
ط :األولى ( )4711م.
ـ معجم البلدان ،تأليف :أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي ،نشر دار صادر ،بيروت
( )4170هـ.
ـ معجم المؤلفين ،تأليف :عمر رضا كحالة ،نشر مؤسسة الرسالة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ معجم مقاييس اللغة ،تأليف :أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ،تحقيق :عبد السالم
محمد هارون ،دار الفكر للطباعة والنشر.
4441 الفهارس العامة للرسالة
ـ معرفة السنن واآلثار ،تأليف :أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،تخريج وتعليق :د.
عبد المعطي أمين قلعجي ،نشر جامعة الدراسات اإلسالمية ،كراتشي ،باكستان ،ط:
األولى ( )4144هـ.
ـ معنى ال إله إال الله ومقتضاها وآثارها في الفرد والمجتمع ،تأليف :د .صالح بن فوزان بن
عبد الله الفوزان ،نشر عمادة خدمة المجتمع بالجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة ،ط :الثالثة
( )4144هـ.
ـ معنى ال إله إال الله ،تأليف :بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي ،تحقيق :علي
محيي الدين داغي ،نشر دار البشائر اإلسالمية ،بيروت ،ط :الثالثة ( )4171هـ.
ـ المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقيا واألندلس ،تأليف :أحمد بن
يحيى الونشريسي ،نشر دار الغرب اإلسالمي ،بيروت عام ( )4174هـ.
ـ مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ،تأليف :شمس الدين محمد بن
الخطيب الشربيني ،نشر دار المعرفة ،بيروت ،لبنان ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ مغني المريد الجامع لشرح كتاب التوحيد ،تأليف :عبد المنعم إبراهيم ،نشر مكتبة نزار
مصطفى الباز ،مكة المكرمة ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ مفاتيح العلوم ،تأليف :أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي ،نشر دار
الكتب العلمية ،بيرون ،لبنان .بدون تاريخ الطبع.
ـ مفتاح دار السعادة ومنشور والية أهل العلم واإلرادة ،تأليف :اإلمام شمس الدين أبي عبد
الله بن أبي بكر ابن قيم الجوزية ،تعليق وتخريج علي حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي،
نشر دار ابن عفان ،المملكة العربية السعودية ،الخبر ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ مفردات ألفاظ القرآن ،تأليف :الراغب األصفهاني ،تحقيق :صفوان عدنان داوودي ،نشر
دار القلم ،دمشق ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ مقاالت اإلسالميين واختالف المصليين ،تأليف :أبي الحسن علي بن إسماعيل األشعري،
تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد ،نشر المكتبة العصرية ،صيدا ،بيروت ،ط :عام
( )4144هـ.
ـ مقدمة ابن خلدون ،تأليف :عبد الرحمن بن خلدون ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط:
الثامنة ( )4141هـ.
4441 الفهارس العامة للرسالة
ـ مكمل إكمال اإلكمال بهامش إكمال إكمال المعلم لألبي ،تأليف :عبد الله بن محمد بن
يوسف السنوسي الحسني ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت.
ـ مناقب اإلمام الشافعي ،تأليف :أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،تحقيق :السيد محمود
صقر ،نشر دار التراث ،القاهرة ،ط :األولى ( )4174هـ.
ـ منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس ،تأليف :العالمة عبد
اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ،نشر دار الهداية ،الرياض ،ط :الثانية،
( )4170هـ.
ـ منهاج السنة النبوية في نقض كالم الشيعة القدرية ،تأليف :أبي العباس تقي الدين أحمد بن
عبد الحليم بن تيمية ،تحقيق :د .محمد رشاد سالم ( )4171هـ.
ـ منهاج أهل الحق واالتباع في مخالفة أهل الجهل واالبتداع ،تأليف :سليمان بن سحمان،
تحقيق :عبد السالم بن برجس آلعبدالكريم ،نشر مكتبة الفرقان ،عجمان ،ط :األولى
( )4140هـ.
