You are on page 1of 1146

‫المملكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم العالي‬


‫الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة‬
‫كلية الدعوة وأصول الدين‬
‫قسم العقيدة‬

‫شروط شهادة أن ال إله إال الله‬


‫تأصيالً ودراسة‬
‫رسالة علمية َّ‬
‫مقدمة لنيل درجة العالمية العالية «ال ّدكتوراه»‬
‫إعداد الطالب‪:‬‬
‫محمد عبد الله مختار محمد‬
‫إشراف‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ الدكتور‬
‫محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الشظيفي‬
‫األستاذ المشارك بقسم العقيدة‬

‫العام الجامعي (‪ 8241‬ـ ‪ )8241‬هـ‬


‫‪2‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫شروط شهادة أن ال إله إال الله‬


‫تأصيالً ودراسة‬
‫رسالة علمية مقدَّم لنيل درجة العالمية العالية «الدّكتوراه»‬
‫إعداد الطالب‪:‬‬
‫محمد عبد الله مختار محمد‬
‫إشراف‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن أبوسيف الجهني‬
‫األستاذ المشارك بقسم العقيدة‬
‫‪3‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫‪‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال الله‬
‫أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فال َّ‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‪.‬‬
‫[آل عمران‪.]201 :‬‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [النساء ‪.]1‬‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫[األحزاب‪ 07 :‬ـ ‪.]01‬‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫فأما بعد؛ فإن ال إله إال الله هي كلمة اإلسالم‪ ،‬ومفتاح دار السالم‪ ،‬وقد َّ‬
‫سماها الله‬
‫كلمة التقوى والعروة الوثقى‪ ,‬وهي كلمة اإلخالص التي جعلها إبراهيم ‪ ‬باقية في عقبه‪,‬‬
‫ومضمونها نفى اإللهية عما سوى الله‪ ,‬وإخالص العبادة بجميع أفرادها لله وحده‪ ,‬كما قال‬
‫ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ﮇ‬ ‫تعالى‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫[الزخرف‪ 22 :‬ـ ‪.]20‬‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬ ‫وقال عن يوسف ‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﮈ ﮉ‬ ‫إلى قوله‪:‬‬ ‫ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫[يوسف‪ 33 :‬ـ ‪.]07‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ [األنعام‪ ،]10 :‬وقال‪:‬‬
‫ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ [األنعام‪ ،]120 :‬وقال‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [األنعام‪ .]10 :‬وقال‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ‬
‫[الرعد‪.]32 :‬‬ ‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫والقرآن من أوله إلى آخره يقرِّر أن دين الله الذي بعث به رس لَه وأنزل به كتبه‬
‫هو إخالص العبادة بجميع أن واعها لله وحده دون كل ما س واه‪ ،‬والب راءة من الشرك‬
‫وأهله‪ ،‬وهذا ال يخفى على من له أدنى بصيرة‪ ،‬فهذا هو مدلول ال إله إال الله‪ .‬وقد عرف ذلك‬
‫‪0‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫كفار قريش فما انقادوا له‪ ،‬فإنهم لما دعاهم رسول الله ‪ ‬إلى أن يقولوا ال إال إله إال الله‬
‫ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ‬ ‫قالوا‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ [ص‪ 5 :‬ـ ‪.]2‬‬
‫والناس يتفاوتون في هذا التوحيد الذي هو معنى ال إله إال الله فهماً وعلماً واعتقاداً‬
‫وعمالً أعظم تفاوت؛ فمنهم من يقول "ال إله إال الله" عن علم ويقين‪ ،‬صادقاً مخلصاً من‬
‫قلبه وأدى حقوقها وعمل بمقتضاها من المعاداة ألهل الشرك بالله والمواالة ألهل التوحيد‬
‫متقدمهم ومتأخرهم‪ ,‬واستقام على ذلك ولم يأت بما يبطلها‪ .‬وهؤالء هم المسلمون‬
‫المؤمنون الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك‪ ,‬فلهم األمن وهم مهتدون كما قال تعالى‪ :‬ﭑ‬
‫[األنعام‪ .]32 :‬ومنهم من يقول ال إله إال الله وما عرف‬ ‫ﭒ ﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫مدلولها من النفي واإلثبات‪ ،‬فيثبت بفعله ما دلت هذه الكلمة العظيمة على نفيه بإشراكه‬
‫بالله في اإللهية‪ ،‬وينفي ما دلت على إثباته من إفراده الرب تعالى باإللَهية وينكر ذلك‪,‬‬
‫وعرف به‪ ,‬وذلك من فرط جهله بمعنى ما يقول كما هو‬ ‫ويعادي من دعا إلى التوحيد َّ‬
‫الغالب على أكثر من يقول ال إله إال الله‪.‬‬
‫قال النووي في شرح حديث سعد ‪ ‬في شأن الرجل الذي قال فيه سعد لرسول الله‬
‫‪َ :‬مالَك عن فالن إني ألراه مؤمناً؟ قال ‪« :‬أو مسلماً»(‪ .)1‬قال‪(( :‬وفيه داللة لمذهب‬
‫أهل الحق في قولهم‪ :‬إن اإلقرار باللسان ال ينفع إال إذا اقترن به االعتقاد بالقلب‪ ،‬خالفاً‬
‫للكرامية(‪ )2‬وغالة المرجئة(‪ )3‬في قولهم يكفي اإلقرار‪ .‬وهذا خطأ ظاهر يرده إجماع‬
‫المسلمين والنصوص في إكفار المنافقين وهذه صفتهم))(‪ )4‬انتهى‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬إذا لم يكن اإلسالم على الحقيقة‪ ،‬وكان على االستسالم أو الخوف‬
‫فإذا كان على الحقيقة‪ ،‬فهو على قوله‬ ‫من القتل لقوله تعالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ (جـ‪ )11 /1‬ح (‪ ،)72‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )137/1‬حديث رقم‬ ‫جل ذكره‪:‬‬
‫(‪.)151‬‬
‫(‪ )2‬الكرامية سيأتي التعريف بهم مفصالً في مطلب خاص‪ .‬انظر‪( :‬ص‪.)192 :‬‬
‫(‪ )3‬المرجئة سيأتي التعريف بهم مفصالً في مطلب خاص‪ .‬انظر‪( :‬ص‪ 333 :‬ـ ‪.)331‬‬
‫(‪ )4‬شرح النووي على صحيح مسلم (جـ‪ .)181/7‬وما قبله مقتبس من القول الفصل النفيس في الرد على المفتري‬
‫ابن جرجيس (ص‪ 711 :‬ـ ‪.)715‬‬
‫‪5‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪ :‬فإذا دان المرء بالشرك بالله وأنكر‬
‫التوحيد‪ ،‬فهذا أعدل شاهد على أنه ليس في قلبه من اإليمان شيء‪ ,‬كما قاله‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﯕ ﯖ [ا لزمر‪ ]05 :‬وأمثال ذلك من اآليات‪.‬‬
‫فليتأمل الناصح لنفسه ما قرره الله تعالى في كتابه من أدلة التوحيد كقوله‪:‬‬
‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ‬ ‫ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ‬
‫[الروم‪ 00 :‬ـ ‪]01‬‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ومنهم المنافقون وقد كانوا مع المسلمين يقولون ال إله إال الله ويشهدون أن محمداً‬
‫رسول الله‪ ،‬ويزكون ويصومون ويجاهدون مع المسلمين ولم يظاهروا عليهم عدواً‪ ،‬ومع هذا‬
‫فأكدوا شهادتهم‬ ‫وغيره أكذبهم الله لما جاءوا رسوله وقالوا‪ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ‬ ‫بالمؤكدات "إن والالم"‪ ،‬فقال الله عز وجل‪ :‬ﮙ ﮚ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫[المنافقون‪ 1 :‬ـ ‪.]2‬‬ ‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ووجه الداللة من هذه اآليات أن شهادتهم وأعمالهم لم تنفعهم مع قيام المنافي لذلك‪ ،‬فإنهم‬
‫قام بهم من الجهل والشك والريب وغير ذلك ما صاروا به كفاراً في الدرك األسفل من النار‪ ,‬ومن‬
‫صفاتهم ما ذكر الله في سورة البقرة‪ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫اآلية‬ ‫ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ‬ ‫‪ -‬إلى قوله ‪ -‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫[البقرة‪ 17 :‬ـ ‪.]10‬‬
‫وقال في سورة النساء‪ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ اآلية‬
‫[النساء‪ .]103 :‬وقال تعالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ [الفتح‪ .]11 :‬وقال الله‪:‬‬
‫[التوبة‪.)1(]3 :‬‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫والمقصود‪ :‬أن القول ال ينفع إال مع علم القلب وإيمانه ويقينه‪ ،‬وتصديقه‪ ،‬ومحبته لهذه‬
‫الكلمة‪ ،‬ولذا جعل أهل العلم ذلك من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬التي ال تصح‬
‫الشهادة إال به‪.‬‬

‫(‪ )1‬القول الفصل النفيس في الرد على المفتري ابن جرجيس (ص‪ 711 :‬ـ ‪ )718‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وقد قيدت ال إله إال الله‪,‬‬
‫في األحاديث الصحيحة بقيود ثقال‪ ,‬البد من اإلتيان بجميعها‪ ,‬قوالً‪ ،‬واعتقاداً‪ ,‬وعمالً‪,‬‬
‫فمن ذلك‪ :‬حديث عتبان الذي في الصحيح‪« :‬فإن الله حرم على النار من قال ال إله إال‬
‫الله‪ ،‬يبتغي بذلك وجه الله»(‪ ،)1‬وفي حديث آخر‪« :‬صدقا من قلبه»(‪« ،)2‬خالصاً من‬
‫قلبه»(‪« ،)3‬مستيقنا بها قلبه‪ ،‬غير شاك»(‪ ،)4‬فال تنفع هذه الكلمة قائلها إال بهذه القيود‪ ،‬إذا‬
‫اجتمعت له‪ ،‬مع العلم بمعناها‪ ،‬ومضمونها كما قال تعالى‪ :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ‬
‫[الزخرف‪ ]32 :‬وقال تعالى لنبيه ‪ : ‬ﰀ ﰀ ﰀ‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ [محمد‪]11 :‬؛ فمعناها يقبل الزيادة‪ ،‬لقوة العلم‪ ،‬وصالح العمل(‪.)5‬‬
‫فالبد من العلم بحقيقة معنى هذه الكلمة‪ ،‬علماً ينافي الجهل‪ ،‬بخالف من يقولها‪ ،‬وهو‬
‫ال يعرف معناها‪ ،‬والبد من اليقين‪ ،‬المنافي للشك‪ ،‬فيما دلت عليه من التوحيد؛ والبد من‬
‫اإلخالص‪ ،‬المنافي للشرك‪ ،‬فإن كثيراً من الناس يقولها‪ ،‬وهو يشرك في العبادة‪ ،‬وينكر‬
‫معناها‪ ،‬ويعادي من اعتقده‪ ،‬وعمل به‪ ،‬والبد من الصدق المنافي للكذب‪ ،‬بخالف حال‬
‫المنافق‪ ،‬الذي يقولها من غير صدق‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ‬
‫[الفتح‪ ،]11 :‬والبد من القبول‪ ،‬المنافي للرد؛ بخالف من يقولها وال يعمل بها‪ ،‬والبد من‬
‫المحبة‪ ،‬لما دلت عليه‪ ،‬من التوحيد‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬وغير ذلك؛ والفرح بذلك‪ ،‬المنافي‬
‫لخالف هذين األمرين‪ ،‬والبد من االنقياد بالعمل بها‪ ،‬وما دلت عليه مطابقة‪ ،‬وتضمناً‪،‬‬
‫والتزاماً؛ وهذا هو دين اإلسالم‪ ،‬الذي ال يقبل الله دينا سواه))(‪.)6‬‬
‫ولما كانت شروط شهادة أن ال إله إال الله بهذه المكانة وبهذه المنـزلة‪ ،‬فقد وقع اختياري‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب العمل الذي يبتغي به وجه الله تعالى (جـ‪ )227/0‬ح رقم (‪،)2023‬‬
‫مسلم في كتاب المساجد (‪.)055/1‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن ال يفهموا (جـ‪ 02/1‬ـ ‪ )00‬ح‬
‫(‪.)120‬‬
‫(‪ )3‬رواه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب الحرص على الحديث (جـ‪ )33/1‬ح (‪.)11‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ 52/1‬ـ ‪ ،) 50‬ح (‪ ،00‬و‪.)05‬‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ‬ ‫(‪ )5‬المراد بالزيادة في المعنى هنا الزيادة في علم القلب ومعرفته بمعنى الشهادة كما قال تعالى‪:‬‬
‫[سورة محمد‪.]71 :‬‬ ‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫(‪ )6‬الدرر السنية (‪ 713‬ـ ‪.)711‬‬
‫‪0‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫على هذا الموضوع والذي هو بعنوان‪" :‬شروط شهادة أن ال إله إال الله تأصيالً ودراسة" ليكون‬
‫موضوع بحثي في مرحلة الدكتوراه‪ ،‬وذلك ألهمية هذه الشروط من جهة‪ ،‬ولما وقع حولها من‬
‫التشكيك والتشغيب بل والرد من جهة أخرى حتى أن ذلك قد انطلى على ٍ‬
‫فئام ممن ينتسبون‬
‫إلى السنة فدخلت عليهم شبهة اإلرجاء من حيث ال يشعرون‪ ،‬فكان من الضروري التأصيل‬
‫لهذه الشروط ِّ‬
‫بردها لنصوص الكتاب والسنَّة وكالم األئمة‪ ،‬والبيان لمنـزلتها ومكانتها من اإليمان‬
‫وذلك إحقاقاً للحق وإبطاالً للشبَه؛ ثم باإلضافة لما سبق ذكره من األهمية فإن هناك أسباباً‬
‫دفعتني الختيار هذا الموضوع‪ ،‬وهذه األسباب هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ بيان الموقف الحق الصحيح من هذه الشروط‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن هذه الشروط أصول في اإليمان ولذا كان في دراستها توضيح لمذهب أهل السنة‬
‫وبيان لمعتقدهم في اإليمان‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الرد على مختلف طوائف المرجئة ممن انحرفوا في ِّ‬
‫عد هذه الشروط حيث اعتبروا‬
‫بعضها وأهملوا البعض اآلخر مع التشكيك في صحتها‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ الرد على أهل التكفير والذين يتخذون من هذه الشروط َم ْعبَراً لتكفير المسلمين وبيان أن‬
‫الحق وسط بين غلو أهل التكفير وتقصير أهل اإلرجاء‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أنه على الرغم من أهمية هذا الموضوع فإنه لم ينل حقه من العناية لدى الباحثين ال‬
‫سيما في مجال العقيدة‪ ،‬فإنني لم أقف ـ بحسب اطالعي ـ على بحث علمي أو كتاب مؤلف‬
‫في هذا الموضوع بالطريقة التي خططت لها في هذه الرسالة‪ ،‬وإن وجدت كتابات متفرقة عن‬
‫بعض جزئياته فهي غير وافية بما تستحقه هذه الشروط العظيمة من العناية والبيان‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن تفشي الشرك في جانب توحيد العبادة سببه الجهل بهذه الشروط أو عدم العناية‬
‫بها‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ ظهور أقالم حاقدة تطعن في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب اإلصالحية وتتخذ من‬
‫شكك في إسالم من نطق‬ ‫هذه الشروط سهاماً للطعن في دعوته بأنها ِّ‬
‫تكفر المسلمين وت ِّ‬
‫‪3‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫بالشهادتين(‪ ،)1‬ألن ِّ‬


‫المتقرر عندهم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ هو الذي‬
‫ابتدع هذه الشروط‪ ،‬ففي التأصيل لهذه الشروط إبطال لهذه الشبهة من أصلها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الفائدة العلمية التي أرجو ـ بإذن الله ـ من وراء هذه الدراسة أن تمكنني من الوقوف على‬
‫أدلة توحيد العبادة وكالم أهل العلم في شرحها وتوضيحها‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن بعض مشايخنا األفاضل ـ نفع الله بهم ـ قد حبذوا هذا الموضوع واستحسنوه ورأوا‬
‫أن الحاجة إليه ماسة‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد جعلت خطة عملي في الكتابة فيه على النحو اآلتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬سيأتي بيان أن القول بهذه الشروط ال يلزم منه التكفير‪ ،‬وال يعني التوقف في إسالم من نطق بالشهادتين‪ .‬انظر‪:‬‬
‫(ص‪.)157 :‬‬
‫‪1‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫ـ خطة البحث ـ‬
‫جعلت البحث في مقدمة‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬وخمسة أبواب‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬وتفصيل ذلك كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫وتشتمل على االفتتاحية وبيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره وخطة البحث‬
‫ومنهجي فيه‪.‬‬
‫االفتتاحية‪:‬‬
‫في لمحة موجزة في تعريف توحيد األلوهية‪ ،‬وأهميته‪ ،‬وضرورة االشتغال بدعوة‬
‫الناس إليه مع بيان معنى التوحيد وأقسامه‪.‬‬
‫التمهيد‪:‬‬
‫في بيان معنى الشرط ومعنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل السنة‬
‫ومخالفيهم وفضائل كلمة التوحيد ال إله إال الله‬
‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬
‫شرط‪ .‬وتحته أربعة مطالب‪.‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف ال ّ‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الشرط في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الشرط في االصطالح‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مراد أهل العلم بالشرط في شروط شهادة أن "ال إله إال الله"‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬عالقة هذه الشروط بأصل اإليمان‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة‬
‫ومخالفيهم‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند المخالفين‪ .‬وتحته‬
‫مقصدان‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المقصد األول‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل الحلول والوحدة وأثره‬
‫على العقيدة‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال عند المتكلمين وأثره على العقيدة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬فضائل ال إله إال الله‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬فضائل ال إله إال الله في القرآن العظيم‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بعض ما ورد في فضلها في السنة المطهرة‪.‬‬
‫الباب األول‪ :‬ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً‪.‬‬
‫وتحته تمهيد‪ .‬وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من ع ّدها سبعة شروط‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬من ع ّدها ثمانية شروط‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬من ع ّدها تسعة شروط‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬من عدها أربعة شروط فقط‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬الجمع والتأليف بين قول من ع ّدها سبعة شروط‬
‫عدها ثمانية أو تسعة شروط؛ وبيان أنه ال فرق سوى اإلجمال‬ ‫وقول من َّ‬
‫والتفصيل‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬من نفى هذه الشروط من المعاصرين وزعم أنها من‬
‫بدع المتأخرين مع بيان شبهته ونقدها‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬دليل تعيين هذه الشروط وحص ِرها‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬ذكر بعض اآلثار عن السلف فيها الداللة على أن‬
‫لشهادة أن ال إال الله شروطاً‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫النطق واإلقرار بال إله إال اللَّه‪ ،‬هل ُّ‬
‫يعد من شروطها؟ ومأخذ من‬
‫لم يع ّده في الشروط‪.‬‬
‫وتحته ستة مباحث‪:‬‬
‫‪11‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المبحث األول‪ :‬أدلة من جعل النطق واإلقرار بها من شروطها‪.‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬مأخذ من لم يع ّد النطق واإلقرار بال إله إال الله في‬
‫الشروط‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬من جعل النطق واإلقرار كافياً لصحة اإليمان‪[ .‬وهم‬
‫الكرامية من المرجئة]‪ .‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالكرامية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قولهم في المسألة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شبههم ونق ُدها‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حكم من ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة‪ .‬وفيه‬
‫مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حكم من ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حكم من أتى بلفظ غير لفظ الشهادتين‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬إيمان األخرس‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬ما يجزئ عن النطق بالشهادتين في الشهادة على‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬شرطا العلم واليقين‪.‬‬
‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط العلم‪.‬‬
‫وتحته تمهيد‪ ،‬وسبعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف العلم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العلم بمعنى الشهادة‪ .‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى العلم الذي يُع ّد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‬
‫ُّ‬
‫وحده‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األدلة على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة التوحيد‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار شرط العلم بمعنى ال إله إال الله‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬العلم بالمشهود له‪ ،‬وهو الله تعالى‪ .‬وتحته ثالثة‬
‫مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬طرق تحصيل العلم بالله تعالى‪ .‬وتحته ثالثة مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬طرق تحصيل العلم بالله تعالى عند أهل السنة‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬اعتراضات المتكلمين على فطرية المعرفة عند أهل السنة‬
‫ودفعها‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬طرق تحصيل العلم بالله عند المتكلمين مع المناقشة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حكم اإليمان بالتقليد‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬معرفة الله عند غالة الصوفية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬من زعم أن العلم بالمشهود له كاف لصحة اإليمان من‬
‫المرجئة مع بيان شبههم ونقدها‪ .‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالمرجئة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ذكر أصحاب هذه المقالة من المرجئة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شبههم في اعتبار العلم بالله كافياً لصحة اإليمان ونقدها‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬زيادة العلم بشهادة أن ال إله إال الله وأثره في‬
‫تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تفاضل الناس في العلم والمعرفة التي في قلوبهم بالشهادة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األسباب المقتضية لهذا التفاضل‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أثر الزيادة في المعرفة التي بالقلب بالشهادة في تكميل‬
‫الشهادة‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬ما يُضا ّد شرط العلم أو ينافيه‪ .‬وتحته تمهيد ومطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الجهل بالمشهود له‪ ،‬وهو الله تعالى‪ .‬وتحته ثالثة مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعالى‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬جهل غالة أهل التعطيل بالله تعالى‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬جهل أهل التشبيه والتمثيل بالله تعالى‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجهل بمعنى شهادة أن ال إله إال الله وأحكامه‪ .‬وتحته تمهيد‬
‫مقصدان‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬من نطق بشهادة أن ال إله إال الله وجهل أصل دعوة الرسل‪،‬‬
‫يحكم بإسالمه؟‬
‫وهو معنى الشهادة هل ُ‬
‫وج ِه َل‬
‫المقصد الثاني‪ :‬من نطق بشهادة أن ال إله إال الله عالماً بأصل معناها‪َ ،‬‬
‫بعض تفاصيل ما ينقضها‪ ،‬هل يُعذر بجهله؟‬
‫المبحث السابع‪ :‬المخالفون في شرط العلم بمعنى ال إله إال الله من‬
‫أهل القبلة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اليقين‪.‬‬
‫وتحته تمهيد‪ ،‬وسبعة مباحث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى اليقين‪ .‬وتحته مطلبان‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى اليقين في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى اليقين شرعاً‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين العلم واليقين‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ح ّد اليقين الذي يُـ َع ّد شرطاً في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬طرق تحصيل اليقين بمعنى شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬األدلة على كون اليقين من شروط شهادة أن ال إله‬
‫إال الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين لصحة‬
‫الشهادة‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط اليقين بشهادة أن ال إله إال الله‬
‫وينقضه‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشك في وجود الله تعالى‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الشك في استحقاق الله وحده للعبادة‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬شرطا الصدق واإلخالص‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط الصدق المنافي للكذب‪.‬‬
‫وتحته تمهيد وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى الصدق‪ .‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الصدق في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى الصدق في االصطالح والشرع وبيان متعلّقه‪.‬‬
‫حد الصدق الذي هو شرط في شهادة أن ال إله إال‬‫المبحث الثاني‪ُّ :‬‬
‫الله‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة على كون الصدق من شروط شهادة أن ال‬
‫إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط الصدق لصحة الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬الرد على من جعل الصدق هو الشرط األوحد لصحة‬
‫اإليمان‪ .‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫ال مطلب األول‪ :‬التعريف بالمقالة مع نسبتها إلى قائليها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شبههم ونقدها‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬زيادة التصديق بشهادة أن ال إله إال الله وأثره‬
‫في تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الصدق في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪ .‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬كفر التكذيب‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النفاق االعتقادي‪ .‬وتحته مقصدان‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬تعريف النفاق االعتقادي‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬حكم المنافق‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الزنديق حكمه‪ ،‬واختالف العلماء في توبته‪ .‬وتحته‬
‫مقصدان‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الزنديق في عرف الفقهاء‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المقصد الثاني‪ :‬حكم الزنديق واختالف العلماء في توبته‪.‬‬


‫المبحث الثامن‪ :‬الفرق بين ِّ‬
‫الصدق واليقين‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط اإلخالص‪.‬‬
‫وتحته تمهيد‪ ،‬وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى اإلخالص لغة وشرعاً‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى اإلخالص في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى اإلخالص شرعاً‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين اإلخالص والنية عند الفقهاء‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة من الكتاب والسنة على اشتراط اإلخالص‬
‫لصحة الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط اإلخالص لصحة‬
‫الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬منـزلة اإلخالص من العبادة‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬أثر قوة اإلخالص في تكميل شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬الفرق بين الصدق واإلخالص‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬ما ينافي شرط اإلخالص‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشرك األكبر‪ .‬وتحته أربعة مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الشرك األكبر‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬أقسام الشرك األكبر وأنواعه‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬حكم الشرك األكبر‪.‬‬
‫المقصد الرابع‪ :‬بيان خطر الشرك األكبر‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الشرك األصغر‪ .‬وتحته خمسة مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الشرك األصغر‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬أقسام الشرك األصغر‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬حكم الشرك األصغر‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المقصد الرابع‪ :‬الفرق بين الشرك األكبر والشرك األصغر‪.‬‬


‫المقصد الخامس‪ :‬الصور التي ينقلب الشرك األصغر فيها شركاً أكبر‪.‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬شرطا المحبة والكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط المحبة لما دلت عليه‬
‫وتحته تمهيد‪ ،‬وسبعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف المحبة‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف المحبة في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف المحبة اصطالحاً‪.‬‬
‫حد المحبة التي هي شرط في شهادة أن ال إله إال‬ ‫المبحث الثاني‪ُّ :‬‬
‫الله‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة على كون المحبة من شروط شهادة أن ال إله‬
‫إال الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار المحبة شرطاً لصحة‬
‫الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬زيادة المحبة وأثرها في تكميل شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬المخالفون في شرط المحبة‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬من نفى شرط المحبة‪ ،‬وهم الجهمية النُّفاة الذين زعموا أن‬
‫ب مع بيان شبههم ونقدها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب وال يُ َح ّ‬
‫الله ال يُح ّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬انحراف غالة الصوفية في معنى محبة الله تعالى‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط المحبة‪ :‬وتحته خمسة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬بغض الله تعالى أو بغض رسوله ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بغض ما جاء عن الله تعالى أو عن رسوله ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شرك المحبة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مواالة أعداء الله ورسوله ‪ .‬وتحته أربعة مقاصد‪:‬‬
‫‪10‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المقصد األول‪ :‬معنى المواالة لغة وشرعاً‪.‬‬


‫المقصد الثاني‪ :‬الفرق بين المواالة والتولي‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬ارتباط المواالة والمعاداة بالشهادتين‪.‬‬
‫المقصد الرابع‪ :‬حكم مواالة أعداء الله ورسوله‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬ترك متابعة النبي ‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫وتحته تمهيد‪ ،‬وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى الكفر بالطاغوت لغة وشرعاً‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رؤؤس الطواغيت‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬صفة الكفر بالطاغوت‪ .‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صفة الكفر االعتقادي بالطاغوت‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صفة الكفر القولي بالطاغوت‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬صفة الكفر العملي بالطاغوت‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على أن الكفر بالطاغوت من شروط شهادة أن‬
‫ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار الكفر بالطاغوت شرطاً‬
‫في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬عالقة شرط الكفر بالطاغوت بشرطي المحبة‬
‫واإلخالص‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الكفر بالطاغوت‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإليمان بالطاغوت‪.‬ويشمل الوجوه التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التوجه له بالعبادة‪[ .‬عبادة الطاغوت]‬
‫‪ 2‬ـ التصديق بالطاغوت وإن لم يُعبَد‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الموافقة لعبدة الطاغوت ولو مع بغضه ومعرفة بطالنه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ التحاكم إلى الطاغوت‪.‬‬
‫حب الشرك وأهله]‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ترك البراءة من الطاغوت‪[ .‬ويشمل ّ‬
‫‪13‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المبحث الثامن‪ :‬أنواع المخالفين في شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬


‫الباب الخامس‪ :‬شرطا القبول واالنقياد‬
‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط القبول‬
‫وتحته تمهيد‪ ،‬وأربعة مباحث‪:‬‬
‫ومتعلَّ ُقه‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى القبول ُ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األدلة على أن القبول من شروط شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار القبول شرطاً في شهادة‬
‫أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬ما ينافي شرط القبول‪ .‬وتحته أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ر ّد ما دلت عليه ال إله إال الله من إخالص التوحيد لله تعالى‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬كفر الجحود‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬كفر العناد‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬عدم التسليم ألمر الله ورسوله ‪ ‬ورفض التحاكم إليهما‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شرط االنقياد بحقوقها‬
‫وتحته تمهيد‪ ،‬وثمانية مباحث‪:‬‬
‫وحده الذي يشترط في شهادة أن ال إله‬‫المبحث األول‪ :‬معنى االنقياد ُّ‬
‫إال الله‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع االنقياد‪ .‬وتحته ثالثة مطالب‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االنقياد القلبي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬انقياد الجوارح‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين انقياد القلب وانقياد الجوارح‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الفرق بين االنقياد والقبول‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على كون االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً‬
‫في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقوق ال إله إال‬
‫الله شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬الموافاة على شهادة أن ال إله إال الله وارتباطها‬
‫بشرط االنقياد‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى الموافاة‪ .‬وتحته مقصدان‪.‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الموافاة لغة‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬معنى الموافاة على كلمة ال إله إال الله وارتباطها بشرط‬
‫االنقياد‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فضل من كان آخر كالمه من الدنيا قول ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط االنقياد بحقوق هذه الكلمة‪ .‬وتحته‬
‫ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ترك العمل المشروع‪ .‬وتحته ثالثة مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬أهمية األعمال وأنها من اإليمان‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬ال ّدراسة والتّحقيق لحكم من ترك مباني اإلسالم بعد‬
‫شهادتين‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فعل المحذور‪.‬‬
‫الردة‪ .‬وتحته خمسة مقاصد‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ِّ :‬‬
‫المقصد األول‪ :‬تعريف ِّ‬
‫الردة لغة‪.‬‬
‫الردة اصطالحاً‪.‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬تعريف ِّ‬
‫المقصد الثالث‪ :‬أقسام ِّ‬
‫الردة‪.‬‬
‫المقصد الرابع‪ :‬شروط ثبوت ِّ‬
‫الردة‪.‬‬
‫المقصد الخامس‪ :‬األحكام المترتبة على ِّ‬
‫الردة بعد ثبوتها‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬المخالفون في شرط االنقياد‪.‬‬
‫توصلت إليها من خالل البحث والدراسة‬
‫الخاتمة‪ :‬وفيها ذكر أهم النتائج التي َّ‬
‫لجوانب هذا الموضوع مع المقترحات والتوصيات‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫عملي ومنهجي في كتابة الرسالة‬


‫وقد سرت في كتابة الرسالة على المنهج التالي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ جمع المادة العلمية من مظانها المعتبرة ـ مع محاولة االستقصاء ـ‪ ،‬وذلك‬
‫بالرجوع إلى المراجع األصيلة‪ ،‬وما دونه أهل العلم لنا من تراث رائق في تقرير‬
‫هذه الشروط‪ ،‬وقد أخذ ذلك مني وقتاً وجهداً كبيراً‪.‬‬
‫ف بالزيادة أو‬‫‪ 2‬ـ أنسب كل قول إلى قائله مع المحافظة على نص كالمه دون تصر ٍ‬
‫بالنقص‪ ،‬إال إذا اقتضى المقام حذف بعض الكالم لعدم مناسبته المقام‪ ،‬أو زياد ًة‬
‫يقتضيها السياق مع البيان في الهامش‪ ،‬وذلك رجاءَ الحصول على بركة العلم‪ ،‬وأداءً‬
‫لألمانة العلمية وقبوالً لنصيحة اإلمام النووي ـ رحمه الله ـ حيث قال‪(( :‬ومن النصيحة‬
‫أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها‪ ،‬فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله‪.‬‬
‫ومن أوهم ذلك فيما يأخذه من كالم غيره أنه له‪ ،‬فهو جدير أن ال ينتفع بعلمه‪ ،‬وال‬
‫يبارك له في حاله‪ .‬ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائليها‪ ،‬نسأل‬
‫الله تعالى التوفيق لذلك دائماً))(‪.)1‬‬
‫‪ 3‬ـ قد أستخدم في بعض األحيان لفظ "قلت" ال ألن المقول هو قولي‪،‬‬
‫ص ٍل بين كالم عالم وآخر؛ إذ ليس لي‬ ‫ولكن كأداة ربط بين الجمل والفقرات‪ ،‬وفَ ْ‬
‫في هذا العمل سوى الجمع والترتيب ألقوال العلماء السابقين‪ ،‬والله المستعان‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ عزو اآليات إلى سورها باألرقام في المتن‪ ،‬وذلك تخفيفاً من الهوامش التي‬
‫تثقل الرسالة وتزيد من الحجم في غير حاجة‪.‬‬
‫خرج الحديث ألول وروده؛ فإن كان في الصحيحين اكتفيت بعزوه‬ ‫‪ 5‬ـ أ ِّ‬
‫إليهما‪ ،‬ألن المقصود بيان صحته‪ ،‬وإن كان في غيرهما خرجته من كتب السنة‬
‫ِّ‬
‫المتقدمين والمتأخرين‪.‬‬ ‫األخرى مع الحكم عليه من خالل أقوال أهل العلم من‬
‫‪ 2‬ـ الترجمة لألعالم غير المشهورين ممن يردون في الرسالة‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ التعريف بالفرق واألماكن والبقاع‪.‬‬

‫(‪ )1‬بستان العارفين (ص‪ 00 :‬ـ ‪.)03‬‬


‫‪21‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫‪ 3‬ـ التزام خطة الرسالة‪ ،‬وعدم الخوض فيما لم ينص عليه‪ ،‬وذلك وفاءً بالعهد‬
‫الضمني في الئحة الدراسات‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ عند بداية كل شرط من شروط كلمة الشهادة افتتح بتمهيد أذكر فيه وجه‬
‫اشتراط ذلك الشرط‪.‬‬
‫بكل شرط في اللغة واالصطالح‪.‬‬ ‫عرف ِّ‬ ‫ـ أ ِّ‬ ‫‪17‬‬
‫‪ 17‬ـ أدلِّل على كل شرط من الكتاب والسنة ومن العقل‪ ،‬وأذكر اإلجماع ـ إن وجد‬
‫ـ وذلك لما في اإلجماع من قوة التوثيق وزيادة التأكيد‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أبين وجه الداللة من كل دليل استدللت به في تقرير هذه الشروط‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ أنقل كالم أهل العلم في اعتبار هذه الشروط مع التعليق‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ أبين الفروق بين الشروط المتالزمة والمتداخلة‪.‬‬
‫الفَرق المخالفة في كل شرط من هذه الشروط ـ إن وجدت ـ مع بيان‬ ‫‪ 13‬ـ أذكر ِّ‬
‫الرد عليهم‪.‬‬
‫وجه مخالفتهم و َّ‬
‫‪ 10‬ـ أبين ما ينافي كل شرط من المخالفة‪ ،‬لما في ذلك من التقرير وزيادة التعزيز؛‬
‫وكما قيل‪:‬‬
‫ض ِّدها تَـتَميَّـز األَ ْشيَاء(‪.)1‬‬
‫وبِّ ِّ‬
‫ومنهجي في ذلك أن أبيِّن ما ينافي األصل (= الشرط) ثم أردف ذلك بما ينافي‬
‫الكمال الواجب وذلك ليحصل التمييز بين ما ينافي األصل وما ينافي الكمال‬
‫المكفرات وغيرها؛ فكم‬‫ِّ‬ ‫الواجب لتتبيَّن الحدود وتتميَّز المراتب وينتفي الخلط بين‬
‫وقع الناس في الغلط بسبب عدم العلم بحدود األشياء ومراتبها‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ ثم هنالك بعض الرموز واالصطالحات‪:‬‬
‫شيخ اإلسالم فالمقصود شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ إذا أطلقت َ‬
‫‪ 2‬ـ إذا أطلقت مجموع الفتاوى فالمقصود به مجموع فتاوى ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الرمز (ح) لرقم الحديث‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ الرمز (ص) لكلمة "صفحة"‪.‬‬

‫(‪ )1‬البيت للمتنبي‪ ،‬وهو في في ديوانه مع شرحه ألبي البقاء العكبري (جـ‪ .)22/1‬وصدره‪:‬‬
‫ِّ‬
‫((ونذيمهم َوبِّ ِّه ْم َعَرفْـنَا فَ ْ‬
‫ضلَه))‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫وباإلضافة لما سبق ذكره من المنهج فإن عملي في البحث‪ ،‬هو دراسة هذه‬
‫الشروط دراسة تأصيلية ِّ‬
‫بردها إلى النصوص الشرعية وكالم السلف واألئمة‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ كما قمت بوضع فهارس علمية في نهاية البحث تسهل االستفادة منه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ فهرس اآليات القرآنية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ فهرس اآلثار‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ فهرس المصطلحات العلمية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ فهرس األعالم المترجم لهم‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ فهرس الطوائف والفرق‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ثبت المصادر والمراجع‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فهرس الموضوعات‪.‬‬
‫والله المسئول بمنه وكرمه أن يغفر لي خطئي وزللي وأن يجعل هذا العمل خالصاً‬
‫لوجهه الكريم‪ ،‬وأن يكون ذخراً لي عنده يوم ألقاه‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫كلمةُ الشك ِر والتقدير‬


‫البحث الذي أ َْرج ْو أن أكو َن قمت بما يلزم‬ ‫ِّ‬ ‫إلتمام هذا‬‫ِّ‬ ‫أوالً‪ :‬أشكر اللهَ ‪ ‬أن وفقني‬
‫فِّْي ِّه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الناس» فإني أشكر حكومةَ‬ ‫ثانياً‪ :‬عمالً بقوله ‪« :‬ال يَ ْشكر اللهَ من ال يَ ْشكر َ‬
‫هذه ال َفْت ِّرة التي‬ ‫رعاية ِّطيلةَ ِّ‬‫عون‪ ،‬وحس ِّن ٍ‬ ‫السعودية على ما قَدَّمْته لنا من ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫المملكة العر ِّ‬
‫بية‬ ‫ِّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫العظيمة في خ ِّ‬
‫دمة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الجهود‬ ‫يبارك لهم في‬ ‫كة‪ .‬فالله أسأل أَ ْن َ‬ ‫الجامعة المبار ِّ‬
‫ِّ‬ ‫قضيناها في هذه‬
‫لكل خي ٍر‪.‬‬ ‫ورعاية أحو ِّال المسلمين‪ ،‬وأن يوفِّق قادةَ هذه ِّ‬
‫البالد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يقدمونَه ِّمن ِّخ ْد ٍ‬
‫مات‬ ‫وجميع شعبِّها على ما ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الجام ََعةَ ممثلةً في ِّ‬
‫مديرها‬ ‫كما أشكر هذه ِّ‬
‫ْ‬
‫ِّ‬
‫الجامعة‪.‬‬ ‫افدين على هذه‬ ‫لطالب ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫العلم الو َ‬ ‫جليلة‬
‫ِّ‬
‫بالشكر‬ ‫وجميع أساتذتِّها‪ ،‬وأخص‬ ‫ِّ‬ ‫دين ممثلةً في ِّ‬
‫عميدها‬ ‫أصول ال ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الدعوة و ِّ‬ ‫كما أشكر كليةَ‬
‫اسات العليا‪،‬‬ ‫اصلة في الدر ِّ‬ ‫العقيدة على إتاحتِّ ِّهم لِّي هذه الفرصةَ الثمينةَ للمو ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫منهم أعضاء قِّ ْس ِّ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫العلم النافع‪.‬‬ ‫يد من ِّ‬ ‫تحصيل المز ِّ‬
‫ِّ‬ ‫بعد اللِّه ‪ ‬ـ على‬ ‫كانت َع ْوناً لي ـ َ‬ ‫والتي ْ‬
‫بالشكر و ِّ‬
‫التقدير‬ ‫ِّ‬ ‫الفضل ألهلِّه‪ ،‬لِّذا فأتقدم‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫علي أَ ْن أثْبِّ َ‬ ‫اجب َّ‬ ‫ثم إني أرى ِّم ْن الو ِّ‬
‫عبد الرحمن أبو سيف‬ ‫بن ِّ‬ ‫محمد ِّ‬‫ِّ‬ ‫الشيخ الدكتور‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فضيلة‬ ‫األديب ومعلِّ ِّمي األر ِّ‬
‫يب‬ ‫ِّ‬ ‫لشيخي‬‫ِّ‬
‫فيه َما ِّمْنه ح ْس َن تَـ ْوِّج ِّيهه‪،‬‬ ‫اسة لم َِّ ْست ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مرحلتين م ْن البحث والدر َ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫علي‬
‫صبره َّ‬‫الج َهني َعلَى ِّ‬
‫األدب قَـْب َل العِّْل ِّم‪ ،‬وأفدت ِّمْنه كثيراً‬ ‫وزهده‪ ،‬فقد تعلمت ِّمْنه‬ ‫وخلقه‪ ،‬وأدبِّه ِّ‬ ‫علمه ِّ‬ ‫وأفدت من ِّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫وتعديل الم ْع َو ْج‪ ،‬فَـ َق ْد‬ ‫ِّ‬
‫الخطأ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫تصويب‬ ‫الله تعالى في‬ ‫بعد ِّ‬ ‫نعم المعِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫ين َ‬ ‫منهجياً وع ْلمياً‪ ،‬فكا َن َ‬
‫كم كان حريصاً على‬ ‫ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أثر با ٌرز على الرسالة‪َ ،‬ويَـ ْعلم الله ْ‬ ‫كا َن لعنايته َوَمتابعته َودقة عبَاراته ٌ‬
‫البحث‪ ،‬فإني ال أ َْملِّك إال‬ ‫ِّ‬ ‫ضرورياً إلثر ِّاء هذا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫إفادتي‪ ،‬فكا َن م ْن ح ْر ِّصه يكتب بيده ما يراه َ‬
‫كة العمر والحال‪.‬‬ ‫كة الذر ِّية‪ ،‬وبر ِّ‬ ‫كة العِّ ِّلم‪ ،‬وبر ِّ‬‫أَ ْن أدعو له ببر ِّ‬
‫َ‬
‫اب‪.‬‬
‫األجر والثو َ‬ ‫أجزل لَه َ‬ ‫فجزاه الله عني خيراً و َ‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود في سننه (‪ )255/0‬ح (‪ ،)0311‬وأحمد في المسند (‪ ،)215/2‬والطبراني في الكبير‬
‫(‪ ،)115/1‬وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ )137/3‬وقال‪ :‬رجاله ثقات‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫الشيخ‬ ‫ِّ‬
‫فضيلة ِّ‬ ‫يمي َن‬ ‫ِّ‬
‫ض َو ْي المناقشة ال َك ِّر ْ‬ ‫التقدير لِّع ْ‬
‫بالشكر و ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫كما ال يفوتني أيضاً أَ ْن َ‬
‫أتقدم‬
‫األستاذ الدكتور ِّ‬
‫عبد الله ِّ‬
‫بن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وفضيلة‬ ‫الم ْدخلي‬ ‫ِّ‬ ‫بيع ِّ‬ ‫محم ِّد بن ِّ‬
‫بن هادي ع َمير َ‬ ‫الشيخ ر ِّ‬ ‫الدكتور َّ‬
‫يدها على‬ ‫صها وتَس ِّد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫سليما َن الغ َفْيلي ـ َحفظَه َما الله ـ قَـبو َلهما مناقشةَ َهذه الرسالة لتقويمها َوفَ ْح َ ْ‬
‫األجر والمثوبةَ‪.‬‬ ‫أجزل لهما َ‬ ‫الكثيرة؛ فجزاهما الله خيراً و َ‬ ‫ِّ‬ ‫غم من أشغالِّ ِّهما وأعبائِِّّهما‬ ‫الر ِّ‬
‫َ‬
‫البحث‪ ،‬فلَه الحمد أوالً‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إلتمام هذا‬ ‫ووفق‬
‫يسَر َ‬ ‫وأخيراً؛ فإني أحمد اللهَ كثيراً َعلَى ما َّ‬
‫حول لي وال قوةٌ‬ ‫الثناء‪ .‬فإني ال ٌ‬ ‫المحامد وأفر ِّاد ِّ‬
‫ِّ‬ ‫وآخراً‪ ،‬باطناً وظاهراً بما هو أهله من أنو ِّاع‬
‫البحث‪ ،‬وما خالف الصواب فهو ِّمن ضع ِّفي ِّ‬
‫وم ْن‬ ‫ِّ‬ ‫اب هذا‬ ‫المتفضل بصو ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫إال به‪ ،‬فهو‬
‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فتلك مرتبةٌ ال يد ِّعيها‬ ‫الكمال‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الشيطان‪ .‬والله ورسوله منه بريئان‪ .‬فال أ ََّد ِّعي أنَّنِّي قَ ْد بلغت‬
‫صى َج ْه ِّدي‪ .‬فهذا‬ ‫ِّ‬
‫ذاهل عن َع ْج ِّزه‪ ،‬ولكني َحَرصت على ما يؤديه أَقْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ه‬‫ف‬‫إال جاهل بِّضع ِّ‬
‫ٌ َْ‬
‫المقل‪ ،‬وأقول لِّ َم ْن قَـَرأَه‪:‬‬ ‫َج ْهد ِّ‬
‫الع ْجـ َـز‬‫ـرف بالجه ـ ِّـل و َ‬ ‫معتـ ٌ‬ ‫فإن الـذي قَـد كتب ْـه‬ ‫العيب َّ‬ ‫لح َ‬ ‫َص ِّ‬‫أْ‬
‫أرجو أ ْن‬
‫أطويها‪ ،‬و ْ‬ ‫الشروط ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫تحقيق هذه‬‫ِّ‬ ‫صفحةٌ ِّم ْن َح َس ِّن الكالم في‬ ‫وفي الختام‪ ،‬فهذه َ‬
‫ِّ‬
‫مضامينَها ومعانِّيَها‪ ،‬وقمت بما‬ ‫ِّ‬ ‫وقبل ذلك حققت‬ ‫الحق فيها‪َ ،‬‬ ‫القول َ‬ ‫أكو َن قد حررت َ‬
‫وغاويها‪ .‬وإن أصبت فمن الله‬ ‫فروعها ومبانِّيها‪ .‬فإن أخطأت فمن نفسي ِّ‬ ‫تقتضيِّه من ِّ‬ ‫ِّ‬
‫للقول الصواب فيها‪.‬‬ ‫مس ِّديها‪ ،‬وأحمده أن وفقني ِّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬ ‫وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وسبحانَك اللهم‬
‫‪25‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫الدراسات السابقة حول الموضوع‬


‫هذا الموضوع على الرغم من أهميته إال أنه لم يعنى بالدراسة التأصيلية الوافية التي‬
‫ت‬‫ارد مباحثه‪ ،‬ولكن هناك دراسات يسيرة حول هذه الشروط تناول ْ‬ ‫تلم ِّ‬
‫متفر َق مسائله وشو َ‬
‫وجه من اإليجاز ليس على غرار البحث العلمي‬ ‫التعريف بها والشرح ألدلتها‪ ،‬وذلك على ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الذي من سماته الشمول واالستقصاء‪ ،‬وهي جهود مشكورة لما فيها من التعريف بهذه‬
‫الشروط والبيان ألهميتها‪ .‬ومن أبرز هذه الدراسات ما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ((معارج القبول للحكمي))‪ :‬وقد تضمن شرحاً مقتضباً لهذه الشروط في حدود عشرة‬
‫ـ (‪ )11‬ـ صفحات تقريباً‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ((تيسير اإلله بشرح أدلة شروط ال إله إال الله)) لفضيلة الشيخ عبيد الجابري ـ حفظه الله‬
‫ـ‪ .‬وهو في حدود الخمسين ـ (‪ )01‬ـ صفحة من مقاس الحجم المتوسط‪ .‬وهو في شرح أدلة‬
‫َّ‬
‫استدل به‬ ‫شروط "ال إله إال الله"‪ .‬جاء في مطلعه‪(( :‬أما بعد‪ ،‬فهذا مختصر ضمنته شرحاً لما‬
‫إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ على شروط ال إله إال الله وسميته تيسير اإلله‬
‫بشرح أدلة شروط "ال إله إال الله"))‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ((شروط ال إله إال الله)) تأليف‪ :‬الدكتور عواد بن عبد الله المعتق‪ ،‬وهو في حدود الستين‬
‫صفحة‪ ،‬جله في أدلة هذه الشروط‪ ،‬وتحديد مفهومها‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ((معنى ال إله إال الله وشروطها)) تأليف‪ :‬صالح بن محمد العليوي‪ .‬وهو بحث مختصر‬
‫جداً‪ ،‬ما يتعلق منه بالشروط في حدود ستة ـ (‪ )6‬ـ صفحات من مقاس الحجم الصغير‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ ((الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما))‪ ،‬وهي رسالة لطيفة لفضيلة الشيخ عبد الله‬
‫بن عبد الرحمن بن جبرين ـ حفظه الله تعالى‪ .‬ما يتعلَّق منها بالشروط ذكره في المبحث‬
‫الخامس في حدود عشرة ـ (‪ )11‬ـ صفحات من الحجم المتوسط من (ص‪ 113/‬ـ ‪.)113‬‬
‫نشر دار الوسيلة للنشر والتوزيع‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ((معنى ال إله إال الله ومقتضاها وآثارها في الفرد والمجتمع)) تأليف‪ :‬د‪.‬صالح الفوزان ـ‬
‫حفظه الله ـ وهي رسالة مختصرة جداً ما يتعلق بالشروط منها في حدود صفحتين فقط من‬
‫(ص‪11/‬إلى ص‪ .)11/‬طبعة الجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬عام (‪ )1413‬هـ‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫‪ 7‬ـ ((الشهادتان حقيقتهما وأثرهما)) وهي رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير من قسم‬
‫العقيدة والمذاهب المعاصرة‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض‪ ،‬أعدها‬
‫الطالب‪ :‬محمد يوسف سنيك عام (‪ )1412‬هـ‪.‬‬
‫ما يتعلق منها بشروط شهادة أن ال إله إال الله في حدود أربع عشرة صفحة من‬
‫(ص‪ 120/‬إلى ص‪.)131/‬‬
‫وهو بحث مجمل ذكر فيه طرفاً من أدلة هذه الشروط مع تحديد مفهومها بإيجاز‪.‬‬
‫اإلضافات الجديدة لألعمال السابقة‪:‬‬
‫هذا البحث ـ كما هو مخطط له ـ سيحظى بحول الله وقوته ـ باإلضافات التالية‬
‫لألعمال السابقة‪ ،‬والتي هي بمثابة األهداف الرئيسة للكتاب حول هذا الموضوع‪:‬‬
‫مباحث وأحكام في مؤلف خاص؛ حيث إن من ألف‬ ‫َ‬ ‫‪ 1‬ـ جمع ما يتعلق بهذه الشروط من‬
‫المباحث المهمة المتعلقة بهذه الشروط كما يرى لعين‬ ‫َ‬ ‫في هذه الشروط قد أغفل الكثير من‬
‫الناظر في الدراسات السابقة حول هذه الشروط حيث يجد أنها دراسات مقتضبة ال تتعدى‬
‫الصفحات اليسيرة جلها في التعريف بهذه الشروط ِّ‬
‫وعدها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بيان مرادهم بالشرط في شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫فصل في ِّ‬
‫عدها‬ ‫عد هذه الشروط والتأليف بين قول من أجمل أو َّ‬ ‫‪ 3‬ـ ذكر خالف الناس في ِّ‬
‫من أهل السنة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الرد على المنكرين لهذه الشروط من مرجئة العصر‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ مزيد من االستقصاء ألدلة هذه الشروط من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ المزيد من جمع أقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين في اعتبار هذه الشروط‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ بيان ما يخالف هذه الشروط وينقضها‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ تحقيق بعض المسائل المشكلة من مسائل اإليمان واألحكام المتعلقة بهذه الشروط‬
‫والتي قد طال حولها الجدل ـ ال سيما في هذا الوقت ـ‪ ،‬وذلك على ضوء نهج السلف وكالم‬
‫أئمة الدعوة وعدم الشذوذ والخروج عن كالمهم ـ ال سيما علماء هذه البالد ـ إذ هم من أعلم‬
‫الناس بهذه المسائل‪ :‬كمسألة العذر بالجهل وترك جنس العمل‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ شرط الكفر بالطاغوت وما يتعلَّق به من مباحث وأحكام‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ الموافاة على كلمة اإلخالص وما يتعلق بها من مسائل‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫االفتتاحية‬
‫في لمحة موجزة في تعريف توحيد األلوهية‪ ،‬وأهميته‪ ،‬وضرورة االشتغال بدعوة الناس‬
‫إليه مع بيان معنى التوحيد وأقسامه‬
‫أقول‪ :‬من الغرابة أن يحتاج الناس إلى شرح مفهوم توحيد األلوهية الذي هو في الوضوح‬
‫أشد من الشمس المنيرة؛ لتضافر النصوص على بيانه وتتابعها على تبيانه‪ .‬ولكن هذه الغرابة‬
‫سرعان ما تزول إذا نظر الواحد ِّمنَّا في كثرة المخالفين في هذا التوحيد بسبب ما حصل لهم‬
‫شتباه في مفهومه وذلك بسبب ما أدخله علماء الكالم(‪ )1‬وغيرهم في مس َّماه من ٍ‬
‫معان‬ ‫من ا ٍ‬
‫مسمى التوحيد‪ ،‬ونسبوا‬
‫بعيد وال من قريب‪ ،‬فنسبوا نفيهم الصفات إلى َّ‬ ‫ال يدل هو عليها من ٍ‬
‫مسمى التوحيد(‪ ،)2‬فكان خليقاً بأهل الحق أن يبينوا حقيقة هذا التوحيد‬
‫شركهم باألموات إلى َّ‬
‫وصفاءَه مما نسب إليه مما ال يدخل تحته‪ ،‬وهذا ما تضافرت عليه جهود أهل السنة منذ‬
‫ظهور البدع وإلى يومنا هذا‪.‬‬
‫يقول الشيخ عبد الرحمن المعلِّمي(‪ )3‬ـ رحمه الله ـ في مطلع كتابه (رفع االشتباه عن‬

‫(‪ )1‬علماء الكالم نسبة إلى علم الكالم سموا بذلك لكونهم يكثرون الكالم في مسائل الغيبيات وإخضاعها لعقولهم‪،‬‬
‫لزعمهم أن دالالت العقول قطعية يقينية ودالالت النصوص ظنية‪ .‬انظر‪ :‬شرح المقاصد (‪ ،)6/1‬ودرء تعارض‬
‫العقل والنقل (‪.)3/6‬‬
‫(‪ )2‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬لفظ التوحيد والتنزيه والتشبيه والتجسيم ألفاظ قد دخلها االشتراك‪،‬‬
‫بسبب اختالف اصطالحات المتكلمين وغيرهم‪ ،‬وكل طائفة تعني بهذه األسماء ما ال يعنيه غيرهم‪ .‬فالجهمية‬
‫من المعتزلة وغيرهم يريدون بالتوحيد والتنـزيه‪ :‬نفى جميع الصفات‪ ،‬وبالتجسيم والتشبيه‪ :‬إثبات شيء منها‪ ،‬حتى‬
‫إن من قال‪ :‬إن الله يرى أو إن له علماً فهو عندهم مشبه مجسم‪ .‬وكثير من المتكلمة الصفاتية يريدون بالتوحيد‬
‫والتنـزيه‪ :‬نفى الصفات الخبرية‪ ،‬أو بعضها‪ .‬وبالتجسيم والتشبيه‪ :‬إثباتها أو بعضها‪ .‬والفالسفة تعني بالتوحيد ما‬
‫تعنيه المعتزلة وزيادة‪،‬حتى يقولون‪ :‬ليس له إال صفة سلبية أو إضافية أو مركبة منهما‪ .‬واإلتحادية تعني بالتوحيد‪:‬‬
‫أنه هو الوجود المطلق‪ ،‬ولغير هؤالء فيه اصطالحات أخرى‪ .‬وأما التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به‬
‫الكتب فليس هو ِّ‬
‫متضمناً شيئاً من هذه االصطالحات‪ ،‬بل أمر الله عباده أن يعبدوه وحده ال يشركوا به شيئاً؛‬
‫فال يكون لغيره نصيب فيما يختص به من العبادة وتوابعها‪ .‬هذا في العمل‪ .‬وفي القول هو اإليمان بما وصف به‬
‫نفسه ووصفه به رسوله ‪[ .))‬مجموع الفتاوى (‪ 157/0‬ـ ‪.])151‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن محمد العْتمي المعلمي اليماني ثم المكي‪ ،‬نسبته إلى بالد عتمة باليمن‪،‬‬
‫عالم محقق في السنة‪ ،‬كانت والدته في أواخر سنة (‪ )1312‬هـ‪ ،‬ووفاته في أوائل سنة (‪ )1332‬هـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫األعالم للزركلي (‪.)302/3‬‬
‫‪23‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫معنى العبادة واإلله)‪(( :‬أما بعد‪ :‬فإني تدبرت الخالف المستطير بين األمة في القرون‬
‫المتأخرة في شأن االستغاثة بالصالحين الموتى وتعظيم قبورهم ومشاهدهم‪ ،‬وتعظيم بعض‬
‫المشايخ األحياء‪َ ،‬وَز ْعم بعض األمة في كثير من ذلك أنه شرك‪ ،‬وبعضها أنه بدعة‪ ،‬وبعضها‬
‫أنه من الدين الحق‪ .‬ورأيت كثيراً من الناس قد وقعوا في تعظيم الكواكب والروحانيين مما‬
‫يطول شرحه‪ ،‬وهو موجود في كتب التنجيم والتعزيم(‪ ،)1‬كشمس المعارف(‪ )2‬وغيرها‪.‬‬
‫وعلمت أن مسلماً من المسلمين ال يقدم على ما يعلم أنه شرك وال تكفير من يعلم أنه‬
‫غير كافر‪ ،‬ولكنه وقع االختالف في حقيقة الشرك‪ ،‬فنظرت في حقيقة الشرك فإذا هو‬
‫باالتفاق‪ :‬اتخاذ غير الله ‪ ‬إلهاً من دونه‪ ،‬أو عبادة غير الله ‪ .)3(‬فانتقل النظر إلى‬
‫معنى اإلله والعبادة فإذا فيه اشتباه شديد‪ ،‬فإن أصح األقوال في تفسير "إله" قولهم‪ :‬معبود‬
‫أو معبود بحق‪ ،‬ومعنى العبادة مشتبه كذلك ـ كما سنراه إن شاء الله ـ‪ .‬فعلمت أن ذلك‬
‫االشتباه هو سبب الخالف‪ ،‬وإذاً الخطر أشد مما يظَن‪ ،‬ألن الجهل بمعنى اإلله يلزمه‬
‫الجهل بمعنى كلمة التوحيد؛ "ال إله إال الله" وهي أساس اإلسالم وأساس جميع الشرائع‬
‫الحقة‪ ،‬قال الله ‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫[األنبياء‪.)4())]25:‬‬ ‫ﭠ‬
‫وقال أبو األعلى المودودي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإذا كان الرجل ال يعرف ما اإلله‪ ،‬وما معنى‬
‫الرب‪ ،‬وما العبادة‪ ،‬وما تطلق عليه كلمة الدين فال جرم‪ ،‬أن القرآن كله سيعود في نظره‬
‫فهم من معانيه شيئاً‪ ،‬فال يقدر أن يعرف حقيقة التوحيد‪ ،‬أو يتفطَّن إلى‬‫كالماً م ْه َمالً ال يَ َ‬
‫ماهية الشرك‪ ،‬وال يستطيع أن يخص عبادته بالله سبحانه أو يخلص دينه لله‪ .‬وكذلك إذا‬

‫(‪ )1‬التعزيم‪ :‬من العزائم‪ ،‬وهي الرقى‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب (‪.)113/1‬‬
‫(‪ )2‬كتاب "شمس المعارف" ألحمد بن علي البوني‪ ،‬كتاب سحر وشعوذة‪ ،‬وهو مليء بالشرك ـ والعياذ بالله تعالى‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن جبرين ـ حفظه الله ـ ‪(( :‬هذا الكتاب من كتب الخرافيين‪ ،‬وقد شحنه مؤلفه باألكاذيب والخرافات‬
‫الباطلة‪ ،‬وفيه عقائد باطلة يكفر من اعتقدها‪ ،‬وهو أيضاً مليء بأمور السحر والكهانة‪ ،‬وأكثر من يقتنيه هم‬
‫السحرة وأهل الشعوذة‪ ،‬وقد حصل بسببه مفاسد وأضرار أوقعت جماعات كثيرة في أنواع من الكفريات والضاللة‬
‫والضرر باألمة)) [نقالً عن كتب حذر منها العلماء (‪ )120/1‬للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان]‪.‬‬
‫(‪ )3‬سيأتي تعريف الشرك وأق وال أهل العلم في حده‪ .‬في شرط اإلخالص وما ينافيه‪ .‬انظر‪( :‬ص‪522 :‬‬
‫ـ ‪.) 523‬‬
‫(‪ )4‬رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص‪ 31 :‬ـ ‪.)32‬‬
‫‪21‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫كان مفهوم تلك المصطلحات غامضاً متشابهاً في ذهن الرجل‪ ،‬وكانت معرفته بمعانيها‬
‫ناقصة فال شك أنه يلتبس عليه كل ما جاء به القرآن من الهدى واإلرشاد‪ ،‬وتبقى عقيدته‬
‫وأعماله كلها ناقصة مع كونه مؤمناً بالقرآن))(‪.)1‬‬
‫وقد ذكر النعمي ـ رحمه الله ـ(‪ )2‬سبب االلتباس في معنى هذا التوحيد مع ظهوره في‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬فقال‪(( :‬وال إله إال الله كيف التبس مثل هذا‪ ،‬وهو من أبين البيِّنات‪ ،‬وأوضح‬
‫الواضحات؟ متداول الدالئل‪ ،‬متجاذب األهداب‪ ،‬متلو بكرة وعشية‪ ،‬مقروء في الصلوات‪،‬‬
‫دائر في األلسنة‪ ،‬يأثره الحر والعبد‪ ،‬والذكر واألنثى‪ ،‬والصغير والكبير!!‬
‫ال جرم لما كان مالك الجميع وحاصل مبلغهم‪ ،‬وغايتهم‪ :‬التالوة دون التدبر والصورة‬
‫المقدمات دون المقاصد‪ ،‬والجسد دون الروح‪ :‬خفي عليهم ذلك‪ ،‬وأنى لهم‬ ‫دون المعنى‪ ،‬و ِّ‬
‫ذلك؟ وقد منعهم سادتهم وكبراؤهم من أهليهم‪ ،‬ومن يقوم عليهم ويسوسهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬كتاب‬
‫الله حجر محجور‪ ،‬ال يستفاد منه‪ ،‬وال يقتبس من أنواره‪ ،‬وال ينال ما فيه؛ ألن رجاله قد‬
‫ذهبوا‪ ،‬وليس هذا الزمان صالحاً أن يكون فيه أحد كأولئك في أصل هذا الباب‪ ...‬وإال‬
‫فلوال ذلك لكانت هذه المسألة من أظهر الظواهر‪ ،‬لما أن العناية في شأنها أتم وأكمل‪،‬‬
‫والقصد إليها بالتكرير والتقرير والبيان في كتاب الله أكثر وأشمل‪ .‬فإنها روح المطلوب‪،‬‬
‫وعماد ما سئله المربوب‪ ،‬ودرجة الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬والصيام‪ ،‬وأفراد العبادة‪ :‬بعد تلك‬
‫االسطوانة العامة‪ .‬والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم))(‪.)3‬‬
‫فذكر ـ رحمه الله ـ من أسباب هذا االلتباس تقليد المشايخ‪ ،‬وترك النظر في دالالت‬
‫النصوص الشرعية‪.‬‬
‫وهذا السبب ذكر المعلِّمي ـ رحمه الله ـ أنه من أسباب االشتباه في معنى العبادة واإلله‬

‫(‪ )1‬المصطلحات األربع في القرآن الكريم (ص‪ 0 :‬ـ ‪.)3‬‬


‫(‪ )2‬هو العالمة األثري‪ ،‬الناقد السلفي‪ ،‬أبو محمد حسين بن مهدي بن ِّ‬
‫عز الدين النـ ْعمي‪ ،‬من أعيان القرن الثاني‬
‫عشر‪ ،‬تتلمذ على اإلمام الصنعاني بل كان من أخص تالميذه‪ ،‬له من المؤلفات‪(( :‬معارج األلباب في مناهج‬
‫الحق والصواب))‪ ،‬و((مدارج العبور على مفاسد القبور))‪ ،‬و((النجم الزاهر في تحقيق االنتساب إلى طريق اآلل‬
‫األطاهر))‪ .‬كانت والدته بصبيا سنة (‪ )1131‬هـ‪ ،‬ووفاته بصنعاء سنة (‪ )1130‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته مستوفاه في‬
‫مقدمة كتاب معارج األلباب في مناهج الحق والصواب بتحقيقي‪ .‬طبعة‪ :‬دار المغني‪.‬‬
‫(‪ )3‬معارج األلباب (‪ 011/2‬ـ ‪.)012‬‬
‫‪37‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫فقال‪(( :‬فقد اتضح لك إن شاء الله تعالى اضطرار كل مسلم إلى معرفة معنى ال إله إال الله‪،‬‬
‫فأما كون معرفتها متوقفة على معرفة معنى إله فواضح‪ .‬ولنبين لك اآلن ما وقع فيه من‬
‫االشتباه ـ يعني االشتباه في توحيد العبادة ـ‪:‬‬
‫اعلم أنني تتبعت عبارات أهل العلم في تفسير لفظ "إله" فوجدتهم كالمجمعين على أن معناه‪:‬‬
‫معبود بحق‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬معبود‪ .‬وسيأتي نقل عباراتهم والكالم عليها إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫ولكن كلمة ((معبود)) تحتاج إلى تفسير‪ ،‬فتتبعت عباراتهم في معنى العبادة‪ ،‬فإذا هي ما‬
‫بين مجمل ومنقوض‪ ،‬كما ستَ ِّرد عليك إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫وتتبعت عقائد أهل القرون المتأخرة من الفرق المختلفة‪ ،‬فوجدت أكثرهم يبنون اعتقادهم‬
‫على التقليد‪ ،‬ثم يدافعون عنه باستدالل ناقص‪ ،‬فيحتجون بما ليس بحجة أصالً‪ ،‬وبما هو‬
‫في نفسه حجة‪ ،‬ولكن ال داللة فيه على مدَّعاهم‪ ،‬وبما فيه داللة على مدَّعاهم بحسب‬
‫الظاهر‪ ،‬ولكن تخالف تلك الداللة أدلة أخرى‪ ،‬فيترك المستدل تلك األدلة‪ ،‬أو يتأول ما‬
‫لصاع بالطعن والتشنيع على مخالفه‪ ،‬والتنفير منه‪.‬‬ ‫يسهل عليه تأويله‪ ،‬ثم يوفي ا َ‬
‫وقد تكون الدعوى حقاً في نفسها‪ ،‬ولكن المدَّعي قصر عن إثباتها‪ ،‬فلم ِّ‬
‫يأت إال بما‬
‫يعارضه بمثله أو أقوى منه‪.‬‬
‫يمكن مخالفه أن َ‬
‫وأرى أن أذكر لك أهم األمور التي كثيراً ما ي ْستَـنَد إليها في االعتقاد‪ ،‬وليست بصالحة‬
‫لالستناد‪ ،‬وأنبه على ما فيها‪.‬‬
‫فمن تلك األمور‪ :‬التقليد))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫وهناك أسباب غير التقليد َّأدت لهذا االشتباه؛ منها‪ :‬الجهل بحقيقة دعوة النبي ‪،‬‬
‫ومنها أيضاً‪ :‬تفسير المتكلمين لمعنى كلمة «إله» بمعنى الربوبية‪ .‬ومن ذلك أيضاً‪ :‬عدم‬
‫المعرفة بحقيقة شرك األولين‪.‬‬
‫وهذه األسباب كلها ترجع إلى السبب األول الذي أشار إليه المعلِّمي ـ رحمه الله ـ‪ ،‬وهو‬
‫الجهل بمعنى كلمة (إله) وكلمة (العبادة)‪ ،‬ألن الجهل بحقيقة كلمة اإلله وكلمة العبادة‬
‫جهل بحقيقة دعوة النبي ‪ ،‬إذ هي في بيان مفهومهما وتحقيقه‪ .‬وكذا تفسير كلمة (إله)‬
‫بكلمة رب هو جهل بمدلول كلمة (اإلله)‪ .‬وأيضاً عدم المعرفة بحقيقة شرك األولين هو‬
‫جهل بمعنى العبادة واإلله‪ ،‬ألن شرك األولين هو في تأليه غير الله بصرف العبادة له طلباً‬
‫(‪ )1‬رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص‪ 22 :‬ـ ‪.)20‬‬
‫‪31‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫للقربى والزلفى إلى الله؛ كحال مشركي اليوم‪.‬‬


‫وأما التقليد فهو القائد إلى هذا االشتباه؛ فهو من باب الوسائط ال الوسائل(‪.)1‬‬
‫المهمات‬
‫أهم َّ‬‫فلما كان التوحيد بهذا االشتباه وااللتباس عند كثي ٍر من الناس مع كونه َّ‬
‫أوجب الواجبات المتحتِّمات كانت الضرورة بدعوة الناس إليه قائمة بل أشد من ضرورتهم‬ ‫و َ‬
‫إلى الطعام والشراب ألن الخطأ فيه ليس كالخطأ في بقية األبواب‪ ،‬فإنه ـ كما تقدم ـ روح‬
‫المطلوب‪ ،‬ولب المقصود‪ ،‬ودرجة الصالة والزكاة والحج والصيام‪ ،‬بعد ذلك كله‪.‬‬
‫[الذاريات‪ ،]52 :‬وقال‪ :‬ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫[التوبة‪ ،]31 :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ [البينة‪ .]5:‬وقال‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭝ ﭞ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ [النحل‪ ،]32 :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭟ ﭠ [األنبياء‪.]25 :‬‬
‫يقول العالمة ابن باز ـ رحمه الله ـ مبيناً أهمية التوحيد وضرورة االشتغال بدعوة الناس‬
‫إليه‪(( :‬فالتوحيد هو األمر الذي بعث الله من أجله الرسل‪ ،‬وأنزل من أجله الكتب‪ ،‬وخلق‬
‫من أجله الثقلين‪ ،‬وبقية األحكام تابعة لذلك‪ .‬يقول سبحانه‪ : :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫[الذاريات‪ ]52 :‬المعنى‪ :‬ليخصوه سبحانه بالعبادة‪ ،‬ويفردوه جل وعال بها‪ ،‬ولم يخلقوا‬ ‫ﭹ‬
‫سدى‪ ،‬وال ليأكلوا ويشربوا‪ ،‬وال ليعمروا القصور ونحوها‪ ،‬وال لشق األنهار‪ ،‬وغرس‬‫عبثاً وال ً‬
‫األشجار‪ ،‬وال لغير هذا من مهمات الدنيا‪ ،‬ولكنهم خلقوا ليعبدوا ربهم‪ ،‬وليعظموه‪،‬‬
‫وليتمسكوا بأوامره‪ ،‬وينتهوا عن نواهيه‪ ،‬ويقفوا عند حدوده‪ ،‬وليوجهوا العباد إليه‪ ،‬ويرشدوهم‬
‫إلى حقه‪.‬‬
‫وخلق لهم ما خلق من النعم ليستعينوا بها على طاعته‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ [البقرة‪ .]92 :‬وقال سبحانه‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﰀ [الجاثـية‪ .]31 :‬والله جل وعال أنزل األمطار‪ ،‬وأجرى األنهار‪ ،‬ويسر للعباد من أنواع‬

‫(‪ )1‬الفرق بين الوسائل والوسائط أن الوسائل هي األمور التي يؤدى بها الشيء ويتوصل بها إليه‪ ،‬والوسائط هي‬
‫األمور التي بواسطتها يؤدى الشيء الذي يراد التوصل إليه‪ .‬وذلك كالشريط وطرق الدعوة وأساليبها‪ ،‬فالشريط‬
‫وسيط وطرق الدعوة وأساليبها وسيلة‪ .‬ومن هنا قال بعض أهل العلم أن وسائل الدعوة توقيفية بخالف الوسائط‬
‫فهي عادية؛ وذلك بمالحظة هذا الفرق الدقيق‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫الرزق وأنواع النعم ما يعينهم على طاعته‪ ،‬وما يكون زاداً لهم إلى نهاية آجالهم‪ ،‬إقامة للحجة‪،‬‬
‫وقطعا للمعذرة‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحل‪،]13 :‬‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫وقال سبحانه‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫[األنبياء‪ ]92:‬وقال سبحانه‪ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ‬
‫[الزخرف‪ .]52:‬وقال جل وعال‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [اإلسراء‪ .]91 :‬وقال سبحانه‬
‫في سورة الفاتحة‪ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [الفاتحة‪ ]2 :‬إلى غير ذلك من اآليات الداالت على أنه‬
‫سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وحده‪ ،‬وأمرهم بذلك‪ ،‬وأرسل الرسل لهذا األمر ليدعوا إليه‪،‬‬
‫وليوضحوه للناس‪.‬‬
‫فوجب على أهل العلم خلفاء الرسل أن يبينوا للناس هذا األمر العظيم‪ ،‬وأن يكون أعظم‬
‫المطلوب ‪ ،‬وأن تكون العناية به أعظم عناية؛ ألنه متى أسلم(‪ )1‬صار ما بعده تابعاً له‪،‬‬
‫ومتى لم يوجد التوحيد لم ينفع المكلف ما حصل من أعمال وأقوال‪ ،‬قال الله تعالي‪:‬‬
‫ﭴ‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [األنعام‪ .]88 :‬وقال تعالى‪ :‬ﭲ ﭳ‬
‫[الفرقان‪ .]91 :‬وقال سبحانه‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [الزمر‪ ]32 :‬في آيات كثيرات))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫قلت‪ :‬ويؤيد هذا المعنى شدة عناية النبي ‪ ‬بدعوة الناس إلى هذا التوحيد؛ حيث مكث‬
‫عشر سنين بمكة يدعو أهلها وما جاورهم من القبائل إلى هذا التوحيد قبل‬
‫صلوات الله وسالمه عليه َ‬
‫أن تفرض عليه الصالة وغيرها(‪ )3‬ثم انتقل ‪ ‬إلى مهاجره المدينة فنـزلت عليه بقية شرائع الدين‬
‫كالزكاة‪ ،‬والصوم والحج والجهاد واآلذان واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من شرائع‬
‫اإلسالم أخذ على هذا عشر سنين وبعدها توفي ‪ ،‬وهو في المدينة ـ صلوات الله وسالمه‬
‫عليه ـ لم ينقطع عن دعوة الناس إلى التوحيد بل استمر على ذلك‪ ،‬حتى وهو على فراش‬
‫يحذر أمته من مبطالت هذا التوحيد ونواقضه‪ .‬فقد أخرج البخاري ومسلم من‬ ‫الموت كان ِّ‬

‫(‪ )1‬كذا في األصول‪ ،‬ولعل الصواب‪(( :‬سلم))‪.‬‬


‫(‪ )2‬مجموع فتاوى ومقاالت سماحة الشيخ ابن باز (‪ 37/1‬ـ ‪.)32‬‬
‫(‪ )3‬الصلوات الخمس فرضت على النبي ‪ ‬بعد العشر وهو في مكة وصلى في مكة ثالث سنين‪ ،‬وبعدها أمر‬
‫بالهجرة إلى المدينة‪ .‬انظر‪ :‬األصول الثالثة ضمن مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬القسم األول‪،‬‬
‫العقيدة واآلداب اإلسالمية (ص‪.)193 :‬‬
‫‪33‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة(‪ )1‬أن عائشة وعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهم ـ قاال‪:‬‬
‫لما نَـَزَل برسول الله ‪ ‬طفق يطرح خميصة(‪ )2‬له على وجهه‪ ،‬فإذا اغتم‪ ،‬كشفها عن وجهه‪،‬‬
‫وهو كذلك يقول‪« :‬لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يح ِّذر ما‬
‫صنعوا(‪.)3‬‬
‫هب الدعاة إلى‬‫وهذا من تمام نصحه ‪ ‬ألمته وحرصه على دينها وصالح أعمالها‪ .‬فلو َّ‬
‫وطم ـ كثيراً‪ ،‬وكانوا ألمتهم‬
‫عم َّ‬ ‫الله تعالى في بيان هذا األمر العظيم لتضاءل أمر الشرك ـ الذي َّ‬
‫يبددوا الجهود في أمور تشغلهم عن هذا الواجب العظيم الذي هو سبيل‬ ‫ناصحين بدالً أن ِّ‬
‫وعزها وحصول القوة والمكنة لها كما قال تعالى في وعده الكريم‪ :‬ﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫وحدة األمة ِّ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ [النور‪.]55 :‬‬ ‫ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫وبعد هذه اإللماحة السريعة عن أهمية توحيد العبادة وضرورة االشتغال بدعوة الناس إليه‬
‫نعود إلى دراسة معنى التوحيد‪ ،‬وبيان أقسامه‪ .‬وهذا أوان الشروع في تبيين ذلك‪:‬‬
‫فالتوحيد لغة‪ :‬مصدر مشتق من الفعل «َو َح َد»‪ ،‬والواو والحاء والدال في أصل اللغة تدل على‬
‫االنفراد‪.‬‬
‫قال ابن فارس‪(( :‬الواو والحاء والدال‪ :‬أصل واحد يدل على االنفراد))(‪.)4‬‬
‫الو َحد المنفرد‪ ..‬يقال‪َ :‬و َح َد الشيء فهو‬ ‫ونقل اإلمام األزهري في معناه قول الليث‪َ (( :‬‬
‫دة ٍَ بائن من آخر‪ ..‬والوحدة االنفراد‪ ..‬والتوحيد اإليمان‬ ‫يحد ِّحدةً‪ ،‬وكل شيء على ِّح ٍ‬ ‫ِّ‬
‫بالله وحده ال شريك له‪ .‬والله الواحد األحد ذو الوحدانية‪ ،‬والتوحد))(‪.)5‬‬
‫وأما لفظ التوحيد شرعاً فالمراد به إفراد الله بالعبادة؛ فمتى أطلق في النصوص‪ ،‬فإن‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي‪ ،‬أبو عبد الله المدني‪ ،‬ثقة فقيه ثبت‪ ،‬مات سنة (‪ )10‬هـ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬سنة (‪ )13‬هـ‪ .‬وقيل غير ذلك‪ .‬انظر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)207 :‬‬
‫(‪ )2‬الخميصة‪ :‬قال األصمعي‪(( :‬الخمائص ثياب خز أو صوف معلمة‪ .‬وقال غيره‪ :‬الخميصة رداء من صوف ذو‬
‫علمين وال تسمى خميصة إال أن تكون معلمة)) [النهاية في غريب الحديث البن الجوزي ‪.]318/1‬‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ‬ ‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصالة (جـ‪ )121/1‬باب مرض النبي ‪ ‬ووفاته‪ ،‬وقول الله تعالى‪:‬‬
‫ح (‪ ،)035‬وصحيح مسلم‪ ،‬كتاب المساجد (‪ )300/1‬ح (‪.)531‬‬ ‫ﰀ‬
‫(‪ )4‬معجم مقاييس اللغة (‪ .)17/2‬وانظر‪ :‬الصحاح (‪ )500/2‬باب الدال‪ ،‬فصل الحاء‪.‬‬
‫(‪ )5‬تهذيب اللغة (‪ 112/5‬ـ ‪.)113‬‬
‫‪30‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المراد به هذا المعنى‪.‬‬


‫ومن األدلة على هذا المعنى اآليات المتكاثرة‪ ،‬والتي منها قوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ‪ .‬وقوله‪ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ [الذاريات‪ .]52 :‬جاء عن بعض‬
‫السلف في تفسيرها‪ :‬أي ليوحدون(‪.)1‬‬
‫[النحل‪:‬‬ ‫ومن ذلك أيضاً قوله تعالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫‪ ،]32‬وقوله‪ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫[الحج‪.]22 :‬‬ ‫ﯚ‬
‫ومن أدلة السنة‪ :‬حديث عمرو بن عبسة السلمي قال‪ :‬كنت وأنا في الجاهلية أظن أن‬
‫الناس على ضاللة‪ ،‬وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون األوثان‪ ،‬فسمعت برجل بمكة يخبر‬
‫أخباراً‪ ،‬فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله ‪ ‬مستخفياً جرءاء عليه قومه‪،‬‬
‫فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له‪ :‬ما أنت؟ قال‪« :‬أنا نبي» فقلت‪ :‬وما نبي؟‬
‫قال‪« :‬أرسلني الله» فقلت‪ :‬وبأي شيء أرسلك؟ قال‪« :‬أرسلني بصلة األرحام‪ ،‬وكسر‬
‫األوثان‪ ،‬وأن يوحد الله ال يشرك به شيء»(‪ .)2‬وفي بعض ألفاظه‪ :‬قلت آلله أرسلك؟ قال‪:‬‬
‫«نعم»‪ .‬قلت‪ :‬بأي شيء أرسلك؟ قال‪« :‬بأن يوحد الله وال يشرك به شيء‪ ،‬وكسر األوثان‪،‬‬
‫وصلة الرحم»(‪ .)3‬وفي حديث معاذ ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال له‪« :‬إنك تأتي قوماً أهل كتاب‬
‫فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله»(‪ ،)4‬وفي رواية «توحيد الله»(‪.)5‬‬
‫وأيضاً جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر ‪ :‬أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق‬
‫عنه مائة رقبة فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة وأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية‪ .‬قال‪:‬‬
‫حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬يا رسول الله إن أبي أوصى‬
‫أن يعتق عنه مائة رقبة وإن هشاماً أعتق عنه خمسين‪ ،‬وبقيت عليه خمسون أفأعتق عنه؟ فقال‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬معالم السنن للبغوي (‪.)331/0‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم في كتاب صالة المسافرين (‪ )521/1‬ح (‪.)332‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أحمد في المسند (‪.)112/0‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في أول كتاب التوحيد من صحيحه باب‪ :‬ما جاء في دعاء النبي ‪ ‬أمته إلى توحيد الله تبارك‬
‫وتعالى (جـ‪ )270/3‬ح (‪.)0302‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه الدار قطني في سننه (‪.)132/2‬‬
‫‪35‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫رسول الله ‪« :‬إنه لو كان مسلماً فأعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك»‪ .‬وفي‬
‫رواية‪« :‬فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك»(‪.)1‬‬
‫فالمراد بالتوحيد هنا توحيد األلوهية ال الربوبية‪ ،‬ألن مشركي العرب كانوا يقرون بتوحيد‬
‫[لقمان‪:‬‬ ‫الربوبية كما قال تعالى‪ :‬ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫‪.]25‬‬
‫قال اإلمام الدارمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬تفسير التوحيد عند األمة وصوابه قول‪(( :‬ال إله إال‬
‫الله وحده ال شريك له))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا تعريف للتوحيد بما يستلزمه ويتضمنه من بقية أنواع وأقسام التوحيد‪ .‬ألن من‬
‫أفرد الله بالعبادة فقد أقر له بالربوبية وباألسماء والصفات‪.‬‬
‫فتوحيد العبادة شامل لتوحيد الربوبية واأللوهية(‪.)3‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وشهادة أن ال إله إال الله فيها اإللهيات‪ ،‬وهي‬
‫األصول الثالثة‪ :‬توحيد الربوبية‪ ،‬وتوحيد األلوهية‪ ،‬وتوحيد األسماء والصفات‪ .‬وهي األصول‬
‫الكبار التي تدور عليها أديان الرسل وما أنزل إليهم‪ ،‬وهي األصول الكبار التي دلت عليها‬
‫وشهدت بها الفطر والعقول))(‪ )4‬انتهى‪.‬‬
‫ومما جاء في تعريف التوحيد أيضاً‪ :‬إفراد الله ـ سبحانه ـ بما يختص به من الربوبية‬
‫واأللوهية واألسماء والصفات(‪.)5‬‬
‫وهذا تعريف للتوحيد بذكر أقسامه وأنواعه؛ فأقسام التوحيد كما سيأتي ثالثة‪ :‬هي‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (‪ )58/3‬ح (‪ ،)17128‬وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (‪،)729/6‬‬
‫وأورده بدر الدين العيني في عمدة القارئ (‪ )119/3‬وعزاه إلى أبي بكر النجار في كتاب السنن‪ .‬والحديث‬
‫حكم األلباني بأنه صحيح كما في السلسلة الصحيحة (‪ ،)181‬وأحكام الجنائز (ص‪ .)26 :‬وقال‪ :‬والحديث‬
‫دليل على أن الصدقة والصوم تلحق الوالد ومثله الوالدة بعد موتهما إذا كانا مسلمين ويصل إليهما ثوابها بدون‬
‫وصية منهما؛ ولما كان الولد من سعي الوالد فهو داخل في عموم قوله تعالى ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[النجم‪.]39 :‬‬
‫(‪ )2‬نقض عثمان بن سعيد الدارمي على المريسي (ص‪.)0 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فقه العبادات البن عثيمين (ص‪ 13 :‬ـ ‪.)11‬‬
‫(‪ )4‬نقالً عن التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية (ص‪.)13 :‬‬
‫(‪ )5‬القول المفيد شرح كتاب التوحيد (‪.)3/1‬‬
‫‪32‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫الربوبية واأللوهية‪ ،‬وتوحيد األسماء والصفات‪.‬‬


‫وأما تفصيل هذه األقسام؛ فإن ألهل العلم طريقتين في تقسيم التوحيد‪:‬‬
‫األولى‪ :‬طريقة إجمالية‪ ،‬وهي تقسيمهم التوحيد إلى قسمين‪:‬‬
‫المتضمن إثبات صفات الكمال لله‬ ‫ِّ‬ ‫األول‪ :‬التوحيد العلمي الخبري ـ أي االعتقادي ـ‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫تعالى وتنـزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل‪ ،‬وتنـزيهه عن صفات النقص مع اإليمان بربوبيته‪.‬‬
‫ويطلَق عليه أيضاً‪ :‬توحيد المعرفة واإلثبات‪.‬‬
‫المتضمن عبادته وحده ال شريك له وتجريد‬ ‫ِّ‬ ‫والثاني‪ :‬التوحيد اإلرادي القصدي‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫الرضى به رباً وإلهاً وولياً‪ ،‬وأن ال يجعل‬‫محبته واإلخالص له‪ ،‬وخوفه ورجاؤه والتوكل عليه و ِّ‬
‫له ِّع ْدالً في شيء من األشياء(‪.)1‬‬
‫فسمي توحيد قصد لتعلقه بإخالص‬ ‫وبعض أهل العلم يسميه توحيد القصد والعمل؛ ِّ‬
‫وسمي توحيد عمل لتعلقه بأفعال العبد اإلرادية(‪.)2‬‬ ‫الفعل للمعبود ـ سبحانه ـ‪ِّ ،‬‬
‫وقد جمع سبحانه وتعالى هذين النوعين من التوحيد في سورتي اإلخالص وهما سورة‪:‬‬
‫قل يا أيها الكافرون المتضمنة للتوحيد العملي اإلرادي‪ ،‬وسورة قل هو الله أحد المتضمنة‬
‫للتوحيد العلمي الخبري‪.‬‬
‫فسورة قل هو الله أحد فيها بيان ما يجب لله تعالى من صفات الكمال‪ ،‬وبيان ما يجب‬
‫تنـزيهه عنه من النقائص واألمثال‪.‬‬
‫وسورة قل يا أيها الكافرون فيها إيجاب عبادته وحده ال شريك له‪ ،‬والتبري من عبادة كل‬
‫ما سواه؛ وال يتم أحد التوحيدين إال باآلخر(‪.)3‬‬
‫الطريقة الثانية‪ :‬تفصيلية‪ ،‬وهي تقسيمهم التوحيد إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬توحيد الربوبية‪ -2 .‬توحيد األلوهية‪ -3 .‬توحيد األسماء والصفات‪.‬‬
‫وقد اجتمعت في قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫[مريم‪.]25 :‬‬
‫فأما توحيد الربوبية فمعناه‪ :‬إفراد الله تعالى بأفعال الربوبية‪ ،‬والتي من أخصها‪ :‬الخلق‪،‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬اجتماع الجيوش اإلسالمية (ص‪ ،)13 :‬والصواعق المرسلة (‪ ،)071/2‬ومدارج السالكين (‪.)057/3‬‬
‫(‪ )2‬منهج شيخ اإلسالم ابن تيمية في تقرير العقيدة إلبراهيم البريكان (‪ 103/1‬ـ ‪.)100‬‬
‫(‪ )3‬اجتماع الجيوش اإلسالمية (ص‪.)10 :‬‬
‫‪30‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫والملك‪ ،‬والتدبير‪ ،‬فهذه الثالثة هي أصول الربوبية‪ .‬وهي ال تجتمع إال في الله ‪ ،‬ومن‬
‫اجتمعت فيه كان حقيقاً بأن تصرف العبادة إليه‪ ،‬لكونه أهالً للخوف والرجاء والمحبة‪ ،‬التي‬
‫هي أصول وأركان العبادة القلبية‪ .‬وهذه األصول ال تجتمع في عبادة إال في عبادة الرب‬
‫‪ .‬فإذا اجتمعت لغيره فهذا هو الشرك المناقض لألصل التوحيد‪.‬‬
‫وأما توحيد األلوهية فضابطه هو‪ :‬إفراد الله تعالى بأجناس العبادة وأنواعها وأفرادها وعدم‬
‫اإلشرك بالله غيره في شيء منها مع اعتقاد كمال ألوهيته سبحانه وتعالى‪ .‬وذلك هو تحقيق‬
‫معنى ((ال إله إال الله))؛ ألن ال إله إال الله متركبة من نفي وإثبات‪ ،‬واسم اإلله الدال على‬
‫صفة األلوهية‪ ،‬فمعنى النفي منها‪ :‬خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في‬
‫جل وحده بجميع‬ ‫جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت‪ .‬ومعنى اإلثبات منها‪ :‬إفراد الله َّ‬
‫أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قوالً وعمالً بإخالص على الوجه الذي شرعه الله على ألسنة‬
‫رسله عليهم الصالة والسالم‪ .‬وأما الوصف فهو األلوهية التي من لوازمها سائر أسماء الله‬
‫وصفاته األخرى‪ ،‬ألنه تعالى إنما استحق العبادة ألمرين‪ :‬لربوبيته لخلقه‪ ،‬ولكمال وصفه(‪.)1‬‬
‫وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد‪ ،‬وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم‪.‬‬
‫[ص‪.]5 :‬‬ ‫ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫والعبادة تطلَق على شيئين‪:‬‬
‫األول‪ :‬التعبد‪ :‬بمعنى التذلل لله ‪ ‬بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ محبة وتعظيماً‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬المتعبَّد به‪ ،‬وهو اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من األقوال واألعمال‬
‫الظاهرة والباطنة كما جاء عن شيخ اإلسالم في تعريف العبادة‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬الصالة؛ ففعلها عبادة‪ ،‬وهو التعبد‪ ،‬ونفس الصالة عبادة‪ ،‬وهو المتعبَّد به‪.‬‬
‫فإفراد الله بهذا التوحيد‪ :‬أن تكون عبداً لله وحده تفرده بالتذلل؛ محبة وتعظيماً‪ ،‬وتعبده بما‬
‫[اإلسراء‪ .]22 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫شرع‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫[الفاتحة‪]2 :‬؛ فوصفه سبحانه بأنه رب العالمين كالتعليل لثبوت‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫األلوهية له؛ فهو اإلله ألنه رب العالمين‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ‬
‫[البقرة‪]21 :‬؛ فالمنفرد بالخلق هو المستحق للعبادة‪.‬‬
‫إذ من السفه أن تجعل المخلوق الحادث اآليل للفناء إلهاً تعبده؛ فهو في الحقيقة لن‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬سبيل الهدى والرشاد (ص‪.)57 :‬‬


‫‪33‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫ينفعك ال بإيجاد وال بإعداد وال بإمداد‪ ،‬فمن السفه أن تأتي إلى قبر إنسان صار رميماً‬
‫تدعوه وتعبده‪ ،‬وهو بحاجة إلى دعائك‪ ،‬وأنت لست بحاجة إلى أن تدعوه؛ فهو ال يملك‬
‫لنفسه نفعاً ال ضراً؛ فكيف يملكه لغيره؟!‬
‫وهذا القسم من أقسام التوحيد كفر به وجحده أكثر الخلق‪ ،‬ومن أجله أرسل الله الرسل‪،‬‬
‫وأنزل عليهم الكتب‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [األنبياء‪.]25 :‬‬
‫وأما توحيد األسماء والصفات فهو‪ :‬إفراد الله ‪ ‬بما له من األسماء والصفات‪.‬‬
‫وقيل في تعريفه أيضاً‪ :‬هو اإليمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه ووصفه به‬
‫رسوله ‪ ‬من األسماء الحسنى والصفات العلى وإمرارها كما جاءت بال كيف‪.‬‬
‫يتضمن شيئين‪:‬‬
‫وهذا َّ‬
‫األول‪ :‬اإلثبات‪ ،‬وذلك بأن نثبت لله ‪ ‬جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في‬
‫كتابه أو سنة نبيه ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬نفي المماثلة‪ ،‬وذلك بأن ال نجعل لله مثيالً في أسمائه وصفاته؛ كما قال تعالى‪:‬‬
‫ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ [الشورى‪ .]11 :‬فدلت هذه اآلية على أن جميع صفاته ال يماثله‬
‫فيها أحد من المخلوقين؛ فهي وإن اشتركت في أصل المعنى‪ ،‬لكن تختلف في حقيقة الحال‪،‬‬
‫فمن لم يثبت ما أثبته الله لنفسه؛ فهو معطل‪ ،‬وتعطيله هذا يشبه تعطيل فرعون‪ ،‬ومن أثبتها مع‬
‫التشبيه صار مشابهاً للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره‪ ،‬ومن أثبتها بدون مماثلة صار من‬
‫الموحدين(‪.)1‬‬
‫وهذه األنواع الثالثة للتوحيد متالزمة‪ ،‬إذ يلزم من توحيد الله في ربوبيته توحيده في‬
‫ألوهيته‪ ،‬ألن المنفرد بأفعال الربوبية هو المستحق للعبادة‪ .‬ولذا كثيراً ما ينبه الله تعالى‬
‫بأفعال الربوبية على توحيده في العبادة‪ .‬ومن ذلك اآلية المتقدمة‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﭨ ﭩ ﮤ [البقرة‪.)2(]21 :‬‬

‫(‪ )1‬القول المفيد شرح كتاب التوحيد (‪ 3/1‬ـ ‪ .)10‬بتصرف‪ .‬وتعريف توحيد العبادة مأخوذ من القول السديد في‬
‫الرد على من أنكر تقسيم التوحيد (ص‪ ،)20 :‬وتعريف األسماء والصفات الثاني مأخوذ من أعالم السنة‬
‫المنشورة للحكمي (ص‪.)50 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)511 :‬‬
‫‪31‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫تضمنتها كلمة التوحيد ال إله إال الله‪ ،‬فإنها قد دلت‬


‫كما أن هذه األقسام الثالثة قد َّ‬
‫عمن سواه‪ ،‬كما دلت أيضاً على توحيد الربوبية‪ ،‬فإن العاجز‬ ‫على إثبات العبادة لله ونفيها َّ‬
‫ال يصلح أن يكون إلهاً‪ ،‬ودلت على توحيد األسماء والصفات؛ فإن مسلوب األسماء‬
‫والصفات ليس بشيء بل هو عدم محض‪ ،‬كما قال بعض العلماء‪ :‬المشبه يعبد صنماً‪،‬‬
‫والمعطل يعبد عدماً‪ ،‬والموحد يعبد إله السماء(‪.)1‬‬
‫أقر له بربوبيته وأسمائه وصفاته؛ لكونه‬
‫ووجه آخر‪ :‬وهو أن من أفرد الله بالعبادة فقد َّ‬
‫سبحانه وتعالى يستحق العبادة لهذين األمرين؛ لربوبيته لخلقه‪ ،‬ولكمال وصفه(‪ ،)2‬وألن اإلله‬
‫هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجالل‪ ،‬فيدخل في هذا االسم جميع األسماء‬
‫الحسنى‪ ،‬وما يشتق منها من الصفات العلى‪ ،‬ومن ذلك صفات الربوبية(‪.)3‬‬
‫المتقدم هو إيضاح كلمة التوحيد وبيان معناها وتحديد مراتبها‪،‬‬‫ِّ‬ ‫والغرض من هذا التقسيم‬
‫األهم منها فالمهم؛ ((فكم وقع الناس في الغلط في فهم هذه الكلمة بسبب عدم العلم‬
‫بحدودها ومراتبها))(‪.)4‬‬
‫وهذا ـ أي‪ :‬التقسيم ـ مسلك معروف عند أهل العلم في تقرير المعلوم‪ ،‬وتأكيد حكمه‪،‬‬
‫وبيان معناه‪ ،‬وال شيءَ أمس في بيان معناه من لفظ "التوحيد" الذي وقع فيه االختالف‬
‫واالشتباه الذي أشرت إليه آنفاً‪.‬‬
‫ومن ذلك ما سيأتي من تفصيالت أهل العلم وسبرهم لشروط كلمة التوحيد التي نحن‬
‫بصدد الدراسة لها‪.‬‬
‫محل له‪ ،‬بل هو مما يفتح الباب ألهل البدع الذين ال‬
‫ولذا كان القدح في تقسيم التوحيد ال َّ‬
‫يرضيهم هذا التقسيم لما فيه من اإلشارة لباطلهم‪ ،‬وهو أنهم يحصرون التوحيد في معنى الربوبية‪.‬‬
‫وفي تقسيم أهل السنة للتوحيد رد عليهم وإبطال لمذاهبهم ومشاربهم في تفسير كلمة التوحيد‪.‬‬
‫ومن خالل دراسة هذه الشروط فستتبين أهمية هذه األنواع الثالثة للتوحيد‪ ،‬وأن‬
‫تحقيقها هو بتحقيق هذه الشروط التي بيَّنها أهل العلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية (ص‪.)13 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬سبيل الهدى والرشاد (ص‪.)57 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)032/2‬‬
‫(‪ )4‬منهج ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد (ص‪.)102 :‬‬
‫‪07‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫ولذا كان هذا البحث الذي أسأل الله تعالى أن يعينني ويسددني فيه‪.‬‬
‫وهذا أوان الشروع فيه‪:‬‬
‫‪01‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫التمهيد‪:‬‬
‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬
‫شرط‪.‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف ال ّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة ومخالفيهم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬فضائل ال إله إال الله‪.‬‬
‫‪02‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫‪‬‬
‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬

‫شرط‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف ال ّ‬
‫وتحته أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الشرط في اللغة‪.‬‬
‫(شَر َط)‪ ،‬وهو يدور على معنيين بحسب بنية الكلمة‪:‬‬ ‫الشرط مأخوذ من ٍ‬
‫أصل واحد َ‬
‫األول‪ :‬الش ْرط ـ بإسكان الراء ـ وهو إلزام الشيء والتزامه في العقود ونحوها‪ .‬ويجمع على‬
‫شروط‪ ،‬وشرائط‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬الشَرط ـ بالتحريك ـ وهو العالمة الالزمة للشيء‪ .‬ويجمع على أشراط‪ .‬ومنه‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰀ ﰀﰀ [محمد‪:‬‬ ‫أشراط الساعة‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫‪ .]13‬ومنه سمي الشَرط ألنهم جعلوا ألنفسهم عالمةً يعرفون بها(‪.)1‬‬
‫والمعنى المراد بلفظ الشرط ههنا ـ كما قال األزميري(‪ )2‬في حاشيته على (مرآة األصول في‬
‫شرح مرقاة الوصول)(‪ )3‬ـ إنما هو بالسكون بمعنى اإللزام‪ ،‬ال ما هو بالفتح بمعنى العالمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الشرط في االصطالح‪.‬‬
‫الشرط في كالم أهل العلم له إطالقان‪:‬‬
‫األول‪ :‬إطالق عام‪ ،‬وهو الالزم في الشيء‪ ،‬سواء دخل في ماهية ذلك الشيء(‪ )4‬أو لم‬
‫يدخل فيها‪.‬‬
‫للشرط (بإسكان الراء)(‪.)5‬‬
‫وهذا مطابق للمعنى اللغوي ْ‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬معجم مقايس اللغة (‪ ،)227/3‬وتهذيب اللغة لألزهري (‪ 373/11‬ـ ‪ ،)371‬والصحاح للجوهري‬
‫(‪ ،)1132/3‬ولسان العرب البن منظور (‪ ،)32/0‬والمصباح المنير للفيومي‪( ،‬ص‪.)113 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬سليمان األزميري‪ ،‬من علماء الحنفية‪ ،‬توفي سنة (‪ )1172‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬إيضاح المكنون في الذيل على‬
‫كشف الظنون (‪.)021/2‬‬
‫(‪.)027/2( )3‬‬
‫(‪ )4‬بأن يكون جزءا منها ـ أي الماهية للشيء ـ يتوقف تقومها عليه‪.‬‬
‫والماهية ما به الشيء هو هو‪ ،‬سميت بها ألنه يسأل عنها "بما هو"‪[ .‬حاشية ابن عابدين (‪.])272/1‬‬
‫(‪ )5‬مرآة األصول في شرح مرقاة الوصول (‪.)171/7‬‬
‫‪03‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫وفي هذا يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما عند التحقيق فيجوز أن تكون الماهية‬
‫أو شيء من صفاتها شرطاً في صفة أخرى))(‪.)1‬‬
‫فتبيَّن أن الشرط قد يكون داخالً في ماهية الشيء‪.‬‬
‫كن(‪ .)2‬وذلك في مسائل كثيرة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ومن ذلك إطالق الفقهاء الشر َط على ما هو ر ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫يتسمحون فيطلقون الشرط على‬ ‫يقول الدسوقي في حاشيته‪(( :‬لكن الفقهاء قد َّ‬
‫الركن))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬إطالق خاص‪ ،‬وهو ما خرج عن الماهية وهذا اإلطالق هو الغالب على علماء‬
‫األصول حيث يقولون في تعريف الشرط‪ :‬ما يلزم من عدمه العدم‪ ،‬وال يلزم من وجوده وجود‬
‫وال عدم لذاته‪ ،‬ويكون خارجاً عن ماهية ذلك الشيء؛ كالطهارة للصالة‪ ،‬فإنه يلزم من انتفاء‬
‫الطهارة انتفاء صحة الصالة‪ ،‬وال يلزم من وجودها وجود صحة الصالة؛ لجواز انتفائها‬
‫النتفاء شرط آخر(‪.)5‬‬
‫وهذا التعريف بالنظر للشرط الالزم في الشيء وال يصح بدونه‪ ،‬وهو ما يعرف بشرط‬
‫الصحة عندهم‪.‬‬
‫وأما "شرط الكمال" فهو دونه؛ فالشيء يصح بدونه‪ ،‬ولكن هو شرط يلزم لكماله؛‬
‫كسنن الصالة‪ ،‬فهي شرط لكمال أجرها ولكن تصح بدونها‪.‬‬
‫فشروط شهادة أن ال إله إال الله إذن أمور الزمة في اإليمان‪ ،‬ال يصح هو وال الشهادة به‬
‫إال بها‪ ،‬وهذا ما سيتضح لك من خالل المطلب التالي والذي بعده‪.‬‬

‫(‪ )1‬درء التعارض (‪.)170/5‬‬


‫(‪ )2‬الركن‪ :‬هو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم‪ ،‬ويكون داخالً في ماهية الشيء‪ .‬انظر‪ :‬التعريفات‬
‫للجرجاني (ص‪.)112 :‬‬
‫ودرس باألزهر‪ ،‬له‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي‪ ،‬من فقهاء المالكية‪ ،‬ولد بدسوق من قرى مصر‪َّ ،‬‬
‫حاشية على مغني اللبيب‪ ،‬وأخرى على شرح الدردير لمختصر خليل في فروع الفقه المالكي‪ ،‬وتقييدات على أم‬
‫البراهين‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في معجم المؤلفين (‪ ،)32/3‬واألعالم للزركلي (‪.)25/2‬‬
‫(‪ )4‬حاشية الدسوقي (‪.)322/3‬‬
‫(‪ )5‬التحبير شرح التحرير في أصول الفقه للمرداوي (‪ ،)1720/3‬وشرح تنقيح الفصول‪ ،‬ص (‪ ،)32‬والتعريفات‬
‫للجرجاني (ص‪ ،)125 :‬والبحر المحيط للزركشي (‪ ،)371/1‬وحاشية ابن عابدين (‪.)272/1‬‬
‫‪00‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مراد أهل العلم بالشرط في شروط شهادة أن "ال إله إال الله"‪:‬‬
‫بالش ْرط؛ ألن‬
‫بالش ْرط في شروط " ال إله إال الله " غير مراد األصوليين َّ‬ ‫مراد أهل العلم َّ‬
‫الشرط عند األصوليين ـ كما قد مر ـ ما كان خارجاً عن ماهية الشيء‪ ،‬ولكن بالنظر إلى‬
‫هذه الشروط فهي من ماهية اإليمان ومن أركانه العِّظام‪ ،‬ولذا فَ ِّه َي تَ ِّرد في كالم أهل العلم‬
‫صحة حيناً‪ ،‬وعلى اعتبارها أركاناً حيناً‪ ،‬وعلى تسميتها أصوالً حيناً؛‬ ‫ٍ‬ ‫على أنها شروط‬
‫ويجمع ذلك كله اعتبارهم إياها من لوازم الشهادة؛ فإذا نظروها من جهة الحكم ـ بأن‬
‫اإليمان ينتفي بانتفائها ـ اعتبروها شروطاً‪ ،‬وإذا نظروها من جهة دخولها في ماهية اإليمان‬
‫عدوها أركاناً وأصوالً في اإليمان‪ ،‬أو قد يذكرون لفظاً يدل على ذلك؛ كالتعبير عنها بروح‬
‫اإليمان وحقيقته‪ ،‬أو فرضه‪.‬‬
‫وفيما يلي ذكر ألقوال أهل العلم الدالة لما ذكرت من تنوع ورودها في كالمهم‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من عبَّر عنها بالشروط‪:‬‬
‫التعبير عنها بالشروط ورد في كالم بعض أهل العلم‪ .‬ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن‬
‫ـ رحمه الله ـ حيث قال‪(( :‬ال بد في شهادة أن ال إله إال الله من سبعة شروط ال تنفع قائلها‬
‫إال باجتماعها‪ .‬أحدها‪( :‬العلم) المنافي للجهل‪ .‬الثاني (اليقين) المنافي للشك‪ .‬الثالث‪:‬‬
‫(القبول) المنافي للرد‪ .‬الرابع‪( :‬االنقياد) المنافي للترك‪ .‬الخامس‪( :‬اإلخالص) المنافي‬
‫للشرك‪ .‬السادس (الصدق) المنافي للكذب‪ .‬السابع‪( :‬المحبة) المنافية لضدها))(‪.)1‬‬
‫وجاء التعبير عنها بالشروط أيضاً في كالم حافظ الحكمي ـ رحمه الله ـ(‪ )2‬حيث قال في‬
‫نظمه (سلم الوصول)‪(( :‬شروط شهادة أن ال إله إال الله‪:‬‬
‫وف ـ ــي نص ـ ــوص ال ـ ــوحي حق ـ ـاً وردت‬ ‫وبش ـ ـ ـ ـ ـ ــروط س ـ ـ ـ ـ ـ ــبعة ق ـ ـ ـ ـ ـ ــد قـيِّـ ـ ـ ـ ـ ــدت‬
‫بـ ـ ـ ـ ـ ــالنطق إال حيـ ـ ـ ـ ـ ــث يسـ ـ ـ ـ ـ ــتكملها‬ ‫فإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ينتف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع قائله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫واالنقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادر م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول‬ ‫العل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم واليق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين والقب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول‬

‫(‪ )1‬فتح المجيد‪( ،‬ص‪ 110 :‬ـ ‪ .)115‬وانظر‪ :‬الدرر السنية (‪ 255 ،202/2‬ـ‪.)252‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬الشيخ العالمة حافظ بن أحمد بن علي الحكمي‪ ،‬أحد علماء المملكة العربية السلفيين‪ ،‬وهو من أعالم‬
‫منطقة الجنوب (تهامة)‪ ،‬والحكمي نسبة إلى الحكم بن سعد‪ ،‬وينتهي نسبه إلى قحطان‪ .‬كانت والدته سنة‬
‫(‪ )1302‬هـ‪ ،‬ووفاته بمكة سنة (‪ )1300‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته مستوفاة بقلم ابنه الدكتور أحمد بن حافظ حكمي‬
‫ضمن مقدمة تحقيق معارج القبول (‪ 11/1‬ـ ‪.)22‬‬
‫‪05‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫(‪) 1‬‬
‫أحبه‬ ‫لما‬ ‫الله‬ ‫وفقك‬
‫والصـدق واإلخـالص والمحبة‬
‫جاءالمحــبة‬
‫التعبير عنها بالشروط أيضاً في كالم الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ‪.‬‬ ‫و و‬
‫يقول الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولها سبعة شروط‪ ،‬وهي العلم بمعناها واليقين وعدم‬
‫الشك بصحتها‪ ،‬واإلخالص لله في ذلك وحده‪ ،‬والصدق بقلبه ولسانه‪ ،‬والمحبة لما دلت‬
‫عليه من اإلخالص لله في ذلك‪ ،‬وقبول ذلك‪ ،‬واالنقياد له‪ ،‬وتوحيده ونبذ الشرك مع البراءة‬
‫من عبادة غيره‪ ،‬واعتقاد بطالنها‪ ،‬وكل هذا من شرائط ال إله إال الله وصحة معناها‪ ...‬إلى‬
‫أن قال‪ :‬وقد جمع بعضهم شروطها في بيتين‪:‬‬
‫محبَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة وانِّْقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ـاد وال َقب ـ ـ ـ ـ ـ ــول لَ َه ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ََ َ‬ ‫ك َم ـ ـ ْـع‬ ‫ـالص َو ِّصـ ـ ـ ْدق َ‬ ‫ـين وإِّ ْخ ـ ـ ٌ‬ ‫عْل ـ ـ ٌـم يَق ـ ـ ٌ‬
‫ِّ (‪)2‬‬
‫ِّس ـ ـ َـوى ِّاإللَ ـ ـ ِّـه ِّم ـ ـ ْـن األَ ْش ـ ــيَاء ق ـ ــد أله ـ ـ ـا‬ ‫َوِّزي ـ ـ ـ ـ َـد ثَ ِّامنـ َه ـ ـ ـ ــا الك ْف ـ ـ ـ ـ ـَار َن ِّمن ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـك بم ـ ـ ـ ــَا‬
‫كما جاء في كالم بعض المتقدمين التعبير عنها بالشروط‪:‬‬
‫يقول اإلمام ابن بطة العكبري(‪ )3‬في سياق تفسير قوله تعالى‪ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البقرة‪(( .]100 :‬فانتظمت هذه اآلية أوصاف اإليمان وشرائطه من القول‬
‫والعمل(‪ )4‬واإلخالص))(‪ .)5‬انتهى‪.‬‬
‫فنص على أن اإلخالص والعمل وهما من شروط ال إله إال الله على أنهما وصف‬
‫اإليمان وشرطه‪ .‬وما اإليمان إال شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وما يستتبعها‪.‬‬

‫(‪ )1‬معارج القبول شرح سلم األصول (‪ 013/2‬ـ ‪ .)011‬وانظر‪ :‬تفصيله لهذه الشروط في أعالم السنة المنشورة‬
‫(ص‪.)32 :‬‬
‫(‪ )2‬مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز (‪ 01/3‬ـ ‪.)57‬‬
‫(‪ )3‬هو إالمام القدوة العابد المحدث شيخ العراق أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان أبو عبد‬
‫الله العكبري الحنبلي‪ ،‬مصنف كتاب االبانه الكبرى‪ ،‬أخذ عن أبي القاسم البغوي‪ ،‬وأبي بكر النيسابوري‪ ،‬وإسماعيل‬
‫الوراق وغيرهم‪ ،‬وحدَّث عنه‪ :‬أبو نعيم األصبهاني‪ ،‬وأبو إسحاق البرمكي‪ ،‬وأبو محمد الجوهري وآخرون‪ .‬والدته في‬
‫َّ‬
‫سنة (‪ )370‬هـ‪ ،‬ووفاته في سنة (‪ )330‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في طبقات الحنابلة (‪ 100/2‬ـ ‪ ،)153‬وسير أعالم‬
‫النبالء (‪ ،)521/12‬وتاريخ دمشق (‪.)175/33‬‬
‫(‪ )4‬المراد بالعمل هنا شرط االنقياد كما سيأتي تحقيقه في موضعه‪.‬‬
‫(‪ )5‬اإلبانة (‪.)002/2‬‬
‫‪02‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫ثانياً ‪ :‬التعبير عنها باألركان‪:‬‬


‫التعبير عنها باألركان ورد في كالم بعضهم‪ .‬ومن ذلك ما قاله ابن القيم ـ رحمه الله ـ في‬
‫((مدارج السالكين))‪(( :‬فحقيقة اإلخالص‪ :‬توحيد المطلوب‪ .‬وحقيقة الصدق‪ :‬توحيد الطلب‬
‫واإلرادة‪ .‬وال يثمران إال باالستسالم المحض للمتابعة‪ .‬فهذه األركان الثالثة‪ :‬هي أركان‬
‫السير‪ ،‬وأصول الطريق التي من لم يَـْب ِّن عليها سلوكه وسيره فهو مقطوع))(‪.)1‬‬
‫فجعل اإلخالص‪ ،‬والصدق‪ ،‬واالنقياد ـ وهي من شروط شهادة أن ال إله إال الله ـ أركاناً‬
‫للتوحيد‪ ،‬وما التوحيد إال ال إله إال الله‪.‬‬
‫وأيضاً ما قاله الشيخ حافظ الحكمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وللعبادة ركنان ال قوام لها إال بهما‪:‬‬
‫وهما اإلخالص والصدق‪ ....‬ثم اعلم أنه ال يقبل منه ذلك إال بمتابعة الرسول ‪ ،‬فيعبد‬
‫أحد دين سواه كما‬ ‫الله تعالى بوفق ما شرع‪ ،‬وهو دين اإلسالم الذي ال يقبل الله تعالى من ٍ‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [آل عمران‪.]35 :‬‬
‫وفي الصحيحين(‪ )2‬عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬من أحدث‬
‫في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»‪ .‬وفي رواية لمسلم(‪«:)3‬من عمل عمالً ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد»‪ .‬فهذه الثالثة األركان شروط في العبادة ال قوام لها إال به بها))(‪.)4‬‬
‫وهذا كسابقه في كالم ابن القيم‪ ،‬فيه اعتبار الشروط الثالثة‪ :‬اإلخالص والصدق واالنقياد‬
‫ـ وهي من شروط كلمة التوحيد "ال إله إال الله" ـ أركاناً لتوحيد العبادة‪ ،‬ال يتم هو وال‬
‫الشهادة به إال بها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التعبير عنها بأنها أصل اإليمان‪:‬‬
‫التعبير عن هذه الشروط بأصل اإليمان ورد في كالم بعض أهل العلم؛ ومن ذلك ما قاله‬
‫شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ عن شرطي الصدق واالنقياد‪(( :‬اإليمان وإن كان يتضمن‬
‫مجرد التصديق‪ ،‬وإنما هو اإلقرار والطمأنينة‪ ،‬وذلك ألن التصديق إنما‬ ‫التصديق فليس هو َّ‬
‫(‪ )1‬مدارج السالكين (‪.)10/2‬‬
‫(‪ )2‬البخاري (جـ‪ ،)222/3‬كتاب الصلح‪ ،‬باب‪ :‬إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ح (‪ ،)2210‬ومسلم‬
‫(‪ )1303/3‬كتاب األقضية ح (‪)1013‬‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪ )1303/3‬ح (‪.)1013‬‬
‫(‪ )4‬معارج القبول (‪ 031/2‬ـ ‪.)002‬‬
‫‪00‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫أمر‪ ،‬وكالم الله خبر وأمر؛‬ ‫يَـ ْع ِّرض للخبر فقط‪ .‬فأما األمر فليس فيه تصديق من حيث هو ٌ‬
‫عمل في‬
‫فالخبر يستوجب تصديق المخبر‪ ،‬واألمر يستوجب االنقياد له واالستسالم‪ ،‬وهو ٌ‬
‫القلب جماعه الخضوع واالنقياد لألمر‪ ،‬وإن لم يفعل المأمور به‪ ،‬فإذا قوبل الخبر‬
‫بالتصديق‪ ،‬واألمر باالنقياد‪ ،‬فقد حصل أصل اإليمان في القلب وهو الطمأنينة واإلقرار‪...‬‬
‫أال ترى أن من صدق الرسول بأن ما جاء به هو رسالة الله‪ ،‬وقد تضمنت خبراً وأمراً‪ ،‬فإنه‬
‫ثان؛ وهو تصديقه خبر الله وانقياده ألمر الله‪ ،‬فإذا قال‪( :‬أشهد أن ال إله‬ ‫مقام ٍ‬‫يحتاج إلى ٍ‬
‫إال الله) فهذه الشهادة تتضمن تصديق خبره واالنقياد ألمره‪ ،‬فإذا قال‪( :‬وأشهد أن محمداً‬
‫تضمنت تصديق الرسول فيما جاء به من عند الله‪ ،‬فبمجموع هاتين الشهادتين‬ ‫رسول الله) َّ‬
‫يتم اإلقرار‪ ،‬فلما كان التصديق البد منه في كال الشهادتين ـ وهو الذي يتلقى الرسالة‬
‫أصل لجميع اإليمان‪ ،‬و َغ َفل عن أن األصل اآلخر ال بد منه وهو‬ ‫بالقبول ـ ظن من ظن أنه ٌ‬
‫يصدق الرسول ظاهراً وباطناً ثم يمتنع من االنقياد لألمر؛ إذ غايته في‬ ‫االنقياد‪ ،‬وإال قد ِّ‬
‫تصديق الرسول أن يكون بمنـزلة من سمع الرسالة من الله سبحانه كإبليس))(‪.)1‬‬
‫وأيضاً ورد في كالمه ـ رحمه الله ـ ما يبين أن شـرط المحبة أصل في اإليمان القلبي‪ ،‬في‬
‫قوله‪(( :‬محبة الله ورسوله من أعظم واجبات اإليمان‪ ،‬وأكبر أصوله‪ ،‬وأجل قواعده‪ ،‬بل هي‬
‫أصل كل عمل من أعمال اإليمان والدين‪ ،‬كما أن التصديق به أصل كل قول من أقوال‬
‫اإليمان والدين؛ فإن كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبته‪ ،‬إما عن محبة محمودة‪،‬‬
‫أو عن محبة مذمومة‪ ...‬فجميع األعمال اإليمانية الدينية ال تصدر إال عن المحبة‬
‫المحمودة‪ ،‬وأصل المحبة المحمودة هو محبة الله سبحانه وتعالى؛ إذ العمل الصادر عن‬
‫محبة مذمومة عند الله ال يكون صالحاً))(‪.)2‬‬
‫وكذا في قوله‪(( :‬وإذا كان الحب أصل كل عمل من حق وباطل‪ ،‬وهو أصل األعمال‬
‫الدينية وغيرها‪ ،‬وأصل األعمال الدينية حب الله ورسوله‪ ،‬كما أن أصل األقوال الدينية‬
‫تصديق الله ورسوله‪ ،‬فالتصديق بالمحبة أصل اإليمان‪ ،‬وهذا هو قول وعمل))(‪.)3‬‬
‫وفي قوله أيضاً‪(( :‬وإذا كان أصل اإليمان العملي هو حب الله تعالى ورسوله ـ صلى الله‬

‫(‪ )1‬الصارم المسلول (‪ 122/3‬ـ ‪.)121‬‬


‫(‪ )2‬التحفة العراقية (ص‪.)303 :‬‬
‫(‪ )3‬قاعدة في المحبة (ص‪.)113 :‬‬
‫‪03‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫عليه وسلم ـ‪ ،‬وحب الله أصل التوحيد العملي‪ ،‬وهو أصل التأليه‪ ،‬الذي هو عبادة الله وحده‬
‫ال شريك له‪ ،‬فإن العبادة أصلها أكمل أنواع المحبة مع أكمل أنواع الخضوع وهو‬
‫اإلسالم))(‪.)1‬‬
‫فالحاصل أنه عبَّر عن الصدق واالنقياد والمحبة‪ ،‬وهي من شروط ال إله إال الله بأصل‬
‫اإليمان‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬التعبير بأنها حقيقة اإليمان واإلسالم‪:‬‬
‫هذا التعبير ورد في كالم شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في النقل اآلتي‪:‬‬
‫((والصدق واإلخالص هما في الحقيقة تحقيق اإليمان واإلسالم‪ ،‬فإن المظهرين لإلسالم‬
‫ينقسمون إلى مؤمن ومنافق‪ ،‬والفارق بين المؤمن والمنافق هو الصدق‪ ...‬وأما اإلخالص لله‬
‫فهو حقيقة اإلسالم؛ إذ اإلسالم هو االستسالم لله ال لغيره‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫[الزمر‪.)2())]21:‬‬
‫فعد شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ الصدق واإلخالص ـ وهما من شروط شهادة أن ال إله‬ ‫َّ‬
‫إال الله ـ أنهما تحقيق حقيقة اإليمان واإلسالم‪ ،‬واإليمان واإلسالم ال يخرج مفهومهما عن‬
‫معنى ال إله إال الله‪.‬‬
‫وجاء التعبير عنها بحقيقة اإليمان أيضاً في كالم ابن القيم ـ رحمه الله ـ حيث قال ـ بعد‬
‫حد اإليمان وحقيقته ـ‪(( :‬واإليمان وراء ذلك كله‪ ،‬وهو‬ ‫ذكره كالم طوائف المخالفين في ِّ‬
‫حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول ‪ ‬علماً‪ ،‬والتصديق به عقداً‪ ،‬واإلقرار به نطقاً‪،‬‬
‫واالنقياد له محبةً وخضوعاً‪ ،‬والعمل به باطناً وظاهراً‪ ،‬وتنفيذه والدعوة إليه بحسب‬
‫اإلمكان))(‪.)3‬‬
‫فانظر‪ .‬كيف انتظم كالمه ـ رحمه الله ـ في عد هذه الشروط حيث ذكر العلم والمحبة‬
‫واالنقياد واإلقرار المستلزم للقبول‪ ،‬وذكر التصديق المقتضي لإلخالص واليقين وبين أن‬
‫ذلك حقيقة اإليمان الذي بانتفائه ينتفي إيمان القلب؛ واإليمان إذا أفرد في الذكر تضمن‬

‫(‪ )1‬نفس المصدر (ص‪.)133 :‬‬


‫(‪ )2‬التحفة العراقية (ص‪ 373 :‬ـ ‪.)370‬‬
‫(‪ )0‬الفوائد (ص‪.)151 :‬‬
‫‪01‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫اإلسالم الذي هو معنى شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله كما في حديث وفد‬
‫عبد القيس‪ ،‬وفيه قول النبي ‪« :‬أتدرون ما اإليمان بالله وحده؟» قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪.‬‬
‫قال‪« :‬شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله‪ »...‬الحديث(‪.)1‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬وها هنا أصل آخر‪ ،‬وهو أن حقيقة اإليمان مرَّكبة من قول وعمل‪ ،‬والقول‬
‫قسمان‪ :‬قول القلب وهو االعتقاد‪ ،‬وقول اللسان وهو التكلم بكلمة اإلسالم‪ .‬والعمل‬
‫قسمان‪ :‬عمل القلب‪ ،‬وهو نيته وإخالصه‪ ،‬وعمل الجوارح‪ .‬فإذا زالت هذه األربعة زال‬
‫اإليمان بكماله‪ .‬وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية األجزاء؛ فإن تصديق القلب شرط في‬
‫اعتقادها وكونها نافعة‪ .‬وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق‪ ،‬فهذا موضع المعركة بين‬
‫المرجئة وأهل السنة‪ .‬فأهل السنة مجمعون على زوال اإليمان‪ ،‬وأنه ال ينفع التصديق مع‬
‫انتفاء عمل القلب‪ ،‬وهو محبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه‪ ،‬واليهود‬
‫والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول ‪ ،‬بل ويقرون به سراً وجهراً‪ ،‬ويقولون‪ :‬ليس‬
‫بكاذب ولكن ال نتبعه وال نؤمن به))(‪.)2‬‬
‫وهذا كسابقه من جعل هذه الشروط حقيقة من حقائق اإليمان ال يتم اإليمان إال بها‪،‬‬
‫وال يصح اإلسالم إال بتحققها‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬التعبير عنها بروح اإليمان‪:‬‬
‫وقد جاء هذا التعبير في كالم ابن القيم اآلتي نصه‪(( :‬وهو من اإليمان ـ يعني اليقين ـ‬
‫بمنزلة الروح من الجسد وبه تفاضل العارفون‪ ،‬وفيه تنافس المتنافسون‪ ،‬وإليه شمر‬
‫العاملون‪ ...‬فاليقين روح أعمال القلوب التي هي روح أعمال الجوارح؛ وهو حقيقة‬
‫الصديقية))(‪ .)3‬اهـ‪.‬‬
‫ومصداقه ما جاء عن عبد الله بن مسعود ‪ ‬من قوله‪(( :‬اليقين اإليمان كلُّه))(‪ .)4‬وهذا‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬أداء الخمس من اإليمان (جـ‪ )23/1‬ح (‪ )53‬ومسلم في كتاب‬
‫اإليمان (‪ )02/1‬ح (‪.)23‬‬
‫(‪ )2‬الصالة وحكم تاركها (ص‪.)03 :‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)310/2‬‬
‫(‪ )4‬علقه البخاري في أول كتاب اإليمان (‪ .)1/1‬ووصله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (‪ 21/2‬ـ ‪ ،)22‬وحكم بأنه‬
‫صحيح‪ .‬وأخرجه الحاكم في المستدرك (‪ )030/2‬موقوفاً على ابن مسعود‪ .‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد ولم يخرجاه‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫يشمل أصل اإليمان وكمالَه الواجب وكمالَه المستحب؛ فالناس يتفاوتون في هذا اليقين‬
‫تفاوتاً عظيماً ـ كما سيأتي ذلك مفصالً عند الكالم على درجات الناس في اليقين(‪.)1‬‬
‫سادساً‪ :‬التعبير عنها بفروض اإليمان‪:‬‬
‫وهذا التعبير ورد في كالم بعض المتقدمين‪ ،‬ومن هؤالء اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ‬
‫حيث قال‪(( :‬إن الله ـ جل ذكره ـ فرض اإليمان على جوارح بني آدم‪ ،‬فقسمه فيها‪ ،‬وفرقه‬
‫عليها؛ فليس من جوارحه جارحة إال وقد وكلت من اإليمان بغير ما وكلت به أختها‪ ،‬بفرض‬
‫من الله تعالى‪:‬‬
‫فمنها (قلبه) الذي يعقل به‪ ،‬ويفهم وهو أمير بدنه الذي ال تَ ِّرد الجوارح‪ ،‬وال تصدر إال عن‬
‫الع ْقد والرضا‬
‫رأيه وأمره‪ ......‬فأما فرض الله على القلب من اإليمان فاإلقرار والمعرفة و َ‬
‫والتسليم بأن الله ال إله إال هو وحده ال شريك له‪ ،‬لم يتخذ صاحبة وال ولداً‪ ،‬وأن محمداً ‪‬‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬واإلقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب‪ .‬فذلك ما فرض الله ـ جل ثناؤه‬
‫ـ على القلب‪ ،‬وهو عمله ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [النحل‪ ،]172 :‬وقال‪:‬‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [الرعد‪ ، ]23 :‬وقال‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ‬
‫ﭩ [المائدة‪ ،]01 :‬وقال‪ :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البقرة‪ ]230 :‬فذلك‬
‫ما فرض الله على القلب من اإليمان‪ ،‬وهو عمله وهو رأس اإليمان‪.‬‬
‫التعبير عن القلب بما عقد وأقر به‪ ،‬فقال في ذلك‪:‬‬ ‫القول و َ‬‫وفرض الله على اللسان َ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ [البقرة‪ ،]132 :‬وقال‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ [البقرة‪ ]33 :‬فذلك ما فرض الله على‬
‫اللسان من القول‪ ،‬والتعبير عن القلب‪ ،‬وهو عمله‪ ،‬والفرض عليه من اإليمان))(‪.)2‬‬
‫فكالم الشافعي ـ رحمه الله ـ دال على هذه الشروط‪ ،‬وعلى وجه شرطيتها‪.‬‬
‫أما داللته على هذه الشروط‪ :‬فقد ذكر الرضا والتسليم المستلزم لالنقياد والقبول‪ ،‬وذكر‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪ 000 :‬ـ ‪.)003‬‬


‫(‪ )3‬أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي (‪ 333/1‬ـ ‪.)331‬‬
‫وبنحو كالم الشافعي ـ رحمه الله ـ قال أبو عبيد القاسم بن سالم حتى قال اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وقد‬
‫رأيت هذا الجواب ـ يعني كالم الشافعي ـ عن اإليمان ألبي عبيد أبسط من هذا‪ ،‬فإن صحت الحكايتان فيحتمل‬
‫قول قوالً‪ ،‬والله أعلم)) [مناقب‬
‫أن يكون أبو عبيد أخذه عن الشافعي ثم زاد في البيان‪ ،‬ويحتمل أن يوافق ٌ‬
‫الشافعي للبيهقي (‪ .])313/1‬وانظر‪ :‬كالم أبي عبيد في كتاب اإليمان له (ص‪ )53 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫متضمن ألعمال القلوب من الصدق واإلخالص والمحبة واليقين‪ ،‬وذكر المعرفة‪،‬‬ ‫العقد ال ِّ‬
‫وهي العلم بال إله إال الله‪.‬‬
‫والذي يدل من كالمه ـ رحمه الله ـ على الشرطية قوله ـ رحمه الله ـ عن هذه األعمال‪:‬‬
‫((فذلك ما فرض الله على القلب من اإليمان))‪ ،‬وما فرض الله على القلب من اإليمان ال‬
‫يتم اإليمان إال به‪ ،‬ألن اإليمان قول وعمل واعتقاد؛ وما فرض الله على القلب من اإليمان‬
‫هو االعتقاد‪.‬‬
‫وممن عبر عنها بالفروض أيضاً‪ :‬ابن بطة العكبري ـ رحمه الله ـ فقال‪(( :‬وأما ما فرض‬
‫على القلب فاإلقرار واإليمان والمعرفة والتصديق والعقل والرضا والتسليم وأن ال إله إال الله‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬أحداً صمداً لم يتخذ صاحبة وال ولداً وأن محمداً عبده ورسوله‪،‬‬
‫واإلقرار بما جاء من عند الله تعالى من ٍ‬
‫رسول أو كتاب‪.‬‬
‫فأما ما فرض على القلب من اإلقرار والمعرفة فقد ذكرناه في أول هذا الكتاب ونعيده‬
‫هاهنا؛ فمن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [النحل‪،]172 :‬‬
‫وقال‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [الرعد‪ ]23 :‬وقال‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ‬
‫ﭩ [المائدة‪ .]01 :‬فذلك ما فرضه على القلب من اإلقرار والمعرفة‪ .‬وهو رأس اإليمان‪ ،‬وهو‬
‫عمله‪ .‬وفرض على اللسان القول والتعبير عن القلب وما عقد عليه وأقر به))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫وجاء التعبير عنها بالفروض في كالم بعض المتأخرين من أهل العلم‪ ،‬ومن ذلك ما جاء‬
‫عن السعدي ـ رحمه الله ـ عند تفسير قوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[محمد‪ ]11:‬حيث قال‪(( :‬العلم ال بد فيه من إقرار القلب ومعرفته بمعنى ما طلب منه علمه‪،‬‬
‫وتمامه أن يعمل بمقتضاه‪ ،‬وهذا العلم الذي أمر الله به ـ وهو العلم بتوحيد الله ـ فرض عين‬
‫على كل إنسان‪ ،‬ال يسقط عن أحد كائناً من كان‪ ،‬بل كل مضطر إلى ذلك))(‪.)2‬‬
‫فتبين من كالم هؤالء األعالم أهمية هذه الشروط وعالقتها بأصل اإليمان‪ ،‬وأن إيمان‬
‫القلب ال يتم إال بها‪ ،‬وأن عقد اإلسالم ال يَـثْـبت إال بتحققها؛ فالعجب ممن يقول "ال إله‬
‫إال الله"‪ ،‬وهو غافل عن مقتضياتها ذاهل عن شروطها وواجباتها‪ .‬فكيف يصح له إسالم أو‬
‫يثبت له إيمان!!‬

‫(‪ )1‬اإلبانة في بيان عقيدة الفرقة الناجية (‪.)022/2‬‬


‫(‪ )2‬تيسير الكريم المنات (ص‪.)030 :‬‬
‫‪52‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫وأيضاً‪(( :‬فليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظ كلماتها؛ فكم من عامي اجتمعت‬
‫فيه والتزمها‪ ،‬ولو قيل له اعددها لم ي ْح ِّسن ذلك‪ .‬وكم من حافظ لها يجري فيها كالسهم‬
‫وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها))(‪ ،)1‬ولكن المقصود قيام معانيها في القلب والتزام العبد بها؛ إذ‬
‫العبرة بالمعاني ال باأللفاظ والمباني‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فخالصة المطلب‪ :‬أن أهل العلم قد يطلقون الشرط على ما هو ركن وأصل في الشيء‬
‫وذلك باعتبار الحكم؛ ألن حكم الركن والشرط واحد ـ وهو أن الشيء ينتفي بانتفائهما؛ وتعبير‬
‫أهل العلم عن هذه األركان بالشروط هو من هذا القبيل‪ ،‬أو أن ذلك منهم على سبيل التوسع أو‬
‫التسامح في العبارة كما أشار إلى ذلك الشاطبي ـ رحمه الله ـ(‪.)3‬‬
‫يتسمحون أكثر فيطلقون الفرض على ما هو ركن أو شرط بجامع اللزوم في كل‪ ،‬ألن‬ ‫وقد َّ‬
‫كن والشر َط الزمان‪.‬‬
‫الفرض الزم كما أن الر َ‬
‫المطلب الرابع‪ :‬عالقة هذه الشروط بأصل اإليمان‪:‬‬
‫من خالل أقوال أهل العلم في المطلب السابق تبيَّنت عالقة هذه الشروط بأصل‬
‫نص العلماء على أن هذه الشروط لوازم ال بد منها لتصحيح اإليمان‪ ،‬وإن‬ ‫اإليمان‪ .‬حيث َّ‬
‫تنوعت عباراتهم في الداللة على ذلك‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فالقول بأنها حقيقة اإليمان فيه إشارة لعالقة هذه الشروط بأصل اإليمان‪ ،‬ألن حقيقة‬
‫الشيء هي أصله وروحه‪.‬‬
‫وكذا التعبير بأنها أركان في اإليمان‪ ،‬ألن الركن يكون داخالً في حقيقة وماهية الشيء‪.‬‬
‫وأيضاً القول بأنها فرض اإليمان وروحه‪ .‬كل ذلك مما يبين عالقة هذه الشروط بأصل‬
‫اإليمان‪.‬‬
‫ومما يبين هذه العالقة ويوضحها أيضاً‪ :‬أن اإليمان عند أهل السنة قول وعمل واعتقاد‪،‬‬
‫وهذه الشروط ثمثِّل هذه األمور الثالثة‪ِّ ،‬‬
‫وتكون حقيقتها‪.‬‬
‫مفصالً من خالل عرض مباحث ومطالب هذه الرسالة‪.‬‬ ‫وسيأتي ذلك َّ‬
‫مجرد اإلشارة لعالقة هذه الشروط بأصل اإليمان‪ ،‬ودفع توهم أن مراد أهل‬
‫والمقصود هنا َّ‬
‫(‪ )1‬ما بين القوسين من معارج القبول للحكمي بتصرف يسير (‪.)013/2‬‬
‫(‪ )2‬أي شطر داخل في مفهومه‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الموافقات (‪ 115/1‬ـ ‪.)112‬‬
‫‪53‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫العلم بالشرط في هذه الشروط ما كان خارجاً عن ماهية الشيء كما هو الشأن في تعريف‬
‫الشرط عند األصوليين‪ .‬وإنما عبِّر بالشرط هنا ـ كما سبق ـ على سبيل التوسع في العبارة‪ ،‬أو‬
‫المقرر عند أهل العلم أنه ال مشاحة في‬‫بالنظر إلى اتحاد الحكم بين الشرط والركن‪ ،‬و َّ‬
‫االصطالح إذا ع ِّرف المقصود وتبين المراد ولم يكن هنالك لبس(‪.)1‬‬
‫والبن القيم ـ رحمه الله ـ كالم جامع نفيس بيَّن من خالله عالقة هذه الشروط بأصل‬
‫اإليمان من المناسب ذكره هنا‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في سياق تفسيره لقول الله تعالى‪ :‬ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ [إبراهيم‪(( :]20 :‬الكلمة الطيبة‬
‫هي شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬فإنها تثمر جميع األعمال الصالحة الظاهرة والباطنة‪ ،‬فكل‬
‫عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة‪ ،‬وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‬
‫قال‪ « :‬ﯸ ﯹ ‪ :‬شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬ﯺ ﯻ ‪ :‬وهو المؤمن‪ .‬ﯼ‬
‫ﯽ ‪ :‬قول ال إله إال الله في قلب المؤمن‪ .‬ﯾ ﯿ ﰀ ‪ :‬يقول يرفع بها عمل المؤمن‬
‫إلى السماء»‪ .‬وقال الربيع بن أنس‪ « :‬ﯸ ﯹ هذا مثل اإليمان‪ ،‬فاإليمان الشجرة‬
‫الطيبة‪ ،‬وأصلها الثابت الذي ال يزول اإلخالص فيه‪ ،‬وفرعه في السماء خشية الله»‪.‬‬
‫والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن‪ ،‬فإنه ـ سبحانه ـ شبَّه شجرة التوحيد في القلب‬
‫بالشجرة الطيبة الثابتة األصل الباسقة الفرع في السماء علواً‪ ،‬التي ال تزال تؤتي ثمرتها كل‬
‫حين‪ ،‬وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقاً لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي‬
‫فروعها من األعمال الصالحة صاعدة إلى السماء‪ ،‬وال تزال هذه الشجرة تثمر األعمال‬

‫(‪ )1‬وال ينبغي في هذا الموضع تحكيم مقاصد السلف وأتباعهم على اصطالحات علماء أهل الكالم‪ ،‬فالسني‬
‫يحا َكم لمعتقده ومراده كما أن المتكلم ي َحا َكم لمعتقده واصطالحه‪ .‬فالسلف وأتباعهم إذا عبَّروا بالشرط لما هو‬
‫في معتقدهم أنه أصل في اإليمان ال ينبغي التشغيب عليهم بمصطلحات المتأخرين من أهل الكالم واألصول‬
‫وإخضاع معتقداتهم لتلك المصطلحات الحادثة‪.‬‬
‫((وهذا األصل ـ أي عدم تسليط اصطالح المتأخرين من أهل الكالم واألصول على األلفاظ العرفية واللغوية ـ مهم للغاية‬
‫حتى نتفهم مقاصد األئمة وأهل الكالم من ألفاظهم‪ ،‬فال نقع في تخطئة الواحد منهم‪ ،‬أو اتهامه أو حتى إساءة فهم‬
‫الكالم بسبب محاكمة ألفاظهم إلى اصطالحات أصحاب الفنون‪ ،‬خصوصاً إذا علمنا تأثر هذه الفنون باالصطالح‬
‫المنطقي المحدث‪ ،‬وأن أكثر المصنفين في هذه الفنون ـ كأصول الفقه مثالً ـ هم من أهل الكالم الذين أدخلوا في هذه‬
‫العلوم ما ليس منها)) [شرح ألفاظ السلف والخلف في حقيقة اإليمان (ص‪ 322 :‬ـ ‪.])325‬‬
‫‪50‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫الصالحة كل وقت‪ ،‬بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخالصه فيها ومعرفته‬
‫بحقيقتها وقيامه بحقوقها ومراعاتها حق رعايتها‪ .‬فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه‬
‫بحقيقتها التي هي حقيقتها‪ ،‬واتصف قلبه بها‪ ،‬وانصبغ بها بصبغة الله التي ال أحسن صبغة‬
‫منها‪ ،‬فعرف حقيقة اإللهية التي يثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه‪ ،‬ونفى تلك‬
‫الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله‪ ،‬وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي واإلثبات‪ ،‬وانقادت‬
‫جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه(‪ )1‬ذلالً غير ناكبة عنها وال باغية سواها‬
‫بدالً كما ال يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدالً فال ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب‬
‫على هذا اللسان ال تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت‪ .‬فهذه‬
‫الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب تعالى‪ .‬وهذه الكلمة الطيبة تثمر‬
‫َكلِّماً كثيراً طيباً يقارنه عمل صالح‪ ،‬فيرفع العمل الصالح إلى الكلم الطيب كما قال تعالى‪:‬‬
‫الكلم الطيب‪،‬‬‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ [فاطر‪ ،]17 :‬أخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع َ‬
‫وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عمالً صالحاً كل وقت‪.‬‬
‫والمقصود‪ :‬أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفاً بمعناها وحقيقتها نفياً وإثباتاً‪،‬‬
‫متصفاً بموجبها‪ ،‬قائماً قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته‪ ،‬فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت‬
‫هذا العمل من هذا الشاهد‪ ،‬أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء وهي‬
‫كل وقت))‪.‬‬‫مخرجة لثمرتها َّ‬
‫ثم ذكر ـ رحمه الله ـ الحكمة من تشبيه المؤمن بالشجرة فقال‪(( :‬وفي هذا المثل من‬
‫األسرار والعلوم والمعارف ما يليق به‪ ،‬ويقتضيه علم الذي تكلم به وحكمته‪ ،‬فمن ذلك أن‬
‫الشجرة ال بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر‪ ،‬فكذلك شجرة اإليمان واإلسالم؛‬
‫ليطابق المشبه المشبه به؛ فعروقها العلم والمعرفة واليقين‪ ،‬وساقها اإلخالص‪ ،‬وفروعها‬
‫األعمال وثمرتها ما توجبه األعمال الصالحة من اآلثار الحميدة والصفات الممدوحة‬
‫ستدل على َغ ْرس هذه الشجرة‬ ‫اله ْدي والدل المرضي‪ ،‬في َ‬‫السمت الصالح و َ‬ ‫واألخالق الزكية و َّ‬
‫في القلب وثبوتها فيه بهذه األمور‪ ،‬فإذا كان العلم صحيحاً مطابقاً لمعلومه الذي أنزل الله‬
‫كتابه به‪ ،‬واالعتقاد مطابقاً لما أخبر به عن نفسه‪ ،‬وأخبرت به عنه رسله‪ ،‬واإلخالص قائم‬
‫السمت مشابه لهذه األصول مناسب لها‬ ‫اله ْدي‪ ،‬والدل و َّ‬
‫في القلب واألعمال موافقة لألمر و َ‬
‫(‪ )1‬كذا في األصل‪ ،‬والصواب ((ربها)) مراعاة للسياق‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫االفتتاحية‬

‫علم أن شجرة اإليمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء‪ ،‬وإذا كان األمر بالعكس‬
‫علِّم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق األرض ما لها من قرار))‬

‫(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫فالحاصل أن ابن القيم ـ رحمه الله ـ تعالى بيَّن في كالمه المتقدم عالقة هذه الشروط‬
‫بأصل اإليمان الذي يكون في القلب‪ ،‬وهو عمله من المحبة والصدق واإلخالص‪ ،‬ورسوخ‬
‫العلم الذي هو يقينه بالله‪ ،‬فيثمر ذلك انقياد الجوارح بالعمل الصالح‪ ،‬الذي هو فرع التوحيد‬
‫الذي في القلب المتحقق بهذه الشروط مجتمعة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫المتقدم تتبين أهمية هذه الشروط وعالقتها بأصل اإليمان‪ ،‬وأنها الزمة‬ ‫فبهذا العرض‬
‫لتحققه‪ .‬والله المستعان‪...‬‬

‫(‪ )1‬إعالم الموقعين (‪ 101/1‬ـ ‪.)100‬‬


‫‪65‬‬ ‫التمهيد‬

‫المبحث الثاني‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل السنة ومخالفيهم‪.‬‬
‫وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل السنة‪.‬‬
‫تضمنت بالوضع نفي اإللهية‬
‫"ال إله إال الله" أعظم كلمة في الوجود‪ ،‬وذلك ألنها َّ‬
‫عما سوى الله‪ ،‬وإثباتها له بوصف االختصاص‪ ،‬فداللتها على إثبات إلهيته أعظم من داللة‬
‫قولنا‪« :‬الله إله»‪ ،‬وال يستريب أحد في هذا ألبتة(‪.)1‬‬
‫وهذا االختصاص في كلمة التوحيد إنما يستفاد من أسلوبي النفي واإلثبات الذيْن‬
‫تضمنتهما هذه الكلمة العظيمة؛ فليس ثمة كلمة في الوجود تدل على التوحيد المحض‬ ‫ّ‬
‫الخالص لله ‪ ‬مثلها‪ .‬ولذا قال النبي ‪ ‬في بيان فضلها من بين الكالم‪« :‬أفضل ما قلته‬
‫أنا والنبيون من قبلي ال إله إال الله» الحديث(‪.)2‬‬
‫وإليضاح المعنى الحق لهذه الكلمة البد من الكالم أوالً على إعرابها(‪)3‬؛ إذ إن مشارب‬
‫الناس ومذاهبهم قد اختلفت في معنى هذه الكلمة نتيجة اختالفهم في تقدير خبر "ال‬
‫النافية للجنس" المحذوف في هذه الكلمة‪ .‬ومن ثم الكالم على ألفاظها‪.‬‬
‫أوالا‪ :‬الكالم على إعراب هذه الكلمة عند أهل السنة‪:‬‬
‫أهل السنة يوافقون النحاة في إعراب كلمة التوحيد ـ ال إله إال الله ـ إال أنهم قد‬
‫يخالفونهم في تقدير خبر "ال النافية للجنس" المحذوف في هذه الكلمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬بدائع الفوائد البن القيم (‪ )625/3‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله ‪ ،‬باب‪ :‬الدعاء يوم عرفة (‪ )672/6‬ح (‪ ،)3656‬ومالك‬
‫في الموطأ (‪ 222 ،212/1‬ـ ‪ ،)223‬وعبد الرزاق في المصنف (‪ )375/2‬رقم (‪ ،)5126‬والبيهقي في‬
‫السنن (‪ ،252/2‬و‪ ،)117/6‬والبغوي في شرح السنة (‪ )167/7‬رقم (‪.)1626‬‬
‫قال ابن عبد البر في التمهيد (‪( :)36/5‬ال خالف عن مالك في إرسال هذا الحديث)‪ .‬والحديث وصله ابن‬
‫عدي وغيره‪ .‬انظر‪ :‬تفصيل ذلك في الصحيحة لأللباني (‪.)1653‬‬
‫(‪ )3‬يقول علي القاري ـ رحمه الله ـ في التجريد في إعراب كلمة التوحيد (ص‪(( :)12:‬وقد نص األئمة‪ ،‬من سادات‬
‫األمة‪ ،‬أنه ال بد من فهم معناها المترتب على علم مبناها)) يعني‪ :‬إعرابها‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫التمهيد‬

‫فـ"ال" في كلمة التوحيد نافية للجنس‪ ،‬عاملة عمل ((إ ّن)) لشبهها إياها في أربعة أمور‪،‬‬
‫ذكرها ابن يعيش(‪ )1‬في شرحه على ((المفصل))(‪.)2‬‬
‫و"إله" اسمها‪ ،‬مبني على الفتح في محل نصب‪ ،‬وهي واسمها في محل رفع باالبتداء‪،‬‬
‫نصاً في العموم‪،‬‬
‫وقد ض ّمنت ال مع اسمها معنى ((م ْن))؛ إذ التقدير ال من إله‪ ،‬ولهذا كانت ّ‬
‫كأنه نفي كل إله غير الله ‪ ،)3( ‬وخبر "ال" محذوف للعلم به تقديره عند أكثر النحويين‬
‫موجود(‪ ،)4‬وعند أهل السنة "معبود بحق" ـ أي‪ :‬ال إله معبود بحق(‪ )5‬إال الله؛ وذلك ألن‬
‫نفي وجود اآل لهة مخالف للواقع؛ فهناك آلهة كثيرة دون الله موجودة‪ ،‬ولكن معبودة‬
‫بالباطل‪ ،‬فقد حكى الله عن قوم نوح‪ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [نوح‪ ، ]23 :‬وعن قوم موسى‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ [األعراف‪ )6(]135 :‬؛ فهذه أدلة وجود آلهة غير‬
‫الله معبودة بالباطل‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬الموفق يعيش بن علي بن يعيش األسدي‪ ،‬ولد بحلب سنة (‪ ،)633‬وسمع بالموصل من أبي فضل‬
‫الطوسي‪ .‬قال ابن خلكان‪( :‬كان فاضالً ماهراً في النحو والتصريف)‪ .‬توفي سنة (‪)523‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في‬
‫وفيات األعيان (‪ 25/7‬ـ ‪ ،)63‬وسير أعالم النبالء (‪ 122/23‬ـ ‪ ،)127‬وشذرات الذهب (‪.)362/7‬‬
‫(‪ )2‬شرح المفصل (‪ .)156/1‬وانظر‪ :‬شرح التصريح على التوضيح (‪.)335/1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التجريد في إعراب كلمة التوحيد لعلي القاري (ص‪ 16 :‬ـ ‪.)15‬‬
‫(‪ )4‬وبعضهم يقدره‪( :‬لنا) فيقول ال إله لنا إال الله‪ .‬وهو ال يدل على التوحيد الخالص ألنه ال ينفي االشتراك‪ ،‬وال يدل‬
‫على نفي العموم‪ .‬انظر‪ :‬المفصل مع شرحه البن يعيش (‪ ،)157/1‬وشرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص‪:‬‬
‫‪.)126‬‬
‫(‪ )5‬قال القرافي ـ رحمه الله ـ‪ ...(( :‬تعيّن أن نقول‪ :‬ال معبود باستحقاق؛ فإن نفي المعبودات مطلقاً ليس بصادق فإن‬
‫المعبودات واقعة كثيراً من الشجر والحجر والكواكب وغير ذلك‪ ،‬فال يصدق اإلخبار عن النفي إال إذا قيد‬
‫باالستحقاق))‪[ .‬االستغناء في أحكام االستثناء (ص‪.])365 :‬‬
‫قلت‪ :‬والدليل على صحة هذا التقدير أنه صريح نص القرآن كما قال تعالى‪ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫[الحج‪ .]52 :‬وانظر‪ :‬معالم التنـزيل (‪ ،)167/5‬وتفسير ابن كثير (‪،)233/3‬‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ‬
‫وتفسير السمعاني (‪.)33/1‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬معنى ال إله إال الله للزركشي (ص‪ ،)72:‬وروح المعاني لأللوسي (‪ 5/2‬ـ ‪ )7‬والدرر السنية (‪،267/2‬‬
‫‪ 325‬ـ ‪.)326‬‬
‫‪65‬‬ ‫التمهيد‬

‫وألن النـزاع بين الرسل وقومهم في كون آلهتهم حقاً أو باطالً‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [سـبأ‪ . ]22 :‬وأما إلهية الله‪ ،‬فال نزاع فيها‪ ،‬ولم ينفها أحد‬
‫ممن يعترف بالربوبية(‪.)1‬‬
‫فثبت أن النفي ليس للوجود‪ ،‬وإنما هو لالستحقاق‪.‬‬
‫كما أن التقدير بالوجود(‪(( )2‬يفهم منه االتحاد؛ فإن اإلله هو المعبود‪ ،‬فإذا قيل ال معبود‬
‫موجود إال الله‪ ،‬لزم منه أن كل معبود عبد بحق أو بباطل هو الله‪ ،‬فيكون ما عبده‬
‫المشركون من الشمس والقمر والنجوم واألشجار واألحجار والمالئكة واألنبياء واألولياء‬
‫وغير ذلك هي الله‪ ،‬فيكون ذلك كله توحيداً‪ ،‬فما عبد على هذا التقدير إال الله؛ إذ هي‬
‫هو‪ ،‬وهذا ـ والعياذ بالله ـ أعظم الكفر وأقبحه على اإلطالق‪ ،‬وفيه إبطال لرساالت جميع‬
‫الرسل وكفر بجميع الكتب وجحود لجميع الشرائع وتكذيب بكل ذلك وتزكية لكل كافر‬
‫من أن يكون كافراً‪ ،‬إذ كل ما عبده من المخلوقات هو الله‪ ،‬فلم يكن عندهم مشركاً بل‬
‫موحداً‪ ،‬تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً‪ .‬فإذا فهمنا هذا فال يجوز‬
‫تقدير الخبر موجود إال أن ينعت اسم ال بحق فال بأس‪ ،‬ويكون التقدير ال إله حقاً موجود‬
‫إال الله؛ فبقيد االستحقاق ينتفي المحذور الذي ذكرنا))(‪.)3‬‬
‫و"إال" أداة استثناء‪ ،‬وهي تفيد الحصر والقصر‪ ،‬فيكون المعنى‪ :‬اإللهية الح ّقة أو اإلله‬
‫الحق هو الله ليس َّثم إله حق إال هو‪ ،‬دون ما سواه(‪.)4‬‬
‫ولفظ الجاللة ((الله)) بدل من محل "ال" مع اسمها أو من الضمير المستتر في الخبر‬
‫مستثنى منصوباً(‪.)5‬‬
‫ً‬ ‫مرفوع بالضمة الظاهرة‪ .‬ويجوز نصبه وإعرابه‬

‫(‪ )1‬رسالة في إعراب ال إله إال الله للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ ضمن الدرر السنية (‪.)326/2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المستدرك الملحق بشرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬طبعة دار الفكر العربي‪( ،‬ص‪ )635 :‬لسماحة الشيخ عبد‬
‫العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬ما بين القوسين من كتاب معارج القبول للحكمي (‪.)215/2‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬معنى ال إله إال الله للزركشي‪( ،‬ص‪ 77 :‬ـ ‪ ،)55‬ومعجم اإلعراب واإلمالء للدكتور إميل بديع يعقوب‬
‫ص‪.266/‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق ص‪ .266/‬وانظر‪ :‬تفصيل القول في إعرابها في روح المعاني لأللوسي (‪ 5/2‬ـ ‪ ،)7‬والدرر‬
‫السنية (‪.)335 ،267/2‬‬
‫‪66‬‬ ‫التمهيد‬

‫اعتراض ودفعه في إعراب كلمة التوحيد‪:‬‬


‫اعترض بعضهم على تقدير خبر محذوف في كلمة التوحيد زاعماً أن ذلك ينفي الوجود‬
‫ال الماهية؛ ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصرف من نفي الوجود‪ ،‬فثبت إذن أن‬
‫إجراء الكالم على ظاهره واإلعراض عن هذا اإلضمار أولى(‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ي الظمآن))‪،‬‬‫وقد أجاب عن ذلك أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي في ((ر ّ‬
‫فقال‪(( :‬هذا كالم من ال يعرف لسان العرب‪ ،‬فإن ((إله)) في موضع المبتدأ على قول سيبويه‪،‬‬
‫وعند غيره اسم ((ال))‪ ،‬وعلى التقديرين فال بد من خبر المبتدأ وإال فما قاله من االستغناء عن‬
‫اإلضمار فاسد‪ .‬وأما قوله‪ :‬إذا لم يضمر يكون نفياً للماهية فليس بشيء‪ ،‬ألن نفي الماهية هو‬
‫نفي الوجود‪ ،‬ال تتصور الماهية إال مع الوجود‪ ،‬وال فرق بين ((ال ماهية)) و((ال وجود))‪ .‬وهذا‬
‫مذهب أهل السنة خالفاً للمعتزلة‪ ،‬فإنهم يثبتون ماهية عارية عن الوجود(‪ .)4()))3‬انتهى المراد‬
‫نقله من كالمه ـ رحمه الله‪.‬‬
‫وقد نبه الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ في استدراكاته على شرح الطحاوية عند هذا الموضع‪:‬‬
‫أن في جواب أبي الفضل المرسي ـ رحمه الله ـ تأييداً لمقالة النحاة من تقدير الخبر بكلمة «في‬
‫الوجود»‪ ،‬وهو ليس بصحيح‪ ،‬ألنه كما تقدم أن ذلك مخالف للواقع‪ ،‬ألن اآللهة المعبودة من‬
‫دون الله كثيرة وموجودة‪ ،‬وتقدير الخبر بلفظ «في الوجود» ال يحصل به المقصود من بيان‬
‫لحقيقة ألوهية الله ـ سبحانه ـ وبطالن ما سواها‪ ،‬ألن لقائل أن يقول‪ :‬كيف تقولون ال إله في‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص‪ ،)135 :‬وشرح الطحاوية (ص‪.)52 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬شرف الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي األندلسي‪ ،‬أديب نحوي مفسر‪ ،‬لقيه‬
‫ياقوت الحموي المؤرخ المشهور بمصر سنة (‪ )522‬هـ‪ ،‬وأخبره أن مولده بمرسية سنة (‪ )675‬هـ‪ .‬له مؤلفات‬
‫كثيرة منها (تفسير القرآن‪ ،‬سماه ري الظمآن في تفسير القرآن‪ ،‬وهو كبير جداً قصد فيه ارتباط اآلي بعضها‬
‫ببعض‪ .‬توفي سنة (‪ )566‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في سير أعالم النبالء (‪ 312/23‬ـ ‪ ،)315‬وشذرات الذهب البن‬
‫العماد (‪ 256/7‬ـ ‪ ،)255‬وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة (‪ 122/1‬ـ ‪.)125‬‬
‫(‪ )3‬والقول بالتفريق بين الوجود والماهية ـ كما هو مذهب المعتزلة ـ مبني على أن الماهية سابقة للوجود‪ ،‬وأن األعيان لها‬
‫وجود في العدم‪ ،‬وهو قول باطل يستلزم أن الله تعالى لم يخلق شيئاً من ذوات الموجودات‪ ،‬وإنما خلق وجودها‪ ،‬وهذا‬
‫تفرعت عنه عقيدة وحدة الوجود واالتحاد‪ .‬انظر‪ :‬بغية المرتاد (ص‪ 236:‬ـ ‪.)235‬‬
‫هو القول الذي َّ‬
‫(‪ )4‬نقالً عن شرح الطحاوية (ص‪ 52 :‬ـ ‪.)56‬‬
‫‪55‬‬ ‫التمهيد‬

‫الوجود إال الله وقد أخبر سبحانه عن وجود آلهة كثيرة للمشركين كما في قوله سبحانه‪ :‬ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [هود‪ ،]151 :‬وقوله سبحانه‪:‬‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ [األحقاف‪]25 :‬؟ فال سبيل إلى التخلص من هذا‬
‫االعتراض وبيان عظمة هذه الكلمة وأنها كلمة التوحيد المبطلة آللهة المشركين وعبادتهم من‬
‫دون الله إال بتقدير الخبر بغير ما ذكره النحاة‪ ،‬وهو كلمة «حق» ألنها هي التي توضح بطالن‬
‫جميع اآللهة وتبين أن اإلله الحق والمعبود بالحق هو الله وحده‪ ...‬وبهذا التقدير يزول جميع‬
‫اإلشكال ويتضح المعنى المطلوب))(‪ )1‬انتهى كالمه ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكالم على ألفاظ شهادة أن ال إله إال الله وتفسيرها‪:‬‬
‫شهادة التوحيد‪" :‬أشهد أن ال إله إال الله" اشتملت على ستة ألفاظ‪:‬‬
‫‪(( .1‬أشهد))‪.‬‬
‫‪(( .2‬أ ْن))‪.‬‬
‫‪(( .3‬ال))‪.‬‬
‫‪(( .2‬إله))‪.‬‬
‫((إال))‬ ‫‪.6‬‬
‫‪ .5‬لفظ الجاللة ((الله))‪.‬‬
‫أوالا‪ :‬لفظ "أشهد"‪:‬‬
‫هذا اللفظ معناه في اللغة والشرع وفي تفاسير السلف آلي القرآن التي فيها لفظ ((شهد))؛‬
‫كقوله تعالى‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫[الزخرف‪]55 :‬‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫[آل عمران‪ ،]15 :‬وكقوله‪ :‬ﯩ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫يدور على الحكم‪ ،‬والقضاء‪ ،‬واإلعالم‪ ،‬والبيان واإلخبار‪ ،‬واإلقرار لما شهد به(‪ ،)2‬وهذه األقوال‬

‫(‪ )1‬المستدرك الملحق بشرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬طبعة دار الفكر العربي‪( ،‬ص‪ )635 :‬لسماحة الشيخ عبد العزيز بن‬
‫عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬القاموس المحيط (‪ )655/1‬باب الدال ـ فصل الشين‪ ،‬مفردات القرآن للراغب ص‪ 256 /‬ـ ‪ 255‬مادة‬
‫((شهد))‪ ،‬معاني القرآن للزجاج (‪ ،)356/1‬ومعالم التنزيل (‪ 17/2‬ـ ‪ ،)15‬وزاد المسير (‪ ،)352/1‬والجامع‬
‫ألحكام القرآن (جـ‪.)22/2‬‬
‫‪51‬‬ ‫التمهيد‬

‫كلها حق ال تنافي بينها؛ وذلك أن الشهادة تتضمن كالم الشاهد وخبره‪ ،‬وتتضمن إعالمه‬
‫وإخباره وبيانه(‪ ،)1‬فلها أربع مراتب‪:‬‬
‫األولى‪ :‬علمه بالمشهود له‪ .‬فالشهادة ال تصح إال عن علم يقيني ال يخالطه شك‬
‫[الزخرف‪:‬‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫بالمشهود له وهو الله ‪ ،‬ولذا قال تعالى‪ :‬ﯩ‬
‫‪ ،]55‬وقال النبي ‪ ‬لرجل أراد أن يشهد عنده‪(( :‬أرأيت الشمس)) قال‪ :‬نعم‪ .‬فقال ‪:‬‬
‫((على مثلها فاشهد أو دع)) ؛ فمن شهد غير عالم بالمشهود له فشهادته زور ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫ومين‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬تكلم الشاهد وإقراره بهذا الذي علمه؛ فالشهادة كما أنها تقتضي اعتقاداً ـ وهو العلم‬
‫واليقين بالمشهود له ـ فهي تقتضي كذلك نطقاً وإن لم يـ ْعلم به غيره‪ ،‬بل يتكلم بها مع نفسه‪.‬‬
‫يسمى شاهداً حتى يعلم غيره بما شهد به‪ .‬وهذا‬ ‫الثالث‪ :‬إعالمه وإخباره بها؛ فال ّ‬
‫اإلعالم نوعان؛ إما أن يكون إعالماً بالقول أو إعالماً بالفعل‪ ،‬وهذا شأن كل م ْعلم لغيره‬
‫بأمر‪ ،‬تارة يـ ْعلمه به بقول وتارة بفعل‪ ،‬ولهذا كان من جعل داره مسجداً وفتح بابها لكل من‬
‫دخل إليها وأذن بالصالة فيها معلماً أنها وقف وإن لم يتلفظ به‪ ،‬وكذلك من وجد متقرباً‬
‫إلى غيره بأنواع المسار م ْعلماً له ولغيره أنه يحبه وإن لم يتلفظ بقوله‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬إلتزامه بمضمونها واألمر به‪.‬‬
‫وهذا من شهادة الفعل‪ ،‬فالشهادة كما أنها تكون نطقاً باللسان‪ ،‬فهي أيضاً تكون عمالً‬
‫باألركان كما قال تعالى ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ [التوبة‪ .]17 :‬فهذه‬
‫شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه‪ ،‬وكذا القائل لهذه الكلمة فال بد أن يشهد بعمله على‬
‫صدق شهادته‪ ،‬وال يكون ذلك إال بانقياد في الظاهر‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى البن تيمية (‪ 155/12‬ـ ‪ ،)156‬ومدارج السالكين (‪ 261/3‬ـ‪ ،)266‬والكواشف‬
‫الجلية (ص‪.)35 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البيهقي في شعب اإليمان (‪ )266/7‬برقم (‪ ،)15672‬وذكره العجلوني في كشف الخفاء (‪)63/2‬‬
‫وعزاه إلى الحاكم في المستدرك‪ ،‬والبيهقي في الشعب من حديث طاووس عن ابن عباس مرفوعاً‪ .‬ولفظه‪« :‬هل‬
‫ترى الشمس» قال‪ :‬نعم قال «على مثلها فاشهد أو دع»‪.‬‬
‫قال ابن حزم في المحلى (‪(( :)232/6‬وهذا خبر ال يصح سنده؛ ألنه من طريق محمد بن سليمان بن‬
‫مشمول‪ ،‬وهو هالك عن عبيد الله بن سلمة بن وهرام‪ ،‬وهو ضعيف؛ لكن معناه صحيح)) أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪52‬‬ ‫التمهيد‬

‫ﭧ ﭨ‬ ‫وشهادة الله سبحانه لنفسه بالتوحيد ـ مثالً ـ في قوله تعالى‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ‬


‫[آل عمران‪]15 :‬‬ ‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫تضمنت هذه المراتب األربع‪ :‬علمه بذلك سبحانه‪ ،‬وتكلمه به‪ ،‬وإعالمه وإخباره لخلقه به‪،‬‬
‫وأمرهم وإلزامهم به؛ فالله سبحانه وتعالى قد علم هذه الشهادة التي شهد بها لنفسه‪ ،‬وتكلم‬
‫بها‪ .‬كما أعلم بها عباده تارة بفعله وأخرى بقوله‪ ،‬أما إعالمه بفعله فكما قال ابن كيسان‪:‬‬
‫(شهد الله بتدبيره العجيب وأموره المحكمة عند خلقه أنه ال إله إال هو)‪ ،‬وأما إعالمه‬
‫بالقول فهو ما أرسل به رسله وأنزل به كتبه و أوحاه الى عباده كما في قوله‪ :‬ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫[النحل‪]2 :‬‬ ‫ﭩ ﮤ ﮥ‬ ‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ‬
‫إلى غير ذلك من اآليات‪ .‬وأما مرتبة األمر بذلك واإللزام به فإن مجرد الشهادة ال يستلزمه‬
‫لكن الشهادة في هذا الموضع تدل عليه وتتضمنه؛ فإنه سبحانه شهد به شهادة من‬
‫حكم به وقضى وأمر وألزم عباده به كما قال تعالى‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫[النحل‪:‬‬ ‫ﯩﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫[اإلسراء‪ .]23 :‬وقال الله‪ :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫‪ ،]61‬وقال تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ [البينة‪ ]6 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮌ ﮍ‬
‫[اإلسراء‪ ]22 :‬وقال الله سبحانه وتعالى‪ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫[القصص‪ ]55 :‬والقرآن كله شاهد بذلك‪.‬‬
‫ووجه استلزام شهادته سبحانه لذلك‪ :‬أنه إذا شهد أنه ال إله إال هو فقد أخبر وبيَّن وأعلم‬
‫وحكم وقضى أن ما سواه ليس بإله‪ ،‬وأن إلهية ما سواه أبطل الباطل‪ ،‬وإثباتها أظلم الظلم‬
‫فال يستحق العبادة سواه كما ال تصلح اإللهية لغيره‪ ،‬وذلك يستلزم األمر باتخاذه وحده‬
‫إلهاً‪ ،‬والنهي عن اتخاذ غيره معه إلهاً(‪.)1‬‬
‫فالحاصل أن الشهادة إخبار عن الشيء عن علم واعتقاد جازم مع التزام لما علمه إما في‬
‫نفسه أو بإلزام غيره به‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬لفظ ((أ ْن))‪" :‬أن" هي المخففة من الثقيلة‪ ،‬وهي تفيد التوكيد والجزم‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 471/41‬ـ ‪ ،)471‬ومدارج السالكين (‪ 154/3‬ـ‪ ،)155‬والكواشف الجلية (ص‪:‬‬
‫‪ 33‬ـ ‪.)11‬‬
‫‪53‬‬ ‫التمهيد‬

‫ثالثاً‪ :‬لفظ ((ال))‪ :‬ال هي النافية للجنس‪ ،‬وقد تقدم أنها تعمل عمل ((إن))‪ .‬وهنا تنفي‬
‫جنس اإللهية الح ّقة عن ما سوى الله عز وجل‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬لفظ ((إله))‪(( :‬اإلله)) ((فِعال)) بمعنى ((مفعول)) ككتاب بمعنى مكتوب‪ ،‬وغراس‬
‫بمعنى مغروس‪ ،‬وفراش بمعنى مفروش‪ ،‬وهو مشتق من أله ـ بالفتح ـ يأله إلهةً أي عبد عبادة(‪)1‬؛‬
‫فاإلله هو المألوه أي المعبود بحق(‪(( )2‬الذي تألهه القلوب أي تعبده محبة وتذلالً‪ ،‬وخوفاً ورجاء‪،‬‬
‫ورغباً ورهباً‪ ،‬وتوكالً عليه‪ ،‬واطّراحاً بين يديه‪ ،‬واستعانة به‪ ،‬والتجاء إليه‪ ،‬وافتقاراً إليه‪ ،‬وذلك ال‬
‫ومصرفه ومدبره‪ ،‬مبدي الخلق ومعيده ومحييه‬ ‫ّ‬ ‫ومصوره‬
‫ّ‬ ‫ينبغي إال لله ‪ ‬خالق كل شيء‬
‫الفعال لما يريد‪ ،‬الذي هو على كل شيد شهيد‪ ،‬الذي ال ملجأ وال منجأ منه إال إليه‪،‬‬ ‫ومبيده‪َّ ،‬‬
‫ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫وال حول وال قوة إال به ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭠ [يونس‪ ،]157 :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬ ‫[فاطر‪،]2 :‬‬
‫ﯗ ﯘ [فاطر‪ 16:‬ـ ‪.)3())]17‬‬
‫وهذا المعنى لكلمة ((إله)) مجمع عليه بين أهل السنة‪ .‬وقد حكى اإلجماع عليه غير واحد؛‬
‫منهم الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ حيث قال‪(( :‬وهذا كثير جداً في كالم العلماء‪،‬‬
‫وهو إجماع منهم‪ :‬أن اإلله هو المعبود))(‪ .)4‬وممن نقله أيضاً الشيخ عبد الله أبا‬
‫(‪) 5‬‬
‫وشراح الحديث‬ ‫بطين ـ رحمه الله ـ حيث قال‪(( :‬وجميع العلماء من المفسرين ّ‬
‫والفقه وغيرهم يفسرون اإلله بأنه المعبود)) (‪ .)1‬اهـ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬إشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي (ص‪ 23:‬ـ ‪ ،)22‬ومعجم مقاييس اللغة (‪ ،)127/1‬والصحاح‬
‫للجوهري (‪.)2223/5‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (ص‪ ،)25 :‬وتفسير ابن جرير الطبري (‪ ،)121/1‬ودرء التعارض‬
‫(‪.)225/1‬‬
‫(‪ )3‬معارج القبول للحكمي (‪ 232/2‬ـ ‪.)236‬‬
‫(‪ )4‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)65 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬الشيخ العالمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله الملقب أبا بطين – بضم‬
‫الباء الوحدة (تصغير بطين)‪ -‬العائذي‪ ،‬وعائذ إحدى قبائل قحطان‪ ،‬ولد المترجم له في (روضة سدير) ونشأ فيها‬
‫نشأةً صالحة‪ ،‬ثم رحل إلى (الدرعية) فقرأ على علمائها‪ ،‬ولما استولى الملك سعود بن عبد العزيز على الحجاز عيّنه‬
‫=‬
‫‪52‬‬ ‫التمهيد‬

‫وقال المعلمي(‪ )2‬ـ رحمه الله ـ‪(( :‬اعلم أنني تتبعت عبارات أهل العلم في تفسير لفظ ((إله))‪،‬‬
‫فوجدتهم كالمجمعين على أن معناه ـ معبود بحق ـ وقال بعضهم‪ :‬معبود))(‪ .)3‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وأصل هذا المعنى لكلمة ((إله)) قد جاء في كالم النبي ‪ ‬وذلك على ما رواه مسلم‬
‫في صحيحه(‪ )4‬عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال‪ :‬سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‬
‫يقول‪« :‬بني اإلسالم على خمس‪ :‬على أن يعبد الله ويكفر بما دونه‪ ...‬الحديث»(‪ ،)5‬وفي‬
‫رواية أخرى عنه‪« :‬بني اإلسالم على خمس‪ :‬شهادة أن ال إله إال الله‪ ..‬الحديث»(‪)6‬؛ فالرواية‬
‫مفسرة لمعنى الشهادة في الرواية الثانية‪.‬‬
‫األولى ّ‬
‫ومن أدلة السنة أيضاً ما جاء عن ربيعة بن عباد الدئلي(‪ )7‬أنه قال‪ :‬رأيت رسول الله ‪ ‬في‬
‫الجاهلية بسوق ذي المجاز (‪ ،)8‬وهو يقول‪« :‬يا أيها الناس قولوا‪ :‬ال إله إال الله تفلحوا» قال‪:‬‬
‫ــــــــــ‬
‫= قاضياً على الطائف‪ .‬من مشايخه‪ :‬الشيخ عبد العزيز الحصين‪ ،‬وحمد بن ناصر بن معمر‪ ،‬وعبد الله بن الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوهاب‪ .‬من مؤلفاته‪(( :‬رسالة االنتصار)) وهي رد على رجل من أهل العراق يقال له داود بن‬
‫جرجيس‪ ،‬و((تأسيس التقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس))‪ ،‬وله ((الفتاوى))‪ ،‬و((حاشية نفيسة على شرح‬
‫المنتهى))‪ .‬توفي بشقراء عام ‪4771‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬علماء نجد خالل ثمانية قرون (‪ 775/1‬ـ ‪.)714‬‬
‫(‪ )1‬الدرر السنية (‪.)267/2‬‬
‫(‪ )2‬نقدمت ترجمته‪.‬‬
‫)‪ ) 3‬رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص‪.)55 :‬‬
‫(‪ )4‬كما في صحيحه (‪.)26/1‬‬
‫(‪ )5‬صحيح مسلم (‪ )26/1‬كتاب اإليمان ح (‪.)25‬‬
‫(‪ )6‬صحيح مسلم‪ ،)26/1( ،‬كتاب اإليمان ح (‪.)21‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬ربيعة بن عباد بكسر المهملة وتخفيف الموحدة الدئلي ويقال في أبيه بالفتح والتثقيل‪ .‬واألول الصواب قاله‬
‫ابن معين وغيره‪ .‬رأى النبي ‪ ‬بسوق ذي المجاز قبل أن يسلم ثم أسلم وشهد اليرموك‪ .‬حدث عنه محمد ابن‬
‫المنكدر وهشام بن عروة وأبو الزناد وزيد بن أسلم‪ ،‬توفي في خالفة الوليد‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪،)615/3‬‬
‫واإلصابة في تمييز الصحابة (‪.)256/2‬‬
‫(‪ )8‬ذو المجاز‪ :‬موضع سوق بعرفة عن يمين الموقف‪ .‬انظر‪ :‬معجم البلدان (‪.)55/5‬‬
‫‪56‬‬ ‫التمهيد‬

‫يرددها مراراً‪ ،‬والناس مجتمعون عليه يتبعونه‪ ،‬وإذا وراءه رجل أحول ذو غديرتين وضيء الوجه‬
‫يقول‪ :‬إنه صابئ كاذب‪ .‬فسألت من هذا؟ فقالوا‪ :‬عمه أبو لهب(‪.)1‬‬
‫وفي رواية أنه قال ـ أي ربيعة بن عبَّاد الدئلي‪ :‬رأيت رسول الله ‪ ‬بمنى في منازلهم قبل أن‬
‫يهاجر إلى المدينة يقول‪« :‬يا أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه وال تشركوا به شيئاً» قال‬
‫ووراءه رجل يقول‪ :‬يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم‪ .‬فسألت من هذا الرجل؟‬
‫قيل‪ :‬أبو لهب(‪.)2‬‬
‫مفسر لقوله‪« :‬قولوا ال إله إال الله»‪.‬‬
‫فقوله ‪« :‬أن تعبدوه وال تشركوا به شيئاً» ّ‬
‫وأيضاً ورد في الكتاب العزيز ما يقرر هذا المعنى لال إله إال الله‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى‪ :‬ﮁ‬
‫ﮓ ﮔ‬ ‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ الزخرف‪ 25 :‬ـ ‪ ]25‬وقوله تعالى‪ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﮉ‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮊ [آل عمران‪.)3())]52 :‬‬
‫وورد أيضاً في كالم ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ما يؤيد هذا المعنى كما في القراءة‬
‫المشهورة عنه‪ :‬ﮜ ﮝ [األعراف‪ ]127 :‬بدل ﮝ وتعليله ذلك بأن فرعون كان‬
‫يعبد ولم يكن يـ ْعبد؛ فمعنى اآلية على قراءته ويذرك وعبادتك(‪.)4‬‬
‫العجاح(‪:)1‬‬
‫قلت‪ :‬ويؤيد ما ذهب إليه حْبر األمة ‪ ‬قول رؤبة بن ّ‬
‫(‪ )1‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،262/3‬و‪ ،321/2‬و‪ ،)375/6‬وابن المبارك في الزهد (‪ )215/1‬رقم‬
‫(‪ ،)1152‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪ ،)332/7‬والدار قطني في السنن (‪ ،)22/3‬والحاكم في المستدرك‬
‫(‪ )51/1‬رقم (‪ ،)36‬والضياء في المختارة (‪ )125/5‬وقال‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)262/3‬والطبراني في الكبير (‪ ،)51/6‬والحاكم في المستدرك (‪ )51/1‬وقال‪:‬‬
‫هذا حديث صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬ورواته عن آخرهم ثقات أثبات‪.‬‬
‫(‪ )3‬األصول الثالثة مع أدلتها ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص‪.)165 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ ،122/1‬و‪ ،)355/15‬والصحاح للجوهري (‪.)2223/5‬‬
‫‪55‬‬ ‫التمهيد‬

‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫تـ ــألهي))‬ ‫سـ ــبّحن واسـ ــترجعن مـ ــن‬ ‫((لل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه در الغاني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّده‬
‫أي من تعبدي وطلبي الله بعملي(‪.)4‬‬
‫كما أن العرب لم تستعمل هذا اللفظ إال في معنى المعبود(‪ .)5‬وأيضاً لم يرد في ألفاظ‬
‫الشرع إال في هذا المعنى(‪)6‬؛ فاتحدت الحقيقتان اللغوية والشرعية في تقرير أصل معناه بما‬
‫ال يدع لقائل مقاالً أو لمجتهد مجاالً‪.‬‬
‫وقد جاء في أصل معنى كلمة ((إله)) أقوال أخرى(‪ .)7‬وكلها ال تخلو من مقال وإشكال‪.‬‬
‫وأشهر هذه األقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أنه بمعنى اآلله ((اسم فاعل)) أي القادر على االختراع‪ .‬وهذا المعنى ذهب‬
‫إليه جمهور المتكلمين(‪ .)8‬وسيأتي بيان فساده عند مناقشة المتكلمين في تفسيرهم لـ"ال إله‬
‫إال الله بمعنى الربوبية‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬هو‪ :‬أبو الحجاج رؤبة بن العجاج التميمي البصري‪ ،‬وقيل في كنيته‪ :‬أبو الشعثاء‪ ،‬كان بصيراً باللغة‪َّ ،‬برز في‬
‫الرجز‪ ،‬وله ديوان فيه‪ ،‬توفي سنة (‪ )126‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬في ترجمته‪ :‬خزانة األدب (‪ 56/1‬ـ ‪ ،)63‬ووفيات األعيان‬ ‫َّ‬
‫(‪ 353/2‬ـ ‪.)356‬‬
‫(‪َّ )2‬‬
‫المده جمع المادة‪ .‬وهو المادح‪ ،‬والتمدَّه التمدَّح وزناً ومعنى‪ .‬انظر‪ :‬الصحاح للجوهري (‪ .)2226/5‬باب‬
‫الهاء‪ ،‬فصل الميم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أورد هذا البيت ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ في تفسيره (‪ 121/1‬ـ ‪ )122‬ثم عقب عليه بقوله‪(( :‬وال شك‬
‫التفعل من أله يأله‪ ،‬وأن أله ـ إذا نطق به ـ عبد الله))‪ .‬وانظر‪ :‬البيت في ديوان رؤبة ضمن مجموعة أشعار‬
‫أن التأله ّ‬
‫العرب (ص‪.)156 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ .)122/1‬وانظر‪ :‬اشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي (ص‪.)22:‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تهذيب اللغة لألزهري (‪ 222/5‬ـ ‪ ،)222‬والصحاح للجوهري (‪ )2223/5‬مادة (أله)‪ ،‬القاموس‬
‫المحيط (‪ )366/2‬باب الهاء ـ فصل الهمزة‪ ،‬والمفردات ص‪ 52/‬ـ ‪ 53‬مادة ((أله))‪ ،‬وتفسير ابن جرير الطبري‬
‫(‪.)121/1‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تفسير ابن جرير الطبري (‪.)121/1‬‬
‫(‪ )7‬وقد استوعب هذه األقوال صاحب القاموس الفيروزآبادي في مؤلف خاص وأوصلها إلى عشرين قوالً‪ .‬انظر‪:‬‬
‫القاموس المحيط (‪.)366/2‬‬
‫(‪ )8‬درء التعارض (‪ .)377/6‬وانظر‪ :‬االعتقاد للبيهقي (‪.)62‬‬
‫‪57‬‬ ‫التمهيد‬

‫القول الثاني‪ :‬أنه مشتق من أله يأله إلهةً بمعنى فزع‪ .‬وهذا القول ذهب إليه بعض‬
‫اللغويين‪ ،‬ومنهم الخليل بن أحمد(‪ )1‬ـ رحمه الله ـ‪ .‬وهو ال يصح من جهة معناه؛ فإن الله‬
‫‪ ‬وهو اإلله الحق ال يجوز أن يقال في ح ّقه الفازع أو المفزع‪ ،‬فليس هذا من أسمائه‬
‫الحسنى وال من صفاته العلى‪ ،‬كما لم يرد اإلخبار به عنه تعالى‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬وذهب بعضهم إلى أن أصله ((واله)) ـ من وله إذا تحيّر ـ ثم قلبت الواو‬
‫همزة كما في إشاح ووشاح وإسادة ووسادة‪ ..‬وهذا كسابقه أيضاً باطل من جهة معناه‪،‬‬
‫ولفظه أيضاً‪ .‬أما اللفظ‪(( :‬فلو كان مشتقاً من ((وله)) لقيل في تـفعل منه (( ّتولَّه)) ألن الواو فيه‬
‫واو في ((توله)) وفي إجماعهم على أنه من تألّه بالهمز ما يبين أنه ليس من ((وله))(‪ )2‬وأما‬
‫القياس على إشاح ووشاح وإسادة ووسادة فال يصح‪ ،‬ألن هذه األلفاظ سماعية عن العرب‬
‫وليست قاعدة قياسية تطّرد في شبيهاتها‪ .‬وأما وجه بطالنه من جهة معناه‪ :‬فإن التحير في‬
‫كنه الشيء وحقيقته ليس مختصاً بالله تعالى بل هناك أمور كثيرة ال يزال العقل حائراً في‬
‫كنهها وحقيقتها‪ ،‬وال يجوز أن نطْلق عليها آلهة‪.‬‬
‫كما أن العرب لم تطلق في كالمها لفظ "التحير" على األصنام‪ ،‬ألنهم صنعوا هذه‬
‫األصنام بأيديهم؛ فلن يتحيَّروا في كنهها وحقيقتها‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬أنه مشتق من ((اله)) يلوه إلهة ولياهاً إذا استتر واحتجب‪ ،‬وهو كالذي قبله باطل‬
‫من جهة لفظه ومعناه‪ .‬أما اللفظ‪ :‬فلو كان مشتقاً من ((اله)) لقيل في تفعل منه تليّهاً أو تولّهاً‪،‬‬
‫وهو مخالف إلجماعهم أن التفعل منه تألّه بالهمز ال بالياء وال بالواو(‪ .)3‬وأما بطالنه من جهة‬
‫المعنى‪ :‬فإن الله عز وجل‪ ،‬وهو اإلله الحق اسم اإلله ووصف اإللهية الحقة مالزم له في الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬وهو في اآلخرة ال يحتجب عن عباده المؤمنين بل يراه المؤمنون كما جاءت بذلك‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬يكنى أبا عبد الرحمن‪ ،‬أصله من األزد؛ من فراهيد‪ ،‬عالم بالنحو والعربية‪ ،‬وهو‬
‫وحصن به أشعار العرب‪ ،‬وكان من الزهاد في الدنيا المنقطعين إلى العلم‪ ،‬توفي بالبصرة‬
‫أول من استخرج العروض َّ‬
‫سنة سبعين ومائة وعمره أربع وسبعون سنة‪ ،‬وله من الكتب المصنفة كتاب العين‪ .‬انظر‪ :‬الفهرست البن نديم‬
‫(ص‪.)53 :‬‬
‫(‪ )2‬تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ‪5‬ص‪ ،)26 :‬وانظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة البن فارس (‪ ،)127/1‬وتهذيب‬
‫اللغة (‪ 222/5‬ـ ‪.)222‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬ما تقدم‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫التمهيد‬

‫األخبار وصحت به اآلثار؛ فلو كان اإلله مشتق من اله يلوه إذا استتر واحتجب لما رآه المؤمنون‬
‫في اآلخرة‪.‬‬
‫كما ال يعقل أن العرب سموا أصنامهم آلهة لكونها محتجبة عنهم‪ ،‬ألنها غير محتجبة‬
‫عنهم‪ ،‬بل سموها آلهة ألنها معبوداتهم‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬لفظ ((إال))‪ :‬كلمة [إال] أداة استثناء‪ ،‬وهي تفيد الحصر والقصر‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬لفظ الجاللة ((الله))‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫جل في عاله‪ ،‬وهو اسم خاص‬ ‫لفظ الجاللة ((الله)) علم مشتق يدل على ذات البارئ َّ‬
‫بالله‪ ،‬ال يشركه فيه غيره و ال يدعى به أحد سواه‪ ،‬قبض الله األلسن عن ذلك(‪ .)2‬وهو‬
‫تعرف إال به‪ ،‬فيقال‪ :‬الرحيم هو الله‪ .‬والرحمن هو‬ ‫أعرف المعارف‪ ،‬فأسماء الله األخرى ال َّ‬
‫الله‪..‬الخ‪ .‬وقد اختلف أهل العلم في اشتقاقه على أقوال أوصلها بعضهم إلى عشرين‬
‫قوالً ذكرها الفيروزأبادي(‪ )3‬في المباسيط(‪ .)4‬فذهب بعض النحاة إلى أن أصله ((إاله)) على‬
‫زنة فعال من قولهم أله يأله إلهةً(‪ )5‬ـ أي عبد عبادة فحذفوا منه الهمزة تخفيفاً ـ كما حذفت من‬
‫((الناس)) وأصلها ((األناس))‪ ،‬وكما حذفت الهمزة من ((خير وشر)) وأصلها ((أخير‪ ،‬وأشر)) ـ‬
‫لكثرة وروده واستعماله ثم أدخلت ((أل)) عليه للتعظيم ودفع الشيوع الذي ذهبوا إليه من تسمية‬

‫)‪ ) 1‬أي أنه دال على صفة له تعالى‪ ،‬وهي اإللهية‪ ،‬كسائر أسمائه الحسنى‪ ،‬كالعليم والقدير‪ ،‬والغفور والرحيم‪،‬‬
‫والسميع والبصير‪ ،‬فإن هذه األسماء مشتقة من مصادرها بال ريب‪ ،‬وليس المراد باالشتقاق أنها متولد عن أصل‬
‫وإنما هي مالقية لمصادرها في اللفظ والمعنى‪ .‬قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪( :‬وتسمية النحاة للمصدر والمشتق‬
‫منه «أصالً وفرعاً» ليس معناه أن أحدهما تولد من اآلخر‪ ،‬وإنما باعتبار أن أحدهما يتضمن اآلخر وزيادة‪ ...‬وال‬
‫محذور في اشتقاق أسماء الله بهذا المعنى) [بدائع الفوائد (‪ 36/1‬ـ ‪ ،])25‬وانظر‪ :‬لما قبله نفس المصدر‬
‫(‪.)36/1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شرح المفصل البن يعيش (‪.)3/1‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي‪ ،‬من علماء الشافعية‪ ،‬اشتهر باللغة‪ ،‬سمع من ابن‬
‫القيم‪ ،‬وابن الخباز‪ ،‬والسبكي والمرداوي‪ ،‬والعالئي‪ ،‬من تصانيفه‪ :‬تسهيل الوصول إلى األحاديث الزائدة على‬
‫جامع األصول‪ ،‬واإلسعاد باإلصعاد إلى درجة االجتهاد‪ ،‬وله شرح مطول على البخاري بلغ عشرين سفراً‪ ،‬كانت‬
‫والدته سنة (‪ )726‬هـ‪ ،‬ووفاته بمدينة زبيد سنة (‪ )517‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬في ترجمته‪ :‬الضوء الالمع (‪ 76/15‬ـ ‪،)55‬‬
‫إنباء الغمر بأبناء العمر (‪ 166/7‬ـ ‪ ،)153‬وشذرات الذهب (‪ 155/6‬ـ ‪.)161‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬القاموس المحيط (‪ )366/2‬باب الهاء ـ فصل الهمزة‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الصحاح للجوهري (‪.)2223/5‬‬
‫‪56‬‬ ‫التمهيد‬

‫أصنامهم وما يعبدونه آلهة فصار لفظه ((الله))‪ ،‬وهو قول يونس بن حبيب(‪ ،)1‬والكسائي(‪،)2‬‬
‫والفراء(‪ ،)3‬وسيبويه(‪.)5()4‬‬
‫وقال سيبويه ـ بعد أن وافق الجماعة األولين ـ‪ :‬وجائز أن يكون أصله ((اله)) على وزن فعل‬
‫ثم دخلت عليه األلف والالم للتعريف فقيل ((الله))(‪.)6‬‬
‫واستدل عليه بقول العرب‪(( :‬ل ْهي أبوك)) يريد اله أبوك على زنة باب ودار(‪.)7‬‬
‫وقال الخليل بن أحمد‪ :‬أصل ((إله)) واله من الوله والتحير‪ ،‬وقد أبدلت الواو همزة‬
‫النكسارها فقيل‪(( :‬إله)) كما قيل في ((وعاء)) إعاء‪ ،‬وفي ((وشاح)) إشاح‪ ،‬ثم أدخلت األلف‬
‫والالم وحذفت الهمزة‪ ،‬فقيل‪(( :‬الله))(‪.)8‬‬
‫(‪ ) 1‬هو‪ :‬يونس بن حبيب الضبي البصري‪ ،‬من أئمة النحو واللغة‪ ،‬أخذ عنه أبو عمرو بن العالء‪ ،‬وسيبويه والكسائي‬
‫تفرد بها‪ .‬توفي سنة (‪ )153‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في نزهة األلباء (ص‪:‬‬ ‫والفراء‪ ،‬وكان له قياس في النحو‪ ،‬ومذاهب َّ‬
‫‪ 62‬ـ ‪ ،)62‬وبغية الوعاة (‪.)356/2‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي‪ ،‬أحد القراء السبعة‪ .‬أخذ عن معاذ الهراء‪ ،‬والخليل بن أحمد‪ ،‬وكان‬
‫إمام الكوفيين في النحو‪ ،‬من تصانيفه الكثيرة‪( :‬معاني القرآن)‪ ،‬وكتاب القراءات‪ ،‬وله مختصر في النحو‪ .‬توفي‬
‫سنة (‪ )153‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في نزهة األلباء (ص‪ 55 :‬ـ ‪ ،)72‬وبغية الوعاة (‪ 152/2‬ـ ‪.)152‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي‪ ،‬إمام العربية‪ .‬قيل له الفراء ألنه كان يـ ْفري الكالم‪ .‬كان أعلم‬
‫الكوفيين بالنحو بعد سيبويه‪ .‬أخذ عنه وعليه اعتمد‪ ،‬وأخذ أيضاً عن يونس بن حبيب‪ .‬من تصانيفه (معاني‬
‫القرآن)‪ .‬مات بطريق مكة سنة (‪ )257‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في نزهة األلباء (ص‪ 65 :‬ـ ‪ ،)62‬وبغية الوزعاة‬
‫(‪.)333/2‬‬
‫(‪ )4‬سيبويه هو‪ :‬عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالوالء‪ ،‬وهو إمام النحاة‪ ،‬وأول من بسط علم النحو‪ .،‬أخذ عن الخليل‬
‫بن أحمد‪ ،‬وموسى بن حبيب‪ ،‬وعيسى بن عمرو وغيرهم‪ .‬وأخذ عنه األخفش وقطرب‪ .‬من تصانيفه (الكتاب) في‬
‫النحو‪ .‬توفي شاباً سنة (‪ )255‬هـ وقيل (‪ )255‬هـ‪.‬‬
‫وسيبويه بالفارسية‪ :‬رائحة التفاح؛ ألن "سيب" التفاحة‪ ،‬و"ويه" الريح‪ ،‬وقيل‪ :‬سمي به‪ :‬ألن وجنتيه كانتا‬
‫كالتفاحتين‪ .‬انظر‪ :‬تاريخ بغداد (‪291/21‬ـ‪ ،)291‬ونزهة األلباء (ص‪ 06 :‬ـ ‪ ،)01‬وسير أعالم النبالء‬
‫(‪ 112/1‬ـ ‪.)111‬‬
‫)‪ )5‬انظر‪ :‬اشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي (ص‪.)12 ،11 :‬‬
‫(‪ )6‬اشتقاق أسماء الله الحسنى (ص‪.)12 :‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬نفس المصدر (ص‪.)12 :‬‬
‫(‪ )8‬اشتقاق أسماء الله الحسنى (ص‪ 10 :‬ـ ‪ .)12‬وانظر‪ :‬في اشتقاقه أيضاً‪ :‬تهذيب اللغة لألزهري (‪ 211/0‬ـ‬
‫‪ ،)212‬والمفردات للراغب ص‪ 11/‬ـ ‪ 11‬مادة ((أله))‪ ،‬وشرح المفصل البن يعيش (‪ ،)1/2‬ومعنى ال إله إال‬
‫=‬
‫‪75‬‬ ‫التمهيد‬

‫لتضمنه معنى‬
‫هذه أشهر األقوال في اشتقاق لفظ الجاللة ((الله))‪ .‬وأصحها األول؛ وذلك ّ‬
‫العبادة التي هي أخص استحقاقاته‪ ،‬والتي ألجلها خلق مخلوقاته وأرسل الرسل وأيَّدهم‬
‫بمعجزاته‪.‬‬
‫قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولهذا كان القول الصحيح أن الله أصله ((اإلله)) كما هو‬
‫قول سيبويه وجمهور أصحابه إال من َّ‬
‫شذ منهم))(‪ .)1‬اهـ‪.‬‬
‫فسره ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ورجحه ابن‬ ‫وأما معنى اسمه تعالى‪(( :‬الله))‪ :‬فهو كما ّ‬
‫جرير وغيره‪(( :‬ذو األلوهية والعبودية على خلقه أجمعين))(‪.)2‬‬
‫أسلوبا النفي واإلثبات في كلمة التوحيد ال إله إال الله‪:‬‬
‫أسلوبا النفي واإلثبات من األساليب العربية المعروفة‪ ،‬والعرب تستعملهما لحصر الشيء‬
‫وقصره عما سواه؛ فالجمع بينهما في الكالم يفيد الحصر والقصر بل أبلغ أنواعه؛ ولما كان‬
‫التوحيد هو حق الله المحض الخالص على عباده الذي ال يجوز أن يشاركه فيه أحد كائن‬
‫األسلوبين(‪ )3‬كما في كلمة التوحيد "ال إله‬
‫ْ‬ ‫من كان ورد محصوراً مقصوراً عليه ـ تعالى ـ بهذين‬
‫يتطرق إليه االحتمال‪ ،‬ولهذا ـ والله أعلم ـ لما قال تعالى‪:‬‬‫المجرد قد ّ‬‫ّ‬ ‫إال الله؛ إذ ((اإلثبات‬
‫ﰀ ﰀ‬ ‫ﰀ‬ ‫ﰀ‬ ‫ﯿ [البقرة‪ ]153 :‬قال بعده‪ :‬ﰀ‬ ‫ﯽ ﯾ‬
‫[البقرة‪ .]153 :‬فإنه قد يخطر خاطر شيطاني‪ :‬هب أن إلهنا واحد‪ ،‬فلغيرنا إله‬ ‫ﰀ ﰀ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ))(‪.)4‬‬ ‫ﰀ‬ ‫غيره‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ‬
‫وأيضاً‪ :‬فإن النفي المحض ليس توحيداً‪ ،‬فال يكون التوحيد إال متضمناً للنفي واإلثبات‪،‬‬
‫وهذا هو حقيقة التوحيد(‪ ،)5‬وهو ظاهر في كلمة التوحيد "ال إله إال الله"؛ فالنفي خلع‬
‫ــــــــــ‬
‫= الله للزركشي‪( ،‬ص‪ 269 :‬ـ ‪ ،)226‬والجامع ألحكام القرآن للقرطبي (‪ 261/2‬ـ ‪ ،)261‬والتفسير الكبير‬
‫للرازي ‪ 202/2‬ـ ‪ ،)201‬وشرح أسماء الله الحسنى للرازي (‪ 222‬ـ ‪.)219‬‬
‫)‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)211/1‬‬
‫)‪ )2‬جامع تأويل القرآن (‪.)212/2‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬النفي العام‪ ،‬واإلثبات الخاص‪.‬‬
‫(‪ )4‬ما بين القوسين مأخوذ من شرح الطحاوية البن أبي العز الحنفي ص‪ 52/‬ط‪ .‬وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف‬
‫بالمملكة العربية السعودية عام (‪ .)1215‬وانظر‪ :‬شرح األسماء الحسنى للرازي (ص‪.)126 :‬‬
‫(‪ )5‬بدائع الفوائد (‪.)235/1‬‬
‫‪71‬‬ ‫التمهيد‬

‫جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات‪ ،‬واإلثبات‪ :‬إفراد رب السموات‬
‫واألرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع(‪.)1‬‬
‫تصور‬
‫ومن الجدير ذكره ههنا أن بعض المتكلمين قد أورد استفساراً‪ ،‬وحاصله‪ :‬أن ّ‬
‫تصور النفي‪ ،‬بدليل أن الواحد منا يمكنه أن يتصور اإلثبات وإن لم‬ ‫اإلثبات متقدم على ّ‬
‫يخطر بباله العدم‪ ،‬ويمتنع عليه أن يتصور العدم إال وقد تصور اإلثبات أوالً؛ إذ النفي فرع‬
‫عن اإلثبات ألن العدم المطلق غير معقول‪ ،‬بل العدم ال يعقل إال إذا أضيف إلى موجود معين‪.‬‬
‫فمثالً إذا قلنا عدم السواد فال نفهم عدمه إال إذا فهمنا السواد‪ ،‬فثبت إذاً أن تصور اإلثبات‬
‫مقدم على تصور النفي‪ ،‬وأنه أسهل فهماً‪ .‬فحينئذ فما السبب في أن جعل النفي الذي هو فرع‬
‫متقدماً على اإلثبات الذي هو األصل في كلمة شهادة التوحيد ال إله إال الله(‪)2‬؟‬
‫وأجيب بأمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬أن التقديم والتأخير في كلمة التوحيد باعتبار اللفظ وأما المعنى فالكالم مثبت‬
‫ألن معناها‪(( :‬الله مستحق للعبادة وحده))‪.‬‬
‫‪ .2‬أن نفي اإللهية عن غيره ثم إثباتها له آكد في اإلثبات ألن تقدم النفي على اإلثبات‬
‫أبلغ في الحصر‪ ،‬فإن قولنا‪ :‬ليس في البلد عالم غير فالن آكد في المدح من قولنا‪ :‬فالن عالم‬
‫البلد‪ ،‬ألن الثاني ال يمنع المشاركة لغيره في العلم بخالف األول فإنه يمنع المشاركة‪.‬‬
‫‪ .3‬إنما بدأ بالنفي‪ ،‬ألن النفي تفريغ القلب‪ ،‬فإذا كان القلب خالياً كان أقرب إلى‬
‫ارتسام التوحيد فيه‪ ،‬وإشراق نور الله تعالى عليه(‪.)3‬‬
‫‪ .2‬أن التخلي قبل التحلّي كما هو القاعدة عند أهل العلم‪ ،‬ولذا قدم الكفر‬
‫بالطاغوت على اإليمان في قوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫تقديم الشرط على مشروطه‪.‬‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫خواص كلمة التوحيد "ال إله إال الله"‪:‬‬

‫(‪ )1‬أضواء البيان للشنفيطي (‪ 32/1‬ـ ‪)36‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص‪ ،)132 :‬ومعنى ال إله إال الله للزركشي (ص‪.)51 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬شرح أسماء الله الحسنى (ص‪ ،)132 :‬ومعنى ال إله إال الله للزركشي (ص‪.)52 :‬‬
‫‪72‬‬ ‫التمهيد‬

‫ذكر بعض أهل العلم أن قول "ال إله إال الله" فيه خاصيتان ال توجدان في غيره من‬
‫الكالم‪:‬‬
‫إحداهما‪ :‬أن جميع حروفها جوفية‪ ،‬ليس فيها حرف من الحروف الشفهية؛ لإلشارة إلى‬
‫اإلتيان بها من خالص جوفه وهو القلب‪ ،‬ال من الشفتين(‪.)1‬‬
‫التجرد عن‬
‫متجردة عن النقط؛ إشارة إلى ّ‬‫الثانية‪ :‬أنه ليس فيها حرف م ْعجم بل جميعها ّ‬
‫كل معبود سوى الله تعالى(‪.)2‬‬
‫خالصة المطلب‪:‬‬
‫بعد هذا العرض المجمل لدالالت كلمة التوحيد "ال إله إال الله" من حيث إعرابها‬
‫بحق إال الله تبارك‬
‫وتفسير ألفاظها ومعرفة اشتقاقها يكون معناها عند أهل السنة‪" :‬ال معبود ّ‬
‫وتعالى"؛ وذلك يقتضي إفراد الله تعالى بالعبادة وترك عبادة ما سواه‪ ،‬والحكم عليها بالفساد‬
‫والبطالن كما هو صريح نص القرآن‪.‬‬
‫وهذا المعنى لصحته وقوة حجته وافق عليه بعض علماء المتكلمين؛ فهذا‬
‫الهْبطي(‪ ،)3‬وهو من متكلّمة الصوفية ـ يقول في معناها‪(( :‬ال معبود في الوجود بالحق إال‬
‫الله‪ ،‬الخالق لجميع الخلق‪ ،‬وكل معبود غير الله إنما هو معبود بالباطل‪ ،‬وعابد ذلك الغير‬
‫فهو كافر بالله وبجالله‪ ،‬جاهل مخلد في نار جهنم))(‪.)4‬‬
‫وقال في موضع آخر‪(( :‬فمعنى أشهد أن ال إله إال الله‪ :‬أي‪ :‬أعلم وأحقق وأعرف‬
‫معرفة صحيحة تامة‪ ،‬ال يدخلني فيها شك وال ريب وال تكذيب وال احتمال عيب‪ ،‬دريت‬
‫ذلك بعقلي وقلبي وروحي ونفسي وذهني أن ال معبود في الوجود يستحق العبادة وحده من‬

‫(‪ )1‬وقد ذكر الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ فائدة لفظية في كلمة التوحيد‪ ،‬وهي‪ :‬أن الذكر بها ال يستلزم تحريك‬
‫الشفتين‪ ،‬ألن جميع حروفها جوفية‪.‬‬
‫(‪ )2‬معنى ال إله إال الله للزركشي (ص‪ 52 :‬ـ ‪.)53‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أبو محمد عبد الله بن محمد الصنهاجي الهبطي‪ ،‬أصله من صنهاجة طنجة من قبيلة مثنة‪ ،‬صوفي متكلم‪ ،‬من‬
‫علماء المغرب‪ ،‬توفي سنة (‪ )653‬هـ‪ .‬من آثاره رسالة في التوحيد والهيللة‪ ،‬ومنظومة في التوحيد والطريقة والحقيقة‪،‬‬
‫ووصية جامعة وأدعية نافعة‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في شجرة النور الزكية (ص‪ ،)252 :‬ومقدمة تحقيق رسائل التوحيد والهيللة‬
‫للدكتور خالد زهري (ص‪ 6 :‬ـ ‪.)16‬‬
‫(‪ )4‬رسالة في الهيللة ضمن رسائل التوحيد والهيللة (ص‪.)27 :‬‬
‫‪73‬‬ ‫التمهيد‬

‫غير شك إال الله الخالق لنا وآلبائنا األولين‪ ،‬وجميع الموجودات سواه من العرش إلى‬
‫الفرش(‪ .)2()))1‬اهـ‪.‬‬
‫وال شك أنه المعنى المتعيّن لما فيه من موافقة البراهين النقلية والعقلية الدالة على أن الله‬
‫تعالى هو الذي يستحق أن يـ ْعبد وال ي ْشرك معه أحد في عبادته‪ ،‬وأن عبادة غيره من أبطل‬
‫الباطل وهي كثيرة؛ والقرآن كله إنما هو في تقرير هذا المعنى‪.‬‬
‫فتبين بهذا المعنى أن معنى ال إله إال الله ومقتضاها إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما‬
‫سواه‪ ،‬فإذا قال العبد‪ :‬ال إله إال الله فقد أعلن وجوب إفراد الله بالعبادة وبطالن عبادة ما‬
‫[سواه من القبور](‪ )3‬واألولياء والصالحين‪.‬‬
‫وبهذا يبطل ما يعتقده عبَّاد القبور اليوم وأشباههم من أن معنى ال إله إال الله هو اإلقرار‬
‫بأن الله موجود أو أنه هو الخالق القادر على االختراع وأشباه ذلك‪ .‬أو أن معناها ال‬
‫(‪)4‬‬
‫وفسر به ال إله إال الله فقد حقق التوحيد‬ ‫حاكمية إال لله ‪ ،‬ويظنون أن من اعتقد ذلك َّ‬
‫المطلق ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله واالعتقاد باألموات والتقرب إليهم بالذبائح‬
‫والنذور والطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم‪.‬‬
‫وما شعر هؤالء أن كفار العرب األولين يشاركونهم في هذا االعتقاد ويعرفون أن الله هو‬
‫الخالق القادر على االختراع ويقرون بذلك وأنهم ما عبدوا غيره إال لزعمهم أنهم يقربونهم‬
‫إلى الله زلفى ال أنهم يخلقون ويرزقون‪.‬‬

‫(‪ )1‬أشار المحقق إلى أن (جملة من العرش إلى الفرش )مخرومة‪.‬‬


‫(‪ )2‬رسالة شرح القواعد اإلسالمية واإليمانية وغيرها من األذكار الشرعية ضمن رسائل التوحيد والهيللة (ص‪.)66 :‬‬
‫(‪ )3‬في األصل (سواه والقبور) والمثبت هو الصواب‪.‬‬
‫(‪ )4‬أدخل بعض المعاصرين إلى أنواع التوحيد توحيد الحاكمية‪ .‬وال يعرف ذلك في كالم المتقدمين؛ فإن المعروف‬
‫في كالم أهل العلم المتقدمين أن أنواع التوحيد ثالثة‪ :‬توحيد الربوبية وتوحيد األلوهية وتوحيد األسماء والصفات‪،‬‬
‫ليس هناك قسيماً رابعاً لهذه األنواع‪ ،‬والحاكمية إنما تدخل في معنى الربوبية من جهة أن الحكم والتشريع‬
‫معنى‬
‫يكونان لله ‪ ‬ال ألحد سواه فال تكون الحاكمية ق ْسماً مستقالً‪ .‬كما يلزم من إضافتها إلى أنواع التوحيد ً‬
‫فاسد قد ال يتفطن إليه كثير من الناس‪ ،‬وهو أن كل من ترك حكم الله دخل في عداد المشركين‪ .‬وهذا يخالف‬
‫ما عليه أهل السنة من التفصيل في تارك الحكم بما أنزل الله كما سيأتي‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫التمهيد‬

‫كما أن الحاكمية(‪ )1‬جزء من معنى ال إله إال الله وليست هي معناها الحقيقي المطلوب‪،‬‬
‫فال يكفي الحكم بالشريعة في الحقوق والحدود والخصومات مع وجود الشرك في العبادة [بل‬
‫طهر من ال يطهر‪ ،‬ألن المشرك نجس ال يط ّهره إال التوحيد](‪.)2‬‬ ‫ذلك من السفه كيف ي َّ‬
‫ولو كان معنى ال إله إال الله ما زعمه هؤالء لم يكن بين الرسول ‪ ‬وبين المشركين نزاع‬
‫بل كانوا يبادرون إلى إجابة الرسول ‪ ‬إذا قال لهم أقروا بأن الله هو القادر على االختراع أو‬
‫أقروا أن الله موجود‪ .‬أو قال لهم تحاكموا إلى الشريعة في الدماء واألموال والحقوق وسكت‬
‫عن العبادة‪ .‬لكن القوم وهم أهل اللسان العربي فهموا أنه إذا قالوا‪" :‬ال إله إال الله" فقد أقروا‬
‫ببطالن عبادة األصنام وأن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ ال معنى له‪ ،‬ولهذا نفروا منها‬
‫وقالوا‪:‬‬
‫ص‪.]6 :‬‬ ‫[ ّ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ﭸﭹ ﭺ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫وكما قال الله عنهم‪ :‬ﮒ ﮓ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ [الصافات‪ 36 :‬ـ ‪.]35‬‬
‫فعرفوا أن ال إله إال الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله وإفراد الله بالعبادة‪ ،‬وأنهم لو‬
‫قالوها واستمروا على عبادة األصنام لتناقضوا مع أنفسهم وهم يأنفون من التناقض‪ ،‬وعباد‬
‫القبور اليوم ال يأنفون من هذا التناقض الشنيع؛ فهم يقولون ال إله إال الله‪ ،‬ثم ينقضونها‬
‫بعبادة األموات والتقرب إلى األضرحة بأنواع من العبادات فتباً لمن كان أبو جهل وأبو لهب‬
‫أعلم منه بمعنى ال إله إال الله(‪.)3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند المخالفين‪.‬‬
‫وتحته مقصدان‪.‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى ال إله إال الله عند أهل الحلول والوحدة واالتحاد وأثره على العقيدة‪.‬‬
‫قبل البدء في معرفة موقف االتحادية وموقف الحلولية والوجودية من توحيد األلوهية الذي‬
‫هو معنى ال إله إال الله يحسن بنا التعريف بهذه الطوائف الثالث على سبيل اإليجاز‪.‬‬

‫(‪ )1‬في األصل فالحاكمية‪ ،‬وعدلتها للسياق‪.‬‬


‫(‪ )2‬زيادة ليست في األصل‪.‬‬
‫(‪ )3‬معنى ال إله إال الله ومقتضاها وآثارها في الفرد والمجتمع للفوزان (ص‪ 22 :‬ـ ‪ )22‬مع تصرف يسير بينته في‬
‫الحاشية‪ .‬وانظر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪ 65 :‬ـ ‪.)67‬‬
‫‪76‬‬ ‫التمهيد‬

‫أوالا‪ :‬التعريف باالتحادية‪.‬‬


‫االتحادية من االتحاد‪ ،‬وهو في اللغة ((امتزاج الشيئين‪ ،‬واختالطهما حتى يصيرا شيئاً واحداً))(‪.)1‬‬
‫وأما في االصطالح فهو امتزاج الممكن المخلوق بواجب الوجود‪ ،‬فيكون بين‬
‫متغايرين(‪.)2‬‬
‫والمراد باالتحادية هنا طائفة ابن عربي(‪ )3‬ومن وافقه من غالة الصوفية القائلين باالتحاد‬
‫العام المطلق الذي نتيجته وحدة الوجود(‪ )4‬كما قرر ذلك شيخ اإلسالم رحمه الله(‪)5‬؛‬
‫فأصحاب هذه العقيدة يعتقدون أن الوجود بأسره هو الحق‪ ،‬وأن الكثرة وْهم‪ ،‬بل جميع‬
‫األضداد المتقابلة واألشياء المتعارضة الكل شيء واحد‪ ،‬هو معبودهم في زعمهم(‪.)6‬‬
‫ثاني ا‪ :‬التعريف بالحلولية‪:‬‬
‫الحلولية نسبة إلى الحلول‪ ،‬وهو في اعتقادهم‪(( :‬نزول الذات اإللهية في الذات‬
‫البشرية‪ ،‬ودخلوها فيه‪ ،‬فيكون المخلوق ظرفاً للخالق بزعمهم))(‪.)7‬‬
‫وعلى هذا يكون الحلول بمعناه العام إثبات لوجودين متغايرين في األصل بخالف‬
‫وحدة الوجود فهو إثبات لوجود واحد(‪.)8‬‬
‫والمراد بالحلولية هنا أهل الحلول العام أو المطلق ممن يعتقدون أن الله تعالى بذاته‬
‫حال في كل شيء‪ ،‬وهو القول الذي ذكره أئمة أهل السنة والحديث عن طائفة من‬
‫الجهمية المتقدمين(‪.)9‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التعريفات للجرجاني (ص‪.)9 :‬‬
‫(‪ )2‬مصرع التصوف (ص‪.)435 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي األندلسي‪ ،‬صنف في تصوف الفالسفة وأهل الوحدة‪ ،‬فقال‬
‫أشياء منكرة َّ‬
‫عدها أهل العلم مروقاً وزندقة‪ ،‬مات سنة ثمان وثالثين وست مائة‪ .‬من آثاره السيئة‪ :‬كتاب فصوص‬
‫الحكم‪ ،‬والفتوحات المكية‪ ،‬وهما العمدة اليوم عند دعاة االتحادية‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في البداية والنهاية‬
‫(‪ ،)165/13‬وميزان االعتدال (‪ 256/5‬ـ ‪.)275‬‬
‫(‪ )4‬االتحاد في األصل إنما يكون بين موجودين متغايرين في األصل‪ ،‬ولكن يؤول إلى شيء واحد‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)477/7‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬معارج القبول (‪.)375/1‬‬
‫(‪ )7‬عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪.)26 :‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬مصرع التصوف (ص‪.)435 :‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 171/2‬ـ ‪ ،172‬و‪.)255/2‬‬
‫‪75‬‬ ‫التمهيد‬

‫وبهذا المعنى فإن الحلول العام يكون مرادفاً لمعنى االتحاد العام‪ ،‬ألن حكمها‬
‫واحد‪ ،‬وهو إنكار ثنائية الوجود‪ ،‬واعتقاد أن الله والعالم شيء واحد‪.‬‬
‫ثالث ا‪ :‬التعريف بالوجودية‪:‬‬
‫الوجودية نسبة إلى القول بوحدة الوجود؛ ومعنى وحدة الوجود عند الصوفية إنكار‬
‫ثنائية الوجود واعتقاد أن الوجود واحد؛ وهو حقيقة الرب في اعتقادهم(‪.)1‬‬
‫يقول عبد الغني النابلسي ((أحد دعاة االتحادية)) (‪:)2‬‬
‫ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق وخلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق؛ إذ همـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيئان‬ ‫ل ـ ـ ـ ـ ـ ــيس الوج ـ ـ ـ ـ ـ ــود كم ـ ـ ـ ـ ـ ــا يق ـ ـ ـ ـ ـ ــال اثن ـ ـ ـ ـ ـ ــان‬
‫(‪)3‬‬
‫عنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد المحقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق ظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهر الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطالن‬ ‫ه ـ ـ ـ ـ ــذا مق ـ ـ ـ ـ ــال علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه قب ـ ـ ـ ـ ـ ــح عقي ـ ـ ـ ـ ـ ــدة‬
‫وأصل مقالة الحلول واالتحاد العام ترجع إلى قول فرقة من الصابئة وهم الحرنانية(‪ )4‬فإنهم‬
‫يقولون‪ :‬المعبود واحد بالذات‪ ،‬وكثير باألشخاص في رأي العين‪ .‬أما الواحد ففي الذات‬
‫واألول واألصل واألزل‪ .‬وأما الكثير فألنه يتكثَّر باألشخاص في رأي العين‪ ،‬وهي المدبرات‬
‫ويتشخص بأشخاصها‬ ‫َّ‬ ‫السبعة واألشخاص األرضية الخيرة العالمة الفاضلة‪ ،‬فإنه يظهر بها‬
‫وال تبطل وحدته في ذاته(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬نقالً عن كتاب وحدة الوجود عقيدة الصوفية الخفية (ص‪ )26:‬وعزاه إلى ديوان الحقائق للنابلسي (‪.)175/2‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني الدمشقي النابلسي الحنفي‪ ،‬من أعالم االتحادية الصوفية‪ .‬من تآليفه‬
‫الكثيره‪(( :‬الحضرة األنسية في الرحلة القدسية)) و((جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص)) وهو شرح‬
‫لفصوص الحكم البن عربي في جزئين‪ .‬وله أيضاً‪(( :‬جواب عبد الغني النابلسي في حكم شطح الولي))‪ .‬مولده‬
‫بدمشق في ذي الحجة (‪ ،)1565‬ووفاته بها في شعبان سنة (‪ )1123‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في‪ :‬في جامع‬
‫كرامات األولياء (‪ ،)162/2‬األعالم (‪ ،)32/2‬معجم المؤلفين (‪ ،)175/2‬وتقديس األشخاص عند الصوفية‬
‫(‪.)622/1‬‬
‫(‪ )3‬نقالً عن وحدة الوجود عقيدة الصوفية الخفية (ص‪ .)26:‬وعزاه إلى ديوان الحقائق للنابلسي (‪.)175/2‬‬
‫(‪ )4‬الحرنانية جماعة من الصابئة قالوا‪ :‬إن الصانع المعبود واحد وكثير‪ ،‬إما واحد ففي الذات واألول واألصل واألزل‪،‬‬
‫وأما كثير فألنه يتكثر باألشخاص في رأي العين وهي المدبرات السبعة واألشخاص األرضية الخيرة العالمة‬
‫الفاضلة فإنه يظهر بها ويتشخص بأشخاصها وال تبطل وحدته في ذاته‪ .‬انظر‪ :‬الملل والنحل (‪.)62/2‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الملل والنحل (‪.)62/2‬‬
‫‪77‬‬ ‫التمهيد‬

‫وذكر شيخ اإلسالم أن أرسطو حكى عن بعض قدماء الفالسفة قوله‪ :‬إن الوجود واحد‪،‬‬
‫ورد ذلك ـ يعني أرسطو ـ‪ .‬ثم قال معلّقاً عليه‪(( :‬وحسبك بمذهب ال يرضاه متكلمة‬ ‫َّ‬
‫الصابئين))(‪.)1‬‬
‫ثانيا‪ :‬معنى ال إله إال الله عند أهل الوحدة واالتحاد والحلول‪:‬‬
‫لكون مذهب أهل الوحدة واالتحاد والحلول العام في أصل عقيدته يقوم على أن كل‬
‫شيء في الوجود هو الله عينه ليس شيئاً غيره‪ ،‬فمعنى ال إله إال الله عندهم أن ال موجود‬
‫بحق أو بباطل هو الله عينه ليس شيئاً‬ ‫كل مألوه ومعبود عبد ّ‬ ‫على الحقيقة إال الله‪ ،‬وأن ّ‬
‫غيره‪.‬‬
‫نص على هذا المعنى عند االتحادية غير واحد‪ ،‬منهم‪ :‬صاحب كتاب "شطح‬ ‫وقد ّ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ [محمد‪:‬‬ ‫الولي"(‪ )2‬حيث قال تحت قوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫‪ ]16‬أي ال موجود إال الله(‪.)3‬‬
‫ونص عليه أيضاً عبد الكريم الجيلي(‪ )4‬في ((اإلنسان الكامل)) حيث يقول‪(( :‬كلمة الشهادة‬ ‫َّ‬
‫مبنية على سْلب وهي؛ ال‪ ،‬وإيجاب وهي؛ إال‪ ،‬معناه‪ :‬ال وجود لشيء إال الله))(‪.)5‬‬
‫وقد شرح هذا المعنى في موضع آخر‪ ،‬فقال‪(( :‬ثم جملة "ال إله إال أنا" يعني اإللهية‬
‫ليست إال أنا‪ ،‬فأنا الظاهر في تلك األوثان‪ ،‬واألفالك‪ ،‬والطبائع‪ ،‬وفي كل ما يعبده أهل كل‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)171/2‬‬


‫(‪ )2‬من أعالم االتحادية‪ ،‬وقد تقدمت ترجمته‪.‬‬
‫(‪ )3‬نقالً عن تقديس األشخاص عند الصوفية (‪ .)627/1‬وعزاه إلى جواب النابلسي في حكم شطح الولي‬
‫(ص‪ 162:‬ـ ‪.)166‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم الجيلي ابن سبط الشيخ عبد القادر الجيالني‪ ،‬من علماء المتصوفين‪،‬‬
‫له كتب كثيرة؛ منها ((اإلنسان الكامل في معرفة األواخر واألوائل)) في اصطالح الصوفية‪ ،‬و((الكهف والرقيم في‬
‫شرح بسم الله الرحمن الرحيم))‪ ،‬وشرح لمشكالت الفتوحات المكية‪ ،‬كانت ووفاته سنة (‪ )532‬هـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫األعالم للزركلي (‪.)65/2‬‬
‫(‪ )5‬اإلنسان الكامل (‪.)25/2‬‬
‫‪75‬‬ ‫التمهيد‬

‫ملة ونحلة؛ فما تلك اآللهة كلها إال أنا‪ ،‬ولهذا أثبت لهم لفظ اآللهة‪ ...‬وهذه التسمية‬
‫تسمية حقيقية؛ ألن الحق ـ سبحانه وتعالى ـ عين األشياء))(‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ومما يدل على تأصل ورسوخ هذا المعنى لـال إله إال الله عند االتحادية أن ابن سبعين‬
‫ـ وهو من كبار دعاة االتحادية ـ ((كان هو وأتباعه يقولون ((ليس إال الله)) بدل قول‬
‫المسلمين ((ال إله إال الله)) (‪.)3‬‬
‫ومن األقوال الدالة صراحة على هذا المعنى عند االتحادية الحلولية‪ :‬قول ابن عربي‬
‫الطائي في فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية‪(( :‬ومن أسمائه الحسنى‪ :‬العلي‪ .‬على‬
‫من؟ وما ثم إال هو!! فهو العلي لذاته‪ ،‬أو عن ما ذا؟ وما هو إال هو!! فـعلوه لنفسه‪ ،‬وهو من‬
‫حيث الوجود عين الموجودات‪ .‬فالمسمى محدثات هي العلية لذاتها‪ ،‬وليست إال هو‪ .‬فهو‬
‫العلي‪ ،‬ال علو إضافة‪ ،‬ألن األعيان التي لها العدم الثابتة فيه(‪ ،)4‬ما شمت رائحة من الوجود‪،‬‬
‫فهي على حالها مع تعداد الصور في الموجودات والعين واحدة من المجموع في المجموع‪،‬‬

‫(‪ )1‬اإلنسان الكامل (‪.)66/1‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن سبعين بن نصر المرسي الرقوطي‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬من أعالم االتحادية‪ ،‬ولد‬
‫سنة أربع وعشرين وستمائة‪ ،‬واشتهر بالزهد والسلوك‪ ،‬وكانت له براعة وتفنن في العلوم‪ ،‬وكثر أتباعه‪.‬‬
‫قال الحافظ في ترجمته‪(( :‬واشتهر عنه مقالة رديئة‪ ،‬وهي قوله‪ :‬لقد َّزرب ابن آمنة على نفسه حيث قال‪« :‬ال نبي‬
‫بعدي» يعني ـ كذب على نفسه ـ ثم فر إلى العراق‪ ،‬ومات بها سنة (‪ )566‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في البداية والنهاية‬
‫(‪ ،)251/13‬ولسان الميزان (‪ 53/6‬ـ ‪.)52‬‬
‫(‪ )3‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية للتفتازاني (ص‪.)226 :‬‬
‫(‪ )4‬قوله‪ :‬ألن األعيان التي لها العدم الثابتة فيه‪ ..‬الخ هذا من أصولهم الفاسدة التي بنوا عليها حقيقة كالمهم في‬
‫الحلول واالتحاد يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪( :‬فأما صاحب الفصوص فكالمه يدور على أصلين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن األشياء كلها ثابتة في العدم مستغنية بنفسها نظير قول من يقول المعدوم شيء‪ ،‬ولكن هذا ال يفرق‬
‫بين ذات الخالق وذات المخلوق‪ ،‬إذ ليس عنده ذات واجبة متميزة بوجودها عن الذوات الممكنة‪ ،‬وإن كان قد‬
‫ﭕ ﭖ‬ ‫يتناقض في ذلك قولهم‪ ،‬فإنهم كلهم يتناقضون‪ ،‬وكل من خالف الرسول فال بد أنه يتناقض قال تعالى‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ‬ ‫ﮁ‬ ‫ﭿ ﮀ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ [الذاريات‪ 5 :‬ـ ‪ ،]6‬وقال‪:‬‬
‫[النساء‪.]52 :‬‬
‫األصل الثاني‪ :‬أن الوجود الذي لهذه الذوات الثابتة هو عين وجود الحق الواجب)‪[ .‬بغية المرتاد (ص‪.])366 :‬‬
‫وانظر‪ :‬تفصيل ذلك في مجموع الفتاوى (‪ 123/2‬ـ ‪.)155‬‬
‫‪76‬‬ ‫التمهيد‬

‫فوجود الكثرة في األسماء‪ ،‬وهي النسب‪ ،‬وهي أمور عدمية‪ ،‬وليس إال العين الذي هو‬
‫الذات‪ ،‬فهو العلي لنفسه‪ ،‬ال باإلضافة‪ ،‬فما في العالم من هذه الحيثية علو إضافة‪ ،‬لكن‬
‫الوجوه الوجودية متفاضلة‪ ،‬فـعلو اإلضافة موجود في العين الواحدة من حيث الوجوه الكثيرة‪،‬‬
‫لذلك نقول فيه‪ :‬هو‪ ،‬ال هو‪ .‬أنت ال أنت))(‪.)1‬‬
‫فهذا نقل صريح يدل على معنى ال إله إال الله عند ابن عربي رائد الفكر االتحادي‪ ،‬وهو‬
‫سلب كل وجود إال وجود الله تعالى‪ ،‬فما في الكون غيره ـ سبحانه وتعالى ـ؛ والتغاير في‬
‫الصور عنده هو من تجليات الذات‪ ،‬فالصور مظاهر للذات؛ إذ تظهر في صورة‬
‫معبود كما ظهرت في صورة فرعون وهبل ونحوه من المعبودات‪ .‬وتظهر تارة في صور‬
‫العبيد‪ ،‬وتظهر تارة في صورة هاد كاألنبياء والرسل والعلماء‪ ،‬وتظهر في المهدي‬
‫كأتباع الرسل‪ ،‬وهكذا(‪ . )2‬وهذا المذهب هو الذي عليه االتحادية قاطبة ممن سبق‬
‫(‪)3‬‬
‫يفرق بين‬ ‫ابن عربي أو ممن جاء بعده‪ .‬ومن هؤالء أبو منصور الحالج ؛ فكان ال ّ‬
‫نفسه وبين ربّه‪ ،‬وقد ظهر ذلك في نظمه ونثره فكان مما قاله‪(( :‬أنا الحق‪ ،‬وما في‬
‫الجبة إال الله))(‪.)4‬‬
‫نح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان حللن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدنا‬ ‫و((أن ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ــن أه ـ ـ ـ ــوى وم ـ ـ ـ ــن أه ـ ـ ـ ــوى أن ـ ـ ـ ــا‬
‫(‪)5‬‬
‫أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرتنا))‬ ‫وإذا أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرته‬ ‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإذا أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرتني‪ ،‬أبص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرته‬

‫(‪ )1‬فصوص الحكم (ص‪ 75 :‬ـ ‪.)77‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مدارج السالكين (‪ 55/1‬ـ ‪.)51‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أبو المغيث الحسين بن منصور الحالج أصله من البيضاء إحدى بالد فرس‪ ،‬نشأ بواسط العراق‪ ،‬وصحب‬
‫أبا القاسم الجنيد‪ ،‬ثم غال في التصوف حتى قال بوحدة الوجود فكفره أكثر المشايخ والعلماء‪ ،‬وفي سنة‬
‫حز رأسه وأحرق جثته‪ ،‬فلما‬
‫(‪)356‬هـ أمر المقتدر العباسي بضربه ألف سوط ثم قطع الجالد أطرافه األربعة ثم َّ‬
‫صار رماداً ألقاه في نهر دجلة‪ ،‬وذكر أنه كان يعمل على قلب الدولة وإفساد الملك‪ ..‬انظر‪ :‬ترجمته في طبقات‬
‫الصوفية للسلمي (ص‪ 357 :‬ـ ‪ ،)355‬وتاريخ بغداد (‪ 155/5‬ـ ‪ ،)121‬وسير أعالم النبالء (‪ 313/12‬ـ ‪،)362‬‬
‫ولسان الميزان (‪ 211/3‬ـ ‪.)213‬‬
‫(‪ )4‬الرد على القائلين بوحدة الوجود لعلي القارئ (ص‪.)132 :‬‬
‫(‪ )5‬ديوان الحالج (ص‪.)27 :‬‬
‫‪55‬‬ ‫التمهيد‬

‫قلت‪ :‬وقد وافق هؤالء االتحادية أبو حامد الغزالي ّلما ّقرر في ((مشكاة األنوار)) أن يقال‬
‫بدالً عن قول المسلمين ال إله إال الله‪(( :‬ليس إالَّ الله)) أو ((ال هو إالَّ هو))‪ ،‬أو ((هو الله)) أو‬
‫((هو هو))(‪.)1‬‬
‫وتبعه في ذلك الفخر الرازي حيث زعم أن هذا الذكر أنفع للقلب(‪ )2‬من قول المسلمين‬
‫((ال إله إال الله))(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا واقع كثير من المتصوفة اليوم حيث جعلوا من أورادهم ((هو هو)) ((إال هو إال‬
‫هو))‪(( ،‬إال الله)) يترنمون بذلك صباح مساء في خلواتهم وبعد صلواتهم‪ .‬وقد زعم لهم‬
‫تضمن‬
‫مشايخهم أن هذا الذكر أفضل من قول المريد‪ :‬ال إله إال الله؛ ألن ال إله إال الله ّ‬
‫مجرد اإلثبات إيمان‪ ،‬فكانت السالمة‬ ‫مجرد النفي كفر‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫نفياً وإثباتاً‪ ،‬والوقوف على ّ‬
‫في المداومة على اإلثبات‪ ،‬وهو قول المريد ((هو هو)) أو ((إال هو)) خشية أن يموت‬
‫اإلنسان على النفي فيموت على الكفر(‪ .)4‬وال يعدو ذلك أن يكون تلبيساً على أولئك‬
‫الطغام‪ ،‬وإال فهو تقرير لعقيدة الحلول واالتحاد وإدخالها عليهم من حيث ال يشعرون‪.‬‬
‫فإن العلماء متفقون على أن العبد إذا قال‪«:‬ال إله» ثم مات ومعتقده وضميره الوحدانية‬
‫وما يجب له من الصفات مات مؤمناً موحداً‪ ،‬وكان من أهل الجنة قطعاً‪.‬‬

‫(‪ )1‬مشكاة األنوار (ص‪.)76:‬‬


‫(‪ )2‬يقول الرازي في تفسيره (جـ‪(( :)163/1‬واعلم أن لفظ «هو» فيه أسرار عجيبة وأحوال عالية‪ ...‬وأنا بتوفيق الله‬
‫كتبت أسراراً لطيفة‪ ،‬إال أني كلما أقابل تلك الكلمات المكتوبة بما أجده في القلب من البهجة والسعادة عند‬
‫ذكر كلمة «هو» أجد المكتوب بالنسبة إلى تلك األحوال المشاهدة حقيراً‪ ،‬فعند هذا عرفت أن لهذه الكلمة‬
‫تأثيراً عجيبا في القلب ال يصل البيان إليه‪ ،‬وال ينتهي الشرح إليه)) انتهى محل الغرض‪.‬‬
‫(‪ )3‬التفسير الكبير (‪.)165 ،163/1‬‬
‫(‪ )4‬هذا يحكى عن الشبلي‪ .‬قال القرطبي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وحكى عن الشبلى ـ رحمه الله ـ أنه كان يقول‪ :‬الله‪ ،‬وال‬
‫يقول‪ :‬ال إله‪ ،‬فسئل عن ذلك؟ فقال‪ :‬أخشى أن آخذ في كلمة الجحود وال أصل إلى كلمة اإلقرار)) انتهى‪.‬‬
‫[تفسير القرطبي (جـ‪.])161/2‬‬
‫‪51‬‬ ‫التمهيد‬

‫يقول القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله ‪« :‬من كان آخر كالمه ال إله إال الله دخل‬
‫الجنة»(‪ )1‬ـ‪(( :‬والمقصود القلب ال اللسان‪ ،‬فلو قال‪« :‬ال إله» ومات ومعتقده وضميره‬
‫الوحدانية وما يجب له من الصفات لكان من أهل الجنة باتفاق أهل السنة))(‪.)2‬‬
‫وقد غلَّط شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ اقتصار الصوفية على هذا اللفظ من عدة أوجه‪،‬‬
‫فذكر منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن العبد لو مات في هذه الحال‪ ،‬لم يمت إال على ما قصده ونواه؛ إذ األعمال‬
‫بالنيات‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أنه ثبت أن النبي ‪ ‬أمر بتلقين الميت ال إله إال الله‪ ،‬وقال‪« :‬من كان آخر كالمه‬
‫ال إله إال الله دخل الجنة»(‪ .)3‬ولو كان ذلك محذوراً‪ ،‬لم يأمر أن ي َّلقن الميت كلمةً يخاف‬
‫يلقن ما اختاروه من ذكر االسم المفرد‪.‬‬ ‫أن يموت في أثنائها موتاً غير محمود‪ ،‬بل كان َّ‬
‫‪ 3‬ـ أن جميع ما شرعه الله من الذكر‪ ،‬إنما هو كالم تام‪ ،‬ال اسم مفرد‪ ،‬ال مظْهر وال‬
‫ضمر‪.‬‬
‫مْ‬
‫المجرد ال يتعلَّق به كفر وال إيمان باتفاق أهل اإلسالم(‪.)4‬‬
‫‪ 2‬ـ أن االسم َّ‬
‫صححوا كل عبادة‬ ‫ولما كانت ال إله إال الله بهذه المثابة عند أهل الحلول واالتحاد َّ‬
‫لغير الله تعالى وع ّدوها توحيداً؛ ألن اإلله في عقيدتهم يتجلّى في صور جميع‬
‫الموجودات كما تقدم‪.‬‬
‫يقول ابن عربي‪(( :‬فاألدنى من تخيل فيه ـ أي في كل معبود ـ األلوهية‪ ،‬فلوال هذا التخيل‪،‬‬
‫ما عبد الحجر وال غيره‪ ،‬ولهذا قال‪ :‬سموهم ﯬ ﯭ [الرعد‪ ]33 :‬فلو سموهم لسموهم‬
‫حجارة وشجراً وكوكباً‪ ،‬ولو قيل لهم‪ :‬من عبدتم؟ لقالوا‪ :‬إلهاً‪ .‬ما كانوا يقولون‪ :‬الله‪ ،‬وال‪ :‬اإلله‪.‬‬
‫واألعلى ما تخيل‪ ،‬بل قال‪ :‬هذا مجلى إلهي ينبغي تعظيمه‪ ،‬فال يقتصر‪ ،‬فاألدنى صاحب‬
‫[الزمر‪ :‬ة‪ ،]3‬واألعلى العالم يقول‪:‬‬ ‫التخيل يقول‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬

‫(‪ )1‬سيأتي تخريجه في موضعه انظر‪( :‬ص‪.)625 :‬‬


‫(‪ )2‬تفسير القرطبي (جـ‪.)161/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تخريجه في (ص‪.)625 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬العبودية (ص‪ 253 :‬ـ ‪.)215‬‬
‫‪52‬‬ ‫التمهيد‬

‫[الحج‪ ]32 :‬الذين خبت نار طبيعتهم‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬


‫إلهاً‪ ،‬ولم يقولوا طبيعة))(‪ .)1‬اهـ‪.‬‬
‫يمجد ابن عربي عبادة األصنام ويدعوا إليها‪ .‬ويشهد لذلك قوله في ((الفصوص))(‪:)2‬‬ ‫ولهذا ّ‬
‫المكمل من رأى كل معبود للحق يعبد فيه‪ ،‬ولذلك سموه كلهم‪ :‬إلهاً مع اسمه‬ ‫ّ‬ ‫((والعارف‬
‫الخاص بحجر‪ ،‬أو شجر أو حيوان‪ ،‬أو إنسان‪ ،‬أو ملك‪ ،‬أو كوكب))‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومن الشبهات التي ّقرر بها ابن عربي هذه العقيدة‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ [اإلسراء‪ .]23 :‬قال ابن عربي في تفسيرها‪(( :‬وما حكم الله بشيء إال وقع))(‪ ،)3‬فمعنى‬
‫اآلية على تفسيره‪ :‬أن الله ق ّدر أن ال يـ ْعبد إال هو‪ ،‬ولذا كان عابد الصنم عابداً له في‬
‫الحقيقة(‪.)4‬‬
‫وهذا التفسير ـ كما قال شيخ اإلسالم ـ تحريف للكلم عن مواضعه يشبه تحريف اليهود؛ فإن‬
‫قضى هنا ليست بمعنى القدر والتكوين المتحتم الوقوع بإجماع المسلمين بل وبإجماع العقالء‬
‫حتى يقال‪ :‬ما ق ّدر الله شيئاً إال وقع‪ ،‬وإنما هي بمعنى أمر‪ .‬وما أمر الله به فقد يكون وقد ال‬
‫يكون(‪.)5‬‬
‫تنوعت عباراتهم فيه‪ ،‬حيث جاء عن ابن‬ ‫وقد اتفقت كلمة المفسرين على هذا المعنى‪ ،‬وإن َّ‬
‫عباس ـ رضي الله عنهما ـ أ ّن قضى بمعنى أمر‪ ،‬وجاء عن ابن مسعود ومجاهد‪ :‬أي وصى‪،‬‬
‫وقال الربيع بن أنس‪ :‬وأوجب ربك(‪.)6‬‬
‫قال ابن األنباري(‪(( :)7‬هذا القضاء ليس من باب الحتم والوجوب‪ ،‬لكن من باب األمر‬
‫والفرض‪ .‬وأصل القضاء في اللغة‪ :‬قطع الشيء بإحكام وإتقان‪.‬‬

‫(‪ )1‬فصوص الحكم (ص‪.)72 :‬‬


‫(‪( )2‬ص‪.)166 :‬‬
‫(‪ )3‬فصوص الحكم (ص‪.)162 :‬‬
‫(‪ )2‬مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للبقاعي (ص‪.)112 :‬‬
‫)‪ )5‬انظر‪ :‬مجموعة الرسائل والمسائل البن تيمية (جـ‪.)11/2‬‬
‫)‪ )6‬انظر‪ :‬جامع البيان (‪ 121/22‬ـ ‪ ،)121‬ومعالم التنزيل (‪ ،)11/1‬وزاد المسير (‪.)12/1‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن رفاعة الشيباني الشهير بابن األنباري‪ ،‬من نبالء الرجال‪ ،‬وكان بينه وبين‬
‫الحريري مراسالت قد دونت‪َّ ،‬‬
‫حدث عن هبة الله بن الحصين وعبد الله بن السمرقندي‪ ،‬أخذ عنه المبارك بن‬
‫=‬
‫‪53‬‬ ‫التمهيد‬

‫قال الشاعر يرثي عمر‪:‬‬


‫بوائـ ـ ـ ـ ــق فـ ـ ـ ـ ــي أكمامهـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ــم تـفتَّـ ـ ـ ـ ــق))(‪.)1‬‬ ‫قض ـ ـ ـ ـ ــيت أمـ ـ ـ ـ ـ ــوراً ث ـ ـ ـ ـ ـ َّـم غـ ـ ـ ـ ـ ــادرت بعـ ـ ـ ـ ـ ــدها‬
‫قلت‪ :‬ويشهد لتفسير هؤالء األئمة األعالم قوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫[اإلسراء‪.]23 :‬‬ ‫ﮟ [البينة‪ :‬من اآلية‪]6‬؛ فهي تفسير لقوله‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫أثر هذا المعنى على العقيدة‪:‬‬
‫بعد أن قررت معنى ال إله إال الله عند أهل الوحدة واالتحاد رأيت من المناسب التعقيب‬
‫بذكر بعض اآلثار المترتبة على هذا المعنى‪ ،‬مكتفياً بها في التدليل على بطالن هذا المعنى‬
‫لكلمة التوحيد عند االتحادية؛ ألن فساد الالزم من المذهب ـ كما هو معلوم ـ يدل على بطالن‬
‫ذلك المذهب‪.‬‬
‫يقول الشيخ حافظ حكمي في بيان أثر هذا المعنى لال إله إال الله عند االتحادية‬
‫والوجودية‪(( :‬وأما تقديره بموجود ـ يعني تقدير خبر ال النافية للجنس في كلمة التوحيد ال إله إال‬
‫الله ـ فيفهم منه االتحاد‪ ،‬فإن اإلله هو المعبود‪ ،‬فإذا قيل ال معبود موجود إال الله‪ ،‬لزم منه أن‬
‫كل معبود عبد بحق أو باطل هو الله فيكون ما عبده المشركون من الشمس والقمر‬
‫والنجوم واألشجار واألحجار والمالئكة واألنبياء واألولياء وغير ذلك هي الله فيكون ذلك‬
‫كله توحيداً‪ ،‬فما عبد على هذا التقدير إال الله إذ هي هو‪ ،‬وهذا والعياذ بالله أعظم الكفر‬
‫وأقبحه على اإلطالق‪ ،‬وفيه إبطال لرساالت جميع الرسل وكفر بجميع الكتب وجحود‬
‫لجميع الشرائع وتكذيب بكل ذلك وتزكية لكل كافر من أن يكون كافراً إذ كل ما عبده من‬
‫المخلوقات هو الله فلم يكن عندهم مشركاً بل موحداً‪ ،‬تعالى الله عما يقول الظالمون‬
‫والجاحدون علواً كبيراً‪ .‬فإذا فهمنا هذا فال يجوز تقدير الخبر موجود إال أن ينعت اسم ال‬
‫بحق فال بأس ويكون التقدير ال إله حقاً موجود إال الله‪ ،‬فبقيد االستحقاق ينتفي المحذور‬
‫الذي ذكرنا))(‪.)2‬‬
‫ــــــــــ‬
‫= النقور وغيره‪ ،‬أقام في كتابة اإلنشاء خمسين سنة‪ ،‬وناب في الوزارة‪ ،‬ونفذ رسوالً إلى الشام وإلى خراسان‪ .‬عاش‬
‫نيفاً وثمانين سنة توفي سنة ثمان وخمسين وخمس مئة‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 116/16‬ـ ‪.)112‬‬
‫)‪ )1‬زاد المسير (‪.)11/1‬‬
‫(‪ )2‬معارج القبول للحكمي (‪.)215/2‬‬
‫‪52‬‬ ‫التمهيد‬

‫وال شك أن هذا المعنى المبني على تقدير خبر ال النافية للجنس في كلمة التوحيد بـ‬
‫((موجود)) يلزم منه تلك اللوازم الفاسدة التي ذكرها العالمة حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ‪ :‬من‬
‫أن التوحيد عين الشرك وأن الشرك هو عين التوحيد ال فرق بين موحد ومشرك‪ ،‬وفي هذا‬
‫إبطال لجميع الرساالت وجحد لجميع الشرائع التي تدعوا إلى توحيد الله جل وعال وإفراده‬
‫بالعبادة وحده ال شريك له‪.‬‬
‫وهذا الالزم هو ملزومهم الذي بنوا عليه تفسيرهم لكلمة التوحيد‪ ،‬فهو الزم لهم وملزوم‪.‬‬
‫بعلو الله تعالى ومباينته لخلقه حيث يعتقد‬ ‫كما يلزم من القول باالتحاد أيضاً عدم اإليمان ّ‬
‫علو الله تعالى على‬ ‫أصحاب هذا المذهب الضال أن الله تعالى بذاته في كل مكان‪ ،‬وهذا ينافي َّ‬
‫خلقه كما هو معتقد أهل السنة والجماعة‪ .‬وعلو الله تعالى على خلقه أمر شهدت به الفطر‬
‫وتضافرت عليه النصوص من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وهذا أيضاً ملزوم لهم؛ حيث يعتقدون أن الله بذاته حال في كل مكان بل هو عين ذلك‬
‫المكان تعالى الله عن قولهم علواًكبيراً‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهؤالء االتحادية هم أكفر وأضل ممن يقول‪ :‬إن الله‬
‫ـ تعالى ـ بذاته في كل مكان‪ ،‬ونحو ذلك من المقاالت الشنيعة المتقدمة‪ ،‬ولكن هم مشاركون‬
‫لهم في أصل المقالة وزائدون عليهم في الضاللة))(‪.)1‬‬
‫كما يلزم منه اختالط الله وامتزاجه بالنجاسات ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ؛ إذ إن الله‬
‫حال في كل شيء‪ ،‬بل هو ـ عندهم ـ عين الكلب وعين الخنزير وعين‬ ‫تعالى في عقيدتهم ٌّ‬
‫صرحوا بذلك فقال‬ ‫النجاسات ال يقولون إنه مخالط لها بل وجودها عين وجود الله تعالى‪ .‬وقد ّ‬
‫أحد شعرائهم‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ومالل ـ ـ ــه إال راه ـ ـ ــب ف ـ ـ ــي كنيس ـ ـ ــة‬ ‫وم ـ ـ ــا الكل ـ ـ ــب والخن ـ ـ ـ ـزير إال إلهن ـ ـ ــا‬
‫وقال الش ْشتري(‪ )3‬ـ من شعرائهم ـ متغزالً في الذات اإللهية‪:‬‬
‫(‪ )1‬بيان تلبيس الجهمية (‪.)623/2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬النفحات األقدسية (ص‪ ،)335:‬وبيان تلبيس الجهمية (‪.)156/2‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬علي بن عبد الله الششتري النميري األندلسي‪ ،‬شيخ الطريقة الششترية السبعينية‪ ،‬وصاحب الموشحات‬
‫الصوفية المشهورة‪ ،‬ولد سنة (‪ ،)041‬في ششتر (قرية باألندلس)‪ ،‬التقى بابن سبعين وافتتن به‪ ،‬حتى كان يطلق‬
‫على نفسه (عبد ابن سبعين)‪ ،‬دخل مصر ومعه أربعمائة من أتباعه‪ ،‬وله مؤلفات منها‪ :‬العروة الوثقى‪ ،‬والمقاليد‬
‫الوجودية في أسرار الصوفية‪ ،‬وديوان شعر‪ ،‬توفي بمصر قرب دمياط سنة (‪ )033‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬لسان الميزان‬
‫=‬
‫‪56‬‬ ‫التمهيد‬

‫وقـ ـ ـ ـ ــد ظهـ ـ ـ ـ ــر فـ ـ ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـ ــيض وس ـ ـ ـ ــود‬ ‫محب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوبي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الوج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود‬
‫(‪)1‬‬
‫وف ـ ـ ـ ـ ــي الخن ـ ـ ـ ـ ــازير م ـ ـ ـ ـ ــع الق ـ ـ ـ ـ ــرود‬ ‫وف ـ ـ ـ ـ ـ ــي النص ـ ـ ـ ـ ـ ــارى م ـ ـ ـ ـ ـ ــع اليه ـ ـ ـ ـ ـ ــود‬
‫ويقول أحد شيوخ األزهر في وقته مصطفى(‪(( :)2‬الخبير اللطيف الظاهر في كل‬
‫المراتب‪ ،‬الخسيس منها والشريف))(‪.)3‬‬
‫وقد حكى شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أن هذا حقيقة قولهم في الحلول واالتحاد‪ ،‬فقال ـ‬
‫رحمه الله ـ‪(( :‬وكذلك من يقول بالحلول كما يقوله الجهمية‪ ،‬الذين يقولون‪ :‬إن الله بذاته‬
‫في كل مكان‪ ،‬ويجعلونه مختلطاً بالمخلوقات‪ ،‬حتى إن هؤالء يجعلونه في الكالب‬
‫والخنازير والنجاسات‪ ،‬أو يجعلون وجود ذلك وجوده‪ ،‬فمن أراد هذه المعاني فهو ملحد‬
‫ضال‪ ،‬يجب أن يستتاب فإن تاب وإال قتل))(‪ )4‬انتهى‪.‬‬
‫كما يلزم منه أيضاً تصويب المجتهدين في أصول الدين‪ ،‬وأن المعتقدات الغير مؤتلفة‬
‫عند أهل الطوائف المختلفة كلها حق‪ ،‬واعتقاد أن جميعها صدق‪ ،‬وأنه ال فرق بين كفر‬
‫وإيمان بل كالهما سواء في االعتقاد‪ .‬وقد التزم ذلك ابن عربي حيث قال‪ :‬عند قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ [هود‪(( .]65 :‬فكل شيء‬
‫ماشِ فعلى صراط الرب المستقيم‪ ،‬فهم غير مغضوب عليهم من هذا الوجه))(‪ .)5‬وقال أيضاً‪:‬‬
‫((فما من أحد إال على صراط مستقيم‪ ،‬وهو صراط الرب تعالى))(‪ .)6‬اهـ‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫= (‪ ،)711/1‬وجامع كرامات األولياء (‪ ،)310/7‬والموسيوعة الصوفية (ص‪ ،)717 :‬واألعالم للزركلي‬
‫(‪.)315/1‬‬
‫والششتري هذا من المشايخ المعظمين عند الصوفية‪ ،‬يصفونه بأنه (اإلمام الكبير‪ ،‬والصوفي الشهير) [جامع‬
‫كرامات األولياء للنبهاني (‪.])310/7‬‬
‫(‪ )1‬إيقاظ الهمم في شرح الحكم البن عجيبة (ص‪.)55 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬مصطفى بن محمد بن أحمد بن موسى العروسي‪ ،‬المصري الشافعي‪ ،‬عالم مشارك في بعض العلوم‪ ،‬تولى‬
‫مشيخة الجامع األزهر‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬نتائج األفكار القدسية في بيان معاني شرح الرسالة القشيرية في التصوف‪،‬‬
‫والعقود والفرائد في بيان معاني العقائد‪ ،‬واألنوار البهية في بيان أحقية مذهب الشافعية‪ .‬توفي سنة ‪4793‬هـ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬معجم المؤلفين (‪ ،)379/3‬واألعالم للزركلي (‪.)713/7‬‬
‫(‪ )3‬نقالً عن كتاب عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ )35 :‬وعزاه إلى حاشية العروسي (‪.)71/7‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)265/2‬‬
‫(‪ )5‬فصوص الحكم (‪.)155‬‬
‫(‪ )6‬نفس المصدر (ص‪.)155 :‬‬
‫‪55‬‬ ‫التمهيد‬

‫يقرر في كتبه األمر بعبادة األوثان والتنقل في األديان؛ كقوله‪(( :‬فإياك أن‬ ‫ولذا نجده ّ‬
‫تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بكل ما سواه(‪ )1‬فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم باألمر‬
‫على ما هو عليه؛ فكن في نفسك هيولي(‪ )2‬لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع‬
‫وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه تعالى يقول‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [البقرة‪:‬‬
‫‪ ]116‬فما ذكر أينا من أين وذكر أن ثم وجه الله ووجه الشيء حقيقته))(‪ .)3‬ثم قال‪(( :‬فقد‬
‫بان لك عن الله تعالى في أينيّتة كل وجهة‪ ،‬وما ثم إال االعتقادات‪ ،‬فالكل مصيب‪ ،‬وكل‬
‫مصيب مأجور سعيد‪ ،‬وكل سعيد ْمرضي عنه‪ ،‬وإن شقي زماناً ما في الدار اآلخرة‪ ،‬فقد‬
‫مرض‪ ،‬وتألم أهل العناية ـ مع علمنا بأنهم سعداء وأهل حق ـ في الحياة الدنيا))(‪.)4‬‬
‫وهذا األثر يقودنا بدوره إلى أثر آخر ال يقل خطورة عن ذلك األثر‪ ،‬وهو مواالة الكفار‬
‫والمشركين وترك جهادهم؛ ألن الجميع في نظر هؤالء وعقيدتهم على الصراط المستقيم كما‬
‫تقدم (‪.)5‬‬
‫ومن فروع توحيد االتحادية أيضاً‪ :‬أن فرعون وقومه كاملو اإليمان‪ ،‬عارفون بالله على‬
‫الحقيقة(‪ ،)6‬وقد التزم ذلك ابن عربي حيث صرح في فصوصه‪ :‬بأن فرعون خرج من الدنيا‬
‫طاهراً مطهراً(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬يعني ال تقتصر على معتقد واحد‪ ،‬وتكفر بما سواه‪.‬‬


‫(‪ )2‬هيولي‪ :‬كل جسم حامل لصورته؛ كالخشب للسرير والباب؛ وكالفضة للخاتم والخلخال؛ وكالذهب للدينار‬
‫والسوار‪ .‬والهيولي إذا أطلقت فإنه يعنى بها طينة العالم أي‪ :‬جسم الفلك األعلى وما يحويه من األفالك‬
‫والكواكب ثم العناصر األربعة وما يتركب منها الصورة هي هيئة الشيء وشكله التي يتصور الهيولي بها وبها يتم‬
‫الجسم؛ فالجسم مؤلف عن الهيولي والصورة‪ .‬وال وجود لهيولي يخلو عن الصورة إال في الوهم‪ ،‬وكذلك ال وجود‬
‫لصورة تخلو من الهيولي إال في الوهم‪ .‬والهيولي يسمى المادة والعنصر والطينة‪[ .‬مفاتيح العلوم للخوارزمي (ص‪:‬‬
‫‪.)37‬‬
‫(‪ )3‬فصوص الحكم (ص‪( .)113:‬فص هود عليه السالم)‪ .‬وانظر‪ :‬الرد على القائلين بوحدة الوجود لعلي القارئ‬
‫(ص‪.)33 :‬‬
‫(‪ )4‬الفصوص الحكم (ص‪.)113 :‬‬
‫(‪ )5‬لتفصيل هذه المفسدة ينظر‪ :‬تقديس األشخاص عند الصوفية للدكتور محمد أحمد لوح (‪ 657/1‬ـ‬
‫‪.)675‬‬
‫(‪ )6‬شرح الطحاوية البن أبي العز (ص‪.)25:‬‬
‫‪57‬‬ ‫التمهيد‬

‫ومن فروعه أيضاً‪ :‬أن عباد األصنام على الحق والصواب وأنهم إنما عبدوا الله ال غيره(‪،)2‬‬
‫وقد تقدم تقريره في كالم ابن عربي(‪.)3‬‬
‫ومن فروعه كذلك أنه ال فرق في التحريم والتحليل بين األم واألخت واألجنبية‪ ،‬وال فرق‬
‫بين الماء والخمر والزنا والنكاح‪ ،‬فالكل من عين واحدة‪ ،‬ال بل هو العين الواحدة(‪ ،)4‬وقد‬
‫صرح بذلك ابن عربي والتلمساني من أعالم االتحادية(‪.)5‬‬
‫ومن فروعه أن األنبياء ضيَّقوا على الناس تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا (‪ ،)6‬وقد صرح‬
‫به ابن عربي حيث قال‪(( :‬ضيّق ابن أبي كبشة ـ يعني النبي عليه الصالة والسالم ـ أمر الدنيا‬
‫على الموحدين))(‪.)7‬‬
‫والقول بالحلول واالتحاد نجم عنه أيضاً تقديس األولياء والصالحين واعتقاد أنهم كالله رب‬
‫العالمين‪ ،‬ولذا تجد انحراف العقيدة عند الصوفية ظاهراً وفشو الشرك فيهم واضحاً حيث‬
‫يتوجهون إلى األولياء بأنواع من العبادات كالدعاء واالستغاثة والذبح والنذر‪.‬‬
‫وفي هذا يقول على القارئ(‪ )8‬ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهذا الفساد في االعتقاد ـ يعني القول‬
‫أضل العباد حيث يزعمون أن الشيخ محل االعتماد))(‪.)1‬‬ ‫بالحلول واالتحاد ـ أ ْخرب العبَّاد و َّ‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬فصوص الحكم ص (ص‪.)251 :‬‬
‫(‪ )2‬شرح الطحاوية البن أبي العز (ص‪.)25 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪.)52 :‬‬
‫(‪ )4‬شرح الطحاوية البن أبي العز (ص‪.)25 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم (‪.)272/2‬‬
‫(‪ )6‬شرح الطحاوية البن أبي العز (ص‪.)25 :‬‬
‫(‪ )7‬الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص‪.)32:‬‬
‫(‪ )8‬هو‪ :‬المال علي بن سلطان بن محمد الهروي المكي الحنفي‪ ،‬المعروف بالقارئ‪ :‬عالم بالقراءات والفقه‪ .‬ولد في‬
‫هراة من مدن خراسان وبها تلقى العلم‪ ،‬ثم انتقل إلى مكة فاستوطنها حتى توفي‪ ،‬صنف في مختلف العلوم‪،‬‬
‫وكان جيد الخط عالماً بالقراءات والتفسير‪ ،‬وكان يكتب في كل عام مصحفاً وعليه طرز من القراءات والتفسير‬
‫فيبيعه فيكفيه ذلك قوته من العام إلى العام‪ .‬من أشهر مؤلفاته‪ :‬كتاب ((المصنوع في معرفة الحديث الموضوع))‪،‬‬
‫و((الموضوعات الكبير))‪ ،‬و((شرح مشكاة المصابيح)) وغيرها‪ .‬توفي ـ رحمه الله ـ في سنة (‪ )1512‬هـ بمكة‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬خالصة األثر (‪ 156/3‬ـ ‪ ،)155‬والبدر الطالع (‪ ،)226/1‬ومعجم المؤلفين (‪.)225/2‬‬
‫‪55‬‬ ‫التمهيد‬

‫هذه بعض اآلثار السيئة الناجمة عن هذا االعتقاد‪ ،‬وحصرها في حيّز الممتنع المحال‪،‬‬
‫ألن هذا االعتقاد منتهى الكفر وغاية الضالل؛ فأثره ال يقف عند ح ّد أو مجال‪ ،‬ولكن‬
‫جماع ذلك كما بيَّن شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ((هدم أصول اإليمان؛ فإن أصول‬
‫اإليمان‪ :‬اإليمان بالله‪ ،‬واإليمان برسله‪ ،‬واإليمان باليوم اآلخر‪.‬‬
‫فأما اإليمان بالله فزعموا أن وجوده وجود العالم‪ ،‬ليس للعالم صانع غير العالم‪.‬‬
‫وأما الرسول فزعموا أنهم أعلم بالله منه‪ ،‬ومن جميع الرسل‪ ،‬ومنهم من يأخذ العلم بالله ـ‬
‫الذى هو التعطيل ووحدة الوجود ـ من مشكاته‪ ،‬وأنهم يساوونه في أخذ العلم بالشريعة عن الله‪.‬‬
‫وأما اإليمان باليوم اآلخر فقد قال ـ يعني ابن عربي ـ‪:‬‬
‫وبالوعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاين‬ ‫فلـ ـ ـ ـ ــم يبـ ـ ـ ـ ــق إال صـ ـ ـ ـ ــادق الوعـ ـ ـ ـ ــد وحـ ـ ـ ـ ــده‬
‫عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذة فيه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا نع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيم يب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاين‬ ‫وإن دخل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا دار الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقاء فإنهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫وهذا يذكر عن بعض أهل الضالل قبله أنه قال‪ :‬إن النار تصير ألهلها طبيعة نارية‬
‫يتمتعون بها‪ ،‬وحينئذ‪ :‬فال خوف وال محذور وال عذاب ألنه أمر مستعذب))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬معنى ال إله إال عند المتكلمين وأثره على العقيدة‪.‬‬
‫جمهور المتكلمين ـ وعلى رأسهم األشاعرة(‪ )3‬ـ اعتقدوا أن اإلله بمعنى اآلله ((اسم‬
‫فاعل))‪ ،‬وأن اإللهية القدرة على االختراع دون غيرها‪ ،‬وأن من أقر بأن الله هو القادر على‬
‫(‪)4‬‬
‫وبنوا على ذلك تفسير ال إله إال الله‪،‬‬
‫االختراع دون غيره فقد شهد أن ال إله إال هو ‪ْ ،‬‬ ‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص‪ 72:‬ـ ‪.)73‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪221/2‬ـ ‪ .)222‬وانظر‪ :‬كالم ابن عربي في فصوص الحكم (ص‪.)62:‬‬
‫ولمزيد من هذه المفاسد المترتبة على هذا القول ينظر مجموع الفتاوى (‪ 225/2‬ـ ‪.)255‬‬
‫(‪ )3‬األشاعرة نسبة إلى أبي الحسن األشعري ـ رحمه الله ـ‪ ،‬ينتسبون إليه في طوره الثاني‪ ،‬بعد رجوعه عن مذهب‬
‫االعتزال وميوله إلى مذهب ابن كالب‪.‬‬
‫ومتأخروهم في الجملة يثبتون صفات المعاني السبع‪ ،‬وهي العلم والقدرة والحياة واإلرادة‪ ،‬والسمع والبصر‬
‫والكالم‪ ،‬وينفون قيام الصفات االختيارية بالله تعالى‪ .‬وهم مجبرة في القدر‪ ،‬ومرجئة في اإليمان‪ .‬انظر‪ :‬الملل‬
‫والنحل (جـ‪ 51/1‬ـ ‪ ،)61‬والمواقف لإليجي (‪ 55/3‬ـ ‪.)56‬‬
‫(‪ )4‬االعتقاد للبيهقي (ص‪ .)62 :‬وانظر‪ :‬درء التعارض (‪ ،)225/1‬ومجموع الفتاوى (‪.)151/3‬‬
‫=‬
‫‪56‬‬ ‫التمهيد‬

‫ففسروا توحيد اإللهية بتوحيد‬


‫فقالوا في تفسيرها‪« :‬ال قادر على االختراع موجود إال الله»؛ ّ‬
‫الربوبية؛ فمن ذلك ما نسبه البغدادي(‪ )1‬إلى أبي الحسن األشعري(‪ )2‬حيث قال‪(( :‬واختلف‬
‫أصحابنا في معنى اإلله‪ :‬فمنهم من قال‪ :‬إنه مشتق من اإللهية‪ ،‬وهي قدرته على اختراع‬
‫األعيان‪ ،‬وهو اختيار أبي الحسن األشعري))(‪.)3‬‬
‫وجاء في أم البراهين ما يشير إلى هذا المعنى عند األشعرية حيث قال الماتن في تفسير‬
‫اإلله‪(( :‬اإلله هو المستغني عما سواه‪ ،‬المفتقر إليه كل ما عداه‪ ،‬فمعنى ال إله إال الله‪ :‬ال‬
‫مستغنياً عما سواه‪ ،‬وال مفتقراً إليه كل ما عداه إال الله))(‪.)4‬‬
‫يقول على القاري‪(( :‬وهذا معنى جامع مانع في مالحظة التوحيد ومطالعة التفريد في نظر‬
‫المريد بما ليس عليه مزيد‪ ،‬مع إفادة الصفات السلبية والنعوت الثبوتية‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫= وهذا التفسير لمعنى الربوبية بناءً على أصل فاسد عندهم‪ ،‬وهو دعواهم أن أول واجب على المكلف النظر‬
‫المؤدي إلى معرفة الله ـ كما سيأتي ـ‪ ،‬وأن إثبات كونه ـ سبحانه ـ الصانع هو المعرفة‪ ،‬والمعرفة هي التوحيد‬
‫عندهم‪.‬‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬عبد القاهر بن طاهر‪ ،‬أبو منصور البغدادي‪ ،‬أحد أعالم الشافعية‪ ،‬متكلّم‪ ،‬أشعري‪ ،‬أخذ عن أبي إسحاق‬
‫اإلسفراييني‪ ،‬وروى عنه البيهقي‪ ،‬والقشيري‪ .‬من تصانيفه‪( :‬أصول الدين) و(الفرق بين الفرق)‪ .‬توفي بإسفرايين‬
‫سنة (‪.)226‬‬
‫انظر‪ :‬ترجمته في سير أعالم النبالء (‪ 672/17‬ـ ‪ ،)673‬وطبقات الشافعية الكبرى (‪ 135/6‬ـ ‪.)126‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬علي بن إسماعيل بن أبي بشر‪ ،‬ينتهي نسبه إلى أبي موسى األشعري ‪ ‬صاحب رسول الله ‪ ،‬مر في عقيدته‬
‫السلف‪ ،‬وألف في رجوعه كتاب‬
‫بأطوار عديدة؛ فكان معتزليّاً‪ ،‬ثم مال إلى مذهب ابن كالب‪ ،‬ثم رجع إلى مذهب َّ‬
‫(اإلبانة عن أصول الديانة)‪ .‬من تصانيفه الكثيرة (النقض على الجبائي)‪( ،‬جمل مقاالت الملحدين)‪ ،‬و(مقاالت‬
‫اإلسالميين)‪ .‬كانت وفاته ببغداد سنة (‪ )322‬هـ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬ترجمته في تاريخ بغداد (‪ 325/11‬ـ ‪ ،)327‬ووفيات األعيان (‪ 252/3‬ـ ‪ ،)255‬وسير أعالم النبالء‬
‫(‪ 56/16‬ـ ‪.)65‬‬
‫(‪ )3‬أصول الدين للبغدادي (ص‪.)123:‬‬
‫(‪ )4‬أم البراهين مع شرحها لألنصاري (ص‪ 52:‬ـ ‪ .)56‬وانظر‪ :‬مختصر الدر الثمين والمرشد المعين على منظومة‬
‫المرشد المعين على الضروري من علوم الدين (ص‪ ،)62 :‬وكتاب التجريد في إعراب كلمة التوحيد وما في معناها‬
‫من التمجيد لعلي القارئ (ص‪.)35:‬‬
‫‪65‬‬ ‫التمهيد‬

‫فسره بقوله‪(( :‬وبيانه أن استغناءه عن كل ما سواه يوجب له الوجود‪ ،‬والقدم والبقاء‬ ‫ثم َّ‬
‫والقيام‪ ،‬والتنـزه عن الحوادث والنقائص‪ ،‬ويقتضي ثبوت السمع والبصر والكالم‪ ،‬إذ لو لم‬
‫تجب له لكان محتاجاً إلى المحدث أو المحل‪ ،‬أو من يدفع عنه النقائص‪ .‬ويؤخذ منه‬
‫أيضاً تنزهه تعالى عن األغراض في أفعاله وأحكامه‪ ،‬وإال لزم افتقاره ـ سبحانه ـ إلى ما‬
‫يحصل غرضه كيف؟ وهو ـ جل وعال ـ الغني عن كل ما سواه‪.‬‬
‫وأما افتقار كل ما سواه إليه‪ ،‬فيوجب له الحياة‪ ،‬والقدرة‪ ،‬واإلرادة‪ ،‬والعلم‪ ،‬ألنه لو انتفى‬
‫شيء من هذه لما أمكن أن يوجد شيء من الحوادث‪ .‬فال يفتقر إليه شيء؛ كيف؟ وهو‬
‫الذي يفتقر إليه كل ما عداه‪ .‬وكذا يوجب له الوحدانية‪ ،‬إذ لو كان معه ثان في األلوهية لما‬
‫افتقر إليه شيء للزوم عجزهما حينئذ؛ كيف؟ وهو الذي يفتقر إليه كل ما سواه‪.‬‬
‫ويؤخذ منه أيضاً حدوث العالم بأسره‪ ،‬إذ لو كان شيء منه قديماً لكان ذلك الشيء‬
‫مستغنياً عنه تعالى؛ كيف؟ وهو الذي يجب أن يفتقر إليه كل ما سواه‪ .‬ويؤخذ أيضاً‪ :‬أنه ال‬
‫تأثير لشيء من الكائنات في أثر ما‪ ،‬وإال للزم أن يستغني ذلك األثر عن الله(‪ ،)1‬كيف؟‬
‫يتصور تأثير مما سواه‪ .‬فقد بان لك في الجملة‬ ‫وهو الذي يفتقر إليه كل ما عداه‪ ،‬وال َّ‬
‫ومعنى‪ ،‬فعليك بالمحافظة عليها‪ ،‬ودوام التوجه إليها))(‪ )2‬انتهى‪.‬‬
‫ً‬ ‫تحقيق الكلمة مبنى‬
‫ففسر ـ رحمه الله ـ معناها ـ عندهم ـ بالربوبية‪ ،‬ولوازمها من الحياة والوجود وصفات الحي‬
‫الموجود مما يبين إغفالهم لما تدل عليه من معنى األلوهية ـ أي كونه اإلله الحق المعبود‪.‬‬
‫يقول ميارة(‪ )3‬في (مختصر الدر الثمين والمورد المعين)(‪ )4‬بعد بيان معنى هذا التعريف‬
‫لالإله إال الله عند المتكلمين‪(( :‬فالحاصل أن استغناءه تعالى عن ما سواه يوجب له ثمان‬
‫(‪ )1‬هذه العبارة توضح مذهب األشاعرة في الجبر؛ ـ وهو نفي األسباب ـ وأنه مركب على هذا التعريف الساقط‬
‫لمعنى ال إله إال الله‪.‬‬
‫(‪ )2‬التجريد في إعراب ال إله إال الله للقاري (ص‪ 35 :‬ـ ‪ .)37‬وانظر‪ :‬مختصر الدر االثمين والمورد المعين على‬
‫منظومة المرشد المعين على الضروري من علوم الدين (ص‪ 62 :‬ـ ‪.)66‬‬
‫(‪ )3‬هــو‪ :‬محمــد بــن أحمــد بــن محمــد الفاســي الفقيــه المــالكي‪ ،‬الشــهير بميــارة‪ ،‬لــه مــن المصــنفات‪(( :‬اإلتقــان واألحكــام فــي شــرح‬
‫تحفة الحكام)) البن عاصم ((الدر الثمين والمورد المعين في شرح مرشد المعين)) لعبد الواحـد الفاسـي ((الـروض المـبهج فـي فـي‬
‫شرح تكميل المنهج))‪ ،‬توفي عام (‪4177‬هـ)‪ .‬انظر‪ :‬هدية العارفين (‪ ،)791/0‬ومعجم المؤلفين (‪.)155/3‬‬
‫(‪( )4‬ص‪)66 :‬‬
‫‪61‬‬ ‫التمهيد‬

‫صفات من الصفات الواجبة) ـ يعني في حقه تعالى‪ .‬وهي صفات المعاني السبع مضافاً‬
‫إليها صفة الوجود كما ذكرها في سياق بيانه لمعنى هذا التعريف عند المتكلمين‪.‬‬
‫شبهاتهم ونقدها‪:‬‬
‫المفسرين في فهمها‪ ،‬ونازعوا أهل‬
‫أسسوا هذا القول على أدلة من القرآن خالفوا جمهور ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫الرازي ـ وهو من أساطينهم ـ في صدد حكاية مذاهب‬ ‫السنة في وجهها؛ فمن ذلك ما ذكره ّ‬
‫الناس في أصل اشتقاق لفظ الجاللة ((الله)) تعالى‪(( :‬القول السابع‪ :‬اإلله من له اإللهية‪ ،‬وهي‬
‫ﭲ [الشعراء‪،]23 :‬‬ ‫القدرة على االختراع‪ ،‬والدليل عليه أن فرعون لما قال‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫قال موسى في الجواب‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ [الشعراء‪ ]22 :‬فذكر في الجواب عن السؤال الطالب‬
‫لماهية اإلله القدرة على االختراع؛ ولوال أن حقيقة اإللهية هي القدرة على االختراع؛ لم يكن‬
‫هذا الجواب مطابقاً لذلك السؤال))(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫والجواب عن هذه الشبهة من ثالثة وجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن فرعون استفهم استفهام إنكار وجحود‪ ،‬ولم يسأل عن ماهية الرب؛‬
‫ألن السؤال عن ماهية الشيء فرع اإلقرار به‪ ،‬وهو لم يكن مقراً بالصانع‪ ،‬بل كان منكراً له‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ [الشعراء‪:‬‬ ‫جاحداً بالكلية‪ ،‬ولهذا قال في تمام الكالم‪:‬‬
‫جل وعال لقال‪:‬‬ ‫‪ ،]26‬وقال‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ [غافر‪ .]37 :‬فلو كان سؤاالً عن ماهية الرب َّ‬
‫((ومن رب العالمين؟))‪ ،‬ألن ((م ْن)) سؤال عن عين الشيء يسأل بها من عرف جنس‬
‫المسؤول عنه‪ ،‬وص ّدق به إال أنه شك في عينه‪ ،‬كما يقال لرسول عرف أنه جاء من عند‬
‫إنسان ((من أرسلك؟))‪.‬‬
‫وأما ((ما)) فهي سؤال عن الوصف‪ ،‬فكأنه يقول‪ :‬أي شيء هو هذا؟ وما هو هذا الذي‬
‫سميته ((رب العالمين))؟ يقول ذلك منكراً له جاحداً(‪.)2‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬لو كان معنى اإلله ما ذكره هؤالء المتكلمون من القدرة على االختراع لما‬
‫كان لإلنكار على المشركين وجه أو مساغ‪ ،‬ولما كان ثمة نزاع بين مشركي العرب والرسول‬
‫مقرين بأن الله خالقهم وخالق األشياء‬
‫‪ ‬بل لبادروا إلى إجابته وتلبية دعوته؛ ألنهم كانوا ّ‬
‫(‪ )1‬شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص‪ 123 :‬ـ ‪.)122‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 332/15‬ـ ‪ ،)336‬وتفسير ابن كثير (‪.)321/3‬‬
‫‪62‬‬ ‫التمهيد‬

‫كلها‪ ،‬وأنه رب كل شيء ومليكه كما حكى الله عنهم في قوله‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯿ ﰀ ﰀ‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫[المؤمنون‪ 52 :‬ـ ‪ .]56‬وفي قوله‪ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ [العنكبوت‪ ،]51 :‬وقوله ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬ ‫ﯓ ﯔ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[الزخرف‪]57 :‬‬ ‫[العنكبوت‪ .]53 :‬وفي قوله‪ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬ ‫وفي قوله‪ :‬ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ [يونس‪ ]31 :‬إلي غير ذلك من اآليات(‪.)1‬‬
‫كما أن أشعارهم مليئة بهذا االعتقاد ـ أعني اعتقاد ربوبية الله تعالى وقدرته على االختراع‬
‫واإلماتة واإلحياء‪ ،‬ومن ذلك قول زهير بن أبي سْلمى(‪:)2‬‬
‫ليخف ـ ـ ـ ــى ومهم ـ ـ ـ ــا ي ْك ـ ـ ـ ــتم الل ـ ـ ـ ــه يعل ـ ـ ـ ــم‬ ‫ـتمن اللـ ـ ــه مـ ـ ــا فـ ـ ــي صـ ـ ــدوركم‬
‫فـ ـ ــال تكـ ـ ـ َّ‬
‫(‪)3‬‬
‫عجـ ـ ـ ــل فـيـْنـ ـ ـ ـ ـتـقم‬
‫ليـ ـ ـ ــوم الحسـ ـ ـ ــاب أو ي َّ‬ ‫ـؤخر فيوض ـ ـ ــع ف ـ ـ ــي الكت ـ ـ ــاب في ـ ـ ــدَّخر‬
‫ي ـ ـ ـ َّ‬
‫ومنه أيضاً قول حاتم الطائي(‪:)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ويح ـ ـ ــي العظ ـ ـ ــام الب ـ ـ ــيض وه ـ ـ ــي رم ـ ـ ــيم‬ ‫أمـ ـ ـ ــا والـ ـ ـ ــذي ال يعلـ ـ ـ ــم الغيـ ـ ـ ــب غيـ ـ ـ ــره‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪ 65 :‬ـ ‪ ،)67‬والغنية عن الكالم وأهله للخطابي (ص‪.)31:‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬زهير بن أبي سلمة‪ ،‬واسم أبي سلمة ربيعة بن رياح المزني‪ ،‬وهو أحد الشعراء الثالثة الفحول المتقدمين على‬
‫سائر الشعراء باالتفاق‪ ،‬وإنما الخالف في تقديم أحدهم على اآلخر‪ ،‬وهم‪ :‬امرؤ القيس وزهير والنابغة الذبياني‪.‬‬
‫انظر‪ :‬خزانة األدب (‪ 332/2‬ـ ‪.)333‬‬
‫(‪ )3‬ديوان زهير بن أبي سلمى (ص‪.)157 :‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي‪ ،‬من شعراء العرب الجاهليين‪ ،‬اشتهر‬
‫بالكرم‪ ،‬حتى صار يضرب به المثل فيه‪ ،‬مات في الجاهلية ولم يدرك اإلسالم‪ .‬انظر‪ :‬األغاني (‪،)353/17‬‬
‫(‪ )5‬ديوان شعر حاتم الطائي (‪.)27‬‬
‫‪63‬‬ ‫التمهيد‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن هذا لم يكن معروفاً في لغة العرب‪ ،‬إذ لو كان معروفاً لنقله أئمة‬
‫اللغة(‪ .)1‬ولذلك لم يستشهدوا عليه بشيء من كالم العرب(‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬والعرب كانت تفرق بين لفظي (إله) و(رب) في المعنى‪ .‬فاإلله كما مر المعبود‪ ،‬والرب قالوا في معناه‪ :‬السيد‬
‫المطاع‪ ،‬والمصلح والمالك‪ ،‬ولم يقولوا‪ :‬المعبود‪ .‬انظر‪ :‬الصحاح للجوهري (‪ ،)2223/5‬باب الهاء‪ ،‬فصل‬
‫األلف‪ ،‬وتهذيب اللغة (‪ 175/16‬ـ ‪ ،)177‬ولسان العرب (‪ )66/6‬مادة (ربب)‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪62‬‬ ‫التمهيد‬

‫الشبهة الثانية‪:‬‬
‫ومن الشبهات المحكية عنهم‪ :‬أن الله تعالى ّلما أخذ العهد والميثاق على بني آدم في‬
‫[األعراف‪ ]172 :‬ولم يقل‪(( :‬ألست بإلهكم))‬ ‫عالم الذر ّقررهم بقوله تعالى‪ :‬ﭲ ﭳ‬
‫فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية ومن المعلوم أن من أقر بالربوبية فقد أقر له باأللوهية‪ ،‬إذ ليس‬
‫الرب غير اإلله بل هو اإلله عينه(‪.)1‬‬
‫والجواب على هذه الشبهة من ثالثة وجوه أيضاً‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن هذه اآلية الكريمة دالة على إلهية الله تعالى بطريق اللزوم‪ ،‬إذ يلزم من‬
‫اإلقرار بربوبية الله تعالى اإلقرار بإلهيته‪ .‬وهذا كثير في القرآن الكريم يحتج الله تعالى على‬
‫المشركين بما يعتقدونه ويقرون به من توحيد ربوبيته واستقالله بالملك والخلق والتأثير‬
‫والتدبير على توحيد إلهيته كما في قوله تعالى‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫مرت(‪.)2‬‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ [البقرة‪ 21 :‬ـ‪ ،]22‬وكما في آيات ((ولئن سألتهم)) ّ‬
‫يعرج على هذه الحجة‪ ،‬ألنها من أكبر الحجج‪ ،‬وأوضحها‬ ‫وهذه عادة القرآن دائماً ّ‬
‫أدلها على المقصود(‪.)3‬‬
‫و ّ‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن في اآلية اختصاراً‪ .‬والمقصود ((ألست بربكم وإلهكم)) ويدل عليه أثر‬
‫ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ‪(( :‬إن الله مسح صلب آدم‪ ،‬فاستخرج منه كل نسمة هو‬
‫خالقها إلى يوم القيامة‪ ،‬وأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه وال يشركوا به شيئاً))(‪ .)4‬وأصرح منه‬
‫(‪)5‬‬
‫ما رواه أبو العالية عن أبي بن كعب في معنى هذه اآلية‪ :‬قال‪ :‬فجمعهم له يومئذ جميعاً‬
‫ما هو كائن منه إلى يوم القيامة فجعلهم في صورهم ثم استنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم‬
‫العهد والميثاق ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ اآلية [األعراف‪ .]172 :‬قال‪ :‬فإني‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬صيانة اإلنسان (ص‪.)222 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬صيانة اإلنسان (ص‪.)223 :‬‬
‫(‪ )3‬تحفة الطالب والجليس لعبد اللطيف آل الشيخ (ص‪.)22:‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (‪ ،)661/15‬وذكره ابن كثير في تفسيره (‪.)261/2‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬رفيع بن مهران الرياحي‪ ،‬من كبار التابعين‪ ،‬ثقة كثير اإلرسال‪ ،‬مات سنة (‪ )65‬هـ‪ .‬وقيل بعدها‪ .‬وحديثه‬
‫أخرجه أصحاب الكتب الستة‪ .‬انظر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)325 :‬‬
‫‪66‬‬ ‫التمهيد‬

‫أشهد عليكم السموات السبع واألرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم‬
‫القيامة لم نعلم بهذا‪ .‬اعلموا أنه ال إله غيري‪ ،‬وال رب غيري‪ ،‬وال تشركوا بي شيئاً‪ ،‬وإني‬
‫سأرسل إليكم رسالً يذكرونكم عهدي وميثاقي‪ ،‬وسأنزل عليكم كتبي‪ .‬قالوا‪ :‬شهدنا أنك ربنا‬
‫وإلهنا‪ ،‬ال رب لنا غيرك‪ .‬فأقروا له يومئذ بالطاعة‪ ،‬ورفع عليهم أباهم آدم فنظر إليهم‪ ،‬فرأى فيهم‬
‫الغني والفقير‪ ،‬وحسن الصورة ودون ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب لوال ساويت بينهم؟ قال‪ :‬فإني أحب‬
‫أن أشكر‪ .‬ورأى فيهم األنبياء ـ عليهم السالم ـ يومئذ مثل السرج عليهم النور‪ ،‬وخص األنبياء‬
‫بميثاق آخر‪ ،‬قال الله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬ ‫[األحزاب‪ ،]7 :‬وهو الذي يقول‪ :‬ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫ﭢ ﭣ‬
‫ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [الروم‪ ،]35 :‬وفي ذلك قال‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫[النجم‪ .]65 :‬يقول‪ :‬أخذنا ميثاقه مع النذر األولى ومن ذلك قوله‪ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [األعراف‪ ،]152 :‬وقوله‪ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ [يونس‪ .]72 :‬قال كان في علمه يوم أقروا من يصدق ومن يكذب(‪.)1‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن المراد بالرب هنا المعبود [التوبة‪ .]31 :‬ويدل عليه حديث عدي ‪‬‬
‫لما سمع النبي ‪ ‬يقرأ قول الله تعالى‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫[التوبة‪ ]31 :‬ففهم أن المراد باألرباب‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫في اآلية __ ((المعبودون)) فقال ـ مستشكالً مستفهماً ـ‪ :‬إنهم لم يعبدوهم يا رسول الله؟‬
‫فحرموه وأحلوا لهم الحرام‬
‫وجواب النبي ‪ ‬له بقوله‪« :‬بلى‪ ،‬إنهم حرموا عليهم الحالل ّ‬
‫فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم»(‪ )2‬فيه إقرار من النبي ‪ ‬لما فهمه عدي من أن األرباب‬
‫في اآلية بمعنى المعبودات(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن جرير الطبري (‪ 667/15‬ـ ‪ ،)665‬واآلجري في الشريعة (‪ 566/2‬ـ ‪ )555‬برقم (‪ ،)236‬وابن‬
‫أبي حاتم في التفسير (‪ ،)1516/6‬والاللكائي في شرح اعتقاد أصول أهل السنة (‪ 666/3‬ـ ‪ )655‬رقم‬
‫(‪ .)661‬وانظر‪ :‬صيانة اإلنسان (ص‪ 225 :‬ـ ‪.)227‬‬
‫وحسن إسناده األلباني كما في‬
‫(‪ )2‬أخرجه الترمذي في كتاب التفسير من جامعه (‪ )266/6‬رقم (‪َّ .)3566‬‬
‫صحيح الترمذي لأللباني (‪ )65/3‬برقم (‪.)2271‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬صيانة اإلنسان (ص‪.)226 :‬‬
‫‪65‬‬ ‫التمهيد‬

‫وأيضاً فإن أهل الكتابين ما كانوا يقولون‪ :‬إن أحبارهم ورهبانهم يخلقون ويرزقون ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬ولذلك نبَّه الله عليهم في آخر اآلية نفسها بالذي أمرهم به‪ ،‬وهو‪ :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫[التوبة‪.)1( ]31 :‬‬ ‫ﯦ ﯧﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫وأما قولهم‪ :‬من المعلوم أن من أقر لله بالربوبية فقد أقر له باأللوهية إذ ليس الرب غير‬
‫اإلله‪ ،‬بل هو عينه‪ .‬فيجاب عنه‪ :‬بأنه ال يلزم من اإلقرار بالربوبية اإلقرار باإللهية‪ ،‬وقد تقدم‬
‫بيان أن مشركي العرب كانوا مقرين بتوحيد الربوبية جاحدين لتوحيد اإللهية ولذا لما قال لهم‬
‫النبي ‪« ‬قولوا ال إله إال الله تفلحوا»(‪ :)2‬قالوا كما حكى القرآن عنهم‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ ّص‪.] 6:‬‬ ‫ﭸﭹ ﭺ‬
‫وقولهم‪ :‬الرب عين اإلله هو صادق في حق الموحد الذي أفرد الله باإللهية‪ ،‬وغير صادق‬
‫في حق المشرك الذي أشرك مع الله غيره في اإللهية؛ ألن اإللهية وصف زائد عن الربوبية‬
‫فمن اعتقدها في حق الله تعالى وقام بلوازمها من إفراد العبادة لله وحده ال شريك له كان‬
‫الرب في حقه عين اإلله‪ ،‬ومن لم يعتقدها لله تعالى أو اعتقدها ولم يقم بلوازمها من‬
‫إخالص العبادة لله وحده ال شريك له بأن وقع في الشرك لم يكن الرب في حقه عين اإلله؛‬
‫فهي أمر يكون بحسب اعتقاد المكلَّف(‪.)3‬‬
‫الشبهة الثالثة‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬أن هناك آيات دالة على أن المشركين لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية؛ فذكروا من‬
‫ذلك ما جاء في سورة يوسف ‪ ‬من قوله لصاحبيه ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭷ [يوسف‪ .]36 :‬قالوا‪ :‬فسمى معبوداتهم أرباباً ولم يقل آلهة‪ .‬وأيضاً ما جاء‬ ‫ﭶ‬
‫في قصة إبراهيم الخليل ‪ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫[األنعام‪ 75 :‬ـ‪ .]75‬قالوا‪ :‬فإن‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ إلى قوله‪ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ‬
‫الخليل إبراهيم ‪ ‬قال ((هذا ربي)) في الثالث آيات مستقهماً لهم‪ ،‬مبكتاً متكلماً على‬
‫خطئهم حيث يسمون الكواكب أرباباً‪ .‬ومن ذلك أيضاً‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬

‫(‪ )1‬منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد الله (‪.)473/4‬‬
‫(‪ )2‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬صيانة اإلنسان (ص‪ 226 :‬ـ ‪.)265‬‬
‫‪67‬‬ ‫التمهيد‬

‫ﮀ ﮁ ﮂ [آل عمران‪ .]52 :‬قالوا‪ :‬فهذا دال على أن المشركين من أهل الكتاب كان شركهم‬
‫باتخاذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله‪ .‬وذكروا من ذلك أيضاً قوله تعالى‪ :‬ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯯ [األنعام‪ .]152 :‬قالوا‪ :‬وهذا نص على أن المشركين كانوا يبغون غير‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫الله من األصنام واألوثان رباً‪ .‬وذكروا من ذلك أيضاً‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫[النازعـات‪ ]22 :‬قالوا‪ :‬فدل على أن فرعون كان يثبت الربوبية لنفسه ولغيره من األوثان‪.‬‬
‫والرد على هذه الشبهة من وجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أنه ليس في شيء من اآليات المذكورة أن مشركاً قال في حق غير الله‬
‫تعالى أنه رب غير أن فرعون قال‪(( :‬أنا ربكم األعلى))‪ ،‬وهو لم يكن مشركاً بالله بل دهرياً‬
‫منكراً لله تعالى حيث قال‪(( :‬وما رب العالمين)) وإنما في بعضها اتخاذ األرباب‪ ،‬وهذا ليس‬
‫نصاً على أنهم مقرون بربوبيتهم‪ ،‬بل يحتمل أن يكون بمعنى صرف شيء من العبادة إليهم‪،‬‬
‫أو بمعنى اتباع ما شرعوا لهم من تحريم الحالل وتحليل الحرام‪ ،‬ال أنهم كانوا يطلقون لفظ‬
‫الرب عليهم‪.‬‬
‫وأما استداللهم بقصة الخليل ‪ ‬فالجواب عنها بما قال شيخ اإلسالم‪(( :‬فليس مراد‬
‫الخليل ‪ ‬بقوله {هذا ربّي} رب العالمين‪ ،‬وال أن هذا هو القديم األزلي الواجب الوجود‪،‬‬
‫الذي كل ما سواه محدث ممكن مخلوق له‪ ،‬وال كان قومه يعتقدون هذا حتى يدلهم على‬
‫فساده‪ ،‬وال اعتقد هذا أحد يعرف قوله‪ ،‬بل قومه كانوا مشركين يعبدون الكواكب واألصنام‪،‬‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫ويقرون بالصانع؛ ولهذا قال الخليل‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ﮆ ﮇ‬ ‫[الشعراء‪ 76 :‬ـ ‪ ،]77‬وقال‪:‬‬ ‫ﯥ‬ ‫ﯣ ﯤ‬ ‫ﯢ‬
‫[الزخرف‪ 25 :‬ـ ‪،]25‬‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫فذكر لهم ما كانوا يفعلونه من اتخاذ الكواكب والشمس والقمر ربّاً يعبدونه ويتقربون إليه‪ ،‬كما‬
‫هو عادة عباد الكواكب ومن يطلب تسخير روحانية الكواكب‪ ،‬وهو مذهب مشهور ما زال‬
‫عليه ظوائف من المشركين إلى اليوم))(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬درء التعارض (‪ 115/1‬ـ ‪.)111‬‬


‫‪65‬‬ ‫التمهيد‬

‫قال العالمة حسن بن خالد(‪ )1‬ـ رحمه الله ـ في ((منفعة القلوب في إخالص توحيد عالم‬
‫الغيوب))‪ :‬ومن هنا تعلم أن من صرف شيئاً من العبادة إلى غير الله فقد اتخذه إلهاً رباً؛ أما‬
‫كونه اتخذه إلهاً فقد صار له مألوهاً‪ ،‬والمألوه المعبود‪ ،‬وإذا كان رسول الله ‪ ‬قال‬
‫ألصحابه وقد سأله بعض حديثي اإلسالم منهم أن يجعل لهم ذات أنواط فقال‪« :‬الله‬
‫أكبر‪ ،‬هذا كما قالت بنو إسرائيل اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة لتركبن سنن من كان‬
‫قبلكم»(‪ ...)2‬مع أنهم ال يعبدون الشجرة وال يسألونها‪ ،‬بل ينوطون بها أسلحتهم ومتاعهم‪،‬‬
‫فجعل اتخاذهم لها لذلك اتخاذ آلهة‪ ،‬فما الظن بقصد مخلوق معظَّم لدعائه والهتف به‬
‫عند الشدائد‪ ،‬فأي نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بمن توحي إليهم الشياطين؟ وأما كونه قد‬
‫اتخذه ربّاً فلتشبيهه لله في الربوبية‪ ،‬وقد قال تعالى‪ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [آل‬
‫عمران‪.]55 :‬‬
‫وسبب نزول هذه اآلية ما ذكروا أن اليهود والنصارى قالوا للنبي ‪ ‬أتريد أن نعبدك كما تعبد‬
‫النصارى عيسى بن مريم؟ فقال رسول الله ‪« :‬معاذ الله أن يعبد غير الله‪ ،‬أو نأمر بعبادة غير‬
‫ﭲ ﭳ‬ ‫ﭱ‬ ‫الله‪ ،‬ما بذلك بعثني وال بذلك أمرني» فأنزل الله تعالى في ذلك ﭯ ﭰ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫ﭴ ﭵ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮈ ﮉ‬ ‫ﮆ ﮇ‬
‫[آل عمران‪ 76 :‬ـ ‪ ،)3(]55‬فالرسول نفى أن يعبد غير الله أو يأمر بعبادة‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬

‫(‪ )1‬لم أقف له على ترجمة‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (‪ )356/11‬رقم (‪ ،)25753‬وأحمد في المسند (‪ ،)215/6‬والطبراني في‬
‫الكبير (‪ ،)223/3‬وابن أبي عاصم في السنة (‪ )37/1‬رقم (‪ ،)75‬والبيهقي في الكبرى (‪ )325/5‬رقم‬
‫(‪ ،)11156‬وابن بطة في اإلبانة (‪ )655/2‬رقم (‪ .)715‬قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (‪ :)22/7‬رواه‬
‫الطبراني وفيه كثير بن عبدالله وقد ضعفه الجمهور وحسن الترمذي حديثه‪ .‬والحديث حكم عليه األلباني بالصحة‬
‫كما في تخريجه ظالل الجنة في تخريج أحاديث السنة بهامش السنة البن أبي عاصم (‪.)37/1‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البيهقي في الدالئل (‪ ،)352/6‬والطبري في التفسير (‪ 626/6‬ـ ‪ )625‬من طريق ابن إسحاق حدثني‬
‫محمد بن أبي محمد حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود‬
‫عند رسول الله فتنازعوا عنده قال األحبار ما كان إبراهيم إال يهوديا وقالت النصارى ما كان إال نصرانياً فأنزل الله‬
‫[آل عمران‪ ]56 :‬فقال أبو رافع القرظي ورجل آخر منهم يقال له‬ ‫ﮐ‬ ‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫فيهم‬
‫=‬
‫‪66‬‬ ‫التمهيد‬

‫غير الله في جوابه عليهم‪ ،‬والقرآن نزل بنفي أمره باتخاذ المالئكة والنبيين أرباباً‪ ،‬ألن الربوبية‬
‫من لوازم اإللهية‪ ،‬فنفي أحدهما نفي لآلخر وإثبات أحدهما إثبات لآلخر‪ ،‬ألن المعبود ال‬
‫بد أن يكون مالكاً للنفع والضر‪ ،‬ومن يملك النفع والضر فهو المعبود‪ ،‬فمن أثبت العبادة‬
‫ألحد فقد أثبت له الربوبية‪ ،‬ومن أثبت الربوبية ألحد فقد أوجب له العبادة))‪ .‬اهـ(‪.)1‬‬
‫وقال أيضاً فيه‪(( :‬إذا علمت أن معنى الرب المتصرف المالك‪ ،‬وأن معنى اإلله المعبود‪،‬‬
‫وأن معنى اإلالهة واأللوهية العبادة والعبودية‪ ،‬وأن العبادة هي أقصى مراتب الخضوع حباً‬
‫وذالً‪ ،‬علمت أن من قصد غير الله بشيء من العبادة‪ ،‬أو أثبت له بعض خواص الرب‬
‫سبحانه وتعالى فقد اتخذه رباً وإلهاً‪ ،‬سواء أطلق عليه اسم اإلله أم لم يطلقه‪ ،‬فإن اإلله‬
‫المعبود‪ ،‬وغلب على المعبود بحق وهو الله تعالى))‪ .‬اهـ(‪.)2‬‬
‫فـعلم أن األسماء تابعة للمعاني‪ ،‬وأ ْن ال عبرة باألسماء إن هي خالفت أصل المعنى‬
‫الذي وضعت له؛ فمن صرف شيئاً من العبادة لغير الله ‪ ‬فقد اتخذ هذا الغير إلهه‬
‫ومعبوده سواء أطلق عليه اسم اإللهية والربوبية أم لم يطلق ذلك؛ وسواء عبَّر عن المعنى‬
‫الذي في نفسه بالعبادة أم عبر عنه بعبارة أخرى؛ فأما اتخاذه إيّاه إلهاً فعلى وجه التطابق‪،‬‬
‫ألن كل معبود فهو مألوه؛ وأما اتخاذه إياه ربَّاً فبطريق التضمن‪ ،‬ألن اإللهية متضمنة للربوبية؛‬
‫فال وجه إذن للخلط والتسوية بين معنى الربوبية واأللوهية بل هما متغايران تمام المغايرة في‬
‫لالتحاد بينهما‬
‫مسوغاً ّ‬ ‫المفهوم‪ ،‬وإن كان بينهما تالزم في المعنى وعدم انفكاك فليس ذلك ّ‬
‫في أصل المعنى‪ ،‬بل هو دال على فساده‪ ،‬ألن توحيد األلوهية ـ كما تقدم ـ متضمن لتوحيد‬
‫الربوبية(‪ ،)3‬فتوحيد األلوهية أشمل وأوسع في المعنى من توحيد الربوبية؛ فاإللهية وصف زائد‬
‫عن معنى الربوبية‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫= (الرئيس) وهو السيد من نصارى نجران لرسول الله ‪ ‬قد دعاهم إلى اإلسالم أتريد منا يا محمد فذكره‪ .‬وذكره‬
‫الواحدي في أسباب النـزول (ص‪ ،)235 :‬من طريق الكلبي وعطاء عن ابن عباس أن أبا رافع والربيس من‬
‫نصارى نجران قاال يا محمد فذكره‪ .‬وأورده السيوطي في الدر المنثور (‪ )52/2‬وزاد نسبته البن إسحاق وابن‬
‫المنذر وابن أبي حاتم‪.‬‬
‫(‪ )1‬نقالً عن صيانة اإلنسان (ص‪ 265 :‬ـ ‪ ،)261‬وانظر‪ :‬رسالة الشرك ومظاهره للميلي (ص‪ 137 :‬ـ ‪.)135‬‬
‫(‪ )2‬نقالً عن المصدر السابق (ص‪.)261 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪.)35 :‬‬
‫‪155‬‬ ‫التمهيد‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أنه يحتمل أن يكون المراد بالرب في اآليات المذكورة المعبود‪ ،‬وقد تقدم‬
‫أن الرب قد يأتي بمعنى المعبود(‪.)1‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن الكالم في مشركي العرب‪ ،‬واآليات المذكورة أكثرها في حق غيرهم‬
‫من مشركي أهل الكتاب‪ ،‬وقوم إبراهيم‪ ،‬وقوم يوسف عليهما السالم‪ ،‬فال يصح االستدالل‬
‫بتلك اآليات على أن مشركي العرب لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية (‪.)2‬‬
‫اعتراضات المتكلمين على معنى اإلله عند أهل السنة ودفعها‪:‬‬
‫اعترض المتكلمون على معنى اإلله عند أهل السنة وبأنه «المعبود» من وجوه‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه تعالى كان إلهاً في األزل وما كان في األزل عابد يعبده‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن العبادة إنما تجب على العبد بأمر الله‪ ،‬فلو لم يأمر الخلق بالعبادة لم يكن معبوداً‪،‬‬
‫فلو كان كونه إلهاً عبارة عن كونه معبوداً‪ ،‬فتقدير أن ال يأمر عباده بالعبادة يوجب أن ال يكون إلهاً‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه إله من ال تصح منه العبادة كالجمادات والبهائم‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أنه تعالى لو صار إلهاً بالعبادة لكان العابد بعبادته جعله إلهاً‪ ،‬ومعلوم أن ذلك باطل‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬يلزم أن تكون األصنام آلهة ألن الكفار كانوا يعبدونها‪.‬‬
‫هذه االعتراضات على معنى ال إله إال الله عند أهل السنة أوردها الرازي في ((شرح‬
‫أسماء الله الحسنى)) وعزاها إلى المتكلمين ثم أجاب عنها بجواب يخدم عقيدتهم حيث‬
‫قال‪(( :‬والجواب‪ :‬هذه اإلشكاالت إنما تلزم لقولنا اإلله هو المعبود‪ ،‬أما إذا قلنا اإلله هو‬
‫الموصوف بصفات ألجلها يستحق أن يكون معبوداً للخلق زالت اإلشكاالت))(‪ )3‬اهـ‪.‬‬
‫ففسر اإلله بمعنى الرب‪.‬‬‫َّ‬
‫قلت‪ :‬واألولى أن يجاب عن هذه االعتراضات بما يلي‪:‬‬
‫الجواب عن االعتراض األول‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬ما تقدم في (ص‪ 67 :‬ـ ‪.)66‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬هذه الوجوه في صيانة اإلنسان (ص‪ 265:‬ـ ‪.)255‬‬
‫(‪ )3‬شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص‪ ،)126 :‬وانظر‪ :‬التفسير الكبير له (‪.)156/1‬‬
‫‪151‬‬ ‫التمهيد‬

‫يجاب عن االعتراض األول بأن الله تعالى من أسمائه اإلله واإللهية صفته لم يزل وال‬
‫زال متصفاً بها‪ ،‬وال يلزم من كونه غير معبود قبل أن يخلق العباد أن ال يكون موصوفاً بهذه‬
‫الصفة كما أنه ال يلزم أن يكون قبل خلقه الخلق أن ال يكون موصوفاً بصفة الخلق‪.‬‬
‫قال أبو جعفر الطحاوي ـ رحمه الله ـ ((ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم «الخالق» وال‬
‫بإحداثه البرية استفاد اسم «الباري»))(‪ )1‬بل ((ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه‪ ،‬لم يزدد‬
‫بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته))(‪.)2‬‬
‫كما أنه يلزم من ذلك تعطيل معنى الربوبية أيضاً عن الله تعالى‪ ،‬ألن معنى الرب السيّد‬
‫المطاع(‪ .)3‬وقد كان الله ولم يكن شيء غيره(‪ ،)4‬فكيف استحق اسم ذلك قبل أن يخلق‬
‫طائعاً يطيعه‪ ،‬أوخلقاً يسوده؟‬
‫والذي يجعلنا نسلم من هذا أن نقول‪ :‬أن الله لم يكن معطَّالً عن الصفات‪ ،‬وال‬
‫نخوض في أمور الغيب‪ ،‬ألنا ال نعلم كيفية اتصافه بهذه الصفات‪ ،‬وال متية اتصافه بها‪،‬‬
‫فأهل السنة يمسكون ـ في باب الصفات ـ عن الكيفية والمتية‪ ،‬فال يقولون متى؟ وال يقولون‬
‫كيف؟‬
‫يقول اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪(( :‬بل نقول‪ :‬إن الله لم يزل متكلماً إذا شاء‪ ،‬وال نقول‪:‬‬
‫إنه كان وال يتكلم حتى خلق كالماً‪.‬‬
‫وال نقول‪ :‬إنه قد كان وال يعلم حتى خلق ع ْلماً فـعلم‪.‬‬
‫وال نقول‪ :‬إنه قد كان وال ق ْدرة له حتى خلق لنفسه قدرةً‪.‬‬
‫وال نقول‪ :‬إنه قد كان وال نور له حتى خلق لنفسه نوراً‪.‬‬
‫وال نقول‪ :‬إنه قد كان ال عظمة له حتى خلق لنفسه عظمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطحاوية مع شرحها البن أبي العز (ص‪.)57 :‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه (ص‪.)79 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تهذيب اللغة (‪ 175/16‬ـ ‪ ،)177‬ولسان العرب (‪ )66/6‬مادة (ربب)‪.‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق‪ ،‬باب قول الله تعالى‪:‬‬
‫(جـ‪ 75/3‬ـ ‪ )55‬ح (‪.)3161‬‬
‫‪152‬‬ ‫التمهيد‬

‫فقالت الجهمية لنا ـ لما وصفنا الله بهذه الصفات ـ إن زعمتم أن الله ونوره‪ ،‬والله‬
‫وقدرته‪ ،‬والله وعظمته‪ ،‬فقد قلتم بقول النصارى حين زعموا(‪ )1‬أن الله لم يزل ونوره ولم يزل‬
‫وقدرته‪.‬‬
‫فقلنا ال نقول‪ :‬إن الله لم يزل وقدرته‪ ،‬ولم يزل ونوره‪ ،‬ولكن نقول لم يزل بقدرته وبنوره ال‬
‫متى قدر‪ ،‬وال كيف قدر‪.‬‬
‫فقالوا‪ :‬ال تكونون موحدين أبداً حتى تقولوا‪ :‬قد كان الله وال شيء‪.‬‬
‫فقلنا نحن نقول‪ :‬قد كان الله وال شيء‪ ،‬ولكن إذا قلنا‪ :‬إن الله لم يزل بصفاته كلها‬
‫أليس إنما نصف إلهاً واحداً بجميع صفاته؟ وضربنا لهم في ذلك مثالً‪:‬‬
‫فقلنا‪ :‬أخبرونا عن هذه النخلة أليس لها جذع‪ ،‬وكرب وليف وسعف وخوص‪ ،‬وج َّمار‪،‬‬
‫واسمها اسم شيء واحد‪ .‬وسميت نخلة بجميع صفاتها؟‬
‫فكذلك الله سبحانه وتعالى ـ وله المثل األعلى ـ بجميع صفاته إله واحد‪.‬‬
‫وال نقول‪ :‬إنه قد كان في وقت من األوقات وال قدرة له حتى خلق له قدرة‪ ،‬والذي ليس‬
‫له قدرة هو عاجز‪.‬‬
‫وال نقول‪ :‬قد كان في وقت من األوقات وال علم له حتى خلق له علماً فعلم‪ ،‬والذي ال‬
‫يعلم هو جاهل‪.‬‬
‫ولكن نقول‪ :‬لم يزل الله عالماً‪ ،‬قادراً‪ ،‬ال متى‪ ،‬وال كيف))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫الجواب عن االعتراض الثاني‪:‬‬
‫اضي عدمي‪ ،‬والعدم ال حقيقة له‪ ،‬فال يصح‬ ‫أن هذا االعتراض تقدير ذهني‪ ،‬وهو أمر افتر ٌّ‬
‫االستدالل بأمر عدمي ـ وهو عدم أمره تعالى بعبادته ـ على أمر وجودي‪ ،‬وهو األمر بعبادته‬
‫تعالى؛ ألن الوجود ناف للعدم أو احتماله‪.‬‬
‫والخوض في مثل هذا من الرأي المذموم الذي ذمه السلف‪ ،‬فقد ظهر في زمان ابن عمر‬
‫من يقول‪ :‬أرأيت كذا وكذا؟ من االحتماالت الغير واقعة أو التي لم تقع فزجره ابن عمر‬
‫(‪)1‬‬
‫رضي الله عنهما وقال‪« :‬اجعل ((أرأيت)) باليمن»‬

‫(‪ )1‬في األصل المنقول منه «زعمتم» والمثبت من طبعة الثبات بتحقيق‪ ،‬صبري شاهين أولى‪.‬‬
‫(‪ )2‬الرد على الزنادقة والجهمية (ص‪ 257 :‬ـ ‪.)252‬‬
‫‪153‬‬ ‫التمهيد‬

‫قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وإنما قال له ذلك‪ ،‬ألنه فهم منه معارضة الحديث‬
‫بالرأي‪ ،‬فأنكر عليه ذلك‪ ،‬وأمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي))(‪ )2‬انتهى محل‬
‫الغرض‪.‬‬
‫وأيضاً فهو من األغلوطات التي نهينا عن الخوض فيها‪.‬‬
‫قال ابن حبان في صحيحه(‪(( :)3‬ذكر األخبار عن خوض الناس في األغلوطات من‬
‫المسائل التي أغضي لهم عنها))‪.‬‬
‫ثم أورد تحته حديث أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬ال يزالون يستفتون حتى‬
‫يقول أحدهم‪ :‬هذا الله خلق الخلق‪ .‬فمن خلق الله؟»(‪.)4‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر‪(( :‬وقد ثبت النهي عن األغلوطات‪ .‬أخرجه أبو داود من حديث‬
‫معاوية‪ .‬وثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة‪ ،‬أو‬
‫يندر جداً‪ .‬وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع والقول بالظن‪ ،‬إذ ال يخلو صاحبه من‬
‫الخطأ)) انتهى(‪.)5‬‬
‫الجواب عن االعتراض الثالث‪:‬‬
‫القول بأن الجمادات والبهائم ال تصح منها العبادة صحيح من جهة أنها غير مكلَّفة‪،‬‬
‫ولكن ال ينفي ذلك أن ال تقع منها العبادة لله تعالى‪ ،‬فقد جاء في نصوص القرآن والسنة‬
‫ما يشير إلى أن الجمادات تقع منها العبادة‪ ،‬وهذه النصوص على نوعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬نصوص عامة هي داخلة تحت عمومها كقوله تعالى‪ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ [اإلسراء‪.]22 :‬‬ ‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩﮤ ﮥ ﮦ‬
‫قال عكرمة في تفسيرها‪(( :‬األسطوانة تسبّح والشجرة تسبّح))(‪.)6‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب الحج‪ ،‬باب تقبيل الحجر(جـ‪ )493/7‬رقم (‪.)4044‬‬
‫(‪ )2‬فتح الباري (‪.)170‬‬
‫(‪.)447/45( )3‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )474/4‬ح (‪.)435‬‬
‫(‪ )5‬فتح الباري (‪.)117/41‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف (‪ )126‬ضمن موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا (‪( /2‬ص‪ ،)56 :‬وابن جرير في التفسير‬
‫(‪ ،)556/512‬وعزاه السيوطي في الدر المنثور (‪ 332/2‬ـ ‪ )333‬إلى ابن أبي حاتم‪.‬‬
‫‪152‬‬ ‫التمهيد‬

‫وعنه أيضاً في تفسيرها‪(( :‬ال يعيب َّن أحدكم دابته وال ثوبه‪ ،‬فإن كل شيء يسبّح‬
‫بحمده))(‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وعن قتادة ـ رحمه الله ـ‪(( :‬كل شيء فيه الروح يسبح من شجرة أو شيء فيه الروح))‬
‫ّ‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وقد بين ابن القيم ـ رحمه الله ـ أن التسبيح المسند إلى الجمادات تسبيح حقيقي يقع‬
‫منها بذواتها وأنفسها على اختالف عددها(‪.)3‬‬
‫ومن األدلة العامة في وقوع العبادة من الجمادات أيضاً قوله تعالى‪ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [الحج‪ ،]15 :‬وقوله تعالى‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭻ [الرعد‪.]16:‬‬
‫قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي بعد أن حكى اختالف أهل العلم في المراد بسجود‬
‫الظل وسجود غير المؤمنين في هذه اآلية‪(( :‬ونحن نقول إن الله ـ جل وعال ـ قادر على كل‬
‫شيء‪ ،‬فهو قادر على أن يخلق للظل إدراكاً يسجد به لله تعالى سجوداً حقيقياً‪ ،‬والقاعدة‬
‫المقررة عند علماء األصول هي حمل نصوص الوحي على ظواهرها إال بدليل من كتاب أو‬
‫سنة‪ ،‬وال يخفى أن حاصل القولين‪:‬‬
‫أن أحدهما‪ :‬أن السجود شرعي‪ ،‬وعليه فهو في أهل السموات واألرض من العام‬
‫المخصوص‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن السجود لغوي بمعنى االنقياد والذل والخضوع‪ ،‬وعليه فهو باق على عمومه‪،‬‬
‫والمقرر في األصول عند المالكية والحنابلة وجماعة من الشافعية‪ :‬أن النص إن دار بين‬
‫الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية حمل على الشرعية‪ ،‬وهو التحقيق خالفاً ألبي حنيفة في‬
‫تقديم اللغوية))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف (‪ )126‬ضمن موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا (‪( /2‬ص‪ ،)56 :‬وابن جرير‬
‫في التفسير (‪ )556/512‬وعزاه السيوطي في الدر المنثور (‪ )333/2‬إلى سعيد بن منصور وابن أبي حاتم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (‪ ،)322/1‬وابن جرير في التفسير (‪.)555/12‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)471/4‬‬
‫(‪ )4‬أضواء البيان (‪.)55/3‬‬
‫‪156‬‬ ‫التمهيد‬

‫والنوع الثاني من النصوص الدالة على وقوع العبادة من الجمادات‪ :‬نصوص خاصة‬
‫ببعض الجمادات؛ كسجود الشمس بين يدي الله تعالى عند الشروق والغروب(‪ ،)1‬وكقوله‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫جل وعال‪ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ّ‬
‫ﮗ ﮘ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ‬
‫[الحج‪ ،]15 :‬وكقوله ‪ ‬في الحديث‪« :‬ال تقتلوا الضفدع فإن صوتها‬ ‫ﮙ ﮚ ﮜ‬
‫الذي تسمعون تسبيح وتقديس»(‪ .)2‬وأيضاً ما جاء أن الصفحة سبَّحت بما فيها من طعام‬
‫بين يدي سلمان وأبي الدرداء رضي الله عنهما(‪.)3‬‬
‫ثم على فرض عدم وقوع العبادة من الجمادات والبهائم طوعاً بال إباء‪ ،‬فإن ذلك واقع‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫منها كرهاً كما قال تعالى‪ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫[مريم‪ ،]63 :‬وكما قال تعالى‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ [البقرة‪ .]115 :‬قال المفسرون‪ :‬أي مقرون‬
‫له بالعبودية(‪.)4‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪(( :‬اسم العبد يتناول معنيين‪:‬‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫أحدهما‪ :‬بمعنى العابد كرها كما قال‪ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫[آل عمران‪،]53 :‬‬ ‫ﯲ ﯳ ﯴ‬ ‫ﯹ [مريم‪ ،]63 :‬وقال‪ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ‪ ،‬وقال‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬بمعنى العابد طوعاً‪ ،‬وهو الذي يعبده ويستعينه‪ ،‬وهذا هو المذكور في قوله‪:‬‬

‫(‪ )1‬حديث سجود الشمس بين يدي الله عند الشروق والغروب أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق‪ ،‬باب صفة‬
‫الشمس والقمر (جـ‪ )65/2‬ح (‪ ،)3166‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )135/1‬ح (‪ .)265‬ولفظه كما في‬
‫الصحيح‪ :‬عن أبي ذر ‪ ‬عنه قال‪ :‬قال النبي ‪ ‬ألبي ذر حين غربت الشمس «أتدري أين تذهب قلت؟»‬
‫قلت‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ ،‬قال «فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش‪ ،‬فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد‬
‫فال يقبل منها‪ ،‬وتستأذن فال يؤذن لها‪ ،‬فيقال لها‪ :‬ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫[يّـس‪.])35:‬‬ ‫ﯫ‬ ‫ﯪ‬ ‫ﯥﯦ ﯧ ﯩ ﯩ‬ ‫ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق في المصنف (‪ )262/2‬ح (‪ ،)5215‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪ )52/6‬رقم‬
‫(‪ ،)23715‬وصححه أبو محمد الرازي في علل الحديث (‪.)335/2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف (‪ )135‬ضمن موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا (‪( /2‬ص‪.)62 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪.)401/4‬‬
‫‪155‬‬ ‫التمهيد‬

‫ﭑ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [الفرقان‪ ، ]53 :‬وقوله‪:‬‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬


‫[اإلسراء‪:‬‬ ‫[اإلنسان‪ ،]5 :‬وقوله‪ :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ‬ ‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫‪ ،]56‬وقوله‪ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ [الحجر ‪ ]25‬وقوله‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫[ص‪ ]26 :‬وقوله‪ :‬ﭼ ﭽ‬ ‫ﭱ ﭲ‬ ‫ﮫ ﮪ [الزخرف‪ ،]55 :‬وقوله‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫[النجم‪ ،]15 :‬وقوله‪ :‬ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [ص‪ ،]35 :‬وقوله‪ :‬ﭑ‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ [اإلسراء‪ ،]1 :‬وقوله‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [الجن‪.]16 :‬‬
‫وهذه العبودية قد يخلو اإلنسان منها تارة(‪ ،)1‬وأما األولى‪ :‬فوصف الزم إذا أريد بها جريان‬
‫ﯲ‬ ‫القدر عليه وتصريف الخالق له‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫(‪)2‬‬
‫[آل عمران‪))]53 :‬‬ ‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫الجواب عن االعتراض الرابع‪:‬‬
‫الله جل وعال ـ كما تقدم في الجواب عن االعتراض األول ـ من أسمائه اإلله وهو لم‬
‫تسمى به في األزل قبل أن يخلق‬ ‫يستفد هذا االسم من خلقه بعد عبادتهم إياه‪ ،‬بل هو اسم ّ‬
‫جل وعّز ـ بأسمائه وصفاته أزلي‬ ‫شيئاً من مخلوقاته‪ ،‬وقبل أن يأمرهم بعبادته‪ ،‬ألن الله ـ َّ‬
‫ليس شيء من أسمائه مستفاداً من خلقه‪ ،‬وإال للزم أن تكون أسماء الله تعالى مخلوقة‬
‫منحولة‪ ،‬وهو باطل‪.‬‬
‫قال أبو سعيد الدارمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والله تبارك وتعالى اسمه كأسمائه سواء‪ ،‬لم يزل‬
‫كذلك‪ ،‬وال يزال‪ ،‬لم تحدث له صفة وال اسم‪ .‬لم يك كذلك قبل الخلق‪ ،‬كان خالقاً قبل‬
‫المخلوقين‪ ،‬ورازقاً قبل المرزوقين‪ ،‬وعالماً قبل المعلومين‪ ،‬وسميعاً قبل أن يسمع أصوات‬
‫المخلوقين‪ ،‬وبصيراً قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة))(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬يعني العبادة الشرعية والتي تكون وفق ما أمر الله وشرع بنية التعبد لله‪ ،‬أما جنس العبادة المأمور بها فهذه ال يخلو‬
‫منها أحد؛ إذ ال يخلو أحد من فعل البر والخير‪.‬‬
‫يقول النعمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ال يمكن الخلو واالنفصال من العبادة البتة‪ ،‬حتى يتفق في فرد من الناس‪ ،‬أنه ال يصدر‬
‫عنه شخص منها قط‪ .‬فهذا مستبعد جداً ـ أي فقدان كل شخص أي‪ :‬من معنى العبادة ـ في أحد من البشر‪،‬‬
‫لحديث‪« :‬أسلمت على ما سلف لك من خير» [معارج األلباب (‪.])551/2‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ 79/41‬ـ ‪.)31‬‬
‫(‪ )3‬نقض عثمان بن سعيد على المريسي (ص‪.)12 :‬‬
‫‪157‬‬ ‫التمهيد‬

‫وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والله ـ سبحانه ـ غني بذاته عن كل ما سواه‪ ،‬ال يستفيد من‬
‫خلقه كماالً‪ ،‬بل خلقه يستفيدون كمالهم منه))(‪.)1‬‬
‫وعليه فنقول ال وجه لهذا االعتراض‪ ،‬ألنه ال يلزم من الوصف الج ْعل‪ ،‬فالوصف قد يقوم‬
‫بالشيء قبل المقتضي له‪ ،‬وإال للزم تعطيل الله تعالى عن وصف الفعل‪ ،‬وهو باطل قطعاً‪،‬‬
‫ألنه ينافي الكمال الالئق بالله تعالى في األزل‪.‬‬
‫فإن القابل للشيء في األزل أكمل من غير القابل له في األزل ثم قبل‪.‬‬
‫وتوضيح ذلك‪:‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪(( :‬فإنا إذا عرضنا على صريح العقل م ْن يقدر على الفعل القائم به‪،‬‬
‫والمنفصل عنه‪ ،‬وم ْن ال يقدر على أحدهما علم أن األول أكمل‪...‬‬
‫وكذلك إذا عرضنا على العقل من فـعل األفعال المتعاقبة مع حدوثها‪ ،‬ومن ال يفعل‬
‫حادثاً أصالً لئال يكون عدمه قبل وجوده عدم كمال‪ ،‬شهد صريح العقل بأن األول أكمل‪،‬‬
‫فإن الثاني ينفي قدرته وفعله للجميع‪ ،‬لئال يعدم البعض في األزل‪ ،‬واألول يثبت قدرته وفعله‬
‫للجميع مع عدم البعض في األزل‪ ،‬فذاك ينفي الجميع حذراً من فوت البعض‪ ،‬والثاني يثبت‬
‫ما يثبته من الكمال مع فوت البعض؛ ففوت البعض الزم على التقديرين‪ ،‬وامتاز األول‬
‫بإثبات كمال في قدرته وفعله لم يثبته الثاني))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫الجواب عن االعتراض الخامس‪:‬‬
‫أما ما اعترضوا به من أنه يلزم أن تكون أصنام الكفار آلهة؛ ألنها معبوداتهم فيجاب بأن‬
‫سمى معبودات الكفار آلهة وذلك في نصوص‬ ‫هذا الالزم ال إشكال فيه‪ ،‬ألن الله تعالى قد َّ‬
‫كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ‬
‫[الصافات‪ ،]55:‬وقوله‪ :‬ﮝ‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌ [هود‪ ،]151 :‬وقوله‪ :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﭠ‬ ‫ﭟ‬ ‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ [الصافات‪ ،]35:‬وقوله‪ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫[األنبياء‪.]66 :‬‬ ‫ﭡ ﭢ‬

‫(‪ )1‬شفاء العليل (ص‪.)355 :‬‬


‫(‪ )2‬درء التعارض (‪ .)225/2‬وانظر‪ :‬المصدر نفسه (‪ ،)22/15‬ومجموع الفتاوى (‪.)56/5‬‬
‫‪155‬‬ ‫التمهيد‬

‫ونحن نلتزم ما دل عليه القرآن؛ وهو مما يبين صحة هذا المعنى لكلمة إله‪ ،‬وأنه‬
‫معبود‪.‬‬
‫وال يرد على هذا أن هذه التسمية لمعبوداتهم هي من قبلهم‪ ،‬ألنهم هم أهل اللسان‪،‬‬
‫وأيضاً إلقرار القرآن لها‪.‬‬
‫أثر هذا المعنى على العقيدة‪:‬‬
‫مفهوم المتكلمين لمعنى اإلله وتفسيرهم الخاطئ له بالقادر على االختراع كان له أبلغ األثر‬
‫على العقيدة؛ فمن جنايته العظيمة فتح باب الشرك على األمة‪ ،‬وهذا هو الواقع اليوم في كثير‬
‫من بالد المسلمين حيث الشرك الصراح فاش عند أكثر العامة من دعاء األموات واالستغاثة‬
‫بهم والذبح والنذر لهم وغير ذلك من صرف صنوف العبادة لهم‪ ،‬وال تجد من علماء الكالم‬
‫إنكاراً لهذا الشرك بل بعضهم قد يزيّنه للعامة بأنه توسل باألموات لقضاء الحاجات وليس‬
‫تشريكاً في الذوات؛ ألن غاية التوحيد عند هؤالء المتكلمين هو اعتقاد الربوبية لله تعالى‪،‬‬
‫والشرك ما خالف ذلك من اعتقاد الفاعلية في غيره ـ سبحانه و تعالى ـ(‪ ،)1‬وهذا من أبطل‬
‫مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء ومليكه‪ ،‬وكانوا مع هذا‬ ‫الباطل؛ فإن مشركي العرب كانوا ّ‬
‫[يوسف‪ .]155 :‬قالت‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫مشركين كما قال تعالى‪ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫طائفة من السلف‪ :‬تسألهم من خلق السموات واألرض؟ فيقولون‪ :‬الله‪ ،‬ومع هذا يعبدون غيره‬
‫[العنكبوت‪:‬‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ‬ ‫كما قال تعالى‪ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫‪.)2(]51‬‬
‫ولهذا تجد م ْن هؤالء من يسجد للولي ويدعوه كما يدعو الله تعالى‪ ،‬ويتقرب إليه بالذبح‬
‫والنذر له ويفنى في خدمته ثم يقول هذا ليس بشرك‪ ،‬وإنما الشرك إذا اعتقدت أنه الخالق‬
‫المدبّر لي‪ ،‬فإذا جعلته سبباً وواسطة لم أكن مشركاً‪.‬‬
‫ومن المعلوم باالضطرار من دين اإلسالم أن هذا شرك ووثنية‪ ،‬وهو مناقض لما دعت إليه‬
‫مسمى التوحيد الذي اصطلحوا‬ ‫الرسل من إخالص التوحيد لله تعالى‪ ،‬وهم ال يدخلونه في َّ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الدر المنثور في الرد على عثمان بن منصور (ص‪ 11 :‬ـ ‪ ،)12‬وتحفة الطالب والجليس في الرد على ابن‬
‫جرجيس لعبد اللطيف آل الشيخ (ص‪ 22 :‬ـ ‪.)65 ،22‬‬
‫(‪ )2‬درء التعارض (‪ 225/1‬ـ ‪ ،)227‬وانظر‪ :‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ 372/13‬ـ ‪.)377‬‬
‫‪156‬‬ ‫التمهيد‬

‫عليه‪ ،‬ألن التوحيد في كالمهم له ثالثة معان‪ ،‬هي‪ :‬أن الله واحد في ذاته ال قسيم له‪ ،‬أو ال‬
‫جزء له‪ ،‬وواحد في صفاته ال شبيه له‪ ،‬وواحد في أفعاله ال شريك له(‪ .)1‬فال مكان لتوحيد‬
‫مسمى الربوبية عندهم(‪.)2‬‬
‫اإللهية هنا‪ ،‬ألنه ليس قسيماً عندهم ألنواع التوحيد بل هو عين َّ‬
‫ولهذا السبب خلت كتب المتكلمين من الكالم في توحيد العبادة وصرفوا هممهم إلى‬
‫إثبات وجود الصانع(‪ ،)3‬إال نزراً يسيراً في كالم بعض علمائهم ممن تأثروا بالدعوة السلفية‬
‫في جانب توحيد األلوهية‪.‬‬
‫ومن أعظم هذه الجنايات تص ّدي بعض علماء المتكلمين للتأليف في تقرير الشرك والدفاع‬
‫عن عقائد القبورية معلّلين ذلك بأنه توسل واستشفاع بالصالحين‪ .‬ومن هؤالء السبكي(‪ )4‬حيث‬
‫ألف كتابه المعروف‪(( :‬شفاء السقام في زيارة خير األنام)) في الرد على شيخ اإلسالم‪ ،‬وقد‬
‫تصدَّى له علم من أعالم أهل السنة وهو ابن عبد الهادي(‪ )5‬ـ رحمه الله ـ فألّف في الرد عليه‬
‫كتابه المعروف‪(( :‬الصارم المنكي في الرد على السبكي))‪ .‬ومن هؤالء أيضاً ابن حجر‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تقسيم التوحيد عند المتكلمين في المنهاج في شعب اإليمان للحليمي (ص‪ 153:‬ـ ‪ ،)152‬وتحفة‬
‫المريد شرح جوهرة التوحيد (ص‪ 66 :‬ـ ‪ ،)55‬والملل والنحل (‪.)22/1‬‬
‫(‪ )2‬درء التعارض (‪ 227/1‬ـ ‪ )225‬بتصرف‪ ،‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)151/3‬‬
‫(‪ )3‬لزعمهم أنه هو التوحيد الذي جاءت به الرسل ودعت أقوامهم إليه‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬علي بن عبد الكافي بن تمام تقي الدين السبكي‪ ،‬محدث حافظ أصولي بارع‪ ،‬ولد بسْبك من أعمال‬
‫المنوفية بمصر سنة (‪ )033‬هـ‪ ،‬وتفقه على ابن الرفعة‪ ،‬وأخذ الحديث عن الدمياطي‪ .‬من تصانيفه‪(( :‬اإلبهاج‬
‫شرح المنهاج للبيضاوي)) في أصول الفقه‪ ،‬و((شفاء السقام في زيارة خير األنام)) وهو رد على شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية وقد يسمى ((شن الغارة والسيف المسلول على من سب الرسول)) ولم يوفق فيه‪ .‬توفي سنة (‪ )750‬هـ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬طبقات الشافعية (‪ 439/41‬ـ ‪ ،)731‬وذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي (ص‪.)11 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن‬
‫قدامة المقدسي الحنبلي‪ ،‬أحد األذكياء المشهورين‪ ،‬وإمام الفقهاء المحدثين‪ ،‬ولد في رجب سنة ‪ 755‬وقيل‬
‫قبلها وقيل بعدها‪ ،‬وسمع من التقى سليمان وابن سعد وطبقتهما‪ ،‬وتفقه بابن مسلم وتردد إلى شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية ومهر في الحديث والفقه واألصول والعربية وغيرها‪ .‬من مؤلفاته‪(( :‬الصارم المنكي)) رد به على السبكي في‬
‫مسألة الزيارة‪ ،‬وله رسالة في التوحيد وفضائل ال إله إال الله‪ .‬توفي سنة (‪ )711‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ذيل طبقات الحفاظ‬
‫للسيوطي (ص‪ ،)354 :‬وأبجد العلوم (‪.)433/3‬‬
‫‪115‬‬ ‫التمهيد‬

‫الهيتمي(‪ )1‬صاحب ((الفتاوى الحديثية)) (‪ ،)2‬ودحالن(‪ )3‬حيث ألف كتابه الموسوم بـ((الدرر‬
‫السنية في الرد على الوهابية))؛ وهو من أخطر الكتب التي تحارب السلفية وعقيدتها النقية في‬
‫جانب توحيد األلوهية‪ ،‬وقد حشد فيه من الشبه الواهية واألقوال الباطلة واآلراء الفاسدة ما‬
‫يجرئ العامة على اقتحام الشرك بأوسع طرقه وأفظع صوره‪ ،‬والله المستعان‪.‬‬
‫وقد تصدى للرد على هذا الكتاب علم من أعالم السنة المنشورة‪ ،‬وهو الشيخ محمد‬
‫بشير السهسواني ـ رحمه الله ـ في كتابه المعروف بـ((صيانة اإلنسان في الرد على وسوسة‬
‫دحالن))(‪.)4‬‬
‫هذه بعض اآلثار الناجمة عن تفسير المتكلمين لمعنى اإللهية بمعنى الربوبية وبعض‬
‫ردها وإبطالها‪ ،‬وهي ـ كما ترى ـ آثار سيئة‪ ،‬وطَّدت للشرك‪َّ ،‬‬
‫ومهدت‬ ‫جهود أهل السنة في ّ‬
‫لعودة الوثنية‪ ،‬فحصل فساد عريض في المعتقد عند بعض األمة بسبب ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي‪ ،‬نسبة على ما قيل إلى‬
‫جد من أجداده كان مالزماً للصمت فشبه بالحجر الهيتمي‪ ،‬السعدي‪ ،‬األنصاري‪ ،‬المصري ثم المكي‪،‬‬
‫الشافعي‪ ،‬ولد بمصر‪ ،‬مات أبوه وهو صغير‪ ،‬أخذ عن علماء مصر‪ ،‬وممن أخذ عنه الهيتمي‪ :‬شيخ اإلسالم‬
‫القاضي زكريا والشيخ عبد الحق السنباطي والشهاب الرملي‪ .‬من مؤلفاته‪(( :‬شرح الشمائل للترمذي)) و((شرح‬
‫االربعين للنووي)) و((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) و((الصواعق المحرقة إلخوان االبتداع والضالل والزندقة))‪،‬‬
‫توفي في سنة (‪ )975‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬شذرات الذهب (‪ 514/41‬ـ ‪ ،)517‬والبدر الطالع (‪ ،)419/4‬ومعجم‬
‫المؤلفين (‪.)793/4‬‬
‫(‪ )2‬وهو مطبوع‪ ،‬وقد مشى فيه على طريقة التصوف الغالي‪ ،‬وم َّجد فيه الحالج وابن عربي الطائي‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أحمد زيني دحالن‪ ،‬الشافعي‪ ،‬المكي‪ ،‬المتوفي سنة ‪ 4311‬هـ‪ ،‬من مؤلفاته‪(( :‬أسنى المطالب في نجاة‬
‫أبي طالب)) و((خالصة الكالم في بيان أمراء البلد الحرام من زمن النبي عليه السالم إلى وقتنا هذا بالتمام))‪.‬‬
‫انظر‪ :‬إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون (‪.)130/3 ،37/3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬منهج أهل السنة ومنهج األشاعرة في توحيد الله تعالى (‪ 155/1‬ـ ‪.)173‬‬
‫‪111‬‬ ‫التمهيد‬
‫‪112‬‬ ‫التمهيد‬

‫المبحث الثالث‪ :‬فضائل ال إله إال الله‪.‬‬


‫وتنوعت خصائصه وشمائله؛ ولما كانت "ال إله إال‬ ‫الشيء كلّما عظم تع ّددت فضائله ّ‬
‫الله" أفضل كلمة في الوجود ـ كما في الحديث‪« :‬أفضل ما قلتُه أنا والنَّبيون من قبلي ال‬
‫إله إال الله» ـ تع ّددت فضائلها ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫وتنوعت خصائصها وشمائلها؛ بل فضائلها أكثر من أن‬
‫أجل من أن تستقصى‪.‬‬ ‫تحصى وخصائصها ّ‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪ (( :‬وفضائل هذه الكلمة وحقائقها‪ ،‬وموقعها من‬
‫الدين‪ :‬فوق ما يصفه الواصفون‪ ،‬ويعرفه العارفون؛ وهي حقيقة األمر كله كما قال تعالى‪:‬‬
‫[األنبياء‪:‬‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟﭠ‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫‪ )2())]26‬اهـ‪.‬‬
‫تضمنا من فضائلها الشيء الكثير بما أغنى عن غيرهما‪ ،‬ولذا‬ ‫قلت‪ :‬والقرآن والسنة قد ّ‬
‫مما ورد في الكتاب والسنة من تلك الفضائل‪ ،‬وذلك من‬ ‫سأستعرض في هذا المبحث طرفاً ّ‬
‫التاليين‪:‬‬
‫خالل المطلبين ْ‬
‫المطلب األول‪ :‬فضائل ال إله إال الله في القرآن العظيم‪.‬‬
‫من فضائل هذه الكلمة‪ :‬أ ّن القرآن من أوله إلى آخره إنما هو في تقرير معناها وبيان‬
‫ح ّقها وترتيب جزائها‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬بل نقول قوال كلياً‪ :‬إن كل آية في القرآن فهي متضمنة‬
‫للتوحيد‪ ،‬شاهدة به‪ ،‬داعية إليه‪ ،‬فإن القرآن إما خبر عن الله‪ ،‬وأسمائه وصفاته وأفعاله‪ .‬فهو‬
‫التوحيد العلمي الخبري‪ .‬وإما دعوة إلى عبادته وحده ال شريك له‪ ،‬وخلع كل ما يعبد من‬
‫دونه‪ .‬فهو التوحيد اإلرادي الطلبي‪ .‬وإما أمر ونهي‪ ،‬وإلزام بطاعته في نهيه وأمره‪ .‬فهي‬
‫ومكمالته‪ .‬وإما خبر عن كرامة الله ألهل توحيده وطاعته‪ ،‬وما فعل بهم في‬ ‫حقوق التوحيد ّ‬
‫الدنيا‪ ،‬وما يكرمهم به في اآلخرة‪ .‬فهو جزاء توحيده‪ .‬وإما خبر عن أهل الشرك‪ ،‬وما فعل‬
‫عمن خرج عن‬ ‫بهم في الدنيا من النكال‪ ،‬وما يحل بهم في العقبى من العذاب‪ .‬فهو خبر ّ‬
‫حكم التوحيد‪.‬‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)265/2‬‬
‫‪113‬‬ ‫التمهيد‬

‫فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم))(‪.)1‬‬
‫كما أن أهل العلم قد استنبطوا لهذه الكلمة العظيمة جملةً من الفضائل في القرآن‬
‫الكريم؛ بعضها مأخوذ من كالم النبي ‪ ،‬وأخرى مأخوذة من كالم السلف من الصحابة‬
‫آي القرآن الكريم‪ .‬فمن ذلك‪:‬‬ ‫والتابعين في تفسير بعض ّ‬
‫(‪ )1‬أنها كلمة التوحيد التي ألجلها خلق الله الخلق(‪ )2‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ [الذاريات‪ ]65 :‬ـ أي إال ليوحدون(‪.)3‬‬
‫(‪ )2‬وألجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب(‪ ،)4‬قال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [األنبياء‪ ،]26 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮓ ﮔ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭩ ﮤ ﮥ [النحل‪:‬‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ‬
‫‪.]2‬‬
‫(‪ )3‬أن الله جعل النطق بها باللسان من اإليمان بل أعلى مراتبه كما في الحديث‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫«اإليمان بضع وستون شعبة أعالها قول ال إله إال الله‪»..‬‬
‫(‪ )2‬أنها أعظم نعمة وأكبر منّة أنعم الله ‪ ‬بها على عباده أ ْن هداهم إليها‪ ،‬ولهذا‬
‫ذكرها الله تعالى في سورة النحل التي هي سورة النّعم‪ ،‬فق ّدمها أوالً قبل كل نعمة فقال‬
‫ﭩ‬ ‫تعالى‪ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ‬
‫ﮤ ﮥ [النحل‪.)6( ]2 :‬‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكين (‪.)265/3‬‬


‫(‪ )2‬كلمة اإلخالص البن رجب (ص‪.)36 :‬‬
‫(‪ )3‬معالم التنـزيل للبغوي (‪ ،)351/7‬وتفسير الثعالبي (‪.)125/6‬‬
‫(‪ )4‬نفس المصدر‪.‬‬
‫(‪ )5‬شرح ثالثة األصول للجامي (ص‪ .)35 :‬والحديث تقدم تخريجه في (ص‪*.)99 :‬‬
‫(‪ )6‬معارج القبول بشرح سلم الوصول (‪ ،)211/2‬وانظر‪ :‬كلمة اإلخالص البن رجب ضمن مجموع رسائل ابن‬
‫رجب (‪.)72/3‬‬
‫‪112‬‬ ‫التمهيد‬

‫[لقمان‪:‬‬ ‫وجاء عن مجاهد(‪ )1‬وابن عباس في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬


‫‪ ]25‬أنها‪ :‬ال إله إال الله (‪.)2‬‬
‫والمراد ظاهرة على األلسن قوالً‪ ،‬وعلى األبدان وجوارح الجسد عمالً(‪.)3‬‬
‫وقال سفيان بن عيينة(‪ )4‬ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم‬
‫عرفهم ال إله إال الله))(‪.)5‬‬‫من أن ّ‬
‫(‪ )6‬أنها العروة الوثقى كما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في تفسير قوله‬
‫جل وعال‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [البقرة‪ .]265 :‬وروي عن‬ ‫ّ‬
‫(‪)8‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫سعيد بن جبير والضحاك مثله في تفسيرها ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أنها الكلمة الباقية التي جعلها إبراهيم الخليل ـ عليه السالم ـ في عقبه‪ ،‬فال يزال‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫في ذريته من يقولها كما قال تعالى‪:‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬مجاهد بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة‪ ،‬أبو الحجاج المخزومي موالهم المكي‪ ،‬ثقة إمام في التفسير‬
‫وفي العلم‪ ،‬من الثالثة‪ ،‬مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثالث أو أربع ومائة‪ .‬وله ثالث وثمانون‪ ،‬وحديثه عند‬
‫الجماعة‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])621 :‬‬
‫(‪ )2‬رواه ابن جرير الطبري في التفسير (‪ ،)655/15‬والبيهقي في الشعب (‪ )116/2‬رقم (‪ ،)2652‬وعزاه‬
‫السيوطي في الدر المنثور (‪ )322/6‬إلى الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم‪.‬‬
‫(‪ )3‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ ،)655/15‬وانظر‪ :‬الدر المنثور (‪.)322/6‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهاللي‪ ،‬أبو محمد الكوفي ثم المكي‪ ،‬ثقة حافظ فقيه‪ ،‬إمام‬
‫حجة‪ ...‬من رؤوس الطبقة الثامنة‪ ،‬وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار‪ ،‬مات في رجب سنة ثمان وتسعين‪ ،‬وله‬
‫إحدى وتسعون سنة‪ ،‬وحديثه عند الجماعة‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])366 :‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر (ص‪ )25 :‬رقم (‪ ،)66‬والبيهقي في الشعب (‪ )116/2‬رقم (‪ ،)2655‬وأبو‬
‫نعيم في الحلية (‪.)272/7‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬سعيد بن جبير األسدي موالهم‪ ،‬الكوفي‪ ،‬ثقة فقيه‪ ،‬من الثالثة‪ ،‬قتل بين يدي الحجاج دون المائة‪ ،‬ولم‬
‫يكمل الخمسين‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪ 372 :‬ـ ‪.])376‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬الضحاك بن مزاحم البلخي الهاللي‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬من مشايخه‪ :‬ابن عباس‪ ،‬وأبي سعيد وابن عمر وغيرهم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬لم يلق ابن عباس‪ .‬وكان عالماً بالتفسير حجة‪ .‬توفي سنة (‪ )152‬هـ‪ ،‬وقيل‪ ،)156( :‬وقيل‪ )155( :‬هـ‪.‬‬
‫من مصنفاته‪ :‬التفسير‪ .‬انظر‪ :‬ميزان االعتدال (‪ ،)225/3‬وتقريب التهذيب (ص‪.)266 :‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬تفسير ابن أبي حاتم (‪ ،)265/2‬وتفسير ابن جرير (‪ 655/2‬ـ ‪.)651‬‬
‫‪116‬‬ ‫التمهيد‬

‫[الزخرف‪ 25 :‬ـ‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫‪.)1(]25‬‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫وجل في قوله‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫عز ّ‬ ‫(‪ )7‬أنها العهد الذي ذكره الله ّ‬
‫[مريم‪ ]57 :‬كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية علي بن أبي‬ ‫ﮪ ﮭ‬
‫(‪)2‬‬
‫عنه ((هو شهادة أن ال إله الله‪ ،‬ويتبرأ إلى الله من الحول والقوة‪ ،‬وال يرجو إال الله))‬ ‫طلحة‬
‫(‪.)3‬‬
‫(‪ )5‬أنها الحسنى التي وردت في قول الله تعالى‪ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬
‫[الليل‪ 6 :‬ـ ‪]7‬؛ جاء ذلك عن ابن عباس من رواية عطية العوفي(‪ ،)4‬وبه‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫قال الضحاك وأبو عبد الرحمن السلمي(‪.)6()5‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬ ‫(‪ )6‬أنها شهادة الحق ودعوة الحق‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﯩ‬
‫ﯮ ﯯ [الزخرف‪.)7(]55 :‬‬
‫[الفتح‪:‬‬ ‫(‪ )15‬أنها كلمة التقوى الواردة في قوله تعال‪ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪ ،)126/2‬وحاشية ثالثة األصول البن قاسم (ص‪.)63 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬علي بن أبي طلحة سالم‪ ،‬مولى بني العباس‪ ،‬سكن حمص‪ ،‬أرسل عن بن عباس ولم يره‪ ،‬من السادسة‪ ،‬صدوق‬
‫قد يخطئ‪ ،‬مات سنة ثالث وأربعين بعد المائة‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])565 :‬‬
‫(‪ )3‬أثر ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره (‪ )533/16‬والطبراني في الدعاء (‪ )1615/3‬رقم (‪،)1675‬‬
‫والبيهقي في االسماء والصفات (‪ )272/1‬رقم (‪ ،)255‬وعزاه السيوطي في الدر المنثور (‪ )615/2‬إلى ابن‬
‫المنذر وابن أبي حاتم‪ .‬وانظر‪ :‬معارج القبول (‪.)211/2‬‬
‫قلت‪ :‬ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس منقطعة‪ .‬انظر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)565 :‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬عطية بن سعد بن جنادة‪ ،‬بضم الجيم بعدها نون خفيفة‪ ،‬الع ْوفي‪ ،‬الجدلي‪ ،‬بفتح الجيم والمهملة‪ ،‬أبو‬
‫الحسن صدوق يخطئ كثيراً‪ ،‬وكان شيعياً مدلساً‪ ،‬من الثالثة‪ ،‬مات سنة إحدى عشرة بعد المائة‪[ .‬تقريب‬
‫التهذيب (ص‪.])555 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬عبد الله بن حبيب بن ربـيّعة‪ ،‬بفتح الموحدة وتشديد الياء‪ ،‬أبو عبد الرحمن السلمي‪ ،‬الكوفي‪ ،‬المقرئ‪ ،‬مشهور‬
‫بكنيته‪ ،‬وألبيه صحبة‪ ،‬من الثانية‪ ،‬مات بعد السبعين‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])266 :‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تفسير ابن أبي حاتم (‪ ،)3225/15‬وابن جرير الطبري (‪ 253/22‬ـ ‪ ،)252‬ومعالم التنـزيل للبغوي‬
‫(‪.)226/5‬‬
‫(‪ )7‬معالم التنـزيل (‪ ،)222/7‬مسألة في التوحيد وفضائل ال إله إال الله البن عبد الهادي (ص‪.)66:‬‬
‫‪115‬‬ ‫التمهيد‬

‫‪ .]25‬روى ذلك ابن جرير الطبري(‪ )1‬وعبد الله بن أحمد(‪ )2‬والترمذي(‪ )3‬بأسانيدهم إلى‬
‫أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ‪ ،)4(‬وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫موقوفاً(‪ .)5‬وكذا عن علي وابن عباس ـ رضي الله عنهم(‪.)6‬‬
‫(‪ )11‬أنها القول الثابت الذي ذكر الله عز وجل إذ يقول‪ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ (‪[ )7‬إبراهيم‪ ]27 :‬كما في الصحيحين من حديث البراء بن عازب ‪‬‬
‫عن النبي ـ ‪.)8( ‬‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫(‪ )12‬أنها الكلمة المضروبة مثالً في قوله تعالى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ (‪[ )9‬إبراهيم‪]22 :‬؛ رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ـ رضي‬

‫(‪ )1‬تفسير ابن جرير (‪ 315/21‬ـ ‪.)313‬‬


‫(‪ )2‬المسند (‪.)135/6‬‬
‫(‪ )3‬سنن الترمذي‪ ،‬كتاب التفسير‪ )355/6( ،‬رقم (‪ .)3256‬ولفظه عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه أنه سمع‬
‫رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول‪(( :‬وألزمهم كلمة التقوى‪ ،‬قال‪ :‬ال إله إال الله))‪ .‬قال الترمذي‪ :‬هذا‬
‫حديث غريب‪ ،‬ال نعرفه مرفوعاً إال من حديث الحسن بن قزعة‪ ،‬وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فلم يعرفه‬
‫مرفوعاً إال من هذا الوجه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫(‪ )4‬وممن روى ذلك أيضاً‪ :‬الطبراني في الكبير (‪ ،)635‬والبيهقي في األسماء والصفات (‪ 255/1‬ـ ‪ )257‬رقم‬
‫(‪.)255‬‬
‫(‪ )5‬كما في مسند اإلمام أحمد (‪ :)53/1‬من حديث عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ قال‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪(( :‬ثم إني ألعلم كلمة ال يقولها عبد ح ّقاً من قلبه إال حرم على النار))‪ .‬فقال له عمر ـ‬
‫رضي الله عنه ـ أنا أحدثك ما هي كلمة اإلخالص التي أعز الله تبارك وتعالى بها محمداً صلى الله عليه وسلم‬
‫وأصحابه‪ ،‬وهي كلمة التقوى‪ ))...‬الحديث‪.‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (‪ ،)3351/15‬والحاكم في المستدرك (‪ )655/2‬وقال‪ :‬هذا حديث‬
‫صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪ ،‬وعزاه السيوطي في الدر المنثور (‪ )75/5‬إلى عبد الرزاق والفريابي‬
‫وعبد بن حميد وابن المنذر‪ .‬وانظر‪ :‬معارج القبول (‪.)211/2‬‬
‫(‪ )7‬معارج القبول (‪.)212/2‬‬
‫(جـ‪ )252/6‬رقم (‪.)2566‬‬ ‫(‪ )8‬صحيح البخاري كتاب التفسير‪ ،‬باب ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫(‪ )9‬وقد شبه الله تعالى كلمة اإلخالص بالنخلة ألمور ذكرها ابن القيم في كتابه القيم إعالم الموقعين (‪ 173/1‬ـ‬
‫‪)172‬؛ فلتراجع‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫التمهيد‬

‫الله عنهما‪ .‬وكذا قاله الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة(‪ )1‬ومجاهد وغير واحد(‪.)2‬‬
‫والمراد بالشجرة هنا النخلة كما ورد ذلك صريحاً فيما رواه البزار من طريق موسى بن‬
‫عقبة عن نافع عن بن عمر قال‪ :‬قرأ رسول الله ‪ ‬فذكر هذه اآلية فقال‪« :‬أتدرون ما هي»‬
‫قال ابن عمر‪ :‬لم يخف عل َّي أنها النخلة‪ ،‬فمنعني أن أتكلم مكان سني‪ ،‬فقال رسول الله‬
‫‪« ‬هي النخلة»(‪.)3‬‬
‫(‪ )13‬أنها الحسنة التي ذكر الله ‪ ،‬إذ يقول‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫[النمل‪ .]56:‬قال ذلك زين العابدين وإبراهيم النخعي(‪ ،)4‬وابن جرير(‪،)5‬‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ويروي عن عكرمة وعطاء‪ ،‬وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم(‪.)6‬‬
‫(‪ )12‬أنها منتهى الصواب وغايته(‪ )7‬قال تعالى‪ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ [النبأ‪.]35 :‬‬
‫روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى‪ :‬ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ أنه قال‪(( :‬إال من أذن له الرب ‪ ‬بشهادة أن ال إله إال الله‪،‬‬
‫وهي منتهى الصواب))(‪.)8‬‬
‫وقال عكرمة‪(( :‬الصواب ال إله إال الله))(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬عكرمة مولى ابن عباس‪ ،‬ثقة ثبت‪ ،‬عالم بالتفسير‪ ،‬من الثالثة‪ ،‬مات سنة أربع ومائة وقيل بعد ذلك‪ .‬انظر‪:‬‬
‫تقريب التهذيب (ص‪ 557 :‬ـ ‪.)555‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسير ابن أبي حاتم (‪ 2221/7‬ـ ‪ ،)2222‬وتفسير ابن جرير (‪.)536/13‬‬
‫(‪ )3‬فتح الباري (‪.)177/1‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬معالم التنزيل (‪.)153/5‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسير ابن جرير (‪.)136/15‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تفسير ابن أبي حاتم (‪ ،)2636/6‬ومعالم التنزيل (‪ ،)153/5‬والدعاء للطبراني (‪ 1267/3‬ـ ‪)1265‬‬
‫رقم (‪.)1653‬‬
‫(‪ )7‬فقه األدعية واألذكار لشيخنا الدكتور عبد الرزاق البدر ـ القسم األول (ص‪.)175 :‬‬
‫(‪ )8‬رواه الطبراني في الدعاء (‪ )1625/3‬رقم (‪ ،)1677‬وابن جرير الطبري في التفسير (‪ ،)61/22‬والبيهقي في‬
‫األسماء والصفات (‪ )271/1‬رقم (‪.)256‬‬
‫(‪ )9‬رواه الطبراني في الدعاء (‪ )1625/3‬رقم (‪ ،)1675‬وابن جرير في تفسيره (‪.)62/22‬‬
‫‪115‬‬ ‫التمهيد‬

‫ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫فضلهن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )16‬أنها من الباقيات الصالحات(‪)1‬؛ والله تعالى يقول في‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ [الكهف‪.]25 :‬‬
‫(‪ )15‬أن السؤال يكون عنها يوم القيامة(‪ )2‬كما قال تعالى‪ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ [الحجر‪ 61 :‬ـ ‪.]62‬‬
‫قال اإلمام البخاري ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى‪ :‬ﭖ ﭗ‬
‫ﭜ ﭝ ‪ :‬عن ال إله إال الله))(‪.)3‬‬ ‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بعض ما ورد في فضلها في السنة المطهرة‪.‬‬
‫الفضيلة األولى‪ :‬أنها أول ما يدخل به اإلسالم‪ ،‬وأول مبانيه العظام؛ فيدخل بها في‬
‫اإلسالم ولو لم يـقّر بغيرها‪ ،‬وقد اشترط جماعة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ابتداء‬
‫اإلسالم ترك أشياء من الفرائض فـقبل منهم ذلك‪ ،‬ففي المسند(‪ )4‬من حديث جابر ـ رضي‬
‫الله عنه ـ قال‪(( :‬اشترطت ثقيف على رسول الله ـ ‪ ‬أن ال صدقة عليهم وال جهاد‪ ،‬وأن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال‪ :‬سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا))‪ .‬وفيه أيضاً عن نصر بن عاصم‬
‫الليثي(‪ )5‬عن رجل منهم‪(( :‬أنه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأسلم على أن ال يصلي إال‬
‫صالتين فقبل منه ذلك))(‪ .)6‬وأخذ اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ بهذه األحاديث وقال‪ :‬يصح‬

‫(‪ )1‬مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله البن عبد الهادي (ص‪.)66:‬‬
‫(‪ )2‬معارج القبول (‪.)215/2‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري (جـ‪ )12/1‬باب من قال‪ :‬أن اإليمان هو العمل‪.‬‬
‫(‪ .)321/3( )4‬وأخرجه أيضاً أبو داود في كتاب الخراج واإلمارة والفيء‪ ،‬باب ما جاء في خبر الطائف (‪)153/3‬‬
‫ح (‪ )3526‬وابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني (‪ )155/3‬رقم (‪ .)1622‬وحكم عليه األلباني بأنه صحيح‬
‫كما في السلسلة الصحيحة (‪.)1555‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬نصر بن عاصم الليثي‪ ،‬البصري‪ ،‬ثقة رمي برأي الخوارج وصح رجوعه عنه‪ ،‬من الثالثة‪[ .‬تقريب التهذيب‬
‫(ص‪.])666 :‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)353 ،22/6‬وابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني (‪ )166/2‬رقم (‪،)621‬‬
‫وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (‪ )637/6‬رقم (‪.)2572‬‬
‫قال األلباني ـ رحمه الله ـ في الثمر المستطاب (‪ :)61/1‬وهذا سند صحيح على شرط مسلم‪.‬‬
‫‪116‬‬ ‫التمهيد‬

‫اإلسالم على الشرط الفاسد‪ ،‬ثم يلزم بشرائع اإلسالم كلها(‪.)1‬‬


‫والدليل على أنها أول ما يدخل به اإلسالم قوله ‪(( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى‬
‫يقولوا‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقها وحسابه على‬
‫الله))(‪.)2‬‬
‫الدليل على كونها أول مباني اإلسالم ما جاء في حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله‬
‫عنهما ـ أن النبي ‪ ‬قال‪(( :‬بني اإلسالم على خمس‪ :‬شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وأن محمداً‬
‫رسول الله‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وصوم رمضان))(‪.)3‬‬
‫الفضيلة الثانية‪ :‬أنها أعلى شعب اإليمان وأرفع مراتب اإلسالم كما جاء في الحديث عن‬
‫النبي ‪(( :‬اإليمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أعالها‪ :‬قول ال إله إال الله‪ ،‬وأدناها‬
‫إماطة األذى من الطريق‪ ،‬والحياء شعبة من اإليمان))(‪.)4‬‬
‫الفضيلة الثالثة‪ :‬أنها أفضل الذكر كما ثبت عن النبي ‪ ‬أنه قال‪« :‬أفضل الذكر ال إله‬
‫إال الله»(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مسألة في التوحيد وفضائل ال إله إال الله البن عبد الهادي (ص‪ ،)56‬وجامع العلوم والحكم البن رجب‬
‫(ص‪.)166 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الزكاة‪ ،‬باب وجوب الزكاة‪( ،‬جـ‪ )132/2‬رقم (‪ ،) 1366‬ومسلم في كتاب‬
‫اإليمان رقم (‪ ،) 32‬ومسلم في كتاب اإليمان حديث رقم (‪ ) 15‬وفيه تقديم الصوم على الحج‪.‬‬
‫(‪ )3‬خرجه البخاري في كتاب اإليمان من صحيحه‪ ،‬باب‪ :‬دعاؤكم إيمانكم (جـ‪ 6/1‬ـ ‪ )15‬حديث رقم (‪.)5‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )53/1‬ح (‪ ،)36‬وأصله في صحيح البخاري‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬أمور‬
‫اإليمان (جـ‪ )15/1‬ح (‪.)6‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب أن دعوة المسلم مستجابة (‪ )231/6‬حديث رقم (‪ .)3353‬وقال‪:‬‬
‫هذا حديث حسن غريب ال نعرفه إال من حديث موسى بن إبراهيم‪ ،‬وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة رقم‬
‫(‪ )531‬وفي الكبرى رقم (‪ )15666‬والحاكم في المستدرك (‪ )575/1‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح‪ ،‬ولم‬
‫وحسن إسناده األلباني كما في صحيح الجامع (‪.)1152‬‬
‫يخرجاه‪َّ .‬‬
‫قلت‪ :‬وقد اختلف أهل العلم في أي الكلمتين أفضل كلمة الحمد أو كلمة التهليل‪ .‬وقد أشار إلى هذا الخالف ابن‬
‫رجب في جامع العلوم والحكم (ص‪ ،)256 :‬وابن عبد الهادي في مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله‬
‫(ص‪ 61:‬ـ ‪ )62‬وقال‪(( :‬والصحيح أن ال إله إال الله أفضل من غيرها‪ ،‬وذلك ألحاديث قد تقدمت في الفصل‬
‫األول فتأملها‪ ،‬والله الموفق))‪ .‬انتهى كالم ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫التمهيد‬

‫الفضيلة الرابعة‪ :‬أنها أفضل ما قاله النبيون‪ ،‬كما ورد في دعاء يوم عرفة «خير الدعاء‬
‫دعاء عرفة وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي‪ :‬ال إله إال الله وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‬
‫وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير»(‪.)1‬‬
‫الفضيلة الخامسة‪ :‬أنها أفضل األعمال وأكثرها تضعيفاً‪ ،‬وتعدل عتق الرقاب‪ ،‬وتكون‬
‫حرزاً من الشيطان(‪ )2‬كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ‬
‫صلى الله عليه وسلم ـ‪(( :‬من قال ال إله إال الله وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‬
‫وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب‪ ،‬وكتب له مائة حسنة‬
‫ومحيت عنه مائة سيئة‪ ،‬وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي‪ ،‬ولم يأت أحد‬
‫بأفضل مما جاء به إال أحد عمل أكثر من ذلك))(‪.)3‬‬
‫وفيهما أيضاً عن أبي أيوب عن النبي ‪(( :‬من قالها عشر مرات كان كمن أعتق‬
‫رقبة من ولد إسماعيل))(‪.)4‬‬
‫الفضيلة السادسة‪ :‬أنها أحسن الحسنات(‪)5‬؛ فقد ثبت في المسند وغيره عن أبي ذر أنه‬
‫قال‪ :‬قلت يا رسول الله‪ ،‬علمني عمالً يقربني من الجنة‪ ،‬ويباعدني من النار‪ ،‬قال‪(( :‬إذا‬
‫عملت سيئة فاعمل حسنة‪ ،‬فإنها عشر أمثالها))‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ال إله إال الله من‬
‫الحسنات؟ قال‪(( :‬هي أحسن الحسنات))(‪.)6‬‬
‫الفضيلة السابعة‪ :‬أنها من أحب الكالم إلى الله تعالى كما ثبت في صحيح مسلم من‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬كلمة اإلخالص البن رجب (ص‪.)26 :‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب بدء الخلق‪ ،‬باب صفة إبليس وجنوده (جـ‪ )112/2‬حديث رقم (‪ ،)3263‬ومسلم‬
‫برقم (‪.)2561‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل التهليل (جـ‪ )216/7‬حديث رقم (‪ ،)5252‬ومسلم برقم‬
‫(‪.)2563‬‬
‫(‪ )5‬كلمة اإلخالص البن رجب (ص‪,)22 :‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه أحمد في المسند (‪.)156/6‬‬
‫وقال الهيثمي في المجمع (‪( :)51/15‬رواه أحمد ورجاله ثقات‪ ،‬إال أن شمر بن عطية حدث به عن أشياخه‬
‫عن أبي ذر‪ ،‬ولم يسم أحداً منهم)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫‪121‬‬ ‫التمهيد‬

‫حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال‪ :‬قال رسول الله ‪(( : ‬أحب الكالم إلى‬
‫الله أربع‪ ،‬ال يضرك بأيّهن بدأت‪ :‬سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬وال إله إال الله‪ ،‬والله أكبر))(‪.)1‬‬
‫الفضيلة الثامنة‪ :‬أنها توجب إجابة الدعاء؛ فمن قالها استجاب الله دعاءه وأعطاه س ْؤله‬
‫ورجاءه (‪ )2‬كما جاء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‪(( :‬اسم الله الذي إذا دعي به أجاب‪،‬‬
‫وإذا سئل به أعطي‪ ،‬دعوة يونس بن متّى)) قيل‪ :‬يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة‬
‫عوا بها‪ .‬ألم تسمع قول الله تبارك‬ ‫المسلمين؟ قال‪(( :‬هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا د ْ‬
‫ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ‬ ‫وتعال‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ [األنبياء‪ 57 :‬ـ ‪ ] 55‬فهو شرط الله لمن دعاه بها))(‪.)3‬‬
‫وي شهد له حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي ‪ ‬أنه قال‪ (( :‬ال إله إال أنت‬
‫سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلم ربه في شي إال استجاب‬
‫له )) (‪. ) 4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫الفضيلة التاسعة‪ :‬أن من قالها عصم نفسه‪ ،‬وماله‪ ،‬وليس هذا الحكم لغيرها من الكالم‬
‫كما جاء في الحديث عنه ‪(( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬فمن‬
‫قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على الله))(‪.)6‬‬
‫الفضيلة العاشرة‪ :‬أنها آخر كالم ينبغي أن يقوله العبد‪ ،‬وقد ورد هذا في أحاديث كثيرة(‪،)7‬‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم رقم‪.)2137( :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله (ص‪.)63:‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن جرير في تفسيره (‪ )355/15‬من حديث سعد بن مالك رضي الله عنه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات‪ ،‬باب (‪ )266/6( )52‬حديث رقم (‪ ،)3656‬والنسائي في عمل اليوم‬
‫والليلة رقم (‪ )15217‬ذكر دعوة ذي النون‪ ،‬وأورده ابن أبي حاتم في تفسيره (‪ )2256/5‬وحكم عليه األلباني‬
‫كما في صحيح الكلم الطيب (ص‪ )115 :‬بأنه صحيح‪.‬‬
‫(‪ )5‬مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله (ص‪.)63 :‬‬
‫(‪ )6‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )7‬سبق اإلشارة إلى بعضها‪.‬‬
‫‪122‬‬ ‫التمهيد‬

‫ولهذا عرضها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على عمه أبي طالب عند الوفاة(‪.)1‬‬
‫الفضيلة الحادي عشرة‪ :‬أنها أثقل األعمال في الميزان‪ ،‬فلو وزنت بالسموات واألرض‬
‫رجحت بهن(‪ .)2‬فقد ثبت في المسند وغيره(‪ )3‬عن عبد الله بن عمرو عن النبي ‪(( :‬أن‬
‫نوحاً قال البنه عند موته‪ :‬آمرك بال إله إال الله‪ ،‬فإن السموات السبع واألرضين السبع لو‬
‫وضعت في كفة‪ ،‬ووضعت ال إله إال الله في كفة‪ ،‬رجحت بهن ال إله إال الله‪ ،‬ولو أن‬
‫السموات السبع واألرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن ال إله إال الله))(‪.)4‬‬
‫قال الحافظ ابن رجب‪(( :‬ولذلك ترجح بصحائف الذنوب كما في حديث السجالت‬
‫والبطاقة(‪.)6()))5‬‬
‫البزار‬
‫الفضيلة الثانية عشر‪ :‬أ ّن لها شأناً عند الله عظيماً وحقاً على الله كريماً؛ ففي مسند ّ‬
‫عن عياض األنصاري عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‪(( :‬إ ّن ال إله إال الله كلمة‬

‫(‪ )1‬كما في صحيح البخاري (جـ‪ ،)125/2‬عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره‪ :‬لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه‬
‫رسول الله ‪ ‬فقال‪« :‬يا عم‪ ،‬قل ال إله إال الله كلمة أشهد لك بها عند الله»‪.‬‬
‫(‪ )2‬كلمة اإلخالص البن رجب (ص‪ 23 :‬ـ ‪.)22‬‬
‫(‪ )3‬المسند (‪ ،)226 ،175/2‬وأخرجه الحاكم (‪ .)26/1‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه النسائي في الكبرى (‪ )255/5‬رقم (‪ ،)15555‬وأحمد في المسند (‪ ،)156/2‬وابن أبي شيبة في‬
‫المصنف (‪ )66/5‬رقم (‪ ،)26226‬والحاكم في المستدرك (‪ ،)112/1‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد‬
‫ولم يخرجاه‪ ،‬وأورده المنذري في الترغيب والترهيب (‪ )256/2‬برقم (‪ .)2355‬والحديث حكم عليه األلباني‬
‫بأنه صحيح في مواضع من كتبه‪ ،‬ومنها‪ :‬صحيح الترغيب والترهيب (‪ ،)1635‬والسلسلة الصحيحة (‪،)132‬‬
‫واألدب المفرد (‪.)625‬‬
‫(‪ )5‬حديث البطاقة أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن ال إله إال الله‬
‫حديث رقم (‪ ،)2536‬وابن ماجة في كتاب الزهد‪ ،‬باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة (‪ )1237/2‬رقم‬
‫(‪ ،)2355‬وأحمد في المسند (‪ 221 ،213/2‬ـ ‪ ،)222‬والحاكم في المستدرك (‪ )25/1‬وقال‪ :‬هذا‬
‫يخرج في الصحيحين‪ ،‬وهو صحيح على شرط مسلم‪ .‬انتهى‪ .‬وصححه األلباني كما في‬
‫حديث صحيح لم َّ‬
‫الصحيحة برقم (‪ )136‬وصحيح سنن ابن ماجة (‪.)3255‬‬
‫(‪ )6‬كلمة اإلخالص (ص‪.)26 :‬‬
‫‪123‬‬ ‫التمهيد‬

‫حق على الله كريمة‪ ،‬ولها من الله مكان))(‪.)1‬‬ ‫ّ‬


‫الفضيلة الثالثة عشر‪ :‬أنها مفتاح الجنة كما في الحديث‪(( :‬مفاتيح الجنة شهادة أن ال‬
‫إله إال الله))(‪.)2‬‬
‫الفضيلة الرابعة عشر‪ :‬أنها سبب لنيل شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما جاء في‬
‫الحديث عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال‪ :‬سألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أسعد‬
‫الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال‪(( :‬من قال‪ :‬ال إله إال الله خالصاً من قلبه أو نفسه))(‪.)3‬‬
‫الفضيلة الخامسة عشر‪ :‬أنها نجاة من النار(‪)4‬؛ ففي صحيح مسلم(‪ )5‬أن النبي ـ صلى‬
‫الله عليه وسلم ـ سمع مؤذناً يقول‪(( :‬أشهد أن ال إله إال الله‪ ،‬فقال‪(( :‬خرج من النار))‪.‬‬
‫الفضيلة السادسة عشر‪ :‬أن من قالها دخل الجنة‪ .‬واألحاديث في ذلك بعضها جاءت‬
‫مطلقة وبعضها جاءت مقيدة؛ فمن المطلق قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‪(( :‬من قال ال إله إال‬
‫الله دخل الجنة))(‪ ،)6‬وقوله‪(( :‬قولوا‪ :‬ال إله إال الله تفلحوا))(‪ ،)7‬وقوله‪(( :‬من كان آخر كالمه من‬
‫الدنيا ال إله إال الله وجبت له الجنة))(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬مسند البزار‪ ،‬وقال الهيثمي في المجمع (‪(( :)25/1‬رواه البزار ورجاله موثوقون))‪ .‬وضعفه األلباني في تخريجه‬
‫ألحاديث كلمة اإلخالص‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أحمد في المسند (‪ )222/6‬وأورده الهيثمي في المجمع (‪ )15/1‬وقال‪ :‬رواه أحمد والبزار‪ ،‬وفيه‬
‫انقطاع بين شهر ومعاذ‪ ،‬وإسماعيل بن عياش روايته عن أهل الحجاز ضعيفة‪ .‬وفي إسناده انقطاع‪ .‬وانظر‪ :‬كلمة‬
‫اإلخالص البن رجب (ص‪ 61 ،21 :‬ـ ‪.)62‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب الحرص على الحديث (جـ‪ )35/1‬رقم (‪.)66‬‬
‫(‪ )4‬كلمة اإلخالص البن رجب (ص‪.)21 :‬‬
‫(‪ )5‬برقم (‪.)352‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه ابن حبان في صحيحه (‪ )362/1‬رقم (‪ ،)156‬والهيثمي في زوائد ابن حبان (‪ )155/1‬ح (‪ )7‬وقال‬
‫في المجمع (‪ :)15/1‬رواه الطبراني في األوسط والكبير‪ ،‬وفيه أبو مشرح أو مشرس لم أقف له على ترجمة‪.‬‬
‫انتهى‪ .‬وصحح إسناده األلباني في فقه السيرة (ص‪.)35 :‬‬
‫(‪ )7‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)233/6‬والحاكم في المستدرك (‪ )653/1‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد‬
‫ولم يخرجاه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ .‬وصححه األلباني في صحيح الجامع (‪ )1156/2‬برقم (‪.)5276‬‬
‫‪122‬‬ ‫التمهيد‬