ـ منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد الله تعالى ،تأليف :خالد بن عبد
اللطيف محمد نور ،نشر مكتبة الغرباء األثرية ،المدينة النبوية ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ،تأليف :الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي،
تحقيق :حسين سليم أسد ،نشر دار الثقافة العربية ،دمشق ،بيروت ،ط :األولى ( )4144هـ.
ـ موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا ،نشر مؤسسة الكتب الثقافية ،بيروت ،ط :األولى
( )4141هـ.
ـ موسوعة مصطلحات أصول الفقه عند المسلمين ،تأليف :د .رفيق العجم ،نشر مكتبة
لبنان ،ط :األولى ( )4771هـ.
ـ موقف الطوائف المنتسبة إلى اإلسالم من وجود الله وإيجاده المخلوقات ،رسالة
ماجستير ،مقدمة من الطالب :سيرين أنجاي لقسم العقيدة بالدراسات العليا ،الجامعة
اإلسالمية ـ المدينة النبوية عام ( )4141هـ ،بحوث غير منشورة.
ـ ميزان االعتدال في نقد الرجال ،تأليف :شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ،تحقيق:
علي محمد معوض ،وعادل أحمد عبد الموجود ،نشر دار الكتب العلمية ،بيروت ـ لبنان،
ط :األولى ( )4141هـ.
4440 الفهارس العامة للرسالة
ـ نقض أساس التقديس ،تأليف :شيخ اإلسالم ابن تيمية الحراني ،تحقيق :د .موسى بن
سليمان الدويش ،نشر دار العلوم والحكم ،المدينة المنورة ،ط :األولى ( )4141هـ.
ـ نواقض اإليمان االعتقادية وضوابط التكفير عند السلف ،تأليف :د .محمد بن عبد الله
بن علي الوهيبي ،نشر دار المسلم ،الرياض ،ط :الثانية )4144( ،هـ.
ـ هذه هي الصوفية ،تأليف :عبد الرحمن الوكيل ،نشر دار اللواء ،الرياض ،ط :الخامسة،
( )4171هـ.
ـ منهج شيخ اإلسالم ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد ،تأليف :إبراهيم بن محمد بن عبد
الله البريكان ،نشر :دار ابن القيم ،الرياض ،ط :األولى ( )4141هـ.
الف َكر ،تأليف :الحافظ ابن حجر العسقالني ،تحقيق د .محمد لقمان السلفي ،نشر ـ نُخبة ِّ
دار الداعي للنشر والتوزيع ،الرياض ،الطبعة األولى )4141( ،هـ.
ـ نزهة األلباء في طبقات األدباء ،تأليف :أبي البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد األنباري،
تحقيق :محمد أبو الفضل إبراهيم ،نشر دار الفكر العربي ،القاهرة ( )4141هـ.
ـ نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله في التوحيد،
تأليف :عثمان بن سعيد الدارمي ،تحقيق :منصور بن عبد العزيز السماري ،نشر مكتبة أضواء
السلف ،الرياض ،ط :األولى ( )4147هـ.
ـ نيل االبتهاج بتطريز الدياج ،تأليف :أحمد التنبكتي ،تتحقيق :د .عبد الحميد عبد الله
الهرامة ،نشر دار الكاتب ،طرابلس ،ليبيا ،ط :الثانية ( )4777هـ.
ـ هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ،تأليف :شمس الدين محمد بن أبي بكر بن
قيم الجوزية ،نشر مكتبة المعارف ،الرياض ،ط :عام ( )4171هـ.
ـ هداية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين ،تأليف :إسماعيل باشا البغدادي ،نشر
دار العلوم الحديثة ،بيروت ،عام ( )4711هـ.
ـ وفيات األعيان وأنباء الزمان تأليف :أبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر
بن خلكان ،تحقيق :د .إحسان عباس ،نشر دار صادر ،بيروت.