‫ومن المقيد قوله ‪(( :‬من قال ال إله إال الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة))(‪،)1‬‬
‫وقوله‪(( :‬من قال ال إله إال الله صدقاً من قلبه دخل الجنة))(‪ ،)2‬وقوله‪(( :‬من مات وهو‬
‫يعلم أنه ال إله إال الله دخل الجنة))(‪ ،)3‬وقوله ألبي هريرة‪ (( :‬إذهب بنعلي هاتين من‬
‫لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن ال إله إال الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة))(‪.)4‬‬
‫فالمطلق من تلك األحاديث يحمل على المقيد منها‪ ،‬وهذا كله إشارة إلى عمل القلب‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫مجرد القول وإال لنفعت عبد الله بن أبي بن‬ ‫وتحققه بمعنى الشهادتين ‪ ،‬وأنه ال يكفي ّ‬
‫أبي سلول ومن ضاهاه من المنافقين؛ فال تنفع ال إله إال الله قائلها إال باستكمال هذه‬
‫القيود الثقال التي وردت في تلك األحاديث المقيدة‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪(( :‬أما النطق بها من غير معرفة لمعناها وال‬
‫يقين وال عمل بما تقتضيه‪ :‬من البراءة من الشرك‪ ،‬وإخالص القول والعمل‪ :‬قولِ القلب‬
‫واللسان‪ ،‬وعمل القلب والجوارح‪ ،‬فغير نافع باإلجماع))(‪ )6‬انتهى‪.‬‬
‫وقال ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فقال طائفة من العلماء‪ :‬إن كلمة التوحيد سبب مقتض‬
‫لدخول الجنة وللنجاة من النار‪ ،‬لكن له شروط‪ :‬وهي اإلتيان بالفرائض‪ ،‬وموانع‪ :‬وهي إتيان‬
‫الكبائر))(‪ )7‬انتهى‪.‬‬
‫وبالجملة فإن فضائلها ال تحصى‪ ،‬وإنها لتوصل قائلها إلى المقام األقصى‪ ،‬وقد ألفت‬
‫كتب في بيان فضائلها وتعداد شمائلها‪ ،‬فال نطيل الكالم في ذلك‪ .‬ومن أراد التوسع في‬
‫معرفة فضائلها فليرجع إلى كتاب "مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله" البن عبد‬
‫الهادي المقدسي ـ رحمه الله ـ حيث ع ّد من فضائلها مائتي فضيلة‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬أحمد في المسند (‪ ،)151/1‬والبخاري في تاريخه (‪ )56/5‬رقم (‪.)2172‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أحمد في المسند (‪.)357/2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )66/1‬رقم (‪.)23‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ 66/1‬ـ ‪ )55‬رقم (‪.)62‬‬
‫(‪ )5‬كلمة اإلخالص البن رجب (ص‪.)15 :‬‬
‫(‪ )6‬فتح المجيد (ص‪ .)65 :‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (ص‪ 56 :‬ـ ‪.)75‬‬
‫(‪ )7‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)366 :‬‬
‫‪126‬‬ ‫التمهيد‬
‫‪621‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫الباب األول‪:‬‬
‫ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬النطق واإلقرار بال إله إال اللَّه‪ ،‬هل يع ُّد من‬
‫شروطها؟ ومأخذ من لم يعدّه في الشروط‪.‬‬
‫‪621‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً‪.‬‬
‫وتحته تمهيد‪ .‬وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من ع ّدها سبعة شروط‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬من ع ّدها ثمانية شروط‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬من ع ّدها تسعة شروط‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬من عدها أربعة شروط فقط‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬الجمع والتأليف بين قول من‬
‫عدها ثمانية أو تسعة‬ ‫ع ّدها سبعة شروط وقول من َّ‬
‫شروط؛ وبيان أنه ال فرق سوى اإلجمال والتفصيل‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬من نفى هذه الشروط من‬
‫المعاصرين وزعم أنها من بدع المتأخرين مع بيان‬
‫شبهته ونقدها‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬دليل تعيين هذه الشروط وحص ِرها‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬ذكر بعض اآلثار عن السلف فيها‬
‫الداللة على أن لشهادة أن ال إال الله شروطاً‪.‬‬
‫‪621‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫الباب األول‪ :‬ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال الله‬


‫الفصل األول‪ :‬ع ّد شروط شهادة أن ال إله إال الله إجماالً‪.‬‬
‫وفيه سبعة مباحث وتمهيد‪:‬‬
‫التمهيد‪:‬‬
‫تضمنت أقوال أهل العلم وتقريراتهم لمعنى ((ال إله إال الله)) ما تضممنهه النوموم مم‬
‫الكهاب والسنة‪ ،‬م اشهراط شروط لهحقيق العمل بهذه الكلمة‪ .‬وقد اعهنى بعم أهمل العلمم‬
‫بسممبر هممذه ال ممروط وحوممرها فم عممد ي مم مهفممرك مممهل أهممل العلممم فيهمما‪ ،‬ومنثمور الالت‬
‫الكهاب والسنة عليها‪ .‬وقد لق هذا االجهها القبول عنمد أهمل العلمم‪ ،‬و همر همذا القبمول فم‬
‫أحوال‪:‬‬
‫(‪ )6‬إقرار مبدأ الحور والعد‪.‬‬
‫(‪ )2‬تداوله واإلخبار به وتعليمه‪.‬‬
‫(‪ )3‬االجهها ف تهميمه وإمماله بإضافة معدو آخر إليه‪.‬‬
‫ف مماات ااق موال ف م ع ممد ش ممروط ملم ممة الهوحي ممد عل ممى النح ممو امت م بيا ممه ف م المباح ممث‬
‫ااربعة الهالية‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من ع ّدها سبعة شروط‪.‬‬
‫أمثر العلماا م أئمة الدعوة(‪ )1‬وغيرهم على أن شمروط شمها ة أن ال إلمه إال اللمه سمبعة‪:‬‬
‫العلم واليقمي ‪ ،‬والقبمول‪ ،‬واال قيما ‪ ،‬واإلخمهم‪ ،‬والومدك‪ ،‬والمحبمة‪ .‬ال توم شمها ة الهوحيمد‬
‫إال باجهماعها‪ ،‬وال تنف قائلها إال بهحققها واسهيفائها‪.‬‬
‫وأول م م اصممحل علممى أن هممذه اامممور المهقممدل ذمرهمما ه م شممروط ال إلممه إال اللممه م‬
‫بهذا اإلحواا والهرتيب م هو العهمة عبمد المرحم بم حسم آل ال مي (‪ )2‬م رحممه اللمه م ممما‬

‫د بعد هور عوة ال ي محمد ب عبد الوهاب م رحمه الله م‪،‬‬ ‫(‪ )1‬أئمة الدعوة موحل يحلق على علماا‬
‫يهوس فيه إلى عور شي اإلسهل وم تأثر بدعوته قبل هور عوة ال ي محمد ب عبد الوهاب‪،‬‬ ‫والبع‬
‫وااول أ ك م حيث النسبة‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬ا ظر‪ :‬فه الم يد (م‪ 661 :‬م ‪ ،)661‬والدرر السنية (‪ 231/2‬م ‪ 313 ،211‬م ‪.)313‬‬
‫‪623‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫م عليمه العهممة ابم سمحمان م رحممه اللمه م(‪ )1‬فم مقدمممة اليهمه المسمماة «أشمعة اا موار فيممما‬
‫تضمنهه ال إله إال الله م بعم ااسمرار»(‪ ،)2‬ثمم تبم ال مي عبمد المرحم بم حسم علمى ذلم‬
‫جم م أهل العلم‪ .‬منهم ال ي سليمان ب سحمان(‪ ،)3‬وال ي حافظ حكم (‪.)4‬‬
‫وم المعاصري ‪ :‬ال ي عبد العزيز السلمان(‪ ،)5‬والفوزان(‪ ،)6‬واب جبري (‪.)7‬‬
‫وهممذه ال ممروط السممبعة موجممو ة فم مممهل المهقممدمي م م أهممل العلممم منثممورة فم‬
‫ثنايا تقريراتهم‪ ،‬وإن اخهل فت اصحهحاتهم فم الهعبيمر عنهما؛ حيمث يمن المبع علمى‬
‫أ همما أرمممان ف م اإليمممان‪ ،‬والممبع علممى أ همما أصممل اإليمممان‪ ،‬أو روحم ه‪ ،‬أو حقيقهممه‪ ،‬أو‬
‫فرضم ه مممما سممبقت اإلشممارة إلمى ذلم (‪ )8‬ومممما سمميأت ؛ وال م مماحة فم االصممحه إذا‬
‫اتح ممدت المعم م ا واتفق ممت الالت المب مما ‪ .‬والمه ممأخرون مم م أه ممل العل ممم ق ممد جمعم موا‬
‫مهفرك مهمهم ف اعهبار هذه ال روط‪ ،‬وقرروا ذل بأوجز عبارة وألخ إشارة تقريباً‬
‫لفهمها وتيسيراً لحفظها وضبحها‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬العالم المونف واللسان المداف ع الدعوة السلفية سليمان ب مول ب حمدان ب مسفر الم هور باب‬
‫هر قلب ثم شرع ف‬ ‫سحمان‪ ،‬ولد ف أواخر عال (‪ )6213‬هم ف قرية السقا‪ ،‬وقرأ القرآن على أبيه حهى حفظه ع‬
‫راسة العلول ال رعية فهاجر إلى الرياض والزل ال ي العهمة حمد ب عهيق حهى توف ال ي حمد عال (‪ )6336‬هم‪.‬‬
‫وعينه اإلمال عبد الله ب فيول ماتباً له ثم أخذ م رحمه الله م ير شبه الملحدي ويذب ع اإلسهل وأهله حهى توف عال‬
‫(‪ )6313‬هم على رأس الثما ي م عمره‪ .‬ا ظر‪ :‬علماا د خهل ثما ية قرون (‪ 333/2‬م ‪.)162‬‬
‫حياته وعلمه وتحقيق شعره اب عبد الرحم اب عقيل الظاهري‬ ‫(‪ )2‬ضم مهاب اب سحمان تاري‬
‫(جم‪.)616/3‬‬
‫(‪ )3‬ا ظر‪ :‬م ف ال بهات اله أور ها البغدا ي (م‪ 1 :‬م ‪ ،)1‬والدرر السنية (‪ 112/6‬م ‪.)113‬‬
‫(‪ )4‬ا ظر‪ :‬معارج القبول (‪ 161/2‬م ‪.)163‬‬
‫(‪ )5‬الكواشف ال لية (م‪.)53 :‬‬
‫(‪ )6‬ا ظر‪ :‬محاضرات ف العقيدة والدعوة (م‪ 11 :‬م ‪.)11‬‬
‫(‪ )7‬ا ظر‪ :‬ال ها تان وما يسهلزل مل منهما الب جبري (م‪ 633 :‬م ‪.)662‬‬
‫(‪ )8‬ا ظر‪( :‬م‪ 11 :‬م ‪.)13‬‬
‫‪633‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬من ع ّدها ثمانية شروط‪.‬‬


‫زا ال ي عبد الرحم ب حس آل ال ي إل هذه ال روط السبعة المهقمدل ذمرهما‬
‫شرطاً ثامناً‪ ،‬وهو الكفر بما يعبد م ون الله(‪ )1‬أي‪ :‬الكفر بالحاغوت(‪.)2‬‬
‫و ظمه بع أهل العلم ف قوله‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ِس م م م م موى اإلل م م م م ممه م م م م م م اا م م م م ممدا ق م م م م ممد ألهم م م م م مما‬ ‫وزيم م م م ممد ثامنهم م م م مما الكف م م م م مران من م م م م م ِبمم م م م مما‬
‫وهذا ال رط قد اسهحسنه سماحة ال ي عبد العزيز ب باز م رحممه اللمه م‪ ،‬وعبمر عنمه‬
‫بالبرااة م أي‪ :‬البرااة م ال رك(‪.)4‬‬
‫ومم م عممد ه ف م ال ممروط أيض ماً‪ :‬ال ممي عب ممد الممرحم ب م قاسممم الن ممدي(‪،)5‬‬
‫وعب ر عنه ب رط الكفر بما سوى الله تعالى مما ف (( حاشية ثهثة ااصول))(‪. )6‬‬
‫(‪ )1‬قرة عيون الموحدي (م‪.)35 :‬‬
‫(‪ )2‬وم هنا يمك القول بأن ال ي عبد الرحم ب حس آل ال ي م رحمه الله م له منه ان ف عد هذه ال روط‪:‬‬
‫فيه على أن هذه ال روط سبعة مما ف فه الم يد (م‪ 111 :‬م ‪ ،)113‬ومنهج تفويل ‪،‬‬ ‫منهج إجمال‬
‫حيث زا شرطاً ثامناً على ال روط السبعة وهو الكفر بما يعبد م ون الله مما ف قرة عيون الموحدي (م‪)35 :‬‬
‫بل قال عند عدها‪(( :‬ال إله إال الله قد قميدت ف الكهاب والسنة بقيو ثقال منها)) ثم ذمرها مما يبي أ ه يريد الهفويل‬
‫آخر ف فس المرج المهقدل (م‪ )53 :‬يقول‪(( :‬فه‬ ‫بدليل ملمة (م ) الدالة على الهبعي ‪ .‬مما ده ف‬
‫يسلم م ال رك إال م حقق توحيده وأتى بما تقهضيه ملمة اإلخهم م العلم واليقي والودك واإلخهم والمحبة‬
‫والقبول واال قيا ‪ ،‬وغير ذل مما تقهضيه تل الكلمة العظيمة)) فقوله‪(( :‬وغير ذل مما تقهضيه تل الكلمة العظيمة))‬
‫ليل على أ ه ي ير إلى الهفويل القاض بأن هذه ال روط تزيد على السبعة‪.‬‬
‫وقد يكون له قوالن ف الحور‪ ،‬قول ف الفه أ ها سبعة وآخر ف القرة أ ها ثما ية مما قد يفيده قول النا م‪:‬‬
‫س م م م م م م م مموى اإلل م م م م م م م ممه م م م م م م م م م م اا م م م م م م م ممدا ق م م م م م م م ممد أله م م م م م م م م مما‬ ‫وزي م م م م م م م م ممد ثامنه م م م م م م م م مما الكف م م م م م م م م م مران من م م م م م م م م م م بم م م م م م م م م مما‬
‫ومهماً يك م أمر فإن الحوري ال يهنافيان مما سيأت ف مبحث الهأليف بي قول م عدها سبعة أو ثما ية؛ فه‬
‫اع للضرب على هذا الوتر الحساس ف الههوي م هذا الحور مما هو صني بع المعاصري ‪ ،‬هداهم الله‪.‬‬
‫(‪ )3‬ا ظر‪ :‬ال ها تان وما يسهلزل مل منهما الب جبري (م‪ .)633 :‬وهذا البيت ينسب إلى سعد ب عهيق ولم‬
‫أقف على صحة هذه النسبة‪.‬‬
‫(‪ )4‬ا ظر‪ :‬م موع فهاوى ومقاالت مهنوعة الب باز (‪ 13/3‬م ‪.)13‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬عبد الرحم ب محمد ب قاسم‪ ،‬م آل عاصم‪ ،‬ولد ف قرية البير على بعد مائة ميهً م مدينة الرياض‬
‫سنة ‪ 1511‬هم‪ ،‬و أ بها أة صالحة ثم رحل إلى مدينة الرياض‪ ،‬وأخذ ع علمائها فأخذ ع ال ي عبد الله‬
‫ب عبد اللحيف‪ ،‬والزل ال ي عبد الله العنقري‪ ،‬فكان م أخ تهميذه‪ ،‬مما أخذ ع ال ي سعد ب عهيق‪،‬‬
‫والعهمة سليمان ب سحمان‪ .‬ومان م رحمه الله م حس الخط سري الكهابة‪ ،‬فنس بيده شيئاً مثيراً‪ .‬م مؤلفاته‪:‬‬
‫و ائف رمضان‪ ،‬أصول ااحكال‪ ،‬وله حاشية على مهاب الهوحيد‪ ،‬وأخرى على ااصول الثهثة‪ .‬أصيب بحا ث‬
‫السير فأثر على صحهه إلى أن توف م رحمه الله م سنة (‪ )1513‬هم‪ .‬ا ظر‪ :‬علماا د خهل ثما ية قرون‬
‫للبسال (‪ 303/5‬م ‪.)302‬‬
‫(‪( )6‬م‪.)12 :‬‬
‫‪636‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫وممم م علممى اشممهراطه أيضماً ال ممي عبممد اللحيممف بم عبممد الممرحم بم حسم آل‬
‫ال ي مما ف "موبا الظهل"(‪ ،)1‬و سبه أيضاً إلى ال ي اإلممال محممد بم عبمد الوهماب م‬
‫رحمه الله تعالى م(‪.)2‬‬

‫(‪( )1‬م‪.)613 :‬‬


‫(‪ )2‬ا ظر‪ :‬فس المودر (م‪.)612 :‬‬
‫‪632‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫المبحث الثالث‪ :‬من ع ّدها تسعة شروط‪.‬‬


‫جمماا ف م مممهل بع م البمماحثي ذمممر شممرط تاس م لهممذه ال ممروط‪ ،‬وهممو الموافمماة م أي‬
‫الموت م على شها ة الهوحيد ال إله إال الله(‪.)1‬‬
‫وقممد جمماا ذمممر هممذا ال ممرط فم مممهل بعم المهقممدمي ‪ .‬قممال البيهقم م رحمممه اللممه م‪:‬‬
‫((شرط الوفاة على اإليمان حهى يسهحق خول ال نان))(‪.)2‬‬
‫وال أرى حاجة إلى إفرا هذا ال رط بالذمر‪ ،‬ا ه يدخل ضمناً تحت شرط اال قيما ؛‬
‫ولذا فقد اعهمدت قول م عدها ثما ية ووضعت البحث على ذل ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ذمر هذا ال رط موحفى أبو بويرة ف بحث له بعنوان شروط ال إله إال الله (م‪ )13 :‬عبر اال هر ت‪.‬‬
‫(‪ )2‬االعهقا للبيهق (م‪ )36 :‬طبعة ار الفضيلة‪ ،‬بهحقيق أحمد ب إبراهيم أبو العيني ‪ ،‬ط‪ :‬ااولى (‪ )6123‬هم‪.‬‬
‫‪633‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫المبحث الرابع‪ :‬من َّ‬


‫عدها أربعة شروط‪.‬‬
‫ذمر المعلم م رحمه الله م أن االعهدا بالنحق به إله إال الله له شروط منها‪:‬‬
‫((ااول‪ :‬أن يكممون النحممق علممى سممبيل االعه مراف؛ للقح م بممأن الم ممرك إذا حممق بهمما‬
‫حكاية ع غيره ال يعهد بذل ‪ ،‬مالمسلم إذا حق بكلمة الكفر حكاية ع غيره(‪.)1‬‬
‫الثمما ‪ :‬العلممم بمضمممو ها‪ .‬قممال‪(( :‬والعلممم هممو الممذي يعبممر عنممه أهممل الكممهل بالهوممديق‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الهوديق أخ ))(‪.)2‬‬
‫الثالممث‪ :‬الهسممليم ويعب مر عنممه بالرضمما‪ ،‬وامهفممى جماعممة عنممه بالهوممديق(‪ ،)3‬زاعمممي أ ممه‬
‫يهضمنه(‪.)4‬‬
‫الراب ‪ :‬أن يكون النحق على سبيل االلهزال‪ ،‬أي‪ :‬الهزال أن يعممل طمول عممره بمضممون‬
‫ملمة الهوحيد‪ ،‬وال يخالفها))(‪.)5‬‬
‫هممذه أهممم ااقموال فم عممد شممروط شممها ة أن ال إلممه إال اللممه‪ ،‬وهنمماك تفومميهت أخممرى‬
‫اهل العلم‪ ،‬وسهأت ف ثنايا البحث‪.‬‬

‫(‪ )1‬رف االشهباه (م‪.)32 :‬‬


‫(‪ )2‬المودر فسه (م‪.)32 :‬‬
‫(‪ )3‬يعن ااشاعرة‪ ،‬وسيأت بيان قولهم ف شرط العلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬المودر فسه (م‪.)31 :‬‬
‫(‪ )5‬المودر فسه (م‪.)31 :‬‬
‫‪631‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫المبحثثث الخثثامس‪ :‬الجمثثع والتثثأليف بثثين قثثول مثثن عث ّدها سثثبعة شثثروط وقثثول مثثن عث َّثدها‬
‫أربعة فقط؛ وبيان أنه ال فرق سوى اإلجمال والتفصيل‪.‬‬ ‫ثمانية أو تسعة شروط‪ ،‬أو ٍ‬

‫بالنظر إلى مناح أهل العلم ومذاهبهم ف عد شروط شها ة أن ال إلمه إال اللمه مد‬
‫أن هذه المذاهب والمنماح فم عمدها مخهلفمةً عنمد الهفوميل ال تنماف بينهما عنمد الهحوميل؛‬
‫فالمفول ف قول البع هو م مل ف قول امخر‪.‬‬
‫ومممما يبممي ذل م ‪ :‬أن م م عممدها سممبعة شممروط لممم يغفممل ممما زا ه امخممرون م م شممرط‬
‫الكفر بالحاغوت والموافاة على ملممة الهوحيمد‪ .‬فمالكفر بالحماغوت ال ينمازع فم اعهبماره شمرطاً‬
‫م لم يعده فم ال مروط‪ ،‬ولكم قمد يمراه اخمهً أو منمدرجاً تحمت شمرط اإلخمهم والمحبمة‪،‬‬
‫وذل م لل ممههزل واله ممداخل ال ممديد ب ممي اإلخ ممهم والكف ممر بالح مماغوت وب ممي المحب ممة والكف ممر‬
‫بالحاغوت إذ بهما تمال معناه مما سيأت (‪.)1‬‬
‫وأمما الموافماة علممى ملممة الهوحيمد فهم تمدخل ضمممناً تحمت شمرط اال قيمما ‪ .‬بمل جميم‬
‫ال ممروط ي ممب أن ي موافى عليهمما؛ فيممموت العبممد عالم ماً موقن ماً بمعنممى ال إلممه إال اللممه‪ ،‬صمما قاً‬
‫مخلواً ف قولها‪ ،‬منقا اً قابهً لها‪.‬‬
‫وأما م عدها أربعة شروط فهو يخرج قوله على أمري ‪:‬‬
‫ااول‪ :‬إممما أ ممه ذمممر بع م ال ممروط مممما يمفهمممه قول مه‪(( :‬أن االعهممدا بممالنحق بهمما لممه‬
‫شروط منها))؛ فهكون ((م )) تبعيضية‪.‬‬
‫الثا ‪ :‬أو أ ه امهفى ب رط العلم ع ال روط القلبية ااخرى بدليل أ مه أور مم أ لمة‬
‫شرط العلم أ لة شرط اإلخهم والودك واليقي (‪.)2‬‬
‫وامهفى ب رط الهسليم والرضا ع شرط القبول والمحبة‪.‬‬
‫فالحاصل أن مهمه مهضم لل روط السبعة الم هورة عند أهل العلم‪.‬‬
‫أممما ممما زا ه امخممرون م م شممرط الكفممر بالحمماغوت والموافمماة؛ فممالكهل هنمما مممالكهل‬
‫هناك؛ إذ ال فرك‪ ،‬ما ال أن مهمه قد اشهمل ال روط السبعة الم هورة عند أهل العلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ا ظر‪( :‬م‪ 771 :‬م ‪.)771‬‬


‫(‪ )2‬ا ظر‪ :‬رف االشهباه (م‪ 33 :‬م ‪.)31‬‬
‫‪631‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫فبان إذاً أن هذه ااقوال مهفقمة مؤتلفمة؛ فمما زا ه المبع لمم ينفمه امخمر‪ ،‬ولكم ممنهم‬
‫م م أجم ممل وم ممنهم م م فو مل‪ ،‬والهفو مميل ف ممرع ع م اإلجم ممال؛ وال تع ممارض ب ممي ف ممرع وأص ممله؛‬
‫معنى واحد‪ ،‬وال يحرج على م فول أو أجمل ف حورها‪.‬‬ ‫ف مي هذه ااقوال ترج إلى ً‬
‫والفائ ممدة المهحوم ملة مم م ه ممذا الحو ممر المهق ممدل ه ممو ش ممر ملم ممة الهوحي ممد وإيض مماحها‬
‫وتقريممر أحكامهمما؛ م ممأن تقسمميم الهوحيممد إلممى أقسممال ثهثممة‪ ،‬و حممو ذلم م م تقسمميمات أهممل‬
‫العلم وتفريعاتهم اله يور و ها لهقرير المعلول وتأميد حكمه‪ ،‬وتقريب معناه‪.‬‬
‫وه ممذا الحو ممر ال يعنم م بالض ممرورة أن ال تك ممون أعم ممال القل مموب ااخ ممرى؛ م ممالخوف‬
‫والرجاا والهومل والرغبة والرهبة م أرمان اإليمان وشروط صحة الهوحيد‪ ،‬إال أن هذه ال روط‬
‫الس ممبعة أو الثما يممة المنومموم عليه مما ف م مممهل أهممل العل ممم ه م مااصممول لس ممائر ااعم ممال؛‬
‫فسائر أعمال القلموب ااخمرى مهفرعمة عنهما؛ إذ هم المة عليهما إمما بالهضمم أو بمااللهزال(‪)1‬؛‬
‫فالهومل م ممثهً م همو اخمل تحمت شمرط اإلخمهم؛ ان الهوممل معنماه ال مرع اعهمما القلمب‬
‫علممى اللممه تعممالى ف م جلممب ف م أو ف م ضممر؛ واعهممما القلممب علممى اللممه هممو م م إخممهم‬
‫الهوحيد لله الم يد؛ إذ ال ي وز تعليق الهومل بغير الله تعالى ا ه م ال رك‪.‬‬
‫مما أن الهومل أيضاً م معا يه الثقة باللمه رب العمالمي ‪ ،‬فبهمذا المعنمى يكمون اخمهً‬
‫أيضاً تحت شرط اليقي ‪.‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فالهوممل مرجعمه إلمى علمم العبمد بربمه وأ مه مفهقمر إليمه فم ممل أمموره وفم جميم‬
‫شؤو ه‪ ،‬فبهذا االعهبار يكون الهومل م لوازل العلم والمعرفة بالله ‪.‬‬
‫وفم ذلم يقممول ابم القمميم م رحمممه اللممه م‪(( :‬فممإن الهومممل ي م م أصمملي ‪ :‬علممم القلممب‬
‫وعمله؛ أما علمه‪ :‬فيقينمه بكفايمة وميلمه‪ ،‬ومممال قياممه بمما وملمه إليمه‪ ،‬وأن غيمره ال يقمول مقاممه‬
‫فم ذلم ؛ وأممما عملممه‪ :‬فسممكو ه إلممى وميلممه وطمأ ينهممه إليممه‪ ،‬وتفويضممه وتسممليمه أمممره إليممه‪ ،‬وأن‬
‫غيممره ال يقممول مقامممه ف م ذل م ‪ ،‬ورضمماه بهوممرفه لممه فمموك رضمماه بهوممرفه هممو لنفسممه‪ .‬فبهممذي‬

‫(‪ )1‬الهضم وااللهزال م أ واع الدالالت اللفظية‪ ،‬وأهل العلم يقسمون الدالالت اللفظية إلى ثهثة أقسال؛ ان اللفظ‬
‫إما أن يدل على تمال ما وض له أو ال‪ .‬وااول المحابقة مداللة البيت على الم موع المرمب م السقف‬
‫وال دار وااس‪ .‬والثا ‪ :‬إما أن يكون على جزا مسماه أوال؛ وااول اللة الهضم ؛ مداللة البيت على ال دار‬
‫اعة‪ .‬ا ظر‪ :‬اإلبهاج‬ ‫اللة االلهزال مداللة ااسد على ال‬ ‫أن يكون خارجا ع مسماه وه‬ ‫فقط‪ .‬والثا‬
‫للسبك (‪.)303/1‬‬
‫‪631‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫ااصمملي يهحقممق الهومممل‪ ،‬وهممما جماعممه‪ ،‬وإن مممان الهومممل خممل فم عمممل القلممب مم عملممه‬
‫ممما قممال اإلمممال أحمممد‪ :‬الهومممل عمممل القلممب‪ ،‬ولكم ال بمد فيممه مم العلممم وهممو إممما شممرط فيممه‬
‫وإما جزا م ماهيهه))(‪.)1‬‬
‫وأما الرجاا والخوف(‪ )2‬فهما م لوازل شرط اال قيا العمل بحقموك ال إلمه إال اللمه؛‬
‫ا مه مهممى ا قممد ف م قلبممه قمما الخمموف والرجمماا تحممرك للعمممل طلب ماً للخممهم م م الخمموف‬
‫ورغبةً ف حوول المرجو‪ ،‬فيكون محققاً ل رط الخوف والرجاا‪.‬‬
‫يقممول ابم تيميممة م رحمممه اللممه م مقممرراً ذلم ‪(( :‬وإذا مممان اإل سممان ال يهحممرك إال راجيماً‪،‬‬
‫وإن مممان راهبماً خائفماً لممم يسم إال فم الن مماة‪ ،‬ولممم يهممرب إال مم الخمموف‪ ،‬فالرجمماا ال يكممون‬
‫إال بممما يلقممى ف م فسممه م م اإليعمما بممالخير الممذي هممو طلممب المحبمموب‪ ،‬أو ف موات المكممروه‪.‬‬
‫فكل بن آ ل له اعهقا فيه توديق ب ا وتكذيب ب م ا‪ ،‬ولمه قومد وإرا ة لمما يرجموه ممما‬
‫هممو عنممده محبمموب ممكم الوصممول إليممه‪ ،‬أو لوجممو المحبمموب عنممده‪ ،‬أو لممدف المكممروه عنممه‪.‬‬
‫والله خلق العبد يقود الخير فيرجوه بعمله‪ ،‬فإذا مذب بالحق فلمم يومدك بمه ولمم يمرج الخيمر‬
‫فيقوده ويعمل له مان خاسراً بهرك توديق الحق وطلب الخير)) ا ههى محل الغرض(‪.)3‬‬
‫مممما أن للخمموف تعلقماً ب ممرط العلممم مم جهممة ممالممه و قوممه‪ ،‬فكلممما مممان العبممد باللممه‬
‫أعلم مان له أطوع وأخوف مما قال تعالى‪ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [فاطر‪.)4(]21 :‬‬
‫وأيضاً فالخوف الذي يو به اإليمان إ مما يهولمد م ممما قمال ابم القميم م مم تومديق‬
‫الوعيد وذمر ال ناية ومراقبة العاقبة(‪ ،)5‬فيكون م لوازل الهوديق بمعنى ال ها ة‪.‬‬
‫وه ممذا بخ ممهف الرغب ممة فهم م تهولم مد مم م مهحظ ممة اإليع مما ب ممالخير‪ ،‬فهك ممون مم م لم موازل‬
‫الهوديق بالوعد ااخروي(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬طريق اله رتي (م‪.)313 :‬‬


‫(‪ )2‬الخوف والرجاا م شروط شها ة أن ال إله إال الله ان الضابط لهذه ال روط هو مل عمل قلب أو جارح‬
‫ترمه مفر‪ ،‬وترك الخوف والرجاا مفر بإجماع العلماا‪ .‬وحد الخوف الذي ترمه مفر هو الخوف الباعث لهحقيق‬
‫أصل ا قيا القلب وال وار ‪ ،‬ومذا حد الرجاا الذي ترمه مفر والذي هو شرط ف شها ة أن ال إله إال الله هو‬
‫الرجاا الباعث لهحقيق أصل ا قيا القلب وال وار ‪.‬‬
‫(‪ )3‬م موع الفهاوى (‪ .)55/1‬وا ظر‪ :‬مدارج السالكي (‪.)111/1‬‬
‫(‪ )4‬ا ظر‪ :‬طريق اله رتي (م‪ 123 :‬م ‪.)121‬‬
‫(‪ )5‬مدارج السالكي (‪.)313/1‬‬
‫‪631‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫مممما أن الخمموف والرجمماا لهممما تعل مق ب ممرط المحبممة م م جهممة تحققهمما‪ ،‬فممه تهحقممق‬
‫المحبة إال بهما‪ ،‬فهكون المحبة مهضمنة لهما‪.‬‬
‫يقول اب القيم م رحممه اللمه م‪(( :‬ومقمال المحبمة جمام لمقمال المعرفمة والخموف والرجماا‬
‫معنى يلهئم م هذه ااربعة وبها تحققها))(‪.)2‬‬ ‫واإلرا ة؛ فالمحبة ً‬
‫قلممت‪ :‬ولعممل وجممه ذل م م واللممه أعلممم م‪ ،‬فممتن المحبممة ال تسممهقر إال بعممد العلممم والمعرفممة‬
‫بوممفات المحبمموب الهم اجلهمما يحمب؛ فممإن للمحبممة اعيممان م مممما قممرر ذلم ابم القمميم م هممما‪:‬‬
‫ال هل وال مال(‪.)3‬‬
‫مممما أن الخمموف والرجمماا واإلرا ة مم البواعممث علممى العمممل‪ ،‬والمحبممة ه م أصممل مممل‬
‫عمل‪.‬‬
‫يقممول شممي اإلسممهل م رحمممه اللممه م‪(( :‬الحممب أصممل مممل عمممل م م حممق وباطممل‪ ،‬وهممو‬
‫أصل ااعمال الدينية وغيرها))(‪.)4‬‬
‫فثبت أن تحقيق المحبة يكون بالخوف والرجاا‪ ،‬واإلرا ة م العلم‪.‬‬
‫وأما الحياا م الله تعالى فهو اخل ف معنى الخوف‪.‬‬
‫فب ممان إذن أن أعم ممال القل مموب ااخ ممرى اخل ممة فم م ش ممروط ال إل ممه إال الل ممه‪ ،‬وال ممروط‬
‫السممبعة الممة عليهمما؛ إممما تضمممناً أو اسممهلزاماً‪ ،‬فممه وجممه للقممد فم هممذا الحوممر‪ ،‬والههمموي مم‬
‫شأ ه بل هو م مما سيأت م حور اسهقرائ تال(‪.)5‬‬
‫وبع م م المعاص م مري أ كم ممر صم ممحة هم ممذا الحوم ممر ف م م مو هم مما سم ممبعة بمم مما زا ه الم ممبع‬
‫عليها(‪ ،)6‬وحاصل الدف أ ه لم يفرك بي اإلجمال والهفويل(‪.)7‬‬
‫مممممممممم‬
‫(=‪ )1‬ا ظر‪ :‬م موع الفهاوى (‪.)55/1‬‬
‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪.)631/6‬‬
‫(‪ )3‬ا ظر‪ :‬ال واب الكاف (م‪.)316 :‬‬
‫(‪ )4‬قاعدة ف المحبة (م‪ .)663 :‬وا ظر‪ :‬ال واب الكاف (م‪.)331 ،336 :‬‬
‫(‪ )5‬وذل باعهبار اإلجمال ال باعهبار الهفويل‪ ،‬ان الحور الهال مما سيأت هو ال امل الذي ال يقبل الزيا ة أو‬
‫النق ‪ ،‬فهذه ال روط باعهبار اإلجمال حاصرة ل روط ال إله إال الله أما باعهبار اافرا واا واع فه ليست‬
‫بحاصرة‪ ،‬وهذا اهر فيما تقدل‪.‬‬
‫(‪ )6‬ا ظر‪ :‬قواعد ومسائل ف توحيد اإللهية لل ي عبد العزيز الريس (م‪.)173 :‬‬
‫(‪ )7‬ا ظر‪( :‬م‪ )150 :‬حاشية رقم (‪.)3‬‬
‫‪631‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬
‫‪633‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫المبحث السادس‪ :‬من نفى هذه الشثروط مثن المعاصثرين وزعثم أنهثا مثن بثدع المتثأخرين‬
‫مع بيان شبهته ونقدها‪.‬‬
‫تقدل معنا م قريباً م أن همذه ال مروط مقمررة فم ممهل أهمل العلمم منثمورة فم مهمهمم إال أن‬
‫أهممل البممدع علممى عمما تهم فم اله ممغيب علممى أهممل الحممق حمل موا علممى المهممأخري م م أهممل السممنة‬
‫وألبسوهم لباس البدعة؛ حيث زعموا أن القول بهذه ال روط م بدع المهأخري م أهمل السمنة‪.‬‬
‫وقد خلت هذه ال بهة حهى على بع المنهسبي إلى العلم والسنة‪.‬‬
‫وأول ه م ممور ه م ممذا اإل ك م ممار يرجم م م إل م ممى م م ممهل الكرامي م ممة(‪ )1‬أتب م مماع محم م ممد بم م م مم م مرال‬
‫الس سممها (‪ )2‬حيممث زعممم أن اإليمممان هممو م ممر النحممق واإلق مرار م باللسممان ون القلممب م؛‬
‫فأخرج أعممال القلموب وال موار عم مسممى اإليممان(‪ .)3‬ومم ذلم شمروط شمها ة أن ال إلمه‬
‫إال الله؛ إذ ه أصل اعمال ال وار والقلوب‪ ،‬فهدخل خوالً أوليماً فم عمدل اعهبارهما عنمده‬
‫ف صحة اإليمان‪.‬‬
‫والكهل ف الر على هؤالا الكرامية سيأت ف موضعه م إن شاا اللمه تعمالى م عنمد‬
‫مناق ممة مم جعممل النحممق واإلقمرار ال ممرط ااوحممد لوممحة اإليمممان‪ ،‬ا ممه اا سممب واالوممق‬
‫مقاماً به‪.‬‬

‫اف ل ميعها‬ ‫(‪ )1‬بل جمي طوائف المرجئة محبقون على ف هذه ال روط؛ ولك بي مقل ومكثر؛ فم‬
‫مالكرامية‪ ،‬وم اف لبعضها على خهف بينهم ف وع المنف منها‪ ،‬وسيأت بيان القدر المنف و وعه عند مل‬
‫طائفة ف ثنايا تفويل هذه ال روط‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬محمد ب مرال الس سها ‪ ،‬رأس الفرقة الكرامية‪ ،‬م المرجئة الغهة‪ ،‬مان عامياً ال يقرأ وال يكهب؛ فكان يمل‬
‫على أصحابة م بنيان أفكاره‪ ،‬ومان يزعم أن معبو ه جسم له ٌّ‬
‫حد و هاية‪ ،‬فحر م س سهان‪ ،‬فاسهقر به المقال‬
‫بنيسابور‪ ،‬فكان يظهر الزهد والهق ف‪ ،‬ومان يقول أن اإليمان قول اللسان ون اعهقا القلب وعمل اارمان‪.‬‬
‫ا ظر‪ :‬الفرك بي الفرك للبغدا ي (م‪ 261 :‬م ‪ ،)221‬والبرهان للسكسك (م‪.)31 :‬‬
‫(‪ )3‬ا ظر‪ :‬مقاالت اإلسهميي لتشعري (‪ )223/6‬والفرك بي الفرك (م‪ ،)223 :‬والبرهان للسكسك (م‪.)31 :‬‬
‫وال دير بالذمر أن الكرامية ال تنكر وجوب أعمال القلوب‪ ،‬مالمعرفة والهوديق و حوهما‪ ،‬ولك تقول‪ :‬ال تدخل‬
‫ف اسم اإليمان حذراً م تبعضه وتعد ه‪ ،‬ا هم رأوا م مما سيأت ف شبههم م أ ه ال يمك أن يذهب بعضه ويبقى‬
‫بعضه‪ ،‬بل ذل يقهض أن ي هم ف القلب إيمان ومفر‪ ،‬واعهقدوا اإلجماع على ف ذل ‪ ،‬مما ذمر هذا‬
‫اإلجماع ااشعري وغيره‪[ .‬م موع الفهاوى (‪ )331/1‬بهورف يسير]‪.‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫وقد تأثر بهؤالا الكرامية بعم المهمأخري ممم ينهسمب إلمى العلمم والسمنة‪ ،‬فظهمر فم‬
‫مهمهم النف لهذه ال روط إما توريحاً وإما تلويحاً‪ .‬ومم قال بنف همذه ال مروط صمراحة‬
‫رج ممل ه ممر قبملن مما بالس ممو ان ينهس ممب إل ممى العل ممم والس ممنة حي ممث زعم مم أن ه ممذه ال ممروط مم م ب ممدع‬
‫السلفيي (‪ ،)1‬وأن أول م قعد وأصل لها ال ي اإلمال محمد ب عبد الوهاب م رحممه اللمه م بمل‬
‫ذهممب إلممى أبعممد مم ذلم ‪ ،‬فقممال‪ :‬لمميس فم اإلسممهل شم ا اسمممه شممروط ال إلممه إال اللممه(‪ )2‬ثممم‬
‫أخذ يهناق ف مهمه؛ فهارة يقول‪ :‬إ هما شمروط مممال؛ وتمارة يقمول‪ :‬أ هما شمروط صمحة بمي‬
‫العبد وربه وشروط ممال بي العبا ‪ ،‬فأتى بموحلحات حا ثة لمم يسمبقه إليهما أحمد مم أهمل‬
‫السممنة‪ .‬ولمميس لممه شممبهة إال قولممه أن القممول بهممذه ال ممروط مرمممب إلممى تكفيممر اامممة‪ .‬والممر علممى‬
‫مهمه م عدة جهات‪:‬‬
‫ااولى‪ :‬قوله أن هذه ال مروط مم بمدع السملفيي ‪ :‬ممهل غيمر محم ابق للواقم ‪ ،‬فهمو‬
‫مذب عليهم‪ ،‬فالسلفيون هم أهمل السمنة‪ ،‬وهمم المذي يقهفمون آثمار مم مضم وا مم سملف‬
‫هممذه اامممة مم الوممحابة والهممابعي ‪ ،‬وهممم فم اعهبممار هممذه ال ممروط مقهفممون مثممارهم؛ فقممد‬
‫جاا ف مهل السلف ااوائل ما يدل على أن ل (( ال إله إال اللمه)) شمروطاً‪ .‬فقمد روى ابم‬
‫أب الد يا ف مهابه (( حس الظ بالله))(‪ )3‬بإسنا ه إلى الحسم (‪ )4‬أ مه قمال للفمرذ ك(‪،)5‬‬
‫وهممو يممدف امرأتممه‪ :‬ممما أعممد ت لهممذا اليممول(‪)6‬؟ فقممال الفممرذ ك‪ :‬شممها ة أن ال إلممه إال اللممه منممذ‬
‫(‪ )1‬يعن المهأخري مم ينسبون إلى السلف ويحرصون على اقهفاا آثارهم‪ ،‬والسير بسيرهم ف االعهقا والعمل‪.‬‬
‫أ هر‬ ‫ويحلق عليهم السلفيون‪ .‬وال محظور ف هذه النسبة‪ .‬قال شي اإلسهل م رحمه الله م‪(( :‬ال عيب على م‬
‫مذهب السلف وا هسب إليه واعهزى إليه ‪ ..‬فإن مذهب السلف ال يكون إال حقاً)) ا ههى‪[ .‬م موع الفهاوى‬
‫(‪.)613/1‬‬
‫(‪ )2‬ا ظر‪ :‬م ازفات ع يش‪ ،‬لتخ زار هاشم‪.‬‬
‫(‪( )3‬م‪ )11 :‬رقم (‪ ،)632‬وأور ه الحافظ اب رجب ف ملمة اإلخهم (م‪.)63 :‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬الحس ب يسار البوري مولى اا وار سيد الهابعي ف زما ه بالبورة‪ ،‬قال الذهب ف ترجمهه‪(( :‬مان ثقة‬
‫ف فسه‪ ،‬ح ة رأساً ف العلم والعمل‪ ،‬عظيم القدر‪ ،‬وقد بدت منه هفوة ف القدر لم يقودها لذاتها‪ ،‬فهكلموا‬
‫فيه فما الهفت إلى مهمهم‪ ،‬ا ه لما حوقق عليها تبرأ منها)) مات سنة ع ر ومائة‪ .‬ا ظر‪ :‬ميزان االعهدال‬
‫(‪ ،)216/2‬وتقريب الههذيب (م‪)231 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬همال ب غالب ب صعوعة‪ ،‬م بن تميم‪ ،‬شاعر م هور بلقبه‪ ،‬منيهه أبو فراس‪ ،‬ومان يه ي مل البيت‪.‬‬
‫يغلب على شعره الفخر‪ ،‬توف سنة (‪ )661‬هم‪ .‬ا ظر‪ :‬يوا ه (م‪ 1 :‬م ‪.)1‬‬
‫(‪ )6‬ف الحبقات الب سعد (‪(( :)613/1‬ما أعد ت لهذا المض ؟))‪.‬‬
‫‪616‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫سممبعي سممنة‪ .‬قممال الحس م م رحمممه اللممه م‪ (( :‬عممم العممدة‪ .‬لك م ل ممهإله إال اللممه شممروط‪ ،‬فإيمماك‬
‫وقذف المحونة))(‪.)1‬‬
‫وقيل للحس ‪ :‬إن اساً يقولون‪ :‬م قال ال إله إال الله خل ال نمة؟ فقمال‪ :‬مم قمال‪:‬‬
‫ال إله إال الله‪ ،‬فأ ى حقها وفرضها خل ال نة(‪.)2‬‬
‫وقممال وهممب بم منبممه(‪ )3‬لمم سممأله‪ :‬ألمميس ال إلممه إال اللممه مفهمما ال نممة(‪)4‬؟ قممال‪ :‬بلممى‪،‬‬
‫ولك ليس مفها إال له أسنان؛ فإن جئت بمفها له أسنان فه ل ‪ ،‬وإال لم يفه ل (‪.)5‬‬
‫وقد فسرت أسنان المفها ب روط شها ة أن ال إله إال الله(‪.)6‬‬
‫فهبممي أن القممول بممأن ل م((شممها ة أن ال إلممه إال اللممه)) شممروطاً قممول قممديم قممال بممه السمملف‪،‬‬
‫وليس هو م بدع المهأخري مما زعمه هذا القائل‪.‬‬
‫الجهثثة الثانيثثة‪ :‬قولممه لمميس فم اإلسممهل شم ا اسمممه شممروط ال إلممه إال اللممه‪ .‬إن أرا بممه االسممم‪،‬‬
‫فهو مذل ؛ فلم ير هذا االصحه ف القرآن وال ف السمنة‪ .‬أمما إن أرا المسممى فهمو ممما‬
‫ور ف القرآن والسنة؛ إذ ما م شرط م هذه ال روط إال وعليه أمثر م ليل م الكهاب‬

‫(‪ )1‬بهذا اللفظ أور ه الحافظ اب رجب ف ملمة اإلخهم (م‪ .)63 :‬وأصله ف الحبقات الب سعد‬
‫(‪ ،)613/1‬وعند اب أب شيبة ف المونف (‪ .)211/1‬وهو حس بم موع طرقه ورواياته‪ .‬ا ظر‪ :‬أقوال‬
‫الهابعي ف مسائل الهوحيد واإليمان لعبد العزيز المبدل (م‪.)131 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الهيم ف مهابه الح ة وبيان المح ة (‪ ،)612/2‬وف سنده الحس ب عميرة‪ ،‬وهو م هول‪ .‬ولك‬
‫ااثر ي هد له ما قبله‪ .‬ا ظر‪ :‬أقوال الهابعي ف العقيدة (‪ 132/2‬م ‪.)133‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أبو عبد الله الونعا اابناوي م بفه الهمزة وسكون الموحدة بعدها ون م‪ ،‬عالم اليم ‪ ،‬م مبار الهابعي‬
‫وفضهئهم‪ ،‬ولد ف آخر خهفة عثمان روى ع أبو هريرة وعبد الله ب عمر واب عباس وأب سعيد وجابر‬
‫وغيرهم م رض الله عنهم أجمعي ‪ .‬وعنده م علم الكهاب ال ا الكثير‪ ،‬وحديثه ف الوحيحي ‪ .‬توف سنة أرب‬
‫ع رة ومائة‪ .‬ا ظر‪ :‬ال ر والهعديل (‪ ،)21/3‬وتذمرة الحفاظ (‪.)636/6‬‬
‫(‪ )4‬ي ير السائل إلى قوله م صلى الله عليه وسلم م‪(( :‬إن مفها ال نة ال إله إال الله))‪ .‬خرجه اإلمال أحمد ف المسند‬
‫(‪ .)212/1‬قال الحافظ اب رجب‪ :‬إسنا ه منقح [ملمة اإلخهم (م‪.])66 :‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري ف مهاب الهاري الكبير (‪ ،)31/6‬وعلقه ف أول مهاب ال نائز م صحيحه‪ ،‬وأخرجه أبو عيم‬
‫ف الحلية (‪ ،)11/1‬وف صفة ال نة (جم‪ )33/2‬رقم (‪ ،)636‬والبيهق ف ااسماا والوفات (‪ )211/6‬رقم‬
‫(‪ ،)231‬ووصله الحافظ اب ح ر ف تغليق الهعليق (‪.)111/2‬‬
‫(‪ )6‬ا ظر‪ :‬ملمة اإلخهم الب رجب (م‪.)66 :‬‬
‫‪612‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫أو الس ممنة‪ .‬والعب ممرة بالمع مما ال باالف مماظ والمب مما ؛ والحك ممم عل ممى االف مماظ ون النظ ممر إل ممى‬
‫المعا اهرية مرفوضة‪ .‬والقح أن مرا ه الثا ان زاعه ف اعهبار هذه المعا ‪.‬‬
‫الجهة الثالثة‪ :‬قوله أن القول بهذه ال روط مرمب إلمى تكفيمر ااممة‪ ،‬همو مم ال همل بأصمول‬
‫أهل السنة؛ فإن أهل السنة م وهم القائلون بهذه ال روط م مم أمثمر النماس ورعماً وأبعمدهم عم‬
‫تكفيممر المعينممي ؛ إذ مم أصمولهم المقممررة أن مم ثبممت إسممهمه بيقممي ال يخممرج منممه إال بيقممي ‪،‬‬
‫وأ ممه ال يكفممر المسمملم إال بعممد تمموفر ال ممروط وا هفمماا الموا م ‪ .‬مممما أ هممم ال ينقبممون عممما ف م‬
‫قلمموب النمماس تأس مياً بإمممامهم وقممدوتهم محمممد ‪ ‬القائممل‪« :‬إ م لممم أأمممر أن أ قممب عممما ف م‬
‫قلمموب النمماس»(‪ ،)1‬والقائممل‪« :‬هممه شممققت ع م قلبممه»(‪ )2‬بممل يحكمممون بالظمماهر ويكلممون أمممر‬
‫السرائر إلى الله تعالى‪.‬‬
‫يقول اإلمال الححاوي م رحمه الله م‪(( :‬وال مهد علميهم بكفمر‪ ،‬وال ب مرك‪ ،‬وال بنفماك‬
‫ما لم يظهر منهم ش ا م ذل ‪ ،‬و ذر سرائرهم إلى الله تعالى))(‪.)3‬‬
‫فالمقرر عندهم أن مل م تلفظ بال ها تي هو باك على إسهمه‪ ،‬ال يزول عنه اسم‬
‫اإلسهل إال إذا أتى بناق م واق اإلسهل المعروفة عند أهل العلم(‪.)4‬‬
‫وم ذل فمالهكفير لميس احمد ممنهم بمل همو حكمم شمرع للمه ولرسموله ‪ )5(‬ينحبمق‬
‫على م تلبس بمه‪ ،‬ولكم أهمل السمنة قمد وضمعوا لمه ضموابط مسمهفا ةً مم الكهماب والسمنة(‪)6‬؛‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري ف مهاب المغازي‪ ،‬باب‪ :‬بعث عل ب أب طالب وخالد ب الوليد رض الله عنهما إلى اليم‬
‫(‪.)6311‬‬ ‫(‪ ،)1316‬ومسلم ف مهاب الزماة (‪)112/2‬‬ ‫قبل ح ة الو اع (جم‪)623/1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري ف مهاب اإليمان م صحيحه (‪ )61/6‬حديث رقم (‪ ،)21‬ومسلم ف مهاب اإليمان‬
‫(‪ )31/6‬حديث رقم (‪ )611‬مههما م حديث أسامة ب زيد رض الله عنهما‪.‬‬
‫(‪ )3‬الححاوية م شرحها الب أب العز (م‪.)316 :‬‬
‫اإلسهل الع رة لل ي محمد ب عبد الوهاب م رحمه الله م ضم م موع مؤلفاته‬ ‫واق‬ ‫(‪ )4‬ا ظر‪ :‬لهذه النواق‬
‫(‪ 311/6‬م ‪.)311‬‬
‫‪ ))5‬يقول اإلمال أحمد م رحمه الله م ((فإن اإلي اب والهحريم والثواب والعقاب والهكفير والهفسيق هو إلى الله ورسوله‬
‫ليس احد ف هذا حكم وإ ما على الناس إي اب ما أوجبه الله ورسوله وتحريم ما حرمه الله ورسوله وتوديق ما‬
‫أخبر الله به ورسوله))‪ .‬قهً ع م موع الفهاوى (‪ .)111/1‬وا ظر‪ :‬فس المودر (‪.)121/62‬‬
‫‪ ))6‬لضوابط الهكفير عند أهل السنة ينظر‪ :‬م موع الفهاوى (‪ ،)133/21‬وشر الححاوية الب أب العز (م‪:‬‬
‫‪ 231‬م ‪ ،)331‬والهكفير وضوابحه عند أهل السنة للدمهور إبراهيم ب عامر الرحيل ‪.‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫فالقول بهذه ال روط ال يسهلزل الهكفير‪ ،‬ولك اإلخهل بهذه ال مروط همو المسمهلزل للهكفيمر‬
‫وذل وفقاً للضوابط المقررة عند أهل السنة ف تكفير المعي ‪.‬‬
‫واإلخهل بهذه ال روط أمر يظهر على ال وار ‪ ،‬وذل للههزل بي الظماهر والبماط ؛‬
‫ففسمما الظمماهر ممرتبط بفسمما البمماط مممما أن صممهحه ممرتبط بوممه البمماط ‪ .‬وقممد ل علممى‬
‫ذلم قولممه م صمملى اللممه عليممه وسمملم م‪(( :‬أال وإن فم ال سممد مضممغة إذا صمملحت صممل ال سممد‬
‫مله‪ ،‬وإذا فسدت فسد ال سد مله أال وه القلب))(‪. )1‬‬
‫وفم هممذا يقممول شممي اإلسممهل م رحمممه اللممه م‪(( :‬العمممل الظمماهر الزل للعمممل البمماط ال‬
‫ينف عنه‪ ،‬وا هفاا الظاهر ليل ا هفاا الباط ))(‪ .)2‬ويقول‪(( :‬ثمم القلمب همو ااصمل؛ فمإذا ممان‬
‫فيممه معرفممة وإرا ة سممرى ذل م إلممى البممدن بالضممرورة‪ ،‬ال يمك م أن يهخلممف البممدن عممما يريممده‬
‫القل ممب‪ ،‬وله ممذا ق ممال النبم م ‪« :‬أال وإن فم م ال س ممد مض ممغة إذا ص مملحت ص ممل له مما س ممائر‬
‫ال سد أال وه القلمب» ‪.....‬؛ فمإذا ممان القلمب صمالحاً بمما فيمه مم اإليممان علمماً وعممهً‬
‫قلبيماً لممزل ضممرورة صممه ال سممد بممالقول الظمماهر والعمممل‪ ،‬فاإليمممان المحلممق(‪ )3‬مممما قممال أئمممة‬
‫أهممل الحممديث‪ :‬قممول وعمممل‪ ،‬قممول بمماط و مماهر‪ ،‬وعمممل بمماط و مماهر‪ ،‬والظمماهر تمماب للبمماط‬
‫الزل له‪ ،‬مهى صل البماط صمل الظماهر‪ ،‬وإذا فسمد فسمد‪ .‬ولهمذا قمال مم قمال مم الومحابة‬
‫ع المول العابث‪ :‬لو خ قلب هذا لخ عت جوارحه))(‪.)4‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فإن ال خ قد يهكلم بكهل يحكمم بموجبمه عليمه با هفماا همذه ال مروط مم‬
‫قلبه؛ مم سمعناه يقول‪ :‬إ ه ي ف صحة ي اإلسهل‪ ،‬أو ف صدك النب عليه الوهة‬
‫والسهل‪ ،‬أو قال‪ :‬قلت ال إله إال الله وأ ا مبغ لها‪ ،‬أو ول ا قا لحقوقها‪ ،‬فهذا مافر ا مه‬
‫قد شر بالكفر صدراً وأبان عما ف قلبه(‪.)5‬‬

‫(‪( )12‬جم‪ 22/6‬م ‪ ،)23‬ومسلم مهاب‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري ف مهاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬فضل م اسهبرأ لدينه‬
‫(‪.)6133‬‬ ‫المساقاة (‪ 6263/3‬م ‪)6223‬‬
‫(‪ )2‬م موع الفهاوى (‪.)111/1‬‬
‫(‪ )3‬ف م موع الفهاوى العبارة‪(( :‬والعمل باإليمان المحلق)) وه غير مسهقيمة‪.‬‬
‫(‪ )4‬المودر فسه (‪.)611/1‬‬
‫)‪ ) 5‬ا ظر‪ :‬مغن المريد ال ام ل رو مهاب الهوحيد (‪ 313/6‬م ‪.)316‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫(‪)1‬‬
‫م‪ ،‬حيممث‬ ‫ومم ذلم أيضماً قممول مم يقممول‪ :‬إن الز ممديق ال تقبممل توبهممه م مممما سمميأت‬
‫يحكم بكفره ف الظاهر‪ ،‬لكو ه يرج احهمال عدل صدقه ف الباط ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬قوله أن هذه ال روط شروط ممال هو خهف المقمرر عنمد أهمل العلمم مم أهمل السمنة؛‬
‫ف ممإ هم ق ممد و موا عل ممى أ ه مما ش ممروط ص ممحة؛ ف ممه تنف م ش ممها ة الهوحي ممد م عن ممدهم م قائله مما إال‬
‫باجهماع هذه ال روط وتحققها‪.‬‬
‫يقول ال ي عبمد المرحم بم حسم آل ال مي م رحممه اللمه م‪(( :‬ال بمد فم شمها ة أن‬
‫ال إله إال الله م سبعة شروط‪ ،‬ال تنف قائلها إال باجهماعها))(‪ )2‬ثم عدها‪.‬‬
‫وقال حافظ حكم م رحمه الله م ف ظمه سلم الوصول‪:‬‬
‫وف م م م م م م وم م م م م مموم ال م م م م م موح حق م م م م م ماً ور ت‬ ‫وب م م م م م م م م م ممروط سم م م م م م م م م ممبعة قم م م م م م م م م ممد قميم م م م م م م م م ممدت‬
‫(‪)3‬‬
‫ب م م م م م م م م م م م ممالنحق إال حي م م م م م م م م م م م ممث يسهكملم م م م م م م م م م م م م ممها‬ ‫فإ م م م م م م م م م م م م م ممه لم م م م م م م م م م م م م ممم ينهف م م م م م م م م م م م م م م قائلهم م م م م م م م م م م م م مما‬
‫مما أن القول بأ ها شمروط مممال ال شمروط صمحة موافمق لقمول الكراميمة مم المرجئمة‬
‫القممائلي بممأن اإليمممان هممو اإلق مرار بال ممها تي ‪ ،‬وأن ااعمممال غيممر اخلممة ف م أصممله‪ ،‬وق مولهم‬
‫مبه ممدع فم م اإلس ممهل‪ ،‬وق ممد ب ممدعهم الس مملف‪ ،‬ومث ممر كي ممرهم عل مميهم؛ ومهمه ممم فم م تب ممديعهم‪،‬‬
‫وت ديد اإل كار عليهم م هور عنمد أهمل السمنة وسميأت ذممر طمرف منمه فم موضمعه إن شماا‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫خامس ماً‪ :‬قولممه‪ :‬بممأن هممذه ال ممروط شممروط صممحة بممي العبممد وربممه وشممروط ممممال بممي العبمما ‪،‬‬
‫موحل حا ث بل فاسد‪ .‬فقوله‪ :‬أ ها شروط صحة بي العبد وربه يلزل منه حور الكفر ف‬
‫الباط فقط‪ ،‬وهمو ممذهب المرجئمة‪ .‬ومفمر البماط ال سمبيل احمد إلمى معرفهمه والك مف عنمه‪،‬‬
‫وعليممه فممه يهحقممق مفممر مممافر قممط إال بممالن الخممام ف م شممخ شممخ (‪ ،)4‬وهممو خممهف‬
‫المقرر عند أهل العلم؛ إذ المقرر عندهم أن ااحكال جميعها مبناها على الظاهر‪.‬‬

‫(‪ )1‬ا ظر‪( :‬م ‪.)131‬‬


‫(‪ )2‬فه الم يد (م‪.)661 :‬‬
‫(‪ )3‬معارج القبول شر سلم ااصول (‪ 161/2‬م ‪.)163‬‬
‫(‪ )4‬إيثار الحق على الخلق ف ر الخهفات (م‪.)313 :‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫يقممول اإلمممال ال ممافع م رحمممه اللممه م‪(( :‬إ ممما ملممف العبمما الحكممم علممى الظمماهر م م‬
‫القول‪ ،‬أو الفعل‪ ،‬وتولى الله الثواب على السرائر ون خلقه))(‪.)1‬‬
‫وقممد حكممى الحممافظ اب م ح ممر م رحمممه اللممه م اإلجممماع علممى هممذه القاعممدة‪ ،‬فقممال‪:‬‬
‫((وملهم أجمعوا على أن أحكال الد يا على الظاهر‪ ،‬والله يهولى السرائر‪ ،‬وقد قال م صملى اللمه‬
‫عليممه وسمملم م اسممامة‪« :‬هممه شممققت ع م قلبممه»‪ .‬وقممال للممذي سمماره ف م قهممل رجممل‪« :‬ألمميس‬
‫يول ؟» قال‪ :‬عم‪ .‬قال‪ :‬أولئ الذي هيت ع قهلهم))(‪.)2‬‬
‫ويقممول شممي اإلسممهل م رحمممه اللممه م فم توضممي هممذه القاعممدة‪(( :‬وقممد يكممون فم بممه‬
‫الكفمر مم همو مممؤم فم البمماط يكممهم إيما مه مم ال يعلمم المسمملمون حالمه‪ ،‬إذا قمماتلوا الكفممار‬
‫فيقهلو ممه‪ ،‬وال يمغسممل‪ ،‬وال يومملى عليممه‪ ،‬ويممدف م م الم ممرمي ‪ ،‬وهممو ف م امخممرة م م المممؤمني‬
‫أهل ال نة‪ ،‬مما أن المنافقي ت رى عليهم ف الد يا أحكال المسلمي ‪ ،‬وهمم فم امخمرة فم‬
‫الدرك ااسفل م النار؛ فحكم الدار امخرة غير حكم الدار الد يا))(‪.)3‬‬
‫وقممد أجممرى أهممل العلممم هممذه القاعممدة ف م جمي م ااحكممال‪ ،‬ف م إثبممات اإلسممهل وف م‬
‫اإلخ مراج ع م ائرتممه‪ ،‬وف م الهفسمميق والهبممدي ‪ ،‬وف م حقمموك العب مما بعضممهم عل ممى بع م وف م‬
‫منامحاتهم وسائر معامهتهم‪.‬‬
‫ومممما يممدل علممى إج مرائهم هممذه القاعممدة ف م مسممائل الهكفيممر خاصممة قممول اب م ح ممر‬
‫الهيهم اقهً ع القاض عياض(‪ )4‬ومقراً له‪(( :‬وما ذمره اهر إذ المدار فم الحكمم بمالكفر‬
‫على الظواهر‪ ،‬وال ظر بالمقوو والنيات))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬اال (‪.)113/2‬‬


‫(‪ )2‬الفه (‪.)213/62‬‬
‫(‪ )3‬را الهعارض‪.)133/1( :‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬عياض ب موسى ب عمرو ب موسى اليحوب السبه المالك ‪ ،‬أبو الفضل الم هور بالقاض عياض‪،‬‬
‫محدث فقيه أصول مفسر‪ ،‬عالم باللغة وأشعار العرب وأيامهم وأ سابهم‪ ،‬وهو شاعر خحيب‪ ،‬أصله م‬
‫اا دلس‪ ،‬ولد بسبهة سنة (‪ .)131‬م م ايحه‪ :‬القاض أبو الوليد ب رشد‪ ،‬وأبو الحاهر السلف ‪ ،‬وأبو بكر ب‬
‫العرب ‪ .‬م مونفاته الكثيرة‪(( :‬اإلممال ف شر صحي مسلم)) أممل به ((المعلم ف شر مسلم)) للمازري‪،‬‬
‫و((ترتيب المدارك ف ذمر فقهاا مذهب مال ))‪ ،‬توف بمرامش سنة ((‪ )111‬هم‪.‬‬
‫ا ظر‪ :‬وفيات ااعيان (‪ 113/3‬م ‪ ،)111‬الديباج المذهب (‪ 11/2‬م ‪ ،)16‬وسير أعهل النبها (‪ 262/23‬م ‪.)261‬‬
‫(‪ )5‬اإلعهل بقواط اإلسهل الب ح ر الهيهم (م‪.)61 :‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫ال هممة السا سممة‪ :‬وقولممه بأ همما شممروط ممممال بممي العبمما هممو مم غرائبممه وفرائممده‪ .‬وهممو محهمممل‬
‫لقممول باطممل موجممو ‪ ،‬ولقممول فاسممد إليممه غيممر مسممبوك؛ فممإن قوممد بممه أ همما شممروط ممممال ف م‬
‫أحكال الد يا‪ ،‬بمعنى أ ه ال يكفر المسلم بفقدها‪ ،‬فهمذا قمول غاليمة المرجئمة ممما تقمدل‪ .‬وإمما‬
‫إن قود به أن تفاضل الناس ف الد يا فيما بينهم يكون وفمقاً لهحقيق هذه ال روط‪ ،‬فهمذا ال‬
‫يقوله عاقل‪ ،‬ان تفاضل الناس ومراتبهم ف اإليمان ال علم احمد مم النماس بمه‪ ،‬بمل همو مم‬
‫الغيب الذي ال يعلممه إال اللمه ‪ ،‬والخموض فيمه مم بماب تعلميم اللمه تعمالى بمما فم القلمب‪،‬‬
‫وهممو سمموا أ ب مم اللممه تعممالى‪ .‬قممال تعممالى‪ :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ (‪[ )1‬الح م مرات‪ .]61 :‬ولكم م مم م ور ال ممن فم م تفض مميله ج مماز لن مما‬
‫تفضيله مما ف السن ع أب بكرة ع النب ‪ ‬قال‪« :‬هل رأى أحد ممنكم رأيما؟»‪ .‬فقمال‬
‫رجل‪ :‬أ ا‪ .‬رأيت مأن ميزا ماً مزل مم السمماا فوز مت أ مت وأبمو بكمر فرجحمت أ مت بمأب بكمر‬
‫ثم وزن أبو بكر وعمر فرج أبو بكر ثم وزن عمر وعثمان فرج عمر ثم رف الميزان فاسمهاا‬
‫لهمما النب م ‪ .‬فقممال‪« :‬خهفممة بمموة ثممم يممؤت اللممه المل م م م ي مماا»(‪ .)2‬قممال أبممو بكممر ب م‬
‫عيمما (‪ )3‬م معلقماً علممى هممذا الحممديث م‪ :‬ممما سممبقهم أبممو بكممر بوممهة وال صمميال ولكم ب م ا‬
‫وقر ف قلبه(‪.)4‬‬

‫‪ ))1‬ا ظر‪ :‬مهل اب سعدي م رحمه الله م ف تفسير هذه امية ف تفسيره (م‪.)132 :‬‬
‫(‪ ،)1131‬والهرمذي ف مهاب الرأيا‪ ،‬باب ما‬ ‫(‪ )2‬أخرجه أبو او ف مهاب السنة‪ ،‬باب الخلفاا (‪)231/1‬‬
‫(‪ )2211‬وقال‪ :‬حس صحي ‪ ،‬ورواه أحمد ف المسند (‪)13 ،11/1‬‬ ‫جاا ف رأيا النب ‪)111/1( ‬‬
‫والحامم ف المسهدرك (‪ .)16/3‬وقال‪ :‬صحي على شرط ال يخي ولم يخرجاه‪ .‬وحكم االبا بأ ه صحي‬
‫مما ف صحي سن الهرمذي (‪.)6111‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أبو بكر ب عيا ب سالم ااسدي الكوف المقرىا‪ ،‬الحناط‪ ،‬بمهملة و ون‪ ،‬م هور بكنيهه‪ ،‬وااص أ ها‬
‫اسمه‪ ،‬وقيل‪ :‬اسمه محمد أو عبد الله أو سالم أو شعبة أو رأبة أو مسلم أو خدا أو محرف أو حما أو‬
‫حبيب ع رة أقوال‪ ،‬ثقة عابد‪ ،‬إال أ ه لما مبر ساا حفظه‪ ،‬ومهابه صحي ‪ ،‬م السابعة‪ ،‬مات سنة أرب وتسعي‬
‫بعد المئهي ‪ ،‬وقيل‪ :‬قبل ذل بسنة أو سنهي ‪ ،‬وقد قارب المائة‪ ،‬وروايهه ف مقدمة مسلم‪[ .‬تقريب الههذيب (م‪:‬‬
‫‪.])1111‬‬
‫(‪ )4‬أور ه الع لو ف م ف الخفاا (‪ )211/2‬وقال ذمره الغزال ف اإلحياا‪ ،‬وقال مخرجه العراق ‪ :‬لم أجده‬
‫مرفوعاً‪ ،‬وهو عند الحكيم الهرمذي‪ ،‬وأبو يعلى ع عائ ة وأحمد ب مني ع أب بكر مههما مرفوعاً‪ ،‬وقال ف‬
‫النوا ر‪ :‬إ ه م قول بكر ب عبد الله المز ‪ .‬ا ههى‪ .‬وا ظر‪ :‬منهاج السنة (‪ ،223/1‬و‪.)133/1‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫إال أن االحهمال ااول ينقضه قوله‪(( :‬إ ها شروط صحة بي العبد وربه))‪ ،‬فلم يبمق إال‬
‫االحهمال الثا ‪ ،‬وهو ال يخرج م رأس ذي عقل للمعا (‪.)1‬‬
‫ومم م ألم م إلممى ف م هممذه ال ممروط أيض ماً صمماحب مهمماب "الهكفيممر جممذوره أسممبابه‬
‫مبرراتممه" حيممث قممال فم ((م‪ ))611:‬منممه‪ ...(( :‬مم مممل ذلم وأمثالممه يهضم جليماً أن النحممق‬
‫بال ها ة يكف للحكمم لوماحبها باإلسمهل‪ ،‬وال نملث أن نعثع لثذل شثروطاً لثم يبلبهثا‬
‫الشارع الحكيم))‪ .‬اهم‪.‬‬
‫وقد بن هذا القول على أ لة م ال رع‪ ،‬مفا ها‪ :‬أن ال خ إذا قال ال إله إال الله‬
‫ال يحالب بأمثر مم ذلم ‪ ،‬وال يسمأل همل قمال ال مها ة بمإخهم وصمدك ويقمي ‪ .‬فمذمر مم‬
‫ذل ‪ :‬قوة ذات أ واط‪ ،‬وفيها طلب بع الوحابة م النب ‪ ‬أن ي عمل لهمم ذات أ مواط‬
‫مممذات أ مواط الم ممرمي الهم ممما وا ينوطممون بهمما أسمملحههم طلبماً للحممرز والبرمممة‪ .‬ومم ذلم لممم‬
‫ي ممر النبم ‪ ‬علمميهم شممها تهم بممدليل أ ممه لممم يحممالبهم بإعا تهمما‪ ،‬بممل قممال‪« :‬قلممهم والممذي فممس‬
‫محمممد بيممده مممما قالممت بنممو إسمرائيل لموسممى‪ :‬اجعممل لنمما إلهماً مممما لهممم آلهممة‪ ،‬قممال‪ :‬إ كممم قممول‬
‫ت هلون»(‪.)2‬‬
‫واالسهدالل بهذا الحديث على ف شروط شها ة أن ال إله إال الله غير مهوجمه‪ .‬بمل‬
‫هممو ٌّال علممى هممذه ال ممروط بممدليل أن النب م ‪ ‬أ كممر علمميهم ق مولهم‪ ،‬وشممبه قممالهم بقممال بن م‬
‫إس مرائيل لموسممى‪(( :‬اجعممل لنمما إله ماً مممما لهممم آلهممة))‪ ،‬فلممو ممما وا غيممر محممالبي ب ممروط تحقيممق‬
‫ملم ممة الهوحي ممد لم مما م ممان ل‪ .‬ك ممار عل مميهم مس مما ‪ .‬وغاي ممة م مما فم م ه ممذا الح ممديث أن العلم مماا‬
‫يسهدلون بمه علمى مسمألة العمذر بال همل فم مسمائل االعهقما فم حمق مم ممان حمديث عهمد‬

‫أن حفظ هذه ال روط‬ ‫(‪ )1‬قلت‪ :‬وقد يريد معنىً حقاً‪ ،‬ولك ال يدل عليه اللفظ‪ ،‬وهو أن يقود بذل‬
‫وإحوااها شرط ممال‪ ،‬فالذي يعلم هذه ال روط م تحقيقها لها أممل مم ال يعلم هذه ال روط إال أ ه‬
‫محقق لها‪ .‬ولك القول بأ ها شروط ممال موحل شرع ال يعبر به على هذه الوورة اله قد يريدها القائل؛‬
‫فالواجب الهعبير باالفاظ المبينة وترك االفاظ الم ملة‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الهرمذي ف جامعه (‪ )162/1‬حديث رقم (‪ ،)2613‬وأحمد ف المسند (‪ ،)261/1‬واب أب شيبة‬
‫ف المونف (‪ ،)113/1‬وعبد الرزاك ف المونف (‪ ،)313/66‬وأبو يعلى (‪ ،)33/3‬والحبرا ف الكبير‬
‫(‪ )211/3‬رقم (‪ ،)3233‬وأور ه الهيثم ف الم م (‪ )21/1‬وقال‪ :‬رواه الحبرا وفيه مثير ب عبد الله‪،‬‬
‫هل ال نة‬ ‫وقد ضعفه ال مهور‪ ،‬وحس الهرمذي حديثه‪ .‬قلت‪ :‬وحس إسنا ه العهمة االبا م رحمه الله م ف‬
‫ف تخريج السنة الب أب عاصم (م‪.)31:‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫بإسممهل‪ ،‬ولممم يممهمك بمعممد مم العلمم بهفاصمميل شممعب اإليمممان‪ ،‬وممما يناقضممها‪ ،‬بممل آمم إيما ماً‬
‫م مهً فوق منه موع شرك‪ ،‬فه يكفر بذل (‪.)1‬‬
‫وم ال بهات اله أور ها أيضاً وبنى عليها فيه لهذه ال روط‪ :‬قوة ااعرابم المذي‬
‫سأل النب ‪ ‬ع شرائ اإلسهل‪ ،‬فلمما أخبمره بهما ا ومرف وهمو يقمول‪(( :‬واللمه ال أزيمد عليهما‬
‫ش مميئاً))‪ .‬فق ممال ‪ ‬معقبم ماً عل ممى قول ممه‪« :‬أفلم م إن ص ممدك»(‪ .)2‬ق ممال‪ :‬ففم م ه ممذا الح ممديث ل ممم‬
‫يحال ممب ااعرابم م ب ممأمثر مم م ق ممول ال إل ممه إال الل ممه وفع ممل الو ممهة والزم مماة والو ممول ف ممأي ه ممذه‬
‫ال روط؟‬
‫ثممم أضمماف‪ :‬ومم المعممروف أن بعم ااعمراب مممان يقممف علممى رسممول اللممه ‪ ‬يسممأله‬
‫ثم يسلم وينورف‪ ،‬ولم يحع أحد ف إسهل هؤالا وأمثالهم(‪.)3‬‬
‫وي اب ع اسهدالله بهذا الحديث م جههي ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أ ه لم ير ف أي لفظ م ألفاظ الحمديث أن النبم ‪ ‬أممر ااعرابم بقمول ال إلمه إال اللمه‪،‬‬
‫وعلى ذل فه يو االسهدالل بهذا الحديث ف موض النمزاع‪.‬‬
‫ثا يماً‪ :‬علممى فممرض ورو اامممر بال ممها ة إال أن الممرواة لممم ينقلوهمما اخهومماراً ل ممهرتها مممما ذهممب‬
‫إليه بع أهل العلم(‪ )4‬فال واب م ثهثة أوجه‪:‬‬

‫(‪ )1‬ا ظر‪ :‬م ف ال بهات ضم مؤلفات ال ي محمد ب عبد الوهاب‪ ،‬القسم ااول‪ ،‬العقيدة وام اب اإلسهمية‬
‫(م‪.)611 :‬‬
‫وا ظر‪ :‬ف تقرير هذه المسألة‪ :‬الهمهيد الب عبد البر (‪ ،)12/61‬وم موع الفهاوى (‪.)166/66‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري ف مهاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬الزماة م اإلسهل (جم‪ )23/6‬حديث رقم (‪ ،)11‬ومسلم ف مهاب‬
‫اإليمان (‪ )16/6‬حديث رقم (‪ 1‬و‪.)63‬‬
‫(‪ )3‬الهكفير جذوره أسبابه مبرراته (م‪ .)611 :‬قلت‪ :‬وال ير هنا أ ه يقود بكهمه عدل الهوقف ف إسهل م حق‬
‫بال ها تي حهى يعلم منه تحقق هذه ال روط‪ ،‬ا ه اسهدل بقوة ذات أ واط على عدل المحالبة بهذه ال روط‬
‫مما يدل على أ ه ي ن إلى ف هذه ال روط وعدل اعهبارها محلقاً مما هو اهر اسهدالله‪ .‬وتوضيحه‪ :‬أن‬
‫أصحاب ذات أ واط قد اسهقر إسهمهم فالذي حول منهم هو بعد قولهم ال إله إال الله‪ ،‬فلو مان مرا ه أن ال‬
‫يسأل م حق بال ها تي هل قالها مسهكمهً لهذه ال روط لما اسهدل بهذه القوة‪ ،‬فاسهدالله بهذه القوة‬
‫ليل فيه لهذه ال روط‪ ،‬وقد يكون له قود آخر معهبر‪ ،‬ولك ح حاممه على اهر مهمه ال على ما ف‬
‫قلبه و يهه ان االفاظ مما قيل قوالب المعا ‪ .‬والله تعالى أعلم بمرا عبا ه‪.‬‬
‫(‪ )4‬ا ظر‪ :‬فه الباري (‪.)631/6‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫الوجه ااول‪ :‬أن ف هذا الحديث ما يدل علمى اعهبمار همذه ال مروط بمدليل أن النبم ‪ ‬أممر‬
‫ااعراب م بالوممهة والزم مماة والوممول بعممد ال ممها تي ‪ ،‬وهممذه ااعمممال ٌّال بعض ممها علممى شممرط‬
‫اال قيمما العمل م مممما سمميأت (‪ .)1‬مممما أن قولممه ‪« :‬أفل م إن صممدك» فيممه إشممارة إلممى شممرط‬
‫الودك؛ إذ أ اط النب ‪ ‬فه ااعراب ف امخرة بودقه ف الهزال ما أأمر به‪ ،‬وم ذلم‬
‫الوممدك ف م شممها ة الهوحيممد‪ ،‬والوممدك أيض ماً مهضممم ل ممرط اإلخممهم واليقممي ‪ .‬مممما أن‬
‫قولممه‪(( :‬واللممه ال أزيممد علممى ذل م وال أ ق م )) ال علممى قبولممه لممما أأمممر بممه‪ ،‬وا قيمما ه لممذل ‪.‬‬
‫وأيضاً م يئه إلى النب ‪ ‬وإسهمه بي يديه م طائعماً مخهماراً م ال علمى محبهمه لهمذه الكلممة‬
‫ولما تقهضيه م إخهم الهوحيد لله تعالى و بذ ال رك والهنديد‪.‬‬
‫الوجممه الثمما ‪ :‬أن المخمماطبي زم م البعثممة ممما وا عرب ماً أقحاح ماً خلو ماً يفهمممون معنممى الخحمماب؛‬
‫ولممذل لممما أمممر النب م ‪ ‬م ممرم العممرب بممأن يقول موا‪ :‬ال إلممه إال اللممه‪ .‬اسممهنكروا قممائلي م مممما‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [م‪،]1 :‬‬ ‫ﭸﭹ ﭺ‬ ‫حكممى اللممه تعممالى عممنهم م‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫وذلم لعلمهممم بممما تقهضميه هممذه الكلمممة وتسممهلزمه مم إخممهم الهوحيممد للممه تعممالى والبمرااة مم‬
‫ال رك وأهله‪ .‬ولك لما بمعد الناس ع عهد الرسالة وشابت الع مة لغة العمرب بسمبب خمول‬
‫ااعاجم وخاصة الفرس ف اإلسهل ووق الهمأثر بعلمم الكمهل حومل االشمهباه عنمد بعم النماس‬
‫ف معا مثير مم االفماظ ال مرعية‪ ،‬ومم ذلم لفمظ ((اإللمه)) ولفمظ ((المرب)) فماحهيج إلمى همذا‬
‫البيان لمعنى ملمة الهوحيد وما تقهضيه وتسهلزمه‪.‬‬
‫وحول هذا المعنى يقول أبو ااعلى المو و ي م رحمه الله م‪...(( :‬أ مه لمما مزل القمرآن‬
‫ف العرب وعرض على الناطقي بالضما ‪ ،‬ممان حينئمذ يعمرف ممل اممرا ممنهم مما معنمى ((اإللمه))‬

‫وممما الممرا ب((الممرب))؛ ان ملمهم اإللممه والممرب ما همما مسممهعملهي فم مهمهممم مم ذي قبممل‪،‬‬
‫وما وا يحيحون علماً ب مي المعا اله تحلقان عليها‪ .‬وم ثم إذا قيل لهم‪ :‬ال إلمه إال اللمه‬
‫‪ ،‬وال رب سواه وال شمري لمه فم ألوهيهمه وربوبيهمه‪ ،‬أ رمموا مما عموا إليمه تمامماً‪ ،‬وتبمي لهمم مم‬
‫غير ما لبس وال إبهال أي ش ا هو الذي قمد فماه القائمل ومنم غيمر اللمه أن يوصمف بمه‪ ،‬وأي‬
‫ش ا قد خومه وأخلومه للمه تعمالى؛ فالمذي مفمروا إ مما مفمروا عم بينمة ومعرفمة بكمل مما يبحلمه‬
‫وينعى عليه مفره بألوهيمة غيمر اللمه وربوبيهمه‪ ،‬وممذل مم آمم فقمد آمم عم بينمة وبوميرة بكمل‬
‫العقيممدة ااخممذ بممه أو اال سممهخ عنممه‪ ،‬ومممذل ما ممت ملمهمما ((العبمما ة))‬ ‫ممما يوجممب قبممول تل م‬

‫(‪ )1‬ا ظر‪( :‬م‪.)110 :‬‬


‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫و((الدي )) شائعهي ف لغههم؛ وما وا يعلمون مما العبمد‪ ،‬ومما الحمال الهم يعبمر عنهما بالعبو يمة‪،‬‬
‫وم مما ه ممو المنه مماج العمل م ال ممذي يحل ممق علي ممه اس ممم ((العب مما ة)) وم مما مغ ممزى ((ال ممدي ))‪ ،‬وم مما ه م‬
‫المعمما الهم ت ممهمل عليهمما هممذه الكلمممة؟ وم م ثممم إذا قيممل لهممم‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫وا خلموا فم يم اللممه منقحعممي عم اا يممان ملهمما ممما أخحممأأا فم فهممم هممذه الممدعوة الهم جمماا‬
‫به مما الق ممرآن‪ .‬وم مما إن قرع ممت ملماته مما أس ممماعهم حه ممى تبين موا‪ :‬أي مموع م م الهغيي ممر ف م ظ ممال‬
‫حياتهم جاات تحالبهم به تل الدعوة‪.‬‬
‫ولكم م فم م الق ممرون الهم م تل ممت ذلم م العو ممر الزاه ممر جعل ممت تهب ممدل المع مما ااص مميلة‬
‫الوممحيحة ل مي م تل م الكلمممات‪ ،‬تل م المعمما اله م ما ممت شممائعة بممي القممول عوممر ممزول‬
‫القرآن‪ ،‬حهى أخذت تضيق مل ملمة م تلكم الكلمات اارب عما ما مت تهسم لمه وتحميط‬
‫بممه م م قبممل‪ ،‬وعمما ت منحوممرة ف م معممان ضمميقة محممدو ة‪ ،‬ومخووصممة‪ ،‬بمممدلوالت غامضممة‬
‫م هبهة‪ .‬وذل لسبي اثني ‪ :‬ااول‪ :‬قلة الذوك العرب السليم و ضوب معي العربية الخالومة‬
‫ف العوور المهأخرة‪ ،‬والثا ‪ :‬أن الذي ولدوا ف الم هم اإلسهم و أوا فيه لم يك قد‬
‫بق م له ممم م م مع مما ملم ممات ((اإلل ممه)) و((ال ممرب)) و((العب مما ة)) و((ال ممدي )) م مما م ممان ش ممائعاً ف م‬
‫الم هم ال اهل وقت زول القرآن‪.‬‬
‫واجممل هممذي السممببي أصممب اللغويممون والمفسممرون ف م العوممور المهممأخرة ي ممرحون‬
‫أمثممر ملمممات القممرآن ف م معمماجم اللغممة ومهممب الهفسممير بالمعمما اله م فهمهمما المهممأخرون م م‬
‫المسلمي بدالً م معا يها اللغوية ااصيلة‪ .‬و و م ذل أمثلة‪:‬‬
‫إن ملمة ((اإلله)) جعلوها مأ ها مهرا فة م ملمة ااصنال وااوثان‪.‬‬
‫وملمممة ((الممرب)) جعلوهمما مهرا فممة م م الممذي يرب م وين م ‪ ،‬وللممذات القائمممة بممأمر تربيممة‬
‫الخلق وتن ئههم‪.‬‬
‫وملمة ((العبا ة)) جعلوها ف معا الهأله والهنس والخضوع والوهة بي يدي الله‪.‬‬
‫وملمة ((الدي )) جعلوها ظيراً لكلمة ((النحلة))‪.‬‬
‫وملمة ((الحاغوت)) فسروها بالونم أو ال يحان‪.‬‬
‫فك ممان النهي ممة أن تع ممذر عل ممى الن مماس أن ي ممدرموا حه ممى الغ ممرض الحقيق م م والمقو ممد‬
‫ال وهري م عوة القرآن‪ ،‬فمإذا عماهم القمرآن أال يهخمذوا مم ون اللمه إلهماً‪ ،‬نموا أ همم وفمموا‬
‫محالبة القرآن حقها لما ترموا ااصنال واعهزلموا ااوثمان؛ والحمال أ همم ال يزالمون مه مبثي بكمل‬
‫‪616‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫مما يسممعه ويحميط بممه مفهمول ((اإللممه)) مما عممدا ااوثمان وااصممنال‪ ،‬وهمم ال ي ممعرون أ همم بعملهممم‬
‫ذل قد اتخذوا غير الله آلهاً(‪ .)1‬وإذا ا اهم القمرآن أن اللمه تعمالى همو المرب فمه تهخمذوا مم‬
‫ون اللممه رب ماً‪ ،‬قممالوا‪ :‬همما ح م أوالا ال عهقممد أحممداً م م ون اللممه مربي ماً لنمما ومهعهممداً امر مما‪،‬‬
‫وبذل مملت عقيدتنا ف باب الهوحيد(‪ ،)2‬والواق أ ه قد أذعم أمثمرهم لربوبيمة غيمر اللمه مم‬
‫حيممث المع مما ااخممرى اله م تحل ممق عليهمما ملم ممة ((ال ممرب)) غيممر ه ممذا المعن ممى م المرب م م وإذا‬
‫خم مماطبهم القم ممرآن‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحم ممل‪ ]31 :‬قم ممالوا‪ :‬ال عبم ممد ااوثم ممان‪ ،‬و م ممبغ‬
‫ال يحان و لعنه وال خ إال لله‪ ،‬فقد امهثلنا همذا ااممر القرآ م أيضماً امهثماالً‪ ،‬والحمال أ همم‬
‫ال يزالون مهمسمكي بأذيمال الحواغيمت ااخمرى غيمر ااصمنال المنحوتمة مم ااح مار(‪ ،)3‬وقمد‬
‫خووا سائر ضروب العبا ة م اللهم إال الهأله(‪ )4‬م لغيمر اللمه‪ ،‬وقمل مثمل ذلم فم ((المدي ))‪ ،‬فإ مه‬
‫ال يفهمم النماس مم معنمى إخمهم المدي للممه تعمالى غيمر أن ينهحمل الممرا مما يسممو ه ((الديا ممة‬
‫اإلسممهمية)) وأال يبقممى فم ملممة الهنمما ك أو اليهممو أو النوممارى‪ .‬ومم ههنمما يممزعم مممل مم هممو‬
‫معممدو م م أهممل الديا ممة اإلسممهمية أ ممه قممد أخل م ين ممه للممه‪ ،‬والحممق أن أغلبيممههم مم م لممم‬
‫يخلوموا يممنهم للممه تعممالى مم حيممث المعمما الواسممعة الهم ت ممهمل عليهمما ملمممة ((الممدي ))(‪.)5‬‬
‫ا ههى‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن هذا الحديث م إن سلم إطهقه م مقيد بأحا يث أخرى فيها الهنوي علمى‬
‫أن ال ها ة ال تنف قائلهما إال ب مروط؛ مقولمه ‪(( :‬مم قمال ال إلمه إال اللمه مخلوماً بهما قلبمه‬
‫خممل ال نممة))(‪ ،)6‬ومقولممه‪(( :‬إن اللممه حممرل علممى النممار مم قممال ال إلممه إال اللممه يبهغم بممذل وجممه‬

‫(‪ )1‬لعله يقود هنا شرك القبورية‪ ،‬وهو الهعلق بأهل القبور ف جلب المناف و ف المضار وتفسير ذل بأ ه توسل‬
‫بااموات وليس عبا ة لهؤالا المقبوري ان مفهول العبا ة عندهم ه عبا ة ااوثان وااصنال مما مان يون أهل‬
‫يهحذلق فيقول‪ :‬إن ال رك هو اعهقا الفاعلية ف غير الله‪ ،‬و ح ال عهقد ف أهل‬ ‫ال اهلية ااولى‪ .‬والبع‬
‫القبور هذه الوفة‪ ،‬وهذا سببه االشهباه ف لفظ ((العبا ة)) و((اإلله)) مما سبقت اإلشارة إلى ذل ‪.‬‬
‫(‪ )2‬لعله ي ير إلى مذهب المهكلمي ف تفسير معنى الهوحيد ف العبا ة بأ ه توحيد الربوبية‪ ،‬فيخلحوا بي معنى‬
‫((اإلله)) وبي معنى ((الرب))‪.‬‬
‫(‪ )3‬قلت‪ :‬مالقبور و حوها‪.‬‬
‫(‪ )4‬يريد الوهة مما تقدل ف تفسيره لمعنى الهأله‪.‬‬
‫(‪ )5‬الموحلحات ااربعة ف القرآن اب ااعلى المو و ي (م‪ 1 :‬م ‪.)66‬‬
‫(‪ )6‬سبق تخري ه ف (م‪.)622 :‬‬
‫‪612‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫الله))(‪ ،)1‬ومقوله ‪(( :‬م قال ال إله إال اللمه موقنماً بهما قلبمه خمل ال نمة))(‪ )2‬وغيمر ذلم ممما‬
‫سيأت ف ثنايا هذا البحث‪.‬‬
‫وثمممة ج مواب م مممل علممى قولممه‪ ...(( :‬م م مممل ذل م وأمثالممه يهض م جلي ماً أن النحممق‬
‫بال ممها ة يكف م للحكممم لومماحبها باإلسممهل‪ ،‬وال مل م أن ض م لممذل شممروطاً لممم يحلبهمما‬
‫ال ارع الحكيم)) بأن يقال‪ :‬أن هذا ف أحكال الد يا يحكم بإسهل م حق بال ها ة‪ ،‬وال‬
‫يسأل عما ف قلبه هل قالها بودك وإخهم ويقي أل همو مماذب فم قولهما‪ .‬وأمما عنمد اللمه‬
‫تعالى فإن إسهل م حق بال ها تي ال يو إال بهحقق هذه ال روط‪.‬‬
‫وم ذل فقد يحكم على م قال‪ :‬ال إله إال الله بالكفر فم المد يا إذا همر منمه مما‬
‫يدل على اإلخهل بهذه ال روط‪ ،‬ممالوقوع فم ال مرك‪ ،‬أو حمو ذلم مم المكفمرات‪ ،‬ولكم‬
‫بعد توفر ال روط وا هفاا الموا ‪.‬‬
‫فالعبممد محالممب بهممذه ال ممروط لهوممحي إسممهمه وتحقيممق إيما ممه فيممما بينممه وبممي ربممه‪،‬‬
‫وأممما ثبمموت إسممهمه ف م الظمماهر فهممو يكممون بم ممر النحممق بال ممها تي ‪ ،‬فه ممرى عليممه أحكممال‬
‫اإلسهل ف الد يا‪ .‬والله يهولى سرائر العبا ف ااخرى‪.‬‬
‫وم ال بهات الهم أثارهما بعم المعاصمري (‪ )3‬أن القمول بهمذه ال مروط يقهضم الهوقمف‬
‫ف إسهل م حق بال ها تي حهى يهبي م حاله‪ ،‬وهو مخالف للنووم الدالة على أن مم‬
‫قال‪ :‬ال إله إال الله حكم بإسهمه‪ ،‬ومان ذل القول عاصماً لدمه وماله(‪.)4‬‬
‫فيقممال ف م ر هممذه ال ممبهة أن القممول بهممذه ال ممروط ال يعن م الهوقممف ف م إسممهل م م‬
‫حق بال ها ة وال يسهلزل ذلم ؛ ان اإلسمهل الحكمم يقحم بمه لكمل مم حمق بال مها تي‬
‫حكاية ع فسه‪ ،‬وإ ما يهوقف ف اإلسهل المن م عنمد اللمه فم امخمرة‪ ،‬فهمذا ال يقحم بمه‬
‫احد إال م ل الدليل على اته‪ ،‬ولهذا مان السلف يسهثنون ف هذا النوع م اإلسهل؛‬

‫(‪ )1‬رواه البخاري ف مهاب الرقاك‪ ،‬باب العمل الذي يبهغ به وجه الله (جم‪ 223/1‬م ‪ )226‬رقم (‪.)1123‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أب يعلى ف المسند (‪ ،)36/66‬والحبرا ف ااوسط (‪ )231/6‬رقم (‪ )111‬وأبو عيم ف الحلية‬
‫(جم‪.)362/1‬‬
‫‪ ))3‬ا ظر‪ :‬مغن المريد ال ام ل رو مهاب الهوحيد (‪ 121/2‬م ‪.)133‬‬
‫مااهم وأموالهم إال‬ ‫‪ ))4‬يعن قوله ‪( :‬أمرت أن أقاتل الناس حهى ي هدوا أن ال إله إال الله فإذا قالوها عوموا من‬
‫بحقها‪ ،‬وحسابهم على الله عز وجل)‪.‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫وذلم ان هممذا اإلسمهل هممو ال مام لخوممال اإليمممان المقهضم لكمالممه‪ ،‬وهمو أمممر مغيممب ال‬
‫[الممن م‪:‬‬ ‫ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫يعلمممه إال اللممه جممل وعممه مممما قممال تعممالى‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ‬
‫‪.]32‬‬
‫يقول شي اإلسهل م رحمه الله م‪(( :‬بل المرا أ ه إذا أتى بالكلمة خمل فم اإلسمهل‪،‬‬
‫وهذا صحي ‪ ،‬فإ ه ي هد له باإلسهل‪ ،‬وال ي مهد لمه باإليممان المذي فم القلمب‪ ،‬وال يسمهثنى‬
‫ف همذا اإلسمهل‪ ،‬ا مه أممر م مهور‪ ،‬لكم اإلسمهل المذي همو أ اا الخممس ممما أممر بمه يقبمل‬
‫االسممهثناا‪ ،‬فاإلسممهل الممذي ال يسممهثنى فيممه ال ممها تان باللسممان فقممط فإ همما ال تزيممد وال تممنق‬
‫فه اسهثناا فيها))(‪ )1‬اهم‪.‬‬
‫وقال ف موضم آخمر‪(( :‬وتعليمل أحممد وغيمره مم السملف مما ذممروه فم اسمم اإليممان‬
‫ي م ا فم اسممم اإلسممهل‪ ،‬فممإذا أريممد باإلسممهل الكلمممة فممه اسممهثناا فيممه‪ ،‬مممما م عليممه أحمممد‬
‫وغيره‪ .‬وإذا أريد به م فعل الواجبمات الظماهرة ملهما‪ ،‬فاالسمهثناا فيمه ماالسمهثناا فم اإليممان‪،‬‬
‫ولممما مممان مممل م م أتممى بال ممها تي صممار مسمملماً مهمي مزاً ع م اليهممو والنوممارى ت ممري عليممه‬
‫أحكال اإلسهل اله ت ري على المسلمي مان هذا مما ي زل به به اسهثناا فيه‪ ،‬فلهذا قال‬
‫الزهري‪ :‬اإلسهل الكلمة‪ ،‬وعلى ذل وافقه أحمد وغيره))(‪ )2‬ا ههى‪.‬‬
‫فمعلم م هذه النقول أن أهل السنة يفرقمون بمي اإلسمهل الحكمم واإلسمهل المن م‬
‫عنممد اللممه فم الممدار امخممرة؛ فاإلسممهل الحكمم يكممون علممى الظمماهر‪ ،‬فمم قممال ال إلممه إال اللممه‬
‫حاميماً عم فسمه حكمموا بإسممهمه‪،‬ولم ينقبموا ع م باطنممه هممل هممو صمما ك فم ذلم القممول أل‬
‫ماذب‪ ،‬بل هذا ما ال سبيل إليه ألبهة‪.‬‬
‫وأممما اإلسممهل المن م ف م امخممرة فهممو اإلسممهل الممذي ي مواط القلممب عليممه اللسممان‪،‬‬
‫ويظهممر أثممره علممى اارمممان وال موار ‪ ،‬وهممذا ال يهحقممق إال بهممذه ال ممروط الهم م عليهمما أهممل‬
‫العلم‪.‬‬
‫مما أن فم همذه ال مروط قمد همر فم ممهل بعم خومول عموة ال مي محممد بم‬
‫عبممد الوهمماب اإلصممهحية إلممى السممنة ومحاربممة ال ممرك فم عوممره‪ ،‬ومم ذل م ممما أور ه ال ممي‬
‫عبد اللحيف ب عبد الرحم آل ال ي ف ((موبا الظهل)) ع بع خومول همذه المدعوة‬

‫(‪ )6‬م موع الفهاوى (‪.)213/1‬‬


‫(‪ )2‬فس المودر (‪.)161/1‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫حيث قال معهرضاً على ال ي ‪(( :‬قال زي الدي اب رجب م رحممه اللمه تعمالى م ومم المعلمول‬
‫بالضرورة أن النب ‪ ‬مان يقبل م ممل مم جماا يريمد المدخول فم اإلسمهل ال مها تي فقمط‪،‬‬
‫ويعوممم مممه‪ ،‬وي علممه مسمملماً‪ .‬وقممد أ كممر علممى أسممامة قهلممه لمم شممهد أن ال إلممه إال اللممه لممما رفم‬
‫عليمه السميف‪ ،‬واشممهد كيمره‪ .‬ثمم بممي م رحمممه اللمه م أ ممه إذا ممان مسملماً بال ممها تي ألمزل حقمموك‬
‫اإلسهل إلى أن قال‪:‬‬
‫وبهذا الذي قرر ا يظهر ال م بي ألفاظ ااحا يث ف هذا البماب؛ ويهبمي أن ملهما‬
‫حق فإن ملمهم اإلخمهم بم ر هما تعوممان مم أتمى بهمما ويومير بمذل مسملماً همذا عمي‬
‫مهمه ا ههى(‪.)1‬‬
‫إذا لوال أ ه يكون مسلماً بهما لمم يلمزل شمرائ اإلسمهل‪ ،‬ولمم ي بمر عليهما‪ .‬فمإن الكمافر‬
‫ال ي بممر علممى شمرائ اإلسممهل‪ .‬وإن مممان علممى قولنمما مخاطبماً بهمما‪ ،‬إال أ همما ال توم منممه لعممدل‬
‫شممرطها‪ ،‬ان مم شممرط صممحة شمرائ اإلسممهل‪ ،‬تقممدل ال ممها تي ‪ .‬ومم جعممل شمرائ اإلسممهل‬
‫م ال ها تي شرطاً لدخول اإلسهل وصحهه‪ ،‬وأ مه ال يكمون مسملماً إال بمذل مهمذا الرجمل‪،‬‬
‫فقممد أبعممد الن عممة وخممالف ممما عليممه سمميد الب ممر ‪ ‬وأصممحابه‪ ،‬وسمملفه الوممال وسممل طريممق‬
‫االبهداع بهكفير اامة على أصل هذا المذهب الخبيث))(‪.)2‬‬
‫فالحاصل أ ه أور مهل اب رجب المهقدل ليسهدل به على ف هذه ال روط‪.‬‬
‫وقد ر عليه ال ي عبد اللحيف م رحمه الله م بكمهل طويمل مفما ه‪ :‬أن يقمال‪ :‬أن اللمه‬
‫تعالى وتقدس وعد رسله والذي آمنوا أن ينورهم ف ((الحياة الد يا)) ويول يقمول ااشمها يمول‬
‫ال ينف الظالمي معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوا الدار‪ .‬وم ومر اللمه تعمالى اوليائمه وعبما ه‬
‫المممؤمني ول مميخنا م رحمممه اللممه تعممالى م خممذالن أعممدائهم‪ ،‬وعممدل تسممديدهم‪ ،‬وتهافممت أقموالهم‬
‫وممما مسمماها مم الظلمممة والهنمماق والهممداف ‪ ،‬والوح ممة الهم يعرفهمما مم سمملمت فحرتممه‪ ،‬وصم‬
‫إسهمه فضهً ع أهل العلم ب مرعه و ينمه‪ .‬فلربنما الحممد‪ ،‬ال حوم ثنماا عليمه‪ ،‬بمل همو ممما‬
‫أثنى على فسه‪.‬‬
‫ويقممال لهممذا‪ :‬قممد حرفممت عبممارة زي م الممدي اب م رجممب وتوممرفت فيها م وأخرجههمما ع م‬
‫موضوعها‪ ،‬وأزلت به هها‪ :‬مم ذلم قولم عنمه‪ :‬إ مه يقمول‪ :‬ومم المعلمول بالضمرورة أن النبم‬

‫(‪ )1‬جام العلول والحكم (م‪ 611 :‬م ‪.)613‬‬


‫(‪ )2‬موبا الظهل (م‪ 316 :‬م ‪.)312‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫‪ ‬مممان يقبممل م م مممل م م جمماا يريممد الممدخول ف م اإلسممهل ال ممها تي فقممط‪ .‬وقممد ممزه اللممه‬
‫العهمممة ابم رجممب وأمثالممه عم أن يظنموا برسممول اللممه ‪ ‬أ ممه يقبممل م ممر القممول مم غيممر الهمزال‬
‫لحقيقه ممه‪ ،‬وال عم ممل بمدلول ممه‪ ،‬وعب ممارة ابم م رج ممب ت ممدل عل ممى أ ممه يب ممدأ بالهوحي ممد فم م ال ممدعوة‬
‫والحلب‪ ،‬وال يقبل قبله عمل م ااعمال‪ .‬والمقوو م ال مها تي مما لهما عليمه مم البمرااة‬
‫م م مممل معبممو سمموى اللممه؛ وأ ممه هممو المعبممو وحممده ال ش مري لممه‪ ،‬واإليم مان بالرسممل‪ ،‬واله مزال‬
‫مهابعههم‪ .‬هذا هو مدلول ال ها تي وهو الذي لت عليه عبارة اب رجمب‪ .‬وشميخنا م رحممه‬
‫اللممه م أصممل عوتممه وجهمما ه علممى هممذا‪ ،‬وعلممى تممرك عبمما ة الوممالحي م م اام موات والغممائبي ‪،‬‬
‫و عممائهم م م اللممه رغب ماً ورهب ماً‪ ،‬والهوجممه إلمميهم واالسممهغاثة بهممم ف م ال ممدائد والملم مات؛ مممما‬
‫ما ممت تفعلممه ال اهليممة فهممذا الممذي جاهممد شمميخنا عليممه‪ ،‬و عمما النمماس إلممى ترمممه‪ ،‬وأخبممرهم أن‬
‫اإليمممان باللممه ينمماق هممذا ويبحلممه‪ ،‬فعبممارة اب م رجممب ت ممهد لهممذا ال ممي بممالعلم والمهابعممة‪،‬‬
‫خهف ماً لممما توهمممه بع م ال هممال والضممهل أن الرسممول ‪ ‬يقبممل م ممر القممول واللفممظ‪ ،‬م م‬
‫ارتكاب ما ينافيه ويناقضه‪.‬‬
‫ثممم بممي م رحمممه اللممه م أن ممرا ابم رجممب‪ :‬أن مم أ هممر وتكلممم بال ممها تي ولممم يممأت‬
‫منه ما ينافيهما يحكم بإسهمه‪ ،‬ويؤمر ببقية ال رائ ‪ .‬وقد ذمر اب رجب بعد عبارته‪ :‬أن م‬
‫ش مرائ اإلسممهل ممما يقاتممل عليممه ويكفممر تارمممه(‪ .)1‬فممدل مهمممه علممى أن اله مزال أرمممان اإلسممهل‬
‫باعهقا وجوبها شرط لوحة اإلسهل وقبوله ف الدار امخمرة‪ .‬وأمما ااحكمال الد يويمة فه مرى‬
‫علممى م م أ هممر اإلسممهل مماهراً‪ .‬فممإن هممر منممه ممما ينمماف ذل م حكممم عليممه بممما يقهضمميه هممذا‬
‫المنمماف م م تكفيممر أو قهممال‪ .‬وهممذا هممو الممذي ل عليممه حممديث أسممامة وغيممره م م ااحا يممث‬
‫الدالة على الكف عم أتى بال ها تي (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬ا ظر‪ :‬جام العلول والحكم (م‪ 613 :‬م ‪.)611‬‬
‫(‪ )2‬يقول الحافظ اب ح ر ف الفه (‪(( :)172/21‬وفيه م يعن حديث‪ :‬أمرت أن أقاتل الناس حهى يقولوا ال إله‬
‫مااهم وأموالهم إال بحقها م من قهل م قال ال إله إال الله ولو لم يز عليها‪،‬‬ ‫إال الله فإذا قالوها عوموا من‬
‫وهو مذل ‪ ،‬لك هل يوير بم ر ذل مسلماً؟ الراج ‪ ،‬ال بل ي ب الكف ع قهله حهى يخهبر‪ ،‬فإن شهد‬
‫بالرسالة والهزل أحكال اإلسهل حكم بإسهمه‪ ،‬وإلى ذل اإلشارة لهسهثناا بقوله‪ :‬إال بحق اإلسهل))‪ .‬ا ههى‪.‬‬
‫وقال الونعا ف تحهير االعهقا (م‪ 231 :‬م ‪(( :)231‬فإن قلت‪ :‬قد أ كر ‪ ‬على أسامة قهله لم قال ال‬
‫=‬ ‫إله إال الله مما هو معروف ف مهب الحديث والسير‪.‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫و عم مواك أن ابم م رج ممب ق ممال‪ :‬يقب ممل مم م م ممل مم م ج مماا يري ممد ال ممدخول فم م اإلس ممهل‬
‫ال ممها تي فقممط‪ :‬عمموى ماذبممة‪ ،‬وآحمما العقممها يهنممزه عم هممذه العبممارة‪ .‬ان معنممى ((فقممط)) ال‬
‫غير‪ .‬وحينئذ فمدلولها أ ه ال يقبل بقية ال رائ م اارمان اإلسهمية وال معب اإليما يمة‪ .‬وال‬
‫يظ هذا برسول الله ‪ ‬م له عقل يميز به ولو مافراً‪ .‬فضهً ع أهل العلم واإليمان‪.‬‬
‫وأما قول ‪ :‬وم جعل شرائ اإلسهل م ال ها تي شمرطاً لمدخول اإلسمهل وصمحهه‬
‫وأ ه ال يكون مسلماً إال بذل م مهذا الرجل م فقد أبعد الن عة‪ ،‬وخالف مما عليمه سميد الب مر‬
‫‪ ‬وسلفه الوال إلى آخر ما قلت‪.‬‬
‫فهممذا القممول من م ص مري ف م مخالفممة عبممارة اب م رجممب اله م ه م مرتبحممة بممما قلهممه‪.‬‬
‫وشممرط الهمزال ال مرائ والمبمما اإلسممهمية م مم علممى اعهبمماره فم اإلسممهل المن م فم الممدار‬
‫امخرة(‪ .)1‬ومهل اب رجب الذي ساقه بعد العبارة اله ذمرها المعهرض صري ف هذا‪ ،‬فإ ه‬
‫قممرر ممما يقاتممل عليممه مم ال مرائ وممما يقهممل بممه الفممر المعممي ‪ .‬وذمممر شمميئاً مممما يكفممر بممه‪ ،‬وذمممر‬
‫الخهف ف تكفير م ترك أحد المبا ‪ .‬وأمما مم تمرك الهوحيمد المذي لمت عليمه شمها ة أن‬
‫ال إله إال الله فقد اتفق العلماا على مفره ووجوب قهله إن أصر وعا د‪.‬‬
‫مممممممممم‬
‫قلت‪ :‬ال ش أن م قال‪" :‬ال إله إال الله" م الكفار حق مه وماله حهى يهبي منه ما يخالف ما قاله‪ ،‬ولذا أ زل الله‬ ‫=‬
‫[النساا‪ .]31 :‬فأمرهم الله تعالى بالهثبت ف شأن‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ‬ ‫ف قوة محلم ب جثامة آية ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫م قال ملمة الهوحيد‪ ،‬فإن تبي الهزامه لمعناها مان له ما للمسلمي وعليه ما عليهم‪ .‬وإن تبي خهفه لم يحق بم ر‬
‫الهلفظ ماله وال مه‪.‬‬
‫وهكذا مل م أ هر الهوحيد وجب الكف عنه إلى أن يهبي منه ما يخالف ذل ‪ .‬فإذا تبي لم تنفعه هذه الكلمة‬
‫لم تنف اليهو وال فعت هذه الكلمة الخوارج م ما ا ضم إليها م العبا ة اله يحهقر‬ ‫بم ر ها‪ .‬ولذل‬
‫الوحابة عبا تهم إلى جنبها‪ ،‬بل أمر ‪ ‬بقهلهم‪ ،‬وقال‪« :‬لئ أ رمههم اقهلنهم قهل عا » وذل لما خالفوا بع‬
‫ال ريعة وما وا شر القهلى تحت أ يم السماا‪ ،‬مما ثبهت به ااحا يث‪.‬‬
‫فثبت أن م ر قول ملمة الهوحيد غير ما م ثبوت شرك م قالها الرتكابه ما يخالفها م عبا ة غير الله‬
‫تعالى)) ا ههى‪.‬‬
‫(‪ )1‬اإلجماع هنا محمول على ترك جمي المبا بما ف ذل ترك ما تدل عليه ال ها تان م الهوحيد مما هو‬
‫اهر عبارته‪.‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫ثم قل مهمماً طمويهً عم شمي اإلسمهل فم وجموب قهمال الههمر لمما زعمموا إتبماع أصمل‬
‫اإلسم ممهل م م م امهنم مماعهم ع م م اله م مزال ش م مرائ اإلسم ممهل الظم مماهرة بمم مما ف م م ذل م م امهنم مماعهم ع م م‬
‫الهوحيد(‪.)1‬‬
‫و قممل مهمماً آخممر عم شممي اإلسممهل فم وجمموب قهممال مممل مم غممه فم بم أو رجممل‬
‫صال وجعل فيه وعاً م اإللهية بالس و إليه‪ ،‬أو مثل أن يقول‪ :‬يا سيدي فمهن اغفمر لم ‪،‬‬
‫أو ارحمنم ‪ ،‬أو ا وممر ‪ ،‬أو ارزقنم ‪ ،‬أو أغثنم أو أجر م ‪ ،‬أو توملممت عليم أو أ ممت حسممب ‪،‬‬
‫أو أ مما ف م حسممب أو حممو هممذه ااق موال واافعممال اله م ه م م م خوممائ الربوبيممة اله م ال‬
‫تول إال لله تعالى(‪.)2‬‬
‫ثمم قمال م رحممه اللمه م‪ :‬فلمو ممان لهمذا المعهمرض عقمل يميمز بمه وعلمم يمدري بمه مما مممان‬
‫عليمه رسممول اللممه ‪ ‬مم تكفيممر مم عبممد غيمر اللممه؛ واتخممذ معممه املهممة واا ممدا ‪ ،‬وسمموى بيممنهم‬
‫وبينه م تعالى وتقدس م ف الحب والهعظيم‪ ،‬واإل ابة والهومل والدعاا‪ ،‬لعرف أ ه همو المخمالف‬
‫لما مان عليه سائر رسل الله وأتباعهم إلمى يمول القياممة‪ ،‬وأ مه ي ما ل ويناضمل عم عما وثممو‬
‫وقول و وقمول فرعمون وجاهليمة العمرب‪ ،‬وأمثمالهم مم ااممم المذي ممذبوا الرسمل ولمم يسمه يبوا‬
‫لهممم‪ ،‬ولممم يلهفه موا إلممى ممما اخهلق موا لممه(‪ ،)3‬وهممذا الوممنف م م النمماس هممم أول م م اخهممرع ال ممرك‬
‫وابهممدع فم يم اللممه‪ ،‬وهممم الممذي أصمملوا ااصممول الخبيثممة الهم مقهضماها العممدل بمربهم وتسمموية‬
‫غيممره بممه‪ ،‬ومعمما اة أوليائممه وحزبممه‪ ،‬و سممبههم إلممى م مما ال يليممق به ممم‪ ،‬وهممذا هممو حقيقممة الخبممث‬
‫والرجس والفسا ؛ قمال تعمالى‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ [الهوبمة‪ ،]21 :‬وزعميمهم المذي يناضمل‬
‫عممنهم وي مما ل و هممم هممو أخبممثهم علممى اإلطممهك قممال تعممالى‪ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ‬
‫[غافر‪.]31 :‬‬
‫ثم قال‪ :‬وأما جعله شيخنا م رحممه اللمه م ممم ي مهرط ال مرائ اإلسمهمية فم المدخول‬
‫في ممه فه ممذا باط ممل‪ ،‬إ م مما ت ممهرط المب مما و حوه مما فم م ص ممحة اإلس ممهل‪ ،‬ال فم م ال ممدخول في ممه‪،‬‬

‫(‪ )1‬وهو ف م موع الفهاوى (‪ 132/21‬م ‪.)131‬‬


‫(‪ )2‬وأصل هذا الكهل هو ف م موع الفهاوى ل ي اإلسهل (‪.)331/3‬‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫(‪ )3‬مذا ف ااصل‪ ،‬والوواب ما ((ما خلقوا له)) وهو الهوحيد مما قال تعالى‪:‬‬
‫[الذاريات‪.]11 :‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫وشمميخنا م رحمممه اللممه م لممم يقممل هممذا الممذي زعمممه هممذا المعهممرض‪ ،‬بممل هممو م م جهلممه وإفكممه‬
‫وض ممهله وبهه ممه‪ ،‬والن م مزاع إ م مما ه ممو ف م ش ممها ة أن ال إل ممه إال الل ممه‪ ،‬ول ممم يمهن م أح ممد م م اله ممزل‬
‫اإلسممهل ف م زمم ال ممي محمممد م رحمممه اللممه م عم شم ا مم شممعائر اإلسممهل وأرما ممه‪ ،‬حهممى‬
‫يقال‪ :‬إ ه لم يقبل منه الدخول ف اإلسهل‪.‬‬
‫فهو م رحمه الله م وإن قاتمل علمى تمرك أحمد المبما فلمم يقمل‪ :‬ال قبمل اإلسمهل ابهمدااً‬
‫إال به مما‪ ،‬ولك م ه ممذا البه ممت ال يس ممهغرب م م جهال ممة ه ممذا الرج ممل‪ ،‬وع ممدل ش ممعوره ب م ا م م‬
‫الحقائق الدينية(‪.)1‬‬
‫وهذه ال بهة اله أور ها هذا المعهرض لنف هذه ال مروط هم مماثلمة ل مبهة أخمرى‬
‫ذمرها ال ي عبد اللحيف م رحمه الله م ع م به آخر‪ ،‬وهو المدعو اب جمرجيس(‪ ،)2‬ثمم ر‬
‫عليها بكهل فيس‪.‬‬
‫وحاصممل ال ممبهة هم قولممه م أعنم اوو بم جممرجيس م‪(( :‬أن ال ممي أحمممد بم تيميممة‬
‫وتلميممذه ابم القمميم ال يكفمران أحممداً مم أهممل القبلممة))(‪ )3‬يريممد وإن قممارف ال ممرك‪ ،‬وخممالف مممل‬
‫شرط لهإله إال الله‪.‬‬
‫وحاصممل الممر ‪ :‬أن القائممل بممأن مم صمملى وقممال ال إلممه إال اللممه فهممو مم أهممل القبلممة وإن‬
‫أ هممر مم ال ممرك والهممرك فقممد مما ى علممى فسممه بال هالممة والضممهلة فممإن اإلمممال أحمممد م رحمممه‬
‫الله م أ كر على م يقول ال كفر أهل القبلة‪ .‬ومقوو م قالها إ ما هو البمرااة مم ممذهب‬
‫الخ موارج الممذي يكفممرون بم ممر الممذ وب‪ ،‬وهممذا وض م مهمممه ف م غيممر موضممعه‪ ،‬وأزال به هممه‬
‫ا ه تأوله ف أهل ال رك و عاا الوالحي ‪ ،‬فالهبس عليه اامر‪ ،‬ولم يعرف مرا م قال همذا‬
‫م السلف‪.‬‬

‫(‪ )1‬موبا الظهل (م‪ 316 :‬م ‪.)313‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬اوو ب سليمان البغدا ي‪ ،‬النق بندي الخالدي الحنف ‪ ،‬عالم‪ ،‬أ يب‪ .‬ولد ببغدا ورحل إلى مكة‪،‬‬
‫داً وأقال ف احية القويم‪ ،‬وما ت مهمهه إثارة ال به ضد الدعوة‪ ،‬حهى هر له‬ ‫وال ال‪ ،‬والموصل‪ ،‬واسهوط‬
‫تهمذة يأخذون عنه‪ .‬م أشهر مهبه‪(( :‬المنحة الوهبية ف الر على الوهابية))‪ ،‬ما ت وال ته سنة (‪)6236‬هم‪،‬‬
‫وفاته سنة (‪ )6233‬هم‪.‬‬
‫ا ظر‪ :‬هدية العارفي (‪ ،)313/6‬ومع م المؤلفي (‪ ،)131/6‬ومقدمة القول الفول النفيس إلسماعيل ب‬
‫سعد ب عهيق‪.‬‬
‫(‪ )3‬الئل الرسوخ ف الر على المنفو (م‪.)21 :‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫وهمذا الفهمم الفاسمد مممر و بكهماب اللمه وسممنة رسموله‪ ،‬وبإجمماع أهممل العلمم‪ ،‬وقمد عقممد‬
‫الفقهمماا مم أربمماب المممذاهب بابماً مسممهقهً فم هممذه المسممألة‪ ،‬وذمممروا حكممم المرتممد مم أهممل‬
‫القبلممة‪ ،‬وقممرروا م م المكف مرات أشممياا مثيممرة ون ممما ح م فيممه(‪ ،)1‬وجزم موا بممأن العومممة بممالهزال‬
‫اإلسهل ومبا يه و عائمه العظال ال بم ر القول والوهة م اإلصرار على المناف ‪.‬‬
‫وهممذا يعرفممه صممغار الحلبممة‪ ،‬وهممو مممذمور فم المخهومرات مم مهممب الحنابلممة وغيممرهم‪.‬‬
‫فهممذا لممم يعممرف ممما عرفممه صممبيان المممدارس والكهاتيممب‪ ،‬فالممدعوى عريضممة والع ممز مماهر‪ .‬واللممه‬
‫المسهعان(‪.)2‬‬
‫وبهذا يمعلم أن اإل كار لهذه ال روط لميس أممراً جديمداً بمل همو شم ا قمديم ت مبث بمه‬
‫المبحلممون مم أهممل ال ممرك واإلرجمماا فم مخهلممف العوممور‪ ،‬فوممار إرثماً م مماعاً بيممنهم‪ ،‬وبمماطهً‬
‫مس مماغاً عن ممدهم‪ ،‬وص ممدك القائ ممل‪ :‬لك ممل ق ممول وارث‪ ،‬ولك ممل باط ممل م م ااجي ممال ح ممارم أي‪:‬‬
‫شديد الحرم‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا ثبت أن هذه ال روط الزمة لوحة اإليمان وأ ه ال يكهفى بم ر النحمق‬
‫بال ها تي فهل هذه ال روط ه شروط ف قبول اإلسهل الظاهر ف الد يا أل ه ف فم‬
‫صاحبها ف امخرة‪ ،‬أل ه لتمري ؟‬
‫ال يمك ال واب ب واب واحد فم الحكمم علمى همذه المسمألة‪ ،‬ففم ذلم تفوميل‪،‬‬
‫وهممو أن يقممال‪ :‬أن م م جمماا مسمملماً فممه حالبممه بممأمثر م م الممهلفظ بال ممها تي ‪ ،‬فم م تلفممظ‬
‫اإلمال أحمد وغيره م السلف على‬ ‫بال ها تي فقد ثبت له عقد اإلسهل‪ ،‬واجل هذا‬
‫أن اإلسهل هو الكلمة‪ ،‬ومرا هم م مما حققه شي اإلسهل اب تيميمة م أ مه يمدخل فيمه بكلممة‬
‫ال ممها ة(‪ .)3‬ولك م ال يعن م ذل م أن ال راع م هممذه ال ممروط ف م بمماب ااسممماا وااحكممال‪،‬‬
‫فم م هممر منممه إخ مهل بهممذه ال ممروط م بعممد تلفظممه بال ممها تي م حكممم بكفممره(‪ )4‬بعممد ااخممذ‬
‫بالضوابط المعروفة عند أهل العلمم فم الهكفيمر‪ ،‬ولكم مما ال أ مه لمم يظهمر إخمهالً بهمذه ال مروط‬

‫(‪ )1‬سهأت اإلشارة إلى طرف م هذه اا واع ف مباحث الر ة ف آخر الرسالة‪.‬‬
‫(‪ )2‬الئل الرسوخ ف الر على المنفو (م‪ 21 :‬م ‪.)21‬‬
‫(‪ )3‬ا ظر‪ :‬م موع الفهاوى (‪ 161/1‬م ‪.)161‬‬
‫(‪ )4‬أي بر ته‪.‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫فإسمم اإلسممهل بماك لممه‪ ،‬وحكمنما عليممه بأ مه مسمملم ال يعنم ذلم أ مه مسمملم فم فممس ااممر‪ ،‬فقممد‬
‫يكون مافراً ف الباط ‪ ،‬وم مان مذل فه ينفعه م عند الله م حكمنا عليه بكو ه مسلماً‪.‬‬
‫وأيض ماً هممذه ال ممروط منهمما ممما يهعل مق بالبمماط مالو مدك واليقممي واإلخممهم والمحب مة‬
‫ومنهمما ممما يهعلمق بالظمماهر ماال قيمما والقبممول والنحممق بهمما‪ ،‬وفسمما الظمماهر ممرتبط بفسمما البمماط‬
‫أيضماً‪ ،‬واجممل هممذا ما ممت ال مروط القلبيممة لهمما الئممل فم الظمماهر تممدل علممى فقممدها وا عممدامها‬
‫مما سيأت تحقيقه‪.‬‬
‫فالحاصممل أن هممذه ال ممروط ال يمنمقممب ع م ممما بح م منهمما‪ ،‬وم م أ هممر س مريرته أو ل‬
‫عليها(‪ )1‬أخذ بها‪ .‬ومان الحكم أيضاً هو حكم على الظاهر‪ ،‬وليس لما ف القلمب‪ ،‬ان مم‬
‫أ هممر عممدل صممدقه ف م قممول ه مذه ال ممها ة بممأن يقممول أ ممه قممال هممذه الكلمممة وهممو ممماذب ف م‬
‫قولهمما‪ ،‬أو صممر بعممدل يقينممه بهممذه الكلمممة‪ ،‬فهممذا يحكممم علممى ممما أ هممر م م الكممذب المنمماف‬
‫للودك‪ ،‬وال المناف لليقي بهذه الكلمة‪ ،‬أو حو ذل (‪.)2‬‬
‫ولك لو أن ذمياً م يهو ياً أو ومرا ياً م قمال همذه الكلممة ثمم قمال‪ :‬إ مه لمم يكم صما قاً‬
‫ف قولهما حمال ذلم حهمى ي مد سمبيهً إلمى الكفمر ااصمل (‪ )3‬فين مو مم حمد المر ة‪ ،‬فهمذا ال‬
‫يحكم بأ مه ممافر أصمل (‪ )4‬بمل همو بهلفظمه بال مها تي فقمد ثبمت لمه حكمم اإلسمهل(‪ ،)5‬ولكم‬
‫ذلم قممد يمهوممور فم مم قممال هممذه الكلمممة وأر فهمما بأ ممه ال يريممد بهمما اإلسممهل‪ ،‬ولممذا قمل عم‬
‫اإلمممال أحمممد روايهممان ف م الحكممم بر تممه ذمرهممما الموفممق اب م قدامممة ف م ((المغن م )) ورج م أ ممه‬
‫يقهل مما لو طالت مدته(‪.)6‬‬
‫والفرك بي هذه الوورة واله قبلها‪ :‬أن ااولى لمم يك مف فيهما عم ممرا ه بهما‪ ،‬فلمما‬
‫قالها حكم بظاهر قوله‪ ،‬وأما الثا ية فقد م ف لنا ع مرا ه بهذه الكلمة‪ ،‬ولما مان يحهممل‬

‫(‪ )1‬باغهراف ال رك أو ترك الوهة‪ ،‬أو حو ذل م المكفرات الظاهرة‪.‬‬


‫(‪ )2‬ا ظر‪ :‬موبا الظهل (م‪.)311 :‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬بأن يرج ذمياً يقر على ال زية‪ .‬ا ظر‪ :‬مغن المريد ال ام ل رو مهاب الهوحيد (‪ 313/6‬م ‪.)316‬‬
‫(‪ )4‬الكفر ااصل هنا باعهبار أصل الكفر ال باعهبار الكفر‪ ،‬ان أهل العلم يفرقون ف ااحكال بي الكافر ااصل‬
‫والكافر الكهاب ‪ ،‬وأوس م تكلم على هذه المسألة فيما أحسب اب القيم م رحمه الله م حيث ألف مهابه ال ليل‬
‫القدر أحكال أهل الذمة‪.‬‬
‫(‪ )5‬المعنى‪ :‬أ ه يوير مرتداً فه يقبل منه إال اإلسهل أو السيف‪[ .‬مغن المريد (‪.])313/6‬‬
‫(‪ )6‬ا ظر‪ :‬المغن (‪.)23/3‬‬
‫‪616‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫صدقه قال اإلمال أحمد ف إحدى الروايهي عنه‪ :‬أ ه يقبل منه‪ ،‬وال ي بر على اإلسهل‪ ،‬ا ه‬
‫يحهمل الودك‪ ،‬فه يراك مه بال بهة(‪.)1‬‬
‫وبهممذا يعلممم أن هممذه ال ممروط ال يسممأل عنهمما العبممد حممي تلفظممه بال ممها تي وإن مممان‬
‫يحالمب بهمما إذا تبممي لنما مم حالممه أ ممه مخمل بهمما بعممد ذلم ‪ ،‬ولكم ال يلحممق بالكممافر ااصممل‬
‫بعد تلفظه بال مها تي ؛ لثبموت عقمد اإلسمهل فم حقمه إال فم أحموال سمهأت (‪ .)2‬واللمه تعمالى‬
‫أعلم‪.‬‬
‫وأمما اإلسممهل المن م عنممد اللممه فممه بممد فيممه مم هممذه ال ممروط ممما لممم يكم هنمماك ممما‬
‫مم جهممل أو حمموه(‪ .)3‬في ممب الهفريممق بممي مما ي ممهرط لوممحة اإلسممهل وممما ي ممهرط للممدخول‬
‫فيه‪.‬‬
‫وإليم بعم النومموم مم مممهل أهممل العلممم الدالممة علممى أن م ممر النحممق بال ممها تي‬
‫ماف ف الحكم بإسهل ال خ ف الظاهر‪:‬‬
‫قال اإلمال ال افع ‪(( :‬فإن قال قائل‪ :‬لم أملف همذا إ مما ملفمت مما همر‪ ،‬واللمه ولم‬
‫ما غاب‪ .‬فأقبل القول باإليمان إذا قاله اهراً‪ ،‬وأ سبه إليه‪ ،‬وأعممل بمه إذا عممل م فهمذا واجمد‬
‫فم مممل أحممد سمواا ال يخهلممف‪ ،‬وال ي مموز أن يفممرك بينممه إال بح ممة إال أن يفممرك اللممه ورسموله‬
‫بينه‪ .‬ولم علم لله حكماً‪ ،‬وال لرسوله ‪ ‬يفرك بينه‪.‬‬
‫وأحك ممال الل ممه ورسم موله ت ممدل عل ممى أن ل مميس اح ممد أن يحك ممم عل ممى أح ممد إال بظ مماهر‪،‬‬
‫والظاهر ما أقر به‪ ،‬أو ما قامت به بينة تثبت عليه‪.‬‬
‫فالح م ممة في مم مما وصم ممفنا م م م الم نم ممافقي ‪ ،‬وف م م الرجم ممل ا لم ممذي ا سم ممهفهى ف يم ممه‬
‫الم ق ممدا رس ممول ال ل ممه ‪ ، ‬وق ممد ق حم م ي ممده ع ل ممى ال ممرك (‪ ) 4‬وق ممول الن بم م ‪ « :‬ف ه ممه‬
‫م فت ع قلبه » (‪ ) 5‬يعنى أ ه لم يك ل إال اهره‪ ،‬وف قول النب فم المههعنمي ‪:‬‬
‫(‪ )1‬المودر فسه (‪.)23/3‬‬
‫(‪ )2‬وبهذا يمك القول أن هذه ال روط شروط محالبة ال طلب بمعنى أن الكافر إذا أسلم ال يحالب بها حال النحق‬
‫فإذا أخل ب ا منها بعد النحق أجبر عليها‪.‬‬
‫(‪ )3‬سيأت أن ال اهل معذور عند الله والدليل على ذل ف مبحث العذر بال هل‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو قوله ‪ ‬للمقدا لما سأل قال‪ :‬قلت يا رسول الله‪ :‬أرأيت إن اخهلفت أ ا ورجل م الم رمي ضربهي فقح‬
‫يدي‪ ،‬فلما هويت إليه اضربه قال‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬أأقهله أل أ عه؟ قال‪« :‬بل عه» قال قلت‪ :‬وإن قح يدي؟‬
‫قال‪« :‬وإن فعل»‪ .‬وسيأت ف مهل اب مندة قريباً‪ ،‬وتخري ه هناك‪.‬‬
‫(‪ )5‬مضى تخري ه قريباً‪.‬‬
‫‪612‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫«إن ج مماات ب ممه أحم ممر مأ ممه وح ممرة(‪ )1‬ف ممه أراه إال ق ممد م ممذب عليه مما‪ ،‬وإن ج مماات ب ممه أ يع ممج‬
‫جعداً(‪ )2‬فه أراه إال قد صدك‪ ،‬ف اات به على النعت المكروه‪ ،‬فقال رسمول اللمه ‪ « :‬إن‬
‫أمره لبي ‪ ،‬لوال ما حكم الله»(‪ .)3‬وف قول رسول اللمه ‪« :‬إ مما أ ما ب مر وإ كمم تخهوممون‬
‫إل ‪ ،‬فلعل بعضمكم أن يكمون ألحم بح همه مم بعم ‪ ،‬وأقضم لمه علمى حمو مما أسمم منمه‪،‬‬
‫فم قضيت له ب ا م حق أخيه فه يأخذ به‪ ،‬فإ إ ما أقح له قحعة م النار»(‪.)4‬‬
‫ففم مممل هممذا اللممة بينممة أن رسممول اللممه ‪ ‬إذا لممم يقم إال بالظمماهر‪ ،‬فالحكممال بعممده‬
‫أولى أن ال يقضوا إال على الظاهر‪ ،‬وال يعلم السرائر إال الله ‪ ،‬والظنون محرل على النماس‪،‬‬
‫وم حكم بالظ لم يك ذل له‪ ،‬والله تعالى أعلم))(‪ )5‬ا ههى‪.‬‬
‫وجماا أيضماً عنممه‪(( :‬وقمول اللممه م جمل شممأ ه م ﮦ ﮧ ﮨ [الم ا لممة‪ :]61 :‬يمدل علممى أن‬
‫إ هار اإليمان جنة م القهل‪ ،‬والله ول السرائر))(‪.)6‬‬
‫وقال اإلممال أحممد فم رجمل قمال‪ :‬أشمهد أن ال إلمه إال اللمه وأشمهد أن محممداً رسمول‬
‫اللمه‪ :‬ي بمر علمى اإلسمهل‪ .‬وأ كمر علمى مم يقممول‪ :‬ال ي بمر(‪ .)7‬ممما يمدل أ مه يمرى المهلفظ بهمما‬
‫مافياً ف ثبوت عقد اإلسهل‪.‬‬
‫وعقمد الحممافظ ابم منمدة م رحمممه اللمه م فم مهماب اإليمممان(‪ )8‬بابماً بعنموان‪(( :‬ذمممر ممما يممدل‬
‫على أن قول ال إله إال الله يوجب اسم اإلسمهل ويحمرل ممال قائلهما و ممه)) ثمم أور تحهمه حمديث‬
‫المقدا ‪ ،‬قال‪ :‬قلت يا رسول الله‪ :‬أرأيت إن اخهلفت أ ا ورجل م الم رمي ضربهي فقح‬
‫(‪ )1‬ف القاموس (‪(( :)261/2‬وامرأة وحرة م محرمة م سو اا ميمة‪ ،‬أو حمراا قويرة))‪ .‬ا ههى‪.‬‬
‫(‪ )2‬ف صحي البخاري‪« :‬وإن جاات به أسو أعي ذا إليهي »‪.‬‬
‫(‪.)1333‬‬ ‫(‪ )3‬أخرجه البخاري ف مهاب الحهك‪ ،‬باب اللعان وم طلق بعد اللعان (جم‪ 263/1‬م ‪)223‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري ف أبواب مهعد ة م صحيحه‪ .‬وبنحو هذا اللفظ أخرجه ف مهاب ال ها ات‪ ،‬باب‪ :‬م أقال‬
‫(‪ )6163‬م حديث‬ ‫(‪ ،)2113‬ومسلم ف مهاب ااقضية (‪)6331/3‬‬ ‫البينة بعد اليمي (جم‪)261/3‬‬
‫أل سلمة رض الله عنها‪.‬‬
‫(‪ )5‬اال (‪ 111/2‬م ‪.)111‬‬
‫(‪ )6‬فس المودر (‪.)113/2‬‬
‫(‪ )7‬ذمره اب المنذر ع أصحاب الرأي ف باب ذمر صفة ممال اإليمان مما ف اإلشراف على مذاهب أهل العلم‬
‫(‪.)216/2‬‬
‫(‪.)631/6( )8‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫يممدي‪ ،‬فلممما هويممت إليممه اض مربه قممال‪ :‬ال إلممه إال اللممه‪ ،‬أأقهلممه؟ أل أ عممه؟ قممال‪« :‬بممل ع مه»‪ .‬قممال‬
‫قلممت‪ :‬وإن قحم يممدي‪ .‬قممال‪« :‬وإن فعممل»‪ .‬فراجعهممه ممرتي أو ثهثماً‪ .‬فقممال‪ :‬النبم ‪« :‬إن قهلهممه‬
‫بعد أن يقول‪ :‬ال إله إال الله فأ ت مثله قبل أن يقولها‪ ،‬وهو مثل قبل أن تقهله»(‪.)1‬‬
‫وترجم اب المنذر(‪ )2‬ف مهاب اإلشمراف(‪(( :)3‬ذكر صثفة كمثال اإليمثان‪ :‬أجمم ممل‬
‫مم حفممظ عنمه مم أهممل العلممم‪ ،‬علممى أن الكممافر‪ :‬إذا قممال أشممهد أن ال إلممه إال اللممه وأشممهد أن‬
‫محمممدا عبممده ورس موله‪ ،‬وأن مممل ممما جمماا بممه محمممد حممق‪ ،‬وأتب مرأ م م مممل ي م خممالف ي م‬
‫اإلسممهل وهممو بممال صممحي العقممل‪ :‬أ ممه مسمملم‪ ،‬فمإن رجم بعممد ذلم فمأ هر الكفممر مممان مرتممداً‬
‫ي ب عليه ما ي ب على المرتد)) ا ههى‪.‬‬
‫وقال شي اإلسهل اب تيمية م رحممه اللمه م‪(( :‬وقمد علمم باالضمحرار مم يم الرسمول م‬
‫‪ ‬م واتفقممت عليممه اامممة‪ ،‬أن أصممل اإلسممهل وأول ممما يممؤمر بممه الخلممق‪ :‬شممها ة أن ال إلممه إال‬
‫الله‪ ،‬وأن محمداً رسول الله‪ ،‬فبمذل يومير الكمافر مسملماً‪ ،‬والعمدو وليماً‪ ،‬والمبما ممه ومالمه‪:‬‬
‫معوول الدل والمال‪ ،‬ثم إن مان ذل م قلبمه فقمد خمل فم اإليممان‪ ،‬وإن قالمه بلسما ه ون‬
‫قلبه فهو ف اهر اإلسهل ون باط اإليمان))(‪ )4‬ا ههى‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإليمان الب مدة (‪ .)236/6‬والحديث أخرجه أيضاً ال افع ف اال (‪ ،)113/2‬ومسلم ف صحيحه‬
‫(‪ )31/6‬حديث رقم (‪.)611‬‬
‫بمنزلهه قبل‬ ‫قال الربي ‪(( :‬معنى قول النب ‪ ‬م إن شاا الله تعالى م «فإن قهلهه فإ ه بمنزله قبل أن تقهله‪ ،‬وأ‬
‫أن يقول ملمهه اله قال»‪ :‬يعن ‪ :‬أ ه بمنزله حرال الدل‪ ،‬وأ ت إن قهلهه بمنزلهه منت مبا الدل قبل أن يقول‬
‫الذي قال)) [اال لل افع (‪.])113/2‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬اإلمال الحافظ العهمة شي اإلسهل أبو بكر محمد ب إبراهيم اب المنذر النيسابوري‪ ،‬الفقيه‪ ،‬زيل مكة‪،‬‬
‫ولد ف حدو موت أحمد ب حنبل‪ .‬روى ع الربي ب سليمان‪ ،‬ومحمد ب ميمون وعل ب عبد العزيز وخلق‬
‫مثير مذموري ف مهبه‪ ،‬وحدث عنه أبو بكر ب المقرئ‪ ،‬ومحمد ب يحيى ب عمار الدمياط وخلق مثير‬
‫غيرهما‪ .‬يعد م علماا ال افعية‪ .‬م توا يفه‪(( :‬اإلشراف ف اخههف العلماا)) ومهاب ((اإلجماع)) ومهاب‬
‫((المبسوط))‪ ،‬وله مونف مبير ف الهفسير يقض بإمامهه ف علم الهأويل‪ .‬توف سنة (‪ )361‬هم‪.‬‬
‫ا ظر‪ :‬سير أعهل النبها (‪ 133/61‬م ‪.)132‬‬
‫(‪ 213/2( )3‬م ‪ )216‬رقم (‪.)6113‬‬
‫(‪ )4‬قهً ع تيسير العزيز الحميد (م‪.)636 :‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫ويقول العهمة اب رجب الحنبل م رحمه الله م‪(( :‬وم المعلمول بالضمرورة أن النبم ‪‬‬
‫مان يقبل م مل م جااه يريد الدخول ف اإلسهل ال مها تي فقمط‪ ،‬ويعومم ممه بمذل ‪،‬‬
‫وي علممه مسمملماً))(‪ .)1‬ويقممول أيض ماً ف م شممأن ال ممها تي ‪(( :‬أ هممما علممم اإلسممهل‪ ،‬وبهممما يوممير‬
‫اإل سان مسلماً))(‪.)2‬‬
‫ويقول الحافظ اب ح ر م رحمه الله م‪(( :‬وف حديث اب عباس م الفوائد [حمديث‬
‫بعث معاذ إلى اليم ]‪ ...‬االقهوار ف الحكم بإسهل الكافر إذا أقر بال ها تي ))(‪.)3‬‬
‫وقممال أيض ماً‪...(( :‬أممما بممالنظر إلممى ممما عنممد ا م [أي ف م الممد يا] م فاإليمممان هممو اإلق مرار‬
‫فقط‪ ،‬فمم أقمر أجريمت عليمه ااحكمال فم المد يا ولمم يحكمم عليمه بكفمر إال إن اقهمرن بمه فعمل‬
‫يدل على مفره مالس و للونم))(‪.)4‬‬
‫فهذه ال نووم ع هؤالا اائمة واضحة ف تقريمر همذا ااصمل‪ ،‬وبهما يهضم خحمأ‬
‫م يقول‪ :‬أن م يقعون ف ش ا م ال رك م ذر وذب لغير اللمه وطمواف علمى القبمور‬
‫مم شهد ب ها ة الهوحيد مفمار أصمليون باعهبمار أ همم لمم يفهمموا الهوحيمد(‪ .)5‬ممما يهضم‬
‫بهمما أيض ماً خحممأ م م يخلممط بممي الحكممم الممد يوي وااخممروي؛ فمميظ أ ممه يلممزل م م الحكممم‬
‫بإسممهل شممخ ‪ ،‬الحكممم لممه بالن مماة فم امخممرة(‪ ، )6‬أو يظم أن هممذه ال ممروط الهم ذمرهمما‬
‫العلممماا لكلمممة الهوحيممد ال بممد منهمما حممال النحممق بكلمممة الهوحيممد لمميحكم بإسممهمه‪ ،‬ولك م‬
‫الحقيقة أن م ر النحق بكلمة الهوحيد ال ين م العبمد عنمد اللمه إال باإلتيمان ب مروطها مما‬
‫لم يك هنال ما (‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬جام العلول والحكم (م‪.)611 :‬‬


‫(‪ )2‬فس المودر (م‪.)11 :‬‬
‫(‪ )3‬فه الباري (‪ 311/63‬م ‪.)311‬‬
‫(‪ )4‬فس المودر (‪.)11/6‬‬
‫(‪ )5‬ا ظر‪ :‬على سبيل المثال‪ :‬تحهير االعهقا المحبوع م شرحه لل ي عل ب سنان (م‪ 661 :‬م ‪ ،)661‬وحكم‬
‫تكفير المعي لل ي إسحاك ب عبد الرحم (م‪.)61 ،3 :‬‬
‫(‪ )6‬ا ظر‪ :‬على سبيل المثال صيا ة صحي مسلم الب الوه (م‪.)611 :‬‬
‫اإليمان االعهقا ية وضوابط الهكفير عند السلف للوهيب (جم‪ 231/6‬م ‪.)231‬‬ ‫(‪ )7‬بهورف يسير م واق‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫وقممد م علممى ذلم الحممافظ ابم رجممب م رحمممه اللممه م حيممث قممال فم جممام العلممول‬
‫والحكممم(‪(( :)1‬وبهممذا الممذي قرر مماه يظهممر ال م م بممي ألفمماظ أحا يممث هممذا البمماب‪ ،‬ويهبممي أن‬
‫ملهمما حممق‪ ،‬فممإن ملمهم ال ممها تي بم ر هممما تعوممم مم أتممى بهممما‪ ،‬ويوممير بممذل مسمملماً‪،‬‬
‫ف ممإذا خ ممل فم م اإلس ممهل‪ ،‬ف ممإن أق ممال الو ممهة‪ ،‬وآت ممى الزم مماة‪ ،‬وق ممال ب م مرائ اإلس ممهل‪ ،‬فل ممه م مما‬
‫للمسلمي ‪ ،‬وعليه ما عليهم‪ ،‬وإن أخل ب م ا مم همذه اارممان‪ ،‬فمإن مما وا جماعمة لهمم منمعمة‬
‫قوتلوا‪.‬‬
‫وقممد م بعضممهم أن معنممى الحممديث أن الكممافر يقاتممل حهممى يممأت بال ممها تي ‪ ،‬ويقمميم‬
‫الوممهة‪ ،‬ويممؤت الزممماة‪ ،‬وجعل موا ذل م ح ممة علممى خحمماب الكفممار بممالفروع‪ ،‬وف م هممذا ظممر‪،‬‬
‫وسيرة النب ‪ ‬ف قهال الكفار تدل على خهف هذا‪.‬‬
‫وف م صممحي مسمملم ع م أب م هريممرة رض م اللممه عنممه أن النب م ‪ ‬عمما علي ماً يممول خيبممر‬
‫فأعحمماه الرايممة‪ ،‬وقممال‪« :‬امممش وال تلهفممت حهممى يفممه اللممه علي م » فسممار عل م ٌّ شمميئاً ثممم وقممف‬
‫فوممرخ‪ :‬يمما رسممول اللممه علممى ممماذا أقاتمل النمماس؟ فقممال‪« :‬قمماتلهم علممى أن ي ممهدوا أن ال إلممه إال‬
‫الله وأن محمداً رسول الله‪ ،‬فإذا فعلوا ذل ‪ ،‬فقد عوموا منم ممااهم وأمموالهم إال بحقهما‪،‬‬
‫وحسابهم على الله ‪.)2(»‬‬
‫ف عل م ر اإلجابة إلى ال ها تي عومة للنفوس وااموال إال بحقهما‪ ،‬ومم حقهما‬
‫االمهناع ع الوهة والزماة بعد الدخول ف اإلسهل مما فهمه الوحابة رض الله عنهم))‪.‬‬
‫ثممم ذمممر م رحمممه اللممه م قهممال ممما ع الزممماة ومنمما رة أب م بكممر رضم اللممه عنهممما لعمممر‪،‬‬
‫وقوله ر اً على عمر لما قال‪« :‬ميف تقاتل الناس وقد قمال رسمول اللمه ‪« :‬أممرت أن أقاتمل‬
‫النمماس حهممى يقولموا‪ :‬ال إلممه إال اللممه‪ ،‬فمم قممال‪ :‬ال إلممه إال اللممه فقممد عوممم منم مالممه و فسممه إال‬
‫بحقه وحسابه على الله ‪ »‬وجواب أب بكر‪(( :‬والله اقماتل مم فمرك بمي الومهة والزمماة‪،‬‬
‫فإن الزمماة حمق الممال‪ ،‬واللمه لمو منعمو عقماالً مما وا يؤ و مه إلمى رسمول اللمه ‪ ‬لقماتلههم علمى‬
‫منعه))‪.‬‬
‫ثم قال اب رجب‪(( :‬فمأبو بكمر ‪ ‬أخمذ قهمالهم مم قولمه‪« :‬إال بحقمه» فمدل علمى أن‬
‫قهال م أتى بال ها تي بحقه جائز‪ ،‬وم حقه أ اا حق المال الواجب‪ ،‬وعمر ‪ ‬م أن‬

‫(‪( )1‬م‪.)613 :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه مسلم ف مهاب فضائل الوحابة (‪.)6116/1‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫م ر اإلتيان بال ها تي يعوم الدل ف المد يا تمسمكاً بعممول أول الحمديث ممما م طائفمة‬
‫م م النمماس أن م م أتممى بال ممها تي امهن م م م خممول النممار ف م امخممرة تمسممكاً بعمممول ألفمماظ‬
‫ور ت وليس اامر على ذل ))(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬جام العلول والحكم (م‪ 616 :‬م ‪.)612‬‬


‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫المبحث السابع‪ :‬دليل تعيين هذه الشروط وحص ِرها‪.‬‬


‫ليل تعيي هذه ال روط وحورها هو الههب واالسهقراا(‪ )1‬والنظر ف النووم ال رعية؛‬
‫فاالسهقراا م الهال م للنووم ال رعية ليل يحد به ال ا ويمعد؛ فأهل العلم إذا بذلوا ال هد ف‬
‫اسهقراا النووم وتهبعها وخرجوا بنهي ة ما ما ت تل النهي ة اله توصلوا إليها صحيحةً يقينية‬
‫ال وجه إلبحالها‪ ،‬ا ها قضية ملية مسهندة إلى النووم ال رعية؛ فإبحالها أو اله كي فيها‬
‫يمعد قدحاً ف تل النووم‪ ،‬وهو أمر ال يسو ‪.‬‬
‫وااخذ باالسهقراا مدليل يحد به ال ا ويمعد ال خهف فيه بي أهل العلم بل عليه‬
‫إجماع أهل العلم م مل ف ‪.‬‬
‫يقول ال ي العهمة بكر أبو زيد م حفظه الله م ((وهو م يعن االسهقراا م محر لدى‬
‫أهل مل ف (‪ )2‬مما ف اسهقراا النحاة مهل العرب إلى "اسم وفعل وحرف" والعرب لم تمفه‬
‫بهذا(‪ ،)1‬ولم يعهب على النحاة ف ذل عاتب‪ ،‬وهكذا م أ واع االسهقراا))(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬االسهقراا‪ ،‬مودر م اسهقريت ال ا إذا تهبعهه‪ .‬وهو وعان‪ :‬تال‪ ،‬وهو‪ :‬إثبات الحكم الكل لثبوته ف جزئياته‪،‬‬
‫وهو‪ :‬الحكم على مل لوجو ه ف أمثر جزئياته‪،‬‬ ‫يعبر عنه بالقياس المقسم‪ ،‬و اق‬ ‫وهو يفيد اليقي ‪ ،‬والبع‬
‫وهو ن ‪.‬‬
‫وسم اسهقراا ان مقدماته ال تحول إال بههب ال زئيات‪.‬‬
‫فهو يقبل‬ ‫أن الهال ال يقبل الزيا ة أو النق ‪ ،‬بخهف الناق‬ ‫والفرك بي االسهقرائ الهال واالسهقرائ الناق‬
‫الزيا ة أو النق ‪.‬‬
‫(‪.)612/6‬‬ ‫ا ظر‪ :‬الهعريفات لل رجا (م‪ ،)61 :‬والمواقف ل‪.‬ي‬
‫(‪ )2‬بل ذمر ال ي اب عثيمي م رحمه الله تعالى م أن االسهدالل المبن على الههب واالسهقراا ثابت حهى ف القرآن‬
‫[مريم‪ 11 :‬م‬ ‫ﭠ ﭡ‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫مما ف قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ [مريم‪[ .]13 :‬م موع فهاوى ورسائل‬ ‫‪ ]11‬ال واب ال هذا وال هذا‪ .‬ولهذا قال تعالى‪:‬‬
‫فضيلة ال ي محمد ب صال العثيمي (‪ 13/6‬م ‪.])11‬‬
‫مما أ ه ور أيضاً ف السنة مما ف قوله ‪« :‬لقد هممت أن أ هى ع الغيلة‪ ،‬فنظرت ف الرول وفارس‪ ،‬فإذا‬
‫هم يغيلون أوال هم فه يضر أوال هم ذل شيئاً» [أخرجه مسلم ف صحيحه (‪ ])1027/3‬فالنب ‪ ‬عدل ع‬
‫النه ع الغيال م وهو أن ي ام الرجل امرأته وه مرض م لما اسهقرى م حال فارس والرول أ هم يفعلو ه وال‬
‫يضر أوال هم شيئاً‪ .‬ا ظر‪ :‬النهاية ف غريب الحديث (‪.)111/3‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫والفائدة المهحولة م هذا الحور م مما تقدل م هو شر ملمة الهوحيد وإيضاحها‬


‫وتقرير أحكامها؛ م أن تقسيم الهوحيد إلى أقسال ثهثة‪ ،‬و حو ذل م تقسيمات أهل‬
‫العلم وتفريعاتهم اله يور و ها لهقرير المعلول وتأميد حكمه‪ ،‬وبيان معناه‪.‬‬
‫و الئل هذه ال روط مثيرة ف مهاب الله تعالى وسنة رسوله ‪‬؛ وسيأت ذمرها م إن‬
‫شاا الله تعالى م عند الكهل على مل شرط على حدة‪.‬‬
‫ومما يدل على وقوع هذا االسهقراا عد هذه ال روط وتداولها ف مهل أهل العلم‪،‬‬
‫حيث ووا على أ ها سبعة شروط؛ وم ذل ما قاله العهمة حافظ أحمد حكم م رحمه‬
‫الله م‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وف م م م م م وم م م م مموم الم م م م مموح حق م م م م ماً ور ت‬ ‫وب م م م م م م م م م ممروط س م م م م م م م م م ممبعة ق م م م م م م م م م ممد قمي م م م م م م م م م ممدت‬
‫وهو اسهقراا صحي تال‪ ،‬وذل امري ‪:‬‬
‫األول‪ :‬أ ه لم يق اسهدراك م أهل العلم على هذا الحور م حيث اإلجمال‪ ،‬وإن‬
‫وق ف الهفويل؛ وهو ال يضر مما سبقت اإلشارة إلى ذل (‪.)4‬‬
‫والثاني‪ :‬ترابط هذه ال روط وتهزمها حهى إ ها مال ا الواحد الذي ال يمك الفول‬
‫بينه؛ فبعضها يكمل بعضاً‪.‬‬
‫يقول السعدي م رحمه الله م ف بيان هذا الهرابط‪(( :‬توضي أن اإليمان ي مل عقائد‬
‫الدي ‪ ،‬وأعمال القلوب‪ ،‬وأعمال ال وار ‪ ،‬مما ل عليه الكهاب والسنة واتفق عليه السلف‬
‫الوال ‪ ،‬وبيان ارتباط بعضها ببع ؛ وذل أن العبد إذا سم النووم م الكهاب والسنة‬
‫الدالة على صفات الله إثباتاً و فياً(‪ ،)5‬وعلى توديق رسوله‪ ،‬وعلى اإلخبار بكل الغيوب‪ ،‬وعلى‬
‫مممممممممم‬
‫(=‪ )1‬يقول اب ه ال م رحمه الله م ‪(( :‬والدليل على ا حوار أ واعها م يعن الكلمة م ف هذه الثهثة االسهقراا؛ فإن‬
‫علماا هذا الف تهبعوا مهل العرب‪ ،‬فلم ي دوا إال ثهثة أ واع‪ ،‬ولو مان ثم وع راب لعثروا على ش ا منه)) أ‪.‬هم‪.‬‬
‫[شر قحر الندى وبل الودى (م‪.])31 :‬‬
‫(‪ )2‬الهحذير م مخهورات محمد عل الوابو ف الهفسير (م‪( )33 :‬ف الهامش)‪.‬‬
‫(‪ )3‬تقدل عزوه‪.‬‬
‫(‪ )4‬ا ظر‪( :‬م‪.)631 :‬‬
‫(‪ )5‬وم هذه الوفات صفة اإللهية اله تسهلزل عبا ة الله وحده‪ ،‬وعدل اإلشراك به ف العبا ة‪ ،‬الذي هو معنى‬
‫ال ها ة‪.‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫اامر بالخير والنه ع ال ر‪ ،‬فإ ه يفهمها أوالً‪ ،‬فإذا فهمها وعرفها(‪)1‬؛ اعهرف القلب بها‪،‬‬
‫وصدقها توديقاً ال ريب فيه(‪ ،)2‬توديقاً لله ولرسوله(‪ ،)3‬وذل يقهض محبهها(‪ ،)4‬والهقرب إلى‬
‫الله باعهقا ما لت عليه‪ ،‬وال زل بأ ه الحق الناف ‪ ،‬فإذا عرف الله ورسوله وأحبه‪ ،‬أحب مل ما‬
‫يقرب إلى الله‪ ،‬ومره مل ما يبغضه ويمقهه(‪ ،)5‬وحينئذ ينقا القلب(‪ )6‬ا قيا اً جازماً لحاعة الله‬
‫وطاعة رسوله‪ ،‬فيقود ويريد فعل ما يقدر عليه م محبوبات الله م واجب ومسهحب قوداً‬
‫جازماً يهرتب عليه وجو ما قوده وأرا ه‪ ،‬ويقود اجهناب ما هى الله عنه و هى عنه رسوله‬
‫قوداً جازماً يقهرن به الهرك‪ ،‬وهذا هو معنى قوله‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫[آل عمران‪ ،]633 :‬وقول المؤمني ‪ :‬ﮮ ﮯ [البقرة‪ ،]211 :‬ومنة الله عليهم بقوله‪ :‬ﭾ ﭿ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ امية [الح رات‪ ،]1 :‬فهبي أن هذه اامور‪:‬‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫ﮀ ﮁ‬
‫الهوديق‪ ،‬واالعهراف‪ ،‬والحب‪ ،‬واال قيا ‪ ،‬ووجو مقهضى هذا اال قيا ‪ ،‬مههزمة مرتبط بعضها‬
‫ببع ‪ ،‬إذا تم واحد منها وممل علم أن جميعها قد مملت‪ ،‬وإذا ا هفى واحد منها بالكلية علم‬
‫أن جميعها قد ا هفت‪ ،‬وإذا ق واحد منها فلنمق ف بقيهها؛ فافهم هذا اإليضا ف بيان‬
‫اإليمان‪ ،‬ولهذا مثل الله اإليمان بال رة ف وجو ها وممالها و قوها على هذا الوصف الذي‬
‫ذمر ا‪ ،‬والله أعلم))(‪ )7‬ا ههى‪.‬‬
‫وهذا منه م رحمه الله م تأصيل فيس ف بيان ترابط حقائق اإليمان وجو اً وعدماً‪ ،‬وأ ه‬
‫ال يسهغنى ببعضها ع بع ف حال النق ‪.‬‬
‫ومما يوض الهرابط بي هذه ال روط خاصة‪ :‬أن شها ة أن ال إله إال الله ال تكون‬
‫شها ًة معهبرة إال إذا ما ت ع علم تال بمعناها‪ ،‬والعلم بمعناها ال يكون تاماً إال م اليقي (‪،)8‬‬

‫(‪ )1‬إشارة إلى شرط العلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬إشارة إلى شرط اليقي والودك‪.‬‬
‫(‪ )3‬إشارة إلى شرط اإلخهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬إشارة إلى شرط المحبة‪.‬‬
‫(‪ )5‬إشارة إلى شرط القبول‪.‬‬
‫(‪ )6‬إشارة إلى شرط اال قيا ‪.‬‬
‫(‪ )7‬م موع الفوائد واقهنام ااوابد (م‪ 13 :‬م ‪.)13‬‬
‫(‪ )8‬ان العلم الهال هو العلم الذي تنهف معه ال كوك‪ ،‬وهو علم اليقي مما سيأت ‪.‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫واليقي ال يهحقق إال بالهوديق(‪ ،)1‬والهوديق يقهض القبول‪ ،‬والقبول مسهلزل له قيا الوا ك‬
‫ا ه تحقيق اال قيا الوا ك مما سيأت ‪ ،‬واال قيا الوا ك يسهلزل اإلخهم‪ ،‬واإلخهم‬
‫يقهض الكفر بالحاغوت‪ ،‬والكفر بالحاغوت مسهلزل للمحبة لهذه الكلمة وما تضمنهه م‬
‫إخهم الهوحيد لله الم يد‪.‬‬
‫فا ظر‪ ،‬ميف ا بنت هذه ال روط بعضها على بع ‪ ،‬وتضم بعضها البع حهى‬
‫مأ ها ترج إلى شرط واحد‪.‬‬
‫ومما يدل على صحة هذا الهرابط بي شروط ال إله إال الله امهناع وجو شرط منها ف‬
‫حق الم رك‪.‬‬
‫يقول ال ي عبد الرحم ب حس آل ال ي ف حق م أشرموا بالله‪(( :‬وهؤالا وإن‬
‫قالوا "ال إله إال الله" فقد ترموا مل قيد قميدت به هذه الكلمة العظيمة))‪.‬‬
‫ثم بره ذل بقوله‪(( :‬ان الم رك جاهل بمعناها‪ ،‬وم جهله بمعناها جعله لله شريكاً‬
‫ف المحبة وغيرها‪ ،‬وهذا هو ال هل المناف للعلم بما لت عليه م اإلخهم‪ ،‬ولم يك‬
‫صا قاً ف قولها‪ ،‬ا ه لم ينف ما فهه م ال رك ولم يثبت ما أثبههه م اإلخهم‪ ،‬وترك اليقي‬
‫أيضاً؛ ا ه لو عرف معناها وما لت عليه ا كره(‪ )2‬أو ش فيه‪ ،‬ولم يقبله وهو الحق‪ ،‬ولم‬
‫يكفر بما يعبد م ون الله‪ ،‬مما قال تعالى‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [البقرة‪ ]611 :‬ا هم‬
‫أخلووا له الحب فلم يحبوا إال إياه‪ ،‬ويحبون م أحبه ويخلوون أعمالهم جميعاً لله‪ ،‬ويكفرون‬
‫بما عبد م ون الله))(‪ .)3‬ا ههى‪.‬‬
‫وأيضاً‪ :‬أن النب ‪ ‬قد رتب خول ال نة على مل شرط منها على حدته‪ ،‬وال يدل‬
‫ذل على المغايرة بينها‪ ،‬ا ه ما م شرط م هذه ال روط إال وله ما ينقضه ويذهب بأصله‪.‬‬
‫فلو قال ال إله إال الله خالواً م قلبه‪ ،‬وهو غير عالم بمعناها أو شاك فيه لم يو‬
‫إيما ه بم ر إخهم قلبه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ا ظر‪( :‬م‪.)133 :‬‬


‫(‪ )2‬يعن ‪ :‬ال رك‪.‬‬
‫(‪ )3‬فه الم يد (م‪.)631 :‬‬
‫‪616‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫فإذا ثبت أن هذه ال روط مههزمة ومنبنية بعضها على بع ‪ ،‬فقد ير سؤال هنا‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫لماذا هذا السبر والهقسيم(‪ )1‬لهذه ال روط؟ فلماذا ال يكهفى بأعلى هذه ال روط‪ ،‬ا ه مهضم‬
‫لت ى؟‬
‫ويقال ف ال واب ع هذا السؤال‪ :‬أن تقسيم أهل العلم لهذه ال روط له اعهبارات‬
‫ومقاصد صحيحة‪ ،‬وذل مما يل ‪:‬‬
‫‪ 6‬م أن هذا السبر والهقسيم هو بالنظر إلى اا لة حيث وت اا لة ال رعية على أفرا‬
‫هذه ال روط ورتبت صحة ال ها ة عليها مما سيأت عند الحديث ع أفرا هذه ال روط‪.‬‬
‫‪ 2‬م أن ذمر النوع م جنسه أمر مهقرر ف ال ريعة‪ ،‬وذل لبيان أهمية هذا النوع‬
‫والهأميد على لزوميهه؛ مذمر ااعمال بعد اإليمان م أن اإليمان مهضم لها‪ .‬ومذمر بقية‬
‫أرمان اإليمان بعد اإليمان بالله م أن اإليمان بالله مهضم لها‪ .‬فف ذمر الخام بعد العال‬
‫فوائد ومقاصد‪ ،‬ومنها أيضاً أن العال ال يهوور إال بعد معرفة أفرا ه‪.‬‬
‫يقول شي اإلسهل اب تيمية م رحمه الله م‪(( :‬فهوور العال وشموله لهل اافرا مسبوك‬
‫بهوور تل اافرا ))(‪.)2‬‬
‫‪ 3‬م بيان أن اإليمان ينقسم ويه زأ‪ ،‬ويهفاضل بعضه على بع ‪ .‬وف ذل رٌّ على‬
‫الخوارج والمرجئة والمعهزلة القائلي بأن اإليمان ال ينقسم وال يه زأ وال يهفاضل بل هو ش ا‬
‫واحد‪ ،‬والناس ف أصله سواا‪.‬‬
‫‪ 1‬م الر على أهل البدع مم يحد أصل اإليمان ببع شعبه وأجزائه‪ .‬مهعريف المرجئة‬
‫ل‪.‬يمان بأ ه توديق القلب فقط أو معرفهه بالله ون ا قيا ال وار ‪ .‬فف تفويل هذه ال روط‬
‫بيان اجزاا اإليمان ومناق ههم على ضوئها‪.‬‬
‫وم ال دير ذمره هنا أن هذا الحور ل روط ملمة الهوحيد هو حور إجمال ليس‬
‫تفويلياً؛ ان هذه ال روط م مما تقدل م ه مااصول لسائر شروط صحة اإليمان‪ ،‬ف روط‬

‫(‪)1‬ا السبر و الهقسيم ف اصحه ااصوليي حور ااوصاف ف ااصل المقيس عليه‪ ،‬و إلغاا بعضها ليهع ًن‬
‫الباق للعلية‪ .‬ا ظر‪ :‬الهقرير والهحبير (‪ ،)311/5‬والمع م الوسيط (‪.)115/1‬‬
‫(‪ )2‬بيان تلبيس ال همية (‪.)112/2‬‬
‫‪612‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫صحة اإليمان ااخرى ترج وتؤول إليها‪ ،‬ا ها مهفرعة عنها؛ إذ هذه ال روط السبعة الة‬
‫عليها إما بالهضم أو باالسهلزال‪ ،‬وقد ذمرت شواهد ذل فيما تقدل(‪ ،)1‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫ثم هنا مسألة أخيرة مهمة خهم بها الكهل ف هذا المبحث‪ ،‬وه هل هذا االسهقراا‬
‫لهذه ال روط هو اسهقراا تال أو اق (‪)2‬؟‬
‫تقدل معنا أن هذا االسهقراا صحي تال‪ ،‬ولك ينبغ أن يعلم أن الهمال هنا هو باعهبار‬
‫اإلجمال ال الهفويل‪ ،‬فهو اسهقراا تال م أي‪ :‬ف المعنى والحور م باعهبار اإلجمال‪ ،‬أما باعهبار‬
‫الهفويل فهو اسهقراا اق باعهبار العد‪ ،‬تالٌّ باعهبار المعنى(‪ ،)3‬ولذا فهو يقبل الزيا ة م جهة‬
‫الحور(‪.)4‬‬
‫وذل مما تقدل ال يقد ف صحة الحور ف مو ها سبعة شروط‪ ،‬ان ما لم يذمر‬
‫هو اخل تحهها ضمناً‪.‬‬

‫(‪ )1‬ا ظر‪( :‬م‪ 631 :‬م ‪.)631‬‬


‫هو الذي يقبل الزيا ة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬تقدل أن الناق‬
‫(‪ )3‬المرا هنا أن المعنى ال ينقسم‪ ،‬فهو محر ف جمي أفرا ها‪ ،‬فه شروط صحة ترج إلى معنى واحد‪.‬‬
‫(‪ )4‬وضابط الحور الهفويل هو‪ :‬مل عمل قلب أو جارح ترمه مفر هو م شروطها‪ .‬ا ظر‪ :‬قواعد ومسائل ف توحيد‬
‫اإللهية لعبد العزيز الريس (م‪.)611 :‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫المبحث الثامن‪ :‬ذكر بعض اآلثار عن السلف فيها الداللة على أن لشهادة أن ال إال‬
‫الله شروطاً‪.‬‬
‫السلف م رحمهم الله تعالى م ووا على أن ل ها ة أن ال إله إال الله شروطاً‪ ،‬ال‬
‫ينهف قائلها إال بهذه ال روط؛ وذل ان ملمة الهوحيد ليست م ر أحرف جوفاا ال اللة‬
‫لها وال معنى‪ ،‬وليست م ر ملمة تقولها االس ون أن يكون لها وق ف القلب أو أثر‬
‫على ال وار بل ه قول وعمل واعهقا ‪ .‬وعلى هذا م ى السلف م الوحابة والهابعي‬
‫حيث ووا على أن اإليمان ما جم هذه اامور الثهثة قول اللسان واعهقا ال نان وعمل‬
‫اارمان ال ي زي واحد م الثهثة ع امخر‪.‬‬
‫يقول اإلمال محمد ب إ ريس ال افع م رحمه الله م‪(( :‬ومان اإلجماع م الوحابة‬
‫والهابعي م بعدهم مم أ رمناهم‪ :‬أن اإليمان قول وعمل و ية ال ي زي واحد م الثهثة‬
‫بامخر))(‪ .)1‬اهم‪.‬‬
‫وقال امجري م رحمه الله م‪...(( :‬بل قول م والحمد لله م قوالً يوافق الكهاب والسنة‪،‬‬
‫وعلماا المسلمي الذي ال يسهوحش م ذمرهم م وقد تقدل م ذمر اهم م‪ :‬أن اإليمان معرفة‬
‫بالقلب م توديقاً يقينياً م وقول بالسان‪ ،‬وعمل باال وار ‪ ،‬ال يكون مؤمناً إال بهذه الثهثة‪ ،‬ال‬
‫ي زئ بعضها ع بع ‪ ،‬وال مد لله على ذل ))(‪.)2‬‬
‫وهذه اارمان الثهثة اله ينبن عليها اإليمان مهضمنة ل روط ملمة الهوحيد ال إله إال‬
‫الله؛ وبيان ذل جاا ف بع مهل الحافظ اب منده(‪ )3‬م رحمه الله م حيث قال ف مهابه‬

‫(‪ )1‬أخرجه الهلكائ ف شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة (جم‪ 881/1‬م ‪ )887‬رقم (‪ ،)2123‬وأور ه شي‬
‫اإلسهل اب تيمية ف م موع الفهاوى (‪ )102/7‬وعزاه الهلكائ لل افع ف مهاب اال ف باب (النية ف‬
‫ف الباب‬ ‫الوهة) ومذا عزاه شي اإلسهل م رحمه الله م‪ ،‬وقد رجعت إلى مهاب اال فلم أجد هذا الن‬
‫المذمور‪.‬‬
‫ومم حكى اإلجماع ع السلف أيضاً ف حقيقة اإليمان وأ ه قول باللسان واعهقا بال نان وعمل باارمان‬
‫امجري ف مهابه ال ريعة (‪ ،)122/1‬واب بحة ف مهابه اإلبا ة (‪ 710/1‬م ‪.)712‬‬
‫(‪ )2‬ال ريعة (‪ 212/3‬م ‪.)217‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬اإلمال الحافظ ال وال محدث اإلسهل‪ ،‬أبو عبد الله محمد ب المحدث أب يعقوب إسحاك ب الحافظ أب‬
‫عبد الله محمد ب يحيى ب مندة‪ ،‬مولده ف سنة ع ر وثهث مئة أو إحدى ع رة‪ ،‬وأول سماعه ف سنة ثمان‬
‫=‬ ‫ع رة وثهث مئة‪ .‬مثر سماعه فقيل‪ :‬إ ه مهب ع ألف شي وسبعمائة شي ‪ ،‬فحدث ع أبيه‪ ،‬وعم أبيه عبد الرحم‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫اإليمان ما وه‪(( :‬وقال أهل ال ماعة اإليمان ه (‪ )1‬الحاعات ملها بالقلب واللسان وسائر‬
‫ال وار غير أن له أصهً وفرعاً؛ فأصله المعرفة بالله والهوديق له وبه وبما جاا م عنده‬
‫بالقلب واللسان م الخضوع له والحب له والخوف منه والهعظيم له‪ ،‬م ترك الهكبر‬
‫واالسهنكاف والمعا دة‪ .‬فإذا أتى بهذا ااصل(‪ )2‬فقد خل ف اإليمان ولزمه اسمه وأحكامه‪،‬‬
‫وال يكون مسهكمهً له حهى يأت بفرعه‪ ،‬وفرعه المفهرض عليه أو الفرائ واجهناب المحارل‪.‬‬
‫وقد جاا الخبر ع النب صلى الله عليه وسلم أ ه قال‪« :‬اإليمان بض وسبعون أو سهون شعبة‬
‫(‪)3‬‬
‫أفضلها شها ة أن ال إله إال الله‪ ،‬وأ اها إماطة ااذى ع الحريق والحياا شعبة م اإليمان»‬
‫ف عل اإليمان شعباً بعضها باللسان وال فهي ‪ ،‬وبعضها بالقلب‪ ،‬وبعضها بسائر ال وار ؛‬
‫ف ها ة أن ال إله إال الله فعل اللسان‪ ،‬تقول‪ :‬شهدت أشهد شها ة‪ .‬وال ها ة فعله بالقلب‬
‫واللسان ال اخههف بي المسلمي ف ذل ‪ ،‬والحياا ف القلب‪ ،‬وإماطة ااذى ع الحريق‬
‫فعل سائر ال وار ))(‪ .)4‬اهم‪.‬‬
‫فا ظر إلى مهمه م رحمه الله م ميف ا هظم عد هذه ال روط؛ حيث ذمر المعرفة‬
‫بالله‪ ،‬المهضمنة العلم بالم هو له وما ي ب له م إخهم الهوحيد‪ ،‬المقهضية لليقي به‪،‬‬
‫وذمر الهوديق المهضم ل‪.‬خهم ف القول والعمل‪ ،‬وذمر الحب المهضم حب هذه‬
‫الكلمة وحب أهلها العاملي بها‪ ،‬وذمر الخضوع المقهض له قيا والهسليم‪ ،‬وذمر ترك‬
‫مممممممممم‬
‫ب يحيى ب مندة‪ ،‬ومحمد اب القاسم ب موف الكرا وغيرهم‪ .‬وحدث عنه‪ :‬أبو بكر ب المقرئ‪ ،‬وأبو عبد اله‬ ‫=‬
‫الحامم‪ ،‬وأبو عيم ااصبها وخلق مثير غيرهم‪ .‬ومان صاحب سنة‪ ،‬ينهسب إلى اإلمال أحمد م رحمه الله م‪.‬‬
‫ا ظر‪ :‬طبقات الحنابلة (‪ ،)217/1‬وسير أعه النبها (‪ 18/27‬م ‪.)21‬‬
‫(‪ )1‬مذا ف ااصل‪ ،‬وااولى‪" :‬هو" مما أشار المحقق‪.‬‬
‫رة؛ فأصلها‬ ‫(‪ )2‬وأصل اإليمان هو اإلقرار بال ها تي مما جاا ع طاوس م رحمه الله م‪(( :‬مثل اإليمان م‬
‫ال ها ة‪ ،‬وساقها وورقها مذا‪ ،‬وثمرها الورع‪ ،‬وال خير ف ش رة ال ثمر لها‪ ،‬وال خير ف إ سان ال ورع له)‪.‬‬
‫ﯹ‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫أخرجه عبد الله ب أحمد ف السنة (‪ )321/2‬رقم (‪ .)131‬وي هد له قوله تعالى‪:‬‬
‫(إبراهيم‪)12:‬؛ والكلمة الحيبة ه ال إله إال الله عند جمهور المفسري ‪.‬‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ‬
‫ا ظر‪ :‬إعهل الموقعي الب القيم (‪.)271/2‬‬
‫(‪،)2‬‬ ‫امية (جم‪)20/2‬‬ ‫ﭒ ﭓ‬ ‫(‪ )3‬البخاري ف مهاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬أمور اإليمان وقول الله تعالى‪:‬‬
‫(‪.)18‬‬ ‫ومسلم ف مهاب اإليمان (‪)13/2‬‬
‫(‪ )2‬اإليمان الب مندة (‪ 332/2‬م ‪.)331‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫الهكبر واالسهنكاف والمعا دة ا ه يناف القبول واإلذعان لهذه الكلمة‪ ،‬وعد ذل مله أصل‬
‫اإليمان الذي ال يو اإليمان إال به‪.‬‬
‫وقال حافظ حكم م رحمه الله م ف شر عبارة السلف‪ :‬اإليمان قول وعمل‪(( :‬وقد‬
‫قدمنا ل أن اإليمان قول وعمل‪ ،‬قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان وال وار ‪،‬‬
‫فقول القلب هو الهوديق‪ ،‬وقول اللسان‪ :‬هو الهكلم بكلمة اإلسهل‪ ،‬وعمل القلب هو النية‬
‫واإلخهم‪ ،‬وعمل ال وار ‪ :‬هو اال قيا ب مي الحاعات(‪ ،)1‬فإذا زالت جمي هذه‬
‫ااربعة‪ :‬قول القلب وعمله‪ ،‬وقول اللسان‪ ،‬عمل ال وار زال اإليمان بالكلية‪ ،‬وإذا زال‬
‫توديق القلب لم تنف البقية؛ فإن توديق القلب شرط ف اعهقا ها ومو ها افعة‪ ،‬وذل‬
‫مم مذب بأسماا الله وصفاته‪ ،‬أو بأي ش ا مما أرسل الله به رسله وأ زل به مهبه‪ ،‬وإن‬
‫زال عمل القلب م اعهقا الودك فأهل السنة م معون على زوال اإليمان مله بزواله‪ ،‬وأ ه‬
‫ال ينف الهوديق م ا هفاا عمل القلب وهو محبهه وا قيا ه‪ ،‬مما لم ينف إبليس وفرعون‬
‫وقومه واليهو والم رمي الذي ما وا يعهقدون صدك الرسول بل ويقرون به سراً وجهراً‪،‬‬
‫ويقولون‪ :‬ليس بكاذب‪ ،‬ولك ال هبعه وال ؤم به))(‪ )2‬ا ههى‪.‬‬
‫وأما النووم الوار ة ع السلف ف الداللة على هذه ال روط فبعضها جاات‬
‫م ملة وبعضها جاات مفولة‪ .‬فم المفول قول أب ثور(‪ )3‬م رحمه الله م‪(( :‬فاعلم يرحمنا‬
‫الله وإياك أن اإليمان توديق بالقلب وقول باللسان وعمل بال وار ‪ .‬وذل أ ه ليس بي‬
‫أهل العلم خهف ف رجل لو قال‪ :‬أشهد أن الله‪ ‬واحد وأن ما جاات به الرسل حق‪،‬‬
‫وأقر ب مي ال رائ ثم قال‪ :‬ما عقد قلب عل ش ا م هذا وال أصدك به أ ه ليس‬
‫بمسلم‪ .‬ولو قال‪ :‬المسي هو الله وجحد أمر اإلسهل قال لم يعهقد قلب على ش ا م ذل‬

‫(‪ )1‬هذا م حيث الكمال‪ ،‬أما باعهبار ااصل فيكف فعل الوهة مما سيأت ف شرط اال قيا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أعهل السنة المن ورة (م‪ 611 :‬م ‪.)611‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬إبراهيم ب خالد ب أب اليمان الكلب ‪ ،‬أبو ثور الفقيه‪ ،‬صاحب ال افع ‪ ،‬أحد الفقهاا ااعهل‪ ،‬سم م‬
‫سفيان ب عيينة وتفقه بال افع وغيره‪ .‬قال عنه اإلمال أحمد‪ :‬أعرفه بالسنة منذ خمسي سنة وهو عندي ف‬
‫مسهخ سفيان الثوري‪ .‬توف سنة أربعي ومائهي ببغدا ‪.‬‬
‫ا ظر‪ :‬سير أعهل النبها (‪ 12/62‬م ‪ ،)11‬وتقريب الههذيب (م‪ ،)631 :‬وميزان االعهدال (‪ 611/6‬م‬
‫‪.)611‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫أ ه مافر بإ هار ذل وليس بمؤم ‪ ،‬فلما لم يك باإلقرار إذا لم يك معه توديق مؤمناً وال‬
‫بالهوديق إذا لم يك معه اإلقرار مؤمناً حهى يكون مودقاً بقلبه مقراً بلسا ه‪ ،‬فإذا مان توديق‬
‫بالقلب وإقرار باللسان مان عندهم مؤمناً وعند بعضهم ال يكون مؤمناً حهى يكون م الهوديق‬
‫عمل فيكون بهذه ااشياا إذا اجهمعت مؤمناً‪ .‬فلما فوا أن اإليمان ش ا واحد وقالوا‪ :‬يكون‬
‫ب يئي ف قول بعضهم وثهثة أشياا ف قول غيرهم لم يك مؤمناً إال بما اجهمعوا عليه م‬
‫هذه الثهثة ااشياا‪ .‬وذل أ ه إذا جاا بالثهثة أشياا فكلهم ي هد أ ه مؤم فقلنا بما اجهمعوا‬
‫عليه م الهوديق بالقلب واإلقرار باللسان وعمل ال وار ))(‪.)1‬‬
‫فبي م رحمه الله م أن اإليمان ال يو إال بم موع هذه الثهثة؛ قول اللسان‪ ،‬وهو‬
‫اإلقرار والهلفظ بال ها تي ‪ ،‬والعمل وهو القبول واال قيا ‪ ،‬وتوديق القلب المهضم للعلم‬
‫واإلخهم واليقي ‪ ،‬ثم قح بعدل إجزاا واحد منها مفر اً؛ فه يو إيمان العبد إال‬
‫باجهماعها واسهكمالها‪.‬‬
‫وي هد له قول ااوزاع (‪ )2‬م رحمه الله م امت ‪(( :‬ال يسهقيم اإليمان إال بالقول‪ ،‬وال‬
‫يسهقيم اإليمان والقول إال بالعمل‪ ،‬وال يسهقيم اإليمان والقول والعمل إال بنية موافقة للسنة‪،‬‬
‫فكان م مضى مم سلف ال يفرقون بي اإليمان والعمل؛ فالعمل م اإليمان واإليمان م‬
‫العمل‪ ،‬وإ ما اإليمان اسم ي م مما ي م هذه اا يان اسمها ويودقه العمل(‪)3‬؛ فم آم‬
‫بلسا ه وعرف بقلبه وصدك ذل بعمله فذل العروة الوثقى(‪ ... )4‬وم قال بلسا ه ولم يعرف‬
‫بقلبه ولم يودك بعمله لم يقبل منه ومان ف امخرة م الخاسري ))(‪ .)5‬اهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة (جم‪ 822/2‬م ‪.)810‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد الرحم ب عمرو ب أب عمرو ااوزاع ‪ ،‬أبو عمرو الفقيه‪ ،‬ثقة جليل‪ ،‬م السابعة مات سنة سب وخمسي‬
‫بعد المئهي ‪ ،‬وحديثه عند أصحاب الكهب السهة‪[ .‬تقريب الههذيب (م‪.])123 :‬‬
‫(‪ )3‬ف شر أصول اعهقا أهل السنة‪ :‬جاات العبارة هكذا‪(( :‬ال يفرقون بي اإليمان والعمل م اإليمان واإليمان‬
‫م العمل ف م هذه اا يان اسمها وتوديقه العمل)) وهو غير مسهقيم‪ ،‬والمثبت م م موع الفهاوى‬
‫(‪ ،)231/1‬وبه يسهقيم المعنى‪.‬‬
‫(‪ )4‬والعروة الوثقى ه ال إله إال الله مما تقدل‪.‬‬
‫(‪ )5‬أور ه الهلكائ ف شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة (‪ ،)811/1‬واب تيمية ف م موع الفهاوى (‪.)121/7‬‬
‫وجاا بنحوه م مهل سعيد ب جبير م رحمه الله م ا ظر‪ :‬شر أصول اعهقا أهل السنة وال ماعة (‪ )17/2‬رقم (‪.)10‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫ومما جاا ع السلف أيضاً ف بيان أن شها ة أن ال إله إال الله ال تنف قائلها إال‬
‫ب روط قول الحس البوري م رحمه الله م‪(( :‬اإليمان مهل‪ ،‬وحقيقهه العمل‪ ،‬فإن لم يحقق‬
‫القول بالعمل لم ينفعه القول))(‪.)1‬‬
‫وقال أبو العالية(‪ )2‬م رحمه الله م‪ :‬ف قول الله تعالى‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ‬
‫[البقرة‪(( : ]611:‬تكلموا بكهل اإليمان وحققوه بالعمل))(‪.)3‬‬
‫وقال محمد ب الحسي امجري م رحمه الله م‪(( :‬هذا بيان لم عقل‪ ،‬يعلم أ ه ال‬
‫يو الدي إال بالهوديق بالقلب‪ ،‬واإلقرار باللسان‪ ،‬والعمل بال وار ؛ مثل الوهة والزماة‬
‫والويال والحج وال ها ‪ ،‬وما أشبه ذل ))(‪.)4‬‬
‫هذه بع النووم المفولة ع السلف اله فيها الداللة على أن ال إله إال الله ال‬
‫تنف قائلها إال ب روط وقيو ي ب تحققها تزيد ع الهلفظ بها‪.‬‬
‫مما أن هناك ووصاً م ملة ور ت عنهم تدل على هذه ال روط أيضاً؛ وه على‬
‫ضربي ‪ :‬م ملة فيها الداللة على هذه ال روط‪ ،‬وأخرى فيها الهنوي على أن ل ها ة أن ال‬
‫إله إال الله شروطاً؛ فم الضرب ااول‪ :‬ما رواه اب جرير الحبري م رحمه الله م ف تفسيره بسنده‬
‫إلى قها ة(‪ )5‬م رحمه الله م أ ه قال ف قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [البقرة‪(( :]61:‬إن المنافق تكلم به إله إال الله‪ ،‬فأضاات له‬
‫ف الد يا‪ ،‬فنام بها المسلمي ‪ ،‬وعا (‪ )6‬بها المسلمي ‪ ،‬ووارث بها المسلمي ‪ ،‬وحق بها مه‬

‫(‪ )1‬أخرجه امجري ف ال ريعة م طريق الربي ب أ س (‪ 132/1‬م ‪.)131‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬رفمي م بالهوغير م اب مهران‪ ،‬أبو العالية الرياح م بكسر الراا والهحها ية م‪ ،‬ثقة مثير اإلرسال‪ ،‬م الثا ية‪،‬‬
‫مات سنة تسعي ‪ ،‬وقيل‪ :‬ثهث وتسعي وقيل بعد ذل ‪ ،‬وحديثه عند أصحاب الكهب السهة‪[ .‬تقريب الههذيب‬
‫[(م‪.])318 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه امجري ف ال ريعة (‪.)132/1‬‬
‫(‪ )4‬ال ريعة (‪.)132/1‬‬
‫عامة ب قها ة السدوس ‪ ،‬أبو الخحاب البوري‪ ،‬ثقة ثبت‪ ،‬يقال‪ :‬ولد أممه‪ ،‬وهو رأس الحبقة‬ ‫(‪ )5‬هو‪ :‬قها ة ب‬
‫الرابعة‪ ،‬مات سنة بض ع رة ومائهي ‪[ .‬تقريب الههذيب (م‪ ،])113 :‬وا ظر‪ :‬ترجمهه ف الهاري الكبير‬
‫(‪ 611/1‬م ‪ ،)611‬وتهذيب الههذيب (‪.)361/1‬‬
‫(‪ )6‬أي شارمهم بها‪ .‬يقال‪ :‬وهم يهعا ون إذا اشهرموا فيما يعا فيه بعضهم بعضاً م مكارل أو غير ذل م ااشياا‬
‫ملها‪ .‬لسان العرب (‪ )11/3‬ما ة (عد )‪.‬‬
‫‪611‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫وماله‪ ،‬فلما مان عند الموت سلبها المنافق؛ ا ه لم يك لها أصل ف قلبه‪ ،‬وال حقيقة ف‬
‫عمله))(‪ .)1‬اهم‪.‬‬
‫فقوله‪(( :‬لم يك لها أصل ف قلبه)) إشارة إلى ال روط القلبية لهذه الكلمة‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫((وال حقيقة لها ف عمله)) فيه إشارة إلى شرط اال قيا العمل ؛ فالمنافق سلب هذه ال روط‬
‫أو فعها؛ فقلبه خه م العلم والهوديق بها‪ ،‬وم المحبة لها واهلها العاملي بها‪ ،‬وأعماله‬
‫الظاهرة ف الد يا رياا فكا ت ف امخرة هباا؛ ال ف لها‪.‬‬
‫وم هذا الضرب أيضاً قول أب بكر امجري م رحمه الله م يقول‪(( :‬فإن احهج محهج‬
‫بااحا يث اله رويت‪( :‬م قال ال إله إال الله خل ال نة) قيل له‪ :‬هذه ما ت قبل زول‬
‫الفرائ على ما تقدل ذمر ا له‪ ،‬وهذا قول علماا المسلمي مم فعهم الله تعالى بالعلم‪،‬‬
‫وما وا أئمة يقهدى بهم‪ ،‬سوى المرجئة الذي خرجوا ع جملة ما عليه الوحابة والهابعون لهم‬
‫بإحسان‪ ،‬وقول اائمة الذي ال تسهوحش م ذمرهم))(‪ )2‬ا ههى‪.‬‬
‫وهو بنحوه يروى ع اإلمال أحمد م رحمه الله م‪ )3(،‬وهو بي ف الداللة على أن‬
‫شها ة أن ال إله إال الله ال تنف بم ر ها بل ال بد م اإلتيان بحقوقها والقيال ب روطها‪.‬‬
‫وم الضرب الثا (‪ :)4‬ما أثر ع الحس م رحمه الله م أ ه قال للفرذ ك وهو يدف‬
‫امرأته‪ :‬ما ذا أعد ت لهذا اليول؟ فقال الفرذ ك‪ :‬شها ة أن ال إله إال الله منذ سبعي سنة‪.‬‬
‫فقال له الحس م رحمه الله م‪ (( :‬عم العدة فإن لمهإله إال الله شروطاً‪ ،‬فإياك وقذف‬
‫(‪)7( )6‬‬
‫المحونة))(‪ ،)5‬وروي عنه أ ه قال‪ :‬هذا العمو ‪ ،‬فأي الحنب ؟‬
‫وقيل للحس ‪ :‬إن اساً يقولون‪ :‬م قال ال إله إال الله خل ال نة؟ فقال‪ :‬م قال‪:‬‬
‫ال إله إال الله ‪ ،‬فأ ى حقها وفرضها خل ال نة(‪. )8‬‬
‫(‪ )1‬تفسير اب جرير (‪ .)332/2‬وأور ه السيوط ف الدر المنثور (‪ 71/2‬م ‪ )73‬بزيا ة‪( :‬فهرك ف لمات وعمى‬
‫يهسك فيها مما مان أعمى ف الد يا ع حق الله وطاعهه) ف آخره‪ ،‬وزا سبهه إلى عبد ب حميد‪ :‬وبنحوه أثر‬
‫(البقرة‪.)27:‬‬ ‫ع الحس البوري م رحمه الله م ف تفسير قوله تعالى‪ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫(‪ )2‬ال ريعة (‪ 331/3‬م ‪.)333‬‬
‫(‪ )3‬ا ظر‪ :‬السنة للخهل (‪ 172/3‬م ‪.)171‬‬
‫(‪ )4‬أي النووم الدالة على أن ل‪.‬له إال الله شروطاً‪.‬‬
‫(‪ )5‬تقدل تخري ه‬
‫(‪ )6‬جاا ف القاموس (‪(( :)131/2‬الحنب بضمهي حبل طويل ي د به سرا ك البيت أو الوتد جم أطناب وطنبة)) أ‪.‬هم‪.‬‬
‫(‪ )7‬أور ه الحافظ اب رجب ف جام العلول والحكم (م‪.)321 :‬‬
‫(‪ )8‬تقدل تخري ه‪.‬‬
‫‪613‬‬ ‫الا‬
‫عدّّشروطّشهادةّأنّالّإلهّإالّاللهّإجما ّ‬

‫ومنه أيضاً قول وهب ب منبه لم سأله‪ :‬أليس ال إله إال الله مفها ال نة؟ قال‪ :‬بلى‪،‬‬
‫ولك ليس مفها إال له أسنان؛ فإن جئت بمفها له أسنان فه ل ‪ ،‬وإال لم يفه ل (‪.)1‬‬
‫وقد فسرت أسنان المفها ب روط شها ة أن ال إله إال الله(‪.)2‬‬
‫وبهذا يعلم أن لهذه ال روط أصهً ف مهل السلف‪ ،‬وبه درك خحأ م يزعم أن‬
‫هذه ال روط م بدع المهأخري ‪.‬‬

‫(‪ )1‬تقدل تخري ه‪.‬‬


‫(‪ )2‬ا ظر‪ :‬شر ملمة اإلخهم الب رجب ضم م موع رسائل الحافظ اب رجب (‪.)27/3‬‬
‫‪081‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫يعد من شروطها؟ ومأخذ من‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬النطق واإلقرار بال إله إال اللَّه‪ ،‬هل ُّ‬
‫لم يع ّده في الشروط‪.‬‬
‫وتحته ستة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أدلة من جعل النطق واإلقرار بها من شروطها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مأخذ من لم يع ّد النطق واإلقرار بال إله إال الله في الشروط‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬من جعل النطق واإلقرار كافياً لصحة اإليمان‪[ .‬وهم الكرامية‬
‫من المرجئة]‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حكم من ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬إيمان األخرس‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬ما يجزئ عن النطق بالشهادتين في الشهادة على اإلسالم‪.‬‬
‫‪080‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫الفصل الثاني‪ :‬النطق واإلقرار بال إله إال الله‪ ،‬هل ُّ‬
‫يعد من شروطها؟ ومأخذ من‬
‫لم يع ّده في الشروط‪.‬‬
‫وفيه ستة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أدلة من جعل النطق واإلقرار بها من شروطها‪.‬‬
‫وقع في كالم بعض أهل العلم التنصيص على شرط النطق واإلقرار لصحة‬
‫(‪)1‬‬
‫ولعل ذلك منهم بالنظر إلى أ ّن ال إله إال الله هي اإلسالم؛ فبهذا االعتبار ال‬
‫الشهادة ‪ّ .‬‬
‫حرج في ع ّده شرطا كما قال النووي ـ رحمه الله ـ‪...(( :‬اإليمان شرطه اإلقرار بالشهادتين مع‬
‫اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به رسول الله ‪ )2())‬اهـ‪.‬‬
‫وأيضا جاء عن ابن الصالح(‪ )3‬عند ذكره حديث عثمان المرفوع‪« :‬من مات وهو‬
‫يعلم أنه ال إله إال الله دخل الجنة»(‪ )4‬التنصيص على هذا الشرط حيث قال‪(( :‬قوله‪« :‬وهو‬
‫يعلم» ال يحملنا على مخالفة الفقهاء وسائر أهل السنة في قولهم‪ :‬إنه ال يصير مسلما‬
‫بمجرد المعرفة بالقلب دون النطق بالشهادتين إذا كان قادرا عليه؛ ألن اشتراط ذلك ثابت‬
‫بينته أحاديث أخرى))(‪)5‬؛ ثم شرع في ذكرها‪..‬‬
‫وأيضا جاء التنصيص على هذا الشرط في كالم الشيخ عبد اللطيف بن حسن آل‬
‫الشيخ حيث يقول في "مصباح الظالم"(‪(( :)6‬وال شك أن العلم والقول والعمل مشترط في‬
‫صحة اإلتيان بهما)) يعني‪ :‬الشهادتين‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مصباح الظالم (ص‪ 783 :‬ـ ‪ ،)788‬ورفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص‪.)73 :‬‬
‫(‪ )2‬شرح صحيح مسلم (جـ‪ .)161/1‬وانظر‪ :‬الشريعة لآلجري (‪.)617/3‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬اإلمام الحافظ العالمة تقي الدين أبو عمرو عثمان ابن المفتي صالح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى‬
‫الكردي الشهرزوري‪ ،‬الموصلي‪ ،‬الشافعي‪ ،‬صاحب علوم الحديث‪ ،‬مولده في سنة سبع وسبعين وخمس مئة‪ ،‬تفقه على‬
‫والده بشهرزور‪ ،‬وسمع من ابن مظفر السمعاني‪ ،‬وروى عن ابن عساكر وخلق‪ ،‬وكان إماما كبيرا فقيها مجتهدا‪ ،‬زاهدا‬
‫ورعا‪ ،‬مفيدا معلِّّما‪ .‬من مصنفاته‪( :‬صيانة صحيح مسلم)‪ ،‬و(التقييد) في مصطلح الحديث‪ .‬توفي سنة ثالث وأربعين‬
‫وست مئة‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ ،)111/37‬وطبقات الشافعية (‪ 736/8‬ـ ‪.)776‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬في كتاب العلم (‪ )55/1‬رقم (‪.)17‬‬
‫(‪ )5‬صيانة صحيح مسلم (ص‪ 133 :‬ـ ‪.)137‬‬
‫(‪( )6‬ص‪ 783 :‬ـ ‪.)788‬‬
‫‪081‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫نص على اشتراطه أيضا ابن حجر في (الفتح)(‪ )1‬والمعلِّّمي في (رفع‬ ‫وممن ّ‬‫ّ‬
‫االشتباه)(‪ ،)2‬وميارة(‪ )3‬في (مختصر الدر الثمين على منظومة المرشد المعين على الضروري‬
‫من علوم الدين)(‪ ،)4‬والتتائي(‪ )5‬في شرحه لرسالة أبي زيد القيرواني(‪ ،)6‬وأبو جمرة(‪ )7‬في‬
‫(بهجة النفوس)(‪ ،)8‬وابن عبد البر في (الكافي)(‪.)9‬‬
‫قلت‪ :‬وهو كذلك‪ ،‬فإن المقرر في كالم أهل العلم أن النطق بكلمة التوحيد مع القدرة‬
‫شرط الدخول في اإلسالم(‪ )10‬بل نص أهل العلم على أنه أول الواجبات العِّظام(‪ ،)11‬وقد حكى‬
‫شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ إجماع السلف واألئمة على ذلك‪ .‬فقال‪(( :‬والمقصود هنا أن السلف‬
‫واألئمة متفقون على أن أول ما يؤمر به العباد الشهادتان(‪ ...)12‬فإذا لم يتكلم بهما مع القدرة‬
‫فهو كافر باتفاق المسلمين‪ ،‬وهو كافر باطنا وظاهرا عند سلف األمة وأئمتها وجماهير‬

‫(‪.)101/1( )1‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)73 :‬‬
‫(‪ )3‬ميارة هو‪ :‬محمد بن أحمد بن محمد الفاسي‪ ،‬الفقيه المالكي‪ ،‬تقدم‪.‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)59 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬محمد بن إبراهيم بن خليل التتائي الفقيه الفرضي‪ ،‬أبو عبد الله شمس الدين المصري كان قاضيا بها‪،‬‬
‫والتتائي نسبة إلى "تتا" من قرى المنوفية بمصر‪ ،‬له من المؤلفات‪( :‬فتح الجليل شرح مختصر خليل) في الفقه‬
‫المالكي‪ ،‬و(تنوير المقالة في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني)‪ ،‬توفي سنة (‪ )219‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬نيل االبتهاج‬
‫(ص‪ ،)855 :‬وشجرة النور الزكية (‪ ،)979‬واألعالم للزركلي (‪.)209/8‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة (‪ 180 ،112/1‬ـ ‪.)189‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬أبو محمد عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة‪ ،‬األزدي األندلسي‪ ،‬من علماء المالكية‪ ،‬توفي بمصر‬
‫عام (‪ )528‬هـ‪ ،‬له من المؤبفات‪( :‬بهجة النفوس) في شرح مختصر صحيح البخاري‪ .‬انظر‪ :‬نيل اإلبهاج (ص‪:‬‬
‫‪ .)915‬واألعالم للزركلي (‪.)52/1‬‬
‫(‪.)127/1( )8‬‬
‫(‪ 189/1( )9‬ـ ‪.)182‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬الصارم المسلول (‪.)431/7‬‬
‫)‪ )11‬انظر‪ :‬المفهم (‪ 181/1‬ـ ‪ ،)183‬ومجموع الفتاوى (‪.)364/3‬‬
‫)‪ )12‬درء التعارض (‪.)11/8‬‬
‫‪081‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫علمائها))(‪ )1‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫كما حكاه أيضا النووي ـ رحمه الله ـ فقال‪(( :‬واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء‬
‫والمتكلمين على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة‪ ،‬وال يخلد في النار‪ ،‬ال يكون إال‬
‫من اعتقد بقلبه دين اإلسالم اعتقادا جازما خاليا من الشكوك‪ ،‬ونطق بالشهادتين‪ ،‬فإن اقتصر‬
‫على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصال‪ ،‬إال إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه‪ ،‬أو لعدم‬
‫التمكن منه لمعاجلة المنية‪ ،‬أو لغير ذلك‪ ،‬فإنه يكون مؤمنا))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬ومصداق هذا اإلجماع إجماعهم على أن اإليمان قول وعمل واعتقاد ال‬
‫يجزي واحد عن الثالثة إال باآلخر؛ كما تقدمت حكايته عنهم‪.‬‬
‫فمن قال ال إله إال الله من المكلّفين فقد ثبت إسالمه بيقين‪.‬‬
‫كما أن العلماء متفقون على أن الصبي إذا قالها قبل البلوغ وكان أبواه مسلمين ال‬
‫يؤمر بتجديدها عقيب بلوغه بل يؤمر بالطهارة والصالة إذا بلغ أو ميّز عند من يرى ذلك‪،‬‬
‫ولم يوجب أحد منهم على وليّه أن يخاطبه حينئذ بتجديد الشهادتين‪ ،‬وإن كان اإلقرار‬
‫بالشهادتين واجبا باتفاق المسلمين ووجوبه يسبق وجوب الصالة لكن هو أدى هذا‬
‫الواجب قبل ذلك(‪ .)3‬أما إذا كان أبواه كافرين ففي صحة إسالمه قبل البلوغ نزاع مشهور‬
‫بين أهل العلم‪ ،‬والصحيح أنه يصح‪ ،‬ألن قوله لها موافق لفطرته التي ف ِّطر عليها وهي‬
‫اإلسالم؛ فإذا نطق بكلمة اإلسالم فقد نطق بموجب الفطرة؛ فتكون الفطرة والكلمة قد‬
‫َع ِّملت عملها‪ ،‬وعليه فال يؤمر بتجديد الشهادتين أيضا كشأن من كان أبواه مسلمين(‪.)4‬‬
‫ويشترط في النطق أن يكون على سبيل االعتراف؛ للقطع بأن المشرك إذا نطق بها‬
‫حكاية عن غيره ال يعت ّد له بذلك؛ كالمسلم إذا نطق بكلمة الكفر حكاية عن غيره(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ .)614/3‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪ ،)364/3‬والصارم المسلول (‪ )413/7‬والمحلى البن‬
‫حزم (‪.)61/1‬‬
‫(‪ )2‬شرح النووي على صحيح مسلم (جـ‪.)112/1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬درء التعارض (‪ 3/8‬ـ‪ ،)11‬وشرح الطحاوية البن أبي العز (ص‪.)33 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬أحكام الذمة البن القيم (‪ 411/3‬ـ ‪.)414‬‬
‫(‪ )5‬رفع االشتباه في معنى العبادة واإلله للمعلمي (ص‪.)73:‬‬
‫‪081‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫شترط فيه أيضا قَصد اإلنشاء ليَخرج سبق اللسان(‪.)1‬‬ ‫كما ي َ‬


‫وأما أدلة اشتراط النطق بالشهادتين لصحة اإلسالم فهي مستفيضة في الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬واإلحاطة بها من الصعوبة بمكان‪ ،‬وسأذكر طرفا منها‪ ،‬وأكثرها ـ بحمد الله ـ ظاهر‬
‫ال يخفى‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬األدلة من القرآن الكريم على ذلك‪:‬‬
‫األدلة من القرآن الكريم على اشتراط النطق بالشهادة لصحة اإلسالم كثيرة ال‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫تحصى؛ منها قوله تعالى‪ :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ‬
‫[الزخرف‪.]86:‬‬
‫قال ابن كثير رحمه الله‪(( :‬هــذا استثناء منقطع أي‪ :‬لكن من شهد بالحق على‬
‫بصيرة وعلم فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه لـه))(‪ )2‬اهـ‪.‬‬
‫وقــال الشــيخ عبــد الــرحمن بــن ســعدي‪(( :‬أي‪ :‬نطــق بلســانه‪ ،‬مق ـرا بقلبــه‪ ،‬عالمــا بمــا‬
‫شــهد بــه‪ ،‬ويشــترط أن تكــون شــهادته بــالحق‪ ،‬وه ـو الشــهادة للــه تعــالى بالوحدانيــة‪ ،‬ولرســله‬
‫بــالنبوة والرســالة‪ ،‬وصــحة مــا جــاؤوا ب ـه‪ ،‬مــن أصــول الــدين وفروعــه‪ ،‬وحقائقــه وش ـرائعه‪ ،‬فهــؤالء‬
‫الذين تنفع فيهم شفاعة الشافعين‪ ،‬وهؤالء الناجون من عذاب الله‪ ،‬الحائزون لثوابه))(‪.)3‬‬
‫أقر بالتوحيد‬ ‫ممن ّ‬ ‫الشفاعة ال تنفع عند الله وال تصح إال ّ‬ ‫فاآلية الكريمة أفادت أن ّ‬
‫على عل ٍم وبصيرة‪ ،‬وقد بيّن الله تعالى أن المشرك ال ينتفع بالشفاعة كما أنه ال ينفع غيره بها‬
‫ﯞ ﯟ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ‬ ‫كما في قوله تعالى‪ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫فدل ذلك على أن المسلم هو الذي‬ ‫[طـه‪ ،]114:‬وقوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ [المدثر‪ّ ]18 :‬‬
‫ينتفع بالشفاعة وينفع غيره بها بعد إذن الله له والرضى عنه؛ فشرط نفع الشفاعة واالنتفاع‬
‫فدل‬
‫بها إذن هو اإلسالم‪ ،‬وهو في اآلية منفي عمن لم يشهد بالحق أي بال إله إال الله ّ‬
‫على أن الشهادة شرط لصحة اإلسالم؛ وأول مراتب الشهادة النطق واإلقرار كما سبق بيانه‪.‬‬
‫ﯪ ﯫ‬ ‫وحول هذا المعنى يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ((‪...‬فلهذا قال‪ :‬ﯨ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ‪ ،‬وقد تقدم قول ابن عباس‪ :‬يعنى من قال‪ :‬ال إله إال الله يعنى خالصا من‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)125/1‬‬


‫)‪ )2‬تفسير ابن كثير (‪.)174/1‬‬
‫)‪ )3‬تيسير الكريم الرحمن (ص‪.)331 :‬‬
‫‪085‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قلبه‪ .‬واألحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة كلها تبين‪ :‬أن الشفاعة إنما تكون في أهل «ال‬
‫إله إال الله»‪ ...‬فهؤالء هم الذين شهدوا بالحق‪ ،‬شهدوا أن ال إله إال الله كما شهد الله لنفسه‬
‫بذلك ومالئكته وأولوا العلم ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ‬
‫[آل عمران‪ ،]08 :‬فإذا شهدوا وهم يعلمون كانوا من أهل‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫الشفاعة‪ ،‬شافعين ومشفوعا لهم؛ فإن المؤمنين أهل التوحيد يشفع بعضهم في بعض‪ ،‬كما ثبت‬
‫في األحاديث الصحيحة))(‪.)1‬‬
‫جل وعال‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫ومن أدلة القرآن أيضا قوله ّ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫[البقرة‪.]011 :‬‬
‫قال البيهقي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬باب الدليل على أن التصديق بالقلب واإلقرار باللسان‬
‫أصل اإليمان وأن كليهما شرط في النقل عن الكفر عند عدم العجز‪.‬‬
‫[البقرة‪:‬‬ ‫ﭭ ﭮ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫‪ ]011‬اآلية فأمر المؤمنين أن يقولوا آمنا بالله‪ .‬وقال الله عز وجل ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ [الحجرات‪ ،]11 :‬فأخبر أن القول العاري عن‬
‫االعتقاد ليس بإيمان‪ ،‬وأنه لو كان في قلوبهم إيمان‪ ،‬لكانوا مؤمنين‪ ،‬لجمعهم بين التصديق‬
‫بالقلب والقول باللسان‪ .‬ودلت السنة على مثل ما دل عليه القرآن))(‪ )2‬ثم شرع في هذه‬
‫األدلة‪.‬‬
‫وقال أيضا‪(( :‬باب أول ما يجب على العاقل البالغ معرفته واإلقرار به‪.‬‬
‫قال الله جل ثناؤه لنبيه محمد ‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[محمد‪ :‬من اآلية‪ .]14‬وقال له وألمته‪ :‬ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ [األنفال‪ :‬من اآلية‪ .]11‬وقال‪ :‬ﭨ ﭩ‬
‫ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [هود‪ :‬من اآلية‪ .]11‬وقال‪:‬‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫اآلية [البقرة‪ :‬من اآلية‪ ]176‬فوجب باآليات قبلها معرفة الله‬ ‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫تعالى وعلمه‪ ،‬ووجب بهذه اآلية‪ ،‬االعتراف به والشهادة له بما عرفه))(‪ .)3‬اهـ‪.‬‬

‫)‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 111/11‬ـ‪.)111‬‬


‫)‪ )2‬شعب اإليمان (‪ ،)78/1‬وانظر‪ :‬الشريعة لآلجري (‪ 613/3‬ـ ‪.)617‬‬
‫)‪ )3‬االعتقاد للبيهقي (ص‪.)75 :‬‬
‫‪081‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ومن أدلة القرآن أيضا قوله تعالى‪ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬


‫ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ [غافر‪ .]85 ،81 :‬ففي هذه اآلية بين الله تعالى‬
‫أن القول لم ينقلهم عن الكفر‪ ،‬ألنه كان بعد رؤية البأس‪ ،‬فثبت أنه لو كان قبلها لنفعهم بأن‬
‫كان ينقلهم عن الكفر إلى اإليمان(‪.)1‬‬
‫ثانياً‪ :‬األدلة من السنة‪:‬‬
‫وأما األدلة من السنة على اشتراط النطق بالشهادة لصحة اإلسالم فهي كثيرة أيضا‬
‫ال تحصى؛ ومن ذلك قوله ‪ ‬لمعاذ لما بعثه إلى اليمن‪(( :‬إنك تأتي قوما من أهل الكتاب‬
‫فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ال إله إال الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك‬
‫فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك‬
‫فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فإن هم أطاعوا‬
‫لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))(‪ .)2‬وفي‬
‫رواية‪(( :‬فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله))(‪.)3‬‬
‫قال الشيخ سليمان بن عبد الله ـ رحمه الله ـ في سياق شرحه لهذا الحديث‪(( :‬وفيه أنه‬
‫ال يحكم بإسالم الكافر إال بالنطق بالشهادتين‪ .‬قال شيخ اإلسالم‪ :‬فأما الشهادتان إذا لم‬
‫يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين‪ ،‬وهو كافر باطنا وظاهرا عند سلف األمة‬
‫وأئمتها‪ ،‬وجماهير علمائها‪ .‬قلت‪ :‬هذا والله أعلم فيمن ال يقربهما أو بإحداهما‪ ،‬أما من كفره‬
‫مع اإلقرار بهما ففيه بحث‪ .‬والظاهر أن إسالمه هو توبته عما كفر به))(‪ )4‬اهـ‪.‬‬
‫ومما يدل على ذلك أن الرواية الثانية ـ وهي قوله ‪(( :‬إلى أن يوحدوا الله)) دالة على‬
‫أن التوحيد هو اإلقرار بالشهادتين كذا فسرها الحافظ ابن حجر في الفتح(‪)5‬؛ فمن لم يقر‬

‫)‪ )1‬المنهاج في شعب اإليمان للحليمي (‪.)36/1‬‬


‫)‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الزكاة‪ ،‬باب وجوب الزكاة (جـ‪ )177/3‬حديث رقم (‪ ،)1745‬ومسلم في كتاب‬
‫اإليمان (‪ )51/1‬حديث رقم (‪ )34‬كالهما أخرجاه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما‪.‬‬
‫)‪ )3‬أخرجها البخاري في كتاب التوحيد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في دعاء النبي ‪ ‬أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى حديث‬
‫رقم (‪.)3733‬‬
‫)‪ )4‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)111 :‬‬
‫)‪ )5‬فتح الباري (‪ .)751/17‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)758/7‬‬
‫‪081‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫بالشهادتين لم يقر بالتوحيد؛ فال يصح له إسالم وإن صلى وصام وفعل بقية شرائع اإلسالم‪.‬‬
‫ومن أدلة السنة أيضا قوله ‪(( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال الله‪ ،‬فمن‬
‫قال ال إله إال الله فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابهم على الله))(‪.)1‬‬
‫قال النووي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وفيه أن اإليمان شرطه اإلقرار بالشهادتين مع اعتقادهما‬
‫واعتقاد جميع ما أتى به رسول الله ‪ )2())‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهو ظاهر؛ فإن النبي ‪ ‬جعل النطق واإلقرار بالشهادة هو المانع من قتالهم‬
‫العاصم ألموالهم؛ ألن حكم اإلسالم قد ثبت في حقهم بقولها‪ ،‬ولذا وجب الكف عن‬
‫قتالهم وأخذ أموالهم‪.‬‬
‫قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومن المعلوم بالضرورة أن النبي ‪ ‬كان يقبل من كل‬
‫من جاءه يريد الدخول في اإلسالم الشهادتين فقط‪ ،‬ويعصم دمه بذلك‪ ،‬ويجعله‬
‫مسلما‪...‬فإن كلمتي الشهادتين بمجردهما تعصم من أتى بهما‪ ،‬ويصير بذلك مسلما))(‪.)3‬‬
‫عمه أبي طالب؛ فقد روى البخاري في‬ ‫ومن أدلة السنة أيضا قصة النبي ‪ ‬مع ّ‬
‫صحيحه(‪ )4‬من طريق سعيد بن المسيب عن أبيه(‪ ،)5‬أنه قال‪ :‬لما حضرت أبا طالب الوفاة‪،‬‬
‫جاءه رسول الله ‪ ‬فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة‪ ،‬فقال رسول‬
‫عم قل‪ :‬ال إله إال الله كلمة أشهد لك بها عند الله)) فقال أبو جهل وعبد الله‪ :‬يا‬ ‫ِّ‬
‫الله‪(( :‬يا ّ‬
‫أبا طالب أترغب عن ملّة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله ‪ ‬يعرضها عليه‪ ،‬ويعيد له تلك‬
‫المقالة‪ ،‬حتى قال أبو طالب آخر ما كلّمهم‪ :‬هو على ملّة عبد المطلب‪ ،‬وأبى أن يقول ال‬
‫عز‬
‫إله إال الله‪ .‬فقال رسول الله ‪(( :‬أما والله ألستغفرن لك ما لم أنه عنك))‪ .‬فأنزل الله ّ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫وجل‪ :‬ﭣ ﭤ‬ ‫ّ‬
‫)‪ )1‬متفق عليه‪ .‬أخرجه البخاري في كتاب الزكاة‪ ،‬باب وجوب الزكاة حديث رقم (‪ ،)1744‬ومسلم في كتاب‬
‫اإليمان حديث رقم (‪ )31‬من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه‪.‬‬
‫)‪ )2‬شرح صحيح مسلم (جـ‪ .)161/1‬وانظر‪ :‬الشريعة لآلجري (‪.)617/3‬‬
‫)‪ )3‬جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم (ص‪ 158 :‬ـ‪.)161‬‬
‫(‪( )4‬جـ‪ )925/1‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب‪ :‬قصة أبي طالب ح (‪.)2551‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬المسيب بن حزن‪ ،‬بفتح المهملة وسكون الزاي‪ ،‬بن أبي وهب المخزومي‪ ،‬أبو سعيد‪ ،‬له وألبيه صحبة‪،‬‬
‫عاش إلى خالفة عثمان ‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])911 :‬‬
‫‪088‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ﭵ ﭶ ﭷ [التوبة‪ ،]117:‬وأنزل الله تعالى في أبي طالب‪ ،‬فقال لرسول الله ‪ :‬ﮏ ﮐ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [القصص‪.]51:‬‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫عم قل ال إله إال الله كلمة أشهد لك بها عند‬ ‫ِّ‬
‫الشاهد من الحديث قوله ‪(( :‬يا ّ‬
‫فدل على أن النطق‬ ‫الله))؛ فلو قالها لشهد له بها النبي ‪ ‬باإلسالم عند الله تعالى؛ ّ‬
‫بالشهادة هو شرط الدخول في اإلسالم‪.‬‬
‫قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ـ رحمه الله ـ‪(( :‬قوله‪ :‬أحاج لك بها عند‬
‫الله‪ .‬هو بتشديد الجيم من المحاجة وهي مفاعلة من الحجة‪ ،‬والجيم مفتوحة‪ ،‬على الجزم‬
‫وجواب األمر‪ ،‬أي‪ :‬أشهد لك بها عند الله كما في الرواية األخرى‪ .‬وفيه دليل على أن‬
‫األعمال بالخواتيم‪ ،‬ألنه لو قالها لنفعته‪ ،‬وإن مات على التوحيد نفعته الشفاعة وإن لم يعمل‬
‫شيئا غير ذلك‪ ،‬وأن من كان كافرا يجحدها إذا قالها عند الموت أجريت عليه أحكام‬
‫اإلسالم‪ ،‬فإن كان صادقا من قلبه نفعته عند الله إال فليس لنا إال الظاهر‪ ،‬بخالف من كان‬
‫يتكلم بها في حال كفره))(‪ .)1‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويشهد لكالمه ما جاء في صحيح البخاري أيضا عن أنس أنه قال‪ :‬كان‬
‫غالم يهودي يخدم النبي ‪ ‬فمرض فأتاه النبي ‪ ، ‬فقال‪(( :‬أتشهد أن ال إله إال الله فنظر‬
‫الغالم إلى أبيه فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأسلم‪ .‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم الحمد‬
‫لله الذي أنقذه بي من النار))(‪.)2‬‬
‫ففيه أن النبي ‪ ‬رتّب نجاة الغالم اليهودي من النار على إسالمه؛ وإسالمه هو‬
‫قوله‪ :‬ال إله إال الله‪.‬‬
‫ومن أدلة السنة أيضا قوله ‪« :‬يخرج من النار من قال ال إله إال الله وفي قلبه وزن‬
‫شعيرة من خير‪ ،‬ويخرج من النار من قال ال إله إال الله وفي قلبه وزن بـّرة من خير‪ ،‬ويخرج‬
‫ذرة من خير))(‪.)3‬‬
‫من النار من قال ال إله إال الله وفي قلبه وزن ّ‬
‫ففي هذا الحديث اشترط النبي ‪ ‬لدخول الجنة وعدم الخلود في النار قول ال إله‬

‫)‪ )1‬تيسير العزيز الحميد (‪ 361‬ـ ‪.)363‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الجنائز‪ ،‬باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه‪ ،‬ويعرض على الصبي اإلسالم؟‬
‫(جـ‪ )114/3‬ح (‪.)1756‬‬
‫)‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان من صحيحه‪ ،‬باب‪ :‬زيادة اإليمان ونقصانه برقم (‪.)11‬‬
‫‪089‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫إال الله حيث جاء بحرف " َمن" المفيدة للشرطية‪ ،‬ومن المعلوم أن دخول الجنة وعدم‬
‫الخلود في النار ال يكون إال ألهل التوحيد؛ إذ المشركون محكوم عليهم بالخلود في النار‬
‫وتحريم دخول الجنة كما في قوله تعالى‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ‬
‫[المائدة‪.]33 :‬‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ‪(( :‬قوله‪« :‬من قال ال إله إال الله وفي قلبه» فيه‬
‫دليل على اشتراط النطق بالتوحيد»(‪.)1‬‬
‫ومن أدلة السنة أيضا على اشتراط النطق بالشهادتين للدخول في اإلسالم قوله ‪:‬‬
‫((ما من عبد قال ال إله إال الله ثم مات على ذلك إال دخل الجنة))(‪.)2‬‬
‫فرتب النبي ‪ ‬دخول الجنة على النطق بالشهادتين؛ فدل ذلك على إسالم من نطق بالشهادتين‪.‬‬
‫ومن هذه األدلة أيضا قوله ‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ال إله إال الله‪،‬‬
‫فمن قال‪ :‬ال إله إال الله عصم منى ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على الله ‪.)3(»‬‬
‫قال الحليمي(‪ )4‬في وجه االستشهاد به على اشتراط النطق‪(( :‬ومعلوم أن اإليمان هو‬
‫الواجب للعصمة‪ ،‬فلما أخبر النبي ‪ :‬أن العصمة المزايلة بالكفر تثبت بالقول‪ ،‬صح أن‬
‫القول إيمان‪ ،‬وأن الحاجة إليه كالحاجة إلى االعتقاد النتفاء الكفر))(‪.)5‬‬
‫كما أن العقل قد دل على اشتراط النطق واإلقرار بالشهادتين لصحة اإلسالم‪،‬‬
‫ووجه‪ :‬قال الحليمي‪(( :‬ألن اللسان محل التوحيد كالقلب‪ ،‬فإن القاصد إلى اإليمان كما‬
‫يخطر بقلبه أن ال إله إال الله‪ ،‬ويو ِّطّن نفسه على أن ذلك كذلك‪ ،‬فيكون موحدا بقلبه‪:‬‬

‫)‪ )1‬فتح الباري (‪.)111/1‬‬


‫)‪ )2‬متفق عليه من حديث أبي ذر رضي الله عنه‪ .‬أخرجه البخاري في كتاب اللباس‪ ،‬باب‪ :‬الثياب البيض‬
‫(جـ‪ )55/3‬ح (‪ ،)5833‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )45/1‬ح (‪.)151‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة (ج‪ )171/3‬ح (‪ ،)1744‬ومسلم في كتاب اإليمان‬
‫(‪.)51/1‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬القاضي العالمة رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن‬
‫حليم البخاري‪ ،‬الشافعي‪ ،‬أخذ عن أبي بكر بن القفال‪ ،‬وأخذ عنه جماعة منهم‪ :‬أبو عبد الله الحاكم‪ ،‬والبيهقي‪،‬‬
‫من تصانيفه‪( :‬شعب اإليمان)‪ ،‬كانت والدته بجرجان سنة (‪ ،)225‬ووفاته في شهر ربيع األول سنة (‪)102‬‬
‫هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 921/17‬ـ ‪.)922‬‬
‫(‪ )5‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)11/0‬‬
‫‪091‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫فكذلك يجري لسانه بمثل ما كسب قلبه ويعبِّّر عما في ضميره فيقول‪ :‬ال إله إال الله‪،‬‬
‫فيكون موحدا بلسانه‪ ،‬فبان بذلك أن كل واحد من القلب واللسان محل التوحيد‪ ،‬ووجب‬
‫إذا كان اعتقاد التوحيد أمرا ال ينتفي الكفر بدونه أن يكون القول باللسان في هذا مثله‪ ،‬وأن‬
‫ال يقضى بزوال الكفر مع خلو الكفر وبالله التوفيق))(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫وبهذا يعلم فساد مذهب جهم ومن وافقه من المرجئة الزاعمين أن اإليمان هو مجرد‬
‫المعرفة‪ ،‬وال يشترط لصحته النطق بالشهادتين‪ ،‬وسيأتي الرد عليهم مفصال في موضعه(‪.)2‬‬
‫كما أن نفع قول ال إله إال الله في هذه األحاديث المتقدمة مقيد بقيود تزيد عن‬
‫مجرد النطق بالشهادتين‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول الشيخ سليمان آل الشيخ ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأحسن ما قيل في معناها‬
‫ما قاله شيخ اإلسالم وغيره إن هذه األحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت‬
‫مقيدة وقالها خالصا من قلبه مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين فإن حقيقة‬
‫التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة فمن شهد أن ال إله إال الله خالصا من قلبه دخل‬
‫الجنة ألن اإلخالص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحا‬
‫فإذا مات على تلك الحال نال ذلك))(‪ .)3‬اهـ‪.‬‬
‫كما أن ظاهر هذه األحاديث قد يفهم منه أن من نطق بال إله إال الله فقط‪ ،‬دون‬
‫أن يضم إليها الشهادة بالرسالة للنبي ‪ ‬حكم بإسالمه‪ ،‬وهذا الظاهر غير مراد قطعا؛ ألن‬
‫الشهادتين متالزمتان‪.‬‬
‫يقول القرطبي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬قوله ‪(( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال‬
‫الله‪ ،‬فمن قال ال إله إال الله فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابهم على الله))‪ .‬ظاهره‪:‬‬
‫أن من نطق بكلمة التوحيد فقط حكم له بحكم اإلسالم‪ ،‬وهذا الظاهر متروك قطعا؛ إذ ال بد‬
‫مع ذلك من النطق بالشهادة بالرسالة أو بما يدل عليها‪ ،‬لكنه سكت عن كلمة الرسالة لداللة‬
‫كلمة التوحيد عليها ألنهما متالزمان فهي مرادة قطعا‪ .‬ثم النطق بالشهادتين يدل على الدخول‬
‫في الدين والتصديق بكل ما تضمنه‪ ،‬وعلى هذا فالنطق بالكلمة األولى يفيد إرادة الثانية كما‬

‫(‪ )1‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)11/0‬‬


‫)‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪ 778 :‬ـ ‪* .)718‬‬
‫)‪ )3‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)66 :‬‬
‫‪090‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫يقال قرأت‪ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ [الفاتحة‪ ]1 :‬والمراد‪ :‬جميع السورة‪ .‬ويدل على ما صحة‬
‫ما قلناه الروايات األخر التي فيها‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال الله‪،‬‬
‫ويقيموا الصالة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة»‪ ،‬وفي لفظ آخر‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله‬
‫إال الله‪ ،‬ويؤمنوا بما جئت به»(‪ )2()) )1‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫ويقول حافظ حكمي‪(( :‬وقد قدمنا أن العبد ال يدخل الدين إال بهاتين الشهادتين‪،‬‬
‫وأنهما متالزمتان‪ ،‬فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية‪ ،‬كما أنها هي الشرط في‬
‫األولى))(‪.)3‬‬
‫فإذا ثبت أن الشهادتين البد منهما لصحة اإلسالم‪ ،‬فههنا مسألة‪ :‬وهي هل كل من‬
‫نطق بالشهادتين يحكم بإسالمه بمجرد هذا النطق؟ أم البد من التحقق واالختبار؟‬
‫األصل أن كل من نطق بالشهادتين حكاية عن نفسه حكم بإسالمه في الظاهر ـ كما‬
‫تقدم ـ إال أن أهل العلم استثنوا من ذلك بعض األحوال‪:‬‬
‫األولى‪ :‬الكتابي إن كان مقرا بالتوحيد وبرسالة النبي ‪ ‬إال أنه يعتقد أن النبي ‪‬‬
‫رسول للعرب خاصة‪ ،‬فهذا إذا قال أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمدا رسول الله لم‬
‫يقبل منه حتى يقر برجوعه عما تلبس به من نواقض هذه الكلمة‪ ،‬كأن يضيف‪ :‬وإن دين محمد‬
‫حق‪ ،‬أو فرض‪ ،‬وأبرأ مما خالف محمد ‪ ‬أو دين اإلسالم‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول الشافعي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬اإلقرار باإليمان وجهان‪ :‬فمن كان من أهل‬
‫األوثان ومن ال دين له يدعي أنه دين نبوة وال كتاب‪ ،‬فإذا شهد أن ال إله إال الله وأن محمدا‬
‫عبده ورسوله فقد أقر باإليمان‪ ،‬ومتى رجع عنه قتل‪ .‬قال‪ :‬ومن كان على دين اليهودية‬
‫والنصرانية‪ ،‬فهؤالء يدعون دين موسى وعيسى صلوات الله وسالمه عليهما‪ ،‬وقد بدلوا منه‪،‬‬
‫وقد أخذ عليهم فيهما اإليمان بمحمد رسول الله ‪ ‬فكفروا بترك اإليمان به واتباع دينه‪ ،‬مع‬
‫ما كفروا به من الكذب على الله قبله‪ ،‬فقد قيل لي‪ :‬إن فيهم من هو مقيم على دينه يشهد أن‬

‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ (جـ‪ )11/1‬ح‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫)‪ )1‬الروايتان األولى أخرجها البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪:‬‬
‫(‪ ،)35‬والرواية الثانية أخرجها مسلم في كتاب اإليمان (‪.)53/1‬‬
‫)‪ )2‬المفهم (‪ 183/1‬ـ ‪.)188‬‬
‫(‪ )3‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)11 :‬‬
‫‪091‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ال إله إال الله وأن محمدا عبده ورسوله‪ .‬ويقول‪ :‬لم يبعث إلينا‪ ،‬فإن كان فيهم أحد هكذا(‪،)1‬‬
‫فقال أحد منهم‪ :‬أشهد أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله لم يكن هذا مستكمل اإلقرار‬
‫باإليمان‪ ،‬حتى يقول‪ :‬وإن دين محمد حق‪ ،‬أو فرض‪ ،‬وأبرأ مما خالف دين محمد ‪ ‬أو‬
‫دين اإلسالم‪ ،‬فإذا قال هذا فقد استكمل اإلقرار باإليمان‪ ،‬فإذا رجع استتيب‪ ،‬فإن تاب وإال‬
‫قتل‪ ،‬وإن كان منهم طائفة تـعرف بأال تقر بنبوة محمد ‪ ‬إال عند اإلسالم‪ ،‬أو تزعم أن من‬
‫أقر بنبوته لزمه اإلسالم‪ ،‬فشهدوا أن ال إله إال الله وأن محمدا عبده ورسوله فقد استكملوا‬
‫اإلقرار باإليمان‪ ،‬فإن رجعوا عنه استتيبوا‪ ،‬فإن تابوا وإال قتلوا)) (‪.)2‬‬
‫ففرق اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في الحكم باإلسالم بين الكافر الوثني والكتابي‬
‫محمد ‪ ‬وبين الكتابي الذي يقر بنبوة محمد ‪ ‬إال أنه يزعم أنه‬ ‫ٍ‬ ‫الذي ال يعتقد نبوة‬
‫رسول للعرب خاصة‪ ،‬فإذا تلفظ األوالن بالشهادة حكم بإسالمهما فإن رجعوا عنه استتيبوا‪،‬‬
‫فإن تابوا وإال قتلوا‪ .‬وأما الثالث فإذا تلفظ بالشهادة فال يحكم بإسالمه حتى ِّّ‬
‫يصرح بما‬
‫يدل على أنه يؤمن بعموم رسالة محمد ‪.‬‬
‫وبعضهم اشترط في النصراني مطلقا أن يصلي جماعة أو يؤذن لهم حتى يكون مستكمال‬
‫لإلقرار باإليمان‪ ،‬وهو ينسب إلى أهل الرأي(‪.)3‬‬
‫وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى اشتراط البراءة مطلقا‪ .‬قال النووي‪ :‬وليس بشيء(‪.)4‬‬
‫الثانية‪ :‬من تلفظ بالشهادتين وهو ال يميِّّز بين الله ورسوله؛ لمالزمة الشهادتين‪ ،‬فقد‬
‫ذكر صاحب ((الدر الثمين في شرح المرشد المعين)) من علماء المالكية ما ملخصه‪ :‬أن‬

‫)‪ )1‬وقد وجد من فرق اليهود من يقرون برسالة النبي ‪ ،‬ويقولون هو رسول للعرب خاصة‪ .‬فقد ذكر ابن حزم في‬
‫الفصل في الملل والنحل (‪ :)134/1‬أن العيسوية تقر بنبوة النبي ‪ ‬وتزعم أنه رسول من كان من ولد إسماعيل‬
‫من العرب خاصة‪ .‬والعيسوية طائفة من اليهود حدثت في آخر دولة بني أمية‪ ،‬وهم منسوبون إلى رجل يقال له‪:‬‬
‫أبو عيسى أحدث لهم ذلك‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)41/3‬‬
‫ونقل ابن حجر في الفتح (‪ )41/3‬كالما البن عبد البر حاصله‪ :‬أن من نطق بالتشهد في اآلذان حكم بإسالمه‬
‫إال إذا كان عيسويا‪ .‬وانظر‪ :‬هداية الحيارى (ص‪.)84 :‬‬
‫)‪ )2‬األم (‪ 744/3‬ـ ‪ .)111‬وانظر‪ :‬شرح صحيح مسلم للنووي (جـ‪.)116/1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب أهل العلم (‪.)110/1‬‬
‫(‪ )4‬شرح صحيح مسلم للنووي (‪.)011/0‬‬
‫‪091‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫علماء بجاية(‪ )1‬في المغرب اجتمعوا في القرن الحادي عشر وتحدثوا وكان في حديثهم أن‬
‫قالوا‪ :‬ما رأيكم في شخص يعمل مع الناس أعماال‪ ،‬ولكنه ال يعلم صحة ذلك من عدمه‪،‬‬
‫وال يعرف معنى ال إله إال الله وال ِّّ‬
‫يفرق بين الله ورسوله؛ لمالزمة الشهادتين؟ قالوا‪ :‬هذا ال‬
‫يكون إال بالبوادي حيث ال علم عندهم‪ .‬فقال بعضهم‪ :‬فإذا كان األمر كذلك‪ ،‬هل له‬
‫نصيب في اإلسالم؟ فأجابوا جميعا‪ :‬بأن هذا أو مثله ليس له نصيب في اإلسالم‪.‬‬
‫جلي في غاية الجالء‪ ،‬ال يمكن أن يختلف فيه‬ ‫ثم قال شارحه‪ :‬وهذا الذي أفتوا به ّ‬
‫اثنان)) انتهى(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬ومن باب أولى من يعتقد الحلول واالتحاد العام كأصحاب وحدة الوجود‪ ،‬أو‬
‫يعتقد الحلول الخاص كالنصارى ومن ضاهاهم من الرافضة وفرق الباطنية؛ كالدروز(‪ )3‬أن ال‬
‫تقبل شهادتهم حتى يتبيّن منهم‪.‬‬
‫لعل الضابط المميِّّز لذلك أن ما كان مرجعه القدح في العلم الج َملي بمعنى ال إله‬‫و ّ‬
‫إال الله فإنه ال ينعقد معه أصل اإلسالم(‪ ،)4‬بخالف ما كان مرجعه القدح في العلم‬
‫التفصيلي بمعنى هذه الكلمة فإنه يصح معه اإلسالم(‪.)5‬‬
‫وخالصة المبحث‪ :‬أن النطق بالشهادتين شرط لصحة اإليمان‪ ،‬وأن من ترك التكلم‬
‫بهما مع القدرة هو كافر باطنا وظاهرا‪ ،‬وذلك خالفا لمن يشترط ذلك ظاهرا ال باطنا‬
‫نصوا على أن اإليمان هو التصديق بالقلب‪ ،‬وإنما اإلقرار شرط‬ ‫كاألشاعرة والماتريدية فإنهم ّ‬
‫(‪ ) 1‬بجاية بالكسر وتخفيف الجيم بعدها ألف وياء‪ ،‬وهاء‪ :‬مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب‪[ .‬معجم‬
‫البلدان (‪.])774/1‬‬
‫(‪ )2‬صـ‪ 33‬بمعناه‪ .‬وانظر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)61 :‬‬
‫(‪ )3‬الدروز‪ :‬الدروز من الطوائف الباطنية التي ظهرت في القرن الرابع الهجري ـ بعد القرون المفضلة ـ ومذهبهم يقوم على‬
‫تأليه الحاكم بأمر الله‪ ،‬ويعتقدون أنه هو وجه الله‪ ،‬ألنه هو الذي يدل العالم إلى معرفة الله‪ ،‬كما يعتقدون انبعاث‬
‫العقول الروحانية من العقل الكلي الذي هو معبودهم الحقيقي‪ .‬وبذلك يظهر التشابه الكبير بين هذه الطائفة وأصحاب‬
‫الفلسفة األفالطونية حيث يعتقدون أن الله هو العقل الكلي المدبر‪ .‬انظر‪ :‬عقيدة الدروز للدكتور محمد أحمد‬
‫الخطيب (ص‪ 01 :‬ـ ‪.)15‬‬
‫(‪ )4‬سيأتي في مبحث العلم التعريف بالعلم اإلجمالي‪ ،‬وبيان الفرق بينه وبين العلم التفصيلي‪.‬‬
‫(‪ )5‬ولذا فإن اإلجماع منعقد على صحة إسالم من كان حديث العهد باإلسالم وجهل بعض تفاصيل ما يناقض‬
‫توحيد العبادة‪.‬‬
‫‪091‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫يقر بلسانه ال لعذر منعه وال إلباء بل اتفق‬


‫إلجراء األحكام في الدنيا‪ ،‬فمن صدق بقلبه ولم ّ‬
‫له ذلك فهو مؤمن عند الله تعالى(‪ ،)1‬وإن لم يكن مؤمنا في أحكام الدنيا(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬وهل هو مؤمن ناقص اإليمان أم كامل اإليمان؟ ذهب بعض األشاعرة إال أنه مؤمن ناقص اإليمان‪ .‬يقول الغزالي ـ‬
‫ِّ‬
‫رحمه الله ـ‪(( :‬الدرجة الخامسة‪ :‬أن يص ّدق بالقلب ويساعده من العمر مهلة النطق بكلمتي الشهادة َ‬
‫وعلم‬
‫وجوبها‪ ،‬ولكنه لم ينطق بها‪ ،‬فيحتمل أن يجعل امتناعه عن النطق كامتناعه عن الصالة‪ ،‬ويقال‪ :‬هو مؤمن غير‬
‫مخلد في النار‪ ،‬ألن اإليمان هو التصديق المحض‪ ،‬واللسان ترجمان اإليمان‪ ،‬فال بد أن يكون اإليمان موجودا‬
‫بتمامه قبل اللسان حتى يترجمه اللسان‪ ،‬وهذا هو األظهر؛ إذ ال مستند إال اتباع موجب األلفاظ ووضع اللسان‪،‬‬
‫ألن اإليمان هو عبارة عن التصديق بالقلب‪ .‬وقد قال ‪« ‬يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة»‪ ،‬وال‬
‫ينعدم اإليمان من القلب بالسكوت عن النطق الواجب كما ال ينعدم بالسكوت عن الفعل الواجب)) [اإلحياء‬
‫(‪.])111/1‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا يدل على اضطراب األشاعرة في مسائل اإليمان‪ ،‬وأن هذا الباب لم ينضبط عندهم‪ ،‬وهذا مصير كل‬
‫من يخالف منهج القرآن والسنة في تقرير الحق فإنه يقع في التناقض والحيرة والشك‪ ،‬فإن المعروف عن كافة‬
‫األشاعرة إنكار تفاضل اإليمان‪ ،‬فاإليمان عندهم شيء واحد ال يزيد وال ينقص وهنا ِّّ‬
‫يصرح الغزالي بما ينقض‬
‫مذهبه في اإليمان‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح الفقه األكبر (‪ 52‬ـ ‪ .)70‬وانظر‪ :‬إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد (ص‪ 17 :‬ـ ‪ ،)87‬وحاشية‬
‫الدسوقي على أم البراهين (ص‪ 998 :‬ـ ‪.)995‬‬
‫‪095‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مأخذ من لم يع ّد النطق واإلقرار بال إله إال الله في الشروط‪.‬‬
‫وأما مأخذ من لم يَـع ّد النطق واإلقرار في الشروط مع كونه شر َط الدخول في‬
‫اإلسالم ـ كما تقدم ـ‪ ،‬فألن التنصيص على لفظ الشهادة يتضمن هذا الشرط‪ .‬ووجهه‪ :‬ألن‬
‫الشهادة من معانيها اإلخبار‪ ،‬ومن لوازمه النطق واإلقرار؛ فالنطق واإلقرار فرع الشهادة‪.‬‬
‫تضمنت مرتبتين‪ :‬إحداهما تكلم‬ ‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪ ..(( :‬فالشهادة ّ‬
‫الشاهد وقوله وذكره لما شهد في نفسه به‪ .‬والثاني إخباره وإعالمه لغيره بما شهد به‪...‬‬
‫وذلك أنه إذا شهد أنه ال إله إال هو فقد أخبر وبيّن و أعلم أن ما سواه ليس بإله فال يعبد‪،‬‬
‫وأنه وحده اإلله الذي يستحق العبادة))(‪.)1‬‬
‫وقال أبو الحسن األشعري ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ [آل عمران‪(( :]08 :‬وال بد‬
‫أن يكون شهد بهذه الشهادة وسمعها من نفسه‪ ،‬ألنه إن كان سمعها من مخلوق‪ ،‬فليست‬
‫شهادة له))(‪ .)2‬فبين ـ رحمه الله ـ أن الشهادة هي كالم الشاهد ِّ‬
‫نفسه‪.‬‬
‫وفي القاموس‪( :‬الشهادة) خبر قاطع‪ ...‬وأشهد أي أَعلم وأبَـيِّّن(‪.)3‬‬
‫وقال الزجاج(‪ )4‬في سياق تفسيره لقوله تعالى‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫اآلية‪(( :‬وحقيقته أنه علم وبين الله؛ ألن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه))(‪.)5‬‬
‫وقال الشيخ عبد الله أبا بطين‪(( :‬فمعنى شهادة أن ال إله إال الله‪ :‬أن يقولها‪ ،‬نافيا‬

‫)‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 131/11‬ـ ‪ ،)131‬وانظر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)151/7‬‬


‫)‪ )2‬اإلبانة عن أصول الديانة (ص‪ .)31 :‬وقد ذكر هذه اآلية محتجا بها على إثبات كالم الله ‪ ‬وأنه أزلي بحرف‬
‫سمع‪ .‬وهو الحق الذي عليه أهل السنة قاطبة خالفا للمبتدعة الذين أنكروا أن يكون الله يتكلم‬
‫يكتَب وصوت ي َ‬
‫ٍ‬
‫بحرف وصوت‪.‬‬ ‫حقيقة‬
‫)‪ )3‬القاموس المحيط (‪ )588/1‬باب الدال ـ فصل الشين‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬األمام المفسر النحوي‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السري الزجاج البغدادي‪ ،‬لزم ِّّ‬
‫المبرد‪ ،‬فكان يعطيه‬
‫من عمل الزجاج كل يوم درهما‪ ،‬فنصحه وعلمه‪ ،‬ثم أدب القاسم بن عبيد الله الوزير‪ ،‬فكان سبب غناه‪ ،‬ثم كان‬
‫من ندماء المعتضد‪ .‬توفي سنة إحدى عشرة وثالث مئة‪ .‬وقيل‪ :‬مات في تاسع عشر جمادى اآلخرة سنة عشرة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪.)761/11‬‬
‫(‪ )5‬معاني القرآن (‪.)785/1‬‬
‫‪091‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قلبه ولسانه‪ ،‬اإللهية عن كل ما سواه))(‪ )1‬انتهى محل الغرض‪.‬‬


‫فالحاصل أن لفظ الشهادة متضمن للقول‪ ،‬وعليه فال يحتاج أن يقال‪ :‬أن من‬
‫شروط شهادة أن ال إله إال الله النطق واإلقرار‪ ،‬ألن لفظ الشهادة متضمن لهذا الشرط كما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫وأيضا قد يقال‪ :‬إن الشرط ال يكون شرطا في نفسه‪ ،‬وإنما يكون في غيره فرارا من‬
‫الدور والتسلسل(‪)2‬؛ فمثال‪ :‬ال يقال‪ :‬أن من شروط صحة اإلسالم اإلسالم؛ لئال ينبني الشيء‬
‫على نفسه‪.‬‬
‫وعليه فال يقال‪ :‬أن من شروط شهادة أن ال إله إال الله النطق واإلقرار‪ ،‬ألن لفظ‬
‫الشهادة عين النطق واإلقرار بها كما تقدم‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬فإن مراد أهل العلم بشروط شهادة أن ال إله إال الله‪ :‬أن النطق واإلقرار بال إله إال‬
‫الله ال ينفع إال مع هذه الشروط‪ ،‬وهي السبعة أو الثمانية المتقدمة في كالم أهل العلم‪.‬‬
‫يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪(( :‬ال بد في شهادة أن ال إله إال الله‬
‫من سبعة شروط ال تنفع قائلها إال باجتماعها))(‪ )3‬ثم عدها‪.‬‬
‫وقال المعلمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬أن االعتداد بالنطق بها له شروط‪ ،‬منها))(‪ )4‬ثم ذكرها‪.‬‬
‫ويقول حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ في نظمه (سلم الوصول)‪(( :‬شروط شهادة أن ال‬
‫إله إال الله‪:‬‬
‫وفـ ـ ـ ـ ـ ــي نصـ ـ ـ ـ ـ ــوص الـ ـ ـ ـ ـ ــوحي ح ّقـ ـ ـ ـ ـ ــا وردت‬ ‫وبشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروط سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبعة قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد قـيِّّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدت‬
‫(‪)5‬‬
‫بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالنطق إال حيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتكملها‬ ‫فإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ينتف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع قائله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ثم ذكرها ‪....‬‬

‫(‪ )1‬الدرر السنية (‪.)715/3‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتح الباري البن حجر (‪.)125/1‬‬
‫(‪ )3‬فتح المجيد‪ ،‬ص‪ 111/‬ـ ‪ .115‬وانظر‪ :‬الدرر السنية (‪ 355 ،316/3‬ـ‪.)356‬‬
‫(‪ )4‬رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله (ص‪.)73 :‬‬
‫(‪ )5‬معارج القبول شرح سلم األصول (‪ 118/3‬ـ ‪.)114‬‬
‫‪091‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫المبحث الثالث‪ :‬من جعل النطق واإلقرار كافياً لصحة اإليمان‪[ .‬وهم الكرامية من‬
‫المرجئة] مع بيان شبههم ونقدها‪.‬‬
‫وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫بالكرامية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف َّ‬
‫الكرامية هم أتباع محمد بن كرام السجستاني‪ ،‬كان قد دعا أتباعه إلى تجسيم‬
‫مماس للعرش من الصفحة العليا‪.‬‬
‫حد ونهاية‪ ،‬وأنه ٌّ‬ ‫معبوده(‪)1‬؛ فزعم أنه جسم له ٌّ‬
‫والكرامية في الجملة اثنتي عشرة فرقة؛ أهمها‪ :‬الطرايقة‪ ،‬واإلسحاقية‪ ،‬والحماقية‬
‫والعابدية‪ ،‬واليونانية‪ ،‬والسورمية‪ ،‬والهيصمية(‪.)2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قولهم في المسألة‪.‬‬
‫أعني بالمسألة هنا قول الكرامية في ح ّد اإليمان‪ ،‬وما يشترط لصحته‪.‬‬
‫فالكرامية يعتقدون أن اإليمان شيء واحد ال يكون ذا عدد‪ ،‬وهو اإلقرار بالشهادتين‬
‫مقرا بقلبه كان من أهل الجنة‪ ،‬وإن‬
‫فقط؛ فمن تكلم بهما فهو مؤمن كامل اإليمان‪ ،‬لكن إن كان ّ‬
‫كان مكذبا بقلبه كان مؤمنا في الدنيا حقيقة إيمانه كإيمان المالئكة واألنبياء إال أنه مستحق‬
‫للعقاب األبدي في اآلخرة(‪.)3‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪ (( :‬وبعض الناس يحكي عنهم(‪ )4‬أن من تكلم به بلسانه دون‬
‫قلبه فهو من أهل الجنة‪ ،‬وهو غلط عليهم بل يقولون‪ :‬إ نه مؤمن كامل اإليمان‪ ،‬وأنه‬
‫من أهل النار))(‪.)5‬اهـ‪.‬‬

‫)‪ )1‬لبيان مراد الكرامية بالتجسيم ينظر مجموع الفتاوى (‪ 138/5‬ـ ‪.)134‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،)337/1‬والفرق بين الفرق (ص‪ 315 :‬ـ ‪ ،) 335‬والملل والنحل (جـ‪،44/1‬‬
‫‪ ،) 111‬والتبصير في الدين وتمييز الفرق الناجية (ص‪ ،) 184 :‬واعتقادات فرق المسلمين للرازي (ص‪:‬‬
‫‪ 111‬ـ ‪.)113‬‬
‫)‪ )3‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،)337/1‬والملل والنحل للشهرستاني (جـ‪ ،)111/1‬والفرق بين الفرق (ص‪:‬‬
‫‪.)337‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬على سبيل المثال الفصل في الملل واألهواء والنحل (‪ ،)333/7‬والمحلى (‪.)13/11‬‬
‫)‪ )5‬مجموع الفتاوى (‪ ،)56/17‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪ ،)111،136/3‬والملل والنحل للشهرستاني‬
‫(جـ‪.)111/1‬‬
‫‪098‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫األول‪ ،‬وهو قولهم بلى جوابا‬ ‫ومنهم من زعم أن اإليمان هو اإلقرار السابق في الذر ّ‬
‫لقوله تعالى‪ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ‬
‫باق أبدا ال يزول إال بالردة‪ ،‬وأن تكريره ال يكون‬ ‫[األعراف‪ .]011 :‬وزعموا أن ذلك القول ٍ‬
‫إيمانا إال من المرتد(‪.)1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شبههم ونق ُدها‪.‬‬
‫تمسك بها الكرامية من القرآن‬ ‫أورد ناقلو مذهب الكرامية بعض الشبهات التي ّ‬
‫والسنة في الدفاع عن مذهبهم(‪ ،)2‬وهي ال تستقيم لهم‪ ،‬ألنها أخ ٌذ ببعض النصوص ٌ‬
‫وترك‬
‫يفرقون بين المتماثالت من نصوص الكتاب‬ ‫للبعض اآلخر‪ ،‬وهذا مسلك أهل البدع‪ ،‬فإنهم ّ‬
‫والسنة‪ ،‬وهو أصل من أصول الضالل‪.‬‬
‫وأما طريقة السلف فهي أحسن الطرق وأجودها ألنها طريقة تجمع بين النصوص‬
‫وتؤلّف بينها؛ ففيها إعمال لجميع النصوص بخالف طريقة أهل البدع فإنهم يعملون بعض‬
‫النصوص ويهملون البعض اآلخر؛ وذلك ألن مناهجهم قائمة رأسا على العقل وجعله أصال‬
‫في النقل‪ ،‬وإذا أخذوا بالنصوص إنما يأخذون بها لالعتضاد ال لالعتماد‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأهل البدع سلكوا طريقا آخر ابتدعوها اعتمدوا عليها‪ ،‬وال‬
‫يذكرون الحديث بل وال القرآن‪ ،‬في أصولهم إال لالعتضاد ال لالعتماد))(‪ )3‬اهـ‪.‬‬
‫ويقول ابن أبي العز ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولهذا نجد أهل التأويل إنما يذكرون نصوص‬
‫الكتاب والسنة لالعتضاد ال لالعتماد‪ ،‬إن وافقت ما ادعوا أن العقل دل عليه قبلوه‪ ،‬وإن‬
‫خالفته أولوه‪ ،‬وهذا فتح باب الزندقة‪ ،‬نسأل الله العافية))(‪ .)4‬اهـ‪.‬‬
‫جل وعال‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫ومن الشبهات التي تمسكوا بها من القرآن الكريم قول الله ّ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ‬
‫ﮙ [البقرة‪ 011:‬ـ ‪.]011‬‬ ‫ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬

‫)‪ )1‬انظر‪ :‬الفرق بين الفرق (ص‪ ،)337 :‬والمواقف لإليجي (جـ‪.)316/7‬‬
‫(‪ )2‬أي في حد اإليمان‪.‬‬
‫)‪ )3‬منهاج السنة النبوية (‪ ،)73/3‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)37/14‬‬
‫)‪ )4‬شرح الطحاوية البن أبي العز (ص‪ .)183 :‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪)58/17‬‬
‫‪099‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قالوا‪ :‬ففي هذه اآلية دليل على أن اإليمان يكون بالقول فقط‪ .‬ووجهه‪ :‬أن الله‬
‫تعالى أمر بالقول ثم سمى هذا القول الصادر منهم إيمانا‪ ،‬ثم ذكر أن من تبعهم على هذا‬
‫اإليمان فقد اهتدى‪ ،‬وكان إيمانهم بالقول فقط(‪.)1‬‬
‫بكل اإليمان؛‬
‫ويقال في رد هذه الشبهة‪ :‬أن في هذه اآلية أمرا ببعض اإليمان ال ّ‬
‫بمجرده إال أن ينضم‬
‫فاإليمان من أجزائه القول‪ ،‬وهو فرض عليهم أن يقولوه إال أنه ال يكفي ّ‬
‫إليه اعتقاد القلب وعمل الجوارح؛ فاإليمان ال يتم في القلب إال بهذه الثالثة كما أجمع‬
‫عليه السلف رحمهم الله تعالى‪.‬‬
‫ويقال أيضا‪ :‬أن المعنى‪ :‬قولوا قوال تترتب عليه أحكامه‪ ،‬وتأتون بلوازمه‪ .‬ويدل عليه أنه‬
‫سبحانه في موضع آخر لم يقبل من األعراب قولهم "آمنا"‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [الحجرات‪ .]01 :‬وقال في المنافقين‪ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ [آل عمران‪ .]011 :‬فعلم بذلك أنه حين أمر بالقول ال يقبل‬
‫قوال ال يحمل معه لوازمه وتَـتـبَعه أحكامه‪ ،‬وإال كان يأمر بما ال يقبله وبما يعيب به‪ ،‬وهذا‬
‫عبث ال يليق بجالل الله تعالى‪.‬‬
‫قال ابن سعدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فقوله تعالى‪ :‬ﮕ أي‪ :‬بألسنتكم متواطئة عليها‬
‫قلوبكم‪ ،‬وهذا هو القول التام المترتب عليه الثواب والجزاء‪ ،‬فكما أن النطق باللسان بدون‬
‫اعتقاد القلب‪ ،‬نفاق وكفر‪ ،‬فالقول الخالي من العمل عمل القلب عديم التأثير‪ ،‬قليل‬
‫الفائدة‪ ،‬وإن كان العبد يؤجر عليه‪ ،‬إذا كان خيرا ومعه أصل اإليمان‪ ،‬لكن فرق بين القول‬
‫المجرد والمقترن به عمل القلب)) (‪.)2‬‬
‫ومما استدلوا به من القرآن أيضا قوله تعالى‪ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯨ ﯨ ﯪ [غافر‪.]81:‬‬ ‫ﯧ‬
‫وجه االستشهاد باآلية‪ :‬أن ذلك القول لم ينقلهم عن الكفر‪ ،‬ألنه كان بعد رؤية‬
‫البأس‪ ،‬فثبت أنه لو كان قبلها‪ ،‬لنفعهم بأن كان ينقلهم عن الكفر إلى اإليمان فدل على أن‬
‫اإليمان يكون بالقول فقط(‪.)3‬‬

‫)‪ )1‬انظر‪ :‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)36/1‬‬


‫)‪ )2‬تيسير الكريم الرحمن (ص‪.)63 :‬‬
‫)‪ )3‬انظر‪ :‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)36/1‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ويقال في الجواب عن هذه الشبهة‪ :‬أن هذا االستدالل يستقيم لهم إذا اقتصرت اآلية‬
‫على قولهم‪ :‬ﯢ ﯣ ولكن اآلية جمعت بين هذا القول ـ وهو اإلقرار بالتوحيد ـ وبين البراءة‬
‫ﯨ ﯨ‬ ‫من الشرك والتي تكون بالقلب والجوارح واللسان ـ كما في قولهم ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ـ وهو تمام شرط الكفر بالطاغوت‪ .‬ولو قال ذلك كافر عند الموت لنفعه هذا القول كما‬
‫أحاج لك بها عند الله»‬ ‫عم قل‪ :‬ال إله إال الله كلمة ّ‬ ‫قال النبي ‪ ‬لعمه أبي طالب يا ّ‬
‫والمقصود بها اللفظ والمعنى المترتب عليه بدليل أن المشركين كانوا يقولون‪(( :‬أترغب عن ملة‬
‫عبد المطلب)) لعلمهم أنها تقتضي وتستلزم البراءة من الشرك وإخالص التوحيد لله تعالى وفي‬
‫ذلك نبذ لما يخالف دعوته ‪ ‬من الشرك الذي آثاروه عن علم باللغة ومعاني الكالم تمسكا‬
‫بما وجدوا عليه اآلباء واألجداد(‪.)1‬‬
‫ومما استدلوا به أيضا قوله تعالى‪ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [المائدة‪.]85 :‬‬
‫ووجه االستشهاد بها‪ :‬أن الله تعالى رتب ثواب الجنة على القول فقط(‪.)2‬‬
‫والجواب عن ذلك أن هذا الدليل معارض بدليل آخر‪ ،‬وهو قوله تعالى‪ :‬ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [النساء‪ ]015:‬حيث رتب على القول الخالي عن تصديق القلب العقاب‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫بالنار‪ .‬ومعارض أيضا بقوله تعالى‪ :‬ﭬ ﭭ‬
‫[البقرة‪ ]8 :‬حيث نفى اإليمان عمن أقر باللسان‪ ،‬فلو كان القول كافيا وحده لما نفى عنه‬
‫اإليمان(‪.)3‬‬
‫السنة فقد تمسكوا ببعض األحاديث‪ ،‬منها‪ :‬حديث الجارية‪ .‬ولفظه ـ كما‬ ‫و ّأما من ّ‬
‫في المسند ـ‪ :‬أن النبي ‪ ‬قال للجارية‪« :‬أتشهدين أن ال إله إال الله؟» قالت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫«أتشهدين أني رسول الله؟» قالت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ « :‬أتؤمنين بالبعث؟» قالت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫«اعتقها فإنها مؤمنة» (‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬رسالة الشرك ومظاهره للميلي (ص‪ 87:‬ـ ‪.)85‬‬


‫(‪ )2‬شرح المقاصد في علم الكالم (‪.)314/3‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬شرح المقاصد (‪.)351/3‬‬
‫)‪ )4‬أخرجه مالك في الموطأ‪ ،‬كتاب العتق والوالء‪ ،‬باب‪ :‬ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة (‪ ،)333/3‬وأحمد‬
‫في المسند (‪ ،)151/7‬ابن أبي شيبة في اإليمان (ص‪ )76 :‬رقم (‪ ،)85‬والبيهقي في السنن الكبرى‬
‫=‬ ‫(‪ .)788/3‬وهو مرسل‪.‬‬
‫‪110‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ووجه الداللة منه‪ :‬أن النبي ‪ ‬شهد للجارية باإليمان بمجرد إقرارها باللسان مما‬
‫يدل على أن القول ٍ‬
‫كاف في اإليمان(‪.)1‬‬
‫وقد أجاب اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ على هذا الحديث بأجوبة ثالثة قاطعة لهذه‬
‫الشبهة من أصلها‪:‬‬
‫الجواب األول‪ :‬أن المراد بقوله ((فإنها مؤمنة))‪ ،‬فهي حين تقر بذلك فحكمها حكم‬
‫المؤمنة(‪.)2‬‬
‫وهذا الجواب أيّده شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ وزاده توضيحا‪ ،‬فقال‪(( :‬ولهذا لما ذكر‬
‫األثرم ألحمد احتجاج المرجئة بقول النبي ‪« :‬اعتقها فإنها مؤمنة» أجابه بأن المراد حكمها‬
‫في الدنيا حكم المؤمنة؛ لم ي ِّرد أنها مؤمنة عند الله تستحق دخول الجنة بال نار إذا لقيته‬
‫بمجرد هذا اإلقرار))(‪ .)3‬وإنما هو بمثابة االمتحان للتحقق من اإليمان ال إلنشاء أصل اإليمان‬
‫ـ وأنه يكتفى بذلك ـ كما كان النبي ‪ ‬يمتحن المهاجرات إليه للتثبت من صدق إيمانهن عمال‬
‫بقوله تعالى‪ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ [الممتحنة‪.]01:‬‬
‫وإلى هذا أشار الخطابي ـ رحمه الله ـ بقوله‪(( :‬وأما قول النبي ‪« ‬اعتقها فإنها‬
‫مؤمنة» ولم يكن يظهر له من إيمانها أكثر من قوله حين سألها أين الله؟ فقالت‪ :‬في‬
‫السماء‪ .‬وسألها من أنا؟ فقالت‪ :‬رسول الله ‪ .‬فإن هذا سؤال عن إمارة اإليمان وسمة‬
‫أهله‪ ،‬وليس بسؤال عن أصل اإليمان وصفة حقيقته‪ ،‬ولو أن كافرا يريد االنتقال من الكفر‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= قال ابن عبد البر في التمهيد (‪( :)111/4‬وهذا الحديث‪ ،‬وإن كان ظاهره االنقطاع في رواية مالك‪ ،‬فإنه‬
‫محمول على االتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة) انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد تعقبه الزرقاني في شرحه على الموطأ (‪ )85/1‬قائال‪( :‬فيه نظر؛ إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط‪،‬‬
‫إذ المرسل ما رفعه التابعي ـ وهو من لقي الصحابي‪ .‬قال‪ :‬ومثل هذا ال يخفى على أبي عمر‪ ،‬فلعله أراد لقاء عبيد‬
‫الله جماعة من الصثحابة الذين رووا الحديث)‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫والحديث ضعفه األلباني من أجل ابن أبي ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن األنصاري‪ ،‬وهو فقيه فاضل‪ ،‬لكنه‬
‫سيئ الحفظ‪ .‬انتهى‪ .‬انظر‪ :‬اإليمان البن أبي شيبة (ص‪ ،)76 :‬وتقريب التقريب (ص‪.)831 :‬‬
‫)‪ )1‬انظر‪ :‬الفصل في الملل واألهواء والنحل (‪ ،)316/7‬والتمهيد البن عبد البر (‪.)113/4‬‬
‫)‪ )2‬انظر‪ :‬السنة للخالل (‪.)535/7‬‬
‫)‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ .)116/3‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 314/3‬ـ ‪.)311‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫إلى دين اإلسالم فوصف من اإليمان هذا القدر الذي تكلمت به الجارية لم يصر به مسلما‬
‫حتى يشهد أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله ‪ ‬ويتبرأ من دينه الذي كان يعتقده‪،‬‬
‫وإنما هذا كرجل وامرأة يوجدان في بيت فيقال للرجل من هذه منك؟ فيقول زوجتي وتصدقه‬
‫المرأة فإنا نصدقهما في قولهما وال نكشف عن أمرهما وال نطالبهما بشرائط عقد الزوجية‬
‫حتى إذا جاءانا وهما أجنبيان يريدان ابتداء عقد النكاح بينهما فإنا نطالبهما حينئذ بشرائط‬
‫عقد الزوجية من إحضار الولي والشهود وتسمية المهر‪.‬كذلك الكافر إذا عرض عليه اإلسالم‬
‫لم يقتصر منه على أن يقول إني مسلم حتى يصف اإليمان بكماله وشرائطه وإذا جاءنا من‬
‫نجهل حاله بالكفر واإليمان فقال إني مسلم قبلناه‪ ،‬وكذلك إذا رأينا عليه أمارة المسلمين من‬
‫هيئة وشارة ونحوهما حكمنا بإسالمه إلى أن يظهر لنا منه خلف ذلك))(‪ .)1‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وما قاله الخطابي ـ رحمه الله ـ هو بناء على راوية أبي داود حيث لم يرد فيها‬
‫سؤال النبي ‪ ‬الجارية عن شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وهي الرواية األشهر واألصح‪ ،‬وقد‬
‫أخرجها مسلم ـ رحمه الله ـ من حديث معاوية بن الحكم السلمي ـ رضي الله عنه ـ ولفظه‬
‫الجوانيّة(‪ ،)2‬فاطلعت‬ ‫ِّ‬
‫كما في صحيح مسلم‪(( :‬كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد و ّ‬
‫ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها‪ ،‬وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون‪،‬‬
‫لكني صككتها صكة‪ ،‬فأتيت رسول الله ‪ ‬فعظم ذلك علي‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول الله أفال‬
‫أعتقها؟ قال‪« :‬ائتني بها» فأتيته بها فقال لها‪« :‬أين الله»؟ قالت‪ :‬في السماء‪ .‬قال‪« :‬من‬
‫أنا؟» قالت‪ :‬أنت رسول الله‪ .‬قال‪« :‬اعتقها فإنها مؤمنة»(‪.)3‬‬
‫يرض منها حتى قال تؤمنين بكذا تؤمنين بكذا(‪ )4‬أي فلم‬ ‫الجواب الثاني‪ :‬أن النبي ‪ ‬لم َ‬
‫يقتصر على مجرد النطق بالشهادتين لصحة إيمانها‪.‬‬

‫)‪ )1‬معالم السنن ضمن سنن أبي داود (‪ 333/1‬ـ ‪)337‬‬


‫(‪ )2‬الجوانية بالفتح وتشديد ثانيه‪ ،‬وكسر النون وياء مشددة‪ ،‬موضع أو قرية قرب المدينة إليها ينسب بنو الجواني‬
‫العلويون منهم أسعد بن علي يعرف بالنحوي كان بمصر وابنه محمد بن أسعد النسابة [معجم البلدان‬
‫(‪.])135/3‬‬
‫)‪ )3‬مسلم في كتاب المساجد مواضع الصالة (‪ )781/1‬ح (‪ ،)573‬وأبو داود في كتاب الصالة‪ ،‬باب‪ :‬تشميت‬
‫العاطس في الصالة (‪ 311/1‬ـ ‪ )315‬ح (‪)471‬‬
‫)‪ )4‬السنة للخالل (‪.)535/7‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫الجواب الثالث‪ :‬أن هذا يمكن أن يكون قبل أن تنـزل الفرائض(‪)1‬؛ فيكون ذلك سؤاال عن‬
‫بعض شرائع اإلسالم‪.‬‬
‫يوضحه كالم أبي عبيد القاسم بن سالم ـ رحمه الله ـ حيث يقول في رد استداللهم‬
‫بهذا الحديث‪(( :‬وإنما هذا على ما أعلمتك من دخولهم في اإليمان‪ ،‬ومن قَبولهم‬
‫وتصديقهم بما نزل منه‪ ،‬وإنما كان ينـزل متفرقا كنزول القرآن‪.‬‬
‫والشاهد لما نقول والدليل عليه كتاب الله تبارك وتعالى‪ ،‬وسنة رسول الله ‪ ،‬فمن‬
‫الكتاب قوله‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ [التوبة‪ ،]011 :‬وقوله‪ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫[األنفال‪ .]1 :‬في مواضع من القرآن مثل هذا‪.‬‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ينزل عليهم اإليمان جملة‪ ،‬كما لم ينزل‬ ‫أفلست ترى أن الله ـ تبارك وتعالى ـ لم ِّّ‬
‫َ‬
‫القرآن جملة؟ فهذه الحجة من الكتاب‪ ،‬فلو كان اإليمان مكمال بذلك اإلقرار ما كان‬
‫للزيادة معنى‪ ،‬وال لذكرها موضع‪.‬‬
‫وأما الحجة من السنة واآلثار المتواترة في هذا المعنى من زيادات قواعد اإليمان‬
‫بعضها بعد بعض‪ ،‬ففي حديث منها أربع‪ ،‬وفي آخر منها خمس‪ ،‬وفي الثالث تسع‪ ،‬وفي‬
‫الرابع أكثر من ذلك))(‪ .)2‬ثم شرع في ذكر تلك األحاديث واآلثار‪.‬‬
‫وهناك جواب رابع ذكره ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ حيث قال‪(( :‬وقد احتج بهذا‬
‫الحديث من قال اإليمان‪ :‬قول وإقرار دون عمل‪ ،‬وظاهره فيه دليل على ذلك‪ .‬لكن ههنا‬
‫دالئل‪ ،‬غير هذا الحديث))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫ومراد ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ أن هذا الحديث مقيد بأحاديث أخرى فيها الداللة‬
‫على أن اإليمان قول وعمل‪ ،‬وأن اإليمان ال يحصل بمجرد النطق واإلقرار بالشهادتين‪ .‬وقد‬
‫ذكر ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ هذه الدالئل في باب‪ :‬ابن شهاب عن سالم(‪.)4‬‬

‫)‪ )1‬السنة للخالل (‪ 531/7‬ـ ‪.)535‬‬


‫)‪ )2‬كتاب اإليمان ألبي عبيد ص(‪ 18/‬ـ ‪.)31‬‬
‫)‪ )3‬التمهيد (‪.)113/1‬‬
‫)‪ )4‬انظر‪ :‬التمهيد (‪ 317/4‬ـ ‪.)358‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ومما استدلوا به من السنة أيضا قوله ‪ ‬لعمه أبي طالب‪(( :‬قل كلمة أحاج لك بها عند‬
‫الله))(‪.)1‬‬
‫وهذا الحديث ال حجة لهم فيه‪ ،‬ألن هذا في حق الكافر إذا قالها عند الموت‪،‬‬
‫وكان صادقا في قولها فإنها تنفعه عند الله بخالف من قالها في زمن المهلة‪ ،‬ولم يضم إليها‬
‫عمال أو اعتقادا‪ ،‬فهذا ال ينتفع بقولها‪.‬‬
‫قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وفيه دليل على أن‬
‫األعمال بالخواتيم ألنه لو قالها لنفعته وإن مات على التوحيد نفعته الشفاعة وإن لم يعمل‬
‫شيئا غير ذلك وأن من كان كافرا يجحدها إذا قالها عند الموت أجريت عليه أحكام‬
‫اإلسالم‪ ،‬فإن كان صادقا من قلبه نفعته عند الله إال فليس لنا إال الظاهر بخالف من كان‬
‫يتكلم بها في حال كفره))(‪ .)2‬اهـ‪.‬‬
‫وقال ابن حزم ـ رحمه الله ـ في الجواب على استداللهم بهذا الحديث‪(( :‬وأما قوله‪:‬‬
‫يحاج بها على ظاهر األمر وحسابه على الله تعالى؛ فبطل‬ ‫((أحاج لك بها عند الله)) فنعم ّ‬
‫موهوا به)) (‪ .)3‬اهـ‪.‬‬
‫كل ما ّ‬
‫ومن حججهم أيضا قصة مالك بن دخشم(‪ .)4‬وفيها قول النبي ‪ ‬في حقه‪« :‬أليس‬
‫يشهد أن ال إله إال الله وأني رسول الله؟»‪ .‬قالوا‪ :‬أنه يقول ذلك‪ ،‬وما هو في قلبه‪ .‬قال‪:‬‬
‫«ال يشهد أحد أن ال إله إال الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تَط َع َمه»‪ .‬قال أنس‪:‬‬
‫فأعجبني هذا الحديث‪ .‬فقلت البني‪ :‬اكتبه‪ .‬فكتبه(‪.)5‬‬
‫قالوا‪ :‬ففيه داللة على أن النطق بالشهادة ينفع وإن لم تعت َقد بالقلب(‪.)6‬‬
‫قال المازري(‪(( :)1‬إن احتجت به الغالة من المرجئة ـ يعني الكرامية ـ في أن الشهادتين‬
‫تنفع وإن لم تـعتَقد بالقلب‪ ،‬قيل لهم معناه‪ :‬أنه لم يصح عند النبي ‪ ‬ما حكوا عنه من أن‬
‫ذلك ليس في قلبه‪ ،‬والحجة في قول النبي ‪ ،‬وهو لم يقل ذلك‪ ،‬ولم يشهد به عليه))(‪.)2‬‬
‫)‪ )1‬انظر‪ :‬الفصل في الملل واألهواء والنحل (‪.)313/7‬‬
‫)‪ )2‬تيسير العزيز الحميد (‪ 361‬ـ ‪.)363‬‬
‫)‪ )3‬الفصل في الملل واألهواء والنحل (‪.)313/7‬‬
‫)‪ )4‬لم أقف له على ترجمة‪.‬‬
‫)‪ )5‬رواه مسلم في كتاب اإليمان من صحيحه (‪ 61/1‬ـ ‪ )63‬رقم (‪.)51‬‬
‫)‪ )6‬إكمال المعلم (‪ ،)366/1‬وشرح مسلم للنووي (جـ‪.)184/1‬‬
‫‪115‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قال القاضي عياض معقبا على قول المازري في نقض استدالل الكرامية بحديث‬
‫ابن الدخشم أن الشهادة تنفع وإن لم تعتقد في القلب‪(( :‬وقد ورد في الحديث من رواية‬
‫البخاري «أال تراه قال‪ :‬ال إله إال الله يبتغي بها وجه الله»(‪ )3‬فهذه الزيادة تخرس غالة‬
‫المرجئة‪ ،‬وأن الحجة في هذا الحديث))(‪ .)4‬أهـ‪.‬‬
‫وقال النووي ـ رحمه الله ـ في رد استداللهم بهذا الحديث‪(( :‬وقد نص النبي ‪ ‬على‬
‫إيمانه باطنا وبراءته من النفاق بقوله ‪ ‬في رواية البخاري رحمه الله‪« :‬أال تراه قال ال إله إال‬
‫الله يبتغي بها وجه الله؟» فهذه شهادة من رسول الله ‪ ‬له بأنه قالها مصدقا بها معتقدا‬
‫صدقها متقربا بها إلى الله‪ .‬وشهد له في شهادته ألهل بدر بما هو معروف‪ .‬فال ينبغي أن‬
‫يشك في صدق إيمانه رضي الله عنه‪ .‬وفي هذه الزيادة رد على غالة المرجئة القائلين بأنه‬
‫يكفي في اإليمان النطق من غير اعتقاد‪ ،‬فإنهم تعلقوا بمثل هذا الحديث‪ ،‬وهذه الزيادة‬
‫تدمغهم‪ .‬والله أعلم))(‪ .)5‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫ومما استدلوا به أيضا ظواهر األحاديث التي فيها أن من تكلم بالشهادة عصمت‬
‫ماله ودمه في الدنيا ونفعته في األخرى؛ كقوله ‪(( :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله‬
‫إال الله‪ ،‬فمن قال ال إله إال الله فقد عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابهم على الله))(‪،)6‬‬
‫وقوله‪(( :‬ما من عبد قال ال إله إال الله ثم مات على ذلك إال دخل الجنة))(‪.)1()7‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬هو‪ :‬الشيخ اإلمام العالمة البحر المتفنن أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري‪،‬‬
‫المالكي‪ ،‬كان أحد األذكياء الموصوفين واألئمة المتبحرين‪ ،‬وكان بصيرا بعلم الحديث‪ ،‬حدث عنه القاضي عياض‬
‫وأبو جعفر بن يحيى القرطبي الوزغي‪ .‬من مصنفاته‪ :‬كتاب المعلم بفوائد شرح مسلم‪ ،‬وكتاب إيضاح المحصول في‬
‫األصول‪ ،‬وشرح التلقين للقاضي عبد الوهاب‪ .‬كان مولده بمدينة المهدية من إفريقية وبها مات في ربيع األول سنة‬
‫ست وثالثين وخمس مئة وله ثالث وثمانون سنة‪ .‬انظر‪ :‬الديباج المذهب (‪ 351/3‬ـ ‪ ،)353‬وشجرة النور الزكية‬
‫(‪ 133‬ـ ‪ ،)138‬وسير أعالم النبالء (‪.)111/31‬‬
‫(‪ )2‬المعلم بفوائد مسلم (‪ .)61/1‬ونقله عنه القاضي عياض في اإلكمال (‪.)366/1‬‬
‫)‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب التهجد‪ ،‬باب صالة النوافل جماعة (جـ‪.)64( )64/3/‬‬
‫)‪ )4‬إكمال المعلم بفوائد مسلم (‪ 366/1‬ـ ‪.)363‬‬
‫)‪ )5‬شرح مسلم للنووي (جـ‪.)184/1‬‬
‫)‪ )6‬تقدم تخريجه في (ص‪.)114 :‬‬
‫)‪ )7‬تقدم تخريجه في (ص‪.)184 :‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫وقد أجاب العلماء عن هذه األحاديث بأجوبة عدة‪:‬‬


‫منها‪ :‬أن هذا في حق أحكام الدنيا ـ فيمن لمن يظهر منه إخالل بهذه الشروط ـ وإنما‬
‫النـزاع في أحكام اآلخرة(‪.)2‬‬
‫ومنها ما أجاب به بعض أهل العلم لما سئل عن هذا الحديث‪« :‬من قال ال إله إال‬
‫الله دخل الجنة» هل هو منسوخ؟ فأجاب‪ :‬بل هو محكم ثابت‪ ،‬لكن ِّزي َد فيه َوض ّم إليه‬
‫شروط أخر‪ ،‬وفرائض فرضها الله على عباده(‪.)3‬‬
‫ومما يؤكد ذلك‪ :‬أن هذه الكلمة وردت مقيدة في أحاديث أخرى؛ ففي بعضها‪« :‬من‬
‫قال ال إله إال الله مخلصا من قلبه»(‪ ،)4‬وفي بعضها‪« :‬مستيقنا به قلبه»(‪ ،)5‬وفي بعضها‪:‬‬
‫«يقينا من قلبه»(‪ )6‬وفي بعضها‪« :‬يصدق قلبه لسانه))(‪ ،)7‬وفي بعضها‪« :‬يقولها حقا من‬
‫قلبه»(‪ ،)8‬وفي بعضها‪« :‬قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه»(‪.)9‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=)‪ )1‬انظر‪ :‬الفصل في الملل واألهواء والنحل (‪ ،)316/7‬وجامع العلوم والحكم البن رجب (ص‪.)163 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شرح المقاصد في علم الكالم (‪.)351/3‬‬
‫(‪ )3‬هذا الجواب ذكره عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي كما في الذيل على طبقات الحنابلة البن رجب‬
‫(‪.)22/9‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)376/5‬والطبراني في الكبير (‪ ،)13 ،11/31‬وأبو يعلى في المسند‬
‫(‪ ،)753/7‬والاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (جـ‪ ،)1141/6‬وابن حبان في صحيحه (‪ 134/1‬ـ‬
‫‪ )171‬رقم (‪ ،)311‬والهيثمي في موارد الظمآن (‪ ،)43/1‬وحكم األلباني بأنه صحيح كما في صحيح الجامع‬
‫(‪ )463‬والصحيحة برقم (‪.)3755‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ ،)11/0‬ح (‪.)51‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه أحمد في المسند (‪.)111/5‬‬
‫(‪ )7‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)508 ،111/1‬وأبو يعلى في مسنده (‪ )11/0‬ح (‪ ،)11‬وابن حبان في‬
‫صحيحه (‪ ،)181/01‬رقم (‪ ،)1111‬والطبراني في المعجم الكبير (‪ )1881‬والهيثمي في موارد الظمآن‬
‫(‪ ،)1595‬وأورده الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب (‪ )150/1‬ح (‪ .)1511‬قال الهيثمي في مجمع‬
‫الزوائد (‪ :)111/01‬رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير معاوية بن معتب وهو ثقة‪.‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه الضياء في المختارة (‪ ،)111/0‬ح رقم (‪ ،)119‬وأحمد في المسند (‪ ،)11/0‬وأبو نعيم في الحلية‬
‫(‪ ،)011/1‬والحاكم في المستدرك على الصحيحين (‪ )011/0‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين ولم‬
‫يخرجاه؛ ووافقه الذهبي في التلخيص‪ .‬وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ )15/1‬وقال‪ :‬رجاله ثقات‪.‬‬
‫)‪ )9‬أخرجه البيهقي في الشعب (‪ )11/1‬رقم (‪ ،)4‬والبخاري في التاريخ الكبير (‪ )358 /3‬رقم (‪.)3783‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫وفي هذا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه‪ :‬ال خالق إال‬
‫الله وأن الله رب كل شيء ومليكه‪ ،‬كما كان عباد األصنام مقرين بذلك وهم مشركون‪ ،‬بل‬
‫التوحيد يتضمن من محبة الله‪ ،‬والخضوع له‪ ،‬والذل وكمال االنقياد لطاعته‪ ،‬وإخالص العبادة له‪،‬‬
‫وإرادة وجهة األعلى بجميع األقوال واألعمال والمنع والعطاء والحب والبغض ما يحول بين‬
‫صاحبه وبين األسباب الداعية إلى المعاصي واإلصرار عليها‪ ،‬ومن عرف هذا عرف قول النبي‬
‫‪« :‬إن الله حرم على النار من قال ال إله إال الله يبتغي بذلك وجه الله»(‪ ،)1‬وقوله‪« :‬ال يدخل‬
‫النار من قال ال إله إال الله»‪ ،‬وما جاء من هذا الضرب من األحاديث التي أشكلت على كثير‬
‫من الناس حتى ظنها بعضهم منسوخة‪ ،‬وظنها بعضهم قيلت قبل ورود األوامر والنواهي واستقرار‬
‫الشرع‪ ،‬وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار‪ ،‬وأول بعضهم الدخول بالخلود‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫المعنى ال يدخلها خالدا‪ ،‬ونحو ذلك من التأويالت المستكرهة‪ .‬والشارع صلوات الله وسالمه‬
‫عليه لم يجعل ذلك حاصال بمجرد قول اللسان فقط‪ ،‬فإن هذا خالف المعلوم باالضطرار‬
‫من دين اإلسالم‪ ،‬فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها في الدرك‬
‫األسفل من النار‪ ،‬فال بد من قول القلب وقول اللسان‪ ،‬وقول القلب يتضمن من معرفتها‬
‫والتصديق بها ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي واإلثبات ومعرفة حقيقة اإللهية المنفية عن‬
‫غير الله المختصة به التي يستحيل ثبوتها لغيره وقيام هذا المعنى بالقلب علما ومعرفة‪،‬‬
‫ويقينا وحاال‪ ،‬ما يوجب تحريم قائلها على النار‪ ،‬وكل قول رتب الشارع ما رتب عليه من‬
‫الثواب فإنما هو القول التام؛ كقوله ‪ « ‬من قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة‬
‫حطت عنه خطاياه أو غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر»(‪ ،)2‬وليس هذا مرتبا على‬
‫مجرد قول اللسان‪ ،‬نعم من قالها بلسانه غافال عن معناها معرضا عن تدبرها ولم‬
‫يواطىء قلبه لسانه وال عرف قدرها وحقيقتها راجيا مع ذلك ثوابها حطت من خطاياه‬
‫بحسب ما في قلبه؛ فإن األعم ال ال تتفاضل بصورها وعددها‪ ،‬وإنما تتفاضل بتفاضل ما‬
‫في القلوب‪ ،‬فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء واألرض‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه قريبا‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل التسبيح (جـ‪ )315/3‬ح (‪.)6115‬‬
‫‪118‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫والرجالن يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صالتيهما كما بين السماء واألرض))(‪.)1‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومما يدل على أن المراد من هذه الكلمة ليس مجرد قول اللسان أن النبي ‪‬‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫ﭸﭹ ﭺ‬ ‫لما دعا المشركين إلى قولها قالوا مستنكرين‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭾ [ص‪]5 :‬؛ ففهموا أن المراد القول الذي تترتب عليه لوازمه من التوحيد ونفي الشريك ال‬
‫القول المجرد‪.‬‬
‫تمسك بها الكرامية‪ ،‬ووجوه الرد عليها من كالم أهل العلم‪.‬‬
‫هذه بعض الشبهات التي ّ‬
‫وهناك شبهات أخرى يشتركون فيها مع بعض طوائف المرجئة‪ ،‬وستأتي عند الكالم على‬
‫مذهب المرجئة في اإليمان‪ ،‬ومن ذلك استداللهم باللغة في حد اإليمان حيث ذكروا أنه‬
‫تصديق باللسان وهو اإلقرار بالشهادتين دون طمأنينة القلب مما يفيد أن األفعال ليست من‬
‫اإليمان وال من شرائعه‪ ،‬وأنه إذا أتى بالشهادتين فهو كامل اإليمان وإن لم يأت باألفعال(‪.)2‬‬
‫ﭮ‬ ‫جل ذكره‪ :‬ﭬ ﭭ‬ ‫ومن أظهر األدلة في بيان بطالن هذا المذهب قول الله ّ‬
‫[البقرة‪ .]8 :‬ففي هذه اآلية نفى الله اإليمان عن‬ ‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫المنافقين مطلقا بقوله‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ‪ ،‬وذلك شامل لحكم الدنيا وحكم اآلخرة مع‬
‫إدعائهم اإليمان بقولهم(‪.)3‬‬
‫يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ في تأويل هذه اآلية‪(( :‬وفي هذه اآلية داللة واضحة على‬
‫بطول ما زعمته الجهمية أن اإليمان هو التصديق بالقول‪ ،‬دون سائر المعاني غيره‪ ،‬وقد أخبر الله‬
‫جل ذكره عن الذين ذكرهم في كتابه من أهل النفاق أنهم قالوا بألسنتهم ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ثم‬
‫نفى عنهم أن يكونوا مؤمنين إذا كان اعتقادهم غير مصدق قيلهم ذلك))(‪ )4‬أهـ(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكين (‪ 771/1‬ـ ‪ .)771‬وانظر‪ :‬لهذه الوجوه‪ :‬سنن الترمذي (‪ ،)31/5‬والشريعة لآلجري (‪551/3‬‬
‫ـ ‪ ،)554‬وإكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (‪ ،)351/1‬وشرح صحيح مسلم للنووي (جـ‪ 163/1‬ـ‬
‫‪ ،)168‬وصيانة صحيح مسلم (ص‪ ،)135 :‬وكلمة اإلخالص (ص‪ 16 :‬ـ ‪.)18‬‬
‫)‪ )2‬القاضي أبو يعلى وكتابه مسائل اإليمان (ص‪ 154 :‬ـ ‪ .)161‬وانظر‪ :‬لنقض هذه الشبهة وغيرها (ص‪ 773 :‬ـ‬
‫‪.)718‬‬
‫)‪ )3‬انظر‪ :‬لوامع األنوار للسفاريني (‪.)111/1‬‬
‫)‪ )4‬جامع البيان عن تأويل القرآن (‪.)334/1‬‬
‫(‪ )5‬وانظر‪ :‬ما أورده ابن حزم الظاهري في الفصل (‪ )119/1‬من آيات وبراهين عقلية في بيان بطالن مذهبهم‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫كما يلزم من قولهم أن المنافق كامل اإليمان مستحق للعذاب األبدي في اآلخرة أن‬
‫يكون المؤمن الكامل اإليمان مخلّدا في النار‪ ،‬وهو الزم ال محيد لهم به‪ ،‬وهو باطل بداللة‬
‫القران والسنة‪ .‬وفي هذا يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وقالت الكرامية هو القول فقط‪،‬‬
‫فمن تكلم به فهو مؤمن كامل اإليمان‪ ،‬لكن إن كان مقرا بقلبه كان من أهل الجنة‪ ،‬وإن‬
‫كان مكذبا بقلبه كان منافقا مؤمنا من أهل النار‪ ،‬وهذا القول هو الذي اختصت به الكرامية‬
‫وابتدعته‪ .‬ولم يسبقها أحد إلى هذا القول‪ ،‬وهو آخر ما أحدث من األقوال في اإليمان‪،‬‬
‫وبعض الناس يحكي عنهم أن من تكلم به بلسانه دون قلبه فهو من أهل الجنة‪ ،‬وهو غلط‬
‫عليهم؛ بل يقولون‪ :‬إنه مؤمن كامل اإليمان‪ ،‬وأنه من أهل النار‪ ،‬فيلزمهم أن يكون المؤمن‬
‫الكامل اإليمان معذبا في النار‪ ،‬بل يكون مخلدا فيها‪ .‬وقد تواتر عن النبي ‪« :‬أنه يخرج‬
‫منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»‪.‬‬
‫وإن قالوا ال يخلد وهو منافق لزمهم أن يكون المنافقون يخرجون من النار‪،‬‬
‫والمنافقون قد قال الله فيهم‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [النساء‪:‬‬
‫‪ .]015‬وقد نهى الله نبيه عن الصالة عليهم واالستغفار لهم وقال له‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ [التوبة‪ ، ]81 :‬وقال‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [التوبة‪ ]81 :‬وقد أخبر‪ :‬أنهم‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ‬
‫كفروا بالله ورسوله‪.‬‬
‫سرا فكفروا بذلك‪ ،‬وإنما يكون مؤمنا‬
‫فإن قالوا‪ :‬هؤالء قد كانوا يتكلمون بألسنتهم ّ‬
‫إذا تكلم بلسانه ولم يتكلم بما ينقضه‪ ،‬فإن ذلك ردة عن اإليمان‪ .‬قيل لهم‪ :‬ولو اضمروا‬
‫النفاق ولم يتكلموا به كانوا منافقين‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [التوبة‪.]11 :‬‬
‫وأيضا قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وأنهم‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ [البقرة‪:‬‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫كاذبون‪ ،‬فقال تعالى ﭬ ﭭ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫‪ ،]8‬وقال تعالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ [المنافقون‪ .]0 :‬وقد قال النبي ‪« :‬اإلسالم عالنية واإليمان في‬
‫القلب»‪ .‬وقد قال الله تعالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ [الحجرات‪ .]01 :‬وفى الصحيحين عن سعد أن النبي ‪ ‬أعطى رجاال ولم‬
‫‪101‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫يعط رجال فقلت‪ :‬يا رسول الله! أعطيت فالنا وفالنا وتركت فالنا وهو مؤمن؟ فقال‪:‬‬
‫«أو مسلم» مرتين أو ثالثا ))(‪ )1‬اهـ‪.‬‬
‫ومن لوازم هذا القول الباطلة أيضا إيجاب أصل اإليمان للمنافقين‪ ،‬وهو باطل‬
‫ترده النصوص الشرعية كما تقدم‪.‬‬
‫يقول اإلما م محمد بن نصر المروزي(‪ )2‬ناقال عن اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫((فإن زعموا أنه القول باللسان ـ يعني اإليمان ـ فقد أوجبوا للمنافقين أصل اإليمان إذ‬
‫يشهدوا للنبي ‪ ‬أنه رسول الله‪ ،‬وقد أكذبهم الله ‪ ‬وأخبر أنهم كاذبون‪ ،‬ثم أخبر‬
‫فأخبر أن‬ ‫عن األعراب ﮍ ﮎ ﮏﮐ فقال‪ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫قولهم ذلك ليس بإيمان‪ ،‬ثم أخبر أن اإليمان أوله على القلب فقال ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ فقد دل القرآن على‬ ‫ﮛ وقال‪ :‬ﭬ ﭭ‬
‫إكفار من أقر بلسانه وقلبه منكر))(‪.)3‬‬
‫متضمن للمعرفة والتصديق وااللتزام؛ إذ‬
‫ّ‬ ‫كما أن اإلقرار الذي ح ّدوا به اإليمان هو‬
‫لفظ اإلقرار يتناول هذه الثالثة جميعا‪ ،‬فال وجه إلخراج المعرفة وهي عمل القلب‪ ،‬وااللتزام‬
‫رد قولهم وبيان فساده‪(( :‬وأما‬
‫وهو عمل الجوارح؛ ولهذا قال اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ في ّ‬
‫من زعم أن اإليمان اإلقرار‪ ،‬فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار؟ وهل‬
‫يحتاج أن يكون مصدقا بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار فقد زعم أنه‬
‫من شيئين‪ ،‬وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرا ومصدقا بما عرف فهو من ثالثة أشياء‪ ،‬وإن‬
‫جحد وقال‪ :‬ال يحتاج إلى المعرفة والتصديق‪ ،‬فقد قال قوال عظيما‪ ،‬وال أحسب أحدا يدفع‬
‫المعرفة والتصديق‪ ،‬وكذلك العمل مع هذه األشياء))(‪ .)4‬اهـ‪.‬‬

‫)‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 56/17‬ـ ‪.)53‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬محمد بن نصر بن الحجاج المروزي‪ ،‬إمام حافظ حجة‪ ،‬سمع بخراسان من يحيى بن يحيى التميمي‪،‬‬
‫وإسحاق بن راهويه‪ ،‬وعلي بن حجر‪ ،‬وبالري من محمد بن مهران الحمال‪ ،‬ومحمد بن مقاتل‪ ،‬وبمصر من‬
‫يونس الصدفي‪ ،‬والربيع المرادي‪ ،‬وأبي إسماعيل المزني وعنه أخذ فقه الشافعي‪ ،‬مات في محرم سنة أربع وتسعين‬
‫ومئتين‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 21/11‬ـ ‪.)22‬‬
‫(‪ )3‬تعظيم قدر الصالة (‪.)778/9‬‬
‫)‪ )4‬رواية اإلمام أحمد أوردها ابن تيمية في مجموع الفتاوى (‪ ،)747/3‬وهي بنحوها في تعظيم قدر الصالة‬
‫للمروزي (‪ 336/3‬ـ ‪.)338‬‬
‫‪100‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ معلقا على كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫(( وأحمد قال ‪ :‬البد مع هذا اإلق رار أن يكون مصدقا وأن يكون عارفا وأن يكون‬
‫مصدقا بما عرف ‪ .‬وفى رواية أخرى ‪ :‬مصدقا بما أقر ‪ ،‬وهذا يقتضي أنه البد من‬
‫تصديق باطن ‪ ،‬ويحتمل أن يكون لفظ التصديق عنده يتضمن القول والعمل‬
‫جميعا ‪ ،‬كما قد ذك رنا ش واهده أنه يقال صدق بالقول والعمل ‪ ،‬فيكون تصديق‬
‫القلب عنده يتضمن أنه مع معرفة قلبه أنه رسول الله قد خضع له وانقاد ‪ ،‬فصدقه‬
‫بقول ق لبه وعمل قلبه محبة وتعظيما ‪ ،‬وإال فمجرد معرفة قلبه أنه رسول الله مع‬
‫اإلع راض عن االنقياد له ولما جاء به ‪ ،‬إما حسدا وإما كب را ‪ ،‬وإما لمحبة دينه الذي‬
‫يخالفه ‪ ،‬وإما لغير ذلك ‪ ،‬فال يكون إيمانا ‪ ،‬والبد في اإليمان من علم القلب‬
‫وعمله ‪ ،‬فأ راد أ حمد بالتصديق أنه مع الم عرفة به صار القلب مصدقا له ‪ ،‬تابعا له ‪،‬‬
‫محبا له ‪ ،‬معظما له ‪ ،‬فإن هذا البد منه ‪ ،‬ومن دفع هذا عن أن يكون من اإليمان‬
‫فهو من جنس من دفع المعرفة من أن تكون من اإليمان ‪ ،‬وهذا أشبه بأن يحمل‬
‫عليه كالم أ حمد ؛ ألن وجوب انقياد القلب مع معرفته ظاهر ثابت بدالئل الكتاب‬
‫وال سنة وإجماع األمة ‪ ،‬بل ذلك معلوم باالضط رار من دين اإلسالم ‪ ،‬ومن نازع من‬
‫الجهمية في أن انقياد القلب من اإليمان فهو كمن نازع من الك رامية في أن معرفة‬
‫القلب من اإليمان ‪ ،‬فكان حمل كالم أحمد على هذا هو المناسب لكالمه في‬
‫هذا المقام )) (‪ . )1‬ا ه ـ‪.‬‬
‫ستدل به أيضا على بيان بطالن‬‫وسيأتي أن كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ مما اَ َ‬
‫يتبعض وال يتجزأ؛ فال يكون‬
‫شبهة الكرامية وسائر طوائف المرجئة أن اإليمان شيء واحد ال ّ‬
‫اإليمان ـ عندهم ـ ذا عدد اثنين أو ثالثة‪ ،‬وهذه أصل شبهة المرجئة كما ذكر شيخ اإلسالم ـ‬
‫رحمه الله ـ‪.‬‬

‫)‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 743/3‬ـ ‪.)748‬‬


‫‪101‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬
‫‪101‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫المبحث الرابع‪ :‬حكم من ترك التلفظ بالشهادتين‪ .‬وفيه مطلبان‪:‬‬


‫المطلب األول‪ :‬حكم من ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة‪.‬‬
‫التلفظ بالشهادتين مع القدرة فرض الزم‪ ،‬ال بد منه لصحة اإلسالم؛ فال يكفي‬
‫اعتقادها بالقلب دون قولها باللسان؛ دل على ذلك العقل والنقل وإجماع علماء اإلسالم‪.‬‬
‫أما النقل‪ :‬فإن الله تعالى أمر بالقول فقال‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ﭬ‬
‫[البقرة‪ .]011:‬ثم قال ‪ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ﮁ ﮂ‬
‫ﮑ [البقرة‪ .]011 :‬فأمر المؤمنين أن يقولوا ((آمنا)) ثم أخبر بقوله تعالى‪ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫أن ذلك القول منهم إيمان‪ ،‬وسمى قولهم مثل ذلك إن قالوه إيمانا؛ إذ ال معنى‬ ‫ﮈ‬
‫لقوله‪ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ إال فإن آمنوا بأن قالوا‪(( :‬مثل ما قلتم)) كانوا مؤمنين مثل ما‬
‫آمنتم‪ .‬فصح أن القول إيمان‪ ،‬فإن قالوه كانوا به مؤمنين‪ ،‬وإن امتنعوا عنه فإنما هم في‬
‫كفر؛ فصح أن القول باللسان محتاج إليه لنفي الكفر(‪.)1‬‬ ‫شقاق؛ ومشاقة الله ٌ‬
‫وأما داللة العقل على أن من ترك التكلم بالشهادتين مع القدرة َك َفر فمن وجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن الكفر لما كان يقوم بالعقد وحده وبالقول وحده؛ ألن من تكلم بكلمة‬
‫حاك لها عن غيره كفر‪ ،‬كما أن من اعتقد ضربا من‬ ‫الكفر مختارا عالما بمعناها غير ٍ‬
‫ضروب الكفر كفر‪ ،‬وإن لم يعبِّّر عنه بلسانه كان العبد إذن محتاجا إلى قول اللسان وعقد‬
‫القلب لنفي الكفر عن نفسه(‪.)2‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن اإليمان الباطن مستلزم لإلقرار الظاهر؛ فال يمتنع العبد عن اإلقرار الظاهر‬
‫ٍ‬
‫قادحة في أصل إيمانه‪.‬‬ ‫مع القدرة واالختيار إال إذا كان قلبه منطويا على عقيدة فاسدة‬
‫وفي هذا المعنى يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وبهذا تعرف أن من آمن قلبه‬
‫إيمانا جازما امتنع أن ال يتكلم بالشهادتين مع القدرة فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم‬
‫انتفاء اإليمان القلبي التام؛ وبهذا يظهر خطأ جهم ومن اتبعه في زعمهم أن مجرد إيمان ـ‬
‫القلب ـ(‪ )3‬بدون اإليمان الظاهر ينفع في اآلخرة(‪ ،)1‬فإن هذا ممتنع‪ ،‬إذ ال يحصل اإليمان‬

‫)‪ )1‬المنهاج في شعب اإليمان للحليمي (‪ )36/1‬بتصرف يسير‪.‬‬


‫)‪ )2‬انظر‪ :‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)33/1‬‬
‫(‪ )3‬ما بين الحاصرتين ليست في األصل والسياق يقتضي إضافتها‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫التام في القلب إال ويحصل في الظاهر موجبه بحسب القدرة‪ ،‬فإن من الممتنع أن يحب‬
‫اإلنسان غيره حبا جازما وهو قادر على مواصلته‪ ،‬وال يحصل منه حركة ظاهرة إلى‬
‫ذلك))(‪ .)2‬اهـ‪.‬‬
‫وقال في موضع آخر‪(( :‬فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر‬
‫باتفاق المسلمين‪ .‬وهو كافر باطنا وظاهرا عند سلف األمة وأئمتها وجماهير علمائها‪.‬‬
‫وذهبت طائفة من المرجئة وهم جهمية المرجئة‪ :‬كجهم(‪ )3‬والصالحي(‪ )4‬وأتباعهما إلى أنه‬
‫إذا كان مصدقا بقلبه كان كافرا في الظاهر دون الباطن‪ ،‬وقد تقدم التنبيه على أصل هذا‬
‫القول وهو قول مبتدع في اإلسالم لم يقله أحد من األئمة‪ ،‬وقد تقدم أن اإليمان الباطن‬
‫يستلزم اإلقرار الظاهر بل وغيره وأن وجود اإليمان الباطن تصديقا وحبا وانقيادا بدون اإلقرار‬
‫الظاهر ممتنع))(‪ .)5‬اهـ‪.‬‬
‫وأما اإلجماع؛ فإن السلف مجمعون على أن من ترك التكلم بالشهادتين مع القدرة‬
‫هو كافر باطنا وظاهرا‪ ،‬وقد حكى هذا اإلجماع عنهم جماعة من األئمة‪ ،‬وفيما يلي ذكر‬
‫لبعض نصوصهم في ذلك‪:‬‬
‫يقــول اآلجــري ـ رحمــه اللــه ـ ‪(( :‬اعلم ـوا ـ رحمنــا اللــه وإيــاكم ـ أن الــذي عليــه علمــاء‬
‫المســلمين‪ :‬أن اإليمــان واجــب علــى جميــع الخلــق‪ ،‬وهــو تصــديق بالقلــب‪ ،‬وإق ـرار باللســان‪،‬‬
‫وعمل بالجوارح‪.‬‬
‫ثم اعلموا أنه ال تجزئ المعرفة بالقلـب والتصـديق إال أن يكـون معـه اإليمـان باللسـان‬
‫نطقا‪ ،‬وال تجزئ معرفـة بالقلـب ونطـق اللّسـان حتـى يكـون عمـل بـالجوارح‪ ،‬فـإذا َكملَـت هـذه‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬يشير رحمه الله إلى مذهب الجهمية في اإليمان وأنه المعرفة بالقلب فقط‪.‬‬
‫)‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ .)557/3‬وانظر‪ :‬الفتاوى الكبرى (‪.)731/3‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬الجهم بن صفوان شيخ الجهمية وإمامهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬محمد بن مسلم أبو الحسين الصالحي‪ ،‬من أهل البصرة‪ ،‬أحد المتكلمين على مذهب اإلرجاء‪ ،‬ورد بغداد‬
‫حاجا واجتمع إليه المتكلمون وأخذوا عنه‪ ،‬وله من المصنفات منها كتاب ((اإلدراك األول)) وكتاب ((اإلدراك‬
‫الثاني)) ذكرهما محمد بن إسحق النديم في كتاب الفهرست‪ .‬انظر‪ :‬الوافي بالوفيات (‪ ،)12/8‬والفهرست البن‬
‫نديم‪* .‬‬
‫)‪ )5‬مجموع الفتاوى (‪ .)614/3‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)188/3‬‬
‫‪105‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫دل على ذلك القـرآن والسـنة وقـول علمـاء اإلسـالم))(‪ .)1‬اهــ‪ .‬ثـم‬‫الخصال الثالث كان مؤمنا‪ّ ،‬‬
‫ذكر ـ رحمه الله ـ أدلة كل فرد من أجزاء اإليمان الثالثة‪.‬‬
‫وقال ابن حزم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬من اعتقد اإليمان بقلبه ولم ينطق بلسانه دون تقية‪،‬‬
‫فهو كافر عند الله تعالى وعند المسلمين))(‪ .)2‬اهـ‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو‬
‫كافر باتفاق المسلمين(‪ ،)3‬وهو كافر باطنا وظاهرا عند سلف األمة وأئمتها‪ ،‬وجماهير‬
‫علمائها))(‪ .)4‬اهـ‪.‬‬
‫أما إذا عجز العبد عن النطق بالشهادتين ـ بعد حصول إيمانه القلبي ـ لخلل في لسانه‬
‫أو لعدم التمكن منه لمعاجلة المنية(‪ ،)5‬فإنه يكون مؤمنا؛ وذلك ألن العجز التام الذي ال يمكن‬
‫دفعه تسقط معه التكاليف المعجوز عنها باتفاق أهل العلم(‪.)1()6‬‬

‫)‪ )1‬الشريعة (‪.)611/3‬‬


‫)‪ )2‬المحلى (‪.)11/1‬‬
‫)‪ )3‬قلت‪ :‬وقد خالف في هذا األصل الجهمية ومن شايعهم من األشعرية والماتريدية حيث حصروا اإليمان في‬
‫تصديق القلب ومعرفته وخالفهم ال يضر‪ ،‬ألنه مصادم للنصوص؛ فال يعتبر‪ .‬وأذكر في هذا المقام كالم أحد‬
‫هؤالء المخالفين‪ ،‬وهو الغزالي ـ رحمه الله ـ حيث يقول في كتابه اإلحياء (‪(( :)111/1‬الدرجة الخامسة‪ :‬أن‬
‫وعلم وجوبها‪ ،‬ولكنه لم ينطق بها‪ ،‬فيحتمل أن‬
‫يصدق بالقلب ويساعده من العمر مهلة النطق بكلمتي الشهادة َ‬
‫يجعل امتناعه عن النطق كامتناعه عن الصالة‪ ،‬ويقال‪ :‬هو مؤمن غير مخلد في النار‪[ ،‬ألن] اإليمان هو التصديق‬
‫المحض‪ ،‬واللسان ترجمان اإليمان‪ ،‬فال بد أن يكون اإليمان موجودا بتمامه قبل اللسان حتى يترجمه اللسان‪،‬‬
‫وهذا هو األظهر؛ إذ ال مستند إال اتباع موجب األلفاظ ووضع اللسان‪ ،‬ألن اإليمان هو عبارة عن التصديق‬
‫بالقلب‪ .‬وقد قال ‪« ‬يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة»‪ ،‬وال ينعدم اإليمان من القلب بالسكوت عن‬
‫النطق الواجب كما ال ينعدم بالسكوت عن الفعل الواجب‪.‬‬
‫وقال قائلون‪ :‬القول ركن إذ ليس كلمتا الشهادة إخبارا عن القلب‪ ،‬بل هو إنشاء عقد آخر وابتداء شهادة والتزام‪،‬‬
‫واألول أظهر)) انتهى‪.‬‬
‫)‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪)614/3‬‬
‫(‪ )5‬أي مفاجأة الموت له‪.‬‬
‫)‪ )6‬انظر‪ :‬شرح صحيح مسلم للنووي (‪ ،)116/1‬وإكمال المعلم بفوائد مسلم (‪ 357/1‬ـ ‪ ،)351‬والفتاوى‬
‫الكبرى (‪.)731/3‬‬
‫‪101‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حكم من أتى بلفظ غير لفظ الشهادتين‪.‬‬


‫يشترط في قول ال إله إال الله اإلتيان بجميع ألفاظها؛ فال يقتَصر على بعض‬
‫ألفاظها؛ كلفظ "هو" كما يفعله غالة الصوفية(‪ ،)2‬وال على لفظ "إال الله" كما استحبه‬
‫الغزالي(‪ )3‬في ((مشكاة األنوار))(‪)4‬؛ فإن ذلك بدعة وضاللة‪ ،‬وال يجزي عن النطق الواجب‬
‫الذي ال يصح إسالم العبد إال به(‪.)5‬‬
‫وأما من شهد أن محمدا رسول الله واقتصر على ذلك‪ ،‬ففي صحة إسالمه ثالثة‬
‫أقوال‪ ،‬قوالن هما روايتان في مذهب اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫إحداهما‪ :‬يح َكم بإسالمه مطلقا؛ لقوله ‪ ‬في اليهودي الذي قال‪ :‬أشهد أن محمدا‬
‫ٍ‬
‫محمد ‪ ‬إال وهو مقر‬ ‫رسول الله ثم مات‪« :‬صلوا على صاحبكم»(‪ ،)6‬وألنه ال يقر برسالة‬
‫بمن أرسله وبتوحيده؛ ألنه ص ّدق النبي ‪ ‬فيما جاء به‪ ،‬وقد جاء بتوحيده‪.‬‬
‫مقرا بالتوحيد‬ ‫ِّ‬
‫والثاني‪ :‬التفريق بين من يجحد التوحيد وبين من يقّر به؛ فإن كان ّ‬
‫كاليهودي حكم بإسالمه؛ ألن توحيد الله ثابت في حقه‪ ،‬وقد ضم إليه اإلقرار برسالة‬
‫موحد كالنصارى والمجوس والوثنيين لم يحكم‬ ‫ٍ‬ ‫محمد ‪ ‬فكمل إسالمه‪ ،‬وإن كان غير‬ ‫ٍ‬
‫بإسالمه حتى يشهد أن ال إله إال الله‪ ،‬ألن شهادتهم بالنبي ‪ ‬ليس بصريح في إسالمهم‬
‫لجواز أن يعتقد أن المر َسل له االبن أو روح القدس‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=)‪ )1‬ويلحق بهذا األصل أيضا المكره بغير حق والخائف فإنه يصح إيمانه ولو لم يتلفظ بالشهادتين‪ ،‬ولكن متى زال‬
‫المانع وجب في حقه التلفظ بهما‪.‬‬
‫)‪ )2‬انظر‪ :‬فتح المجيد (ص‪.)31 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي‪ ،‬المعروف بالغزالي‪ ،‬فقيه أصولي متكلم‪،‬‬
‫تتلمذ على إمام الحرمين أبي المعالي الجويني‪ ،‬من تصانيفه الكثيرة‪( :‬اإلحياء لعلوم الدين)‪( ،‬إلجام العوام عن‬
‫علم الكالم)‪ ،‬و(مشكاة األنوار)‪ ،‬كانت والدته سنة (‪ )151‬هـ‪ ،‬ووفاته سنة (‪ .)515‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء‬
‫(‪ ،)733/14‬وطبقات الشافعية (‪.)141/6‬‬
‫)‪( )4‬ص‪.)34 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬عارضة األحوذي (‪.)971/11‬‬
‫)‪ )6‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)381 ،361/7‬والبيهقي في السنن الكبرى (‪ ،)787/7‬وأصله في البخاري‬
‫(جـ‪ )118/3‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه‪ ،‬وهل يعرض على الصبي اإلسالم؟ ح‬
‫(‪.)1751‬‬
‫‪101‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قال ابن قدامة جانحا لهذا القول ومرتضيا له‪(( :‬وبهذا جاءت أكثر األخبار‪ ،‬وهو‬
‫الصحيح ألن من يجحد شيئين ال يزول جحدهما إال بإقراره بهما جميعا))(‪ .)1‬اهـ‪.‬‬
‫والقول الثالث‪ :‬أن من اقتصر على لفظ‪(( :‬أشهد أن محمدا رسول الله)) لم يصح‬
‫إسالمه مطلقا‪ ،‬يستوي في ذلك من يقر بالتوحيد وغيره‪ .‬وعلل أصحاب هذا القول بأن شهادته‬
‫بالله تعالى ـ يعنون من يقر بالتوحيد ـ قبل الشهادة بالنبي ‪ ‬ال ح َكم لها‪ ،‬ألنه إنما يصح‬
‫وشهادتهم بالله إذا كان مص ِّّدقا لرسوله ممتثال ألمره‪ ،‬وهذا المعنى ال يصح منه في تلك‬
‫الحال(‪.)2‬‬
‫ومن هؤالء من يرى أن "ال إله إال الله" لفظ مخصوص باإليمان؛ فال يجوز العدول‬
‫عن غيره‪ ،‬وهذا مذهب ابن العربي المالكي(‪.)3‬‬
‫والذي أراه راجحا في المسألة ـ والعلم عند الله ـ أن اإلسالم ال ينعقد إال باللفظ‬
‫المعهود‪ ،‬وهو الجمع بين الشهادتين في اللفظ‪ ،‬ألن األحاديث الواردة في الكف عن‬
‫الكافر فيها التنصيص على قول ال إله إال الله‪.‬‬
‫وإلجماع السلف أن من لم يتلفظ بالشهادتين مع القدرة هو كافر باطنا وظاهرا‪ ،‬وإن‬
‫قام بشرائع اإلسالم األخرى‪ ،‬وقد مرت حكايته عنهم(‪.)4‬‬
‫وأما األحاديث الواردة في حكمه ‪ ‬بإسالم من جاء بمعنى الشهادتين أو اقتصاره‬
‫على بعضها‪ ،‬كهذا الحديث‪ :‬ليست بصريحة في ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة‪ ،‬ألنها‬
‫تحتمل االختصار أو الرواية بالمعنى‪.‬‬
‫كما أنها تحتمل أيضا الكف عنه حتى يختَـبَر من استكماله اإلقرار باإلسالم‪ ،‬وهذا‬
‫مسلك الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في تأويل هذه األحاديث‪.‬‬
‫يقول الحافظ ابن حجر‪(( :‬وفيه ـ يعني قوله ‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪:‬‬
‫ال إله إال الله‪ ،‬فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إال بحقه» ـ منع قتل من قال ال إله‬

‫)‪ )1‬المغني البن قدامة (‪.)384/13‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (‪ .)731 ،711/3‬وانظر‪ :‬لما قبله المغني البن قدامة‬
‫(‪ ،)384/13‬ودرء التعارض (‪ 3/8‬ـ ‪.)8‬‬
‫(‪ )3‬عارضة األحوذي (‪.)971/11‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪( :‬ص‪.)183 :‬‬
‫‪108‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫إال الله ولو لم يزد عليها‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬لكن هل يصير بمجرد ذلك مسلما؟ الراجح ال‪ ،‬بل‬
‫يجب الكف عن قتله حتى يختبر‪ ،‬فإن شهد بالرسالة والتزم أحكام اإلسالم حكم بإسالمه‪،‬‬
‫وإلى ذلك اإلشارة باالستثناء بقوله إال بحق اإلسالم))(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫فهذا وإن كان في االقتصار على اإلتيان بشهادة أن ال إله إال الله إال أنه يجري على‬
‫من اقتصر على شهادة أن محمدا رسول الله أيضا‪ ،‬ألن استكمال اإلسالم ال يتحقق إال‬
‫باإلتيان بهما جميعا‪.‬‬
‫يتضمن معنى الشهادة أو يدل عليها؛ كلفظ‬ ‫كما ال يجزي عن النطق الواجب ماال ّ‬
‫رب إال الله)) كما ّقرره المتكلمون في معنى الشهادة(‪.)2‬‬ ‫((ال ّ‬
‫قال المقريزي(‪ )3‬ـ رحمه الله ـ‪ (( :‬ولهذا كانت كلمة اإلسالم‪" :‬ال إله إال الله" فلو‬
‫رب إال الله" لما أجزأه عند المحققين‪ ،‬فتوحيد األلوهية هو المطلوب من‬ ‫قال‪" :‬ال ّ‬
‫العباد))(‪ .)4‬اهـ‪.‬‬
‫متضمنا معنى الشهادة أو داال عليها انعقد به اإلسالم في‬ ‫ّ‬ ‫أما إذا كان اللفظ‬
‫الظاهر‪ ،‬أما في الباطن فال يصح إسالمه إال إذا أتى بلفظ الشهادتين‪.‬‬
‫يقول الحليمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وال أعلم من أهل الفتيا خالفا في أن اإليمان قد‬
‫ينعقد بغير القول المعروف ـ يعني شهادة أن ال إله إال الله ـ‪ ،‬فدل ذلك على أن معنى قول‬
‫رسول الله ‪« :‬حتى يقولوا ال إله إال الله» أي يقولوها وما يؤدي معناها‪ ،‬ودل الكتاب‬
‫ﮆ‬ ‫على ذلك أيضا؛ ألن الله ‪ ‬أخبر أن إبراهيم صلوات الله عليه قال ألبيه وقومه‪:‬‬

‫(‪ )1‬فتح الباري (‪.)119/01‬‬


‫)‪ )2‬وقد تقدم أن المتكلمين وعلى رأسهم األشاعرة يفسرون اإلله بمعنى الربوبية؛ فتوحيد األلوهية عندهم هو عين‬
‫توحيد الربوبية ال فرق‪ ،‬وقد أشرنا إلى فساد ذلك‪ .‬انظر‪( :‬ص‪ 84 :‬ـ ‪.)111‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬ا لشيخ تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد المشهور بالمقريزي ‪ ،‬ولد بالقاهرة ونشأ بها‪،‬‬
‫تفقه على مذهب أبي حنيفة‪ .‬أخذ عن جده ألمه الشمس ابن الصائغ‪ ،‬والبرهان اآلمدي‪ ،‬والبلقيني‪،‬‬
‫والعراقي‪ ،‬وكان يميل إلى الظاهر حتى كان يتهم بمذهب ابن حزم‪ .‬شارك في عدة فنون‪ ،‬وقال النظم والنثر‬
‫وناب في الحكم وولي التوقيع‪ .‬من مؤلفاته‪ :‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار‪ ،‬وإمتاع األسماع فيما‬
‫للنبي ‪ ‬من الحضرة والمتاع في ست مجلدات‪ ،‬توفي بمصر سنة ‪ 815‬هـ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الضوء الالمع (‪ 31/3‬ـ ‪ ،)35‬والبدر الطالع (‪ 84/1‬ـ ‪ ،)81‬وكشف الظنون (‪.)3/1‬‬
‫)‪ )4‬تجريد التوحيد المفيد (ص‪.)18 :‬‬
‫‪109‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [الزخرف‪ 11 :‬ـ ‪ .]11‬ثم قال‪ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮇ‬


‫ﮗ ﮘ [الزخرف‪ ،]18 :‬وليست هذه الكلمة بعينها موجودة في عقبه‪ ،‬إنما الموجود فيهم‬
‫قول‪(( :‬ال إله إال الله))‪ .‬فثبت أنه ال فرق بين هذا القول وبين ما يؤدي معناه‪ ،‬والله أعلم))(‪.)1‬‬
‫اهـ‪.‬‬
‫ويتفرع على هذا إذا قال الكافر‪ :‬أنا مؤمن‪ .‬أو‪ :‬أنا مسلم‪ ،‬ح ِّكم بإسالمه في‬ ‫ّ‬
‫الظاهر؛ ولما روى المقداد ‪ ‬أنه قال‪ :‬يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجال من الكفار‪،‬‬
‫يدي بالسيف فقطعها ثم الذ مني بشجرة فقال‪ :‬أسلمت لله‪.‬‬ ‫فقاتلني فضرب إحدي ّ‬
‫أفأقتله بعد أن قالها؟ قال رسول الله ‪« :‬ال تقتله» قال‪ :‬يا رسول الله فإنه طرح إحدى‬
‫يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها آقتله؟ قال « ال‪ ،‬فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله‪،‬‬
‫وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها»(‪ ،)2‬ولما روي أيضا عن عمران بن حصين‬
‫‪ ‬أنه قال‪ :‬أصاب المسلمون رجال من بني عقيل‪ ،‬فأتوا به النبي ‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد‪،‬‬
‫إني مسلم‪ ،‬فقال رسول الله ‪ « :‬لو كنت قلت وأنت تملك أمرك‪ ،‬أفلحت كل‬
‫الفالح»(‪.)3‬‬
‫دل عليهما كان‬ ‫تضمن الشهادتين أو ّ‬
‫فالحاصل أن الكافر إذا أخبر عن نفسه بما ّ‬
‫كالمخبر بهما‪ ،‬وكذا الكناية عن الشهادتين ممن لم يحسنها كصريح لفظ اإلسالم في الكف‬
‫عنه(‪)4‬؛ ويدل لذلك حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال‪ :‬بعث رسول الله ‪ ‬خالد‬
‫بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى اإلسالم‪ ،‬فلم يحسنوا أن يقولوا‪ :‬أسلمنا‪ ،‬فجعلوا‬
‫يقولون‪( :‬صبأنا)‪( ،‬صبأنا)(‪ ،)5‬فجعل خالد يقتل منهم ويأسر‪ .‬ودفع إلى كل رجل أسيره‪،‬‬

‫)‪ )1‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)171/1‬‬


‫‪ ،‬رقم‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫)‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الديات‪ ،‬باب قول الله تعالى‪:‬‬
‫(‪ ،)6865‬ومسلم في كتاب اإليمان من صحيحه (‪.)45/1‬‬
‫)‪ )3‬أخرجه مسلم في كتاب النذر‪ ،‬باب ال وفاء بنذر في معصية الله (‪ )1363/7‬ح (‪.)1611‬‬
‫)‪ )4‬انظر‪ :‬المغني البن قدامة (‪ ،)384/13‬والمفهم فيما أشكل من صحيح مسلم (‪ ،)341/1‬ونيل األوطار‬
‫(‪ ،)341/1‬ومغني المريد (‪.)834/3‬‬
‫)‪ )5‬أي خرجنا من دين إلى دين‪ .‬فتح الباري (‪.)53/8‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫فقلت‪ :‬والله ال أقتل أسيري وال يقتل رجل من أصحابي أسيره‪ .‬حتى قدمنا على النبي ‪‬‬
‫فذكرناه‪ ،‬فرفع النبي ‪ ‬يديه فقال‪(( :‬اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين))(‪.)1‬‬
‫ولكن هل يصير بمجرد ذلك مسلما؟ الراجح ال ـ كما تقدم ـ‪ ،‬ألن األحاديث‬
‫المتقدمة ليست بصريحة في ترك التكلم بالشهادتين الحتمال أنها ن ِّقلت إلينا بالمعنى‪.‬‬
‫يقول القرطبي ـ رحمه الله ـ‪ ..(( :‬على أن قوله في هذه الرواية‪« :‬أسلمت» يحتمل أن‬
‫يكون ذلك نقال بالمعنى فيكون بعض الرواة عبر عن قوله‪ :‬ال إله إال الله بأسلمت كما قد‬
‫جاء ذلك مفسرا في رواية أخرى‪ ،‬قال فيها‪ :‬فلما أهويت ألقتله قال‪ :‬ال إله إال الله))(‪.)2‬‬
‫وأما إذا غيّر لفظ الجاللة ((الله)) باسم آخر من أسماء الله الحسنى؛ كأن يقول‪" :‬ال‬
‫إله إال الرحمن" أو إال الرحيم"‪ ،‬فهل يحكم بإسالمه؟ في ذلك قوالن ألهل العلم‪:‬‬
‫األول‪ :‬يحكم بإسالمه؛ وبه قال الحليمي من المتكلمين‪ ،‬وعلل ذلك بأن أسماء الله تعالى أعالم‬
‫مترادفة تدل على ذات واحدة كما قال تعالى‪ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫خص من ذلك ما يقع به االشتراك كما لو قال‬ ‫ﮔ ﮕ ﮖ [اإلسراء‪ .]001 :‬إال أنه ّ‬
‫يصرح باسٍم ال تأويل فيه ألن‬ ‫الطبائعي(‪" )3‬ال إله إال المحيي المميت" فإنه ال يكون مؤمنا حتى ِّّ‬
‫ذلك(‪ )4‬في اعتقادهم هو الطبيعة (‪.)5‬‬
‫والقول الثاني‪ :‬ال يحكم بإسالمه في الظاهر؛ ألن أسماء الله تعالى غير لفظ الجاللة ((الله))‬

‫يقع فيها االشتراك بغيرها من األسماء‪ ،‬وأيضا قد تخفى على بعض الكفار كما خفي اسم‬
‫"الرحمن" على كفار قريش فقالوا متعجبين‪ :‬وما الرحمن(‪)6‬؟ وقال بعضهم مستهزئين‪ :‬ال‬

‫)‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب المغازي‪ ،‬باب‪ :‬بعث النبي ‪ ‬خالد بن الوليد إلى بني جذيمة (جـ‪ )135/5‬ح (‪.)1774‬‬
‫(‪ )2‬المفهم (‪.)191/0‬‬
‫)‪ )3‬الطبائعي‪ :‬نسبة إلى الطبيعة‪ ،‬وهم من يعتقدون أن للطبيعة تأثيرا ذاتيا في اإليجاد واإلمداد واإلعدام‪ ،‬كالفالسفة‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫الدهرية المنكرين للصانع ومن وافقهم من مشركي العرب القائلين‬
‫[الجاثـية‪ .]31 :‬انظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪)157/1‬‬ ‫ﭵ ﭶ‬
‫(‪ )4‬أي‪ :‬المحيي المميت‪.‬‬
‫)‪ )5‬انظر‪ : :‬المنهاج في شعب اإليمان (‪ 178/1‬ـ ‪ ،)174‬وفتح الباري (‪.)754/17‬‬
‫[الفرقان‪.]61 :‬‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫)‪ )6‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫‪110‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫نعرف الرحمن إال رحمن اليمامة(‪ .)1‬وإلى هذا القول ذهب الرازي(‪ ،)2‬والتتائي من علماء‬
‫المالكية(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬واألحوط أن ال يقبل منه حتى يستفصل عن مراده بما غيّر من أسماء الله تعالى‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ ((وأن من قال "ال إله إال الرحمن" حكم‬
‫بإسالمه إال إن ع ِّرف أنه قال ذلك عنادا‪ ،‬وسمى غير الله "رحمانا" كما وقع ألصحاب‬
‫مسيلمة الكذاب))(‪ )4‬انتهى‪.‬‬
‫وقد أطلق بعض أهل العلم أن الكافر يصير مسلما إذا أقر بما يصيّر المسلم كافرا إذا‬
‫جحده‪.‬‬
‫قال النووي ـ رحمه الله ـ‪ (( :‬أما إذا أقر بوجوب الصالة أو الصوم أو غيرهما من‬
‫أركان اإلسالم‪ ،‬وهو على خالف ملته التي كان عليها فهل يجعل بذلك مسلما؟ فيه‬
‫وجهان ألصحابنا‪ :‬فمن جعله مسلما قال‪ :‬كل ما يكفر المسلم بإنكاره يصير الكافر‬
‫باإلقرار به مسلما))(‪ .)5‬اهـ‪.‬‬
‫وهذا الوجه(‪ )6‬ضعفه الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ(‪.)7‬‬
‫ولعل وجهَ تضعيفه أنه يلزم منه الحكم بإسالم الكافر إذا أقر بالمستحب‬ ‫قلت‪ّ :‬‬
‫دون الشهادتين ألن المسلم يكفر بإنكاره‪ ،‬وهو باطل ألنه يخالف اشتراط النطق‬
‫بالشهادتين لصحة اإلسالم‪.‬‬
‫أما إذا كان يحسن العربية فأقر بالشهادتين بالعجمية‪ ،‬فهل يحكم بإسالمه؟ قوالن‬
‫ألهل العلم‪ ،‬أصحهما‪ :‬أنه يحكم بإسالمه لوجود اإلقرار منه‪.‬‬

‫)‪ )1‬يعنون مسيلمة الكذاب‪ .‬انظر‪ :‬تفسير البغوي (‪.)14/7‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التفسير الكبير (‪.)131/1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة (‪.)182/1‬‬
‫)‪ )4‬المصدر نفسه (‪.)754/17‬‬
‫)‪ )5‬شرح صحيح مسلم للنووي (‪.)116/1‬‬
‫(‪ )6‬أي قوله‪( :‬كل ما يكفر المسلم بإنكاره يصير الكافر باإلقرار به مسلما) أما القول بأن الكافر إذا أقرّ بشيء‬
‫من أركان اإلسالم؛ كالصالة ـ مثال ـ يصير بذلك مسلما‪ ،‬فهذا رجحه الحافظ ابن حجر ونسبه إلى الجمهور‪،‬‬
‫وفي ذلك نظر‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)288/12‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)755/17‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قال النووي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬هذا الوجه ـ يعني الحكم بإسالمه ـ هو الحق وال يظهر‬
‫لآلخر وجه))(‪ )1‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا كله في حق الكافر إذا وجد منه ذلك في دار الحرب فإنه يكف عنه‪،‬‬
‫ويحكم بإسالمه في الظاهر‪ّ ،‬أما اإلسالم الشرعي المنجي عند الله تعالى فيشترط له اللفظ‬
‫المعهود‪ ،‬وهو أن يقول‪ :‬أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمدا رسول الله‪ ،‬ولو قال‪ :‬ال إله‬
‫إال الله محمدا رسول الله أجزأه عند المحققين(‪ )2‬ولم يتوقف إسالمه على لفظ الشهادة(‪.)3‬‬
‫والكافر إن كان صادقا في إسالمه نطق بالشهادتين وال بد؛ ألنه سيصلي‪ ،‬والصالة من‬
‫متضمن للفظ الشهادتين‪.‬‬‫ِّ‬
‫أجزائها التشهد‪ ،‬وهو ّ‬
‫ينو بها الدخول في اإلسالم؟ فالذي يظهر ـ‬‫ولكن يبقى النظر هل تصح منه إذا لم ِّ‬
‫والله أعلم ـ أنها تصح‪ ،‬ألن فعله للصالة دليل رغبته في اإلسالم‪ ،‬كما أن المقصود اعتقاد‬
‫اإلسالم بقلبه وقد وجد منه ذلك‪ .‬والنية تكون متقدمة على القول‪ ،‬وهو إذا صلى قياما‬
‫بواجبات اإلسالم فقد وجدت منه نية عامة‪ ،‬وهي القيام بواجب اإلسالم‪ ،‬فتشمل هذه النية‬
‫نية إرادة اإلسالم‪ ،‬فإذا تشهد مع سبق هذه النية‪ ،‬فقد دخل في اإلسالم حقيقة‪.‬‬
‫وأيضا قياسا على الصبي؛ فإنه إذا بلغ ال يؤمر بتجديد الشهادتين مع أن نطقه األول‬
‫بالشهادتين حال صغره لم يكن ينوي به الدخول في اإلسالم‪ ،‬ومع ذلك صح إسالمه‬
‫إجماعا‪.‬‬

‫)‪ )1‬شرح صحيح مسلم (‪.)116/1‬‬


‫(‪ )2‬ذهب بعض أهل العلم إلى اشتراط صيغة ((أشهد)) العتبار اإلسالم‪ ،‬وعللوا ذلك‪ :‬بأن المحل محل تقييد‪ ،‬فال‬
‫يعدل عما نص عليه الشرع [إكمال اإلكمال (‪ .])117/1‬قلت‪ :‬وهو ضعيف‪ ،‬وذلك لداللة النصوص على‬
‫صحة إسالم من قال ال إله إال الله‪ ،‬كقوله ‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬فإذا قالوها‬
‫عصموا مني دماءهم وأموالهم» الحديث‪ .‬بل من أهل العلم من حكى اإلجماع على صحة إسالم من قال ال إله‬
‫إال الله محمدا رسول الله ولم يقرن ذلك بالشهادة‪ .‬انظر‪ :‬مدارج السالكين (‪)153/7‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪ )153/7‬بتصرف يسير‪ .‬وانظر‪ :‬إكمال اإلكمال (‪.)113/1‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫المبحث الخامس‪ :‬إيمان األخرس واألبكم‪.‬‬


‫األخرس هو الذي خلِّق وال نطق له كالبهيمة العجماء‪ ،‬وأما األبكم فهو الذي‬
‫للسانه نطق وهو ال يَعقل الجواب وال يحسن وجه الكالم هكذا الفرق بينهما في كالم‬
‫العرب(‪)1‬؛ فكالهما سلب القدرة على الكالم فيسقط عنهما النطق بالشهادتين؛ لعجزهما‪،‬‬
‫فالنطق بالشهادتين كسائر التكاليف‪ ،‬إنما يجب مع القدرة‪ ،‬فأما مع العجز التام فال يكلّف‬
‫الله نفسا إال وسعها(‪.)2‬‬
‫ومن أهل العلم من ذهب إلى أن األخرس إن كان مملوكا فإنه ال يجزي عن الرقبة‬
‫المؤمنة في العتق إال إذا أشار باإليمان‪ ،‬وكانت إشارته مما تـع َقل(‪.)3‬‬
‫وأما إن كان المكلف فاقدا لحاستي الكالم والسمع معا‪ ،‬فهو ال يخلو من حالين‪:‬‬
‫عرف حقيقة دين اإلسالم بأي طريق‪ ،‬فهذا حكمه حكم األبكم‬ ‫األولى‪ :‬أن يكون َ‬
‫يلزمه اعتقاد دين اإلسالم وال يجب عليه النطق بالشهادتين؛ لعجزه‪ ،‬ويصح إيمانه إذا اعتقد‬
‫دين اإلسالم‪ ،‬وقام بما يلزم من شعائره؛ كالصالة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن ال يكون َعَرف حقيقة دين اإلسالم‪ ،‬فهذا حكمه حكم أرباب الفترات‬
‫ومن لم تبلغهم الدعوة(‪ .)4‬وأرباب الفترات ومن لم تبلغهم الدعوة قد اختلف أهل العلم في‬
‫حكمهم على أقوال كثيرة(‪)5‬؛ أعدلها أنهم يمتحنون في عرصات القيامة بإرسال ٍ‬
‫رسول إليهم‬
‫فمن يطعه يدخل الجنة‪ ،‬ومن يعصه يدخل النار‪.‬‬
‫ﯭ ﯮ‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ويدل لذلك من القرآن قوله تعالى‪ :‬ﯨ ﯨ‬
‫[اإلسراء‪ . ]05 :‬فهذا عهد من الله تعالى ـ على نفسه ـ أن ال يع ّذِّ ب إال من أرسل إليه‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تهذيب اللغة (‪ )152/10‬باب الكاف والباء مع الميم‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المعيار المعرب (‪ ،)180/1‬وبدائع الفوائد (‪.)777/2‬‬
‫)‪ )3‬األم للشافعي (‪ .)180/5‬ولفظه كما في األم‪(( :‬وإن ولدت خرساء على اإليمان وكانت تشير به وتصلي أجزأت‬
‫عنه ـ إن شاء الله تعالى ـ‪ ،‬وإن جاءتنا من بالد الشرك مملوكة خرساء‪ ،‬فأشارت باإليمان وصلت وكانت إشارتها‬
‫تعقل فأعتقتها أجزأت ـ إن شاء الله تعالى ـ‪ ،‬وأحب إلي أن ال يعتقها إال أن ال تكلم باإليمان))‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(‪ )4‬من لم تبلغهم الدعوة صنفان من الناس‪ :‬من لم يعلم بها بالمرة‪ .‬ومن بلغته الدعوة على غير وجهها؛ كمن بلغهم اسم‬
‫محمد ‪ ‬ولم يبلغهم حقيقة ما يدعوا إليه‪ .‬أو سمعوا باسمه وما يدعو إليه ولكن من قِّبَل أعدائه المتهمين له بالتدليس‬
‫وادعاء النبوة‪ .‬انظر‪ :‬مع الله للشيخ الغزالي (ص‪.)63 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬هذه األقوال في أحكام الذمة البن القيم (‪ 1186/3‬ـ ‪.)1173‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫رسوال تقوم به حجته عليه كما قال تعالى‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ‬


‫[النساء‪.]015 :‬‬
‫وأما الدليل من السنة على أن أرباب الفترات ومن في حكمهم يمتحنون بإرسال رسول‬
‫إليهم يوم القيامة قوله ‪« :‬أربعة يحتجون يوم القيامة رجل أصم‪ ،‬ورجل أحمق ورجل َه ِّرم‪،‬‬
‫ورجل مات في الفترة؛ فأما األصم فيقول‪ :‬يا رب لقد جاء اإلسالم وما أسمع شيئا‪ ،‬وأما‬
‫األحمق فيقول‪ :‬رب قد جاء اإلسالم والصبيان يحذفونني بالبعر‪ .‬وأما ِّ‬
‫الهرم فيقول‪ :‬رب لقد‬
‫جاء اإلسالم وما أعقل‪ .‬وأما الذي مات في الفترة فيقول‪ :‬رب ما أتاني لك رسول‪ .‬فيأخذ‬
‫مواثيقهم لي ِّطيعنه‪ ،‬فيرسل إليهم رسوال‪ :‬أن ادخلوا النار‪ .‬قال‪ :‬فوالذي نفسي بيده لو دخلوها‬
‫كانت عليهم بردا وسالما»(‪ .)1‬وفي رواية‪« :‬فمن دخلها كانت عليه بردا وسالما ومن لم‬
‫يدخلها يسحب إليها»(‪.)2‬‬
‫فدل هذا الحديث على أن أرباب الفترات ومن في حكمهم؛ كاألصم والمعتوه ممن لم‬
‫تبلغهم الدعوة أنهم يمتحنون‪ ،‬والله أعلم بما سيعملون ويؤولون‪ ،‬فمن أطاع منهم دخل الجنة‪،‬‬
‫ومن عصى منهم دخل النار‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ‪(( :‬وقد جاءت بذلك عدة آثار مرفوعة إلى النبي‬
‫‪ ،‬وعن الصحابة والتابعين‪ ،‬بأنه في اآلخرة يمتحن أطفال المشركين وغيرهم ممن لم تبلغه‬
‫الرسالة في الدنيا‪ .‬وهذا تفسير قوله ‪« :‬الله أعلم بما كانوا عاملين»(‪.)3‬‬

‫)‪ )1‬أخرجه ابن راهوية في المسند (‪ ،)133/1‬وابن المبارك في الزهد (‪ ،)166/1‬وابن حبان في صحيحه كما في ترتيب‬
‫بلبان (‪ 756/16‬ـ ‪ )753‬رقم (‪ .)3753‬وقال في مجمع الزوائد (‪ )316/3‬رواه أحمد والبزار‪ ...‬ورجاله في طريق‬
‫األسود بن سريع وأبي هريرة رجال الصحيح‪.‬‬
‫وقال ابن القيم في طريق الهجرتين (‪(( :)584/1‬قال الحافظ عبد الحق في حديث األسود قد جاء هذا‬
‫الحديث وهو صحيح فيما أعلم‪ ،‬واآلخرة ليست دار تكليف وال عمل‪ ،‬ولكن الله يخص من يشاء بما يشاء‪،‬‬
‫ويكلف من شاء ما شاء وحيثما شاء‪ ،‬ال يسأل عما يفعل وهم يسألون‪ .‬قلت‪ :‬وسيأتي الكالم على وقوع‬
‫التكليف في الدار اآلخرة وامتناعه عن قريب إن شاء الله))‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫)‪ )2‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)31/1‬وابن راهوية في مسنده (‪ ،)137/1‬والضياء في المختارة (‪ 355/1‬ـ‬
‫‪ ،)356‬وهو في الصحيحة (‪ )114/7‬برقم (‪.)1171‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب الجنائز‪ ،‬باب‪ :‬ما قيل في أطفال المشركين (جـ‪ )197/9‬ح (‪ ،)1252‬ومسلم في‬
‫كتاب القدر (‪ )9015/1‬ح (‪.)9585‬‬
‫‪115‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫وهذا هو الذي ذكره األشعري في المقاالت عن أهل السنة والحديث‪ ،‬وذكر أنه‬
‫يذهب إليه‪.‬‬
‫وهذا التفصيل يذهب الخصومات التي كره الخوض فيه ألجلها من كرهه‪ ،‬فإن من‬
‫قطع لهم بالنار كلهم‪ ،‬جاءت نصوص تدفع قوله‪ ،‬ومن قطع لهم بالجنة كلهم‪ ،‬جاءت‬
‫نصوص تدفع قوله‪ .‬ثم إذا قيل‪ :‬هم مع آبائهم‪ ،‬لزم تعذيب من لم يذنِّب‪ ،‬وانفتح باب‬
‫الخوض في األمر والنهي‪ ،‬والوعد والوعيد‪ ،‬والقدر والشرع‪ ،‬والمحبة والحكمة والرحمة‪.‬‬
‫فلهذا كان أحمد يقول‪ :‬هو أصل كل خصومة‪.‬‬
‫فأما جواب النبي ‪ ‬الذي أجاب به أحمد آخرا‪ ،‬وهو قوله ‪« ‬الله أعلم بما كانوا‬
‫عاملين»‪ ،‬فإنه فصل الخطاب في هذا الباب‪ ،‬وهذا العلم يظهر حكمه في اآلخرة‪ ،‬والله‬
‫تعالى أعلم)) (‪.)1‬‬
‫وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ مؤكدا ذلك‪(( :‬المذهب الثامن‪ :‬أنهم يمتحنون في‬
‫عرصات القيامة ويرسل إليهم هناك رسول‪ ،‬وإلى كل من لم تبلغه الدعوة‪ ،‬فمن أطاع الرسول‬
‫دخل الجنة‪ ،‬ومن عصاه أدخله النار‪ ،‬وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة وبعضهم في‬
‫النار‪ ،‬وبهذا يتألف شمل األدلة كلها وتتوافق األحاديث)) (‪ .)2‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫ويلتحق بهذه المسألة مسألة شبيهة(‪ )3‬وهي من كان أعجميا ال يحسن العربية فهل‬
‫جزئه أن يتلفظ بالشهادتين بلغته أو بأي ٍ‬
‫لغة أخرى‪ ،‬أو ال بد أن يتلقن ألفاظها؟‬ ‫يَ ِّ‬
‫قلت‪ :‬مر في كالم النووي (ص‪ )110:‬ما يشير إلى أنه إذا كان يحسن العربية فأقر‬
‫بالشهادتين بالعجمية حكم بإسالمه لوجود اإلقرار منه؛ فمن باب أولى من كان أعجميا ال‬
‫يحسن التلفظ بها بالعربية ألن ذلك فرضه وال يكلف الله نفسا إال وسعها إال أنه يستحب‬
‫أن يتعلم ألفاظها وأن يجتهد في تعلم العربية ليحصل له أجر التلفظ باألذكار(‪ )4‬النبوية ألنها‬
‫توقيفية باللفظ والمعنى‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬

‫)‪ )1‬درء التعارض (‪ 111/8‬ـ ‪.)113‬‬


‫)‪ )2‬طريق الهجرتين (‪.)583‬‬
‫(‪ )3‬المشابهة هنا من جهة عدم القدرة على التلفظ بالشهادتين بألفاظهما العربية ال من جهة عدم القدرة على‬
‫التكلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬ويدخل في ذلك التلفظ بالشهادتين ألنه من جملة األذكار النبوية‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫المبحث السادس‪ :‬ما يجزي عن النطق بالشهادتين بالشهادة على اإلسالم(‪.)1‬‬


‫تقدم معنا أن من نطق بالشهادتين عن نفسه صار مسلما‪ ،‬له ما للمسلمين من‬
‫الحقوق وعليه ما عليهم من الحقوق والواجبات؛ لحديث‪« :‬من شهد أن ال إله إال الله‬
‫وأن محمدا رسول الله‪ ،‬واستقبل قبلتنا‪ ،‬وصلى صالتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا فهو مسلم له ما‬
‫للمسلمين وعليه ما على المسلمين»(‪.)2‬‬
‫إال أن أهل العلم ذكروا أمورا غير النطق بالشهادتين يثبت بها حكم اإلسالم؛‬
‫فيحكم على من تلبس بها أو وقعت منه باإليمان؛ بعضها متفق عليها‪ ،‬وبعضها مختلف‬
‫فيه كما سيأتي بيانها‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬
‫احد منهما فإنه يحكم بإسالمه؛ وذلك لما‬ ‫األمر األول‪ :‬الصغير يكون ألبوين مسلمين أو لو ٍ‬
‫ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪« :‬كل‬
‫مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما ينتج البهيمة جمعاء هل‬
‫تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها» ثم قرأ أبو هريرة‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ (‪[ )3‬الروم‪ّ .]11 :‬بوب عليه مجد الدين ابن تيمية في المنتقى‪:‬‬
‫((باب تبع الطفل ألبويه في الكفر‪ ،‬ولمن أسلم منهما في اإلسالم‪ ،‬وصحة إيمان المميز))(‪.)4‬‬
‫اهـ‪.‬‬
‫والمقصود من الحديث‪ :‬أن الله تعالى خلق المولود ال حكم له في نفسه‪ ،‬وإنما هو‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ له حكم‬ ‫تبع لوالديه في الدين في حكم الدنيا حتى يعرب عن نفسه بعد البلوغ ـ أي‬
‫نفسه ال حكم أبويه ـ وأما في اآلخرة‪ ،‬فمنهم من ألحقهم بآبائهم‪ ،‬ومنهم من ألحق ذراري‬

‫(‪ )1‬هذا المبحث يذكره الفقهاء في كتب الفقه بعنوان‪(( :‬ما يثبت به إسالم الكافر األصلي))‪.‬‬
‫)‪ )2‬أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم (‪ 81/1‬ـ ‪ )88‬رقم (‪ ،)1911‬وعبد الرزاق في المصنف (‪،)019/00‬‬
‫وابن مندة في اإليمان (‪ .)151/0‬وأصله في صحيح البخاري صحيح البخاري (جـ‪ ،)009/0‬كتاب الصالة‪،‬‬
‫باب فضل استقبال القبلة ح (‪ .)191 ،190‬وحكم األلباني بأنه صحيح كما في صحيح الجامع (‪.)1151‬‬
‫)‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب الجنائز‪ ،‬باب‪ :‬إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه‪ ،‬وهل يعرض على الصبي‬
‫اإلسالم؟ (جـ‪ )009/1‬ح (‪ ،)0158‬ومسلم في كتاب القدر (‪ )1111/1‬ح (‪.)1158‬‬
‫)‪ )4‬المنتقى (‪.)99/1‬‬
‫‪118‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫المسلمين بهم وزعم أن أوالد المشركين خدم أهل الجنة‪ ،‬ومنهم من توقف في الجميع ووكل‬
‫أمرهم إلى الله عز وجل(‪.)2( )1‬‬
‫وال خالف بين أهل العلم في أن األبوين إذا كانا مسلمين كان أوالدهما مسلمين‪،‬‬
‫وأما إذا كان أحد األبوين مسلما واآلخر كافرا؛ فالجمهور على أن الولد يتبع المسلم منهما‬
‫أبا كان أم أ ّما(‪)3‬؛ ألنه األخيَر دينا‪ ،‬وقال الشافعي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬يتبع األبوين وإن َعلَ َوا‬
‫سواء كانا وارثين أو لم يكونا وارثين(‪.)4‬‬
‫وذهب مالك ـ رحمه الله ـ إلى أنه ال يتبع أمه في اإلسالم‪ ،‬بل تختص التبعية باألب‪.‬‬
‫صبة‪ .‬وقد قال تعالى‪:‬‬ ‫وعلّل ذلك بأن النسب له ـ أي لألب ـ والوالية على الطفل له‪ ،‬وهو َع َ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ (‪[ )5‬الطور‪.]10 :‬‬
‫والصحيح ما ذهب إليه الجمهور‪ ،‬والدليل على تبعيته ألمه قول النبي ‪« :‬فأبواه‬
‫يهودانه وينصرانه»‪ .‬وهذا شامل لألبوين ومن وجد منهما‪.‬‬
‫وأما قول المالكية‪ :‬إن الوالية والتعصيب لألب‪ ،‬فتكون التبعية له دون األم‪ ،‬فيقال‬
‫فيه‪ :‬والية التربية والحضانة والكفالة لألم دون األب‪ ،‬وإنما قوة والية األب على الطفل في‬
‫حفظ ماله‪ .‬ووالية األم في التربية والحضانة أقوى فتبعية الطفل ألمه في اإلسالم إن لم تكن‬
‫أقوى من تبعية األب فهي مساوية له‪.‬‬

‫)‪ )1‬اختلف العلماء في مصير أوالد المشركين إلى عشرة أقوال ذكرها ابن القيم ـ رحمه الله ـ في أحكام أهل الذمة‬
‫(‪ 109/1‬ـ ‪ ،)151‬وفصلها بأدلتها وبيّن الراجح منها‪ .‬وأما أطفال المسلمين فهم في الجنة‪ ،‬بل حكى ابن عبد‬
‫البر في التمهيد (‪ )118/1‬اإلجماع عليه‪.‬‬
‫قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهذا القول في أطفال المسلمين هو المعروف من قواعد الشرع حتى إن اإلمام‬
‫أحمد أنكر الخالف فيه وأثبت بعضهم الخالف))‪ .‬اهـ [أحكام أهل الذمة (‪ 101/1‬ـ ‪.])108‬‬
‫)‪ )2‬شعب اإليمان للبيهقي (‪ 111/0‬ـ ‪ .)111‬بتصرف يسير‪ ،‬وانظر‪ :‬التمهيد البن عبد البر (‪.)11/08‬‬
‫)‪ )3‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع للكاساني (‪ ،)510/9‬والمنهاج في شعب اإليمان للحليمي (‪ ،)050/0‬والتهذيب‬
‫للشيرازي (‪ ،)111/5‬والمغني البن قدامة (‪ 081/01‬ـ ‪ ،)185‬وأحكام أهل الذمة الذمة البن القيم‬
‫(‪.)511/1‬‬
‫)‪ )4‬انظر‪ :‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)050/0‬‬
‫)‪ )5‬انظر‪ :‬بداية المجتهد (‪ ،)18/1‬وأحكام أهل الذمة (‪.)511/1‬‬
‫‪119‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫وأيضا فالولد جزء منها حقيقة؛ ولهذا تبعها في الحرية والرق اتفاقا دون األب‪ ،‬فإذا‬
‫أسلمت تبعها سائر أجزائها والولد جزء من أجزائها؛ يوضحه أنها لو أسلمت وهي حامل‬
‫به حكم بإسالم الطفل تبعا إلسالمها؛ ألنه جزء من أجزائها فيمتنع بقاؤه على كفره مع‬
‫الحكم بإسالم أمه(‪.)1‬‬
‫وأما تبعيته لجده وجدته فالجمهور منعوا منه‪ ،‬والشافعي قال به طردا ألصله في‬
‫إقامة الجد مقام األب‪ ،‬ولكن قد نقض هذا األصل في عدة مواضع‪ ،‬فلم يطرده في إسقاطه‬
‫لإلخوة‪ ،‬وال في توريث األم معه ثلث الباقي إذا كان معها أحد الزوجين‪ .‬وقد ألزم الشافعي‬
‫إسالم الخلق كلهم تبعا آلدم‪ ،‬فإنه لم يقتصر بذلك على الج ّد األدنى (‪.)2‬‬
‫ومثل الوالدة ألبوين مسلمين أو أحدهما في تبعية الصبي أن يأسره المسلمون بعيدا‬
‫عن أبويه فيصير مسلما على الصحيح‪.‬‬
‫قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإذا سبي الطفل منفردا عن أبويه حكم بإسالمه ألنه‬
‫صار تحت واليته‪ ،‬وانقطعت والية األبوين عنه‪ .‬هذا مذهب األئمة األربعة))(‪ .)3‬اهـ‪.‬‬
‫وقال صاحب المهذب(‪(( :)4‬ففيه وجهان‪ :‬أحدهما أنه باق على حكم كفره‪ ،‬وال‬
‫يتبع السابي في اإلسالم‪ ،‬وهو ظاهر المذهب‪....‬والثاني‪ :‬يتبعه‪ ،‬ألنه ال يصح إسالمه‬
‫بنفسه‪ ،‬وال معه من يتبعه في كفره‪ ،‬فجعل تابعا للسابي؛ ألنه كاألب في حضانته‪،‬‬
‫وكفالته فتبعه في اإلسالم))(‪ .)5‬اهـ‪.‬‬

‫)‪ )1‬أحكام أهل الذمة (‪ 511/1‬ـ ‪ .)518‬وانظر‪ :‬المغني البن قدامة (‪ 181/01‬ـ ‪.)185‬‬
‫)‪ )2‬أحكام أهل الذمة (‪.)518/1‬‬
‫)‪ )3‬أحكام أهل الذمة (‪.)519/1‬‬
‫)‪ )4‬هو‪ :‬أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي الشافعي‪ ،‬نزيل بغداد قيل لقبه جمال الدين‪،‬‬
‫مولده في سنة ثالث وتسعين وثالث مئة‪ ،‬تفقه على أبي عبد الله البيضاوي‪ ،‬وعبد الوهاب بن رامين بشيراز‬
‫وأخذ بالبصرة عن الخرزي‪ ،‬وقدم بغداد سنة خمس عشرة وأربع مئة فلزم أبا الطيب وبرع وصار معيده‪ ،‬وكان‬
‫يضرب المثل بفصاحته وقوة مناظرته‪ ،‬حدث عنه الخطيب وأبو الوليد الباجي والحميدي‪ .‬توفي سنة ست‬
‫وسبعين وأربع مئة ببغداد‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 151 /08‬ـ ‪ ،)110‬وطبقات الشافعية للسبكي (‪105/1‬‬
‫ـ ‪.)151‬‬
‫)‪ )5‬المهذب (‪ .)111/5‬وانظر‪ :‬شعب اإليمان للبيهقي (‪.)115/0‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫قال صاحب الروضة(‪(( :)1‬وشذ صاحب المهذب‪ ،‬فذكر في كتاب السير في الحكم‬
‫بإسالمه وجهين‪ ،‬وزعم أن ظاهر المذهب‪ :‬أنه ال يحكم به‪ ،‬وليس بشيء وإنما ذكرته تنبيها‬
‫على ضعفه لئال يغتر به))(‪ .)2‬اهـ‪.‬‬
‫بالشراء حكم‬‫بالسباء الملك بالشراء‪ ،‬فإذا صار الصغير في ملك المسلم ّ‬ ‫ويلحق ّ‬
‫نص عليه اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪ ،‬وقال ابن القيم ـ رحمه‬ ‫بإسالمه إذا لم يكن معه أبواه‪ّ .‬‬
‫بالسباء وملكه بالشراء؛ ألن‬ ‫الله ـ معلقا عليه‪(( :‬وهذا محض الفقه؛ إذ ال فرق بين ملكه ّ‬
‫بالسباء هو بعينه موجود في صورة الملك‬ ‫المعنى الذي حكم ألجله بإسالمه إذا ملك ّ‬
‫بالشراء‪ ،‬فيجب التسوية بينهما الستوائهما في علة الحكم))(‪ .)3‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومن ذلك أيضا تبعية الدار‪ ،‬وذلك في صور‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن يخرج الصبي من دار الشرك إلى أبويه في دار اإلسالم‪ ،‬وهما نصرانيان‬
‫في دار اإلسالم‪ .‬قال اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪ :‬يحكم بإسالمه‪ .‬حكاه عنه الخالل(‪.)4‬‬
‫قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ معقبا على كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فقد َح َكم‬
‫بإسالمه مع وجود أبويه الكافرين من غير سباء وال رق حادث عليه‪ .‬ووجه هذا ـ والله أعلم ـ‬
‫أنه لما كان منفردا عن أبويه‪ ،‬ولم يكن لهما عليه حكم في الدار التي حكم المسلمين فيها‬
‫عليه دون أبويه‪ ،‬كان محكوما بإسالمه بانقطاع تبعيته لهما‪ ،‬فإذا خرج إليهما وهما في دار‬
‫اإلسالم خرج إليها وهو مسلم فلم يجر الحكم بكفره؛ فالدار فرقت بينهما حكما كما فرقت‬
‫بينهما حسا))(‪ .)5‬اهـ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬اختالط أوالد المسلمين بأوالد الكفار على وجه ال يتميّزون‪.‬‬
‫قال المروذي قلت ألبي عبد الله‪ :‬ما تقول في رجل مسلم ونصراني في دار ولهما‬
‫أوالد فلم يعرف ولد النصراني من ولد المسلم؟ قال‪ :‬يجبرون على اإلسالم(‪.)6‬‬

‫)‪ )1‬هو‪ :‬أبو زكريا محيي الدين يحيى شرف النووي‪.‬‬


‫)‪ )2‬روضة الطالبين (‪)111/5‬‬
‫)‪ )3‬أحكام أهل الذمة (‪.)501/1‬‬
‫)‪ )4‬انظر‪ :‬أحكام أهل الذمة (‪.)501/1‬‬
‫)‪ ) 5‬أحكام أهل الذمة (‪ .)501/1‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫)‪ )6‬المصدر نفسه (‪.)911/1‬‬
‫‪110‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫الثالثة‪ :‬االلتقاط؛ فكل لقيط وجد في دار اإلسالم فهو مسلم‪ .‬وأما إن وجد في دار‬
‫الكفر وال مسلم فيها‪ ،‬فحكمه حكم الكفار‪ ،‬وإن كان فيها مسلم فهل يحكم بإسالمه أو‬
‫يكون كافرا على وجهين(‪.)1‬‬
‫هذا ما يتعلق بأحكام إتـبَاع الصغير إذا كان متولدا من أبوين مسلمين أو من أحدهما‪.‬‬
‫وهنا مسألة متعلّقة بهذه المسألة قد تنازع فيها أهل العلم‪ ،‬وهي تبعية الصغير إذا‬
‫ردتهما فال يؤمر إذا بلغ بتجديد النطق بالشهادتين‬ ‫كان أبواه مرت ّدين هل تكون ألبويه قبل ّ‬
‫ردتهما فيؤمر بتجديد النطق بالشهادتين إذا بلغ؟‬ ‫أم بعد ّ‬
‫ولهذه المسألة صورتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن يكون مولودا قبل ردة والديه‪ :‬فهذا حكمه حكم والديه قبل ردتهما‪،‬‬
‫الردة‪ ،‬وال يجوز أن يؤاخذ بجريرة غيره؛ لقوله‬‫بردته؛ ألنه لم يباشر ّ‬
‫فيكون مسلما‪ .‬وال يحكم ّ‬
‫تعالى‪ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫بردته ما دام في دار اإلسالم‪ ،‬فإن لحق بوالديه في‬ ‫[فاطر‪ .]08 :‬وقالت الحنفية‪ :‬ال يحكم ّ‬
‫الردة‪ .‬وعللوا ذلك‬ ‫ٍ‬
‫دار حرب فحكمه حكمهما؛ ألن التبعية عندهم تتحول إلى الدار بعد ّ‬
‫بأن الدار لما كانت ال تصلح إلثبات التبعية ابتداء عند استتباع األبوين فهي تصلح لإلبقاء‬
‫ألنه أسهل من االبتداء؛ فما دام في دار اإلسالم بقي على حكم اإلسالم تبعا للدار‪ ،‬وإن‬
‫لحق بوالديه في دار الحرب فله حكم والديه(‪..)2‬‬
‫والراجح مذهب الجمهور؛ ألن العبرة في اإلتـبَاع باألبوين ال باختالف الدارين‪ ،‬وإال‬
‫الذميين إذا أقِّروا بدار المسلمين‪ ،‬وهو باطل مبين‪.‬‬
‫للزم الحكم بإسالم أوالد ّ‬
‫ردتهما‪ .‬وصورة ذلك‪ :‬أن يرت ّد الزوجان وال‬ ‫الثانية‪ :‬أن يولد المولود لهما في حال ّ‬
‫ردتهما‪ .‬ففي حكم هذا المولود أقوال ثالثة‪:‬‬ ‫ولد لهما ثم تحمل المرأة من زوجها بعد ّ‬
‫القول األول‪ :‬أنه يحكم بإسالمه‪ ،‬وعلّل أصحاب هذا القول‪ :‬بأن حرمة اإلسالم باقية‬
‫في المرتد‪ ،‬ولذلك ال يـ َقر المرتد بالجزية وال بالهدنة وال يسترق بخالف الكافر األصلي فإنه‬
‫يؤمن ويس َترق‪.‬‬

‫)‪ )1‬أحكام أهل الذمة (‪.)508/1‬‬


‫)‪ )2‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع للكاساني (‪.)511/9‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫وبناء على هذا القول إذا بلغ ولد المرتدي ن وأعرب عن نفسه بالكفر يجعل‬
‫مرتدا فيـ ق تَل‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أنه بمنـزلة والديه‪ ،‬فيكون مرتدا‪ .‬وعلّلوا ذلك بأنه يحكم للولد بحكم‬
‫والديه‪ .‬إال أنهم قالوا‪ :‬ال يـقتَل ما لم يبلغ‪ ،‬فإذا بلغ استتيب فإن تاب وإال قتل‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أنه كالكافر األصلي؛ ألنه متولد من أبوين كافرين كالمتولد بين‬
‫كافرين أصليين‪ ،‬فعلى هذا إذا بلغ الولد ولم يسلم يلتحق بالمستأمن‪ ،‬وإذا وقع في األسر‬
‫يقران‬ ‫ِّ‬
‫يمن عليه وأن يفاديَه‪ ،‬ويجوز استرقاقه والهدنة معه بخالف األبوين ال ّ‬ ‫يجوز لإلمام أن ّ‬
‫باالسترقاق والهدنة؛ لتركهما اإلسالم بعد اإلقرار به(‪.)1‬‬
‫وأرجح هذه األقوال ـ والله أعلم ـ الثالث‪ :‬أنه كالكافر األصلي؛ وذلك ألنه لم‬
‫الردة‪ ،‬ولم يكن مسلما حتى يقال أنه ارت ّد‪ ،‬وال يعامل بجريرة والديه؛ لآلية‪ :‬ﯟ ﯠ‬ ‫يباشر ّ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣﯤ [فاطر‪ . ]08 :‬وال يحكم بإسالمه‪ ،‬ألن الحكم بالتبعية يكون لديانة‬
‫الوالدين حال الوالدة‪.‬‬
‫وعليه يؤمر بالنطق بالشهادتين إذا أراد الدخول في اإلسالم‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬أن الذي يجزي عن التلفظ بشهادة التوحيد ويـثبت حكم اإلسالم‬
‫المواظبة على الصلوات الخمس؛ فمن رؤي يصلي الصالة في وقتها حتى صلى صلو ٍ‬
‫ات‬
‫كثيرة ولم يعلم عنه إقرار باللسان من قبل يحكم عليه باإلسالم‪ ،‬وتجرى عليه أحكامه‬
‫ومتعلقاته من حقوق وواجبات لورود النص في ذلك‪.‬‬
‫قال ‪« :‬من صلى صالتنا واستقبل قبلتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا‪ ،‬فذلك المسلم له ذمة‬
‫الله وذمة رسوله ‪.)2(»‬‬
‫وأيضا جاء في الحديث عنه ‪« :‬إني نهيت عن قتل المصلين»(‪.)3‬‬

‫)‪ )1‬انظر‪ :‬التهذيب للبغوي (‪.)191/9‬‬


‫)‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الصالة‪ ،‬باب فضل استقبال القبلة‪ ،‬يستقبل بأطراف رجليه القبلة (جـ‪ )008/0‬ح‬
‫(‪.)190‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب‪ :‬باب اإلمساك عن اإلغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع‬
‫فيهم األذان (‪ )188/0‬حديث رقم (‪.)181‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ولما رأى رجلين اعتزال في المسجد ولم يصليا مع جماعة المسلمين قال منكرا‬
‫عليهما‪« :‬ألستما مسلمين؟»(‪ .)1‬مما يدل على أن فعل الصالة مما يحكم به على إسالم‬
‫الشخص‪.‬‬
‫وأيضا جاء في سيرته ـ عليه الصالة والسالم ـ أنه كان يَغِّير عند صالة الصبح‪ ،‬فإذا‬
‫سمع آذانا أمسك(‪.)2‬‬
‫قال القرطبي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬اإليمان ال يكون إال بال إله إال الله دون غيره من‬
‫األقوال واألفعال إال الصالة‪ .‬قال إسحاق بن راهوية‪ :‬ولقد أجمعوا في الصالة على شيء لم‬
‫يجمعوا عليه في سائر الشرائع؛ ألنهم بأجمعهم قالوا‪ :‬من عرف بالكفر ثم رأوه يصلي‬
‫الصالة في وقتها حتى صلى صلوات كثيرة‪ ،‬ولم يعلموا منه إقرار باللسان أنه يحكم له‬
‫باإليمان‪ ،‬ولم يحكموا له في الصوم والزكاة بمثل ذلك))(‪ .)3‬اهـ‪.‬‬
‫وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وإذا صلّى الكافر حكم بإسالمه‪ ،‬سواء كان في دار‬
‫الحرب‪ ،‬أو دار اإلسالم‪ ،‬أو صلى جماعة أو إفرادا‪ ...‬وأما سائر األركان من الزكاة والصيام‬
‫والحج‪ ،‬فال يحكم بإسالمه به(‪ ،)4‬فإن المشركين كانوا يحجون في عهد رسول الله ‪،‬‬
‫حتى منعهم النبي ‪ ،‬فقال‪« :‬ال يحج بعد العام مشرك»‪ .‬والزكاة صدقة‪ ،‬وهم يتصدقون‪.‬‬
‫وقد ف ِّرض على نصارى بني تغلب من الزكاة ِّمثـلَي ما يؤخذ من المسلمين‪ ،‬ولم يصيروا بذلك‬
‫بفعل‪ ،‬إنما هو إمساك عن‬‫مسلمين‪ ،‬وأما الصيام فلكل أهل دين صيام‪ ،‬وألن الصيام ليس ٍ‬
‫أفعال مخصوصة في وقت مخصوص‪ ،‬وقد يتفق هذا من الكافر‪ ،‬كاتفاقه من المسلم‪ ،‬وال‬
‫عبرة بنية الصيام؛ ألنها أمر باطن‪ ،‬وال علم لنا به‪ ،‬بخالف الصالة‪ ،‬فإنها أفعال تتميّز عن‬
‫أفعال الكفار‪ ،‬ويختص بها أهل اإلسالم‪ ،‬وال يثبت اإلسالم حتى يأتي بصالة يتميّز بها عن‬
‫صالة الكفار‪ ،‬من استقبال قبلتنا‪ ،‬والركوع والسجود‪ ،‬وال يحصل بمجرد القيام؛ ألنهم‬
‫يقومون في صالتهم‪ .‬وال فرق بين األصلي والمرتد في هذا؛ ألن ما حصل به اإلسالم في‬

‫(‪ )1‬بهذا اللفظ أخرجه البيهقي في السنن (‪.)111/1‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد‪ ،‬باب المكر في الحرب (‪ )11/1‬ح (‪ ،)1111‬وأبو يعلى في المسند‬
‫(‪ ،)10/1‬وابن حبان في صحيحه (‪ )10/00‬ح (‪.)1151‬‬
‫)‪ )3‬الجامع ألحكام القرآن (‪.)111/1‬‬
‫)‪ )4‬كذا في األصل‪ ،‬ولعل صوابه (بها)‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫األصلي حصل به في حق المرتد كالشهادتين‪ .‬فعلى هذا لو مات المرتد فأقام ورثته بينة أنه‬
‫صلى بعد ردته‪ ،‬حكم لهم بالميراث إال أن يثبت أنه ارتد بعد صالته أو تكون ردته بجحد‬
‫فريضة‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬أو نبي‪ ،‬أو ملك‪ ،‬أو نحو ذلك من البدع التي ينتسب أهلها إلى‬
‫اإلسالم‪ ،‬فإنه ال يحكم بإسالمه بصالته‪ ،‬ألنه يعتقد وجوب الصالة‪ ،‬ويفعلها مع كفره‪،‬‬
‫فأشبه فِّعله غيرها‪ .‬والله أعلم))(‪ .)1‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وبعض أهل العلم فرق بين ما لو صلى في دار اإلسالم أو صلى في دار‬
‫الحرب في الحكم بإسالمه‪ ،‬فقال‪ :‬لو صلى في دار الحرب يحكم بإسالمه بخالف ما لو‬
‫صلى في دار اإلسالم؛ فال يحكم بإسالمه‪ ،‬ألنها في دار الحرب ال تكون إال عن اعتقاد‪،‬‬
‫وفي دار اإلسالم قد تكون للتقية والرياء(‪.)2‬‬
‫واألول أظهر‪ ،‬ألن احتمال التقية في دار الحرب أكبر من احتمالها في دار‬
‫اإلسالم‪ ،‬كما أن العبرة بما ظهر لنا من حاله‪ ،‬وال سبيل إلى معرفة ما في قلبه من المخادعة‬
‫والتقية‪.‬‬
‫وهذا كله فيمن علمنا كفره‪ .‬أما من لم نعلم كفره وال إسالمه‪ ،‬ولكن أظهر شعار اإلسالم‬
‫وجب أن يعامل بمقتضى ما أظهر؛ كتحية اإلسالم‪ ،‬أو التسمي بأسماء المسلمين أو اآلذان في‬
‫قوم‪ ،‬فإن أظهر أنه كان كافرا لم يجعل بما أظهر مرتدا‪ ،‬بل هو على كفره األصلي ألنه لم يدخل‬
‫في اإلسالم بذلك‪ .‬وإنما عاملناه بما أظهر من القرائن بخالف الشهادتين والوالدة ألب أو أم‬
‫مسلمين أو الصالة فإنه إن ادعى أنه لم يرد اإلسالم لم يقبل منه‪ ،‬ويصير مرتدا‪.‬‬
‫ودليل المعاملة بالقرائن ما رواه أنس ـ رضي الله عنه ـ قال‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬إذا‬
‫غزا قوما لم يغز حتى يصبح‪ ،‬فإذا سمع آذانا أمسك وإن لم يسمع آذانا أغار بعدما‬
‫يصبح(‪ .)3‬وأيضا ما جاء عن ابن عباس في تفسير قول الله تعالى‪ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ [النساء‪ .]91 :‬أنه قال‪ :‬كان رجل في غنـي َم ٍة له‪ ،‬فلحقه المسلمون‪ .‬فقال‪:‬‬
‫السالم عليكم‪ ،‬فقتلوه وأخذوا غنَيمته‪ ،‬فأنزل الله في ذلك‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬

‫)‪ )1‬المغني (‪ 191/01‬ـ ‪.)190‬‬


‫(‪ )2‬روضة الطالبين (‪ ،)78/10‬والمصدر السابق (‪.)920/19‬‬
‫)‪ )3‬تقدم تخريجه قريبا‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫النطق واإلقرار بال إله إال الله هل ُيعدّ من شروطها؟ ومأخذ من لم َي ُعدُّ ه في ُّ‬
‫الشروط‬