4441 الفهارس العامة للرسالة
فهرس الموضوعات
رقم الصفحة الموضوع
3 المقدمة........................................................................
8-3 أهمية الموضوع وأسباب اختياره ...............................................
9 خطة البحث .................................................................
02 عملي ومنهجي في كتابة الرسالة ..............................................
03 كلمة الشكر والتقدير
02 الدراسات السابقة............................................................
02 اإلضافات الجديدة لألعمال السابقة...........................................
02 االفتتاحية ...................................................................
14 التمهيد......................................................................
10 المبحث األول :تعريف الشرط ...............................................
10 المطلب األول :تعريف الشرط في اللغة .......................................
10 المطلب الثاني :تعريف الشرط في االصطالح...................................
11 المطلب الثالث :مراد أهل العلم بالشرط في شروط شهادة أن "ال إله إال الله".........
20 المطلب الرابع :عالقة هذه الشروط بأصل اإليمان...................................
22 المبحث الثاني :معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة ومخالفيهم..........
22 المطلب األول :معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة...................
22 المطلب الثاني :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند المخالفين.....................
22 المقصد األول :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل الحلول والوحدة وأثره على العقيدة....
89 المقصد الثاني :معنى شهادة أن ال إله إال عند المتكلمين وأثره على العقيدة..........
440 المبحث الثالث :فضائل ال إله إال الله............................................
440 المطلب األول :فضائل ال إله إال الله في القرآن العظيم...........................
448 المطلب الثاني :بعض ما ورد في فضلها في السنة المطهرة..........................
402 الباب األول :عد شروط شهادة أن ال إله إال الله................................
402 الفصل األول :عد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً........................
4447 الفهارس العامة للرسالة
0
بسم الله الرحمن الرحيم
نظراً لما استجد لي خالل اشتغالي في الكتابة في هذا الموضوع ،فقد طرأ
تعديل طفيف في الخطة التي سرت عليها في كتابة هذا البحث بصورته النهائية ،وفيما
يلي بيان شامل بهذه التعديالت ونوعها مع ذكر السبب المقتضي لكل تعديل:
وقبل أن أشرع في بيان هذه التعديالت أحب أن أنبه إلى أن التعديالت لم
تشمل األبواب وال الفصول ،وال العنوان العام للرسالة ،وال المنهج ،وإنما طالت بعض
المباحث والمطالب ،وهي على أربعة أنواع:
النوع األول :تعديالت باإلضافة (لزيادة) :وهي كما يلي:
1ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب األول :من عدها أربعة شروط .ألن
المقام يقتضيه.
2ـ المطلب الثاني من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الثاني :ذكر
أصحاب هذه المقالة من المرجئة .ألن المقام يقتضي ذلك.
3ـ المطلب الثالث من المبحث الخامس في الفصل األول من الباب الثاني :أثر
الزيادة في المعرفة التي بالقلب بالشهادة في تكميل الشهادة .ألن المقام يقتضيه.
4ـ المبحث الرابع من الفصل الثاني في الباب الثاني :طرق تحصيل اليقين بمعنى
شهادة أن ال إله إال الله .المقام يقتضيه.
5ـ المبحث السادس ،في الفصل األول من الباب الثالث ::أثر قوة اإلخالص في
تكميل شهادة أن ال إله إال الله .ألن المقام يقتضيه.
6ـ المقصد الثالث في المطلب األول من المبحث السابع في الفصل األول من
الباب الثالث :حكم الشرك األكبر .ألن المقام يقتضيه.
7ـ المقصد الرابع في المطلب األول من المبحث السابع في الفصل األول من الباب
الثالث :بيان خطر الشرك األكبر .ألن المقام يقتضيه.
8ـ المبحث التاسع في الفصل الثاني من الباب الثالث :الفرق بين ِّ
الصدق واليقين.
ألن المقام يقتضيه.
9ـ المبحث الثاني في الفصل األول من الباب الرابع :حد المحبة التي هي شرط في
شهادة أن ال إله إال الله .ألن المقام يقتضيه.
1
11ـ المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع :عالقة شرط الكفر
بالطاغوت بشرطي المحبة واإلخالص.
11ـ المطلب الثاني من المبحث السابع في الفصل األول من الباب الرابع :شرك
المحبة .ألن المقام يقتضيه.
12ـ المطلب الثاني من المبحث السابع في الفصل الثاني من الباب الرابع :ترك
البراءة من الطاغوت .ألن المقام يقتضيه.
13ـ المبحث الثامن في الفصل الثاني من الباب الرابع :أنواع المخالفين في شرط
الكفر بالطاغوت .ألن المقام يقتضيه.
14ـ المطلب الثاني من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الخامس :كفر
الجحود ألن المقام يقتضيه.
15ـ المطلب الثالث من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الخامس :كفر
العناد ألن المقام يقتضيه.
16ـ المبحث الخامس في الفصل الثاني من الباب الخامس :الفرق بين االنقياد
والقبول .ألن المقام يقتضيه.
17ـ المقصد الثاني في المطلب األول من المبحث السابع في الفصل الثاني من
الباب الخامس :أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها.
18ـ المقصد الرابع في المطلب الرابع من المبحث السابع في الفصل الثاني من
الباب الخامس :شروط ثبوت الردة.
19ـ المبحث الثامن في الفصل الثاني من الباب الخامس :المخالفون في شرط
االنقياد.
النوع الثاني :تعديالت بالتضمين أو الدمج.
سبب التضمين أو الدمج هو المراعاة لتناسق الكالم أو مخافة التكرار .وذلك كما
يلي:
1ـ المقصد الثاني في المبحث الثاني من التمهيد :معنى شهادة أن ال إله إال الله عند
ضمن مع المقصد قبله :معنى شهادة أن ال أصحاب وحدة الوجود وأثره على العقيدة ( ُ
2
إله إال الله عند أهل الحلول واالتحاد) .ألن وحدة الوجود هي االتحاد العام عينه،
والحلول العام عينه ال فرق .ففي الفصل تكرار.
2ـ المبحث األول في الفصل الثاني من الباب الرابع :معنى الكفر بالطاغوت لغة
واصطالحاً.
أضفت لفظة «كفر» في عنوان المبحث وضمنت مطالبه في العنوان ،فصار
«معنى الكفر بالطاغوت لغة واصطالحاً» بدالً من مطلبين:
1ـ معنى الكفر بالطاغوت
2ـ معنى الطاغوت اصطالحاً.
سبب التعديل :ضم الكالم في المطلبين بعده بعضاً إلى بعض .مراعاة للترابط أو
التناسق في الكالم.
3ـ المطلب الثاني من المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع :التحاكم
إلى الطاغوت.
ضمنت المطلب األول والثاني في مطلب واحد تحت عنوان« :اإليمان
بالطاغوت».
سبب التعديل :أن المعدل إليه أشمل؛ ليشمل جميع صور اإليمان بالطاغوت
بما في ذلك عبادة الطاغوت ،والتحاكم إليه[ .انظر الخطة المعدلة ص.]9 :
4ـ المطلب الثالث من المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع :حب
الشرك وأهله .جعلته في مطلب بعنوان « :ترك البراءة من الطاغوت».
سبب التعديل :ليشمل جميع صور ترك البراءة بما في ذلك :حب الشرك وأهله.
5ـ المبحث الثاني في الفصل الثاني من الباب الخامس :حد االنقياد الذي هو شرط
ض ِّمن مع المبحث األول «معنى االنقياد» مراعاة للترابط
في شهادة أن ال إله إال اللهُ .
في الكالم.
3
6ـ المطلب الثاني من المبحث الثامن في الفصل الثاني من الباب الخامس :ارتباط
الموافاة بشرط االنقياد.