‫ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ [النساء‪.)2()))1(]91 :‬‬
‫ولهذا كان اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ يرى أن المقتول بدار الحرب يستدل على‬
‫إسالمه بالختان والثياب كما أن النصراني يستدل عليه بالزنار(‪ ،)3‬واليهودي بالعسلي(‪.)4‬‬
‫قال ابن مفلح بعد أن نقل كالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ هذا‪(( :‬فثبت أن للسيما‬
‫حكما في هذه المواضع‪ ،‬في باب الحكم باإلسالم والكفر))(‪.)5‬‬
‫هذا ما يتعلّق بهذا المبحث‪ ،‬وهناك بعض المسائل المتعلقة بثبوت إسالم الكافر؛‬
‫كشهادة الكافر على ابنه الصغير بأنه مسلم‪ ،‬وشهادة المسلم على الكافر بكونه مسلما‪،‬‬
‫ف له به ـ‬ ‫وكتلفظ المكره ـ غير المرتد ـ بالشهادتين‪ ،‬وكإسالم الكافر على ٍ‬
‫شرط لم يـ َو ّ‬
‫أضربت عنها الذكر لكونها ال تعلّ َق لها بما نحن بصدده‪ ،‬فمن أرادها فمحلّها كتب الفقه‪.‬‬

‫‪( ،‬جـ‪)101/1‬‬ ‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫)‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن‪ ،‬باب‪:‬‬


‫حديث رقم (‪.)1590‬‬
‫)‪ )2‬مغني المريد (‪.)811/1‬‬
‫)‪ )3‬الزنار ما يلبسه الذمي يشده على وسطه‪ ،‬كالحزام‪[ .‬تهذيب اللغة (‪.])089/01‬‬
‫)‪ )4‬العسلي هو ثوب بلون العسل‪ .‬وهو من ثياب اليهود‪ .‬انظر‪ :‬المغني البن قدامة (‪ ،)188/9‬والمعجم الوسيط‬
‫(‪.)110/1‬‬
‫والعسلي صار أيضا من شعار النصارى ألزموا به في زمن المتوكل على الله‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪.)11/01‬‬
‫)‪ )5‬الفروع البن مفلح (‪.)018/1‬‬
‫‪632‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الباب الثاني‪ :‬شرطا العلم واليقين‪.‬‬


‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط العلم‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اليقين‪.‬‬
‫‪632‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط العلم‪.‬‬


‫وتحته سبعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف العلم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العلم بمعنى الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬العلم بالمشهود له‪ ،‬وهو الله تعالى‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬من زعم أن العلم بالمشهود له كافياً لصحة اإليمان من المرجئة مع‬
‫بيان شبههم ونقدها‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬زيادة العلم بشهادة أن ال إله إال الله وأثره في تكميل شهادة أن ال‬
‫إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬ما يُضا ّد شرط العلم أو ينافيه‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬المخالفون في شرط العلم من أهل القبلة‪.‬‬
‫‪632‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط العلم‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫العلم بمعنى ال إله إال اللهه نهش وه شه وه أن إ ال إلهه إال اللهه ششرهه اوهن ا ه ه إ‬
‫الش أن نع الج ل شالشك ال تعنب شال تنفع؛ يكوإ الشأهد ه شالحألة هذه ه كأذبهأ؛ لج لهه‬
‫بمعنههى الههذب و ه د بههه‪ .‬شالمطلههوي هها الش ه أن المنجيههة اليههدإ شذلههك ال كههوإ إال نههع‬
‫العلم بألمعنى‪.‬‬
‫قأل الوز بو المظف (‪ )1‬ا ((اإل يأح))‪(( :‬قوله "و أن إ ال إله إال الله" قنضا‬
‫إ كوإ الشأهد عألمأ بأإ ال إله إال الله كمأ قأل الله عز شرل‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ [نحمد‪ .]91 :‬ش نبغا إ كوإ النأ ق ب أ وأهدا ي أ قد قأل الله عز شرل نأ‬
‫شضح به إ الشأهد بألحق إذا لم كش عألمأ بمأ و د به إنه غي بألغ نش اليدإ به نع‬
‫نش و د نش ذلك بمأ علمه ا قوله تعألى‪ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [الزخ ف‪.)2())]22 :‬‬
‫ش نأ الحد ث عش و ه العلم و ا سبعة نبأحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف العلم لغة واصطالحاً ‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف العلم لغة‪.‬‬
‫العلم ا اللغة نيدر َعلِم َه ْعلم ِعلمأ شهو نقيض الج ل‪.‬‬
‫قأل ابش أرس‪(( :‬العيش شالالم شالميم صل صحيح دل على ث بألشاء نميز به‬
‫نعلمأ خالف الم ْج َ ل‪ ...‬شالعلم نقيض الج ل))(‪.)3‬‬‫عش غي ه‪ ....‬قأل‪ :‬شكل واء ْ‬
‫شقأل األزه ب‪(( :‬شالعلم نقيض الج ل‪ ...‬قأل‪ :‬ش جوز إ تقول‪ :‬علمت الشاء‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬حيى بش نحمد بش هبي بش سعد بش الحسش نش شلد سفيأإ بش ثعلبة شلد ا ربيع اآلخ سنة تسع‬
‫شتسعيش ش ربعمأئة بألدشرقية نش عمأل نريل شنخل بغدان وأبأ شق الق اإ بأل شا أت على رمأعة شسمع‬
‫الحد ث على القأضا بى الحسيش ابش الف اء لف شصنف ا المذهب الحنبلا‪ .‬نش نؤلفأته‪ :‬كنأي اإل يأح‬
‫عش نعأنا اليحأح ا عد نجلدات شهو و ح اليحيحيش شكنأي المقنيد ا النحو شله اخنيأر على‬
‫كنأي المنطق البش السكيت‪ .‬تو ا سنة سنيش شخمسمأئة‪ .‬انظ ‪ :‬المقيد األرود (‪ 902/3‬ه ‪ )990‬شكشف‬
‫الظنوإ (‪.)936/9‬‬
‫(‪ )2‬نقال عش تيسي العز ز الحميد (ص‪ .)75 :‬شانظ ‪ :‬ق عيوإ الموحد ش (ص‪.)12 :‬‬
‫)‪ )3‬نعجم نقأ يس اللغة (‪ 901/4‬ه ‪ .)990‬بأي العيش شالالم شنأ للثل مأ‪.‬‬
‫‪631‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شخبَه ْته))(‪.)1‬‬
‫بمعنى َعَ نه َ‬
‫شقأل ابش ننظور‪(( :‬شعلمت الشاء ْعلَمه ِع ْلمأ‪ :‬ع نه‪ .‬قأل ابش ب ب(‪ :)2‬شتقول َعلِ َم‬
‫ِ‬
‫سأن العلمأءَ شالفق أء))(‪ .)3‬انن ى‪.‬‬
‫شعلم شَهقه ب َ‬ ‫َشَقه ب تعلَّم شتفقه َ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف العلم في االصطالح‪:‬‬
‫العلم لوضوحه ننع بعض هل العلم نش ح ثِده شنش هؤالء ابش الع با ه رحمه الله ه؛ قد‬
‫نك على نش تي ثدى لنع ف العلم شقأل‪(( :‬هو بيش نش إ بيثش))(‪.)4‬‬
‫قأل الحأ ظ ابش حج ه رحمه الله ه‪(( :‬شهذه قة الغزالا شويخه اإلنأم(‪ )5‬إ العلم‬
‫ال َح ثد؛ لوضوحه(‪ )6‬ش لعس ه(‪.)8()))7‬‬
‫شلكش بأل غم نش ذلك قد ارن د بعض هل العلم ا شضع ح ثد للعلم؛ ألإ نش‬
‫الواضح نأ قد خفى شال سيمأ إذا َ َشأ الج ل شاسنشَى‪.‬‬
‫ِ (‪)9‬‬ ‫ِ‬
‫المنأنل ا تعأر ف هل العلم للعلم جد ن أ لم تسلم نش اعن اضأت المنكلثميش‬ ‫ش ث‬
‫جأن ح ثد للعلم كوإ رأنعأ نأنعأ َسلم نش تلك‬ ‫شغي هم‪ .‬شقد حأشل بعض هل العلم إ َ‬
‫االعن اضأت شنش هؤالء اإلنأم الشوكأنا ه رحمه الله ه حيث قأل ا ((إروأن الفحول)) بعد‬

‫)‪ )1‬ت ذ ب الغة (‪ 494/2‬ه ‪.)491‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬بو نحمد عبد الله بش ب ب بش عبد الجبأر بش ب ب المقدسا ثم المي ب النحوب الشأ عا كأإ بأرعأ ا النحو‬
‫شالع بية تيدر بجأنع ني للع بية شتخ ج به ئمة شقيد نش اآل أإ‪ .‬رشى عنه عبد الغنا المقدسا شابش المفضل‬
‫شغي همأ نأت ا ووال سنة اثننيش شثمأنيش شخمس نئة‪ .‬انظ ‪ :‬سي عالم النبالء (‪ 231/21‬ه ‪.)235‬‬
‫)‪ )3‬لسأإ الع ي (‪.)179/1‬‬
‫)‪ )4‬عأرضة األحوذب ا و ح سنش الن نذب (ره‪.)994/90‬‬
‫)‪ )5‬عنا إنأم الح نيش‪ .‬انظ ‪ :‬بجد العلوم (‪ 22/9‬ه ‪.)27‬‬
‫إ شضوحه نغش عش تع فه‪ .‬شبعض م قول‪ :‬ألنه ض شرب‪ .‬انظ ‪ :‬و ح الكوكب‬ ‫)‪ )6‬نأ كونه ال حد لوضوحه‬
‫المني (‪.)20/9‬‬
‫)‪ )7‬نأ كونه ال حد لعس ه لمأ قأله بعض هل العلم نش إ تع فه سنلزم علمأ سأبقأ حد به شهذا العلم السأبق سنلزم علمأ‬
‫سبق ننه شهكذا‪ ...‬يلزم نش ذلك الدشر شالنسلسل شهو ن عس ‪ .‬ش بسبب عس تيوره بحقيقنه؛ إذ ال حيل إال‬
‫بنظ نقيق لخفأئه‪ .‬انظ ‪ :‬المحلى على رمع الجوانع (‪.)951/9‬‬
‫)‪ )8‬نح البأرب (‪ .)940/9‬شانظ ‪ :‬اإلحكأم لآلندب (‪ )91/9‬شالمواقف لإل جا (‪.)59/9‬‬
‫)‪ )9‬شقد كل المنكلموإ نش حد العلم بمأ ال أئل تحنه شكل عَّ ه بنأء على اعنقأنه ا علم الله تعألى‪ .‬شذلك‬
‫حنى ال دخل عليه بمأ نقض صله ا علم الله تعألى‪.‬‬
‫‪640‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إ انه لنعأر ف هل العلم شاالعن اضأت علي أ‪(( :‬شاألشلى عندب إ قأل ا تحد ده‪ :‬هو صفة‬
‫نكشف ب أ المطلوي انكشأ أ تأنأ شهذا ال َِن عليه واء نمأ تقدم ندبَّ ))(‪ )1‬انن ى‪.‬‬
‫شنش الحدشن المأنعة الجأنعة ضأ قول بعض م‪ :‬العلم هو اعنقأن الشاء على نأ هو‬
‫قيد ((عش ض شر (‪ )3‬ش اسندالل))(‪ )4‬شذلك حنى خ ج‬ ‫(‪)2‬‬
‫به ه ب‪ :‬ا الواقع ‪ .‬شالبعض زان عليه َ‬
‫به النقليد المطأبق للواقع(‪.)5‬‬
‫شقد نك هذه الز أن بعض هل العلم؛ نن م ابش حزم الظأه ب ه رحمه الله ه شعلل‬
‫ذلك‪ :‬بأإ العلم قد حيل بغي هذ ش الط قيش(‪.)6‬‬
‫إال إ ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه بيَّش إ النهزاع بين م لفظا ألإ الض شرب ا‬
‫اصطالح كل هل العلم تدخل تحنه نواع ننعدن شذلك بخالف نأ اه البعض ا نعنى‬
‫الض شرب؛ للنأس اصطالحأت ننعدن ا نعنى الض شرب نش لم ع أ جعل بين م نزاعأ‬
‫نعنو أ شليس كذلك(‪.)7‬‬
‫قلت‪ :‬شالبعض عبِث عش العلم‪ :‬بإنراك الشاء بحقيقنه(‪.)8‬‬
‫هذا نحيل قوال هل العلم المعنب ا ح ثد العلم؛ شهنأك قوال خ ى ا ح ثده‬

‫)‪ )1‬إروأن الفحول (‪.)59/9‬‬


‫)‪ )2‬بجد العلوم (‪.)27/9‬‬
‫)‪ )3‬الض شرب ش الض شر اسم لميدر االضط ار ش صله نش الض ر شهو الضيق ألض شر نشقة نش الض ر شهو‬
‫النأزل نمأ ال ند ع له شتطلق على نأ ال فنق إلى نظ شاسندالل حيث تع ه العأنة شعلى نأ ك ه إليه شعلى‬
‫نأ تدعو الحأرة إليه نعأء قو أ‪ .‬انظ ‪ :‬ل ذه المعأنا‪ :‬القأنوس المحيط (‪ )907/2‬بأي ال اء ه يل الضأن‬
‫شلسأإ الع ي (‪ )42/4‬نأن (ض ر) شالنع فأت للج رأنا (ص‪ )914 :‬شالنم يد للبأقالنا (ص‪ 22 :‬ه‬
‫‪.)27‬‬
‫شالم ان بألض شرب هنأ نأ ال فنق إلى نظ ش اسندالل‪.‬‬
‫)‪ )4‬انظ ‪ :‬نح البأرب (‪.)152 159/91‬‬
‫)‪ )5‬نفس بجد العلوم (‪.)27/9‬‬
‫)‪ )6‬انظ ‪ :‬الفيل ا الملل شالنحل (‪.)72/4‬‬
‫)‪)7‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪.)421/7‬‬
‫)‪ )8‬المف نات لل اغب (ص‪.)540 :‬‬
‫‪649‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شألن أ لم تسلم نش االعن اضأت ع ضت عش ذك هأ(‪.)1‬‬


‫نأ المع ة ا اصطالح هل العلم ا‪ :‬إنراك الشاء بنف ثك شتدب ألث ه؛ شها‬
‫(‪)2‬‬
‫لمسمى شاحد شنن م نش‬
‫خص نش العلم ‪ .‬شنش العلمأء نش جعل العلم شالمع ة اسميش ث‬
‫خألف بين مأ يقول‪ :‬بأ ثإ المع ة تكوإ نسبوقة بنسيأإ بعد علم بخالف العلم شلذلك‬
‫سمى الله تعألى بألعألم نشإ العأرف(‪.)3‬‬
‫ث‬
‫قأل ابش القيم ه رحمه الله ه ا توضيح هذا الف إ‪ (( :‬إ "المع ة" ه ا الغألب ه تكوإ‬
‫لمأ غأي عش القلب بعد إنراكه إذا نركه قيل ع ه ش تكوإ لمأ شصف له بيفأت‬
‫قأنت ا نفسه إذا رآه شعلم نه الموصوف ب أ قيل‪ :‬ع ه قأل الله تعألى‪ :‬ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ [ ونس‪ ]44 :‬شقأل تعألى‪ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭩ [ وسف‪ ]42:‬شقأل‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ [البق ‪.]942 :‬‬
‫لمأ كأنت صفأته نعلونة عندهم شه‪ :‬ع وه بنلك اليفأت‪ .‬ش ا الحد ث اليحيح‪« :‬إإ‬
‫الله تعألى قول آلخ هل الجنة نخوال تع ف الزنأإ الذب كنت يه؟ يقول‪ :‬نعم‪ .‬يقول‪:‬‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫تمش ينمنى على ربه»‪ .‬شقأل تعألى‪ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫َّ‬
‫ﭥ ﭦ [البق ‪.]21 :‬‬
‫ألمع ة تشبه الذك للشاء شهو حضور نأ كأإ غأئبأ عش الذك شل ذا كأإ ضد‬
‫المع ة‪ :‬اإلنكأر شضد العلم‪ :‬الج ل‪ .‬قأل تعألى‪ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [النحل‪]23 :‬‬
‫ش قأل‪ :‬ع ف الحق أقث به‪ .‬شع ه أنك ه))(‪ )4‬اهه‪.‬‬
‫شهنأك شإ خ ى بيش "العلم" ش"المع ة" ذك هأ ابش القيم ه رحمه الله ه ا "ندارج‬
‫السألكيش"‪ .‬نن أ‪ :‬إ عل المع ة قع على نفعول شاحد‪ .‬تقول‪ :‬ع ت الدار شع ت‬
‫ز دا‪ .‬قأل تعألى‪ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭩ [ وسف‪ .]42 :‬شقأل‪ :‬ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ [البق ‪]942 :‬‬

‫)‪ )1‬لمع ة هذه النع فأت شاالعن اضأت علي أ انظ ‪ :‬الب هأإ للجو نا (‪ 995/9‬ه ‪ )921‬شاإلحكأم لآلندب‬
‫(‪ 91/9‬ه ‪ )94‬ش بجد العلوم (‪ 22/9‬ه ‪ )19‬شالمواقف لإل جا (‪ 47/9‬ه ‪ )51‬شو ح المقأصد لسعد الد ش‬
‫النفنأزانا (‪ )97/9‬شكشف الظنوإ للقسطنطينا (‪ 1/9‬ه ‪.)4‬‬
‫)‪ )2‬المف نات لل اغب ص‪.)520(/‬‬
‫)‪ )3‬انظ ‪ :‬الحدشن األنيقة (‪ 22/9‬ه ‪ )27‬شالنعأرف ص‪ )222(/‬شالنع فأت ص‪ 241/‬شالمف نات (ص‪ 520 :‬ه ‪.)529‬‬
‫)‪ )4‬ندارج السألكيش (‪.)112/1‬‬
‫‪646‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫[الممنحنة‪ ]90:‬شإإ شقع على‬ ‫ش عل العلم قنضا نفعوليش؛ كقوله تعألى‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫نفعول شاحد كأإ بمعنى المع ة؛ كقوله‪ :‬ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ [األنفأل‪.]20 :‬‬
‫شهذا إ لفظا‪.‬‬
‫شنش الف شإ المعنو ة‪ :‬إ "المع ة" تفيد تمييز المع شف عش غي ه ش"العلم" فيد‬
‫تمييز نأ وصف به عش غي ه‪.‬‬
‫شنش الف شإ ضأ‪ :‬إ «المع ة» تنعلق بمع ة الذشات شالعلم نعلق بحأل هذه‬
‫الذشات ال بمع ن أ؛ إذا قلت علمت ز دا لم فد المخأ ب ويئأ ألنه ننظ بعد إ‬
‫قلت‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ك مأ ش وجأعأ حيلت له الفأئد شإذا َ‬ ‫تخب ه على ب حأل علمنَه‪ .‬إذا َ‬
‫ع ت ز دا اسنفأن المخأ ب نك ثبنه شنيثزته عش غي ه شلم بق نننظ ا لشاء آخ ‪ .‬شهذا‬
‫الف إ ا النحقيق إ ضأح للف إ الذب قبله‪.‬‬
‫شنش الف شإ ضأ‪ :‬إ «المع ة» علم بعيش الشاء نفيال عمأ سواه بخالف‬
‫«العلم» إنه قد نعلق بألشاء نجمال(‪.)1‬‬
‫عل ل ذا الف إ عبث هل العلم به((و ه العلم)) شلم عبِث شا به((و ه المع ة))؛‬
‫قلت‪ :‬شل ث‬
‫ألإ المقيون بألعلم الذب هو و ه ا كلمة النوحيد ه كمأ سيأتا ه العلم الج َملا ال‬
‫النفييلا‪.‬‬
‫نأ بقية الف شإ ألذب ظ ن أ ال ث ل أ يمأ نحش بيدنه؛ إذ المطلوي حيول‬
‫العلم بمعنى كلمة النوحيد بأب ق؛ شال نشأحة بعد ذلك ا تسمية الوسيلة إليه علمأ ش‬
‫نع ة‪ .‬شالله تعألى علم‪.‬‬

‫)‪ )1‬نفس الميدر (‪ 115/1‬ه ‪ )117‬بني ف سي ردا‪.‬‬


‫‪643‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العلم بمعنى الشهادة‪ ،‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬


‫المطلب األول‪ :‬معنى العلم الذي يُع ّد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله ُّ‬
‫وحده‪:‬‬
‫العلم الذب ع ثد و أ ا و أن إ ال إله إال الله هو العلم بمعنأهأ الم ان نن أ نفيأ‬
‫شإثبأتأ العلم المنأ ا للج ل بأصول أ شنقنضيأت أ(‪ )1‬شقد تقدم الكالم على نعنى نف نات‬
‫كلمة الش أن بمأ غنى عش إعأنته هنأ‪ .‬شالمقيون هنأ بيأإ القدر نش العلم بمعنأهأ الذب‬
‫شنَه ليحن أ؛ شقد تقدم نه العلم بأصل نعنأهأ نفيأ شإثبأتأ‪.‬‬
‫شصفة هذا العلم‪ :‬إ علم العبد بقلبه إ الله تعألى هو اإلله الحق المسنحق ألإ‬
‫عبد شال ش ك نعه حد ا عبأنته العلم المنحقق بأالسنسالم لله بألنوحيد شاالنقيأن له‬
‫بألطأعة شالخلوص نش الش ك(‪.)2‬‬
‫نضمش ربعة صول عظيمة‪:‬‬ ‫شهذا العلم ث‬
‫األصل األول‪ :‬العلم بألمش ون له(‪ )3‬شهو الله ‪.‬‬
‫شالمقيون بألعلم هنأ ليس نج ن العلم شاالعن اف بأل بوبية شلكش العلم المورب‬
‫للخضوع لله شت ك االسن أنة به ألإ هذا العلم هو الذب قون ل صل اللأنا شهو العلم‬
‫بألمش ون به‪.‬‬
‫قول اإلنأم الم شزب(‪ )4‬ه رحمه الله ه ‪(( :‬شإنمأ المع ة النا ها إ مأإ ها نع ة‬
‫تعظيم الله شرالله شهيبنه‪ ...‬إذا كأإ كذلك و المي ثِدإ الذب ال جد نحييأ عش‬
‫اإلرالل شالخضوع لله بأل بوبية شال تطأشعه نفسه شال يفو لنفسه ر بة الكف ألإ النية‬
‫ا الكف اسن أنة بأل ي شاالسن أنة ضد النعظيم شاإلرالل شال يبة إذا عظمت نع نه‬
‫تعظيم قدره لم تبح نفسه بنية الكف شلو قطع عضأؤه‪ ...‬بذلك ثبت إ اإل مأإ ورب‬
‫اإلرالل لله شالنعظيم له شالخوف ننه شالنسأرع إليه بألطأعة على قدر نأ شرب ا القلب‬
‫ا عظيم المع ة شقدر المع شف))(‪.)5‬‬

‫)‪ )1‬انظ ‪ :‬نح المجيد (ص‪ )22:‬شنعأرج القبول للحكما (‪.)491/2‬‬


‫)‪ )2‬انظ ‪ :‬الدرر السنية (‪.)105/2‬‬
‫(‪ )3‬ب ب بوبينه ش سمأئه شصفأته إال نه ا بأي العلم بأسمأئه شصفأته كفا العلم اإلرمألا كمأ سيأتا‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬نحمد بش ني الم شزب اإلنأم الحأ ظ تقدم‪.‬‬
‫(‪ )5‬تعظيم قدر اليال (‪ 557/1‬ه ‪.)551‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫رل شعال ه شحده للعبأن نشإ سواه الذب‬ ‫األصل الثاني‪ :‬العلم بألمش ون به شهو اسنحقأإ الله ه ث‬
‫هو نعنى الش أن شهو نلزشم األصل األشل كمأ تقدم‪.‬‬
‫األصل الثالث‪ :‬العلم بيدإ ال سول ‪ ‬ألإ العلم بمعنى الش أن إنمأ رأء نش ق‬
‫ال سول ‪ ‬مش اعنقد هذا المعنى قد صدَّإ ال سول ‪ ‬يمأ رأء به‪.‬‬
‫صل هذه الكلمة نش الش ك ألنه حأ ظ ل صل اللأنا‬ ‫األصل الرابع‪ :‬العلم بمأ نأ ا َ‬
‫شهو اإلثبأت ا كلمة الش أن ‪.‬‬
‫قأل الشيخ عبد ال حمش المعلما ه رحمه الله ه‪(( :‬شهذا العلم نبنا على إ كلمة النوحيد‬
‫نسنلزنة لجميع العقأئد ا اليفأت شغي هأ نمأ ال جب العلم به تفييال شال ن تب عليه‬
‫عمل ب‪ :‬بألنسبة إلى نأ تسنلزنه كفا العلم اإلرمألا ش نأ بألنسبة إلى نعنأهأ المطأبق‬
‫ال بد نش العلم النحقيقا شالله علم))(‪ .)1‬اهه‪.‬‬
‫ش نأ نقدار هذا العلم‪ :‬و نحقق بألقدر الذب ميِثز العبد به بيش ربِثه شبيش سأئ‬
‫اآلل ة البأ لة شذلك ا الورون(‪ )2‬شاالسنحقأإ(‪)3‬؛ يكوإ نفثِقأ ا علمه شقيده شو أنته‬
‫شإرانته شنع نه شنحبنه بيش الخألق شالمخلوإ؛ بحيث كوإ عألمأ بألله ذاك ا له عأر أ‬
‫به ش نه تعألى نبأ ش لخلقه ننف ن عن م بألوهينه ش عأله شصفأته ليحقق نعنى النفا شاإلثبأت‬
‫ا كلمة الش أن (‪.)4‬‬
‫ذه المع ة ها النا نحقق ب أ اإل مأإ المجمل شتجعل صأحب أ ا سالنة نش‬
‫ريش نش اإل مأإ شتخ ره نش حد الج ل ب بِثه شنأ جب له(‪.)5‬‬ ‫الكف شالش ك المخ ْ‬
‫شهذا القدر نش العلم هو الذب يبح به العبد نسلمأ إذا قده لم يدإ عليه نه‬
‫نسلم بل هو كأ صلا شلذا و شن ه حأل قول أ‪.‬‬

‫)‪ )1‬ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص‪ )59 :‬بني ف سي ‪ .‬شانظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪ )192/1‬شنرء‬
‫النعأرض (‪.)59/9‬‬
‫(‪ )2‬ب تميٌّز الورون شهو المبأ نة بيش الخألق شالمخلوإ‪.‬‬
‫)‪ )3‬ب‪ :‬اسنحقأإ العبأن شبطالإ عبأن غي ه‪.‬‬
‫)‪ )4‬انظ ‪ :‬الدرر السنية (‪ )105/2‬شنعنقد هل السنة شالجمأعة ا توحيد األسمأء شاليفأت للدكنور نحمد بش‬
‫خليفة النميما (ص‪.)91 :‬‬
‫(‪ )5‬نعنقد هل السنة شالجمأعة ا توحيد األسمأء شاليفأت للدكنور نحمد بش خليفة النميما (ص‪.)91 :‬‬
‫شانظ ‪ :‬ر ع االونبأه (ص‪.)59 :‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شهذا ال عنا إ غي ه نش العلم ال شن ه ا صحة الش أن شلكش المقيون إ‬


‫هذا القدر نش العلم ال يح اإلسالم ابنداء إال به(‪.)1‬‬
‫قول الشيخ سليمأإ بش عبد الله آل الشيخ ا همية هذا العلم ه ب‪ :‬اإلرمألا ه‬
‫شلزشنينه السنحقأإ اسم اإلسالم‪(( :‬شال ر ب نه لو قأل أ حد نش المشكيش شنطق ضأ‬
‫بش أن إ نحمدا رسول الله شلم ع ف نعنى اإلله شال نعنى ال سول شصلَّى شصأم شحج شال‬
‫درب نأ ذلك إال نه رى النأس فعلونه نأبع م شلم فعل ويئأ نش الش ك إنه ال شك حد‬
‫ا عدم إسالنه))(‪.)2‬‬
‫شقأل ال بطا(‪ )3‬ه رحمه الله ه‪(( :‬شقد رمع العلمأء على إ م أ ه عنا ال إله إال‬
‫الله ه شارب على كل شاحد شرأهل نعنأهأ بحيث ال ميِثز بيش الله شال سول هو كأ‬
‫بإرمأع هل المعقول شالمنقول))(‪. .)4‬هه‪.‬‬
‫شقد وأر إلى هذا العلم الج َملا لكلمة الش أن ضأ الق با(‪ )5‬ه رحمه الله ه‪:‬‬
‫حيث قأل ا و ح حد ث‪« :‬نش نأت شهو علم نه ال إله إال الله نخل الجنة»(‪:)6‬‬
‫((حقيقة العلم ها شضوح ن نأ شانكشأ ه على غأ نه؛ بحيث ال بقى له بعد ذلك غأ ة ا‬
‫الوضوح شال وك ا إ نش كأنت نع نه بألله تعألى شرسوله كذلك كأإ ا على‬

‫(‪ )1‬سيأتا ا نسألة العذر بألج ل إ هذا العلم ال عذر بألج ل به بخالف العلم بنفأصيل توحيد العبأن قد‬
‫عذر بألج ل به بش شه شضوابط سنأتا‪ .‬شلذا إإ العلم النفييلا بمسأئل توحيد العبأن قد يح إسالم الم ء‬
‫شلو نع الج ل به بدليل قية ذات نواه كمأ سيأتا‪.‬‬
‫شلذا مكش القول بأإ العلم النفييلا بمعنى ال إله إال الله و ه نع العلم بخالف القدر اإلرمألا نش العلم ب أ‬
‫و و ه نطلقأ ه ب‪ :‬ا حأل العلم شالج ل‪.‬‬
‫)‪ )2‬تيسي العز ز الحميد (ص‪.)20:‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬نحمد عبد الله بش نحمد الين أرا تقدم‪.‬‬
‫)‪ )4‬رسأئل النوحيد شال يللة (ص‪.)57 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬حمد بش عم بش إب اهيم بش عم األنيأرب الق با بو العبأس المألكا المع شف بأبش المز ش نؤلف‬
‫المف م نأت ا ذب القعد سنة ست شخمسيش شسنمأئة بأإلسكندر ة‪ .‬شنولده سنة (‪ )755‬هه‪ .‬سمع ننه‬
‫الش ف الدنيأ ا‪ .‬انظ ‪ :‬الد بأج المذهب ا نع ة عيأإ المذهب البش حوإ (‪ 142/2‬ه ‪ )141‬شذ ل‬
‫النقييد (‪.)312/2‬‬
‫(‪ )6‬سبق تخ جه ا (ص‪.)252 :‬‬
‫‪642‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫نررأت الجنة شها حألة النبييش شاليد قيش شال لزم يمش لم كش كذلك ال دخل‬
‫وك يه شال ر ب نخل الجنة‬ ‫شصدإ به تيد قأ رأزنأ ال َّ‬ ‫الجنة‪ :‬إإ نش اعنقد الحق َّ‬
‫كمأ قدننأه))(‪. .)1‬هه‪.‬‬
‫قوله ه رحمه الله ه‪ (( :‬مش اعنقد الحق شصدإ به‪....‬إلخ)) يه إوأر إلى العلم‬
‫المجمل الذب هو و ه ا الش أنتيش ألنه قل نأ لزم ا انعقأنهمأ‪.‬‬
‫شقد بيش ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه شره االكنفأء بألعلم الجملا ا صحة اإل مأإ‬
‫نشإ النفييلا قأل‪ (( :‬إإ ذلك ه عنا العلم النفييلا ه ناخل ا تبليغ نأ بعث الله به‬
‫رسوله شناخل ا تدب الق آإ شعقله ش مه شعلم الكنأي شالحكمة شحفظ الذك‬
‫شالدعأء إلى الخي شاألن بألمع شف شالن ا عش المنك شالدعأء إلى سبيل ال ي بألحكمة‬
‫شالموعظة الحسنة شالمجأنلة بألنا ها حسش شنحو ذلك نمأ شربه الله على المؤننيش؛‬
‫ذا شارب على الكفأ ة نن م‪ .‬ش نأ نأ شرب على عيأن م ذا ننوع بننوع قدرهم‬
‫شحأرن م شنع ن م شنأ ن به عيأن م ال جب على العأرز عش سمأع بعض العلم ش‬
‫عش م نقيقه نأ جب على القأنر على ذلك ش جب على نش سمع النيوص ش م أ نش‬
‫علم النفييل نأ ال جب على نش لم سمع أ ش جب على المفنا شالمح ثِدث ش ِ‬
‫المجأنل‬
‫نأ ال جب على نش ليس كذلك))(‪ )2‬انن ى‪.‬‬
‫العلم بورون الله تعألى شاإلق ار له بأل بوبية حسب ه كمأ مه‬
‫شليس الم ان ب ذا العلم َ‬
‫المنكلموإ ه؛ ذا القدر نش العلم ط ب ض شرب شن ك ا العلم به رميع الخالئق شلذا لم تقع‬
‫الخيونة يه بيش ال سل ش قوان م كمأ قأل تعألى‪ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ (‪[ .)3‬العنكبوت‪.)4(]29 :‬‬
‫شلكش المقيون ه كمأ تقدم ه إ ع ف العبد ربثه ه سبحأنه شتعألى ه بأسمأئه الحسنى‬

‫)‪ )1‬المف م لمأ وكل نش صحيح نسلم (‪.)917/9‬‬


‫(‪ )2‬نرء النعأرض (‪ 72/2‬ه ‪.)71‬‬
‫ﰊﰊﰊ‬ ‫(‪ )3‬شلذا لم ن به النكليف شإنمأ شرن بمع ة النوحيد شنفا الش ك كمأ قأل تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ‬
‫[الذار أت‪ .]71:‬شقأل ‪ « :‬ن ت‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫ﰊ [نحمد‪ ]21 :‬شقأل تعألى‪:‬‬
‫إ قأتل النأس حنى قولوا‪ :‬ال إله إال الله؛ إذا قألوهأ‪ »...‬الحد ث‪ .‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪.)312/2‬‬
‫)‪ )4‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪.)114/7‬‬
‫‪642‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شصفأته العلى نع ة صحيحة تمكنه نش النمييز بينه شبيش سأئ المعبونات األخ ى شنش نع ة‬
‫حقه شحق غي ه نش المورونات األخ ى حنى ال ي ف حق الله لغي ه ذه المع ة ها‬
‫الموربة للخضوع لله شاالعن اف له بأأللوهية‪.‬‬
‫إال إ هذه المع ة غي كأ ية بمف نهأ ا حيول صل اإل مأإ إال إ نضم‬
‫إلي أ العمل بمقنضأهأ‪.‬‬
‫قأل البقأعا(‪ )1‬ه رحمه الله ه‪"(( :‬ال إله إال الله" ب‪ :‬اننفأء عظيمأ إ كوإ نعبون‬
‫بحق غي الملك األعظم إإ هذا العلم هو عظم الذك ى المنجية نش هوال السأعة‬
‫شإنمأ كوإ علمأ إذا كأإ نأ عأ شإنمأ كوإ نأ عأ إذا كأإ نع اإلذعأإ شالعمل بمأ‬
‫تقنضيه شإال و ر ل ص ف))(‪.)2‬‬
‫شب ذا نبيش إ العلم الجملا الذب هو و ه ا و أن إ ال إله إال الله نضمش‪:‬‬
‫صل توحيد ال بوبية(‪ )3‬ش صل توحيد األسمأء شاليفأت ش صل توحيد األلوهية(‪.)4‬‬
‫ش نأ العلم النفييلا بألله تعألى(‪ )5‬شنف نات توحيده و قدر زائد عش العلم الذب‬
‫المفيلة ألنواع النوحيد اللالثة شنأ رأء ا‬
‫ث‬ ‫يح به اإلسالم ابنداء شهو حيل بألدراسة‬
‫ذلك نش آ أت الق آإ الك م ش حأن ث سيد الم سليش شتفسي هأ اللأبت عش اليحأبة‬
‫شالنأبعيش شنحوهم(‪.)7()6‬‬
‫شالجد بألذك هنأ إ الم ان بألعلم هنأ‪ :‬العلم الذب قوم بألقلب ليس النعبيَ عنه‪.‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬إب اهيم بش عم بش حسش ال بأه الخ بأشب البقأعا الشأ عا نز ل القأه ثم ننشق عألم ن ب ث‬
‫نفس‬
‫ثِ‬
‫شنؤرخ‪ .‬تفقه على النقا الحينا شالش ف السبكا تو ا سنة (‪ )445‬هه‪ .‬انظ ‪ :‬الضوء الالنع‬ ‫نح ثِدث‬
‫(‪ 909/9‬ه ‪ )999‬شنعجم المؤلفيش (‪.)41/9‬‬
‫)‪ )2‬نقال عش نح المجيد (‪ 20‬ه‪.)29‬‬
‫(‪ )3‬شها نأ سمي أ هل العلم بكأئز ال بوبية اللالث‪ 2 :‬ه الخلق ‪ 1‬ه الم ْلك ‪ 3‬ه الندبي ‪.‬‬
‫)‪ )4‬صل توحيد األلوهية‪ :‬هو العلم بأإ الله تعألى هو المسنحق للعبأن ش إ عبأن نش سواه بأ لة‪.‬‬
‫(‪ )5‬العلم النفييلا بألله تعألى الم ان به هنأ العلم النفييلا بأ عأل ربوبينه ش سمأئه شصفأته لحد ث‪(( :‬لئش قدر الله‬
‫علا)) كمأ سيأتا ا نسألة العذر بألج ل‪.‬‬
‫)‪ )6‬انظ ‪ :‬األصف أنية (‪ )295/9‬شاألنلأل القيأسية المض شبة لإل مأإ بألله (‪.)224/9‬‬
‫)‪ )7‬انظ ‪ :‬األسبأي الجألبة ل ذه المع ة ا نبحث األسبأي المقنضية للنفأضل بيش النأس ا المع ة بألش أن النا‬
‫ا قلوب م (ص‪ 124 :‬ه ‪.)122‬‬
‫‪642‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ش ا هذا اليدن قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪(( :‬شنعلوم إ العلم ليس هو‬
‫الكالم؛ شل ذا قأل‪ :‬العلم علمأإ؛ علم ا القلب شعلم ا اللسأإ‪ .‬علم القلب هو العلم‬
‫النأ ع شعلم اللسأإ هو حجة الله على عبأنه‪ .‬شقد رشب ذلك عش الحسش عش النبا ‪‬‬
‫ن سال شقد قيل‪ :‬إنه نش كالم الحسش‪ .‬شهو ق ي))(‪ .)1‬انن ى‪.‬‬
‫شهل قأل إ هذا العلم بمعنى الش أن القأئم بألقلب انفعألا(‪ )2‬ش علا(‪)3‬؟ هذا‬
‫خنلف بأخنالف األوخأص؛ مش النأس نش كوإ هذا العلم قأئدا له إلى الفعل يكوإ‬
‫ا حقه علمأ ِ ْعلَيأ‪ .‬شنش النأس نش كوإ هذا العلم ال تأثي له ا شرون المعلوم؛ كحأل‬
‫المشكيش األشائل ش ض اب م نمش موا حقيقة هذه الكلمة شلكش َر َحدشا نعنأهأ شلم‬
‫عملوا بمقنضأهأ‪ :‬يكوإ العلم ا حق م انفعأليأ ليس عليأ‪.‬‬
‫شخالصة القول‪ :‬إ الم ان بش ه العلم العلم الج َملا بال إله إال الله شال كفا‬
‫النيور شاإلنراك بل ال بد نش عقد القلب نع االنقيأن شذلك إ العلم علمأإ(‪ :)4‬علم‬ ‫نجَّن ث‬
‫نظ ب نع ا قط كألعلم بمورونات العألم شعلم عملا بمعنى نه ال نم هذا العلم إال‬
‫بألعمل به كألعلم بسأئ العبأنات شنن أ الش أنتأإ(‪.)5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األدلة على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة التوحيد‪.‬‬
‫العلم بمعنى ال إله إال الله عظم نطلوي لبه الله ه سبحأنه شتعألى ه نش العبأن‪ .‬قأل‬
‫ﰊ ﰊﰊ‬ ‫تعألى نخأ بأ نبيه ‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد‪.]91 :‬‬
‫)‪ )1‬نرء النعأرض (‪.)451 /7‬‬
‫(‪ )2‬العلم االنفعألا هو العلم النأبع للمعلوم الذب ال تأثي له يه؛ كعلمنأ بألله ش سمأئه شصفأته ه إإ هذا العلم ليس نؤث ا‬
‫ا شرون المعلوم بأتفأإ هل العلم ه شكعلمنأ بألمورونات السأبقة ش المنعلِثقة بألغي إإ هذا العلم ال ؤث ا المعلوم‬
‫شال هو الش ه يه‪ .‬انظ ‪ :‬نجموع نأشى ابش تيمية (‪ )240/4‬شنفنأح نار السعأن (‪ 194/9‬ه ‪.)195‬‬
‫(‪ )3‬العلم الفعلا هو ِع ْلم الفأعل المخنأر لمأ د إ فعله شهو نوقف على إران الفأعل الموقو ة على تيوره‬
‫الم ان شعلمه به يكوإ له تأثي ا شرون المعلوم؛ كعلمنأ بمأ دعونأ إلى الفعل ش ع نأ صفنه شقدره؛ إإ األ عأل‬
‫االخنيأر ة ال تيدر إال نمش له وعور شعلم إإ اإلران نش ش ة بألعلم‪ .‬انظ ‪ :‬الميدر السأبق (‪)240/4‬‬
‫شنفنأح نار السعأن (‪.)194/9‬‬
‫(‪ )4‬المف نات لل اغب (ص‪.)540 :‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬هذا النلخيص ا نن ج هل السنة شنن ج األوأع ا توحيد الله (‪.)71/9‬‬
‫‪641‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ششره كونه عظم نطلوي نه نعلق بألعلم بألله ه سبحأنه شتعألى ه شهو المش ون له‪.‬‬
‫شبحقه األعظم شهو توحيده شإ انه بألعبأن الذب هو نعنى الش أن ؛ شو ف العلم ه كمأ‬
‫قيل ه بش ف المعلوم‪.‬‬
‫شلمأ كأإ العلم بال إله إال الله ب ذه الملأبة شالمنزلة كأإ و أ ا و أن النوحيد ال‬
‫إله إال الله ال تيح الش أن إال به‪.‬‬
‫شاألصل ا اون ا ه ليحة النوحيد نليل الكنأي شنليل السنة شنليل اإلرمأع‬
‫شالعقل‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬دليل الكتاب على اشتراط العلم بال إله إال الله لصحة التوحيد‪.‬‬
‫تنوعت نلة الق آإ الك م على اون اه العلم بال إله إال الله ليحة النوحيد شهذه‬
‫األنلة على نوعيش‪:‬‬
‫النوع األشل‪ :‬نلة عأنة ي أ الداللة على ضل العلم ش هله ش ن م هم هل توحيده‬
‫ش أعنه‪:‬‬
‫شنش تلك األنلة‪ :‬قوله تعألى‪ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮪﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [األنعأم‪.]40:‬‬
‫ِ‬
‫قأل قنأن ه رحمه الله ه ا تفسي هأ‪(( :‬األعمى‪ :‬الكأ الذب قد َعما عش ِث‬
‫حق الله‬
‫وحد الله شحده شعمل‬ ‫ش ن ه شنِ َع ِمه عليه شالبيي ‪ :‬العبد المؤنش الذب بي بي نأ عأ َّ‬
‫بطأعة ربه شاننفع بمأ تأه الله))(‪ .)1‬اهه‪.‬‬
‫شنن أ‪ :‬قوله تعألى‪ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال عد‪.]92:‬‬ ‫ﮡ ﮢ ﭩﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫قأل ابش ر ا تفسي هأ‪ (( :‬قول تعألى ذك ه لنبيه نحمد ‪ :‬قل أ نحمد ل ؤالء‬
‫المشكيش الذ ش عبدشا نش نشإ الله الذب بيده نفع م شض هم نأ ال نفع شال ضث ‪ :‬هل‬
‫ي ويئأ شال ندب لمحجة سلك أ إال بأإ ه ْ َدى شالبيي‬ ‫سنوب األعمى الذب ال هب ِ‬
‫ْ‬
‫وك لغي نسنو ْيش قول‪:‬‬ ‫الذب دب األعمى لمحجة الط ق الذب ال بي ه إن مأ ال َّ‬
‫)‪ ) 1‬شرنه ابش ر الطب ب ا تفسي ه رأنع البيأإ (‪.)257/1‬‬
‫‪640‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أ‬ ‫كذلك ال سنوب المؤنش الذب بي الحق ينبعه ش ع ف ال دى يسلكه؛ ش ننم‬


‫المشكوإ الذ ش ال تع وإ َّ‬
‫حقأ شال تني شإ رودا))(‪ )1‬اهه‪.‬‬
‫شقأل األلوسا ه رحمه الله ه‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ الذب هو المش ك الجأهل‬
‫بألعبأن شنسنحق أ ﮔ الذب هو العألم بذلك‪ .‬شإلى هذا ذهب نجأهد))(‪.)2‬‬
‫شنن أ ضأ قوله تعألى‪ :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ [ أ ‪.]62:‬‬
‫قأل األلوسا ه رحمه الله ه ا تفسي هأ‪(( :‬شتقد م المفعول ألإ المقيون بيأإ‬
‫الخأوعيش شاإلخبأر بأن م العلمأء خأصة نشإ غي هم شلو خ لكأإ المقيون بيأإ‬
‫المخشا شاإلخبأر بأنه الله تعألى نشإ غي ه كمأ ا قوله ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [األحزاي‪]31:‬‬
‫شالمقأم ال قنضيه بل قنضا األشل ليكوإ تع ضأ بألمْن َذ ِر ش الميثِ ش على الكف شالعنأن‬
‫ش ن م ر الء بألله تعألى شبيفأته شلذلك ال خشوإ الله تعألى شال خأ وإ عقأبه))(‪ .)3‬هه‪.‬‬
‫شنن أ قوله تعألى‪ :‬ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯾ ﯿ ﰊ [الزن ‪.]1:‬‬ ‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ‬
‫فا هذه اآل أت اإلوأر إلى ضيلة العلم ش ضل هله ش ن م هم الم ندشإ لنوحيده‬
‫ش أعنه ش ي أ كذلك النع ض بألمشكيش ش ن م هل ر ل ال علم ل م؛ إذ لو كأنوا عألميش‬
‫لمأ وكوا بألله ري العألميش ألإ العلم هو كألقأئد إلى النوحيد شالم ود إلى سواء الط ق‬
‫شقد صثح الله تعألى بنفا العلم عش المشكيش شذلك ا آ أت كلي نن أ ه على سبيل‬
‫الملأل ه قوله تعألى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ [المأئد ‪ ]904:‬شقوله‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [ وسف‪ ]40:‬شقوله‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﯽﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[األنبيأء‪ ]64:‬شقوله‪ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪﮭ ﮮ ﮯ‬

‫)‪ )1‬رأنع البيأإ (‪.)414/91‬‬


‫)‪ )2‬رشح المعأنا (‪.)929/7‬‬
‫)‪ )3‬رشح المعأنا (‪.)121/99‬‬
‫‪649‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ﮇ‬ ‫ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ [النمل‪ ]29:‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬


‫ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ [العنكبوت‪ ]49:‬شقوله‪ :‬ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ‬ ‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ‬
‫[ال شم‪.]30:‬‬
‫تأنل كيف اتفقت هذه اآل أت على نفا العلم عش المشكيش ش ا ذلك عظم‬
‫ناللة على نكأنة العلم شننهزلنه نش النوحيد شاإل مأإ ش إ نسلوي العلم بش أن النوحيد‬
‫دخل ا رملة هل الش ك شالكف اإ‪.‬‬
‫شال َِ ِِن هنأ إ المشكيش كأنوا عألميش بمعنى ال إله إال الله؛ شذلك ألإ علم م قد‬
‫ﭻ ﭼ‬ ‫اقن إ به النكذ ب شاإلنكأر ه كمأ ا قوله تعألى‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ‬
‫ﭽﭾ (‪ )1‬ه لم عنب ؛ ألإ حقيقة العلم ه كمأ تقدم ه ها نع ة المعلوم نع اعنقأنه شتيد قه‬
‫شالقيأم بلوازم ذلك نش االنقيأن شالعمل؛ شهو نننف ا حق م‪ .‬شالله تعألى علم‪.‬‬
‫ش قأل‪ :‬إ العلم المنفا عش المشكيش العلم النأم المورب للعمل‪.‬‬
‫ش ا هذا قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪ (( :‬إإ ذلك ه عنا العلم النأم ه سنلزم‬
‫العمل بموربه ال نحألة؛ شل ذا قأل لمش لم عمل بعلمه نه رأهل))(‪.)2‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬نلة خأصة نش الق آإ ي أ الداللة على إ العلم و ه ا و أن‬
‫النوحيد ال إله إال الله‪:‬‬
‫شنش هذه األنلة‪:‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫‪ 9‬ه قوله تعألى‪ :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ‬
‫[الزخ ف‪.]22 :‬‬
‫قوله‪(( :‬و د بألحق)) ب بال إله إال الله ﯭ ﯮ ب علموإ بقلوب م نعنى نأ‬
‫نطقوا به بألسنن م(‪.)1‬‬

‫)‪ )1‬سور ص‪ :‬آ ة (‪.)5‬‬


‫شها رواي حكأه الله تعألى عش المشكيش لمأ ن هم النبا ‪ ‬إ قولوا ال إله إال الله‪ .‬شالحد ث خ ره‬
‫حمد ا المسند (‪ )122/9‬شالضيأء ا المخنأر (‪ )110/90‬شابش حبأإ ا صحيحه (‪)40/95‬‬
‫شالبي قا ا السنش (‪ ) 944/1‬ش بو على ا المسند (‪ 455/4‬ه ‪ )452‬شالنسأئا ا الكب ى (‪.)442/2‬‬
‫)‪ )2‬نجموع الفنأشى (‪ .)24/7‬شانظ ‪ :‬نفس الميدر (‪.)511/7‬‬
‫‪646‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ششره الداللة نش اآل ة ظأه على اون اه العلم بمعنى ال إله إال الله ليحة النوحيد‬
‫شهو‪ :‬إ الله تعألى قيثد الش أن بألعلم بألمش ون به ليهْنهنَه َفع بألشفأعة شالشفأعة إنمأ تنفع‬
‫هل النوحيد شهم هل ال إله إال الله كمأ ا حد ث با ه ش يه سؤاله النبا ‪ :‬نش‬
‫سعد النأس بشفأعنك وم القيأنة؟ قأل‪« :‬نش قأل ال إله إال الله نخليأ نش قلبه»(‪.)2‬‬
‫شهذا الوره نش اآل ة على اون اه العلم ليحة الش أن شرن ا كالم بعض‬
‫المفس ش‪:‬‬
‫قول ويخ المفس ش ابش ر الطب ب ه رحمه الله ه‪(( :‬اخنلف هل النأش ل ا‬
‫ذلك؛ قأل بعض م‪ :‬نعنى ذلك‪ :‬شال ملك عيسى شعز شالمالئكة الذ ش عبدشهم(‪ )3‬هؤالء‬
‫المشكوإ بألله الشفأعة عند الله ألحد ﯩ ﯪ ﯫﯬ عنا به عندهم‪ :‬إال نش و د‬
‫ِ‬
‫شصحة نأ رأءت به‬ ‫وحد الله رل شعز ش أعه على علم ننه ش قيش بنوحيد الله‬ ‫ِث‬
‫بألحق ث‬
‫رسله‪.‬‬
‫الحق))‪ .‬ثم قأل‪:‬‬
‫ثم سند نحوه عش نجأهد‪ :‬ش يه ((إال لمش و د بألحق شهو علم َّ‬
‫((شقأل آخ شإ‪ :‬عنِا بذلك‪ :‬شال تملك اآلل ة النا دعوهأ المشكوإ ش عبدشن أ نش نشإ‬
‫الله الشفأعة إال عيسى شعز شذششهمأ شالمالئكة الذ ش و دشا بألحق أق شا به شهم‬
‫علموإ حقيقة نأ و دشا به‪.‬‬
‫ثم سند نحوه عش قنأن ثم قأل‪(( :‬ش ْشلى األقوال ا ذلك بأليواي إ قأل‪ :‬إإ الله ه‬
‫تعألى ذك ه ه خب نه ال ملك الذ ش عبدهم المشكوإ نش نشإ الله الشفأعة عنده ألحد‬
‫إال نش و د بألحق شو أنته ِث‬
‫بألحق هو إق اره بنوحيد الله شإنمأ عنا بذلك‪ :‬إال نش آنش‬
‫بألله شهم علموإ حقيقة توحيده))(‪ .)4‬انن ى الم ان نقله نش كالنه رحمه الله‪.‬‬
‫شقأل الق با ه رحمه الله ه‪(( :‬قوله تعألى‪ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ دل على‬
‫نعنيش‪:‬‬
‫حدهمأ‪ :‬إ الش أن بألحق غي نأ عة إال بألعلم ش إ النقليد ال غنا نع عدم العلم‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫=)‪ )1‬انظ ‪ :‬نعألم الننهز ل (‪ )224/7‬شنعأرج القبول للحكما (‪ ) 491/2‬ش عالم السنة المنشور (ص‪.)17 :‬‬
‫)‪ )2‬خ ره البخأرب ا كنأي العلم بأي الح ص على العلم (ره‪ )14/9‬ح (‪.)11‬‬
‫(‪ )3‬كذا ا األصل شلعل اليواي ( عبدهم)‪.‬‬
‫)‪ )4‬رأنع البيأإ (‪ 229/20‬ه ‪ .)222‬شانظ ‪ :‬ر ع االونبأه (ص‪ 12 :‬ه ‪.)11‬‬
‫‪643‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫اللأنا‪ :‬إ و ه سأئ الش أنات ا الحقوإ شغي هأ إ كوإ الشأهد عألمأ ب أ‪.‬‬
‫شنحوه نأ رشب عش النبا ‪« :‬إذا ر ت نلل الشمس أو د شإال دع»(‪. .)2()))1‬هه‪.‬‬
‫ش قول األلوسا ه رحمه الله ه‪ (( :‬ﯩ ﯪ ﯫﯬ الذب هو النوحيد‪ .‬ﯭ ﯮ ب‬
‫علمونه شالجملة ا نوضع حأل شقهيثد ب أ ألإ الش أن عش غي علم بألمش ون به ال‬
‫عول علي أ))(‪. .)3‬هه‪.‬‬
‫ث‬
‫نخلص نمأ سبق ذك ه إلى إ اآل ة الك مة أنت إ العلم بمعنى الش أن و ه‬
‫ا نفع أ؛ مش تلفظ ب أ شهو ال ع ف نعنأهأ شنقنضأهأ إن أ ال تنفعه ألنه لم عنقد نأ‬
‫نلثت عليه يكوإ كأل أذب شالمجنوإ الذب نكلم بكالم ال ف مه‪.‬‬
‫قأل القأضا عيأض ه رحمه الله ه‪(( :‬شنذهب هل السنة إ المع ة ن تبطة‬
‫بألش أنتيش ال تنفع إحداهمأ شال تنجا نش النأر نشإ األخ ى))(‪. .)4‬هه‪.‬‬
‫‪ 6‬ه شنش األنلة ضأ على اون اه العلم ليحة الش أن ‪ :‬قوله تعألى ‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد‪ :‬نش اآل ة‪.]91‬‬
‫فا هذه اآل ة الك مة ن الله تعألى نبيثه الك م ‪ ‬بألعلم شالخطأي شإإ كأإ‬
‫للنبا ‪ ‬و نننأشل ألننه شذلك بط ق األشلى؛ ألإ العلم بألنوحيد ا حقه ‪ ‬إنمأ هو‬
‫للنأكيد‪ .‬شالمعنى‪ :‬اثبت على نأ نت عليه نش العلم بوحدانية الله ششروي تف نه بألعبأن ؛‬
‫شذلك ألإ النبا ‪ ‬قد كأإ عألمأ بأنه ال إله إال الله قبل هذا؛ و خشى النأس ش تقأهم‬
‫لله ش علم م به‪ .‬ش نأ األن بألعلم بألنوحيد ا حق ننه و للنأسيس‪ .‬شنعنأه‪ :‬الدعو إلى‬
‫النوحيد شإ ان الله بألعبأن ؛ شذلك ألإ نش ننه نش ج ل النوحيد؛ شالنأسيس ه كمأ هو‬
‫نعلوم ه شلى نش النأكيد(‪.)5‬‬
‫ششره الداللة نش اآل ة على اون اه العلم بمعنى ال إله إال الله ليحة الش أن ‪ :‬إ‬
‫القول ال عنب إال بألعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬سبق تخ جه ا (ص‪.)12 :‬‬


‫)‪ )2‬حكأم الق آإ (ره‪ .)921/92‬شانظ ‪ :‬حكأم الق آإ للجيأص (‪ )225/5‬شزان المسي (‪.)114/7‬‬
‫)‪ )3‬رشح المعأنا (‪.)902/91‬‬
‫)‪ )4‬إكمأل المعلم بفوائد نسلم (‪.)251/9‬‬
‫)‪ )5‬انظ ‪ :‬نعألم الننهز ل للبغوب (‪ ) 245/7‬ش نح القد للشوكأنا (‪.)52/5‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫قأل اإلنأم البخأرب ه رحمه الله ه ا رأنعه‪ :‬بأي العلم قبل القول شالعمل لقول الله‬
‫تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ بد بألعلم(‪.)1‬‬
‫قأل الحأ ظ ابش حج ه رحمه الله ه‪(( :‬قوله‪« :‬بأي العلم قبل القول شالعمل» قأل ابش‬
‫المني ‪ :‬ران به إ العلم و ه ا صحة القول شالعمل ال عنب اإ إال به و ننقدم علي مأ‬
‫ألنه نيحح للنية الميححة للعمل‪ .‬نبه المينف على ذلك حنى ال سبق إلى الذهش نش‬
‫قول م‪« :‬إإ العلم ال نفع إال بألعمل» ت و ش ن العلم شالنسأهل ا لبه))(‪ .)2‬انن ى‪.‬‬
‫شلذا كأإ لزانأ على كل نسلم إ جن د ا نع ة نعنى و أن النوحيد ال إله‬
‫إال الله ش عمل بمقنضى ذلك ألإ ذلك هو النوحيد الذب هو حق الله على رميع‬
‫العبيد؛ رله خلق م شللقيأم به شردهم كمأ قأل تعألى‪ :‬ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫[الذار أت‪.]42 :‬‬
‫‪ 3‬ه شنش األنلة ضأ الدالة على اون اه العلم ليحة الش أن قوله تعألى‪ :‬ﮢ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [هون‪.]94 :‬‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫شره الداللة نش اآل ة كسأبقن أ ي أ األن بوروي نع ة الله ش نه المسنحق للعبأن‬
‫نشإ حد سواه‪.‬‬
‫قأل البي قا ه رحمه الله ه‪(( :‬بأي شل نأ جب على العأقل البألغ نع نه شاإلق ار به))‬

‫ذك هذه اآل ة شالنا قبل أ ثم ضأف‪ (( :‬ورب ب ذه اآل ة نع ة الله تعألى شعلمه))(‪ .)3‬اهه‪.‬‬
‫‪ 4‬ه شنش األنلة ضأ على اون اه العلم ليحة الش أن ‪ :‬قوله تعألى‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫[آل عم اإ‪:‬‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫ﮢ ﭩ‬
‫‪.)4(]92‬‬
‫شره الداللة نش اآل ة‪ :‬إ الله ه تبأرك شتعألى ه ق إ و أنته على نفسه بأأللوهية‬
‫بش أن شلا العلم له بذلك؛ شو أن الله تعألى على نفسه بأإلل ية حق شصدإ لبت إ‬
‫و أن هل العلم حق شصدإ؛ شنأ ذاك إال ألن أ صأنر عش علم نطأبق لحقيقة الش أن‬

‫)‪ )1‬صحيح البخأرب (ره‪ )21/9‬بأي رقم (‪.)99‬‬


‫)‪ )2‬نح البأرب (‪.)920/9‬‬
‫)‪ )3‬االعنقأن للبي قا (ص‪ )15 :‬نع تي ف سي ‪.‬‬
‫)‪ )4‬انظ ‪ :‬نعأرج القبول للحكما (‪.)491/2‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بدليل شصف "العلم" ا اآل ة‪ .‬يلزم نش ذلك إ و أن الجأهل بمعنى الش أن ال تكوإ‬
‫كذلك‪.‬‬
‫ش قأل‪ :‬إ الله ه تبأرك شتعألى ه ثبت صحة و أن هل العلم له بأأللوهية شنأ‬
‫ذاك إال ليدشرهأ عش علم بمعنى الش أن بدليل شصف "العلم" ا اآل ة يلزم نش ذلك إ‬
‫و أن الجأهل بمعنى الش أن ال تكوإ صحيحة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أدلة السنة على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة التوحيد‪:‬‬
‫نلة السنة على اون اه العلم بمعنى الش أن ليحة النوحيد كلي ‪ .‬شنن أ‪:‬‬
‫‪ 9‬ه قوله ‪« :‬نش نأت شهو علم نه ال إله إال الله نخل الجنة» (‪.)1‬‬
‫شره الداللة ننه‪ :‬إ النبا ‪ ‬رتب نخول الجنة على العلم بال إله إال الله شالعلم‬
‫ب أ ال نفع إال نع القول؛ نحيل إذإ إ العلم ب أ و ه ا نفع قول أ‪.‬‬
‫ششره آخ ‪ :‬إ قوله ‪« :‬شهو علم» نوضع حأل شالمعنى‪ :‬حأل كونه علم؛‬
‫ش ه لدخول الجنة إ موت حأل كونه عألمأ بمعنأهأ ه ب بمعنى ال إله إال الله‪.‬‬
‫قأل القأضا عيأض ه رحمه الله ه عند و ح هذا الحد ث‪(( :‬شنذهب هل السنة إ‬
‫المع ة ن تبطة بألش أنتيش ال تنفع إحداهمأ شال تنجا نش النأر نشإ األخ ى))(‪ .)2‬اهه‪.‬‬
‫‪ 6‬ه شنش نلة السنة ضأ الدالة على اون اه العلم ليحة النطق بألش أن ‪ :‬األحأن ث النا‬
‫شرن ي أ لفظ الش أن ؛ كقوله ‪« :‬نش و د إ ال إله إال الله ش إ نحمدا عبده شرسوله‬
‫حَّم الله عليه النأر»(‪ .)3‬شقوله‪« :‬نش و د إ ال إله إال الله شحده ال و ك له ش إ نحمدا‬
‫عبده شرسوله ش إ عيسى عبد الله شرسوله شابش ََننَه شكلمنه لقأهأ إلى ن م شرشح ننه ش إ‬
‫الجنة حق ش إ النأر حق نخله الله الجنة على نأ كأإ نش العمل»(‪.)4‬‬
‫ششره الداللة نش هذه األحأن ث على اون اه العلم‪ :‬إ لفظ الش أن نقنضا للعلم‬
‫شنيش‪.‬‬
‫بمأ و د به؛ ألإ الش أن عش غي علم زشر ْ‬
‫)‪ )1‬خ ره نسلم ا صحيحه ا كنأي العلم (‪ )55/9‬رقم (‪.)41‬‬
‫)‪ )2‬إكمأل المعلم بفوائد نسلم (‪.)251/9‬‬
‫)‪ )3‬ب ذا اللفظ خ ره نسلم ا صحيحه (‪ )57/9‬ح (‪ )54‬ح (‪.)47‬‬
‫)‪ )4‬خ ره نسلم ا صحيحه (‪ )57/9‬ح (‪.)42‬‬
‫‪642‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫قأل الشيخ سليمأإ آل الشيخ ه رحمه الله ه‪(( :‬قوله‪« :‬نش و د إ ال اله إال الله»‬
‫ب‪ :‬نش تكلم ب ذه الكلمة عأر أ لمعنأهأ عأنال بمقنضأهأ بأ نأ شظأه ا كمأ نل عليه‬
‫قوله‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ شقوله‪ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ‪ .‬نأ النطق‬
‫ب أ نش غي نع ة لمعنأهأ شال عمل بمقنضأهأ إإ ذلك غي نأ ع بأإلرمأع ش ا‬
‫الحد ث نأ دل على هذا شهو قوله‪« :‬نش و د» إذ كيف ش د شهو ال علم شنج ن‬
‫النطق بشاء ال سمى و أن به))(‪.)1‬‬
‫شقأل ابش القيم ه رحمه الله ه‪ (( :‬إإ «الش أن » تنضمش كالم الشأهد شخب ه شقوله‪.‬‬
‫شتنضمش إعالنه شإخبأره شبيأنه‪ .‬ل أ ربع ن اتب‪ .‬أشل ن اتب أ‪ :‬علم شنع ة شاعنقأن‬
‫ليحة المش ون به شثبوته))(‪.)2‬‬
‫‪ 3‬ه شنش نلة السنة ضأ الدالة على اون اه العلم بمعنى الش أن ليحة النوحيد‪ :‬قوله‬
‫‪ ‬ألبا ه ‪ « :‬أ بأ ه ه قأل‪ :‬بو ه ‪ :‬ش عطأنا نعليه اذهب ه بنعلا هأتيش‬
‫مش لقيت نش شراء هذا الحأئط ش د إ ال إله إال الله نسنيقنأ ب أ قلبه بش ه‬
‫بألجنة»‪.‬‬
‫شره الداللة شاضح نش هذا الحد ث على اون اه العلم ليحة الش أن شهو‪ :‬إ‬
‫النبا ‪ ‬رتب نخول الجنة على قول ال إله إال الله بيقيش شاليقيش نقنضا للعلم؛ ألإ‬
‫اليقيش هو العلم ال اسخ اللأبت ا القلب كمأ سيأتا‪.‬‬
‫قأل ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪ (( :‬ال طلق الموقِش إال على نش اسنقث ا قلبه‬
‫العلم شالعمل))(‪ .)3‬اهه‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬داللة اإلجماع على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة التوحيد‪:‬‬
‫رمع العلمأء على إ الش أن ال تنفع قأئل أ إال نع العلم بمعنأهأ شالعمل‬
‫(‪)4‬‬
‫بمقنضأهأ شقد حكى هذا اإلرمأع غي شاحد؛ شنش هؤالء اآلر ب كمأ ا "الش عة"‬

‫)‪ )1‬تيسي العز ز الحميد (ص‪.)51 :‬‬


‫)‪ )2‬ندارج السألكيش (‪.)459/1‬‬
‫)‪ )3‬بيأإ تلبيس الج مية (‪.)525/9‬‬
‫)‪.)299/2( )4‬‬
‫‪642‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شالشيخ سليمأإ بش عبد الله آل الشيخ كمأ ا "تيسي العز ز الحميد"(‪ )1‬شكذلك عبد‬
‫ال حمش المعلما كمأ ا "ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله"(‪ )2‬شكذا غي هم‪.‬‬
‫شهو إرمأع قطعا ننحقق شال ض خالف هل البدع نش الك انية(‪ )3‬ألن م على غي‬
‫السبيل لمخألفن م للنيوص الظأه النا ال تحنمل النأش ل شالنا قد تقدم ذك ف نن أ‪.‬‬
‫قأل اآلر ب ه رحمه الله ه ‪(( :‬اعلموا ه رحمنأ الله شإ أكم ه إ الذب عليه علمأء‬
‫المسلميش‪ :‬إ اإل مأإ شارب على رميع الخلق شهو تيد ق بألقلب شإق ار بأللسأإ‬
‫شعمل بألجوارح‪.‬‬
‫ثم اعلموا نه ال تجزئ المع ة بألقلب شالنيد ق إال إ كوإ نعه اإل مأإ بأللسأإ‬
‫نطْقأ شال تجزئ نع ة بألقلب شنطق اللثسأإ حنى كوإ عمل بألجوارح إذا َكملَت يه هذه‬
‫نل على ذلك الق آإ شالسنة شقول علمأء اإلسالم))(‪ .)4‬اهه‪.‬‬ ‫الخيأل اللالث كأإ نؤننأ ث‬
‫رابعاً‪ :‬داللة العقل على اشتراط العلم بال إله إال الله لنفع قولها‪:‬‬
‫ش نأ ناللة العقل ظأه على إ و أن النوحيد ال إله إال الله ال تنفع إال نع العلم‬
‫بمعنأهأ؛ ألإ نش نطق بش أن إ ال إله إال الله شهو ال علم نعنى هذه الش أن ((قد جمع‬
‫نع االعن اف بال إله إال الله على الوره المذكور ه عنا الج ل بألمعنى ه االعن اف بمأ‬
‫نأقض نعنأهأ ه عنا‪ :‬الش ك شإنكأر حقيقة نعنأهأ ه عنا‪ :‬النوحيد‪ .‬شحينئذ لم حيل‬
‫له واء نش المقيون؛ شهو توحيد الله ‪ ‬شتنهز ه شالخضوع له شتعظيمه شنأ در نأ لعل‬
‫هذا ال رل لو علم حقيقة المعنى لمأ اعن ف به؛ شهل كذي المشكوإ رسل م إال لمجيئ م‬
‫بمأ خألف األهواء؟))(‪.)5‬‬
‫شعليه ال بد نش العلم ب أ حنى َ ْسلَم له عقدهأ‪.‬‬
‫كمأ إ المقيون نش القول االلنزام شالعمل شهو ال نفع إال نع العلم شلذا ذم الله‬
‫؛ ألن م عملوا شلم علموا‪.‬‬ ‫تعألى النيأرى ا قوله‪ :‬ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫)‪( )1‬ص‪.)51 :‬‬
‫)‪( )2‬ص‪.)14 :‬‬
‫)‪ )3‬الك انية تقدم ن م قولوإ‪ :‬إ اإل مأإ هو نج ن اإلق ار بألش أن تيش شال شن ه ليحنه العلم شالمع ة شسأئ‬
‫األعمأل القلبية األخ ى‪.‬‬
‫)‪ )4‬الش عة (‪.)299/2‬‬
‫(‪ )5‬ر ع االونبأه (ص‪ 42 :‬ه ‪ )41‬بأخنيأر‪.‬‬
‫‪642‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ش ضأ‪ (( :‬ألجأهل بمعنأهأ ال نم علمه بمضمون أ شال إ قأل و د ب أ شهو‬


‫علم شال سنطيع إ ج َزم بأنه عألم بمضمون أ ني ثِد إ به شال نه قول أ غي وأك يه‬
‫نسنيقنأ قلبه خأليأ نش قلبه ش نفسه صدقأ نش قلبه ‪ ...‬شال مكش إ قأل نه نسلثِم‬
‫بمضمون أ راض به))(‪.)1‬‬
‫ش ضأ‪ (( :‬أإل مأإ بمعنأهأ شاالنقيأن له ال نيور شال نحقق إال بعد العلم‪ .‬شالحكم‬
‫على الشاء ع عش تيوره إذا لم علم شلم نيور و كأل أذب شكألنأئم ش نلألِ مأ نمش‬
‫ال عقل نأ قول))(‪ .)2‬ال يح ننه إ مأإ‪.‬‬
‫شألإ الش أن نع الج ل شالشك ال تعنب شال تنفع يكوإ الشأهد ه شالحألة هذه ه‬
‫كأذبأ لج له بمعنى الذب و د به(‪.)3‬‬
‫شنش نلة العقل ضأ على اون اه العلم إ ال إله إال الله عمل صألح شالعمل ال‬
‫كوإ نقبوال إال إذا كأإ خأليأ لله صوابأ على السنة شال مكش العأنل نش اإلتيأإ بعمل‬
‫جمع هذ ش الوصفيش إال بألعلم؛ إنه إإ لم علم نأ رأء به ال سول لم مكنه قيده شإإ‬
‫لم ع ف نعبونه لم مكنه إرانته شحده؛ لوال العلم لمأ كأإ عمله نقبوال ألعلم هو الدليل‬
‫على اإلخالص شهو الدليل على المنأبعة(‪.)4‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار شرط العلم بمعنى ال إله إال الله‪.‬‬
‫بعد ذك اآل أت شاألحأن ث الدالة على اون اه العلم بال إله إال الله لنفع الش أن‬
‫كأإ نش المنأسب النعقيب بذك بعض قوال هل العلم نش السلف شغي هم ا اعنبأر و ه‬
‫العلم بألش أن ؛ شذلك ألإ نعنقد هل السنة قوم على نلة الكنأي شالسنة بف م سلف‬
‫األنة شكالم األئمة‪.‬‬
‫شقد رعلت قوال هؤالء األعالم ا اعنبأر و ه العلم على قسميش‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬أقوال للسلف وبعض المتقدمين من أهل العلم‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬أقوال لبعض المتأخرين‪.‬‬

‫)‪ )1‬نفس الميدر (‪.)12 15‬‬


‫(‪ )2‬نيبأح الظالم (ص‪ .)14 :‬شانظ ‪ :‬المعيأر المع ي (‪.)142/2‬‬
‫(‪ )3‬ق عيوإ الموحد ش (ص‪.)12 :‬‬
‫(‪ )4‬نفنأح نار السعأن (‪.)323/2‬‬
‫‪641‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أوالً‪ :‬أقوال السلف والمتقدمين من أهل العلم في اعتبار شرط العلم‪:‬‬


‫ﯹ ﯺ‬ ‫األثر األول‪ :‬قأل ابش عبأس ا تفسي قوله تعألى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫[إب اهيم‪(( :]64 :‬هذه وج ا الجنة صل أ ثأبت ا‬ ‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ‬
‫األرض ش ع أ عأل ا السمأء كذلك صل هذه الكلمة رارع ا قلب المؤنش بألمع ة‬
‫شالنيد ق شاإلخالص))(‪.)1‬‬
‫التعليق على األثر‪ :‬نل األث على إ المع ة و ه ليحة الش أن ششره ذلك إ‬
‫صل كلمة النوحيد "ال إله إال الله" ش صل‬
‫ابش عبأس رضا الله عن مأ رعل نع ة القلب َ‬
‫الشاء ناخل ا نأهينه ال يح الشاء إال به؛ شذلك شره الش ية‪.‬‬
‫األثر الثاني‪ :‬قأل الفضيل بش عيأض ه رحمه الله ه‪« :‬إإ هل اإلررأء قولوإ‪ :‬إإ‬
‫اإل مأإ قول بال عمل شتقول الج مية‪ :‬اإل مأإ المع ة بال قول شال عمل ش قول هل‬
‫السنة‪ :‬اإل مأإ المع ة شالقول شالعمل»(‪ .)2‬اهه‪.‬‬
‫التعليق على األثر‪ :‬فيد األث إ المع ة و ه ا صحة اإل مأإ‪ .‬ششره و يثن أ‪ :‬إ‬
‫حقيقة اإل مأإ عند هل السنة تنألف نش هذه األنور اللالثة‪ :‬نع ة القلب شقول اللسأإ شعمل‬
‫الجوارح دل ذلك على إ المع ة رزء ا حقيقة اإل مأإ؛ شالشاء إنمأ قوم بجميع رزائه‬
‫إذا اننفى رزؤه اننفى كل ثِه‪ .‬نحيل إذإ إ المع ة و ه ليحة اإل مأإ‪ .‬شالم ان بألمع ة‬
‫هنأ صل المع ة كمأ تقدم‪.‬‬
‫ششره آخ ‪ :‬شهو إرمأع م على إ اإل مأإ قول شعمل شاعنقأن ال جزب شاحد عش‬
‫اللالثة إال بأآلخ (‪ )3‬شنأ الش ه إال كذلك‪.‬‬
‫ثم إإ الم ان به"المع ة" ا كالم الفضيل ه رحمه الله ه‪ :‬المعنى األعم‪ :‬ب االعنقأن‬
‫الجأزم ه ألإ نش نعأنا المع ة اعنقأن الشاء على نأ هو به(‪ )4‬ه نكوإ وأنلة العنقأنات‬
‫القلوي الالزنة ليحة اإل مأإ شالنا نن أ علم القلب شنع نه بمعنى و أن النوحيد ال إله‬
‫صل ش سأس عمأل القلوي األخ ى‪.‬‬ ‫إال الله؛ شالنعبي بألمع ة هنأ لكون أ َ‬
‫(‪ )1‬تفسي اللعلبا (الكشف شالبيأإ) (‪ .)324/7‬شانظ ‪ :‬رأنع البيأإ البش ر الطب ب (‪.)142/23‬‬
‫)‪ )2‬خ ره اإلنأم حمد ا السنة ب شا ة ابنه عبد الله (‪ 105/9‬ه ‪ )147 102‬ب قم (‪ )514‬شرقم (‪.)749‬‬
‫)‪ )3‬تقدم ا (ص‪.)971 :‬‬
‫)‪ )4‬انظ ‪ :‬تع ف العلم (ص‪211 :‬ه ‪.)240‬‬
‫‪620‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األثر الثالث‪ :‬قأل نألك ه رحمه الله ه‪(( :‬اإل مأإ المع ة شاإلق ار شالعمل))(‪.)1‬‬
‫التعليق عليه‪ :‬كالم نألك ه رحمه الله ه هو بنحو كالم الفضيل المنقدم‪ .‬شالنعليق عليه‬
‫كسأبقه؛ إذ ال إ ألإ كالم هل السنة خ ج نش نشكأ شاحد ال َِنشإ شال يدرشإ‬
‫إال عش الكنأي شالسنة‪ .‬شلله الحمد شالمنة‪.‬‬
‫األثر الرابع‪ :‬قأل األشزاعا(‪ )2‬ه رحمه الله ه‪ (( :‬مش آنش بلسأنه شع ف بقلبه شصدإ بعمله‬
‫نلك الع ش الوثقى النا ال انفيأم ل أ شنش قأل بلسأنه شلم ع ف بقلبه شلم يدإ بعمله‬
‫لم قبل ننه شكأإ ا اآلخ نش الخأس ش))(‪.)3‬‬
‫وجه االستشهاد به‪ :‬إ نش لم ع ف بقلبه لم كش نسنمسكأ بألع ش الوثقى النا النفيأم‬
‫ل أ؛ شالع ش الوثقى ها ال إله إال الله عند رم ور المفس ش‪ .‬دل على إ نع ة القلب‬
‫بمعنى كلمة النوحيد "ال إله إال الله" و ه ا صحة النوحيد ال يح هو شال الش أن به‬
‫إال ب أ‪.‬‬
‫األثر الخامس‪ :‬قأل عبيد بش عمي الليلا(‪« :)4‬ليس اإل مأإ بألنمنا شلكش اإل مأإ قول‬
‫عقل(‪ )5‬شعمل عمل»(‪.)6‬‬
‫التعليق على األثر‪:‬‬

‫)‪ )1‬رشاه الخالل ا السنة ب قم (‪ )9002‬شابش بطة ا اإلبأنة الكب ى (‪ )402/2‬شالم شزب ا تعظيم قدر اليال‬
‫(‪ )592/2‬ب قم (‪ )524‬شالاللكأئا ا و ح السنة (‪ )444/4‬ب قم (‪.)9547‬‬
‫الحمأن ْش‪.‬‬
‫شهو شى ضأ عش و ك ش بو بك بش عيأش شعبد العز ز بش با سلمة ش َّ‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد ال حمش بش عم ش بش با عم ش األشزاعا ثقة قيه نأت سنة سبع شخمسيش شنئنيش شحد له عند‬
‫الجمأعة‪[ .‬تق ب الن ذ ب (ص‪.])713 :‬‬
‫)‪ )3‬اإلبأنة البش بطة (‪ )407/2‬ب قم (‪.)9017‬‬
‫)‪ )4‬هو‪ :‬عبيد بش عمي بش قنأن الليلا بو عأصم المكا شلد على ع د النبا ‪ ‬ه قأله نسلم َّ‬
‫شعده غي ه ا كبأر‬
‫النأبعيش شكأإ قأص هل نكة نجمع على ثقنه حدَّث عنه صحأي الكنب السنة نأت قبل ابش عم ‪.‬‬
‫[تق ب الن ذ ب (ص‪.])259 :‬‬
‫(‪ )5‬ا بعض الميأنر‪ (( :‬فعل)) شهو خطأ‪.‬‬
‫)‪ )6‬خ ره حمد ا السنة (‪ )197/9‬ب قم‪ 211 :‬شابش بطة ا اإلبأنة (‪ 404/2‬ه ‪ )405‬ب قم (‪ .)9012‬ش يه‪:‬‬
‫تح ت كلمة ( عقل) إلى ( فعل) ش ا إسنأنه ابش ل يعة شقد اخنلط‪.‬‬
‫‪629‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫نل األث على إ حقيقة اإل مأإ قول عقل ب علم نعنأه شعمل ه ْع َمل‪ :‬إوأر إلى‬
‫عمأل القلوي شالجوارح ش ن أ نش اإل مأإ‪.‬‬
‫ششره الداللة ننه ظأه على اون اه العلم شهو‪ :‬قوله‪(( :‬اإل مأإ قول ه ْع َقل))‪ :‬شالذب‬
‫عقل هو العلم به ش عظم العلم هو العلم بألله تعألى شتوحيده الذب هو نعنى الش أن ‪ .‬دل‬
‫على إ العلم بمعنى الش أن حقيقة نش حقأئق اإل مأإ ال يح اإل مأإ إال به؛ شنأ الش ه‬
‫إال كذلك‪.‬‬
‫رل ذك ه ه ض اإل مأإ على‬ ‫األثر الخامس‪ :‬قأل اإلنأم الشأ عا ه رحمه الله ه‪(( :‬إإ الله ه ث‬
‫قسمه ي أ ش ثقه علي أ؛ ليس نش روارحه رأرحة إال شقد شكلت نش‬ ‫روارح بنا آنم ث‬
‫اإل مأإ بغي نأ شكلت به خن أ بف ض نش الله تعألى‪:‬‬
‫من أ ((قلبه)) الذب عقل به ش ف م شهو ني بدنه الذب ال ت ن الجوارح شال تيدر‬
‫إال عش ر ه ش ن ه‪ ......‬أنأ ض الله على القلب نش اإل مأإ‪ :‬أإلق ار شالمع ة شالعقد‬
‫شال ضأ شالنسليم بأإ الله ال إله إال هو شحده ال و ك له لم نخذ صأحبة شال شلدا ش إ‬
‫نحمدا ‪ ‬عبده شرسوله شاإلق ار بمأ رأء نش عند الله نش نبا ش كنأي‪ .‬ذلك نأ ض‬
‫[النحل‪:‬‬ ‫الله ه رل ثنأؤه ه على القلب شهو عمله ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫‪ ]902‬شقأل‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [ال عد‪ ]62 :‬شقأل‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﭩ [المأئد ‪ ]49 :‬شقأل‪ :‬ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البق ‪ ]624 :‬ذلك نأ ض الله على‬
‫القلب نش اإل مأإ شهو عمله شهو رس اإل مأإ‪.‬‬
‫ش ض الله على اللسأإ‪ :‬القول شالنعبي عش القلب بمأ عقد ش قث به قأل ا ذلك‪:‬‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ شقأل‪ :‬ﯦ ﯧ ﯩ ذلك نأ ض الله على اللسأإ نش القول شالنعبي‬
‫عش القلب شهو عمله شالف ض عليه نش اإل مأإ))(‪.)1‬‬
‫التعليق عليه‪ :‬نل قول الشأ عا ه رحمه الله ه على اعنبأر المع ة و أ ا صحة اإل مأإ إال‬
‫نه عبث عن أ بمأ ض الله على القلب نش اإل مأإ شنأ ضه الله نش إ مأإ القلب هو ض‬
‫الزم ال نم اإل مأإ إال به‪ .‬ش دل لذلك قول الشأ عا ه رحمه الله ه‪(( :‬شهو ر س اإل مأإ)) ه‬

‫)‪ )1‬خ ره البي قا ا ننأقب الشأ عا (‪ 144/9‬ه ‪.)141‬‬


‫‪626‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫عنا عمل القلب ه شالشاء ال نم إال ب سه‪ .‬شال إله إال الله ها ر س اإل مأإ كمأ نل عليه‬
‫قوله ‪« :‬اإل مأإ بضع شسبعوإ وعبة عالهأ قول ال إله إال الله»(‪.)1‬‬
‫األثر السادس‪ :‬قأل بو عبيد القأسم بش سالم(‪(( :)2‬ثم حدثت قة ثأللة و ثذت عش‬
‫الطأئفنيش رميعأ ليست نش هل العلم شال الد ش قألوا‪ :‬اإل مأإ نع ة بألقلوي بألله‬
‫شحده شإإ لم كش هنأك قول شال عمل! شهذا ننسلخ عندنأ نش قول هل الملة الحنفية؛‬
‫لمعأرضنه لكالم الله شرسوله ‪ ‬بأل ن شالنكذ ب ال تسمع قوله‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ‬
‫ﭭ اآل ة [البق ‪]932 :‬؟ جعل القول ضأ حنمأ كمأ رعل نع نه‬ ‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ض بأإ قول‪ :‬اع ونا بقلوبكم))(‪.)3‬‬
‫ضأ شلم َ‬
‫شالشأهد نش األث على اون اه العلم ليحة النوحيد قوله‪(( :‬كمأ رعل المع ة ضأ‬
‫حنمأ))‪.‬‬
‫ششره االسنش أن ظأه ننه شهو‪ :‬إ ن ان با عبيد ه رحمه الله ه بألف ض هنأ‪ :‬الالزم‬
‫الذب ال يح اإل مأإ إال به بدليل قوله‪ (( :‬جعل القول ضأ حنمأ)) شالقول بإرمأع هل‬
‫العلم و ه الزم ليحة اإل مأإ ال يح اإل مأإ إال به‪.‬‬
‫األثر السابع‪ :‬قأل الشأ عا ه رحمه الله ه ا حق الم تد المغلوي على عقله‪(( :‬شلو شصف‬
‫اإلسالم شهو ال عقله قد انقطعت العيمة بين مأ ال تلبت العيمة إال بأإ سلم شهو عقل‬
‫اإلسالم))(‪.)4‬‬
‫ششره االسنش أن به إ الشأ عا ه رحمه الله ه اون ه ا ثبوت عيمة الزشرية إ‬
‫عقل الزشج اإلسالم نمأ دل على نه ى اون اه م نأ دخل به اإلسالم شهو‬
‫الش أنتأإ‪.‬‬

‫)‪ )1‬تقدم تخ جه (ص‪.)974 :‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬اإلنأم الحأ ظ المجن د ذش الفنوإ بو عبيد القأسم بش سالم بش عبد الله نحدث حأ ظ شلغوب بأرع‪ .‬خذ‬
‫الحد ث عش ابش المبأرك شإسمأعيل بش عيأش شسفيأإ بش عيينة ش خذ اللغة عش با عبيد ش با ز د شرمأعة‪.‬‬
‫حدَّث عنه‪ :‬بو بك بش با الدنيأ شعبَّأس الدشرب شخلق كلي غي هم‪ .‬نش تآليفه‪ :‬كنأي اإل مأإ شكنأي األنوال‬
‫شكنأي النأسخ شالمنسوخ‪ .‬نأت بمكة سنة ربع شعش ش شنئنيش‪ .‬انظ ‪ :‬سي عالم النبالء (‪ 410/90‬ه ‪)507‬‬
‫شنزهة األلبأء (ص‪ 922 :‬ه ‪.)922‬‬
‫)‪ )3‬اإل مأإ ألبا عبيد القأسم بش سالم (ص‪ 51 :‬ه ‪)20‬‬
‫)‪ )4‬األم للشأ عا (‪.)921/2‬‬
‫‪623‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األثر الثامن‪ :‬قأل اإلنأم حمد ه رحمه الله ه‪(( :‬ش نأ نش زعم إ اإل مأإ اإلق ار مأ قول‬
‫ا المع ة؟ هل حنأج إلى المع ة نع اإلق ار؟ شهل حنأج إ كوإ ني ثِدقأ بمأ ع ف؟‬
‫إإ زعم نه حنأج إلى المع ة نع اإلق ار قد زعم نه نش ويئيش شإإ زعم نه حنأج إ‬
‫كوإ نق ا شنيدقأ بمأ ع ف و نش ثالثة ويأء شإإ رحد شقأل‪ :‬ال حنأج إلى المع ة‬
‫شالنيد ق قد قأل قوال عظيمأ شال حسب حدا د ع المع ة شالنيد ق شكذلك العمل‬
‫نع هذه األويأء))(‪ .)1‬اهه‪.‬‬
‫التعليق على األثر‪ :‬نل األث على إ المع ة و ه ا صحة اإل مأإ إال ن أ غي كأ ية ا‬
‫تحييله إال نع القول شالعمل؛ قول اللسأإ شعمل الجوارح(‪.)2‬‬
‫األثر التاسع‪ :‬قأل اإلنأم الم شزب‪ (( :‬أصل اإل مأإ هو النيد ق بألله شنأ رأء نش عنده‬
‫شإ أه ‪ ...‬شنعنى النيد ق هو المع ة بألله شاالعن اف له بأل بوبية بوعده ششعيده ششارب‬
‫حقه شتحقيق نأ صدإ به نش القول شالعمل))(‪.)3‬‬
‫نص على إ النيد ق صل اإل مأإ ثم َّس‬ ‫شره االسنش أن به‪ :‬نه ه رحمه الله ه ث‬
‫النيد ق بألمع ة بألله المنضمنة المع ة بنوحيده شنأ جب له نش اسنحقأإ العبأن نشإ‬
‫حد سواه دل على إ المع ة بألنوحيد صل يه ال يح هو شال الش أن به إال ب أ‪.‬‬
‫األثر العاشر‪ :‬قأل ابش بطة العكب ب ه رحمه الله ه‪(( :‬اعلموا رحمكم الله إ الله رل ثنأؤه‬
‫شتقدَّست سمأؤه ض على القلب المع ة به شالنيد ق له شل سله شلكنبه شبكل نأ رأءت‬
‫به السنة شعلى األلسش النطق بذلك شاإلق ار به قوال شعلى األبداإ شالجوارح العمل بكل نأ‬
‫ن به ش ضه نش األعمأل ال تجزئ شاحد نش هذه إال بيأحبن أ شال كوإ العبد نؤننأ‬
‫إال بأإ جمع أ كل أ حنى كوإ نؤننأ بقلبه نق ا بلسأنه عأنال نجن دا بجوارحه ثم ال‬
‫كوإ ضأ نع ذلك نؤننأ حنى كوإ نوا قأ للسنَّة ا كل نأ قوله ش عمله ننبعأ للكنأي‬
‫شالعلم ا رميع قواله ش عمأله‪ .‬شبكل نأ و حنه لكم نزل به الق آإ شنضت به السنة‬
‫ش رمع عليه علمأء األنة))(‪.)4‬‬

‫)‪ )1‬رشا ة اإلنأم حمد شرنهأ ويخ اإلسالم نجموع الفنأشى (‪.)111/7‬‬
‫)‪ )2‬انظ ‪ :‬بسط ذلك ا نجموع الفنأشى (‪ 117/7‬ه ‪.)114‬‬
‫(‪ )3‬تعظيم قدر اليال (‪.)117/1‬‬
‫)‪ )4‬اإلبأنة ا بيأإ عقيد الف قة النأرية (‪ 720/2‬ه ‪.)729‬‬
‫‪624‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شقأل ا نوضع آخ ‪(( :‬شنأ نأ ض على القلب أإلق ار شاإل مأإ شالمع ة شالنيد ق‬
‫شالعقل شال ضأ شالنسليم ش ثإ ال إله إال الله شحده ال و ك له حدا صمدا لم نخذ صأحبة شال شلدا‬
‫شإ نحمدا عبده شرسوله شاإلق ار بمأ رأء نش عند الله تعألى نش رسول ش كنأي‪.‬‬
‫أنأ نأ ض على القلب نش اإلق ار شالمع ة قد ذك نأه ا شل هذا الكنأي‬
‫[النحل‪:‬‬ ‫شنعيده هأهنأ؛ مش ذلك قوله تعألى‪ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫‪ ]902‬شقأل‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [ال عد‪ ]62 :‬شقأل‪ : :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﭩ [المأئد ‪ .]49 :‬ذلك نأ ضه على القلب نش اإلق ار شالمع ة‪ .‬شهو ر س اإل مأإ شهو‬
‫عمله ش ض على اللسأإ القول شالنعبي عش القلب شنأ عقد عليه ش ق به))(‪.)1‬‬
‫قوله ه رحمه الله ه‪ :‬إ المع ة ر س اإل مأإ نليل على عظم وأإ المع ة شتقدم‬
‫شرشنهأ على القلب ش إ اإل مأإ ال يح بدشن أ؛ إذ ها و ه ش ركش يه‪.‬‬
‫األثر العاشر‪ :‬قأل اآلر ب ه رحمه الله ه ‪(( :‬اعلموا ه رحمنأ الله شإ أكم ه إ الذب عليه علمأء‬
‫المسلميش‪ :‬إ اإل مأإ شارب على رميع الخلق شهو تيد ق بألقلب شإق ار بأللسأإ‬
‫شعمل بألجوارح‪.‬‬
‫ثم اعلموا نه ال تجزئ المع ة بألقلب شالنيد ق إال إ كوإ نعه اإل مأإ بأللسأإ‬
‫نطْقأ شال تجزئ نع ة بألقلب شنطق اللثسأإ حنى كوإ عمل بألجوارح إذا َكملَت يه هذه‬
‫نل على ذلك الق آإ شالسنة شقول علمأء اإلسالم))(‪ .)2‬اهه‪.‬‬
‫الخيأل اللالث كأإ نؤننأ ث‬
‫التعليق عليه‪:‬‬
‫نل األث على إ المع ة و ه ا صحة اإل مأإ ال يح إ مأإ العبد إال نع‬
‫شرونهأ ا القلب شالم ان بألمع ة هنأ نع ة نعنى و أن النوحيد ال إله إال الله ألن أ‬
‫سأس اإل مأإ ش على وعبه كمأ ا الحد ث اليحيح‪« :‬اإل مأإ بضع شسبعوإ وعبة‬
‫عالهأ قول ال إله إال الله ش ننأهأ إنأ ة األذى عش الط ق»(‪.)3‬‬
‫قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪(( :‬ش ضأ فا اليحيح عش بى ه عش النبا ‪‬‬
‫نه قأل‪« :‬اإل مأإ بضع شسبعوإ وعبة عالهأ قول ال إله إال الله ش ننأهأ إنأ ة األذى عش‬

‫)‪ )1‬نفس الميدر (‪.)722/2‬‬


‫)‪ )2‬الش عة (‪.)299/2‬‬
‫)‪ )3‬خ ره نسلم ا كنأي اإل مأإ (‪ )21/9‬ح (‪.)54‬‬
‫‪624‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الط ق» قد ص ح بأإ على وعب اإل مأإ ها هذه الكلمة‪ .‬ش ضأ فا صحيح نسلم إ‬
‫النبا قأل‪ « :‬أ بى تدرب ب آ ة ا كنأي الله عظم؟» قأل‪ :‬الله ال إله إال هو الحا‬
‫القيوم قأل رسول الله ‪« :‬لي نك العلم بأ المنذر» أخب ا هذا الحد ث اليحيح ن أ‬
‫عظم آ ة ا الق آإ ش ى ذاك ن أ عال وعب اإل مأإ شهذا غأ ة الفضل؛ إإ األن كله‬
‫نجنمع ا الق آإ شاإل مأإ إذا كأنت عظم الق آإ ش عال اإل مأإ ثبت ل أ غأ ة ال رحأإ‪.‬‬
‫ش ضأ إإ النوحيد صل اإل مأإ شهو الكالم الفأرإ بيش هل الجنة ش هل النأر شهو ثمش‬
‫الجنة شال يح إسالم حد إال به شنش كأإ آخ كالنه‪ :‬ال إله إال الله نخل الجنة شكل‬
‫خطبة ليس ي أ تش د ا كأليد الجذنأء منزلنه ننزلة األصل))(‪ )1‬اهه‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أقوال بعض العلماء المتأخرين في اعتبار شرط العلم بمعنى الشهادة لصحة‬
‫التوحيد‪:‬‬
‫أوال‪ :‬قول القاضي أبي يعلى‪:‬‬
‫قأل القأضا بو على(‪(( :)2‬شالذب ضه الله على األعيأإ على ض بيش‪ :‬حدهمأ نأ‬
‫ال نم اإل مأإ إال به شهو نع ة الله شتوحيده ش نه صأنع األويأء ش إ الكل عبيده ش نلأل‬
‫ذلك))(‪.)3‬‬
‫شره االسنش أن به‪ :‬نه َع َّد نع ة الله شتوحيده نمأ ال نم اإل مأإ إال به شنأ ال نم‬
‫الشاء إال به كوإ و أ يه‪.‬‬
‫ثأنيأ‪ :‬قول أبي منصور البغدادي‪:‬‬
‫قأل البغدانب‪(( :‬إإ الكش األشل نش ركأإ اإلسالم كمأ شرن به الخب و أن إ ال‬
‫إله إال الله ش إ نحمدا رسول الله‪ .‬شل ذه الش أن و شه)) شذك نن أ إ كوإ القول ل أ‬
‫نأوئأ ((عش نع ة شتيد ق بألقلب))(‪.)1‬‬

‫)‪ )1‬نجموع الفنأشى (‪.)215/24‬‬


‫نفس سمع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬نحمد بش الحسيش بش خلف الف اء البغدانب الحنبلا بو على نح ثدث قيه صولا ث‬
‫شنرس شتخَّج به رمأعة تو ا ببغدان سنة (‪ )454‬هه‪ .‬نش تيأنيفه‪ :‬المعنمد‬
‫الحد ث الكلي شحدَّث ش نى َّ‬
‫ا شع الفقه الحنبلا‪ .‬انظ ‪ :‬وذرات الذهب (‪ )252/5‬شنعجم‬ ‫ا األصول ش حكأم الق آإ شالنبي‬
‫المؤلفيش (‪.)251/1‬‬
‫)‪ )3‬نقال عش نرء النعأرض (‪.)444/7‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ثانياً‪ :‬قول القاضي عياض ـ رحمه الله ـ‪:‬‬


‫قأل القأضا عيأض ه رحمه الله ه‪(( :‬شنذهب هل السنة إ المع ة ن تبطة‬
‫بألش أنتيش ال تنفع إحداهمأ شال تنجا نش النأر نشإ األخ ى إال لمش لم قدر علي أ نش‬
‫آ ة بلسأنه ش لم تم له المد ليقول أ حنى اخن م))(‪ .)2‬اهه‪.‬‬
‫ششره االسنش أن نش كالنه على اون ا ه العلم ليحة النوحيد‪ :‬إ ارتبأه الشاء‬
‫بألشاء نليل اون ا ه يه؛ أرتبأه نفع الش أنتيش بألمع ة نليل اون ا أ ا االننفأع‬
‫بألش أنتيش‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬قول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله‪.‬‬
‫قأل ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪ (( :‬مش و ه اإل مأإ شرون العلم النأم))(‪.)3‬‬
‫شن ان ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه بألعلم النأم‪ :‬العلم المورب للعمل؛ وضحه قوله‪:‬‬
‫(( إ الي ون ع ونه كمأ ع وإ بنأءهم شليسوا نؤننيش شكذلك إبليس ش عوإ شغي همأ‪ .‬لكش‬
‫نش كأإ كذلك لم كش حيل له العلم النأم شالمع ة النأنة؛ إإ ذلك سنلزم العمل‬
‫بموربه ال نحألة؛ شل ذا صأر قأل لمش لم عمل بعلمه‪ :‬نه رأهل كمأ تقدم))(‪ .)4‬انن ى‪.‬‬
‫دل كالم ويخ اإلسالم المنقدم على إ العلم و ه ا صحة اإل مأإ؛ شاإل مأإ‬
‫هو و أن إ ال إله إال الله كمأ تقدم‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬قول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫قأل ابش القيم ه رحمه الله ه‪ :‬بعد إ ذك كالم وائف المخألفيش ا ح ثِد اإل مأإ‬
‫شحقيقنه‪(( :‬شاإل مأإ شراء ذلك كله شهو حقيقة نكبة نش نع ة نأ رأء به ال سول ‪ ‬علمأ‬
‫شالنيد ق به عقدا شاإلق ار به نطقأ شاالنقيأن له نحبة شخضوعأ شالعمل به بأ نأ شظأه ا‬
‫شتنفيذه شالدعو إليه بحسب اإلنكأإ))(‪ . )5‬هه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬صول الد ش (ص‪.)255 :‬‬
‫)‪ )2‬إكمأل المعلم بفوائد نسلم (‪ )251/9‬شصحيح نسلم بش ح النوشب (ره‪.)922/9‬‬
‫)‪ )3‬نجموع الفنأشى (‪.)514/7‬‬
‫)‪ )4‬نفس الميدر (‪.)24/7‬‬
‫)‪ )5‬الفوائد (ص‪.)951 :‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شالشأهد نش كالنه ه رحمه الله ه على اون ا ه العلم ليحة النوحيد‪ :‬قوله‪ :‬إ اإل مأإ‬
‫حقيقة نكبة نش نع ة نأ رأء به ال سول ‪ ‬علمأ‪ .‬ش عظم نأ رأء به ال سول ‪ ‬هو النوحيد‬
‫الذب هو نعنى ال إله إال الله‪.‬‬
‫ششره االسنش أن نش كالنه على اون ا ه العلم ليحة النوحيد‪ :‬نه رعل نع ة نأ‬
‫رأء به ال سول ‪ ‬نش النوحيد حقيقة نش حقأئق اإل مأإ شالحقيقة ا الشاء تدخل ا‬
‫نأهينه ال نم الشاء إال ب أ نكوإ و أ يه‪.‬‬
‫شنمأ قأله ابش القيم ضأ ا اعنبأر و ية العلم‪(( :‬شالمقيون إ كلمة النوحيد إذا‬
‫و د ب أ المؤنش عأر أ بمعنأهأ شحقيقن أ نفيأ شإثبأتأ ننيفأ بمورب أ قأئمأ قلبه شلسأنه‬
‫شروارحه بش أنته ذه الكلمة الطيبة ها النا ر عت هذا العمل نش هذا الشأهد صل أ‬
‫ثأبت راسخ ا قلبه ش شع أ ننيلة بألسمأء شها نخ رة للم ت أ كل شقت))(‪.)1‬‬
‫خامساً‪ :‬قول الوزير أبي المظفر رحمه الله‪:‬‬
‫قأل ا ((اإل يأح))‪(( :‬قوله "و أن إ ال إله إال الله" قنضا إ كوإ الشأهد‬
‫عألمأ بأإ ال إله إال الله كمأ قأل الله عز شرل‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[نحمد‪ .]91 :‬ش نبغا إ كوإ النأ ق ب أ وأهدا ي أ قد قأل الله عز شرل نأ شضح به إ‬
‫الشأهد بألحق إذا لم كش عألمأ بمأ و د به إنه غي بألغ نش اليدإ به نع نش و د نش‬
‫ذلك بمأ علمه ا قوله تعألى‪ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [الزخ ف‪.)2())]22 :‬‬
‫ساساً‪ :‬قول الشيخ محمد عبد الوهاب ـ رحمه الله‪.‬‬
‫قأل الشيخ نحمد بش عبد الوهأي ه رحمه الله ه‪(( :‬ليس الم ان قول أ بأللسأإ نع‬
‫الج ل بمعنأهأ إإ المنأ قيش قولون أ شهم تحت الكفأر ا الدرك األسفل نش النأر نع‬
‫كون م يلوإ ش نيدقوإ شلكش الم ان قول أ نع نع ن أ بألقلب شنحبن أ شنحبة هل أ‬
‫شبغض نأ خألف أ شنعأناته))(‪.)3‬‬
‫ششره االسنش أن به‪ :‬نه اون ه لنفع أ قول أ نع نع ن أ بألقلب نمأ دل على نه‬
‫ى اون اه العلم ليحة الش أن ‪.‬‬

‫)‪ )1‬إعالم الموقعيش (‪ .)971/9‬شانظ ‪ :‬ندارج السألكيش (‪.)110/9‬‬


‫(‪ )2‬نقال عش تيسي العز ز الحميد (ص‪.)75 :‬‬
‫(‪ )3‬نجموعة النوحيد النجد ة (ص‪.)947 :‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شقأل ا نوضع آخ ‪(( :‬إنا قول ال نم إسالم إنسأإ حنى ع ف نعنى ال إله إال‬
‫الله))(‪.)1‬‬
‫ششره االسنش أن نش كالنه على اون ا ه العلم‪ :‬نه رعل نع ة نعنى ال إله إال الله‬
‫نمأ ال نم اإلسالم به؛ شنأ ال نم اإلسالم إال به كوإ و أ يه؛ ش صل اإلسالم هو‬
‫الش أنتأإ‪.‬‬
‫كمأ نه ه رحمه الله تعألى ه قد نص على اون اه العلم بمعنى الش أن ليحة‬
‫النوحيد حيث ذك نش و شه و أن إ ال إله إال الله العلم بمعنأهأ نفيأ شإثبأتأ كمأ حكأه‬
‫عنه غي شاحد‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬قول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪:‬‬
‫قأل الشيخ عبد ال حمش بش حسش ه رحمه الله ه‪(( :‬ال بد ا و أن إ ال إله إال الله‬
‫نش سبعة و شه ال تنفع قأئل أ إال بأرنمأع أ‪ .‬حدهأ‪(( :‬العلم)) المنأ ا للج ل))(‪.)2‬‬
‫ثامناً‪ :‬قول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪:‬‬
‫قأل الشيخ عبد اللطيف بش عبد ال حمش بش حسش‪(( :‬ش نأ نجثن اللفظ نش غي علم‬
‫بمعنأهأ شال اعنقأن لحقيقن أ ذا ال فيد العبد ويئأ‪ .‬شال خليه نش الش ك ش شعه‪ .‬قأل‬
‫ﯪ ﯫ‬ ‫تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد‪ .]91 :‬شقأل‪ :‬ﯩ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ [الزخ ف‪.)3())]22 :‬‬
‫شقأل ضأ‪(( :‬شقد قيَّد الله ه سبحأنه ه االننفأع بألش أن بقيد ليس عندهم ننه خب‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫شلم قفوا ننه على عيش شال ث ‪ .‬قأل الله تعألى‪ :‬ﯩ‬
‫[الزخ ف‪ .]22 :‬شقأل تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد‪.)4())]91 :‬‬

‫)‪ )1‬نؤلفأت الشيخ اإلنأم نحمد بش عبد الوهأي القسم الخأنس ال سأئل الشخيية ال سألة األشلى ص‪ .92/‬ش‬
‫الدرر السنية (‪.)21/9‬‬
‫شانظ ‪ :‬نفس الميدر ال سألة العش شإ ص‪ 914/‬شنجموعة رسأئل ا النوحيد شاإل مأإ لشيخ اإلسالم‬
‫(‪.)121/9‬‬
‫(‪ )2‬نح المجيد (ص‪ 994 :‬ه ‪ .)995‬شانظ ‪ :‬الدرر السنية (‪.)252 242/2‬‬
‫)‪ )3‬نيبأح الظالم ا ال ن على نش كذي على الشيخ اإلنأم (ص‪.)11 :‬‬
‫(‪ )4‬نفس الميدر (ص‪.)222 :‬‬
‫‪621‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شقأل ا كالم له آخ ‪ (( :‬أإل مأإ بمعنأهمأ ه عنا الش أنتيش ه شاالنقيأن له ال نيور‬
‫شال نحقق إال بعد العلم شالحكم على الشاء ع عش تيوره إذا لم علم شلم نيور و‬
‫كأل أذب شكألنأئم ش نلأل مأ نمش ال عقل نأ قول))(‪.)1‬‬
‫ششره االسنش أن نش كالنه المنقدم على اون اه العلم‪ :‬نه نفى نفع القول المج ن‬
‫لالإله إال الله نشإ العلم بمعنأهأ شعلل ذلك بأإ لم علم بألمعنى كوإ كأل أذب شالنأئم‬
‫شغي همأ نمش ال عقل الخطأي ال نيور ننه إ مأإ صحيح نمأ دل على نه ى‬
‫اون اه العلم بمعنأهأ ليحة النوحيد‪.‬‬
‫تاسعاً‪ :‬قول حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫قأل حأ ظ حكما ه رحمه الله ه‪ :‬ا نظمه ((سلم الوصول))‪(( :‬و شه ال إله إال‬
‫الله‪:‬‬
‫ش ه هها ني ه ههوص ال ه ههوحا ح ثق ه ههأ شرنت‬ ‫شبش ه ه ه ه ه ه شه س ه ه ه ه ه ههبعة ق ه ه ه ه ه ههد قهيِثه ه ه ه ه ههدت‬
‫به ه ه ه ه ههألنطق إال حيه ه ه ه ه ههث سه ه ه ه ه ههنكمل أ‬ ‫إن ه ه ه ه ه ه ه ه ههه ل ه ه ه ه ه ه ه ه ههم ننف ه ه ه ه ه ه ه ه ههع قأئل ه ه ه ه ه ه ه ه ههأ‬
‫شاالنقي ه ه ه ه ه ه ههأن ه ه ه ه ه ه ههأنر ن ه ه ه ه ه ه ههأ ق ه ه ه ه ه ه ههول‬ ‫العل ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههم شاليق ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههيش شالقب ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ههول‬
‫ش قه ه ه ه ه ههك الله ه ه ه ه ههه لمه ه ه ه ه ههأ حبه ه ه ه ه ههه))(‪.)2‬‬ ‫شاليه ه ه ه ههدإ شاإلخه ه ه ه ههالص شالمحبه ه ه ه ههة‬
‫عاشراً‪ :‬قول المعلمي ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫قأل المعلما ه رحمه الله ه‪(( :‬شقد نل الكنأي شالسنة شاإلرمأع شالمعقول على نه ال‬
‫كفا النطق ب أ بدشإ نع ة نعنأهأ‪ .‬شإ ضأح ذلك‪ :‬إ االعندان بألنطق ب أ له و شه نن أ‪:‬‬
‫إ كوإ على سبيل االعن اف للقطع بأإ المش ك إذا نطق ب أ حكأ ة عش غي ه ال عند‬
‫بذلك كألمسلم إذا نطق بكلمة الكف حكأ ة عش غي ه ش نت خبي إ العبأر ال حكم‬
‫بكون أ اعن ا أ حنى علم إ المنكلم ب أ ع ف نعنأهأ لو ثبت ز د على إنسأإ عجما نه‬
‫قأل‪ :‬نأ رقيق لز د ششردنأ األعجما ال ع ف نعنى "رقيق" شإنمأ ل ثقنوه تلك العبأر بدشإ‬
‫إعالنه بمعنأهأ لم عند بأعن ا ه شهذا نمأ ال خالف يه صال))(‪ .)3‬انن ى‪.‬‬

‫(‪ )1‬نفس الميدر (ص‪ .)14 :‬شانظ ‪ :‬كشف الشب أت النا شرنهأ عبد الك م البغدانب البش سحمأإ (ص‪.)7 :‬‬
‫(‪ )2‬نعأرج القبول و ح سلم األصول (‪ 494/2‬ه ‪.)491‬‬
‫)‪ )3‬ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص‪.)12 :‬‬
‫‪620‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الحادي عشر‪ :‬قول مبارك ال ِم ٍيلي‪:‬‬


‫قول الميلا‪(( :‬نج ن النطق بألش أنتيش ال ط ن عش سأحة القلب وبح الش ك شال‬
‫سيمأ نطق نش ل ِثقن مأ تقليدا عأن أ خأليأ نش م نعنأهمأ شإنمأ اعن ف ب مأ بحكم الوسط‬
‫ال بأضط ار العلم شلم نطق المشكوإ بألش أنتيش لمأ نعأهم النبا رسول الله ‪ ‬ألن م‬
‫عألموإ بمعنأهمأ ش شإ النطق ب مأ النزانأ لمأ دعو إليه ال سول شنبذا لمأ خألف نعوت م‬
‫شقد صأبوا ا هذا ال ب ثم اخنأرشا بعد ذلك ال ب اللأنا عش العلم بأللغة شنعأنا الكالم‪:‬‬
‫النمسك بمأ شردشا عليه آبأءهم شقد خطأشا ا االخنيأر شلو ر شا نج ن النش د كأ يأ ا‬
‫ر ع شصف الش ك عن م ه نع بقأئ م على عقأئدهم البأ لة شعوائدهم القبيحة ه ألق شا‬
‫شاسن احوا))(‪ )1‬انن ى‪.‬‬
‫هذه بعض النقول نش كالم هل العلم ا اعنبأر و ه العلم بمعنى الش أن ليحة‬
‫النوحيد شنفع الش أن شاإلحأ ة بألكل ن ا غأ ة االسنحألة ش قل نمأ ذكَِ كفا؛ ألإ‬
‫المقيون النق ال اإلحأ ة شالنك ‪.‬‬
‫شوأهد هذه النقول اآل أت شاألحأن ث المنقدنة النا ي أ الداللة على اون اه العلم‬
‫بمعنى الش أن ليحة اإل مأإ شتحقيق اإلسالم‪ .‬شالله المسنعأإ‪.‬‬

‫(‪ )1‬رسألة الش ك شنظأه ه للميلا (ص‪ 75 :‬ه ‪.)75‬‬


‫‪629‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المبحث الثالث‪ :‬العلم بالمشهود له‪ ،‬وهو الله تعالى‪.‬‬


‫شتحنه ثالثة نطألب‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬طرق تحصيل العلم بالله تعالى‪.‬‬
‫وتحته ثالثة مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬طرق تحصيل العلم بالله تعالى عند أهل السنة‪.‬‬
‫العلم بألله تعألى نضمش ثالثة نور‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬العلم بورون الله تعألى شربوبينه‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬العلم بنوحيد الله تعألى ششروي تف نه بألعبأن ‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬العلم بأسمأئه شصفأته‪.‬‬
‫شهذه األنور اللالثة ألهل السنة إ ا تحييل العلم ب أ شهذه الط إ قد تشن ك‬
‫ا تحييل العلم ببعض هذه األنور شقد تنف ن ا تحييل بعض أ نشإ اآلخ ‪ .‬ش يمأ لا‬
‫ذك ل ذه الط إ شبيأإ لمنعلَّقأت أ نش هذه األنور اللالثة نش حيث االون اك ش االنف ان‪.‬‬
‫الطريق األول‪ :‬دليل الفطرة‪:‬‬
‫الفط ها النا ربِل علي أ اإلنسأإ شها نليل نسنقل قون إلى العلم بألله تعألى‬
‫شتوحيده شذلك إذا خلت عش الموانع شالمؤث ات المغيِث ل أ‪.‬‬
‫شنليل الفط نش قوى األنلة الدالة على العلم بألله تعألى شتوحيده ألنه نكوز ا‬
‫الفط ؛ شنأ كأإ نكوزا ا الفط كوإ قوى نش الدليل الذب طلب نش خأرج‪.‬‬
‫شقد نرج هل العلم على تقد م هذا الدليل على غي ه نش األنلة شلعل شره ذلك نأ‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫قأل القأسما ه رحمه الله ه‪(( :‬ألإ الجبلة ل أ السبق بعأ؛ نه َقدَّم شضعأ)) ‪.‬هه شألإ‬
‫الدليل الش عا نحنأح إلي أ ا قبول خطأبه شتأ يده‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬رمأل الد ش ( ش نحمد رمأل الد ش) بش نحمد بش سعيد بش قأسم القأسما الحالإ عألم نشأرك ا‬
‫نواع نش العلوم شلد بدنشق شنشأ شتعلم ب أ‪ .‬قأل الزركلا‪ :‬شكأإ إنأم الشأم ا عي ه شقأل‪ :‬شكأإ سلفا‬
‫العقيد ال قول بألنقليد‪ .‬نش تيأنيفه الكلي ‪(( :‬نحأسش النأش ل ا تفسي الق آإ الك م)) ((إصالح المسأرد‬
‫ش((نالئل النوحيد))‪ .‬تو ا بدنشق سنة (‪ )2331‬هه‪.‬‬ ‫الشأم))‬ ‫((تعطي المشأم ا نآث‬ ‫شالعوائد))‬ ‫نش البدع‬
‫انظ ‪ :‬األعالم للزركلا (‪ )237/1‬شنعجم المؤلفيش (‪.)724/2‬‬
‫(‪ )2‬نالئل النوحيد (ص‪.)11 :‬‬
‫‪626‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شقبل الدخول ا تفأصيل هذا الدليل حسش بنأ النع ف بألفط ‪:‬‬
‫الفط اخنلف هل العلم ا تحد د الم ان ب أ على ثالثة قوال تفييل أ كمأ لا‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬إ الم ان ب أ اإلسالم شالنوحيد‪ .‬شبه قأل رمأعة نش المفس ش‪ .‬شنمش قأل‬
‫به ابش عبأس(‪ )1‬شعك نة(‪ )2‬شنجأهد(‪ .)3‬شقأل الشوكأنا‪ :‬إنه نذهب رم ور السلف(‪.)4‬‬
‫شقأل ابش عبد الب ‪ :‬شهو المع شف عند عأنة السلف نش هل العلم بألنأش ل(‪ .)5‬شهو‬
‫نذهب اإلنأم البخأرب(‪ )6‬شاخنيأر ويخ اإلسالم ابش تيمية(‪ )7‬شتلميذه ابش القيم(‪ )8‬شغي هم نش‬
‫المحققيش‪.‬‬
‫شن ان صحأي هذا القول بأإلسالم ا نعنى الفط ‪ :‬صل اإلسالم الذب هو توحيد‬
‫شنع نه؛ ألإ هذا القدر هو الذب ت دب إليه الفط شتوربه شتقنضيه‪ .‬ش نأ تفأصيل اإلسالم‬
‫ششاربأته ال تع ف إال نش ر ة الش ع إال إ الفط نسنعد لقبول أ ننى ع ِضت علي أ(‪.)9‬‬
‫شلذا و ح بعض هل العلم ن انهم بأإلسالم ا نعنى الفط قأل‪ :‬بأإ الفط نع ة‬
‫الله شتوحيده ش نه ال إله غي ه‪.‬‬
‫قول ابش القيم ه رحمه الله ه‪ (( :‬قد تبيش بداللة الكنأي شالسنة شاآلثأر شاتفأإ‬
‫السلف على إ الخلق نفطورشإ على ن ش الله الذب هو نع نه شاإلق ار به شنحبنه‬
‫شالخضوع له ش إ ذلك نورب ط ت م شنقنضأهأ جب حيوله ي أ إإ لم حيل نأ‬
‫عأرضه ش قنضا حيول ضده‪ ...‬شحيول الحنيفية شاإلخالص شنع ة ال ي شالخضوع له‬

‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬نعألم الننهز ل (‪.)221/2‬‬


‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬تفسي ابش ر الطب ب (‪.)414/94‬‬
‫(‪ )3‬الميدر السأبق (‪.)411/94‬‬
‫(‪ )4‬نح القد للشوكأنا (‪.)191/4‬‬
‫(‪ )5‬النم يد (‪ .)72/94‬شانظ ‪ :‬الجأنع ألحكأم الق آإ (ره‪ )25/94‬شنرء النعأرض (‪.)490/4‬‬
‫(‪ )6‬انظ ‪ :‬الجأنع اليحيح للبخأرب (ره‪ )21/2‬كنأي النفسي بأي {ال تبد ل لخلق الله} لد ش الله {خلق‬
‫يش}‪ :‬ن ش األشليش‪ .‬شالفط ‪ :‬اإلسالم‪.‬‬‫ِ‬
‫األ ََّشل َ‬
‫(‪ )7‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪ )245/4‬شنرء النعأرض (‪.)490/4‬‬
‫(‪ )8‬انظ ‪ :‬إغأثة الل فأإ (‪ )902/9‬شرالء األ أم (ص‪.)224 :‬‬
‫(‪ )9‬األنلأل الق آنية القيأسية المض شبة لإل مأإ بألله (‪ 312/6‬ه ‪.)312‬‬
‫‪623‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ال نوقف صله على غي الفط شإإ توقف كمأله شتفييله على غي هأ‪ .‬شبألله النو يق))(‪.)1‬‬
‫‪ .‬هه‪.‬‬
‫شقد حأشل بعض البأحليش الجمع بيش المعنى األشل شالمعنى اللأنا للفط بعد إ‬
‫خألف بين مأ(‪ )2‬قأل كالنأ حسنأ شهو إ للفط نعنييش‪ :‬حدهمأ‪ :‬نأ ركز ا النفوس‬
‫ش عطيت إ أه ا صل الخلقة‪.‬‬
‫شاللأنا‪ :‬نأ ركز ي أ نش الداعا إلى الشاء ش تكه‪.‬‬
‫ألقول بأإ الفط ها نع ة الله شتوحيده ان به المعنى األشل ش نه ركِز ا النفوس‬
‫ذلك ش ط ت عليه‪.‬‬
‫َشرد الله ا‬‫شالقول بأإ الفط ها اإلسالم ان به المعنى اللأنا بألنظ إلى نأ َ‬
‫النفوس ش ط هأ عليه نش االسنعدان شالن ريح لقبول الحق شنع نه إذا ع ض علي أ ش ن أ‬
‫خلقت سو ة تنع ف على الخي شتنش ح له شتقبله شتنف نش الش شتشمئز ننه شتسندعا‬
‫نأ نأسب نأ شنع ي أ نش نع ة الله شتوحيده شنحبنه ه الذب هو صل اإلسالم ه ا‬
‫بذلك ن يأ لقبول اإلسالم إذا ع ض علي أ بواسطة ال سل ش تبأع م شالذب وا ق نأ‬
‫ربلوا عليه‪.‬‬
‫ألذب قأل‪ :‬الفط ها نع ة الله شتوحيده شنحبنه نظ نأ ركز ا النفوس شربلت‬
‫عليه‪.‬‬
‫شالذب قأل‪ :‬ها اإلسالم ران ن م قد ربلوا على صل اإلسالم شهو النوحيد‬
‫شنع ة الله شنحبنه ش إ ذلك سندعا ش سنلزم تمأنه شقبول سأئ وعأئ ه‪.‬‬
‫شعلى هذا أصل اإلسالم الذب هو نع ة الله شتوحيده شنحبنه شالخضوع له نش‬
‫نورب الفط ال نوقف صله على غي هأ‪.‬‬
‫نأ اإلسالم الذب هو كمأل االسنقأنة على النوحيد شالعبأن و نوقف على غي هأ ه‬
‫نمأ رأءت به ال سل ه شها تسندعيه ش جب حيوله ي أ إذا ع ض علي أ شلم ورد نأ‬
‫عأرضه ش قنضا حيول غي ه(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬وفأء العليل (ص‪ .)411:‬شانظ ‪ :‬نرء تعأرض العقل شالنقل (‪ )459/4‬شتفسي ابش كلي (‪.)421/3‬‬
‫(‪ )2‬عنا ا الذك ‪.‬‬
‫(‪ )3‬األنلأل الق آنية القيأسية المض شبة لإل مأإ بألله (‪ 311/1‬ه ‪.)315‬‬
‫‪624‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫القول الثاني‪ :‬إ الم ان بألفط الميل شاالسنعدان لقبول اإلسالم شت ريحه؛ ألفط عند‬
‫صحأي هذا القول نَه ْوع نش الجبلة شالطبع المن يئ لقبول اإلسالم ننى ع ِض علي أ إذا خلت‬
‫عش المؤث ات‪.‬‬
‫شالبعض قول‪ :‬إن أ ربلة ا نفس الطفل ميِثز ب أ نينوعأت الله تعألى ش سندل ب أ‬
‫على ربه شتوحيده‪.‬‬
‫ألحأصل إ الفط عند صحأي هذا القول إنأ ن أ الميل لقبول اإلسالم ش ن أ قو‬
‫ا النفس للنمييز على صحة اإلسالم شالنوحيد‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫شإلى هذا القول ذهب ابش عبد الب (‪ )1‬شابش عطية(‪ )2‬شابش الع با(‪ )3‬شابش ررب‬
‫شابش األثي (‪ )5‬شغي هم نش العلمأء‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬إ الم ان بألفط البِد النا ابند الله علي أ العبأن شنأ يي شإ إليه نش الشقأء‬
‫شالسعأن ‪ .‬شلعل صحأي هذا القول نظ شا إلى المعنى اللغوب للفط ؛ إذ صل الفط ا كالم‬
‫الع ي البِد شالفأ ‪ :‬المبدئ شالمبندئ(‪ .)6‬شهذا القول حكأه ابش عبد الب ه رحمه الله ه عش‬
‫اإلنأم نألك شعبد الله بش المبأرك(‪.)7‬‬
‫شالقول بأإ الفط ها اإلسالم شالنوحيد هو الموا ق لي ح الق آإ كمأ ا قوله‬
‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ‬ ‫تعألى‪ :‬ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ‪[ .‬ال شم‪.]30 :‬‬ ‫ﯪ‬
‫قأل ابش كلي ه رحمه الله ه ا تفسي هأ‪ (( :‬إنه تعألى ط خلقه على نع نه‬
‫شتوحيده ش نه ال إله غي ه‪ . .)8())...‬هه‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬النم يد (‪ 27/94‬ه ‪.)70‬‬


‫(‪ )2‬المح ر الوريز (‪.)254/92‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬الجأنع ألحكأم الق آإ (ره‪.)21/94‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬رأنع العلوم شالحكم (ص‪.)422 :‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬الن أ ة ا غ ب الحد ث (‪.)457/1‬‬
‫(‪ )6‬نظ ‪ :‬اليحأح للجوه ب (‪ )749/2‬شلسأإ الع ي (‪.)247/90‬‬
‫(‪ )7‬انظ ‪ :‬النم يد (‪ 74 /94‬ه ‪.)71‬‬
‫(‪ )8‬تفسي ابش كلي (‪.)492/1‬‬
‫‪624‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شنش األنلة ضأ الدالة على إ الفط ها اإلسالم قوله ‪ « :‬جأءنا رب ل‪‬‬


‫بإنأء نش خم شإنأء نش لبش أخن ت اللبش قأل رب ل ‪(( :‬اخن ت الفط ))»(‪.)1‬‬
‫قأل النوشب‪(( :‬شقوله‪« :‬اخن ت الفط » س شا الفط هنأ بأإلسالم شاالسنقأنة؛‬
‫شنعنأه ه شالله علم ه اخن ت عالنة اإلسالم شاالسنقأنة‪ .‬شرعِل اللبش عالنة لكونه س ال‬
‫يبأ أه ا سأئغأ للشأربيش سليم العأقبة))(‪.)2‬‬
‫شنش األنلة الدالة على إ الفط ها اإلسالم ضأ قوله ‪ ‬ا حد ث الدعأء‬
‫المأثور‪« :‬إذا تيت نضجعك نوضأ شضوءك لليال ثم اضطجع على وقك األ مش شقل‪:‬‬
‫الل م سلمت نفسا إليك ش وضت ن ب إليك ش لجأت ظ ب إليك رهبة شرغبة إليك‬
‫ال نلجأ شال ننجأ ننك إال إليك آننت بكنأبك الذب نزلت شبنبيك الذب رسلت إإ‬
‫ت على الفط »(‪.)3‬‬ ‫ت ن َّ‬
‫ن َّ‬
‫ألم ان بألفط هنأ اإلسالم؛ قأله النوشب(‪.)4‬‬
‫شالقول بأن أ اإلسالم ال نأ ى القول بأإ الفط ها الميل إلى اإلسالم نشإ غي ه‬
‫شالن يؤ لذلك بألطبع شاالسنعدان له بألقو بل همأ عند النحييل عنب اإ قوال شاحدا؛‬
‫ألإ العبد لو ت ِك ش ط ته بأإ خال نش المؤث ات المغيثِ ل أ الخنأر اإلسالم كمأ قأل‬
‫النبا ‪ « :‬كل نولون ولد على الفط ه ب على اإلسالم ه أبواه ونانه ش ني انه ش‬
‫مجسأنه‪.)5(»....‬‬
‫قأل ابش األثي ه رحمه الله ه ا و حه‪(( :‬شالمعنى نه ولد على نوع نش الجبلة‬
‫شالطبع المن يئ لقبول الد ش لو ت ك علي أ السنم على لزشن أ شلم فأرق أ إلى غي هأ‬

‫(‪ )1‬خ ره نسلم ا كنأي اإل مأإ (‪ )247/2‬ح (‪.)171‬‬


‫(‪ )2‬و ح صحيح نسلم (‪.)357/1‬‬
‫(‪ )3‬خ ره البخأرب ا كنأي الدعوات بأي إذا بأت أه ا (ره‪ )251/5‬ح (‪ )1322‬شنسلم ا كنأي الذك‬
‫شالدعأء شالنوبة االسنغفأر (‪ )1251/4‬ح (‪.)1522‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬و ح صحيح نسلم للنوشب (ره‪.)34/92‬‬
‫(‪ )5‬ننفق عليه‪ :‬خ ره البخأرب ا كنأي الجنأئز بأي‪ :‬إذا سلم اليبا مأت هل يلى عليه شهل ع ض على‬
‫اليبا اإلسالم (ره‪ 991/2‬ه ‪ )920‬حد ث رقم (‪ )9154‬شحد ث رقم (‪ )9151‬ش خ ره نسلم ا كنأي‬
‫القدر (‪ )2047/4‬حد ث رقم (‪.)2254‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شإنمأ عدل عنه نش عدل آل ة نش آ أت البش شالنقليد ثم تملَّل بأشالن الي ون شالنيأرى‬
‫ا اتبأع م آلبأئ م شالميل إلى ن أن م عش نقنضى الفط السليمة))(‪ . .)1‬هه‪.‬‬
‫ش نأ القول اللألث و ضعيف ألنه اعنمد المعنى اللغوب للفط شالمعنى الش عا‬
‫نق ثدم على المعنى اللغوب شذلك بأتثفأإ هل الش ع شالعأر يش بألفقه(‪.)2‬‬
‫شلكش نبغا إ علم إ الفط شإإ كأنت ها اإلسالم ال عنا ذلك إ المولون‬
‫حيش خ ج نش بطش نه علم هذا الد ش ش ده‪ .‬إإ الله قول‪ :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ [النحل‪ ]22 :‬شلكش الم ان إ ط ته نوربة شنقنضية لد ش اإلسالم لق به نن أ‪ .‬نفس‬
‫الفط تسنلزم اإلق ار بخألقه شنحبنه شإخالص الد ش له‪ .‬شنوربأت الفط شنقنضيأت أ‬
‫تحيل ويئأ بعد واء بحسب كمأل الفط إذا سلمت نش المعأرض‪ .‬لو خلِثا شعدم‬
‫المعأرض لم عدل عش ذلك إلى غي ه‪ .‬كمأ نه ولد على نحبة نأ الئم بدنه نش األغذ ة‬
‫ندرج ا قبول ذلك ويئأ شيئأ بحسب حأرنه شهذا نش هدا ة الله تعألى‬ ‫شاألو بة ثم َّ‬
‫لخلقه ا رلب نأ نفع م شن ع نأ ضثهم كمأ قأل تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ [ هه‪.)3(]40 :‬‬
‫إذا ثبت هذا إإ هذا الط ق ه عنا نليل الفط ه قون إلى العلم بورون الله تعألى‬
‫شربوبينه شالعلم بنوحيده شتف نه بأسنحقأإ العبأن ؛ ورون الله تعألى ط ب ض شرب كمأ إ‬
‫العلم بنوحيد الله تعألى ششروي تف نه بألعبأن قد ِط النأس عليه كمأ ا الحد ث‬
‫القدسا‪« :‬خلقت عبأنب حنفأء كل م شإن م تن م الشيأ يش أرنألن م عش ن ن م»(‪ )4‬إال‬
‫إ تفأصيل العبأنات الوارب ص أ لله تعألى ال حيل العلم ب أ إال بواسطة الش ع ألإ‬
‫العبأنات نبنأهأ على النوقيف‪.‬‬
‫كمأ إ نليل الفط قون ضأ إلى إثبأت الكمأل شنفا النقأئص شالعيوي عش الله تعألى؛‬
‫ألإ النأس كمأ ن م نفطورشإ على اإلق ار بألخألق إن م نفطورشإ على نه رل شكب شعلى‬
‫وذ شندر ه لم قع بين م خالف ا‬ ‫شعظم شكمل نش كل واء؛ شلذا كل األنم السألفة ه إال نش َّ‬

‫(‪ )1‬الن أ ة ا غ ب الحد ث (‪.)457/1‬‬


‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬نح القد للشوكأنا (‪.)191/4‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪ )323/2‬شوفأء العليل (ص‪ 422 :‬ه ‪.)421‬‬
‫(‪ )4‬رزء نش حد ث خ ره نسلم ا كنأي الجنة شصفة نعيم أ (‪ )2917/4‬ح (‪.)2425‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إثبأت الكمأل لله تعألى شنفا النقأئص عنه شإنمأ شقع ا بيأإ صفأت الكمأل شتفييالت أ شنأ‬
‫نش حيث األصل ألكل نسنق ا ط هم الكمأل النأم الذب ال نقص يه بوره نش الوروه لله‬
‫سبحأنه(‪.)1‬‬
‫ش نأ تعييش صفأت الكمأل الالئقة بألله تعألى ال كوإ إال نش ر ة الش ع شنع‬
‫ذلك قد تقون الفط إلى تعييش بعض هذه اليفأت كيفة ثِ‬
‫علو الله تعألى على خلقه؛ لمأ‬
‫جد اإلنسأإ نش الض شر ا قلبه بطلب العلو حأل الدعأء إذا َحَزبَه ود ش حأرة ((شهذا‬
‫ن ننفق عليه بيش األنم النا لم تنغي ط ت أ لم حيل بين م بنوا ئ شاتفأإ‪ .‬شل ذا ورد‬
‫هذا ا ط األع اي شالعجأئز شاليبيأإ نش المسلميش شالي ون شالنيأرى شالمشكيش شنش‬
‫لم ق كنأبأ شلم نلق نلل هذا عش نعلِثم شال سنأذ))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬شنش و القيص ا هذه المسألة قية با المعألا الجو نا(‪ )3‬لمأ كأإ‬
‫قثِر نفا صفة ثِ‬
‫العلو ش قول‪ :‬كأإ الله شال ع ش شهو اآلإ على نأ كأإ عليه‪ .‬قأل بو رعف‬
‫ال مذانا(‪ )4‬نعن ضأ عليه‪ :‬خب نأ أ سنأذ عش هذه الض شر النا نجدهأ ا قلوبنأ نأ قأل‬
‫عأرف قط‪ « :‬أ الله» إال شرد ا قلبه ض شر بطلب العلو ال لنفت منة شال س‬
‫كيف ند ع هذه الض شر عش نفسنأ؟!! قأل‪ :‬لطم بو المعألا على ر سه شنزل ش ظنه‬
‫بكى‪ .‬شقأل‪ :‬حيث نا ال مذانا حيث نا ال مذانا(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪ /2‬ه ‪ )72‬شالفط حقيقن أ شنذاهب النأس ي أ (ص‪ 255 :‬ه ‪.)252‬‬
‫(‪ )2‬نرء النعأرض (‪.)92/2‬‬
‫(‪ )3‬هو عبد الملك بش وسف بش عبد الله الجو نا بو المعألا الملقب بإنأم الح نيش قيه صولا ننكلثِم‬
‫شكأإ ويخ الشأ عية ا زنأنه‪ .‬نش تيأنيفه الكلي ‪(( :‬الشأنل)) ش((الب هأإ)) شله تلخيص لكنأي‬
‫((النق ب)) للبأقالنا‪ .‬تو ا سنة (‪ )474‬هه‪ .‬انظ ‪ :‬سي عالم النبالء (‪ 424/94‬ه ‪ )477‬ش بقأت‬
‫الشأ عية (‪ 925/5‬ه ‪.)222‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬بو رعف نحمد بش الحسش بش نحمد بش عبد الله ال مذانا الحأ ظ‪ .‬قأل الحأ ظ ابش السمعأنا‪ :‬هو‬
‫ويح ثقة نِثش ش أل‪ :‬نأ ع ف إ ا ويوخ عي ه سمع حدا كل نمأ سمع هو‪ .‬شقأل الذهبا‪ :‬الحأ ظ‬
‫ال َّحأل الزاهد بقية السلف شاألثبأت نأت سنة (‪ )439‬هه‪ .‬انظ ‪ :‬النقييد البش نقطة (ره‪ 42/9‬ه ‪ )42‬شسي‬
‫عالم النبالء (‪ 909/60‬ه ‪.)906‬‬
‫(‪ )5‬العلو للذهبا (ص‪ )251 :‬شذك ه ا السي نسندا (‪ )477/94‬ش شرنه ابش تيمية ا االسنقأنة (‪.)927/9‬‬
‫=‬ ‫قأل األلبأنا ا نخني العلو (ص‪ :)277 :‬شإسنأن هذه القية صحيح نسلسل بألحفأظ ش بو رعف اسمه‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫هذا إإ العلم الفط ب بألله تعألى شتوحيده ال كفا ا الحكم على صأحبه‬
‫بأإلسالم إال إ نضم إليه اإلق ار بألش أنتيش شالعمل بمقنضى ذلك شقد تق ثدم إ نش‬
‫اعنقد اإلسالم شلم نلفظ بألش أنتيش نع القدر و كأ بأ نأ شظأه ا(‪.)1‬‬
‫حد العلم ه الذب هو و ه ا و أن إ ال إله إال الله ه ن‬ ‫شخالصة نأ سبق إ َّ‬
‫السو ة النا خلِ َق علي أ اإلنسأإ‪.‬‬
‫تقون شت دب إليه الفط َّ‬
‫كمأ إ تعلق هذا العلم بألفط هو نليل على و ينه شذلك نش شر يش‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬إ هذا العلم الفط ب ن ال تنفك عنه النفس حيث ظل نيأحبأ ل أ ال نفك‬
‫عن أ إال بمؤث خأررا شكذا صفة الش ه المنعلِثق بكل عبأن صحيحة إنه كوإ نالزنأ‬
‫لنلك العبأن ؛ إذ لو انفك عن أ خ رت عش كون أ صحيحة‪ .‬شهذا طثِن ا و أن النوحيد ال‬
‫إله إال الله؛ إذ ها عظم العبأنات بل صل أ ش سأس أ شرميع العبأنات نبنية علي أ‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬إ نعنى الفط الش عا هو صل النوحيد شاإلسالم على القول الحق‬
‫شالنوحيد شاإلسالم همأ نقنضى العلم بش أن إ ال إله إال الله بل همأ عه؛ شالمقنضا‬
‫للشاء كوإ و أ يه‪ .‬بيأنه‪ :‬إ المقنضا للشاء الشَّاء ال يح إال به؛ يكوإ و أ‬
‫ليحنه‪ .‬نلأله‪ :‬إ اإلسالم نقنضِ لليال شاليال ال تيح إال به؛ و و ه ليحن أ‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬دليل الخلق واإليجاد‪:‬‬
‫هذا الدليل ا األصل سأإ للنوصل نش خالله إلى العلم بنوحيد الله ‪ ‬الذب هو‬
‫و ه ا كلمة النوحيد ال إله إال الله‪ .‬شهو نمأ َسنَ ِدل به هل السنة ضأ على شرون الله‬
‫تعألى شإ جأنه األويأء‪.‬‬
‫ش ق هذا الدليل هو النظ ا نفعوالت الله تعألى‪(( :‬إذ ها نالة على األ عأل‬
‫شاأل عأل نالة على اليفأت؛ إإ المفعول دل على أعل عله شذلك سنلزم شرونه‬
‫شقدرته شنشيئنه شعلمه السنحألة صدشر الفعل االخنيأرب نش نعدشم ش نورون ال قدر له‬
‫شال حيأ شال علم شال إران ))(‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= نحمد بش با علا الحسش بش نحمد ال مدانا نأت سنة (‪ )519‬هه شقد شصفه ويخ اإلسالم ا نجموع‬
‫الفنأشى (‪ )44/4‬بألشيخ العأرف‪. .‬هه‪.‬‬
‫(‪ )1‬شانظ ‪ :‬نعألم الننز ل ‪ 221 /2‬ه ‪ )270‬ش نح القد للشوكأنا (‪ 194/4‬ه ‪.)191‬‬
‫(‪ )2‬الفوائد البش القيم (ص‪.)49 :‬‬
‫‪621‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫تنوعت سأليب الق آإ ا ع ضه‬ ‫شقد رأء تق هذا الدليل ا الق آإ الك م شقد َّ‬
‫ش مكش حي هأ ا سلوبيش‪:‬‬
‫األسلوب األول‪ :‬هو الدعو إلى النظ شالنفك ا نخلوقأت الله ه تعألى ه العظيمة؛ كخلق‬
‫السموات شاألرض شتعأقب الليل شالن أر شتي ف ال أح شالسحأي شإنزال المط شغي‬
‫ذلك نش اآل أت الكونية الدالة على شرون الله تعألى ششروي توحيده‪ .‬شهذا األسلوي ع ف‬
‫بدليل اآلفاق‪.‬‬
‫األسلوب الثاني‪ :‬هو الدعو إلى النظ شالنأنل ا خلقة اإلنسأإ شنأ ي أ نش عجأئب‬
‫شتكأنل عضأئه شتنأسق أ ششرون كل عضو ا الموضع‬ ‫ِ‬ ‫صنع الله تعألى شإتقأنه‬
‫المنأسب له بل كل عضو ننه ال يلح إال للموضع الذب هو يه نبأرك الله حسش‬
‫الخألقيش‪ .‬شكذلك نأ تؤشل إليه النفس البش ة نش النغي ات المشأهد حيث كأنت نطفة‬
‫ثم صأرت علقة ثم نضغة ثم لحمأ شعيبأ شعظأنأ شآالت شحواس حية نوا قة‬
‫لميألح أ ثم بعد االنفيأل نش ق ار نكيش نعأقب علي أ اليغ شالكب شالضعف‬
‫شالقو شالج ل شالعلم شالم ض شاليحة إلى غي ذلك نش النغي ات؛ ال بد ل ذه‬
‫النغي ات نش نغيثِ قأنر عألم شهذا األسلوي ع ف بدليل األنفس(‪.)1‬‬
‫شكل هذه األنلة تقون إلى العلم بورون الله تعألى شتوحيده ش نه الخألق المورد ل ذا‬
‫الكوإ‪ .‬ش يمأ لا ذك لبعض نيوص الق آإ الدالة على هذه األنلة شنأ تيس نش كالم‬
‫هل العلم علي أ‪.‬‬
‫قول تعألى‪ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ [ يلت‪.]43 :‬‬ ‫ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ا هذه اآل ة الك مة رمع الله تعألى بيش نليلا اآل أإ شاألنفس ا الننبيه على‬
‫المورد له شلذا كأإ هو اإلله الحق المسنحق ألإ‬‫شرونه تعألى ش نه الخألق ل ذا الكوإ ِ‬
‫عبد شحده ال و ك له‪.‬‬
‫شنش نالئل األنفس على شرون الله تعألى قوله تعألى‪ :‬ﮢ ﭩﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫[الذارأت‪ ]69:‬شقوله‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ [الطأرإ‪ ]4:‬حيث نعأ سبحأنه شتعألى اإلنسأإ‬

‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬ت ريح سأليب الق آإ (ص‪ )15 :‬شنوقف الطوائف المننسبة إلى اإلسالم نش شرون الله شإ جأنه األويأء‬
‫(ص‪.)924 :‬‬
‫‪620‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إلى النفك شالنبي ا هذه النفس النا بيش رنبيه شنأ ي أ نش عجأئب صنع الله تعألى شإتقأنه‬
‫عظم ناللة على شرونه تعألى‪.‬‬
‫ألإ ا ذلك َ‬
‫كمأ إ الله تعألى ق ر شروي توحيده شإ انه بألعبأن ب ذا الدليل ذاتِه كمأ ا قوله‬
‫تعألى‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [البق ‪ 69 :‬ه ‪ .]66‬نبَّه‬
‫العبأن على شروي عبأنته بأنه خألق م شنوردهم ثم رنف بعده نليال آ أقِيأ على شروي‬
‫توحيده ا هذه العبأن شهو تم يده ه سبحأنه شتعألى ه األرض شر عه السموات بغي عمد‬
‫ت شن أ شإنزاله المط المخ ج للزرع شالنبأت؛ شذلك ألإ اعنقأن هذا النوحيد الزم لمش قث لله‬
‫تعألى بألخلق شاإل جأن؛ ألخألق ل ذه األويأء هو المسنحق للعبأن ‪.‬‬
‫قول العالنة السعدب ه رحمه الله ه ‪(( :‬شهذه اآل ة رمعت بيش األن بعبأن الله‬
‫شحده شالن ا عش عبأن نأ سواه شبيأإ الدليل البأه على شروي عبأنته شبطالإ عبأن‬
‫نش سواه شهو ذك توحيد ال بوبية المنضمش النف انه بألخلق شال زإ شالندبي إذا كأإ كل‬
‫حد نق ا بأنه ليس له و ك ا ذلك كذلك ليكش إق اره بأإ الله ال و ك له ا‬
‫العبأن شهذا شضح نليل عقلا على شحدانية البأرب شبطالإ الش ك))(‪.)1‬‬
‫شنش نالئل اآل أإ على شرون الله تعألى شتوحيده قوله تعألى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [البق ‪.]924 :‬‬
‫قأل ابش ر ه رحمه الله تعألى ه بعد إ ذك اخنالف المفس ش ا السبب الذب‬
‫نش رله نزل الله تعألى هذه اآل ة على نبيه الك م صلى الله عليه شسلم‪(( :‬شاليواي نش‬
‫القول ا ذلك إ الله ه تعألى ذك ه ه نبَّه عبأنه على الداللة على شحدانينه شتفثنه بأأللوهة‬
‫نشإ كل نأ سواه نش األويأء ب ذه اآل ة))(‪.)2‬‬
‫ش ش د لكالم ابش ر ه رحمه الله ه نأ ذك ه الشوكأنا بقوله‪(( :‬لمأ ذك سبحأنه النوحيد‬
‫بقوله‪ :‬ﯽ ﯾ ﯿ عقب ذلك بألدليل الدال عليه شهو هذه األنور النا ها نش عظم صنعة‬
‫اليأنع الحكيم نع علم كل عأقل بأنه ال ن يأ نش حد نش اآلل ة النا ثبن أ الكفأر إ أتا‬

‫(‪ )1‬تيسي الك م ال حمش ا تفسي كالم المنأإ (ص‪.)45 :‬‬


‫(‪ )2‬تفسي ابش ر الطب ب (‪.)4/1‬‬
‫‪629‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بشاء نن أ ش قندر عليه ش على بعضه شها خلق السموات شخلق األرض شتعأقب الليل‬
‫بث الدش ِث‬
‫اي نن أ‬ ‫شالن أر شر ب الفلك ا البح شإنزال المط نش السمأء شإحيأء األرض به ش َّ‬
‫بسببه شتي ف ال أح؛ إإ نش نعش نظ ه شعمل ك ه ا شاحد نن أ انب له شضأإ ذهنه عش‬
‫تيور حقيقنه‪ .‬شتحنم عليه النيد ق بأإ صأنعه هو الله سبحأنه))(‪ .)1‬انن ى‪.‬‬
‫كمأ إ نليل الخلق شاإل جأن نال ضأ على العلم بيفأت الله تعألى‪ .‬شقد ق ر ذلك‬
‫ابش القيم ه رحمه الله ه حسش تق حيث قول‪ (( :‬أنأ المفعوالت إن أ نالة على األ عأل‬
‫شاأل عأل نالة على اليفأت؛ إإ المفعول دل علا أعل عله شذلك سنلزم شرونه شقدرته‬
‫شنشيئنه شعلمه السنحألة صدشر الفعل االخنيأرب نش نعدشم ش نورون ال قدر له شال حيأ شال‬
‫علم شال إران ‪ .‬ثم نأ ا المفعوالت نش النخيييأت المننوعة نال على إران الفأعل ش إ عله‬
‫الح َكم شالغأ أت‬‫ليس بألطبع بحيث كوإ شاحدا غي ننك ر‪ .‬شنأ ي أ نش الميألح ش ِ‬
‫المحمون نال على حكمنه تعألى‪ .‬شنأ ي أ نش النفع شاإلحسأإ شالخي نال على رحمنه‪ .‬شنأ‬
‫ي أ نش البطش شاالننقأم شالعقوبة نال على غضبه‪ .‬شنأ ي أ نش اإلك ام شالنق ب شالعنأ ة نال‬
‫شن ْقنِه‪ ...‬إلى إ قأل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫على نحبنه‪ .‬شنأ ي أ نش اإلهأنة شاإلبعأن شالخذالإ نال على بغضه َ‬
‫مفعوالته نش نل واء على صفأته شصدإ نأ خب ت به رسله عنه؛ ألمينوعأت وأهد‬
‫تيدإ اآل أت المسموعأت ننب ة على االسندالل بأآل أت المينوعأت))(‪.)2‬‬
‫جأنه ل أ نش ظ األنلة‬ ‫شخالصة القول إ َخ ْلق الله ه سبحأنه شتعألى ه األويأءَ شإ َ‬
‫الدالة على شرونه ششروي توحيده بألعبأن شعلى كمأل صفأته‪.‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬العقل‪.‬‬
‫قة العقل ا االسندالل على إثبأت شرون الله تعألى ششروي توحيده ا العبأن‬
‫شتق صفأته نش الط إ النا سلك أ هل السنة شالجمأعة شذلك نوا قة نن م لمن ج‬
‫الق آإ الذب رأء بألكلي نش األقيسة العقلية الدالة على شرون الله تعألى شتوحيده شإثبأت‬
‫صفأته(‪ .)3‬شهذا بطل نزاعم المنكلميش نش إ هل السنة لم سلكوا إ العقل ا النفا‬

‫(‪ )1‬نح القد (‪ 252/9‬ه ‪.)251‬‬


‫(‪ )2‬الفوائد (ص‪ 49 :‬ه ‪.)42‬‬
‫قة العقل عند هل السنة ش قة العقل عند المنكلميش أهل السنة سنفيدشإ‬ ‫(‪ )3‬شهذا هو نكمش الف إ بيش‬
‫=‬ ‫إ العقل نش الكنأي شالسنة ش نأ المنكلموإ يسنندشإ إلى العقل المج ن ا نعزل نش الش ع شذلك نمأ‬
‫‪626‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شاإلثبأت؛ لظن م ه ب المنكلميش ه إ الق آإ ليس يه ِح َجأج عقلا‪ .‬شهؤالء لم ندب شا نلة‬
‫الق آإ شلم قفوا على نعأني أ؛ إذ لو عملوا عقول م ا م كالم الله تعألى لوردشا نأ‬
‫هْب العقول ش حيِث األلبأي نش األنلة العقليَّة النا رأء ب أ الق آإ ا تق شرون الله‬
‫ششروي توحيده‪ .‬شقد اعن ف ب ذا كلي نش سأ يش علمأء الكالم نمش ع ض عش الق آإ‬
‫شاونغل بفلسفة اليونأإ ثم ررع إلى قة الق آإ شقد شرن ابش القيم ه رحمه الله تعألى ه نللة‬
‫ل ذه االعن ا أت؛ حكى عش بعض المنكلميش قوله‪ (( :‬نيت عم ب ا الكالم لب‬
‫الدليل شإذا نأ ال زنان إال بعدا عش الدليل رعت إلى الق آإ تدب ه ش تفك يه شإذا نأ‬
‫بألدليل حقأ نعا ش نأ ال وع به‪ .‬قلت‪ :‬شالله نأ نللا إال كمأ قأل القأئل‪:‬‬
‫ق ه ه ه ي الحبيه ه ههب شنه ه ههأ إليه ه ههه شصه ه ههول‬ ‫رم ه ههة‬
‫شن ه ههش العجأئ ه ههب شالعجأئ ه ههب َّ‬
‫شالم ه ه ه ههأء ه ه ه ههوإ ظ وره ه ه ه ههأ نحم ه ه ه ههول‬ ‫ك ههألعيس هها البي ههداء قنل ههأ الظَّم ههأ‬
‫قأل‪ :‬لمأ ررعت إلى الق آإ إذا هو الحكم شالدليل شر ت يه نش نلة الله‬
‫شحججه شب اهينه شبيِثنأته نأ لو رمع كل حق قأله المنكلموإ ا كنب م لكأنت سور نش‬
‫المفيل شح ْسش‬
‫َّ‬ ‫سور الق آإ شا ية بمضمونه؛ نع حسش البيأإ ش يأحة اللفظ شتطبيق‬
‫االحن از شالننبيه على نواقع الشبه شاإلروأن إلى رواب أ))(‪.)1‬‬
‫ثم علَّق ابش القيم ه رحمه الله ه على هذا القول قأئال‪(( :‬شإذا هو كمأ قيل ه بل وإ‬
‫نأ قيل ه‪:‬‬
‫لذب ري ا القول ِردَّا شال هزال هزال‬ ‫كفى شوفى نأ ا الفؤان لم دع‬
‫إلا كمأ كأنت شتنزاحم ا صدرب شال أذإ ل أ‬ ‫ِ‬
‫شرعلت ريوش الكالم بعد ذلك تَفد َّ‬
‫القلب بألدخول يه شال تلقى ننه إقبأال شال قهبوال ن رع على نبأرهأ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فضا ب م إلى البأ ل ألإ العقل نظنة الخطأ إقحأنه بمعزل عش الش ع ا نور الغيب نش عظم الضالل‬ ‫=‬

‫الله شليس لله نظي يقيس‬ ‫ش بطل البأ ل ألإ العقل ليس عنده ا نور الغيب نأ قيسه عليه؛ ألنه لم‬
‫صفأته عليه لم بق إال الش ع ش قنه العقلية ا بأي النفا شاإلثبأت ألنه قد تى بكلي نش تلك المقأ يس‬
‫العقلية كمأ تقدم‪.‬‬
‫(‪ )1‬نفنأح نار السعأن (‪.)459/9‬‬
‫‪623‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫والمقصود إ الق آإ نملوء بأالحنجأج ش يه رميع نواع األنلة شاألقيسة‬


‫اليحيحة))(‪ . .)1‬هه‪.‬‬
‫شهذه الط ق تعنب نش قوى شسأئل اإلقنأع ألإ نأ قثِره العقل شَش د له بألض شر‬
‫ال سبيل إلى رحده ش إنكأره إال اسنكبأرا شنفورا قأل تعألى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫[النمل‪.]94 :‬‬
‫ش قة الق آإ ا االسندالل العقلا قة س لة شاضحة بعيد عش النعقيد‬
‫شالغموض الذب كننف إ المنكلميش العقلية نمأ جعل هذه الط إ سمجة نمجورة‪.‬‬
‫ش نأ قة الق آإ ا س لة ف م أ رميع النأس؛ ألإ الق آإ ن ِزل للنأس كأ ة‪.‬‬
‫شنش نلة الق آإ العقلية المقثِر لورون الله تعألى قوله تعألى‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ [إب اهيم‪.]90 :‬‬
‫تضمش اسنف أنأ تق أ ألنه نمأ تقبله النفوس شال مكش إ تحيد‬ ‫هذا الدليل قد َّ‬
‫عنه؛ ألن أ ربِلت ش ِط ت عليه‪ .‬ثم تبعه الله تعألى بدليل آ أقا شهو خلقه شإبداعه‬
‫للسموات شاألرض شهذا نمأ جعل العقل وأهدا لورونه؛ ألإ هذه السموات شاألرض‬
‫ب ذه العظمة شب ذا الخلق البد ع شالنظأم األنيق ال بد ل أ نش أ خألق قأئم بأن هأ‪ .‬شهذا‬
‫نمأ ال وك يه‪ .‬شلذا قطع الله تعألى الشك ا شرونه على لسأإ رسله بكونه أ‬
‫السموات شاألرض‪.‬‬
‫قأل ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه ((شكذلك قول ال سل‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ هو نفا ب‬
‫ليس ا الله وك شهو اسنف أم تق نضمش تق األنم على نأ هم نق شإ به نش نه ليس‬
‫إإ ح ف االسنف أم إذا نخل على ح ف النفا كأإ‬ ‫ا الله وك ذا اسنف أم تق‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸﭹ‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫تق ا كقوله‪ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫(‪)2‬‬
‫شنلله كلي ))‬

‫شقأل ابش كلي ه رحمه الله ه ا نعنى اآل ة‪(( :‬شهذا حنمل ويئيش حدهمأ ا شرونه‬
‫وك إإ الفط وأهد بورونه شنجبولة على اإلق ار به إإ االعن اف به ض شرب ا الفط‬

‫(‪ )1‬نفنأح نار السعأن (‪ )457/9‬شانظ ‪ :‬نعأرج الوصول إلى إ صول الد ش ش شعه قد بين أ ال سول صلى الله‬
‫عليه شسلم (ص‪.)90:‬‬
‫(‪ )2‬نجموع الفنأشى (‪ 111/92‬ه ‪ )140‬شانظ ‪ :‬اليواعق الم سلة (‪.)9229/4‬‬
‫‪624‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫السليمة شلكش قد ع ض لبعض أ وك شاضط ار نحنأج إلى النظ ا الدليل الموصل إلى‬
‫شرونه شل ذا قألت ل م ال سل ت ودهم إلى ق نع نه بأنه ﯘ ﯙ ﯚ الذب خلق مأ‬
‫شابندع مأ على غي نلأل سبق إإ وواهد الحدشث شالخلق شالنسخي ظأه علي مأ ال بد‬
‫ل مأ نش صأنع شهو الله ال إله إال هو خألق كل واء شإل ه شنليكه‪.‬‬
‫شالمعنى اللأنا‪ :‬ا قول م ﯕ ﯖ ﯗ ب ا إل ينه شتف نه بوروي العبأن له وك‬
‫شهو الخألق لجميع المورونات شال سنحق العبأن إال هو شحده ال و ك له إإ غألب األنم‬
‫كأنت نق بأليأنع شلكش تعبد نعه غي ه نش الوسأئط النا ظنون أ تنفع م ش تق ب م نش الله‬
‫زلفى))(‪.)1‬‬
‫شعلى االحنمأل اللأنا الذب ذك ه ابش كلي ه رحمه الله ه ا نعنى اآل ة تكوإ اآل ة‬
‫نش نلة العقول الشأهد بنوحيد الله ششروي تف نه بأسنحقأإ العبأن ‪ .‬شب ذا االحنمأل ا‬
‫تفسي اآل ة قأل رمع نش المفس ش(‪.)2‬‬
‫شنش األنلة العقلية الشأهد بورون الله تعألى ش نه الخألق ل ذا الكوإ ضأ قوله‬
‫تعألى‪ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ [الطور‪ .]34 :‬ذه اآل ة ود قطعأ‬
‫شناللة على شرون الله تعألى؛ ألن أ قد اونملت على حجة عقلية شاضحة ال مكش ألب‬
‫عقل إنكأرهأ ش رنهأ؛ إذ ها نقنضى قسمنِه اليحيحة إإ اإلنسأإ ه ال عدش ه إنأ إ‬
‫كوإ قد خلق نفسه ش خلقه غي ه ش خلِق نش غي خألق ب نش غي واء‪ .‬شالعقل‬
‫حيل إ كوإ اإلنسأإ خألقأ لنفسه ألإ ذلك وإ نقدشر اإلنسأإ ش أقنه؛ و ال‬
‫سنطيع إ ز د ا حيأته بعد شرونه شتعأ يه سبأي الحيأ سأعة شاحد شال صبعأ شال‬
‫ظف ا شال وع كيف كوإ خألقأ لنفسه حأل عدنه؟ هذا نمننع نحأل ا العقول‪.‬‬
‫كمأ إ االحنمأل القأضا بأإ كوإ اإلنسأإ قد خلِق نش غي خألق نحأل ضأ‬
‫عند كل عأقل؛ ألإ ذلك نعأرض لقأنوإ السببية الذب بط بيش المسببأت ش سبأب أ ش بط‬
‫الننأئج بمقدنأت أ شالظواه بعلل أ ش سنحيل ش قأ له إ ورد ث بال نؤث شخلق بال‬
‫خألق ش حكم بأإ كل نخلوإ ال بد له نش خألق‪.‬‬

‫(‪ )1‬تفسي ابش كلي (‪.)502/2‬‬


‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬رأنع البيأإ (‪ )201/91‬الجأنع ألحكأم الق آإ (ره‪ )142/1‬تفسي الواحدب (‪ )25/1‬تفسي‬
‫السم قندب المسمى بح العلوم (‪ )202/2‬شرشح المعأنا (‪.)945/7‬‬
‫‪624‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إذا بطل القسمأإ األشالإ عقال ش ط تعيَّش القسم اللألث‪ :‬شهو إ ل م خألقأ‬
‫ي العظيم الخألق لكل واء المنيثِف ا كل واء‬ ‫خلق م شنحدثأ حدث م شهو ال ث‬
‫المدبِث ل نور كل أ‪ .‬كيف شكوإ به إل أ غي ه شهو شحده الخألق ل م؟(‪.)1‬‬
‫شنش نالئل العقول الشأهد بوروي توحيد الله تعألى شإ انه بألعبأن قوله تعألى‪:‬‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ [المؤننوإ‪.]19 :‬‬
‫هذه اآل ة نش ظ األنلة الدالة على توحيد الله تعألى شبطالإ الش ك ا ربوبية الله‬
‫تعألى ش لوهينه؛ إذ ها نشنملة على نليل النمأنع(‪ )2‬الدال على لوهية الله تعألى بط ق‬
‫اللزشم؛ إذ لزم نش النمأنع ا الخلق شاإل جأن النمأنع ا العبأن شاأللوهية؛ كمأ سنحيل‬
‫إ كوإ للعألم ربثأإ خألقأإ ننكأ ئأإ كذلك سنحيل إ كوإ ل م إل أإ نعبوناإ‪.‬‬
‫العز ه رحمه الله ه ا تق هذا الدليل‪(( :‬شلمأ كأإ الش ك ا ال بوبية‬‫قول ابش با ث‬
‫ننمأثليش ا اليفأت شاأل عأل‬‫ْ‬ ‫خألقيش‬
‫ْ‬ ‫نعلوم االنننأع عند النأس كلِث م بأعنبأر إثبأت‬
‫شإنمأ ذهب بعض المشكيش إلى إ ثم خألقأ خلق بعض العألم كمأ قوله اللنو ة ا‬
‫الظلمة شكمأ قوله القدر ة ا عأل الحيواإ شكمأ قوله الفالسفة الده ة ا حكة‬

‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬اليواعق الم سلة (‪412/2‬ه ‪ )411‬شال أض النأض (ص‪ 202 :‬ه ‪ )207‬شنوقف الطوائف المننسبة‬
‫إلى اإلسالم نش شرون الله شإ جأنه المخلوقأت (ص‪ 911 :‬ه ‪.)940‬‬
‫(‪ )2‬نليل النمأنع‪ :‬نعنأه انننأع صدشر العألم عش اثنيش‪ .‬شهذا الدليل قثِره المنكلموإ إلثبأت صدشر هذا العألم عش‬
‫خألق شاحد شهو الله عز شرل‪ .‬شتوضيحه كمأ قأل ويخ اإلسالم ابش تيمية ه رحمه الله ه ( نه لو كأإ للعألم‬
‫صأنعأإ لكأإ حدهمأ إذا ران ن ا ش ران اآلخ خال ه نلل إ د حدهمأ إ الع الشمس نش نش ق أ ش د‬
‫اآلخ إ الع أ نش نغ ب أ ش نش ر ة خ ى انننع إ حيل ن اناهمأ ألإ ذلك رمع بيش الضد ش يلزم إنأ إ ال‬
‫حيل ن ان كل شاحد نن مأ ال كوإ شاحد نن مأ ربأ شإنأ إ حيل ن ان حدهمأ نشإ اآلخ يكوإ الذب‬
‫حيل ن انه هو ال ي نشإ اآلخ ‪.‬‬
‫شقد ق ر ذلك بأإ قأل‪ :‬إذا ران نأال خلو المحل عن مأ نلل إ د حدهمأ تح ك رسم ش د اآلخ‬
‫تسكينه انننع حيول ن انهمأ شانننع عدم ن اناهمأ رميعأ ألإ الجسم ال خلو عش الحكة ش السكوإ‬
‫نعيَّش إ حيل ن ان حدهمأ نشإ اآلخ يكوإ هو ال ي)‪[ .‬نن أج السنة النبو ة (‪ 104/1‬ه ‪ .])105‬شانظ ‪:‬‬
‫نرء النعأرض (‪ 154/1‬ه‪ )155‬شو ح الطحأش ة البش با العز (ص‪ )10:‬شو ح المقأصد ا علم الكالم‬
‫(‪ 45/2‬ه ‪.)42‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األ الك ش حكأت النفوس ش األرسأم الطبيعية إإ هؤالء لبنوإ نورا نحدثة بدشإ‬
‫إحداث الله إ أهأ م نشكوإ ا بعض ال بوبية شكلي نش نشكا الع ي شغي هم قد ظش‬
‫ا آل نه ويئأ نش نقع ش ضث بدشإ إ خلق الله ذلك‪.‬‬
‫لمأ كأإ هذا الش ك ا ال بوبية نورونا ا النأس بيثش الق آإ بطالنه كمأ ا قوله‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫تعألى‪ :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫﭬ [المؤننوإ‪.]19 :‬‬
‫نأنل هذا الب هأإ البأه ب ذا اللفظ الوريز الظأه ‪ .‬إإ اإلله الحق ال بد إ كوإ‬ ‫ث‬
‫خألقأ أعال وصل إلى عأبده النفع ش د ع عنه الض لو كأإ نعه ه سبحأنه ه إله آخ‬
‫شكه ا نلكه لكأإ له خلق ش عل شحينئذ ال ضى تلك الشكة بل إإ قدر على ق‬
‫ذلك الش ك شتف نه بألملك شاإلل ية نشنه عل شإإ لم قدر على ذلك انف ن بخلقه شذهب‬
‫بذلك الخلق كمأ نف ن نلوك الدنيأ بعض م عش بعض بملكه إذا لم قدر المنف ن نن م‬
‫على ق اآلخ شالعلو عليه‪ .‬ال بد نش حد ثالثة نور‪:‬‬
‫إنأ إ ذهب كل إله بخلقه شسلطأنه‪.‬‬
‫شإنأ إ علو بعض م على بعض‪.‬‬
‫شإنأ إ كونوا تحت ق نلك شاحد ني ف ي م كيف شأء شال ني وإ يه‬
‫بل كوإ شحده هو اإلله شهم العبيد الم بوبوإ المق ورشإ نش كل شره‪.‬‬
‫شاننظأم ن العألم كله شإحكأم ن ه نش نل نليل على إ ندبِث ه إله شاحد شنلك‬
‫شاحد شري شاحد ال إله للخلق غي ه شال ري ل م سواه‪ .‬كمأ قد نل نليل النمأنع على إ‬
‫خألق العألم شاحد ال ري غي ه شال إله سواه ذلك تمأنع ا الفعل شاإل جأن شهذا تمأنع‬
‫ا العبأن شاإلل ية‪ .‬كمأ سنحيل إ كوإ العألم ربَّأإ خألقأإ ننكأ ئأإ كذلك سنحيل‬
‫إ كوإ ل م إل أإ نعبوناإ‪.‬‬
‫ألعلم بأإ شرون العألم عش صأنعيش ننمأثليش نمننع لذاته نسنق ا الفط نعلوم‬
‫بي ح العقل بطالنه كذا تبطل إل ية اثنيش أآل ة الك مة نوا قة لمأ ثبت شاسنق ا‬
‫الفط نش توحيد ال بوبية نالة نلبنة نسنلزنة لنوحيد االل ية))(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬و ح الطحأش ة (ص‪ 17 :‬ه‪ .)11‬شانظ ‪ :‬اليواعق الم سلة البش القيم (‪ 421/2‬ه ‪ )424‬شنن أج السنة النبو ة‬
‫(‪ 111/1‬ه‪ )115‬شنفنأح نار السعأن (‪ 47/2‬ه ‪.)44‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ‬ ‫شق ب نش نعنى هذه اآل ة قوله تعألى‪ :‬ﯟ ﯠ‬


‫[األنبيأء‪ .]66 :‬إذ نلت على نه ال جوز إ كوإ ي مأ آل ة ننعدن بل ال كوإ اإلله إال‬
‫شاحدا شعلى نه ال جوز إ كوإ هذا اإلله الواحد إال الله سبحأنه شتعألى ش إ سأن‬
‫السموات شاألرض لزم نش كوإ اآلل ة ي مأ ننعدن شنش كوإ اإلله الواحد غي الله ش نه ال‬
‫صالح ل مأ إال بأإ كوإ اإلله ي مأ هو الله شحده ال غي ه‪ .‬لو كأإ للعألم إل أإ نعبوناإ‬
‫لفسد نظأنه كله؛ إإ قيأنه إنمأ هو بألعدل شبه قأنت السموات شاألرض‪ .‬ش ظلم الظلم‬
‫على اإل الإ الش ك ش عدل العدل النوحيد(‪.)1‬‬
‫أآل ة الك مة بيَّنت انننأع لوهية غي ه تعألى نش ر ة الفسأن النأوىء عش عبأن نأ‬
‫سواه ألنه ال صالح للخلق إال بألمعبون الم ان لذاته نش ر ة غأ ة عأل م شن أ ة حكأت م‬
‫شنأ سوى الله ال يلح لو كأإ ي مأ نعبون غي ه لفسدتأ نش هذه الج ة إنه سبحأنه هو‬
‫المعبون المحبوي لذاته كمأ نه هو ال ي الخألق بمشيئنه(‪.)2‬‬
‫كمأ إ العقل وأهد ضأ بأسنحقأإ الله تعألى ل سمأء الحسنى شاليفأت العلى‪.‬‬
‫شو أن العقل على سمأء الله شصفأته تكوإ على شر يش‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬على سبيل اإلرمأل‪ .‬ألعقل نال نش حيث الجملة على إ االتيأف‬
‫بأليفأت ا ح ثِد ذاته كمأل شعدم االتيأف ب أ ا ح ثِد ذاته نقص؛ شالله شلى بألكمأل‬
‫نش النقص‪.‬‬
‫شألإ شاهب الكمأل شنورده شلى بأإ كوإ ننيفأ به نش غي ه‪.‬‬
‫شألنه لو لم نيف سبحأنه شتعألى بأليفنيش المنقأبلنيش(‪ )3‬لزم إ نيف‬
‫بأحدهمأ(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬و ح الطحأش ة (ص‪ )11 :‬بني ف سي ‪.‬‬


‫(‪ )2‬نن أج السنة النبو ة (‪ 114/1‬ه ‪ )115‬بني ف سي ‪.‬‬
‫(‪ )3‬عنا المنضأنتيش كألسمع شعدنه ش البي شضده‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬األصف أنية (ص‪ )994 :‬شالنبوات (‪ )249/9‬شنجموع الفنأشى (‪ )44/2 44/1‬شاليواعق الم سلة‬
‫(‪ 9040/1‬ه ‪.)9049‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الوجه الثاني‪ :‬على سبيل النفييل‪ :‬إإ العقل قد نل على بعض اليفأت الالئقة بألله‬
‫سميه بعض العلمأء بداللة الينعة‬ ‫ِ‬
‫تعألى شذلك نش خالل نينوعأته شنفعوالته شهو نأ ث‬
‫على اليفأت شهو ق نش إ اإلثبأت‪.‬‬
‫قأل ابش القيم ه رحمه الله ه ((هذا هو الط ق اللأنا نش إ إثبأت اليفأت شهو‬
‫ناللة الينعة علي أ؛ إإ المخلوإ دل على شرون خألقه شعلى حيأته شعلى قدرته شعلى‬
‫علمه شنشيئنه‪ .‬إإ الفعل االخنيأرب سنلزم ذلك اسنلزانأ ض شر أ‪ .‬شنأ يه نش اإلتقأإ‬
‫شاإلحكأم ششقوعه على كمل الوروه دل على حكمة أعله شعنأ نه‪ .‬شنأ يه نش اإلحسأإ‬
‫شالنفع ششصول المنأ ع العظيمة إلى المخلوإ دل على رحمة خألقه شإحسأنه شرونه‪ .‬شنأ‬
‫يه نش آثأر الكمأل دل على إ خألقه كمل ننه معطا الكمأل حق بألكمأل شخألق‬
‫األسمأع شاألبيأر شالنطق حق بأإ كوإ سميعأ بيي ا ننكلمأ شخألق الحيأ شالعلوم‬
‫شالقدر شاإلرانات حق بأإ كوإ هو كذلك ا نفسه مأ ا المخلوقأت نش نوع‬
‫النخيييأت هو نش نل واء على إران ال ي سبحأنه شنشيئنه شحكمنه النا اقنضت‬
‫النخييص‪ .‬شحيول اإلرأبة عقيب سؤال الطألب على الوره المطلوي نليل على علم‬
‫ال ي تعألى بألجزئيأت شعلى سمعه لسؤال عبيده شعلى قدرته على قضأء حوائج م‬
‫شعلى ر نه شرحمنه ب م‪ .‬شاإلحسأإ إلى المطيعيش شالنق ي إلي م شاإلك ام شإعالء نررأت م‬
‫دل على نحبنه شرضأه‪ .‬شعقوبنه للعيأ شالظلمة ش عداء رسله بأنواع العقوبأت المش ون‬
‫تدل على صفة الغضب شالسخط‪ .‬شاإلبعأن شالط ن شاإلقيأء دل على المقت شالبغض‪.‬‬
‫ذه الدالالت نش رنس شاحد عند النأنل شل ذا نعأ سبحأنه ا كنأبه عبأنه إلى‬
‫االسندالل بذلك على صفأته و لبت العلم ب بوبينه ششحدانينه شصفأت كمأله بآثأر صفنه‬
‫المش ون شالق آإ نملوء بذلك‪ .‬يظ وأهد اسم الخألق نش نفس المخلوإ شوأهد اسم‬
‫ال ازإ نش شرون ال زإ شالم زشإ شوأهد اسم ال حيم نش و ون ال حمة المبلوثة ا العألم‬
‫شاسم المعطا نش شرون العطأء الذب هو ندرار ال نقطع لحظة شاحد شاسم الحليم نش‬
‫النواي نش نغف الذنوي شقبول‬ ‫حلمه عش الجنأ شالعيأ شعدم نعأرلن م شاسم الغفور ش َّ‬
‫النوبة ش ظ وأهد اسمه الحكيم نش العلم بمأ ا خلقه ش ن ه نش الحكم شالميألح‬
‫ششروه المنأ ع شهكذا كل اسم نش سمأئه الحسنى له وأهد ا خلقه ش ن ه ع ه نش ع ه‬
‫ش ج له نش ر له ألخلق شاألن نش عظم وواهد سمأئه شصفأته‪ .‬شكل سليم العقل‬
‫‪621‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شالفط ع ف قدر اليأنع شحذقه شتب زه على غي ه شتفثنه بكمأل لم شأركه يه غي ه نش‬
‫نشأهد صنعنه‪ .‬كيف ال تع ف صفأت نش هذا العألم العلوب شالسفلا شهذه المخلوقأت‬
‫نش بعض صنعه‪ .‬شإذا اعنب ت المخلوقأت شالمأنورات شردت أ بأس هأ كل أ نالة على‬
‫النعوت شاليفأت شحقأئق األسمأء الحسنى شعلمت إ المعطلة نش عظم النأس عمى‬
‫شنكأب ‪ .‬ش كفا ظ ور وأهد الينع يك خأصة كمأ قأل تعألى ﮢ ﭩﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫[الذار أت‪ ]69 :‬ألمورونات بأس هأ وواهد صفأت ال ي رل رالله شنعوته ش سمأئه ا‬
‫كل أ تشي إلى األسمأء الحسنى شحقأئق أ شتنأنب علي أ شتدل علي أ شتخب ب أ بلسأإ‬
‫النطق شالحأل كمأ قيل‪:‬‬
‫ن ه ه ه ههش المل ه ه ه ههك األعل ه ه ه ههى إلي ه ه ه ههك رس ه ه ه ههأئل‬ ‫تأن ه ه ه ه ه ه ه ههل س ه ه ه ه ه ه ه ههطور الكأئن ه ه ه ه ه ه ه ههأت إن ه ه ه ه ه ه ه ههأ‬
‫ال كه ه ه ههل وه ه ه ههاء نه ه ه ههأ خه ه ه ههال الله ه ه ههه بأ ه ه ه ههل‬ ‫تأنله ه ه ههت خطَّ ه ه ه ههأ‬ ‫هط ي ه ه ه ههأ له ه ه ههو َّ‬ ‫شقه ه ه ههد خه ه ه ه َّ‬
‫ه ه ه ه ه ههيأنن أ ه ه ه ه ه ههدب شن ه ه ه ه ه ههش ه ه ه ه ه ه ههو قأئ ه ه ه ه ه ه هل‬ ‫ت ه ه ه ه ه ه ههشي بإثه ه ه ه ه ه ه ههبأت اليف ه ه ه ه ه ه ههأت ل ب ه ه ه ه ه ه ههأ‬
‫نل على واء نش ناللة المخلوقأت على صفأت خألق أ‬ ‫لست ت ى ويئأ ث‬
‫شنعوت كمأله شحقأئق سمأئه شقد تنوعت نلن أ بحسب تنوع أ ا تدل عقال شحسأ‬
‫ش ط شنظ ا شاعنبأرا))(‪.)1‬‬
‫نل على بعض أ العقل إإ العقل ال سنقل‬ ‫إال إ تفييل صفأت الله تعألى شإإ َّ‬
‫بإثبأت أ لله تعألى شلذا شرب النوقف ا بأي اإلثبأت حنى ن الدليل النقلا‪.‬‬
‫شنأ نل عليه العقل نش اليفأت الوارن ا كالم ابش القيم شالبي قا ه رحم مأ الله‬
‫تعألى ه قد نل الدليل نش الكنأي شالسنة على إثبأت أ لله تعألى شهذا دل على إ العقل‬
‫شالنقل ال نعأرضأإ؛ ألعقل الي ح ال عأرض النقل اليحيح‪.‬‬
‫شنمأ ؤكد ذلك إ الله تعألى قد خأ ب العقل على اتيأ ه سبحأنه شتعألى ببعض‬
‫اليفأت ألإ ذلك ال نأ يه بل نمأ ق به ش هلْبنه لله سبحأنه شتعألى شنش ذلك قوله تعألى‬
‫ا إثبأت صفة العلم‪ :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ [الملك‪ ]94 :‬أسندل بقدرته على‬
‫ﭦ ﭧﮢ ﭩ‬ ‫الخلق على اتيأ ه بألعلم‪ .‬شقوله ا إثبأت صفة اإلل ية‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫[النحل‪ ]92 :‬أسندل على إل ينه بقدرته على الخلق‪ .‬شقوله ا تق صفة‬ ‫ﭪ ﭫ‬

‫(‪ )1‬ندارج السألكيش (‪ 154/1‬ه ‪.)152‬‬


‫‪610‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الكالم‪ :‬ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ [األع اف‪ ]942 :‬نبه ب ذا الدليل على إ نش ال كلم شال دب‬
‫ال يلح إ كوإ إل أ شكذلك قوله ا اآل ة األخ ى عش العجل‪ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ [ هه‪ ]21 :‬جعل انننأع صفة الكالم شالنكليم شعدم نلك‬
‫الض شالنفع نليال على عدم اإلل ية‪ .‬شهذا نليل عقلا سمعا على إ اإلله ال بد إ كلم ش نكلم‬
‫ش ملك لعأبده الض شالنفع شإال لم كش إل أ‪ .‬شقأل‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ [البلد‪ 2 :‬ه‪ .]90‬نب ك ب ذا الدليل العقلا القأ ع إ الذب رعلك تبي شتنكلم‬
‫شتعلم شلى إ كوإ بيي ا ننكلمأ عألمأ‪ .‬أب نليل عقلا قطعا قوى نش هذا ش بيش‬
‫ش ق ي إلى المعقول‪ .‬شقأل تعألى ا آل ة المشكيش المعطليش‪ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [األع اف‪]914 :‬‬
‫جعل سبحأنه عدم البطش شالمشا شالسمع شالبي نليال على عدم إل ية نش عدنت يه‬
‫هذه اليفأت؛ ألبطش شالمشا نش نواع األ عأل شالسمع شالبي نش نواع اليفأت(‪.)1‬‬
‫ش ضأ إإ بعض اليفأت نضمش بعض أ البعض ش سنلزم بعض أ اآلخ شذلك إنمأ‬
‫ع ف بألعقل؛ ملال صفة الخلق تدل على صفة العلم شالقدر نش لوازم صفة الخلق؛ لبت‬
‫نل على كلي نش هذه اليفأت ش نه ال تعأرض بيش العقل شالنقل‪.‬‬ ‫إ العقل َّ‬
‫الطريق الرابع‪ :‬دليل معجزة الرسل واألنبياء ـ عليهم الصالة والسالم‪.‬‬
‫شهذا ق نش إ إثبأت شرون الله تعألى شقد سلكه هل السنة ا االسندالل‬
‫على شرون الله تعألى شربوبينه المسنلزم لوروي توحيده ا العبأن ‪ .‬شنمش اسندل ب ذا‬
‫(‪)3‬‬
‫الط ق على إثبأت اليأنع‪ :‬بو سليمأإ الخطأبا(‪ )2‬ه رحمه الله ه ش بو على الحنبلا‬
‫شالبي قا(‪ )4‬ه رحمه الله ه شويخ اإلسالم ابش تيمية(‪ )5‬شتلميذه ابش القيم(‪ )1‬شنش المنأخ ش‬
‫ابش الوز اليمأنا ه رحمه الله(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬اليواعق الم سلة (‪ 124/3‬ه ‪ )127‬نع تي ف سي ‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪ 217/7‬ه ‪.)101‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪.)177/99‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬االعنقأن (ص‪.)45 :‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪.)171/99‬‬
‫‪619‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫قول ابش القيم ه رحمه الله ه‪(( :‬شهذه الط ق نش قوى الط إ ش صح أ ش نل أ على‬
‫اليأنع شصفأته ش عأله شارتبأه نلة هذه الط ق بمدلوالت أ قوى نش ارتبأه األنلة العقلية‬
‫الي حة بمدلوالت أ إن أ رمعت بيش ناللة الحس شالعقل شناللن أ ض شر ة بنفس أ شل ذا‬
‫سمي أ الله سبحأنه آ أت بينأت شليس ا إ األنلة شثق شال قوى نن أ إإ انقالي عيأ‬
‫تَِقل أ اليد ثعبأنأ عظيمأ بنلع نأ م به ثم عون عيأ كمأ كأنت نش نل الدليل على شرون‬
‫اليأنع شحيأته شقدرته شإرانته شعلمه بألكليأت شالجزئيأت‪ ....‬شكذلك سأئ آ أت األنبيأء‬
‫إخ اج نأقة عظيمة نش صخ تمخضت ب أ ثم انيدعت عن أ شالنأس حول أ نظ شإ‬
‫شكذلك تيو أئ نش يش ثم نفخ يه النبا ينقلب أئ ا ذا لحم شنم شر ش ش رنحة طي‬
‫بمش د نش النأس شكذلك إ مأء ال سول إلى القم ينشق نيفيش بحيث اه الحأض‬
‫شالغأئب يخب به كمأ رآه الحأض شإ ش نلأل ذلك نمأ هو نش عظم األنلة على اليأنع‬
‫شصفأته ش عأله شصدإ رسله شاليوم اآلخ ‪ .‬شهذه نش إ الق آإ النا رود إلي أ عبأنه‬
‫شنل م ب أ كمأ نل م بمأ شأهدشنه نش حوال الحيواإ شالنبأت شالمط شالسحأي‬
‫شالحوانث النا ا الجو ش ا األرض ش حوال المعلونأت نش السمأء شالشمس شالقم‬
‫شالنجوم ش حوال النطفة شتقلب أ بقأ بعد بق حنى صأرت إنسأنأ سميعأ بيي ا حيأ‬
‫ننكلمأ عألمأ قأنرا فعل األ عأل العجيبة ش علم العلوم العظيمة كل ق نش هذه‬
‫الط إ صح ش ق ي ش س ل ش شصل نش إ المنكلميش النا لو صحت لكأإ ي أ نش‬
‫النطو ل شالنعقيد شالنعسي نأ منع الحكمة اإلل ية شال حمة ال بأنية إ دل ب أ عبأنه عليه‬
‫شعلى صدإ رسله شعلى اليوم اآلخ ))(‪.)3‬‬
‫ش قول ويخ اإلسالم ابش تيمية ه رحمه الله ه ا تق هذا الدليل‪...(( :‬شذلك ألإ‬
‫المعجز ه النا ها عل خأرإ للعأن ه تدل بنفس أ على ثبوت اليأنع كسأئ الحوانث‬
‫بل ها خص نش ذلك ألإ الحوانث المعنأن ليست ا الداللة كألحوانث الغ بة؛ شل ذا‬
‫سبح ال ي عندهأ ش مجد ش عظم نأ ال كوإ عند المعنأن ش حيل ا النفوس ذلة نش‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬انظ ‪ :‬اليواعق الم سلة (‪ 9917/1‬ه ‪.)9914‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬إ لأر الحق على الخلق ا رن الخال أت‪( :‬ص‪.)54:‬‬
‫(‪ )3‬اليواعق الم سلة (‪ 9917/1‬ه ‪.)9914‬‬
‫‪616‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ذك عظمنه نأ ال حيل للمعنأن إذ ها آ أت رد د نعطَى حق أ شتدل بظ ورهأ على‬


‫ال سول شإذا تبيش ن أ تدعوا إلى اإلق ار بأنه رسول الله ننق ر ب أ ال بوبية شال سألة))(‪.)1‬‬
‫ش علل ابش الوز اليمأنا ه رحمه الله ه كوإ المعجز نش قوى الدالالت على إثبأت‬
‫شرون الله تعألى شربوبينه لجمع أ بيش ن ش‪:‬‬
‫األشل‪ :‬الحدشث الض شرب‪ .‬اللأنا‪ :‬المخألفة للطبأئع شالعأنات(‪)2‬؛ ألإ نأ خ ج‬
‫نل على شرون قو خفية هو صأنر عن أ‪ .‬ششره ذلك إ نش كأإ‬ ‫عش العأن شالمألوف ث‬
‫نشأركأ لغي ه ا البش ة شال قدر نش األويأء المعنأن إال على نلل نأ قدرشإ عليه‬
‫ش عجز عمأ عجزشإ عنه ثم ظ على د ه ن خأرإ لعأنته شعأنت م نل ذلك على‬
‫نفسه شاسنحأل إ كوإ هذا الغي نش رنسه ش نللَه‬ ‫نه نش صنع غي ه ال نش صنْ ِع ِ‬
‫ألنه عأرز نلله‪ .‬كمأ إ هذا الغي لم ْشبِه صنعه صنع م كذلك هو غي نشبه إ أهم‬
‫شال رأئز عليه نش نعأنا النقص نأ هو رأئز علي م دلت المعجز على إثبأت صأنع‬
‫غي هم ننف ن بألكمأل شنعوت الجالل(‪.)3‬‬
‫شلذا لمأ رى سح عوإ نعجز نوسى ‪ ‬ش ن أ وإ نأ طيقوإ ش سنطعيوإ ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ [األع اف‪]969 :‬؛ حَّكت نأ كأإ نقَّرا ا نفوس م نش اإل مأإ ب بوبية الله‬
‫شتوحيده‪.‬‬
‫الطريق الخامس‪ :‬دليل الشرع‪.‬‬
‫كل الط إ السأبقة ت رع شتؤشل‬ ‫أ‬ ‫شهذا الط ق هو الط ق الجأنع لنلك الط إ كلِ‬
‫ث‬
‫ث‬
‫إليه ألإ الق آإ قد اونمل على رميع أ‪.‬‬
‫قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪(( :‬شقد بيَّنأ ا غي هذا الموضع إ الق آإ ض ي‬
‫الله يه األنلأل شها المقأ يس العقلية النا لبت ب أ نأ خب به نش صول الد ش كألنوحيد‬
‫شتيد ق ال سل شإنكأإ المعأن‪ .‬ش إ ذلك نذكور ا الق آإ على كمل شره شإإ عأنة نأ‬

‫(‪ )1‬نجموع الفنأشى (‪.)171/99‬‬


‫(‪ )2‬إ لأر الحق على الخلق ا رن الخال يأت‪( :‬ص‪.)44:‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬المن أج ا وعب اإل مأإ للحليما (‪ 942/9‬ه ‪.)947‬‬
‫‪613‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫لبنه النظأر نش المنكلميش شالفالسفة ا هذا البأي أتا الق آإ بخالصنه شبمأ هو حسش‬
‫ننه على تم الوروه بل ال نسبة بين مأ لعظم النفأشت))(‪. .)1‬هه‪.‬‬
‫شقأل ا نقأم نشأبه‪ ...(( :‬شقد بسطنأ الكالم على هؤالء ا غي هذا الموضع‬
‫شبينأ إ صول الد ش الحق الذب نزل الله به كنأبه ش رسل به رسوله؛ شها األنلة شالب اهيش‬
‫شاآل أت الدالة على ذلك قد بين أ ال سول حسش بيأإ ش نه نل النأس شهداهم إلى األنلة‬
‫العقلية شالب اهيش اليقينية النا ب أ علموإ المطألب اإلل ية شب أ علموإ إثبأت ربوبية الله‬
‫ششحدانينه شصفأته شصدإ رسوله شالمعأن شغي ذلك نمأ حنأج إلى نع نه بأألنلة العقلية‬
‫بل شنأ مكش بيأنه بأألنلة العقلية شإإ كأإ ال حنأج إلي أ إإ كلي ا نش األنور تع ف‬
‫بألخب اليأنإ شنع هذا أل سول بيش األنلة العقلية الدالة علي أ جمع بيش الط قيش‬
‫السمعا شالعقلى‪ .‬شبينأ إ ناللة الكنأي شالسنة على صول الد ش ليست بمج ن الخب كمأ‬
‫تظنه أئفة نش الغألطيش نش هل الكالم شالحد ث شالفق أء شاليو ية شغي هم بل الكنأي‬
‫شالسنة نال الخلق شهد أهم إلى اآل أت شالب اهيش شاألنلة المبينة ألصول الد ش))(‪ .)2‬انن ى‬
‫الم ان نقله نش كالنه رحمه الله‪.‬‬
‫هذه بعض الط إ عند هل السنة الدالة على العلم بألله تعألى شها تقون إلى العلم‬
‫اليحيح بألله تعألى شتوحيده الذب عنب و أ ا و أن النوحيد "ال إله إال الله" ألإ‬
‫هذه الط إ نأخوذ نش الق آإ المقثِر لنوحيد العبأن الذب هو نعنى ال إله إال الله‪ .‬شرميع‬
‫نالئل الق آإ الدالة على العلم بألله ‪ ‬إنمأ ها للفت األنظأر إلى شروي توحيد الله‬
‫شإ انه بألعبأن شليس المقيون نن أ تق ربوبية الله تعألى ألإ العلم ب بوبية الله تعألى‬
‫نكوز شكأنش ا الفط شالدعو إليه تحييل حأصل شإنمأ نزل الق آإ بألدعو إلى توحيد‬
‫ﭝ ﭞ‬ ‫العبأن كمأ قأل تعألى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭟ ﭠ [األنبيأء‪.]64 :‬‬
‫شالط إ الدالة على العلم بألله ‪ ‬ششروي توحيده تفوإ الحي شالسب ؛ شكمأ قيل‪:‬‬
‫ائق ه ب لالسندالل على شرونه شتوحيده ه بعدن نفأس الخالئق‪.‬‬ ‫إإ لله َ‬
‫(‪ )1‬الفنأشى الكب ى (‪.)122/5‬‬
‫(‪ )2‬نعأرج الوصول إلى إ صول الد ش ش شعه قد بين أ ال سول ‪( ‬ص‪ 1 :‬ه ‪ ) 90‬شانظ ‪ :‬النب وات‬
‫(ص‪.) 249 :‬‬
‫‪614‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شنأ ذك ته نن أ عنب نجأنع هذه الط إ شن َّمأت أ فيه غنية شكفأ ة عش غي ه‬


‫نمش لم ذك ‪.‬‬
‫ألحأصل إ اسنحقأإ الله للعبأن عظم الحقأئق النا و دت ل أ الفط شالعقول‬
‫شالنقول(‪ )1‬بل ليس ا نيوص الش ع كل بيأنأ ننه شذلك لش ه شعظم نكأننه شلذا كأإ‬
‫العلم به و أ ا و أن إ ال إله إال الله ال عذر حد بج له ش تكه‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬اعتراضات المتكلمين على فطرية المعرفة عند أهل السنة ودفعها‪.‬‬
‫تقدم إ نع ة الله ‪ ‬ط ة ض شر ة شال شن ه لحيول صل أ النظ خال أ‬
‫للمنكلميش إن م قد شربوا النظ لحيول صل أ(‪ )2‬شلذا قد اعن ضوا على قول هل السنة‬
‫بأإ نع ة الله ض شر ة بأعن اضأت َّ‬
‫عد ؛ نن أ‪:‬‬
‫االعتراض األول‪:‬‬
‫فس شإ حد ث‬ ‫ِ‬
‫إ السلف اليألح ال شإ إ الفط ها اإلسالم شالدليل ن م ث‬
‫الفط ‪ :‬بأنه نأ شلِد عليه المولون شقدره الله عليه نش الشقأء ش السعأن (‪.)3‬‬
‫شال ن على هذا االعن اض نش شر يش‪:‬‬
‫األشل‪ :‬إ هذا القول ال تجوز نسبنه إلى عأنة السلف بل هو قول ضعيف وأذ قأل به‬
‫بعض السلف كمأ سبقت اإلوأر إلا ذلك(‪.)4‬‬
‫اللأنا‪ :‬إ نقيون القأئليش ب ذا القول نش السلف هو ال ن على القدر ة(‪ )5‬حيث اسندلوا‬
‫بحد ث «كل نولون ولد على الفط » على نفا خلق عأل العبأن‪.‬‬
‫(‪ )1‬ب النيوص الش عية‪.‬‬
‫(‪ )2‬سيأتا بيأإ ذلك عند الحد ث على إ المنكلميش ا إثبأت شرون الله تعألى‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذا االعن اض ذك ه صأحب كنأي حقيقة النوحيد بيش هل السنة شالمنكلميش (ص‪ .)944:‬شلم قف على نش‬
‫ذك ه نش المنكلميش‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪( :‬ص‪.)277 :‬‬
‫(‪ )5‬القدر ة‪ :‬هم نفأ خلق عأل العبأن شهم أئفة المعنزلة‪ .‬قول القأضا عبد الجبأر‪(( :‬اتفق كل هل العدل إ‬
‫عأل نش تي م شقيأن م شقعونهم حأنثة نش ر ن م ش إ الله ‪ ‬قدرهم على ذلك شال أعل ل أ شال‬
‫نحدث أ سواهم ش إ نش قأل إ سبحأنه خألق أ شنحدث أ قد عظم خطؤه)) [المغنا ا بواي النوحيد‬
‫شالعدل (‪ ])3/5‬شانظ ‪ :‬و ح األصول الخمسة (ص‪ )313 :‬شالملل شالنحل (ره‪.)35/2‬‬
‫‪614‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ش ا هذا قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه ((شإنمأ قأل األئمة‪ :‬شلِد على نأ ط عليه‬
‫نش وقأء شسعأن ألإ القدر ة كأنوا حنجوإ ب ذا الحد ث على إ الكف شالمعأصا ليس‬
‫بقدر الله بل نمأ عله النأس ألإ كل نولون ولَد خلقه الله على الفط شكف ه بعد ذلك‬
‫أشل الحد ث قأل‬ ‫نش النأس‪ .‬شل ذا قألوا لمألك بش نس‪ :‬إإ القدر ة حنجوإ علينأ ب ثِ‬
‫احنجوا علي م بآخ ه‪ .‬شهو قوله‪« :‬الله علم بمأ كأنوا عأنليش»‪ .‬بيَّش األئمة نه ال حجة يه‬
‫شتني‬
‫للقدر ة إن م ال قولوإ إإ نفس األبو ش خلقأ ت وَنه شتنيَه بل هو ت َّون َّ‬
‫بأخنيأره لكش كأنأ سببأ ا ذلك بألنعليم شالنلقيش‪ .‬إذا ضيف إلي مأ ب ذا االعنبأر إ‬
‫األشلى ألإ الله شإإ خلقه نولونا على‬ ‫ضأف إلى الله الذب هو خألق كل واء بط ق ْ‬
‫شعلِ َم ذلك))(‪ . .)1‬هه‪.‬‬
‫الفط سليمأ قد قدَّر عليه نأ سيكوإ بعد ذلك نش تغيي ه َ‬
‫تأشلوه بمأ يلح ا ال ن‬ ‫ثم بيش ه رحمه الله ه ضعف تأشل م ل ذا الحد ث ه حيث ث‬
‫على المعنزلة القأئليش بنفا خلق عأل العبأن شهم بذلك قد خألفوا النفسي اليحيح الذب‬
‫تدل عليه اآل أت شاألحأن ث نش إ الفط ها اإلسالم نظي نأ شقع نش بعض هل السنة‬
‫كذي به القدر ة ه قأل رحمه الله‪:‬‬ ‫تأشالت ضعيفة لحد ث « حج آنم نوسى» لمأ َّ‬ ‫نش ث‬
‫((نقيون ح َّمأن شإسحأإ شنألك شابش المبأرك شنش اتثبع م كأبش قنيبة شابش بطة شالقأضا‬
‫با علا شغي هم هو ننع احنجأج القدر ة ب ذا الحد ث على نفا القدر شهذا نقيون‬
‫صحيح شلكش سلكوا ا حيوله قأ بعض أ صحيح شبعض أ ضعيف‪ .‬كمأ إ النبا‬
‫صلى الله عليه شسلم لمأ ثبت عنه نه قأل‪« :‬احنج آنم شنوسى قأل نوسى‪ :‬ربنأ رنأ بأنأ‬
‫آنم الذب خ رنأ نش الجنة‪ .‬قأل له‪ :‬نت آنم بو البش الذب خلقك الله بيده شنفخ‬
‫يك نش رشحه ش سجد لك نالئكنه لمأذا خ رننأ شنفسك نش الجنة؟ قأل له آنم‪ :‬نت‬
‫علا نكنوبأ قبل إ‬ ‫نوسى الذب كلَّمك الله تكليمأ شخط لك النورا بيده بكم تجد َّ‬
‫خلق ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ [ هه‪ ]969 :‬قأل بأربعيش خ فأ‪ .‬قأل حج آنم نوسى»‪.‬‬
‫ذا الحد ث ا اليحيحيش نش حد ث با ه شهو ن شى بإسنأن ريد نش حد ث‬
‫عم ‪ .‬لمأ توهم نش توهم إ ظأه ه إ المذنب حنج بألقدر على نش النه على الذنب‬
‫شتأشله أئفة نش هل السنة تأش الت‬ ‫كذي به أئفة نش القدر ة كألجبَّأئا َّ‬ ‫اضط بوا يه َّ‬
‫ضعيفة قيدا لنيحيح الحد ث شنقيونهم صحيح لكش ق م ا رن قول القدر ة‬

‫(‪ )1‬نرء تعأرض العقل شالنقل (‪ .)122/4‬شانظ ‪ :‬وفأء العليل (ص‪.)472 :‬‬
‫‪612‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شتفسي الحد ث ضعيفة كقول بعض م إنمأ حجة لكونه بأه شقول اآلخ ‪ :‬لكونه كأإ قد‬
‫تأي شقول اآلخ ‪ :‬لكوإ الذنب كأإ ا و عة شالمالم ا خ ى شقول اآلخ ‪َ :‬ح َّجه ألإ‬
‫االحنجأج به كأإ ا اآلخ نشإ الدنيأ شقول اآلخ ‪ :‬االحنجأج بألقدر نفع الخأصة‬
‫المشأهد ش لج أإ القدر علي م نشإ العأنة إإ الحد ث ص ح بأإ آنم احنج بألقدر‬
‫شحج نوسى))(‪ . .)1‬هه‪.‬‬
‫شحنى على القول اليحيح ا تفسي ه ه عنا تفسي قوله ‪« :‬كل نولون ولد‬
‫على الفط » ه و ال نفق نع نذهب المعنزلة القأئليش بنفا خلق عأل العبأن بل هو‬
‫حجة علي م‪ .‬شذلك نش شر يش‪:‬‬
‫األول‪ :‬إ المعنزلة نفوإ ا األصل إ كوإ العبد نولونا على اإلسالم بل‬
‫قولوإ‪ :‬هو الذب خلق عمله نش الكف شاإل مأإ(‪.)2‬‬
‫الثاني‪ :‬ن م قولوإ إ نع ة الله ال تحيل إال بألنظ المش شه بألعقل(‪)3‬؛‬
‫يسنحيل إ تكوإ المع ة عندهم ض شر ة ش تكوإ نش عل الله تعألى(‪.)4‬‬
‫االعتراض الثاني‪ :‬شهو نأ اعن ض به القأضا عبد الجبأر(‪ )5‬زاعمأ إ لو كأإ العلم بألله‬
‫ض شرَّأ لورب إ ال مكش نفيه عش النفس بشك ش وب ة؛ شالمعلوم خال ه(‪.)6‬‬
‫قأل ا الجواي عش هذه الشب ة‪ :‬إ ن ع العلم بورون الله تعألى عش النفس شنفيَه عن أ بشك‬
‫ش بشب ة ن ال مكش شقوعه شلكش مكش إ قول ذلك بلسأنه يكوإ َر ْحدا شاسنكبأ ار كمأ قأل‬

‫(‪ )1‬نرء النعأرض (‪ 497/4‬ه ‪ .)491‬شانظ ‪ :‬نفس الميدر (‪.)177/4‬‬


‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬و ح األصول الخمسة للقأضا عبد الجبأر (ص‪.)121:‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬الميدر السأبق (ص‪.)52:‬‬
‫(‪ )4‬نرء النعأرض (‪ 177/4‬ه ‪ )174‬شانظ ‪ :‬حقيقة النوحيد بيش هل السنة شالمنكلميش (ص‪ 941 :‬ه ‪.)950‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬عبد الجبأر بش حمد بش عبد الجبأر بش حمد بش خليل العالنة المنكلم ويخ المعنزلة بو الحسش‬
‫حدث عنه بو القأسم الننوخا شالحسش بش علا‬ ‫ال مذانا صأحب النيأنيف نش كبأر ق أء الشأ عية‪َّ .‬‬
‫الييم ب الفقيه ش بو وسف عبد السالم القزش نا ِ‬
‫المفس شرمأعة شلا القضأء بأل ب‪ .‬نش تيأنيفه الكلي ‪:‬‬
‫ث‬
‫((األصول الخمسة))‪.‬‬
‫قأل الذهبا‪ :‬شتيأنيفه كلي تخَّج به خلق ا ال ب الممقوت‪ .‬نأت ا ذب القعد سنة خمس عش ش ربع‬
‫نئة‪[ .‬سي عالم النبالء (‪ 244/97‬ه ‪.])245‬‬
‫(‪ )6‬و ح األصول الخمسة للقأضا عبد الجبأر (ص‪.)54:‬‬
‫‪612‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫تعألى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ [النمل‪ .]94:‬شكمأ قأل ا وأإ‬


‫ري غي ه‪ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯩ ﯪ‬ ‫عوإ لمأ نفى إ كوإ ا الكوإ ٌّ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ [اإلس اء‪.]906 :‬‬
‫كمأ إ الله تعألى قد ق ثر عبأنه بقطع الشك ا شرونه قأئال‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫[إب اهيم‪.]90 :‬‬
‫ش نأ نأ حيل نش الشك لبعض النأس ا العلم بورون الله ذلك ليس إنكأرا‬
‫ألصل الورون بل هم حيلوإ ذلك إلى الطبيعة ش غي هأ نمأ دل على شرون علوم شلية‬
‫ط ة ا النفس شإنمأ حيل نأ حيل بسبب المؤث الخأررا‪.‬‬
‫قول ويخ اإلسالم‪(( :‬شنأ نأ ذك ه ه عنا الش سنأنا ه نش إ إنكأر اليأنع ليس نقألة‬
‫نمأ‬
‫نع ش ة ليأحب نقألة إنه شإإ لم كش نذهبأ نش ورا عليه نة نش األنم المع ش ة لكنه َّ‬
‫ع ض لكلي نش النأس ش قوله بعض النأس‪ :‬إنأ ظأه ا نشإ البأ ش كحأل عوإ شنحوه شإنأ بأ نأ‬
‫شنحأرة نوسى‬
‫َّ‬ ‫شظأه ا كمأ ذك الله ننأظ إب اهيم صلوات الله عليه شسالنه للذب حأره ا ربه‬
‫صلوات الله عليه شسالنه لف عوإ‪ .‬لكش هذا ال منع إ تكوإ المع ة به نسنق ا الفط ثأبنة‬
‫بألض شر إإ هذا نوع نش السفسطة شالسفسطة حأل ع ض لكلي نش النأس‪ :‬إنأ عمدا شإنأ خطأ‪.‬‬
‫شكلي نش النأس قد نأزع ا كلي نش القضأ أ البد ية شالمعأرف الفط ة ا الحسيأت شالحسأبيأت‬
‫تأنل نأ حكيه النأس نش المقأالت عش النأس ا العلوم الطبيعية‬ ‫شكذلك ا اإلل يأت‪ .‬شنش َّ‬
‫شالحسأبية رى عجأئب شغ ائب‪ .‬شبنو آنم ال نضبط نأ خط ل م نش اآلراء شاإلرانات إن م‬
‫رنس عظيم النفأشت ليس ا المخلوقأت عظم تفأضال ننه))(‪.)1‬‬
‫االعتراض الثالث‪ :‬هو نأ وأر إليه ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه بقوله‪ (( :‬إإ قيل‪ :‬إذا كأنت‬
‫نع نه شاإلق ار به ثأبنأ ا كل ط كيف نك ذلك كلي نش النظأر ه نظأر المسلميش‬
‫شغي هم ه شهم دعوإ ن م الذ ش قيموإ األنلة العقلية على المطألب اإلل ية))‪.‬‬
‫ثم رأي عنه نش شر يش‪:‬‬
‫األول‪ :‬قأل ه رحمه الله ه ا كالم له‪ (( :‬شل نش ع ف ا اإلسالم بإنكأر هذه‬
‫المع ة هم هل الكالم الذب اتفق السلف على ذن م نش الج مية شالقدر ة‪ .‬شهم عند‬

‫(‪ )1‬نرء النعأرض (‪ 401/7‬ه ‪ .)404‬شانظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪ )140/92‬شنن ج هل السنة شاألوأع ا توحيد‬
‫الله (‪ 244/9‬ه ‪.)241‬‬
‫‪612‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫سلف األنة نش ضل الطوائف ش ر ل م‪ .‬شلكش اننش كلي نش صول م ا المنأخ ش الذ ش‬


‫وا قوإ السلف على كلي نمأ خألف م يه سلف م الج مية‪ .‬يأر بعض النأس ظش إ هذا‬
‫ص َدر ا األصل عش علمأء المسلميش شليس كذلك إنمأ صدر شال عمش ذنه ئمة‬ ‫قول َ‬
‫الد ش شعلمأء المسلميش))‪ .‬ثم قأل‪:‬‬
‫والثاني‪ :‬إ اإلنسأإ قد قوم بنفسه نش العلوم شاإلرانات شغي هأ نش اليفأت نأ ال‬
‫علم نه قأئم بنفسه؛ إإ قيأم اليفة بألنفس غي وعور صأحب أ بأن أ قأنت به‪ .‬ورون‬
‫الشاء ا اإلنسأإ شغي ه غي علم اإلنسأإ به‪ .‬شهذا كيفأت بدنه إإ نن أ نأ ال اه‬
‫كور ه شقفأه‪ .‬شنن أ نأ اه إذا تعمد النظ إليه كبطنه ش خذه شعضد ه‪ .‬شقد كوإ ب مأ‬
‫آثأر نش خيالإ(‪ )1‬شغي خيالإ شغي ذلك نش األحوال شهو لم ه شلم ع ه لكش لو‬
‫تعمد رؤ نه ل آه‪ .‬شنش النأس نش ال سنطيع رؤ ة ذلك لعأرض ع ض لبي ه نش العشى ش‬
‫العمى ش غي ذلك‪ .‬كذلك صفأت نفسه قد ع ف بعض أ شبعض أ ال ع ه‪ .‬لكش لو‬
‫تعمد تأنل حأل نفسه لع ه‪ .‬شنن أ نأ ال ع ه شلو تأنل لفسأن بيي ته شنأ ع ض له))(‪.)2‬‬
‫عزى ه رحمه الله ه هذا اإلنكأر إلى الذهول شعدم العلم بمأ قوم ا النفس شهذه‬
‫حألة سفسو أئية قد تع ض لبعض النأس ينأزع ا كلي نش القضأ أ البد ية شالمعأرف‬
‫الفط ة ا الحسيأت شالحسأبيأت شكذلك ا اإلل يأت شذلك ال منع إ تكوإ المع ة‬
‫ب أ نسنق ا الفط كأننة ا النفس‪.‬‬
‫االعتراض الرابع‪ :‬قألوا لو كأنت المع ة ض شر ة لكأإ النكليف ب أ نحأال شقد كلَّف الله‬
‫سبحأنه ب أ‪ .‬قأل تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد‪.)3(]91 :‬‬
‫يقأل ا الجواي عش هذا االعن اض‪ :‬إ العلم الذب كلثف الله تعألى به العبأن هو‬
‫العلم بنوحيده شإ انه بألعبأن كمأ قأل تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ذا هو شل الواربأت على المكلَّفيش ش نأ المع ة به لنق رهأ ا النفوس لم كلِثف الله‬
‫تعألى العبأن بألنظ شاالسندالل ل أ شإإ كلثفوا بأعنقأنهأ؛ َف ْإ بيش النكليف بأعنقأنهأ‬

‫(‪ )1‬خيالإ‪ :‬رمع خيل األخيلة بل تميل إلى السوان تكوإ ا الوره‪ .‬انظ ‪ :‬المغ ي ا ت تيب المع ي‬
‫(‪.)155/2‬‬
‫(‪ )2‬نجموع الفنأشى (‪ 140/92‬ه ‪.)149‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬المواقف (‪ 944/9‬ش‪.)221/1‬‬
‫‪611‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شالنكليف بألنظ شاالسندالل ل أ‪ .‬شلكش نش سدت ط ته شك ا شرون الله تعألى ذا ه‬


‫شالحأل هذه ه كلثف بألنظ لد ع نأ على نفسه نش الشك ال لكوإ النظ شاربأ عليه‬
‫ابنداء؛ ألإ المع ة سأبقة شالشك أرئ‪.‬‬
‫قول العز ابش عبد السالم‪(( :‬النظ ال كوإ شاربأ على المكلفيش إال إ كونوا‬
‫وأكيش يمأ جب اعنقأنه يجب علي م البحث حينئذ))(‪.)1‬‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ على‬ ‫ﰊ‬ ‫ش نأ اسندالل م بقوله تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ‬
‫شروي النظ المؤنب للمع ة بألله تعألى و اسندالل بأآل ة ا غي نحلِث أ؛ إذ اآل ة ا‬
‫شروي العلم بنوحيد الله تعألى شإ انه بألعبأن شليست ا شروي نع نه شإثبأت شرونه‬
‫ألإ العلم بأإلل ية غي العلم بألورون الذب هو توحيد ال بوبية؛ ال شره إذإ لالسندالل ب أ‪.‬‬
‫كمأ إ هذا القول لزم ننه إ ال كلَّف الكأ إذا سلم بأليال شال بألييأم؛‬
‫ألن مأ ض شر أإ شهو بأ ل قطعأ‪.‬‬
‫شنش الجد ذك ه هنأ‪ :‬إ قول هل السنة إ نع ة الله تعألى ال جب ي أ النظ‬
‫لكون أ ض شر ة ال عنا إ الله تعألى نأ كلثف حدا بمع نه كمأ قوله الجأحظ(‪ )2‬بل النأس‬
‫نكلَّفوإ بمع نه ه سبحأنه شتعألى ه شلكش نع نه ال شنَه ل أ النظ ؛ لكون أ ض شر ة ب‪:‬‬
‫تحيل نش غي نظ خأص‪.‬‬
‫االعتراض الخامس‪ :‬شهو نأ اعن ض به اآلندب(‪ )3‬زاعمأ إ لو كأنت المع ة ض شر ة لورد‬
‫العبد ذلك نش نفسه ابنداء شالواقع خال ه؛ لو خال شناعا نفسه نش نبدء نشئه لم جد ذلك‬
‫نش نفسه صال شاألصل عدم الدليل المفضا إليه مش انعأه ال بد له نش بيأنه(‪.)4‬‬
‫شالجواي عش هذا االعن اض نش شر يش‪:‬‬

‫(‪ )1‬كالم العز بش عبد السالم نقال عش هأنش اإلروأن شالنق ب للبأقالنا (‪.)221/9‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬المواقف لإل جا (‪ )77/9‬شنرء النعأرض (‪.)154/7‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬علا بش با علا بش نحمد بش سألم الملقب بسيف الد ش وع ب ننكلم بأرع ا علم األصول نسبنه‬
‫إلى آند شها ند نة كأإ ل أ وأإ ا الح شي بيش الع ي شال شم‪ .‬قأل الذهبا‪ :‬قأل لا ويخنأ ابش تيمية‪ :‬غلب‬
‫على اآلندب الحي شالوقف حنى إنه شرن على نفسه سؤاال ا تسلسل العلل شزعم نه ال ع ف عنه روابأ‬
‫شبنى إثبأت اليأنع على ذلك ال ق ر ا كنبه إثبأت اليأنع شال حدشث العألم شال شحدانية الله شال النبوات‬
‫شال ويئأ نش األصول الكبأر‪ .‬نش تآليفه‪(( :‬األحكأم ا صول األحكأم))‪ .‬انظ ‪ :‬سي عالم النبالء (‪314/11‬‬
‫ه ‪.)311‬‬
‫(‪ )4‬األحكأم ا صول األحكأم (‪ )322/4‬شالمواقف لإل جا (‪.)55/2‬‬
‫‪300‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الوره األشل‪ :‬إ الخلو نش هذه المع ة ليس ن ا نائمأ شإنمأ هو لعأرض اليغ شعدم‬
‫النمييز شلكش ننى نيَّز اليبا َعلِ َم نش نفسه ض شر نه ن بوي نخلوإ لله تعألى‪ .‬شحيول‬
‫العأرض ال عأرض األصلية بل هو را ع ل أ شننى ارتفع العأرض ررع الشاء إلى صله‪.‬‬
‫الوره اللأنا‪ :‬قوله إ األصل عدم الدليل المفضا إليه ب إلى الدليل بأ ل عأرض نأ خب‬
‫الله تبأرك شتعألى به نش نه خلق النأس على النوحيد كمأ ا الحد ث القدسا‪« :‬خلقت‬
‫عبأنب حنفأء كل م أرنألن م الشيأ يش»‪ .‬شكمأ ا تق ه رل شعال عبيده شهم ا عألم‬
‫الذر‪ :‬ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ [األع اف‪.]926 :‬‬
‫هذه هم االعن اضأت النا اعن ض ب أ المنكلموإ على ط ة نع ة الله ‪ ‬شها ه‬
‫كمأ ن ه ال تقدح ا نلة هل السنة الدالة على ط ة المع ة بل نأ ها إال نكأب‬
‫للحسيأت شرحد للض شر أت‪.‬‬
‫شالجد بألذك هنأ َّإ نأ سلكه المنكلموإ نش نفا ط ة المع ة بألله ‪ ‬ليس‬
‫ذلك نضط نا عند بعض م من م نش قَّر ط ة المع ة بألله تأر ششروي النظ تأر ‪.‬‬
‫شنش هؤالء الش سنأنا(‪ )1‬حيث ق ر ا كنأبه ((ن أ ة إقدام العقول))(‪ :)2‬إ الفط‬
‫اإلنسأنية و دت بض شر ط ت أ شبد ة ك ت أ على صأنع حكيم عألم قد شل ذا لم ن‬
‫النكليف بمع ة شرون اليأنع شإنمأ شرن بمع ة النوحيد شنفا الش ك))‪.‬‬
‫شهو نص ص ح بيش ط ة صل المع ة بألله ‪ ‬شهو نوا ق لمأ عليه هل السنة‬
‫قأ بة نش ط ة هذه المع ة ش إ النكليف لم ن بمع ن أ؛ ألن أ حأصلة بألفط شإنمأ‬
‫رأء النكليف بنق النوحيد شنفا الش ك‪.‬‬
‫شنش األقوال المق ر لفط ة المع ة عندهم ضأ نأ رأء عش ال ازب ه شهو نش‬
‫سأ ين م ه حيث قول‪(( :‬الوره اللأنا‪ :‬ا الننبيه على إ اإلق ار بورون اليأنع بد ا هو‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬بو الفنح نحمد بش با القأسم عبد الك م الش سنأنا صأحب كنأي الملل شالنحل ننكلم وع ب‬
‫تفقه على حمد الخلوا ا شعلا با ني القشي ب شغي همأ شب ع ا الفقه شق الكالم على با القأسم‬
‫األنيأرب شتف ن يه‪ .‬صنف كنأي (ن أ ة اإلقدام ا علم الكالم) ش(المنأهج شالبيأإ) شكنأي (المضأرعة)‬
‫ش(تلخيص األقسأم لمذاهب األنأم)‪ .‬شلد سنة (‪ )422‬ش سنة (‪ )421‬بش سنأإ شتو ا ب أ ا آخ وعبأإ‬
‫سنة (‪ )442‬ش سنة (‪ .)441‬انظ ‪ :‬بجد العلوم (‪ 996/3‬ه ‪ )993‬شكشف الظنوإ (‪.)426/9‬‬
‫(‪( )2‬ص‪ 964 :‬ه ‪.)964‬‬
‫‪309‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إ الفط وأهد بأإ حدشث نار ننقووة بألنقوش العجيبة نبنية على النكيبأت اللطيفة‬
‫الموا قة للحكم شالميلحة سنحيل إال عند شرون نقأش عألم شبأإ حكيم‪ .‬شنعلوم إ‬
‫آثأر الحكمة ا العألم العلوب شالسفلا كل نش آثأر الحكمة ا تلك الدار المخني‬
‫لمأ و دت الفط األصلية بأ نقأر النقش إلى النقأش شالبنأء إلى البأنا بأإ تش د‬
‫بأ نقأر كل هذا العألم إلى الفأعل المخنأر الحكيم كأإ شلى‪.‬‬
‫الوره اللألث‪ :‬إ اإلنسأإ إذا شقع ا نحنة ود د شبلية قو ة ال بقى ا ظنه ررأء‬
‫المعأشنة نش حد كأنه بأصل خلفنه شنقنضى ربلنه نض ع إلى نش خلِثيه نن أ ش خ ره‬
‫عش عالئق أ شحبأئل أ شنأ ذاك إال و أن الفط بأال نقأر إلى اليأنع المدب ))(‪.)1‬‬
‫شلمأ ذك ابش تيمية ه رحمه الله ه نذاهب النأس شتنأزع م ا صل المع ة بألله ((هل‬
‫ش تحيل ب ذا تأر شهذا تأر ))‬ ‫تحيل ض شر ا قلب العبد ش ال تحيل إال بألنظ‬
‫شنسب إلى كلي نش األوع ة شغي هم نش المنكلميش القول بأن أ ال تحيل إال بألنظ قأل‪:‬‬
‫((شنش هؤالء القأئليش بأن أ تحيل تأر بألض شر شتأر بألنظ بو حأند شال ازب شاآلندب‬
‫شغي هم))(‪.)2‬‬
‫ألحأصل إ بعض المنكلميش نضط بوإ ا ط ة صل المع ة بألله ‪ ‬شهذا‬
‫نمأ ؤكد قو هذا الدليل عند هل السنة ش إ الفط تقون إليه شلذا شقع ا كالم بعض‬
‫سأ ين م شنأ ذاك إال لقو صل البأي؛ إذ دب إليه ع إ الفط ب‪ :‬صل أ‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬طرق تحصيل العلم بالله عند المتكلمين مع المناقشة‪.‬‬
‫المنكلموإ ل م إ ا تحييل العلم بألله تعألى اسنقلوا ب أ عش هل السنة‬
‫شالجمأعة شها إ كالنية تسبق أ نقدنأت لسفية شع نعنأصة(‪ )3‬شرل أ عنمد على‬
‫العقل شنأ اسندلوا به نش النقل ثشلوه ش خ روه عش ظأه ه حنى وا ق عقول م النا رعلوهأ‬
‫صال للمنقول شإذا خذشا بألنيوص ال أخذشإ ب أ اسنقالال إال إذا شا قت قضأ أ العقول‬

‫(‪ )1‬النفسي الكبي (‪.)14/91‬‬


‫(‪ )2‬نرء تعأرض العقل (‪.)344/2‬‬
‫(‪ )3‬قول الشيخ نحمد خليل هَّاس ا شصف هذه الط إ‪ (( :‬إن أ إ نعنأصة يعب تيورهأ على كلي نش‬
‫النأس ش ا نقدنأت أ ول شخفأء شنزاع كلي بحيث ال مكش إثبأت أ بط ق قطعا كيف تجعل سبيال‬
‫لنحييل و ف المطألب شهو اإل مأإ بألله تعألى!!))‪[ .‬بأعث الن ضة اإلسالنية ابش تيمية السلفا نقده‬
‫لمسألك المنكلميش شالفالسفة ا اإلل يأت (ص‪.])22 :‬‬
‫‪306‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ا ظنية ال‬ ‫عندهم؛ لزعم م إ نالالت العقول قطعية قينية بخالف نالالت النقول‬
‫تفيد اليقيش‪.‬‬
‫شب ذا األصل البِدعا نك شا نالالت الكنأي شالسنة شخألفوا ن ج سلف األنة‬
‫الذ ش خذشا بظواه هذه النيوص شحكموا علي م بألج ل شالبَله ش ن م ق ؤشإ كالنأ ال‬
‫ف موإ نعنأه شال ع وإ نغزاه(‪)1‬؛ شلذا نار ا كالن م شتحأشرهم إ قة الخلف علم‬
‫ش حكم(‪ .)2‬شن انهم بط قة الخلف قة المنكلميش النا سلكوهأ ا تأش ل األسمأء‬
‫شاليفأت حيث إن م شصفوهأ بأن أ علم ش حكم لمأ ي أ نش نز د اإل ضأح شالبيأإ شلمأ‬
‫ي أ نش ال ن على الخيوم؛ شها األررح عندهم(‪.)3‬‬
‫ش ا هذا المطلب سأتط إ إلى واء نش إ المنكلميش ا تحييل العلم بألله‬
‫تعألى نع بيأإ آثأرهأ‪.‬‬
‫شقبل الدخول ا بيأإ هذه الط إ ال بد نش نع ة ن ان المنكلميش بألعلم بألله‬
‫تعألى شهل هو نوا ق لم ان هل السنة م نخألف له؟‬
‫بِألنظ ا كالم المنكلميش شتق ات م النا ورنشن أ ا هذا البأي إإ ن انهم بألعلم‬
‫نع ة اليأنع ‪ ‬شاالسندالل العقلا على شرونه شنأ جب له ش مننع عليه نش‬
‫اليفأت(‪ .)4‬شهذا خألف نأ عليه هل السنة تأصيال شتفييال‪ .‬نأ تأصيال‪ :‬إإ المنكلميش‬
‫عولوا على النقل لِمأ قأم ا‬‫اعنمدشا العقل ا بأي نع ة الله تعألى شنع ة صفأته شلم ث‬
‫النقل‬
‫ذهأن م نش المعأرضة بيش العقل شالنقل جعلوا العقل صال ا النقل شحأكمأ عليه ش َ‬
‫نحكونأ عليه ألإ ناللة العقل ه كمأ ن ه تفيد اليقيش عندهم بخالف ناللة النقل ا ال‬
‫تفيد إال الظش‪ .‬شهذا خألف نأ عليه هل السنة نش إ النقل هو األصل ا هذا البأي شنع‬
‫(‪ )1‬قول ابش القيم ه رحمه الله ه‪ (( :‬لمأ ابننى ن هم على هأتيش المقدننيش الكأذبنيش كأنت الننيجة اسنج أل‬
‫السأبقيش الذ ش هم علم األنة بألله شصفأته شاعنقأن ن م كأنوا نييش بمنهزلة اليألحيش البله الذ ش لم نبح شا ا‬
‫حقأئق العلم بألله شلم نفطنوا لدقأئق العلم اإلل ا ش إ الخلف هم الفضالء العلمأء الذ ش حأزشا قيب السبق‬
‫شاسنولوا على الغأ ة شظف شا نش الغنيمة بمأ أت السأبقيش األشليش))‪ .‬اليواعق الم سلة (‪.)924/9‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬هذه المقولة ا تحفة الم د للبيجورب (ص‪ )75 :‬اتحأف السأن المنقيش للزبيدب (‪ )992/2‬ش نح‬
‫البأرب (‪.)152/91‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪ )1/5‬اليواعق الم سلة (‪.)921/9‬‬
‫(‪ )4‬المواقف لإل جا (‪ 944/9‬ه ‪.)947‬‬
‫‪303‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ذلك م ال نك شإ نالالت العقول عليه(‪)1‬؛ إذ العقل الي ح ه عندهم ه ال خألف النص‬


‫اليحيح شلكش الميزاإ عندهم هو الش ع و الذب توزإ به األقوال ش حكم به على‬
‫األعمأل‪.‬‬
‫ش نأ تفييال‪ :‬إإ هل السنة لم قي شا المع ة على إثبأت اليأنع شنع ة صفأته‬
‫رل شعال ه‬‫هم قسأن أ ش عظم نطألب أ نع ة اسنحقأإ الله ه َّ‬ ‫حسب بل رعلوا نش ث‬
‫للعبأن ؛ إذ ذاك هو نحط نعو الم سليش شهو شل شارب على المكلَّفيش خال أ لمأ قَّره‬
‫المنكلموإ نش إ شل الواربأت على المكلَّفيش هو النظ شاالسندالل على شرون الله تعألى‬
‫شإثبأت ربوبينه(‪ )2‬ألإ غأ ة النوحيد عندهم هو هذا‪ .‬شننج عش هذا االعنقأن تفسي هم‬
‫الخأ ئ لالإله إال الله بمعنى ال بوبية‪ .‬شقد تقدم الكالم عليه(‪.)3‬‬
‫ثم ه نأ نقدننأإ ال بد نش ذك همأ قبل الدخول ا بيأإ إ المنكلميش ا إثبأت‬
‫شرون الله‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إ الخوض شالبحث إلثبأت شرون الله تعألى هو تشكيك ا ن ض شرب‬
‫شالنشكيك ا الض شرب بأ ل؛ ألإ اإلق ار بورون الله تعألى ن نكوز ا الفط ال قبل‬
‫الشك ا شرونه قأئال‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ [إب اهيم‪.)4(]90 :‬‬ ‫الشك شلذا قطع الله ه سبحأنه شتعألى ه َ‬
‫شاسندالل هل السنة على شرون الله تعألى ال عنا ن م قد وكوا ا شرونه ه تعألى ه ثم‬

‫(‪ )1‬قول السمعأنا رحمه الله ا كنأي اإلننيأر ألهل الحد ث‪( :‬ال ننك النظ قدر نأ شرن به الكنأي شالسنة لينأل‬
‫المؤنش بذلك ز أن اليقيش شثلج اليدر شسكوإ القلب)‪[ .‬نقال عش صوإ المنطق للسيو ا (ص‪ .])79 :‬شانظ ‪:‬‬
‫نعأرج الوصول إلى نع ة إ صول الد ش ش شعه قد بين أ ال سول صلى الله عليه شسلم (ص‪ 90 :‬ه ‪.)99‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬األصول الخمسة للقأضا عبد الجبأر (ص‪ )11 :‬شالمواقف (‪ 925/9‬ه ‪.)922‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪( :‬ص‪ 47:‬ه ‪.)44‬‬
‫(‪ )4‬قأل ابش القيم‪ (( :‬أنأ االسندالل بألينعة‪ .‬كلي ش نأ االسندالل بأليأنع له وأإ شهو الذب وأرت إليه ال سل‬
‫ب‪ :‬شك ا الله حنى طلب إقأنة الدليل على شرونه؟ ش ب نليل صح‬ ‫بقول م ألنم م ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ش ظ نش هذا المدلول؟ كيف سندل على األظ بأألخفى؟ ثم نب وا على الدليل بقول م‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ‪.‬‬
‫شسمعت ويخ اإلسالم تقا الد ش بش تيمية ه قدس الله رشحه ه قول‪ :‬كيف طلب الدليل على نش هو نليل على‬
‫كل واء؟ شكأإ كلي ا نأ نملل ب ذا البيت‪:‬‬
‫شليس يح ا األذهأإ واء إذا احنأج الن أر إلى نليل‪.‬‬
‫شنعلوم إ شرون ال ي تعألى ظ للعقول شالفط نش شرون الن أر شنش لم ذلك ا عقله ش ط ته‬
‫لين م أ))‪[ .‬ندارج السألكيش (‪.])20/9‬‬
‫‪304‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫تطَلَّبوا الدليل الخأررا إلثبأت شرونه كمأ ها قة المنكلميش القأئليش بأإ شل الواربأت‬
‫هو الشك ا شرون الله تعألى ثم القيد إلى النظ إلثبأت شرونه(‪ )1‬شذلك ألإ هل‬
‫السنة لم عنمدشا العقل المجثن ا إثبأت شرون الله تعألى ه كمأ ها قة بعض المنكلِثميش‬
‫ه شإنمأ اسندلوا بأألنلة الق آنية الدالة على شرونه تعألى؛ شاالسندالل بأألنلة الق آنية هو ع‬
‫اإلق ار بورونه تعألى ألن م قولوإ عند االسندالل ب أ‪ :‬قأل تعألى؛ ورون الله تعألى ن‬
‫ننقثِر عندهم سلفأ شإنمأ اسندلوا على شرونه نش بأي المعأرضة شن ع الشبَه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إ َإ المنكلِثميش ا إثبأت شرون الله تعألى كل هأ نأخوذ عش الفالسفة‬
‫شالفالسفة نضط بوإ ا إثبأت شرون الله تعألى شنن م نش نفى شرونه؛ كألفالسفة‬
‫المشأئيش(‪ )2‬القأئليش بقدم العألم؛ ال جوز للمسلم إ َعنمد على قوال تقون إلى الحي‬
‫شاالضط اي ش النوقف ا شرون الله تعألى ش ا ثبوت صفأته‪.‬‬
‫ش نأ بألنسبة لط إ المنكلميش ا تحييل العلم بألله تعألى ا كلي ؛ ش هم أ نأ‬
‫لا‪:‬‬
‫الطريق األول‪ :‬االستدالل العقلي على وجود الله تعالى‪:‬‬
‫شهذا الط ق هم الط إ عندهم شعليه تعو ل م ا إثبأت شرون الله تعألى‪.‬‬
‫شن انهم بأالسندالل العقلا النظ (‪ )3‬المجَّن عش الش ع(‪ )4‬قألوا‪ :‬لئال لزم الدشر؛‬
‫ألإ الش ع نوقف ثبوته على إثبأت شرون الله تعألى لو ثبت شرونه بألش ع للزم الدشر؛‬
‫ألإ كل شاحد نن مأ حينئذ نوقف على اآلخ (‪ .)5‬شالدشر عندهم بأ ل ألنه فضا إلى‬
‫النسلسل الغي نننأها‪.‬‬
‫(‪ ) 1‬المنكلموإ اخنلفوا ا شل الواربأت هل هو الشك ش القيد إلى النظ ش النظ ؟ حذاق م كأبا هأوم‬
‫الجبأئا شنش شا قه نش المعنزلة ذهبوا إلى إ شل الواربأت هو الشك‪ .‬شرم مورهم على إ شل الواربأت هو‬
‫النظ شاالسندالل المؤنب إلى المع ة‪ .‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪.)343/2‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )2‬الفالسفة المشَّأؤشإ هم تبأع آرسطو شهم نه ة ننك شإ لليأنع‪ .‬سموا بذلك‪ :‬ألإ نعلثم م األشل (آرسطو)‬
‫كأإ نش عأنته إ لقا علي م الدرشس شهو نمشى ا رشاإ شهم مشوإ خلفه‪ .‬انظ ‪ :‬بيأإ تلبيس الج مية‬
‫(‪ )100/9‬شتأر خ الفلسفة اليونأنية ألحمد نيش (ص‪.)991:‬‬
‫(‪ )3‬النظ هو الفك الذب طلب به علم ش غلبة ظش ش هو ت تيب نقدنأت علمية ش ظنية لينوصل ب أ إلى تحييل‬
‫علم ش غلبة ظش‪ .‬انظ ‪ :‬المواقف لإل جا (‪ )992/9‬شنعألم صول الد ش لل ازب (ص‪.)22:‬‬
‫(‪ )4‬شهو النظ ا األع اض ش ن أ الزنة ل رسأم؛ يمننع شرون األرسأم بدشن أ‪ .‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى‬
‫(‪.)311/21‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬المواقف (‪.)205/9‬‬
‫‪304‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ش قأل ا الجواي عش هذه الشب ة‪ :‬إ شرون اليأنع لو كأإ شاربأ بألنظ العقلا‬
‫للزم الدشر ضأ شذلك ألإ شروي النظ غي ض شرب؛ إذ هو ننوقف على نقدنأت نفنق‬
‫إلى نظأر نقيقة شللمكلَّف إ قول ال نظ حنى ع ف شروي النظ شال ع ف شروي‬
‫النظ حنى نظ ؛ يلزم ا هذا الدشر ضأ(‪.)1‬‬
‫شعلى القول بأإ شرون الله تعألى ط ب ض شرب ننفا المحذشر ا ثبوت شرونه‬
‫بألش ع ش بألعقل شهو نذهب هل السنة كمأ تقدم نش إ شرون الله تعألى ط ب‬
‫ض شرب‪.‬‬
‫ثم إإ ل م ربعةَ نسألك ا اسندالل العقل على شرون الله تعألى شها نأتجة عش‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫سندل بكل‬ ‫العألم إنأ روه ش َعَض شقد َ‬ ‫سب شتقسيم عقلا حأص ؛ حيث قألوا‪َ :‬‬
‫شاحد نن مأ؛ إنأ بإنكأنه ش بحدشثه ذه شروه ربعة(‪.)4‬‬
‫شهذه الط إ تسبق أ نقدنأت ننطقية عند المنكلميش لم تسلم نش القوانح‬
‫شاالعن اضأت النا رن ب أ بعض م على بعض ش بطل ب أ بعض م قول بعض؛ شليس هذا‬
‫نوضع بسط أ(‪.)5‬‬
‫ش نأ هذه المسألك بإ جأز‪:‬‬
‫المسلك األول‪ :‬االستدالل بحدوث الجوهر على وجود الله تعالى‪.‬‬
‫قألوا‪ :‬هذه قة الخليل صلوات الله شسالنه عليه حيث قأل‪ :‬ﭺﭻ ﭼﭽ [األنعأم‪:‬‬
‫‪]22‬؛ شها إ العألَم روه شالجوه هو المنحيثز(‪ )6‬بألذات و حأنث شكل حأنث ال بد له‬
‫نش ِ‬
‫نحدث كمأ تش د به بد ة العقل؛ إإ نش رى بنأء ر يعأ حأنثأ رزم بأإ له بأنيأ‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬ن هم العلل (ص‪.)51 :‬‬
‫(‪ )2‬الجوه ا اصطالح المنكلميش هو اسم لمأ نكب ننه الشاء‪ .‬شهو المننأها الذب ال قبل االنقسأم كألذر بألنسبة‬
‫ل رسأم‪ .‬شنش خص شصأ ه عندهم النحيز‪ .‬انظ ‪ :‬الشأنل للجو نا (ص‪ 44:‬ه ‪ )41‬شو ح المقأصد ا علم الكالم‬
‫(‪ )22/2 247/9‬شالحدشن األنيقة (ص‪.)79 :‬‬
‫(‪ )3‬الع ض ا اصطالح م هو‪ :‬نأ ع ض ش زشل؛ كألسوان شالبيأض؛ شال ورد إال ا نحل قوم به شهو ال بقى زنأنيش‪.‬‬
‫انظ ‪ :‬بجد العلوم (‪ )450/2‬و ح المقأصد (‪ )940/9‬المواقف (‪ )412/9‬شاإلنيأف للبأقالنا (ص‪.)92:‬‬
‫(‪ )4‬المواقف لإل جا (‪.)7/1‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬هذه المقدنأت ا كنأي األصول النا بنى علي أ المبندعة نذهب م ا اليفأت شال ن علي أ نش كالم‬
‫ويخ اإلسالم ابش تيمية (‪ 122/9‬ه ‪.)122‬‬
‫=‬ ‫(‪ )6‬الم ان بألنحيز عند المنأ قة‪ :‬الج م الشأغل قدرا نش المسأحة‪ .‬شال ثنم ذلك عندهم إال إذا اننقل ا حيز بعد‬
‫‪302‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شذهب كل المعنزلة إلى إ هذه المقدنة اسنداللية‪ .‬شاسندلوا علي أ نش شر يش‪:‬‬


‫األول‪ :‬بأإ عألنأ نحدثة شنحنأرة إلى الفأعل؛ لحدشث أ كذا الجواه المحدثة ألإ‬
‫علة االحنيأج نشنكة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬بأإ الحأنث قد اتيف بألورون بعد العدم و قأبل ل مأ يكوإ نمكنأ؛ شكل‬
‫نمكش حنأج ا ت ريح شرونه على عدنه إلى نؤثِ (‪.)1‬‬
‫المسلك الثاني‪ :‬االستدالل بإمكان الجوهر‪.‬‬
‫حيث قألوا‪ :‬إ العألَم الجوه ب نمكش(‪)2‬؛ ألنه نكب نش الجواه الف ن الكلي‬
‫كل نمكش له علة نؤث (‪.)3‬‬‫شالوارب ال تكيب يه شال كل بل هو شاحد حقيقا ش ث‬
‫الثالث‪ :‬االستدالل بحدوث األعراض‪:‬‬
‫العَض تقدم النع ف به‪ .‬شاألع اض عند المنكلميش نور‬ ‫األع اض رمع َعَض ش َ‬
‫حأنثة‪ .‬ش سندلوإ على حدشث أ بنغي هأ بنعأقب المنضأنات نن أ ه نلل السوان شالبيأض ه على‬
‫األرسأم ألإ نأر الحدشث عندهم ها النغي (‪.)4‬‬
‫شنليل األع اض اسندل به المنكلموإ على شرون الله تعألى نش شر يش‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬النغي ا األنفس نش انقالي النطفة علقة ثم نضغة ثم لحمأ شننأ‪ .‬قألوا ال‬
‫بد ل ذه األحوال الطأرئة على النطفة نش نؤث صأنع حكيم ألإ حدشث هذه األ وار ال‬
‫نش أعل نحأل شكذا صدشرهأ عش نؤث ال وعور له؛ ألن أ عأل عجز العقالء عش إنراك‬
‫ِ‬
‫الح َكم المونعة ي أ‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬النغي ا اآل أإ شهو نأ شأهد نش حوال األ الك شالعنأص شالحيواإ‬
‫شالنبأت شالمعأنإ شغي ذلك(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إ كأإ ا حيز آخ ؛ ال بد له نش حكة شسكوإ‪ .‬شهمأ نليال تغي ه‪ .‬انظ ‪ :‬المواقف (‪ )412/9‬شاإلعالم بمأ‬ ‫=‬

‫ا ن ش النيأرى (ص‪.)74 :‬‬


‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬المواقف (‪ )92/1‬شو ح المقأصد (‪.)119/9‬‬
‫(‪ )2‬الممكش ا اصطالح المنأ قة هو القأبل للورون شالعدم ش سمى الجأئز‪ .‬انظ ‪ :‬الميدر السأبق (‪.)92/1‬‬
‫(‪ )3‬المواقف (‪ )92/1‬بني ف سي ‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬تم يد األشائل للبأقالنا (ص‪ )140 :‬شالف إ بيش الف إ (ص‪.)911 :‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬المواقف (‪ 92/1‬ه ‪.)91‬‬
‫‪302‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المسلك الرابع‪ :‬االستدالل بإمكان األعراض مقيسة إلى محالها؛ كمأ اسندل به نوسى‬
‫عليه السالم حيث قأل ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [ هه‪]40 :‬‬
‫ب عطى صورته الخأصة شوكله المعيش المطأبقيش للحكمة شالمنفعة المنو ة به شهو إ‬
‫األرسأم ننمأثلة ننفقة الحقيقة لنكب أ نش الجواه المنجأنسة على نأ ع ت أخنيأص‬
‫ِ‬
‫نخيص له(‪.)1‬‬
‫كل نش األرسأم بمأ له نش اليفأت رأئز ال بد ا النخييص نش ث‬
‫ثم ذك شا بعد هذه الوروه األربعة نليال على إ شرون الله ذاتا زلا قألوا‪ :‬إ‬
‫ندبِث العألَم إإ كأإ شارب الورون و المطلوي شإال كأإ نمكنأ له نؤِث ش عون الكالم‬
‫يه ش لزم إنأ الدشر ش النسلسل(‪ )2‬شإنأ االنن أء إلى نؤث شارب الورون لذاته شاألشل‬

‫(‪ )1‬الميدر نفسه (‪.)91/1‬‬


‫(‪ )2‬الدور هو توقف الشاء على نأ توقف عليه شهو قسمأإ‪ :‬نيَّح شنضم ‪.‬‬
‫ألميَّح نأ كأنت الواسطة يه شاحده نلأله كأإ قأل ه نلال ه خألد شرد بك ا شبك ا شرد خألدا بك‬
‫ننوقف ا شرونه على خألد ثم خألد توقف ا شرونه على بك شالواسطة شاحد شها بك ‪ .‬ش قأل له‪ :‬هذا‬
‫نشر بم تبة‪ .‬إإ تعدنت الم اتب كأنت بحسب أ‪ .‬شهذا الدشر بأ ل لمأ لزم نش الننأقض إذ لزنه إ كوإ‬
‫الشاء سأبقأ نؤثِ ا ال نؤثِ ا‪ .‬بل لزم إ كوإ الشاء نقيض نفسه لض شر المغأ بيش المنقدم شالمنأخ شاألث‬
‫شالمؤث ‪.‬‬
‫نأ الدشر المعا نلل‪ :‬توقف األبو على البنو شالبنو على األبو جأئز‪ .‬ألنه نش بأي اإلضأ أت شها اعنبأر ة‬
‫ال شرون ل أ‪.‬‬
‫والتسلسل‪ :‬هو ت تيب نور بعض أ على بعض بحيث كوإ كل ننأخ نن أ نوقف ا شرونه على سأبق عليه‪ .‬كوإ‬
‫علة لمأ ا شرونه إلى غي ن أ ة ش سمى هذا النوع النسلسل ا العلل ش ا المؤث ات شهو بأ ل بأتفأإ العقالء لمأ‬
‫لزنه نش عدم شرون واء نش الحوانث شهذا بأ ل بألمشأهد ‪.‬‬
‫وقد عرفه السعد في (شرح المقاصد‪ )161/1‬بعبأر رأنعة قأل‪( :‬شها إ ن اقى ع شض العلية شالمعلولية ال‬
‫إلى ن أ ة بأإ كوإ كل نأ هو نع شض للعلية نع شضأ للمعلولية شال نن ا إلى نأ تع ض له العلية نشإ‬
‫المعلولية؛ إإ كأنت المع شضأت نننأهية و الدشر بم تبة إإ كأنأ اثننيش شبم اتب إإ كأنت وإ االثننيش شإال‬
‫و النسلسل)‪ .‬انن ى‪ .‬شانظ ‪ :‬لمأ قبله نسأئل شنبأحث ا النوحيد ضمش نجموع نأشى شرسأئل الشيخ عبد‬
‫ال زاإ عفيفا (‪ 49/6‬ه ‪.)46‬‬
‫‪302‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫(‪)1‬‬
‫نعيَّش اللأنا ه ب‪:‬‬ ‫بقسميه بأ ل لمأ ن ا ن صد العلة شالمعلول نش األنور العأنة‬
‫االنن أء إلى نوث شارب الورون لذاته(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬شهو نأ ع ف عند هل العلم بدليل اإلنكأإ شالوروي‪ .‬شتوضيحه‪:‬‬
‫نه تعألى لو كأإ نسنحيل الورون لم يح إ سنند إليه الممكش ا حدشثه‬
‫نيور ا العقل شرونه ش أقد الشاء ال عطيه‪.‬‬ ‫بداهة ألإ المسنحيل نأال ث‬
‫شلو كأإ نمكنأ ال نق ا حدشثه إلى نش ِثرج شرونه على عدنه لمأ تقدم إإ‬
‫اسنم ت الحأرة أسنند كل ا شرونه إلى نظي له نش الممكنأت لزم إنأ الدشر القبلا‬
‫شإنأ النسلسل ا المؤث ات إلى نأ ال ن أ ة شكالهمأ نحأل‪.‬‬
‫شإذا اننفى عنه اإلنكأإ شاالسنحألة ثبت له الورون ض شر ألإ قسأم الحكم‬
‫العقلا ثالثة شقد اننفى اثنأإ نعيَّش اللألث شهو الوروي ألله تعألى شارب الورون؛‬
‫ورونه نش نفسه(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬شنمأ دخل تحت هذه المسألك ضأ نليل النكيب‪(( :‬شهو إ ض شر العقل‬
‫قأضية بأإ كل ن ثكب و نسبوإ بألغي بعد العدم نأ نسبوقينه بألغي لنقدم رزائه النا‬
‫تكب نن أ كمأ هو نشأهد ا المكبأت نلل الس شالجدار‪ .‬ش نأ نسبوقينه بألعدم نه‬
‫نسبوإ بعدم النكيب شكل نسبوإ بألغي شنورون بعد العدم و حأنث لبنة شالعألم‬
‫بأس ه نش العلو أت شالسفليأت نأ بيش ن َّكب عقلا كألمأهية المنعلقة شنأ بيش نكب‬
‫خأررا كأألرسأم يكوإ ه ب العألم ه ب ننه حأنثأ شالض شر قأضية ضأ بأإ كل حأنث‬
‫و نفنق ا شرونه إلى نورد شهو صأنعه النننأع إ ورد نفسه))(‪.)4‬‬
‫شهذه المسألك النا سلك أ المنكلموإ إلثبأت شرون الله تعألى رنهأ هل السنة‬
‫ش نك شا على القأئليش ب أ شذلك ألن أ إ نبندعة نذنونة ا الش ع‪ .‬كمأ ن أ تفنق إلى‬
‫نقدنأت ليست بيِثنة بنفس أ شال مكش إثبأت أ بط ق القطع نلل قول م‪ :‬إ العألم نكب‬

‫(‪ )1‬قأنوإ العلة شالمعلول تقدم انظ ‪( :‬ص‪.)90 :‬‬


‫(‪ )2‬المواقف (‪ 91/1‬ه ‪.)94‬‬
‫(‪ )3‬نسأئل شنبأحث ا النوحيد ضمش نجموع نأشى شرسأئل الشيخ عبد ال زاإ عفيفا (‪ 49/6‬ه ‪.)46‬‬
‫(‪ )4‬نالئل النوحيد للقأسما (ص‪.)45 :‬‬
‫‪301‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫نش رواه ن ش ع اض ش إ الجواه ال تنع ى عش األع اض ش إ األع اض حأنثة ش إ نأ‬


‫ال خلو عش الحوانث و حأنث‪.‬‬
‫إإ نش اليعوبة بمكأإ تق المقدنأت النا نكب نن أ هذا الدليل نش إثبأت‬
‫الجواه الف ن النا تنكب نن أ األرسأم شال‪ .‬ثم إثبأت األع اض النا ها صفأت األرسأم‬
‫ثأنيأ ثم إثبأت انننأع حوانث ال شل ل أ ش إ نأ ال خلو عش الحوانث رنسأ ش عينأ و‬
‫حأنث إلى غي ذلك نمأ ا نقدنأت هذا الدليل نش ول شخفأء شتفييل شتقسيم نعذر‬
‫نعه ثبوت المدَّعى‪.‬‬
‫نخو ة ا العقل ش إ نش اعنمد علي أ ا صل ن نه لزنه حد ن ش‪:‬‬ ‫كمأ ن أ نخ ِط ثِ‬
‫إنأ إ طلع على ضعف أ ش قأبل بين أ شبيش نلة القأئليش بقدم العألم ننكأ أ عنده‬
‫األنلة ش رح هذا تأر شهذا تأر كمأ هو حأل وائف نش المنكلميش‪.‬‬
‫شإنأ إ لنزم ألرل أ لوازم نعلونة الفسأن ا الش ع شالعقل كمأ النزم ر م ألرل أ نأء‬
‫الجنة شالنأر شبو ال ذ ل انقطأع حكأت هل الجنة شالنأر شالنزم قوم ه شهم األوأع ه إ األع اض‬
‫ال جوز بقأؤهأ زنأنيش بحأل على نأ ا ذلك نش نكأب للحس(‪.)1‬‬
‫ش ضأ ها قد ضت بأصحأب أ إلى النعطيل شالنفا ليفأت الله تعألى اللأبنة ا‬
‫نعول نفي م لكلي نش اليفأت(‪ )2‬كمأ سيأتا‬ ‫كنأبه شعلى لسأإ رسوله ‪ ‬حيث رعلوهأ َّ‬
‫عند ذك نوقف المنكلميش نش صفأت الله تعألى(‪.)3‬‬
‫ش ضأ ا نجأرا لقوم ال لبنوإ النبوات شال ْشإ إ الله رسل ال سل ش نزل‬
‫نضمش اإلع اض عش الش عة‬ ‫َّ‬ ‫الكنب ش قولوإ إإ ذلك ليست حقأئق ثأبنة ا نفس أ‬
‫المحمد ة إلى ننأهج كف ة إلحأن ة‪.‬‬
‫قول اإلنأم الخطأبا ه رحمه الله ه‪(( :‬إنأ ال ننك نلة العقول شالنوصل ب أ إلى‬
‫المعأرف شلكنأ ال نذهب ا اسنعمأل أ إلى الط قة النا سلكنموهأ ا االسندالل‬
‫بأألع اض شتعلق أ بألجواه شانقالب أ ي أ على حدشث العألم شإثبأت اليأنع شن غب عن أ‬
‫إلى نأ هو شضح بيأنأ ش صح ب هأنأ شإنمأ هو الشاء خذتموه عش الفالسفة شتأبعنموهم‬
‫(‪ )1‬بأعث الن ضة اإلسالنية ابش تيمية السلفا نقده لمسألك المنكلميش شالفالسفة ا اإلل يأت للدكنور نحمد‬
‫خليل ه اس (ص‪ .)22 :‬بني ف‪ .‬شانظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪.)924/3‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬نن أج السنة (‪ 303/9‬ه ‪.)304‬‬
‫(‪ )3‬انظ ا ذم هذه الط قة‪ :‬اليفد ة (‪.)275/9‬‬
‫‪390‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫عليه شإنمأ سلكت الفالسفة هذه الط قة ألن م ال لبنوإ النبوات شال شإ ل أ حقيقة‬
‫كأإ قوى واء عندهم ا الداللة على إثبأت هذه األنور نأ تعلَّقوا به نش االسندالل‬
‫ب ذه األويأء‪ .‬أنأ نلبنو النبوات قد غنأهم الله تعألى عش ذلك شكفأهم كلفة المؤشنة ا‬
‫ركوي هذه الط قة المنع رة))(‪ .)1‬انن ى‪.‬‬
‫كمأ إ بعض هذه الط إ قد ضت ببعض ح ثذاق م إلى نفا شرون الله تعألى ألإ‬
‫ذلك الزن أ‪.‬‬
‫قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪(( :‬شكذلك نأ ابندعه ا هذه الط ق ابش سينأ‬
‫ش تبأعه نش االسندالل بألممكش على الوارب بطل نش ذلك كمأ قد بسط ذلك ا غي‬
‫هذا الموضع شحقيقنه إ كل نورون و نمكش ليس ا الورون نورون بنفسه نع ن م‬
‫رعلوا هذا قأ إلثبأت الوارب بنفسه كمأ جعل شلئك هذا قأ إلثبأت القد م‪.‬‬
‫شكالهمأ نأقض ثبوت القد م شالوارب ليس ا شاحد نن مأ إثبأت قد م شال شارب‬
‫بنفسه نع إ ثبوت نورون قد م ششارب بنفسه نعلوم بألض شر ‪.‬‬
‫شل ذا صأر حذاإ هؤالء إلى إ المورون الوارب شالقد م هو العألم بنفسه‪ .‬شقألوا‪:‬‬
‫هو الله ش نك شا إ كوإ للعألم ربثأ نبأ نأ للعألم؛ إذ كأإ ثبوت القد م الوارب بنفسه البد‬
‫ننه على كل قول ش عوإ شنحوه نمش نك اليأنع نأ كأإ نك هذا الورون المش ون‬
‫لمأ كأإ حقيقة قول شلئك سنلزم نه ليس نورون قد م شال شارب لكن م ال ع وإ إ‬
‫هذا لزن م بل ظنوإ ن م قأنوا الدليل على إثبأت القد م الوارب بنفسه‪ .‬شلكش شصفوه‬
‫بيفأت الممننع قألوا ال ناخل العألم شال خأرره شال هو صفة شال نوصوف شال شأر‬
‫إليه شنحو ذلك نش اليفأت السلبية النا تسنلزم عدنه شكأإ هذا نمأ تنف عنه العقول‬
‫شالفط ش ع ف إ هذا صفة المعدشم الممننع ال صفة المورون دليل م ا نفس األن‬
‫سنلزم نه نأ ثَ َّم قد م شال شارب شلكش ظنوا ن م ثبنوا القد م شالوارب شهذا الذى ثبنوه‬
‫هو نمننع مأ ثبنوا قد مأ شال شاربأ!!))(‪.)2‬‬
‫ثم إنك تعجب عش هؤالء المنكلميش حيث جعلوإ هذه الط إ ها المورثة لليقيش‬
‫ش إ نأ عداهأ ال وصل إلى اليقيش شلذا لزنوإ النأس ب أ ش زعموإ ن أ شل الواربأت‬

‫(‪ )1‬الغنية عش الكالم (ص‪ )30 :‬ش بيأإ تلبيس الج مية (‪.)644/9‬‬
‫(‪ )2‬نحموع الفنأشى (‪ 941/93‬ه ‪.)940‬‬
‫‪399‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫على المكلَّفيش ش إ نش لم لبت شرون الله على قن م ليس بمؤنش يكلِثفوإ العوام بف م‬
‫هذه األنور الدقيقة النا قد عجز حنى بعض علمأئ م عش م أ شالقطع ب أ يقعوإ ا‬
‫ظلمأت الحي شن أري الشك كمأ هو شاقع كلي نش علمأء المنكلميش نمش سجلوا‬
‫اعن ا أت م بأإ هذه الط إ لم توصل م إلى اليقيش ل ِم َِا ر َْشه نش سأن نلن أ ش تكأ ئ أ‪.‬‬
‫شقد ن واء نش ذلك(‪.)1‬‬
‫الطريق الثاني‪ :‬االستدالل النقلي على وجود الله تعالى‪.‬‬
‫شهذه األنلة النقلية لم سندل ب أ المنكلموإ اسنقالال كمأ ها قة هل السنة‬
‫شإنمأ اسندلوا ب أ ألن أ قد شا قت عقول م؛ ا لالعنضأن ال لالعنمأن‪.‬‬
‫شنش و نأ اسندلوا به اآل أت الدالة على النمأنع(‪ )2‬شها قوله تعألى‪ :‬ﭗ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ ﭫﭬ‬
‫[المؤننوإ‪ ]19 :‬شقوله‪ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [األنبيأء‪ ]66 :‬شقوله تعألى‪:‬‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [اإلس اء‪.)3(]46:‬‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫قألوا‪ :‬هذه اآل أت نالة على إثبأت شرون الله تعألى؛ للنمأنع ه ب‪ :‬النننأع‬
‫صدشر هذا ال عألم عش إل يش اثنيش(‪)4‬؛ قي شا نليل النمأنع على إثبأت ال بوبية‪ .‬شاليحيح‬
‫بألنضمش على توحيد ال بوبية‪.‬‬
‫ث‬ ‫إ نليل النمأنع هو ا تق توحيد األلوهية شهو نال‬
‫شتوحيد ال بوبية ه كمأ هو نعلوم ه ن كأنش شنكوز ا الفط ال حأرة إلى إثبأته‪.‬‬
‫قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪(( :‬شكلي نش هل النظ زعموإ إ نليل النمأنع هو‬
‫نعنى قوله تعألى ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ العنقأنهم إ توحيد ال بوبية الذب ق رشه‬
‫هو توحيد اإلل ية الذب بيثنه الق آإ شنعت إليه ال سل ه علي م السالم ه شليس األن كذلك‬

‫(‪ )1‬انظ ‪( :‬ص‪ 622 :‬ه ‪ .)621‬شلمز د نش هذه االعن ا أت انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪ )62/4‬شاليواعق الم سلة‬
‫(‪ 922/9‬ه ‪ 9626/4 922‬ه ‪.)9623‬‬
‫(‪ )2‬النمأنع تقدم النع ف به انظ ‪( :‬ص‪.)242 :‬‬
‫(‪ )3‬رسألة با الحسش إلى هل اللغ (ص‪ 952 :‬ه ‪ )957‬و ح المقأصد (‪ )21/2‬شالنبيي ا الد ش شتمييز‬
‫الف قة النأرية (ص‪.)952 :‬‬
‫(‪ )4‬شانظ ‪ :‬نأ تقدم ا تع ف النمأنع (ص‪.)622:‬‬
‫‪396‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بل النوحيد الذب نعت إليه ال سل شنزلت به الكنب هو توحيد اإلل ية المنضمش توحيد‬
‫ال بوبية شهو عبأن الله شحده ال و ك))(‪.)1‬‬
‫شقأل ابش با العز ه رحمه الله ه ا تق هذا الدليل شال ن على المنكلميش ا‬
‫نخألفة شر ه‪(( :‬شقد ظش وائف إ هذا نليل النمأنع الذب تقدم ذك ه شهو نه لو كأإ‬
‫للعألم صأنعأإ الخ شغفلوا عش نضموإ اآل ة إنه سبحأنه خب نه لو كأإ ي مأ آل ة‬
‫غي ه شلم قل ربأي‪ .‬ش ضأ إإ هذا إنمأ هو بعد شرونهمأ ش نه لو كأإ ي مأ شهمأ‬
‫نورونتأإ آل ة سواه لفسدتأ ش ضأ إنه قأل‪ :‬ﯥ شهذا سأن بعد الورون شلم قل‪:‬‬
‫لم وردا‪ .‬شنلت اآل ة على نه ال جوز إ كوإ ي مأ آل ة ننعدن بل ال كوإ اإلله إال‬
‫شاحدا شعلى نه ال جوز إ كوإ هذا اإلله الواحد إال الله ه سبحأنه شتعألى ه ش إ سأن‬
‫السموات شاألرض لزم نش كوإ اآلل ة ي مأ ننعدن شنش كوإ اإلله الواحد غي الله ش نه‬
‫ال صالح ل مأ إال بأإ كوإ اإلله ي مأ هو الله شحده ال غي ‪ .‬لو كأإ للعألم إل أإ‬
‫نعبوناإ لفسد نظأنه كله إإ قيأنه إنمأ هو بألعدل شبه قأنت السموات شاألرض‪ .‬ش ظلم‬
‫الظلم على اإل الإ الش ك ش عدل العدل النوحيد‪ .‬شتوحيد اإلل ية ننضمش لنوحيد ال بوبية‬
‫نشإ العكس؛ مش ال قدر على إ خلق كوإ عأرزا شالعأرز ال يلح إ كوإ إل أ‪.‬‬
‫قأل تعألى‪ :‬ﮟﮠﮡ ﮢ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ [األع اف‪ ]919 :‬شقأل تعألى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧﮢ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ [النحل‪ ]92 :‬شقأل تعألى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊ [اإلس اء‪ .]46:‬ش ي أ للمنأخ ش قوالإ‪ :‬حدهمأ التخذشا سبيال إلى نغألبنه‪ .‬شاللأنا ه‬
‫شهو اليحيح المنقول عش السلف كقنأن شغي ه شهو الذب ذك ه ابش ر شلم ذك غي ه ه‪:‬‬
‫التخذشا سبيال بألنق ي إليه كقوله تعألى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﮃ ‪ .‬شهم لم قولوا إإ العألم‬ ‫[المزنل‪ ]91 :‬شذلك نه قأل‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫له صأنعأإ بل رعلوا نعه آل ة اتخذشهم وفعأء شقألوا ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ [الزن ‪ ]3 :‬بخالف اآل ة األشلى))‪ . .‬هه(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬و ح األصف أنية بنحقيق السعوب (ص‪ 904:‬ه ‪.)905‬‬


‫(‪ )2‬و ح الطحأش ة (ص‪ 11 :‬ه ‪ )40‬شانظ ‪ :‬بيأإ تلبيس الج مية (‪ 474/9‬ه ‪ )471‬شاليواعق الم سلة‬
‫(‪.)422/2‬‬
‫‪393‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫نبيَّش نش كالم هؤالء األعالم إ نليل النمأنع هو ا تق توحيد الله ‪ ‬بألعبأن‬


‫الذب هو نعنى ال إله إال الله إذ هو نسأإ ه ب النمأنع ه ليقون إلى العلم بأأللوهية الذب‬
‫هو و ه كلمة النوحيد ال إله إال الله‪.‬‬
‫كمأ بأإ نش كالن م ضأ سأن تفسي المنكلميش ل ذه اآل أت بقي هأ على توحيد‬
‫ال بوبية بسبب الخلط عندهم بيش توحيد ال بوبية شتوحيد األلوهية؛ إذ توحيد األلوهية عندهم‬
‫هو عيش توحيد ال بوبية شهو المطلوي نش العبأن كمأ تقدم‪.‬‬
‫شعلى هذا إإ هذا الدليل ال قون المنكلميش إلى المع ة اليقينية اليحيحة‬
‫المطلوبة نش العبأن شالنا ها العلم بألنوحيد الذب هو و ه ا نفع كلمة النوحيد ال إله إال‬
‫الله شقد ذك نأ يمأ نضى وواهد اإلخالل بنوحيد األلوهية عند المنكلميش نش الوقوع ا‬
‫الش ك شالنيدب للد أع عش عقأئد القبور ة عند ذك األث المن تب على تفسي هم لمعنى ال‬
‫إله إال الله بنوحيد ال بوبية (‪.)1‬‬
‫موقف المتكلمين من صفات الرب تعالى‪.‬‬
‫بيأإ نوقف المنكلميش نش صفأت الله تعألى له تعلق شثيق بط إ تحييل العلم بألله‬
‫تعألى شذلك نش ر نيش‪:‬‬
‫األشلى‪ :‬إ العلم بيفأت الله تعألى نمأ دخل تحت بأي العلم بألله تعألى كمأ تقدم(‪.)2‬‬
‫اللأنية‪ :‬إ المنكلميش بنوا اإلثبأت شالنفا ليفأت الله تعألى على تلك المسألك المنقدنة‬
‫النا اعنمدشا علي أ ا إثبأت شرون الله تعألى شلذلك عنب اعنقأنهم ا بأي اليفأت‬
‫هو ث نش آثأر تلك المسألك النا اعنمدشهأ ا بأي إثبأت شرون الله تعألى‪.‬‬
‫شقد تقدنت اإلوأر إلى إ المسألك النا ثبنوا ب أ شرون الله ‪ ‬قد ضت ب م إلى‬
‫النعطيل شالنفا ليفأت الله تعألى‪ .‬شبقا إ نشي إلى إ المنكلميش ا هذا النعطيل هم على‬
‫نررأت شها‪:‬‬
‫‪ 9‬ه نش نفى نفيأ كليثأ شهم المعنزلة(‪ )3‬نش الج مية‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظ ‪( :‬ص‪ 907 :‬ه ‪.)904‬‬


‫(‪ )2‬انظ ‪( :‬ص‪ 242 :‬ه ‪.)241‬‬
‫الغزال نجلس الحسش بش با الحسش البي ب لمأ اخنلف نعه ا حكم‬
‫(‪ )3‬المعنزلة سموا بذلك العنزال شاصل بش عطأء َّ‬
‫=‬ ‫ن تكب الكبي ؛ ش جمع المعنزلة القول بنفا اليفأت شخلق الق آإ شإ الله ال ى ا اآلخ شإ الله ليس خألقأ‬
‫‪394‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫‪ 6‬ه نش نفى نفيأ رزئيأ شهم األوأع شنش شا ق م نش المأت د ة(‪.)1‬‬


‫إال إ وب ة النفا عند الجميع شاحد شها‪ :‬إ إثبأت اليفأت قنضا حلول‬
‫الحوانث بألله ‪ ‬شالله ه تعألى ه ننهزه عش الحوانث؛ ألإ اليفأت عندهم نش بأي‬
‫األع اض شاألع اض حأنثة ش نش خيأئص الحأنث(‪.)2‬‬
‫نقأم تفييل لمأ نفأه المنكلموإ ش ثبنوه نش اليفأت شنأ تعلَّقوا به‬‫شليس المقأم هنأ َ‬
‫نش وب أت شإنمأ المقيون اإلوأر شلو بإرمأل إلى نوقف م نش صفأت الله ‪ ‬ألإ ذلك‬
‫قوننأ إلى إ المنكلِثميش لم ع وا الله ‪ ‬المع ة النأنة اليحيحة النا ها نش نقنضيأت‬
‫و أن إ ال إله إال الله؛ إذ المع ة بيفأت الله تعألى تنعلثق بألعلم بألمش ون له شهو الله‬
‫‪.‬‬
‫شسيأتا نز د بيأإ لذلك عند نبحث ر ل هل النعطيل بألله ‪ ‬ن رئ الكالم‬
‫إلى هنأك(‪.)3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حكم اإليمان بالتقليد‪.‬‬
‫هذه المسألة ل أ تعلق شثيق بط إ تحييل العلم نش ر ة إ النقليد هل هو ق‬
‫نحيال للعلم بألنوحيد يكوإ المقلِثد لم نحقق‬ ‫ِ‬
‫لحيول العلم بألنوحيد؟ ش إ النقليد ليس ث‬
‫يه و ه العلم بألنوحيد لم تيح ننه و أن ْإ ال إله إال الله‪.‬‬
‫ش بعبأر خ ى‪ :‬هل يح إ مأإ المقلِثد؟ شالبعض عبِث يقول‪ :‬هل كوإ نؤننأ نش‬
‫اعنقد اإلسالم نشإ اسندالل م ال كوإ نؤننأ نسلمأ إال نش ا َّ‬
‫سندل(‪)4‬؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= أل عأل العبأن شإ صأحب الكبي ا الدنيأ ا ننهزلة بيش المنهزلنيش ال نؤنش شال كأ ‪ .‬ش سموإ ضأ‪ :‬القدرة شالعدلية‪.‬‬
‫شا ن قوا إلى عش ش قة كل قة نن أ تكف سأئ هأ‪ .‬انظ ‪ :‬نقأالت اإلسالنييش (‪ )215/9‬شالملل شالنحل (‪ 40/9‬ه‬
‫‪.)41‬‬
‫(‪ )1‬المأت د ة هم‪ :‬تبأع با ننيور المأت دب شهم نعطلة ا بأي اليفأت ن رئة ا بأي اإل مأإ شنذهب م ا‬
‫االعنقأن شبه إلى ح ثد كبي نذهب األوأع إال إ هنأك شقأ نقيقة نص علي أ بعض هل العلم‪ .‬انظ ‪ :‬نقدنة‬
‫اإلبأنة ا صول الد أنة بقلم الشيخ حمأن األنيأرب‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬المواقف لإل جا (‪.)201/2‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪( :‬ص‪ 171 :‬ه ‪.)141‬‬
‫(‪ )4‬هذا تعبي ابش حزم الظأه ب رحمه الله تعألى كمأ ا الفيل شالملل (‪.)27/4‬‬
‫‪394‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شقبل ذك الخالف ا هذه المسألة شبيأإ شره الحق ي أ حسش بنأ إ نعثِف‬
‫شنوضح نش هو المقلِثد‪.‬‬
‫ِث‬ ‫النقليد‬
‫ثم إإ نش األصول المسلَّمة النا ال نحل لالخنالف علي أ‪ :‬إ تقليد النبا ‪ ‬غي‬
‫الش عة؛ مش قلثد‬‫نقيون بألكالم ا حكأم النقليد ألإ تقليد النبا ‪ ‬هو الد ش شهو ِ‬
‫النبا ‪ ‬قد تى بألوارب ألإ تقليد النبا ‪ ‬ا ذاته هو الوارب شإال لفأت نقيون‬
‫ال سألة شالحكمة نن أ ألإ نش عطا ال سألة شالنبو ن بع ض اإلسالم شال على الكف‬
‫لو كأإ اإلسالم ال يح بألع ض شالنقليد لمأ كأإ إلرسأل ال سل حكمة ش أئد (‪.)1‬‬
‫إذا ثبت هذا إإ النقليد نعنأه ا اللغة‪ :‬شضع الشاء ا العنق نحيطأ به‬
‫كألقالن (‪)2‬؛ (( كأإ المجن د رعل الفنوى ا عنق السأئل ش إ السأئل رعل األن ا‬
‫عنق المسئول‪ .‬شكال األن ش صحيح))(‪.)3‬‬
‫ش ا االصطالح عَّ ه الفق أء بنعأر ف كلي شنش نإ نأ قيل يه‪ :‬قبول قول نش‬
‫ليس قوله نليال بغي نليل(‪.)4‬‬
‫شهذا النع ف عنب رأنعأ نأنعأ؛ ألنه خ ج العمل بقول ال سول ‪ ‬شبأإلرمأع‬
‫سمى ذلك تقليدا بل هو اتبأع ألنه اتبأع للحجة شلكش قد سمى تقليدا على شره‬ ‫ال َّ‬
‫المجأز شالنوسع(‪.)5‬‬
‫شب ذا ظ الف إ بيش المقلِثد شالمنبع؛ ألمقلِثد هو الذب عمل بقول نش ليس قوله‬
‫حجة بال حجة‪ .‬ش نأ المنبع و الذب عمل بمأ ثبنت عليه الحجة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬و ح الفقه األكب (ص‪ )27 :‬شنخني ابش الحأرب (‪ )2145/1‬ش نرء النعأرض (‪.)441/5‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬اليحأح للجوه ب (‪ )527/2‬شالقأنوس المحيط (‪ )225/9‬بأي الدال ه يل القأف شلسأإ الع ي‬
‫(‪ )272/99‬شاألصول نش علم األصول البش عليميش (ص‪.)47 :‬‬
‫(‪ )3‬هأنش تق ب الوصول إلى علم األصول البش رزب الكلبا لمحققه الدكنور نحمد المخنأر بش نحمد األنيش‬
‫الشنقيطا (ص‪.)444 :‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬نخني ابش الحأرب (‪ )9244/2‬شاإلحكأم لآلندب (‪ )217/4‬شالعد ألبا على (‪.)9292/4‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬لوانع األنوار الب ية (ره‪ )227/9‬شإروأن الفحول (‪ )145/2‬شاألصول نش علم األصول (ص‪.)47 :‬‬
‫‪392‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ش ا هذا المعنى قول ابش خواز نندان(‪ )1‬ه نش علمأء المألكية ه‪(( :‬كل نش اتبعت‬
‫قوله نش غي إ جب عليك قبوله لدليل ورب ذلك أنت نقلِثده ‪ ...‬شكل نش شرب‬
‫عليك الدليل اتبأع قوله أنت ننبعه))(‪ )2‬انن ى‪.‬‬
‫هذا نأ نعلَّق بنع ف النقليد شالف إ بينه شبيش االتبأع‪.‬‬
‫ثم إإ النقليد نش االصطالحأت النا حيل ي أ االونبأه بسبب نزا دات علمأء‬
‫الكالم يه؛ حيث إإ النقليد ا اصطالح م نأ خألف قن م ا تق األنلة شتح هأ‬
‫مش لم كش على قن م ا النظ شاالسندالل و المقلِثد شال إ مأإ لمقلِثد عندهم(‪.)3‬‬
‫شقد وأعوا هذه المقألة حنى اسنق ا كلي نش األذهأإ إ النقليد ن انف لعدم النظ ا‬
‫علم الكالم شب ذا صأر النقليد طلق على نعنييش المعنى األشل نعنى حقيقا‪ :‬شهو الذب‬
‫تقدم نش إ النقليد هو العمل بقول نش ليس قوله إحدى الحجج بال حجة‪ .‬شالمعنى اللأنا‬
‫نعنى نخن ع شهو االقنيأر على النظ على قة السلف بدشإ نظ خأص(‪.)4‬‬
‫ثم إإ النقليد ه بألمعنى الحقيقا ه إنأ إ كوإ ا ذات المع ة بألنوحيد ش كوإ‬
‫للمع ة بألنوحيد؛ أنأ النقليد ا ذات المع ة ذا ال يح به اإل مأإ بأالتفأإ ألإ اإل مأإ‬
‫ال نحقق إال بألعلم المفيد للجزم شاليقيش شالمقلِثد ا المع ة ال حيل له هذا العلم المفيد‬
‫لليقيش‪.‬‬
‫شقد نقل اإلرمأع على ذلك المعلِثما ه رحمه الله ه حيث قأل ا ((ر ع االونبأه))(‪:)5‬‬
‫((شعلى هذا ال كوإ خالف حقيقا ا إ النقليد بمعنأه الحقيقا ال كفا ا صول‬
‫الد ش شال سيمأ صل األصول شهو ال إله إال الله))‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابش خواز ش خو ز نندان هو‪ :‬نحمد بش علا بش إسحأإ بش خو ز نندان ش قأل خواز نندان الفقيه المألكا‬
‫كنى بأ عبد الله شقيل‪ :‬بأ بك ‪ .‬تفقه بأبا بك األن ب شسمع نش با بك بش ناسة ش با إسحأإ‬
‫ال جيما شغي همأ شصنف كنبأ كلي نن أ‪ :‬كنأبه الكبي ا الخالف شكنأبه ا صول الفقه شكنأبه ا حكأم‬
‫الق آإ تو ا ا شاخ المأئة ال ابعة‪ .‬انظ ‪ :‬لسأإ الميزاإ (‪.)219/5‬‬
‫(‪ )2‬رأنع بيأإ العلم ش ضله (‪ )111/2‬ق (‪.)9415‬‬
‫و قول لشذاذهم‬ ‫(‪ )3‬الحكم بعدم صحة إ مأإ المقلِثد ليس نذهبأ لجميع المنكلميش بل رم ورهم على خال ه‬
‫شغالت م‪ .‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪ 407/7‬ه ‪ )449 404‬ش نح البأرب (‪ 122/91‬ه ‪.)121‬‬
‫(‪ )4‬ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص‪ )75 :‬بني ف‪.‬‬
‫(‪( )5‬ص‪.)75 :‬‬
‫‪392‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إإ المننبع ألقوال هل العلم جد ن م اخنلفوا ا المقلِثد‬ ‫ش نأ النقليد للمع ة َّ‬


‫للمع ة بألنوحيد هل يح توحيده ش ال يح شإذا كأإ صحيحأ هل أثم بن ك النظ‬
‫شاالسندالل ش ال أثم ؟‬
‫شالخالف ا هذه المسألة شاقع بيش هل السنة شالمنكلِثميش نش ر ة شبيش هل‬
‫السنة يمأ بين م نش ر ة خ ى(‪.)1‬‬
‫ناعا إ نذك‬ ‫َّ‬
‫شلمأ كأنت نسألننأ تنعلق بألعلم بمعنى و أن إ ال إله إال الله ال َ‬
‫خالف المنكلِثميش ا صحة إ مأإ المقلِثد ش ا المع ة(‪)2‬؛ ألإ المع ة عند المنكلِثميش غي‬
‫المع ة عند هل السنة؛ ألمع ة عند المنكلِثميش ه كمأ تقدم(‪ )3‬ه ها العلم بورون الله تعألى‬
‫شربوبينه ش نأ عند هل السنة ا العلم بنوحيد الله تعألى شإ انه بألعبأن الذب هو و ه‬
‫الش أن ؛ إذ المع ة بورون الله تعألى شربوبينه ه عند هل السنة ه ط ة ض شر ة ال نيور ي أ‬
‫النقليد صال بخالف هذه المع ة عند المنكلميش إن أ اسنداللية؛ شلذا منعوإ النقليد‬
‫ي أ(‪.)4‬‬
‫أنحي الخالف إذإ بيش هل السنة ا و ه العلم بألنوحيد هل جب لنحييله‬
‫النظ شاالسندالل ش كنفى بألنقليد بال إثم؟‬
‫شقبل إ نبيش خالف هل السنة ا هذه المسألة ننبه إلى نسأئل حيل ي أ‬
‫الخلط شاللبس كلي ا‪.‬‬

‫(‪ )1‬ا تأرك النظ شهو المقلد ا النوحيد قوال ثالثة‪:‬‬


‫األشل‪ :‬نه نؤنش غي عأص بن ك النظ ‪.‬‬
‫اللأنا‪ :‬نه نؤنش لكش عأص إإ ت ك النظ نع القدر ‪.‬‬
‫اللألث‪ :‬نه كأ ‪ .‬شالقوالإ األشالإ ألهل السنة شاللألث لغال المنكلميش‪ .‬انظ ‪ :‬نخني الدر اللميش شالمورن‬
‫المعيش على ننظونة الم ود المعيش على الض شرب نش علوم الد ش (ص‪.)60 :‬‬
‫(‪ )2‬رم ور المنكلميش وربوإ النظ شاالسندالل ا المع ة بألله تعألى شالغألية نن م‪ :‬قولوإ بعدم صحة إ مأإ‬
‫المقلِثد ا المع ة بألله تعألى‪ .‬انظ ‪ :‬و ح األصول الخمسة (ص‪ )11:‬شالشأنل للجو نا (ص‪)12:‬‬
‫شاإلنيأف للبأقالنا (ص‪ )22:‬شنخني الدر اللميش شالمورن المعيش (ص‪ )91 :‬شنرء النعأرض (‪)407/7‬‬
‫ش نح البأرب البش حج (‪.)129/91‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪( :‬ص‪.)100 :‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬الميأنر المنقدنة‪.‬‬
‫‪392‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األشلى‪ :‬صحة اإل مأإ بألنقليد‪ .‬شاللأنية‪ :‬تأثيم العأنل بألنقليد‪ .‬شاللأللة‪ :‬إ النقليد‬
‫ق شليس تحقيقأ‪ .‬نأ المسألة األشلى إإ هل السنة نجمعوإ ه ا الجملة ه على إ‬
‫النقليد إذا قأن إلى العلم اليحيح بألعقأئد إإ اإل مأإ يح به شذلك خال أ لبعض‬
‫المنكلميش نمش ال يححوإ إ مأإ المقلِثد ش‪.‬‬
‫ش نأ المسألة اللأنية ه شها تأثيم العأنل بألنقليد ه ذه ها النا شقع النهزاع ي أ بيش‬
‫هل السنة؛ ألقأئلوإ بوروي النظ أثِموإ نش ن ك النظ ش عمل بألنقليد(‪)1‬؛ شنش ى‬
‫رواز النقليد لحيول المع ة بألنوحيد ال قول بنأثيم تأرك النظ شاالسندالل للمع ة‬
‫نطلقأ(‪.)2‬‬
‫شكلي نمش ال ننبَّه إلى هأتيش المسألنيش لحق خالف هل السنة القأئليش بوروي‬
‫النظ بخالف المنكلميش الذ ش ال يححوإ إ مأإ المقلِثد يَهْن ِسب ه خطأ ه إلى هل السنة‬
‫القأئليش بوروي النظ القول بعدم صحة إ مأإ المقلِثد‪.‬‬
‫ش نأ المسألة اللأللة ه شها إ النقليد ق شليس تحقيقأ ه ألم ان نه ق قون إلى‬
‫العلم اليحيح بألعقأئد شليس الم ان إ ذات النقليد نحقق به اإل مأإ‪ .‬ششره ذلك‪ :‬نه إذا‬
‫سمى بعد ذلك نقلِثدا ا الحقيقة ألإ‬ ‫حيل للمقلِثد اعنقأن العلم اليحيح بألعقيد ال َّ‬
‫ِ‬
‫المؤنب إلى هذا‬
‫االعنقأن ال كوإ إال عش علم ش قيش شإنمأ كأإ تقليده ا الط ق ث‬
‫االعنقأن شذلك نه إذا علم الحق شاعنقده صأر عألمأ رأزنأ؛ ألعلم شالنقليد ضدَّاإ‬
‫شالضداإ ال جنمعأإ شال تفعأإ‪.‬‬
‫إذا ثبت هذا إإ رمأهي هل السنة ال وربوإ النظ شاالسندالل للمع ة‬
‫بألنوحيد ألإ العلم عندهم قد حيل بألنقليد شالنقليد رأئز عندهم ا الجملة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬القأئلوإ بوروي النظ نش هل السنة‪ :‬نن م نش وربه على كل حد حنى على العأنة شالنسأء شنن م نش قي ه‬
‫على القأنر نشإ العأرز‪ .‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪.)606/60‬‬
‫قة السلف شهو النظ‬ ‫(‪ )2‬ليس ن ان هل السنة بألنظ هنأ النظ الذب حدثه المنكلموإ شإنمأ ن انهم النظ على‬
‫ا األنلة الش عية شاسننبأه األحكأم نن أ حنى نوصل النأظ نش خالل ذلك إلى المع ة اليقينية بنوحيد الله‬
‫عز رل شإ انه بألعبأن ‪ .‬شهو نأ عب عنه بعض هل السنة بألنظ الخأص‪ .‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى‬
‫(‪ )606/60‬شر ع االونبأه للمعلما (ص‪.)24 :‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬و ح الفقه األكب (ص‪ )95 :‬شالمف م لمأ وكل نش تلخيص كنأي نسلم (‪ )942/9‬شنرء النعأرض‬
‫=‬ ‫(‪ )449/7‬شنجموع الفنأشى البش تيمية (‪ 201 202/20‬ه ‪ )204‬شإروأن الفحول للشوكأنا (‪ 144/2‬ه‬
‫‪391‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شبعض هل السنة ننع النقليد نطلقأ شنش ذلك النقليد لنحييل العلم بمعنى‬
‫و أن النوحيد ش قولوإ هو عأص بن ك نأ شرب عليه نش النظ (‪ )1‬شاالسندالل(‪ .)2‬شهو‬
‫نذهب ابش ر الطب ب(‪ )3‬ه رحمه الله ه شاخنأره رمع نش المنأخ ش نن م‪ :‬المعلما(‪ )4‬ه‬
‫رحمه الله ه ش شنأ إليه ويخ اإلسالم نحمد بش عبد الوهأي ا األصول اللالثة حيث قأل‪:‬‬
‫(( جب على كل نسلم شنسلمة تعلم ثالثة نسأئل))‪ .‬شذك نن أ‪(( :‬نع ة الله تعألى بأألنلة))(‪.)5‬‬
‫ش يمأ لا نذك نلة الف قيش نش هل السنة شنبيِثش ال ارح نن أ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أدلة المجيزين للتقليد للمعرفة بالتوحيد‪:‬‬
‫اسندل هل السنة المجيزشإ للنقليد ا المع ة بش أن النوحيد ال إله إال الله بأنلة‬
‫كلي نن أ‪:‬‬
‫‪ 9‬ه عموم قوله تعألى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ [النحل‪.]43 :‬‬
‫قألوا‪ :‬فا هذه اآل ة رود الله تعألى نش ال علم إلى سؤال هل الذك شهم‬
‫العلمأء شذلك ا عموم المسأئل دخل صل الد ش لو كأإ العمل بألنقليد ا صول‬
‫الد ش ال جوز لمأ ن نأ الله تعألى بأألخذ عن م‪.‬‬
‫شاآل ة ا سيأإ إثبأت ال سألة شهو نش صول الد ش‪.‬‬
‫شألإ العأنا ال نمكش نش نع ة الحق بأنلنه إذا تعذر عليه نع ة الحق بنفسه لم‬
‫[النغأبش‪.)6(]92 :‬‬ ‫بق إال النقليد؛ لقوله تعألى‪ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫‪ 6‬ه كمأ اسندلوا ضأ بإرمأع السلف على قبول الش أنتيش نش غي إ قول‬
‫لقأئل مأ‪ :‬هل نظ ت(‪)1‬؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫= ‪.)159‬‬
‫قة المنكلميش كمأ تقدم‪.‬‬
‫(‪ )1‬الم ان بألنظ هنأ النظ ا النيوص شليس النظ على‬
‫(‪ )2‬إال ن م يححوإ إ مأإ المقلِثد كمأ تقدم‪.‬انظ ‪ :‬و ح الفقه األكب (ص‪ )95:‬شنرء النعأرض (‪449/7‬‬
‫‪ )15/4‬البح المحيط للزركشا (‪ )274/2‬شإروأن الفحول (‪.)141/2‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬النبيي بمعألم الد ش (ص‪.)991 :‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص‪.)75 27:‬‬
‫(‪ )5‬انظ ‪ :‬األصول اللالثة ش نلن أ ضمش نجموع نؤلفأت الشيخ اإلنأم نحمد بش عبد الوهأي القسم األشل العقيد‬
‫شاآلناي (ص‪.)945 :‬‬
‫(‪ )6‬انظ ‪ :‬األصول نش علم األصول (ص‪.)55 :‬‬
‫‪360‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫شقألوا ضأ‪ :‬إإ العوام نش األع اي كأنوا حض شإ إلى النبا ‪ ‬ش نلَّفظوإ بكلمنا‬
‫ض نظ ا ذلك شال اسندالل لو‬ ‫ِ‬
‫الش أن شكأإ ‪ ‬حكم بيحة إ مأن م شلم كلثف م َ‬
‫كأإ النظ شاربأ لمأ ت ك األن به(‪.)2‬‬
‫‪ 3‬ه شاسندلوا ضأ بإرمأع المسلميش على إ المكفوف قلِثد نش لق بخب ه ا‬
‫تعييش ر ة القبلة؛ ألنه ال قدر على كل نش ذلك(‪.)3‬‬
‫إذا رأز النقليد ا و ه اليال الذب هو القبلة رأز كذلك ا و ه النوحيد‬
‫الش أن نش ركأإ اإلسالم‬ ‫الذب هو العلم بمعنى الش أن بجأنع إ كالًّ نش َّ‬
‫اليال ش َّ‬
‫ش صول اإل مأإ(‪.)4‬‬
‫‪ 4‬ه كمأ اسندلوا ضأ بألقيأس قألوا‪ :‬نه لمأ كأإ النقليد قأ لمسأئل الف شع‬
‫كذلك رأز إ كوإ قأ لمسأئل األصول نش حيث إإ كل شاحد نن مأ نعلَّق‬
‫بألنكليف نش ر ة الله ه سبحأنه شتعألى ه؛ كمأ كلثفنأ اعنقأن األحكأم قلَّدنأ العلمأء‬
‫كذلك كلثفنأ اعنقأن األصول قلَّدنأ(‪.)5‬‬
‫ثانياً‪ :‬أدلة من ذهب من أهل السنة إلى منع التقليد لمعرفة أصول الدين ومناقشتها‪:‬‬
‫اسندل هل السنة المأنعوإ للنقليد ا صول الد ش بأنلة كلي نن أ‪:‬‬
‫‪ 9‬ه عموم اآل أت القأضية بذم النقليد نطلقأ شالنا نن أ قوله تعألى‪ :‬ﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ‬
‫[البق ‪ ]920:‬شقوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﭩ ﭪ [المأئد ‪ ]904 :‬شقوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪ )404/7‬شإروأن الفحول للشوكأنا (‪.)141/2‬‬
‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬الدر يمأ جب اعنقأنه البش حزم (ص‪ 110 :‬ه ‪ )119‬شالمعيأر المع ي (‪ )457/2‬شلوانع األنوار الب ية‬
‫(‪.)221/9‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬رأنع بيأإ العلم ش ضله (‪.)115/2‬‬
‫(‪ )4‬انظ ‪ :‬نجموع الفنأشى (‪.)29/2‬‬
‫(‪ )5‬الواضح ا صول الفقه البش عقيل (‪ 632/4‬ه ‪.)631‬‬
‫‪369‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ [الزخ ف‪ ]63 :‬قألوا‪ :‬فا هذه‬


‫اآل أت ذم الله تعألى النقليد شالذم ال قع إال على ن نحَّم(‪.)1‬‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ‬ ‫ﰊ‬ ‫‪ 6‬ه كمأ اسندلوا ضأ بقوله تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ‬
‫[نحمد‪ .]91 :‬قألوا‪ :‬ا هذه اآل ة ن نأ الله تعألى بألعلم بال إله إال الله ه ب بنوحيده شاألن‬
‫فيد الوروي شالعلم ال حيل إال بألنظ شاالسندالل لبت إ المقلِثد آثم بن ك نأ شرب‬
‫عليه نش النظ شاالسندالل لنحييل العلم(‪.)2‬‬
‫‪ 1‬ه شقألوا ضأ‪ :‬إ الله تعألى ن بألندب شالنفك ش ا صحيح ابش حبأإ لمأ نزل‬
‫[البق ‪ ]924 :‬اآل ة‪ .‬قأل‪ :‬ش ل لمش ق هش‬ ‫قوله تعألى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫شلم ندب هش ش ل له ش ل له(‪.)3‬‬
‫‪ 4‬ه ش ضأ اسندلوا نش النظ قألوا‪ :‬إإ ا تقليد المقلَّد رروعأ إلى خب ه شخب ه ن نن‬
‫بيش اليدإ شالكذي ال جوز ت ك ناللة قأ عة لقول ن نن بيش وك شظش(‪.)4‬‬
‫هذه بعض نلة نش ننع النقليد ا صول الد ش نطلقأ شالذب ننه النقليد للمع ة‬
‫بمعنى و أن النوحيد ال إله إال الله‪ .‬ش يمأ لا ننأقشة هذه األنلة شبيأإ ضعف نأخذ‬
‫اسندالل م ب أ على ننع النقليد‪:‬‬
‫أنأ اسندالل م بعموم اآل أت القأضية بذم النقليد على تح م النقليد نطلقأ هو غي‬
‫نسلَّم؛ شذلك ألإ هذه اآل أت ها ا ذم نش قلَّد بعد قيأم الحجة شظ ور المحجة على‬
‫بطالإ نأ عليه نقلَّده‪ .‬شتوضيح ذلك‪ :‬إ هذه اآل أت نزلت ا وأإ الكفأر الذ ش قلَّدشا ا‬
‫ت ك النيد ق ب سألة النبا ‪ ‬شالنقليد ا ت ك النيد ق ب سألنه ‪ ‬بأ ل ألنه تقليد بعد‬
‫قيأم الحجة شإ ضأح المحجة على صحة نبوته ‪‬؛ شذلك إ نالئل نبوته ‪ ‬شاضحة بيِثنة ال‬
‫نمأرى ي أ اثنأإ بمأ قأنه ه سبحأنه شتعألى ه نش الب اهيش اليقينية الدالة علي أ‪.‬‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ [نحمد‪]91 :‬‬ ‫ش نأ اسندالل م بقوله تعألى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫على ننع النقليد ا صول الد ش ألجواي عنه‪ :‬إ هذا غي نسلَّم ضأ؛ ألنه ال ناللة ا اآل ة‬

‫(‪ )1‬انظ ‪ :‬ر ع االونبأه عش نعنى العبأن شاإلله (ص‪.)72 :‬‬


‫(‪ )2‬انظ ‪ :‬لوانع األنوار الب ية للسفأر نا (ره‪ )224/9‬شر ع االونبأه (ص‪.)27 :‬‬
‫(‪ )3‬نطألب شلا الن ا (‪.)442/1‬‬
‫(‪ )4‬الواضح ا صول الفقه (‪.)214/5‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫على شروي النظ شاالسندالل بل غأ ة نأ ي أ األن بألعلم شهو حيل بغي نظ خأص؛‬
‫كألنقليد(‪.)1‬‬
‫شعلى ض إ اآل ة نوربة للعلم االسنداللا نكوإ ا حق القأنر عليه شالعأنا‬
‫عأرز عنه ف ضه النقليد حينئذ كمأ قأل تعألى‪ :‬ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ [النحل‪.]43 :‬‬
‫ش نأ القول بأإ الله تعألى ن بألندب شالنفك شالنظ إإ ذلك نش شه بألوسع شالطأقة‬
‫شالنقليد ال جوز إال نع العجز شالضيق‪.‬‬
‫ش نأ قول م‪ :‬إإ ا تقليد المقلِثد رروعأ إلى خب ه شخب ه ن نن بيش اليدإ شالكذي‪...‬‬
‫إلى آخ ه‪ .‬يقأل يه‪ :‬إإ المقلِثد ضه إ قلِثد نش غلب على ظنه نه نييب للحق شغلبة الظش‬
‫كألجزم تن َّهزل ننهزلة القطع كمأ وأر إليه الحأ ظ ابش حج ا ((الفنح))(‪.)2‬‬
‫ن رح إذإ عدم شروي النظ شاالسندالل لنحييل المع ة بش أن النوحيد ال إله إال الله‪.‬‬
‫شنمأ عضد ذلك‪ :‬إ النظ شاالسندالل الخأص ليس نقيونا ا نفسه شإنمأ هو ق إلى‬
‫حيول العلم حنى يي بحيث ال ن نن؛ مش حيل له هذا االعنقأن الذب ال وك يه نش غي‬
‫اسندالل خأص كنقليد نش علم نه نييب قد صأر نؤننأ (‪.)3‬‬
‫قول الغزالا ه رحمه الله ه‪ (( :‬إذا بلغ ال رل العأقل بأالحنالم ش السش ضحو ن أرا‬
‫نلال أشل شارب عليه تعلم كلمنا الش أن ش م نعنأهمأ شهو قول‪« :‬ال إله إال الله نحمد‬

‫(‪ )1‬قول ويخ اإلسالم ابش تيمية ه رحمه الله ه (( ألعلم قد حيل بال نظ خأص بل بط إ خ نش اضط ار‬
‫شانظ ‪ :‬المف م‬ ‫(‪])202/20‬‬ ‫شكشف شتقليد نش علم نه نييب شغي ذلك))‪[ .‬نجموع الفنأشى‬
‫(‪ )942/9‬ش نح البأرب (‪.)121/91‬‬
‫(‪ )2‬لفظ الحأ ظ كمأ ا (الفنح) (‪(( :)40/9‬لجواز إ الإ العلم على الظش الغألب شننه قوله تعألى‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫[الممنحنة‪.))]90 :‬‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫شقأل ويخ اإلسالم رحمه الله‪ ...(( :‬العلم ننأشل اليقيش شاالعنقأن ال ارح؛ كقوله تعألى‬
‫[الممنحنة‪ .]90 :‬ش إ تخييص لفظ العلم بألقطعيأت اصطالح المنكلميش)) انن ى‪[ .‬االسنقأنة‪.])54/9( :‬‬
‫نيور يه‬
‫ششره االسنش أن ب ذه اآل ة على تنأشل العلم لغلبة الظش إ العلم بإ مأإ هؤالء الم أر ات ال كأن ث‬
‫اليقيش شذلك نش شر يش‪ :‬األشل‪ :‬إ اإل مأإ يه رأنب قلبا (=االعنقأن) شهذا نأ ال سبيل إلى نع نه البنة‪.‬‬
‫شاللأنا‪ :‬ألإ اليقيش ا نع ة إ مأإ وخص ه على ض تسليمه ه حنأج إلى ول نش نخألطة شنحو ذلك‬
‫شهؤالء تيش النو نش بالن الش ك‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬البح المحيط للزركشا (‪ )274/2‬شإروأن الفحول للشوكأنا (‪.)141/2‬‬
‫‪363‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫رسول الله»‪ .‬شليس جب عليه إ حيل كشف ذلك لنفسه بألنظ شالبحث شتح األنلة‬
‫بل كفيه إ ي ثِدإ به ش عنقده رزنأ نش غي اخنالج ر ب شاضط اي نفس شذلك قد حيل‬
‫بمجَّن النقليد شالسمأع نش غي بحث شال ب هأإ؛ إذ اكنفى رسول الله ‪ ‬نش رالف الع ي‬
‫بألنيد ق شاإلق ار نش غي تعلم نليل(‪ )1‬إذا عل ذلك قد نى شارب الوقت شكأإ العلم‬
‫الذب هو ض عيش عليه ا الوقت تعلم الكلمنيش ش م مأ شليس لزنه ن شراء هذا ا‬
‫الوقت بدليل نه لو نأت عقيب ذلك نأت نطيعأ لله ‪ ‬غي عأص له))(‪.)2‬‬
‫ش قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪ (( :‬نأ ا المسأئل األصولية كلي نش المنكلمة‬
‫شالفق أء نش صحأبنأ شغي هم نش ورب النظ شاالسندالل على كل حد حنى على العأنة‬
‫شالنسأء حنى وربوه ا المسأئل النا تنأزع ي أ ضالء األنة قألوا‪ :‬ألإ العلم ب أ‬
‫شارب شال حيل العلم إال بألنظ الخأص‪ .‬ش نأ رم ور األنة على خالف ذلك؛ إإ نأ‬
‫شرب علمه إنمأ جب على نش قدر على تحييل العلم شكلي نش النأس عأرز عش العلم‬
‫ب ذه الدقأئق كيف كلَّف العلم ب أ؟ ش ضأ ألعلم قد حيل بال نظ خأص بل بط إ‬
‫خ نش اضط ار شكشف شتقليد نش علم نه نييب شغي ذلك))(‪ .)3‬انن ى‪.‬‬
‫شنمأ دل على ضعف القول بوروي النظ شتح م النقليد ا المع ة بألنوحيد‪ :‬إ‬
‫هذا القول يه إلزام للعأنة بأالرن أن شهو تكليف ل م بمأ ال طيقوإ؛ إذ ((لو اونغلوا بعلم‬
‫نأ يي شإ به نجن د ش النقطعوا عش المعأ ش شالح اثة شالزراعة شخثِبت الدنيأ شهلك‬
‫الخلق شانقطع النسل شت ك الج أن شخ بت الدنيأ شال سبيل إلى هذا شقد قأل الله تعألى‪:‬‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ))(‪.)4‬‬
‫ِ‬
‫الميحح لإل مأإ‬ ‫شنمأ تجدر اإلوأر إليه هنأ‪ :‬إ النقليد الذب حيل به و ه العلم‬
‫ث‬
‫هو النقليد المؤنب إلى العلم اليحيح ا نفس األن ؛ إذا حيل للمقلِثد هذا العلم صح إ مأنه‬
‫شال إثم عليه شكأإ عمله صألحأ نأ نام نه قد ارن د ا تقليد نش قلِثده(‪)5‬؛ ((ألنه قد عل نأ‬

‫(‪ )1‬المقيون نش غي نظ خأص نج ن عش الدليل‪.‬‬


‫(‪ )2‬إحيأء علوم الد ش (‪.)22/9‬‬
‫(‪ )3‬نجموع الفنأشى (‪.)202/20‬‬
‫(‪ )4‬تح م النظ ا كنب الكالم البش قدانة المقدسا (ص‪.)44:‬‬
‫=‬ ‫(‪ )5‬قول ويخ اإلسالم ه رحمه الله ه‪(( :‬ش نأ إإ كأإ المنبع للمجن د عأرزا عش نع ة الحق على النفييل شقد عل‬
‫‪364‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ن ه الله تعألى به شاتبع نش ن ه ‪ ‬بأتبأعه))(‪ .)1‬ش نأ إذا لم حيل له هذا العلم بل حيل نأ‬
‫نأقضه ل يح إ مأنه ش ال يح؟ ذه نسألة اإلعذار بألج ألة شسنأتا‪.‬‬
‫نخلص نمأ سبق إ هل السنة ننفقوإ على إ النقليد ه على المعنى الحقيقا ه ق‬
‫حيل به العلم بألنوحيد إال ن م نخنلفوإ ا تأثيم نش ن ك النظ ش عمل بألنقليد شاألكل شإ‬
‫على نه ال إثم عليه ألإ النظ ليس نقيونا ا نفسه‪.‬‬
‫ثم إإ نمأ بيِثش إ العلم بال إله إال الله ليس اسندالليأ ا صله إ الله تعألى شضع‬
‫العلم بنوحيده ا العبأن ا صل الفط قأل تعألى‪ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞﯟ [ال شم‪ ]30 :‬شقأل ه كمأ ا الحد ث القدسا ه «خلقت عبأنب حنفأء كل م»(‪.)2‬‬
‫ذه نلة إ العلم بال إله إال الله ط ب شلكش قد ط عليه نش خأرج الفط نأ فسده‬
‫إذا انجلى هذا الفسأن عأن األن إلى صله يكوإ العلم ب أ نش وأإ الفط ش صل‬
‫الخ ْل َقة شال قأل ا نلل هذا نه نحنأج إلى اسندالل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كمأ نه ال قأل إنه نقلِثد بعد إ عأن األن إلى صله بل المقيون إ النقليد ق‬
‫حيل به العلم بألنوحيد إذا حيل العلم بألنوحيد عأن إلى كونه ط أ ال اسندالليأ‪.‬‬
‫لبت إ اليحيح عدم شروي االسندالل لمع ة النوحيد ش نه بحيول العلم ننفا‬
‫النقليد‪.‬‬
‫نع األخذ ا االعنبأر إ العلم الذب كوإ عش نظ شاسندالل على نررة نش العلم‬
‫النأوئ عش تقليد(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ذا ال ؤاخذ إإ خطأ كمأ ا القبلة ش نأ إإ قلد وخيأ نشإ‬ ‫= نأ قدر عليه نلله نش االرن أن ا النقليد‬
‫ذا نش هل الجأهلية شإإ كأإ ننبوعه‬ ‫نظي ه بمج ن هواه شني ه بيده شلسأنه نش غي علم إ نعه الحق‬
‫نييبأ لم كش عمله صألحأ شإإ كأإ ننبوعه نخطئأ كأإ آثمأ كمش قأل ا الق آإ ب ه إإ صأي قد‬
‫خطأ شإإ خطأ لينبو نقعده نش النأر)) [نجموع الفنأشى (‪ 79/7‬ه ‪.])72‬‬
‫(‪ )1‬الدر يمأ جب اعنقأنه (ص‪ .)119:‬شانظ ‪ :‬المحلى (‪.)29/9‬‬
‫(‪ )2‬تقدم تخ جه ا (ص‪.)277 :‬‬
‫(‪ )3‬انظ ‪ :‬نرء النعأرض (‪.)441/5‬‬
‫‪364‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬
‫‪723‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬معرفة الله عند غالة الصوفية‪.‬‬


‫من المهم ونحن ندرس شرط العلم أن نشير إلى بعض الفرق المنتسبة إلى اإلسالم‬
‫المخالفة في شرط العلم بالله تعالى وتوحيده(‪ ،)1‬وذلك حتى يكون المسلم في بصيرة من‬
‫تلك الفرق ومقاالتها‪ ،‬فيكون في حذر منها‪ ،‬وتحذير دائم عنها‪ ،‬قياماً منه بواجب النُصح‬
‫لنفسه ولغيره من المسلمين‪.‬‬
‫وأول هذه الفرق المخالفة التي سنبين موقفها من العلم بالله تعالى وتوحيده فرقة‬
‫الصوفية‪ ،‬وذلك ألن لها أكبر وجود في ساحة اإلسالم اليوم؛ فلها انتشار واسع في معظم‬
‫البالد اإلسالمية وغيرها‪ ،‬بسبب نَشاط دعاتها وحماية بعض الدول والمؤسسات لها‪.‬‬
‫وقبل الدخول في بيان موقف الصوفية من المعرفة بالله تعالى وتوحيده يجدر بنا أن‬
‫ِّ‬
‫نعرف بالصوفية في اللغة واالصطالح‪:‬‬
‫فكلمة «صوفية» في اللغة مختلف في أصل اشتقاقها على أقوال كثيرة؛ أكثرها ال يساعدها‬
‫القياس اللغوي‪ .‬فقيل‪ :‬إن اشتقاقها من الصوف‪ ،‬وقيل‪ :‬من الصفة‪ ،‬وقيل‪ :‬من الصفاء‪ ،‬وقيل‪ :‬من‬
‫الصف األول‪ ،‬وقيل غير ذلك(‪ .)2‬واألول أرجحها‪ ،‬وإن كانوا لم يختصوا به‪ ،‬غير أنهم عُ ِّرفوا به‬
‫في أول منشئهم(‪.)3‬‬
‫وأما هذه الكلمة في االصطالح‪ ،‬فقد اختلفت عبارات أهل العلم من أهل التصوف‬
‫وغيرهم في تحديد مفهومها؛ وذلك راجع ـ في نظري ـ في أن التصوف قد مر بأطوار‬
‫متباينة؛ فالصوفية في منشأ ظهورها كانت تنـزع إلى الزهد‪ ،‬والتقشف‪ ،‬وترك حظوظ النفس‪،‬‬
‫ثم آلت في القرون المتأخرة إلى القول بوحدة الوجود واالتحاد‪ ،‬ولذا جاءت عباراتهم في‬
‫معنى التصوف متباينة باعتبار ما مر به التصوف من أطوار‪ ،‬وما شهده الصوفي من أحوال‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬الفرق المنحرفة في شرط المعرفة بالله وتوحيده على نوعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬الجفاة في المعرفة‪ ،‬وهم فرقة غالة الصوفية الذين جهلوا معرفة الله تعالى وتوحيده‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬الغالة في المعرفة‪ ،‬وهم فرقة الجهمية‪ ،‬ومن نحا نحوهم من األشعرية والماتريدية الذين عدوا المعرفة‬
‫بالله هي الشرط األوحد لصحة اإليمان‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الرسالة القشيرية (‪ ،)555/2‬ومقدمة ابن خلدون (ص‪.)183:‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)6/33‬‬
‫‪723‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ومما جاء في معناه االصطالحي قول أبي الحسين النوري(‪(( :)1‬التصوف ترك كل حظ‬
‫للنفس))(‪ ،)2‬وقول الجنيد ـ لما سئل عن التصوف ـ‪(( :‬أن تكون مع الله تعالى بال عالقة))(‪،)3‬‬
‫وقول الشبلي(‪ )4‬ـ من ساداتهم ـ‪(( :‬التصوف هو العصمة عن رؤية الكون))(‪ .)5‬ومن ذلك ما‬
‫جاء عن أبي الحسين بن سمعون(‪ )6‬ـ لما سأله رجل عن التصوف ما هو ـ فقال‪(( :‬إن له‬
‫اسماً وحقيقة‪ ،‬فعن أيهما تسأل؟ فقال‪ :‬عنهما جميعاً‪ .‬فقال‪ :‬أما اسمه‪ ،‬فنسيان الدنيا‬
‫ونسيان أهلها‪ .‬وأما حقيقته‪ ،‬فالمداراة مع الخلق‪ ،‬واحتمال األذى منهم من جهة الحق))(‪.)7‬‬
‫هذا ما يتعلق بتعريف التصوف في اللغة واالصطالح بإيجاز‪.‬‬
‫والمراد بالصوفية هنا‪ :‬الصوفية الغالية‪ ،‬أصحاب القول بوحدة الوجود واالتحاد‪.‬‬
‫وأما ما يتعلق ببيان موقفهم من شرط العلم؛ فإن مما يبيِّن هذا الموقف أن ألعالم هذه‬
‫حد المعرفة بالله وماهيتها‪ ،‬وفي صفات العارف بالله‪ ،‬وهي وإن اختلفت في‬‫الفرقة عبارات في ِّ‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬أحمد بن محمد الخراساني البغوي الزاهد‪ ،‬شيخ الطائفة بالعراق‪ ،‬صحب السري السقطي وغيره‪ ،‬وكان الجنيد‬
‫يعظمه‪ .‬كان يقول بفناء األوصاف النفسانية ونحوها‪ ،‬توفي قبل الجنيد‪ ،‬وذلك في سنة خمس وتسعين ومئتين‪ .‬انظر‪:‬‬
‫طبقات الصوفية (‪ 361‬ـ ‪ ،)361‬وحلية األولياء (‪ 211/35‬ـ ‪ ،)255‬وسير أعالم النبالء (‪ 05/31‬ـ ‪.)06‬‬
‫(‪ )2‬طبقات الصوفية للسلمي (ص‪.)366 :‬‬
‫(‪ )3‬نقالً عن الرسالة القشيرية (‪.)552/2‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬أبو بكر الشبلي البغدادي‪ .‬مختلف في اسمه واسم أبيه‪ ،‬فقيل‪ :‬اسمه دلف بن جحدر‪ ،‬وقيل‪ :‬جعفر بن يونس‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬جعفر بن دلف‪ .‬أصله من الشبلية قرية ومولده بسامراء‪ .‬كان فقيهاً عارفاً بمذهب مالك‪ ،‬تبع القوم وكتب‬
‫الحديث عنهم‪ ،‬وكانت تحصل له أحوال أقرب ما تكون إلى السكر والغيبة فيقول أشياء منكرة كعادة من سلك هذا‬
‫الطريق‪ ،‬فأمره فيها إلى الله‪ .‬وكان رحمه الله لهجاً بشعر الغزل والمحبة‪ ،‬وله ذوق في ذلك‪ ،‬وله مجاهدات عجيبة‬
‫انحرف منها مزاجه‪ ،‬توفي ببغداد سنة أربع وثالثين وثالث مئة عن نيف وثمانين سنة‪ .‬انظر‪ :‬طبقات الصوفية (ص‪:‬‬
‫‪ 110‬ـ ‪ ،)118‬وحلية األولياء (‪ 166/35‬ـ ‪ ،)105‬وسير أعالم النبالء (‪ 160/35‬ـ ‪.)161‬‬
‫(‪ )5‬نقالً عن المصدر السابق (‪.)551/2‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس البغدادي شيخ زمانه ببغداد‪ ،‬مولده سنة ثالث مئة‪،‬‬
‫وسمعون هو لقب جده إسماعيل‪ .‬سمع أبا بكر بن أبي داود وهو أعلى شيخ له‪ ،‬ومحمد بن مخلد العطار‪،‬‬
‫ومحمد بن عمرو بن البختري‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وكان ثقة ديناً مأموناً‪ .‬حدث عنه أبو عبد الرحمن السلمي وعلي بن‬
‫طلحة المقرئ‪ ،‬وأبو محمد الخالل‪ .‬توفي سنة سبع وثمانين وثالث مئة‪ .‬انظر‪ :‬تاريخ بغداد (‪ 201/3‬ـ ‪،)200‬‬
‫وطبقات الحنابلة (‪ 355/2‬ـ ‪ ،)362‬وسير أعالم النبالء (‪ 555/36‬ـ ‪.)535‬‬
‫(‪ )7‬شعب اإليمان للبيهقي (‪ )156/6‬برقم (‪.)8553‬‬
‫‪723‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫قلت إن جميعها يرمي إلى‬ ‫اللفظ والمبنى‪ ،‬فهي تتفق في المغزى والمعنى‪ .‬وال أكون مجازفاً إذا ُ‬
‫القول باالتحاد(‪ )1‬ووحدة الوجود(‪ .)2‬وفيما يلي ذكر لبعض هذه العبارات والتعليق عليها‪.‬‬
‫يقول ابن عربي في صفة العارف بالله‪(( :‬العارف من يرى الحق في كل شيء‪ ،‬بل يراه‬
‫عين كل شيء))(‪.)3‬‬
‫َ‬
‫وهذه العبارة في صفة العارف بالله عند ابن عربي تتضمن ما أشرت إليه آنفاً من عقيدة‬
‫االتحاد ووحدة الوجود؛ حيث عد العارف بالله هو من يرى الله في كل شيء‪ ،‬بل هو عين كل‬
‫شيء‪ ،‬أي ُمت ِّحد بجميع األشياء؛ فوجودها عين وجوده ـ تعالى عن ذلك علواًكبيراً‪.‬‬
‫وهذا ما تدعو إليه الصوفية الوجودية‪ ،‬وهو إنكار ثنائية الوجود‪ ،‬واعتقاد أن الوجود‬
‫واحد كما تقدم في تعريف وحدة الوجود(‪.)4‬‬
‫ومن عباراتهم المنخرطة في صفة العارف بالله‪ ،‬والتي تصب في معين عقيدة وحدة‬
‫الوجود أيضاً‪ :‬قول الدباغ(‪ )5‬ـ وهو من كبرائهم ـ‪(( :‬العارفون أهل الباطن‪ ،‬يشاهدون عبادة كل‬
‫مخلوق عبادة لله تعالى‪ ،‬وتسبيحه له‪ ،‬ألنه ال يخرج أحد عن عبادته))(‪.)6‬‬
‫وهذه العبارة كسابقتها صريحة في تقرير وحدة الوجود‪ ،‬حيث وصف فيها الدباغ العارفين‬
‫بالله بأنهم الذين يرون الشرك بعبادة المخلوق عبادة لله تعالى؛ ألن العارف عندهم ـ كما مر‬
‫في عبارة ابن عربي ـ من يرى الحق في كل شيء‪.‬‬
‫وهذا ما ترمي إليه الصوفية الوجودية من أن عبادة غير الله‪ ،‬هي في الحقيقة تقع عبادة‬
‫لله؛ إذ ال فرق عندهم بين العابد والمعبود وبين الرب والمربوب‪(( ،‬فهو العابد باعتبار تعينه‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬االتحاد تقدم التعريف به‪ .‬انظر‪( :‬ص‪)05 :‬‬
‫(‪ )2‬وحدة الوجود تقدم التعريف بها‪ .‬انظر‪( :‬ص‪.)06 :‬‬
‫(‪ )3‬فصوص الحكم (ص‪.)115 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪( :‬ص‪.)06 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬عبد العزيز بن مسعود الدباغ‪ ،‬صوفي شاذلي‪ ،‬ولد بفارس سنة (‪ )3155‬هـ‪ ،‬أخذ التصوف عن عمرو بن‬
‫محمد الهواري الشاذلي‪ ،‬ثم صار شيخاً من مشايخ الصوفية‪ ،‬مع أنه أمي‪ ،‬وألتباعه مبالغة في الثناء عليه‪ ،‬ونسبة‬
‫الخوارق إليه‪ ،‬وقد صنف تلميذه أحمد بن المبارك السلجماسي (اإلبريز من كلم سيدي عبد العزيز)‪ ،‬ترجم له‪،‬‬
‫ونقل أقواله‪ ،‬توفي الدباغ بفارس سنة (‪ )3312‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬معجم المؤلفين (‪ ،)262/5‬وعقيدة الصوفية وحدة‬
‫الوجود الخفية (ص‪.)251 :‬‬
‫(‪ )6‬اإلبريز (ص‪.)321:‬‬
‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وتقيده بصور العبد التي هي شأن من شئونه الذاتية‪ ،‬وهو المعبود باعتبار إطالقه))(‪ ،)1‬وقد مر‬
‫من عباراتهم ما يشير إلى ذلك عند الكالم على مبحث‪ :‬معنى ال إله إال الله عند االتحادية‬
‫والوجودية‪ ،‬فال داعي لتكرارها هنا‪.‬‬
‫ومن العبارات المنخرطة أيضاً في معنى المعرفة ما جاء عن الواسطي(‪ )2‬ـ من كبرائهم ـ‪(( :‬ال‬
‫تصح المعرفة‪ ،‬وفي العبد استغناء بالله وافتقار إليه))(‪)3‬؛ فجعل من شرط صحة المعرفة‬
‫االستغناء عن الله وترك االفتقار إليه‪.‬‬
‫وقد شرح هذه العبارة القشيري(‪ )4‬في رسالته‪ ،‬بعد أن نقلها عن الواسطي بما يتفق مع عقيدة‬
‫وحدة الوجود حيث قال‪(( :‬أراد الواسطي بهذا أن االفتقار واالستغناء من أمارات صحو العبد وبقاء‬
‫رسومه ـ [أي‪ :‬عدم إحساسه بالوحدة] ـ‪ ،‬ألنها من صفاته‪ ،‬والعارف محو في معروفه ـ [أي الله] ـ‪،‬‬
‫فكيف يصح له ذلك‪ ،‬وهو الستهالكه في وجوده ـ [أي‪ :‬في وجود الله] ـ‪ ،‬أو الستغراقه في‬
‫شهوده‪ ،‬إن لم يبالغ الوجود ُمختَطف ـ [أي مغيب] ـ عن إحساسه بكل وصف هو له))(‪.)5‬‬
‫وقريب من عبارة الواسطي في معنى المعرفة ما نُسب إلى أبي يزيد البسطامي(‪ )6‬من‬
‫القول‪(( :‬عجبت ممن عرف الله كيف يعبده؟))(‪.)7‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا غاية التحقيق في المعرفة عند غالة الصوفية‪ ،‬وهي إسقاط التكاليف عن‬
‫أنفسهم‪ ،‬حتى قال قائلهم‪:‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬هامش مصرع التصوف للشيخ عبد الرحمن الوكيل (ص‪.)56 :‬‬
‫(‪ )2‬لم يتبيِّن لي‪.‬‬
‫(‪ )3‬الرسالة القشيرية (‪.)651/2‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن الشافعي‪ ،‬الفقيه المفسر‪ ،‬تفقه على أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي‪،‬‬
‫واألستاذ أبي إسحاق اإلسفراييني‪ ،‬وابن فورك‪ ،‬وحدث عن أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف صاحب أبي‬
‫العباس الثقفي‪ ،‬وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن اإلسفراييني‪ .‬وكان حسن الوعظ مليح العبارة‪ ،‬توفي سنة‬
‫(‪ .)165‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 220/38‬ـ‪ ،)211‬وكشف الظنون (‪.)150/3‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق (‪.)651/2‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامي‪ ،‬المتوفى سنة (‪ )263‬هـ‪ ،‬كان جده شروسان مجوسياً‬
‫فأسلم‪ ،‬وأبو يزيد من غالة الصوفية المؤمنين بعقيدة بوحدة الوجود‪ ،‬أخذ هذا المذهب عن رجل هندي‪ ،‬اسمه‬
‫أبو علي السندي‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ ،)86/31‬وعقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪.)332 :‬‬
‫(‪ )7‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية‪ ،‬وعزاه إلى النور من كلمات أبي طيفور للسهلكي (ص‪.)351 :‬‬
‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الم َكلف؟‬
‫يا ليت شعري من ُ‬ ‫الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق والعبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق‬
‫أو قلت‪ :‬رب أنى يُكلف(‪)2‬؟‬ ‫(‪)1‬‬
‫إن قل ـ ـ ـ ــت‪ :‬عب ـ ـ ـ ــد ف ـ ـ ـ ــذاك مي ـ ـ ـ ــت‬
‫ومن العبارات المندرجة تحت هذه العقيدة أيضاً في معنى ((االمعرفة)) ما قاله أحمد‬
‫المستغانمي(‪ )3‬في حقيقة العارف‪(( :‬ينادي لسان حال العارف‪ :‬إلهي أنت العابد‬
‫والمعبود))(‪.)4‬‬
‫هذه بعض العبارات عن الصوفية في معنى المعرفة وصفة العارف بالله‪ ،‬وهي ـ كما‬
‫سبق ـ ترمي إلى عقيدة وحدة الوجود واالتحاد العام المناوئة لعقيدة اإلسالم‪.‬‬
‫وهذه المعرفة مناقضة بال شك وال ريب للعلم الصحيح بمعنى كلمة التوحيد ال إله‬
‫إال الله‪ ،‬الذي هو شرط في قبولها؛ فكلمة ال إله إال الله تعني عندهم ال موجود إال الله‪ ،‬وال‬
‫معبود في الكون غير الله‪ ،‬فالذي يعبد الصنم أو الوثن هو عابد لله في الحقيقة‪ .‬فأي معرفة‬
‫بالله وتوحيده عند أصحاب هذه العقيدة؟!! فالمعرفة بالله عند هؤالء هي عين الجهل به‬
‫بل وبأنفسهم‪ .‬أعاذنا الله من الضالل‪.‬‬
‫تحقق المعرفة الصحيحة بالله تعالى‬ ‫وسيأتي مزيد تفصيل وبيان أن هذه المعرفة ال ِّ‬
‫وتوحيده عند مبحث جهل أهل الحلول واالتحاد بالله تعالى وتوحيده(‪.)5‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬في بعض الروايات (رب)‪.‬‬
‫(‪ )2‬الفتوحات المكية البن عربي (‪.)12/3‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أحمد مصطفى العلوي المستغانمي‪ ،‬من صوفية الجزائر‪ ،‬شاذلي الطريقة‪ ،‬ولد في مستغانم (في الجزائر)‪،‬‬
‫سنة (‪ )3213‬هـ‪ ،‬له مؤلفات منها‪ :‬المنح القدوسية‪ ،‬ولباب العلم في تفسير سورة النجم‪ ،‬واألبحاث العلوية في‬
‫الفلسفة اإلسالمية‪ ،‬توفي في مستغانم سنة (‪ .)3151‬انظر‪ :‬األعالم للزركلي (‪.)258/3‬‬
‫(‪ )4‬المنح القدوسية (ص‪.)281 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪( :‬ص‪ 105 :‬ـ ‪.)181‬‬
‫‪772‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المبحث الرابع‪ :‬من زعم أن العلم بالمشهود له كاف لصحة اإليمان من المرجئة مع‬
‫بيان شبههم ونقدها‪.‬‬
‫المقصود بالعلم بالمشهود له مجرد المعرفة العامة بالله تعالى التي تكون فطرية كما‬
‫تقدم‪ .‬فلما كانت هذه المعرفة مما يدخل تحت شرط العلم بال إله إال الله(‪ ،)1‬ناسب‬
‫ونحن نتكلم عن شرط العلم أن نذكر من جعل هذه المعرفة كافيةً لصحة التوحيد واإليمان من‬
‫طوائف أهل اإلسالم المنحرفة في باب اإليمان‪.‬‬
‫عرف بهذه الطوائف وأبيِّن شبههم في اعتبارهم العلم بالله تعالى كافياً لصحة‬ ‫وقبل أن أ ِّ‬
‫قدم فأقول‪ :‬أن المعرفة بالله تعالى غير كافية لتحقيق شرط العلم بال إله إال الله فضالً‬ ‫اإليمان‪ ،‬أُ ِّ‬
‫عن أن تكون كافيةً لصحة اإليمان‪.‬‬
‫العلم بتوحيده وإفر ِّاده بالعبادة‪،‬‬
‫ووجه ذلك‪ :‬أن شرط العلم يتضمن مع معرفة الله تعالى َ‬
‫يؤد له حقه لم يعرفه على الحقيقة‪ ،‬ومن عرفه لزمه‬ ‫الذي هو العلم بحقه على من عرفه‪ .‬فمن لم ِّ‬
‫تأدية حقه عليه‪.‬‬
‫كما أن اإليمان عند أهل السنة يتضم ن قول اللسان‪ ،‬واعتقاد الجنان‪ ،‬وعمل‬
‫الجوارح واألركان‪ ،‬ال يجزي واحد عن الثالثة إال باآلخر ـ كما مرت حكاية إجماعهم‬
‫على ذلك(‪.)2‬‬
‫والمعرفة بالله هي مما يدخل تحت اعتقاد الجنان‪ ،‬وليست هي جملة اعتقاده بل‬
‫ال بد أن تنضم إليها أعمال القلوب األخرى(‪ )3‬التي تضمنتها شروط كلمة اإلسالم "ال إله‬
‫إال الله" التي سيأتي تفصيلها الحقاً في ثنايا الكالم‪.‬‬
‫فبان إذن أن مجرد العلم بالله تعالى غير كاف لصحة اإليمان‪.‬‬
‫وأما ما يتعلق بالتعريف بأصحاب هذه المقالة من المرجئة‪ ،‬وذكر شبههم ونقدها‪،‬‬
‫فسيتضح من خالل المطالب التالية‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالمرجئة‪.‬‬
‫كلمة ((المرجئة)) اسم فاعل من اإلرجاء‪ ،‬واإلرجاء يأتي في اللغة على معنيين‪:‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪.)211 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪.)301 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ ،)120 :‬ومجموع الفتاوى (‪.)602/0‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األول‪ :‬التأخير؛ تقول‪(( :‬أرجأت كذا)) تريد أخرته‪ .‬وفي التنـزيل قوله تعالى‪ :‬ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ [األعراف‪ ]333 :‬أي‪ :‬أخره وأمهله‪.‬‬
‫والمعنى الثاني لإلرجاء‪ :‬إعطاء الرجاء‪ ،‬تقول‪(( :‬أرجأت فالناً)) تريد أنك أعطيته‬
‫الرجاء(‪.)1‬‬
‫فيجوز أن تكون تسمية هذه الفرقة بالمرجئة مأخوذة عن المعنى األول؛ ألنهم كانوا‬
‫يؤخرون العمل عن اإليمان‪ ،‬أو ((العتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي ـ أي‬
‫أخره عنهم))(‪ .)2‬ويجوز أن تكون مأخوذة عن المعنى الثاني؛ ألنهم كانوا يقولون‪(( :‬ال يضر‬
‫مع اإليمان معصية كما ال تنفع مع الكفر الطاعة))(‪ ،)3‬فكانوا يعطون المؤمن العاصي الرجاء‬
‫في ثواب الله(‪.)4‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ذكر أصحاب هذه المقالة من المرجئة‪.‬‬
‫هذه المقالة في األصل تُنقل عن الجهم بن صفوان حيث نص على أن اإليمان هو‬
‫معرفة الله بالقلب فقط؛ قال‪ :‬فمن أتى بهذه المعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده‪،‬‬
‫ألن العلم والمعرفة ال يزوالن بالجحد في زعمه(‪.)5‬‬
‫الجهم على هذا القول أبو الحسين الصالحي(‪ ،)6‬حيث زعم أن اإليمان هو‬ ‫َ‬ ‫وتبع‬
‫المعرفة بالله فقط‪ ،‬والكفر هو الجهل به فقط(‪.)7‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تهذيب اللغة لألزهري (‪ ،)52/6‬والصححاح للجوهري (‪ )2152/6‬باب الواو والياء‪ ،‬ولسان العرب‬
‫(‪ ،)361/5‬وتاج العروس للزبيدي (‪ 215/3‬ـ ‪ )315/18 ،212‬مادة (رجأ) و(رجو)‪ ،‬ومقاالت اإلسالميين‬
‫مع تعليق محمد محي الدين عبد الحميد عليه (‪ ،)231/3‬والملل والنحل للشهرستاني (جـ‪.)310/3‬‬
‫(‪ )2‬النهاية في غريب الحديث (‪.)256/2‬‬
‫(‪ )3‬وهذا القول يذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية في مجموع الفتاوى (‪ )383/0‬أنه ال يعلم ُم َعيناً ُحكي عنه‪ ،‬وإنما الناس‬
‫يحكونه في الكتب وال يعينون قائله‪ .‬قلت‪ :‬إال أنه جاء في بعض الكتب نسبته إلى طائفة المقاتلة أصحاب مقاتل بن‬
‫سليمان زعيم أهل التشبيه كما في البرهان للسكسكي (ص‪.)15 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين بتعليق محمد محي الدين عبد الحميد (‪.)231/3‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،)231/3‬والملل والنحل (‪ ،)01/3‬والسنة للخالل (جـ‪ ،)503/1‬واإليمان ألبي‬
‫عبيد (ص‪.)63 ،51 :‬‬
‫(‪ )6‬لم أقف له على ترجمة‪.‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،.)231/3‬ومجموع الفتاوى (‪.)511/0‬‬
‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وممن تبع الصالحي في قوله األشعري في أشهر قوليه‪ ،‬وعلى هذا أكثر أصحابه‪،‬‬
‫وهو مذهب الماتريدي(‪.)1‬‬
‫إال أن األش ـ ـ ـ ــاعرة(‪ )2‬والماتريدي ـ ـ ـ ــة(‪ )3‬يعبِّـ ـ ـ ـ ـرون بالتص ـ ـ ـ ــديق(‪ )4‬ب ـ ـ ـ ــدالً ع ـ ـ ـ ــن لف ـ ـ ـ ــظ‬
‫(‪) 5‬‬
‫((المعرفة)) ‪ .‬وقد ذكر شيخ اإلسـالم ابـن تيميـة ـ رحمـه اللـه ـ أن أكثـر العقـالء ال ي نـرون فرقـاً‬
‫بينهمــا؛ إذ الفــرق بــين معرفــة القلــب وبــين مجــرد تصــديق القلــب الخــالي عــن االنقيــاد الــذي‬
‫يجعـل قــول القلــب أمـر دقيــق؛ فـال فائــدة فـي قــول ال يَتصــوره أكثــر النـاس(‪ ،)6‬وأن مــا قالــه ابــن‬
‫كالب واألشعري من الفرق باطل‪ ،‬ال حقيقـة لـه‪ ،‬وكثيـر مـن أصـحاب األشـعري اعتـرف بعـدم‬
‫الفرق(‪.)7‬‬
‫وقد فرق األشعري وابن كالب بقول القلب‪ .‬قاال‪ :‬هو تصديق‪ ،‬وليس بعلم(‪.)8‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شرح حديث جبريل عليه السالم لشيخ اإلسالم (ص‪ 108 :‬ـ ‪.)111 ،182 ،101‬‬
‫(‪ )2‬األشاعرة تقدم التعريف بهم‪ .‬انظر‪( :‬ص‪.)01 :‬‬
‫(‪ )3‬الماتريدية تقدم التعريف بهم‪ .‬انظر‪( :‬ص‪.)135 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تمهيد األوائل للباقالني (ص‪ ،)188:‬التوحيد للماتريدي (ص‪ ،)112 :‬وشرح الفقه األكبر (ص‪ ،)36 :‬واإلنصاف‬
‫(ص‪ 11:‬ـ ‪ ،)85 ،11‬وشرح المقاصد في علم الكالم (‪ ,)210/2‬إحياء علوم الدين للغزالي (‪.)332/3‬‬
‫ومعنى التصديق عند األشاعرة كالم النفس الذي هو قول القلب‪ .‬يقول الجويني في اإلرشاد (ص‪:)11:‬‬
‫((والمرضي عندنا أن حقيقة اإليمان التصديق بالله تعالى؛ فالمؤمن من صدقه‪ .‬ثم التصديق على التحقيق كالم‬
‫النفس‪ ،‬ولكن ال يثبت إال مع العلم‪ ،‬فإنا أوضحنا أن كالم النفس يثبت على حسب االعتقاد))‪.‬‬
‫وانظر‪ :‬الفتاوى الكبرى (‪)381/5‬‬
‫(‪ )5‬والقول بأن اإليمان هو مجرد تصديق القلب هو المشهور عن األشاعرة‪ ،‬ونسبه البيجوري إلى محققيهم‪ ،‬وذكر‬
‫قوالً آخر وافق فيه بعض األشاعرة أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ من إدخال القول في اإليمان‪ .‬وذكر النيسابوري ـ من‬
‫علماء األشاعرة ـ أن بعض متقدمي األشاعرة يذهب إلى قول السلف في اإليمان كأبي علي الثقفي‪ ،‬وأبي العباس‬
‫القالنسي‪ ،‬وأبي عبد الله بن مجاهد كما نقله عنه شيخ اإلسالم في الفتاوى الكبرى (‪ .)312/5‬وانظر‪ :‬لما قبله‪:‬‬
‫هامش اإليمان ألبي يعلى لمحققه الدكتور سعود بن عبد العزيز الخلف (ص‪.)351 :‬‬
‫(‪ )6‬قال شيخ اإلسالم في مجموع الفتاوى (‪(( :)155/0‬والمقصود هنا أن اإلنسان إذا رجع إلى نفسه عسر عليه التفريق‬
‫بين علمه بأن الرسول صادق‪ ،‬وبين تصديق قلبه تصديقاً مجرداً عن انقياد وغيره من أعمال القلب بأنه صادق))‪.‬‬
‫(‪ )7‬مجموع الفتاوى (‪ )118/0‬بتصرف‪ .‬وانظر‪ :‬اإلرشاد للجويني (ص‪ ،)11:‬وشرح المقاصد في علم الكالم‬
‫(‪ ،)253/2‬والفتاوى الكبرى البن تيمية (‪.)312/5‬‬
‫(‪ )8‬مجموع الفتاوى (‪ ،)116/0‬والفتاوى الكبرى (‪.)381/5‬‬
‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وعمدتهم في التفريق هو خبر الكاذب‪ .‬قاال‪ :‬ففي قلبه خبر بخالف علمه(‪.)1‬‬
‫وأجيب‪ :‬بأنه يستحيل أن يقوم بقلب اإلنسان خبر بخالف علمه‪ ،‬وإنما يمكنه أن‬
‫يقول بلسانه ما ليس في قلبه‪ ،‬وأما أنه يقوم بقلبه خبر بخالف ما يعلمه فهذا غير ُمتصور؛‬
‫إذ يلزم منه وجود العلم مع ضده في نفس األمر‪ ،‬وهو باطل قطعاً(‪.)2‬‬
‫وقد فرق بعض أصحاب األشعري بين العلم والتصديق‪ ،‬فقالوا‪ :‬أن من الكفار من‬
‫يصدق به عناداً واستكباراً؛ فاحتيج إلى الفرق بين العلم بما جاء به‬‫كان يعرف الحق وال ِّ‬
‫النبي ‪ ‬وهو المعرفة‪ ،‬وبين التصديق الذي هو نقيض الجحود؛ ليصح كون األول حاصالً‬
‫للمعاندين دون الثاني‪ ،‬وكون الثاني إيماناً دون األول(‪.)3‬‬
‫يصدق به‪ ،‬ومن صدق‬ ‫والجواب‪ :‬أنه ال فرق في الحكم بين من عرف الحق ولم ِّ‬
‫بالحق ولم يعمل به‪ ،‬بل هما في الكفر سواء‪ .‬ويتضح ذلك بكفر أبي طالب فإنه لم يكن عن‬
‫معرفة فقط دون تصديق‪ ،‬بل كان عارفاً‪ ،‬مصدقاً بقلبه(‪ )4‬إال أنه لم يقترن مع علمه وتصديقة‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)118/0‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المصدر السابق (‪ ،)118/0‬ومنهاج السنة (‪ .)252/1‬بل نص األئمة بأنه ال فرق بين مفهومي‬
‫التصديق‪ ،‬والمعرفة وكالهما داخل تحت قول القلب ومما يبين ذلك‪:‬‬
‫يقول المروزي ـ رحمه الله ـ ((ومعنى التصديق هو المعرفة بالله واالعتراف له بالربوبية بوعده ووعيده وواجب حقه‬
‫وتحقيق ما صدق به من القول والعمل))‪[ .‬تعظيم قدر الصالة (‪.])615/2‬‬
‫وأضاف أيضاً‪(( :‬وإنما المعرفة التي هي إيمان هي معرفة تعظيم الله وجالله وهيبته‪ ،...‬فإذا كان كذلك فهو‬
‫المصدق الذي ال يجد محيصاً عن اإلجالل والخضوع لله بالربوبية))‪[ .‬المصدر نفسه (‪.])005/2‬‬
‫ويذكر ابن تيمية (أن اإليمان أصله تصديق وإقرار ومعرفة) ثم ينص على أن ذلك من باب قول القلب) [مجموع‬
‫الفتاوى (‪ ])261/0‬مما يبين اتحاد معنى المعرفة والتصديق وأنهما شيء واحد‪ ،‬وأنه يطلق عليهما قول القلب‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬شرح المقاصد في علم الكالم (‪ 255/2‬ـ ‪.)253‬‬
‫(‪ )4‬يدل لذلك ما نسب إليه من قوله‪:‬‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر أدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان البري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة دينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬ ‫ولق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد علم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن دي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن محم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬

‫[تفسير البغوي (‪ ،)61/3‬واإلصابة (‪.])335/1‬‬


‫مع قوله‪:‬‬
‫ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدينا وال يعن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول األباط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬ ‫لق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد علم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا أن ابنن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال مك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذب‬

‫[البداية والنهاية (جـ‪ ،)11/1‬وسيرة ابن هشام (‪.])130/3‬‬


‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الحب واالنقياد الذي يمنع ما يضاد ذلك من محبة الباطل وكراهية الحق‪ ،‬فكان كافراً (‪.)1‬‬
‫إال أن هذه التفرقة بينهما قد تكون في شأن الحكم على بعض الكفار؛ فالجاحد عند‬
‫األشاعرة والماتريدية يكفر‪ ،‬بخالف الجاحد عند الجهمية فإنه ال يكفر ألنه عارف بالله في‬
‫قلبه غير جاهل به‪.‬‬
‫ويظهر هذا الفرق في الحكم على فرعون حيث يلزم من كالم جهم عدم الحكم‬
‫بكفره‪ ،‬وال يلزم ذلك على قول األشعري والماتريدي؛ ألن الجحد عندهما مما يناقض‬
‫تصديق القلب فيكفر به‪.‬‬
‫وأما عند أهل السنة فالقوالن متفقان؛ ألن الجميع قد أخرجوا األعمال عن مسمى‬
‫المكفرات‪ ،‬فهذا خارج عن محل النـزاع؛‬ ‫ِّ‬ ‫وأما ما ذكروه من ال َف نرق في شأن‬ ‫اإليمان‪.‬‬
‫إذ النـزاع في حد اإليمان ما هو؟ ال في ما يكفر به وما ال يكفر به‪.‬‬
‫كما يلزم من القولين أن الكفر يكون في القلب كما أن اإليمان في القلب‪ ،‬وهو‬
‫باطل؛ ألنه ال يمكن والحال هذه الحكم على معين بالكفر إال بالنص الخاص في شخص‬
‫شخص؛ ألنه قد يُظهر الكفر ويُبطن اإليمان‪.‬‬
‫يقول ابن الوزير اليماني بعد أن حكى مذهب المرجئة في اإليمان‪(( :‬وعلى هذا ال‬
‫يكون شيء من األفعال واألقوال كفراً إال مع االعتقاد‪ ،‬حتى قتل األنبياء‪ .‬واالعتقاد من‬
‫السرائر المحجوبة‪ ،‬فال يتحقق كفر كافر قط‪ ،‬إال بالنص الخاص في شخص شخص‪ ،‬وال‬
‫يدل حرب األنبياء على ذلك الحتمال أن يكون على الظاهر))(‪.)2‬‬
‫وألجل ذلك نجد شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كثيراً ما يسوق مذهب‬
‫الجهمية ومذهب األشعرية والماتريدية في اإليمان مساقاً واحداً‪ ،‬ويقرن بينهما في الذكر‪،‬‬
‫حيث ال يرى فرقاً حقيقياً بينهما؛ فهو كثيراً ما يطلق اسم الجهمية على األشعرية والماتريدية‬
‫في قضية اإليمان(‪ .)3‬كما أنه يعبِّر عند حكاية مذهب جهم في اإليمان بالتصديق تارة‬
‫وبالمعرفة تارة(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪.)156 :‬‬
‫(‪ )2‬إيثار ا لحق على الخلق في رد الخالفيات (ص‪ .) 185 :‬وانظر‪( :‬ص‪ 153 :‬ـ ‪.) 152‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬انظر‪ :‬على سبيل المثال‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)581 ،535 ،251 /0‬‬
‫=‬ ‫(‪ ) 4‬انظر‪ :‬على سبيل مجموع الفتاوى (‪ 582،616 /0‬ـ ‪ ،) 610‬وشرح حديث جبريل (ص‪ 106 :‬ـ‬
‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إال أنه بالنظر إلى كالم بعض األشاعرة والماتريدية فهناك فرق في ما يتسع له لفظ‬
‫المعرفة والتصديق ـ ال في نفس المعرفة والتصديق؛ فاالستثناء منقطع ـ؛ فالتصديق عند بعض‬
‫األشاعرة والماتريدية يدخل فيه عمل القلب(‪)1‬؛ كاإليمان بالله والمالئكة والكتب والرسل‬
‫بخالف الجهمية الذين جعلوا اإليمان المعرفة بالله فقط والكفر الجهل به‪ ،‬فقد ال يكون‬
‫ذلك عندهم من اإليمان‪.‬‬
‫يقول اإليجي موضحاً مذهب األشاعرة في اإليمان‪(( :‬اعلم أن اإليمان في اللغة هو‬
‫التصديق مطلقاً‪.‬‬
‫ِّ‬
‫بمصدق‬ ‫قال تعالى حكاية عن إخوة يوسف ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ [يوسف‪ ]30 :‬أي‪:‬‬
‫فيما حدثناك به‪.‬‬
‫وقال ‪« ‬اإليمان أن تؤمن بالله ومالئكته وكتبه ورسله» أي‪ :‬تصدق))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬وهو فرق غير اعتباري‪ ،‬وذلك ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬ألنه ليس في نفس المعرفة والتصديق‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ألنه ال يترتب عليه دخول العمل في اإليمان الذي هو م نك َمن الخالف بين‬
‫السلف وسائر طوائف المرجئة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومن الفروق التي ذكروها في أن المعرفة غير التصديق ما قاله أبو منصور‬
‫الماتريدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وظن قوم أن ال يكون بالقلب تصديق وإنما يكون به معرفة خاصة‬
‫واألصل أنه يكون وإن كان ال يقدر على اإلشارة إلى ذلك بحرف يفصل إال من طريق‬
‫الداللة بالمعروف من القول إن اإليمان تصديق في اللغة والكفر تكذيب أو تغطية فضد‬
‫المعرفة في الحقيقة النكرة والجهالة وال كان جاهال بشيء أو منكراً له من حيث المعرفة‬
‫مكذب على ما قال قوم منكرون أي ال يعرفون وكذلك كل من جهل حقا ال يوصف‬
‫بالتكذيب له ثبت أن اإليمان بالقلب في التحقيق غير المعرفة على أن المعرفة هي سبب‬
‫يبعث على التصديق كما قد يبعث الجهالة على التكذيب ربما فكذلك لكل معنى ليس‬
‫ــــــــــ‬
‫‪ ،)181 ،100‬ومقدمة شرح حديث جبريل ‪ ‬لمحققه الدكتور على بخيت الزهراني (ص‪ 325 :‬ـ ‪.)326‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬أكثر األشاعرة ال يجعلون أعمال القلوب من اإليمان‪ .‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)596/7‬‬
‫(‪ )2‬المواقف (‪ .)511/1‬وانظر‪ :‬المسائل والرسائل المروية عن اإلمام أحمد في العقيدة (‪.)05/3‬‬
‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫لآلخر في التحقيق))(‪ .)1‬فجعل ـ رحمه الله ـ المعرفة سبباً للتصديق ليست ذات التصديق‪.‬‬
‫كما أن عمدته في التفريق بين المعرفة والتصديق أن ضد المعرفة الجهل‪ ،‬والجاهل ال يقال‬
‫في حقه أنه مكذب‪.‬‬
‫فرق بين معرفة وتصديق‬ ‫قلت‪ :‬وهو فرق لغوي ال يترتب عليه فرق شرعي‪ ،‬ألنه ال َ‬
‫عار نيين عن انقياد القلب والجوارح‪ .‬وقد سبق أن ما ذكروه من الفرق باطل؛ فصح إذن أنه ال‬
‫فرق بين مذهب األشاعرة والماتريدية وبين مذهب الجهمية‪.‬‬
‫يصرح بمذهب الجهم بن‬ ‫ومما يؤكد ذلك أنه ُوِّجد من كبار علماء األشاعرة من ِّ‬
‫صفوان في اإليمان‪ ،‬فهذا القاضي أبو بكر الباقالني(‪ )2‬ينقل عنه القاضي عياض في‬
‫((الشفا))(‪ )3‬قوله‪« :‬أن الكفر بالله هو الجهل بوجوده‪ ،‬واإليمان بالله هو العلم بوجوده‪ ،‬وأنه‬
‫ال يكفر بقول وال رأي إال أن يكون هو الجهل بالله»‪ .‬مما يدل على أنه ال يرى فرقاً بين‬
‫الخاليين من االنقياد الذي هو عمل القلب‪.‬‬
‫ن‬ ‫معرفة القلب وتصديقه‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شبههم في اعتبار العلم بالله كافياً لصحة اإليمان ونقدها‪.‬‬
‫في هذا المطلب سيكون الحديث عن شبه المرجئة من الجهمية واألشعرية‬
‫والماتريدية في اعتبار العلم بالله كافياً لصحة اإليمان ‪ ،‬وذلك لما تقرر من اتحاد مذهبهم‬
‫في اإليمان‪ ،‬وإن اختلف وا في التعبير عنه‪ .‬فنقدم فنقول‪ :‬أورد ناقلوا مذهب الجهمية‬
‫حد اإليمان بأنه تصديق الجنان وعلمه بالله بعض الشبهات‬ ‫واألشعرية والماتريدية في ِّ‬
‫عنهم التي تعل قوا بها في تقرير ذلك‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬التوحيد للماتريدي (ص‪.)185 :‬‬
‫(‪( )2‬جـ‪.)213/2‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم البصري ثم البغدادي ابن الباقالني صاحب‬
‫التصانيف‪ ،‬وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه‪ .‬قال الذهبي‪( :‬وكان ثقة إماماً بارعاً‪ .‬صنف في الرد على الرافضة‬
‫والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرامية‪ ،‬وانتصر لطريقة أبي الحسن األشعري‪ ،‬وقد يخالفه في مضائق؛ فإنه من‬
‫نظرائه‪ ،‬وقد أخذ علم النظر عن أصحابه) انتهى‪ .‬وذكره القاضي عياض في طبقات المالكية فقال‪( :‬هو الملقب‬
‫بسيف السنة ولسان األمة‪ ،‬المتكلم على مذهب المثبتة وأهل الحديث وطريق أبي الحسن األشعري إمام وقته)‪.‬‬
‫حدث عنه الحافظ أبو ذر الهروي‪ ،‬وأبو جعفر محمد بن أحمد السمناني‪ ،‬وقاضي الموصل‪ ،‬والحسين بن حاتم‬
‫األصولي‪ .‬توفي عام (‪ .)151‬انظر‪ :‬ترتيب المدارك (‪ 11/0‬ـ ‪ ،)05‬وسير أعالم النبالء (‪ 315/30‬ـ ‪.)311‬‬
‫‪773‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وهذه الشبهات على نوعين‪ :‬شبهات عامة تشترك فيها جميع طوائف المرجئة‪،‬‬
‫وشبهات خاصة لبعض الفرق منهم دون أخرى‪.‬‬
‫أولً‪ :‬الشبهات العامة التي تشترك فيها جميع فرق المرجئة‪:‬‬
‫الشبهة األولى‪ :‬أنهم جعلوا اإليمان شيئاً واحداً ال يتجزأ؛ إما أن يوجد كله‪ ،‬وإما أن‬
‫يذهب كله‪ ،‬وإذا ثبت بعضه ال بد أن يثبت كله‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ عن هذه الشبهة‪(( :‬وأصل نزاع هذه الفرق في اإليمان‪،‬‬
‫من الخوارج‪ ،‬والمرجئة‪ ،‬والمعتزلة‪ ،‬والجهمية‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬أنهم جعلوا اإليمان شيئاً واحداً إذا زال‬
‫بعضه زال جميعه‪ ،‬وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه؛ فلم يقولوا بذهاب بعضه وبقاء بعضه كما قال‬
‫النبي ‪« :‬يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من اإليمان»‪ ...‬وقالت المرجئة‬
‫والجهمية ليس اإليمان إال شيئاً واحداً ال يتبعض‪ ،‬إما مجرد تصديق القلب كقول الجهمية أو‬
‫تصديق القلب واللسان كقول المرجئة‪ .‬قالوا ألنا إذا أدخلنا فيه األعمال صارت جزءاً منه‪ ،‬فإذا‬
‫ذهبت ذهب بعضه فيلزم إخراج ذي الكبيرة من اإليمان))(‪.)1‬‬
‫فظهر من كالم شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أن المرجئة على اختالف طوائفهم قالوا‬
‫بإخراج األعمال عن مسمى اإليمان؛ لئال يلزم من تَـ نرِّك بعضها إخراج صاحب الكبيرة من‬
‫اإليمان؛ ألن اإليمان ـ عندهم ـ شيء واحد ال يتبعض وال يتجزأ‪ ،‬إما أن يوجد كله‪ ،‬وإما أن‬
‫يذهب كله‪.‬‬
‫وقد أوضح شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ هذه الشبهة عند المرجئة‪ ،‬فقال‪(( :‬وجماع‬
‫شبهتهم في ذلك‪ :‬أن الحقيقة المركبة تزول بزوال بعض أجزائها‪ ،‬كالعشرة فإنه إذا زال‬
‫بعضها‪ ،‬لم تبق عشرة‪ ،‬وكذلك األجسام المركبة كالسكنجبين(‪ ،)2‬إذا زال أحد جزئيه خرج‬
‫عن كونه سكنجبيناً‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فإذا كان اإليمان مركباً من أقوال‪ ،‬وأعمال ظاهرة وباطنة‪ ،‬لزم زواله‪ ،‬بزوال‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح حديث جبريل (ص‪ 181:‬ـ ‪.)181‬‬
‫(‪ )2‬السكنجبين هو شراب يركب من الخل والعسل‪ ،‬وهو معرب عن ((سركا)) و((انكبين)) بالفارسية‪ ،‬ومعناهما خل‬
‫وعسل‪.‬‬
‫قال صاحب القانون‪(( :‬يؤخذ عسل جيد يجعله على حجر لين‪ ،‬وتأخذ رغوته‪ ،‬وتلقي عليه الخل)) [القانون البن‬
‫سيناء (‪.])161/1‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بعضها‪ ،‬وهذا قول الخوارج والمعتزلة‪.‬‬


‫قالوا‪ :‬وألنه يلزم أن يكون الرجل مؤمناً بما فيه من اإليمان‪ ،‬كافراً بما فيه من الكفر‪،‬‬
‫فيقوم به كفر وإيمان وادعوا أن هذا خالف اإلجماع‪.‬‬
‫ولهذه الشبهة ـ والله أعلم ـ امتنع من امتنع من أئمة الفقهاء أن يقول‪ :‬ينقص كأنه‬
‫ظن إذا قال ذلك يلزم ذهابه كله بخالف ما إذا زاد))(‪.)1‬‬
‫ثم أجاب عن هذه الشبهة من وجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن الح قيقة الجامعة ألمور أو أجزاء ((كالمركبات)) ـ أعياناً كانت أو‬
‫أعراضاً ـ إذا زال بعض أجزائها‪ ،‬لم يلزم من ذلك زوال سائر األجزاء‪ ،‬ولكن الذي يزول هو‬
‫الهيئة االجتماعية للمركب‪.‬‬
‫وهذا يطرد في ما أوردوه من أمثلة؛ فإن الواحد من العشرة إذا زال لم يلزم زوال‬
‫التسعة‪ ،‬وإذا زال أحد جزئي السكنجبين لم يلزم زوال الجزء الباقي‪.‬‬
‫ولكن زالت الهيئة االجتماعية لمركب العشرة‪ ،‬ولمركب السكنجبين‪ ،‬وكذا اإليمان‬
‫فال ندعي أنه بزوال بعضه بقي كما كان قبل زوال بعضه‪ ،‬ولكن ال يلزم زوال جميعه‪.‬‬
‫ولكن يبقى النـزاع هل يلزم زوال االسم‪ ،‬بزوال بعض أجزاء المركب؟‬
‫فيقال‪ :‬إن المركبات في ذلك على قسمين‪ ،‬قسم منها يكون التركيب شرطاً في‬
‫إطالق االسم عليها كالمركبات المختلفة؛ فيزول اسمها بزوال بعض أجزائها‪ .‬ومن ذلك ما‬
‫مثلوا به من مركب السكنجبين ومركب العشرة‪.‬‬
‫وقسم منها ال يكون التركيب شرطاً إلطالق االسم عليها؛ كالمركبات المتشابهة‪ ،‬فال‬
‫يلزم من زوال بعض أجزائها زوال اسمها‪ ،‬وأكثر المركبات كذلك‪ .‬ومنها لفظ العبادة‪،‬‬
‫والطاعة‪ ،‬والخير‪ ،‬والعلم‪ ،‬والقرآن‪ ،‬والصالة‪ ،‬والمدينة والقرية‪ ،‬ونحو ذلك مما تدخل فيه أمور‬
‫كثيرة يطلق االسم على قليلها وكثيرها‪ ،‬وعند زوال بعض األجزاء وبقاء البعض‪.‬‬
‫فإذا كانت المركبات على نوعين بل غالبها من هذا النوع(‪ ،)2‬لم يصح قولهم‪ :‬إنه إذا‬
‫زال جزؤه لزم أن يزول االسم‪ ،‬إذا أمكن أن يبقى االسم مع بقاء الجزء الباقي‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح حديث جبريل (ص‪ .)185:‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 151/0‬ـ ‪.)151‬‬
‫(‪ )2‬أي النوع الثاني‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ومعلوم أن اسم اإليمان من هذا الباب‪ ،‬فإن النبي ‪ ‬قال‪« :‬اإليمان بضع وسبعون‬
‫شعبة‪ ،‬أعالها قول ال إله إال الله‪ ،‬وأدناها إماطة األذى عن الطريق‪ ،‬والحياء شعبة من‬
‫اإليمان»(‪ )1‬ثم من المعلوم أنه إذا زالت اإلماطة ونحوها لم يزل اسم اإليمان‪.‬‬
‫ومما يعضد ذلك أنه قد ثبت عن النبي ‪ ‬في الصحيحين أنه قال‪« :‬يخرج من‬
‫النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان»(‪ ،)2‬فأخبر أن اإليمان يتبعض ويبقى‬
‫بعضه‪ ،‬فعُلِّم أن بعض اإليمان يزول ويبقي بعضه‪ .‬وهذا ينقض مآخذهم الفاسدة‪ ،‬ويبين أن‬
‫اسم اإليمان مثل اسم القرآن والصالة والحج‪ ،‬ال يلزم من زوال بعضها زوال اسمها‪.‬‬
‫ولكن الذي يزول هو بعض كماله الواجب أو المستحب(‪.)3‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن اإليمان ليس له حقيقة واحدة مثل حقيقة السواد والبياض‪ ،‬يزول بزوالها‬
‫االسم‪ ،‬بل اإليمان والكفر يختلف باختالف المكلفين‪ ،‬وبلوغ التكليف‪ ،‬ونزول الخطاب‬
‫الذي به التكليف‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫وتوضيحه‪ :‬أن اإليمان الواجب على الخلق قبل نزول األحكام من الصالة والزكاة‬
‫والحج والصيام ليس هو نفس اإليمان الواجب عليهم بعد نزول هذه األحكام‪ .‬فلو أتى‬
‫المكلف باإليمان الذي قبل نزول األحكام بعد الهجرة لم يقبل منه‪ ،‬ولو اقتصر عليه كان‬
‫كافراً‪ .‬أما لو أتى به قبل الهجرة كان حينئذ مؤمناً تام اإليمان الذي وجب عليه‪.‬‬
‫وأيضاً فالرجل إذا آمن بالرسول إيماناً جازماً ومات قبل دخول وقت الصالة‪ ،‬أو‬
‫وجوب شيء من األعمال‪ ،‬مات كامل اإليمان الذي وجب عليه‪ ،‬فإذا دخل وقت الصالة‬
‫فعليه أن يصلي وصار يجب عليه ما لم يجب عليه قبل ذلك‪.‬‬
‫وكذلك القادر على الحج والجهاد يجب عليه ما لم يجب على غيره من التصديق‬
‫المفصل‪ ،‬والعمل بذلك‪ .‬فصار ما يجب من اإليمان يختلف باختالف حال نزول الوحي‬
‫من السماء‪ ،‬وبحال المكلف في البالغ وعدمه‪ ،‬وهذا مما يتنوع به نفس التصديق‪،‬‬
‫ويختلف حاله باختالف القدرة والعجز‪ ،‬وغير ذلك من أسباب الوجوب‪ ،‬وهذه يختلف بها‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬سبق تخريجه (ص‪.)301 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب‪ :‬صفة الجنة والنار (جـ‪ )258/0‬ح (‪ ،)6565‬ومسلم في صحيحه‬
‫(‪ )302/3‬كتاب اإليمان ح رقم (‪.)151‬‬
‫(‪ )3‬شرح حديث جبريل‪( ‬ص‪ 113 :‬ـ ‪ )111‬باختصار‪.‬‬
‫‪732‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫العمل أيضاً‪.‬‬
‫ومعلوم أن الواجب على كل من هؤالء ال يماثل الواجب على اآلخر‪ ،‬فإذا كان نفس‬
‫ما وجب من اإليمان في الشريعة الواحدة يختلف ويتفاضل‪ ،‬وإن كان بين جميع هذه‬
‫األنواع قدر مشترك موجود في الجميع‪ ،‬كاإلقرار بالخالق وإخالص الدين له‪ ،‬واإلقرار برسله‪،‬‬
‫واليوم اآلخر على وجه اإلجمال‪ ،‬فمن المعلوم أن بعض الناس إذا أتى ببعض ما يجب عليه‬
‫دون بعض كان قد تبعض ما أتى فيه من اإليمان كتبعض سائر الواجبات‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن أجزاء الشيء تختلف أحكامها شرعاً وطبعاً‪ .‬مثاله الحج؛ ففيه أجزاء‬
‫ينقص الحج بزوالها عن كماله الواجب وال يبطل‪ ،‬كرمي الجمار‪ ،‬والمبيت بمنى‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬وفيه أجزاء ينقص بزوالها عن كماله المستحب‪ ،‬كرفع الصوت باإلهالل والرمل‬
‫واالضطباع في الطواف األول‪.‬‬
‫وكذلك الصالة فيها أجزاء تنقص بزوالها عن كمال االستحباب‪ ،‬وفيها أجزاء واجبة‬
‫تنقص بزوالها عن الكمال الواجب مع الصحة‪ ،‬وفيها ماله أجزاء إذا زالت جبر نقصها‬
‫بسجود السهو‪ ،‬وأمور ليست كذلك‪.‬‬
‫كمالين كماالً واجباً‪ ،‬وكماالً مستحباً‪ ،‬وال يزول بزوالهما(‪.)1‬‬
‫وكذا اإليمان فإن له ن‬
‫ومن الوجوه أيضاً‪ :‬ما أجاب به اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ حيث قال‪(( :‬وأما من‬
‫زعم أن اإليمان اإلقرار‪ ،‬فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار؟ وهل‬
‫يحتاج أن يكون مصدقاً بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع اإلقرار فقد زعم أنه‬
‫ومصدقاً بما عرف فهو من ثالثة أشياء‪ ،‬وإن‬ ‫ِّ‬ ‫من شيئين‪ ،‬وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقراً‬
‫جحد وقال‪ :‬ال يحتاج إلى المعرفة والتصديق‪ ،‬فقد قال قوال عظيماً‪ ،‬وال أحسب أحداً يدفع‬
‫المعرفة والتصديق وكذلك العمل مع هذه األشياء))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬وكالم اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ هو في األصل في الرد على من جعل‬
‫(‪)3‬‬
‫اإليمان هو مجرد اإلقرار من الكرامية إال أنه يصلح للرد على من جعل اإليمان شيئاً‬
‫واحداً ال يذهب بعضه ويبقى بعضه من جميع طوائف المرجئة بما فيهم الكرامية‪ .‬ولهذا‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ 111 :‬ـ ‪ .)115‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫(‪ )2‬نقالً عن مجموع الفتاوى (‪ ،)111/0‬وقد نسبه إلى الخالل في السنة ولم أقف عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬الكرامية تقدم بيان مذهبهم‪ ،‬والرد عليهم‪ .‬انظر‪( :‬ص‪310 :‬ـ ‪.)258‬‬
‫‪737‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫علق عليه شيخ اإلسالم قائالً‪(( :‬قلت‪ :‬أحمد وأبو ثور وغيرهما من األئمة كانوا قد عرفوا‬
‫أصل قول المرجئة‪ ،‬وهو أن اإليمان ال يذهب بعضه ويبقى بعضه‪ ،‬فال يكون إال شيئاً واحداً‬
‫فال يكون ذا عدد‪ :‬اثنين أو ثالثة‪ ،‬فإنه إذا كان له عدد‪ ،‬أمكن ذهاب بعضه وبقاء بعضه‪،‬‬
‫بل ال يكون إال شيئاً واحداً‪ ،‬ولهذا قالت الجهمية‪ :‬إنه شيء واحد في القلب‪ .‬وقالت‬
‫الكرامية‪ :‬إنه شيء واحد على اللسان‪ ،‬كل ذلك فراراً من تبعض اإليمان وتعدده‪ ،‬فلهذا‬
‫صاروا يناظرونهم بما يدل على أنه ليس شيئاً واحداً كما قلتم))(‪.)1‬‬
‫الشبهة الثانية‪ :‬قالوا‪ :‬أنه ال يجتمع في اإلنسان بعض اإليمان وبعض الكفر(‪.)2‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في تقرير هذه الشبهة عنهم‪(( :‬ومن العجب أن‬
‫األصل الذي أوقعهم في هذا‪ ،‬اعتقادهم أنه ال يجتمع في اإلنسان بعض اإليمان وبعض‬
‫الكفر‪ ،‬أو ما هو إيمان وما هو كفر‪ ،‬واعتقدوا أن هذا متفق عليه بين المسلمين كما ذكر‬
‫أبو الحسن األشعري وغيره))(‪.)3‬‬
‫والجواب‪ :‬إن قولهم‪ :‬ال يجتمع في اإلنسان بعض إيمان وبعض كفر فيه إجمال‪،‬‬
‫فال بد من التفصيل؛ فيقال‪ :‬إن هذا يختلف باختالف البعض المتروك من اإليمان‪ ،‬فإن‬
‫كان البعض المتروك منه شرطاً في وجود اآلخر كمن آمن ببعض القرآن وكفر ببعضه أو آمن‬
‫ببعض الرسل وكفر ببعضهم فهذا كفر كما قال تعالى‪ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ‬
‫[النساء‪ 355 :‬ـ ‪ .]353‬وأما إن كان البعض المتروك منه ليس شرطاً في وجود اآلخر وال قبوله‬
‫فهذا ال يكون كفراً‪ .‬ويدل لذلك ما في الصحيحين عن النبي ‪ ‬أنه قال‪« :‬أربع من كن‬
‫فيه كان منافقاً خالصاً‪ ،‬ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى‬
‫يدعها‪ ،‬إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا ائتمن خان‪ ،‬وإذا عاهد غدر‪ ،‬وإذا خاصم فجر»(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نفس المصدر (‪ 111/0‬ـ ‪.)111‬‬
‫(‪ )2‬المقاالت ألبي الحسن األشعري (‪.)852/5‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)151/0‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري (جـ‪ ،)57/5‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب عالمة النفاق ح رقم (‪ ،)43‬وصحيح مسلم (‪)72/5‬‬
‫كتاب اإليمان ح رقم (‪.)62‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وفى الصحيحين عنه ‪ ‬أيضاً أنه قال‪« :‬سباب المسلم فسوق‪ ،‬وقتاله كفر»(‪.)1‬‬
‫وعنه أيضاً‪« :‬اثنتان في الناس هما بهم كفر‪ :‬الطعن في األنساب‪ ،‬والنياحة على‬
‫الميت»(‪.)2‬‬
‫وأيضاً جاء عنه ‪ ‬قوله‪« :‬ال ترغبوا عن آبائكم‪ ،‬فإن كفراً بكم أن ترغبوا عن‬
‫آبائكم»(‪.)4()3‬‬
‫فهذه األعمال المنصوص على أنها كفر‪ ،‬ليست هي بمناقضة ألصل اإليمان‬
‫بإجماع أهل العلم المعتبرين‪.‬‬
‫والقول إنما يُعلم بطالنه إذا كان غير متفق مع أدلة الشرع كما هو مقرر عند‬
‫أهل العلم‪.‬‬
‫ولما كان اإليمان من األلفاظ الشرعية وجب المصير إلى نصوص الشرع في تحديد‬
‫مفهومه‪ ،‬وفي معرفة ما يكون ناقضاً له‪ ،‬وما ال يكون كذلك‪.‬‬
‫هذه بعض الشبهات التي يشترك فيها جميع طوائف المرجئة والجواب عنها باختصار‪.‬‬
‫وأما النوع الثاني‪ :‬وهو الشبهات التي تختص ببعض الفرق منهم دون األخرى‪،‬‬
‫فمنها ما استدلت به األشعرية والماتريدية على أن اإليمان هو التصديق‪ .‬قالوا‪ :‬إلجماع‬
‫أهل اللغة قاطبة على أن اإليمان في اللغة قبل نزول القرآن وبعثة النبي ‪ ‬هو مجرد‬
‫التصديق‪ .‬قالوا‪ :‬فوجب أن يكون اإليمان في الشريعة هو اإليمان المعروف في اللغة‪ ،‬ألن‬
‫الله ‪ ‬ما غير لسان العرب وال قَـلَبَه‪ .‬ويذكرون في ذلك قوله‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ِّ‬
‫بمصدق لنا(‪.)5‬‬ ‫ﭺ ﭻ ﭼ [يوسف‪ ]30 :‬أي‪ :‬ما أنت‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو ال يشعر (جـ‪ )23/3‬ح (‪،)18‬‬
‫ومسلم في صحيحه (‪ )83/3‬كتاب اإليمان ح (‪.)336‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم في صحيحه (‪ :)82/3‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬إطالق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة‬
‫ح رقم (‪.)323‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة‪ ،‬باب‪ :‬رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت (جـ‪)11/8‬‬
‫ح (‪ ،)6821‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )85/3‬ح (‪.)331‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪.)118 :‬‬
‫=‬ ‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التوحيد للماتريدي (ص‪ ،)185 ،112 :‬والتمهيد األوائل للباقالني (ص‪ ،)181:‬واإلنصاف (ص‪ 81:‬ـ ‪،)85‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وقد تقدم أن هذه الشبهة قد استدل بها أيضاً الكرامية في تقرير أن اإليمان اإلقرار‬
‫بالشهادتين دون طمأنينة القلب وأعمال الجوارح(‪.)1‬‬
‫والرد على هذه الشبهة من وجوه بعضها إجمالية‪ ،‬وبعضها تفصيلية‪.‬‬
‫فأما الوجوه اإلجمالية فهي‪:‬‬
‫الوجه األول(‪ :)2‬أننا ننازع في صحة هذا اإلجماع‪ :‬أي إجماع أن اإليمان في اللغة‬
‫هو مجرد التصديق وليس لتصرفات الكلمة معان أخرى؛ فإن من أئمة اللغة من نقل في معنى‬
‫"اإليمان" غير "التصديق"‪ .‬ومن هؤالء اإلمام األزهري ـ رحمه الله ـ حيث نقل عن الخليل بن‬
‫أحمد أنه الطمأنينة(‪ ،)3‬وعن اللحياني(‪ )4‬أنه الثقة(‪.)5‬‬
‫كما أن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قد نقل في معناه قوالً رابعاً غير الطمأنينة والثقة‬
‫والتصديق‪ ،‬وهو اإلقرار‪ ،‬واختار أنه األقرب(‪ )6‬ـ كما سيأتي تعليله لذلك(‪.)7‬‬
‫فعلى ما نقله األزهري وأضافه شيخ اإلسالم في معنى اإليمان يكون معنى اآلية ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ أي ال تقر بخبرنا‪ ،‬وال تثق به‪ ،‬وال تطمئن إليه‪ ،‬ولو كنا‬
‫صادقين(‪.)8‬‬
‫ثم على فرض صحة إجماع أهل اللغة على أن اإليمان مجرد التصديق ال غير؛ فإن‬
‫ــــــــــ‬
‫واإلرشاد للجويني (ص‪ ،)110 :‬وشرح المقاصد في علم الكالم (‪ ،)255/2‬ومجموع الفتاوى (‪.)281/0‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪.)802 :‬‬
‫(‪ )2‬وقد رد شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ دعوى إجماع اللغة على أن اإليمان هو التصديق من ستة عشر وجهاً‪ .‬كما في‬
‫مجموع الفتاوى (‪ 321/0‬ـ ‪.)313‬‬
‫(‪ )3‬التهذيب لألزهري (‪.)535/35‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬النحوي اللغوي علي بن المبارك‪ ،‬وقيل‪ :‬ابن حازم أبو الحسن اللحياني‪ ،‬من كبار علماء اللغة‪ ،‬أخذ عن الكسائي‪ ،‬وأبو‬
‫زيد‪ ،‬وأبو عمرو الشيباني واألصمعي وغيرهم‪ ،‬وأخذ عنه القاسم بن سالم وغيره‪ ،‬وله من المصنفات النوادر المشهورة‪ .‬مختلف‬
‫في تاريخ وفاته‪ ،‬فقيل سنة (‪ )381‬هـ‪ ،‬وقيل (‪ )311‬هـ‪ ،‬وقيل‪ :‬في حدود سنة (‪ )235‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪،)385/2‬‬
‫ونزهة األلباء (ص‪.)81 :‬‬
‫(‪ )5‬التهذيب لألزهري (‪.)536/35‬‬
‫(‪ )6‬أي األقرب إلى اشتقاق لفظ اإليمان؛ ألنه مأخوذ من األمن‪ .‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)610 ،213/0‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬الوجه الثاني من الرد التفصيلي (ص‪.)116 :‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)212/0‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بمعنى مقيد كسائر اإلطالقات الشرعية تقيِّد إطالقات اللغة؛ فالحج ـ‬


‫اإلطالق الشرعي يختص ً‬
‫مثالً ـ في اإلطالق الشرعي قيد مطلق القصد في اإلطالق اللغوي لكلمة الحج بالقصد إلى‬
‫مكة في زمن معين ألداء شعائر معينة‪ .‬فكذا اإليمان في إطالق الشرع قيد مطلق التصديق‬
‫في اإلطالق اللغوي لكلمة اإليمان بالتصديق المستلزم للوازمه من أعمال القلوب والجوارح‪.‬‬
‫فهو تصديق مخصوص قيده الشرع بقيود يجب األخذ بها‪ .‬وال يُعول في تمام معناه على‬
‫اللغة؛ ألن الحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة اللغوية كما هو مقرر في علم األصول‪.‬‬
‫ومما يوضح ذلك أن الصالة في اللغة هي الدعاء‪ ،‬ولكنها في الشرع دعاء مخصوص‪ ،‬قُـيِّد‬
‫بأفعال وأقوال‪ ،‬بعضها ال تصح الصالة إال بها‪ .‬وكذا القول في اإليمان فإنه في اللغة هو‬
‫التصديق إال أن الشرع قيده بأقوال وأفعال ال يصح إال بها‪.‬‬
‫فعلى هذا يقال‪ :‬أن الشرع ما غير اللسان العربي وال قَـلَبَه في معنى اإليمان‪ ،‬ولكن‬
‫نقل المعنى بإضافة قيود إليه‪ ،‬مع بقاء أصل معناه في اللغة(‪.)1‬‬
‫قت‪ ،‬وهذا إنما يتصور باللسان‬ ‫الوجه الثاني‪ :‬أن التصديق هو قول القائل لغيره َ‬
‫ص َد َ‬
‫دون القلب(‪.)2‬‬
‫لمدعيه‪،‬‬ ‫الوجه الثالث‪ :‬أن التصديق الذي يكون في القلب ال يمكن الحكم به ِّ‬
‫مدعيه إال بما‬‫ألنه شيء ال يعلم وال يطلع عليه‪ ،‬فهو سريرة‪ ،‬وال يكون الحكم بصحة دعوى ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تصدق الدعوى‪.‬‬ ‫يظهر من أعمال ِّ‬
‫ُ‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن اإليمان على فرض أن معناه في اللغة التصديق؛ فهو ال يختص‬
‫صدق‬ ‫بالقلب فقط بل يكون تصديقاً باللسان‪ ،‬وسائر الجوارح كما في قوله ‪(( :‬والفرج ي ِّ‬
‫ُ‬
‫ذلك أو يكذبه»(‪.)4()3‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬أن اإليمان وإن كان أصله التصديق‪ ،‬فالتصديق التام الذي يقوم‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفصيل هذه المسألة في كتاب القاضي أبي يعلى وكتابه مسائل اإليمان دراسة وتحقيقاً للدكتور سعود بن‬
‫عبد العزيز الخلف (ص‪ )839 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح األصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (ص‪.)051 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب االستئذان‪ ،‬باب الزنا الجوارح دون البصر (جـ‪ )368/0‬ح (‪ ،)6211‬ومسلم في‬
‫كتاب القدر (‪ )2516/1‬ح (‪.)2650‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)322/0‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بالقلب يستلزم ـ وال بد ـ الواجب من أعمال القلوب والجوارح‪ ،‬فإنها لوازم اإليمان التام‪،‬‬
‫وانتفاء الالزم دليل على انتفاء الملزوم(‪.)1‬‬
‫الوجه السادس‪ :‬أن القول بأن التصديق وحده إيماناً يلزم منه أن يكون أهل الشرك‬
‫زمن النبي ‪ ‬كلهم مؤمنين‪.‬‬
‫قال الله تعالى في حق أهل الشرك‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫[األنعام‪.]11 :‬‬
‫ومن الوجوه المجملة أيضاً ما ذكره ابن حزم في ((الفصل))(‪:)2‬‬
‫قال أبو محمد‪(( :‬إن اإليمان هو التصديق في اللغة‪ ،‬فهذا حجة على األشعرية‬
‫والجهمية والكرامية مبطلة ألقوالهم إبطاالً تاماً كافياً ال يحتاج معه إلى غيره‪ ،‬وذلك قولهم‪:‬‬
‫إن اإليمان في اللغة التي بها نزل القرآن هو التصديق فليس كما قالوا على اإلطالق‪ ،‬وما‬
‫سمي قط التصديق بالقلب دون التصديق باللسان إيماناً في لغة العرب‪ ،‬وما قال قط عربي‪:‬‬
‫أن من صدق شيئاً بقلبه فأعلن التكذيب به بقلبه وبلسانه فإنه ال يسمى مصدقاً به أصالً‬
‫وال مؤمناً به البتة‪ ،‬وكذلك ما سمي قط التصديق باللسان دون التصديق بالقلب إيماناً في‬
‫لغة العرب أصالً على اإلطالق‪ ،‬وال يسمى تصديقاً في لغة العرب وال إيماناً مطلقاً إال من‬
‫صدق بالشيء بقلبه ولسانه معاً(‪)3‬؛ فبطل تعلق الجهمية واألشعرية باللغة جملة))‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬وجوه الرد التفصيلية على أن اإليمان في اللغة التصديق‪:‬‬
‫هذه الوجوه ذكرها شيخ اإلسالم ـ رحمه الله تعالى ـ‪ ،‬وهي باختصار‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن لفظ اإليمان ليس مرادفاً للفظ التصديق من جهة اللفظ‪ ،‬وذلك‬
‫من ناحيتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن الفعل في لفظ التصديق يتعدى بنفسه فتقول لمن أخبرك بخبر‪ :‬صدقته؛‬
‫المصدق بخالف الفعل في لفظ اإليمان فإنه ال يتعدى بنفسه؛‬ ‫فيتعدى الفعل بنفسه إلى ُ‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)322/0‬‬
‫(‪.)228/1( )2‬‬
‫(‪ )3‬ابن حزم ـ رحمه الله ـ يريد أن يبيِّن حقيقة اإليمان في اللغة‪ .‬أما حقيقته الشرعية فهي تزيد على ما ذكره ابن حزم‬
‫ـ رحمه الله ـ ألن اإليمان قول وعمل واعتقاد‪ ،‬وما ذكره ابن حزم ليس هو حقيقة اإليمان الشرعي عند السلف بل‬
‫هو حقيقة اإليمان الشرعي عند مرجئة الفقهاء‪ .‬فينبغي أن يُفهم كالم ابن حزم على مراده هنا‪ .‬وهذا للتنبيه‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫فال يقال‪ :‬آمنته إال من األمان الذي هو ضد اإلخافة‪ ،‬بل تقول‪ :‬آمنت له‪ ،‬وآمنت به؛‬
‫فيتعدى بالالم والباء‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن لفظ التصديق يستعمل في كل خبر‪ ،‬فيقال لمن أخبر باألمور المشهودة‬
‫مثل‪ :‬الواحد نصف اإلثنين‪ ،‬والسماء فوق األرض صدقت‪ ،‬وصدقنا بذلك‪ ،‬وال يقال آمنا‬
‫لك‪ ،‬وال آمنا بهذا؛ ((ألن الخبر عن المشهود ليس تصديقه إيماناً؛ ألنه من األمن الذي هو‬
‫الطمأنينة‪ ،‬وهذا إنما يكون في الخبر الذي قد يقع فيه ريب‪ ،‬والمشهودات ال ريب‬
‫(‪)1‬‬
‫للمخبَر به آمنا به‬
‫الم نخبَر به من األمور الغائبة قيل للمخبر‪ :‬آمنا له‪ ،‬و ُ‬
‫فيها)) ‪ .‬وأما إذا كان ُ‬
‫كما قال إخوة يوسف‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ أي بمقر لنا‪ ،‬ومصدق لنا؛ ألنهم أخبروه عن‬
‫غائب‪ ،‬واإلخبار عن الغائب قد يقع فيه الريب عند المخبَر به‪ ،‬ولذا يستعمل فيه لفظ‬
‫اإليمان‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن لفظ اإليمان يفارق لفظ التصديق من جهة المعنى؛ فإن لفظ‬
‫اإليمان مأخوذ من األمن الذي هو الطمأنينة والثقة والقرار كما أن لفظ اإلقرار مأخوذ من‬
‫قر يقر‪ ،‬وهو قريب من آمن يأمن؛ فالمؤمن داخل في األمن كما أن المقر داخل في القرار‪،‬‬
‫ولفظ اإلقرار يتضمن االلتزام‪ ،‬وهو على معنيين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬اإلقرار بمعنى اإلخبار‪ ،‬وهو من هذا الوجه كلفظ التصديق والشهادة‬
‫ونحوها‪ ،‬وهذا معنى اإلقرار الذي يذكره الفقهاء في كتاب اإلقرار‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬اإلقرار بمعنى إنشاء االلتزام كما في قوله تعالى‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [آل عمران‪ .]83 :‬ولفظ اإلقرار هنا ليس هو الخبر‬
‫المجرد؛ يوضحه أول اآلية‪ ،‬وهو قوله تعالى‪ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ففيها إنشاء االلتزام باإليمان‪ ،‬والتعهد بنصرة النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬وكذلك‬ ‫ﯟ ﯠ‬
‫لفظ اإليمان‪ ،‬فيه إخبار وإنشاء والتزام‪ ،‬بخالف لفظ التصديق المجرد‪.‬‬
‫ومن الفروق في المعنى أيضاً‪ :‬أن لفظ التصديق يستعمل في جنس األخبار؛‬
‫فالتصديق إخبار بصدق المخبِّر‪ ،‬والتكذيب إخبار بكذب المخبِّر‪ ،‬فقد يُصدق الرجل‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)616/0‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الكاذب تارة‪ ،‬وقد يُكذب الرجل الصادق أخري‪ ،‬فالتصديق والتكذيب نوعان من الخبر‬
‫وهما خبر عن الخبر‪.‬‬
‫وأما الحقائق الثابتة في نفسها‪ ،‬والتي تعلم بدون خبر ال يكاد يُستعمل فيها لفظ‬
‫التصديق والتكذيب إن لم يـُ َقدر ُمخبِّر عنها‪ ،‬بخالف اإليمان واإلقرار واإلنكار والجحود‪،‬‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬فإنه يتناول الحقائق واإلخبار عن الحقائق أيضاً‪.‬‬
‫ومن الفرق في المعنى أيضاً‪ :‬أن الذوات التي تحب تارة‪ ،‬وتبغض أخرى‪ ،‬وتوالي تارة‬
‫وتعادى أخرى تختص بلفظ اإليمان‪ .‬وأما لفظ التصديق فيستعمل في متعلقات هذه الذوات‬
‫من الحب والبغض والمواالة والمعاداة‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فيقال‪ :‬حب صادق‪ ،‬وبغض صادق‪.‬‬
‫ويشهد لذلك الدعاء المأثور المشهور عند استالم الحجر األسود‪(( :‬اللهم إيماناً‬
‫بك‪ ،‬وتصديقاً بكتابك‪ ،‬ووفاء بعهدك‪ ،‬وإتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم))(‪.)2()1‬‬
‫فقال إيماناً بك‪ ،‬ولم يقل تصديقاً بك‪ ،‬كما قال‪ :‬تصديقاً بكتابك وقال تعالى عن‬
‫مريم‪ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ [التحريم‪ ]32 :‬فجعل التصديق بالكلمات والكتب‪.‬‬
‫ومن الفروق في المعنى أيضاً‪ :‬أن المعروف في االستعمال أن يقال‪ :‬آمنت بالله‪،‬‬
‫وفالن آمن بالله‪ ،‬وهو مؤمن بالله‪ ،‬ويا أيها الذين آمنوا ولم ِّ‬
‫يأت في دالئل القرآن والسنة‬
‫أوفي كالم السلف قول‪ :‬صدقت بالله‪ ،‬أو فالن صدق بالله‪ ،‬أو فالن مصدق بالله‪ ،‬أو يا‬
‫أيها الذين صدقوا(‪.)3‬‬
‫ومن الفروق في المعنى أيضاً‪ :‬أن لفظ اإليمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب كلفظ‬
‫التصديق‪ ،‬وإنما قوبل بلفظ الكفر؛ والكفر ليس منحصراً في التكذيب بل يقع بالتكذيب وغيره‪.‬‬
‫بل لو قال للنبي‪ :‬أنا أعلم أنك صادق لكن ال أتبعك بل أعاديك وأبغضك لكان كفره أعظم؛ فلما‬
‫كان الكفر المقابِّل لإليمان ليس هو التكذيب فقط عُلِّم أن اإليمان ليس هو التصديق فقط(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه عبد الرزاق في المصنف (‪ ،)44/6‬والطبراني في األوسط (‪ ،)567/5‬البيهقي في السنن (‪)79/6‬‬
‫وأورده الهيثمي في المجمع (‪ )830/4‬وقال‪ :‬رواه الطبراني في األوسط ورجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح حديث جبريل (ص‪ 131 :‬ـ ‪ .)130‬وانظر‪ :‬مقدمة التحقيق (ص‪ 331 :‬ـ ‪.)322‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)511/0‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪ )212/0‬بتصرف‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫فالحاصل أن لفظ "اإليمان" في اللغة يشمل معنى التصديق واإلقرار والثقة‪ ،‬وليس‬
‫هو مجرد التصديق كما ذهبت إليه المرجئة‪.‬‬
‫أثر هذه المقالة في فهم توحيد األلوهية وتطبيقه‪:‬‬
‫هذا العنوان يعتبر امتداداً لما تقدم من أوجه بطالن هذه المقالة في اإليمان؛ ألن‬
‫القول إذا كان له أثر سيء على األمة في معتقداتها أو عباداتها‪ ،‬فإن ذلك مما يُستدل به‬
‫أيضاً على بطالن ذلك القول؛ ألن فساد الالزم دال على فساد الملزوم‪.‬‬
‫وبالنظر إلى هذا القول فإن له أثراً سيئاً على فهم توحيد األلوهية وتطبيقه عند بعض‬
‫األمة‪ .‬وقبل أن نبين هذا األثر يجدر بنا أن نبيِّن االرتباط بين التوحيد واإليمان‪ ،‬ألن بموجبه‬
‫يتضح هذا األثر‪ ،‬فنقول‪:‬‬
‫إن هذا االرتباط إنما يُعلم من خالل معرفة العالقة بين التوحيد واإليمان‪ ،‬وهذه‬
‫العالقة تظهر إذا أخذنا في االعتبار أن التوحيد في كالم أهل العلم‪ ،‬وفي لسان الشرع قد‬
‫يَِّرد مطلقاً‪ ،‬ويُراد به مجموع التوحيد العلمي الخبري والتوحيد اإلرادي الطلبي ((العملي))‪.‬‬
‫وقد يَِّرد مقيداً بأحدهما‪ .‬ففي حال اإلطالق يكون مرادفاً لإليمان؛ ألن اإليمان ـ كما تقدم ـ‬
‫قول وعمل ونية‪ .‬وفي حال التقييد يكون جزءَ اإليمان ال جملته؛ إما اعتقاد القلب مع قول‬
‫اللسان‪ ،‬أو قول اللسان مع عمل الجوارح الذي هو اإلسالم‪.‬‬
‫ويدل لألول حديث وفد عبد القيس(‪ )1‬حيث فسر النبي ‪ ‬فيه اإليمان بأعمال‬
‫اإلسالم‪ ،‬واإلسالم هو التوحيد؛ فيكون التوحيد مطابقاً لمسمى اإليمان عند اإلطالق‪.‬‬
‫ويدل للثاني حديث بعث معاذ إلى اليمن‪ ،‬وفيه قوله ‪« :‬فليكن أول ما تدعوهم إليه‬
‫شهادة أن ال إله إال الله»‪ ،‬وفي رواية‪« :‬إلى أن يوحدوا الله»(‪)2‬؛ فإن المراد بالتوحيد هنا اعتقاد‬
‫القلب وقول اللسان(‪ )3‬اللذان هما جزء اإليمان‪ ،‬وليسا جملة اإليمان؛ يبيِّن ذلك ما جاء في‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬هو قوله ‪ ‬لوفد عبد القيس ـ كما في الصحيحين ـ «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع‪ .‬آمركم باإليمان بالله وحده‪.‬‬
‫أتدرون ما اإليمان بالله وحده؟ قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ .‬قال‪ :‬شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله‪،‬‬
‫وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصيام رمضان‪ ،‬وأن تعطوا من المغنم الخمس» الحديث‪.‬‬
‫(‪ )2‬تقدم تخريجه في (ص‪.)15 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (‪.)383/3‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بعض روايات الحديث عنه ‪ ‬أنه قال‪« :‬فإذا عرفوا الله»(‪.)1‬‬


‫أما قول اللسان مع عمل الجوارح الذي هو اإلسالم فقد ورد في قوله تعالى‪ :‬ﮍ‬
‫ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [الحجرات‪.]31 :‬‬
‫قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولهذا كان قوله تعالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ [الحجرات‪ ]31 :‬نفياً لإليمان المطلق ال لمطلق اإليمان لوجوه‪...‬‬
‫ينف دخول اإلسالم في قلوبهم‪ ،‬ولو كانوا‬ ‫منها أنه قال‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ‪ ،‬ولم ِّ‬
‫(‪)2‬‬
‫منافقين لنفى عنهم اإلسالم كما نفى اإليمان))‬

‫ثم إن مما يبيِّن أثر هذه المقالة على فهم توحيد األلوهية وتطبيقه أن المرجئة من‬
‫األشعرية والجهمية والماتريدية لما حدوا اإليمان بأنه مجرد تصديق القلب ومعرفته بالله‬
‫تعالى أخرجوا بذلك التوحيد العملي عن مسمى اإليمان؛ فنتج عنه إقرارهم ما يناقض هذا‬
‫التوحيد من الشرك العملي‪ ،‬والتصدي للدفاع عن عقائد القبورية ـ كما مر عند بيان أثر‬
‫تعريف توحيد األلوهية عند المتكلمين بتوحيد الربوبية بسبب الخلط عندهم بين مفهوم‬
‫الربوبية ومفهوم األلوهية؛ حيث جعلوا مسمى األلوهية هو عين مسمى الربوبية‪.‬‬
‫ومما يوضح هذا األثر عند أصحاب هذه المقالة أن الجهم والصالحي ومن اتبعهما‬
‫في اإليمان من األشعرية والماتريدية قد حصروا الكفر؛ إما في الجهل بالله فقط كقول جهم‬
‫والصالحي(‪ ،)3‬وإما في تكذيب القلب فقط كقول األشعري والماتريدي(‪ ،)4‬وكال النوعين ُك نفُر‬
‫اعتقاد؛ فال محل إذن للكفر العملي عند أصحاب هذه المقالة(‪ .)5‬بل صرحت األشعرية‬
‫والماتريدية بأن الركن األول وهو الشهادتان ليس من اإليمان‪ ،‬كما حكى ذلك عنهم سعد‬
‫الدين التفتازاني(‪ )6‬في شرح العقائد النسفية ((ص‪ ))128:‬ـ وهو من أهم مصادرهم ـ حيث‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬هذه الرواية أخرجها البخاري في صحيحه حديث رقم (‪ ،)0102‬وانظر‪ :‬فتح الباري (‪.)100/31‬‬
‫(‪ )2‬بدائع الفوائد (‪ ،)5486/3‬وانظر‪ :‬درء التعارض (‪.)346/7‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،)231/3‬والملل والنحل للشهرستاني (جـ‪ ،)01/3‬وشرح حديث جبريل ‪‬‬
‫(ص‪.)113:‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التوحيد للماتريدي (ص‪ ،)185 :‬ومجموع الفتاوى (‪.)381/0‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬المصدر السابق (ص‪ 113 :‬ـ ‪.)111 ،111‬‬
‫=‬ ‫(‪ )6‬هو‪ :‬مسعود بن القاضي فخر الدين عمر بن برهان الدين الشهير بسعد الدين التفتازاني‪ ،‬عالم بالنحو والتصريف‬
‫‪732‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ذكر‪(( :‬أن ال إله إال الله ليست جزءاً من اإليمان‪ ،‬لداللة النصوص على أن محل اإليمان‬
‫القلب‪ ،‬فال يكون اإلقرار باللسان داخالً فيه))(‪ .)1‬كما ذكر التفتازاني أيضاً أن ((السجود‬
‫للصنم كفر في الظاهر‪ ،‬ولكن ال يُحكم بكفره فيما بينه وبين الله))(‪)2‬؛ ألنه قد يكون في‬
‫الباطن عارفاً بالله موحداً له مؤمناً به (‪.)3‬‬
‫ولذا تجد الشرك فاشياً في بيئات األشعرية والماتريدية‪ ،‬وال تجد من علماء هذه‬
‫الفرق إنكاراً لهذا الشرك‪ .‬وهذا أمر ظاهر يعرفه من عاش في تلك البيئات ممن أنار الله‬
‫بصيرته بنور التوحيد واإليمان‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪ :‬مبيناً أثر مقالة الجهم والصالحي ومن اتبعهما‬
‫في حد اإليمان‪(( :‬وأيضاً فهؤالء القائلون بقول جهم والصالحي قد صرحوا بأن سب الله‬
‫ورسوله‪ ،‬والتكلم بالتثليث‪ ،‬وكل كلمة من كلمات الكفر‪ ،‬ليس هو كفراً(‪ )4‬في الباطن‪،‬‬
‫ولكنه دليل في الظاهر على الكفر‪ ،‬ويجوز مع هذا أن يكون هذا السباب الشاتم في‬
‫الباطن عارفاً بالله موحداً له مؤمناً به‪ ،‬فإ ذا أقيمت عليهم حجة بنص أو إجماع أن هذا‬
‫كافر باطناً وظاهراً‪ ،‬قالوا‪ :‬هذا يقتضي أن ذلك مستلزم للتكذيب الباطن‪ ،‬وأن اإليمان‬
‫يستلزم عدم ذلك))(‪.)5‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬ومن هنا يظهر خطأ قول «جهم بن صفوان» ومن اتبعه حيث ظنوا‬
‫ــــــــــ‬
‫والمعاني والبيان والمنطق وغيرها‪ ،‬شافعي المذهب‪ .‬قال ابن حجر‪( :‬ولد سنة (‪ )032‬هـ‪ ،‬وأخذ عن القطب‬ ‫=‬
‫وغيره‪ ،‬وتقدم في الفنون‪ ،‬واشتهر ذكره وطار صيته‪ ،‬وانتفع الناس بتصانيفه)‪ .‬من مصنفاته‪( :‬شرح التلخيص)‪،‬‬
‫و(التلويح شرح التوضيح)‪ ،‬و(شرح العقائد النسفية)‪ ،‬وله حاشية على الكشاف لم يكملها‪ ،‬مات بسمرقند سنة‬
‫(‪ )013‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬إنباء الغمر (‪ ،)101/2‬وأبجد العلوم (‪.)50/1‬‬
‫(‪ )1‬بل نص الدسوقي في حاشيته على أم البراهين (ص‪ 886 :‬ـ ‪ :)885‬أن المعتمد عند األشاعرة أن النطق‬
‫بالشهادتين ليس شرطاً في صحة اإليمان وال جزءاً من مفهومه بل هو شرط إلجراء األحكام الدنيوية‪ ،‬وعليه فمن‬
‫صدق بقلبه ولم ينطق بالشهادتين سواء كان قادراً على النطق أو كان عاجزاً عنه‪ ،‬فهو مؤمن عند الله يدخل‬
‫الجنة‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح العقائد النسفية (ص‪.)120 :‬‬
‫(‪ )3‬شرح حديث جبريل المعروف باإليمان األوسط (ص‪.)111:‬‬
‫(‪ )4‬في األصل (كفر)‪ ،‬والتصويب من مطبوعة مجموع الفتاوى‪.‬‬
‫(‪ )5‬المصدر السابق (ص‪ .)111:‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)582/0‬‬
‫‪737‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أن اإليمان مجرد تصديق القلب وعلمه‪ ،‬لم يجعلوا أعمال القلب من اإليمان‪ ،‬وظنوا أنه قد‬
‫يكون اإلنسان مؤمناً كامل اإليمان بقلبه‪ ،‬وهو مع هذا يسب الله ورسوله ويعادي الله‬
‫ورسوله‪ ،‬ويعادي أولياء الله‪ ،‬ويوالى أعداء الله‪ ،‬ويقتل األنبياء‪ ،‬ويهدم المساجد‪ ،‬ويهين‬
‫المصاحف‪ ،‬ويكرم الكفار غاية الكرامة‪ ،‬ويهين المؤمنين غاية اإلهانة‪ ،‬قالوا‪ :‬وهذه كلها‬
‫معاص ال تنافي اإليمان الذي في قلبه‪ ،‬بل يفعل هذا وهو في الباطن عند الله مؤمن قالوا‪:‬‬
‫وإنما ثبت له في الدنيا أحكام الكفار‪ ،‬ألن هذه األقوال أمارة على الكفر ليحكم بالظاهر‬
‫كما يحكم باإلقرار والشهود‪ ،‬وإن كان في الباطن قد يكون بخالف ما أقر به وبخالف ما‬
‫شهد به الشهود‪ ،‬فإذا أورد عليهم الكتاب والسنة واإلجماع على أن الواحد من هؤالء كافر‬
‫في نفس األمر معذب في اآلخرة‪ ،‬قالوا‪ :‬فهذا دليل على انتفاء التصديق والعلم من قلبه‪،‬‬
‫فالكفر عندهم شيء واحد وهو الجهل‪ ،‬واإليمان شيء واحد وهو العلم‪ ،‬أو تكذيب القلب‬
‫وتصديقه‪ ،‬فإنهم متنازعون هل تصديق القلب شيء غير العلم أو هو هو(‪)2()))1‬؟‬
‫خالصة المبحث‪:‬‬
‫بعد عرض أقوال هذه الطوائف الثالث من المرجئة في اإليمان يظهر لنا أن هذه‬
‫الطوائف مخالفة ألهل السنة والجماعة في اعتبار شروط لتحقيق كلمة التوحيد "ال إله إال‬
‫الله" غير علم القلب أو تصديقه بالله تعالى ـ على ما فيهما ـ كما سيأتي‪.‬‬
‫ومما يدل لذلك أمور ِّعدة‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬ما ترتب على مقالتهم في اإليمان من أثر في فهم توحيد األلوهية ـ الذي‬
‫هو معنى ال إله إال الله ـ وتطبيقه حيث لم يعدوا الشرك العملي مناقضاً للتوحيد واإليمان‪ ،‬وذلك‬
‫نابع من عدم اعتبارهم االنقياد العملي من لوازم اإليمان وشروط كلمة التوحيد‪.‬‬
‫كما أنه نبع أيضاً من عدم اعتبارهم اإلخالص في كلمة التوحيد بترك الشرك في‬
‫العبادة من شروطها‪ ،‬ألن الشرك العملي ـ كما سيأتي ـ من لوازم عدم إخالص العبادة لله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬أنهم أخرجوا أعمال القلوب غير المعرفة والتصديق من اإليمان‪ .‬وهذا‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬تقدم أنه ال فرق بينهما‪ ،‬وإن ُسلِّم بالفرق فهو فرق ال تترتب عليه الثمرة‪ ،‬ألنه ال يحقق اإليمان‪ ،‬فمجرد التصديق‬
‫أو المعرفة ال يحقق اإليمان‪ ،‬وال ينقل صاحبه عن الكفران‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ 388/0‬ـ ‪.)381‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إنما يستفاد من حصرهم اإليمان في تصديق القلب ومعرفته بالله(‪.)1‬‬


‫وال يُشكل على ذلك أن جماهيرهم يقولون بدخول أعمال القلوب في اإليمان كما‬
‫نص عليه شيخ اإلسالم(‪ )2‬وذلك ألنهم عند التحصيل فهم يتصورون اإليمان مع فقدها‬
‫بدليل أنهم يخرجون أعمال الجوارح من اإليمان وأعمال الجوارح هي في الواقع الزمة‬
‫ألعمال القلوب ال تنفك عنها أبداً في عرف الشرع‪ ،‬متى ُوِّجدت أعمال القلوب ُوِّجدت‬
‫أعمال الجوارح(‪ ،)3‬ومتى فُقدت فُقدت‪ ،‬وذلك للتالزم غير المنفك بين الظاهر والباطن كما‬
‫يصرح أحياناً بأنهم لم يجعلوا أعمال القلب من‬ ‫سيأتي؛ ولذا نجد شيخ اإلسالم نفسه ِّ‬
‫َ‬
‫اإليمان(‪ )4‬وذلك لمالحظة هذا المعنى‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫هذا من حيث العموم أما من حيث الخصوص فإن منهم من ال يرى دخول أعمال‬
‫القلوب في مسمى اإليمان‪ ،‬وهذا مذهب جهم ومن اتبعه كالصالحي‪ ،‬وذكر شيخ اإلسالم‬
‫أن هذا القول هو الذي نصره األشعري وأكثر أصحابه(‪.)5‬‬
‫فالحاصل أنهم يخرجون أعمال القلوب من اإليمان إما حاصالً وإما نصاً‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬أنهم مخالفون في ما اعتبروه من اشتراط العلم لصحة اإليمان حيث‬
‫خص نوه بعلم القلب ومعرفته بوجود الله تعالى(‪ ،)6‬وأهملوا األمر األهم والمطلب األعظم‪ ،‬وهو‬
‫يؤد له حقه لم يعرفه على الحقيقة‪.‬‬‫العلم بتوحيده الذي هو العلم بحقه على من عرفه؛ فمن لم ِّ‬
‫األمر الرابع‪ :‬أنهم أخرجوا قول اللسان أن يكون من اإليمان‪ .‬ويدخل في ذلك قول ال‬
‫إله إال الله حيث ال يعتبرون ذلك جزءاً من اإليمان داخالً فيه‪ ،‬وال شرطاً خارجاً عنه‪ ،‬وإنما هو‬
‫شرط إلجراء األحكام الدنيوية على المرء(‪ ،)7‬وهذا مخالف إلجماع العلماء أن من لم يتلفظ‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)251 ،315/0‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)634/7‬‬
‫(‪ )3‬ومن المعلوم أنه ال يلزم العكس فال يلزم من أعمال الجوارح أعمال القلوب الحتمال النفاق‪ ،‬ولكن يلزم من‬
‫أعمال القلوب أعمال الجوارح‪ .‬فالحاصل أن أعمال الجوارح ال بد أن تقع من كل من ادعى اإلسالم‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)593/7 ،522/7‬‬
‫(‪ )5‬مجموع الفتاوى (‪.)596/7‬‬
‫(‪ )6‬تقدم بيان مذهبهم في المعرفة‪ .‬انظر‪( :‬ص‪ 111 :‬ـ ‪.)111‬‬
‫=‬ ‫(‪ )7‬انظر‪ :‬إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد (ص‪ 10 :‬ـ ‪ ،50‬وشرح الفقه األكبر (ص‪ 61 :‬ـ ‪ ،)05‬ونواقض‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بالشهادتين مع القدرة هو كافر باطناً وظاهراً‪ ،‬وقد تقدمت حكايته(‪.)1‬‬


‫األمر الخامس‪ :‬أنهم ينكرون ما يناقض هذه الشروط أن يكون كفراً(‪ ،)2‬فهم يتصورون‬
‫حصول اإليمان مع ما ينافيها ويذهب بأصلها‪ ،‬كتصورهم حصول اإليمان في القلب مع بغض‬
‫متفرع عن إنكارهم دخول أعمال القلوب في اإليمان‪.‬‬ ‫ما أنزل الله مثالً‪ .‬وهذا كله ِّ‬
‫يقول شيخ اإلسالم بعد أن ذكر مذهب المرجئة في اإليمان وأقوالهم فيه‪(( :‬وعلى‬
‫القولين‪ :‬أعمال القلوب ليست من اإليمان عندهم كأعمال الجوارح‪ ،‬فيمكن أن يكون‬
‫مصدقاً بلسانه وقلبه مع كراهة ما نَـزل الله‪ ،‬وحينئذ فال يكون هذا كافراً عندهم‪ ،‬واآلية‬ ‫الرجل ِّ‬
‫[محمد‪ ]1 :‬ـ ))‬ ‫ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫تتناوله ـ يعني قوله تعالى‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫انتهى(‪.)3‬‬
‫فبان إذن أن هؤالء المرجئة من الجهمية واألشعرية والماتريدية لم يظفروا بشيء من‬
‫شروط تحقيق هذه الكلمة‪.‬‬
‫ولعل هذا ما دفع الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ إلى أن يقول عنهم‪:‬‬
‫((والجهمية‪ :‬لم يتصفوا بشرط من هذه الشـروط؛ وقـد صـرح أهـل السـنة بـذلك؛ وحاجـة‬
‫معطلة الصفات‪ ،‬إلى معرفة التوحيد في العبادات‪ ،‬كحاجة من عُ ِّدم الرأس من الحيوانات إلى‬
‫الرسن؛ قال أبو الطيب‪:‬‬
‫ِّ (‪)4‬‬ ‫ِّ‬
‫الحمـار بــال رأس إلــى رسـن))‬ ‫الج ُهـ ـ ـول ب ـ ــال َع نقـ ـ ـل إل ـ ــى أَ َدب‬
‫ََ‬ ‫فَـ نقـ ُر َ‬ ‫فَـ نقـ ـ ـ ُر َ‬
‫ولعله ألجل هذا َح َكم َم نن َحكم من أهل العلم بتكفير أصحاب هذه المقالة من الجهمية‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وذلك منهم على سبيل اإلطالق‪ ،‬وليس على سبيل التعيين‪ .‬أما الحكم‬
‫ــــــــــ‬
‫اإليمان االعتقادية وضوابط التكفير عند السلف (جـ‪.)301/3‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪.)332 :‬‬
‫(‪ )2‬وإنكار ما ينافي الشروط هو إنكار لحقيقة هذه الشروط‪ ،‬ألن الشيء ال يتصور وجوده مع ضده ونقيضه‪.‬‬
‫(‪ )3‬منهاج السنة (‪.)822/6‬‬
‫(‪ )4‬الدرر السنية (‪.)210/1‬‬
‫والبيت ألبي الطيب المتنبي كما في ديوانه مع شرحه ألبي البقاء العكبري (جـ‪.)233/1‬‬
‫ومعنى البيت على ما قاله العكبري ((يقول‪ :‬الجاهل ال يحتاج وال يفتقر إلى أدب‪ ،‬ألنه ليس له عقل‪ .‬فأول ما‬
‫يحتاج إليه اإلنسان العقل الذي يعقل به‪ .‬ثم بعد ذلك يتأدب‪ .‬فإذا عدم العقل لم يحتج إلى أدب كالحمار‬
‫الذي ليس له رأس‪ ،‬ال يحتاج إلى حبل يقاد به)) انتهى‪[ .‬المصدر نفسه (جـ‪.])233/1‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بتكفير معين منهم‪ ،‬فهو أمر يحتاج إلى تفصيل(‪ ،)1‬ليس هذا موضع بسطه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وممن حكم بكفرهم اإلمام أ حمد ـ رحمه الله ـ؛ فقد أخرج الخالل في‬
‫السنة(‪ )2‬بسنده إلى حمدان بن علي الوراق(‪ )3‬قال‪ :‬سألت أحمد وذكر عنده المرجئة‪:‬‬
‫فقلت إنهم يقولون‪ :‬إذا عرف الرجل ربه بقلبه فهو مؤمن‪ .‬فقال‪(( :‬المرجئة ال تقول هذا بل‬
‫الجهمية تقول بهذا‪ ،‬المرجئة تقول‪ :‬حتى يتكلم بلسانه وجوارحه(‪ .)4‬والجهمية تقول‪ :‬إذا‬
‫عرف ربه بقلبه وإن لم تعمل جوارحه‪ .‬وهذا كفر‪ ،‬إبليس قد عرف ربه فقال‪(( :‬رب بما‬
‫أغويتني)) قلت‪ :‬فالمرجئة لم كانوا يجتهدون‪ ،‬وهذا قولهم؟ قال‪ :‬البالء))‪.‬‬
‫وممن قال بكفرهم أيضاً‪ :‬أبو عبيد القاسم بن سالم حيث قال بعد أن ذكر لوازم‬
‫هذه المقالة‪ (( :‬وهذا عندنا كفر لن يبلغه إبليس فمن دونه من الكفار قط!))(‪.)5‬‬
‫كما نجد شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ يحكي كفرهم عند السلف‪ ،‬فيقول‪(( :‬وقول‬
‫جهم في اإليمان قول خارج عن إجماع المسلمين قبله‪ ،‬بل السلف كفروا من يقول بقول‬
‫جهم في اإليمان))(‪ .)6‬انتهى‪.‬‬
‫وبذلك يُعلم أهمية هذه الشروط ومكانتها عند السلف حيث يحكمون بكفر من لم‬
‫يعتبرها‪ ،‬ويشنِّعون عليه‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬االستقامة لشيخ اإلسالم (‪.)361/3‬‬
‫(‪( )2‬جـ‪)503/1‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬حمدان بن علي الوراق الجرجاني‪ ،‬اسمه محمد‪ ،‬من أصحاب اإلمام أحمد‪ ،‬توفي سنه اثنتين وسبعين‬
‫ومائتين‪ .‬انظر‪ :‬اإلكمال (‪.)551/2‬‬
‫(‪ )4‬لعله يريد مرجئة الفقهاء أبا حنيفه وشيخه حماد‪ ،‬ومن وافقهم حيث يجعلون اإليمان إقرار اللسان وعمل القلب وال‬
‫يجعلون أعمال الجوارح داخلة فيه‪ ،‬وإن كان لها أثر في النعيم والعذاب يوم القيامة؛ فيرون أن مرتكب الكبيرة معرض‬
‫للوعيد من جهة تركه الواجب الذي أُِّمَر به ال من جهة تركه لبعض اإليمان الواجب عليه‪ .‬وقولهم متناقض كيف يقال‪:‬‬
‫كامل اإليمان وهو معرض للوعيد؟!‬
‫(‪ [ )5‬كتاب اإليمان ألبي عبيد (ص‪ .]62 :‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (ص‪ ،) 61 :‬ومجموع الفتاوى (‪،325/0‬‬
‫‪.)155‬‬
‫(‪ )6‬مجموع الفتاوى (‪.)313/0‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المبحث الخامس‪ :‬زيادة العلم بشهادة أن ل إله إل الله وأثره في تكميل شهادة أن ل‬
‫إله إل الله‪ ،‬وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تفاضل الناس في العلم والمعرفة التي في قلوبهم بالشهادة‪.‬‬
‫من المناسب ونحن نتكلم عن شرط العلم بشهادة كلمة التوحيد "ال إله إال الله" أن‬
‫نذكر تفاضل الناس في العلم الذي في قلوبهم بمعنى هذه الشهادة‪ ،‬وذلك نظراً ألهمية هذا‬
‫التفاضل‪ ،‬وما يترتب عليه من آثار وثمار تزيد في تكميل هذه الشهادة؛ ألن العلم بشهادة‬
‫التوحيد ال إله إال الله منه ما هو أصل(‪ )1‬ال يصح اإلسالم إال به‪ ،‬ومنه ما هو فرع زائد على‬
‫الشرط‪ ،‬به يتحقق كمال العلم بهذه الشهادة؛ إذ ((ليس من شرط اإليمان بالله تعالى وجود‬
‫العلم التام))(‪ ،)2‬ولذا كان هذا العلم سبباً في ِّرفعة درجات المؤمنين في الجنة‪ ،‬وذلك لما‬
‫يقع بسببه من التفاضل بينهم في اإليمان‪ ،‬وليس بالزم لدخولهم الجنان‪ ،‬ألن الله تعالى‬
‫يُدخل الجنة بقدر وزن الشعيرة والحبة من اإليمان كما صح عن النبي ‪.)3(‬‬
‫وقبل أن ندخل في تفاصيل هذا التفاضل ال بد أن نبين أن المعرفة بشهادة كلمة‬
‫التوحيد "ال إله إال الله" قسمان‪ :‬منها ما يستوي جميع الناس فيها‪ .‬ومنها ما يتفاضل‬
‫الناس فيها‪.‬‬
‫فأما التي يستوي جميع الناس فيها‪ ،‬فهي المعرفة العامة‪ ،‬والتي تكون فطرية(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬أي شرط‪.‬‬
‫(‪ )2‬اقتباس من شرح حديث جبريل ‪ ‬لشيخ اإلسالم ابن تيمية (ص‪.)121 :‬‬
‫(‪ )3‬كما في قوله ‪« :‬يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان»‪ .‬وقد تقدم تخريجه في‬
‫(ص‪.)111 :‬‬
‫(‪ )4‬وهذا بخالف المعرفة المكتسبة‪ ،‬فهذه يتفاضل الناس فيها تفاضالً عظيماً‪ ،‬وذلك في األصل والكمال؛ فليس‬
‫التفاضل مقصوراً على الكمال دون األصل كما تقوله مرجئة الفقهاء؛ ومما يبين ذلك‪ :‬أن اإليمان الواجب‬
‫يختلف باختالف المكلف وبلوغ التكليف له وبزوال الخطاب الذي به التكليف ونحو ذلك؛ فإن اإليمان‬
‫الواجب قبل الهجرة لو اقتصر عليه العبد بعد الهجرة كان كافراً؛ بيانه‪ :‬أن الله بعث محمداً رسوالً إلى الخلق‬
‫فكان الواجب على الخلق تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر‪ ،‬ولم يأمرهم حينئذ بالصلوات الخمس وال صيام‬
‫شهر رمضان‪ ،‬وال حج البيت‪ ،‬وال حرم عليهم الخمر والربا ونحو ذلك‪ ،‬وال كان أكثر القرآن قد نزل فمن صدقه‬
‫حينئذ فيما نزل من القرآن وأقر بما أمر به من الشهادتين وتوابع ذلك كان ذلك الشخص حينئذ مؤمناً تام اإليمان‬
‫=‬ ‫الذي وجب عليه‪ ،‬وإن كان مثل ذلك اإليمان لو أتى به بعد الهجرة لم يقبل منه‪ ،‬ولو اقتصر عليه كان كافراً‪،‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ويدل لذلك قوله ‪ ‬فيما يرويه عن ربه ـ عز وجل ـ‪« :‬خلقت عبادي حنفاء كلهم» أي‪:‬‬
‫مائلون جميعهم عن الشرك إلى التوحيد؛ فعلمهم بأن الله ربهم المستحق أن يعبدوه فطري‬
‫ضروري كما تقدم‪ .‬وهذا مما ال يتفاضل الناس فيه‪.‬‬
‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬ ‫ومما يدل على ذلك أيضاً قوله تعالى‪ :‬ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ [الروم‪ .]15:‬فإقامة الوجه‬ ‫ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ‬
‫بوجوب إخالص العبادة لله تعالى مما يستوي في العلم به جميع الناس‪ ،‬ما داموا على‬
‫الفطرة السليمة التي خلقوا عليها‪ ،‬والتي لم يطرأ عليها ما يغيِّرها‪.‬‬
‫وأما المعرفة التي يتفاضل الناس فيها‪ ،‬فهي ما زاد عن المعرفة العامة‪ ،‬فهذه مما‬
‫محصل ألعلى كماالتها وبين حائز ألدنى درجاتها‪.‬‬ ‫يتفاوت الناس فيها تفاوتاً عظيماً؛ فبين ِّ‬
‫ن‬
‫وبين هذين الطرفين درجات ومقامات ال يعلمها ويحصيها إال الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬أن العلم والتصديق نفسه‪ ،‬يكون بعضه أقوى من‬
‫بعض‪ ،‬وأثبت وأبعد عن الشك والريب‪ ،‬وهذا أمر يشهده كل أحد من نفسه؛ كما أن‬
‫الحس الظاهر بالشيء الواحد‪ ،‬مثل رؤية الناس للهالل‪ ،‬وإن اشتركوا فيها فبعضهم تكون‬
‫رؤيته أتم من بعض‪ ،‬وكذلك سماع الصوت الواحد‪ ،‬وشم الرائحة الواحدة‪ ،‬وذوق النوع‬
‫ــــــــــ‬
‫قال اإلمام أحمد‪(( :‬كان بدء اإليمان ناقصاً فجعل يزيد حتى كمل))‪ ،‬ولهذا ال يجب في أول األمر ما وجب‬ ‫=‬
‫بعد نزول القرآن كله‪ ،‬وال يجب على كل عبد من اإليمان المفصل مما أخبر به الرسول ما يجب على من بلغ‬
‫غيره؛ فمن عرف القرآن والسنن ومعانيها لزمه من اإليمان المفصل بذلك ما ال يلزم غيره‪ ،‬ولو آمن الرجل بالله‬
‫وبالرسول باطناً وظاهراً ثم مات قبل أن يعرف شرائع الدين مات مؤمناً بما وجب عليه من اإليمان‪ ،‬وليس ما‬
‫وجب عليه وال ما وقع عنه مثل إيمان من عرف الشرائع فآمن بها وعمل بها‪ ،‬بل إيمان هذا أكمل وجوباً ووقوعاً؛‬
‫فإن ما وجب عليه من اإليمان أكمل‪ ،‬وما وقع منه أكمل‪.‬‬
‫ويدل لذلك قصة ذاك الرجل الذي قال لبنيه‪« :‬إذا مت فاسحقوني ثم أذروني في اليم‪ ،‬فوالله لئن قدر الله علي‬
‫ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين»؛ فإن اإليمان بقدرة الله على كل شيء ومعاد األبدان من أصول‬
‫اإليمان‪ ،‬ومع هذا فهذا لما كان مؤمناً بالله وأمره ونهيه وكان إيمانه بالقدرة‪ ،‬والمعاد مجمالً فظن أن تحريقه يمنع‬
‫ذلك فعل ذلك ومع ذلك غفر الله له‪ ،‬ومعلوم أنه لو كان قد بلغه من العلم أن الله يعيده وإن ُح ِّرق كما بلغه أنه‬
‫يعيد األبدان لكان كافراً‪.‬‬
‫ذات أنواط كذات أنواط المشركين‬
‫وأيضاً قصة أصحاب ذات أنواط حيث طلبوا من النبي ‪ ‬أن يجعل لهم َ‬
‫ومع ذلك لم يطالبهم النبي ‪ ‬بتجديد إسالمهم‪ ،‬ألنه لم يبلغهم أن ذلك شرك مناقض للتوحيد‪.‬‬
‫انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)652 ،848/7‬وبغية المرتاد (ص‪)112 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الواحد من الطعام‪ ،‬فكذلك معرفة القلب وتصديقه يتفاضل أعظم من ذلك من وجوه‬
‫متعددة! والمعاني التي يؤمن بها من معاني أسماء الرب وكالمه‪ ،‬يتفاضل الناس في معرفتها‪،‬‬
‫أعظم من تفاضلهم في معرفة غيرها))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫وقال في موضع آخر‪(( :‬فإن ألوهية الله متفاوتة في قلوبهم على درجات عظيمة‬
‫تزيد وتنقص‪ ،‬ويتفاوتون فيها تفاوتاً ال ينضبط طرفاه‪ ،‬حتى قد ثبت في الصحيح عن النبي‬
‫‪ ‬في حق شخصين‪« :‬هذا خير من ملء األرض(‪ )2‬مثل هذا»(‪ )3‬فصار واحد من اآلدميين‬
‫خيراً من ملء األرض من بنى جنسه؛ وهذا تباين عظيم ال يحصل مثله في سائر‬
‫الحيوان))(‪.)4‬‬
‫وهذا التقرير في زيادة المعرفة وتفاضلها سبقه إليه اإلمام المروزي ـ رحمه الله ـ حيث‬
‫يقول‪(( :‬أن اإليمان يوجب اإلجالل لله والتعظيم له والخوف منه والتسارع إليه بالطاعة‪،‬‬
‫على قدر ما وجب في القلب في عظيم المعرفة وقدر المعروف))(‪.)5‬‬
‫فإذا تقرر هذا‪ ،‬فإن مما يدل على وقوع هذا التفاضل وجوه؛ منها‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن اإليمان بالله تعالى كما هو معتقد أهل السنة والجماعة يزيد وينقص‬
‫باعتبار أفراده وأجزائه‪ ،‬فزيادة اإليمان دليل على زيادة في بعض تلك األفراد‪ .‬والمعرفة ـ كما ـ‬
‫تقدم من أفراد اإليمان‪ ،‬فدل على أنها مما تقبل الزيادة والنقصان؛ فيحصل للناس التفاضل‬
‫فيها بحسب تلك الزيادة والنقصان‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن العلم بالشهادة ـ كما تقدم ـ منه ما هو مجمل‪ ،‬ومنه ما هو مفصل؛ فالعلم‬
‫المفصل أعلى وأتم من العلم المجمل‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله‪ ...(( :‬نفس المعرفة تختلف باإلجمال والتفصيل‪،‬‬
‫والقوة والضعف‪ ،‬ودوام الحضور‪ ،‬ومع الغفلة‪ ،‬فليست المفصلة المستحضرة الثابتة التي‬
‫يثبِّت الله صاحبها بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة‪ ،‬كالمجملة التي غفل عنها‪،‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)211/0‬‬
‫(‪ )2‬في مجموع الفتاوى زيادة كلمة (من) وهي ليست في الحديث كما في البخاري‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب النكاح‪ ،‬باب األكفاء في الدين (جـ‪ )560/5‬ح (‪.)6095‬‬
‫(‪ )4‬نفس المصدر (‪ 181/2‬ـ ‪.)185‬‬
‫(‪ )5‬تعظيم قدر الصالة (‪.)775/8‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وإذا حصل له ما يريبه فيها وذكرها في قلبه ثم رغب إلى الله في كشف الريب))(‪.)1‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن من مراتب العلم بالشهادة اليقين‪ ،‬وهو ـ كما سيأتي ـ العلم التام الذي‬
‫ينتفي معه الريب والشك‪.‬‬
‫نفسه مراتب ودرجات بعضها أعلى من بعض؛ فمرتبة حق اليقين‬ ‫كما أن اليقين َ‬
‫أعلى من مرتبة عين اليقين‪ ،‬ومرتبة عين اليقين أعلى من مرتبة علم اليقين(‪.)2‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن الناس يتفاوتون في العلم والمعرفة التي في قلوبهم بحسب الطريق التي‬
‫يحصل العلم بها؛ فعلم المشاهدة أقوى من علم اإلخبار‪ ،‬ولذا جاء في الحديث‪« :‬ليس‬
‫المخبر كالمعاين»(‪)3‬؛ ((فإن موسى لما أخبره ربه أن قومه عبدوا العجل‪ ،‬لم يلق األلواح‪.‬‬
‫فلما رآهم قد عبدوه ألقاها؛ وليس ذلك لشك موسى في خبر الله‪ ،‬لكن المخبر وإن جزم‬
‫بصدق المخبر‪ ،‬فقد ال يتصور المخبر به في نفسه‪ ،‬كما يتصوره إذا عاينه‪ ،‬بل يكون قلبه‬
‫مشغوالً عن تصور المخبر به‪ ،‬وإن كان مصدقاً به؛ ومعلوم أنه عند المعاينة‪ ،‬يحصل له من‬
‫تصور المخبر به ما لم يكن عند الخبر‪ ،‬فهذا التصديق أكمل من ذلك التصديق))(‪.)4‬‬
‫ولذا كان أصحاب النبي ‪ ‬أكمل إيماناً ممن جاء بعدهم‪ ،‬وذلك لِّ َما شاهدوا‬
‫وعاينوا من اآليات الدالة على صدق نبوة النبي ‪ .‬والعلم التام بصدق النبوة ينعكس طرداً‬
‫على قوة العلم والمعرفة التي في قلوبهم بما جاء به النبي ‪ ‬من التوحيد واإليمان‪.‬‬
‫ولذا قال النبي ‪ ‬في بيان فضلهم‪« :‬لو أنفق أحدكم مثل جبل أُ ِّحد ذهباً ما بلغ‬
‫مد صحابي وال نصي َفه»(‪ )5‬الحديث‪.‬‬
‫وما ذاك إال لقوة إخالصهم ويقينهم ورسوخ العلم بالتوحيد في قلوبهم‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 158/0‬ـ ‪ .)151‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)212/0‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 615/35‬ـ ‪.)616‬‬
‫محمد بن‬
‫ُ‬ ‫(‪ )3‬أخرجه الطبراني في األوسط (‪ ،)351/0‬وقال‪ :‬لم يرو هذا الحديث عن حكيم بن حكيم إال‬
‫حفص بن عبد الرحمن‪ ،‬تفرد به‪ :‬إسحاق بن الخشك‪ .‬والحديث حكم األلباني بأنه‬
‫ُ‬ ‫إسحاق‪ ،‬وال عن محمد إال‬
‫صحيح كما في صحيح الجامع (‪.)5101‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪ 211/0‬ـ ‪.)215‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب قول النبي ‪« ‬لو كنت متخذاً خليالً» (جـ‪ )216/1‬ح‬
‫(‪ ،)1601‬ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم (‪ )3160/1‬ح (‪.)2515‬‬
‫‪732‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الوجه الخامس‪ :‬أن علم األنبياء والمالئكة بالله تعالى وتوحيده ـ على اختالف مراتبهم فيه ـ‬
‫أكمل من علم غيرهم بال نزاع أو شك‪.‬‬
‫ويشهد لذلك‪ :‬ما قاله النبي ‪ ‬في حق نفسه مقارنة بأصحابه‪« :‬إن أتقاكم‬
‫وأعلمكم بالله أنا»(‪.)1‬‬
‫فهذا الحديث ظاهر في أن العلم بالله درجات‪ ،‬وأن بعض الناس فيه أفضل من‬
‫بعض‪ ،‬وأن النبي ‪ ‬منه في أعلى الدرجات(‪.)2‬‬
‫يد العلم‪ ،‬فقال‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ‬ ‫الوجه السادس‪ :‬أن الله ـ سبحانه ـ أمر نبيه أن يسأله مز َ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ (‪[ )3‬طـه‪ .]331:‬وهذا عام في‬
‫كل علم‪ ،‬ويدخل فيه دخوالً أولوياً العلم بشهادة أن ال إله إال الله‪ .‬فدل ذلك على أن العلم‬
‫بها مما يقبل الزيادة ويحصل فيه التفاضل‪ ،‬وإال كان يأمر بما ال يقبله‪ ،‬وهذا عبث ال يليق‬
‫بجالل الله تعالى؛ فالله منـزه عنه‪.‬‬
‫الوجه السابع‪ :‬أنا نرى في الشاهد أن الناس يتفاضلون في معرفة المالئكة وصفاتهم‬
‫والتصديق بهم‪ ،‬ويتفاضلون في معرفة روح اإلنسان وصفاتها والتصديق بها‪ ،‬وفي معرفة الجن‬
‫وصفاتهم وفي التصديق بهم‪ ،‬وفي معرفة ما في اآلخرة من النعيم والعذاب وفي التصديق‬
‫بذلك؛ فتفاضلهم في المعرفة بالله ‪ ‬من باب أولى أن يكون أعظم وأعظم من ذلك(‪.)4‬‬
‫الوجه الثامن‪ :‬أن الله تعالى قد قرن شهادته على نفسه بالتوحيد بشهادة أُنولي العلم على‬
‫ذلك كما في قوله تعالى‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ [آل عمران‪ .]38:‬وما ذاك إال ألن شهادتهم أتم وأكمل من‬
‫شهادة غيرهم‪.‬‬
‫الوجه التاسع‪ :‬أن الله تعالى قد قال في شأن أهل العلم‪ :‬ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ‬
‫ﰈ ﰈ ﰈ [المجادلة‪ .]33 :‬أي في الجنة‪ ،‬وذلك لكمال علمهم بالله تعالى وتوحيده‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب قول النبي ‪« ‬أنا أعلمكم بالله» وأن المعرفة فعل القلب (جـ‪)32/3‬‬
‫ح (‪.)25‬‬
‫(‪ )2‬فتح الباري (‪.)70/5‬‬
‫(‪ )3‬مفتاح دار السعادة (‪.)221/3‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)561/0‬‬
‫‪737‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه اآلية ـ‪(( :‬يرفع أهل‬
‫العلم واإليمان درجات‪ ،‬بحسب ما خصهم به‪ ،‬من العلم واإليمان))(‪.)1‬‬
‫الوجه العاشر‪ :‬أن الله تعالى قد فرق في اإليمان بين الجاهل الذي ال يعلم والعالم الذي‬
‫يعلم كما في قوله تعالى‪ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [الرعد‪ ،]36:‬وقوله‪ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ [الزمر‪ .]1 :‬وما ذاك إال لكمال علمهم به وبتوحيده‪.‬‬
‫الوجه الحادي عشر‪ :‬يقول شيخ اإلسالم‪(( :‬فالعلم الذي يعمل به صاحبه‪ ،‬أكمل من العلم‬
‫الذي ال يُعمل به‪ ،‬وإذا كان شخصان يعلمان أن الله حق‪ ،‬ورسوله حق‪ ،‬والجنة حق‪ ،‬والنار‬
‫حق‪ ،‬وهذا علمه أوجب له محبة الله‪ ،‬وخشيته‪ ،‬والرغبة في الجنة‪ ،‬والهرب من النار واآلخر‬
‫علمه لم يوجب ذلك فعلم األول أكمل؛ فإن قوة المسبب دل على قوة السبب‪ ،‬وهذه‬
‫األمور نشأت عن العلم‪ ،‬فالعلم بالمحبوب يستلزم طلبه‪ ،‬والعلم بالمخوف‪ ،‬يستلزم الهرب‬
‫(‪)2‬‬
‫منه‪ ،‬فإذا لم يحصل الالزم‪ ،‬دل على ضعف الملزوم) ‪.‬‬
‫الوجه الثاني عشر‪ :‬أن التفاضل في العلم يحصل أيضاً من جهة أسبابه؛ فالعلم الذي يكون‬
‫بكثرة األدلة وقوتها‪ ،‬وبفساد الشبه المعارضة له أكمل من العلم الحاصل عن دليل واحد من‬
‫غير أن يعلم الشبه المعارضة له؛ فإن الشيء كلما قويت أسبابه وتعددت وانقطعت موانعه‬
‫واضمحلت كان أوجب لكماله وقوته وتمامه(‪.)3‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم‪(( :‬فمن كان مستند تصديقه ومحبته أدلة توجب اليقين وتبين‬
‫فساد الشبهة العارضة لم يكن بمنـزلة من كان تصديقه ألسباب دون ذلك))(‪.)4‬‬
‫الوجه الثالث عشر‪ :‬ما جاء عن النبي ‪ ‬من قوله فيما يرويه عن ربه ‪« :‬أخرجوا من‬
‫النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»(‪.)5‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم الرحمن (ص‪.)816 :‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)211/0‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)566/0‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)656/7‬‬
‫(‪ )5‬سبق تخريجه في (ص‪.)113 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫فقد دل الحديث على أن اإليمان يتفاضل فيكون بعضه أكمل من بعض؛ فلما‬
‫كانت المعرفة من اإليمان فهي مما يشملها هذا التفاضل أيضاً‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والذي مضى عليه سلف األمة وأئمتها أن نفس‬
‫اإليمان الذي في القلوب يتفاضل كما قال النبي ‪ ‬حكاية عن ربه‪« :‬أخرجوا من النار من‬
‫كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»))(‪.)1‬‬
‫ومن الجدير بالذكر هنا أنه قد ورد عن اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ في تفاضل الناس في‬
‫المعرفة روايتان؛ رواية يذهب فيها إلى التفاضل(‪ ،)2‬وأخرى يذهب فيها إلى عدمه(‪.)3‬‬
‫والسؤال الطبعي الذي قد يرد هنا‪ :‬هل إنكاره لعدم التفاضل في احدي الروايتين‬
‫عنه‪ ،‬هو إنكار حقيقي أو أن له وجهاً يُمكن أن يحمل عليه كالمه في اإلنكار؟‬
‫قد أجاب عن ذلك القاضي أبو يعلي الفراء ـ رحمه الله ـ قائالً‪(( :‬وعندي أن المسألة‬
‫ليست على روايتين‪ ،‬وإنما هي على اختالف حالين‪ ،‬فالموضع الذي قال‪ :‬ال تزيد وال تنقص‬
‫يعني به نفس المعرفة‪ ،‬ألن المعرفة‪ :‬هي معرفة المعلوم على ما هو به‪ ،‬وذلك ال يختلف بحال‬
‫((‪ .)4())...‬والموضع الذي قال‪ :‬تزيد وتنقص يعني بالزيادة في معرفة األدلة‪ ،‬وذلك قد يزيد‬
‫وينقص‪ ،‬فمنهم من يعرف الشيء من جهة واحدة‪ ،‬ومنهم من يعرفه من جهات كثيرة))(‪.)5‬‬
‫قلت‪ :‬وقد ذكر شيخنا الدكتور عبد الرزاق البدر ـ حفظه الله ـ كالماً قريباً مما ذكره‬
‫أبو يعلى الفراء في الجمع بين الروايتين يتضح به المقصود‪ ،‬وهو قوله‪(( :‬قلت‪ :‬وال تعارض‬
‫عندي بين هاتين الروايتين عن اإلمام‪ ،‬فهو ـ رحمه الله ـ جزم في الرواية األولى باإلثبات‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)101/6‬‬
‫(‪ )2‬وهذه الرواية أخرجها الخالل في السنة (جـ‪ )585/1‬بإسناد صحيح‪ ،‬ولفظه‪(( :‬أخبرنا أبو بكر المروزي قال‪ :‬قلت‬
‫ألبي عبد الله في معرفة الله عز وجل في القلب يُتفاضل فيه؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قلت‪ :‬ويزيد؟‪ .‬قال‪ :‬نعم))‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهذه الرواية أخرجها أيضاً الخالل في السنة (جـ‪ )583/1‬ولفظه‪(( :‬أخبرنا أبو بكر محمد بن علي أن يعقوب‬
‫بن بختان حدثهم قال‪ :‬سألت أبا عبد الله عن المعرفة والقول‪ ،‬تزيد وتنقص؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قد جئنا بالقول والمعرفة‪،‬‬
‫وبقي العمل))‪ .‬وانظر‪ :‬درء التعارض (‪ ،)153/0‬ومجموع الفتاوى (‪.)158/0‬‬
‫(‪ )4‬كالم بمقدار نصف سطر غير واضح في المخطوط‪.‬‬
‫(‪ )5‬الروايتين والوجهين ألبي يعلى الفراء (‪/253‬ق) الوجه (ب)‪ .‬وقد طُبع منه الجزء المتعلق بالمسائل الفقهية‪ ،‬في‬
‫ثالث مجلدات بتحقيق عبد الكريم بن محمد الالحم‪ ،‬طبع‪ :‬دار المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )3135‬هـ‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بالمعرفة والقول‪ ،‬وهذا مما ال يجوز لمسلم أن يرتاب فيه‪ ،‬إذ إن من شك في إتيانه بالمعرفة‬
‫والقول يكفر‪ ،‬لكن المعرفة تختلف من شخص آلخر قوة وضعفاً بحسب قوة األدلة وكثرة‬
‫النظر‪ ،‬وهذا ما بينه ـ رحمه الله ـ في الرواية الثانية‪ ،‬حيث بين أن الناس يتفاضلون في المعرفة‬
‫وأنها تزيد‪ ،‬وهذا ال يتنافى مع الجزم باإلتيان بالمعرفة‪ ،‬ألن القدر الواجب من المعرفة يجزم‬
‫به المسلم‪ ،‬وال يمكنه أن يجزم بأنه بلغ أعلى درجات المعرفة‪ ،‬ألن المعرفة درجات الناس‬
‫متفاضلون فيها‪ ،‬والله أعلم))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وما تقدم ذكره في التوفيق بين الروايتين هو المتعيِّن‪ ،‬وذلك ألن اإلمام أحمد ـ‬
‫رحمه الله ـ أراد في رواية اإلنكار أصل المعرفة(‪ ،)2‬وأن الناس ال يتفاضلون فيها‪ ،‬ولذا ال يجوز‬
‫االستثناء فيها‪ ،‬ألن ذلك شك في اإليمان وهو كفر‪ ،‬وأما رواية اإلثبات فإنه قد أراد بها كمال‬
‫المعرفة‪ ،‬وهي ما زاد عن األصل‪ ،‬فهذه مما يتفاضل الناس فيها‪.‬‬
‫ومما يبين ذلك أنه في رواية النفي ُسئل عن الزيادة والنقصان‪ ،‬ففهم من السائل أنه‬
‫أراد أصل المعرفة‪ ،‬وهل يجوز أن يقع فيها االستثناء‪ ،‬فنفى‪.‬‬
‫وأما في رواية اإلثبات ُسئل عن الزيادة فقط‪ ،‬ففهم من السائل أنه أراد الكمال؛‬
‫فأثبت التفاضل‪.‬‬
‫َ‬
‫ومما يدل على أنه قصد االستثناء في رواية النفي أنه قال‪(( :‬قد جئنا بالمعرفة‬
‫والقول)) أي‪ :‬الالزمان على وجه الجزم واإليقان فال نستثني‪(( ،‬وبقي العمل)) أي‪ :‬فنستثني‬
‫فيه‪ ،‬ألنه ال حد ألكثره؛ فال يجزم به المسلم‪.‬‬
‫ومن المسائل المتعلِّقة بتفاضل المعرفة أيضاً‪ :‬هل يلزم من زيادة اإليمان زيادة‬
‫المعرفة التي في القلوب بالشهادة؟‬
‫وهذه المسألة تنبني على مسألة معروفة‪ ،‬وهي هل يلزم من الزيادة في الجنس الزيادة‬
‫في كل النوع؟‬
‫والجواب عن ذلك‪ :‬أن األجناس في ذلك على نوعين‪ .‬منها‪ :‬ما تكون أنواعه متميزة؛‬
‫ِّ‬
‫المتفرقات‪ ،‬فهذه ال يلزم من زيادة الجنس فيها زيادة كل النوع‪ .‬ومنها‪ :‬ما تكون‬ ‫كأجناس‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬زيادة اإليمان ونقصانه وحكم االستثناء فيه (‪.)362‬‬
‫(‪ )2‬تقدم أنها المعرفة اإلجمالية العامة والتي تكون فطرية‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أنواعه غير متميزة؛ كأجناس المركبات‪ ،‬فهذه قد يلزم من زيادة الجنس فيها الزيادة في كل النوع‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬كجنس اإلنسان فهو يتكون من نوع الذكورة‪ ،‬ونوع اإلناث‪ ،‬فال يلزم من زيادة جنس‬
‫اإلنسان بسبب زيادة نوع الذكور ـ مثالً ـ الزيادة في نوع اإلناث‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬كجنس اإليمان فإنه قد يلزم من زيادته الزيادة في شعبه وأفراده‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬أن شعب اإليمان قد تتالزم عند القوة‪ ،‬وال‬
‫تتالزم عند الضعف‪ ،‬فإذا قوي ما في القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله‪،‬‬
‫[ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫أوجب بغض أعداء الله‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫(‪)2‬‬
‫](‪[ )) )1‬المائدة‪.]83 :‬‬
‫وعلى هذا فقد يلزم من زيادة اإليمان زيادة المعرفة التي في القلب بالشهادة‪.‬‬
‫[محمد‪ ]30:‬مما‬ ‫قلت‪ :‬ولعل قوله تعالى‪ :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫يشهد لذلك‪.‬‬
‫يقول العالمة السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه اآلية‪ (( :‬ﯱ ﯲ باإليمان‬
‫واالنقياد‪ ،‬واتباع ما يرضي الله ﯳ ﯴ شكراً منه تعالى لهم على ذلك‪ ،‬ﯵ ﯶ‬
‫أي‪ :‬وفقهم للخير‪ ،‬وحفظهم من الشر‪ ،‬فذكر للمهتدين جزاءين‪ :‬العلم النافع‪ ،‬والعمل‬
‫الصالح))(‪ .)3‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األسباب المقتضية لهذا التفاضل‪.‬‬
‫وجوه إثبات وقوع تفاضل الناس في العلم والمعرفة التي في قلوبهم‬ ‫بعد أن ذكرنا َ‬
‫بالشهادة لزم أن نذكر األسباب المقتضية لهذا التفاضل‪ ،‬وذلك ألن تلك األسباب مما‬
‫ستدل بها أيضاً على وقوع هذا التفاضل‪.‬‬ ‫يُ َ‬
‫المسبب دليل على قوة سببه‪ ،‬وقوة السبب يترتب عليها قوة‬ ‫ووجه ذلك‪ :‬أن قوة ُ‬
‫المسبب؛ فكلما قوي السبب أو تعدد قوي المسبب(‪.)4‬‬ ‫ُ‬
‫إذا تقرر هذا‪ ،‬فهناك أسباب كثيرة بسطها أهل العلم تزيد في قوة العلم الذي في‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬تمام اآلية ليس في المصدر المنقول عنه‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪.)152 :‬‬
‫(‪ )3‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان (ص‪.)080 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الوجه الحادي عشر من أوجه وقوع التفاضل‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫القلوب بالشهادة وتكميله‪.‬‬


‫وفيما يلي سأستعرض بعض هذه األسباب على وجه من اإليجاز‪ ،‬ألنني مهما‬
‫ذكرت منها فلن أُحي َط بجميعِّها‪ ،‬ألن أحوال القلوب وتقلباتها مما ال يحيط بجميع أسبابها‬
‫إال مقلِّبها ِّ‬
‫ومصرفها ـ سبحانه وتعالى ـ‪.‬‬
‫كما أن الناس في كمال المعرفة التي في قلوبهم بمعنى الشهادة درجات ال يحصيها‬
‫إال الله ‪ ،‬وكل درجة من هذه الدرجات يكون لها أسباب ال يعلمها إال هو ـ سبحانه‬
‫وتعالى ـ‪.‬‬
‫ومن هذه األسباب المقتضية للتفاضل في العلم بالشهادة ما ذكره العالمة السعدي ـ‬
‫ﰈ ﰈ ﰈ [محمد‪:‬‬ ‫رحمه الله ـ عند تفسيره لقوله تعالى‪ :‬ﰈ ﰈ ﰈ‬
‫‪ .]31‬حيث قال‪(( :‬العلم البد فيه من إقرار القلب ومعرفته‪ ،‬بمعنى ما طلب منه علمه‪ ،‬وتمامه‬
‫أن يعمل بمقتضاه‪ .‬وهذا العلم‪ ،‬الذي أمر الله به ـ وهو العلم بتوحيد الله ـ فرض عين على كل‬
‫مضطر إلى ذلك‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫إنسان‪ ،‬ال يسقط عن أحد‪ ،‬كائناً من كان‪ ،‬بل كلٌّ‬
‫والطريق إلى العلم بأنه ال إله إال الله‪ ،‬أمور‪:‬‬
‫أحـدهــا بل أعظمهما‪ :‬تدبر أسمائه وصفاته‪ ،‬وأفعاله الدالة على كماله‪ ،‬وعظمته‪،‬‬
‫وجاللته‪ ،‬فإنها توجب بذل الجهد في التأله له‪ ،‬والتعبد للرب الكامل‪ ،‬الذي له كل حمد‬
‫ومجد‪ ،‬وجالل وجمال‪.‬‬
‫الـثـانـي‪ :‬العلم بأنه تعالى هو المنفرد بالخلق والتدبير‪ ،‬فيعلم بذلك أنه المنفرد‬
‫باأللوهية‪.‬‬
‫الـثـالث‪ :‬العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة‪ ،‬الدينية والدنيوية‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يوجب تعلق القلب به ومحبته‪ ،‬والتأله له وحده ال شريك له‪.‬‬
‫الـرابــع‪ :‬ما نراه ونسمعه‪ ،‬من الثواب ألوليائه القائمين بتوحيده‪ ،‬من النصر‪ ،‬والنعم‬
‫العاجلة‪ ،‬ومن عقوبته ألعدائه المشركين به‪ ،‬فإن هذا داع إلى العلم‪ ،‬بأنه تعالى وحده‬
‫المستحق للعبادة كلها‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬معرفة أوصاف األوثان واألنداد التي عبدت مع الله‪ ،‬واتخذت آلهة‪ ،‬وأنها‬
‫ناقصة من جميع الوجوه‪ ،‬فقيرة بالذات‪ ،‬ال تملك لنفسها وال لعابديها نفعاً وال ضراً‪ ،‬وال موتاً‪،‬‬
‫وال حيا ًة‪ ،‬وال نشوراً‪ ،‬وال ينصرون من عبدهم‪ ،‬وال ينفعونهم بمثـقال ذرة‪ ،‬من جلب خير‪ ،‬أو‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫دفع شر‪ ،‬فإن العلم بذلك يوجب العلم بأنه ال إله إال هو وبطالن إلهية ما سواه‪.‬‬
‫الـسـادس‪ :‬اتفاق كتب الله على ذلك‪ ،‬وتواطؤها عليه‪.‬‬
‫الـسـابـع‪ :‬أن خواص الخلق‪ ،‬الذين هم أكمل الخليقة أخالقاً وعقوالً‪ ،‬ورأياً‪ ،‬وصواباً‪،‬‬
‫وعلماً ـ وهم الرسل واألنبياء والعلماء الربانيون ـ قد شهدوا لله بذلك‪.‬‬
‫الـثـامـن‪ :‬ما أقامه الله من األدلة األفقية والنفسية‪ ،‬التي تدل على التوحيد أعظم‬
‫داللة‪ ،‬وتنادي عليه بلسان حالها‪ ،‬بما أودعها من لطائف صنعته‪ ،‬وبديع حكمته‪ ،‬وغرائب‬
‫خلقه‪.‬‬
‫فهذه الطرق‪ ،‬التي أكثر الله من دعوة الخلق بها إلى أنه ال إله إال الله‪ ،‬وأبداها في‬
‫كتابه وأعادها‪ :‬عند تأمل العبد في بعضها البد أن يكون عنده يقين‪ ،‬وعلم بذلك‪ ،‬فكيف‬
‫إذا اجتمعت وتواطأت واتفقت‪ ،‬وقامت أدلة للتوحيد من كل جانب‪ .‬فهناك يرسخ اإليمان‬
‫والعلم بذلك في قلب العبد‪ ،‬بحيث يكون كالجبال الرواسي‪ ،‬ال تزلزله الشبه والخياالت‪ ،‬وال‬
‫يزداد ـ على تكرر الباطل والشبه ـ إال نمواً وكماالً‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإن نظرت إلى الدليل العظيم‪ ،‬واألمر الكبير ـ وهو تدبر هذا القرآن العظيم‪،‬‬
‫والتأمل في آياته ـ فإنه الباب األعظم إلى العلم بالتوحيد ويحصل به من تفاصيله وجمله ما‬
‫ال يحصل في غيره))(‪ .)1‬انتهى كالمه ـ رحمه الله‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومن األسباب المقتضية للتفاضل في العلم بالشهادة أيضاً‪ :‬العمل بمقتضى‬
‫الشهادة؛ فكلما ازداد اإلنسان عمالً بمقتضى العلم بالشهادة ازداد علماً وبصيرة ومعرفة‬
‫بالتوحيد الذي هو معنى الشهادة‪ .‬ومصداق ذلك عموم قوله تعالى‪ :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ [محمد‪.]30 :‬‬
‫يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬العلم البد فيه من إقرار القلب‬
‫ومعرفته‪ ،‬بمعنى ما طلب منه علمه؛ وتمامه أن يعمل بمقتضاه))(‪.)2‬‬
‫ومن األسباب أيضاً‪ :‬اإلكثار من ذكر الله تعالى بلفظ الشهادة مع استحضار معناها‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسير ابن سعدي (ص‪.)080:‬‬
‫(‪ )2‬المصدر نفسه (ص‪ .)080 :‬وانظر‪ :‬الوجه التاسع من أوجه وقوع التفاضل‪ ،‬وكتاب العلم للشيخ ابن عثيمين‬
‫(ص‪.)361 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫في القلب‪ ،‬ألن الذكر مع االستحضار القلبي من ِّ‬


‫مكمالت العلم واليقين(‪.)1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أثر الزيادة في المعرفة التي بالقلب بالشهادة في تكميل الشهادة‪.‬‬
‫المعرفة التي في القلوب بشهادة التوحيد كلما قويت ورسخت أثمرت من زيادة‬
‫الذلة والخضوع لله ما يوجب كمال التعلق به‪،‬‬ ‫المحبة لله تعالى‪ ،‬والخشية له‪ ،‬وكمال ِّ‬
‫َ‬
‫والتفاني في إخالص العبادة له وحده ال شريك له‪ ،‬فتنتفي بذلك جميع األغيار من القلب‪،‬‬
‫فتكون حياة العبد كلها لله ومماته لله ونسكه وصالته كما قال تعالى آمراً نبيه ‪ ‬وصفيه‬
‫من خلقه اإلعالن بذلك في قوله‪ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ [األنعام‪ 362:‬ـ ‪ .]361‬وهذا هو تحقيق التوحيد الذي قال النبي ‪‬‬
‫في شأن أهله‪ :‬أنهم «يدخلون الجنة بال حساب وال عذاب»(‪)2‬؛ وذلك ألن تحقيق العبد‬
‫لهذا التوحيد يكون سبباً إلحراق جميع الذنوب التي اقترفها العبد؛ فال يترك له ذنباً إال‬
‫فيلق الله تعالى وقد‬
‫أحرقه ومحا أثره حتى يمشي العبد على األرض وليس عليه خطيئة‪َ ،‬‬
‫طُهر من جميع ذنوبه فيُدخله الله الجنة بغير حساب وال عذاب‪.‬‬
‫اإلكسير األعظم(‪ )3‬الذي ال يغادر‬
‫َ‬ ‫وهذا التوحيد هو الذي أطلق عليه بعض العلماء‬
‫ذنباً صغيراً أو كبيراً إال محا أثره وقلبه حسنات‪.‬‬
‫يقول ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإن كمل توحيد العبد وإخالصه لله تعالى فيه‪ ،‬وقام‬
‫أوجب ذلك مغفرَة ما سلف‬‫عند الموت‪َ ،‬‬ ‫بشروطه كلِّها بقلبه ولسانه وجوارحه‪ ،‬أو بقلبه ولسانه َ‬
‫من الذنوب كلِّها‪ ،‬ومنعه من دخول النار بالكلية‪.‬‬
‫فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبُه‪ ،‬أخرجت منه كل ما سوى الله محبةً وتعظيماً وإجالالً‬
‫مثل زبد البحر‪ ،‬وربما‬
‫حرق ذنوبُه وخطاياه كلها ولو كانت َ‬ ‫ومهابةً‪ ،‬وخشية‪ ،‬ورجاءً وتوكالً‪ .‬وحينئذ تُ َ‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)216/0‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الطب‪ ،‬باب من لم يرق (جـ‪ )11/0‬ح (‪ ،)5052‬ومسلم في كتاب اإليمان‬
‫(‪ )311/3‬ح (‪ .)225‬وانظر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (باب من حقق التوحيد التوحيد دخل الجنة بغير حساب)‬
‫(ص‪ 06 :‬ـ ‪.)81‬‬
‫(‪ )3‬اإلكسير األعظم مادة كيماوية شديدة التفاعل إذا وضع منها شيء يسير في قناطير من نحاس تقلبها ذهباً‪.‬‬
‫والمراد هنا مطلق التشبيه بين هذه المادة والتوحيد التام الكامل في ال َق نل ِّ‬
‫ب في التغيير‪ .‬انظر‪ :‬مدارج السالكين‬
‫(‪.)448/5‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫اإلكسير األعظم؛‬
‫ُ‬ ‫قلبتها حسنات‪ ،‬كما سبق ذكره في تبديل السيئات حسنات‪ ،‬فإن هذا التوحيد هو‬
‫فلو وضع ذرة منه على جبال الذنوب والخطايا‪ ،‬لقلبها حسنات‪ ،‬كما في «المسند» وغيره‪ ،‬عن أم‬
‫هانيء‪ ،‬عن النبي ‪ ،‬قال‪« :‬ال إله إال الله ال تترك ذنباً وال يسبقها عمل»(‪.)2()))1‬‬
‫ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإن المعرفة الصحيحة تقطع من القلب العالئق‬
‫كلها‪ ،‬وتعلقه بمعروفه‪ ،‬فال يبقى فيه عالقة بغيره‪ ،‬وال تمر به العالئق إال وهي مجتازة‪ ،‬ال‬
‫تمر مرور استيطان‪.‬‬
‫وقال أحمد بن عاصم(‪ :)3‬من كان بالله أعرف كان منه أخوف‪ .‬ويدل على هذا‬
‫[فاطر‪ ]28 :‬وقول النبي ‪« ‬أنا أعرفكم بالله‬ ‫قوله تعالى‪ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ‬
‫(‪)5()))4‬‬
‫وأشدكم له خشية»‬
‫ونَـ َق َل عن بعض العارفين قوله‪(( :‬فمن عرف الله أحبه على قدر معرفته به‪ ،‬وخافه‬
‫ورجاه‪ ،‬وتوكل عليه‪ ،‬وأناب إليه‪ ،‬ولهج بذكره‪ ،‬واشتاق إلى لقائه‪ ،‬واستحيا منه‪ ،‬وأَ َجله‬
‫وعظمه على قدر معرفته به))(‪ )6‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وليس بأدل من قوله تعالى‪ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ [فاطر‪]82 :‬؛‬
‫فمن كان ت معرفته بالله أقوى كان لربه أتقى وأخشى‪ ،‬وإيمانه به أقوى‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن ماجة في كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬فضل الذكر (‪ )3218/2‬ح (‪ ،)1010‬وأحمد في المسند (‪ )125/6‬من وجه‬
‫آخر بنحوه‪ ،‬والمزي في تهذيب الكمال (‪ 322/26‬ـ ‪ )321‬قال في الزوائد (‪( :)3218/2‬وفي إسناده زكريا بن منظور‪،‬‬
‫وهو ضعيف)‪ ،‬والحديث ضعفه األلباني كما في ضعيف ابن ماجة (‪ ،)820‬وتخريج كلمة اإلخالص البن رجب (ص‪:‬‬
‫‪.)56‬‬
‫(‪ )2‬جامع العلوم والحكم (ص‪ 011 :‬ـ ‪.)011‬‬
‫(‪ )3‬قال الذهبي في ترجمته‪( :‬الزاهد الرباني الولي أبو عبد الله األنطاكي‪ ،‬صاحب مواعظ وسلوك‪ ...،‬روى عنه‬
‫نيمة باردة‪ :‬أصلح فيما بقي يغفر لك ما مضى‪ .‬وقال‪:‬‬
‫أبوزرعة الدمشقي‪ ،‬وأحمد بن أبي الحواري‪ ،‬وكان يقول‪َ :‬غ َ‬
‫إذا صارت المعاملة إلى القلب استراحت الجوارح‪ .‬لم أظفر له بتاريخ وفاة‪ ،‬ولعله بقي إلى نحو الثالثين ومئتين) انتهى‪.‬‬
‫وانظر‪ :‬ترجمته في حلية األولياء (جـ‪ 820/9‬ـ ‪.)897‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب الصيام (‪ )725/8‬ح (‪.)5550‬‬
‫(‪ )5‬مدارج السالكين (‪ .)118/1‬وكالم أحمد بن عاصم األنطاكي أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصالة‬
‫(‪ )028/2‬وصدقه اإلمام أحمد‪.‬‬
‫(‪ )6‬نفس المصدر (‪.)111/1‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ﯽ ﯾ‬ ‫[محمد‪ .]30 :‬وقال في سورة مريم‪:‬‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬


‫ﯿﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ ﰈ [مريم‪.]06 :‬‬
‫يقول ابن باز ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فكلما قوي علم العبد بالله كان ذلك سبباً لكمال تقواه‬
‫وإخالصه ووقوفه عند الحدود وحذره من المعاصي‪ .‬ولهذا قال الله سبحانه وتعالى‪ :‬ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ [فاطر‪ ]82 :‬ـ يعني‪ :‬الخشية الكاملة ـ فالعلماء بالله وبدينه‪ ،‬هم أخشى‬
‫الناس لله وأتقاهم له‪ ،‬وأقومهم بدينه‪ ،‬وعلى رأسهم الرسل واألنبياء عليهم الصالة والسالم‪،‬‬
‫ثم أتباعهم بإحسان‪ .‬ولهذا أخبر النبي ‪ ‬أن من عالمات السعادة أن يفقه العبد في دين‬
‫الله‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم‪« :‬من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» أخرجاه في‬
‫الصحيحين من حديث معاوية ‪ ،‬وما ذاك إال ألن الفقه في الدين يحفز العبد على القيام‬
‫بأمر الله‪ ،‬وخشيته وأداء فرائضه‪ ،‬والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم األخالق‪،‬‬
‫ومحاسن األعمال‪ ،‬والنصح لله ولعباده)) انتهى(‪.)1‬‬
‫كما أن هذه المعرفة تجلب للعبد النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات المضلِّلة‬
‫والشهوات المحرمة‪ ،‬فكلما قويت هذه المعرفة ازداد بصيرة بالتوحيد‪ ،‬وباألقوال المخالفة‬
‫(‪)2‬‬
‫والمناقضة له ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نصيحة موجهة إلى طلبة الجامعة اإلسالمية لسماحة الشيخ ابن باز ضمن نصائح هامة لسماحة الشيخ (ص‪:‬‬
‫‪ 52‬ـ ‪ ،)59‬نشر الجامعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )5387‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد األسماء والصفات (ص‪ 31 :‬ـ ‪.)25‬‬
‫‪732‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المبحث السادس‪ :‬ما يُضا ّد شرط العلم أو ينافيه‪.‬‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫من المباحث العقدية المتعلِّقة بشرط العلم أيضاً ما يُضاد شرط العلم أو ينافيه من‬
‫الجهل(‪ )1‬بمعنى شهادة التوحيد ال إله إال الله‪.‬‬
‫وقبل الدخول في تفاصيل هذا الجهل وأحكامه نذكر أنواع الجهل بذكر أسبابه‬
‫ومتعلقاته‪ ،‬وذلك حتى نتصور حقيقة الجهل المتعلِّق بمعنى هذه الشهادة‪ .‬ثم على ضوء‬
‫ذلك نبيِّن صور هذا الجهل وأحكامه‪.‬‬
‫فأشرع فأقول‪ :‬الجهل بمعنى شهادة التوحيد ((ال إله إال الله)) يتضمن أمرين‪:‬‬
‫نفس ِِّها ـ أي‪ :‬المشهود به ـ‪.‬‬
‫األول‪ :‬الجهل بمعنى الشهادة ِّ‬
‫والثاني‪ :‬الجهل بالمشهود له سبحانه وتعالى(‪.)2‬‬
‫الحديث عليه فيما بعد‪.‬‬
‫َ‬ ‫فأما الجهل بالمشهود به فله أحكام تخصه‪ ،‬ونرجئ‬
‫وأما الجهل بالمشهود له ـ وهو الله ‪ ‬ـ فهو يختلف نوعه باختالف سببه‪.‬‬
‫وبالنظر إلى أسباب الجهل بالله تعالى‪ ،‬فإن المتحصل منه نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬جهل سببه التعطيل العام(‪.)3‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬جهل سببه التشبيه التام‪.‬‬
‫فأما النوع األول‪ ،‬وهو الذي سببه التعطيل العام‪ ،‬فهو كذلك نوعان؛ وذلك باعتبار‬
‫تعطيل الصفات‪ .‬فاألول هو‬
‫َ‬ ‫تعطيل الذات‪ ،‬وإما أن يكون‬ ‫َ‬ ‫متعلقه؛ فمتعلقه إما أن يكون‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬الجهل نقيض العلم‪ ،‬وهو نوعان‪ :‬بسيط‪ ،‬ومركب‪ .‬فالجهل البسيط هو عدم العلم بالشيء أصالً‪ ،‬والمركب هو‬
‫وس ِّمي مركباً‪ ،‬ألنه تركب من جهلين‪ :‬جهل المدرك بما في الواقع‪،‬‬
‫اعتقاد الشيء على خالف هيئته في الواقع؛ ُ‬
‫وجهله بأنه جاهل به؛ كاعتقاد الفلسفي قدم العالم‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الحدود األنيقة (‪ 60/3‬ـ ‪ ،)68‬والمصباح المنير (ص‪.)11 :‬‬
‫(‪ )2‬الجهل بالمشهود له ليس المراد به هنا نفي العلم بالوجود‪ ،‬فهذا غير متصور؛ ألن العلم بوجود الله تعالى فطري‬
‫ضروري ال يُتصور الجهل فيه‪ .‬وإنما المراد بالجهل هنا الجهل بالحقيقة التي يجب أن يكون عليها المشهود له ـ‬
‫سبحانه وتعالى ـ من اتصافه بالصفات‪ ،‬وتميزه في الذات بمباينته لسائر الذوات‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي المحض‪.‬‬
‫‪737‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫جهل أهل الوحدة واالتحاد(‪ ،)1‬والثاني هو جهل نفاة الصفات من الجهمية الغالة‪.‬‬
‫وفي هذا النوع ومتعلقه يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والجهمية نفاة الصفات تارة‬
‫يصرحون بذلك‪ ،‬وتارة بما يستلزم الجحود والتعطيل؛‬ ‫يقولون بما يستلزم الحلول واالتحاد‪ ،‬أو ِّ‬
‫فنفاتهم ال يعبدون شيئاً‪ ،‬ومثبتيهم يعبدون كل شيء(‪ .)3()))2‬انتهى‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬ليس المراد من تعطيل الذات هنا نفي أن تكون لله ذات‪ ،‬ولكن المراد نفيهم حقيقة هذه الذات‪ .‬ألن القول‬
‫بالحلول واالتحاد يستلزم تعطيل ذات الله تعالى‪ ،‬ألن ذات الله تعالى ذات مباينة لسائر الموجودات ففي اعتقاد‬
‫أنها الوجود الكلي أو العام تعطيل لحقيقتها ونفي لماهيتها؛ فحقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى‪..‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪...(( :‬وكان منتهى أمرهم تعطيل الخالق‪ ،‬وتكذيب رسله‪ ،‬وإبطال دينه‪ .‬ودخل‬
‫في ذلك باطنية الصوفية‪ ،‬أهل الحلول واالتحاد‪ ،‬وسموه تحقيقاً ومعرفة وتوحيداً‪ .‬ومنتهى أمرهم هو إلحاد باطنية‬
‫الشيعة‪ ،‬وهو أنه ليس إال الفلك وما حواه وما وراء ذلك شيء‪ .‬وكالم ابن عربي ـ صاحب «فصوص الحكم»‪،‬‬
‫وأمثاله من االتحادية القائلين بوحدة الوجود‪ ،‬يدور على ذلك لمن فهمه‪ ،‬ولكن يسمون هذا العالَم الله‪ .‬فمذهبهم‬
‫في الحقيقة مذهب المعطلِّة‪ ،‬كفرعون وأمثاله‪ ،‬ولكن هؤالء يطلقون عليه هذا االسم‪ ،‬بخالف أولئك))‪[ .‬درء‬
‫التعارض (‪ .])211/8‬وانظر‪ :‬المصدر نفسه (‪ ،)1/5‬ومدارج السالكين (‪ ،261/3‬و‪.)116/1‬‬
‫(‪ )2‬المراد بالنفاة هنا متكلمة الجهمية‪ ،‬والمراد بمثبتيهم متفلسفة االتحادية‪ :‬وفي هذا يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫((وأما هؤالء االتحادية فهم أخبث وأكفر من أولئك الجهمية ولكن السلف واألئمة أعلم باإلسالم وبحقائقه؛ فإن‬
‫كثيرا من الناس قد ال يفهم تغليظهم في ذم المقالة حتى يتدبرها ويرزق نور الهدى فلما أطلع السلف على سر‬
‫القول نفروا منه‪ ،‬وهذا كما قال بعض الناس متكلمة الجهمية ال يعبدون شيئاً‪ ،‬ومتعبدة الجهمية يعبدون كل‬
‫شىء‪ ،‬وذلك ألن متكلمهم ليس في قلبه تأله وال تعبد‪ ،‬فهو يصف ربه بصفات العدم والموات‪ ،‬وأما المتعبد ففي‬
‫قلبه تأله وتعبد‪ ،‬والقلب ال يقصد إال موجوداً ال معدوماً فيحتاج أن يعبد المخلوقات؛ إما الوجود المطلق‪ ،‬وإما‬
‫بعض المظاهر؛ كالشمس والقمر والبشر واألوثان وغير ذلك‪ ،‬فإن قول االتحادية يجمع كل شرك في العالم‪ ،‬وهم‬
‫ال يوحدون الله ـ سبحانه وتعالى ـ‪ ،‬إنما يوحدون القدر المشترك بينه وبين المخلوقات‪ ،‬فهم بربهم يعدلون‪ .‬ولهذا‬
‫حدثني الثقة‪ :‬أن ابن سبعين كان يريد الذهاب إلى الهند‪ ،‬وقال‪ :‬إن أرض اإلسالم ال تسعه‪ ،‬ألن الهند مشركون‬
‫يعبدون كل شيء حتى النبات والحيوان‪ ،‬وهذا حقيقة قول االتحادية‪ ،‬وأعرف ناساً لهم اشتغال بالفلسفة‬
‫والكالم‪ ،‬وقد تألهوا على طريق هؤالء االتحادية فإذا أخذوا يصفون الرب سبحانه بالكالم‪ ،‬قالوا‪ :‬ليس بكذا‪ ،‬ليس‬
‫بكذا ووصفوه بأنه ليس هو رب المخلوقات كما يقوله المسلمون‪ ،‬لكن يجحدون صفات الخالق التي جاءت‬
‫بها الرسل عليهم السالم‪ ،‬وإذا صار ألحدهم ذوق ووجد تأله وسلك طريق االتحادية وقال‪ :‬إنه هو الموجودات‬
‫كلها‪ ،‬إذا قيل له‪ :‬أين ذلك النفي من هذا اإلثبات قال‪ :‬ذلك وجدي‪ ،‬وهذا ذوقي)) [مجموع الفتاوى (‪100/2‬‬
‫ـ ‪.])108‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ 18/6‬ـ ‪ .)11‬وانظر‪ :‬الفتاوى الكبرى (‪.)21/5‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وأما النوع الثاني‪ ،‬وهو الجهل الذي سببه التشبيه التام‪ ،‬فهو كذلك نوعان‪.‬‬
‫النوع األول‪ :‬تشبيه الخالق بالمخلوق‪ .‬والثاني‪ :‬تشبيه المخلوق بالخالق‪.‬‬
‫والفرق بين الجهل الذي سببه التعطيل واآلخر الذي سببه التمثيل‪ ،‬هو‪ :‬أن األول‬
‫يؤدي إلى عدم محض(‪ ،)1‬فال محل فيه للمشهود به‪ ،‬فتقع الشهادة فيه على غير مشهود‬
‫له(‪ .)2‬وهذا الجهل يصدق عليه الجهل البسيط؛ ألنه نفي وإنكار لحقيقة الشيء‪.‬‬
‫وأما الثاني‪ :‬فهو يؤدي إلى وقوع الشهادة على مشهود له آخر غير الله ‪ ،‬وهو‬
‫المشبه به في النوع األول‪ ،‬والمشبه في النوع الثاني(‪ .)3‬وهذا الجهل يصدق عليه الجهل‬
‫المركب‪ ،‬ألنه قلب وإبدال لحقيقة الشيء‪.‬‬
‫ضاد شرط العلم وينافيه سيكون تحت‬ ‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فإن الكالم على الجهل الذي يُ َ‬
‫المطالب والمقاصد التالية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الجهل بالمشهود له وهو الله تعالى‪ ،‬وتحته ثالثة مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬جهل أهل الوحدة والتحاد بالله تعالى(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بغية المرتاد (ص‪ ،)101 :‬ومجموع الفتاوى (‪.)0/1‬‬
‫(‪ )2‬ألن الله عندهم هو الوجود المطلق الذي ال يتعين‪ ،‬وما كان كذلك فال وجود له في الخارج بال ريب [بغية‬
‫المرتاد‪( :‬ص‪.])374 :‬‬
‫(‪ )3‬تشبيه المخلوق بالخالق من أسباب الشرك في األلوهية‪ ،‬فالمشبِّه على هذا النحو يكون عابداً لله ولغيره‪،‬‬
‫فشهادته تقع على الله تارة وعلى غير الله تارة؛ باعتبار المعبود‪ .‬أما باعتبار المعنى فهي غير صادقة لكونها‬
‫مخالفة للواقع؛ ألن معنى الشهادة تجريد العبادة لمعبود واحد عظيم‪ ،‬وهو الله ‪ ‬كما تقدم‪ ،‬بخالف‬
‫الشهادة في النوع األول فهي واقعة لما تصوره في قلبه من الصورة لربه بمخلوق ما‪.‬‬
‫(‪ )4‬جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعالى صادر عن عناد واستكبار في الواقع ـ كما قال ابن القيم ـ [طريق الهجرتين (ص‪:‬‬
‫‪ ،])340‬فحقه أن يوضع ضمن ((كفر العناد)) المناقض لشرط القبول‪ ،‬ولكن مناسبة وضعه هنا‪:‬‬
‫أن كفر الجهل أعم من كفر العناد‪ ،‬ألنه ما عصي الله تبارك وتعالى إال بجهل كما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [النساء‪ :]57 :‬قال‬ ‫عنهما ـ في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫‪(( :‬من عمل السوء فهو جاهل من جهالته عمل السوء)) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (‪ ،)899/3‬وعن‬
‫مجاهد في قوله {جهالة} قال‪(( :‬كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينـزع عن معصيته)) أخرجه ابن أبي حاتم‬
‫في التفسير (‪ .)297/4‬وعن أبي العالية أنه كان يحدث‪(( :‬أن أصحاب رسول الله ‪ ‬كانوا يقولون‪ :‬كل ذنب‬
‫أصابه عبد فهو بجهالة)) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (‪.)892/3‬‬
‫=‬ ‫وألنه ـ أي القول باالتحاد ـ قد يكون جهالً حقيقةً إذا قويت الشبهة وتمكن الوارد‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أهل الوحدة واالتحاد تقدم التعريف بهم‪ ،‬وبيان شيء من جهلهم بالله تعالى‪ ،‬وذلك‬
‫حد المعرفة بالله ومعناها عندهم(‪ .)1‬وقد ذكرت حينها أن هذه‬ ‫من خالل عباراتهم في ِّ‬
‫المعرفة عندهم‪ ،‬هي عين الجهل بالله تعالى(‪.)2‬‬
‫وفي هذا المقصد سيكون التفصيل أكثر في ذكر ما يبيِّن هذا الجهل عندهم‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل عباراتهم في تقرير عقيدة الوحدة واالتحاد‪ .‬وسأقتصر على ذكر أقوال أشهر دعاة‬
‫هذه الطائفة؛ ألن في ذكر أقوال األشهر تحصيالً للمقصود من التنفير من هذه الفرقة‪،‬‬
‫والبعد والنأي عنها‪ ،‬ألن األشهر يكون ذا حظوة ومكانة عند أتباع هذه العقيدة‪ ،‬فإذا علموا‬
‫من كالمه ما يصادم القرآن والسنة كان ذلك أرجى في هدايتهم إلى الصواب‪.‬‬
‫ومن تلك األقوال‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أقوال الحالج الدالة على جهله بالله تعالى‪.‬‬
‫الحالج من أشهر أعالم الصوفية االتحادية‪ ،‬وكانت له جرأة شديدة في نشر‬
‫المذهب االتحادي‪ ،‬حتى أنه قُتِّ َل بسببه(‪ .)3‬وقد عاب عليه بعض الصوفية أنه كان يبوح‬
‫بال ِّسر‪ ،‬حتى أخرجوه من الطريق تمويهاً وتَِّقية(‪ .)4‬وأقواله الدالة على جهله بالله تعالى من‬
‫منظور هذه العقيدة كثيرة جداً؛ فمنها‪:‬‬
‫يقول الحالج‪(( :‬رأيت ربي بعين ربي‪ ،‬فقال‪ :‬من أنت؟ فقلت‪ :‬أنت))(‪.)5‬‬
‫وأكد ذلك في أبيات له‪ ،‬قال فيها‪:‬‬
‫س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبحانك س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبحاني‬ ‫أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك‬
‫ــــــــــ‬
‫وأيضاً‪ :‬فالحكم عليهم بالجهل أوجه من جهة أن كفر العناد واالستكبار أمر قلبي فال يظهر إال عن معرفة‬ ‫=‬
‫بالشخص وأقواله‪ ،‬ولذا ال يُحكم به إال في حق من ورد النص بجحودهم كفرعون القائل‪(( :‬أنا ربكم األعلى))‬
‫[النمل‪ ،]53 :‬وكذا َم نن علم من شخص مقالةً هو مخالف‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫قال تعالى في شأنه‪:‬‬
‫لما في قرارة نفسه فيها‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪ 121 :‬ـ ‪.)113‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪.)113 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬واقعة قتله في البداية والنهاية (جـ‪ 338/33‬ـ ‪.)322‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)181/2‬وعقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية ص‪.)321( :‬‬
‫(‪ )5‬طواسين (ص‪.)360 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫(‪)1‬‬
‫وعص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيانك عص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــياني‬ ‫توحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك توحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي‬
‫ثم زاد ذلك تأكيداً فقال‪:‬‬
‫غي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي عن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو‬ ‫لسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بالتوحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ألهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو‬
‫(‪)2‬‬
‫وص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحيح أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو‬ ‫كي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهو كي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف أله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو‬
‫كما أن الحالج قد ادعى الربوبية لنفسه قائالً‪(( :‬أنا الحق‪ ،‬وما في الجبة سوى‬
‫الله))(‪.)3‬‬
‫وقد كتب إليه أحد أصحابه يسأله عن الطريق‪ .‬فأجابه قائالً‪(( :‬الطريق بين اثنين‪،‬‬
‫وليس مع الله أحد))‪ .‬قال‪ :‬فقلت بيِّن‪ .‬قال‪(( :‬من لم يقف على إشارتنا لم ترشده عبارتنا‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫حاش ــاك حاش ــاك م ــن إثب ــات اثن ــين))‬ ‫أأن ـ ـ ـ ــت أم أن ـ ـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ــذا ف ـ ـ ـ ــي إله ـ ـ ـ ــين‬
‫مصرحاً بهذه العقيدة‪(( :‬وجود المحدثات المخلوقات هو عين وجود‬ ‫ويقول ِّ‬
‫(‪)5‬‬
‫الخالق)) ‪.‬‬
‫وكان أتباعه يكتبون إليه‪(( :‬يا ذات الذات‪ ،‬ومنتهى غاية اللذات‪ ،‬نشهد أنك تتصور‬
‫فيما شئت من الصور‪ ،‬وأنك اآلن ِّ‬
‫متصور في صورة الحسين بن منصور‪ ،‬ونحن نستجيرك يا‬
‫عالم الغيوب))(‪.)6‬‬
‫فهذه العبارات بمجموعها دالة على ما وصل إليه أصحاب هذه العقيدة من الجهل‬
‫بالله تعالى حيث ِّ‬
‫يصور لنا الحالج وأتباعه الذات اإللهية بأنها تتجسد في كل شيء‪ ،‬وأن‬
‫كل ما في الكون هو مظاهر تجليات الوجود اإللهي؛ فال غضاضة عند هؤالء أن يقول‬
‫الرجل‪ :‬أنه هو الله‪ ،‬أو يعتقد ذلك في غيره‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬ديوان الحالج (ص‪.)5 :‬‬
‫(‪ )2‬نفس المصدر (ص‪.)62 :‬‬
‫(‪ )3‬جمهرة األولياء وأعالم التصوف (جـ‪ .)266/3‬وأورد جزءاً من هذه العبارة االسفراييني في التبصير في الدين‬
‫وتمييز الفرقة الناجية (ص‪.)311 :‬‬
‫(‪ )4‬أخبار الحالج (ص‪.)50 :‬‬
‫(‪ )5‬الطواسين (ص‪.)381 :‬‬
‫(‪ )6‬التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية (ص‪.)311 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫يصورها الحالج وغيره من دعاة االتحادية؟ ال‬ ‫فهل هذا هو حقيقة الذات اإللهية كما ِّ‬
‫شك أنه عين الجهل بها؛ فذات الله تعالى ـ كما يـَ نع ِّرفُها أهل اإليمان ـ ذات كاملة‪ ،‬قائمة‬
‫عين جميع‬ ‫عين شيء من المخلوقات فضالً عن أن تكون َ‬ ‫بنفسها‪ ،‬يستحيل أن تكون َ‬
‫الموجودات؛ فضرورة العقل تشهد بالتمايز بين ذات الخالق وذوات المخلوقين‪ ،‬وذلك في‬
‫الوجود والكمال‪.‬‬
‫ولهذا لما أدرك العلماء حقيقة قول الحالج في الذات اإللهية أجمعوا على قتله‬
‫وصلبه(‪.)1‬‬
‫وهكذا تبقى أقوال الحالج شاهدة عليه بالكفر والزندقة والمروق من دين اإلسالم؛‬
‫فيشارك المتأخر المتقدم في الحكم عليه بالكفران‪ .‬فهل لقائل بعد ذلك أن يقول‪ :‬أن‬
‫أتوا جرماً؟!! هذا ال يقوله إال جاهل بالحقيقة أو‬ ‫الحالج قد قُتل ظلماً‪ ،‬وأن قاتلوه قد ن‬
‫مجار في العقيدة‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولكن بعض الناس يقف فيه؛ ألنه لم يعرف أمره‪،‬‬
‫وأبلغ من يحسن به الظن يقول‪ :‬إنه وجب قتله في الظاهر؛ فالقاتل مجاهد والمقتول‬
‫شهيد‪ ،‬وهذا أيضاً خطأ‪ .‬وقول القائل‪ :‬إنه قتل ظلماً قول باطل‪ ،‬فإن وجوب قتله على ما‬
‫أظهره من اإللحاد أمر واجب باتفاق المسلمين))(‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬أقوال ابن سبعين الدالة على جهله بالله تعالى من منظور عقيدة الوحدة والتحاد‪:‬‬
‫ابن سبعين من أعالم هذا المذهب أيضاً‪ ،‬وإن كان في الشهرة دون الحالج‪ .‬وأقواله‬
‫في تقرير هذا المذهب رموز وإشارات خفية‪ ،‬ال يعرفها إال من أحاط باصطالحاته‪ ،‬وتمكن‬
‫من فهم إشاراته‪.‬‬
‫ومن أقواله التي تدل على أنه قائل باالتحاد الدال على جهله بالله تعالى قوله‪(( :‬الله‬
‫(‪)3‬‬
‫فقط‪ ...،‬وهو الكل بالمطابقة)) ‪.‬‬
‫وأيضاً قوله‪(( :‬اختلط في اإلحاطة الزوج مع الفرد‪ ،‬واتحد فيه النجو مع الورد))(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬لحادثة قتله وصلبه (البداية والنهاية) (جـ‪ 338/33‬ـ ‪.)322‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)181/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬رسائل ابن سبعين (ص‪.)312 :‬‬
‫(‪ )4‬رسائل ابن سبعين (ص‪.)311 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫واإلحاطة هي من االصطالحات التي يستخدمها ابن سبعين حين يشير إلى وحدة‬
‫الوجود(‪.)1‬‬
‫ومن أقواله أيضاً‪(( :‬فالوجود واحد‪ ،‬وهو القائم بجميع الصور))(‪.)2‬‬
‫ِّ‬
‫متجسدة في‬ ‫يصور لنا ابن سبعين حقيقة الذات اإللهية بأنها‬ ‫ففي هذه األقوال ِّ‬
‫جميع الموجودات‪ ،‬وأنها متجلية في صور جميع الكائنات حتى في األقذار والنجاسات‪.‬‬
‫ولذا كان هو وأتباعه يقولون‪(( :‬ليس إال الله)) بدل قول المسلمين‪(( :‬ال إله إال‬
‫الله))(‪ .)3‬تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أقوال ابن الفارض الدالة على جهله بالله تعالى‪:‬‬
‫ابن الفارض من مشاهير أعالم المذهب االتحادي‪ ،‬وله ديوان كامل في تقرير هذا‬
‫يصرح بأن الذات اإللهية كشفت له عن‬ ‫المذهب‪ ،‬وفلسفته فيه واضحة جداً؛ حيث كان ِّ‬
‫حقيقة الكون‪ ،‬فكل ما يرى ببصره فهو مظهر للوجود اإللهي بزعمه(‪.)4‬‬
‫ومن أقواله الدالة على ذلك‪:‬‬
‫ِّ(‪)5‬‬
‫فف ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ِّـل َم نرئِّـ ـ ـ ـي أََر َاه ـ ـ ـ ـا بِّرؤي ـ ـ ــة‬ ‫َجلَـ ــت فـ ــي تجلِّيهـ ــا الوجـ ــود لنـ ــاظري‬
‫ومن تلك األقوال أيضاً‪:‬‬
‫وذات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاتي إذا تحل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت‬ ‫فف ــي الص ــحو(‪ )6‬بع ــد المح ــو(‪ )7‬ل ــم ُأك َغنيـَره ــا‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ (‬
‫حال‪ )8‬المحو‬
‫العقيدة في حال الصحو وفي ت‬ ‫ففي هذا البيت يرى أنه دائم على هذه تجل‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ ،)15 :‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)102/2‬‬
‫(‪ )2‬رسائل ابن سبعين (ص‪.)212 :‬‬
‫(‪ )3‬عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ ،)365 :‬وعزاه إلى كتاب ابن سبعين وفلسفته الصوفية للتفتازاني (ص‪:‬‬
‫‪.)111‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪.)318 :‬‬
‫(‪ )5‬ديوان ابن الفارض (ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )6‬الصحو في عقيدة الصوفية رجوع العارف إلى اإلحساس بعد غيبته بوارد قوي‪ .‬وفيه يشهد العارف المغايرة بين‬
‫الذات اإللهية ومظاهرها أو صفاتها‪ ،‬يشهد أن الكون ليس هو الذات اإللهية‪ ،‬وإنما هو تجليات أسمائها‬
‫وصفاتها ومجال ألفعالها‪ .‬انظر‪ :‬التعاريف للمناوي (ص‪.)111 :‬‬
‫(‪ )7‬المحو في عقيدة الصوفية إسقاط إضافة الوجود إلى األعيان‪ ،‬وتجلي الوحدة المطلقة؛ فيرى الصوفي في الخلق‬
‫عين الحق‪ ،‬والمربوب عين الرب‪ .‬انظر‪ :‬هامش مصرع التصوف لعبد الرحمن الوكيل (ص‪.)65 :‬‬
‫(‪ )8‬ديوان ابن الفارض (ص‪.)18 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الذي هو الغيبوبة‪ ،‬فهو غير مفارق لها في الحالين بل مشاهد لها في كِّلتنيهما‪.‬‬
‫ومن أقواله الدالة على جهله بالله أيضاً‪:‬‬
‫م ـ ـ ــن آي جمع ـ ـ ــي مش ـ ـ ــركاً ب ـ ـ ــي ص ـ ـ ــنعتي(‪.)1‬‬ ‫ـلخت‬
‫ـدت وانس ـ ـ ُ‬
‫ـدت ألح ـ ـ ُ‬
‫ول ـ ــو أنن ـ ــي وح ـ ـ ُ‬
‫فهو يرى أن التوحيد الذي هو عقيدة المسلمين شرك‪ ،‬ألنه مثبت لألغيار‪ ،‬وهذا‬
‫عين الشرك عنده؛ فالتوحيد في نظره أن ال ترى في الكون غير الله‪.‬‬
‫وهذا ما صرح به أيضاً في قوله‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والمعية لم تخطـر على ألمعيتي‬ ‫ول ـ ــيس مع ـ ــي ف ـ ــي المل ـ ــك ش ـ ــيء سـ ـ ـواي‬
‫كما يرى أن العبادة لله تعالى إنما تقع عليه ((ألنه بحسب اعتقاده في الوحدة هو‬
‫اإلله المعبود‪ ،‬فهو العابد باعتبار ظاهره‪ ،‬وهو المعبود باعتبار باطنه‪ ،‬والظاهر والباطن شيء‬
‫واحد عنده هو الله!))(‪ ،)3‬ومما يبين ذلك قوله‪:‬‬
‫ِّ (‪)4‬‬
‫ـت مـ ـ ـ ــن دعـ ـ ـ ــاني ولبـ ـ ـ ــت‬ ‫ِّ‬
‫ى أجابـ ـ ـ ـ ن‬
‫ـاد ً‬
‫منـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـب‪ ،‬وإ نن أك ـ ــن‬
‫ـت المجي ـ ـ َ‬
‫ـت كنـ ـ ُ‬
‫فـ ــإن ُدعي ـ ـ ُ‬
‫وقوله‪:‬‬
‫وأشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهد فيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أنهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ِّ‬
‫ت‬ ‫لهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلواتي بالمقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام أُقيمهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫حقيقتـ ـ ـ ـ ــه بـ ـ ـ ـ ــالجمع فـ ـ ـ ـ ــي كـ ـ ـ ـ ــل سـ ـ ـ ـ ــجدة‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ــل واح ـ ـ ـ ـ ــد س ـ ـ ـ ـ ــاجد إل ـ ـ ـ ـ ــى‬
‫كالن ـ ـ ـ ـ ــا ُم َ‬
‫( ‪)5‬‬
‫صـ ـ ـ ـ ــالتي لغيـ ـ ـ ـ ــري فـ ـ ـ ـ ــي أداءكـ ـ ـ ـ ــل ركعت ـ ـ ـ ـ ــي‬ ‫وم ـ ـ ــاك ـ ـ ــان ل ـ ـ ــي ص ـ ـ ــلى س ـ ـ ـ ـواي ول ـ ـ ــم تك ـ ـ ــن‬
‫فانظر كيف وصل به الجهل إلى هذه الغاية من اإللحاد والكفر والعناد حيث يزعم‬
‫صلِّي لنفسه‪ ،‬وإليها‬
‫أن قيامه بالعبادة لله تعالى إنما هو في الحقيقة قيام بها له‪ ،‬فهو الذي يُ َ‬
‫يسجد‪ ،‬وهو الذي يدعى ويرجى‪ ،‬وهو المجيب وهو الد ِّ‬
‫اعي!!‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫َ ُ‬
‫رابعاً‪ :‬أقوال ابن عربي الطائي في تقرير عقيدة وحدة الوجود الدالة على الجهل بالله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نفس المصدر (ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )2‬نفس المصدر (ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )3‬اقتباس من عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ )507 :‬مع تصرف‪.‬‬
‫(‪ )4‬نقس المصدر‪( :‬ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )5‬نفس المصدر (ص‪.)18:‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ابن عربي من أبرز دعاة هذه العقيدة‪ ،‬بل يُعتبر رائد هذا الفكر الضال‪ ،‬وقد حاول‬
‫أن يصبغ هذه العقيدة بصفة الشرعية‪ ،‬حيث يورد اآليات واألحاديث ثم ِّ‬
‫يفسرها تفسيراً‬
‫إشارياً باطنياً يتفق َوعقيدة وحدة الوجود‪ .‬ولكن هيهات أن يجد في القرآن أو في السنة أو‬
‫في كالم األئمة ما ينصر هذه العقيدة أو يدل عليها‪ ،‬ولو من طرف بعيد خفي‪.‬‬
‫ومن األقوال التي تدل على ضالله وجهله بماهية الذات العلية‪ :‬قوله في فص‬
‫((حكمة قدوسية في كلمة إدريسية))‪(( :‬ومن أسمائه الحسنى‪ :‬العلي‪ .‬على من؟ وما ثم إال‬
‫هو!! فهو العلي لذاته‪ ،‬أو عن ماذا؟ وما هو إال هو!! فعلوه لنفسه‪ ،‬وهو من حيث الوجود‬
‫عين الموجودات‪ .‬فالمسمى محدثات هي العلية لذاتها‪ ،‬وليست إال هو‪ .‬فهو العلي‪ ،‬ال‬
‫علو إضافة‪ ،‬ألن األعيان التي لها العدم الثابتة فيه‪ ،‬ما شمت رائحة من الوجود‪ ،‬فهي على‬
‫حالها مع تعداد الصور في الموجودات‪ .‬والعين واحدة من المجموع في الموجود‪ ،‬فوجود‬
‫الكثرة في األسماء‪ ،‬وهي النسب‪ ،‬وهي أمور عدمية‪ ،‬وليس إال العين الذي هو الذات‪...‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬فهو األول والظاهر والباطن‪ ،‬فهو عين ما ظهر وهو عين ما بطن في حال‬
‫ظهوره‪ ،‬وما ثم من يراه غيره‪ ،‬وما ثم من يبطن عنه‪ ،‬فهو ظاهر لنفسه‪ ،‬باطن عنه‪ ،‬وهو‬
‫المسمى أبا سعيد الخراز‪ ،‬وغير ذلك من أسماء المحدثات))(‪.)1‬‬
‫وهذا نص صريح واضح جلي من ابن عربي ال يحتمل التأويل أنه يؤمن بأن الله‬
‫سبحانه وتعالى عين كل شيء مادي أو روحي(‪.)2‬‬
‫قال زين الدين العراقي(‪ )3‬ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما قوله ـ يعني ابن عربي ـ فهو عين ما‬
‫ظهر وعين ما بطن‪ ،‬فهو كالم مسموم‪ ،‬ظاهره‪ :‬القول بالوحدة المطلقة‪ ،‬وأن جميع‬
‫مخلوقاته هي عينه‪ ،‬ويدل على إرادته لذلك صريحاً قوله بعد ذلك‪(( :‬وهو المسمى أبا سعيد‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬فصوص الحكم (ص‪ 06 :‬ـ ‪.)00‬‬
‫(‪ )2‬هامش مصرع التصوف للمحقق عبد الرحمن الوكيل (ص‪.)61 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن الكردي الشافعي‪ ،‬المعروف بالزين العراقي‪ ،‬حافظ ِّ‬
‫محدث فقيه‪،‬‬
‫ولد بمصر سنة (‪ )786‬هـ‪ ،‬أخذ الحديث عن جماعة منهم الحافظ العالئي‪ ،‬وتقي الدين السبكي‪ .‬من أبرز‬
‫تالميذه الحافظ ابن حجر العسقالني‪ .‬من تصانيفه الكثيرة‪(( :‬التبصرة والتذكرة))‪(( ،‬تنـزيه الشريعة المرفوعة))‪،‬‬
‫و((نظم الدرر السنية في السيرة الزكية))‪ .‬توفي سنة (‪ )205‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬إنباء الغمر (‪ ،)570/6‬وحسن المحاضرة‬
‫(‪.)450/5‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الخراز‪ ،‬وغير ذلك من أسماء وغير ذلك من المحدثات))(‪.)1‬‬


‫قلت‪ :‬ويؤكده أيضاً ما قاله في فص ((حكمة علية في كلمة إسماعيلية))‪(( :‬والعبد من‬
‫كان عند ربه مرضياً‪ ،‬وما ثم إال من هو مرضي عند ربه‪ ،‬ألنه الذي يبقي عليه ربوبيته‪ ،‬فهو‬
‫عنده مرضي‪ ،‬فهو سعيد‪ .‬ثم قال ـ شعر‪:‬‬
‫لمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن لـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه فيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت عبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬ ‫فأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت عب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ ،‬وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت رب‬
‫لم ـ ـ ـ ــن ل ـ ـ ـ ــه ف ـ ـ ـ ــي الخط ـ ـ ـ ــاب عه ـ ـ ـ ــد‬ ‫وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت رب وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت عب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬
‫يحل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواه عق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد‬ ‫فكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل عقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد عليـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــخص‬
‫(‪)2‬‬
‫فرضي الله عن عبيده‪ ،‬فهم مرضيون‪ ،‬ورضوا عنه‪ ،‬فهو مرضي‪ ،‬فتقابلت الحضرتان‬
‫تقابل األمثال‪ ،‬واألمثال أضداد‪ ،‬ألن المثلين حقيقة ال يجتمعان‪ ،‬إذ ال يتميزان‪ ،‬وما ثم إال‬
‫متميز‪ ،‬فما ثم مثل‪ ،‬فما في الوجود مثل‪ ،‬فما في الوجود ضده‪ ،‬فإن الوجود حقيقة واحدة‪،‬‬
‫والشيء ال يضاد نفسه‪.‬‬
‫فمـ ـ ــا ث ـ ـ ــم موص ـ ـ ــول ومـ ـ ــا ثـ ـ ــم ب ـ ـ ــائن‬ ‫فل ــم يب ــق إال الح ــق ول ــم يب ــق ك ــائن‬
‫(‪)3‬‬
‫بعين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي إال عين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه إذ ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاين‬ ‫ب ـ ــذا ج ـ ــان بره ـ ــان العي ـ ــان فم ـ ــا أرى‬
‫وأصرح من ذلك أنه كان يرى شهود الله في كل شيء حتى في النساء‪ ،‬بل يراهن‬
‫أكمل وأعظم مظاهر الوجود اإللهي؛ ولذا كانت المرأة عنده أحق بالعبادة من سائر مظاهر‬
‫ونعت الجمال(‪.)4‬‬ ‫الح نسن َ‬ ‫وصف ُ‬ ‫الوجود‪ ،‬حيث يرى فيها َ‬
‫وتوحيده‪ ،‬وصوب كل ملة وشريعة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ولما قرر ابن عربي هذه العقيدة أسقط عبادة الله‬
‫ومما يدل على ذلك قوله‪:‬‬
‫الم َكلـ ـ ــف؟‬
‫يـ ـ ــا ليـ ـ ــت شـ ـ ــعري مـ ـ ــن ُ‬ ‫العبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق والعبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نقالً عن مصرع التصوف للبقاعي (ص‪.)61 :‬‬
‫(‪ )2‬يعني حضرة الربوبية‪ ،‬وحضرة العبودية ويقرر ابن عربي‪ :‬أن من يغاير بينهما محجوب أعمى البصيرة‪ ،‬جاهل‬
‫بحقيقة الله سبحانه‪ .‬نقالً عن هامش مصرع التصوف لمحققه عبد الرحمن الوكيل (ص‪.)02 :‬‬
‫(‪ )3‬فصوص الحكم (ص‪ 12 :‬ـ ‪.)11‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬فصوص الحكم (ص‪ 230 :‬ـ ‪ ،)238‬وشرح نونية ابن القيم لمحمد خليل هراس (‪.)355/3‬‬
‫‪732‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أو قلـ ـ ـ ـ ــت‪ :‬رب أنـ ـ ـ ـ ــى يُكلـ ـ ـ ـ ــف(‪)1‬؟‬ ‫إن قل ـ ـ ـ ـ ــت‪ :‬عب ـ ـ ـ ـ ــد ف ـ ـ ـ ـ ــذاك مي ـ ـ ـ ـ ــت‬
‫مع قوله‪:‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫وأن ــا اعتق ــدت جمي ــع م ــا عق ــدوه‬ ‫عقـ ـ ـ ــد النـ ـ ـ ــاس فـ ـ ـ ــي اإللـ ـ ـ ــه عقائـ ـ ـ ــداً‬
‫وقوله‪(( :‬فكل شيء ماش فعلى صراط الرب المستقيم‪ ،‬فهم غير مغضوب عليهم من‬
‫هذا الوجه))(‪.)3‬‬
‫وقوله‪(( :‬فما من أحد إال على صراط مستقيم‪ ،‬وهو صراط الرب تعالى))(‪ )4‬اهـ‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬أقوال التلمساني‪:‬‬
‫التلمساني من أعالم المذهب االتحادي‪ ،‬وأقوالُه فيه أعمق في الكفر والضاللة من‬
‫أقوال غيره كما قرر ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ(‪)5‬؛ وعلل ذلك بأنه كان ال ِّ‬
‫يفرق بين‬
‫يفرق غيره‪ ،‬وال يرى الكثرة والتفرقة إال في ذهن اإلنسان‪ ،‬فعنده ما ثم‬ ‫الوجود والثبوت(‪ )6‬كما ِّ‬
‫السوى ما دام محجوباً عن شهود‬ ‫غير وال ِّسوى بوجه من الوجوه‪ ،‬وأن العبد إنما يشهد ِّ‬
‫الحقيقة‪ ،‬فإذا انكشف عنه الحجاب رأى أنه لم يكن غير‪ ،‬وأن الرائي عين المرئي(‪.)7‬‬
‫وهذا بخالف ما يعتقده غيره من إثبات التفرقة والكثرة مع الجمع(‪.)8‬‬
‫ولهذا كان يستحل جميع المحرمات‪ ،‬حتى كان يقول البنت واألم واألجنبية شيء‬
‫واحد‪ ،‬وليس في ذلك حرام علينا‪ ،‬وإنما هؤالء المحجوبون قالوا‪ :‬حراماً‪ .‬فقلنا‪ :‬حرام عليكم‪.‬‬
‫وكان يقول‪(( :‬القرآن كله شرك ليس فيه توحيد وإنما التوحيد في كالمنا))(‪)9‬؛ ألن‬
‫التوحيد الذي جاء به القرآن مثبت لألغيار‪ ،‬وهذا عين الشرك عنده؛ فالتوحيد عنده أن ال‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬الفتوحات المكية البن عربي (‪.)12/3‬‬
‫(‪ )2‬فصوص الحكم بتحقيق أبي العال عفيفي (‪.)312/3‬‬
‫(‪ )3‬فصوص الحكم (ص‪.)356 :‬‬
‫(‪ )4‬نفس المصدر (ص‪.)358 :‬‬
‫(‪ )5‬كما في مجموع الفتاوى (‪.)305 ،361/2‬‬
‫(‪ )6‬أي الكثرة والتعدد الثابت في األعيان‪.‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)102 ،305/2‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬تقديس األشخاص في الفكر الصوفي (‪.)512/3‬‬
‫(‪ )9‬مجموع الفتاوى (‪.)102/2‬‬
‫‪737‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ترى في الكون غير الله بوجه ما من الوجوه‪.‬‬


‫سادساً‪ :‬أقوال عبد الغني النابلسي(‪:)1‬‬
‫عبد الغني النابلسي من متأخري هذه الطائفة‪ ،‬وله كالم قبيح في تقرير هذه العقيدة‬
‫كفر وضالل من سبقه من أعيان االتحادية‪.‬‬ ‫قرر فيه َ‬
‫فمن أقواله الدالة على جهله بالله تعالى من خالل اعتقاده للوحدة واالتحاد ما يلي‪:‬‬
‫يقول النابلسي‪(( :‬الذات اإللهية‪ :‬هو الوجود المحض‪ ،‬الخالي عن قيود الماهيات‪،‬‬
‫والمحسوسات‪ ،‬والمعقوالت‪ ،‬وليس له تعالى ماهية أصالً؛ غير الوجود المحض))(‪.)2‬‬
‫ومن أقواله أيضاً‪(( :‬كل ما سوى الله تعالى صور قائمة بالوجود الحق سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫ال غير))(‪.)3‬‬
‫كما أنه يرى أن األشياء المتعددة ما هي إال خيال فيقول‪(( :‬اعلم أن األشياء كلها‬
‫أمور لطيفة‪ ،‬بحيث إنها بمنـزلة الخيال أو السراب‪ ،‬الذي يُرى من بعيد‪ ،‬وهو ليس‬
‫بشيء))(‪.)4‬‬
‫ثم بنى على ذلك قوله بأن األشياء في الحقيقة تجسدات وتجليِّات للذات اإللهية‬
‫حيث قال‪(( :‬ثبت كون األشياء قائمة بالوجود‪ ،‬وإذا كانت قائمة بالوجود يجوز أن تكون‬
‫صفات للوجود؛ من حيث تجليه وظهوره بها))(‪.)5‬‬
‫ويقول أيضاً‪:‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫فيخفي ـ ــه ويظ ـهـ ــره‬ ‫جميــع الكـون مظه ــره‬
‫وهذه األقوال دالة على الجهل العظيم بالله تعالى الذي وصل إليها أعالم هذه‬
‫الطائفة حيث صاروا ال يميِّزون بين ذوات المخلوقين والذات العلية بل الجميع عندهم عين‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد الغني النابلسي‪ ،‬تقدم‪.‬‬
‫(‪ )2‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ )301 :‬وعزاه إلى التصوف اإلسالمي في عصر النابلسي‬
‫لعبد القادر عطا (ص‪.)321 :‬‬
‫(‪ )3‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ ،)301 :‬وعزاه إلى الوجود الحق للنابلسي (ص‪.)10 :‬‬
‫(‪ )4‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ ،)301 :‬وعزاه إلى الوجود الحق للنابلسي (ص‪.)311 :‬‬
‫(‪ )5‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ ،)305:‬وعزاه إلى الوجود الحق للنابلسي (ص‪.)10 :‬‬
‫(‪ )6‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ ،)305 :‬وعزاه إلى ديوان الحقائق (‪.)255/3‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫واحدة‪ ،‬وأن الكثرة وهم وخيال‪ ،‬والحقيقة هي الوحدة‪.‬‬


‫وألجل ذلك حكم العلماء بكفرهم ومروقهم من دين اإلسالم‪.‬‬
‫وممن حكم عليهم بالكفر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ حيث قال‪(( :‬هم من أعظم‬
‫الناس زندقة ونفاقاً قديماً وحديثاً))(‪.)1‬‬
‫وشاركه في هذا الحكم تلميذه ابن القيم فقال‪(( :‬فناء القائلين بوحدة الوجود‪ ،‬هو فناء‬
‫باطل في نفسه‪ ،‬مستلزم جحد الصانع وإنكار ربوبيته وخلقه وشرعه‪ ،‬وهو غاية اإللحاد والزندقة‬
‫وهذا هو الذي يشير إليه علماء االتحادية ويسمونه التحقيق‪ .‬وغاية أحدهم فيه أن ال يشهد رباً‬
‫وعبداً وخالقاً ومخلوقاً وآمراً ومأموراً وطاعة ومعصية‪ ،‬بل األمر كله واحد))(‪.)2‬‬
‫وقال عن كفرهم‪(( :‬وهذا أكفر من كل كفر‪ .‬وأعظم من كل إلحاد))(‪.)3‬‬
‫وممن حكم عليهم بالكفر أيضاً زين الدين الكتاني(‪ )4‬حيث قال‪(( :‬قوله [أي‪ :‬ابن‬
‫عربي]‪ :‬الحق هو الخلق‪ ،‬فهو قول معتقد الوحدة‪ ،‬وهو قول كأقوال المجانين‪ ،‬بل أسخف‬
‫من هذا‪ ،‬للعلم الضروري بأن الصانع غير المصنوع‪ ...‬ومن صدق المذكور في هذه األمور‬
‫أو بعضها مما هو كفر يكفر))(‪ .)5‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والحكم عليهم بالكفر أمر ظاهر؛ وذلك ألن قولهم بالوحدة واالتحاد هو في‬
‫حد ذاته عين الكفر وعين اإللحاد‪ ،‬وليس لهذا القول أي تأويل أو َم َساغ‪.‬‬
‫بل كفر قائله مما يُعلم بالضرورة من دين اإلسالم؛ فإ نن لم يكن هذا القول كفراً‪ ،‬فال‬
‫كفر في األكوان‪.‬‬
‫يقول الذهبي عن "فصوص الحكم" البن عربي‪(( :‬فإن كان ال كفر فيه‪ ،‬فما في‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬االستقامة (‪.)111/3‬‬
‫(‪ )2‬طريق الهجرتين البن القيم (ص‪ .)115 :‬ط‪ :‬دار ابن القيم‪ .‬ط األولى (‪ )3151‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)231/1‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬زين الدين عمر بن أبي الحزم بن عبد الرحمن الكتاني‪ ،‬من فقهاء الشافعية‪ ،‬ولد سنة (‪ )651‬هـ‪ ،‬تفقه على المراغي‬
‫وأخذ عنه التحصيل‪ ،‬وتاج الدين الفزاري وغيرهما‪ ،‬كان بارعاً في الفقه قليل البضاعة في الحديث‪ ،‬توفي في شهر رمضان سنة‬
‫(‪ )018‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الدرر الكامنة (‪ 363/1‬ـ ‪.)361‬‬
‫(‪ )5‬العقد الثمين للفاسي (‪ 301/2‬ـ ‪.)305‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الدنيا كفر‪ ،‬نسأل الله العفو والنجاة‪ ،‬فوا غوثاه بالله))(‪.)1‬‬


‫ولكن ينبغي أن يُعلم أن إطالق القول بتكفيرهم ال يستلزم تكفير أعيانهم‪ ،‬ألن‬
‫ونقص عقل وزو ِّال تمييز‪ ،‬لقوة وارد‬
‫ِّ‬ ‫منهم من يصدر منه هذا القول وهو في حال ُس نكر‬
‫المحبة والذكر ليس لسبب محظور‪ ،‬وإال لو قال ذلك وهو في حال صحوه وكمال عقله‬
‫لكان مؤاخذاً بما يصدر منه من كالم ‪ ،‬ولذا ال بد من توفر الشروط وانتفاء الموانع في‬
‫تحقيق كفرهم‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم‪(( :‬وقد يقع لبعض المصطلمين من أهل الفناء في المحبة أن‬
‫يغيب بمحبوبه عن نفسه وحبه‪ ،‬ويغيب بمذكوره عن ذكره‪ ،‬وبمعروفة عن معرفته‪ ،‬وبموجوده‬
‫عن وجوده‪ ،‬حتى ال يشهد إال محبوبه؛ فيَظن في زوال تمييزه ونقص عقله وسكره أنه هو‬
‫محبوبه كما قيل‪ :‬إن محبوباً وقع في اليم فألقى المحب نفسه خلفه فقال‪ :‬أنا وقعت فأنت‬
‫ما الذي أوقعك؟ فقال‪ :‬غبت بك عني فظننت أنك إني‪ .‬فال ريب أن هذا خطأ وضالل‪،‬‬
‫لكن إن كان هذا لقوة المحبة والذكر من غير أن يحصل عن سبب محظور زال به عقله‬
‫كان معذوراً في زوال عقله‪ ،‬فال يكون مؤاخذاً بما يصدر منه من الكالم في هذه الحال‬
‫التي زال فيها عقله بغير سبب محظور‪ ،‬كما قيل في عقالء المجانين‪ :‬إنهم قوم آتاهم الله‬
‫عقوالً وأحواالً فسلب عقولهم وأبقى أحوالهم وأسقط ما فرض بما سلب‪....‬‬
‫وبكل حال فالفناء الذي يفضي بصاحبه إلى مثل هذا حال ناقص‪ ،‬وإن كان‬
‫صاحبه غير مكلف‪ ،‬ولهذا لم يرد مثل هذا عن الصحابة الذين هم أفضل هذه األمة‪ ،‬وال‬
‫عن نبينا محمد ‪ ،‬وهو أفضل الرسل‪ ،‬وإن كان لهؤالء في صعق موسى نوع تعلق‪ .‬وإنما‬
‫حدث زوال العقل عند الواردات اإللهية على بعض التابعين ومن بعدهم)) انتهى محل‬
‫الغرض(‪.)2‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬جهل غالة أهل التعطيل بالله تعالى‪.‬‬
‫التعطيل في اللغة مأخوذ من (العطل)‪ .‬وهي كلمة تدور في اللغة على معنى الخلو‬
‫والفراغ‪ ،‬والترك(‪.)3‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬سير أعالم النبالء (‪.)18/21‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ 69/50‬ـ ‪ .)50‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)454/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة (‪ 153/1‬ـ ‪ ،)152‬ولسان العرب (‪.)203/1‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وأما التعطيل في االصطالح‪ ،‬فهو نفي الصفات اإللهية‪ ،‬وإنكار قيامها بذاته‬
‫تعالى(‪.)1‬‬
‫والمعطلة الغالة مصطلح يُطلَق على من نفوا جميع األسماء والصفات‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪( :‬والتحقيق أن التجهم المحض‪ ،‬وهو نفي األسماء‬
‫والصفات‪ ،‬كما يُحكى عن جهم والغالية من المالحدة‪ ،‬ونحوهم من نفي أسماء الله‬
‫الحسنى‪ )2()...‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬
‫فالتعطيل إذن ضد اإلثبات‪ ،‬وذلك نوع جهل بالله تعالى‪ ،‬ووجهه ظاهر‪ ،‬وهو‪ :‬أن‬
‫المعطل لم يعرف الله تعالى على الحقيقة التي هو عليها من اتصافه بالصفات‪ ،‬فالله تعالى إنما‬ ‫ِّ‬
‫يُعرف بصفاته التي هي تحقيق ذاته‪ ،‬فالذي لم يعرف صفاته جاهل بذاته‪ ،‬فالمعرفة بصفاته ـ‬
‫حد الجهل بالذات(‪.)3‬‬‫خرح عن ِّ‬‫سبحانه وتعالى ـ هي التي تُ ِّ‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ال يستقر للعبد قدم في المعرفة ـ بل وال في اإليمان ـ‬
‫حتى يؤمن بصفات الرب ـ جل جالله ـ‪ ،‬ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه؛‬
‫فاإليمان بالصفات وتعرفها‪ :‬هو أساس اإلسالم‪ ،‬وقاعدة اإليمان‪ ،‬وثمرة شجرة اإلحسان‪.‬‬
‫فمن جحد الصفات فقد هدم أساس اإلسالم واإليمان وثمرة شجرة اإلحسان‪ ،‬فضالً عن‬
‫أن يكون من أهل العرفان))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫وأما جهل أهل التعطيل بالله تعالى فسيتضح من خالل ذكر مقاالت طوائفهم‪،‬‬
‫وتصوير مذاهبهم في باب صفات الله ‪.‬‬
‫فالمعطلة الغالة أقسام ودرجات في التعطيل‪:‬‬
‫الدرجة األولى‪ :‬المع ِّطّلة المحضة‪.‬‬
‫وهؤالء هم الذين نَـ َف نوا جميع األسماء والصفات‪ ،‬وأنكروا قيامها بالذات اإللهية‪.‬‬
‫وهم قسمان‪:‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح الواسطية للدكتور محمد خليل هراس (ص‪ .)60 :‬ط‪ :‬دار الهجرة‪.‬‬
‫(‪ )2‬النبوات (ص‪.)221:‬‬
‫(‪ )3‬الجهل بالذات هنا نسبي‪.‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكين (‪.)110/1‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫السلوب واإلضافات(‪:)1‬‬ ‫القسم األول‪ :‬أصحاب َّ‬


‫وهؤالء يصفون الله تعالى بالصفات السلبية على وجه التفصيل‪ ،‬وال يثبتون لله تعالى‬
‫إال وجوداً مطلقاً ال حقيقة له عند التحصيل‪ ،‬وإنما يرجع إلى وجود في األذهان‪ ،‬يمتنع‬
‫تحققه في األعيان؛ فالله عندهم هو الوجود المطلق بشرط اإلطالق‪ ،‬وهذا ال يكون إال في‬
‫قدرون ذاتاً ال صفة لها‪ ،‬أو وجوداً مطلقاً‬‫الذهن ال في ما خرج عنه من الموجودات(‪ ،)2‬فهم ي ِّ‬
‫ُ‬
‫ال يختص بأمر؛ فهذا ال يعقل فيه كمال وال نقص(‪.)3‬‬
‫وهؤالء هم طائفة الفالسفة كابن سيناء والفارابي‪ ،‬وأمثالهما(‪ ،)4‬وهو حاصل مذهب‬
‫غالة الجهمية أتباع الجهم بن صفوان(‪.)5‬‬
‫وهذا القول يستلزم غاية الجهل بالله تعالى والتعطيل لذاته‪.‬‬
‫يقول ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومعلوم أن هذا إنما هو خيال مقدر في الذهن ال‬
‫ويقدره كما تُفرض األشياء المقدرة‪ ،‬وليس هو الرب‬ ‫حقيقة له‪ ،‬وإنما غايته أن يفرضه الذهن ِّ‬
‫الذي دعى إليه الرسل وعرفته األمم‪ ،‬بل بين هذا الرب الذي دعى إليه المالحدة‪ ،‬وبين رب‬
‫العالمين وإله المرسلين من الفرق ما بين الوجود والعدم‪ ،‬والنفي واإلثبات))(‪.)6‬‬
‫قلت‪ :‬وهو كذلك‪ ،‬فإن قولهم يتضمن غاية التعطيل المستلزم لنفي وجوده عند‬
‫التحصيل‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولهذا كان قول من لم يصف الرب إال‬
‫بالصفات السلبية أعظم مناقضة لوجوده ممن لم يصفه ال بالسلبيات وال بالثبوتيات‪ ،‬فقول‬
‫هؤالء المتفلسفة كابن سينا وأمثاله الذين يجعلونه مقيداً باألمور السلبية واإلضافة دون‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬اإلضافات هي الصفات المتضايفة التي ال تفهم إال مع تركيبها اإلضافي‪ ،‬كقول الفالسفة عن الله بأنه مبدأ‬
‫الكائنات‪ ،‬ومنشأ الحادثات‪ ،‬والعلة الفاعلة‪ ،‬وأول الواجبات‪...‬إلخ‪ ،‬وهي صفات اعتبارية ال وجود لها في‬
‫الخارج‪ .‬انظر‪ :‬مصطلحات في كتب العقائد دراسة وتحليل (ص‪.)52 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬ومجموع الفتاوى (‪ 0/1‬ـ ‪.)8‬‬
‫(‪ )3‬درء تعارض العقل والنقل (‪.)359/9‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬نفس المصدر (‪ 0/1‬ـ ‪ ،)8‬ومنهاج السنة النبوية (‪ ،)216/1 ،380/2‬ودرء التعارض (‪.)18/35‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬درء التعارض (‪ ،)131/1‬والصواعق المرسلة (‪.)3105/1‬‬
‫(‪ )6‬مكايد الشيطان البن الجوزي (ص‪.)85 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الثبوتية أبلغ في التعطيل ممن يقول ال يقيد ال بأمور سلبية وال ثبوتية )(‪.)1‬‬
‫)‬

‫وأوضح ذلك ابن القيم فقال‪(( :‬وال ريب أن أصولهم التي عارضوا بها الوحي تنفي‬
‫وجود الصانع فضالً عن كونه صانعاً للعالم‪ ،‬بل تجعله ممتنع الوجود فضالً عن كونه واجب‬
‫الوجود؛ ألن الصفات التي وصفوه بها صفات معدوم ممتنع في العقل والخارج‪ ،‬فال العقل‬
‫يتصوره إال على سبيل الفرض الممتنع كما يفرض المستحيالت‪ ،‬وال يمكن في الخارج‬
‫وجوده؛ فإن ذاتاً هي وجود مطلق ال ماهية لها سوى الوجود المطلق المجرد على كل ماهية‬
‫وال صفة لها البتة‪ ،‬وال فيها معنيان متغايران في المفهوم‪ ،‬وال هي هذا العالم وال صفة من‬
‫صفاته‪ ،‬وال داخلة فيه‪ ،‬وال خارجة عنه‪ ،‬وال متصلة به‪ ،‬وال منفصلة عنه‪ ،‬وال مجانبة له‪ ،‬وال‬
‫مباينة‪ ،‬وال فوقه‪ ،‬وال تحته‪ ،‬وال يمينه‪ ،‬وال يسرته‪ ،‬وال ترى‪ ،‬وال يمكن أن ترى‪ ،‬وال تدرك‬
‫شيئاً‪ ،‬وال تُدرك هي بشيء من الحواس‪ ،‬وال هي متحركة وال ساكنة‪ ،‬وال توصف بغير‬
‫السلوب واإلضافات العدمية‪ ،‬وال نعتت بشيء من األمور الثبوتية هي بامتناع الوجود أحق‬
‫منها بإمكان الوجود فضالً عن وجوبه وتكليف العقل باالعتراف بوجود هذه الذات ووجوبها‬
‫الجمع بين النقيضين‪ ،‬ومعلوم أن مثل هذه الذات ال تصلح لفعل وال ربوبية وال‬ ‫َ‬ ‫كتكليفه‬
‫إلهية‪ ،‬وأي ذات فرضت في الوجود فهي أكمل منها‪ ،‬فالذي جعلوه واجب الوجود هو‬
‫أعظم استحالة من كل ما يـُ َقدر مستحيالً‪ ،‬فال يكثر عليهم بعد هذا إنكارهم لصفاته؛ كعلمه‬
‫وقدرته وحياته وسمعه وبصره‪ ،‬وال إنكارهم لكالمه وتكليمه‪ ،‬فضالً عن استوائه على عرشه‪،‬‬
‫ونزوله إلى سماء الدنيا‪ ،‬ومجيئه وإتيانه‪ ،‬وفرحه وحبه‪ ،‬وغضبه ورضاه‪ ،‬فمن هدم قواعد‬
‫البيت من أصلها هان عليه هدم السقف والجدران‪ .‬ولهذا كان حقيقة قول هؤالء القول‬
‫ﭵ‬ ‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫بالدهر وإنكار الخالق بالكلية وقولهم‪ :‬ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭶ [الجاثـية‪ ]21 :‬وإنما صانعوا المسلمين بألفاظ ال حقيقة لها واشتق إخوانهم الجهمية‬
‫النفي والتعطيل من أصولهم فسدوا على أنفسهم طريق العلم بإثبات الخالق وتوحيده‬
‫(‪)2‬‬
‫بمشاركتهم لهم في األصل المذكور)) ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬غالة الغالة(‪:)3‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬الصفدية (‪ 211/3‬ـ ‪ .)155‬وانظر‪ :‬والصواعق المرسلة (‪ 3161/1‬ـ ‪.)3105‬‬
‫(‪ )2‬الصواعق المرسلة (‪ 103/1‬ـ ‪.)101‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)355/1‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وهؤالء نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬من يسلب النقيضين؛ فيمتنع عن إثبات أحدهما لله تعالى؛ فيقول‪(( :‬ال‬
‫يوصف بأنه حي وال ميت‪ ،‬وال عالم وال جاهل‪ ،‬وال قادر وال عاجز بل قالوا‪ :‬ال يوصف‬
‫باإليجاب وال بالسلب‪ ،‬فال يقال هو حي عالم‪ ،‬وال يقال ليس بحي عالم‪ ،‬وال يقال هو‬
‫عليم قدير‪ ،‬وال يقال ليس بقدير عليم‪ ،‬وال يقال هو متكلم مريد‪ ،‬وال يقال ليس بمتكلم‬
‫(‪)1‬‬
‫مريد)) ‪ .‬قالوا‪(( :‬ألن في اإلثبات تشبيهاً له بالموجودات‪ ،‬وفي النفي تشبيهاً له‬
‫بالمعدومات وكل ذلك تشبيه))(‪.)2‬‬
‫وهؤالء هم غالة المعطلة من القرامطة الباطنية المتفلسفة؛ كأصحاب رسائل إخوان‬
‫الصفا(‪.)4()3‬‬
‫فهؤالء قد سلبوا عن الله النقيضين‪ ،‬فشبهوه بالممتنعات؛ إذ سلب النقيضين كجمع‬
‫النقيضين كالهما من الممتنعات؛ ففروا من تشبيه الله بالموجودات ووقعوا في تشبيه شر منه‪ ،‬وهو‬
‫الجهل بحقيقة الذات بل‬
‫َ‬ ‫تشبيهه ـ سبحانه وتعالى ـ بالممتنعات والمعدومات(‪ ،)5‬وذلك يقتضي‬
‫ووجود تلك الذات‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ عن مذهب القرامطة الباطنية في نفي أسماء الله‬
‫وصفاته‪...(( :‬وذلك ل يقتضي إل الجهل بالله تعالى والغفلة عن ذكر الله‪ ،‬واإلعراض‬
‫عنه والكفر به‪ ،‬وذلك يقتضي أنه في نفسه ليس حقاً موجوداً له األسماء الحسنى‬
‫والصفات العلى))‪.‬‬
‫ثم أعرب عنهم فقال‪(( :‬وال ريب أن هذا هو غاية القرامطة الباطنية والمعطلة الدهرية‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نفس المصدر (ص‪ .)356 :‬وانظر‪ :‬الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (‪)165/1‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ .)15/6‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)355/1‬‬
‫(‪ )3‬أصحاب رسائل إخوان الصفا من طوائف الباطنية اإلسماعلية‪ ،‬وضعوا هذه الرسائل لما ظهرت دولة اإلسماعيلية‬
‫الباطنية الذين بنوا القاهرة المعزية سنة بضع وخمسين وثالثمائة‪ ،‬فأظهروا فيها اتباع الشريعة‪ ،‬ولكن لها باطناً مخالفاً‬
‫لظاهرها‪ ،‬وباطن أمرهم مذهب الفالسفة بل هي أصل مذهب القرامطة‪ ،‬وربما نسبوها إلى جعفر الصادق ـ رحمه الله ـ‬
‫ترويجاً‪ .‬انظر‪ :‬منهاج السنة (‪ 51/1‬ـ ‪ ،)55‬وشرح نونية ابن القيم ألحمد بن عيسى (‪.)218/3‬‬
‫(‪ )4‬األصفهانية (ص‪ ،)00 :‬والملل والنحل (جـ‪ 312/3‬ـ ‪.)311‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 0/1‬ـ ‪.)355 ،8‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أنهم يبقون في ظلمة الجهل وضالل الكفر‪ ،‬ال يعرفون الله وال يذكرونه‪ ،‬ليس لهم دليل‬
‫على نفيه ونفي أسمائه وصفاته‪ .‬فإن هذا جزم بالنفي وهم ال يجزمون وال دليل لهم على‬
‫النفي‪ ،‬وقد أعرضوا عن أسمائه وآياته وصاروا جهاالً به‪ ،‬كافرين به غافلين عن ذكره‪ ،‬موتى‬
‫القلوب عن معرفته ومحبته وعبادته))(‪.)1‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬من يمتنع عن نفي أحد النقيضين‪ ،‬فيقول‪ :‬ال نقول ليس بموجود وال معدوم وال‬
‫حي وال ميت؛ فال ننفي النقيضين‪ ،‬بل نسكت عن هذا وهذا فنمتنع عن كل من‬
‫المتناقضين ال نحكم ال بهذا وال بهذا؛ فال نقول ليس بموجود وال معدوم(‪.)2‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪(( :‬ومن الناس من يحكي نحو هذا عن الحالج‪ .‬وحقيقة هذا‬
‫القول هو الجهل البسيط والكفر البسيط الذي مضمونه اإلعراض عن اإلقرار بالله ومعرفته‬
‫وحبه‪ ،‬وذكره وعبادته‪ ،‬ودعائه))(‪.)3‬‬
‫الدرجة الثانية من درجات التعطيل‪ :‬المعطلة للصفات دون األسماء‪:‬‬
‫وهؤالء هم المعتزلة‪.‬‬
‫يقول ابن المرتضى المعتزلي(‪(( :)4‬فقد أجمعت المعتزلة على أن للعالم م ِّ‬
‫حدثاً‬ ‫ُ‬
‫قديماً‪ ،‬قادراً عالماً حياً ال لمعان))(‪.)5‬‬
‫قال أبو الحسن األشعري‪(( :‬وزعمت الجهمية ـ يعني المعتزلة ـ أن الله تعالى ال علم‬
‫حي‬
‫له‪ ،‬وال قدرة‪ ،‬وال حياة‪ ،‬وال سمع‪ ،‬وال بصر له‪ ،‬وأرادوا أن ينفوا أن الله تعالى عالم قادر ٌّ‬
‫سميع بصير‪ ،‬فمنعهم خوف السيف من إظهارهم نفي ذلك فأتوا بمعناه؛ ألنهم إذا قالوا‪ :‬ال‬
‫علم لله وال قدرة له فقد قالوا‪ :‬إنه ليس بعالم وال قادر ووجب ذلك عليهم‪ ،‬وهذا إنما أخذوه‬
‫عن أهل الزندقة والتعطيل؛ ألن الزنادقة قد قال كثير منهم‪ :‬إن الله تعالى ليس بعالم وال قادر‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نفس المصدر (‪.)18/6‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الصفدية (‪ ،)16/3‬ومنهاج السنة النبوية (‪ ،)525/2‬والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح‬
‫(‪.)165/1‬‬
‫(‪ )3‬الصفدية (‪.)10/3‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬أحمد بن يحيى بن أحمد بن المرتضى‪ ،‬الملقب ب(المهدي لدين الله)‪ ،‬زيدي المذهب‪ ،‬معتزلي الطريقة‪ ،‬توفي بظفير‬
‫شمال غرب صنعاء سنة (‪ )230‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في البدر الطالع (‪.)588/5‬‬
‫(‪ )5‬شرح األصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (ص‪.)353 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وال حي وال سميع‪ ،‬وال بصير‪ ،‬فلم تقدر المعتزلة أن تفصح بذلك‪ ،‬فأتت بمعناه‪ .‬وقالت‪:‬‬
‫إن الله عالم قادر حي سميع بصير من طريق التسمية‪ ،‬من غير أن يثبتوا له حقيقة العلم‬
‫والقدرة والسمع والبصر))(‪.)1‬‬
‫وهذا القول هو حقيقة قول الجهمية النفاة‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والمعتزلة استعظموا نفي األسماء لما فيه من‬
‫تكذيب القرآن تكذيباً ظاهر الخروج عن العقل والتناقض؛ فإنه ال بد من التمييز بين الرب‬
‫وغيره بالقلب واللسان‪ ،‬فما ال يميز من غيره ال حقيقة له‪ ،‬وال إثبات‪ .‬وهو حقيقة قول‬
‫الجهمية فإنهم لم يثبتوا في نفس األمر شيئاً قديماً البتة))(‪.)2‬‬
‫وبهذا يُعلم جهل هذه الطوائف بالله ومقتضيات وجوده األمر الذي يتنافى وشرط العلم‬
‫بشهادة أن ال إله إال الله؛ فإن الجاهل بالله تعالى أو بوجوده شهادته بتوحيد الله تقع على غير‬
‫المشهود له به ـ الذي هو الله ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وذلك ما دفع ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ إلى وصف من اعتقد أن معبوده غير‬
‫سميع وال بصير بأنه ((يعبد غير الخالق الباري‪ ،‬الذي هو سميع بصير))(‪.)3‬‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫وقال في مقام مشابه‪(( :‬قال الله ‪ ‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫[الفرقان‪ 11 :‬ـ‬ ‫ﯷ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫‪.]11‬‬
‫فأعلم الله ‪ ‬أن من ال يسمع وال يعقل كاألنعام بل هم أضل سبيالً‪ ،‬فمعبود الجهمية ـ‬
‫عليهم لعائن الله ـ كاألنعام التي ال تسمع وال تبصر‪ ،‬والله قد ثبت لنفسه‪ :‬أنه يسمع ويرى‪،‬‬
‫والمعطلة من الجهمية تنكر كل وصف لله وصف به نفسه في محكم تنزيله‪ ،‬أو على لسان نبيه‬
‫‪ ‬لجهلهم بالعلم‪ ،‬وذلك أنهم وجدوا في القرآن أن الله قد أوقع أسماء من أسماء صفاته على‬
‫بعض خلقه‪ ،‬فتوهموا لجهلهم بالعلم أن من وصف الله بتلك الصفة التي وصف الله بها نفسه قد‬
‫شبهه بخلقه‪ ،‬فاسمعوا ـ يا ذوي الجحد ـ ما أبين جهل هؤالء المعطلة المعطلة!!))(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬اإلبانة عن أصول الديانة (جـ‪.)311 /2‬‬
‫(‪ )2‬النبوات (ص‪.)83 :‬‬
‫(‪ )3‬كتاب التوحيد البن خزيمة (‪.)356/3‬‬
‫(‪ )4‬نفس المصدر (‪ 58/3‬ـ ‪.)51‬‬
‫‪732‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وقــال الشــيخ عبــد اللطيــف آل الشــيخ فــي شــأن منكــري الصــفات‪(( :‬وأمــا التوحيــد‪،‬‬
‫اإلخالص‪ ،‬فهو أجنبي عنه ال يدريه‪ ،‬وكيـف يـدري ذلـك مـن أنكـر‬ ‫الذي اشتملت عليه كلمة ِّ‬
‫اإلخــالص‪ ،‬واســتحق بهــا الــرب مــا لــه مــن صــفات‬ ‫أظهــر الصــفات التــي بنيــت عليهــا كلمــة ِّ‬
‫ِّ‬
‫اإللَهيــة‪ ،‬والربوبيــة‪ ،‬والكمــال المطلــق؛ فمــا للجهميــة وهــذا؟! وهــم إنمــا يعبــدون عــدماً؛ وإنمــا‬
‫يبحث عن هذا‪ ،‬ويدريه‪ :‬من يعبد إلَهاً واحداً‪ ،‬فرداً صمداً))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وألجل هذا أطلق السلف من القول بتكفير الجهمية ما لم يطلقوه بتكفير‬
‫أحد‪ .‬وقالوا‪« :‬نحكي كالم اليهود والنصارى وال نحكي كالم الجهمية»(‪.)2‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والمحفوظ عن أحمد وأمثاله من األئمة إنما هو‬
‫تكفير الجهمية المشبهة وأمثال هؤالء‪ ....‬مع أن أحمد لم ِّ‬
‫يكفر أعيان الجهمية‪ ،‬وال كل‬
‫من قال إنه جهمي كفره‪ ،‬وال كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم‪ ،‬بل صلى خلف‬
‫الجهمية الذين دعوا إلى قولهم‪ ،‬وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة‪،‬‬
‫لم يكفرهم أحمد وأمثاله‪ ،‬بل كان يعتقد إيمانهم‪ ،‬وإمامتهم‪ ،‬ويدعو لهم‪ ،‬ويرى اإلئتمام بهم‬
‫في الصلوات خلفهم والحج‪ ،‬والغزو معهم‪ ،‬والمنع من الخروج عليهم‪ ،‬ما يراه ألمثالهم من‬
‫األئمة‪ .‬وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم‪ ،‬وإن لم يعلموا هم أنه كفر‪،‬‬
‫وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب اإلمكان؛ فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار‬
‫السنة والدين‪ ،‬وإنكار بدع الجهمية الملحدين‪ ،‬وبين رعاية حقوق المؤمنين من األئمة‬
‫واألمة‪ ،‬وإن كانوا جهاالً مبتدعين‪ ،‬وظلمة فاسقين))(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا بخالف الفالسفة والقرامطة من الباطنية‪ ،‬فهؤالء لم يختلف القول في‬
‫كفر أعيانهم‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهؤالء القوم يشهد عليهم علماء األمة وأئمتها‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬الدرر السنية (‪.)215/1‬‬
‫(‪ )2‬بيان تلبيس الجهمية (‪ .)320/3‬وهذه المقالة تنسب إلى عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله كما في السنة لإلمام‬
‫أحمد (‪ ،)333/3‬واإلبانة (جـ‪ )15/2‬في ذكر الرواية في القرآن‪ ،‬واإليمان البن بطة (‪ )311/1‬طبعة دار الراية‬
‫بتحقيق الوليد بن محمد نبيه بن سيف نصر‪ ،‬الرياض‪ ،‬األولى‪ )3138( ،‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ 550/0‬ـ ‪.)558‬‬
‫‪737‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وجماهيرها أنهم كانوا منافقين زنادقة يظهرون اإلسالم ويبطنون الكفر))(‪.)1‬‬


‫وقال في شأن القرامطة‪(( :‬فهؤالء في دعواهم مثل الرسول هم أكفر من اليهود‬
‫يكذبون على الله أعظم مما فعل مسيلمة‪ ،‬وألحدوا في‬ ‫والنصارى‪ ،‬فكيف بالقرامطه الذين ِّ‬
‫أسماء الله وآياته أعظم مما فعل مسيلمة‪ ،‬وحاربوا الله ورسوله أعظم مما فعل مسيلمة‪...‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬ولكن القرامطة أكفر من االتحادية بكثير))(‪.)2‬‬
‫وال سبيل إلى نفي هذا الجهل عنهم إال بإثباتهم لصفات الله تعالى‪ ،‬فاإليمان‬
‫بصفات الله تعالى هو المخرج عن حد الجهل بالله تعالى‪ ،‬فالله تعالى إنما يعرف بصفاته‬
‫التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله ‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ال يستقر للعبد قدم في المعرفة ـ بل وال في اإليمان ـ‬
‫حتى يؤمن بصفات الرب ـ جل جالله ـ‪ ،‬ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه؛‬
‫فاإليمان بالصفات وتعرفها‪ :‬هو أساس اإلسالم وقاعدة اإليمان‪ ،‬وثمرة شجرة اإلحسان‪.‬‬
‫فمن جحد الصفات فقد هدم أساس اإلسالم واإليمان وثمرة شجرة اإلحسان فضالً عن أن‬
‫يكون من أهل العرفان))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬جهل أهل التشبيه والتمثيل بالله تعالى‪.‬‬
‫التشبيه في اللغة بمعنى التمثيل‪.‬‬
‫ومثَـلُه‪ ،‬كما يقال ِّشنبهه َ‬
‫وشبَـ ُهه بمعنى))(‪.)4‬‬ ‫(( ِّ‬
‫قال في اللسان‪ :‬يقال‪ :‬هذا مثنله َ‬
‫واصطالحاً‪ :‬هو اعتقاد مماثلة الله تعالى لخلقه في بعض الخصائص(‪ .)5‬وأما‬
‫اعتقاد ذات مماثلة لله تعالى من كل الوجوه‪ ،‬فهذا ذكر شيخ اإلسالم أنه لم يذهب‬
‫إليه أحد من العقالء(‪.)6‬‬
‫ثم إن التشبيه قسمان‪:‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نفس المصدر (‪.)328/15‬‬
‫(‪ )2‬نفس المصدر (‪.)311/15‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)110/1‬‬
‫(‪ )4‬لسان العرب (‪ )23/31‬مادة (مثل)‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬منهاج السنة (‪ 335/2‬ـ ‪.)333‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬بيان تلبيس الجهمية (‪ ،)183/3‬ودرء التعارض (‪.)116/1‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األول‪ :‬تشبيه المخلوق ببعض خصائص الخالق؛ وهو إثبات شيء للمخلوق مما يختص‬
‫به الخالق من الصفات‪ ،‬أو األفعال أو الحقوق‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬تشبيه الخالق بالمخلوق؛ وهو على نوعين‪ :‬األول‪ :‬تشبيه ذاته بغيره من الذوات‪،‬‬
‫والثاني‪ :‬تشبيه صفاته بصفات أغياره؛ كأن يقول‪ :‬لله يد كأيدي المخلوقين‪ ،‬أو سمع‬
‫كسمعهم‪ ،‬أو بصر كبصرهم‪ ،‬أو نحو ذلك(‪.)1‬‬
‫وجهل أهل التشبيه بالله تعالى يظهر من جهتين؛ بناءً على قسمي التشبيه‪.‬‬
‫الجهة األولى‪ :‬جهل بوحدانية ذاته ـ سبحانه وتعالى ـ‪.‬‬
‫وهذا النوع من الجهل يقع فيه من يشبِّه المخلوقين ببعض خصائص ذات الله‬
‫تعالى؛ فيقتضي تعدد الذات‪.‬‬
‫وهذا التشبيه يوجد عند بعض الفرق المنتسبة إلى اإلسالم وغيرهم‪ .‬فمن الفرق‬
‫المتلبسة بهذا التشبيه اليوم غالة الصوفية أصحاب وحدة الوجود حيث يعتقدون أن الله‬
‫تعالى تعين بذاته وأسمائه وأفعاله في صور مخلوقاته(‪)2‬؛ وقولهم تشبيه من جهة وتعطيل‬
‫(‪) 4‬‬
‫من جهة أخرى كما تقدم(‪ .)3‬ومن الفرق المتلبسة بهذا التشبيه أيضاً فرقة الدروز‬
‫حيث يعتقدون ألوهية الحاكم بأمر الله(‪ )5‬ويدعون أن له حقيقةً الهوتيةً وأخرى‬
‫ناسوتية(‪ .)6‬ومن الفرق المتلبسة بهذا التشبيه أيضاً فرق النصيرية(‪ )7‬حيث يعتقدون ألوهية‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص‪ ،)331 :‬ونواقض توحيد األسماء والصفات‬
‫للدكتور ناصر القفاري (ص‪ ،)52 :‬ومقالة التشبيه وموقف أهل السنة منها (‪.)01/3‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شرح الطحاوية البن أبي العز (ص‪ ،)06 :‬وهذه الصوفية لعبد الرحمن الوكيل (ص‪)25 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪ 102 :‬ـ ‪ .)101‬وانظر‪ :‬كذلك‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 18/6‬ـ ‪ ،)51/35 ،11‬والتبصير في الدين (ص‪:‬‬
‫‪ ،)325‬وبغية المرتاد (‪.)101‬‬
‫(‪ )4‬الدروز تقدم التعريف بهم في (ص‪.)311 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬لترجمة الحاكم بأمر الله عقيدة الدروز للدكتور محمد الخطيب (ص‪ 11 :‬ـ ‪.)01‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬المصدر السابق (ص‪.)330 :‬‬
‫(‪ )7‬النصيرية‪ .‬ويقال لهم‪ :‬النميرية نسبة إلى محمد ين نصير النميري‪ ،‬كان من أصحاب الحسن العسكري‪ ،‬وادعى‬
‫النبوة‪ ،‬ثم ادعى الربوبية‪ .‬ويقوم مذهب النصيرية على ما يأتي‪:‬‬
‫‪ 3‬ـ أن الله تعالى حل في خمسة أشخاص‪ .‬هم‪ :‬النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين‪.‬‬
‫=‬ ‫‪ 2‬ـ أن هؤالء الخمسة آلهة‪.‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫طبيعتين؛ طبيعةً ناسوتيةً‪ ،‬وأخرى الهوتيةً ال‬


‫ن‬ ‫علي بن أبي طالب ‪ ،)1(‬ويزعمون أن له‬
‫يأكل فيها وال يشرب(‪ .)2‬ومن هذه الفرق أيضاً غالة الرافضة حيث يدعون الحلول في حق‬
‫أئمتهم(‪ .)3‬وهذا التشبيه موجود كذلك عند فرق النصارى في اعتقادها في المسيح عليه‬
‫السالم(‪ ،)4‬وعند اليهود في اعتقادهم في العزير(‪.)5‬‬
‫يك في ذات الله تعالى‪،‬‬ ‫وهو ـ كما أسلفت ـ جهل بالله تعالى؛ لكونه يقتضي التشر َ‬
‫التشريك المنافي للعلم بوحدانية ذاته ـ سبحانه وتعالى ـ وتفرد صفاته؛ فالله تعالى ـ كما قال عن‬
‫نفسه ـ‪ :‬ﭡ ﭢ ﭣ [الشورى‪ ،]33 :‬فليس في الوجود ذات مماثلة له في صفة من صفاته‬
‫فضالً عن ذاته‪ ،‬واعتقاد ذلك في مخلوق شرك بالله تعالى؛ لكونه جهالً بوحدانية ذاته ـ‬
‫سبحانه وتعالى‪ .‬والجهل بوحدانية الذات مناقض للعلم بالمشهود له في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪.‬‬
‫الجهة الثانية‪ :‬جهل بحقيقة ذات الله تعالى وصفاته‪:‬‬
‫وهذا النوع من الجهل يقع فيه من يشبِّه الخالق بالمخلوق؛ حيث يجعل‬
‫صفات الله تعالى كصفات المخلوقين‪ .‬وهذا كتشبيه بعض الفرق المنتسبة لإلسالم‬
‫ممن وصف وا الله تعالى بصفات المخلوقين ـ تعالى الله عن قولهم علواً كبي راً ـ‪ .‬ومن‬
‫هذه الفرق الهش امية أتباع هشام بن الحكم (‪ )6‬وهشام بن سالم الجواليقي (‪، ) 2( )1‬‬
‫ــــــــــ‬
‫‪ 1‬ـ إباحة المحارم‪ .‬انظر‪ :‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين في الهامش (ص‪ 13 :‬ـ ‪.)12‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تلخيص االستغاثة (جـ‪ ،)581/2‬ومنهاج السنة (‪.)111/5‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬طائفة النصيرية للدكتور سليمان الحلبي (ص‪10 :‬ـ ‪.)18‬‬
‫(‪ )3‬ومن هذه الفرق السبابية أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي‪ .‬كان يزعم أن علياً هو الله‪ .‬والبنانية‪ :‬أصحاب بنان بن‬
‫إسماعيل النهدي‪ ،‬وكان يزعم أن الله تعالى حل في علي ‪ ‬وأوالده‪ .‬والحطابية أو الخطابية أتباع أبي الخطاب‬
‫محمد بن أبي زينب األسدي األجدع‪ ،‬وهم يزعمون أن الله تعالى حل في علي ثم في الحسن ثم في الحسين ثم‬
‫في زين العابدين ثم في الباقر ثم في الصادق‪ .‬انظر‪ :‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص‪ 86 :‬ـ ‪،)80‬‬
‫والملل والنحل (‪ ،)300/3‬والفرق بين الفرق (‪ 225‬ـ ‪.)226‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي (ص‪ 313 :‬ـ ‪.)312‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬نفس المصدر (ص‪.)320 ،10 :‬‬
‫(‪ )6‬كان يزعم أن ربه على صورة إنسان‪ ،‬وينكر أن يكون لحماً ودماً‪ ،‬وكان يقول‪ :‬إن معبوده جسم‪ ،‬له حد ونهاية‪ ،‬عريض عميق‪،‬‬
‫=‬ ‫طويل‪ ،‬طوله مثل عرضه‪ ،‬وعرضه مثل عمقه‪ ،‬نور ساطع‪ ،‬له قدر من األقدار‪ ،‬بمعنى أن له مقدا ارً في طوله وعرضه وعمقه‪ ،‬ال‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫واليونسي ة أتباع يونس بن عبد الرحمن ِّ‬


‫القم ي(‪ ، )3‬والشيطانية ـ من الروافض ـ أصحاب‬
‫أبي جعفر األحول الملقب بشيطان الطاق(‪ ،)4‬والكرامية أتباع محمد بن كرام‬
‫السجستاني(‪ ، )5‬والمقاتلة أتباع مقاتل بن سليمان(‪.)6‬‬
‫كما يدخل في تشبيه هؤالء من جهة‪ :‬أهلُ الوحدة واالتحاد‪ .‬ويوضح ذلك قول‬
‫ابن عري اآلتي‪:‬‬
‫يقول ابن عربي‪ (( :‬أال ترى الحق يظهر بصفات المحدثات وأخبر بذلك عن‬
‫ــــــــــ‬
‫يتجاوزه في مكان دون مكان‪ ،‬كالسبيكة الصافية يتألأل كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها‪ ،‬ذو لون وطعم ورائحة‪،‬‬ ‫=‬
‫ومجسة‪ .‬لونه هو طعمه‪ ،‬وهو رائحته‪ ،‬وهو مجسته‪ ،‬وإنه يتحرك ويسكن‪ ،‬ويقوم ويقعد إال أنهم يقول‪ :‬ال كاألجسام؛ فالله‬
‫تعالى عنده يجوز عليه ما يجوز على األجسام إال أنه ال يشبه أجسام المخلوقين‪ ،‬وأنه يعلم األشياء بعد أن لم يكن بها‬
‫عالماً‪ ،‬ويجوز أن يقال أن علمه محدث‪ .‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،)332 ،356/3‬واعتقادات فرق المسلمين‬
‫والمشركين (ص‪ ،)10 :‬وبيان تلبيس الجهمية (‪ 150/3‬ـ ‪ ،)158‬والفرق بين الفرق (ص‪.)220 :‬‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬هشام بن سالم الجواليقي الجعفي العالف‪ ،‬كان مولى لبشر بن مروان‪ ،‬يكنى أبا محمد وأبا الحكم‪ ،‬وهو‬
‫من سبي الجوزجان‪ ،‬ومن شيوخ الرافضة‪ .‬انظر‪ :‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين في الهامش (ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )2‬كان على منوال هشام بن الحكم في التشبيه فكان يقول‪ :‬إن الله على صورة اإلنسان وأنكر أن يكون لحماً‬
‫ودما‪ ،‬وأنه نور ساطع يتألأل بياضاً‪ ،‬وأنه ذو حواس خمس كحواس اإلنسان‪ ،‬سمعه غير بصره‪ ،‬وكذلك سائر‬
‫حواسه يد ورجل وأذن وعين وأنف وفم‪ .‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،)351/3‬والملل والنحل (‪.)380/3‬‬
‫(‪ )3‬كانوا يزعمون أن النصف األعلى من الله مجوف‪ ،‬وأن النصف األدنى منه مصمت‪ .‬انظر‪ :‬اعتقادات فرق‬
‫المسلمين والمشركين (ص‪.)18:‬‬
‫(‪ )4‬هذه الفرقة نُسب إليها التشبيه؛ فقد ذكر اإلسفراييني أن (الشيطانية) من مشبهة الصفات حيث زعموا أن الله ال‬
‫يعلم الشيء قبل أن يكون حتى يكون‪ ،‬وأن علمه محدث كعلوم العباد‪ .‬إال أن الشهرستاني نفى عنهم القول‬
‫بالتشبيه‪ .‬انظر‪ :‬التبصير في الدين (ص‪ ،)323 :‬والملل والنحل (‪ 315/3‬ـ ‪.)313‬‬
‫قلت‪ :‬ومما نسب إليها من التشبيه قولهم‪ :‬إن الله نور على صورة إنسان رباني‪ .‬انظر‪ :‬المصدر السابق‬
‫(‪ ،)315/3‬والفرق بين الفرق (ص‪.)228:‬‬
‫(‪ )5‬الكرامية تقدم التعريف بهم‪ .‬وانظر‪ :‬لتشبييهم التبصير في الدين (ص‪ 333 :‬ـ ‪ ،)332‬والفرق بين الفرق (ص‪:‬‬
‫‪ ،)228 ،230‬ومنهاج السنة (‪.)261/2‬‬
‫(‪ )6‬مقاتل بن سليمان ليس هو صاحب التفسير المعروف‪ ،‬وإنما اتفق االسمان‪ ،‬وكان هو وأصحابه يعتقدون‬
‫التجسيم‪ ،‬ويزعمون أن الله جسم‪ ،‬وأنه جثة على صورة اإلنسان لحم ودم وشعر وعظم‪ ،‬له جوارح وأعضاء من يد‬
‫ورجل ولسان ورأس وعينين‪ ،‬وهو مع هذا ال يشبه غيره وال يشبهه غيره‪ .‬وكان مع ذلك يقول‪ :‬ال يضر مع اإليمان‬
‫معصية وإن كبرت كما ال ينفع مع الكفر حسنة وإن كبرت‪ .‬انظر‪ :‬البرهان للسكسكي (ص‪.)15 :‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫نفسه‪ ،‬وبصفات النقص وبصفات الذم‪ ،‬أال ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها‬
‫إلى آخرها‪ .‬وكلها حق له كما هي صفات المحدثات للحق))(‪ .)1‬فيجعل ابن عربي‬
‫صفات الله هي كصفات المخلوق‪.‬‬
‫ِّ‬
‫المتقدمة تنقيص لله تعالى‪ ،‬وتجهيل به‪ ،‬فالله تعالى أكمل‬ ‫وهذا التشبيه بجميع صوره‬
‫من أن يُشبه بشيء كما قال ـ عن نفسه ـ‪ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ‪ ،‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ‪ .‬فالله تعالى‪:‬‬
‫{لَهُ الن َمثَ ُل األ نَعلَى} أي‪ :‬الوصف األعلى الذي ال يعتريه نقص بوجه من الوجوه‪.‬‬
‫وهذا التشبيه يتضمن أيضاً من الجهل بكمال صفات الله تعالى بل وبحقيقة ذاته ما‬
‫يوجب الكفر لصاحبه‪ ،‬ولهذا اشتهر عن السلف القول بتكفير طوائف المشبهة‪ .‬ومن ذلك ما‬
‫قاله نعيم بن حماد شيخ البخاري ـ رحمه الله ـ‪(( :‬من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر))(‪ .)2‬وقال‬
‫إسحاق بن راهوية‪(( :‬من وصف الله‪ ،‬فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله‬
‫العظيم))(‪.)3‬‬
‫كما أن هذا التشبيه يستلزم الشرك بالله تعالى‪ ،‬وذلك ألن المشبِّه ـ في الحقيقة ـ‬
‫يعبد تلك الذات التي تصورها في وهمه لله تعالى‪.‬‬
‫يقول أبو حاتم الرازي‪(( :‬المجسم ما عبد الله قط‪ ،‬ألنه يعبد ما تصوره في وهمه من‬
‫الصورة‪ ،‬والله تعالى منـزه عن ذلك))(‪.)4‬‬
‫وذكر بعض أهل العلم أن ((المشبِّه يعبد صنماً‪ ،‬و ِّ‬
‫المعط ل يعبد عدماً))(‪ .)5‬انتهى‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وبهذا يتبين جهل أهل التشبيه بالله تعالى‪ ،‬الجهل المنافي للعلم بحقيقة الشهادة لله‬
‫تعالى بوحدانية ذاته وعدم المماثلة في صفاته‪ ،‬ألن ذلك مما تتضمنه شهادة أن ال إله إال الله‬
‫ـ؛ فإن من مقتضياتها العلم بالمشهود له‪ ،‬والذي منه العلم بوحدانية ذاته وتفر ُِد صفاته‪،‬‬
‫وذلك حتى تقع على المشهود له بها حقيقةً‪ ،‬ولذا كانت شهادة أهل التشبيه واقعةً على‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬فصوص الحكم بشرح القاشاني (ص‪.)88 :‬‬
‫(‪ )2‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة (‪ )512/1‬برقم (‪.)116‬‬
‫(‪ )3‬نفس المصدر (‪ )512/1‬برقم (‪.)110‬‬
‫(‪ )4‬الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص‪.)21 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬درء التعارض (‪ ،)156/35‬ومنهاج السنة (‪.)526/2‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫غير المشهود له في شهادة أن ال إله إال الله كما نص عليه األئمة(‪.)1‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬الجهل بمعنى شهادة أن ل إله إل الله وأحكامه(‪.)2‬‬
‫الجهل نقيض العلم‪ ،‬وهو في أصله عارض(‪ )3‬من عوارض األهلية(‪ )4‬باتفاق أهل العلم(‪.)5‬‬
‫ولكن ليس هو في القوة كعارض اإلكراه والخطأ(‪ ،)6‬والجنون والنسيان‪ ،‬فهذه العوارض مسقطة‬
‫لإلثم والعقوبة مطلقاً‪ ،‬ألنها تكون بغير كسب العبد بخالف عارض الجهل‪ ،‬فإنه يكون‬
‫بكسب العبد؛ ((ألن إزالته باكتساب العلم في قدرة العبد‪ ،‬فكان ترك تحصيل العلم منه اختياراً‬
‫بمنـزلة اكتساب الجهل باختيار إبقائه‪ ،‬فكان مكتسباً من هذا الوجه))(‪)7‬؛ ((فالجهل أمر أصلي‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬ينظر كالم أبي حاتم المنقول آنفاً‪.‬‬
‫(‪ )2‬الجهل نوعان‪ :‬األول‪ :‬الجهل بمعنى النصوص الحقيقي‪ ،‬وهو الجهل البسيط‪ .‬الثاني‪ :‬الجهل بذات النصوص‬
‫كمن يزعم أن النص ال يدل على الصورة المختلف فيها‪ .‬وهو ما يعرف بالتأويل‪ .‬انظر‪ :‬التشريع الجنائي للدكتور‬
‫عبد القادر عودة (‪.)435/5‬‬
‫(‪ )3‬إنما جعل الجهل عارضاً وإن كان أمراً أصلياً ألنه أمر زائد على حقيقة اإلنسان وثابت في حال دون حال‬
‫كالصغر‪[ .‬كشف األسرار (‪ ])644/3‬أو باعتبار أن اإلنسان خلق مهيئاً للعلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬عوارض األه لية يعرفها علماء األصول بأنها األمور التي تطرأ على اإلنسان بعد كمال أهليته األداء‪ ،‬فتؤثر فيها‬
‫باإلزالة؛ كالجنون والنقصان كالعته‪ .‬أو تؤثر فيها بتغيير بعض األحكام بالنسبة لمن عرضت له‪ ،‬كالجهل‬
‫والنسيان‪ .‬ويقسمها بعض العلماء إلى قسمين‪:‬‬
‫(أ) عوارض سماوية‪ ،‬وهي ما ال دخل لإلنسان في وجودها‪ ،‬أو وقوعها مثل‪ :‬الصغر‪ ،‬والجنون‪ ،‬والنسيان‪ ،‬والنوم‪.‬‬
‫(ب) عوارض مكتسبة‪ :‬وهي ما يكون لإلنسان دخل في وجودها ووقوعها ومثلوا لها‪ :‬بالجهل‪ ،‬الخطأ‪ ،‬السكر‪ ،‬الهزل‪.‬‬
‫وهذه العوارض بعضها اتفق أهل العلم في اإلعذار بها‪ ،‬وبعضها احتلف أهل العلم في اإلعذار بها‪ .‬فالمتفق على‬
‫اإلعذار بها‪ :‬الصغر‪ ،‬والجنون‪ ،‬والنسيان‪ ،‬والنوم‪ .‬وأما المختلف في اإلعذار بها فهي‪ :‬عارض الجهل‪ ،‬وعارض‬
‫السكر‪ ،‬وعارض الهزل‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الفروق للقرافي (‪ 311/2‬ـ ‪ ،)355‬وموسوعة مصطلحات أصول الفقه عند المسلمين (‪،)155/3‬‬
‫وعوارض األهلية للدكتور حسين الجبوري (ص‪.)326 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬كشف األسرار (‪.)511/1‬‬
‫(‪ )6‬بعض أهل العلم يجعل الجهل من الخطأ‪ ،‬والذي يبدو أن الجهل عارض مستقل‪ ،‬ويتبين ذلك من خالل الفرق‬
‫بينهما‪ :‬فالخطأ هو فقدان القصد‪ ،‬وال يلزم منه فقدان العلم‪ ،‬والجهل هو فقدان للعلم وإن وجد القصد‪[ .‬براءة الشيخين‬
‫من إعذار الجاهلين بتوحيد رب العالمين (ص‪ ])35 :‬بحث غير منشور‪.‬‬
‫(‪ )7‬ما بين القوسين اقتباس من كشف األسرار (‪ .)511/1‬وانظر‪ :‬الفروق للقرافي (‪ 311 /2‬ـ ‪.)355‬‬
‫‪733‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ينبغي رفعه حسب االستطاعة))(‪ ،)1‬ولذا ينظر في العذر به وعدمه إلى سببه؛ فإن كان سببه تقصيراً‬
‫وتفريطاً من المكلف لم يُعذر به؛ وإما إن كان سبب الجهل خفاء الحق والتباسه مع بذل الجهد‬
‫في دفعه‪ ،‬فهذا مختلف في اإلعذار به‪ ،‬إن كان مما يمكن التحرز عنه؛ أما إ نن كان مما ال يمكن‬
‫التحرز عنه فصاحبه معذور بال خالف(‪ )2‬كمن كان حديث العهد باإلسالم‪ ،‬ولم يتمكن بعد من‬
‫معرفة تفاصيل اإلسالم‪ ،‬وكمن عاش في بادية بعيدة عن أهل العلم(‪.)3‬‬
‫على ضوء هذا تكلم أهل العلم في جاهل التوحيد(‪ ،)4‬هل يُعذر أو ال يُعذر؟ بمعنى هل‬
‫يَ نك ُفر أو ال يَك ُفر؟‬
‫وقبل الدخول في تفاصيل هذه المسألة‪ ،‬والخوض في غمار كالم أهل العلم فيها‪ ،‬ال‬
‫بد أن نبين‪ :‬أن الجهل بالتوحيد يتفاوت تفاوتاً عظيماً؛ فمن الجهل ما ال يُعذر به إجماعاً‪،‬‬
‫ومن الجهل ما يُعذر به إجماعاً(‪)5‬؛ ومنه ما اختلف أهل العلم في العذر به(‪.)6‬‬
‫فأما الجهل الذي ال يُعذر به إجماعاً بل يكون كفراً بإجماع المسلمين‪ ،‬فهو الجهل‬
‫بحقيقة دعوة النبي ‪ ،‬وأنه دعا إلى عبادة الله وحده ال شريك له؛ فمن جوز عبادة غير الله‬
‫‪ ،‬فزعم أن غير الله ـ كائناً من كان ـ يستحق أن يُعبَد مع الله أو سماه إلهاً كما كان‬
‫القدر من التوحيد ال يصح‬ ‫المشركون يفعلون كفر إجماعاً ولم يُعذر لجهله؛ ألن هذا َ‬
‫اإلسالم ابتداءً إال به‪ ،‬وهو كذلك ظاهر يفهم بأدنى نظر؛ فإن أول ما يُدخل به اإلسالم هو‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نواقض اإليمان القولية والعملية (ص‪.)69 :‬‬
‫(‪ )2‬يقول القرافي‪(( :‬وضابط ما يعفى عنه من الجهاالت الجهل الذي يتعذر االحتراز منه عادة‪ ،‬وما ال يتعذر‬
‫االحتراز عنه وال يشق لم يعف عنه)) [الفروق (‪.])560/8‬‬
‫(‪ )3‬وبهذا يعلم أن الجهل مراتب‪ :‬منه ما يمكن دفعه بيسر وسهولة‪ ،‬وال يتصور الجهل معه إال عن تفريط‪ ،‬فهذا ال‬
‫يعد عذراً‪ ،‬ومنه ما ال يمكن التحرز منه‪ ،‬وهذا صاحبه معذور باالتفاق‪ .‬ومنه ما يكون بينهما‪ ،‬وهذا هو موضع‬
‫النـزاع هنا هل يُتصور معه انتفاء التفريط أو ال يتصور؟‬
‫(‪ )4‬مقصود العلماء بالجهل الذي يعذر به أو ال يعذر‪ ،‬أن يقول قوالً أو يفعل فعالً بخالف ما حقه أن يفعل‪ ،‬أو‬
‫يعتقد اعتقاداً بخالف ما هو عليه من الحق‪ ،‬أو يشك في حقيقة الشيء‪ .‬انظر‪ :‬الكفر الذي يعذر صاحبه‬
‫بالجهل (ص‪ ،)35 :‬ونوقض اإلسالم االعتقادية للوهيبي (ص‪.)225 :‬‬
‫(‪ )5‬المراد بالجهل هنا الجهل الناشي عن عدم تفريط وإهمال‪ .‬أما الجهل الذي يكون سببه اإلهمال والتفريط فهو‬
‫ال يعذر به مطلقاً كما سيأتي في ضابط الجهل الذي يعذر به والجهل الذي ال يعذر به‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬الشفا للقاضي عياض (جـ‪ 282/2‬ـ ‪ ،)211‬والمعيار المعرب (‪.)181/2‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫قول ال إله إال الله‪ ،‬وهي تتضمن هذا القدر من التوحيد بل وتزيد عليه‪ ،‬فال بد لقائلها أن‬
‫يفهم هذا القدر مما تضمنته؛ ألنه ظاهر يـُ نفهم بأدنى نظر‪ ،‬وال يتصور الجهل به إال عن‬
‫تفريط وتقصير بل من أهل العلم من ال يتصور الجهل به أصالً‪ ،‬ألن الحجة قائمة بذلك‬
‫على كل أحد‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهذا إذا كان في المقاالت الخفية فقد يقال‪ :‬إنه‬
‫فيها مخطئ ضال‪ ،‬لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها؛ لكن ذلك يقع في طوائف‬
‫منهم في األمور الظاهرة التي تعلم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين؛‬
‫بل اليهود والنصارى يعلمون‪ :‬أن محمداً ‪ ‬بُعث بها‪ ،‬وكفر مخالفها؛ مثل أمره بعبادة الله‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من المالئكة والنبيين والشمس والقمر‬
‫والكواكب واألصنام وغير ذلك؛ فإن هذا أظهر شعائر اإلسالم))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫ومما يندرج تحت األمور الظاهرة التي ال عذر ألحد من الخلق في الجهل بها وال‬
‫شبهة أيضاً‪ :‬معرفة الله ‪ ،‬وتميز ذاته ـ سبحانه ـ عن ذوات مخلوقاته‪.‬‬
‫قال أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ فيما نقل عنه الكاساني في بدائع الصنائع(‪(( :)2‬فإن أبا‬
‫يوسف روى عن أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ هذه العبارة فقال‪ :‬كان أبو حنيفة ‪ ‬يقول‪ :‬ال‬
‫عذر ألحد من الخلق في جهله معرفة خالقه‪ ،‬ألن الواجب على جميع الخلق معرفة الرب ـ‬
‫سبحانه وتعالى ـ وتوحيده لما يرى من خلق السموات واألرض‪ ،‬وخلق نفسه‪ ،‬وسائر ما خلق‬
‫الله ـ سبحانه وتعالى ـ‪ .‬فأما الفرائض فمن لم يعلمها ولم تبلغه فإن هذا لم تقم عليه حجة‬
‫حكمية))(‪.)3‬‬
‫وقال ابن حزم الظاهري ـ رحمه الله ـ‪...(( :‬وأما من قال أن الله ‪ ‬هو فالن إلنسان‬
‫بعينه‪ ،‬أو أن الله تعالى يحل في جسم من أجسام خلقه‪ ،‬أو أن بعد محمد ‪ ‬نبياً غير‬
‫عيسى بن مريم‪ ،‬فإنه ال يختلف اثنان في تكفيره؛ لصحة قيام الحجة بكل هذا على كل‬
‫أحد))(‪ )4‬انتهى‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ .)51/1‬وانظر‪ :‬منهاج أهل الحق واالتباع البن سحمان (ص‪.)32:‬‬
‫(‪.)523/1( )2‬‬
‫(‪ )3‬وانظر‪ :‬التبصير في معالم الدين البن جرير الطبري (ص‪ 336 :‬ـ ‪ ،)330‬ودرء التعارض (‪ ،)62/1‬وبيان تلبيس‬
‫الجهمية (‪.)220/3‬‬
‫(‪ )4‬الفصل في الملل والنحل (‪ .)211/1‬وانظر‪ :‬المعيار المعرب (‪.)181/2‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وقال األنصاري(‪ )1‬في صدد تقسيمه للجهل الذي يعذر به والذي ال يعذر به‪(( :‬جهل‬
‫ال يصلح عذراً بحال ال في الدنيا وال في العقبى‪ ،‬وال شبهة أيضاً؛ كجهل الكافر بذات الله‬
‫ورسوله‪ ،‬ألن الدالئل الدالة على الوحدانية والصفات والرسالة من الحوادث والمعجزات‬
‫واضحة بحيث التحقت بالضروريات الواضحة‪ ،‬فإنكار الضروريات مكابرة ال يلتفت إليه وال‬
‫يعذر به))(‪ )2‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬
‫وأما الجهل الذي يُعذر به إجماعاً فهو الجهل بمسائل التوحيد الخفية التي قد يخفى‬
‫حكمها من الكتاب والسنة على كثير من البَ ِّرية‪ ،‬وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة؛‬
‫كالجهل ببعض الصفات‪ ،‬ومن ذلك أيضاً‪ :‬معتقدات الفرق التي تخالف اعتقاد أهل السنة‬
‫والجماعة في مسائل اإليمان واألحكام؛ كالمرجئة والخوارج والمعتزلة؛ فإن بعض أقوالهم‬
‫ِّ‬
‫المتضمن‬ ‫تتضمن أموراً كفرية من رد أدلة الكتاب وأدلة السنة المتواترة النبوية‪ ،‬فيكون القول‬
‫لرد بعض النصوص كفراً‪ ،‬وال يحكم على قائله بالكفر الحتمال وجود مانع؛ كالجهل وعدم‬
‫العلم بنفس النص أو بداللته‪ ،‬فإن الشرائع ال تلزم إال بعد بلوغها وفهمها(‪.)3‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والتحقيق في هذا‪ :‬أن القول قد يكون كفراً؛‬
‫كمقاالت الجهمية الذين قالوا‪ :‬إن الله ال يتكلم‪ ،‬وال يُرى في اآلخرة‪ ،‬ولكن قد يخفى على‬
‫بعض الناس أنه كفر‪ ،‬فيطلق القول بتكفير القائل‪ ،‬كما قال السلف‪ :‬من قال‪ :‬القرآن‬
‫مخلوق فهو كافر‪ ،‬ومن قال‪ :‬إن الله ال يُرى في اآلخرة فهو كافر‪ .‬وال يكفر الشخص‬
‫من جحد وجوب الصالة والزكاة‪ ،‬واستحل‬ ‫المعين حتى تقوم عليه الحجة كما تقدم؛ ك ن‬
‫الخمر والزنا وتأول؛ فإن ظهور تلك األحكام بين المسلمين أعظم من ظهور هذه‪ ،‬فإذا كان‬
‫المتأول يخطئ في تلك وال يحكم بكفره إال بعد البيان له واستتابته‪ ،‬كما فعل الصحابة في‬ ‫ِّ‬
‫الطائفة الذين استحلوا الخمر‪ ،‬ففي غير ذلك أولى وأحرى‪ ،‬وعلى هذا يُخرج الحديث‬
‫الصحيح حديث الذي قال‪« :‬إذا أنا مت فاحرقوني‪ ،‬ثم اسحقوني في اليم‪ ،‬فوالله لئن قدر‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬عبد العلي محمد بن نظام الدين محمد األنصاري الهندي‪ ،‬من فقهاء األحناف‪ ،‬له فواتح الرحموت شرح‬
‫مسلم الثبوت لمحب الله البهاري الهندي‪ .‬توفى سنة ‪3225‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬إيضاح المكنون في الذيل على كشف‬
‫الظنون (‪.)183/1‬‬
‫(‪ )2‬فواتح الرحموت بهامش المستصفى في أصول الفقه للغزالي (‪.)427/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬منهاج أهل الحق واالتباع (ص‪ ،)31 :‬والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل (ص‪.)31 :‬‬
‫‪332‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين»‪ .‬وقد غفر الله لهذا مع ما حصل له‬
‫من الشك في قدرة الله وإعادته إذا حرقوه))(‪.)1‬‬
‫وقال تلميذه ابن القيم ـ رحمه الله ـ في شأن الفرق المنتسبة لإلسالم المخالفة ألهل‬
‫السنة والجماعة في بعض األصول‪(( :‬وأما أهل البدع الموافقون ألهل اإلسالم‪ ،‬ولكنهم‬
‫مخالفون في بعض األصول؛ كالرافضة والقدرية والجهمية وغالة المرجئة ونحوهم‪ ،‬فهؤالء‬
‫أقسام أحدها‪ :‬الجاهل المقلِّد الذي ال بصيرة له‪ ،‬فهذا ال يكفر وال يفسق‪ ،‬وال ترد‬
‫شهادته‪ ،‬إذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى‪ .‬وحكمه حكم المستضعفين من الرجال‬
‫والنساء والولدان الذين ال يستطيعون حيلة وال يهتدون سبيالً فأولئك عسى الله أن يعفو‬
‫عنهم وكان الله عفواً غفوراً))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬وقد نقل ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ إجماع المتقدمين ومن سلك سبيلهم من‬
‫المتأخرين على عدم تكفير جاهل بعض صفات الله تعالى‪ ،‬فقال ـ رحمه الله ـ ((من جهل‬
‫صفة من صفات الله ‪ ‬وآمن بسائر صفاته وعرفها‪ ،‬لم يكن بجهله بعض صفات الله‬
‫ِّ‬
‫المتقدمين من العلماء‪،‬‬ ‫كافراً؛ قالوا‪ :‬وإنما الكافر من عاند الحق ال من جهله؛ وهذا قول‬
‫ومن سلك سبيلهم من المتأخرين))(‪ .)3‬انتهى(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬ولعل مستند هذا اإلجماع قصة ذاك الرجل الذي أمر بنيه أن ِّ‬
‫يحرقوه ويَ نذروه في‬
‫اليَم حتى ال يقدر عليه الله ‪ ،‬فشك في قدرة الله تعالى على إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه ال‬
‫يعاد‪ .‬وهي في الصحيح(‪ )5‬وغيره(‪.)6‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ عن هذا الحديث‪(( :‬فغاية ما في هذا أنه كان رجالً‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح حديث جبريل عليه السالم (ص‪ 502 :‬ـ ‪ .)501‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 555/28 ،151/1‬ـ ‪،553‬‬
‫‪ 365/15‬ـ ‪ ،)366‬ومنهاج التأسيس والتقديس (ص‪.)353 :‬‬
‫(‪ )2‬الطرق الحكمية (ص‪.)301 :‬‬
‫(‪ )3‬التمهيد (‪.)12/38‬‬
‫(‪ )4‬وانظر‪ :‬تفصيل القول فيما يعذر به وما ال يعذر به وما اختلف في اإلعذار به من مسائل التوحيد في كتاب الشفا‬
‫للقاضي عياض (جـ‪ 282/2‬ـ ‪.)135‬‬
‫(‪( )5‬جـ‪ ،)531/6‬كتاب أحاديث األنبياء‪ ،‬رقم الحديث (‪.)1183‬‬
‫(‪ )6‬مسلم‪ :‬كتاب التوبة (‪ )8550/3‬ح (‪.)8765‬‬
‫‪337‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫لم يكن عالماً بجميع ما يستحقه الله من الصفات‪ ،‬وبتفصيل أنه القادر‪ ،‬وكثير من المؤمنين‬
‫قد يجهل مثل ذلك فال يكون كافراً))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وأما الجهل المختلف في اإلعذار به بين أهل العلم فهو الجهل ببعض تفاصيل ما‬
‫ينافي توحيد العبادة مع اإلقرار بأصل استحقاق الله ـ وحده ـ للعباده؛ كمن يجهل كون االستغاثة‬
‫بغير الله عبادة لغير الله‪ ،‬أو يجهل أن صرف الدعاء لغير الله عبادة لغير الله‪ ،‬أو يجهل أن النذر‬
‫لغير الله شرك بالله‪ ،‬أو نحو ذلك(‪)2‬؛ فالعلماء متنازعون في الحكم عليه بالكفر وعدمه(‪.)3‬‬
‫وسبب الخالف بينهم هو في إلحاق هذه المسائل‪ ،‬هل تُلحق بالمسائل الظاهرة‬
‫حكمها على بعض‬ ‫ألنها مما ال تخفى؟ أو تُلحق باألمور الخفية ألنها مما قد يخفى ُ‬
‫البرية؟‬
‫(‪)4‬‬
‫ثم إن من يرى أنها مما ال يخفى يرى أن الجهل بها ال يكون إال عن تفريط‬
‫شكل مع طول البحث‬ ‫وتقصير في طلب العلم بها بخالف المسائل الخفية‪ ،‬فإنها قد تُ ِّ‬
‫والفحص والنظر نظراً لكثرة الشبهات التي قد تمنع من فهمها‪.‬‬
‫فعاد األمر إذن إلى التفريط وعدمه؛ فاألمور الظاهرة ال يكون الجهل فيها إال عن‬
‫تفريط وتقصير في التعلم بخالف األمور الخفية فقد يحصل الجهل فيها مع عدم التفريط‬
‫والتقصير في طلب العلم بها‪.‬‬
‫فالحاصل أنهم متفقون على أن األمور الظاهرة ال يكون الجهل بها إال عن تفريط وتقصير وإن‬
‫اختلفوا في تعيين هذه األمور بخالف المسائل الخفية فقد يقع الجهل بها مع انتفاء التفريط والتقصير‬
‫وإن اختلفوا أيضاً في ما يلحق بهذه األمور ويكون من جنسها‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ‪(( :‬علماء األمة متفقون على أن الجهل‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ .)133/33‬وانظر‪ :‬الصفدية (‪.)211/3‬‬
‫(‪ )2‬بعض العلماء ِّ‬
‫يسمي هذا النوع من الجهل جهل المستشفع ال ِّ‬
‫متأول الذي ال يقصد بالنداء دعاء العبادة‪ ،‬وال‬ ‫َ‬
‫يعتقد استقالل الرسول ‪ ‬بالتأثير والشفاعة‪ .‬انظر‪ :‬تعليقات الشيخ محمد رشيد رضا على الهدية السنية البن‬
‫سحمان (ص‪.)16 :‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬ابتداءً قبل النظر في حاله والتحقق من أمره هل جهله عن غير تفريط أو ال؟‬
‫(‪ )4‬التفريط‪ :‬التقصير واإلهمال‪ ،‬يقال‪ :‬فرط في األمر ـ قصر فيه وضيعه حتى فات‪[ .‬ضياء السالك إلى أوضح‬
‫المسالك (جـ‪.])87/5‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫بأمور الدين القطعية المجمع عليها التي هي معلومة منه بالضرورة كالتوحيد والبعث وأركان‬
‫اإلسالم وحرمة الزنا والخمر ليس بعذر للمقصر في تعلمها مع توفر الدواعي؛ أما غير‬
‫المقصر‪ ،‬كحديث العهد باإلسالم‪ ،‬والذي نشأ في شاهق جبل ـ مثالً ـ أي حيث ال يجد‬ ‫ِّ‬
‫من يتعلم منه ـ فهو معذور))(‪.)1‬‬
‫وقال المعلِّمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وكذلك من نطق بالشهادتين ملتزماً لإلسالم‪ ،‬ولم يكن‬
‫يعلم معناهما تفصيالً؛ فإنه يقبل إسالمه‪ ،‬ولكنه ال يُعذر إذا جرى منه ما ينقض الشهادة‪،‬‬
‫إال إذا كان قريب العهد بالكفر لم يُمكنه التعلم‪ ،‬وحال ما يبين له أن قوله أو فعله مخالف‬
‫للشهادة يرجع عنه‪ ...‬إلى أن قال‪:‬‬
‫واعلم أن قريب العهد ليس له حد معين‪ ،‬وإنما المدار فيه على التقصير في التعلم‬
‫وعدمه‪ ،‬فمن لم يقصر عذر‪ ،‬ومن قصر لم يعذر))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬وإناطة اإلعذار بالجهالة وعدمه على التقصير في التعلم وعدمه مقرر في كالم‬
‫أهل العلم‪.‬‬
‫يقول القرافي رحمه الله‪(( :‬القاعدة الشرعية دلت على أن كل جهل يمكن دفعه‪ ،‬ال‬
‫يكون حجة للجاهل‪ ،‬فإن الله تعالى بعث رسله إلى خلقه برسائله‪ ،‬وأوجب عليهم كافة أن‬
‫يعلموها‪ ،‬ثم يعملوا بها‪ ،‬فالعلم والعمل بها واجبان‪ ،‬فمن ترك التعلم والعمل‪ ،‬وبقي جاهالً‪،‬‬
‫فقد عصى معصيتين لتركه واجبين))(‪.)3‬‬
‫ويؤكد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على هذه القاعدة فيقول‪(( :‬إن بيان الحكم سبب لزوال‬
‫الشبهة المانعة من لحوق العقاب‪ ،‬فإن العذر الحاصل باالعتقاد ليس المقصود بقاءه بل‬
‫المطلوب زواله بحسب اإلمكان‪ ،‬ولوال هذا لما وجب بيان العلم ولكان ترك الناس على‬
‫جهلهم خيراً لهم‪ ،‬ولكان ترك دالئل المسائل المشتبهة خيراً من بيانها)) انتهى(‪.)4‬‬
‫ويذكر أيضاً أن ذلك مناط المؤاخذة وعدمها في مسائل التكفير فيقول‪(( :‬وأما‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬من تعليقات الشيخ محمد رشيد على رسالة ما يعذر به وما ال يعذر به من الجهالة للشيخ عبد الله أبا بطين ضمن‬
‫بضع رسائل الدينية في العقيدة اإلسالمية (ص‪ )13 :‬في الهامش طبع مكتبة المنار‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫(‪ )2‬رفع االشتباه (ص‪.)52 :‬‬
‫(‪ )3‬الفروق (‪.)853/3‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)879/80‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫(التكفير) فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد ‪ ‬وقصد الحق فأخطأ‪ :‬لم يكفر‪ :‬بل‬
‫يغفر له خطؤه‪ .‬ومن تبين له ما جاء به الرسول‪ ،‬فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى‪،‬‬
‫واتبع غير سبيل المؤمنين‪ :‬فهو كافر‪ .‬ومن اتبع هواه؛ وقصر في طلب الحق‪ ،‬وتكلم بال‬
‫(‪)1‬‬
‫علم‪ :‬فهو عاص مذنب‪ .‬ثم قد يكون فاسقاً‪ ،‬وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته))‬

‫ويفرط في تعلم‬‫يقصر ِّ‬‫ويقول ابن اللحام(‪(( :)2‬جاهل الحكم إنما يعذر إذا لم ِّ‬
‫الحكم‪ ،‬أما إذا قصر أو فرط فال يعذر جزماً))(‪.)3‬‬
‫ويقول السيوطي(‪(( :)4‬كل من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم‬
‫يقبل‪ ،‬إال أن يكون قريب عهد باإلسالم‪ ،‬أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيها مثل ذلك))(‪.)5‬‬
‫وضابط عدم التقصير في التعلم المقتضي لعدم التكفير بينه شيخ اإلسالم في قوله‪:‬‬
‫((فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه‪ ،‬إذا كان مقصوده متابعة‬
‫الرسول بحسب إمكانه هو أحق بأن يتقبل الله حسناته‪ ،‬ويثيبه على اجتهاداته‪ ،‬وال يؤاخذه بما‬
‫أخطأ‪ ،‬تحقيقاً لقوله تعالى‪ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ [البقرة‪.)6())]286 :‬‬
‫ثم إن َم نن حكموا بكفر جاهل تفاصيل توحيد العبادة لم يجزموا بكفره في نفس‬
‫األمر‪ ،‬ولكن يقولون‪ :‬ظاهره أنه مات على الشرك‪ ،‬ما لم تقم عليه حجة رسالية واضحة‬
‫يكفر لتركها؛ ألنه قد يكون معذوراً عند الله تعالى‪ ،‬ولكن يعاملونه في الدنيا معاملة‬
‫المشركين في الظاهر‪ ،‬ويكلون أمر الباطن إلى الله تعالى‪.‬‬
‫فمرادهم بعدم اإلعذار هو في حكم الدنيا ِّم نن سلبه حقوق اإلسالم(‪ ،)7‬ال في حكم‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)520/58‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬علي بن محمد بن عباس البعلي الحنبلي‪ ،‬الفقيه الواعظ األصولي‪ ،‬توفي بمصر سنة (‪ )204‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته‬
‫في شذرات الذهب (‪.)45/7‬‬
‫(‪ )3‬القواعد والفوائد األصولية (ص‪.)62 :‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬عبد الرحمن بن محمد المصري الشافعي الملقب جالل الدين‪ ،‬عالم مشارك في أنواع من العلوم‪ ،‬نشأ‬
‫بالقاهرة‪ ،‬وألف كتباً كثيرة في مختلف الفنون‪ ،‬توفي سنة (‪ )955‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬البدر الطالع (‪.)482/5‬‬
‫(‪ )5‬األشباه والنظائر (ص‪.)800 :‬‬
‫(‪ )6‬مجموع الفتاوى (‪ 365/25‬ـ ‪ ،)366‬ودرء التعارض (‪ .)135/2‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)385/32‬‬
‫(‪ )7‬ألهل السنة ثالثة أقوال في حكمهم في الدنيا‪.‬‬
‫=‬ ‫األول‪ :‬أنهم كفار في الدنيا‪.‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫اآلخرة؛ فهو إلى الله تعالى(‪)1‬؛ وقد يكون له عذر عند الله تعالى‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬من كان من أهل الجاهلية عامالً‬
‫باإلسالم تاركاً للشرك فهو مسلم‪ ،‬وأما من كان يعبد األوثان‪ ،‬ومات على ذلك قبل ظهور هذا‬
‫الدين‪ ،‬فهذا ظاهره الكفر‪ ،‬وإن كان يحتمل أنه لم تقم عليه الحجة الرسالية‪ ،‬وعدم من ينبهه‪،‬‬
‫ألنا نحكم على الظاهر‪ ،‬وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫ويقول ابن معمر ـ رحمه الله ـ(‪(( :)3‬وأما من كانت حاله حال أهل الجاهلية ال يعرف‬
‫التوحيد الذي بعث الله به رسوله يدعوا إليه‪ ،‬وال الشرك الذي بعث الله رسوله ينهى عنه‬
‫ويقاتل عليه‪ ،‬فهذا ال يقال إنه مسلم لجهله بل من كان ظاهر عمله الشرك بالله فظاهره‬
‫الكفر فال يستغفر له‪ ،‬وال يتصدق عنه‪ ،‬ونكل حاله إلى الله الذي يبلو السرائر ويعلم ما‬
‫نفرق بين المعين وغيره‪ ،‬فال نحكم على‬ ‫تخفي الصدور‪ ،‬وال نقول فالن مات كافراً‪ ،‬ألنا ِّ‬
‫معين بكفر ألنا ال نعلم حقيقة حاله وباطن أمره‪ ،‬بل ذلك إلى الله))(‪.)4‬‬
‫وكذا من حكموا بأن ظاهره اإلسالم‪ ،‬فإنهم ال يقطعون بنجاته عند الله‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫والثاني‪ :‬أنهم ليسوا بكفار في الدنيا‪.‬‬ ‫=‬
‫الثالث‪ :‬الوقف في كفرهم والجزم بفسقهم لخروجهم عما كان ينبغي لهم من النظر الذي هو خاصة اإلنسان‪ ،‬وهو‬
‫مذهب ابن القيم‪ .‬انظر‪ :‬النونية مع شرحها للشيخ محمد خليل هراس (‪ 854/8‬ـ ‪.)853‬‬
‫(‪ )1‬ألهل العلم في حكمهم في اآلخرة أيضاً ثالثة أقوال‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه يعاقب عقوبة تارك التوحيد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه يعاقب عقوبة تارك الواجباب إ نن عُ ِّذب‪ ،‬فيكون تحت المشيئة عند أصحاب هذا القول‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه كأصحاب الفترات أمره إلى الله تعالى‪.‬‬
‫والقوالن األخيران ألهل السنة‪ ،‬واألول قول اإلباضية من الخوارج‪.‬‬
‫انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪ ،)525/5‬والطرق الحكمية (ص‪ ،)573 :‬ومجموع الفتاوى (‪،)520/58‬‬
‫ومجموعة الرسائل والمسائل النجدية (‪.)615/2/1‬‬
‫(‪ )2‬الدرر السنية (‪ .)111/3‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)312/3‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬حمد بن ناصر بن عثمان بن عمر‪ ،‬من أئمة الدعوة‪ ،‬أخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬والشيخ حمد‬
‫بن مانع والشيخ حسين بن غنام وغيرهم من العلماء‪ ،‬بعثه اإلمام سعود بن عبد العزيز لما استولى على الحجاز‬
‫عام (‪ )3223‬هـ إلى مكة مشرفاً على أحكام قضاتها‪ ،‬كانت وفاته سنة (‪ )3225‬هـ‪ ،‬ووالدته عام (‪)3365‬‬
‫هـ‪ .‬ينظر األعالم للزركلي (‪ ،)201/2‬وعلماء نجد خالل ثمانية قرون (‪ 323/2‬ـ ‪.)328‬‬
‫(‪ )4‬مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (‪.)615/2/1‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫يقول المعلِّمي‪(( :‬ولو فُِّرض أن قريب العهد بالكفر أصر على قوله أو فعله بعد أن بـُيِّن‬
‫له مخالفته للشهادة‪ ،‬فإنه يصير مرتداً جزماً‪ .‬أما لو مات قبل أن يُبين له‪ ،‬فالذي يقتضيه‬
‫النظر أنه وإن حكمنا في الظاهر بأنه لم يخرج عن اإلسالم‪ ،‬هو في نفس األمر مفوض إلى‬
‫ِّع نلم الله ‪ ،‬فإن َعلِّم الله ‪ ‬منه أنه لو بـُيِّن له لرجع؛ فهو ناج‪ ،‬وإن َعلِّ َم الله تعالى منه‬
‫أنه لو بيِّن له ألصر عليه؛ فال‪ .‬والله أعلم))(‪.)1‬‬
‫فهذه المسألة إذن ترجع إلى تحقيق كفر األعيان‪ ،‬أي من أجل تطبيق الحكم على‬
‫الشخص المعين؛ إذ الجميع متفقون أن العذر إذا قام فعالً(‪ )2‬بالشخص المرتكب‬
‫للمكف ر أنه يعذر‪ ،‬ولذا هذه المسألة كان حقها أن تبحث في باب الردة‪ ،‬ولكن ذكرها‬ ‫ِّ‬
‫هنا من باب المناسبة‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ‪(( :‬االختالف في العذر بالجهل كغيره من‬
‫االختالفات الفقهية االجتهادية‪ ،‬وربما يكون اختالفاً لفظياً في بعض األحيان من أجل‬
‫تطبيق الحكم على الشخص المعين‪ ،‬أي أن الجميع يتفقون على أن هذا القول كفر‪ ،‬أو‬
‫هذا الفعل كفر‪ ،‬أو هذا الترك كفر‪ ،‬ولكن هل يصدق الحكم على هذا الشخص المعين‬
‫لقيام المقتضي في حقه وانتفاء المانع‪ ،‬أو ال ينطبق لفوات بعض المقتضيات‪ ،‬أو وجود‬
‫بعض الموانع)) انتهى محل الغرض(‪.)3‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فإن الكالم على هذه المسألة سيكون تحت المقصدين التاليين‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬من نطق بشهادة أن ل إله إل الله وجهل أصل دعوة الرسل‪ ،‬وهو معنى‬
‫يحكم بإسالمه؟‬ ‫الشهادة‪ ،‬هل ُ‬
‫الجواب‪ :‬من كان وصفه كذا فإنه لم يتصور اإلسالم كما يجب‪ ،‬وعلى هذا فال تصح‬
‫منه شهادة التوحيد ال إله إال الله؛ النتفاء شرط العلم ـ الذي يصبح به العبد مسلماً ـ في‬
‫أصلي؛ فقد ذكر صاحب ((الدر الثمين في شرح‬ ‫ٌّ‬ ‫حقه(‪ ،)4‬وال يُعد مسلماً بل هو كافر‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬رفع االشتباه (ص‪.)52 :‬‬
‫(‪ )2‬وذلك إنما يكون بحصول الجهل مع انتفاء التفريط والتقصير‪ ،‬كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )3‬شرح كشف الشبهات (ص‪.)47 :‬‬
‫(‪ )4‬تقدم أنه العلم الجملي بمعنى الشهادة ال التفصيلي‪.‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المرشد المعين))(‪ )1‬من علماء المالكية ما ملخصه‪ :‬أن علماء بجاية(‪ )2‬في المغرب اجتمعوا‬
‫في القرن الحادي عشر وتحدثوا وكان في حديثهم أن قالوا‪ :‬ما رأيكم في شخص يعمل مع‬
‫الناس أعماالً‪ ،‬ولكنه ال يعلم صحة ذلك من عدمه‪ ،‬وال يعرف معنى ال إله إال الله وال ِّ‬
‫يفرق‬
‫بين الله ورسوله؛ لمالزمة الشهادتين؟ قالوا‪ :‬هذا ال يكون إال بالبوادي حيث ال علم عندهم‪.‬‬
‫فقال بعضهم‪ :‬فإذا كان األمر كذلك‪ ،‬هل له نصيب في اإلسالم؟ فأجابوا جميعاً‪ :‬بأن هذا‬
‫أو مثله ليس له نصيب في اإلسالم‪.‬‬
‫ثم قال شارحه‪ :‬وهذا الذي أفتوا به جلي في غاية الجالء‪ ،‬ال يمكن أن يختلف فيه‬
‫اثنان)) انتهى(‪.)3‬‬
‫وسئِّل الشيخ أحمد بن عيسى ـ من فقهاء بجاية بالمغرب ـ‪ :‬عمن نشأ بين ظهراني‬ ‫ُ‬
‫المسلمين وهو يقول ال إله إال الله محمد رسول الله ويصلي ويصوم‪ ،‬إال أنه ال يعرف ما‬
‫انطوت عليه الكلمة العليا فيما يعتقده لعدم معرفته بها‪ ،‬إذ اعتقاد شيء فرع المعرفة به‪ ،‬كالذي‬
‫أفرق بينهما أو غير ذلك‬ ‫يقول‪ :‬ال أدري ما الله ورسوله‪ ،‬وال أدري من هو األخير منها‪ ،‬أو ال ِّ‬
‫من كالم ال يمكن معه معرفة الوحدانية وال الرسالة‪ ،‬وإنما يقول سمعت الناس يقولون هذه‬
‫الكلمة فقلتها وال أدري المعنى الذي انطوت عليه وال أتصور صحته وال فساده وال أدري ما‬
‫أعتقد في ذلك بوجه وال أعبِّر عنه بلساني وال غيره‪ ،‬ألن التعبير عن الشيء فرع المعرفة به‪ .‬وأنا‬
‫ال أعرفه‪ .‬فهل يكتفي في إيمانه بمجرد النطق بالشهادتين والصالة والصيام وغير ذلك من أركان‬
‫اإلسالم ويعذر بجهل معنى الكلمة؟ أو ال بد من معرفة المعنى الذي انطوت عليه الكلمة العليا‬
‫من الوحدانية والرسالة وإال لم يكن مؤمناً‪.‬‬
‫فأجاب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬من نشأ بين أظهر المسلمين‪ ،‬وهو ينطق بكلمة التوحيد‪ ،‬مع‬
‫شهادة الرسول ‪ ،‬ويصوم ويصلي‪ ،‬إال أنه ال يعرف المعنى الذي انطوت عليه الكلمة‬
‫الكريمة كما ذكرتم ال يضرب له في التوحيد بسهم‪ ،‬وال يفوز منه بنصيب‪ ،‬وال ينسب إلى‬
‫إيمان وال إسالم‪ ،‬بل هو من جملة الهالكين‪ ،‬وزمرة الكافرين‪ ،‬وحكمه حكم المجوس في‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله مياره‪ ،‬فقيه مالكي‪ ،‬من أهل فاس‪ ،‬ولد سنة تسع وتسعين‬
‫وتسعمائة هجرية‪ ،‬وتوفي سنة اثنتين وسبعين وألف هجرية‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في األعالم للزركلي (‪ 33/6‬ـ ‪.)32‬‬
‫(‪ )2‬بجاية ـ بكسر الباء وتخفيف الجيم ـ مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب [معجم البلدان (‪.])111/3‬‬
‫(‪( )3‬صـ ‪ )00‬بمعناه‪ .‬وانظر‪ :‬تطهير االعتقاد بتعليق السناني (ص‪ ،)01 :‬وتيسير العزيز الحميد (ص‪.)65 :‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫جميع أحكامه‪ ،‬إال في القتل؛ فإنه ال يقتل إال إذا كان امتنع من التعليم))(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫فثبت أن هؤالء كفار أصليون ألنهم لم يفهموا حقيقة التوحيد‪.‬‬
‫وج ِّه َل بعض‬
‫المقصد الثاني‪ :‬من نطق بشهادة أن ل إله إل الله عالماً بأصل معناها‪َ ،‬‬
‫تفاصيل ما ينقضها‪ ،‬هل يُعذر بجهله؟‬
‫هذه هي المسألة الكبيرة التي تضاربت فيها اآلراء واختلفت فيها األقوال؛ فكلٌّ نظر‬
‫إليها بما انقدح في نفسه من تصور الجهل فيها أو ال‪.‬‬
‫نقرر أموراً هي محل ِّوفاق‬ ‫وقبل الدخول في خالف أهل العلم في هذه المسألة‪ِّ ،‬‬
‫بين أهل العلم‪ ،‬بعضها قد سبقت اإلشارة إليه‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬أن الجهل في ذاته عذر شرعي يُعذر به في هذه المسائل وغيرها(‪.)2‬‬
‫ومما يؤكد ذلك أن أهل العلم متفقون على العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة‬
‫في صور منها‪ :‬من كان حديث العهد باإلسالم‪ ،‬أو نشأ ببادية بعيدة عن بالد المسلمين كما‬
‫تقدم(‪)3‬؛ فإن هذا ليس استثناءً في الواقع وإنما هو تطبيق للقاعدة األصلية التي تمنع مؤاخذة‬
‫من يجهل التحريم حتى يصبح العلم ُميَسراً له؛ فمثل هؤالء لم يكن العلم ُميَسراً لهم‪ ،‬وال يعتبرون‬
‫عالمين بأحكام الشريعة(‪.)4‬‬
‫متمكناً من أدواته وآالته ثم أعرض‬ ‫األمر الثاني‪ :‬أن الجاهل إن كان قادراً على العلم ِّ‬
‫عن طلبه فليس بمعذور؛ لتفريطه في ترك الواجب عليه من التعلم ال ألصل جهله(‪ .)5‬ونظير‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬المعيار المعرب (‪ 428/8‬ـ ‪.)424‬‬
‫(‪ )2‬ولكن كما سيأتي في األمر الثاني والخامس‪ ،‬فهو ليس عذراً بإطالق‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهذا مما يبين الفرق بين العلم اإلجمالي والتفصيلي‪ ،‬وهو أن العلم اإلجمالي ال عذر ألحد في جهله‪ ،‬وأما العلم‬
‫التفصيلي فسيأتي تحقيق القول فيه‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التشريع الجنائي لعبد القادر عودة (‪ .)345/5‬ولكن يجب أن يعلم أن حديث العهد باإلسالم وكذا من‬
‫نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم ليس معذوراً لذاته ولكن ألجل عدم تيسر العلم له‪ ،‬فمتى تيسر العلم له وأمكنه‬
‫التعلم ثم قصر في طلبه لم يكن معذوراً شأنه شأن غيره من المكلفين‪.‬‬
‫(‪ )5‬ويدخل في ذلك من بلغته الحجة من القرآن أو من السنة على وجه يفهمها لو أراد ذلك‪ ،‬ثم لم يلتفت إليها ولم‬
‫مفرط ومعرض‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫يعمل بها‪ ،‬فهذا ال يعذر بالجهل وال بعدم فهمه ألنه ِّ‬
‫[األحقاف‪[ .]3 :‬اإلعالم بنواقض اإلسالم (ص‪ ])84 :‬لعبد العزيز الطريقي‪ ،‬بحث غير منشور‪ .‬وانظر‪ :‬طريق‬
‫الهجرتين (ص‪ 906 :‬ـ ‪ ،)910‬ومجموع الفتاوى (‪ )140/11‬و (‪.)389/13‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ذلك ما جاء في شأن المستضعفين في األرض الذين رضوا بما هم عليه من االستضعاف‬
‫المانع لهم من إظهار دينهم أو فعلهم لبعض الواجبات الظاهرة حيث فرطوا في ما يرفع‬ ‫ِّ‬
‫مكنهم فيه إظهار دينهم والقيام بما يجب‬ ‫ذلك االستضعاف عنهم وهو الهجرة إلى بلد ي ِّ‬
‫ُ‬
‫عليهم‪ ،‬فقال تعالى في شأنهم‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ [النساء‪)1(]10 :‬؛ فذمهم‬
‫الله على تفريطهم في ترك الهجرة‪ ،‬ولم يجعل ذلك االستضعاف عذراً مانعاً لهم من اإلثم‬
‫والعقوبة‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬أن الجاهل إن كان مقبالً على طلب العلم‪ ،‬ولكن ليس بين يديه‬
‫أدواته وهو عاجز عن آالته ال يستطيع تحصيله؛ فهو معذور بجهله(‪.)2‬‬
‫األمر الرابع‪ :‬أن القدر من العلم الذي ال يكون اإلسالم إال به ال عذر بجهله(‪)3‬؛ إما‬
‫لكونه ضرورياً ال يتصور الجهل به‪ ،‬وإما ألنه ظاهر يفهم بأدنى نظر فال يُتصور الجهل به إال‬
‫عن تفريط وتقصير‪ ،‬وإما ألنه العلم الذي يصبح به العبد مسلماً وإال فهو كافر أصلي‪.‬‬
‫األمر الخامس‪(( :‬من كان يعيش في جو إسالمي مصفى وجهل من األحكام ما كان‬
‫منها معلوماً من الدين بالضرورة ـ كما يقوله الفقهاء ـ فهذا ال يكون معذوراً ألنه بلغته الدعوة‬
‫وأقيمت عليه الحجة))(‪.)4‬‬
‫األمر السادس‪ :‬أن الجهل ببعض تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ال ينافي العلم‬
‫حال قولها بدليل قصة أصحاب ذات أنواط(‪ ،)5‬فإنه‬ ‫الجملي بمعنى الشهادة الذي هو شرط َ‬ ‫ُ‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬روح المعاني لأللوسي (‪ 323/1‬ـ ‪.)322‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)520/58‬‬
‫الج َملي ال التفصيلي‪ .‬انظر‪( :‬ص‪.)211 :‬‬
‫(‪ )3‬تقدم أنه العلم ُ‬
‫(‪ )4‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)554/7‬‬
‫(‪ )5‬حديث ذات أنواط أخرجه الترمذي في جامعه (‪ )105/1‬حديث رقم (‪ ،)2385‬وأحمد في المسند‬
‫(‪ ،)238/5‬وعبد الرزاق في المصنف (‪ ،)161/33‬وابن أبي عاصم في السنة (‪ .)10/3‬وقال األلباني في‬
‫ظالل الجنة (‪ )10/3‬إسناده حسن‪.‬‬
‫وذات أنواط هي اسم شجرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها أسلحتهم أي يعلقونها بها ويعكفون حولها‪،‬‬
‫فسأل بعض الصحابة النبي ‪ ‬أن يجعل لهم مثلها فقال‪« :‬قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل‬
‫=‬ ‫لموسى‪ :‬اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة‪ ،‬إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم‪ ..‬الحديث»‪ .‬انظر‪ :‬النهاية في‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫قد صح إسالمهم مع فقدهم للعلم ببعض تفاصيل معنى الشهادة(‪.)1‬‬


‫إذا تقرر هذا‪ ،‬فإن تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة اختلف أهل العلم في إعذار‬
‫الجاهل بها‪ ،‬وليس ذلك الختالفهم في أصل العذر بالجهل بها ـ كما تقدم ـ وإنما‬
‫الختالفهم في تصور الجهل بهذه التفاصيل مع انتفاء التفريط والتقصير في طلب العلم بها‪.‬‬
‫فمن تصور الجهل بهذه التفاصيل مع انتفاء التفريط والتقصير في العلم بها ألحقها‬
‫بالمسائل الخفية التي يُعذر بالجهل في مثلها‪ ،‬ومن لم يتصور الجهل بهذه التفاصيل إال‬
‫عن تفريط وتقصير ألحقها بالمسائل الظاهرة التي ال يُعذر بالجهل في مثلها‪.‬‬
‫مورد النـزاع بينهم في‬
‫قي نِد هو محل اعتبار عند الجميع‪ ،‬يتضح بموجبه ُ‬ ‫ثم ههنا َ‬
‫(‪)2‬‬
‫القيد الحكم على المكلف‬ ‫هذه المسألة‪ ،‬وهو قَـنيد التمكن من العلم ‪ ،‬إذ ينبني على هذا ن‬
‫يعولون على هذا القيد عند تناولهم لهذه المسألة‬ ‫بالتقصير وعدمه‪ ،‬ولذا نجد أهل العلم ِّ‬
‫وينصون عليه‪ ،‬ويحاولون ضبطه بذكر الصور التي يكون معها المسلم متمكناً من العلم قادراً‬
‫على تحصيله‪ ،‬والصور التي ال يكون معها كذلك‪.‬‬
‫وقد ظهر لي من كالمهم أن ضابط التمكن من العلم‪ ،‬هو‪ :‬كل من أمكنه العلم‬
‫بسؤال أهل العلم أو معرفة العلم من خالل كتب العلم فهو ِّ‬
‫متمكن من العلم(‪ .)3‬إال أن‬
‫بعض أهل العلم يشترط مع ذلك أن يفهم العلم (الحجة)(‪ )4‬فيما لو سأل أهل العلم أو‬
‫تعرف على كالمهم(‪.)5‬‬
‫ــــــــــ‬
‫غريب الحديث (‪.)320/5‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬فتاوى ورسائل الشيخ سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (‪.)578/5‬‬
‫(‪ )2‬المراد بالتمكن هنا تيسر العلم مع القدرة على تحصيله بعد السعي والطلب‪ ،‬ليس التمكن بمعنى التضلع والمعرفة‬
‫التامة القوية بالشيء‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬نونية ابن القيم مع شرحها للدكتور محمد خليل هراس (‪ 261/2‬ـ ‪ ،)261‬ومجموع الفتاوى (‪108/32‬‬
‫ـ ‪ ،)51/25 ،101‬والتشريع الجنائي (‪.)115/3‬‬
‫(‪ )4‬المراد بفهم العلم هنا مطلق اإلدراك‪ ،‬وال يشترط أن يفهم العلم (الحجة) كما فهمه أبو بكر وعمر‪ ،‬ألنه فرق بين‬
‫مطلق الفهم الذي هو اإلدراك وبين الفهم المطلق الذي هو الفهم التام الموجب لالنقياد‪.‬‬
‫(‪ )5‬ويدخل في ذلك المعرض ِّ‬
‫المفرط الذي بلغته الحجة من القرآن أو من السنة على وجه يفهمها لو أراد ذلك‪ ،‬ثم‬
‫[األحقاف‪]3 :‬‬ ‫لم يلتفت إليها ولم يعمل بها؛ فهذا ال يعذر بالجهل كما قال تعالى‪ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫لكونه متمكناً من العلم‪ .‬انظر‪ :‬طريق الهجرتين (ص‪ 906 :‬ـ ‪ ،)910‬ومجموع الفتاوى (‪.)389/13‬‬
‫‪332‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ِّ‬
‫المتمكن من‬ ‫ويترتب على اشتراط فهم الحجة (العلم) الخالف بينهم في اعتبار غير‬
‫العلم؛ فهو عند من يشترط فهم الحجة صنفان من الناس‪ :‬من لم يتمكن من العلم أصالً‪،‬‬
‫ومن تمكن من العلم بسؤال أهل العلم إال أنه لم يفهم العلم‪ .‬وأما من ال يشترط فهم الحجة‬
‫المتمكن من العلم عنده صنف واحد‪ ،‬وهو من عجز عن العلم فلم يتمكن من‬ ‫ِّ‬ ‫فغير‬
‫تحصيله‪ .‬أما من تمكن من العلم بسؤال أهل العلم إال أنه لم يفهم العلم فهو عنده في حكم‬
‫ِّ‬
‫المتمكن من العلم‪ ،‬ألن الحجة تقوم عنده بمجرد بلوغ العلم‪.‬‬
‫للمتمكن من العلم بمن يقيم بين مسلمين أهل العلم بينهم متوافرون أو من‬ ‫ِّ‬ ‫ومثلوا‬
‫كانت كتب أهل العلم بين يديه وأمكنه الرجوع إليها(‪ ،)1‬فهذا غير معذور بجهله عند من ال‬
‫يتصور الجهل في هذه المسائل إال عن تفريط وتقصير وال يعتبر مع ذلك فهم الحجة شرطاً‬
‫مفرط في إزالة الجهل عن نفسه بسؤال أهل العلم‪،‬‬ ‫لقيد التمكن من العلم؛ إذ يرى أن هذا ِّ‬‫ن‬
‫وأنه لو سأل لكانت الحجة مقامةً عليه بمجرد بلوغ العلم؛ فإذا سمع من أهل العلم اآليات‬
‫المبينة للشرك فقد قامت عليه الحجة بذلك فهمها أو لم يفهمها‪ .‬وأما من يتصور الجهل بهذه‬
‫المسائل مع انتفاء التفريط والتقصير لعروض الشبهات التي تحول عنده دون التمكن من العلم‪،‬‬
‫فقد يقول بعذره‪.‬‬
‫وكون المسلم يقيم بين ظهراني مسلمين هذا ال يكفي بمجرده في توفر شرط‬
‫إمكانية العلم ـ كما قد يقوله البعض ـ إال إذا كانت هذه المسائل منتشرة بينهم يشترك غالب‬
‫الناس في العلم بها أو كان أهل العلم الذين ينبهون على هذه المسائل متوافرين‪ .‬أما إذا‬
‫غلب على البيئة الجهل واندراس آثار النبوة ولم يوجد من ينبِّه على هذه المسائل‪ ،‬فهذه‬
‫أوصاف ال يتأتى معها شرط اإلمكانية عندهم(‪.)2‬‬
‫ومن الصور التي ينتفي معها شرط اإلمكانية أيضاً من نشأ ببادية بعيدة عن بالد‬
‫المسلمين‪ ،‬أو من كان قريب العهد باإلسالم ولم يمكنه بعد التعرف على تفاصيل اإلسالم‪،‬‬
‫أو أسلم في دار حرب؛ ألنها ليست محالً لشهرة األحكام(‪.)3‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التشريع الجنائي (‪ ،)115/3‬وفتاوى الشيخ ابن باز (‪ 528/2‬ـ ‪ )521‬طبع دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪.)3136‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 365/15 ،150/33‬ـ ‪.)366‬‬
‫=‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)150/33 ،151 ،213/1‬وتعليق محمد رشيد على رسالة ما يعذر به وما ال يعذر‬
‫‪337‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫إال أن ههنا صورة قد تُلحق بقاعدة إمكانية العلم‪ ،‬وهي من نشأ ببادية بعيدة عن‬
‫بالد المسلمين‪ ،‬فوقع في نَـ نوِّع شرك ثم حصل عنده شك في صحة ما هو عليه‪ ،‬فهذا يتعين‬
‫في حقه أن يهاجر في طلب دفع هذا الشك عن نفسه وإال كان ِّ‬
‫مقصراً‪ ،‬وذلك لقيام‬
‫المقتضي عنده للتعلم‪ ،‬وهو شكه في صحة ما هو عليه‪ .‬وال يُعذر بكونه بعيداً عن بالد‬
‫المسلمين‪ ،‬ألن هذا ممن يشمله قوله تعالى‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ [النساء‪:‬‬
‫‪.]10‬‬
‫فيتبين مما سبق أن مورد النـزاع بينهم هو في صورة واحدة‪ ،‬وهي من نشأ في بعض‬
‫البالد اإلسالمية التي انتشر فيها الشرك والبدعة والخرافة‪ ،‬وغلب عليها الجهل‪ ،‬ولم يوجد‬
‫فيهم عالم يبين لهم ما هم فيه من الضالل‪ ،‬أو وجد ولكن بعضهم لم يسمع بدعوته وإنذاره‪،‬‬
‫أو سمع ولكن انطلت عليه شبهات المخالفين ولم يستطع التمييز بين الحق والباطل‪ .‬أما‬
‫من كان حديث عهد بإسالم أو نشأ ببادية بعيدة عن بالد المسلمين ولم يطرأ عليه الشك‬
‫في صحة ما هو عليه‪ ،‬أو أسلم في دار حرب فهو معذور عند الجميع‪ ،‬وذلك النتفاء شرط‬
‫التكليف في حقه‪ ،‬وهو إمكانية العلم أو قيام المقتضي للتعلم(‪.)1‬‬
‫وبعد أن تحرَر مورد النـزاع نعود إلى أصل مسألتنا‪ ،‬فنقول‪ :‬أن من عاش بين ظهراني‬
‫َ‬
‫مسلمين وجهل بعض تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة الناس في الحكم عليه باإلعذار‬
‫فريقان(‪:)2‬‬
‫ــــــــــ‬
‫به من الجهالة للشيخ عبد الله أبا بطين ضمن بضع رسائل الدينية في العقيدة اإلسالمية (ص‪ )13 :‬طبع مكتبة‬ ‫=‬
‫المنار‪ ،‬مصر‪ ،‬فتاوى الشيخ ابن باز (‪ )521/2‬رقم (‪ )1265‬ط‪ :‬دار الوطن‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪ ،) 331/0‬وشرح كشف الشبهات للشيخ ابن عثيمين (ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )2‬أشار إلى الخالف في هذه المسألة سماحة الشيخ العالمة ابن باز ـ رحمه الله ـ كما نقله صاحب كتاب سعة‬
‫رحمة رب العالمين للجهال المخالفين للشريعة من المسلمين (ص‪ ،)08 :‬ونقله عنه أيضاً سماحة الشيخ‬
‫العالمة عبد المحسن العباد في شرح شروط الصالة وأركانها وواجباتها لشيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب‬
‫(ص‪ 05:‬ـ ‪.)01‬‬
‫قلت‪ :‬وبعض أهل العلم ال يرى خالفاً حقيقياً بينهم بل يعزو القول بعدم العذر إلى حقب زمنية معينة انتشر فيها العلم‬
‫وتميز فيها الحق؛ فتكون هذه األقوال العتبارات متباينة ليست في اعتبار واحد؛ ولكن مهماً يكن من شيء فإن سبب‬
‫=‬ ‫الخالف بينهم أمر ال ينضبط‪ ،‬وال يمكن التواطؤ عليه ألنه شيء نسبي‪ ،‬وهو الحكم بالتقصير في طلب الحجة‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫فريق يرى أنه ال يُعذر؛ لظهور أدلة الشرك في الكتاب والسنة‪ ،‬وأن جاهل تلك األدلة ال‬
‫مفرطاً في رفع الجهل عن نفسه‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫يخلو‪ :‬إما أن يكون متجاهالً قاصداً الكفر بقلبه أو ِّ‬
‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫أكثر العلماء من أئمة الدعوة وفقهاء المذاهب ‪ ،‬وهو مذهب جماعة من المتقدمين؛ منهم‬
‫ابن جرير الطبري(‪ )2‬ـ رحمه الله ـ‪ .‬وقد نقل بعض أهل العلم إجماع المتقدمين عليه‪ ،‬وممن نقل‬
‫إجماعهم إسحاق بن عبد الرحمن كما في رسالته "حكم تكفير المعين"(‪ )3‬وعبد الله أبا بطين‬
‫كما في رسالته "اإلنتصار لحزب الله"(‪ .)4‬وفي نقل هذا اإلجماع نظر كبير(‪.)5‬‬
‫وقسم يرى أنه قد يُعذر؛ ألن أدلة الشرك قد تخفى على بعض المكلفين مع بذلهم‬
‫الجهد في طلبها‪ ،‬وذلك بسبب غلبة الجهل وكثرة الشبهات التي قد تمنع من فهم تلك‬
‫األدلة على وجهها الصحيح‪ .‬ومن هؤالء ابن العربي(‪ )6‬وشيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه‬
‫الله(‪ ،)7‬وإمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ واإلمام الصنعاني(‪،)8‬‬
‫ــــــــــ‬
‫وعدمه‪ ،‬ألنه تكتنفه أمور كثيرة كما سيأتي‪.‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الفروق للقرافي (جـ‪ 355/2‬ـ ‪ ،)353‬شرح الشفا (‪.)118/2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التبصير بمعالم الدين (ص‪ 336 :‬ـ ‪.)330‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة للشيخ إسحاق ضمن فتاوى األئمة النجدية‬
‫(‪.)338/1‬‬
‫(‪( )4‬ص‪ )89 :‬ضمن مجموعة ((عقيدة التوحيد))‪.‬‬
‫(‪ ) 5‬نقل اإلجماع يصح إذا كان المراد الجهل بمعرفة الله سبحانه وتعالى‪ ،‬فالجهل بمعرفة الله ال عذر ألحد من‬
‫الخلق فيه إجماعاً‪ ،‬كما تقدم‪ .‬أما تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة‪ ،‬فإن وقوع الخالف فيها دليل على عدم‬
‫اإلجماع؛ فلو كانت مسألة إجماعية لما ساغ الخالف فيها أصالً‪ .‬أو يكون ذلك إجماعاً نسبياً باعتبار العصور‬
‫األولى حيث ظهور هذه المسائل وعدم وقوع اللبس فيها‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬محاسن التأويل للقاسمي (‪ 3150/5‬ـ ‪.)3158‬‬
‫(‪ )7‬ومن الجدير بالذكر أن شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ال يعذر بالجهالة في العلم بأصل توحيد العبادة الذي هو األمر‬
‫بعبادة الله وحده ال شريك له والنهي عن عبادة أحد سوى الله تعالى‪ ،‬ولكن يرى العذر في تفاصيل هذا التوحيد‬
‫مثل‪ :‬الجهل بكون االستغاثة بغير الله شركاً أو كون النذر لغير الله شركاً؛ فمتى جاء في كالمه عدم العذر بالجهالة‬
‫في الشرك فهو محمول على أصل التوحيد‪ ،‬ومتى جاء في كالمه العذر بالجهالة في مسائل الشرك فهو محمول‬
‫على الجهل بتفاصيل التوحيد وفروعه‪ .‬ولذا جرى التنبيه حتى ال يتوهم التناقض في كالمه ـ رحمه الله‪ .‬وانظر‪:‬‬
‫للمقارنة (‪ )51/38 ،51/1‬مع تلخيص االستغاثة (‪ )013/2‬والرد على اإلخنائي (ص‪ 63 :‬ـ ‪.)62‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬تطهير االعتقاد المطبوع مع شرحه للشيخ علي بن سنان (ص‪.)325 :‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫والشوكاني(‪ ،)1‬ومحمد بشير السهسواني(‪ ،)2‬وذهب إليه من المعاصرين المعلِّمي(‪،)3‬‬


‫ِّ‬
‫المتقدمين ابن حزم‬ ‫واأللباني(‪ ،)4‬وابن عثيمين(‪ )5‬والشيخ عبد الرزاق عفيفي(‪ ،)6‬وقال به من‬
‫الظاهري(‪ )7‬ـ رحمه الله‪.‬‬
‫ِّ‬
‫المتقدم هو في حق الجاهل المريد للعلم والهدى إال أنه لم‬ ‫قلت‪ :‬وهذا التفصيل‬
‫يتمكن من العلم وال تحصيله ممن تلفظ بكلمة التوحيد ال إله إال الله(‪ ،)8‬وأما الجاهل‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬السيل الجرار (‪.)508/1‬‬
‫(‪ )2‬صيانة اإلنسان (ص‪.)336 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬رفع االشتباه (ص‪ 52 :‬ـ ‪.)51‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪ 332/0‬ـ ‪ ،)331‬وفتنة التكفير (‪ 11‬ـ ‪ ،)55‬وحكم تارك الصالة (ص‪:‬‬
‫‪.)55‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬شرح كشف الشبهات (ص‪ ،)15 :‬والقول المفيد على كتاب التوحيد (‪ 301/3‬ـ ‪.)301‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (‪.)302 ،303/3‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬الفصل في األهواء والملل (‪.)211/1‬‬
‫(‪ )8‬قال الشيخ محمد خليل هراس في بيان هؤالء‪(( :‬فهم قوم عجزوا عن الوصول إلى الحق مع حسن قصدهم‬
‫وصالح نياتهم ومع إيمانهم بالله ورسوله ورجاء لقائه‪ ،‬وهم ضربان‪:‬‬
‫قوم أتوا من حسن ظنهم بأقوال شيوخ من أهل العلم ذوي أسنان وشرف وحسن تدين واستقامة ولم يجدوا سوى‬
‫هذه األقوال فرضوا بها واطمأنوا إليها لحسبانهم أنها هي الحق‪ ،‬ولكنهم لو وجدوا من يدلهم على الحق ويأخذ‬
‫بيدهم إلى الهدى لم يؤثروا عليه شيئاً ولم يرضوا به بديالً من أقوال أهل الكذب والبهتان‪ .‬وحكم هؤالء أنهم‬
‫معذورون لعدم تمكنهم من الهدى بشرط أن ال يظلموا أهل الحق وال يكفروهم بالجهل والعدوان‪.‬‬
‫وأما اآلخرون قوم يطلبون الحق ويتلمسون الطريق إليه‪ ،‬ولكنهم مع اجتهادهم في البحث وقراءتهم الكتب التي‬
‫يقصدون منها الوصول إلى المعرفة قد حال بينهم وبين الوصول إليه أمران‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنهم طلبوا الحقائق من غير أبوابها وسلكوا إليها غير طرقها‪ ،‬كمن تسور الجدران إلى الدار‪ ،‬وال يدخل‬
‫من الباب‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أنهم سلكوا إليها طرقاً غير موصلة إلى اليقين بحقائق اإليمان فالتبست عليهم تلك األمور كما تلتبس‬
‫على السالك الحيران‪ ،‬فترى أفاضل هؤالء ورؤساؤهم حيارى في بيداء الضالل يقرعون أسنانهم ندماً‪ ،‬ويقولون‪ :‬قد‬
‫كثرت علينا الطرق واشتبهت‪ ،‬فال ندري أيها الطريق الموصل إلى الله! بل كلها طرق مخوفة مملوءة باآلفات‪،‬‬
‫فينتهي بهم األمر إلى التوقف مع تحصيلهم ألركان اإليمان التي هي اإليمان بالله ومالئكته وكتبه ورسله ولقائه‬
‫والبعث بعد الموت‪ .‬فهؤالء أمرهم مردود بين أن يؤاخذوا بذنبهم وبين أن يؤجروا على اجتهادهم‪ ،‬فلمن أصاب‬
‫=‬ ‫منهم أجران‪ ،‬ولمن أخطأ منهم أجر‪ ،‬وأما أن يتركوا لواسع مغفرة الله وعظيم رحمته)) [شرح نونية ابن القيم‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ِّ‬
‫المتمكن من العلم إال أنه أعرض عن طلبه ركوناً إلى التقليد(‪ )1‬فقد حكى ابن القيم ـ رحمه الله‬
‫ـ في كفره قولين ألهل العلم وتوقف في حكمه(‪.)2‬‬
‫تلك مجمل األقوال في المسألة‪ ،‬وفيما يلي نذكر نماذج من هذه األقوال مفصلة‪:‬‬
‫أولً‪ :‬نماذج من أقوال أصحاب القول األول‪:‬‬
‫يقول الشيخ سليمان بن سحمان في كتابه (الضياء الشارق)‪(( :‬الوهابية ال يكفرون‬
‫إال من كفره الله ورسوله‪ ،‬وقامت عليه الحجة التي يكفر تاركها‪ ،‬وال يلزم من تكفير من قام‬
‫به الكفر وقامت عليه الحجة تكفير جميع المسلمين؛ فإن هذا من اللوازم الباطلة واألقوال‬
‫الداحضة‪ ،‬وأما تكفير الشخص المعين فال مانع من تكفيره إذا صدر منه ما يوجب تكفيره؛‬
‫فإن عبادة الله وحده ال شريك له ـ من األمور الضرورية المعلومة من دين اإلسالم‪ ،‬فمن‬
‫بلغته دعوة الرسول وبلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة‪ ،‬وأما األمور التي ال يكفر فاعلها‬
‫حتى تقوم عليه الحجة إنما هو في المسائل النظرية واالجتهادية التي قد يخفى دليلها‪ .‬وأما‬
‫عباد القبور فهم عند السلف وأهل العلم‪ ،‬يسمون الغالية؛ ألن فعلهم غلو يشبه غلو النصارى‬
‫في األنبياء والصالحين وعبادتهم‪ ،‬فمسألة توحيد الله وإخالص العبادة له لم ينازع في‬
‫وجوبها أحد من أهل اإلسالم‪ ،‬ال أهل األهواء وال غيرهم‪ ،‬وهي معلومة من الدين بالضرورة‪،‬‬
‫كل من بلغته الرسالة وتصورها على ما هي عليه عرف أن هذا زبدتها وحاصلها‪ ،‬وسائر‬
‫األحكام تدور عليه))(‪.)3‬‬
‫يقرر أن تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ظاهرة في نصوص الكتاب‬ ‫وهذا القول ِّ‬
‫والسنة‪ ،‬وأن الحجة تقوم على المكلفين بمجرد بلوغ تلك التفاصيل إليهم‪ .‬وهذا منـزع من ال‬
‫يرى العذر بالجهل في هذه التفاصيل؛ إذ هي عنده من أعظم ضرورات الدين التي بينها‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ 855/8‬ـ ‪.])857‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬يقول الشيخ محمد خليل هراس ـ رحمه الله ـ في وصفه‪(( :‬كان متمكناً من العلم قد يسرت له أسبابه من عقل‬
‫ذكي وبصر نافذ وقدرة على فهم معاني السنة والقرآن‪ ،‬لكنهم مالوا إلى الفتور والكسل ورضوا بالتخلف وعطلوا ما‬
‫وهبهم الله من سالمة العقول وجودة األذهان‪ ،‬واستسهلوا الجري وراء غيرهم‪ ،‬يقلدونهم كالعميان‪ ،‬ولم يبذلوا‬
‫الوسع في إدراكهم للحق لقلة اكتراثهم بهذا الشأن)) [شرح نونية ابن القيم (‪ 854/8‬ـ ‪.])853‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الطرق الحكمية البن القيم (ص‪ ،)301 :‬والنونية مع شرح الشيخ محمد خليل هراس عليها (‪ 261/2‬ـ‬
‫‪.)261‬‬
‫(‪ )3‬الضياء الشارق في الرد على المازق المارق‪( :‬ص‪ .)215:‬ط‪ :‬المنار‪ .‬وانظر‪ :‬كشف الشبهتين (ص‪.)11 :‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫اإلسالم‪ ،‬ولذا فهو ال يَتصور الجهل بها إال مع التقصير والتفريط في طلب العلم بها؛‬
‫و ِّ‬
‫المفرط ال يعذر بإجماع العلماء‪.‬‬
‫وهذا ما قرره ابن سحمان ـ رحمه الله ـ في موضع آخر حيث قال‪(( :‬إن الشرك األكبر‬
‫من عبادة غير الله‪ ،‬صرفها لمن أشركوا به مع الله من األنبياء‪ ،‬واألولياء والصالحين‪ ،‬فإن هذا ال‬
‫يعذر أحد في الجهل به‪ ،‬بل معرفته واإليمان به من ضروريات اإلسالم))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن البن سحمان قوالً آخر في المسألة يقرر فيه أن الجهل في‬
‫مسائل الشرك مانع من التكفير‪ ،‬وهو قوله‪(( :‬وال نكفر إال من بلغته دعوتنا للحق‪ ،‬ووضحت‬
‫له المحجة‪ ،‬وقامت عليه الحجة‪ ،‬وأصر مستكبراً معانداً كغالب من نقاتلهم اليوم‪ ،‬يصرون‬
‫على ذلك اإلشراك‪ ،‬ويمتنعون من فعل الواجبات‪ ،‬ويتظاهرون بأفعال الكبائر المحرمات))(‪.)2‬‬
‫ومن األقوال المقررة للقول بعدم اإلعذار بالجهالة أيضاً في مسائل الشرك األكبر‬
‫ما قاله الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ(‪ )3‬ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما قوله نقول بأن القول‬
‫كفر وال نحكم بكفر القائل؛ فإطالق هذا جهل صرف ألن هذه العبارة ال تنطبق إال على‬
‫المعين ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة إذا قال قوال يكون القول به كفرا فيقال من قال‬
‫بهذا القول فهو كافر لكن الشخص المعين إذا قال ذلك ال يحكم بكفره حتى تقوم عليه‬
‫الحجة التي يكفر تاركها وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس كما‬
‫في مسائل القدر واإلرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل األهواء؛ فإن بعض أقوالهم تتضمن أموراً‬
‫كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة‪ ،‬فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفراً وال‬
‫يحكم على قائله بالكفر الحتمال وجود مانع كالجهل وعدم العلم بنقض النص أو بداللته‪ ،‬فإن‬
‫الشرائع ال تلزم إال بعد بلوغها‪ .‬ذكر ذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية قدس الله روحه في كثير من‬
‫كتبه وذكر أيضا تكفير أناس من أعيان المتكلمين بعد أن قرر هذه المسألة‪ .‬قال‪:‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتاوى األئمة النجدية‪.)213/1( ،‬‬
‫(‪ )2‬الهدية السنية (ص‪.)35 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬من علماء نجد‬
‫المحققين‪ ،‬كان آية في الفهم والحفظ والذكاء‪ ،‬أخذ العلم عن والده عبد اللطيف‪ ،‬وعنه أخذ‪ :‬ابنه الشيخ محمد‬
‫بن إبراهيم‪ ،‬وابنه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم‪ ،‬والشيخ سليمان بن سحمان‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬توفي بمدينة الرياض في‬
‫شهر ذي الحجة عام (‪ )3121‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬علماء نجد خالل ثمانية قرون (‪ 115/3‬ـ ‪.)111‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال بعدم التكفير وأما ما يقع منهم في‬
‫المسائل الظاهرة الجلية أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا ال يتوقف في كفر قائله‪ .‬انتهى‬
‫وال تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها في نحر من كفر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة‬
‫والصفات بعد بلوغ الحجة ووضوح المحجة‪.‬‬
‫وأما قوله وهؤالء فهموا الحجة فهذا مما يدل على جهله وأنه لم يفرق بين فهم‬
‫الحجة وبلوغ الحجة ففهمها نوع وبلوغها نوع آخر فقد تقوم الحجة على من لم يفهمها‬
‫وقد قال شيخنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كالم له فإن الذي لم تقم عليه‬
‫الحجة هو الذي حديث عهد باإلسالم أو نشأ ببادية بعيدة أو يكون ذلك في مسائل‬
‫خفية مثل مسألة الصرف والعطف فال يكفر حتى يعرف وأما أصول الدين التي وضحها الله‬
‫وأحكمها في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فقد بلغته الحجة ولكن أصل اإلشكال أنكم‬
‫لم تفرقوا بين قيام الحجة وفهم الحجة فإن الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها‬
‫عليهم كما قال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ [الفرقان‪ ]11 :‬إلى قوله‪ :‬ﭡ ‪ ،‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [اإلسراء‪ ]16 :‬فقيام الحجة وبلوغها نوع‬
‫وفهمها نوع آخر وكفرهم الله ببلوغها إياهم مع كونهم لم يفهموها إلى آخر كالمه رحمه الله‬
‫تعالى))(‪.)1‬‬
‫أشرت إليه آنفاً من عدم اعتبار فهم الحجة شرطاً لقيد التمكن‬
‫يقرر ما ُ‬ ‫وهذا النص ِّ‬
‫عند أصحاب هذا القول‪ ،‬ألن العبرة عندهم ببلوغ الحجة ال بفهمها‪.‬‬
‫ومن هذه النصوص المقررة لعدم اإلعذار بالجهالة في مسائل توحيد العبادة أيضاً‬
‫قول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وال ريب‪ :‬أن الله تعالى لم‬
‫يعذر أهل الجاهلية الذين ال كتاب لهم‪ ،‬بهذا الشرك األكبر‪ ،‬فكيف يعذر أمة كتاب الله‬
‫بين أيديهم‪ ،‬يقرؤونه ويسمعونه وهو حجة الله على عباده))(‪.)2‬‬
‫وقوله أيضاً‪(( :‬والعلماء رحمهم الله تعالى سلكوا منهج االستقامة‪ ،‬وذكروا باب حكم‬
‫المرتد‪ ،‬ولم يقل أحد منهم‪ :‬أنه إذا قال كفراً أو فعل كفراً‪ ،‬وهو ال يعلم أنه يضاد الشهادتين‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتيا في تكفير الجهمية (ص‪ 358:‬ـ ‪.)365‬‬
‫(‪ )2‬فتاوى األئمة النجدية (‪ )226/1‬ط‪ :‬دار ابن خزيمة‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أنه ال يكفر لجهله‪ ،‬وقد بين الله تعالى في كتابه‪ :‬أن بعض المشركين جهال مقلدون‪ ،‬فلم‬
‫يرفع عقاب الله بجهلهم وتقليدهم))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫هذه بعض النقول ألصحاب القول األول‪ ،‬وهي دالة على عدم اإلعذار بالجهالة في‬
‫مسائل التوحيد‪ ،‬إذ يعدون هذه المسائل من أظهر شعائر اإلسالم وأوضح فرائضه التي ال‬
‫يخفى حكمها على الناس؛ ولذا ال يتصورون الجهل بها إال مع التقصير والتفريط في طلب‬
‫العلم بها ال مع االجتهاد في معرفتها وتحصيلها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وبعض أهل العلم يرى أن هذه األقوال تُنـزل على حاالت معينة وهي‪ :‬زمن‬
‫انتشار الدعوة وقوة أهل الحق وتميزهم(‪ ،)2‬ألنه وجد من أصحاب هذه األقوال من له قول‬
‫آخر في المسألة(‪.)3‬‬
‫كما قد يُحمل كالمهم أيضاً على عدم اإلعذار بالجهالة على من أمكنه السؤال‬
‫والتعلم ثم أعرض عنه‪ ،‬فهذا ليس بمعذور؛ فالجهل ليس عذراً بإطالق كما تقدم‪ .‬ولكن‬
‫مهماً يكن من أمر فإن أسباب الخالف في هذه المسألة أمور ال تنضبط‪ ،‬ألن الخالف‬
‫مبني فيها على التقصير وعدمه‪ ،‬والتقصير أو عدمه تكتنفه أمور كثيرة كما سيأتي عند‬
‫الترجيح بين هذه األقوال(‪ ،)4‬ولذا القول بأن هذه المسألة ترجع إلى تحقيق كفر األعيان ال‬
‫في أصل المسألة فيه وجاهة كما تقدم‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬نماذج من أقوال أصحاب القول الثاني في المسألة‪:‬‬
‫يقول أبو بكر ابن العربي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فالجاهل والمخطئ من هذه األمة لو عمل‬
‫من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً‪ ،‬فإنه يعذر بالجهل والخطأ‪ ،‬حتى تتبين‬
‫له الحجة‪ ،‬التي يكفر تاركها‪ ،‬بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله‪ ،‬وينكر ما هو معلوم‬
‫بالضرورة من دين اإلسالم مما أجمعوا عليه إجماعاً قطعياً يعرفه كل من المسلمين من غير‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬نفس المصدر (‪ .)212/1‬وانظر‪ :‬الضياء الشارق (ص‪ ،)361 :‬وكشف الشبهتين (ص‪ 13 :‬ـ ‪.)12‬‬
‫(‪ )2‬ألن الحق إذا كان له دولة وقوة كان ظاهراً؛ فال يتصور الجهل به إال مع التفريط واإلعراض عن طلبه‪.‬‬
‫(‪ )3‬هذا التأليف بين األقوال المتعارضة في هذه المسألة ذهب إليه العالمة ابن باز ـ رحمه الله ـ كما نقله عنه معالي الشيخ‬
‫صالح العبود ـ حفظه الله ـ في بعض دروسه بالمسجد النبوي الشريف وأنا أسمع‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪( :‬ص‪.)389 :‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫نظر وتأمل))(‪.)1‬‬
‫فهذا نص صريح من ابن العربي ـ رحمه الله ـ في تقرير العذر بالجهالة في مسائل‬
‫الشرك‪ ،‬وأنه ال يكفر جاهل تلك المسائل إال بعد أن نبين له الحجة بياناً يفهمه ويزيل‬
‫اللبس عنده‪.‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬كذلك من دعا غير الله وحج إلى غير الله هو‬
‫أيضاً مشرك والذي فعله كفر‪ ،‬لكن قد ال يكون عالماً بأن هذا شرك محرم كما أن كثيراً من‬
‫الناس دخلوا في اإلسالم من التتار وغيرهم وعندهم أصنام لهم صغار من لبد وغيره وهم‬
‫ويعظمونها وال يعلمون أن ذلك محرم في دين اإلسالم‪ ،‬ويتقربون إلى النار‬ ‫يتقربون إليها ِّ‬
‫أيضاً‪ ،‬وال يعلمون أن ذلك محرم‪ ،‬فكثير من أنواع الشرك قد يخفى على بعض من دخل في‬
‫اإلسالم وال يعلم أنه شرك‪ ،‬فهذا ضال وعمله الذي أشرك فيه باطل‪ ،‬لكن ال يستحق العقوبة‬
‫حتى تقوم عليه الحجة قال تعالى‪ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [البقرة‪.]22 :‬‬
‫وفي صحيح أبي حاتم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪« :‬الشرك في‬
‫هذه األمة أخفى من دبيب النمل» فقال أبو بكر رضي الله عنه‪ :‬يا رسول الله كيف ننجو‬
‫منه؟ قال‪« :‬قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما ال أعلم»‪.‬‬
‫وكذلك كثير من الداخلين في اإلسالم يعتقدون أن الحج إلى قبر بعض األئمة والشيوخ‬
‫أفضل من الحج أو مثله وال يعلمون أن ذلك محرم‪ ،‬وال بلغهم أحد أن هذا شرك محرم ال‬
‫يجوز‪ .‬وقد بسطنا الكالم في هذا في مواضع))(‪.)2‬‬
‫فهذا نص صريح من كالم شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ يدل على ضرورة إقامة الحجة‬
‫على جاهل ما يناقض توحيد العبادة من الشرك‪ ،‬وأنه معذور بجهله ـ ما لم يكن ِّ‬
‫مفرطاً ـ حتى‬
‫تقوم عليه الحجة‪ ،‬وتظهر له المحجة‪.‬‬
‫وقد بين ـ رحمه الله ـ في موضع آخر أن هذا ـ يعني الوقوع في الشرك ـ إنما يحصل‬
‫بسبب غلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة‪ ،‬ولذا ال سبيل إلى تكفيرهم‪ ،‬فقال ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫((فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول نعلم بالضرورة أنه لم يشرع ألمته أن تدعو أحداً من‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬محاسن التأويل للقاسمي (‪ 3150/5‬ـ ‪.)3158‬‬
‫(‪ )2‬الرد على األخنائي (ص‪ 63 :‬ـ ‪.)62‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األموات ال األنبياء‪ ،‬وال الصالحين‪ ،‬وال غيرهم‪ ،‬ال بلفظ االستغاثة‪ ،‬وال يغيرها‪ ،‬وال بلفظ‬
‫االستعاذة‪ ،‬وال يغيرها‪ ،‬كما أنه لم يشرع ألمته السجود لميت‪ ،‬وال لغير ميت‪ ،‬ونحو ذلك‪،‬‬
‫بل نعلم أنه نهى عن كل هذه األمور‪ ،‬وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله؛‬
‫لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك‬
‫حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول ‪ ‬مما يخالفه))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬وهكذا األقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص‬
‫الموجبة لمعرفة الحق‪ ،‬وقد تكون عنده ولم تثبت عنده‪ ،‬أو لم يتمكن من فهمها‪ ،‬وقد يكون‬
‫قد عرضت له شبهات يعذره الله بها؛ فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق‬
‫وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان‪ ،‬سواء كان في المسائل النظرية‪ ،‬أو العملية هذا‬
‫الذي عليه أصحاب النبي ‪ ‬وجماهير أئمة اإلسالم))(‪.)2‬‬
‫وقال تلميذه ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬نعم‪ ،‬ال بد في هذا المقام من تفصيل به يزول‬
‫اإلشكال وهو الفرق بين مقلِّد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه‪ ،‬ومقلِّد لم يتمكن‬
‫مفرط تارك للواجب عليه‬ ‫من ذلك بوجه‪ ،‬والقسمان واقعان في الوجود؛ فالمتمكن المعرض ِّ‬
‫ال عذر له عند الله‪ ،‬وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي ال يتمكن من العلم بوجه فهم‬
‫قسمان أيضاً‪ :‬أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه وال على طلبه لعدم من‬
‫يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة‪ .‬الثاني معرض ال إرادة له وال‬
‫يحدث نفسه بغير ما هو عليه‪ ،‬فاألول يقول يا رب لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا عليه‬
‫لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن ال أعرف سوى ما أنا عليه وال أقدر على غيره فهو غاية‬
‫جهدي ونهاية معرفتي‪ ،‬والثاني راض بما هو عليه ال يؤثر غيره عليه وال تطلب نفسه سواه‪.‬‬
‫وال فرق عنده بين حال عجزه وقدرته‪ ،‬وكالهما عاجز‪ ،‬وهذا ال يجب أن يلحق باألول لما‬
‫بينهما من الفرق؛ فاألول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ‬
‫الوسع في طلبه عجزاً وجهالً‪ ،‬والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه‪ ،‬وإن كان لو طلبه‬
‫لعجز عنه‪ ،‬ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض‪ .‬فتأمل هذا الموضع‪ ،‬والله يقضي بين‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬الرد على البكري (‪.)013/2‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ .)116/21‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)385/32‬‬
‫‪322‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫عباده يوم القيامة بحكمه وعدله وال يعذب إال من قامت عليه حجته بالرسل‪ ،‬فهذا مقطوع‬
‫به في جملة الخلق‪ .‬وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم ال‪ ،‬فذلك ما ال‬
‫يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه‪ ،‬بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان‬
‫بدين غير دين اإلسالم فهو كافر‪ ،‬وأن الله سبحانه وتعالى ال يعذب أحداً إال بعد قيام الحجة‬
‫عليه بالرسول‪ .‬هذا في الجملة‪ ،‬والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه‪ .‬هذا في أحكام الثواب‬
‫والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر األمر))(‪.)1‬‬
‫ثم ذكر ـ رحمه الله تعالى ـ أربعة أصول عظيمة نافعة في هذه المسألة بين أنه بها‬
‫يزول اإلشكال في هذه المسألة العظيمة فقال ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وبهذا التفصيل يزول اإلشكال‬
‫في المسألة وهو مبني على أربعة أصول‪:‬‬
‫أحــدها‪ :‬أن اللــه ســبحانه وتعــالى ال يعــذب أحــداً إال بعــد قيــام الحجــة عليــه كمــا قــال‬
‫[اإلس ـراء‪ ،]35 :‬وقــال تعــالى‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫تعــالى‪ :‬ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [النســاء‪ ، ]365 :‬وقــال تعــالى‪ :‬ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫[الملـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك‪،]3 ،3 :‬‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﯕ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ [الملك‪ ،]33 :‬وقال تعالى‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [األنعام‪ ]373 :‬وهـذا كثيـر فـي القـرآن؛ يخبـر أنـه إنمـا يعـذب مـن‬
‫جــاءه الرســول وقامــت عليــه الحجــة‪ ،‬وهــو المــذنب الــذي يعتــرف بذنبــه‪ ،‬وقــال‬
‫تع ـ ــالى‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [ الزخـ ــرف‪ ،]33 :‬والظـ ــالم مـ ــن عـ ــرف مـ ــا جـ ــاء بـ ــه‬
‫الرســول‪ ،‬أو تمكــن مــن معرفتــه بوجــه‪ .‬وأمــا مــن لــم يعــرف مــا جــاء بــه الرســول وعجــز عــن ذلــك‬
‫فكيف يقال إنه ظالم‪.‬‬
‫األصــل الثــاني‪ :‬أن العــذاب يســتحق بســببين؛ أحــدهما‪ :‬اإلع ـراض عــن الحجــة وعــدم إرادتهــا‬
‫والعمل بها وبموجبها‪ .‬الثاني‪ :‬العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها؛ فاألول كفر إعـراض‪،‬‬
‫والثــاني كفــر عنــاد‪ .‬وأمــا كفــر الجهــل مــع عــدم قيــام الحجــة وعــدم الــتمكن مــن معرفتهــا فهــذا‬
‫الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬طريق الهجرتين (ص‪ 651 :‬ـ ‪.)635‬‬
‫‪327‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫واألصل الثالث‪ :‬أن قيام الحجة يختلف باختالف األزمنة واألمكنة واألشخاص‪.....‬‬
‫األصل الرابع‪ :‬أن أفعـال اللـه سـبحانه وتعـالى تابعـة لحكمتـه التـي ال يخـل بهـا وأنهـا مقصـودة‬
‫لغايتها المحمودة وعواقبها الحميدة‪ ،‬وهذا األصل هو أساس الكالم في هـذه الطبقـات‪))....‬‬

‫أ‪.‬هـ(‪.)1‬‬
‫فكالم ابن القيم ـ رحمه الله ـ ظاهر في التفريق في اإلعذار بالجهالة في المسائل‬
‫متمكن من تحصيل العلم ومعرفته وبين عاجز عن العلم مع شدة طلبه وإرادته؛‬ ‫المكفرة بين ِّ‬‫ِّ‬
‫فاألول ال يُعذر بجهله؛ لتفريطه‪ ،‬والثاني يُعذر لعدم تفريطه‪ .‬وقد بنى ذلك على هذه‬
‫األصول األربعة المتقدم ذكرها في كالمه ـ رحمه الله‪.‬‬
‫المقررة لإلعذار بالجهالة في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة أيضاً ما‬ ‫ومن األقوال ِّ‬
‫جاء عن إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ حيث يقول‪(( :‬وإذا كنا ال‬
‫نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر‪ ،‬والصنم الذي على قبر أحمد البدوي‪ ،‬وأمثالهما‬
‫ألجل جهلهم وعدم من ينبههم‪ ،‬فكيف نكفر من لم يشرك بالله؟! إذا لم يهاجر إلينا‪ ،‬أو لم‬
‫يكفر ويقاتل‪ ،‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ [النور‪.)2())]36 :‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬الثالثة‪ :‬تكفير من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله ثم أبغضه‬
‫ونفر الناس عنه‪ ،‬وجاهد من صدق الرسول فيه‪ ،‬ومن عرف الشرك وأن رسول الله ‪ ‬بعث‬
‫بإنكاره وأقر بذلك ليالً ونهاراً ثم مدحه وحسنه للناس وزعم أن أهله ال يخطئون ألنهم‬
‫السواد األعظم‪ .‬وأما ما ذكر األعداء عني أني أكفر بالظن وبالمواالة أو أكفر الجاهل الذي‬
‫(‪)3‬‬
‫لم تقم عليه الحجة‪ ،‬فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله)) ‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬ما ذُكر لكم عني أني أكفر بالعموم فهذا بهتان األعداء‪ ،‬وكذلك‬
‫قولهم إني أقول من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنه ما يكفيه حتى يجيء‬
‫عندي فهذا أيضاً من البهتان‪ ،‬إنما المراد اتباع دين الله ورسوله في أي أرض كانت‪.‬‬
‫ولكن نكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه‪ ،‬وكذلك من عبد‬
‫األوثان بعد ما عرف أنه دين المشركين وزينه للناس فهذا الذي أكفره‪ ،‬وكل عالم على وجه‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬طريق الهجرتين (ص‪ 635 :‬ـ ‪.)632‬‬
‫(‪ )2‬الدرر السنية (‪.)351/3‬‬
‫(‪ )3‬مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب في العقيدة (ص‪.)25 :‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫األرض يكفر هؤالء إال رجالً معانداً أو جاهالً))(‪.)1‬‬


‫فقوله ـ رحمه الله ـ (نكفر‪ ..‬من عبد األوثان بعد ما عرف دين المشركين) صريح في‬
‫يكفر الجاهل الذي ما عرف دين المشركين‪ ،‬ولو عبد األوثان(‪ ،)2‬وهذا من فقهه‬ ‫أنه ال ِّ‬
‫وورعه ـ رحمه الله ـ حيث ال يرى التكفير إال بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة‪.‬‬
‫أحفاده‬
‫ُ‬ ‫كما قد شهد له بعدم تكفير جاهل التوحيد الذي لم تقم عليه الحجة‬
‫أوالده‪ ،‬فقال عنه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪(( :‬والشيخ‬ ‫و ُ‬
‫محمد ـ رحمه الله ـ من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطالق الكفر‪ ،‬حتى أنه لم يجزم بتكفير‬
‫الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة‬
‫التي يكفر تاركها‪ ،‬قال في بعض رسائله‪(( :‬وإذا كنا ال نقاتل من يعبد قبة الكواز‪ ،‬حتى نتقدم‬
‫بدعوته إلى إخالص الدين لله‪ ،‬فكيف نكفر من لم يهاجر إلينا وإن كان مؤمناً موحداً؟ وقال‪:‬‬
‫وقد سئل عن مثل هؤالء الجهال‪ .‬فقرر أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها يكفر بعبادة‬
‫(‪)3‬‬
‫القبور)) ‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬وشيخنا ـ رحمه الله ـ لم يكفر ابتداء بمجرد فعله وشركه‪ ،‬بل يتوقف‬
‫في ذلك حتى يعلم قيام الحجة التي يكفر تاركها‪ ،‬وهذا صريح في كالمه في غير موضع‪،‬‬
‫ورسائله في ذلك معروفة))(‪.)4‬‬
‫وقال الشيخ أبو المعالي محمود شكري األلوسي ـ أحد أنصار دعوة الشيخ في‬
‫العراق في رده الشهير على النبهاني صاحب كتاب (شواهد الحق في االستغاثة بسيد‬
‫الخلق)‪(( :‬والذي تحصل مما سقناه من النصوص‪ :‬أن الغالة ودعاة غير الله وعبدة القبور‬
‫إذا كانوا جهلة بحكم ما هم عليه‪ ،‬ولم يكن أحد من أهل العلم قد نبههم على خطئهم‬
‫فليس ألحد أن يكفرهم‪ ،‬وأما من قامت عليه الحجة وأصر على ما عنده واستكبر استكباراً‪،‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬المصدر نفسه (ص‪ )58 :‬أو الدرر السنية (‪.)350/8‬‬
‫(‪ )2‬أي‪ :‬في الحقيقة ال في اإلسم‪ ،‬ألنه لو سمى شركه عبادة لغير الله ل ُك ِّفر ابتداءً‪ ،‬ألنه ال عذر بالجهل في ترك‬
‫العلم الجملي كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )3‬منهاج التأسيس والتقديس (ص‪ 18 :‬ـ ‪ .)11‬وانظر‪ :‬الضياء الشارق (ص‪.)368 :‬‬
‫(‪ )4‬مصباح الظالم (ص‪.)536 :‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أو تمكن من العلم فلم يتعلم فسنذكر حكمه في اآلتي‪.)1())....‬‬


‫ومن أقوال أهل العلم في تقرير عذر الجاهل بتفاصيل توحيد العبادة ما جاء عن‬
‫الشوكاني ـ رحمه الله ـ في صدد بيانه لخطورة تكفير المسلم الجاهل والمتأول حيث يقول‪:‬‬
‫((فال بد من شرح الصدر بالكفر وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه‪ ،‬فال اعتبار بما يقع‬
‫من طوارق عقائد الشرك ال سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة اإلسالم‪ ،‬وال اعتبار بصدور‬
‫فعل كفري لم يرد به فاعله الخروج عن اإلسالم إلى ملة الكفر‪ ،‬وال اعتبار بلفظ تلفظ به‬
‫المسلم يدل على الكفر وهو ال يعتقد معناه))(‪.)2‬‬
‫ومن األقوال المقررة لهذا القول أيضاً قول الشيخ العالمة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ‬
‫حيث يقول‪(( :‬وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل‪ ،‬فنقول‪ :‬الجهل نوعان‪:‬‬
‫جهل يعذر فيه اإلنسان‪ ،‬وجهل ال يعذر فيه‪ ،‬فما كان ناشئاً عن تفريط وإهمال مع‬
‫قيام المقتضي للتعلم‪ ،‬فإنه ال يعذر فيه‪ ،‬سواء في الكفر أو في المعاصي‪ ،‬وما كان ناشئاً عن‬
‫يفرط ولم يقم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله‬ ‫خالف ذلك‪ ،‬أي أنه لم يهمل ولم ِّ‬
‫أن هذا الشيء حرام؛ فإنه يعذر فيه‪ ،‬فإن كان منتسباً إلى اإلسالم؛ لم يضره‪ ،‬وإن كان‬
‫منتسباً إلى الكفر‪ ،‬فهو كافر في الدنيا‪ ،‬لكن في اآلخرة أمره إلى الله على القول الراجح‪،‬‬
‫يمتحن؛ فإن أطاع دخل الجنة‪ ،‬وإن عصى دخل النار))(‪.)3‬‬
‫ومن أقوال المعاصرين المقررة لهذا القول أيضاً قول العالمة األلباني ـ رحمه الله ـ‬
‫حيث يقول‪(( :‬والصواب الذي تقتضيه األصول والنصوص التفصيل؛ فمن كان من المسلمين‬
‫يعيش في جو إسالمي علمي مصفى‪ ،‬وجهل من األحكام ما كان منها معلوماً من الدين‬
‫بالضرورة ـ كما يقول الفقهاء ـ فهذا ال يكون معذوراً؛ ألنه بَـلَغَنتهُ الدعوة وأقيمت عليه‬
‫الحجة‪ .‬وأما من كان في مجتمع كافر لم تبلغه الدعوة‪ ،‬أو بلغته وأسلم؛ ولكن خفي عليه‬
‫بعض تلك األحكام لحداثة عهده باإلسالم‪ ،‬أو لعدم وجود من يبلغه ذلك من أهل العلم‬
‫بالكتاب والسنة؛ فمثل هذا يكون معذوراً‪ .‬ومثله ـ عندي ـ أولئك الذين يعيشون في بعض‬
‫البالد اإلسالمية التي انتشر فيها الشرك والبدعة والخرافة‪ ،‬وغلب عليها الجهل‪ ،‬ولم‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬غاية األماني في الرد على النبهاني (‪.)45/5‬‬
‫(‪ )2‬السيل الجرار (‪.)672/3‬‬
‫(‪ )3‬القول المفيد (‪ 574/5‬ـ ‪.)573‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫يوجد فيهم عالم يبين لهم ما هم فيه من الضالل‪ ،‬أو ُو ِّج َد ولكن بعضهم لم يسمع‬
‫بدعوته وإنذاره؛ فهؤلء معذورون بجامع اشتراكهم مع األولين في عدم بلوغ دعوة الحق‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬ ‫إليهم؛ لقوله تعالى‪ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [األنعام‪ ،]31 :‬وقوله‪ :‬ﯨ ﯨ‬
‫ﯮ [اإلسراء‪ ،]35 :‬ونحو ذلك من األدلة التي تفرع منها تبنِّي العلماء عدم مؤاخذة أهل‬
‫الفترة؛ سواء كانوا أفراداً أو قبائل أو شعوباً؛ الشتراكهم في العلة‪ ،‬كما هو ظاهر ال يخفى‬
‫على أهل العلم والنهى))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫فهذه بعض النصوص من أقوال من يرى العذر بالجهالة في تفاصيل ما يناقض‬
‫توحيد العبادة مع انتفاء التفريط والتقصير ‪ ،‬وهي صريحة في تقرير هذا القول‪ ،‬وقد‬
‫ضت في ذكر النقول عن شيخ اإلسالم‪ ،‬والشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهما الله‬ ‫أَفَ ُ‬
‫تعالى ـ في تقرير هذه المسألة(‪ ،)2‬وذلك إبراءً لساحتهما مما قد يُنسب إليهما من‬
‫التكفير بالتعيين وعدم اإلعذار للجاهلين في مسائل التوحيد‪.‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫بعد عرض هذه األقوال وبيان ِّ‬
‫مأخذها‪ ،‬فالذي ترجح في نظري ـ والعلم عند الله ـ‬
‫مذهب من يتصور العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة‪ ،‬وذلك لقوة ما اعتل‬ ‫ُ‬
‫به أصحاب هذا الرأي من جهة النظر ـ أعني قولهم‪ :‬بأن هذه التفاصيل قد تخفى على‬
‫بعض المكلفين مع بذلهم الجهد في طلبها نظراً لكثرة الشبهات التي قد تحول دون‬
‫فهمها؛ وخفاء الحق بسبب قيام الشبه مع انتفاء التقصير في طلب الحق موجب لإلعذار‬
‫ومانع لإلكفار بإجماع العلماء(‪.)3‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬السلسلة الصحيحة (‪ 332/0‬ـ ‪ .)331‬وانظر‪ :‬ما نقله عنه صاحب كتاب سعة رحمة رب العالمين للجهال‬
‫المخالفين للشريعة من المسلمين (ص‪ 83 :‬ـ ‪.)82‬‬
‫(‪ )2‬وأما ما جاء عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ من عبارات تدل على أنه ال يرى العذر بالجهل‪،‬‬
‫يحمل؛ إما على زمن انتشار الدعوة وتيسر العلم لكل من طلبه‪ ،‬أو يحمل على من أمكنه التعلم ثم أعرض‬
‫فهذا ُ‬
‫عنه؛ إذ الجهل ليس عذراً بإطالق‪ ،‬والثاني متفرع عن األول‪.‬‬
‫(‪ )3‬يقول الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬إن المتأولين من أهل القبلة الذين ضلوا وأخطأوا في فهم ما جاء به الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬مع إيمانهم بالرسول‪ ،‬واعتقادهم صدقه في كل ما قال‪ ،‬وأن ما قاله كله حق‪ ،‬والتزموا ذلك‪ ،‬لكنهم‬
‫=‬ ‫أخطأوا في بعض المسائل الخبرية أو العملية‪ ،‬فهؤالء دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين‪ ،‬وعدم‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أما األدلة النقلية فهي متساوية؛ ألن الجميع متفقون على تقرير أصل العذر‬
‫بالجهل ف ي نصوص الكتاب والسنة‪ ،‬إنما وقع الخالف بينهم في التسليم بوقوع الجهل في‬
‫ما يناقض توحيد العبادة مع انتفاء التقصير والتفريط في طلب الحق‪.‬‬
‫وأما قول بعض المانعين من اإلعذار بأن الحجة تقوم بمجرد بلوغها ـ ولو لم يفهمها‬
‫المكلف(‪ )1‬ـ فهو ضعيف‪ ،‬ألنه تكليف بما ال يُستطاع؛ إذ كيف يكلف العبد بما يَعجز عن‬
‫فهمه؟ هذا ينافي حكمة التشريع في رفع الحرج والعنت عن هذه األمة‪ ،‬وهو أمر ممتنع في‬
‫دين الله تعالى‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ‪(( :‬في هذه المسألة نظر ـ أي‪ :‬كون الحجة‬
‫تقوم بمجرد بلوغ الحجة‪ ،‬وال يشترط لها فهم الخطاب ـ وقد اختلف فيها كبار علماء نجد‬
‫المعاصرون في مجلس اإلمام عبد العزيز بن فيصل آل سعود بمكة المكرمة‪ ،‬فكانت الحجة‬
‫للشيخ عبد الله بن بليهد(‪ )2‬بأن العبرة بفهم الحجة ال بمجرد بلوغها من غير فهم‪ .‬وأورد لهم‬
‫نصاً صريحاً في هذا من كالم المحقق ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ فقنعوا به))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫وأما استداللهم عليه ـ أعني القول بأن الحجة تقوم بمجرد بلوغها‪ ،‬وال يشترط لها فهم‬
‫الخطاب ـ بقوله تعالى‪ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [األنعام‪ ]31 :‬فهو استدالل باآلية‬
‫ــــــــــ‬
‫ومن بعدهم من أئمة السلف على‬
‫الحكم لهم بأحكام الكافرين‪ ،‬وأجمع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعون َ‬
‫=‬
‫ذلك))‪[ .‬اإلرشاد إلى معرفة األحكام (ص‪ .])250 :‬وانظر‪ :‬منهاج السنة (‪ ،151/1‬و‪ 211/5‬ـ ‪،])215‬‬
‫وفتح الباري (‪.)151/32‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الضياء الشارق (ص‪ ،)361 :‬وكشف الشبهتين (ص‪ 13 :‬ـ ‪ ،)12‬وحكم تكفير المعين والفرق بين قيام‬
‫الحجة وفهم الحجة للشيخ إسحاق ضمن فتاوى األئمة النجدية (‪ ،)321/1‬وفتاوى ومقاالت الشيخ ابن باز‬
‫(‪ ،)55/3‬والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل وحكم من يكفر غيره من المسلمين (ص‪ 33 :‬ـ ‪.)32‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد الله بن سليمان بن سعود بن بليهد‪ ،‬من علماء نجد‪ ،‬كان جيد الفهم‪ ،‬فصيحاً بليغاً‪ ،‬واسع المعرفة باألدب‬
‫الجغرافي في شبه الجزيرة‪ ،‬وانفرد بمعرفة األماكن الوارد ذكرها في شعر المتقدمين‪ ،‬ولي رئاسة القضاة بمكة ثم عيِّن في‬
‫قضاء المدينة‪ ،‬وتوفي سنة (‪ )3151‬هـ‪ .‬من آثاره‪ :‬رسالة في مناسك الحج‪ ،‬وله رسالة في الرد على مدع للخالفة‬
‫نشرت في جريدة أم القرى في (‪ )3115/6/1‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬األعالم للزركلي (‪ ،)221/1‬وكتاب قضاة المدينة المنورة‬
‫(‪ 85/3‬ـ ‪.)83‬‬
‫(‪ )3‬من تعليقات الشيخ محمد رشيد رضا على رسالة ما يعذر به وما ال يعذر به من الجهل للشيح عبد الله بابطين‬
‫ضمن مجموع بضع رسائل دينية في العقائد اإلسالمية (ص‪.)21 :‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫في غير محلِّها؛ فإن اآلية ـ كما يظهر من سباقها وسياقها ـ هي في حق الكافر تبلغه الدعوة إلى‬
‫اإلسالم‪ ،‬فإن الحجة تكون مقامةً عليه بمجرد بلوغ القرآن إليه‪ ،‬ويدل لذلك قول النبي ‪:‬‬
‫«والذي نفس محمد بيده‪ ،‬ال يسمع بي أحد من هذه األمة‪ :‬يهودي وال نصراني ثم يموت ولم‬
‫يؤمن بالذي أرسلت به إال كان من أصحاب النار»(‪)1‬؛ فمن بلغه القرآن من أصناف الكفار‬
‫فقد قامت عليه الحجة بذلك‪ ،‬فال عذر له بعد ذلك في ترك اإلسالم‪ ،‬وذلك ألن دين‬
‫اإلسالم موافق للفطرة(‪ )2‬التي ُخلق عليها اإلنسان فال يرده إال جاحد مكابر(‪ )3‬كما قال‬
‫تعالى في شأن الكافرين المعارضين لدعوة النبي ‪ :‬ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ [النمل‪]31:‬؛ والجحد والمكابرة يستلزمان العلم والفهم‪ ،‬ألنهما ال يكونان‬
‫إال بعد معرفة الهدى والحق‪ ،‬فدل على أن القرآن إذا بلغ الكافر تبين له أنه الحق‪ ،‬فال‬
‫يحيد عنه بعد ذلك إال عن عناد واستكبار ال عن جهل واشتباه‪.‬‬
‫الج َملي(‪ )4‬ال التفصيلي‪ ،‬وذلك جمعاً بين‬
‫أو يقال‪ :‬هي في قطع العذر في العلم ُ‬
‫هذه اآلية والنصوص الدالة على إعذار الجاهلين‪.‬‬
‫أو يقال‪ :‬إن المقصود بالبلوغ أن يبلغه القرآن على وجه يفهمه لو أراد ذلك حتى‬
‫تقوم به عليه الحجة‪ ،‬فتكون اآلية عامة في حق الكافر والمسلم‪.‬‬
‫ومما استدلوا به أيضاً لتقرير هذا القول‪ :‬قولهم بأن الكفار الذين بُعِّث فيهم النبي‬
‫‪ ‬قامت عليهم الحجة بسماع القرآن‪ ،‬مع وصف الله تعالى لهم بعدم العقل والسمع‪،‬‬
‫كقوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ‪،‬‬
‫[الفرقان‪ .]11:‬وغيرها من اآليات في هذا المعنى‪ ،‬مما يدل على قيام الحجة ببلوغها‪ ،‬وإن‬
‫لم يفهمها المخاطَب(‪.)5‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )311/3‬من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الفطرة تقدم التعريف بها‪ .‬انظر‪( :‬ص‪ 201 :‬ـ ‪.)205‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير ابن سعدي (ص‪[ )251 :‬تفسير آية األنعام ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫]‪.‬‬ ‫ﭻ ﭼ‬
‫(‪ )4‬تقدم أن العلم الجملي ال يعذر بالجهل به‪ .‬انظر‪( :‬ص‪ 499 :‬ـ ‪.)300‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬رسالة تكفير المعين‪ ،‬والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة‪( ،‬ص‪.)1 :‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫ويقال في الجواب عن ذلك أن المنفي في هذه اآليات ليس هو موجب الس نمع والعقل‬
‫من الفهم عن الله تعالى وعن رسوله ‪ ،‬وإنما المنفي فيها عدم انتفاعهم بهذه اآلالت في‬
‫اله َدى لما في قلوبهم من اإلعراض المانع لهم من ذلك‪ ،‬فَن ِّـزلت اآللة منـزلة فائدتها في‬
‫قبول ُ‬
‫النفي‪.‬‬
‫يقول الشوكاني ـ رحمه الله ـ‪ :‬في تفسير اآلية السابقة‪( :‬أي‪ :‬ما هم في االنتفاع بما‬
‫يسمعونه إال كالبهائم التي هي مسلوبة الفهم والعقل‪ ،‬فال تطمع فيهم‪ ،‬فإن فائدة السمع‬
‫والعقل مفقودة‪ ،‬وإن كانوا يسمعون ما يقال لهم‪ ،‬ويعقلون ما يتلى عليهم‪ ،‬ولكنهم لما لم‬
‫ينتفعوا بذلك كانوا كالفاقد له)(‪.)1‬‬
‫بنى في األصل على التقصير في طلب‬ ‫كما أن القول بعدم اإلعذار بالجهالة ُم ً‬
‫الحجة؛ والحكم على المكلف بالتقصير أمر في غاية العسر والصعوبة‪ ،‬وذلك ألن التقصير‬
‫تكتنفه أمور كثيرة‪ .‬منها‪ :‬تمكن الشبهة في النفس مما قد يحول دون تمكنها من فهم‬
‫العلم‪ .‬ومنها أيضاً‪ :‬تقصير العالم في كمال البيان الكافي إلقامة الحجة وإزالة الشبهة‪ .‬ومنها‬
‫كذلك‪ :‬أن ال يقوم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على بال المكلف أن هذا الشيء‬
‫محرم أصالً‪ ،‬أو لم يحصل له فيه اشتباه‪ ،‬أو لم يبلغه فيه خالف‪ ،‬وما إلى ذلك من‬
‫الحواجز التي تحول دون معرفة الحق أو السعي في طلبه‪.‬‬
‫وقد أشار لذلك الشيخ العالمة عبد الرزاق عفيفي حيث يقول ـ رحمه الله ـ ‪:‬‬
‫((إن وجوب اإليمان بالله تعالى ورسله وكتبه ومالئكته واليوم اآلخر والقدر‪ ،‬وما يتصل‬
‫بذلك من أصول وفروع بمقتضاه‪ :‬يتوقف على البالغ الصحيح ومعرفة ما تضمنه البالغ من‬
‫الحق‪ ،‬وهذا مما يتفاوت بتفاوت الناس في مداركهم وقواهم العقلية‪ ،‬وكثرة العلماء والدعاة إلى‬
‫اإلسالم‪ ،‬وما إلى هذا مما يتيسر معه معرفة الحق وتأييده‪ ،‬واستبانة الباطل وتميزه من الحق‬
‫والقضاء عليه‪ ،‬أو بُعدهم عن ديار اإلسالم والدعاة إليه‪ ،‬وما إلى ذلك من الحواجز التي يشق‬
‫معها الوصول إلى معالم شرع الله تعالى‪ ،‬والوقوف على حقيقة جمله أو التبحر فيه‪.‬‬
‫فيجب أن يراعى ذلك وأمثاله في الحكم على الناس‪ ،‬فقد يجب على بعض الناس‬
‫اإليمان بالله تعالى وبرسوله ‪ ‬وما جاء به من عند الله إجماالً‪ ،‬إذا لم يبلغه إال ذلك‪ ،‬ولم‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتح القدير (‪.)332/1‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫يتيسر له سواه مع بذله وسعه في التعرف عليه))(‪.)1‬‬


‫وأيضاً‪ :‬فالظهور والخفاء ـ الذي فرقوا به في اإلعذار وعدمه ـ أمر نسبي إضافي‬
‫يختلف باختالف األزمنة واألمكنة واألشخاص‪ ،‬فما يكون ظاهراً في زمان قد يكون خفياً‬
‫في آخر‪ ،‬وما يكون ظاهراً في مكان قد يكون خفياً في آخر‪ ،‬وما يكون ظاهراً عند زيد قد‬
‫يكون خفياً عند عمرو‪ ،‬وذلك بحسب ظهور دين اإلسالم كما قرر ذلك شيخ اإلسالم ـ‬
‫رحمه الله(‪.)2‬‬
‫إذ الظهور والخفاء مردهما إلى أسباب كثيرة‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫((إن قيام الحجة يختلف باختالف األزمنة واألمكنة واألشخاص فقد تقوم حجة الله‬
‫على الكفار في زمان دون زمان وفي بقعة وناحية دون أخرى كما أنها تقوم على شخص‬
‫دون آخر إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون‪ ،‬وإما لعدم فهمه كالذي ال يفهم‬
‫الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له؛ فهذا بمنـزلة األصم الذي ال يسمع شيئاً وال يتمكن‬
‫من الفهم وهو أحد األربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة))(‪.)3‬‬
‫ثم إن مما يبين أن تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة مما يخفى على بعض‬
‫المكلفين مع بذلهم الوسع في معرفتها‪ :‬أن كثيراً من العامة بل وحتى من ينتسبون إلى‬
‫العلم يجهلون أن االستغاثة بغير الله ـ مثالً ـ عبادة لهذا الغير حيث يظنون أنها توسل إلى‬
‫وشبِّه عليهم ببعض األحاديث‬ ‫الله تعالى باألقربين في قضاء الحاجات ‪ ،‬وربما عُ ِّم َي ُ‬
‫( ‪)4‬‬

‫الضعيفة والموضوعة كحديث‪ « :‬لو حسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه»(‪ ،)5‬وحديث ((إذا‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتاوى ورسائل الشيخ سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص‪ 474 :‬ـ ‪ ،)473‬نشر دار الفضيلة‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‬
‫(‪ )5380‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬نقض أساس التقديس (ص‪ )5 :‬بتحقيق د‪ .‬موسى الدويش‪ ،‬طبع‪ :‬دار العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )3125‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬طريق الهجرتين (ص‪ 633 :‬ـ ‪ .)632‬وانظر‪ :‬بغية المرتاد (ص‪.)133 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬معارج األلباب (‪ 653/2‬ـ ‪ )652‬بتحقيقي‪.‬‬
‫(‪ )5‬حديث موضوع‪ :‬ذكره العجلوني في كشف الخفاء (‪ )26/5‬رقم (‪ )26‬رقم (‪ )854‬بلفظ‪« :‬إذا تحيرتم في‬
‫=‬ ‫األمور‪ ،‬فاستعينوا بأصحاب القبور» وعزاه لألربعين البن كمال باشا‪ ،‬المتوفى سنة (‪ )930‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫فليناد‪ :‬يا عباد الله احبسوا))(‪ ،)1‬وحديث ((إذا أعيتكم األمور فعليكم‬‫انفلتت دابة أحدكم ِّ‬
‫بأصحاب القبور))(‪ )2‬وغير ذلك مما يحتج به عباد القبور‪.‬‬
‫فلو علموا أن هذه األحاديث مما ال يصح االحتجاج بها‪ ،‬وعلموا الفرق بين التوسل‬
‫والدعاء لما أقدموا على االستغاثة بغير الله‪ ،‬ولكن أُتوا من جهلهم ال من جهة تقصيرهم في‬
‫طلب الهدى والحق‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد رشيد رضا في بعض تعليقاته على أحد كتب أئمة الدعوة‪(( :‬هذا‬
‫الجواب صريح في عدم تكفير المستشفع الجاهل والمتأول؛ كالذي ال يقصد بالنداء دعاء‬
‫العبادة‪ ،‬وال يعتقد استقالل الرسول ‪ ‬بالتأثير والشفاعة‪ ،‬وإنما يكفرون من أصر على دعاء‬
‫غير الله فيما ال يطلب إال منه عناداً))(‪.)3‬‬
‫ويقول المعلِّمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومن هنا يظهر أنه على فرض أن تكون بعض األقوال‬
‫واألعمال المنتشرة بين عوام المسلمين بعد القرون األولى مناقضة لشهادة أن ال إله إال الله‪،‬‬
‫يكون عامتهم معذورين‪ ،‬ألن المشهور بين أهل العلم ـ فضالً عن غيرهم ـ أن معناها‪(( :‬ال‬
‫واجب الوجود إال الله))‪ ...‬فغالب الناس ال يظنون أن لها معنى غير ذلك‪ ،‬فلسنا نستطيع‬
‫ــــــــــ‬
‫معجم المؤلفين (‪ .)532/5‬وذكر هذا الحديث أيضاً شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في مجموع‬ ‫=‬
‫الفتاوى (‪ ،)465/5‬وفي االستغاثة (‪ ،)324/8‬وبين أنه مكذوب مفترى على رسول الله ‪ ‬باتفاق العارفين‬
‫بحديثه ‪ ،‬ولم يروه أحد من العلماء‪ ،‬وال يوجد في شيء من كتب الحديث المعتمدة‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه الطبراني في الكبير (‪ ،)260/35‬وفي إسناده معروف بن حسان قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل‬
‫(‪ )121/8‬عن أبيه‪ :‬مجهول‪ ،‬وأورده ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (‪ )2126/6‬وقال‪ :‬منكر‬
‫الحديث‪.‬‬
‫وانظر‪ :‬كالم الشيخ عبد الله البابطين في نقض استدالهم بهذا الحديث على جواز دعاء األموات والغائبين في‬
‫دحض شبهات من سوء الفهم لثالثة أحاديث (ص‪ 16 :‬ـ ‪.)18‬‬
‫(‪ )2‬حديث موضوع‪ :‬ذكره أصحاب الموضوعات في كتبهم وأشاروا إلى أنه موضوع‪ .‬انظر‪ :‬تمييز الطيب من الخبيث‬
‫البن الديبع (ص‪ ،)544 :‬واألسرار المرفوعة في األخبار الموضوعة (ص‪ )822 :‬رقم (‪ ،)475‬وكشف‬
‫الخفاء للعجلوني (‪ )592/8‬رقم (‪ ،)8027‬وسلسلة األحاديث الضعيفة والموضوعة (‪.)360‬‬
‫وممن حكم عليه بالوضع أيضاً شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ كما في مجموع الفتاوى‬
‫(‪ ،)446/83‬و(‪ ،)654/55‬والحافظ ابن حجر كما نقله عنه تلميذه السخاوي في المقاصد الحسنة (ص‪:‬‬
‫‪ )433‬عند الحديث رقم (‪.)233‬‬
‫(‪ )3‬تعليقات الشيخ محمد رشيد رضا على الهدية السنية‪( ،‬جمع وترتيب ابن سحمان) (ص‪.)16 :‬‬
‫‪372‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أن نحكم عليهم بالتقصير‪ .‬وهناك أسباب أخرى تمنع الحكم عليهم بالتقصير‪ ،‬فوجب أن‬
‫ال يحكم على مسلم قال أو فعل ما يكون مناقضاً للشهادة بأنه كافر أو مشرك‪ ،‬حتى يتبين‬
‫لنا تقصيره‪ .‬وما لم يتبين لنا تقصيره فهو عندنا مسلم‪ ،‬وقد يكون من خيار المسلمين‬
‫وصالحيهم وأوليائهم‪ .‬ولكن أُعيذك بالله أن يغرك الشيطان‪ ،‬فيقول لك‪ :‬فأنت على هذا‬
‫معذور‪ ،‬فيصدك بذلك عن البحث والتحقيق‪ ،‬فاحذر ذلك وإال كنت مقصراً غير معذور‪.‬‬
‫واعلم أننا لم نحكم على أكثر الناس بالتقصير؛ فإنما ذلك بحسب علمنا‪ ،‬وقد يكون كثير‬
‫منهم في نفس األمر مقصرين‪ ،‬ومن كان كذلك فهو في حكم الله كذلك‪ ،‬وال ينفعه عدم‬
‫حكمنا عليه بذلك))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫ومع هذا يرى المعلِّمي ـ رحمه الله ـ أن ال توسع دائرة اإلعذار بالجهالة في هذه‬
‫األعصار حتى يُعتذر لجميع العوام شركهم بالله تعالى؛ حيث بين أن دائرة العذر بالجهل قد‬
‫ضاقت في هذه األزمنة بسبب فشو العلم والتمكن من تحصيله لكل من طلبه بجد‬
‫وإخالص‪ ،‬وتجرد وإنصاف‪ ،‬وذلك بسبب جهود أهل العلم في بيان التوحيد والتحذير من‬
‫الشرك‪ .‬فأقل أحوال من اشتبه عليهم األمر ـ إن لم ينشطوا للبحث والتحقيق ـ أن يجتنبوا ما‬
‫اشتبه عليهم من الشرك عمالً بقوله ‪« :‬الحالل بين والحرام بين‪ ،‬وبينهما أمور مشتبهات‬
‫ال يعلمهن كثير من الناس‪ ،‬فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه‪ ،‬ومن وقع في‬
‫الشبهات وقع في الحرام‪ .‬كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه‪ ،‬أال وإن لكل‬
‫ملك حمى‪ .‬أال وإن حمى الله محارمه»(‪.)3()2‬‬
‫قلت‪ :‬ومما يدل على رجحان القول باإلعذار بالجهالة في تفاصيل ما يناقض‬
‫توحيد العبادة أيضاً أن العلم المشترط مطلقاً في شروط ال إله إال الله هو العلم اإلجمالي ال‬
‫التفصيلي‪ ،‬والقول بعدم العذر بجهل هذه التفاصيل يلزم منه أن يكون العلم التفصيلي داخالً‬
‫في العلم اإلجمالي الذي ال يصح اإلسالم ابتداءً إال به(‪.)4‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬رفع االشتباه (ص‪ 52 :‬ـ ‪.)51‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬فضل من استبرأ لدينه (جـ‪ )22/3‬ح (‪ ،)52‬ومسلم في كتاب‬
‫المساقاة (‪.)3231/1‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬رفع االشتباه (ص‪ 51:‬ـ ‪.)51‬‬
‫(‪ )4‬العلم التفصيلي كما تقدم شرط في حال العلم وذلك بإزاء العلم اإلجمالي فهو شرط مطلقاً‪.‬‬
‫‪377‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫وقد أوضح ذلك العالمة عبد الرزاق عفيفي ـ رحمه الله ـ حيث قال في رد على سؤال‬
‫نصه‪ :‬ما هو العلم المشترط في شروط ال إله إال الله أهو العلم اإلجمالي بأنه ال يستحق‬
‫العبادة إال الله أم ال بد من العلم التفصيلي بأن الذبح عبادة والنذر عبادة‪ ..‬وهكذا؟ ـ‬
‫فأجاب‪(( :‬العلم المشترط هو العلم اإلجمالي ال التفصيلي ما هو بالزم أن يكون فيلسوفاً‬
‫بدليل حديث معاذ وسجوده للرسول ‪ ،‬وقصة ذات أنواط‪ .‬فالجهل بتفاصيل العبادة ال‬
‫يمنع للحكم بالشخص باإلسالم))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬ويؤكد ذلك أن الرجل المسرف على نفسه الذي قال لبنيه‪« :‬إذا أنا مت‬
‫فاسحقوني ثم أذروني في اليم‪ .‬فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من‬
‫العالمين»(‪ )2‬كان عنده إيمان مجمل بالبعث‪ ،‬ولم يكن عالماً بجميع تفاصيله فع َذره الله‪.‬‬
‫مما يدل على أن الشخص إذا جهل بعض تفاصيل أصول اإليمان ال يكفر بذلك ما لم تقم‬
‫عليه الحجة التي يكفر تاركها‪.‬‬
‫ووجه كونه أن معه إيماناً مجمالً بالبعث أنه خشي أن يكون من جملة المبعوثين‬
‫فيحصل له العذاب والنكال لقاء تفريطه في جنب الله‪ ،‬ولذا أمر بنيه أن يفعلوا به ما يَظُن‬
‫أنه ال يُبعث مع فعله به‪ .‬فهو شاك في قدرة الله في بعث نفسه ال في بعث غيره؛ فلو كان‬
‫شاكاً في قدرة الله على بعث جميع الخلق لكفر‪.‬‬
‫وقد أشار لذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ فقال‪(( :‬وأما تكفير من لم يكن منافقاً‬
‫فهذا فيه تفصيل قد بسطناه في غير هذا الموضع‪ ،‬وبينا الفرق بين من قامت عليه الحجة‬
‫النبوية التي يكفر تاركها‪ ،‬وبين المخطئ المجتهد في اتباع الرسول إذا اقتضى خطؤه نفي‬
‫بعض ما أثبته‪ ،‬أو إثبات بعض ما نفاه‪ ،‬حتى نفس المقالة الواحدة يكفر بتكذيبها من قامت‬
‫عليه الحجة دون من لم تقم عليه‪ ،‬كالذي قال‪« :‬إذا مت فاسحقوني ثم أذروني في اليم‪،‬‬
‫فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين»‪ .‬فإن اإليمان بقدرة الله‬
‫على كل شيء ومعاد األبدان من أصول اإليمان‪ ،‬ومع هذا فهذا لما كان مؤمناً بالله وأمره‬
‫ونهيه وكان إيمانه بالقدرة‪ ،‬والمعاد مجمالً فظن أن تحريقه يمنع ذلك فعل ذلك‪ .‬ومعلوم أنه‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (‪.)302/3‬‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ (جـ‪ 255/8‬ـ ‪ )253‬ح‬ ‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب التوحيد‪ ،‬باب قول الله تعالى‪:‬‬
‫(‪ ،)0556‬ومسلم في كتاب التوبة (‪.)2351/1‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫لو كان قد بلغه من العلم أن الله يعيده وإن حرق كما بلغه أنه يعيد األبدان لم يفعل‬
‫ذلك))(‪.)1‬‬
‫كما يدل عليه أيضاً من السنة حديث حذيفة ـ وله حكم الرفع ـ الذي فيه‪« :‬يأتي‬
‫على الناس زمان ال يعرفون فيه صالة وال زكاة وال صوماً وال حجاً إال الشيخ الكبير والعجوز‬
‫الكبيرة يقوالن أدركنا آباءنا وهم يقولون‪« :‬ال إله إال الله» فقيل لحذيفة ما يغني عنهم قول‬
‫ال إله إال الله وهم ال يعرفون صالة وال زكاة وال صوما وال حجاً؟ قال‪« :‬تنجيهم من النار‬
‫تنجيهم من النار»(‪ .)2‬فهؤالء معهم إيمان مجمل باإلسالم وجهل بكثير من تفاصيله ومع‬
‫ذلك نفعهم هذا اإليمان‪.‬‬
‫وقد بين شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أن ذلك يحصل ـ أي الجهل بتفاصيل توحيد‬
‫العبادة ـ بسبب خفاء الحق لفتور الوحي واندراس آثار النبوة وقلة دعاة العلم واإليمان مما‬
‫يدل على أن الظهور والخفاء أمر نسبي ال ينضبط في مسائل دون أخرى(‪.)3‬‬
‫الج َملي بمعنى شهادة أن‬
‫فخالصة ما سبق‪ :‬أن الجهل منه ما يرجع إلى فقد العلم ُ‬
‫ال إله إال الله‪ ،‬فهذا ال عذر فيه وال شبهة‪ .‬ومنه ما يرجع إلى فقد العلم التفصيلي بمعنى ال‬
‫إله إال الله‪ ،‬وهذا صاحبه ال يخلو من ثالثة أحوال‪:‬‬
‫مفرطاً في رفع الجهل عن نفسه‪ ،‬فهذا ال يُعذر باتفاق‪ ،‬ولكن قد‬ ‫األولى‪ :‬أن يكون ِّ‬
‫يختلفون في حكمه في اآلخرة إذا لم يكن معذوراً في نفس األمر‪ :‬هل يعاقب عقوبة‬
‫الكافرين أو يعاقب عقوبة المذنبين؛ فيكون تحت المشيئة؟‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون بين ظهراني مسلمين إال أنه غلب عليه الجهل بسبب الشبهات فهذا‬
‫مختلف في إعذاره‪ .‬والصحيح أنه يُع َذر‪.‬‬
‫ويُلحق به أيضاً في الحكم من لم يطرأ على باله أن ما عليه شرك مخالف للتوحيد‬
‫وإن كان بين ظهراني مسلمين‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬بغية المرتاد (ص‪.)112 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجة في كتاب الفتن‪ ،‬باب ذهاب القرآن والعلم (‪ )3111/2‬حديث رقم (‪ ،)1511‬والبيهقي في‬
‫الشعب (‪ ،)156/2‬والحاكم في المستدرك (‪ .)525/1‬وقال‪ :‬صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه‪ .‬وصححه‬
‫األلباني في مواضع من كتبه منها حكم تارك الصالة (ص‪ ،)51:‬وسلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)303‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬بغية المرتاد (ص‪ ،)133 :‬ومجموع الفتاوى (‪.)365/15‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الثالثة‪ :‬أن يكون حديث عهد بإسالم أو عاش في شاهق أو بأرض بعيدة عن ديار‬
‫متيسر له‪ ،‬فمتى تيسر له العلم فله حكم‬‫المسلمين‪ .‬فهذا يع َذر باتفاق ما دام أن العلم غير ِّ‬
‫ُ‬
‫أمثاله ممن تمكن من العلم فأعرض عن طلبه؛ فال يكون معذوراً‪.‬‬
‫ومن هنا يمكن القول بأن الجهل بالتوحيد نوعان؛ جهل يَدخل في مسائل العذر وهو‬
‫الجهل بالمعنى التفصيلي لكلمة الشهادة؛ وجهل ال يَدخل في مسائل العذر وهو الجهل بالعلم‬
‫بحث في حق من ثبت‬ ‫الجملي بمعنى الشهادة؛ ووجه هذا التقسيم أن مسألة العذر بالجهل تُ َ‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫له عقد اإلسالم ثم وقع في شيء من النواقض جاهالً‪ ،‬وذلك من أجل تطبيق الحكم عليه‬
‫بالكفر أو عدمه‪ .‬أما من لم يـَثنـبُت له عقد اإلسالم ـ بجهله بالعلم الجملي لكلمة الشهادة ـ فهو‬
‫كافر أصلي فال تُراعى فيه أحكام الجهل ونحو ذلك من موانع التكفير‪.‬‬
‫إذا ثبت ذلك‪ ،‬فإن مما ينبغي أن يُعلم أن مسألة العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض‬
‫توحيد العبادة هي ليست من مسائل األصول التي يُضلل المخالف فيها‪ ،‬وإنما هي من مسائل‬
‫االجتهاد وموارده بحسب تصور الناظر فيها من تحقق الكفر في الشخص المعين أو عدمه‪،‬‬
‫ولذا ال ينبغي أن يُبنى عليها تبديع أو تفسيق لمن خالف فيها؛ فالمخالف مجتهد مخطئ في‬
‫اجتهاده‪.‬‬
‫وممن أشار إلى ذلك الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث قال‪(( :‬االختالف في‬
‫العذر بالجهل كغيره من االختالفات الفقهية االجتهادية‪ ،‬وربما يكون اختالفاً لفظياً في‬
‫بعض األحيان من أجل تطبيق الحكم على الشخص المعين‪ ،‬أي أن الجميع يتفقون على‬
‫أن هذا القول كفر‪ ،‬أو هذا الفعل كفر‪ ،‬أو هذا الترك كفر‪ ،‬ولكن هل يصدق الحكم على‬
‫هذا الشخص المعين لقيام المقتضي في حقه وانتفاء المانع أو ال ينطبق لفوات بعض‬
‫المقتضيات‪ ،‬أو وجود بعض الموانع)) انتهى محل الغرض(‪.)2‬‬
‫وأما تضخيم هذه القضية وتضليل المخالف‪ ،‬وإلزامه بلوازم لم يقل بها‪ ،‬فهو خلل‬
‫وانحراف‪ ،‬أما إذا التزم أحد الفريقين بأي من اللوازم الباطلة فهو مبتدع‪ ،‬وإليك اإلشارة إلى‬
‫أهم هذه اللوازم‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اللوازم التي قد تلزم من يقول بعدم العذر بالجهل في مسائل العقائد‪.‬‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬تقدم أنه من تلفظ بالشهادتين وهو عالم بمعناهما الجملي‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح كشف الشبهات (ص‪.)47 :‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫أ ـ مخالفة منهج السلف في االحتياط في تكفير المعين أو التأثر بمذهب الخوارج‪،‬‬


‫في هذا الباب‪.‬‬
‫ب ـ مشاركة الخوارج في مذهبهم حيث يوجبون استتابة من خالفهم في تنـزيل أو‬
‫تأويل‪ ،‬فإن تاب وإال قُتل‪ ،‬كان ذلك الخالف فما يَسع جهله‪ ،‬أو فيما ال يسع جهلُه(‪.)1‬‬
‫ج ـ القول بأن الحجة تقوم بدون إرسال الرسل‪.‬‬
‫د ـ القول بأن الله ـ تعالى ـ يُكلِّف بما ال يُطاق؛ وهذا يلزم من ال يشترط في‬
‫الخطاب فهم الحجة‪.‬‬
‫هـ ـ القول بنفي العذر مطلقاً‪ ،‬وخاصة ممن ال يُدرك هذا المذهب‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬اللوازم التي قد تلزم من يرى العذر بالجهالة في مسائل العقيدة‪ ،‬وخاصة من‬
‫ال يُدرك هذا المذهب وحد ما يُع َذر به وما ال يُع َذر به‪:‬‬
‫أ ـ عدم التكفير بالتعيين‪.‬‬
‫ب ـ الميل إلى مذهب اإلرجاء‪ ،‬ومن ذلك حصر الكفر في الجحود أو التكذيب‬
‫فقط(‪.)2‬‬
‫ج ـ الحكم على جميع أهل الفترة بأنهم في الجنة‪ ،‬وخصوصاً ممن ال يفرق بين‬
‫المسألتين‪.‬‬
‫ولكن بحمد الله‪ ،‬فهذه اللوازم ال يقول بها الفريقان ممن اختلفوا في هذه المسألة‪،‬‬
‫ال سيما أهل السنة منهم‪ ،‬فهم بريئون منها قطعاً(‪.)3‬‬
‫وجملة القول لما تقدم‪ :‬أن الجهل بمعنى شهادة أن ال إله إال الله مناف لشرط‬
‫العلم بمعنى الشهادة‪.‬‬
‫ولكن يبقى النظر في قدر هذه المنافاة هل هي تامة من كل وجه‪ ،‬أم ناقصة؟‬
‫هذه المسألة ترجع في األصل إلى أحكام الجهل بمعنى الشهادة؛ وبالنظر إلى‬
‫األقوال المتقدمة‪ ،‬فإن لهذه المسألة جهتين؛ األولى‪ :‬الجاهل الذي وقع فيما يناقض هذه‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬مقاالت اإلسالميين (‪.)525/5‬‬
‫ِّ‬
‫(‪ )2‬يوضحه‪ :‬أن من أنواع الكفر الكفر بالجهل؛ كالجهل بالله وبأحقيته بالعبادة دون غيره‪ ،‬وككفر من ال يفرق بين‬
‫الله والرسول ‪ ‬لمالزمة الشهادتين كما مر في مسألة العذر بالجهل‪ ،‬في المكفرات التي يُع َذر بالجهل بها‬
‫و ِّ‬
‫المكفرات التي ال يُع َذر بالجهل بها‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬نواقض اإليمان االعتقادية (جـ‪ 890/5‬ـ ‪.)895‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫الكلمة إال أنه لم تقم عليه الحجة الرسالية التي يكفر لتركها‪ ،‬وهو نوعان‪ :‬من كان جهله بأصل‬
‫المعنى‪ ،‬فهذا يُكفر مطلقاً‪ ،‬وذلك باتفاق أهل العلم‪ .‬النوع الثاني‪ :‬من كان جهله في تفاصيل‬
‫المعنى ال في أصله فهذا اختلفوا في حكمه في الدنيا‪ .‬فذهب قوم إلى أنه يُ َكفر مطلقاً في‬
‫حكم الدنيا واآلخرة وهم اإلباضية من الخوارج(‪ ،)1‬وذهب آخرون إلى أن ظاهره الكفر أي‪ :‬في‬
‫حكم الدنيا(‪ ،)2‬وأما في اآلخرة فأمره إلى الله تعالى(‪ .)3‬وذهب بعض أهل العلم إلى التفصيل‬
‫مفرطاً في طلب الحجة أو ال‪ ،‬فإن كان ِّ‬
‫مفرطاً‬ ‫في حكمه فقالوا‪ :‬ال يخلو إما أن يكون ِّ‬
‫فذهب بعضهم إلى أنه يكفر في حكم الدنيا وأما حكم اآلخرة فهو إلى الله(‪ ،)4‬وقال‬
‫اآلخرون منهم‪ :‬هو عاص في حكم الدنيا‪ ،‬وأما في حكم اآلخرة فإنه يعاقب عقوبة المذنبين‬
‫وَم نن ترك الواجبات‪ ،‬فال يُخلد في النار(‪ .)5‬هذا إن عوقب(‪.)6‬‬
‫وأما إ نن لم يكن ِّ‬
‫مفرطاً فهو مسلم عندهم قوالً واحداً‪.‬‬
‫الجهة الثانية‪ :‬من كان ظاهره التفريط فأقيمت عليه الحجة فهذا يكفر اتفاقاً أياً كان‬
‫جهله في أصل المعنى أو في تفاصيله‪.‬‬
‫إال أنهم قد يختلفون في ضابط التقصير والتفريط على ما تقدم(‪.)7‬‬
‫فالحاصل أن هذه المنافاة كلية من كل وجه إذا كان الجهل في أصل المعنى وذلك‬
‫مطلقاً مع التفريط أو عدمه‪ .‬أما إن كان الجهل في تفاصيل المعنى ال في أصله فإن هذا‬
‫الجهل ال يخلوا إما أن يكون ناشئاً عن تفريط وتقصير في العلم والتعلم أو ال يكون كذلك‪.‬‬
‫فإن كان هذا الجهل ناشئاً عن تقصير وتفريط في العلم والتعلم‪ ،‬فعلى المذهب األول‬
‫والثاني تكون المنافاة تامة وعلى المذهب الثالث تكون المنافاة للكمال الواجب ال‬
‫ـــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مقاالت اإلسالميين (‪.)525/5‬‬
‫(‪ )2‬تقدم أن أصحاب هذا الرأي ال يتصورون الجهل في مسائل توحيد العبادة‪ ،‬ولذا فهم ال يتصورون الجهل بهذه‬
‫المسائل إال مع التفريط‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (‪.)615/2/1‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المصدر نفسه (‪.)530/8/3‬‬
‫(‪ )5‬يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما (التكفير) فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد ‪ ‬وقصد الحق‬
‫فأخطأ‪ :‬لم يكفر‪ :‬بل يغفر له خطؤه‪ .‬ومن بين له ما جاء به الرسول‪ ،‬فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى‪،‬‬
‫واتبع غير سبيل المؤمنين‪ :‬فهو كافر‪ .‬ومن اتبع هواه؛ وقصر في طلب الحق‪ ،‬وتكلم بال علم‪ :‬فهو عاص مذنب‪.‬‬
‫ثم قد يكون فاسقاً‪ ،‬وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته)) [مجموع الفتاوى (‪ ،])520/58‬وانظر‪ :‬الطرق‬
‫الحكمية البن القيم (ص‪.)573 :‬‬
‫(‪ )6‬لكونه تحت المشيئة‪.‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬المقصد الثاني من هذا المطلب‪.‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫للشرطية(‪ ،)1‬والله تعالى أعلم‪.‬‬

‫ـــــــــ‬
‫الم نع ِّرض؛ ولذا فاألسلم أن يقال‪ :‬أن الجهل بمعنى الشهادة‬
‫كم بإسالم ُ‬ ‫(‪ )1‬ولكن قد يرد على هذا المذهب ُ‬
‫الح ُ‬
‫ينافي شرط العلم مع التفريط مطلقاً‪ ،‬وتبقى أحكام الجاهل معلقة بإقامة الحجة أو عدمها‪ ،‬وهو النظر في تحقق‬
‫كفره أو ال؟ أما من حيث األصل فكل من نطق بالشهادتين وهو يعلم معناهما الجملي فهو باق على أصل‬
‫إسالمه حتى تقام عليه الحجة التي يكفر لتركها هذا في أحكام الدنيا‪ ،‬أما أحكام اآلخرة فهي إلى الله تعالى‪.‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط العلم بمعنى الشهادة‬

‫المبحث السابع‪ :‬المخالفون في شرط العلم بمعنى ل إله إل الله من أهل القبلة‪:‬‬
‫من المناسب ونحن نتكلم عن أحكام الجهل بالمشهود به‪ ،‬وهو معنى الشهادة أن‬
‫نشير إلى المخالفين في شرط العلم بال إله إال الله من أهل القبلة‪ ،‬ألن مرجع هذه المخالفة‬
‫راجع إلى الجهل بمعنى الشهادة غالباً‪ ،‬فنشرع فنقول‪ :‬إن المخالفين في شرط العلم بمعنى‬
‫ال إله إال الله يمكن حصرهم في نوعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬المخالفون في هذا الشرط خالفاً عملياً‪ ،‬وهؤالء سيأتي الحديث عنهم في‬
‫شرط االنقياد‪ ،‬ألن عدم انقيادهم لما دلت عليه هذه الكلمة من التوحيد والبراءة من الشرك هو‬
‫نابع في الغالب من عدم علمهم بمعنى هذه الكلمة‪ ،‬وإال فال يُظن بمن فَـ ُقه معنى هذه الكلمة‬
‫من أهل اإلسالم أن ال ينقاد ألصل معناها إال أن يكون منافقاً مبطناً للكفر بقلبه‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬المخالفون في هذا الشرط خالفاً ِّعلمياً‪ ،‬وهؤالء هم طائفة المتكلمين‬
‫يفسرون معنى ال إله إال الله بمعنى الربوبية‪ ،‬وهؤالء قد سبق أن بينا مذهبهم في تفسير‬ ‫ممن ِّ‬
‫هذه الكلمة وأشرنا إلى بعض أقوالهم ثم بينا فساد ذلك التفسير من نصوص الكتاب والسنة‬
‫وأقوال سلف األمة‪ ،‬فال داعي أن نكرر ما سبق هنا‪.‬‬
‫‪444‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اليقين‪.‬‬


‫وتحته تمهيد‪ ،‬وسبعة مباحث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى اليقين‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين العلم واليقين‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ح ّد اليقين الذي يُ َع ّد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬طرق تحصيل اليقين بمعنى شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬األدلة على كون اليقين من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين لصحة الشهادة‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط اليقين بشهادة أن ال إله إال الله وينقضه‪.‬‬
‫‪444‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اليقين‪.‬‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫اليقين من مراتب العلم‪ ،‬وهو ـ كما سيأتي ـ العلم الراسخ التام المنافي للشك الظن(‪،)1‬‬
‫فهو قدر زائد عن العلم المنافي للجهل‪ .‬وعلى هذا فإن العلم بال إله إال الله مرتبتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬العلم بمعنى ال إله إال الله المنافي للجهل‪ ،‬وهو المعبَّر عنه بشرط العلم‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬العلم بمعنى ال إله إال الله المنافي للشك‪ ،‬وهو ُ‬
‫المعبَّر عنه بشرط اليقين‪.‬‬
‫وهذا وجه القرن بين شرط اليقين وشرط العلم في باب واحد كما في الخطة‪.‬‬
‫ووجه اشتراط اليقين لصحة الشهادة كوجه اشتراط العلم؛ فألن الشهادة مع الجهل‬
‫والشك ال تُعتبر وال تنفع‪ ،‬فيكون الشاهد ـ والحالة هذه ـ كاذبا؛ لشكه في المعنى الذي‬
‫شهد به‪ .‬والمطلوب في الشهادة المنجية الصدق‪ ،‬وذلك ال يكون إال مع اليقين بالمعنى‪.‬‬
‫والعلم بال إله إال الله المنافي للجهل قد تقدم الكالم عليه‪ ،‬وسيكون الحديث في‬
‫هذا الفصل عن العلم المنافي للشك الذي هو شرط اليقين؛ والكالم عليه سيكون تحت‬
‫المباحث التالية‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى اليقين‪ .‬وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى اليقين في اللغة‪.‬‬
‫اليقين في اللغة مأخوذ من ((يقن)) يوقن إيقانا‪ ،‬فهو موقن‪ .‬وهي كلمة تدور في اللغة‬
‫على أربعة معان‪ :‬العلم‪ ،‬وإزاحة الشك(‪ ،)2‬وتحقيق األمر‪ ،‬والموت(‪.)3‬‬
‫والعرب قد تعبر في كالمها عن اليقين وتريد به الظن‪ ،‬وقد تعبر عن الظن وتريد به‬
‫اليقين‪ .‬فشاهد األول‪ :‬ما قاله أبو سدرة األسدي ويقال الهجيمي(‪:)4‬‬
‫بها ُمفتد من واحد ال أُغ ـام ُرهُ‬ ‫هواس وأيـقـن أنـَّني‬
‫تح َّسب َّ‬
‫يقول‪ :‬تشمم األسد ناقتي يظن أني أفتدي بها منه وأستحمي نفسي فأتركها له‪ ،‬وال‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬معنى ال إله إال الله ومقتضاها للفوزان (ص‪.)41 :‬‬
‫(‪ )2‬الشك هو تجويز أمرين ال مزية ألحدهما على اآلخر‪[ .‬الورقات للجويني (ص‪.])8 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)451/6‬التهذيب لألزهري (‪ ،)525/1‬والصحاح للجوهري (‪،)2241/6‬‬
‫ولسان العرب (‪.)454/45‬‬
‫(‪ )4‬لم أقف له على ترجمة‪.‬‬
‫‪442‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫أقتحم المهالك بمقاتلته(‪.)1‬‬


‫وشاهد الثاني‪ :‬قوله تعالى في شأن المؤمنين‪ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫[البقرة‪.)2(]46 :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى اليقين شرعاً‪.‬‬
‫عرفه أهل العلم بتعاريف كثيرة‪ ،‬ليس بينها اختالف في المعنى‪ ،‬فجميعها يدور‬ ‫اليقين َّ‬
‫على استقرار العلم في القلب استقرارا ينـزاح معه الشك والريب؛ مما يوجب السكينة‬
‫والطمأنينة باإليمان في القلب‪ .‬ومن هذه التعاريف‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف الجنيد‪:‬‬
‫قال الجنيد‪(( :‬اليقين هو استقرار العلم الذي ال ينقلب وال يحول‪ ،‬وال يتغير في‬
‫القلب))(‪.)3‬‬
‫ثانياً‪ :‬تعريف الراغب‪:‬‬
‫قال الراغب‪(( :‬اليقين صفة العلم‪ ،‬ومعناه‪ :‬سكون الفهم مع ثبات الحكم))(‪.)4‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تعريف القرطبي(‪:)5‬‬
‫قال القرطبي‪(( :‬اليقين هو العلم الراسخ في القلب الثابت فيه))(‪.)6‬‬
‫رابعاً‪ :‬تعريف شيخ اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬وأما اليقين فهو طمأنينة القلب؛ واستقرار العلم فيه‪،‬‬
‫وهو معنى ما يقولون‪« :‬ماء يقن» إذا استقر عن الحركة‪ .‬وضد اليقين الريب‪ ،‬وهو نوع من‬
‫الحركة واإلضطراب‪ .‬يقال‪ :‬رابني يربيني‪ ،‬ومنه في الحديث أن النبي ‪ ‬مر بظبي حاقف‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الصحاح للجوهري (‪.)2241/6‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪ 84/4‬ـ ‪.)85‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)518/2‬‬
‫(‪ )4‬المفردات (ص‪.)812 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬أحمد بن عمر بن إبراهيم أبو العباس األنصاري األندلسي‪ ،‬من أعيان فقهاء المالكية‪ ،‬كان يشار إليه‬
‫بالبالغة والعلم‪ ،‬والتقدم في علم الحديث‪ ،‬والفضل التام‪ ،‬مولده سنة ثمان وتسعين وخمسمائه على الصحيح‪،‬‬
‫ووفاته باإلسكندرية سنة (‪ )656‬هـ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الديباج المذهب (‪ 244/4‬ـ ‪ ،)242‬وحسن المحاضرة (‪.)451/4‬‬
‫(‪ )6‬المفهم (‪.)246/4‬‬
‫‪445‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫فقال ال يريبه أحد))(‪.)1‬‬


‫خامساً‪ :‬تعريف الحافظ ابن رجب رحمه الله ‪:‬‬
‫قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬اليقين‪ :‬هو العلم الحاصل للقلب بعد النظر‬
‫واالستدالل‪ ،‬فيوجب قوة التصديق حتى ينفي الريب والشك‪ ،‬ويوجب طمأنينة القلب‬
‫باإليمان‪ ،‬وسكونه وارتياحه به‪ .‬وقد جعله ابن مسعود اإليمان كله‪ ،‬وكذا قال الشعبي‬
‫أيضا))(‪.)2‬‬
‫سادساً‪ :‬تعريف السعدي‪:‬‬
‫قال السعدي ـ رحمه الله ـ في تعريف اليقين‪(( :‬العلم الراسخ القوي الذي ليس عرضة‬
‫للريب والشك والموانع))(‪.)3‬‬
‫بعد عرض هذه األقوال في معنى اليقين لغة وشرعا يكون معنى اليقين الشرعي‪ :‬العلم‬
‫الراسخ القوي المثمر لطمأنينة القلب باإليمان‪ ،‬الذي ليس عرضة للشك والريب‪ ،‬المستلزم‬
‫لتحقيق شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫أو يقال في تعريفه‪ :‬هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك‪ ،‬الموجب للعمل(‪.)4‬‬
‫واليقين بهذا االعتبار يكون من أعمال القلوب التي ال يصح اإليمان إال بتحقق‬
‫أصلها في القلب‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬اليقين أيضا يراد به العلم المستقر في القلب‪ ،‬ويراد‬
‫به العمل بهذا العلم‪ ،‬فال يطلق الموقن إال على من استقر في قلبه العلم والعمل))(‪.)5‬‬
‫وقال أيضا‪(( :‬واسم اليقين والريب والشك ونحوها يتناول علم القلب وعمله وتصديقه‪،‬‬
‫وعدم تصديقه وسكينته وعدم سكينته ليست هذه األمور بمجرد العلم فقط))(‪.)6‬‬
‫ثم أوضح ذلك فقال‪(( :‬فإن العبد قد يعلم علما جازما؛ بأمر ومع هذا فيكون في قلبه‬
‫حركة واختالج من العمل الذي يقتضيه ذلك العلم؛ كعلم العبد أن الله رب كل شيء‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)521/5‬‬
‫(‪ )2‬فتح الباري‪ ،‬البن رجب (‪ 45/4‬ـ ‪.)44‬‬
‫(‪ )3‬تيسير اللطيف المنان (ص‪.)282 :‬‬
‫(‪ )4‬وهذا األخير هو تعريف ابن سعدي ـ رحمه الله ـ كما في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان (ص‪،)44:‬‬
‫وانظر‪ :‬الرياض الناضرة (ص‪.)244 :‬‬
‫(‪ )5‬بيان تلبيس الجهمية (‪.)525/4‬‬
‫(‪ )6‬مجموع الفتاوى (‪ 485/45‬ـ ‪.)484‬‬
‫‪444‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫ومليكه‪ ،‬وال خالق غيره‪ ،‬وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن‪ ،‬فهذا قد تصحبه الطمأنينة‬
‫إلى الله والتوكل عليه وقد ال يصحبه العمل بذلك؛ إما لغفلة القلب عن هذا العلم‪ .‬والغفلة‪:‬‬
‫هي ضد العلم التام وإن لم يكن ضدا ألصل العلم؛ وإما للخواطر التي تسنح في القلب من‬
‫االلتفات إلى األسباب‪ ،‬وإما لغير ذلك))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫فاليقين إذن هو مرتبة من مراتب العلم‪ ،‬وهي تكون بعد استقرار العلم في القلب؛ فالعلم‬
‫يكون سابقا لها بل لجميع أعمال القلوب‪ ،‬ولذلك عقد اإلمام البخاري ـ رحمه الله ـ ترجمة في‬
‫صحيحه بعنوان‪ :‬باب العلم قبل القول والعمل‪ ،‬لقول الله تعالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[محمد‪ ]41 :‬فبدأ بالعلم(‪ .)2‬فالعلم أول ما يطرق في قلب المؤمن ثم تأتي‬ ‫ﰊ ﰊ‬
‫بعده مرتبة اليقين الدالة على استقرار هذا العلم في القلب استقرارا ال يختلج معه الشك‪.‬‬
‫والعلم إذا استقر في القلب استقرارا ينتفي معه الشك فإن ذلك يثمر قوة العلم‬
‫واالستمرار عليه بحيث ال تؤثر فيه القواطع والشُّبه‪ ،‬فيستصحب العبد العلم بتوحيد ربه‬
‫فيكون أبعد شيء عن الشرك والوسائل المؤدية إليه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين العلم واليقين‪.‬‬
‫الفرق بين العلم واليقين ظاهر جدا‪ ،‬وهو قد تبين من خالل معرفة حد اليقين‪ ،‬فاليقين‬
‫ـ كما تقدم ـ هو العلم الراسخ القوي التام الذي ليس عرضة للريب والشك والموانع‪ ،‬وهذا‬
‫مجرد العلم المنافي للجهل‪ ،‬فيكون اليقين بهذا االعتبار أخص من العلم؛‬ ‫قدر زائد عن َّ‬
‫مجرد اإلدراك والتصور ولو لم ينتف معه الشك؛ فكما هو معلوم أن اإلنسان‬ ‫فالمراد بالعلم َّ‬
‫قد يعلم بأشياء وهو يتردد في صحتها أو وجودها‪ ،‬فأما إذا علم هذه األشياء علما ال يختلج‬
‫معه الشك فذاك اليقين‪.‬‬
‫كما ألمح شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى فرق آخر بين العلم واليقين حيث‬
‫قال‪(( :‬والريب يكون في علم القلب وفى عمل القلب بخالف الشك‪ ،‬فإنه ال يكون إال في‬
‫العلم‪ ،‬ولهذا ال يوصف باليقين إال من اطمأن قلبه علما وعمال‪ ،‬وإال فإذا كان عالما بالحق‪،‬‬
‫ولكن المصيبة أو الخوف أورثه جزعا عظيما‪ ،‬لم يكن صاحب يقين قال تعالى‪ :‬ﮖ ﮗ‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نفس المصدر (‪.)521/5‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب العلم (جـ‪.)21/4‬‬
‫‪445‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [األحزاب‪.)1())]44 :‬‬
‫فتبين من كالمه ـ رحمه الله ـ أن اليقين يكون في علم القلب وعمله بخالف العلم فال‬
‫يكون إال في علم القلب‪.‬‬
‫يوضحه‪ :‬أن العبد قد يعلم علما جازما بأمر ومع هذا فيكون في قلبه حركة واختالج‬
‫من العمل الذي يقتضيه ذلك العلم؛ كعلم العبد أن الله رب كل شيء ومليكه وال خالق‬
‫غيره‪ ،‬وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فهذا قد تصحبه الطمأنينة إلى الله والتوكل عليه‬
‫وقد ال يصحبه العمل بذلك؛ إما لغفلة القلب عن هذا العلم‪ .‬والغفلة‪ :‬هي ضد العلم التام‬
‫وإن لم يكن ضدا ألصل العلم؛ وإما للخواطر التي تسنح في القلب من االلتفات إلى‬
‫األسباب‪ ،‬وإما لغير ذلك(‪.)2‬‬
‫ومن الفروق أيضا‪ :‬أن اليقين من صفة العلم‪ ،‬فوق المعرفة والدراية وأخواتها‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫علم يقيني‪ ،‬وال يقال‪ :‬يقين علمي(‪.)3‬‬
‫ومن الفروق أيضا ما ذكره السعدي ـ رحمه الله ـ في قوله‪(( :‬فالعلم هو تصور‬
‫المعلومات على ما هي عليه‪ ،‬ولهذا يقال‪ :‬العلم ما قام عليه الدليل والعلم النافع ما كان‬
‫مأخوذا عن الرسول‪ ،‬واليقين أخص من العلم بأمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه العلم الراسخ القوي الذي ليس عرضة للريب والشك والموانع‪ ،‬ويكون‬
‫علم يقين إذا ثبت بالخبر‪ ،‬وعين يقين إذا شاهدته العين والبصر‪ ،‬ولهذا يقال‪« :‬ليس الخبر‬
‫كالمعاينة»(‪ ،)4‬وحق يقين إذا ذاقه العبد وتحقق به‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬أن اليقين هو العلم الذي يحمل صاحبه على الطمأنينة بخبر الله‪،‬‬
‫والطمأنينة بذكر الله‪ ،‬والصبر على المكاره‪ ،‬والقوة في أمور الله؛ والشجاعة القولية والفعلية‪،‬‬
‫واإلستحالء للطاعات‪ ،‬وأن تهون على العبد في ذات الله المشقات وتحمل الكريهات‪،‬‬
‫فهذه اآلثار الجميلة التي هي أعلى وأحلى من كل شيء من آثار اليقين))(‪.)5‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)284/1‬‬
‫(‪ )2‬نفس المصدر (‪.)521/5‬‬
‫(‪ )3‬المفردات للراغب (ص‪ )298 :‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )4‬هذا لفظ حديث نبوي‪ ،‬وقد تقدم تخريجه في (ص‪.)753 :‬‬
‫(‪ )5‬تيسير اللطيف المنان (ص‪.)828 :‬‬
‫‪446‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫وهذا الفرق الذي ذكره السعدي ـ رحمه الله ـ هو يرجع إلى الفرق األول بل هو‬
‫عينه‪.‬‬
‫فالحاصل أن اليقين مرتبة فوق العلم والدراية‪ ،‬وال تكون إال بعد استقرار العلم في‬
‫القلب استقرارا ينـزاح معه الشك وينتفي معه الريب‪.‬‬
‫‪441‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫المبحث الثالث‪ :‬ح ّد اليقين الذي يُع ّد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫اليقين ـ كما هو معلوم ـ ليس شيئا واحدا يستوي فيه جميع الناس بل هو مراتب‬
‫ودرجات يتفاوت فيها الناس تفاوتا عظيما‪ ،‬وقبل أن نبين القدر الذي يُشترط منه لصحة‬
‫شهادة أن ال إله إال الله نذكر مراتب ودرجات هذا اليقين‪.‬‬
‫اليقين له ثالث درجات متفاوتة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ علم اليقين‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ عين اليقين‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ حق اليقين‪.‬‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ودليل هذه الدرجات الثالث قوله تعالى‪ :‬ﮛ ﮜ‬
‫[الحاقة‪:‬‬ ‫ﮮ‬ ‫ﮦ ﮧ ﮨ [التكاثر‪ 5 :‬ـ ‪ ،]1‬مع قوله تعالى‪ :‬ﮫ ﮬ ﮭ‬ ‫ﮤ ﮥ‬
‫‪.]54‬‬
‫فعلم اليقين‪ :‬هو ما علمه اإلنسان بالسماع والخبر والقياس والنظر‪.‬‬
‫وعين اليقين هو ما شاهده وعاينه بالبصر‪.‬‬
‫وحق اليقين هو ما باشره ووجده وذاقه وعرفه باالعتبار(‪ ،)1‬وهو خالص اليقين‬
‫وأصحه(‪.)2‬‬
‫وقد مثَّل شيخ اإلسالم ـ رحمه الله تعالى ـ لهذه األقسام الثالثة بمن أخبرك أن عنده‬
‫عسال وأنت ال تشك في صدقه ثم أراك إياه‪ ،‬فازددت يقينا‪ ،‬ثم ذقت منه ووجدت طعمه‬
‫وحالوته‪.‬‬
‫فاألول علم اليقين‪ ،‬والثاني‪ :‬عين اليقين وهو أعلى مما قبله كما قال النبي ‪:‬‬
‫«ليس الخبر كالمعاينة»‪ .‬والثالث‪ :‬حق اليقين وهو أعلى من سابقه كما قال عليه الصالة‬
‫والسالم‪« :‬ثالث من كن فيه وجد حالوة اإليمان‪ ،‬من كان الله ورسوله أحب إليه مما‬
‫سواهما‪ ،‬ومن كان يحب المرء ال يحبه إال لله‪ ،‬ومن كان يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ‬
‫أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار»(‪ .)3‬وكما قال‪« :‬ذاق طعم اإليمان من رضي‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)645/44‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬لسان العرب (‪.)454/45‬‬
‫=‬ ‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب حالوة اإليمان (جـ‪ )44/4‬ح رقم (‪ ،)46‬ومسلم في كتاب اإليمان‬
‫‪448‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫بالله ربا وباإلسالم دينا وبمحمد ‪ ‬رسوال»(‪.)2()1‬‬


‫وقد بيَّن شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪ :‬تفاوت الناس في اإلخالص والتوحيد بحسب‬
‫هذه المراتب الثالث‪ ،‬فقال ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومن ذلك ما يجدونه من ثمرة التوحيد‬
‫واإلخالص‪ ،‬والتوكل والدعاء لله وحده‪ ،‬فإن الناس في هذا الباب على ثالث درجات‪:‬‬
‫منهم من علم ذلك سماعا واستدالال‪.‬‬
‫ومنهم من شاهد وعاين ما يحصل لهم‪.‬‬
‫ومنهم من وجد حقيقة اإلخالص والتوكل على الله‪ ،‬وااللتجاء إليه‪ ،‬واالستعانة به‪،‬‬
‫وجرب من نفسه أنه إذا تعلق بالمخلوقين ورجاهم‪ ،‬وطمع فيهم أن‬ ‫وقطع التعلق بما سواه‪َّ ،‬‬
‫يجلبوا له منفعة أو يدفعوا عنه مضره‪ ،‬فإنه يخذل من جهتهم‪ ،‬وال يحصل مقصوده بل قد‬
‫يبذل لهم من الخدمة واألموال وغير ذلك ما يرجو أن ينفعوه وقت حاجته إليهم‪ ،‬فال‬
‫ينفعونه‪ :‬إما لعجزهم‪ ،‬وإما النصراف قلوبهم عنه‪ ،‬وإذا توجه إلى الله بصدق االفتقار إليه‪،‬‬
‫واستغاث به مخلصا له الدين؛ أجاب دعاءه‪ ،‬وأزال ضرره‪ ،‬وفتح له أبواب الرحمة‪ .‬فمثل‬
‫هذا قد ذاق من حقيقة التوكل والدعاء لله‪ ،‬ما لم يذق غيره‪ .‬وكذلك من ذاق طعم إخالص‬
‫الدين لله وإرادة وجهة دون ما سواه؛ يجد من األحوال والنتائج والفوائد ما ال يجده من لم‬
‫يكن كذلك))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فإن اليقين الذي هو شرط في شهادة أن ال إله إال الله هو القدر‬
‫الذي ينتفي به الشك وينـزاح به الريب(‪ ،)4‬وهو علم اليقين الذي هو أدنى مراتب اليقين‪،‬‬
‫وأقل ما يقع عليه اسم اليقين‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )66/4‬ح رقم (‪.)61‬‬ ‫=‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )62/4‬من حديث العباس بن عبد المطلب ‪ ،‬ح رقم (‪.)54‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 645/44‬ـ ‪.)646‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ 654/44‬ـ ‪.)654‬‬
‫(‪ )4‬المراد بالريب هنا‪ :‬الريب الذي يكون شكا لنقص العلم‪ ،‬ألن الريب ـ كما قرر شيخ اإلسالم ـ نوعان‪(( :‬نوع يكون‬
‫شكا لنقص العلم‪ ،‬ونوع يكون اضطرابا في القلب)) [مجموع الفتاوى (‪ .])42/28‬فالريب الذي يكون اضطرابا‬
‫في القلب لنقص في طمأنيته سيأتي أن هذا يتحقق بنفيه شرط الصدق‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والريب المنافي لليقين يكون ريبا في العلم‪ ،‬وريبا في طمأنينة القلب))‪[ .‬مجموع‬
‫=‬ ‫الفتاوى (‪.])221/1‬‬
‫‪441‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫والمراد به العلم اليقيني الحق‪ ،‬وهو ((ما جمع الجزم‪ ،‬والمطابقة والثبات عند‬
‫التشكيك؛ فالظنون تلتبس بالعلوم الجازمة عند كثير من العامة‪ .‬واالعتقادات الباطلة وإن‬
‫كانت جازمة في نفوس أهلها فهي غير مطابقة في الخارج‪ ،‬واعتقادات عوام المسلمين وإن‬
‫كانت جازمة في نفوسهم مطابقة للحق فإنها ال تثبت في نفوسهم عند التشكيك‪ ،‬والعلم‬
‫الحق هو ما جمع هذه األوصاف الثالثة))(‪.)1‬‬
‫وصفة هذا العلم اليقيني المتعلق بشهادة أن ال إله إال الله أن يكون قائلها مستيقنا‬
‫بصحة مدلول هذه الكلمة يقينا جازما ال شك معه وال ارتياب‪ ،‬فإن اإليمان المجمل الذي‬
‫هو قول القلب وعمله ال يتحقق إال بهذا القدر من اليقين؛ فمن شك في الله أو رسوله ‪‬‬
‫أو فيما جاء به الرسول من عند الله‪ ،‬أو في استحقاق الله وحده للعبادة‪ ،‬فهو كافر ال‬
‫شهادة له وال إيمان عنده(‪.)2‬‬
‫أما عين اليقين وحق اليقين فهذه مراتب أعلى من أصل اليقين‪ ،‬وهي شرط لكمال‬
‫اإليمان ال ألصله؛ فأصل اليقين بال إله إال الله يتحقق بالعلم المنافي للشك والريب الذي‬
‫هو علم اليقين‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وحقيقة الطمأنينة التي تصير بها النفس مطمئنة أن‬
‫تطمئن في باب معرفة أسمائه وصفاته ونعوت كماله إلى خبره الذي أخبر به عن نفسه‬
‫وأخبرت به عنه رسله‪ ،‬فتتلقاه بالقبول والتسليم واإلذعان وانشراح الصدر له وفرح القلب به‪،‬‬
‫فإنه معرفة من معرفات الرب سبحانه إلى عبده على لسان رسوله‪ ،‬فال يزال القلب في أعظم‬
‫القلق واالضطراب في هذا الباب حتى يخالط اإليمان بأسماء الرب تعالى وصفاته وتوحيده‬
‫وعلوه على عرشه وتكلمه بالوحي بشاشةُ قلبه(‪ ،)3‬فينـزل ذلك عليه نزول الماء الزالل على‬
‫ــــــــــ‬
‫وقال في موضع آخر‪(( :‬أن الريب قد يكون في علم القلب وفي عمل القلب بخالف الشك فإنه ال يكون إال في‬ ‫=‬
‫العلم))‪[ .‬المصدر نفسه ‪.])284/1‬‬
‫فعُلم أن المراد بالريب هنا ما يرادف الشك‪ ،‬وهو الريب الذي يكون شكا في علم القلب‪.‬‬
‫(‪ )1‬إيثار الحق على الخلق (‪.)424/4‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معارج القبول (‪ ،)441/2‬وأعمال القلوب حقيقتها وأحكامها عند أهل السنة وعند مخالفيهم(ص‪:‬‬
‫‪ ،)251‬رسالة دكتوراه مقدمة إلى قسم العقيدة والمذاهب بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض‪،‬‬
‫إعداد الدكتور‪ :‬سهل بن رفاع بن سهيل العتيبي‪.‬‬
‫=‬ ‫(‪ )3‬يقول ابن القيم‪(( :‬والطمأنينة إلى أسماء الرب تعالى وصفاته نوعان؛ طمأنينة إلى اإليمان بها وإثباتها واعتقادها‪،‬‬
‫‪454‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫القلب الملتهب بالعطش‪ ،‬فيطمئن إليه‪ ،‬ويسكن إليه‪ ،‬ويفرح به‪ ،‬ويلين له قلبه ومفاصله‪،‬‬
‫حتى كأنه شاهد األمر كما أخبرت به الرسل‪ ،‬بل يصير ذلك لقلبه بمنـزلة رؤية الشمس في‬
‫الظهيرة لعينه فلو خالفه في ذلك من بين شرق األرض وغربها لم يلتفت إلى خالفهم‪ ،‬وقال‬
‫إذا استوحش من الغربة قد كان الصديق األكبر(‪ )1‬مطمئنا باإليمان وحده وجميع أهل‬
‫األرض يخالفه‪ ،‬وما نقص ذلك من طمأنينته شيئا‪ .‬فهذا أول درجات الطمأنينة ثم ال يزال‬
‫يقوى كلما سمع بآية متضمنة لصفة من صفات ربه‪ ،‬وهذا أمر ال نهاية له‪ ،‬فهذه‬
‫الطمأنينة أصل أصول اإليمان التي قام عليها بناؤه‪ ،‬ثم يطمئن إلى خبره عما بعد الموت‬
‫من أمور البرزخ وما بعدها من أحوال القيامة حتى كأنه يشاهد ذلك كله عيانا‪ ،‬وهذا حقيقة‬
‫[البقرة‪:‬‬ ‫اليقين الذي وصف به سبحانه وتعالى أهل اإليمان حيث قال‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫‪ ،]4‬فال يحصل اإليمان باآلخرة حتى يطمئن القلب إلى ما أخبر الله سبحانه به عنها‬
‫طمأنينته إلى األمور التي ال يشك فيها وال يرتاب‪ ،‬فهذا هو المؤمن حقا باليوم اآلخر كما‬
‫في حديث حارثة(‪ :)2‬أصبحت مؤمنا حقا‪ .‬فقال رسول الله ‪« :‬إن لكل حق حقيقة فما‬
‫حقيقة إيمانك؟» قال‪ :‬عزفت نفسي عن الدنيا وأهلها‪ ،‬وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا‬
‫وإلى أهل الجنة يتزاورون فيها وأهل النار يعذبون فيها‪ ،‬فقال‪« :‬عبد َّنور الله قلبه»(‪.)4()))3‬‬
‫وقال الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ في بيان هذا القدر من اليقين‪(( :‬هذا‬
‫ــــــــــ‬
‫= وطمأنينة إلى ما تقتضيه وتوجبه من آثار العبودية؛ مثاله الطمأنينة إلى القدر وإثباته‪ .‬فاإليمان به يقتضي الطمأنينة‬
‫إلى مواضع األقدار التي لم يؤمر العبد بدفعها‪ ،‬وال قدرة له على دفعها فيسلم لها ويرضى بها‪ ،‬وال يسخط‪ ،‬وال‬
‫يشكو‪ ،‬وال يضطرب إيمانه؛ فال يأسى على ما فاته وال يفرح بما أتاه‪ ،‬ألن المصيبة فيه مقدرة قبل أن تصل إليه‪،‬‬
‫وقبل أن يخلق كما قال تعالى‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ‬ ‫[الحديد‪ .]88 :‬قال تعالى‪ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﯦ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﭪﭫ [التغابن‪ ]11 :‬قال غير واحد من السلف‪ :‬هو العبد تصيبه المصيبة‪ ،‬فيعلم أنها من عند الله‪ ،‬فيرضى‬
‫ويسلم‪ ،‬فهذه طمأنينة إلى أحكام الصفات وموجباتها وآثارها في العالم‪ ،‬وهى قدر زائد على الطمأنينة بمجرد‬
‫العلم بها واعتقادها‪ ،‬وكذلك سائر الصفات وآثارها ومتعلقاتها كالسمع والبصر والرضا والغضب والمحبة فهذه‬
‫طمأنينة اإليمان))‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫كذبه أهل مكة‪[ .‬نقال عن‬ ‫(‪ )1‬يقصد أبا بكر ‪ .‬ويشير إلى تصديق أبي بكر بحادثة اإلسراء والمعراج حيث َّ‬
‫هامش كتاب الروح لمحققه الدكتور بسام علي سالمة وعزاه إلى السيرة البن هشام (‪.])4/2‬‬
‫(‪ )2‬هو الحارث بن مالك كما في مجمع الزوائد (‪.)53/1‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الطبراني في الكبير (‪ ،)733/7‬وابن حميد في مسنده (ص‪ )135 :‬برقم (‪ ،)445‬والبيهقي في‬
‫الشعب (‪ ،)738/3‬وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ )53/1‬وقال‪ :‬رواه الطبراني في الكبير‪ ،‬وفيه ابن لهيعة‬
‫وفيه من يحتاج إلى الكشف عنه‪.‬‬
‫(‪ )4‬الروح (‪ 666/2‬ـ ‪.)661‬‬
‫‪454‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫تفصيل الشروط السبعة السابق ذكرها التي قيدت بها هذه الشهادة‪ ،‬فأصغ سمعك وأحضر‬
‫قلبك إلمالء أدلتها وتفهمها وتعلقها‪ ،‬ثم اعمل على وفق ذلك‪ ،‬تفز بسعادة الدنيا واآلخرة‬
‫إن شاء الله عز وجل كما وعد الله تعالى ذلك إنه ال يخلف الميعاد ‪ ....‬واليقين أي‬
‫والثاني اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما؛‬
‫فإن اإليمان ال يغني فيه إال علم اليقين ال علم الظن‪ ،‬فكيف إذا دخله الشك‪ ،‬قال الله‬
‫‪ :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ إلى قوله ‪:‬‬
‫ﯝ ﯞ ﯟﯠ [الحجرات‪ ]45 :‬فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا‪ ،‬أي‬
‫لم يشكوا))(‪.)1‬‬
‫وممن أوضح هذا القدر الذي يحصل به شرط اليقين لتصحيح الشهادتين أيضا‬
‫الشيخ عبد الله بن جبرين ـ حفظه الله ـ حيث يقول‪(( :‬اليقين وضده الشك والتوقف أو‬
‫مجرد الظن والريب‪ ،‬والمعنى أن من أتى بالشهادتين فال بد أن يوقن بقلبه ويعتقد صحة ما‬
‫يقوله‪ ،‬من أحقية إلهية الله تعالى‪ ،‬وصحة نبوة محمد ‪ ،‬وبطالن إلهية غير الله بأي نوع‬
‫من التأله‪ ،‬وبطالن قول كل من ادعى النبوة بعد محمد ‪‬؛ فإن شك في صحة معناها أو‬
‫توقف في بطالن عبادة غير الله لم تنفعه هاتان الشهادتان))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومما يدخل تحت هذا اليقين‪ :‬اليقين بما وصف الله به نفسه أو وصفه به‬
‫رسولُه ‪ ،‬واليقين بمالئكته وأنهم موجودون‪ ،‬واليقين بأنبيائه ورسله وأنهم مبعوثون صادقون‬
‫صدقون‪ ،‬واليقين بكتبه‪ ،‬وباليوم اآلخر‪ ،‬وبالقدر خيره وشره‪ ،‬واليقين بالسنة وأنها قطعية‬ ‫ُم َّ‬
‫الثبوت قطعية الداللة‪ ،‬من شك في ذلك كفر ونقض شهادته وتوحيده‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬طرق تحصيل اليقين بمعنى شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬معارج القبول (‪.)441/2‬‬
‫(‪ )2‬الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما (ص‪.)446 :‬‬
‫‪452‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫اليقين بمعنى ال إله إال الله الذي ينتفي معه الشك يحصل بأمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الفطرة السليمة من اجتيال الشياطين الباقية على صبغة الله‪ ،‬فهذه الفطرة من‬
‫موجبات اليقين بمعنى ال إله إال الله‪ ،‬فهي ـ كما تقدم ـ تقود إلى العلم بمعنى ال إله إال‬
‫الله(‪)1‬؛ فكلما رسخت هذه الفطرة وسلمت من االجتيال أثمرت من زيادة العلم وحصول‬
‫اليقين في القلب بحسب ذلك‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه تام الفطرة‪،‬‬
‫فكر بقلبه وجال بفكره دلَّه قلبه وعقله على صحة القرآن‪ ،‬وأنه الحق‪ ،‬وشهد قلبه بما أخبر‬ ‫فإذا َّ‬
‫به القرآن؛ فكان ورود القرآن على قلبه نورا على نور الفطرة‪ ،‬وهذا وصف الذين قيل فيهم‪ :‬ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [سـبأ‪ .]6 :‬وقال في حقهم ﮩ ﮬ ﮫ ﮬﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [النور‪ .]55 :‬فهذا نور‬
‫الفطرة على نور الوحي‪ ،‬وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي ‪ ....‬فصاحب القلب‪،‬‬
‫يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن؛ فيجدها كأنها قد كتبت فيه‪ ،‬فهو يقرأها عن ظهر قلب‪.‬‬
‫ومن الناس من ال يكون تام االستعداد‪ ،‬واعي القلب‪ ،‬كامل الحياة‪ ،‬فيحتاج إلى‬
‫شاهد يميز له بين الحق والباطل‪ ،‬ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء فطرته مبلغ صاحب القلب‬
‫الحي الواعي؛ فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكالم‪ ،‬وقلبه لتأمله والتفكير فيه وتعقل‬
‫معانيه؛ فيعلم حينئذ أنه الحق‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬حال من رأى بعينه ما ُدعي إليه وأُخبر به‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬حال من علم صدق المخبر وتيقنه‪ ،‬وقال يكفيني خبره؛ فهو في مقام‬
‫اإليمان‪ ،‬واألول في مقام اإلحسان‪.‬‬
‫هذا قد وصل إلى علم اليقين‪ ،‬وترقَّي قلبه منه إلى منـزلة عين اليقين‪ .‬وذاك معه‬
‫التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في اإلسالم))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ومن هذه الطرق الموصلة لليقين بمعنى ال إله إال الله أيضا ما ذكر شيخ‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪211 :‬ـ ‪.)218‬‬
‫(‪ )2‬الفوائد (ص‪ 41 :‬ـ ‪.)48‬‬
‫‪455‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫اإلسالم ـ رحمه الله حيث يقول‪(( :‬وأما كيف يحصل اليقين فبثالثة أشياء‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬تدبر القرآن‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬تدبر اآليات التي يحدثها الله في األنفس واآلفاق التي تبين أنه حق‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬العمل بموجب العلم‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ [فصلت‪ .]55 :‬والضمير‬ ‫ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫عائد على القرآن كما قال تعالى‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ اآلية))(‪.)1‬‬
‫تأملتها وجدتها تصب في‬ ‫فهذه الطرق التي ذكرها شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ إذا َّ‬
‫معين التوحيد الذي هو العلم بمعنى شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫فأول هذه الطرق تدبر القرآن‪ ،‬والقرآن إنما هو في تقرير التوحيد بالبراهين التي هي‬
‫المقاييس العقلية المفيدة لليقين‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬هو تدبر اآليات التي يحدثها الله في األنفس واآلفاق؛ فإن ذلك أيضا مما‬
‫يحصل اليقين بألوهية الله تعالى واستحقاقه للعبادة‪ ،‬ولذا كثيرا ما ينبه الله تعالى بأفعال‬
‫ربوبيته ليشير بذلك إلى وجوب اإليقان بإلهيته‪ ،‬وهذا كثير في القرآن ليس هذا موضع‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [إبراهيم‪]44 :‬‬ ‫بسطه‪ .‬ونذكر من ذلك ـ على سبيل المثال ـ قوله تعالى‪:‬‬
‫والمراد‪ :‬أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك وهو الخالق لجميع الموجودات‪ ،‬وال‬
‫يستحق العبادة إال هو وحده ال شريك له(‪)2‬؟ أي‪ :‬الواجب أن يحصل لكم اليقين بذلك‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬العمل بموجب العلم فإن ذلك مما يحصل به اليقين أيضا؛ ((فإن العمل‬
‫بموجب العلم يثبته ويقرره‪ ،‬ومخالفته تضعفه بل قد تذهبه‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬ ‫ﯭ [الصف‪ ،]5 :‬وقال تعالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[النساء‪:‬‬ ‫[األنعام‪ ،]444 :‬وقال تعالى‪ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫‪.)3())]66‬‬
‫ومن هذه الطرق أيضا الموجبة لليقين‪ :‬قوة أدلة التوحيد الواردة على القلب‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 554/5‬ـ ‪.)554‬‬
‫(‪ )2‬تفسير ابن كثير (‪.)546/2‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ 552/5‬ـ ‪.)555‬‬
‫‪454‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫وتضافرها(‪.)1‬‬
‫فمتى وصل هذا اليقين إلى القلب امتأل نورا وإشراقا‪ ،‬وانتفى عنه كل ريب وشك‬
‫وسخط‪ ،‬وهم وغم‪ .‬فامتأل محبة لله‪ ،‬وخوفا منه‪ ،‬ورضى به وشكرا له‪ ،‬وتوكال عليه‪ ،‬وإنابة‬
‫إليه‪ .‬فهو مادة جميع المقامات والحامل لها(‪.)2‬‬
‫قال الحافظ ابن رجب‪(( :‬فمن حقق اليقين‪ ،‬وثق بالله في أموره كلها‪ ،‬ورضي بتدبيره‬
‫له‪ ،‬وانقطع عن التعلُّق بالمخلوقين رجاء وخوفا‪ ،‬ومنعه ذلك من طلب الدنيا باألسباب‬
‫المكروهة))(‪.)3‬‬
‫فالحاصل أن اليقين من أعمال القلوب التي يتم بها تحقيق التوحيد أصله وكماله؛‬
‫فال نجاة إال به؛ وهو ـ كما قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ ((من اإليمان بمنـزلة الروح من‬
‫شمر العاملون‪ ،‬وعمل القوم إنما‬
‫الجسد‪ ،‬وبه تفاضل العارفون‪ ،‬وفيه تنافس المتنافسون وإليه َّ‬
‫كان عليه‪ ،‬وإشارتهم كلها إليه))(‪ .)4‬انتهى‬

‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬القوانين الفقهية البن جزي (ص‪.)524 :‬‬
‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)518/2‬‬
‫(‪ )3‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)545 :‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكين (‪.)511/2‬‬
‫‪455‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫المبحث الخامس‪ :‬األدلة على كون اليقين من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫األدلة على اشتراط اليقين لصحة شهادة التوحيد ال إله إال الله جعلتها على قسمين‪:‬‬
‫أدلة نقلية وأخرى عقلية؛ فأما النقلية فهي قسمان أيضا‪ :‬أدلة من القرآن الكريم وأخرى من‬
‫السنة المطهرة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬األدلة النقلية على اشتراط اليقين لصحة الشهادة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬األدلة من القرآن الكريم على اشتراط اليقين لصحة الشهادة‪:‬‬
‫األدلة من القرآن الكريم على اشتراط اليقين كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ قوله تعالى‪ :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ‬
‫إلى قوله‪ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ‪[ .‬الحجرات‪.]45 :‬‬
‫ووجه االستشهاد باآلية واضح على اشتراط اليقين وهو‪ :‬أن الله تعالى اشترط في‬
‫صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي لم يشكوا(‪ ،)1‬واإليمان أصله شهادة أن ال‬
‫إله إال الله‪.‬‬
‫[إبراهيم‪:‬‬ ‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫‪ 2‬ـ قوله تعالى‪ :‬ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫‪.]1‬‬
‫وجه االستشهاد بها‪ :‬أنها دلت على أن سبب كفرهم وجحودهم هو شكهم فيما‬
‫دعتهم إليه الرسل؛ والشك ال يكون إال بعد علم‪ ،‬فدل هذا على أن كفرهم لم يكن سببه‬
‫الجهل بل العلم الذي ال يقين معه‪ .‬والرسل إنما دعتهم إلى تحقيق التوحيد الذي هو‬
‫شهادة أن ال إله إال الله كما أخبر تعالى عن جميع رسله أنهم دعوا إلى التوحيد كما في‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫قوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫[األنبياء‪ ،]25:‬وقوله‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحل‪.]56 :‬‬
‫ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد حكى هذا الجواب عن قوم صالح ـ عليه السالم ـ لما‬
‫نهاهم عن عبادة غير الله كما في قوله تعالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [هود‪.]62 :‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬معارج القبول (‪ .)441/2‬وانظر‪ :‬تفسير ابن سعدي (ص‪.)842 :‬‬
‫‪456‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫قال الشوكاني في تفسيرها‪(( :‬والمعنى إننا لفي شك مما تدعونا إليه من عبادة الله‬
‫وحده وترك عبادة األوثان))(‪.)1‬‬
‫‪ 5‬ـ ومن أدلة القرآن أيضا‪ :‬اآليات التي تصف المؤمنين بأنهم أهل يقين وأن أهل الشرك‬
‫والنفاق هم أهل تردد وشك وتخمين‪ ،‬وهي كثيرة؛ ومن ذلك قوله تعال في شأن المؤمنين‪:‬‬
‫[البقرة‪ ،]4 :‬مع قوله‪ :‬ﭺ ﭻ‬ ‫ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭥ ﭦ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [السجدة‪ ،]24 :‬وقوله‪ :‬ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ [األنعام‪ ،]15 :‬وقال في شأن المنافقين‪ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ [التوبة‪ ،]45 :‬وقال في شأن المشركين‪ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [العنكبوت‪ ،]48 :‬وقال ﰊ ﰊ‬ ‫ﮉ ﮊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [الروم‪ ،]64:‬وقال‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[الجاثية‪.]52 :‬‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫فهذه األدلة من القرآن فيها بيان ما عليه أهل اإليمان من التصديق واليقين بجميع‬
‫ما أخبر الله به في كتابه أو على لسان رسله‪ ،‬ومن ذلك توحيده وإفراده بالعبادة الذي هو‬
‫معنى الشهادة‪ .‬كما أنها في المقابل تبين ما عليه أهل الشرك والنفاق من الريب والشك‬
‫والتردد في أخبار الله تعالى‪.‬‬
‫فهذه المشاكلة والمقابلة تدل على أن اليقين وصف اعتباري في صحة اإليمان‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ومن األدلة أيضا لتقرير هذا الشرط قوله تعالى‪ :‬ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ [الحج‪ .]62 :‬فقوله الحق إشارة إلى‬ ‫ﮰ‬
‫اليقين بمدلول هذه الكلمة‪.‬‬
‫يقول العالمة ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ‪(( :‬فال بد من التصديق بالقلب واليقين بأنه‬
‫ﮱ ﯓ‬ ‫ال معبود حق إال الله ‪ ...‬قال تعالى ‪ :‬ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ )) انتهى محل الغرض(‪.)2‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتح القدير (‪ ،)155/2‬وانظر‪ :‬روح المعاني لأللوسي (‪.)281/6‬‬
‫(‪ )2‬مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة للشيخ ابن باز‪ ،‬القسم األول‪ ،‬العقيدة (‪ )882/1‬ط‪ :‬دار الوطن‪ ،‬جمع وترتيب‬
‫أ‪.‬د عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار‪.‬‬
‫‪451‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫ثانياً‪ :‬األدلة من السنة على اشتراط اليقين لصحة الشهادة‪:‬‬


‫األدلة من السنة على اشتراط اليقين لصحة شهادة التوحيد ال إله إال الله كثيرة‪ ،‬ومن‬
‫تلك األدلة‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ ما ورد في الصحيح عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬أشهد أن ال إله إال‬
‫الله وأني رسول الله‪ ،‬ال يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إال دخل الجنة»‪ .‬وفي رواية‪:‬‬
‫«ال يلقى الله بها عبد غير شاك فيحجب عن الجنة»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ قوله ‪ ‬ألبي هريرة ‪« :‬اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد‬
‫أن ال إله إال الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة»(‪.)2‬‬
‫‪ 5‬ـ قوله ‪ ‬فيما رواه عنه معاذ ‪ ‬أنه قال‪« :‬ما من نفس تموت وهي تشهد أن ال إله إال‬
‫الله وأني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن إال غفر الله لها»(‪.)3‬‬
‫‪4‬ـ وعنه في حديث آخر أنه قال حين حضرته الوفاة‪ :‬أخبركم بشيء سمعته من رسول الله‬
‫‪ ‬لم يمنعني أن أحدثكموه إال أن تتكلوا‪ ،‬سمعته يقول‪« :‬من شهد أن ال إله إال الله‬
‫مخلصا من قلبه أو يقينا من قلبه لم يدخل النار أو دخل الجنة»(‪ .)4‬وفي رواية‪« :‬من قال‬
‫ال إله إال الله مخلصا ويقينا من قلبه دخل الجنة ولم تمسه النار»(‪.)5‬‬
‫‪ 5‬ـ ما جاء عن عثمان بن عفان ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬إني ألعلم كلمة‬
‫ال يقولها عبد حقا من قلبه فيموت على ذلك إال حرم على النار»‪ .‬قال عمر بن الخطاب‪:‬‬
‫أال أحدثكم ما هي؟ هي كلمة اإلخالص التي ألزمها الله تبارك وتعالى محمدا ‪‬‬
‫(‪)6‬‬
‫عمه أبا طالب عند الموت‪:‬‬ ‫وأصحابه‪ ،‬وهي كلمة التقوى أالص عليها نبي الله ‪َّ ‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ 56/4‬ـ ‪ ،) 51‬ح (‪ ،44‬و‪.)45‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ ،)64/4‬ح (‪.)52‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أحمد في مسنده (‪ )221/5‬وابن حبان في صحيحه برقم (‪ )245‬كما في اإلحسان في تقريب صحيح‬
‫ابن حبان (‪.)455/4‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أحمد في المسند (‪ )256/5‬عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر‪ .‬وهو صحيح بهذا اإلسناد‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أبو نعيم في الحلية (جـ‪.)542/1‬‬
‫(‪ )6‬أالص من اللوص يقال‪ :‬ألصته على الشيء أُليصه مثل راودته عليه وداورته‪ .‬لسان العرب (‪ .)551/42‬وانظر‪:‬‬
‫التهذيب لألزهري (‪.)244/42‬‬
‫‪458‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫شهادة أن ال إله إال الله))(‪.)1‬‬


‫‪ 6‬ـ قوله ‪ ‬لجابر ‪« :‬اذهب فناد في الناس إنه من شهد أن ال إله إال الله موقنا أو‬
‫مخلصا فله الجنة»(‪.)2‬‬
‫‪1‬ـ ما جاء عن شداد بن أوس ‪ ‬عن النبي ‪ ‬أنه قال‪(( :‬سيد االستغفار أن تقول‪ :‬اللهم‬
‫أنت ربي ال إله إال أنت خلقتني وأنا عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك‬
‫صنعت‪ ،‬أبوءُ لك بنعمتك عل َّي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه ال يغفر الذنوب إال‬ ‫ُ‬ ‫من شر ما‬
‫أنت‪ ،‬قال‪ :‬ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه‪ ،‬قبل أن يمسي فهو من أهل‬
‫الجنة‪ ،‬ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة))(‪.)3‬‬
‫‪ 8‬ـ ما جاء عن عمران بن حصين ‪ ‬أنه قال‪ :‬أال أحدثكم حديثا لم أحدث به أحدا منذ‬
‫سمعته من رسول الله مخافة أن يتكل الناس عليه‪ .‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬من علم‬
‫أن الله ربه وأني نبيه موقنا من قلبه ـ وأومأ بيده إلى جلده ـ حرمه الله على النار أو حرم الله‬
‫جلده على النار»(‪.)4‬‬
‫‪ 1‬ـ ما جاء في بعض روايات حديث البراء بن عازب ‪ ‬في إثبات عذاب القبر‪« :‬وأما‬
‫المنافق والكافر والمرتاب فيقال له‪ :‬ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول‪ :‬ال أدري كنت‬
‫أقول كما يقول الناس‪ ،‬فيقال له‪ :‬ال دريت وال تليت‪ ،‬ويضرب بمطارق من حديد ضربة‪،‬‬
‫فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين»(‪.)5‬‬
‫هذا الحديث استدل به الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ على أن الشاك ال‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه الضياء في المختارة (‪ ،)241‬وابن حبان في صحيحه (‪ ،)454/4‬والحاكم في المستدرك (‪)445/4‬‬
‫وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬ووافقه الذهبي في التلخيص‪.‬‬
‫(‪ )2‬ذكره صاحب كنـز العمال برقم (‪ )444‬وقال عنه‪ :‬صح‪ .‬ـ أي صحيح اإلسناد ـ كما في كنـز العمال (‪.)54/4‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب فضل االستغفار (جـ‪ 481/1‬ـ ‪ )488‬ح (‪.)6546‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البزار في المسند (‪ .)258/1‬قال الهيثمي في مجمع الزوائد (جـ‪ :)22/4‬رواه البزار وفي إسناده عمران‬
‫القصير وهو متروك‪.‬‬
‫(‪ )5‬ذكر هذا الدليل المعلمي في رفع االشتباه (ص‪ )68 :‬مستدال به على شرط اليقين لصحة الشهادة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والحديث جاء في صحيح البخاري من رواية أسماء عن أختها عائشة ـ رضي الله عنها ـ‪ ،‬بالشك‪ ،‬ولفظه‪:‬‬
‫«وأما المنافق أو المرتاب» ـ ال أدري أي ذلك قالت أسماء ـ فيقول‪« :‬ال أدري»‪ ،‬سمعت الناس يقولون شيئا‬
‫فقلته‪[ .‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس] (جـ‪ )55/4‬ح (‪.)86‬‬
‫‪451‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫تنفعه شهادة أن ال إله إال الله(‪.)1‬‬