ضمنت هذا المطلب مع المطلب قبله تحت مقصد واحد بعنوان واحد «معنى الموافاة
على كلمة ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد» .مراعاة للترابط في الكالم.
النوع الثالث :تعديل بإبدال العبارة .وهو على ثالثة أنواع:
الم ْب َدل إليها أوفق ،أو ألنها األكمل في بيان المراد
أ ـ تعديل باإلبدال لكون العبارة ُ
والمقصود ،وذلك فيما يلي:
1ـ المبحث الثامن في الفصل األول من الباب األول :ذكر بعض اآلثار عن السلف
فيها الداللة على أن لشهادة أن ال إال الله شروطاً .بدل( :ذكر بعض اآلثار عن السلف
فيها التنصيص على أن لشهادة أن ال إله إال الله شروطاً).
سبب التعديل :أن لفظ الداللة أشمل؛ ألن من اآلثار ما فيه تنصيص على هذه
الشروط ،ومنها ما يدل داللة بمفهومه على هذه الشروط من غير تنصيص عليها.
2ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الثاني :من زعم أن العلم بالمشهود له
كافياً لصحة اإليمان من المرجئة مع بيان شبههم ونقدها .بدل (العلم هل هو كاف
لصحة اإليمان كما زعمت غالة المعرفة؟).
(تصرف في العبارة فقط ال يترتب عليه فرق). سبب التعديلُّ :
3ـ المقصد الخامس من المطلب الثاني في المبحث السابع من الفصل األول في
الباب الثالث :الصور التي ينقلب الشرك األصغر فيها شركاً أكبر بدل (متى يصير
الشرك األصغر شركاً أكبر).
4ـ المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الثالث :زيادة التصديق بشهادة
أن ال إله إال الله وأثره في تكميل شهادة أن ال إله إال الله .بدل (زيادة التصديق
بشهادة أن ال إله إال الله وأثره في قوة شهادة أن ال إله إال الله).
سبب التعديل :أن كلمة "تكميل" أوفق من كلمة "قوة"؛ وال يترتب على ذلك فرق؛
التصرف في العِّبَارات.
ُّ فيكون من باب
4
5ـ المبحث الخامس في الفصل األول من الباب الرابع :زيادة المحبة وأثرها في
تكميل شهادة أن ال إله إال الله .بدل (...وأثره في قوة شهادة أن ال إله إال الله).
سبب التعديل :أن كلمة "تكميل" أوفق من كلمة "قوة"؛ وال يترتب على ذلك فرق؛
التصرف في العِّبَارات.
ُّ فيكون من باب
6ـ المبحث السادس في الفصل األول من الباب الرابع :المخالفون في شرط المحبة.
بدل (من خالف في هذا الشرط ،وهم الجهمية النُّفاة الذين زعموا أن الله ال يُ ِّحب وال
يُ َحب مع بيان شبههم ونقدها).
سبب التعديل :للجمع بين المتماثالت ،ألن يضم ما فرق من المبحث الخامس( :من
نفى شرط المحبة ،وهم الجهمية النُّفاة الذين زعموا أن الله ال يُ ِّحب وال يُ َحب مع بيان
شبههم ونقدها) ،والمبحث السادس( :انحراف غالة الصوفية في معنى المحبة) وال
يترتب زيادة أو حذف .بل هو جمع وضم لمتفرق في الخطة األولية.
7ـ المطلب الثاني من المبحث السادس في الفصل األول من الباب الرابع :انحراف غالة
الصوفية في معنى محبة الله تعالى .بدل (المبحث السادس :انحراف الصوفية في معنى
المحبة).
8ـ سبب التعديل :ألنه صار داخالً في المبحث المعدل قبله ،فال حاجة إلفراده في
مبحث مستقل .وال يترتب زيادة أو حذف.
9ـ المطلب األول من المبحث الثامن في الفصل األول من الباب الرابع :بغض الله
تعالى .بدل (بغض الله أو بغض رسوله .)