‫هذه بعض األدلة من السنة على اشتراط اليقين لصحة شهادة التوحيد ال إله إال‬
‫الله‪ .‬ووجه االستشهاد ظاهر جدا بها على ذلك‪ ،‬وهو أن النبي ‪ ‬قيَّد االنتفاع بالشهادة‬
‫في هذه األحاديث بأن يقولها العبد وهو مستيقن بمعناها؛ فمن يقولها وهو شاك فيما دلت‬
‫عليه من إخالص التوحيد لله تعالى فهي ال تنفعه عند الله تعالى‪.‬‬
‫يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله‪(( :‬ومما قيدت به في‬
‫الحديث قوله ‪« :‬غير شاك»‪ ،‬فال تنفع إال من قالها بعلم ويقين))(‪ )2‬انتهى‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬األدلة العقلية على اشتراط اليقين لصحة الشهادة‪:‬‬
‫داللة العقل على اشتراط اليقين تظهر في األمور التالية‪:‬‬
‫تقرر أن العلم شرط لصحة هذه الكلمة‪ ،‬والعلم قد يكون معه الشك والريب‬ ‫‪ 4‬ـ أنه لما َّ‬
‫احتيج إلى ما ينفي هذا الشك والريب ليصبح العبد موقنا مؤمنا‪.‬‬
‫يقول أبو بكر بن طاهر‪(( :‬العلم تعارضه الشكوك‪ ،‬واليقين ال شك فيه))(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ أن اإليمان مشتق من األمن الذي هو اإلقرار والطمأنينة والثقة كما قرر ذلك شيخ اإلسالم ـ‬
‫رحمه الله ـ(‪ ،)4‬والطمأنينة والثقة من لوازم اليقين ال تحصالن إال به‪ .‬فثبت أن اليقين داخل‬
‫في حقيقة اإليمان ال يصح اإليمان إال به‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أن اإليمان ال يصح إال مع االعتقاد‪ ،‬واالعتقاد توطين النفس على أحد األمرين(‪،)5‬‬
‫وذلك ال يكون إال مع اليقين؛ فوجب أن ال يثبت اإليمان إال باليقين‪.‬‬
‫‪4‬ـ أن الكفر لما كان يحصل بالشك والريب‪ ،‬والشك ال ينتفي إال باليقين؛ فصح أنه محتاج‬
‫إليه لنفي كفر الشك والريب ـ إن وجد ـ؛ فوجب أن ال يثبت اإليمان إال باليقين‪.‬‬
‫مسألة‪:‬‬
‫إذا تقرر أن اليقين شرط في أصل اإليمان بداللة الكتاب والسنة والعقل فما معنى‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الدرر السنية (‪.)255/2‬‬
‫(‪ )2‬قرة عيون الموحدين (ص‪.)82 :‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)518/2‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الصارم المسلول (‪ ،)161/5‬ومجموع الفتاوى (‪.)554/1‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬المنهاج في شعب اإليمان للحليمي (‪.)445/4‬‬
‫‪464‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫قوله ‪« :‬نحن أحق بالشك من إبراهيم ‪ ‬إذ قال‪ :‬رب أرني كيف تحيي الموتى؟ قال‪:‬‬
‫ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [البقرة‪)1(»]264 :‬؟‬
‫أجاب أهل العلم عن هذا الحديث بأجوبة عدَّة؛ فمن أظهرها ما يلي‪:‬‬
‫فإن الشك لو كان‬‫الجواب األول‪ :‬أن معناه أن الشك مستحيل في حق إبراهيم ‪‬؛ َّ‬
‫متطرقا إلى األنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم‪ ،‬وقد علمتم أني لم أشك‪ ،‬فاعلموا أن‬
‫إبراهيم لم يشك‪.‬‬
‫الشراح‪ :‬وإنما قال ذلك تواضعا منه ‪ ،‬أو من قبل أن يـُعلمه الله بأنه أفضل‬‫قال َّ‬
‫من إبراهيم ‪.)2( ‬‬
‫الجواب الثاني‪ :‬أنه خرج مخرج العادة في الخطاب‪َّ ،‬‬
‫فإن من أراد المدافعة عن إنسان قال‬
‫للمتكلم فيه‪ :‬ما كنت قائال لفالن أو فاعال معه فقله لي وافعله معي‪ ،‬ومقصوده ال تقل ذلك‬
‫فيه(‪.)3‬‬
‫الجواب الثالث‪ :‬أن إبراهيم ‪ ‬سأل زيادة اليقين‪ ،‬وذلك بأن يعلم بالعيان ما علم‬
‫بالدليل‪ ،‬ومعلوم أن بين العلمين في العادة من انتفاء الشكوك تباينا‪ ،‬فعبَّر ‪ ‬عن المعنى‬
‫الذي بين العلمين بالشك مجازا‪ ،‬ولم يُرد حقيقة الشك(‪.)4‬‬
‫الجواب الرابع‪ :‬أن إبراهيم ‪ ‬إنما أراد بسؤاله اختبار منـزلته عند ربه في إجابة دعائه‪،‬‬
‫فسأل ربه أن يخرق له العادة‪ ،‬ويحيي له الموتى‪ ،‬ليعلم بذلك قدر منـزلته عند الله تعالى‪.‬‬
‫وعلى هذا القول يكون معنى قوله تعالى‪ :‬ﭛ ﭜﭝ أي‪ :‬تصدق بعظم منـزلتك عندي‬
‫واصطفائك وخلتك‪ .‬فيكون التقدير‪ :‬نحن أولى أن نختبر حالنا عند الله من إبراهيم ‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(جـ‪ )412/5‬رقم‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن‪ ،‬باب‪:‬‬
‫(جـ‪)445/4‬‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬ ‫(‪ ،)4551‬وفي كتاب أحاديث األنبياء (‪ 44‬ـ باب قول الله عز وجل‪:‬‬
‫ح (‪ )5512‬بدون لفظة (الشك) ونبه الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ أنها سقطت من بعض الروايات كما في‬
‫الفتح (‪ .)414/6‬وأخرجه مسلم في كتاب اإليمان من صحيحه (‪ )455/4‬ح (‪.)258‬‬
‫(‪ )2‬نقله النووي ـ رحمه الله ـ في المنهاج (شرح صحيح مسلم) (جـ‪ )564/2‬عن اإلمام أبي إبراهيم المزني صاحب‬
‫الشافعي‪ ،‬وجماعة من العلماء‪ .‬وانظر‪ :‬فتح الباري (‪.)445/6‬‬
‫(‪ )3‬المنهاج (شرح صحيح مسلم) (جـ‪.)564/2‬‬
‫(‪ )4‬إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (‪.)464/4‬‬
‫‪464‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫على جهة اإلشفاق منه ‪ ‬والتواضع لله تعالى(‪.)1‬‬


‫الجواب الخامس‪ :‬هو ما ذكر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫قال‪(( :‬قد قيل في قوله «نحن أحق بالشك من إبراهيم» أنه جعل ما دون طمأنينة‬
‫القلب التي طلبها إبراهيم شكا وإن كان إبراهيم موقنا ليس عنده شك يقدح في يقينه‪ .‬ولهذا‬
‫لما قال له ربه‪ :‬ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬وهو يدخل في الجواب الثالث‪.‬‬
‫الجواب السادس‪ :‬أن ذلك على ظاهره‪ ،‬والمراد بالشك فيه الخواطر التي ال تثبت‪ ،‬فهو‬
‫مبني على نفي الشك‪ .‬وهذا اختيار ابن جرير الطبري كما في تفسيره(‪.)3‬‬
‫الجواب السابع‪ :‬أن الشك على ظاهره‪ ،‬وكان ذلك منه قبل النبوة(‪.)4‬‬
‫هذا أظهر ما قيل من أجوبة في معنى الحديث(‪ ،)5‬واألول أحسنها وأصحها‪،‬‬
‫يتطرق إلى أنبياء الله تعالى‪،‬‬
‫واألخير أضعفها؛ ألن الشك في أصول اإليمان ال يمكن أن َّ‬
‫فهم معصومون منه‪ ،‬ومن الكفر وسائر الكبائر‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫((وأما الشك المصطلح ـ وهو التوقف بين أمرين من غير مزية ألحدهما على اآلخر ـ فهو‬
‫منفي عن الخليل قطعا‪ ،‬ألنه يبعُد وقوعه ممن رسخ اإليمان في قلبه‪ ،‬فكيف بمن بلغ رتبة‬
‫النبوة؟))(‪ .)6‬انتهى‪.‬‬
‫وقال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في حق نبي نا ‪ ‬خاصة وفي حق األنبياء قبله‬
‫عامة‪:‬‬
‫((فصل‪ :‬في حكم عقد قلب النبي ‪ ‬من وقت نبوته‪ :‬اعلم ـ منحنا الله وإياك توفيقه‬
‫ـ أن ما تعلَّق منه بطريق التوحيد‪ ،‬والعلم بالله‪ ،‬وصفاته‪ ،‬واإليمان به‪ ،‬وبما أوحي إليه فعلى‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬إكمال المعلم (‪ ،)464/4‬والشفا للقاضي عياض (جـ‪.)18/2‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)44/25‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬جامع البيان (‪ ،)654/4‬وفتح الباري البن حجر (‪.)444/6‬‬
‫(‪ )4‬حكاه الحافظ ابن حجر عن بعض السلف كما في فتح الباري (‪.)444/6‬‬
‫(‪ )5‬ولمزيد من أجوبة أهل العلم ينظر‪ :‬الشفا للقاضي عياض (‪.)18/2‬‬
‫(‪ )6‬فتح الباري (‪.)445/6‬‬
‫‪462‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫غاية المعرفة‪ ،‬ووضوح العلم واليقين‪ ،‬واالنتفاء عن الجهل بشيء من ذلك‪ ،‬أو الشك‪ ،‬أو‬
‫الريب فيه‪ ،‬والعصمة من كل ما يضاد المعرفة بذلك واليقين؛ هذا ما وقع إجماع المسلمين‬
‫عليه؛ وال يصح بالبراهين الواضحة أن يكون في عقود األنبياء سواه))(‪.)1‬‬

‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الشفا (جـ‪.)11/2‬‬
‫‪465‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫المبحث السادس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين لصحة الشهادة‪:‬‬
‫أقوال أهل العلم في اعتبار اليقين قيدا تصح به الشهادة كثيرة جدا؛ واإلحاطة‬
‫بجميعها من الصعوبة بمكان‪ ،‬وسأقتصر على ذكر أمثلة منها‪.‬‬
‫فمن هذه األقوال قول عبد الله بن مسعود ‪(( :‬اليقين اإليمان كله))(‪.)1‬‬
‫ومراد ابن مسعود ‪ ‬كما قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ ((أن اليقين هو أصل‬
‫اإليمان‪ ،‬فإذا أيقن القلب انبعثت الجوارح كلها للقاء الله باألعمال الصالحة))(‪ .)2‬فعبر‬
‫باألصل عن الجميع‪ ،‬كقوله الحج عرفة‪ ،‬والمراد أصل الحج ومعظمه عرفة(‪.)3‬‬
‫وهذا األثر ظاهر في اشتراط اليقين لصحة الشهادة‪ ،‬ألن أصل اإليمان هو‬
‫الشهادتان‪ ،‬فيكون اليقين داخال في حقيقتهما‪.‬‬
‫كما أن فيه اإلشارة إلى عالقة اليقين باإليمان من حيث أصله وكماله؛ فأصله شرط‬
‫صحة في اإليمان‪ ،‬وكماله شرط كمال فيه‪ .‬فشجرة اليقين تثمر اإليمان الكامل بحسب قوة‬
‫اليقين في القلب‪ ،‬فكلما قوي هذا اليقين انبعثت الجوارح باألعمال الصالحة التي يكمل‬
‫بها اإليمان ويزداد بها عن أصله‪.‬‬
‫يقول الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهذا مما يتعلق به ـ يعني أثر ابن مسعود ‪‬‬
‫المتقدم ـ من يقول‪ :‬إن اإليمان هو مجرد التصديق‪ ،‬حيث جعل اليقين اإليمان كله‪ ،‬فحصره‬
‫في اليقين‪ .‬ولكن لم يُرد ابن مسعود أن ينفي األعمال من اإليمان‪ ،‬إنما مراده أن اليقين هو‬
‫أصل اإليمان كله‪ ،‬فإذا أيقن القلب بالله ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬انبعثت الجوارح‬
‫كلُّها لالستعداد للقاء الله تعالى باألعمال الصالحة‪ ،‬فنشأ ذلك كله عن اليقين))(‪.)4‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬علقه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب قول النبي ‪« :‬بني اإلسالم على خمس» (جـ‪.)1/4‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر وصله الطبراني بسند صحيح‪ ،‬وبقيته‪« :‬الصبر نصف اإليمان»‪ .‬وأخرجه أبو نعيم في الحلية‪،‬‬
‫والبيهقي في الزهد من حديثه مرفوعا‪ ،‬وال يثبت رفعه‪[ .‬فتح الباري (‪.])48/4‬‬
‫وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ :)51/4‬رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح؛ باب في حقيقة‬
‫اإليمان وكماله‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(‪ )2‬فتح الباري (‪.)48/4‬‬
‫(‪ )3‬عمدة القاري (‪.)445/4‬‬
‫(‪ )4‬أورده ابن رجب في فتح الباري (‪.)44/4‬‬
‫‪464‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫ومن األقوال أيضا في اعتبار شرط اليقين ما جاء عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ‪(( :‬ال‬
‫يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر))(‪.)1‬‬
‫وهذا األثر ظاهر في اشتراط اليقين أيضا؛ ألن ما حاك في الصدر هو الشك‬
‫والتردد‪ .‬فبيَّن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن العبد ال ينال حقيقة التقوى حتى يدع هذا‬
‫الشك فيحل محله اليقين‪ ،‬والتقوى هي ثمرة التوحيد واإليمان كما في قوله تعالى‪ :‬ﮜ ﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮬ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ إلى قوله‪ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [البقرة‪ 24 :‬ـ ‪]22‬؛ فدل ذلك‬
‫على شرطية اليقين لصحة التوحيد‪.‬‬
‫ومن األقوال أيضا في اعتبار اليقين شرطا في صحة اإليمان الذي هو شهادة أن ال‬
‫إله إال الله ومقتضاها قول سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ‪(( :‬لو أن اليقين وقع في القلب كما‬
‫ينبغي لطارت القلوب اشتياقا إلى الجنة وهربا من النار))(‪.)2‬‬
‫فهذا األثر دل على أن اليقين أصل اإليمان الذي في القلوب‪ ،‬فإذا رسخ أثمر‬
‫األعمال الموجبة لدخول الجنة‪ ،‬وهكذا اإليمان فإنه إذا استقر في القلوب انبعثت الجوارح‬
‫كلها باألعمال الصالحة‪ .‬فدل على أنهما شيء واحد‪ ،‬وإن كان اإليمان أشمل وأعم من‬
‫اليقين؛ فاليقين من حقائق اإليمان وأجزائه وأفراده‪ ،‬واإليمان من مقتضيات اليقين ولوازمه؛‬
‫فبينهما تالزم‪.‬‬
‫ومن أقوال أهل العلم أيضا في اعتبار شرط اليقين ما جاء عن اآلجري ـ رحمه الله ـ‬
‫حيث يقول‪(( :‬أما بعد؛ اعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أن الله تعالى بعث محمدا ‪ ‬إلى‬
‫الناس كافة ليقروا بتوحيده فيقولوا‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬محمدا رسول الله‪ ،‬فكان من قال هذا‬
‫موقنا من قلبه‪ ،‬وناطقا بلسانه أجزأه‪ ،‬ومن مات على هذا فإلى الجنة))(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬وهو ظاهر في اشتراط اليقين حيث قيَّد إجزاء هذه الشهادة بأن يقولها العبد‬
‫موقنا من قلبه‪.‬‬
‫ومن أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين أيضا ما جاء عن ابن حبان ـ رحمه الله‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في أول كتاب اإليمان (جـ‪.)1/4‬‬
‫(‪ )2‬أورده الحافظ ابن رجب في فتح الباري (‪ ،)44/4‬والحافظ في الفتح (‪.)48/4‬‬
‫(‪ )3‬الشريعة (‪ 552/2‬ـ ‪.)555‬‬
‫‪465‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫جل وعال بالوحدانية‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫ـ‪ :‬قال‪(( :‬ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله َّ‬
‫للمقر بها دون أن يُقَّر بها‬‫عن يقين من قلبه‪ ،‬ال أن اإلقرار بالشهادة يوجب الجنة ُ‬
‫باإلخالص))(‪.)1‬‬
‫ثم قال عقبه‪(( :‬ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما وصفنا عن يقين من‬
‫قلبه ثم مات على ذلك))(‪.)2‬‬
‫وقول ابن حبان ظاهر في اشتراط اليقين لصحة الشهادة حيث نص على أن الجنة‬
‫ال تجب إال لمن شهد لله بالتوحيد وكان موقنا بما شهد به‪.‬‬
‫ومن أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين أيضا ما جاء عن اإلمام البربهاري ـ‬
‫رحمه الله ـ حيث يقول‪(( :‬كما أن شهادة أن ال إله إال الله ال تقبل من صاحبها إال بصدق‬
‫النية وخالص اليقين))(‪.)3‬‬
‫وقول اإلمام البربهاري ـ رحمه الله ـ ظاهر جدا في اشتراط اليقين لصحة الشهادة‬
‫حيث نص على أن الشهادة ال تقبل إال باليقين الخالص‪.‬‬
‫ومن أقوال أهل العلم الدالة على اشتراط اليقين أيضا ما جاء عن أبي منصور‬
‫األزهري(‪ )4‬ـ رحمه الله ـ قال‪(( :‬وفي قول الله تعالى‪ :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [الحجرات‪ ]45 :‬ما يبي ن أن المؤمن‬
‫هو المتضمن لهذه الصفة وأن من لم يتضمن هذه الصفة فليس بمؤمن؛ ألن ((إنما)) في‬
‫كالم العرب تجيء لتثبيت شيء ونفي ما خالفه))(‪.)5‬‬
‫قلت‪ :‬ونـقل أيضا عن الخليل بن أحمد ـ رحمه الله ـ أن اإليمان هو الطمأنينة(‪.)6‬‬
‫وهذا أيضا مما يدل على أن اليقين معتبر عنده في اإليمان‪ ،‬ألن الطمأنينة فرع اليقين‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اإلحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (‪.)421/4‬‬
‫(‪ )2‬المصدر نفسه (‪.)474/1‬‬
‫(‪ )3‬شرح السنة للبربهاري مع شرحه إرشاد الساري للنجمي (ص‪.)414 :‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬المفسر اللغوي محمد بن أحمد بن األزهر بن طلحة أبو منصور األزهري‪ ،‬الهروي الشافعي‪ .‬من مشايخه‪:‬‬
‫السراج‪ .‬من تالمذته‪ :‬أبو عبيد الله الهروي‪ ،‬وأبو ذر عبد بن حميد الحافظ وغيرهما‪.‬‬
‫البغوي‪ ،‬وابن أبي داود بن َّ‬
‫وكان رأسا في اللغة والفقه‪ ،‬ثقة‪ ،‬ثبتا‪ ،‬دينا‪ ،‬توفي سنة (‪ )743‬هـ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 715/13‬ـ ‪ ،)713‬وطبقات الشافعية للسبكي (‪ 37/7‬ـ ‪.)35‬‬
‫(‪ )5‬التهذيب لألزهري (‪.)545/45‬‬
‫(‪ )6‬نفس المصدر (‪.)545/45‬‬
‫‪466‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫وقال البغدادي في اعتبار شرط اليقين لصحة الشهادة‪(( :‬ولهذه الشهادة شروط‬
‫منها‪ :‬أنها ال تقبل وال يثاب عليها صاحبها إال إذا عرف صحتها‪ ،‬وقالها عن معرفة وتصديق‬
‫بالقلب))(‪.)1‬‬
‫فقوله ـ رحمه الله ـ ((إال إذا عرف صحتها)) إشارة إلى شرط اليقين ألن المعرفة‬
‫بكونها صحيحة ال يكون إال مع اليقين‪ .‬ولذا نجد بعض أهل العلم يعبر بأن الشك‬
‫والتوقف في معنى الشهادة جهل بالمعنى(‪.)2‬‬
‫وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ في اعتبار اليقين شرطا لصحة الشهادة‪(( :‬باب‪ :‬ال يكفي‬
‫مجرد اللفظ بالشهادتين‪ ،‬بل ال بد من استيقان القلب))(‪.)3‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في اعتباره‪(( :‬فأما اليقين الذي هو صفة العبد‪ ،‬فذاك‬
‫قد فعله من حين عبد ربه(‪ ،)4‬وال تصح العبادة إال به‪ ،‬وإن كان له درجات متفاوتة))(‪.)5‬‬
‫وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ مبينا منـزلته من اإليمان ((وهو من اإليمان بمنزلة الروح‬
‫من الجسد‪ ،‬وبه تفاضل العارفون‪ ،‬وفيه تنافس المتنافسون‪ ،‬وإليه شمر العاملون ‪ ...‬فاليقين‬
‫روح أعمال القلوب التي هي روح أعمال الجوارح))(‪.)6‬‬
‫وممن نص أيضا على أن اليقين شرط لصحة الشهادة‪ :‬الشيخ عبد الرحمن بن‬
‫حسن آل الشيخ(‪ ، )7‬والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ(‪ )8‬والشيخ حافظ‬
‫حكمي(‪ ،)9‬والمعلمي(‪ )10‬وابن سحمان(‪.)1‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أصول الدين (ص‪.)122 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الدرر السنية (‪ ،)587/11‬والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل ألبابطين (ص‪.)15 :‬‬
‫(‪ )3‬المفهم (‪.)244/4‬‬
‫(‪ )4‬يعني عثمان بن مظعون لما مات‪ ،‬فقال النبي ‪« ‬أما عثمان فقد أتاه اليقين من ربه» الحديث‪ ،‬وهو َّ‬
‫مخرج في‬
‫غير الصحيحين أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)473/3‬والطبراني في الكبير (‪.)179/85‬‬
‫(‪ )5‬االستقامة (‪ .)448/4‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)86/24‬‬
‫(‪ )6‬مدارج السالكين (‪.)518/4‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬فتح المجيد (ص‪.)444 :‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬مصباح الظالم (ص‪.)465 :‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬معارج القبول (‪.)448/2‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬رفع االشتباه (ص‪.)55 :‬‬
‫‪461‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫هذه بعض أقوال أهل العلم في اشتراط اليقين لصحة الشهادة‪ ،‬وهي ظاهرة في‬
‫ذلك‪ .‬وهذا مما يدل على أن لهذا االشتراط أصال في كالمهم‪.‬‬

‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬كما في داليته ضمن ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان (ص‪.)558 :‬‬
‫‪468‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط اليقين بشهادة أن ال إله إال الله وينقضه‪.‬‬
‫اليقين بمدلول ال إله إال الله ـ كما تقدم ـ عبادة قلبية ال تصح الشهادة إال بها‪ .‬وكل‬
‫عبادة فلها ما ينقضها؛ فينفي أصلها أو يُبطل أجرها‪ .‬فالصالة ـ مثال ـ لها نواقض ال تصح‬
‫بوجودها‪ ،‬وكذلك اليقين فله ما ينقضه فيذهب بأصله وحقيقته‪ .‬وفي هذا المبحث سأتعرض‬
‫إلى بيان ما يناقض هذا اليقين وينافيه‪ ،‬وذلك من خالل المطلبين التاليين‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشك في وجود الله تعالى‪.‬‬
‫الشك في وجود الله تعالى صورته أن يقول‪ :‬أنا اعتقدت وجود الله تعالى‪ ،‬وذلك‬
‫احتياطا لنفسي‪ ،‬فإن يكن حقا وكان بعد الموت بعث وحساب وجنة ونار فقد فزت‬
‫وأفلحت‪ ،‬وإن لم يكن من ذلك شيء لم يضرني‪.‬‬
‫وهو كفر‪ ،‬ألنه تردد ينافي االعتقاد الذي هو توطين النفس على أحد األمرين‪،‬‬
‫واإلسالم ال يصح إال مع االعتقاد والجزم المطابق للواقع؛ فثبت أنه كفر(‪.)1‬‬
‫وأيضا‪(( :‬فإن ما ضاد العلم بالله ضاد اإليمان به‪ ،‬والشك فيه مضاد للعلم به‪ ،‬كما‬
‫أن الجهل به مضاد له‪ .‬فلما استحال وجود اإليمان به مع جحده والجهل به استحال‬
‫وجوده مع الشك فيه واالرتياب به)) (‪.)2‬‬
‫ومن الجدير بالذكر هنا أن أصل العلم بوجود الله تعالى فطري ضروري ال يمكن‬
‫دفعه بشك أو بجهل‪ ،‬ولكن من الناس من تفسد فطرته فيعرض له الشك في وجود الله‬
‫تعالى‪ ،‬أو قد يقول ذلك على سبيل الجحود واإلنكار وهو غير معتقد له في الباطن كما‬
‫وقع من فرعون حيث قال لهامان كما حكى عنه تعالى‪ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮯ [غافر‪ 56 :‬ـ ‪ ]51‬فشك في وجود الله ـ‬
‫تعالى ـ ظاهرا‪ ،‬وهو مقر بوجوده باطنا‪ ،‬ولذا خاطبه موسى خطاب من يوقن بأنه حق؛‬
‫كقوله‪ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ [اإلسراء‪ ]442:‬ولما‬
‫ﭻ‬ ‫قال فرعون لموسى ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ قال له‪ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المنهاج في شعب اإليمان للحليمي (‪.)445/4‬‬
‫(‪ )2‬نفس المصدر (‪.)445/4‬‬
‫‪461‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫(‪)1‬‬
‫[الشعراء‪ 25:‬ـ ‪.]28‬‬ ‫ﮛ ﮜ‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ‬
‫هذا‪ ،‬وبالرغم من أن الشك في وجود الله تعالى كفر صريح‪ ،‬فقد وجد ممن ينتسب‬
‫يحكى عن أبي هاشم الجبائي من المعتزلة(‪ ،)2‬حيث‬ ‫إلى اإلسالم من يقول بوجوبه‪ ،‬وذلك ُ‬
‫ذهب إلى أن أول الواجبات الشك في وجود الله تعالى‪ .‬قال‪(( :‬لتوقف القصد إلى النظر‬
‫عليه))(‪ .)3‬وتبعه على ذلك طائفة من أصحابه(‪.)4‬‬
‫وقولهم باطل من وجوه عدَّة‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن هذا القول يقتضي إقرار الكفر‪ ،‬ألن الشك في وجود الله تعالى ـ كما‬
‫تقدم كفر ـ‪ ،‬فالقول بوجوبه إقرار لوجوده‪ ،‬وذلك عين اإلقرار للكفر‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن هذا القول يلزم منه أن ال يصح اإليمان إال بالكفر‪.‬‬
‫يقول ابن حزم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فأقبح من قول هؤالء(‪ )5‬أنه ال يصح اإليمان إال‬
‫بالكفر‪ ،‬وال يصح التصديق إال بالجحد‪ ،‬وال يوصل إلى رضاء الله ‪ ‬إال بالشك فيه‪،‬‬
‫وأن من اعتقد موقنا بقلبه وبلسانه أ ن الله تعالى ربه ال إله إال هو‪ ،‬وأن محمدا رسول‬
‫الله‪ ،‬وأن دين اإلسالم دين الله‪ ،‬الذي ال دين غيره فإنه كافر مشرك ـ اللهم إنا نعوذ بك‬
‫من الخذالن))(‪.)6‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أنهم إن قصدوا بالوجوب الوجوب الشرعي فهو كذب وافتراء على الله‬
‫تعالى؛ فإنه لم يأمر بذلك‪ ،‬وال أمر بذلك رسولُه ‪ .‬وإن قصدوا بالوجوب الوجوب العقلي‬
‫فهو دليل على فساد عقولهم؛ فإن العقل الصحيح ال ينازع في الضروري(‪.)7‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن هذا القول بدعة في اإلسالم لم يسبق المعتزلة أحد إليه‪ ،‬وكل بدعة فهي‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 528/46‬ـ ‪ ،)554‬ومنهاج السنة (‪.)214/2‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد السالم بن الشيخ أبي علي محمد بن عبد الوهاب شيخ المعتزلة‪ ،‬أبو هاشم الجبائي له تصانيف على‬
‫مذهب المعتزلة‪ ،‬سكن بغداد‪ ،‬وتوفي بها سنة إحدى وعشرين وثالثمائة ولم يرو شيئا‪ .‬انظر‪ :‬تاريخ بغداد‬
‫(‪ ،)55/44‬وميزان االعتدال (‪.)552/4‬‬
‫(‪ )3‬شرح المقاصد (جـ‪.)48/4‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المواقف لإليجي (‪ ،)461/4‬وشرح المقاصد (جـ‪ ،)48/4‬ودرء التعارض (‪)555/1‬‬
‫(‪ )5‬يعني في مقابل قول األشاعرة‪ ،‬ويريد قول المعتزلة‪.‬‬
‫(‪ )6‬الفصل في األهواء والملل والنحل (‪ .)14/4‬وانظر‪ :‬درء التعارض (‪.)441/1‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬الصواعق المرسلة (‪ 4211/4‬ـ ‪.)4218‬‬
‫‪414‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫ضاللة باتفاق المسلمين‪.‬‬


‫الوجه الخامس‪ :‬أن هذا القول مصادم لألدلة الشرعية الدالة على أن أول الواجبات النطق‬
‫واإلقرار بالشهادتين‪ ،‬وهي كثيرة(‪ ،)1‬وقد سبق ذكر طرف منها(‪.)2‬‬
‫وخالصة القول أن الشك في وجود الله تعالى ـ على فرض وقوعه ـ يناقض اليقين‬
‫بالمشهود له‪ ،‬الذي هو شرط لصحة الشهادة؛ فمن يشهد ألحد‪ ،‬وهو يشك في وجود ذاته‬
‫لم تقبل شهادته له‪.‬‬
‫يفرق هنا بين الشك االعتقادي وصريح اإليمان؛ فإن الشك‬ ‫ولكن يجب أن َّ‬
‫االع تقادي كفر‪ ،‬ألن الصدر قد انشرح به‪ ،‬بخالف من يعتريه الشك وهو يدافعه عن قلبه‪،‬‬
‫ونفسه تنفر عنه وتبغضه‪ .‬كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬جاء ناس‬
‫من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله ‪ ‬فسألوه‪ :‬إنا نجد في أنفسنا‬
‫ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به‪ .‬قال‪« :‬وقد وجدتموه؟» قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪« :‬ذلك صريح‬
‫اإليمان»(‪ .)3‬وفي لفظ آخر عنه‪ :‬قال‪ :‬جاء رجل إلى رسول الله ‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول الله‬
‫أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به‪ .‬فقال «ذاك‬ ‫إني أجد في نفسي الحديث ألن َّ‬
‫محض اإليمان»(‪.)4‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في الشك االعتقادي وبيان الفرق بينه وبين صريح‬
‫اإليمان‪(( :‬مثل هذا ـ يعني الشك االعتقادي ـ يعرض لمثل الجهم بن صفوان وأمثاله‪ ،‬فإنهم‬
‫ذكروا أنه بقي أربعين يوما ال يصلي حتى يثبت أن له ربا يعبده‪ ،‬فهذه الحالة كثيرا ما تعرض‬
‫للجهيمة وأهل الكالم الذين ذمهم السلف واألئمة‪ .‬وأما المؤمن المحض فيعرض له‬
‫الوسواس‪ ،‬فتعرض له الشكوك والشبهات وهو يدفعها عن قلبه‪ ،‬فإن هذا ال بد منه كما ثبت‬
‫في الصحيح‪ :‬أن الصحابة قالوا يا رسول الله‪ :‬إن أحدنا ليجد في نفسه ما ألن يحترق حتى‬
‫يصير حممة‪ ،‬أو يخر من السماء إلى األرض أحب إليه من أن يتكلم به‪ .‬فقال‪« :‬أفقد‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬درء التعارض (‪ 6/8‬ـ ‪ ،)1‬ومدارج السالكين (‪ 454/4‬ـ ‪.)455‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪ 481 :‬ـ ‪.)481‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإليمان (‪ )441/4‬ح (‪.)241‬‬
‫(‪ )4‬أخرجها ابن أبي عاصم في السنة (‪ )215/4‬ح (‪ ،)654‬وابن مندة في اإليمان (‪ )414/2‬ح (‪.)544‬‬
‫وصحح إسنادها األلباني كما في تخريجه ألحاديث السنة البن أبي عاصم‪.‬‬
‫‪414‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫وجدتموه؟» قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪« :‬ذلك صريح اإليمان»‪ .‬وفي السنن من وجه آخر أنهم قالوا‪:‬‬
‫إن أحدنا ليجد في نفسه ما يتعاظم أن يتكلم به‪ .‬فقال‪« :‬الحمد لله الذي رد كيده إلى‬
‫الوسوسة»‪ .‬قال غير واحد من العلماء‪ :‬معناه أن ما تجدونه في قلوبكم من كراهة الوساوس‬
‫والنفرة عنه وبغضه ودفعه هو صريح اإليمان))(‪.)1‬‬
‫وليس المراد من الحديث أن ذات الوسوسة هي صريح اإليمان‪ ،‬بل ما يجدونه من‬
‫النفرة والخوف والتعاظم في قلوبهم من أن يتكلموا به‪ ،‬ذاك هو صريح اإليمان؛ إذ هو دليل‬
‫على صحة إيمانهم ويقينهم‪ ،‬ألن هذا الخوف ينافي الشك في الله تعالى(‪.)2‬‬
‫فالكافر الشاك ال يجد هذا البغض وهذه النفرة في قلبه‪ .‬ذاك هو الفرق بينه وبين المؤمن‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الشك في استحقاق الله وحده للعبادة‪.‬‬
‫شهادة أن ال إله إال الله تقتضي ـ كما تقدم ـ أن يوقن العبد بمدلولها‪ ،‬ومدلو ُلها ـ كما‬
‫تقدم ـ هو نفي استحقاق غير الله للعبادة‪ ،‬وإثبات هذا االستحقاق لله تعالى؛ فمن شك في‬
‫ذلك كفر‪.‬‬
‫والشك في استحقاق الله وحده للعبادة له صور‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬أن يقول‪ :‬أنا اعتقدت استحقاق الله وحده للعبادة‪ ،‬وذلك احتياطا‬
‫أفلحت‪ ،‬وإن‬
‫فزت و ُ‬ ‫لنفسي‪ ،‬فإن يكن حقا وكان بعد الموت بعث وحساب وجنة ونار فقد ُ‬
‫لم يكن من ذلك شي لم يضرني(‪.)3‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يتوقف في بطالن عبادة غير الله من اآللهة‪ ،‬ويدخل في هذه الصورة أن‬
‫يشك في كفر من أشرك مع الله غيره من اآللهة(‪.)4‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬أن يتوقف في صحة معنى الشهادة؛ فيقول‪ :‬ال أقول أنه مستحق للعبادة وال‬
‫أقول أنه غير مستحق لها(‪.)5‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شرح العقيدة األصفهانية (ص‪.)461 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إكمال المعلم بفوائد مسلم (‪ 428/4‬ـ ‪ ،)421‬والمفهم (‪ 544/4‬ـ ‪.)545‬‬
‫(‪ )3‬المنهاج للحليمي (‪ )445/4‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الدرر السنية (‪.)587/11‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬البيان األظهر في الفرق بين الشرك والكفر لعبد الله أبا بطين (ص‪ 51 :‬ـ ‪ ،)58‬والشهادتان معناهما وما‬
‫يستلزم كل منهما البن جبرين (ص‪.)446 :‬‬
‫‪412‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫أو كأن يقول‪ :‬قلت هذه الكلمة‪ ،‬وال أدري المعنى الذي انطوت عليه وال أتصور‬
‫صحته وال فساده‪ ،‬وال أدري ما أعتقد في ذلك بوجه وال أعبر عنه بلساني وال غيره‪ ،‬ألن التعبير‬
‫عن الشيء فرع المعرفة به‪ .‬وأنا ال أعرفه(‪.)1‬‬
‫فالصورة األولى ظاهرة في الشك والكفر االعتقادي‪ ،‬ألنها تردد في النفس ينافي‬
‫جزمها وإيقانها بأن الله وحده هو المستحق للعبادة‪ ،‬والشهادة ال تصح إال مع االعتقاد‬
‫الجازم بمدلولها‪.‬‬
‫وأما الصورة الثانية فوجه الشك فيها أن صاحبها لم يعقد قلبه على معنى الشهادة‪،‬‬
‫وهو كون الله وحده هو المستحق للعبادة‪ ،‬ففيه نـوع تردد وشك في صحة المعنى‪.‬‬
‫يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪(( :‬لو عرف العبد معنى ال إله إال الله‪،‬‬
‫لعرف أن من شك أو تردد في كفر من أشرك مع الله غيره أنه لم يكفر بالطاغوت))(‪.)2‬‬
‫وأما الثالثة‪ :‬فصاحبها لم يجزم بشيء‪ ،‬بل هو شاك في كال األمرين‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومما يدخل تحت الشك الكفري االعتقادي المناقض ألصل اليقين أيضا‬
‫الشك في صدق نبوة الرسول ‪ ،‬أو في وقوع البعث‪ ،‬أو في اعتقاد وجوب الواجبات‪ ،‬أو‬
‫في اعتقاد تحريم المحرمات‪ ،‬ألن ذلك من لوازم اليقين بشهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫يقول ابن سحمان ـ رحمه الله ـ‪(( :‬الشك هو التردد بين شيئين كالذي ال يجزم‬
‫بصدق الرسول وال كذبه‪ ،‬وال يجزم بوقوع البعث وال عدم وقوعه‪ ،‬ونحو ذلك كالذي ال‬
‫يعتقد وجوب الصالة وال عدم وجوبها‪ ،‬أو ال يعتقد تحريم الزنا وال عدم تحريمه‪ ،‬وهذا كفر‬
‫بإجماع العلماء))‪ .‬انتهى(‪.)3‬‬
‫ومما يدخل تحت هذا الشك الكفري أيضا عدم اليقين بالسنة والتشكيك في‬
‫صحتها بحجة أنها ظنية الثبوت‪ ،‬كما يقع فيه طوائف من أهل الكالم وأهل العبادة‬
‫والتصوف‪ ،‬وهو مذهب قد التزمه من يجعل مصدر التشريع واحدا هو القرآن؛ كطائفة‬
‫القرآنيين‪ ،‬وسيأتي تفصيل هذه المسألة في شرط المحبة والقبول ألنهما األلصق مقاما به‪.‬‬
‫إذا تقرر هذا فثمة مسألة أخرى مهمة لها ارتباط وثيق بشرط اليقين ناسب أن نشير‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬المعيار المعرب (‪.)727/8‬‬
‫(‪ )2‬الدرر السنية (‪ )587/11‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫(‪ )3‬كشف الشبهتين (ص‪.)12 :‬‬
‫‪415‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫إلى حكمها‪ ،‬وهي مسألة االستثناء في اإلسالم ـ إذا أريد به الكلمة ـ‪ ،‬ألن االستثناء ـ وهو‬
‫قول الرجل أنا مسلم إن شاء الله ـ نوع شك ينافي اليقين(‪.)1‬‬
‫فالسلف من الصحابة والتابعين على استحباب هذا االستثناء في اإليمان وتركه في‬
‫اإلسالم‪ .‬ومأخذهم في ذلك‪(( :‬أن اإليمان المطلق شامل لفعل كل ما أمر الله به‪ ،‬والبعد‬
‫يدعي أحد أنه جاء بذلك كله على التمام والكمال))(‪.)2‬‬ ‫عن كل ما نهى عنه‪ ،‬وال َّ‬
‫وهذا بإزاء اإلسالم فإن ما يستحق به العبد وصف اإلسالم ـ وهو إتيانه بالشهادتين ـ‬
‫تيقن ال شك فيه‪.‬‬ ‫ُم َّ‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪...(( :‬فإذا أريد باإلسالم الكلمة فال استثناء فيه‪،‬‬
‫كما نص عليه أحمد وغيره‪ ،‬وإذا أريد به من فعل الواجبات الظاهرة كلها‪ ،‬فاالستثناء فيه‬
‫كاالستثناء في اإليمان‪ ،‬ولما كان كل من أتى بالشهادتين صار مسلما متميزا عن اليهود‬
‫والنصارى تجري عليه أحكام اإلسالم التي تجري على المسلمين‪ ،‬كان هذا مما يجزم به‬
‫بال استثناء فيه))(‪.)3‬‬
‫وأضاف أيضا‪(( :‬لكن اإلسالم الذي هو أداء الخمس كما أُمر به يقبل االستثناء‪،‬‬
‫فاإلسالم الذي ال يستثنى فيه الشهادتان باللسان فقط فإنها ال تزيد وال تنقص فال استثناء‬
‫فيها))(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬ومما يلحق بالتلفظ بالشهادتين في ترك االستثناء اإليمان الباطن الذي هو‬
‫اعتقاد القلب‪ ،‬فهو أيضا مما يعلمه اإلنسان من نفسه قطعا‪.‬‬
‫قال اآلجري ـ رحمه الله ـ‪(( :‬هذا طريق الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعين لهم‬
‫بإحسان‪ ،‬عندهم أن االستثناء في األعمال ال يكون في القول والتصديق في القلب‪ ،‬وإنما‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬االستثناء في األصل له صورتان‪ :‬األولى هي قول الرجل أنا مؤمن أو مسلم إن شاء الله‪ .‬والثانية‪ :‬هي قول الرجل‬
‫أنا مؤمن بكذا وكذا إال بكذا‪ .‬فالصورة األولى هي المرادة هنا‪ .‬أما الصورة الثانية فال يختلف القول فيها ألن من‬
‫شك أو استثنى في شيء جاء به النبي ‪ ‬فقد كفر‪.‬‬
‫(‪ )2‬زيادة اإليمان ونقصانه وحكم االستثناء فيه (‪ 462‬ـ ‪ .)465‬وأصله في في شرح مجموع الفتاوى (‪،)446/1‬‬
‫وشرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪.)541 :‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)445/1‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪ .)251/1‬وانظر‪ :‬هذه المسألة بطولها في مجموع الفتاوى (‪ )421/1‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪414‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫االستثناء في األعمال الموجبة لحقيقة اإليمان))(‪.)1‬‬


‫ولما سئل اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن المعرفة والقول‪ ،‬هل تزيد وتنقص؟ قال‪ :‬ال‪،‬‬
‫قد جئنا بالقول والمعرفة‪ ،‬وبقي العمل))(‪.)2‬‬
‫ومسألة االستثناء في اإليمان ال تأخذ حكم الشك فيه‪ ،‬ألن االستثناء في األمور‬
‫المتيقنة جائز‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ [الفتح‪ ]21 :‬وكما في قوله ‪(( :‬إني‬
‫ألرجو أن أكون أخشاكم لله))(‪ )3‬وقوله‪« :‬وإنا إن شاء الله بكم الحقون»(‪.)5()4‬‬
‫وخالصة القول أن االستثناء في اإليمان إذا كان على وجه الشك في اإليمان فهو ال‬
‫يجوز‪ ،‬ألن الشك في اإليمان كفر‪ ،‬وأما إذا كان على غير معنى الشك مخافة واحتياطا للعمل‬
‫جاز‪.‬‬
‫أو يقال‪ :‬إن االستثناء إذا كان في أصل اإليمان لم يجز‪ ،‬ألن أصل اإليمان يدخل‬
‫فيه اإليمان بالله واإليمان بالمالئكة واإليمان بالكتب‪ ،‬واإليمان بالرسل‪ ،‬واإليمان بالبعث‬
‫بعد الموت‪ ،‬فمن شك أو استثنى في شيء من ذلك‪ :‬كفر‪ .‬أما إذا كان االستثناء في‬
‫الكمال والتمام فهو مما يستحب مخافة تزكية النفس‪ ،‬واحتياطا للعمل‪.‬‬
‫وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ تحقيقا نفيسا في مسألة‬
‫االستثناء في اإليمان‪ ،‬وهو‪ :‬ترك االستثناء إذا كان على وجه التقييد بأن يقول أنا مؤمن‬
‫بالله‪ ،‬واستحبابه إذا كان على سبيل اإلطالق بأن يقول أنا مؤمن إن شاء الله‪ .‬فقال ـ رحمه‬
‫الله ـ في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ‪[ .....‬البقرة‪(( :]456 :‬وفي قوله‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ‪ ....‬إلخ داللة على جواز إضافة اإلنسان إلى نفسه اإليمان على وجه التقييد‬
‫بل على وجوب ذلك‪ ،‬بخالف قوله‪ :‬أنا مؤمن ونحوه‪ ،‬فإنه ال يقال إال مقرونا باالستثناء‬
‫بالمشيئة‪ ،‬لما فيه من تزكيه النفس؛ ألن اإليمان المطلق يشمل القيام بالواجبات وترك‬
‫المحرمات‪ ،‬فهو كقوله أنا متقي‪ ،‬أو ولي‪ ،‬أو من أهل الجنة‪ ،‬وهذا التفريق هو مذهب‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الشريعة (‪ 656/2‬ـ ‪.)651‬‬
‫(‪ )2‬رواها الخالل في السنة (جـ‪ ،)584/5‬وانظر‪ :‬درء التعارض (‪ ،)454/1‬ومجموع الفتاوى (‪.)448/1‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في كتاب الصيام (‪ )184/2‬ح (‪.)4444‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب الجنائز (‪ )661/2‬ح (‪.)114‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬السنة للخالل (‪ ،)561 ،515/5‬مجموع الفتاوى (‪.)454/1‬‬
‫‪415‬‬ ‫شرط اليقين‬

‫محققي أهل السنة والجماعة))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬


‫قلت‪ :‬وما ذكره الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ جاء عن بعض السلف‪ ،‬فلما سئل‬
‫الحسن البصري ـ رحمه الله ـ عن كونه مؤمنا‪ .‬قال‪(( :‬اإليمان إيمانان؛ فإن كنت تسألني عن‬
‫اإليمان بالله‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬والجنة‪ ،‬والنار‪ ،‬والبعث‪ ،‬والحساب‪ ،‬فأنا مؤمن‪ .‬وإن‬
‫كنت تسألُني عن قول الله ‪ :‬ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫اآليات قرأ إلى‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ [األنفال‪ 2 :‬ـ ‪ ]4‬فوالله ما أدري أنا منهم‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫أو ال))(‪.)2‬‬
‫فترك ـ رحمه الله ـ االستثناء في اإليمان المقيَّد الذي هو اإليمان بالله ومالئكته‬
‫وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬واستثنى في اإليمان المطلق أي‪ :‬الكامل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وبهذا التحقيق البديع يزول إشكال كبير‪ ،‬وهو ما قد يشغب به البعض على‬
‫القائلين بكفر تارك الصالة‪ ،‬وهو يلزم من قولكم بكفر تارك الصالة جواز االستثناء في أصل‬
‫اإلسالم‪ ،‬ألن فعل الصالة مما يقبل الزيادة والنقصان‪.‬‬
‫فيقال على ما ذكر السعدي ـ رحمه الله ـ أن اإلسالم المقيَّد بفعل الصالة يستثنى‬
‫فيه بخالف مطلق اإلسالم الذي هو الشهادتان فهذا ال يجوز االستثناء فيه‪.‬‬
‫فالحاصل أن أصل اإلسالم قد يقبل االستثناء إذا أريد به فعل الصالة‪ ،‬ألنها مما‬
‫تقبل الزيادة والنقصان‪ .‬ولذا من دقة شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ فقد نص ـ كما تقدم ـ على‬
‫أن اإلسالم إذا أريد به الكلمة فال استثناء فيه‪ ،‬وإذا أريد به من فعل الواجبات الظاهرة‬
‫كلها(‪ ،)3‬فاالستثناء فيه كاالستثناء في اإليمان‪.‬‬
‫ثم ذكر علَّة ذلك وهو‪(( :‬أنه لما كان كل من أتى بالشهادتين صار مسلما متميزا‬
‫عن اليهود والنصارى تجري عليه أحكام اإلسالم التي تجري على المسلمين‪ ،‬كان هذا مما‬
‫يجزم به بال استثناء فيه))(‪.)4‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الخالصة (‪ ، )44‬وتيسير الكريم الرحمن (ص‪.)61 :‬‬
‫(‪ )2‬شعب اإليمان (‪ )86/4‬رقم (‪.)16‬‬
‫(‪ )3‬أو بعضها‪.‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)445/1‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬الصدق واإلخالص‪.‬‬

‫وتحته فصالن‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط الصدق المنافي للكذب‪.‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اإلخالص‪.‬‬
‫‪674‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط الصدق المنافي للكذب‪.‬‬


‫وتحته ثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى الصدق‪.‬‬
‫حد الصدق الذي هو شرط في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ُّ :‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة على كون الصدق من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط الصدق لصحة الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬الرد على من جعل الصدق هو الشرط األوحد لصحة اإليمان‪.‬‬
‫المبحثثث السثثادد‪ :‬ايثثادة التصثثدي بشثثهادة أن ال إلثثه إال اللثثه وأثثثرل فثثي تكميثثل‬
‫شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الصدق في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬الفرق بين اليقين والصدق‪.‬‬
‫‪677‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط الصدق المنافي للكذب والتكذيب‬


‫شرررط الص ر هررا الفرراي اررفا الافررا اإل ررا فررال ؤما صررا مص ر ‪ ،‬ال ارراف‬
‫كاذب مكذب‪ ،‬فلفس في الشر ط ما قام مقامه‪ ،‬أ حل مكانه‪ ،‬لذا كا شرطاً مستقالً‪.‬‬
‫ق رراي ش ررفم اإلر ررالم ر يـ رره الل رره ر ف رري ما ر رزلة الصر ر اف ررا مكانت رره م ررا اإل ررا‬
‫التاـفر ر ‪ (( :‬الصر ر اإلخ ررالص ه ررا محقفر ر اإل ررا اإلر ررالم ف ررا ال ين ررر ا اإلر ررالم‬
‫اقس ا إلى مؤما مااف ‪ ،‬الفاي افا ال ؤما ال ااف ها الص ‪ ،‬فأراس الافرا الرذ‬
‫ذب‪ ،‬لنررذا إذا ذكررر اللرره ـقفقررة اإل ررا ن ترره االصر ك ررا فرري الرره‪ :‬ﮍ‬ ‫ابارري يلفرره الكر ُ‬
‫ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ‬
‫ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [الحجرات‪ 46 :‬ر ‪ .]41‬اي م الى‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [الحشر ر ررر‪ .]8 :‬فر ر ررأخبر أ الص ر ررا فا ف ر رري‬
‫يرراإل اإل ررا هررن ال ؤماررا الررذ ا لررن ت قررن إ رراننن ي بررة جاه ر ا فرري ررربفله اررأماالنن‬
‫(‪.)1‬‬
‫أنفسنن))‬

‫ر يـ ره اللره ر‪(( :‬الصر ياراا اإلررالم‪ ،‬مفرزا اإل را ‪ ،‬أس‬ ‫اي الشفم الس‬
‫ال ا يالمته يلى ك اي ال تصف اه‪ ،‬أ له ال قام األيلرى فري الر ا الر نفا‪ .‬هرا صرر‬
‫اإلخالص فا ال خلص ارتاإل ظراهر ااطاره‪ ،‬الصر كرذل ‪ .‬االصر صرل ال بر‬
‫إلى ماازي األاراي‪ ،‬اه محصل الاجاة ما ج فع الشر ي))(‪.)2‬‬
‫جه اشتراطه لصحة الشنا ة أنه ـاصرل ال لرن الفقرفا إذ هرا مرمبرة محصرل ا ر ه ا‬
‫ك ررا رررفأمي فرري افررا الفررر اررفا هررذ الشررر ط الثال ررة لررذا فنررا أخررذ ـك ن ررا أ ‪ :‬فرري‬
‫جاب الشرطفة(‪.)3‬‬
‫إذا برره هررذا‪ ،‬فررا الح ر ع يررا شرررط الص ر مررا ت ل ر ارره مررا أـكررام رررفكا‬
‫محه ال باـع التالفة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى الصدق‪.‬‬

‫)‪ )1‬التحفة ال را فة (ص‪.)303 :‬‬


‫(‪ )2‬الر اض الااضرة (ص‪ .)46 :‬انير‪ :‬م ايج السالكفا (‪.)262/2‬‬
‫(‪ )3‬انير‪( :‬ص‪ 035 :‬ر ‪.)035‬‬
‫‪678‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الصدق في اللغة‪.‬‬
‫راي ااررا فرايس‪(( :‬الصررا الر اي القررا أصرل ر ي يلرى رراة فري الشرري را ً فررر ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫راة لره‪[ ،‬ارل]‬ ‫ما ذل الص ‪ :‬خال الكذب‪ ،‬ر ي لقامه فري نفسره‪ ،‬أل الكرذب‬
‫هررا ااطررل‪ .‬أصررل هررذا مررا رالنن‪ :‬شرري صر أ صررلن‪ُ .‬يمر صر ‪ .‬قرراي‪ :‬صر اهن‬
‫القتاي‪ ،‬في خال ذل كذااهن‪ .‬الص ال الزم للص ))(‪ )2‬انتنى‪.‬‬
‫صر ا اً‪.‬‬
‫صر ص اً صر ص اً مَ ص‬
‫صر َ صر ُ َ‬ ‫اي في اللسرا ‪(( :‬الصر نقرفا الكرذب‪َ ،‬‬
‫ص ه بل الَه))(‪.)3‬‬
‫َ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى الصدق في االصطالح والشرع وبيان متعلّقه‪.‬‬
‫الص في ا صطالح ال ام م اا ‪ :‬مطااقة الحكن للاا ع(‪.)4‬‬
‫فل‪ :‬مطااقة الكالم للاا ع احسن ايتقا ال تكلن(‪.)5‬‬
‫األ ي أص أ ي يلى ال قصا ر في نير ر‪ ،‬ذل ما جنتفا‪:‬‬
‫األ لرى‪ :‬أ القراي اأنرره ((مطااقرة الحكرن)) يررام‪ ،‬ففر خل ففرره الصر فري األ رااي الصر فرري‬
‫األي اي الص في األـااي‪ .‬ففقاي‪ :‬اي صا ‪ ،‬ف ل صا ‪ ،‬ايتقا مطاا ‪.‬‬
‫ئذ ُ تبر ص ص اً‪.‬‬ ‫كا ماافقاً للح يا ٍ‬ ‫الثانفة‪ :‬أ ايتقا ال تكلن‬
‫رراي الرا ررن‪(( :‬الصر مطااقررة القرراي الار فر ال ُ صخبَرر يارره م راً‪ .‬متررى انخرررم شرررط مررا‬
‫اصررف االصر ‪ ،‬إمررا أ اصررف مرراية االص ر ‪،‬‬ ‫ذلر لررن كررا صر اً مامراً‪ ،‬اررل إمررا أ‬
‫ماية االكذب يلى نير ا مختلففا‪ ،‬كقاي كافر إذا اي ما فر ايتقا ‪ :‬مح يراي اللره‪،‬‬
‫صر َ َ لكررا ال ُ صخبَرر يارره كررذل ‪ ،‬صر أ قرراي كررذب ل خالفررة‬ ‫فررا هررذا صر أ قرراي َ‬
‫)‪ )1‬لفسه في األصل السفا قتاي إضافتنا هاا‪.‬‬
‫)‪ )2‬م جن مقا فس اللغة (‪.)332/3‬‬
‫)‪ )3‬لسا ال رب (‪ )307/7‬ما ة (ص )‪.‬‬
‫)‪ )4‬الت ر فات للجرجاني (ص‪.)232 :‬‬
‫)‪ )5‬ال جن الارفط (‪.)122/2‬‬
‫‪674‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫اله ضر فر ‪ ،‬االاجره الثراني‪ :‬إكرذاب اللره م رالى ال ارافقفا ـفرع رالاا‪ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫[ال اافقا ‪.)1())]4 :‬‬
‫أما مت لّ َّ الص فنا كا في األ ااي األي اي األـااي‪.‬‬
‫قاي الرا ن‪(( :‬الص الكذب أصلن ا فري القراي‪ ،‬ماضرفاً كرا أ مسرتقبالً‪ ،‬ير اً‬
‫ست ل الص الكذب فري كرل مرا حر حصرل فري ا يتقرا نحرا‬ ‫كا أ فر ‪...‬‬
‫ص َ فري القتراي إذا فرى ـقره‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬ست ال في أف اي الجاايح‪ ،‬ففقاي‪َ :‬‬ ‫ص َ َ ظاي َك َذ َ‬ ‫َ‬
‫ف ل ما جن ك ا جن‪ ،‬كذب فري القتراي‪ :‬إذا كرا اخرال ذلر راي م رالى‪ :‬ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ [األـ رزاب‪ ]34 :‬أ ‪ :‬ـقق راا ال ن ر ا ررا أظنررر مررا أف ررالنن‪ ،‬الرره‪ :‬ﭤ ﭥ‬
‫ص ر َ َ السررانه يررا ص ر ص ف لرره مابفن راً أنرره كفرري‬
‫ﭦ ﭧ [األـ رزاب‪ ]8 :‬أ ‪ :‬س رأي مررا َ‬
‫محر ه االف ل))(‪.)2‬‬ ‫ا يترا االح‬
‫اي شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر فري افرا مت لقرات الصر مجا مره‪ (( :‬م را ابغري‬
‫أ ررر أ الصر التصر كررا فرري األ رااي األي رراي كقرراي الابرري ‪ ‬فرري الحر ع‬
‫محالررة فال فاررا مزنفررا‬ ‫الصررحف ‪ُ « :‬كترن يلررى ااررا ح م ـيرره مررا الزنررا فنررا مر ي ذلر‬
‫زناه ررا الايررر األذنررا مزنف ررا زناه ررا الس ر ع‪ ،‬الف ر ا مزنف ررا زناه ررا الرربط ‪ ،‬الرررجال‬
‫مزنفررا زناه ررا ال شرري القلررن ت اررى شررتني‪ ،‬الفرررج ص ر ذل ر كذارره»(‪ )3‬قرراي‪:‬‬
‫ـ لاا يلى ال ـ لة صا ة‪ ،‬إذا كانه إيا منن للقتاي ااترة جازمرة‪ .‬قراي‪ :‬فرال صرا‬
‫الحررن ال ررا ة‪ ،‬نحررا ذلر ‪ .‬لنررذا ررا االصررا الصررا فرري إيا مرره صر طلبرره‪ ،‬هررا‬
‫الصا في ي له‪ ،‬ر الصا في خبر كالمه))(‪.)4‬‬
‫لك ررا الص ر ر م ررا األلف ررا الش ررريفة فف رري ر ررفا الاص رراص اف ررا ل ا ررا ‪ ،‬م ررا ه ررذ‬
‫الاصاص‪:‬‬

‫)‪ )1‬ال فر ات في ر ن القرح (ص‪ 874 :‬ر ‪.)872‬‬


‫)‪ )2‬ال فر ات في ر ن القرح (ص‪ 874 :‬ر ‪.)872‬‬
‫الفرج (جر‪ )264/7‬ح (‪ ،)1142‬مسلن في كتاب‬ ‫)‪ )3‬أخرجه البخاي في كتاب ا رتئذا ‪ ،‬ااب زنا الجاايح‬
‫محالة فزنا ال فا‬ ‫الق ي ح (‪ .)2617‬لفيه يا ه ا‪« :‬إ الله كتن يلى اا ح م ـيه ما الزنا أ ي ذل‬
‫ذل كله أ كذاه»‪.‬‬ ‫الاير زنا اللسا ال اط الافس مت اى مشتني الفرج ص‬
‫)‪ )4‬التحفة ال را فة (ص‪.)306 :‬‬
‫‪684‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ﮜ ﮝ‬ ‫ﮛ‬ ‫‪ 4‬ر الرره م ررالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ‬


‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ [ال اافقا ‪.]4 :‬‬
‫‪ 3‬ر ال رره م ررالى‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ [الحشر‪.]8 :‬‬
‫محالرة‬ ‫‪ 4‬ر ما الساة اله ‪« :‬كتن يلى ااا ح م ـيه مرا الزنرا فنرا مر ي ذلر‬
‫فال فاا مزنفا زناه ا الاير األذنا مزنفا زناه ا الس ع‪ ،‬الف ا مزنفا زناه را الربط ‪،‬‬
‫الرجال مزنفا زناه ا ال شي القلن ت اى شتني الفرج ص ذل كذاه»(‪.)1‬‬
‫فبالاير إلى هذ الاصاص‪ ،‬فا الص الشريي كا م اا ماافقة الح ارالقاي ال رل‬
‫ا يتقا ‪.‬‬
‫اف ررا ذل ر ر ‪ :‬أ اآل ررة األ ل ررى ل رره يل ررى إك ررذاب ال ار ررافقفا ف رري شر ررنا منن للاب رري ‪‬‬
‫االررررالة‪ ،‬مررا ـفررع القرراي فنررا ص ر ص مطرراا ‪ ،‬لكررا ل ر م ماافقررة هررذا القرراي ل ررا فرري‬
‫ض ر ائرهن‪ .‬اآل ررة الثانفررة افارره أ ال اصررففا اررأننن ﯣ ﯤ إن ررا ارررتحقاا هررذا الاصررف‬
‫لقفررامنن اتل ر األي رراي‪ ،‬ف ر ي يلررى أ الص ر كررا ااألف رراي‪ .‬أمررا الح ر ع فنررا مااف ر‬
‫لآل ة الثانفة في أ الص كا ااألي اي ك ا كا ااأل ااي‪.‬‬
‫في كتن أهل ال لن م اي ف أخرإل للص ‪:‬‬
‫رراي الرا ررن‪(( :‬الصر مطااقررة القرراي الار فر ال ُ صخبَرر يارره م راً‪ .‬متررى انخرررم شرررط مررا‬
‫اصررف االصر ‪ ،‬إمررا أ اصررف مرراية االص ر ‪،‬‬ ‫ذلر لررن كررا صر اً مامراً‪ ،‬اررل إمررا أ‬
‫ماية االكذب يلى نير ا مختلففا‪ ،‬كقاي كافر إذا اي ما فر ايتقا ‪ :‬مح يراي اللره‪،‬‬
‫صر َ َ لكررا ال ُ صخبَرر يارره كررذل ‪ ،‬صر أ قرراي كررذب ل خالفررة‬ ‫فررا هررذا صر أ قرراي َ‬
‫ال رره ضر ر فر ‪ ،‬االاج رره الث رراني‪ :‬إك ررذاب الل رره م ررالى ال ا ررافقفا ـف ررع ررالاا‪ :‬ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗﮘ [ال ارافقا ‪ ،)2())]4 :‬فال اافقا مكل اا ا خبر ياه‪ ،‬ها ﮕ ﮖ ﮗﮘ هذا‬
‫ﮛ ﮜ رن ارفا كرذانن ل ر م‬ ‫القاي ـ ص ‪ ،‬لذل أك اقالره‪ :‬ﮙ ﮚ‬

‫)‪ )1‬ماى مخر جه‪ .‬انير‪( :‬ص‪.)872 :‬‬


‫)‪ )2‬ال فر ات في ر ن القرح (ص‪ 874 :‬ر ‪.)872‬‬
‫‪684‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫بال رره‬ ‫مطااق ررة رالنن م ررا ف رري ل رراانن‪ ،‬ال طااق ررة الت رري ف رري الا ر فر متا ر ا ا نقف ررا للح ر‬
‫محبته(‪ )1‬ك ا رفأمي‪.‬‬
‫اي ااا القرفن ر يـ ره اللره ر فري م ر رف الصر ‪(( :‬الصر ‪ :‬هرا ـصراي الشري م امره‪،‬‬
‫ك اي امره اجت راأ أجزائره‪ ،‬ك را قراي‪ :‬يز رة صرا ة‪ ،‬إذا كانره ا رة مامرة‪ .‬كرذل محبرة‬
‫صررا ة‪ ،‬إيا ة صررا ة‪ ،‬كررذا رالنن‪ :‬ـررال ة صررا ة‪ ،‬إذا كانرره ا ررة مامررة ااتررة الحقفقررة لررن‬
‫اقص مانا شي ))(‪.)2‬‬
‫هذا الت ر ف ر ن ما ال اى اللغا ‪ ،‬ها م ر ف للص اايتباي أصله ـقفقته‪.‬‬
‫كررا فرري أـاال ر شرراب فرري‬ ‫م ررا فررل فرري م ر ررف الص ر أ ا راً‪(( :‬الص ر أ‬
‫ايتقا ي ن في أي ال يفن))(‪.)3‬‬
‫هذا الت ر ف للقشفر ‪ ،‬ها م ر ف للص اايتباي مت لقامه‪.‬‬
‫م ا فل في م ر فه أ ااً‪(( :‬الص ماافقة الح في السر ال النفة))(‪.)4‬‬
‫هذا الت ر رف ألاري قراب الانرجراي (‪ )5‬هرا مرا أـسرا م را فرل فري م ر رف الصر‬
‫افررا ـقفقترره‪ .‬هررا الت ر ررف ال خترراي فرري نيررر ‪ ،‬ألنرره جررامع ل ت لقررات الصر ماافر‬
‫لاصاص الشرأ فنا أ رب الت اي ف إلى ماضف ال اى الشريي للص ‪.‬‬
‫ذكر ااا القفن ر يـ ه الله ر أ الص كرا فري األ رااي األي راي األـرااي رن ارفا‬
‫ذل اقاله‪(( :‬فالص في األ ااي ارتاا اللسا يلى األ ااي كارتاا السابلة يلرى ررا نا‪،‬‬
‫الص ر فرري األي رراي ارررتاا األف رراي يلررى األمررر ال تاا ررة كارررتاا ال ررأس يلررى الجس ر ‪،‬‬

‫(‪ )1‬مانج أهل الساة مانج األشايرة في ماـف الله م الى (‪.)84/4‬‬
‫)‪ )2‬م ايج السالكفا (‪.)272/2‬‬
‫)‪ )3‬الت ر فات (ص‪.)232 :‬‬
‫ذكر الغزالي في اإلـفا (‪ ،)380/8‬نسبه إلى أاي قاب الانرجاي ‪ ،‬أ ي ياه الذهبي‬ ‫)‪ )4‬هذا الت ر ف للص‬
‫في رفر أيالم الابال (‪.)233/21‬‬
‫ي ر اا‬ ‫الصافي الانرجاي ‪ ،‬شفم الصاففة في زمانه‪ ،‬صحن الجاف‬ ‫)‪ )5‬ها‪ :‬أاا قاب إرحا اا مح‬
‫يث ا ال كي‪ ،‬جا ي م ة مات ا كة راة ال فا ال ئة‪ .‬اي أاا يث ا ال غراي‪ :‬ما يأ ه في مشا خاا أناي‬
‫ماه‪ .‬انير‪ :‬رفر أيالم الابال (‪ 232/21‬ر ‪.)233‬‬
‫‪683‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫(‪)1‬‬
‫ارتفراغ الارع اذي‬ ‫الص في األـااي ارتاا أي اي القلن الجاايح يلى اإلخالص‬
‫الطا ة))(‪.)2‬‬
‫الص في شنا ة أ إله إ الله قتاي هذ األماي‪ :‬ها أ قالنا اج فع ألفاظنرا‬
‫ص اً ما لبه‪ ،‬رااط لبُره لسرانَه‪ ،‬مصر اً ذلر اجاايـره م تقر اً صر مرا لره يلفره(‪،)3‬‬
‫ذل أل هذا ها ـقفقة الص الشريي‪.‬‬
‫اي الرا ن‪ (( :‬الص ما كثر ماره الصر ‪ .‬فرل‪ :‬ارل قراي ل را كرذب رط فرل‪:‬‬
‫اررل ل ررا تررأمى مارره الكررذب لت ررا الصر ‪ .‬فررل‪ :‬اررل ل ررا صر اقالرره ايتقررا ـقر‬
‫ص ه اف له))(‪.)4‬‬
‫رراي ش ررفم اإلر ررالم ف رري ص ر ذك ررر لخ ررال الا رراس ف رري مس ر ى اإل ررا ـقفقت رره‪ ...(( :‬إم ررا‬
‫التصر ر االقل ررن الق رراي ال ررل ف ر را الج ف ررع ر ر خل ف ر ري مس ر ر ى التص ر ر يل ررى م ررذهن أه ررل‬
‫الح ع))(‪.)5‬‬
‫ر شرررح ذل ر فرري مقر ٍرام مشررااه‪ ،‬فقرراي‪(( :‬فأمررا رراي القلررن فنررا التص ر الجررازم االلرره‬
‫مالئكته كتبه يرله الفام اآلخر‪ ،‬خل ففه اإل ا اكل ما جا اه الرراي ‪ ...‬هذا‬

‫رجع إلى اإلخالص الافة‪.‬‬ ‫)‪ )1‬هذا الص‬


‫كا له‬ ‫في الافة اإلخالص‪ ،‬ها أ‬ ‫(( الص‬ ‫افانه ألنااأ الص‬ ‫قاي الغزالي ر يـ ه الله ر‪ :‬في ص‬
‫الافة‪،‬‬ ‫اايع في الحركات السكاات إ ا لله م الى‪ ،‬فا مازجه شاب ما ـيا الافس اطل ص‬
‫صاـبه جاز أ س ى كاذااً ك ا ي اا في فافلة اإلخالص ما ـ ع الثال ة ـفا سأي ال الن‪ :‬ما‬
‫ي له فف ا يل ه؟ فقاي‪ :‬ف له كذا كذا‪ .‬فقاي الله م الى كذاه ال أي ت أ قاي فال يالن‪ ،‬فانه لن‬
‫كذاه لن قل له لن م ل لكاه كذاه في إيا مه نفته‪.‬‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫اي الله م الى‪:‬‬ ‫صحة التاـف في القص ‪ ،‬كذل‬ ‫اي ا انن‪ :‬الص‬
‫ما ـفع نط اللسا ال ما ـفع‬ ‫لكا كذانن‬ ‫الاا‪ :‬إن لرراي الله‪ .‬هذا ص‬ ‫[ال اافقا ‪.]2 :‬‬
‫ض فر القلن‪[ ))...‬إـفا يلام ال ا (‪.])334/8‬‬
‫)‪ )2‬م ايج السالكفا (‪ ،)270‬انير‪ :‬إـفا يلام ال ا للغزالي (‪ 337/8‬ر ‪.)332‬‬
‫)‪ )3‬م ايج القباي (‪.)633/3‬‬
‫)‪ )4‬ال فر ات (ص‪.)872 :‬‬
‫)‪ )5‬مج اأ الفتا إل (‪ .)637/7‬انير‪ :‬م يفن ي الصالة لل ر ز (‪ 707/2‬ر ‪.)702‬‬
‫‪684‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫تب رره ي ررل القلررن‪ ،‬هررا ـررن اللرره ير راله‪ ،‬م يررفن اللرره ير راله‪ ،‬م ز ررر الرررراي‬ ‫التص ر‬
‫خشفة الله اإلنااة إلفه‪ ،‬اإلخالص له التاكل يلفه‪ ،‬إلى فر ذل ما األـااي‪.‬‬ ‫ما فر ‪،‬‬
‫ا يتقررا إ جرراب‬ ‫األي رراي القلبفررة كلنررا مررا اإل ررا ‪ ،‬ه ري م ررا اجبنررا التص ر‬ ‫فنررذ‬
‫لرراي‪ .‬تبرع ا يتقررا رراي اللسررا ‪ ،‬تبررع ي ررل القلررن الجراايح مررا الصررالة الزكرراة‬ ‫ال لررة ال‬
‫الحج نحا ذل ))(‪ .)1‬انتنى‪.‬‬ ‫الصام‬

‫)‪ )1‬مج اأ الفتا إل (‪.)672/7‬‬


‫‪686‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫حد الصدق الذي هو شرط في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ُّ :‬‬
‫ال را اح الص الذ ها شرط في شنا ة أ إله إ الله أ رل مرا قرع يلفره اررن الصر‬
‫التص ‪ .‬مق م ر باً م اى الص في الشرنا ة‪ ،‬هرا‪ :‬أ قالنرا اج فرع ألفاظنرا صر ص اً مرا‬
‫لبه ااط لبُره لسرانَه مصر اً ذلر اجاايـره م تقر اً صر مرا لره يلفره‪ .‬هرذا اايتبراي الك راي‬
‫األيلررى‪ ،‬أمررا ـر الصر الررذ حصررل ارره الشرررط فنررا الصر ال اررافي للكررذب التكررذ ن فرري‬
‫الج َ لرري(‪ )2‬ر اك الرره الااجررن‬
‫ُ‬ ‫أصررل اإل ررا (‪ ،)1‬ذلر كررا اررأ نى الصر ر هررا التصر‬
‫أل التص الكامل اشنا ة أ إله إ الله قتاي ف َل ج فرع الااجبرات‪ ،‬ذلر لرفس شررطاً‬
‫للصحة أل اإل ا ص مع مر ا ا الااجبات الياهرة(‪.)3‬‬
‫افا ذلر شرفم اإلررالم فري كرالم لره نفرفس ـفرع راي‪(( :‬فاإلررالم تارا ي مرا أظنرر‬
‫اإلرالم لفس م ه شي مرا اإل را ‪ ،‬هرا ال اراف ال حرا تارا ي مرا أظنرر اإلررالم مرع‬
‫التصثثدي الم مثثل ف ثي البثثاون ولكثثن لثثم يفعثثل الواجثثب كلثثه مررا هررذا هررذا‪ ،‬هررن‬
‫(‪.)4‬‬
‫الفسا ))‬

‫يلفه ف ا اي إله إ الله اص اً انا ال خاي في ا اإلرالم ر الافرا ر‪ ،‬م تقر اً ل را‬
‫له يلفه ما التاـف ايتقا اً جازماً مر ففه(‪ ،)5‬فق ـق شرط التص اشنا ة أ إلره‬
‫إ الله(‪.)6‬‬
‫كفرري ـر لحصرراي اإل ررا إ إذا اناررن إلفرره ال رل ا قتاررى‬ ‫إ أ هررذا التصر‬
‫هذ الشنا ة‪.‬‬

‫)‪ )1‬انير‪ :‬فت ال جف (ص‪ ،)228 :‬م ايج القباي (‪.)633/3‬‬


‫الج َ لي اأصل اإل ا ‪ :‬التص ا ا صف الله اه نفسه أ صفه اه يرالُه‬
‫ُ‬ ‫(‪ )2‬له‪ :‬م ا خل محه التص‬
‫‪ ،‬التص ا الئكته أنبفائه يرله‪ ،‬التص اكتبه‪ ،‬االفام اآلخر‪ ،‬التص االق ي خفر شر ما الله‪،‬‬
‫اأ الله ـ ال ستح لل با ة‪ .‬ما كذب اشي ما ذل‬ ‫االب ع ا ال ات‪ ،‬يأس ذل التص‬ ‫التص‬
‫أ ش ففه فق كفر خاب خسر‪.‬‬
‫الكفر الشر ‪.‬‬ ‫( ‪ )3‬أ‬
‫)‪ )4‬مج اأ الفتا إل (‪.)827/7‬‬
‫(‪ )5‬ما يالمة ذل أ افي ما نفته ما الشر ثبه ما أ بته ما اإلخالص‪ .‬انير‪ :‬فت ال جف (ص‪.)530 :‬‬
‫)‪ )6‬انير‪ :‬ال فنن (‪.)227/2‬‬
‫‪681‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ق رراي اا ررا الق ررفن ر يـ رره الل رره ر‪ (( :‬نح ررا نق رراي اإل ررا ه ررا التصر ر ‪ ،‬لك ررا ل ررفس‬
‫ا نقفررا لرره‪ ،‬لررا كررا مجررر ايتقررا التصر‬ ‫التصر مجرررَ ايتقررا صر ال ُ خب رر‬
‫إ اناً‪ ،‬لكا إالرفس‪ ،‬فريرا امره‪ ،‬رام صرال ‪ ،‬الفنرا الرذ ا يرفراا أ مح ر اً يرراي‬
‫[األن ررام‪:‬‬ ‫اللرره ك ررا رفررا أااررا هن مررؤمافا مص ر فا‪ ،‬ر رراي م ررالى‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫‪ ]44‬أ ‪ :‬تق ر ر أن ر ر صر ررا ‪ .‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [األن ر ررام‪ ]44 :‬الجحر ررا‬
‫ك ررا إ ا ر ر م رف ررة الحر ر ‪ ،‬رراي م ررالى‪ :‬ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ [الا ررل‪ .]46 :‬رراي‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ [اإلر ررا ‪ .]443 :‬رراي م ررالى‬ ‫مارررى لفريررا ‪:‬‬
‫يررا الفنررا ‪ :‬ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [البقرررة‪ .]464 :‬أالررم مررا‬
‫هررذا رراي الافررر ا الفنررا فا ل ررا جررا ا إلررى الابرري ‪ ،‬رررأ ي را لن ررا يلررى نبامرره‪ ،‬فقررا ‪:‬‬
‫رزاي فري ذي تره‬ ‫نشن أن نبي‪ ،‬فقاي‪« :‬ما ا ك را مرا امبرايي؟» را ‪ :‬إ ا يرا أ‬
‫نبي‪ ،‬إنا نخا إ امب اا أ مقتلاا الفنا (‪.)1‬‬
‫أ ر ا األساتنن إ راياً مطااقاً ل تق هن أنه نبي‪ ،‬لن ر خلاا انرذا التصر‬ ‫فنؤ‬
‫اإل رراي فرري اإل ررا ‪ ،‬ألننررن لررن لتزمراا طايترره ا نقفررا ألمررر ‪ ،‬مررا هررذا كفررر أارري طالررن‪،‬‬
‫فانه ير ـقفقة ال رفة أنه صا ‪ ،‬أ ر اذل السانه‪ ،‬صرح اره فري شر ر ‪ ،‬لرن ر خل‬
‫اذل في اإلرالم‪.‬‬
‫ف التص إن ا تن اأمر ا‪:‬‬
‫أـ ه ا‪ :‬ايتقا الص ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬محبة القلن انقفا ‪.‬‬
‫لن ر ررذا ر رراي م ر ررالى إلا ر رراهفن‪ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ [الصر ررافات‪ 446 :‬ر ‪]441‬‬
‫إا رراهفن كررا م تق ر اً لص ر يا ررا مررا ـررفا يحهررا‪ ،‬فررا يا ررا األنبفررا ـرري‪ ،‬إن ررا ج لرره‬
‫مص ا لنا ا أ ف ل ما أُم َر اه‪.‬‬

‫الرجل (‪ )77/1‬ح‬ ‫)‪ )1‬أخرجه الترمذ في كتاب ا رتئذا يا يراي الله ‪ ،‬ااب‪ :‬ما جا في بلة الف‬
‫(‪ )2733‬اي‪ :‬ـسا صحف ‪ ،‬أخرجه ااا أاي شفبة في ال صاف (‪ ،)326/7‬البفنقي في الساا‬
‫(‪ ،)266/4‬ااا أاي ـامن في التفسفر (‪.)26262‬‬
‫‪684‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ي ررل‬ ‫ك ررذل ال رره ‪ « :‬الف رررج صر ر ذلر ر كلر ره أ كذ ا رره»‪ .‬فج ررل التصر ر‬
‫صر‬ ‫الفرج ما ت اى القلن‪ ،‬التكذ ن مركه لذل ‪ .‬هذا صر في أ التصر‬
‫إ اال ل‪.‬‬
‫رراي الحسررا‪ :‬لررفس اإل ررا اررالت اي اررالتحل ي‪ ،‬لكررا مررا ررر فرري القلررن صر ه‬
‫(‪. ) 2‬‬
‫هذا مرفاياً))‬ ‫ال ل(‪ .)1‬ي‬
‫كالم له حخر‪ (( :‬كذل التص انرا ر اري إلره إ اللره ر قتاري اإلذيرا‬ ‫اي في ٍ‬
‫اإل راي احقا نا‪ ،‬هي شرائع اإلرالم التري هري مفصرفل هرذ الكل رة االتصر اج فرع‬
‫أخبرراي امتثرراي أ امررر اجتارراب نااهفرره‪ ...‬فال ص ر انررا يلررى الحقفقررة هررا الررذ ررأمي‬
‫ا ررذل كل رره‪ ،‬م ل ررام أ يص ر ة ال رراي ال ر م ل ررن محص ررل يل ررى اإلط ررال إ ان ررا االقف ررام‬
‫احقنررا‪ ،‬كررذل الاجرراة مررا ال ررذاب يلررى اإلطررال لررن محصررل إ انررا احقنررا فال قااررة‬
‫في ال نفا اآلخرة يلى مركنا أ مر ـقنا))(‪.)3‬‬
‫رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر‪(( :‬فرا اإل ررا احسررن كررالم اللرره يرررالته‪ ،‬كررالم اللرره‬
‫ير ررالته تار ر ا أخب رراي أ ام ررر ففصر ر القل ررن أخب رراي مصر ر قاً اج ررن ـ ررا ً ف رري القل ررن‬
‫احسررن ال ص ر ارره‪ ،‬التص ر هررا مررا نرراأ ال لررن القرراي‪ ،‬اقررا ألمررر ستسررلن‪ ،‬هررذا‬
‫ا نقف ررا ا رتس ررالم ه ررا ن رراأ م ررا اإليا ة ال ررل‪ ،‬ك ررا مؤمار راً إ ا ج رراأ األم ررر ا‪،‬‬
‫ف تى مر ا نقفا كا مستكبراً‪ ،‬فصاي ما الكافر ا))(‪.)4‬‬
‫إلرره إ اللرره أ قررف يار صرراع اللرره م ررالى‪ ،‬يار‬ ‫رراي الحكررفن الترمررذ (‪ (( :)5‬صر‬
‫أمررر كال بفر ‪ .‬أمررا صررا ه فنررا أـكامرره يلفر مر افر ففر مثررل ال ررز الررذي الصررحة السررقن‬

‫في الكامل (‪.)43344‬‬ ‫)‪ )1‬أخرجه ااا أاي شفبة (‪ ،)33/44‬ااا ي‬


‫)‪ )2‬الصالة ـكن مايكنا (ص‪ .)32 :‬انير‪ :‬نفس ال ص ي (ص‪.)32 :‬‬
‫(‪ )3‬التبفا في أ سام القرح (ص‪.)64 :‬‬
‫(‪ )4‬الصايم ال سلاي (‪ 447/4‬ر ‪.)488‬‬
‫اا يلي اا الحسا اا اشر الحكفن الترمذ ‪ ،‬ـ ث يا أافه‬ ‫(‪ )5‬ها‪ :‬اإلمام الحافظ الزاه أاا يب الله مح‬
‫فرهن‪ .‬كا ذا يـلة م رفة له مصافات‬ ‫يلي اا ـجر صال اا يب الله الترمذ ‪،‬‬ ‫تفبة اا ر ف‬
‫فاائل ـ ث ياه حفى اا ماصاي القاضي الحسا اا يلي فره ا ما مشا م نفساااي‪ .‬له ـكن ماايظ‬
‫جاللة‪ ،‬لا هفاة ا ت ماه‪ .‬مات راة (‪ )364‬هر‪ .‬فل‪ :‬راة (‪ )367‬هر‪ .‬انير‪ :‬رفر أيالم الابال‬
‫(‪ ،)664/44‬منذ ن التنذ ن (‪.)44/4‬‬
‫‪687‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫الفقر الغاى كل ـاي محباب مكر فتقف هاا كال بف م صي الله في جان مرا ـكرن‬
‫يلف ار ل حكن اه يلف ‪ .‬أما أمر فنا أ ا الفرائا اجتااب ال حايم فال م صرفه فري‬
‫إله إ الله))(‪.)1‬‬ ‫مر فر اة انتنا محرم هذا أ نى مارزلة في ص‬
‫اذل ُ لن أ هذا الشرط متا ا لثال ة أماي‪:‬‬
‫األمر األ ي‪ :‬القباي ال اافي للر ‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬ا نقفا ال اافي للتر ‪.‬‬
‫األمر الثالع‪ :‬ال حبة ال ااففة للبغا‪.‬‬
‫فل ررا خ ررال ضر ر فر ال ررتكلن ي ررا ه ررذ األم رراي الثال ررة ل ررن ك ررا ص ررا اً ف رري مكل رره اكل ررة‬
‫التاـف ‪ ،‬ك ا ها شأ ال اافقفا(‪.)2‬‬
‫فتبفا أ الصا ها الذ ر م اى هذ الكل ة‪ ،‬ل ا ا مقتافه‪ ،‬ما لزم ائلنرا‬
‫ما اجبات ال ا‪ ،‬ففص لبُه لسانَه‪ ،‬ي لُه لسانَه َجاانَه(‪.)3‬‬
‫ا رره تب ررفا فس ررا م ررذهن ال رجئ ررة م ررا األش ررايرة الجن ف ررة ال امر ررة ال ررذ ا ـص ررر ا‬
‫اإل ررا فرري مص ر القلررن فقررط‪ ،‬لررن تبررر ا شرررط ا نقفررا احقررا هررذ الكل ررة‪ .‬ر‬
‫مق مه اإلشاية إلى فسا مذهبنن في اإل ا (‪.)4‬‬
‫الجر ر ر اال ررذكر ها ررا أ ش رررط الصر ر شر ر ل التصر ر أ ار راً‪ ،‬أل الصر ر مت ل ر ر‬
‫كر ررا االقلر ررن‬ ‫كر ررا فر رري األ ر رااي‪ ،‬التص ر ر‬ ‫االقلر ررن الج ر راايح‪ ،‬اللسر ررا ‪ .‬فالصر ر‬
‫ص َ َ في اله‪ ،‬ص اقلبه جاايـه‪.‬‬ ‫الجاايح‪ .‬ففقاي‪َ :‬‬
‫(‪ )1‬ناا ي األصاي في أـا ع الرراي (‪.)47/4‬‬
‫(‪ )2‬انير‪ :‬مانج أهل الساة مانج األشايرة في ماـف الله (‪.)84/4‬‬
‫(‪ )3‬ال يي السافة (‪ )311/3‬اتصر ‪.‬‬
‫(‪ )4‬انير‪ :‬الصفحات (‪ 444‬ر ‪.)413‬‬
‫‪688‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة على كون الصدق من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫األ لة يلرى ايتبراي الصر فر اً مصر اره الشر نا ة كثفررة جر اً‪ ،‬هري يلرى سر فا‪ :‬أ لرة‬
‫نقلفة أخرإل يقلفة‪ .‬فأما الاقلفة ف انا ما لي‪:‬‬
‫‪ 4‬ر ر ر رراي م ر ر ررالى‪ :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ [ال اكبات‪ 4 :‬ر ‪.]4‬‬ ‫ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫فال را ااإل ا في اله م الى‪ :‬ﮧ ﮨ ﮩ إله إ الله‪.‬‬
‫ي لذل ما جا يا الش بي ر يـ ه الله ر فري مفسرفر الره م رالى‪ :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫اآل ررة‪ .‬رراي‪ :‬نزلرره فرري أنرراس ا كررة ر أ ررر ا ااإلرررالم‪ ،‬فكتررن إلررفنن أصررحاب يررراي اللرره ‪ ‬مررا‬
‫ال ا ررة ل ررا نزل رره ح ررة النج رررة‪ :‬إن رره قب ررل م رراكن إ رراي إر ررالم ـت ررى من رراجر ا‪ .‬رراي‪ :‬فخرج راا‬
‫يام ا إلى ال اة‪ ،‬فأمب نن ال شركا فر هن فارزله ففنن هذ اآل ة(‪.)1‬‬
‫ن أ ترك راا أ قال راا‪ :‬إلرره إ اللرره ـتررى‬ ‫أ ا راً مررا جررا يررا الحسررا فرري مفسررفرها‪(( :‬أَ َـس ر َ‬
‫أاتلفنن‪ ،‬فأير الصا ما الكاذب))(‪.)2‬‬
‫كرا ناف راً يار اللره م رالى‬ ‫له‪ :‬جه ا رتشنا انا يلى اشتراط الص ‪ :‬أ اإل ا‬
‫إ إذا كا صراـبه صرا اً ففره‪ ،‬لرذا كرا ا متحرا ا ارتال لرفُ لن الصرا فري إ انره ففجرازإل‬
‫يلى ص ه‪ ُ ،‬لن الكاذب في إ انه ففجازإل يلى كذاه(‪.)3‬‬
‫‪ 3‬ر ما أ لة القرح أ اراً يلرى اشرتراط الصر لصرحة الشرنا ة مرا جرا فري شرأ ال ارافقفا‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫ال ر رذ ا الاه ررا ك ررذااً ﭬ ﭭ‬
‫ﮏ ﮐ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫[البقرة‪ 8 :‬ر‪.)4(]44‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه ااا جر ر (‪ ،)414/48‬ااا أاي ـامن (‪ )4444/4‬ار ن (‪ ،)47444‬يب الرزا في مفسفر‬
‫(‪ )41/3‬يا م ر يا يجل يا الش بي‪ ،‬يزا السفاطي في ال ي ال اثاي (‪ )134/44‬إلى يب اا ـ ف ‪،‬‬
‫ااا ال اذي‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ااا أاي ـامن في التفسفر (‪ 4444/4‬ر ‪ )4443‬ي ن (‪.)47444‬‬
‫(‪ )3‬انير‪ :‬أيالم الساة ال اشاية (ص‪.)64 :‬‬
‫(‪ )4‬م ايج القباي (‪.)633/3‬‬
‫‪684‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ج رره ا رتش ررنا م ررا اآل ررات يل ررى اش ر رتراط الص ر ر ‪ :‬أ ه ررذ األ ص ررا ال ذمام ررة م ر ر ي ر‬
‫(‪)1‬‬
‫اتابفننا ر يلى أ ال رؤمافا ـقراً هرن ال تصرفا اار ذلر مرا الصر اإلخرالص ظراهراً‬
‫(‪)2‬‬
‫ااطااً ‪.‬‬
‫‪ 3‬ر ما األ لرة أ اراً الره م رالى فري صرف ال ارافقفا‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [الفرت ‪:‬‬
‫‪.]22‬‬
‫جرره ا رتشررنا ااآل ررة يلررى اشررتراط الص ر ‪ :‬أنرره ر ررربحانه م ررالى ر صررف ال اررافقفا اررأننن‬
‫قالررا األسرراتنن مررا لررفس فرري ل راانن ف ر ي يلررى أ ال ررؤما يكررس ذل ر ‪ ،‬فنررا الررذ ص ر لبرره‬
‫لسانه(‪.)3‬‬
‫‪ 8‬ر مرا األ لرة أ اراً يلرى اشرتراط الصر لصرحة الشرنا ة الره م رالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫[ال اافقا ‪.]4:‬‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ففرري هررذ اآل ررة كررذب اللرره ال اررافقفا فرري رالنن‪ :‬ﮕ ﮖ ﮗﮘ مررع كانرره مطااقراً‬
‫للخررايج‪ ،‬ألننررن لررن تق ر فصرراي رالنن كررذااً ل خالفررة اليرراهر البرراطا(‪ ،)4‬ف ر ي يلررى أ‬
‫ال ؤما ها ما قالنا صا اً في النا‪ ،‬أما ما قالنا ها كاذب في النا فذا ال ااف ‪.‬‬
‫جه حخر‪ :‬ها أ شنا منن أي النن لن مراف نن مرع فرام ال ارافي لرذل ‪ ،‬فراننن رام انرن‬
‫ما الجنل الشر الر رن ير م الصر فري راي هرذ الكل رة ماصراي ا اره كفراياً فري الر ي‬
‫األرفل ما الااي محه الكفاي‪ ،‬ما صفامنن ما ذكر الله في راية البقررة‪ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮏ ﮐ ر إلررى الرره ر‪ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ [البقرة‪ 44 :‬ر ‪ .]46‬اي في راية الاسرا ‪ :‬ﮌ ﮍ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ اآل ر ررة [الاس ر ررا ‪ .]464 :‬ر رراي م ر ررالى‪ :‬ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻﭼﭽ [الفت ‪ .]22 :‬اي‪ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [التااة‪.)5(]8 :‬‬

‫(‪ )1‬أ ا فنامنا‪.‬‬


‫(‪ ) 2‬انير‪ :‬مفسفر الكر ن الرـ ا (ص‪.)344 :‬‬
‫(‪ )3‬انير‪ :‬ال يي السافة (‪.)311/3‬‬
‫(‪ )4‬انير‪ :‬البحر ال حفط (‪ ،)555/4‬ال يي السافة (‪.)311/3‬‬
‫(‪ )5‬القاي الفصل الاففس في الر يلى ال فتر ا اا جرجفس (ص‪.)542 :‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ال ر رره م ر ررالى‪ :‬ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ‬ ‫‪ 1‬ر ر ر م ر ررا أ ل ر ررة الق ر رررح أ ا ر راً يل ر ررى اش ر ررتراط الص ر ر‬
‫[األـزاب‪.]36:‬‬
‫فرري مفسررفرها‪(( :‬أ ‪ :‬اسرربن صر نن‪ ،‬فرري أ راالنن أـراالنن‪ ،‬م رراملتنن مررع‬ ‫رراي السر‬
‫الله‪ ،‬ارتاا ظاهرهن ااطانن))(‪.)1‬‬
‫له‪ :‬جه ا رتشنا انا ظاهر يلى اشرتراط الصر ‪ ،‬هرا‪ :‬أننرا شراملة لج فرع مجرا ت‬
‫(‪)2‬‬
‫الص ‪ ،‬مرا ذلر الصر فري شرنا ة التاـفر إلره إ اللره را ً انقفرا اً فرالجزا ال رمرن‬
‫إن ا كا اسبن هذا الص ف ي ذل يلى أ الشنا ة مافع إ مع الص ‪.‬‬
‫‪ 4‬ر مررا أ لررة القرررح أ اراً يلررى اشررتراط الصر الرره م ررالى‪ :‬ﯾﯿ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[ال ائ ة‪.]444 :‬‬ ‫ﰀ ﰀ‬
‫رراي الس ر فرري مفسررفرها‪ (( :‬ﯾﯿ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ‪ :‬الصررا ا هررن الررذ ا ارررتقامه‬
‫رررة ذل ر‬ ‫أي ررالنن أ راالنن نفررامنن يلررى الص رراط ال سررتقفن الن ر القررا ن‪ ،‬ففررام القفامررة ج ر‬
‫الص ر ‪ ،‬إذا أـلنررن اللرره فرري مق ر ص ر يا ر ملف ر مقت ر ي‪ ،‬لنررذا رراي‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ))(‪.)3‬‬
‫اي األلاري ر يـ ه الله ر (( ﯿ ﰀ ﰀ أ ‪ :‬ال ست ر ا يلى الص في األمراي‬
‫ال طلااة مانن‪ ،‬التي م ينا التاـف الذ نحا اص الشررائع األـكرام ال ت لقرة اره‪ ،‬مرا‬
‫الررررل الارراطقفا اررالح الص ر ال ر ايفا إلررى ذل ر ‪ ،‬ارره محصررل الشررنا ة اص ر يفسررى‬
‫‪ ‬ما األمن ال ص فا أل لئ الكرام يلفنن الصالة السالم ال قت ا انرن يقر اً ي رالً‪،‬‬
‫اه تحق مر فن السام فا ال قصرا االحكا رة فري اإل را اررراي اللره ‪ .‬ﰀ أ ‪ :‬فف را‬
‫ذكر في ال نفا إذ ها ال ستتبع للافع ال جازاة امئذ))(‪ .)4‬انتنى‪.‬‬

‫(‪ )1‬مفسفر الكر ن الرـ ا (ص‪.)444 :‬‬


‫ﰀ ﰀ‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬ ‫(‪ )2‬ها ما جا في اله م الى‪ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫(ص‪:‬‬ ‫[ال ائ ة‪ .]444:‬انير‪ :‬مفسفر الس‬ ‫ﰀ ﰀ‬ ‫ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ‬
‫‪ 444‬ر ‪.)443‬‬
‫(‪ )3‬ال ص ي نفسه (ص‪.)314 :‬‬
‫(‪ )4‬ي ح ال اني لأللاري (‪ .)48/6‬ط‪ :‬اي الكتن ال ل فة‪ ،‬األ لى (‪ )4641‬هر‪.‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫جرره ا رتشررنا ااآل ررة ظرراهر يلررى اشررتراط الص ر ‪ ،‬هررا كسررااقه فرري اآل ررة ال تق مررة‪،‬‬
‫هرا‪ :‬أ اآل رة شراملة لج فرع مجرا ت الصر ‪ ،‬الرذ ماره الصر فري شرنا ة أ إلره إ اللره‬
‫ا ً انقفا اً‪ ،‬فرالجزا ال رمرن إن را كرا اسربن هرذا الصر فر ي يلرى أ الشرنا ة مافرع إ‬
‫مع الص ‪.‬‬
‫‪ 7‬ر مرا أ لرة القررح أ اراً يلررى اشرتراط الصر لافرع الشرنا ة‪ :‬الره م ررالى‪ :‬ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ [الزمر‪.]44 :‬‬
‫رراي ااررا يبرراس ر يضرري اللرره يان ررا ر ((الررذ جررا االص ر ‪ :‬مررا جررا ا رال إلرره إ‬
‫اللر رره))(‪ .)1‬ير ررا مجاه ر ر ‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ ر رراي‪ :‬هر ررن أهر ررل القر رررح جفئر ررا ر ررام‬
‫القفامة‪ ،‬ففقالا ‪ :‬هذا الذ أيطفت انا فامب اا ما ففه))(‪.)2‬‬
‫اي ااا كثفر ر يـ ه الله ر م لقاً يلى اي مجاهر ‪ (( :‬هرذا القراي يرا مجاهر شر ل كرل‬
‫لا اه الرراي ‪ ‬أ لى الااس االر خاي فري هرذ‬ ‫ال ؤمافا فا ال ؤمافا قالا الح‬
‫اآل ررة يلررى هررذا التفسررفر‪ ،‬فانرره جررا االص ر ص ر ال ررررلفا حمررا ا ررا أنررزي إلفرره مررا يارره‬
‫ال ؤماا كل حما االله مالئكته كتبه يرله))‪ .‬انتنى‪.‬‬
‫رراي اللف ررع ف رري مفس ررفرها‪(( :‬ك ررل م ررا ص ر اك ررل أم ررر الل رره تخالج رره ف رري ش رري ما رره‬
‫ش ))(‪.)3‬‬
‫اي ااا جر ر‪ (( :‬الصااب ما القاي في ذل أ قاي‪ :‬إ الله ر م رالى ذكرر ر َيارى اقالره‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ك ررل م ررا ير ررا إل ررى ماـف ر ر الل رره‪ ،‬مص ر ر ير ررله‬
‫أمباي ره ال ررؤمافا ارره‪ .‬أ قرراي‪:‬‬ ‫ال ررل ا ررا اات ررع ارره يررراي اللرره ‪ ‬مررا اررفا يرررل اللرره‪َ ،‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه ااا جر ر في التفسفر (‪ ،)346/34‬البفنقي في األر ا الصفات (‪ )373/4‬ار ن (‪ ،)344‬أ ي‬
‫السفاطي في ال ي ال اثاي (‪ )444/43‬يزا إلى ااا أاي ـامن‪ ،‬ااا مر ه‪ ،‬ااا ال اذي‪.‬‬
‫جا ت في مفسفرها أ ااي أخرإل‪ :‬فقفل‪{ :‬ما جا االص }‪ :‬الرراي‬ ‫هذا أـ األ ااي في مفسفر اآل ة‪:‬‬
‫‪ ،‬فل جبر ل‪ .‬فل األنبفا ‪ .‬انير‪ :‬لنذ األ ااي مفسفر ااا جر ر الطبر (‪ ،)346/34‬زا ال سفر‬
‫(‪.)484/7‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ااا جر ر في التفسفر (‪ ،)34/34‬ااا ال باي في الزه (‪ ، )841‬ااا أاي شفبة (‪ )647/44‬ي ن‬
‫(‪ ،)44444‬يب الرزا في مفسفر (‪ ،)474/3‬أاا ن فن في الحلفة (‪ ،)384/4‬السفاطي في ال ي ال اثاي‬
‫(‪ )443/43‬يزا إلى ر ف اا ماصاي‪ ،‬يب اا ـ ف ‪ ،‬ااا ال اذي‪.‬‬
‫(‪ )3‬لسا ال رب‪ ،‬ما ة (ص )‪.‬‬
‫‪643‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ارره ال ؤما را اررالقرح مررا ج فررع‬ ‫الص ر هررا القرررح ‪ ،‬شررنا ة أ إلرره إ اللرره‪ ،‬ال ص ر‬
‫خل الله كائااً ما كا ما نبي الله أمبايه‪.‬‬
‫إن ررا لاررا‪ :‬ذلر أ لررى االصرااب‪ ،‬أل الرره م ررالى ذكررر ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ يقفررن‬
‫ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [الزمر ر ررر‪]43 :‬‬ ‫الر ر رره‪ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ذل ذم ما اللره لل فترر ا يلفره ال كرذافا اتاز لره ـفره الجاـر ا ـ انفتره‪ ،‬فالااجرن أ‬
‫كررا يقفررن ذلر م ر ح مررا كررا اخررال صررفة هررؤ ال ررذمامفا هررن الررذ ا يرراهن إلررى‬
‫ماـف ر اللرره‪ ،‬صررفه االصررفة الترري هررا انررا مص ر قنن اتاز ررل اللرره ـفرره‪ ،‬الررذ ا هررن كرراناا‬
‫راي اللره صرلى ‪ ‬أصرحااه‪ ،‬مرا ا ر هن‪ ،‬القرائ ا فري كرل‬ ‫كذل ام نزله هذ اآل رة ير ُ‬
‫يصر زما اال يا إلى ماـف الله ـكن كتااه‪ ،‬أل الله م الى ذكر لن خص صفه انذ‬
‫فرررهن‪ ،‬إن ررا‬ ‫الصررفة الترري فرري هررذ اآل ررة يلررى أشررخاص اأيفرراننن يلررى أهررل زمررا‬
‫صررفنن اصررفة ررن مر ـنن انررا هرري ال جرري االصر التصر ارره‪ ،‬فكررل مررا كررا كررذل‬
‫صفه فنا اخل في ج لة هذ اآل ة إذا كا ما ااي ح م))(‪.)1‬‬
‫فالحاصررل أ الرره ﭤ ﭥ يررام شر ل الصر فرري األ رااي األي رراي األـرااي‪ ،‬ر خل فرري‬
‫أصل اإل ا ‪.‬‬‫َ‬ ‫ذل خا ً أ لا اً الص في اي إله إ الله‪ ،‬أل ذل‬
‫رراي ااررا القررفن ر يـ رره اللرره ر‪(( :‬فالررذ جررا االصر ‪ :‬هررا مررا شررأنه الصر فري الرره‬
‫ي لره ـالره فالصر فري هرذ الثال رة فالصر فري األ رااي اررتاا اللسرا يلرى األ رااي‬
‫كارررتاا السررابلة يلررى رررا نا‪ ،‬الص ر فرري األي رراي ارررتاا األف رراي يلررى األمررر ال تاا ررة‬
‫كارررتاا ال ررأس يلررى الجس ر ‪ ،‬الص ر فرري األـ رااي ارررتاا أي رراي القلررن الج راايح يلررى‬
‫اإلخررالص ارررتفراغ الارررع اررذي الطا ررة‪ .‬فبررذل كررا ال ب ر مررا الررذ ا جررا ا االص ر ‪،‬‬
‫احسن ك اي هذ األماي ففه فامنا اه مكا ص قفته))(‪ .)2‬انتنى‪.‬‬
‫ل رره‪ :‬ج رره ا رتش ررنا م ررا اآل ررة يل ررى اش ررتراط الصر ر لص ررحة الش ررنا ة‪ :‬أ أه ررل‬
‫الصر هررن أهررل التقرراإل ر (( الررذ ا امقراا اللرره اتاـفر البررا ة مررا األ ررا األن ر ا ‪ ،‬أ ا‬
‫الف ررائا‪ ،‬اجتارراب م اصررفه فخررافاا يقاارره))(‪ )3‬ر ال ايررا فرري الرره م ررالى ر فرري اآل ررة‬

‫(‪ )1‬جامع البفا في مأ ل القرح (‪ 344/34‬ر ‪.)347‬‬


‫(‪ )2‬م ايج السالكفا (‪.)374/3‬‬
‫(‪ )3‬ا تباس مفسفر ااا جر ر الطبر (‪.)348/34‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫[الزمر‪ ]46:‬ف له ر اتابفننا ر يلرى أ‬ ‫ا ها ر ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬


‫ال تصففا اا الص لفس لنن ما ذل الاي األُخرر شري ارل هرن ر ك را أخبرر اللره‬
‫م الى ر ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [الاسا ‪.]461 :‬‬
‫‪ 8‬ر ر مررا أ لررة القرررح أ ا راً ال الررة يلررى اشررتراط الص ر لافررع الشررنا ة‪ :‬الرره م ررالى‪:‬‬
‫ﮪﮭﮮ [اللفررل‪ .]4 :‬جررا فرري مفسررفر ((الحسرراى)) أننررا‪ :‬إلرره إ اللرره‪ .‬هررا مررر يررا‬
‫ااا يباس‪ ،‬الاحا ‪ ،‬أاي يب الرـ ا السل ي(‪.)1‬‬
‫اي الفخر الراز ‪ (( :‬ال ارى‪ :‬فأمرا مرا أيطرى امقرى صر االتاـفر الابراة ـصرله‬
‫له الحساى ذل ألنه افع مع الكفر إيطا ماي امقا محايم))(‪ )2‬أ‪.‬هر‪.‬‬
‫هذ ا ا اآل ات ما القرح الكر ن ال الرة يلرى اشرتراط الصر فري األ رااي األي راي‬
‫األـرااي لالنتفرراأ اررذل ‪ ،‬مررا ذلر الصر فرري رراي إلرره إ اللرره‪ ،‬أ رااي أهررل ال لررن‬
‫في مفسفرها‪.‬‬
‫أما أ لة الساة يلى اشتراط الص فني كثفرة‪ ،‬هي ماقسن في الج لة إلى س فا‪:‬‬
‫القسن األ ي‪ :‬أ لة يامة خل شرط الص محتنا‪ ،‬الثاني‪ :‬أ لة خاصة‪.‬‬
‫ف ا األ لة ال امة‪:‬‬
‫‪ 4‬ر مررا جررا فرري ـر ع إجاارة ال ررؤذ ‪« :‬إذا رراي ال ررؤذ ‪ :‬اللرره أكبررر اللرره أكبررر فقرراي‪:‬‬
‫أـ ر كن اللرره أكبررر اللرره أكبررر‪ .‬ررن رراي‪ :‬أشررن أ إلرره إ اللرره رراي‪ :‬أشررن أ إلرره إ‬
‫اللرره‪ .‬ررن رراي‪ :‬أشررن أ مح ر اً يررراي اللرره رراي‪ :‬أشررن أ مح ر اً يررراي اللرره‪ .‬ررن رراي‪:‬‬
‫ـري يلررى الصرالة رراي‪ :‬ـرراي راة إ االلره‪ .‬ررن راي‪ :‬ـرري يلررى الفرالح رراي‪ :‬ـرراي‬
‫رراة إ االلرره‪ .‬ررن رراي‪ :‬اللرره أكبررر اللرره أكبررر رراي‪ :‬اللرره أكبررر اللرره أكبررر‪ .‬ررن رراي‪ :‬إلرره‬
‫إ الله اي‪ :‬إله إ الله ما لبه خل الجاة»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬انير‪ :‬مفسفر ااا جر ر الطبر (‪.)644/36‬‬


‫(‪ )2‬التفسفر الكبفر (‪.)484/44‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلن في كتاب الصالة (‪ )384/4‬ح (‪.)481‬‬
‫‪646‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫فررر مررا الشررر ط القلبفررة‪ .‬اررل جررا فرري ا ررا‬ ‫فقالرره «مررا لبرره» يررام ش ر ل الص ر‬
‫القلرن ك را أشراي إلفره أارا ن رفن فري مسرت يكه‬ ‫الر ا ات مقفف اله ‪« :‬مرا لبره» اصر‬
‫ال ستخرج يلى صحف اإلمام مسلن(‪.)1‬‬
‫‪ 3‬ر ما األ لة ال امة يلى اشتراط الص اله ‪« :‬فا الله ـرم يلى الاراي‬
‫م ر ررا ر رراي‪ :‬إل ر رره إ الل ر رره بتغ ر رري ا ر ررذل ج ر رره الل ر رره»(‪ .)2‬ال ر ر ررا م ر ررا قالن ر ررا اصر ر ر‬
‫إخالص(‪.)3‬‬
‫‪ 4‬ر ما األ لة ال امة يلى اشتراط الصر أ اراً‪ :‬األـا رع ال الرة يلرى أ مرا راي إلره‬
‫إ الله ُما ااً انرا لبره خرل الجارة‪ ،‬هري كثفررة‪ ،‬ر مقر م طرر مانرا فري شررط الفقرفا‪ .‬جره‬
‫ال لة ظاهر مانا يلى اشتراط الصر لصرحة الشرنا ة‪ ،‬هرا‪ :‬أ الصر مرا مرامرن الفقرفا‪،‬‬
‫هررا الفقررفا الررذ اتفرري م رره الر ررن‪ ،‬ذلر أيلررى مررا الفقررفا الررذ اتفرري م رره الشر اضررحه‬
‫الر ر ر رره م ر ر ر ررالى‪ :‬ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ [الحجرات‪.]41 :‬‬
‫ر ر ر رراي ش ر ر ر ررفم اإلر ر ر ر ررالم ر يـ ر ر ر رره الل ر ر ر رره ر ((‪...‬ك ر ر ر ررا ر ر ر رراي م ر ر ر ررالى‪ :‬ﮪ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕ إلى اله‪ :‬ﯝﯞﯟ [الحجرات‪ .]41:‬فبفا ر رربحانه م رالى ر أ ال رؤما‬
‫ا له ما ال ة أماي‪:‬‬
‫أ لنا‪ :‬أ ؤما االله يراله‪.‬‬
‫انفنررا‪ :‬رمرراب ا ر ذل ر ‪ :‬أ كررا ما ا راً اات راً‪ .‬الفقررفا خررالف الر ررن‪ ،‬الر ررن‬
‫نايررا ‪ :‬نرراأ كررا شرركاً لرراقص ال لررن‪ .‬نرراأ كررا اضررطراااً فري القلررن‪ .‬كاله ررا لرراقص‬
‫الحراي اإل راني فرا اإل را ار ففره مرا يلرن القلرن‪ ،‬لررفس كرل مكرا كرا لره يلررن‬
‫ل رره‪ .‬ي ررل القلررن أ اصررفرمه بامرره ط أنفاترره ررركفاته ماكلرره إخالصرره إنااترره إلررى‬
‫الله م الى‪ ،‬هرذ األمراي كلنرا فري القررح ‪ ،‬قراي‪ :‬ياااري كرذا كرذا ر باري أ ‪ :‬ـرر لبري‪،‬‬

‫(‪.)8/3( )1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاي في كتاب الصالة‪ ،‬ااب ال ساج في البفات (‪ 431/4‬ر ‪ )434‬ح (‪ ،)631‬مسلن في كتاب‬
‫اإل ا (‪.)611/4‬‬
‫(‪ )3‬انير‪ :‬ففا الق ر (‪.)364/3‬‬
‫‪641‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫مارره الحر ع يررا يررراي اللرره ‪ ‬أنرره مررر ايبري ـررا ف(‪ )1‬فقرراي‪ « :‬ر برره أـر »(‪ )2‬أ ‪:‬‬
‫حركرره أـ ر ‪ .‬مارره الرره ‪ « :‬أ مررا ر ب ر إلررى مررا ر ب ر ف را الص ر ط أنفاررة‪،‬‬
‫الكذب ي بة»(‪ )3‬فث ن الصثادق مثن ال يقلث قلبثه‪ ،‬والكثابب يقلث قلبثه‪ ،‬ولثيس هنثا‬
‫شك بل يعلم أن الريب أعم من الشك‪.‬‬
‫لن ر ررذا فر ر ري الر ر ر يا ال ر ر رأ اي‪« :‬اللن ر ررن ا س ر ررن لا ر ررا م ر ررا خش ر ررفت م ر ررا مح ر رراي ا ر رره افاا ر ررا ا ر ررفا‬
‫م صفت ‪..‬الح ع إلى حخر »(‪ .)4‬في ال سا (‪ )5‬الترمذ (‪ )6‬يا أاى اكرة ‪ ‬أنه اي‪« :‬رلاا‬
‫اللرره الفقررفا ال اففررة‪ ،‬فانرره لررن ُ ررط خفررر مررا الفقررفا ال اففررة‪ .‬فارررألاها اللرره ررربحانه م ررالى»(‪.)7‬‬
‫ال رب مقاي‪ :‬ما قا‪ ،‬إذا كا راكااً تحر ‪ ،‬فقلن ال ؤما مط ئا كرا ففره ي رن‪ .‬هرذا‬
‫م اى اله ر رربحانه م رالى ر ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ))(‪.)8‬‬
‫فبفا شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر أ الص كا اافي الر ن‪ ،‬الر ن حصرل مرع انتفرا‬
‫الش ‪ ،‬فنا أين ما الش (‪ )9‬فتحصل أ الص أيلى مرمبةً ما الفقفا‪ .‬أ قاي‪ :‬ها محقف‬
‫الفقفا(‪.)1‬‬

‫ر ن الح ع اا رالم‬ ‫انحاى في نامه‪ .‬انير‪ :‬الانا ة في ر ن الح ع (‪،)644/4‬‬ ‫(‪ )1‬اي الذ‬
‫(‪.)488/3‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مال في ال اطأ (‪ ،)414/4‬البفنقي في الكبرإل (‪ ،)444/3‬ااا ـبا في صحفحه (‪.)143/44‬‬
‫في ال سا (‪ ،)344/4‬أاا لي (‪ ،)443/43‬الطفالسي‬ ‫(‪ )3‬أخرجه الترمذ في رااه (‪ ،)488/6‬أـ‬
‫(‪ ،)444/4‬البفنقي في الكبرإل (‪.)441/1‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه الترمذ في جام ه (‪ ،)138/1‬البفنقي في الكبرإل (‪ ،)444/4‬ااا ال باي في الزه (‪،)466/4‬‬
‫الطبراني في ال يا (‪.)141/4‬‬
‫(‪.)8/4( )5‬‬
‫(‪.)174/1( )6‬‬
‫(‪ )7‬أخرجه كذل ‪ :‬ااا أاي شفبة (‪ ،)34/4‬البفنقي في الكبرإل (‪ ،)334/4‬يب الرزا في ال صاف‬
‫(‪ ،)474/44‬الافا في ال ختاية (‪.)444/4‬‬
‫(‪ )8‬مج اأ الفتا إل (‪ 63/38‬ر ‪.)64‬‬
‫كا في األ ااي‬ ‫أين ما مت ل الفقفا فالص‬ ‫الفقفا أ ااً‪ :‬أ مت ل الص‬ ‫(‪ )9‬ما الفر افا الص‬
‫األي اي في القلن‪ ،‬أما الفقفا فال كا إ االقلن‪.‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ر يـ رره اللرره ر‪ (( :‬فررأيلى الش ر ن أصررلنا أرارررنا رراي‪ :‬إلرره إ اللرره‬ ‫رراي الس ر‬
‫صا اً ما لبه‪ ،‬احفع لن ا ا أنه سرتح هرذا الاصرف ال يرفن‪ ،‬هرا األلاهفرة إ‬
‫الله ـ ))(‪.)2‬‬
‫فج ررل ر يـ رره اللرره ر الصر محقفر الفقررفا‪ .‬اررل ك ررا رررفأمي أنرره ج ررل الصر مرا فراً‬
‫للفقفا(‪.)3‬‬
‫ررن م ررا بررفا يال ررة الص ر اررالفقفا أ الش ر ر ررا قفا راً اخبررر أهررل الص ر ‪،‬‬
‫ي لذل ـ ع ذ الف ا(‪ )4‬ـفع يجع الابي ‪ ‬إلى خبر الج اية(‪.)5‬‬
‫‪ 4‬ر ما األ لة ال امة أ ااً التي م ي ا امنا يلرى اشرتراط الصر ‪ :‬مرا جرا يرا يث را‬
‫‪ ‬اي‪ :‬ر ه يراي الله ‪ ‬قاي‪« :‬إني أليلن كل ة قالنا يبر ـقراً مرا لبره إ‬
‫م ررا ه رري‪ ،‬ه رري‪ :‬كل ررة‬ ‫ـ رررم يل ررى الا رراي» فق رراي ل رره ي ررر ا ررا الخط رراب ‪ :‬أن ررا أـر ر‬
‫اإلخررالص الترري أيررز اللرره ر مبرراي م ررالى ر انررا مح ر اً ‪ ‬أصررحااه‪ ،‬هررى كل ررة التقرراإل‬
‫الت رري أ ص(‪ )6‬يلفن ررا نب رري الل رره ‪ ‬ي رره أا ررا طال ررن يا ر ر ال ررات ش ررنا ة أ إل رره إ‬
‫الله(‪.)7‬‬
‫فقالرره ‪ « :‬قالنررا يب ر ـق راً مررا لبرره» يررام‪ ،‬ش ر ل مررا قالنررا اص ر أ اغفررر‬
‫ذل ما اقفة الشر ط القلبفة‪.‬‬
‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬اي ااا القفن ر يـ ه الله ر‪(( :‬فالفقفا ي ح أي اي القلاب التي هي أي اح أي اي القلاب التي هي ما أي اي‬
‫الجاايح‪ ،‬ها ـقفقة الص قفة))‪( .‬م ايج السالكفا (‪ .)447/3‬انير‪ :‬الر اض الااضرة (ص‪.])344 :‬‬
‫(‪ )2‬الآلل ال يي الس ة (ص‪.)347 :‬‬
‫(‪ )3‬انير‪( :‬ص‪.)144 :‬‬
‫(‪ )4‬ـ ع ذ الف ا أخرجه البخاي في صحفحه (جر‪ :)84/3‬كتاب السنا‪ ،‬ااب‪ :‬ما لن تشن في رج مي‬
‫السنا ـ ع ي ن (‪ ،)4338‬مسلن في كتاب ال ساج ما صحفحه (‪ )644/4‬ـ ع ي ن (‪.)174‬‬
‫اا يب البر (‪.)464/4‬‬ ‫(‪ )5‬الت نف‬
‫ذ الف ا صحااي جلفل مختلف في ار ه‪ ،‬األكثر يلى أنه الخ صراا ما ااي رلفن‪ ،‬ايت ا اً يلى ما ع في‬
‫ـ ع ي را اا ـصفا ‪ ‬يا مسلن لفيه‪« :‬فقام إلفه يجل قاي له الخراا ‪ ،‬كا في طاي»‪ .‬ها‬
‫الراج ‪ .‬انير‪ :‬فت الباي (‪ ،)444/4‬صحف مسلن مع شرـه للاا (جر‪.)48/1‬‬
‫ففنا‪[ .‬الانا ة في ر ن الح ع (‪.])374/6‬‬ ‫(‪ )6‬أ أ اي يلفنا يا‬
‫في ال سا (‪ ،)44/4‬الافا في ال ختاية (‪.)618/4‬‬ ‫(‪ )7‬أخرجه أـ‬
‫‪647‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫أما األ لة الخاصة يلى اشتراط الص ر ففاف يانا ال قام ر مانا‪:‬‬
‫‪ 4‬ر ال رره ‪ ‬ف رري األيراا رري ال ررذ يل رره ش ررائع اإلر ررالم‪« :‬أفل ر إ ص ر »(‪ .)1‬ف رري‬
‫ا ررا الر ا ررات‪« :‬إ ص ر لف ر خلا الجاررة»(‪ ،)2‬فاشررترط فرري فالـرره خال ره الجاررة أ‬
‫كا صا اً في فامه اشرائع اإلرالم‪ ،‬التي ما أيي نا الشنا ما (‪.)3‬‬
‫‪ 3‬ر الره ‪ ‬ألاري ماررى ر م ره نفرر مرا امره ر‪« :‬أاشرر ا ر‬
‫اش ر ا َمر صا يائكرن‪ :‬أنره مرا‬
‫شن أ إله إ الله صا اً انا لبه خل الجاة»(‪.)4‬‬
‫‪ 4‬ر اله ‪ ‬ل اذ‪ « :‬ما ما أـر شرن أ إلره إ اللره أ مح ر اً يرراي‬
‫الله ص اً ما لبه إ ـرمه الله يلى الااي»(‪ .)5‬في ي ا ة يا اإلمام أـ ر ‪« :‬مرا مرات‬
‫ها شن أ إله إ الله أ مح اً يراي الله صا اً ما لبه خل الجاة»(‪.)6‬‬
‫‪ 6‬ر اله ‪ ‬فف ا ي ا البزاي فري مسرا يرا يفراض األنصراي يرا الابري ‪ ‬راي‪« :‬إ‬
‫إلرره إ اللرره كل ررة يلررى اللرره كر ررة لنررا يا ر اللرره مكررا ‪ ،‬هرري كل ررة مررا النررا صررا اً‬
‫أ خلرره اللرره انررا الجاررة‪ ،‬مررا النررا كاذا راً ـقارره مرره أـرررزت مالرره لقرري اللرره ‪ ‬ر اً‬
‫فحاربه»(‪.)7‬‬
‫‪ 1‬ر الرره ‪ ‬ر ك ررا فرري ـ ر ع يفايررة اررا يرااررة الجنارري يارره ر «أشررن يا ر اللرره‬
‫ررات يبر شررن أ إلرره إ اللرره أنرري يررراي اللرره صر اً مررا لبرره ررن سر إ رررل‬
‫في الجاة»(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬مق م مخر جه‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرج هذ الر ا ة الاسائي في رااه ال س ى ال جتبى ـ ع ي ن (‪.)614‬‬
‫(‪ )3‬انير‪ :‬أيالم الساة ال اشاية (ص‪ ،)64 :‬م ايج القباي (‪.)634/3‬‬
‫في ال سا (‪.)643/6‬‬ ‫(‪ )4‬أخرجه أـ‬
‫فن اا (جر‪ 64/4‬ر ‪ )67‬ح‬ ‫ام كراهفة أ‬ ‫(‪ )5‬ي ا البخاي في كتاب ال لن‪ ،‬ااب‪ :‬ما خص اال لن اماً‬
‫(‪.)437‬‬
‫(‪ )6‬ال سا (‪.)334/1‬‬
‫(‪ )7‬ي ا البزاي ك ا في كشف األرتاي يا ز ائ البزاي (جر‪ ،)44/4‬أ ي الفر س ا أ اي الخطاب (‪ )8/1‬ح‬
‫(‪ ،)7384‬السفاطي في الجامع الكبفر (‪ ،)871/4‬النفث ي في ال ج ع (جر‪ )34/4‬اي‪ :‬ي ا البزاي يجاله‬
‫ما قا ‪.‬‬
‫في ال سا (‪.)26/8‬‬ ‫(‪ )8‬أخرجه أـ‬
‫‪648‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫‪ 4‬ر الرره ‪ ‬ألارري هر رررة ل ررا رررأله‪ :‬مرراذا ي إلف ر يا ر فرري الشررفاية؟ رراي‪ « :‬الررذ‬
‫نفررس مح ر اف ر لق ر ظاارره أن ر أ ي مررا سررألاي يررا ذل ر مررا أمترري ل ررا يأ رره مررا‬
‫ـرص ر يلررى ال لررن‪ ،‬الررذ نفررس مح ر اف ر ل ررا ن ارري مررا انقصررافنن(‪ )1‬يلررى أا رااب‬
‫الجاة أهن يا ما م ام شفايتي لنن‪ ،‬شفايتي‪ :‬ل را شرن أ إلره إ اللره مخلصراً‬
‫أ مح ا يراي الله ُص لسانه لبه لبه لسانه»(‪.)2‬‬
‫‪ 7‬ر يا ر الطبرانرري مررا ـ ر ع يقبررة اررا يررامر يررا أارري اكررر الص ر ‪ ‬رراي‪ :‬رراي‬
‫يررراي اللرره ‪ « ‬مررا رراي إلرره إ اللرره ص ر لبرره لسررانه خررل مررا أ أا رااب الجاررة‬
‫الث انفة شا »(‪.)3‬‬
‫‪ 7‬ر يررا ي ررا اررا ـصررفا ‪ ‬رراي رر ه يررراي اللرره ‪ ‬قرراي‪« :‬مررا يلررن أ اللرره‬
‫ياه أني نبفه صا اً ما لبه ر أ مأ اف إلى جل ر ـرمه الله يلى الااي»(‪.)4‬‬
‫جر رره ا رتشر ررنا انر ررذ األـا ر ررع ال تق مر ررة ظر رراهر يلر ررى اشر ررتراط الص ر ر لصر ررحة‬
‫الشررنا ة‪ ،‬هررا أنرره ‪ ‬ف ر نفررع الشررنا ة االص ر فرري النررا ال اررافي للكررذب التكررذ ن‬
‫في أصل اإل ا إذا انتفى الشرط انتفى ال شر ط‪.‬‬
‫قرراي الشررفم يبر الرررـ ا اررا ـسررا حي الشررفم يـ رره اللرره م لفقراً يلررى الرره ‪:‬‬
‫«ص ر اً مررا لبرره‪ ،‬خالص راً مررا لبرره»‪ (( :‬كررذل مررا النررا فررر صررا ٍ فرري الرره فاننررا‬
‫ما ف رره‪ ،‬ل خالفررة القلررن اللسررا ‪ ،‬كحرراي ال اررافقفا الررذ ا قالررا األسرراتنن مررا لررفس فرري‬
‫لاانن))(‪.)5‬‬
‫ثانيا‪ :‬األدلة العقلية على اشتراط الصدق لصحة الشهادة‪:‬‬
‫لة ال قل يلى اشتراط الص مينر في أماي‪:‬‬

‫لفرط الزـام‪ .‬الانا ة في ر ن الح ع (‪.)73/8‬‬ ‫(‪ )1‬انقصافنن‪ :‬ما القصف ها ال فع الش‬
‫(‪ )2‬مق م مخر جه‪.‬‬
‫(‪ )3‬ال يا للطبراني (‪.)644/4‬‬
‫في ال سا (‪ ،)646/6‬أاا ن فن في الحلفة (جر‪ ،)483/4‬أ ي الطبراني في الكبفر‬ ‫(‪ )4‬أخرجه أـ‬
‫(‪ .)36/48‬اي النفث ي في مج ع الز ائ (‪ :)41/44‬في إراا ما أيرفنن‪.‬‬
‫(‪ )5‬رة يفا ال اـ ا (ص‪ ،)38 :‬انير‪ :‬أيالم الساة ال اشاية (ص‪.)64 :‬‬
‫‪644‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫‪ 4‬ر ر أ اإل ررا مشررت مررا األمررا الررذ هررا اإل رراي الط أنفاررة ك را ررري ذل ر شررفم‬
‫حصرال إ اره ك را جرا‬ ‫اإلرالم ر يـ ه الله ر(‪ ،)1‬الط أنفاة اإل راي ما لاازم التصر‬
‫اخ ررل ف رري‬ ‫ف رري الح ر ع‪« :‬ف را الص ر ط أنفا ررة‪ ،‬الك ررذب ي ب ررة»(‪ )2‬فثب رره أ التص ر‬
‫ص اإل ا إ اه‪.‬‬ ‫ـقفقة اإل ا‬
‫ص ر ر إ مر ررع ا يتقر ررا ‪ ،‬ا يتقر ررا مر رراطفا الر ررافس يلر ررى أـ ر ر‬ ‫‪ 3‬ر ر ر أ اإل ر ررا‬
‫ثبه اإل ا إ االتص ‪.‬‬ ‫فاجن أ‬ ‫كا إ مع التص‬ ‫األمر ا(‪ ،)3‬ذل‬
‫‪ 4‬ر أ الكفر ل ا كرا حصرل االتكرذ ن‪ ،‬التكرذ ن إن را اتفري االتصر فصر أنره‬
‫ثبه اإل ا إ االتص ‪.‬‬ ‫محتاج إلفه لافي كفر التكذ ن ر إ ج ر فاجن أ‬
‫‪ 6‬ر أ ما مفقا لن ص فال اف ه قفاه إذ ي م ص الفقفا ا ح في محقفر أصرل‬
‫الفقفا الذ ها شرط في صحة اإل ا ك ا مق م‪.‬‬
‫‪ 1‬ر مررا جررا ال قررل فرري اشررتراطه أ ا راً‪ :‬أ الشررنا ة مقتارري ال لررن الفقررفا ذل ر‬
‫طر ر لتحصررفل الص ر التص ر اررال اى فالص ر متا ر ا لل لررن الفقررفا إذ هررا مرمبررة‬
‫محصل ا ه ا ك ا رفأمي في افا الفر افا هذ الشر ط الثال ة‪.‬‬
‫فل ا كا الص ـاصل ال لن الفقفا فنا أخذ ـك ن ا ففكا شرطاً في صرحة‬
‫الشنا ة‪.‬‬
‫هذ ا ا األ لة ال قلفة يلى اشتراط الص لصحة الشنا ة‪.‬‬
‫أ ا راً‪ :‬ف ررا ه ررذا الش رررط ُمج ررع يلف رره ا ررفا أه ررل ال ل ررن‪ ،‬م ررا ـك ررى اإلج رراأ يلف رره‬
‫ال ل ي ر يـ ه الله ر في ((يفع ا شتبا ))(‪.)4‬‬
‫فثبه أ الص شرط ايتبراي لصرحة الشرنا ة ار لفل الكتراب ار لفل السراة‪ ،‬ار لفل‬
‫ال قل‪ ،‬ا لفل اإلج اأ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انير‪ :‬الصايم ال سلاي (‪ ،)267/3‬مج اأ الفتا إل (‪.)130/7‬‬


‫(‪ )2‬مق م مخر جه‪.‬‬
‫(‪ )3‬انير‪ :‬ال اناج في ش ن اإل ا للحلف ي (‪.)281/2‬‬
‫(‪( )4‬ص‪)46 :‬‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط الصدق لصحة الشهادة‪.‬‬


‫شرط الص ر ك ا مق م ر مج ع يلفه افا أهل ال لن‪ ،‬لذا فنرا كثفرر فري كالمنرن‬
‫ُحصى‪ ،‬ما أ ااي أهل ال لن في اشترطه ما اري‪:‬‬
‫‪ 4‬ر مرا جرا يرا اارا مسر ا ‪ ‬ـفرع راي‪ (( :‬أ يلرفكن االصر فانره قررب إلرى‬
‫رزاي ال ب ر ص ر ـتررى كتررن يا ر اللرره ص ر قاً ثبرره البررر فرري لبرره‪ ،‬فررال‬ ‫الجاررة‪،‬‬
‫كا للفجاي ماضع إارة ستقر ففه‪ .‬أ إ اكن الكذب فانره نر إلرى الفجراي أ راي‬
‫إلررى الارراي رزاي ال بر كررذب ـتررى كتررن يار اللرره كررذاااً ثبرره الفجرراي فرري لبرره فررال‬
‫كا للبر ماضع إارة ستقر ففه))(‪.)1‬‬
‫ال ررا االصر فرري الرره (يلررفكن االصر ) القرراي الحر ‪ ،‬هررا مررا كررا ضر الكررذب(‪،)2‬‬
‫ذل شامل للص في ج فع األ ااي‪ ،‬الذ ماه الص في اي إله إ الله‪.‬‬
‫فالحاصررل أنرره ج ررل الص ر مقرا راً للجاررة‪ ،‬الكررذب ض ر ذل ر ‪ ،‬نررص يلررى أ الص ر‬
‫رُثَربره البررر ر هررا اإل ررا ر فرري القلررن‪ ،‬م ررا ر ي يلررى ما رزلة الصر فرري اإل ررا ‪ ،‬أنرره مررا‬
‫أيين مبانفه ال يام‪ ،‬ما الشرط إ كذل ‪.‬‬
‫‪ 3‬ر رراي مح ر اررا نصررر ال ررر ز فرري افررا ـقفقررة الشرراه اررال إلرره إ اللرره ـق راً‪:‬‬
‫(( الشاه اال إلره إ اللره هرا ال صر ال قرر اقلبره‪ ،‬شرن انرا للره اقلبره لسرانه‪ ،‬بتر ئ‬
‫اشنا ة لبه اإل راي اه))(‪.)3‬‬
‫‪ 4‬ر يق ااا خز ة في شأ مص القلن ااااً ذكر ففه أ الابي ‪ ‬شرفع للشراه‬
‫اـ للرره السررانه إذا كررا مخلصراً مصر اً اقلبرره‪ ،‬ل ررا مكررا شررنا مه‬ ‫االلرره االتاـفر ال رر‬
‫اذل مافر ة يا مص القلن(‪.)4‬‬
‫ررن ل رل يلررى الترج ررة احر ع أارري هر رررة ال رفرراأ‪« :‬شررفايت ي ل ررا شررن أ إلرره إ‬
‫الله مخلصاً ص لبه لسانه لسانه لبه»(‪.)1‬‬

‫في الزه (ص‪.)464 :‬‬ ‫(‪ )1‬ي ا البفنقي في ش ن اإل ا (‪ )344/6‬ار ن (‪ .)6781‬أ ي اإلمام أـ‬
‫(‪ )2‬انير‪ :‬ففا الق ر (‪.)464/6‬‬
‫اا ما ة (‪.)414/4‬‬ ‫(‪ )3‬م يفن ي الصالة (‪ .)747/3‬انير‪ :‬اإل ا‬
‫(‪ )4‬التاـف (‪.)444/3‬‬
‫‪143‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫فبفا ر يـ ه الله ر أ شفاية الابي ‪ ‬لل اـ االلسا مكرا ل را صر ارذل لبره‪،‬‬


‫ل ررا مكررا شررنا مه اررذل ياي ررة يررا مص ر القلررن(‪ .)2‬ف ر ي يلررى اشررتراط الص ر‬
‫لالنتفاأ االشنا ة‪.‬‬
‫‪ 6‬ر أ اراً يقر ر يـ رره اللرره ر اااراً حخررر فرري شررأ الصر ـ ررل ففرره األـا ررع الرااي ة يررا‬
‫الابي ‪ ‬في كل ة ((الخفر)) الذ كرا فري لرن مرا شرن أ إلره إ اللره ففخررج مرا الاراي‬
‫يلى أ ال را التص االقلن‪ ،‬فقاي‪ (( :‬كاى يا التص االقلن االخفر))(‪.)3‬‬
‫‪ 1‬ر يق الحافظ ااا ما ة ر يـ ره اللره ر فري كتراب اإل را اااراً ارفا ففره أ اررن‬
‫اإل ا ا ع يلى ما ص اج فع ما أمرى اره ال صرطفى ‪ ‬يرا اللره نفرة إ رراياً ي رالً‬
‫إ ان راً مص ر قاً قفا راً‪ ،‬أ مررا ص ر لررن قررر السررانه‪ ،‬لررن ررل اجاايـرره الطايررات‬
‫التي أمر انا لن ستح اررن اإل را مرا أ رر السرانه ي رل اجاايـره لرن صر ارذل‬
‫لبه لن ستح ارن اإل ا (‪.)4‬‬
‫‪ 4‬ر رراي اإلمررام البرانرراي ر يـ رره اللرره ر ((شررنا ة أ إلرره إ اللرره مقبررل مررا‬
‫صاـبنا إ اص الافة خالص الفقفا))(‪.)5‬‬
‫رراي فرري كررالم لرره حخررر‪ (( :‬ايلررن ر يـ ر اللرره ر أنرره ررتن إرررالم يب ر ٍ ـتررى كررا‬
‫متب اً مص اً مسل اً))(‪.)6‬‬
‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬انير‪ :‬التاـف (‪ .)444/3‬الح ع أخرجه أـ في ال سا (‪ ،)148/3‬أاا لى في مسا‬
‫(‪ )74/4‬ح (‪ ،)73‬ااا ـبا في صحفحه (‪ ،)486/46‬ي ن (‪ ،)4644‬الطبراني في ال جن‬
‫الكبفر (‪ )437/6‬ار ن (‪ )4883‬النفث ي في مااي الي آ (‪ ،)461/4‬الحاكن في ال ست ي‬
‫(‪ )464/4‬صححه‪ ،‬أ ي ال ل ي في الفر س ا أ اي الخطاب (‪ )414/3‬ح (‪.)4177‬‬
‫اي النفث ي في مج ع الز ائ (‪ :)646/44‬ي ا أـ يجاله يجاي الصحف فر م ا ة اا‬
‫م تن ها قة‪.‬‬
‫(‪ )2‬انير‪ :‬جنا يل ا الشاف فة في مقر ر ماـف ال با ة لل اقر (ص‪.)47 :‬‬
‫(‪ )3‬التاـف (‪ .)444/3‬انير‪ :‬جنا يل ا الشاف فة لل اقر (ص‪.)48 :‬‬
‫اا ما ة (‪.)441/4‬‬ ‫(‪ )4‬اإل ا‬
‫(‪ )5‬شرح الساة لإلمام البراناي ال طباأ مع شرـه إيشا الساي للاج ي (ص‪.)220 :‬‬
‫(‪ )6‬نفس ال ص ي (ص‪.)17 :‬‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫‪ 7‬ر يق ر البفنقرري فرري الش ر ن ااا راً ر ر ا ‪(( :‬ارراب ال ر لفل يلررى أ التص ر االقلررن‬
‫اإل راي االلسا أصل اإل ا ‪ ،‬أ كلفن ا شرط في الاقل يا الكفر يا ي م ال جز))‪.‬‬
‫ررن أ ي األ لررة ال الررة يلررى هررذا ال اررى مررا القرررح فررذكر الرره م ررالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [البقررة‪ ]444:‬ن اي‪ (( :‬فأمر ال رؤمافا أ قالراا حمارا االلره))‪.‬‬
‫ن ذكر اله م رالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫[الحجرات‪ .]46:‬ن اي‪(( :‬فأ خبر أ القاي ال اي يا ا يتقا لفس اا ا أنه لرا كرا‬
‫فرري لرراانن إ ررا لكرراناا مررؤمافا لج نررن اررفا التص ر االقلررن القرراي االلسررا ))‪ .‬ررن رراي‪:‬‬
‫له السراة يلرى مثرل مرا ي يلفره الكتراب(‪ ،)1‬فرأ ي ج لرة مرا األـا رع ال الرة يلرى ذلر ‪،‬‬
‫أكثرها مق م يا الكالم يلى أ لة الساة يلى شرط الص ‪.‬‬
‫‪ 8‬ر رراي البغر ا ‪ (( :‬إ الررركا األ ي مررا أيكررا اإلرررالم‪ ،‬ك ررا ي ارره الخبررر‪ ،‬شررنا ة‬
‫أ إلرره إ اللرره أ مح ر اً يررراي اللرره‪ ،‬لنررذ الشررنا ة شررر ط)) ذكررر مانررا أ كررا‬
‫النا ناشئاً يرا (( مصر لنرا االقلرن‪ ،‬فأمرا إذا أطلقنرا ال اراف الرذ تقر خالفنرا فانره‬
‫كا يا الله مؤمااً ناجفاً ما يقاب اآلخرة))(‪.)2‬‬
‫‪ 4‬ر يقر اآلجررر ر يـ رره اللرره ر اااراً فرري ـقفقررة اإل ررا أنرره مصر االقلررن إ رراي‬
‫االلسا ي ل االجاايح فأ ي محتره راي اللره م رالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [الحجرات‪ .]46:‬ن اي‪(( :‬فنذا م ا ر ل يلرى أ يلرى‬
‫ال رفررة‪ ،‬افررع القرراي ارره إذا لررن كررا القلررن مصر اً‬ ‫القلررن ااإل ررا ‪ ،‬هررا التصر‬
‫ا ا اط اه اللسا مع ال ل))(‪.)3‬‬
‫‪44‬ر اي الحكفن الترمذ (‪ (( :)4‬رة هذ الكل ة ألهلنا أهلنا مرا يياهرا ـترى رام‬
‫اافائنرا صر نا‪ ،‬مرا لررن رينرا فلرفس مرا أهررل إلره إ اللره‪ ،‬إن را هررن مرا أهرل رراي‬

‫(‪ )1‬ش ن اإل ا (‪.)48/4‬‬


‫(ص‪.)488 :‬‬ ‫(‪ )2‬أصاي ال ا للبغ ا‬
‫(‪ )3‬الشر ة (‪.)443/3‬‬
‫(‪ )4‬مق مه مرج ته‪.‬‬
‫‪146‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫إله إ الله‪ .‬فأهل اي إله إ الله ما كرا مرج ره إلرى القراي اره ال رل انراا أهرل‬
‫إله إ الله ما كا مرج ه إلى إ امة هذا القاي فا ص اً))(‪.)1‬‬
‫‪ 44‬ر اي البغا ر يـ ه الله ر يا مفسفر راي اللره م رالى‪ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ [الحج ر ر ر ررات‪ (( .]46:‬ف ر ر ر ررأخبر أ ـقفق ر ر ر ررة اإل ر ر ر ررا التص ر ر ر ر‬
‫التصر ر‬ ‫ك ررا إ انر راً‬ ‫االقل ررن‪ ،‬أ اإل ر رراي االلس ررا إظن رراي شر ررائ ه ااألار ر ا‬
‫االقلن اإلخالص))(‪.)2‬‬
‫‪ 43‬ر ذكر ااا يب البر ال الكي ر يـ ه الله ر ‪ :‬أ أـر اً كرا االافرة مسرل اً‬
‫القاي‪ ،‬ـتى لفظ شنا ة اإل ا كل ة اإلرالم‪ ،‬كا لبه مص اً في ذل (‪.)3‬‬
‫‪ 44‬ر رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر مقرررياً هررذا الشرررط‪ (( :‬الصر اإلخررالص ه ررا‬
‫في الحقفقة محقف اإل ا اإلررالم‪ ،‬فرا ال ينرر ا لإلررالم اقسر ا إلرى مرؤما ماراف ‪،‬‬
‫الفاي افا ال ؤما ال ااف ها الص ))(‪.)4‬‬
‫‪ 46‬ر اي ااا القفن ر يـ ه الله ر‪(( :‬فا مصر القلرن شررط فري ايتقا هرا كاننرا‬
‫ناف ة))(‪.)5‬‬
‫‪ 41‬ر اي الحافظ ااا ـجر ر يـ ه الله ر في م لفل الحكن اارالم الكرافر إذا نطر‬
‫االشنا مفا‪(( :‬فا ما زم اإل ا االله يراله‪ :‬التص اكل ما به يان ا التزام ذل ‪،‬‬
‫ففحصل ذل ل ا ص االشنا مفا))(‪.)6‬‬
‫‪ 44‬ر رراي ال اررا ‪«(( :‬مررا رراي إلرره إ اللرره مخلصراً ر زا فرري ي ا ررة مررا « لبرره» ر خررل‬
‫الجاة» اي الطفبي‪ :‬اله‪« :‬مخلصراً» فري ي ا رة ا لره «صر اً» أ رفن مقرام ا ررتقامة‪ ،‬أل‬
‫ذل ر بررر ارره ررا ً يررا مطااقررة القرراي ال خبررر يارره‪ ،‬بررر ارره ف رالً يررا محررر األخررال‬
‫ال رضفة كقالره م رالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﮢ [الزمرر‪ ]44 :‬أ ‪ :‬ـقر مرا أ ي را ً ا را‬

‫(‪ )1‬ناا ي األصاي في أـا ع الرراي (‪.)47/4‬‬


‫(‪ )2‬م الن التارز ل (‪.)414/7‬‬
‫(‪ )3‬الكافي (‪ 505/5‬ر ‪.)503‬‬
‫(‪ )4‬التحفة ال را فة (ص‪.)447:‬‬
‫(‪ )5‬الصالة ـكن مايكنا (ص‪.)44 :‬‬
‫(‪ )6‬فت البايئ (‪.)411/44‬‬
‫‪141‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫محررا ف رالً‪ .‬انررذا التقر ررر ا ر فع مررا أ ه رره ظرراهر األخبرراي مررا ماررع خرراي كررل مررا نط ر‬
‫االشنا مفا الااي إ كا ما الفجاي))(‪ )1‬انتنى‪.‬‬
‫له‪ :‬هذا إشاية ماه إلى شر ط إله إ الله‪ ،‬مانا‪ :‬شرط الص ‪.‬‬
‫‪ 47‬ر رراي الشررفم يبر الرررـ ا اررا ـسررا حي الشررفم‪ (( :‬ار فرري شررنا ة أ إلرره إ اللرره مررا‬
‫رب ة شر ط‪ ،‬مافع ائلنا إ ااجت اينا))‪ .‬فذكر مانا‪(( :‬الص ال اافي للكذب))(‪.)2‬‬
‫‪ 48‬ر رراي الشررفم يبر اللطفررف حي الشررفم‪ ..(( :‬اررل لررا ـصررل لرره ال لررن فامرره الص ر لررن كررا‬
‫شرراه اً‪ ،‬اررل هررا كرراذب‪ ،‬إ أمررى ان ررا فرري صرراية‪ .‬رراي اللرره م ررالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫[ال ا ر ر ررافقا ‪ ]4:‬فك ر ر ررذانن ف ر ر رري‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ‬
‫فلنن‪ ،‬ي شنا منن‪ ،‬شرن يلرى كرذانن‪ ،‬أكر الحكرن ارا ال ؤكر ة م الت لفر ‪ ،‬فنرل قراي ائرل‬
‫أننررن شررن اكل ترري اإلخررالص‪ ،‬ترفررا انررا؟ هررل هررذا إ ي لكترراب اللرره خررر ج يررا ررربفل‬
‫ال ررؤمافا؟ ف رراننن مج ررا يل ررى ايتب رراي م ررا ل رره يلف رره الش ررنا ما م ررا ال ا ررى ال ر ررا ‪ .‬أن رره ه ررا‬
‫ال قصا ‪ ،‬لن قل أـ إ اإل ا مجر اللفرظ مرا فرر يقفر ة القلرن يل ره مصر قه‪ ،‬مرا فرر‬
‫ي ل ا لاي الشنا مفا))(‪ .)3‬انتنى‪.‬‬
‫‪ 44‬ر اي ـافظ ـك ي ا أ ذكر اآل ات األـا ع ال الة يلى اشرتراط الصر‬
‫لصحة الشنا ة‪ (( :‬فاشترط في إنجا ما اي هذ الكل ة ما الاراي‪ :‬أ قالنرا صر اً مرا‬
‫لبه‪ ،‬فال اف ه مجر اللفظ ا مااطأة القلن))(‪.)4‬‬
‫اي في مقام مشااه‪ (( :‬فا مص القلن شرط في ايتقا ها كاننا ناف ة))(‪.)5‬‬
‫‪ 34‬ر ذكر ال ل ي ر يـ ه الله ر أ هذا الشرط ُمج ع يلفه افا أهل ال لن(‪.)6‬‬
‫‪ 34‬ر ر رراي الشررفم ااررا ارراز ر يـ رره اللرره ر فرري مقر ررر هررذا الشرررط‪ (( :‬الص ر فرري ذل ر ‪،‬‬
‫تقر اأنرره م بررا ـر إ اللرره‪ ،‬لررا النررا كاذاراً كال اررافقفا قالاننررا‬ ‫ذلر اررأ‬
‫(‪ )1‬ففا الق ر (‪.)484/4‬‬
‫(‪ )2‬فت ال جف (ص‪.)446 :‬‬
‫(‪ )3‬مصباح اليالم (ص‪.)46 :‬‬
‫(‪ )4‬م ايج القباي (‪.)633/3‬‬
‫(‪ )5‬أيالم الساة ال اشاية (ص‪.)474 :‬‬
‫(‪ )6‬انير‪ :‬يفع ا شتبا (ص‪)46 :‬‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ه ررن تقر ر أ م ررع الل رره حلن ررة أخ رررإل ل ررن م رراف نن ه ررذ الكل ررة ل ررن ر ر خلاا ف رري‬
‫رراي ‪ :‬ﭬ ﭭ‬ ‫اإلرررالم ااطا راً‪ ،‬ك ررا رراي م ررالى ‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ فال ا ما التص االقلن الفقفا اأنه‬
‫م با ـ إ الله)) انتنى‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫لصررحة الشررنا ة‪ ،‬هرري‬ ‫هررذ ا ررا الاقرراي مررا كررالم أهررل ال لررن فرري اشررتراط الص ر‬
‫ظاهرة في ال لة يلى ذل ‪.‬‬

‫(‪ )1‬مج اأ فتا إل مقا ت متااية لس اـة الشفم ااا ااز‪.‬‬


‫‪147‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫المبحث الخامس‪:‬الرد على من جعل الصدق هو الشرط األوحد لصحة اإليمان‪.‬‬


‫ففه مطلبا ‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعري بالمقالة مع نسبتها إلى قائليها‪.‬‬
‫مق ر ر م الت ر ررف ان ررذ ال قال ررة نس رربتنا لألش ر ر ر ة ال امر ررة يا ر ر اف ررا م ررذهن‬
‫الجن فة في اإل ا ـفرع ـر ا لرن القلرن‪ .‬الره األشر ر ة ال امر رة‪ :‬هرا مصر‬
‫القلن‪ .‬ذكرت في ـفانرا أنره فرر ارفا يلرن القلرن مصر القلرن الخرالي يرا أصرل‬
‫انقفررا الج راايح الررذ ـ ر ا ارره اإل ررا اررل ه ررا شرري اـ ر ‪ ،‬افارره جرره ذل ر ‪ .‬لررذا‬
‫ر مه الكررالم فرري الت ر ررف انررذ ال قالررة اأصررحاانا يار الكررالم يلررى مررذهن الجن فررة‬
‫في اإل ا يا شرط ال لن ج اً افا ال ت ا الت(‪.)1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شبههم ونقدها‪.‬‬
‫أ ااً مق م افا هذ الشبَه الر يلفنا مفصالً يار الكرالم يلرى مرذهن الجن فرة‬
‫في شرط ال لن‪ .‬فال ـاجة إلى إيا ة ذل هاا(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬انير‪( :‬ص‪ 444 :‬ر ‪.)441‬‬


‫(‪ )2‬انير‪( :‬ص‪ 448 :‬ر ‪.)464‬‬
‫‪148‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫المبحث السادد‪ :‬ايادة التصدي بشهادة أن ال إله إال الله وأثثرل فثي تكميثل شثهادة‬
‫أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫التص ر اشررنا ة أ إلرره إ اللرره ر ك ررا مق ر م ر لرره أصررل ص ر إ ارره‪ ،‬لرره ك رراي‬
‫تفررا ت الارراس ففرره‪ ،‬احسررن هررذا التفررا ت متفررا ت يجررامنن فرري اإل ررا فالتص ر فرري نفسرره‬
‫مرامن يجات‪ ،‬فرأيلى يجامره مرامبره مرمبرة الصر قفة‪ :‬هري ر ك را راي اارا القرفن ر يـ ره اللره ر‪:‬‬
‫((ك رراي اإلخررالص ا نقفررا ال تاا ررة للخبررر األمررر ظرراهراً ااطاراً))(‪ ،)1‬أ ((ك رراي اإل ررا ا ررا‬
‫جا اه الرراي يل اً مص قاً فاماً اه))(‪.)2‬‬
‫راي ر يـ رره اللرره ر فرري صررف الصر ‪ (( :‬الص ر هررا الررذ ص ر فرري الرره‬
‫ف لرره‪ ،‬صر الحر اقالرره ي لرره‪ ،‬فقر انجررذاه راا كلنررا لالنقفررا للرره لرررراله يكررس‬
‫ال ااف الذ ظاهر خال ااطاه اله خال ي له))(‪.)3‬‬
‫مقام مشااه‪ (( :‬أما الص فنا الذ ك ل مقام الص قفة لك راي اصرفرمه‪،‬‬ ‫اي في ٍ‬
‫ـتى كأنه ااشر اصر م را أخب َرر اره الررراي ‪ ‬مرا ااشرر لبره فلرن بر افاره ارفا إ يا‬
‫البصررر إ ـجرراب الغفررن‪ ،‬فنررا كأنرره ايررر إلررى مررا أخبررر ارره مررا الغفررن مررا يا رررتاي ‪،‬‬
‫هذا لك اي البصفرة‪ ،‬هذا أفال مااهن ال ب أيين كرامامه التي كرم انرا‪ ،‬لرفس ا ر‬
‫يجة الاباة إ هي‪ ،‬لنذا ج لنا رربحانه ا ر ها فقراي ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ [الاسررا ‪ .]44 :‬هررذا هررا السر ر الررذ رررب ارره‬
‫الص ‪ ،‬اكثرة صام اكثرة صالة(‪.)))4‬‬
‫لررذل ل ررا كررا ألارري اكررر الصر ‪ ‬ذي ة ررراام هررذ ال رمبررة ر ي‪ :‬الصر‬
‫ُر‬
‫(‪) 6‬‬
‫‪.‬‬ ‫يلى اإلطال ‪ .‬الص أالم ما الص (‪ ،)5‬الص أالم ما الصا‬

‫(‪ )1‬م ايج السالكفا (‪ .)374/3‬انير‪ :‬نفس ال ص ي (‪.)374/3‬‬


‫(‪ )2‬مفتاح اي الس ا ة (‪ .)84/4‬طب ة اي الكتن ال ل فة‪ ،‬افر ت‪ ،‬لباا ‪.‬‬
‫(‪ )3‬م ايج السالكفا (‪.)344/4‬‬
‫(‪ )4‬ا ائع الفاائ (‪ 437/4‬ر ‪.)438‬‬
‫أ الصا‬ ‫الص‬ ‫‪ (( :‬الفر افا الصا‬ ‫الص‬ ‫ر يـ ه الله ر في افا الفر افا الصا‬ ‫(‪ )5‬اي ال ا ي‬
‫ختلف رر‬ ‫أف اله في ماافقة ـاله‬ ‫ما مجا ز ص ه لسانه إلى ص‬ ‫في اله السانه‪ ،‬الص‬ ‫الص ا‬
‫(‪.])64/4‬‬ ‫ص قاً))‪[ .‬مفسفر ال ا ي‬ ‫جنر ‪ ،‬فصاي كل ص صا اً لفس كل صا‬
‫(‪ )6‬انير‪ :‬م ايج السالكفا (‪.)374/3‬‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫فنذ الث مرامن فري الصر متفا مرة‪ .‬هرن فري الجارة كرذل يلرى مررامبنن متفرا ما‬
‫ك ا جا في الصحفحفا ما ـ ع أاي ر ف الخ ي ‪ ‬يا الابي ‪ ‬أنه اي‪« :‬إ أهرل‬
‫الجاررة ت ررا أهررل الغررر مررا فررا نن ك ررا مت ررا الكاكررن ال ر ي الغرراار(‪ )1‬فرري األف ر مررا‬
‫ال شررر أ ال غرررب لتفاضررل مررا افررانن»‪ .‬ررالاا ررا يررراي اللرره‪ :‬مل ر ماررازي األنبفررا بلغنررا‬
‫فرهن!‪ .‬اي‪« :‬الى‪ ،‬الذ نفسي اف يجاي حمااا االله ص اا ال ررلفا»(‪.)2‬‬
‫ه ررن يج ررات ف رري ذلر ر ‪ ،‬ف ررا ذلر ر‬ ‫الص ر‬
‫ف رراذا ب رره أ الا رراس متفر را ما ف رري ر‬
‫ررا كس يل ررى رراة ش ررنا منن لل رره م ررالى االتاـف ر فأك ررل الا رراس ماـف ر اً أك لن ررن ان ررذ‬
‫الشنا ة مص قاً‪.‬‬
‫قاي الحافظ ااا يجن ر يـ ه اللره ر فري افرا أ رر الصر فري مقا رة الشرنا ة مك فلنرا‪:‬‬
‫(( فأما ما خل الاراي مرا أهرل هرذ الكل رة‪ ،‬فلق لرة صر ه فري النرا‪ ،‬فرا هرذ الكل رة إذا‬
‫ص ر ه فرري النررا طنر رت القلررن مررا كررل مررا ررراإل اللرره‪ ،‬متررى اقرري فرري القلررن أ ررر ل ررا‬
‫راإل الله‪ ،‬ف ا لة ص ه في النا‪.‬‬
‫ررج إ إ را ‪ ،‬لرن خر َ‬ ‫ما ص فري راي‪ :‬إلره إ اللره‪ ،‬لرن حرن رراا ‪ ،‬لرن ُ‬
‫أـ اً إ الله‪ ،‬لن تاكل إ يلى الله‪ ،‬لن ب َ له اقفة ما ح اي نفسه هاا ))(‪.)3‬‬
‫رالم لرره‪(( :‬أ ش ر ن اإل ررا ر‬ ‫رراي شررفم اإلرررالم ااررا مف فررة ر يـ رره اللرره ر فرري كر ٍ‬
‫ال رفررة‬ ‫مررتالزم يار القرراة مررتالزم يار الار ف فرراذا ررا مررا فري القلررن مررا التصر‬
‫ال حبة لله يرراله أ جرن اغرا أير ا اللره ك را راي م رالى‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ [ال ائ ر ر ر ر ر ة‪ .]84 :‬ر ر ر ر رراي‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ [ال جا لة‪.)4())]33 :‬‬
‫اي مل فذ ااا القفن‪(( :‬ف ا يرخه هذ الكل ة في لبه احقفقتنرا التري هري ـقفقتنرا‪،‬‬
‫امصررف لبرره انررا انصرربم انررا اصرربغة اللرره الترري أـسررا صرربغة مانررا‪ ،‬ف ررر ـقفقررة اإللنفررة‬

‫(‪ )1‬الغاار أ الذاهن‪ .‬انير‪ :‬فت الباي (‪.)477/4‬‬


‫(‪ )2‬البخاي ‪ ،‬كتاب ا الخل ‪ ،‬ااب‪ :‬ما جا في صفة الجاة أننا مخلا ة (جر‪،)441/6‬ح (‪ ،)4314‬مسلن‪،‬‬
‫كتاب الجاة صفة ن ف نا أهلنا (‪ )3477/6‬ح (‪.)3844‬‬
‫(‪ )3‬كل ة اإلخالص (ص‪ .)41 :‬انير‪ :‬ال يي السافة (‪.)444/3‬‬
‫(‪ )4‬مج اأ الفتا إل (‪.)133/7‬‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫الترري ثبتنررا لبرره للرره شررن انررا لسررانه مصر نا جاايـرره‪ ،‬نفررى ملر الحقفقررة لاازمنررا يررا‬
‫كل ما راإل الله‪ ،‬اطأ لبُه لسانَه في هذا الافي اإل بات‪ ،‬انقا ت جاايـره ل را شرن لره‬
‫االاـ انفة طائ ةً رالكةً ربل ياره ذُلرالً فرر ناكبرة يانرا اا فرة ررااها ار ً‪ ،‬ك را بتغري‬
‫القلن راإل م با الح ا ً فال ي رن أ هرذ الكل رة مرا هرذا القلرن يلرى هرذا اللسرا‬ ‫ُ‬
‫مزاي مؤمي رمنا ما ال ل الصرال الصراي إلرى اللره كرل ره‪ ،‬فنرذ الكل رة الطفبرة هري‬
‫الترري يف رره هررذا ال ررل الصررال إلررى الرررب م ررالى‪ ،‬هررذ الكل ررة الطفبررة مث ررر َكل راً كثفرراً طفبراً‬
‫قاينرره ي ررل صررال ففرفررع ال ررل الصررال الكلر َرن الطفررن ك ررا رراي م ررالى‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬﯭ [فرراطر‪ .]44:‬فررأخبر ررربحانه أ ال ررل الصررال رفررع الكلررن الطفررن‪ ،‬أ الكل ررة الطفبررة‬
‫مث ر لقائلنا ي الً صالحاً كل ه‪ ...‬إلى أ اي‪ :‬فاذا كا ال لن صحفحاً مطااقراً ل لامره‬
‫الررذ أنررزي اللرره كتااَره ارره‪ ،‬ا يتقررا مطااق راً ل ررا أَخبر َرر ارره يررا نفسرره أخبرررت ارره يارره ير رلُه‪،‬‬
‫اإلخررالص ررائن فرري القلررن‪ ،‬األي رراي ماافقررة لألمررر الن ر ال ر ي الس ر ه مشررااه لنررذ‬
‫األصاي ماارن لنا يلن أ شجرة اإل ا في القلن أصلنا ااه فرينرا فري السر ا ‪ ،‬إذا‬
‫كررا األمررر اررال كس يلررن أ القررائن االقلررن إن ررا هررا الشررجرة الخبفثررة الترري اجتثرره مررا فررا‬
‫األيض ما لنا ما راي))(‪.)1‬‬
‫فتبفا أ التص كل ا ا في القلن أ ر ما ز ا ة اإل ا التاـفر مرا كرا‬
‫ربباً في مك فل شنا ة أ إله إ الله فأك ل الااس شنا ة أك لنن انا مص قاً‪.‬‬

‫(‪ )1‬إيالم ال ا فا (‪ 473/4‬ر ‪.)476‬‬


‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الصدق في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫الذ اافي الص في شنا ة أ إله إ الله التكذ ن ا اا ال ام(‪ .)1‬التكذ ن ا ارا‬
‫ال ررام نقررفا التصر ‪ .‬رراي شررفم اإلرررالم فرري ـر ‪ (( :‬التكررذ ن إخبرراي اكررذب ال خبررر فقر‬
‫صر الرجررل الكرراذب مرراية‪ ،‬ر كررذب الرجررل الصررا أخررر ‪ ،‬فالتصر التكررذ ن نايررا‬
‫مرا الخبرر ه را خبرر يرا الخبرر فالحقرائ الثااترة فري نفسرنا التري ر م لرن ار خبرر كرا‬
‫س ررت ل ففن ررا لف ررظ التصر ر التك ررذ ن إ لر رن قر ر ي مخب ررر يان ررا اخ ررال اإل ررا اإل ر رراي‬
‫اإلنكاي الجحا ‪ ،‬نحا ذل فانه تاا ي الحقائ اإلخباي يا الحقائ أ ااً))(‪.)2‬‬
‫فتبفا ما كالم شفم اإلرالم ر يـ ره اللره ر أ التكرذ ن مخالفرة الحر ع للاا رع(‪،)3‬‬
‫ها تاا ي الحقائ الشريفة الثااتة في نفسنا التي م لن ا خبر كلفظ اإل ا لفرظ‬
‫الكفر‪ ،‬تاا ي اإلخباي يانرا ففكرا التكرذ ن ارالقاي لرافس الخبرر‪ ،‬كرا االقلرن لرافس‬
‫ا يتقا ‪ ،‬االف ل لافس الف ل ففكا اأي اي القلاب اأي اي الجاايح‪.‬‬
‫له‪ :‬م ا بف ا ذل اله ‪ « :‬الفرج ُص ذل كله أ كذ اه»(‪.)4‬‬
‫إذا به هذا‪ ،‬فالتكذ ن م ا اافي الص فري شرنا ة أ إلره إ اللره‪ ،‬مينرر‬
‫ماافامُه له ما جنفا‪:‬‬
‫األ ي‪ :‬مزا لترره لرره االكلفررة‪ ،‬ذل ر إذا ـصررل فرري أصررل اإل ررا كتكررذ ن ال اررافقفا‬
‫الرذ ا ررالاا هررذ الكل ررة لررن رااط ررالنن مررا فرري لرراانن ارل الاهررا لف صر اا انررا مررا هن‬
‫ﮛ‬ ‫أم ر راالنن ك ر ررا ر رراي م ر ررالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ‬

‫(‪ )1‬ال را االتكذ ن هاا التكذ ن ال ام لفس التكذ ن الخاص الذ ها نقفا الشرطفة‪ .‬ما ال لام أ التكذ ن‬
‫اافي الك اي الااجن‪ ،‬ذل احسن نايه‪.‬‬ ‫اافي األصل ر الشرط ر‬ ‫ال ام‬
‫(‪ )2‬مج اأ الفتا إل (‪.)143/7‬‬
‫فال ذم إ إذا‬ ‫‪ ،‬إما إذا ـصل يا فر م‬ ‫(‪ )3‬مخالفة الح ع للاا ع ذم مطلقاً إ إذا كا يا م‬
‫صاـبه مفر ط ما ـفع ي م محر الاا ل للكذب‪ ،‬هذا ما أشاي إلفه الابي ‪ ‬اقاله‪« :‬كفى اال ر كذااً‬
‫أ ح ث اكل ما ر ع»‪ .‬أخرجه مسلن في ال ق مة ما صحفحه (‪ )44/4‬ح ي ن (‪.)1‬‬
‫محالة كذب‪ ،‬الكذب اإلخباي يا‬ ‫في م لفقه يلى هذا الح ع‪(( :‬فاذا ـ ث اكل ما ر ع‬ ‫اي ال اا‬
‫شرط اإل ن))‪[ .‬ففا الق ر (‪.])3/1‬‬ ‫‪ ،‬لكا الت‬ ‫الشي يلى فر ما ها يلفه إ لن ت‬
‫(‪ )4‬ماى مخر جه في (ص‪.)144 :‬‬
‫‪143‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ﮯ ﮰ‬ ‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬
‫[ال اافقا ‪ 4 :‬ر ‪.)1(]3‬‬
‫الثرراني‪ :‬ماافامرره للصر مررا جنررة ذهااره لك الره الااجررن ككررذب الحر ع‪ ،‬لررذا ير‬
‫الابي ‪ ‬ذلر نفا راً ك را فري الحر ع الصرحف ‪« :‬أيارع مرا كرا ففره كرا ماافقراً خالصراً‪،‬‬
‫ما كانه ففه خلة مانا كا ففره خلرة مرا نفرا ـترى ر ينا» فرذكر مانرا‪« :‬إذا َرـ ث‬
‫كذب»(‪.)2‬‬
‫ال را اه الافا ال لي ((األصغر)) الذ جت ع مع أصل اإل ا ‪ ،‬فال خررج صراـبه‬
‫مررا ال ل رة إ إذا ارررتحكن ك ررل فق ر اسررلم صرراـبه يررا اإلرررالم االكلف رة‪ ،‬إ صررلى‬
‫صام زين أنه مسلن‪ ،‬فا اإل ا انى ال ؤما يا هذ الخرالي‪ ،‬فراذا ك لره فري ال بر‬
‫لن كا له ما انا يا شي مانا‪ ،‬فنذا كا إ ماافقاً خالصاً(‪.)3‬‬
‫اي الارا ر يـ ره اللره ر فري شررح هرذا الحر ع‪(( :‬هرذا الحر ع م را ير ج ايرة مرا‬
‫ال ل ررا مشرركالً‪ ،‬مررا ـفررع إ هررذ الخصرراي ماج ر ف ري ال سررلن ال ص ر الررذ لررفس ففرره‬
‫ش ر ‪ ،‬ر أج ررع ال ل ررا يلررى أ مررا كررا مص ر اً اقلبرره لسررانه ف ررل هررذ الخصرراي‬
‫حكر رن يلف رره اكف ررر‪ ،‬ه ررا ما رراف خلر ر فر ري الا رراي فر را إخ رراة ار ررف ‪ ‬ج ر راا ه ررذ‬
‫الخصرراي‪ ،‬كررذا ج ر لررب ا السررلف ال ل ررا ا ررا هررذا أ كلرره‪ .‬هررذا الح ر ع لررفس ففرره‬
‫اح ر ر اللر رره م ر ررالى إشر رركاي‪ ،‬لكر ررا اختلر ررف ال ل ر ررا ف ر ري م ار ررا ‪ ،‬فالر ررذ الر رره ال حققر ررا‬
‫األكثررر ‪ ،‬هررا الصررحف ال خترراي‪ :‬أ م اررا ‪ :‬أ هررذ الخصرراي خصرراي نفررا ‪ ،‬صرراـبنا‬
‫شرربفه اال اررافقفا ف ري هررذ الخصرراي‪ ،‬متخل ر ا رأخال نن ف را الافررا هررا إظنرراي مررا رربطا‬
‫خالفرره‪ ،‬هررذا ال اررى ماجررا فري صرراـن هررذ الخصرراي‪ ،‬كررا نفا رره فري ـر مررا ـ رره‬
‫ي ر ائت ارره خاص ر ه ياه ر مررا الارراس‪ ،‬أنرره مارراف ف ري اإلرررالم‪ ،‬ففينررر هررا رربطا‬

‫(‪ )1‬انير‪ :‬الكشا للزمخشر (‪ ،)433/4‬ال ي ال اثاي للسفاطي (‪ ،)444/4‬م ايج القباي (‪.)633/3‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاي في كتاب ال يالن‪ ،‬ااب‪ :‬إذا خاصن فجر (جر‪ ،)444/4‬ح (‪ ،)3614‬مسلن في كتاب‬
‫اإل ا (‪.)78/4‬‬
‫سفر‪.‬‬ ‫(‪ )3‬الصالة ـكن مايكنا (ص‪ )66 :‬اتصر‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫الكفررر‪ ،‬لررن ررر الاب ري ‪ ‬انررذا أنرره مارراف نفررا الكفرراي ال خل ر ا ف ري ال ر ي األرررفل مررا‬
‫الااي))(‪ .)1‬انتنى‪.‬‬
‫فالحاصل أ التكذ ن إما أ حصل في أصل اإل را ففكرا كفرراً أكبرر ارافي أصرل‬
‫التص ر اش ررنا ة أ إل رره إ الل رره‪ .‬إم ررا أ حص ررل ف رري ك رراي اإل ررا ففا ررافي ك رراي‬
‫التص الااجن‪ ،‬كا كفراً ال م صفة مُ صخرج يا ائرة اإل ا ‪.‬‬
‫في ما لي مفصرفل لرب ا صراي الكرذب ال ااففرة لشرنا ة أ إلره إ اللره مرا ـفرع‬
‫األصل أ الك اي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬كفر التكذيب‪.‬‬
‫كفررر التكررذ ن م ررا اررافي أصررل التصر اشررنا ة أ إلرره إ اللرره‪ ،‬صرراية هررذا‬
‫الكفر‪ .‬اي ااا القفن ر يـ ه الله ر‪(( :‬فأما كفر التكرذ ن فنرا ايتقرا كرذب الرررل‪ .‬هرذا‬
‫القسررن لفررل فرري الكفرراي‪ ،‬فررا اللرره م ررالى أ رر يرررله أيطرراهن مررا الب رراهفا اآل ررات يلررى‬
‫صر نن مررا أ ررام ارره الحجررة أزاي ارره ال ررذية رراي اللرره م ررالى يررا فريررا امرره‪ :‬ﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ [الا ررل‪ ،]46 :‬رراي لرر رراله ‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫[األن ام‪ ]44 :‬إ ر ي هذا كفر مكذ ن أ ااً فصحف إذ ها مكذ ن االلسا ))(‪.)2‬‬
‫رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر‪(( :‬ف ررا رراي السررانه‪ :‬إلرره إ اللرره‪ ،‬كررذب الرررراي‬
‫فنا كافر اامفا ال سل فا‪ .‬كذل إ جح شفئاً م ا أنزي الله))(‪.)3‬‬
‫اي ااا الاز ر في ـ ‪ (( :‬ايلن أ أصل الكفرر هرا التكرذ ن ال ت ر لشري مرا كترن‬
‫الله م الى ال لامة‪ ،‬أ ألـ ما يرله يلفنن السالم‪ ،‬أ لشي م ا جاا ا اره إذا كرا ذلر‬
‫األمررر ال ُ كررذب ارره م لامراً االاررر ية مررا الر ا‪ ،‬خررال أ هررذا القر ي كفررر‪ ،‬مررا صر ي‬
‫ياه فنا كافر إذا كا مكلفاً مختاياً فر مختل ال قل مكر ))(‪ )4‬انتنى‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرح الاا يلى صحف مسلن (جر‪ 346/3‬ر ‪ .)441‬انير‪ :‬مج اأ فتا إل شفم اإلرالم (‪ 641/38‬ر ‪.)644‬‬
‫(‪ )2‬م ايج السالكفا (‪ .)447/4‬انير‪ :‬في م ر فه أ ااً‪ :‬ي الت ايض (‪ ،)363/4‬مج اأ الفتا إل (‪.)74/3‬‬
‫(‪ )3‬مج اأ الفتا إل (‪.)374/8‬‬
‫(‪ )4‬إ ثاي الح يلى الخل في الر الخالفات (ص‪ 474 :‬ر ‪.)477‬‬
‫‪146‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫(‪) 1‬‬
‫هررذا التكررذ ن للابرري ‪ ‬أ لشرري م ررا جررا ارره ر قررع االلسررا ففكررا كفرراً‬
‫ظرراهراً‪ ،‬ر قررع االقلررن مررع ال صرران ة االطايررة ا نقفررا ففكررا كفر َرر نفررا (‪ ،)2‬رررفأمي‬
‫الح ع ياه في ال طلن التالي‪.‬‬
‫فالحاصل أ كفر التكذ ن كا ظاهراً ااطااً(‪.)3‬‬
‫الج ر االذكر هاا أ التكذ ن أخص ما الكفر‪.‬‬
‫قرراي ااررا مف فررة ر يـ رره اللرره ر‪ (( :‬التكررذ ن أخررص مررا الكفررر‪ ،‬فكررل مكررذب ل ررا‬
‫جا ت اه الررل فنا كافر لفس كل كافر مكذااً‪ ،‬ال كا مرمااراً إ كرا نراظراً ففره‪،‬‬
‫أ م رضراً يارره ا ر أ لررن كررا نرراظراً ففرره‪ ،‬ر كررا ررافالً يارره لررن تصرراي احرراي لكررا‬
‫يقااة هذا ما افة يلى مبلفم ال ررل إلفه))(‪.)4‬‬
‫انذا تبفا ضالي ما حصر الكفر فري مكرذ ن القلرن فقرط‪ .‬ذلر هرا ـقفقرة‬
‫مذهن ال رجئة(‪.)5‬‬
‫قرراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر‪ (( :‬ماشررأ هررذ الشربنة الترري أ جبرره هررذا الرراهن‬
‫ما ال تكل فا أ ما ـذا ـذ هن ما الفقنا ‪ :‬أننن يأ ا أ اإل را هرا مصر الررراي‬
‫فف ررا أخبررر ارره‪ ،‬يأ ا أ ايتقررا ص ر ة اررافي السررن الشررتن االررذات‪ ،‬ك ررا أ ايتقررا‬
‫إ جرراب طايترره اررافي م صررفته‪ ،‬ف را اإل نسررا ر نررفا مررا تق ر جرراب إكرامرره ك ررا‬
‫تررر مررا تق ر جرراب ف لرره ف ررل مررا تق ر جرراب مركرره‪ ،‬ررن يأ ا أ األمررة ر كفرررت‬
‫الساب فقالاا‪ :‬إن ا كفر أل ربه لفل يلى أنه لن تق أنره ـررام‪ ،‬ايتقرا ـلره مكرذ ن‬
‫للررراي فكفثثر بهثثذا التكثذيب ال بتلثثك اإلهانثثة‪ ،‬إن را اإل هانررة لفرل يلررى التكررذ ن(‪،)6‬‬
‫فراذا فرررض أنرره فرري نفررس األ مررر لررفس ا كررذب كررا فرري نفررس األمررر مؤماراً‪ ،‬إ كررا ـكررن‬
‫الياهر إن ا جر يلفره ا را أظنرر ‪ .‬فنرذا مأخرذ ال رجئرة م تار هن هرا الرذ ا قالرا ‪:‬‬
‫القلن فذل ها كفر الجحا ‪ .‬رفأمي في شرط القباي‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أ مع القلن‪ .‬أما التكذ ن االلسا‬
‫التكذ ن‪ .‬انير‪ :‬م ايج القباي (‪.)144/3‬‬ ‫قع أ ااً مع الش‬ ‫(‪ )2‬كفر الافا‬
‫(‪ )3‬أيالم الساة ال اشاية (ص‪.)477 :‬‬
‫(‪ )4‬مج اأ الفتا إل (‪.)74/3‬‬
‫(‪ ،)446‬شرح ال قاص‬ ‫(‪ )5‬انير‪ :‬في ـ ال رجئة للكفر أنه مكذ ن القلن فقط‪ :‬التاـف لل امر‬
‫(‪ 347/3‬ر ‪ ،) 348‬الت نف في أصاي ال ا للاسفي (ص‪.)444 :‬‬
‫(‪ )6‬انير‪ :‬شرح ال قاص (‪ 347/3‬ر ‪ ،)348‬ال لل الاحل للشنررتاني (جر‪.)466/4‬‬
‫‪141‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫اإل ا هرا ا يتقرا القراي‪ ،‬المنرن هرن الكرامفرة الرذ ا قالرا ‪ :‬هرا مجرر القراي إ‬
‫ير يا ا يتقا ))(‪.)1‬‬
‫ررن أجرراب يررا هررذ الشرربنة مقرررياً أ الكفررر أيررن مررا التكررذ ن فقرراي‪ (( :‬ج رااب‬
‫الشبنة األ لى ما جا ‪:‬‬
‫ا ر أ اجررن‬ ‫أـ ر ها‪ :‬أ اإل ررا إ كررا أصررله مص ر القلررن‪ ،‬فررذل التص ر‬
‫ـا ً في القلن ي الً له‪ ،‬ها م يفن الررراي إجاللره محبتره‪ ،‬ذلر أمرر زم كالترألن‬
‫التا ن يا اإلـساس اال ؤلن ال را ن‪ ،‬كرالافرة الشرناة يار الشر اي ارال الئن ال ارافي‪.‬‬
‫لررن غررا شررفئاً‪.‬‬ ‫فراذا لررن محصررل هررذ الحرراي‪ ،‬ال ررل فرري القلررن لررن افررع ذلر التصر‬
‫إن ررا اررع ـصرراله إ ذا يايضرره م ررايض مررا ـسر الرررراي‪ ،‬أ التكبررر يلفرره‪ ،‬أ اإله رراي‬
‫ل رره‪ ،‬إي رراض القل ررن يا رره‪ ،‬نح ررا ذل ر ‪ ،‬ك ررا أ إ يا ال الئ ررن‪ ،‬ال ا ررافي اج ررن الل ررذة‬
‫األلن‪ ،‬إ أ ايضه م ايض‪ .‬متى ـصل ال ايض كا جرا ذلر التصر ك مره‪،‬‬
‫ك ا كا جا ذل ك مره‪ ،‬ارل كرا ذلر ال رايض ماجبراً ل ر م ال لراي الرذ هرا‬
‫ـاي في القلن‪ .‬اتارط ي مه ز ي التص الذ ها ال لة ففاقلع اإل ا االكلفرة مرا‬
‫القلن‪ .‬هذا ها ال اجن لكفرر مرا ـسر األنبفرا ‪ ،‬أ مكبرر يلرفنن‪ ،‬أ كرر فررا اإللرف‬
‫ال ا ة مع يل ه اأننن صا ا ‪ ،‬كفرهن أ لظ ما كفر الجناي‪.‬‬
‫إن را هررا‬ ‫الثرراني‪ :‬أ اإل ررا إ كررا تا ر ا التص ر ‪ ،‬فلررفس هررا مجررر التص ر‬
‫اإل رراي الط أنفا رة‪ ،‬ذل ر أل التص ر إن ررا رررض للخبررر فقررط فأمررا األمررر فلررفس ففرره‬
‫مص ر مررا ـفررع هررا أم رر‪ ،‬كررالم اللرره خبررر أمررر فررالخبر سررتاجن مص ر ال خب رر‪،‬‬
‫األ م ررر س ررتاجن ا نقف ررا ل رره ا رتس ررالم‪ ،‬ه ررا ي ررل ف رري القل ررن‪ ،‬ج اي رره‪ :‬الخا رراأ‬
‫ا نقفررا لألمررر إ لررن ف ررل ال رأماي ارره‪ ،‬ف راذا ااررل الخبررر االتص ر ‪ ،‬األمررر اا نقفررا ‪،‬‬
‫فق ر ـصررل أصررل اإل ررا فرري القلررن‪ ،‬هررا الط أنفا رة اإل رراي ف را اشررتقا ه مررا األمررا‬
‫ا نقفرا ‪،‬‬ ‫الذ ها القراي الط أنفارة‪ ،‬ذلر إن را حصرل إ ذا اررتقر فري القلرن التصر‬
‫إذا كررا كررذل فالسررن إهانررة ار ررتخفا ‪ ،‬ا نقفررا لألمررر إك ررام إي رزاز‪ .‬مح رراي أ‬
‫نررفا القلررن مررا ر انقررا لرره خاررع ارتسررلن‪ ،‬أ سررتخف ارره ف راذا ـصررل فرري القلررن‬
‫ارررتخفا ارررتنانة امتاررع أ كررا ففرره انقفررا أ ارتسررالم‪ ،‬فررال كررا ففرره إ ررا ‪ .‬هررذا‬

‫(‪ )1‬الصايم ال سلاي (‪.)441/4‬‬


‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ها ا فاره كفرر إالرفس فانره رر ع أمرر اللره لره فلرن كرذب يررا ً‪ ،‬لكرا لرن اقر لألمرر لرن‬
‫خاع له‪ ،‬ارتكبر يا الطاية فصاي كافراً‪ ،‬هذا ماضع زاغ ففه خل ما الخلرف مخفرل‬
‫لنن أ اإل ا لفس في األصل إ التص ‪ ،‬ن ر مثل إ الفس فريا م ا لن صر ي‬
‫يا رره مك ررذ ن أ صر ر ي يا رره مك ررذ ن االلس ررا االقل ررن(‪ )1‬كف ررر م ررا أ ل ررظ الكف ررر‪،‬‬
‫ففتحفررر ل را أننررن ه ر ا ل ررا ه ر إلفرره السررلف الصررال ل ل راا أ اإل ررا رراي ي ررل‬
‫أياي في األصل ا ً في القلن‪ ،‬ي الً في القلن‪ ،‬فا اإل ا احسن كالم الله يررالته‬
‫ر كالم الله يرالته تا ا إخباي أ امر ففص القلرن أخبراي مصر قاً ر اجرن ـرا ً‬
‫ف رري القل ررن احس ررن ال ص ر ر ا رره التص ر ر ه ررا م ررا ن رراأ ال ل ررن الق رراي اق ررا ألم ررر‬
‫ستسررلن‪ ،‬هررذا ا نقفررا ا رتسررالم هررا نرراأ مررا اإليا ة ال ررل‪ ،‬كررا مؤما راً إ‬
‫ا ج اأ األمر ا ف تى مر ا نقفا كا مسرتكبراً فصراي مرا الكرافر ا‪ ،‬إذا كرا مصر اً‬
‫ف ررالكفر أي ررن م ررا التك ررذ ن ك ررا مك ررذ باً جنر رالً‪ ،‬ك ررا ار ررتكباياً ظل ر راً‪ ،‬لن ررذا ل ررن‬
‫التك ررذ ن‪ .‬لن ررذا ك ررا كف ررر م ررا ل ررن مث ررل‬ ‫اص ررف إال ررفس إ ا ررالكفر ا ر ررتكباي‬
‫الفنا نحاهن ما جاس كفر إالفس‪ ،‬كا كفر ما جنل مثل الاصايإل نحاهن ضرال ً‬
‫هررا الجنررل‪ ،‬أ مرررإل أ نف رراً مررا الفنررا جرراا ا إلررى الابرري ر رألا يررا أشررفا فرراخبرهن‪،‬‬
‫فقررالاا‪ :‬نشررن إن ر نبرري لررن تب را ‪ ،‬كررذل هر ررل فررر ‪ ،‬فلررن رراف نن هررذا ال لررن ه رذا‬
‫التص ر ‪ .‬أ مرررإل أ مررا ص ر الرررراي ا رأ مررا جررا ارره هررا يرررالة اللرره‪ ،‬ر ما ر اه‬
‫خبراً أمرراً فانره حتراج إ لرى مقرام را هرا مصر قه خبرر اللره انقفرا ألمرر اللره‪ ،‬فراذا راي‪:‬‬
‫أشن أ اله إ الله‪ ،‬فنذ الشرنا ة متار ا مصر خبرر ‪ ،‬ا نقفرا ألمرر ‪ ،‬فراذا راي‪:‬‬
‫أش ررن أ مح ر ر اً ير رراي الل رره مار ر اه مصر ر الرر رراي فف ررا ج ررا ا رره م ررا يار ر الل رره‪،‬‬
‫ار ماره فري كرال الشررنا مفا‬ ‫فب ج راأ هرامفا الشرنا مفا رتن اإل رراي‪ ،‬فل را كرا التصر‬
‫هررا الررذ تلقررى الررررالة اررالقباي ظررا مررا ظررا انرره أصررل لج فررع اإل ررا ‪ ،‬فررل يررا أ‬
‫األصل اآلخر ا ماه‪ ،‬ها ا نقفا إ فق ص الررراي ظراهراً ااطاراً رن تارع مرا‬
‫ا نقفررا لألمررر إ ذ ا ترره فرري مص ر الرررراي أ كررا ا ا ررزلة مررا ر ر ع الررررالة مررا اللرره‬

‫كا شي ما األف اي أ األ ااي كفراً إ مع ا يتقا ـتى‬ ‫(‪ )1‬هذا م ا بفا خطاية هذا ال ذهن إذ زمه‪ :‬أ‬
‫تل األنبفا ‪ ،‬ا يتقا ما السرائر ال حجااة‪ ،‬فال تحق كفر كافر ط إ االاص الخاص في شخص شخص‪.‬‬
‫[اإل ثاي الح يلى الخل في ي الخالفات اا الاز ر (ص‪.])484 :‬‬
‫‪147‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ربحانه م الى كاالفس‪ ،‬هذا م را برفا لر أ ا ررتنزا االلره يرراله ارافي ا نقفرا لره‬
‫الطاي ررة مااف رراة ذامف ررة‪ ،‬ا ررافي التصر ر اطر ر ر ا ر ررتلزام ألن رره ا ررافي ماج ررن التصر ر‬
‫مقتاا ا ه يا ـصاي رمه مقصا ‪ ،‬لكا اإل را االررراي إن را را أصرله إلرى‬
‫التص فقط ألنه مبلم لخبر الله أمر ‪ ،‬لكا ستلزم ا نقفا له ألنه الرم يرا اللره أنره‬
‫أم ررر اطايت رره‪ ،‬فص رراي ا نقف ررا ل رره م ررا مص ر قه ف رري خب ررر ‪ ،‬ف ررا ل ررن اق ر ألم ررر ‪ ،‬فن ررا إم ررا‬
‫مكررذب لرره‪ ،‬أ م تاررع يررا ا نقفررا لرارره‪ ،‬كاله ررا كفرراً صررر ‪ ،‬مررا ارررتخف ارره ارررتنزأ‬
‫اقلب رره امتا ررع أ ك ررا ماق ررا اً ألم ررر ‪ ،‬فر را ا نقف ررا إج ررالي إكر ررام‪ ،‬ا ر ررتخفا إهان ررة‬
‫إذ ي‪ ،‬ه ر ررذا ض ر ر ر ا ف ت ر ررى ـص ر ررل ف ر رري القل ر ررن أـ ر ر ر ه ا انتف ر ررى اآلخ ر ررر‪ ،‬ف ل ر ررن أ‬
‫ا رتخفا ا رتنانة اافي اإل ا ماافاة الا للا ))(‪.)1‬‬
‫هررذا الجرااب الررذ أ ي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر فرري ي هررذ الشرربنة ررربقه إلفرره‬
‫ااح ررا اا ررا ـ ررزم الي رراهر ر يـ رره الل رره ر ـف ررع ق رراي ف رري ((الفص ررل ف رري ال ل ررل األه راا‬
‫اإل رراي فقررط لكررا ج فررع ال خل ر ا فرري‬ ‫الاحررل))(‪ (( :)2‬لررا كررا اإل ررا هررا االتص ر‬
‫الاراي مرع الفنرا الاصرايإل ررائر الكفراي مررؤمافا ألننرن كلنرن مصر ا اكرل مرا كرذااا ارره‬
‫في ال نفا‪ ،‬مقر اكل ذلر ‪ ،‬لكرا إالرفس الفنرا الاصرايإل فري الر نفا مرؤمافا ضرر ية‪،‬‬
‫هررذا كفررر مجررر م ررا أجرراز ‪ .‬إن ررا كفررر أهررل الارراي ا ررا نن مررا األي رراي رراي م ررالى‪:‬‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [القلن‪ .))]63 :‬أ‪ .‬هر‪.‬‬
‫انررذا ُ لررن خطررأ رراي ال رجئررة فرري ررالنن إ الكفررر مرج رره إلررى مكررذ ن القلررن فقررط‬
‫اإل ررا هررا مجررر التصر ‪ ،‬ذلر ل ررا فرري هررذا القرراي مررا اإلشرركا ت ال يف ررة ـفررع‬
‫لزم ماه القاي اا ا إالفس فريا الفنا نحاهن ال الن األمن الكرافرة ((ـفرع لرن‬
‫فرا إالرفس لرن خبرر أـر اخبرر ارل أمرر اللره‬ ‫كا أصرل كفررهن مرا جنرة ير م التصر‬
‫االسررجا آل م ف ررأاى ار ررتكبر كررا م ررا الك ررافر ا‪ ،‬فكف ررر ااإلاررا ا ر ررتكباي م ررا تب ررع‬
‫ذل ر ‪ ،‬ألجررل مكررذ ن‪ ،‬كررذل فريررا امرره جح ر ا انررا ارررتفقاتنا أنفسررنن ظل راً‬
‫يلااً‪ ،‬اي له مارى ‪ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ [اإلررا ‪.)3())]443 :‬‬

‫(‪ )1‬الصايم ال سلاي (‪ 447/4‬ر ‪.)444‬‬


‫(‪.)555/3( )2‬‬
‫(‪ )3‬ا تباس ما كالم شفم اإلرالم في مج اأ الفتا إل (‪.)034/7‬‬
‫‪148‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ك ا لزم ما ه ذا القاي إنكاي أ قع الكفر اذات الجحا ‪ ،‬اذات اإليراض ارذات‬


‫ا متااأ الجنل في ذل مكذ ن للقرح ـفع ي يلى هذ األ سام ما الكفر‪.‬‬
‫قرراي اا ررا الق ررفن ر يـ رره الل رره ر‪ (( :‬هررذا القس ر ا ر ا رري (كفررر الجح ررا ال ا ررا ‪ ،‬كف ررر‬
‫اإليراض) ر أكثر ال تكل فا اكر نن ا ثبتا ما الكفر إ األ ي ر اي (كفر التكرذ ن أ‬
‫الجنرل) ر‪ ،‬ج لرا الثرراني الثالرع ر ( ارري كفرر الجحررا ‪ ،‬اإليرراض) ر كفرراً ل مرره يلررى‬
‫األ ي ألنه في ذامه كفر‪ ،‬فلفس يا هن الكفر إ مجر الجنل‪ ،‬ما مأمل القررح السراة‪،‬‬
‫رفر األنبفا في أم نن‪ ،‬يرامنن لنرن‪ ،‬مرا جررإل لنرن م نرن‪ ،‬جرزم اخطرأ أهرل الكرالم فف را‬
‫ررالا ‪ ،‬يلررن أ يامررة كفررر األمررن يررا مررفقا يلررن م رفررة اصر أنبفررائنن صررحة يرااهن مررا‬
‫جااا اه))(‪ )1‬انتنى‪.‬‬
‫قاي شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر‪(( :‬فا الكفر ير م اإل را االلره يررله رراا كرا م ره‬
‫مكذ ن أ لن كا م ه مكذ ن ارل شر ي رن‪ ،‬أ إيرراض يرا هرذا كلره ـسر اً أ كبرراً أ‬
‫امباياً لب ا األهاا الصايفة يا امباأ الررالة‪ ،‬إ كا الكافر ال كذب أيين كفرراً كرذل‬
‫الجاـر ر ال ك ررذب ـسر ر اً م ررع ار ررتفقا صر ر الرر ررل‪ .‬الس رراي ال كف ررة كلن ررا خط رراب م ررع‬
‫هؤ ))(‪.)2‬‬
‫فالحاصل أ الكفر لفس محصاياً مقف اً االتكذ ن فقط ر ك ا مقاله ال رجئة ر ارل كرا‬
‫االتكذ ن ماية كا اغفر مايات‪.‬‬
‫ف ا فل‪ :‬إ الله م الى صف الكفاي االتكذ ن فري ح رات كثفررة(‪ )3‬م را ر ي يلرى أ‬
‫مرجع الكفر كله إلى مكذ ن القلن‪.‬‬
‫ففقرراي فرري فررع ذل ر ‪ :‬إ التكررذ ن كررا اررالجاايح ك ررا كررا االقلررن‪ ،‬م ررا ر ي‬
‫ج ُصر ر ذل ر ر أ ُ َكذ ا رره»(‪ )4‬ال ر ررا‬ ‫يل ررى ب ررات مك ررذ ن الج ر راايح ال رره ‪ « :‬ال َفر ر صر ُ‬
‫اتص ال َف صرج هاا ي له ما الزنا نحا ‪.‬‬

‫(‪ )1‬مفتاح اي الس ا ة (‪.)44/5‬‬


‫(‪ )2‬مج اأ الفتا إل (‪ .)330/55‬انير‪ :‬ي الت ايض (‪.)545/5‬‬
‫[البر ج‪.]44:‬‬ ‫ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ‬ ‫اله م الى‪:‬‬ ‫(‪ )3‬ما ذل‬
‫(‪ )4‬مق م مخر جه (ص‪.)674 :‬‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫لكا ُح َكن يلى ال ل اأنه كفرر إ إذا كرا مرج ره إلرى اررتحالي القلرن أ كرا‬
‫ه ر ررا ف ر رري ذام ر رره كفر ر رراً ظ ر رراهراً كالس ر ررجا للص ر رران‪ ،‬أ ا ر ر ررتنانة اال ص ر ررحف االقائ ر رره ف ر رري‬
‫القرراذ يات‪ ،‬أ محر فرره اارررقاط شرري مارره‪ ،‬أ االز ررا ة ففرره‪ ،‬أ تررل نبرري‪ ،‬أ السرحر‪ ،‬أ كررا‬
‫الف ررل مسررتلزماً نتفررا الت يررفن القلبرري ك رالنزي ا رررتنزا اال ر ا‪ ،‬أ رررن اللرره أ ر ررن‬
‫يراله ‪ )1(‬أ رن ال ا‪ ،‬نحا ذل ما ال كفرات الياهرة(‪.)2‬‬
‫خالصررة مررا رررب أ كفررر التكررذ ن م ررا اررافي أصررل التص ر اشررنا ة أ إلرره إ‬
‫الله‪ ،‬لفس ها كل الكفر ك ا زي ه ال رجئة ال الكفر أين ما التكذ ن(‪.)3‬‬
‫هذا م را برفا صرحة مقسرفن هرذ الشرر ط‪ ،‬أننرا متاايرة لتاراأ م لقامنرا ماراأ جرا‬
‫ماافامنا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النفاق االعتقادي أو كفر النفاق‪:‬‬
‫الاف ررا ا يتق ررا أ كف ررر الاف ررا م ررا ص رراي الك ررذب ال اافف ررة ألص ررل اإل ررا ‪،‬‬
‫الكالم يلفه رفكا محه ال قص ا التالففا‪.‬‬
‫المقصد األول‪ :‬تعريف النفاق االعتقادي‪.‬‬
‫الافررا ا يتقررا ماايرره يبررايات أهررل ال لررن فرري ـ ر ‪ ،‬ال ررؤ إل اـ ر ‪ ،‬مررا هررذ‬
‫الت اي ف‪:‬‬

‫(‪ )1‬قاي شفم اإلرالم‪(( :‬إ رن الله‪ ،‬أ رن يراله كفر ظاهراً ااطاا راا كا الساب تق أ ذل محرم‪،‬‬
‫أ كا مستحال له‪ ،‬أ كا ذاهالً يا ايتقا ‪ .‬هذا مذهن الفقنا رائر أهل الساة القائلفا اأ اإل ا اي‬
‫ي ل)) [الصايم ال سلاي (‪.])411/4‬‬
‫(‪ )2‬انير‪ :‬ي ضة الطالبفا (‪ ،)46/44‬الصايم ال سلاي (‪ 744/4‬ر ‪ ،)743‬الصالة ـكن مايكنا (ص‪،)64 :‬‬
‫أيالم الساة ال اشاية (ص‪.)484 :‬‬
‫(‪ )3‬ذهن ا ا ال اصر ا إ أ ج فع صاي الكفر األخرإل مؤ ي إلى التكذ ن االقلن‪ ،‬ها أ ااً ااطل ألنه‬
‫مصا م للاصاص ال الة يلى الكفر االجحا التي ما أصرـنا اي الله جل يال‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ‬
‫[الا ل‪ ]46 :‬فف ي هذ اآل ة افا أ هؤ الكفاي لن كا كفرهن ما جنة التكذ ن ا لفل اله م الى‪:‬‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫ﮪ‬ ‫ا لفل اله جل يال‪:‬‬ ‫التص‬ ‫الص‬ ‫ا رتفقا مرمبة مكا ا‬ ‫ﭓ ﭔ‬
‫ففنا‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [الحجرات‪ ،]41 :‬ـفع يمن م الى الص‬
‫يلى نفي الر ن ر الذ ها الفقفا ر‪ ،‬القفام انذ األي اي الصالحة‪.‬‬
‫‪134‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫اي اإلمام أـ اا ـابل ر يـ ه الله ر في ـ ‪ (( :‬الافا ها الكفر‪ ،‬أ كفرر االلره‬


‫ب فر ينر اإلررالم فري ال النفرة‪ ،‬مثرل ال ارافقفا الرذ ا كراناا يلرى ينر يرراي اللره‬
‫‪.)1())‬‬
‫ر ن ماه ما جا يا يلي اا ال اي ر يـ ره اللره ر‪ (( :‬الافرا هرا الكفرر‪ ،‬أ كفرر‬
‫االلرره ‪ ‬ب ر فررر فرري السر ر ينررر اإل ررا فرري ال النفررة‪ ،‬مثررل ال اررافقفا الررذ ا كرراناا‬
‫يلى ين يراي الله ‪.)2())‬‬
‫رراي البرانرراي ر يـ رره اللرره ر فرري ـر ‪ (( :‬الافررا أ ينررر اإلرررالم االلسررا خفرري‬
‫الكفر االا فر))(‪.)3‬‬
‫ج ررا ي ررا اا ررا الق ررفن ر يـ رره الل رره ر‪ (( :‬أم ررا كف ررر الاف ررا ‪ :‬فن ررا أ ين ررر الس ررانه‬
‫اإل ا اطا اقلبه يلى التكذ ن‪ ،‬فنذا ها الافا األكبر))(‪.)4‬‬
‫رراي اا ررا يج ررن ر يـ رره الل رره ر‪(( :‬الاف ررا اقس ررن ش رررياً إل ررى س ر فا‪ :‬أـ ر ه ا‪:‬‬
‫الافا األكبر‪ ،‬ها‪ :‬أ ينر اإلنسا اإل ا االله مالئكته كتبه يررله الفرام اآلخرر‪،‬‬
‫بطا ما اا ا ذل كله أ ا اه))(‪.)5‬‬
‫ـ ـافظ ـك ي اقاله‪ (( :‬ها ما كا ا م مصر القلرن ي لره مرع ا نقفرا‬
‫ﭮ‬ ‫ظرراهراً يئررا الارراس‪ ،‬ككفررر ااررا رررلاي ـزارره الررذ ا رراي اللرره م ررالى فررفنن‪ :‬ﭬ ﭭ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮏ ﮐ إلر ر ر ررى الر ر ر رره ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ [البقرة‪ 8 :‬ر ‪ ،]44‬فرها ما اآل ات))(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬شرح أصاي ايتقا أهل الساة (‪.)443/4‬‬


‫(‪ )2‬ال رجع الساا (‪.)444/4‬‬
‫(‪ )3‬شرح الساة للبراناي مع شرـه إيشا الساي للاج ي (ص‪.)444 :‬‬
‫(‪ )4‬م ايج السالكفا (‪.)448/4‬‬
‫(‪ )5‬جامع افا ال لام الحكن (ص‪ .)844 :‬انير‪ :‬في ـ أ ااً‪ :‬مج اأ الفتا إل (‪.)464/44‬‬
‫(‪ )6‬أيالم الساة ال اشاية (ص‪.)478 :‬‬
‫‪134‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫هذا ا ا م ا فل في م ر ف الافا ا يتقا افا ـقفقته‪ ،‬هي أ ااي ك ا مررإل‬


‫ـاصل اـ ‪ ،‬ها أ ال ااف نفا راً ايتقا راً ُينرر السرانه اإلررالم ربطا اقلبره‬ ‫ٍ‬ ‫متفقة يلى‬
‫الكفر‪.‬‬
‫الافرا ا يتقرا حصرل ارأماي‪ .‬رراي الشرفم مح ر ارا يبر الاهرراب ر يـ ره اللره ر‪...(( :‬‬
‫فأمررا الافررا ا يتقررا فنررا رررتة أنرااأ‪ ،‬مكررذ ن الرررراي‪ ،‬أ مكررذ ن ا ررا مررا جررا ارره الرررراي‪ ،‬أ‬
‫اغا الررراي أ اغرا مرا جرا اره الررراي‪ ،‬أ ال سررة اانخفراض را الررراي‪ ،‬أ الكراهفرة اانتصراي‬
‫ا الرراي‪ ،‬فن األنااأ الستة صاـبنا ما أهل ال ي األرفل ما الااي))(‪.)1‬‬
‫رإل ا ا الباـثفا ال اصر ا أ األ أ قاي‪(( :‬الافا األكبر))‪ ،‬أل الافا‬
‫ختص االجانن ا يتقا فحسن‪ .‬يلل ذل اأ القرح ر ذكرر مرا صرفات ال ارافقفا‬
‫ماقفص ررنن للرر رراي ‪ ،‬ر ررخر تنن ا ررال ؤمافا مااص ررمنن للكف رراي نح ررا ذل ر ‪ ،‬ه ررذ أم رراي‬
‫ي لفة‪ ،‬لفسه ايتقا ة(‪.)2‬‬
‫لرره‪ :‬مشرراـة فرري ا صررطالح‪ ،‬فررا هررذ األمرراي الترري نررص يلفنررا الباـررع لنررا ايمبرراط‬
‫االباطا‪ ،‬فال مص ي إ يا ما كا ماافقاً في الباطا‪ .‬ايمباط الباطا االياهر أمر ريمه الشر ة ك را‬
‫في الح ع‪« :‬أ إ في الجسر مارغة إذا صرلحه صرل لنرا ررائر الجسر ‪ ،‬إذا فسر ت فسر‬
‫لنا رائر الجس ‪ ،‬أ هي القلن»(‪ )3‬فنذ األماي ما لاازم الافا ا يتقا ‪.‬‬
‫فالحاص ررل أ كف ررر الاف ررا حص ررل اانتف ررا ي ررل القل ررن م ررا الاف ررة اإلخ ررالص ال حب ررة‬
‫اإلذ ررا مررع انقفررا الج راايح اليرراهرة‪ ،‬لررزم أ كررا مكررذااً فق ر حصررل االش ر ر حصررل‬
‫االبغا‪ .‬لكا ل ا كا قتر اه التكذ ن الباً نارن ذكر هاا‪.‬‬
‫قاي الشفم ـافظ ـك ي ر يـ ره اللره ر فري ررفا ذكرر ألنرااأ الكفرر‪ (( :‬إ انتفرى‬
‫ي رل القلررن مررا الافررة اإلخررالص ال حبررة اإلذ را مررع انقفررا الجراايح اليرراهرة فكفررر نفررا‬
‫راا ج التص ال طل أ انتفى‪ ،‬راا انتفى اتكذ ن أ ش )) أ‪.‬هر(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬مج اية التاـف (ص‪ .)7 :‬انير‪ :‬مج اأ الفتا إل (‪.)646/38‬‬
‫الاهفبي (جر‪.)414/3‬‬ ‫(‪ )2‬انير‪ :‬ناا ا اإلرالم ا يتقا ة لل كتاي مح‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاي في كتاب اإل ا ‪ ،‬ااب‪ :‬فال ما ارتبرأ ل اه ح (‪ ،)13‬مسلن في كتاب ال سا اة‬
‫(‪ 4344/4‬ر ‪ )4334‬ح (‪.)4144‬‬
‫(‪ )4‬م ايج القباي (‪.)144/3‬‬
‫‪133‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ك ررا‬ ‫م ررا ها ررا ين ررر الف ررر ا ررفا الاف ررا كف ررر التك ررذ ن‪ ،‬ه ررا أ ال ا رراف ر‬
‫مكذااً االرراي أ ‪ :‬السانه‪ ،‬لكا مخا ياً فري إ انره فكفرر الافرا أخرص مرا مطلر كفرر‬
‫التكررذ ن إذ هررا مكررذ ن خرراص‪ ،‬هررا التكررذ ن االا ر فر‪ .‬ك ررا ر حصررل كفررر الافررا‬
‫اأماي أخرإل فر التكذ ن كالش البغا‪ ،‬الله م الى أيلن‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬حكم النفاق االعتقادي‪.‬‬
‫الافا ا يتقا ر ك ا مق م في ـ ر كا ااظناي اإلرالم إض اي الكفر‪ ،‬لرذا‬
‫فق امف أهل ال لن يلى أ ال ااف نفا اً ايتقا اً مُجررإل يلفره أـكرام اإلررالم فري اليراهر ر‬
‫راي أ ف ررل ر فررفُح َقا ُمره ُح َفرظ مالُره‪ ،‬ففرررث ُرايث‪،‬‬ ‫مررا لررن ينرر مررا فرري لبرره مررا الكفررر اقر ٍ‬
‫ُ‬
‫ُصلى يلفه ُ فا في مقاار ال سل فا إلى فر ذلر مرا األـكرام التري مثبره ا قر اإلررالم‪.‬‬
‫أما في اآلخرة فنا محه الكفاي في ال ي األرفل ما الااي خال اً ففنا ك ا اي م الى‪:‬‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ (‪[ )1‬الاس ر ررا ‪ ،]461 :‬إن ر ررا ار ر ررتحقاا ه ر ررذا‬
‫الجرزا لكرراننن كفراياً فرري البرراطا مسررتنزئفا االر ا(‪ )2‬ك ررا رراي م ررالى فرري صررفنن‪ :‬ﯛ ﯜ‬
‫ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ [البق ر ر ر رررة‪ ،]46 :‬ر ر ر رراي‪ :‬ﮒ‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﮢ ﮣ [ال ائ ر ر ر ة‪:‬‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫‪ .]44‬فاللرره م ررالى هررا ال لررفن اسررائرهن ال طلرع يلررى ضر ائرهن‪ .‬أمررا فرري الر نفا فف رراملا ا ررا‬
‫أظنر ما اإلرالم‪ ،‬أل أـكام ال نفا مبااها يلى الياهر‪.‬‬
‫رراي اإلمررام الشرراف ي ر يـ رره اللرره ر‪(( :‬لررفس ألـ ر أ حكررن يلررى أـ ر اخررال مررا‬
‫أظنررر مررا نفسرره‪ ،‬أ اللرره ‪ ‬إن ررا ج ررل لل بررا الحكررن يلررى مررا ظنررر‪ ،‬أل أـ ر اً مررانن‬
‫لررن مررا رراب إ مررا يل رره اللرره ‪ ،‬فاجررن يلررى مررا يقررل يررا اللرره أ ج ررل الياررا كلنررا‬
‫في األـكام م طلة فال حكن يلى أـ ٍ اي ٍا))(‪ .)3‬انتنى‪.‬‬
‫رراي شررفم اإلرررالم ر يـ رره اللرره ر (( ر كررا فرري اررال الكفررر مررا هررا مررؤما فرري البرراطا‬
‫كتن إ انه لرن ال سرل ا ـالره إذا راملاا الكفراي ففقتلانره‪ ،‬غسرل‪ ،‬صرلى يلفره‪،‬‬

‫(‪ )1‬انير‪ :‬األم للشاف ي (‪ ،)441/7‬أصاي ايتقا أهل الساة لاللكائي (‪ ،)444/4‬م ايج السالكفا‬
‫(‪.)467/4‬‬
‫(‪ )2‬انير‪ :‬فت الباي (‪.)344/8‬‬
‫(‪ )3‬األم (‪ .)444/7‬انير‪ :‬الطحا ة مع شرـنا اا أاي ال ز (ص‪.)474:‬‬
‫‪134‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ر فا مررع ال شررركفا‪ ،‬هررا فرري اآلخرررة مررا ال ررؤمافا أهررل الجاررة‪ ،‬ك ررا أ ال اررافقفا مجرررإل‬
‫يلفنن أـكام ال سرل فا‪ ،‬هرن فري اآلخررة فري الر ي األررفل مرا الاراي فحكرن الر اي اآلخررة‬
‫فر ـكن ال اي ال نفا))(‪.)1‬‬
‫يلرل ذلر الحرافظ ااررا القرفن فقرراي‪ (( :‬أل شررائع اإلرررالم يلرى األف رراي اليراهرة‪ ،‬أمررا‬
‫ـقائ اإل ا الباطاة‪ ،‬فتل يلفنا شرائع الثااب ال قاب فلله م الى ـك را ‪ :‬ـكرن فري‬
‫ال ر نفا يلررى الش ررائع اليرراهرة أي رراي الج راايح‪ ،‬ـكررن ف ري اآلخرررة يلررى الي رااهر الب رااطا‪،‬‬
‫لنذا كا الابي ‪ ‬قبل يالنفة ال اافقفا‪ ،‬كل أررايهن إلى الله م الى‪ ،‬ففااكحا ر را‬
‫اي ررا ‪ ،‬تر اصررالمنن فرري أـكررام الر نفا‪ ،‬فررال كررا ـك نررن ـكررن مرراي الصررالة‪ ،‬إذ ر‬
‫أماا اصايمنا الياهرة‪ ،‬أـكام الثااب ال قاب‪ ،‬لفسره إلرى البشرر‪ ،‬ارل إلرى اللره‪ ،‬اللره ترا‬
‫في ال اي اآلخرة))(‪.)2‬‬
‫اذل مينر خطاية الافا ا يتقا ‪ ،‬أنه أراأ رفئة ما الكفر الياهر‪ ،‬ل ل جره ذلر‬
‫ر اللرره أيلررن ر‪ ،‬فررأل ال ارراف نفا راً ايتقا راً ر ج ررع اررفا رررفئتفا ييف تررفا‪ ،‬ه ررا رررفئة الكفررر‬
‫ر ررفئة مخا ي ررة ال ررؤمافا ك ررا رراي م ررالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫[البقر رررة‪ ،]4 :‬ذل ر ر اخر ررال الكر ررافر الصر ررر ال ينر ررر لكفر ررر ‪ ،‬فانر رره محصر ررل مار رره رر ررفئة‬
‫ال خا يررة لل ررؤمافا ااإل ررا ‪ ،‬لررذا كانرره يقااررة ال ارراف أشر مررا يقااررة الكررافر الصررر فرري‬
‫اآلخرة ك ا اي م الى‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [الاسا ‪.]461 :‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الزندي حكمه واختالف العلماء في قبول توبته‪.‬‬
‫محته مقص ا ‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الزندي في عرف الفقهاء‪.‬‬
‫الزن ها ال ااف في يُصر الفقنا ‪.‬‬
‫راي اارا امرة ر يـ ره اللره ر‪ (( :‬الزنر هرا الرذ ينرر اإلرررالم سرتتر ارالكفر‪ ،‬هررا‬
‫ال ااف ‪ ،‬كا س ى في يصر الابي ‪ ‬ماافقاً‪ ،‬س ى الفام زن قاً))(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ي الت ايض‪.)644/8( :‬‬


‫(‪ )2‬م ايج السالكفا (‪.)054/5‬‬
‫اا ـجر (‪ ،)374/43‬ماا ر‬ ‫(‪ .)414/4( )3‬انير‪ :‬شرح ـ ع جبر ل ‪( ‬ص‪ ،)444 :‬فت الباي‬
‫ال قالة في ـل ألفا الررالة (‪.)414/4‬‬
‫‪136‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ال اراف ارل‬ ‫لرزم م اره امحرا الزنر‬ ‫أشراي الحرافظ فري ((الفرت ))(‪ )1‬إلرى أ هرذا‬
‫ٍ‬
‫يكس‪.‬‬ ‫كل زن مااف ما فر‬
‫جه ذل ر الله أيلن ر أل فري ال ارافقفا مرا كرا نفا ره ي لفراً ايتقا راً فرال كرا كرافراً‬
‫مبطااً للكفر‪ ،‬فال كا زن قاً‪ ،‬أل الزن ما أاطا الكفر كا نفا ه ايتقا اً‪.‬‬
‫أمررر حخررر‪ ،‬هررا أ الزنر ُينررر زن ترره اررأم ٍر ر ي يلررى نفا رره‪ ،‬فررال سر ى زنر قاً إ‬
‫إذا أظنر نفا ه‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬حكم الزندي واختالف العلماء في قبول توبته في الظاهر‪.‬‬
‫ينر اإل ا بطا الكفرر شرأنه كشرأ ال اراف اختلرف ال ل را فري‬ ‫ل ا كا الزن‬
‫(‪)3‬‬
‫باي مااته فري اليراهر(‪ )2‬إذا ُفرع إلرى لري األمرر برل أ تراب إلرى أ رااي ((ف رذهن مالر‬
‫أـ ر َ فرري أشررنر الررر ا تفا يارره(‪ )4‬طائفر ٍرة مررا أصررحاب الشرراف ي(‪ ،)5‬هررا أـ ر الق رالفا فرري‬
‫مذهن أاي ـاففة(‪ )6‬أ مااته مقبل‪.‬‬
‫ذهررن الشرراف ي فرري أشررنر الررر ا تفا يارره إلررى بالنررا(‪ ،)7‬كالر ا ررة األخرررإل يررا أـ ر (‪ .)1‬هررا‬
‫القرراي اآلخررر فرري مررذهن أارري ـاففررة(‪ )2‬مررانن مررا فصررل))(‪ )3‬فقرراي‪ :‬إ أُخر َذ لفُقتررل فترراب لررن‬
‫مُقبل‪ ،‬إ جا مائباً اات ا ً ظنرت ماه أمايات الص ُبله(‪.)4‬‬

‫(‪.)374/43( )1‬‬
‫فذا‬ ‫(‪ )2‬اي شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر‪ (( :‬الفقنا إذا ماازياا في باي مااة ما مكريت ي مه‪ ،‬أ باي مااة الزن‬
‫ا اتااته‪ ،‬أما إذا ي أنه أخلص التااة لله في الباطا فانه خل في اله‬ ‫إن ا ها في الحكن الياهر‪ ،‬ألنه‬
‫ﯚ‬ ‫ﯘ ﯙ‬ ‫ﯕﯖ ﯗ‬ ‫ﯔ‬ ‫ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ‬ ‫م الى‪:‬‬
‫[الزمر‪[ .))]14 :‬مج اأ الفتا إل (‪.])44/44‬‬ ‫ﯛ‬
‫التحصفل‬ ‫(‪ )3‬انير‪ :‬ال اطأ (‪ ،)744/3‬ا رتذكاي (‪ ،)414/7‬الكافي اا يب البر (‪ ،)4444/3‬البفا‬
‫اا يش (‪ 666/44‬ر ‪.)661‬‬
‫(‪ )4‬انير‪ :‬ال سائل الفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى (‪ ،)441/3‬كتاب اإليشا إلى ربفل الرشا‬
‫(‪ ،)443/44‬ال حري في الفقه (‪ ،)448/3‬شرح ـ ع جبر ل ‪‬‬ ‫لل ر ا‬ ‫(ص‪ ،)644 :‬اإلنصا‬
‫(ص‪.)443 :‬‬
‫مسلن للاا‬ ‫(‪ ،)74/44‬شرح صحف‬ ‫(‪ )5‬انير‪ :‬ال ز ز للراف ي (‪ ،)441/44‬ي ضة الطالبفا للاا‬
‫(‪.)417/3‬‬
‫اا نجفن (‪.)444/1‬‬ ‫(‪ )6‬انير‪ :‬البحر الرائ‬
‫الكبفر (‪ ،)414/44‬ي ضة الطالبفا (‪ 71/44‬ر ‪.)74‬‬ ‫(‪ )7‬األم (‪ 644 ،444 ،448/7‬ر ‪ ،)644‬الحا‬
‫‪131‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ربن الخال افانن‪ :‬ي م التحق ما صر ه ف را ارتصرحن ررااقته فري الكرذب لرن‬
‫حكن اارالمه في الياهر‪ ،‬ما نير إلى ي ام األ لة ال الة يلرى أ الحكرن كرا االيراهر‬
‫َـ َكن اارالمه في الياهر‪.‬‬
‫أدلة الفريقين‪:‬‬
‫استدل القائلون بقبول توبته اأ لة كثفرة مانا‪:‬‬
‫‪ 4‬ر ال ر رره م ر ررالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ [الاسا ‪.]46 :‬‬
‫الاا‪ :‬ف له اآل ة يلى أنه ايتباي االا فر في أـكرام الر نفا‪ ،‬إن را ا يتبراي ا را ينرر‬
‫ما القاي‪ ،‬ذل ـكن يام في ج فع الكفاي‪ ،‬ف خل ففه الزن (‪.)5‬‬
‫‪ 3‬ر اله م الى‪ :‬ﮦ ﮧ ﮨ [ال جا لة‪.]44 :‬‬
‫الاا‪ :‬ف ي يلى أ إظناي اإل ا حصا ما القتل(‪.)6‬‬
‫‪ 4‬ر ال رره م ررالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫[الحجرات‪.]46 :‬‬
‫يلن أنره لرن ر خل اإل را فري لراانن أننرن أظنرر‬ ‫اي اإلمام الشاف ي ر يـ ه الله ر‪(( :‬فأَ َ‬
‫ـقا اه ما هن))(‪.)7‬‬
‫‪ 6‬ر ارررت لاا مررا السرراة اقالرره ‪ ‬ألرررامة «هررال شررققه يررا لبرره»(‪ .)8‬اقالرره للررذ‬
‫رررررررررر‬
‫(‪،)444/44‬‬ ‫(=‪ )1‬انير‪ :‬ال سائل الفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى (‪ ،)441/3‬اإلنصا لل ر ا‬
‫شرح ـ ع جبر ل ‪( ‬ص‪ ،)443 :‬نفل األ طاي (‪ 781/6‬ر ‪.)784‬‬
‫(‪ )2‬انير‪ :‬فت الق ر اا الن ام (‪.)74/4‬‬
‫(‪ )3‬محرر األ ااي في هذ ال سألة ها كالم شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر ك ا في ـ ع جبرل ‪( ‬ص‪.)443 :‬‬
‫(‪ )4‬ي ضة الطالبفا (‪ .)74/44‬انير‪ :‬ال ز ز للراف ي (‪.)441/44‬‬
‫(‪.)414/44‬‬ ‫الكبفر لل ا ي‬ ‫(‪ )5‬انير‪ :‬أـكام القرح للجصاص (‪ ،)374/4‬الحا‬
‫اا ـجر (‪.)374/43‬‬ ‫(‪ )6‬فت الباي‬
‫(‪ )7‬األم (‪.)643/7‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه مسلن في كتاب اإل ا (‪ )44/4‬ح (‪ .)418‬أصله يا البخاي في كتاب ال غاز ‪ ،‬ااب‪ :‬ا ع‬
‫الابي ‪ ‬أرامة اا ز إلى الحر ات ما جنفاة (جر‪ )446/1‬ح (‪.)6344‬‬
‫‪134‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ر رراي ف رري ت ررل يج ررل‪« :‬أل ررفس ُص ررلي؟» رراي‪ :‬ن ررن‪ .‬رراي‪« :‬أ لئر ر ال ررذ ا نن رراني الل رره ي ررا‬
‫تلنن»(‪ .)1‬اقاله ‪« :‬إني لن أُامر أ أنقن لاب الااس‪ ،‬أش اطاننن»(‪.)2‬‬
‫الاا‪ :‬ف ي ذل يلى أ أـكام ال نفا مُجرإل يلى الياهر‪ ،‬الله تالى السرائر(‪.)3‬‬
‫‪ 1‬ر أ ااً ارت لاا اقاله ‪« :‬أمررت أ أ امرل الاراس ـترى قالراا إلره إ اللره فراذا‬
‫الاها يص اا ماي ما هن أماالنن إ احقنا ـساانن يلى الله»(‪.)4‬‬
‫يلن أ ـك ن ررن ف رري الي رراهر أ مُ ا ررع م ررااهن‬ ‫رراي اإلم ررام الش رراف ي ر يـ رره الل رره ر‪(( :‬ف رأَ َ‬
‫ااظناي اإل ا ـساانن في ال غفن يلى الله))(‪.)5‬‬
‫‪ 4‬ر ررالاا أ اراً‪ :‬إ ال اررافقفا كرراناا يلررى ينر يررراي اللرره ‪ ‬ينررر اإلرررالم سررر‬
‫الكفررر مررع هررذا فررالابي ‪ ‬لررن كررا قررتلنن‪ ،‬كررذل الزن ر إذا أظنررر اإلرررالم جررن أ‬
‫قتل(‪.)6‬‬
‫ٍ‬
‫بأدلة كثيرة أيضا منها‪:‬‬ ‫واستدل القائلون بعدم قبول توبة الزندي‬
‫‪ 4‬ر اله م الى‪ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [البقرة‪.]444:‬‬
‫لن مبففا يجايه‪ ،‬مااتره ألنره َينرر ماره االتاارة خرال مرا كرا يلفره‪،‬‬ ‫الاا‪ :‬الزن‬
‫فانه كا افي الكفر يا نفسه بل ذل ‪ ،‬لبه ُطلع يلفه(‪.)7‬‬
‫[حي‬ ‫‪ 3‬ر ال رره م ررالى‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ي را ‪.]44:‬‬
‫الاا‪ :‬الزن كذل مكري ماه الكفر(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البفنقي في الساا (‪ ،)447/4‬يب اا ـ ف في مسا (ص‪ )477 :‬ح (‪.)644‬‬
‫(‪ )2‬ماى مخر جه في (ص‪.)448 :‬‬
‫(‪ )3‬انير‪ :‬فت الباي (‪.)374/43‬‬
‫(‪ )4‬ماى مخر جه في (ص‪.)484 :‬‬
‫(‪ )5‬األم (‪.)644/7‬‬
‫(‪ )6‬ال سائل الفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى (‪.)441/3‬‬
‫(‪ )7‬مااي السبفل (ص‪ .)743 :‬انير‪ :‬فت الباي (‪.)381/43‬‬
‫الكبفر (‪،)413/44‬‬ ‫(‪ )8‬انير‪ :‬ال سائل اللفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى (‪ ،)443/3‬الحا‬
‫فت الباي (‪ ،)374/43‬مج اأ الفتا إل (‪.)44/44‬‬
‫‪137‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫‪ 4‬ر ارررت لاا أ ا راً االقفرراس‪ ،‬فقررالاا‪ :‬أل الزن ررة أييررن فسررا اً فرري األيض مررا الحرااررة‬
‫لج نا افا فسا ال ا ال نفا‪ ،‬فل ا لن مقبل مااة ال حايافا ا الق ية‪ ،‬فرأ لى أ مقبرل‬
‫مااة الزن ا الق ية‪.‬‬
‫أل الياهر ما مااة الزن أنه ست فع انرا القترل‪ ،‬ك را كرا اليراهر مرا ماارة ال حرايب‬
‫ارت فاأ القترل انرا‪ ،‬فاجرن أ مح رل مااتره يلرى اليراهر مرا ـالنرا فري فرع القترل انا‪،‬ك را‬
‫ـ له مااة ال حايب يلى الياهر ما ـالنا(‪.)1‬‬
‫‪ 4‬ر ارررت لاا أ ا راً مررا الايررر‪ ،‬فقررالاا‪ :‬إ الزن ر أمررر ررائن يلررى ال خا يررة التاررلفل‪،‬‬
‫مااترره فرري هررذا ال قررام محررل اـت رراي‪ ،‬فقر كررا ال ر فاأ إلررى لرري األمررر ـررفا ُينررر التااررة‬
‫كا كاذااً‪ ،‬مرجف أـ األمر ا ضرب ما ال حاي‪ ،‬لكا رااقته فري الزن رة‬ ‫صا اً‪،‬‬
‫التي كا حا ي كت اننا مقاي ا م باي مااته‪ ،‬ألنه كرا أ كرا ر أظنرر التاارة مقفرة‬
‫خافاً ما ال قاب(‪ )2‬فاجن أ ُقطع شر ُسرت فع ضرري يرا ال سرل فا‪ ،‬ذلر اقتلره‪ ،‬إ‬
‫أظنر التااة‪ ،‬ذل لخطاية أمر خفائه في نفس الا ه‪.‬‬
‫في هذا ال اى قاي شفم اإلرالم ر يـ ه الله ر‪ (( :‬الزن ها ال ااف ‪ ،‬إن ا قتلره مرا‬
‫قتله إذا ظنر ماه أنه كتن الافا ‪ ،‬الاا‪ :‬م لن مااته‪ ،‬أل ا ة ما يا أنه ينر ما كرا‬
‫ينررر‪ ،‬ر ك ررا ينررر اإل ررا ه ررا مارراف ‪ ،‬ل ررا بل رره مااررة الزنا ررة ل ررن كررا ر رربفل إل ررى‬
‫ماي هن االتقتفل))(‪.)3‬‬ ‫مقتفلنن‪ ،‬القرح‬
‫ام ال لفل يلى فسا يقف مره مكذ بره اررتنانته االر ا‬ ‫اي مل فذ ااا القفن‪(( :‬فنذا الزن‬
‫ـرره ففرره‪ ،‬فاظنرراي اإل رراي التااررة ا ر القر ية يلفرره لررفس ففرره أكثررر م ررا كررا ينررر بررل هررذا‪ ،‬هررذا‬
‫الق ي اطله لته ا ا أظنر ما الزن ة فال جاز ا يت ا يلفه))(‪ .)4‬انتنى‪.‬‬
‫أجاب القائلا اقباي مااة الزن يا أ لة القائلفا ا م بالنا فقالاا (‪:)5‬‬

‫(‪ .)413/44‬انير‪ :‬ال سائل اللفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى‬ ‫الكبفر لل ا ي‬ ‫(‪ )1‬الحا‬
‫(‪.)441/3‬‬
‫سفر‪.‬‬ ‫(‪ )2‬مق مة محقف شرح ـ ع جبر ل ‪( ‬ص‪ )43 :‬اتصر‬
‫(‪ )3‬مج اأ الفتا إل (‪.)341/7‬‬
‫(‪ )4‬إيالم ال ا فا (‪.)444/4‬‬
‫(‪ 416/44‬ر ‪.)411‬‬ ‫الكبفر لل ا ي‬ ‫(‪ )5‬هذ األجااة ما كتاب الحا‬
‫‪138‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫فأما الجااب يا اله م الى‪ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ [حي ي را ‪ ]44:‬فنرا‪ :‬أنره ر م رايض‬


‫ففنررا مررا تاررافى اجت اين ررا‪ ،‬أل مررا از ا كف رراً لررن تررن‪ ،‬مررا مرراب لررن ررز كف رراً‪ ،‬إذا ماررافى‬
‫ظاهره ررا صرراي مأ لن ررا مح ررا ً يلررى مَق ر م التااررة يلررى مررا ـ ر ث ا ر ها مررا ز ررا ة الكف رر‪،‬‬
‫ففحبط ـا ث الكفر راا التااة‪ ،‬الزن إذا ماب لن ح ث كفراً‪.‬‬
‫أما الجااب يا النن(‪ :)1‬إنه االتااة مينر لإلرالم مستبطا للكفر‪ ،‬هكذا ها بلنا‪.‬‬
‫فنا أناا ما كلفاا ماه إ الياهر ما ـاله‪ ،‬هرا فري البراطا ماكراي إلرى ياره‪ ...‬ر جراز‬
‫أ مؤ ر التااة في ااطاه كتأ فرها في ظاهر ‪.‬‬
‫أما الج ع افاه افا ال حايب فال ص ‪ ،‬فترا ن ا في م اى الحكن‪ ،‬أل الحرااة قترل‬
‫ففنا اياهر ف له‪ ،‬فلن مؤ ر التااة في يف ره‪ ،‬الرر ة قترل ففنرا ايراهر الره الر اي يلرى م تقر ‪،‬‬
‫فجاز أ رف نا ما جانسنا ما القاي في مااته‪ ،‬ح ل ذل يلى ز اي م تق ‪.‬‬
‫أما الجااب يا النن(‪ :)2‬إ الياهر مانا ارت فاأ القتل‪.‬‬
‫اررع إرررالم الحرارري إذا‬ ‫اررع مررا برراي التااررة فرري ال رم ر ك ررا‬ ‫فنررا أ هررذا اليرراهر‬
‫ُ م للقتل ما باي إرالمه الكف يا تله الله أيلن‪.‬‬
‫أجاب القائلا ا م باي مااة الزن يلى أ لة القائلفا اقبالنا فقالاا‪:‬‬
‫فأم ررا الج ر رااب ي ررا ار ررت لنن االاص رراص ال ال ررة يل ررى الحك ررن االير رراهر فن ررا‪ :‬أ ه ررذ‬
‫الاصاص هي في ـ ال رم إذا أظنرا اإلرالم‪ ،‬ألنرا ن لرن مرا ـالره أنره كرا رُبطا الكفرر‬
‫ـاي إرالمه ففح ل أمر يلى الصحة مقبل مااته اخال الزن ‪ ،‬فا ما يا مه أ ينر‬
‫اإلرالم ستبطا الكفر يا إلفه في السر س ى في األيض فسا اً(‪.)3‬‬
‫أما الجااب يا صة أرامة ‪ ‬فني خايج محل الارزاأ ألننا في ـ كاف ٍر أصلي‪.‬‬
‫أما كرا الابري ‪ ‬لرن قترل ال ارافقفا فرذل للترألف‪ ،‬ألنره لرا رتلنن ا ل ره فرال رؤما أ‬
‫قاي ائل إن ا تلنن ل اى حخر‪ ،‬فكانه مصلحة ي م تلنن أيج (‪.)4‬‬
‫الترجيح‪:‬‬

‫الكبفر ( اله) ي لتنا للسفا ‪.‬‬ ‫(‪ )1‬في الحا‬


‫الكبفر ( اله) ي لتنا للسفا ‪.‬‬ ‫(‪ )2‬في الحا‬
‫(‪ )3‬انير‪ :‬ال سائل اللفقنفة ما كتاب الر ا تفا الاجنفا ألاي لى (‪.)441/3‬‬
‫سفر‪.‬‬ ‫(‪ )4‬فت الباي (‪ )374/43‬اتصر‬
‫‪134‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫ا ر يرررض أ لررة الطرررففا ال اا شررات لنررا ص ر ن القطررع اقر ٍ‬


‫راي فرري هررذ ال سررألة‪ ،‬أل‬
‫األ لة ففنا متجاذاة افا الطرففا‪ ،‬هي أ ااً ما مسائل ا جتنا التي مر هرا فري الانا رة إلرى‬
‫ـكررن الحرراكن الررذ ـك ره رراطع للخررال ‪ .‬لكررا ينررر لرري أ القرراي اأنرره ُقتررل مقبررل‬
‫مااترره ففرره جاهررة رراة مررا جنررة الايررر(‪ .)1‬أمررا األ لررة الاقلفررة فنرري متكافئررة ففصر ن الترررجف‬
‫افانا‪ .‬الله م الى أيلن‪.‬‬

‫(‪ )1‬انير‪ :‬لفل الاير في (ص‪ )852 :‬الفقرة الثانفة‪.‬‬


‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫الصدق واليقين‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬الفرق بين ّ‬
‫الص ر الفقررفا متالزمررا مالزم راً اف ر أا ر اً فرري يررر الشرررأ ك ررا ينررر فرري افررا الفررر‬
‫افان ا فا الص ر ك ا مق م ر ها محقف الفقفا‪ ،‬ذل مرمبة أيلى ما أصل الفقفا الذ ها‬
‫يلررن الفقررفا‪ ،‬ف لررن الفقررفا حصررل اانتفررا الش ر ‪ .‬أمررا شرررط الص ر ففتحق ر اانتفررا الر ررن‪،‬‬
‫الر ن ر ك ا ري شفم اإلرالم ر أين ما الش ‪ ،‬فنا كا في يلن القلن في ي له‪ ،‬اخال‬
‫الش فال كا إ في ال لن(‪.)1‬‬
‫ر يـ ره اللره ر فري م ر رف الصر الفقرفا‪(( :‬ال لرن الراررم الرذ‬ ‫ألجل هذا اي السر‬
‫ي ررن ففرره شر ال ث ررر لط أنفاررة القلررن يل راً ط أنفاررة‪ ،‬ررركاناً ل با ررة اللرره ألي رراي‬
‫الجراايح))(‪ .)2‬فج ررل الصر مرا فراً للفقررفا اايتبرراي الغا ررة فررالفقفا رررفلة لحصرراي الصر ‪،‬‬
‫لفس ها الص فالص مرمبة محصل ا الفقفا‪.‬‬
‫اض ذل الره م رالى‪ :‬ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ [الحجررات‪ ،]41 :‬ـفررع يمررن م ررالى الصر يلررى نفرري الر ررن ر الررذ‬
‫ها الفقفا ر‪ ،‬القفام انذ األي اي الصالحة ف ي يلى أ الص مرمبة محصل ا الفقفا‪.‬‬
‫كرا إ ااإل را الارافي‬ ‫قاي الشفم مح اا يب الاهاب ر يـ ه اللره ر‪(( :‬الصر‬
‫للر ن))(‪.)3‬‬
‫فتبفا أ الصر أيرن مرا جنرة نفسره أخرص مرا جنرة أهلره مرا الفقرفا فكرل مصر ٍ فنرا‬
‫ما ا‪ ،‬لرفس كرل مرا ا كرا مصر اً فالصر ت لر ارال لن ال رل م راً‪ ،‬اخرال الفقرفا فرال‬
‫ت ل إ اال لن‪.‬‬
‫إذا برره هررذا‪ ،‬فبقرري أ أشررفر إلررى مسررألة أخفرررة أخررتن انررا الح ر ع يررا شرررط الص ر ‪،‬‬
‫هي الفر افاه افا ال لن‪ .‬فأ اي‪:‬‬
‫الفررر اررفا ال لررن الص ر ينررر مررا خررالي م رفررة الفررر اررفا الفقررفا الص ر ‪ ،‬ذل ر أل‬
‫الفقفا ر ك ا مق م ر ها ك اي ال لن ال اافي للش (‪ )4‬ففكا الفر افا ال لن الص كالفر‬
‫(‪ )1‬مج اأ الفتا إل (‪.)384/7‬‬
‫(‪ )2‬الر اض الااضرة (ص‪.)344 :‬‬
‫(‪ )3‬مسائل لخصنا اإلمام مح اا يب الاهاب (ص‪.)44 :‬‬
‫(‪ )4‬انير‪( :‬ص‪.)664 :‬‬
‫‪144‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫افا الفقفا الص (‪ ،)1‬هذا يا أهرل السراة‪ .‬أمرا يار ال رجئرة فقر مرر أ مرا ذكرر مرا الفرر‬
‫ااطل‪ ،‬ألنه مترمن يلفه رة(‪.)2‬‬
‫قاي شفم اإلرالم ااا مف فة ر يـ ه الله ر مقررياً ل رذهن أهرل السراة فري الفرر ارفا ال لرن‬
‫الص مبطالً لتفر ال رجئة‪ (( :‬أـ ر راي‪ :‬ار مرع هرذا اإل رراي أ كرا مصر اً‪ ،‬أ‬
‫كا يايفاً‪ ،‬أ كا مص اً ا ا ير ‪ ،‬فى ي ا رة أخررإل‪ :‬مصر اً ا را أ رر‪ ،‬هرذا قتاري‬
‫أنرره ار مررا مصر ارراطا‪ ،‬حت رل أ كررا لفررظ التصر يار تار ا القرراي ال ررل‬
‫ج ف اً‪ ،‬ك ا ذكرنا شااه أنره قراي‪ :‬صر ارالقاي ال رل ففكرا مصر القلرن يار‬
‫تا ا أنه مع م رفة لبه أنره يرراي اللره ر خارع لره انقرا ‪ ،‬فصر ه اقراي لبره ي رل لبره‬
‫محبة م يف اً‪ ،‬إ ف جر م رفة لبه أنه يراي الله مرع اإليرراض يرا ا نقفرا لره ل را جرا‬
‫اره‪ ،‬إمررا ـسر اً إمررا كبرراً‪ ،‬إمرا ل حبررة ارره الررذ خالفرره إمرا لغفررر ذلر ‪ ،‬فررال كررا إ انراً‪،‬‬
‫ا ر ف ري اإل ررا مررا يلررن القلررن ي لرره فررأيا أـ ر االتص ر أنرره مررع ال رفررة ارره صرراي‬
‫القلن مص اً لره‪ ،‬ماا راً لره‪ ،‬محبراً لره‪ ،‬م ي راً لره‪ ،‬فرا هرذا ار ماره‪ ،‬مرا فرع هرذا يرا أ‬
‫كا ما اإل ا فنا ما جاس ما فع ال رفة ما أ مكا ما اإل را ‪ ،‬هرذا أشربه ارأ‬
‫ح ررل يلفرره كررالم أـ ر ‪ ،‬أل جرراب انقفررا القلررن مررع م رفترره ظرراهر اارره ار ئل الكترراب‬
‫الساة إج راأ األمرة‪ ،‬ارل ذلر م لرام اا ضرطراي مرا را اإلررالم‪ ،‬مرا نرازأ مرا الجن فرة‬
‫في أ انقفا القلن ما اإل ا فنا ك ا نازأ مرا الكرامفرة فري أ م رفرة القلرن مرا اإل را ‪،‬‬
‫فكا ـ ل كالم أـ يلى هذا ها ال اارن لكالمه في هذا ال قام‪.‬‬
‫أ ااً فا الفر افا م رفرة القلرن ارفا مجرر مصر القلرن الخرالي يرا ا نقفرا الرذ‬
‫ج ل اي القلن أمر ف ‪ ،‬أكثر ال قرال اكر نره اتقر ر صرحته جرن يلرى كرل أـر‬
‫أ اجن شفئفا تصراي الفرر افان را‪ ،‬أكثرر الاراس تصراي الفرر ارفا م رفرة القلرن‬
‫مص ر قه‪ ،‬قالررا ‪ :‬إ مررا الرره ااررا كررالب األش ر ر مررا الفررر كررالم ااطررل ـقفقررة لرره‪،‬‬
‫كثفر ما أصحااه ايتر ا م الفر ))(‪ .)3‬انتنى‪.‬‬

‫(‪ )1‬مق م ر باً‪.‬‬


‫(‪ )2‬انير‪( :‬ص‪ 443 :‬ر ‪.)444‬‬
‫(‪ )3‬مج اأ الفتا إل (‪ 447/7‬ر ‪.)448‬‬
‫‪143‬‬ ‫شرط الصدق‬

‫فل في الفر افان ا(‪ :)1‬أ التص مرا ُ تقر ففره اا ختفراي القصر ‪ ،‬ذلر‬
‫صر ارره ك ررا كررا الكفرراي رفانرره‬ ‫أخررص مررا ال لررن القط رري إذ ر حصررل اررال اختفرراي ُ َ‬
‫‪ ‬ك ا رفا أااا هن(‪.)2‬‬
‫كفري لصرحة اإل را ‪،‬‬ ‫له‪ :‬ها ااطل‪ ،‬أل مرجع ذل إلرى مصر القلرن‪ ،‬ذلر‬
‫ص مص قاً جازماً اقا ال َجح ُ رض‪ .‬مق م أنره فرر ارفا م رفرة‬ ‫ألنه ُ َ‬
‫القلن مص قه الخالي يا ا نقفا ‪.‬‬
‫لررا فررل فرري حخررر ‪ :‬لررا صر اا آلماراا‪ ،‬رررتقام الفررر ‪ ،‬يجررع إلررى األ ي(‪ ،)3‬اللرره م ررالى‬
‫أيلن‪.‬‬
‫فالحاصررل‪ :‬أ الصر ـاصررل مج رراأ ال لررن الفقررفا‪ ،‬فبرره تحقر الفقررفا ال سررتلزم لل لررن‬
‫ا اى الشنا ة‪.‬‬

‫ال لن‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أ التص‬


‫(‪ )2‬انير‪ :‬شرح األنااي يلى ال ااي (‪.)614/4‬‬
‫(‪ )3‬أ الفر األ ي‪.‬‬
‫‪355‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اإلخالص‪.‬‬


‫وتحته تمهيد وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى اإلخالص لغة وشرعاً‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين اإلخالص والنية عند الفقهاء‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة من الكتاب والسنة على اشتراط اإلخالص لصحة‬
‫الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط اإلخالص لصحة الشهادة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬منـزلة اإلخالص من العبادة‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬أثر قوة اإلخالص في تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬الفرق بين الصدق واإلخالص‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬ما ينافي شرط اإلخالص‪.‬‬
‫‪355‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اإلخالص‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫شرط اإلخالص هو شرط الشروط ورأسها وأهمها‪ ،‬بل هو الشرط الجامع لهذه‬
‫الشروط؛ فجميع الشروط تؤول وترجع إليه‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ [البينة‪.]3 :‬‬
‫فإخالص الدين لله هو الشرعة‪ ،‬وهو الحنيفية السمحة التي هي دين اإلسالم‪ .‬قال‬
‫تعالى‪ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [النساء‪ ،]523 :‬وقال‪ :‬ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ [الحج‪]87 :‬؛ فلو قيل‪ :‬إن شرط اإلسالم هو اإلخالص لصح؛ وذلك ألن إخالص‬
‫الدين لله مستلزم لجميع الشروط ومقتضي لها‪.‬‬
‫ي ق ووول ش وويـ اإل س ووالم و ر م ووه ال ل ووه ف ووي ش ووإلن اإلخ ووالص وب ي ووان م ن و و زلته م وون‬
‫اإل سووالم ‪ (( :‬وأ مووا اإل خووالص ل لووه ف هووو قي قووة اإل سووالم ؛ إذ اإل سووالم هووو االست سووالم ل لووه‬
‫ال لغ ي و و ووره ‪ ،‬ك م و و ووا ق و و ووال ت ع و و ووالى ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ [ الزمو و وور‪ . ] 22 :‬ف م و وون ل و و و يست س و وول ل ل و و و ه ف ق و وود‬
‫استكبر ‪ ،‬ومون است سول لو ه ولغ يوره ف قود أ شور ‪ ،‬وكول مون الك بو ر وال شور دود اإل سوالم ‪،‬‬
‫واإلس الم دد الك ب ر والشر ‪ ،‬وذلك في ال قورنن كي يور ‪ .. .‬ول هوذا كوان ع نو وان اإل سوالم ‪:‬‬
‫شووهادأ أن ال إ لووه إال ال لووه ‪ ،‬وهووي مت ضوومنة ع بووادأ ال لووه و ووده ‪ ،‬وتوور ع بووادأ مووا س و واه ‪،‬‬
‫وهو اإلسالم العام الذي ال يقبل الله من أ د من األولين واآلخرين دينا س واه ‪ ،‬كما‬
‫[ نل‬ ‫ق و و و ووال ت ع و و و ووالى ‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ع م و و و و و ران‪ ، ] 73 :‬وقو و و و ووال ت عو و و و ووالى ‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [ نل ع م و و ران‪ 57 :‬و ‪. ] 52‬‬
‫وهووذا ا لووذي ذكر ووا ه م مووا ي بووي ن أن أ صوول ا لوودين فووي الحقي قووة ‪ :‬ه و ي األ مووور الباة نووة موون‬
‫الع ل وووم واألع م ووال ‪ ،‬وأ ن األع م ووال ال ة وواهرأ ال تن ف ووع ب وودو ها ك م ووا ق ووال الن ب ووي ‪ ‬ف ووي‬
‫ال ح و و ووديو ا ل و و ووذي رواه أ م و و وود ف و و ووي « م س و و وونده » ‪ « :‬اإل س و و ووالم عال ي و و ووة واإلي م و و ووان ف و و ووي‬
‫(‪) 1( )) ) 1‬‬
‫ا تهى‪.‬‬ ‫القلب »‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه في المسند (‪ 555/5‬و ‪ ،)553‬وأبو يعلى في المسند (‪ )505/3‬ح (‪ ،)2225‬وابن أبي شيبة في =‬
‫‪353‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وأيضا بين في مودع نخر و ر مه الله و أن اإلخالص في شهادأ أن ال إله إال الله هو‬
‫مقصود الرسالة وزبدأ الكتاب‪ ،‬وألجله خلق الله العباد‪ ،‬وهو الغاية التي إليها ينتهى؛ به تحصل‬
‫السعادأ ألوليائه وبتركه تكون الشقاوأ ألعدائه‪ ،‬وهو قيقة ال إله إال الله‪ ،‬وعليه اتفقت الرسل‪،‬‬
‫وله قامت السموات واألرض(‪.)2‬‬
‫ووجه اشتراط اإلخالص و كما قال الفخر الرازي و ((أن أ كام اإليمان بعضها يتعلق‬
‫بالباةن وبعضها بالةاهر؛ فمما يتعلق بالباةن أ كام اآلخرأ‪ ،‬وذا متفرع على اإلخالص‬
‫الذي هو باةن عن الخلق؛ ومما يتعلق بالةاهر أ كام الد يا‪ ،‬وذا ال يعرف إال بالقول(‪)3‬؛‬
‫فصار اإلخالص ركنا أصليا في ق الله‪ ،‬والقول ركنا شرعيا في ق الخلق))(‪.)4‬‬
‫ومن الوجوه أيضا‪ :‬أن من ال يعرف اإلخالص يخشى أن يواقع الشر كما هو واقع‬
‫عباد القبور(‪.)5‬‬
‫وأيضا‪ :‬للتالزم بين الشر المنافي لإلخالص و في اعتقادها‪ .‬قال بعض أهل العل ‪:‬‬
‫((من قال ال إله إال الله معتقدا لها فما أشر ‪ ،‬وإن أشر فما اعتقد ال إله إال الله))(‪.)6‬‬
‫وليس المراد هنا أن يخلص في قولها فحسب بل أن يخلص في قولها وتحقيقها؛‬
‫ألن ال إله إال الله من اإليمان‪ ،‬بل هي أصل الشعب القولية كما في الحديو الصحيح‪:‬‬
‫«اإليمان بضع وسبعون شعبة أعالها قول ال إله إال الله»(‪ ،)7‬واإليمان قول وعمل‪ .‬ولذا‬
‫وووووووووو‬
‫= اإليمان (‪ ،)6‬وأورده العقيلي في الضعفاء (‪ )230/5‬برق (‪ ،)5252‬والهييمي في مجمع الزوائد (‪)32/5‬‬
‫وقال‪ :‬رواه أ مد وأبو يعلى بتمامه‪ ،‬والبزار باختصار‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح ما خال علي بن مسعدأ‪ ،‬وقد وثقه‬
‫ابن بان وأبو داود الطيالسي وأبو ات وابن معين ودعفه نخرون‪ .‬والحديو دعف إسناده األلبا ي كما في‬
‫دعيف الجامع (‪.)2270‬‬
‫(‪ )1‬التحفة العراقية (ص‪ 508 :‬و ‪.)507‬‬
‫(‪ )2‬بتصرف من قاعدأ في اإلخالص لشيـ اإلسالم دمن المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيـ اإلسالم ابن‬
‫تيمية‪ ،‬جمع وتحقيق د‪ .‬هشام بن إسماعيل بن علي الصيني‪ ،‬شر دار ابن الجوزي‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )5525‬هو‪.‬‬
‫(‪ )3‬والعمل أيضا‪ .‬ولعل إهماله للعل هنا أل ه و ر مه الله و من المتإلثرين بالجهمية في د اإليمان يو ال يعدون‬
‫العمل من اإليمان‪.‬‬
‫(‪ )4‬قال عن فيض القدير للمناوي (ص‪.)572/6( :‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬الدرر السنية (‪ 555/2‬و ‪.)552‬‬
‫(‪ )6‬الطبقات الكبرى للشعرا ي (ص‪.)555 :‬‬
‫(‪ )7‬تقدم تخريجه (ص‪.)585 :‬‬
‫‪356‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫سإلتناول دراسة هذا الشرط بنووع من الشمولية واالستقصاء كما سيةهر في المبا و التالية‪:‬‬
‫‪358‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫المبحث األول‪ :‬معنى اإلخالص لغة وشرعاً‪.‬‬


‫وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى اإلخالص في اللغة‪.‬‬
‫اإلخالص لغة مصدر أخلص يخلص‪ ،‬وهو مإلخوذ من مادأ ((خ ل ص))‪ .‬وهذه‬
‫المادأ يدور معناها في اللغة على معان عدأ‪ ،‬ذكر منها ما يدل على المعنى الشرعي‬
‫لإلخالص‪:‬‬
‫المعنى األول‪ :‬تنقية الشيء وتهذيبه‪.‬‬
‫قال ابن فارس‪(( :‬الخاء والالم والصاد أصل وا د مطرد‪ ،‬وهو تنقية الشيء وتهذيبه‪.‬‬
‫يقولون‪ :‬خلصته من كذا‪ ،‬وخلص هو))(‪.)1‬‬
‫فالمراد باإلخالص الشرعي على هذا المعنى تنقية التو يد وكلمته وتهذيبه من‬
‫شوائب الشر والبدع والذ وب‪.‬‬
‫المعنى الثاني‪ :‬الخلوص والنجاأ‪.‬‬
‫قال الجوهري‪(( :‬خلص الشيء و بالفتح و يخلص خلوصا‪ ،‬أي صار خالصا‪....‬‬
‫وخلصته من كذا تخليصا أي جيته فتخلص))(‪.)2‬‬
‫فالمراد باإلخالص الشرعي على هذا المعنى خلوص العمل و جاته من أخطار‬
‫الشر ‪.‬‬
‫المعنى الثالث‪ :‬الوصول إلى الشيء‪.‬‬
‫قال الليو‪...(( :‬وخلص فالن إلى فالن أي‪ :‬وصل إليه))(‪.)3‬‬
‫وقال الجوهري‪(( :‬وخلص إليه الشيء‪ :‬وصل))(‪.)4‬‬
‫فالمراد باإلخالص الشرعي على هذا المعنى الوصول إلى قيقة التو يد وأصله‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معنى اإلخالص شرعاً‪.‬‬
‫اإلخالص لفظ شرعي‪ ،‬ولذا جاء في سياق النصوص الشرعية بيان لمعناه‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬معج مقاييس اللغة (‪.)207/2‬‬
‫(‪ )2‬الصحاح (‪ .)5058/5‬وا ةر‪ :‬التهذيب لألزهري (‪.)558/8‬‬
‫(‪ )3‬تهذيب اللغة (‪.)558/8‬‬
‫(‪ )4‬الصحاح (‪ .)5058/5‬وا ةر‪ :‬التهذيب لألزهري (‪.)558/8‬‬
‫‪357‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ومن تلك النصوص‪:‬‬


‫‪ 5‬و قوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ [البينة‪.]3 :‬‬
‫‪ 2‬و قوله ‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ [الزمر‪ 2:‬و ‪.]5‬‬
‫‪ 5‬و قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ [الزمر‪.]55 :‬‬
‫‪ 5‬و قوله تعالى‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [النساء‪.]56 :‬‬
‫‪ 3‬و قوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [البقرأ‪ ]236 :‬أي‪:‬‬
‫شهادأ أن ال إله إال الله(‪.)1‬‬
‫‪ 6‬و قوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[لكهف‪.]550 :‬‬ ‫ﰀ ﰀ‬
‫وبالنةر إلى هذه النصوص في معنى اإلخالص(‪ )2‬فنجده يدور على أمرين هما أصل‬
‫فيه وبهما تحققه‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬إفراد الله ‪ ‬بالعبادأ‪.‬‬
‫واألمر الثاني‪ :‬تنقية العمل وتصفيته عن شوائب الشر ‪.‬‬
‫وهما أمران متالزمان؛ ألن إفراد الله تعالى بالعبادأ يستلزم تر الشر في العبادأ؛‬
‫فكال األمرين متضمن اآلخر‪.‬‬
‫ولذا جد تعاريف أهل العل لإلخالص مطبقة على هذين األمرين‪ .‬فمن أهل العل‬
‫من يفصل فيجمع بينهما في التعريف‪ ،‬ومنه من يجمل‪ ،‬فيقتصر على أ دهما دون اآلخر‬
‫مكتفيا بمال ةة هذا التالزم‪ ،‬وفيما يلي ذكر من أقواله ما يبين ذلك‪:‬‬
‫قال الليو‪(( :‬اإلخالص التو يد لله خالصا))(‪.)3‬‬
‫وقال الراغب األصفها ي‪(( :‬و قيقة اإلخالص التبريء عن كل ما دون الله))(‪.)4‬‬
‫وقال صا ب منازل السائرين(‪ )1‬في تعريف اإلخالص‪(( :‬اإلخالص تصفية العمل‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬تفسير السمعا ي (‪ ،)260/5‬وأ كام القرنن للقرةبي (جو‪ ،)272/5‬وإعراب القرنن البن النحاس‬
‫(‪.)278/5‬‬
‫(‪ )2‬سيإلتي ذكر ةرف من هذه النصوص عند مبحو األدلة على اشتراط اإلخالص لصحة شهادأ أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫(‪ )3‬تهذيب اللغة لألزهري (‪.)552/8‬‬
‫(‪ )4‬المفردات (ص‪.)225 :‬‬
‫‪352‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫من كل شوب))(‪.)2‬‬
‫قال ابن القي و ر مه الله و شار ا لهذا التعريف‪(( :‬أي‪ :‬ال يمازج عمله ما يشوبه من‬
‫شوائب إرادات النفس‪ :‬إما ةلب التزين في قلوب الخلق؛ وإما ةلب مد ه ‪ ،‬والهرب من‬
‫ذمه ‪ ،‬أو ةلب تعةيمه ‪ ،‬أو ةلب أمواله ‪ ،‬أو خدمته ومحبته ‪ ،‬وقضائه وائجه‪ ،‬أو‬
‫غير ذلك من العلل والشوائب التي عقد متفرقاتها هو إرادأ ما سوى الله بعمله‪ ،‬كائنا ما‬
‫كان))(‪.)3‬‬
‫وقال الغزالي مبينا قيقة اإلخالص‪(( :‬اعل أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره‪ ،‬فإذا‬
‫صفا عن شوبه وخلص عنه سمي خالصا‪ ،‬ويسمى الفعل المصفى المخلص إخالصا‪ .‬قال‬
‫تعالى‪ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ [النحل‪ ...]66 :‬واإلخالص يضاده‬
‫اإلشرا ‪ ...‬فمهما كان الباعو وا دا على التجرد سمي الفعل الصادر عنه إخالصا‪..‬‬
‫ولكن العادأ جارية بتخصيص اس اإلخالص بتجريد قصد التقرب إلى الله تعالى عن جميع‬
‫الشوائب))(‪.)4‬‬
‫وقال ابن القي و في تعريف اإلخالص‪:‬‬
‫فو و و و و و و و ووال يزا مو و و و و و و و ووه م و و و و و و و و وراد ثو و و و و و و و ووان‬ ‫و قيق و ووة اإلخ و ووالص تو ي و وود المو و وراد‬
‫(‪)5‬‬
‫م و ووا في و ووه تفري و ووق ل و وودى اإل س و ووان‬ ‫لك و و وون م و و و وراد العب و و وود يبق و و ووى وا و و وودا‬
‫وقال الجرجا ي في تعريفه‪(( :‬تخليص القلب عن شائبة الشوب المكدر‬
‫وووووووووو‬
‫(=‪ )1‬هو‪ :‬اإلمام العالمة شيـ اإلسالم أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد الهروي‪ ،‬مصنف كتاب ذم‬
‫الكالم وشيـ خراسان‪ ،‬دث عن أبي منصور محمد بن محمد األزدي‪ ،‬وأبي الفضل محمد بن أ مد‬
‫الجارودي الحافظ وغيرهما‪ .‬و دث عنه المؤتمن الساجي‪ ،‬ومحمد بن ةاهر‪ ،‬وأبو الوقت عبد األول السجزي‬
‫خادمه‪ ،‬ونخرون‪ ،‬ولقد كان سيفا مسلوال على المتكلمين‪ ،‬له صولة وهيبة واستيالء على النفوس ببلده‪ ،‬يعةمو ه‬
‫ويتغالون فيه‪ ،‬ويبذلون أروا ه فيما يإلمر به‪ .‬توفي ببلده هراأ سنة أربع وثما ين وأربع مئة‪ .‬ا ةر‪ :‬سير أعالم‬
‫النبالء (‪ 305/57‬و ‪.)357‬‬
‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)22/2‬‬
‫(‪ )3‬فس المصدر‪.‬‬
‫(‪ )4‬اإل ياء (‪ 522/5‬و ‪.)550‬‬
‫(‪ )5‬الكافية مع شر ها البن عبسى (‪.)238/2‬‬
‫‪350‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫لصفائه))(‪.)1‬‬
‫وقال الشيـ افظ كمي في تعريفه‪(( :‬هو تصفية العمل بصالح النية عن جميع‬
‫شوائب الشر ))(‪.)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ومما قيل في تعريفه أيضا‪(( :‬هو إفراد الحق سبحا ه بالقصد في الطاعة)) ‪.‬‬
‫وقيل‪(( :‬تصفية الفعل عن مال ةة المخلوقين))(‪.)4‬‬
‫وقيل‪(( :‬التوقي من مال ةة الخلق تى عن فسك))(‪.)5‬‬
‫وقيل‪(( :‬إرادأ إخراج العمل من كل شبهة))(‪.)6‬‬
‫وقيل‪(( :‬صدق القلب في الطلب))(‪.)7‬‬
‫هذا بعض مما قيل في معنى اإلخالص‪ ،‬وهي أقوال كما ترى متفقة على اصل‬
‫وا د وقصد متحد‪ ،‬وهو أن يخلص العبد لله في أقواله‪ ،‬وأفعاله‪ ،‬وإراداته‪ ،‬و يته‪ ،‬وبالجملة‬
‫أن يفرد الله تعالى بالطاعات ويوجهها له دون غيره ويصفيها ويجردها من كل شوب سوى‬
‫التقرب إلى الله و ده ال شريك له‪ .‬وذلك قيقة دين اإلسالم(‪.)8‬‬
‫كما أن اإلخالص في هذه الكلمة بينه النبي ‪ ‬بقوله ألبي هريرأ ‪ ‬لما سإلله‪:‬‬
‫ماذا رد إليك رب ك في الشفاعة؟‪« :‬شفاعتي‪ :‬لمن شهد أن ال إله إال الله مخلصا وأن‬
‫محمدا رسول الله يصد ق لسا ه قلبه وقلبه لسا ه»(‪.)9‬‬
‫فقوله‪« :‬يصد ق لسا ه قلبه وقلبه لسا ه» جملة الية مفس رأ لقوله‪« :‬مخلصا»‪.‬‬
‫وخالصة ما سبق‪ :‬أن اإلخالص يشمل اإلرادأ والنية(‪ )10‬كما يشمل سالمة‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬التعريفات (ص‪.)55:‬‬
‫(‪ )2‬معارج القبول (‪.)525/2‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)25/2‬‬
‫(‪ )4‬فس المصدر (‪.)25/2‬‬
‫(‪ )5‬فس المصدر (‪.)25/2‬‬
‫(‪ )6‬شعب اإليمان (‪.)558/3‬‬
‫(‪ )7‬فس المصدر (‪.)743/5‬‬
‫(‪ )8‬ا ةر‪ :‬الدرر السنية (‪ 225/2‬و ‪.)225‬‬
‫(‪ )9‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )10‬أي ية إرادأ المعبود دون ما سواه‪ ،‬وذلك قيقة اإلخالص كما سيإلتي في بيان الفرق بين اإلخالص والنية‪.‬‬
‫‪355‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫االعتقاد والجوارح(‪ )1‬من الشر ‪ ،‬وذلك ألن معنى اإلخالص تصفية العمل بتر الشر‬
‫في العبادأ‪ ،‬كما في األدلة السابقة والتي من أصر ها قوله تعالى‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ [الزمر‪ 2 :‬و ‪ .]5‬أي الصافي من الشر ‪ .‬وبيا ه‪ :‬أن الله تعالى قال في اآلية‬
‫بعدها‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ [الزمر‪.]5 :‬‬
‫قال أبو السعود(‪ )2‬و معلقا على هذه اآلية و‪(( :‬وذلك هو تحقيق لحقية ما ذكر من‬
‫إخالص الدين‪ ،‬الذي هو عبارأ عن التو يد ببيان بطالن الشر الذي هو عبارأ عن تر‬
‫إخالصه))(‪ )3‬ا تهى‪.‬‬
‫وقال ابن جزي الكلبي(‪ )4‬مقررا لما سبق‪(( :‬اإلخالص يراد به التو يد وتر الشر ‪،‬‬
‫أو تر الرياء‪ .‬وذلك أن اإلخالص مطلوب في التو يد وفي األعمال‪ ،‬وعدم اإلخالص في‬
‫(‪)5‬‬
‫التو يد هو الشر الجلي‪ ،‬وعدم اإلخالص في األعمال هو الشر الخفي‪ ،‬وهو الرياء))‬

‫ا تهى‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين اإلخالص والنية عند الفقهاء‪.‬‬
‫بما أن اإلخالص يشمل ية إرادأ المعبود دون ما سواه اسب أن بين الفرق بين‬
‫اإلخالص والنية عند الفقهاء‪.‬‬
‫فالنية في لغة العرب يدور معناها على العزم واإلرادأ والقصد‪ .‬تقول‪ :‬وويت الشيء أ ويه‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬إشارأ إلى الشر العملي كالسجود لغير الله أو الطواف بالقبور‪ ،‬أو الذبح والنذر لغير الله‪ ،‬وغير ذلك من صور‬
‫الشر العملي‪ ،‬فاإلخالص أن تسل من ذلك كله فتصرف العبادات بجميع أ واعها لله تعالى‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬الشيـ المفس ر محمد بن محمد العمادي‪ ،‬أخذ عن أبيه الشيـ محمد بن مصطفى العماد‪ ،‬له‬
‫اشية على تفسير الكشاف‪ .‬توفي سنة (‪ )272‬هو‪ .‬ا ةر‪ :‬ةبقات المفسرين للداوودي (ص‪ 527 :‬و‬
‫‪.)522‬‬
‫(‪ )3‬تفسير أبي السعود (جو‪.)042/3‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬أبو القاس محمد بن أ مد بن جزي الكلبي الغر اةي‪ ،‬عال متفنن‪ ،‬أخذ عن أبي جعفر ابن الزبير‪ ،‬والزم‬
‫ابن رشد وأبا المجد بن أبي األ وط‪ ،‬والقادي ابن برةال وأبا القاس بن الشاط وا تفع به‪ ،‬وله تصا يف منها‪:‬‬
‫وسيلة المسل في تهذيب مسل ‪ ،‬والبارع في قراءأ افع‪ ،‬والفوائد العامة في لحن العامة‪ ،‬توفي في واقعة ةريف‬
‫سنة ‪ 347‬هو وكان مولده سنة ‪397‬هو‪ .‬ا ةر‪ :‬الدرر الكامنة في أعيان المائة اليامنة (‪ 88/5‬و ‪.)89‬‬
‫[البينة‪:‬‬ ‫(‪ )5‬التسهيل لعلوم التنوزيل (‪ )070/4‬عند تفسير قوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫‪.]3‬‬
‫‪352‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ية و وواأ إذا عزمت عليه وقصدته‪ .‬وتقول العرب‪ :‬وا الله بخير‪ ،‬أي أراد الله بخير(‪.)1‬‬
‫وقيل‪ :‬بل النية أخص من اإلرادأ؛ فإن إرادأ اإل سان تتعلق بعمله وعمل غيره‪ ،‬والنية ال‬
‫تكون إال لعمله‪ ،‬فإ ك تقول‪ :‬أردت من فالن كذا وال تقول‪ :‬ويت من فالن كذا(‪.)2‬‬
‫وهذا التفريق غير سديد من جهة الشرع‪ ،‬وإن كان وجيها من جهة اللغة‪.‬‬
‫يقول ابن رجب و ر مه الله و‪(( :‬وإ ما فرق من فرق بين النية وبين اإلرادأ والقصد و حوهما‪،‬‬
‫لةنه اختصاص النية بالمعنى األول الذي يذكره الفقهاء(‪ ،)3‬فمنه من قال‪ :‬النية تختص بفعل‬
‫الناوي‪ ،‬واإلرادأ ال تختص بذلك‪ ،‬كما يريد اإل سان من الله أن يغفر له وال ينوي ذلك‪.‬‬
‫وقد ذكر ا أن النية في كالم النبي ‪ ‬وسلف األمة إ ما يراد بها هذا المعنى غالبا‪،‬‬
‫فهي ينئذ بمعنى اإلرادأ‪ ،‬ولذلك يعبر عنها بلفظ اإلرادأ في القرنن كييرا‪ ،‬كما في قوله‬
‫تعالى‪ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [نل عمران‪ ،]532 :‬وقوله‪ :‬ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬﯭ [األ فال‪......]68 :‬‬
‫وقد يعبر عنها في القرنن بلفظ ((االبتغاء))‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ [الليل‪ ،]20 :‬وقوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ [البقرأ‪ ،]263 :‬وقوله‪ :‬ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ [النساء‪ .)4())]555 :‬ا تهى‪.‬‬
‫وأما النية في االصطالح‪ ،‬فهي‪ :‬ا بعاث القلب حو ما يراه موافقا لغرض؛ من جلب‬
‫فع أو دفع در‪ ،‬اال أو مآال‪ ،‬إال أن الشرع خصصها باإلرادأ المتوجهة حو الفعل البتغاء‬
‫رداء الله وامتيال كمه(‪.)5‬‬
‫أو يقال‪ :‬هي ا بعاث القلب وتوجهه تجاه الفعل توجها جازما تقربا لله تعالى‪.‬‬
‫أو هي‪ :‬اعتقاد القلب فعل شيء‪ ،‬وعزمه عليه من غير تردد(‪.)6‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬مختار الصحاح (ص‪ ،)276 :‬والقاموس المحيط (‪ .)388/5‬باب الواو والياء و فصل النون‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)232/57‬‬
‫(‪ )3‬سيإلتي ذكر هذا المعنى في الصفحة التالية‪.‬‬
‫(‪ )4‬جامع العلوم والحك (ص‪ 26 :‬و ‪ ،)28‬وا ةر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)236/57‬‬
‫(‪ )5‬وهذا التعريف للبيضاوي ا ةر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)55/5‬عمدأ القاري (‪.)25/5‬‬
‫(‪ )6‬المغني البن قدامة (‪.)558/5‬‬
‫‪355‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫والفرق بينها وبين اإلخالص أن اإلخالص وصف للنية وهيئة لها‪ ،‬ألن النية قد‬
‫تكون إخالصا وقد ال تكون إخالصا بل شركا ورياء؛ فالنية أصلٌ واإلخالص وصف له‪.‬‬
‫إال أن الفقهاء قد يطلقون النية في الشرع على ما هو أوسع من معنى اإلخالص‪ ،‬ولذا فهي‬
‫ترد عنده على معنيين‪:‬‬
‫أ دهما‪ :‬بمعنى تمييز العبادات و التي تلتبس بغيرها و بعضها عن بعض؛ كتمييز‬
‫صالأ الةهر من صالأ العصر ميال‪ ،‬وتمييز قضاء رمضان من صيام غيره‪ .‬أو تمييز رتب‬
‫العبادات بعضها من بعض كتمييز الصوم بين كو ه فردا أو ذرا أو مستحبا أو افلة‪ .‬أو‬
‫تمييز العبادات من العادات فيما توافق فيه فعل العادأ والعبادأ؛ كتمييز الغسل من الجنابة‬
‫من غسل التبرد والتنةف ميال‪ ،‬وتمييز الصوم عن الحمية‪ ،‬و حو ذلك‪ .‬وهذه النية هي التي‬
‫توجد كييرا في كالم الفقهاء في كتبه ‪.‬‬
‫والمعنى اليا ي‪ :‬بمعنى تمييز المقصود بالعمل‪ ،‬وهل هو الله و ده ال شريك له‪ ،‬أم‬
‫غيره‪ ،‬أم الله وغيره‪ ،‬وهذه النية هي التي يتكل فيها العارفون في كتبه في كالمه على‬
‫اإلخالص وتوابعه‪ ،‬وهي التي توجد كييرا في كالم السلف المتقدمين‪.‬‬
‫وقد صنف أبو بكر بن أبي الد يا مصنفا سماه‪ :‬كتاب ((اإلخالص والنية))‪ ،‬وإ ما‬
‫أراد هذه النية‪ ،‬وهي النية التي يتكرر ذكرها في كالم النبي ‪ ‬تارأ بلفظ النية‪ ،‬وتارأ بلفظ‬
‫اإلرادأ‪ ،‬وتارأ بلفظ مقارب لذلك‪ ،‬وقد جاء ذكرها كييرا في كتاب الله ‪ ‬بغير لفظ النية‬
‫أيضا من األلفاظ المقاربة لها(‪.)1‬‬
‫فالحاصل أن النية عند الفقهاء تقع على معنيين هما‪ :‬تميز العمل لله عن العمل‬
‫لغيره‪ ،‬الذي هو إفراد المعبود‪ ،‬وهو معنى اإلخالص‪ .‬واليا ي‪ :‬ية العبادأ‪ ،‬وهي مرتبتان‪:‬‬
‫إ داهما‪ :‬تمييز العبادأ عن العادأ‪ .‬واليا ية تمييز رتب العبادات بعضها من بعض إن كا ت‬
‫مما تلتبس بغيرها‪ ،‬كصيام التطوع وصيام الفرض غير صيام رمضان‪.‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فاإلخالص يطلق على المعنى األول من إةالقات النية عند الفقهاء‪،‬‬
‫وهو المعنى الذي يكير وروده في كالم السلف المتقدمين‪ ،‬وهو مراد النبي ‪ ‬من ذكر النية‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬جامع العلوم والحك (ص‪ 25:‬و ‪ ،)23‬وفتح الباري البن جر (‪ ،)553/5‬ومجموع الفتاوى‬
‫(‪ ،)236/57‬وبدائع الفوائد (‪ 5550/5‬و ‪ ،)5552‬وتقييد الفوائد على منةومة ابن سعدي (ص‪.)57 :‬‬
‫‪355‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫في أ ادييه النبوية‪.‬‬


‫وبهذا يعل الفرق بين النية واإلخالص‪ ،‬وهو أن النية قدر زائد عن مجرد اإلخالص؛‬
‫فهي تشمل اإلخالص الذي هو إفراد المعبود عن غيره‪ ،‬و ية العبادأ(‪)1‬؛ ولذا فهي أع من‬
‫اإلخالص(‪.)2‬‬
‫وهذه النية بشقيها يجب أن يستحضرها العبد عند إرادأ كل عبادأ مشروعة‬
‫ويستصحب كمها(‪)3‬؛ فاألعمال الصالحة ال تقبل إال بالنيات الخالصة كما قال النبي‬
‫‪« :‬إ ما األعمال بالنيات وإ ما لكل امرئ ما وى»(‪.)4‬‬
‫وأكمل شيء في ية العبادأ أن تشتمل على ثالثة أمور‪:‬‬
‫‪ 5‬و (( ية العبادأ‪.‬‬
‫‪ 2‬و و ية أن تكون لله‪.‬‬
‫‪ 5‬و و ية أ ه قام بها امتياال ألمر لله))(‪.)5‬‬
‫فمتى توفرت هذه األمور فإن العمل يكون قد تحقق فيه شرط اإلخالص لله تعالى‬
‫الذي هو أ د شرةي قبول العمل كما سيإلتي(‪.)6‬‬
‫قلت‪ :‬وبعض أهل العل يشترط في األقوال مطلقا النية في ثالثة مواةن‪:‬‬
‫أ دها‪ :‬التقرب إلى الله فرارا من الرياء‪.‬‬
‫واليا ي‪ :‬التمييز بين األلفاظ المحتملة لغير المقصود‪.‬‬
‫واليالو‪ :‬قصد اإل شاء ليخرج سبق اللسان(‪.)7‬‬

‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬وهي مرتبتان كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)772/7‬‬
‫(‪ )3‬بمعنى أن ال ينوي قطعها أثناء العبادأ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في كتاب بدء الو ي‪ ،‬باب‪ :‬بدء الو ي (جو‪ )5/5‬ح (‪ ،)5‬ومسل في كتاب اإلمارأ‬
‫(‪ )5353/5‬ح (‪.)5208‬‬
‫(‪ )5‬شرح رياض الصالحين البن عييمين (‪.)55/5‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪( :‬ص‪ 525 :‬و ‪.)522‬‬
‫(‪ )7‬فتح الباري (‪.)773/7‬‬
‫‪353‬‬ ‫شرط اإلخالص‬
‫‪356‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة من الكتاب والسنة على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادة‪.‬‬
‫األدلة من الكتاب والسنة على اشتراط اإلخالص قيدا تصح به الشهاد متةافرأ‬
‫متكاثرأ‪.‬‬
‫يقول الشيـ عبد الله أبا بطين و ر مه الله و‪(( :‬وقد تةافرت دالئل الكتاب والسنة‬
‫وإجماع األمة‪ ،‬على اشتراط اإلخالص لألعمال‪ ،‬واألقوال الدينية‪ ،‬وأن الله ال يقبل منها إال‬
‫ما كان خالصا‪ ،‬وابتغي به وجهه))(‪ .)1‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 5‬و قوله تعالى‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ [الزمر‪ 2 :‬و ‪.)2(]5‬‬
‫يقول ابن جرير و ر مه الله و في تفسيرها‪(( :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬فاخشع لله يا محمد‬
‫بالطاعة‪ ،‬وأخلص له األلوهة‪ ،‬وأفرده بالعبادأ‪ ،‬وال تجعل له في عبادتك إياه شريكا‪ ،‬كما‬
‫فعله عبدأ األوثان))(‪.)3‬‬
‫وقال الشوكا ي‪ (( :‬وفى اآلية دليل على وجوب النية وإخالصها عن الشوائب‪،‬‬
‫ألن اإلخالص من األمور القلبية التي ال تكون إال بإلعمال القلب‪ ،‬وقد جاءت السنة‬
‫الصحيحة أن مال األمر في األقوال واألفعال النية‪ ،‬كما في ديو «إ ما األعمال‬
‫بالنيات»‪ ،‬و ديو « ال قول وال عمل إال بنية»‪ .‬وجملة ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ مستإل فة مقررأ‬
‫لما قبلها من األمر باإلخالص‪ :‬أي إن الدين الخالص من شوائب الشر وغيره هو لله‬
‫وما سواه من األديان فليس بدين الله الخالص الذي أمر به قال قتادأ‪ :‬الدين الخالص‬
‫شهادأ أن ال إله إال الله(‪.)5()))4‬‬
‫‪ 2‬و قوله‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ [البينة‪:‬‬
‫‪.]3‬‬
‫قال ابن كيير و ر مه الله و‪(( :‬وقوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬الدرر السنية (‪.)225/2‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬الدرر السنية (‪.)235/2‬‬
‫(‪ )3‬جامع البيان (‪.)533/20‬‬
‫(‪ )4‬أثر قتادأ رواه عبد الرزاق في تفسيره (‪ ،)585/2‬وابن جرير في جامع البيان (‪ ،)536/20‬وأورده السيوةي في‬
‫الدر المنيور (‪ )602/3‬وزاد في سبته إلى عبد بن ميد وابن المنذر‪.‬‬
‫(‪ )5‬فتح القدير (‪ 658/5‬و ‪.)657‬‬
‫‪358‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫[البينة‪ ]3 :‬كقوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫[األ بياء‪ ]23 :‬ولهذا قال‪ :‬ﮠ أي متحنفين عن الشر إلى التو يد‪ .‬كقوله‪ :‬ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحل‪.)1())]56 :‬‬
‫قال الشوكا ي و ر مه الله و‪(( :‬وهذه اآلية من األدلة الدالة على وجوب النية في‬
‫العبادات‪ ،‬ألن اإلخالص من عمل القلب))(‪.)2‬‬
‫‪ 5‬و قوله‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ [النساء‪ 553 :‬و ‪ .]556‬فاشترط إليما ه التوبة من النفاق واالعتصام به‬
‫وإخالص الدين له و ده ال شريك له‪.‬‬
‫قال القرةبي و ر مه الله و‪(( :‬قوله تعالى‪ :‬ﯞﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ‬
‫[النساء‪ :]556 :‬استيناء ممن افق‪ .‬ومن شرط التائب من النفاق أن يصلح في قوله وفعله‪،‬‬
‫ويعتص بالله أي‪ :‬يجعله ملجإل ومعاذا‪ ،‬ويخلص دينه لله؛ كما صت عليه هذه اآلية؛ وإال‬
‫فليس بتائب؛ ولهذا أوقع أجر المؤمنين في التسويف ال ضمام المنافقين إليه والله‬
‫أعل ))(‪.)3‬‬
‫‪ 5‬و ومن أدلة اإلخالص أيضا قوله تعالى‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓﮔ [لقمان‪.]22 :‬‬
‫يقول الشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ في وجه االستدالل بها على شرط‬
‫اإلخالص لصحة الشهادأ‪(( :‬فإسالم الوجه هو إخالص العبادأ المنافي للشر والنفاق‪ ،‬وهو‬
‫معنى اآلية و حوها إجماعا‪ ،‬فهذا هو الذي ينفعه قول‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬ولهذا قال تعالى‪:‬‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ‪ .‬وهذا بخالق من يقولها وهو يدعو غير الله‪ ،‬ويستغيو به‪ ،‬من‬
‫ميت أو غائب ال ينفع وال يضر‪ ،‬كما ترى عليه أكير الخلق‪ .‬وهؤالء وإن قالوها فقد تلبسوا‬
‫بما يناقضها‪ ،‬فال تنفع قائلها إال بالعل بمدلولها فيا وإثباتا‪ ،‬والجاهل بمعناها وإن قالها‬
‫فإ ها ال تنفعه؛ لجهله بما ودعت له الودع العربي(‪ ،)4‬الذي أريد منها من في الشر ))(‪.)1‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬تفسير ابن كيير (‪.)350/5‬‬
‫(‪ )2‬فتح القدير (‪.)686/3‬‬
‫(‪ )3‬الجامع أل كام القرنن (‪ ،)526/3‬وا ةر‪ :‬جامع البيان (‪.)622/8‬‬
‫(‪ )4‬كذا في األصول‪( :‬الودع العربي)‪ ،‬ولعل الصواب‪( :‬من الودع العربي) بإدافة (من)‪.‬‬
‫‪357‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫‪ 3‬و ومن األدلة أيضا على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادأ‪ :‬النصوص الدالة على أن قبول‬
‫العمل منوط بتحقيق التو يد وتر الشر ‪ ،‬والتي منها قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫[األ عام‪ .]72 :‬والمراد بالةل في اآلية‪ :‬الشر عند عامة‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫المفسرين(‪.)2‬‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫ومنها أيضا قوله تعالى‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯝ ﯞ [الزمر‪ ،]63 :‬وقوله‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬ ‫ﮊ [المائدأ‪ ،]82 :‬وقوله‪ :‬ﰀ ﰀ‬
‫[الكهف‪.]550 :‬‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ووجه االستشهاد بهن على شرط اإلخالص ظاهر جدا‪ ،‬وهو‪ :‬لما كان العمل‬
‫الصالح ال يقبل مع الشر فكان محتاج في قبول األعمال إلى اإلخالص الذي ينافي هذا‬
‫الشر في كل عمل‪ ،‬وال إله إال الله هي مما تدخل تحت هذه األعمال‪ ،‬فدل ذلك على‬
‫اشتراط اإلخالص لقبولها‪.‬‬
‫ومما يدخل تحت هذه اآليات أيضا‪ :‬اآليات التي فيها األمر بالعبادأ وتر الشر في‬
‫العبادأ‪ ،‬والتي من أظهرها قوله تعالى‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [النساء‪.]56 :‬‬
‫يقول الشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ في وجه االستشهاد بها على شرط‬
‫اإلخالص في صحة العبادأ التي هي مقتضى شهادأ أن ال إله إال الله‪(( :‬وهذه اآلية تبين‬
‫العبادأ التي خلقوا لها أيضا‪ ،‬فإ ه تعالى قرن األمر بالعبادأ التي فردها بالنهي عن الشر‬
‫الذي رمه‪ ،‬وهو الشر في العبادأ‪ ،‬فدلت هذه اآلية على أن اجتناب الشر شرط في‬
‫صحة العبادأ‪ ،‬فال تصح بدو ه أصال كما قال تعالى‪ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫[األ عام‪ ،]77 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [الزمر‪ ]66 _ 63 :‬فتقدي المعمول يفيد الحصر‪ ،‬أي‪:‬‬
‫بل الله فاعبد ال غير‪ ،‬كما في فاتحة الكتاب‪ :]3[ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ))(‪.)3‬‬
‫هذه بعض أدلة القرنن الكري الدالة على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادأ‪ .‬وأما‬
‫وووووووووو‬
‫(=‪ )1‬قرأ عيون المو دين (ص‪ 03 :‬و ‪.)08‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬تفسير أبي السعود (جو‪.)525/5‬‬
‫(‪ )3‬قرأ عيون المو دين (ص‪ :)77 :‬دار ابن خزيمة‪ ،‬الطبعة األولى عام (‪7404‬هو)‪.‬‬
‫‪352‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫أدلة السنة الدالة على اشتراط اإلخالص قيدا تصح به الشهادأ فهي كييرأ ال تحصى أيضا‪،‬‬
‫وهذه األدلة على وعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬األدلة الدالة على تقرير وجوب اإلخالص في كل عمل صالح يراد به وجه الله‪،‬‬
‫ومن هذه األدلة‪:‬‬
‫‪5‬و ما جاء عن أبي هريرأ ‪ ‬أ ه قال‪ :‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬قال الله تعالى أ ا‬
‫أغنى الشركاء عن الشر من عمل عمال أشر فيه معي غيري‪ ،‬تركته وشركه»(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬و قوله ‪« :‬إ ما األعمال بالنيات وإ ما لكل امرء ما وى»(‪.)2‬‬
‫بوب عليه اإلمام البخاري و ر مه الله و‪(( :‬باب ما جاء إن األعمال بالنية والحسبة‪،‬‬
‫ولكل امرء ما وى‪ .‬فدخل فيه اإليمان والودوء والصالأ والزكاأ والحج والصوم‬
‫واأل كام(‪.)3‬‬
‫‪ 5‬و ديو‪« :‬ال قول وال عمل إال بنية»(‪.)4‬‬
‫ووجه الداللة من هذه األدلة وادحة على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادأ‪ ،‬وهو‬
‫أن العمل ال يكون مقبوال إال باإلخالص وتر الشر ‪ ،‬فدل ذلك على اشتراط اإلخالص‬
‫لصحة األعمال‪ ،‬وشهادأ أن ال إله إال الله مما يدخل تحت هذه األعمال فدل على‬
‫اشتراط اإلخالص لقبولها‪.‬‬
‫‪ 5‬و قوله ‪« :‬إن الله ال يقبل من العمل إال ما كان له خالصا وابتغي به وجهه»(‪.)1‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬رواه مسل في كتاب الزهد والرقائق من صحيحه (‪ )2272/5‬ح (‪.)2273‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسل في كتاب الزهد والرقائق (‪ )2272/5‬ح (‪.)2273‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري (جو‪.)25/5‬‬
‫(‪ )4‬أورده الديلمي في الفردوس بمإلثور الخطاب (‪ )573/3‬عن علي ‪ ‬ديو رق (‪ ،)8207‬وابن عدي في‬
‫الكامل (‪ )255/5‬في ترجمة خالد بن عبد الدائ المصري‪ ،‬وأورده ابن جر في لسان الميزان عند ترجمة‬
‫إسماعيل بن عبد الله الكندي (‪ )558/5‬من ةريق بقية عنه عن أبان ث قل كالم النباتي في أ اديو بقية‬
‫وأ ها ليست بتقية ث عقب قائال‪(( :‬وأبان في التضعيف أشد منهما بكيير‪ .‬ويحتمل عندي أن يكون هو البصري‬
‫سيب بن سيرين)) ا تهى‪ .‬فالحاصل أن الحديو دعيف عند الحفاظ‪ ،‬ولكن يشهد لمعناه الحديو قبله‪« :‬إ ما‬
‫األعمال بالنيات»‪.‬‬
‫قال ابن زم الةاهري مستدال بهذا الحديو و أعني قوله ‪« :‬إ ما األعمال بالنيات»‪(( :‬فصح أن ال عمل إال‬
‫بنية وال ية إال بعمل)) [المحلى (‪.])200/50‬‬
‫‪330‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ووجه الداللة منه‪ :‬أن قوله ‪« ‬من العمل» عام يشمل كل عمل قولي أو قلبي أو‬
‫جار ي‪ .‬فتدخل فيه شهادأ أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬األدلة التي فيها تقييد فع الشهادأ بإلن يقولها العبد ال كو ه مخلصا في‬
‫ذلك‪ .‬ومن هذه األدلة‪:‬‬
‫‪ 5‬و ما ورد في الصحيح عن أبي هريرأ ‪ ‬أ ه قال‪ :‬قيل يا رسول الله من أسعد الناس‬
‫بشفاعتك يوم القيامة؟ قال‪« :‬لقد ظننت يا أبا هريرأ أن ال يسإللني عن هذا الحديو أ د‬
‫أول منك‪ ،‬لما رأيت من رصك على الحديو‪ .‬أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال‬
‫ال إله إال الله خالصا من قبل فسه»(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬و ما رواه معاذ ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬من شهد أن ال إله إال الله مخلصا من قلبه دخل‬
‫الجنة»(‪.)3‬‬
‫‪ 5‬و ما رواه ابن عمر و ردي الله عنهما و أن رسول الله ‪ ‬قال‪« :‬إ ي ألرجو أال يموت أ د‬
‫يشهد أن ال إله إال الله مخلصا من قلبه فيعذبه الله عز وجل»(‪.)4‬‬
‫‪ 5‬و ما ورد في الصحيح من ديو عتبان بن مالك ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬لن يوافي عبد يوم‬
‫القيامة يقول ال إله إال الله يبتغي به وجه إال رم الله عليه النار»(‪ .)5‬وفي رواية عند مسل (‪:)6‬‬
‫«إن الله رم على النار من قال ال إله إال الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل»‪.‬‬
‫‪ 3‬و وعن أبي هريرأ ردي قال‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬ما قال عبد ال إله إال الله مخلصا من‬
‫وووووووووو‬
‫(=‪ )1‬أخرجه النسائي في كتاب الجهاد‪ ،‬باب‪ :‬من غزا يلتمس األجر والذكر (‪ )23/6‬ح (‪ ،)5550‬والطبرا ي في‬
‫الكبير (‪ ،)550/7‬وأورده المنذري في الترغيب والترهيب (‪ )525/2‬برق (‪ ،)2085‬والحديو ك عليه‬
‫األلبا ي بإل ه سن كما في صحيح الجامع (‪ .)5732‬وا ةر‪ :‬الصحيحة (‪ )557/5‬ح (‪.)32‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري في كتاب العل ‪ ،‬باب الحرص على الحديو (جو‪ )57/5‬ح (‪.)22‬‬
‫(‪ )3‬رواه أ مد في المسند (‪ ،)256/3‬والطبرا ي في الكبير (‪ ،)55/20‬وأبو يعلى في المسند (‪ )532/5‬ح‬
‫(‪ ،)5720‬وابن بان في صحيحه (‪ ،)568/5‬وأورده الهييمي في مجمع الزوائد (‪ )58/5‬وقال‪ :‬رواه البزار‬
‫ورجاله ثقات‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه الديلمي كما في كنز العمال (جو‪ 35/5‬و ‪ ،)32‬والخطيب في تاريـ بغداد (‪ 252/3‬و ‪.)230‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب العمل الذي يبتغي به وجه الله تعالى (جو‪ )220/8‬ح رق (‪.)6525‬‬
‫(‪ )6‬صحيح مسل ‪ ،‬كتاب المساجد (‪.)533/5‬‬
‫‪335‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫قلبه‪ ،‬إال فتحت له أبواب السماء تى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر»(‪.)1‬‬
‫‪6‬و وأخرج البخاري في تاريخه(‪ )2‬من ةريق مشرس(‪ )3‬عن أبيه(‪ )4‬قال‪ :‬سمعت أبا شيبة‬
‫الخدري يقول‪ :‬أفلح أبو شيبة الخدري(‪ )5‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬من قال ال إله اال‬
‫الله مخلصا من قلبه دخل الجنة»‪.‬‬
‫ووجه الداللة من هذه األدلة وادح جدا على اشتراط اإلخالص‪ ،‬وهو أن الرسول‬
‫‪ ‬قيد فع الشهادأ بإلن يقولها العبد ال كو ه مخلصا في ذلك‪ ،‬فمن يقولها وهو غير‬
‫مخلص في قولها بمقارفة الشر األكبر فإن الشهادأ ال تنفعه‪ .‬فدل على اشتراط اإلخالص‬
‫المنافي للشر األكبر لال تفاع بالشهادأ‪.‬‬
‫يقول الشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ و ر مه الله و تعليقا على قوله ‪‬‬
‫«خالصا من قلبه»‪(( :‬وكذلك ال المشر ‪ ،‬فال تقبل من مشر ‪ ،‬لمنافاأ الشر لإلخالص‪،‬‬
‫ولما دلت عليه هذه الكلمة مطابقة‪ ،‬فإ ها دلت على في الشر ‪ ،‬والبراءأ منه‪ ،‬واإلخالص‬
‫لله و ده ال شريك له مطابقة‪ ،‬ومن ل يكن كذلك ل ينفعه قوله‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬كما هو‬
‫ال كيير من عبدأ األوثان؛ يقولون‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬وينكرون ما دلت عليه من اإلخالص‪،‬‬
‫ويعادون أهله‪ ،‬وينصرون الشر وأهله))(‪.)6‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط اإلخالص لصحة الشهادة‪.‬‬
‫هذا الشرط مما أجمعت عليه الكلمة‪ ،‬واتفقت فيه الجملة من المسلمين أئمته‬
‫وعامته ‪ ،‬وهو في كالم أهل العل كيير ال يحصى‪ ،‬ومن ذلك ما ياوي‪:‬‬
‫قال قتادأ(‪ )7‬و ر مه الله و‪(( :‬أرسلت الرسل باإلخالص والتو يد‪ ،‬ال يقبل منه عمل‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب رق (‪ )528‬رق (‪.)5320‬‬
‫(‪ )63/7( )2‬رق (‪.)2585‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬مشرس الطائفي‪ .‬قال ابن جر في لسان الميزان (‪(( :)55/6‬مشرس عن أبيه عن أبي شيبة الخدري‬
‫مجهول كإلبيه))‪.‬‬
‫(‪ )4‬مجهول‪ ،‬ل أقف له على ترجمة‪ .‬ا ةر‪ :‬لسان الميزان (‪.)47/3‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬أبو شيبة الخدري األ صاري‪ ،‬له صحبة‪ ،‬وال يعرف اسمه‪ ،‬روى عن النبي ‪ ‬دييا وا دا‪ ،‬وهو الحديو‬
‫المتقدم‪ .‬ا ةر‪ :‬الجرح والتعديل (‪ ،)520/2‬واإلصابة في تمييز الصحابة (‪.)202/8‬‬
‫(‪ )6‬قرأ عيون المو دين (ص‪.)08 :‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬قتادأ بن دعامة بن قتادأ السدوسي‪ ،‬أبو الخطاب البصري‪ ،‬ثقة ثبت‪ .‬يقال‪ :‬ولد أكمه‪ ،‬وهو رأس الطبقة =‬
‫‪332‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫تى يقولوه ويقروا به‪ ،‬والشرائع مختلفة؛ في التوراأ شريعة‪ ،‬وفي اإل جيل الشريعة‪ ،‬وفي‬
‫القرنن الشريعة‪ ،‬الل و رام‪ ،‬وهذا كله في إخالص لله و ده‪ ،‬وتو يد له))(‪.)1‬‬
‫وعن أبي العالية(‪ )2‬في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [نل عمران‪]52 :‬‬
‫قال‪(( :‬اإلسالم‪ :‬اإلخالص لله و ده‪ ،‬وعبادته ال شريك له‪ ،‬وإقام الصالأ‪ ،‬وإيتاء الزكاأ‪،‬‬
‫وسائر الفرائض لهذا تبع))(‪.)3‬‬
‫وعن الربيع بن أ س(‪ )4‬في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ [النحل‪ ]28 :‬قال‪ (( :‬اإليمان‪ :‬اإلخالص لله و ده؛ فبين أ ه ال يقبل عمال إال‬
‫باإلخالص له))(‪.)5‬‬
‫وعنه أيضا في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫[إبراهي ‪ ]25 :‬قال‪(( :‬هذا ميل اإليمان؛ فاإليمان‪ :‬الشجرأ الطيبة‪ ،‬وأصله اليابت‬ ‫ﰀ ﰀ‬
‫الذي ال يزول‪ :‬اإلخالص لله‪ .‬وفرعه في السماء‪ :‬خشية الله))(‪.)6‬‬
‫وعنه أيضا في تفسير قوله تعالى‪ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫[ةه‪ ]72 :‬قال‪ (( :‬ﮗ ﮘ ‪ :‬من الشر ‪ ،‬ﮙ ‪ .‬يقول‪ :‬وأخلص لله وعمل في‬
‫إخالصه))(‪.)7‬‬
‫وعنه أيضا‪(( :‬عالمة الدين اإلخالص لله))(‪.)8‬‬
‫وووووووووو‬
‫= الرابعة‪ ،‬مات سنة بضع عشرأ ومائة‪ .‬ا ةر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)398 :‬‬
‫(‪ )1‬أورده ابن جرير بإسناده إلى قتادأ في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (‪.)230/56‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬رفيع بن مهران‪ ،‬أبو العالية الريا ي‪ ،‬من كبار التابعين‪ ،‬ثقة كيير اإلرسال‪ ،‬مات سنة (‪ )20‬هو‪ .‬و دييه عند‬
‫أصحاب الكتب الستة‪ .‬ا ةر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)527 :‬‬
‫(‪ )3‬أورده ابن جرير بإسناده إلى أبي العالية في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (‪.)272/3‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬الربيع بن أ س البكري أو الحنفي‪ ،‬بصري‪ ،‬زل خراسان‪ ،‬صدوق له أوهام‪ ،‬ورمي بالتشيع من الخامسة‪،‬‬
‫مات سنة أربعين ومائة أو قبلها‪ ،‬يروي عن أبو العالية الريا ي‪ ،‬وعنه يروي أبو جعفر الرازي‪ .‬ا ةر‪ :‬تقريب‬
‫التهذيب (‪ ،)778‬واليقات (‪.)722/3‬‬
‫(‪ )5‬أورده ابن جرير بإسناده إلى الربيع في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (‪.)535/55‬‬
‫(‪ )6‬أورده ابن جرير بإسناده إلى الربيع في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (‪.)653/55‬‬
‫(‪ )7‬أورده ابن جرير بإسناده إلى الربيع في جامع البيان في تإلويل ني القرنن (‪.)528/56‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه ابن أبي الد يا في اإلخالص (ص‪ ،)55 :‬رق (‪ ،)5‬ورواه المروزي في تعةي قدر الصالأ (‪ )687/2‬رق‬
‫(‪.)855‬‬
‫‪335‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وعن مطرف(‪ )1‬و ر مه الله و قال‪(( :‬صالح القلب بصالح العمل‪ ،‬وصالح العمل‬
‫بصالح النية))(‪.)2‬‬
‫وعن سفيان اليوري(‪ )3‬و ر مه الله و قال‪(( :‬اإليمان عند أهل السنة اإلخالص لله‬
‫بالقلوب واأللسنة والجوارح‪ ،‬وهو قول وعمل يزيد وينقص‪ ،‬على ذلك وجد ا كل من أدركنا‬
‫من عصر ا بمكة والمدينة والشام والبصرأ والكوفة))(‪.)4‬‬
‫وقال اإلمام البخاري و ر مه الله و‪(( :‬باب ما جاء إن األعمال بالنية والحسبة‪ ،‬ولكل‬
‫امرء ما وى‪ .‬فدخل فيه اإليمان(‪ ،)5‬والودوء والصالأ والزكاأ والحج والصوم‬
‫واأل كام))(‪.)6‬‬
‫وقال محمد بن صر المروزي(‪ )7‬و بعد روايته لحديو‪« :‬جددوا إيما ك » قالوا‪ :‬كيف‬
‫جدد إيما نا يا رسول الله؟ قال‪« :‬تكيروا من قول ال إله إال الله»(‪ )8‬و ((ففي هذا داللة على أن‬
‫المؤمن متى قال ال إله إال الله مخلصا متقربا بذلك إلى الله كان ذلك منه إيما ا))(‪.)9‬‬
‫وقد بين ذلك في مودع نخر فقال‪(( :‬يعني مخلصا بالشهادأ قلبه‪ ،‬ليس كما‬
‫شهدت المنافقون إذ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ قال الله ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬مطرف بن عبد الله بن الشخير و بكسر الشين المعجمة وتشديد المعجمة المكسورأ بعدها تحتا ية ساكنة‬
‫ث راء و العامري الحرشي بمهملتين مفتو تين ث معجمة‪ ،‬أبو عبد الله البصري‪ ،‬ثقة عابد‪ ،‬فادل من اليا ية‪ ،‬مات‬
‫سنة خمس وتسعين‪ ،‬و دييه عند أصحاب الكتب الستة‪ .‬ا ةر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)948 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أ مد في الزهد برق (‪ ،)5523‬وأبو عي في الحلية (‪.)522/2‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬سفيان بن سعيد بن مسروق اليوري‪ ،‬أبو عبد الله الكوفي‪ ،‬ثقة افظ‪ ،‬فقيه عابد‪ ،‬إمام جة‪ ،‬كان يلقب بإلمير‬
‫المؤمنين في الحديو‪ ،‬ولد بالكوفة سنة (‪ )93‬هو‪ .‬وتوفي سنة (‪ )737‬هو‪ .‬ا ةر‪ :‬تاريـ بغداد (‪ ،)757/9‬وسير‬
‫أعالم النبالء (‪ ،)09/3‬وتقريب التهذيب (ص‪.)794 :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه الاللكائي في أصول اعتقاد أهل السنة (‪.)265/3‬‬
‫(‪ )5‬وأعة اإليمان هو قول ال إله إال الله كما في الحديو‪« :‬اإليمان بضع وسبعون شعبة‪ :‬أعالها قول ال إله إال‬
‫الله»‪ .‬الحديو‪.‬‬
‫(‪ )6‬صحيح البخاري (جو‪.)25/5‬‬
‫(‪ )7‬محمد بن صر المروزي‪ ،‬تقدم‪.‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه أ مد في المسند (‪ ،)532/2‬وأبو عي في الحلية (جو‪ ،)538/2‬وقال‪(( :‬غريب من ديو محمد بن‬
‫واسع‪ ،‬تفرد به عنه صدقة بن موسى‪ ،‬ويعرف بالدقيقي‪ ،‬بصري مشهور))‪.‬‬
‫(‪ )9‬تعةي قدر الصالأ (‪.)878/2‬‬
‫‪335‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫[المنافقون ‪ ]5 :‬فل يكذب قوله أ ه ق في عينه‪ ،‬ولكن كذبه من قوله ‪ ،‬فقال‪ :‬ﮙ‬
‫ﮛ ﮜ [المنافقون‪ ]5 :‬ث قال‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ فكذبه من‬ ‫ﮚ‬
‫قوله (‪ ،)1‬ال أ ه قالوا‪ :‬بإللسنته باةال أو كذبا))(‪.)2‬‬
‫وممن أشار إلى هذا الشرط أيضا أبو عوا ة(‪ )3‬و ر مه الله و يو عقد بابا في أن‬
‫اإلقرار بال إله إال الله ال ينفع إذا ل يورد به وجه الله ث ذكر تحته األ اديو الدالة على‬
‫ذلك(‪.)4‬‬
‫وممن أشار إليه أيضا اإلمام البربهاري و ر مه الله و يو قال‪(( :‬شهادأ أن ال إله‬
‫إال الله ال تقبل من صا بها إال بصدق النية وخالص اليقين))(‪.)5‬‬
‫وقال ابن أبي جمرأ في سياق شر ه لحديو‪« :‬أسعد الناس بشفاعتي من قال‪ :‬ال‬
‫إله إال الله خالصا من قلبه»‪(( :‬فيه دليل على أن من خالط إيما ه شائبة ال يسعد أل ه ‪‬‬
‫شرط فيه اإلخالص‪ ،‬واإلخالص يتضمن عدم الشوائب دقها وجلها))(‪ )6‬ا تهى‪.‬‬
‫وممن أشار إلى هذا الشرط أيضا شيـ اإلسالم و ر مه الله و يو قال‪(( :‬فإن‬
‫الشهادأ لله بإل ه ال إله إال هو تتضمن إخالص اإللهية له‪ ،‬فال يجوز أن يتإلله القلب غيره‪ ،‬ال‬
‫بحب وال خوف وال رجاء وال إجالل وال إكرام وال رغبة‪ ،‬وال رهبة‪ ،‬بل ال بد أن يكون‬
‫الدين كله لله كما قال تعالى‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ [األ فال‪ ]52 :‬فإذا كان‬
‫بعض الدين لله وبعضه لغير الله كان في ذلك من الشر بحسب ذلك))(‪.)7‬‬
‫وقال ابن القي و ر مه الله و مشيرا إلى هذا الشرط‪(( :‬وها هنا أصل نخر‪ ،‬وهو أن‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أي من جهة قوله ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المصدر فسه (‪ 808/2‬و ‪.)807‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬اإلمام الحافظ الكبير الجوال‪ ،‬أبو عوا ة يعقوب بن إسحاق بن إبراهي بن يزيد النيسابوري األصل‪ ،‬اإلسفراييني‪،‬‬
‫صا ب المسند الصحيح الذي خرجه على صحيح مسل وزاد أ اديو قليلة في أواخر األبواب‪ ،‬مولده بعد اليالثين‬
‫ومئتين‪ ،‬أكير من التجوال والتر ال وسمع من بالء الرجال‪ ،‬دث عنه‪ :‬أ مد بن علي الرازي‪ ،‬والطبرا ي الحافظ‬
‫وغيرهما‪ .‬توفي سنة ستة عشرأ وثالثمائة‪ .‬ا ةر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 558/55‬و ‪.)552‬‬
‫(‪ )4‬مسند أبي عوا ة (‪.)53/5‬‬
‫(‪ )5‬شرح السنة لإلمام البربهاري مع شر ه إرشاد الساري للنجمي (ص‪.)520 :‬‬
‫(‪ )6‬بهجة النفوس (جو‪.)773/7‬‬
‫(‪ )7‬اقتضاء الصراط المستقي (‪.)755/2‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫قيقة اإليمان مركبة من قول وعمل‪ ،‬والقول قسمان‪ :‬قول القلب وهو االعتقاد‪ ،‬وقول‬
‫اللسان وهو التكل بكلمة اإلسالم‪ .‬والعمل قسمان‪ :‬عمل القلب‪ ،‬وهو يته وإخالصه‪،‬‬
‫وعمل الجوارح‪ .‬فإذا زالت هذه األربعة زال اإليمان بكماله))(‪.)1‬‬
‫وممن ص على اشتراةه أيضا‪ :‬الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و(‪،)2‬‬
‫والشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ(‪ ،)3‬والشيـ عبد اللطيف بن عبد الر من نل‬
‫الشيـ(‪ )4‬والشيـ افظ كمي(‪ ،)5‬والمعلمي(‪ )6‬و ر مه الله‪.‬‬

‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬الصالأ و ك تاركها (ص‪.)52 :‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬كتاب التو يد دمن مؤلفات الشيـ اإلمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬القس األول‪ ،‬العقيدأ واآلداب‬
‫اإلسالمية (ص‪.)55 :‬‬
‫(‪ )3‬ا ةر‪ :‬فتح المجيد (ص‪ ،)555 :‬والدرر السنية (‪.)236 ،235/2‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪ :‬مصباح الةالم (ص‪.)505 :‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬معارج القبول (‪.)557/2‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬رفع االشتباه (ص‪.)55 :‬‬
‫‪336‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫المبحث الخامس‪ :‬منـزلة اإلخالص من العبادة‪.‬‬


‫مناسبة هذا المبحو في شرط اإلخالص‪ :‬أن اإلخالص في شهادأ أن ال إله إال الله له‬
‫جهتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬اإلخالص في قولها؛ وهذا قد تقدم‪.‬‬
‫واليا ية‪ :‬اإلخالص في تحقيقها‪.‬‬
‫وتحقيق شهادأ أن ال إله إال الله إ ما يكون بعبادأ الله و ده ال شريك له؛ فالشهادأ‬
‫إذن تقتضي عبادأ ومعبودا يتوجه إليه بهذه العبادأ‪ ،‬فناسب إذن أن ذكر منوزلة اإلخالص من‬
‫هذه العبادأ التي تستلزمها هذه الشهادأ‪.‬‬
‫ومنوزلة اإلخالص من العبادأ بينه الله تعالى في قوله‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[الكهف‪ .]550 :‬فاشترط لقبول العمل‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫شرةين‪ :‬أن يكون خالصا من الشر صوابا على السنة‪.‬‬
‫قال الفضيل بن عياض و ر مه الله و في تفسيره لقوله تعالى ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫[الملك‪(( :]2 :‬قال‪ :‬أخلصه وأصوبه‪ .‬قيل يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟‬ ‫ﭢﭣ‬
‫قال‪ :‬إن العمل إذا كان خالصا ول يكن صوابا ل يقبل‪ ،‬وإذا كان صوابا ول يكن‬
‫خالصا ل يقبل تى يكون خالصا صوابا ‪ .‬والخالص أن يكون لله‪ .‬والصواب إذا كان‬
‫على السنة))(‪.)1‬‬
‫وهنا أدلة أخرى دلت على هذا المعنى منها‪:‬‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫‪ 5‬و قال تعالى في شإلن أعمال الكفار‪ :‬ﭲ ﭳ‬
‫ﭻ [الفرقان‪.]25 :‬‬
‫قال ابن كيير في تفسير هذه اآلية‪(( :‬وذلك أل ها فقدت الشرط الشرعي؛ إما‬
‫اإلخالص فيها؛ وإما المتابعة لشرع الله‪ ،‬فكل عمل ال يكون خالصا وعلى الشريعة المردية‬
‫فهو باةل‪ ،‬فإلعمال الكفار ال تخلو من وا د من هذين وقد تجمعهما معا فتكون أبعد من‬
‫القبول ينئذ))(‪.)2‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو عي في الحلية (‪ ،)23/7‬وأورده البغوي في التفسير (‪ ،)586/7‬وشيـ اإلسالم في اقتضاء الصراط‬
‫المستقي (‪.)755/2‬‬
‫(‪ )2‬تفسير ابن كيير (‪.)505/5‬‬
‫‪338‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫[النساء‪:‬‬ ‫ومن األدلة أيضا قوله تعالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬


‫‪.]523‬‬
‫قال ابن القي و ر مه الله و‪(( :‬فإسالم الوجه‪ :‬إخالص القصد والعمل لله‪ .‬واإل سان‬
‫فيه‪ :‬متابعة رسوله ‪ ‬وسنته))(‪.)1‬‬
‫ومن األدلة أيضا ما جاء عن أبي هريرأ ‪ :‬قال سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪« :‬إن‬
‫الله و سبحا ه و يقول‪ :‬أ ا أغنى الشركاء عن الشر ‪ ،‬من عمل لي عمال أشر فيه غيري فإل ا‬
‫منه بريء وهو للذي عمله»‪ .‬وفي رواية‪« :‬تركته وشركه»(‪.)2‬‬
‫وأيضا ما جاء في ديو‪« :‬شاتك شاأ لح » لمن ذبح قبل الصالأ(‪.)3‬‬
‫قل الحافظ في «الفتح»(‪ )4‬عند تفسيره لهذا الحديو قول أبي محمد بن أبي‬
‫جمرأ(‪(( :)5‬وفيه‪ :‬أن العمل وإن وافق ية سنة ل يصح إال إذا وقع على وفق الشرع))‪.‬‬
‫ا تهى‪.‬‬
‫فوعل أن العبادأ ال تكون صحيحة مقبولة إال إذا توفر فيها شرةان هما‪ :‬اإلخالص‬
‫لله تعالى‪ ،‬وتجريد المتابعة للنبي ‪.‬‬
‫وهذا مما أجمعت عليه كلمة المشايـ وأئمتها من السلف ومن بعده ‪.‬‬
‫يقول شيـ اإلسالم و ر مه الله و‪(( :‬وجماع الدين أن ال عبد إال الله‪ ،‬وال عبده إال‬
‫بما شرع‪ ،‬وال عبده بالبدع‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ‪ .‬قال الفضيل بن‬
‫عياض‪ :‬أخلصه وأصوبه‪ .‬قالوا‪ :‬يا أبا على ما أخلصه وأصوبه؟ قال‪ :‬إن العمل إذا كان‬
‫خالصا ول يكن صوابا ل يقبل‪ ،‬وإذا كان صوابا ول يكن خالصا ل يقبل‪ ،‬تى يكون‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬مدارج السالكين (‪ )20/2‬وا ةر‪ :‬اقتضاء الصراط المستقي (‪.)755/2‬‬
‫(‪ )2‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب األدا ي‪ ،‬قول النبي ‪ ‬ألبي بردأ‪« :‬دح بالجذع من المعز ولن تجزي عن أ د‬
‫بعد » (جو‪ )223/6‬ح (‪.)3336‬‬
‫(‪.)58/50( )4‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬صر بن عمران الضبعي البصري‪ ،‬أ د األئمة اليقات‪ ،‬دث عن ابن عباس وابن عمر‪ ،‬وزهدم الجرمي‬
‫وعائذ بن عمرو المز ي‪ ،‬وةائفة‪ ،‬وعنه دث أيوب السختيا ي ومعمر وشعبة والحمادان‪ ،‬وإبراهي بن ةهمان‬
‫وعباد بن عباد المهلبي ونخرون‪ ،‬اختلف في تاريـ وفاته فقيل مات في خالفة يوسف بن عمر على العراق‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬في أواخر سنة سبع وعشرين ومائة‪ .‬ا ةر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 047/5‬و ‪.)044‬‬
‫‪337‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫خالصا صوابا‪ .‬والخالص‪ :‬أن يكون لله‪ ،‬والصواب‪ :‬أن يكون على السنة‪ .‬وهذا الذي ذكره‬
‫الفضيل مما اتفق عليه أئمة المشايخ))(‪ .)1‬ا تهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذان الشرةان هما تحقيق الشهادأ‪.‬‬
‫ووجهه‪ :‬أن شهادأ أن ال إله إال الله تقتضي اإلخالص لله تعالى في العبادأ الذي‬
‫هو عمل القلب‪ ،‬كما تقتضي اال قياد لرسول الله ‪ ‬الذي هو صورأ العبادأ؛ فبمجموع‬
‫هذين األمرين يتحقق اإليمان‪.‬‬
‫وكذلك فإن للعمل جهتين‪ :‬عمل‪ ،‬ومقصود بالعمل؛ فالعمل ال تكون صورته صحيحة‬
‫إال إذا كان وفقا للسنة‪ .‬والمقصود بالعمل و وهو الله ‪ ‬و ال يبالي بهذا العمل ما ل يكن‬
‫القصد به متمحضا إليه‪ ،‬كما قال تعالى في بهيمة األ عام التي يتصدق بها أو تهدى لبيته‬
‫الحرام‪ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [الحج‪.]58 :‬‬
‫قال الشوكا ي و ر مه الله و في تفسيره لهذه اآلية‪(( :‬أي‪ :‬لن يصعد إليه وال يبلغ رداه‬
‫وال يقع موقع القبول منه لحوم هذه اإلبل التي تتصدقون بها وال دماؤها التي تونصب عند‬
‫حرها من يو إ ها لحوم ودماء ﯫ ﯬ أي‪ :‬يبلغ إليه تقوى قلوبك ‪ ،‬ويصل إليه‬
‫إخالصك له وإرادتك بذلك وجهه‪ ،‬فإن ذلك هو الذي يقبله الله ويجازي عليه))(‪ .)2‬ا تهى‪.‬‬
‫وسئل ابن القي و ر مه الله و عن تجريد األفعال الشرعية عن النية‪ ،‬فكان جوابه‪:‬‬
‫((أن لله على العبد عبوديتين‪ :‬عبودية باةنة وعبودية ظاهرأ؛ فله على قلبه عبودية‪ ،‬وعلى‬
‫لسا ه وجوار ه عبودية‪ ،‬فقيامه بصورأ العبودية الةاهرأ مع تعريه عن قيقة العبودية الباةنة‬
‫مما ال يقربه إلى ربه‪ ،‬وال يوجب له ثوابه وقبول عمله؛ فإن المقصود امتحان القلوب وابتالء‬
‫السرائر‪ ،‬فعمل القلب هو روح العبودية ولبها‪ ،‬فإذا خال عمل الجوارح منه كان كالجسد‬
‫الموات بال روح‪ ،‬والنية هي عمل القلب الذي هو ملك األعضاء والمقصود باألمر والنهي‪،‬‬
‫فكيف يسقط واجبه‪ ،‬ويعتبر واجب رعيته وجنده وأتباعه الالتي إ ما شرعت واجباتها ألجله‬
‫وألجل صال ه‪ ،‬وهل هذا إال عكس القضية وقلب الحقيقة؟! والمقصود باألعمال كلها‬
‫ظاهرها وباةنها إ ما هو صالح القلب وكماله وقيامه بالعبودية بين يدي ربه وقيومه وإلهه‪،‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)373/55‬‬
‫(‪ )2‬فتح القدير (‪.)635/5‬‬
‫‪332‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ومن تمام ذلك قيامه هو وجنوده في ضرأ معبوده وربه‪ ،‬فإذا بعو جنوده ورعيته‪ ،‬وتغيب‬
‫هو عن الخدمة والعبودية‪ ،‬فما أجدر تلك الخدمة بالرد والمقت‪ ،‬وهذا ميل في غاية‬
‫المطابقة‪ ،‬وهل األعمال الخالية عن عمل القلب إال بمنزلة ركات العابيين؟! وغايتها أن ال‬
‫يترتب عليها ثواب وال عقاب))‪.‬‬

‫ث ذر و ر مه الله و أرباب القلوب من فه فضيلة أعمال القلوب على غير مرادها‬


‫فيبطلوا بذلك أعمال الجوارح فقال‪(( :‬ولما رأى بعض أرباب القلوب ةريقة هؤالء ا حرف‬
‫هو إلى أن صرف همه إلى عبودية القلب‪ ،‬وعطل عبودية الجوارح‪ ،‬وقال‪ :‬المقصود قيام‬
‫القلب بحقيقة الخدمة‪ ،‬والجوارح تبع‪ .‬والطائفتان متقابلتان أعة تقابل؛ هؤالء ال التفات‬
‫له إلي عبودية جوار ه ‪ ،‬ففسدت عبودية قلوبه ‪ ،‬وأولئك ال التفات له إلى عبودية‬
‫قلوبه ‪ ،‬ففسدت عبودية جوار ه ‪ ،‬والمؤمنون العارفون بالله وبإلمره قاموا له بحقيقة العبودية‬
‫ظاهرا وباةنا‪ ،‬وقدموا قلوبه في الخدمة‪ ،‬وجعلوا األعضاء توبعا لها‪ ،‬فإلقاموا الملك وجنوده‬
‫في خدمة المعبود‪ ،‬وهذا هو قيقة العبودية‪ .‬ومن المعلوم أن هذا هو مقصود الرب تعالى‬
‫بإرساله رسله‪ ،‬وإ زاله كتبه‪ ،‬وشرعه شرائعه‪ ،‬فدعوى المدعي أن المقصود من هذه العبودية‬
‫اصل‪ ،‬وإن ل يصحبها عبودية القلب من أبطل الدعاوي وأفسدها‪ .‬والله الموفق‪ .‬ومن‬
‫تإلمل الشريعة في مصادرها ومواردها‪ ،‬عل ارتباط أعمال الجوارح بإلعمال القلوب‪ ،‬وأ ها ال‬
‫تنفع بدو ها‪ ،‬وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح‪ ،‬وهل يميز المؤمن‬
‫عن المنافق إال بما في قلب كل وا د منهما من األعمال التي ميزت بينهما؟! وهل يمكن‬
‫أ د الدخول في اإلسالم إال بعمل قلبه قبل جوار ه؟! وعبودية القلب أعة من عبودية‬
‫الجوارح وأكبر وأدوم‪ ،‬فهي واجبة في كل وقت‪ ،‬ولهذا كان اإليمان واجب القلب على‬
‫الدوام‪ ،‬واإلسالم واجب الجوارح في بعض األ يان‪ ،‬فمركب اإليمان القلب ومركب اإلسالم‬
‫الجوارح‪ .‬فهذه كلمات مختصرأ في هذه المسإللة‪ ،‬لو بسطت لقام منها سفر دخ ‪ ،‬وإ ما‬
‫أشير إليها إشارأ))(‪ .)1‬ا تهى‪.‬‬
‫والذين يهتمون بعبودية القلب ويعطلون عبودية الجوارح بتر موافقة الشريعة ه‬
‫صنفان من الناس‪ :‬عباد وفساق‪ .‬أما العباد فإ ه ال التفات له إلى صورأ العبادأ المشروعة‪،‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ 5556/5‬و ‪.)5557‬‬
‫‪360‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫فيتعبدون الله تعالى بما استحدثوه من البدع والريادات التي يةنون أن فيها صال ا لقلوبه ‪.‬‬
‫وهذا كحال بعض المتصوفة ممن استعادوا بتلك البدع عن موافقة الشرع المحمدي‪.‬‬
‫وأما الفساق‪ :‬فهؤالء يزعمون أن اإليمان في القلوب‪ ،‬فال يبالون بعد ذلك بفعل‬
‫المعاصي والذ وب؛ فيفرةون في موافقة األمر والنهي‪.‬‬
‫فكال الطائفتين تاركون لصورأ العمل الشرعي‪ ،‬ففسدت بذلك عبودية قلوبه ؛ وذلك‬
‫ألن صالح القلب إ ما يكون بصالح الجوارح والنيات كما سبقت اإلشارأ إليه‪.‬‬
‫فالحاصل أن اإلخالص شرط في صحة العبادأ‪ ،‬وأن العبادأ أصلها تجريد اإلخالص‬
‫لله تعالى و ده‪ ،‬وتجريد المتابعة للرسول ‪ ،)1(‬وبه يتبين منوزلة اإلخالص من العبادأ وأ ه‬
‫رو ها ولبها وقوامها‪ ،‬فالعبادأ تصح بصحته وتفسد بفساده‪ ،‬والله تعالى أعل ‪.‬‬

‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬الدرر السنية (‪.)38/0‬‬
‫‪365‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫المبحث السادس‪ :‬أثر قوة اإلخالص في تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪:‬‬
‫إخالص الدين لله ليس مرتبة وا دأ يستوي الناس فيه جميعه ‪ ،‬بل يتفاوت فيه‬
‫أهله تفاوتا عةيما؛ فبين محصل ألد اه و ائز ألعاله‪ ،‬وبين ذلك مراتب ودرجات ال يعلمها‬
‫إال الله تعالى(‪.)1‬‬
‫ولذا كلما قوي هذا اإلخالص في القلب أثمر من كمال التو يد وتحقيقه ما يكون‬
‫سببا في تكميل شهادأ أن ال إله إال الله‪ ،‬وذلك على أصل أهل السنة في زيادأ اإليمان‬
‫بحسب زيادأ أعمال القلوب والجوارح‪.‬‬
‫يقول شيـ اإلسالم و ر مه الله و مبينا التالزم بين قوأ اإلخالص وتكميل الشهادأ‪:‬‬
‫((«ال إله إال الله رب السموات ورب األرض رب العرش الكري »(‪ )2‬فإن هذه الكلمات فيها‬
‫تحقيق التو يد‪ ،‬وتإلله العبد ربه‪ ،‬وتعلق رجائه به و ده ال شريك له‪ ،‬وهى لفظ خبر‬
‫يتضمن الطلب‪ .‬والناس وإن كا وا يقولون بإللسنته ‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬فقول العبد لها مخلصا‬
‫من قلبه له قيقة أخرى‪ ،‬وبحسب تحقيق التو يد تكمل ةاعة الله‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﯮ ﯯ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ‬ ‫ﯰ ﯱ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ [الفرقان‪ 55 :‬و ‪ ...]55‬وكلما قق العبد اإلخالص في قول‪ :‬ال إله‬
‫إال الله خرج من قلبه تإلله ما يهواه‪ ،‬وتصرف عنه المعاصي والذ وب‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [يوسف‪ ]25 :‬فعلل صرف السوء والفحشاء عنه‬
‫بإل ه من عباد الله المخلصين‪ .‬وهؤالء ه الذين قال فيه ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫[ص‪:‬‬ ‫[الحجر‪ .]52 :‬وقال الشيطان‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫‪ 72‬و ‪ .]75‬وقد ثبت في الصحيح عن النبي أ ه قال‪« :‬من قال ال إله إال الله مخلصا من‬
‫قلبه رمه الله على النار»(‪ .)3‬فإن اإلخالص ينفى أسباب دخول النار؛ فمن دخل النار من‬
‫القائلين‪" :‬ال إله إال الله ل يحقق إخالصها المحرم له على النار؛ بل كان في قلبه وع من‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)606/22‬‬
‫(‪ )2‬لفظ ديو بوي خرجه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه‪ ،‬باب‪ :‬قول الله تعالى‪ :‬ﯤ ﯥﯦ ﯧ وقوله‬
‫(جو‪ 004/8‬و ‪ )005‬ح (‪ ،)3477‬ومسل في كتاب الدعاء والذكر والتوبة‬ ‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ‬ ‫جل ذكره‬
‫واالستغفار (‪.)0297/4‬‬
‫(‪ )3‬بمعناه‪ .‬ا ةر‪ :‬صحيح البخاري (جو‪ )58 ،57/5‬ح (‪ )22‬و(‪.)527‬‬
‫‪362‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الشر الذي أوقعه فيما أدخله النار‪ .‬والشر في هذه األمة أخفى من دبيب النمل‪ .‬ولهذا‬
‫كان العبد مإلمورا في كل صالأ أن يقول‪ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ [الفاتحة‪ ]3 :‬والشيطان‬
‫يإلمر بالشر والنفس تطيعه في ذلك‪ ،‬فال تزال النفس تلتفت إلى غير الله؛ إما خوفا منه؛‬
‫وإما رجاء له‪ .‬فال يزال العبد مفتقرا إلى تخليص تو يده من شوائب الشر ‪ .‬وفى الحديو‬
‫الذي رواه ابن أبي عاص وغيره عن النبي ‪ ‬أ ه قال‪« :‬يقول الشيطان‪ :‬أهلكت الناس‬
‫بالذ وب وأهلكو ي بال إله إال الله واالستغفار‪ .‬فلما رأيت ذلك بييت فيه األهواء فه‬
‫يذ بون وال يستغفرون؛ أل ه يحسبون أ ه يحسنون صنعا»(‪ )2()))1‬ا تهى‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن رجب و ر مه الله و رابطا بين دعف اإلخالص و قص التو يد‪:‬‬
‫((وتحقيق هذا المعنى وإيضا ه أن قول العبد‪ :‬ال إله إال الله يقتضي أن ال إله له غير الله‪،‬‬
‫واإلله هو الذي يطاع فال يعصى هيبة له وإجالال‪ ،‬ومحبة وخوفا ورجاء وتوكال عليه‪ ،‬وسؤاال‬
‫منه‪ ،‬ودعاء له‪ ،‬وال يصلح ذلك كله إال لله ‪ ،‬فمن أشر مخلوقا في شيء من هذه‬
‫األمور التي هي من خصائص اإللهيه كان ذلك قد ا في إخالصه في قول‪ :‬ال إله إال الله‪،‬‬
‫و قصا في تو يده‪ .‬وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك‪ ،‬وهذا كله من‬
‫فروع الشر ‪ ،‬ولهذا ورد إةالق الكفر والشر على كير من المعاصي التي منشؤها من ةاعة‬
‫غير الله أو خوفه أو رجائه‪ ،‬أو التوكل عليه والعمل ألجله‪ ،‬كما ورد في الصحيح إةالق‬
‫الشر على الرياء‪ ،‬وعلى الحلف بغير الله‪ ،‬وعلى التوكل على غير الله‪ ،‬واالعتماد عليه‪،‬‬
‫وعلى من سوى بين الله وبين المخلوق في المشيئة‪ ،‬ميل أن يقول‪ :‬ما شاء الله وشاء فالن‪.‬‬
‫وكذا قوله‪ :‬مالي إال الله وأ ت؛ وكذلك ما يقدح في التو يد وتفرد الله بالنفع والضر‬
‫كالطيرأ‪ ،‬والرقى المكروهة‪ ،‬وإيتان الكهان وتصديقه بما يقولون‪ ،‬وكذلك اتباع هوى النفس‬
‫فيما هى الله عنه‪ ،‬قادح في تمام التو يد وكماله‪.‬‬
‫ولهذا أةلق الشرع على كيير من الذ وب التي منشؤها من هوى النفس أ ها كفر‬
‫وشر ؛ كقتال المسل ‪ ،‬ومن أتى ائضا‪ ،‬أو امرأأ في دبرها‪ ،‬ومن شرب الخمرأ في المرأ‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو يعلي في المسند (‪ )525/5‬ح رق (‪ ،)556‬والديلمي في الفردوس بمإلثور الخطاب (‪،)75/5‬‬
‫وأورده الهييمي في المجمع (جو‪ )208/50‬وقال‪« :‬رواه أبو يعلي‪ ،‬وفيه عيمان بن مطر دعيف»‪ .‬ا تهى‪.‬‬
‫و ك عليه األلبا ي بإل ه مودوع كما في دعيف الجامع برق (‪.)5823‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ 260/50‬و ‪ .)265‬وا ةر‪ :‬االستقامة (‪ 523/5‬و ‪.)526‬‬
‫‪365‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الرابعة‪ ،‬وإن كان ذلك ال يخرجه عن الملة بالكلية‪.‬‬


‫ولهذا قال السلف‪ :‬كفر دون كفر وشر دون شر ))(‪.)1‬‬
‫وبذلك يعل أهمية اإلخالص في تحقيق شهادأ أن ال إله إال الله‪ ،‬وأ ه كلما قوي‬
‫في القلب أثمر من زيادأ اإليمان والتقوى ما يجعل العبد في صنٌ يمنعه من المعاصي‬
‫والذ وب‪ ،‬فينعكس ذلك على تكميل شهادأ أن ال إله إال الله‪.‬‬

‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬كلمة اإلخالص (ص‪ 57 :‬و ‪.)52‬‬
‫‪365‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫المبحث السابع‪ :‬الفرق بين الصدق واإلخالص‪.‬‬


‫الصوودق واإلخووالص متالزمووان تالزمووا ال ينفووك أبوودا فووي عوورف الشوورع‪ ،‬فكوول إخووالص ال‬
‫بوود أن يكووون معووه صوودق‪ ،‬وكوول صوودق ال بوود أن يكووون فيووه إخووالص‪ ،‬وال اعتبووار أل وودهما دون‬
‫اآلخوور‪ ،‬ومووع هووذا الووتالزم غيوور المنفووك بينهمووا(‪ )1‬إال أن أهوول العلو اجتهوودوا فووي ودووع فووروق بووين‬
‫الصدق واإلخالص‪ ،‬وذلك بمال ةوة متعلقوات كول منهموا‪ ،‬وفيموا يلوي وذكر موا تيسور مون كوالم‬
‫أهل العل في ذكر الفروق بينهما‪:‬‬
‫قال ابن القي و ر مه الله و في توديح الفرق بينهما‪(( :‬وكذلك الصدق والفورق بينوه وبوين‬
‫اإلخ ووالص‪ :‬أن للعب وود مطلوب ووا وةلب ووا؛ ف وواإلخالص تو ي وود مطلوب ووه‪ ،‬والص وودق تو ي وود ةلب ووه؛‬
‫فاإلخالص أن ال يكون المطلوب منقسما‪ ،‬والصدق أن ال يكون الطلوب منقسوما‪ ،‬فالصودق‬
‫بذل الجهد واإلخالص إفراد المطلوب))(‪.)2‬‬
‫وقووال أيضووا‪(( :‬فالصوودق أن ال ينقس و ةلبووك‪ ،‬واإلف وراد(‪ )3‬أن ال ينقس و مطلوبووك‪ .‬األول‪:‬‬
‫تو يد الطلب‪ .‬واليا ي‪ :‬تو يد المطلوب))(‪.)4‬‬
‫وقووال فووي كووالم لووه نخوور‪(( :‬فحقيقووة اإلخووالص‪ :‬تو يوود المطلوووب‪ .‬و قيقووة الصودق تو يوود‬
‫الطل ووب واإلرادأ‪ ،‬وال ييمو وران إال باالستس ووالم المح ووض للمتابع ووة؛ فه ووذه األرك ووان اليالث ووة ه ووي‬
‫أركان السير وأصول الطريق التي من ل يبن عليها سلوكه وسيره فهو مقطوع))(‪.)5‬‬
‫ولما سئل الشيـ محمد بن عبد الوهاب عن الفرق بين الصدق واإلخالص أجاب بقوله‪:‬‬
‫((فمسووإللة الصوودق واإلخووالص كبيوورأ‪ .‬لمووا ذكوور اإلمووام أ موود الصوودق واإلخووالص قووال‪ :‬بهمووا‬
‫ارتفو ووع القو وووم‪ .‬ولكو وون يقربهمو ووا إلو ووى الفه و و التفكو وور فو ووي بعو ووض أف و وراد العبو ووادأ ميو وول‪ :‬الصو ووالأ‬
‫واإلخووالص‪ ،‬فوواإلخالص فيهووا يرجووع إلووى أفرادهووا عمووا يخووالف كييورا موون الريوواء والطبووع والعووادأ‬
‫وغير ذلك‪ ،‬والصدق يرجع إلى إيقاعها على المشروع‪ ،‬ولو أبغضه الناس لذلك))(‪.)6‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬منهج أهل السنة ومنهج األشاعرأ في تو يد الله (‪ .)72/5‬وا ةر‪ :‬قرأ عيون المو دين (ص‪.)28 :‬‬
‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)550/5‬‬
‫(‪ )3‬يعني اإلخالص‪.‬‬
‫(‪ )4‬جالء األفهام (ص‪.)262 :‬‬
‫(‪ )5‬المرجع السابق (‪.)28/2‬‬
‫(‪ )6‬فتاوى الشيـ محمد بن عبد الوهاب (‪.)30/5‬‬
‫‪363‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وقال الشيـ عبد الر من بن سن نل الشيـ‪(( :‬والصدق واإلخوالص متالزموان‪ ،‬ال يوجود‬
‫أ وودهما بوودون اآلخوور‪ ،‬فووإن موون ل و يكوون مخلصووا فهووو مشوور ‪ ،‬وموون ل و يكوون صووادقا فهووو‬
‫منافق))(‪.)1‬‬
‫وقووال الش وريف الجرجووا ي فووي بيووان الفوورق بينهمووا‪(( :‬والفوورق بووين اإلخووالص والصوودق‪ :‬أن‬
‫الصوودق أصوول‪ ،‬وهووو األول؛ واإلخووالص فوورع وهووو تووابع‪ .‬وفوورق نخوور‪ :‬اإلخووالص ال يكووون إال‬
‫بعد الدخول في العمل))(‪.)2‬‬
‫فتحصل من كالم هؤالء األعالم أن الصدق يفارق اإلخالص من جهتين‪:‬‬
‫األولــى‪ :‬أن الصوودق أصوول فووي الطلووب واإلرادأ مووع بووذل الجهوود فووي الموافقوة‪ ،‬واإلخووالص‬
‫أصل في المطلوب أي‪ :‬المعبود‪.‬‬
‫الثانيــة‪ :‬أن الصوودق يكووون بعموول القلووب والج ووارح بخووالف اإلخووالص فووال يكووون إال فووي‬
‫القلووب؛ ويتفوورع عنووه أن اإلخووالص ال يكووون إال بعوود الوودخول فووي العموول‪ ،‬وهووو أيضووا فوورع عوون‬
‫الصدق‪.‬‬
‫وأمر ثالو وهو أن اإلخالص ينفي الشر ‪ ،‬والصدق ينفي النفاق‪.‬‬

‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬قرأ عيون المو دين (ص‪.)03 :‬‬
‫(‪ )2‬التعريفات (ص‪.)74 :‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫المبحث الثامن‪ :‬ما ينافي شرط اإلخالص‪.‬‬


‫وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشرك األكبر‪.‬‬
‫الشر األكبر مما يناقض أصل التو يد واإلخالص في شهادأ أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫ووجه ذلك‪ :‬أ ه يشترط في التو يد استصحاب كمه الذي هو إخالص العبادأ لله و ده‬
‫بتر الشر في العبادأ‪ ،‬والوقوع في الشر ينافي هذا الحك ويقطعه‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول شيـ اإلسالم ابن تيمية و ر مه الله و‪:‬‬
‫((فإن رأس اإلسالم شهادأ أن ال إله إال الله وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬فال بد من‬
‫إخالص الدين لله تى ال يكون في القلب تإلله لغير الله‪ ،‬فمتى كان في القلب تإلله لغير‬
‫الله فذا شر يقدح في تحقيق شهادأ أن ال إله إال الله))(‪ .)1‬ا تهى‪.‬‬
‫ويقول الحافظ ابن رجب و ر مه الله و‪(( :‬وتحقيق هذا المعنى وإيضا ه‪ :‬أن قول‬
‫العبد ال إله إال الله يقتضي أن ال إله له غير الله؛ واإلله هو الذي يطاع فال يعصى هيبة له‬
‫وإجالال‪ ،‬ومحبة وخوفا ورجاء وتوكال عليه وسؤاال منه ودعاء له‪ ،‬وال يصلح ذلك كله إال لله‬
‫عز وجل؛ فمن أشر مخلوقا في شيء من هذه األمور التي هي من خصائص اإللهية كان‬
‫ذلك قد ا في إخالصه في قول ال إله إال الله و قصا في تو يده‪ ،‬وكان فيه من عبودية‬
‫المخلوق بحسب ما فيه))(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬والحديو عن الشر األكبر سيكون تحت مقاصد‪ ،‬وذلك كالتالي‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الشرك األكبر‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬معنى الشرك في اللغة‪:‬‬
‫الشر في اللغة مإلخوذ من الشركة‪ ،‬وهي الخلطة في األ صباء(‪.)3‬‬
‫وال يشترط في هذه الخلطة التسوية من كل وجه أو في جميع الحقوق‪.‬‬
‫يقول مبار الميلي و ر مه الله و‪(( :‬ث اجتماع الشركاء في شيء ال يقتضي تساوي‬
‫أ صبته منه‪ ،‬وال يمنع زيادأ قسط على نخر؛ فموسى يسإلل ربه إشرا أخيه له في الرسالة‪،‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬رسالة في التوبة دمن جامع الرسائل لشيـ اإلسالم ابن تيمية‪( ،‬ص‪ 282 :‬و ‪.)285‬‬
‫(‪ )2‬كلمة اإلخالص (ص‪ .)07 :‬ةبعة المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬بتحقيق زهير الشاويش‪.‬‬
‫(‪ )3‬ا ةر‪ :‬تهذيب اللغة (‪.)58/50‬‬
‫‪368‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وقد أجيب سؤله؛ لقوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ‪[ ،‬ةه‪ ]56 :‬ودروري أن‬
‫ظ هارون من الرسالة دون ظ موسى‪ ،‬ولهذا تقول فالن شريك لغيره في دار أو أرض أو‬
‫بضاعة‪ ،‬ولو ل يكن له منها إال معشار العشر‪ ،‬بل األجير على جزء الربح كالخماس‪،‬‬
‫وعامل القراض شريك لرب المال‪ ،‬من غير أن يكون له ظ من األصل‪ ،‬هذا في‬
‫الحسيات‪ ،‬وميله في المعنويات؛ تقول‪ :‬األبوان شريكان في ةاعة ابنهما لهما‪ ،‬وإن كان‬
‫ق األم في الطاعة أقوى‪ ،‬وتقول‪ :‬أبنائي شركاء في محبتي‪ ،‬وأ ت تحب بعضه أشد من‬
‫بعض‪ .‬هذا تقرير معنى الشر لغة))(‪ )1‬ا تهى‪.‬‬
‫فالحاصل أن الشر في اللغة مطلق الخلطة في األ صباء سواءت تساوت صوص‬
‫الشركاء منها أو تفاوتت‪ ،‬ولذا فمن صرف شيئا من قوق الله لغير الله‪ ،‬أو اعتقد في‬
‫المخلوق فقد أشر ‪ ،‬وإن اعتقد أن غير الله غير مساو لله في جميع الخصائص والحقوق‬
‫كما سيإلتي في تعريف الشر ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬معنى الشرك األكبر في االصطالح‪:‬‬
‫اختلفت عبارات أهل العل في بيان معنى الشر األكبر وذلك العتبارات مختلفة؛‬
‫فمنه من عرف الشر األكبر بالتمييل بذكر شيء من أ واعه وأفراده‪ ،‬ومنه من عرف‬
‫الشر ببيان أصله و قيقته‪ ،‬ومنه من عرف الشر ببيان كمه وأثره‪ ،‬ومنه من جمع بين‬
‫هذه األمور اليالثة‪ ،‬أو بعضها كما سيتضح عند ذكر هذه التعاريف؛ وهي كما يلي‪:‬‬
‫قال ابن القي و ر مه الله و‪(( :‬وأما الشر فهو وعان‪ :‬أكبر وأصغر؛ فاألكبر ال‬
‫يغفره الله إال بالتوبة منه‪ ،‬وهو أن يتخذ من دون الله دا يحبه كما يحب الله‪ ،‬وهو الشر‬
‫الذي تضمن تسوية نلهة المشركين برب العالمين‪ ،‬ولهذا قالوا آللهته في النار ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [الشعراء ‪ 28‬و ‪ ]27‬مع إقراره بإلن الله و ده خالق كل‬
‫شيء وربه ومليكه وأن نلهته ال تخلق وال ترزق وال تحيي وال تميت وإ ما كا ت هذه‬
‫التسوية في المحبة والتعةي والعبادأ))(‪.)2‬‬
‫وقد تضمن تعريف ابن القي و ر مه الله و للشر األكبر ذكر كمه وأثره‪ ،‬وهو أن‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬رسالة الشر ومةاهره (ص‪.)505:‬‬
‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)552/5‬‬
‫‪367‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الله تعالى ال يغفره إال بالتوبة؛ فصا ب هذا الشر مخلد في النار كما قال تعالى‪ :‬ﭺ‬
‫[المائدأ‪ ،]82 :‬وكما قال‪ :‬ﭨ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ [النساء‪ ،]57 :‬ألن هذا الشر محبط‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫لألعمال مبطل ليوابها كما قال تعالى‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫[األ عام‪:‬‬ ‫ﯗ ﯘ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [الزمر‪ ،]63 :‬وقال‪ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫‪.]77‬‬
‫كما أن ابن القي و ر مه الله و قد ذكر في هذا التعريف أصل الشر و قيقته‪ ،‬وهو‬
‫التسوية بين الخالق والمخلوق في بعض الحقوق‪ ،‬كما أشار إلى شيء من أ واعه‪ ،‬يو‬
‫ذكر شر المحبة وشر التعةي وشر العبادأ‪.‬‬
‫ولذا فهو يعتبر من أجمع ما قيل في تعريف الشر األكبر‪.‬‬
‫ومما جاء في تعريفه أيضا قول القرةبي و ر مه الله و‪(( :‬وأصله اعتقاد شريك لله في‬
‫ألوهيته‪ ،‬وهو الشر األعة ‪ ،‬وهو شر الجاهلية‪ ،‬وهو المراد بقوله تعالى‪ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ [النساء‪.)1())]57 :‬‬
‫وهو تعريف للشر بإلصله وبيان قيقته مع اإلشارأ إلى كمه‪.‬‬
‫وقال شيـ اإلسالم في تعريفه‪(( :‬فإلما الشر في اإللهية فهو‪ :‬أن يجعل لله دا أي‬
‫ميال في عبادته‪ ،‬أو محبته أو خوفه أو رجائه أو إ ابته))(‪.)2‬‬
‫وهو تعريف للشر بإلصله مع بيان شيء من أ واعه‪.‬‬
‫وقال الشيـ سليمان نل الشيـ و ر مه الله و في تعريفه‪(( :‬تشبيه للمخلوق بالخالق و‬
‫تعالى وتقدس و في خصائص اإللهية من ملك الضر والنفع‪ ،‬والعطاء والمنع الذي يوجب‬
‫تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل وأ واع العبادأ كلها بالله و ده))(‪.)3‬‬
‫وهو تعريف للشر األكبر ببيان قيقته وأصله‪ ،‬ألن أصل الشر تشبيه في‬
‫الخصائص والحقوق(‪.)4‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬الجامع أل كام القرنن (جو‪.)575/3‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)25/5‬‬
‫(‪ )3‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)25 :‬‬
‫(‪ )4‬يقول المقريزي و ر مه الله و‪ (( :‬اعل أن قيقة الشر تشبيه الخ الق بالمخلوق‪ ،‬وتشبيه المخلوق =‬
‫‪362‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وقال الشيـ عبد اللطيف بن عبد الر من نل الشيـ في تعريفه للشر ‪(( :‬والشر‬
‫إعطاء المخلوق ما يستحقه الخالق و ده من دعاء‪ ،‬وتوكل ومحبة‪ ،‬و حو ذلك من‬
‫العبادات والطاعات))(‪.)1‬‬
‫وهو تعريف للشر بإلصله مع بيان شيء من أ واعه وأفراده‪.‬‬
‫ومما جاء في تعريفه أيضا‪(( :‬هو كل ما اقض التو يد أو قدح فيه‪ ،‬مما ورد في‬
‫الكتاب والسنة تسميته شركا))(‪.)2‬‬
‫وهذا تعريف للشر بإلثره‪ ،‬ألن من نثار الشر قض التو يد‪.‬‬
‫وقال المعلمي و ر مه الله و‪ :‬في ده‪ ..(( :‬فنةرت في قيقة الشر فإذا هو باالتفاق‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫اتخاذ غير الله ‪ ‬إلها من دو ه‪ ،‬أو عبادأ غير الله ‪. )) ‬‬
‫وهو تعريف للشر في اإللهية ببيان قيقته وأصله‪ ،‬وهو جامع ما ع‪.‬‬
‫وعرفه عبد الر من السعدي بقوله‪(( :‬أن يصرف العبد وعا أو فردا من أفراد العبادأ‬
‫لغير الله)) ث علق عليه قائال‪ (( :‬فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أ ه مإلمور به من الشارع‬
‫فصرفه لله و ده تو يد وإيمان وإخالص‪ ،‬وصرفه لغير الله شر وكفر))(‪.)4‬‬
‫وهذا التعريف يعتبر من التعاريف الجامعة الما عة أيضا‪.‬‬
‫وقال ابن عييمين في ده‪(( :‬كل شر أةلقه الشارع‪ ،‬وهو متضمن لخروج اإل سان‬
‫من دينه‪ ،‬ميل‪ :‬أن يصرف شيئا من أ واع العبادأ لغير الله؛ كإلن يصلي لغير الله‪ ،‬أو يصوم‬
‫لغير الله‪ ،‬أو يذبح لغير الله))(‪.)5‬‬
‫وهذا تعريف للشر بحكمه مع بيان شيء من أ واعه‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫= بالخالق‪.‬‬
‫أما األول‪ :‬فإن المشر شبه المخلوق بالخالق في خصائص اإللهية وهي التفرد بملك الضر والنفع والعطاء‬
‫والمنع‪ ،‬فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق تعالى‪ ،‬وسوى بين التراب ورب األرباب فإلي فجور وذ ب‬
‫أعة من هذا))‪[ .‬تجريد التو يد (ص‪ .])52 :‬وا ةر‪ :‬الجواب الكافي (ص‪.)255 :‬‬
‫(‪ )1‬مصباح الةالم (ص‪.)27 :‬‬
‫(‪ )2‬ذكر هذا التعريف صا ب كتاب الشر في القدي والحديو (‪ )552/5‬و سبه إلى الجزائري في عقيدأ المؤمن ول أجده‪.‬‬
‫(‪ )3‬رفع االشتباه عن معنى العبادأ واإلله (ص‪.)55 :‬‬
‫(‪ )4‬القول السديد (ص‪ 520 :‬و ‪.)525‬‬
‫(‪ )5‬مسائل في العقيدأ لمجموعة من أصحاب الفضيلة‪ ،‬جمع وترتيب أبو مالك محمد بن عبد الوهاب (ص‪.)50 :‬‬
‫‪380‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫هذه بعض عبارات أهل العل في بيان معنى الشر األكبر في اإللهية‪ ،‬وال تنافي‬
‫بينها في الحقيقة ألن بعضها يكمل بعضا ويشد من بعض‪.‬‬
‫وقد أفضت في ذكر النقول من كالم أهل العل في بيان معنى الشر األكبر وذلك‬
‫تى تنجلي قيقته‪ ،‬وتتضح صورته‪ ،‬وذلك لما صل فيه من اشتباه في معناه‪ ،‬وا حراف‬
‫كبير في مفهومه ومغزاه‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬أقسام الشرك األكبر وأنواعه‪.‬‬
‫يقس أهل العل الشر األكبر في الجملة إلى قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬شرك الربوبية‪ ،‬وهو الشر المتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله‪.‬‬
‫واليا ي‪ :‬شرك اإللهية‪ ،‬وهو الشر في عبادته ومعاملته‪ ،‬وإن كان صا به يعتقد أ ه‬
‫سبحا ه ال شريك له في ذاته وال في صفاته وال في أفعاله‪.‬‬
‫أما القس األول و وهو الشر في الربوبية و فنوعان‪:‬‬
‫قال ابن القي في بيا هما‪(( :‬أحدهما‪ :‬شر التعطيل‪:‬‬
‫[الشعراء‪]25 :‬‬ ‫ﭲ‬ ‫وهو أقبح أ واع الشر ؛ كشر فرعون إذ قال‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫وقال تعالى مخبرا عنه أ ه قال لهامان‪ :‬ﮌ ﮍ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ [غافر‪ 56 :‬و ‪.]58‬‬
‫ومن هذا الشر شر أهل الو دأ القائلين‪ :‬ما ث خالق ومخلوق وال هاهنا شيئان‪،‬‬
‫بل الحق المنزه هو عين الخلق المشبه‪ ،)1(،‬ومنه أيضا شر المال دأ القائلين بقدم العال‬
‫وأبديته‪ ،‬وأ ه ل يكن معدوما أصال‪ ،‬بل ل يزل وال يزال‪ ،‬وأن الحوادث بإلسرها مستندأ‬
‫عنده إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها‪ ،‬يسمو ها بالعقول والنفوس‪.‬‬
‫ومن هذا الشر شر من عطل الرب عن صفاته وأفعاله من غالأ الجهمية والقرامطة‬
‫والمعتزلة‪ ،‬فل ييبتوا له اسما وال صفة‪ ،‬بل جعلوا المخلوق أكمل منه‪ ،‬إذ كمال الذات‬
‫بإلسمائها وصفاتها‪.‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬شر من جعل مع الله تعالى إلها نخر‪ ،‬ول يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته؛‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أهل الو دأ تقدم التعريف به ‪ ،‬وه كما تقدم ةائفة ابن عربي وغيره من دعاأ االتحادية‪ .‬وشركه و كما قال ابن‬
‫القي و في الربوبية‪ ،‬أل ه عطلوا ذات الرب بل جعلوها عين كل شيء‪ ،‬وذلك أقبح أ واع التعطيل‪.‬‬
‫‪385‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫كشر النصارى الذين جعلوه ثالو ثالثة‪ ،‬فجعلوا المسيح إلها‪ ،‬وأمه إلها‪.‬‬
‫ومن هذا شر المجوس القائلين بإسناد وادث الخير إلي النور‪ ،‬و وادث الشر‬
‫إلى الةلمة‪.‬‬
‫ومن هذا أيضا شر القدرية القائلين بإلن الحيوان هو الذي يخلق أفعال فسه‪ ،‬وأ ها‬
‫تحدث بدون مشيئة الله وقدرته وإرادته‪ ،‬ولهذا كا وا من أشباه المجوس‪.‬‬
‫ومن هذا شر الذي اج إبراهي في ربه ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ [البقرأ‪:‬‬
‫‪ ]237‬فهذا جعل فسه دا لله تعالى‪ ،‬يحيي ويميت بزعمه‪ ،‬كما يحيي الله ويميت‪.‬‬
‫ومن هذا شر كيير ممن يشر بالكواكب العلويات‪ ،‬ويجعلها أربابا مدبرأ ألمر هذا‬
‫العال ‪ ،‬كما هو مذهب مشركي الصابئة‪ ،‬وغيره ‪.‬‬
‫ومن هذا شر عباد الشمس وعباد النار وغيره ‪.‬‬
‫ومن هؤالء من يزع أن معبوده هو اإلله على الحقيقة‪ ،‬ومنه من يزع أ ه أكبر اآللهة‪،‬‬
‫ومنه من يزع أ ه إله من جملة اآللهة‪ ،‬وأ ه إذا خصه بعبادته والتبتل إليه واال قطاع إليه أقبل عليه‬
‫واعتني به‪ ،‬ومنه من يزع أن معبوده األد ى يقربه إلى المعبود الذي هو فوقه‪ ،‬والفوقا ي يقربه إلى‬
‫من هو فوقه‪ ،‬تى تقربه تلك اآللهة إلى الله سبحا ه‪ ،‬فتارأ تكير الوسائط وتارأ تقل))(‪.)1‬‬
‫هذه بعض أ واع الشر في الربوبية‪.‬‬
‫وأما القسم الثاني‪ :‬وهو الشر في األلوهية‪ ،‬فقد جعله الشيـ محمد بن عبد‬
‫الوهاب و ر مه الله و أربعة أ واع‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬شر الدعوأ‪ ،‬وهو صرف شيء من أ واع العبادأ لغير الله تعالى‪ ،‬كصرف‬
‫الدعاء لغير الله‪ .‬والدليل قوله تعالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ [العنكبوت‪ 63 :‬و ‪.]66‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬شر النية وهي واإلرادأ والقصد‪ .‬والدليل قوله تعالى‪ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﮍﮎ ﮏ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮗ [هود‪ 53 :‬و ‪.]56‬‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫النوع الثالث‪ :‬شر الطاعة‪ .‬والدليل قوله تعالى‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬الجواب الكافي فيمن سإلل عن الدواء الشافي (ص‪ 255 :‬و ‪ )255‬باختصار‪ .‬وا ةر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 25/5‬و ‪.)22‬‬
‫‪382‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫[التوبة‪.]55 :‬‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫والمراد ةاعة العلماء والعباد‪ ،‬في معصية الله سبحا ه كما فسرها رسول الله ‪ ‬لعدي‬
‫ابن ات ‪ ،‬لما سإلله فقال‪ :‬لسنا عبده ‪ .‬فبين له أن عبادته ةاعته في معصية الله(‪.)1‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬شر المحبة‪ .‬والدليل عليه قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ﮆ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ إلى قوله تعالى‪ :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ‪[ .‬البقرأ‪ 563 :‬و ‪.)2(]568‬‬
‫وهذه األ واع األربعة التي ذكرها الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و اصرأ أل واع‬
‫الشر في اإللهية ال يشذ فرد عنها؛ ألن الشر بالنةر إلى فعل العبد وما يصدر منه من أمور‬
‫شركية؛ إما أن يكون ظاهرا في أقواله وأفعاله‪ ،‬أو يكون خفيا في قلبه وقصوده‪.‬‬
‫فالنوع األول شر في الةاهر‪ ،‬وبقية األ واع شر في الباةن‪ ،‬إما في النية والقصد؛‬
‫كالنوع اليا ي‪ ،‬أو في االعتقاد والقلب كالنوعين اليالو(‪ )3‬والرابع‪.‬‬
‫وقد أشار ابن القي و ر مه الله و إلى هذه األ واع األربعة من الشر بقوله‪(( :‬ويتبع‬
‫هذا الشر ‪ -‬يعني الشر في العبادأ ‪ -‬الشر به سبحا ه في األفعال‪ ،‬واألقوال واإلرادات‬
‫والنيات‪:‬‬
‫فالشرك في األفعال كالسجود لغيره‪ ،‬والطواف بغير بيته‪ ،‬و لق الرأس عبودية وخضوعا‬
‫لغيره‪ ،‬وتقبيل األ جار غير الحجر األسود الذي هو يمين الله في األرض‪ ،‬وتقبيل القبور‬
‫واستالمها‪ ،‬والسجود لها…‬
‫ومن الشرك به سبحانه الشرك به في اللفظ‪ :‬كالحلف بغيره‪ ،‬كما رواه اإلمام‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه الترمذي في كتاب التفسير من جامعه (‪ )232/3‬رق (‪ ،)5023‬والبخاري في التاريـ الكبير (‪)506/8‬‬
‫ترجمة رق (‪ ،)585‬وابن أبي ات في التفسير (‪ ،)5875/6‬والطبرا ي في الكبير (‪ ،)22/58‬وفي إسناده‬
‫غطيف بن أعين قال الحافظ في التقريب (ص‪( :)888 :‬دعيف من السابعة)‪ .‬ولكن الحديو له شاهد موقوف‬
‫على ذيفة ‪ ‬رواه ابن أبي ات في تفسيره (‪ )5875/6‬رق (‪ ،)50038‬والبيهقي في السنن (‪،)556/50‬‬
‫وابن جرير في التفسير (‪ .)552/55‬قلت‪ :‬وألجل هذا الشاهد سنه األلبا ي و ر مه الله و كما في صحيح‬
‫الترمذي (‪ )258/5‬برق (‪.)2585‬‬
‫(‪ )2‬الدرر السنية (‪ 62/2‬و ‪.)80‬‬
‫(‪ )3‬سيإلتي أن النوع اليالو المراد به ةاعته في استحالل ما رم الله أو العكس‪.‬‬
‫‪385‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫أ مد وأبو داود عنه ‪ ‬أ ه قال‪« :‬من لف بغير الله فقد أشر » وصححه الحاك وابن‬
‫بان(‪ .)1‬ومن ذلك قول القائل للمخلوق‪ :‬ما شاء الله وشئت‪ ،‬كما ثبت عن النبي ‪ ‬أ ه‬
‫قال له رجل‪ :‬ما شاء الله وشئت‪ ،‬فقال‪« :‬أجعلتني لله دا؟ بل قل‪ :‬ما شاء الله و ده»(‪،)2‬‬
‫هذا مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة‪ ،‬كقوله‪ :‬ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ [التكوير‪،]27 :‬‬
‫فكيف بمن يقول‪ :‬أ ا متوكل على الله وعليك‪ ،‬وأ ا في سب الله و سبك‪ ،‬ومالي إال الله‬
‫وأ ت‪ ،‬وهذا من الله ومنك‪ ،‬وهذا من بركات الله وبركاتك‪ ،‬والله لي في السماء وأ ت لي‬
‫في األرض‪ ،‬أو يقول‪ :‬والله و ياأ فالن‪ ،‬أو يقول‪ :‬ذرا لله ولفالن‪ ،‬أو أ ا تائب لله ولفالن‪،‬‬
‫أو أرجو الله وفال ا‪ ،‬و حو ذلك‪...‬‬
‫وأما الشرك في اإلرادات والنيات‪ :‬فذلك البحر الذي ال سا ل له‪ ،‬وقل من ينجو‬
‫منه؛ فمن أراد بعمله غير وجه الله‪ ،‬أو وى شيئا غير التقرب إليه‪ ،‬وةلب الجزاء منه‪ ،‬فقد‬
‫أشر في يته وإرادته‪.‬‬
‫واإلخالص‪ :‬أن يخلص لله في أقواله وأفعاله وإرادته ونيته‪ ،‬وهذه هي الحنيفية ملة‬
‫إبراهي التي أمر الله بها عباده كله ‪ ،‬وال يقبل من أ د غيرها‪ ،‬وهي قيقة اإلسالم‪ :‬ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [نل عمران‪ .]73 :‬وهي ملة إبراهي التي‬
‫من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء))(‪ .)3‬ا تهى‬
‫فالحاصل أن الشر األكبر قد يكون في االعتقاد وعمل القلب‪ ،‬كاعتقاد الشريك‬
‫مع الله في التإلثير والتدبير أو اعتقاد من يعل الغيب المطلق مع الله‪ ،‬وكالشر في المحبة‪،‬‬
‫والخوف‪ ،‬والتوكل‪ ،‬والرجاء‪ ،‬والشر في النية وهي اإلرادأ والقصد‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬كما قال المؤلف‪ :‬أخرجه أ مد في المسند (‪ ،)523 ،76 ،55/2‬وأبو داود في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬كراهة‬
‫الحلف باآلباء (‪ )235/3‬ح رق (‪ )5235‬والترمذي في جامعه رق (‪ ،)5385‬وابن بان (‪ )5588‬والطيالسي‬
‫(‪ ،)5726‬والبيهقي (‪ ،)22/50‬والحاك في المستدر (‪ .)228/5 ،57/5‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين‬
‫وافقه الذهبي‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أ مد في المسند (‪ ،)225 ،255/5‬والبيهقي في السنن (‪ ،)258/5‬وابن أبي شيبة في المصنف‬
‫(‪ ،)550/3‬والطبرا ي في الكبير (‪ ،)255/52‬والبخاري في األدب المفرد (‪ ،)875‬والنسائي في عمل اليوم‬
‫والليلة (‪.)668‬‬
‫(‪ )3‬الجواب الكافي فيمن سإلل عن الداء الشافي (ص‪ 256 :‬و ‪.)255‬‬
‫‪385‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وقد يكون في األفعال كالشر في الذبح‪ ،‬والنذر‪ ،‬والطاعة‪ ،‬والسجود‪ ،‬والركوع‪،‬‬


‫والطواف و حو ذلك‪.‬‬
‫وقد يكون في األقوال؛ كالشر في الدعاء واالستغاثة‪.‬‬
‫وقد يكون بسبب التعطيل أو التمييل(‪.)1‬‬
‫ويرجع في الجملة إلى اإلخالل؛ إما بشرط العل ؛ أو بشرط اإلخالص‪ ،‬فالشر في‬
‫الربوبية يرجع إلى اإلخالل بشرط العل ‪ ،‬أل ه ينافي العل بالمشهود له‪ ،‬وهو الله ‪ ،‬والشر‬
‫في األلوهية يرجع إلى اإلخالل بشرط اإلخالص‪ ،‬أل ه ينافي إخالص العبادأ لله تعالى‪.‬‬
‫ولو قيل‪ :‬إن الشر األكبر يرجع إلى اإلخالل بجميع الشروط لصح‪ ،‬وذلك لتالزم‬
‫هذه الشروط كما تقدم(‪.)2‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬حكم الشرك األكبر‪.‬‬
‫الشر األكبر من أغلظ المعاصي بل هو أعةمها على اإلةالق كما في الحديو‬
‫الصحيح‪ :‬قيل يا رسول الله‪ :‬أي الذ ب أعة عند الله؟ قال‪« :‬أن تجعل لله دا وهو‬
‫خلقك»(‪ .)3‬وجاء عنه أيضا‪« :‬أال أ بئك بإلكبر الكبائر» و قالها ثالثا و؟ قلنا بلى يا رسول‬
‫الله فذكر أولهن‪« :‬اإلشرا بالله»(‪.)4‬‬
‫وأما ك هذا الشر فهو كفر أكبر ال يغفره الله تعالى إال بالتوبة منه كما قال‬
‫تعالى‪ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ [النساء‪ .]57 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [الزمر‪ .]7 :‬وقال‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫تعالى‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [المائدأ‪.]82 :‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬تفصيل هذه األ واع في الشر األكبر قيقته و كمه وأ واعه‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬أعدها أسماء بنت عبد‬
‫العزيز السلمان‪ ،‬قس العقيدأ والمذاهب‪ ،‬جامعة اإلمام‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬كالم الشيـ سليمان نل الشيـ المنقول في (ص ‪.)567 :‬‬
‫(جو‪،)582/3‬ح رق‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب التفسير‪ ،‬باب‪ :‬قول الله تعالى‪:‬‬
‫(‪ ،)558‬ومسل في كتاب اإليمان (‪ )25/5‬ح رق (‪ .)552‬كالهما أخرجاه من ديو عبد الله بن مسعود‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في كتاب الشهادات‪ ،‬باب‪ :‬ما قيل‪ :‬في شهادأ الزور (جو‪ )205/5‬ح رق (‪ ،)2635‬مسل في‬
‫كتاب اإليمان (‪ )25/5‬ح رق (‪.)555‬‬
‫‪383‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وفي المسند من ديو أم المؤمنين عائشة ردي الله عنها قالت‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪« :‬الدواوين عند الله ثالثة‪ :‬ديوان ال يعبإل الله به شيئا‪ ،‬وديوان ال يغفره الله‪ ،‬وديوان ال‬
‫يتر الله منه شيئا‪ .‬فإلما الديوان الذي ال يغفره الله‪ ،‬فالشر بالله قال الله عز وجل‪ :‬ﭨ ﭩ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ [النساء‪ ،]57 :‬وأما الديوان الذي ال يعبإل‬
‫الله به شيئا قط فةل العبد فسه فيما بينه وبين ربه‪ ،‬وأما الديوان الذي ال يتر الله منه شيئا‬
‫فمةال العباد بينه ؛ القصاص ال محالة»(‪.)1‬‬
‫وقد قل شيـ اإلسالم ابن تيمية و ر مه الله و إجماع األمة على أن الشر األكبر‬
‫كفر أكبر مخرج من الملة فقال و ر مه الله و ((فمن جعل لله دا من خلقه فيما يستحقه و عز‬
‫وجل و من اإللهية والربوبية‪ ،‬فقد كفر بإجماع األمة))(‪.)2‬‬
‫وعقد اإلمام البخاري و ر مه الله و بابا في كتابه الصحيح فقال‪(( :‬باب المعاصي من‬
‫أمر الجاهلية‪ ،‬وال يكفر صا بها بارتكابها إال بالشر لقول النبي ‪« :‬إ ك امرؤ فيك‬
‫[النساء‪:‬‬ ‫جاهلية» وقول الله تعالى‪ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ‬
‫‪.)3())]57‬‬
‫وقال اإلمام أ مد و ر مه الله و‪(( :‬ويخرج الرجل من اإليمان إلى اإلسالم‪ ،‬وال‬
‫يخرجه من اإلسالم شيء إال الشر بالله العةي ‪ ،‬أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل‬
‫جا دا بها‪.)4())..‬‬
‫فالحاصل أن الشر األكبر كفر ال يغفره الله إال بالتوبة منه‪.‬‬
‫المقصد الرابع‪ :‬بيان خطر الشرك األكبر‪.‬‬
‫الشر األكبر و كما تقدم و أعة المعاصي وأغلةها على اإلةالق‪ ،‬ولذا كان خطره‬
‫عةيما ودرره جسيما‪ .‬ومخاةر هذا الشر وأدراره تتضح من خالل معرفة نثاره السيئة‬
‫التي تترتب عليه‪ .‬وبالنةر إلى هذه اآلثار فإن بعضها عائد على الفرد فسه‪ ،‬وبعضها عائد‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه أ مد في المسند (‪ ،)250/6‬والحاك في المستدر (‪ ،)652/5‬وقال‪ :‬هذا ديو صحيح اإلسناد‬
‫ول يخرجاه‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)77/5‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب اإليمان (جو‪.)53/5‬‬
‫(‪ )4‬رواه القادي أبو يعلي في ةبقات الحنابلة (‪.)555/5‬‬
‫‪386‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫على المجتمع كله‪ .‬وفي هذا المقصد سإلتناول ذكر شيء من هذه المخاةر واآلثار‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬أثر الشرك األكبر على الفرد‪:‬‬
‫نثار الشر األكبر على الفرد كييرأ من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ 5‬و أ ه محبط لألعمال مبطل ليوابها‪ ،‬ويدل لذلك قوله تعالى‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ [الزمر‪ ،]63 :‬وقوله‪ :‬ﭲ ﭳ‬ ‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﭺ ﭻ [الفرقان‪ ،]25 :‬وقوله‪ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ [األ عام‪،]77 :‬‬
‫وأيضا قوله‪ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [المائدأ‪.]3 :‬‬
‫‪ 2‬و أن صا به مستحق للنار بل خالد فيها‪ .‬ويدل لذلك من القرنن قوله تعالى‪ :‬ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [المائدأ‪ .]82 :‬ويدل عليه من السنة‬
‫قوله ‪« :‬من مات ال يشر بالله شيئا دخل الجنة‪ ،‬ومن مات يشر بالله شيئا دخل‬
‫النار»‪ .‬وفي لفظ‪« :‬من لقي الله ال يشر به شيئا دخل الجنة‪ ،‬ومن لقيه يشر به شيئا دخل‬
‫النار»(‪.)1‬‬
‫قال القرةبي و ر مه الله و في تعليقه على هذا الحديو‪...(( :‬وأن من مات على الشر ال‬
‫يدخل الجنة‪ ،‬وال يناله من الله تعالى ر مة‪ ،‬ويخلد في النار أبد اآلباد‪ ،‬من غير ا قطاع عذاب‪ ،‬وال‬
‫تصرم نماد‪ ،‬وهذا معلوم دروري من الدين‪ ،‬مجمع عليه من المسلمين))(‪.)2‬‬
‫وقال النووي و ر مه الله و في شر ه لهذا الحديو‪(( :‬فإلما دخول المشر النار‪ ،‬فهو على‬
‫عمومه‪ ،‬فيدخلها ويخلد فيها‪ ،‬وال فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصرا ي وبين عبدأ األوثان‬
‫وسائر الكفرأ‪ ،‬وال فرق عند أهل الحق بين الكافر عنادا وغيره‪ ،‬وال بين من خالف ملة اإلسالم‬
‫وبين من ا تسب إليها ث ك بكفره‪ ،‬بجحده ما يكفر بجحده‪ ،‬وغير ذلك))(‪ .)3‬ا تهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ووجه هذا الخلود في النار لكون الشر ال يغفره الله تعالى كما جاء ذلك في‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫كتاب الله تعالى‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫[نل عمران‪ ،]25 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮦ ﮧ‬ ‫ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫[فاةر‪:‬‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسل في كتاب اإليمان (‪ )25/5‬ح رق (‪ ،535‬و‪ )532‬من ديو جابر ‪.‬‬
‫(‪ )2‬المفه لما أشكل من صحيح مسل (‪.)220/5‬‬
‫(‪ )3‬شرح صحيح مسل (جو‪.)275/2‬‬
‫‪388‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ﮘ ﮙ‬ ‫ﮖ ﮗ‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫‪ ،]56‬وقال‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮚ [محمد‪.]55 :‬‬
‫‪5‬و أن صا به ال تناله الشفاعة في إسقاط العذاب عنه‪ ،‬وإن كان بعض المشركين قد ينتفع‬
‫بشفاعة النبي ‪ ‬في تخفيف العذاب كما فعت أبا ةالب في تخفيف العذاب عنه‪.‬‬
‫قال شيـ اإلسالم و ر مه الله و ((والتوسل بدعائه وشفاعته ينفع مع اإليمان به‪ ،‬وأما‬
‫بدون اإليمان به‪ ،‬فالكفار والمنافقون ال تغني عنه شفاعة الشافعين في اآلخرأ‪ .‬ولهذا هي‬
‫عن االستغفار لعمه وأبيه وغيرهما من الكفار‪ ،‬و هي عن االستغفار للمنافقين وقيل له‪ :‬ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ [المنافقون‪ ،]6 :‬ولكن الكفار يتفادلون في‬
‫الكفر كما يتفادل أهل اإليمان في اإليمان‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ [التوبة‪.]58 :‬‬
‫فإذا كان في الكفار من خف كفره بسبب صرته ومعو ته فإ ه تنفعه شفاعته في تخفيف‬
‫العذاب عنه ال في إسقاط العذاب بالكلية‪ ،‬كما في صحيح مسل (‪ )1‬عن العباس بن عبد‬
‫المطلب أ ه قال‪ :‬قلت يا رسول الله هل فعت أبا ةالب بشيء‪ ،‬فإ ه كان يحوةك ويغضب‬
‫لك؟ قال‪ « :‬ع ‪ ،‬هو في دحضاح من ار‪ ،‬ولوال أ ا لكان في الدر األسفل من النار»‪.‬‬
‫وفي لفظ‪ :‬أن أبا ةالب كان يحوةك وينصر ويغضب لك فهل فعه ذلك؟ قال‪ « :‬ع ‪،‬‬
‫وجدته في غمرات من ار فإلخرجته إلى دحضاح»(‪ ،)2‬وفيه عن أبي سعيد أن رسول الله ‪‬‬
‫ذكر عنده عمه أبو ةالب فقال‪« :‬لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في دحضاح(‪ )3‬من‬
‫النار يبلغ كعبيه يغلي منهما دماغه»(‪ .)4‬وقال‪« :‬إن أهون أهل النار عذابا أبو ةالب‪ ،‬وهو‬
‫(‪)5‬‬
‫منتعل بنعلين من ار يغلي منهما دماغه» ))(‪ .)6‬ا تهى‪.‬‬
‫والدليل على في الشفاعة عن المشر قوله تعالى‪ :‬ﭑﭒﭓ ﭔﭕ [المدثر‪،]57 :‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ 525/5( )1‬و ‪.)562 ،537 ،538( .)526‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسل في كتاب اإليمان (‪ 525/5‬و ‪ )523‬ح (‪.)537 ،538‬‬
‫(‪ )3‬أي قليل من النار‪ ،‬والضحضاح في األصل يطلق على ما رق من الماء على وجه األرض أو ما يبلغ الكعبين‬
‫فاستعاره للنار‪[ .‬النهاية في غريب الحديو (‪.])35/7‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسل في كتاب اإليمان (‪ )523/5‬ح (‪.)565‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسل في كتاب اإليمان (‪ )526/5‬ح (‪.)562‬‬
‫(‪ )6‬مجموع الفتاوى (‪555/5‬و‪.)555‬‬
‫‪387‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [األ بياء‪ ،]27 :‬والمشر غير مردي عنه؛ فال تناله شفاعة‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫الشافعين‪.‬‬
‫ومن السنة قوله ‪ ‬و جوابا ألبي هريرأ لما سإلله من أ ق الناس بشفاعتك؟ و‪« :‬من‬
‫قال ال إله إال الله خالصا من قلبه»‪ .‬فمفهوم المخالفة للحديو‪ :‬أن من ل يقل ال إله إال‬
‫الله‪ ،‬أو قالها ولكن قارف شيئا من الشر ليس له ق في شفاعة النبي ‪ ،‬ألن الشر‬
‫ينافي إخالص القلب في قول ال إله إال الله‪.‬‬
‫ولكن تبقى هنا مسإللة بحيها العلماء‪ ،‬وهي‪ :‬ما جاء من ا تفاع أبي ةالب بشفاعة‬
‫بينا ‪ ‬في تخفيف العذاب عنه‪ ،‬هل هي عامة لكل مشر ‪ ،‬فيخفف عنه العذاب ألجل‬
‫صرته ومعو ته كما خفف عن أبي ةالب‪ ،‬أو ذلك خاص بإلبي ةالب ال يتعداه إلى غيره؟‬
‫فذهب بعض العلماء إلى أن ذلك عام في ق كل المشر ‪ .‬وإليه مال القرةبي في‬
‫التذكرأ(‪ )1‬و قله عنه ابن كيير(‪ ،)2‬وقرره شيـ اإلسالم(‪.)3‬‬
‫وأولوا اآليات الواردأ في في ا تفاع المشركين بشفاعة الشافعين بنفي الخروج من‬
‫النار‪ .‬وقالوا‪ :‬إن األ اديو تدل على ا تفاعه بالتخفيف فيما دون الخروج من النار(‪.)4‬‬
‫وذهب نخرون بإلن ذلك خاص بإلبي ةالب ال يتعداه‪ .‬وأن اآليات النافية ال تفاع‬
‫المشركين بالشفاعة تبقى على عمومها في في الخروج والتخفيف‪ .‬وإليه مال البيهقي كما في‬
‫«البعو والنشور»(‪ .)5‬و قله ابن رجب عن بعض أهل العل (‪.)6‬‬
‫والذي يةهر و والعل عند الله و أن القول بالخصوصية أرجح من جهة أن التخصيص‬
‫ورد في ق أبي ةالب فال وجه للعموم‪ .‬وكذلك لما يلزم من التعمي من التإلويل المخرج‬
‫للنصوص عن دالالتها الةاهرأ‪ ،‬وذلك ال يذهب إليه إال عند عدم إمكان الجمع‪ ،‬وهنا من‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬التذكرأ للقرةبي (‪.)607/2‬‬
‫(‪.)028/0‬‬ ‫(‪ )2‬النهاية في الفتن والمال‬
‫(‪ )3‬ا ةر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)555/5‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪ :‬التكفير ودوابطه (ص‪ 536 :‬و ‪.)538‬‬
‫(‪( )5‬ص‪ ،)65 :‬ولفةه‪(( :‬إن الشفاعة للكفار إ ما امتنعت لورود خبر الصادق بإل ه ال يشفع منه أ دا‪ ،‬وقد ورد‬
‫الخبر بذلك عام‪ .‬فورد هذا عليه مورد الخاص على العام)) ا تهى‪.‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬التخويف من النار (ص‪.)575 :‬‬
‫‪382‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الممكن الجمع‪ ،‬فاألولى المصير إليه‪ .‬والله تعالى أعل ‪.‬‬