سبب التعديل :ألن بغض الرسول يدخل تحت بغض الله .ألن بغض الرسول
رسل ،وهو الله . بغض للم ِّ
ُ
11ـ المبحث الثاني في الفصل الثاني من الباب الرابع :رؤوس الطواغيت .بدل
(المطلب الثالث).
سبب التعديل :رؤوس الطواغيت ال عالقة لها بالمبحث األول فكان الفصل أولى .وال
تترتب زيادة أو نقص.
المب ْْ َدل إليها أشمل وأعم من العبارة
ب ـ تعديل باإلبدال في العبارة لكون العبارة ُ
الم ْبدلة .وذلك فيما يلي:
ُ
5
1ـ المطلب الثالث من المبحث الثاني في الفصل األول من الباب الثاني :أقوال أهل
العلم في اعتبار شرط العلم بمعنى ال إله إال الله .بدل (أقوال السلف وأقوال أهل
العلم المتقدمين في اعتبار شرط العلم).
سبب التعديل( :أن أقوال السلف هي داخلة ضمن أقوال أهل العلم ،فال وجه للتفريق؛
كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
2ـ المطلب الثاني من المبحث الثالث في الفصل األول من الباب الثاني :حكم
اإليمان بالتقليد .بدل (النزاع في صحة إيمان المقلد).
سبب التعديل( :أن التعديل يشمل النزاع في صحة إيمان المقلد وغيره من األحكام؛
فهو أشمل وأتم).
3ـ المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب األول :أقوال أهل العلم في اعتبار
شرط اليقين لصحة الشهادة .بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في
اعتبار اليقين شرطاً من شروط شهادة أن ال إله إال الله).
سبب التعديل( :أن أقوال السلف هي داخلة ضمن أقوال أهل العلم ،فال وجه للفصل
بينها؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
4ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الثالث :أقوال أهل العلم في اشتراط
اإلخالص لصحة الشهادة :بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في اعتبار
اإلخالص شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله).
سبب التعديل (أن أقوال السلف هي داخلة ضمن أقوال أهل العلم ،فال وجه للفصل
بينها؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
5ـ المطلب الثاني من المبحث األول في الفصل الثاني من الباب الثالث :معنى
الصدق في االصطالح وبيان متعلقه .بدل (معنى الصدق شرعاً).
سبب التعديل :ليشمل االصطالح الشرعي لمعنى الصدق وغيره.
6ـ المبحث الرابع في الفصل الثاني من الباب الثالث :أقوال أهل العلم في اشتراط
الصدق لصحة الشهادة .بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في عد
الصدق شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله).
6
سبب التعديل (أن أقوال السلف والمتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل
العلم ،فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
7ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الرابع :أقوال أهل العلم في اعتبار
المحبة شرطاً لصحة الشهادة .بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في
اعتبار المحبة شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله).
سبب التعديل (أن أقوال السلف والمتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل
العلم ،فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
8ـ المبحث الخامس في الفصل الثاني من الباب الرابع :أقوال أهل العلم في اعتبار
شرط الكفر بالطاغوت .بدل (أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم في اعتبار
الكفر بالطاغوت شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله).
سبب التعديل( :أن أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل
العلم ،فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
11ـ المطلب األول من المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع :اإليمان
بالطاغوت .بدل (عبادة الطاغوت)
سبب التعديل( :أن مفهوم اإليمان بالطاغوت أوسع من مفهوم عبادة الطواغيت ،ألن
اإليمان بالطاغوت يشمل عبادة الطواغيت والموافقة ،ولو لم تقع عبادة له كما قرر
ذلك أهل العلم) .فسبب التعديل إذن للشمول.
11ـ المبحث األول في الفصل األول من الباب الخامس :معنى القبول ومتعلقه .بدل
(معنى القبول) .ليشمل متعلقات القبول.