‫‪ 5‬و ومن نثار الشر على الفرد أيضا‪ :‬أ ه موجب أل كام الردأ إذا كان من مسل (‪.)1‬‬
‫يقول شيـ اإلسالم‪(( :‬إن األمر بالشر كفر وردأ إذا كان من مسل ‪ ،‬وأن مد ه واليناء عليه‬
‫والترغيب فيه كفر وردأ إذا كان من مسل ؛ فإلهل التو يد وإخالص الدين لله تعالى و ده الذين يرون‬
‫جهاد هؤالء المشركين ومن ارتد إليه من أعة الواجبات وأكبر القربات‪.)2())...‬‬
‫وقال في مودع نخر‪(( :‬الكفر على قسمين قس تنبني عليه أ كام الد يا من تحري‬
‫المناكح والذبائح‪ ،‬ومنع التوارث والعقل‪ ،‬و ل الدم و المال‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فهذا إ ما ييبت‬
‫إذا ظهر لنا كفره؛ إما بقول كاالمتناع عن الصالأ أو شبه ذلك مما يوجب التكفير‪ ،‬أو عمل‬
‫مثل السجود للصنم وإلى غير القبلة))(‪ .)3‬ا تهى المراد قله من كالمه ر مه الله‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أ كام الردأ ستإلتي عند الحديو عن شرط اال قياد‪.‬‬
‫(‪ )2‬بيان تلبيس الجهمية (‪ 558/5‬و ‪.)557‬‬
‫(‪ )3‬شرح عمدأ األ كام البن تيمية (‪.)22/5‬‬
‫‪370‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ثانياً‪ :‬أثر الشرك األكبر على المجتمع المسلم‪:‬‬


‫نثار الشر األكبر على المجتمع المسل أيضا كييرأ؛ ومن تلك اآلثار‪:‬‬
‫‪ 5‬و ا عدام األمن و لول المخاوف بالمجتمعات التي يقع فيها هذا الشر ‪ ،‬ألن تحقيق األمن‬
‫منوط بتحقيق التو يد كما في قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫[األ عام‪ ،]72 :‬وقوله‪ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ [النور‪ .]33 :‬فاشترط لتحقيق‬
‫األمن القيام بعبادته مع تر الشر في العبادأ‪ ،‬وإذا تخلف الشرط تخلف المشروط‪.‬‬
‫‪ 2‬و تسلط الكفار على المسلمين ودياع العز والتمكين عنه بسبب هذا الشر ‪ ،‬كما في‬
‫اآلية السابقة يو اشترط تعالى للعز والتمكين اإليمان والعمل الصالح وتر الشر في‬
‫العبادأ‪.‬‬
‫قال الشيـ عبد الر من السعدي و ر مه الله و في تفسيره لآلية‪ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫[النور‪(( :]33 :‬هذا‬ ‫ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫من أوعاده الصادقة‪ ،‬التي شوهد تإلويلها ومخبرها‪ ،‬فإ ه وعد من قام باإليمان والعمل الصالح‬
‫من هذه األمة‪ ،‬أن يستخلفه في األرض‪ ،‬فيكو ون ه الخلفاء فيها‪ ،‬المتصرفين في‬
‫تدبيرها‪ ،‬وأ ه يمكن له دينه الذي ارتضى له ‪ ،‬وهو دين اإلسالم الذي فاق األديان‬
‫كلها‪ ،‬ارتضاه لهذه األمة‪ ،‬لفضلها وشرفها و عمته عليها‪ ،‬بإلن يتمكنوا من إقامته‪ ،‬وإقامة‬
‫شرائعه الةاهرأ والباةنة‪ ،‬في أ فسه وفي غيره ‪ ،‬لكون غيره من أهل األديان وسائر‬
‫الكفار مغلوبين ذليلين‪ ،‬وأ ه يبدله أمنا من بعد خوفه ‪ ،‬يو كان الوا د منه ال يتمكن‬
‫من إظهار دينه‪ ،‬وما هو عليه إال بإلذى كيير من الكفار‪ ،‬وكون جماعة المسلمين قليلين جدا‬
‫بالنسبة إلى غيره ‪ ،‬وقد رماه أهل األرض عن قوس وا دأ‪ ،‬وبغوا له الغوائل‪ .‬فوعده‬
‫الله هذه األمور وقت زول اآلية‪ ،‬وهي ل تشاهد االستخالف في األرض والتمكين فيها‪،‬‬
‫والتمكين من إقامة الدين اإلسالمي‪ ،‬واألمن التام‪ ،‬بحيو يعبدون الله وال يشركون به شيئا‪،‬‬
‫وال يخافون أ دا إال الله‪ ،‬فقام صدر هذه األمة‪ ،‬من اإليمان والعمل الصالح بما يفوقون‬
‫على غيره ‪ ،‬فمكنه من البالد والعباد‪ ،‬وفتحت مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬و صل األمن‬
‫التام والتمكين التام‪ ،‬فهذا من نيات الله العجيبة الباهرأ‪ ،‬وال يزال األمر إلى قيام الساعة‪،‬‬
‫‪375‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫مهما قاموا باإليمان والعمل الصالح‪ ،‬فال بد أن يوجد ما وعده الله‪ ،‬وإ ما يسلط الله‬
‫عليه الكفار والمنافقين‪ ،‬ويديله في بعض األ يان بسبب إخالل المسلمين باإليمان‬
‫والعمل الصالح))(‪ .)1‬ا تهى‪.‬‬
‫ولذا فإذا أراد المسلمون عودأ العز إليه والتمكين‪ ،‬فما عليه إال األخذ بهذا السبب‬
‫العةي الذي ورد في القرنن الكري ‪ ،‬ولنحذر من دعوى تو يد المسلمين بغير ذلك من اآلراء‬
‫الذميمة المخالفة لمنهج القرنن‪ ،‬فإن ذلك شرخ في األمة ما ع لها من االستخالف والعز‬
‫والتمكين‪.‬‬
‫‪ 5‬و لول المصائب والنق بالمجتمعات التي يقع فيها هذا الشر ‪ ،‬وذلك أل ه من جملة‬
‫المعاصي بل هو أعةمها على اإلةالق كما في الحديو‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول الله أي الذ ب‬
‫أعة ؟ قال‪« :‬أن تجعل لله دا وهو خلقك»(‪ .)2‬والله تعالى قد توعد العصاأ بحلول بإلسه به‬
‫في الد يا قبل اآلخرأ كما في قوله‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ [النور‪ .]65 :‬وإذا زل العذاب فإ ه ال يقتصر على العصاأ فحسب بل يع تى أهل‬
‫الصالح واالستقامة كما في ديو‪« :‬ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يإلجوج‬
‫ميل هذا و لق لقة بإصبعه اإلبهام والتي تليها فقالت عائشة و ردي الله عنها و يا رسول الله‪:‬‬
‫أ هلك وفينا الصالحون؟ قال‪ « :‬ع إذا كير الخبو»(‪.)3‬‬
‫هذه بعض اآلثار المترتبة على الشر األكبر على الفرد والمجتمع‪ ،‬وبها يتبين قبح هذا‬
‫الشر ‪ ،‬وعةي خطره‪ ،‬مما يستدعي من المسل اال تباه إلى ةرقه ووسائله ومعرفة أ كامه وصوره‪،‬‬
‫وذلك تى يبتعد المسل عن كل ةريق أو سبيل يؤدي إليه‪ .‬كما يجب على المسل أن يخافه‬
‫على فسه كما كان الخليل ‪ ‬يقول في دعائه و كما كى الله عنه و ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭵ ﭶﭷ [إبراهي ‪ 53 :‬و ‪ .]56‬قال إبراهي التيمي‪(( :‬ومن يإلمن البالء‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫بعد قول إبراهي ‪ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ [إبراهي ‪.)4())]53 :‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬تيسير الكري المنان (ص‪.)385:‬‬
‫(‪ )2‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب أ اديو األ بياء‪ ،‬باب قصة يإلجوج ومإلجوج (جو‪ )552/5‬ح (‪ ،)5556‬ومسل في‬
‫أول كتاب الفتن وأشراط الساعة (‪ )2208/5‬رق (‪.)2770‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن أبي جرير في التفسير (‪ 678/55‬و ‪ ،)677‬وأورده السيوةيي في (الدر المنيور) (‪ )560/5‬وعزاه إلى ابن =‬
‫‪372‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشرك األصغر‪.‬‬


‫لما كا ت أفراد الشر المنافي لإلخالص منقسمة؛ منها ما يكون شركا أصغر‪،‬‬
‫ومنها ما يكون شركا أكبر بحسب اعتقاد الفاعل اسب أن تكل عن الشر األصغر أيضا‪،‬‬
‫والحديو عنه سيكون تحت مقاصد؛ وهي كما يلي‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الشرك األصغر‪.‬‬
‫الشر األصغر ل أقف له على تعريف جامع يجمع أفراده ويحصر أ واعه‪ .‬وإ ما الذي‬
‫وقفت عليه هو تمييل لبعض أ واعه أو ذكر لبعض أسبابه‪ .‬ولعل لكيرأ أفراد هذا الشر‬
‫واختالف تعلقاتها وخفاء أسبابها صعب دبطه بحد جامع ما ع‪ .‬وقد يكون هنالك تعريفا‬
‫جامعا ل أقف عليه أو ل اهتد أ ا إليه‪ .‬فال أدعي أ ي استقصيت التعاريف جميعها‪.‬‬
‫ومما وقفت عليه في تعريف الشر األصغر ما يلي‪:‬‬
‫قال بعض أهل العل ‪(( :‬هو كل ما هى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشر األكبر‬
‫ووسيلة للوقوع فيه‪ ،‬وجاء في النصوص تسميته شركا؛ كالحلف بغير الله‪ ،‬فإ ه مةنة لال حدار‬
‫إلى الشر األكبر ))(‪.)1‬‬
‫وعرفه الراغب األصفها ي بقوله‪(( :‬هو مراعاأ غير الله في بعض األمور))(‪.)2‬‬
‫وقال ابن القي في تعريفه للشر األصغر‪(( :‬وأما الشر األصغر‪ :‬فكيسير الرياء‪ ،‬والتصنع‬
‫للخلق‪ ،‬والحلف بغير الله‪ ،...‬وقول الرجل للرجل‪ :‬ما شاء الله وشئت‪ ،‬وهذا من الله ومنك‪ ،‬وأ ا‬
‫بالله وبك‪ ،‬ومالي إال الله وأ ت‪ ،‬وأ ا متوكل على الله وعليك‪ ،‬ولوال أ ت ل يكن كذا وكذا))(‪.)3‬‬
‫وقال الشيـ افظ كمي في ده‪(( :‬هو يسير الرياء الداخل في تحسين العمل المراد‬
‫به الله تعالى‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬الحلف بغير الله‪ ،‬كالحلف باآلباء واأل داد والكعبة واألما ة وغيرها‪،‬‬
‫ومنه‪ :‬قول‪ :‬ما شاء الله وشئت‪ ،‬ومنه قول‪ :‬لوال الله وأ ت‪ ،‬ومالي إال الله وأ ت‪ ،‬وأ ا داخل على‬
‫الله وعليك‪ ،‬و حو ذلك))(‪.)4‬‬
‫وووووووووو‬
‫= جرير وابن أبي ات ‪ .‬وعزاه ابن عبد البر في التمهيد (‪ )552/57‬لسفيان اليوري‪.‬‬
‫(‪ )1‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪.)358/5‬‬
‫(‪ )2‬المفردات (ص‪.)532 :‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)555/5‬‬
‫(‪ )4‬أعالم السنة المنشورأ (ص‪ 35:‬و ‪ )35‬مع االختصار بحذف األدلة‪.‬‬
‫‪375‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وعرفه الشيـ السعدي و ر مه الله و بقوله‪(( :‬وأما الشر األصغر فهو جميع األقوال‬
‫واألفعال التي يتوسل بها إلى الشر ‪ ،‬كالغلو في المخلوق الذي ال يبلغ رتبة العبادأ؛ وكالحلف‬
‫بغير الله ويسير الرياء و حو ذلك))(‪.)1‬‬
‫وقال في مودع نخر‪(( :‬هو كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشر األكبر من اإلرادات‬
‫واألقوال واألفعال التي ل تبلغ رتبة العبادأ))(‪.)2‬‬
‫وقال ابن عييمين و ر مه الله و في ده‪(( :‬هو كل عمل قولي أو فعلي أةلق الشارع عليه‬
‫وصف الشر ‪ ،‬ولكنه ال يخرج من الملة؛ ميل الحلف بغير الله))(‪.)3‬‬
‫هذا بعض مما قيل في تعريف الشر األصغر‪.‬‬
‫وبقي أن شير في تعريفه إلى مسإللة يقر ها كيير من أهل العل بحد الشر األصغر‪،‬‬
‫وهي‪ :‬هل الشر األصغر هو عين الشر الخفي(‪ )4‬الذي فسره النبي ‪ ‬بإل ه الرياء(‪ ،)5‬أم أن‬
‫هنا فرق بين النوعين؟‬
‫قلت‪ :‬من أهل العل من يجعل الشر الخفي قسيما في أ واع الشر ‪ ،‬فيقول‪ :‬بإلن‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬القول السديد (ص‪ 72 :‬و ‪.)75‬‬
‫(‪ )2‬فس المصدر السابق (ص‪.)525 :‬‬
‫(‪ )3‬مسائل في العقيدأ لمجموعة من أصحاب الفضيلة‪ ،‬جمع وترتيب أبو مالك محمد بن عبد الوهاب (ص‪.)55:‬‬
‫(‪ )4‬الشر الخفي قيل في تعريفه‪(( :‬هو ما خفي من قائق إرادأ القلوب‪ ،‬وأقوال اللسان مما فيه تسوية بين الله‬
‫وخلقه))‪[ .‬المدخل لدراسة العقيدأ للبريكان (ص‪.])528 :‬‬
‫وقيل هو‪ :‬ما ينتاب اإل سان في أقواله وأعماله في بعض الفترات من غير أن يعل أ ه شر ‪[ .‬شرح واقض التو يد‬
‫للعواجي (ص‪ .)23 :‬ففي التعريف األول جعل خفاؤه باعتبار الغير‪ .‬وفي اليا ي جعل خفاؤه باعتبار النفس‪.‬‬
‫ولعل األول أرجح‪ ،‬ألن النبي ‪ ‬قال في تعريفه‪ « :‬يقوم الرجل فيصلي فيزين صالته لما يرى من ةر رجل»‪.‬‬
‫فعلقه بإرادأ القلب‪ ،‬وذلك مما ال يخفى على النفس‪ .‬والله تعالى أعل ‪.‬‬
‫(‪ )5‬كما في الحديو الذي أخرجه أ مد في المسند (‪ )50/5‬من ديو أبي سعيد مرفوعا‪« :‬أال أخبرك بما هو‬
‫أخوف عليك عندي من المسيح الدجال»‪ .‬قالوا بلى‪ .‬قال‪« :‬الشر الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صالته لما‬
‫يرى من ةر رجل»‪ .‬سنه األلبا ي في صحيح الترغيب (‪.)58/5‬‬
‫قال الشيـ سليمان نل الشيـ في تيسير العزيز الحميد (ص‪(( :)585 :‬قوله‪ :‬قال‪« :‬الشر الخفي»‪ :‬سمي الرياء‬
‫شركا خفيا‪ ،‬ألن صا به يةهر أن عمله لله‪ ،‬ويخفي في قلبه أ ه لغيره‪ ،‬وإ ما تزين بإظهاره أ ه لله بخالف الشر‬
‫الجلي))‪.‬‬
‫‪375‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الشر ثالثة أقسام‪ :‬شر أكبر وشر أصغر‪ ،‬وشر خفي(‪.)1‬‬


‫والذي عليه المحققون أن الشر الخفي يع النوعين األكبر واألصغر‪.‬‬
‫يقول العالمة ابن باز و ر مه الله و‪(( :‬وأما الشر الخفي فإ ه يعمهما‪ ،‬فيقع في‬
‫األكبر كشر المنافقين أل ه يخفون عقائده الباةلة‪ ،‬ويتةاهرون باإلسالم رياء وخوفا‬
‫(‪)2‬‬
‫على أ فسه ‪ ،‬ويكون في الشر األصغر كالرياء)) ‪.‬‬

‫فالحاصل أن الشر الخفي صفة لنوعي الشر ‪ ،‬ألن الشر األكبر قد يكون خفيا‬
‫وقد يكون جليا‪ ،‬وكذا الشر األصغر؛ فيقال‪ :‬شر أصغر خفي‪ ،‬وشر أصغر جلي‪ ،‬وذلك‬
‫باعتبار الةهور والخفاء‪ ،‬والله تعالى أعل ‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬أقسام الشرك األصغر‪.‬‬
‫الشر األصغر له أقسام كييرأ‪ ،‬ال تقع تحت الحصر(‪ .)3‬ودابط هذا الشر و كما تقدم‬
‫و هو كل عمل قولي أو فعلي أو قلبي أةلق الشارع عليه وصف الشر (‪ ،)4‬ولكنه ال يخرج من‬
‫الملة‪ .‬وهو بحسب تعلقه بفعل العبد وما يصدر منه ثالثة أقسام‪ ،‬يدخل تحت كل قس‬
‫أ واع كييرأ‪ ،‬تفصيلها كما يلي‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬شر قلبي‪ ،‬وهو ما يعرف بالشر في النيات واإلرادات والمقاصد(‪.)5‬‬
‫ويدخل فيه ما يلي‪:‬‬
‫‪ 5‬و الرياء إن كان يسيرا‪.‬‬
‫الرياء مصدر راءى يرائي مراءاأ ورياء‪ ،‬مشتق من الرؤية‪ ،‬سمي بذلك ألن المرائي يري‬
‫الناس أ ه يفعل وال يفعل بالنية(‪.)6‬‬
‫ومعناه‪ :‬إظهار العبادأ ليراها الناس فيحمدوا صا بها(‪.)7‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬الدرر السنية (‪.)80 ،62/2‬‬
‫(‪ )2‬الدروس المهمة لعامة األمة (‪ 38/5‬و ‪.)37‬‬
‫(‪ )3‬ا ةر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)558/5‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪( :‬ص‪.)375 :‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬الجواب الكافي (ص‪.)250 :‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬لسان العرب (‪.)22/3‬‬
‫(‪ )7‬فتح الحميد في شرح التو يد البن منصور (‪.)5355/5‬‬
‫‪373‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وقيل‪ :‬هو العمل من أجل رؤية الناس(‪.)1‬‬


‫وقال القرافي‪(( :‬و قيقة الرياء أن يعمل الطاعة لله وللناس‪ ،‬ويسمى رياء الشر ‪ ،‬أو‬
‫للناس خاصة ويسمى رياء اإلخالص‪ .‬وكالهما يصير الطاعة معصية))(‪ )2‬ا تهى‪.‬‬
‫والفرق بين الرياء والسمعة‪ :‬أن الرياء هو العمل لرؤية الناس‪ ،‬والسمعة العمل ألجل‬
‫سماعه ‪ ،‬فالرياء يتعلق بحاسة البصر‪ ،‬والسمعة بحاسة السمع‪ ،‬ويدخل فيه أن يخفي عمله‬
‫لله ث يحدث به الناس(‪.)3‬‬
‫ويسير الرياء هو أن يريد العبد بعمله وجه الله ومدح الناس‪ .‬أما لو تمحض عمله إلرادأ‬
‫وجه الناس بإلن ينشئ العبادأ له ‪ ،‬كان شركا أكبر(‪.)4‬‬
‫والدليل على أن يسير الرياء من الشر األصغر قوله ‪« :‬أخوف ما أخاف عليك‬
‫الشر األصغر»‪ ،‬فسئل عنه‪ ،‬فقال‪« :‬الرياء»(‪.)5‬‬
‫وقال شداد بن أوس (‪ (( :  ) 6‬كنا عد الرياء على عهد رسول الله ‪‬‬
‫الشر األصغر))(‪.)7‬‬
‫ووجه أ ه من الشر ‪ :‬أن المرائي قصد بعمله الله تعالى وغيره‪ ،‬فكإل ه جعل هذا الغير‬
‫شريكا لله تعالى في التقرب إليه بالعمل(‪.)8‬‬
‫و ك الرياء أ ه يبطل العمل المراءى فيه من يو الجملة‪ ،‬ويدل لذلك قوله ‪‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬تفسير ابن الجوزي (‪ .)287/5‬وا ةر‪ :‬في ده أيضا‪ :‬تفسير ابن الجوزي (‪ ،)287/5‬تفسير ابن جرير الطبري‬
‫(‪ ،)632/5‬والمفه للقرةبي (‪ ،)653/6‬وتفسير الخازن (‪.)588/2‬‬
‫(‪ )2‬الذخيرأ (‪.)57/5‬‬
‫(‪ )3‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)565 :‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪ :‬القول المفيد على كتاب التو يد (‪.)558/5‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أ مد في المسند (‪ ،)522 ،527/3‬و سن إسناده ال حافظ ابن جر في بلوغ المرام (ص‪:‬‬
‫‪ )603‬برق (‪.)5352‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬شداد بن أوس بن ثابت األ صاري‪ ،‬أبو يعلي‪ ،‬صحابي‪ ،‬مات بالشام قبل الستين‪ ،‬أو بعدها وهو ابن أخي‬
‫سان بن ثابت‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])552 :‬‬
‫(‪ )7‬رواه الطبرا ي (‪ ،)8560‬والحاك في المستدر (‪ .)563/5‬وقال إسناده صحيح‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وصححه‬
‫الشيـ األلبا ي في صحيح الترغيب (‪.)57/5‬‬
‫(‪ )8‬ا ةر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)563 :‬‬
‫‪376‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫فيما يرويه عن ربه ‪« :‬قال الله و تبار وتعالى و أ ا أغنى الشركاء عن الشر ‪ ،‬من عمل‬
‫عمال أشر معي فيه غيري تركته وشركه»(‪ .)1‬وقد قس أهل العل الرياء باعتبار إبطاله للعمل‬
‫إلى قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون رياء محضا‪ ،‬فال يراد به سوى مراءاأ المخلوقين؛ فهذا محبط للعمل‬
‫المراءى فيه‪ ،‬ولو صل في أصل اإليمان و كرياء المنافقين و كان شركا أكبر محبطا لجميع‬
‫األعمال‪.‬‬
‫يقول الحافظ ابن رجب و ر مه الله و‪(( :‬واعل أن العمل لغير الله أقسام‪ ،‬فتارأ يكون‬
‫رياء محضا‪ ،‬بحيو ال يراد به سوى مراءاأ المخلوقين لغرض د يوي‪ ،‬كحال المنافقين في‬
‫ﮊ ﮋ‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫صالته ‪ ،‬كما الله ‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫[النساء‪ ،]552 :‬وقال تعالى‪ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫[الماعون‪ 5 :‬و ‪ .]6‬وكذلك وصف الله الكفار بالرياء في قوله‪ :‬ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ [األ فال‪ .]58 :‬وهذا الرياء المحض ال يكاد يصدر من مؤمن‬
‫في فرض الصالأ والصيام‪ ،‬وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحج‪ ،‬وغيرهما من األعمال‬
‫الةاهرأ‪ ،‬أو التي يتعدى فعها؛ فإن اإلخالص فيها عزيز‪ ،‬وهذا العمل ال يشك مسل أ ه‬
‫ابط‪ ،‬وأن صا به يستحق المقت من الله والعقوبة))(‪ .)2‬ا تهى المراد قله من كالمه و‬
‫ر مه الله و‪.‬‬
‫القس اليا ي‪ :‬أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء‪ .‬فهذا ال يخلو من الين‪:‬‬
‫الحال األولى‪ :‬أن يشاركه في أصله‪ ،‬فهذا محبط للعمل ا لمراءى فيه‪ ،‬وال يتعداه إلى‬
‫غيره؛ لحديو‪(( :‬أ ا أغنى الشركاء عن الشر ‪ ،‬من عمل عمال أشر معي فيه غيري تركته‬
‫وشركه))(‪.)3‬‬
‫الحال اليا ية‪ :‬أن يكون الباعو األول على العمل هو اإلخالص ث يعرض له الرياء‬
‫وإرادأ غير الله في إثنائه‪ ،‬فهذا على قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يدافعه؛ فهذا ال يضره‪ .‬بغير خالف‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )2‬جامع العلوم والحك (ص‪.)58 :‬‬
‫(‪ )3‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫‪378‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫القس اليا ي‪ :‬أن يسترسل معه‪ .‬فهذا اختلف أهل العل في بوط العمل به أي‪:‬‬
‫بسببه‪ .‬فمن أهل العل من قال‪ :‬يجازى على أصل يته‪ ،‬وال يضره ةريان ذلك الرياء(‪ .)1‬وهو‬
‫يروى عن اإلمام أ مد(‪ )2‬و ر مه الله و‪ ،‬وهو اختيار ابن جرير الطبري(‪ )3‬و ر مه الله‪ ،‬ورجح‬
‫القول به الحافظ ابن جر في ((الفتح))(‪.)4‬‬
‫ومن أهل العل من قال بحبوط هذا العمل‪ .‬وقد اختار ذلك الشيـ ابن عييمين و ر مه‬
‫الله و‪ ،‬وذكر تفصيال جيدا في امتداد بطال ه لجميع العبادأ‪ :‬فقال و ر مه الله و‪(( :‬ولكن هل‬
‫هذا البطالن يمتد إلى جميع العبادأ أم ال؟ قول‪ :‬ال يخلو من الين‪:‬‬
‫الحال األولى‪ :‬أن يكون نخر العبادأ مبنيا على أولها‪ ،‬بحيو ال يصح أولها مع فساد‬
‫نخرها(‪)5‬؛ فهذه كلها فاسدأ‪ .‬وذلك ميل الصالأ؛ فالصالأ و ميال و ال يمكن أن يفسد نخرها‬
‫وال يفسد أولها‪ ،‬و ينئذ تبطل الصالأ كلها إذا ةرأ الرياء في أثنائها ول يدافعه‪.‬‬
‫الحال اليا ية‪ :‬أن يكون أول العبادأ منفصال عن نخرها‪ ،‬بحيو يصح أولها دون نخرها(‪،)6‬‬
‫فما سبق الرياء؛ فهو صحيح‪ ،‬وما كان بعده؛ فهو باةل‪ .‬ميال ذلك‪ :‬رجل عنده مئة ريال‪،‬‬
‫فتصدق بخمسين بنية خالصة‪ ،‬ث تصدق بخمسين بقصد الرياء؛ فاألولى مقبولة‪ ،‬واليا ية غير‬
‫مقبولة‪ ،‬ألن نخرها منفك عن أولها))(‪ )7‬ا تهى‪.‬‬
‫وأما إن كان أصل العمل لغير الله و أي رياء محضا و ث ةرأ عليه اإلخالص‪ ،‬فهذا إن‬
‫كا ت العبادأ متصلة ال يصح أولها إال بصحة نخرها؛ فالعمل باةل للحديو المتقدم «أ ا‬
‫أغنى الشركاء عن الشر »‪ ،‬وإن كان ال ارتباط ألوله بآخره؛ فهما كالعملين‪ ،‬األول باةل‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬قال ابن رجب في جامع العلوم والحك (ص‪(( :)50 :‬ويستدل لهذا القول بما خرجه أبو داود في (مراسيله) عن‬
‫عطاء الخراسا ي أن رجال قال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إن بني سلمة كله يقاتل‪ ،‬فمنه يقاتل للد يا‪ ،‬ومنه يقاتل جدأ‪،‬‬
‫ومنه من يقاتل ابتغاء وجه الله‪ ،‬فإليه شهيد؟ قال‪« :‬كله إذا كان أصل أمره أن تكون كلمة الله هي العليا»‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والحديو كما قال هو في المراسيل ألبي داود (ص‪.)573 :‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬جامع العلوم والحك (ص‪.)50 :‬‬
‫(‪ )3‬ا ةر‪ :‬جامع العلوم والحك (ص‪ ،)50 :‬وفتح الباري (‪.)57/5‬‬
‫(‪.)57/5( )4‬‬
‫(‪ )5‬بعض أهل العل يعبر عن ذلك بالعبادأ التي ال تتجزأ‪.‬‬
‫(‪ )6‬يعبر عنها بعض أهل العل بالعبادأ التي تتجزأ‪.‬‬
‫(‪ )7‬القول المفيد على كتاب التو يد (‪ 557‬و ‪.)552‬‬
‫‪377‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫واآلخر صحيح(‪.)1‬‬
‫وأما إذا استوى الحاالن بإلن يبتدئ العبادأ مريدا بها الله والناس؛ فيريد أداء فرده والجزاء‬
‫والشكور من الناس؛ فهذا ال يقبل منه العمل‪ ،‬وإن كا ت النية شرةا في سقوط الفرض وجبت‬
‫عليه اإلعادأ(‪.)3()2‬‬
‫أما لو اةلع الناس على عمله الصالح الخالص بغير إرادأ منه فحصل له ثناؤه فإلعجب به‬
‫ل يكن ذلك اإلعجاب رياء بل ذلك و كما قال النبي ‪ ‬و‪« :‬عاجل بشرى المؤمن»(‪.)4‬‬
‫يقول ابن رجب و ر مه الله و‪(( :‬فإلما إذا عمل العمل لله خالصا‪ ،‬ث ألقى الله له اليناء‬
‫الحسن في قلوب المؤمنين بذلك‪ ،‬ففرح بفضل الله ور مته‪ ،‬واستبشر بذلك‪ ،‬ل يضره ذلك‪.‬‬
‫وفي هذا المعنى جاء ديو أبي ذر عن النبي ‪ ،‬أ ه سئل عن الرجل يعمل العمل من الخير‬
‫يحمده الناس عليه‪ ،‬فقال‪« :‬تلك عاجل بشرى المؤمن» خرجه مسل (‪.)5‬‬
‫قال‪ :‬وبهذا المعنى فسره اإلمام أ مد‪ ،‬وإسحاق بن راهوية‪ ،‬وابن جرير الطبري وغيره (‪.)6‬‬
‫وكذلك الحديو الذي خرجه الترمذي(‪ )7‬وابن ماجة(‪ )8‬من ديو أبي هريرأ أن رجال‬
‫قال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬الرجل يعمل العمل فيسره‪ ،‬فإذا اةلع عليه أعجبه‪ ،‬فقال‪« :‬له أجران‪ :‬أجر‬
‫السر‪ ،‬وأجر العال ية»(‪.)10()))9‬‬
‫قال اإلمام الترمذي و ر مه الله و ((وقد فسر بعض أهل العل هذا الحديو‪ ،‬فقال‪ :‬إذا اةلع‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬إعالم الموقعين (‪ ،)572/2‬واإلخالص لألشقر (ص‪.)557 :‬‬
‫(‪ )2‬ومن أهل العل من ال يرى أن عليه اإلعادأ ألن صورأ العمل صحيحة فتكون العبادأ مجزئة‪ ،‬وإن تخلف األجر‪.‬‬
‫(‪)3‬ا ةر‪ :‬إعالم الموقعين (‪.)572/2‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسل في كتاب البر والصلة واألدب (‪ ،)2055/5‬ح (‪.)2652‬‬
‫(‪ )5‬تقدم تخريجه قريبا‪.‬‬
‫(‪ )6‬جامع العلوم والحك (ص‪.)55 :‬‬
‫(‪ )325/5( )7‬ح (‪.)2575‬‬
‫(‪ )5552/2( )8‬ح (‪.)5226‬‬
‫(‪ ) 9‬قال الترمذي‪ :‬هذا ديو سن غريب‪ ،‬وقد روى األعمش وغيره‪ ،‬عن بيب بن أبي ثابت‪ ،‬عن أبي صالح‪،‬‬
‫عن النبي ‪ ‬مرسال‪ .‬وكذا رجح اإلرسال أبو ات كما في العلل البنه (‪ ،)286‬وأبو عي في الحلية‬
‫(‪.)230/7‬‬
‫(‪ )10‬جامع العلوم والحك (ص‪ .)55 :‬وا ةر‪ :‬الفروع البن مفلح (‪.)523/5‬‬
‫‪372‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫عليه‪ ،‬فإلعجبه فإ ما معناه‪ :‬أن يعجبه ثناء الناس عليه بالخير؛ لقول النبي ‪« :‬أ ت شهداء الله‬
‫في األرض»‪ ،‬فيعجبه ثناء الناس عليه لهذا‪ ،‬لما يرجو بيناء الناس عليه‪ .‬فإلما إذا أعجبه ليعل‬
‫الناس منه الخير‪ ،‬ليكرم على ذلك ويعة عليه‪ ،‬فهذا رياء‪.‬‬
‫وقال بعض أهل العل ‪ :‬إذا اةلع عليه‪ ،‬فإلعجبه رجاء أن يعمل بعمله‪ ،‬فيكون له ميل‬
‫أجوره ‪ ،‬فهذا له مذهب أيضا))(‪ .)1‬ا تهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والفرق بين هذه الصورأ والرياء أن عمل المرائي أ شئ على الرياء أصالة‪ ،‬بخالف‬
‫هذه الصورأ؛ فإن ية العمل فيها متمحضة لله تعالى‪ ،‬والعبرأ إ ما تكون بالنية في ابتداء‬
‫العمل وفي أثنائه‪.‬‬
‫‪ 2‬و إرادأ المؤمن بعمله الد يا‪.‬‬
‫إرادأ المؤمن بعمله الد يا وتحصيل أعرادها وأغرادها من الشر األصغر على الصحيح‬
‫و كما سيإلتي(‪ )2‬و‪ ،‬والفرق بينه وبين الرياء‪ :‬أن المرائي يعمل ألجل مدح الناس وثنائه بخالف‬
‫من يريد بعمله الد يا‪ ،‬فإ ه يعمل ألجل الحصول على مقصوده الد يوي مدح أم ل يمدح‪ ،‬عل‬
‫به أم يعل ؛ وهذا على حو الذين سماه النبي ‪ ‬في قوله‪« :‬تعس عبد الدينار والدره‬
‫والقطيفة(‪ )3‬والخميصه(‪ ،)4‬إن أعطي ردي وإن ل يعط ل يرض تعس وا تكس‪ ،‬وإذا شيك فال‬
‫ا تقش» الحديو(‪.)5‬‬
‫ووجه كون العمل ألجل الد يا من الشر ‪ :‬أن العامل ينبغي أن يبتغي بعمله وجه الله‬
‫والدار اآلخرأ‪ ،‬فمن عمل عمل اآلخرأ ألجل الله وألجل الد يا فقد أشر في يته وإرادته‪،‬‬
‫واإلخالص أن يخلص العبد لله في أقواله وأفعاله وإرادته و يته(‪.)6‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬سنن الترمذي (‪.)325/5‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪( :‬ص‪ 320 :‬و ‪.)325‬‬
‫(‪ )3‬قال في النهاية (‪(( :)75/5‬القطيفة‪ :‬كساء له خمل))‪ .‬ا تهى‪.‬‬
‫(‪ )4‬الخميصة قال في النهاية (‪ 70/2‬و ‪ :)75‬هو ثوب خز أو صوف معل ‪ .‬وقيل‪ :‬ال تسمى خميصة إال أن تكون‬
‫سوداء معلمة‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب‪ :‬الحراسة في الغزو في سبيل الله (جو‪ )393/3‬ح (‪3882‬و‬
‫‪.)3882‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬فتح الحميد في شرح التو يد البن منصور (‪.)5327/5‬‬
‫‪320‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫والدليل على أ ه من الشر قوله تعالى‪ :‬ﭷ ﭸ‬


‫ﮓ‬ ‫ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮗ [هود‪ 53 :‬و ‪.]56‬‬ ‫ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ووجه االستشهاد من اآلية‪ :‬أن الله تعالى بين أن عمل من يريد بعمله الد يا ابط‪ ،‬وهذا‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ال يكون إال في الشر كما قال تعالى‪ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ [الزمر‪ .]63 :‬فيبت أن العمل ألجل الد يا شر ‪.‬‬
‫وقد اختلف أهل العل في العمل ألجل الد يا هل هو من الشر األصغر أم من الشر األكبر‪.‬‬
‫وسبب الخالف بينه نخر هذه اآلية‪ ،‬وهي قوله تعالى‪ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫يو أشكل فهمها على‬ ‫ﮗ‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫بعض المفسرين فقالوا‪ :‬هي في ق الكفار‪ .‬وعللوا ذلك بإل ها قد تضمنت تخليد من يريد‬
‫بعمله الد يا في النار‪ ،‬وذلك ال يكون إال في ق الكفار؛ فلو قلنا بإل ها في ق المؤمن‬
‫لوجب تخليد المؤمن المريد بعمله الد يا في النار(‪.)1‬‬
‫ث قالوا‪ :‬والمؤمن يريد الد يا واآلخرأ‪ ،‬فإلما من كا ت إرادته مقصورأ على الد يا فليس‬
‫بمؤمن؛ فحملوا اآلية على الشر األكبر‪ .‬وبهذا القول قال‪ :‬أ س والضحا (‪.)2‬‬
‫وذهب ابن عباس و ردي الله عنهما و كما في رواية أبي صالح(‪ )3‬عنه و أ ها زلت في‬
‫أهل القبلة(‪ .)4‬وبه قال مجاهد(‪ ،)5‬ورجحه ابن القي (‪ )6‬و ر مه الله و ث أجاب عن إشكال‬
‫أصحاب القول األول بقوله‪(( :‬واآلية بحمد الله ال إشكال فيها‪ ،‬والله سبحا ه ذكر جزاء من‬
‫يريد بعمله الحياأ الد يا وزينتها وهو النار‪ ،‬وأخبر بحبوط عمله وبطال ه‪ ،‬فإذا أ بط ما ينجو‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬عدأ الصابرين (ص‪ ،)280 :‬ومعال التنوزيل للبغوي (‪.)566/6‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬تفسير ابن أبي ات (‪ ،)2052 ،2055/6‬وتفسير ابن جرير الطبري (‪ 552/52‬و ‪ ،)530‬والدر المنيور‬
‫(‪.)375/5‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬ذكوان السمان‪ ،‬ثقة ثبت‪ ،‬من اليالية‪ ،‬مات سنة إ دى ومائة‪ .‬ا ةر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪:‬‬
‫‪.)777‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪ :‬زاد المسير البن الجوزي (‪.)75/5‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ ،)530/52‬ومعال التنوزيل للبغوي (‪.)566/5‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬عدأ الصابرين (ص‪.)280 :‬‬
‫‪325‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫به وبطل ل يبق معه ما ينجيه‪ ،‬فإن كان معه إيمان ل يرد به الد يا وزينتها بل أراد الله به‬
‫والدار اآلخرأ‪ ،‬ل يدخل هذا اإليمان في العمل الذي بط وبطل‪ ،‬وأ جاه إيما ه من الخلود‬
‫في النار‪ ،‬وإن دخلها بحبوط عمله الذي به النجاأ المطلقة‪ .‬واإليمان‪ :‬إيما ان إيمان يمنع‬
‫من دخول النار‪ ،‬وهو اإليمان الباعو على أن تكون األعمال لله يبتغى بها وجهه وثوابه‪.‬‬
‫وإيمان يمنع الخلود في النار إن كان مع المرائي شيء منه‪ ،‬وإال كان من أهل الخلود؛‬
‫فاآلية لها ك ةائرها من نيات الوعيد‪ ،‬والله الموفق))(‪.)1‬‬
‫وقال في مودع نخر‪(( :‬بقي أن يقال‪ :‬فما ك من يريد الد يا واآلخرأ‪ ،‬فإ ه داخل‬
‫تحت ك اإلرادتين فبإليهما يلحق؟ قيل‪ :‬من هاهنا شإل اإلشكال وظن من ظن من‬
‫المفسرين أن اآلية في ق الكافر‪ ،‬فإ ه هو الذي يريد الد يا دون اآلخرأ‪ ،‬وهذا غير الزم‬
‫ةردا وال عكسا؛ فإن بعض الكفار قد يريد اآلخرأ‪ ،‬وبعض المسلمين قد ال يكون مراده إال‬
‫الد يا‪ ،‬والله تعالى قد علق السعادأ بإرادأ اآلخرأ‪ ،‬والشقاوأ بإرادأ الد يا‪ ،‬فإذا تجردت‬
‫اإلرادتان تجرد موجبهما ومقتضاهما‪ ،‬وإن اجتمعتا فحك اجتماعهما ك اجتماع البر‬
‫والفجور والطاعة والمعصية واإليمان والشر في العبد‪ .‬وقد قال تعالى لخير الخلق بعد‬
‫الرسل ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [نل عمران‪ .]532 :‬وهذا خطاب للذين‬
‫شهدوا معه الوقعة‪ ،‬ول يكن فيه منافق))(‪ )2‬ا تهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬واآلية وإن كان ظاهر السياق فيها أ ها في ق الكفار كما يفيده الحصر في‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫قوله‪ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫[هود‪ .]56 :‬فال يمنع أن تشمل المؤمن من جهة ك العمل الصالح المراد به‬ ‫ﮗ‬
‫الد يا‪ ،‬وأ ه ابط‪ ،‬ال من جهة استحقاق النار والخلود فيها‪ ،‬ألن الخلود في النار مترتب‬
‫على الكفر‪ ،‬ال على إرادأ الد يا بالعمل‪ ،‬ومما يبين ذلك أن الكافر ولو عمل لآلخرأ فهو‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫خالد مخلد في النار ال ينفعه ذلك العمل كما يفيده قوله تعالى‪ :‬ﭲ ﭳ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ [الفرقان‪.]25:‬‬
‫وأما األدلة من السنة على بوط عمل من أراد بعمله الد يا فهي كييرأ‪ ،‬ومن تلك األدلة‪:‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬عدأ الصابرين (ص‪.)285 :‬‬
‫(‪ )2‬فس المصدر (ص‪.)285:‬‬
‫‪322‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫‪ 5‬و ديو أبى هريرأ ‪ ‬في اليالثة الذين ه أول من تسعر به النار‪ :‬الغازي‬
‫والمتصدق والقارئ الذين أرادوا بذلك الد يا والنصيب وهو في صحيح مسل (‪.)1‬‬
‫‪ 2‬و ديو أبى أمامة ‪ ‬قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي ‪ ‬فقال يا رسول الله‪ :‬رجل غزا‬
‫يلتمس األجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله ‪« :‬ال شيء له» فإلعادها ثالث مرات يقول‬
‫له رسول الله ‪« :‬ال شيء له» ث قال «إن الله تعالى ال يقبل إال ما كان خالصا وابتغي‬
‫به وجهه»(‪.)2‬‬
‫قال ابن القي و ر مه الله و معلقا على هذا الحديو و‪(( :‬فهذا قد بطل أجره و بط عمله‬
‫مع أ ه قصد صول األجر لما د إليه قصد الذكر بين الناس‪ ،‬فل يخلص عمله لله فبطل‬
‫كله))(‪ .)3‬ا تهى‪.‬‬
‫‪ 5‬و ومنها أيضا‪ :‬ما رواه غير وا د عن أبي هريرأ أن رجال قال‪ :‬يا رسول الله رجل يريد‬
‫الجهاد في سبيل الله ‪ ‬وهو يبتغي عردا من الد يا؟ فقال رسول الله ‪« :‬ال أجر له»‬
‫فإلعة ذلك الناس‪ ،‬فقالوا للرجل‪ :‬عد إلى رسول الله ‪ ‬فعلك ل تفهمه! فقال الرجل‪ :‬يا‬
‫رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله ‪ ‬وهو يبتغي من عرض الد يا؟ فقال‪« :‬ال أجر‬
‫له» فإلعة ذلك الناس‪ ،‬فقالوا للرجل‪ :‬عد إلى رسول الله ‪ ،‬فقال له اليالية‪ :‬رجل يريد‬
‫الجهاد في سبيل الله ‪ ‬وهو يبتغي عرض الد يا قال‪« :‬ال أجر له»(‪.)4‬‬
‫‪ 5‬و وفى المسند أيضا وسنن النسائي عن عبادأ بن الصامت ‪ ‬قال‪ :‬إن رسول الله‬
‫‪ ‬قال‪« :‬من غزا في سبيل الله ‪ ‬وهو ال ينوي في غزاته إال عقاال فله ما وى»(‪.)5‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪.)5355/5( )1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه النسائي في كتاب الجهاد‪ ،‬باب‪ :‬من غزا يلتمس األجر والذكر (‪6‬جو‪ )23/‬ح (‪ ،)5550‬وأورده‬
‫السيوةي في الدر المنيور (‪ )565/5‬وزاد في سبته إلى أبي داود والطبرا ي‪ ،‬وقال‪ :‬إسناده جيد‪.‬‬
‫(‪ )3‬عدأ الصابرين (ص‪.)535:‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبي داود في كتاب الجهاد‪ ،‬باب‪ :‬في من يغزو ويلتمس الد يا (‪ )74/7‬ح (‪ ،)0573‬وأ مد في‬
‫المسند (‪ ،)092/0‬والحاك في المستدر (‪ )94/0‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪ ،‬وابن بان في صحيحه‬
‫(‪ )494/72‬ديو رق (‪ ،)4373‬وأورده المنذري في الترغيب والترغيب (‪ ،)797/0‬و سن إسناده‬
‫األلبا ي كما في صحيح الترغيب والترهيب (‪.)7708‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه النسائي في كتاب الجهاد‪ ،‬باب‪ :‬من غزا في سبيل الله ول ينو من غزاته إال عقاال (‪ )25/6‬ح‬
‫(‪ ،)5552‬وأ مد في المسند (‪ ،)520/3‬والبيهقي في الكبير (‪ ،)555/6‬والضياء في المختارأ (‪= )536/7‬‬
‫‪325‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫هذه بعض األدلة من الكتاب والسنة الدالة على بوط عمل من يريد بعمله الد يا‬
‫وأغرادها‪ ،‬وفيها اإلشارأ إلى منوزلة اإلخالص وعةي مكا ته في اإلسالم‪ ،‬والتحذير مما‬
‫ينافيه من الشر األصغر‪.‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فبقي أن شير إلى مسإللة أخرى ذات صلة بهذا المودوع خت بها‬
‫الكالم على هذه المسإللة‪ ،‬وهي‪ :‬ما ك من يريد بعمله عودا في اآلخرأ‪ ،‬وهل ذلك مما‬
‫ينافي اإلخالص أم ال؟‬
‫الجواب‪ :‬بعض أهل العل يشترط في المخلص أن ال يقصد بعمله عودا في‬
‫اآلخرأ‪ ،‬ويجعل تشوفه بالعوض عليه في اآلخرأ من القوادح في إخالصه لله تعالى‪.‬‬
‫قال صا ب منازل السائرين(‪(( :)1‬وهو و يعني اإلخالص و على ثالث درجات‬
‫الدرجة األولى‪ :‬إخراج رؤية العمل عن العمل‪ ،‬والخالص من ةلب العوض على العمل‬
‫والنزول عن الردى بالعمل))(‪.)2‬‬
‫وقال الفخر الرازي‪(( :‬الفرع اليا ي‪ :‬أن من الناس من يعبد الله لطلب اليواب وهو‬
‫جهل وسخف))‪.‬‬
‫ث دلل عليه من وجوه‪:‬‬
‫((األول‪ :‬أن من عبد الله ليتوصل بعبادته إلى شيء نخر كان المعبود في الحقيقة‬
‫هو ذلك الشيء‪ ،‬فمن عبد الله لطلب اليواب كان معبوده في الحقيقة هو اليواب‪ ،‬وكان الله‬
‫تعالى وسيلة إلى الوصول إلى ذلك المعبود‪ ،‬وهذا جهل عةي ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أ ه لو قال أصلي لطلب اليواب أو للخوف من العقاب‪ ،‬ل تصح صالته(‪.)3‬‬
‫الثالث‪ :‬أن من عمل عمال لغرض نخر كان بحيو لو وجد ذلك الغرض بطريق نخر‬
‫لتر الواسطة؛ فمن عبد الله لألجر واليواب كان بحيو لو وجد األجر واليواب بطريق نخر ل‬
‫وووووووووو‬
‫= رق (‪ ،)553‬والحاك في المستدر (‪ )520/2‬وصححه‪ ،‬وذكر له شاهدا من ديو يعلى بن أمية ‪.‬‬
‫(‪ )1‬هو أبو إسماعيل الهروي‪ ،‬وقد تقدمت ترجمته‪.‬‬
‫(‪ )2‬منازل السائرين دمن مدارج السالكين (‪.)22/2‬‬
‫(‪ )3‬قلت‪ :‬هذا ال يتصور إال فيه اإلخالص؛ أل ه لو كان مريدا لليواب قيقة ال بد أن يكون مريدا وجه الله به‪،‬‬
‫فطلب اليواب في اآلخرأ ال ينفك عن اإلخالص‪ ،‬أل ه ينبني عليه‪.‬‬
‫‪325‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫يعبد الله‪ ،‬ومن كان كذلك ل يكن محبا لله ول يكن راغبا في عبادأ الله‪ ،‬وكل ذلك جهل))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وقد سب شيـ اإلسالم و ر مه الله و هذا القول إلى بعض المتصوفة‪ ،‬ث أجاب‬
‫عنه بقوله‪(( :‬وهذا الكالم فيه ق‪ ،‬ويقع فيه غلط؛ فإلما الحق فهو ما اشتمل عليه من‬
‫اإلخالص لله وإرادأ وجهه دون ما سواه‪ ...‬وأما الغلط‪ :‬فتوه المتوه أن إرادأ وجه الله‬
‫والنةر إليه ليس فيها ظ للعبد وال غرض‪ ،‬وأن ةالبها قد تر مقاصده ومطالبه‪ ،‬وأ ه عامل‬
‫لغيره ال لنفسه‪ ،‬تى قد يخيل أن عمله لله بمنوزلة كسب العبد لسيده وخدمة الجند‬
‫لملكه (‪ ،)2‬وهذا غلط‪ ،‬بل إرادأ وجه الله أعلى ةوظ العبد‪ ،‬وأكبر مطالبه وأعة‬
‫مقاصده‪ ،‬ففي الحديو الصحيح عند أهل السنة قال‪« :‬فيكشف الحجاب فينةرون إليه‪،‬‬
‫فما أعطاه شيئا أ ب إليه من النةر إليه»‪ ،‬وهي الزيادأ(‪...)3‬‬
‫وإ ما للعبد ةان‪ :‬ظ من المخلوق و ظ من الخالق‪ ،‬وله لذتان‪ :‬لذأ تتعلق بالمخلوق‬
‫ولذأ تتعلق بالخالق فتر أد ى الحةين واللذتين لينال أعالهما‪ ،‬وما عمل إال لنفسه‪ ،‬وال طب إال‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [فصلت‪ .]53 :‬وقال‬ ‫في بله‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ‬
‫النبي ‪« :‬أسإللك لذأ النةر إلى وجهك» كما تقدم))(‪ .)4‬ا تهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والذي يةهر أن ةلب العوض على العمل الصالح له االن‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن يعتقد العامل أن له قا واجبا على الله يجب أن يتقاداه على سبيل‬
‫العوض والمقابلة على عمله‪ .‬فهذا ال يجوز‪ ،‬بل هذا قول أهل البدع من المعتزلة كما هو‬
‫معتقده السيئ في الوعد والوعيد يو يوجبون على الله تعالى العوض على األعمال‬
‫الصالحة باليواب عليها‪ ،‬ويجعلون ذلك من أصول التو يد عنده (‪.)5‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬التفسير الكبير (‪.)565/5‬‬
‫(‪ )2‬قال الرازي‪(( :‬ومن الناس من يعبد الله لغرض أعلى من األول و يعني ما تقدم من إرادأ بعمله اليواب في اآلخرأ و‬
‫وهو أن يتشرف بخدمة الله‪ ،‬أل ه إذا شرع في الصالأ صلت النية في القلب‪ ،‬وتلك النية عبارأ عن العل بعزأ‬
‫الربوبية وذلة العبودية‪ ،‬و صل الذكر في اللسان‪ ،‬و صلت الخدمة في الجوارح واألعضاء؛ فيتشرف كل جزء من‬
‫أجزاء العبد بخدمة الله‪ ،‬فمقصود العبد صول هذا الشرف)) ا تهى [التفسير الكبير (‪.])563/5‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسل في كتاب اإليمان (‪ )565/5‬ح (‪ )228‬من ديو صهيب ‪.‬‬
‫(‪ )4‬قاعدأ في اإلخالص لله تعالى دمن المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيـ اإلسالم ابن تيمية (ص‪ 65 :‬و‬
‫‪.)62‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬شرح األصول الخمسة للقادي عبد الجبار (ص‪.) 625 :‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وهو باةل ترده األ اديو واآلثار الصحاح‪ ،‬والتي من أصر ها قوله ‪« :‬لن يدخل‬
‫أ د منك الجنة بعمله» قيل‪ :‬وال أ ت يا رسول الله! قال‪« :‬وال أ ا إال أن يتغمد ي الله‬
‫بر مة منه وفضل»(‪ .)1‬وفي لفظ‪« :‬ليس أ د منك ينجو بعمله »(‪.)2‬‬
‫يقول النووي في سياق شر ه لهذه األ اديو‪(( :‬ومذهب أهل السنة‪ ...‬أن الله تعالى‬
‫ال يجب عليه شيء و تعالى الله و بل العال ملكه والد يا‪ ،‬واآلخرأ في سلطا ه‪ ،‬يفعل فيهما ما‬
‫يشاء‪ ،‬فلو عذب المطيعين‪ ،‬والصالحين أجمعين‪ ،‬وأدخله النار كان عدال منه‪ ،‬وإذا أكرمه ‪،‬‬
‫و عمه ‪ ،‬وأدخله الجنة‪ ،‬فهو فضل منه‪ ،‬ولو ع الكافرين‪ ،‬وأدخله الجنة كان له ذلك‪ .‬ولكنه‬
‫أخبر‪ ،‬وخبره صدق أ ه ال يفعل هذا‪ ،‬بل يغفر للمؤمنين‪ ،‬ويدخله الجنة بر مته‪ ،‬ويعذب‬
‫المنافقين‪ ،‬ويخلده في النار عدال منه‪ .‬وأما المعتزلة فييبتون األ كام بالعقل‪ ،‬ويوجبون ثواب‬
‫األعمال‪ ،‬ويوجبون األصلح ويمنعون خالف هذا في خبط ةويل له و تعالى الله عن‬
‫اختراعاته الباةلة المنابذأ لنصوص الشرع‪ .‬وفى ظاهر هذه األ اديو داللة ألهل الحق أ ه ال‬
‫يستحق أ د اليواب والجنة بطاعته))‪.‬‬
‫ث أداف و ر مه الله و‪ :‬فإن قيل‪ :‬دلت األدلة األخرى على أن الجنة تستحق باألعمال‬
‫الصالحة ميل قوله تعالى‪ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ [النحل‪ ،]52 :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﰀ ﰀﰀ [األعراف‪.]55 :‬‬
‫قيل‪ :‬ال تعارض بين تلك النصوص بل معنى اآليات أن دخول الجنة بسبب األعمال‪،‬‬
‫ث التوفيق لألعمال‪ ،‬والهداية لإلخالص فيها‪ ،‬وقبولها بر مة الله تعالى وفضله‪ ،‬فيصح أ ه ل‬
‫يدخل بمجرد العمل‪ ،‬وهو مراد األ اديو‪ ،‬ويصح أ ه دخل باألعمال‪ ،‬أي‪ :‬بسببها وهى من‬
‫الر مة‪ ،‬والله أعل ))(‪.)3‬‬
‫الحال الثانية‪ :‬أن يعمل العامل العمل وهو يطمح في ر مة الله وفضله بإلن يجازيه‬
‫على عمله الصالح فيدخل بسببه الجنة‪ .‬فهذا ال يقدح في إخالصه وال ينافيه بل هو قصد‬
‫محمود أثنى الله تعالى على أهله كما في قوله تعالى‪ :‬ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب المردى‪ ،‬باب‪ :‬تمني المريض الموت (جو‪ )55/8‬ح (‪ ،)3685‬ومسل في كتاب‬
‫صفات المؤمنين والمنافقين (‪ )2562/5‬ح (‪.)2756‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسل في صحيح مسل في كتاب صفات المؤمنين والمنافقين (‪ )2562/5‬ح (‪.)2756‬‬
‫(‪ )3‬شرح النووي على صحيح مسل (جو‪ 538/58‬و ‪ .)532‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫‪326‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫[األ بياء‪.)1(]20 :‬‬


‫فالحاصل أن العمل إما أن يراد به وجه الله والدار اآلخرأ فيكون إخالصا محضا‪ ،‬أو يراد به‬
‫مجرد الد يا فيكون شركا محضا‪ ،‬أو يراد به الد يا واآلخرأ فالحك فيه للغالب(‪ ،)2‬أو ال يراد به‪ :‬ال‬
‫الد يا وال اآلخرأ فهذا ذكر شيـ اإلسالم و ر مه الله و‪ :‬أن صا به قد يياب بإل واع من اليواب؛ إما‬
‫بزيادأ فيها(‪ )3‬وفي أميالها و فيتنع بذلك في الد يا و أو بغير ذلك‪ ،‬وال يكون مذموما(‪ .)4‬ا تهى‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أنواع الشرك األصغر المتعلِّقة باأللفاظ‪:‬‬
‫الشر األصغر المتعلق باأللفاظ‪ ،‬له أ واع كييرأ؛ فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ 5‬و الحلف بغير الله إن ل يقترن به اعتقاد أن المحلوف به مساو لله تعالى في التعةي‬
‫والعةمة أو أ ه سيجازيه إن كان كاذبا(‪ ،)5‬فإن اعتقد الحالف أن المحلوف به مساو لله‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬وبه يبطل ما جاء عن بعض الصوفية من قوله ‪ :‬ال عبد الله ةمعا في جنته وال خوفا من اره ولكن با في ذاته‪.‬‬
‫(‪ )2‬يقول الغزالي و ر مه الله و‪(( :‬اعل أن العمل إذا ل يكن خالصا لوجه الله تعالى بل امتزج به شوب من الرياء أو‬
‫ةوظ النفس فقد اختلف الناس في أن ذلك هل يقتضي ثوابا أم يقتضي عقابا أم ال يقتضي شيئا أصال؛ فال‬
‫يكون له وال عليه؟ أما الذي ل يرد به إال الرياء فهو عليه قطعا وهو سبب المقت والعقاب‪ .‬وأما الخالص لوجه‬
‫الله تعالى فهو سبب اليواب وإ ما النةر في المشوب‪ ،‬وظاهر األخبار تدل على أ ه ال ثواب له‪ .‬وليست تخلو‬
‫األخبار عن تعارض فيه‪ .‬والذي ينقدح لما فيه و والعل عند الله و أن ينةر إلى قوأ قدر الباعو‪ .‬فإن كان الباعو‬
‫الديني مساويا للباعو النفسي تقاوما وتساقطا وصار العمل ال له وال عليه‪ ،‬وإن كان باعو الرياء أغلب وأقوى‬
‫فهو ليس بنافع‪ ،‬وهو مع ذلك مضر ومفض للعقاب و ع العقاب الذي فيه أخف من عقاب العمل الذي تجرد‬
‫للرياء ول يمتزج به شائبة التقرب و‪ .‬وإن كان قصد التقرب أغلب باإلدافة إلى الباعو اآلخر‪ :‬فله ثواب بقدر ما‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫فضل من قوأ الباعو الديني‪ ،‬وهذا لقوله تعالى‪:‬‬
‫[الزلزلة‪ 8 :‬و ‪ .]7‬ولقوله تعالى‪ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ [النساء‪]50 :‬؛ فال ينبغي أن‬
‫يضيع قصد الخير‪ ،‬بل إن كان غالبا على قصد الرياء بط منه القدر الذي يساويه وبقيت زيادأ‪ ،‬وإن كان مغلوبا‬
‫سقط بسببه شيء من عقوبة الفاسد))‪[ .‬اإل ياء (‪.])555/5‬‬
‫(‪ )3‬يعني النع ‪.‬‬
‫(‪ )4‬الفتاوى الكبرى (‪.)526/5‬‬
‫(‪ )5‬يستوي في ذلك أن يكون المحلوف به معةما في الشرع كالمالئكة واأل بياء والكعبة و حوها‪ ،‬أو غير معة في‬
‫الشرع كاآلباء لعموم قوله ‪« :‬من لف بغير الله فقد أشر »‪ .‬ا ةر‪ :‬تفصيل ذلك في أ اديو العقيدأ التي‬
‫يوه ظاهرها التعارض في الصحيحين للدميجي (‪.)522/5‬‬
‫‪328‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫تعالى في التعةي والعةمة أو أ ه سيجازيه إن كان كاذبا فهو شر أكبر(‪ ،)1‬أل ه يكون‬
‫والحال هذه تعةي عبادأ؛ كحلف الذين يعبدون األوثان بإلوثا ه ‪ ،‬أو لف الذين يعةمون‬
‫(‪.)2‬‬
‫المشاهد والقبور بإلصحابها‬
‫بل من هؤالء من يعة محلوفه أكير من الله تعالى‪ ،‬فإذا وجبت عليه اليمين ربما‬
‫تجاسر أن يحلف بالله كاذبا‪ ،‬وال يتجاسر أن يحلف بصا ب القبر‪ ،‬أل ه يخشى إن لف‬
‫به كاذبا من أن يناله بعقوبة عاجلة؛ فيجتمع في قلبه تعةي المحلوف به أشد من تعةيمه‬
‫الله وخوف السر من المخلوق(‪ ،)3‬وكال األمرين عبادأ‪.‬‬
‫والدليل على أن الحلف بغير الله من الشر قوله ‪« :‬ال تحلف بإلبيك وال بغير‬
‫الله؛ فإ ه من لف بغير الله فقد كفر أو أشر »(‪.)4‬‬
‫وأيضا قوله ‪« :‬من لف منك فقال في لفه‪ :‬بالالت والعزى‪ ،‬فليقل‪ :‬ال إله إال‬
‫الله»(‪.)5‬‬
‫وأيضا ما جاء في خبر اليهودي الذي أتى النبي ‪ ‬فقال‪« :‬إ ك تشركون‪...‬‬
‫وتقولون‪ :‬والكعبة‪ ،‬فإلمره النبي ‪ ‬إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا‪ :‬ورب الكعبة»(‪.)6‬‬
‫فالمراد بالكفر والشر هنا إما األصغر أو األكبر وذلك بحسب اعتقاد الحالف؛ وال‬
‫يصح مله على كفر النعمة كما هو صنيع بعض الفقهاء(‪)7‬؛ ((إذ ما من معصية وذ ب‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬رودة الطالبين للنووي (‪ ،)6/55‬والقول المفيد على كتاب التو يد (‪.)255/2‬‬
‫(‪ )2‬التمهيد على كتاب التو يد (ص‪ 536 :‬و ‪.)538‬‬
‫(‪ )3‬خوف السر‪ :‬هو أن يخاف من غير الله أن يصيبه بما يشاء من مرض أو فقر أو قتل و حو ذلك بقدرته‬
‫ومشيئته‪ ،‬سواء ادعى أن ذلك كرامة للمخوف بالشفاعة‪ ،‬أو على سبيل االستقالل‪.‬‬
‫فهذا الخوف ال يجوز تعلقه بغير الله أصال‪ ،‬ألن هذا من لوازم اإللهية؛ فمن اتخذ مع الله دا يخافه هذا الخوف‬
‫فهو مشر ‪[ .‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.])526 :‬‬
‫(‪ )4‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في كتاب األدب من صحيحه باب من ل ير إكفار من قال ذلك متإلوال أو جاهال‪،‬‬
‫(جو‪ )528/8‬ح رق (‪ ،)6508‬ومسل في كتاب األيمان (‪ )5268/5‬ح (‪.)5658‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه النسائي في كتاب األيمان والنذور‪ ،‬باب‪ :‬الحلف بالكعبة (‪ )6/8‬ح (‪ ،)5885‬وصحح إسناده األلبا ي‬
‫كما في صحيح سنن النسائي (‪ )822/2‬برق (‪.)5355‬‬
‫(‪ )7‬ا ةر‪ - :‬ميال ‪ -‬شرح الزرقا ي على الموةإل (‪.)75/5‬‬
‫‪327‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫يفعله المكلف المختار إال وفيه من كفر النعمة بحسبه‪ .‬والشكر هو استعمال النعمة في‬
‫ةاعة معطيها ومسديها مع محبته والردا عنه‪ ،‬واليناء بها عليه‪ .‬والشكر دد الكفر‪ ،‬فمن‬
‫أخل بشيء من الشكر ففيه من كفر النعمة بحسب ذلك‪ .‬فتحصل أن كفر النعمة ال‬
‫يختص بما أةلق عليه الشارع الكفر من األفعال‪ ،‬فال بد للنص من معنى يخصه و كمة‬
‫في تخصيص بعض األفراد‪ .‬وهذا معلوم بالشرع والفطرأ إذ تخصيص بعض أفراد الجنس من‬
‫غير مخصص يقتضي ذلك تحك محض وترجيح بال مرجح))(‪.)1‬‬
‫ووجه كون الحلف بغير الله من الشر أن الحلف يقتضي تعةي المحلوف به‪ ،‬والمعة‬
‫على الحقيقة هو الله و جل وعال و‪ ،‬فالحلف بغيره تعةي لذلك الغير‪ ،‬فيبت أ ه من الشر (‪.)2‬‬
‫أما ما ثبت في ((صحيح مسل ))(‪ )3‬من قوله ‪« :‬أفلح وأبيه إن صدق»‪.‬‬
‫فقد أجاب عنه أهل العل بعدأ أجوبة‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن بعض العلماء أ كر هذه اللفةة(‪ ،)4‬وقال‪ :‬إ ها ل تيبت في الحديو‪ ،‬أل ها‬
‫مناقضة للتو يد‪ ،‬وما كان كذلك فال تصح سبته إلى رسول الله ‪ ،‬فيكون باةال‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أ ها تصحيف من بعض الرواأ‪ ،‬واألصل‪« :‬أفلح والله إن صدق»‪ .‬وكا وا في‬
‫السابق ال يشكلون الكلمات‪ ،‬وال يضعون عليها النقاط‪ ،‬و((أبيه)) تشبه ((الله)) إذا ذفت‬
‫النقط السفلى‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن هذا مما كان يجري على األلسنة وال يقصد به قيقة الحلف‪ ،‬والنهى إ ما ورد‬
‫فيمن قصد قيقة الحلف لما فيه من إعةام المحلوف به ومضاهاته به الله سبحا ه وتعالى‪.‬‬
‫وإلى هذا جنح البيهقي(‪ ،)5‬وقال النووي‪ :‬إ ه الجواب المردي(‪ ،)6‬وقواه الحافظ في ((الفتح))(‪.)1‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬الضياء الشارق في الرد على شبهات الماذق المارق (ص‪.)227 :‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬التمهيد على كتاب التو يد (ص‪.)536 :‬‬
‫(‪ .)50/5( )3‬وأصله في البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬الزكاأ من اإليمان ح رق (‪.)56‬‬
‫(‪ )4‬ومن هؤالء ابن عبد البر يو قال‪( :‬هذه لفةة غير محفوظة في هذا الحديو من ديو من يحتج به‪ ،‬وقد‬
‫روى هذا الحديو مالك وغيره عن أبي سهيل ل يقولوا ذلك فيه‪ ،‬وقد روي عن إسمعيل بن جعفر هذا الحديو‪،‬‬
‫وفيه «أفلح والله إن صدق أو دخل الجنة والله إن صدق» وهذا أولى من رواية من روى «وأبيه»‪ ،‬أل ها لفةة‬
‫منكرأ‪ ،‬تردها اآلثار الصحاح‪ .‬وبالله التوفيق)‪[ .‬التمهيد (‪.])568/55‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬فتح الباري (‪.)574/77‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬شرح النووي على مسل (جو‪.)525/2‬‬
‫‪322‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الرابع‪ :‬أ ه وقع من النبي ‪ ،‬وهو أبعد الناس عن الشر ؛ فيكون من خصائصه‪ ،‬وأما‬
‫غيره؛ فه منهيون عنه‪ ،‬أل ه ال يساوون النبي ‪ ‬في اإلخالص والتو يد‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أ ه على ذف مضاف‪ ،‬والتقدير‪(( :‬أفلح ورب أبيه))‪.‬‬
‫السادس‪ :‬أن هذا منسوخ‪ ،‬وأن النهي هو الناقل من األصل(‪.)2‬‬
‫وأقوى هذه الوجوه أن هذا وقع منه ‪ ‬قبل علمه بالنهي و أي منسوخ‪ .‬وقد مال إلى‬
‫هذا الوجه الشيـ ابن عييمين(‪ )3‬و ر مه الله‪ ،‬وجزم به صا ب تيسير العزيز الحميد(‪ )4‬وقواه‬
‫الحافظ في ((الفتح))(‪ .)5‬وقال السهيلي‪ :‬إن أكير الشراح عليه(‪.)6‬‬
‫أما بالنسبة للوجه األول؛ فضعيف ألن هذه اللفةة ثابتة في الصحيح‪.‬‬
‫وأما الوجه اليا ي‪ ،‬فيلزم منه تغليط اليقة فيما روى بغير دليل‪.‬‬
‫وأما اليالو‪(( :‬فهو فاسد ألن أ اديو النهي عامة مطلقة‪ ،‬ليس فيها تفريق بين من قصد‬
‫القس وبين من ل يقصد‪ .‬وغاية ما يقال‪ :‬أن من جرى ذلك على لسا ه من غير قصد معفو‬
‫عنه‪ ،‬أما أن يكون ذلك أمرا جائزا للمسل أن يعتاده فال يسل ‪ .‬وأيضا فهذا يحتاج إلى قل أن‬
‫ذلك كان يجري على ألسنته من غير قصد للقس ‪ ،‬وأن النهي إ ما ورد في ق من قصد‬
‫قيقة الحلف‪ ،‬وأ ى يوجد ذلك!!)) ا تهى ملخصا من تيسير العزيز الحميد(‪.)7‬‬
‫وأما دعوى الخصوصية فتحتاج إلى دليل‪ ،‬وإال فاألصل التإلسي به ‪.‬‬
‫وأما الحذف واإلدمار فضعيف‪ ،‬ألن األصل عدم الحذف‪ ،‬وألن الحذف هنا يستلزم‬
‫فهما باةال‪ ،‬وال يمكن أن يتكل النبي ‪ ‬بما يستلزم ذلك بدون بيان المراد(‪.)8‬‬
‫وووووووووو‬
‫(=‪.)507/5( )1‬‬
‫(‪ )2‬بتصرف من القول المفيد على كتاب التو يد (‪ .)253/2‬وا ةر‪ :‬لهذه الوجوه المفه فيما أشكل شرح صحيح‬
‫مسل (‪ 560/5‬و ‪ ،)565‬وشرح السنة للبغوي (‪ 6/50‬و ‪ ،)8‬وشرح النووي لمسل (جو‪ 525/2‬و ‪ ،)522‬وفتح‬
‫الباري (‪ ،508/5‬و‪ 355/55‬و ‪.)355‬‬
‫(‪ )3‬ا ةر‪ :‬القول المفيد (‪.)253/2‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)327 :‬‬
‫(‪.)507/5( )5‬‬
‫(‪ )6‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)327 :‬‬
‫(‪( )7‬ص‪.)328 :‬‬
‫(‪ )8‬بتصرف من القول المفيد على كتاب التو يد (‪ 256/2‬و ‪.)258‬‬
‫‪600‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ومن الجدير ذكره أن قولنا‪ :‬أن أقوى الوجوه أن هذا كان قبل النهي ليس مرادا به الجزم‬
‫والترجيح‪ ،‬ألن هذا يحتاج إلى معرفة التاريـ‪ ،‬واألمر محتمل والله تعالى أعل (‪.)1‬‬
‫ث لعل قائال يقول‪ :‬إن القول بإلن هذا قبل علمه ‪ ‬بالنهي أدعف الوجوه ليس بإلقواها‪،‬‬
‫ألن الحلف بغير الله مما ينافي التو يد والنبي ‪ ‬منوزه عن كل قول أو فعل يتنافى والتو يد‪.‬‬
‫فيجاب عنه بإلن يقال‪ :‬أن هذا قد يرد إذا كان الحلف بمعة عند أهل الشر ؛‬
‫كالحلف بالالت‪ ،‬أو العزى‪ ،‬أو حو ذلك من األوثان‪ ،‬أل ه يقتضي تعةي العبادأ الذي‬
‫يتنافى والتو يد‪.‬‬
‫أما الحلف باآلباء فال يقتضي ذلك بقدر ما هو من باب التوقير واإلكرام؛ كسجود‬
‫التحية الذي سـ في هذه األمة‪.‬‬
‫بل قوله ‪« :‬وأبيه» في هذا الحديو يوبوعد معه تى إرادأ التوقير واإلكرام‪ ،‬ألن أبا‬
‫هذا الرجل من أهل الشر غالبا‪.‬‬
‫ولذلك يبقى القول بإلن هذا مما جرى على األلسن من غير إرادأ قيقة الحلف فيه‬
‫وع من القوأ أيضا لوال ما يرد عليه من القوادح التي تقدمت‪.‬‬
‫‪ 2‬و ومن شر األلفاظ أيضا قول الرجل‪(( :‬ما شاء الله وشاء فالن))‪ ،‬إن ل يعتقد أ ه‬
‫يساوي الله ‪ ‬في التدبير والمشيئة‪ ،‬فإن صا به اعتقاد أن فال ا مساو لله تعالى في‬
‫المشيئة والتدبير كان شركا أكبر‪.‬‬
‫ووجه أن قول الرجل‪(( :‬ما شاء الله وشاء فالن)) من الشر ‪ :‬أ ه شر غير الله مع الله‬
‫(‪)2‬‬
‫بالواو ‪ ،‬ألن العطف بالواو يقتضي المقار ة والتسوية‪ ،‬فيكون من قال‪(( :‬ما شاء الله وشئت))‬

‫قار ا مشيئة العبد بمشيئة الله مسويا بها(‪.)3‬‬


‫قال اإلمام الشافعي و ر مه الله و‪(( :‬ال يقل أ د ما شاء الله وشئت‪ ،‬إذ قد جعل فاعلين‬
‫بل ما شاء الله ث شئت))(‪.)4‬‬
‫والدليل على أ ه من الشر قوله ‪ ‬للذي قال له‪ :‬ما شاء الله وشئت‪ .‬فقال‪:‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬المصدر فسه (‪.)258/2‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬القول المفيد (‪.)252/2‬‬
‫(‪ )3‬ا ةر‪ :‬أعالم السنة المنشورأ (ص‪.)35 :‬‬
‫(‪ )4‬أورده عنه السبكي في ةبقات الشافعية (‪ )522/2‬من الفوائد عن رملة‪.‬‬
‫‪605‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫«أجعلتني لله دا‪ ،‬بل ما شاء الله و ده»(‪ .)1‬وفي رواية‪« :‬أجعلتني لله عدال‪ ،‬بل ما شاء‬
‫الله و ده»(‪.)2‬‬
‫وأيضا ما جاء في خبر اليهودي الذي أتى النبي ‪ ‬فقال‪ :‬إ ك تشركون تقولون‪ :‬ما‬
‫شاء الله وشئت‪ ...‬فإلمره النبي ‪ ‬أن يقولوا‪« :‬ما شاء الله ث شئت»(‪.)3‬‬
‫ومن الجدير ذكره أ ه وإن كان للعبد مشيئة إال أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله‬
‫تعالى كما قال تعالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [اإل سان‪ ،]50 :‬فال يجوز التسوية بين‬
‫مشيئة الله ومشيئة العبد؛ ألن األصل ليس كالتابع‪.‬‬
‫أما قول الرجل‪(( :‬شاء الله ث شاء فالن)) فجائز كما قال النبي ‪« :‬ولكن قولوا‪ :‬ما‬
‫شاء الله ث شئت»‪ .‬ووجهه أن العطف ب ((ث )) يقتضي الترتيب والتراخي فتكون مشيئة العبد‬
‫تابعة لمشيئة الله تعالى ال تحصل إال بعدها‪ ،‬وهو كذلك فإن مشيئة العبد إ ما تحصل بعد‬
‫مشيئة الله‪ ،‬وذلك بخالف ما لو قيل‪(( :‬شاء الله وشاء فالن))؛ فإن الواو تقتضي مطلق الجمع‬
‫فال تمنع من التشريك والمقار ة في الفعل كما تقدم(‪.)4‬‬
‫قال ابن األثير و ر مه الله‪(( :‬وإ ما فرق بين قول ما شاء الله وشئت‪ ،‬وما شاء الله ث‬
‫شئت‪ ،‬ألن الواو تفيد الجمع دون الترتيب‪ ،‬وث تجمع وترتب فمع الواو يكون قد جمع بين الله‬
‫وبينه في المشيئة‪ ،‬ومع ث يكون قد قدم مشيئة الله على مشيئته))(‪.)5‬‬
‫وقال الشافعي و ر مه الله و‪(( :‬وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية‪ ...‬والمشيئة إرادأ الله‬
‫تعالى‪ :‬قال الله عز وجل ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [التكوير‪ ،]22 :‬فإلعل‬
‫خلقه أن المشيئة له دون خلقه‪ ،‬وأن مشيئته ال تكون إال أن يشاء الله ‪ ‬فيقال لرسول الله‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجها أ مد في المسند (‪ ،)275/5‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪ ،)85/6‬والنسائي في عمل اليوم والليلة‬
‫(‪ ،)277‬وابن أبي الد يا في الصمت ونداب اللسان (‪.)553‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه النسائي في كتاب النحل‪ ،‬باب‪ :‬الحلف بالكعبة (‪ )6/8‬ح (‪ ،)5885‬وصحح إسناده األلبا ي كما في‬
‫صحيح الصحيحة برق (‪.)556‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪ :‬أعالم السنة المنشورأ (ص‪.)35 :‬‬
‫(‪ )5‬النهاية (‪.)358/2‬‬
‫‪602‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫‪ ‬ما شاء الله ث شئت‪[ ،‬وال يقال‪ :‬ما شاء الله وشئت]))(‪.)1‬‬
‫وقال شيـ اإلسالم و ر مه الله و مقررا عدم اقتران مشيئة الخالق بالمخلوق و‪:‬‬
‫((فليست مشيئة أ د من العباد مشيئة لله‪ ،‬وال مشيئة الله مستلزمة لمشيئة العباد بل ما شاء الله‬
‫كان وإن ل يشإل الناس‪ ،‬وما شاء الناس ل يكن إن ل يشإل الله))(‪.)2‬‬
‫‪ 5‬و ومن شر األلفاظ أيضا‪ :‬الشر المتعلق بااللتفات إلى األسباب دون مسببها؛‬
‫كقول القائل‪ :‬لوال فالن ل يكن كذا‪ ،‬ولوال البط في الدار ألتا ا اللصوص‪ ،‬إن ل يعتقد أن‬
‫هذه األسباب فاعلة بذاتها‪ .‬أما لو اعتقد أ ها فاعلة بذاتها‪ ،‬يكون شركا أكبر‪ ،‬ألن فيه‬
‫إدافة الفعل لغير فاعله‪ ،‬فيكون شركا في الربوبية‪.‬‬
‫والدليل على أن هذه األلفاظ من الشر قوله تعالى‪ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫[البقرأ‪.]22 :‬‬
‫قال ابن عباس و ردي الله عنهما و في تفسيرها‪(( :‬األ داد هو الشر ‪ ،‬أخفى من‬
‫دبيب النمل على صفاأ سوداء في ظلمة الليل‪ ،‬وهو أن تقول‪ :‬والله‪ ،‬و ياتك يا فالن‪،‬‬
‫و ياتي‪ ،‬وتقول‪ :‬لوال كليبة هذا ألتا ا اللصوص البار ة‪ ،‬ولوال البط في الدار ألتى اللصوص‪،‬‬
‫وقول الرجل لصا به‪ :‬ما شاء الله وشئت وقول الرجل لوال الله وفالن‪ ،‬ال تجعل فيها فالن؛‬
‫هذا كله به شر ))(‪.)3‬‬
‫ووجه كون هذه األلفاظ من الشر ‪ :‬أن فيها إسناد األمور إلى غير مسببها‪ ،‬وإدافة‬
‫النعمة إلى غير موجدها‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [النحل‪.]75 :‬‬
‫قال عون بن عبد الله(‪ :)4‬إ كاره إياها‪ ،‬أن يقول الرجل‪ :‬لوال فالن ما كان كذا‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬األم (‪ 556/5‬و ‪ )558‬باب‪ :‬ما يكره من الكالم في الخطبة وغيرها‪ ،‬ط‪ :‬دار الكتب العلمية بتخريج وتعليق‬
‫محمود مطرجي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )5555‬هو‪ ،‬وما بين المعقوفين زيادأ في معرفة السنن للبيهقي‬
‫(‪.)582/5‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)502/5‬‬
‫(‪ )3‬رواه ابن أبي ات كما في تفسير ابن كيير (‪ .)36/5‬وقال‪ :‬الشيـ سليمان في تيسير العزيز الحميد (‪:)325‬‬
‫(سنده جيد)‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي‪ ،‬أبو عبد الله الكوفي‪ ،‬ثقة عابد‪ ،‬من الرابعة مات قبل سنة =‬
‫‪605‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وكذا‪ ،‬ولوال فالن ما أصبت كذا وكذا(‪.)1‬‬


‫وقال مجاهد‪(( :‬هي المساكن واأل عام وما ترزقون منها‪ ،‬والسرابيل من الحديد‬
‫واليياب‪ ،‬تعرف هذا كفار قريش ث تنكره بإلن تقول‪ :‬هذا كان آلبائنا فورثو ا إياه))(‪.)2‬‬
‫‪ 5‬و ومن شر األلفاظ أيضا‪ :‬إسناد الحوادث لغير الله ‪‬؛ كقول القائل‪ :‬مطر ا‬
‫بنووء(‪ )3‬كذا إن ل يعتقد أن النوء فاعل بذاته بل جعله سببا لنوزول المطر‪ .‬أما إذا اعتقد أن‬
‫المطر أثر من نثار النوء‪ ،‬وأ ه هو الذي تفضل بإ زال المطر‪ ،‬فهو شر أكبر‪ ،‬ألن النوء‬
‫وقت‪ ،‬والوقت مخلوق ال يملك لنفسه وال لغيره شيئا؛ ففيه إدافة الفعل إلى غير الله ‪،‬‬
‫فيكون شركا في الربوبية(‪.)4‬‬
‫والدليل على أن قول الرجل‪(( :‬مطر ا بنوء كذا)) شر أصغر قوله ‪ ‬و إثر سماء كا ت‬
‫من الليل و «هل تدرون ماذا قال ربك ؟» قالوا‪ :‬الله ورسوله أعل ‪ .‬قال‪« :‬أصبح من عبادي‬
‫مؤمن بي وكافر‪ ،‬فإلما من قال‪ :‬مطر ا بفضل الله ور مته‪ ،‬فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب‪ ،‬وأما‬
‫من قال مطر ا بنوء كذا وكذا‪ ،‬فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب»(‪.)5‬‬
‫ووجه االستشهاد به‪ :‬أ ه أتى بباء السببية التي تشعر بإل ه سبوا وجود المطر إلى ما‬
‫اعتقدوه سببا‪ ،‬ولو كان المراد الشر األكبر لقال‪ :‬أ وزل علينا المطر وء كذا(‪.)6‬‬
‫ووجه كون ذلك من الشر ‪ :‬أن فيه جعل ما ليس سببا و ال شرعا وال قدرا و سببا في‬
‫جلب النفع ودفع الضر مع إدافة الفعل إلى غير فاعله‪.‬‬
‫أو أن العبد يتعلق قلبه بمن يةن صول الخير له من جهته وإن كان ال صنع له‬
‫وووووووووو‬
‫= عشرين ومائة‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])358 :‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (‪ )526/55‬وأورده السيوةي في الدر المنيور (‪ )257/5‬وعزاه إلى سعيد‬
‫بن منصور وابن المنذر وابن أبي ات ‪.‬‬
‫(‪ )2‬تفسير مجاهد (‪ .)530/5‬وأيضا رواه عنه ابن جرير الطبري في تفسيره (‪ )526/55‬وأورده السيوةي في الدر‬
‫المنيور (‪ )257/5‬وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي ات ‪.‬‬
‫(‪ )3‬النوء معناه الكوكب والنج ‪.‬‬
‫(‪ )4‬ا ةر‪ :‬األم للشافعي (‪ )552/5‬ط‪ :‬دار الكتب العلمية بتخريج وتعليق محمود مطرجي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪)5555‬هو‪ ،‬وإكمال المعل بفوائد مسل (‪ 550/5‬و ‪ ،)555‬والقول المفيد على كتاب التو يد (‪.)50/2‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في كتاب اآلذان‪ ،‬باب يستقبل اإلمام الناس إذا سل (جو‪ )250/5‬ح (‪.)756‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)502 :‬‬
‫‪605‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫في ذلك‪.‬‬
‫قال الشيـ ابن عييمين و ر مه الله و‪...(( :‬وصار كافرا بالله؛ أل ه أ كر عمة الله‬
‫و سبها إلى سبب ل يجعله الله سببا‪ ،‬فتعلقت فسه بهذا السبب‪ ،‬و سي عمة الله))(‪.)1‬‬
‫ا تهى‪.‬‬
‫وأما إذا قال مطر ا في وء كذا يريد الوقت جاز‪ .‬والفرق بين هذا اللفظ وبين القول‪:‬‬
‫((مطر ا بنوء كذا)) أن الباء للسببية‪ ،‬وفي للةرفية‪.‬‬
‫قال اإلمام الشافعي و ر مه الله و‪(( :‬وأما من قال مطر ا بنوء كذا وكذا على ما كان‬
‫بعض أهل الشر يعنون من إدافة المطر إلى أ ه أمطره وء كذا فذلك كفر كما قال رسول‬
‫الله ‪‬؛ ألن النوء وقت والوقت مخلوق ال يملك لنفسه وال لغيره شيئا وال يمطر وال يصنع‬
‫شيئا؛ فإلما من قال مطر ا بنوء كذا على معنى مطر ا بوقت كذا فإ ما ذلك كقوله مطر ا في‬
‫شهر كذا وال يكون هذا كفرا‪ ،‬وغيره من الكالم أ ب إلي منه‪ ...‬أ ب أن يقول مطر ا في‬
‫وقت كذا))(‪ .)2‬ا تهى‪.‬‬
‫فالحاصل أن سبة المطر إلى النوء تنقس إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ 5‬و سبة إيجاد‪ ،‬وهذه شر أكبر‪.‬‬
‫‪ 2‬و سبة سبب‪ ،‬وهذه شر أصغر‪.‬‬
‫‪ 5‬و سبة وقت‪ ،‬وهذه جائزأ بإلن يريد بقوله بنوء كذا؛ أي‪ :‬جاء ا المطر في هذا‬
‫النوء أي‪ :‬في وقته(‪.)3‬‬
‫‪ 3‬و ومن شر األلفاظ أيضا‪ :‬تسمية الرجل بو((ملك األمال ))‪ ،‬وقادي القضاأ‪.‬‬
‫والدليل قوله ‪« :‬أخنع اس (‪ )4‬عند الله ‪ ‬يوم القيامة رجل تسمى ملك‬
‫األمال ‪ ،‬ال مالك إال الله»(‪ .)5‬وفي رواية‪« :‬أغيظ رجل على الله وأخبيه وأغيةه(‪ )1‬عليه‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬القول المفيد (‪ .)50/2‬وا ةر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (‪.)505‬‬
‫(‪ )2‬األم (‪ )552/5‬ط‪ :‬دار الكتب العلمية بتخريج وتعليق محمود مطرجي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪)5555‬هو‪،‬‬
‫وا ةر‪ :‬التمهيد البن عبد البر (‪.)276/56‬‬
‫(‪ )3‬القول المفيد (‪.)55/2‬‬
‫(‪ )4‬أي أذلها وأودعها‪ ،‬والخا ع الذليل الخادع‪ .‬النهاية (‪.)75/2‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬أبغض األسماء إلى الله (ج‪ )533/8‬ح (‪ ،)6203‬ومسل في =‬
‫‪603‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫رجل تسمى بملك األمال »(‪ ،)2‬وفي رواية أخرى «اشتد غضب الله على من زع أ ه ملك‬
‫األمال »(‪.)3‬‬
‫قال الحافظ ابن جر و ر مه الله و‪(( :‬ويلتحق به ما في معناه ميل‪ :‬خالق الخلق‪،‬‬
‫وأ ك الحاكمين‪ ،‬وسلطان السالةين‪ ،‬وأمير األمراء‪ .‬وقيل‪ :‬يلتحق به أيضا من تسمى‬
‫بشيء من أسماء الله الخاصة به كالر من والقدوس والجبار))(‪.)4‬‬
‫وهل يلتحق به من تسمى أقضى القضاأ أو أ ك الحكام؟ اختلف العلماء في ذلك؛‬
‫فذهب الزمخشري(‪ )5‬إلى المنع منه فقال في قوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [هود‪،]53 :‬‬
‫أي‪ :‬أعل الحكام وأعدله ؛ أل ه ال فضل لحاك على غيره إال بالعل والعدل‪ ،‬ورب غريق‬
‫في الجهل والجور من متقلدي الحكومة في زما ك قد لقب أقضى القضاأ‪ ،‬ومعناه‪ :‬أ ك‬
‫الحاكمين‪ ،‬فاعتبر واستعبر(‪.)6‬‬
‫وتعقبه ابن المنير(‪ )7‬بحديو «أقضاك علي»(‪ )1‬قال‪ :‬فيستفاد منه أن ال رج على‬
‫وووووووووو‬
‫= اآلداب (‪ )5677/5‬ح (‪.)5555‬‬
‫(‪ )1‬قال ابن األثير‪(( :‬ال وجه لتكرار لفةتي أغيظ في الحديو ولعله أغنظ بالنون من الغنظ وهو شدأ الكرب والله‬
‫أعل ))‪ .‬أ‪ .‬هو‪[ .‬لسان العرب مادأ (غلظ)]‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب األدب (جو‪ ،)533/8‬باب أبغض األسماء إلى الله ح (‪ )6203‬مسل في اآلداب‬
‫(‪ )5677/5‬ح (‪.)5555‬‬
‫(‪ )3‬رواه ابن أبي شيبة في المصنف (‪ )585/8‬الطبرا ي في الكبير (‪ ،)526/55‬والحاك في المستدر‬
‫(‪ )506/5‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين ول يخرجاه‪ ،‬وأورده الديلمي في الفردوس بمإلثور الخطاب‬
‫(‪ ،)523/5‬والهييمي في المجمع (‪ )30/7‬وقال‪ :‬رواه الطبرا ي وفيه أبو شيبة إبراهي بن عيمان‪ ،‬وهو مترو ‪.‬‬
‫وصحح إسناده األلبا ي في صحيح الجامع (‪.)277‬‬
‫(‪ )4‬فتح الباري (‪.)320/50‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬أبو القاس محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي‪ ،‬المعروف بالزمخشري‪ ،‬عال بالنحو والتفسير‬
‫واللغة‪ ،‬وكان داعية إلى االعتزال‪ .‬قال عنه الذهبي‪ :‬صالح لكنه داعية إلى االعتزال أجار ا الله فكن ذرا من‬
‫كشافه ا تهى‪ .‬من تصا يفه الكييرأ‪(( :‬الكشاف))‪(( ،‬أساس البالغة))‪ ،‬و((المستقصى في األميال))‪ ،‬توفي سنة‬
‫(‪ )578‬هو‪ .‬ا ةر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 757/02‬و ‪ ،)753‬وميزان االعتدال في قد الرجال (‪.)787/3‬‬
‫(‪ )6‬الكشاف للزمخشري (‪.)205/5‬‬
‫(‪ )7‬هو‪ :‬العالمة القادي اصر الدين أ مد بن محمد بن منصور بن أبي القاس الجذامي اإلسكندرا ي المعروف بابن المنير‪،‬‬
‫اصر الدين أبو العباس‪ ،‬من فقهاء المالكية برع في الفقه ورسـ فيه‪ ،‬وفي العربية وفي فنون شتى‪ ،‬من مؤلفاته‪(( :‬البحر الكبير =‬
‫‪606‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫من أةلق على قاض يكون أعدل القضاأ أو أعلمه في زما ه أقضى القضاأ‪ ،‬أو يريد إقليمه‬
‫أو بلده‪ .‬ث تكل في الفرق بين قادي القضاأ وأقضى القضاأ‪ ،‬وفي اصطال ه على أن‬
‫األول فوق اليا ي‪.‬‬
‫وقد تعقب كالم ابن المنير عل الدين العراقي(‪ )2‬فصوب ما ذكره الزمخشري من‬
‫المنع‪ ،‬ورد ما ا تج به من قضية علي ‪ ‬في جواز إةالقه‪ :‬بإلن التفضيل في ذلك وقع في‬
‫ق من خوةب به‪ ،‬ومن يلتحق به فليس مساويا إلةالق التفضيل باأللف والالم(‪ ،)3‬قال‪:‬‬
‫وال يخفى ما في إةالق ذلك من الجراءأ وسوء األدب‪ ،‬وال عبرأ بقول من ولي القضاء‬
‫فنعت بذلك فلذ في سمعه فا تال في الجواز‪ ،‬فإن الحق أ ق أن يتبع(‪.)4‬‬
‫ووجه أن التسمي بملك األمال أو قادي القضاأ من الشر ‪ :‬أن من تسم ى‬
‫بذلك‪ ،‬فقد جعل فسه شريكا مع الله فيما ال يستحقه إال الله؛ ألن لفظ ((ملك‬
‫األمال )) و(( قادي القضاأ)) ال يصدق إال على الله ‪ ، ‬أل ه ال أ د يستحق أن‬
‫يكون قادي القضاأ أو ملك األمال إال الله و سبحا ه وتعالى و‪ ،‬فالله هو القادي فوق‬
‫كل قاض وهو المالك لجميع األشياء إليه يرجع األمر كله(‪.)5‬‬
‫قال المناوي و ر مه الله و في شر ه لحديو‪« :‬اشتد غضب الله على من زع أ ه‬
‫ملك االمال »‪(( :‬إ ما اشتد غضبه عليه لمنازعته لله في ربوبيته وألوهيته‪ ،‬فهو قيق بإلن‬
‫وووووووووو‬
‫= في خب التفسير))‪ ،‬وله اختصار التهذيب‪ ،‬توفي سنة (‪ )675‬هو‪ ،‬ومولده سنة (‪ .)650‬ا ةر‪ :‬الديباج المذهب‬
‫(‪ 255/5‬و ‪ ،)256‬ومعح المؤلفين (‪.)222/5‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه الطبرا ي موقوفا على عمر كما في األوسط (‪ ،)8825‬وذكره العجلو ي في كشف الخفاء (‪،)573/5‬‬
‫وعزاه إلى البخاري في كتاب التفسير‪ ،‬وقال إن هذه الصيغة كمها الرفع على الصحيح‪ .‬وقال الحافظ في الفتح‬
‫(‪ :)85/8‬وله شاهد صحيح من ديو بن مسعود عند الحاك ‪ .‬ا تهى‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد الر ي بن الحسين بن عبد الر من بن أبي بكر بن إبراهي الكردي الشافعي‪ ،‬المعروف بالزين العراقي‪،‬‬
‫افظ محدث فقيه‪ ،‬ولد بمصر سنة (‪ )305‬هو‪ .‬أخذ الحديو عن جماعة منه الحافظ العالئي‪ ،‬وتقي الدين‬
‫السبكي‪ ،‬ومن أبرز تالميذه الحافظ ابن جر العسقال ي و ر مه الله و‪ .‬ا ةر‪ :‬إ باء الغمر (‪ ،)732/5‬و سن‬
‫المحادرأ (‪.)732/7‬‬
‫(‪ )3‬يعني التفضيل المطلق الذي ال يختص بمعينين‪ ،‬فهذا الذي ورد المنع فيه‪.‬‬
‫(‪ )4‬فتح الباري (‪ .)320/50‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬القول المفيد (‪ ،)252/2‬وفتح المجيد (ص‪.)652 :‬‬
‫‪608‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫يمقته عليه فيهينه غاية الهوان‪ ،‬ويذله غاية الذل‪ ،‬ويجعله تحت أقدام خلقه؛ لجرأته وعدم‬
‫يائه في تشبهه به في االس الذي ال ينبغي إال له‪ ،‬فهو ملك الملو و ده‪ ،‬اك‬
‫الحكام و ده‪ ،‬فهو الذي يحك عليه كله ال غيره))(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أنواع الشرك األصغر المتعلِّقة باألفعال ((أي بإلعمال الجوارح))‪:‬‬
‫من أ واع هذا الشر ‪:‬‬
‫‪ 5‬و التطير‪:‬‬
‫التطير في اللغة مصدر تطير ميل تحير يرأ‪ ،‬مإلخوذ من زجر الطير‪.‬‬
‫قال الجوهري‪(( :‬وتطيرت من الشيء وبالشيء‪ ،‬واالس منه الطيرأ و بكسر الطاء وفتح‬
‫(‪)2‬‬
‫الياء و ميال العنبة‪ ،‬وقد تسكن الياء‪ ،‬وهو ما يتشاءم به من الفإلل الردىء)) ‪.‬‬
‫وأما الطيرأ في االصطالح‪ :‬فقد دها النبي ‪ ‬بقوله‪« :‬إ ما الطيرأ ما أمضا أو‬
‫رد »(‪.)3‬‬
‫وفرق بعض أهل العل بين الطيرأ والتطير فقال‪(( :‬التطير هو الةن السيئ الكائن في‬
‫القلب‪ .‬والطيرأ هو الفعل المرتب على هذا الةن من فرار أو غيره؛ وكالهما رام))(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬وأصل التطير إ ما هو في التفاؤل بالطير‪ ،‬واستعمل لكل ما يتفاءل به‬
‫ويتشاءم وقد كا وا في الجاهلية يتطيرون بالسوا ح والبوارح(‪ )5‬من الطير والةباء‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬فيض القدير (‪ 355/5‬و ‪ )353‬عند ديو رق (‪ .)5052‬وا ةر‪ :‬تجريد التو يد للمقريزي (ص‪ 55 :‬و ‪.)55‬‬
‫(‪ )2‬الصحاح (‪ .)827/2‬وا ةر‪ :‬لسان العرب (‪ ،)250/7‬والتمهيد البن عبد البر (‪.)272/2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أ مد في المسند (‪ )255/5‬من ديو الفضل بن عباس‪.‬‬
‫(‪ )4‬الفروق للقرافي (‪.)257/5‬‬
‫(‪ )5‬قال في اللسان (‪(( )573/6‬السا ح‪ :‬ما أتا عن يمينك من ظبي أو ةائر أو غير ذلك‪ ،‬والبارح‪ :‬ما أتا من‬
‫ذلك عن يسار ؛ قال أبو عبيدأ‪ :‬سإلل يو س رؤبة‪ ،‬وأ ا شاهد‪ ،‬عن السا ح والبارح‪ ،‬فقال‪ :‬السا ح ما وال‬
‫ميامنه‪ ،‬والبارح ما وال مياسره)) ا تهى‪ .‬وا ةر‪ :‬تهذيب اللغة (‪.)525/5‬‬
‫وجاء عن المبرد‪ :‬السا ح ما أرا مياسره فإلمكن الصائد‪ ،‬والبارح ما أرا ميامنه فل يمكن الصائد إال أن ينحرف‬
‫له‪ .‬ا ةر‪ :‬الدر الفاخرأ في األميال السائرأ لألصفها ي (‪.)252/5‬‬
‫قال الحافظ‪(( :‬وكا وا يتيمنون بالسا ح ويتشاءمون بالبارح‪ ،‬أل ه ال يمكن رميه إال بإلن ينحرف إليه‪ ،‬وليس في‬
‫شيء من سنوح الطير وبرو ها ما يقتضي ما اعتقدوه‪ ،‬وإ ما هو تكلف بتعاةي ما ال أصل له‪ ،‬إذ ال طق للطير‬
‫وال تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه‪ ،‬وةلب العل من غير مةا ه جهل من فاعله‪ ،‬وقد كان بعض =‬
‫‪607‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫وغيرهما(‪)1‬؛ فإذا أرادوا أمرا فإن رأوا الطير و ميال و ةار يمنة تيمنوا به‪ ،‬وإن ةار يسرأ تشاءموا‬
‫به(‪.)2‬‬
‫قال اإلمام الشافعي و ر مه الله و في تفسير قوله ‪« :‬أقروا الطير في مكناتها(‪:)4(»)3‬‬
‫((إن عل العرب كان في زجر الطير والبوارح واالعتياف(‪)5‬؛ فكان أ ده إذا غدا من منزله يريد‬
‫أمرا‪ ،‬ةر أول ةائر يراه‪ ،‬فإن سنح عن يساره فاجتال(‪ )6‬عن يمينه قال‪ :‬هذه ةير األيامن فمضى‬
‫في اجته‪ ،‬ورأى أ ه سينجحها‪ ،‬وإن سنح عن يمينه فمضى عن يساره قال‪ :‬هذا ةير األشائ ‪،‬‬
‫وقال هذه اجة مشؤومة‪ ...‬وكان العرب إذا ل تر ةائرا سا حا فرأى ةيرا في وكره ركه من‬
‫وكره ليطيره‪ ،‬لينةر أسلك ةريق األشائ أو ةريق األيامن‪ ،‬فيشبه قول النبي ‪« :‬أقروا الطير في‬
‫مكناتها» أي ال تحركوها؛ فإن تحريكها وما تعملون به من الطيرأ ال يصنع شيئا‪ ،‬وإ ما‬
‫يصنع فيما تتوجهون له قضاء الله عز وجل))(‪ .)7‬ا تهى‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫= عقالء الجاهلية ينكر التطير ويتمدح بتركه‪[ .))..‬فتح الباري (‪.])255/50‬‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬النهاية في غريب الحديو (‪ ،)532/5‬وعون المعبود (‪.)555/5‬‬
‫(‪ )2‬تيسير العزيز الحميد (‪.)567‬‬
‫(‪ )3‬لتفسير م كناتها واختالف النحاأ في معناها ينةر كالم ابن القي في مفتاح دار السعادأ (‪ 080/7‬و‬
‫‪ ) 087‬بتحقيق الحلبي‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود في كتاب الضحايا‪ ،‬باب‪ :‬في العقيقة (‪ )503/5‬ح (‪ ،)2753‬وأ مد في المسند‬
‫(‪ ،)575/6‬والطبرا ي في الكبير (‪ ،)568/23‬والبيهقي في السنن (‪ ،)555/2‬وابن أبي عاص في اآل اد‬
‫والميا ي (‪ ،)82/6‬وأبو عي في الحلية (جو‪ ،)23/2‬وابن بان في صحيحه (‪ ،)523/55‬والحاك في‬
‫المستدر (‪ )263/5‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد ول يخرجاه‪ .‬وصححه األلبا ي كما في صحيح الجامع (‪،)5588‬‬
‫وصحيح سنن أبي داود (‪.)2753‬‬
‫(‪ )5‬قال ابن األثير في النهاية (‪ :)550/5‬العيافة زجر الطير والتفاؤل بإلسمائها وأصواتها وممرها‪ .‬وهو من عادأ‬
‫العرب كييرا‪ ،‬وهو كيير في أشعاره ‪ .‬يقال‪ :‬عاف يعيف عيفا إذا زجر و دس وظن‪.‬‬
‫(‪ )6‬قال في اللسان (‪ :)525/2‬جال واجتال‪ ،‬إذا ذهب وجاء‪.‬‬
‫(‪ )7‬رواه ابن أبي ات في نداب الشافعي ومناقبه (‪ 530‬و ‪ ،) 532‬وأبو عي في الحلية (جو‪ 25/2‬و ‪،)23‬‬
‫و قل البيهقي في مناقب الشافعي (‪ 507/5‬و ‪ )502‬إقرار ابن عيينة لكالم الشافعي في تفسير قوله ‪« :‬أقروا‬
‫الطير في مكناتها»‪.‬‬
‫‪602‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫ومن الجدير ذكره أن الطيرأ تكون في المكروه والمحبوب؛ ففي الحديو أ ه ‪ « :‬هى‬
‫عن الطيرأ»‪ .‬ث قال‪« :‬وخيرها الفإلل(‪ .)2(»)1‬فدل على أ ها تكون على وجوه‪ ،‬والفإلل خيرها(‪.)3‬‬
‫وأصرح منه ما جاء في ديو ية بن ابس التميمي(‪ )4‬عن أبيه(‪ )5‬أ ه سمع النبي ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫«العين ق‪ ،‬وأصدق الطيرأ الفإلل»(‪)6‬؛ ففيه التصريح بإلن الفإلل من جملة الطيرأ لكنه مستينى(‪.)7‬‬
‫قال الخطابي و ر مه الله و‪(( :‬والفرق بين الفإلل(‪ )8‬والطيرأ‪ :‬أن الفإلل إ ما هو من‬
‫ةريق سن الةن بالله ‪ ،‬والطيرأ إ ما هي من ةريق االتكال على شيء سواه))(‪.)9‬‬
‫يقول ابن القي و ر مه الله و‪(( :‬أخبر ‪ ‬في ديو أبى هريرأ أن الفإلل من الطيرأ وهو‬
‫خيرها فقال‪« :‬ال ةيرأ‪ ،‬وخيرها الفإلل» فإلبطل الطيرأ‪ ،‬وأخبر أن الفإلل منها‪ ،‬ولكنه خيرها‪ ،‬فوفصل‬
‫بين الفإلل والطيرأ لما بينهما من االمتياز والتضاد و وفع أ دهما ومضرأ اآلخر‪ ،‬و ةير هذا منعه‬
‫من الرقى بالشر ‪ ،‬وإذ ه في الرقية إذا ل تكن شركا‪ ،‬لما فيها من المنفعة الخالية عن المفسدأ‪...‬‬
‫فقوله ‪« :‬ال ةيرأ وخيرها الفإلل» ينفي عن الفإلل مذهب الطيرأ من تإلثير أو فعل أو شركة‪،‬‬
‫ويخلص الفإلل منها‪ .‬وفي الفرقان بينهما فائدأ كبيرأ‪ ،‬وهي أن التطير هو التشاؤم من الشيء‬
‫المرئي أو المسموع‪ ،‬فإذا استعملها اإل سان و يعني الطيرأ و فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬والفإلل بينه النبي ‪ ‬لما سئل عنه بقوله‪« :‬الكلمة الصالحة يسمعها أ دك »‪ .‬وذلك أل ها تحدث ا شرا ا في‬
‫النفس و شاةا في ةلب المقصود؛ وليس المراد أن يعتمد عليها ويمضي ألجلها مع سيان التوكل على الله؛ فإن‬
‫ذلك من الطيرأ‪ .‬ا ةر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)576 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الطب‪ ،‬باب‪ :‬الطيرأ (جو‪ )55/7‬ح (‪ ،)3835‬ومسل في كتاب السالم‬
‫(‪ )5853/5‬ح (‪.)2225‬‬
‫(‪ )3‬فتح الحميد في شرح التو يد (‪ .)5082/5‬وا ةر‪ :‬مفتاح دار السعادأ (‪ 507/5‬و ‪.)552‬‬
‫(‪ )4‬مقبول من اليالية‪ ،‬ووه من زع أن له صحبة‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])272 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬ابس التميمي‪ ،‬له صحبة‪ .‬ا ةر‪ :‬الجرح والتعديل (‪.)090/7‬‬
‫(‪ )6‬أ مد في المسند (‪ ،)80/3‬والترمذي في العلل (‪ )266‬ح (‪ ،)576‬والبخاري في األدب المفرد (ص‪)553 :‬‬
‫برق (‪ ،)255‬وابن سعد في الطبقات (‪ .)66/8‬وصحح إسناده األلبا ي في الصحيحة (‪.)2386‬‬
‫(‪ )7‬فتح الباري (‪.)255/50‬‬
‫(‪ )8‬الفإلل‪ .‬قال في المفه (‪(( :)626/3‬هو أن يسمع اإل سان قوال سنا أو يرى شيئا يستحسنه يرجو منه أن‬
‫يحصل له غرده الذي قصد تحصيله))‪ .‬ا تهى‪.‬‬
‫(‪ )9‬غريب الحديو (‪.)575/5‬‬
‫‪650‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫عليه فقد قرع باب الشر ‪ ،‬بل ولجه وبرء من التوكل على الله‪ ،‬وفتح على فسه باب الخوف‬
‫والتعلق بغير الله‪ ،‬والتطير مما يراه أو يسمعه‪ ،‬وذلك قاةع له عن مقام ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫‪ ،‬و ﮘ ﮙ ﮚ و ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ‪ ،‬فيصير قلبه متعلقا بغير الله عبادأ وتوكال‪،‬‬
‫فيفسد عليه قلبه وإيما ه و اله‪ ،‬ويبقى هدفا لسهام الطيرأ‪ ،‬ويساق إليه من كل أوب‪ ،‬ويقيض له‬
‫الشيطان من ذلك ما يفسد عليه دينه ود ياه‪.‬‬
‫وك من هلك بذلك وخسر الد يا واآلخرأ! فإلين هذا من الفإلل الصالح السار للقلوب‪،‬‬
‫المؤيد لآلمال‪ ،‬الفاتح باب الرجاء‪ ،‬المسكن للخوف‪ ،‬الرابط للجإلش‪ ،‬الباعو على االستعا ة‬
‫بالله والتوكل عليه‪ ،‬واالستبشار المقوي ألمله‪ ،‬السار لنفسه‪ ،‬فهذا دد الطيرأ؛ فالفإلل يفضي‬
‫بصا به إلى الطاعة والتو يد‪ ،‬والطيرأ تفضي بصا بها إلى المعصية والشر (‪ ،)1‬فلهذا استحب‬
‫الفإلل وأبطل الطيرأ))(‪.)2‬‬
‫والتطير من الشر األصغر المنافي لكمال ا إلخالص والتو يد‪ ،‬والدليل ما جاء‬
‫عن ابن مسعود مرفوعا ‪« :‬الطيرأ شر ‪ ،‬الطيرأ شر ‪ ،‬وما منا إال(‪ )3‬ولكن الله يذهبه‬
‫بالتوكل»(‪.)4‬‬
‫قال ابن األثير و ر مه الله و‪(( :‬ليس الكفر بالله‪ ،‬أل ه لو كان كفرا لما ذهب‬
‫بالتوكل(‪.)6()))5‬‬
‫وممن ص على أ ه من الشر األصغر أيضا اإلمام محمد بن صر المروزي في "تعةي‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ينةر هنا كالما سنا للشيـ السعدي و ر مه الله و في توديح الفرق بين الفإلل والطيرأ ذكره في باب الطيرأ‪،‬‬
‫كتاب القول السديد في مقاصد التو يد (شرح كتاب التو يد)‪.‬‬
‫(‪ )2‬مفتاح دار السعادأ (‪ 507/5‬و ‪.)552‬‬
‫(‪ )3‬قوله (وما منا ولكن) هذا الكالم مدرج من كالم ابن مسعود و ردي الله عنه و‪ ،‬ول يذكر فيه المستينى والمراد‪:‬‬
‫أي إال وقد يعتريه التطير وتسبق إلى قلبه الكراهة‪ .‬ا ةر‪ :‬سنن الترمذي (‪.)560/5‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أ مد في المسند (‪ ،)550 ،557 ،572/5‬وأبو داود في كتاب الطب باب في الطيرأ (‪،)250/5‬‬
‫والترمذي في السير‪ ،‬باب ما جاء في الطيرأ (‪ .)556/3‬وقال‪ :‬سن صحيح‪ .‬وابن ماجة في كتاب الطب‪،‬‬
‫باب من كان يعجبه الفإلل (‪ ،)5580/2‬والحاك في المستدر (‪ )58/5‬وقال‪ :‬صحيح‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي لما أذهبه التوكل‪.‬‬
‫(‪ )6‬النهاية في غريب الحديو (‪.)568/2‬‬
‫‪655‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫قدر الصالأ"(‪.)1‬‬
‫ووجه أ ه من الشر أن المتطير قد قطع توكله على الله واعتمد على غيره في جلب النفع‬
‫ودفع الضر‪ .‬وأيضا تعلق قلبه بإلمر موهوم ال قيقة له‪ ،‬فاستعان به على قضاء وائجه‪ .‬وهذا ال‬
‫شك مخل بالتو يد‪ ،‬ألن التو يد عبادأ واستعا ة كما قال تعالى‪ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ‪،‬‬
‫وقال‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ [هود‪.)2(]525 :‬‬
‫يقول ابن القي و ر مه الله و‪...(( :‬التطير هو التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع‪ ،‬فإذا‬
‫استعملها اإل سان و يعني الطيرأ و فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليه فقد قرع باب‬
‫الشر ‪ ،‬بل ولجه وبرء من التوكل على الله‪ ،‬وفتح على فسه باب الخوف والتعلق بغير الله‪،‬‬
‫والتطير مما يراه أو يسمعه‪ ،‬وذلك قاةع له عن مقام ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ‪ ،‬و ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ و ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ‪ ،‬فيصير قلبه متعلقا بغير الله عبادأ وتوكال‪ ،‬فيفسد عليه قلبه‬
‫وإيما ه و اله‪ ،‬ويبقى هدفا لسهام الطيرأ‪ ،‬ويساق إليه من كل أوب ويقيض له الشيطان من ذلك‬
‫ما يفسد عليه دينه ود ياه‪ ،‬وك من هلك بذلك وخسر الد يا واآلخرأ))(‪.)3‬‬
‫وقال صا ب عون المعبود في سبب كو ها من الشر ‪«(( :‬الطيرأ شر » أي‪ :‬العتقاده‬
‫أن الطيرأ تجلب له فعا أو تدفع عنه درا‪ ،‬فإذا عملوا بموجبها فكإل ه أشركوا بالله في ذلك‪،‬‬
‫ويسمى شركا خفيا‪...‬‬
‫قال القادي إ ما سماها شركا أل ه كا وا يرون ما يتشاءمون به سببا مؤثرا في صول‬
‫المكروه‪ .‬ومال ةة األسباب في الجملة شر خفي فكيف إذا ا ض إليها جهالة وسوء‬
‫اعتقاد))(‪.)4‬‬
‫وقد أرشد النبي ‪ ‬من وقع في قلبه شيء من التطير أن يقول‪« :‬الله ال خير إال خير‬
‫وال ةير إال ةير وال إله غير »(‪« .)5‬الله ال يإلتي بالحسنات إال أ ت وال يدفع السيئات إال‬
‫وووووووووو‬
‫(‪.)328/3( )1‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪ )575 :‬والقول المفيد (‪ 332/5‬و ‪.)360‬‬
‫(‪ )3‬مفتاح دار السعادأ (‪ 555/5‬و ‪.)552‬‬
‫(‪ )4‬عون المعبود (جو‪.)277/50‬‬
‫(‪ )5‬تخريجه في الذي قبله‪.‬‬
‫‪652‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫أ ت وال ول وال قوأ إال بك»(‪.)1‬‬


‫ومناسبة هذا الدعاء ظاهرأ لدفع التطير‪ ،‬وهي أ ه لما كان التطير اشئا من دعف‬
‫التوكل على الله تعالى‪ ،‬ودعف االستعا ة به اسب أن يؤتى بدعاء يتضمن تقوية التوكل‬
‫واالستعا ة بالله ‪ ،‬فكان هذا الدعاء المشتمل على االعتراف بربوبية الله ‪ ،‬وألوهيته؛‬
‫فاعتراف العبد بربوبية الله موجب لالستعا ة به و ده‪ ،‬واعترافه باإللهيته موجب للتوكل‬
‫واالعتماد عليه و ده؛ فإذا استعان العبد بربه وتوكل عليه ل يلتفت إلى شيء سواه في‬
‫جلب فع أو في دفع در‪.‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فهنا ثمة مسإللة مهمة متعلقة بمسإللة التطير‪ ،‬وهي إذا تقرر أن الطيرأ‬
‫شر ‪ ،‬وهي منهي عنها فما توجيه قوله ‪« :‬إ ما الشؤم في ثالثة‪ :‬في الفرس والمرأأ‬
‫والدار»(‪)2‬؟‬
‫أجاب أهل العل في توجيه هذا الحديو بإلجوبة عدأ منها‪:‬‬
‫‪ 5‬و أن الحديو على ظاهره أي‪ :‬أ ه مخصص أل اديو في الطيرأ‪ ،‬فيكون المعنى‪ :‬ال‬
‫ةيرأ إال في هذه اليالث‪ ،‬فالطيرأ منتفية ومحرمة إال في هذه األشياء اليالثة فإ ها موجودأ‬
‫ومبا ة‪ .‬وإليه ذهب مالك و ر مه الله و(‪.)3‬‬
‫قال ابن العربي‪(( :‬وليس مراده على حو ما كا ت الجاهلية تعتقده في الطيرأ؛ فإ ها‬
‫كا ت ال تقدم على ما تطيرت به وال تفعله بوجه بناء على أن الطيرأ تضر قطعا‪ ،‬وإ ما يعني‬
‫بذلك‪ :‬أن هذه اليالثة أكير ما يتشاءم الناس بها لمالزمته إياها‪ ،‬فمن وقع في فسه شيء‬
‫من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به فسه ويسكن خاةره‪،‬‬
‫ول يلزمه الشرع أن يقي في مودع يكرهه أو مع امرأأ يكرهها بل قد فسح له في تر ذلك‬
‫كله‪ ،‬لكن مع اعتقاد أن الله تعالى هو الفعال لما يريد‪ ،‬وليس لشيء من هذه األشياء أثر‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبو داود في كتاب الطب‪ ،‬باب‪ :‬في الطيرأ (‪ )57/5‬ح (‪ ،)5252‬والنسائي في عمل اليوم والليلة (‪،)225‬‬
‫والبيهقي في السنن (‪ ،)552/7‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪ .)550/3‬والحديو دعف إسناده األلبا ي‪ .‬ا ةر‪:‬‬
‫دعيف الجامع (‪ ،)522‬وتحقيق رياض الصالحين (ص‪.)383 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب ما يذكر من شؤم الفرس (جو‪ )273/5‬ح (‪ ،)2737‬ومسل في‬
‫كتاب السالم (‪ )5558/5‬ح (‪.)2223‬‬
‫(‪ )3‬إكمال المعل (‪.)557/8‬‬
‫‪655‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫في الوجود))(‪.)1‬‬
‫قال الحافظ في ((الفتح))(‪(( :)2‬وما أشار إليه ابن العربي في تإلويل كالم مالك أولى‪،‬‬
‫وهو ةير األمر بالفرار من المجذوم مع صحة في العدوى‪ ،‬والمراد بذلك س المادأ‬
‫وسد الذريعة لئال يوافق شيء من ذلك القدر فيعتقد من وقع له أن ذلك من العدوى أو من‬
‫الطيرأ فيقع في اعتقاده ما هي عن اعتقاده‪ ،‬فإلشير إلى اجتناب ميل ذلك))‪ .‬ا تهى‪.‬‬
‫‪ 2‬و إ ما هذا منه ‪ ‬خبر عن غالب عادأ ما يتشاءم به ال أ ه خبر عن الشرع بجواز ذلك‪.‬‬
‫هذا الجواب قله ابن العربي ث دعفه بقوله‪(( :‬هذا جواب ساقط أل ه ‪ ‬ل يبعو‬
‫ليخبر الناس عن معتقداته المادية والحاصلة‪ ،‬وإ ما بعو ليعلمه ما يلزمه أن‬
‫يعتقدوه))(‪ .)3‬ا تهى‪ .‬ووافقه على ذلك الحافظ ابن جر و ر مه الله و يو قال‪(( :‬وسياق‬
‫األ اديو الصحيحة المتقدم ذكرها يبعد هذا التإلويل))(‪.)4‬‬
‫‪ 5‬و أ ه جاء في بعض ةرق مسل ‪« :‬إن يكن الشؤم قا»(‪ ،)5‬فهذا لفظ ينافي القطع‪،‬‬
‫ويكون محمله إن يكون الشؤم قا فهذه اليالثة أ ق به‪ ،‬بمعنى أن النفوس يقع فيها‬
‫التشاؤم بهذه أكير مما يقع بغيرها(‪.)6‬‬
‫‪ 5‬و أن الشؤم هنا على غير المفهوم منه من معنى التطير لكن بمعنى قلة الموافقة وسوء‬
‫الطباع كما جاء في الحديو اآلخر‪« :‬سعادأ ابن ندم في ثالثة وشقوأ ابن ندم في ثالثة‪:‬‬
‫فمن سعادته‪ :‬المرأأ الصالحة‪ ،‬والمسكن الواسع‪ ،‬والمركب الصالح‪ ،‬ومن شقاوته‪ :‬المسكن‬
‫السوء‪ ،‬والمرأأ السوء‪ ،‬والمركب السوء»(‪.)7‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬المفه (‪.)622/3‬‬
‫(‪.)62/6( )2‬‬
‫(‪ )3‬المفه (‪.)650/3‬‬
‫(‪ )4‬فتح الباري (‪.)65/6‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسل في كتاب السالم (‪.)5857/5‬‬
‫(‪ )6‬إكمال المعل بفوائد مسل (‪.)557/8‬‬
‫(‪ )7‬أ مد في المسند (‪ ،)567/5‬والطبرا ي في الكبير (‪ ،)556/5‬والطيالسي في مسنده (‪ ،)250‬والحاك في‬
‫المستدر (‪ )538/2‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪ ،‬وأورد الهييمي في المجمع (‪ )282/5‬وقال‪ :‬رواه أ مد والبزار‬
‫والطبرا ي في الكبير واألوسط ورجال أ مد رجال الصحيح‪ .‬و سن إسناده األلبا ي كما في صحيح الجامع برق‬
‫(‪.)5622‬‬
‫‪655‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫‪ 5‬و وذهب الخطابي إلى أن هذا استيناء من غير الجنس‪ ،‬ومعناه إبطال مذهب الجاهلية‪،‬‬
‫فكإل ه قال‪ :‬إن كا ت أل دك دار يكره سكناها أو امرأأ يكره صحبتها أو فرس يكره سيره‬
‫فليفارقه(‪.)1‬‬
‫‪ 3‬و ومنه من تإلول الشؤم المذكور في الحديو فقال‪ :‬الشؤم في المرأأ سوء خلقها وأال‬
‫تلد‪ ،‬وفي الفرس أن ال يغزى عليه‪ ،‬وفي الدار ديقها وسوء جوارها(‪.)2‬‬
‫‪ 6‬و وذهب ابن عبد البر إلى ا تمال النسـ فقال‪(( :‬وقد يحتمل أن يكون قول رسول الله ‪‬‬
‫«الشؤم في ثالثة‪ :‬في الدار والمرأأ والفرس» كان في أول اإلسالم خبرا عما كا ت تعتقده العرب‬
‫في جاهليتها على ما قالت ((عائشة)) ث سـ ذلك وأبطله القرنن(‪ )3‬والسنن))(‪ .)4‬ا تهى‪.‬‬
‫وقد تعقب بإلن القول بالنسـ ال ييبت باال تمال‪ ،‬ال سيما مع إمكان الجمع‪ ،‬وال‬
‫سيما وقد ورد في فس الخبر في التطير ث إثباته في األشياء المذكورأ(‪.)5‬‬
‫هذه أه مسالك العلماء في توجيه هذا الحديو‪.‬‬
‫والذي يةهر و والله أعل و أن هذا الحديو ال مدخل له في التشاؤم الممنوع بل هو‬
‫من التشاؤم الفطري الذي يعتري بعض النفوس لما يةهر لها من الشر الذي تدعو الفطرأ‬
‫إلى اجتنابه؛ كالخوف الطبعي من شر هامة و حوها‪ .‬وميل هذا كما أن الفطرأ تحتمله‬
‫ويكون فيها‪ ،‬فإن الشرع يحتمله ويبيحه وال رج فيه عنده‪ ،‬وليس ذلك ألمر متوقع في‬
‫المستقبل كما هو الشإلن في التشاؤم الممنوع بل هو شر قائ اصل‪ ،‬معلوم غير موهوم؛‬
‫فالمرأأ إذا كا ت سيئة الخلق و ميال و أو ال تلد فقد أباح الشرع لزوجها أن يفارقها ويستبدلها‬
‫بغيرها مما تطيب به فسه ويسكن به خاةره‪ ،‬ول يلزمه الشارع أن يقي مع امرأأ يكرهها‪.‬‬
‫وكذلك الدار إذا كرهها صا بها لضيقها‪ ،‬أو لسوء جوارها‪ ،‬فإن الشرع قد أباح لصا بها أن‬
‫يستبدلها بغيرها مما تطيب به فسه ويسكن به خاةره‪ ،‬ول يلزمه الشارع أن يقي في مودع‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬فتح الباري (‪ ،)62/6‬وا ةر‪ :‬معال السنن (‪.)256/5‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬معال السنن (‪ ،)256/5‬والتمهيد البن عبد البر (‪ ،)282/2‬والمفه (‪.)655/3‬‬
‫[الحديد‪ .]22 :‬ا ةر‪ :‬التمهيد‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫ﮯ ﮰ‬ ‫(‪ )3‬يشير إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫(‪ ،)272/2‬وعمدأ القارئ (‪.)530/55‬‬
‫(‪ )4‬التمهيد (‪.)220/2‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬فتح الباري (‪.)62/6‬‬
‫‪653‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫هو يكرهه‪ .‬وكذلك الفرس؛ فإذا كرهه صا به لجموح فيه‪ ،‬أو حوه فله أن يفارقه‪ .‬فالنفوس‬
‫تخاف من الشر وتسعى لدفعه‪ ،‬ولذا شرع لها االستخارأ(‪ .)1‬والشؤم بهذا المعنى مستعمل‬
‫في كالم أهل العل ‪ ،‬ومن ذلك قوله ‪ :‬إن المعاصي شؤم على أصحابها‪ ،‬وهذا من شؤم‬
‫المعصية‪ .‬ولعل هذا مراد من قال من أهل العل ‪ :‬إن الحديو على ظاهره‪ ،‬وهو قريب من‬
‫كالم ابن العربي المتقدم(‪ )2‬في تإلويل كالم اإلمام مالك و ر مه الله و‪ ،‬وهو الذي ترجح في‬
‫ةري والعل عند الله تعالى‪.‬‬
‫‪ 5‬و لبس الحلقة والخيط و حوهما لرفع البالء أو دفعه ((إن ل يعتقد أ ها ترفع أو تدفع‬
‫بذاتها))‪.‬‬
‫لبس الحلقة والخيط على هذا الوجه من الشر األصغر‪ ،‬والدليل ما جاء عن‬
‫ذيفة ‪ ‬أ ه رأى رجال في يده خيط من الحمى‪ ،‬فقطعه وتال قوله تعالى‪ :‬ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ [يوسف‪.)3(]506 :‬‬ ‫ﭬ ﭭ‬
‫قال الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و‪(( :‬تالوأ ذيفة اآلية دليل على أن‬
‫الصحابة يستدلون باآليات التي في الشر األكبر على األصغر))(‪.)4‬‬
‫وقال الشيـ عبد الر من بن سن و ر مه الله و‪(( :‬ففيه‪ :‬صحة االستدالل على‬
‫الشر األصغر بما أ زل الله في الشر األكبر؛ لشمول اآلية له‪ ،‬ودخوله في مسمى‬
‫الشر ))(‪ .)5‬ا تهى‪.‬‬
‫ووجه كو ه من الشر األصغر أ ه علق قلبه بسبب ل يجعله الله سببا ال شرعا وال‬
‫قدرا؛ ألن إثبات أن هذا سبب ال بد أن يكون؛ إما من جهة الشرع؛ وإما من جهة التجربة‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬االستخارأ‪ :‬معنى االستخارأ سؤال إعطاء الخير من األمرين‪ ،‬وهي مشروعة كما في الصحيح (جو‪)65/2‬‬
‫(‪ )5562‬عن جابر بن عبد الله ردي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬يعلمنا االستخارأ في األمور كما‬
‫يعلمنا السورأ من القرنن يقول‪ :‬ث ساق الحديو‪ .‬وا ةر‪ :‬مشارق األ وار (‪.)252/5‬‬
‫(‪ )2‬في (ص‪.)358 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه ابن أبي ات في التفسير (‪ ،)0028/3‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪ ،)75/5‬وأورده ابن كيير في‬
‫تفسيره (‪ )495/0‬ولفةه عن ماد بن سلمة عن عاص بن أبي النجود عن عروأ‪ ،‬قال‪« :‬دخل ذيفة على‬
‫))‪.‬‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه أو ا تزعه‪ ،‬ث قال‪ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫(‪ )4‬كتاب التو يد مع شر ه فتح المجيد (ص‪.)565 :‬‬
‫(‪ )5‬فتح المجيد (ص‪.)565 :‬‬
‫‪656‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الةاهرأ‪ ،‬ميل دواء الطبيب‪ ،‬وميل اال تفاع ببعض األسباب التي فيها اال تفاع ظاهرا‪ .‬أما لبس‬
‫الحلقة فهو ل يإلذن به الله‪ ،‬فال يكون سببا شرعيا‪ ،‬وكذلك من جهة التجربة فهو ليس سببا‪،‬‬
‫أل ه ال يمكن أن يويوبت ذلك على وجه الةهور‪ ،‬وإ ما هو اعتقاد من المالبس لتلك الحلقة‬
‫أو الخيط فقد يوافق القدر فيشفى أو يبقى قلبه معلقا بإل ها تدفع عنه(‪.)1‬‬
‫أما لو اعتقد أن لبس الخيط أو الحلقة يرفع أو يدفع بذاته دون أمر الله فهو شر‬
‫أكبر‪ ،‬أل ه ووع تشريك في صفات الربوبية(‪.)2‬‬
‫ومما يلحق بلبس الخيط والحلقة أيضا تعليق التمائ ‪ .‬والدليل على أ ها من الشر‬
‫قوله ‪« :‬إن الرقى والتمائ والتولة شر »(‪ ،)3‬ووجه كو ها من الشر ‪(( :‬أن اإل سان إذا‬
‫علقها تعلق قلبه بها‪ ،‬و سي القراءأ المشروعة والتعوذات المشروعة‪ ،‬بل وربما تعلق قلبه بها‬
‫تعلقا تاما ينسى به الخالق))(‪ ،)4‬فيكون شركا أكبر‪ .‬وأيضا فلمةنة ما يصحبها من اعتقاد أن‬
‫لغير الله تإلثيرا في الشفاء من الداء(‪.)5‬‬
‫أما إذا كان المعلق من القرنن فقد اختلف السلف في كمه‪ ،‬فمنه من أجازه‪،‬‬
‫ومنه من رمه(‪ ،)6‬وهو إلى التحري أقرب؛ لعموم الحديو‪ ،‬ولما فيه من امتهان القرنن‪،‬‬
‫وأل ه وسيلة إلى تعليق محرم وهو تعليق غير القرنن(‪.)7‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬حكم الشرك األصغر‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬التمهيد على كتاب التو يد (ص‪ 25 :‬و ‪.)25‬‬
‫(‪ )2‬ا ةر‪ :‬القول المفيد (‪.)585/5‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود في كتاب الطب‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في العين (‪ ،)5775( )2/5‬وابن ماجة في كتاب الطب‪،‬‬
‫باب‪ :‬تعليق التمائ (‪ )5566/2‬ح (‪ ،)5350‬وأبو يعلى في المسند (‪ ،)555/2‬والبيهقي في السنن‬
‫(‪ ،)530/2‬والطبرا ي في الكبير (‪ ،)585/2‬وابن بان في صحيحه (‪ .)536/55‬والحديو صححه األلبا ي‬
‫كما في الصحيحة برق (‪.)555‬‬
‫(‪ )4‬من فتاوى الشيـ ابن عييمين دمن مسائل في العقيدأ ألصحاب الفضيلة‪ :‬ابن باز‪ ،‬والعييمين‪ ،‬واأللبا ي‪ ،‬وعبد‬
‫الرزاق عفيفي‪ ،‬جمع أبي مالك محمد بن عبد الوهاب (ص‪ 56 :‬و ‪.)58‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬الدر النضيد في إخالص كلمة التو يد (ص‪.)77 :‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)558 :‬‬
‫(‪ )7‬ا ةر‪ :‬التمهيد لشرح كتاب التو يد (ص‪ 553 :‬و ‪.)556‬‬
‫‪658‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الشر األصغر كمه أ ه أكبر من كل كبيرأ(‪ ،)1‬ويدل لذلك قول ابن مسعود ‪:‬‬
‫((ألن أ لف بالله كاذبا أ ب إلي من أن أ لف بغيره صادقا))(‪.)2‬‬
‫قال الشيـ سليمان نل الشيـ‪(( :‬وفيه دليل على أن الشر األصغر أكبر من‬
‫الكبائر))(‪.)3‬‬
‫ولعل وجه ذلك ما جاء عن شيـ اإلسالم و ر مه الله و من أن الحلف بالله تو يد‬
‫والحلف بغيره شر ‪ ،‬وإن قدر الصدق في الحلف بغير الله فحسنة التو يد أعة من سنة‬
‫الصدق وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشر (‪.)4‬‬
‫أو يقال‪ :‬أن الذ ب الذي يوصف بإل ه شر أعة من الذ ب الذي ال يوصف بإل ه‬
‫شر ‪.‬‬
‫ومن الوجوه أيضا‪ :‬أن الشر األصغر من الكبائر االعتقادية(‪ ،)5‬وجنس الكبائر‬
‫االعتقادية أعة من جنس الكبائر العملية(‪.)6‬‬
‫فإذا ثبت أن الشر األصغر أكبر من كل كبيرأ عملية فههنا مسإللة‪ ،‬وهي هل يلحق‬
‫بالكبائر(‪ )7‬فيكون داخال تحت المشيئة أو ال يلحق فال يدخل تحت المشيئة؟‬
‫هذه المسإللة اختلف فيها أهل العل على قولين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن هذا الشر ليس داخال تحت المشيئة فال يغفره الله ‪ ،‬وهو اختيار شيـ‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬أي دون الشر األكبر‪ ،‬ألن الشر األكبر يوصف أيضا بإل ه من الكبائر كما في الحديو «أكبر الكبائر الشر‬
‫بالله»‪ .‬أخرجه الترمذي في جامعه (‪ ،)256/3‬وأ مد في المسند (‪ ،)523/5‬والبيهقي في الشعب‬
‫(‪ .)285/5‬وهو يروى أيضا من كالم ابن عباس‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (‪ )562/7‬برق (‪ ،)53222‬والطبرا ي في الكبير و ديو رق (‪ .)7202‬قال‬
‫الهييمي في مجمع الزوائد (‪ :)588/5‬رواه الطبرا ي في الكبير ورجاله رجال اليقات‪ .‬وقال األلبا ي في إرواء‬
‫الغليل (‪ :)522/7‬إسناده صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬
‫(‪ )3‬تيسير العزيز الحميد (ص‪ .)350 :‬وا ةر‪ :‬الدرر السنية (‪.)507/2‬‬
‫(‪ )4‬قال عن تيسير العزيز الحميد (‪ .)625/5‬وهو بنحوه في الفتاوى الكبرى (‪ ،)625/5‬وا ةر‪ :‬مجموع الفتاوى‬
‫(‪.)75/5‬‬
‫(‪ )5‬هذا باعتبار الغالب؛ ألن من الشر األصغر ما يكون باأللفاظ كالحلف بغير الله‪.‬‬
‫(‪ )6‬ا ةر‪ :‬التمهيد لشرح كتاب التو يد (ص‪ 606 :‬و ‪.)608‬‬
‫(‪ )7‬المقصود بالكبائر هنا الذ وب دون الشر ‪.‬‬
‫‪657‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫اإلسالم و ر مه الله و(‪ .)1‬وتبعه عليه جمع من المحققين‪ ،‬منه الشيـ عبد الر من بن سن‬
‫نل الشيـ كما في قرأ عيون المو دين(‪ ،)2‬والشيـ عبد الله أبا بطين كما في الدرر‬
‫السنية(‪ ،)3‬وعبد الر من بن قاس كما في اشيته على كتاب التو يد(‪ .)4‬واستدلوا له بعموم‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ [النساء‪.]57 :‬‬
‫ووجه الداللة من اآلية أن قوله‪ :‬ﮦ ﮧ ﮨ مصدر مؤول‪ ،‬فيكون المعنى‪ :‬أن الله‬
‫ال يغفر شركا به‪ ،‬أو أن الله ال يغفر إشراكا به‪ .‬وشركا كرأ في سياق النفي فتفيد عموم الشر‬
‫األكبر واألصغر(‪.)5‬‬
‫واستدلوا من السنة بعموم قوله ‪« :‬من مات ال يشر بالله شيئا دخل الجنة ومن‬
‫مات يشر بالله شيئا دخل النار»(‪.)6‬‬
‫ووجه االستشهاد من الحديو أن كلمة ((شيئا)) كرأ في سياق النفي فتع وعي‬
‫الشر ؛ األكبر واألصغر؛ والمعنى من مات على شر أكبر أو أصغر ل يتب منه دخل النار‪،‬‬
‫ودخول النار ينافي المغفرأ(‪.)7‬‬
‫وألن الشر األصغر داخل في مسمى الشر األكبر‪ ،‬والدليل أن الصحابة كا وا‬
‫يستدلون باآليات التي في الشر األكبر على األصغر‪ ،‬ويشهد لذلك ما جاء عن ذيفة ‪‬‬
‫أ ه رأى رجال في يده خيط من الحمى‪ ،‬فقطعه وتال قوله تعالى‪ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ [يوسف‪.)8(]506 :‬‬
‫قال الشيـ محمد بن عبد الوهاب و ر مه الله و‪(( :‬تالوأ ذيفة اآلية دليل على أن‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬تلخيص االستغاثة (‪ ،)505/5‬وجامع رسائل شيـ اإلسالم ابن تيمية (‪.)235/2‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)55 :‬‬
‫(‪.)577/50( )3‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)35 :‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬القول المفيد (‪ ،)255/2‬والتمهيد على كتاب التو يد (ص‪ 53 :‬و ‪.)58‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه مسل في كتاب اإليمان (‪ )25/5‬ح (‪ )25‬من ديو جابر ‪.‬‬
‫(‪ )7‬ا ةر‪ :‬اشية ابن قاس النجدي على كتاب التو يد (ص‪ 32 :‬و ‪.)35‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه ابن أبي ات في التفسير (‪ ،)0028/3‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪ ،)75/5‬وأورده ابن كيير في‬
‫تفسيره (‪ )495/0‬ولفةه عن ماد بن سلمة عن عاص بن أبي النجود عن عروأ‪ ،‬قال‪« :‬دخل ذيفة على‬
‫))‪.‬‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه أو ا تزعه‪ ،‬ث قال‪ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫‪652‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫الصحابة يستدلون باآليات التي في الشر األكبر على األصغر))(‪.)1‬‬


‫وقال الشيـ عبد الر من بن سن و ر مه الله و‪(( :‬ففيه‪ :‬صحة االستدالل على‬
‫الشر األصغر بما أ زل الله في الشر األكبر؛ لشمول اآلية له‪ ،‬ودخوله في مسمى‬
‫الشر ))(‪ .)2‬ا تهى‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن الشر األصغر يكون داخال تحت المشيئة كسائر الكبائر‪ ،‬وهو‬
‫مذهب الجمهور‪ ،‬واستدلوا عليه بحديو عبادأ بن الصامت ‪ ‬قال‪ :‬كنا عند النبي ‪ ‬فقال‪:‬‬
‫«بايعو ي على أن ال تشركوا بالله شيئا وال تسرقوا وال تز وا وال تقتلوا أوالدك وال تإلتوا ببهتان‬
‫تفترو ه بين أيديك وأرجلك وال تعصوا في معروف‪ ،‬فمن وفى منك فإلجره على الله‪ ،‬ومن‬
‫أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الد يا فهو كفارأ له‪ ،‬ومن أصاب من ذلك شيئا ث ستره الله‪،‬‬
‫فهو إلى الله إن شاء عفا عنه‪ ،‬وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك»(‪.)3‬‬
‫ووجه االستشهاد بالحديو ظاهر على دخول الشر األصغر تحت المغفرأ؛ قالوا‪ :‬أن‬
‫قوله ‪« :‬ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له»‬
‫يدخل فيه الشر ؛ فيكون داخال تحت المشيئة‪ ،‬ويكون المراد به الشر األصغر‪ ،‬ألن الشر‬
‫األكبر ال يدخل تحت المشيئة باإلجماع‪.‬‬
‫قال الطيبي‪(( :‬الحق أن المراد بالشر و يعني في هذا الحديو و الشر األصغر وهو‬
‫الرياء‪ ،‬ويدل عليه تنكير شيئا أي‪ :‬شركا أيا ما كان))(‪.)4‬‬
‫وأجيب بإلن ذلك مقيد باآلية‪ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫ﮮﮯ [النساء‪ ،]57 :‬وباإلجماع على أن من مات مشركا دخل النار(‪.)5‬‬
‫وأجاب أصحاب القول اليا ي عن استدالل أصحاب القول األول بعموم قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ ‪ :‬بإلن هذا العموم مراد به الخصوص‪،‬‬
‫وهو الشر األكبر‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬كتاب التو يد مع شر ه فتح المجيد (ص‪.)565 :‬‬
‫(‪ )2‬فتح المجيد (ص‪.)565 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان (جو‪ )52/5‬ح (‪.)57‬‬
‫(‪ )4‬فتح الباري (‪.)75/5‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬التمهيد البن عبد البر (‪.)227/25‬‬
‫‪620‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫قالوا‪ :‬ومما يدل على ذلك أن هذا اللفظ ورد في موادع أخرى مرادا به الشر‬
‫األكبر باإلجماع فيحمل عليها‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [المائدأ‪ ،]82 :‬فقوله في‬
‫اآلية‪ :‬ﭼ هو أيضا فعل داخل في سياق الشرط‪ ،‬فيكون عاما‪ ،‬وال يدخل فيه الشر‬
‫األصغر باإلجماع‪ ،‬ألن تحري الجنة والتخليد فيها إ ما هو ألهل الموت على الشر‬
‫األكبر‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا قوله تعالى‪ :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥﭦﭧ [الحج‪ ]55 :‬فهي أيضا في الشر األكبر(‪.)1‬‬
‫ث القائلون بإلن الشر األصغر ال يغفر اختلفوا هل يدخل تحت المواز ة و أي بين‬
‫الح سنات والسيئات‪ ،‬فإذا رجحت الحسنات على السيئات ل يعذب صا به و أو ال‬
‫يدخل؟ فذهب البعض إلى أ ه يدخل‪ ،‬ومن هؤالء الشيـ عبد الر من بن سن نل‬
‫الشيـ كما في ((قرأ عيون المو دين))(‪ ، )2‬واختاره الشيـ عبد الر من بن قاس كما في‬
‫اشيته على كتاب التو يد(‪.)3‬‬
‫وذهب نخرون إلى أ ه ال يدخل‪ .‬قال شيـ اإلسالم‪(( :‬وقد يقال الشر ال يغفر منه‬
‫شيء ال أكبر و ال أصغر على مقتضى عموم القرنن‪ ،‬وإن كان صا ب الشر األصغر يموت‬
‫مسلما لكن شركه ال يغفر له بل يعاقب عليه‪ ،‬وإن دخل بعد ذلك الجنة))(‪ .)4‬ا تهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ووجه ذلك و والله أعل و ألن المواز ة بين الحسنات والسيئ ات تقتضي‬
‫المغفرأ لمن رجحت سناته على سيئاته‪.‬‬
‫المقصد الرابع‪ :‬الفرق بين الشرك األكبر والشرك األصغر‪.‬‬
‫‪ 5‬و الشر األكبر اقض لشرط اإلخالص بخالف الشر األصغر فإ ه ال ينقض شرط‬
‫اإلخالص‪ ،‬وإ ما ينافي كمال اإلخالص الواجب(‪.)5‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬التمهيد على كتاب التو يد (ص‪ 56 :‬و ‪.)58‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)55 :‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)35 :‬‬
‫(‪ )4‬تلخيص االستغاثة (‪.)505/5‬‬
‫(‪ )5‬ا ةر‪ :‬أعالم السنة المنشورأ (ص‪.)30 :‬‬
‫‪625‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫‪ 2‬و الشر األكبر محبط لألعمال مبطل ليوابها إذا مات عليه اإل سان‪ ،‬واختلفوا في من‬
‫يتوب هل يعود إليه ثواب عمله‪ .‬وسيإلتي تحقيق هذه المسإللة و إن شاء الله تعالى و عند‬
‫الكالم على أ كام الردأ في شرط اال قياد‪.‬‬
‫وأما الشر األصغر فال يحبط جميع األعمال‪ ،‬ولكن قد يحبط بعض األعمال؛‬
‫كالرياء فإ ه يحبط العمل المراءى فيه‪ ،‬وكمن يريد بعمل اآلخرأ الد يا إذا صدر من مؤمن‬
‫فإ ه يحبط ذلك العمل وال يتعداه إلى غيره‪.‬‬
‫‪ 5‬و الشر األكبر صا به يخلد في النار إذا مات عليه بخالف األصغر فصا به وإن‬
‫عذب فال يخلد في النار‪.‬‬
‫‪ 5‬و الشر األكبر موجب أل كام الردأ و إذا صدر من مسل و بخالف األصغر فصا به ال‬
‫يخرج عن دائرأ اإلسالم؛ أل ه من جملة الكبائر‪.‬‬
‫‪ 3‬و الشر األكبر يوجب العداوأ الخالصة‪ ،‬والبراءأ الكاملة من صا به‪ .‬وأما الشر األصغر‬
‫فال يمنع المواالأ مطلقا‪ ،‬بل صا به يحب ويوالى على قدر ما فيه من إيمان‪ ،‬ويبغض بقدر‬
‫ما فيه من عصيان‪.‬‬
‫‪ 6‬و أن الشر األكبر يفوت معه مطلق األمن واالهتداء‪ ،‬وأما الشر األصغر فيفوت معه األمن‬
‫واالهتداء المطلق‪ ،‬فاالهتداء التام واألمن التام ال يكون إال من أتى بالتو يد الكامل‪.‬‬
‫‪ 8‬و الشر األكبر ال يجتمع مع اإلسالم ألبتة‪ ،‬والشر األصغر يجتمع مع اإلسالم(‪.)1‬‬
‫المقصد الخامس‪ :‬الصور التي ينقلب الشرك األصغر فيها شركاً أكبر‪.‬‬
‫أفراد الشر األصغر تنقلب فتصير شركا أكبر فيكون اقضا ألصل اإلخالص‬
‫والتو يد‪ ،‬وذلك في صور متعددأ‪ ،‬تقدمت اإلشارأ إلى بعضها‪ ،‬ومن هذه الصور ما يلي‪:‬‬
‫‪ 5‬و الحلف بغير الله إذا اعتقد الحالف أن المحلوف به مساو لله تعالى في التعةي‬
‫والعةمة‪.‬‬
‫‪ 2‬و الرياء إذا صل في أصل اإليمان‪ ،‬أو كان متمحضا ألجل الناس؛ كرياء اإلخالص(‪.)2‬‬
‫‪ 5‬و التطير إذا اعتقد المتطير القدرأ في المتطير به في جلب النفع أو دفع الضر‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬ا ةر‪ :‬عقيدأ التو يد للفوزان (‪ 505‬و ‪ ،)505‬والمدخل لدراسة العقيدأ (ص‪ ،)572 :‬وسبيل الرشاد (ص‪:‬‬
‫‪.)535‬‬
‫(‪ )2‬رياء اإلخالص تقدم التعريف به في كالم القرافي المنقول (ص‪.)585 :‬‬
‫‪622‬‬ ‫شرط اإلخالص‬

‫‪ 6‬و لبس الحلقة والخيط لرفع البالء أو دفعه مع اعتقاد التإلثير الذاتي فيهما دون أمر الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫‪ 8‬و قول الرجل‪(( :‬ما شاء الله وشئت)) إذا صا به اعتقاد أن مشيئة العبد كمشيئة الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫‪ 7‬و االستسقاء باأل واء إذا صا به اعتقاد أن النوء يفعل بنفسه‪.‬‬
‫‪ 2‬و التسمي بملك األمال وقادي القضاأ إذا اعتقد أ ه كذلك‪.‬‬
‫‪ 50‬و االعتماد على األسباب واعتقاد الفاعلية فيها‪.‬‬
‫‪ 55‬و تعبيد غير الله(‪ )1‬مع اعتقاد أ ه كذلك(‪.)2‬‬
‫وبهذا تتبين خطورأ الشر بنوعيه‪ :‬األكبر واألصغر‪ ،‬وأن الشر األصغر قد يترقى‬
‫فيصير شركا أكبر فينافي أصل اإلخالص‪ ،‬ولذا فالواجب على المسل أن يبتعد عن الشر‬
‫األصغر‪ ،‬ويخافه ويسعى في دفعه متى عرض إليه‪ .‬ومن أ فع األدوية الرافعة لهذا الشر بعد‬
‫اإلخالص الدعاء المإلثور عن النبي ‪« :‬الله إ ي أعوذ بك أن أشر بك وأ ا أعل‬
‫وأستغفر لما ال أعل »(‪)3‬؛ ((تقوله ثالث مرات))‪.‬‬
‫وفيه أن النبي ‪ ‬علمه لبعض أصحابه‪ ،‬وقال‪« :‬إذا قلته ذهب عنك قليله‬
‫وكييره»(‪ .)4‬الله أعذ ا من الشر واعصمنا من الكفر‪.‬‬
‫وبهذا ينتهي الكالم عن شرط اإلخالص‪ .‬ويليه شرط الصدق‪.‬‬
‫وووووووووو‬
‫(‪ )1‬كتسمية عبد النبي‪ ،‬وعبد الرسول‪ ،‬وعبد الحارث و حو ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬أما إذا كان لمجرد تسمية ل يقصد قيقتها فهو شر أصغر كما ص على ذلك الشيـ محمد بن عبد الوهاب‬
‫ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫و ر مه الله و في مسائله على باب قول الله تعالى‪:‬‬
‫[األعراف‪ .]792 :‬ا ةر‪ :‬كتاب التو يد دمن مؤلفات الشيـ اإلمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬اليس‬ ‫ﮝ ﮞ‬
‫األول‪ ،‬العقيدأ واآلداب اإلسالمية (ص‪.)707 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أ مد في المسند (‪ ،)505/5‬والنسائي في عمل اليوم والليلة (‪ )235/5‬برق (‪ ،)276‬والبخاري في‬
‫األدب المفرد (‪ ،)230/5‬وأبو يعلى في المسند (‪ ،)60/5‬والضياء في المختارأ (‪ .)530/5‬وأورده الهييمي‬
‫في المجمع (جو‪ )225/50‬وقال‪(( :‬رواه أ مد والطبرا ي في الكبير واألوسط ورجال أ مد رجال الصحيح غير‬
‫أبي علي ووثقه ابن بان))‪ .‬ا تهى‪ .‬والحديو صحح إسناده األلبا ي كما في صحيح الجامع (‪،)5855‬‬
‫واألدب المفرد (‪.)856‬‬
‫(‪ )4‬تخريجه في الذي قبله‪.‬‬
‫‪326‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الباب الرابع‪ :‬شرطا المحبة والكفر بالطاغوت‪.‬‬


‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط المحبة لما دلت عليه‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫‪326‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط المحبة لما دلت عليه‪.‬‬


‫وتحته تمهيد وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف المحبة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حد المحبة التي هي شرط في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬شروط المحبة الصادقة وعالماتها‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على كون المحبة من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار المحبة شرطاً لصحة الشهادة‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬زيادة المحبة وأثرها في تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬المخالفون في شرط المحبة‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬ما ينافي شرط المحبة‪.‬‬
‫‪326‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الفصل األول‬
‫شرط المحبة لما دلت عليه ال إله إال الله‬
‫تمهيد‬
‫محبة ال إله إال الله هي قوت القلوب ونعيم األرواح وبهجة النفوس وقرة العيون‬
‫وأعلى نعيم الدنيا واآلرخرة لكونها متضمنةً لمحبة المعبود بالحق ـ سبحانه وتعالى ـ ومحبة‬
‫عبادته(‪.)1‬‬
‫والمحبة هي حقيقة ال إله إال الله‪.‬‬
‫ووجه ذلك كما قال ابن القيم‪(( :‬فإن اإلله هو الذي تألهه القلوب‪ ،‬أي تحبه وتذل‬
‫له‪ ،‬وأصل التأله التعبد‪ ،‬والتعبد آرخر مراتب الحب‪ .‬يقال‪ :‬عبده الحب وتيمه‪ ،‬إذا ملكه‬
‫وذلـله لمحبوبه؛ فالمحبة حقيقة العبودية))(‪.)2‬‬
‫والكالم عن شرط المحبة سيكون تحت المباحث التالية‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)33/3‬‬


‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)23/6‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف المحبة‪.‬‬


‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف المحبة في اللغة‪.‬‬
‫أحببت الشيء‪ ،‬فأنا ُمحب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الحب‪ ،‬وهو نقيض البغض‪ .‬تقول‬ ‫المحبة مأرخوذة من ُ‬
‫وهو ُمحب(‪.)1‬‬
‫وهي في اللغة مشتقة من الفعل ((حبب))‪ .‬وهو يدل على رخمسة معان‪:‬‬
‫((أحدها‪ :‬الصفاء والبياض‪ .‬ومنه قولهم لصفاء بياض األسنان ونضارتها‪ :‬حب ُ‬
‫ب‬
‫األسنان(‪.)2‬‬
‫الثاني‪ :‬العلو والظهور‪ .‬ومنه حبب الماء ُ‬
‫وحبابه‪ ،‬وهو ما يعلوه عند المطر الشديد‪.‬‬
‫وحبب الكأس منه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬اللزوم والثبات‪ ،‬ومنه حب ُ‬
‫البعير‪ ،‬وأحب إذا برك ولم يقم‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫رب بعير السوء إذ أحبا(‪.)3‬‬ ‫حلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ـ ـ ــالفالة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـربا‬
‫الرابع‪ :‬اللب‪ .‬ومنه حبة القلب‪ ،‬للُبه ودارخله‪ .‬ومنه الحبة لواحدة الحبوب إذ هي‬
‫أصل الشيء ومادته وقوامه‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬الحفظ واإلمساك‪ ،‬ومنه حب الماء للوعاء الذي يحفظ فيه ويمسكه‪،‬‬
‫وفيه معنى الثبوت أيضاً‪.‬‬
‫وال ريب أن هذه الخمسة من لوازم المحبة؛ فإنها ـ أي المحبة ـ صفاء المودة‪ ،‬وهيجان‬
‫إرادات القلب للمحبوب‪ ،‬وعلوها وظهورها منه؛ لتعلقها بالمحبوب المراد‪ ،‬وثبوت إرادة القلب‬
‫للمحبوب ولزومها لزوماً ال تفارقه‪ ،‬وإلعطاء المحب محبوبه لبه وأشرف ما عنده وهو قلبه‪،‬‬
‫واجتماع عزماته وإرداته وهمومه على محبوبه؛ فاجتمعت فيها المعاني الخمسة))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬تهذيب اللغة لألزهري (‪.)8/6‬‬


‫(‪ )2‬ومنه قول طرفة بن العبد‪:‬‬
‫كر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب المس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك بالم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء الخص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬
‫ُ‬ ‫وإذا تضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحك تُبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي حببـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫أي البارد‪( .‬ديوان طرفة بن العبد ص‪.)62 :‬‬


‫(‪ )3‬أحبا‪ :‬أي توقف عن السير وبرك‪ .‬والبيت أورده ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (‪.)22/2‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكين (‪ 9/6‬ـ ‪ .)01‬وانظر‪ :‬تهذيب اللغة لألزهري (‪ 2/6‬ـ ‪ ،)02‬ولسان العرب (‪ )3/6‬مادة (حبب)‪.‬‬
‫‪322‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وكذا محبة هذه الكلمة؛ فال بد أن تكون صافيةً من كدر األغيار(‪ ،)1‬رخالصةً للواحد‬
‫القهار‪ ،‬ظاهرًة على الجوارح واألقوال(‪ ،)2‬ثابتةً في القلب ال تفارقه بحال‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف المحبة اصطالحاً‪.‬‬
‫لم يصطلح أهل العلم على تعريف للمحبة‪ ،‬ولكن تداول أهل العلم تعريفها بألفاظ‬
‫معنى آرخر‪ .‬ولعل العلة في ذلك ما قاله‬‫معنى‪ ،‬وبعضها على ً‬ ‫متباينة‪ ،‬يجتمع بعضها على ً‬
‫ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪ :‬من أن(‪(( )3‬الشيء إذا كان في األمور الوجدانية الذوقية التي إنما‬
‫تعلم بآثارها وعالماتها‪ ،‬وكان مما يقع فيه التفاوت بالشدة والضعف‪ ،‬وكان له لوازم وآثار‬
‫وعالمات متعددة‪ ،‬ارختلفت العبارات عنه بحسب ارختالف هذه األشياء‪ ،‬وهذا شأن‬
‫المحبة‪ ،‬فإنها ليست بحقيقة معانيها تُرى باألبصار فيشترك الواصفون لها في الصفة‪ ،‬وهي‬
‫في نفسها متفاوتة أعظم تفاوت‪ ،‬كما بين العالقة التي هي تعلق القلب بالمحبوب‪ ،‬والخلة‬
‫التي هي أعلى مراتب الحب‪ ،‬وبينهما درجات متفاوتة تفاوتاً ال ينحصر‪ ،‬ولها آثار توجبها‪،‬‬
‫وعالمات تدل عليها‪ ،‬فكل أدرك بعض عالماتها فعبر بحسب ما أدركه‪ ،‬وهي وراء ذلك كله‪،‬‬
‫ليس اسمها كمسماها‪ ،‬وال لفظها مبين لمعناها‪ ،‬وكذلك اسم المصيبة والبلية والشدة واأللم‪،‬‬
‫إنما تدل أسماؤها عليها نوع داللة ال تكشف حقيقتها‪ ،‬وال تعلم حقيقتها إال بذوقها ووجودها‪،‬‬
‫وفرق بين الذوق والوجود وبين التصور والعلم‪ ،‬فالحدود والرسوم التي قيلت في المحبة‬
‫صحيحة‪ ،‬غير وافية بحقيقتها‪ ،‬بل هي إشارات وعالمات وتنبيهات))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫ومما قاله أهل العلم في تعريف المحبة‪:‬‬
‫((ميلك للشيء بكليتك‪ ،‬ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك‪ ،‬ثم موافقتك له‬
‫سراً وجهراً‪ ،‬ثم علمك بتقصيرك في حبه))(‪.)5‬‬
‫هذا التعريف للحارث المحاسبي(‪ ،)6‬وهو تعريف للمحبة بلوازمها وأحكامها‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي ال تخالطها محبة مع الله‪.‬‬


‫(‪ )2‬إشارة إلى متابعة النبي ‪ ‬باألقوال واألفعال‪ ،‬ألن ذلك هو دليل محبة الله تعالى كما قال تعالى في آية المحنة‪:‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ [آل عمران‪.]60 :‬‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫(‪ )3‬ليس من كالم ابن القيم‪ ،‬وأ فته للسياق‪.‬‬
‫(‪ )4‬طريق الهجرتين (ص‪.)661 :‬‬
‫(‪ )5‬مدارج السالكين (‪.)06/6‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬الزاهد العارف شيخ الصوفية أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي صاحب التصانيف الزهدية‪،‬‬
‫=‬ ‫يروي عن يزيد بن هارون يسيراً‪ .‬روى عنه جماعة منهم ابن مسروق وأحمد بن القاسم والجنيد‪ .‬قال الخطيب‪ :‬له‬
‫‪328‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وجاء في تعريفها أيضاً‪(( :‬أن تحب ما أحب الله وتبغض ما أبغض الله‪ ،‬وتفعل‬
‫الخير لله‪ ،‬وترفض كل ما يشغل عن الله‪ ،‬وأن ال تخاف في الله لومة الئم‪ ،‬مع العطف‬
‫للمؤمنين والغلظة على الكافرين‪ ،‬واتباع سنة رسول الله ‪ ‬في الدين))(‪.)1‬‬
‫وهذا تعريف ذي النون المصري(‪ )2‬لما ُسئل عن المحبة‪.‬‬
‫ومما جاء في تعريف المحبة أيضاً‪(( :‬توحيد المحبوب بخالص اإلرادة وصدق‬
‫الطلب))(‪ .)3‬أي توحيده باإلرخالص والصدق‪ ،‬وذلك من شروط المحبة التي هي حقيقة ال إله إال‬
‫الله كما تقدم‪.‬‬
‫ومما قاله أيضاً أهل العلم في تعريفها‪(( :‬سقوط كل محبة من القلب إال محبة‬
‫الحبيب))(‪.)4‬‬
‫وهذا التعريف لمحمد بن الفضل(‪ .)5‬ومراده توحيد المحبوب بالمحبة(‪.)6‬‬
‫وجاء أيضاً في تعريفها‪(( :‬موافقة الحبيب في المشهد والمغيب))(‪.)7‬‬
‫وهذا حكم من أحكام المحبة وأثر من آثارها‪.‬‬
‫ومما قيل في تعريفها أيضاً‪(( :‬تعلق القلب بالمحبوب‪ ،‬ولزوم الحب للقلب‪ ،‬فال تنفك‬
‫عنه‪ ،‬تقتضي من صاحبها االنكفاف عما يكره الحبيب‪ ،‬والمبادرة إلى ما ير يه‪ ،‬بقلب منشرح‬
‫وصدر رحيب‪ ،‬فإن تكلم تكلم بالله‪ ،‬وإن سكت سكت لله‪ ،‬وإن تحرك فلله‪ ،‬وإن سكن فله))(‪.)8‬‬
‫ــــــــــ‬
‫كتب كثيرة في الزهد وأصول الديانة والرد على المعتزلة والرافضة‪ .‬وقال ابن األعرابي‪ :‬تفقه الحارث وكتب‬ ‫=‬
‫الحديث وعرف مذاهب النساك‪ ،‬وكان من العلم بمو ع إال أنه تكلم في مسألة اللفط ومسألة اإليمان‪ .‬وقيل‬
‫هجره أحمد فارختفى مدة‪ .‬توفي سنة ثالث وأربعين ومئتين‪[ .‬سير أعالم النبالء (‪ 001/02‬ـ ‪.])002‬‬
‫(‪ )1‬رواه البيهقي في شعب اإليمان (‪ )639/0‬بإسناده إلى ذي النون المصري‪.‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬ذو النون المصري الزاهد العارف‪ ،‬اسمه ثوبان بن إبراهيم‪ ،‬ويقال الفيض بن أحمد‪ .‬ويقال كنيته أبو الفيض‪،‬‬
‫ويقال أبو الفياض‪ .‬قال الدار قطني روى عن مالك أحاديث فيها نظر‪ .‬وكان عالماً فصيحاً حكيماً أصله من‬
‫النوبة‪ ،‬مات سنة رخمس وأربعين ومائتين‪ .‬انظر‪ :‬حلية األولياء (جـ‪ 660/9‬ـ ‪ ،)662‬وميزان االعتدال (‪.)66/6‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪.)06/6‬‬
‫(‪ )4‬نفس المصدر (‪.)06/6‬‬
‫(‪ )5‬لم أجد له ترجمة‪.‬‬
‫(‪ )6‬مدارج السالكين (‪.)06/6‬‬
‫(‪ )7‬نفس المصدر (‪.)00/6‬‬
‫(‪ )8‬المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي (‪.)026/0/6‬‬
‫‪329‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫هذا التعريف للشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ‪ ،‬وهو جامع للتعاريف السابقة قبله‪ ،‬ولذا‬
‫فهو من أجمع ما قيل فيها(‪.)1‬‬
‫فنخلص من هذه التعاريف إلى أن المحبة هي‪(( :‬ميل القلب إلى المحبوب وتعلقه‬
‫به‪ ،‬ومن ثم إيثار مر اته والجد في تحصيلها بكل وسيلة وطريق)) (‪.)2‬‬
‫وأما محبة شهادة أن ال إله إال الله فالمراد بها ميل القلب ومودته لـإلله إال الله‬
‫ورغبته إليها‪ ،‬ولما اقتضته ودلت عليه من األقوال واألفعال المحققة لها‪ ،‬المنافية لضدها‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬والمحبة في الله ولله ألهلها‬
‫العاملين بها الملتزمين بشروطها‪ ،‬وبغض ما ناقض ذلك(‪.)3‬‬
‫وهذه المحبة يعبر عنها بعض أهل العلم بالمحبة الخاصة‪ ،‬أي‪ :‬التي ال تصلح إال‬
‫لله وحده‪ ،‬لكونها محبة العبادة المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة واإليثار‬
‫على الغير‪ ،‬وذلك ال يصلح إال لله وحده(‪.)4‬‬
‫وهي بهذا المعنى مرادفة لمحبة الله تعالى المقتضية لمحبة نبيه ‪ ‬ودينه دين‬
‫اإلسالم‪ .‬ووجه ذلك؛ فإن ال إله إال الله معناها ـ كما تقدم ـ ال مألوه بحق إال الله‪ ،‬والمألوه‬
‫هو المعبود‪ ،‬والعبادة معناها كمال الحب مع كمال الذل‪ ،‬فهي متضمنة لمعنى المحبة‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم‪(( :‬بل ال شيء يستحق أن يحب لذاته محبة مطلقة إال الله‬
‫وحده‪ ،‬وهذا من معنى كونه معبوداً؛ فحيث جاء القرآن باألمر بالعبادة والثناء على أهلها أو‬
‫على المنيبين إلى الله‪ ،‬والتوابين إليه أو األوابين أو المطمئنين بذكره أو المحبين له ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬فهذا كله يتضمن محبته وما ال يحب ممتنع كونه معبوداً ومألوها ومطمأنا بذكره))(‪.)5‬‬
‫فثبت أن محبة ال إله إال الله هي محبة المعبود بحق‪ ،‬وهو الله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫(‪ )1‬ولمزيد من عبارات أهل العلم في حد المعرفة بذكر آثارها وأسبابها وأحكامها ولوازمها ينظر مدارج السالكين‬
‫(‪ 06/6‬ـ ‪ )03‬فقد أورد في حدها ثالثين قوالً‪.‬‬
‫(‪ )2‬أعمال القلوب وأثرها في اإليمان‪( ،‬ص‪ )023 :‬رسالة مقدمة لنيل الدكتوراه‪ ،‬بقسم العقيدة بالجامعة اإلسالمية‬
‫بالمدينة المنورة‪ ،‬العام الجامعي (‪ 0602‬ـ ‪ )0608‬هـ‪ .‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )3‬شروط ال إله إال الله للدكتور عبد الله المعتق (ص‪ )66 :‬بتصرف‪ .‬وانظر‪ :‬معارج القبول (‪.)626/2‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬طريق الهجرتين البن القيم (ص‪ )662 :‬والقول المفيد (‪.)66/2‬‬
‫(‪ )5‬النبوات (ص‪.)111 :‬‬
‫‪361‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حد المحبة التي هي شرط في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫حد المحبة التي تلزم لصحة الشهادة يظهر من رخالل معنى محبة شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪ ،‬وقد سبق أن معنى هذه المحبة ميل القلب ومودته لهذه الكلمة‪ ،‬ولما اقتضته ودلت عليه‬
‫من األقوال واألفعال المحققة لها المنافية لضدها‪ .‬فيكون حد هذه المحبة الالزمة‪ ،‬هو‪ :‬أن‬
‫يحب الله ورسوله ‪ ‬أعظم مما سواهما(‪)1‬؛ وذلك يقتضي أن يحب ما يحبه الله ورسوله ‪‬‬
‫من التوحيد والطاعات الالزمة وأن يبغض ما أبغضه الله ورسوله ‪ ‬من الشرك والمعاصي‬
‫القاصمة‪ .‬ويدرخل في هذه المحبة الالزمة أيضاً‪ :‬بغض الكفار‪ ،‬ومحبة األنبياء والرسل(‪،)2‬‬
‫والمالئكة وأن ال يـُبغض أحداً منهم(‪.)3‬‬
‫وقد أو ح ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في قوله‪(( :‬محبة الله ورسوله على درجتين‬
‫واجبة‪ :‬وهي درجة المقتصدين‪ .‬ومستحبة‪ ،‬وهي‪ :‬درجة السابقين؛ فاألولي تقتضي أن يكون الله‬
‫ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬بحيث ال يحب شيئاً يبغضه كما قال تعالي‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ [المجادلة‪ .]22:‬وذلك يقتضي محبة جميع ما أوجبه الله‬
‫تعالي‪ ،‬وبغض ما حرمه الله تعالى‪ ،‬وذلك واجب‪ ....،‬فيجب علي كل مؤمن أن يحب ما‬
‫أحبه الله‪ ،‬ويبغض ما أبغضه الله قال تعالي‪ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫[محمد‪ .]28:‬وقال تعالي ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫[التوبة‪ 026 :‬ـ‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬

‫(‪ )1‬ووجه ذلك‪ :‬ألن محبة الله تعالى محبة تعبد ومحبة التعبد أرفع مقامات المحبة وأعلى مراتبها كما نص على‬
‫ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ؛ ألنها رخالص المحبة التي ال بغض معها‪ .‬وأما محبة النبي ‪ ‬فهي تابعة‬
‫[آل عمران‪ .]31 :‬انظر‪:‬‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫لمحبة الله تعالى كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪.)153/11‬‬
‫(‪ )2‬وهل يدرخل في ذلك محبة ما جاؤوا به من عند الله؛ في ذلك تفصيل‪ :‬وهو إن كان ماجاؤوا به لم يُنسخ في شريعتنا‬
‫فهذا يكون دارخالً في المحبة الالزمة‪ ،‬وأما إن كان مما نُسخ في شريعتنا بوجوب مخالفته فهذا ال يدرخل في المحبة‬
‫الالزمة بل يجب بغضه من جهة أنه حرام في شريعتنا ال من جهة أنه كان من عند الله‪ .‬وأما ما ُسكت عنه فهذا تجب‬
‫محبته مطلقاً ألنه من عند الله تعالى‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬المقصود هنا المحبة الالزمة للشرطية وأما المحبة الواجبة فهي مرتبة أعلى من المحبة الالزمة وتحققها يكون بأكثر من‬
‫ذلك كما سيأتي في تفصيالت أفراد هذه المحبة وما ينافي كمالها الواجب أو أصل تحققها‪.‬‬
‫‪360‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫(‪)1‬‬
‫))‬ ‫ﭶﭷ‬ ‫‪ .]026‬وقال تعالي‪ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫[الرعد‪.]63 :‬‬
‫قلت‪ :‬وهذه المحبة الواجبة ال يخلو منها مؤمن‪ ،‬وبرهان ذلك‪ :‬أن المؤمن ((إذا ُرخير بين‬
‫أهله وماله وبين الله ورسوله‪ ،‬فإنه يختار الله ورسوله))(‪ ،)2‬وأما ما زاد عن ذلك فهو شرط كمال‬
‫وليس شرط صحة‪ ،‬والناس يتفاوتون فيه تفاوتاً ال ينحصر؛ فبين محصل ألدناه وحائز ألعاله‪،‬‬
‫وبين ذلك درجات ال يحصيها إال الله ‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والناس متفاوتون في درجات هذه المحبة تفاوتاً ال‬
‫يحصيه إال الله؛ فبين محبة الخليلين(‪ )3‬ومحبة غيرهما ما بينهما))(‪.)4‬‬
‫وقال في مو ع آرخر‪(( :‬وهي ـ يعني المحبة ـ في نفسها متفاوتة أعظم تفاوت‪ ،‬كما‬
‫بين العالقة التي هي تعلق القلب بالمحبوب‪ ،‬والخلة التي هي أعلى مراتب الحب(‪،)5‬‬
‫وبينهما درجات متفاوتة تفاوتاً ال ينحصر))(‪.)6‬‬
‫فالحاصل أن المحبة منقسمة إلى أصل وكمال‪ ،‬والذي يعنينا هنا األصل‪ ،‬ألنه القدر‬
‫الالزم لصحة اإليمان وتحقيق اإلسالم‪ ،‬وهو قدر الشرطية الذي سبق بيانُه‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة على كون المحبة من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬

‫(‪ )1‬قاعدة في المحبة (ص‪ )036 :‬نشر مكتبة التراث اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بتحقيق د‪ .‬محمد رشاد سالم‪ .‬وانظر‪:‬‬
‫الجواب الكافي (ص‪.)690 ،662 ،626 :‬‬
‫(‪ )2‬درء التعارض (‪.)22/3‬‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫(‪ )3‬يعني إبراهيم الخليل ‪ ‬ونبينا محمد ‪ ،‬فهما رخليال الرحمن ـ سبحانه وتعالى ـ كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫[النساء‪ .]026 :‬وكما في قوله ‪« :‬فإن الله تعالى قد اتخذني رخليالً كما اتخذ إبراهيم رخليالً»‪ .‬أرخرجه‬ ‫ﮡ ﭨ‬
‫مسلم في صحيحه (‪ :)622/0‬كتاب المساجد وموا ع الصالة حديث رقم (‪.)662‬‬
‫(‪ )4‬الجواب الكافي (ص‪.)690 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفصيل هذه المراتب في مدارج السالكين (‪ 22/6‬ـ ‪.)61‬‬
‫(‪ )6‬طريق الهجرتين (ص‪.)661 :‬‬
‫‪362‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫األدلة الدالة على اشتراط المحبة لصحة الشهادة متضافرة في نصوص الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬وفي هذا المبحث سنذكر ما يتسع له المقام من ذكر هذه األدلة‪.‬‬
‫وهذه األدلة على نوعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬األدلة من الكتاب على اشتراط المحبة لصحة الشهادة‪.‬‬
‫ومن هذه األدلة‪:‬‬
‫ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫‪ 0‬ـ قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮍﮎ [البقرة‪.]036 :‬‬
‫وجه االستشهاد باآلية على شرط المحبة أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ عاب على‬
‫المشركين محبتهم آلهتهم محبةً مساويةً لمحبة الله تعالى‪ ،‬ألن ذلك نـوعُ تشريك في‬
‫المحبة ينافي أصل التوحيد‪ .‬فدل على وجوب إفراد الله سبحانه بهذه المحبة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد ذكر أهل العلم في معنى قولـه تعـالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ق ـولين حكاهم ــا ش ــيخ اإلس ــالم اب ــن تيمي ــة وغي ــره م ــن‬ ‫ﮆ‬
‫أهل العلم‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬يحبون أندادهم كحب المؤمنين الله‪ ،‬والذين آمنوا أشـد حبـاً للـه مـن محبـة‬
‫المشركين ألندادهم‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬والذين آمنوا أشد حباً لله من محبة المشركين لله؛ فـإن محبـة المـؤمنين للـرب رخالصـة‪،‬‬
‫ومحبة أصحاب األنداد قد ذهبت أندادهم بقسط منها‪ ،‬والمحبة الخالصة أشد من المشتركة‪.‬‬
‫وهذا القول جزم به الزجاج‪ ،‬وصوبه شيخ اإلسالم‪ ،‬وعلله‪ :‬بأن األول متناقض‪ ،‬لكون‬
‫المشركين ال يحبون األنداد مثل محبة المؤمنين لله(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ قولـه تعـالى‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ (‪[ )2‬المائدة‪.]66:‬‬
‫ووجــه االستشــهاد وا ــح بهــا علــى اشــتراط المحبــة لصــحة الشــهادة‪ ،‬وهــو‪ :‬أن اللــه‬
‫تعــالى أرخبــر أنــه إن ارتــد بعــض المــؤمنين فســوف يــأتي بقــوم غيــرهم رخيــر مــنهم‪ ،‬مــن صــفاتهم‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬معاني القرآن للزجاج (‪ ،)262/0‬وزاد المسير البن الجوزي (‪ ،)021/0‬ومجموع الفتاوى (‪ ،088/2‬و‬
‫‪ ،)662/8‬ومدارج السالكين (‪.)21/6‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)60 :‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫أنهــم يحبــون اللــه تعــالى ويحــبهم‪ .‬فــدل علــى أن المرتــد علــى نقــيض ذلــك؛ فصــح أنــه محتــاج‬
‫إلى هذا الشرط لنفي الردة ـ إن وجدت ـ‪ ،‬وذلك وجه الشرطية‪.‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫‪ 6‬ـ قول ــه تع ــالى‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭼ ﭽ [آل عمران‪.]60 :‬‬
‫ووجه االستدالل باآلية ظاهر أيضاً على اشتراط المحبة لصـحة الشـهادة‪ ،‬وهـو‪ :‬أن متابعـة‬
‫النبــي ‪ ‬واجبــة‪ ،‬وهــي دليــل وعالمــة علــى محبــة اللــه تعــالى؛ إذ يلــزم منهــا محبتــه ســبحانه وتعــالى‪،‬‬
‫ووجوب الالزم دال على وجوب الملزوم؛ فصح أن محبة الله واجبة‪ ،‬ال تتم الشهادة إال بها‪.‬‬
‫يقــول اآلجــري ـ رحمــه اللــه ـ‪(( :‬أعلمنــا موالنــا أن عالمــة محبــة مــن ادعــى محبــة اللــه‬
‫تعالى أن يكون محباً لرسوله محمد ‪ ،‬متبعاً له‪ ،‬وإال لم تصح له المحبة لله ‪.)1())‬‬
‫فمجمــوع مــا أفادتــه آيتــا آل عمـران والمائــدة المتقــدمتان رخمــس صــفات هــي الــدالئل‬
‫على صدق المحبة لله وهي‪ :‬اتباع الرسول ‪ ‬والتراحم مع اإلرخوان فـي الـدين‪ ،‬والشـدة علـى‬
‫األعداء فيه‪ ،‬والقيام بكل ما يؤيد الدين‪ ،‬وعدم التقصير في الصدع بالحق مراعاة للناس(‪.)2‬‬
‫‪ 6‬ـ ومن األدلة أيضاً على اشتراط المحبة قوله تعالى‪ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [التوبة‪.]26 :‬‬
‫ووجه االستدالل ظاهر بها على اشتراط المحبة لصحة الشهادة‪ ،‬وهو‪ :‬أن الله تعالى‬
‫نفى اإليمـان عمـن قـدم محبـة غيـره علـى محبتـه سـبحانه وتعـالى؛ فصـح أنـه محتـاج إلـى هـذه‬
‫المحبة لتصحيح اإليمان‪.‬‬
‫ووجــه اآلرخــر‪ ،‬وهــو‪ :‬أن اللــه ‪ ‬توعــدهم علــى تفضــيل محبــتهم لغيــره علــى محبتــه‬
‫ومحبة رسوله‪ ،‬والوعيـد ال يقـع إال علـى تـرك فـرض أو شـرط(‪ .)3‬فثبـت أن محبـة اللـه فـرض ال‬
‫يتم اإليمان إال بها‪.‬‬

‫(‪ )1‬الشريعة (‪.)0690/6‬‬


‫(‪ )2‬الشرك ومظاهره للميلي (ص‪.)232 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬شعب اإليمان للبيهقي (‪ 662/2‬ـ ‪ ،)666‬وطبقات الشافعية البن السبكي (‪.)068/6‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫والم ـراد بالح ــب ف ــي اآلي ــة‪ :‬الح ــب االرختي ــاري المس ــتتبع ألث ــره‪ ،‬ال ــذي ه ــو المالزم ــة‬
‫وتقــديم الطاعــة ال ميــل الطبــع(‪ ،)1‬فــذلك أمــر جبلــي ال يمكــن الــتحفظ عنــه‪ ،‬ولــذا ال يكلــف‬
‫اإلنسان باالمتناع عنه(‪.)2‬‬
‫‪ 6‬ـ قول ــه تع ــالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ‬
‫[المجادلة‪.]22:‬‬ ‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ووجه االستشهاد بها على اشتراط المحبة لصحة الشهادة‪ :‬بمـا أن اآليـة تـدل بمنطوقهـا‬
‫على أن االتصاف بوصف اإليمان مانع من موالة الكفار‪ ،‬لكونه ـ أي عـدم مـواالتهم ـ مـن لـوازم‬
‫محبة الله تعالى‪ ،‬فهي دالة بتنبيههـا علـى نفـي اإليمـان عـن مـن أرخـل بهـذا الشـرط للمحبـة‪ ،‬وهـو‬
‫عدم مواالة الكفار‪ ،‬فيكون من باب أولى أن يُنفى اإليمان عمن أرخل بجميع هذه المحبة‪.‬‬
‫يقول الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وعالمة حب العبد ربـه تقـديم محابـه وإن‬
‫رخالف ــت ه ـواه‪ ،‬وبغ ــض م ــا ي ــبغض رب ــه وإن م ــال إلي ــه ه ـواه‪ ،‬وم ـواالة م ــن وال ــى الل ــه ورس ـوله‪،‬‬
‫ومعاداة من عاداه‪ ،‬واتباع رسوله ‪ ،‬واقتفاء أثره‪ ،‬وقبول هداه‪ .‬وكل هذه العالمات شرروط‬
‫في المحبة ال يتصور وجود المحبة مع عدم شرط منها))(‪.)3‬‬
‫أو يقال في وجه االستشهاد بها‪ :‬أنه وصفهم باإليمان بشرط ترك الود لمن حاد اللـه‬
‫ورسوله‪ ،‬وذلك من لوازم المحبة الصحيحة كما تقدم‪.‬‬
‫[محمـد‪:‬‬ ‫ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫‪ 3‬ـ قوله تعالى فـي شـأن الكفـار‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫‪.]9‬‬

‫(‪ )1‬المراد بالحب االرختياري الحب العقلي‪ ،‬وهو إيثار ما يقتضي العقل رجحانه‪ ،‬وإن رخالف الطبع‪ ،‬كالدواء يكره‬
‫طبعاً‪ ،‬ويميل إليه العقل لصالحه‪ ،‬والعاقل يعلم أن رخير الدنيا واآلرخرة اتباع الرسول‪ ،‬وأنه أشفق عليه من نفسه‬
‫والناس كلهم‪ ،‬فيرجح جانبه على كل مخلوق‪ ،‬فيحبه من كل قلبه‪ ،‬وال يتم اإليمان إال بهذا‪ .‬بخالف محبة الطبع‬
‫فهي تكون تابعة لشهوة النفس [إكمال إكمال المعلم لألبي (‪ )063/0‬بتصرف]‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬روح المعاني (‪ ،)236/0‬وتفسير البيضاوي (‪.)062/6‬‬
‫(‪ )3‬معارج القبول (‪.)626/2‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫(‪)1‬‬
‫ووجه االستشهاد ظاهر بها على اشتراط المحبـة‪ ،‬وهـو‪ :‬أن اللـه تعـالى نفـى أصـل اإليمـان‬
‫عمن أرخـل بـبعض شـروط هـذه المحبـة‪ ،‬وهـو عـدم محبتـه لمـا أنـزل اللـه مـن الشـرائع واألحكـام‪ ،‬فمـن‬
‫باب أولى أن يُنفى أصـلُه عمـن أرخـل بجميـع هـذه المحبـة؛ فصـح أنـه محتـاج إلـى هـذه المحبـة لنفـي‬
‫هذا الكفر ـ متى وجد ـ‪.‬‬
‫يقول الحافظ ابـن رجـب ـ رحمـه اللـه ـ‪(( :‬ومـن تمـام محبتـه محبـة مـا يحبـه وكراهـة مـا‬
‫يكرهــه‪ ،‬فمــن أحــب شــيئاً ممــا يكرهــه اللــه‪ ،‬أو كــره شــيئاً ممــا يحبــه اللــه لــم يكمــل توحيــده‬
‫وصدقه في قول ال إله إال الله‪ ،‬وكان فيه من الشرك الخفي بحسب مـا كرهـه ممـا يحبـه اللـه‪،‬‬
‫وما أحبه مما يكرهـه اللـه‪ .‬قـال اللـه تعـالى‪ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫[محمد‪.)2())]28 :‬‬
‫ووجه آرخر في االستشهاد بهذه اآلية على شرط المحبة‪ ،‬وهو‪ :‬كراهة ما أنزل الله الموجبـة‬
‫للكفر عامة‪ ،‬فيدرخل فيها بغض التوحيد المنافي لمحبة هذا الكلمـة‪ ،‬الـذي هـو أعظـم مـا أنـزل اللـه‬
‫علـى أنبيائـه‪ .‬فثبـت أنـه محتـاج إلـى المحبـة لنفــي هـذا الـبغض الموجـب للكفــر ـ إن وجـد ـ‪ ،‬وذلــك‬
‫وجه شرطيتها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ومــن األدلــة أيضـاً قولــه تعــالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫[المائدة‪.]08 :‬‬
‫ووجه االستشـهاد بهـا‪ :‬أن اآليـة أشـارت بمنطوقهـا إلـى فائـدة المحبـة الشـرعية‪ ،‬وأنهـا نجـاة‬
‫من العذاب‪ ،‬فدل ذلك على اشتراط المحبة لنفع الشهادة(‪.)3‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬أدلة السنة‪.‬‬
‫أدلـة السـنة علـى اشـتراط المحبـة لصـحة شـهادة أن ال إلـه إال اللـه بحـر ال سـاحل لـه‪،‬‬
‫فهي متضافرة متكاثرة يضيق المقام عن ذكرها‪ .‬فمن تلك األدلة‪:‬‬

‫(‪ )1‬وجه نفي أصل اإليمان أن حبوط األعمال ال يكون إال بالكفر‪ .‬انظر‪ :‬مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين‬
‫(‪.)098/2‬‬
‫(‪ )2‬كلمة اإلرخالص (ص‪.)26 :‬‬
‫(‪ )3‬الشرك ومظاهره (ص‪.)238 :‬‬
‫‪363‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫‪ 0‬ـ قوله ‪« :‬ثـالث مـن كـن فيـه وجـد حـالوة اإليمـان‪ :‬أن يكـون اللـه ورسـوله أحـب إليـه‬
‫ممــا سـواهما‪ ،‬وأن يحــب المــرء ال يحبــه إال للــه‪ ،‬وأن يكــره أن يعــود فــي الكفــر بعــد أن أنقــذه‬
‫الله منه كما يكره أن يقذف في النار»(‪.)1‬‬
‫وجــه االستشــهاد بالحــديث ظــاهر علــى اشــتراط المحبــة لصــحة الشــهادة‪ ،‬وهــو‪ :‬أن‬
‫حالوة اإليمان ال تحصل إال بهـذه الـثالث رخصـال‪ ،‬والتـي منهـا أن يكـون اللـه ورسـوله أحـب‬
‫إلي ــه مم ــا سـ ـواهما‪ .‬وال يص ــح أن تُحم ــل ح ــالوة اإليم ــان ف ــي ه ــذا الح ــديث عل ــى الكم ــال‬
‫فحسب‪ ،‬بل هي شاملة لألصل والكمال‪ ،‬ألن مـن هـذه الخصـال الـثالث مـا هـو مـن شـروط‬
‫المحبـ ــة ومسـ ــتلزماتها(‪)2‬؛ كحـ ــب اللـ ــه ورس ـ ـوله أكثـ ــر ممـ ــا س ـ ـواهما(‪ ،)3‬وبغـ ــض العـ ــودة إلـ ــى‬
‫الكفــر(‪ ،)4‬ومنهــا مــا هــو مــن تمــام المحبــة ومكمالتهــا؛ وذلــك كــأن يحــب المــرء ال يحبــه إال‬
‫لله(‪.)5‬‬
‫أو يقـال فــي وجــه االستشـهاد أن المـراد كمــال اإليمــان؛ ألن حـالوة اإليمــان أمــر زائــد‬
‫علــى األص ـل‪ ،‬واألصــل درخولُـه تبع ـاً‪ .‬والمعنــى ـ كمــا قــال الشــيخ ســليمان آل الشــيخ ـ‪(( :‬أن‬
‫يكــون اللــه ورس ـوله عنــد العبــد أحــب إليــه ممــا س ـواهما حب ـاً قلبي ـاً كمــا فــي بعــض األحاديــث‬

‫(‪ )1‬أرخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب حالوة اإليمان (جـ‪ )00/0‬ح (‪.)03‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)260/01‬‬
‫(‪ )3‬يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إغاثة اللهفان (‪(( :)093/2‬فمحبته تعالى بل كونه أحب إلى العبد من كل ما‬
‫سواه على اإلطالق من أعظم واجبات الدين‪ ،‬وأكبر أصوله‪ ،‬وأجل قواعده؛ ومن أحب معه مخلوقاً مثل ما يحبه‬
‫فهو من الشرك الذي ال يغفر لصاحبه وال يقبل معه عمل))‪.‬‬
‫(‪ )4‬يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬من لم يكن في قلبه بغض ما يبغضه الله ورسوله من المنكر الذي حرمه الله‬
‫ورسوله من الكفر والفسوق والعصيان لم يكن في قلبه اإليمان الذي أوجبه الله عليه؛ فإن لم يكن مبغضا لشيء‬
‫من المحرمات أصالً لم يكن معه إيمان أصالً))‪[ .‬مجموع الفتاوى (‪.])60/2‬‬
‫وقال في مو ع آرخر أيضاً‪(( :‬أن القلب إذا لم يكن فيه بغض ما يكرهه الله من المنكرات كان عادماً لإليمان))‪.‬‬
‫[مجموع الفتاوى (‪.])662/2‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)60 :‬‬
‫‪362‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫«أحب ـوا الل ــه بك ــل قل ــوبكم»(‪ ،)1‬فيمي ــل بكليت ــه إل ــى الل ــه وح ــده حت ــى يك ــون وح ــده محبوب ــه‬
‫ومعبوده))(‪.)2‬‬
‫ويشــهد للوجــه األول‪ :‬أن مــن لــم يكــن اللــه ورسـوله أحــب إليــه ممــا سـواهما لــم يكــن‬
‫مؤمناً‪ ،‬وكذا من أحب العودة إلى الكفر فال يكون مؤمناً أيضاً‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وعن أبي رزين العقيلي(‪ )3‬قال‪ :‬قلت يا رسـول اللـه مـا اإليمـان؟ قـال‪« :‬أن تشـهد‬
‫أن ال إله إال الله وحده ال شريك له وأن محمداً عبده ورسوله‪ ،‬وأن يكـون اللـه ورسـوله أحـب‬
‫إليــك ممــا س ـواهما‪ ،‬وأن تحتــرق فــي النــار أحــب إليــك مــن أن تشــرك باللــه شــيئاً‪ ،‬وأن تحــب‬
‫غيــر ذي نســب ال تحبـه إال للــه‪ .‬فــإذا كنــت كــذلك فقــد درخــل حــب اإليمــان فــي قلبــك كمــا‬
‫درخل حب الماء للظمآن في اليوم القائظ(‪.)5(»)4‬‬
‫ووجه االستشهاد به على اشتراط المحبة أن أبـا رزيـن ‪ ‬سـأل النبـي ‪ ‬عـن حقيقـة‬
‫اإليمــان‪ ،‬فــذكر ‪ ‬مــن ذلــك‪« :‬وأن يكــون اللــه ورس ـوله أحــب إليــك ممــا س ـواهما»‪ ،‬فجعــل‬
‫محبة الله تعالى ومحبة رسوله من حقـائق اإليمـان‪ .‬واإليمـان أصـله الشـهادتان‪ ،‬ولـذا قـدمهما‬
‫النب ــي ‪ ‬ف ــي ال ــذكر ث ــم ذك ــر لوازمهم ــا‪ ،‬وه ــي محب ــة الل ــه ورسـ ـوله‪ ،‬وبغ ــض الش ــرك‪ ،‬ومحب ــة‬
‫المؤمنين‪ ،‬وجعل جميع ذلك حقيقة اإليمان‪.‬‬
‫قال البيهقـي ـ رحمـه اللـه ـ فـي شـرحه لهـذا الحـديث‪(( :‬فأبـان المصـطفى ‪ ‬بهـذا أن‬
‫ح ــب الل ــه وح ــب رسـ ـوله م ــن اإليم ــان‪ ،‬وأب ــان بم ــا قبل ــه أن ت ــرك متابعت ــه ت ــدل عل ــى رخ ــالف‬

‫(‪ )1‬أرخرجه البيهقي في الدالئل (‪ ،)626/2‬وأورده السيوطي في الدر المنثور (‪ ،)619/6‬وابن رجب في جامع‬
‫العلوم والحكم (ص‪ .)386 :‬وهو مرسل ألنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن النبي ‪.‬‬
‫(‪ )2‬تيسير العزيز الحميد (ص‪ .)609 :‬وانظر‪ :‬القول المفيد (‪.)32/2‬‬
‫(‪ ) 3‬هو‪ :‬لقيط بن عامر بن المنتفق بن عامر العامري‪ ،‬أبو رزين العقيلي‪ ،‬وافد بني المنتفق‪ ،‬صحابي مشهور‪ .‬انظر‪:‬‬
‫الجرح والتعديل (‪ ،)022/2‬التاريخ الكبير (‪ ،)268/2‬واإلصابة (‪.)383/6‬‬
‫(‪ )4‬أي شديد الحر‪[ .‬النهاية (‪.])062/6‬‬
‫(‪ )5‬أرخرجه أحمد في المسند (‪ ،)00/6‬وابن بطة في اإلبانة (‪ )331/2‬رقم (‪ ،)860‬وأورده الهيثمي في المجمع‬
‫(جـ‪ 66/0‬ـ ‪ )66‬وقال‪ :‬رواه أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب وقد وثق على عف فيه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويشهد لمعناه الحديث الذي قبله‪.‬‬
‫‪368‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المحب ــة‪ ،‬وف ــي ذل ــك دالل ــة عل ــى وج ــوب المحب ــة ووج ــوب م ـا تقتض ــيه المحب ــة م ــن المتابع ــة‬
‫والموافقة))(‪.)1‬‬
‫‪ 6‬ـ عــن عائشــة ـ ر ــي اللــه عنهــا قالــت‪ :‬قــال رســول اللــه ‪« : ‬الشــرك أرخفــى مــن‬
‫دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء‪ ،‬وأدناه أن تُحب على شيء من الجور‪ ،‬أو تُبغض‬
‫عل ــى ش ــيء م ــن الع ــدل‪ .‬وه ــل ال ــدين إال الح ــب وال ــبغض‪ .‬ق ــال الل ــه تع ــالى‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [آل عمران‪.)2(»]60:‬‬
‫ووجه االستشهاد به على اشتراط المحبة لتحقيق الشهادة‪ :‬أن الحديث دل بمنطوقـه‬
‫على أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه‪ ،‬والمواالة على ذلك من الشرك الخفـي(‪ ،)3‬فهـو‬
‫يــدل بمفهومــه علـى أن نقــيض هــذه األمــور مــن التوحيــد‪ .‬ونقــيض هــذه األمــور هــي مــن لـوازم‬
‫وأف ـراد محبــة اللــه تعــالى‪ .‬فمــن بــاب أولــى إذن أن ينــتقض التوحيــد بمــا ينــاقض جميــع أف ـراد‬
‫ولوازم هذه المحبة‪ .‬فصح أن محبة الله شرط لتحقيق التوحيد‪.‬‬
‫قال المناوي ـ رحمه الله ـ مبيناً وجه الشرك بسبب اإلرخالل في هذه األمور مـن لـوازم‬
‫محب ــة الل ــه تع ــالى ـ ‪(( :‬أي م ــا دي ــن اإلس ــالم إال ذل ــك؛ ألن القل ــب ال ب ــد ل ــه م ــن التعل ــق‬
‫بمحبوب‪ ،‬فمن لم يكن الله وحده له محبوبه ومعبوده فال بد أن يتعبد قلبه لغيـره‪ ،‬وذلـك هـو‬
‫الشــرك المبــين‪ ،‬فمــن ثــم كــان الحــب فــي اللــه هــو الــدين‪ ،‬أال تــرى أن ام ـرأة العزيــز لمــا كانــت‬
‫مشركة كان منها ما كان مع كونها ذات زوج‪ ،‬ويوسـف لمـا أرخلـص الحـب فـي اللـه وللـه نجـا‬
‫من ذلك‪ ،‬مع كونه شاباً عزباً مملوكاً))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬

‫(‪ )1‬شعب اإليمان (‪.)662/0‬‬


‫(‪ )2‬أرخرجه أبو نعيم في الحلية (‪ ،)266/9 ،638/8‬و الحاكم في المستدرك (‪ ،)290/2‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‬
‫ولم يخرجاه‪ ،‬وتعقبه الذهبي بأن فيه عبد األعلى بن أعين‪ .‬قال الدارقطني ليس بثقة‪ .‬وقال في الميزان (‪)266/6‬‬
‫عن العقيلي جاء بأحاديث منكرة‪ ،‬وساق هذا منها‪ ،‬وقال ابن حبان ال يجوز االحتجاج بها‪ .‬وانظر‪ :‬الضعفاء‬
‫للعقيلي (‪ 31/6‬ـ‪.)30‬‬
‫قلت‪ :‬وهو عيف بهذا اإلسناد‪ ،‬عفه األلباني كما في عيف الجامع ح رقم (‪ ،)6660‬إال أن لشطره األول‬
‫شواهد‪ .‬انظر‪ :‬سلسلة األحاديث الضعيفة (‪ 229/8‬ـ ‪ )260‬ح رقم (‪.)6266‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كلمة اإلرخالص (ص‪ 26 :‬ـ ‪.)26‬‬
‫(‪ )4‬فيض القدير (‪.)026/6‬‬
‫‪369‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫‪ 6‬ـ قول ــه ‪« :‬ال ي ــؤمن أح ــدكم حت ــى أك ــون أح ــب إلي ــه م ــن وال ــده وول ــده والن ــاس‬
‫أجمعين»(‪.)1‬‬
‫ووجه االستشهاد بـه ظـاهر علـى شـرط المحبـة‪ ،‬وهـو أن النبـي ‪ ‬نفـى اإليمـان عمـن‬
‫لــم يحبــه هــذه المحبــة‪ ،‬والتــي هــي أكثــر مــن محبــة الــنفس والوالــد والولــد والنــاس أجمعــين‪،‬‬
‫ومحبته ‪ ‬من لوازم محبة الله تعالى‪ ،‬فإذا انتفى الالزم انتفى الملزوم‪.‬‬
‫قال النووي ـ رحمه الله ـ في صـحيح مسـلم مبوبـاً علـى هـذا الحـديث‪« :‬بـاب وجـوب‬
‫محبــة رســول اللــه ‪ ‬أكثــر مــن األهــل والولــد والوالــد والنــاس أجمعــين وإطــالق عــدم اإليمــان‬
‫على من لم يحبه هذه المحبة))(‪.)2‬‬
‫وقــال القا ــي عيــاض‪...(( :‬وإذا تحقــق مــا ذكرنــاه تبــين أن حقيقــة اإليمــان ال تـتم إال‬
‫بــذلك‪ ،‬وال يصــح اإليمــان إال بتحقيــق إناق ـة(‪ )3‬قــدر النب ـي ‪ ‬ومنزلتــه علــى كــل والــد وولــد‪،‬‬
‫ومفضل‪ ،‬ومن لم يعتقد هذا واعتقد سواه فليس بمؤمن))(‪.)4‬‬ ‫ومحسن ُ‬
‫وقال الحافظ ابن رجب ـ رحمـه اللـه ـ فـي شـرحه علـى هـذا الحـديث‪(( :‬فـال يكـون المـؤمن‬
‫مؤمناً حتى يُقدم محبة الرسول على محبة جميع الخلق؛ ومحبة الرسول تابعة لمحبة ُمرسله))(‪.)5‬‬
‫والمراد بالمحبة هنا ـ كما تقدم ـ محبة االرختيـار ال محبـة الطبـع‪ ،‬ألن محبـة الطبـع ال‬
‫سبيل إلى دفعها‪ .‬والمعنى ـ كما قال أبو سليمان الخطابي ـ ((ال تصدق في حبـى حتـى تُفنـي‬
‫في طاعتي نفسك‪ ،‬وتؤثر ر اي على هواك‪ ،‬وإن كان فيه هالكك))(‪.)6‬‬
‫وهكذا المحبة الصادقة فإنها تبعث على تقديم محاب المحبوب على محابه هـو‪ ،‬فيفنـى‬
‫في طاعة محبوبه‪ ،‬ويؤثر ر اه على ر ى غيره‪ ،‬فيحب بقلبه ما يحبه محبوبه‪ ،‬ويبغض ما يُبغضـه؛‬
‫((فالمحبة الصحيحة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات وبغض المكروهات))(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬أرخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب حب الرسول ‪ ‬من اإليمان (جـ‪ )00/0‬ح رقم (‪ ،)06‬ومسلم في‬
‫كتاب اإليمان (‪ )32/0‬ح رقم (‪ .)39‬واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم بشرح النووي (جـ‪.)216/2‬‬
‫(‪ )3‬إناقة هنا بمعنى الرفع في المنـزلة‪ .‬انظر‪ :‬إكمال إكمال المعلم (‪)066/0‬‬
‫(‪ )4‬إكمال المعلم (‪.)280/0‬‬
‫(‪ )5‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)226 :‬‬
‫(‪ )6‬شرح النووي على صحيح مسلم (جـ‪.)216/2‬‬
‫(‪ )7‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)223 :‬‬
‫‪361‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫هذه بعض األدلـة مـن الكتـاب والسـنة الدالـة علـى وجـوب محبـة اللـه تعـالى المقتضـية‬
‫محبة هذه الكلمة‪ ،‬وما دلت عليه من التوحيد واإلرخالص‪ ،‬وتجريد المتابعة للنبي ‪.‬‬
‫كمــا أن هنــاك وجوهـاً أرخــرى مســتفادة مــن نصــوص أرخــرى تـدل علــى شــرطية المحبــة‬
‫بطريق االلتزام‪ ،‬ومن هذه الوجوه‪ :‬أن اإليمان ال بد فيـه مـن عمـل الجـوارح؛ ألن اإليمـان قـول‬
‫وعمل ـ كمـا دلـت عليـه النصـوص ـ‪ ،‬وموجـب هـذه األعمـال ـ كمـا تقـدم ـ هـو مـا فـي القلـوب‬
‫مــن محبــة اللــه تعــالى ومحبــة رس ـوله ‪ ،‬وم ـا ال يــتم الواجــب إال بــه فهــو واجــب؛ فثبــت أن‬
‫محبة الله واجبة ال يتم اإليمان إال بها‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن بن حسـن آل الشـيخ‪(( :‬وال بـد مـن المحبـة المنافيـة لضـدها‪،‬‬
‫فال يحصل لقائلها معرفة وقبول(‪ )1‬إال بمحبة ما دلت عليه من اإلرخالص))(‪.)2‬‬
‫وقد أشار شـيخ اإلسـالم ابـن تيميـة ـ رحمـه اللـه ـ إلـى هـذا االرتبـاط بـين محبـة القلـب‬
‫وانقيــاد الجـوارح بقولــه‪(( :‬فاإليمــان ال بــد فيــه مــن هــذين األصــلين‪ :‬التصــديق بــالحق‪ ،‬والمحبــة‬
‫له‪ ،‬وهذا أصل القول‪ ،‬وهذا أصل العمل‪ ،‬ثم الحرب الترام مرع الةردرة‪ ،‬يسرتلمم حركرة البردن‬
‫بالةول الظاهر والعمل الظاهر ضررورة كمرا تةردم‪ ،‬فمـن جعـل مجـرد العلـم والتصـديق موجبـاً‬
‫لجميــع مــا يــدرخل فـي مســمى اإليمــان‪ ،‬وكــل مــا يسـمى إيمانـاً فقــد غلــط‪ ،‬بــل البــد مــن العلــم‬
‫والحب‪ ،‬والعلم شرط في محبة المحبوب‪ ،‬كما أن الحيـاة شـرط فـي العلـم‪ ،‬لكـن ال يلـزم مـن‬
‫المحــب‬ ‫العلــم بالشــيء والتصــديق بثبوتــه محبتــه‪ ،‬إن لــم يكــن بــين العلــم والمعلــوم معنـ ًـى ف ـي ُ‬
‫ومعنى في المحبوب كان محبوباً ألجله‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أُحب ألجله‪،‬‬
‫ولهــذا كــان اإلنســان يصــدق بثبــوت أشــياء كثيــرة ويعلمهــا وهــو يبغضــها‪ ،‬كمــا يصــدق‬
‫بوجود الشياطين والكفـار ويبغضـهم‪ ،‬فـنفس التصـديق بوجـود الشـيء ال يقتضـي محبتـه‪ ،‬لكـن‬
‫اللــه ســبحانه يســتحق لذاتــه أن يحــب ويعبــد‪ ،‬وأن يحــب ألجلــه رسـوله‪ ،‬والقلــوب فيهــا معنـ ًـى‬
‫يقتضــي حبــه وطاعتــه‪ ،‬كمــا فيهــا معنـ ًـى يقتضــي العلــم والتصــديق بــه‪ ،‬فمــن صــدق بــه وبرسـوله‪،‬‬
‫ولم يكن محباً له ولرسوله‪ ،‬لم يكن مؤمناً حتى يكـون فيـه مـع ذلـك الحـب لـه ولرسـوله‪ ،‬وإذا‬
‫قررام بالةلررب التصررديا برره والمحبررة لرره‪ ،‬لررمم ضرررورةً أن يتحرررك البرردن بموجررب ذل ر مررن‬

‫(‪ )1‬القبول هنا شامل لعمل الجوارح كما سيأتي في تو يح الفرق بين القبول واالنقياد‪.‬‬
‫(‪ )2‬الدرر السنية (‪.)266/2‬‬
‫‪360‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫األق رروال الظ رراهرة‪ ،‬واألعم ررال الظ رراهرة‪ ،‬فم ــا يظهــر علــى الب ــدن م ـن األق ـوال واألعم ــال هــو‬
‫موجب ما في القلوب والزمه‪ ،‬ودليله ومعلوله‪ ،‬كمـا أن مـا يقـوم بالبـدن مـن األقـوال واألعمـال‬
‫له أيضاً تـأثير فيمـا فـي القلـب‪ ،‬فكـل منهمـا يـؤثر فـي اآلرخـر‪ ،‬لكـن القلـب هـو األصـل والبـدن‬
‫فرع له‪ ،‬والفرع يستمد من أصله‪ ،‬واألصل يثبت ويقـوى بفرعـه‪ ،‬كمـا فـي الشـجرة التـي يضـرب‬
‫المثل لكلمة اإليمان بها‪.‬‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﭑ ﭒ‬ ‫ق ـ ـ ــال تع ـ ـ ــالى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖﭗ [إبراهيم‪ 26 :‬ـ ‪ .]26‬وهـو(‪ )1‬كلمـة التوحيـد‪ ،‬فالشـجرة كلمـا قـوي‬ ‫ﭓ‬
‫أصلها وعروقها وروي‪ ،‬قويت فروعها‪ ،‬وفروعها أيضـاً إذا اغتـذت بـالمطر والـريح أثـر ذلـك فـي‬
‫أصلها‪.‬‬
‫وكــذا اإليم ـان ف ـي القلــب‪ ،‬واإلســالم عالنيــة‪ ،‬ولمــا كانــت األق ـوال واألعمــال الظــاهرة‬
‫الزمة ومستلزمة لألقوال واألعمـال الباطنـة‪ ،‬كـان يسـتدل بهـا عليهـا‪ ،‬كمـا فـي قولـه تعـالى‪ :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ [المجادل ــة‪ ،]22:‬ف ــأرخبر أن م ــن ك ــان مؤمنـ ـاً بالل ــه والي ــوم اآلرخ ــر ال‬
‫يوجدون موادين ألعداء الله ورسوله‪ ،‬بل نفس اإليمان ينـافى مـوادتهم‪ ،‬فـإذا حصـلت المـوادة دل‬
‫ذلك على رخلل اإليمان))(‪.)2‬‬
‫وأيضـاً‪ :‬فــإن مــن أنـواع الشــرك شــرك المحبــة‪ ،‬كمــا قــال تعــالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮇﮈ [البقــرة‪ ،]036 :‬فصــح أنــه محتــاج إلــى تجريــد المحبــة للــه تعــالى‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫لنفي هذا الشرك متى وجد‪.‬‬
‫ومن الوجوه أيضاً‪ :‬أن الكفر لما كان يحصل بالبغض والكره لله تعالى أو لرسـوله ‪‬‬
‫أو لشــيء ممــا شــرعه اللــه تعــالى أو رس ـوله ‪ ،)3(‬والــبغض ال ينتفــي إال بالحــب؛ فصــح أنــه‬
‫محتاج إليه لنفي هذا الكفر متى وجد‪.‬‬

‫(‪ )1‬في مجموع الفتاوى (وهي) بعود الضمير على الكلمة‪ .‬وهنا ـ كما في شرح حديث جبريل ـ يعود الضمير إلى‬
‫األصل الذي يقوى بفرعه‪ .‬كما أشار إلى ذلك المحقق‪.‬‬
‫(‪ )2‬شرح حديث جبريل (ص‪ 622 :‬ـ ‪.)628‬‬
‫(‪ )3‬الفتاوى الكبرى البن تيمية (‪،)313/6‬‬
‫‪362‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫كمــا أن هـذا الشــرط مجمــع عليــه أيضـاً بــين أهــل العلــم‪ .‬وممــن حكــى اإلجمــاع عليــه‬
‫الغزالي في ((اإلحياء))(‪ )1‬والـرازي(‪ )2‬فـي ((المحصـول))(‪ ،)3‬والسـبكي فـي ((اإلبهـاج))(‪ ،)4‬وشـيخ‬
‫اإلسالم في ((المجموع))(‪.)5‬‬
‫كمــا أن المحبــة أيضـاً هــي مــن موجبــات الفطــرة‪ ،‬فــالفطرة دالــة عليهــا‪ ،‬ألن الفطــرة دلــت‬
‫على استحقاق الله للعبادة‪ ،‬والعبادة أصلها وقوامها حب الله ‪.)6(‬‬

‫(‪.)262/6( )1‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري‪ ،‬أصولي‪ ،‬مفسر‪ ،‬متكلم‪ .‬قال عنه الذهبي‪( :‬قد‬
‫بدت منه في تواليفه باليا وعظائم وسحر وانحرافات عن السنة‪ ،‬والله يعفو عنه‪ ،‬فإنه توفي على طريقة حميدة‬
‫والله يتولى السرائر‪ ،‬مات بهراة يوم عيد الفطر سنة ست وست مئة‪ ،‬وله بضع وستون سنة‪ ،‬وقد اعترف في آرخر‬
‫عمره حيث يقول‪ :‬لقد تأملت الطرق الكالمية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليال وال تروي غليال ورأيت‬
‫[فاطر‪:‬‬ ‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ‬ ‫[طـه‪،]6 :‬‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ﮉ‬ ‫أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في اإلثبات‬
‫[الشورى‪ .]00 :‬ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي)‪[ .‬سير‬ ‫‪ .]01‬وأقرأ في النفي ﭡ ﭢ ﭣﭤ‬
‫أعالم النبالء (‪.])610/20‬‬
‫(‪.)669/6( )3‬‬
‫(‪.)221/2( )4‬‬
‫(‪ .)20/01( )5‬وانظر‪ :‬درء التعارض (‪.)32/3‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬درء التعارض (‪.)551/8‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار المحبة شرطاً لصحة الشهادة‪.‬‬
‫تضمنت أقوال أهل العلم وتقريراتهم ما تضمنته النصوص من الكتاب والسنة من رورة‬
‫محبة هذه الكلمة‪ ،‬وما تقتضيه من محبة الله تعالى‪ ،‬ومحبة رسوله ‪ ،‬ومحبة عباده‬
‫الصالحين‪ ،‬والبغض لمن أرخل بشيء من ذلك‪ .‬وفي هذا المبحث سأذكر بعض أقوال أهل‬
‫العلم من المتقدمين والمتأرخرين في تقرير وجوب محبة هذه الكلمة‪ ،‬ولزوميتها لصحة الشهادة‪:‬‬
‫قال اإلمام محمد بن نصر المروزي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وكذلك محال أن يفارق اإليمان‬
‫الحب‪ ،‬وكان عزيزاً أن يفارق أحدهما اآلرخر‪ ،‬فإذا لم يجز أن يفارق البغض الكفر‪ ،‬فالحب‬
‫اإليمان ال غيره))(‪.)1‬‬
‫ففي كالم هذا اإلمام داللة وا حة على اشتراط محبة الله تعالى لصحة اإليمان‪ ،‬حيث‬
‫نص على أنه ((محال أن يفارق الحب اإليمان))‪ ،‬فهما مرتبطان‪ ،‬فال يتصور وجود أحدهما إال‬
‫مع وجود اآلرخر‪ ،‬وذلك وجه الشرطية‪.‬‬
‫كما نجده ـ رحمه الله ـ قد ربط بين المحبة واإليمان ربطاً وثيقاً‪ ،‬وبين بصريح النص أن‬
‫المؤمن هو المحب لربه‪ ،‬وذلك أثناء نقاشه للمرجئة في أمر اإليمان حيث قال‪(( :‬ويقال لهم‬
‫أرخبرونا عن الحب لله إيمان هو؟ فإن قالوا‪ :‬ال‪ .‬قيل لهم‪ :‬فما د الحب؟ فإن قالوا البغض‪،‬‬
‫وال بد لهم من ذلك‪ .‬قيل لهم‪ :‬فالبغض لله إذاً ليس بكفر‪ ،‬ألن الكفر د اإليمان‪ ،‬وما ليس‬
‫بكفر ليس ده إيماناً‪...‬إلى أن قال‪ :‬والله تعالى يقول‪ :‬ﮨ ﮩ [المائدة‪ .]66 :‬فأرخبر أن‬
‫أولياءه له محبون))(‪ )2‬انتهى‪.‬‬
‫وقال أبو العباس ابن سريج(‪ )3‬ممتحناً لبعض أصحابه‪(( :‬أين تعرف في نص الكتاب أن‬
‫محبة الله فرض؟ فقال‪ :‬ال أدري‪ ،‬ولكن يقول القا ي ـ يعني ابن سريج ـ‪ .‬فقال له قوله ‪‬‬

‫(‪ )1‬تعظيم قدر الصالة (‪.)260/2‬‬


‫(‪ )2‬تعظيم قدر الصالة (‪ 228/2‬ـ ‪ .)229‬وانظر‪ :‬جهود علماء الشافعية في تقرير توحيد العبادة (ص‪.)206 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أحمد بن عمر بن سريج البغدادي الشافعي‪ ،‬من أعالم الشافعية‪ ،‬حدث عنه الطبراني‪ ،‬وأبو أحمد‬
‫الجرجاني‪ ،‬وله تصانيف كثيرة‪ ،‬قيل إنها بلغت األربعمائة مصنف‪ .‬منها‪( :‬الرد على ابن داود في القياس)‪ ،‬كانت‬
‫وفاته ببغداد سنة (‪ )613‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬لترجمته‪ :‬تاريخ بغداد (‪ ،)282/6‬وطبقات الشافعية (‪ 20/6‬ـ ‪ ،)69‬وسير‬
‫أعالم النبالء (‪.)210/06‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ إلى قوله ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖﮗ [التوبة‪ ،]26 :‬والوعيد ال يكون إال على ترك فرض(‪.)1‬‬
‫وعقد البيهقي باباً في ((الشعب)) سماه‪(( :‬من شعب اإليمان اإليمان بوجوب محبة‬
‫الله ‪ .))‬ثم أورد األدلة الدالة على هذه الترجمة فذكر من ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ ﮇﮈﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ [البقرة‪ ،]036:‬وحديث أنس بن مالك ‪ ‬المخرج في‬
‫الصحيحين‪« :‬ثالث من كن فيه‪ ،‬وجد بهن حالوة اإليمان» الحديث(‪.)2‬‬
‫وقال أبو حامد الغزالي‪(( :‬جعل رسول الله ‪ ‬الحب لله من شرط اإليمان في‬
‫أرخبار كثيرة))(‪ )3‬ثم أورد اآليات واألحاديث المتقدمة في اشتراط المحبة لصحة الشهادة‪.‬‬
‫وقال ابن جزيء الكلبي(‪ )4‬في معرض كالمه عن المنهيات المتعلقة بأعمال‬
‫القلوب‪(( :‬السابع عشر‪ :‬محبة الله تعالى‪ ،‬وهي نوعان‪ :‬عامة ورخاصة؛ فالعامة لجميع‬
‫المسلمين وال يصح اإليمان إال بها‪ ،‬وهو مقام أصحاب اليقين‪ ،‬والخاصة مقام المقربين‬
‫وهي أعلى المقامات وأرفع الدرجات))(‪.)5‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فاإليمان ال بد فيه من هذين األصلين‪:‬‬
‫التصديق بالحق‪ ،‬والمحبة له‪ ،‬وهذا أصل القول‪ ،‬وهذا أصل العمل))(‪.)6‬‬
‫وقال في مو ع آرخر‪(( :‬فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضى أن ال يحب إال لله وال‬
‫يبغض إال لله‪ ،‬وال يوالى إال لله‪ ،‬وال يعادي إال لله‪ ،‬وأن يحب ما يحبه الله‪ ،‬ويبغض ما أبغضه‪،‬‬
‫ويأمر بما أمر الله به‪ ،‬وينهى عما نهي الله عنه‪ ،‬وإنك ال ترجو إال الله‪ ،‬وال تخاف إال الله‪ ،‬وال‬
‫تسأل إال الله‪ ،‬وهذا ملة إبراهيم وهذا اإلسالم الذي بعث الله به جميع المرسلين))(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شعب اإليمان (‪ 662/2‬ـ ‪.)666‬‬


‫(‪ )2‬مختصر شعب اإليمان ألبي المعالي الغزويني (ص‪ 28 :‬ـ ‪ ،)29‬وانظر‪ :‬أصله الشعب (‪.)662/2‬‬
‫(‪ )3‬اإلحياء في علوم الدين (‪.)286/6‬‬
‫(‪ )4‬تقدمت ترجمته‪.‬‬
‫(‪ )5‬القوانين الفقهية (ص‪.)286 :‬‬
‫(‪ )6‬شرح حديث جبريل (ص‪ )622 :‬أو مجموع الفتاوى (‪ 661/2‬ـ ‪.)660‬‬
‫(‪ )7‬نفس المصدر (‪.)662/8‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وقال تلميذه ابن القيم في شأن المحبة‪(( :‬فإنها عمود اإليمان وعمدته وساقه الذي ال‬
‫يقوم إال عليه‪ ،‬فال إيمان بدونها البتة))(‪.)1‬‬
‫وقال في مو ع آرخر‪(( :‬فلو بطلت مسألة المحبة لبطلت جميع مقامات اإليمان‬
‫واإلحسان‪ ،‬ولتعطلت منازل السير إلى الله؛ فإنها روح كل مقام ومنزلة وعمل‪ ،‬فإذا رخال‬
‫منها فهو ميت ال روح فيه‪ ،‬ونسبتها إلى األعمال كنسبة اإلرخالص إليها بل هي حقيقة‬
‫اإلرخالص بل هي نفس اإلسالم‪ ،‬فإنه االستسالم بالذل والحب والطاعة لله‪ ،‬فمن ال محبة‬
‫له ال إسالم له البتة بل هي حةيةة شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬فإن اإلله هو الذي يأله‬
‫العباد حباً وذالً‪ ،‬ورخوفاً ورجاء‪ ،‬وتعظيماً وطاعة له‪ ،‬بمعنى مألوه‪ ،‬وهو الذي تألهه القلوب‬
‫أي تحبه وتذل له‪ ،‬وأصل التأله التعبد‪ ،‬والتعبد آرخر مراتب الحب‪ .‬يقال‪ :‬عبده الحب‬
‫وتيمه إذا ملكه وذلـله لمحبوبه؛ فالمحبة حقيقة العبودية))(‪.)2‬‬
‫وقال الحافظ ابن حجر ـ ناقالً عن بعض أهل العلم ـ‪(( :‬محبة الله على قسمين‪:‬‬
‫فرض وندب‪ ،‬فالفرض المحبة التي تبعث على امتثال أوامره واالنتهاء عن معاصيه والر ا‬
‫بما يقدره‪ ،‬فمن وقع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله حيث‬
‫قدم هوى نفسه))(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬ومحبة الفرض في كالم الحافظ تشمل أصل المحبة وكمالها الواجب‪ ،‬ألن‬
‫قوله‪(( :‬تبعث على امتثال أوامره‪ ،‬واالنتهاء عن معاصيه)) عام يشمل امتثال التوحيد وغيره‪،‬‬
‫واالنتهاء عن الشرك وعن سائر المعاصي‪.‬‬
‫وقال بدر الدين العيني(‪ )4‬ـ رحمه الله ـ عند شرح حديث‪« :‬ثالث من كن فيه وجد‬
‫بهن حالوة اإليمان» الحديث ـ ((قال النووي هذا حديث عظيم أصل من أصول اإلسالم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كيف ال؟ وفيه محبة الله ورسوله التي هي أصل اإليمان بل عينه))(‪ .)5‬انتهى‪.‬‬

‫(‪ )1‬طريق الهجرتين (ص‪.)623 :‬‬


‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)23/6‬‬
‫(‪ )3‬فتح الباري (‪.)30/0‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬بدر الدين محمود بن أحمد العيني‪ ،‬ولي قضاء الحنفية بالقاهرة‪ ،‬وكان إماما بالعربية والتصريف وغيرهما‪ ،‬له‬
‫من المصنفات (شرح البخاري) المسمى (عمدة القاري)‪ ،‬و(التأريخ) المسمى بالعيني‪ ،‬و(شرح معاني اآلثار)‪،‬‬
‫و(مختصر تاريخ ابن عساكر)‪ ،‬مات بعين في ذي الحجة سنة ‪ 866‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬لترجمته‪ :‬أبجد العلوم‬
‫(‪.)016/6‬‬
‫(‪ )5‬عمدة القاري (‪.)068/0‬‬
‫‪363‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وقال شمس الدين الحنفي(‪ )1‬ـ وقد سئل عن الولي ـ ‪(( :‬هو من قال ال إله إال الله‬
‫وقام بشروطها‪ ،‬وشروطها أن يوالي الله ورسوله بمعنى أن يواد الله بشهادته له بالوحدانية‬
‫ولمحمد ‪ ‬بالرسالة))(‪.)2‬‬
‫ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬أصل التوحيد وروحه‪ :‬إرخالص‬
‫المحبة لله وحده‪ ،‬وهي أصل التأله والتعبد له‪ ،‬بل هي حقيقة العبادة‪ ،‬وال يتم التوحيد حتى‬
‫تكمل محبة العبد لربه‪ ،‬وتسبق محبته جميع المحاب وتغلبها‪ ،‬ويكون لها الحكم عليها‪،‬‬
‫بحيث تكون سائر محاب العبد تبعاً لهذه المحبة‪ ،‬التي بها سعادة العبد وفالحه))(‪.)3‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬واعلم أن أنواع المحبة ثالثة أقسام‪:‬‬
‫األول‪ :‬محبة الله التي هي أصل اإليمان والتوحيد‪.)4())..‬‬
‫كما جاء في كالم بعض أهل العلم التنصيص على أنها شرط لصحة شهادة ال‬
‫إله إال الله‪ ،‬وممن نص على ذلك‪ :‬عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ(‪ ،)5‬وابن‬
‫سحمان(‪ ،)6‬والشيخ حافظ حكمي(‪ ،)7‬والعالمة ابن باز(‪ ،)8‬وابن جبرين(‪.)9‬‬
‫هذا ما تيسر جمعه من أقوال أهل العلم في وجوب محبة هذه الشهادة‪ ،‬و رورة‬
‫ذلك لصحة اإليمان‪ .‬والله المستعان‪.‬‬

‫(‪ )1‬ذكره الشعراني في طبقاته ونسب إليه بعض البدع والخرافات‪ ،‬والله أعلم بحقيقة حاله‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في‬
‫الطبقات الكبرى (ص‪ 931 :‬ـ ‪.)994‬‬
‫(‪ )2‬الطبقات الكبرى للشعراني (ص‪.)995 :‬‬
‫(‪ )3‬القول السديد (ص‪.)216 :‬‬
‫(‪ )4‬المصدر نفسه (ص‪.)216 :‬‬
‫(‪ )5‬كما في فتح المجيد (ص‪.)006 :‬‬
‫(‪ )6‬كما في داليته من الهدية السنية (ص‪ ،)061 :‬وديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان (ص‪.)662 :‬‬
‫(‪ )7‬كما في نظمه سلم الوصول من شرحه معارج القبول (‪.)609/2‬‬
‫(‪ )8‬كما في حاشية الدروس المهمة لعموم األمة البن باز (ص‪.)61 :‬‬
‫(‪ )9‬كما في الشهادتان وما تستلزمه كل منهما (ص‪.)002 :‬‬
‫‪362‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المبحث الخامس‪ :‬زيادة المحبة وأثرها في تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫تقدم أن المحبة مراتب ودرجات ال تنحصر(‪)1‬؛ ولذا يتفا ل الناس فيها بحسب‬
‫زيادة هذه المحبة التي في قلوبهم‪.‬‬
‫والمحبة لهذه الكلمة كلما زادت كان لها أثر في تكميل هذه الشهادة وما تقتضيه‬
‫وتستلزمه من أعمال القلوب والجوارح؛ وذلك ألن الباعث لهذه األعمال هو محبة الله‬
‫ورسوله(‪ ،)2‬ومحبة الله ورسوله هي أصل شهادة أن ال إله إال الله وتحقيق هذه الشهادة كما‬
‫تقدم(‪)3‬؛ فكلما قويت هذه المحبة في القلوب انعكس ذلك على تكميل هذه الشهادة‪.‬‬
‫ومما يدل على أن محبة الله ورسوله هي الدافع ألعمال القلوب والجوارح المكملة‬
‫لهذه الشهادة قوله تعالى ـ كما في آية االمتحان ـ‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫[آل عمران‪ ]60:‬حيث دلت على أن دليل محبة الله تعالى هو تمحض المتابعة للنبي ‪‬‬
‫بفعل أوامره وترك زواجره‪.‬‬
‫قال السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيرها‪(( :‬هذه اآلية هي الميزان التي يُعرف بها من‬
‫أحب الله حقيقة‪ ،‬ومن ادعى ذلك دعوى مجردة؛ فعالمة محبة الله اتباع محمد ‪ ‬الذي‬
‫جعل متابعته وجميع ما يدعو إليه طريقاً إلى محبته ور وانه‪ ،‬فال تُنال محبة الله ور وانه‬
‫وثوابه إال بتصديق ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما‪،‬‬
‫فمن فعل ذلك أحبه الله وجازاه جزاء المحبين))(‪.)4‬‬
‫وكذلك فإن الجوارح تعمل ـ في الغالب ـ بمقتضى الحب والبغض‪ ،‬يدفعها حب الشيء‬
‫إلى عمله وبغض الشيء إلى تركه‪ ،‬ولذا إذا تمكنت محبة الله تعالى في القلب لم تنبعث‬
‫الجوارح إال إلى طاعة الله ‪.)5(‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪.)360 :‬‬


‫(‪ )2‬يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪( :‬وكلما قوي سلطان المحبة في القلب كان اقتضاؤه للطاعة وترك المخالفة أقوى‪.‬‬
‫وإنما تصدر المعصية والمخالفة من عف المحبة وسلطانها)‪[ .‬طريق الهجرتين (ص‪.])619 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪.)326 :‬‬
‫(‪ )4‬تيسير الكريم المنان (ص‪ ،)028 :‬وانظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪.)668/0‬‬
‫(‪ )5‬شروط ال إله إال الله للدكتور عبد الله المعتق (ص‪.)31 :‬‬
‫‪368‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يقول ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومتى تمكنت المحبة في القلب لم تنبعث الجوارح إال‬
‫إلى طاعة الرب‪ .‬وهذا هو معنى الحديث اإللهي الذي رخرجه البخاري في ((صحيحه))(‪ )1‬وفيه‪:‬‬
‫«وال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره‬
‫الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها»‪ .‬وفي بعض الروايات بعد قوله‬
‫«ورجله التي يمشي بها»‪« :‬فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي»(‪.)2‬‬
‫والمعنى أن محبة الله إذا استغرق بها القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إال إلى‬
‫مرا ي الرب‪ ،‬وصارت النفس حينئذ مطمئنة بإرادة موالها عن مرادها وهواها))(‪.)3‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ مبيناً سبب التالزم بين المحبة وأعمال الجوارح‪:‬‬
‫((ومعلوم أن الحب يحرك إرادة القلب‪ ،‬فكلما قويت المحبة في القلب طلب القلب فعل‬
‫المحبوبات‪ ،‬فإذا كانت المحبة تامة استلزمت إرادة جازمة في حصول المحبوبات‪ ،‬فإذا كان‬
‫العبد قادراً عليها حصلها‪ ،‬وإن كان عاجزاً عنها‪ ،‬ففعل ما يقدر عليه من ذلك كان له كأجر‬
‫الفاعل‪ ،‬كما قال النبي ‪« :‬من دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور من اتبعه من غير‬
‫أن ينقص من أجورهم شيئاً‪ ،‬ومن دعا إلى اللة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه‪ ،‬من‬
‫غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً»(‪.)4‬‬
‫وقال «إن بالمدينة لرجاالً ما سرتم مسيراً‪ ،‬وال قطعتم وادياً إال كانوا معكم» قالوا‪ :‬وهم‬
‫(‪)5‬‬
‫بالمدينة؟! قال ‪« :‬وهم بالمدينة حبسهم العذر» ‪ ...‬وإذا تبين هذا‪ ،‬فكلما ازداد القلب حباً‬
‫لله ازداد له عبودية‪ ،‬وكلما ازداد له عبودية ازداد له حباً وفضله عما سواه))(‪ .)6‬انتهى‪.‬‬
‫فالحاصل أن زيادة المحبة يحصل بسببها تكميل شهادة أن ال إله إال الله بحسب‬
‫هذه الزيادة‪ ،‬وذلك لوجهين‪:‬‬

‫(‪( )1‬جـ‪ ،)266/2‬كتاب الرقائق‪ :‬باب التوا ع ح رقم (‪.)3612‬‬


‫(‪ )2‬هذه الرواية وقعت في غير الصحيح‪ ،‬وقد أشار إليها الحافظ ابن كثير في التفسير (‪ ،)631/2‬والحافظ ابن‬
‫حجر في (فتح الباري) (‪.)666/00‬‬
‫(‪ )3‬كلمة اإلرخالص (ص‪ .)22 :‬وانظر‪ :‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)223 :‬‬
‫(‪ )4‬أرخرجه مسلم في كتاب العلم‪ )2131/6( ،‬ح (‪ )2326‬من رواية أبي هريرة ‪.‬‬
‫(‪ )5‬أرخرجه البخاري في كتاب الجهاد‪ ،‬باب‪ :‬من حبسه العذر عن الغزو (جـ‪ )281/6‬ح (‪.)2869‬‬
‫(‪ )6‬العبودية (ص‪ 028 :‬ـ ‪ ،)060‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (ص‪.)022 ،062 :‬‬
‫‪369‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫األول‪ :‬أن المحبة أصل للشهادة؛ فإذا زاد األصل زاد ما انبنى عليه رورة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن زيادة المحبة يحصل بسببها زيادة في أعمال القلوب والجوارح؛ وهذه‬
‫األعمال هي من مكمالت الشهادة‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيان هذا االرتباط بين زيادة المحبة وتكميل شهادة‬
‫أن ال إله إال الله‪..(( :‬وكلما تمكنت محبة الله من القلب وقويت فيه أرخرجت منه تألهه لما‬
‫سواه وعبوديته له‪...‬‬
‫وما من مؤمن إال وفي قلبه محبة لله تعالى وطمأنينة بذكره وتنعم بمعرفته‪ ،‬ولذة وسرور‬
‫بذكره‪ ،‬وشوق إلى لقائه‪ ،‬وأنس بقربه وإن لم يحس به الشتغال قلبه بغيره‪ ،‬وانصرافه إلى ما هو‬
‫مشغول به‪ ،‬فوجود الشيء غير اإلحساس والشعور به‪ ،‬وقوة ذلك و عفه وزيادته ونقصانه هو‬
‫بحسب قوة اإليمان‪ ،‬و عفه وزيادته ونقصانه‪ .‬ومتى لم يكن الله وحده غاية مراد العبد ونهاية‬
‫مقصوده ـ وهو المحبوب المراد له بالذات والقصد األول وكل ما سواه فإنما يحبه ويريده‬
‫ويطلبه تبعاً ألجله ـ لم يكن قد حقق شهادة أن ال إله إال الله وكان فيه من النقص والعيب‬
‫والشرك بقدره‪ ،‬وله من موجبات ذلك من األلم والحسرة والعذاب بحسب ما فاته من‬
‫ذلك))(‪.)1‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬فإن التوحيد نوعان‪ :‬عامي ورخاصي كما أن الصالة نوعان‪ ،‬والذكر‬
‫نوعان‪ ،‬وسائر القرب كذلك رخاصية وعامية‪ ،‬فالخاصية ما بذل فيها العامل نصحه وقصده‬
‫بحيث يوقعها على أحسن الوجوه وأكملها‪ .‬والعامية ما لم يكن كذلك‪ ،‬فالمسلمون كلهم‬
‫مشتركون في إتيانهم بشهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وتفاوتهم في معرفتهم بمضمون هذه الشهادة‬
‫وقيامهم باطناً وظاهراً أمر ال يحصيه إال الله ‪ ...‬فالغاية التي ال غاية وراءها وال نهاية‬
‫بعدها الفناء في توحيد اإللهية‪ ،‬وهو أن يفنى بمحبة ربه عن محبة كل ما سواه‪ ،‬وبتألهه عن‬
‫تأله ما سواه‪ ،‬وبالشوق إليه وإلى لقائه عن الشوق إلى ما سواه‪ ،‬وبالذل له والفقر إليه من‬
‫جهة كونه معبوده وإلهه ومحبوبه عن الذل إلى كل ما سواه‪ ،‬وكذلك يفنى بخوفه ورجائه عن‬
‫رخوف ما سواه ورجائه‪ ،‬فيرى أنه ليس في الوجود ما يصلح له ذلك إال الله ثم يتصف بذلك‬
‫حاالً وينصبغ به قلبه صبغةً ثم يفنى بذلك عما سواه‪ .‬فهذا هو التوحيد الخاصي))(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬إغاثة اللهفان (‪ .)098/2‬وانظر‪ :‬الفتاوى الكبرى البن تيمية (‪ 683/2‬ـ ‪.)682‬‬
‫(‪ )2‬طريق الهجرتين (ص‪ 66 :‬ـ ‪ .)63‬وانظر‪ :‬التسهيل لعلوم التنـزيل للكلبي (‪.)32/0‬‬
‫‪361‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فمـراد ابــن القــيم ـ رحمــه اللــه ـ ب ـ«التوحيــد الخاصـي» هنــا التوحيــد الكامـل‪ ،‬الــذي نــتج‬
‫مـن قــوة محبــة شــهادة أن ال إلــه إال اللــه‪ ،‬وقــوة مــا تقتضــيه مــن رخــوف اللــه ـ ســبحانه وتعــالى ـ‬
‫ورجائه‪ .‬وهذه األمور الثالثة تجمع أركان العبادة القلبية؛ فإذا رسـخت فـي القلـب أثمـرت مـن‬
‫تكميل التوحيد وزيادة اإليمان بحسب قوة هذه األركان‪.‬‬
‫وهذا يدلل على صحة مذهب أهل السنة والجماعـة فـي اإليمـان‪ ،‬وأنـه يزيـد ويـنقص‪،‬‬
‫وأن أهلــه يتفا ــلون فيــه بحســب تفــاوتهم فــي هــذه الزيــادة‪ ،‬رخالفـاً لمــن أنكــر ذلــك مــن أهــل‬
‫البدع(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬منكرو زيادة اإليمان ونقصانه هم الخوارج والمعتزلة‪ ،‬والمرجئة على ارختالف طوائفهم‪.‬‬
‫‪360‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المبحث السادس‪ :‬المخالفون في شرط المحبة‪.‬‬


‫وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬من نفى شرط المحبة‪ ،‬وهم الجهمية النفاة الذين زعموا أن الله ال‬
‫يحب وال يحب مع بيان شبههم ونةدها‪.‬‬
‫الجهمية النفاة تقدم التعريف بهم(‪ ،)1‬والذي يعنينا هنا بيان موقفهم من شرط‬
‫المحبة‪.‬‬
‫فالذي اشتهر عن هذه الطائفة وتناقلته كتب الفرق والمقاالت أن هذه الطائفة تُنكر‬
‫محبة العبد لربه‪ ،‬فتزعم أن الذي يُحب ثوابُه‪ ،‬وما يخلقه من النعيم الذي يتمتع به العبد‪ ،‬ال‬
‫أن الذي يُحب ذاتُه؛ فجعلوا المحبة لمخلوقه دونه(‪.)2‬‬
‫وأول من عُرف عنه التصريح بهذا اإلنكار شيخهم وإمامهم الجعد بن درهم(‪ )3‬الذي‬
‫حى به رخالد بن عبد الله القسري(‪ )4‬في يوم األ حى بواسط(‪ ،)5‬وقال‪ :‬إنه زعم أن الله‬
‫لم يكلم موسى تكليماً‪ ،‬ولم يتخذ إبراهيم رخليالً(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪.)666 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬البرهان للسكسكي (ص‪ ،)60 :‬ومدارج السالكين (‪.)92/0‬‬
‫(‪ )3‬قال الذهبي في الميزان (‪( :)026/2‬الجعد بن درهم عداده في التابعين‪ ،‬مبتدع ال‪ ،‬زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم رخليالً‬
‫ولم يكلم موسى فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر‪ ،‬والقصة مشهورة)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن حجر في اللسان (‪( :)662/2‬وللجعد أرخبار كثيرة في الزندقة‪ ،‬منها أنه جعل في قارورة تراباً وماء‪،‬‬
‫فاستحال دوداً وهوام‪ .‬فقال‪ :‬أنا رخلقت هذا‪ ،‬ألني كنت سبب كونه‪ ،‬فبلغ ذلك جعفر بن محمد فقال‪ :‬ليقل كم هو وكم‬
‫الذكران منه‪ ،‬واإلناث إن كان رخلقه؟ وليأمر الذي يسعى إلى هذا الوجه أن يرجع إلى غيره‪ .‬فبلغه ذلك فرجع)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وانظر‪ :‬الفهرست البن نديم (ص‪.)622 :‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬أبو القاسم رخالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري‪ ،‬البجلي اليماني ‪ ،‬ولي العراق زمن هشام بن‬
‫عبد الملك‪ ،‬فلم يزل بها حتى عزله سليمان بن عبد الملك‪ ،‬قتل بالكوفة سنة (‪ )063‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬التاريخ‬
‫الكبير (‪ ،)068/6‬وتهذيب التهذيب (‪.)96/6‬‬
‫(‪ )5‬واسط بالطاء المهملة‪ :‬مدينة بالعراق‪ ،‬بناها الحجاج بين بغداد والبصرة‪ ،‬سميت بذلك ألن بينها وبين الكوفة‬
‫فرسخاً‪ ،‬وبينها وبين البصرة مثل ذلك‪ .‬انظر‪ :‬معجم ما استعجم (‪ ،)0636/6‬ومعجم البلدان (‪.)262/6‬‬
‫(‪ )6‬أورد هذه القصة البخاري في التاريخ الكبير (‪ ،)36/6‬والبيهقي في السنن (‪ ،)216/01‬والدارمي في الرد على‬
‫الجهمية (ص‪ ،)082:‬والذهبي في العلو (ص‪ ،)060 :‬وابن القيم في الصواعق (‪ ،)0120/6‬وابن تيمية في‬
‫=‬ ‫المجموع (‪.)662/8‬‬
‫‪362‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وإنما كان إنكاره لكونه تعالى محبوباً ُمحباً‪ ،‬لم ينكر‬
‫حاجة إبراهيم إليه‪ ،‬التي هي الخلة عند الجهمية‪ ،‬التي يشترك فيها جميع الخالئق‪ ،‬فكلهم‬
‫أرخالء لله عندهم(‪.)2()))1‬‬
‫وسبب هذا اإلنكار يرجع إلى أصلين فاسدين عند الجهمية‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن اإلرادة ال تتعلق إال بمعدوم ُمحدث‪ ،‬وهو ما يـُراد أن يُفعل‪ ،‬فأما القديم‬
‫الواجب بنفسه فال تتعلق به اإلرادة‪ ،‬قالوا‪ :‬والمحبة نوع من اإلرادة‪ ،‬ألنها ميل إلى ما يوافق‬
‫المحب؛ فتستلزم المناسبة بين الحديث والقديم‪ ،‬وهو منتف(‪.)3‬‬ ‫ُ‬
‫والثاني‪ :‬إنكار أن تكون أفعال العباد من كسبهم‪ ،‬واقعةً بارختيارهم؛ ولذا أنكروا أن تقع‬
‫المحبة ـ وهي فعل العبد ـ من العبد‪.‬‬
‫ــــــــــ‬
‫والخلة هي مرتبة من مراتب المحبة‪ ،‬وهي أعلى درجاتها‪ ،‬وهي في حق المخلوق ال تكون إال لواحد ألن قلب‬ ‫=‬
‫المخلوق ال يتسع إال لخليل واحد‪ ،‬ولذا قال النبي ‪« :‬لو كنت متخذاً من أهل األرض رخليالً التخذت ابن‬
‫أبي قحافة ـ يعني أبا بكر ـ رخليالً‪ ،‬ولكن صاحبكم رخليل الله» أرخرجه مسلم في صحيحه (‪ )0866/6‬وأصله‬
‫في البخاري‪.‬‬
‫وأما الخلة في حق الله‪ ،‬فإن الله يخالل من يشاء‪ ،‬فقد اتخذ إبراهيم رخليالً ومحمد ‪ ‬رخليالً‪.‬‬
‫والخلة كما قرر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ أصلها محبة الله تعالى للعبد ومحبة العبد لله‪ .‬انظر‪ :‬العبودية (ص‪:‬‬
‫‪.)060‬‬
‫(‪ )1‬الجهمية يثبتون الخلة بمعنى الفقر والحاجة‪ ،‬ال بمعنى المحبة‪ ،‬فهم ينكرون أن الله سبحانه يحب أو يحب‪،‬‬
‫ﮪ‬ ‫فيلزم من قولهم أن الناس كلهم أرخالء الله حتى عابدو األوثان واألصنام؛ لقوله تعالى‪ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫[فاطر‪ .]06 :‬وفي هذا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫أحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد يكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون رخليلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه النفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان‬ ‫وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاك ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالوا مال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن رخلق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫ذا الوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدرخل عاب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدو األوث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان‬ ‫ورخليل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه المحت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاج عن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدهم وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬

‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر قبضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــته ذليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان‬ ‫فالكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل مفتقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر إليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه لذاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫القصيدة النونية مع شرحها ألحمد بن عيسى (‪.)60/0‬‬


‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)92/0‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التفسير الكبير للفخر الرازي (جـ‪ 216/6‬ـ ‪ ،)216‬والمفهم (‪ ،)202/0‬ودرء التعارض (‪،)36/3‬‬
‫ومنهاج السنة النبوية (‪.)611/6‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يقول البغدادي في سياق بيان عقائد الجهم بن صفوان‪(( :‬وقال ـ يعني الجهم بن‬
‫صفوان ـ‪ :‬ال فعل وال عمل ألحد غير الله تعالى‪ ،‬وإنما تنسب األعمال إلى المخلوقين على‬
‫المجاز‪ ،‬كما يُقال زالت الشمس‪ ،‬ودارت الرحى من غير أن يكونا فاعلين أو مستطيعين لما‬
‫وصفتا به))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وممن تأثر بالجهمية في نفي المحبة طوائف من أهل الكالم والرأي‪ ،‬فزعموا‬
‫أن الله ال يُحب‪ ،‬ومن هؤالء األشاعرة‪ ،‬ومن نحا نحوهم(‪ .)2‬ولذا أولوا محبة العبد لله‬
‫باستقامته في طاعة الله والتزامه أوامره‪ ،‬وبعده عن زواجره‪ ،‬أو إرادة طاعته‪ ،‬ومحبة رخدمته‪.‬‬
‫يقول القا ي عياض(‪(( :)3‬وارختلفت عبارات المتكلمين في هذا الباب بما ال يؤول‬
‫إلى ارختالف إال من حيث اللفظ وااللتفات إلى أسبابها أو إلى ثمراتها‪ .‬وبالجملة‪ :‬فأصل‬
‫المحبة الميل لما يوافق المحب‪ ،‬والله ـ جل اسمه ـ منـزه عن أن يميل أو يُمال إليه))(‪.)4‬‬
‫وقال في كالم له آرخر‪(( :‬ومعنى حب العبد لله‪ :‬استقامته في طاعته‪ ،‬والتزامه أوامره‬
‫ونواهيه في كل شيء‪ ،‬ولهذا قال بعضهم‪ :‬المحبة مواطأة القلب على ما ير ي الرب‪،‬‬
‫فيحب ما أحب ويكره ما يكره))(‪.)5‬‬
‫قال السنوسي(‪ )6‬في ((مكمل إكمال اإلكمال))(‪ :)7‬ما سلكه القا ي هو مذهب‬
‫إمام الحرمين(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬الفرق بين الفرق (ص‪ .)099 :‬وانظر‪ :‬الصواعق المرسلة (‪.)960/6‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬درء التعارض (‪.)32/3‬‬
‫(‪ )3‬تقدمت ترجمته‪.‬‬
‫(‪ )4‬إكمال المعلم (‪.)228/0‬‬
‫(‪ )5‬نفس المصدر (‪ .)228/0‬وانظر‪ :‬التفسير الكبير للفخر الرازي (جـ‪ 216/6‬ـ ‪ ،)216‬والمواقف لإليجي‬
‫(‪.)032/2‬‬
‫(‪.)066/0( )6‬‬
‫(‪ )7‬لم أقف له على ترجمة‪.‬‬
‫(‪ )8‬هو‪ :‬أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني‪ ،‬الملقب إمام الحرمين‪ ،‬فقيه‪ ،‬أصولي‪،‬‬
‫متكلم‪ ،‬تتلمذ على والده‪ ،‬وكان شيخ الشافعية في زمانه‪ .‬من تصانيفه الكثيرة‪( :‬الشامل)‪( ،‬البرهان)‪ ،‬وله تلخيص‬
‫لكتاب (التقريب) للباقالني‪ .‬توفي سنة (‪ )628‬هـ‪ .‬انظر‪( :‬سير أعالم النبالء (‪ ،)638/08‬وطبقات الشافعية‬
‫(‪.)036/6‬‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫قلت‪ :‬ومنهم من فرق ـ أعني المتكلمين ـ فقال‪ :‬إن الله يُحب ال لذاته‪ ،‬ولكن لغيره‪.‬‬
‫يحِب اإلنسان غيره لذاته ما لم يرجع منه حظ إلى‬ ‫وشبهته في ذلك‪ :‬أنه ال يُتصور أن ُ‬
‫المحب سوى إدراك ذاته(‪.)1‬‬ ‫ُ‬
‫هذه بعض الشبه التي تمسك بها من نفى محبة العبد لربه‪ ،‬أو زعم أن الله ال يُحب‬
‫لذاته‪.‬‬
‫وأما الرد عليهم فمن وجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن هذا القول يناقض اآليات واألحاديث الكثيرة الدالة على إثبات‬
‫الحب لذات الله ‪ ،‬والتي من أصرحها قوله تعالى‪ :‬ﮨ ﮩ [المائدة‪ ،]66 :‬وقوله ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍﮎ [البقرة‪ ،]036 :‬ومن السنة قوله ‪« :‬أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما‬
‫سواهما»(‪ ،)2‬والقول يُعرف بطالنه إذا كان يخالف نصاً من الكتاب أو السنة‪ ،‬كيف وهذا‬
‫القول يخالف نصوصاً ال حصر لها في الكتاب والسنة؟‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن األمة مجمعة على أن الحب لله تعالى ولرسوله فرض‪ ،‬وكيف‬
‫يُفرض ما ال وجود له؟!(‪.)3‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن هذا القول يتضمن إنكار إلهية الله ‪ ،‬ألن ((حقيقة اإللهية‬
‫كونه مألوهاً‪ ،‬محبوباً بغاية الحب المقرون بغاية الذل والخضوع واإلجالل والتعظيم؛ فأنكروا‬
‫كونه محبوباً وذلك إنكار إللهيته))(‪.)4‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن تفسير المحبة باإلرادة غير دقيق‪ ،‬ألن اإلرادة غير المحبة‪ ،‬فاإلرادة‬
‫ميل إلى محبوب‬‫قص ٌد إلى الشيء سواءً كان محبوباً أو غير محبوب‪ ،‬بخالف المحبة فهي ٌ‬
‫مرغوب‪ ،‬فهي أرخص من اإلرادة(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬إحياء علوم الدين للغزالي (‪.)281/6‬‬


‫(‪ )2‬سبق تخريجه في (ص‪.)363 :‬‬
‫(‪ )3‬إحياء علوم الدين (‪.)262/6‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكين (‪.)92/0‬‬
‫(‪ )5‬جمهور أهل السنة يرون أن المحبة أرخص من اإلرادة‪ ،‬ووجه‪ :‬ألن الشيء قد يُراد وال يكون محبوباً‪ ،‬ولذا فهم يقولون‪:‬‬
‫إن الله ال يحب الكفر والفسوق والعصيان وال ير اه وإن كان دارخالً في مراده‪ .‬بخالف المعتزلة والجبرية فإنهم يسوون‬
‫=‬ ‫بين المحبة واإلرادة‪ ،‬ولذا أنكرت المعتزلة أن تكون أعمال العباد مخلوقة لله تعالى‪ ،‬حتى ال يلزمهم أن الله يحب‬
‫‪366‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ثم على فرض أن المحبة مطابقة لإلرادة من كل وجه‪ ،‬فإن قولكم بأن اإلرادة ال‬
‫تتعلق إال بمعدوم محدث‪ ،‬وهو ما يُراد أن يفعل باطل‪ ،‬يلزم منه أن اإلرادة تتعلق باألفعال‬
‫دون الذوات‪ ،‬والصحيح أن اإلرادة تتعلق بالذوات كما تتعلق باألفعال‪ ،‬فالشيء قد يكون‬
‫تحب‬‫محبوباً مراداً لذاته ـ ال لشيء آرخر ـ‪ ،‬وذلك لما في هذه الذات من نعوت وصفات ُ‬
‫ألجلها‪ .‬وليس في الوجود ذات أولى بأن تحب من ذات الباري ـ سبحانه وتعالى ـ‪ ،‬وذلك‬
‫لما تتصف به هذه الذات من حميد الخصال ونعوت الكمال‪ ،‬وصفات الجمال بل ليس‬
‫في الوجود ذات تستحق أن تحب لذاتها من كل وجه سوى ذاته سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ معلالً ذلك‪(( :‬والمحبة لها داعيان‪ :‬الجمال‪ ،‬والجالل‪،‬‬
‫والرب تعالى له الكمال المطلق من ذلك؛ فإنه جميل يحب الجمال بل الجمال كله له‪،‬‬
‫واإلجالل كله منه‪ ،‬فال يستحق أن يحب لذاته من كل وجه سواه))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫وقال محمد بن نصر المروزي ـ مبي ناً الخالل التي أوجبت محبة المؤمنين لربهم‬
‫تعالى ـ‪(( :‬إنه الكريم ذو اإلحسان والجود‪ ،‬وإنه ليس كمثله شيء‪ ،‬وإنه العادل الذي ال‬
‫يجور وال يظلم‪ ،‬ألن ذلك ليس من صفاته‪ ،‬وإنه متفضل على من أراد‪ ،‬وعادل على من‬
‫يستحق العدل ال ينصرف من عدل إلى جور أبداً‪ .‬فهذه الخالل الموجبة للحب لله))(‪.)2‬‬
‫وأيضاً فالمحبة ال تستلزم نقصاً بل هي صفة كمال‪ ،‬بل هي أصل اإلرادة فكل إرادة‬
‫فال بد أن تستلزم محبة؛ فإن الشيء إنما يراد ألنه محبوب‪ ،‬أو ألنه وسيلة إلى المحبوب‪،‬‬
‫ولو قُدر عدم المحبة المتنعت اإلرادة‪ ،‬فإن المحبة الزمة لإلرادة فإذا انتفى الالزم انتفى‬
‫الملزوم(‪.)3‬‬
‫ــــــــــ‬
‫الكفر والفسوق والعصيان فينتقض أصلهم الفاسد في وجوب العدل على الله‪ ،‬والتزمت ذلك الجبرية‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن الله‬ ‫=‬
‫يحب الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬وأن العبد ال مشيئة له وال ارختيار‪ .‬انظر‪ :‬منهاج السنة (‪ ،)063/0‬ودقائق التفسير‬
‫(‪.)000/2‬‬
‫(‪ )1‬الجواب الكافي (ص‪.)680 :‬‬
‫(‪ )2‬تعظيم قدر الصالة (‪ .)266/2‬وانظر‪ :‬تقرير ذلك في المفهم (‪ ،)206/0‬والتفسير الكبير للرازي‬
‫(جـ‪.)213/6‬‬
‫(‪ )3‬منهاج السنة النبوية (‪.)911/5‬‬
‫‪363‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الوجه الخامس‪ :‬أن مما ينفي تأويل محبة العبد لربه ويدل على أنها محبة حقيقية تتوجه‬
‫للمحب متعلق‬ ‫من العبد لربه ‪ :‬أن النبي ‪ ‬علق محبة العبد لربه بأمر مطلوب ُمراد ُ‬
‫بذات المحبوب‪ ،‬وهو لذة النظر إلى وجه الله الكريم كما ثبت في ((صحيح مسلم))(‪ )1‬عن‬
‫صهيب ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪« :‬إذا درخل أهل الجنة الجنة يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ‬
‫تريدون شيئاً أزيدكم‪ .‬فيقولون‪ :‬ألم تبيض وجوهنا‪ ،‬ألم تدرخلنا الجنة‪ ،‬وتنجينا من النار‪ .‬قال‪:‬‬
‫فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم ‪.»‬‬
‫وفي السنن عن النبي ‪« :‬اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك‪ ،‬والشوق إلى‬
‫لقائك»(‪.)2‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فقد بين الرسول ‪ ‬أن الله لم يعط أهل‬
‫الجنة شيئاً أحب إليهم من النظر إليه‪ ،‬وهذا غاية مراد العارفين‪ ،‬وهذا موجب حبهم إياه‬
‫لذاته ال لشيء آرخر‪.‬‬
‫فمن قال إنه ال يحب لذاته‪ ،‬وال يتلذذ بالنظر إليه‪ ،‬كما تزعمه طائفة من أهل الكالم‬
‫والرأي فقد أرخطأ‪ ،‬ومن قال‪ :‬إن محبة ذاته وإرادة ذاته ال تتضمن حصول لذة العبد بحبه‪ ،‬وال‬
‫يطلبه العبد وال يريده بل يكون العبد محباً مريداً لما ال يحصل له لذة به‪ ،‬فقد أبطل‪...‬‬
‫وكل مراد محبوب لذاته فال معنى لكونه مرادا محبوبا لذاته إال أن ذاته هو غاية‬
‫مطلب الطالبين‪ ،‬بمعنى أن ما يحصل لهم من النعم واللذة هو غاية مطلوبهم‪ ،‬ال يطلبونها‬
‫ألجل غيرها‪ .‬فأما بتقدير أن تنتفي كل لذة‪ ،‬فال يتصور حب‪ ،‬فإن حب ما ال لذة في‬
‫الشعور به ممتنع))(‪.)3‬‬
‫الوجه السادس‪ :‬أن تفسير محبة العباد لربهم باستقامتهم على طاعته ال يستقيم‪ ،‬ألن ذلك‬
‫ثمرة المحبة‪ ،‬ال حقيقتها‪.‬‬

‫(‪ )036/0( )1‬كتاب اإليمان‪ ،‬ح رقم (‪.)292‬‬


‫(‪ )2‬أرخرجه النسائي في السنن (‪ )32/6‬ح رقم (‪ ،)0616‬وفي الكبرى (‪ 682/0‬ـ‪ )688‬ح (‪ ،)0228‬وأحمد‬
‫في المسند (‪ ،)090/6‬وعبد الرزاق في المصنف (‪ )662/01‬ح (‪ ،)09362‬والبزار في المسند (‪)261/6‬‬
‫ح (‪ ،)0696‬وابن أبي عاصم في السنة (‪ )086/0‬ح (‪ .)92‬وحكم عليه األلباني بالصحة كما في صحيح‬
‫الجامع (‪.)0610‬‬
‫(‪ )3‬درء التعارض (‪ 36/3‬ـ ‪.)36‬‬
‫‪362‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫قال المازري(‪ )1‬ـ بعد أن حكى تأويالت المتكلمين لمعنى محبة العبد لربه ـ‪:‬‬
‫((والتحقيق أن االستقامة ثمرة المحبة‪ .‬وحقيقة المحبة له ميلهم إليه الستحقاقه سبحانه‬
‫المحبة من جميع وجوهها))(‪.)2‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فمحبة االستقامة على الطاعة هي فرع محبة الله ‪ ،‬ال تأتى إال بعد محبتة ـ‬
‫سبحانه وتعالى ـ كما قال تعالى‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ [آل عمران‪]60 :‬؛‬
‫فجعل متابعة النبي ‪ ‬بفعل أوامره وترك زواجره برهان محبته ودليل رخلته‪ ،‬مما يجعل ذلك‬
‫تبعاً لمحبته‪.‬‬
‫يقول أبو حامد الغزالي‪(( :‬وكيف يفسر الحب بالطاعة‪ ،‬والطاعة تبع الحب وثمرته؟‬
‫فال بد وأن يتقدم الحب ثم بعد ذلك يطيع من أحبه))(‪.)3‬‬
‫الوجه السابع‪ :‬أن هذا القول يلزم منه إنكار أن تكون أعمال الجوارح من اإليمان‪ ،‬ألن أصل‬
‫هذه األعمال هو محبة الله ‪)4(‬؛ ونفي األعمال أن تكون من اإليمان هو أصل فاسد من‬
‫أصول الجهمية كفساد أصلهم في إنكار المحبة‪.‬‬
‫يقول أبو الحسن األشعري في صدد حكاية مذاهبهم في اإليمان‪(( :‬وزعموا ـ يعني‬
‫الجهمية ـ أن معرفة الله هي المحبة له وهى الخضوع لله‪ ...‬وزعموا أن الصالة ليست‬
‫بعبادة لله‪ ،‬وأنه ال عبادة إال اإليمان به‪ ،‬وهو معرفته‪ ،‬واإليمان عندهم ال يزيد وال ينقص‬
‫وهو رخصلة واحدة))(‪ .)5‬اهـ‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري المالكي‪ ،‬يلقب باإلمام‪ ،‬كان بصيراً بعلم‬
‫الحديث‪ ،‬أرخذ عن اللخمي وعبد الحميد السوسي وغيرهما من شيوخ أفريقية‪ ،‬وعنه أرخذ القا ي عياض‪ ،‬وأبو‬
‫جعفر ابن يحيى القرطبي‪ .‬من تصانيفه‪( :‬المعلم بفوائد مسلم)‪ ،‬وشرح كتاب التلقين للقا ي عبد الوهاب المالكي‪،‬‬
‫كان مولده بمدينة المهدية ـ بالقارة األفريقية ـ‪ ،‬ووفاته بها في ربيع األول سنة ست وثالثين ورخمس مئة وله ثالث‬
‫وثمانون سنة‪ .‬انظر‪ :‬الديباج المذهب (‪ 261/2‬ـ‪ ،)262‬وسير أعالم النبالء (‪ 016/21‬ـ ‪.)013‬‬
‫(‪ )2‬نقالً عن فتح الباري (‪.)662/06‬‬
‫(‪ )3‬إحياء علوم الدين (‪ .)262/6‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)062/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التحفة العراقية (ص‪ ،)601 :‬وقاعدة في المحبة (ص‪ ،)006 :‬والجواب الكافي (ص‪.)660 :‬‬
‫(‪ )5‬مقاالت اإلسالميين (‪.)206/0‬‬
‫‪368‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فانظر كيف جعلوا اإليمان هو المحبة لله‪ ،‬ثم فسروا المحبة بالخضوع لله‪ ،‬ثم قالوا‪:‬‬
‫إن اإليمان هو معرفة الله‪ ،‬وما ذاك إال ألنهم ينكرون حقيقة المحبة‪ ،‬ألن المحبة غير‬
‫تصور عقلي يكون في‬‫المعرفة‪ ،‬فالمحبة أمر ذوقي يكون في النفس بخالف المعرفة فهي ٌ‬
‫الذهن‪.‬‬
‫الوجه الثامن‪ :‬أن ما بنوا عليه نفي محبة العبد من القول بإنكار أن تكون أفعال العباد من‬
‫كسبهم‪ :‬باطل‪ ،‬ترده النصوص الشرعية الدالة على أن أفعال العباد من كسبهم‪ ،‬واقعة‬
‫بارختيارهم وهم العاملون لها حقيقة‪ ،‬والتي منها قوله تعالى‪ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫[التوبة‪ ،]016 :‬وقوله‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [األعراف‪ ،]66 :‬ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫[الزلزلة‪ .]8 ،2 :‬إلى غير ذلك من‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫النصوص التي يضيق المقام عن ذكرها‪ ،‬التي فيها إ افة هذه األعمال إلى العباد أنفسهم؛‬
‫وما بُني على باطل فهو باطل‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ ((‪..‬النصوص جاءت بأن أفعال العباد أعمال لهم‪ ،‬واقعة‬
‫بارختيارهم وإرادتهم‪ ،‬ليست أفعاالً لله‪ ،‬وإن كانت مفعولة له))(‪.)1‬‬
‫الوجه التاسع‪ :‬أن إنكارهم لمحبة العبد ربه مخالف للضرورة والحس‪ ،‬ألن محبة العبد ربه‬
‫رورة يجدها كل مؤمن في قلبه(‪ ،)2‬والنـزاع في الضروري باطل‪ ،‬لكونه مكابرةً للحس‬
‫ومعار ةً للعقل‪.‬‬
‫المحدث والقديم كالم مجمل‪،‬‬ ‫الوجه العاشر‪ :‬أن قولكم بأن المحبة تستلزم المناسبة بين ُ‬
‫فإن كنتم تعنون بالمناسبة الوالدة أو المماثلة ونحو ذلك مما يجب تنـزيه الرب عنه فإنا ال‬
‫نسلم أن المحبة ال بد فيها من هذا‪ ،‬وإن أردتم بالمناسبة أن يكون المحبوب متصفاً بمعنى‬
‫يحبه المحب‪ ،‬فهذا الزم للمحبة‪ ،‬والرب متصف بكل صفة تحب‪ ،‬وكل ما يُحب فإنما هو‬
‫منه‪ ،‬فهو أحق بالمحبة من كل محبوب(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬الصواعق المرسلة (‪.)226/2‬‬


‫ﮇﮈ‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫(‪ )2‬بل حتى الكفار يجدون هذه المحبة كما قال تعالى عنهم‪:‬‬
‫أي كحبهم لله‪ .‬فأثبت لهم محبته‪.‬‬
‫(‪ )3‬النبوات (ص‪ .)55 :‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)59/11‬‬
‫‪369‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫هذه بعض الوجوه الدالة على بطول القول بإنكار محبة العبد لربه محبة حقيقية‪،‬‬
‫وقد ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ((مدارج السالكين))(‪ )1‬أنه أبطل هذا القول بأكثر من‬
‫ثمانين وجهاً في كتابه المسمى ((قرة عيون المحبين ورو ة قلوب العارفين))‪ .‬ولم أقف عليه‪.‬‬
‫وأما قول من فرق من المتكلمين‪ :‬بأن األعيان ال تحب لذاتها ولكن لغيرها‪ ،‬فباطل‬
‫يكذبه الواقع والحس أيضاً‪ ،‬وقد مر ذكر شيء من ذلك في الوجه الثاني والثالث‪ ،‬وأُ يف‬
‫هنا ما قاله الغزالي ـ رحمه الله ـ في وجهان إبطاله‪.‬‬
‫يقول الغزالي‪(( :‬أن يحب الشيء لذاته ال لحظ ينال من وراء ذاته‪ ،‬بل تكون ذاته‬
‫عين حظه‪ ،‬وهذا هو الحب الحقيقي التابع بدوامه‪ ،‬وذلك كحب الجمال والحسن‪ ،‬فإن‬
‫كل جمال محبوب عند مدرك الجمال‪ ،‬ألن إدراك الجمال فيه عين اللذة‪ ،‬واللذة محبوبة‬
‫لذاتها ال لغيرها‪ .‬وال نظن أن حب الصور الجميلة ال يتصور إال ألجل قضاء الشهوة‪ ،‬فإن‬
‫قضاء الشهوة لذة أرخرى قد تحب الصور ألجلها‪ ،‬وإدراك نفس الجمال أيضاً لذيذ‪ ،‬فيجوز‬
‫أن يكون محبوباً لذاته‪ ،‬وكيف ينكر ذلك والخضرة والماء الجاري محبوب ال ليشرب الماء‬
‫وتؤكل الخضرة أو ينال منها حظ سوى نفس الرؤية؟‪ ...‬والطباع السليمة قا ية باستلذاذ‬
‫النظر إلى األنوار واألزهار واألطيار المليحة األلوان‪ ،‬الحسنة النقش‪ ،‬المتناسبة الشكل‪ ،‬حتى‬
‫أن اإلنسان لتنفرج عنه الهموم والغموم بالنظر إليها‪ ،‬ال لطلب حظ وراء النظر‪ ،‬فهذه‬
‫األسباب ملذة‪ ،‬وكل لذيذ محبوب‪ ،‬وكل حسن وجمال فال يخلو إدراكه عن لذة‪ ،‬وال أحد‬
‫ينكر كون الجمال محبوباً بالطبع‪ ،‬فإن ثبت أن الله جميل كان ال محالة محبوباً عند من‬
‫انكشف له جماله وجالله كما قال النبي ‪« :‬إن الله جميل يحب الجمال(‪.)3())»)2‬‬

‫(‪.)92/0( )1‬‬
‫(‪ )2‬أرخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )96/0‬حديث رقم (‪.)90‬‬
‫(‪ )3‬أحياء علوم الدين (‪ .)230/6‬وهناك أسباب أرخرى داعية إلى محبة الله ‪ ‬محبة ذاتية بسطها الغزالي في‬
‫اإلحياء تركتها مخافة التطويل‪ .‬وانظر‪ :‬اإلحياء (‪ 232/6‬ـ ‪.)238‬‬
‫‪331‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬انحراف غالة الصوفية في معنى محبة الله تعالى‪.‬‬


‫غالة الصوفية تقدم التعريف بهم(‪ .)1‬والصوفية الغالة من الفرق التي انحرفت في‬
‫مفهوم الحب اإللهي؛ والنحرافهم ثالثة أوجه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أنهم أدرخلوا في مسمى هذا الحب ما ليس منه‪ ،‬فجعلوا من مراتبه‬
‫مرتبة العشق(‪ ،)2‬فزعموا أن الله ـ تعالى ـ يعشق ويُعشق‪ ،‬وأن العشق مع الله هو نهاية المريد‬
‫وغاية السالك؛ إذ هو أعلى المنازل؛ فهو منتهى الحب وأقصاه(‪.)3‬‬
‫وسبب هذا االنحراف في معنى الحب عندهم هو انحرافهم في مفهوم األلوهية؛ إذ‬
‫اإلله عندهم يتجلى في صور جميع الموجودات‪ ،‬فالله عندهم هو عين الموجودات‪ ،‬ولذا‬
‫يصفونه بما يوصف به البشر من العشق والنكاح‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬لكن استعماله في محبة الله ـ يعني العشق ـ إما أن‬
‫يحِب ويُحب كما تُحب صور اآلدميين‪ ،‬التي‬ ‫يُفهم أو يُوهم المعني الفاسد‪ ،‬وهو أن الله ُ‬
‫نستمتع بمعاشرتها ووطئها‪ ،‬وكما تحب الحور العين التي في الجنة‪ .‬وهذا المعني من أعظم‬
‫الكفر‪ ،‬وإن كان قد بلغ إلى هذا الكفر االتحادية‪ ،‬الذين يقولون‪« :‬إنه عين الموجودات»‪،‬‬
‫ويقولون‪« :‬ما نكح سوي نفسه‪ ،‬وهو الناكح والمنكوح»‪ .‬وكذلك الذين يقولون بالحلول‬
‫العام‪ ،‬والذين يقولون باالتحاد في صور معينة‪ ،‬أو بحلوله فيها‪ ،‬كما يقوله الغالية من‬
‫النصارى‪ ،‬والرافضة وغالية النساك‪ ،‬فإن هؤالء يصفونه بما يوصف به البشر من النكاح‪،‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪.)628 :‬‬


‫(‪ )2‬العشق‪ ،‬قال ابن القيم في حده‪(( :‬هو اإلفراط في المحبة‪ ،‬بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق‪ ،‬حتى ال‬
‫يخلو من تخيله وذكره والفكر فيه‪ ،‬بحيث ال يغيب عن رخاطره وفكره)) [الجواب الكافي (ص‪.])669 :‬‬
‫وقال الغزالي‪(( :‬هو الميل الغالب المفرط))‪[ .‬إحياء علوم الدين (‪.])286/6‬‬
‫قلت‪ :‬وهو حب تقترن به الشهوة‪ ،‬ولذا يمنع إطالقه في حق الله ‪.‬‬
‫(‪ )3‬يقول ابن الدباغ ـ من أعالم الصوفية ـ‪(( :‬اعلم أن العشق هو أقصى درجات المحبة ومجاوزة الحد فيها‪ ،‬وسائر مقامات‬
‫المحبة كلها مندرجة فيه‪ ،‬مثل الشوق والوجد والغرام واالفتتان والدهش‪ ،‬والفناء‪ ،‬ألنه مشتمل على جميعها‪ ،‬ولذلك‬
‫قالوا‪« :‬كل عاشق محب‪ ،‬وليس كل محب عاشق))‪ .‬نقالً عن كتاب محبة الله ورسوله في الكتاب والسنة للدكتور‬
‫غسان أحمد عبد الرحمن (ص‪( )616 :‬رسالة علمية نوقشت في الجامعة اإلسالمية) وعزاه إلى مشارق أنوار القلوب‬
‫(ص‪ 93 :‬ـ ‪.)92‬‬
‫‪330‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫تعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً‪ ،‬هو األحد الصمد‪ ،‬الذي لم يلد ولم يولد‪ ،‬ولم يكن‬
‫له كفواً أحد‪.‬‬
‫ومن هؤالء من يعشق الصور الجميلة‪ ،‬ويزعم أنه يتجلى فيها‪ ،‬وأنه إنما يُحب مظاهر‬
‫جماله‪ .‬وقد بسطنا الكالم في كفرهم و اللهم في غير هذا المو ع‪ .‬فمن زعم أن الله يُحب أو‬
‫يـُعشق‪ ،‬وأشار إلي هذا المعني‪ ،‬فهو أعظم كفراً من اليهود والنصارى))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومن أقوال الصوفية الدالة على استعمالهم اللفظ في حق الله تعالى‪:‬‬
‫يقول القشيري ـ وهو من أعالم الصوفية ـ في تعريف المحبة أنها‪(( :‬استهالك في اللذة))(‪.)2‬‬
‫وقالوا أيضاً في تعريفها‪(( :‬أن يكون مفتوناً بالحبيب عن كل شيء))(‪.)3‬‬
‫وقال ابن الدباغ(‪(( :)4‬ومقام العشق أقصى مقامات الذهول والغيبة عن الحس‪،‬‬
‫واالتصال بالعالم الروحاني‪ ،‬فإذا وصل اإلنسان إلى هذا الحد من الغيبة عن نفسه اطلع على‬
‫أسرار الغيوب وأرخبر بها معاينة ال على سبيل الحدس وغلبات الظنون‪ ،‬بل على الكشف‬
‫والمشاهدة))(‪.)5‬‬
‫ومما يدل على تجسد هذا المعنى عندهم‪ :‬أن ابن الفارض ـ وهو من شعرائهم ـ‬
‫الملقب بسلطان العاشقين وإمام المحبين عندهم قال‪ ،‬وهو يصور حقيقة الذات اإللهية‪:‬‬
‫بمظهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا ُحك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُم البُنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوة‬ ‫فف ـ ـ ـ ـ ـ ــي النش ـ ـ ـ ـ ـ ــأة األول ـ ـ ـ ـ ـ ــى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراءت آلدم‬
‫م ـ ــن الل ـ ــبس ف ـ ــي أش ـ ــكال ُحسـ ـ ـن بديع ـ ــة‬ ‫وتظه ـ ـ ـ ـ ــر للعُش ـ ـ ـ ـ ـ ـاق ف ـ ـ ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ـ ــل مظه ـ ـ ـ ـ ـ ـر‬
‫وآون ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدعى بع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزة ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزت‬ ‫فف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرة لُبن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى وأرخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى بـُثين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫وم ـ ــا إن له ـ ــا ف ـ ــي ُحسـ ـ ـنها م ـ ــن شـ ـ ـريكة‬ ‫ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيس س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواها ال وال ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن غيره ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫(‪ )1‬قاعدة في المحبة (ص‪ 009 :‬ـ ‪.) 021‬‬


‫(‪ )2‬الرسالة القشيرية (ص‪.)622 :‬‬
‫(‪ )3‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ )689:‬وعزاه إلى عوارف المعارف لسهروردي (‪.)619‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬عبد الرحمن بن محمد األنصاري المعروف بابن الدباغ‪ ،‬مؤرخ القيروان‪ ،‬كتب كتباً في تراجم أهلها‪ ،‬من‬
‫ذلك كتابه‪(( :‬معالم اإليمان ورو ة الر وان في مناقب المشهورين من صلحاء القيروان))‪ ،‬وله مشارق أنوار‬
‫القلوب في علم التصوف‪ .‬توفي سنة (‪ )481‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬معجم المؤلفين (‪.)115/3‬‬
‫(‪ )5‬نقالً عن كتاب محبة الله ورسوله في الكتاب والسنة للدكتور غسان أحمد عبد الرحمن (ص‪ )616 :‬وعزاه إلى‬
‫مشارق أنوار القلوب (‪ 93‬وما بعدها)‪.‬‬
‫‪332‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫(‪)1‬‬
‫كم ـ ــا ل ـ ــي ب ـ ــدت ف ـ ــي غيره ـ ــا وتزيـ ـ ـت‬ ‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ــذاك بحك ـ ـ ـ ـ ـ ــم االتح ـ ـ ـ ـ ـ ــاد بحس ـ ـ ـ ـ ـ ــنها‬
‫والمعنى ـ كما قال الشيخ عبد الرحمن الوكيل ـ أن الذات اإللهية تتصور وتتبدى‬
‫للعُشاق في صور معشوقاتهم‪ ،‬فهي التي تصورت لقيس في صورة «ليلى»‪ ،‬ولجميل في‬
‫صورة «بـُثـينة»‪ ،‬ولكثير في صورة «عزة»؛ فما حوا أم البشر إال الحقيقة اإللهية‪ ،‬تعالى الله‬
‫عن قولهم علواً كبيراً(‪.)2‬‬
‫كما يرى ابن عربي أن أكمل الشهود للحق شهوده في الصور الجميلة‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫((فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهوداً في منفعل‪ ،‬وإذا شاهده في نفسه من حيث‬
‫ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل‪ ،‬وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما كان‬
‫شهوداً في منفعل عن الحق بال واسطة‪ ،‬فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل‪ ،‬ألنه يشاهد‬
‫الحق من حيث هو فاعل منفعل‪ ،‬ومن نفسه من حيث هو منفعل رخاصة؛ فلهذا أحب ‪‬‬
‫النساء لكمال شهود الحق فيهن‪ ،‬إذ ال يشاهد الحق مجرداً عن المواد أبداً‪ ،‬فإن الله‬
‫بالذات غني عن العالمين وإذا كان األمر من هذا الوجه ممتنعاً‪ ،‬ولم تكن الشهادة إال في‬
‫مادة؛ فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله‪ ،‬وأعظم الوصلة النكاح‪ ،‬وهو نظير‬
‫التوجه اإللهي على من رخلقه على صورته ليخلفه فيرى فيه نفسه‪ ،‬فسواه وعدله ونفخ فيه من‬
‫روحه الذي هو نفسه فظاهره رخلق وباطنه حق))(‪.)3‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فحقيقة هذا المقام عند الصوفية أنهم يوجهون المريد إلى أن يحب الله ال‬
‫من جنس محبة العبد الضعيف لسيده ومواله‪ ،‬بل من جنس محبة العاشق لمعشوقه‪ ،‬حتى إنه‬
‫من سكرة هذا العشق يقوم ويقعد‪ ،‬ويدور ويتواجد‪ ،‬وربما يسقط على األرض‪ ،‬وقد يحصل منه‬
‫صراخ‪ ،‬وتخبط وصرع(‪ )4‬كما هو واقع كثير من الصوفية في محافل سماعهم ورقصهم ووجدهم‪،‬‬
‫ولذا شاع عنهم إطالق لفظ "العاشق والمعشوق" في حق الله تعالى‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان ابن الفارض (ص‪.)68 :‬‬


‫(‪ )2‬هذه هي الصوفية (ص‪.)66 :‬‬
‫(‪ )3‬نقالً عن مصرع التصوف (ص‪ 066 :‬ـ ‪.)066‬‬
‫(‪ )4‬عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ )691 :‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫‪336‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فهذا حقيقة أعلى مقام للحب عند غالة الصوفية(‪.)1‬‬


‫قلت‪ :‬وقد يستدلون عليه بأثر يُروى عن عبد الواحد بن زيد(‪ )2‬أنه قال‪ ،‬قال‬
‫الله تعالى‪« :‬ال يزال عبدي يتقرب إلي يعشقني وأعشقه»(‪ .)3‬وهو ال يثبت‪ ،‬ألنه من‬
‫أرخبار بني إسرائيل ((التي ال يجوز االعتماد عليها في شرعنا؛ فإن ثبوت مثل هذا الكالم عن‬
‫الله ال يُعلم إال من جهة نبينا ‪ ،‬وذلك غير مأثور عنه‪ ،‬ونحن ال نصدق بما ينقل عن األنبياء‬
‫المتقدمين إال أن يكون عندنا ما يصدقه‪ ،‬كما ال نكذب إال بما نعلم أنه كذب‪ .‬وقد قال النبي‬
‫‪« :‬إذا حدثكم أهل الكتاب فال تصدقوهم وال تكذبوهم؛ فإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه؛ وإما‬
‫يحدثوكم بحق فتكذبوه»(‪.)5( )))4‬‬
‫ثم على فرض ثبوته‪ ،‬ففيه إبطال لمذهبهم في الحلول واالتحاد‪ ،‬ألن األثر فيه التفريق بين‬
‫العاشق والمعشوق‪ ،‬والعبد والمعبود‪ ،‬وذلك ال يتماشى مع مذهبهم في وحدة الوجود‪ ،‬والتي‬
‫يصورونها بأن الله عين الوجود‪ ،‬فليس في الوجود عين سواه ـ تعالى الله عن قولهم علواًكبيراً‪.‬‬
‫والوجه الثاني من وجوه انحرافهم في المحبة‪ :‬أنهم جعلوا محبته سبحانه وتعالى‬
‫ليست لنـيل أرخروي‪ ،‬فقالوا في تعريفها‪(( :‬إفراط الميل بال نـيل))(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬وأما حقيقة الحب عند غالة الصوفية فهو سكر في حب الله تعالى‪ ،‬وتصور للذات العلية حتى يسكر فيها‬
‫صوفيهم‪ ،‬وال يعود يميز غيرها‪ ،‬وهو ما يعرف بالحلول واالتحاد‪ ،‬والذي بنوا عليه مرتبة العشق‪ ،‬حتى زعموا أن‬
‫أكمل التجلي اإللهي شهوده في صورة امرأة‪ .‬انظر‪ :‬مصرع التصوف للبقاعي (ص‪ 066 :‬ـ ‪ ،)066‬ومحبة الله‬
‫ومحبة رسوله ‪( ‬ص‪.)612 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬عبد الواحد بن زيد البصري قال عنه يحيى بن معين‪ :‬ليس بشيء‪ .‬قال البخاري في تاريخه (‪ )30/3‬عبد‬
‫الواحد بن زيد صاحب الحسن تركوه‪ .‬وقال عنه السعدي‪ :‬عبد الواحد بن زيد كان قاصاً بالبصرة سيء المذهب‬
‫ليس من معادن الصدق‪ .‬انتهى مات سنة (‪ )021‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬ترجمته في تاريخ مدينة دمشق (‪ 206/62‬ـ‬
‫‪ ،)263‬والكامل في عفاء الرجال (‪.)292/6‬‬
‫(‪ )3‬لم أقف عليه مسنداً في كتاب يعتمد عليه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أرخرجه أحمد في المسند (‪ ،)063/6‬وعبد الرزاق في المصنف (‪ )000/3‬رقم (‪ ،)01031‬وأبو داود في‬
‫السنن (‪ )608/6‬ح (‪ ،)6366‬والطبراني في الكبير (‪ )661/22‬رقم (‪ ،)823‬والبيهقي في السنن‬
‫(‪ .)01/2‬وحكم عليه األلباني بأنه صحيح كما في السلسلة الصحيحة برقم (‪.)2811‬‬
‫(‪ )5‬قاعدة في المحبة (ص‪.)008 :‬‬
‫(‪ )6‬الرسالة القشيرية (ص‪.)626 :‬‬
‫‪336‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ومرادهم بنفي النـيل هنا‪ :‬أن ينسى العبد حظه من الله‪ ،‬فال يعبده رخوفاً من ناره وال طمعاً‬
‫في جنته فيكون كأجير السوء‪ ،‬بل يعبده حباً له وشوقاً إليه كما جاء عن رابعة العدوية(‪.)2()1‬‬
‫وجاء عن أحد القادرية(‪ )3‬المعاصرين‪(( :‬الصوفية يحبون الله ال رخوفاً وال طمعاً بل‬
‫يحبونه لذاته‪ ،‬وتلك المثالية في الحب‪ ،‬لم تُعرف لغير هؤالء الصفوة الربانية))(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬وشبهتهم في ذلك أن محبة النـيل هي محبة العرض(‪ ،)5‬وهذه تتالشى متى حصل‬
‫الغرض‪.‬‬
‫واالنحراف الثالث في مفهوم المحبة هو أنهم حكموا على أنفسهم بمحبة الله لهم‪ ،‬ولذا‬
‫ادعوا ألنفسهم دعاوى تتجاوز حدود األنبياء والمرسلين حتى يقول قائلهم‪ :‬أنا ُمحب فال أؤارخذ‬
‫بما أفعله من أنواع الجهل والعدوان(‪.)6‬‬
‫وأما الجواب عن الوجه األول في انحرافهم في معنى محبة الله تعالى بإ افة العشق إلى‬
‫الله‪ ،‬فمن جهتين‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من جهة اللفظ‪ ،‬فإنه لم يرد وصف الله أو اإلرخبار عن جالله بأنه معشوق‬
‫ويُعشق النصراف هذا المعنى إلى األنثى التي تُعشق تعالى الله عن ذلك‪.‬‬
‫وأيضاً‪ ،‬فالمعروف من استعمال لفظ العشق في اللغة إنما هو في محبة جنس‬
‫النكاح‪ ،‬مثل حب اإلنسان اآلدمي مثله‪ ،‬ممن يستمتع به من امرأة ونحوها؛ فال يكاد‬
‫يُستعمل هذا اللفظ في محبة اإلنسان لولده وأقاربه ووطنه وماله ودينه‪ ،‬وغير ذلك بل‬

‫(‪ )1‬هي‪ :‬أم عمرو رابعة بنت إسماعيل‪ ،‬البصرية الزاهدة العابده الخاشعه‪ ،‬قيل عاشت ثمانين سنه‪ ،‬توفيت سنة‬
‫ثمانين ومئة‪ ،‬ينسب إليها أقوال منكرة في الزهد والمعرفة‪ ،‬والبعض يشكك في وجودها‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء‬
‫(‪ 260/8‬ـ ‪.)266‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إحياء علوم الدين (‪.)201/6‬‬
‫(‪ )3‬القادرية فرقة من فرق الصوفية‪ ،‬تنتسب إلى الشيخ عبد القادر الجيالني ـ رحمه الله ـ‪ ،‬وهي طريقة واسعة االنتشار في مصر‬
‫والسودان وبالد الشام‪ ،‬وتتفرع منها طرق كثيرة‪ .‬ويجمع هذه الطرق الوغول في تقديس عبد القادر الجيالني لدرجة إعطائه‬
‫بعض رخصائص اإلله عز وجل مع ما يصاحب ذلك من طقوس وأوراد مبتدعة‪ ،‬وهذه تشترك فيها جميع الطرق الصوفية‪.‬‬
‫(‪ )4‬نقالً عن عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية (ص‪ ،)631 :‬وعزاه إلى األنوار الرحمانية لمحمد الكسنـزاري (ص‪.)32 :‬‬
‫(‪ )5‬كذا جاء اللفظ في األصول‪ ،‬وهي تحتمل‪(( :‬الغرض)) فيكون تصحيفاً وتحتمل ((العرض)) أي الذي يـعرض ثم‬
‫يزول‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬العبودية لشيخ اإلسالم (ص‪ 032 :‬ـ ‪.)036‬‬
‫‪336‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المشهور من لفظ العشق هو محبة النكاح ومقدماته؛ فالعاشق يريد االستمتاع بالنظر إلي‬
‫المعشوق وسماع كالمه‪ ،‬أو مباشرته بالقبلة والحس والمعانقة أو الوطء(‪.)1‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ثم لفظ «العشق» قد يستعمل في غير ذلك؛ إما‬
‫علي سبيل التواطؤ‪ ،‬فيكون حقيقة في القدر المشترك‪ ،‬وإما علي سبيل المجاز‪ ،‬لكن‬
‫استعماله في محبة الله؛ إما أن يُفهم‪ ،‬أو يُوهم المعني الفاسد‪ ،‬وهو أن الله يُحب ويُحب‬
‫كما تحب صور اآلدميين التي نستمتع بمعاشرتها ووطئها‪ ،‬وكما تحب الحور العين التي في‬
‫الجنة وهذا المعني من أعظم الكفر‪ ،‬وإن كان قد بلغ إلى هذا الكفر االتحادية‪ ،‬الذين‬
‫يقولون‪« :‬إنه عين الموجودات‪ ،‬ويقولون‪« :‬ما نكح سوي نفسه وهو الناكح والمنكوح»‪،‬‬
‫وكذلك الذين يقولون بالحلول العام‪ ،‬والذين يقولون باالتحاد في صور معينة أو بحلوله فيها‬
‫كما يقوله الغالية من النصارى‪ ،‬والرافضة وغالية النساك‪ ،‬فإن هؤالء يصفونه بما يوصف به‬
‫البشر من النكاح‪ ،‬تعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً‪ ،‬هو األحد الصمد‪ ،‬الذي لم‬
‫يلد ولم يولد‪ ،‬ولو يكن له كفواً أحد‪ .‬ومن هؤالء من يعشق الصور الجميلة ويزعم أنه يتجلي‬
‫فيها‪ ،‬وأنه إنما يحب مظاهر جماله‪ .‬وقد بسطنا الكالم في كفرهم و اللهم في غير هذا‬
‫المو ع‪ .‬فمن زعم أن الله يحب أو يعشق وأشار إلي هذا المعني‪ ،‬فهو أعظم كفراً من‬
‫اليهود والنصارى))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬فساده من جهة المعنى‪:‬‬
‫وأما فساده من جهة المعنى‪ ،‬فإن العشق ـ كما تقدم ـ هو اإلفراط في الحب حتى‬
‫يزيد على القصد الواجب‪(( ،‬وهذا المعني ممتنع في حق الله من الجهتين؛ فإن الله ال يُحب‬
‫محبةً زيادة على العدل‪ ،‬ومحبة عباده المؤمنين له ليس لها حد تنتهي إليه حتى تكون‬
‫الزيادة إفراطاً وإسرافاً ومجاوزة للقصد بل الواجب أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما‬
‫سواهما‪ ،‬كما ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال‪« :‬ثالث من كن فيه وجد حالوة اإليمان‪،‬‬
‫من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬ومن كان يحب المرء ال يحبه إال لله ومن كان‬
‫يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه منه كما يكره أن يلقي في النار»(‪ .)3‬وفي رواية في‬

‫(‪ )1‬المصدر السابق (ص‪ 008 :‬ـ ‪ )009‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪ )2‬قاعدة في المحبة (ص‪ 009 :‬ـ ‪.)021‬‬
‫(‪ )3‬سبق تخريجه في (ص‪.)363 :‬‬
‫‪333‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الصحيح‪« :‬ال يجد عبد حالوة اإليمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما إلي‬
‫آرخره»(‪ .)1‬وقال‪« :‬والذي نفسي بيده ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده‬
‫وولده والناس أجمعين»(‪ .)2‬وفي الصحيح(‪ :)3‬أن عمر قال له‪ :‬يا رسول الله والله ألنت‬
‫أحب إلي من كل شيء إال من نفسي فقال‪« :‬ال يا عمر حتى أكون أحب إليك من‬
‫نفسك» قال‪ :‬فألنت أحب إلي من نفسي‪ .‬قال‪« :‬اآلن يا عمر»‪.‬‬
‫وقد تقدم داللة القرآن علي هذا األصل بقوله تعالي‪ :‬ﭻﭼﭽﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮆ‬
‫[التوبة‪:‬‬ ‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ‬ ‫ﮇ‬
‫‪.)4())]26‬‬
‫ثم إن ((الناس في العشق على قولين‪ .‬قيل‪ :‬إنه من باب اإلرادات‪ ،‬وهذا هو‬
‫المشهور‪ .‬وقيل من باب التصورات‪ ،‬وأنه فساد في التخييل حيث يتصور المعشوق على‬
‫غير ما هو به‪ ...،‬ولهذا ال يوصف الله بالعشق‪ ،‬وال أنه يُعشق‪ ،‬ألنه منـزه عن ذلك‪ ،‬وال‬
‫يحمد من يتخيل فيه رخياالً فاسداً))(‪.)5‬‬
‫هذه بعض األوجه في بطالن العشق في حق الله ‪ ،‬وهي تبين فساد هذا اللفظ‪،‬‬
‫وأنه ليس من مراتب المحبة الشرعية‪ ،‬التي تتوجه من العبد لربه ‪.‬‬
‫وأما الجواب عن الوجه الثاني من وجوه انحرافهم في المحبة‪ ،‬فمن وجوه أيضاً‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن تجريد المحبة عن الحظ األرخروي مخالف لطريقة األنبياء‬
‫والمرسلين حيث كانوا يجمعون مع حبهم لله تعالى بين الخوف والرجاء‪ .‬قال تعالى ـ في‬
‫[ألنبياء‪ .]91 :‬وأيضاً مخالف لطريقة أولياء‬ ‫حقهم ـ‪ :‬ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫الله المتقين كما قال تعالى في وصفهم‪ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ [السجدة‪ ،]03 :‬وقال في بعضهم‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫[الزمر‪.]9 :‬‬ ‫ﯾ ﯿ ﰀ‬ ‫ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬الحب في الله ح (‪.)3160‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬حب الرسول ‪ ‬من اإليمان ح (‪.)06‬‬
‫(‪( )3‬جـ‪ )222/2‬كتاب األيمان والنذور‪ ،‬باب كيف كانت يمين النبي ‪‬؟ ح (‪.)3362‬‬
‫(‪ )4‬قاعدة في المحبة (‪ 021‬ـ ‪ ،)020‬وانظر‪ :‬رو ة المحبين (ص‪.)28 :‬‬
‫(‪ )5‬مجموع الفتاوى (‪.)060/01‬‬
‫‪332‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن تجريد الحب عن النيل والحظ أمر متدافع في نفسه‪ .‬برهانه‪ :‬أن‬
‫المحبة تبعث على التلذذ بالنظر إلى ذات المحبوب‪ ،‬وهو نوعٌ من الحظ والنصيب‪ .‬وفي‬
‫الحديث‪« :‬اللهم أني أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم»(‪.)1‬‬
‫فثبت أن الحظ ال ينفك عن المحبة‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما الغلط‪ :‬فتوهم المتوهم أن إرادة وجه الله‬
‫والنظر إليه ليس فيها حظ للعبد وال غرض‪ ،‬وأن طالبها قد ترك مقاصده ومطالبه‪ ،‬وأنه عامل‬
‫لغيره ال لنفسه‪ ،‬حتى تخيل أن عمله لله بمنـزلة كسب العبد لسيده ورخدمة الجند لملكهم‪،‬‬
‫وهذا غلط‪ ،‬بل إرادة وجه الله أعلى حظوظ العبد وأكبر مطالبه وأعظم مقاصده‪ ،‬ففي‬
‫الحديث الصحيح‪« :‬فيكشف الحجاب فينظرون إليه‪ ،‬فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من‬
‫النظر إليه»‪ ،‬وهي الزيادة(‪...)2‬‬
‫وإنما للعبد حظان‪ :‬حظ من المخلوق وحظ من الخالق‪ ،‬وله لذتان‪ :‬لذة تتعلق‬
‫بالمخلوق ولذة تتعلق بالخالق فترك أدنى الحظين واللذتين لينال أعالهما‪ ،‬وما عمل إال لنفسه‪،‬‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫ﮤ‬ ‫وال حطب إال في حبله‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ‬
‫ﮨ [فصلت‪ .]66 :‬وقال النبي ‪« :‬أسألك لذة النظر إلى وجهك» كما تقدم))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أنه ال يلزم من محبة الغرض العرض‪ ،‬وأنها تزول بزوال الغرض كما زعموا‪،‬‬
‫بل إن محبة المؤمنين لربهم ‪ ‬محبة راسخة في النفوس تبقى حتى بعد درخولهم الجنة‪ ،‬ومما‬
‫يدل على ذلك أن أعظم نعيم ألهل الجنة‪ ،‬هو رؤيتهم لوجه الله ‪ ‬المستلزم لمحبتهم لذاته ـ‬
‫سبحانه وتعالى ـ‪ ،‬وذلك إنما يحصل بعد درخولهم الجنة وتأمينهم من العذاب كما جاء في‬
‫الحديث الصحيح‪« :‬إذا درخل أهل الجنة الجنة يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ‪ :‬تريدون شيئاً‬
‫أزيدكم‪ .‬فيقولون‪ :‬ألم تُبيض وجوهنا‪ ،‬ألم تدرخلنا الجنة‪ ،‬وتنجينا من النار‪ .‬قال‪ :‬فيكشف‬
‫الحجاب‪ ،‬فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم ‪.)4(»‬‬

‫(‪ )1‬مضى تخريجه كما في (ص‪.)336 :‬‬


‫(‪ )2‬أرخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )161/1‬ح (‪ )181‬من حديث صهيب ‪.‬‬
‫(‪ )3‬قاعدة في اإلرخالص من المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية (ص‪ 61 :‬ـ ‪.)66‬‬
‫(‪ )4‬تقدم تخريجه‪.‬‬
‫‪338‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ثم على فرض أن المحبة تابعة للغرض فإن حاجة الناس وافتقارهم إلى الله ال تزول وال‬
‫تنقطع بل هي باقية أبد اآلباد؛ فالغني التام ليس ألحد سوى الله ‪ ‬كما قال‪ :‬ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮯ ﮰ [فاطر‪.]06 :‬‬ ‫ﮪﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬
‫بل الصحيح أن المحبة تابعة لإلحسان واإلنعام وذلك ال ينقطع عن المؤمنين فأُ ُكل‬
‫نعيمها دائم ال ينقطع؛ فثبت أن محبة المؤمنين لربهم باقية ال تزول وال تحول‪.‬‬
‫الجنة و ُ‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن هذا القول بدعة في اإلسالم‪ ،‬لم يسبق الصوفية أحد إليه‪ ،‬وكل‬
‫بدعة فهي اللة باتفاق المسلمين‪.‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬أن هذا القول يؤول بصاحبه إلى الكفر والزندقة‪ ،‬ولذا جاء عن‬
‫بعض السلف القول‪(( :‬من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق(‪ ،)1‬ومن عبده بالرجاء وحده‬
‫فهو مرجئ‪ ،‬ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري‪ ،‬ومن عبده بالحب والخوف والرجاء‬
‫فهو مؤمن موحد))(‪ )2‬انتهى‪.‬‬
‫يقول ابن رجب ـ رحمه الله ـ تعليقاً على هذا الكالم ـ‪(( :‬وسبب هذا أنه يجب على‬
‫المؤمن أن يعبد الله بهذه الوجوه الثالثة‪ :‬المحبة والخوف والرجاء‪ ،‬وال بد له من جميعها‪،‬‬
‫ومن أرخل ببعضها فقد أرخل ببعض واجبات اإليمان))(‪ ،)3‬وذلك ألن هذه األمور الثالثة من‬
‫شروط صحة اإليمان بل نص بعض العلماء على أن هذه األمور الثالثة هي أركان العبادة‬
‫والتي ال تصح أي عبادة إال باجتماعها(‪.)4‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فإن بعض أهل العلم استحبوا أن يكون الحب أغلب من الخوف‬
‫والرجاء‪ ،‬واستشهدوا على ذلك بما نقله وهب بن منبه(‪ )5‬عن بعض الحكماء‪(( :‬إني‬
‫ألستحي من الله ‪ ‬أن أعبده رجاء ثواب الجنة أي قط فأكون كاألجير السوء‪ ،‬إن عطي عمل‬

‫(‪ )1‬وجه كونه زنديقاً‪ ،‬ألنه وسيلة إلى القول بالفناء‪.‬‬


‫(‪ )2‬ذكره ابن تيمية في كتابه العبودية (ص‪ 030 :‬ـ ‪ ،)032‬وأورده ابن رجب في التخويف بالنار (ص‪.)02 :‬‬
‫(‪ )3‬التخويف من النار (ص‪.)02/0 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الرسالة الثامنة من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص‪.)383 :‬‬
‫(‪ )5‬تقدمت ترجمته‪.‬‬
‫‪339‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وإن لم يعط لم يعمل‪ ،‬وإني ألستحي من الله أن أعبده مخافة النار أي قط‪ ،‬فأكون كعبد السوء إن‬
‫رهب عمل وإن لم يرهب لم يعمل وإنه يستخرج حبه مني ما ال يستخرجه مني غيره))(‪.)1‬‬
‫قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪ (( :‬وكالم هذا الحكيم يدل على أن الحب ينبغي‬
‫أن يكون أغلب من الخوف والرجاء‪ ،‬وقد قال الفضيل بن عياض‪« :‬المحبة أفضل‬
‫من الخوف» ثم استشهد بكالم هذا الحكيم الذي حكاه عنه وهب‪ ،‬وكذا قال يحيى‬
‫بن معاذ‪ .‬قال‪« :‬ح سبك من الخوف ما يمنع من الذنوب‪ ،‬وال حسب من الحب‬
‫أبداً»‪ .‬فأما الخوف والرجاء فأكثر السلف على أنهما يستويان‪ ،‬ال يرجح أحدهما‬
‫على اآلرخر‪ .‬قاله مطرف والحسن وأحمد وغيرهم‪ ،‬ومنهم من رجح الخوف على‬
‫الرجاء‪ ،‬وهو محكي عن الفضيل وأبي سليمان الداراني(‪ . )))2‬انتهى المراد نقله من‬
‫كالمه ـ رحمه الله ـ(‪.)3‬‬
‫هذه بعض األوجه في بطالن تجريد المحبة عن النـيل والحظ األرخروي‪.‬‬

‫(‪ )1‬أرخرجه ابن المبارك في الزهد (ص‪ ،)26 :‬وأبو نعيم في الحلية (‪ 66/6‬ـ ‪ ،)66‬وأورده ابن رجب في التخويف‬
‫من النار (ص‪.)02 :‬‬
‫(‪ )2‬قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ارختلف العلماء هل يُقدم اإلنسان الرجاء أو يقدم الخوف على أقوال‪:‬‬
‫فقال اإلمام أحمد رحمه الله ‪ " :‬ينبغي أن يكون رخوفه ورجاؤه واحداً‪ ،‬فال يغلب الخوف وال يغلب الرجاء"‪ .‬قال‬
‫رحمه الله ‪ ":‬فأيهما غلب هلك صاحبه " ‪ .‬ألنه إن غلب الرجاء وقع اإلنسان في األمن من مكر الله‪ ،‬وإن غلب‬
‫الخوف وقع في القنوط من رحمة الله‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء ‪(( :‬ينبغي تغليب الرجاء عند فعل الطاعة وتغليب الخوف عند إرادة المعصية))‪ ،‬ألنه إذا فعل‬
‫الطاعة فقد أتى بموجب حسن الظن‪ ،‬فينبغي أن يغلب الرجاء وهو القبول‪ ،‬وإذا هم بالمعصية أن يغلب الخوف‬
‫لئال يقع في المعصية‪.‬‬
‫وقال آرخرون ‪(( :‬ينبغي للصحيح أن يغلب جانب الخوف وللمريض أن يغلب جانب الرجاء)) ألن الصحيح إذا‬
‫غلب جانب الخوف تجنب المعصية‪ ،‬والمريض إذا غلب جانب الرجاء لقي الله وهو يُحسن الظن به‪.‬‬
‫والذي عندي في هذه المسألة أن هذا يختلف بارختالف األحوال وأنه إذا رخاف إذا غلب جانب الخوف أن يقنط من‬
‫رحمة الله وجب عليه أن يرد ويقابل ذلك بجانب الرجاء‪ ،‬وإذا رخاف إذا غلب الرجاء أن يأمن مكر الله فليرد ويغلب‬
‫جانب الخوف‪ ،‬واإلنسان في الحقيقة طبيب نفسه إذا كان قلبه حيًّا‪ ،‬أما صاحب القلب الميت الذي ال يعالج قلبه‬
‫وال ينظر أحوال قلبه فهذا ال يهمه األمر)) انتهى كالمه ـ رحمه الله ـ [مجموع رسائل وفتاوى الشيخ ابن عثيمين‬
‫(‪ 011/0‬ـ ‪.])010‬‬
‫(‪ )3‬التخويف من النار (ص‪.)02 :‬‬
‫‪321‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وأما الجواب عن االنحراف الثالث في مفهوم المحبة عند غالة الصوفية‪ ،‬وهي‬
‫حكمهم على أنفسهم بأنهم محبوبون‪ .‬فهذا من تزكية النفس ورفعها‪ ،‬وهو أشبه بقول اليهود‬
‫والنصارى‪ :‬ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ‪ ،‬وال يخفى ما في ذلك من الرعونة والضالل‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولهذا وجد في المستأرخرين من انبسط في‬
‫دعوى المحبة؛ حتى أرخرجه ذلك إلى نوع من الرعونة والدعوى التي تنافى العبودية‪ ،‬وتدرخل‬
‫العبد في نوع من الربوبية التي ال تصلح إال لله‪ ،‬ويدعي أحدهم دعاوى تتجاوز حدود‬
‫األنبياء والمرسلين‪ ،‬أو يطلبون من الله ما ال يصلح بكل وجه إال لله‪ ،‬وال يصلح لألنبياء‪.‬‬
‫وهذا باب وقع فيه كثير من الشيوخ؛ وسببه عف تحقيق العبودية التي بينها الرسل‪،‬‬
‫وحررها األمر والنهي‪ ،‬الذي جاؤا به؛ بل عف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته‪.‬‬
‫وإذا عف العقل‪ ،‬وقل العلم بالدين‪ ،‬وفى النفس محبة طائشة جاهلة‪ ،‬انبسطت‬
‫النفس بحمقها في ذلك كما ينبسط اإلنسان في محبة اإلنسان مع حمقه وجهله‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫أنا ُمحب فال أؤارخذ بما أفعله من أنواع يكون فيها عدوان وجهل!‬
‫فهذا عين الضالل‪ ،‬وهو شبيه بقول اليهود والنصارى‪ :‬ﭔﭕﭖ ﭗ ‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ‪،‬‬
‫فإن تعذيبه لهم بذنوبهم يقتضي أنهم غير محبوبين وال منسوبين إليه بنسبه البنوة‪ ،‬بل يقتضى‬
‫أنهم مربوبون مخلوقون))(‪.)1‬‬
‫وبذلك يظهر انحراف الصوفية في مفهوم محبة الله ‪ ،‬وأنهم لم يزنوها بميزان‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وفهم سلف هذه األمة‪.‬‬
‫ثم إن من نـفل القول‪ ،‬فإن هذا االنحراف في المحبة قاد الصوفية إلى انحراف في‬
‫لوازم هذه المحبة ومقتضياتها؛ فإن من لوازم المحبة الصحيحة متابعة النبي ‪ ‬كما قال‬
‫تعالى‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ اآلية(‪ .)2‬والناظر في حال المتصوفة يجد‬
‫انحرافهم الوا ح في هذه المتابعة للنبي ‪ ‬حيث ال يعرون لها أي اهتمام بل يتعبدون الله‬

‫(‪ )1‬العبودية (ص‪ 032 :‬ـ ‪.)036‬‬


‫(‪ )2‬قال ابن كثير في تفسيرها‪(( :‬هذه اآلية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله‪ ،‬وليس هو على الطريقة‬
‫المحمدية‪ ،‬فإنه كاذب في دعواه في نفس األمر‪ ،‬حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله‬
‫وأفعاله))‪[ .‬تفسير ابن كثير (‪.])668/0‬‬
‫‪320‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫‪ ‬بغير ما شرع لهم هذا النبي ‪‬؛ فيسقطون وساطته في التبليغ‪ ،‬ويزعمون أنهم يأرخذون‬
‫من الله مباشرة وبال واسطة حتى يقول قائلهم‪ :‬حدثني قلبي عن ربي‪ ،‬وجاءني هاتف‪،‬‬
‫كشف‪ ،‬وغير ذلك مما هو من مصادر تلقيهم غير الكتاب والسنة(‪.)1‬‬‫وحصل لي ٌ‬
‫كما أن من تمام محبة الله ورسوله بغض من حاد الله ورسوله والجهاد في سبيله؛ لقوله‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ [التوبة‪ ]26 :‬والصوفية الغالية تُبطل هذا النوع من‬
‫الجهاد‪ ،‬وتزعم أن الجهاد المفروض هو جهاد النفس وترويضها حتى تتأهل لالتصال بالله تعالى‬
‫ال جهاد الكفار وقتالهم‪ ،‬بل هم ال يرون كافراً أصالً في الوجود كما سبق ذلك في بيان‬
‫عقيدتهم(‪.)2‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فلما صار كثير من الصوفية النساك المتأرخرين‬
‫يدعون المحبة‪ ،‬ولم يزنوها بميزان العلم والكتاب والسنة درخل فيها نوع من الشرك واتباع‬
‫األهواء‪ ،‬والله تعالى قد جعل محبته موجبة التباع رسوله فقال‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ [آل عمران‪ .]60 :‬وهذا ألن الرسول هو الذي يدعو إلى ما يحبه الله‪ ،‬وليس شيء‬
‫يحبه الله إال والرسول يدعو إليه‪ ،‬وليس شيء يدعو إليه الرسول إال والله يحبه‪ ،‬فصار‬
‫محبوب الرب ومدعو(‪ )3‬الرسول متالزمين بل هذا هو هذا في ذاته‪ .‬وإن تنوعت الصفات‪،‬‬
‫فكل من ادعى أنه يحب الله ولم يتبع الرسول فقد كذب ليست محبته لله وحده بل إن‬
‫كان يحبه فهي محبة شرك‪ ،‬فإنما يتبع ما يهواه كدعوى اليهود والنصارى محبة الله‪ ،‬فإنهم‬
‫لو أرخلصوا له المحبة لم يحبوا إال ما أحب‪ ،‬فكانوا يتبعون الرسول فلما أحبوا ما أبغض الله‬
‫مع دعواهم حبه كانت محبتهم من جنس محبة المشركين‪ .‬وهكذا أهل البدع‪ ،‬فمن قال أنه‬
‫من المريدين لله المحبين له وهو ال يقصد إتباع الرسول والعمل بما أمر به‪ ،‬وترك ما نهى‬
‫عنه‪ ،‬فمحبته فيها شوب من محبة المشركين‪ ،‬واليهود و النصارى بحسب ما فيه من‬
‫البدعة‪ ،‬فإن البدع التي ليست مشروعة وليست مما دعا إليه الرسول ال يحبها الله‪ ،‬فإن‬
‫الرسول دعا إلى كل ما يحبه الله‪ ،‬فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفصيل ذلك في كتاب مصادر التلقي عند الصوفية للشيخ الصادق سليم‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪.)82 :‬‬
‫(‪ )3‬أي ما يدعو إليه الرسول ‪ ‬مما يحبه الله‪.‬‬
‫‪322‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وأيضاً‪ :‬فمن تمام محبة الله ورسوله بغض من حاد الله ورسوله والجهاد في سبيله‬
‫لقوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ [المجادلة‪ .]22 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ [المائدة‪ 81 :‬ـ‪ .]80‬وقال‬ ‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [الممتحنة‪ ]6 :‬فأمر‬ ‫ﯙ‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫المؤمنين أن يتأسوا بإبراهيم ومن معه حيث أبدوا العداوة والبغضاء لمن أشرك حتى يؤمنوا‬
‫بالله وحده‪ .‬فأين هذا من حال من ال يستحسن حسنة و ال يستقبح سيئة‪.‬‬
‫وهؤالء سلكوا طريق اإلرادة والمحبة مجمالً من غير اعتصام بالكتاب والسنة كما‬
‫سلك أهل الكالم والرأي طريق النظر والبحث من غير اعتصام بالكتاب والسنة فوقع هؤالء في‬
‫الالت وهؤالء في الالت كما قال تعالى‪ :‬ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﰀ‬ ‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ‬ ‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫[طـه‪:‬‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﭑ ﭒ‬
‫‪ 026‬ـ ‪ ،]023‬وقال‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ [األنعام‪،]066 :‬‬
‫وقال‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [اإلسراء‪ ،]9 :‬وقال‪ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ‬
‫[يونس‪ ،]018 :‬ومثل هذا كثير في‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ‬
‫القرآن))(‪.)1‬‬
‫وقال في مو ع آرخر‪(( :‬وهؤالء يدعون محبة الله في االبتداء ويعظمون أمر محبته‪،‬‬
‫ويستحبون السماع بالغناء والدفوف والشبابات ويرونه قربة‪ ،‬ألن ذلك بزعمهم يحرك محبه الله في‬
‫قلوبهم‪ ،‬وإذا حقق أمرهم وجدت محبتهم تشبه محبة المشركين ال محبة الموحدين؛ فإن محبة‬
‫الموحدين بمتابعة الرسول والمجاهدة في سبيل الله‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸﭹ [آل عمران‪ ]60 :‬وقال تعالى‪ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ [التوبة‪ .]26 :‬وقال تعالى‪:‬‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 631/8‬ـ ‪.)632‬‬


‫‪326‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ [المائدة‪ .]66 :‬وهؤالء ال يحققون متابعة الرسول وال الجهاد في سبيل الله بل كثير‬
‫منهم أو أكثرهم يكرهون متابعة الرسول وهم من أبعد الناس عن الجهاد في سبيل الله بل يعاونون‬
‫أعداءه ويدعون محبته‪ ،‬ألن محبتهم من جنس محبة المشركين الذين قال الله فيهم ﭨ ﭩﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ [األنفال‪ .]66 :‬ولهذا يحبون سماع القصائد أعظم مما يحبون سماع القرآن‪،‬‬
‫ويجتهدون في دعاء مشايخهم واالستعانة بهم عند قبورهم‪ ،‬وفي حياتهم في مغيبهم أعظم مما‬
‫يجتهدون في دعاء الله واالستعانة به في المساجد والبيوت‪ ،‬وهذا كله من فعل أهل الشرك ليس من‬
‫فعل المخلصين لله دينهم‪ ،‬كالصحابة والتابعين لهم بإحسان‪ ،‬فأولئك(‪ )1‬أنكروا محبته وهؤالء درخلوا‬
‫في محبة المشركين‪ .‬والطائفتان رخارجتان عن الكتاب والسنة‪ ،‬فنفس محبته أصل لعبادته‪ ،‬والشرك‬
‫في محبته أصل اإلشراك في عبادته وأولئك فيهم شبه من اليهود‪ ،‬وعندهم كبر من جنس كبر اليهود‪،‬‬
‫وهؤالء فيهم شبه من النصارى وفيهم شرك من جنس شرك النصارى))(‪.)2‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط المحبة‪.‬‬
‫وتحته خمسة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬بغض الله تعالى أو بغض رسوله ‪.‬‬
‫بغض الله ‪ ‬مما يُنافي ويناقض محبة شهادة التوحيد ال إله إال الله‪ ،‬وحكم هذا البغض‬
‫ووجه منافاته للشهادة سيتضح من رخالل ذكر صور هذا البغض‪ ،‬فلهذا البغض صور‪:‬‬
‫الصورة األولى‪ :‬أن يصرح بلسانه أنه مبغض لله ‪ ،‬أو يُضمر ذلك بقلبه‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يعمل بما يستلزم هذا البغض من سب لله ‪ ‬أو سب لدينه‪،‬‬
‫أو سب لنبيه ‪.)3(‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬أن يخالف الله ‪ ‬في الحب والبغض؛ فيبغض ما أحبه الله‪ ،‬أو‬
‫يحب ما يبغضه الله سبحانه وتعالى(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬يعني الجهمية‪.‬‬


‫(‪ )2‬منهاج السنة (‪ 628/6‬ـ ‪ .)629‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 306/01‬ـ ‪.)306‬‬
‫(‪ )3‬المراد بالسب كل كالم قبيح يقصد به االنتقاص‪ ،‬واالستخفاف؛ كاللعن والتقبيح‪ ،‬ونحوه‪ .‬و ابطه كما قال شيخ‬
‫اإلسالم‪(( :‬كل ما عده أهل العرف سباً‪ ،‬أو انتقاصاً‪ ،‬أو عيباً‪ ،‬أو طعناً‪ ،‬ونحو ذلك فهو من السب))‪ .‬الصارم‬
‫المسلول (‪ .)996/6‬وانظر‪ :‬لما قبله المصدر نفسه (‪.)0160/6‬‬
‫‪326‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فأما الصورة األولى فهي نادرة الوقوع‪ ،‬أو ال تكاد تقع‪ ،‬ألن القلوب مفطورة على محبة‬
‫الله ‪‬؛ فمحبته سبحانه وتعالى‪ ،‬ال يخلو منها كافر وال مسلم‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون‬
‫الله))(‪.)2‬‬
‫ومما يبين ذلك أن الله ‪ ‬لم يعب على المشركين أنهم ال يحبون الله‪ ،‬وإنما عاب‬
‫عليهم شركهم في هذه المحبة كما في قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ (‪[ )3‬البقرة‪.]036 :‬‬
‫وعلى فرض وقوعها فهي كفر أكبر يناقض أصل محبة شهادة التوحيد ال إله إال‬
‫الله(‪ .)4‬ووجه ذلك‪ :‬أن بغض المعبود هو بغض لما تضمنته هذه الشهادة من وجوب إفراد‬
‫الله ‪ ‬بالعبادة‪ ،‬وذلك بغض لحقيقة الشهادة‪.‬‬
‫وأما الصورة الثانية‪ :‬فهي واقعة بالفعل‪ ،‬ولذا تكلم أهل العلم في حكم الساب لله‬
‫‪ ،‬أو الساب لدينه‪ ،‬أو لنبيه ‪ ،‬ولهم في ذلك تفصيالت وكالم يطول ذكره هنا‪ ،‬والذي‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬ووجه تعلق الصورتين‪ :‬الثانية والثالثة ببغض الله ‪ ،‬أن من شرط المحبة موافقة المحبوب في ما يحبه ويبغضه‬
‫من الذوات واألفعال واألحوال؛ فالمحبة الصادقة تقتضي الطاعة والموافقة‪ .‬وكما قال الشاعر‪:‬‬
‫ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا لعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـرك فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي القيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاس شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنيع‬ ‫تعصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزعم حبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫المح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب لم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن يُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب مطي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع‬


‫إن ُ‬ ‫ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان حبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادقاً ألطعتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط‪.‬‬


‫يقول ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فمن أحب الله ورسوله محبة صادقة من قلبه‪ ،‬أوجب له ذلك أن يحب بقلبه ما‬
‫يحبه الله ورسوله‪ ،‬ويكره ما يكرهه الله ورسوله‪ ،‬وير ي بما ير ي الله ورسوله‪ ،‬ويسخط ما يسخطه الله ورسوله‪،‬‬
‫وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض‪ ،‬فإن عمل بجوارحه شيئاً يخالف ذلك‪ ،‬بأن ارتكب بعض ما‬
‫يكرهه الله ورسوله‪ ،‬أو ترك بعض ما يحبه الله ورسوله مع وجوبه والقدرة عليه‪ ،‬دل ذلك على نقص محبته الواجبة‬
‫فعليه أن يتوب من ذلك ويرجع إلى تكميل المحبة الواجبة‪.‬‬
‫هر ُجوري‪« :‬كل من ادعى محبة الله ‪ ‬ولم يوافق الله في أمره‪ ،‬فدعواه باطلة»))‪[ .‬جامع‬
‫قال أبو يعقوب الن ُ‬
‫العلوم والحكم (‪.])223‬‬
‫(‪ )2‬الجواب الكافي (ص‪.)626 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬قاعدة في اإلرخالص لشيخ اإلسالم من المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية (ص‪.)36 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)229/2‬‬
‫‪326‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يعنينا منه هنا أنهم اتفقوا على أن من سب الله ‪ ‬أو سب نبيه أو سب دين اإلسالم‪ ،‬فقد‬
‫كفر وانسلخ من ملة اإلسالم‪ ،‬ألن ذلك مناقض لمحبة الله ‪ ‬المقتضية محبة نبيه ‪‬‬
‫ومحبة دينه دين اإلسالم‪.‬‬
‫قال إسحاق ابن راهوية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وقد أجمع العلماء أن من سب الله ‪ ،‬أو سب‬
‫رسول الله ‪ ،‬أو دفع شيئاً أنزله الله‪ ،‬أو قتل نبياً من أنبياء الله‪ ،‬وهو مع ذلك مقر بما أنزل‬
‫الله أنه كافر))(‪.)1‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬إن سب الله‪ ،‬أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً‪،‬‬
‫وسواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم‪ ،‬أو كان مستحالً له‪ ،‬أو كان ذاهالً عن اعتقاده‪،‬‬
‫هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن اإليمان قول وعمل))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫وقالت اللجنة الدائمة لإلفتاء في الرياض بالمملكة العربية السعودية‪(( :‬سب الدين ـ‬
‫والعياذ بالله ـ كفر بواح بالنص واإلجماع؛ لقوله تعالى‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ اآلية‪ ،‬وما ورد في معناها))(‪.)3‬‬
‫وأما الصورة الثالثة‪ ،‬فهي التي عناها ابن القيم ـ رحمه الله ـ بقوله‪(( :‬فهذا ميزان عادل‬
‫توزن به موافقة الرب ومخالفته ومواالته ومعاداته‪ ،‬فإذا رأينا شخصاً يحب ما يكرهه الرب‬
‫تعالى‪ ،‬ويكره ما يحبه علمنا أن فيه من معاداته بحسب ذل ‪ ،‬وإذا رأينا الشخص يحب‬
‫ما يحبه الرب ويكره ما يكرهه‪ ،‬وكلما كان الشيء أحب إلى الرب كان أحب إليه وآثره‬
‫عنده‪ ،‬وكلما كان أبغض إليه كان أبغض إليه وأبعد منه‪ ،‬علمنا أن فيه من مواالة الرب‬
‫بحسب ذلك‪ .‬فتمسك بهذا األصل غاية التمسك في نفسك وفي غيرك‪ ،‬فالوالية عبارة عن‬
‫موافقة الولي الحميد في محابه ومسارخطه‪ ،‬ليست بكثرة صوم وال صالة وال تمزق(‪ )4‬وال‬
‫ريا ة))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬التمهيد البن عبد البر (‪.)223/6‬‬


‫(‪ )2‬الصارم المسلول (‪ .)966/6‬وانظر‪ :‬الشفا للقا ي عياض (‪.)686/2‬‬
‫(‪ )3‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪ )02/2‬ط‪ .‬دار العاصمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )4‬لعله يريد بتمزق هنا تمزق الثياب فالمعروف عن الصوفية الزهد في اللباس ولبس البالي منه‪.‬‬
‫(‪ )5‬الجواب الكافي (ص‪ 629 :‬ـ ‪ .)661‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)662 ،60/2‬‬
‫‪323‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ولذا ال يمكن الحكم على هذه الصورة بحكم واحد‪ ،‬فال بد من التفصيل في شأن‬
‫أصحابها؛ فإن كان يحب ما يكره الرب تعالى لشهوة في قلبه‪ ،‬كمن يحب الفواحش وسائر‬
‫المعاصي التي دون الشرك ويتلذذ بفعلها‪ ،‬فهذا ال يكفر إال إذا استحل ذلك بقلبه‪ .‬وأما بغض‬
‫ما يحبه الله ‪ ،‬فال يخلو‪ :‬إما أن يكون بغضاً لطاعة‪ ،‬فمبغض الطاعات كافر؛ كمن يبغض‬
‫الصالة أو نحو ذلك(‪ ،)1‬والدليل قوله تعالى‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [محمد ‪:‬‬
‫‪ .)2( ]9‬أو يكون المبغوض ذاتاً محبوبة لله ‪‬؛ فإن كانت هذه الذات لمعظم عند الله‬
‫‪ )3(‬كاألنبياء والمالئكة فمبغض ذلك كافر مرتد‪ .‬والدليل قوله تعالى‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ [البقرة‪ .)4(]98 :‬وأما إن كانت ذاتاً غير معظمة؛ كسائر المؤمنين‪،‬‬
‫فإن ذلك ال يكون كفراً‪ ،‬بل هو من كبائر الذنوب‪ ،‬ويعظُم الذنب بحسب مكانة هذه‬
‫الذات ومنـزلتها‪ ،‬فبغض الصحابة أعظم من بغض غيرهم(‪.)5‬‬
‫فهذا هو تحقيق الكالم في هذه المسألة العظيمة‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫إذا ثبت هذا فينبني على هذا البحث مسألة‪ ،‬وهي ما حكم سب الصحابة كما‬
‫يفعله بعض غالة الرافضة؟‬
‫الجواب‪ :‬أن سب الصحابة له وجهان‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون السب ألمر ديني‪ ،‬فهذا ال شك أنه كفر‪ ،‬كمن يسب واحداً منهم‬
‫ألجل أنه صحابي‪ ،‬ألن ذلك استخفاف بحق الصحبة؛ ففيه تعرض إلى النبي ‪‬؛ فال‬
‫شك في كفر الساب كما نص على ذلك السبكي ـ رحمه الله ـ(‪.)6‬‬

‫ﭖﭗ‬ ‫(‪ )1‬المقصود البغض الشرعي ـ االعتقادي ـ ال البغض الجبلي الطبعي كما في قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫[البقرة‪ .]203 :‬فإن‬ ‫ﭬ ﭭ‬ ‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫هذا ال أثر له إال إذا أدى إلى ترك تلك الطاعة‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ‪( :‬من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ‪ ،‬ولو عمل به كفر)‪.‬‬
‫[نواقض اإلسالم مع شرحه للشيخ الفوزان (ص‪.])000 :‬‬
‫(‪ )3‬المراد بالتعظيم في حق الله هنا االصطفاء واالرختيار والعناية والرعاية لهذه الذوات‪ ،‬وإيجاب تعظيمها على رخلقه‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬اإلنصاف للمرداوي (‪.)623/01‬‬

‫(‪ )5‬هذا إذا كان البغض ل ً‬


‫معنى غير الدين‪ ،‬أما بغضهم ألجل دينهم فهو كفر‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري البن حجر‬
‫(‪.)36/0‬‬
‫(‪ )6‬فتاوي السبكى (‪.)555/3‬‬
‫‪322‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وعليه يحمل كالم أبي الزرعة الرازي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً‬
‫من أصحاب رسول الله ‪ ‬فاعلم أنه زنديق‪ ،‬وذلك أن الرسول عندنا حق‪ ،‬والقرآن حق‪،‬‬
‫وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ‪ ،‬وإنما يريدون أن يجرحوا‬
‫شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح أولى بهم وهم زنادقة))(‪.)1‬‬
‫ويلتحق بهذا الوجه أيضاً‪ :‬أن يسب جميع الصحابة أو يبغض جملتهم‪ ،‬فهذا ال‬
‫شك في كفره‪ .‬وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول الطحاوي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وبغضهم‬
‫(‪)2‬‬
‫لمعنى ديني‪.‬‬
‫ً‬ ‫إال‬ ‫يكون‬ ‫ال‬ ‫ألنه‬ ‫‪،‬‬‫كفر‬ ‫أنه‬ ‫شك‬ ‫ال‬ ‫بجملتهم‬ ‫الصحابة‬ ‫بغض‬ ‫فإن‬ ‫؛‬ ‫كفر))‬

‫الثاني‪ :‬إذا سب صحابياً ال من حيث كونه صحابياً بل ألمر رخاص به‪ ،‬فهذا ال‬
‫يكون كفراً بل معصية وذنباً‪ ،‬ألنه يخالف ما أمر الله به من حبهم والدعاء لهم كما في قوله‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ [الحشر‪.)3(]01 :‬‬
‫وهنا مسألة تذكر تبعاً هنا‪ ،‬وهي‪ :‬بغض الرافضي ألبي بكر وعمر ر ي الله عنهما‬
‫ليس ألمر دنيوي من معاملة أو مشاركة أو نحوها بل ألجل تقديمه علياً ‪ ‬واعتقاده‬
‫بجهله أنهما ظلماه وهما مبرآن عن ذلك؛ فهو يعتقد بجهله أن ينتصر لعلي ر ي الله عنه‬
‫لقرابته من النبي ‪ ،‬فما حكم هذا البغض إذاً؟‬
‫في هذه المسألة قوالن ألهل العلم‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ذلك كفر‪ ،‬ألن ذلك يعود على الدين‪ ،‬ووجهه ألن أبا بكر وعمر ـ ر ي‬
‫الله عنهما هما أصل بعد النبي ‪‬؛ وألن األمة أجمعت على إمامتهما وتقديمهما على‬
‫سائر الصحابة ومخالفة اإلجماع كفر؛ فهذا مأرخذ التكفير ببغض الرافضة لهما وسبهم‬
‫لهما‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه معصية وليس بكفر‪ ،‬ألنه عن شبهة وتأويل‪ .‬وبه قال مالك ـ رحمه‬
‫الله(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬أرخرجه ابن عساكر في تاريخه (‪ 33/38‬ـ ‪ ،)33‬وأورده المزي في تذهيب الكمال (‪.)14/11‬‬
‫(‪ )2‬الطحاوية مع شرحها البن أبي العز (ص‪.)538 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتاوي السبكى (‪.)555/3‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬فتاوي السبكي (‪ ،555/3‬و‪.)551‬‬
‫‪328‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫والصحيح أن ذلك راجع إلى اعتقاد الساب إن سبهما معتقداً أنهما كفرا وارتدا بعد‬
‫موت النبي ‪ ‬فهو كفر ألنه مكذب لخبر النبي ‪ ‬وشهادته لهم بأن كل واحد منهما في‬
‫الجنة‪ ،‬كما ثبت ذلك عنه ‪ .)1(‬ولقوله أيضاً‪« :‬إذا قال الرجل ألرخيه يا كافر فقد باء به‬
‫أحدهما»(‪ .)2‬وإن سبهما معتقداً أنهما لم يكفرا ولكن ظلما وجارا فهو فسق و الل(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أرخرجه أبو داود في كتاب السنة‪ ،‬باب الخلفاء (‪ )311/9‬ح (‪.)9491‬‬
‫(‪ )2‬أرخرجه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬من كفر أرخاه من غير تأويل فهو كما قال (جـ‪ )134/5‬ح‬
‫(‪ ،)4113‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )51/1‬حديث رقم (‪.)111‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتاوي السبكي (‪.)551/3‬‬
‫‪329‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بغض ما جاء عن الله ‪ ‬أو عن رسوله ‪.‬‬


‫ذكرنا في المطلب السابق أن هذا البغض هو صورة من صور بغض الله ‪ ‬من جهة‬
‫أن محبة الله تعالى تستلزم محبة ما جاء عن الله تعالى أو عن رسوله ‪ ،‬ولذا صرح بعض‬
‫أهل العلم بأن مبغض الطاعات كافر(‪ )1‬هكذا بإطالق‪ .‬ولكن هنالك تفصيل ال بد منه في‬
‫هذا المو ع‪ ،‬وهو أن من أبغض ما جاء عن الله تعالى لكونه صادراً عن تشريع الله تعالى‪،‬‬
‫فهذا ال شك في كفره ومنافاته التامة لشرط المحبة‪ .‬ولكن من أبغض الطاعة لكونها ال توافق‬
‫هواه‪ ،‬فهذا ال يكفر‪ ،‬وإن كان ذلك قدحاً في كمال محبته لله تعالى‪ .‬ألن كمال اإليمان‬
‫الواجب أن يكون هواه تبعاً لما جاء به الرسول ‪ ‬المبلغ عن الله تعالى‪ .‬ولذا جاء في‬
‫الحديث المختلف في تصحيحه وتضعيفه‪« :‬ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت‬
‫به»(‪.)2‬‬
‫وأما النفور الطبعي فهذا ال ينافي أصل اإليمان‪ ،‬أو كماله الواجب‪ ،‬ولذا لم يُؤارخذ به‬
‫المؤمنون كما في قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ [البقرة‪ ،]203 :‬ألن كراهة الطبع‬
‫رخارجة عن مقدور اإلنسان‪.‬‬
‫يقول الراغب‪(( :‬الكره المشقة التي تـنال اإلنسان من رخارج فيما يُحمل عليه بإكراه‪،‬‬
‫والكره ما يناله من ذاته وهو يعافه‪ ،‬وذلك على ربين‪ ،‬أحدهما‪ :‬ما يـُعاف من حيث‬
‫الطبع‪ ،‬والثاني‪ :‬ما يـُعاف من حيث العقل أو الشرع‪ ،‬ولهذا يصح أن يقول اإلنسان في‬
‫الشيء الواحد إني أريده وأكرهه بمعنى أني أريده من حيث الطبع وأكرهه من حيث العقل‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ 012/06‬ـ ‪ ،)018‬والصارم المسلول (‪ ،)920/6‬وكشاف القناع (‪.)6122/3‬‬
‫(‪ )2‬أرخرجه الطوسي في األربعين (ص‪ )60 :‬رقم (‪ ،)9‬وابن أبي عاصم في السنة (‪ )02/0‬رقم (‪ ،)06‬وأورده‬
‫الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب (‪ ،)066/6‬وابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص‪ )226 :‬وقال‪:‬‬
‫حديث حسن صحيح‪ ،‬رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح‪ ،‬وأورده الحافظ في فتح الباري (‪)289/06‬‬
‫وقال‪ :‬رخرجه الحسن بن سفيان وغيره‪ ،‬ورجاله ثقات‪ ،‬وقد صححه النووي في آرخر األربعين‪ .‬انتهى‪ .‬و عف‬
‫األلباني إسناده في ظالل الجنة في تخريج أحاديث السنة البن أبي عاصم (‪.)06‬‬
‫‪381‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ﭑ ﭒ‬ ‫أو الشرع‪ ،‬أو أريده من حيث العقل أو الشرع وأكرهه من حيث الطبع‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ [البقرة‪ .]203 :‬أي‪ :‬تكرهونه من حيث الطبع))(‪.)1‬‬
‫وقال اإلمام البغوي‪ (( :‬ﭔ ﭕ ﭖﭗ أي‪ :‬شاق عليكم‪ .‬قال بعض أهل المعاني‪:‬‬
‫هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس ورخطر الروح‪ ،‬ال‬
‫أنهم كرهوا ثم أحبوه))(‪.)2‬‬
‫وقال اإلمام القرطبي ـ رحمه الله ـ ((وإنما كان الجهاد كرهاً ألن فيه إرخراج المال‬
‫ومفارقة الوطن واألهل‪ ،‬والتعرض بالجسد للشجاج والجراح‪ ،‬وقطع األطراف‪ ،‬وذهاب‬
‫النفس‪ ،‬فكانت كراهيتهم لذلك‪ ،‬ال أنهم كرهوا فرض الله تعالى))(‪.)3‬‬
‫وبين اإلمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ أن هذا الكره ال ينافي الر ى والتسليم فقال‪:‬‬
‫((وليس من شرط الر ى أال يحس باأللم والمكاره‪ ،‬بل أال يعترض على الحكم وال‬
‫يتسخطه‪ ،‬ولهذا أشكل على بعض الناس الر ى بالمكروه‪ ،‬وطعنوا فيه‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذا ممتنع‬
‫على الطبيعة‪ .‬وإنما هو الصبر‪ ،‬وإال فكيف يجتمع الر ى والكراهية؟ وهما دان‪،‬‬
‫والصواب‪ :‬أنه ال تناقض بينهما‪ ،‬وأن وجود التألم وكراهة النفس له ال ينافي الر ى‪ ،‬كر ى‬
‫المريض بشرب الدواء الكريه‪ ،‬ور ى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع‬
‫والظمأ‪ ،‬ور ى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيره‪.)4())...‬‬
‫ورخالصة ما سبق‪ ،‬أن بغض أو كراهة ما جاء به الرسول ‪ ‬عن الله تعالى مناف‬
‫لعمل القلب من الحب والر ى والتعظيم مع التفريق بين الكره االعتقادي‪ ،‬والطبعي‬
‫واالعتقادي والشهوي‪ ،‬والله أعلم(‪.)5‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬شرك المحبة‪.‬‬

‫(‪ )1‬المفردات (ص‪.)212 :‬‬


‫(‪ )2‬تفسير البغوي (‪.)088/0‬‬
‫(‪ )3‬تفسير القرطبي (جـ‪.)69/6‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكين (‪.)026/2‬‬
‫(‪ )5‬وانظر‪ :‬نواقض اإليمان االعتقادية (جـ‪.)029/2‬‬
‫‪380‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫شرك المحبة مما يناقض تجريد المحبة لله ‪ .‬وحقيقة هذا الشرك ـ كما بين‬
‫الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬اتخاذ األنداد من الخلق يحبهم كحب الله‪ ،‬ويقدم طاعتهم‬
‫على طاعة الله‪ ،‬ويلهج بذكرهم ودعائهم))(‪.)1‬‬
‫ومما قيل في بيان حقيقته أيضاً‪(( :‬كل محبة تغر في الدين وتبعث على االكتفاء‬
‫بها دون الجد في الطاعات وتحري المشروع منها‪ ،‬وال تثمر ربط القلوب وصلتها بعضها‬
‫ببعض إذا اتحدت على الشهادتين‪ ،‬وال توجب النفور من كل من يحاول هدم تعاليم‬
‫اإلسالم‪ ،‬وال تدعوا إلى األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وال تعود صاحبها على‬
‫استعذاب العذاب في رخدمة المبدأ الحق المجمل في الشهادتين))(‪ .)2‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬
‫وفي هذا المطلب سنتكلم عن صور هذا الشرك وأقسامه‪ ،‬وبيان منافاته لشرط‬
‫المحبة‪.‬‬
‫فشرك المحبة مما يناقض وينافي محبة كلمة التوحيد «ال إله إال الله»‪ .‬ووجه هذه‬
‫المنافاة سيتضح من رخالل بيان صور هذا الشرك وأقسامه؛ فلهذا الشرك صور كما سيأتي‪:‬‬
‫كحب المشركين ألندادهم‪ ،‬وآلهتهم‪،‬‬ ‫األولى‪ :‬أن يُحب غير الله كما يُحب الله؛ ُ‬
‫التي يحبونها ويعظمونها من دون الله‪.‬‬
‫ﮇﮈ ﮉ‬ ‫ودليل هذه الصورة قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ (‪[ )3‬البقرة‪.]036 :‬‬
‫وحكم هذه الصورة أنها شرك أكبر ينافي أصل المحبة‪.‬‬
‫ووجه ذلك‪ :‬أن التوحيد ال يتم إال بصرف كامل الذل والمحبة لله تعالى‪ ،‬ألن هذا هو‬
‫حقيقة العبادة(‪)4‬؛ ((فأصل العبادة محبة الله بل إفراده بالمحبة))(‪ ،)5‬فمن صرف شيئاً من هذه‬

‫ﮇﮈ ﮉ‬ ‫(‪ )1‬القول السديد (ص‪ .)216 :‬شرح باب‪ :‬قول الله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ‪.‬‬
‫(‪ )2‬الشرك ومظاهره للميلي (ص‪.)238 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)21/6‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬العبودية لشيخ اإلسالم (ص‪ 66 :‬ـ ‪.)66‬‬
‫(‪ )5‬اقتباس من مدارج السالكين (‪.)99/0‬‬
‫‪382‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المحبة لغير الله فقد أشرك في العبادة‪ ،‬والشرك في العبادة ينافي وجوب إفراد الله تعالى‬
‫بالمحبة‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فمعلوم أن أصل اإلشراك العملي بالله اإلشراك‬
‫ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫في المحبة قال تعالي ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮍﮎ [البقرة‪ ]036 :‬فأرخبر أن من الناس من يشرك بالله فيتخذ أنداداً يحبونهم كما يحبون‬
‫الله‪ ،‬وأرخبر أن الذين آمنوا أشد حباً لله من هؤالء‪ ،‬والمؤمنون أشد حباً لله من هؤالء‬
‫ألندادهم ولله‪ ،‬فإن هؤالء أشركوا بالله في المحبة فجعلوا المحبة مشتركة بينه وبين األنداد‪،‬‬
‫والمؤمنون أرخلصوا دينهم لله الذي أصله المحبة لله‪ ،‬فلم يجعلوا لله عدال في المحبة بل‬
‫كان الله ورسوله أحب إليهم مما سواهما))(‪.)1‬‬
‫ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حكم هذا الشرك‪(( :‬والنوع األول ـ يعني من الشرك‬
‫ـ ينقسم إلى كبير وأكبر‪ ،‬وليس شيء منه مغفور؛ فمنه الشرك بالله في المحبة والتعظيم‪ ،‬بأن‬
‫يحب مخلوقاً كما يحب الله‪ ،‬فهذا من الشرك الذي ال يغفره الله‪ .‬وهو الشرك الذي قال‬
‫سبحانه فيه ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ اآلية [البقرة‪ .]036 :‬وقال أصحاب هذا‬
‫الشرك آللهتهم وقد جمعتهم الجحيم ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫[الشعراء‪ 92 :‬ـ ‪ .]98‬ومعلوم أنهم ما سووهم به ـ سبحانه ـ في الخلق‪ ،‬والرزق‪ ،‬واإلماتة‪،‬‬
‫واإلحياء‪ ،‬والملك‪ ،‬والقدرة‪ ،‬وإنما سووهم به في الحب والتأله والخضوع والتذلل لهم))(‪.)2‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن يُحب غير الله محبةً تستولي على القلب‪ ،‬تُنسي محبة الله‬
‫سبحانه وتعالى؛ كحب العاشق معشوقه محبةً يقدم فيها محاب معشوقه على محاب الله‬
‫تعالى‪ ،‬ويؤثر فيها مرا يه على مرا ي الله ‪‬؛ فيخلص له المحبة دون الله‪.‬‬
‫وحكم هذه الصورة كسابقتها‪ ،‬وهي أنها شرك أكبر ينافي أصل المحبة‪ .‬ووجه‬
‫ذلك‪ :‬ألن من شرط المحبة أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬والعاشق قد جعل‬
‫معشوقه أحب إليه من الله ورسوله بدليل تقديم محابه على محاب الله ورسوله؛ وإذا انتفى‬
‫الشرط انتفى المشروط‪.‬‬

‫(‪ )1‬قاعدة في المحبة (ص‪.)39 :‬‬


‫(‪ )2‬الجواب الكافي (ص‪ 266 :‬ـ ‪.)263‬‬
‫‪386‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في العشق‪(( :‬وهو أقسام‪ :‬تارة يكون كفراً؛ كمن اتخذ‬
‫معشوقه نداً يحبه كما يحب الله‪ ،‬فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟‬
‫فهذا عشق ال يغفر لصاحبه‪ ،‬فإنه من أعظم الشرك‪ ،‬والله ال يغفر أن يشرك به‪ ،‬وإنما يغفر‬
‫بالتوبة الماحية‪ ....‬وعالمة هذا العشق الشركي الكفري‪ :‬أن يقدم العاشق ر ى معشوقه‬
‫على ر ى ربه‪ ،‬وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحظه‪ ،‬وحق ربه وطاعته‪ ،‬قدم حق معشوقه‬
‫على حق ربه وآثر ر اه على ر اه‪ ،‬وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه‪ ،‬وبذل لربه ـ إن‬
‫بذل ـ أردى ما عنده‪ ،‬واستفرغ وسعه في مر ات معشوقه وطاعته والتقرب إليه‪ ،‬وجعل لربه ـ‬
‫إن أطاعه ـ الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته‪.‬‬
‫فتأمل حال أكثر عشاق الصور هل تجدها مطابقة لذلك‪ ،‬ثم ع حالهم في كفة‪،‬‬
‫وتوحيدهم في كفة وإيمانهم في كفة‪ ،‬ثم زن وزناً ير ي الله ورسوله ويطابق العدل؛ وربما‬
‫صرح العاشق منهم بأن وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه كما قال العاشق الخبيث‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫هن أحلى فيه من التوحيد‬ ‫يـترش ـ ـ ـ ـ ـ ـفن م ـ ـ ـ ـ ـ ـن فم ـ ـ ـ ـ ـ ـي رش ـ ـ ـ ـ ـ ـفات‬
‫وكما صرح الخبيث اآلرخر‪ :‬أن وصل معشوقه أشهى إليه من رحمة ربه ـ فعياذاً بك‬
‫اللهم من هذا الخذالن ـ فقال‪:‬‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـ ـن رحم ـ ـ ـ ـ ـ ـة الخ ـ ـ ـ ـ ـ ــالق الجلي ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬ ‫وص ـ ـ ـ ـ ـ ـلُك أش ـ ـ ـ ـ ـ ـهى إلـ ـ ـ ـ ـ ــى ف ـ ـ ـ ـ ـ ـؤادي‬
‫وال ريب أن هذا العشق من أعظم الشرك‪ ،‬وكثير من العشاق يصرح بأنه لم يبق في‬
‫قلبه مو ع لغير معشوقه ألبتة‪ ،‬بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله فصار عبداً محضاً من كل‬
‫وجه لمعشوقه‪ :‬فقد ر ي هذا من عبودية الخالق ـ جل جالله ـ بعبودية المخلوق مثله‪ .‬فإن‬
‫العبودية هي كمال الحب والخضوع‪ ،‬وهذا قد استفرغ قوة حبه ورخضوعه وذله لمعشوقه‪،‬‬
‫فقد أعطاه حقيقة العبودية‪.‬‬
‫وال نسبة بين مفسدة هذا األمر العظيم ومفسدة الفاحشة‪ ،‬فإن تلك ذنب كبير‬
‫لفاعله حكمه حكم أمثاله‪ ،‬ومفسدة هذا العشق مفسدة الشرك‪ .‬وكان بعض الشيوخ من‬

‫(‪ )1‬ديوان المتنبي (‪ )61/2‬بتحقيق عبد الرحمن البرقوقي‪.‬‬


‫‪386‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫العارفين يقول‪ :‬لئن أُبـتلى بالفاحشة مع تلك الصورة أحب إلي من أن أُبـتـلى فيها بعشق‬
‫يتعبد لها قلبي ويشغله عن الله))(‪.)1‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ مبيناً فساد هذا العشق الكفري ـ‪...(( :‬فكما أن‬
‫الحب أوله عالقة لتعلق القلب بالمحبوب‪ ،‬ثم صبابة إلنصاب القلب نحوه‪ ،‬ثم غرام للزومه‬
‫القلب كما يلزم الغريم غريمه‪ ،‬ثم يصير عشقاً إلى أن يصير تتيماً‪ ،‬والتتيم التعبد‪ ،‬وتـيم الله‬
‫عبد الله‪ ،‬فيصير القلب عبداً للمحبوب‪ ،‬مطيعاً له‪ ،‬ال يستطيع الخروج عن أمره‪ ،‬وقد آل‬
‫األمر بكثير من عشاق الصور إلى ما هو معروف عند الناس‪ ،‬مثل من حمله ذلك على قتل‬
‫نفسه‪ ،‬وقتل معشوقه‪ ،‬أو الكفر والردة عن اإلسالم‪ ،‬أو أفضى به إلى الجنون‪ ،‬وزوال العقل‪،‬‬
‫أو أوجب رخروجه عن المحبوبات العظيمة‪ ،‬من األهل والمال والرياسة أو أمراض‬
‫جسمه))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫الصررورة الثالثررة‪ :‬تقــديم هــوى الــنفس علــى محبـة اللــه ومحبــة مــا يحبــه بفعــل المعاصــي دون‬
‫الشرك وترك الواجبات دون التوحيد‪.‬‬
‫يقــول ابــن رجــب ـ رحمــه اللــه ـ‪(( :‬وكــذلك المعاصــي إنمــا تقــع مــن تقــديم الهــوى علــى‬
‫محبة الله ومحبة ما يحبه))(‪.)3‬‬
‫ويقول الحافظ ابـن حجـر ـ نـاقالً عـن بعـض أهـل العلـم ـ‪(( :‬فمـن وقـع فـي معصـية مـن فعـل‬
‫محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله حيث قدم هوى نفسه))(‪.)4‬‬
‫وحكم هذه الصورة أنها تنافي كمال المحبة ال أصلها‪.‬‬
‫ووجــه ذلــك يظهــر فــي كــالم الحــافظ ابــن رجــب ـ رحمــه اللــه ـ‪(( :‬فمــن أحــب اللــه ورسـوله‬
‫محبة صادقة من قلبه‪ ،‬أوجب له ذلك أن يحـب بقلبـه مـا يحبـه اللـه ورسـوله‪ ،‬ويكـره مـا يكرهـه اللـه‬
‫ورسـوله‪ ،‬وير ــي بمــا ير ـي اللــه ورسـوله‪ ،‬ويســخط مــا يســخطه اللــه ورس ـوله‪ ،‬وأن يعمــل بجوارحــه‬
‫بمقتضــى هــذا الحــب والــبغض‪ ،‬فــإن عمــل بجوارحــه شــيئاً يخــالف ذلــك‪ ،‬بــأن ارتكــب بعــض مــا‬
‫يكرهــه اللــه ورس ـوله‪ ،‬أو تــرك بعــض مــا يحبــه اللــه ورس ـوله مــع وجوبــه والقــدرة عليــه‪ ،‬دل ذلــك علــى‬

‫(‪ )1‬الجواب الكافي (ص‪ 666 :‬ـ ‪.)666‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)632/2‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه (ص‪.)222 :‬‬
‫(‪ )4‬فتح الباري (‪.)30/0‬‬
‫‪386‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫نقص محبته الواجبة‪ ،‬فعليـه أن يتـوب مـن ذلـك ويرجـع إلـى تكميـل المحبـة الواجبـة)) انتهـى كالمـه ـ‬
‫رحمه الله ـ(‪.)1‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مواالة أعداء الله ورسوله ‪.‬‬
‫مواالة أعداء الله ورسوله من قوادح محبة الله تعالى ورسوله ‪ ،‬فشرط المحبة ـ‬
‫كما تقدم ـ ترك هذه المواالة(‪.)2‬‬
‫والحديث عن هذه المواالة سيكون تحت المقاصد التالية‪:‬‬
‫المةصد األول‪ :‬معنى المواالة لغة وشرعاً‪.‬‬
‫من المهم ونحن نتكلم عن منافاة مواالة أعداء الله ورسوله لشرط المحبة أن نبين‬
‫مفهوم هذه المواالة وحقيقتها في اللغة واالصطالح‪ ،‬وذلك ألن الحكم على الشيء ـ كما‬
‫تقدم ـ فرع عن تصوره‪.‬‬
‫فالمواالة في اللغة مأرخوذة من الولي‪ ،‬وهو الدنو وال ُقرب(‪ .)3‬وهي تأتي بمعنى‬
‫المناصرة والتأييد‪ ،‬المستلزم للمحبة(‪.)4‬‬
‫وأما المواالة في االصطالح‪ ،‬فقد ارختلفت عبارات أهل العلم في تحديد مفهومها‪،‬‬
‫وليس ذلك الرختالفهم في معناها‪ ،‬وإنما لتنوع وجوه هذه المواالة‪ ،‬وتعدد صورها ومظاهرها‪.‬‬
‫ومن أقوال أهل العلم في ذلك‪:‬‬
‫((وأصل المواالة‪ :‬الحب؛ وأصل المعاداة‪ :‬البغض؛ وينشأ عنهما من أعمال القلوب‪،‬‬
‫والجوارح‪ ،‬ما يدرخل في حقيقة المواالة‪ ،‬والمعاداة‪ ،‬كالنصرة‪ ،‬واألنس‪ ،‬والمعاونة‪ ،‬وكالجهاد‪،‬‬
‫والهجرة‪ ،‬ونحو ذلك من األعمال))(‪.)5‬‬
‫وفيه حد المواالة بالنصرة والمعاونة المستلزم للمحبة‪.‬‬
‫وأيضاً‪(( :‬موافقة الكفار على كفرهم‪ ،‬وإظهار مودتهم‪ ،‬ومعاونتهم على المسلمين‪،‬‬
‫وتحسين أفعالهم‪ ،‬وإظهار الطاعة واالنقياد لهم على كفرهم))(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)223 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪ 366 :‬ـ ‪.)366‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة (‪ )060/3‬مادة (ولى)‪ ،‬وتهذيب اللغة لألزهري (‪ ،)662/06‬والقاموس المحيط‬
‫(‪ )686/6‬باب الواو والياء ـ فصل الواو (‪.)686/6‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬لسان العرب (‪.)612/06‬‬
‫(‪ )5‬الدرر السنية (‪ ،)626/2‬وانظر‪ :‬وابط وأصول التكفير لعبد اللطيف آل الشيخ (ص‪.)23 :‬‬
‫‪383‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وفيه حد المواالة بإظهار المودة‪ ،‬والطاعة واالنقياد مع المعاونة والنصرة‪ ،‬وتحسين‬


‫الفعل بالثناء ونحوه‪.‬‬
‫وقال الخازن(‪ )2‬ـ رحمه الله ـ في تعريفها‪(( :‬يعني مواالة الكفار من نقل األرخبار‬
‫إليهم‪ ،‬وإظهار عورة المسلمين‪ ،‬أو يوادهم ويحبهم))(‪.)3‬‬
‫الود أو التجسس لصالح الكفار‪ ،‬وهو من صور التولي‬ ‫وفيه تعريف المواالة بالمحبة و ُ‬
‫كما سيأتي‪.‬‬
‫وقال الشيخ سليمان بن عبد الله ـ رحمه الله ـ في بيان مفهومها‪(( :‬قوله‪" :‬ووالى في‬
‫الله" هذا بيان لالزم المحبة في الله‪ ،‬وهو المواالة‪ .‬فيه إشارة إلى أنه ال يكفي في ذلك‬
‫مجرد الحب‪ ،‬بل ال بد مع ذلك من المواالة‪ ،‬التي هي الزم الحب‪ ،‬وهي النصرة واإلكرام‬
‫واالحترام والكون مع المحبوبين باطناً وظاهراً))(‪.)4‬‬
‫وفيه تعريف المواالة بالنصرة واإلكرام والموافقة والتأييد واالحترام المستلزم للمحبة‬
‫واإلكرام‪.‬‬
‫وقال العنقري(‪ )5‬ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وإذا ذكروا مواالة المشركين ـ يعني المشايخ من أئمة‬
‫الدعوة ـ فسروها بالموافقة والنصرة‪ ،‬والمعاونة والر ا بأفعالهم))(‪.)6‬‬
‫وهو كسابقه في تفسير المواالة بالموافقة والنصرة والمعاونة‪.‬‬
‫وقالت اللجنة الدائمة‪(( :‬مواالة الكفار التي يُكفر بها من واالهم هي‪ :‬محبتهم‬
‫ونصرتهم على المسلمين))(‪.)1‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬نفس المصدر (‪.)068/9‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن رخليل الشيحي البغدادي‪ ،‬عالء الدين‪ ،‬أبو الحسن‪ ،‬إمام مفسر‪ ،‬فقيه‬
‫محدث‪ ،‬ولد ببغداد وقدم دمشق‪ ،‬وولي رخزانة الكتب بالسميساطية‪ .‬من تصانيفه‪(( :‬لباب التأويل في معاني‬
‫التنزيل في التفسير))‪ ،‬و((شرح عمدة األحكام)) للحافظ عبد الغني المقدسي‪ .‬توفي سنة (‪ )591‬هـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫الدرر الكامنة (‪ ،)15/3‬ومعجم المؤلفين (‪.)913/3‬‬
‫(‪ )3‬تفسير الخازن (‪.)282/0‬‬
‫(‪ )4‬تيسير العزيز الحميد (‪.)622‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري التميمي النجدي‪ ،‬من القضاة بالمملكة العربية السعودية‪ ،‬له‬
‫من المؤلفات الفتاوى ـ خ‪ .‬توفي سنة (‪ )1353‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬األعالم للزركلي (‪ ،)11/9‬ومعجم المؤلفين‬
‫(‪.)359/3‬‬
‫(‪ )6‬الدرر السنية (‪.)068/9‬‬
‫‪382‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وفيه حد المواالة المكفرة بمحبة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين‪ ،‬وذلك من‬
‫صور التولي كما سيأتي‪.‬‬
‫وقال الدكتور محمود ياسين في تعريفها‪(( :‬موالة الكفار تعني‪ :‬التقرب إليهم وإظهار‬
‫الود لهم باألقوال واألفعال والنوايا))(‪.)2‬‬
‫وهو تعريف للمواالة بأعم أحوالها‪ ،‬وهو أنها حب وتقرب للمتولى يظهر على‬
‫اللسان أو على الجوارح أو على القلب أو عليهم جميعاً‪.‬‬
‫هذه بعض أقوال أهل العلم في تفسير المواالة‪ ،‬وهي تدور حول الميل القلبي‬
‫بالمودة والمحبة‪ ،‬أو بما يظهر على الجوارح من المعونة والنصرة‪ ،‬وأنها ـ أي المواالة ـ تقع‬
‫بالقلب وباللسان وبالجوارح‪.‬‬
‫ويقرر ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ فيقول‪(( :‬وهذا البغض والعداوة والبراءة مما‬
‫يعبد من دون الله ومن عابديه هي أمور موجودة في القلب وعلى اللسان والجوارح كما أن‬
‫حب الله ومواالته ومواالة أوليائه أمور موجودة في القلب وعلى اللسان والجوارح))(‪.)3‬‬
‫المةصد الثاني‪ :‬الفرق بين المواالة والتولي‪.‬‬
‫بما أن أحكام المواالة تختلف بحسب نوعية هذه المواالة وصورتها‪ ،‬فإن أهل العلم‬
‫من دقتهم في بط األلفاظ وتحريرها بينوا فروقاً لتصرفات هذه الكلمة‪ ،‬وذلك بالنظر إلى‬
‫تصرف هذه الكلمة في نصوص القرآن الكريم مع ارختالف الحكم؛ حيث يتصرف فيها هذا‬
‫اللفظ‪ ،‬فأحياناً يرد بلفظ "التولي"‪ :‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ [المائدة‪]60 :‬‬
‫فيكون كفراً أكبر‪ ،‬وأحياناً بلفظ "أولياء" كما في قوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ [الممتحنة‪ ،]0 :‬فيكون ذنباً وكبيرة ال تُخرج من الملة‪.‬‬
‫ومما ذكروه من الفرق بين الكلمتين‪ :‬أن التولي أرخص من المواالة؛ فهو أكمل‬
‫درجاتها وأتم صورها‪ ،‬ألنه بذل تمام المحبة أو النصرة‪ ،‬وما لم يكن كذلك من المواالة‬
‫فليس بتولي‪ ،‬وإن كان مواالة؛ فالتولي يلزم منه المحبة ألجل الدين وكذا النصرة من أجل‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪ .)22/2‬ط‪ .‬دار العاصمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )2‬اإليمان أركانه‪ ،‬حقيقته‪ ،‬نواقضه (ص‪.)020 :‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)281/06‬‬
‫‪388‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الدين ألن ذلك مما يدرخل تحت تمام المحبة والنصرة؛ فقيد "الدين" هنا هو المؤثر في‬
‫وصف "التولي" سواء وقعت المواالة بالنصرة فقط أو بالمحبة فقط أو مع االثنين جميعاً(‪.)1‬‬
‫وبذلك يظهر الفرق بين المواالة والتولي‪ ،‬وهو أن كل تولي فهو مواالة‪ ،‬وليس كل‬
‫مواالة فهي تولي؛ فالمواالة أعم‪ ،‬والتولي أرخص‪.‬‬
‫ومن أهل العلم من ال يرى فرقاً بين اللفظين‪ ،‬ولذا يفسرون التولي بالمواالة‪ ،‬وهذا‬
‫كثير في كالم المفسرين‪ .‬ومن أقوالهم في ذلك‪:‬‬
‫يقول ابن عطية عند تفسيره لقوله تعالى‪ :‬ﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹﭺ [التوبة‪ ]26 :‬أي‪:‬‬
‫"واالهم واتبعهم في أغرا هم"(‪)2‬؛ ففسر التولي بالمواالة‪.‬‬
‫ويقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ عند تفسيره لقوله ‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫[الممتحنة‪(( :]06 :‬ينهى تبارك وتعالى عن مواالة الكافرين في آرخر هذه السورة‬ ‫ﮁ ﮂ‬
‫[الممتحنة‪:‬‬ ‫كما نهى عنها في أولها‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫‪ ]06‬يعني اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليه ولعنه واستحق من الله‬
‫الطرد واإلبعاد‪ ،‬فكيف توالونهم وتتخذونهم أصدقاء وأرخالء؟))(‪)3‬؛ ففسر التولي بالمواالة‪،‬‬
‫ألن "توالوهم" تفاعل‪ ،‬وهو من المواالة ال التولي‪.‬‬
‫وقال البيضاوي عند تفسيره لقوله سبحانه وتعالى‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ [المائدة‪:‬‬
‫‪:]60‬‬
‫((أي‪ :‬ومن واالهم منكم فإنه من جملتهم‪ ،‬وهذا التشديد في وجوب مجانبتهم))(‪.)4‬‬
‫وهو كسابقه فسر التولي بالمواالة‪ ،‬ألن "واالهم" فاعل من "والى" ال تولى‪.‬‬
‫وأيضاً فإن شيخ المفسرين ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ في عدة موا ع من تفسيره‬
‫يفسر معنى اتخاذ الكفار أولياء بمعنى جعلهم أنصاراً؛ وهو بمعنى توليهم(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬في هذا الفرق الدرر السنية (‪ ،)210/2‬وعقود الجواهر المنضدة البن سحمان (ص‪ ،)063 :‬والمواالة‬
‫والمعادة (‪.)06/0‬‬
‫(‪ )2‬تفسير ابن عطية (‪.)062/8‬‬
‫(‪ )3‬تفسير ابن كثير (‪.)662/6‬‬
‫(‪ )4‬تفسير البيضاوي (‪ .)666/2‬وانظر‪ :‬تفسير األلوسي (جـ‪ ،)62/28‬وتفسير القاسمي (‪.)660/3‬‬
‫(‪ )5‬نواقض اإليمان القولية والعملية (ص‪ 680 :‬ـ ‪.)682‬‬
‫‪389‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫كما أن الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ يرى أن التولي مراتب ودرجات‪ ،‬منه ما يكون‬
‫تولياً تاماً مزايالً لإليمان بالكلية‪ ،‬ومنه ما يكون دون ذلك(‪.)1‬‬
‫فالحاصل أن أصحاب هذا الرأي يرون أن التولي كالمواالة كل منها ذو شعب‬
‫متفاوتة‪ ،‬منها ما يناقض اإليمان بالكلية‪ ،‬ومنها ما يكون دون ذلك‪ ،‬وهو أيضاً على مراتب‪،‬‬
‫ما هو غليظ وما هو دونه(‪.)2‬‬
‫وأما أصحاب الرأي األول‪ ،‬فإن التولي عندهم مرتبة واحدة‪ ،‬وهي كل مواالة موصوفة‬
‫بأنها كفر‪.‬‬
‫ورخالصة األمر؛ فإنه ال مشاحة في االصطالح‪ ،‬ألن الحكم واحد‪ ،‬فالجميع متفقون‬
‫على أن المواالة منقسمة إلى ما يكون منها كفر أكبر‪ ،‬وإلى ما يكون منها كفر أصغر ال‬
‫يخرج من الملة‪ ،‬سواء قلنا أن ذلك مواالة أو تولي‪.‬‬
‫المةصد الثالث‪ :‬ارتباط المواالة والمعاداة بالشهادتين‪.‬‬
‫((لما كان أصل المواالة‪ :‬الحب‪ .‬وأصل المعاداة‪ :‬البغض‪ .‬وينشأ عنهما من أعمال‬
‫القلوب والجوارح ما يدرخل تحت حقيقة المواالة والمعاداة كالنصرة‪ ،‬واألنس‪ ،‬وكالجهاد‪،‬‬
‫ونحو ذلك))(‪ ،)3‬فإن الوالء والبراء من لوازم ال إله إال الله(‪.)4‬‬
‫وقد ذكرنا من أدلة القرآن والسنة عند التدليل على شرطية المحبة لصحة الشهادة ما‬
‫يكفي ويغني لصحة هذا التالزم(‪.)5‬‬
‫وبقي أن نشير إلى أن أهل العلم قد الحظوا هذا التالزم‪ ،‬واالرتباط‪ ،‬ولذا سجلوا في‬
‫كتبهم من وجوه هذا التالزم الشيء الكثير‪ .‬وفيما يلي ذكر لبعض هذه الوجوه من كالمهم‪،‬‬
‫والتي بها يتبين أن من لم يحقق هذا الوالء والبراء فإنه لم يحقق الشهادتين‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسير السعدي (ص‪ )862 ،266 :‬تفسير آية المائدة‪ ،)60( :‬وتفسير آية الممتحنة‪.)9( :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (‪ .)2/6‬المطبعة السلفية‪ ،‬القاهرة‪ 0626 ،‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الدرر السنية (‪.)626/2‬‬
‫(‪ )4‬الوالء والبراء في اإلسالم (ص‪.)61 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر (ص‪ 360 :‬ـ ‪.)362‬‬
‫‪391‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضى أن ال يُحب إال‬
‫لل ــه‪ ،‬وال ي ــبغض إال لل ــه‪ ،‬وال يـ ـوالي إال لل ــه‪ ،‬وال يع ــادي إال لل ــه‪ ،‬وأن يح ــب م ــا يحب ــه الل ــه‪،‬‬
‫ويبغض ما أبغضه))(‪.)1‬‬
‫فذكر من هذه الوجوه‪ ،‬أن ذلك من لوازم تحقيق الشهادة بالتوحيد‪.‬‬
‫ويقــول الشــيخ عبــد الــرحمن بــن حســن فــي بيــان وجــوه هــذا الــتالزم بــين ال إلــه إال اللــه‬
‫والبـراءة مــن المشــركين‪(( :‬إن التوحيــد هــو إفـراد اللــه باإللهيــة‪ ،‬وال يحصــل ذلــك إال بــالبراءة مــن‬
‫الشرك والمشركين ظـاهراً وباطنـاً‪ ،‬كمـا ذكـر اللـه عـن إمـام الحنفـاء ‪ ‬فـي قولـه تعـالى‪ :‬ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ [الزرخ ـ ـ ـ ــرف‪ ،]22 ،23:‬وقول ـ ـ ـ ــه‪ :‬ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ [األنعام‪ 28 :‬ـ‪ .]29‬فتأمـل‪ :‬كيـف‬
‫ابتدأهم بالبراءة من المشركين‪ ،‬وهذا هو حقيقة معنى ال إله إال الله ومدلولها))(‪.)2‬‬
‫فجعل ـ رحمه الله ـ من وجوه هذا التالزم أن ذلك من لـوازم إفـراد اللـه باأللوهيـة ودلـل‬
‫عليه بصنيع إبراهيم ‪ ‬مع قومه حيث أعلـن البـراءة مـنهم ومـن معبـوداتهم المقتضـية لبغضـه‬
‫وعداوتــه لهــم ولمعبــوداتهم‪ ،‬ثــم بــين علــة ذلــك‪ ،‬وهــو قولــه‪ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ وذلــك‬
‫مما يدل على أن هذا البراء من لوازم التوحيد‪.‬‬
‫ويقول الشيخ عبد اللطيف آل الشـيخ فـي بيـان هـذا الـتالزم‪(( :‬فالسـبب المقتضـي لهـذا ـ‬
‫يعنــي هجــرة الصــحابة ر ـوان اللــه علــيهم إلــى الحبشــة ـ مــا أوجبــه اللــه مــن إظهــار اإلســالم‬
‫ومباداة أهل الشرك بالعداوة والبراءة بل هو مقتضى كلمة اإلرخـالص؛ فـإن نفـي اإللهـة(‪ )3‬عمـا‬
‫سوى الله صريح في البراءة منه‪ ،‬والكفر بالطاغوت‪ ،‬وعيب عبادتهم‪ ،‬وعداوتهم ومقتهم‪ ،‬ولـو‬
‫سكت المسلم ولم ينكر كما يظنه هذا الرجل أللقت الحرب رحاها عصـاها‪ ،‬ولـم ت ُـدر بيـنهم‬
‫رحاها‪ ،‬كما هو الواقع ممن يدعي اإلسـالم‪ ،‬وهـو مصـاحب معاشـر عبـاد الصـالحين واألوثـان‬
‫واألصنام‪ ،‬فسحقاً للقوم الظالمين))‪ .‬انتهى(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ .)662/8‬وانظر‪ :‬جامع الرسائل‪ ،‬المجموعة الثانية (ص‪ )86 :‬شرح كلمات من فتوح‬
‫الغيب‪ ،‬تحقيق محمد رشاد سالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬الدرر السنية (جـ‪ )022/2‬ط‪ .‬دار اإلفتاء بالمملكة العربية السعودية‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )0686‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬لعله (األلوهية)‪.‬‬
‫(‪ )4‬نقالً عن كشف الشبهتين البن سحمان (ص‪.)60 :‬‬
‫‪390‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فظهــر ممــا تقــدم مــدى ارتبــاط الم ـواالة والمعــاداة بالش ـهادتين‪ ،‬وأن ذلــك هــو حقيقــة‬
‫معن ــى ه ــذه الكلم ــة؛ فـ ــإن التوحي ــد والء وب ـ ـراء‪ ،‬والء له ــذه الكلمـ ــة وانتمـ ــاء لحزبه ــا وأهلهـ ــا‬
‫المحققين لها‪ ،‬وبراء من كل ما يناقضها(‪ )1‬أو يذهب بكمالها(‪.)2‬‬
‫المةصد الرابع‪ :‬حكم مواالة أعداء الله ورسوله‪.‬‬
‫لما كانت مواالة أعداء الله ورسوله مما ينافي محبة شهادة أن ال إله إال الله ناسب‬
‫أن نذكر حكم هذه المواالة‪ ،‬وذلك حتى يتضح مدى هذه المنافاة‪ ،‬هل هي منافاة كلية؟‬
‫أو جزئية؟ أو بحسبها؟ فهذا ما سيتضح من رخالل ذكر أحكام هذه المواالة‪.‬‬
‫فنشرع فنقول‪ :‬أن أهل العلم نصوا على أن مواالة الكفار تقع على شعب وصور‬
‫متفاوتة؛ فهي مراتب متعددة‪ ،‬ولذا كان لكل منها حظه وقسطه من الوعيد والذم(‪)3‬؛ فقد‬
‫تكون كفراً أكبر يناقض أصل محبة شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وقد تكون ذنباً ينافي الكمال‬
‫الواجب؛ فإن كان الحامل على هذه المواالة حب الشرك والمشركين‪ ،‬ومحبةُ ظهور دينهم‬
‫على دين المسلمين‪ ،‬أو كانت بالمشاركة أو بالموافقة لهم فيما هو من موجبات كفرهم‬
‫تكون كفراً أكبر‪ ،‬وهو ما يُعرف عند بعض أهل العلم بالتولي(‪ .)4‬ويظهر هذا التولي للكفار‬
‫في صور منها‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ موادتهم‪ ،‬وقد نهى الله عنها بقوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [المجادلة‪.]22 :‬‬
‫عن هذه الصورة يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فأرخبر ـ يعني الله تعالى ـ أنك ال‬
‫تجد مؤمناً يواد المحادين لله ورسوله؛ فإن نفس اإليمان ينافى موادته كما ينفي أحد‬
‫الضدين اآلرخر‪ ،‬فإذا وجد اإليمان انتقى ده‪ ،‬وهو مواالة أعداء الله؛ فإذا كان الرجل يوالي‬
‫أعداء الله بقلبه؛ كان ذلك دليالً على أن قلبه ليس فيه اإليمان الواجب))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬كالشرك‪ ،‬والبدع المكفرة‪ ،‬وكمواالة المشركين الموجبة للكفر‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي يذهب كمالها الواجب؛ كسائر المعاصي دون الشرك‪ ،‬وكالبدع المفسقة‪ ،‬وصور المواالة الغير المكفرة‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬أصول و وابط في التكفير لعبد اللطيف ابن عبد الرحمن آل الشيخ (ص‪ ،)23 :‬والدرر السنية‬
‫(‪.)221 ،069 ،066/2‬‬
‫(‪ )4‬التولي تقدم أنه أكمل درجات المواالة‪ ،‬وأتم صورها انظر‪( :‬ص‪.)382 :‬‬
‫(‪ )5‬مجموع الفتاوى (‪.)02/2‬‬
‫‪392‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وقد يدرخل تحت هذه الصورة (( ما يفعله كثير من الجهال في زماننا إذا لقي‬
‫أحدهم عدواً لله سلم عليه وو ع يده على صدره إشارة إلى أنه يحبه محبة ثابتة في‬
‫قلبه‪ .‬أو يشير بيده إلى رأسه إشارة إلى منـزلته عنده على الرأس‪ .‬وهذا الفعل المحرم‬
‫يُخشى على فاعله أن يكون مرتداً عن اإلسالم؛ ألن هذا من أبلغ المواالة والموادة‬
‫والتعظيم ألعداء الله تعالى))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬والمقصود بالموادة هنا المحبة ألجل الدين للدين‪ ،‬أما المحبة ألجل‬
‫غرض دني وي فهذه كما سيأتي ال توجب الكفر‪ ،‬ولو كانت ألجل الدين‪.‬‬
‫والفرق بين الصورتين أن المحبة ألجل الدين للدين هي المحبة الدينية المحضة‬
‫الخالصة كمن يحب النصراني ـ مثالً ـ لكونه نصرانياً ال ألمر آرخر فيه‪ ،‬أما المحبة الدينية‬
‫ألجل الدنيا فهي ليست رخالصةً ألجل الدين كمن يحب نصرانياً ـ مثالً ـ ألجل تفرغه‬
‫التام للعمل من دون انقطاع ألجل صالة أو نحو ذلك فيستأجره ألجل ذلك دون‬
‫المسلم‪ ،‬وكمن يحب زوجته الكتابية ألجل أنها لن ترثه ونحو ذلك من الحب الذي‬
‫غايته الدنيا ال الدين‪ .‬فاألولى تستلزم محبة الدين فتكون كفراً‪ ،‬والثانية ال تستلزم محبة‬
‫الدين فتكون معصيةً‪.‬‬
‫يقول ابن الوزير ـ رحمه الله ـ في سياق تفسيره لقوله تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ‪(( :‬أن هذا كله في‬
‫الحب الذي هو في القلب والمخالصة ألجل الدين‪ ،‬وذلك للمؤمنين المتقين باإلجماع‪،‬‬
‫وللمسلمين الموحدين إذا كان ألجل إسالمهم وتوحيدهم عند أهل السنة))(‪ )2‬انتهى‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ومن صور التولي أيضاً‪ :‬إظهار الوالء لهم في الدين‪ ،‬ولو لم يحبهم‪ .‬وقد نهى‬
‫الله عن ذلك بقوله‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ [آل عمران‪.]28 :‬‬
‫قال ابن جرير في تفسيرها‪(( :‬وهذا نهي من الله ‪ ‬للمؤمنين أن يتخذوا الكفار‬
‫أعواناً وأنصاراً وظهوراً‪ ...‬ومعنى ذلك ال تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً توالونهم‬

‫(‪ )1‬تحفة اإلرخوان للشيخ حمود التويجري (ص‪.)09 :‬‬


‫(‪ )2‬إيثار الحق على الخلق في رد الخالفيات (ص‪.)620 :‬‬
‫‪396‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫على دينهم‪ ،‬وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين‪ ،‬وتدلونهم على عوراتهم‪ ،‬فإنه من‬
‫يفعل ذلك ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ يعني بذلك‪ :‬فقد بريء من الله‪ ،‬وبرئ الله منه‪ ،‬بارتداده‬
‫عن دينه ودرخوله في الكفر‪ ،‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ‪ :‬إال أن تكونوا في سلطانهم‬
‫فتخافوهم على أنفسكم‪ ،‬فتظهروا لهم الوالية بألسنتكم‪ ،‬وتضمروا لهم العداوة(‪ ،)1‬وال‬
‫تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر‪ ،‬وال تعينوهم على مسلم بفعل))(‪.)2‬‬
‫‪ 6‬ـ ومن صور التولي أيضاً‪ :‬مظاهرتهم على المسلمين ألجل الدين‪ ،‬وقد نهى الله‬
‫عنها بقوله‪ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [القصص‪ ]83 :‬أي‪ُ :‬معيناً لهم على دينهم(‪.)3‬‬
‫أما إن كانت المظاهرة بسبب القرابة‪ ،‬أو بسبب المحبة مع اعتقاد أن دينه باطل‪،‬‬
‫فهذا ال يوجب الكفر إال أنه منهي عنها‪ ،‬ألن المواالة بهذا المعنى قد تجره إلى استحسان‬
‫طريقته والر ا بدينه‪ ،‬وذلك يخرجه عن اإلسالم(‪.)4‬‬
‫‪ 6‬ـ ومن الصور أيضاً‪ :‬مشاركتهم في ما هو من موجبات كفرهم وشركهم‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومنها أن مشاركتهم في الهدي الظاهر‬
‫توجب االرختالط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً‪ ،‬بين المهديين المر يين‪ ،‬وبين‬
‫المغضوب عليهم والضالين إلى غير ذلك من األسباب الحكمية‪ .‬هذا‪ ،‬إذا لم يكن ذلك‬
‫الهدي الظاهر إال مباحاً محضاً‪ ،‬لو تجرد عن مشابهتهم‪ ،‬فأما إن كان من موجبات كفرهم‬
‫كان شعبةً من شعب الكفر‪ ،‬فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم‪ .‬فهذا أصل‬
‫ينبغي أن يتفطن له))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬وهذا يسمى عند أهل العلم بالمداراة‪ ،‬وهي دون المداهنة‪ ،‬والفرق بينها وبين المداهنة‪ :‬أن المدارة تكون عند‬
‫الضرورة لدفع شر الكفار‪ ،‬أما المداهنة فهي التنازل عن شيء من الدين إلر اء الكفار‪ ،‬فهي ال تجوز مطلقاً كما‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ [القلم‪ 8 :‬ـ ‪ .]9‬انظر‪ :‬شرح نواقض اإلسالم للفوزان‬ ‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫قال تعالى‪:‬‬
‫(ص‪ 038 :‬ـ ‪.)039‬‬
‫(‪ )2‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ 606/6‬ـ ‪ ،)603‬وانظر‪ :‬تفسير البغوي (‪ 26/2‬ـ ‪.)23‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير البغوي (‪.)222/3‬‬
‫(‪ )4‬التفسير الكبير للرازي (‪.)11/8‬‬
‫(‪ )5‬اقتضاء الصراط المستقيم (‪ 81/0‬ـ ‪.)80‬‬
‫‪396‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫قلت‪ :‬ومن المسائل التي يجب التنبيه إليها هنا قضية العولمة‪ ،‬والتي يرمي أصحابها‬
‫إلى تذويب عقيدة الوالء والبراء وقلعها من قلوب المسلمين‪ ،‬بما قد يحصل بسببها من‬
‫االنصهار والتوافق معهم‪ ،‬فيما هو من موجبات كفرهم‪ .‬ونضرب لذلك مثاالً بـ((الفيفا))‪ ،‬وهي‬
‫النظم التي ترعى شئون ما يُسمى بالريا ة العالمية أو الدولية‪ ،‬والتي من أهدافها تنظيم‬
‫دورات عالمية يُشارك فيها بعض أبناء المسلمين قد يقع بسببها مشاركةٌ لهم في بعض‬
‫أفعالهم الموجبة للكفر‪ ،‬األمر الذي يدعو إلى مواالتهم في الباطن بحصول التوافق في‬
‫الهدي الظاهر الذي يكون من موجبات كفرهم‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ومن صور التولي أيضاً‪ :‬إظهار الموافقة لهم‪ ،،،‬وعن هذه الصورة يقول الشيخ‬
‫حمد بن عتيق نقالً عن كالم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما المسألة‬
‫الثالثة‪ ،‬وهي ما يعذر به الرجل على موافقة المشركين وإظهار الطاعة لهم‪ ،‬فاعلم أن إظهار‬
‫الموافقة للمشركين له ثالث حاالت‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬أن يوافقهم في الظاهر والباطن فينقاد لهم بظاهره‪ ،‬ويميل إليهم‬
‫بباطنه‪ ،‬فهذا كافر رخارج عن اإلسالم‪ ،‬سواء كان مكرهاً على ذلك أو لم يكن(‪ .)1‬وهو ممن‬
‫[النحل‪:‬‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫قال الله فيه‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫‪.]013‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أن يوافقهم ويميل إليهم في الباطن مع مخالفته لهم في الظاهر‪ ،‬فهذا‬
‫كافر أيضاً‪ ،‬ولكن إذا عمل باإلسالم ظاهراً عصم ماله ودمه‪ ،‬وهو المنافق‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن‪ ،‬وهو على وجهين‪:‬‬
‫أن يفعل ذلك لكونه في سلطانهم وتقييدهم له‪ ،‬ويهددونه بالقتل فيقولون له‪ :‬إما أن‬
‫توافقنا وتظهر االنقياد لنا‪ ،‬وإال قتلناك‪ ،‬فإنه والحالة هذه يجوز له موافقتهم في الظاهر مع‬
‫كون قلبه مطمئناً باإليمان‪ ،‬كما جرى لعمار حين أنزل الله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [النحل‪ ،]013 :‬وكما قال تعالى‪ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ‬
‫[آل عمران‪ ،]28 :‬فاآليتان دلتا على الحكم كما نبه على ذلك ابن كثير في تفسير آية آل‬
‫عمران‪...‬‬

‫(‪ )1‬ما دامت وقعت الموافقة بالباطن فليس لإلكراه صورة هنا‪.‬‬
‫‪396‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الوجه الثاني‪ :‬أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن‪ ،‬وهو ليس في‬
‫سلطانهم‪ ،‬وإنما حمله على ذلك‪ :‬إما طمع في رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال أو‬
‫رخوف مما يحدث في المآل‪ ،‬فإنه في هذه الحال يكون مرتداً‪ ،‬وال تنفعه كراهته لهم في‬
‫الباطن(‪ ،)1‬وهو ممن قال الله فيهم‪ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﭨ ﭩ [النحل‪ ))]012 :‬انتهى(‪.)2‬‬
‫فتلخص من كالم الشيخ ـ رحمه الله ـ أن الموافقة للكفار على ثالثة أحوال‪ ،‬كل‬
‫حال منها دارخلة تحت مفهوم التولي‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫الحال األولى‪ :‬الموافقة لهم في الظاهر والباطن‪.‬‬
‫الحال الثانية‪ :‬الموافقة لهم في الباطن دون الظاهر‪.‬‬
‫الحال الثالثة‪ :‬الموافقة لهم في الظاهر دون الباطن‪ ،‬إذا لم يكن مكرهاً‪ .‬أما إن كان‬
‫مكرهاً فال يكون متولياً لهم في الحقيقة ألنه معذور‪.‬‬
‫والمراد هنا الموافقة لهم في ما هو من موجبات كفرهم‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﯵ ﯶ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬ ‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[النساء‪ ]60 :‬كما سيأتي تفصيله‪.‬‬
‫والفرق بين هذه الصورة والتي قبلها‪ ،‬أن الموافقة قد تكون بالر ى دون الفعل‪،‬‬
‫بخالف المشاركة فال تكون إال مع الفعل‪.‬‬

‫(‪ )1‬يقول الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ـ رحمه الله ـ في رسالته حكم مواالة أهل اإلشراك من مجموع‬
‫الفتاوى النجدية (ص‪( :)622 :‬اعلم رحمك الله تعالى أن اإلنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم رخوفاً‬
‫منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم فإنه كافر مثلهم‪ ،‬وإن كان يكره دينهم ويبغضهم‪ ،‬ويحب اإلسالم والمسلمين‪،‬‬
‫هذا إذا لم يقع منه إال ذلك‪ ،‬فكيف إذا كان في دار منعة واستدعى بهم‪ ،‬ودرخل في طاعتهم‪ ،‬وأظهر الموافقة على‬
‫دينهم الباطل وأعانهم عليه بالنصرة‪ ،‬وواالهم‪ ،‬وقطع المواالة بينه وبين المسلمين‪ ،‬وصار من جنود القباب والشرك‬
‫وأهلها بعد ما كان من جنود اإلرخالص والتوحيد وأهله؟ فإن هذا ال يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عدواة لله‬
‫تعالى ورسوله ‪ ،‬وال يستثنى من ذلك إال المكره‪ ،‬وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له‪ :‬اكفر أو افعل‬
‫كذا وإال فعلنا بك وقتلناك‪ ،‬أو يأرخذونه فيهددونه حتى يوافقهم‪ ،‬فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب‬
‫باإليمان‪ .‬وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازالً أنه يكفر‪ ،‬فكيف بمن أظهر الكفر رخوفاً وطمعاً في‬
‫الدنيا؟)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(‪ )2‬رسالة الشيخ حمد بن عتيق من مجموعة التوحيد (ص‪ 296 :‬ـ ‪.)293‬‬
‫‪393‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫‪ 3‬ـ ومن صور التولي أيضاً‪ :‬المشابهة المطلقة أو الكلية للكفار والمشركين(‪.)1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ تعليقاً على قوله ‪« :‬من تشبه بقوم فهو منهم»‬
‫وعلى قول عبد الله بن عمرو بن العاص‪ « :‬من بنى بأرض المشركين‪ ،‬وصنع‬
‫نيروزهم(‪ )3‬ومهرجانهم‪ ،‬وتشبه بهم حتى يموت ُح شر معهم يوم القيامة»(‪ )4‬ـ ((فقد‬
‫يُحمل هذا على التشبه المطلق‪ ،‬فإنه يوجب الكفر‪ ،‬ويقتضي تحريم أبعاض ذلك‪ .‬وقد‬

‫(‪ )1‬وابط تكفير المعين عند ابن تيمية وابن عبد الوهاب (ص‪.)280 :‬‬
‫والجدير بالذكر أن المشابهة للكفار يختلف حكمها بارختالف أنواع هذه المشابهة وقدرها‪ :‬فقد تكون كفراً إذا كانت‬
‫مشابهة مطلقة‪ ،‬أو مشابهة في بعض موجبات كفرهم؛ كالتشبه بهم في عبادة القبور ودعاء أصحابها واالستغاثة بهم‪ .‬فإن‬
‫الغلو في الصالحين وصرف العبادة لهم هو من صنيع األمم السابقة‪.‬‬
‫وقد تكون المشابهة بدعة إذا كان الفعل بدعة؛ كالدعاء عند القبور‪ ،‬والصالة عندها‪ ،‬ألن ذلك من صنيع اليهود‬
‫والنصارى كما في الحديث‪« :‬لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»‪ .‬وكالبناء على القبور فهو‬
‫من بدع النصارى كما في الحديث‪« :‬إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا‬
‫فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة»‪ .‬والحديثان في الصحيح‪.‬‬
‫وقد تكون المشابهة محرمة؛ إذا كانت في زيهم‪ ،‬ولباسهم‪ ،‬ومشيهم‪ ،‬وكالمهم‪.‬‬
‫وقد تكون مكروهة إذا كانت في العادات التي لم يختصوا بها‪ ،‬ولكن مما غلب عليهم‪ ،‬كترك تغيير الشيب‪ ،‬أو‬
‫ترك الصالة في النعلين‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫وقد تكون جائزة إذا كانت في األمور النافعة؛ كصناعة األسلحة‪ ،‬وما فيه تقوية للمسلمين‪ ،‬واستقالل عنهم‪ .‬انظر‪:‬‬
‫تفصيل هذه المسألة في اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أرخرجه أبو داود في كتاب اللباس‪ ،‬باب‪ :‬في الشهرة (‪ )606/6‬رقم (‪ ،)6160‬وأحمد في المسند (‪،)61/2‬‬
‫وحسن إسناده‪ :‬السيوطي في الجامع الصغير (‪ ،)691/0‬وابن تيمية في االقتضاء (‪ ،)263/0‬وقال األلباني في‬
‫صحيح الجامع الصغير (‪ )81962‬صحيح‪.‬‬
‫(‪ )3‬النيروز معرب‪ ،‬و هو أول السنة لكنه عند الفرس عند نزول الشمس أول الحمل‪ ،‬وعند القبط أول توت‪ .‬وفي‬
‫القاموس المحيط‪ :‬النيروز أول يوم السنة معرب نوروز‪ ،‬والنوروز مشهور وهو أول يوم تتحول الشمس فيه إلى برج‬
‫الحمل‪ ،‬وهو أول السنة الشمسية كما أن غرة شهر المحرم أول السنة القمرية)) انتهى‪ .‬وهو عيد من أعياد‬
‫المشركين كانوا يظهرون فيه السرور والفرح‪ .‬انظر‪ :‬المصباح المنير (ص‪ ،)699 :‬وعون المعبود (‪.)660/6‬‬
‫(‪ )4‬أرخرجه البهقي في السنن الكبرى (‪ ،)266/9‬قال ابن تيمية‪ :‬إسناده صحيح [االقتضاء (‪.])660/0‬‬
‫‪392‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يُحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه؛ فإن كان كفراً أو معصية‪،‬‬
‫أو شعاراً لهما كان حكمه كذلك))(‪.)1‬‬
‫ولعل العلة في ذلك ـ والله أعلم ـ ما ذكره شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في مو ع‬
‫آرخر‪ :‬من أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة ومواالة في الباطن‪ ،‬كما أن‬
‫المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر(‪ ،)2‬وذلك من صور التولي كما تقدم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ومن الصور أيضاً‪(( :‬تمجيد ما هم عليه من كفر وشرك))(‪.)3‬‬
‫‪ 8‬ـ ومنها أيضاً‪(( :‬محبة ظهورهم على المسلمين وكراهية نصرة المسلمين عليهم))(‪.)4‬‬
‫ومن هذا النوع ما حصل من المنافقين زمن النبي ‪ ‬من مظاهرة المشركين ومناصرتهم‬
‫على المسلمين ومحبة ظهور دينهم على دين المسلمين رغبة في الشرك عن اإلسالم‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ وأيضاً‪ :‬الدعوة إلى تطبيق ما هم عليه من تشريعات كفرية‪ ،‬وتفضيلها على الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ألن في ذلك ركوناً إليهم(‪.)5‬‬
‫عن هذه الصورة يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومن جنس مواالة الكفار التي ذم الله‬
‫بها أهل الكتاب والمنافقين‪ :‬اإليمان ببعض ما هم عليه من الكفر‪ ،‬أو التحاكم إليهم دون‬
‫كتاب الله‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [النساء‪ ،]60:‬وقد عرف أن سبب نزولها شأن كعب بن‬
‫األشرف أحد رؤساء اليهود لما ذهب إلى المشركين‪ ،‬ورجح دينهم على دين محمد ‪‬‬
‫وأصحابه))(‪.)6‬‬
‫‪ 01‬ـ ومن صور التولي أيضاً‪(( :‬الطعن في أحكام اإلسالم إر اءً لهم‪ ،‬كالطعن في‬
‫أحكام آيات الحجاب والطالق والنكاح))(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬اقتضاء الصراط المستقيم (‪ .)286/0‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)669/0‬‬


‫(‪ )2‬اقتضاء الصراط المستقيم (‪.)689/0‬‬
‫(‪ )3‬وابط تكفير المعين عند شيخي اإلسالم ابن تيمية وابن عبد الوهاب (ص‪.)226 :‬‬
‫(‪ )4‬نفس المصدر (ص‪.)226 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬المصدر السابق (ص‪.)226 :‬‬
‫(‪ )6‬مجموع الفتاوى (‪.)099/28‬‬
‫(‪ )7‬وابط تكفير المعين عند شيخي اإلسالم ابن تيمية وابن عبد الوهاب (ص‪.)226 :‬‬
‫‪398‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫‪ 00‬ـ ومن فروع هذه المواالة أيضاً ما يدعو إليه بعض الجهلة من أبناء المسلمين من‬
‫الوحدة بين األديان الثالثة‪ ،‬والسعي إلزالة الخالف العقدي‪ ،‬وإسقاط الفوارق األساسية فيما بين‬
‫تلك الديانات‪ ،‬وعقد مؤتمرات عالمية بخصوص ذلك الشأن يلتقي فيها الكافر مع المسلم في‬
‫مشهد ارخوي ـ زعموا ـ ألجل التقنين لهذه الفكرة الخبيثة والتي يقصد من ورائها إسقاط عقيدة‬
‫الوالء والبراء وقلعها من قلوب المسلمين بدعوى حرية األديان والتعايش بين األديان وعدم معاداة‬
‫السامية‪ .‬ونجد ـ ولألسف الشديد ـ من أبناء المسلمين ممن ينخدع وينساق وراء هذه الشعارات‬
‫البراقة‪ ،‬والتي باطنها وظاهرها الكفر‪ .‬وإال فأي دين يدعو لذلك؟؟!!‬
‫وقد يطلقون على هذه الوحدة المزعومة بين الديانات الثالثة ((اإلسالم والنصرانية‬
‫واليهودية)) ما يسمى بالديانة اإلبراهيمية أو الديانة العالمية‪.‬‬
‫وقد نشأت هذه الدعوة المضللة في أحضان التنصير‪ ،‬والصهيونية العالمية كما كان‬
‫للبهائية مشاركة في إيجاد دين يوافق عليه الجميع‪.‬‬
‫ويذكر أن من أشهر دعاة وحدة األديان في العصر الحديث جمال الدين الفارسي‬
‫والمشهور باألفغاني(‪ ،)1‬فقد كان له دور رخطير في السعي إلى توحيد األديان الثالثة‪.‬‬
‫وتلقف هذه الدعوة من بعده تلميذه محمد عبده(‪ ،)2‬فقد كان له مشاركة في التوفيق بين‬
‫اإلسالم والنصرانية(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬جمال الدين بن صفدر بن علي بن محمد الحسيني‪ ،‬كان قد دعا إلى نهضة إصالحية في الدين والسياسة‬
‫بمصر‪ ،‬فنفته الحكومة المصرية‪ ،‬فقصد باريس وأنشأ بها مع رفيقه محمد عبده جريدة العروة الوثقة‪ ،‬توفي بتركيا‬
‫سنة (‪ )1319‬هـ‪ ،‬وكان ذا شخصية غامضة‪ ،‬وفكر منحرف‪ .‬انظر‪ :‬معجم المؤلفين (‪ ،)513/1‬واإلسالم‬
‫والحضارة الغربية لمحمد محمد حسين (ص‪.)43 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬محمد عبده بن حسن رخير الله المصري‪ ،‬فقيه متكلم صوفي‪ ،‬شارك في سياسة الدولة المصرية ثم تخلى‬
‫عنها‪ ،‬اتهم بأنه أفتى بوجوب قتل الخديوي‪ ،‬ففر من القطر المصري إلى الشام‪ ،‬ثم غادر منها إلى باريس لنشر‬
‫مجلة العروة الوثقى مع شيخه جمال الدين األفغاني‪ ،‬ثم عفي عنه‪ ،‬فعاد إلى مصر‪ ،‬وولي رئاسة اإلفتاء‪ .‬من آثاره‪:‬‬
‫(رسالة في وحدة الوجود)‪( ،‬شرح نهج البالغة)‪( ،‬تفسير سورة العصر)‪ ،‬وكان صاحب نزعة عقلية وميول غربي‬
‫توفي باإلسكندرية سنة (‪ )1333‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬اإلسالم والحضارة الغربية لمحمد حسين (ص‪ ،)43 :‬ومعجم‬
‫المؤلفين (‪ 959/3‬ـ ‪.)955‬‬
‫(‪ )3‬نواقض اإليمان العملية (ص‪ )622 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪399‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫كما أن جذور هذه الدعوة ترجع إلى مالحدة قدماء الصوفية ألن اعتقادهم بالحلول‬
‫واالتحاد يحتم عليهم تصويب كل اعتقاد كما مر شواهد ذلك في أقوالهم عند مبحث‬
‫"معنى ال إله إال الله عند أهل الحلول واالتحاد وأثره على العقيدة"‪ ،‬ولذا كانوا من المنادين‬
‫بهذه العقيدة الداعين إليها المنافحين عنها‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية في‬
‫أكثر من مو ع في كتبه‪ ،‬فمن ذلك قوله‪(( :‬ولهذا كان هؤالء؛ كابن سبعين ونحوه يعكسون‬
‫دين اإلسالم فيجعلون أفضل الخلق المحقق عندهم هو القائل بالوحدة‪ .‬وإذا وصل إلى هذا‬
‫فال يضره عندهم أن يكون يهودياً أو نصرانياً بل كان ابن سبعين وابن هود والتلمساني‬
‫وغيرهم يسوغون للرجل أن يتمسك باليهودية والنصرانية كما يتمسك باإلسالم‪ ،‬ويجعلون‬
‫هذه طرقاً إلى الله بمنـزلة مذاهب المسلمين ويقولون لمن يختص بهم من النصارى واليهود‬
‫إذا عرفتم التحقيق لم يضركم بقاؤكم على ملتكم بل يقولون مثل هذا للمشركين عباد‬
‫األوثان))(‪.)1‬‬
‫كما ُوجدت هذه الدعوة الخبيثة أيضاً عند التتار‪ ،‬يقول ابن تيمية في ذلك‪:‬‬
‫((وكذلك األكابر من وزرائهم وغيرهم يجعلون دين اإلسالم كدين اليهود والنصارى‪ ،‬وأن هذه‬
‫كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب األربعة عند المسلمين))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫وال شك أنها كفر بواح وردة صريحة‪ ،‬وذلك لما فيها من إقرار عقائد الكفار‪،‬‬
‫واستحالل ما حرم الله تعالى من ترك مواالتهم‪ ،‬وأيضاً ما يترتب عليها من إسقاط فريضة‬
‫الجهاد وتوابع ذلك(‪.)3‬‬
‫فجميع هذه الصور مكفرة‪ .‬والدليل قوله تعالى‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ [المائدة‪:‬‬
‫‪ .]60‬وقوله‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ [المائدة‪.)4(]80 :‬‬

‫(‪ )1‬الصفدية (‪ 238/0‬ـ ‪.)239‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)626/28‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬نواقض اإليمان العملية (ص‪ 629 :‬ـ ‪.)681‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تفصيل أدلة تحريم التولي في تحفة اإلرخوان بما جاء في المواالة والمعاداة والحب والبغض والهجران‬
‫للتويجري (ص‪ 6 :‬ـ ‪ ،)3‬ورسالة حكم مواالة أهل اإلشراك للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ من مجموعة‬
‫الرسائل النجدية (‪ 622‬ـ ‪ ،)689‬وقد عد ـ رحمه الله ـ أكثر من عشرين آية من القرآن مع تفسيرها على كفر من‬
‫تولى المشركين أو واالهم الوالء المطلق‪.‬‬
‫‪211‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمـه اللـه ـ فـي بيـان وجـه االستشـهاد بهـذه اآليـة والتـي قبلهـا فـي نفـي‬
‫اإليمــان عم ـن والــى الكفــار علــى هــذه الصــفة‪(( :‬فــذكر "جملــة شــرطية" تقتضــي أنــه إذا وجــد الشــرط‬
‫وجد المشروط بحرف «لو» التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشـروط‪ ،‬فقـال‪ :‬ﮝﮞﮟﮠﮡﭨﭩﮤﮥ ﮦ‬
‫ﮧ فــدل علــى أن اإليمــان المــذكور ينف ـي اتخــاذهم أوليــاء ويضــاده‪ ،‬وال يجتمــع اإليمــان واتخــاذهم‬
‫أولياء في القلـب‪ .‬ودل ذلـك علـى أن مـن اتخـذهم أوليـاء مـا فعـل اإليمـان الواجـب مـن اإليمـان باللـه‬
‫والنب ـي‪ ،‬ومــا أنــزل إليــه‪ .‬ومثلــه قولــه تعــالى‪ :‬ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣﭤ [المائدة‪ ]60 :‬فإنه أرخبر فـي تلـك اآليـات أن متـوليهم ال يكـون مؤمنـاً‪ ،‬وأرخبـر هنـا أن متـوليهم‬
‫هو منهم))(‪.)1‬‬
‫وقال في مو ع آرخر‪(( :‬فبين سبحانه وتعالى‪ :‬أن اإليمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم‬
‫لعدم واليتهم‪ ،‬فثبوت واليتهم يوجب عدم اإليمان؛ ألن عدم الالزم يقتضي عدم الملزوم))(‪.)2‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في معرض حديثه عن نواقض اإلسالم‬
‫ومبطالته‪(( :‬الناقض الثامن‪ :‬مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ [المائدة‪.)3())]61 :‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن‪(( :‬األمر الثاني من النواقض‪ :‬انشراح الصدر لمن‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫أشرك بالله وموادة أعداء الله كما قال تعالى‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ إلى قوله تعالى‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ [النحل‪ 013 :‬ـ ‪ .]012‬فمن فعل‬
‫ذلك فقد أبطل توحيده ولو لم يقع في الشرك بنفسه‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ [المجادلة‪ .]22 :‬قال شيخ اإلسالم‪ :‬أرخبر سبحانه أنه ال يوجد‬
‫مؤمن يواد كافراً‪ ،‬ومن واده فليس بمؤمن))(‪.)4‬‬
‫وفي سؤال عُرض على اللجنة الدائمة نصه‪ :‬ما حدود المواالة التي يكفر صاحبها‬
‫وتخرجه من الملة؟ فأجابت اللجنة‪(( :‬الحمد لله‪ ،‬والصالة والسالم على رسول الله وآله‬
‫وصحبه‪ ،‬وبعد‪ :‬مواالة الكفار التي يكفر بها من واالهم‪ :‬هي محبتهم ونصرتهم على‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 02/2‬ـ ‪.)08‬‬


‫(‪ )2‬اقتضاء الصراط المستقيم (‪.)691/0‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى النجدية (‪.)62/0‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى النجدية (‪.)662/0‬‬
‫‪210‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المسلمين‪ ،‬ال مجرد التعامل معهم بالعدل‪ ،‬وال مخالطتهم لدعوتهم لإلسالم‪ ،‬وال غشيان‬
‫مجالسهم‪ ،‬والسفر إليهم للبالغ ونشر اإلسالم))(‪.)2()1‬‬
‫وأما إن كان الداعي إلى هذه المواالة أمر دنيوي من صلة قرابة أو طمع في حصول‬
‫مالِ أو رئاسة‪ ،‬أو نُصرة أو تأييد من الكفار‪ ،‬أو مشحة بوطن أو عيال‪ ،‬أو ألجل رخوف‬
‫مما يحدث في المآل‪ ،‬ولم تكن بالموافقة أو بالمشاركة لهم في ما هو من موجبات كفرهم‬
‫فتكون ذنباً غير مخرج من الملة‪ ،‬وذلك لما تفضي إليه من استحسان طريقتهم والر ا‬
‫بدينهم‪.‬‬
‫والدليل قوله تعالى ـ في شأن حاطب بن أبي بلتعة(‪ )3‬لما كاتب المشركين ببعض‬
‫أرخبار النبي ‪ ‬ـ‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ [الممتحنة‪ ،]0 :‬حيث‬
‫ناداه بوصف اإليمان المقتضي لعدم الكفران‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو‬
‫حاجة‪ ،‬فتكون ذنباً ينقص به إيمانه‪ ،‬وال يكون به كافراً‪ ،‬كما حصل من حاطب بن أبي‬
‫بلتعة‪ ،‬لما كاتب المشركين ببعض أرخبار النبي ‪ ،‬وأنزل الله فيه‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ [الممتحنة‪.)4(]0 :‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪ 20/2‬ـ ‪ .)22‬ط‪ .‬دار العاصمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )2‬ومن رخالل هذه الصور المتقدمة نستطيع أن نضع ابطاً للموالة المكفرة‪ ،‬وهو‪ :‬حب الكفار مع نصرتهم ألجل‬
‫الدين أو نصرتهم فقط ألجل الدين وإن عريت عن المحبة لهم‪ ،‬وكذا الموافقة لهم في موجبات كفرهم ولو مع‬
‫عدم المشاركة وسواء اقترن بها الحب أم لم يقترن‪ .‬ومما يدرخل في صور هذه الموالة المشابهة المطلقة لهم‪،‬‬
‫وكذا تفضيل التحاكم إلى قوانينهم وأيضاً الر ا بقدحهم وطعنهم في أحكام ديننا‪ ،‬أو المشاركة لهم في ذلك‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب اللخمي‪ ،‬حليف بني أسد بن عبد العزي‪ ،‬من السابقين‬
‫إلى اإلسالم‪ ،‬شهد بدراً والحديبية‪ ،‬مات في رخالفة عمر بن الخطاب ‪ .‬انظر‪ :‬الجرح والتعديل (‪ ،)616/6‬وتاريخ‬
‫مدينة دمشق (‪ ،)280/66‬وتهذيب التهذيب (‪.)062/2‬‬
‫(‪ )4‬القصة وردت في الصحيحين‪ ،‬وسياقها في الصحيح (جـ‪ 26/6‬ـ ‪ :)26‬عن علي ‪ ‬قال‪ :‬بعثني رسول الله ‪ ‬أنا‬
‫والزبير والمقداد بن األسود‪ .‬قال‪ « :‬انطلقوا حتى تأتوا رو ة رخاخ‪ ،‬فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها» فانطلقنا‬
‫تُعادى بنا رخيلنا‪ ،‬حتى انتهينا إلى الرو ة‪ ،‬فإذا نحن بالظعينة‪ ،‬فقلنا‪ :‬أرخرجي الكتاب‪ .‬فقالت‪ :‬ما معي من كتاب‪.‬‬
‫فقلنا‪ :‬لتخرجن الكتاب‪ ،‬أو لنُلقين الثياب‪ .‬فأرخرجته من عقاصها‪ ،‬فأتينا به رسول الله ‪ ،‬فإذا فيه من حاطب بن أبي‬
‫=‬ ‫بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله ‪ .‬فقال رسول الله ‪« :‬يا حاطب ما‬
‫‪212‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر البن أُبي في قصة اإلفك‪ ،‬فقال لسعد بن‬
‫معاذ‪(( :‬كذبت والله ال تقتله وال تقدر على قتله))‪ .‬قالت عائشة‪(( :‬وكان قبل ذلك رجالً‬
‫(‪)1‬‬
‫صالحاً‪ ،‬ولكن احتملته الحمية))‬

‫ولهذه الشبهة سمى عمر حاطباً منافقاً فقال‪ :‬دعني يا رسول الله أ رب عنق هذا‬
‫المنافق‪ .‬فقال ‪« :‬إنه شهد بدراً»(‪ ،)2‬فكان عمر متأوالً في تسميته منافقاً للشبهة التي‬
‫فعلها))(‪.)3‬‬
‫وقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأنزل الله في ذلك صدر سورة‬
‫الممتحنة‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ اآليات‪ .‬فدرخل حاطب في المخاطبة باسم‬
‫اإليمان‪ ،‬ووصفه به‪ ،‬وتناوله النهي بعمومه‪ ،‬وله رخصوص السبب الدال على إرادته‪ ،‬مع أن‬
‫في اآلية الكريمة ما يشعر أن فعل حاطب نوعُ مواالة‪ ،‬وأنه أبلغ إليهم بالمودة‪ ،‬وأن فاعل‬
‫ذلك قد ل سواء السبيل‪ ،‬لكن قوله ‪« :‬صدقكم رخلوا سبيله» ظاهر في أنه ال يكفر‬
‫بذلك إذا كان مؤمناً بالله ورسوله‪ ،‬غير شاك وال مرتاب‪ ،‬وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي‪ ،‬ولو‬
‫كفر لما قال‪« :‬رخلوا سبيله»‪.‬‬
‫وال يقال قوله ‪« :‬ما يدريك لعل اطلع على أهل البدر فقال‪ :‬اعملوا ما شئتم فقد‬
‫غفرت لكم» هو المانع من تكفيره‪ ،‬ألنا نقول لو كفر لما بقي من حسناته ما يمنع من‬
‫لحاق الكفر وأحكامه‪ ،‬فإن الكفر يهدم ما قبله‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀﰀ‬
‫ــــــــــ‬
‫هذا؟»‪ .‬قال‪ :‬يا رسول الله ال تعجل علي‪ ،‬إني كنت امرأ ملصقاً في قريش‪ ،‬ولم أكن من أنفسها‪ ،‬وكان من معك من‬ ‫=‬
‫المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم‪ ،‬فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً‬
‫يحمون بها قرابتي‪ ،‬وما فعلته كفراً وال ارتداداً وال ر ًى بالكفر بعد اإلسالم‪ .‬فقال رسول الله ‪« ‬لقد صدقكم»‪ .‬قال‬
‫عمر‪ :‬يا رسول الله دعني أ رب عنق هذا المنافق‪ .‬قال‪« :‬إنه قد شهد بدراً‪ ،‬وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع‬
‫على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»‪.‬‬
‫(‪ )1‬القصة أرخرجها بطولها البخاري في كتاب المغازي‪ ،‬باب‪ :‬حديث اإلفك‪ ،‬واإلفك بمنزلة النجس (جـ‪ 33/6‬ـ‬
‫‪ )22‬ح رقم (‪ ،)6061‬ومسلم في كتاب التوبة (‪ )2063/6‬ح (‪.)2221‬‬
‫(‪ )2‬تقدم تخريجه قريباً‪.‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ 622/2‬ـ ‪.)626‬‬
‫‪216‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫[األنعام‪ ،]88 :‬والكفر محبط‬ ‫[المائدة‪ ،]6 :‬وقوله‪ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬


‫للحسنات واإليمان باإلجماع‪ ،‬فال يظن هذا))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وألجل هذا قسم بعض أهل العلم مواالة الكفار إلى قسمين‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مواالة مطلقة‪ ،‬وهي بهذه الصفة مرادفة لمعنى التولي‪ ،‬وعلى ذلك تحمل‬
‫األدلة الواردة في النهي الشديد عن مواالة الكفار‪ ،‬وأن من واالهم كفر‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬مواالة رخاصة‪ ،‬وهي مواالة الكفار لغرض دنيوي مع سالمة االعتقاد‪ ،‬فهذه غير‬
‫مكفرة‪ ،‬وإن كانت ألجل الدين(‪.)2‬‬
‫كما ينبغي التفريق بين المحبة الغريزية الفطرية والمحبة الطارئة المكتسبة‪ ،‬فالمحبة‬
‫الغريزية كمحبة الوالد البنه الكافر أو األم لولدها الكافر‪ ،‬أو العكس فهذه ال تقتضي‬
‫كفراً وال ظلماً وال فسقاً‪ ،‬وإن كان العمل بموجبها من النصرة والتأييد ال يجوز‪.‬‬
‫وأما المحبة الطارئة ألجل الدنيا فهذه محرمة‪ ،‬وهي من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫وعلة هذا التفريق‪ :‬أن المحبة األولى ال يُمكن دفعها(‪ ،)3‬وأما الثانية فباإلمكان‬
‫دفعها بل ودفع أسبابها‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫ومما يدرخل تحت هذه المواالة الغير المكفرة أيضاً مواالة أهل البدع من أهل‬
‫القبلة(‪ ،)4‬فإن من لوازم محبة شهادة أن ال إله إال الله المواالة والمعادة على السنة‪،‬‬
‫ووجه ذلك ألن المتابعة لرسول الله ‪ ‬من لوازم محبة هذه الكلمة كما قال تعالى‪:‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ [آل عمران‪ ،]60 :‬ولهذا اشتد نكير السلف‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫على المبتدعة وتجريحهم والبعد والنأي عنهم بل منهم من عد مجالستهم ومخالطتهم‬
‫هدماً للدين‪ ،‬وذلك بالنظر لهذا األصل األصيل أال وهو الوالء والبراء على السنة‪.‬‬

‫(‪ )1‬أصول و وابط في التكفير (ص‪ 26 :‬ـ ‪.)26‬‬


‫(‪ )2‬وابط تكفير المعين عند ابن تيمية وابن عبد الوهاب وعلماء الدعوة (ص‪ )226 :‬بتصرف‪ ،‬وانظر‪ :‬الدرر‬
‫السنية (‪ 266/0‬ـ ‪ )263‬ط‪ :‬دار اإلفتاء بالمملكة العربية السعودية‪ .‬ط‪ :‬الثانية (‪ )0686‬هـ‪ ،‬وأصول و وابط‬
‫التكفير للشيخ عبد اللطيف آل الشيخ (ص‪ ،)23 :‬والتفسير الكبير للرازي (جـ‪ 9 /8‬ـ ‪ .)01‬وانظر‪( :‬ص‪:‬‬
‫‪.)392‬‬
‫(‪ )3‬لكن هذه المحبة قد تتالشى مع قوة اإليمان كما حصل من بعض الصحابة لما هموا بقتل آبائهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬المراد من بدعهم غير مكفرة‪ ،‬كبدعة الخروج وبدع أهل التصوف غير الشرك والحلول؛ ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪216‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فالحاصل أن مواالة الكفار والمبتدعة تنافي محبة شهادة أن ال إله إال الله(‪ ،)1‬ووجه‬
‫ذلك‪ :‬أن محبة شهادة أن ال إله إال الله تستلزم أن يحب العبد ما يحبه الله تعالى من‬
‫الذوات واألفعال‪ ،‬وأن يبغض ما يبغضه الله من ذلك‪.‬‬
‫يقول الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وعالمة حب العبد ربـه تقـديم محابـه وإن‬
‫رخالف ــت ه ـواه‪ ،‬وبغ ــض م ــا ي ــبغض رب ــه وإن م ــال إلي ــه ه ـواه‪ ،‬وم ـواالة م ــن وال ــى الل ــه ورس ـوله‪،‬‬
‫ومعاداة من عاداه‪ ،‬واتباع رسوله ‪ ،‬واقتفاء أثره‪ ،‬وقبول هداه‪ .‬وكل هذه العالمات شرروط‬
‫في المحبة ال يتصور وجود المحبة مع عدم شرط منها))(‪.)2‬‬
‫ويقــول شــيخ اإلســالم فــي بيــان هــذا الــتالزم بــين المحبــة والــبغض ألعــداء اللــه‪(( :‬فمــن‬
‫المعلوم أن من أحب الله المحبة الواجبة فال بد أن يبغض أعداءه‪ ،‬وال بد أن يحب ما يحبه‬
‫ﯘ‬ ‫م ــن جه ــادهم‪ ،‬كم ــا ق ــال تع ــالى ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯙ ﯚ [الصف‪.)3())]6 :‬‬
‫ويو ــح ذلــك ابــن رجــب فيقــول‪(( :‬ثــم ذكــر أوص ـاف الــذين يحــبهم ويحبونــه‪ ،‬فقــال‪:‬‬
‫ﮪ ﮫ ﮪ يعنــي‪ :‬أنهــم يعــاملون المــؤمنين بالذلــة واللــين ورخفــض الجنــاح‪ ،‬ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫يعنــي‪ :‬أنهــم يعــاملون الكــافرين بــالعزة والشــدة علــيهم واإلغــالظ له ـم‪ ،‬فلمــا أحب ـوا أوليــاءه‬
‫الـذين يحبونــه‪ ،‬فعــاملوهم بالمحبــة والرأفــة والرحمـة‪ ،‬وأبغضـوا أعــداءه الــذين يعادونــه‪ ،‬فعــاملوهم‬
‫ﭚ ﭛ [الفـ ــتح‪ ،]29 :‬ﮰ ﮱ‬ ‫بالشـ ــدة والغلظـ ــة‪ ،‬كمـ ــا قـ ــال تعـ ــالى‪ :‬ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ [المائ ـ ـ ـ ــدة‪]66 :‬؛ ف ـ ـ ـ ــإن م ـ ـ ـ ــن تم ـ ـ ـ ــام المحب ـ ـ ـ ــة مجاه ـ ـ ـ ــدة أع ـ ـ ـ ــداء‬
‫المحبوب))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫ووجرره ثرران‪ :‬أن الواليــة كمــا قــال ابــن القــيم‪(( :‬أصــلها الحــب؛ فــال مـواالة إال بحــب))(‪،)5‬‬
‫فحــب اللــه ســبحانه وتعــالى ال يجتمــع مــع محبــة أعدائــه‪ ،‬فــال بــد أن يُزايــل أحــدهما اآلرخــر‪ ،‬أو‬
‫يُذهب كماله الواجب(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬إال أن حكم هذه المنافاة يختلف بحسب نوعية هذه المواالة وتعلقها بالموالي كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )2‬معارج القبول (‪ .)626/2‬وانظر‪ :‬طريق الهجرتين (ص‪ ،)662 :‬والتحفة العراقية (ص‪.)692 :‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ 31/01‬ـ ‪.)30‬‬
‫(‪ )4‬جامع العلوم والحكم (ص‪ 322 :‬ـ ‪ .)328‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (ص‪.)222 :‬‬
‫(‪ )5‬الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص‪.)680 :‬‬
‫‪216‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ووجرره ثالررث‪ :‬أن حقيقــة المحبــة‪ ،‬كمــا قــال شــيخ اإلســالم ـ رحمــه اللــه ـ‪(( :‬مـواالة أوليــاء‬
‫المحبوب ومعاداة أعدائه))(‪ ،)2‬فإذا انتفت هذه المعاداة انتفت المحبة‪.‬‬
‫المحدث إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ ـ‬ ‫ووجه رابع‪ :‬وهو وجه عقلي ذكره الشيخ ُ‬
‫رحمه الله ـ في قوله‪(( :‬وأما وجوب الهجرة وفراق المشركين عقالً‪ ،‬فـألن الحـب أصـل كـل عمـل‬
‫م ــن ح ــق وباط ــل‪ ،‬وم ــن عالم ــة ص ــدق المحب ــة موافق ــة المحب ــوب فيم ــا أح ــب وك ــره‪ ،‬وال تحق ــق‬
‫المحبــة إال بــذلك‪ ،‬ومحــال أن توجــد المحبــة مــع مالءمــة أعــداء المحبــوب‪ .‬وهــذا ممــا تقتضــيه‬
‫المحبة فكيف إذا كان قد حذرك من عدوه الذي قد طرده عن بابه‪ ،‬وأبعده عن جنابه‪ ،‬واشترطه‬
‫عليك في عهده إليك‪ ،‬هذا والله مما ال يسمح به المحب‪ ،‬وال يتصوره العاقل‪.‬‬
‫مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر فظيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع‬ ‫مت ـ ـ ـ ـ ـ ــى ص ـ ـ ـ ـ ـ ــدقت محب ـ ـ ـ ـ ـ ــة م ـ ـ ـ ـ ـ ــن يران ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫(‪)3‬‬
‫وتسمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح عين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بالدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع‬ ‫فتسمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح أذنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بسم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتمي‬
‫ومــن وجــوه العقــل أيض ـاً فــي وجــوب معــاداة الكفــار‪ :‬فــإن التوحيــد انتمــاء ووالء وذلــك‬
‫يقتضي البراءة من المخالف‪.‬‬
‫إذا ثبــت هــذا‪ ،‬فهنــاك أمــور ال تــدرخل تحــت مفهــوم هــذه الم ـواالة‪ ،‬قــد تلتــبس علــى‬
‫بعــض النــاس‪ ،‬ـ وهــي مــن بــاب المعاملــة ال بــاب الواليــة ـ‪ ،‬ولــذا ناســب أن نشــير إليهــا‪ ،‬ولــو‬
‫بإجمال‪.‬‬
‫األمر األول‪ :‬المعاملة الدنيوية مع الكفار؛ كتبادل التجارات والمنافع المباحة‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬االستعانة بخبرائهم في األمور التي ال يحسنها إال هم‪.‬‬
‫األم ررر الثال ررث‪ :‬االس ـتعانة بهــم علــى الكفــار عنــد الحاجــة واال ــطرار(‪ )4‬بالشــروط‬
‫والضوابط المعروفة عند أهل العلم(‪.)5‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬انظر‪ :‬قاعدة في المحبة (ص‪.)036 :‬‬
‫(‪ )2‬التحفة العراقية (ص‪.)663 :‬‬
‫(‪ )3‬سلوك الطريق األحمد (ص‪ 26 :‬ـ ‪.)23‬‬
‫(‪ )4‬ارختلف أهل العلم في حكم االستعانة بالكفار على ثالثة أقوال‪ :‬الجواز مطلقاً‪ ،‬المنع مطلقاً‪ ،‬الجواز مع‬
‫الحاجة‪ .‬والقول بالجواز عند الحاجة رجحه ابن القيم كما في زاد المعاد (‪.)311/3‬‬
‫(‪ )5‬من الضوابط التي ذكرها أهل العلم في جواز االستعانة بالكافر الحربي‪ :‬أن يكون مأموناً يقول ابن القيم ـ رحمه‬
‫الله ـ‪(( :‬الستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة)) [زاد المعاد (‪.])311/3‬‬
‫‪213‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فهــذه األمــور ال تســتلزم الميــل القلبــي وال تــدل عليــه‪ ،‬كمــا أنهــا ال تــدرخل فــي مناصــرة‬
‫الكفــار ومظــاهرتهم‪ ،‬بــل فيهــا تقويــة للمســلمين ونُصــرةٌ لهــم‪ .‬وأيضـاً فالــدليل قــد دل عليهــا(‪)1‬؛‬
‫فهي من باب المعاملة ال باب الوالية‪.‬‬
‫ومن ذل أيضاً‪ :‬مداراة الكفار إذا رخشي المسـلم مـن شـرهم‪ ،‬كمـا قـال تعـالى‪ :‬ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ [آل عم ـران‪ ]28 :‬يعنــي‪ :‬المــداراة‪ ،‬ولــيس هــذا مــن الم ـواالة بــل هــو مــن‬
‫دفع الضرر عن المسلمين‪.‬‬
‫فالتقية ـ كما قال أكثر المفسرين ـ ليسـت مـن بـاب الركـون‪ ،‬بـل هـي إباحـة عار ـة ال‬
‫تكون إال مع رخوف القتل(‪.)2‬‬
‫وصورتها ـ كما قال الشيخ سليمان آل الشيخ ـ‪(( :‬أن يكون اإلنسان مقهوراً معهم‪ ،‬ال‬
‫يقدر على عداوتهم فيظهر لهم المعاشرة والقلب مطمئن بالبغضاء والعداوة))(‪.)3‬‬
‫ومن األمور التي ال تدخل تحت مفهروم المروالة أيضراً‪ :‬مكافـأة الكفـار إذا أحسـنوا‬
‫ﭻ ﭼ‬ ‫إلينا ال محبة لهـم‪ ،‬وإنمـا نكـافئهم علـى صـنيعهم فقـط كمـا قـال تعـالى‪ :‬ﭹ ﭺ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫[الممتحن ــة‪ ،]8 :‬ف ــإذا ك ــان الكف ــار ل ــم يق ــاتلوا المس ــلمين‪ ،‬وك ــان له ــم ي ــد عن ــد المس ــلمين ف ــإن‬
‫المسلمين يكافئونهم على إحسانهم‪ ،‬وفي ذلك فوائد ومصالح عظيمـة‪ ،‬منهـا أن هـذا ترغيـب‬
‫لهــم فــي اإلســالم‪ ،‬ومنهــا أنــه ال يبقــى لهــم يــد علــى المســلمين إذا كافأنــاهم علــى جمــيلهم‪،‬‬
‫نقول‪ :‬أعطيناكم كما أعطيتمونا ولم يبق لكم يد تذلوننا بها‪.‬‬
‫ومررن األمررور أيضراً‪ :‬بــر الوالــد الكــافر كمــا قــال تعــالى‪ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [لقمــان‪:‬‬
‫‪ ،]06‬فليس هذا من باب المـودة والمحبـة الدينيـة‪ ،‬وإنمـا هـو مـن بـاب رد الجميـل إلـى الوالـد‬
‫الــذي رب ـاك وأحســن إليــك‪ ،‬وهــذا مــن بــاب التعامــل الــدنيوي‪ ،‬أمــا التعامــل الــديني بالمحبــة‬
‫والمناصرة والمعاونة فال‪ ،‬كما قـال تعـالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ اآلية(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬هذه األدلة في شرح نواقض اإلسالم للفوزان (‪ 036‬ـ ‪.)033‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪ ،)626/6‬وسلوك الطريق األحمد (ص‪.)29 :‬‬
‫(‪ )3‬حكم مواالة أهل اإلشراك من مجموعة التوحيد النجدية (ص‪ .)628 :‬وانظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪.)626/6‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تفصيل هذه األمور في شرح نواقض اإلسالم للفوزان (ص‪ 036 :‬ـ ‪.]021‬‬
‫‪212‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫المطلب الخامس‪ :‬ترك متابعة النبي ‪.‬‬


‫تــرك متابعــة النبــي ‪ ‬مــن قـوادح محبــة شــهادة أن ال إلــه إال اللــه‪ .‬ووجــه ذلــك‪ :‬ألن مــن‬
‫شرط محبة الله تعالى وتحقيقها تمحـض المتابعـة للنبـي ‪ ‬كمـا فـي قولـه تعـالى‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [آل عمران‪.]60 :‬‬
‫يقول ابن كثير في تفسيرها‪(( :‬هذه اآلية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة‬
‫الله‪ ،‬وليس هو على الطريقة المحمدية‪ ،‬فإنه كاذب في دعواه في نفس األمر‪ ،‬حتى يتبع‬
‫الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله))(‪.)1‬‬
‫ويقول ابن القيم في بيان وجه االستشهاد بها على انتفاء محبة من ترك متابعة النبي‬
‫‪(( :‬فجعل اتباع رسوله مشروطاً بمحبتهم لله وشرطاً لمحبة الله لهم‪ ،‬ووجود المشروط‬
‫ممتنع بدون وجود شرطه‪ ،‬وتحققه بتحققه‪ ،‬فعلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة‪ ،‬فانتفاء‬
‫محبتهم لله الزم النتفاء المتابعة لرسوله‪ ،‬وانتفاء المتابعة ملزوم النتفاء محبة الله لهم‪،‬‬
‫فيستحيل إذاً ثبوت محبتهم لله وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله))(‪.)2‬‬
‫فبهذا‪ ،‬يظهر مكانة المتابعة للنبي ‪ ‬من محبة شهادة التوحيد ال إله إال الله‪ ،‬وأنه‬
‫بدون هذه المتابعة تنتفي المحبة‪ ،‬وهذا يبين مدى التالزم بين الشهادتين‪ :‬شهادة أن ال إله‬
‫إال الله وشهادة أن محمداً رسول الله‪ ،‬فشهادة أن ال إله إال الله مستلزمة لشهادة أن‬
‫محمداً رسول الله‪ ،‬ال تتم شهادة أن ال إله إال الله بدونها‪.‬‬
‫وعن ذلك يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪(( :‬لما كان التوحيد الذي‬
‫هو معنى شهادة أن ال إله إال الله مشتمالً على اإليمان بالرسول ‪ ‬مستلزماً له‪ ،‬وذلك هو‬
‫الشهادتان‪ .‬ولهذا جعلهما النبي ‪ ‬ركناً واحداً في قوله‪« :‬بني اإلسالم على رخمس شهادة‬
‫أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله‪ ،‬وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج‬
‫البيت من استطاع إليه سبيالً»(‪ )3‬نبه في هذا الباب على ما تضمنه التوحيد واستلزمه من‬
‫تحكيم الرسول ‪ ‬في موارد النـزاع‪ ،‬إذ هذا هو مقتضى شهادة أن ال إله إال الله والزمها‬

‫(‪ )1‬تفسير ابن كثير (‪)668/0‬‬


‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪ .)99/0‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)22/6‬‬
‫(‪ )3‬أرخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬دعاؤكم إيمانكم لقوله تعالى‪{ :‬قُل ما يـعبأُ ب ُكم ربي لوال ُدعا ُؤُكم}‬
‫ومعنى الدعاء في اللغة اإليمان (جـ‪ ،)01/0‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪.)66/0‬‬
‫‪218‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫الذي ال بد منه لكل مؤمن‪ ،‬فإن من عرف أن ال إله إال الله فال بد من االنقياد لحكم الله‬
‫والتسليم ألمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد ‪ ،‬فمن شهد أن ال إله إال الله‬
‫ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول ‪ ‬في موارد النزاع فقد كذب في شهادته))(‪.)1‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في حقيقة هذا الترابط‪(( :‬فمث ُل اإلسالم من‬
‫اإليمان‪ ،‬كمثل الشهادتين إحداهما من األرخرى في المعنى والحكم؛ فشهادة الرسول غير‬
‫شهادة الوحدانية فهما شيئان في األعيان وإحداهما مرتبطة باألرخرى في المعنى والحكم‬
‫كشيء واحد))(‪.)2‬‬
‫ويو ح ذلك الشيخ حافظ حكمي فيقول‪(( :‬وقد قدمنا أن العبد ال يدرخل الدين إال‬
‫بهاتين الشهادتين‪ ،‬وأنهما متالزمتان‪ ،‬فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية‪ ،‬كما‬
‫أنها هي الشرط في األولى))(‪.)3‬‬
‫وذكر الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في «كلمة اإلرخالص»(‪ )4‬وجه هذا التالزم‬
‫بين الشهادتين فقال‪(( :‬ومن هاهنا يُعلم أنه ال تتم شهادة أن ال إله إال الله إال بشهادة أن‬
‫محمداً رسول الله؛ فإنه إذا علم أنه ال تتم محبة الله إال بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه‪،‬‬
‫فال طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إال من جهة محمد المبلغ عن الله ما يحبه وما‬
‫يكرهه باتباع ما أمر به‪ ،‬واجتناب ما نهِى عنه‪ ،‬فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله‬
‫‪ ‬وتصديقه ومتابعته‪ .‬ولهذا قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى‪ :‬ﭻ ﭼ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [التوبة‪ .]26 :‬كما قرن طاعة الله‬
‫وطاعة رسوله في موا ع كثيرة))‪ .‬انتهى(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)692 :‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)666/2‬‬
‫(‪ )3‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)66 :‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)23 :‬‬
‫(‪ )5‬وانظر‪ :‬شهادة أن ال إله إال الله محمد رسول الله ‪ ‬فضائلها ـ معانيها ـ مشاهدها ـ مطالبها للشيخ عبد الله سراج‬
‫الدين (ص‪ 81 :‬ـ ‪ )81‬نشر دار الفالح‪ ،‬ط‪ :‬األولى ـ على نفقة المؤلف‪.‬‬
‫‪219‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫فخالصة ما سبق أن من شرط محبة ال إله إال الله متابعة النبي ‪ ،‬ألنه هو الطريق الوحيد‬
‫إلى معرفة تفاصيل مقتضيات المحبة‪ ،‬وأن شهادة أن ال إله إال الله ال تتم بدون هذه المتابعة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر هنا أن من الفرق المخالفة في متابعة النبي ‪ ‬المنازعة في وجوبها‬
‫طائفة "القرآنيين"‪ ،‬ـ والقرآن منهم بريء ـ وهم الذين يزعمون أنه ال حاجة بهم لهذه المتابعة‪،‬‬
‫وأنه يُكتفى بالقرآن في إقامة الشرع؛ ولذا فهم يفسرون القرآن بأهوائهم وعقولهم دون‬
‫(‪)1‬‬
‫السنة وحي ثان من الله‬ ‫االستعانة على ذلك بالسنة الصحيحة ‪ ،‬ونسوا أو تجاهلوا أن ُ‬

‫يخشى منهم الغلط والكذب‪ ،‬أما‬


‫(‪ )1‬وشبهتهم في ذلك أن السنة ليست متواترة‪ ،‬وإنما رويت من طريق اآلحاد‪ ،‬والرواة ُ‬
‫القرآن فموثوق به ـ كما يقولون ـ فيكفي الموثوق به والثابت قطعاً ويقيناً‪ ،‬ونترك ما فيه شك‪ .‬ويستدلون على‬
‫االستغناء بالقرآن بقوله تعالى‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ [األنعام‪ ،]68 :‬وبقوله‪ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫[النحل‪.]89 :‬‬
‫هكذا يقولون ـ قبحهم الله ـ وهؤالء في الواقع يريدون إبطال الشريعة لكن بطريقة رخبيثة ماكرة‪ ،‬فهم ال يقدرون أن‬
‫يقولوا للناس‪ :‬اتركوا الشريعة أو اتركوا اإلسالم‪ ،‬وإنما يأتون بطريقة رخبيثة شيطانية‪ ،‬يقولون‪ :‬اعملوا بالقرآن ويكفيكم‬
‫عن السنة‪ ،‬ألنهم يعلمون أنه إذا عُطلت السنة تعطل القرآن وبالتالي تعطلت الشريعة‪ ،‬ألن السنة تبين القرآن‪ ،‬فإذا‬
‫أطعنا هؤالء ولم نعمل بالسنة‪ ،‬فكيف سنصلي‪ ،‬وكيف نصوم‪ ،‬وكيف نزكي‪ ،‬وكيف نحج‪ ،‬وكيف نعرف الحالل من‬
‫الحرام في المعامالت وغيرها‪ ،‬وكيف نعرف المحرمات في األنكحة وغيرها؟ وهذا ال سبيل إليه إال بالسنة‪ ،‬فبهذا‬
‫تتعطل الشريعة اإلسالمية‪...‬‬
‫أما ما قالوه من أن القرآن نقل بالتواتر وأنه ثابت قطعاً وأما السنة فهي ثبتت برواية آحاد الرواة ويدرخلها شيء من‬
‫الخلل فهي ليست كالقرآن‪ ،‬فهذا قول باطل وحجة داحضة‪ ،‬ألن السنة لم تأت عفواً‪ ،‬وليست كقصص األدباء‬
‫والخرافيين ونحوهم‪ ،‬بل لروايتها طرق و وابط‪ ،‬ولها رجال يحفظونها ويحرسونها من عهد النبي ‪ ‬إلى عهدنا‬
‫وإلى أن يشاء الله‪ ،‬والسنة محروسة‪ ،‬محفوظة بحفظ الله سبحانه وتعالى‪ ،‬فليس لمتالعب مجال في سنة‬
‫الرسول ‪‬؛ فحفاظ السنة بينوا أحوال كل كذاب و عيف‪ ،‬وبينوا حال الثقات الذين درخل على روايتهم بعض‬
‫الوهم‪ ،‬أو حصل لهم ما يضعف روايتهم كالمدلسين والمختلطين‪ ،‬فالسنة في نفوس المسلمين أعظم من أن تنالها‬
‫األيدي األثيمة أو يتناولها الكذابون والو اعون‪ ،‬فال تزال والحمد لله كما ُرويت عن رسول الله ‪ ‬يتناقلها‬
‫الثقات عن الثقات‪ ،‬وهي مدونة في دواوين السنة‪ ،‬فبهذا يندفع تشبيه هؤالء المشبهين والدجالين وتبقى سنة‬
‫الرسول ‪ ‬صحيحة ثابتة عنه ال يتطرق إليها رخلل أو شك‪ ،‬وهذا من فضل الله ‪ ‬على رخلقه‪ ،‬ومن طعن في سنة‬
‫الرسول ‪ ‬وزعم أنه ال يجوز العمل بها وإنما يعمل بالقرآن وحده‪ ،‬فهذا كافر ألنه جحد األصل الثاني من أصول‬
‫الشرع وهو سنة الرسول ‪ .)‬بتصرف يسير من مكانة السنة في اإلسالم للشيخ الفوزان (ص‪ 26 :‬ـ ‪ ،)22‬وانظر‪:‬‬
‫حجة النبي ‪ ‬لأللباني (ص‪.)66 :‬‬
‫‪201‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫تعالى‪ ،‬كالقرآن في الحكم والتشريع‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬


‫[النجم‪ 6 :‬ـ ‪ .]6‬وقال ‪« :‬أال وإني أوتيت القرآن ومثله معه»(‪ )1‬يعني‪ :‬السنة‪.‬‬ ‫ﭤ ﭥ‬
‫وأيضاً هي مبينة ومفصلة للقرآن كما قال تعالى‪ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ [النحل‪.]66 :‬‬
‫فاألرخذ بالقرآن دونها إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫[البقرة‪ 86 :‬ـ ‪ ،]83‬فحكم عليهم بالكفر والتخليد في النار(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أرخرجه أحمد في المسند (‪ )061/6‬من حديث المقدام بن معد يكرب الكندي ‪ .‬وأصله في سنن الترمذي‬
‫(‪ ،)62/6‬كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬ما نُهي عنه أن يقال عند حديث النبي ‪ ‬ح (‪ .)2336‬وحكم عليه األلباني‬
‫بأنه صحيح كما في صحيح الجامع (‪.)2366‬‬
‫وتمامه‪« :‬أال يوشك رجل ينثني شبعاناً على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حالل فأحلوه وما‬
‫وجدتم فيه من حرام فحرموه»‪.‬‬
‫قال المباركفوري في شرحه على هذا الحديث‪(( :‬وهذا الحديث دليل من دالئل النبوة وعالمة من عالماتها‪ ،‬فقد‬
‫وقع ما أرخبر به‪ ،‬فإن رجالً قد رخرج في الفنجاب من إقليم الهند وسمى نفسه بأهل القرآن‪ ،‬وشتان بينه وبين أهل‬
‫القرآن بل هو من أهل اإللحاد‪ ،‬وكان قبل ذلك من الصالحين‪ ،‬فأ له الشيطان وأغواه وأبعده عن الصراط‬
‫المستقيم‪ ،‬فتفوه بما ال يتكلم به أهل اإلسالم‪ ،‬فأطال لسانه في رد األحاديث النبوية بأسرها رداً بليغاً‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫هذه كلها مكذوبة ومفتريات على الله تعالى‪ ،‬وإنما يجب العمل على القرآن العظيم فقط دون أحاديث النبي ‪،‬‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫وإن كانت صحيحة متواترة؛ ومن عمل على غير القرآن فهو دارخل تحت قوله تعالى‪:‬‬
‫[المائدة‪ .]66 :‬وغير ذلك من أقواله الكفرية وتبعه على ذلك كثير من الجهال‪ ،‬وجعلوه إماماً‪.‬‬ ‫ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫وقد أفتى علماء العصر بكفره وإلحاده ورخرجوه عن دائرة اإلسالم‪ .‬واألمر كما قالوا))‪ .‬انتهى‪[ .‬تحفة األحوذي‬
‫(‪ 666/2‬ـ ‪.])666‬‬
‫(‪ )2‬كما وقد دل على كفرهم وجوه أرخرى منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أنهم أنكروا أصالً مجمعاً عليه عند المسلمين وهو السنة النبوية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أنهم ينكرون أموراً معلومة من الدين بالضرورة؛ حيث ينكرون بعض الصلوات الخمس في اليوم والليلة فهم ال‬
‫يؤدون إال ثالث صلوات في اليوم والليلة‪.‬‬
‫‪200‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫صنوه ومنه‪ ،‬ال فرق بينها‬


‫وقد فهم سلف هذه األمة منـزلة السنة من القرآن‪ ،‬وأنها ُ‬
‫وبينه(‪)1‬؛ ومن ذلك ما جاء عن عبد الله بن مسعود ‪ ‬في شأن النامصة والمتنمصة‬
‫والواشمة والمستوشمة ـ‪ :‬ومالي ال ألعن من لعنه رسول الله ‪ ،‬وهو في كتاب الله‪،‬‬
‫فاعتر ت عليه امرأة من بني أسد يقال لها "أم يعقوب" فقالت‪ :‬لقد قرأت ما بين لوحي‬
‫المصحف فما وجدته في كتاب الله‪ .‬فقال‪ :‬لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه‪ ،‬قال الله ‪:‬‬
‫ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ [الحشر‪.)2(]2 :‬‬
‫فانظر كيف نسب رخبر النبي ‪ ‬في لعن النامصات والمتنمصات إلى كتاب الله‪،‬‬
‫واستدل بعموم قوله تعالى‪ :‬ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ليبين أن ما شرعه رسول الله‬
‫هو كما شرعه الله‪ ،‬وأن الجميع ال يخرج عن دائرة ما شرع الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وأيضاً جاء عن عمران بن حصين ‪ ‬أن رجالً أتاه فسأله عن شيء فحدثه‪ .‬فقال‬
‫الرجل حدثوا عن كتاب الله وال تحدثوا عن غيره‪ .‬فقال إنك امرؤ أحمق أتجد في كتاب‬
‫الله أن صالة الظهر أربعاً ال يجهر فيها‪ ،‬وعدد الصلوات وعدد الزكاة ونحوها ثم قال أتجد‬
‫هذا مفسراً في كتاب الله إن الله قد أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك(‪.)3‬‬
‫وفي ذلك أعظم برهان ودليل على الل هذه الطائفة المفرقة بين الله ورسوله ‪‬‬
‫في التشريع‪.‬‬
‫ومن الفرق المخالفة أيضاً في هذه المتابعة والتي سبقت اإلشارة إليها(‪ :)4‬طائفة‬
‫غالة الصوفية الذين يستغني أحدهم عن سنة النبي ‪ ‬وهديه وبيانه بما يزعمونه من العلم‬
‫اللدني‪ ،‬والذي يرمز إليه بعضهم بـ((حدثني قلبي عن ربي))(‪.)5‬‬
‫كما أن أهل البدع بجميع طوائفهم لهم نصيب في ترك هذه المتابعة للنبي ‪ ‬بقدر‬
‫ما رخالفوا به السنة؛ ولذا كان من األصول المقررة عند أهل السنة الرد على أهل البدع‬

‫(‪ )1‬أعني في األحكام‪.‬‬


‫(‪ )2‬أرخرجه البخاري في كتاب اللباس‪ ،‬باب‪ :‬المتفلجات للحسن (جـ‪ )80/2‬ح (‪ ،)6960‬ومسلم في كتاب‬
‫اللباس والزينة (‪ )0328/6‬ح (‪ .)2026‬وانظر‪ :‬مختصر الحجة على تارك المحجة (ص‪.)9/0:‬‬
‫(‪ )3‬رخرجه ابن المبارك في المسند (ص‪ ،)066 :‬وفي الزهد (ص‪.)26 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬ص (ص‪.)329 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬حجة النبي ‪ ‬لأللباني (ص‪.)66 :‬‬
‫‪202‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫وتجريحهم‪ ،‬لما في ذلك من النصيحة لألمة‪ ،‬والمراعاة لشروط هذه الكلمة ولوازمها من‬
‫الموالة والمعاداة على السنة‪.‬‬
‫شبهة وجوابها‪:‬‬
‫وأرختم الكالم على شرط المحبة بشبهة قد يتمسك بها البعض لنفي هذا الشرط‪،‬‬
‫كما وقد شافهني بذلك أحدهم؛ حيث فهم أن المحبة شرط كمال وليست بشرط صحة‪.‬‬
‫والشبهة هي‪ :‬االستدالل على صحة إسالم من كان كارهاً مبغضاً لإلسالم بقوله ‪‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أجدني كارهاً‪ .‬قال‪« :‬أسلم وإن كنت كارهاً»‬ ‫لرجل من بني النجار «أسلم»‪ .‬قال‪ُ :‬‬
‫قال الشوكاني ـ بعد أن أورد هذا الحديث من جملة من األحاديث ـ‪(( :‬هذه‬
‫األحاديث فيها دليل على أنه يجوز مبايعة الكافر وقبول اإلسالم منه‪ ،‬وإن شرط شرطاً‬
‫باطالً‪ ،‬وأنه يصح إسالم من كان كارهاً))(‪.)2‬‬
‫ويقال في الجواب عن هذه الشبهة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من األصول المقررة والتي ال محل لالرختالف عليها بين أهل العلم أن دين‬
‫الله واحد‪ ،‬ليس فيه تضاد وال تعارض وال تخالف من كل وجه‪ ،‬لكونه من عند الله كما قال‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ [النساء‪.]82 :‬‬ ‫تعالى‪ :‬ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ‬
‫وإنما يقع التعارض في ظن الناظر؛ لقصور فهمه‪ ،‬ولذا يلجأ إلى دفع هذا التعارض؛ إما‬
‫بالتأويل(‪ )3‬أو بالترجيح(‪ ،)4‬أو باحتمال النسخ(‪.)5‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن المحبة كما تقدم هي حقيقة ال إله إال الله ال تصح شهادة أن ال إله إال الله إال‬
‫بها‪.‬‬

‫(‪ )1‬أرخرجه أحمد في المسند (‪ ،)080 ،019/6‬وأبو يعلى في مسنده (‪ )613،620/3‬ح رقم (‪،6236‬‬
‫‪ ،)6829‬والضياء في المختارة (‪ )66 ،62/3‬ح رقم (‪ .)0990 ،0989‬وقال إسناده صحيح‪ ،‬وأورده‬
‫الحافظ ابن كثير في التفسير (‪ )296/0‬وعزاه إلى اإلمام أحمد‪ .‬وقال‪ :‬ثالثي صحيح‪ .‬وقال الهيثمي‪ :‬رجاله‬
‫رجال الصحيح [فيض القدير ‪.])618/0‬‬
‫(‪ )2‬نيل األوطار (‪ .)296/6‬ط‪ :‬دار الكلم الطيب‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي بصرف اللفظ عن جارحه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي من غير مرجح‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي ولو لم يعلم بالتاريخ‪.‬‬
‫‪206‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فإن هذا الحديث ال يُعارض األدلة ـ المتقدمة ـ الدالة على لزومية‬
‫المحبة لصحة اإلسالم وشرطيتها في تحقيق اإليمان لما تقدم من أن دين الله واحد ال‬
‫يتعارض وال يتناقض على وجه ال يمكن معه الجمع بين األدلة‪.‬‬
‫وهنا من الممكن الجمع بين تلك األدلة الدالة على شرطية المحبة لصحة اإلسالم‬
‫وقول النبي ـ عليه الصالة والسالم ـ لذاك الرجل «أسلم وإن كنت كارهاً»‪ ،‬وذلك أن يقال‪:‬‬
‫أنه ال تنافي أصالً بين هذه األدلة‪ ،‬وإنما هذا محمول ـ أعني قوله ‪« :‬أسلم ولو كنت‬
‫كارهاً» ـ على التألف والترغيب في اإلسالم واألرخذ بالتدرج مع المخالف إلدرخاله في دين‬
‫اإلسالم‪ ،‬ألنه إذا درخل في اإلسالم ظاهراً فإنه سرعان ما يتمكن اإلسالم من قلبه فيحب‬
‫هذه الكلمة وما دلت عليه من التوحيد والوالء والبراء‪ ،‬وذلك لما يرى من األدلة الدالة على‬
‫سماحة دين اإلسالم وصحته من بين األديان‪ ،‬فيُسلم لله ظاهراً وباطناً‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في معنى هذا الحديث‪(( :‬فإنه لم يكرهه النبي‬
‫‪ ‬على اإلسالم بل دعاه إليه‪ ،‬فأرخبره أن نفسه ليست قابلة له بل هي كارهة فقال له‪:‬‬
‫«أسلم وإن كنت كارهاً»‪ ،‬فإن الله سيرزقك حسن النية واإلرخالص))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وفي هذا المعنى أيضاً ما جاء عن النبي ‪ ‬أنه كان يُعطي أقواماً يتألفهم‬
‫بالعطية(‪ )2‬حتى يتمكن اإلسالم من قلوبهم فيسلموا لله ظاهراً وباطناً؛ فكان يُدرجهم على‬
‫اإلسالم شيئاً فشيئاً(‪.)3‬‬
‫وليس المقصود أن من مات وهو كاره لدين اإلسالم مات مسلماً موحداً بمجرد‬
‫إقراره بالشهادتين‪ ،‬كيف ذلك‪ ،‬وقد قال ـ سبحانه وتعالى ـ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ [محمد‪.] 9:‬‬
‫وقيل‪ :‬بل المقصود كراهة الطبع ال كراهة االرختيار‪ ،‬وذلك يكون لمفارقة المألوف‪،‬‬
‫ولكن متى رخالطت بشاشةُ اإليمان القلب‪ ،‬ومازجت بهجة التوحيد اللب انشرح الصدر‪،‬‬
‫واتسع األمر وآب المؤمن بعظيم األجر(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬تفسير ابن كثير (‪)296/0‬‬


‫(جـ‪ ،)266/6‬ووصله الحافظ ابن حجر‬ ‫ﮧﮨ‬ ‫(‪ )2‬علقه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه‪ ،‬باب قوله‪:‬‬
‫في تغليق التعليق (‪.)208/6‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)26/06‬‬
‫‪206‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫ولكن التوجيه األول أظهر‪ ،‬ألن كراهة الطبع قد تعرض حتى لمن تمكن اإلسالم في‬
‫قلبه بأن يكره بعض األمور الواجبة عليه‪ ،‬وال يكون بذلك كافراً‪ ،‬كما قال تعالى مخاطباً‬
‫المؤمنين‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ [البقرة‪ .]203 :‬فأرخبر بما يجيش في صدور المؤمنين من‬
‫كراهية القتال الواجب عليهم لما فيه من التعب والمشقة وحصول أنواع المخاوف والتعرض‬
‫للمتالف‪ ،‬ولم يرتب عليه شيئاً‪ ،‬بل أرشدهم إلى أن القتال رخير محض؛ لما فيه من الثواب‬
‫العظيم والتحرز من العقاب األليم‪ ،‬والنصر على األعداء‪ ،‬والظفر بالغنائم‪ ،‬وغير ذلك مما هو‬
‫ُمرب على ما فيه من الكراهة (‪ .)2‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫كما وقد يجاب عن هذه الشبهة أيضاً بأن الحديث يُحمل على صحة اإلسالم ولو مع‬
‫الشرط الفاسد ثم يُلزم المشترط بشرائع اإلسالم كلها؛ كما نص عليه اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(‪،)3‬‬
‫واستدل عليه بحديث جابر ‪ :‬اشترطت ثقيف على رسول الله ‪ ‬أن ال صدقة عليهم وال‬
‫جهاد‪ ،‬وأنه سمع النبي ‪ ‬بعد ذلك يقول‪« :‬سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا»(‪.)4‬‬
‫وفيه أيضاً عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي ‪ ‬فأسلم على أن ال‬
‫يصلي إال صالتين‪ ،‬فقبل منه(‪.)5‬‬
‫واستدل ـ أيضاً ـ بأن حكيم بن حزام قال بايعت النبي ‪ ‬على أن ال أرخر إال قائماً»(‪.)6‬‬
‫قال أحمد‪ :‬معناه أن يسجد من غير ركوع(‪.)7‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬هامش مسند أبي يعلى للمحقق حسين سليم أسد (‪.)612/3‬‬
‫(‪ )2‬تفسير السعدي (ص‪ )92 :‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )3‬جامع العلوم والحكم (ص‪ 068 :‬ـ ‪ .)069‬وانظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة للمروزي (‪.)96/0‬‬
‫(‪ )4‬أرخرجه أبو داود في كتاب اإلمارة والخراج والفيء‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في رخبر الطائف (‪ )143/3‬ح (‪)3135‬‬
‫وصحح إسناده األلباني كما في السلسلة الصحيحة (‪ )511/9‬برقم (‪.)1888‬‬
‫(‪ )5‬أرخرجه أحمد في المسند (‪ ،)343/5‬وابن أبي عاصم في اآلحاد والمثاني (‪ )115/3‬ح (‪ ،)191‬وأورده‬
‫ابن حجر في المطالب العالية (‪ )535/1‬تحت باب‪ :‬التألف على اإلسالم‪ ،‬وأورده الشوكاني في النيل‬
‫(‪ )13/8‬وبوب عليه‪ :‬باب صحة اإلسالم مع الشرط الفاسد‪.‬‬
‫(‪ )6‬أرخرجه النسائي في كتاب التطبيق‪ ،‬باب‪ :‬كيف يخر للسجود (‪ )315/3‬ح (‪ ،)1189‬وأحمد في المسند‬
‫(‪ ،)913/3‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪ ،)318/5‬والطبراني في الكبير (‪ .)115/3‬وصحح إسناده‬
‫األلباني كما في صحيح سنن النسائي (‪.)315/3‬‬
‫(‪ )7‬جامع العلوم والحكم (ص‪ 068 :‬ـ ‪ .)069‬وانظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة للمروزي (‪.)96/0‬‬
‫‪206‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ بعد أن ذكر هذه األحاديث وما يعار ها ـ ‪(( :‬وبهذا‬
‫الذي قررناه يظهر الجمع بين ألفاظ أحاديث هذا الباب‪ ،‬ويتبين أن كلها حق؛ فإن كلمتي‬
‫الشهادتين بمجردهما تعصم من أتى بهما ويصير بذلك مسلماً‪ .‬فإذا درخل في اإلسالم‪،‬‬
‫فإن أقام الصالة‪ ،‬وآتى الزكاة‪ ،‬وقام بشرائع اإلسالم‪ ،‬فله ما للمسلمين‪ ،‬وعليه ما على‬
‫المسلمين‪ ،‬وإن أرخل بشيء من هذه األركان‪ ،‬فإن كانوا جماعة لهم منعة قوتلوا‪ .‬وقد ظن‬
‫بعضهم أن معنى الحديث أن الكافر يُقاتل حتى يأتي بالشهادتين‪ ،‬ويقيم الصالة‪ ،‬ويؤتي‪،‬‬
‫الزكاة وجعلوا ذلك حجة على رخطاب الكفار بالفروع‪ ،‬وفي هذا نظر‪ ،‬وسيرة النبي ‪ ‬في‬
‫قتال الكفار تدل على رخالف هذا‪ .‬وفي صحيح مسلم(‪ )1‬عن أبي هريرة ‪ ‬أن النبي ‪‬‬
‫دعا عليًا يوم رخيبر‪ ،‬فأعطاه الراية وقال‪« :‬امش وال تلتفت حتى يفتح الله عليك» فسار‬
‫علي شيئاً‪ ،‬ثم وقف فصرخ‪ :‬يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ فقال‪« :‬قاتلهم على أن‬
‫يشهدوا أن ال إله إال الله‪ ،‬وأن محمداً رسول الله‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا منك دماءهم‬
‫وأموالهم إال بحقها‪ ،‬وحسابهم على الله ‪ .»‬فجعل مجرد اإلجابة إلى الشهادتين عصمة‬
‫للنفوس واألموال إال بحقها‪ ،‬ومن حقها االمتناع عن الصالة والزكاة بعد الدرخول في اإلسالم‬
‫كما فهمه الصحابة ر ي الله عنهم))(‪ )2‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬
‫وبهذا يُعلم صحة تأويل هذا الحديث وأنه محمول على التألف على اإلسالم ثم‬
‫اإللزام ببقية شرائع اإلسالم‪ ،‬وأن اإلسالم يصح ولو مع الشرط الفاسد؛ كسائر العقود فإنها‬
‫تصح مع الشرط الفاسد ثم يُلزم الطرف اآلرخر بإلغاء فاسد الشرط كما في حديث بريرة لما‬
‫شرط أهلها على عائشة لما أرادت شراءها وعتقها والءها‪ ،‬فقال النبي ‪ ‬لعائشة لما ذكرت‬
‫له ذلك‪« :‬ابتاعيها فأعتقيها‪ ،‬فإن الوالء لمن أعتق» ثم قام رسول الله ‪ ‬على المنبر وقال‪:‬‬
‫«ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله‬
‫فليس له‪ ،‬وإن اشترط مائة مرة»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1851/9( )1‬كتاب فضائل الصحابة ر ي الله عنه حديث رقم (‪.)3915‬‬
‫(‪ )2‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)141 :‬‬
‫(‪ )3‬أرخرجه البخاري في كتاب الصالة‪ ،‬باب‪ :‬ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد (جـ‪ )139/1‬ح (‪،)954‬‬
‫ومسلم في كتاب العقد (‪ )1193/3‬ح (‪.)1519‬‬
‫‪203‬‬ ‫شرط المحبة‬

‫قال الحافظ ابن عبد البر‪(( :‬وفي هذا الحديث دليل على أن الشرط الفاسد في‬
‫البيع ال يفسد البيع‪ ،‬ولكنه يُسقط‪ ،‬ويبطل الشرط‪ ،‬ويصح البيع))(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫كما يلزم من القول بأن المحبة شرط كمال ال شرط صحة أن تكون جميع األعمال‬
‫الباطنة والظاهرة غير الزمة لصحة اإليمان‪ ،‬ألن المحبة أصل لجميع هذه األعمال كما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫وتو يح ذلك‪ :‬أن المحبة ملزومة لهذه األعمال وهذه األعمال الزمة لها‪ ،‬والزم‬
‫الكمال ال يكون إال كماالً‪.‬‬
‫أو بعبارة أخرى‪ :‬أن هذه األعمال فرع عن المحبة وذلك في حق المؤمن(‪ ،)2‬وما‬
‫تفرع عن الكمال فإنه ال يكون إال كماالً‪ ،‬فصح أن القول بأن المحبة شرط كمال ال شرط‬
‫صحة يلزم منه أن تكون األعمال الباطنة والظاهرة غير الزمة لصحة اإليمان‪ ،‬وهو باطل‪ .‬وما‬
‫أدى إلى باطل فهو باطل‪.‬‬
‫فالحاصل أن هذه الشبهة ساقطة من كل وجه‪ ،‬وليس في نصوص الشرع ما يعضدها‪.‬‬

‫(‪ )1‬االستذكار (‪ .)354/5‬وانظر‪ :‬التمهيد (‪.)334/15‬‬


‫(‪ )2‬ليخرج المنافق فإنه يأتي باألعمال الظاهرة مع انتفاء المحبة من قلبه‪.‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬


‫وتحته تمهيد‪ ،‬وثمانية مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى الكفر بالطاغوت لغة وشرعاً‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رؤؤس الطواغيت‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬صفة الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على أن الكفر بالطاغوت من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار الكفر بالطاغوت شرطاً في شهادة أن ال‬
‫إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬عالقة شرط الكفر بالطاغوت بشرطي المحبة واإلخالص‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬أنواع المخالفين في شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫شرط الكفر بالطاغوت أو البراءة من الشرك(‪ )1‬من شرروط شردا ة أال إ هلرال هإ الكرال را‬
‫سيأتي في أ لة الشرع(‪ ،)2‬و الم أهل العكم(‪ .)3‬ووجال اشتراطال‪ :‬أال شدا ة أال إ هلرال هإ الكرال مر برة‬
‫مرن ففري وهابررات‪ ،‬فدري تإلفري اعلديررة رن غيرر الكرال وتببتدرا لكررال والرشر إ شرر و لررال‪ ،‬وففري اعلديررة‬
‫ن غيرر ر سبحافال وتعالى ر ستكزم البراءة من ل هلال سوار‪ ،‬ألفال مألور بالباطل‪ .‬قرا تعرالى‪ :‬ﮨ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ [الحج‪.]26 :‬‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫قا أبو ال ظفر(‪ )4‬في اعفصاح‪(( :‬وج كة الفائشة فري للرو أال تعكرم أال هرهر الكك رة‪،‬‬
‫هي مشت كة كى الكفرر بالطراغوت واع راال بالكرال؛ فإفرو ل را ففيرل اعلديرة ر رن غيرر الكرال ر‬
‫وأابل اع جاب لكال سبحافال إلل م ن فر بالطاغوت وآمن بالكال))(‪.)5‬‬
‫وقررا الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر فرري وجررال اشررتراطال‪(( :‬فررالإلدي ررن‬
‫الشرك ستكزم الكفر بالطاغوت))(‪.)6‬‬
‫وقا الشيم بش الكطيف بن بش الرال ن آ الشيم‪(( :‬بين الإلفي واعابات هإلا تالزم‬
‫من ل وجال‪ ،‬فال براءة من الشرك و با ة غير الكال هإ بتواليشر‪ ،‬وإ تواليش هإ بالبراءة من ل‬
‫معب ررو س ررو‪ ،‬الك ررال‪ ،‬و ررا ت ر إلل العك ررم‪ ،‬فد رري تت ر ن الع ررل‪ ،‬وإ تص رروف وج ررو ش رردا ة‪،‬‬
‫وهل اال وهتياال ب شلولدا هإ مع العكم والع ل))(‪ .)7‬افتدى‪.‬‬
‫ومررن وجررور اشررتراطال أ راك‪ :‬أال الكفررر بالطرراغوت الررافل لبابررات فرري ك ررة التواليررش‪،‬‬
‫ألفال ففي‪ ،‬والإلفي حفل اعابات ا هو مقرف إلش أهل العكم‪.‬‬

‫(‪ )1‬البراءة من الشرك هو تعبير الشيم ابن باز ر فال ال الكال ر ا تقشم‪.‬‬
‫(‪ )2‬افظر‪( :‬ص‪ 742 :‬ر ‪.)727‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪( :‬ص‪ 721 :‬ر ‪.)727‬‬
‫(‪ )4‬أبو ال ظفر تقشمل ترج تال‪.‬‬
‫(‪ )5‬فقالك ن تيسير العز ز الح يش (ص‪.)55 :‬‬
‫(‪ )6‬مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب في العقيشة (ص‪ ،)126:‬الشفف السإلية (‪.)176/17‬‬
‫(‪ )7‬الشفف السإلية (‪.)767/6‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وأمررا مكافررة هررها الشرررط فدرري ظي ررة‪ .‬فدررو شررطر التواليررش‪ ،‬و ك ررة التواليررش تررش كيررال‬
‫بالت ن‪ ،‬وهي ر ا تقشم ر تت ن الإلفي واعابات‪ ،‬وهو ر أي‪ :‬الكفر بالطاغوت ر القيقة الإلفي‬
‫فيدا‪.‬‬
‫قو الشيم برش الكطيرف برن برش الررال ن آ الشريم‪(( :‬شردا ة أال إ هلرال هإ الكرال لرل‬
‫كى الكفرر ب را برش مرن وال الكرال ت ر إلاك إ التزامراك‪ ،‬ولرم قرل أالرش مرن ال سرك ين والعررب‪ :‬هفدرا‬
‫لررل كررى للررو التزامراك هإ كررى قررو طائفررة مررالة مررن ال تكك ررين(‪ )1‬ز رروال أال معإلاهررا‪ :‬إ‬
‫قا ف كى اإختراع هإ الكال))(‪.)2‬‬
‫قكل‪ :‬ومرن أهرل العكرم مرن برر رن هرها الت ر ن برالتالزم‪ ،‬وإ ر رشوال الرتالزم ب عإلرار‬
‫اإصطالالي الهي غا ر معإلى الت ن‪ ،‬ولكن جرت بافاتدم ن الت ن بكفل الرتالزم‪ ،‬أو‬
‫اسررتع كوا الكفررل فرري غيررر معإلررار ال ومرروع لررال‪ ،‬ومررن هررؤإء الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر‬
‫فال ال الكال ر اليث قو ‪(( :‬ول ا فدى فروح بإليرال رن الشررك‪ ،‬أمررهم برال هلرال هإ الكرال‪ ،‬فكريذ هرها‬
‫تك ررافاك‪ .‬بررل هررهاال أصررالال مسررتقالال بي رراال‪ ،‬وهال افررا متالزمررين‪ ،‬ف رالإلدي ررن الشرررك سررتكزم‬
‫الكفررر بالطرراغوت‪ ،‬وإ هلررال هإ الكررال اع رراال بالكررال‪ ،‬وهررها وهال رراال متالزمراك‪ ،‬فإلومررو لكررم الواقررع‪،‬‬
‫وهو‪ :‬أال بيراك من الإلاس قو ‪ :‬إ أ بش هإ الكال‪ ،‬وأفا أشدش بكرها‪ ،‬وأقرر بكرها‪ ،‬و كبرر الكرالم؛‬
‫فررإلا قيررل لررال‪ :‬مررا تقررو فرري فررالال وفررالال‪ ،‬هلا ببررشا أو بررشا مرن وال الكررالق قررا ‪ :‬مررا كرري مررن‬
‫الإلرراس‪ ،‬الكررال أ كررم بحررالدم‪ ،‬و ظررن بباطإلررال أال للررو إ ج ر كيررال‪ .‬ف ررن أالسررن اإقت رراال‪ :‬أال‬
‫الكال قرال بين اع اال بال والكفر بالطاغوت‪ ،‬فبشأ برالكفر برال كرى اع راال بالكرال‪ ،‬وقررال األفبيراء‬
‫بين األمر بالتواليش والإلدي ن الشرك‪.)3())...‬‬
‫قكرل‪ :‬ولدرها جرر‪ ،‬التإلبيرال الترى إ ظرن اتفراق مقاصرش هرؤإء مرع مقاصرش ال تكك رين‬
‫اله ن عبروال ن هها الشرط بالتالزم‪ .‬فيقولوال هو من لوازم األلوهية ليذ من معافيدا‪.‬‬
‫وأما الكالم ن شرط الكفر بالطاغوت فسيكوال تحل ال باالث التالية‪:‬‬

‫(‪ )1‬عإلي األشا رة‪.‬‬


‫(‪ )2‬مصباح الظالم (‪.)125‬‬
‫(‪ )3‬الشفف السإلية (‪.)176/17‬‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المبحث األول‪ :‬معنى الكفر بالطاغوت لغة واصطالحاً‪.‬‬


‫الكف ررر بالط رراغوت مر ر ر هم ررافي مت ررألف م ررن ك ت ررين ه ررا ك ررة (( ف ررر)) و ك ررة‬
‫((طاغوت))‪ ،‬فإلعرف بكل ك ة كى الشة‪ .‬فكك ة (( فر)) معإلاها الستر والتغطية‪.‬‬
‫قا ابن فافس‪(( :‬الكراف‪ ،‬والفراء‪ ،‬والرراء‪ ،‬أصرل صرحيو رش كرى معإل كرى واالرش‪ ،‬وهرو‬
‫الستر والتغطية))(‪.)1‬‬
‫يات بيرة‪ ،‬كدا ترجع هلى هها ال عإلى(‪)2‬؛ والرهي تعكر‬ ‫و تفرع ن هها األصل مس ٌ‬
‫ب ا فحن بصش ر معإلياال‪:‬‬
‫األول‪ :‬البراءة‪.‬‬
‫وبال فبسر قولال تعالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ [العإلكبوت‪.]65 :‬‬
‫قا ابن جر ر الطبري ر فال ال الكال ر‪ (( :‬تبرأ بع كم من بعض))(‪.)3‬‬
‫وجرراء فرري تدرره الكغررة‪(( :‬و كرروال الكفررر أ راك ب عإلررى الب رراءة‪ ،‬قررو الكررال ر جررل و ررز ر‬
‫الكا ررة ررن الشرريطاال فرري خطيدتررال هلا خررل الإلرراف‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ [هبرراهيم‪:‬‬
‫‪ ]66‬أي تبرأت(‪.)4‬‬
‫قكل‪ :‬فالبراءة تستكزم الإلفي الهي هو أصل الكفر بالطاغوت ا سيأتي‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التكذيب به الذي ينافي التصديق به‪.‬‬
‫قو ‪ :‬ابن جر ر الطبري في تفسير قولال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫‪(( :]27‬‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ [الإلساء‪:‬‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫قو ‪ :‬وقش أمرهم الكال أال كهبوا ب ا جاءهم بال الطاغوت الهي تحا وال هليال‪ .‬فتر وا أمر الكال‬
‫واتبعوا أمر الشيطاال)) أ‪.‬هر(‪.)5‬‬
‫فالتكه إلافي التصش الهي هو اع اال بال‪.‬‬

‫الكغة لألزهري (‪.)172/17‬‬ ‫(‪ )1‬معجم مقا يذ الكغة (‪ ،)171/5‬وافظر‪ :‬تده‬


‫(‪ )2‬افظر‪ :‬القاموس ال حيط (‪ ،)177/6‬ولساال العرب (‪.)117/16‬‬
‫(‪ )3‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)777/17‬‬
‫الكغة (‪.)174/17‬‬ ‫(‪ )4‬تده‬
‫(‪ )5‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪ .)552/5‬طبعة اف الفكر‪ ،‬ام ‪5045‬هر‪.‬‬
‫‪761‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وأما الطاغوت فدو كى وزال فرعكبوت‪ ،‬مشت من الطغياال‪ ،‬ومعإلار في الكغة مجاوزة الحش‬
‫وتعشي القشف‪.‬‬
‫قررا ابررن جر ررر الطبررري ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬أصررل الطرراغوت الطغرووت‪ ،‬مررن قررو القائررل‪:‬‬
‫طغا فالال طغو‪ ،‬هلا شا قشفر فتجاوز الرشر؛ رالجبروت مرن التجبرر والخكبروت مرن الخكر ‪،‬‬
‫وفحو للو من األس اء التي تأتي كى تقش ر «فرعكبوت» بز ا ة الواو والتاء))(‪.)1‬‬
‫وأما لفل الطاغوت في اإصرطالح(‪ ،)2‬فقرش تإلو رل فيرال برافات أهرل العكرم وال رؤ ‪،‬‬
‫واالش‪ ،‬وم ا جاء في تعر فال‪:‬‬

‫(‪ )1‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪ .)557/4‬وافظر‪ :‬الصحاح لكجوهري (‪ ،)6416/2‬ولساال العرب (‪،)177/7‬‬
‫الكغة (‪.)127/7‬‬ ‫وتده‬
‫(‪ )2‬وف ل ر الطاغوت في القرآال في ا افية موامع‪:‬‬
‫‪ 1‬ر قولال تعالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [البقرة‪.]652 :‬‬
‫[البقرة‪.]657 :‬‬ ‫ﭝ ﭞ‬ ‫‪6‬ر ﭛ ﭜ‬
‫‪ 7‬ر ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ [الإلساء‪.]51 :‬‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫ﭣ‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫‪4‬ر‬
‫[الإلساء‪.]27 :‬‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [الإلساء‪.]72 :‬‬ ‫‪ 5‬ر ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ‬
‫[ال ائشة‪.]27 :‬‬ ‫‪ 2‬ر ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫[الإلحل‪.]72 :‬‬ ‫‪7‬ر ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫[الزمر‪.]17 :‬‬ ‫ﮨ‬ ‫ﭨ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫‪7‬ر ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ووفو هها الكفل في ههر اآل ات كى فحو ين‪:‬‬
‫ﰊ ﰊ‬ ‫‪ 1‬ر مرا اك بال معإلار ا لعام‪ ،‬وهو اتخال معبو ات من وال الكال وجعل هها في مقابل التواليش ا قا تعالى‪:‬‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ‪.‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫‪ 6‬ر مرا اك بال بعض أفرا ر‪ .‬أي بعض أفرا ال عبو ات ا في قولال تعالى‪:‬‬
‫ﯿ ‪ .‬فزلل في اليدو في سؤا قر ش لدم‪ :‬أهم أهش‪ ،‬أم الإلبي ‪ .‬والجبل من مفر ات الطاغوت‪ .‬قيل‪ :‬هو‬
‫الساالر‪ ،‬وقيل‪ :‬هو مش ي كم الغي ‪.‬‬
‫ﭤ ﭥ‬ ‫ﭣ‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫و ا في قولال‪:‬‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ‪ .‬فزلل في تحا م ال إلافقين واليدو هلى " اهن" وقش س ار الكال طاغوتاك‪.‬‬
‫‪766‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قررا ابررن جر ررر ر مبيإل راك األصررل الررهي مإلررال قيررل لكطرراغوت طرراغوت ر‪(( :‬والص رواب مررن‬
‫القو إلشي في الطاغوت‪ :‬أفال ل لي طغياال طغى كى الكال‪ ،‬فعببش من وفال؛ همرا بقدرر مإلرال‬
‫ل ررن ب رشر‪ ،‬وهمررا بطا ررة م ررن بررشر لررال؛ هفسررافاك رراال للررو ال عبررو ‪ ،‬أو شرريطافاك‪ ،‬أو واإل راك‪ ،‬أو‬
‫صإل اك‪ ،‬أو ائإلاك ما اال من شيء))(‪.)1‬‬
‫وقا شريم اعسرالم ابرن تي يرة فري تعر فرال‪(( :‬الطراغوت رل معظرم ومرتعظم بغيرر طا رة‬
‫الكال وفسولال‪ ،‬من هفساال‪ ،‬أو شيطاال‪ ،‬أو شيء من األوااال))(‪.)2‬‬
‫وق ررا أ ر راك‪(( :‬وه ررو اس ررم جر رإلذ ررشخل في ررال الش رريطاال‪ ،‬وال رروان‪ ،‬والكد رراال‪ ،‬وال ررشفهم‬
‫والش إلاف‪ ،‬وغير للو))(‪.)3‬‬
‫وقررا ابررن القرريم‪(( :‬الطرراغوت ررل مررا تجرراوز بررال العبررش الررشر مررن معبررو ‪ ،‬أو متبرروع‪ ،‬أو‬
‫مطاع؛ فطراغوت رل قروم مرن تحرا وال هليرال غيرر الكرال وفسرولال‪ ،‬أو عبشوفرال مرن وال الكرال‪ ،‬أو‬
‫تبعوفال كى غير بصيرة من الكال‪ ،‬أو طيعوفال في ا إ عك وال أفال طا ة لكال))(‪.)4‬‬
‫وقا الشيم مح ش بن بش الوهاب‪(( :‬والطاغوت ام في ل مرا برش مرن وال الكرال‪،‬‬
‫فكل ما ببش من وال الكال وفمي بالعبا ة‪ ،‬من معبو ‪ ،‬أو متبوع‪ ،‬أو مطاع في غير طا رة الكرال‬
‫وفسولال‪ ،‬فدو طاغوت))(‪.)5‬‬
‫وقررا صرراال فررتو الح يررش(‪(( :)6‬الطرراغوت‪ :‬اسررم وصررف ررام‪ ،‬طكر كررى مررن طغررى‬
‫ن الح فعش إلال هلرى الباطرل ائإلراك مرن راال‪ ،‬ومإلرال مرن را هلرى مراللة‪ ،‬أو برش مرن وال‬
‫برمى مإلال))(‪ .)7‬افتدى‪.‬‬
‫الكال ك‬
‫(‪ )1‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)557/4‬‬
‫(‪ )2‬مج وع الرسائل (‪.)777/6‬‬
‫(‪ )3‬مج وع الفتاو‪ 525/12( ،‬ر ‪.)522‬‬
‫(‪ )4‬ه الم ال وقعين (‪.)57/1‬‬
‫(‪ )5‬مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب (القسم األو ‪ ،‬العقيشة واآل اب اعسالمية‪ ،‬ص‪.)777 :‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬ب اال بن بش العز ز بن مإلصوف بن ال ش بن هبراهيم الت ي ي‪ ،‬من ك اء فجش‪ ،‬أخه ن الشيم بش الرال ن‬
‫ابن السن آ الشيم‪ .‬من أشدر تالمهتال ابن بشر‪ .‬افل وإ تال في أوائل القرال البالث شر‪ ،‬ووفاتال في ام‬
‫(‪ )1676‬هر في الوطة سش ر‪ .‬افظر‪ :‬ك اء فجش خال ا افية قروال لكبسام (‪ 77/5‬ر ‪.)77‬‬
‫(‪ )7‬فتو الح يش في شرح تاب التواليش (‪.)1217/4‬‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وقا العالمة ابن باز في تعر فال‪(( :‬الطاغوت هو ل ما بش من وال الكرال وهرو فا‪،،‬‬
‫و ررل مررن الكررم بغيررر مررا أفررز الكررال أو ررا هلررى للررو‪ ،‬والطرراغوت مررأخولة مررن الطغيرراال‪ ،‬وهررو‬
‫تج رراوز الح ررش‪ ،‬والط رراغوت ه ررو ال ر رهي تج رراوز الح ررش هم ررا بش ررر ال و ف رررر‪ ،‬وهم ررا بش وت ررال هل ررى‬
‫للو))(‪.)1‬‬
‫فتحصررل مررن مج رروع المدررم ر فال دررم الكررال تعررالى ر فرري تعر ررف الطرراغوت‪ :‬أال اسررم‬
‫((الط رراغوت)) شر ر ل ررل معب ررو م ررن وال الك ررال‪ ،‬و ررل فأس ف رري ال ررال ررش و هل ررى الباط ررل‬
‫و حسإلال‪ ،‬و ش ل أ اك‪ :‬ل من فصبال الإلاس لكحكم بيإلدم بأالكام الجاهكية ال ا ة لحكم‬
‫الكررال وفس رولال‪ ،‬و ش ر ل أ راك‪ :‬الكرراهن والسرراالر‪ ،‬وسررشفة األوارراال‪ ..‬وأصررل هررهر األف رواع كدررا‬
‫وأ ظ دا الشيطاال‪ ،‬فدو الطاغوت األ بر‪ .‬والكال سبحافال وتعالى أ كم(‪.)2‬‬
‫وأج ع ههر التعاف ف لكطاغوت تعر ف ابن القريم ر فال رال الكرال ر‪ .‬قرا الشريم سركي اال‬
‫بن سح اال ر فال رال الكرال ر‪(( :‬وأمرا القيقترال وال ررا برال ر عإلري الطراغوت ر فقرش تعرش ت برافات‬
‫السكف إلال‪ ،‬وأالسن ما قيل فيال الم ابن القيم ر فال ال الكال تعالى))(‪ ،)3‬فال شه إلرال فرر مرن‬
‫أفرا الطاغوت؛ ((فال تبوع ر ا قا ابن بي ين ر‪ :‬الكداال والسحرة و ك اء السوء‪.‬‬
‫وال عبو مبل األصإلام‪.‬‬
‫وال طاع مبل‪ :‬األمراء الخافجين ن طا ة الكال‪ ،‬فإلا اتخرههم اعفسراال أفبابراك بحرل مرا‬
‫الر رررم الكر ررال مر ررن أجر ررل تحكر رريكدم لر ررال‪ ،‬و حر رررم مر ررا أالر ررل الكر ررال مر ررن أجر ررل تحر ررر دم لر ررال فدر ررؤإء‬
‫طواغيل))(‪.)4‬‬
‫فافظر يف اجت عل أفرا الطواغيل في الم ابن القيم ر فال ال الكال ر‪ ،‬فدهر ر را قرا‬
‫ابن القيم ر ((طواغيل العالم‪ .‬هلا تأمكتدرا وتأمكرل أالروا الإلراس معدرا فأ رل أ بررهم مرن برا ة‬
‫الكرال هلرى برا ة الطراغوت‪ ،‬و رن التحرا م هلرى الكرال وهلرى الرسرو هلرى التحرا م هلرى الطرراغوت‪،‬‬
‫و ن طا تال ومتابعة فسولال هلى الطاغوت ومتابعتال))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬شرح ابن باز كى األصو البالاة (ص‪.)74 :‬‬


‫(‪ )2‬مج و ة التواليش الإلجش ة (ص‪ )477 :‬بتصرف سير‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشفف السإلية (‪.)577/17‬‬
‫(‪ )4‬القو ال فيش (‪.)67/1‬‬
‫(‪ )5‬ه الم ال وقعين (‪.)57/1‬‬
‫‪764‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ولكررن بقررى هشرركا هإلررا‪ ،‬وهررو أال بي رراك مررن أهررل العكررم أطك ر ر ررا فرري التعرراف ف‬
‫الس ررابقة ر أال م ررن ببر رش م ررن وال الك ررال فد ررو ط رراغوت‪ .‬ومح ررل اعش رركا ه ررو أال مر رن ه ررؤإء‬
‫ال عبو ن مرن هرم أفبيراء أو مالئكرة أو أوليراء صركحاء‪ .‬فدرل قرع هرها اعطرالق كريدمق فدرها‬
‫ما فحققال هإلا ر بحو الكال وقوتال ر‪ .‬فإلقو ‪ :‬بأال بافات أهرل العكرم فري معإلرى الطراغوت والرشر‬
‫تتصرف كى أموف‪:‬‬
‫ص ررفل‪ ،‬س رواء فمرري مررن‬ ‫األمررر األول‪ :‬أال بررا ة غيررر الكررال فرري لاتدررا طرراغوت اليررث ب‬
‫صررفل لررال أو لررم ررر‪ ،،‬مبررل يسررى ‪‬؛ فعبا تررال مررن الطغيرراال‪ ،‬وهررو لرريذ بطرراغوت‪ ،‬ألفررال لررم‬ ‫ب‬
‫ر‪ ،‬أال كوال معبو اك‪ ،‬بل أفكر للو فكم قر بال في ال من ا ار فري القرال ‪ ،‬و رها سرائر‬
‫األفبيراء وال الئكررة الكررام ررا قررا تعررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ [سبأ‪.]41 ،47 :‬‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫وق ررا ف رري ش ررأال يس ررى ‪ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮚ ﮛ‬ ‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ [ال ائشة‪.]112 :‬‬ ‫ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫قكل‪ :‬وألجل للو قيش الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر ال عبو بالرمرى‬
‫بالعبر ررا ة ليبخر ررر مر ررن بب ر رش وهر ررو غير ررر فا‪،‬؛ األفبير رراء وال الئكر ررة واألولي ر راء‪ ،‬فدر ررؤإء ليس ر روا‬
‫بطواغيل‪.‬‬
‫صررفل قررو‬ ‫وم ررا ررش مررن ررالم أهررل العكررم كررى أال بررا ة غيررر الكررال طرراغوت اليررث ب‬
‫الشيم سكي اال آ الشيم فري تعر رف التواليرش‪(( :‬والاصركال هرو البرراءة مرن برا ة رل مرا سرو‪،‬‬
‫الكررال واعقبررا بالقكر والعبررا ة كررى الكررال‪ ،‬وللررو هررو معإلررى الكفررر بالطرراغوت‪ ،‬واع رراال بالكرال‬
‫وهو معإلى إ هلال هإ الكال))(‪ .)1‬فجعل با ة ما سو‪ ،‬الكال طاغوتاك‪.‬‬
‫وأ ر راك‪ :‬ق ررو الش رريم الس ررعشي ر فال ررال الك ررال ر‪ :‬ف رري تفس ررير معإل ررى اع رراال بالجب ررل‬
‫والطرراغوت‪(( :‬وهررو اع رراال بكررل بررا ة لغيررر الكررال‪ ،‬أو الكررم بغيررر شرررع الكررال؛ فررشخل فرري للررو‬
‫السحر والكدافة و با ة غير الكال وطا ة الشيطاال ل هها من الجبل والطاغوت))(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬تيسير العز ز الح يش (ص‪.)116 :‬‬


‫(‪ )2‬تيسير الكر م ال إلاال (ص‪.)176 :‬‬
‫‪765‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫األمر الثاني‪ :‬أال من ا هلى با ة ففسال فدو طاغوت‪ ،‬وهال لم بوجش من عببشر‪.‬‬
‫و ررش لررهلو مررن ررالم أهررل العكررم قررو الشرريم بررش ال ررال ن بررن السررن ر فال ررال الكررال ر‪:‬‬
‫((وال خررالف لدررها األصررل مررن هررهر األمررة أقسررام‪ :‬همررا طرراغوت إلررازع الكررال فرري فبوبيترال وهلديتررال‪،‬‬
‫و رش و الإلراس هلرى با ترال‪ ،‬أو طراغوت رش و الإلرراس هلرى برا ة األواراال‪ ،‬أو مشررك رش و غيررر‬
‫الكال و تقرب هليال بأفواع العبا ة أو بع دا)) افتدى محل الغر‪.)1(،‬‬
‫وأ راك‪ :‬ل ررا ررش الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب فكوس الطواغيررل ل ررر م رإلدم‪(( :‬مررن‬
‫ا الإلاس هلى با ة ففسال))(‪.)2‬‬
‫األمررر الثالررث‪ :‬أفررال قررش جت ررع فرري الشرريء وصررف الطرراغوت مررن وجدررين؛ حررا مررن‬
‫ررا هلررى بررا ة ففسررال و بب رش‪ ،‬فررإال العبررا ة ال صررروفة لررال فرري لاتدررا طرراغوت‪ ،‬وهررو فرري لاتررال‬
‫طاغوت‪ .‬و هلو في الا من فمي‪ .‬هو في لاترال طراغوت‪ ،‬والعبرا ة ال صرروفة لرال طراغوت‪.‬‬
‫وقش إ كوال الطاغوت هإ من وجال واالش؛ ن ا هلرى برا ة ففسرال ولرم بوجرش مرن عبرشر‪،‬‬
‫فد ررو ط رراغوت‪ ،‬ول ررم ق ررع ط رراغوت با ت ررال‪ .‬و ررن ببر رش ول ررم ررر‪،‬؛ فالعب ررا ة ال ص ررروفة ل ررال‬
‫طاغوت‪ ،‬وهو ليذ بطاغوت‪.‬‬
‫وقررش أشرراف هلررى هررها التفصرريل ال تقررشم الشرريم ابررن بي ررين ر فال ررال الكررال ر اليررث قررا‬
‫معكق راك كررى تعر ررف ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر لكطرراغوت‪(( :‬وم ررا ر مررن رراال فامررياك بررهلو‪ ،‬أو‬
‫قررا ‪ :‬هررو طرراغوت با تبرراف ابررشر‪ ،‬وتابعررال‪ ،‬ومطيعررال؛ ألفررال تجرراوز بررال الررشر اليررث فزلررال فرروق‬
‫مإل رزلتال الترري جعكدررا الكررال لررال‪ ،‬فتكرروال با تررال لدررها ال عبررو ‪ ،‬واتبا ررال ل تبو ررال‪ ،‬وطا تررال ل طا ررال‬
‫طغيافاك ل جاوزتال الحش بهلو))(‪ .)3‬افتدى‪.‬‬
‫ففرق ر فال ال الكال ر هإلا بين العبا ة وال عبو ‪.‬‬
‫وفرري مومررع آخررر مررن المررال ر فال ررال الكررال ر‪ :‬ف ر كررى أال الكدرراال والسررحرة و ك رراء‬
‫السوء واألمراء الخافجين ن طا ة الكال طواغيل(‪ ،)4‬م ا ش كى أال التفر إلرشر فري الر‬
‫من اال صالحاك غير فا‪ ،‬بالعبا ة وإ اع هليدا‪.‬‬

‫(‪ )1‬فتو ال جيش (ص‪.)571 :‬‬


‫(‪ )2‬الشفف السإلية (‪.)172/1‬‬
‫(‪ )3‬القو ال فيش (‪ 67/1‬ر ‪.)67‬‬
‫(‪ )4‬ففذ ال صشف (‪.)67/1‬‬
‫‪762‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قك ررل‪ :‬وم ررن أه ررل العك ررم م ررن أطك ر أال العب ررا ة ترج ررع هل ررى الش رريطاال هلا رراال ال عب ررو‬
‫صالحاك(‪ )1‬ألال الشيطاال هو الهي أمر بدا(‪ .)2‬ولكن بقى هشكا آخر هإلا‪ ،‬وهو‪ :‬أال برا ة‬
‫فر وال وسائر الطواغيل هي أ اك من أمر الشيطاال‪.‬‬
‫فإال قيل‪ :‬هال فر وال ا هلى با ة ففسال وفمي بدا‪ ،‬فكاال طاغوتراك مرن هرهر الجدرة‪.‬‬
‫قكإلررا‪ :‬ف ررا تقولرروال‪ :‬فرري األص رإلام والررشفهم والررش إلاف‪ ،‬فدرري إ بتصرروف مإلدررا الررش وة وإ الرمررى‬
‫لكوفدا غير اقكة‪ ،‬ومع للو شها أهل العكم في الطواغيلق‬
‫فإال قيل‪ :‬هفدا الص جدرإلم ر را قرا تعرالى ر‪ :‬ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮪ ﮭ [األفبياء‪ ،]77 :‬فش كى أفدا طواغيل‪.‬‬
‫قيل‪ :‬الحك ة في للو ر ا قا أهل العكم ر ((بياال هب مرن اتخرهها آلدرةك وليرز ا‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ [األفبير رراء‪ .]77 :‬وهر ررها‬ ‫ررهابدم‪ ،‬فكدر ررها قر ررا ‪ :‬ﮮ ﮯ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ [الإلحررل‪ )3())]77 :‬لرريذ‬ ‫قولررال تعررالى‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫لكوفدا مستحقةك لهلو‪.‬‬
‫فإال قيل‪ :‬ف ا تقولوال فيدا هلالق‬
‫قكإل ررا‪ :‬ه رري ليس ررل بط رراغوت ف رري لاتد ررا‪ ،‬وهف ررا أم رريف الطغي رراال هليد ررا ألفد ررا س ررب ‪،‬‬
‫وال را ابشوها‪.‬‬
‫وم ررن ف ر كررى للررو ابررن الجرروزي اليررث قررا ‪ :‬فرري تفسررير قولررال ‪« :‬إ تحكف روا‬
‫بررالطواغي وإ بابررائكم»(‪ )4‬ر‪ (( :‬عإلرري الطواغيررل وهرري األص رإلام‪ ،‬وأمرريف الطغيرراال هليدررا ألفدررا‬
‫سب وال را ابشوها))(‪ .)5‬افتدى‪.‬‬
‫أو قا ‪ :‬هي طاغوت با تباف أفدا صافت محال كً لكعبا ة‪ ،‬وهي ليسل أهالك لهلو‪،‬‬
‫وومرع فرري غيررر مكافررال فدررو تعررش وتجرراوز‪ .‬وللررو أ راك هف ررا‬ ‫و ررل مررا رراال لرريذ أهرالك لكشرريء ب‬
‫رجع هلى طغياال الغير‪ .‬فببل أفدا ليسل بطواغيل في لاتدا‪.‬‬

‫(‪ )1‬قكل‪ :‬ليل الصالح هإلا شم الرمى بالعبا ة‪.‬‬


‫(‪ )2‬افظر‪ :‬مج وع الفتاو‪ ،)674/14( ،‬وفتو ال جيش (ص‪.)525 :‬‬
‫(‪ )3‬تفسير السعشي (ص‪.)571 :‬‬
‫(‪ )4‬سيأتي تخر جال‪ .‬افظر‪( :‬ص‪.)755 :‬‬
‫الحش ث (‪.)74/6‬‬ ‫(‪ )5‬غر‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وبدها التفصيل ال تقشم زو اعشركا ‪ ،‬وتكتردم األقروا ‪ ،‬فيرشخل فري الطراغوت برا ة‬
‫ل معبو صالحاك اال أو طالحاك‪ ،‬الجراك اال أو واإلاك‪ ،‬فه اك اال أو إلافاك‪ ،‬ل ا قرففا من أفرال‬
‫إ كزم فمى ال عبو لتس ية با تال طاغوتاك‪.‬‬
‫فالضرراب لمعنررى الطرراغوت إذن‪ :‬ررل بررا ة ص ررفل لغيررر الكررال أو معبررو تجرراوز الررشر‬
‫فا ى لإلفسال شيداك م ا تفر الكال بال‪ ،‬أو فبس هليال للو فرمي بال‪ ،‬أو اال في الكم الرامي(‪.)1‬‬
‫وأما معإلى الكفر بالطاغوت با تبافر مر باك همافياك‪ ،‬ولفظراك شرر ياك‪ ،‬فدرو‪ :‬البرراءة مرن برا ة رل‬
‫معبو سو‪ ،‬الكال ‪ ،‬واعقبا بالقك كى الكال تعالى و كى با تال‪ ،‬وبغض الشرك و شاوتال‪.‬‬
‫قا الشيم سكي اال بن بش الكال آ الشيم في تعر رف التواليرش‪(( :‬والاصركال هرو البرراءة‬
‫مررن بررا ة ررل مررا سررو‪ ،‬الكررال واعقبررا بالقك ر والعبررا ة كررى الكررال‪ ،‬وللررو هررو معإلررى الكفررر‬
‫بالطاغوت‪ ،‬واع اال بالكال وهو معإلى إ هلال هإ الكال))(‪.)2‬‬
‫وقررا أ راك‪(( :‬ومعإلررى الكفررر بالطرراغوت‪ ،‬هررو‪ :‬خكررع األفررشا واآللدررة الترري تررش ى مررن‬
‫وال الكال من القك ‪ ،‬وترك الشرك بدا فأساك وبغ ال و شاوتال))(‪.)3‬‬
‫ف ررتلخما مم ررا رربق‪ :‬أال أص ررل الكف ررر بالط رراغوت فف رري ب ررا ة غي ررر الك ررال‪ ،‬وبغ رردا‬
‫و ررشاوتدا‪ ،‬والبرراءة م ررن ررش و هليدررا‪ ،‬أو رمررى بدررا‪ ،‬أو تكرربذ بدررا‪ .‬وللررو هررو الررش الشرررطية‬
‫األ فى لككفر بالطاغوت الالزم إفعقا أصل اع اال وصحة الشدا ة‪.‬‬
‫وأال الطاغوت الهي ففتال ك ة التواليش طك كى االاة أموف‪:‬‬
‫األول‪ :‬كى با ة ل معبو ببش بالباطل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬كى ال عبو بالباطل لاتال هلا اال فامياك أو ا ياك هلى با ة ففسال‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬كى من تجاوز الحش بشر ال و فرر(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬األمبا القرآفية ال روبة لب اال بالكال (‪.)612/1‬‬


‫(‪ )2‬تيسير العز ز الح يش (ص‪.)116 :‬‬
‫(‪ )3‬تيسير العز ز الح يش (ص‪.)177 :‬‬
‫كيال الشيم ابن باز ا في تعر فال ال تقشم لكطاغوت‪.‬‬ ‫(‪ )4‬هها الصإلف من الطواغيل ف‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المبحث الثاني‪ :‬رؤوس الطواغيت‪.‬‬


‫م ا تقشم ت و أال لفل الطاغوت تسع ليش كى أفررا بيررة قرش إ بكغدرا هالصراء‬
‫ط وهالصرراء فكوس لكطواغيررل‬ ‫أو صررل هليدررا استقصرراء‪ ،‬ولكررن جررر‪ ،‬فرري ررالم أهرل العكررم مررب ب‬
‫معررشو ة‪ ،‬ولعكدررم إالظروا فرري هررهر الررركوس اجت رراع أسررباب الوصررف بالطرراغوت فيدررا فإلاسر‬
‫وفحن فتككم ن معإلى الطاغوت أال فه رها لإلإلبال بدا كى فروع الطواغيرل األخرر‪ ،،‬ألفرال هلا‬
‫أصل الشيء س بدل بعش للو معرفة شعبال وأفر ال‪ .‬فإلقو ‪:‬‬ ‫مبط ب‬ ‫ب‬
‫هال س ررب تس ر ر يتدا ب ررركوس الطواغي ررل‪ ،‬ه ررو‪ :‬لتجاوزه ررا ف رري الطغي رراال‪ ،‬أو إجت رراع‬
‫أسباب الوصف بالطاغوت فيدا‪ .‬وأما بيافدا فدو ا كي من البياال‪:‬‬
‫‪ 1‬ر الشرريطان ((لعإلررال الكررال))‪ .‬وهررو فأس هررهر الطواغيررل وهمامدررا‪ ،‬ألفررال هررو السررب فرري‬
‫ل غكو وتجاوز ؤ ي هلى الطغياال؛ فدو الهي سعى في ج ع الإلراس كرى الشررك وصرشهم‬
‫ن طا ة الرال ن‪ .‬وألفال جرري مرن اعفسراال مجرر‪ ،‬الرشم ر را جراء فري الحرش ث(‪ )1‬ر؛ فدرو‬
‫عكم شدواتال وفغباتال و عكم ميوإتال فيأتيال من جدتدرا‪ ،‬وهرها إ ترأتى لكرل اع هلرى برا ة غيرر‬
‫الكررال‪ .‬قررا تعررالى الكا ررة ررن الشرريطاال‪ :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ [األ راف‪.]17 :‬‬
‫قررو الشرريم بررش الكررال أبررا بطررين ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬وأصررل هررهر األفرواع كدررا وأ ظ دررا ر‬
‫عإلي الطواغيل ر الشيطاال‪ ،‬فدو الطاغوت األ بر))(‪.)2‬‬
‫وقررا ابررن طيررة ر بعررش أال ل ررر أق روا ال فسررر ن فرري معإلررى الطرراغوت ر‪(( :‬والشرريطاال‬
‫أصل للو كال))(‪.)3‬‬
‫وقا الشيم ابن باز ر فال ال الكال ر في سياق بيافال لركوس الطواغيل‪(( :‬وشرهم وفأسردم‬
‫هبكيذ لعإلال الكال))(‪ )4‬افتدى‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجال البخافي في تاب اإ تكاف‪ ،‬باب‪ :‬ز افة ال رأة زوجدا في ا تكافال (جر‪ )717/6‬ح (‪ ،)6777‬ومسكم‬
‫في تاب السالم (‪.)1716/4‬‬
‫(‪ )2‬مج و ة التواليش الإلجش ة (ص‪.)477 :‬‬
‫(‪ )3‬ال حرف الوجيز (‪.)677/1‬‬
‫(‪ )4‬شرح االاة األصو (ص‪.)40 :‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قكل‪ :‬وقش ف ج ع مرن أهرل العكرم كرى أال الشريطاال مرن الطواغيرل‪ ،‬ومرإلدم‪ :‬رر‬
‫‪ ،)1(‬والحسررين بررن كرري(‪ )2‬ر فمرري الكررال إلد ررا ر‪ ،‬وابررن برراس(‪ )3‬ر فمرري الكررال إلد ررا‪ ،‬وأبرري‬
‫العالير ر ررة(‪ ،)4‬ومجاهر ر ررش(‪ ،)5‬والحسر ر ررن(‪ )6‬وسر ر ررعيش بر ر ررن جبير ر ررر(‪ ،)7‬وال ر ر ررحاك(‪ ،)8‬و كرمر ر ررة(‪،)9‬‬
‫وقتا ة(‪ ،)10‬والشعبي(‪ ،)11‬والسشي(‪ ،)12‬و طاء(‪.)13‬‬
‫ووجررال أفررال مررن الطواغيررل‪ ،‬ألفررال بعبررش مررن وال الكررال وهررو فا‪،‬؛ همررا بطا تررال في ررا ررش و‬
‫هليال من الشرك ال إلافي لكتواليش؛ وهما بعبا ة لاتال‪.‬‬
‫والررشليل كررى أفررال عبررش مررن وال الكررال‪ ،‬وهررو فا‪ ،‬بررهلو قولررال تعررالى‪ :‬ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ [ الإلحل‪.]177 :‬‬
‫قررا الشرريم مح ررش األمررين الشرإلقيطي ر بعررش أال ل ررر أقروا ال فسررر ن فرري معإلررى هررهر‬
‫أال ال ر ير ائررش هل رى الشرريطاال إ هلررى‬ ‫اآل ررة ر ((وأظدررر األق روا ‪ :‬فرري قولررال ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫الكال‪ ،‬ومعإلى وفدم مشر ين برال هرو طرا تدم لرال فري الكفرر وال عاصري را رش كيرال قولرال تعرالى‪:‬‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [ ر ررذ‪ .]27 :‬وقول ر ررال ر ررن‬

‫(‪ )1‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)552/4‬‬


‫(‪ )2‬فوح ال عافي (‪.)14/6‬‬
‫(‪ )3‬تفسير ابن أبي الاتم (‪.)775/7 ،475/6‬‬
‫(‪ )4‬تفسير ابن أبي الاتم (‪.)775/7 ،475/6‬‬
‫(‪ )5‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪)552/4‬‬
‫(‪ )6‬تفسير ابن أبي الاتم (‪.)775/7 ،475/6‬‬
‫(‪ )7‬تفسير ابن أبي الاتم (‪.)775/7 ،475/6‬‬
‫(‪ )8‬تفسير ابن أبي الاتم (‪.)775/7 ،475/6‬‬
‫(‪ )9‬تفسير ابن أبي الاتم (‪.)775/7 ،475/6‬‬
‫(‪ )10‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)557/4‬‬
‫(‪ )11‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)557/4‬‬
‫(‪ )12‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)552/4‬‬
‫(‪ )13‬تفسير ابن أبي الاتم (‪.)775/7 ،475/6‬‬
‫‪771‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫[ م ر ر ررر م‪ ]44 :‬هل ر ر ررى‬ ‫ﮘ ﮙ‬ ‫ﮗ‬ ‫هب ر ر رراهيم‪ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬


‫غير للو من اآل ات))(‪.)1‬‬
‫وق ررا الش رريم مح ررش ب ررن ب ررش الوه رراب ر فال ررال الك ررال ر ((والطواغي ررل بي رررة‪ ،‬وفكس رردم‬
‫خ سة‪:‬‬
‫األو ‪ :‬الشيطاال الشا ي هلرى برا ة غيرر الكرال‪ ،‬والرشليل قولرال تعرالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ [ ذ‪.)2())]27 :‬‬
‫‪ 6‬ر مررن ببرش مررن وال الكررال‪ ،‬وهررو فا‪ .،‬ف ررن أقرر الشرررك بررال فقررش طغررا وتجرراوز الحررش‪،‬‬
‫وصاف في شا الطواغيل‪ ،‬بل فأساك فيدا‪.‬‬
‫والر ررشليل كر ررى أفر ررال مر ررن الطواغير ررل قولر ررال تعر ررالى‪ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [ األفبياء‪.)3(]67 :‬‬
‫وم ررن فر كررى أال هررها الصررإلف مررن فكوس الطواغيررل‪ :‬اعمررام ابررن القرريم ر فال ررال‬
‫الكال ر(‪ ، )4‬والشيم مح ش بن بش الوهاب(‪.)5‬‬
‫‪ 7‬ر مررن ررا الإلرراس هلررى بررا ة ففسررال‪ .‬والفرررق بيإلررال وبررين الررهي قبكررال‪ ،‬أال األو أقررر‬
‫الشرك بال‪ ،‬وهال لم ش و هلى با ة ففسال‪ ،‬وهها قش زا طغيافال فرش ا هلرى برا ة ففسرال وترشرو‬
‫لكعبررا ة‪ ،‬ولررها فدررو أشررش طغيافراك مررن سررابقال‪ ،‬ألفررال ج رع بررين الرمررى بعبررا ة ففسررال والررش وة هلررى‬
‫با تدا‪.‬‬
‫قو الشيم بش الرال ن بن السن ر فال ال الكال ر‪(( :‬وال خالف لدرها األصرل مرن هرهر‬
‫األمة أقسام‪ :‬هما طاغوت إلازع الكال في فبوبيتال وهلديتال‪ ،‬و ش و الإلاس هلى با تال‪ ،‬أو طاغوت‬
‫ررش و الإل رراس هل ررى ب ررا ة األوا رراال‪ ،‬أو مش رررك ررش و غي ررر الك ررال و تق رررب هلي ررال ب ررأفواع العب ررا ة أو‬
‫بع دا))(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬أمواء البياال (‪ .)762/7‬وافظر‪ :‬زا ال سير (‪.)672/5‬‬


‫(‪ )2‬مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب‪ ،‬القسم األو ‪ ،‬العقيشة واآل اب اعسالمية‪ ،‬ص‪.)777 :‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪ :‬الشفف السإلية (‪.)127/1‬‬
‫(‪ )4‬افظر‪ :‬قيشة الفرقة الإلاجية (ص‪.)74 :‬‬
‫(‪ )5‬مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب‪ ،‬القسم األو ‪ ،‬العقيشة واآل اب اعسالمية‪ ،‬ص‪.)777 :‬‬
‫(‪ )6‬فتو ال جيش (ص‪.)571 :‬‬
‫‪776‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫كررى أفررال مررن فكوس الطواغيررل الشرريم اعمررام مح ررش بررن بررش الوهرراب ر‬ ‫قكررل‪ :‬وم ررن فر‬
‫فال ال الكال ر(‪.)1‬‬
‫وال ررشليل ك ررى أف ررال م ررن الطواغي ررل قول ررال تع ررالى‪ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ [الإلساء‪ ،]14 :‬وقولال‪ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [ األفبياء‪.]67 :‬‬
‫قكررل‪ :‬و ررشخل فرري هررها الص رإلف أولدررو الرره ن رش بوال الإلرراس هلررى تقررش ذ أففسرردم‪،‬‬
‫بأخ رره التبر ك ررات والعر رزائم م رإلدم‪ ،‬أو بال ررههاب هل رريدم لق رراء ال روائج قاص ررشهم‪ ،‬الت ررى ق ررو‬
‫قائكدم‪(( :‬من افل لال الاجة فكيأت هلى قبري و طك الاجترال أق ردا لرال‪ ،‬فإف را بيإلري وبيرإلكم‬
‫لفاع مررن ت رراب‪ ،‬و ررل فجررل حجبررال ررن أصررحابال لفاع مررن ت رراب فكرريذ برجررل))(‪ ،)2‬ررا هررو‬
‫الحا إلش غالة الصروفية‪ ،‬م رن ترشرحوا لكعبرا ة‪ ،‬فإلصربوا أففسردم آلدرةك وأفبابراك تولروال شردوال‬
‫الكوال باسم األقطاب واألوتا ‪ ،‬والغوث‪ ،‬والفر ‪ ،‬واألبرشا والإلجبراء(‪ ،)3‬ولريذ لدرم سركف مرن‬
‫الخكيقة هإ فر وال القائل‪ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ‪ ،‬والإل رو القائل‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ‪ ،‬وغيره ا م رن‬
‫سكو ههر الشعوب(‪ )4‬ال خوفة‪ ،‬فجاوز طوف امة من فر بالكال تعالى‪.‬‬
‫‪ 4‬ر مرن ا رى شريداك مرن كرم الغير ‪ :‬هرو أ راك مرن فكوس الطواغيرل‪ ،‬ألفرال مإلرازع لكرال‬
‫‪ ‬ف رري فبوبيت ررال‪ ،‬ألال ك ررم الغير ر م ررن خصوص رريات الربوبي ررة‪ ،‬فا رراكر ا رراء ل ررا ه ررو م ررن‬
‫خصائ الرب ر جل و ز ر‪ ،‬وللو هو ال جاوزة في الطغياال والتعشي لحشو األفام‪.‬‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ق ررا تع ررالى‪ :‬ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ‬
‫[الإل ل‪.]25 :‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬الشفف السإلية (‪.)172/1‬‬


‫(‪ )2‬ل رها الشعرافي في الطبقات الكبر‪( ،‬ص‪ )447 :‬إلش ترج ة ش ذ الش ن الحإلفي‪.‬‬
‫(‪ )3‬قو بش الرال ن الو يل في ههر الصوفية (ص‪(( :)164 :‬القط وأ وافال أسطوفة خرافية تإلزع هلى تجرش الكال من الربوبية‬
‫واعلدية وخكعدا‪ ،‬كى وهم باطل‪ ،‬س ي في الفكسفة «العقل األو »‪ ،‬وفي الإلصرافية «الكك ة»‪ ،‬وفي الصوفية‬
‫«القط »))‪ .‬وافظر‪ :‬معاف األلباب بتحقيقي (‪ 624/1‬ر ‪.)622‬‬
‫(‪ )4‬أي الفرق والعقائش‪ .‬افظر‪ :‬لساال العرب (‪ )162/7‬ما ة (شع )‪.‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫كررى أفررال مررن فكوس الطواغيررل الشرريم اعمررام مح ررش بررن بررش الوهرراب ر‬ ‫قكررل‪ :‬وم ررن ف ر‬
‫فال ال الكال ر(‪.)1‬‬
‫و ررشخل ف رري ه ررها الص ر رإلف الس رراالر‪ ،‬والك رراهن‪ ،‬وال ر رإلجم والع ررراف‪ ،‬وق ررافك الك ررف‬
‫والفإلجاال‪ ،‬فككدم من الطواغيل‪ ،‬ألفدم بمش وال لعكم الغي (‪.)2‬‬
‫‪ 5‬ر من الكم بغير ما أفز الكال‪.‬‬
‫الحكررم بغيررر مررا أفررز الكررال مررن التجرراوز والطغيرراال ررا قررا تعررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلسرراء‪ .]27 :‬ف ررن الك رم بالطرراغوت ر امررشاك مختررافاك ر فقررش‬
‫طغا‪ ،‬وتجاوز الحش‪ ،‬فصاف طاغوتاك‪.‬‬
‫قو الشيم مح ش بن هبراهيم‪(( :‬والطاغوت مشت من الطغياال‪ ،‬وهو مجراوزة الحرش‪.‬‬
‫فكل من الكم بغير ما جاء بال الرسو ‪ ‬فقش الكم بالطاغوت والرا م هليرال‪ ،‬وللرو أفرال مرن‬
‫ال ل أالش أال كروال الا راك ب را جراء برال الإلبري ‪ ‬فقرط إ بخالفرال‪ ،‬را أال مرن الر رل‬
‫أالررش أال حررا م هلررى مررا جرراء بررال الإلبرري ‪ ،‬ف ررن الكررم بخالفررال‪ ،‬أو الررا م هلررى خالفررال‪ ،‬فقررش‬
‫طغى‪ ،‬وجاوز الشر بالك اك‪ ،‬أو تحكي اك‪ ،‬فصاف بهلو طاغوتاك لتجاوزر الشر))(‪.)3‬‬
‫و قررو الشرريم السررعشي ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬فاع رراال إ صررو وإ ررتم هإ بتحكرريم الكررال‬
‫وفسولال في أصو الش ن وفرو ال‪ ،‬وفي ل الحقوق‪ ...‬ف ن تحا م هلرى غيرر الكرال وفسرولال فقرش‬
‫اتخه للو فباك‪ ،‬وقش الا م هلى الطاغوت))(‪.)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫قكل‪ :‬وم ن ف كى أال الحا م الجائر ال غيرر لحكرم الكرال مرن فكوس الطواغيرل‬
‫الشيم اعمام مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر(‪ ،)6‬وتبعال كى للو ج ع من األ الم‪.‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬الشفف السإلية (‪.)172/1‬‬


‫(‪ )2‬افظر‪ :‬شرح األصو البالاة لكشيم ابن باز (ص‪.)74 :‬‬
‫(‪ )3‬فسالة تحكيم القوافين الومعية (‪ 7‬ر ‪ .)4‬وافظر‪ :‬فتو ال جيش (ص‪ .)525 :‬ط‪ .‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬بتحقي أشرف‬
‫بش ال قصو ‪.‬‬
‫(‪ )4‬القو السش ش (ص‪.)665 :‬‬
‫(‪ )5‬تكفير الحا م بغير ما أفز الكال فيال تفصيل سيأتي‪.‬‬
‫(‪ )6‬افظر‪ :‬ال صشف الساب (‪.)172/1‬‬
‫‪774‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫فدهر فكوس الطواغيل الخ سة التي ف كيدرا أهرل العكرم‪ ،‬هلا تأمكتدرا وجرشتدا هري‬
‫األصو لبقية الطواغيل األخر‪ ،،‬فبقية الطواغيل إ تشه أو تخر إلدا‪.‬‬
‫‪775‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المبحث الثالث‪ :‬صفة الكفر بالطاغوت‪.‬‬


‫الكفررر بالطرراغوت بررا ة إزم رة لصررحة الشرردا ة ررا تقررشم‪ ،‬ومررا مررن بررا ة هإ ولد را‬
‫ي بًك ‪ ،‬بررأموف ج عدررا‬ ‫يفيررة توقيفيررة تبرؤ ‪ ،‬بدررا‪ .‬وبرالإلظر هلررى بررا ة الكفررر بالطرراغوت فإفررال ب‬
‫ﮯ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬ ‫س رربحافال وتع ررالى ف رري قول ررال‪ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫[ال تحإلة‪.]4 :‬‬
‫فدهر اآل ة ش كل الصفات التي قع بدا التعبرش لكرال ‪ ‬برالكفر بالطراغوت‪ ،‬ومتعكر‬
‫هررهر الصررفات‪ .‬فإلصرل كررى الرربغض الررهي كرروال بالجإلرراال‪ ،‬و كررى ه ررالال البرراءة الترري تكرروال‬
‫بالكساال‪ ،‬و كى العشاوة ال ستكزمة لك با شة وال فافقة باألبشاال‪.‬‬
‫وقش أباال ن للو الشيم ال حشث هسرحاق برن برش الررال ن آ الشريم ر فال رال الكرال ر‪:‬‬
‫اليث قا في تفسيرها‪(( :‬ففي ههر اآل ة أ ظم إلة كرى أ كرى مقامرات هظدراف الرش ن‪ ،‬ألال‬
‫الكررال بررين هررها الحكررم الع رريم‪ ،‬وأ ررش هررها ال شرردش العظرريم الررهي هررو مشرردش األسرروة باألفبيرراء‬
‫والرسررل معب رراك بصرريغة ال امرري‪ ،‬وب رر"قش" التحقيقيررة الشالررة كررى لزوبررال(‪ ،)1‬ولزومررال كررى البر ررة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ووصفال بالحسن‪ ،‬ومش الحسن القبيو‪ ،‬وأزا و‪ ،‬الخصوصية بقولرال‪ :‬ﮪ ﮫ ترغيبراك‬
‫في معية أوليائال‪ ،‬ام صرح بأفدا هي القول باللسان مع العداوة والبغضاء‪ ،‬خالفاك ل رن قرا ‪:‬‬
‫أبغ دم بقكبي وأتبرأ من العابش وال عبو ج يعاك‪ ،‬وقشم البرراءة مرن العابرش تإلو دراك بشرإلا ة فعكرال‪،‬‬
‫أي جحشفا م‪ ،‬وأفكرفا‬ ‫ام أ ا ها بكفل آخر أ م من البراءة‪ ،‬وهو قولال‪ :‬ﯘ ﯙ‬
‫مررا أفررتم كيررال‪ ،‬و شررف الشرربدة بقولررال‪ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ومعإلررى بررشا ظدررر‪ ،‬وق ررال بررين‬
‫العشاوة والبغ اء هشافة هلى المباعدة والمفارقة بالباطن والظراهر معراً‪ ،‬وأ رش العرشاوة وأ رشها‬
‫بقول ررال‪ :‬ﯟ معبر رراك ب ررالظرف الزم ررافي ال س ررتقبل ال س ررت ر هل ررى غا ررة وه رري اع رراال‪ ،‬وأت ررى‬
‫بر رر"التى" الغائي ررة الشال ررة ك ررى مغ ررا رة م ررا قبكد ررا ل ررا بع ررشها‪ ،‬وال عإل ررى هال ل ررم تؤمإلر روا فالع ررشاوة‬
‫باقية))(‪ .)3‬افتدى‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي ابوتال‪ .‬قا ‪ :‬مربة إزب أي إزماك اابتاك‪[ .‬القاموس ال حيط (‪ )677/1‬باب الباء ر فصل الالم]‪.‬‬
‫(‪ )2‬في األصل‪ :‬الخصومة‪ ،‬وهو تحر ف‪.‬‬
‫(‪ )3‬سكوك الطر األال ش (ص‪.)67 :‬‬
‫‪772‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ررا أال مجرراإت الكفررر بالطرراغوت ومتعكقاتررال تظدررر أ راك مررن خ رتم اآل ررة فرري قولررال‬
‫تع ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررالى‪ :‬ﯿ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[البق ر ر ر ر ر ر ر ر رررة‪ .]652 :‬فقول ر ر ر ر ر ر ر ر ررال‪:‬‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫((س يع)) هشافة هلى أال الكفر بالطاغوت م ا إلط بال الكساال؛ فيبس ع‪ ،‬وقولال‪ (( :‬كيم)) هشافة‬
‫هلى أال الكفر بالطاغوت م ا عتقشر الجإلاال وتباشرر األف اال؛ فيبعكم(‪.)1‬‬
‫فالحاصررل م ررا تقررشم أال بو ررة الكفررر بالطرراغوت مإلقسر ة كررى‪ :‬القكر ‪ ،‬والكسرراال‪،‬‬
‫والجوافح‪ ،‬و كى ل مإلدا بو ة تخصال‪.‬‬
‫و قرررف للررو شرريم اعسررالم فيقررو ‪(( :‬وهررها الرربغض‪ ،‬والعررشاوة‪ ،‬والبرراءة ممررا يعبررد مررن‬
‫دون الله ومرن عابديره هري أمرور موورودة فري القلرب‪ ،‬وعلرى اللسران‪ ،‬والجروار ‪ ،‬را أال‬
‫ال الكال‪ ،‬ومواإتال‪ ،‬ومواإة أوليائرال أمروف موجرو ة فري القكر و كرى الكسراال و الجروافح‪ ،‬وهرى‬
‫تحقي قو إ هلال هإ الكال))(‪ .)2‬افتدى‪.‬‬
‫و ق ررو أب ررو مإلص رروف ال اتر ررشي‪(( :‬ول رريذ الكف ررر بالط رراغوت بالكس رراال خاص ررة ف بك ررال‬
‫اع ر رراال أإ ر ررر‪ ،‬هل ر ررى قول ر ررال‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ هل ر ررى قول ر ررال‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫[الإلساء ‪ ]27‬فيصير ال يل والتحا م ترك لككفر‪ ،‬وهال أخبر ن لسافال أفال ز م أفال مؤمن بالهي‬
‫كيال اع اال بال‪ ،‬والكال ال وف ))(‪.)3‬‬
‫فه ر ر فال ال الكال ر من متعكقات فرر الطراغوت قرو الكسراال‪ ،‬وميرل القكر الرهي هرو‬
‫ا تقا ر و كال‪ ،‬ول ر التحا م الهي هو ل األف اال‪.‬‬
‫قكل‪ :‬وأما يفية وقو ال بدهر األموف البالاة فسيت و من خال ال طال التالية‪.‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬ال حرف الوجيز (‪ ،)674/6‬والبحر ال حيط (‪.)674/6‬‬


‫(‪ )2‬مج وع الفتاو‪.)677/14( ،‬‬
‫(‪ )3‬التواليش لك اتر شي (‪.)777‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المطلب األول‪ :‬صفة الكفر االعتقادي بالطاغوت‪.‬‬


‫الكفر ر ررر اإ تقر ر ررا ي بالطر ر رراغوت صر ر رروفتال و يفيتر ر ررال‪ :‬أال عتقر ر ررش بقكبر ر ررال بطر ر ررالال بر ر ررا ة‬
‫(‪)2‬‬
‫الطرراغوت(‪ ،)1‬و بغ رردا‪ ،‬و ربغض مررن ررش و هليدررا‪ ،‬أو رمررى بدررا‪ ،‬أو تكرربذ بدررا‪ ،‬وبكفرررر‬
‫و عا ال‪.‬‬
‫ومن لوازم للو‪ :‬شم الشو أو التر في فر من أشرك بالكال غيرر‪.‬‬
‫و لي ررل ه ررهر الص ررفة آ ررة ال تحإل ررة ال تقشم ررة‪ ،‬ففيد ررا التإلص رري ك ررى بغ ررض العاب ررش‬
‫وال عبو وبغض با تال؛ والبغض هو من ل القك ووظيفتال‪.‬‬
‫وقش أشاف هلى ههر الصفة ج ع من أهل العكم‪.‬‬
‫مررن هررؤإء الشرريم اعمررام مح ررش بررن بررش الوهرراب اليررث قررو ‪(( :‬فأمررا صررفة الكفررر‬
‫بالطاغوت‪ :‬أال تعتقش بطالال با ة غير الكال وتتر دا وتبغ دا‪ ،‬وتكفر أهكدا وتعا دم))(‪.)3‬‬
‫ومر ررن هر ررؤإء أ ر راك الشر رريم سر رركي اال آ الشر رريم الير ررث قر ررا ‪(( :‬و ر ررشخل فر رري الكفر ررر‬
‫بالطاغوت بغ ال و راهتال و شم الرمى بعبا تال بوجال من الوجور))(‪.)4‬‬
‫ومإلدم العالمة سكي اال بن سح اال ر فال ال الكال ر اليث قا ‪(( :‬وال را من اجتإلابرال هرو‬
‫بغ ررال‪ ،‬و شاوتررال بالقكر ‪ ،‬وسرربال وتقبيحررال بالكسرراال‪ ،‬وهزالتررال باليررش إلررش القررشفة‪ ،‬ومفافقتررال‪ ،‬ف ررن‬
‫ا ى اجتإلاب الطاغوت ولم فعل للو ف ا صشق))(‪.)5‬‬
‫ومإلدم شيم اعسالم ر فال ال الكال ر اليث قا ‪(( :‬وهها البغض‪ ،‬والعرشاوة‪ ،‬والبرراءة ممرا‬
‫يعبد من دون الله ومن عابديه هي أموف موجو ة في القك ‪ ،‬و كى الكسراال‪ ،‬والجروافح‪ ،‬را‬
‫أال ال الكال‪ ،‬ومواإتال‪ ،‬ومواإة أوليائال أموف موجو ة في القك و كى الكساال والجوافح‪ ،‬وهى‬
‫تحقي قو إ هلال هإ الكال‪ ،‬وهو هابات تأليال القك لكال الباك خالصراك ولإك صرا قاك‪ ،‬ومإلرع تأليدرال‬
‫لغيررر الكررال‪ ،‬وبغررض للررو‪ ،‬و راهتررال فررال عبررش هإ الكررال‪ ،‬و حر أال عبررشر‪ ،‬و رربغض بررا ة غيرررر‪،‬‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬الطاغوت‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي عتقش فرر‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشفف السإلية (‪.)121/1‬‬
‫(‪ )4‬تيسير العز ز الح يش (ص‪.)74 :‬‬
‫(‪ )5‬الشفف السإلية (‪ 576/17‬ر ‪.)577‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫و ح التو ل كيرال‪ ،‬وخشريتال‪ ،‬و راءر‪ ،‬و ر بغض التو رل كرى غيررر وخشريتال و راءر‪ .‬فدرهر‬
‫كدا أموف موجو ة في القك ‪ ،‬وهى الحسإلات التي بي الكال كيدا))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وقررا الشرريم بررش الرررال ن بررن السررن آ الشرريم‪(( :‬لررو رررف العبررش معإلررى إ هلررال هإ‬
‫الك ر ررال‪ ،‬لع ر رررف أال م ر ررن ش ر ررو أو ت ر ررر ف ر رري ف ر ررر م ر ررن أش ر رررك م ر ررع الك ر ررال غي ر رررر‪ ،‬أف ر ررال ل ر ررم كف ر ررر‬
‫بالطاغوت))(‪.)2‬‬
‫فظدررر مررن ررالم هررؤإء األئ ررة األ ررالم أه يررة الكفررر اإ تقررا ي بالطرراغوت‪ ،‬وأفررال مررن‬
‫أسذ اع اال‪ ،‬ومن تحقي شدا ة أال إ هلال هإ الكال‪ .‬ف ن شدش أال إ هلال هإ الكرال ولرم كفرر‬
‫بالطاغوت كى ههر الصفة لم تصو شدا تال‪ ،‬و اال فري رشا ال إلرافقين الره ن قولروال إ هلرال‬
‫هإ الكال وال ا تقا ل عإلاها‪.‬‬
‫وهررها الحررش مررن الكفررر بالطرراغوت إ ررهف ألالررش فرري تر ررال ألفررال مررن اع رراال ال قررشوف‬
‫كيال‪ ،‬فكل هفساال ستطيع أال أتي بال من وال أ فى مشقة أو مررف‪ ،‬وإ سركطاال ألالرش وال‬
‫الك ررال ب كإلبر رال م ررن الحيكول ررة بيإل ررال وب ررين ا تق ررا ر‪ .‬و كي ررال ف ررال تص رروف في ررال اع ر ررار‪ ،‬ألال الرم ررى‬
‫بالطاغوت من ل القك ‪ ،‬وما في القك ليذ باستطا ة أالش اإطالع كيال‪.‬‬
‫ررا قررا تعررالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ [الإلحررل‪ .]172 :‬فافشرراح القكر بررالكفر إ تصرروف فيررال‬
‫اع رار‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صفة الكفر القولي بالطاغوت‪.‬‬
‫الكفررر الق رولي بالطرراغوت كرروال بررإ الال الب رراءة مررن آلدررة الكفرراف‪ ،‬وسرربدا وتقبيحدررا‬
‫بالكساال‪ ،‬والشدا ة كيدا و كى ابش دا بالكفر والخسراال‪.‬‬
‫ﮯ‬ ‫والر ر ر ررشليل قولر ر ر ررال تعر ر ر ررالى‪ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫[ال تحإلررة‪ .]4 :‬وقولررال‪ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [األفبيرراء‪ .]27 :‬وقولررال‪ :‬ﭨ ﮣ‬

‫(‪ )1‬الشفف السإلية (‪.)677/14‬‬


‫(‪ )2‬ففذ ال صشف (‪.)525/55‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [األفبيرراء‪ .]77 :‬وقولررال‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬


‫[الكافروال‪ 1 :‬ر ‪.]2‬‬ ‫هلى قولال‪ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ﭙ‬
‫ففي اآل ة األولى ه الال البراءة من آلدة الكفاف‪ ،‬وللو كوال بالكساال‪.‬‬
‫وفي اآل ة البافية س آلدتدم وتقبيحدا‪ ،‬وللو كوال بالكساال أ اك‪.‬‬
‫فررإال قيررل‪ :‬هال الكررال تعررالى فدرري ررن سر آلدررة الكفرراف ررا قولررال تعررالى‪ :‬ﮪ ﮭ ﮮ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ‬
‫ﯦ ﯧ [األفعام‪ .]177 :‬فكيف بج ع بين األمر نق‬ ‫ﯤ ﯥ‬
‫فيقا ‪ :‬هال ههر اآل ة إ تبعاف‪ ،‬اآل ة السابقة في جواز س آلدة أهل الشرك‪ .‬وبيراال‬
‫للو‪ :‬أال ههر اآل ة مقرفة لجواز الس هإ هلا خيف الصو مفسشة أفجو‪ ،‬وهي سر الكرال‬
‫‪ ،‬فيترك الس موازفة بين ال صالو وال فاسش؛ فدي التصر و كى ال إلع من الجائز لردال‬
‫كرروال سرربباك فرري فعررل مررا إ جرروز‪ .‬وقررش أشرراف هلررى للررو الشرريم السررعشي ر فال ررال الكررال ر اليررث‬
‫قا ‪ (( :‬إلدى الكال ال ؤمإلين ن أمر اال جائزاك بل مشرو اك في األصرل‪ ،‬وهرو سر آلدرة ال شرر ين‬
‫التي اتخهت أواافاك وآلدة مع الكال التي تقرب هلى الكال بإهافتدا وسبدا ولكن ل ا اال هرها السر‬
‫طر قراك هلررى س ر ال شررر ين لرررب العررال ين الررهي جر تإل رز ال جإلابررال العظرريم ررن ررل غير وآفررة‬
‫وس وقشح ر فدرى الكرال رن سر آلدرة ال شرر ين‪ ،‬ألفدرم تح سروال لرش إلدم و تعصربوال لرال‪ ،‬ألال‬
‫ل أمة ز ن الكال لدم كدم فرأور السإلاك‪ ،‬ولبوا إلال‪ ،‬و افعوا بكرل طر ر ‪ ،‬الترى هفدرم سربوال الكرال‬
‫فب العال ين الهي فسخل ظ تال في قكوب األبراف والفجاف هلا س ال سك وال آلدرتدم ولكرن‬
‫الخك كدم مرجعدم ومالدم هلى الكال وم القيامة عرموال كيال وتعر‪ ،‬أ الدم فيإلبددم ب ا افوا‬
‫ع كرروال مررن خيررر وشررر وفرري هررهر اآل ررة الكر ررة ليررل لكقا ررشة الشررر ية وهرري أال الوسررائل تعتبررر‬
‫برراألموف الترري توصررل هليدررا وأال وسررائل ال حرررم ولررو افررل جررائزة تكرروال محرمررة هلا افررل تف رري‬
‫هلى الشر))(‪ )1‬افتدى‪.‬‬
‫ول ر شيم اعسالم أال ما فدي إلال ألجل سش الهف عة؛ فإفال باح هلا الصكل ال صكحة‬
‫الراجحة ا بباح الإلظر هلى ال خطوبة والسفر بدا هلا خيرف مريا دا سرفرها مرن اف الحررب‪،‬‬
‫مبل سفر أم كبوم‪ ،‬و سفر ائشة ل ا تخكفل مع صفواال بن ال عطل‪ ،‬فإفال لرم إلرال إلرال هإ ألفرال‬

‫(‪ )1‬تفسير السعشي (ص‪ 627 :‬ر ‪ .)627‬وافظر‪ :‬ه الم ال وقعين (‪.)177/7‬‬
‫‪747‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ف ري هلررى ال فسررشة‪ ،‬فرإلا رراال مقت ررياك لك صرركحة الراجحرة لررم كررن مف ررياك هلررى ال فسررشة ر أي‬
‫فيجوز ر(‪.)1‬‬
‫ا قش إ كزم أال كوال الس الفية‪.‬‬
‫فال قصو أفال متى ما خال الس مرن مفسرشة سر الكرال تعرالى أو االت الرال جراز؛ فكراال‬
‫من ت ام الكفر بالطاغوت‪ .‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫وفرري اآل ررة البالبررة‪ :‬الشرردا ة كررى آلدررتدم بالخسرراال والخكررو فرري الإلرراف‪ ،‬وللررو كرروال‬
‫بالكساال‪.‬‬
‫وفي اآل ات األخر ات‪ :‬ه الال البراءة مإلدم ظاهراك وباطإلاك(‪.)2‬‬
‫فدهر صفات الكفر القولي بالطاغوت قش افتظ ل في ههر اآل ات‪.‬‬
‫ا أال السإلة قش جاءت ببياال ههر البراءة؛ فإال الإلبي ‪ ‬قرش قرا ر را صرو إلرال ر‪« :‬هال‬
‫آ بإل رري ف ررالال ليس روا ل رري بأولي رراء هال ولي رري الك ررال وال ؤمإل رروال»(‪ ،)3‬ولل ررو أس رروة ب ررإبراهيم ‪،‬‬
‫وتحقي مإلال ‪ ‬لكبراءة من الطاغوت بالكساال‪.‬‬
‫وقش أشاف هلى صفة البراءة من الطاغوت بالكساال ج ع من أهل العكم‪.‬‬
‫م ررن ه ررؤإء الش رريم س رركي اال ب ررن س ررح اال ر فال ررال الك ررال ر الي ررث ق ررو ‪(( :‬وال ررا م ررن‬
‫اجتإلاب ررال‪ :‬ه ررو بغ ررال و شاوت ررال بالقك ر ‪ ،‬وس رربال وتقبيح ررال بالكس رراال‪ ،‬وهزالت ررال بالي ررش إل ررش الق ررشفة‪،‬‬
‫ومفافقتال‪ ،‬ف ن ا ى اجتإلاب الطاغوت ولم فعل للو ف ا صشق))(‪.)4‬‬
‫وم رإلدم شرريم اعسررالم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر اليررث قررو ‪(( :‬ومعإلررى‬
‫الكفر بالطاغوت‪ :‬أال تبرأ من ل ما عتقش فيرال غيرر الكرال‪ ،‬مرن جإلري‪ ،‬أو هفسري‪ ،‬أو الجرر‪ ،‬أو‬
‫شجر‪ ،‬أو غير للو‪ ،‬وتشدش كيال بالكفر وال ال ‪ ،‬وتبغ ال ولو اال أبوك وأخوك‪ .‬فأما مرن‬
‫قررا ‪ :‬أفررا إ أ بررش هإ الكررال‪ ،‬وأفررا إ أتعررر‪ ،‬لكسررا ة والقبرراب كررى القبرروف‪ ،‬وأمبررا للررو فدررها‬
‫الب في قو إ هلال هإ الكال‪ ،‬ولم ؤمن بالكال‪ ،‬ولم كفر بالطاغوت))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬مج وع الفتاو‪ 581/25( ،‬ر ‪ ،)584‬وما بين الحاصرتين همافة بيافية لكالم شيم اعسالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬افظر‪ :‬تفسير السعشي (ص‪.)772 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجال البخافي في تاب األ ب‪ ،‬باب‪ :‬تبل الرالم بباللدا (جر‪ )77/7‬ح (‪.)5777‬‬
‫(‪ )4‬الشفف السإلية (‪.)576/17‬‬
‫(‪ )5‬الشفف السإلية (‪ 161/6‬ر ‪.)166‬‬
‫‪741‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وم ا قالال أ اك‪(( :‬وا فرروا بالطواغيرل و را وهم وابغ روا مرن أالربدم‪ ،‬أو جرا رإلدم‬
‫أو لررم كفرررهم‪ ،‬أو قررا مررا كرري م رإلدم‪ ،‬أو قررا مررا كفإلرري الكررال بدررم‪ ،‬فقررش ررهب كررى الكررال‬
‫وافتررر‪ ،،‬بررل كفررال الكررال بدررم وفررر‪ ،‬كيررال الكفررر بدررم والبرراءة مرإلدم‪ ،‬ولررو ررافوا هخوافررال وأوإ ر‪.‬‬
‫فالكال الكال ت سكوا بأصل إلكم لعككم تكقوال فبكرم إ تشرر وال برال شريداك‪ ،‬الكدرم توفإلرا مسرك ين‬
‫وألحقإلا بالصالحين))(‪.)1‬‬
‫فعكم من ههر الإلقرو أفرال إ كفري أال قرو العبرش إ هلرال هإ الكرال وإ أ برش صرإل اك‪ ،‬برل‬
‫إ بش أال كفر بال عبو ات وال الكال و قو ‪ :‬هال با تدا ليسل بح (‪.)2‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬صفة الكفر العملي بالطاغوت‪.‬‬
‫الب رراءة الع كي رة مررن الط راغوت تكرروال بإزالررة الطواغيررل والق رراء كيدررا ق رراءك الس رياك‪.‬‬
‫و ررشخل فرري للررو قتررل السرراالر والكرراهن‪ ،‬ومررش ي الإلبرروة‪ ،‬وتحطرريم األوارراال‪ ،‬و سررر األصرإلام‪،‬‬
‫وجدررا الكفرراف ر هال أبروا هإ القتررا ر‪ ،‬وهررشم ال شرراهش الترري تببإلررى كررى القبرروف‪ ،‬وغيررر للررو مررن‬
‫شعائر الشرك ووسائكال‪.‬‬
‫وفي للو تحصين لألمة وال ا ة لدا من الفتن والشروف‪.‬‬
‫قو ابن القيم ر فال ال الكال ر‪(( :‬إ جوز هبقاء موامع الشرك والطواغيل بعش القشفة‬
‫كى هشمدا وهبطالدا وماك واالشاك‪ ،‬فإفدا شعائر الكفر والشرك‪ ،‬وهي أ ظم ال إلكرات فال‬
‫جوز اعقراف كيدا مع القشفة البتة‪ .‬وهها الكم ال شاهش التي بإليل كى القبوف التي‬
‫اتخهت أواافاك وطواغيل تعبش من وال الكال‪ .‬واألالجاف التي تقصش لكتعظيم والتبرك والإلهف‬
‫والتقبيل إ جوز هبقاء شيء مإلدا كى وجال األف‪ ،‬مع القشفة كى هزالتال‪ ،‬و بير مإلدا ب إلزلة‬
‫الالت والعز‪ ،‬ومإلاة البالبة األخر‪ ،‬أو أ ظم شر اك إلشها وبدا‪ .‬والكال ال ستعاال))(‪.)3‬‬
‫وقررش مرررب الإلبرري ‪ ‬أفوع األمبكررة فرري هزالررة الطواغيررل والق رراء كيدررا تحقيق راك لدررها‬
‫الواجر العظرريم‪ ،‬الررهي هررو الكفررر الع كرري بالطرراغوت‪ ،‬يررف إ‪ ،‬وهررو همررام ال والررش ن وقائررش‬

‫(‪ )1‬الشفف السإلية (‪ 117/6‬ر ‪.)167‬‬


‫(‪ )2‬افظر‪ :‬مغإلي ال ر ش (‪.)742/6‬‬
‫(‪ )3‬زا ال عا (‪.)447/7‬‬
‫‪746‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الغررر ال حجكررينق ومررن للررو هزالتررال األصرإلام بيررشر الشررر فة رروم الفررتو ال بررين(‪ .)1‬وأ راك افتررشب‬
‫من أصحابال من قوم لال بدها الواج العظيم؛ فبعث خالش بن الوليش هلى الطائف عزالة صرإلم‬
‫قر ش وجبتدا وطاغوتدا األ بر ((العز‪ ،))،‬فكاال خالش قو ر وهو وًط ب دا ر‪:‬‬
‫(( ا ز‪ ،‬فرافو إ سبحافو هفي فأ ل الكال قش أهافو))(‪.)2‬‬
‫وهكها تسري ههر السإلة وتإلتقل في خكفائال الراشش ن‪ ،‬فدها ر برن الخطراب ‪ ‬قطرع‬
‫(‪)4‬‬
‫الشررجرة الترري افررل تحتدررا بيعررة الرمرواال‪ .‬فقررش فو‪ ،‬ابررن ومرراح(‪ )3‬مررن طر ر يسررى بررن روفذ‬
‫ن ابن وال(‪ )5‬ن فافع(‪ )6‬أال‪ :‬ر بن الخطاب أمر بقطرع الشرجرة التري بو رع تحتدرا الإلبري‬
‫‪ ،‬ألال الإلاس افوا ههبوال فيصكوال تحتدا‪ .‬فخاف كيدم الفتإلة))(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬أي فتو مكة‪ .‬فقش فو‪ ،‬ابن ر أال الإلبي ‪ ‬ل ا قشم مكة وجش بدا اكب ائة وستين صإل اك فأشاف بعصار هلى ل‬
‫فيسقط الصإلم ولم سال)‪ .‬قا الديب ي في ال ج ع‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨﮣ‬ ‫صإلم مإلدا‪ ،‬وقا ‪:‬‬
‫(‪ :)172/2‬فوار الطبرافي في األوسط والكبير بإلحور‪ .‬وفيال اصم بن ر الع ري‪ ،‬وهو متروك‪ .‬وواقال ابن الباال‪ .‬وقا‬
‫خالف و خطىء وبقية فجالال اقات‪.‬‬
‫(‪ )2‬قصة هشم العز‪ ،‬أوف ها سا ر في تاف م مش (‪ ،)676/12‬وابن بش البر في اإستيعاب (‪ ،)467/6‬وابن‬
‫بير في تفسير سوفة الإلجم (‪.)655/4‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬مح ش بن وماح القرطبي‪ ،‬أبو بش الكال‪ ،‬صشوق لال أخطاء‪ .‬أخه ن أصحاب مالو والكيث‪ ،‬توفي في‬
‫الشو الب افين وال دتين‪ .‬افظر‪ :‬ترج تال في ميزاال اإ تشا (‪ ،)757/2‬ولساال ال يزاال (‪.)527/7‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬يسى بن وفذ بن أبي هسحاق الد شافي‪ ،‬اقة مأموال‪ ،‬مات سإلة (‪ )177‬هر‪ ،‬وقيل (‪ .)171‬افظر‪:‬‬
‫(ص‪.)777 :‬‬ ‫التده‬ ‫التاف م الكبير (‪ ،)472/2‬وتقر‬
‫التده‬ ‫(‪ )5‬هو‪ :‬بش الكال بن وال بن أفطباال ال زفي موإهم‪ ،‬اقة ابل فامل‪ ،‬توفي سإلة (‪ .)151‬افظر‪ :‬تقر‬
‫(ص‪.)577 :‬‬
‫التده‬ ‫(‪ )6‬هو‪ :‬مولى ابن ر‪ ،‬أبو بش الكال ال شفي‪ ،‬اقة ابل‪ ،‬فقيال مشدوف‪ ،‬مات سإلة (‪ )117‬هر‪ .‬افظر‪ :‬تقر‬
‫(‪.)772‬‬
‫(‪ )7‬البشع والإلدي إلدا (ص‪ .)71 :‬وم ن خرجدا أ اك ابن سعش في طبقاتال (‪ ،)177/6‬وابن أبي شيبة في مصإلفال‬
‫ر‪‬‬ ‫(‪ ،)775/6‬كدم أخرجوها من فوا ة وال ن فافع‪ ،‬وهو مإلقطع‪ .‬ولكن إ ستعبش وقوع للو من‬
‫الغيوف كى ن الكال تعالى‪ ،‬الإلاصو لألمة فمي الكال إلال وأفمار‪.‬‬
‫‪747‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قا ابن القيم ر فال ال الكال ر ‪(( :‬فإلا اال هرها فعرل رر ‪ ‬بالشرجرة التري ل رهرا الكرال‬
‫تعررالى فرري القرررآال‪ ،‬وبررا ع تحتدررا الصررحابة فسررو الكررال ‪ ‬ف ررالا الك ررال في ررا ررشاها مررن هررهر‬
‫األفصاب واألوااال(‪ ،)1‬التي قش ظ ل الفتإلة بدا واشتشت البكية بداق!))(‪.)2‬‬
‫وأ اك قام ب اال ‪ ‬بتحطيم الطواغيل التي الشال بزمإلال في صإلعاء(‪.)3‬‬
‫وأ راك رراال الرروإة ب كررة دررشموال البإلرراء كررى القبرروف ررا جرراء ررن الشررافعي ر فال ررال الكررال ر‪:‬‬
‫((أ ف ل من الوإة ب كة من دشموال البإلاء كى القبوف‪ ،‬ولم أف الفقداء عيبوال للو))(‪.)4‬‬
‫وهكها تسري ههر الجدو ال باف ة وتإلتقل كى مر العصروف‪ ،‬ومرن للرو جدرو شريم‬
‫اعس ررالم‪ ،‬وجد ررو هم ررام ال ررش وة الش رريم مح ررش ب ررن ب ررش الوه رراب ف رري هزال ررة الكبي ررر م ررن ه ررهر‬
‫الطواغيل والق اء كيدا‪.‬‬
‫قو ابن القيم ر فال ال الكال ر ((وقش راال بشمشر بيرر مرن هرهر األفصراب‪ ،‬فيسرر الكرال‬
‫ر سبحافال ر سرها كى ش شيم اعسرالم والرزب الكرال ال والرش ن‪ ،‬رالع و ال خكر ‪ ،‬والإلصر‬
‫ال ررهي ر رراال ب سر ررجش الإلر رراففج إلر ررش ال صر رركى عبر ررشر الجدر ررا ‪ ،‬والإلص ر ر الر ررهي ر رراال تحر ررل‬
‫الطرراالوال‪ ،‬الررهي إلررش مقررابر الإلصرراف‪ ،،‬إلتابررال الإلرراس لكتبرررك بررال‪ ،‬و رراال صرروفة ص رإلم فرري فدررر‬
‫القكرروط إلررهفوال لررال‪ ،‬و تبر رروال بررال‪ ،‬وقطررع الكررال سرربحافال الإلص ر الررهي رراال إلررش الرالبررة سررر‬
‫إلشر‪ ،‬و تبرك بال ال شر وال‪ ،‬و اال و اك طو الك كى فأسال الجر الكرة‪ ،‬و إلرش مسرجش فب‬
‫ص قش ببإلي كيال مسجش صغير‪ ،‬عبشر ال شر وال سر الكال سرر))(‪.)5‬‬ ‫الحجر فب ب‬
‫و قو ابن بشر رن همرام الرش وة الشريم مح رش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر‪(( :‬فرأ كن‬
‫بالش وة هلرى الكرال واألمرر برال عروف والإلدري رن ال إلكرر‪ ،‬وتبعرال أفراس مرن أهرل العييإلرة‪ ،‬و راال فيدرا‬
‫أشررجاف تبعظرم وبعكر كيدررا‪ ،‬فبعررث هليدررا مررن قطعدررا فقطعررل‪ ،‬وفرري البكررش شررجرة هرري أ ظ دررن‬
‫إلشهم‪ ،‬لب ر لي أال الشيم خر هليدا بإلفسال فقطعدا))(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ر ش األمرالة والقباب التي تبعبش من وال الكال‪ ،‬والتي ل بدا البكو‪ ،‬في بير من البكشاال‪.‬‬
‫(‪ )2‬هغااة الكدفاال (‪.)677/1‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪ :‬هغااة الكدفاال (‪.)666/6‬‬
‫(‪ )4‬األم (‪ )271/6‬تاب الجإلائز‪ ،‬باب ما كوال بعش الشفن‪.‬‬
‫(‪ )5‬هغااة الكدفاال (‪ 677/1‬ر ‪.)647‬‬
‫(‪ )6‬إلواال ال جش (‪ 77/1‬ر ‪.)77‬‬
‫‪744‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وأ اك‪ :‬هشم القبة التي كى قبر ز ش بن الخطراب ‪ ‬التري مرل بسرببدا بيرر مرن الإلراس‬
‫ن الدش‪ ،‬بيشر(‪.)1‬‬
‫وللو م ا بين أه ية الكفر الع كي بالطاغوت‪ ،‬وأفال واج الت ي كى ل مسكم‪ ،‬هإ‬
‫أفال مإلوط بالقشفة واإستطا ة‪ ،‬ألفال من هزالة ال إلكر باليرش‪ ،‬وقرش قرا ‪« :‬مرن فأ‪ ،‬مرإلكم مإلكرراك‬
‫فكيغيرررر بيررشر‪ ،‬فررإال لررم سررتطع فبكسررافال‪ ،‬فرإال لررم سررتطع فبقكبررال‪ ،‬وللررو أمررعف اع رراال»(‪ .)2‬أمررا‬
‫الكفررر اإ تقررا ي بالطواغيررل‪ ،‬فررال ررهف ألالررش فرري تر ررال‪ ،‬ألفررال ر ررا تقررشم ر فرري مقررشوف ررل‬
‫مككف؛ فال بعجز إلال‪ ،‬وألفال القشف الواج الهي إ صو اعسالم هإ بال‪.‬‬
‫وقررش أل ررو هلررى للررو الشرريم بررش الرررال ن بررن السرن آ الشرريم ر فال ررال الكررال ر اليررث‬
‫قررو ‪(( :‬هال الكررال تعررالى ل ررا أفسررل مح ررشاك ‪ ‬ررش و الإلرراس هلررى أال شرردشوا أال إ هلررال هإ الكررال‬
‫وأفررال فسررو الكررال‪ ،‬و رراال الررو الكعبررة االا ائررة وسررتوال ص رإل اك تعبررشها قررر ش‪ ،‬و ررافوا عبررشوال‬
‫الررالت والعررز‪ ،‬ومإلرراة وهرري أ بررر الطواغيررل الترري عبررشها أهررل مكررة والطررائف وم رن ال رولدم‪،‬‬
‫فاس ررتجاب لكإلب رري ‪ ‬م ررن اس ررتجاب م ررن الس ررابقين واألول ررين‪ ،‬وه رراجر م ررن ه رراجر مر رإلدم هل ررى‬
‫الحبشة‪ ،‬و ل من آمن مإلدم شدش أال إ هلال هإ الكال وأال مح شاك فسرو الكرال فغبرة رن الشررك‬
‫و با ة األوااال و فراك بدا‪ ،‬وبراءة مإلدا‪ ،‬ومسبة لدا‪ ،‬فصو هسالمدم وه افدم بهلو مرع وفدرا‬
‫موجو ة عبشها من عبشها م ن لم رغ إلدا و ن با تدا‪.‬‬
‫فبدررها تبررين أفررال لرريذ ال ررا مررن ففرري األوارراال واألص رإلام وغيرهررا فرري ك ررة اعخررالص‬
‫زوا ماهيررة األص رإلام وففرري وجو هررا‪ ،‬وهف ررا ال ررا هفكرراف با تدررا والكفررر بدررا و ررشاوتدا ررا‬
‫تقشم بيافال‪ ،‬و ل من تبرأ مإلدا وفغ إلدا فقش ففاها بقو إ هلال هإ الكال‪ ،‬وأابل األلوهيرة لكرال‬
‫تعالى وال ل ما عبش من وفال‪.‬‬
‫فك ررا ت كررن ‪ ‬مررن هزالررة هررهر األص رإلام سرررها وبعررث مررن ز ررل مررا بعررش إلررال مإلدررا‬
‫فخكل الجز رة من أ يافدا))(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬إلواال ال جش (‪ 77/1‬ر ‪.)77‬‬


‫ومن جدو ر أ اك‪(( :‬أفال أفكر ما أالشاال العوام‪ ،‬والطغام‪ ،‬من ا تقا البر ة‪ ،‬والصالح في أفاس من الفجاف‬
‫والطواغيل‪ ،‬اله ن ترشحوال لتألال العبا بدم‪ ،‬وصرف قكوبدم هليدم باسم الوإ ة والصالح‪ ،‬وأال لدم رامات‬
‫ومقامات‪ ،‬وفحو هها من الجداإت))‪[ .‬الشفف السإلية (‪.])421/1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجال مسكم في تاب اع اال (‪.)27/1‬‬
‫(‪ )3‬مج و ة الرسائل وال سائل الإلجش ة (‪ 747/4‬ر ‪.)744‬‬
‫‪745‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وبدها تبين خطأ مرن رببرا ف هلرى هزالرة الطواغيرل وال فظرر ل را ترتر كرى للرو مرن‬
‫ال فاسررش‪ ،‬إ تقررا ر أال اع رراال إ حصررل هإ بدررها‪ .‬فدررها مررن الفدررم الس ريئ ل عإلررى الكفررر‬
‫بالطاغوت‪ ،‬فالكفر بالطراغوت تحقر با تقرا القكر وقرو الكسراال‪ .‬أمرا الكفرر الع كري فدرو‬
‫مإلوط بالقشفة وبالإلظر هلى ال صالو وال فاسش‪.‬‬
‫‪742‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على أن الكفر بالطاغوت من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫األ ل ررة الشال ررة ك ررى اش ررتراط الكف ررر بالط رراغوت لص ررحة الش رردا ة بي رررة مت ررافرة ف رري‬
‫فصرروص الررواليين الكترراب والس رإلة‪ ،‬وس رإلعر‪ ،‬فرري هررها ال بحررث هلررى مررا تسررع لررال ال قررام مررن‬
‫ل ر ههر األ لة‪ .‬فإلبشأ أوإك بأ لة القرآال‪:‬‬
‫أ لة القرآال الشالة كى اشتراط الكفر بالطاغوت لصحة الشدا ة تإلقسم هلى االاة أقسام‪.‬‬
‫القسم األول‪ :‬األ لة التي فيدا التصر و باجتإلاب الطاغوت‪.‬‬
‫ومن ههر األ لة‪:‬‬
‫‪ 1‬ر قول ررال تع ررالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ‬
‫[البقرة‪.]652 :‬‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫وجال اإستشدا بدرا كرى اشرتراط الكفرر بالطراغوت لصرحة الشردا ة‪ :‬أال الكرال تعرالى‬
‫اشترط لالست ساك بالعروة الواقى الكفر بالطاغوت‪ ،‬والعروة الواقى هي شردا ة أال إ هلرال هإ‬
‫الكال إلش ج اهير ال فسر ن(‪.)1‬‬
‫ففي اآل ة تقش م الكفر بالطاغوت تقش م الشرط كى مشروطال‪.‬‬
‫قررو الشرريم مح ررش األمررين الش رإلقيطي ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬ومفدرروم الشرررط أال مررن لررم‬
‫كفر بالطاغوت لم ست سو بالعروة الواقى‪ ،‬وهو هلو ومن لم ست سو بالعروة الواقى‪،‬‬
‫فدررو ب عررز ررن اع رراال‪ ،‬ألال اع رراال بالكررال هررو العررروة الررواقى واع رراال بالطرراغوت سررتحيل‬
‫اجت ا ال مع اع اال بالكال‪ ،‬ألال الكفر بالطاغوت شرط في اع اال بالكال أو ف ن مإلال را هرو‬
‫صر و قولال‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ اآل ة))(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬قو الشو افي ر فال ال الكال ر‪(( :‬وقش اختكف ال فسروال في تفسير العروة الواقى‪ ...‬فقيل‪ :‬ال را بالعروة اع اال‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬اعسالم‪ .‬وقيل‪ :‬إ هلال هإ الكال‪ ،‬وإ مافع من الح ل كى الج يع))‪[ .‬فتو القش ر (‪.])677/1‬‬
‫وقا الحافل ابن بير ر بعش أال ل ر ههر األقوا في تفسير العروة الواقى ر ((و ل ههر األقوا صحيحة وإ تإلافي‬
‫بيإلدا))‪[ .‬تفسير ابن بير (‪.])675/1‬‬
‫(‪ )2‬أمواء البياال (‪.)677/1‬‬
‫‪747‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وقا العالمة بش الرال ن بن السن آ الشيم ر فال رال الكرال ر‪(( :‬فرشلل اآل رة كرى أفرال‬
‫إ ك رروال مست س رركاك ب ررال هل ررال هإ الك ررال هإ هلا ف ررر بالط رراغوت‪ ،‬وه رري الع ررروة ال ررواقى الت رري إ‬
‫اففصام لدا‪ ،‬ومن لم عتقش هها فكيذ ب سكم ألفال لم ت سو بال هلال هإ الكال))(‪.)1‬‬
‫وقا أ راك‪(( :‬والقررآال كرال ر مرن أولرال هلرى آخررر ر فري معإلرى إ هلرال هإ الكرال‪ ،‬فدري ك رة‬
‫اعخررالص‪ ،‬و ك ررة التقررو‪ ،،‬والعررروة الررواقى‪ ،‬وإ ت س رو بدررا هإ مررن فررر بالطرراغوت وآمررن‬
‫بالكال))(‪.)2‬‬
‫والحك ة في تقش م الكفر بالطاغوت كى اع اال في اآل ة االاة أموف‪:‬‬
‫األول‪ :‬أفررال قررش ررش ي اع رراال وهررو إ جتإلر الطرراغوت فتكرروال روار البررة‪ ،‬ولررها‬
‫قبشم الكفر بالطاغوت ليبعكم ال ؤمن من غير ال ؤمن‪.‬‬
‫قو الشيم سكي اال بن سح اال ر فال ال الكال ر‪(( :‬فبرين تعرالى أال ال ست سرو برالعروة‬
‫ال ررواقى ه ررو ال ررهي كف ررر بالط رراغوت‪ ،‬وق ررشم الكف ررر ب ررال ك ررى اع رراال بالك ررال‪ ،‬ألف ررال ق ررش ررش ي‬
‫ال ش ي أفال ؤمن بالكال‪ ،‬وهو إ جتإل الطاغوت‪ ،‬وتكوال وار البة))(‪.)3‬‬
‫الثاني‪ :‬اإهت ام بوجوب الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫قررا أبررو الف ر الشمشررقي‪(( :‬وقررشم ل ررر الكفررر بالطرراغوت كررى ل ررر اع رراال بالكررال‬
‫اهت اماك بوجوب الكفر بالطاغوت وفاس اتصالال بكفل الغي))(‪.)4‬‬
‫الثالررث‪ :‬مررا جرراء ررن بعررض أهررل العكررم مررن أال التخكي رة قبررل التحكي رة‪ ،‬والتطديررر قبررل‬
‫التز ية‪ .‬قا الشيم ابرن بي رين ر فال رال الكرال ر‪(( :‬برشأ الكرال ‪ ‬برالكفر بالطراغوت قبرل اع راال‬
‫بالك ررال؛ ألال م ررن ررا الش رريء هزال ررة ال واف ررع قب ررل وج ررو البواب ررل‪ ،‬ولد ررها ق ررا التخكي ررة قب ررل‬
‫التحكية))(‪.)5‬‬
‫قكر ررل‪ :‬وفر رري بعر ررض الإلصر رروص فجر ررش تقر ررش م اع ر رراال واألم ر ررر بالعبر ررا ة ك ر ررى الكف ر ررر‬
‫بالط ر رراغوت‪ ،‬ر ررا ف ر رري قول ر ررال تع ر ررالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ‬

‫(‪ )1‬الشفف السإلية (‪.)627/11‬‬


‫(‪ )2‬الشفف السإلية (‪.)477/11‬‬
‫(‪ )3‬الشفف السإلية (‪.)576/17‬‬
‫(‪ )4‬الكباب في كوم الكتاب (‪.)777/4‬‬
‫(‪ )5‬شرح األصو البالاة (ص‪.)127 :‬‬
‫‪747‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫[الإلحرل‪ .]72 :‬وقو الإلبي ‪« :‬من قا إ هلال هإ الكال و فر ب ا عبش من وال الكرال‪ ،‬الررم مالرال‬
‫و مال‪ ،‬والسابال كى الكال»‪ .‬وفي فوا ة‪« :‬من والش الكال» ام ل ر ب بكال(‪.)1‬‬
‫وفي اعجابة ن هها قو الرش توف برش الكرال الجربروع‪(( :‬وتقرش م األمرر بالتواليرش كرى‬
‫الكفر بالطاغوت ت ن اعشافة هلى أمر ن هامين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أال بررا ة الكررال والررشر إ شررر و لررال هرري األسرراس األهررم لب رراال‪ ،‬وهرري الر الكررال‬
‫كى با ر‪ .‬والكفر بالطاغوت شرط لدا‪ .‬فش وة الرسل تإلص كى ال قصش األهم وهرو العبرا ة‬
‫الخالصة ام بياال شرطدا‪ .‬فتقش م الغا ة كى شرطدا هو األفس في مقام التبكيغ والبياال‪.‬‬
‫أمررا فرري فعررل العبررش وامتبالررال ل ررا ب كرف بررال‪ ،‬فررال بررش أوإك أال خكررع ارروب الشرررك و كفررر‬
‫بالطاغوت ارم رشخل اع راال فقيراك طراهراك فيتز رى‪ ،‬را قرا تعرالى فري فعرل العبرش‪ :‬ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ‪.‬‬
‫وقا ‪ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ [الزمر‪.]17 :‬‬
‫الث رراني‪ :‬أال ت ررأخير ﭽ ﭾﭿ ف رري اآل ررة‪« ،‬و ف ررر ب ررا عب ررش م ررن وال الك ررال» ف رري‬
‫الحش ث فيش وجوب اإست راف‪ .‬فك را أال الكفرر بالطراغوت مقرشم فري ال جرا الع كري‪ ،‬هإ‬
‫أفال ج أال ست ر هلى أال كقى العبش فبال‪ .‬فعكى ال ؤمن طو الياتال أال ستقيم كرى برا ة‬
‫الكال الخالصة‪ ،‬و جتإل الطاغوت‪ ،‬وللو الصالة والطدافة لدا‪ .‬فالطدافة تكوال قبل الصرالة‬
‫وتست ر التى فدا تدا‪ .‬والكال تعالى أ كم))(‪.)2‬‬
‫‪ 6‬ر وم ررن أ ل ررة القس ررم األو الشال ررة ك ررى اش ررتراط الكف ررر بالط رراغوت أ ر راك لص ررحة‬
‫[الزم ر ررر‪:‬‬ ‫الش ر رردا ة قول ر ررال تع ر ررالى‪ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫‪.]17‬‬
‫وجر ررال اإستشر رردا بدر ررا‪ :‬أال الكر ررال تعر ررالى فت ر ر البشر ررر‪ ،،‬وهر رري الجإلر ررة كر ررى اجتإلر رراب‬
‫الطاغوت بترك با تال‪ ،‬فش كى اشتراط الكفر بالطاغوت لشخو الجإلة‪ ،‬والجإلة إ شخكدا‬
‫هإ أهل التواليش الخال ‪ .‬فببرل أال الكفرر بالطراغوت محترا هليرال لتحقير التواليرش الخرال‬
‫ال وج لشخو الجإلاال‪.‬‬

‫(‪ )1‬فوار مسكم‪ ،‬تاب اع اال (‪ )57/1‬ح (‪.)67‬‬


‫(‪ )2‬أار اع اال في تحصين األمة (‪ 45/1‬ر ‪.)42‬‬
‫‪747‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وووه آخر‪ :‬وهو أال إ هلال هإ الكال تت ن الكفر بالطاغوت ال وج لرشخو الجإلرة‬
‫ا في ههر اآل رة‪ .‬فببرل أال إ هلرال هإ الكرال إ تإلفرع قائكدرا هإ مرع الكفرر بالطراغوت‪ ،‬وللرو‬
‫وجال الشرطية لككفر بالطاغوت لصحة الشدا ة‪.‬‬
‫‪ 7‬ر ومررن األ لررة أ راك قولررال تعررالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [الإلحل‪.]72 :‬‬
‫ووجررال اإستشرردا باآل ررة كررى اشررتراط الكفررر بالطرراغوت لصررحة شرردا ة أال إ هلررال هإ‬
‫الكال هو‪ :‬أال الكال ر سبحافال وتعالى ر بين في ههر اآل ة القيقة وة ل فسرو أفسركال هلرى أمرة‪،‬‬
‫وهررو بررا ة الكررال والررشر واجتإلرراب الطرراغوت‪ .‬وهررها هررو معإلررى إ هلررال هإ الكررال ررا جرراء مصرررالاك‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫بال في آ ة األفبيراء‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫[األفبيرراء‪ .]65 :‬وهررها مررا فتر كيررال الدشا ررة ررا فرري قولررال‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ‪ .‬فررش كررى‬
‫أال هشا ررة الك ررال إ إلالد ررا هإ م ررن ق ررا إ هل ررال هإ الك ررال واجتإلر ر الط رراغوت‪ .‬ولل ررو ه ررو وج ررال‬
‫الشرطية‪.‬‬
‫وووه آخر من اآلية‪ :‬وهو أال تر ي ههر اآل ة هو تر ير إ هلرال هإ الكرال‪ .‬فقولرال‪:‬‬
‫هررو معإلررى اعابررات فرري ك ررة التواليررش‪ ،‬وقولررال‪ :‬ﭽ ﭾﭿ هررو معإلررى الإلفرري‬ ‫ﭻ ﭼ‬
‫فرري ك ررة التواليررش‪ .‬وللررو هررو القيقررة رروة ج يررع ال رسرركين‪ ،‬وهررو اعسررالم العررام لكررال فب‬
‫العال ين ال وج لرشخو الجإلراال‪ .‬فرشلل اآل رة كرى أفرال إ برش فري اعسرالم مرن الإلفري الرهي‬
‫هو الكفر بالطاغوت‪ ،‬واعابات الهي هو هخالص العبا ة لكال والشر‪.‬‬
‫قررو الشرريم سرركي اال آ الشرريم ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬وأمررا معإلررى اآل ررال فررأخبر تعررالى أفررال‬
‫بعررث فرري ررل أمررة أي فرري ررل طائفررة وقر ررال مررن الإلرراس فسرروإك بدررهر الكك ررة أال ا بررشوا الكررال‬
‫واجتإلبر روا الط رراغوت أي‪ :‬ا ب ررشوا الك ررال وال ررشر واتر ر روا ب ررا ة م ررا سر روار فكد ررها خكق ررل الخكيق ررة‬
‫ررا ق ررا تع ررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫وأفس رركل الرس ررل وأفزل ررل الكتر ر‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ [األفبي رراء‪ .]65 :‬وق ررا تع ررالى‪ :‬ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫ﭛ ﭜ‬
‫[الر رش‪ .]72 :‬وهررهر اآل ررة هرري معإلررى إ هلررال هإ الكررال‪ ،‬فإفدررا‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫اعابررات‪،‬‬ ‫ت ر إلل الإلفرري واعابررات ررا ت ر إلتال "إ هلررال هإ الكررال"‪ ،‬ففرري قولررال ﭻ ﭼ‬
‫وف رري قول ررال‪ :‬ﭽ ﭾﭿ الإلف رري‪ .‬ف ررشلل اآل ررة ك ررى أف ررال إ ب ررش ف رري اعس ررالم م ررن الإلف رري‬
‫واعابات‪ ،‬فيببل العبا ة لكال والشر‪ ،‬و إلفي با ة ما سوار‪ ،‬وهو التواليش الهي ت إلتال سوفة‬
‫‪757‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ وهررو معإلررى قولررال‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬


‫[البقرة‪.)1())]652 :‬‬ ‫ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫فالحاصررل أال اآل ررة قررش ت ر إلل أصرركين ظي ررين بد ررا تحقي ر شرردا ة أال إ هلررال هإ‬
‫الكال‪:‬‬
‫األو ‪ :‬تحقي با ة الكال‪.‬‬
‫والبافي‪ :‬البراءة من الشرك‪.‬‬
‫ووجدررال‪ :‬أال اعفسرراال قررش حق ر بررا ة الكررال‪ ،‬وإ حق ر الب رراءة مررن الشرررك الررهي هررو‬
‫الكفر بالطاغوت؛ حا ال شر ين اله ن بشوا الكال وغيرر‪.‬‬
‫وأ اك‪ :‬قش إ قع في الشرك وإ حق با ة الكال حا الال إليين‪.‬‬
‫فظدررر مررن للررو لررزوم اجت رراع األمررر ن لصررحة شرردا ة أال إ هلررال هإ الكررال‪ ،‬وأال التفررر ط‬
‫في أالشه ا إ تحق معال التواليش‪.‬‬
‫‪ 4‬ر وم ر ر ر ررن األ ل ر ر ر ررة أ ر ر ر ر راك قول ر ر ر ررال تع ر ر ر ررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫[الإلساء‪.]27 :‬‬
‫وجر ررال اإستشر رردا بدر ررا‪ :‬أال الكر ررال سر رربحافال وتعر ررالى ففر ررى اع ر رراال ر ررن تحر ررا م هلر ررى‬
‫الطراغوت(‪ ،)2‬فرش كرى وجرروب الكفرر برال لصررحة اع راال‪ ،‬واع راال أ كررى شرعبال هرو قررو إ‬
‫هلال هإ الكال‪ ،‬فوج أال كفر ب ا إلافيدا من الشرك والكفر‪.‬‬
‫ق ررا الش رريم س رركي اال آ الش رريم‪(( :‬وقول ررال‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ أي‪ :‬بالط رراغوت‪،‬‬
‫وهررو ليررل كررى أال التحررا م هلررى الطرراغوت مإلرراف لب رراال م ررا لررال‪ ،‬فررال صررو اع رراال هإ‬
‫بالكفر بال‪ ،‬وترك التحا م هليال‪ ،‬فمن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله))(‪.)3‬‬
‫‪ 5‬ر ومإلد ر ر ررا أ ر ر ر راك قول ر ر ررال تع ر ر ررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ [البقرة‪.]657 :‬‬

‫(‪ )1‬تيسير العز ز الح يش (ص‪ .)74 :‬وافظر‪ :‬مج وع الفتاو‪.)74/7 ،71/1( ،‬‬
‫من ففي ه افدم؛ فإال ( ز وال) هف ا قا غالباك ل ن‬ ‫ﭕ‬ ‫(‪ )2‬وجال الإلفي لب اال فيدا‪( :‬ل ا في م ن قولال‪:‬‬
‫ا ى و‪ ،‬هو فيدا الب ل خالفتال ل وجبدا‪ ،‬و كال ب ا إلافيدا)‪[ .‬فتو ال جيش (ص‪.])527 :‬‬
‫(‪ )3‬تيسير العز ز الح يش (‪.)474‬‬
‫‪751‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وجررال اإستشرردا بدررا إشررتراط الكفررر بالطرراغوت‪ :‬أال الكررال ر تعررالى ر وصررف الكف راف‬
‫بأفدم تولوال الطاغوت الوإ ة ال ستكزمة لعشم الكفر بال‪ ،‬فش كى أال ال سكم فقيض للو‪.‬‬
‫‪ 2‬ر ومإلدا هلو قولال تعرالى فري شرأال أهرل الكتراب‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫[الإلساء‪.]51 :‬‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬ ‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫وجررال اإستشرردا بدررا كررى اشررتراط الكفررر بالطرراغوت لصررحة اع رراال أال الكررال تعررالى‬
‫وصررف أهررل الكترراب بررأفدم ؤمإلرروال بالجبررل والطرراغوت‪ ،‬فررش كررى أال ال سرركم كررى فقرريض‬
‫للو؛ وفقيض اع اال بالطاغوت هو الكفر بال‪.‬‬
‫وأمررا القسررم الثرراني مررن األ لررة فدرري األ لررة الشالررة كررى الب رراءة مررن ال شررر ين‪ ،‬ومررن‬
‫معبو اتدم‪ :‬والفررق برين هرهر األ لرة والتري قبكدرا أال األولرى امرة فري ج يرع الطواغيرل‪ ،‬وهرهر‬
‫خاصة في بعض أفرا ر‪.‬‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ومررن هررهر األ لررة قولررال تعررالى‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ [الزخرف‪ 62 :‬ر ‪.]67‬‬
‫ق ر ررو الش ر رريم ب ر ررش الكطي ر ررف آ الش ر رريم‪(( :‬ف ر ررشلل ه ر ررهر اآل ر ررة‪ ...‬ك ر ررى أال الكف ر ررر‬
‫بالطاغوت شرط إ حصل اعسالم بشوفال))(‪.)1‬‬
‫ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬ ‫ومإلد ر ر ر ررا أ ر ر ر راك قول ر ر ر ررال تع ر ر ر ررالى‪ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫[ال تحإلة‪.]4 :‬‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ومإلد ر ررا قول ر ررال تع ر ررالى‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯥ [الشعراء‪ 75 :‬ر ‪.]77‬‬ ‫ﯣ ﯤ‬
‫ومإلدررا ررهلو قررو هبرراهيم‪ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫[األفعام‪.]77 :‬‬
‫قررا الشرريم بررش الرررال ن بررن السررن آ الشرريم‪(( :‬والحإليررف هررو الررهي ترررك الشرررك‬
‫فأساك‪ ،‬وتبرأ مإلال‪ ،‬وفافق أهكال و ا اهم‪ ،‬وأخك أ الال الباطإلة والظاهرة لكال والشر))(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مصباح الظالم (ص‪.)127 :‬‬


‫(‪ )2‬قرة يوال ال والش ن (ص‪.)24 :‬‬
‫‪756‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ومن اآل ات أ راك قولرال تعرالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬


‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫[ال جا لرة‪:‬‬ ‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ‬
‫‪.]66‬‬
‫ووجال اإستشدا بدا‪ :‬أال البراءة من ال شر ين ومن معبو اتدم هري‪ :‬اخكرة فري معإلرى‬
‫الكفررر بالطرراغوت ررا تقررشم‪ ،‬وهررهر اآل رات تررش كررى وجرروب هررهر البرراءة ولزوميتدررا لصررحة‬
‫اع اال‪ .‬فببل أال الكفر بالطاغوت محتا هليال لصحة اع اال‪.‬‬
‫وأما القسم الثالث من األ لة الشالة كى اشتراط الكفر بالطاغوت فدي األ لة التي فيدا‬
‫الج ع بين األمر بعبا ة الكال ‪ ‬والإلدي ن الشرك‪ ،‬وههر بيرة‪.‬‬
‫والفرق بين ههر األ لة وأ لة القس ين ال تقشمين‪ ،‬أال أ لة القس ين ال تقرشمين إلتد را‬
‫كررى الكفررر بالطرراغوت إلررة مطابقررة(‪ )1‬أو إلررة ت ر ن(‪ ،)2‬وهررهر األ لررة إلتدررا كررى الكفررر‬
‫بالطاغوت إلة التزام(‪.)3‬‬
‫ومررن هررهر األ لررة قولررال تعررالى‪ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ‪[ :‬الإلسرراء‪ ،]72 :‬وقولررال‪:‬‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ [البقرررة‪ 61 :‬ر ‪ ،]66‬وقول ررال‪:‬‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫[األ راف‪.]57 :‬‬ ‫ﭹ‬
‫قررا الشرريم سرركي اال آ الشرريم‪(( :‬وفرريدن ليررل كررى أال التواليررش أو واجر كررى ال ككررف‪،‬‬
‫وهو الكفر بالطاغوت واع اال بالكال ال ستكزم لعبا تال والشر إ شرو لال‪ ،‬وأال من بش غيرر الكرال بإلروع‬
‫من أفواع العبا ة فقش أشرك سواء اال ال عبو مككاك‪ ،‬أو فبياك‪ ،‬أو صالحاك‪ ،‬أو صإل اك))(‪.)4‬‬
‫ووجررال اإستشرردا بدررهر اآل ررات إشررتراط الكفررر بالطرراغوت لصررحة التواليررش أال الإلدرري‬
‫ن الشرك ستكزم الكفر بالطاغوت‪.‬‬

‫(‪ )1‬إلة ال طابقة إلة الكفل كى امل معإلار‪ .‬افظر‪ :‬الحشو األفيقة (ص‪ ،)77 :‬ومإلدا السإلة (‪.)457/5‬‬
‫(‪ )2‬إلة الت ن هي إلة الكفل كى جزء معإلار‪ .‬افظر‪ :‬الحشو األفيقة (ص‪ ،)77 :‬ومإلدا السإلة (‪.)457/5‬‬
‫(‪ )3‬إلة اإلتزام تقشم معإلاها‪.‬‬
‫(‪ )4‬تيسير العز ز الح يش (ص‪.)44 :‬‬
‫‪757‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قو الشيم مح ش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر‪(( :‬ول را فدرى فروح بإليرال رن الشررك‬
‫أم رررهم ب ررال هل ررال هإ الك ررال‪ ،‬فك رريذ ه ررها تكر ررافاك ب ررل ه ررهاال أص ررالال مس ررتقالال بير رراال‪ ،‬وهال اف ررا‬
‫متالزمين؛ فالإلدي ن الشرك ستكزم الكفر بالطاغوت))(‪.)1‬‬
‫وأما أدلة السنة فدي كى االاة أقسام هلو‪.‬‬
‫القسم األول‪ :‬األدلة التي فيها لفظ الطاغوت أو فيها معناه‪.‬‬
‫ومن ههر األ لة‪:‬‬
‫‪ 1‬ر قولررال ‪ ‬ر ر ررا فرري الررش ث طررافق بررن أشرريم ‪ )2(‬ر‪« :‬مررن قررا إ هلررال هإ الكررال‬
‫و فررر ب ررا عبررش مررن وال الكررال الرررم مالررال و مررال والسررابال كررى الكررال»(‪ .)3‬وفرري فوا ررة‪« :‬مررن والررش‬
‫الكال» ام ل ر ب بكال(‪.)4‬‬
‫قا الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال رال الكرال ر‪(( :‬وهرها مرن أ ظرم مرا برين معإلرى إ‬
‫الررال هإ الكررال؛ فإفررال لررم جعررل الررتكفل بدررا اصر اك لكررشم وال ررا بررل وإ معرفررة معإلاهررا مررع الررتكفل‬
‫بدررا بررل وإ اعقرراف بررهلو بررل وإ وفررال إ ررش و هإ الكررال والررشر إ شررر و لررال بررل إ حرررم مررال‬
‫ومالال التى يف هلى للو الكفرر ب را عبرش مرن وال الكرال‪ ،‬فرإال شرو أو ترر لرم حررم مالرال‬
‫و مال‪ .‬فيالدا من مسألة ما أجكدا و الال من بياال ما أومحال والجة ما أقطعدا لك إلازع))(‪.)5‬‬
‫قا الشيم بش الكطيف بن بش الرال ن ر فال ال الكال ر معكقاك كى الم الشيم مح ش‬
‫بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر‪(( :‬وتقر رر الشريم كرى هرها الحرش ث مرن أالسرن التقراف ر وأ لدرا‬
‫وأبيإلدررا‪ .‬فإفررال اسررتش بالج كررة ال عطوفررة البافيررة كررى أال الكفررر بالطرراغوت ومررا بررش مررن وال‬
‫الكال شرط في تحر م الشم وال ا ‪ ،‬وأال إ ص ة ب جر القو وال عرفة وإ ب جر تررك برا ة‬
‫مررا بررش مررن وال الكررال‪ ،‬بررل إ بررش مررن الكفررر ب ررا بررش مررن وال الكررال‪ ،‬والكفررر بررال وبغ ررال وتر ررال‬

‫(‪ )1‬الشفف السإلية (‪.)176/17‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬طافق بن أشيم بن مسعو األشجعي‪ ،‬والش أبى مالو األشجعي الكوفى‪ ،‬لال صحبة فو‪ ،‬ن أبى بكر و ر‬
‫و ب اال و كي‪ .‬قا مسكم‪ :‬لم رو إلال غير ابإلال عإلي أبا مالو‪ .‬افظر‪ :‬الجرح والتعش ل (‪ ،)48474‬وتقر‬
‫(ص‪.)421 :‬‬ ‫التده‬
‫(‪ )3‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )4‬تخر جال في الهي قبكال‪.‬‬
‫(‪ )5‬تيسير العز ز الح يش (ص‪ 117 :‬ر ‪.)117‬‬
‫‪754‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫والب رراءة مإلررال ومعرفررة بطالفررال‪ ،‬وهررها إ بررش مإلررال فرري اعسررالم‪ .‬قررا تعررالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ [ البقر ر رررة‪ ]652 :‬فج ر ر ررع ب ر ر ررين اع ر ر رراال والكف ر ر ررر‬
‫بالطاغوت في ههر اآل ة‪ .‬ولدا فظرائر فري تراب الكرال؛ قولرال تعرالى رن هبرراهيم‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ [الزخر ر ر رررف‪ 62 :‬ر ‪ ]67‬فر ر ر ررشلل‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ههر اآل ة وما قبكدرا كرى أال الكفرر بالطراغوت شررط إ حصرل اعسرالم بشوفرال‪ ،‬وهكرها هرها‬
‫الحش ث مبل ههر اآل ات))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وقا الشيم بش الرال ن بن السرن ر فري شررالال لدرها الحرش ث ر‪(( :‬قولرال‪« :‬الررم مالرال‬
‫و مررال والسررابال كررى الكررال ‪ .»‬فيررال ليررل كررى أفررال إ حرررم مالررال و مررال هإ هلا قررا ‪ :‬إ هلررال هإ‬
‫الكررال و فررر ب ررا بعبررش مررن وال الكررال؛ فررإال قالدررا ولررم كفررر ب ررا عببررش مررن وال الكررال؛ فشمررال ومالررال‬
‫الررال ‪ ،‬لكوفررال لررم إلبك رر الشرررك و كفررر بررال‪ ،‬ولررم إلفررال ررا ففتررال إ هلررال هإ الكررال‪ .‬فتأمررل هررها‬
‫ال ومع فإفال ظيم الإلفع))(‪.)2‬‬
‫قكررل‪ :‬وبدررها تبررين ظررم إلررة هررها الحررش ث كررى شرررط الكفررر بالطرراغوت لصررحة‬
‫الشدا ة بالتواليش‪.‬‬
‫قا الشيم الفوزاال ر الفظال الكرال ر‪(( :‬فدرها الحرش ث كرى اختصرافر مرإلدج ظريم‪ ،‬برين‬
‫معإلررى شرردا ة أال إ هلررال هإ الكررال‪ ،‬وأفدررا ليسررل مجررر لفررل قررا بالكسرراال و ررر فرري األل رراف‬
‫واألوفا ‪ ،‬وهف را ه رري القيق ررة تقت رري مإل ررو أال تكف ررر ب ررا عب ررش م ررن وال الك ررال‪ ،‬وأال تتب ررأ م ررن‬
‫ال شررر ين‪ ،‬ولررو ررافوا أقرررب الإلرراس‪ ،‬ررا تبررأ الخكيررل ر كيررال الصررالة والسررالم ر مررن أبيررال وأقرررب‬
‫الإلاس هليال))(‪.)3‬‬
‫قكل‪ :‬ومن أ لة هها القسم أ اك مرا جراء فري بعرض ألفرا األالا رث مرن الإلدري رن‬
‫تعظيم الطواغيل والحكف بدا‪ ،‬قولال ‪« :‬إ تحكفوا بالطواغي وإ بابائكم»(‪.)4‬‬
‫جاء هها الكفل مفسراك في الروا ة األخر‪« :،‬إ تحكفوا بابائكم وإ بالطواغيل»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬مصباح الظالم (ص‪ 126 :‬ر ‪.)127‬‬


‫(‪ )2‬قرة يوال ال والش ن (ص‪.)77 :‬‬
‫(‪ )3‬ه افة ال ستفيش (‪.)174/1‬‬
‫(‪ )4‬أخرجال مسكم في تاب الإلهف (‪ )1627/7‬ح (‪ .)1247‬من الش ث بش الرال ن بن س رة ‪.‬‬
‫‪755‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قا ابن األاير‪(( :‬الطواغي ج ع طاغية‪ .‬وهي ما افوا عبشوفال من األصإلام وغيرها‪.‬‬
‫ومإلال الحش ث‪« :‬ههر طاغية وس وخبعم»(‪ )2‬أي‪ :‬صإل دم ومعبو هم(‪.)3‬‬
‫و جرروز أال كرروال أفا بررالطواغي مررن طغررى فرري الكفررر وجرراوز القررشف فرري الشررر وهررم‬
‫ظ اكهم وفكساكهم))(‪ .)4‬افتدى‪.‬‬
‫قكل‪ :‬ووجال اإستشدا بالحش ث ظاهر جشاك كى اشتراط الكفر بالطراغوت‪ ،‬وهرو‬
‫أفال ل ا اال الحكف بدا ر أي الطواغي ر قت ي تعظي دا فبدي إلال لكوفال إلافي الكفر بدرا وإ‬
‫سي ا هلا اقترال بالحكف بدا ا تقا أفدا مساو ة لكرال تعرالى فري التعظريم والعظ رة‪ ،‬فيكروال فرراك‬
‫أ بر إلافي أصل الكفر بالطاغوت‪ .‬أما هلا لم قترال بالحكف بدا ا تقا مساواتدا لكال فيكروال‬
‫شر اك أصغر إلافي ا الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫أو قر ررا ‪ :‬هال الحكر ررف بر ررالطواغي (الطواغير ررل) ت ر ر ن التحر رره ر مإلدر ررا والإلدر رري ر ررن‬
‫تعظي دا‪ ،‬ألال الحكف بغير الكال قت ي تعظيم ال حكوف بال‪.‬‬
‫قررا الإلررووي ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬قررا العك رراء الحك ررة فرري الإلدرري ررن الحكررف بغيررر الكررال‬
‫تعررالى‪ ،‬أال الحكررف قت رري تعظرريم ال حكرروف بررال‪ ،‬والقيقررة العظ ررة مختصررة بالكررال تعررالى‪ ،‬ف رال‬
‫اهي بال غيرر))(‪ .)5‬افتدى‪.‬‬
‫ومن األالا ث أ اك قولال ‪« :‬من الكف فقرا فري الكفرال برالالت والعبرز‪ ،‬فكيقرل إ‬
‫هلال هإ الكال‪ ،‬ومن قا لصاالبال تعا أقامرك فكيتصشق»(‪.)6‬‬
‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬بدها الكفل هو إلش اعمام أال ش في ال سإلش (‪ ،)26/5‬والإلسائي في تاب األ اال والإلهوف‪ ،‬باب الحكف‬
‫بالطواغيل (‪ ،)17/7‬والبيدقي في السإلن (‪ ،)67/17‬وابن أبي شيبة في ال صإلف (‪ .)77/7‬والحش ث‬
‫صححال العالمة األلبافي ا في صحيو الإلسائي (‪.)777/6‬‬
‫(‪ )2‬لم أقف كيال بدها الكفل‪ .‬وقش وف في صحيو البخافي (جر‪ )167/7‬تاب الفتن‪ ،‬باب تغيير الزماال التى تعبش‬
‫األوااال ح (‪ )7112‬قولال ‪« : ‬لو الخكصة طاغية وس التي افوا عبشوال في الجاهكية»‪.‬‬
‫(‪ )3‬ال را صإلم لي الخكصة‪ .‬قا العيإلي‪(( :‬و افل صإل اك تعبشها وس‪ .‬وقا ابن الية قيل هو بيل أصإلام اال‬
‫لشوس وخبعم وبجيكة ومن اال ببال هم))‪ [ .‬شة القافي (‪.])627/14‬‬
‫الحش ث (‪.)167/7‬‬ ‫(‪ )4‬الإلدا ة في غر‬
‫(‪ )5‬شرح مسكم (‪.)177/11‬‬
‫(‪ )6‬أخرجال البخافي في تاب األ اال والإلهوف‪ ،‬باب إ حكف باإت وإ بالطواغيل (جر‪ )676/7‬ح (‪.)2257‬‬
‫‪752‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ب رروب كي ررال اعم ررام البخ ررافي ر فال ررال الك ررال ر‪(( :‬ب رراب إ حك ررف ب ررالالت والع ررز‪ ،،‬وإ‬
‫بالطواغيل(‪.)1‬‬
‫ق ررا الح ررافل اب ررن الج ررر‪(( :‬اقتص ررر ال صر رإلف ك ررى لف ررل الطواغي ررل لكوف ررال األص ررل‪،‬‬
‫و طفال كى الالت والعز‪ ،‬إشتراك الكل في ال عإلى‪ .‬وهف را أمرر الحرالف برهلو بقرو إ هلرال‬
‫هإ الكال لكوفال تعاطى صوفة تعظيم الصإلم اليث الكف بال))(‪.)2‬‬
‫وفقررل ررن البغرروي قولررال‪(( :‬وهف ررا أم ررر بالتواليررش ألال الحكررف بررالالت والعررز‪ ،‬رراهي‬
‫الكفاف فأمرر أال تشافك بالتواليش))(‪.)3‬‬
‫وفقل ن الطيبي قولال‪(( :‬الحك ة في ل ر الق اف بعش الحكف بالالت‪ :‬أال من الكف‬
‫بالالت واف الكفاف في الكفدم فأبمر بالتواليش‪ ،‬ومن ا هلى ال قامرة وافقدم في لعربدم فرأبمر‬
‫بكفافة للو بالتصشق))(‪.)4‬‬
‫وقرا السرإلشي ر فال ررال الكرال ر‪(( :‬وقولرال إ هلررال هإ الكرال اسرتشفاك ل را فاتررال مرن تعظريم الكررال‬
‫تعالى في محكال وففي ل ا تعاطى من تعظيم األصإلام صوفة‪ .‬وأمرا مرن قصرش الحكرف باألصرإلام‬
‫تعظي اك لدا فدو افر فعول بالكال مإلال))(‪.)5‬‬
‫فظدر م را تقرشم خطروفة الحكرف بالطواغيرل ل را فيرال مرن ال إلافراة الكامكرة أو الإلاقصرة‬
‫لككفررر بالطرراغوت بحسر القصررش والإليررة م ررا ررش كررى أفررال محتررا لككفررر بالطرراغوت لإلفرري‬
‫الشرك بإلو يال األ بر واألصغر وللو وجال الشرطية‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬األدلة التي فيها لفظ ال إله إال الله‪.‬‬
‫والفرررق بررين هررهر األ لررة والترري قبكدررا أال أ لررة القسررم األو الررة كررى وجرروب الكفررر‬
‫بالطاغوت مطابقةك من لفظدا‪ ،‬وههر هف ا تش كى وجوب الكفر بال ن طر الت ن؛ فإال‬
‫وج رروب هف ر ررا الكر ررال بالعب ررا ة ر الر ررهي تر ررش كي ررال معإلر ررى الشر رردا ة ر مت ر ر ن وجر رروب الكفر ررر‬
‫بال عبو ات سوار‪ ،‬وهو الكفر بالطاغوت‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيو البخافي (جر‪.)676/7‬‬


‫(‪ )2‬فتو البافي (‪.)572/11‬‬
‫(‪ )3‬ال صشف الساب (‪ .)577/11‬وأصكال في شرح السإلة لكبغوي (‪.)17/17‬‬
‫(‪ )4‬فتو البافي (‪.)577/11‬‬
‫(‪ )5‬الاشية السإلشي (‪.)7/7‬‬
‫‪757‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ومن ههر األ لة قولال ‪ ‬ر ا في الش ث أبي هر رة ‪ ‬ر‪« :‬من قرا إ هلرال هإ الكرال‬
‫ففعتال وماك من هرر‪ ،‬صيبال قبل للو ما أصابال(‪.)2(»)1‬‬
‫ومإلد ررا أ راك قول ررال ‪ ‬ر ررا ف رري ال ررش ث أف ررذ ب ررن مال رو ‪« : ‬ا ررالث م ررن أص ررل‬
‫اع اال‪ :‬الكف ن قا ‪ :‬إ هلال هإ الكال‪ ،‬وإ تكفرر برهف ‪ ،‬وإ تخرجرال مرن اعسرالم بع رل‪.‬‬
‫والجدا ما‪ ،‬مإله بعبإلي الكال هلى أال قاتل آخر أمتي الشجا إ بطكال جروف جرائر وإ رش‬
‫ا ‪ ،‬واع اال باألقشاف»(‪.)3‬‬
‫وأ راك قولررال ‪ :‬ر ررا فرري الررش ث يررا‪  ،‬ر‪« :‬هال إ هلررال هإ الكررال ك ررة كررى الكررال‬
‫ر ة لدا إلش الكال مكاال‪ .‬وهي ك ة من قالدا صرا قاك أ خكرال الكرال بدرا الجإلرة‪ .‬ومرن قالدرا البراك‬
‫القإلل مال وأالرزت مالال ولقي الكال غشا فحاسبال»(‪.)4‬‬
‫وقولررال‪« :‬مررن قررا إ هلررال هإ الكررال بتغرري بررهلو وجررال الكررال خررل الجإلررة»(‪ ،)5‬وقولررال‪« :‬مررن‬
‫قا إ هلال هإ الكال خالصاك من قكبال خل الجإلة»(‪.)6‬‬
‫وقولال‪« :‬من قا إ هلال هإ الكرال مسرتيقإلاك بدرا قكبرال خرل الجإلرة»(‪ ،)7‬وقولرال‪« :‬مرن قرا إ‬
‫هلال هإ الكال صشق قكببال لسافال خل من أي أبواب الجإلة الب افية شاء»(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬أي من العهاب‪.‬‬


‫(‪ ،)177/1‬وأوف ر ال إلهفي في‬ ‫(‪ )2‬أخرجال الطبرافي في األوسط (‪ )16/4‬فقم (‪ ،)7472‬والبيدقي في الشع‬
‫الترغي والترهي (‪ )627/6‬وقا ‪ :‬وقا ‪ :‬فوار البزاف والطبرافي وفواتال فواة الصحيو‪ .‬والديب ي في مج ع الزوائش‬
‫(‪ )17/1‬وقا ‪ :‬فوار البزاف والطبرافي في األوسط والصغير وفجالال فجا الصحيو‪ .‬والكم كيال األلبافي بأفال‬
‫صحيو ا في صحيو الجامع (‪.)2474‬‬
‫(‪ )3‬أخرجال أبو او في تاب الجدا ‪ ،‬باب في الغزو مع أئ ة الجوف (‪ )17/7‬ح (‪ ،)6756‬وابن ماجة في تاب‬
‫الفتن‪ ،‬باب‪ :‬الكف ن قا إ هلال هإ الكال (‪ )1675‬ح (‪ ،)7767‬والبيدقي في السإلن (‪ ،)152/7‬والاللكائي في‬
‫ا تقا أهل السإلة (‪ )1667/7‬برقم (‪ ،)6771‬والكم كيال األلبافي بأفال معيف ا في مشكاة ال صابيو الش ث‬
‫فقم (‪ ،)57‬ومعيف الجامع ح فقم (‪.)6576‬‬
‫(‪ )4‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )5‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )6‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )7‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )8‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫‪757‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ووجال اإستشدا مإلدا ظاهر كى اشتراط الكفر بالطاغوت‪ ،‬وهو‪ :‬أال ك ة التواليرش‬
‫"إ هلال هإ الكال" مت إلة لككفر بالطاغوت الرة كيرال فري الرا هفرا هرا‪ ،‬وفري الرا اقترافدرا برال‬
‫ا قرف للو أهل العكم‪.‬‬
‫قررو الشرريم بررش الكطيررف بررن بررش الرررال ن آ الشرريم‪(( :‬وقررش فررر اع رراال و خر‬
‫بالرره ر‪ ،‬فيررشخل فيررال الكفررر بالطرراغوت؛ شرردا ة أال إ هلررال هإ الكررال‪ ،‬فإفدررا الررة كررى اع رراال‬
‫بالكال ال ت ن لككفر بالطاغوت و با ة الكال والشر إ شر و لرال‪ .‬وقرش ج رع بيإلد را را فري‬
‫الررش ث طررافق(‪ .)1‬فيسررتفا معإلر كرى زائررش والكررم آخررر‪ ،‬س رواء افررل الج كررة البافيررة مؤ ررشة أو‬
‫مؤسسة‪ .‬وأ اك فإال إلرة األلفرا واألسر اء تختكرف فري الرا اقترافدرا واففرا هرا‪ ،‬ومعكروم أال‬
‫الج كررة ال عطوفررة أفررا ت فائررشة أخررر‪ ،‬والصررل بدررا لررم حصررل بالج كررة األولررى‪ ،‬كررى القررو‬
‫بأفدا مؤسسة‪ ،‬و ها القرو بأفدرا مؤ رشة‪ .‬فرإال الإلفري فري الج كرة األولرى(‪ )2‬ت ر ن الكفرر ب را‬
‫بش من وال الكرال كرى وجرال الع روم ال سرتفا مرن الإلفري‪ ،‬وفري الج كرة األخرر‪ ،‬خصرل أالرش‬
‫ال عررافي ال سررتفا ة مررن الج كررة األولررى‪ ،‬تإلبيدراك كررى أفررال أجررل معافيدررا وأه دررا‪ .‬وهررها مشرردوف‬
‫في الم الكال فسولال و الم العرب))(‪.)3‬‬
‫وق ررا مبيإل راك وج ررال اإس ررتشإ باألالا ررث ال تقشم ررة ك ررى اش ررتراط الكف ررر بالط رراغوت‬
‫لصررحة الشرردا ة‪(( :‬وقررش قررشمإلا أال شرردا ة اعخررالص الررة كررى الكفررر بالطرراغوت فرري الررا‬
‫هفرا ها‪ ،‬و ها في الا اقترافدا بغيرها‪.‬‬
‫فدهر األالا ث التي ساقدا ال عتر‪ ،‬كدا بح ش الكال‪ ،‬الة كى ما قرفر شيخإلا‬
‫كيررال فرري الررش ث طررافق شرراهشة لررال مقرررفة ل عإلررار‪ ،‬حررش ث يررا‪ ،،‬والررش ث أبرري‬ ‫وفر‬
‫هر رررة‪ ،‬و ررهلو الررش ث أفررذ‪ .‬ررل هررها ررش كررى أال الكفررر بالطرراغوت إ بررش مإلررال فرري‬
‫ص ة ال ا والشم))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬عإلي ال تقشم‪ ،‬وهو قولال ‪« :‬من قا إ هلال هإ الكال و فر ب ا عبش من وال الكال‪ » ...‬الحش ث‪.‬‬
‫(‪ )2‬عإلي قو إ هلال هإ الكال‪.‬‬
‫(‪ )3‬مصباح الظالم (ص‪.)127 :‬‬
‫(‪ )4‬ففذ ال صشف (ص‪.)125 :‬‬
‫‪757‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قكرل‪ :‬وم ررا ومرو للررو أال ال شرر ين ل ررا قرا لدررم الإلبري ‪« :‬قولروا إ هلرال هإ الكررال‬
‫تفكحروا»(‪ )1‬فد روا أفدرا تررش كررى الكفررر بالطرراغوت والبرراءة مررن بررا ة غيررر الكررال‪ ،‬ولررها قررالوا ر‬
‫ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ص‪.]5 :‬‬ ‫ا الكى الكال إلدم ر ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫قو الشريم مح رش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر‪(( :‬والكفراف عك روال أال مررا الإلبري‬
‫‪ ‬بدهر الكك ة هو هفرا الكال برالتعك ‪ ،‬والكفرر ب را عبرش مرن وفرال والبرراءة مإلرال؛ فإفرال ل را قرا‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ﭸﭹ ﭺ‬ ‫لدم‪ « :‬قولوا إ هلال هإ الكال» قرالوا‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫[ص‪.)2())]5 :‬‬
‫و ها ل ا ر‪ ،‬الإلبي ‪ ‬قو إ هلرال هإ الكرال كرى رال أبري طالر قرالوا‪ :‬أترغر رن‬
‫مكررة بررش ال طك ر (‪ .)3‬ومكررة بررش ال طك ر هرري الشرررك‪ ،‬والررهي مإلررال اع رراال بالطرراغوت فررش‬
‫كى أال إ هلال هإ الكال مت إلة لككفر بالطاغوت الة كيال ب قت ى الشرع و الم العرب‪.‬‬
‫القسررم الثالررث‪ :‬األدلررة الترري فيهررا اشررتراط السررالمة والخلرروص مررن الشرررح لصررحة‬
‫التوحيد ودخول الجنة‪:‬‬
‫والفرق بين ههر األ لة والتي قبكدا أال األ لة قبكدا الة كى وجوب الكفر بالطاغوت‬
‫هما مطابقة أو ت إلاك‪ ،‬وههر هف ا تش كيال بطر الكزوم؛ هل كزم من الإلدي ن الشرك الكفر‬
‫بالطاغوت‪.‬‬
‫ومن ههر األ لة‪ :‬قولرال ‪ ‬ر را فوار إلرال ابرن مسرعو ‪ ‬ر‪« :‬مرن مرات وهرو رش و‬
‫من وال الكال فشاك خل الإلاف»‪.‬‬
‫قا ابن مسعو ‪ :‬وقكل أفا‪ :‬من مات وهو إ ش و لكال فشاك خل الجإلة(‪.)4‬‬
‫قررا الشرريم بررش الرررال ن بررن السررن ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬وهررها الحررش ث فيررال التحرره ر مررن‬
‫الشرك أ اك‪ ،‬والتخو ف مإلال‪ .‬والإلش ال بل والشبيال‪ ،‬ف ن را ميتراك أو غائبراك‪ ،‬وأقبرل هليرال بوجدرال‬
‫وقكبال‪ ،‬فغبة هليال وفهبة مإلال‪ ،‬سواء سألال أم لم سألال؛ فدها هو الشرك الهي إ غفرر الكال))(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬م ى تخر جال‪.‬‬


‫(‪ )2‬مؤلفات الشيم اعمام مح ش بن بش الوهاب‪ ،‬القسم األو ‪ :‬العقيشة واآل اب (ص‪ 554 :‬ر ‪.)558‬‬
‫(‪ )3‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(جر‪ )177/5‬ح‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫(‪ )4‬أخرجال البخافي في تاب التفسير باب قولال تعالى‪:‬‬
‫(‪.)4477‬‬
‫‪727‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ومن األ لة أ اك‪ :‬ما جاء في الش ث جابر ‪ :‬أتى الإلبي ‪ ‬فجل فقرا ‪ :‬را فسرو‬
‫الكال ما ال وجبتاالق فقا ‪« :‬من مات إ شررك بالكرال شريداك خرل الجإلرة ومرن مرات شررك بالكرال‬
‫شيداك خل الإلاف»(‪.)2‬‬
‫ووجال اإستشدا بال وامو كى اشتراط الكفر بالطاغوت لصرحة الشردا ة‪ ،‬وهرو‪ :‬أال‬
‫الإلبي ‪ ‬اشترط لشخو الجإلرة الخكروص والسرالمة مرن الشررك‪ ،‬وللرو إ كروال هإ باجتإلراب‬
‫الطواغيررل والبرراءة مإلدررا‪ ،‬ألال الإلدرري ررن الشرررك سررتكزم الكفررر بالطرراغوت ررا تقررشم؛ وللررو‬
‫وجال الشرطية‪ .‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬

‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬قرة يوال ال والش ن (ص‪.)47 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجال مسكم في تاب اع اال (‪.)74/1‬‬
‫‪721‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهرل العلرم فري اعتبرار الكفرر بالطراغوت شررطاً فري شرهادة أن‬
‫ال إله إال الله‪.‬‬
‫ت ر إلل أقروا أهررل العكررم وتقر رراتدم مررا ت ر إلتال فصرروص الكترراب والسرإلة مررن ا تبرراف‬
‫الكفر بالطاغوت قيشاك إ بش مإلال لصحة الشدا ة وففع قولدا‪.‬‬
‫ومن أقوالدم في للو‪:‬‬
‫‪ 1‬ر ما أار ن ر برن الخطراب ‪ ‬أفرال هلا اسرتكم الحجرر األسرو راال قرو ‪ :‬آمإلرل بالكرال‬
‫و فرت بالطاغوت(‪.)1‬‬
‫وفرري بعررض الروا ررات أفررال رراال قررو ر هلا بررر إسررتالم الحجررر ر‪ :‬بسررم الكررال والكررال أ بررر‬
‫كررى مررا هررشافا الكررال‪ ،‬إ هلررال هإ الكررال والررشر إ شررر و لررال‪ ،‬آمإلررل بالكررال‪ ،‬و فرررت بالطرراغوت‪،‬‬
‫وب ررالت والع ررز‪ ،،‬وم ررا ررش ى م ررن وال الك ررال؛ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫[األ راف‪.)2())]172 :‬‬
‫وأبار أال هها القو اال كي بن الحسين ر فال ال الكال ر عك ال ألبإلائال(‪.)3‬‬
‫قكل‪ :‬ووجال الشرطية مإلال قر إلة الحا ؛ فإال اع اال بالكال واع اال بالطاغوت تإلافياال‪ ،‬فرإلا‬
‫قبر ررال ب ررين اع رراال بالك ررال والكف ر رر بالط رراغوت ف رري ال رره ر فبد ررم أال ال ر ررا تحقي ر ر اع رراال ب ررالكفر‬
‫بالطاغوت‪.‬‬
‫وفظيررر هررها القررو مررا جرراء ررن خالررش بررن الوليررش ‪ ‬فرري شررأال العررز‪ ،‬ل ررا أفسرركال الإلبرري‬
‫‪ ‬لتحطي دا‪:‬‬
‫هف ر رري فأ ر ررل الك ر ررال ق ر ررش أهاف ر ررو))(‪.)4‬‬ ‫ر ر ر ررا ر ر ر ررز‪ ،‬فرافر ر ر ررو إ سر ر ر رربحافو‬
‫فقر إلة الحا بستش بدا كى مرا ال تككم وقصشر‪ .‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫‪ 6‬ر وجاء ن أبي الشف اء (‪ ) 5‬أفال ا مر اك من جيرتال فوجشر في‬

‫(‪ )1‬مصإلف ابن أبي شيبة (‪ ،441/7‬و‪.)71/2‬‬


‫إلش استالم الر ن األسو ‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجال األزفقي في أخباف مكة (‪ 777/1‬ر ‪ )747‬باب‪ :‬ما قا‬
‫(‪ )3‬مصإلف ابن أبي شيبة (‪.)772/1‬‬
‫(‪ )4‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬و ر بن ز ش بن قيذ األفصافي أبو الشف اء‪ ،‬مختكف في اسم أبيال‪ ،‬وأما هو ف شدوف بكإليتال‪ .‬وقيل‪ :‬اس ال‬
‫=‬ ‫صحابي جكيل أو مشاهشر أالش‪ ،‬و اال ابشاك مات في أواخر خالفة ب اال‪ ،‬وقيل‪ :‬اش‬ ‫امر و و ر لق‬
‫‪726‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫السروق(‪ )1‬وهررو غرغررر‪ ،‬إ فقدرروال مررا ر ررش‪ .‬فسررألدم‪ :‬ر ررش أال إلطر ق قررالوا‪ :‬فعررم‪ ،‬ر ررش أال‬
‫قو ‪ :‬آمإلل بالكال‪ ،‬و فرت بالطاغوت‪.‬‬
‫قا أبو الشف اء‪ :‬وما ك كم بهلوق قالوا‪ :‬لم ز ر ها التى افكسر لسافال‪ ،‬فرإلحن‬
‫فعكم أفال هف ا ر ش أال إلط بدا‪.‬‬
‫فق ررا أب ررو ال ررشف اء‪ :‬أفك ررو ص رراالبكم هال الك ررال ق ررو ‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[البقرة‪.)2())]652 :‬‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫و ن مكحو (‪ )3‬الين أوصى قا ‪(( :‬تشدش هها ر فاشدش بال ر تشردش أال إ هلرال هإ الكرال‬
‫والشر إ شر و لال وأال مح شاك بشر وفسولال و ؤمن بالكال و كفر بالطاغوت كى للرو حيرى‬
‫هال شاء الكال و وت و بعث‪ ...‬ام قا ‪ :‬ههر وصية أبي الشف اء))(‪.)4‬‬
‫‪ 7‬ر وأبار ن رروة برن الزبيرر(‪ )5‬أفرال راال قرو ر هلا أصربو وهلا أمسرى ر‪(( :‬آمإلرل بالكرال‬
‫العظيم‪ ،‬وا تص ل بال‪ ،‬و فررت بالطراغوت‪ ،‬واست سركل برالعروة الرواقى التري إ اففصرام لدرا‬
‫والكال هو الس يع العكيم))(‪.)6‬‬
‫ووجال الشرطية ظاهر من األار ن ال تقشمين هل مقصو أبي الشف اء ‪ ‬و رروة ر فال رال‬
‫الكررال ر تحقي ر اع رراال بررالكفر بالطرراغوت بررشليل اسررتشإه ا با ررة البقرررة الترري هرري مررن أظدررر‬
‫األ لررة فرري شرررطية الكفررر بالطرراغوت‪ .‬وبرراألار ن أ راك تبررين مررا ررر ‪ ‬مررن قولررال‪(( :‬آمإلررل‬
‫بالكال و فرت بالطاغوت)) وهو أفال ر ش تحق اع اال بالكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫رررررررررر‬
‫(‪ ،]757‬وافظر‪ :‬التاف م الكبير (‪،)72/2‬‬ ‫التده‬ ‫الستة‪[ .‬تقر‬ ‫بعش للو‪ ،‬والش بال إلش أصحاب الكت‬ ‫=‬
‫والجرح والتعش ل (‪.)62/7‬‬
‫(‪ )1‬السوق هإلا ب عإلى الشروع في الإلرزع‪ .‬قا في القاموس (‪ :)727/7‬وساق ال رض سوقاك وسياقاك شرع في فزع الروح‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجال ابن جر ر في التفسير (‪.)557/4‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬مكحو الشامي‪ ،‬أبو بش الكال الشمشقي‪ ،‬اقة فقيال‪ ،‬بير اعفسا ‪ ،‬مات سإلة ب ع شرة ومائة‪[ .‬تقر‬
‫(ص‪ ،])727 :‬وافظر‪ :‬الجرح والتعش ل (‪.)477/7‬‬ ‫التده‬
‫(‪ )4‬سإلن الشافمي (‪ 6776/4‬ر ‪ )6777‬فقم (‪ )7667‬طبعة‪ :‬اف ال غإلي‪ ،‬الر ا‪.،‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬روة بن الزبير بن العوام بن خو كش األسشي‪ ،‬أبو بش الكال ال شفي‪ ،‬اقة فقيال‪ ،‬أالش فقداء ال ش إلة السبعة‪،‬‬
‫ر فو‪ ،‬إلال الزهري وابإلال هشام‪ ،‬توفي قبل ال ائة سإلة (‪ )74‬هر كى‬ ‫س ع أبار و ائشة‪ ،‬و بش الكال بن‬
‫(ص‪.)274 :‬‬ ‫التده‬ ‫الصحيو‪ .‬افظر‪ :‬التاف م الكبير (‪ ،)71/7‬وتقر‬
‫(‪ )6‬أخرجال ابن سا ر في تاف م مش (‪.)627/47‬‬
‫‪727‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫‪ 4‬ر وقا ابن طية(‪(( :)1‬وقشم تعالى ل ر الكفر بالطاغوت كى اع اال بالكال ليظدر‬
‫اإهت ام بوجوب الكفر بالطاغوت))(‪.)2‬‬
‫‪ 5‬ر وقر را أب ررو الي رراال(‪ )3‬ر بع ررش أال س رراق ررالم اب ررن طي ررة مبي إلر راك وج ررال التق ررش م ر‪:‬‬
‫((وفاسر للررو أ راك ر عإلرري تقررش م الكفررر بالطرراغوت كررى اع رراال ر اتصررالال بكفررل الغرري‪،‬‬
‫وألال الكف ررر بالط رراغوت متق ررشم ك ررى اع رراال بالك ررال‪ ،‬ألال الكف ررر بد ررا ه ررو فف رردا وفف ررض‬
‫با تد ررا‪ .‬ول ررم كت ررف بالج ك ررة األول ررى‪ ،‬ألفد ررا إ تس ررتكزم الج ك ررة البافي ررة؛ هل ق ررش رررفض‬
‫با تدررا وإ ررؤمن بالك ررال لكررن اع رراال بالك ررال سررتكزم الكفررر بالط رراغوت‪ ،‬ولكإلررال فبررال ب رره ر‬
‫الكفر بالطراغوت كرى اإفسرالا بالككيرة م را راال مشرتبداك برال سرابقاك لرال قبرل اع راال ألال‬
‫في الإلصية كيال مز ش تأ يش كى تر ال))(‪.)4‬‬
‫‪ 2‬ر وقا الحكي ي‪(( :‬ولو قا الواإلي‪ :‬إ هلال هإ الكرال‪ ،‬و راال رز م أال الصرإلم قربرال هلرى‬
‫الكال؛ لم كن مؤمإلاك التى تبرأ من با ة الصإلم))(‪.)5‬‬
‫‪ 7‬ر ر وقررا ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬فإفررال إ وإء هإ لكررال‪ ،‬وإ وإء هإ بررالبراءة مررن رل‬
‫ﮯ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬ ‫معبر ر ررو س ر ر روار‪ .‬قر ر ررا تعر ر ررالى‪ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫[ال تحإل ر ررة‪ .]4 :‬وق ر ررا تع ر ررالى‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ [الزخرررف‪ 62 :‬ر ‪ ]67‬أي‪ :‬جعررل هررهر ال رواإة‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬اعمام ال فسر‪ ،‬بش الح بن غال بن بش ال كو بن غال بن ت ام بن طية‪ ،‬اعمام الكبير‪ ،‬قشوة ال فسر ن‪،‬‬
‫أبو مح ش الغرفاطي القامي‪ ،‬الشث ن أبيال الحافل الحجة أبي بكر و ن أبي كي الغسافي ومح ش بن الفر ‪ .‬و اال‬
‫فقيداك اففاك باألالكام والحش ث‪ ،‬بصيراك بكساال العرب واسع ال عرفة‪ ،‬توفي سإلة سل وأفبعين وخ س ائة‪ .‬افظر‪ :‬طبقات‬
‫ال فسر ن لكشاوو ي (ص‪ 175 :‬ر ‪.)172‬‬
‫(‪ )2‬ال حرف الوجيز (‪ 6776/6‬ر ‪ )6777‬فقم (‪.)7667‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬الشيم ال فسر‪ ،‬الكغوي ال تبحر‪ ،‬مح ش بن وسف بن كي بن وسف بن الياال‪ ،‬أبو الياال الغرفاطي‪ ،‬س ع‬
‫الكبير بغرفاطة من األستال أبي جعفر بن الزبير وأبي جعفر بن بشير وغيرهم‪ ،‬و اال هماماك مإلتفعاك بال‪ ،‬بصيراك بالكغة‬
‫والتفسير‪ ،‬اتف أهل صرر كى تقش ال وهمامتال‪ .‬توفي سإلة خ ذ وأفبعين وسبع ائة‪ .‬افظر‪ :‬طبقات ال فسر ن‬
‫لكشاوو ي (ص‪ 677 :‬ر ‪.)677‬‬
‫(‪ )4‬البحر ال حيط (‪ 676/6‬ر ‪.)677‬‬
‫(‪ )5‬فقالك ن فتو البافي (‪.)757/17‬‬
‫‪724‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫لكال والبراءة من ل معبو سوار ك ةك باقيةك في قبال توافادا األفبيراء وأتبرا دم بع ردم رن بعرض‪،‬‬
‫وهي ك ة‪ :‬إ هلال هإ الكرال‪ ،‬وهري التري وفادرا همرام الحإلفراء ألتبا رال هلرى روم القيامرة))(‪ .)1‬وقرا أبرو‬
‫السعو (‪(( :)2‬وتقرش م الكفرر بالطراغوت كرى اع راال برال تعرالى لتوقفرال كيرال؛ فرإال التخكيرة متقشمرة‬
‫كى التحكية))(‪.)3‬‬
‫‪ 7‬ر وقا شريم اعسرالم مح رش برن برش الوهراب ر فال رال الكرال ر‪(( :‬وا كرم‪ :‬أال اعفسراال‬
‫ما صير مؤمإلاك بالكال هإ بالكفر بالطاغوت))(‪.)4‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬ال سألة الكبيرة أال با ة الكال إ تحصل هإ بالكفر بالطاغوت))(‪.)5‬‬
‫‪ 7‬ر وقررا الشرريم سرركي اال بررن بررش الكررال آ الشرريم ر تعكيق راك كررى بعررض أ لررة اشررتراط‬
‫الكفر بالطاغوت لصحة الشدا ة ر‪(( :‬وفيدن ليل كى أال التواليش أو واج كى ال ككرف‬
‫وهو الكفر بالطاغوت واع اال بالكال ال ستكزم لعبا تال والشر إ شر و لال))(‪.)6‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬فدها هو معإلى إ هلال هإ الكرال وهرو برا ة الكرال وتررك برا ة مرا سروار وهرو‬
‫الكفر بالطاغوت وه اال بالكال))(‪.)7‬‬
‫وقررا فرري تفسررير قولررال تعررالى‪ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ [الإلسرراء‪(( ]27 :‬أي بالطرراغوت‪،‬‬
‫وهررو ليررل كررى أال التحررا م هلررى الطرراغوت مإلرراف لب رراال م ررا لررال؛ فررال صررو اع رراال هإ‬
‫بالكفر بال وترك التحا م هليال ف ن لم كفر بالطاغوت لم ؤمن بالكال))(‪.)8‬‬
‫‪ 17‬ر وقا العالمة بش الرال ن بن السن ر فال ال الكال ر‪ ...(( :‬الكفر بالطراغوت ف رن‬
‫التواليش ا في آ ة البقرة‪ .‬فإلا لم حصل هها الر ن لم كن موالشاك))(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬الجواب الكافي (‪ 771‬ر ‪.)776‬‬


‫(‪ )2‬تقشمل ترج تال‪.‬‬
‫(‪ )3‬تفسير أبي السعو (‪.)657/1‬‬
‫(‪ )4‬الشفف السإلية (‪.)127/1‬‬
‫(‪ )5‬تاب التواليش مع شرالال فتو ال جيش (ص‪.)51 :‬‬
‫(‪ )6‬تيسير العز ز الح يش (ص‪.)44 :‬‬
‫(‪ )7‬ففذ ال صشف (ص‪.)54 :‬‬
‫(‪ )8‬ففذ ال صشف (‪.)474‬‬
‫(‪ )9‬فتو ال جيش (‪.)527‬‬
‫‪725‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫(‪)1‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬وأما قولال ‪ ‬في الحش ث الصحيو‪« :‬و فر ب ا عبش مرن وال الكرال»‬
‫فدها شرط ظيم‪ ،‬إ صو قو ‪ :‬إ هلال هإ الكال هإ بوجو ر‪ ،‬وهال لم وجش لم كن من قا إ‬
‫هلررال هإ الكررال معصرروم الررشم وال ررا ‪ ،‬ألال هررها هررو معإلررى إ هلررال هإ الكررال فكررم إلفعررال القررو بررشوال‬
‫اعتياال بال عإلى‪ ،‬الهي لل كيال من ترك الشرك‪ ،‬والبراءة مإلال‪ ،‬وم رن فعكرال‪ ،‬فرإلا أفكرر برا ة‬
‫ل ما عبش من وال الكال وتبرأ مإلال و ا ‪ ،‬من فعل للو‪ :‬صاف مسك اك معصوم الرشم وال را ‪،‬‬
‫وهر ر ررها معإلر ر ررى قر ر ررو الكر ر ررال تعر ر ررالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[البقرة‪.)2())]652 :‬‬ ‫ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ول ررر أ ر راك‪(( :‬أال األ ررا إ تص ررو هإ ب ررالبراءة م ررن ب ررا ة ررل م ررا بعب ررش م ررن وال‬
‫الكال))(‪ .)3‬وأ اك ل ا ش شروط شدا ة أال إ هلال هإ الكال ل ر مإلدا‪ :‬والكفر ب را عبرش مرن وال‬
‫(‪)4‬‬
‫الكال ا في قرة يوال ال والش ن‬
‫وقررا الشرريم بررش الكطيررف بررن بررش الرررال ن بررن السررن ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬وأ ظررم ال ر‬
‫اعسررالم وأصرركال األصرريل هررو‪ :‬بررا ة الكررال والررشر‪ ،‬والكفررر ب ررا عبررش مررن وفررال‪ ،‬وهررها هررو الررهي‬
‫لل كيال ك ة اعخالص))(‪.)5‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬شدا ة أال إ هلال هإ الكال لل كى الكفر ب ا بش من وال الكال ت ر إلاك إ‬
‫التزاماك‪ ،‬ولم قل أالش مرن ال سرك ين والعررب‪ :‬هفدرا لرل كرى للرو التزامراك هإ كرى قرو طائفرة‬
‫مالة من ال تكك ين ز وال أال معإلاها‪ :‬إ قا ف كى اإختراع هإ الكال‪ ،‬وأمرا روال شردا ة أال‬
‫إ هل ررال هإ الك ررال ه رري ال إلجي ررة م ررن الخك ررو ف رري الإل رراف فر رإلعم‪ ،‬ولك ررن إ ب ررش م ررن العك ررم واليق ررين‪،‬‬
‫والصررو مررا لررل كيررال مررن الإلفرري واعابررات‪ ،‬وهررها لإلررا إ كيإلررا‪ ،‬وهررو شرردش لدررها الحررش ث‬
‫الهي فيال ز ا ة‪« :‬و فر ب ا عبش من وال الكال»(‪.)7()))6‬‬

‫(‪ )1‬م ى تخر جال‪.‬‬


‫(‪ )2‬الشفف السإلية (‪.)647/6‬‬
‫(‪ )3‬قرة يوال ال والش ن (ص‪.)55 :‬‬
‫(‪( )4‬ص‪.)55 :‬‬
‫(‪ )5‬الشفف السإلية (‪.)675/16‬‬
‫(‪ )6‬م ى تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )7‬مصباح الظالم (‪.)125‬‬
‫‪722‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫‪ 11‬ر وقا العالمة ال حشث هسرحاق برن برش الررال ن برن السرن آ الشريم ر فال رال‬
‫الكال ر في فظم لال في العقيشة‪:‬‬
‫تب ر ر ر ررغ ر ر ر ررن ال ر ر ر ررش ن الق ر ر ر ررو م مع ر ر ر ررشإك‬ ‫والقر ر ر ر ر ر ر ر التوالي ر ر ر ر ر ر ررش هخالصر ر ر ر ر ر ر راك وإ‬
‫وش ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رررع الجد ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررا واعم ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررام‬ ‫ألال فير ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررال وقر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررع الخصر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررام‬
‫ف ر ر ر ررافدم خطاب ر ر ر راك إل ر ر ر ررا م ر ر ر ررا اس ر ر ر ررتبإلى‬ ‫قر ر ر ر ر ر ررو جر ر ر ر ر ر ررل ولقر ر ر ر ر ر ررش بعبإلر ر ر ر ر ر ررا‬
‫مر ر ر ررا صر ر ر ررو هخر ر ر ررالص وهر ر ر ررها ر ر ر رروتى‬ ‫أال ا ب ر ر ر ررشوا الك ر ر ر ررال اتر ر ر ر ر روا الطاغوت ر ر ر ررا‬
‫لصر ر ر ر ررحة فاسر ر ر ر رركو طر ق ر ر ر ر راك وسر ر ر ر ررطاك‬ ‫ق ر ر ر ر ررش ر ر ر ر ررشر أه ر ر ر ر ررل البي ر ر ر ر رراال ش ر ر ر ر رررطاك‬
‫وتخكص ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر روا الإلير ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررات واعفا ة‬ ‫معإلر ر ر ر ر ر ر ر ر ررار أال تحقق ر ر ر ر ر ر ر ر ر روا العبر ر ر ر ر ر ر ر ر ررا ة‬
‫هلى أال قا ر فال ال الكال ر‪:‬‬
‫فر ر ر رري العر ر ر ررروة الر ر ر ررواقى فر ر ر ررأ ن العر ر ر ررالم‬ ‫والكف ر ر ر ر ررر بالطر ر ر ر ر رراغوت فر ر ر ر ر ررر‪ ،‬إزم‬
‫كفر رري وش ر ررفى فاش ر رررب الص ر ررافي الع ر ررهب‬ ‫ف ر رري آ ر ررة الكرس ر رري(‪ )1‬والإلح ر ررل(‪ )2‬ال ر ررهي‬
‫فإف ر ر ر ر ر ررال الط ر ر ر ر ر رراغوت ق ر ر ر ر ر ررل م إلو ر ر ر ر ر ر راك‬ ‫فكر ر ر ر ر ر ررل مر ر ر ر ر ر ررا جر ر ر ر ر ر رراوز ال شر ر ر ر ر ر رررو ا‬
‫(‪)3‬‬
‫سر ر ررم ال طر ر رراع ف ر ر رري ال ر ر رراللة فب ر ر راك‬
‫بر ر ر ر ر ر ر ر ر ررا ة أو طا ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررة أو الب ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك كً‬
‫‪ 16‬ر وقا بعض أهل العكم فاظ اك لدها الشرط أ اك‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫سررو‪ ،‬اعلررال مررن األفررشا قررش أبلدررا‬ ‫وز ر ر ررش اامإلدر ر ررا(‪ )4‬الكف ر ر رراال مإلر ر ررو ب ر ر ررا‬
‫‪ 17‬ر ر وقررا العالمررة بررش الكررال أبررا بطررين ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬ومررن ال عكرروم أفررال إ صررو‬
‫هسالم هفساال التى كفر بالطاغوت‪ ،‬وهو ل ما بش من وال الكال))(‪.)6‬‬
‫وقا العالمة أال ش بن هبراهيم الإلجشي (‪ )1‬ر فال ال الكال ر‪(( :‬وقش ك إلا أال الكال سبحافال‬
‫تعالى قش شرط في صحة اع اال برال الكفرر بالطراغوت لقولرال ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬

‫(‪ )1‬هشافة هلى قولال تعالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬


‫[البقرة‪.]652 :‬‬
‫(‪ )2‬هشافة هلى قولال تعالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ [الإلحل‪.]72 :‬‬
‫(‪ )3‬فا ة اعفساال من القصائش الغر الحساال (ص‪.)162 ،114 :‬‬
‫(‪ )4‬عإلي شروط شدا ة أال إ هلال هإ الكال‪.‬‬
‫(‪ )5‬الشدا تاال معإلاه ا وما ستكزمال ل مإلد ا (ص‪.)174 :‬‬
‫(‪ )6‬الشفف السإلية (‪.)417/17‬‬
‫‪727‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ﰊ ﰊ ﰊ [البقرررة‪ ]652 :‬فصرراف الكفررر بالطرراغوت شرررطاك فرري صررحة اع رراال بالكررال واجبراك‬
‫إ كن وجو اع اال هإ بوجو ر))(‪.)2‬‬
‫‪ 14‬ر ر وقررا الشرريم مح ررش األمررين الش رإلقيطي‪(( :‬وأشرراف هلررى أفررال إ ررؤمن أالررش التررى‬
‫كفر ررر بالط ر رراغوت بقول ر ررال‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [البقر رررة‪،]652 :‬‬
‫ومفدوم الشرط أال من لم كفر بالطاغوت لم ست سو بالعروة الواقى‪ ،‬وهرو رهلو ومرن لرم‬
‫ست سررو بررالعروة الررواقى‪ ،‬فدررو ب عررز ررن اع رراال‪ ،‬ألال اع رراال بالكررال هررو العررروة الررواقى‬
‫واع رراال بالطرراغوت سررتحيل اجت ا ررال مررع اع رراال بالكررال‪ ،‬ألال الكفررر بالطرراغوت شرررط فرري‬
‫اع اال بالكال أو ف ن مإلال ا هو صر و قولال‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ اآل ة))(‪.)3‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬وا كم أال ل ما بش من وال الكال فدو طاغوت وإ تإلفرع برا ة الكرال هإ‬
‫بشرط اجتإلاب با ة ما سوار))(‪.)4‬‬
‫‪ 15‬ر وقررا الش ريم صررالو الفرروزاال ر الفظررال الكررال ر‪(( :‬فاع رراال بالكررال إ صررو هإ بعررش‬
‫الكفررر بالطرراغوت‪ ،‬فررالكفر بالطرراغوت ف ررن اع رراال؛ فررال صررو أال تج ررع بررين اع رراال بالكررال‬
‫واع اال بالطاغوت‪ ،‬ألال هها ج ع بين فقي ين)) (‪ .)5‬افتدى‪.‬‬
‫هررهر بعررض الإلقررو مررن ررالم أهررل العكررم فرري اشررتراط الكفررر بالطرراغوت لصررحة شرردا ة‬
‫أال إ هلررال هإ الكررال وبدررا تبررين تأصررل هررها الشرررط وفسرروخال فرري ررالم أهررل العكررم م ررا ررش كررى‬
‫أه يتررال و ظرريم مكافتررال‪ ،‬ولررها رراال ررشر فرري الشررروط وهب رراز أفررال مإلدررا أمرراك مإلاسررباك خالفراك ل ررن‬
‫أغفكررال مكتفيراك باسررتكزام بعررض الشررروط لررال(‪)6‬؛ وألجررل للررو بإليررل الرسررالة كررى ا تبررافر شرررطاك‪.‬‬
‫والكال تعالى أ كم‪.‬‬

‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬هو‪ :‬أال ش بن هبراهيم بن يسى‪ ،‬من ك اء فجش‪ ،‬لال شرح كى الإلوفية‪ ،‬وف كى الإلبدافي‪ ،‬افل وإ تال ام‬
‫(‪ )1657‬هر‪ ،‬ووفاتال ام (‪ .)1767‬افظر‪ :‬لترج تال ك اء فجش خال ا افية قروال (‪ 155/1‬ر ‪.)126‬‬
‫(‪ )2‬شرح قصيشة ابن القيم الإلوفية (‪.)157/1‬‬
‫(‪ )3‬أمواء البياال (‪.)677/1‬‬
‫(‪ )4‬ففذ ال صشف (‪.)774/7‬‬
‫(‪ )5‬ه افة ال ستفيش (‪.)127/6‬‬
‫(‪ )6‬سيأتي بياال وجال هها التالزم في ال بحث اآلتي‪.‬‬
‫‪727‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬
‫‪727‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المبحث السادس‪ :‬عالقة شرط الكفر بالطاغوت بشرطي المحبة واإلخالص‪.‬‬


‫تقشم بياال أال ج يع الشرروط لكك رة التواليرش متالزمرة بع ردا آخره بحجرز بعرض‪ ،‬هلا‬
‫تررم واالررش مإلدررا و ررل بكررم أال ج يعدررا قررش ب كررل‪ ،‬وهلا افتفررى واالررش مإلدررا بالككيررة بكررم أال‬
‫ج يعد ررا افتف ررل‪ ،‬وهلا فق ر واال ررش مإلد ررا فك رإلق ف رري بقيتد ررا(‪ )1‬هإ أال ه ررها ال ررتالزم والت ررابط‬
‫كوال ظاهراك أ بر في بعض الشروط وال البعض‪.‬‬
‫ومررن الشررروط الترري ظدررر بيإلدررا هررها الررتالزم أ بررر شرررط اعخررالص والكفررر بالطرراغوت‪،‬‬
‫وشرط الكفر بالطاغوت وال حبة‪.‬‬
‫وسب تعك هها الشرط بال حبة واعخالص فك ا بين ال حبة واعخالص أ اك من التالزم‬
‫هل كزم من ال حبة اعخالص‪ ،‬وتوميو للو‪ :‬أال من أال شيداك أخك لال الطا ة‪ .‬فإال افل‬
‫ال حبة محبة با ة أخك لال الطا ة والعبا ة‪.‬‬
‫وفرري هررها ال بحررث س رإلتطرق هلررى بيرراال ال الزمررة بررين شرررط الكفررر بالط راغوت وشرررط‬
‫اعخالص وال حبة‪.‬‬
‫فإلقو ‪:‬‬
‫هال شرررط الكفررر بالطرراغوت كررى الرررغم مررن اسررتقالليتال هإ أال لررال تعكق راك بي رراك بشرررطي‬
‫اعخالص وال حبة‪ .‬فأما تعكقال بشرط اعخالص‪ :‬فألال الكفر بالطاغوت ستكزم ر ا تقشم ر‬
‫البراءة من الشرك بترك العبا ة لغير الكال وبغ دا‪ ،‬وللو من لوازم هخالص العبا ة لكال والشر‪.‬‬
‫وأمررا تعكقررال بشرررط ال حبررة فألفررال ر أي الكفررر بالطرراغوت ر سررتكزم مجافبررة ال شررر ين‬
‫و ررشاوتدم‪ ،‬ولل ررو م ررن ل ر روازم ال حب ررة؛ هل ال حب ررة الص ررا قة لكك ررة التوالي ررش تقت رري بغ ررض‬
‫ال شر ين ومجافبتدم‪.‬‬
‫وهها قو فا هلى معرفة الفرق بين هها الشرط وشرطي ال حبة واعخالص‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬الفرق بين شرط اعخالص والكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫ش رررط الكف ررر بالط رراغوت ش ررترك م ررع ش رررط اعخ ررالص ف رري أال ر رالا مإلد ررا مت ر ر ن‬
‫عخررالص العبررا ة لكررال تعررالى بترررك الشرررك فرري العبررا ة فأسراك‪ ،‬و ز ررش كررى شرررط اعخررالص بأفررال‬
‫مسررتكزم لرربغض ال شررر ين و ررشاوتدم‪ ،‬الررهي هررو جافر البرراءة مررن ال شررر ين‪ .‬وتومرريحال‪ :‬أال‬

‫(‪ )1‬افظر‪( :‬ص‪ 127 :‬ر ‪.)177‬‬


‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الش ررخ ق ررش إ فع ررل الش رررك‪ ،‬و خكر ر لك ررال العب ررا ة هإ أف ررال قصر رر ف رري جافر ر البر رراءة م ررن‬
‫ال شر ين فيتحق فيال معإلى اعخالص وإ تحق فيال ت ام معإلى الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫قو الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال رال الكرال ر‪(( :‬ول را فدرى فروح بإليرال رن الشررك‪،‬‬
‫أم رررهم ب ررال هل ررال هإ الك ررال‪ ،‬فك رريذ ه ررها تك ر ررافاك‪ .‬ب ررل ه ررهاال أص ررالال مس ررتقالال بي ر رراال‪ ،‬وهال اف ررا‬
‫متالزمين‪ ،‬فالإلدي ن الشرك ستكزم الكفر بالطاغوت‪ ،‬وإ هلال هإ الكال اع راال بالكرال‪ ،‬وهرها وهال‬
‫اال متالزماك‪ ،‬فإلومو لكم الواقع‪ ،‬وهو‪ :‬أال بيراك مرن الإلراس قرو ‪ :‬إ أ برش هإ الكرال‪ ،‬وأفرا أشردش‬
‫بكها‪ ،‬وأقر بكها‪ ،‬و كبر الكالم؛ فإلا قيل لال‪ :‬ما تقرو فري فرالال وفرالال‪ ،‬هلا ببرشا أو برشا مرن‬
‫وال الكررالق قررا ‪ :‬مررا كرري مررن الإلرراس‪ ،‬الكررال أ كررم بحررالدم‪ ،‬و ظررن بباطإلررال أال للررو إ جر كيررال‪.‬‬
‫ف ررن أالسررن اإقت رراال‪ :‬أال الكررال ق ررال بررين اع رراال بررال والكفررر بالطرراغوت‪ ،‬فبررشأ بررالكفر بررال كررى‬
‫اع اال بالكال‪ ،‬وقرال األفبياء بين األمر بالتواليش والإلدي ن الشرك‪.)1())...‬‬
‫ومررن جدررة أخررر‪ ،‬فررإال شرررط اعخررالص ز ررش كررى شرررط الكفررر بالطرراغوت فرري وفررال‬
‫مت إلاك لتجر ش أصل الإلية وت ح دا لكال تعالى‪.‬‬
‫وم ررن هإل ررا ك ررن الق ررو ب ررأال ش رررط اعخ ررالص والكف ررر بالط رراغوت تفق رراال م ررن جد ررة‬
‫و فترقاال من جدة أخر‪ ،،‬فد ا متفقراال فري أال رالا مإلد را مت ر ن عخرالص العبرا ة لكرال تعرالى‬
‫إلى إ ش كيال اآلخرر؛ فبيإلد را‬ ‫بترك الشرك في العبا ة‪ ،‬ومفترقاال في وال ل مإلد ا ش ل مع ك‬
‫تالزم وجدي ليذ من ل الوجور‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الفرق بين شرط ال حبة والكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫أال شرط الكفر بالطاغوت أ م من شرط ال حبة(‪ ،)2‬وللو ألال شرط الكفر‬
‫بالطاغوت ستكزم البراءة من الشرك وال شر ين‪ ،‬وللو هو ت ام الوإء وال حبة لدهر‬
‫الكك ة‪ ،‬بخالف ال حبة فدي تستكزم البراءة من ال شر ين‪ ،‬وإ كزم مإلدا البراءة من الشرك‬
‫بشليل أال ال شر ين و ببا الصكي حبوال الكال ‪ ‬ا قا تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ [البقرة‪]125 :‬؛ فكم ع كيدم أفدم إ‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫حبوفال ر سبحافال وتعالى ر‪ ،‬وهف ا اب كيدم الشرك في ههر ال حبة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الشفف السإلية (‪.)176/17‬‬


‫من ال حبة؛ فكل افر بالطاغوت محق لشرط ال حبة وقش إ‬ ‫(‪ )2‬هها با تباف ففسال‪ .‬أما با تباف أهكال فدو أخ‬
‫كزم العكذ‪.‬‬
‫‪771‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وبدها ظدر مش‪ ،‬التالزم والترابط بين شرط ال حبة والكفر بالطاغوت وبين شرط‬
‫الكفر بالطاغوت وشرط اعخالص‪ ،‬وأال الفرق هف ا هو في معإلى وال آخر‪ .‬وهها هف ا ش‬
‫كى أه ية الكفر بالطاغوت ولزوميتال لصحة الشدا ة؛ هل هو مت ن ل عاال قش لل كيدا‬
‫شروط أخر‪ ،‬إ تصو الشدا ة هإ بدا‪.‬‬
‫إلى كتدم من هه ن الشرطين وبد ا تحققال‪،‬‬ ‫فخالصة ما سب أال شرط الكفر بالطاغوت مع ك‬
‫والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الكفر بالطاغوت‪ .‬وفيه مطلبان‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإليمان بالطاغوت‪.‬‬
‫اع اال بالطراغوت م را إلرافي و إلراقض شررط الكفرر بالطراغوت‪ .‬ووجدرال‪ :‬أال اع راال‬
‫بالشيء مش الكفر بال‪ ،‬فاع اال بالطاغوت مش الكفر بال‪.‬‬
‫واع اال بالطاغوت كى وجور‪:‬‬
‫‪ 1‬ر التووه له بالعبادة‪.‬‬
‫التوجال بالعبا ة لكطاغوت م ا إلافي الكفر بال‪ ،‬ألال الكفر بال ر ا تقشم ر ستكزم تررك‬
‫با تررال بخكررع األفررشا واآللدررة الترري تررش ى مررن وال الكررال مررن القك ر ‪ ،‬وترررك الشرررك بدررا فأس راك‬
‫وبغ ال و شاوتال‪.‬‬
‫ووجررال رروال التوجررال لكطرراغوت بالعبررا ة ه افراك بررال أال العبررا ة تسررتكزم التصررش بررال عبو‬
‫والبقررة بررال‪ ،‬ألال العبررا ة مررأخولة مررن معإلررى الخ رروع والتررهلل اع ررافيين ال ت ر إلين لكتصررش‬
‫واعقراف(‪ ،)1‬وللو هو الش اع اال في الكغة ا تقشم(‪.)2‬‬
‫والتوجال لكطراغوت بالعبرا ة رام شر ل‪ :‬رل برا ة لغيرر الكرال تعرالى‪ ،‬فكرل برا ة لغيرر‬
‫الكال فدي من الطغياال والتعشي‪.‬‬
‫قو السعشي ر فال ال الكال ر‪ :‬فري تفسرير اع راال بالجبرل والطراغوت‪(( :‬وهرو اع راال‬
‫بكل با ة لغير الكال‪ ،‬أو الكم بغير شرع الكال؛ فشخل فري للرو السرحر والكدافرة و برا ة غيرر‬
‫الكال وطا ة الشيطاال ل هها من الجبل والطاغوت))(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬قو شيم اعسالم ر فال ال الكال ر‪( :‬إ كوال مؤمإلاك التى صشق تصش قاك قت ي الخ وع واإفقيا فحيث لم‬
‫قت ال لم كن للو التصش ه افاك)‪[ .‬الصافم ال سكو (‪.])776/7‬‬
‫(‪ )2‬افظر‪( :‬ص‪.)745 :‬‬
‫‪776‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قك ررل‪ :‬وم ررا ررشخل تح ررل التوج ررال لكط رراغوت بالعب ررا ة التق رررب هل ررى الج ررن وطكر ر‬
‫الحوائج مإلدم‪.‬‬
‫ق ررو ش رريم اعس ررالم ر فال ررال الك ررال ر‪(( :‬وم ررن الإل رراس م ررن تق رررب هل ررى الج ررن بالع ررشس‬
‫فيطبخوال شساك و عوفال في ال رااليض أو رسركوفال و طكبروال مرن الشرياطين بعرض مرا طكر‬
‫مر ر رإلدم ر ررا فعك ر رروال مبر ر رل لل ر ررو فر ر ري الح ر ررام وغي ر ررر لل ر ررو‪ .‬وه ر ررها م ر ررن اع ر رراال بالجب ر ررل‬
‫والطاغوت))(‪.)2‬‬
‫ووجال للو‪:‬‬
‫أال التقرررب هلررى الجررن اخررل فرري با تدررا ررا تفعكررال السررحرة والكدإلررة اليررث تقربرروال‬
‫هليدم؛ هما بالسجو أو بالهبو أو بطا تدم في ترك بعض الواجبات أو فعل بعض ال حرمات‬
‫التى تقوم بخشمتدم ومطكوبدم(‪.)3‬‬
‫وأ اك‪ :‬ف ن ال عكوم أال فسقة الجرن طواغيرل‪ ،‬ألفدرا مرن وصرف الشريطاال الرهي هرو‬
‫فأس الطواغيل وأساسدا ا تقشم‪.‬‬
‫فالحاصررل أال التقرررب هلررى الجررن وسرؤالدم بعررض الحاجررات هررو مررن بررا ة الطرراغوت‬
‫ال إلافية ألصل الكفر بال‪ .‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫وم ا شخل تحل التوجال لكطاغوت بالعبا ة أ اك با ة األولياء والصالحين بالتقرب‬
‫هلرريدم بالإلررهف والررهبو‪ ،‬وطك ر الح روائج م رإلدم وس رؤالدم تفررر ج الكربررات وهزالررة الإلكبررات ررا‬
‫فعكررال بيررر مررن الجدررا إلررش تبررات ال شررا م ومررائو األمروات(‪ .)4‬وهررها أمررر قررش رل بررال‬
‫البكو‪ ،‬في أغك البكشاال‪ ،‬والص بر من ببكي بال م ا إ بشاال‪.‬‬
‫ق ررو بع ررض أه ررل العك ررم مص رروفاك لد ررهر الح ررا ‪(( :‬وه ررها ش رريء إ خ ررت ب ررال الواال ررش‬
‫واإاإلرراال‪ ،‬وإ البكررشة والبكررشتاال‪ ،‬وإ القطررر والقط رراال‪ ،‬بررل ررم أمررر ال شرراهش و قائررش األم روات‬
‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬تيسير الكر م ال إلاال (ص‪.)176 :‬‬
‫(‪ )2‬ففذ ال صشف (‪.)67/67‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪ :‬القو السش ش (ص‪ 171 :‬ر ‪.)172 ،176‬‬
‫(‪ )4‬افظر‪ :‬قرة يوال ال والش ن (ص‪.)51 :‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫التررى آ األمررر هلررى أفررال بجإل ري الشرررك غ راك طر راك‪ ،‬و بكغإلررا مررن للررو الكبيررر‪ ،‬الررهي إ تحو ررال‬
‫السطوف‪ ،‬سو‪ ،‬ما س عإلار وشاهشفار))(‪.)1‬‬
‫ام ل ر ر فال ال الكال ر صوفاك من هها الشرك وألوافاك من هها الكفر‪ ،‬فقا ر فال رال الكرال ر‪:‬‬
‫((التى هفا وجشفا في أفعالدم لش‪ ،‬هرهر ال شراهش صرإليع الجاهكيرة إلرش بيروت األواراال‪ ،‬وز را ة‬
‫غكررو كررى مررن مررا الكررال وفسرولال باتخررال هلررال ارراال‪ .‬فإفررا سر عإلا الكررال قررو ر فرري تابررال هل سررجل‬
‫ك ررى أولد ررو األقر روام ر ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ [اعسر رراء‪ ]27 :‬أي‬
‫هو تعالى لو الجال واع رام‪ ،‬وشاهشفا أفباب القباب هلا الط ل كريدم أمروا البحرر العبراب‬
‫س ر عل ل ررر الز كعرري والحررشا ‪ ،‬و ررل ررش و شرريخال إلررش للررو اإمررطراب؛ هل لكررل طر قررة إ‬
‫إلتحي سواها في الدترف واإفتسراب‪ .‬ولكرل مرن الجيالفري‪ ،‬وابرن كرواال‪ ،‬والعيرشفوس‪ ،‬والحرشا‬
‫وغيرررهم مررن أشررياا هررهر الطوائررف‪ :‬طائفررة مررن العببرا ‪ ،‬و رره روال الكررال فرري ج كررة مررن ل رفررا‪ ،‬ررا‬
‫س عإلاهم أ اك‪ ،‬أفال واالش من تكو األ شا ))(‪.)2‬‬
‫فافظر يف جعل ر فال ال الكال ر شرك ال شرر ين اليروم أ ظرم مرن شررك األولرين‪ .‬وهرها أمرر‬
‫قررش شرراف ال فيررال غيرررر مررن أهررل العكررم‪ ،‬فدررها شرريم اعسررالم مح ررش بررن بررش الوهرراب صرررح بررهلو‬
‫فيقررو ‪(( :‬فررا كم أال شرررك األولررين أخررف مررن شرررك أهررل وقتإلررا بررأمر ن‪ ،‬أالررشه ا‪ :‬أال األولررين إ‬
‫شر وال وإ ش وال ال الئكة أو األولياء أو األوااال هإ في الرخاء‪ ،‬وأما فري الشرشة فيخكصروال‬
‫لكررال الررش اء ررا قررا تعررالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ [العإلكبرروت‪ ،]25 :‬وقررا تعررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ‬
‫ﭥ [اعس ر ر ر رراء‪ ،]27 :‬وقولر ر ر ررال‪ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ [األفعام‪ ،]41 ،47 :‬وقولال تعرالى‪ :‬ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ [الزم ر ررر‪ ،]7 :‬وقول ر ررال تع ر ررالى‪ :‬ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [لق اال‪.]76 :‬‬

‫(‪ )1‬معاف األلباب لكإلع ي (‪.)266/6‬‬


‫(‪ )2‬ال صشف ففسال (‪ 627/1‬ر ‪.)627‬‬
‫‪774‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ف ن فدم ههر ال سألة التي ومحدا الكرال فري تابرال وهري‪ :‬أال ال شرر ين الره ن قراتكدم‬
‫فسرو الكرال ‪ ‬رش وال الكرال و رش وال غيررر فري الرخراء‪ ،‬وأمرا فري ال رراء والشرشة فرال رش وال هإ‬
‫الكال والشر إ شر و لال‪ ،‬و إلسوال سا اتدم تبين لال الفرق بين شرك أهرل زمافإلرا وشررك األولرين‪،‬‬
‫ولكن أ ن من فدم قكبال ههر ال سألة فد اك فاسخاكق والكال ال ستعاال‪.‬‬
‫األمر البافي‪ :‬أال األولين ش وال مع الكال أفاساك مقربين إلرش الكرال؛ همرا أفبيراء؛ وهمرا أوليراء؛‬
‫وهمررا مالئكررة؛ أو ررش وال أالجررافاك أو أشررجافاك مطيع ررة لكررال تعررالى ليسررل بعاصررية‪ ،‬وأهررل زمافإل ررا‬
‫ش وال مرع الكرال أفاسراك مرن أفسر الإلراس‪ ،‬والره ن رش وفدم هرم الره ن حكروال رإلدم الفجروف مرن‬
‫الزفررا والس ررقة‪ ،‬وترررك الصررالة وغيررر للررو‪ .‬والررهي عتقررش فرري الصررالو والررهي إ عصرري ر مبررل‬
‫الخش والحجر ر أهوال م ن عتقش في ن شاهش فسقال وفسا ر‪ ،‬و شدش بال))(‪ )1‬افتدى‪.‬‬
‫وبدررها بعكررم مررش‪ ،‬افح رراف بيررر مررن ال سررك ين فرري جاف ر تواليررش األلوهيررة األمررر الررهي‬
‫تإلافى والكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫ولها اال اإهت ام بتقر ر تواليش األلوهية و وة الإلاس هليرال مرن أو األوليرات وأوجر‬
‫الواجبررات ال تحت ررات‪ ،‬فاإفشررغا بغيرررر ررا تفعكررال بعررض الج ا ررات افشررغا بررالفرع ررن‬
‫األصل‪ ،‬وبالوسيكة ن الغا ة‪.‬‬
‫هلا إل ر ر ر ر ررل تبإلي ر ر ر ر رال وغي ر ر ر ر رررك د ر ر ر ر ررشم‬ ‫متر ر ر ر ر ررى بكر ر ر ر ر ررغ البإلير ر ر ر ر ررا بال وم ر ر ر ر ر راك ت ام ر ر ر ر ر رال‬
‫وه ررل س ررتقيم الظ ررل والع ررو أ ررو ق‬ ‫ف ر ر ررا س ر ر ررتقيم األم ر ر ررر‪ ،‬وال ك ر ر ررو ج ر ر ررائر‬
‫وم ررا ررشخل تحررل بررا ة الطرراغوت أ راك‪ :‬طا ررة ررل مطرراع فرري الكفررر بالكررال أو اسررتحال‬
‫معصية الكال‪.‬‬
‫والشليل الرش ث رشي برن الراتم ‪ ‬قرا ‪« :‬أتيرل فسرو الكرال ‪ ‬وفري إلقري صركي‬
‫مررن لهر ‪ .‬فقررا ‪ « :‬ررا ررشي اطرررح هررها الرروان مررن إلقررو» قررا فطرالتررال وافتديررل هليررال‪ ،‬وهررو‬
‫قرأ في سروفة برراءة فقررأ هرهر اآل رة ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ قرا ‪ :‬قكرل‪ :‬را فسرو الكرال‬

‫(‪ )1‬شف الشبدات (ص‪ 77 :‬ر ‪.)77‬‬


‫‪775‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫هف ررا لسر رإلا فعب ررشهم‪ .‬فق ررا ‪« :‬أل رريذ حرم رروال م ررا أال ررل الك ررال فتحرموف ررال‪ ،‬و حك رروال م ررا ال رررم الك ررال‬
‫فتحكوفال» قا ‪ :‬قكل بكى‪ .‬قا ‪« :‬فتكو با تدم»(‪.)1‬‬
‫قا الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر‪(( :‬تفسيرها الرهي إ هشركا فيرال ر عإلري‬
‫ر‪ :‬طا ر ررة العك ر رراء والعبر ررا فر رري ال عصر ررية‪ ،‬إ ر رراكهم‬ ‫اآل ر ررة ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ه اهم))(‪ )2‬افتدى‪.‬‬
‫وقش ف أهل العكم كى أال ال طاع في معصية الكال طاغوت‪.‬‬
‫قررا ابررن القرريم‪(( :‬الطرراغوت ررل مررا تجرراوز بررال العبررش الررشر مرن معبررو ‪ ،‬أو متبرروع‪ ،‬أو‬
‫مطاع؛ فطراغوت رل قروم مرن تحرا وال هليرال غيرر الكرال وفسرولال‪ ،‬أو عبشوفرال مرن وال الكرال‪ ،‬أو‬
‫تبعوفال كى غير بصيرة من الكال‪ ،‬أو طيعوفال في ا إ عك وال أفال طا ة لكال))(‪.)3‬‬
‫وقا الشيم مح ش بن بش الوهاب‪(( :‬والطاغوت ام في ل مرا برش مرن وال الكرال‪،‬‬
‫فكل ما ببش من وال الكال وفمي بالعبا ة‪ ،‬من معبو ‪ ،‬أو متبوع‪ ،‬أو مطاع في غير طا رة الكرال‬
‫وفسولال‪ ،‬فدو طاغوت))(‪.)4‬‬
‫فإلا اال ال طاع في غير طا ة الكال طاغوتاك فطا تال ه اال بالطاغوت‪.‬‬
‫قو ابن جر ر الطبري ر فال ال الكال ر في تفسير قولال تعالى‪ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ‪(( :‬و رهلو ر‬
‫أي م ا شخل في اآل ة ر باليي بن أخط و ع بن األشرف‪ ،‬ألفد ا افا مطا ين في أهل‬
‫مكتد ا من اليدو في معصية الكال والكفر بال وبرسولال فكافا جبتين طاغوتين))(‪.)5‬‬
‫قكررل‪ :‬ومررن أهررل العكررم مررن أطك ر أال طا ررة غيررر الإلبرري ‪ ‬فرري معصررية الكررال بتحكيررل‬
‫الحرام وتحر م الحال شرك بالكال تعالى‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجال الترمهي في تاب التفسير من جامعال (‪ )657/5‬ح (‪ ،)7775‬والبخافي في التاف م (‪،)172/7‬‬
‫ترج ة فقم (‪ ،)471‬والطبرافي في الكبير (‪ )76/17‬فقم (‪.)617 ،617‬‬
‫(‪ )2‬تاب التواليش مع شرالال فتو ال جيش (ص‪.)157 :‬‬
‫(‪ )3‬ه الم ال وقعين (‪.)57/1‬‬
‫(‪ )4‬مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب (القسم األو ‪ ،‬العقيشة واآل اب اعسالمية‪ ،‬ص‪.)777 :‬‬
‫(‪ )5‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)141/7‬‬
‫‪772‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قررا الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر فرري ترراب التواليررش‪(( :‬برراب‪ :‬مررن‬
‫أطاع العك اء واألمراء في تحر م ما أالل الكال‪ ،‬أو تحكيل ما الرمال الكرال فقرش اتخرههم أفبابراك مرن‬
‫وال الكال))(‪.)1‬‬
‫قررا بعررض الشررراح‪(( :‬وال قصررو هإلررا الطا ررة الخاصررة فرري تحررر م الحررال أو تحكيررل‬
‫الحرام؛ ف ن أطاع مخكوقاك في للو غير الرسو ‪ ‬ر فإفال إ إلطر رن الدرو‪ ،‬رر‪ ،‬فدرو مشررك‬
‫ا بيإلال الكال تعالى في قولال‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ أي‪ :‬ك راءهم ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫[التوبررة‪ .]71 :‬وفس ررها الإلبرري ‪‬‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫بطا تدم في تحر م الحال وتحكيل الحرام ا سيأتي في الش ث شي))(‪.)2‬‬
‫وقررش وجررال الشرريم السررعشي ر فال ررال الكررال ر ررالم الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب فرري‬
‫هطالقال أال طا ة غير الكال في معصية الكال بتحكيرل الحررام و كسرال فرر بالكرال فقرا ‪(( :‬ووجرال مرا‬
‫ل رررر ال ص رإلف ظرراهر‪ ،‬فررإال الرررب واعلررال هررو الررهي لررال الحكررم القررشفي‪ ،‬والحكررم الشررر ي‪،‬‬
‫والحكررم الجزائرري‪ ،‬وهررو الررهي ؤلررال‪ ،‬و عبررش والررشر إ شررر و لررال‪ ،‬و طرراع طا ررة مطكقررة‪ ،‬فررال‬
‫بعصى بحيث تكوال الطا ات كدا تبعاك لطا ترال‪ .‬فرإلا اتخره العبرش العك راء واألمرراء كرى هرها‬
‫الوجال‪ ،‬وجعل طا تدم هي األصرل وطا رة الكرال وفسرولال تبعراك لدرا‪ ،‬فقرش اتخرههم أفبابراك مرن وال‬
‫الكال‪ ،‬تألدم‪ ،‬و تحا م هليدم‪ ،‬و قشم الك دم كى الكم الكال وفسرولال‪ ،‬فدرها هرو الكفرر بعيإلرال؛‬
‫فإال الحكم كال لكال‪ ،‬ا أال العبا ة كدا لكال))(‪.)3‬‬
‫قكررل‪ :‬ومررن أهررل العكررم مررن فصررل فرري الكررم طا ررة غيررر الكررال فرري معصررية الكررال بتحكيررل‬
‫الحرام و كسال‪.‬‬
‫قا شيم اعسالم ر فال ال الكال ر ‪:‬‬
‫((وهررؤإء الرره ن اتخررهوا أالبررافهم وفهبررافدم أفبابراك اليررث أطررا وهم فري تحكيررل مررا الرررم‬
‫الكال وتحر م ما أالل الكال كوفوال كى وجدين‪:‬‬

‫(‪ )1‬تاب التواليش م ن مؤلفات الشيم مح ش بن بش الوهاب (القسم األو ‪ ،‬العقيشة واآل اب اعسالمية‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.)176‬‬
‫(‪ )2‬تيسير العز ز الح يش (ص‪.)476 :‬‬
‫(‪ )3‬القو السش ش (ص‪ 664 :‬ر ‪.)665‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫أحدهما‪ :‬أال عك وا أفدم بشلوا ن الكال فيتبعوفدم كرى التبرش ل‪ ،‬فيعتقرشوال تحكيرل مرا‬
‫الرم الكال وتحر م ما أالرل الكرال اتبا راك لركسرائدم مرع ك درم أفدرم خرالفوا رن الرسرل فدرها فرر‬
‫وقش جعكال الكال وفسولال شر اك‪ ،‬وهال لم كوفوا صكوال لدم و سجشوال لدم‪ ،‬فكراال مرن اتبرع غيررر‬
‫في خالف الش ن مرع ك رال أفرال خرالف الرش ن وا تقرش مرا قالرال للرو وال مرا قالرال الكرال وفسرولال‬
‫مشر اك مبل هؤإء‪.‬‬
‫والثرراني‪ :‬أال كرروال ا تقررا هم وه ررافدم بتحررر م الحررال وتحكيررل الح ررام اابت راك لك رإلدم‬
‫أطا وهم في معصية الكرال را فعرل ال سركم مرا فعكرال مرن ال عاصري التري عتقرش أفدرا معراص‪،‬‬
‫فدؤإء لدم الكم أمبالدم من أهل الهفوب))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وقا ابن بي ين ر فال ال الكال ر‪:‬‬
‫((اتباع العك اء أو األمراء في تحكيل ما الرم الكال أو العكذ إلقسم هلى االاة أقسام‪:‬‬
‫القسررم األو ‪ :‬أال تررابعدم فرري للررو فامررياك بقرولدم مقررشماك لررال سرراخطاك لحكررم الكررال فدررو‬
‫ﯨ ﯪ ﯫ‬ ‫افر ألفال رر ما أفز الكال‪ ،‬و راهرة مرا أفزلرال الكرال فرر لقولرال تعرالى‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ [مح ررش‪ ،]7 :‬وإ تحرربط األ ررا هإ بررالكفر‪ ،‬فكررل مررن رررر مررا أفررز الكررال فدررو‬
‫افر‪.‬‬
‫القسم البافي‪ :‬أال تابعدم في للو فامياك بحكم الكال‪ ،‬و ال اك بأفال أمبل وأصكو لكعبا‬
‫والبال ‪ ،‬ولكن لدو‪ ،‬في ففسال تابعدم في للو فدها إ كفر ولكإلال فاس ‪.‬‬
‫فإال قيل‪ :‬ل الا إ كفرق‬
‫لدو‪ ،‬في ففسال؛ فدو سرائر‬ ‫أجي بأفال لم رفض الكم الكال‪ ،‬ولكإلال فمي بال وخالفال ك‬
‫أهل ال عاصي‪.‬‬
‫القسم البالث‪ :‬أال تابعدم جاهالك ظن أال للو الكم الكال فيإلقسم هلى قس ين‪:‬‬
‫القسررم األو ‪ :‬أال كإلررال معرفررة الحر بإلفسررال فدررو مفرررط أو مقصررر فدررو آاررم ألال الكررال‬
‫أمر بسؤا أهل العكم إلش شم العكم‪.‬‬
‫القسرم البرافي‪ :‬أال كروال جراهالك وإ كإلرال معرفررة الحر بإلفسرال فيتابعرال بفرر‪ ،‬التقكيررش‬
‫ظن أال هها هو الح ‪ ،‬فال شيء كيال‪ ،‬ألفال فعل ما أمر بال و اال معرهوفاك برهلو‪ ،‬ولرهلو وف‬

‫(‪ )1‬مج وع الفتاو‪.)77/7( ،‬‬


‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ررن فسررو الكررال ‪« :‬أال مررن أبفترري بغيررر كررم فإف ررا ها ررال كررى مررن أفتررار»(‪ .)1‬ولررو قكإلررا بإا ررال‬
‫بخطأ غيرر لكزم من للو الحر وال شقة‪ ،‬ولم ب الإلاس بأالش إالت ا خطأر))(‪.)2‬‬
‫وهها التفصيل الهي ل رر شيم اعسالم ابن تي ية وابن بي ين هرو الرهي ت شرى مرع مرإلدج‬
‫أهل السإلة والج ا ة اله ن إ كفروال بالهفوب هإ مع اإستحال ‪ ،‬و كيال توجرال قولرال تعرالى‪ :‬ﮒ‬
‫[األفعررام‪ ،]161 :‬وهررها مررا قرررفر ال حققرروال مررن أهررل التفسررير‪ ،‬وهررو أال الطررائع‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫في تحكيل الحرام و كسال إ كوال مشر اك هإ مع ا تقا اإستحال ؛ فرال صرو األخره بظراهر هرهر‬
‫اآل ة في تع يم الحكم في تكفير ل من أطاع أالشاك في معصية الكال تعالى‪.‬‬
‫قو ابن العربي‪(( :‬هف ا كوال ال ؤمن بطا ة ال شرك مشر اك هلا أطا رال فري اإ تقرا ‪.‬‬
‫فأم ر ررا هلا أطا ر ررال ف ر رري الفع ر ررل و ق ر ررشر س ر رركيم مس ر ررت ر ك ر ررى التوالي ر ررش والتص ر ررش فد ر ررو ر رراص‬
‫فأفد ور))(‪.)3‬‬
‫و قو القرطبي‪(( :‬قولال تعالى‪ :‬ﮒ ﮓ أي‪ :‬في تحكيرل ال يترة هفكرم ل شرر وال‪.‬‬
‫فشلل اآل ة كى أال من استحل شيداك م ا الرم الكال تعالى صاف بال مشر اك))(‪.)4‬‬
‫وقررا القاسر ي ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬وقولررال تعررالى‪ :‬ﮔ ﮕ ؛ فررإال مررن أ ررل ال يتررة أو مررا‬
‫لبو كى الإلص فس ‪ ،‬ومع اإستحال فر))(‪ .)5‬افتدى‪.‬‬
‫فالحاصل أال طا ة غير الإلبي ‪ ‬في معصرية الكرال بتحكيرل الحررام و كسرال هري ه راال‬
‫بالطرراغوت‪ ،‬ألفدررا توجررال لررال بالعبررا ة‪ ،‬وأمررا الك دررا فدررو ختكررف بحسر الررا ال طيررع‪ ،‬فقررش‬
‫تكوال فراك أ برر إلراقض أصرل الكفرر بالطراغوت‪ ،‬وللرو هلا ا تقرش مرا قالرال ال طراع‪ ،‬أو جعرل‬
‫طا تررال أصرالك وطا ررة الكررال وفسرولال تبعراك لدررا‪ .‬وقررش تكرروال معصرريةك تإلررافي ررا الكفررر بالطرراغوت‬
‫الواج ‪ ،‬وللو هلا لم عتقش ما قالال ال طاع‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجال ابن ماجة في تاب اتباع السإلة‪ ،‬باب‪ :‬اجتإلاب الرأي والقياس (‪ )67/1‬ح (‪ ،)56‬وأال ش في ال سإلش‬
‫(‪ ،)761/6‬والحا م في ال ستشفك (‪ ،)177/1‬والبيدقي في السإلن (‪.)116/17‬‬
‫(‪ )2‬مج وع فتاو‪ ،‬وفسائل الشيم ابن بي ين (‪.)177/6‬‬
‫(‪ )3‬فقالك ن أالكام القرآال لكقرطبي (جر‪ 77/7‬ر ‪.)77‬‬
‫(‪ )4‬تفسير القرطبي (جر‪.)77/7‬‬
‫(‪ )5‬تفسير القاس ي (‪.)6474/2‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ولكررن إلبغرري التفر ر هإلررا بررين جاهررل ب كإلررال معرفررة الح ر بإلفسررال‪ ،‬وجاهررل إ ب كإلررال‬
‫معرفة الح بإلفسال؛ فاألو إ بعهف‪ ،‬والبافي بعهف‪ ،‬ا مر في مسألة العهف بالجدل‪.‬‬
‫‪ 2‬ر التصديق بالطاغوت وإن لم يُعبد‪.‬‬
‫التصررش بالطرراغوت وهال لررم بعبررش م ررا إلررافي الكفررر بررال‪ ،‬ألال مررن مقت رريات الكفررر‬
‫بالطاغوت التكه بال والشدا ة كيال بالبطالال‪.‬‬
‫ولرريذ ال ررا بالتصررش هإلررا التصررش بوجررو ر ومررا هررو كيررال مررن الصررفات؛ فررإال هررها‬
‫شترك فيال ال ؤمن والكافر؛ فإال األصإلام والشيطاال والسرحر شرترك فري العكرم بحالدرا ال رؤمن‬
‫والكررافر؛ ف ررن ال عكرروم أال مررن رراال ال راك بررأالوا الشررياطين واألص رإلام ومررا حصررل بدررا مررن‬
‫الفتإلة لم كن مؤمإلاك بدا ب جر العكم بأالوالدا‪ ،‬ولكن ال قصو التصش ب ا حصل لدا مرن‬
‫العبا ة أو ب ا قع مإلدا من الخوافق واعخباف بال غيبات(‪.)1‬‬
‫وم ررا ررشخل تحررل التصررش بالطرراغوت التصررش بالسررحرة وال بكد راال(‪ )2‬وب ررا قررع‬
‫م رإلدم مررن هخبرراف بال غيبررات‪ .‬لكرروال السرراالر والكرراهن مررن أف ررا الطواغيررل إ ائد ررا العكررم‬
‫بال غيبات الهي هو من خصائ الرب ر جل و ز ر‪ ،‬فتصش قد ا تصش بالطاغوت‪ ،‬وللو‬
‫إلافى الكفر بال‪.‬‬
‫وم ررن ف ر كررى أال الكرراهن والسرراالر مررن الطواغيررل أبررو العاليررة الر رراالي(‪ ،)3‬وفوي‬
‫أ اك ن سعيش بن جبير(‪ )5()4‬والشعبي(‪.)7()6‬‬
‫وجاء ن جابر بن بش الكال ر فمي الكال إلد ا ر‪ (( :‬افرل الطواغيرل التري تحرا وال‬
‫هليدا في جديإلة واالش وفي أسكم واالش وفي ل الي واالش داال إلز كيدم الشيطاال‪...‬‬
‫وقا كرمة‪ :‬الجبل بكساال الحبشة شيطاال‪ .‬والطاغوت الكاهن))(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬مج وع الفتاو‪ 557/7( ،‬ر ‪ )557‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪ )2‬الكداال ج ع اهن‪ ،‬والكاهن هو الهي تعاطى الخبر بال غيبات ن الجاال و حشث ب ا سيحشث في مستقبل‬
‫الزماال و ش ي معرفة األسراف‪ .‬افظر‪ :‬الإلدا ة في غر الحش ث (‪ 614/4‬ر ‪.)615‬‬
‫(‪ )3‬تفسير مجاهش (‪ ،)121/1‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)177/7 ،557/4‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬سعيش بن جبير األسشي موإهم الكوفي‪ ،‬اقة ابل‪ ،‬فقيال من البالبة‪ ،‬وفوا تال ن ائشة وأبي موسى وفحوه ا‬
‫مرسكة‪ ،‬قتل بين شي الحجا سإلة خ ذ وتسعين ولم ك ل الخ سين‪[ .‬تقر التده (‪ 774‬ر ‪.])775‬‬
‫(‪ )5‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)177/7 ،557/4‬‬
‫(‪ )6‬هو‪ :‬امر بن شرااليل الشعبي ر بفتو ال عج ة ر أبو رو‪ ،‬اقة مشدوف‪ ،‬فقيال فامل‪ ،‬من البالبة‪ .‬قا مكحو ‪ :‬ما‬
‫فأ ل أفقال مإلال‪ .‬مات بعش ال ائة‪ .‬تقر التده (ص‪ 475 :‬ر ‪.)472‬‬
‫(‪ )7‬تفسير ابن أبي الاتم (‪ .)772/7‬وتفسير ابن جر ر الطبري (‪ )157/5‬آ ة الإلساء‪.‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وقر ررا ابر ررن جر ررر ج‪ :‬الطواغير ررل در رراال تإلر ررز كيدر ررا شر ررياطين كقر رروال كر ررى ألس ر رإلتدم‬
‫وقكوبدم))(‪ .)2‬افتدى‪.‬‬
‫وم ا رشخل تحرل التصرش بالطراغوت أ راك‪ :‬التصرش بصرحة برا ة مرن بعبرش مرن‬
‫وال الكال سواء ا هلى با ة ففسال أو لم رش و هليدرا‪ ،‬فمري بعبا ترال أو لرم رر‪ ،‬ألال با ترال‬
‫في الش لاتدا طغيافاك وتجاوزاك ا سب تقر رر‪.‬‬
‫واألصل في تحر م التصش بالطراغوت قولرال تعرالى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ [الإلساء‪.]51 :‬‬
‫قررا ابررن جر ررر الطبررري ر فال ررال الكررال ر بعررش أال الكررى أق روا ال فسررر ن فرري تفسرريرها‪:‬‬
‫((والصرواب مررن القررو فرري تأو ررل قولررال‪ :‬ﯽ ﯾ ﯿ أال قررا ‪ :‬صررشقوال ب عبررو ن مررن وال‬
‫الكال فيعبشوفد ا من وال الكال‪ ،‬و تخهوفد ا هلدين‪ ،‬وللو أال الجبرل والطراغوت اسر اال لكرل‬
‫معظم بعبا ة من وال الكرال‪ ،‬أو طا رة‪ ،‬أو خ روع لرال‪ ،‬ائإلراك مرا راال للرو ال عظرم مرن الجرر‪،‬‬
‫أو هفسرراال‪ ،‬أو شرريطاال‪ ،‬وهل رراال للررو ررهلو‪ ،‬و افررل األصرإلام الترري افررل الجاهكيررة تعبررشها‬
‫افررل معظ ررة بالعبررا ة مررن وال الكررال فقررش افررل بجببوت راك وطواغيررل‪ ،‬و ررهلو الشررياطين الترري‬
‫افل الكفاف تطيعدا في معصية الكال‪ ،‬و هلو الساالر والكاهن الكهاال اال مقبوإك مإلد را مرا‬
‫ق رراإ ف رري أه ررل الش رررك بالك ررال‪ .‬و ررهلو بالير ري ب ررن أخط ر و عر ر ب ررن األش رررف‪ ،‬ألفد ررا اف ررا‬
‫مط ررا ين ف رري أه ررل مكتد ررا م ررن اليد ررو ف رري معص ررية الك ررال والكف ررر ب ررال وبرسر رولال‪ ،‬فكاف ررا جبت ررين‬
‫طاغوتين))(‪.)3‬‬
‫و قو السعشي ر فال ال الكال ر‪ :‬في تفسير اع اال بالجبل والطاغوت‪(( :‬وهرو اع راال‬
‫بكل با ة لغير الكال‪ ،‬أو الكم بغير شرع الكال؛ فشخل فري للرو السرحر والكدافرة و برا ة غيرر‬
‫الكال وطا ة الشيطاال؛ ل هها من الجبل والطاغوت))(‪.)4‬‬
‫فرإلا ابررل أال التصررش بالكدرراال والسررحرة وال عبررو ن مررن وال الكررال م ررا إلررافي الكفررر‬
‫بالطاغوت‪ ،‬ف ا الكم من صشق بشيء من للوق‬
‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬صحيو البخافي‪ ،‬تاب التفسير (جر‪.)617/5‬‬
‫(‪ )2‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪.)557/4‬‬
‫(‪ )3‬تفسير ابن جر ر الطبري (‪ 147/7‬ر ‪.)141‬‬
‫(‪ )4‬تيسير الكر م ال إلاال (ص‪.)176 :‬‬
‫‪771‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الجواب ن للو‪ :‬أال من صشق بأفعا السحرة والكدراال‪ ،‬أو أقررهم كرى للرو فقرش‬
‫فر وافسكم من مكة اعسالم‪.‬‬
‫والشليل قولال ‪« :‬من أتى اهإلاك أو رافاك فصرشقال ب را قرو فقرش فرر ب را أفرز كرى‬
‫مح ش ‪.)1(»‬‬
‫ولفل الكاهن ام شخل فيال ل مشع لعكم الغي فيش ل الساالر وغيرر م ن ش ي‬
‫ال غيبات‪ ،‬ولها جاء ن الإلبي ‪ ‬في الرش ث اسرتراق الشرياطين السر ع‪« :‬فيسر عدا مسرترق‬
‫الس ع‪ ،‬ومسترق الس ع هكرها بع رال فروق بعرض»‪ .‬ووصرف سرفياال بكفرال فحرفدرا وبرش برين‬
‫أصابعال «فيس ع الكك ة فيكقيدا هلى مرن تحترال‪ ،‬ارم كقيدرا اآلخرر هلرى مرن تحترال‪ ،‬الترى كقيدرا‬
‫كى لساال الساالر أو الكاهن»(‪ )2‬م ا ش كى اشتراك السراالر والكراهن فري هرهر الصرفة‪،‬‬
‫وهي ا اء كم ال غيبات‪.‬‬
‫وفي هها قو الافل الك ي ر فال ال الكال ر‪(( :‬ارم ا كرم أال الكراهن وهال راال أصركال مرا‬
‫ل رفا فدو ام في ل من ا ى معرفة ال غيبات))(‪.)3‬‬
‫ف ن صشق من ا ى للو فقش جعل لكال شر كاك في ا هو مرن خصائصرال‪ ،‬وقرش رهب‬
‫الكال وفسولال‪ ،‬وللو هو وجال فرر‪.‬‬
‫قو العالمة الس عشي ر فال ال الكال ر في الكداال وفحوهم ر‪(( :‬هم ل من ش ي كرم‬
‫الغي ر بررأي طر ر مررن الطرررق‪ .‬وللررو أال الكررال تعررالى هررو ال إلفررر بعكررم الغي ر ‪ ،‬ف ررن ا ررى‬
‫مشاف ة الكال في شيء من للو بكدافة أو رافة أو غيرها‪ ،‬أو صرشق مرن ا رى للرو‪ ،‬فقرش‬
‫جع ررل لك ررال ش ررر كاك في ررا ه ررو م ررن خصائص ررال‪ ،‬وق ررش ررهب الك ررال وفس ررولال‪ .‬و بي ررر م ررن الكداف ررة‬
‫ال تعكقررة بالشررياطين إ تخكررو مررن الشرررك‪ ،‬والتقرررب هلررى الوسررائط الترري تسررتعين بدررا كررى‬

‫(‪ )1‬أخرجال أبو او في تاب الط ‪ ،‬باب في الكاهن (‪ )15/4‬ح (‪ ،)7774‬وأال ش في ال سإلش (‪،)467/6‬‬
‫و بش الرزاق في ال صإلف (‪ ،)617/11‬والطبرافي في الكبير (‪ ،)27/66‬والبزاف في ال سإلش (‪ ،)715/5‬وأوف ر‬
‫الديب ي في ال ج ع (‪ )117/5‬وقا ‪ :‬فوار البزاف وفجالال فجا الصحيو خال هبيرة بن مر م وهو اقة‪.‬‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ‬ ‫(‪ )2‬صحيو البخافي‪ ،‬تاب التفسير باب قولال‪:‬‬
‫(‪ )67‬سوفة سبأ (جر‪ )77/76‬ح (‪.)4777‬‬
‫(‪ )3‬معاف القبو (‪.)576/6‬‬
‫‪776‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫بال‪ ،‬ومن جدة‬ ‫و‪ ،‬العكوم الغيبية‪ ،‬فدو شرك من جدة مشاف ة الكال في ك ال الهي اخت‬
‫التقرب هلى غير الكال))(‪.)1‬‬
‫قكررل‪ :‬ولرربعض أهررل العكررم وجررال آخررر فرري تكفيرررر‪ ،‬وهررو أفررال مكررهب لقررو الكررال تعررالى‪:‬‬
‫ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ [الإل ل‪.)2(]25:‬‬
‫وأمررا التصررش ب عبررو ات وال الكررال تعررالى تسررتح شرريداك مررن العبررا ة فدررو أ راك فررر‬
‫أ بر إلافي شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫ﰊ‬ ‫قرا تعرالى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫[الإلساء ‪ 51‬ر ‪.]56‬‬
‫قو الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر‪(( :‬ومعإلى اع اال بد ا؛ هما التصش‬
‫بأفدا آلدة وهشرا د ا بالعبا ة مع الكال تعالى‪ ،‬وهما طا تد ا وموافقتد ا كى ما ه ا كيال من‬
‫الباطل‪ ،‬وهما القشف ال شترك بين ال عإلين؛ التعظيم مبالك‪ .‬وال تبا ف ال عإلى األو ؛ أي‪ :‬أفدم‬
‫صشقوال بألوهية هه ن الباطكين و شر وفد ا في العبا ة مع اعلال الح و سجشوال لد ا))(‪.)3‬‬
‫قكل‪ :‬وج يع ههر األفعا اخكة في معإلى الكفر بالكال‪ ،‬ألفدا شرك بال تعالى‪.‬‬
‫‪ 3‬ر الموافقة لعبدة الطاغوت ولو مع بغضه ومعرفة بطالنه‪.‬‬
‫ال وافقة لعبشة الطاغوت ولو مع بغ ال ومعرفة بطالفال هي م ا رشخل تحرل اع راال‬
‫بالطاغوت ال إلافي لككفر بال أ اك‪.‬‬
‫والررشليل قولررال تعررالى‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [الإلساء‪.]51 :‬‬
‫فقش فو‪ ،‬ابن أبي الاتم في تفسيرر(‪ )4‬ن كرمة في سب فزولدا‪(( :‬جاء اليي بن‬
‫أخط و ع بن األشرف هلى أهل مكة‪ ،‬فقالوا لدم‪ :‬أفتم أهل الكتاب وأهل العكم‪،‬‬

‫(‪ )1‬القو السش ش (ص‪.)172 :‬‬


‫(‪ )2‬افظر‪ :‬فقال العبا ات إبن العبي ين (ص‪.)25 :‬‬
‫(‪ )3‬مسائل الجاهكية (ص‪ 77 :‬ر ‪.)77‬‬
‫(‪ )440/5( )4‬برقم (‪ .)5005‬وأوف ر ابن بير في تفسيرر (‪ )550/5‬وقا ‪ :‬وقش فو‪ ،‬هها من غير وجال ن ابن‬
‫باس وج ا ة من السكف‪.‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫فأخبروفا إلا و ن مح ش‪ .‬فقالوا‪ :‬ما أفتم وما مح شق فقالوا‪ :‬فحن فصل األفالام‪ ،‬وفإلحر‬
‫الكوماء(‪ )1‬وفسقي ال اء كى الكبن‪ ،‬وففو العبإلاة‪ ،‬وفسقي الحجيج‪ ،‬ومح ش صإلبوف(‪،)2‬‬
‫قطع أفالامإلا واتبعال بسراق الحجيج بإلوا غفاف‪ ،‬فإلحن خير أو هوق قالوا‪ :‬أفتم خير وأهش‪،‬‬
‫سبيالك‪ .‬فأفز الكال ز وجل‪ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [الإلساء‪.))]51 :‬‬
‫وق ررا مح ررو ش رركري األلوس رري ف رري تفس رريرها‪(( :‬ال قص ررو هإل ررا أال جدك ررة الكت ررابيين‬
‫بقولوال لك شر ين‪ :‬أفتم أهش‪ ،‬من ال سك ين‪ ،‬وما إلش م خير م ا كيال مح ش وأصحابال‪.‬‬
‫وتررر‪ ،‬بعررض ال تصرروفة والغررالة اليروم كررى هررها ال رإلدج‪ ،‬قولرروال‪ :‬هال رراة أهررل القبرروف‬
‫خير م ن إلع ن للو من أهل التواليش والفا السإلة))(‪.)3‬‬
‫قكل‪ :‬وقش بين العك اء أال هها الصرإليع مرن بعرض اليدرو هرو موافقرة لك شرر ين فري‬
‫الظاهر‪ ،‬وهال افوا في البراطن معتقرش ن بطرالال للرو ‪ ،‬ومرع للرو رافوا م رن آمرن بالجبرل‬
‫والط رراغوت‪ ،‬ف ررش ك ررى أال مج ررر ال وافق ررة لك ش ررر ين ف رري الظ رراهر تس ر ى ه اف راك ول ررو ل ررم‬
‫وافقدم في الباطن‪.‬‬
‫قو الشيم صالو الفوزاال‪(( :‬في اآل ة ليل كى أال ال وافقرة لدرم فري الظراهر تسر ى‬
‫ه افراك ولررو لررم روافقدم فرري البرراطن‪ ،‬ألال اليدررو ل ررا قررالوا لكفرراف قررر ش أفررتم أهررش‪ ،‬مررن الرره ن‬
‫آمإلروا سرربيالك‪ .‬هررم فرري البرراطن عتقررشوال بطررالال هررها الكررالم ولكرإلدم وافقرروهم فرري الظرراهر ومررع‬
‫هها س ى الكال هها ه افاك بالجبل والطاغوت))(‪.)4‬‬
‫وله بعض أهل العكم هلى أال ال را بال وافقة فري اآل رة ال شراف ة لدرم فري موجبرات‬
‫ف رررهم‪ ،‬وه ررها الق ررو اخت ررافر العالم ررة ب ررش الد ررا ي ب ررن مح ررش العجيك رري(‪ )5‬الي ررث ق ررا ف رري‬

‫الحش ث إبن سالم (‪.)80/5‬‬ ‫(‪ )1‬الكوماء‪ :‬الإلاقة ال خ ة السإلام‪ .‬غر‬


‫الحش ث (‪.)55/5‬‬ ‫(‪ )2‬الصإلبوف‪ :‬األبتر الهي إ ق لال‪ .‬الإلدا ة في غر‬
‫(‪ )3‬ال سائل التي خالف فيدا فسو الكال ‪ ‬أهل الجاهكية بشرح األلوسي مح و شكري (ص‪ ،)627 :‬تحقي ‪. ،‬‬
‫وسف السعيش‪.‬‬
‫(‪ )4‬ه افة ال ستفيش (‪ .)457/1‬وافظر‪ :‬شرح مسائل الجاهكية (ص‪.)672 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬بش الدا ي بن مح ش بن بش الدا ي العجيكي‪ ،‬البكري‪ ،‬من ك اء الي ن‪ .‬افظر‪ :‬ترج تال في مقشمة‬
‫تحقي التجر ش في شرح تاب التواليش ل حققال الش توف السن العواجي (‪ 47/1‬ر ‪.)57‬‬
‫‪774‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫تفسرريرها‪(( :‬وال قصررو أال اليدررو وافق روا قر ش راك كررى السررجو لكص رإل ين مررع بغ ررد ا ومعرفررة‬
‫بطالفد ا و قولوال أفدم أهش‪ ،‬سبيالك من ال ؤمإلين وهم عرفوال فرهم))(‪.)1‬‬
‫ولعكررال إالررل مررا ل رررر بعررض أهررل العكررم فرري سررب فزولدررا فقررش جرراء ررن كرمررة فرري‬
‫سررب ف رزو هررهر اآل ررة‪(( :‬أال عر بررن األشرررف خررر فرري سرربعين فا براك مررن اليدررو هلررى مكررة‬
‫بعررش وقعررة أالررش ليحررالفوا قر ش راك كررى فسررو الكررال ‪ ‬و إلق روا العدررش الررهي رراال بي رإلدم وبررين‬
‫فسو الكال ‪ ‬فإلرز ع كى أبي سفياال فأالسن مبوار‪ ،‬وفزلل اليدو فري وف قرر ش فقرا‬
‫أهل مكة‪ :‬هفكم أهل تاب ومح ش صاال تاب وإ فأمن أال كوال هها مكراك مإلكم‪ ،‬فرإال‬
‫أف تم أال فخر معكم فاسجشوا لده ن الصإل ين وآمإلوا بد ا‪ ،‬ففعكوا للو‪ .‬فهلو قولال ﯽ‬
‫ﯾ ﯿ ))(‪.)2‬‬
‫ولهر بعررض أهررل العكررم هلررى أال ال ررا باع رراال بالجبررل والطرراغوت فرري اآل ررة التصررش‬
‫بألوهيررة صرإل ين افررل تعبررشه ا قررر ش‪ ،‬ومررن هررؤإء الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر‬
‫اليررث قررو ‪(( :‬ومعإلررى اع رراال بد ررا؛ همررا التصررش بأفدررا آلدررة وهشررا د ا بالعبررا ة مررع الكررال‬
‫تعررالى‪ ،‬وهمررا طا تد ررا وموافقتد ررا كررى مررا ه ررا كيررال مررن الباطررل‪ ،‬وهمررا القررشف ال شررترك بررين‬
‫ال عإلررين؛ ررالتعظيم مرربالك‪ .‬وال تبررا ف ال عإلررى األو أي‪ :‬أفدررم صررشقوال بألوهيررة هرره ن البرراطكين‬
‫و شر وفد ا في العبا ة مع اعلال الح و سجشوال لد ا))(‪.)3‬‬
‫ومد راك كررن مررن أمررر فإفررال إ مررافع مررن ال ررل اآل ررة كررى الج يررع‪ ،‬ألال معإلررى اع رراال‬
‫ش ل اعقراف الهي هو ال وافقة بالكساال‪ ،‬و ش ل التصرش الرهي هرو رل القكر ‪ ،‬و شر ل‬
‫ال شاف ة التي هي ل الجوافح‪ ،‬فكل للو م را رشخل تحرل معإلرى اع راال أي‪ :‬بالجبرل‬
‫والطاغوت‪.‬‬
‫وأما الكم ال وافقة لككفاف كى فرهم فري الظراهر مرع تكره البراطن فدري فرر أ برر‬
‫هال لم كن الحامل كيدا اع رار أو الجدل‪.‬‬
‫قو الشيم سكي اال بن بش الكال آ الشيم ر فال ال الكال ر‪(( :‬ا كم فال و الكال تعالى أال‬
‫اعفساال هلا أظدر لك شر ين ال وافقة كى إلدم خوفاك مإلدم ومشافاة لدم ومشاهإلة لشفع شرهم‬

‫(‪ )1‬تحقي التجر ش في شرح تاب التواليش (‪ 651/6‬ر ‪.)656‬‬


‫(‪ )2‬معالم التإلرز ل (‪ .)255/2‬واألار أخرجال ابن جر ر الطبري في تفسيرر ()*********‪.‬‬
‫(‪ )3‬مسائل الجاهكية (ص‪ 77 :‬ر ‪.)77‬‬
‫‪775‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫فإفال افر مبكدم(‪ ،)1‬وهال اال كرر إلدم و بغ دم‪ ،‬و ح اعسالم وال سك ين‪ ،‬هها هلا لم‬
‫قع مإلال هإ للو‪ ،‬فكيف هلا اال في اف مإلعة واستش ى بدم‪ ،‬و خل في طا تدم‪ ،‬وأظدر‬
‫ال وافقة كى إلدم الباطل وأ افدم كيال بالإلصرة‪ ،‬وواإهم‪ ،‬وقطع ال واإة بيإلال وبين‬
‫ال سك ين‪ ،‬وصاف من جإلو القباب والشرك وأهكدا بعش ما اال من جإلو اعخالص والتواليش‬
‫وأهكالق فإال هها إ شو مسكم أفال افر من أشش الإلاس شواة لكال تعالى وفسولال ‪ ،‬وإ‬
‫ستبإلى من للو هإ ال كرر‪ ،‬وهو الهي ستولي كيال ال شر وال فيقولوال لال‪ :‬ا فر أو افعل ها‬
‫وهإ فعكإلا بو وقتكإلاك‪ ،‬أو أخهوفال فيدش وفال التى وافقدم‪ ،‬فيجوز لال ال وافقة بالكساال مع‬
‫ط أفيإلة القك باع اال‪ .‬وقش أج ع العك اء كى أال من تككم بالكفر هازإك أفال كفر‪ ،‬فكيف‬
‫ب ن أظدر الكفر خوفاك وط عاك في الشفياق))(‪ .)2‬افتدى‪.‬‬
‫و قو الشيم ال ش بن تي ر فال ال الكال ر في معر‪ ،‬المال ن أوجال ال وافقة‬
‫لك شر ين ر‪(( :‬الوجال البافي‪ :‬أال وافقدم في الظاهر مع مخالفتال لدم في الباطن‪ ،‬وهو ليذ‬
‫في سكطافدم‪ ،‬وهف ا ال كال كى للو‪ :‬هما ط ع في ف اسة أو ما أو مشحة بوطن أو يا‬
‫أو خوف م ا حشث في ال ا ‪ ،‬فإفال في ههر الحا كوال مرتشاك‪ ،‬وإ تإلفعال راهتال لدم في‬
‫الباطن‪ ،‬وهو م ن قا الكال فيدم‪ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﭨ ﮣ [الإلحل‪ )3())]177 :‬افتدى‪.‬‬
‫قكررل‪ :‬ومررن أهررل العكررم مررن فصررل فرري الكررم ال وافقررة لككفرراف كررى فرررهم‪ .‬قررا ابررن‬
‫بي ين ر فال رال الكرال ر‪(( :‬أمرا ه راال القكر وا تقرا ر‪ ،‬فدرها إ شرو فري خولرال فري اآل رة‪ .‬وأمرا‬
‫موافق ررة أص ررحابدا م ررع بغ رردا ومعرف ررة بطالفد ررا‪ ،‬فد ررها حت ررا هل ررى تفص رريل‪ ،‬ف ررإال رراال وافر ر‬
‫أص ررحابدا بإل رراء ك ررى أفد ررا ص ررحيحة؛ فد ررها ف ررر‪ ،‬وهال رراال وافر ر أص ررحابدا وإ عتق ررش أفد ررا‬
‫صررحيحة؛ فإفررال إ كفررر‪ ،‬لكإلررال إ شررو كررى خطررر ظرريم خشررى أال ررؤ ي بررال الحررا هلررى‬
‫الكفر والعيال بالكال))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬سيأتي في المال ر فال ال الكال ر أفال ستبإلي ال ب كرر‪.‬‬


‫(‪ )2‬الكم مواإة أهل اعشراك م ن مج وع الفتاو‪ ،‬الإلجش ة (ص‪.)777 :‬‬
‫(‪ )3‬فسالة الشيم ال ش بن تي م ن مج و ة التواليش (ص‪ 675 :‬ر ‪.)672‬‬
‫(‪ )4‬القو ال فيش (‪.)477/1‬‬
‫‪772‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫والص ررحيو األو ‪ ،‬أي‪ :‬أفد ررا ف ر ٌرر مطكقر راك‪ ،‬ألال الك ررال سر ر ى لل ررو ه افر راك بالط رراغوت‪،‬‬
‫واع رراال بالطرراغوت فرٌرر ألفررال إلررافي الكفررر بالطرراغوت الررهي هررو شرررط فرري شرردا ة أال إ هلررال‬
‫هإ الكال‪.‬‬
‫فالحاصل أال أهل العكم اختكفوا في ال را باع اال بالجبل والطاغوت في اآل ة هل‬
‫هو ا تقا القك أو موافقة أصحابدا ر أي األصإلام ر مع بغ دا ومعرفة بطالفدا أو أال للو‬
‫كوال مع ال شاف ةق وإ مافع من الح ل كى الج يع ا تقشم‪ ،‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫‪ 4‬ر التحاكم إلى الطاغوت‪.‬‬
‫التحا م هلى الطاغوت م ا شخل أ اك تحل اع اال بالطاغوت ال إلافي لككفر بال‪،‬‬
‫ووجال للو‪ :‬ألفال فوع افقيا فيت ن التصش لغير شر عة الكال‪.‬‬
‫قررو الشرريم السررعشي ر فال ررال الكررال ر‪ :‬فرري تفسرريرر لب رراال بالجبررل والطرراغوت‪(( :‬هررو‬
‫اع رراال بكررل بررا ة لغيررر الكررال‪ ،‬أو الكررم بغيررر شرررع الكررال؛ فررشخل فرري للررو السررحر والكدافررة‬
‫و با ة غير الكال وطا ة الشيطاال‪ ،‬ل هها من الجبل والطاغوت))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫والتحررا م هلررى الطرراغوت بطكر فرري ررالم أهررل العكررم و ربرا بررال‪ :‬العررشو ررن الكررم الكررال‬
‫‪ ‬والكررم فسرولال ‪ ،‬والتحررا م هلررى مررا ومررعال البشررر مررن القروافين الومررعية‪ ،‬وسروالف أهررل‬
‫البا ة وأموف الجاهكية‪ ،‬وغير للو م ا هو مخالف لحكم الكال تعالى؛ و ش ل للو التحا م‬
‫الحكم بال(‪.)2‬‬ ‫هليال و ب‬
‫وبالإلظر هلى هرها التعر رف فرإال التحرا م هلرى الطراغوت كروال طاغوتراك فري لاترال‪ .‬ووجرال‬
‫للررو ر والكررال أ كررم ر ألال مررا خررالف الكررم الكررال وفسرولال فدررو طغيرراال وا تررشاء كررى الكررم مررن لررال‬
‫[األ رراف‪:‬‬ ‫الحكم وهليال برجع األمرر كرال‪ .‬قرا تعرالى‪ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫‪)3(]54‬؛ ول ررها ص ررو أال بإلس ر ر هل ررى الط رراغوت فيق ررا ‪ :‬الحك ررم الط رراغوتي أو التح ررا م هل ررى‬
‫الطاغوت‪.‬‬
‫وقررش أومررو للررو ابررن القرريم فقررا ‪(( :‬اررم أخبررر سرربحافال أال مررن تحررا م أو الررا م هلررى‬
‫غي ررر م ررا ج رراء ب ررال الرس ررو فق ررش الكر رم الط رراغوت وتح ررا م هلي ررال‪ ....‬فط رراغوت ررل ق رروم م ررن‬

‫(‪ )1‬تيسير الكر م ال إلاال (ص‪.)176 :‬‬


‫(‪ )2‬افظر‪ :‬مج وع فتاو‪ ،‬وفسائل ابن بي ين (‪.)1414/6‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪ :‬مج وع فتاو‪ ،‬وفسائل ابن بي ين (‪.)1414/6‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫تحا وال هليرال غيرر الكرال وفسرولال ‪ ‬أو عبشوفرال مرن وال الكرال أو تبعوفرال كرى غيرر بصريرة مرن‬
‫الكررال‪ ،‬أو طيعوفررال في ررا إ عك رروال أفررال طا ررة لكررال؛ فدررهر طواغيررل العررالم هلا تأمكتدررا وتأمكررل‬
‫أالوا الإلاس معدا‪ ،‬فأ ل أ برهم من با ة الكال هلى با ة الطاغوت‪ ،‬و ن التحرا م هلرى الكرال‬
‫وهلى الرسو هلى التحا م هلى الطاغوت))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وقررا الشرريم مح ررش بررن هبرراهيم‪(( :‬والطرراغوت مشررت مررن الطغيرراال‪ ،‬وهررو مجرراوزة الحررش‪.‬‬
‫فكررل مررن الكررم بغيررر مررا جرراء بررال الرسررو ‪ ‬فقررش الكررم بالطرراغوت والررا م هليررال‪ ،‬وللررو أفررال مررن‬
‫ال ل أالش أال كوال الا اك ب ا جاء بال الإلبي ‪ ‬فقط إ بخالفال‪ ،‬ا أال من ال رل أالرش‬
‫أال حررا م هلررى مررا جرراء بررال الإلبرري ‪ ،‬ف ررن الكررم بخالفررال‪ ،‬أو الررا م هلررى خالفررال‪ ،‬فقررش طغررى‪،‬‬
‫وجاوز الشر بالك اك‪ ،‬أو تحكي اك‪ ،‬فصاف بهلو طاغوتاك لتجاوزر الشر))(‪.)2‬‬
‫بررل جرراء فرري القرررآال مررا قرررف هررها ال عإلررى ررا فرري قولررال جررل و ررال‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلساء‪.]27:‬‬
‫قكل‪ :‬ولها ش بعض أهل العكرم الحرا م الجرائر‪ ،‬ال غيرر ألالكرام الكرال تعرالى مرن فكوس‬
‫الطواغيل(‪.)3‬‬
‫فإلا ابل للو‪ ،‬فدإلا مسألة‪ ،‬وهي‪ :‬هلا اال التحا م هلى الطاغوت طاغوتاك فري لاترال ف را‬
‫الكم هها التحا م هلالق‬
‫فر أهررل العكررم كررى أال التحررا م هلررى الطرراغوت ختكررف بحس ر الررشوافع هليررال‪ ،‬فقررش‬
‫كرروال ف رراك أ بررر رإلقض أصررل الشرردا ة‪ ،‬وقررش كرروال ف رراك أصررغر إلررافي الدررا الواج ر (‪.)4‬‬
‫و ظدر للو من خال ل ر صوف هها التحا م‪ ،‬وللو في ا كي‪:‬‬
‫((أ)) تحكيم القوانين الوضعية‪.‬‬

‫(‪ )1‬ه الم ال وقعين (‪.)57/1‬‬


‫(‪ )2‬فسالة تحكيم القوافين الومعية (‪ 7‬ر ‪ .)4‬وافظر‪ :‬مج وع الفتاو‪.)771/67( ،‬‬
‫(‪ )3‬الشفف السإلية (‪.)126/1‬‬
‫(‪ )4‬قو الشيم ابن باز ر فال ال الكال ر‪(( :‬فإال التحا م هلى الطواغيل والركساء وفحوهم إلافي اع اال بالكال ‪ ،‬وهو‬
‫فر وظكم وفس )) افتدى‪[ .‬مج وع فتاو‪ ،‬ومقاإت متإلو ة لكشيم ابن باز (‪.])75/1‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫م ررا إ شررو فيررال أال تشررر ع الحكررم ج ر أال كرروال لكررال تعررالى‪ ،‬فدررو الحكررم وهليررال‬
‫ﮑ [ وسرف‪،]47 :‬‬ ‫الحكم ا قرا تعرالى‪ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ب‬
‫وق ررا مخاطب راك فبي ررال ‪ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ‬
‫[ال ائ ررشة‪ ،]47 :‬وه ررو أالس ررن الح ررا ين ررا ق ررا تع ررالى‪ :‬ﯾ ﯿ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[ال ائررشة‪ ،]57:‬فدررو العررالم ب ررا بصرركو بررا ر وب ررا رإلفعدم‪ ،‬وقررش‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫سررن لدررم هررهر األالكررام‪ ،‬وأوج ر أال تحررا وا هليدررا ل ررا فرري للررو مررن ال صررالو العظي ررة‬
‫والحكم الجسي ة التي عجز العبش ن شها ومعرفة مقشافها أوالشها‪.‬‬
‫والعررشو ررن هررهر األالكررام هلررى غيرهررا م ررا ومررعال البشررر أمررر مإلكررر والررام‪ ،‬والك ررال‬
‫ختكف بحس الشوافع هليال‪ ،‬فإال اال الشافع هليال مبا ك ك افية وأصوإك هلحا ة كوال فراك‬
‫أ بررر إلقررل ررن أصررل ال كررة اعسررالمية؛ ألال العك افيررة تعتقررش أال الررش ن إ خررل لررال فرري فبظ رم‬
‫الحياة‪ ،‬وأال التشر عات اعسالمية غير موا بة لكح رافة والعصرر‪ ،‬فالع رل بدرا وجعكدرا سرتوفاك‬
‫الحكررم والتحررا م تخكررف وفجعيررة؛ فالقررافوال الومررعي فرري ظرإلدم الفاسررش‬ ‫لألمررة ترجررع هليررال إلررش ب‬
‫أففع وأصكو لكخك من تطبي الشر عة اعسالمية(‪.)1‬‬
‫الحكررم مررن ررر‪ ،‬ج رواز التحررا م هلررى تكررو الق روافين‪ ،‬وهال لررم‬ ‫و سررتوي مررع هررؤإء فرري ب‬
‫عتق ر ررش أفد ر ررا األص ر رركو واألفف ر ررع لكخك ر ر ؛ ألال لل ر ررو ف ر رروع اس ر ررتحال ل ر ررا ال ر رررم الك ر ررال ‪،)2(‬‬
‫واستحال ما الرم الكال فر بإج اع العك اء‪.‬‬

‫(‪ )1‬ومن أقوالدم الشإليعة أ اك‪ :‬أال أالكام الشر عة قاسية وأفدا والشية وأفدا تعاف‪ ،‬القوق اعفساال‪ ،‬والحر ات‬
‫الشخصية‪ .‬وللو التى روجوا ألفكافهم البدي ية‪ ،‬والتي تعإلي اإفسالا من ل خك و ن‪.‬‬
‫(‪ )2‬ال را باإستحال اإستحال مع العكم بالتحر م ر ا تقا أال الكال لم حرمدا أو شم ا تقا أال الكال الرمدا ر‬
‫الهي هو الجحو ال حض‪ ،‬فدها مقتض لككفر وهال لم عكم صاالبال أفال ب فٌر؛ ألال الكفر إ بشترط القصش هليال‬
‫بل كفي قصش الع ل وهال لم عكم أفال فر‪ .‬وأما اإستحال الهي كوال ن جدل أو ن شبدة وتأو ل فدها إ‬
‫كفر صاالبال هإ بعش هقامة الحجة وهزالة الشبدة‪.‬‬
‫وفي هها قو شيم اعسالم ر فال ال الكال ر‪(( :‬فإال بيراك من ال سائل الع كية كيدا أ لة قطعية إلش من رفدا‪،‬‬
‫وغيرهم لم عرفدا وفيدا ما هو قطعي باعج اع؛ تحر م ال حرمات ووجوب الواجبات الظاهرة‪ ،‬ام لو أفكرها‬
‫رر‬ ‫ا أال ج ا ة استحكوا شرب الخ ر كى دش‬ ‫الرجل بجدل وتأو ل لم كفر التى تقام كيال الحجة؛‬
‫=‬ ‫فمي الكال إلال ر مإلدم قشامة وفأوا أفدا الال لدم‪ ،‬ولم تكفرهم الصحابة التى بيإلوا لدم خطأهم فتابوا وفجعوا))‪.‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫و شرترك مررع هررؤإء فري الحكررم أ راك‪ :‬مرن إ ررر‪ ،‬الفرررق برين مررا أفزلررال الكرال وشررر ال مررن‬
‫األالكام والقافوال الومعي؛ ل ا فري للرو مرن تسرو ة ال خكروق بالخرال وال إلاق رة وال عافرشة‬
‫ﭣ [الشرروف‪ ،]11 :،‬وأ راك ل ررا فيررال التسررو ة بررين الكررم البشررر‬ ‫لقولررال تعررالى‪ :‬ﭡ ﭢ‬
‫وفب البشر‪ ،‬وللو من أشإلع أفواع الشرك وال ال ا قا تعالى مخبراك ن أهرل الإلراف أفدرم‬
‫ﮠ ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ [الشر ررعراء‪ 77 :‬ر ‪ ،]77‬ف ررإلا‬ ‫قول رروال‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫افل التسو ة بين الكال تعالى وبين خكقال في با ة من العبا ات تعتبر شر اك إلاقض التواليرش‪،‬‬
‫فكيف ب ن سو‪ ،‬الكم البشر بحكم الكال تعالىق‬
‫وأ اك من بش الشرع ال ج ع كيال وأماف تبش كال هلى الشرع(‪ ،)1‬و ها الجاالش الرا‬
‫لحكم الكال تعالى‪.‬‬
‫فج يع ههر الصوف مإلاق ة لككفر بالطاغوت‪ ،‬وللو باتفاق أهل العكم‪.‬‬
‫وأما من تح كال الشدوة هلى التحا م هلى تكو القوافين في بعض الق را ا مرع ا تقرا ر‬
‫أفررال آاررم بررهلو‪ ،‬وأال األالكررام الشررر ية هرري الح ر الررهي ج ر أال بتح را م هليررال‪ ،‬وأفدررا هرري‬
‫رو‪ ،‬فرري ففسررال ر أي محبرةك ل ررا الكررم بررال‪ ،‬إ‬ ‫األصرركو واألففررع لكخكر ‪(( ،‬لكررن الكررم بغيرهررا لدر ك‬
‫راهررة لحكررم الكررال ر مبررل‪ :‬أال حكررم لشررخ لرشرروة بفشرري ه اهررا‪ ،‬أو لكوفررال قر براك أو صررش قاك‪ ،‬أو‬
‫رررررررررر‬
‫[مج وع الفتاو‪ ،]677/17( ،‬وافظر‪ :‬ال غإلي إبن قشامة (‪ 75/17‬ر ‪ ، )72‬مإلدا السإلة (‪ ،)77/5‬والصافم‬ ‫=‬
‫ال سكو (ص‪.)771/7 :‬‬
‫قلت‪ :‬ولها فرق أهل العكم بين من استحل قتل ال عصومين وأخه أموالدم بغير شبدة وإ تأو ل‪ ،‬فدها كفر بخالف من‬
‫اال استحاللال ن شبدة وتأو ل؛ الخواف فدؤإء إ كفروال ر كى الصحيو من قولي العك اء‪ .‬افظر‪ :‬فسالة في ا‬
‫عهف بال وما إ عهف بال لعبش الكال أبا بطين م ن مج و ة فسائل إلية في العقيشة اعسالمية (ص‪.)72 :‬‬
‫لال))‬ ‫ومابط اإستحال كوال بأمر ن‪ :‬األو ‪ :‬ا تقا القك قا شيم اعسالم‪(( :‬واإستحال ‪ :‬ا تقا أفدا الال‬
‫[الصافم ال سكو (‪ ])771/7‬وقا العالمة ابن القيم ر فال ال الكال ر ‪(( :‬فإال ال ستحل لكشيء هو‪ :‬الهي فعكال بمعتقشاك‬
‫الكال)) [هغااة الكدفاال (‪ .])742/1‬وافظر‪ :‬الفتاو‪ ،‬الكبر‪.)117/7( ،‬‬
‫البافي‪ :‬التصر و بأفدا الال سواء اال معتقشاك أم جاالشاك قو الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر‪(( :‬اإستحال هو‪ :‬أال‬
‫عتقش اعفساال الل ما الرمال الكال‪ ...‬وأما اإستحال الفعكي فيبإلظر‪ :‬لو أال اعفساال تعامل بالربا‪ ،‬إ عتقش أفال الال‬
‫لكإلال بصر كيال؛ فإفال إ بكفر؛ ألفال إ ستحكال‪ .‬ولكن لو قا ‪( :‬هال الربا الال ) و عإلي بهلو الربا الهي الرمال الكال؛ فإفال‬
‫كفر؛ ألفال مكهب لكال وفسولال)) افتدى‪[ .‬لقاء الباب ال فتوح (‪ ،)77/7‬لقاء‪ ،57 :‬سؤا ‪* .]1177 :‬‬
‫ا سيأتي‪.‬‬ ‫(‪ )1‬ألفال فروعب استحال‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫طكر ر م ررن وفائ ررال الاج ررة‪ ،‬وم ررا أش رربال لل ررو م ررع ا تق ررا ر أال الك ررم الك ررال ه ررو األمب ررل والواجر ر‬
‫اتبا ال))(‪ ،)1‬فدها فرر أصغر إ بخرجال ن ال كة‪ ،‬وهرو الرهي تإلررز كيرال قرو ابرن براس ر فمري‬
‫الكال إلد ا ر (( فر وال فر))(‪ ،)2‬وللو باتفاق أهل العكم أ اك(‪.)3‬‬
‫ق ررو الش رريم مح ررش ب ررن هبر رراهيم فابطر راك ق ررية الحك ررم بغي ررر م ررا أف ررز الك ررال بالتوالي ررش‬
‫والشدا تين‪ ،‬ومفصالك في ل ر الصوف التي كفر بدا والتي إ كفرر بدرا‪(( :‬القروافين فرر فاقرل‬
‫ن ال كة ا تقا أفدا الا ة وسائغة وبع دم راها أ ظرم‪ ،‬فدرؤإء فق روا شردا ة أال مح رشاك‬
‫فسررو الكررال وإ هلررال هإ الكررال أ راك فق رروها‪ ،‬فررإال شرردا ة أال إ هلررال هإ الكررال‪ ،‬إ مطرراع غيررر الكررال‪،‬‬
‫ا أفدم فق وها بعبا ة غير الكال‪.‬‬
‫وأمررا الررهي قيررل فيررال‪ :‬فررر وال فررر‪ ،‬هلا الررا م هلررى غيررر الكررال مررع ا تقررا ر أفررال رراص‪،‬‬
‫وأال الكم الكال هو الح ‪ ،‬فدها الهي صشف مإلال ال رة‪.‬‬
‫أما الهي جعل قروافين بترتير وتخ ريع‪ ،‬فدرو فرر‪ ،‬وهال قرالوا أخطأفرا‪ ،‬والكرم الشررع‬
‫أ ررش ‪ ،‬ففرررق بررين ال قرررف‪ ،‬وال ببررل‪ ،‬وال رجررع‪ ،‬فررإال جعكررور هررو ال رجررع‪ ،‬فدررها فررر فاقررل ررن‬
‫ال كة))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬القو ال فيش كى شرح تاب التواليش (‪.)127/6‬‬


‫(‪ )2‬أخرجال الحا م في ال ستشفك (‪ .)746/6‬وقا ‪ :‬هها الش ث صحيو اعسإلا ولم خرجار‪ .‬والبيدقي في السإلن‬
‫(‪ ،)677/17 ،67/7‬ومح ش بن فصر ال روزي في تعظيم قشف الصالة (‪ ،)566/6‬وابن بش البر في الت ديش‬
‫(‪ .)677/4‬والكم كيال األلبافي بأفال صحيو ا في الكم تافك الصالة (‪ )77‬فشر اف الجاللين (‪)1416‬هر‪.‬‬
‫وقش ج ع طرقال وألفاظال والكم كيال بالصحة البحااة الشيم كي السن بش الح يش الحكبي في فسالتال ال وسومة‬
‫فكتراجع‬ ‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬ ‫بر(القو ال أموال في تخر ج ما وف ن ابن باس في تفسير‬
‫فإفدا مفيشة‪.‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪ :‬زا ال سير إبن الجوزي ‪ ،722/6‬ومإلدا السإلة لشيم اعسالم ابن تي ية ‪ 177/5‬ر ‪ ،171‬والصافم‬
‫ال سكو (‪ ،)771/7‬ومج وع الفتاو‪ 627/7( ،‬ر ‪ ،)627‬ومشاف السالكين إبن القيم ‪ ،742/1‬والعقيشة‬
‫الطحاو ة (ص‪ 727 :‬ر ‪ ،)724‬وتفسير السعشي ص ‪ ،674‬وفسالة تحكيم القوافين (ص‪2 :‬ر ‪ ،)7‬وأمواء‬
‫البياال لكشيم مح ش األمين ‪ ،76/6‬والقو ال فيش (‪ 157/6‬ر ‪ ،)127‬وفقال العبا ات إبن بي ين (ص‪ 27 :‬ر‬
‫‪ ،)27‬ومج وع فتاو‪ ،‬ابن باز (‪ )412/4‬وفتاو‪ ،‬الكجإلة الشائ ة (‪ ،)777/1‬وفواقض اع اال القولية‬
‫واإ تقا ة (ص‪.)747 :‬‬
‫(‪ )4‬فتاو‪ ،‬وفسائل الشيم (‪.)677/16‬‬
‫‪771‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وقا الشيم صالو الفوزاال ر الفظرال الكرال ر فري بيراال القيقرة هرها اإفتبراط‪(( :‬ف رن را‬
‫هلى تحكيم القوافين البشر ة‪ ،‬فقش جعرل لكرال شرر كاك فري الطا رة والتشرر ع‪ ،‬ومرن الكرم بغيرر مرا‬
‫أفررز الكررال‪ ،‬و ررر‪ ،‬أفررال أالسررن أو مسرراو ل ررا أفزلررال الكررال وشررر ال‪ ،‬أو أفررال جرروز الحكررم بدررها‪ ،‬فدررو‬
‫افر بالكال‪ ،‬وهال ز م أفال مؤمن‪ ،‬ألال الكال أفكر كى من ر ش التحرا م هلرى غيرر شرر ال و رهبدم‬
‫فرري ز دررم اع رراال ألال قولررال ﭕ مت ر ن لإلفرري ه ررافدم‪ ،‬ألال هررهر الكك ررة تبقررا غالب راك‬
‫ل ررن ررش ي ررو‪ ،‬فيدررا هررو ررالب‪ ،‬وألال تحكرريم القروافين تحكرريم لكطرراغوت‪ ،‬والكررال قررش أمررر‬
‫بالكفر بالطاغوت‪ ،‬وجعل الكفرر بالطراغوت ف رن التواليرش‪ ،‬قرا تعرالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [البقرررة‪ .]652 :‬ف ررن الك رم الق روافين لررم كررن موالررشاك‪ ،‬ألفررال اتخرره‬
‫لكال شر كاك في التشر ع والطا ة‪ ،‬ولم كفر بالطاغوت الهي أمر أال كفر بال وأطاع الشريطاال‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ا قا تعالى‪ :‬ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلساء‪ ))]27 :‬افتدى‪.‬‬
‫بعررش أال ل رفررا الصرروف ال تف ر كررى التكفيررر بدررا فرري تحكرريم الق روافين الومررعية والصرروف‬
‫ال تف كى شم التكفير بدا في تحكيم تكو القروافين‪ ،‬وبيإلرا وجرال افتبراط الحكرم بغيرر مرا أفرز‬
‫الكال بالتواليش والشدا تين فشير هلى صوفة في تحكيم القوافين هي محل خرالف برين أهرل العكرم‬
‫فرري التكفيررر بدررا‪ ،‬وهرري‪ :‬ال بررش (‪ )2‬الررهي أقصررى الشررر عة هقصرراءك ام راك ررن الحكررم والتحررا م‬

‫(‪ )1‬اعفشا هلى تصحيو اإ تقا (‪ .)77‬وافظر‪ :‬فتو ال جيش (ص‪ 522 :‬ر ‪ )572‬شرح باب قو الكال تعالى‪ :‬ﭑ‬
‫اآل ة [الإلساء‪.]27:‬‬ ‫ﭣ‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫(‪ )2‬ال بش من التبش ل‪ ،‬والتبش ل في الكغة معإلار قيام الشيء مقام الشيء سواء جاء بعو‪ ،‬بشإك إلال أو لم أت‬
‫بعو‪.،‬‬
‫قا ابن فافس‪« :‬الباء والشا والالم أصل واالش‪ ،‬وهو قيام الشيء مقام الشيء الهاه ‪ .‬قا ‪ :‬هها بش الشيء‬
‫ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ‬ ‫وبش كال‪ ،‬و قولوال‪ :‬بشلل الشيء هلا غيرتال وهال لم تأت لال ببش ‪ ،‬قا تعالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫[ وفذ‪.]15 :‬‬ ‫ﭫﭬ‬
‫وأبشلتال هلا أتيل لال ببش ‪ ،‬قا الشا ر‪:‬‬
‫ز األمير لألمير ال بش » [معجم مقا يذ الكغة (‪.])617/1‬‬
‫ولفل التبش ل هإلا ام ش ل ل تعطيل لشر عة الكال‪ ،‬أو هالالإك لدا بغيرها‪ .‬أو بعبافة أخر‪ :،‬ش ل من جاء هلى‬
‫=‬ ‫شر عة قائ ة فعطكدا وأالكدا بالقافوال الومعي‪ ،‬أو من الكم بغير ما أفز الكال هبتشاءك من غير سب شرع قائم‪.‬‬
‫‪776‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وجع ررل ال رج ررع لألالك ررام الك ررم الط رراغوت م ررن القر روافين الوم ررعية م ررع ا تق ررا ر أال الش ررر عة‬
‫اعسالمية هي األصكو واألففع لكخك ‪ ،‬وأال العشو إلدا مإلكر والرام‪.‬‬
‫هررهر الصرروفة لررم تكررن معروفررة فرري زمررن السرركف‪ ،‬وهف ررا الررشال فرري األزمرراال ال تررأخرة‬
‫الترري الصررل فيدررا التبررش ل العررام مررن بعررض الحكررام م ررن إلتس ر هلررى اعسررالم‪ ،‬ولررها اجتدررش‬
‫الحكم كيدا‪ ،‬وقش اختكفوا فيدا كى قولين‪:‬‬ ‫بعض ال تأخر ن من أهل العكم في ب‬
‫القول األول‪ :‬أال ههر الصوفة مكفرة‪ ،‬ولكن بعش هقامة الحجة وهزالة الشبدة‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أال ههر الصوفة غير مكفرة التى ستحل‪.‬‬
‫وبكررال القررولين قررا ج ا ررة مررن أهررل السررإلة‪ ،‬و خطررئ مررن ررش ي هج ررا دم كررى‬
‫قو واالش فيدا‪.‬‬
‫وفي ا كي فه ر من أقوالدم ما قرف اختالفدم في ههر ال سألة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬أقوال من يرى منهم أن هذه الصورة يُك مفر بها أو يفهم ذلك من كالمه‪.‬‬
‫قا القامي هس ا يل(‪ )1‬في أالكام القرآال‪(( :‬ظاهر اآل ات ش كى أال من فعل‬
‫مبل ما فعكوا ر عإلي اليدو ر واخترع الك اك خالف بال الكم الكال‪ ،‬وجعكال إلاك ع ل بال‪ ،‬فقش‬
‫لزمال مبل ما لزمدم الا اك اال أو غيرر))(‪.)2‬‬
‫وقا اعمام ابن بير ر فال ال الكال ر‪(( :‬ف ن ترك الشرع ال حكم ال إلرز كى مح ش بن‬
‫بش الكال‪ ،‬خاتم األفبياء وتحا م هلى غيرر من الشرائع ال إلسوخة فر‪ ،‬فكيف ب ن تحا م‬
‫هلى الياسا(‪ )3‬وقشمدا كيال(‪ ،)1‬من فعل للو فر بإج اع ال سك ين))(‪.)2‬‬
‫رررررررررر‬
‫وصوفة التبش ل هإلا أال ببش الكم الكال تعالى بحكم غيرر‪ ،‬وإ كوال مستحالك‪ ،‬وإ جاالشاك‪ ،‬وإ بمكهباك‪ ،‬وإ‬ ‫=‬
‫مف الك‪ ،‬وإ مساو اك‪ ،‬وإ إلس الحكم الهي جاء بال لش ن الكال‪[ .‬الحكم بغير ما أفز الكال مإلاقشة تأصيكية (ص‪:‬‬
‫‪.])75‬‬
‫(‪ )1‬هو‪ :‬اعمام العالمة الحافل شيم اعسالم أبو هسحاق هس ا يل بن هسحاق بن هس ا يل بن محشث البصرة‬
‫ال ا بن ز ش بن فهم األز ي موإهم البصري‪ ،‬ال الكي‪ ،‬قامي بغشا وصاال التصافيف‪ ،‬لال تاب أالكام‬
‫القرآال لم سب هلى مبكال‪ ،‬و تاب معافي القرآال‪ ،‬و تاب في القراءات‪ .‬مولشر سإلة تسع وتسعين ومدة‪ ،‬ووفاتال في‬
‫شدر لي الحجة سإلة ااإلتين وا افين ومدتين‪ .‬افظر‪ :‬سير أ الم الإلبالء (‪ 777/17‬ر ‪.)741‬‬
‫(‪ )2‬فقالك ن هامش زا ال سير إبن الجوزي (‪.)727/6‬‬
‫(‪ ) 3‬الياسا‪ :‬أو الياس أو الياساق وهو بافة ن تاب مج وع من أالكام قش اقتبسدا ر جإلكيز خاال ر من شرائع‬
‫=‬ ‫شتى من اليدو ة والإلصرافية وال كة اعسالمية وغيرها وفيدا بير من األالكام أخهها من مجر فظرة وهوار‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وقا اعمام الشو افي‪(( :‬ومع ههر ففيدم من ال صائ العظي ة‪ ،‬والقبائو الوخي ة‪،‬‬
‫والبال ا الجسي ة‪ ،‬أموف غير موجو ة في القسم األو (‪ .)3‬مإلدا‪ :‬أنهم يحكمون ويتحاكمون‬
‫إلى من ال يعرف إال األحكام الطاغوتية منهم في وميع األمور التي تنوبهم‪ ،‬وتعر‪،‬‬
‫لدم‪ ،‬من غير هفكاف وإ الياء من الكال وإ من با ر وإ خافوال من أالش‪ ،‬بل قش حك وال‬
‫بهلو بين من قشفوال كى الوصو هليدم من الر ا ا ومن اال قر باك مإلدم‪ ...‬وإ شو وإ‬
‫ف أال هها فر بالكال ‪ ،‬وبشر عتال التي أمر بدا كى لساال فسولال‪ ،‬واختافها لعبا ر في‬
‫تابال و كى لساال فسولال بل فروا بج يع الشرائع من إلش آ م ‪ ‬هلى اآلال‪ ،‬وهؤإء‬
‫جدا هم واج ‪ ،‬وقتالدم متعين‪ ،‬التى قبكوا أالكام اعسالم‪ ،‬و ه إلوا لدا‪ ،‬و حك وا بيإلدم‬
‫بالشر عة ال طدرة‪ ،‬و خرجوا من ج يع ما هم فيال من الطواغيل الشيطافية‪ ،‬ومع هها فدم‬
‫مصروال كى أموف غير الحكم بالطاغوت والتحا م هليال و ل واالش مإلدا كى اففرا ر وج‬
‫فر فا كال‪ ،‬وخروجال من اعسالم))(‪.)4‬‬
‫وقا اعمام مح ش بن بش الوهاب‪ :‬إلش ل رر لركوس الطواغيل‪:‬‬
‫رررررررررر‬
‫= فصافت في بإليال شر اك متبعاك قشموفال كى الحكم بكتاب الكال وسإلة فسو الكال صكى الكال كيال وسكم‪[ .‬تفسير ابن‬
‫بير (‪ )24/6‬بتصرف سير]‪.‬‬
‫(‪ )1‬ال را بالتقش م هإلا‪ :‬التف يل بشليل قولال‪ ( :‬فر بإج اع ال سك ين) ألال ههر الصوفة هج ا ية ا تقشم‪ .‬وفي للو ف‬
‫كى من ت سكوال بدها القو ن ابن بير في تكفير الكام ال سك ين اليث عوال الم ابن بير في غير محكال‪،‬‬
‫و إلبرزلوفال غير مإلرزلال‪ ،‬و شلسوال كى شباب ال سك ين ال تح سين بأفال الكى اعج اع كى تكفير من ترك التحا م بالشرع‬
‫وهال لم ستحل‪ ،‬فالواج في الشرع تإلرزل الم العك اء مإلرزلتال وومعال في ال كاال الالئ بال التى إ قع اإفتراء كيدم‪.‬‬
‫وم ا ؤ ش للو أفال ل ا تككم ن الياس ل ر أفال مأخول من شرائع شتى؛ مإلدا اعسالم فال صشق كيال التبش ل العام‪ .‬وما‬
‫وال التبش ل العام مج ع كى أفال إ بكفر بال هإ مع قيش اإستحال أو التف يل‪.‬‬
‫و المال هإلا قش بستش بال كى أفال بكفر بالتبش ل العام من غير قيش اإستحال من غير الكا ة هج اع كى للو‬
‫في المال‪ ،‬وللو ظدر من صشف المال اليث ل ر تكفير من ترك التحا م هلى الشرع ولم ه ر هج ا اك كى‬
‫ههر ال سألة‪ ،‬ولكن إلشما ل ر مسألة التقش م (=التف يل) الكى اعج اع‪ ،‬ألال للو هو الح ‪.‬‬
‫(‪ )2‬البشا ة والإلدا ة (‪.)171/17‬‬
‫(‪ )3‬عإلي الر ا ا م ن إ حسإلوال الصالة‪ ،‬وإ عرفوال ما إ تصو هإ بال وإ تتم بشوفال‪[ .‬الشواء العاجل (ص‪.)67 :‬‬
‫م ن الرسائل السكفية]‪.‬‬
‫(‪ )4‬الشواء العاجل (ص‪ 77 :‬ر ‪ .)74‬م ن الرسائل السكفية‪.‬‬
‫‪774‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫((البافي‪ :‬الحا م الجائر‪ ،‬ال غير ألالكام الكال تعالى والشليل قولال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [الإلساء‪.]27:‬‬
‫البالث‪ :‬الهي حكم بغير ما أفز الكال‪ ،‬والشليل قولال تعالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائشة‪.)1())]44 :‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬والطواغيل بيرة‪ ،‬وفكوسدم خ سة‪ ،‬هبكيذ لعإلال الكال‪ ،‬ومن بش وهو‬
‫فا‪ ،،‬من ا ى شيداك من كم الغي ‪ ،‬ومن ا الإلاس هلى با ة ففسال‪ ،‬ومن الكم بغير ما‬
‫أفز الكال))(‪.)2‬‬
‫وقا العالمة مح ش بن هبراهيم آ الشيم إلش ل رر ألفواع الصوف التي بكفر بدا في‬
‫التحا م لغير شر عة الكال‪(( :‬الخامذ‪ :‬وهو أ ظ دا وأش كدا وأظدرها معافشة لكشرع‪ ،‬ومكابرة‬
‫ألالكامال‪ ،‬ومشاقة لكال ولرسولال‪ ،‬وم اهاة بال حا م الشر ية‪ ،‬ه شا اك وهمشا اك وهفصا اك‬
‫وتأصيالك‪ ،‬وتفر عاك وتشكيالك وتإلو عاك والك اك وهلزاماك‪ ،‬ومراجع ومست شات‪ .‬فك ا أال لك حا م‬
‫الشر ية مراجع ومست شات‪ ،‬مرجعدا كدا هلى تاب الكال وسإلة فسولال ‪ ،‬فكدهر ال حا م‬
‫مراجع‪ ،‬هي‪ :‬القافوال ال كف من شرائع شتى‪ ،‬وقوافين بيرة‪ ،‬القافوال الفرفسي‪ ،‬والقافوال‬
‫األمر كي‪ ،‬والقافوال البر طافي‪ ،‬وغيرها من القوافين‪ ،‬ومن مهاه بعض البش يين ال إلتسبين‬
‫هلى الشر عة‪ ،‬وغير للو‪ .‬فدهر ال حا م اآلال في بير من أمصاف اعسالم مديأة مك كة‬
‫مفتوالة األبواب‪ ،‬والإلاس هليدا أسراب هار أسراب‪ ،‬حكم الكامدا بيإلدم ب ا خالف الكم‬
‫السإلة والكتاب‪ ،‬من أالكام للو القافوال‪ ،‬وتكزمدم بال‪ ،‬وتقرهم كيال‪ ،‬وتحت ال كيدم‪ .‬فأي‬
‫فر فوق هها الكفر‪ ،‬وأي مإلاق ة لكشدا ة بأال مح شاك فسو الكال بعش ههر ال إلاق ةق!))‬

‫(‪.)3‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬القوافين فر فاقل ن ال كة ا تقا أفدا الا ة وسائغة وبع دم راها‬
‫أ ظم‪ ،‬فدؤإء فق وا شدا ة أال مح شاك فسو الكال وإ هلال هإ الكال أ اك فق وها‪ ،‬فإال من‬
‫شدا ة أال إ هلال هإ الكال إ مطاع غير الكال‪ ،‬ا أفدم فق وها بعبا ة غير الكال‪.‬‬

‫(‪ )1‬الشفف السإلية (‪.)126/1‬‬


‫(‪ )2‬الشفف السإلية (‪.)172/1‬‬
‫(‪ )3‬فسالة تحكيم القوافين (ص‪.)7 :‬‬
‫‪775‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وأما الهي قيل فيال فر وال فر هلا الا م هلى غير الكال مع ا تقا أفال اص وأال‬
‫الكم الكال هو الح ‪ ،‬فدها الهي صشف مإلال ال رة وفحوها‪ ،‬أما الهي جعل قوافين بترتي‬
‫وتخ يع فدو فر وهال قالوا أخطأفا والكم الشرع أ ش ‪ ،‬ففرق بين ال قرف وال ببل‬
‫وال رجع‪ ،‬جعكور هو ال رجع فدها فر فاقل ن ال كة))(‪.)1‬‬
‫وقا الشيم الفوزاال معكقاك كى الم الشيم مح ش بن هبراهيم ر فال ال الكال ر‪(( :‬ففرق ر‬
‫فال ال الكال ر بين الحكم الجزئي الهي إ تكرف‪ ،‬وبين الحكم العام الهي هو ال رجع في‬
‫ج يع األالكام‪ ،‬أو غالبدا‪ ،‬وقرف أال هها الكفر فاقل ن ال كة مطكقاك‪ ،‬وللو ألال من فحى‬
‫الشر عة اعسالمية‪ ،‬وجعل القافوال الومعي بش الك إلدا‪ ،‬فدها ليل كى أفال ر‪ ،‬أال القافوال‬
‫أالسن وأصكو من الشر عة‪ ،‬وهها إ شو أفال فر أ بر خر من ال كة و إلاقض‬
‫التواليش))(‪ .)2‬افتدى‪.‬‬
‫وقا الشيم بش الرزاق فيفي‪ (( :‬من اال مإلتسباك لبسالم ال اك بأالكامال‪ ،‬ام ومع‬
‫لكإلاس أالكاماك وهيأ لدا فظ اك ليع كوا بدا و تحا وا هليدا‪ ،‬وهو عكم أفدا تخالف أالكام‬
‫اعسالم‪ ،‬فدو افر خاف ن مكة اعسالم))(‪.)3‬‬
‫وقا العالمة ابن بي ين‪ (( :‬ج كى طال العكم أال عرف الفرق بين التشر ع الهي‬
‫جعل فظاماك شي كيال و ستبش بال القرآال‪ ،‬وبين أال حكم في ق ية معيإلة بغير ما أفز‬
‫الكال فدها قش كوال فراك أو فسقاك أو ظك اك))(‪.)4‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬الحكم بغير ما أفز الكال إلقسم هلى قس ين‪:‬‬
‫القسم األو ‪ :‬أال بطل الكم الكال ليحل محكال الكم آخر طاغوتي‪ ،‬بحيث كغي‬
‫الحكم بالشر عة بين الإلاس‪ ،‬و جعل بشلال الكم آخر من ومع البشر اله ن إلحوال‬
‫األالكام الشر ية في ال عامكة بين الإلاس‪ ،‬و حكوال محكدا القوافين الومعية‪ ،‬فدها إ شو‬
‫أفال استبشا بشر عة الكال ‪ ‬غيرها‪ ،‬وهو فر مخر ن ال كة؛ ألال هها جعل ففسال ب إلرزلة‬

‫(‪ )1‬فسائل وفتاو‪ ،‬الشيم مح ش بن هبراهيم (‪.)677/16‬‬


‫(‪ )2‬قيشة التواليش (ص‪.)55 :‬‬
‫أبي مالو مح ش بن الامش بن بش الوهاب (ص‪:‬‬ ‫(‪ )3‬مسائل في العقيشة ل ج و ة من العك اء ج ع وترتي‬
‫‪.)167‬‬
‫(‪ )4‬القو ال فيش (‪.)64/7‬‬
‫‪772‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الخال ‪ ،‬اليث شرع لعبا الكال ما لم ألال بال الكال‪ ...،‬وقش س ى الكال تعالى للو شر اك في‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ [الشوف‪.)1())]12 :،‬‬ ‫قولال تعالى‪ :‬ﮭ ﮮ‬
‫وقا الشيم صالو بن بش العز ز آ الشيم ر الفظال الكال ر الا ياك الخالف في ههر‬
‫ال سألة‪(( :‬أما الحا م الهي إ حكم بشرع الكال بتاتاك و حكم ائ اك وبكزم الإلاس بغير شرع‬
‫الكال‪ ،‬فدها من أهل العكم من قا ‪ :‬كفر مطكقاك كفر الهي سن القافوال؛ ألال الكال جل و ال‬
‫قا ‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ فجعل الهي حكم بغير شرع الكال مطكقاك طاغوتاك‪ ،‬وقا ‪:‬‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ‪.‬‬
‫ومن أهل العكم من قا ‪ :‬التى هها الإلوع إ كفر التى ستحل؛ ألفال قش ع ل للو‬
‫و حكم وهو عتقش في ففسال أفال اص‪ ،‬فكال الكم أمبالال من ال شمإلين كى ال عصية اله ن‬
‫لم توبوا مإلدا))(‪.)2‬‬
‫واختاف ر الفظال الكال ر القو األو ‪ ،‬فقا ‪(( :‬والقو األو ر هو الصحيو إلشي ر وهو قو‬
‫الجش الشيم مح ش بن هبراهيم ر فال ال الكال ر في فسالتال «تحكيم القوافين»))‪ .‬و كل للو‬
‫بقولال‪(( :‬ألفال إ صشف في الواقع من قك قش فر بالطاغوت‪ ،‬بل إ صشف هإ م ن ظم‬
‫القافوال‪ ،‬و ظم الحكم بالقافوال))(‪.)3‬‬
‫فأصحاب هها القو روال الحا م الهي شفال الحكم بغير ما أفز الكال افراك وهال لم‬
‫قل باستحال للو‪ .‬أما هلا الكم في الق ية والق يتين أو األ بر بغير ما أفز الكال وهو‬
‫عتقش التحر م فإفال إ كوال افراك إلشهم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أقوال من يرى منهم أن هذه الصورة ال يُك مفر بها‪.‬‬
‫فقل اعمام البغوي ن بش العز رز برن حيرى الكإلرافي(‪ )4‬وقرش سردل رن هرهر اآل رات ر‬
‫ﭽ فقرا ‪(( :‬هفدرا تقرع كرى‬ ‫ﯯ‬ ‫عإلي ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬

‫(‪ )1‬فقال العبا ات (ص‪.)27:‬‬


‫(‪ )2‬الت ديش لشرح تاب التواليش (ص‪.)477:‬‬
‫(‪ )3‬ففذ ال صشف (ص‪.)477 :‬‬
‫تاب الحيشة‪ ،‬اال من‬ ‫(‪ )4‬هو‪ :‬بش العز ز بن حيى بن بش العز ز بن مسكم بن مي وال الكإلافي ال كي‪ ،‬صاال‬
‫أهل العكم والف ل‪ ،‬تفقال كى الشافعي‪ ،‬قشم بغشا في أ ام ال أموال وجر‪ ،‬بيإلال وبين بشر ال ر سي مإلاظرة في‬
‫خك القرآال‪ .‬افظر‪ :‬تاف م بغشا (‪.)004/54‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ج يررع مررا أفررز الكررال إ كررى بع ررال‪ ،‬و ررل مررن لررم حكررم بج يررع مررا أفررز الكررال فدررو ررافر ظررالم‬
‫فاس ؛ فأما من الكم ب ا أفز الكال من التواليش وترك الشرك ام لم حكم بربعض مرا أفرز الكرال‬
‫من الشرائع لم ستوج الكم ههر اآل ات))(‪ )1‬افتدى‪.‬‬
‫وجاء إلال في تفسرير قولرال تعرالى ‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ قولرال ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ صيغة وم؛ فقولال‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ معإلرار مرن أترى ب رش الكرم الكرال تعرالى‬
‫في ل ما أفز الكال فأولدو هم الكافروال‪.‬‬
‫وهها ال ألال الكافر هو الهي أتى ب ش الكرم الكرال تعرالى فري رل مرا أفرز الكرال‪ ،‬أمرا الفاسر‬
‫فإفال لم أت ب ش الكم الكال هإ في القكيل وهو الع ل؛ أما في اإ تقرا واعقرراف فدرو موافر ))‬

‫افتدى(‪.)2‬‬
‫وقا أبو ال ظفر الس عافي(‪ )3‬ر فال ال الكال ر‪(( :‬وا كم أال الخواف سرتشلوال بدرهر اآل رة‬
‫و قولوال‪ :‬من لم حكم ب ا أفز الكال فدو افر‪ ،‬وأهل السإلة قالوا‪ :‬إ كفر بترك الحكم‪.‬‬
‫ولآل ة تأو الال‪:‬‬
‫أالشه ا‪ :‬معإلار‪ :‬ومن لم حكم ب ا أفز الكال ف اك وجحشاك فأولدو هم الكافروال‪.‬‬
‫والبافي‪ :‬معإلار‪ :‬ومرن لرم يحكرم بكرل مرا أنرهل اللره فموللرك هرم الكرافرون‪ ،‬والكرافر‬
‫هو الهي ترك الحكم بكل ما أفز الكال وال ال سكم))(‪ )1‬افتدى‪.‬‬