12ـ المبحث الثالث في الفصل األول من الباب الخامس :أقوال أهل العلم في
اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله .بدل (أقوال السلف وأقوال المتقدمين
من أهل العلم في اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله).
سبب التعديل( :أن أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل
العلم ،فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
13ـ المطلب الرابع من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الخامس :عدم
التسليم ألمر الله ورسوله ورفض التحاكم إليهما بدل عدم قبول التحاكم إلى الله ورسوله.
7
سبب التعديل :ألنه أشمل من عدم قبول التحاكم إلى الله ورسوله.
14ـ المبحث الثالث في الفصل الثاني من الباب الخامس :أقوال أهل العلم في اعتبار
االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله .بدل (أقوال السلف وأقوال
المتقدمين من أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن ال إله
إال الله).
سبب التعديل( :أن أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل
العلم ،فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين).
15ـ المطلب األول من المبحث الثامن في الفصل األول من الباب الخامس :ترك
العمل المشروع بدل ترك العمل بالكلية.
سبب التعديل :أن هذا العنوان أشمل يشمل ترك العمل بالكلية وترك بعض األعمال.
16ـ المقصد الثالث من المطلب األول من المبحث الثامن في الفصل الثاني من
الباب الخامس الدراسة والتحقيق لحكم من ترك مباني اإلسالم بعد الشهادتين .بدل
(حكم تارك الصالة).
سبب التعديل :أن هذا العنوان أشمل ،يدخل فيه حكم ترك الصالة وترك غيرها من
مباني اإلسالم.
الم ْب َدل إليها هي المتوافقة بما نحن
جـ ـ تعديل باإلبدال في العبارات؛ لكون العبارة ُ
بصدده.
1ـ المطلب الثالث من المبحث الثالث في الفصل األول من الباب الثاني :معرفة الله
عند غالة الصوفية .بدل (المعرفة عند الصوفية).
سبب التعديل( :أن المعرفة عند الغالة ،هي التي تتعلق بما نحن بصدده).
2ـ المقصد األول من المطلب األول في المبحث السادس من الفصل األول في
الباب الثاني :جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعا لى .بدل (أهل الوحدة واالتحاد
وجهلهم بالله تعالى).
سبب التعديل( :ألن المقصود هو بيان جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعالى ال دراسة
عقائدهم).
8
3ـ المقصد الثاني من المطلب األول في المبحث السادس من الفصل األول في الباب
الثاني :جهل غالة أهل التعطيل بالله تعالى .بدل (غالة أهل التعطيل وجهلهم بالله تعالى).
سبب التعديل( :ألن المقصود هو بيان جهل غالة أهل التعطيل بالله تعالى ال دراسة
عقائدهم).
4ـ المقصد الثالث من المطلب األول في المبحث السادس من الفصل األول في
الباب الثاني :جهل أهل التشبيه والتمثيل بالله تعالى بدل (أهل التشبيه وجهلهم بالله
تعالى).
سبب التعديل( :ألن المقصود هو بيان جهل أهل التشبيه والتمثيل بالله تعالى ال دراسة
عقائدهم).
النوع الرابع :تعديالت بالتقديم والتأخير.
المبحث الثاني في الفصل الثاني من الباب الثاني :الفرق بين العلم واليقين .بدل
المبحث الرابع في نفس الفصل.
سبب التعديل :مراعاة الترتيب والتناسق بين المباحث.
المبحث الثاني في الفصل األول من الباب الثاني :أنواع االنقياد بدل المبحث
الخامس .سبب التعديل :مراعاة الترتيب والتناسق بين المباحث ،ألن أنواع االنقياد
متعلقة بتعريف االنقياد.
المبحث السابع في الفصل الثاني من الباب الخامس :الموافاة على شهادة أن ال إله
إال الله وارتباطها بشرط االنقياد بدل المبحث الثامن.
سبب التعديل :مراعاة الترتيب والتناسق بين المباحث.
9