‫(‪ )1‬تفسير البغوي (‪ .)05/2‬وأوف ر أ اك البعالبي في تفسيرر (‪.)44/0‬‬


‫(‪ )2‬التفسير الكبير (‪ .)2/16‬وافظر‪ :‬تفسير البحر ال حيط ألبي الياال (‪.)575/7‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬اعمام ال فسر مإلصوف بن مح ش بن بش الجباف بن أال ش ال روزي الس عافي الت ي ي‪ ،‬الحإلفي ام‬
‫الشافعي‪ ،‬أبو ال ظفر‪ ،‬ولش سإلة (‪ )462‬هر‪ .‬من مشا خال‪ :‬أبو غافم أال ش بن كي الكرا ي‪ ،‬وأبو بكر بن بش‬
‫ر بن مح ش السرخسي‪ ،‬وأبو فصر مح ش بن مح ش الفاشافي ومح ش بن أبي‬ ‫الص ش الترابي‪ .‬من تالمهتال‪:‬‬
‫بكر السإلجي وغيرهم‪.‬‬
‫ألهل‬ ‫إلال الههبي في السير‪(( :‬صإلف تاب اعصطالم‪ ،‬و تاب البرهاال‪ ،‬ولال األمالي في الحش ث‪ .‬تعص‬ ‫قا‬
‫الحش ث والسإلة والج ا ة‪ .‬و اال شو اك في أ ين ال خالفين والجة ألهل السإلة)) افتدى‪.‬‬
‫كيكم بش ن العجائز))‪ .‬توفي سإلة تسع‬ ‫((‬ ‫ول ر أ اك في ترج تال أفال سدل ن أالا ث الصفات‪ .‬فقا ‪:‬‬
‫وا افين وأفبع مدة‪ .‬افظر‪ :‬وفيات األ ياال (‪ ،) 611/7‬وسير أ الم الإلبالء (‪ 114/17‬ر ‪ ،) 117‬وطبقات‬
‫الشافعية (‪ ،) 775/5‬وال وسو ة ال يسرة في تراجم أئ ة التفسير واعقراء والإلحو والكغة (‪.)6717/7‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قا ابن الجوزي بعش أال ل ر أقوا ال فسر ن في تفسير اآل رة‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ‪(( :‬وفصل الخطاب أال من لم حكم ب را أفرز الكرال جاالرشاك لرال وهرو عكرم أال‬
‫الكال أفزلال ا فعكل اليدو فدو افر‪ ،‬ومن لم حكم بال ميالك هلى الدو‪ ،‬من غير جحرو فدرو‬
‫ظالم وفاس ))(‪.)2‬‬
‫وقررا القرطبرري ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬قولررال تعررالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫والظال وال‪ ،‬والفاسقوال فزلل كدا في الكفاف ابل للو في صحيو مسركم مرن الرش ث البرراء‬
‫وقش تقشم(‪ .)3‬و كى هها ال ب عظم‪ .‬فأما ال سكم فال كفر وهال افتك بيرة‪ .‬وقيرل فيرال همر اف‬
‫أي‪ :‬ومن لم حكم ب ا أفز الكال ف اك لكقرآال وجحرشاك لقرو الرسرو كيرال الصرالة والسرالم فدرو‬
‫ررافر قالررال ابررن برراس ومجاهررش‪ ،‬فاآل ررة امررة كررى هررها‪ .‬قررا ابررن مسررعو والحسررن هرري امررة‬
‫ف رري ررل م ررن ل ررم حك ررم ب ررا أف ررز الك ررال م ررن ال س ررك ين واليد ررو والكف رراف أي‪ :‬معتق ررشاك لل ررو‬
‫ومسررتحالك لررال‪ ،‬فأمررا مررن فعررل للررو وهررو معتقررش أفررال فا ر محرررم فدررو مررن فسرراق ال سررك ين‪،‬‬
‫وأمرررر هلررى الكررال تعررالى هال شرراء هبررال وهال شرراء غفررر لررال‪ .‬وقررا ابررن برراس فرري فوا ررة‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ فقش فعل فعالك راهي أفعرا الكفراف‪ .‬وقيرل‪ :‬أي ومرن لرم حكرم بج يرع مرا أفرز‬
‫رررررررررر‬
‫(=‪ )1‬تفسير الس عافي (‪ .)46/6‬وبإلحو الم الس عافي ر فال ال الكال ر في ف ظاهر ههر اآل ة الهي تستش بال الخوافح‬
‫في تكفير ل الا م بغير ما أفز الكال جاء ن ابن بش البر في الت ديش (‪ ،)12/17‬واآلجري في الشر عة (ص‪:‬‬
‫‪ ،)44‬والقرطبي في ال فدم (‪ ،)117/5‬وأبي الياال في البحر ال حيط (‪ ،)575/7‬وفسبال الشاطبي في‬
‫اإ تصام (‪ )174/6‬هلى سعيش جبير‪.‬‬
‫(‪ )2‬زا ال سير (‪.)722/6‬‬
‫(‪ )3‬شير هلى قولال في الش ث البراء بن ازب ‪ ‬في صحيو مسكم (‪ )1767/7‬قا ‪ :‬مر كى الإلبي ‪ ‬بيدو ي‬
‫مح اك مجكو اك فش اهم ‪ ‬فقا «هكها تجشوال الش الزافي في تابكم قالوا فعم فش ا فجالك من ك ائدم‪ ،‬فقا‬
‫أفششك بالكال الهي أفز التوفاة كى موسى أهكها تجشوال الش الزافي في تابكم» قا ‪ :‬إ ولوإ أفو فششتإلي‬
‫بدها لم أخبرك فجشر الرجم ولكإلال بر في أشرافإلا‪ ،‬فكإلا هلا أخهفا الشر ف تر إلار وهلا أخهفا ال عيف أق إلا كيال‬
‫الحش‪ ،‬قكإلا تعالوا فكإلجت ع كى شيء فقي ال كى الشر ف والوميع فجعكإلا التح يم والجكش مكاال الرجم فقا‬
‫فسو الكال ‪« ‬الكدم هفي أو من أاليا أمرك هل أماتور فأمر بال فرجم» فأفز الكال ‪ ‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫قو ائتوا مح شاك ‪ ‬فإال أمر م بالتح يم والجكش فخهور‪ ،‬وهال‬ ‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫هلى قولال‪:‬‬ ‫ﮚ ﮛ‬
‫ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ‬ ‫‪]44‬‬ ‫[ال ائشة‪:‬‬ ‫أفتا م بالرجم فاالهفوا فأفز الكال تعالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫في الكفاف كدا))‪.‬‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الكررال فدررو ررافر فأمررا مررن الكررم بالتواليررش ولررم حكررم برربعض الشررائع فررال ررشخل فرري هررهر اآل ررة‬
‫والصحيو األو ))(‪.)1‬‬
‫فقيش ر فال ال الكال ر الكفر باإستحال مطكقاك‪ ،‬والكرى القرو برأال مرن لرم حكرم بج يرع‬
‫ما أفز الكال فدو افر‪ ،‬وقا الصحيو األو أي‪ :‬هلا اال معتقشاك للو ومستحالك لال‪.‬‬
‫وقا شيم اعسالم ر فال ال الكال ر مقرفاك اشتراط اإستحال لكفر الحا م بدهر‬
‫الصوفة‪(( :‬فإال بيراك من الإلاس أسك وا ولكن مع هها ال يحكمون إال بالعادات الجارية لدم‬
‫التي أمر بدا ال طا وال‪ ،‬فدؤإء هلا رفوا أفال إ جوز الحكم هإ ب ا أفز الكال فكم كتزموا‬
‫للو بل ا تحلوا أن يحكموا بخالف ما أنهل الله فهم كفار وهإ افوا جداإك ن تقشم‬
‫أمرهم))(‪.)2‬‬
‫وقررا أ راك‪(( :‬واعفسرراال متررى الكررل الح ررام ال ج ررع كيررال‪ ،‬أو الرررم الحررال ال ج ررع‬
‫كيال‪ ،‬أو بش الشرع ال ج رع كيرال راال رافراك مرترشاك باتفراق الفقدراء‪ .‬وفري مبرل هرها فرز قولرال‬
‫كررى أالررش الق رولين ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائررشة‪ ]44 :‬أي‪ :‬هررو ال سررتحل‬
‫لكحكم بغير ما أفز الكال))(‪.)3‬‬
‫ررا أفررال ر فال ررال الكررال ر قررش توقررف فرري أمررر الكررام صرررر م ررن الك روا الك راك ام راك‬
‫بغيررر شررر عة الكررال‪ ،‬وفررو‪ ،‬أمررر الحكررم فرريدم هلررى فب العررال ين وهلررال ال رسرركين‪ .‬وهررها ف ر‬
‫المال ر فال ال الكال ر قو ‪ (( :‬فقرش و رش الكرال بإلصرر مرن إلصررر‪ ،‬وفصررر هرو فصرر تابرال و إلرال‬
‫وفسولال‪ ،‬إ فصر مرن حكرم بغيرر مرا أفرز الكرال‪ ،‬و رتككم ب را إ عكرم؛ فرإال الحرا م هلا راال‬
‫إلاك لكإلال الكم بغير كم‪ ،‬اال من أهل الإلاف‪ ،‬وهال راال ال راك لكإلرال الكرم بخرالف الحر‬
‫الهي عك ال اال من أهل الإلاف‪ ،‬وهلا الكم بال ش وإ كم اال أولى أال كوال مرن أهرل‬
‫الإلرراف‪ ،‬وهررها هلا الكررم ف ري ق ررية معيإلررة لشررخ ‪ .‬وأمررا إذا حكررم حكم راً عام راً ف ري ديررن‬
‫المسلمين فجعل الحق باطالً‪ ،‬والباطل حقاً‪ ،‬والسنة بدعة‪ ،‬والبدعرة رنة‪ ،‬والمعرروف‬
‫منك رراً‪ ،‬والمنكررر معروف راً‪ ،‬ونهررى عمررا أمررر اللرره برره ور رروله‪ ،‬وأمررر بمررا نهررى اللرره عنرره‬
‫ور رروله‪ ،‬فهررذا لررون آخررر يحكررم فيرره را العررالمين‪ ،‬وإلرره المر ررلين‪ ،‬مالررك يرروم الرردين‬

‫(‪ )1‬أالكام القرآال (‪.)177/7‬‬


‫(‪ )2‬مإلدا السإلة (‪.)177/5‬‬
‫(‪ )3‬مج وع الفتاو‪ 627( ،‬ر ‪.)627‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الذي له الحمد في األولى وفي اآلخرة ولره الحكرم وإليره تروعرون‪ ،‬الرذي أر رل ر رله‬
‫بالهرردى وديررن الحررق ليظهررره علررى الرردين كلرره وكفررى باللرره شررهيدا كً‪ .‬والح ررش لكررال فب‬
‫العال ين‪ ،‬وصكى الكال كى مح ش وآلال وصحبال وسكم))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وقا العالمة بش الكطيف بن بش الرال ن بن السن آ الشيم‪ (( :‬وهف ا حرم‬
‫التحكيم هلا اال ال ستإلش هلى شر عة باطكة تخالف الكتاب والسإلة‪ ،‬أالكام اليوفاال‬
‫واعفرفج والتتر وقوافيإلدم التي مصشفها آفاكهم وأهواكهم‪ ،‬و هلو سوالف البا ة‬
‫و ا اتدم الجاف ة‪ .‬ف ن استحل الحكم بدها في الشماء أو غيرها فدو افر‪ ،‬قا‬
‫تعالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائشة‪ ،]44 :‬وههر اآل ة ل ر فيدا‬
‫بعض ال فسر ن‪ :‬أال الكفر ال را هإلا‪ :‬فر وال الكفر األ بر؛ ألفدم فد وا أفدا‬
‫تتإلاو من الكم بغير ما أفز الكال‪ ،‬وهو غير مستحل لهلو‪ ،‬لكإلدم إ تإلاز وال في‬
‫ومدا لك ستحل‪ ،‬وأال فرر مخر ن ال كة))(‪.)2‬‬
‫وقا العالمة األلبافي ر فال ال الكال ر في فتو‪ ،‬لال طو كة في مسألة التكفير في الحكم‬
‫بغير ما أفز الكال وغيرر‪(( :‬وخالصة الكالم اآلال‪ :‬أفال إ بش من معرفة أال الكفر الفس‬
‫والظكم‪ ،‬إلقسم هلى قس ين‪ :‬فر وفس وظكم مخر ن ال كة‪ ،‬و ل للو عو هلى‬
‫اإستحال القكبي‪ ،‬فكل العصاة وبخاصة ما فشا في هها الزماال من استحال كي لكربا‪،‬‬
‫والزفا وشرب الخ ر وغيرها‪ ،‬ل هها فر كي‪ ،‬فال جوز أال فكفر العصاة ل جر‬
‫افتكابدم معصية واستحاللدم ه اها كياك‪ ،‬هإ هلا بشا لإلا مإلدم ما كشف ا في قرافة‬
‫ففوسدم أفدم إ حرموال ما الرم الكال وفسولال قيشة‪ ،‬فإلا رفإلا أفدم وقعوا في ههر ال خالفة‬
‫القكبية‪ ،‬الك إلا اليإلده أفدم فروا فر ف ة‪ .‬أما هلا لم فعكم للو فال سبيل لإلا هلى الحكم‬
‫بكفرهم))(‪.)3‬‬
‫ول ر ر فال ال الكال ر ههر الق ية تإلصيصاك فقا في بعض أشرطتال ال سجكة تعكيقاك كى‬
‫((من آمن بشر عة الكال تبافك‬ ‫قو الكال تعالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫وتعالى‪ ،‬وأفدا صالحة لكل زماال ولكل مكاال‪ ،‬ولكإلال إ حكم ر فعالك ر بدا؛ هما الك وهما‬

‫(‪ )1‬مج وع الفتاو‪.)777/75( ،‬‬


‫(‪ )2‬مإلدا التأسيذ (ص‪.)71:‬‬
‫(‪ )3‬فتإلة التكفير (ص‪.)65 :‬‬
‫‪771‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫بع اك أو جزءاك‪ ،‬فله نصيب من هذه اآلية‪ ،‬له نصيب من هذه اآلية‪ ،‬لك من هذا النصيب ال‬
‫يصل إلى به إلى أن يخرج من دائرة اإل الم))(‪.)1‬‬
‫وقا الشيم ابن باز‪ :‬في هجابتال كى سؤا فصال‪ :‬هل عتبر الحكام اله ن حك وال‬
‫بغير ما أفز الكال فافاكق وهلا قكإلا‪ :‬هفدم مسك وال ف الا فقو ن قولال تعالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ‪ ،‬فأجاب‪(( :‬الحا م بغير ما أفز الكال أقسام‪ ،‬تختكف أالكامدم‬
‫بحس ا تقا هم وأ الدم؛ ف ن الكم بغير ما أفز الكال ر‪ ،‬أال للو أالسن من شرع‬
‫الكال؛ فدو افر إلش ج يع ال سك ين‪ ،‬وهكها من حكم القوافين الومعية بشإك من شرع‬
‫الكال‪ ،‬و ر‪ ،‬أال للو جائز ولو قا ‪ :‬هال تحكيم الشر عة أف ل فدو افر‪ ،‬لكوفال استحل ما‬
‫الرم الكال‪.‬‬
‫أما من الكم بغير ما أفز الكال؛ اتبا اك لكدو‪ ،‬أو لرشوة أو لعشاوة بيإلال وبين ال حكوم‬
‫كيال‪ ،‬أو ألسباب أخر‪ ،،‬وهو عكم أفال اص لكال بهلو‪ ،‬وأال الواج كيال تحكيم شرع‬
‫الكال‪ ،‬فدها عتبر من أهل ال عاصي والكبائر‪ ،‬و عتبر قش أتى فراك أصغر وظك اك أصغر وفسقاك‬
‫أصغر‪ ،‬ا جاء هها ال عإلى ن ابن باس و ن طاووس وج ا ة من السكف الصالو‪ ،‬وهو‬
‫ال عروف إلش أهل العكم‪ ،‬والكال ولي التوفي ))(‪.)2‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬ف ن ز م أفال جوز التحا م بغيرها(‪ ،)3‬أو قا ‪( :‬هفال جوز أال تحا م‬
‫إلاس هلى اآلباء) أو‪( :‬هلى األجشا )‪ ،‬أو‪( :‬هلى القوافين الومعية التي ومعدا الرجا )‪ ،‬سواء‬ ‫ال ب‬
‫افل شرقية أو غربية‪ ،‬ف ن ز م أال هها جوز فإال اع اال مإلتف إلال‪ ،‬و كوال بهلو افراك‬
‫فراك أ بر‪ ...‬أما الهي ر‪ ،‬أال الواج تحكيم شرع الكال‪ ،‬وأفال إ جوز تحكيم القوافين وإ‬
‫غيرها م ا خالف شرع الكال‪ ،‬ولكإلال قش حكم بغير ما أفز الكال لدو‪ ،‬في ففسال مش‬
‫ال حكوم كيال‪ ،‬أو لرشوة‪ ،‬أو ألموف سياسية‪ ،‬أو ما أشبال للو من األسباب‪ ،‬وهو عكم أفال‬
‫حقه كمال‬ ‫ظالم ومخطيء ومخالف لكشرع؛ فهذا يكون ناقا اإليمان‪ ،‬وقد انتفى في ِّ‬
‫اإليمان وهو بهلو كوال افراك فراك أصغر‪ ،‬وظال اك ظك اك أصغر‪ ،‬وفاسقاك فسقاك أصغر))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬سكسكة الدش‪ ،‬والإلوف‪ ،‬شر ط‪.258 :‬‬


‫(‪ )2‬مج وع مقاإت وفتاو‪ ،‬ابن باز (‪.)412/4‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬الشر عة‪.‬‬
‫(‪ )4‬ال رجع الساب (‪ )204/1‬ط‪ :‬اعفتاء‪ ،‬الطبعة البالبة‪*** .‬‬
‫‪776‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وسدل ر فال ال الكال ر ن تبش ل القوافين وهل عتبر فراك مخرجاك من ال كةق فأجاب ر فال ال‬
‫الكال ر بقولال‪(( :‬هلا استباالدا عتبر افراك فراك أ بر‪ ،‬أما هلا فعل للو ألسباب خاصة‪ ،‬من‬
‫أجل الرشوة‪ ،‬أو من أجل هفماء أشخاص‪ ،‬و عكم أفدا محرمة؛ فإفال كفر فراك وال فر‪ ،‬أما‬
‫هلا فعكدا ألسباب مبل الرشوة‪ ،‬أو العشاوة‪ ،‬أو من أجل هفماء بعض الإلاس‪ ،‬وما أشبال للو‪،‬‬
‫فإال للو كوال فراك وال فر‪ ،‬وهها الحكم ش ل ج يع الصوف‪ ،‬و واء التبديل وغير‬
‫التبديل‪ .‬و ج كى ولي األمر أال إلع للو‪ ،‬و حكم بشرع الكال))(‪.)1‬‬
‫وقا العالمة ابن بي ين‪(( :‬وأما هلا اال شرع الك اك اماك ت شي كيال األمة‪ ،‬ر‪ ،‬أال‬
‫للو من ال صكحة‪ ،‬وقش لب ًس كيال فيال‪ :‬فال كفر أ اك؛ ألال بيراك من الحكام إلشهم‬
‫جدل في كم الشر عة‪ ،‬و تصل بدم من إ عرف الحكم الشر ي‪ ،‬وهم روفال ال اك بيراك‬ ‫ٌ‬
‫فتحصل بهلو ال خالفة‪.‬‬
‫وهلا اال عكم الشرع ولكإلال الكم بدها أو شرع هها‪ ،‬وجعكال ستوفاك شي الإلاس‬
‫كيال؛ عتقش أفال ظالم في للو‪ ،‬وأال الح في ا جاء بال الكتاب والسإلة‪ :‬فإفإلا إ فستطيع أال‬
‫فكفر هها‪ ،‬وهف ا فكفر من ر‪ ،‬أال الكم غير الكال أولى أال كوال الإلاس كيال‪ ،‬أو مبل الكم‬
‫الكال ز وجل؛ فإال هها افر‪ ،‬ألفال مكهب لقو الكال تبافك وتعالى‪ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫[التين‪ ،]7 :‬وقولال‪ :‬ﯾ ﯿ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ [ال ائشة‪:‬‬
‫‪ ]57‬ام ههر ال سائل إ عإلي أفإلا هلا فرفا أالشاك فإفال ج الخرو كيال ألال الخرو‬
‫تترت كيال مفاسش ظي ة أ بر من السكوت))(‪.)2‬‬
‫والجش ر باله ر أال هها القو إبن بي ين هو آخر القولين لال في ال سألة‪ ،‬اليث‬
‫اال قبل وفاتال بأشدر قكيكة‪ .‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫فدهر ف ال من أقوا أصحاب القولين في ههر ال سألة‪ ،‬وهي تقرف اختالفدم في‬
‫ههر ال سألة الكبيرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬في لقاء أجرتال معال مجكة الفرقاال‪ ،‬العش (‪* .)74‬‬
‫(‪ )2‬فتو‪ ،‬في شر ط كى سؤا ألالش طكبة العكم في ‪/02‬فبيع األو ‪0202/‬هر‪ .‬وقش فبررغل في تاب الحكم بغير ما أفز‬
‫الكال مإلاقشة تأصيكية ك ية ها ئة (ص‪ 000 :‬ر ‪ )001‬وومو مصشفها‪ ،‬وهو شر ط بعإلواال ((التحرر في مسألة‬
‫التكفير))‪ ،‬هصشاف تسجيالت ابن القيم‪ ،‬الكو ل‪.‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الترويح بين القولين‪:‬‬


‫وقبل الشروع في الترجيو أال أال أقشم ب قشمة أف‪ ،‬مإلاسبتدا لك قام هإلا‪ ،‬وهو أال‬
‫الإلظر في مسألة التكفير وتإلرز ل التكفير كى معيإلين هو من خصوصيات أهل العكم الراسخين‬
‫اله ن هم كى معرفة تامة و فا ة محققة بأصو أهل السإلة وقوا شهم في هها الباب العظيم‪،‬‬
‫ولها فال إلبغي أال تجاسر كيال من هو وفدم‪ ،‬ألال هها الباب باب خطير‪ ،‬وهو مزلة أقشام‪،‬‬
‫وم كة أفدام تترت كيال أموف ظام(‪.)1‬‬
‫هلا ابل هها‪ ،‬فإال الترجيو في ههر ال سألة إ عإلي التطاو كى أهل العكم‪ ،‬والإلظر‬
‫في ا هو من شدوفدم‪ ،‬وهف ا هو فظر ك ي مإلبن كى المدم في ههر ال سألة‪ ،‬وليذ أمراك‬
‫خافجاك ن أقوالدم‪ ،‬وهف ا هو ترجيو ألقوا بع دم كى البعض‪.‬‬
‫وبعش ر‪ ،‬ههر األقوا ‪ ،‬فالهي ترجو في فظري ر والعكم إلش الكال ر أال التكفير إ‬
‫كوال هإ في أمر قش أبج ع كى أفال فر؛ لقولال ‪ ‬في شأال الخرو كى الحكام‪« :‬هإ أال‬
‫تروا فراك برواالاك(‪ )2‬إلش م فيال من الكال برهاال»(‪)3‬؛ فدها مإلال ‪ ‬خطاب ل ج وع األمة إ‬
‫ألفرا ها؛ ألال الحكم بإ فاف الحا م أو شمال أمر تتعك بال مصكحة الج ا ة من هقصاء‬
‫هها الحا م والخرو كيال‪ ،‬أو الفل بيعتال وترك الخرو كيال‪.‬‬
‫ولها ف را ام أهرل العكرم مرن أهرل السرإلة ليسروا كرى قرو واالرش فري الحكرم كرى هرهر‬
‫الصوفة‪ ،‬وج التوقف في أمر من تكبذ بدا من الكرام ال سرك ين‪ ،‬وهتبراع أصرل الشرر عة فري‬
‫بق رراء الحك ررم بإس ررالمال؛ لع ررشم وفو ال ررشليل الق رراطع بكف رررر(‪ ،)4‬وألال الح ررشو ت ررشفأ بالش رربدات‬
‫والتكفير أولى بأال شفأ بهلو‪.‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬التكفير وموابطال لكش توف هبراهيم بن امر الراليكي (ص‪.)712 ،777 :‬‬
‫الحش ث (‪ ،)77/1‬وا تقا أصو‬ ‫(‪ )2‬بواالاك‪ :‬أي ظاهراك با اك إ لبذ وإ شبدة فيال‪ .‬وقيل‪ :‬خالصاك‪ .‬افظر‪ :‬غر‬
‫أهل السإلة والج ا ة لكاللكائي (جر‪.)1667/7‬‬
‫(‪ )3‬أخرجال البخافي في تاب الفتن‪ ،‬باب‪ :‬قو الإلبي ‪« :‬ستروال بعشي أموفاك تإلكروفدا» (جر‪ )116/7‬ح‬
‫(‪ ،)7752‬ومسكم في تاب اعمافة (‪.)1477/7‬‬
‫(‪ )4‬أ إلي من ابل هسالمال بيقين فال خر إلال هإ بيقين‪ .‬افظر‪ :‬تقرر ههر القا شة في مج وع الفتاو‪،422/16( ،‬‬
‫‪.)571‬‬
‫‪774‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قو الحافل ابن بش البر ر فال رال الكرال ر فري شرأال التكفيرر وأفرال إ برش أال كروال فري أمرر‬
‫قش أبج ع كيال‪ (( :‬ل من ابل لال قش اعسالم في وقل بإج اع من ال سك ين ارم ألفر لفبراك‪،‬‬
‫أو تررأو تررأو الك فرراختكفوا بعررش فرري خروجررال مررن اعسررالم لررم كررن إخررتالفدم بعررش هج ررا دم معإلر كرى‬
‫وج الجة‪ ،‬وإ خر من اعسالم ال تف كيال هإ باتفاق آخر‪ ،‬أو سإلة اابتة إ معاف‪ ،‬لدا‪.‬‬
‫وقش اتف أهل السإلة والج ا ة ر وهم أهل الفقال واألار ر كى أال أالشاك إ خرجال لفبرال‬
‫ر وهال ظم ر من اعسالم‪ ،‬وخالفدم أهل البشع‪.‬‬
‫فالواجر ر ف رري الإلظ ررر أال إ كف ررر هإ م ررن اتفر ر الج ي ررع ك ررى تكفي رررر‪ ،‬أو ق ررام ك ررى‬
‫تكفيرر ليل إ مشفع لال تاب أو سإلة(‪ .)2()))1‬افتدى‪.‬‬
‫ول ا سأ هس ا يل الشالإلجي(‪ )3‬اعمام أال ش ر فال ال الكال ر رن قولرال تعرالى‪ :‬ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائررشة‪ :]44 :‬مررا هررها الكفرررق قررا ‪ :‬فررر إ إلقررل ررن ال كررة‪،‬‬
‫مبل اع اال بع ال وال بعض‪ ،‬فكهلو الكفر التى جئ من للو أمر إ ختكف فيال(‪.)4‬‬
‫وقا الشيم بش الكال أبا بطين ر فال ال الكال ر‪(( :‬وبالج كة فيج كى من فصرو ففسرال‬
‫هإ ررتككم فرري هررهر ال سررألة هإ بعكررم وبرهرراال مررن الكررال‪ ،‬وليحررهف مررن هخررا فجررل مررن اعسررالم‬
‫ب ج ررر فد ررال واستحس رراال قك ررال ف ررإال هخ ررا فج ررل م ررن اعس ررالم أو ه خال ررال في ررال أ ظ ررم أم رروف‬
‫الش ن‪...‬‬
‫وأ اك‪ :‬ف ا تإلازع العك اء في وفال فراك‪ ،‬فاإالتيراط لكرش ن التوقرف و رشم اعقرشام‪ ،‬مرا‬
‫لم كن في ال سألة ف صر و من ال عصوم ‪.)5())‬‬

‫[ال ائشة‪،]44 :‬‬ ‫(‪ )1‬وإ ر أال القرآال قش الكم بكفرر ا في قولال تعالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫ألال الكفر في ألفا الشرع قش ر و را بال األ بر وقش ر و را بال األصغر‪ .‬وفي ههر الصوفة قش اختكف أهل‬
‫العكم في ال ل الكفر كى أي الإلو ين؛ فال بستش بأمر مختكف فيال كى ترجيو أمر مختكف فيال‪.‬‬
‫(‪ )2‬الت ديش (‪.)61/17‬‬
‫(‪ )3‬ترج تال في طبقات الحإلابكة (‪)174/1‬‬
‫(‪ )4‬وأوف ر أ اك شيم اعسالم في مج وع الفتاو‪ ،)767 ،654/7( ،‬وابن القيم في الصالة والكم تاف دا (ص‪:‬‬
‫‪.)44‬‬
‫(‪ )5‬الكفر الهي عهف صاالبال بالجدل والكم من كفر غيرر من ال سك ين (ص‪.)61 :‬‬
‫‪775‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫قكررل‪ :‬وللررو إ عإلرري بال ررروفة التقكيررل مررن شررأال هررها ال إلكررر‪ ،‬بررل فررر‪ ،‬أال هقصرراء‬
‫الشررر عة فرري ق ررية واالررشة بررالحكم فيدررا بغيررر مررا أفررز الكررال مإلكررر جسرريم ص راالبال كررى خطررر‬
‫ظيم‪ ،‬فكيف ب ن قصي الشر عة ن ج يع األالكام‪ ،‬إ شو أال أمرر أخطر وبالءر أشش‪.‬‬
‫هررها مررن اليررث التأصرريل العررام‪ .‬وأمررا هررهر الصرروفة بعيإلدررا ف ررن الإلرراس مررن بإلررازع فرري‬
‫وقو دا‪ ،‬وللو ل را وجرش فري الرشو التري حك درا مسرك وال مرن ال حرا م الشرر ية ال تعكقرة‬
‫باألالوا الشخصية؛ الإلكاح وال واف ث والطالق‪.‬‬
‫و كررى فررر‪ ،‬وقرروع هررهر الصرروفة‪ ،‬أو أال وجررو تكررو ال حررا م إ بخررر ررن التبررش ل‬
‫العام‪ ،‬وللو كى القو بقصر الحكم كى الحشو خاصة وال غيرها(‪ ،)1‬فيكروال األمرر را‬
‫سررب تقر رررر‪ ،‬وللررو ل ررا ترت ر كررى تكفيررر الحكررام بدررهر الصرروفة أو بغيرهررا مررن ال فاسررش‬
‫العظي ة من الخرو وما ترت كيال من سفو الشماء ال حرمة وافتداك العرو‪.،‬‬
‫ومن الجش ر ل رر هإلا‪ :‬أال اله ن ههبوال هلى التكفير بدهر الصوفة من أهرل السرإلة إ‬
‫كفرروال ال عررين ال تكرربذ بدررا هإ بعررش ترروفر الشرروط وافتفرراء ال وافررع‪ ،‬وهف ررا التكفيررر قررع مرإلدم‬
‫كى سبيل اعطالق والع وم(‪ ،)2‬وفرر ٌق بين التكفير برالع وم والتكفيرر برالتعيين؛ ((فرإال فصروص‬
‫الو يش التي في الكتاب والسإلة ونصوص األئمة بالتكفير والتفسيق وفحو للرو إ تسرتكزم‬
‫ابوت موجبدا في ال ال عين هإ هلا وجشت الشروط وافتفرل ال وافرع‪ ،‬إ فررق فري للرو برين‬
‫األصو والفروع)) ا قرف للو شيم اعسالم ر فال ال الكال تعالى ر(‪.)3‬‬

‫بافة ن تاب مج وع من أالكام‬ ‫((‬ ‫ا مبل بال البعض‪ ،‬وهو ر ا قا ابن بير ر‪:‬‬ ‫(‪ )1‬ا هو الشأال في الياس‬
‫قش اقتبسدا ر عإلي جإلكز خاال مكو التتاف ر من شرائع شتى من اليدو ة والإلصرافية وال كة اعسالمية‪ ،‬وغيرها وفيدا‬
‫بير من األالكام أخهها من مجر فظرر وهوار فصافت في بإليال شر ا متبعا قشموفال كى الحكم بكتاب الكال‬
‫وسإلة فسو الكال صكى الكال كيال وسكم‪ ،‬ف ن فعل للو مإلدم فدو افر ج قتالال التى رجع هلى الكم الكال‬
‫وفسولال فال حكم سوار في قكيل وإ بير)) [تفسير ابن بير (‪.])24/6‬‬
‫ا ل ر ابن بير فيال بعض األالكام ال ست شة من الشر عة‬ ‫قكل‪ :‬وهال اال في هها الت بيل فظر ألال الياسا‬
‫اعسالمية‪ ،‬فال صشق كيال التبش ل الككي العام‪ ،‬ولكن فه رر هإلا تإلرزإك مع ال خالف‪.‬‬
‫(‪ )2‬بشليل أفدم إلكروال كى اة التكفير وفتإلاء التفجير‪.‬‬
‫=‬ ‫(‪ )3‬مج وع الفتاو‪.)776/17( ،‬‬
‫‪772‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫رررررررررر‬
‫قكل‪ :‬ومصشاقاك لدها فقش سدل الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر‪ :‬هإلاك ق ية تباف اآلال الو فر اله ن حك وال‬ ‫=‬
‫بالقوافين الومعية‪ ،‬و ستش أصحاب هها الرأي بفتوا م ر الفظكم الكال ر في ال ج وع الب ين بأال هها فر وأفال‬
‫وامو ألفال تبش ل لشرع الكال‪ ،‬هلو إلس هها هلى الشيم مح ش بن هبراهيم فال ال الكال‪.‬‬
‫فالسؤا هإلا‪ :‬هل كزم ا تباف موافع التكفير أو ما اشترطال أهل السإلة والج ا ة في هقامة الحجة كى من الكم‬
‫بغير ما أفز الكال تشر عاك اماك‪ ،‬جزا م الكال خيراكق‬
‫فأجاب ر فال ال الكال ر‪ (( :‬ل هفساال فعل مكفراك فالبش أإ وجش فيال مافع التكفير‪ ،‬ولدها جاء في الحش ث‬
‫الصحيو ل ا سألور ن مإلابهة الحا م قا ‪ « :‬إ‪ ،‬هإ أال تروا فراك بواالاك إلش م فيال من الكال برهاال»‪ ،‬فالبش من‬
‫الكفر الصر و ال عروف الهي إ حت ل التأو ل‪ ،‬فإال اال حت ل التأو ل فإفال إ كفر صاالبال وهال قكإلا هفال فر‪.‬‬
‫فيفرق بين القو والقائل‪ ،‬وبين الفعل والفا ل‪ ،‬قش تكوال الفعكة فسقاك وإ فس الفا ل لوجو مافع إلع من‬
‫تفسيقال‪ ،‬وقش تكوال فراك وإ كفر لوجو مافع إلع من تكفيرر‪ ،‬وما مر األمة اعسالمية في خرو الخواف هإ‬
‫هها التأو ل‪ ،‬فالخواف افوا مع كي بن أبي طال كى جيش أهل الشام‪ ،‬فك ا الصكل ال صالحة بين كي بن‬
‫أبي طال وأهل الشام‪ ،‬خرجل الخواف اله ن افوا معال كيال التى قاتكدم وقتكدم والح ش لكال‪ ،‬لكن الشاهش أفدم‬
‫قالوا‪ :‬الك ل بغير ما أفز الكال؛ ألفو الك ل البشر فخرجوا كيال‪.‬‬
‫فالتأو ل الفاسش هو بالء األمة؛ فقش كوال الشيء فراك فيعتقش هها اعفساال افال فر بواح فيخر ‪ ،‬وقش كوال‬
‫الشيء فراك لكن الفا ل ليذ بكافر‪ ،‬لوجو مافع إلعال من تكفيرر‪ ،‬فيعتقش هها الخاف أفال إ هف لال فيخر ‪.‬‬
‫كى اعفساال التحرز من التسرع في تكفير الإلاس أو تفسي الإلاس‪ ،‬فب ا فعل اعفساال فعالك فسقاك إ‬ ‫ولدها ج‬
‫شو فيال‪ ،‬لكإلال إ شفي‪ ،‬فإلا قكل ا أخي هها الرام‪ ،‬قا ‪ :‬جزاك الكال خيراك‪ ،‬وافتدى إلال‪ ،‬هلال يف أالكم كى‬
‫وال أال تقوم كيال الحجة‪ ،‬فدؤإء اله ن تشير هليدم‪ ،‬من الكام العرب وال سك ين قش كوفوال‬ ‫هفساال هفال فاس‬
‫معهوف ن لم تتبين لدم الحجة‪ ،‬أو بيإلل لدم وجاءهم من كبذ كيدم و شبال كيدم‪.‬‬
‫فالبش من التأفي في األمر‪ ،‬ام كى فر‪ ،‬أفإلا فأ إلا فراك بواالاك إلشفا فيال من الكال برهاال‪ ،‬و ك ة‪ :‬فأ إلا شرط‪ ،‬و فراك‬
‫شرط‪ ،‬وبواالاك شرط‪ ،‬و إلشفا فيال من الكال برهاال شرط أفبعة شروط‪.‬‬
‫فقو ‪ " :‬أال تروا " أي تعك وال قيإلاك االترازاك من الشائعات التي إ القيقة لدا‪.‬‬
‫و ك ة‪ " :‬فراك " االترازا من الفس ‪ ،‬عإلي لو اال الحا م فاسقاك فاجراك‪ ،‬لكن لم صل هلى الش الكفر فإفال إ جوز‬
‫الخرو كيال‪.‬‬
‫البالث‪ " :‬بواالاك " أي صر حاك ما حت ل التأو ل وقيل البواح‪ :‬ال عكن‪.‬‬
‫والرابع‪ " :‬إلشفا فيال من الكال برهاال " عإلي ليذ صر حاك في أففسإلا فقط‪ ،‬بل فحن مستإلشوال كى ليل وامو‬
‫قاطع‪.‬‬
‫كيإلا هلا‬ ‫ههر الشروط األفبعة شرط لجواز الخرو ‪ ،‬لكن بقى إلشفا شرط خامذ لوجوب الخرو وهو‪ :‬هل ج‬
‫كيإلا أال فخر ق إلظر لك صكحة‪ ،‬هال إلا قا ف ن كى هزالتال؛ فحيإلده‬ ‫جاز لإلا اال فخر كى الحا م‪ ،‬هل ج‬
‫=‬ ‫فخر ‪ ،‬وهلا إلا غير قا ف ن فال فخر ‪ ،‬ألال ج يع الواجبات الشر ية مشروطة بالقشفة واإستطا ة‪ .‬ام هلا خرجإلا فقش‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وللو بإزاء ال تسر ين في التكفير اليث قع مإلدم التكفير لكحكام ال تكبسرين بدرهر‬
‫الصرروفة كررى سرربيل التعيررين وال أخرره بالشررروط وافتفرراء ال وافررع الترري ألجكدررا كرروال التكفيررر‬
‫لك عيإلين‪ ،‬فيقع مإلدم بسب للو خكط ظيم في فدم الم أهل العكم والش ن‪.‬‬
‫ام هال من أبرز األ لة التي ستش بدا ال كفروال بدهر الصوفة قولال تعرالى‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائشة‪.]44 :‬‬
‫ووجررال اإستشرردا بدررا‪ :‬أال اسررم ال وصررو فرري قولررال ﮧ ﮨ ﮩ صرريغة رروم فيفيررش‬
‫ج يررع الق ررا ا‪ ،‬والتقررش ر أي‪ :‬مررن ترررك الحكررم ب را أفررز الكررال فرري ج يررع الق ررا ا‪ ،‬فأولدررو هررم‬
‫الكافروال‪.‬‬
‫قاصر من جدتين‪:‬‬
‫قكل‪ :‬واستشإلدم باآل ة ٌ‬
‫الجهة األولى‪ :‬قصرهم اآل ة كى الحشو خاصرة‪ .‬والصرحيو أال اآل رة شرامكة لج يرع‬
‫األالكام الشر ية‪ ،‬و شخل في للو أالكام العقائرش والعبرا ات وال عرامالت‪ ،‬و رش لرهلو مرا‬
‫فيشر اسم ال وصو من الع وم‪ ،‬الع وم الشامل لكرل الكرم أفزلرال الكرال وتعبرشفا برال‪ ،‬سرواء راال‬
‫الحكم كيال فدو اخل في ههر اآل رة را قرا‬ ‫كياك أو ا تقا اك؛ ف ن الكم غير القرآال في ب‬
‫ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬ ‫تع ر ر ر ر ررالى‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫[الإلسرراء‪ ،]25 :‬فررأي خررالف بررين ال سررك ين وجر ف التحررا م فيررال هلررى القرررآال والسرإلة‬ ‫ﯯ‬
‫ر ر ررا ق ر ر ررا تع ر ر ررالى‪ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [الش ر ر رروف‪]17 :،‬؛ ف ر ر ررالحكم ب ر ر ررين‬
‫ال تإلرراز ين قررع التررى فرري غيررر أمرروف الحكررم والق رراء ررا فرري قولررال تعررالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[الإلسراء‪]57 :‬؛ فقولال ﰊ هإلا رام شر ل رل تإلرازع‪ ،‬فكرل تإلرازع وجر ف التحرا م فيرال‬
‫هلى القرآال والسإلة‪.‬‬
‫رررررررررر‬
‫كى خروجإلا مفسشة أ بر وأ ظم م ا لو بقي هها الرجل كى ما هو كيال‪ ،‬ألفإلا هلا خرجإلا ام ظدرت العزة‬ ‫ترت‬ ‫=‬
‫لال‪ ،‬صرفا أللة أ بر‪ ،‬وت ا ‪ ،‬في طغيافال و فرر أ بر‪ ،‬فدهر ال سائل تحتا هلى تعقل‪ ،‬وأال قترال الشرع بالعقل‪ .‬وأال‬
‫تبعش العاطفة في ههر األموف‪ ،‬فإلحن محتاجوال لكعاطفة ألجل تح سإلا‪ ،‬ومحتاجوال لكعقل والشرع التى إ فإلساق‬
‫وفاء العاطفة التي تؤ ي هلى الدالك))‪ .‬افتدى الم الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر‪[ .‬من لقاء الباب ال فتوح مع‬
‫ف يكة الشيم مح ش صالو العبي ين‪ ،‬الكقاء ‪ ،51‬السؤا (‪.])1664‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫و كى للو كزم من كفر الحا م بغير ما أفز الكال غير ال ستحل في الحشو أال كفرر‬
‫من حكم بغير مرا أفرز الكرال فري أبرواب العقيرشة؛ صرفات الكرال تعرالى‪ .‬فرال تكك وال ر كرى سربيل‬
‫ال بررا ؛ ومرإلدم األشررا رة ر قررش الك روا قرولدم فرري برراب الصررفات ر الررهي هررو مررن أ ظررم أبرواب‬
‫العقيررشة ر‪ ،‬وتر روا التحررا م فيررال هلررى مررا أفررز الكررال‪ ،‬ومررع هررها لررم حكررم العك رراء بكفرررهم‪ .‬فكرريذ‬
‫تكفيررر مررن كفررر الحررا م بغيررر مررا أفررز الكررال الغيررر ال سررتحل بررأولى مررن تكفيررر هررؤإء؛ ألال‬
‫سررالمة الررش ن أولررى مررن سررالمة الررشفيا؛ فررإلا جرراف الحررا م فحكررم بغيررر مررا أفررز الكررال فرري أمرروف‬
‫الررشفيا أفسررشها‪ ،‬وأمررا هلا الكررم ال فترري أو العررالم بغيررر مررا أفررز الكررال فرري أمرروف الررش ن فقررش مررل‬
‫وأمل وأفسش من الش ن بقشف ما الكم فيال بغير ما أفز الكال‪ ،‬والش ال حكوم كيال‪.‬‬
‫فالحاصل أفال شخل فري الكرم اآل رة رل مرن الكرم بغيرر مرا أفرز الكرال فري أمروف الرشفيا‬
‫أو الررش ن‪ ،‬و كررى هررها فدرري تش ر ل ررل مررن حكررم فرري األمرروف العامررة أو الخاصررة؛ فتش ر ل‬
‫ك رراء أهررل البررشع‪ ،‬والكررام الجرروف وأم رراء السرروء‪ ،‬وغيرررهم م ررن تص رشوال لكحكررم فرري األمرروف‬
‫العامة أو الخاصة فيحك وال فيدا بغير ما أفز الكال‪.‬‬
‫وقررش أشرراف هلررى للررو ابررن تي يررة ر فال ررال الكررال ر اليررث بررين أال الحك رام حك رروال فرري‬
‫األموف ال عيإلة إ حك روال فري األمروف الككيرة‪ ،‬ولرها قيرش فررهم باإسرتحال لكحكرم بغيرر مرا‬
‫أفز الكال بخرالف األمروف الككيرة ال شرتر ة برين األمرة‪ ،‬ف رن الكرم فيدرا بغيرر مرا أفرز الكرال فدرو‬
‫افر‪ ،‬ولو لم ستحل(‪.)1‬‬
‫وسرربقال هلررى للررو اعمررام أبررو ال ظفررر السر عافي ر فال ررال الكررال ر اليررث قررا ‪(( :‬وا كررم أال‬
‫الخواف سرتشلوال بدرهر اآل رة‪ ،‬و قولروال‪ :‬مرن لرم حكرم ب را أفرز الكرال فدرو رافر‪ ،‬وأهرل السرإلة‬
‫قالوا‪ :‬إ كفر بترك الحكم‪.‬‬
‫ولآل ة تأو الال‪:‬‬
‫أالشه ا‪ :‬معإلار‪ :‬ومن لم حكم ب ا أفز الكال ف اك وجحشاك فأولدو هم الكافروال‪.‬‬
‫والبافي‪ :‬معإلار‪ :‬ومن لم يحكم بكرل مرا أنرهل اللره فموللرك هرم الكرافرون‪ ،‬والكرافر‬
‫هو الذي يترح الحكم بكل ما أنهل الله‪ ،‬دون المسلم))(‪ )2‬افتدى‪.‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬مإلدا السإلة الإلبو ة (‪ 171/5‬ر ‪.)176‬‬


‫(‪ )2‬تفسير الس عافي (‪.)46/6‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وأ اك‪ :‬شإلع الشيم مح ش صش خاال ر فال ال الكال ر كرى ال بتش رة بدرهر اآل رة‪ ،‬م را‬
‫ررش كررى ا تب ررافر ش ر و هررهر اآل ررة لكتح ررا م بغيررر م ررا أفررز الكررال ف رري أمرروف الررش ن ومس ررائل‬
‫العكم(‪.)1‬‬
‫(بررل التررى العصرراة اخكرروال تحررل رروم هررهر اآل ررة؛ ألال العاصرري قررش اسررتبش الكررم‬
‫الكال (= األمر والإلدي) بحكم غيرر (=هوار وشيطافال) و كيال فريكزم تكفير من أج ع أهل السإلة‬
‫كى شم فرر وهو العاصي)(‪.)2‬‬
‫قو ابن الزم الظاهري ر فال رال الكرال ر‪(( :‬فرإال الكرال رز وجرل قرا ‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫[ال ائر ر ر ر ر ر ررشة‪:‬‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ [ال ائر ر ر ر ر ر ررشة‪ ،]44 :‬ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫‪ ،]45‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ال ائر ر ر ر ر ررشة‪]47 :‬؛ فكيبكر ر ر ر ر ررزم ال عتزلر ر ر ر ر ررة أال‬
‫ص رررالوا بكف ررر ررل رراص وظ ررالم وفاسر ر ألال ررل ام ررل بال عص ررية فك ررم حك ررم ب ررا أف ررز‬
‫الكال))(‪.)3‬‬
‫الجهة الثانية‪ :‬ال كدم الكفر في اآل ة كى الكفر األ بر‪ .‬وهي شامكة لإلو ي الكفر؛ األ بر‬
‫واألصغر بشليل تفسير ابن باس فمي الكال إلد ا(‪ ،)4‬وتفسير غيرر من السكف(‪.)5‬‬
‫ررا أفررال إ وجررال فرري التفر ر بح ررل الكفررر فرري اآل ررة كررى الكفررر األ بررر فرري التبررش ل‬
‫العام وال الحكم بغير ما أفز الكال في بعض الق را ا‪ ،‬هل إ ليرل كرى هرها التفر ر ‪ .‬فإمرا أال‬
‫تبح ررل اآل ررة كررى الكفررر األ بررر فرري ررال الحررالين أو بصرراف هلررى التفصرريل الررهي جرراء ررن‬
‫السكف‪ .‬أما التفر فال وجال لال‪ ،‬ألال اسم ال وصو حت ل األمر ن‪ :‬من لرم حكرم ب را أفرز‬
‫الكررال فرري أي ق ررية‪ ،‬أو فرري ج يررع الق ررا ا‪ ،‬و ررال اإالت ررالين متسرراو اال؛ هل إ مرررجو بيإلد ررا‬
‫خافجي من الإلصوص‪ .‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫ررا أال لفررل اإسررتبشا فرري لغررة العرررب صررشق كررى القكيررل والكبيررر ررا فرري قولررال‬
‫تع ر ر ر ر ر ر ر ر ررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬

‫(‪ 548/5‬ر ‪.)555‬‬ ‫(‪ )1‬افظر‪ :‬الش ن الخال‬


‫(‪ )2‬الحكم بغير ما أفز الكال (ص‪ )28 :‬مع تصرف سير بالتقش م والتأخير في الكالم‪.‬‬
‫(‪ )3‬الفصل في ال كل والإلحل (‪.)248/5‬‬
‫(‪ )4‬افظر‪ :‬الشف ال إلبوف لكسيوطي (‪.)77/7‬‬
‫(‪ )5‬افظر‪ :‬تفسير القرطبي (‪ ،)177/7‬وتفسير ابن بير (‪.)24/6‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫[الإلسر رراء‪ ،]67:‬فس ر ر ى تطكي ر ر الواالر ررشة واسر ررتبشالدا بر ررأخر‪ ،‬اسر ررتبشاإك ر ررا أال تطكي ر ر األفبعر ررة‬
‫واستبشالدن بأبخر بس ى استبشاإك‪.‬‬
‫وأ اك‪ :‬فكفل التبش ل طك في الم أهل العكم كى ما أمافال الإلراس هلرى الشررع؛ همرا‬
‫بالكهب واإفتراء؛ وهما بالتأو ل والغكط‪ ،‬فال بس ى تبش الك التى إلسبال هلى الشرع‪.‬‬
‫قررو شرريم اعسررالم ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬ولكررن بي رراك مررن الإلرراس إلسرربوال مررا قولوفررال هلررى‬
‫الشرررع‪ ،‬ولرريذ مررن الشرررع بررل قولرروال للررو؛ همررا جدرالك‪ ،‬وهمررا غكطراك‪ ،‬وهمررا ررشاك وافترراء‪ ،‬وهررها‬
‫هو الشرع المب مدل الهي ستح أصحابال العقوبة))(‪.)1‬‬
‫وقا في مومع آخر‪(( :‬والبالث "الشرع المب مدل" وهو الكهب كى الكال وفسرولال‪ ،‬أو‬
‫كررى الإلرراس بشرردا ات الررزوف وفحوهررا‪ ،‬والظكررم البررين؛ فمررن قررال‪ :‬إن هررذا مررن شرررع اللرره فقررش‬
‫فر بال فزاع؛ ن قا هال الشم وال يتة الال ‪ ،‬ولو قا ‪ :‬هها مههبي وفحو للو))(‪.)2‬‬
‫وهررها ال عإلررى لكتبررش ل هررو الررهي ترت ر كيررال الكفررر فرري تحكرريم الطرراغوت؛ فحيررث‬
‫أماف الك ال هلى الكال فقا ‪ :‬هفال من شرع الكال فر‪ ،‬ستوي للو في الكبير والقكيل‪.‬‬
‫قررو الجصرراص فرري تفسررير آ ررة ال ائررشة‪(( :‬فررإال رراال ال ررا جحررو الكررم الكررال‪ ،‬أو‬
‫الحكررم بغيرررر مررع اعخبرراف بأفررال الكررم الكررال‪ ،‬فدررها فررر خررر ررن ال كررة‪ ،‬وفا كررال مرتررش هال رراال‬
‫قبل للو مسك اك‪ .‬و كرى هرها تأولرال مرن قرا ‪ :‬هفدرا فزلرل فري بإلري هسررائيل وجررت فيإلرا عإلروال‪:‬‬
‫أال من جحش مإلا الكم الكال‪ ،‬أو الكم بغير الكم الكال‪ ،‬ام قا ‪ :‬هال هها الكم الكرال فدرو رافر‪،‬‬
‫ا فرت بإلو هسرائيل الين فعكوا للو))(‪.)3‬‬
‫وقا ابن العربي ر فال ال الكال ر في شأال الحكم بغير مرا أفرز الكرال‪(( :‬وهرها ختكرف؛ هال‬
‫الكررم ب ررا إلررشر كررى أنرره مررن عنررد اللرره فهررو تبررديل لرره وجر الكفررر‪ ،‬وهال الكررم بررال هررو‪،‬‬
‫ومعصية فدو لف تشف ال ال غفرة كى أصل أهل السإلة في الغفراال لك هفبين))(‪ )4‬أ‪ .‬هر‪.‬‬
‫والتبش ل بدها ال عإلى صشق كيال معإلى اإستحال ‪ ،‬ولها قا شيم اعسالم ر فال ال‬
‫الكال ر في ق ية التحا م هلى الطاغوت وأفال فر‪(( :‬واعفساال متى الكل الحرام ال ج ع كيال‪ ،‬أو‬

‫(‪ )1‬مج وع الفتاو‪.)722 / 75( ،‬‬


‫(‪ )2‬ال صشف الساب (‪.)627/7‬‬
‫(‪ )3‬أالكام القرآال لكجصاص (‪.)477/6‬‬
‫(‪ )4‬أالكام القرآال إبن العربي (‪.)171/7‬‬
‫‪711‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الرم الحال ال ج ع كيال‪ ،‬أو بش الشرع ال ج ع كيال اال افراك مرتشاك باتفاق الفقداء‪ .‬وفي‬
‫[ال ائشة‪]44 :‬‬ ‫مبل هها فز قولال كى أالش القولين ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫أي‪ :‬هو المستحل للحكم بغير ما أنهل الله))(‪.)1‬‬
‫ف را شيم اعسالم بقولال‪(( :‬أو بش الشرع ال ج ع كيال)) هإلا ما اال كى جدة‬
‫اإستحال ‪ ،‬بشليل قولال‪(( :‬أي‪ :‬هو ال ستحل لكحكم بغير ما أفز الكال))‪ ،‬وللو هف ا كوال‬
‫بإمافتال هلى الشرع‪.‬‬
‫وأما التبش ل هلا لم كن كى جدة فسبتال هلى الشرع فدها ائر في الم أهل العكم بين‬
‫الظكم والفس ‪.‬‬
‫قو ابن القيم ر فال ال الكال ر‪(( :‬وأما الحكم ال بش وهو الحكم بغير ما أفز الكال فال‬
‫حل تإلفيهر‪ ،‬وإ الع ل بال‪ ،‬وإ سوغ اتبا ال‪ ،‬وصاالبال بين الكفر والفسوق والظكم))(‪.)2‬‬
‫ام قا ‪ :‬ما هو ال ابط في ش الق ا ا التي إ بكفر بدا والق ا ا التي بكفر بدا‪،‬‬
‫ألال البع ية تش ل الجزء مع ترك القكيل‪ ،‬والجزء مع ترك الكبير‪ ،‬فال بش من ميزاال ف بط برال‬
‫هها القكيل من هها الكبير؛ وهها ما إ سبيل هليال‪.‬‬
‫(اررم كررى القررو بررأال مررن اسررتبش الشررر عة كدررا كفررر ف ررا الكررم مررن اسررتبش ررل‬
‫الشررر عة هإ الك راك واالررشاك؛ فررإال فرررر فقررش خررالف مررا قرررفر مررن أال مإلرراط التكفيررر هررو اسررتبشا‬
‫الكل! وهال لم كفرر فقش أتى ب ا إ تواف مع صر و العقل)(‪.)3‬‬
‫ا ررم هفر رال ب ررالإلظر هل ررى أقر روا ال ختكف ررين ف رري ه ررهر ال س ررألة م ررن أه ررل السر رإلة فج ررش أال‬
‫صوفي أو تصوفي‪.‬‬ ‫اإختالف بيإلدم اختالف ب‬
‫ووجدررال‪ :‬أال القررائكين بررأال ال بررش لكشررر عة ال تحررا م هلررى غيرهررا فرري ج يررع الق ررا ا‬
‫ك بفر عككوال ب فرر‪ :‬بأفال لم فعرل للرو هإ وهرو معتقرش أال مرا رش هليرال مرن القروافين الومرعية‬
‫أففررع وأصرركو لكعبررا مررن أالكررام الشررر عة اعسررالمية(‪)4‬؛ ف رأفجعوا الحكررم بررالتكفير هلررى ا تقررا‬
‫القك الهي هو اإستحال أو التف يل‪.‬‬

‫(‪ )1‬مج وع الفتاو‪ 627/7( ،‬ر ‪.)627‬‬


‫(‪ )2‬الروح (ص‪.)627/‬‬
‫(‪ )3‬الحكم بغير ما أفز الكال (ص‪.)54 :‬‬
‫=‬ ‫(‪ )4‬بيش أال هها التالزم ر مع جاللة قشف قائكيال ر مشفوع من االاة أوجال‪:‬‬
‫‪716‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وم ا بين للو قو الشيم ابن بي ين ر فال ال الكال ر‪(( :‬أما بالإلسبة ل رن ومرع قروافين‬
‫تشر عية مع ك ال بحكم الكرال وب خالفرة هرهر القروافين‪ ،‬فدرها قرش برش الشرر عة بدرهر القروافين‪،‬‬
‫فدررو ررافر ألفررال لررم رغر بدررها القررافوال ررن شررر عة الكررال هإ وهررو عتقررش أفررال خيررر لكعبررا والرربال‬
‫من شر عة الكال))(‪.)1‬‬
‫وقا الشيم صالو آ الشيم معكالك لكتكفير بصوفة التبرش ل‪(( :‬ألفرال إ صرشف ر عإلري‬
‫تحكيم القافوال الومرعي كرى الرشوام ر فري الواقرع مرن قكر قرش فرر بالطراغوت‪ ،‬برل إ صرشف‬
‫هإ م ن ظم القافوال‪ ،‬و ظم الحكم بالقافوال))(‪.)2‬‬
‫رررررررررر‬
‫الووه األول‪ :‬ما قرفر أهل العكم من أال إزم ال هه إ كوال مههباك؛ فكهلو هلا قرف كى الخصم أفكرر غا ة اعفكاف‪.‬‬ ‫=‬
‫أما هلا رفال والتزمال فحيإلده كوال مههباك لال‪ .‬وأال ال رء قش عتقش خالف ما كزم من قولال‪ ،‬ولو اال التالزم قو اك بحيث‬
‫بإلس القائل لكتإلاقض لو لم كتزم للو الالزم‪.‬‬
‫أال كوال مههباك بل أ بر الإلاس‬ ‫إ ج‬ ‫قا شيم اعسالم في مج وع فتاو ال (‪(( :)421/12‬وإزم ال هه‬
‫قولوال أقواإك وإ كتزموال لوازمدا؛ فال كزم هلا قا القائل ما ستكزم التعطيل أال كوال معتقشاك لكتعطيل بل كوال‬
‫معتقشاك لبابات و لكن إ عرف للو الكزوم))‪.‬‬
‫وقا أ اك‪(( :‬ف ا اال من الكوازم رمار القائل بعش وموالال لال؛ فدو قولال‪ ،‬وما إ رمار؛ فكيذ قولال‪ ،‬وهال اال‬
‫متإلاق اك‪ ....‬فأما هلا ففى هو الكزوم لم جز أال اف هليال الالزم بحا ))‪[ .‬مج وع الفتاو‪.])46/67( ،‬‬
‫وافظر‪ :‬ففذ ال صشف (‪.)617/67‬‬
‫الووه الثاني‪ :‬أال هها الالزم قش تخكف؛ هل قش وجش من فعل للو وهو عتقش أال الشر عة أففع من الك ال‪ ،‬ا‬
‫مر الت بيل في الم شيم اعسالم باألقوا ال وه ة لكتعطيل وأفال إ كزم أال كوال أصحابدا قائكوال بالتعطيل ا‬
‫في الإلقل الساب ‪.‬‬
‫الووه الثالث‪ :‬أال أهل السإلة إ كفروال هإ بأمر إ االت ا فيال‪ ،‬وللو أال الحشو تبشفأ بالشبدات‪ ،‬والتكفير‬
‫أولى أال شفأ بهلو‪.‬‬
‫قا شيم اعسالم ابن تي ية ر فال ال الكال ر في الفتاو‪(( :)422/16( ،‬من ابل هسالمال بيقين لم ز للو إلال‬
‫بالشو))‪.‬‬
‫ا في الشفف السإلية (‪(( :)176/1‬وإ فكفر هإ ب ا أج ع‬ ‫وقا الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر‬
‫كيال العك اء كدم)) أ‪.‬هر‪.‬‬
‫[ههر الوجور البالاة مستفا ة من تاب الحكم بغير ما أفز الكال مإلاقشة تأصيكية ك ية ها ئة لبإلشف بن فا ف‬
‫العتيبي ر الفظال الكال ر (ص‪ 57 :‬ر ‪.])56‬‬
‫(‪ )1‬القو ال فيش (‪ .)127/6‬وافظر‪ :‬تعكيقال كى فتو‪ ،‬األلبافي في تاب فتإلة التكفير (ص‪.)67 :‬‬
‫(‪ )2‬ففذ ال صشف(ص‪.)477 :‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وق ر ررا الش ر رريم ص ر ررالو الف ر رروزاال ف ر رري الق ر ررية لاتد ر ررا‪(( :‬ولل ر ررو ألال م ر ررن فح ر ررى الش ر ررر عة‬
‫اعسررالمية‪ ،‬وجعررل القررافوال الومررعي بررش الك إلدررا‪ ،‬فدررها ليررل كررى أفررال ررر‪ ،‬أال القررافوال أالسررن‬
‫وأصكو من الشر عة‪ ،‬وهها إ شو أفال فر أ بر خر من ال كة و إلاقض التواليش))(‪.)1‬‬
‫قكل‪ :‬وبدها زو اعشكا وتصرطكو األقروا فري أال التكفيرر فري ق رية الحكرم بغيرر‬
‫مررا أفررز الكررال فرري األمرروف الخاصررة(‪ )2‬مررر ر هلررى ا تقررا القك ر هلا لررم كررن جحررو اك(‪ .)3‬ولكررن‬
‫بقى الإلرزاع في التسكيم بوقوع اإستبشا من غير ا تقا اإستحال ‪ .‬وهرها كرى التحقير أفرال‬
‫قع‪ .‬وبالكال التوفي ‪.‬‬
‫وهررها إ عإلرري أال الكفررر محصرروف فرري ا تقررا القك ر فحس ر ر ررا قررش فد ررال‬
‫الرربعض ر بررل الكفررر قررع برراألقوا وباألفعررا وباإ تقررا وبالشررو وبرراع را‪ ،،‬وباعبرراء‬
‫واإمتإلاع‪ ،‬وللو في صوف ستأتي إلش مبحرث الرر ة فري شررط اإفقيرا ‪ .‬ولكرن ال قصرو‬
‫تقر ررر وجررال الكفررر فرري خصرروص هررهر ال سررألة بعيإلدررا‪ ،‬وأفررال كرروال بررالإلظر هلررى اسررتحال‬
‫القك ما لم كن جحو ا(‪ ،)4‬وللو إ ط ر في ل فر ا سيأتي‪.‬‬
‫وج كة الفائشة‪ :‬أال تبرش ل الشررع تصررف فري رالم أهرل العكرم كرى أفبعرة معراال‪،‬‬
‫تختكف أالكامدا بحس هها التبش ل‪:‬‬

‫(‪ )1‬قيشة التواليش (ص‪.)55 :‬‬


‫(‪ )2‬أي‪ :‬الغير مشتر ة بين األمة‪ ،‬وهي ا لتي تتعك بالجإلا ات وال رافعات الخاصة‪ ،‬التي هي من شأال الق اة‬
‫كيدا األموف ال عبير إل ة‪ .‬افظر‪ :‬مإلدا السإلة الإلبو ة (‪ 171/5‬ر ‪.)176‬‬ ‫والحكام‪ ،‬وبعض أهل العكم بطك‬
‫(‪ )3‬هها القيش بحتا هليال إلش تكفير من لم صرح باستحال األالكام‪ ،‬فبيتبين في أمرر‪ .‬أما من صرح بكسافال‬
‫باستحال القوافين الومعية فقا ‪ :‬هفال جوز التحا م هليدا فدها فر ظاهر وهال لم عتقش بقكبال ألفال تكه ألمر‬
‫الكال وجحو لحكم الكال‪ ،‬ولكن بقى الإلظر في تكفير ال عين‪ ،‬فال بكفر هإ بعش هقامة الحجة وهزالة الشبدة‪.‬‬
‫(‪ )4‬لعل وجال للو ر والكال أ كم ر أال الحكم بغير ما أفز الكال مإلقسم هلى ما مإلال فر أ بر وهلى ما مإلال ليذ بكفر أ بر‬
‫ليذ أصالك واالشاك في الكفر األ بر السجو لغير الكال فإفال أصل واالش في الكفر األ بر وللو بإج اع العك اء؛‬
‫ولها إ شترط في التكفير بال استحال القك ‪.‬‬
‫‪714‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫الإلرروع األو ‪ :‬التبررش ل العررام الشررامل لج يررع األالكررام‪ ،‬العامررة(‪ )1‬والخاصررة‪ .‬فدررها‬
‫الك ررال أفررال فررر‪ ،‬وهال لررم سررتحل صرراالببال‪ ،‬و ررشخل فيررال تبررش ل التواليررش بالشرررك‪ ،‬والسررإلة‬
‫بالبش ة ‪ ،‬والطا ة بال عصية‪ ،‬وال عروف بال إلكر‪.‬‬
‫الإلروع البرافي‪ :‬التبرش ل فري األمروف العامرة برالحكم فيدرا بغيرر مرا أفرز الكرال‪ ،‬وهررو إ‬
‫إلس ر لل ررو هل ررى الش رررع‪ .‬ه ررها الإل رروع توق ررف ش رريم اعس ررالم اب ررن تي ي ررة ف رري الك ررال(‪.)2‬‬
‫والصحيو أفال فر ألفال شخل فيال ر ا تقشم ر تبش ل التواليش بالشرك‪.‬‬
‫الإلروع البالرث ‪ :‬التبررش ل فري األمرروف الخاصرة بررالحكم فيدرا بغيررر مرا أفررز الكرال‪ ،‬وهررو‬
‫إ إلس ر للررو هلررى الشرررع‪ .‬فدررها مختكررف فيررال بررين أهررل العكررم‪ .‬وال رراجو أفررال إ كفررر‬
‫صاالببال هإ هلا استحل أو فس تبش كال هلى الشرع‪.‬‬
‫الإل رروع الراب ررع‪ :‬التب ررش ل ال ررهي ك رروال س ررببال فس رربتال هل ررى الش رررع؛ سر رواء ف رري األم رروف‬
‫الخاص ررة أو العام ررة‪ .‬فد ررها الك ررال أف ررال ف ررر ؛ ألف ررال إ ك رروال هإ ر رن اس ررتحال بالقكر ر‬
‫ستوي فيال القكيل والكبير(‪.)3‬‬
‫فالحاصررل أال تحكرريم الق روافين الومررعية كرروال ف رراك أ بررر مإلاق راك ألصررل الكفررر‬
‫بالط رراغوت هلا رراال ك ررى وج ررال اإس ررتحال أو الجح ررو أو الك ررهب بإلس رربة لل ررو هل ررى‬
‫الشرع ‪ ،‬أو التسو ة أو التف يل‪ ،‬أو التجو ز وهال لم عتقش التسو ة بيإلد را‪ .‬أمرا مرن الكرم‬
‫بالقوافين الومعية ر كي اك أو جزئي اك ر وهو لرم سرتحل بقكبرال ولرم جحرش بكسرافال‪ ،‬أو ف رل‬
‫أالكر ررام ال خكر رروقين كر ررى شر ررر عة فب العر ررال ين‪ ،‬أو عتقر ررش ال ااكر ررة بيإلد ر را‪ ،‬أو جر رروز‬
‫الرجرروع هلررى غيررر أالكررام الشررر عة وهال لررم عتقررش التسررو ة بيإلد ررا‪ ،‬ولررم إلسر تبش كررال هلررى‬
‫الشرررع فررال كرروال ررافراك ف رراك أ بررر كررى الصررحيو مررن قررولي أهررل العكررم(‪ ،)4‬والكررال تعررالى‬
‫أ كم‪.‬‬

‫كيدا األموف الككية ال شتر ة بين األمة‪ .‬افظر‪ :‬مإلدا‬ ‫(‪ )1‬أي‪ :‬ال شتر ة بين ج يع األمة‪ ،‬وبعض أهل العكم بطك‬
‫السإلة الإلبو ة (‪ 171/5‬ر ‪.)176‬‬
‫(‪ )2‬افظر‪ :‬مج وع الفتاو‪.)777/75( ،‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪ :‬مإلدا السإلة الإلبو ة (‪ 171/5‬ر ‪ ،)176‬ومج وع الفتاو‪ 627/7( ،‬ر ‪.)627‬‬
‫(‪ )4‬هها ما له هليال أهل التحقي من أهل العكم قو ابن باز ر فال ال الكال تعالى ر معكقاك كى فتو‪ ،‬اعمام األلبافي ر‬
‫=‬ ‫فال ال الكال ر في ق ية التكفير بالحكم بغير ما أفز الكال وأفال إ كوال هإ باستحال القك ألفال مكفر ا تقا ي إ‬
‫‪715‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫((ا)) عدول من يحاكم من المحكومين عن حكم الله ‪ ‬واحتكامه إلى الطواغيت‪:‬‬


‫مررن صرروف التحررا م هلررى الطواغيررل ال إلافيررة لككفررر بالطرراغوت ررشو مررن بحررا م مررن‬
‫ال حك ررومين ررن الحكر رم ب ررا أف ررز الك ررال هل ررى التح ررا م هل ررى الط رراغوت؛ ررالقوافين الوم ررعية‬
‫وسوالف أهل البا ة وأموف الجاهكية‪ ،‬فيكزم خص ال بالتحا م هليدا‪.‬‬
‫قو ابن القريم ر فال رال الكرال ر‪(( :‬ومرن الرا م خصر ال هلرى غيرر الكرال وفسرولال فقرش الرا م‬
‫هلررى الطرراغوت‪ ،‬وقررش أمررر أال كفررر بررال‪ ،‬وإ كفررر العبررش بالطرراغوت التررى جعررل الحكررم لكررال‬
‫والشر))(‪.)1‬‬
‫والف ر رررق ب ر ررين ه ر ررهر الص ر رروفة والت ر رري قبكد ر ررا أال األبول ر ررى فع ر ر برل الح ر ررا م‪ ،‬والبافي ر ررة فع ر ر برل‬
‫ال حكومين‪.‬‬
‫وههر الصوفة لدا صوفتاال‪:‬‬
‫الصررورة األولررى‪ :‬أال عررش ررن الكررم الكررال ‪ ‬فغب رةك إلررال‪ ،‬فيتحررا م هلررى الطرراغوت‬
‫إستخالص ال لال من الغير‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أال عرش رن الكرم الكرال لريذ فغبرةك إلرال‪ ،‬ولكرن لكروال ال ب رش ي كيرال‬
‫الا ررال هل ررى غي ررر الك ررم الك ررال ‪ ،‬ف رأبلزم بالح رروف م ررع خص ر ال هل ررى ق ررا‪ ،‬حك ررم بالق ررافوال‬
‫الومعي؛ أو لعشم وجو محا م شر ية في بكشر تحا م هليدا في طر لكههاب هلى ال حا م‬
‫غير الشر يال إستخالص القال من الغير‪.‬‬
‫فأما الصوفة األولى‪ ،‬وهي ال تحا م مخترافاك هلرى الطراغوت‪ ،‬فرال خكرو‪ :‬همرا أال كروال‬
‫رف لرال مرن الكرم الكرال تعرالى‪ ،‬فدرها إ شرو‬ ‫فاف اك لحكم الكال معتقرشاك أال الكرم الطراغوت أفص ب‬
‫في فرر‪ ،‬ألفال قش فمي بالطاغوت وما هليال بقكبال‪ ،‬بل وف ركال كرى مرا أوجر الكرال كيرال مرن‬
‫التحا م هلى الكتاب والسإلة‪.‬‬
‫رررررررررر‬
‫كي ‪(( :‬فألفيتدا ك ة قي ة‪ ،‬قش أصاب فيدا الح ‪ ،‬وسكو فيدا سبيل ال ؤمإلين‪ ،‬وأومو ر وفقال الكال ر أفال إ‬ ‫=‬
‫جوز ألالش من الإلاس أال كفر من الكم بغير ما أفز الكال ب جر الفعل من وال أال عكم أفال استحل للو‬
‫بقكبال)) افتدى المال فال ال الكال‪[ .‬مج وع فتاوار (‪****.])520/4‬‬
‫(‪ )1‬طر الدجرتين (ص‪.)22 :‬‬
‫‪712‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وهر ررها هر ررو الر ررهي تإلر ر رز كير ررال قولر ررال تعر ررالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ [الإلساء‪ 27 :‬ر‪.]21‬‬
‫أو كوال غير فافض لحكم الكال‪ ،‬وإ معتقشاك أفال أفصف لال من الكرم الكرال ‪ ،‬ولكرن‬
‫لدو‪ ،‬في ففسال اختاف التحا م هلى الطاغوت كى الكم الكال ‪‬؛ لظإلال ر مبالك ر أفال سيحصل‬ ‫ك‬
‫كررى القررال؛ همررا برشرروة‪ ،‬أو فحررو للررو‪ .‬فدررها إ كفررر‪ ،‬ولكررن كرروال مقترفراك عاررم ظرريم وجرررم‬
‫بير‪.‬‬
‫راص أو مفرر بررل هرو بمكجرأٌ هلجرراءك‬‫وأمرا الصرروفة البافيرة؛ ففرري الحرا األولررى فكرريذ لرال مإلر ٌ‬
‫هلى ال بو بين شي الطاغوت وقبو الك ال فيال‪ .‬فدها إ فغبة لال وإ اختياف؛ فرال هارم كيرال‪،‬‬
‫ألفررال فرري الكررم ال ب كجررأ غيررر ال خترراف‪ ،‬الررهي برربط وبرمررى بررال كررى شررخ ‪ ،‬في رروت للررو‬
‫الشخ ‪ ،‬فإفال إ هام كيال‪.‬‬
‫وأما الحا البافية‪ ،‬فألهل العكم فيدا قوإال‪:‬‬
‫القو األو ‪ :‬أفال ترك القال وإ تحا م هلى الطاغوت‪ .‬وهال له أام ولم ك بفر‪.‬‬
‫القرو البررافي‪ :‬أال لررال أال رهه إسررتخالص القرال‪ ،‬ألفررال فري الكررم ال ررطر الررهي إ‬
‫اليكة لال(‪.)1‬‬
‫والصررحيو القررو البررافي‪ ،‬ألال الك ررال الكررم ال ست ررعفين مررن الرجررا والإلسرراء والولررشاال‬
‫الرره ن إ جررشوال اليكرةك وإ دتررشوال سرربيالك‪ ،‬فأولدررو سررى الكررال أال ترروب كرريدم و رراال الكررال فررواك‬
‫غفوفاك‪ .‬فيكوال لهابال ر ا قا ابن القيم ر فال ال الكال ر‪(( :‬من باب غهاء ال طر‪ ،‬هلا لرم جرش مرا‬
‫قيترال هإ مرن ال يترة والرشم‪ .‬وأالسرن أالوالرال‪ :‬أال كروال مررن براب الترراب الرهي هف را تري م برال إلررش‬
‫العجز ن استع ا ال اء الطدروف))(‪ ،)2‬ولكرن إلبغري أال بالالرل و ستح رر بغرض القكر و رشم‬
‫هفا تال لدهر األالكام‪ ،‬فإال للو واج إ سقط‪ ،‬ألفال في مقشوف ل هفساال‪.‬‬

‫(‪ )1‬افظر‪ :‬الت ديش لشرح تاب التواليش (ص‪ 477 :‬ر ‪ ،)471‬وفتاو‪ ،‬وفسائل س االة الشيم بش الرزاق فيفي‬
‫(ص‪.)122 :‬‬
‫(‪ )2‬مشاف السالكين (‪.)177/6‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ا ج أال برا ي بالكم الكال في ا لو بالكم لال بحر إ حرل لرال أخرهر(‪)1‬؛ فدرو أخره‬
‫القال وإ خه القاك ليذ لال‪ ،‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫ولكررن لررو ترررك القررال مطكقراك ولررم ررهه لكتحررا م لكقررافوال الومررعي رراال للررو أف ررل فرري‬
‫القال ل ا فيال من ا الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫ور ر التحاكم إلى أذواق وُكشوفات الصوفية‪:‬‬
‫م ا شخل تحل التحا م هلى الطاغوت ال إلافي لككفر بال أ اك ترك الكم الكال ‪‬‬
‫والكم فسولال ‪ ‬والتحا م هلى الهوق(‪ )2‬والكشف(‪ )3‬ا تفعكال غالة الصوفية‪ ،‬ظإلاك مإلدم أفدم‬
‫بهلو وفقوال بين الشإئل الهوقية والشإئل الشر ية؛ ولها جعكوا معت شهم في الحكم كى‬
‫األشياء األوهام وال إلامات والخياإت وتر وا تاب الكال وسإلة فسولال ‪ ‬وفاءه ا ظدر اك؛ فقشموا‬
‫ألواقدم ومواجيشهم و شوفاتدم الباطكة كى تاب الكال وسإلة فسولال ‪ ‬فصاف لساال الالدم قو ‪:‬‬
‫((هلا تعاف‪ ،‬الهوق والوجش والكشف وظاهر الشرع قشمإلا الهوق والوجش والكشف))(‪ )4‬فصشق‬
‫كيدم قولال تعالى‪ :‬ﮪﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ [سربأ‪ ،]67:‬وقولال‪ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ [الفرقاال‪.]47:‬‬
‫قو ابن القيم ر فال ال الكال ر‪ :‬في صش بيافال ألفواع اإ ترامات الساف ة في الإلاس‬
‫كى الكم الكال وشر ال‪:‬‬
‫((الإلر ر رروع البر ر ررافي‪ :‬اإ ت ر ر ررا‪ ،‬كر ر ررى القر ر ررائ اع ر ر رراال والشر ر رررع بر ر رراأللواق وال واجير ر ررش‬
‫والخيرراإت‪ ،‬والكشرروفات الباطكررة الشرريطافية‪ ،‬ال ت ر إلة شرررع ررن لررم ررألال بررال الكررال‪ ،‬وهبطررا‬

‫(‪ )1‬الفوائش الربو ة وفحو للو من ال حرمات‪.‬‬


‫(‪ )2‬الهوق إلش الصوفية هو‪(( :‬فوف رفافي‪ ،‬قهفال الح بتجكيال في قكوب أوليائال‪ ،‬فرقوال بال بين الح والباطل‪ ،‬من‬
‫غير أال إلقكوا للو من تاب أو غيرر))‪[ .‬مصطكحات الصوفية لكحفإلي (ص‪.])174 :‬‬
‫(‪ )3‬الكشف إلش الصوفية هو‪ :‬اإطالع كى ما وفاء الحجاب من ال عافي الغيبية‪ ،‬واألموف الحقيقية‪ ،‬وجو اك و شماك‪.‬‬
‫[ففذ ال صشف (ص‪.])665 :‬‬
‫والكشف إلشهم شخل تحل مس ار أفواع وأقسام؛ الرك ة اليقظية لألفبياء واألولياء بعش موتدم‪ ،‬والرك‪ ،‬ال إلامية‪،‬‬
‫وفك ة الخ ر ‪ ،‬واعلدام والفراسة والدواتف‪ ،‬باعمافة هلى خرق الحج ‪ ،‬واإطالع كى ال غيبات؛ هما‬
‫بعيإلي البصر أو بعين البصيرة‪[ .‬افظر‪ :‬هالياء كوم الش ن لكغزالي (‪ ،)627/6‬ومج وع الفتاو‪ ،‬إبن تي ية‬
‫(‪.])717/11‬‬
‫(‪ )4‬مشاف السالكين (‪.)77/6‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫إلررال الررهي شررر ال كررى لسرراال فس رولال ‪ ،‬والتعررو‪ ،‬ررن القررائ اع رراال بخررشع الشرريطاال‪،‬‬
‫والظو الإلفوس الجاهكة))(‪.)1‬‬
‫و كشررف الغزالرري ر فال ررال الكررال ر ررن سررر تقررش م الصرروفية الكشررف والوجررش كررى الرإل‬
‫فيق ررو ‪(( :‬أف ررال ق ررش اب ررل ل ررش دم بص ررر و الكش ررف م ررا خ ررالف ص ررر و ال رإل ‪ ،‬والكش ررف ر ف رري‬
‫ا تقررا هم ر هررو الح ر واليقررين ال طرراب لكص رواب‪ ،‬وال رإل قررش ررر كيررال مررا جعكررال بخررالف‬
‫للو))(‪.)2‬‬
‫ول ررها ف ررإال الص رروفية ل ررم حرص روا ك ررى فاس ررة العك ررم‪ ،‬وتحص رريل م ررا صر رإلفال ال صر رإلفوال‬
‫والبحث ن األقاو ل واأل لة ال ه وفة(‪.)3‬‬
‫حكم التحاكم إلى الذوق والكشف والوود‪:‬‬
‫قبل أال فبين الحكم كى الهوق والوجش والكشف فإال هإلالو االث قوا ش ظي ة ر هي‬
‫مررن أهررم قوا ررش اع رراال والسرركوك ر ل رهررا العالمررة ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر ظدررر مررن خاللدررا‬
‫فصل الإلرزاع في الحكم كى ههر ال سألة جشف بإلا ل رها هإلا‪.‬‬
‫قا ابن القيم ر فال ال الكال ر‪(( :‬والهي فصل الإلرزاع في الكم ههر ال سألة‪ :‬االث قوا ش ر‬
‫من أهم قوا ش اع اال والسكوك ر ف ن لم بن كيدا فبإلاكر كى شفا جرف هاف‪.‬‬
‫القاعدة األولى‪:‬‬
‫أال الررهوق والحررا والوجررش هررل هررو الررا م أو محكرروم كيررال‪ ،‬فرريحكم كيررال بحررا م‬
‫آخر‪ ،‬أو و تحا م هليالق‬
‫فدررها مإلشررأ مررال مررن مررل مررن ال فسررش ن لطر ر القرروم الصررحيحة اليررث جعكررور‬
‫الا راك فتحررا وا هليررال في ررا سرروغ و تإلررع‪ ،‬وفي ررا هررو صررحيو وفاسررش وجعكررور محك راك لكح ر‬
‫والباطل‪ ،‬فإلبهوا لرهلو موجر العكرم والإلصروص‪ ،‬والك روا فيدرا األلواق واألالروا وال واجيرش‪،‬‬
‫فعظررم األمررر‪ ،‬وتفرراقم الفسررا والشررر‪ ،‬وط سررل معررالم اع رراال والسرركوك ال سررتقيم‪ ،‬وافعكررذ‬
‫السررير و رراال هلررى الكررال فصرريرور هلررى الإلفرروس‪ ،‬فالإلرراس ال حجوبرروال ررن ألواقدررم عبررشوال الكررال‪،‬‬
‫وهؤإء عبشوال ففوسدم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ففذ ال صشف (‪ 27/6‬ر ‪ .)77‬وافظر‪ :‬ل ا قبكال ألقاب الوإة (ص‪.)71 :‬‬
‫(‪ )2‬فقالك ن مصا ف التكقي إلش الصوفية (ص‪ .)615 :‬و زار هلى هالياء كوم الش ن‪ ،‬ولم أقف كيال في مظافال‪.‬‬
‫(‪ )3‬هالياء كوم الش ن (‪.)17/7‬‬
‫‪717‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ومررن العج ر ‪ :‬أفدررم خك روا فرري أف رواع الر امررات وال جاهررشات والزهررش ليتجررر وا ررن‬
‫شرردوات الإلفرروس والظوظدررا فررافتقكوا مررن شرردوات هلررى شرردوات أ بررر مإلدررا‪ ،‬ومررن الظررو هلررى‬
‫الظررو أالررط مإلدررا‪ .‬و رراال الررالدم [مررع](‪ )1‬شرردوات ففوسرردم فري الشرردوات الترري افتقكروا إلدررا‬
‫أ ررل‪ ،‬والررا أفبابدررا خيررر مررن الررا هررؤإء‪ ،‬ألفدررم لررم عافم روا بدررا العكررم وإ قررشموها كررى‬
‫الإلصرروص‪ ،‬وإ جعكوهررا إلراك وقربررة‪ ،‬وإ از فوا مررن أجكدررا العكررم وأهكررال‪ ،‬والشرردوات الترري افتقكروا‬
‫هليدررا جعكوهرا أ كررى مررا ش ر روال هليدررا‪ ،‬فدرري قبكررة قكرروبدم‪ ،‬فدررم الولدررا ررا فوال‪ ،‬واقفرروال مررع‬
‫الظوظدم من الكرال فرافوال بدرا رن مررا الكرال مرإلدم‪ .‬الإلراس عبرشوال الكرال‪ ،‬وهرم عبرشوال أففسردم‪،‬‬
‫ائبوال كى أهرل الحظرو والشردوات ومرز فوال لدرم وهرم أ ظرم الإلراس الظوظراك‪ ،‬وهف را زهرشوا‬
‫في الل هلى الل أ كى مإلال‪ ،‬وهف ا تر وا شدوة لشدوة أالط‪.‬‬
‫فكيتشبر الكبي هها ال ومع في ففسال وفي غيرر‪ ،‬فكل ما خالف مرا الكال الش إلي من‬
‫العبررش فدررو الظررال وشرردوتال‪ ،‬مرراإك رراال‪ ،‬أو ف اسررة‪ ،‬أو صرروفة‪ ،‬أو الرراإك‪ ،‬أو لوقراك‪ ،‬أو وجررشاك‪ .‬اررم‬
‫مررن قشمررال كررى م ررا الكررال فدررو أس روأ الرراإك م ررن رررف أفررال فق ر ومحإلررة‪ ،‬وأال م ررا الكررال أولررى‬
‫بالتقش م مإلال‪ ،‬فدو توب مإلال ل وقل هلى الكال‪.‬‬
‫ام هفال وقع مرن تحكريم الرهوق مرن الفسرا مرا إ عك رال هإ الكرال؛ فرإال األلواق مختكفرة‬
‫فري أففسرردا‪ ،‬بيرررة األلرواال‪ ،‬متبا إلررة أ ظررم التبررا ن‪ ،‬فكررل طائفررة لدررم ألواق وأالروا ومواجيررش‪،‬‬
‫بحس معتقشاتدم وسكو دم‪.‬‬
‫فالقررائكوال بوالررشة الوجررو لدررم لوق والررا ووجر ٌش فرري معتقررشهم بحسرربال‪ ،‬والإلصرراف‪،‬‬
‫لدم لوق في الإلصرافية بحس ف امتدم و قائشهم‪ ،‬و ل من ا تقرش شريداك أو سركو سركو اك‬
‫ر الق راك رراال أو برراطالك ر فإفررال هلا افتررا‪ ،‬وتجررر ‪ :‬لزمررال‪ ،‬وت كررن مررن قكبررال‪ ،‬وبقرري لررال فيررال الررا‬
‫ولوق ووجش‪ ،‬فبهوق من توزال الحقائ هلال‪ ،‬و عرف الح من الباطلق!!‬
‫وهر ررها سر رريش أهر ررل األلواق وال واجير ررش‪ ،‬والكشر رروف واألال ر روا ‪ ،‬مر ررن هر ررهر األمر ررة ال حر ررشث‬
‫ال كاشف رر ‪ ‬إ كتفرل هلرى لوقرال ووجرشر ومخاطباترال فري شريء مرن أمروف الرش ن‪ ،‬الترى إلشرش‬
‫إلررال الرجررا والإلسرراء واأل رراب‪ ،‬فررإلا أخبرررور ررن فسررو الكررال ‪ ‬بشرريء لررم كتفررل هلررى لوقررال‪ ،‬وإ هلررى‬

‫(‪ )1‬ليسل في األصل والسياق قت يدا‪.‬‬


‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وجشر وخطابال‪ ،‬بل قو ‪« :‬لو لم فس ع بدها لق يإلا بغيرر»‪ .‬و قو ‪« :‬أ درا الإلراس فجرل أخطرأ وامررأة‬
‫أصابل»‪ .‬فدها فعل الإلاصو لإلفسال ولألمة ‪ ،‬ليذ فعل من غش ففسال والش ن واألمة‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪:‬‬
‫أفررال هلا وقررع الإلر رزاع فرري الكررم فعررل مررن األفعررا ‪ ،‬أو الررا مررن األال روا ‪ ،‬أو لوق مررن‬
‫األلواق هل هو صحيو أو فاسشق أو الر أو باطرلق وجر الرجروع فيرال هلرى الحجرة ال قبولرة‬
‫إلررش الكررال و إلررش بررا ر ال ررؤمإلين‪ ،‬وهرري واليررال الررهي تربتكقررى أالكررام الإلرواز واألالروا والرواف ات‬
‫مإلال‪ ،‬وتبعر‪ ،‬كيال وتوزال برال‪ ،‬ف را ز رار مإلدرا وقبكرال وفجحرال وصرححال فدرو ال قبرو ‪ ،‬ومرا أبطكرال‬
‫وف ر فدو الباطل ال رر و ‪ .‬ومرن لرم ربن كرى هرها األصرل ك رال وسركو ال و كرال‪ :‬فكريذ كرى‬
‫ﭻ ﭼ‬ ‫ﭺ‬ ‫شيءً من الرش ن‪ ،‬وهال وهال‪ ،‬وهف را معرال خرشع وغرروف ﭹ‬
‫[الإلوف‪.]77 :‬‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫القاعدة الثالثة‪:‬‬
‫هلا أشكل كى الإلراظر أو السرالو الكرم شريء‪ :‬هرل هرو اعباالرة أو التحرر مق فكيإلظرر‬
‫هلررى مفسررشتال وا رتررال وغا تررال‪ ،‬فررإال رراال مشررت الك كررى مفسررشة فاجحررة ظرراهرة‪ ،‬فإفررال سررتحيل‬
‫كى الشافع األمر بال أو هباالتال‪ ،‬بل العكم بتحر ال من شر ال قطعي‪ ،‬وإ سري ا هلا راال طر قراك‬
‫الكال وفسولال‪ ،‬موصالك هليرال رن قررب‪ ،‬وهرو بفقيرة لرال وفائرش وبر رش‪ ،‬فدرها إ‬ ‫مف ياك هلى ما غ‬
‫شرو فرري تحر ررال أولرو البصررائر‪ ،‬فكيررف ظرن بررالحكيم الخبيررر أال حررم مبررل فأس اعبرررة مررن‬
‫ال سكر‪ ،‬ألفال سوق الإلفذ هلى السكر الهي سروقدا هلرى ال حرمرات ارم بريو مرا هرو أ ظرم‬
‫مإلال سوقاك لكإلفوس هلى الحرام بكبيرق فإال الغإلاء ر ا قا ابن مسعو ‪ ‬ر‪« :‬هو بفقية الزفرا»‪.‬‬
‫وقش شاهش الإلاس‪ :‬أفال ما افرار صربي هإ وفسرش‪ ،‬وإ امررأة هإ وبغرل‪ ،‬وإ شراب هإ وهإ‪ ،‬وإ‬
‫شرريم هإ وهإ‪ .‬والعيرراال مررن للررو غإلرري ررن البرهرراال‪ ،‬وإ سرري ا هلا ج ررع هيدررة تحررشو الإلفرروس‬
‫أ ظررم كالرشو هلررى ال عصررية والفجرروف‪ ،‬بررأال كرروال كررى الوجررال الررهي إلبغرري ألهكررال‪ ،‬مررن ال كرراال‬
‫واعمكاال‪ ،‬والعبشراء واعخواال‪ ،‬وآإت ال عازف‪ :‬من اليراع‪ ،‬والشف‪ ،‬واألوتاف والعيشاال‪ ،‬و اال‬
‫القرروا شررا فاك(‪ )1‬شررجي الصرروت‪ ،‬لطيررف الش ر ائل مررن ال ررر اال أو الإلس رواال‪ .‬و رراال القررو فرري‬
‫العش والوصا ‪ ،‬والصش والدجراال‪.‬‬

‫(‪ )1‬ها في األصل‪ ،‬ولعل صوابدا (شا اك)‪.‬‬


‫‪761‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫فكس ر ر ر ر ر ررل ت ر ر ر ر ر ررر‪ ،‬فر ر ر ر ر ر رريدم صر ر ر ر ر ر رراالياك‬ ‫و افت ر ر ر ر ر ر ررؤوس الد ر ر ر ر ر ر ررو‪ ،‬بير ر ر ر ر ر ر رإلدم‬
‫و ر ر ر ر ر ررل أج ر ر ر ر ر رراب الد ر ر ر ر ر ررو‪ ،‬ال ر ر ر ر ر ررشا يا‬ ‫فك ر ر ر ر ر ر ررل ك ر ر ر ر ر ر ررى ق ر ر ر ر ر ر ررشف مش ر ر ر ر ر ر ررروبال‬
‫تإل ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رراو أم الد ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررو‪ ،‬خالي ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك‬ ‫ف ر ر ر ررالوا س ر ر ر رركاف‪ ،‬وإ س ر ر ر رركر م ر ر ر ررن‬
‫ول ر ر ر ر ر ر ر ر ررم ر ر ر ر ر ر ر ر ررؤاروا غي ر ر ر ر ر ر ر ر رررر س ر ر ر ر ر ر ر ر رراقياك‬ ‫وجر ر ر ر ر ر رراف كر ر ر ر ر ر ررى القر ر ر ر ر ر رروم سر ر ر ر ر ر رراقيدم‬
‫لباسر ر ر ر ر ر ر ر راك كي ر ر ر ر ر ر ر ررال ر ر ر ر ر ر ر ررر‪ ،‬م ر ر ر ر ر ر ر ررافياك‬ ‫ف ر ر ر ر ر ر ررزق مر ر ر ر ر ر ر رإلدم قكوبر ر ر ر ر ر ر راك غ ر ر ر ر ر ر ررشت‬
‫هلر ر ر ر ر ر رريدم مإلر ر ر ر ر ر ررا ي الكقر ر ر ر ر ر رراء ا ي ر ر ر ر ر ر راك‬ ‫فكر ر ر ر ر ر ررم سر ر ر ر ر ر ررتفيقوا هلر ر ر ر ر ر ررى أال أتر ر ر ر ر ر ررى‬
‫كر ر ر ر ر ر ر ر ر ررى الالر ر ر ر ر ر ر ر ر ررال فب ر ر ر ر ر ر ر ر ر رال إقي ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك‬ ‫أجيب ر ر ر ر ر ر روا فك ر ر ر ر ر ررل ام ر ر ر ر ر ررر‪،‬ء م ر ر ر ر ر ر رإلكم‬
‫شر ر ر ر ر ر رربل م ر ر ر ر ر ررع الق ر ر ر ر ر رروم أم ص ر ر ر ر ر ررافياك‬ ‫هإلال ر ر ر ر ر ر ر ررو تعك ر ر ر ر ر ر ر ررم م ر ر ر ر ر ر ر ررن ال ر ر ر ر ر ر ر ررأة‬
‫س ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر رإلعكم لا هال ت ر ر ر ر ر ر ر ر ر ررو وا ي ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر راك‬ ‫وبالكر ر ر ر ر ر ر ر ررال إ بر ر ر ر ر ر ر ر ررش قبر ر ر ر ر ر ر ر ررل الكقر ر ر ر ر ر ر ر ررا‬
‫(‪)1‬‬
‫وهم ر ر ر ر ررا هإل ر ر ر ر رراك فك ر ر ر ر ررن فام ر ر ر ر ررياك))‬ ‫إ ب ر ر ر ر ر ر ر ر ررش تص ر ر ر ر ر ر ر ر ررحو فإم ر ر ر ر ر ر ر ر ررا هإل ر ر ر ر ر ر ر ر ررا‬
‫فظدر من الم ابن القيم ر فال ال الكال ر قبو التحرا م هلرى الرهوق والوجرش‪ ،‬وأفرال مخطررة‬
‫ف رري العق ررل‪ ،‬ومخوف ررة ف رري الواق ررع‪ ،‬ولل ررو ل ررا ف رري هلي ررال أو ص رراالبال م ررن ا تق ررا ات باطك ررة‬
‫وأالكام فاسشة‪.‬‬
‫وأما الكرم التحرا م هليرال فدرو ختكرف بحسر الرا ال تحرا م؛ فرإال صراالبال هسرقاط‬
‫وس رراطة التبكي ررغ‪ ،‬واإس ررتغإلاء ب ررال ررن الش رررع ال ح ررشي ررا تفعك ررال غ ررالة الص رروفية‪ ،‬فتق ررو ‪:‬‬
‫«الشاإلي قكبي ن فبي»‪« ،‬وجراءفي هراتف(‪ »)2‬فدرو فرر صرر و وف ة ظراهرة‪ ،‬ألال للرو تررك‬
‫لشدا ة أال مح شاك فسو الكال؛ فإال هرهر الشردا ة را هرو معكروم تقت ري أال إ بعبرش الكرالب هإ‬
‫بواسطة الرسو ‪.‬‬
‫قررو ابررن القرريم ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬وهررؤإء الجدررا ررر‪ ،‬أالررشهم أ فررى شرريء فرريحكم‬
‫هواجسال وخواطرر كى الكتاب والسإلة‪ ،‬وإ كتفل هليد ا‪ ،‬و قو ‪« :‬الشاإلي قكبي ن فبي»‬

‫(‪ )1‬مشاف السالكين (‪ 474/1‬ر ‪.)477‬‬


‫(‪ )2‬الداتف رفال الغزالي بأفال لفل مإلظوم‪ ،‬قرع الس ع ل ن صفا قكبال في اليقظة‪ .‬افظر‪ :‬هالياء كوم الش ن‬
‫(‪.)627/6‬‬
‫وهها الداتف ر إلشهم ر قش كوال مككاك أو ولياك صالحاك أو جإلياك صالحاك‪ ،‬أو الخ ر ‪ ،‬أو الكال ‪ ،‬أو هبكيذ‬
‫طو ل رها‪ .‬افظر‪ :‬مصا ف التكقي إلش الصوفية (ص‪ 677 :‬ر ‪.)671‬‬ ‫لعإلال الكال‪ .‬ولدم في للو قص‬
‫‪766‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وفحن أخهفا ن الحي الهي إ وت‪ ،‬وأفتم أخهتم ن الوسائط‪ ،‬وفحن أخرهفا بالحقرائ ‪،‬‬
‫وأفتم اتبعتم الرسوم‪ ،‬وأمبا للو من الكالم الرهي هرو فرر وهلحرا ‪ .‬وغا رة صراالبال أال كروال‬
‫جرراهالك عررهف بجدكررال‪ .‬التررى قيررل لرربعض هررؤإء‪ :‬إ تررهه فتسر ع الحررش ث مررن بررش الرررزاق‪.‬‬
‫فقررا ‪« :‬مررا ص رإلع بالس ر اع م رن بررش الرررزاق م رن س ر ع مررن ال كررو الخررالق»‪ .‬وهررها غا ررة‬
‫الجدررل؛ فررإال الررهي س ر ع مررن ال كررو الخررالق موسررى بررن رراال كرريم الرررال ن‪ ،‬وأمررا هررها‬
‫وأمبالال فكم حصل لدم الس اع مرن بعرض وفارة الرسرو ‪ ،‬وهرو رش ي أفرال سر ع الخطراب مرن‬
‫مرسكال‪ ،‬فيستغإلي بال ن ظاهر العكم‪ .‬ولعل الرهي خراطبدم هرو الشريطاال‪ ،‬أو ففسرال الجاهكرة‪،‬‬
‫أو ه ا مجت عين ومإلفر ن‪ .‬ومن ظن أفال ستغإلي ا جاء بال الرسو ب ا كقى في قكبرال مرن‬
‫الخواطر والدواجذ‪ :‬فدو من أ ظرم الإلراس فرراك‪ ،‬و رهلو هال ظرن أفرال كتفري بدرها ترافة وبدرها‬
‫تافة‪ .‬ف ا بكقى في القكوب إ برة بال وإ التفات هليال هال لرم بعرر‪ ،‬كرى مرا جراء برال الرسرو ‪،‬‬
‫و شدش لال بال وافقة‪ ،‬وهإ فدو من هلقاء الإلفذ والشيطاال))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وأ اك هإلالو وجال آخر في تحقي فرر‪ ،‬وهو أفال إلسر مرا قولرال بهوقرال هلرى الكرال‬
‫تعالى‪ ،‬وللو من أ ظم الكهب كى الكرال‪ ،‬وأظكرم الظكرم را قرا تعرالى‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫ﮠ ﮡ ﭨ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ‬ ‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ﯖ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ [األفعام‪.]77 :‬‬
‫قو ابن القيم ر فال ال الكال ر ((وقش لم الكرال تعرالى برأبكغ الرهم مرن إلسر هليرال مرا لريذ مرن‬
‫ﭬ ﭭ‬ ‫إل ررشر ررا ق ررا تع ررالى ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ‬
‫[البقررة‪:‬‬ ‫ﭮ [آ راال‪ .]77 :‬وقا تعرالى‪ :‬ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫‪ .]77‬وق ر ررا تع ر ررالى‪ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ‬
‫[األفعرام‪]77 :‬؛ فكل من قا ‪ :‬هها العكم من إلرش الكرال ر وهرو رالب فري هرهر الإلسربة ر فكرال فصري‬
‫وافر من هها الهم‪ .‬وهها في القرآال بير هم الكال سربحافال مرن أمراف هليرال مراإ كرم لرال برال‪ ،‬ومرن‬
‫قا كيال ماإ عكم‪ .‬ولدها فت سبحافال ال حرمات أفبع مرات ‪ ،‬وجعل أشرشها‪ :‬القرو كيرال برال‬

‫(‪ )1‬هغااة الكدفاال (‪ .)167/1‬وافظر‪ :‬الصفش ة (‪ 677/1‬ر ‪ ،)671‬ومج وع الفتاو‪.)471/11( ،‬‬


‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫كم(‪ ،)1‬فجعكال آخر مرات ال حرمات التري إ تبراح بحرا ‪ ،‬برل هري محرمرة فري رل مكرة‪ ،‬و كرى‬
‫لساال ل فسو ؛ فالقائل‪« :‬هال هها كم لشفي» ل ا إ عكم أفال من إلش الكال‪ ،‬وإ قام كيال برهاال‬
‫من الكال أفال من إلشر الب مفتر كى الكال‪ ،‬وهو من أظكم الظال ين وأ هب الكالبين))(‪.)2‬‬
‫ررا أال القررو بالررهوق والوجررش ت ر ن أ راك‪ :‬شرررع ررن لررم ررألال بررال الكررال تعررالى‪ ،‬وقررش‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫سر ى الكررال للررو شررر اك ررا فرري قولررال تعررالى‪ :‬ﮭ ﮮ‬
‫ﯘ ﯙﯚ [الشر رروف‪ ،]61 :،‬وقولر ررال‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ [التوبة‪.]71:‬‬
‫وأمررا هال رراال الحامررل كيررال الدررو‪ ،‬والشرردوة واسررتحكام الغفكررة والجدررل مررع ا تقررا أال‬
‫الواجر ال صررير هلررى شرر عة الكررال‪ ،‬فكررال الكرم أمبالررال مررن البرشع؛ فررإال افررل البش رة مكفررة رراال‬
‫فراك‪ ،‬وهال افل البش ة مفسقة اال فسقاك‪.‬‬
‫د ر التحاكم إلى مقاالت الفال فة وقواعد المنطق‪:‬‬
‫وأ اك م ا شخل تحل التحا م هلى الطاغوت ال إلافي لككفرر برال العرشو رن الكرم‬
‫الكررال ‪ ‬و ررن الكررم فسرولال ‪ ‬والتحررا م هلررى مقرراإت الفالسررفة وقوا رش ال إلطر ررا فعكررال‬
‫ال تكك وال ظإلاك مإلدم أفدم بهلو وفقوال برين القواطرع العقكيرة واأل لرة الشرر ية؛ فقرشموا لرهلو‬
‫قرولدم الفاسررشة ال ر ررة كررى صررر و أ لررة الشررر عة‪ ،‬وصرراف لسرراال قررالدم قررو ‪« :‬هلا تعرراف‪،‬‬
‫العقررل والإلقررل قررشمإلا الإلقررل»(‪ )3‬فرراجتروا بدررهر القا ررشة الشرريطافية ر ررا قررا ابررن القرريم ر (( كررى‬
‫أسر اء الكررال(‪ )4‬وصررفاتال بالشرربال الباطكررة‪ ،‬الترري سر يدا أفبابدررا قواطررع قكيررة‪ ،‬وهرري فرري الحقيقررة‬
‫خيرراإت جدكيررة‪ ،‬ومحرراإت لهإليررة‪ ،‬ا ترم روا بدررا كررى أس ر ائال وصررفاتال ‪ ،‬والك روا بدررا‬
‫كيررال‪ ،‬وففروا ألجكدررا مررا أابتررال لإلفسررال‪ ،‬وأابتررال لررال فسرولال ‪ ‬وأابتروا مررا ففررار‪ ،‬ووالروا بدررا أ ررشاءر‪،‬‬

‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫(‪ )1‬شير هلى قولال تعالى‪ :‬ﮀ ﮁ‬


‫[األ راف‪.]77 :‬‬ ‫ﮜ ﮝ‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬ ‫ﮓ ﮔ‬
‫(‪ )2‬مشاف السالكين (‪ 476/7‬ر ‪.)477‬‬
‫ال رسكة (‪.)1774/7‬‬ ‫(‪ )3‬افظر‪ :‬ال واقف (‪ ،)677/1‬ومعالم أصو الش ن (ص‪ ،)47 :‬والصوا‬
‫(‪ )4‬في األصل‪( :‬أس ائال)‪ ،‬و شلتدا مرا اةك لكسياق‪.‬‬
‫‪764‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫و ررا وا بدررا أوليرراءر‪ ،‬والرف روا بدررا الككررم ررن موامررعال‪ ،‬وفس روا بدررا فصرريباك بي رراك م ررا لب رروا بررال‬
‫وتقطعوا لدا أمرهم بيإلدم زبراك ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ [ال ؤمإلوال‪.)1())]57 :‬‬
‫وقش ل ر ابن القيم ر فال ال الكال ر ههر القا شة الشيطافية م ن الطواغيل األفبعة التري‬
‫بإلى كيدرا ال تكك روال براطكدم فري ففري الصرفات وتقرش م قرولدم كرى ظرواهر اآل رات‪ ،‬والتري‬
‫افتدكوا بدا الرمة القرآال‪ ،‬ومحو بسببدا فسوم اع اال‪ ،‬فقا ر فال ال الكال ر‪:‬‬
‫((الفصررل الرابررع والعشرررون‪ :‬فرري ذكررر الطواغيررت األربررع الترري هرردم بهررا أصررحاا‬
‫التمويررل الباطررل معاقررل الرردين‪ ،‬وانتهكرروا بهررا حرمررة القرررآن‪ ،‬ومحرروا بهررا ر رروم اإليمرران‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫قولهم‪ :‬هال الم الكال و الم فسولال أ لة لفظية إ تفيش ك اك وإ حصل مإلدا قين‪.‬‬
‫وقولهم‪ :‬هال آ ات الصفات وأالا ث الصفات مجازات إ القيقة لدا‪.‬‬
‫وقر ررولهم‪ :‬هال أخب رراف فسر ررو الك ررال ‪ ‬الصر ررحيحة التر رري فواهر ررا الع ررشو وتكقتدر ررا األمر ررة‬
‫بالقبو ‪ ،‬إ تفيش العكم‪ ،‬وغا تدا أال تفيش الظن‪.‬‬
‫وقولهم‪ :‬هلا تعاف‪ ،‬العقل وفصوص الوالي أخهفا بالعقل‪ ،‬ولم فكتفل هلى الوالي))‪.‬‬
‫ام قا ر فال ال الكال ر‪:‬‬
‫(( فدهر الطواغيل األفبع‪ ،‬هي التري فعكرل باعسرالم مرا فعكرل‪ ،‬وهري التري محرل‬
‫فس ررومال‪ ،‬وأزال ررل معال ررال‪ ،‬وه ررشمل قوا ررشر‪ ،‬وأس ررقطل الرم ررة الإلص رروص م ررن القك رروب‪،‬‬
‫وفدجررل طر ر الطعررن فيدررا لكررل زفررش ومكحررش‪ ،‬فررال حررتج كيررال ال حررتج بحجررة مررن‬
‫تاب الكال أو سإلة فسولال‪ ،‬هإ لجأ هلى طاغوت من ههر الطواغيل وا تصم بال‪ ،‬واتخرهر‬
‫جإلررة صررش بررال ررن سرربيل الكررال‪ ،‬والكررال تعررالى بحولررال وقوتررال وم إل رال وف رركال‪ ،‬قررش سررر هررهر‬
‫الطواغيررل طاغوتراك طاغوتراك‪ ،‬كررى ألسررإلة خكفرراء فسرركال ووفاررة أفبيائررال‪ ،‬فكررم ررز أفصرراف الكررال‬
‫وفسررولال صرريحوال بأهكدررا مررن أقطرراف األف‪ ،‬و رج رروفدم بشررد الرروالي وأ لررة ال عقررو ‪،‬‬
‫وفحن ففر الكالم كيدا طاغوتاك طاغوتاك))(‪.)2‬‬
‫ام ل كى تكسيرها طاغوتاك طاغوتاك بكالم ك ي فصين ليذ هها مومع فقكال‪.‬‬

‫(‪ )1‬مشاف السالكين (‪ ،)27/6‬وافظر‪ :‬ألقاب الوإة (ص‪.)74 :‬‬


‫ال رسكة (‪ 276/6‬ر ‪.)277‬‬ ‫(‪ )2‬الصوا‬
‫‪765‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫حكم تقديم العقل على النقل‪:‬‬


‫تقش م العقل كى الإلقل ختكف الك ال بحس ا تقا الفا رل و كرال أ راك را فري‬
‫التحررا م هلررى الررهوق والوجررش؛ فررإال رراال القائررل بررال أو الفا ررل لررال عتقررش أال الكررم العقررل أف ررل‬
‫وأولررى فرري ال صررير هليررال مررن الكررم الإلقررل فدررو ررافر بإج رراع العك رراء‪ ،‬ألفررال مف رل لحكررم غيررر‬
‫الكال كى الكم الكال تعالى‪.‬‬
‫و سررتوي معررال فرري الحكررم أ راك مررن ررر‪ ،‬ج رواز التحررا م هلررى األمررر ن ألفررال مسررتحل‬
‫لكحكم بغير ما أفز الكال‪.‬‬
‫و ها من جعل العقل الا اك في ج يع الشرع‪ ،‬وهال لم ستحل‪.‬‬
‫قررو شرريم اعسررالم ر فال ررال الكررال ر فرري وجررال فرررر ر أي ال حررتكم هلررى العقررل ر بدررهر‬
‫الصوفة األخيرة‪(( :‬ف ن اف‪ ،‬تاب الكال وجا فيال ب ا س يال معقروإت وبرراهين وأقيسرة‪ ،‬أو‬
‫مررا س ر يال مكاشررفات ومواجيررش وألواق‪ ،‬مررن غيررر أال ررأتي كررى مررا قولررال بكترراب بمإلررز ‪ ،‬فقررش‬
‫جررا فرري آ ررات الكررال بغيررر سرركطاال‪ .‬هررهر الررا الكفرراف الرره ن قررا فرريدم‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫[غافر‪ .]4 :‬فهذه حال من يجادل في آيات الله مطلقاً‪.‬‬ ‫ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫وم ررن ال عكر رروم أال الر ررهي جر ررا فر رري ج ي ررع آ ر ررات الكر ررال إ جر ررا بسر رركطاال‪ ،‬فر ررإال‬
‫السرركطاال مررن آ ررات الكررال‪ ،‬وهف ررا الررهي جررا فرري آ ررات الكررال بسرركطاال كرروال قررش جررا فرري‬
‫بعض آ ات الكال ببعض آ ات الكال‪....‬‬
‫فأما معافمة القرآال ب عقو أو قياس فدها لم كن سرتحكال أالرش مرن السركف‪ ،‬وهف را‬
‫اببتررشع للررو ل ررا ظدرررت الجد يررة وال عتزلررة وفحرروهم‪ ،‬م ررن برإل روا أصررو رإلدم كررى مررا سر ور‬
‫معقرروإك وف وا القرررآال هليررال‪ ،‬وقررالوا‪ :‬هل تعرراف‪ ،‬العقررل والشرررع؛ همررا أال ربفرو‪ ،‬أو ربترأو ‪ .‬فدررؤإء‬
‫من أ ظم ال جا لين في آ ات الكال بغير سكطاال أتاهم))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وأم ررا هال رراال الحام ررل ك ررى ه ررها التح ررا م التأو ررل والش رربدة ررا ررهه هلي ررال بع ررض‬
‫ال تكك ررين مررن أال إلررة العقررل قطعيررة و إلررة الإلصرروص ظإليررة فيحك رروال العقررل فرري الإلقررل‪،‬‬
‫فيصرررفوال الإلصرروص ررن ظواهرهررا بررشإإت العقررل ظإلراك مرإلدم أفدررم بررهلو وفقرروال بررين الررشإئل‬

‫ال رسكة (‪[ .)1177/7‬الوجال‬ ‫(‪ )1‬اإستقامة (‪ 66/1‬ر ‪ .)67‬وافظر‪ :‬مج وع الفتاو‪ ،)471/11( ،‬والصوا‬
‫البالث بعش ال ائة في هبطا قا شة تقش م العقل كى الإلقل]‪.‬‬
‫‪762‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫العقكية والشإئل الإلقكية‪ ،‬فدؤإء إ كفروال ابتشاءك ألفدم متأولوال‪ ،‬وهال اال صوفة الفعرل فرراك‪،‬‬
‫ولكررن بررين لدررم أال الواج ر ال صررير هلررى إإت الإلصرروص‪ ،‬وأال العقررل الصررر و إ عرراف‪،‬‬
‫الإلق ررل الص ررحيو(‪ ،)1‬وأال الإلص رروص إ ت ررأتي ب ررا تحيك ررال العق ررو وهف ررا ت ررأتي ب ررا تح رراف في ررال‬
‫العقو (‪ ،)2‬وغير للو من مإلاقشرات أهرل السرإلة لدرؤإء(‪ ،)3‬فرإال أصرروا بعرش للرو كرى تقرش م‬
‫العقل كى الإلقل فروا لقيام الحجة كيدم‪ .‬والكال تعالى أ كم‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ترح البراءة من الطاغوت [و ش ل ال الشرك وأهكال]‪.‬‬
‫ترك البراءة من م ا إلافي الكفر بالطاغوت‪ ،‬ألال من لوازم الكفر بالطاغوت البراءة‬
‫من الشرك وال شر ين‪ .‬وقبل الشروع في الكالم ن مإلافاة ترك البراءة لشرط الكفر‬
‫بالطاغوت وأفواع ههر ال إلافاة حسن بإلا أال فبين أفواع ههر البراءة‪.‬‬
‫قسم أهل العكم البراءة هلى قس ين‪:‬‬
‫قو ابن بي ين ر فال ال الكال ر‪(( :‬والبراءة نوعان‪:‬‬
‫األول‪ :‬براءة من ل‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬براءة من امل‪.‬‬
‫فمما البراءة من العمل‪ :‬فتج من ل ل محرم سواء اال فراك‪ ،‬أم وفال فيبرأ‬
‫ال ؤمن من الشرك‪ ،‬والزفى‪ ،‬وشرب الخ ر وفحو للو بحيث إ رمار وإ قرر‪ ،‬وإ ع ل‬
‫بال‪ ،‬ألال الرما بهلو‪ ،‬أو هقرافر‪ ،‬أو الع ل بال م ا ة لكال تعالى‪ :‬وفماك ب ا إ رمار‪.‬‬
‫وأما البراءة من العامل‪ :‬فإال اال كال فراك وجبل البراءة مإلال بكل الا من ل‬
‫وجال ل ا سب من اآل ات الكر ة‪ ،‬وألفال لم تصف ب ا قت ي وإءر‪.‬‬
‫وهال اال كال وال الكفر وجبل البراءة مإلال من وجال وال وجال فيوالى ب ا معال من اع اال‬
‫والع ل الصالو‪ ،‬و تبرأ مإلال ب ا معال من ال عاصي‪ ،‬ألال الفسوق إ إلافي أصل اع اال‪ ،‬فقش‬
‫كوال في اعفساال خصا فسوق‪ ،‬وخصا طا ة‪ ،‬وخصا ه اال‪ ،‬وخصا فر ا قا‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫الكال تعالى‪ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﭨ ﮣ‬

‫ال رسكة (‪ 1166/7‬ر ‪[ )1177‬الوجال الحا ي‪،‬‬ ‫(‪ )1‬افظر‪ :‬الم ابن القيم في تقر ر ههر القا شة في الصوا‬
‫والبافي بعش ال ائة في هبطا قا شة تقش م العقل كى الإلقل]‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي ب ا تعجز ن معرفتال‪ .‬افظر‪ :‬فء التعاف‪ 672/5( ،‬ر ‪.)677‬‬
‫ال رسكة‪.‬‬ ‫(‪ )3‬قش أبطل ابن القيم ر فال ال الكال ر ههر القا شة ب ا ز ش ن ال ائتين وجداك ا في الصوا‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ﮪ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ [الحجرات‪ .]9 :‬فجعل الكال‬


‫تعالى‪ :‬الطائفتين ال قتتكتين هخوة لكطائفة ال صكحة‪ ،‬ووصفدم باع اال مع أال قتا ال ؤمن‬
‫ألخيال من خصا الكفر لقو الإلبي صكى الكال كيال وسكم‪« :‬سباب ال سكم فسوق وقتالال فر»‪.‬‬
‫ولم تكن ههر الخصكة الكفر ة مإلافية ألصل اع اال وإ فافعة لألخوة اع افية‪ .‬وإ ف أال‬
‫األخوة اع افية مقت ية لك حبة والوإ ة و قو‪ ،‬مقت اها بحس قوة اع اال واإستقامة‪.‬‬
‫كيال‬ ‫وهها األصل ر أ إلي أفال قش جت ع في اعفساال خصكة ه اال‪ ،‬وخصكة فر ر هو ما‬
‫الكتاب‪ ،‬والسإلة‪ ،‬و اال كيال السكف واألئ ة‪ ،‬فتكوال ال حبة والوإ ة تابعة ل ا معال من خصا‬
‫اع اال‪ ،‬والكراهة والعشاوة تابعة ل ا إلشر من خصا الكفر))(‪.)1‬‬
‫ومما يدخل تحت أنواع البراءة أيضاً‪ :‬البراءة من مع و لال‪ ،‬البراءة من األصإلام واألوااال التي‬
‫بع ل لدا الشرك بصرف العبا ة هليدا وال الكال ‪‬؛ فالبراءة مإلدا م ا تشخل أ اك تحل البراءة الالزمة‬
‫لتحقي الكفر بالطاغوت ا في قولال تعالى الكا ة ن هبراهيم ‪ ‬في شأال األصإلام‪ :‬ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ [الشعراء‪ 57 :‬ر ‪ ،]55‬وقولال‪:‬‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [ال تحإلة‪.]4 :‬‬ ‫ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫وأما الكم ترك البراءة فدو ختكف بحس الع ل أو العامل ال تروك البراءة مإلال‪ ،‬فإال‬
‫اال الع ل شر اك أو العامل مشر اك فترك البراءة مإلال فر أ بر إلاقض أصل الكفر‬
‫بالطاغوت(‪ ،)2‬ألال من لوازم الكفر بالطاغوت البراءة من الشرك وأهكال‪.‬‬
‫قو الشيم بش الرال ن بن السن ر فال ال الكال ر‪(( :‬أال الرجل إ كوال مسك اك هإ‬
‫هلا رف التواليش و اال بال‪ ،‬و ل ب وجبال‪ ،‬وصشق الرسو ‪ ‬في ا أخبر بال‪ ،‬ف ن قا ‪ :‬إ‬
‫أ ا ي ال شر ين أو ا اهم ولم كفرهم أو قا ‪ :‬إ أتعر‪ ،‬ألهل إ هلال هإ الكال ولو فعكوا‬
‫الكفر والشرك‪ ،‬و ا وا ن الكال‪ ،‬أو قا ‪ :‬إ أتعر‪ ،‬لكقباب فدها إ كوال مسك اك‪ ،‬بل هو‬
‫م ن قا الكال فيدم‪ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫[الإلساء‪ 157 :‬ر‪ .]151‬والكال سبحافال وتعالى أوج معا اة ال شر ين ومإلابهتدم وتكفيرهم‬

‫(‪ )1‬مج وع فتاو‪ ،‬وفسائل ف يكة الشيم ابن بي ين (‪ 645/4‬ر ‪.)642‬‬


‫(‪ )2‬ال قصو بالبراءة هإلا البراءة الش إلية ال ح ة‪ ،‬أي أال ترك البراءة مإلدم ألجل محبة إلدم لش إلدم‪ .‬أما ترك البراءة ألجل‬
‫الشفيا فقش مر أفدا غير مكفرة‪ .‬افظر‪ :‬صوف ال واإة ال كفرة والغير مكفرة (ص‪ 455 :‬ر ‪.)455‬‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫اآل ة [ال جا لة‪ ]66 :‬وقا‬ ‫فقا ‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭤ [ال تحإلة‪ ]1 :‬اآل ات والكال أ كم))(‪.)1‬‬ ‫ﭣ‬
‫وقررا الشرريم مح ررش بررن بررش الوهرراب ر فال ررال الكررال ر‪(( :‬ومعإلررى الكفررر بالطرراغوت‪ :‬أال‬
‫تبرأ من ل ما عتقش فيرال غيرر الكرال‪ ،‬مرن جإلري‪ ،‬أو هفسري‪ ،‬أو الجرر‪ ،‬أو شرجر‪ ،‬أو غيرر للرو‪،‬‬
‫وتشدش كيال بالكفر وال ال ‪ ،‬وتبغ ال ولو اال أفال أبروك وأخروك‪ .‬فأمرا مرن قرا ‪ :‬أفرا إ أ برش‬
‫هإ الكال‪ ،‬وأفا إ أتعر‪ ،‬لكسا ة والقباب كى القبوف‪ ،‬وأمبا للو فدها الب في قرو إ هلرال‬
‫هإ الكال‪ ،‬ولم ؤمن بالكال‪ ،‬ولم كفر بالطاغوت))(‪.)2‬‬
‫فالحاصل أال ترك البراءة من الشرك وأهكال فرر أ برر إلراقض أصرل الكفرر بالطراغوت؛‬
‫ألال للو إ صشف في الواقع من قك قش فر بالطاغوت‪.‬‬
‫ومن الجش ر باله ر هإلا أال ترك البراءة مرن الشررك وأهكرال تشر ل الر الشررك وتررك‬
‫مفافقتال ‪ ،‬وتش ل محبة الصإلم أو الوان ال ع رو لرال الشررك‪ ،‬وتشر ل محبرة العامرل بالشررك‬
‫ومواإتال القكبية‪.‬‬
‫فصوفة البراءة من الشرك ر ا تقشم ر هي شم محبتال وترك الع ل بال‪.‬‬
‫وصوفة البراءة من العامل بالشرك هي ترك مواإتال و شم محبتال‪.‬‬
‫وأما صوفة البراءة من ال ع و لال الشرك فدي شم محبترال والسرعي فري هزالترال والتقبريو‬
‫لال ومسبتال ا تقشم‪.‬‬
‫وأما هال اال الع ل معصيةك وال الكفر والشرك أو اال العامل متكبساك ب عاص أو‬
‫معصية إ تصل هلى الش الكفر والشرك‪ ،‬فترك البراءة مإلال أو من كال م ا إلافي ا شرط‬
‫الكفر بالطاغوت‪ ،‬ألال من ا التواليش البراءة من ال عاصي ومن أصحابدا‪ .‬مع األخه في‬
‫اإ تباف ما تقشم من أال البراءة من ال شرك براءة امكة من ل وجال‪ ،‬وأما البراءة من العصاة‬
‫فدي براءة فاقصة أي‪ :‬فكيسل من ل وجال‪ ،‬ألال ال ؤمن بح بقشف ما معال من طا ة‬
‫وه اال و بغض بقشف ما إلشر من مخالفة و صياال‪.‬‬

‫(‪ )1‬مج و ة الرسائل وال سائل الإلجش ة (‪ 77/1‬ر ‪.)77‬‬


‫(‪ )2‬الشفف السإلية (‪ 161/6‬ر ‪.)166‬‬
‫‪767‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫المبحث الثامن‪ :‬أنواع المخالفين في شرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬


‫وأختم هها الفصل بأفواع ال خالفين في شرط الكفر بالطاغوت‪ .‬فأقو ‪:‬‬
‫ال خالفوال في هها الشرط االاة أصإلاف من الإلاس‪:‬‬
‫الصإلف األو ‪ :‬من وقعوا في الشرك فأساك‪.‬‬
‫الصإلف البافي‪ :‬من ففوا هها الشرط تكو حاك أو فصاك‪.‬‬
‫الصإلف البالث‪ :‬من توقفوا في ف قائش ال شر ين من جدكة ال سك ين‪.‬‬
‫فأما الصإلف األو فخالفدم خالف كي‪ ،‬و شخل في هؤإء من وقع في الشرك‪،‬‬
‫أو فمي بال أو الكم الطاغوت أو الكم بال؛ حا بعض الحكام م ن الك وا بغير الشر عة‬
‫اعسالمية أو أقروا وجو الص برح الشر ية؛ فكم سعوا في هزالتدا والق اء كيدا‪.‬‬
‫وأ اك‪ :‬من افع ن قائش القبوف ة وافتصر لدا؛ حا بعض اة السوء م ن‬
‫ز إلوال الشرك لكعامة بأهل القبوف بش و‪ ،‬محبة األولياء والصالحين‪ ،‬والتوسل هلى الكال تعالى‬
‫في ق اء الحوائج بجار ال قربين‪ .‬فدؤإء ج يعاك مخالفوال في هها الشرط العظيم‪.‬‬
‫قو الشيم سكي اال آ الشيم في بياال الا هؤإء‪(( :‬و با القبوف فطقوا بدا‬
‫وجدكوا معإلاها ر عإلي‪ :‬إ هلال هإ الكال ر وأبوا ن اعتياال بال‪ ،‬فصافوا اليدو اله ن قولوفدا وإ‬
‫عرفوال معإلاها وإ ع كوال بال‪ ،‬فتجش أالشهم قولدا‪ ،‬وهو ألال غير الكال بالح واعجال ‪،‬‬
‫والتعظيم والخوف‪ ،‬والرجاء والتو ل‪ ،‬والش اء إلش الكرب و قصشر بأفواع العبا ة الصا فة ن‬
‫تألال قكبال لغير الكال م ا هو أ ظم م ا فعكال ال شر وال األولوال‪ ،‬ولدها هلا توجدل كى‬
‫أالشهم الي ين بالكال تعالى أ طاك ما شدل من األ اال صا قاك أو الباك‪ ،‬ولو قيل لال‪ :‬االكف‬
‫بحياة الشيم فالال أو بتربتال‪ ،‬وفحو للو لم حكف هال اال الباك‪ ،‬وما لاك هإ ألال ال شفوال‬
‫في التراب أ ظم في قكبال من فب األفباب‪ ،‬وما اال األولوال هكها بل افوا هلا أفا وا‬
‫التشش ش في الي ين الكفوا بالكال تعالى ا في قصة القسامة التي وقعل في الجاهكية وهي‬
‫في صحيو البخافي‪ ،‬و بير مإلدم وأ برهم ر‪ ،‬أال اإستغااة بإلدال الهي عبشر إلش قبرر أو‬
‫غيرر أففع وأفجو من اإستغااة بالكال في ال سجش و صرالوال بهلو‪ ،‬والحكا ات إلدم‬
‫بهلو فيدا أطو ‪ .‬وهها أمر ما بكغ هليال شرك األولين‪ ،‬و كدم هلا أصابتدم الششائش أخكصوا‬
‫لك شفوفين في التراب‪ ،‬وهتفوا بأس ائدم‪ ،‬و وهم ليكشفوا مر ال صاب في البر والبحر‬
‫والسفر واع اب‪ ،‬وهها أمر ما فعكال األولوال‪ ،‬بل هم في ههر الحا خكصوال لككبير ال تعا‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫فاقرأ قولال تعالى‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮣ ﭪ ﭫ اآل ة [العإلكبوت‪ ،]25 :‬وقولال‪:‬‬


‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫[الإلحل‪ 57 :‬ر ‪ .]54‬و بير مإلدم قش طكوا ال ساجش و بروا القبوف‬ ‫ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫وال شاهش‪ ،‬فإلا قصش أالشهم القبر الهي بعظ ال أخه في اء صاالبال با ياك خاشعاك لليالك‬
‫خامعاك‪ ،‬بحيث إ حصل لال للو في الج عة والج ا ات وقيام الكيل وه باف الصكوات‪،‬‬
‫فيسألوفدم مغفرة الهفوب وتفر ج الكروب والإلجاة من الإلاف وأال حطوا إلدم األوزاف‪ ،‬فكيف‬
‫ظن اقل ف الك ن الم أال التكفل بال هلال هإ الكال مع ههر األموف تإلفعدم‪ ،‬وهم هف ا قالوها‬
‫بألسإلتدم وخالفوها با تقا هم وأ الدم‪ ،‬وإ ف أفال لو قالدا أالش من ال شر ين وفط‬
‫أ ا بشدا ة أال مح شاك فسو الكال ولم عرف معإلى اعلال وإ معإلى الرسو ‪ ،‬وصكى وصام‬
‫والج وإ شفي ما للو هإ أفال فأ‪ ،‬الإلاس فعكوفال فتابعدم ولم فعل شيداك من الشرك‪ ،‬فإفال إ‬
‫شو أالش في شم هسالمال))(‪.)1‬‬
‫وأما الصنف الثاني فخالفدم ك ي‪ .‬فدؤإء هم اله ن سأطيل في البحث معدم‪،‬‬
‫وللو إستطافة شرفهم‪ ،‬وتفاقم ظيم مرفهم‪ .‬فأقو ‪:‬‬
‫ال إلكروال لدها الشرط في الحامر وال امي بيروال‪ ،‬وهم في الواقع خصوم لدها‬
‫التواليش‪ ،‬معا وال ألهكال‪ ،‬ولها ظدر مإلدم اعفكاف لدها الشرط العظيم الهي فيال البراءة من ل‬
‫مشرك‪ ،‬ومن ل معبو بالباطل وهها م ا إ برمي فكساء الشرك وال ال ‪ ،‬ألال مصكحتدم‬
‫قائ ة كى بقاء فسوم هها الشرك التى تبقى مكافتدم ومإلزلتدم في قكوب العامة م ن تعكقوا‬
‫بدم‪ ،‬والإلهوف والدشا ا تروح وتغشو هليدم‪.‬‬
‫وم ن أفكر هها الشرط في القش م ال تكك وال اله ن ز وا أال معإلى إ هلال هإ الكال إ‬
‫قا ف كى اإختراع موجو هإ الكال؛ فأابتوا ألجكال بأفعالدم ما لل كى ففيال إ هلال هإ الكال‬
‫بإشرا دم بالكال‪ ،‬وففوا ما لل كى هاباتال من هفرا هم الرب تعالى باعلدية والكفر بالطاغوت‬
‫وهفكافهم لهلو؛ وللو من فرط جدكدم ب عإلى ههر الكك ة‪.‬‬
‫قو صاال تاب "مصباح الظالم"‪(( :‬شدا ة أال إ هلال هإ الكال لل كى الكفر‬
‫ب ا بش من وال الكال ت إلاك إ التزاماك‪ ،‬ولم قل أالش من ال سك ين والعرب‪ :‬هفدا لل كى‬

‫(‪ )1‬تيسير العز ز الح يش (ص‪ 57 :‬ر ‪.)27‬‬


‫‪771‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫للو التزاماك هإ كى قو طائفة مالة من ال تكك ين ز وال أال معإلاها‪ :‬إ قا ف كى‬
‫اإختراع هإ الكال))(‪ .)1‬افتدى‪.‬‬
‫وهؤإء ال تكك وال سب أال بيإلا موقفدم من تواليش األلوهية وما ترت كى هها‬
‫ال وقف من مفاسش‪ ،‬ا أشرفا هلى بعض شبداتدم التي تعكقوا بدا‪ ،‬فال ا ي أال فعيش ما‬
‫سب هإلا‪ .‬هإ أفإلا فقو قوإك كياك‪ ،‬وهو‪ :‬أال تفسير تواليش األلوهية بتواليش الربوبية مستكزم‬
‫لإلفي شرط الكفر بالطاغوت‪ ،‬ألال إ هلال هإ الكال مت إلةٌ لدها الشرط العظيم ومشت كةٌ كيال‬
‫كى التفسير الصحيو‪ .‬وأما كى تفسير ال تكك ين فإفدا إ تش كى هها الشرط وإ‬
‫تشت ل كيال إ من بعيش وإ من قر ‪.‬‬
‫وم ا ش كى شم ا تباف ال تكك ين لدها الشرط ر ولو كى طر الكزوم قط‪( :‬أي‪:‬‬
‫الس ) ر‪ ،‬هقر باف الكبير مإلدم لعقائش القبوف ة واإفتصاف لدا‪ .‬بل مإلدم من ألف في جواز‬
‫اإستغااة والتوسل باألموات‪ ،‬ألال للو في قيشتدم إ إلافي التواليش وإ بصا م أصل‬
‫الش ن‪.‬‬
‫وقش سب أال مبكإلا ببعض هؤإء ال سا ين‪.‬‬
‫و شخل في هها الصإلف أ اك‪ :‬غالة ال رجدة‪ .‬وقش سب أال بيإلا موقفدم من شروط‬
‫إ هلال هإ الكال وماك(‪ ،)2‬فشخل في هها الع وم موقفدم من شرط الكفر بالطاغوت‪ ،‬ألال‬
‫كي‪ ،‬وهم إ جعكوال للو من اع اال‪ .‬بل إلشهم من سجش‬ ‫الكفر بالطاغوت لال جاف‬
‫لكصإلم أو الوان إ كفر‪ ،‬ألال الكفر إلشهم هو الجدل بالكال فقط ا تقشم(‪.)3‬‬
‫وأما الإلافوال لدها الشرط في الحامر القر فدم خصوم ههر الش وة ((الشافقوال‬
‫بالتواليش‪ ،‬اله ن إ ر شوال التواليش وإ ل ر اسم التواليش))(‪.)4‬‬
‫ومن هؤإء ال عتر‪ )1(،‬الهي ف كيال الشيم بش الكطيف بن بش الرال ن في تابال‬
‫العظيم "مصباح الظالم"‪ .‬اليث له هها ال عتر‪ ،‬هلى ففي هها الشرط قائالك‪(( :‬فصل‪ :‬وقا‬

‫(‪ )1‬مصباح الظالم (‪ .)125‬وافظر‪ :‬القو الفصل الإلفيذ في الر كى ال فتري بن جرجيذ (ص‪.)642 :‬‬
‫(‪ )2‬افظر‪( :‬ص‪ 757 :‬ر ‪.)755‬‬
‫(‪ )3‬افظر‪( :‬ص‪ 751 :‬ر ‪.)757‬‬
‫(‪ )4‬اقتباس من شرح فواقض اعسالم لكفوزاال (ص‪ 57 :‬ر ‪.)57‬‬
‫‪776‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫في مسائكال كى تواليشر ر عإلي الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر‪ :‬في الش ث طافق‬
‫بن أشيم ‪ ‬الهي في صحيو مسكم‪« :‬من قا إ هلال هإ الكال و فر ب ا عبش من وال الكال الرم‬
‫مالال و مال والسابال كى الكال ‪ »‬فقا كيال‪ :‬وهها من أ ظم ما بين لو معإلى "إ هلال هإ الكال"‬
‫فإفال لم جعل التكفل بدا اص اك لكشم وال ا ‪ ،‬بل وإ معرفة معإلاها مع لفظدا‪ ،‬بل إ حرم مال‬
‫ومالال التى يف هلى للو الكفر ب ا عبش من وال الكال‪ .‬هها المال‪.‬‬
‫ام قا ‪ :‬فيالدا من مسألة ما أجكدا‪ .‬و الال من بياال ما أومحال؛ والجة ما أقطعدا‬
‫لك إلازع‪ .‬افتدى المال‪.‬‬
‫ام قا ال عتر‪ :،‬فتفكر بعقكو هها الكالم‪ ،‬وتفدم لقو فسو الكال ‪ ‬في قولال‪« :‬من‬
‫قا إ هلال هإ الكال» ام أ ر‪ ،‬كيال الم هها الرجل وما الكم كيال بال‪ ،‬التى تر‪ ،‬مخالفتال لال‬
‫أومو من الش ذ اليث ال كال ماإ حت كال قالك وإ شر اك وإ لغة سواء جعكإلار من طف‬
‫الخاص كى العام‪ .‬قولال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ [البقرة‪ ،]677 :‬وقولال‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﭨ ﮣ ﮤ [البقرة‪ .]77 :‬أو جعكإلا الواو واو الحا ‪ ،‬أو جعكإلا الواو شرطاك‪ .‬فيكوال تأ يشاك‬
‫وتحقيقاك ل ا(‪ )2‬كزم بالكفل بشدا ة اعخالص؛ ألفدا ال طكوبة ب ا ت إلتال في ج يع‬
‫األالا ث‪ .‬وهي ال إلجية من الخكو في الإلاف‪ .‬وفي مسإلش البزاف ن يا‪ ،‬األفصافي قا ‪ :‬قا‬
‫فسو الكال ‪« :‬هال إ هلال هإ الكال ك ة كى الكال ر ة‪ .‬لدا إلش الكال مكاال‪ .‬وهي ك ة من‬
‫قالدا صا قاك أ خكال الكال الجإلة‪ .‬ومن قالدا الباك القإلل مال‪ .‬وهو هلى الكال تعالى غشاك‬
‫ف حاسبال»(‪ ،)3‬و إلش البيدقي وصححال البزاف والطبرافي في معج يال وأبي فعيم في الحكية ن‬
‫أبي هر رة ‪ ‬قا ‪ :‬قا فسو الكال ‪« :‬من قا إ هلال هإ الكال ففعتال وماك من هر‪ ،‬صيبال قبل‬
‫للو ما أصابال»(‪ ،)4‬و إلش أبي او بسإلش السن من الش ث أفذ ‪ ‬قا ‪ :‬قا فسو الكال ‪:‬‬
‫«االث من أصل اع اال‪ :‬الكف ن قا إ هلال هإ الكال‪ ،‬وإ فكفرر بهف ‪ ،‬وإ فخرجال من‬
‫رررررررررر‬
‫تاب‬ ‫(=‪ )1‬هو صاال تاب شف الغ ة في تكفير األمة‪ ،‬وقش فبس هها الكتاب هلى ب اال بن مإلصوف صاال‬
‫فتو الح يش‪ ،‬وقيل هفال من آخر تبال‪ ،‬وفي هها فظر‪ .‬افظر‪ :‬ك اء فجش خال ا افية قروال لكبسام (‪.)77/5‬‬
‫(‪ )2‬في األصل (لم) وهو خطأ محيل لك عإلى‪ ،‬ألال مرا ر أال الكفر بالطاغوت كوال إزماك ب جر التكفل بكك ة‬
‫اعخالص‪ .‬وقش صوب في مومع آخر ا سيأتي في (ص‪.)777 :‬‬
‫(‪ )3‬سب تخر جال‪.‬‬
‫(‪ )4‬سب تخر جال‪.‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫اعسالم بع ل‪ .‬والجدا ما‪ ،‬مإله بعبإلي الكال هلى أال قاتل آخر أمتي الشجا ‪ .‬إ بطكال جوف‬
‫جائر وإ ش ا ‪ .‬واع اال باألقشاف»(‪.)1‬‬
‫فدها قو فسو الكال ‪ .‬وهها الرجل قو إ إلفعال التكفل بدا‪ ،‬بل وإ معرفة معإلاها‪..‬‬
‫هلى آخر المال))(‪ .)2‬أ‪ .‬هر‪.‬‬
‫فالحاصل أال ال عتر‪ ،‬أوف ههر األالا ث محتجاك بدا كى وار أال اشتراط الكفر‬
‫ب ا عبش من وال الكال لصحة الشدا ة من ز ا ات الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر‬
‫وأفال مخالف لألالا ث التي أوف ها ر أي ال عتر‪ ،‬ر‪ ،‬وأفدا إ تحت كال قالك وإ شر اك وإ لغة‪،‬‬
‫وهف ا ال را مجر التكفل بدا لالفتفاع بدا‪ ،‬وأال من قالدا فال جوز هخراجال من اعسالم بأي‬
‫ل اال‪ .‬والكال ال ستعاال‪.‬‬
‫وقش ف كيال الشيم بش الكطيف بكالم طو ل إ مز ش كيال فقا ر فال ال الكال ر بعش‬
‫أال ل ر المال ال تقشم‪:‬‬
‫((والجواا أن يقال‪:‬‬
‫في فسبة التواليش أ إلي هلى شيخإلا‪ :‬ما شعر ببراءة هها الرجل مإلال‪ ،‬والكتاب الهي‬
‫شير هليال ليذ فيال هإ الم الكال و الم فسولال‪ ،‬أوف ر ال صإلف ر فال ال الكال ر مستشإك بال كى‬
‫ما ومع من األبواب والتراجم‪ .‬فالبراءة مإلال براءة من تاب الكال وسإلة فبيال وإ شو في فر‬
‫من قصش للو‪ ،‬وإ أف‪ ،‬لقو ال عتر‪ ،‬في بافتال‪ :‬أال الشيم ل رر في مسائكال كى تواليشر‬
‫هإ ما شعر بدها‪ ،‬والكال أ كم بقصشر ومرا ر‪.‬‬
‫وتقر ر الشيم كى هها الحش ث من أالسن التقاف ر وأ لدا وأبيإلدا‪ .‬فإفال استش‬
‫بالج كة ال عطوفة البافية كى أال الكفر بالطاغوت وما بش من وال الكال شرط في تحر م‬
‫الشم وال ا ‪ ،‬وأال إ ص ة ب جر القو وال عرفة وإ ب جر ترك با ة ما بش من وال‬
‫الكال؛ بل إ بش من الكفر ب ا بش من وال الكال‪ ،‬والكفر بال وبغ ال وتر ال وف ر والبراءة مإلال‬
‫ومعرفة بطالفال‪ ،‬وهها إ بش مإلال في اعسالم‪ .‬قا تعالى‪ :‬ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ ﰊ‬
‫ﰊ ﰊ ﰊ [البقرة‪ ]652 :‬فج ع بين اع اال بالكال والكفر بالطاغوت في ههر اآل ة ولدا‬

‫(‪ )1‬سب تخر جال وبياال أفال معيف‪ .‬افظر‪( :‬ص‪.)757 :‬‬
‫(‪ )2‬فقالك من مصباح الظالم في الر كى من هب كى الشيم اعمام (ص‪ 157 :‬ر ‪.)121‬‬
‫‪774‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ﮈ ﮉ‬ ‫فظائر في تاب الكال‪ .‬قولال تعالى ن هبراهيم‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬


‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ [الزخرف‪ 62 :‬ر‪ ]67‬فشلل ههر اآل ة وما قبكدا كى أال الكفر‬
‫بالطاغوت شرط إ حصل اعسالم بشوفال‪ ،‬وهكها هها الحش ث مبل ههر اآل ات‪ .‬فإال‬
‫اع اال بالكال هو شدا ة أال إ هلال هإ الكال‪ .‬ومع للو ل ر الكفر بالطاغوت معال في الصو‬
‫اإست ساك بالعروة الواقى‪.‬‬
‫وقش فر اع اال و خ باله ر‪ ،‬فيشخل فيال الكفر بالطاغوت‪ .‬شدا ة أال إ هلال هإ‬
‫الكال‪ ،‬فإفدا الة كى اع اال بالكال ال ت ن لككفر بالطاغوت و با ة الكال والشر إ شر و لال‪.‬‬
‫إلى زائش والكم آخر‪ ،‬سواء‬ ‫وقش ج ع بيإلد ا ا في الش ث طافق‪ .‬فيستفا مع ك‬
‫افل الج كة البافية مؤ شة أو مؤسسة‪ .‬وأ اك فإال إلة األلفا واألس اء تختكف في‬
‫الا اقترافدا واففرا ها‪ ،‬ومعكوم أال الج كة ال عطوفة أفا ت فائشة أخر‪ ،‬والصل بدا الكم‬
‫لم حصل بالج كة األولى‪ ،‬كى القو بأفدا مؤسسة‪ ،‬و ها القو بأفدا مؤ شة‪ .‬فإال الإلفي‬
‫في الج كة األولى ت ن الكفر ب ا بش من وال الكال كى وجال الع وم ال ستفا من‬
‫الإلفي؛ وفي الج كة األخر‪ ،‬خصل أالش ال عافي ال ستفا ة من الج كة األولى‪ ،‬تإلبيداك كى‬
‫أفال أجل معافيدا وأه دا‪ ،‬وهها مشدوف في الم الكال و الم فسولال و الم العرب‪.‬‬
‫وقو الشيم‪ :‬هفال إ حرم مال ومالال التى يف هلى للو الكفر ب ا بش من وال‬
‫الكال‪ :‬هو ف الحش ث ومإلطوقال وصر حال‪.‬‬
‫وهها ال فتري قو ‪ :‬ال كال ما لم حت ل‪ ،‬وخالفال خالفاك أومو من الش ذ‪ .‬فأي‬
‫جدل و هب ومكابرة وف لكإلصوص أ ظم من ههاق فإلعول بالكال من الجدل والع ى‪ ،‬وال ال‬
‫كيال الإل هو الباطل شر اك و قالك ولغة‪.‬‬ ‫بعش الدش‪،‬؛ وهفكاف ما قالال شيخإلا م ا‬
‫ولو جعكإلار من طف ال را ف أو طف الخاص كى العام فدو ا كى ل‬
‫تقش ر كى أال الكفر بالطاغوت وما بش من وال الكال إ بش مإلال في اع اال واعسالم؛ وإ‬
‫ص ة لكشم وال ا هإ بهلو‪ ،‬وهفكاف هها مكابرة‪.‬‬
‫فإال الكفر ب ا بش من وال الكال هال اال من مشلو الج كة األولى‪ ،‬والبافية مؤ شة‬
‫فالحكم الهي قرفر الشيم اابل باألبولى‪ ،‬مؤ ش بالبافية؛ وهها أقو‪ ،‬في الشإلة كى ما قالال‬
‫‪775‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫وما قرفر‪ ،‬وليذ فيال ما ستر و بال هها ال عتر‪ .،‬لكإلال إ تأتى كى قوا ش العربية‪ ،‬ألال‬
‫وصف ف كة بمفدم لكحالية‪ ،‬و شترط في وال الج كة الاإك شروطاك إ تتأتى هإلا(‪.)1‬‬ ‫ٌ‬ ‫الحا‬
‫فقولال‪« :‬أو جعكإلا الواو الاإك شرطاك أو لكحا » الم جاهل بالعربية إ شف دا‪،‬‬
‫فالواو إ تقع شرطاك وهف ا تقع لكعطف والتشر و‪ .‬والج كة بعشها إ تصو أال تكوال لكحا ‪.‬‬
‫فإفدا ج كة فعكية مامو ة إ تبفدم الاإك‪ .‬ولغير للو من موافع الحالية ا عكم من باب‬
‫الحا في الخالصة وغيرها من ت العربية‪.‬‬
‫وهها الغ ر رمي أتباع الشيم بعشم العكم بالعربية وهو فيدا أشش لحإلاك وأفسش تر يباك من‬
‫البربر والش كم‪ .‬أ ن أفل ومعرفة معافي الحروف والترا ي ق ليذ لا شو أ فجي‪.‬‬
‫وقولال‪« :‬ل ا كزم بالكفل بشدا ة اعخالص» فيال جدل ظيم‪ .‬ألال شدا ة أال إ هلال‬
‫هإ الكال لل كى الكفر ب ا بش من وال الكال ت إلاك إ التزاماك؛ ولم قل أالش من ال سك ين‬
‫والعرب‪ :‬هفدا لل كى للو التزاماك هإ كى قو طائفة مالة من ال تكك ين‪ ،‬ز وال أال‬
‫معإلاها‪ :‬إ قا ف كى اإختراع هإ الكال‪ .‬وأما وال شدا ة اعخالص هي ال إلجية من الخكو‬
‫في الإلاف فإلعم‪ ،‬ولكن إ بش من العكم واليقين‪ ،‬والصو ما لل كيال من الإلفي واعابات‪،‬‬
‫وهها لإلا إ كيإلا؛ لدها الحش ث الهي فيال ز ا ة «و فر ب ا عبش من وال الكال»‪.‬‬
‫وقش قشمإلا أال شدا ة اعخالص الة كى الكفر بالطاغوت في الا هفرا ها‪،‬‬
‫و هلو في الا اقترافدا بغيرها‪.‬‬
‫فدهر األالا ث التي ساقدا ال عتر‪ ،‬كدا لإلا بح ش الكال‪ ،‬الة كى ما قرفر شيخإلا وف‬
‫كيال في الش ث طافق شاهشة لال مقرفة ل عإلار‪ ،‬حش ث يا‪ ،،‬والش ث أبي هر رة‪ ،‬و هلو‬
‫الش ث أفذ‪ .‬ل هها ش كى أال الكفر بالطاغوت إ بش مإلال في ص ة ال ا والشم‪.‬‬
‫وال عتر‪ ،‬أوف ها محتجاك بدا كى وار أال اشتراط الكفر ب ا عبش من وال الكال‬
‫من ز ا ات شيخإلا‪ ،‬وأفال مخالف لألالا ث‪ ،‬وأفدا إ تحت كال قالك وإ شر اك وإ لغة‪ ،‬وهف ا‬

‫(‪ )1‬بشترط في الج كة التي تقع الاإك االاة شروط ل رها ابن هشام في أومو ال سالو‪ ،‬وهي‪ :‬وفدا خبر ة‪ ،‬وأال إ‬
‫كى اإستقبا ‪ ،‬السين‪ ،‬وسوف‪ ،‬ولن‪ ،‬وأ اة الشرط‪..‬هلم‪ ،‬وأال‬ ‫تكوال مصشفة بشليل استقبا ر أي‪ :‬بعالمة تش‬
‫ﯲ ﯳ ﯴﯵ‬ ‫تكوال مرتبطة؛ هما بالوا وال ير فحو‪ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ‪ .‬أو بال ير فحو‪ :‬ﯱ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ‪ .‬افظر‪ :‬أومو ال سالو مع شرالال مياء السالو‬ ‫ﯻ‬ ‫أي‪ :‬متعا ن‪ .‬أو بالواو فقط فحو‪:‬‬
‫(‪ 617/6‬ر ‪.)661‬‬
‫‪772‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫ال را مجر لفظدا‪ .‬والو ش بالجإلة واإفتفاع بدا و شم تكفير قائكدا وهخراجال من اعسالم‬
‫ل هها إلش ال عتر‪ ،‬إ شترط فيال الكفر ب ا عبش من وال الكال ال ه وف في الش ث‬
‫طافق‪ ،‬وجعل ف الحش ث ومإلطوقال م ا إ ش كيال الش ث طافق وإ ههر األالا ث‪،‬‬
‫فال شترط الكفر بالطاغوت إلشر‪ ،‬بل هو من ز ا ات شيخإلا ومن الخز بالت إلش هها‬
‫ال عتر‪ ،‬و كى ز ال‪ ،‬والحش ث مشدوف إلش أهل العكم فجعكال من الخز بالت مع العكم‬
‫بأال الرسو قش قالال ف ة صر حة إلش افة أهل الفقال والفتو‪ .،‬فسبحاال من طبع كى قكبال‬
‫بحك تال‪ ،‬وجعل ايراال ال شاف(‪ )1‬أهش‪ ،‬مإلال ل عرفة ما ش كى تواليش العز ز الغفاف‪.‬‬
‫وأما قولال في الش ث أفذ‪« :‬االث من أصل اع اال ر هلى قولال ر وإ فخرجال من‬
‫اعسالم بع ل» فالصحيو وقفال‪ ،‬وليذ من ال رفوع والج كة األخيرة وهي قولال «والجدا‬
‫ما‪ ،‬مإله بعبإلي الكال» فدي ترو‪.)2(،‬‬
‫وأما قولال‪« :‬وهها الرجل قو إ إلفعال التكفل بدا وإ معرفة معإلاها»‪.‬‬
‫فدها هب‪ ،‬لم قل‪ :‬إ إلفعال‪ ،‬وهف ا قا شيخإلا‪ :‬فإفال لم جعل التكفل بدا اص اك‬
‫(‪)3‬‬
‫لكشم وال ا ‪ ،‬بل وإ معرفة معإلاها ر فحرف هها ال فتري وبدل الشيم بقو لم صشف مإلال‪...‬‬
‫فإلعول بالكال من جدش البالء))(‪ .)4‬افتدى ال را فقكال من المال ر فال ال الكال ر‪.‬‬
‫وأما النوع الثالث من أفواع ال خالفين في شرط الكفر بالطاغوت فدم اله ن إلاهم‬
‫الشيم مح ش بن بش الوهاب ر فال ال الكال ر بقولال‪(( :‬فأما من قا ‪ :‬أفا إ أ بش هإ الكال‪ ،‬وأفا‬
‫إ أتعر‪ ،‬لكسا ة والقباب كى القبوف‪ ،‬وأمبا للو فدها الب في قو إ هلال هإ الكال‪ ،‬ولم‬
‫ؤمن بالكال‪ ،‬ولم كفر بالطاغوت))(‪.)5‬‬
‫وأباال إلدم أ اك الشيم بش الرال ن بن السن ر فال ال الكال ر في قولال‪(( :‬أال الرجل إ‬
‫كوال مسك اك هإ هلا رف التواليش و اال بال‪ ،‬و ل ب وجبال‪ ،‬وصشق الرسو ‪ ‬في ا أخبر بال‪،‬‬
‫ف ن قا ‪ :‬إ أ ا ي ال شر ين أو ا اهم ولم كفرهم أو قا ‪ :‬إ أتعر‪ ،‬ألهل إ هلال هإ الكال‬

‫(‪ )1‬ايراال‪ ،‬ج ع اوف‪ ،‬مه ر البقر‪ ،‬ولعكال ر ش ببيراال ال شاف‪ :‬البيراال التي تشوف كى الرالى لطحن قشر الحبوب‪.‬‬
‫(‪ )2‬سب تخر جال‪ .‬وبياال أفال معيف‪ .‬افظر‪( :‬ص‪.)757 :‬‬
‫(‪ )3‬الم غير مستقيم ب قشاف أفبع ك ات‪.‬‬
‫(‪ )4‬مصباح الظالم (‪ 126‬ر ‪.)122‬‬
‫(‪ )5‬الشفف السإلية (‪ 161/6‬ر ‪.)166‬‬
‫‪777‬‬ ‫شرط الكفر بالطاغوت‬

‫‪ :‬إ أتعر‪ ،‬لكقباب فدها إ كوال مسك اك‪ ،‬بل‬ ‫ولو فعكوا الكفر والشرك‪ ،‬و ا وا ن الكال‪ ،‬أو قا‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ‬ ‫هو م ن قا الكال فيدم‪ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫معا اة ال شر ين ومإلابهتدم وتكفيرهم فقا ‪:‬‬ ‫[الإلساء‪ 157 :‬ر‪ .]151‬والكال سبحافال وتعالى أوج‬
‫ﭜ اآل ة [ال جا لة‪ ]66 :‬وقا تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ اآل ات والكال‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫أ كم))(‪ .)1‬أ‪.‬هر‪.‬‬
‫و شخل في هها الإلوع أ اك من توقف في تكفير اليدو والإلصاف‪ ،‬و ش وا هلى والشة‬
‫األ اال والتعا ش معدم بحجة أال اليدو والإلصاف‪ ،‬متفقوال معإلا في أصل التواليش واع اال؛‬
‫فدم هخوافإلا ا قولال بعض الجدكة من ال سك ين‪.‬‬
‫فج يع هؤإء مخالفوال في هها الشرط العظيم‪.‬‬
‫قو الشيم بش الرال ن بن السن آ الشيم‪(( :‬لو رف العبش معإلى إ هلال هإ الكال‪،‬‬
‫لعرف أال من شو أو تر في فر من أشرك مع الكال غيرر أفال لم كفر بالطاغوت))(‪.)2‬‬
‫و قو القامي يا‪ ،‬ر فال ال الكال ر‪(( :‬ولدها فكفر من اال بغير مكة ال سك ين من‬
‫ال كل‪ ،‬أو توقف فيدم أو شو‪ ،‬أو صحو مههبدم‪ ،‬وهال أظدر مع للو اعسالم وا تقشر‪،‬‬
‫وا تقش هبطا ل مهه سوار‪ ،‬فدو افر بإظدافر ما أظدر من خالف للو))(‪.)3‬‬
‫ول ر الشيم مح ش بن بش الوهاب في فواقض اعسالم‪(( :‬الإلاقض البالث‪ :‬من لم‬
‫كفر ال شر ين‪ ،‬أو شو في فرهم‪ ،‬أو صحو مههبدم فر))(‪.)4‬‬
‫وهلى هإلا إلتدي الكالم ن هها الشرط‪ ،‬والح ش لكال والشر كى الك ا والت ام‪.‬‬

‫(‪ )1‬مج و ة الرسائل وال سائل الإلجش ة (‪ 77/1‬ر ‪.)77‬‬


‫(‪ )2‬الشفف السإلية (‪ )525/55‬بتصرف سير‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشفا (‪.)1771/6‬‬
‫(‪ )4‬فواقض اعسالم لكشيم مح ش بن بش الوهاب‪ ،‬شرح لكفوزاال (ص‪.)77 :‬‬
0
0
‫‪048‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫الباب الخامس‪ :‬شرطا القبول واالنقياد‪.‬‬


‫وتحته فصالن‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬شرط القبول‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شرط االنقياد بحقوقها‪.‬‬
‫‪048‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط القبول‪.‬‬


‫وتحته أربعة مباحث‪:‬‬
‫ومتعلَّ ُقه‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى القبول ُ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األدلة على أن القبول من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬ما ينافي شرط القبول‪.‬‬
‫‪048‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫الفصل األول‪ :‬شرط القبول(‪.)1‬‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫القبول لما دلت عليه ال إله إال الله المنافي للرد من شروط شهادة أن ال إله إال الله‬
‫كما سيأتي في أدلة الشرع وكالم أهل العلم‪.‬‬
‫ووجه اشتراطه ـ كما قال أهل العلم ـ ألن الرجل قد يعرف معناها وال يقبله؛ كحال‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫مشركي العرب‪ .‬فإنهم ﮓ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ [الصافات‪ 53 :‬ـ ‪.)2(]53‬‬
‫وألن من قالها ولم يقبل ما دلت عليه من اإلخالص؛ كان قوله لهذه الكلمة كذباً‬
‫منه‪ ،‬بل قد عكس مدلولها‪ ،‬فأثبت ما نفته من الشرك‪ ،‬ونفى ما أثبتته من اإلخالص(‪.)3‬‬
‫وألنه قد يقبل في الظاهر ويكون ر َّاداً لها في الباطن؛ كالمنافق‪ ،‬ومن يُ ْكَره بحق(‪.)4‬‬
‫وأما الكالم على هذا الشرط فسيكون تحت المباحث التالية‪:‬‬

‫(‪ )1‬بعض أهل العلم يعبر عنه بالرضى والتسليم‪ .‬يقول المعلمي ـ رحمه الله ـ في صدد بيانه لهذه الشروط‪( :‬ومنها‬
‫التسليم ويعبر عنه بالرضى)‪[ .‬رفع االشتباه‪( :‬ص‪.])53 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الدرر السنية (‪.)533 ،833/8‬‬
‫(‪ )3‬قرة عيون الموحدين (ص‪.)82 :‬‬
‫(‪ )4‬أي‪ :‬المرتد‪ .‬فإنه يُكره على اإلسالم‪.‬‬
‫‪045‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫المبحث األول‪ :‬معنى القبول ومتعلَّ ُقه‪.‬‬


‫ال َقبول اسم مصدر من قَب َل الشيء وتقبَّله قَبوالً ـ بفتح القاف ـ‪ ،‬إذا أخذه عن طيب‬
‫الز َّجاج قُـبُوالً بالضم ـ‪.‬‬
‫خاطر ـ وأجاز الفراء و َّ‬
‫ويأتي أيضاً ـ أي‪ :‬القبول ـ على معنى المحبة والرضاء بالشيء‪ ،‬وميل النفس إليه‪.‬‬
‫ومنه الحديث‪« :‬ثم يوضع له القبول في األرض»(‪.)1‬‬
‫حملَه‬
‫يتضمن معنى التصديق‪ .‬يقال‪ :‬قبل القول‪ .‬إذا صدَّقه و َ‬ ‫كما أن القبول أيضاً َّ‬
‫على الصدق(‪.)2‬‬
‫والمعنى الشرعي لل َقبول ال يخرج عن هذه المعاني الثالثة(‪.)3‬‬
‫وفي سياق النصوص بيا ٌن لمعناه؛ كقوله ‪« :‬من قَبل مني الكلمة التي عرضتها على‬
‫علي‪ ،‬فهي له نجاة»(‪ ،)4‬وقوله‪« :‬ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»(‪)5‬؛ فهذه‬ ‫فردها َّ‬‫عمي َّ‬
‫األدلة الشرعية هي التي تبين معنى القبول لال إله إال الله‪.‬‬
‫فيكون معناه ـ على ضوئها ـ‪ :‬الرضى واألخذ بال إله إال الله وما اقتضته بالقلب واللسان‬
‫للرد؛ فال يـَُرد هذه الكلمة أو شيئاً من مقتضياتها التي‬‫وسائر الجوارح‪ ،‬الرضى واألخذ المنافيان َّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬المقه من الله (جـ‪ )883/7‬ح (‪ ،)3848‬ومسلم في كتاب البر‬
‫والصلة (‪ )8858/4‬ح (‪.)8357‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المصباح المنير (ص‪ ،)803 :‬ولسان العرب (‪ 88/88‬ـ ‪ ،)88‬والنهاية في غريب الحديث (‪.)0/4‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الموسوعة الفقهية (‪.)585/58‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أحمد في المسند (‪ 3/8‬ـ‪ ،)7‬والبخاري في تاريخه (‪ ،)833/8/8‬وعبد الرزاق في المصنف‬
‫(‪ )803/88‬برقم (‪ ،)88334‬وأبو يعلى في مسنده (‪ )88/8‬برقم (‪ ،)3‬والبيهقي في الشعب (‪ )838/8‬برقم‬
‫رجل لم يسمه‬
‫(‪ ،)38 ،38‬والبزار في مسنده (‪ ،)37/8‬والخطيب في تاريخ دمشق (‪ .)878/8‬وفي إسناده ٌ‬
‫الزهري‪ .‬قال‪" :‬رجل من األنصار" إال أن الزهري قطع بأنه ثقة حيث وصفه بأنه من أهل الفقه‪ ،‬وبأنه غير متهم‪.‬‬
‫انظر‪ :‬التاريخ الكبير للبخاري (‪ ،)833/8/8‬وبقية رجاله رجال الشيخين‪ .‬والحديث له شاهد من رواية عمر بن‬
‫الخطاب ‪ ‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)583/8‬وألجله قال شعيب األرناؤؤط صحيح بشواهده‪ .‬انظر‪:‬‬
‫المسند بتحقيق شعيب األرناؤؤط (‪ .)887/8‬فالحاصل أن الحديث حسن بالشواهد‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في كتاب العلم‪ ،‬باب‪ :‬فضل من َعلم وعلَّم (جـ‪ 58/8‬ـ ‪ )55‬ح (‪ ،)73‬ومسلم في كتاب‬
‫الفضائل (‪ )8707/4‬ح (‪.)8808‬‬
‫‪044‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫جاء بها الحق بواسطة الرسول ‪ ‬بقلبه‪ ،‬أو ـ مختاراً ـ بلسانه أو بشيء من جوارحه(‪)1‬؛ ألن‬
‫الشهادة قد يقولها من يعرف معناها لكنه ال يقبل ممن دعاه إليها بعض مقتضياتها؛ إما كبراً‪،‬‬
‫أو حسداً‪ ،‬أو غير ذلك‪ .‬فهذا لم يحقق شرط القبول لما دلت عليه‪ .‬وهذا كحال اليهود‬
‫والنصارى الذين عرفوا محمداً ‪ ‬كما يعرفون أبناءهم‪ ،‬ومع ذلك لم يقبلوا ما جاء به من عند‬
‫الله حسداً من عند أنفسهم كما قال تعالى‪ :‬ﭑﭒﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ [البقرة‪.]843:‬‬
‫وهكذا كان مشركو قريش يعرفون معنى ال إله إال الله وصدق محمد ‪ ،‬ولكنهم‬
‫يستكبرون عن قبوله‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫[األنعام‪:‬‬ ‫[الصافات‪ .]53 :‬وقال تعالى‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫ﮜ‬
‫‪.)2(]55‬‬
‫وأيضاً؛ كحال عبَّاد القبور اليوم‪ ،‬فإنهم يقولون‪" :‬ال إله إال الله" وال يتركون عبادة‬
‫القبور؛ فال يكونون قابلين لمعنى ال إله إال الله(‪.)3‬‬
‫يتحقق إال بالقول‬‫وأما متعلَّق القبول‪ :‬فهو يكون في األصل بالقلب إال أنه ال َّ‬
‫وعمل الجوارح‪ ،‬وذلك كاإليمان فإن أصلَ ه في القلب إال أنه ال يتحقق إال بقول اللسان‬
‫وعمل القلب والجوارح‪.‬‬
‫سمى قابالً حتى‬ ‫يوضحه‪ :‬أن الشخص إذا قبل بقلبه ولم يصد ق بجوارحه ال يُ َّ‬
‫سمى قابالً‬ ‫يأتي بما يدل على قبوله وإذعانه‪ .‬فالشخص إذا أُعطي هديةً ـ مثالً ـ ال يُ َّ‬
‫يسمى قابالً‪ ،‬ال‬
‫ت‪ .‬ثم لم يفعل ال َّ‬ ‫للهدية إالَّ إذا أخذها‪ ،‬ولو أُمر بفعل شيء فقال‪ :‬قَبلْ ُ‬
‫لغة وال عرفاً‪ .‬ولذا كان القبول له أصل ال يصح إال به وهو رضى القلب وسكونه‬
‫وانشراحه مع عزمه على الفعل‪ ،‬وله عالمات وأمارات ال يستحق اسم القبول إال بها‪.‬‬

‫(‪ )1‬وذلك كما كان يفعل بعض الكفار من استغشاء الثياب‪ :‬أي جمعها على الرؤوس والتغطي بها‪ ،‬وجعل األصابع في‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫ﯤ‬ ‫اآلذان كما قال تعالى ـ حكاية عن نوح مع قومه ـ‪ :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫فهذا مما يدل على عدم القبول بأفعال الجوارح‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الدرر السنية (‪ ،)835/8‬ومختصر العقيدة اإلسالمية للسويدان (ص‪ ،)30 :‬والشهادتان معناهما وما‬
‫تستلزمه كل منهما (ص‪ ،)880 :‬وشروط ال إله إال الله للمعتق (ص‪ 43 :‬ـ ‪.)43‬‬
‫(‪ )3‬عقيدة التوحيد للفوزان (ص‪.)33 :‬‬
‫‪043‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫علي»‬
‫فردها َّ‬ ‫كما يدل عليه قوله ‪« :‬من قَب َل مني الكلمة التي عرضتها على عمي َّ‬
‫مجرد علم القلب وتصديقه بمعنى هذه الكلمة وما دلت عليه‪ ،‬ولكن‬ ‫فليس المراد بالقبول هنا َّ‬
‫المراد أن يقولها بلسانه ويأخذ بما دلَّت عليه بجوارحه بدليل أن أبا طالب كان عارفاً بالمعنى‬
‫إال أنه لم يذعن لذلك بجوارحه فكان راداً لمعنى هذه الكلمة غير قابل لها‪.‬‬
‫وهذا كحال قريش‪ ،‬فإنهم علموا معناها إال أنهم رفضوا االنقياد لمقتضاها‪ .‬فقالوا ـ‬
‫ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [ص‪.]3:‬‬ ‫كما حكى الله عنهم ـ‪ :‬ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫يقول ابن سحمان ـ رحمه الله ـ في منظومته‪:‬‬
‫ك ال َقْيد تـُ ْر َشد‬‫فافهم َذلَ َ‬
‫ْ‬ ‫هو الرد‬ ‫ول وضده‬ ‫وثَانيُها‪َ :‬وْه َو ال َقبُ ُ‬
‫‪.‬وردوه لَ َّما أ ْن َعتَـ ْوا في التَّ َمرد‬ ‫‪َ.‬ك َحال قُـَريْش حْي َن لم يَـ ْقبَـلُوا‬
‫تَ‪ُ .‬دل َعلَى تَوحيده والتَـ َفرد‬ ‫المَر َاد وأَنَّها‬
‫الهْدَدى َعل ُموا مْنـ َها ُ‬
‫َوقَُ‬
‫اعلَ َم ْن َذ َاك تَـ ْهتَد‬
‫ب‪ُ .‬سوَرة "ص" فَ ْ‬ ‫فَ‪.‬ـ َقالُوا َك َما قَ ْد قَالَه اللهُ َعْنـ ُهم‬
‫(‪)1‬‬
‫‪َ.‬حالالً َوأَ ْغنَ َاماً لكل ُم َوحد‬ ‫ت به أَْم َوالُ ُه ْم َود َماؤُه ْم‬‫صا َر ْ‬
‫فَ‪َ .‬‬
‫للقبول قد يكون باللسان وقد يكون بعمل‬ ‫‪.‬‬ ‫المنافي‬
‫َ‬ ‫‪ .‬ووجه آخر‪ :‬وهو أن الرد‬
‫الجوارح‪ ،‬فصح أنه محتاج إلى قول اللسان وعمل الجوارح لنفي الرد‪ ،‬وحصول القبول‪.‬‬
‫توضيحه‪ :‬أن العبد إذا َّرد معنى هذه الكلمة فال يصح قبوله حتى ينفي هذا الرد بلسانه‪.‬‬
‫وإذا َّرد ما دلت عليه بفعله فال يكون قابالً حتى ينفي هذا الرد بفعل من جنس القبول(‪.)2‬‬
‫فالحاصل أن القبول تتعدد مجاالته فال يُخص بعمل القلب فقط من الرضى‬
‫والميل‪.‬‬
‫وسيأتي مزيد توضيح وبيان لذلك عند مبحث الفرق بين القبول واالنقياد(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬ومن أهل العلم من يرى أن متعلَّق القبول هو القلب واللسان كما هو‬
‫حاصل صنيع حافظ الحك مي ـ رحمه الله ـ حيث يقول في صدد بيانه لهذه الشروط‪:‬‬
‫((والثالث‪ :‬القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه‪ .)4())..‬ولعلَّه الحظ أصل‬

‫(‪ )1‬ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان (ص‪ ،)537 :‬أو الدرر السنية (‪.)308/8‬‬
‫(‪ )2‬أي محصل للقبول‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪ 383 :‬ـ ‪.)388‬‬
‫(‪ )4‬معارج القبول (‪.)488/8‬‬
‫‪043‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ؤدى بالقلب واللسان معاً‪ ،‬ولكن تحقيق القبول ال يكون إال‬ ‫القبول‪ ،‬فإن أصل القبول يُ َّ‬
‫مع عمل الجوارح كما تقدم‪.‬‬
‫ومن أهل العلم من يرى أن متعلَّق القبول هو االلتزام ـ وهو عزم القلب على الفعل‬
‫ـ كما هو حاصل صنيع المعل مي ـ رحمه الله ـ حيث قال في سياق بيانه لهذه الشروط‪:‬‬
‫(( ومنها أن يكون النطق على سبيل االلتزام‪ ،‬أي‪ :‬التزام أن يعمل طول حياته بمضمون‬
‫كلمة التوحيد وال يخالفها))(‪.)1‬‬
‫ويوضح ذلك قوله‪(( :‬فإن قيل‪ :‬أفال يكفي اإلنسان أن يكون معترفاً بصدق الرسول‬
‫في جميع ما جاء به‪ ،‬مصدقاً به‪ ،‬مسلماً راضياً‪ ،‬ملتزماً العمل بموجب ذلك عازماً عليه‪،‬‬
‫فلما سمع كلمة ال إله إال الله‪ ،‬وعلم أن الرسول جاء بها‪ ،‬اعترف وصدق وسلَّم ورضي‬
‫والتزم‪ ،‬وعزم على العمل بموجبها‪ )2())..‬مع قوله‪(( :‬ولما جعلت الشهادة إعالناً بقبول ما‬
‫أرسل به الرسول كانت متضمنة االلتزام‪ ،‬الشاهد أن ال يعبد إال الله))(‪.)3‬‬
‫قلت‪ :‬وذلك ال ينافي أن متعلَّق القبول يكون بالقلب والجوارح‪ ،‬ألن العزم الصادق‬
‫يتبعه عمل وال بد؛ فإن العزم الجازم مع القدرة يستلزم وقوع المقدور ـ أي المراد‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومنها‪ :‬قصد القلب وعزمه إذا قصد الفعل وعزم‬
‫عليه مع قدرته على ما قصده هل يمكن أن ال يوجد شيء مما قصده وعزم عليه؟ فيه قوالن‬
‫أصحهما‪ :‬أنه إذا حصل القصد الجازم مع القدرة وجب وجود المقدور‪ ،‬وحيث لم يفعل‬
‫العبد مقدوره دل على أنه ليس هناك قصد جازم‪ ...‬وقيل‪ :‬بل قد يمكن حصول العزم التام‬
‫بدون أمر ظاهر‪ .‬وهذا نظير قول من قال ذلك في المعرفة والتصديق وهما من أقوال أتباع‬
‫جهم الذين نصروا قوله في اإليمان كالقاضي أبى بكر وأمثاله؛ فإنهم نصروا قوله وخالفوا‬
‫السلف و األئمة و عامة طوائف المسلمين))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬

‫(‪ )1‬رفع االشتباه (ص‪.)53 :‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه (‪.)48‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه (ص‪.)53 :‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)888/84‬‬
‫‪047‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫نص على‬ ‫نص ع لى أن القبول هو قبول الدين كله‪ .‬وممن َّ‬ ‫ومن أهل العلم من َّ‬
‫الرزاق عفيفي ـ رحمه الله ـ(‪)1‬؛ ولعله الحظ المعنى الشامل‬ ‫ذلك الشيخ العالمة عبد َّ‬
‫برضى تام ال‬
‫ً‬ ‫الكامل للقبول؛ فالقبول باعتبار الكمال هو‪ :‬أن يأخذ العبد بجميع الدين‬
‫حرج أو ضيق ؛ فالقبول مراتب ودرجات وأهله يت فاضلون فيه‪ ،‬وذلك على أصل‬ ‫يشوبه ٌ‬
‫أهل السنة‪ :‬أن أعمال القلوب والجوارح تتفاضل‪ ،‬وأن اإليمان يزيد وينقص تبعاً لذلك‪.‬‬
‫ومما يدل على تفاضل الناس في القبول‪ ،‬أن من مراتب تَقبل القضاء ـ الذي هو‬
‫الصبر‪ .‬فمن الناس من يتقبَّل القضاء‬
‫نظام التوحيد ـ مرتبة الرضى‪ ،‬وهي مرتبة أعلى من َّ‬
‫بالصبر مع ما يجد في نفسه من الكراهة للمقدور‪ ،‬ومنهم من يتقبَّل القضاء بالرضى‬
‫الراضي وإن اشتركا في أصل القبول إالَّ أن‬‫واالنشراح المستلزم لكمال القبول‪ .‬فالصابر و َّ‬
‫الراضي فوق مرتبة الصابر‪ ،‬وكالهما محمود‪.‬‬ ‫مرتبة َّ‬
‫وأيضاً على ما َّقررناه من أن القبول شامل ألعمال الجوارح؛ والناس متفاضلون‬
‫في هذه األعمال تفاضالً ال ينضبط بمقدار‪.‬‬
‫أن أهله يتفاضلون فيه بحسب‬ ‫وهذا مما يبين حقيقة اإليمان عند أهل السنة‪ ،‬و َّ‬
‫قبولهم لهذا الدين‪ ،‬وفي ذلك رد على أهل البدع الذين جعلوا اإليمان مرتبةً واحدة ال‬
‫يتفاضل أهلُه فيه‪ ،‬وفي ذلك إ خراج لهذه المقامات العظيمة من الدين‪ ،‬والتي منها‬
‫القبول واإلذعان لهذا الدين‪ ،‬وتمام الرضى به والتسليم‪ .‬أي‪ :‬أن تكون من اإليمان‪.‬‬
‫يتضمن‬
‫وجملة القول أن شرط القبول ‪ ،‬هو أقل ما يقع عليه اسم القبول‪ ،‬وذلك َّ‬
‫أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أصل القبول(‪ )2‬المنافي للرد‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أصل االنقياد المنافي للترك(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى ورسائل الشيخ عبد الرزاق عفيفي (‪.)834/8‬‬


‫(‪ )2‬تقدم أن أصل القبول يكون في القلب وهو عزمه على الفعل بعد رضاه به‪ ،‬ولكن هذا األصل ال يتم إال بعمل‬
‫الجوارح‪.‬‬
‫(‪ )3‬المراد بأصل االنقياد المنافي للترك فعل الواجبات الالزمة لصحة اإلسالم؛ كالصالة ألن تركها كفر كما سيأتي‬
‫تحقيقه في مطلب مستقل‪.‬‬
‫‪040‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫(‪)1‬‬
‫فبتحقيق هذين األصلين يتحقق شرط القبول المنافي للرد ‪ ،‬وما زاد عن ذلك‬
‫فهو شرط كمال يختلف حكمه بحسبه‪ ،‬فقد يكون واجباً‪ ،‬وقد يكون مندوباً‪ ،‬وذلك‬
‫بمالحظة أدلة الشرع‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إذا كان القبول شامالً لشرط االنقياد‪ ،‬فلماذا هذا الفصل بين شرطي‬
‫القبول واالنقياد‪ ،‬أال يكفي التنصيص على شرط القبول؟‬
‫يقال‪ :‬أن ذلك راجع إلى أن القبول له أصالن ‪ :‬أصل ظاهر‪ ،‬وهو االنقياد‪ ،‬وأصل‬
‫باطن‪ ،‬وهو الرضى والتسليم‪ .‬ولما كان القبول الباطن ال يكفي بمفرده احتيج إلى هذا‬
‫الفصل‪ ،‬لبيان أن قبول الظاهر ال بد منه؛ فكأنه أصل مستقل بنفسه‪.‬‬
‫أو أ ن ذلك من باب ذكر الخاص بعد العام‪ ،‬وذلك ألهمية الخاص وحتى ال‬
‫أن الله سبحانه وتعالى كثيراً ما يقرن‬ ‫يتوهم عدم دخوله في العام‪ .‬وألجل ذلك نجد َّ‬
‫العمل باإليمان‪ ،‬وإن كان العمل من اإليمان ليلفت االنتباه إلى هذه الفائدة‪.‬‬
‫وأيضاً كما َّقرر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ فإن العام ال يُتصور إال بعد معرفة أفراده‬
‫(‪.)2‬‬
‫وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة عند بيان الفرق بين القبول واالنقياد(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬المراد هنا القبول التام المستلزم لجميع أعمال الجوارح‪ ،‬أما القبول المنافي لترك عمل القلب من الحب والرضى‪،‬‬
‫فهذا شرط صحة في اإليمان‪.‬‬
‫(‪ )2‬بيان تلبيس الجهمية (‪.)478/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪ 383 :‬ـ ‪.)388‬‬
‫‪043‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األدلة على أن القبول من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫األدلة على أن القبول شرط من شروط صحة شهادة أن ال إله إال الله كثيرة‬
‫متضافرة‪ ،‬وهي من المنقول والمعقول‪ ،‬ودليل الفطرة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬األدلة النقلية على اشتراط القبول لصحة الشهادة‪:‬‬
‫األدلة النقلية على اشتراط قبول الشهادة لصحة اإليمان والتوحيد كثيرة‪ ،‬فمن هذه األدلة‬
‫قصى الله ‪ ‬علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قَبلَها وانتقامه ممن َّردها وأباها كما‬ ‫ما َّ‬
‫في قوله‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ [الزخرف‪ 85 :‬ـ ‪ ،]83‬وقوله‪ :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ‬ ‫ﭹﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ [يونس‪ ،]885:‬وقوله‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ [الروم‪.]47 :‬‬
‫عده لمن َّردها من العذاب كما‬ ‫وكذلك أخبرنا بما وعد به القابلين لها من الثواب‪ ،‬وما أ َّ‬
‫في قوله‪ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫ﰀ ﰀ إلى قوله‪ :‬ﮒ ﮓ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ [الصافات‪ 88 :‬ـ‪.]53‬‬
‫فجعل الله تعالى علَّة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول ال إله إالَّ الله وتكذيبها‪،‬‬
‫وتكذيبهم من جاء بها فلم ينفوا ما نفته ولم يثبتوا ما أثبتته‪ ،‬بل قالوا إنكاراً واستكباراً‪ :‬ﭵ ﭶ‬
‫ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ﭷ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ [ص‪ 3 :‬ـ ‪ ]7‬ويقولون‪ :‬ﮞﮟﮠﮡﮢﮣ [الصافات‪:‬‬
‫ورد ذلك عليهم وعن رسوله ‪ ‬فقال‪ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫‪ .]53‬فكذبهم الله ‪َّ ‬‬
‫[الصافات‪ ]57:‬إلى آخر اآليات(‪.)1‬‬
‫ثم قال ـ في شأن من قَبلَها ـ‪ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ [الصافات‪ 48 :‬ـ ‪ ]45‬إلى آخر اآليات‪.‬‬

‫(‪ )1‬فهذه اآليات وإن كانت هي في شأن الكفار األصليين إال أنها مما يصلح دليالً على القبول المنافي للرد في حق من‬
‫قالها ثم ردها‪ ،‬وذلك ألنها ليست وصفاً مختصاً بالكفار األصليين بل هي سبب ينسحب على كل من كفر بالرد‬
‫المنافي للقبول سواء لم يقبل الشهادة مطلقاً أو قبلها ثم ردها وجحدها‪.‬‬
‫‪038‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫وقال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ [النمل‪.]03 :‬‬


‫والمراد بالحسنة هنا شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬أي‪ :‬جاء قابالً لها قوالً وعمالً واعتقاداً(‪.)1‬‬
‫ومن أدلة القرآن أيضاً‪ :‬اآلية الفاذَّة الجامعة في وجوب تحكيم الرسول ‪ ‬في كل‬
‫أمر من األمور‪ ،‬وأن ينتفي مع ذلك الحرج والضيق حتى يتحقق اإليمان‪ .‬وهي قوله تعالى‪:‬‬
‫ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫[النساء‪.]33 :‬‬
‫عمن لم‬ ‫سم عظيم باسمه الرب أو بذاته المقدسة على نفي اإليمان َّ‬ ‫ففي هذه اآلية قَ ٌ‬
‫يحكم النبي ‪ ‬ويرضى بحكمه منشرح الصدر له‪ ،‬ويسلم له تسليماً مطلقاً قلبياً وعملياً‪ .‬ففيها‬
‫ثالثة شروط عظيمة لتحقيق اإليمان أقسم عليها وأقسم على نفي اإليمان عمن لم يتحقق بها‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تفسيرها‪:‬‬
‫((أقسم سبحانه بنفسه المقدسة‪ ،‬قسماً مؤكداً بالنفي قبله‪ ،‬على عدم إيمان الخلق‪،‬‬
‫حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم‪ ،‬من األصول والفروع‪ ،‬وأحكام الشرع‪ ،‬وأحكام‬
‫المعاد‪ ،‬وسائر الصفات وغيرها‪.‬‬
‫بمجرد هذا التحكيم‪ ،‬حتى ينتفي عنهم الحرج‪ ،‬وهو‪ :‬ضيق الصدر‪،‬‬ ‫ولم يُثبت لهم اإليمان َّ‬
‫وتنشرح صدورهم لحكمه كل االنشراح‪ ،‬وتنفسح له كل االنفساح‪ ،‬وتقبله كل القبول‪.‬‬
‫ولم يُثبت لهم اإليمان بذلك أيضاً‪ ،‬حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى‬
‫والتسليم‪ ،‬وعدم المنازعة‪ ،‬وانتفاء المعارضة واالعتراض))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫وأوضح ذلك في موضع آخر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫((وهو أنه مع التصديق الجازم(‪ )3‬يمتنع وقوع المعارضة والممانعة‪ ،‬وحيث وجد ذلك‬
‫فهو ملزوم النتفاء التصديق‪ ،‬ووجود الملزوم بدون الزمه محال))(‪.)4‬‬
‫رد شيئاً من أوامر الله تعالى أو‬ ‫وقال الجصاص‪(( :‬وفي هذه اآلية داللة على أن من َّ‬
‫رده من جهة الشك فيه‪ ،‬أو من جهة ترك‬ ‫أوامر رسوله ‪ ‬فهو خارج من اإلسالم‪ ،‬سواء َّ‬

‫(‪ )1‬معارج القبول (‪ 488/8‬ـ‪ )488‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪ )2‬التبيان في أقسام القرآن (‪ 580/8‬ـ ‪ .)583‬وانظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪ ،)435/8‬وأضواء البيان (‪ 843/8‬ـ ‪.)843‬‬
‫(‪ )3‬التصديق الجازم داخل في معنى القبول كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )4‬الصواعق المرسلة (‪.)8353/4‬‬
‫‪038‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫القبول‪ ،‬واالمتناع من التسليم‪ .‬وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم‬
‫بارتداد من امتنع من أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهم‪ ،‬ألن الله تعالى حكم بأن من لم يسلم‬
‫للنبي ‪ ‬قضاءه وحكمه‪ ،‬فليس من أهل اإليمان))(‪.)1‬‬
‫وقال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه اآلية‪(( :‬فالتحكيم في مقام‬
‫اإلسالم‪ ،‬وانتفاء الحرج في مقام اإليمان‪ ،‬والتسليم في مقام اإلحسان؛ فمن استكمل هذه‬
‫المراتب وكملها فقد استكمل مراتب الدين كلها‪ .‬ومن ترك هذا التحكيم المذكور غير‬
‫ملتزم له فهو كافر‪ ،‬ومن تركه ـ مع التزامه(‪ )2‬ـ فله حكم أمثاله من العاصين))(‪.)3‬‬
‫والمراد بالتسليم في اآلية ترك المعارضة والممانعة للحكم الديني الشرعي والحكم‬
‫القدري الكوني‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما االستسالم للحكم فيجوز أن يريد به الحكم‬
‫الديني الشرعي‪ ،‬فيكون معناه عدم معارضته برأي أو شهوة‪ ،‬ويجوز أن يريد به االستسالم‬
‫للحكم القدري‪ ،‬وهو عدم تلقيه بالتسخط والكراهة واالعتراض))(‪ )4‬انتهى‪.‬‬
‫وهذه اآلية سيأتي أنها من أدلة شرط االنقياد أيضاً‪ ،‬وذلك لشمول القبول لالنقياد‬
‫كما سيأتي في تحقيق الفرق بين االنقياد والقبول(‪.)5‬‬
‫ومن أدلة القرآن أيضاً الدالة على اشتراط القبول لصحة الشهادة قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭛﭜ أي‪ :‬ال أحد أظلم لنفسه‪ .‬ﭝﭞﭟﭠ أي‪ :‬بحججه وعالماته الدالة على توحيده‬
‫وإفراده بالعبادة‪ .‬ﭡﭢ ﭣﭤ بترك القبول ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ لتكذيبهم وإعراضهم(‪.)6‬‬
‫ووجه االستشهاد ظاهر بها‪ ،‬وهو أنه رتب انتقامه منهم على إعراضهم بترك القبول‪،‬‬
‫فدلت بمفهومها على اشتراط القبول للنجاة من العذاب‪.‬‬

‫(‪ )1‬أحكام القرآن للجصاص (‪.)808/5‬‬


‫(‪ )2‬أي قبوله له‪.‬‬
‫(‪ )3‬تيسير الكريم المنان (ص‪.)803 :‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكين (‪.)288/1‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪( :‬ص‪ 383 :‬ـ ‪.)383‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تفسير القرطبي (‪.)880/7‬‬
‫‪038‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫فالحاصل أن هذه اآليات دالة على شرط القبول لصحة الشهادة‪ ،‬إما داللة مطابقة‬
‫أو داللة التزام‪ ،‬ألن منها ما يفيد نفع اإليمان بحصول القبول‪ ،‬ومنها ما يفيد انتفاء اإليمان‬
‫بحصول الرد المستلزم لنفي القبول‪.‬‬
‫وأما أدلة السنة على اشتراط القبول لصحة الشهادة فهي كثيرة ال تحصى‪:‬‬
‫منها ما جاء في الصحيح عن أبي موسى ‪ ‬عن النبي ‪ ‬أنه قال‪« :‬مثل ما بعثني‬
‫الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً‪ ،‬فكانت منها نقيَّة(‪ )1‬قبلت الماء‪،‬‬
‫فأنبتت الكأل والعشب الكثير‪ ،‬وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس‬
‫فشربوا وسقوا وزرعوا‪ ،‬وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان ال تمسك ماءً وال تنبت‬
‫وعلَّم‪َ ،‬‬
‫ومثَ ُل من لم يرفع‬ ‫كألً‪ ،‬فذلك َمثَ ُل من فقه في دين الله‪ ،‬ونفعه ما بعثني الله به فَـ َعلم َ‬
‫بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»(‪.)3()2‬‬
‫الهدى باألرض‬ ‫ووجه االستشهاد ظاهر به‪ ،‬وهو أنه ‪ ‬مثَّل لقبول ما جاء به من ُ‬
‫الطيبة التي تقبل الماء ف تنبت الكأل والعشب الكثير‪ ،‬وأن من لم يقبل هداه باألرض‬
‫القيعان التي ال تُمس ك الماء‪ ،‬وجعل هذا الصنف األخير ممن لم يقبل هدى الله ولم‬
‫وه َدى الله الذي جاء‬ ‫يرفع به رأساً‪ ،‬فعري عن العلم والعمل‪ ،‬ولذا كان بأحط المنازل؛ ُ‬
‫به محمد ‪ ‬هو معنى الشهادتين ومقتضاهما(‪.)4‬‬
‫قال اإلمام النووي ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫(( أما معاني الحديث ومقصوده فهو تمثيل الهدى الذي جاء به ‪ ‬بالغيث‬
‫ومعناه أن األرض ثالثة أنواع‪ ،‬وكذلك الناس‪:‬‬
‫فالنوع األول‪ :‬من األرض ينتفع بالمطر‪ ،‬فيحيى بعد أن كان ميتاً‪ ،‬وينبت الكأل‪،‬‬
‫فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها‪.‬‬
‫وكذا النوع األول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه‪ ،‬فيحيا قلبه ويعمل به‪،‬‬
‫ويعلمه غيره فينتفع وينفع‪.‬‬

‫(‪ )1‬في صحيح مسلم (طيبة) بدل (نقية) والمعنى واحد‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم (جـ‪.)40/83‬‬
‫(‪ )2‬مضى تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬أعالم السنة المنشورة للحكمي (ص‪.)53 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬كالم ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حكمه على هذه الطبقة في الوابل الصيب (ص‪ 858 :‬ـ ‪.)858‬‬
‫‪035‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫والنوع الثاني‪ :‬من األرض ماال تقبل االنتفاع في نفسها‪ ،‬لكن فيها فائدة‪ ،‬وهي‬
‫إ مساك الماء لغيرها فينتفع بها الناس والدواب‪.‬‬
‫وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة‪ ،‬وال‬
‫رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني واألحكام‪ ،‬وليس عندهم اجتهاد في الطاعة‬
‫والعمل به فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم أهل‬
‫للنفع واالنتفاع فيأخذه منهم فينتفع به‪ ،‬فهؤالء نفعوا بما بلغهم‪.‬‬
‫والنوع الثالث‪ :‬من األرض السباخ التي ال تنبت ونحوها‪ ،‬فهي ال تنتفع بالماء‬
‫وال تمسكه لينتفع بها غيرها‪.‬‬
‫وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة وال أفهام واعية‪ ،‬فإذا‬
‫سمعوا العلم ال ينتفعون به وال يحفظونه لنفع غيرهم‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث أنواع من العلم منها ضرب األمثال‪ ،‬ومنها فضل العلم والتعليم‪،‬‬
‫وشدة الحث عليهما‪ ،‬وذم اإلعراض عن العلم والله أعلم))(‪.)1‬‬
‫أصرح من هذا الحديث في اشتراط القبول لصحة الشهادة قوله ‪ ‬ـ فيما‬ ‫قلت‪ :‬و َّ‬
‫يرويه عنه خليفته أبو بكر الصديق ‪ ‬ـ‪« :‬من قَب َل مني الكلمة التي عرضتها على عمي‬
‫علي‪ ،‬فهي له نجاة»(‪.)2‬‬
‫فردها َّ‬
‫َّ‬
‫فدل على‬ ‫ووجه االستشهاد ظاهر به أيضاً‪ ،‬وهو‪ :‬أنه ‪ ‬علَّق النجاة بقبول هذه الكلمة‪َّ ،‬‬
‫أن ال إله إال الله ال تنفع قائلها إال مع القبول لما دلَّت عليه من التوحيد واإلخالص‪ .‬وذلك وجه‬‫َّ‬
‫الشرطية‪.‬‬
‫ومن أدلة السنة أيضاً في اشتراط القبول لصحة الشهادة‪ :‬ما جاء في حديث‬
‫جابر ‪ ‬أنه قال‪« :‬جاءت مالئكة إلى النبي ‪ ‬وهو نائم‪...‬إلى أن قال‪ :‬فقالوا‪َ :‬مثَـلُه‬
‫كمثل رجل بنى داراً وجعل فيها مأدبة‪ ،‬وبعث داعياً‪ ،‬فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل‬
‫من المأدبة‪ .‬ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة‪ .‬فقالوا‪ :‬أولُوها له‬
‫يفقهها‪ .‬فقال بعضهم‪ :‬إنه نائم‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬إن العين نائمة والقلب يقظان‪ .‬فقالوا‪ :‬فالدار‬

‫(‪ )1‬شرح صحيح مسلم (جـ‪ 47/83‬ـ ‪.)40‬‬


‫(‪ )2‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪034‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫الجنة‪ ،‬والداعي محمد ‪ ،‬فمن أطاع محمداً ‪ ‬فقد أطاع الله‪ ،‬ومن عصى محمداً ‪‬‬
‫فقد عصى الله‪ ،‬ومحمد ‪َّ ‬فرق بين الناس»(‪.)1‬‬
‫وجه االستشهاد به أن دخول الجنة منوط بإجابة دعوة الداعي‪ ،‬وهو النبي ‪،‬‬
‫وذلك ال يكون إال باتباعه ‪ ‬كما يدل عليه آخر الحديث «فمن أطاع محمداً ‪ ‬فقد‬
‫أطاع الله»‪.‬‬
‫ومن األدلة أيضاً على اشتراط القبول لصحة الشهادة‪ :‬قوله ‪« :‬ذاق طعم اإليمان‬
‫من رضي بالله رباً وباإلسالم ديناً وبمحمد ‪ ‬رسوالً»(‪.)2‬‬
‫قال المناوي في شرحه‪:‬‬
‫((«ذاق طعم اإليمان من رضي بالله رباً» أي‪ :‬قنع بالله رباً واكتفى به ولم يطلب‬
‫غيره‪« .‬وباإلسالم ديناً» بأن لم يَ ْس َع في غير طريقه‪ .‬قال الطيبي‪ :‬وال يخلو‪ :‬إما أن يراد‬
‫باإلسالم االنقياد كما في حديث جبريل‪ ،‬أو مجموع ما يعبَّر بالدين عنه كما في خبر‪« :‬بُني‬
‫اإلسالم على خمس»‪ .‬ويؤيد الثاني اقترانه بالدين‪ ،‬ألن الدين جامع باالتفاق‪ .‬وعلى‬
‫التقديرين‪ :‬هو عطف على قوله‪« :‬بالله رباً» عطف عام على خاص‪ ،‬وكذا قوله‪« :‬وبمحمد‬
‫‪ ‬رسوالً» بأن لم يسلك إال ما يوافق شرعه‪ .‬ومن كان هذا نعته فقد وصلت حالوة اإليمان‬
‫طعمه‪ .‬شبَّه األمر الحاصل الوجداني من الرضا باألمور المذكورة بمطعوم يستلذ‬ ‫إلى قلبه وذاق َ‬
‫به‪ ،‬ثم ذكر المشبَّه به وأراد المشبَّه‪ ،‬ورشح بقوله‪« :‬ذاق»))(‪.)3‬‬
‫وقال القاضي عياض‪:‬‬
‫((معنى الحديث‪ :‬صح إيمانه واطمأنت به نفسه وخامر باطنه‪ ،‬ألن رضاه بالمذكورات‬
‫سهل عليه‪ ،‬فكذا‬
‫دليل لثبوت معرفته ونفاذ بصيرته ومخالطة بشاشته قَـْلبَه‪ ،‬ألن من رضي أمراً ُ‬
‫المؤمن إذا دخل قلبه اإليمان سهلت عليه الطاعة‪ ،‬و َّلذ له اإليمان))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫تضمن لوازم القبول ومقتضياته الثالثة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫فالحاصل أن هذا الحديث قد َّ‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب االقتداء بسنن النبي ‪( ‬جـ‪ 877/0‬ـ ‪ )870‬ح‬
‫(‪.)7808‬‬
‫(‪ )2‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬فيض القدير (‪ 337/5‬ـ ‪.)330‬‬
‫(‪ )4‬الديباج على مسلم (‪.)38/8‬‬
‫‪033‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫أوالً‪ :‬الرضى بالله ـ تعالى ـ ربَّاً ومعبوداً‪.‬‬


‫ثانياً‪ :‬الرضى بمحمد ‪ ‬نبياً ورسوالً‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الرضى باإلسالم ديناً‪.‬‬
‫فهذه الثالث تُمثل مقامات الدين وأركان القبول‪ ،‬فال يصح القبول إال بها‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيانه لها‪:‬‬
‫((واحتج من جعله من جملة المقامات ـ يعني الرضي المطابق لمعنى القبول ـ بأن‬
‫فدل ذلك على أنه مقدور لهم‪ .‬وقال النبي ‪:‬‬ ‫الله مدح أهلَه وأثنى عليهم وندبهم إليه َّ‬
‫«ذاق طعم اإليمان من رضي بالله رباً وباإلسالم ديناً وبمحمد ‪ ‬رسوالً»‪ .‬وقال‪« :‬من قال‬
‫رضيت بالله رباً‪ ،‬وباإلسالم ديناً‪ ،‬وبمحمد رسوالً غفرت له ذنوبه»(‪.)1‬‬ ‫ُ‬ ‫حين يسمع النداء‪:‬‬
‫تضمنا الرضى بربوبيته‬‫وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين وإليهما ينتهي‪ .‬وقد َّ‬
‫سبحانه وألوهيته‪ ،‬والرضى برسوله واالنقياد له‪ ،‬والرضى بدينه والتسليم له‪ .‬ومن اجتمعت له‬
‫هذه األربعة فهو الصديق حقاً‪ ،‬وهي سهلة بالدعوى واللسان‪ ،‬وهي من أصعب األمور عند‬
‫الحقيقة واالمتحان‪ ،‬وال سيما إذا جاء ما يخالف هوى النفس ومرادها من ذلك تبين أن‬
‫الرضى كان لسانه به ناطقاً فهو على لسانه ال على حاله‪.‬‬
‫يتضمن الرضى بمحبته وحده وخوفه ورجائه واإلنابة إليه والتبتل‬ ‫فالرضى بإلهيته‪َّ :‬‬
‫إليه وانجذاب قوى اإلرادة والحب كلها إليه‪ ،‬فعل الراضي بمحبوبه كل الرضى‪ ،‬وذلك‬
‫يتضمن عبادته واإلخالص له‪.‬‬
‫والرضى بربوبيته‪ :‬يتضمن الرضى بتدبيره لعبده‪ ،‬ويتضمن إفراده بالتوكل عليه‪،‬‬
‫واالستعانة به‪ ،‬والثقة به‪ ،‬واالعتماد عليه‪ ،‬وأن يكون راضياً بكل ما يفعل به‪ .‬فاألول‪:‬‬
‫يتضمن رضاه بما يؤمر به‪ ،‬والثاني‪ :‬يتضمن رضاه بما يقدر عليه‪.‬‬
‫وأما الرضى بنبيه رسوالً‪ :‬فيتضمن كمال االنقياد له والتسليم المطلق إليه‪ ،‬بحيث‬
‫يكون أولى به من نفسه‪ ،‬فال يتلقى الهدى إال من مواقع كلماته‪ ،‬وال يُحاكم إال إليه‪ ،‬وال‬
‫يحكم عليه غيره‪ ،‬وال يرضى بحكم غيره ألبتة‪ ،‬ال في شىء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله‪،‬‬
‫وال في شيء من أذواق حقائق اإليمان ومقاماته‪ ،‬وال في شيء من أحكام ظاهره وباطنه‪ ،‬ال‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في كتاب الصالة (‪.)838/8‬‬


‫‪033‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫يرضى في ذلك بحكم غيره‪ ،‬وال يرضى إال بحكمه‪ ،‬فإن عجز عنه كان تحكيمه غيره من‬
‫باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يقيته إال من الميتة والدم‪ ،‬وأحسن أحواله‪ :‬أن يكون من‬
‫باب التراب الذي إنما يتيمم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور‪.‬‬
‫وأما الرضى بدينه‪ :‬فإذا قال‪ ،‬أو حكم‪ ،‬أو أمر‪ ،‬أو نهى رضي كل الرضى‪ ،‬ولم يبق‬
‫في قلبه حرج من حكمه‪ ،‬وسلَّم له تسليماً ـ ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها‪ ،‬أو قول‬
‫مقلَّده وشيخه وطائفته ـ وههنا يوحشك الناس كلهم إال الغرباء في العالم‪ ،‬فإياك أن‬
‫العزة والصحبة مع الله ورسوله ‪ ‬وروح‬ ‫تستوحش من االغتراب والتفرد‪ ،‬فإنه ـ والله ـ عين َّ‬
‫األنس به‪ ،‬والرضى به رباً‪ ،‬وبمحمد ‪ ‬رسوالً وباإلسالم ديناً))(‪.)1‬‬
‫وأما وجه االستشهاد فظاهر به على اشتراط القبول‪ ،‬وهو أن الحديث قد َّ‬
‫دل‬
‫يرض بهذه األمور لم يذق طعم اإليمان‪ ،‬والمراد باإليمان هنا‬ ‫أن من لم َ‬ ‫بمفهومه على َّ‬
‫يرض بشيء من هذه األمور كفر ال محالة‪ ،‬ألن الرضى بها من لوازم‬ ‫أصله‪ ،‬ألن من لم َ‬
‫اإليمان‪ ،‬والرضى مما يدخل في معنى القبول‪ ،‬فدل على اشتراط القبول لصحة اإليمان‪.‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فإن هذه األمور الثالثة هي التي يُسأل عنها العبد في قبره كما في حديث‬
‫البراء بن عازب ‪‬؛ وفيه‪ :‬أن الكافر أو المنافق يقول‪ :‬ها ها ال أدري سمعت الناس يقول‬
‫شيئاً فقلته(‪ .)2‬فالحاصل أن من حقق هذه الثالث اجتاز الفتنة‪ ،‬وكان من أهل الجنة قطعاً‪،‬‬
‫ومن لم يحققها في الدنيا لم يجتز الفتنة‪ ،‬وكان من أهل النار قطعاً‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬األدلة العقلية على اشتراط القبول لصحة الشهادة‪:‬‬
‫دل العقل على اشتراط القبول‪ ،‬وذلك من وجهين‪:‬‬ ‫َّ‬
‫األول‪ :‬أن المظهرين العمل بالدين هم أحد ثالثة‪ :‬إما مؤمناً موحداً‪ ،‬وإما منافقاً‬
‫خائفاً‪ ،‬وإما كافراً ُم ْكَرهاً‪ .‬والذي يميز بين هؤالء هو القبول التام(‪ ،)3‬فالمؤمن قابل لهذه‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكين (‪ 878/8‬ـ ‪ .)875‬وانظر‪ :‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)33 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب‪ :‬االقتداء بسنن رسول الله ‪ ،‬وقول الله تعالى‪ :‬ﮭ‬
‫(جـ‪ 873/0‬ـ ‪ )808‬ح (‪.)7807‬‬ ‫ﮯ ﮰ‬ ‫ﮮ‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬القبول ظاهراً وباطناً كما تقدم في بيان حد القبول‪.‬‬
‫‪037‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫كره بحق(‪ ،)1‬فصح أنه‬‫الم َ‬


‫الكلمة ظاهراً وباطناً‪ ،‬والمنافق قابل لها ظاهراً راد لها باطناً‪ ،‬وكذا ُ‬
‫محتاج للقبول للفارق بين المؤمن وغير المؤمن‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن من أنواع الكفر كفر الجحود المستلزم لعدم القبول‪ ،‬فصح أنه محتاج‬
‫لهذا الشرط لنفي هذا الكفر ـ إن وجد ـ‪.‬‬
‫أو بعبارة أخرى‪ :‬أن الكفر لما كان يحصل بالجحود والرد ‪ ،‬وذلك ال ينتفي إال‬
‫بالقبول؛ فصح أنه محتاج إليه لنفي الكفر بالجحود والرد ـ إن وجد ـ؛ فوجب أن ال‬
‫يثبت اإليمان إال مع القبول‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬دليل الفطرة‪:‬‬
‫دلت الفطرة(‪ )2‬على اشتراط القبول لصحة الشهادة‪ .‬ووجه ذلك‪ :‬أن قبول الحق هو‬
‫مالزم للخ ْل َقة ال ينفك عنها إال لطارئ من‬
‫فطرة الله التي فطر الناس عليها‪ ،‬وهذا القبول ٌ‬
‫خارجها‪ .‬وهكذا الشرط فإنه يكون مالزماً للمشروط‪ ،‬إذ لو انفك عنه انتفى المشروط‪ .‬وكذا‬
‫القبول‪ ،‬فإذا انتفى عن النفس انتفى عنها موجبُه الذي هو اإليمان واإلسالم‪.‬‬
‫وهذا ما يُعرف بدليل الفطرة‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تقريره لهذا الدليل‪(( :‬وهذا القبول الزم لخلقتهم‪ ،‬وبه‬
‫أقروا بصانعهم وفاطرهم))(‪.)3‬‬
‫وقال أيضاً في مقام مشابه‪(( :‬فنفس الفطرة تستلزم اإلقرار بخالقه ومحبته‬
‫وإخالص الدين له‪ .‬وموجبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئاً بعد شيء بحسب كمال‬
‫الفطرة إذا سلمت من المعارض))(‪ .)4‬انتهى‪.‬‬
‫أن األدلة بمجموعها النقلي والعقلي‬ ‫وبهذا يتبيَّن أهمية شرط القبول ولزوميته‪ ،‬و َّ‬
‫والفطري قد دلت على اشتراطه‪.‬‬

‫(‪ )1‬تقدم أنه المرتد‪ ،‬فإنه يكره بحق على اإلسالم‪.‬‬


‫(‪ )2‬تقدم أن معنى الفطرة هو اإلسالم‪ ،‬وذلك إنما يكون بالسالمة من االعتقادات الباطلة‪ ،‬والقبول للعقائد‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫(‪ )3‬شفاء العليل (‪.)458‬‬
‫(‪ )4‬نفس المصدر (‪.)470‬‬
‫‪030‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬
‫‪033‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫تضمنت أقوال أهل العلم وتقريراتهم لمعنى الشهادة ما تضمنته النصوص من الكتاب‬
‫والسنة من اشتراط القبول لتحقيق مقتضاها الذي هو شرط نفعها في الدار اآلخرة‪.‬‬
‫ومن أقوالهم في ذلك‪:‬‬
‫قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫« اإليمان عندنا داخله وخارجه اإلقرار باللسان والقبول بالقلب والعمل»(‪.)1‬‬
‫فجعل ـ رحمه الله ـ القبول من حقائق اإليمان‪ ،‬وما اإليمان إال الشهادتان‬
‫ومقتضاهما‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ‪ (( :‬فأما ما فرض الله على القلب من اإليمان‬
‫فاإلقرار والمعرفة والعقد‪ ،‬والرضا والتسليم بأن الله ال إله إال هو وحده ال شريك له لم‬
‫يتخذ صاحبة وال ولداً‪ ،‬وأن محمداً ‪ ‬عبده ورسوله‪ ،‬واإلقرار بما جاء من عند الله من‬
‫نبي أو كتاب‪ ،‬فذلك ما فرض الله على القلب وهو عمله))(‪.)2‬‬
‫فجعل ـ رحمه الله ـ الرضا والتسليم المتضم ن للقبول من عمل القلب‪ ،‬وعمل‬
‫القلب شرط لصحة اإليمان باتفاق أهل العلم‪.‬‬
‫وقال اإلمام البربهاري ـ رحمه الله ـ‪« :‬وكذلك ال يقبل الله شيئاً من السنة في ترك‬
‫رد السنة كلها‪ ،‬فعليك بالقبول»(‪.)3‬‬ ‫بعض ‪ ،‬ومن خالف ورَّد من السنة شيئاً‪ ،‬فقد َّ‬
‫رد شيئاً من السنة لتأويل أو‬‫وهذا اإلطالق منه ـ رحمه الله ـ فيه تفصيل؛ فإن كان َّ‬
‫رد شيئاً مجمعاً عليه من السنة‬ ‫رد شيئاً شك في ثبوته‪ ،‬فهذا ال يكفر‪ ،‬وإنما يكفر من َّ‬ ‫َّ‬
‫بغير تأويل(‪.)4‬‬
‫وأما الشاهد من كالمه ـ رحمه الله ـ على اشتراط القبول فهو ما يُحمل منه على الرد‬
‫المنافي للقبول في أمر مجمع عليه من السنة من غير تأويل‪ ،‬فمن َّرد شيئاً مجمعاً عليه من السنة‬

‫(‪ )1‬أخرجه عبد الله في السنة عن اإلمام أحمد (‪ 583/8‬ـ ‪ ،)583‬والاللكائي في شرح اعتقاد أهل السنة‬
‫(‪.)338/3‬‬
‫(‪ )2‬أورده البيهقي في مناقب الشافعي (‪.)507/8‬‬
‫(‪ )3‬شرح السنة للبربهاري المطبوع ضمن شرحه إرشاد الساري (ص‪.)838 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬إرشاد الساري في شرح السنة للبربهاري للنجمي (ص‪ ،)838 :‬وشرح نواقض اإلسالم للفوزان (ص‪.)884 :‬‬
‫‪038‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫بغير تأويل فقد رد السنة كلها‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬ﭸﭹ ﭺﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬


‫ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ [البقرة‪.]03 :‬‬
‫رد شيئاً مما جاء به الرسول بعد معرفته‬ ‫وقد ذكر العلماء في باب الردة‪ :‬أن من َّ‬
‫أنه كافر(‪.)1‬‬
‫وعقد أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي(‪ )2‬باباً في كون قبول السنة والتسليم‬
‫لها شرطاً في صحة اإليمان‪.‬‬
‫ثم دلل عليه بحديث أم سلمة رضي الله عنها أن الزبير بن العوام خاصم رجالً إلى النبي‬
‫‪ ‬فقضى للنبي ‪ ‬للزبير‪ .‬فقال الرجل‪ :‬إنما قضى له ألنه ابن عمته فأنزل الله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫[النساء‪ .)3())]33 :‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقال ابن القيم في تفسيره لهذه اآلية‪:‬‬
‫((أقسم سبحانه بنفسه المقدسة‪ ،‬قسماً مؤكداً بالنفي قبله‪ ،‬على عدم إيمان الخلق‬
‫حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم‪ ،‬من األصول والفروع‪ ،‬وأحكام الشرع‪ ،‬وأحكام‬
‫المعاد‪ ،‬وسائر الصفات وغيرها‪.‬‬
‫بمجرد هذا التحكيم‪ ،‬حتى ينتفي عنهم الحرج‪ ،‬وهو‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ولم يُثب ت لهم اإليمان‬
‫ضيق الصدر‪ ،‬وتنشرح صدورهم لحكمه كل االنشراح‪ ،‬وتنفسح له كل االنفساح‪،‬‬
‫وتقبله كل القبول‪.‬‬

‫(‪ )1‬مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العقيدة (ص‪ .)83 :‬وانظر‪ :‬اإلبانة الصغرى البن بطة (ص‪،888 :‬‬
‫‪.)888‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود النابلسي المقدسي الفقيه الشافعي صاحب التصانيف واألمالي‪،‬‬
‫ارتحل إلى دمشق قبل الثالثين فسمع الحديث من أبي الحسن بن السمسار صاحب الفقيه أبي زيد المروزي‪،‬‬
‫وعبد الرحمن بن الطبيز‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬وتفقه على الدارمي‪ .‬من تصانيفه‪(( :‬الحجة على تارك المحجة))‪[ .‬سير أعالم‬
‫النبالء (‪ 853/83‬ـ ‪.])850‬‬
‫(‪ )3‬مختصر الحجة على تارك المحجة (‪ .)58/8‬والحديث أخرجه البخاري في صحيحه (جـ‪ :)883/5‬كتاب‬
‫المساقاة‪ ،‬باب سكر األنهار ح (‪ ،)8533‬ومسلم في كتاب الفضائل (‪.)8083/4‬‬
‫‪038‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ولم يُثبت لهم اإليمان بذلك أيضاً‪ ،‬حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى‬
‫والتسليم‪ ،‬وعدم المنازعة‪ ،‬وانتفاء المعارضة واالعتراض))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫ثم أبان عن ذلك في موضع آخر فقال‪:‬‬
‫((وهو أنه مع التصديق الجازم(‪ )2‬يمتنع وقوع المعارضة والممانعة‪ ،‬وحيث وجد ذلك‬
‫فهو ملزوم النتفاء التصديق‪ ،‬ووجود الملزوم بدون الزمه محال))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫للرد والممانعة‪ ،‬ومتى‬
‫أن اإليمان ال يثبت إال مع القبول المنافي َّ‬ ‫فبيَّن ـ رحمه الله ـ َّ‬
‫ُوجدا أي‪ :‬الرد والممانعة انتفى اإليمان‪ ،‬مما يدل على أنه يرى القبول شرطاً لصحة اإليمان‬
‫وتحقيق اإلسالم‪.‬‬
‫وذكر أبو السعود في تفسيره(‪ )4‬أن فرعون ـ عليه لعنة الله ـ حرص على القبول‬
‫المفضي إلى النجاة‪ ،‬ولذا قال ـ كما حكى الله عنه ـ‪ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫[يونس‪]38 :‬؛ فكرر المعنى الواحد بثالث عبارات‪ .‬ولكن‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫هيهات هيهات بعد ما فات ما فات وأتى ما هو آت وقوله ‪ :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ [يونس‪.]38 :‬‬
‫والشاهد من كالمه ـ رحمه الله ـ ظاهر على اشتراطه القبول لصحة الشهادة‪ ،‬وهو أنه‬
‫جعل القبول هو المفضي للنجاة‪ ،‬فلو حصل ذلك من فرعون قبل معاينته العذاب لنفعه عند‬
‫الله تعالى؛ وذلك مما يبين أن القبول شرط لالنتفاع بقول ال إله إال الله إذا صدر في وقته‪.‬‬
‫قال ابن برجان(‪ )5‬في تفسيره(‪:)6‬‬
‫((لو كانت شهادته تلك في وقتها على حقيقة المحبة وحسن النية وصحيح التوبة‬
‫من قرار نفسه ألنجاه هو وأتباعه من عذابه‪ .‬ولما كانت في غير وقتها‪ ،‬وعلى عالتها نجاه‬

‫(‪ )1‬التبيان في أقسام القرآن (‪ 580/8‬ـ ‪.)583‬‬


‫(‪ )2‬التصديق الجازم داخل في معنى القبول كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )3‬الصواعق المرسلة (‪.)8353/4‬‬
‫(‪( )4‬جـ‪.)875/4‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬أبو الحكم عبد السالم بن عبد الرحمن المعروف بابن برجان اللَّخمي اإلشبيلي‪ ،‬المتوفى سنة سبع وعشرين‬
‫وستمائة‪ .‬انظر‪ :‬كشف الظنون (‪.)33/8‬‬
‫المسمى «اإلرشاد في تفسير القرآن» وهو تفسير كبير في مجلدات‪ .‬انظر‪ :‬كشف الظنون‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )6‬هو‪ :‬تفسيره‬
‫(‪.)33/8‬‬
‫‪038‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ببدنه فقط ليجعله لمن خلفه آية‪ ،‬على أن الشهادة بهذه الكلمة المباركة عنده في غاية‬
‫القبول‪.‬‬
‫نجاه الله تعالى بها ميتاً‪ ،‬ولو كانت حية لنجاه‬
‫فانظر إليها لما كانت شهادته ميتة َّ‬
‫بها حياً))‪ .‬انتهى(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬ومن أهل العلم من ذكر هذا الشرط تنصيصاً‪ .‬ومن هؤالء‪ :‬الشيخ عبد الرحمن‬
‫ابن حسن آل الشيخ(‪ ،)2‬والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ(‪ ،)3‬والشيخ‬
‫سليمان بن سحمان(‪ ،)4‬والشيخ حافظ حكمي(‪ ،)5‬والعالمة ابن باز ـ رحمه الله ـ(‪،)6‬‬
‫والشيخ ابن جبرين(‪ ،)7‬والشيخ صالح الفوزان(‪.)8‬‬
‫ف هذا قيض من فيض من أقوال أهل العلم في تقرير شرط القبول لصحة شهادة أن‬
‫ال إله إال الله‪ ،‬ويصعب االستقصاء لكالمهم في مثل ذلك‪ ،‬والمراد فقط التقرير ال‬
‫اإلحاطة والتكرير‪.‬‬
‫واشتهار ا شتراط القبول بين أهل العلم وطالبه شاهد على ما ذكرنا‪.‬‬

‫(‪ )1‬نقالً عن نعمة الذريعة في نصرة الشريعة (ص‪.)883 :‬‬


‫(‪ )2‬كما في فتح المجيد (ص‪)884 :‬‬
‫(‪ )3‬كما في الدرر السنية (‪ 833/5‬ـ ‪.)837‬‬
‫(‪ )4‬كما في الدرر السنية (‪.)308/8‬‬
‫(‪ )5‬كما في معارج القبول (‪.)488 ،480/8‬‬
‫(‪ )6‬كما في مجموع فتاويه (‪ 43/5‬ـ ‪.)38‬‬
‫(‪ )7‬كما في الشهادتان وما يلزمهما (ص‪.)880 :‬‬
‫(‪ )8‬كما في معنى ال إله إال الله ومقتضاها (ص‪ ،)83 :‬وعقيدة التوحيد (ص‪.)33 ،35 :‬‬
‫‪035‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫المبحث الرابع‪ :‬ما ينافي شرط القبول‪.‬‬


‫وتحته أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬رد ما دلت عليه ال إله إال الله من إخالص التوحيد لله تعالى‪.‬‬
‫مما ينافي شرط القبول ويزايله بالكلية أ ْن يـَ ُرَّد ما دلَّت عليه شهادة أن ال إله إال‬
‫رد شهادة أن‬ ‫رد شيئاً من أفراد التوحيد فقد َّ‬ ‫الله من إخالص التوحيد لله المجيد؛ فمن َّ‬
‫ال إله إال الله‪ ،‬ولم يقبل ما دلَّت عليه‪.‬‬
‫وهذا الرد قد يكون َج ْحداً واستكباراً بعد فهم المعنى‪ ،‬وهذا ما يعرف بكفر‬
‫الجحود وسيأتي الكالم عليه في المطلب الثاني‪.‬‬
‫وقد يكون إعراضاً‪ ،‬وهو ما يعرف بكفر اإلعراض‪ .‬وحقيقته‪ :‬التولي عن الشيء‪،‬‬
‫والصدود عنه‪ ،‬وعدم المباالة به؛ فال يسمع الحجة‪ ،‬وال يبحث عنها‪ ،‬وال يفكر فيها(‪)1‬؛‬
‫سمى ُمعرضاً إال بعد علمه بما أعرض عنه(‪.)2‬‬ ‫وشرطه العلم‪ ،‬فال يُ َّ‬
‫ويشمل ذلك‪:‬‬
‫((أن يُعرض بسمعه وقلبه عن الرسول‪ ،‬ال يصدقه وال يكذبه‪ ،‬وال يواليه وال يعاديه‪ ،‬وال‬
‫يصغي إلى ما جاء به البتة ـ بل هو معرض عن متابعته ومعاداته ـ كما قال أحد بني عبد‬
‫ياليل للنبي ‪« :‬والله أقول لك كلمة‪ :‬إن كنت صادقاً فأنت أجل في عيني من أن أرد‬
‫عليك‪ ،‬وإن كنت كاذباً فأنت أحقر من أن أكلمك»))(‪.)3‬‬
‫ويشمل أيضاً‪ :‬ترك االنقياد لما دلت عليه ال إله إال الله بعد استماعه لها ومعرفتها‪،‬‬
‫وهذا كحال الكفار الذين دعاهم األنبياء وغيرهم من الدعاة إلى التوحيد‪ ،‬أو عرفوا ذلك‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تهذيب تسهيل العقيدة اإلسالمية (ص‪ ،)835 ،37 :‬ونواقض اإليمان االعتقادية (جـ‪.)880/8‬‬
‫(‪ )2‬ويخرج بهذا القيد من لم تبلغه الدعوة‪ ،‬فال يسمى معرضاً بل جاهالً‪ .‬يقول ابن القيم في طريق الهجرتين (ص‪:‬‬
‫‪(( :)388‬أن العذاب يستحق بسببين‪ ،‬أحدهما‪ :‬اإلعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬العناد لها بعد قيامها‪ ،‬وترك إرادة موجبها؛ فاألول كفر إعراض‪ ،‬والثاني كفر عناد‪ .‬وأما كفر الجهل مع‬
‫عدم قيام الحجة‪ ،‬وعدم التمكن من معرفتها‪ ،‬فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل))‪.‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكين (‪ .)550/8‬وانظر‪ :‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)34/8‬والفوائد (‪ ،)888/8‬ومجموع الفتاوى‬
‫(‪.)733/88‬‬
‫‪034‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫[األحقاف‪:‬‬ ‫بأنفسهم‪ ،‬فلم ينقادوا‪ ،‬وبقوا على كفرهم‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ‬
‫‪.]5‬‬
‫ومن أنواعه أيضاً‪ :‬اإلعراض عن العمل بحقوق هذه الكلمة‪ ،‬بأن ال يعمل‬
‫ب أحكام اإلسالم وفرائضه بعد إقراره بقلبه بأركان اإليمان ونطقه بالشهادتين‪ ،‬فمن ترك‬
‫العمل بأحكام اإلسالم‪ ،‬فلم يفعل شيئاً من الواجبات‪ ،‬ال صالة وال صياماً وال زكاةً‬
‫وال حجاً وال غيرها‪ ،‬فهو كافر كفراً أكبر بإجماع السـلف‪ ،‬لقوله تعـالى‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ [آل عمران‪ ،]58 :‬ولقوله تعالى‪ :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ [السجدة‪ ،]88:‬وآليات أخرى كثيرة تدل‬
‫على كفر عموم المعرضين‪ ،‬وألن تركه لجميع األعمال ال ظاهرة دليل على خلو باطنه‬
‫من اإليمان والتصديق الجازم(‪.)1‬‬
‫وسيأتي تحقيق هذه المسألة عند الكالم على مسألة ترك العمل في شرط االنقياد‪.‬‬
‫ومرجع هذه األقسام لإلعراض هو‪ :‬أن اإلعراض عن التوحيد يكون في العلم والعمل‪،‬‬
‫فالذي يرفض تعلم التوحيد رغبة عنه يكون كافراً‪ ،‬والذي يرفض العمل بموجبه يكون كافراً‬
‫أيضاً؛ فالنوع األول إعراض في العلم والعمل‪ ،‬والثاني والثالث إعراض في العمل‪ .‬وبما أن‬
‫العمل يتفاوت تفاوتت مراتب اإلعراض في العمل‪.‬‬
‫ولهذا‪ ،‬فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ لما ذكر ناقض اإلعراض قال‪:‬‬
‫((اإلعراض عن دين الله ال يتعلمه وال يعمل به‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪ :‬ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫[السجدة‪ )2())]88:‬ليبين أن كفر اإلعراض يكون‬ ‫ﮢ ﮣ‬ ‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭧ‬
‫باإلعراض عن العلم وحده‪ ،‬وباإلعراض عن العمل وحده‪ ،‬وباإلعراض عنهما جميعاً‪.‬‬
‫وبهذا يتبين ضالل من يترك العلم ويشتغل بالعمل فقط‪(( ،‬كحال النصارى‪ ،‬ومن‬
‫وافقهم من المتعبدة والمتصوفة الذين يعبدون الله على جهل وضاللة وال يعبدون الله‬
‫على علم‪ ،‬ويقولون‪ :‬تعلم العلم يعوق عن العمل‪ ،‬أو يقولون‪ :‬إذا عملت فإن العلم يأتيك‬
‫تلقائياً بال تعلم‪ ،‬بأن يفتح على قلبك ويأتيك العلم دون أن تتعلم على العلماء‪ .‬فهذا هو‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تهذيب تسهيل العقيدة (ص‪.)30 :‬‬


‫(‪ )2‬نواقض اإلسالم ضمن مجموع مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬القسم األول‪ ،‬العقيدة واآلداب‬
‫اإلسالمية‪( ،‬ص‪.)507 :‬‬
‫‪033‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫قول الصوفية قديماً وحديثاً‪ .‬يزهدون في تعلم العلم والجلوس عند العلماء‪ .‬ويقولون‪:‬‬
‫العلم بدون أن تتعلم‪ .‬وهذا‬‫المطلوب العمل‪ ،‬وإذا عملت وعبدت الله فتح الله عليك َ‬
‫ضالل والعياذ بالله‪.‬‬
‫فالذي يرفض تعلم العلم رغبة عنه يكون كافراً‪ ،‬والذي يرفض العمل بالعلم نهائياً يكون‬
‫كافراً أيضاً))(‪.)1‬‬
‫الح َميَّة‬
‫وقد بيَّن العلماء أن هذا اإلعراض الكفري عن العلم والعمل سببه في الغالب َ‬
‫والمحافظة على دين اآلباء واألجداد‪:‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في سياق بيانه ألنواع التقليد‪(( :‬فأما النوع األول‪ ،‬فهو‬
‫ثالثة أنواع؛ أحدها‪ :‬اإلعراض عما أنزل الله وعدم االلتفات إليه‪ ،‬اكتفاءً بتقليد‬
‫اآلباء))(‪.)2‬‬
‫وأوضح ذلك الشيخ صالح الف وزان ـ حفظه الله ـ بكالم نفيس فقال‪(( :‬ومن الناس‬
‫من يرفض الدليل وقبول الحق إذا بـُي ن له محافظة على دين آبائه وأجداده حمية وال‬
‫يقبل الحق ويبقى على ما هو عليه وما أدرك عليه آباءه وأجداده كما كان عليه‬
‫المشركون‪ ،‬فالذين يعبدون القبور ال يقبلون حقاً وال يقبلون جداالً‪ ،‬فهم مقتنعون بما‬
‫هم عليه تماماً‪ ،‬وال يقبلون توجيهاً أو إرشاداً‪ ،‬يغلقون أسماعهم عن قبول الحق‪،‬‬
‫ويصرون على ما هم عليه‪ ،‬بل ربما يقاتلون دونه‪ ،‬ويبذلون أنفسهم دون هذه العقائد‬
‫الباطلة وال يقبلون الحق مهما يسمعون من القرآن والسنة‪ ،‬ويسمعون النهي عن الشرك‬
‫واألمر بالتوحيد‪ ،‬وال يلتفتون إلى ما في القرآن بل هم معرضون عنه‪ ،‬وهذا من اإلعراض عن‬
‫الدين الصحيح والرضا بالدين الباطل‪ ،‬وهذا كثير في الناس اليوم‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬ﯴ ﯵ‬
‫[العنكبوت‪ .]38 :‬فهؤالء يؤمنون بالباطل ويكفرون بالله‪،‬‬ ‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ويعبدون غيره‪ ،‬ويستغيثون بغيره‪ ،‬ويؤمنون بعبادة غير الله ويكفرون بالله علناً وجهاراً‪ ،‬هذا‬
‫هو اإلعراض الكفري ـ والعياذ بالله ـ حميةً وأنفةً‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرح نواقض اإلسالم للفوزان (ص‪.)838 :‬‬


‫(‪ )2‬إعالم الموقعين (‪ .)807/8‬وانظر‪ :‬اجتماع الجيوش اإلسالمية (ص‪.)87 :‬‬
‫‪033‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ولما حضرت أبا طالب الوفاة‪ ..‬جاءه النبي ‪ ‬إشفاقاً عليه وهو في االحتضار فقال‬
‫له‪« :‬يا عم‪ ،‬قل ال إله إال الله كلمة أحاج لك بها عند الله»‪ ،‬وكان عنده أناس من‬
‫المشركين فقالوا له‪ :‬أترغب عن ملة عبد المطلب؟ ـ عرفوا أنه إذا قال‪ :‬ال إله إال الله فقد‬
‫ترك ملة عبد المطلب وهي عبادة األصنام ـ‪ ،‬فأعاد عليه النبي ‪ ،‬فأعادوا عليه وقالوا‪:‬‬
‫أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال‪ :‬هو على ملة عبد المطلب‪ ،‬فأبى أن يقول ال إله إال‬
‫الله ومات على ذلك حمية لدين عبد المطلب ودين الشرك‪ ،‬فأعرض عن قبول التوحيد‬
‫فصار في النار والعياذ بالله‪...‬‬
‫وهناك أناس من دعاة السوء يقولون‪ :‬ال تعلموا الناس التوحيد والعقيدة‪ ،‬ال تعلموا‬
‫شباب وأوالد المسلمين العقيدة‪ ،‬ألنهم مسلمون وال يحتاجون ألن يتعلموا التوحيد‪.‬‬
‫أليس هذا هو اإلعراض عن تعلم الدين؟‬
‫هذا هو اإلعراض عن تعلم الدين‪ ،‬ألن الدين ال يؤخذ بالوراثة والبيئة‪ ،‬الدين يؤخذ‬
‫بالعلم والتعلم‪ ،‬فال بد من تعلم الدين وتعليمه والعمل به‪ ،‬فالذي ال يتعلم الدين رغبة عنه وال‬
‫يعمل به إذا تعلمه وإن كان يقول ال إله‪ :‬ال إله إال الله فهو مرتد مرتكب لناقض من نواقض‬
‫اإلسالم‪ ،‬فهذا األمر خطير‪.‬‬
‫واإلعراض إذا كان عن تعلم أصول الدين والعقيدة وعدم رغبة فيها فهذا ناقض من‬
‫نواقض اإلسالم‪ ،‬وأما إذا كان اإلعراض عن تعلم تفاصيل الدين وتفاصيل األحكام بسبب‬
‫الكسل‪ ،‬أو عدم التفرغ لذلك‪ ،‬فهذا معصية وال يعد ناقضاً من نواقض اإلسالم‪ ،‬وأما أصول‬
‫الدين والتي ال يستقيم دين العبد إال بها‪ ،‬فمن أعرض عن تعلمها زهداً فيها‪ ،‬فإنه ينتقض‬
‫إسالمه))(‪ .)1‬انتهى محل الغرض من كالمه ـ حفظه الله‪.‬‬
‫وقد أشار في كالمه بعد أن بيَّن سبب اإلعراض‪ :‬إلى أن اإلعراض ينافي أصل القبول‬
‫اجب إذا كان‬‫كمال الو َ‬
‫إذا كان إعراضاً عن تعلم أصل الدين أو عن العمل به‪ .‬وينافي ال َ‬
‫إعراضاً عن تعلم تفاصيل الدين مما ال يُ َّ‬
‫كفر بتركه‪.‬‬

‫(‪ )1‬شرح نواقض اإلسالم (ص‪ 835 :‬ـ ‪.)833‬‬


‫‪037‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫وبهذا يتبين أن اإلعراض منه ما هو كفر إذا كان إعراضاً عن تعلم التوحيد أو العمل‬
‫به‪ ،‬ومنه ما هو معصية إذا كان إعراضاً عن تعلم مكمالت التوحيد أو العمل بهن‪ .‬وهي كل‬
‫ذنب دون الشرك‪.‬‬
‫الرد وعدم إرادة الحق المنافيان‬
‫وأما وجه منافاته لشرط القبول فلما فيه من معنى َّ‬
‫للقبول‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قلت‪ :‬ومن أهل العلم من يجعل اإلعراض نوعين بالنظر إلى العجز وعدمه ‪ .‬إعراضاً‬
‫مجرد الهوى أو العصبية‪ ،‬وهو‬‫مخرجاً من الملة‪ ،‬وهو اإلعراض الذي يكون الحامل عليه َّ‬
‫الذي جاء في كالم شيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في نواقض اإلسالم‪:‬‬
‫((اإلعراض عن دين الله ال يتعلمه وال يعمل به))(‪.)2‬‬
‫وإعراضاً غير مخرج من الملة‪ ،‬وهو اإلعراض الذي يكون بسبب العجز وعدم القدرة‬
‫على العلم مع إرادة الهدى ومحبته ‪ .‬وهذا النوع ذكره ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الطبقة‬
‫السابعة عشرة من طبقات المكلفين‪ ،‬فقال‪ (( :‬وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي ال‬
‫يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضاً‪ :‬أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير‬
‫قادر عليه وال على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه‬
‫الدعوة‪ .‬الثاني معرض ال إرادة له وال يحدث نفسه بغير ما هو عليه‪ ،‬فاألول يقول يا رب‬
‫لو أعلم لك ديناً خيراً مما أنا علي ه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن ال أعرف سوى ما‬
‫أنا عليه وال أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي‪ ،‬والثاني راض بما هو عليه ال‬
‫يؤثر غيره عليه وال تطلب نفسه سواه‪ .‬وال فرق عنده بين حال عجزه وقدرته‪ ،‬وكالهما‬
‫عاجز‪ ،‬وهذا ال يجب أن يلحق باألول لما بينهما من الفرق؛ فاألول كمن طلب الدين في‬
‫الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزاً وجهالً‪ ،‬والثاني كمن لم‬

‫(‪ )1‬هذا التقسيم لإلعراض ذكره العالمة ابن سحمان في كشف غياهب الظالم (ص‪ .)583 :‬ط‪ :‬أضواء السلف‬
‫(‪ )8483‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬نواقض اإلسالم ضمن مجموع مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬القسم األول‪ ،‬العقيدة واآلداب‬
‫اإلسالمية‪( ،‬ص‪.)507 :‬‬
‫‪030‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫يطلبه بل مات على شركه‪ ،‬وإن كان لو طلبه لعجز عنه‪ ،‬ففرق بين عجز الطالب وعجز‬
‫المعرض))(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وال تعارض بين التقسيمين‪ ،‬ألن التقسيم األول هو داخل تحت القسم األول‬
‫من التقسيم الثاني؛ إذ هو أنواع له‪ .‬وأما القسم الثاني من التقسيم األخير فهو ال يتعلَّق بما‬
‫مانع من موانع التكفير‪ ،‬وهو الجهل مع إرادة الهدى وطلبه‪،‬‬ ‫نحن بصدده‪ ،‬ألنه فيمن قام به ٌ‬
‫ونحن نتكلم فيمن أعرض غير مريد للحق وال طالب له‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬كفر الجحود‪.‬‬
‫تقدم في المطلب السابق أن الرد المنافي لقبول هذه الكلمة وما دلَّت عليه قد‬
‫يكون بالجحود‪ .‬وأرجأنا الحديث عنه‪ ،‬ألن كفر الجحود أعم من رد ما دلَّت عليه ال إله‬
‫إال الله من التوحيد واإلخالص‪ ،‬فالجاحد يكفر ولو َرَّد أمراً مستحباً يعلم أن النبي ‪‬‬
‫قد أرشد إليه‪ .‬ولذا ذكر العلماء في باب الرد ة أن من جحد أصالً من أصول الدين أو‬
‫جل ذلك أو صغر(‪.)2‬‬ ‫فرعاً مجمعاً عليه‪ ،‬أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول ‪ ‬كفر‪َّ ،‬‬
‫وهذا أوان الشروع في الكالم عليه‪.‬‬
‫ففــي معنــى الجحــود قــال الراغــب‪(( :‬هــو نفــي مــا فــي القلــب إثباتــه‪ ،‬وإثبــات مــا فــي‬
‫وج ْحـ َداً‪ .‬قــال ‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ [النمــل‪.]84 :‬‬ ‫القلــب نفيــه‪ .‬يقــال‪ :‬جحــد جحــوداً‪َ ،‬‬
‫[األعراف‪.)3())]38 :‬‬ ‫وقال ‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫وأما كفر الجحود فقـد قـال البغـوي فـي تعريفـه‪(( :‬هـو‪ :‬أن يعـرف اللـه تعـالى بقلبـه وال‬
‫يقر بلسانه))(‪ ،)4‬وكذا جاء عن ابن األثير في تعريفه(‪.)5‬‬
‫وقال الحكمي في حده‪(( :‬كتم الحق مع العلم بصدقه))(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬طريق الهجرتين (ص‪ 906 :‬ـ ‪ .)910‬وانظر‪ :‬كشف غياهب الظالم (ص‪ .)619 :‬ط‪ :‬أضواء السلف‬
‫(‪ )1249‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬مراتب اإلجماع (ص‪ ،)877 :‬واإلحكام البن حزم (‪ ،)43/8‬ومختصر الصواعق المرسلة (‪ ،)8303/4‬ورسالة‬
‫تحكيم القوانين (ص‪.)3 :‬‬
‫(‪ )3‬المفردات (ص‪.)807 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسير البغوي (‪.)34/8‬‬
‫(‪ )5‬النهاية (‪.)803/4‬‬
‫(‪ )6‬معارج القبول (‪.)335/8‬‬
‫‪033‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫وهــو مثــل كفــر فرعــون وقومــه(‪)1‬؛ فــإنهم نف ـوا مــا فــي ق ـرارة نفوســهم مــن المعرفــة باللــه‬
‫ووجوب توحيده‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ‪[ ،‬النمل‪.]84 :‬‬
‫ومثــل كفــر اليهــود(‪)2‬؛ فــإنهم نف ـوا مــا فــي قلــوبهم مــن المعرفــة بصــدق النبــي ‪ .‬قــال‬
‫تعالى‪ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ‪[ ،‬البقرة‪.]03 :‬‬
‫وعــد البغــوي وابــن األثيــر كفــر إبلــيس مــن هــذا النــوع(‪ .)3‬وفيــه نظــر؛ فــإن إبلــيس أقــر‬
‫بلس ـ ـ ــانه‪ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ‪[ ،‬س ـ ـ ــورة الحج ـ ـ ــر‪ .]53 :‬وه ـ ـ ــذا اعت ـ ـ ـ ـراف من ـ ـ ــه‬
‫بالربوبيــة‪ ،‬وبتــوفي اللــه لألنفــس‪ ،‬وبالبعـث‪ ،‬ويــوم القيامــة‪ ،‬فــدل علــى أن كفــر إبلــيس لــيس عــن‬
‫جحــود؛ ألن الجاحــد مكــذب بلســانه؛ وإنمــا كفــره نــاتج عــن إبــاء واســتكبار‪ ،‬ولــذا عــده ابــن‬
‫القيم من هذا النوع(‪ ،)4‬كما سيأتي(‪.)5‬‬
‫فالحاصل أن كفر الجحوود هـو تـرك القبـول باللسـان لمعنـى ال إلـه إال اللـه أو لشـيء‬
‫من مقتضياتها‪.‬‬
‫وكفر الجحود نوعان‪:‬‬
‫كفر مطلق عـام؛ وهـو‪ :‬أن يجحـد الربوبيـة أو معنـى ال إلـه إال اللـه‪ ،‬أو جملـة مـا أنْـزل‬
‫الله‪ ،‬أو إرسال الرسول‪.‬‬
‫وكفر مقيـد خـاص؛ وهـو‪ :‬أن يجحـد فرضـاً مـن فـروض اإلسـالم‪ ،‬أو تحـريم مح َّـرم‪ ،‬أو‬
‫خبراً أخبر الله به‪ ،‬أو رسولُه ‪.)6(‬‬
‫رد الجحود ينافي القبول باللسان ـ دون‬ ‫والفرق بين رد الجحود ورد اإلعراض‪ :‬أن َّ‬
‫القلب ـ ‪ ،‬وأما رد اإلعراض فهو ينافي القبول بالقلب والجوارح‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬معارج القبول للحكمي (‪.)335/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسير البغوي (‪ .)34/8‬ومعارج القبول للحكمي (‪ 335/8‬ـ ‪.)334‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير البغوي (‪ ،)34/8‬والنهاية (‪.)803/4‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مدارج السالكين (‪ .)557/8‬وسيأتي نقل كالمه في (ص‪.)008 :‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التكفير وضوابطه (ص‪.)33 :‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)550/8‬‬
‫‪078‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫رداً‪ ،‬وإن ُوجد العمل(‪ .)1‬بخالف رد‬ ‫يسمى َّ‬ ‫رد الجحود َّ‬ ‫وفرق آخر‪ :‬وهو أن َّ‬
‫اإلعراض فشرطه ترك العمل‪ ،‬إذ لو عمل لخرج عن كونه إعراضاً إلى كونه نفاقاً(‪.)2‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬كفر العناد‪.‬‬
‫ممــا ينــافي شــرط القبــول أيضـاً كفــر العنــاد‪ .‬وفــي معنــى العنــاد قــال األزهــري نــاقالً عــن‬
‫الليــث‪َ (( :‬عنــد الرجــل يَـ ْعنــد عنــوداً‪َ ،‬و َعانــد معانَـدةً‪ ،‬وهــو‪ :‬أن يعــرف الشــيء ويــأبى أن يقبلــه؛‬
‫ككفـر أبـي طالـب‪ ،‬كـان كفـره معانـد ًة؛ ألنـه عــرف وأقـر وأنـف أن يقـال‪ :‬تبـع ابـن أخيـه فصــار‬
‫بذلك كافراً))(‪.)3‬‬
‫عرفــه البغــوي فقــال‪(( :‬وكفــر العنــاد هــو‪ :‬أن يعــرف الل ــه بقلب ـه‪ ،‬ويعتــرف‬ ‫وكفــر العنــاد َّ‬
‫بلسانه‪ ،‬وال يدين به ككفر أبي طالب حيث يقول‪:‬‬
‫مـ ـ ـ ـ ـ ْـن َخْيـ ـ ـ ـ ــر أ َْديَـ ـ ـ ـ ــان البَريَّـ ـ ـ ـ ــة دينَ ـ ـ ـ ـ ـاً‬ ‫ـت بَـ ـ ـأ َّ‬
‫َن ديـ ـ ـ َـن ُم َح َّم ـ ـ ـد‬ ‫َولََق ـ ـ ـ ْد علمـ ـ ـ ُ‬
‫لََو َجـ ـ ـ ْدتَني َس ـ ـ ْـمحاً ب ـ ــذاك ُمبْيـنَـ ـ ـاً))(‪.)4‬‬
‫ـذار مس ـ ـ ـ ـ ـبَّة‬
‫المالََم ـ ـ ـ ـ ـةُ أو ح ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫لَ ـ ـ ـ ــوالَ َ‬
‫وقــال ابــن األثيــر فــي حــده‪(( :‬وهــو‪ :‬أن يعتــرف بقلبــه‪ ،‬ويعتــرف بلســانه‪ ،‬وال يــدين بــه‬
‫حسداً وبغياً‪ ،‬ككفر أبي جهل وأضرابه))(‪.)5‬‬
‫وقال حافظ حكمي في حده‪(( :‬هو ما كان بعد االنقياد للحق مع اإلقرار به))(‪.)6‬‬
‫قلــت‪ :‬ومــن أســباب كفــر العنــاد االســتكبار وغيــره؛ فكفــر العنــاد يكــون باالســتكبار‪،‬‬
‫ويكون بالعصبية للقبيلة أو الجنس؛ ككفر أتباع مسيلمة حيـث قـالوا‪« :‬كـاذب مضـر ـ يعنـون‬
‫مســيلمة ـ خيــر مــن صــادق ربيعــة ـ يعنــون النبــي ‪ .»‬كمــا يقــع أيضـاً بســبب المالمــة وحــذار‬
‫المسبة كما تقدم في كفر أبي طالب‪.‬‬
‫وأما االستكبار‪ ،‬فككفر أبي جهل‪ ،‬وإبليس‪.‬‬

‫سمى جاحداً‪ ،‬ولو عمل به‪.‬‬


‫(‪ )1‬ألن من جحد شيئاً يُ َّ‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معارج القبول (‪.)334/8‬‬
‫(‪ )3‬تهذيب اللغة (‪.)888/8‬‬
‫(‪ )4‬تفسير البغوي (‪.)34/8‬‬
‫(‪ )5‬النهاية (‪.)803/4‬‬
‫(‪ )6‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)870 :‬‬
‫‪078‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫يقول ابن القيم‪(( :‬وأما كفر اإلباء واالستكبار‪ :‬فنحو كفر إبليس؛ فإنـه لـم يجحـد أمـر‬
‫اللــه وال قابلــه باإلنكــار‪ ،‬وإنمــا تلقــاه باإلبــاء واالســتكبار(‪ ،)1‬ومــن هــذا كفــر مــن عــرف صــدق‬
‫الرسول‪ ،‬وأنه جـاء بـالحق مـن عنـد اللـه‪ ،‬ولـم يَـْنـ َقـد لـه إبـاء واسـتكباراً‪ ،‬وهـو الغالـب علـى كفـر‬
‫أعداء الرسل))(‪.)2‬‬
‫قلــت‪ :‬ولعــل الشــيخ حــافظ حكمــي ـ رحمــه اللــه ـ الحــظ هــذا المعنــى فجمــع بــين‬
‫اللفظ ــين‪ ،‬فق ــال‪(( :‬وإن انتف ــى عم ــل القل ــب وعم ــل الج ـوارح م ــع المعرف ــة بالقل ــب واالعت ـراف‬
‫باللســان فكفــر عنــاد واســتكبار‪ ،‬ككفــر إبلــيس وكفــر غالــب اليهــود الــذين شــهدوا أن الرســول‬
‫حق ولم يتبعوه))(‪ .)3‬فجعل كفر العناد واالستكبار شيئاً واحداً(‪.)4‬‬
‫وبهذا يظهر منافاة كفر الجحود وكفر العناد وكفر ((اإلباء واالستكبار)) لشرط‬
‫القبول لما في هذه األنواع من معنى االمتناع والرد المنافيين للقبول‪.‬‬
‫وتشترك هذه األنواع الثالثة في استلزام العلم‪ .‬وبذلك يتبين الفرق بين الرد‬
‫باإلعراض والرد بهذه األنواع‪ ،‬وهو أن هذه األنواع يلزم منها العلم والمعرفة بالتوحيد‪ ،‬وال‬
‫يلزم ذلك في رد اإلعراض‪ .‬فيكفي في كفر اإل عراض أن يسمع بدعوة النبي ‪ ‬ثم ال‬
‫يتبعه ولو لم يعلم بحقيقة ما يدعو إليه‪.‬‬
‫كذب‬ ‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والكفر أعم من التكذيب‪ ،‬فكل من َّ‬
‫الرسول كافر‪ ،‬وليس كل كافر مكذباً‪ ،‬بل من يعلم صدقة ويقر به‪ ،‬وهو مع ذلك يبغضه‬
‫أو يعاديه كافر‪ ،‬أو من أعرض فلم يعتقد ال صدقة وال كذبه كافر‪ ،‬وليس بمكذب))(‪.)5‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬عدم التسليم ألمر الله ورسوله ‪ ‬ورفض التحاكم إليهما‪.‬‬

‫(‪ )1‬كما قال تعالى‪ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ [البقرة‪ ]54 :‬فهو لم يمكنه‬


‫جحود أمر الله بالسجود وال إنكاره‪ ،‬وإنما اعترض عليه وطعن في حكمة اآلمر وعدله‪ ،‬وقال‪ :‬ﮎﮏﮐﮑﮒ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [الحجر‪ ،]55 :‬وقال‪ :‬ﭚ‬ ‫[اإلسراء‪ ،]38 :‬وقال‪:‬‬
‫[األعراف‪ .]88 :‬انظر‪ :‬أعالم السنة المنشورة (ص‪ ،)870 :‬وعقيدة‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫التوحيد (ص‪.)888 :‬‬
‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)557/8‬‬
‫(‪ )3‬معارج القبول (‪ .)334/8‬وتوجيه كالم حافظ حكمي من كتاب التكفير وضوابطه (ص‪.)888 :‬‬
‫(‪ )4‬وانظر‪ :‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)870 :‬‬
‫(‪ )5‬الفتاوى الكبرى (‪ 833/3‬ـ ‪.)888‬‬
‫‪078‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫حكم الله ورسوله حقه أن يُتلَ َقى بالمسالمة والتسليم وترك المنازعة بل باالنقياد‬
‫وجد‪ ،‬وال‬‫المحض والتسليم الكامل‪ ،‬وذلك حقيقة العبودية المحضة؛ فال يُع َارض بذوق‪ ،‬وال ْ‬
‫سياسة‪ ،‬وال قياس‪ ،‬وال تقليد‪ ،‬وال يُرى إلى خالفه سبيالً البتة؛ وإنما هو االنقياد المحض‬
‫والتسليم واإلذعان والقبول‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫[النساء‪.)1(]33 :‬‬ ‫ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حقيقة هذا التسليم‪:‬‬
‫((اعلم أن التسليم هو الخالص من شبهة تعارض الخبر‪ ،‬أو شهوة تُعارض األمر‪،‬‬
‫أو إرادة تُعارض اإلخالص‪ ،‬أو اعتراض يُعارض القدر والشرع‪.‬‬
‫وصاحب هذا التخلص‪ :‬هو صاحب القلب السليم الذي ال ينجو يوم القيامة إال‬
‫من أتى اللهَ به))(‪.)2‬‬
‫ثم بين ـ رحمه الله ـ وجوه المنازعة لحكم الله ورسوله بهذه األمور وكيفية‬
‫الخالص من ذلك فقال‪ (( :‬فإن التسليم ضد المنازعة؛ والمنازعة إما بشبهة فاسدة‪،‬‬
‫تعارض اإليمان بالخبر عما وصف الله به نفسه من صفاته وأفعاله‪ ،‬وما أخبر به عن‬
‫اليوم اآلخر‪ ،‬وغير ذلك؛ فالتسليم له‪ :‬ترك منازعته بشبهات المتكلمين الباطلة‪.‬‬
‫وإما بشهوة تعارض أمر الله ‪‬؛ فالتسليم لألمر‪ :‬بالتخلص منها‪.‬‬
‫أو إرادة تعارض مراد الله من عبده‪ ،‬فتعارضه إرادة تتعلق بمراد العبد من الرب؛‬
‫فالتسليم‪ :‬بالتخلص منها‪.‬‬
‫أو اعتراض يعارض حكمته في خلقه وأمره‪ ،‬بأن يظن أن مقتضى الحكمة‬
‫خالف ما شرع‪ ،‬وخالف ما قضى وقدر؛ فالتسليم‪ :‬التخلص من هذه المنازعات كلها‪.‬‬
‫وبهذا يتبين أنه ـ يعني التسليم ـ من أجل مقامات اإليمان‪ ،‬وأعلى طرق الخاصة‪،‬‬
‫وأن «التسليم» هو محض الصديقية‪ ،‬التي هي بعد درجة النبوة‪ ،‬وأن أكمل الناس تسليماً‪:‬‬
‫أكملهم صديقية))(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬طريق الهجرتين (ص‪ )33 :‬بتصرف‪.‬‬


‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)847/8‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه (‪ 847/8‬ـ ‪ .)840‬وانظر‪ :‬نفس المصدر (‪.)388/8‬‬
‫‪075‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رابطاً بين شهادة أن ال إله إال الله‬
‫والتسليم لحكم الله ورسوله ـ‪َّ (( :‬‬
‫فإن من عرف أ ْن ال إله إال الله فال بد من االنقياد لحكم الله‬
‫والتسليم ألمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد ‪‬؛ فمن شهد أن ال إله إال الله ثم‬
‫عدل إلى تحكيم غير الرسول ‪ ‬في موارد النـزاع فقد كذب في شهادته))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫فإذا ثبت هذا‪ ،‬فإن ترك التسليم ألمر الله ورسوله برفض التحاكم إليهما في موارد‬
‫النزاع مما ينافي تمام القبول لشهادة أن ال إله إال الله وشهادة أن محمداً رسول الله‬
‫‪ .‬ويظهر ذلك في صور؛ منها‪:‬‬
‫‪ 8‬ـ ترك التحاكم إلى الشرع في األمور الخاصة أو األمور الكلية العامة‪ .‬وقد تقدم الكالم‬
‫على ذلك في شرط الكفر بالطاغوت بما ال حاجة إلى إعادته هنا‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ترك حكم الله ‪ ‬وحكم رسوله ‪ ‬والتحاكم إلى الذوق والوجد ومقاالت أهل‬
‫الفلسفة‪ ،‬وقد تقدم الكالم على ذلك بم ا أغنى عن إعادته هنا‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ ترك متابعة النبي ‪ ‬واالكتفاء بالقرآن‪ ،‬وقد تقدم ذلك في شرط المحبة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ترك التحاكم إلى أخبار اآلحاد وعدم األخذ بها في مسائل العقيدة‪ :‬لكونه ينافي‬
‫قبول حكم النبي ‪ ‬في تلك المسائل الثابتة بأخبار آحادية‪ ،‬وذلك من أعظم الضالل‬
‫والرد ألحكام الشريعة اإلسالمية؛ إذ ال وجه لهذا التفريق‪ ،‬فهذه األخبار كاألخبار‬
‫المتواترة توجب األخ َذ بها في االعتقاد والعمل وعلى ذلك مشى السلف‪.‬‬
‫وال وجه لقول من يقول أنها توجب العمل وال توجب االعتقاد‪ ،‬فهذا من التفريق‬
‫الساقط الذي جاء به المتكل مون إلنكار حقائق هذه ا ألخبار في باب الغيبيات من‬
‫الصفات ونحوها‪ .‬ألن معظم مسائل االعتقاد جاءت من طريق اآلحاد‪.‬‬
‫وليس لهؤالء شبهة إال قولهم‪ :‬أن أخبار اآلحاد تفيد الظن‪ ،‬والمطلوب في هذه‬
‫المسائل ـ يعنون مسائل االعتقاد ـ اليقين والجزم‪ .‬وقد يستدلون بقوله تعالى في‬
‫المشركين‪ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ [النجم‪ ،]85 :‬وبقوله سبحانه‪ :‬ﮌ ﮍ ﮎ‬

‫(‪ )1‬تيسير العزيز الحميد (ص‪.)438 :‬‬


‫‪074‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [يونس‪ .]53 :‬ونحو ذلك من اآليات التي يذم الله تعالى فيها‬
‫المشركين على اتباعهم الظن(‪.)1‬‬
‫وقد أجاب أهل العلم في الرد على هذه الشبهة من وجهين(‪:)2‬‬
‫أن أخبار اآلحاد كاألخبار المتواترة تفيد العلم‪ ،‬وأنه ال وجه لهذا‬ ‫األول‪ :‬بيان َّ‬
‫التفريق‪ ،‬وفي ذلك يقول العالمة األلباني ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫(( لقد عرضت لهم شبهة ثم صارت لديهم عقيدة‪ ،‬وهي أن حديث اآلحاد ال يفيد‬
‫إال الظن ويعنون به الظن الراجح طبعاً‪ ،‬والظن الراجح يجب العمل به في األحكام‬
‫اتفاقاً‪ ،‬وال يجوز األخذ به عندهم في األخبار الغيبية والمسائل العلمية‪ ،‬وهي المراد‬
‫بالعقيدة‪ .‬ونحن لو سلمنا لهم جدال بقولهم‪ « :‬إن حديث اآلحاد ال يفيد إال الظن»‬
‫على إطالقه‪ ،‬فإنا نسألهم‪ :‬من أين لكم هذا التفريق؟ وما الدليل على أنه ال يجوز األخذ‬
‫بحديث اآلحاد في العقيدة؟ لقد رأينا بعض المعاصرين ي ستدلون على ذلك بقوله تعالى‬
‫في المشركين‪ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ [النجم‪ ،]85 :‬وبقوله سبحانه‪ :‬ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [يونس‪ .]53 :‬ونحو ذلك من اآليات التي يذم الله تعالى فيها‬
‫المشركين على اتباعهم الظن‪ .‬وفات هؤالء المستدلين أن الظن المذكور في هذه اآليات‬
‫ليس المراد به الظن الغالب الذي يفيده خبر اآلحاد والواجب األخذ به اتفاقاً‪ .‬وإنما هو‬
‫الشك الذي هو الخرص فقد جاء في "النهاية"(‪ )3‬و"اللسان(‪ ")4‬وغيرها من كتب اللغة‪:‬‬
‫«الظن‪ :‬الشك يع رض لك في الشيء فتحققه وتحكم به»(‪ .)5‬فهذا هو الظن الذي نعاه‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬أساس التقديس أساس التقديس في علم الكالم (ص‪ ،) 887 :‬والحديث حجة بنفسه (ص‪:‬‬
‫‪.)38‬‬
‫(‪ )2‬للعالمة األلباني ـ رحمه الله ـ بحث قيم حول هذه المسألة بعنوان‪(( :‬وجوب األخذ بحديث اآلحاد في العقيدة‬
‫والرد على شبه المخالفين))‪ ،‬وقد أبطل فيه هذا القول من عشرين وجهاً يحسن الرجوع إليه‪ ،‬ألنه واف في هذا‬
‫الموضوع الخطير‪.‬‬
‫(‪ 838/5( )3‬ـ ‪.)835‬‬
‫(‪ .)878/0( )4‬مادة (ظنن)‪.‬‬
‫(‪ )5‬قلت‪ :‬بل جاء في تفسيرها عند الطبري وغيره‪ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ يقول‪ :‬إن الشك ال يُغني من‬
‫مقامه‪ ،‬وال يُنتفع به حيث يحتاج إلى اليقين‪[ .‬تفسير ابن جرير (‪.])808/88‬‬
‫اليقين شيئاً‪ ،‬وال يقوم في شيء َ‬
‫‪073‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫الله تعالى على المشركين ومما يؤي د ذلك قوله تعالى فيهم‪ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫[يونس‪ .)1(]33 :‬فجعل الظن هو الخرص الذي هو مجرد الحزر‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫والتخمين‪ .‬ولو كان الظن المنعي على المشركين في هذه اآليات هو الظن الغالب ـ كما‬
‫زعم أولئك المستدلون ـ لم يجز األخذ به في األحكام أيضاً‪ .‬وذلك لسببين اثنين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن الله أنكره عليهم إنكاراً مطلقاً ولم يخصه بالعقيدة دون األحكام‪.‬‬
‫واآلخر‪ :‬أنه تعالى صرح في بعض اآليات أن الظن الذي أنكره على المشركين‬
‫يشمل القول به في األحكام أيضاً‪ .‬فاسمع إلى قوله تعالى الصريح في ذلك‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫((وهذا حكم))‬ ‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ((فهذه عقيدة)) ﮣ ﭪ ﭫ ﭬﭭ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ [األنعام‪ .]840:‬ويفس رها قوله تعالى‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ [ألعراف‪.]55 :‬‬
‫فثبت مما تقدم أن الظن الذي ال يجوز األخذ به إنما هو الظن اللغوي المرادف‬
‫للخرص والتخمين والقول بغير علم‪ ،‬وأنه يحرم الحكم به في األحكام كما يحرم األخذ به في‬
‫العقائد وال فرق‪.‬‬
‫وإذ كان األمر كذلك فقد سلم لنا القول المتقدم‪ :‬إن كل اآليات واألحاديث‬
‫المتقدمة الدالة على وجوب األخذ بحديث اآلحاد في األحكام تدل أيضاً بعمومها‬
‫وشمولها على وجوب األخذ به في العقائد أيضاً(‪.)2‬‬
‫والحق أن التفريق بين العقيدة واألحكام في وجوب األخذ فيها بحديث اآلحاد‬
‫فلسفة دخيلة في اإلسالم ال يعرفها السلف الصالح‪ ،‬وال األئمة األربعة الذين يقلدهم‬
‫جماهير المسلمين في كل العصر الحاضر))(‪.)3‬‬

‫يقول‪ :‬ما يتبعون في قيلهم ذلك ودعواهم إال الظن‪.‬‬ ‫ﮖ‬ ‫(‪ )1‬يقول ابن جرير في تفسيرها‪ ( :‬ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫يقول‪ :‬إال الشك ال اليقين)‪[ .‬تفسير ابن جرير (‪.])877/88‬‬
‫(‪ )2‬ستأتي في الوجه الثاني من وجوه الرد‪.‬‬
‫(‪ )3‬الحديث حجة بنفسه (‪ 38‬ـ ‪.)34‬‬
‫‪073‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ثم كشف ـ رحمه الله ـ عن سبب آخر أوقع هؤالء النافون لألخذ بأخبار اآلحاد‬
‫في العقيدة‪ ،‬وهو بناؤهم عقيدة ((عدم األخذ بحديث اآلحاد)) على الوهم والخيال؛ مما‬
‫يدل على تناقضهم‪ .‬فقال ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫(( وإن من أعجب ما يسمعه المسلم العاقل اليوم هو هذه الكلمة التي يرددها‬
‫كثير من الخطباء والكتاب كلما ضعف إيمانهم عن التصديق بحديث حتى ولو كان‬
‫متواتراً عند أهل العلم بالحديث كحديث نزول عيسى ‪ ‬في آخر الزمان فإنهم‬
‫يتسترون بقولهم‪« :‬حديث اآلحاد ال تثبت به عقيدة»‪ .‬وموضع العجب أن قولهم هذا‬
‫هو نفسه عقيدة كما قلت مرة لبعض من ناظرتهم في هذه المسألة‪ .‬وبناء على ذلك‬
‫فعليهم أن يأتوا بالدليل القاطع على صحة هذا القول‪ ،‬وإال فهم متناقضون فيه‪ .‬وهيهات‬
‫هيهات فإنهم ال دليل لهم إال مجرد الدعوى ومثل ذلك مردود في األحكام فكيف في‬
‫العقيدة؟ وبعبارة أخرى‪ :‬لقد فروا من القول بالظن الراجح في العقيدة فوقعوا فيما هو‬
‫أسوأ منه‪ ،‬وهو قولهم بالظن المرجوح فيها‪ .‬فاعتبروا يا أولى األبصار!! وما ذلك إال‬
‫بسبب البعد عن التفقه بالكتاب والسنة واالهتداء بنورهما مباشرة واالنشغال عنه بآراء‬
‫الرجال))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫الوجه الثاني ‪ :‬تقرير وجوب العمل بهذه األحاديث بداللة النصوص وعمل السلف‪.‬‬
‫فأما داللة النصوص على وجوب األخذ بأحاديث اآلحاد في العقيدة فمنها‪:‬‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫أوالً‪ :‬ما يشمله قوله ﭚ في آية ﭑ ﭒ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ [األحزاب‪.]53:‬‬
‫وهكذا أمره تعالى بإطاعة نبيه ‪ ‬والنهي عن عصيانه والتحذير من مخالفته‪،‬‬
‫وثناؤه على المؤمنين الذين يقولون عندما يُ ْد َع ون للتحاكم إلى الله ورسوله‪ :‬ﮮ‬
‫ﮯﮰ كل ذاك يدل على وجوب طاعته واتباعه ‪ ‬في العقائد واألحكام‪.‬‬
‫وأيضاً قوله تعالى‪ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ [الحشر‪ ]7 :‬فإن ((ما)) من ألفاظ العموم‬
‫والشمول كما هو معلوم‪ .‬وأنت لو سألت هؤالء القائلين بوجوب األخذ بحديث اآلحاد‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه (‪ 34‬ـ ‪.)33‬‬


‫‪077‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫في األحكام عن الدليل عليه الحتجوا بهذه اآليات السابقة وغيرها مما لم نذكره‬
‫اختصاراً(‪.)1‬‬
‫ومن ذلك أيضاً قوله تعالى‪ :‬ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫[التوبة‪.]888:‬‬ ‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ووجه االستشهاد بها‪ :‬أن الله تبارك وتعالى حض المؤمنين على أن ينفر طائفة منهم‬
‫إلى النبي ‪ ‬ليتعلموا منه دينهم ويتفقهوا فيه‪ .‬وال شك أن ذلك ليس خاصاً بما يسمى‬
‫بالفروع واألحكام بل هو أعم‪ .‬بل المقطوع به أن يبدأ المعلم بما هو األهم تعليماً وتعلماً‪.‬‬
‫ومما ال ريب فيه أن العقائد أهم من األحكام‪ .‬و((الطائفة)) في لغة العرب تقع على الواحد‬
‫فما فوق‪ .‬فلوال أن الحجة تقوم بحديث اآلحاد عقيدة وحكماً لما حض الله تعالى الطائفة‬
‫على التبليغ حضاً عاماً معلال ذلك بقوله‪ :‬ﯼﯽ الصريح في أن العلم يحصل بإنذار‬
‫الطائفة؛ فاآلية نص في أن خبر اآلحاد حجة في التبليغ عقيدة وأحكاماً‪.‬‬
‫[اإلسراء‪ ]53:‬أي‪:‬‬ ‫ومنها كذلك قوله تعالى‪ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ‬
‫ال تتبعه وال تعمل به‪ .‬ومن المعلوم أن المسلمين لم يزالوا من عهد الصحابة يقفون أخبار‬
‫اآلحاد ويعملون بها ويثبتون بها األمور الغيبية والحقائق االعتقادية مثل بدء الخلق وأشراط‬
‫الساعة بل ويثبتون بها لله تعالى الصفات‪ ،‬فلو كانت ال تفيد علماً وال تثبت عقيدة لكان‬
‫الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة اإلسالم كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم كما قال ابن‬
‫القيم رحمه الله تعالى في ((مختصر الصواعق))(‪ .)2‬وهذا مما ال يقوله مسلم‪.‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فإن السنة قد دلت على األخذ بخبر اآلحاد في العقائد‪.‬‬
‫بيانه‪ :‬أ ن السنة العملية التي جرى عليها النبي ‪ ‬وأصحابه في حياته وبعد وفاته‬
‫تدل أيضاً داللة قاطعة على عدم التفريق بين حديث اآلحاد في العقيدة واألحكام وأنه‬
‫حجة قائمة في كل ذلك واألحاديث في ذلك كثيرة‪ ،‬منها ما ذكره اإلمام البخاري في‬
‫صحيحه تحت باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في األذان والصالة والصوم‬
‫والفرائض واألحكام وقول الله تعالى‪ :‬وقول الله تعالى‪ :‬ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ‬

‫(‪ )1‬الحديث حجة بنفسه (ص‪ 38 :‬ـ ‪ )38‬بتصرف يسير‪.‬‬


‫(‪.)8350/4( )2‬‬
‫‪070‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫[التوبة‪.]888:‬‬ ‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى‪ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [الحجرات‪ ]3:‬فلو اقتتل‬
‫[الحجرات‪]3 :‬‬ ‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫رجالن دخال في معنى اآلية‪ .‬وقوله تعالى‪ :‬ﭢ‬
‫وكيف بعث النبي ‪ ‬أمراءه واحداً بعد واحد‪ ،‬فإن سها أحد منهم ُرَّد إلى السنة‪.‬‬
‫ثم ساق اإلمام البخاري أحاديث مستدالً بها على ما ذكر من إجازة خبر‬
‫الواحد‪ ،‬والمراد بها جواز العمل والقول بأنه حجة فأسوق بعضاً منها‪:‬‬
‫األول‪ :‬عن مالك بن الحويرث قال‪ :‬أتينا النبي ‪ ‬ونحن شببة متقاربون‪ ،‬فأقمنا‬
‫عنده نحوا من عشرين ليلةً‪ ،‬وكان رسول الله ‪ ‬رفيقاً‪ ،‬فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو‬
‫عم ن تركنا بعدنا‪ ،‬فأخبرناه قال‪ « :‬ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم‪،‬‬ ‫قد اشتقنا سألنا َّ‬
‫وعلموهم ومروهم‪ .‬وصلوا كما رأيتموني أصلي»‪ .‬الحديث(‪.)1‬‬
‫فقد أمر ‪ ‬كل واحد من هؤالء الشببة(‪ )2‬أن يعلم كل واحد منهم أهله والتعليم‬
‫يعم العقيدة بل هي أول ما يدخل في العموم فلو لم يكن خبر اآلحاد تقوم به الحجة لم‬
‫يكن لهذا األمر معنى‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عن أنس بن مالك‪ :‬أن أهل اليمن قدموا على رسول الله ‪ ‬فقالوا‪:‬‬
‫ابعث معنا رجالً يعلمنا السنة واإلسالم‪ .‬قال‪ :‬فأخذ بيد أبي عبيدة فقال‪« :‬هذا أمين‬
‫هذه األمة»(‪.)3‬‬
‫قلت(‪ :)4‬فلو لم تقم الحجة بخبر الواحد لم يبعث إليهم أبا عبيدة وحده وكذلك‬
‫يقال في بعثه صلى الله عليه وسلم إليهم في نوبات مختلفة أو إلى بالد منها متفرقة غيره‬
‫من الصحابة رضي الله عنهم كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي موسى األشعري‬
‫وأحاديثه م في " الصحيحين " وغيرهما ومما ال ريب فيه أن هؤالء كانوا يعلمون الذين‬
‫أرسلوا إليهم العقائد في جملة ما يعلمونهم فلو لم تكن الحجة قائمة بهم عليهم لم‬
‫يبعثهم رسول الله ‪ ‬أفردا ألنه عبث يتنزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب اآلحاد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء إجازة خبر الواحد الصدوق في األذان والصالة والصوم‬
‫والفرائض واألحكام (جـ‪ )833/0‬ح (‪.)7843‬‬
‫(‪ )2‬الشببة جمع شاب‪ .‬ينظر الفائق للزمخشري (‪.)383/3‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة (‪ .)8008/4‬ورواه البخاري مختصراً‪ .‬حديث رقم (‪.)7833‬‬
‫(‪ )4‬الزال الكالم موصوالً عن العالمة األلباني ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫‪073‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫معنى قول اإلمام الشافعي رحمه ال له تعالى في "الرسالة(‪(( :")1‬وقد كان قادراً على أن‬
‫يبعث إليهم فيشافههم أو يبعث إليهم عدداً فبعث واحدا يعرفونه بالصدق‪ ،‬وهو ال يبعث‬
‫بأمره إال والحجة للمبعوث إليهم وعليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله‪ .‬فإذا كان‬
‫هكذا مع ما وصفت من مقدرة النبي على بعثه جماعة إليهم كان ذلك إن شاء الله‬
‫فيمن بعده ممن ال يمكنه ما أمكنهم وأمكن فيهم أولى أن يثبت به خبر الصادق))(‪.)2‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫وأما عمل السلف بخبر الواحد في العقائد فيشهد له رجوع التابعين إلى آحاد‬
‫الصحابة في كثير من مسائل العقيدة التي قد أشكلت عليهم‪.‬‬
‫ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫وح َم يد بن عبد الرحمن الحميري(‪ )4‬إلى عبد الله‬
‫ُ‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ 8‬ـ رجوع يحيى بن يعمر‬
‫بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لما ظهرت بدعة القدرية(‪ )5‬بالبصرة‪ ،‬وهو في صحيح‬
‫مسلم(‪.)6‬‬
‫‪ 8‬ـ ما جاء عن مجاهد بن جبر ـ رحمه الله ـ أنه قال‪ :‬لقد عرضت القرآن على‬
‫ا بن عباس ثالث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم أنزلت؟ وفيم كانت؟(‪ )7‬وذلك‬
‫يشمل العقائد بال شك‪.‬‬

‫(‪( )1‬ص‪ 488 :‬ـ ‪.)485‬‬


‫(‪ )2‬الحديث حجة بنفسه (ص‪ 33 :‬ـ ‪ )33‬مع االختصار‪ .‬وانظر‪ :‬لمزيد من األدلة مختصر الصواعق المرسلة‬
‫(‪ 8354/4‬ـ ‪.)8333‬‬
‫عمر ـ بفتح التحتانية والميم بينهما مهملة ساكنة ـ البصري‪ ،‬نزيل مرو وقاضيها‪ ،‬ثقة فصيح‪ ،‬وكان يرسل‬
‫(‪ )3‬يحيى بن يَ َ‬
‫من الثالثة‪ ،‬مات قبل المائة وقيل بعدها‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])8878 :‬‬
‫(‪ )4‬ثقة فقيه‪ ،‬من الثالثة‪ ،‬روى عن أبي هريرة وأبي بكرة‪ .‬قال ابن سيرين‪ :‬هو أفقه أهل البصرة‪ .‬انظر‪ :‬الكاشف‬
‫(‪ ،)535/8‬وتقريب التهذيب (ص‪.)873 :‬‬
‫(‪ ) 5‬هم‪ :‬القدرية الغالة‪ ،‬نفاة العلم السابق القائلين‪ :‬أن األمر أنف أي‪ :‬مستأنف لم يسبق به سابق قدر وال علم من‬
‫الله تبارك وتعالى‪ .‬وأول من أظهر هذا القول معبد الجهني‪ ،‬وذلك في أواخر عهد الصحابة‪ ،‬وقد نص األئمة‬
‫كمالك وأحمد والشافعي على تكفيرهم‪ .‬انظر‪ :‬صيانة صحيح مسلم (ص‪ ،)855 :‬ورسالة في تحقيق مسألة‬
‫علم الله البن تيمية (ص‪.)870 :‬‬
‫(‪.)57/8( )6‬‬
‫(‪ )7‬أخرجه الدارمي في سننه (‪ ،)875/8‬وابن أبي شيبة في مصنفه (‪ ،)834/3‬وابن جرير الطبري في تفسيره‬
‫(‪.)733/5‬‬
‫‪008‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ‬ ‫‪ 5‬ـ إرسال علي بن أبي طالب ‪َ ‬‬
‫لمناظرة الخوارج‪ ،‬ورجوع الكثير منهم إلى قوله(‪.)1‬‬
‫كما أن القول بقبول خبر الواحد في العقائد أمر مجمع عليه بين السلف في‬
‫روايتهم ألحاديث ال صفات ومسائل القدر‪ ،‬وأصول اإليمان‪ ،‬والشفاعة والحوض‪ ،‬والجنة‬
‫والنار‪ ،‬والوعد والوعيد‪ ،‬وفضائل النبي ‪ ‬ومناقب أصحابه‪ ،‬وأخبار األنبياء المتقدمين‪،‬‬
‫وغير ذلك مما يكثر ذكره‪ .‬فإذا قلنا خبر الواحد ال يجوز أن يوجب العمل حملنا أمر‬
‫األمة في نقل هذه األخبار على الخطأ‪ ،‬وجعل ناهم الغين هاذين‪ ،‬مشتغلين بما ال يفيد‬
‫أحداً شيئاً وال ينفعه‪ ،‬ويصير كأنهم قد دونوا في أمور الدين ما ال يجوز الرجوع إليه‬
‫واالعتماد عليه(‪.)2‬‬
‫ثم إن هذا القول في األصل منبني على أساس أن العقيدة ال يقترن معها عمل‪،‬‬
‫واألحكام العملية ال يقترن معها عقيدة‪ ،‬وكال األمرين باطل‪.‬‬
‫قال ابن الموصلي ناقالً عن بعض أهل التحقيق‪(( :‬الفرعيات‪ :‬هي المسائل العملية‬
‫والمطلوب منها أمران‪ :‬العلم والعمل‪ .‬والمطلوب من العلميات العلم والعمل أيضاً‪ ،‬وهو حب‬
‫القلب وبغضه وحبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته‪ ،‬وبغضه للباطل الذي يخالفها‪ ،‬فليس‬
‫العمل مقصوراً على عمل الجوارح‪ ،‬بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح‪ ،‬وأعمال الجوارح‬
‫تبع‪ ،‬فكل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه‪ ،‬وذلك عمل‪ ،‬بل هو أصل‬
‫العمل‪ ،‬وهذا مما غفل عنه كثير من المتكلمين في مسائل اإليمان حيث ظنوا أنه مجرد‬
‫التصديق دون األعمال‪ ،‬وهذا من أقبح الغلط وأعظمه‪ ،‬فإن كثيراً من الكفار كانوا جازمين‬
‫بصدق النبي ‪ ‬غير شاكين فيه‪ ،‬غير أنه لم يقترن بذلك التصديق عمل القلب من حب ما‬
‫جاء به والرضا به وإرادته والمواالة والمعاداة عليه‪.‬‬
‫فال تهمل هذا الموضع فإنه مهم جداً به تعرف حقيقة اإليمان‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪.)804/88‬‬


‫(‪ )2‬مختصر الصواعق (‪ 8333/4‬ـ ‪ .)8338‬مع االختصار‪.‬‬
‫‪008‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫فالمسائل العلمية ع ملية‪ ،‬والمسائل العملية علمية؛ فإن الشارع لم يكتف من‬
‫بمجرد العلم دون‬
‫َّ‬ ‫بمجرد العمل دون العلم‪ ،‬وال في العلميات‬ ‫َّ‬ ‫المكلفين في العمليات‬
‫العمل))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫وأوضح ذلك العالمة األلباني ـ رحمه الله ـ فقال‪(( :‬ومما يوضح لك أنه ال بد من‬
‫اقتران العقيدة في العمليات أيضاً أو األحكام‪ :‬أنه لو افترض أن رجالً يغتسل أو يتوضأ‬
‫للنظافة‪ ،‬أو يصلي تريضاً‪ ،‬أو يصوم تطبباً‪ ،‬أو يحج سياحة‪ ،‬ال يفعل ذلك إال معتقداً أن الله‬
‫تبارك وتعالى أوجبه عليه وتعبده به لما أفاده شيئاً‪ ،‬كما ال تفيده معرفة القلب إذا لم تقترن‬
‫بعمل القلب الذي هو التصديق كما تقدم(‪.)2‬‬
‫فإذن كل حكم شرعي عملي يقترن به عقيدة ـ وال بد ـ ترجع إلى اإليمان بأمر غيبي‬
‫ال يعلمه إال الله تعالى‪ ،‬ولوال أنه أخبرنا به في سنة نبيه ‪ ‬لما وجب التصديق به والعمل‬
‫به‪ .‬ولذلك لم يجز ألحد أن يحرم أو يحلل بدون حجة من كتاب أو سنة‪ .‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ [النحل‪ .]883:‬فأفادت هذه اآلية الكريمة أن التحريم والتحليل بدون إذن منه‬
‫كذب على الله تعالى وافتراء عليه‪ ،‬فإذا كنا متفقين على جواز التحليل والتحريم بحديث‬
‫التقول على الله‪ ،‬فكذلك يجوز إيجاب العقيدة بحديث اآلحاد‬ ‫اآلحاد‪ ،‬وأننا به ننجو من َّ‬
‫وال فرق‪ ،‬ومن ادعى الفرق فعليه البرهان من كتاب الله وسنة رسوله ‪ ،‬ودون ذلك خرط‬
‫القتات!))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫ثم إن القول بعدم األخذ بخبر الواحد تلزم منه لوازم كفرية باطلة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 8‬ـ رفع الثقة بالشريعة كلها‪ ،‬ألن تسعة أعشار الشريعة آحاد‪ ،‬فالمتواتر قليل‪.‬‬
‫وأوصله بعضهم إلى ثالثمائة حديث‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ وإذا رفعت الثقة بالشريعة بطل العمل بها‪.‬‬

‫(‪ )1‬مختصر الصواعق المرسلة (‪ 8307/4‬ـ ‪ .)8300‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)553/88‬‬


‫(‪ )2‬في هذا التقرير نظر‪ .‬وقد تقدم أنه ال فرق بين معرفة القلب وتصديقه الخالي من االنقياد؛ فاإليمان ال يصح إال‬
‫مع انقياد الجوارح‪.‬‬
‫(‪ )3‬وجوب األخذ بحديث اآلحاد في العقيدة (ص‪ 87 :‬ـ ‪.)80‬‬
‫‪008‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫‪ 5‬ـ أن هذا القول يلزم منه القدح في الرب سبحانه وتعالى‪ ،‬ألنه أرسل آحاداً‪ ،‬وكتباً‬
‫ال تَـْبـلُغ للناس بطريق يثبت عند هؤالء‪ .‬فتكون الشريعة عبث‪ .‬أو أنها وقتية تقوم بها الحجة‬
‫على من عاصر الرسول ‪ ‬فقط‪.‬‬
‫والجدير بالذكر هنا أن عدم األخذ بخبر الواحد من األسباب التي َّأدت إلى‬
‫اإلعراض عن السنة دراسةً واتباعاً‪.‬‬
‫وهناك أصول وقواعد أخرى أقامها الخلف َّأدت أيضاً إلى اإلعراض عن دراسة‬
‫السنة واتباعها(‪ )1‬ذكرها أ هل العلم تجدر اإلشارة إليها هنا؛ هي‪:‬‬
‫أ ـ تقديم القياس على خبر اآلحاد(‪.)2‬‬
‫ب ـ رد خبر اآلحاد إذا خالف األصول(‪.)3‬‬
‫جـ ـ رد الحديث المتضم ن حكماً زائداً على نص القرآن بدعوى أن ذلك نسخ‬
‫له والسنة ال تنسخ القرآن(‪.)4‬‬
‫د ـ عدم جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد(‪.)5‬‬
‫هـ ـ تقديم عمل أهل المدينة على الحديث الصحيح(‪.)6‬‬
‫ي ـ القول بانقطاع االجتهاد في هذه األعصار وتحريم أخذ األحكام من أدلتها‬
‫الشرعية‪ ،‬واالكتفاء بالتقليد‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المنازعة ألقدار الله تعالى بالتسخط منها‪:‬‬
‫التسليم لقضاء الله وقدره بقبوله بالرضى وترك المنازعة من مقتضيات التوحيد‪،‬‬
‫ألن مفهوم التوحيد عام يشمل أَ ْم َر الرب وفعلَه بالعبد ‪ ،‬والقدر هو فعل الرب؛ فالواجب‬
‫التسليم له كما يُسل م لألمر‪ ،‬وذلك بترك التسخط والتردد‪ .‬فعدم التسليم لفعل الرب ينافي‬
‫كمال القبول لشهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬

‫(‪ )1‬المصدر السابق (ص‪.)48 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إعالم الموقعين (‪ .)833/8‬والحديث حجة بنفسه لأللباني (ص‪.)48 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬إعالم الموقعين (‪ .)878/8‬والحديث حجة بنفسه (ص‪.)48 :‬‬
‫(‪ )4‬الحديث حجة بنفسه (ص‪ .)48 :‬وانظر‪ :‬األحكام لآلمدي (‪)888/8‬‬
‫(‪)5‬الحديث حجة بنفسه (ص‪ .)48 :‬وانظر‪ :‬إرشاد الفحول (‪.)338/8‬‬
‫(‪ )6‬الحديث حجة بنفسه (ص‪.)48 :‬‬
‫‪005‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ووجه ذلك أن من مقتضيات القبول لشهادة أن ال إله إال الله الرضى بربوبية الله‬
‫يتضمن الرضى بتدبيره لعبده‪ ،‬ويتضمن إفراده بالتوكل عليه‪،‬‬ ‫تعالى‪ ،‬وذلك ـ كما تقدم ـ (( َّ‬
‫واالستعانة به‪ ،‬والثقة به‪ ،‬واالعتماد عليه‪ ،‬وأن يكون راضياً بكل ما يَفعل به؛ فاألول‪:‬‬
‫يتضمن رضاه بما يـُ َقدر عليه))(‪ ،)1‬وترك التسليم لقضاء‬ ‫يتضمن رضاه بما يؤمر به‪ ،‬والثاني‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫الله ينافي هذا الرضى‪.‬‬
‫وبذلك يتبين عالقة القدر بربوبية الله تعالى‪ ،‬وأنه من مقتضيات الربوبية‪ ،‬فالواجب‬
‫مقابلة ما يقدره الله على العبد من المصائب والمحن بالرضى والقبول وترك المنازعة والتسخط‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء في الرضى بالمقدور هل هو واجب أو مستحب؟ على قولين‬
‫مشهورين عند أهل السنة؛ والصحيح أنه مستحب(‪.)2‬‬
‫وأما الرضى بالقدر الذي هو وصف الرب سبحانه وتقديره وفعله وحكمته فذلك‬
‫واجب باتفاق أهل السنة‪.‬‬
‫يقول ابن القيم‪(( :‬وأما القضاء الذي هو وصفه سبحانه وفعله؛ كعلمه وكتابته وتقديره‬
‫ومشيئته فالرضا به من تمام الرضا بالله رباً وإلهاً ومالكاً ومدبراً))(‪.)3‬‬
‫وبعض أهل العلم ذكر تفصيالً حسناً في هذه المسألة حيث بيَّن أن القضاء الذي‬
‫هو فعل الرب أنواع يختلف الحكم فيها بحسب هذه األنواع(‪:)4‬‬
‫شرعي‪ ،‬فهذا الرضى به واجب‪ ،‬من أفرض الفروض‪ ،‬بل‬ ‫ٌ‬ ‫وح ْك ٌم‬
‫أحدها‪ :‬قضاء ديني ُ‬
‫ال يتم اإليمان إال به قال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞﭟﭠ‬
‫[األحزاب‪ ،]53 :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ إلى آخر اآلية [النساء‪ ،]33 :‬فيجب على‬
‫كل مؤمن أن يرضى بأحكام الله الشرعية ويتلقاها بالقبول والسمع والطاعة‪ ،‬ولهذا قال‬
‫المؤمنون ملتزمين لها‪ :‬سمعنا وأطعنا‪.‬‬

‫(‪ )1‬تقدم أنه من كالم ابن القيم‪ .‬انظر‪( :‬ص‪.)033 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شفاء العليل (ص‪ ،)438 :‬ومجموع الفتاوى (‪.)838/88‬‬
‫(‪ )3‬شفاء العليل (ص‪.)438 :‬‬
‫(‪ )4‬المراد بالحكم هنا بالنسبة للمقدور ال لذات القدر الذي هو وصف الله وفعله؛ فلينتبه‪.‬‬
‫‪004‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫الثاني‪ :‬قضاؤه على عبده فيما يحب للعبد من صحة بدنه وسعة رزقه وحصول‬
‫منافعه واندفاع مضاره‪ ،‬فهذا ال بد له فيه من الرضى طبعاً ألنه من مطالب النفوس‪ ،‬ولكن‬
‫يجب في هذا النوع الشكر لله والثناء عليه بما أولى‪ ،‬والحذر من األشر والبطر والعصيان‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬قضاؤه على عبده المكاره والمصائب فبعض العلماء يرى وجوب الرضى‬
‫بها‪ ،‬وأكثر العلماء ـ وهو الصحيح ـ أن الرضى مستحب‪ .‬والرضى فيها غير الصبر فإن الصبر‬
‫واجب باالتفاق‪ ،‬فالصبر أن ال يتسخطها بقلبه وال بلسانه وال بجوارحه‪ ،‬فإذا صبَّر نفسه عن‬
‫هذا السخط فهو صابر‪ ،‬ولو كان قلبه يحب أن ال يكون المصيبة‪ ،‬وأما الرضى فهو على‬
‫ذلك قلبه راضي وبما قسم الله غير مختار على ربه‪ ،‬وهذا أعلى؛ ألنه متضمن الصبر وزيادة‬
‫طمأنينة القلب‪ ،‬وأن ال يكون له إرادة تخالف ما قضاه الله عليه‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬قضاؤه على عبده الطاعات والمعاصي؛ فيجب الرضاء بالطاعات الواقعة منه‬
‫ومن غيره ومحبتها‪ ،‬وكراهة المعاصي الواقعة منه ومن غيره‪ .‬فالرضى والكراعة في هذين‬
‫النوعين يرجعان إلى فعل العبد‪ ،‬وذلك راجع إلى موافقة الرب في محبته للطاعات وكراهته‬
‫للمعاصي‪ ،‬وحكمه بالتفريق بينهما في أحكام الدنيا واآلخرة؛ فعلينا أن نوافق الله في ذلك‪،‬‬
‫وأما من جهة تقدير الله وفعل الرب التي نشأت عنه؛ فعلينا أن نرضى بها من هذه الجهة‬
‫موافقين لربنا في ذلك‪ ،‬فإنه قضى الخير والشر‪ ،‬وأحب الخير وكره الشر الواقع بالعباد‪ ،‬فهذا‬
‫التفصيل يزول اإلشكال في هذه المسألة العظيمة التي تحتاج إلى فرقان عملي‪ ،‬ومن لم‬
‫يفرق هذا التفريق وقع في أنواع من الخطأ والجهاالت‪ ،‬والله أعلم(‪.)1‬‬
‫‪ 3‬ـ االعتراض على حكمة الله في خلقه وأمره بأن يظن ب أن مقتضى الحكمة خالف ما‬
‫وقدر(‪ :)2‬فهذا من الرد المنافي للقبول‪ .‬فالتسليم التخلص من‬ ‫شرع وخالف ما قضى َّ‬
‫ذلك‪ :‬بأن يُظَن بالله تعالى كمال الحكمة في خلقه وأمره‪ ،‬كما قال تعالى عن نفسه‪:‬‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ [النمل‪ ،]3:‬وقال‪ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫[فصلت‪ .]48 :‬هذا في شأن األمر‪ .‬وأما في شأن الخلق فقال عن نفسه‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ [األنبياء‪.)3(]83 :‬‬

‫(‪ )1‬مجموع الفوائد واقتناص األوابد‪ ،‬للسعدي (ص‪ 11 :‬ـ ‪.)18‬‬


‫(‪)2‬طريق الهجرتين (ص‪ )33 :‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفصيل ذلك في شفاء العليل (ص‪ 547 :‬ـ ‪ )440‬مبحث الجواب على شبه النافين للحكمة والتعليل‪.‬‬
‫‪003‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫ومن الف َرق المخالفة في ذلك أدعياء الحكمة والتعليل من المعتزلة حيث‬
‫يعترضون على كثير من أحكام الله تعالى بحجة أنها تنافي الحكمة وتعارض األصلح في‬
‫حق الله تعالى‪ .‬ولذا جعلوا من أصولهم وجوب مراعاة األصلح على الله تعالى‪ ،‬وذلك‬
‫الح َس َن في حق الله تعالى ما استحسنه‬ ‫بمقتضى العقل ال بمقتضى الشرع‪ ،‬ولذا جعلوا َ‬
‫ورَّده لذاته(‪.)1‬‬
‫العقل وقَبلَه لذاته‪ ،‬والقبيح ما استقبحه العقل َ‬
‫وأما أهل السنة والجماعة فإنهم توس طوا بين الفرق‪ ،‬فلم ينكروا الحكمة والتعليل‬
‫في أفعال الله كما تفعله الجبرية ولم يغلوا في هذا الباب كما تفعله المعتزلة بل قالوا إن‬
‫أن الواجب التسليم لحكم‬ ‫الله يفعل لحكمة‪ ،‬وهذه الحكمة قد تظهر لنا وقد ال تظهر‪ ،‬و َّ‬
‫الله تعالى ظهرت حكمته أو لم تظهر‪.‬‬
‫لح ْكم تظهر حكمته بمحض العقل ـ‬ ‫وهذا بإزاء المعتزلة‪ ،‬فإنهم ال يُسلمون إال ُ‬
‫عندهم ـ ال الشرع(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شفاء العليل (ص‪ ،)448 :‬ومجموع الفتاوى (‪ 38/0‬ـ ‪ .)38‬وانظر‪ :‬لتقرير مذهبهم المعتمد ألبي الحسين‬
‫البصري (‪.)783/8‬‬
‫(‪ )2‬وقد أبطل أهل السنة هذا المذهب بما يأتي‪:‬‬
‫حسن العقل أو قبَّح لذاته‪ ،‬لما اختلف الفعل الواحد ُح ْسناً وقُبحاً‪ ،‬لكنه اختلف‪ ،‬فال يكون كل منهما‬
‫أنه لو َّ‬
‫ذاتياً‪ ،‬ألن ما بالذات ال يختلف‪ ،‬وإال لزم اجتماع النقيضين‪.‬‬
‫بيان المالزمة‪ :‬هو أن الذاتي للشيء ال ينفك عنه‪ ،‬فيستلزم ذلك أن ال يختلف‪ ،‬ألنه يؤدي إلى االنفكاك‪.‬‬
‫حداً‪ ،‬ويقبح ظلماً‪ ،‬والكذب‬ ‫بيان دفع التالي هو‪ :‬أن الفعل الواحد يحسن تارةً‪ ،‬ويقبح أخرى؛ فالقتل يحسن َّ‬
‫يحسن انقاذاً لنبي أو مظلوم‪ ،‬ويقبح إهالكاً لنبي أو مظلوم‪ .‬فلو كان قبحهما ذاتياً لهما لكانا قبيحْين أين ُوجدا‪.‬‬
‫وكذلك ما نُسخ من الشريعة‪ ،‬لو كان حسنه لذاته‪ ،‬لم يَستَحل قبيحاً‪ ،‬ولو كان قبحه لذاته‪ ،‬لم يَستَحل حسناً‬
‫بالنسخ‪.‬‬
‫وأيضاً‪ :‬لو كان الفعل حسناً لذاته المتنع الشارع من نسخه قبل إيقاع المكلَّف له وقبل تمكنه منه‪ ،‬ألنه إذا كان‬
‫حسناً لذاته فهو ُمنشأٌ للمصلحة الراجحة‪ ،‬فكيف يُنسخ ولم تحصل منه تلك المصلحة؟ وأجاب المعتزلة عن‬
‫وجوزوا وقوع النسخ قبل‬
‫هذا بالتزامه ومنعوا النسخ قبل وقت الفعل‪ .‬ونازعهم جمهور هذه األمة في هذا األصل َّ‬
‫حضور وقت الفعل‪ ،‬واستدلوا عليه بالوقوع‪.‬‬
‫انظر‪ :‬مفتاح دار السعادة ( ‪ ،) 87،48 / 8‬والمعتمد ( ‪ 483 / 8‬ـ ‪ ،) 487‬وروضة الناظر ( ‪،) 884 / 8‬‬
‫والوصف المناسب (ص‪.) 44 :‬‬
‫‪003‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬

‫وهذا عين ال محادة والمنازعة ألمر الله تعالى؛ فبعقل َم ْن يُوزن حكم الله‬
‫ورسوله؟!!‬
‫وقد بيَّ ن ابن القيم ـ رحمه الله ـ خطورة هذا المسلك وما يؤدي إليه من ضعف‬
‫القبول واالنقياد أو تركه بالكلية فقال ـ رحمه الله ـ‪ (( :‬ومن العلل التي توهن االنقياد‪ :‬أن‬
‫يُعلَّل الحكم بعلة ضعيفة‪ ،‬لم تكن هي الباعثة عليه في نفس األمر‪ .‬فيضعف انقياد العبد‬
‫إذا قام عنده أن هذه هي علة الحكم‪ .‬ولهذا كانت طريقة القوم عدم التعرض لعلل‬
‫التكاليف خشية هذا المحذور‪.‬‬
‫وفي بعض اآلثار القديمة‪« :‬يا بني إسرائيل ال تقولوا‪ :‬ل َم أََمر ربنا؟ ولكن قولوا‪:‬‬
‫ب َم أََمر ربنا؟»‪.‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فإنه إذا لم يُمتَـثَل األمر حتى تظهر له علتُه‪ ،‬لم يكن منقاداً لألمر‪ .‬وأقل‬
‫درجاته‪ :‬أن يضعف انقياده له‪.‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فإنه إذا نظر إلى ح َك م العبادات والتكاليف ـ مثالً ـ وجعل العلَّة فيها هي‪:‬‬
‫جمعية القلب‪ ،‬واإلقبال به على الله‪ .‬فقال‪ :‬أنا أشتغل بالمقصود عن الوسيلة‪ .‬فاشتغل‬
‫بجمعيته وخلوته عن أوراد العبادات فعطلها‪ ،‬وترك االنقياد بحمله األمر على العلة التي‬
‫أذهبت انقياده‪.‬‬
‫وكل هذا من ترك تعظم(‪ )1‬األمر والنهي‪ .‬وقد دخل من هذا الفساد على كثير من‬
‫الطوائف ما ال يعلمه إال الله‪ ،‬فما يُدرى ما أوهنت العلل الفاسدة من االنقياد لله؛ فكم‬
‫وحرمت من مباح؟ وهي التي اتفقت كلمة‬ ‫عطلت لله من أمر‪ .‬وأباحت من نهي‪َّ .‬‬
‫السلف على ذم ها))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫فهذه بعض الصور المنافية لشرط القبول ووجوه منافاتها‪ .‬وبها نختم الكالم على‬
‫شرط القبول‪ ،‬وهناك مباحث أخرى متعل قة بهذا الشرط ستأتي في شرط االنقياد‪ ،‬وذلك‬
‫لشمول القبول لالنقياد كما تقدم‪ ،‬وكما سيأتي‪.‬‬

‫(‪ )1‬كذا في األصل‪.‬‬


‫(‪ )2‬مدارج السالكين (‪ 437/8‬ـ ‪.)430‬‬
‫‪007‬‬ ‫شرط القبول لما دلَّت عليه ال إله إال الله‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط االنقياد بحقوقها‪.‬‬


‫وتحته تمهيد‪ ،‬وثمانية مباحث‪:‬‬
‫وحده الذي يشترط في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى االنقياد ُّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع االنقياد‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الفرق بين االنقياد والقبول‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على كون االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن ال‬
‫إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في‬
‫شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬الموافاة على شهادة أن ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط االنقياد بحقوق هذه الكلمة‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬المخالفون في شرط االنقياد‪.‬‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‪:‬‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫االنقياد من شروط شهادة أن ال إله إال الله(‪ .)1‬ووجه اشتراطه أن اإليمان عند أهل‬
‫السنة قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح واألركان‪ ،‬فاإليمان الصحيح المعتبر ما‬
‫جمع هذه األمور الثالثة‪ :‬قول اللسان‪ ،‬واعتقاد الجنان‪ ،‬وعمل الجوارح‪ .‬وشرط االنقياد‬
‫يحقق عمل الجوارح‪ ،‬إذ هو المقصود كما سيأتي في حد االنقياد‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ناقالً عن أبي طالب المكي(‪ )2‬في وجه اشتراطه‪(( :‬ال‬
‫إيمان لمن ال إسالم له‪ ،‬وال إسالم لمن ال إيمان له‪ ،‬إذ ال يخلو المسلم من إيمان به يصح‬
‫إسالمه‪ ،‬وال يخلو المؤمن من إسالم به يحقق إيمانه من حيث اشترط الله لألعمال‬
‫الصالحة اإليمان‪ ،‬واشترط لإليمان األعمال الصالحة فقال في تحقيق ذلك‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [األنبياء‪ .]89 :‬وقال في تحقيق اإليمان بالعمل‪ :‬ﰆ ﰆ ﰆ‬
‫ﰆ ﰆ ﰆ ﰆ ﰆ ﰆ ﰆ ﰆ [طـه‪.]57:‬‬
‫فمن كان ظاهره أعمال اإلسالم وال يرجع إلى عقود اإليمان بالغيب فهو منافق نفاقاً‬
‫ينقل عن الملة‪.‬‬
‫ومن كان عقده اإليمان بالغيب وال يعمل بأحكام اإليمان وشرائع اإلسالم فهو كافر‬
‫كفراً ال يثبت معه توحيد‪ .‬ومن كان مؤمناً بالغيب مما أخبرت به الرسل عن الله عامالً بما‬
‫أمر الله فهو مؤمن مسلم‪ ،‬ولوال أنه كذلك لكان المؤمن يجوز أن ال يسمى مسلماً‪ ،‬ولجاز‬
‫أن المسلم ال يسمى مؤمناً بالله‪ .‬وقد أجمع أهل القبلة على أن كل مؤمن مسلم وكل مسلم‬
‫مؤمن بالله ومالئكته وكتبه‪.‬‬
‫قال‪ :‬ومثل اإليمان في األعمال كمثل القلب في الجسم ال ينفك أحدهما عن اآلخر‬

‫(‪ )1‬بعض أهل العلم يعبر عنه بشرط االلتزام‪ .‬يقول المعلمي ـ رحمه الله ـ في صدد بيانه لهذه الشروط‪(( :‬ومنها أن‬
‫يكون النطق على سبيل االلتزام))‪[ .‬رفع االشتباه (ص‪.])63 :‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬محمد بن علي بن عطية‪ ،‬أبو طالب المكي‪ ،‬الزاهد الواعظ‪ ،‬صاحب «قوت القلوب»‪ ،‬نشأ بمكة‪ ،‬حدث‬
‫عن علي بن أحمد المصيصي والمفيد‪ ،‬وكان مجتهداً في العبادة‪ .‬حدث عنه عبد العزيز األزجي وغيره‪ .‬وله في‬
‫قوت القلوب أقوال منكرة في الصفات‪ .‬مات سنة ست وثمانين وثالثمئة‪ .‬انظر‪ :‬ميزان االعتدال (‪ 36233‬ـ‬
‫‪ ،)235‬ولسان الميزان (‪.)633/7‬‬
‫‪883‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ال يكون ذو جسم حي ال قلب له وال ذو قلب بغير))(‪.)1‬‬


‫ومن وجوه اشتراطه أيضاً‪ :‬أن االنقياد معناه االستسالم واإلذعان‪ ،‬وعدم التعقيب لشيء‬
‫من أحكام الله‪ ،‬ومنه س ِّمي المسلم‪ ،‬ألنه منقاد مستسلم الوجه لله؛ فهو أصل اإلسالم‬
‫وسبب اسمه‪.‬‬
‫قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ في تفسيره ل قوله تعالى‪:‬‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[البقرة‪(( :]112:‬وأصل اإلسالم االستسالم‪ ،‬ألنه من استسلمت له‪ .‬وهو الخضوع‬ ‫ﰀ‬
‫سمي المسلم مسلماً لخضوع جوارحه لطاعة ربِّه))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬ ‫ألمره‪ .‬وإنما ِّ‬
‫ومن الوجوه الدالة على اشتراطه أيضاً‪ :‬أن من أعمال الجوارح ـ التي تحقق معنى االنقياد‬
‫ـ ما يكون تركه كفراً؛ كالصالة‪ ،‬كما سيأتي تحقيقه في مسألة ترك العمل المنافي لشرط‬
‫االنقياد‪.‬‬
‫ومن هذه الوجوه أيضاً الدالة على اشتراطه‪ :‬أن شهادة أن ال إله إال الله الزمة لشهادة‬
‫أن محمداً رسول الله؛ وهي تقتضي طاعة النبي ‪ ‬فيما أمر واالنتهاء عن ما عنه نهى‬
‫وزجر‪ ،‬وذلك هو حقيقة االنقياد كما سيأتي‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما الرضى بنبيه رسوالً‪ :‬فيتضمن كمال االنقياد له‬
‫والتسليم المطلق إليه))‪.‬‬
‫وقال في مقام مشابه‪(( :‬إن أول مراتب تعظيم الحق ‪ :‬تعظيم أمره ونهيه‪ ،‬وذلك‬
‫المؤمن يعرف ربه ‪ ‬برسالته التي أرسل بها رسول الله ‪ ‬إلى كافة الناس‪ ،‬ومقتضاها‬
‫االنقياد ألمره ونهيه))(‪.)3‬‬
‫ومن الوجوه أيضاً‪ :‬أن االنقياد الصادق به تمام القبول‪ ،‬ألن من قبِّل انقاد‪ ،‬ومن لم ينق ْد‬
‫كان ذلك طعناً في قبوله؛ والطعن في القبول قدح في اإليمان‪ ،‬ألن القبول شرط في صحة‬
‫اإليمان كما تقدم‪.‬‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)666/5‬‬


‫(‪ )2‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ .)962/6‬وانظر‪ :‬الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما (ص‪.)138 :‬‬
‫(‪ )3‬الوابل الصيب (ص‪.)23 :‬‬
‫‪881‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ومن وجوه اشتراط االنقياد أيضاً‪ :‬أن جانب االلتزام(‪ )1‬هو المغلب في شهادة أن ال إله‬
‫المحارب‪ ،‬وإن لم يسمع شيئاً من البراهين المبطلة‬ ‫ِّ‬ ‫إال الله‪ ،‬بداللة االكتفاء بها من المشرك‬
‫للشرك‪ .‬ففي الحديث أن أم سليم؛ وهي أم أنس بن مالك‪ ،‬بعد تأيُّ ِّمها(‪ )2‬من أبيه‪ ،‬جاء أبو‬
‫طلحة يخطبها وهو مشرك‪ ،‬فأبت عليه إال أن ي ْسلِّم‪ ،‬فذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم لي ْسلِّم‪ ،‬فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال‪« :‬جاء أبو طلحة غرة اإلسالم‬
‫بين عينيه»(‪.)3‬‬
‫بل قال تبارك وتعالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫[الحجرات‪.]19 :‬‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ‬
‫فهؤالء شهدوا أن ال إله إال الله على سبيل االلتزام‪ ،‬وقبلت منهم‪ ،‬مع شهادة أن ال إله‬
‫إال الله تعالى عليهم بأنه لم يدخل اإليمان في قلوبهم‪ ،‬وبذلك انتفى صدق االعتراف‪،‬‬
‫وانتفى التصديق‪ ،‬وانتفى الرضا الحقيقي‪ ،‬فلم يبق إال االلتزام؛ فتدبر‪.‬‬
‫وقد قال العلماء أن ((لما)) النافية تشعر بأن المنفي سيقع بعد ذلك(‪.)4‬‬
‫ومن األوجه أيضاً التي ذكرها أهل العلم في اشتراط االنقياد أن من مراتب الشهادة ـ كما‬
‫تقدم ـ اإلعالم واإلخبار‪ ،‬وهو نوعان‪ :‬إعالم بالقول‪ ،‬وإعالم بالفعل‪ ،‬وهذا شأن كل م ْعلِّم لغيره‬
‫بأمر‪ ،‬تارة يـ ْعلِّم به بقول‪ ،‬وتارة يـ ْعلِّم به بِِّّف ْعل‪ ،‬ولهذا كان من جعل داره مسجداً وأبرزها وفتح‬
‫طريقها وأذن للناس بالدخول والصالة فيها م ْعلِّماً أنها وقف وإن لم يتلفظ‪.‬‬
‫ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل قوله تعالى‪ :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏﮐ [التوبة‪ ]15 :‬فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه‪ ،‬وكذا القائل‬
‫لهذه الكلمة فال بد أن يشهد بعمله على صدق شهادته‪ ،‬وال يكون ذلك إال بانقياد في‬
‫الظاهر(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬االلتزام تقدم أنه العزم الصادق المثمر للعمل مع القدرة‪.‬‬


‫(‪ )2‬أي انقضت عدتها فصارت أيِّماً ال زوج لها‪ .‬انظر‪ :‬النهاية (‪.)87/1‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الطيالسي في مسنده (ص‪ )256 :‬رقم (‪ ،)2373‬والبيهقي في سننه (‪ ،)37/9‬وابن عساكر في تاريخه‬
‫(‪.)932/18‬‬
‫(‪ )4‬رفع االشتباه (ص‪ 65 :‬ـ ‪.)68‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الكواشف الجلية (ص‪ 68 :‬ـ ‪.)93‬‬
‫‪882‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫هذه بعض األوجه الدالة على اشتراط االنقياد لصحة الشهادة‪ ،‬وسيأتي من نصوص‬
‫الكتاب والسنة وأقوال سلف األمة ما يدل على صحة هذا االشتراط في المباحث المعنونة‬
‫لذلك‪.‬‬
‫والحديث عن شرط االنقياد سيكون تحت المباحث التالية‪:‬‬
‫‪886‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وحده الذي يشترط في شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى االنقياد ُّ‬
‫االنقياد معناه في اللغة‪ :‬مأخوذ من أصل ثالثي صحيح‪ ،‬هو‪(( :‬قـود))(‪.)1‬‬
‫وهذا األصل يدور في اللغة على معان عدة‪ ،‬والذي يهمنا هنا معنيان‪:‬‬
‫األول‪ :‬ما كان نقيض الس ْوق؛ فالق ْود من أمام والس ْوق من خلف‪ .‬يقال‪ :‬قاد البعير إذا‬
‫جره خلفه(‪.)2‬‬
‫وعلى هذا المعنى يكون االنقياد السير إثر الغير‪ .‬أي‪ :‬إتباعه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الخضوع(‪ .)3‬يقال‪ :‬ق ْدته فانقاد لي‪ ،‬إذا أعطاك مقادته وخضع لك(‪.)4‬‬
‫وعلى هذا‪ ،‬فيكون االنقياد خضوعاً وإذعاناً للغير‪.‬‬
‫وأما االنقياد في االصطالح فقد اختلفت فيه عبارات أهل العلم والمؤدى واحد‪.‬‬
‫فمما قيل في تعريفه‪:‬‬
‫قال ابن عقيل‪(( :‬والطاعة واالنقياد واإلتباع نظائر‪ ،‬فإنها االستجابة بسهولة))(‪.)5‬‬
‫وعرفه شيخ اإلسالم فقال‪(( :‬وهذا االنقياد واالستسالم هو نوع من اإلرادة والعمل))(‪.)6‬‬
‫وقال الطوفي‪(( :‬االنقياد هو المتابعة مع المطاوعة))(‪.)7‬‬
‫وقال ابن جبرين‪(( :‬االنقياد‪ :‬هو االستسالم واإلذعان‪ ،‬وعدم التعقيب لشيء من أحكام‬
‫الله تعالى))(‪.)8‬‬
‫حده وكلها يدور حول االستسالم والطاعة‪ ،‬واإلتباع‬ ‫هذه بعض أقوال أهل العلم في ِّ‬
‫وسرعة االستجابة‪.‬‬

‫(‪ )1‬مقاييس اللغة (‪.)68/7‬‬


‫(‪ )2‬لسان العرب (‪.)691/11‬‬
‫(‪ )3‬الخضوع هو التطامن والتواضع‪ .‬يقال‪ :‬خضع يخضع بفتح الضاد‪ .‬انظر‪ :‬مختار الصحاح (ص‪ ،)37 :‬وشرح‬
‫مختصر منهاج القاصدين (‪.)56/1‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الصحاح (‪.)728/2‬‬
‫(‪ )5‬الواضح في أصول الفقه (‪.)166/1‬‬
‫(‪ )6‬الصارم المسلول (‪ 835/6‬ـ ‪.)838‬‬
‫(‪ )7‬شرح مختصر الروضة (‪.)56/1‬‬
‫(‪ )8‬الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما (ص‪.)138 :‬‬
‫‪889‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫واالنقياد الشرعي يحصل بالعمل واإلذعان لما فرضه الله وترك ما حرمه والتزام ذلك‪.‬‬
‫ألن اإلسالم حقيقة‪ :‬أن يسلم العبد بقلبه وجوارحه لله‪ ،‬وينقاد له بالتوحيد والطاعة‪ ،‬ولنبيه‬
‫بصدق المتابعة(‪.)1‬‬
‫وبذلك يتبين تقارب المعنى اللغوي والمعنى االصطالحي الشرعي لالنقياد‪ ،‬وأن المعنى‬
‫الشرعي لالنقياد مستمد من المعنى اللغوي‪.‬‬
‫كما يظهر من هذا التعريف أيضاً أن االنقياد نوعان‪ :‬انقياد التألُّه وإقامة الوجه‪ ،‬وهذا لله‬
‫وحده‪ .‬وانقياد التشريع وطاعة األمر والنهي‪ ،‬وهذا للنبي وحده‪.‬‬
‫وأما المراد بشرط االنقياد فهو‪ :‬أقل ما يقع عليه اسم االنقياد المنافي للترك‪ ،‬وهو‬
‫االنقياد ألصل مقتضاها العملي(‪ ،)2‬وذلك إنما يحصل بأدنى العمل الظاهر الالزم لصحة‬
‫اإليمان المتحقق به‪ .‬وسيأتي بيان هذا القدر من العمل الظاهر الذي يتحقق به شرط‬
‫االنقياد عند الكالم على مراتب األعمال في مبحث ما ينافي شرط االنقياد‪ ،‬ألنه األلصق‬
‫مقاماً به‪.‬‬
‫واالنقياد كما أنه يكون بالظاهر‪ ،‬فإن له أصالً في الباطن‪ ،‬وتفصيل ذلك في المبحث‬
‫التالي‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الدرر السنية (‪ ،)279/2‬ومختصر العقيدة اإلسالمية (ص‪.)78 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬منهاج التأسيس والتقديس (ص‪.)77 :‬‬
‫‪887‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع االنقياد‪.‬‬


‫وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االنقياد القلبي‪.‬‬
‫انقياد القلب المراد به محض عمل القلب وإذعانه‪ ،‬وذلك يشمل اعتقاد القلب وما يتبعه من‬
‫الحب والبغض واإلرادة‪ ،‬ويدخل في ذلك اعتقاد التحريم لما حرم الله واعتقاد ِّ‬
‫الحل لما أحله‬
‫الله‪.‬‬
‫ويتحقق ذلك بأن ي ِّ‬
‫عقد قلبه عقداً جازماً محكماً على إقامة دين الله تعالى‪ ،‬مع المحبة‬
‫لما فرضه الله والبغض لما حرمه الله(‪)1‬؛ فينقاد القلب انقياداً جازماً لطاعة الله وطاعة‬
‫رسوله‪ ،‬فيقصد ويريد فعل ما يـ ْق ِّدر عليه من محبوبات الله من واجب ومستحب قصداً‬
‫جازماً يترتب عليه وجود ما قصده وأراده‪ ،‬ويقصد اجتناب ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله‬
‫قصداً جازماً يقترن به الترك‪ ،‬وهذا هو معنى قوله‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ‬
‫[آل عمران‪ ،]186 :‬وقول المؤمنين‪ :‬ﮮ ﮯ [البقرة‪ ،]287 :‬ومنة الله عليهم بقوله‪:‬‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ (‪.)2‬‬
‫وهذا القصد واالعتقاد هو صالح القلب الموجب لصالح الظاهر‪ .‬فقد أخرج البخاري‬
‫في صحيحه(‪ )3‬من طريق النُّعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ قوله ‪« :‬أال وإن في‬
‫الجسد مضغةً‪ ،‬إذا صلحت صلح الجسد كلُّه‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد كلُّه‪ ،‬أال وهي‬
‫القلب»‪.‬‬
‫والذي يحقق هذا االعتقاد ـ كما تقدم ـ أعمال القلوب الالزمة ألصل اإليمان‪ ،‬وهي‬
‫كثيرة؛ ومنها‪ :‬الصدق‪ ،‬والمحبـة‪ ،‬واإلخـالص‪ ،‬والخـوف‪ ،‬والخشية‪ ،‬والرجاء‪ ،‬والرغبة‪،‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مختصر الصواعق المرسلة (‪ ،)1785/9‬ومجموع الفتاوى (‪ ،)663/11‬والصارم المسلول (‪ 835/6‬ـ‬
‫‪ ،)838‬وإغاثة اللهفان (‪.)8/1‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفوائد واقتناص األوابد للسعدي (ص‪ 98 :‬ـ ‪.)73‬‬
‫(‪( )3‬جـ‪ 22/1‬ـ ‪ )26‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬فضل من استبرأ لدينه ح (‪ .)72‬وأخرجه مسلم كتاب المساقاة‬
‫(‪ 1218/6‬ـ ‪ )1223‬ح (‪.)1788‬‬
‫‪883‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الرضى‪ ،‬وتعظيم الله سبحانه وتعالى(‪.)1‬‬ ‫والرهبة‪ ،‬والمراقبة‪ ،‬والتوكل‪ ،‬و ِّ‬
‫وهذه األعمال تضمنتها شروط كلمة التوحيد ـ كما تقدم ـ إما بالمطابقة‪ ،‬أو‬
‫بالتضمن‪ ،‬أو باالستلزام(‪.)2‬‬
‫ُّ‬
‫وبهذا يتبين أهمية االنقياد القلبي وعالقته بشروط كلمة التوحيد‪.‬‬
‫إال أن هذا االنقياد يتفاوت نظراً لتفاوت هذه األعمال‪ ،‬فما في القلوب من أعمال‬
‫وإيمان يتفاوت الناس فيه تفاوتاً عظيماً ال ينضبط بمقدار‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وما في القلوب‪ ،‬يتفاضل ال يعرف‬
‫مقادير ما في القلوب من اإليمان إال الله))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫ودليل هذا التفاضل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬النصوص الدالة على زيادة اإليمان ونقصانه‪ ،‬وهي كثيرة في الكتاب والسنة‪،‬‬
‫ومنها قوله تعالى‪ :‬ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ إلى قوله‪ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ [األنفال‪ 2 :‬ـ ‪ .]9‬وقوله‪ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [التوبة‪ ،]129 :‬وقوله‪ :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ [محمد‪ .]15 :‬ومن السنة قوله ‪« :‬أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»(‪،)4‬‬
‫وقوله‪« :‬م ْن أحب لله‪ ،‬وأبغض لله‪ ،‬وأعطى لله‪ ،‬ومنع لله فقد استكمل اإليمان»(‪ ،)5‬وقوله‬

‫(‪ )1‬المراد بتعظيم الله ‪ ‬تعظيم أمره ونهيه‪ ،‬فيكون تعظيم المؤمن ألمر الله تعالى ونهيه داالً على تعظيمه لصاحب‬
‫األمر والنهي‪ .‬يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الوابل الصيب (ص‪( :)23 :‬فبحسب هذا التعظيم يكون من‬
‫األبرار المشهود لهم باإليمان والتصديق‪ ،‬وصحة العقيدة والبراءة من النفاق األكبر)‪[ .‬وانظر‪ :‬لما قبله نفس‬
‫المصدر (ص‪.])23 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪.)167 :‬‬
‫(‪ )3‬منهاج السنة (‪ ،)222/3‬ومجموع الفتاوى (‪.)958/3‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود في كتاب السنة من سننه‪ ،‬باب‪ :‬الدليل على زيادة اإليمان ونقصانه (‪ )223/9‬ح (‪،)9382‬‬
‫والترمذي في كتاب الرضاع‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في حق المرأة على زوجها (‪ )933/6‬ح (‪ ،)1132‬والبيهقي في‬
‫السنن (‪ ،)182/13‬والحاكم في المستدرك (‪ .)69/1‬وقال‪ :‬صحيح على شرط مسلم‪ .‬وحكم األلباني ـ رحمه‬
‫الله ـ بأنه صحيح في مواضع من كتبه منها‪ :‬صحيح سنن أبي داود (‪ ،)223/9‬وصحيح الجامع (‪.)9382‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أبو داود في كتاب السنة من سننه‪ ،‬باب‪ :‬الدليل على زيادة اإليمان ونقصانه (‪ )223/9‬ح (‪،)9381‬‬
‫وابن أبي شيبة في المصنف (‪ ،)151/3‬والحاكم في المستدرك (‪ )158/2‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين‬
‫=‬
‫‪885‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫‪« :‬ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»(‪ ،)1‬وقوله‪« :‬يخرج من النار من كان في قلبه‬
‫مثقال حبة من خردل من إيمان»(‪.)2‬‬
‫ووجه االستدالل بها‪ :‬أن هذه األعمال هي حقائق اإليمان الذي في القلب‪ ،‬فزيادة‬
‫معنى‪.‬‬
‫اإليمان يقتضي تفاضلها في أنفسها وإال إذا تماثل الناس فيها لما كان لزيادة اإليمان ً‬
‫ثانياً‪ :‬بما علِّم بالضرورة التي يجدها العبد من نفسه من تفاضل هذه األعمال في‬
‫القلوب‪ ،‬والتفاوت في تحقيقها(‪.)3‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التالزم بين الظاهر والباطن؛ فإن هذه األعمال موجبة ومقتضية ألعمال الظاهر‬
‫ـ كما سيأتي توضيحه ـ‪ ،‬ونجد في الشاهد أن هذه األعمال متفاضلة‪ ،‬فتفاضل معلول هذه‬
‫األعمال يقتضي تفاضلها في أنفسها‪ ،‬وإال فإذا تماثلت األسباب الموجبة لزم تماثل موجبها‬
‫ومقتضاها؛ فتفاضل الناس في األعمال الظاهرة يقتضي تفاضلهم في موجب ذلك‬
‫ومقتضيه(‪.)4‬‬
‫وهذا التفاضل في أعمال القلوب يدل على تفاضل الناس في اإليمان‪ ،‬وأنهم ليسوا‬
‫على درجة واحدة فيه‪ ،‬وهو مما يشهد ألصل أهل السنة‪ :‬أن اإليمان يزيد وينقص وأهله‬
‫يتفاضلون فيه كما أشرنا لذلك مراراً‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬انقياد الجوارح‪.‬‬
‫المراد بانقياد الجوارح قيام هذه الجوارح بما شرع الله لها من أعمال اإليمان‬
‫الظاهرة‪ ،‬وهي كثيرة‪ .‬فمراتب األعمال متعددة‪ ،‬منها ما ال يصح اإليمان إال به‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫شرط للكمال الواجب إذ ينتفي كمال اإليمان بانتفائه‪ ،‬ومنها ما يكون شرطاً للكمال‬
‫المستحب‪ .‬وسيأتي بيان ذلك عند الكالم على مراتب هذه الشعب عند بيان ما ينافي‬
‫ــــــــــ‬
‫ولم يخرخاه‪ .‬والحديث حكم عليه األلباني بأنه صحيح في مواضع من كتبه؛ منها‪ :‬السلسلة الصحيحة (‪،)683‬‬ ‫=‬
‫وصحيح الترغيب والترهيب (‪.)6328‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب المظالم‪ ،‬باب النهبى بغير إذن صاحبه (جـ‪ )193/6‬ح (‪ ،)2959‬ومسلم في كتاب‬
‫اإليمان (‪ .)53/1‬وبوب عليه النووي‪ :‬باب بيان نقصان اإليمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على‬
‫إرادة نفي كماله‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان (جـ‪ ،)16/1‬باب‪ :‬تفاضل أهل اإليمان في األعمال ح (‪.)22‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)739/5‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)736/5‬‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫شرط االنقياد‪ ،‬ألنه األلصق مقاماً به كما تقدم‪.‬‬


‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين انقياد القلب وانقياد الجوارح‪.‬‬
‫هذه العالقة بين انقياد القلب وانقياد الجوارح هي عالقة استلزام ال ينفك ـ أبداً ـ في‬
‫عرف الشرع؛ حيث يلزم من انقياد القلب انقياد الجوارح كما يلزم من عدم انقياد الجوارح‬
‫عدم إيمان القلب التام‪.‬‬
‫وقد تقدم الحديث الدال على ذلك‪ ،‬وهو قوله ‪« :‬أال‪ ،‬وإن في الجسد مضغةً إذا‬
‫صلحت صلح الجسد كلُّه‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد كلُّه‪ ،‬أال‪ ،‬وهي القلب»(‪ ،)1‬فهو نص‬
‫صريح في بيان هذه المالزمة بين أعمال القلوب وأعمال الجوارح‪ ،‬وأن إيمان الباطن مستلزم‬
‫إليمان الظاهر‪ ،‬وفساد الظاهر دال على فساد الباطن(‪.)2‬‬
‫وقد ال يلزم العكس‪ .‬فال يلزم من إيمان الظاهر إيمان الباطن‪ ،‬وذلك الحتمال‬
‫النفاق؛ فإن المنافق يعمل في الظاهر وهو غير منقاد في الباطن‪.‬‬
‫ومما يبين هذا التالزم ما قرره أهل العلم من أن القصد التام مع القدرة يستلزم وجود‬
‫المراد ـ وال بد ـ؛ ((فمن الممتنع أن يكون قد حصل له اإلقرار والحب واالنقياد باطناً‪ ،‬وال‬
‫يحصل ذلك في الظاهر مع القدرة عليه‪ ،‬كما يمتنع وجود اإلرادة الجازمة مع القدرة بدون‬
‫وجود المراد‪.‬‬
‫وبهذا يعلم أن من آمن قلبه إيماناً جازماً‪ ،‬امتنع أن ال يتكلم بالشهادتين مع القدرة‪،‬‬
‫فعدم التكلُّم بالشهادتين مع القدرة مستلزم النتفاء اإليمان القلبي التام‪.‬‬
‫وبذلك يظهر خطأ جهم ومن اتبعه‪ ،‬في زعمهم أن مجرد إيمان القلب بدون اإليمان‬
‫الظاهر ينفع في اآلخرة‪ ،‬فإن هذا ممتنع؛ إذ ال يحصل اإليمان التام في القلب إال ويحصل‬
‫في الظاهر موجبه بحسب القدرة؛ فإن من الممتنع أن يحب اإلنسان غيره حباً جازماً‪ ،‬وهو‬
‫قادر على مواصلته‪ ،‬وال يحصل منه حركة ظاهرة إلى ذلك))(‪.)3‬‬
‫وأيضاً‪ :‬فإن صالح الباطن يبعث على األعمال الظاهرة‪ ،‬وذلك بما يقع في القلب من‬

‫(‪ )1‬مضى تخريجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)121/19‬‬
‫(‪ )3‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ 999 :‬ـ ‪ )997‬بتصرف يسير جداً‪ .‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪،)757/5‬‬
‫واألصفهانية (ص‪ 781 :‬ـ ‪ )786‬بتحقيق السعوي‪.‬‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته(‪.)1‬‬


‫فهذان وجهان من كالم أهل العلم في بيان هذا التالزم والترابط وشدة الصلة بين أعمال‬
‫القلوب وأعمال الجوارح‪.‬‬
‫وهناك وجه آخر ذكره شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ملخصه‪:‬‬
‫((أن اإلنسان إما أن يقول في أعمال الجوارح‪ :‬إنها من اإليمان وأنها ال تنفك عما في‬
‫القلب‪ ،‬بحيث إذا وِّجد اإليمان في القلب وجدت‪ ،‬وإذا زالت زال ما في القلب‪.‬‬
‫أو يقول‪ :‬إنها الزمة إليمان القلب ال تنفك عنه مرتبطة به‪ ،‬توجد بوجوده‪ ،‬ويعدم‬
‫اإليمان بعدمها‪.‬‬
‫فهذا الخالف خالف لفظي‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪:‬‬
‫((فإذا قال إنها من لوازمه‪ ،‬وأن اإليمان الباطن يستلزم عمالً صالحاً ظاهراً كان بعد ذلك‬
‫قوله‪ :‬إن تلك األعمال الزمة لمسمى اإليمان أو جزءاً منه نزاعا لفظياً))(‪.)2‬‬
‫أو يقول‪ :‬إنها ليست الزمة إليمان القلب بحيث يوجد اإليمان في القلب وال توجد‬
‫فيلزمه قول جهم بن صفوان الذي هو أفسد قول قيل في اإليمان وفساده معلوم بالضرورة‬
‫من الدين))(‪.)3‬‬
‫وأما نصوص أهل العلم في بيان هذا التالزم فهي كثيرة ال يحيط بها إحصاء؛ ومن‬
‫تلك النصوص ما يلي‪:‬‬
‫قال الحسن البصري‪ :‬ليس اإليمان بالتمني وال بالتحلي‪ ،‬ولكن ما وقر في القلب‬
‫وصدقته األعمال(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم (جـ‪ ،)121/13‬وجامع العلوم والحكم (ص‪.)36 :‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)789/5‬‬
‫(‪ )3‬ذكره ملخصاً الدكتور صالح العقيل في كتابه منـزلة اإليمان عند أهل السنة والجماعة (ص‪ .)19 :‬وانظر‪ :‬أصله في‬
‫مجموع الفتاوى (‪ 781/5‬ـ ‪.)789‬‬
‫(‪ )4‬رواه ابن أبي شيبة في اإليمان رقم (‪ ،)86‬وابن بطة في اإلبانة (‪ ،)837/2‬والبيهقي في شعب اإليمان‬
‫(‪ ،)83/1‬وأورده الحكيم الترمذي في نوادر األصول (‪ ،)13/6‬وأورده شيخ اإلسالم ابن تيمية في مجموع‬
‫الفتاوى (‪ 286/5‬ـ ‪ .)289‬ثم قال‪ :‬وهذا مشهور عن الحسن يروى عنه من غير وجه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫‪833‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فجعل ـ رحمه الله ـ مصداق إيمان القلب ودليله العمل الظاهر‪ ،‬فإذا انتفى العمل‬
‫الظاهر كان ذلك دليالً على انتفاء العمل الباطن(‪.)1‬‬
‫وقريب من قول الحسن ـ رحمه الله ـ ما جاء عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ـ رحمه‬
‫الله ـ‪(( :‬صالح القلب بصالح العمل‪ ،‬وصالح العمل بصالح النية))(‪ ،)2‬حيث أناط صالح‬
‫القلب بصالح العمل‪ ،‬وصالح العمل بصالح القلب‪.‬‬
‫وقال محمد بن نصر المروزي‪(( :‬فأصل اإليمان هو التصديق بالله وما جاء من‬
‫عنده‪ ...،‬وعنه يكون الخضوع لله ألنه إذا صدق بالله خضع له وإذا خضع أطاع‪ ...‬ومعنى‬
‫التصديق هو المعرفة بالله واالعتراف له بالربوبية بوعده ووعيده وواجب حقه وتحقيق ما‬
‫صدق به من القول والعمل‪ ...‬فمن التصديق بالله يكون الخضوع لله‪ ،‬وعن الخضوع تكون‬
‫الطاعات‪ ،‬فأول ما يكون عن خضوع القلب لله الذي أوجبه التصديق من عمل الجوارح‬
‫اإلقرار باللسان)) ‪.)3‬‬
‫(‬

‫وقال أيضاً‪(( :‬أصل اإليمان هو التصديق‪ ،‬وعنه يكون الخضوع؛ فال يكون ِّ‬
‫مصدقاً إال‬
‫خاضعاً وال خاضعاً إال ِّ‬
‫مصدقاً‪ ،‬وعنهما تكون األعمال))(‪.)4‬‬
‫فنص ـ رحمه الله ـ على أن تصديق الباطن يوجب عمل الظاهر‪ ،‬مما يبين حقيقة هذا‬
‫التالزم بين الظاهر والباطن‪ ،‬وأنه متى سلم الباطن سلم الظاهر؛ ففساد الظاهر دليل على‬
‫فساد الباطن‪.‬‬
‫وقال اآلج ِّري ـ رحمه الله ـ مقرراً ذلك‪(( :‬فاألعمال ـ رحمكم الله ـ بالجوارح تصديق‬
‫يصدق اإليمان بعمله بجوارحه؛ مثل الطهارة والزكاة‬‫عن اإليمان بالقلب واللسان‪ ،‬فمن لم ِّ‬
‫والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه‪ ،‬ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً‪ ،‬ولم‬
‫تنفعه المعرفة والقول‪ .‬وكان تركه للعمل تكذيباً إليمانه‪ ،‬وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه‬
‫إليمانه))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)289/5‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه أحمد في الزهد (‪ ،)5231‬وأبو نعيم في الحلية (‪.)511/3‬‬
‫(‪ )3‬تعظيم قدر الصالة (‪ 661/3‬ـ ‪.)616‬‬
‫(‪ )4‬المصدر نفسه (‪ 751/3‬ـ ‪.)756‬‬
‫(‪ )5‬الشريعة (‪.)319/2‬‬
‫‪831‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فجعل ـ رحمه الله ـ أعمال الجوارح دليالً لتحقق إيمان الباطن وتـ ْرك هذه األعمال‬
‫تكذيباً لهذا اإليمان‪ ،‬مما يدل على هذا التالزم بين الظاهر والباطن؛ فيلزم من إيمان الباطن‬
‫إيمان الظاهر‪.‬‬
‫وقال أبو طالب المكي‪(( :‬من كان عقده اإليمان بالغيب وال يعمل بأحكام اإليمان‬
‫وشرائع اإلسالم فهو كافر كفراً ال يثبت معه توحيد))(‪.)1‬‬
‫ففي كالم أبي طالب المكي ـ رحمه الله ـ ما يشير إلى هذا التالزم‪ ،‬وهو أنه صرح‬
‫بأن التوحيد ال يثبت مع ترك العمل بجميع شرائع اإلسالم؛ فال إيمان صحيح إال مع عمل‪،‬‬
‫وال عمل صحيح إال مع إيمان‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في بيان هذا التالزم‪(( :‬ثم القلب هو األصل‪ ،‬فإذا كان‬
‫فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة‪ ،‬ال يمكن أن يتخلف البدن عما يريده‬
‫القلب‪ ،‬ولهذا قال النبي ‪ ‬في الحديث الصحيح‪« :‬أال وإن في الجسد مضغة إذا صلحت‬
‫صلح لها سائر الجسد‪ ،‬وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد‪ ،‬أال وهى القلب»‪ ...‬فإذا كان‬
‫القلب صالحاً بما فيه من اإليمان علماً وعمالً قلبياً لزم ضرورة صالح الجسد بالقول‬
‫الظاهر‪ ،‬والعمل؛ فاإليمان(‪ )2‬المطلق كما قال أئمة أهل الحديث قول وعمل‪ ،‬قول باطن‬
‫وظاهر‪ ،‬وعمل باطن وظاهر‪ ،‬والظاهر تابع للباطن الزم له‪ ،‬متى صلح الباطن صلح الظاهر‪،‬‬
‫وإذا فسد فسد ولهذا‪ .‬قال من قال من الصحابة عن المصلى العابث‪ :‬لو خشع قلب هذا‬
‫لخشعت جوارحه))(‪.)3‬‬
‫وقال في نص آخر‪(( :‬ثم الحب التام مع القدرة‪ ،‬يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر‬
‫والعمل الظاهر ضرورة‪....‬‬
‫وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له‪ ،‬لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من‬
‫األقوال الظاهرة‪ ،‬واألعمال الظاهرة‪ ،‬فما يظهر على البدن من األقوال واألعمال هو موجب‬
‫ما في القلب والزمه‪ ،‬ودليله ومعلوله‪ ،‬كما أن ما يقوم بالبدن من األقوال واألعمال له أيضاً‬

‫(‪ )1‬نقله شيخ اإلسالم في المجموع (‪.)666/5‬‬


‫(‪ )2‬في األصل ‪( :‬باإليمان) والمثبت هو الصواب كما في طبعة أبو ناجي الشيباني لكتاب اإليمان (ص‪:‬‬
‫‪.)211‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)185/5‬‬
‫‪832‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫تأثير فيما في القلب‪ ،‬فكل منهما يؤثر في اآلخر‪ ،‬لكن القلب هو األصل والبدن فرع له‪،‬‬
‫والفرع يستمد من أصله‪ ،‬واألصل يثبت ويقوى بفرعه‪ ،‬كما في الشجرة التي يضرب المثل‬
‫لكلمة اإليمان بها))(‪.)1‬‬
‫ويقول في نص آخر أيضاً‪(( :‬أن اإليمان الذي في القلب من التصديق والحب وغير‬
‫ذلك يستلزم األمور الظاهرة من األقوال الظاهرة واألعمال الظاهرة‪ ،‬كما أن القصد التام مع‬
‫القدرة يستلزم وجود المراد‪ ،‬وأنه يمتنع مقام اإليمان الواجب في القلب من غير ظهور‬
‫موجب ذلك ومقتضاه))(‪.)2‬‬
‫بل قال ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وقد تبين أن الدين البد فيه من قول وعمل‪ ،‬وأنه يمتنع أن‬
‫يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله‪ ،‬بقلبه أو بقلبه ولسانه‪ ،‬ولم يؤد واجباً ظاهراً ال صالة‪ ،‬وال‬
‫زكاة‪ ،‬وال صياماً‪ ،‬وال غير ذلك من الواجبات))(‪.)3‬‬
‫ويقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيان هذه المالزمة‪(( :‬فإنه يستحيل في العادة‬
‫والطبيعة أن يكون الرجل مصدقاً تصديقاً جازماً أن الله فرض عليه كل يوم وليلية خمس‬
‫صلوات‪ ،‬وأنه يعاقبه على تركها أشد العقاب‪ ،‬وهو مع ذلك مصر على تركها‪ .‬هذا من‬
‫مصدق بفرضها أبداً؛ فإن اإليمان يأمر صاحبه‬ ‫المستحيل قطعاً‪ ،‬فال يحافظ على تركها ِّ‬
‫بها‪ ،‬فحيث لم يكن في قلبه ما يأمر بها‪ ،‬فليس في قلبه شيء من اإليمان‪.‬‬
‫صغ إلى كالم من ليس له خبرة وال علم بأحكام القلوب وأعمالها‪ ،‬وتأمل في‬ ‫وال ت ِّ‬
‫الطبيعة بأن يقوم بقلب العبد إيمان بالوعد والوعيد‪ ،‬والجنة والنار‪ ،‬وأن الله فرض عليه‬
‫الصالة‪ ،‬وأن الله يعاقبه معاقبةً على تركها‪ ،‬وهو محافظ على الترك في صحته‪ ،‬وعافيته‪،‬‬
‫وعدم الموانع المانعة له من الفعل! وهذا القدر هو الذي خفي على من جعل اإليمان مجرد‬
‫التصديق‪ ،‬وإن لم يقارنه فعل واجب وال ترك محرم‪.‬‬
‫وهذا من أمحل المحال أن يقوم بقلب العبد إيمان جازم ال يتقاضاه فعل طاعة وال ترك‬

‫(‪ )1‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ 925 :‬ـ ‪.)928‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه (ص‪ .)981 :‬وانظر‪ :‬المصدر نفسه (ص‪ ،)982 :‬ومجموع الفتاوى (‪.)289/5‬‬
‫(‪ )3‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ .)755 :‬وانظر‪ :‬المصدر نفسه (ص‪ 773 :‬ـ ‪ 733 ،775‬ـ ‪ ،)735‬ومجموع‬
‫الفتاوى (‪.)239/5‬‬
‫‪836‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫معصية))(‪.)1‬‬
‫وقال أيضاً في نص آخر‪(( :‬فإنه يلزمه من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح‪ ،‬إذ لو‬
‫أطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت‪ ،‬ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق‬
‫المستلزم للطاعة‪ ،‬وهو حقيقة اإليمان))(‪.)2‬‬
‫وقال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله ‪« :‬ال يستقيم إيمان عبد حتى‬
‫يستقيم قلبه»(‪(( :)3‬والمراد باستقامة إيمانه‪ :‬استقامة أعمال جوارحه‪ ،‬فإن أعمال جوارحه ال‬
‫تستقيم إال باستقامة القلب‪ ،‬ومعني استقامة القلب أن يكون ممتلئاً من محبة الله‪ ،‬ومحبة‬
‫طاعته‪ ،‬وكراهة معصيته))(‪ )4‬انتهى‪.‬‬
‫وقال حافظ بن أحمد حكمي ـ رحمه الله ـ في بيان هذا التالزم‪(( :‬ومحال أن ينتفي‬
‫انقياد الجوارح باألعمال الظاهرة مع ثبوت عمل القلب‪ ،‬قال النبي ‪« :‬إن في الجسد‬
‫مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد كله‪ ،‬أال وهي القلب»‪.‬‬
‫ومن هنا يتبين لك أن من قال من أهل السنة في اإليمان هو التصديق على ظاهر‬
‫اللغة‪ ،‬أنهم إنما عنوا التصديق اإلذعاني المستلزم لالنقياد ظاهراً وباطناً بال شك‪ ،‬لم يعنوا‬
‫مجرد التصديق))(‪.)5‬‬
‫هذه بعض أقوال أهل العلم في بيان هذه المالزمة وبها يتبين مدى العالقة بين إيمان‬
‫الظاهر وإيمان الباطن‪ ،‬وأن صالح الباطن هو ملزوم لصالح الظاهر؛ فال يتصور إيمان صحيح‬
‫مع عدم عمل ظاهر‪ ،‬وهذا يدل على منـزلة االنقياد من اإليمان‪ ،‬وأنه شرط لصحته‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن المراد باالنقياد هنا‪ :‬القدر الالزم لصحة اإليمان‪ .‬وهو كما سيأتي‬
‫فعل الصالة‪.‬‬
‫وفي ذلك رد على مختلف طوائف المرجئة حيث يخرجون األعمال من مسمى‬

‫(‪ )1‬كتاب الصالة (ص‪ .)61 :‬وانظر‪ :‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪.)773 :‬‬
‫(‪ )2‬كتاب الصالة (ص‪.)68 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)511/2‬وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت (‪ ،)1‬وأورده الهيثمي في مجمع‬
‫الزوائد (‪ )12/5‬وقال‪ :‬رواه أحمد وفي إسناده علي بن مسعدة وثقه جماعة وضعفه آخرون‪.‬‬
‫(‪ )4‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)511 :‬‬
‫(‪ )5‬معارج القبول (‪.)789/2‬‬
‫‪839‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫اإليمان(‪ .)1‬وقد تقدم الرد عليهم مفصالً في شرط العلم‪.‬‬


‫والجدير بالذكر هنا أن مراد السلف بنفي اإليمان عند انتفاء العمل الظاهر‪ ،‬هو‬
‫حب الله ورسوله وخشية الله والخوف منه‪ ،‬وال‬ ‫انتفاء اإليمان القلبي التام الذي قوامه ُّ‬
‫يستلزم ذلك أن ال يكون في القلب شيء من التصديق‪.‬‬
‫ولذا نجد شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ كثيراً ما يعبِّر بنفي اإليمان الواجب‪ ،‬أو القلبي‬
‫التام(‪.)2‬‬
‫بل صرح ـ رحمه الله ـ بأن ذلك هو مقصود السلف حيث قال‪(( :‬فالسلف يقولون‪:‬‬
‫ترك الواجبات الظاهرة دليل على انتفاء اإليمان الواجب من القلب‪ ،‬لكن قد يكون ذلك‬
‫بزوال عمل القلب الذي هو حب الله ورسوله وخشية الله ونحو ذلك‪ ،‬ال يستلزم أن ال‬
‫يكون في القلب من التصديق شيء))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫فمراد شيخ اإلسالم بإيمان القلب التام أصل اإليمان بدليل أنه ينفي أصل اإليمان‬
‫عمن لم يقم بأعمال الجوارح كما في قوله‪(( :‬ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً‬
‫في قلبه‪ ،‬بأن الله فرض عليه الصلوات والزكاة والصيام والحج‪ ،‬ويعيش دهره ال يسجد لله‬
‫سجدة‪ ،‬وال يصوم يوماً من رمضان‪ ،‬وال يؤدي لله زكاة‪ ،‬وال يحج إلى بيته‪ ،‬فهذا ممتنع‪ ،‬وال‬
‫(‪)4‬‬
‫يصدر هذا إال مع نفاق في القلب وزندقة‪ ،‬ال مع إيمان صحيح))‬

‫ونكتة أخرى‪ :‬وهي أن شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ قد عبر بنفي اإليمان الواجب أو‬
‫القلبي التام عمن ترك التلفظ بالشهادتين(‪ )5‬مع أن ترك التلفظ بهما كفر باتفاق المسلمين‬

‫(‪ )1‬هذه النصوص المتقدمة هي تسري على جميع طوائف المرجئة بما فيهم مرجئة الفقهاء‪ ،‬وال يصح قصرها على‬
‫غالة المرجئة ممن ال يشترطون التكلم بالشهادتين لصحة اإليمان ألن هذه النصوص تشمل من ترك التكلم‬
‫بالشهادتين ودون ذلك من األعمال الظاهرة التي ال يصح اإليمان إال بها؛ كترك الصالة‪ .‬ومما يبين ذلك أن‬
‫شيخ اإلسالم ابن تيمية – رحمه الله – قد استشهد بهذا التالزم في بطالن مذهب مرجئة الفقهاء ممن يشترطون‬
‫الشهادتين لصحة اإليمان‪ ،‬ويخرجون العمل الظاهر دونها من اإليمان‪ .‬انظر‪ :‬على سبيل المثال ال الحصر كالمه‬
‫في مجموع الفتاوى (‪ ،)511/7‬و(‪.)116/7‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)313 ،758 ،757 ،293 ،239/5‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)198/5‬‬
‫(‪ )4‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ 773 :‬ـ ‪.)775‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)511/7‬و(‪.)112/7‬‬
‫‪837‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫كما تقدم(‪.)1‬‬
‫فالحاصل أن اإليمان القلبي التام في كالم شيخ اإلسالم هو اإليمان الصحيح الذي‬
‫به يتحقق أصل اإليمان‪ ،‬وال يكون ذلك إال مع عمل الجوارح‪ .‬ولذا فإن نفي اإليمان التام‬
‫هنا ليس المراد به نفي الكمال‪ ،‬ألن نفي الكمال يصح معه اإليمان‪ ،‬وأما نفي التمام فال‬
‫يصح معه اإليمان‪.‬‬
‫ولهذا جرى التنبيه حتى ال يظن بأن مراد شيخ اإلسالم بنفي اإليمان التام كمال‬
‫اإليمان ال أصله‪ ،‬فيكون مدخالً ألهل اإلرجاء‪.‬‬
‫وأيضاً حتى ال ينسب التناقض في كالم شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫كما أن شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ يتنـزل ـ أحياناً ـ مع خصمه‪ ،‬فيستخدم عباراته؛ ولذا‬
‫فإن الجهمية لما زعموا حصول اإليمان التام في القلب مع عدم عمل الجوارح ذكر ـ رحمه‬
‫الله ـ أن اإليمان التام ال يكون في القلب مع عدم عمل الجوارح(‪ .)2‬ومراد الجهمية باإليمان‬
‫التام كما هو معلوم أصل اإليمان ألن اإليمان عندهم شيء واحد والناس في أصله سواء ال‬
‫يزيد وال ينقص‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪.)513 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)313 ،758 ،293 ،239/5‬‬
‫‪833‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الفرق بين االنقياد والقبول‪.‬‬


‫بعد أن ذكرنا معنى القبول واالنقياد وعرفنا ما بينهما من تالزم وتداخل‪ ،‬ناسب أن نبيِّن‬
‫الفرق بينهما‪ ،‬وذلك حتى ال يظن أنهما بمرتبة واحدة‪ ،‬فيستشكل الفصل بينهما في‬
‫الشروط‪.‬‬
‫فالذي يبدو أن القبول مرتبة أعلى من مجرد االنقياد‪ ،‬فهو تحقيق االنقياد بالقلب‬
‫والجوارح‪ .‬ووجهه‪ :‬أن اإلنسان قد ينقاد في الظاهر وال ينقاد في الباطن‪ ،‬كالمنافق ينقاد في‬
‫الظاهر‪ ،‬وال ينقاد في الباطن‪ ،‬وكالمكره بحق(‪ )1‬يعمل في الظاهر‪ ،‬وهو كاره في الباطن؛‬
‫فالقبول أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أصحابه من االنقياد؛ فكل قابل منقاد وليس‬
‫كل منقاد قابالً‪.‬‬
‫ُّ‬
‫يوضحه‪ :‬أن االنقياد قد يكون كذباً كانقياد المنافقين‪ ،‬وقد يكون صدقاً كانقياد‬
‫المؤمنين‪ ،‬والذي يحقق ذلك هو القبول؛ فالقبول يصدق ذلك أو يكذبه‪.‬‬
‫ومما يبين أن القبول شامل لالنقياد ما جاء في الحديث الصحيح‪« :‬مثل ما بعثني الله‬
‫به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً‪ ،‬فكانت منها نقية(‪ )2‬قبلت الماء‪،‬‬
‫فأنبتت الكأل والعشب الكثير(‪ ،)3‬وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس‬

‫(‪ )1‬وهو المرتد‪.‬‬


‫(‪ )2‬في صحيح مسلم (طيبة) بدل (نقية) والمعنى واحد‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم (جـ‪.)98/17‬‬
‫(‪ )3‬المراد بالطائفة األولى أتباع الرسل الذين جمعوا بين العلم والعمل ودعوة الناس إليه‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪ :‬في شرحه لهذا الحديث‪(( :‬الطبقة األولى‪ :‬ورثة الرسل وخلفاء األنبياء عليهم الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬وهم الذين قاموا بالدين علماً وعمالً ودعوة إلى الله ‪ ‬ورسوله ‪ ،‬فهؤالء أتباع الرسل ـ صلوات الله عليهم‬
‫وسالمه ـ حقاً‪ ،‬وهم بمنـزلة الطائفة الطيبة من األرض التي زكت‪ ،‬فقبلت الماء‪ ،‬فأنبتت الكأل والعشب الكثير‪ ،‬فزكت‬
‫في نفسها‪ ،‬وزكا الناس بها‪.‬‬
‫وهؤالء هم الذين جمعوا بين البصيرة في الدين والقوة على الدعوة‪ ،‬ولذلك كانوا ورثة األنبياء صلى الله عليهم‬
‫[ص‪ ،]97 :‬فاأليدي القوة في‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫وسلم الذين قال الله تعالى فيهم‪:‬‬
‫أمر الله‪ ،‬واألبصار البصائر في دين الله ‪ ،‬فالبصائر يدرك الحق ويعرف‪ ،‬وبالقوة يتمكن من تبليغه وتنفيذه‬
‫والدعوة إليه‪.‬‬
‫=‬
‫‪835‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫تمسك ماء وال تنبت‬‫فشربوا وسقوا وزرعوا‪ ،‬وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان ال ُّ‬
‫كأل‪ ،‬فذلك مثل من فقه في دين الله‪ ،‬ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم‪ ،‬ومثل من لم يرفع‬
‫بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به(‪.)2(»)1‬‬
‫وأيضاً ما جاء في حديث جابر ‪ ‬قال‪« :‬جاءت مالئكة إلى النبي ‪ ‬وهو نائم» إلى‬
‫أن قال‪« :‬فقالوا‪ :‬مثـله كمثل رجل بنى داراً وجعل فيها مأدبة‪ ،‬وبعث داعياً‪ ،‬فمن أجاب‬
‫الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة‪ .‬ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من‬
‫المأدبة‪ .‬فقالوا‪ِّ :‬أولوها له يفقهها‪ .‬فقال بعضهم‪ :‬إنه نائم‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬إن العين نائمة‬
‫والقلب يقظان‪ .‬فقالوا‪ :‬فالدار الجنة‪ ،‬والداعي محمد ‪ ،‬فمن أطاع محمداً ‪ ‬فقد أطاع‬
‫الله‪ ،‬ومن عصى محمداً ‪ ‬فقد عصى الله‪ ،‬ومحمد ‪ ‬فرق بين الناس»(‪.)3‬‬
‫فقوله‪« :‬فمن أجاب الداعي» هو تفسير لمعنى القبول ـ أي‪ :‬قبول دعوة الداعي ـ‪ ،‬وهو‬
‫أيضاً كناية عن االتباع الذي هو تحقيق شرط االنقياد‪.‬‬
‫قال الحافظ في الفتح‪(( :‬ومحمد الداعي‪ .‬فمن اتبعه كان في الجنة))(‪ .)4‬ففسر اإلجابة‬
‫باالتباع‪ .‬وهو كذلك‪ ،‬ألن الحديث رتب دخول الجنة على قبول دعوة الداعي‪ ،‬وذلك ال‬
‫ﯲ ﯳ‬ ‫يكون إال مع العمل كما قال تعالى‪ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ــــــــــ‬
‫فهذه الطبقة كان لها قوة الحفظ والفهم والفقه في الدين والبصر بالتأويل‪ ،‬ففجرت من النصوص أنهار العلوم‪،‬‬ ‫=‬
‫واستنبطت منها كنوزها‪ ،‬ورزقت فيها فهما خاصاً‪ ،‬كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ‪ ‬وقد سئل‪ :‬هل‬
‫خصكم رسول الله ‪ ‬بشيء دون الناس؟ فقال ال والذي فـلق الحبة وبـرأ النسمة‪ ،‬إال فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه‪.‬‬
‫فهذا الفهم هو بمنـزلة الكأل والعشب الكثير الذي أنبتته األض‪ ،‬وهو الذي تميزت به هذه الطبقة))‪[ .‬الوابل‬
‫الصيب (ص‪ 128 :‬ـ ‪.])128‬‬
‫(‪ )1‬يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في حال الطائفة التي لم تقبل هدى الله‪(( :‬فإن الرجل إنما ينقاد للحق بالخير الذي‬
‫فيه والميل إليه والطلب له ومحبته والحرص عليه والفرح بالظفر به‪ ،‬وهؤالء ليس في قلوبهم شيء من ذلك فوصل‬
‫الهدى إليها ووقع عليها كما يصل الغيث النازل من السماء ويقع على األرض الغليظة العالية التي ال تمسك ماء‪،‬‬
‫وال تنبت كأل‪ ،‬فال هي قابلة للماء وال للنبات؛ فالماء في نفسه رحمة وحياة ولكن ليس فيها قبول له)) [إغاثة‬
‫اللهفان (‪.])151/2‬‬
‫(‪ )2‬مضى تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب االقتداء بسنن النبي ‪( ‬جـ‪ 155/8‬ـ ‪ )158‬ح‬
‫(‪.)5281‬‬
‫(‪ )4‬فتح الباري (‪ 277/16‬ـ ‪.)273‬‬
‫‪838‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫[الزخرف‪ .]52 :‬بل ذلك جاء مصرحاً به في الحديث‪ ،‬وهو قوله‪« :‬فمن أطاع محمداً‬
‫‪ »‬فذلك هو معنى إجابة دعوة الداعي الذي هو االتباع كما فسر به الحافظ ـ رحمه‬
‫الله ـ‪.‬‬
‫فدل الحديثان على أن القبول ي ِّثمر االنقياد‪ ،‬وال بد‪ ،‬وذلك بخالف االنقياد المجرد‬
‫فقد ال يلزم منه القبول‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫وعليه فال يتصور قبول بال انقياد؛ فاالنقياد ثمرة القبول وعالمة صدقه‪.‬‬
‫وكأن ابن القيم ـ رحمه الله ـ قد الحظ هذا المعنى حيث قال ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإن الرجل‬
‫إنما ينقاد للحق بالخير الذي فيه والميل إليه والطلب له ومحبته والحرص عليه والفرح‬
‫بالظفر به وهؤالء ليس في قلوبهم شيء من ذلك فوصل الهدى إليها ووقع عليها كما يصل‬
‫الغيث النازل من السماء ويقع على األرض الغليظة العالية التي ال تمسك ماء وال تنبت كأل‬
‫فال هي قابلة للماء وال للنبات فالماء في نفسه رحمة وحياة ولكن ليس فيها قبول له))(‪.)1‬‬
‫االلتزام‪ ،‬و ِّ‬
‫اإليثار‪،‬‬ ‫وأيضاً جعل الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ شروط القبول ثالثة‪ِّ :‬‬
‫الرضاء‪ .‬ثم قال‪(( :‬وإذا اجتمعت هذه الشروط حصل القول المنجي‪ ،‬والشهادة النافعة))(‪.)2‬‬ ‫و ِّ‬
‫مما يدل على أنه يرى االنقياد ـ وهو االلتزام ـ داخالً في معنى القبول‪.‬‬
‫فهم ذلك قوله‪:‬‬ ‫كما أن المعلِّمي ـ رحمه الله ـ نص على أن القبول ِّ‬
‫متضمن لالنقياد؛ ي ِّ‬
‫((ولما جعلت الشهادة إعالناً بقبول ما أرسل به الرسل كانت متضمنة االلتزام(‪.)4()))3‬‬
‫الرضى ـ يعني شرط القبول ـ فإنه مستلزم لاللتزام))(‪.)5‬‬ ‫وقال في نص آخر‪(( :‬وأما التسليم و ِّ‬
‫ولذا يمكن القول بأن القبول هو كمال االنقياد‪ ،‬أو االنقياد التام الصادق‪ ،‬ألنه عزم‬
‫وعمل‪ .‬وقد ألمح إلى ذلك ابن القيم ـ رحمه الله ـ حيث يقول‪:‬‬
‫الرضى بنبيه رسوالً‪ :‬فيتضمن كمال االنقياد له‪ ،‬والتسليم المطلق إليه‪ ،‬بحيث‬ ‫((وأما ِّ‬
‫يكون أولى به من نفسه‪ ،‬فال يتلقى الهدى إال من مواقع كلماته‪ ،‬وال يحاكم إال إليه‪ ،‬وال‬

‫(‪ )1‬إغاثة اللهفان (‪.)151/2‬‬


‫(‪ )2‬الدرر السنية (‪ 283/6‬ـ ‪.)285‬‬
‫(‪ )3‬تقدم أن مراد المعلِّمي بااللتزام العزم الجازم المثمر للعمل الظاهر مع القدرة‪ .‬انظر‪( :‬ص‪.)893 :‬‬
‫(‪ )4‬رفع االشتباه (ص‪.)63 :‬‬
‫(‪ )5‬المصدر نفسه (ص‪.)65 :‬‬
‫‪838‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫حكم عليه غيره‪ ،‬وال يرضى بحكم غيره البتة ال في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله‪،‬‬ ‫ي ِّ‬
‫وال في شيء من أذواق حقائق اإليمان ومقاماته‪ ،‬وال في شيء من أحكام ظاهره وباطنه‪ ،‬ال‬
‫يرضى في ذلك بحكم غيره‪ ،‬وال يرضى إال بحكمه‪ .‬فإن عجز عنه كان تحكيمه غيره من‬
‫باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يقيته إال من الميتة والدم‪ .‬وأحسن أحواله أن يكون من‬
‫باب التراب الذي إنما يتيمم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور))(‪.)1‬‬
‫الص ِّديقية ـ التي هي أعلى مراتب الصدق والقبول ـ هي كمال االنقياد‬ ‫ولذا كانت مرتبة ِّ‬
‫للرسول مع كمال اإلخالص للم ِّ‬
‫رسل(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬ومن أهل العلم من جعل القبول مرادفاً لالنقياد(‪ ،)3‬ولعله الحظ انقياد المؤمن‬
‫فهو صادق دال على القبول‪.‬‬
‫ومن أهل العلم من فرق بينهما‪ ،‬فقال‪ :‬ولعل الفرق بينه وبين القبول أن االنقياد هو‬
‫االتباع باألفعال والقبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول‪ ،‬ويلزم منهما جميعاً االتباع(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬وهو ال ينافي الفرق األول؛ ألنه جعل ثمرة القبول االتباع الذي هو تحقيق شرط‬
‫االنقياد‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫وبذلك يظهر الفرق بين االنقياد والقبول‪ ،‬وهو أن القبول تحقيق االنقياد بالقول‪،‬‬
‫والقلب‪ ،‬والجوارح؛ فهو أخص من االنقياد‪ ،‬وشامل له(‪.)5‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فإن ههنا نكتة لطيفة قد تزيد األمر وضوحاً في بيان الفرق بين االنقياد‬
‫والقبول‪ ،‬وهي‪ :‬أن في إطالقات الفقهاء لمعنى القبول منهم من جعل القبول بمعنى‬

‫(‪ )1‬مدارج السالكين (‪ 152/2‬ـ ‪.)156‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المصدر نفسه (‪.)253/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (‪.)139/1‬‬
‫(‪ )4‬الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما البن جبرين (ص‪.)138 :‬‬
‫(‪ )5‬والخصوص والشمولية هنا من وجه دون آخر‪ ،‬فالقبول يكون أشمل من االنقياد في حق المسلم المنقاد ظاهراً‬
‫وباطناً‪ ،‬ويكون أخص من االنقياد بالنسبة للمنافق في مقابل المؤمن؛ فالمؤمن قابل باطناً وظاهراً‪ ،‬والمنافق قابل‬
‫في الظاهر غير منقاد في الباطن؛ فالقبول أخص من جهة أهله وأعم من جهة نفسه من االنقياد بعكس االنقياد‬
‫فهو أعم من جهة أهله وأخص من جهة نفسه‪.‬‬
‫‪813‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫اإلجزاء(‪ ،)1‬ومنهم من ذكر فرقاً دقيقاً‪ ،‬وهو‪ :‬أن القبول أخص من اإلجزاء‪ ،‬ألن القبول عبارة‬
‫عن ترتيب الثواب على الفعل ـ وذلك أمر مغيب باطن ال تدخله أحكامنا ـ‪ ،‬واإلجزاء عبارة‬
‫عن سقوط القضاء ـ وهو أمر مشاهد ظاهر‪ ،‬فتدخله أحكامنا(‪ .)2‬وعليه يكون االنقياد‬
‫بمثابة اإلجزاء للشهادة‪ ،‬ألنه أمر ظاهر تدخله أحكامنا من ثبوت اإلسالم وعصمة الدم‬
‫والمال(‪ ،)3‬وترتيب الثواب بمثابة القبول للشهادة‪ ،‬ألنه أمر باطن ال تدخله أحكامنا‪ .‬وهذا‬
‫كاإليمان واإلسالم؛ فإن اإليمان أمر باطن ال تدخله أحكامنا‪ ،‬وهو شامل لإلسالم‪ .‬فثبت‬
‫أن القبول أخص من االنقياد‪ ،‬وأنه شامل له‪.‬‬

‫(‪ )1‬يقول المبارك فوري ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والمراد بالقبول‪ ...‬ما يرادف الصحة وهو اإلجزاء‪ ،‬وحقيقة القبول ثمرة وقوع‬
‫الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة)) انتهى‪[.‬تحفة األحوذي (‪ .])21/1‬وانظر‪ :‬جامع العلوم والحكم (ص‪:‬‬
‫‪.)185‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إكمال اإلكمال (‪ ،)5/1‬والضياء الالمع على شرح جمع الجوامع (‪.)223/1‬‬
‫(‪ )3‬سيأتي بيان القدر المشترط من االنقياد‪ ،‬وهو الكلمة‪ ،‬وفعل الصالة‪.‬‬
‫‪811‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على كون االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن‬
‫ال إله إال الله‪.‬‬
‫دلت األدلة النقلية والعقلية ودليل اإلجماع على اشتراط االنقياد لصحة الشهادة‪ ،‬وفيما‬
‫يلي تفصيل هذه األدلة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬األدلة النقلية‪ .‬وهي على نوعين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ األدلة من القرآن‪:‬‬
‫من أدلة القرآن الدالة على اشتراط االنقياد لصحة الشهادة‪:‬‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ [الزمر‪.]79 :‬‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫قال البغوي في تفسيرها‪(( :‬أقبلوا وارجعوا إليه بالطاعة ﯟ ﯠ ‪ :‬أخلصوا له التوحيد‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ))(‪.)1‬‬ ‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫كما نقل ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ في تفسيرها قول ابن زيد فقال‪(( :‬قال‪ :‬اإلنابة‬
‫الرجوع إلى الطاعة والنـزوع عما كانوا عليه‪ .‬أال تراه يقول‪ :‬ﯯ ﯰ ﯱ [الروم‪.]61 :‬‬
‫وقوله‪ :‬ﯟ ﯠ يقول‪ :‬واخضعوا له بالطاعة واإلقرار بالدين؛ الحنيفية‪ .‬ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯥ من عنده على كفركم به ﯦ ﯧ ﯨ يقول‪ :‬ثم ال ينصركم ناصر فينقذكم‬ ‫ﯤ‬
‫من عذابه النازل بكم))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫وذكر العالمة ابن سعدي ـ رحمه الله ـ كالماً جامعاً في تفسيرها به يتضح المراد أكثر‪،‬‬
‫فقال‪(( :‬ولهذا أمر تعالى باإلنابة إليه‪ ،‬والمبادرة إليها فقال‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ بقلوبكم ﯟ‬
‫ﯠ بجوارحكم‪ .‬إذا أفردت اإلنابة‪ ،‬دخلت فيها أعمال الخوارج‪ ،‬وإذا جمع بينهما‪ ،‬كما‬
‫في هذا الموضع‪ ،‬كان المعنى ما ذكرناه‪.‬‬
‫وفي قوله‪ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ دليل على اإلخالص‪ ،‬وأنه من دون إخالص‪ ،‬ال تفيد‬
‫األعمال الظاهرة والباطنة شيئاً‪.‬‬
‫ﯥ مجيئاً ال يدفع ﯦ ﯧ ﯨ ‪ .‬فكأنه قيل‪ :‬ما هي اإلنابة‬ ‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫واإلسالم؟ وما جزئياتها وأعمالها؟‬

‫(‪ )1‬معالم التنـزيل (‪.)128/5‬‬


‫(‪ )2‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ 261/23‬ـ ‪.)262‬‬
‫‪812‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فأجاب تعالى بقوله‪ :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ [الزمر‪ .)1())]77 :‬انتهى محل الغرض‪.‬‬


‫وبذلك يظهر أن معنى اإلسالم في اآلية‪ :‬أعمال الجوارح الظاهرة المحققة لمعنى‬
‫االنقياد‪.‬‬
‫وأما وجه االستشهاد بها لشرطية االنقياد فظاهر‪ ،‬وهو‪ :‬أن فيها األمر باستسالم الوجه‬
‫لله أي‪ :‬بطاعته واالنقياد له‪ ،‬واألمر يفيد الوجوب‪ .‬وبما أنه رتِّب اإلتيان بالعذاب وتخلف‬
‫النصرة على ترك ذلك دل على أن المأمور به ال يصح اإليمان المقتضي لنصرة الله وواليته‬
‫إال به؛ وذلك وجه الشرطية‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ [النساء‪.]127 :‬‬
‫والمعنى‪ :‬أي‪ :‬ال أحد أحسن تديناً وتعبداً لله ممن جمع في أقواله وأعماله بين اإلسالم‬
‫واإلحسان‪ .‬وهذا معناه أنه اجتمع له اإلخالص لله والمتابعة لرسوله ‪ ،‬اللذان هما شرطا‬
‫قبول العمل(‪.)2‬‬
‫قال الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه اآلية‪ (( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫أي‪ :‬أخلص العمل لربه ‪ ‬فعمل إيماناً واحتساباً ﮗ ﮘ أي‪ :‬اتبع في عمله ما شرعه‬
‫الله له‪ ،‬وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق‪ ،‬وهذان الشرطان ال يصح عمل عامل‬
‫بدونهما‪ ،‬أي‪ :‬يكون خالصاً صواباً‪ ،‬والخالص أن يكون لله‪ ،‬والصواب أن يكون متابعاً‬
‫للشريعة‪ ،‬فيصح ظاهره بالمتابعة‪ ،‬وباطنه باإلخالص‪ ،‬فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين‬
‫فسد‪ ،‬فمتى فقد اإلخالص كان منافقاً‪ ،‬وهم الذين يراؤون الناس‪ ،‬ومن فقد المتابعة كان‬
‫ضاالً جاهالً‪ ،‬ومتى جمعهما كان [عامالً](‪ )3‬عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما‬
‫عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم‪.‬‬
‫ولهذا قال تعالى‪ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة كما قال‬
‫تعالى‪ :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ [آل عمران‪ ]38 :‬اآلية‪ .‬وقال تعالى‪ :‬ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [النحل‪ .]126 :‬والحنيف‪ :‬هو المائل عن‬

‫(‪ )1‬تيسير الكريم المنان (ص‪.)525 :‬‬


‫(‪ )2‬تيسير اإلله بشرح أدلة شروط ال إله إال الله (ص‪.)63 :‬‬
‫(‪ )3‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬
‫‪816‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الشرك قصداً أي‪ :‬تاركاً له عن بصيرة‪ ،‬ومقبل على الحق بكليته‪ ،‬ال يصده عنه صاد‪ ،‬وال‬
‫يرده عنه راد))‪ .‬انتهى محل الغرض(‪.)1‬‬
‫فحاصل ما تضمنته اآلية أمران‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أنه ال ينال عمل عند الله القبول حتى يجتمع فيه اإليمان بالله واإلخالص له‬
‫ومتابعة رسول الله ‪ .‬وهذا هو تمام االنقياد وغايته‪.‬‬
‫وثاني األمرين‪ :‬أن الحنيفية التي بعث الله بها محمداً ‪ ‬ومن قبله من األنبياء‬
‫والمرسلين‪ :‬هي ملة إبراهيم الخليل ‪.)2( ‬‬
‫ووجه االستدالل بها على شرط االنقياد‪ :‬فقد ظهر ذلك في كالم الحافظ ـ رحمه الله ـ‬
‫حيث نص على أن من فقد االتباع لم يكن عمله صالحاً كعمل المؤمنين‪.‬‬
‫ووجه آخر‪ :‬وهو قوله تعالى‪ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[البقرة‪ ]112 :‬جواباً لمن قال‪ :‬ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﯰﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ [البقرة‪ ]111 :‬فيه ترتيب دخول الجنة على إسالم‬
‫وجهه لله بإطاعته وإذعانه وانقياده لله بامتثال أمره واجتناب نهيه مع إخالصه في ذلك‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ [لقمان‪.]22 :‬‬
‫قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي في تفسيرها‪(( :‬ومعنى إسالم وجهه لله إطاعته‬
‫وإذعانه وانقياده لله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه في حال كونه محسناً أي‪ :‬مخلصا‬
‫عمله لله ال يشرك فيه به شيئاً مراقباً فيه لله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فالله تعالى يراه‪.‬‬
‫والعرب تطلق إسالم الوجه وتريد به اإلذعان واالنقياد التام‪ .‬ومنه قول زيد بن نفيل العدوي‬
‫المتقارب‪:‬‬
‫ل ـ ـ ـ ـ ــه الم ـ ـ ـ ـ ــزن تحم ـ ـ ـ ـ ــل ع ـ ـ ـ ـ ــذبا زالال‬ ‫وأس ـ ـ ــلمت وجه ـ ـ ـي لم ـ ـ ــن أس ـ ـ ــلمت‬
‫لــه األرض تحمــل صــخراً ثقــاال))(‪.)3‬‬ ‫وأس ـ ـ ــلمت وجه ـ ـ ــي لم ـ ـ ــن أس ـ ـ ــلمت‬
‫ووجه االستشهاد بها‪ :‬دلت اآلية بمنطوقها على أنه متى يسلم وجهه ـ أي‪ :‬ينقاد ـ وهو‬

‫(‪ )1‬تفسير ابن كثير (‪.)733/1‬‬


‫(‪ )2‬تيسير اإلله بشرح أدلة شروط ال إله إال الله (ص‪.)65 :‬‬
‫(‪ )3‬أضواء البيان (‪.)616/1‬‬
‫‪819‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫محسن فهو مستمسك بالعروة الوثقى أي‪ :‬بأوثق سبيل النجاة‪ .‬فهي تدل بمفهومها على‬
‫أنه‪ :‬من لم ي ْسلِّم وجهه إلى الله؛ ـ فلم ينقد ـ ولم يك محسناً‪ ،‬فإنه لم يستمسك بما يكون‬
‫سبباً لنجاته؛ وال نجاة إال بالتوحيد‪.‬‬
‫يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫أي‪ :‬يخضع له‪ ،‬وينقاد له بفعل الشرائع‪ ،‬مخلصاً له دينه‪ .‬ﮗ ﮘ في ذلك اإلسالم‬
‫بأن كان عمله مشروعاً‪ ،‬قد اتبع فيه الرسول ‪.‬‬
‫أو‪ :‬من يسلم وجهه إلى الله‪ ،‬بفعل جميع العبادات‪ ،‬وهو محسن فيها‪ ،‬بأن يعبد الله‬
‫كأنه يراه‪ ،‬فإن لم يكن يراه فإنه يراه‪.‬‬
‫أو‪ :‬من يسلم وجهه إلى الله‪ ،‬بالقيام بحقوقه‪ ،‬وهو محسن إلى عباد الله‪ ،‬قائم‬
‫بحقوقهم‪.‬‬
‫والمعاني متالزمة‪ ،‬ال فرق بينها إال من جهة اختالف مورد اللفظين‪ ،‬وإال فكلها متفقة‬
‫على القيام بجميع شرائع الدين‪ ،‬على وجه تـ ْقبل به وت ْكمل‪ ،‬فمن فعل ذلك فقد أسلم‬
‫واستمسك بالعروة الوثقى أي‪ :‬بالعروة التي من تمسك بها‪ ،‬توثق ونجا‪ ،‬وسلم من الهالك‪،‬‬
‫وفاز بكل خير‪.‬‬
‫ومن لم يسلم وجهه لله أو لم يحسن لم يستمسك بالعروة الوثقى‪ .‬وإذا لم يستمسك‬
‫بالعروة الوثقى لم يكن ثم إال الهالك والبوار))(‪.)1‬‬
‫ﯨ ﯨ‬ ‫الدليل الرابع‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ [النساء‪.]37 :‬‬
‫في هذه اآلية يخبر جل وعال أن اإليمان الظاهر والباطن يحصل بثالثة أمور عظيمة‬
‫أقسم بها وأقسم على نفي اإليمان عمن لم يتحقق بها‪:‬‬
‫أولها‪ :‬تحكيم النبي ‪ ،‬وهو تحكيم شخصه في حياته وتحكيم شرعه بعد مماته‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬انتفاء الحرج من النفوس حال التحكيم‪ ،‬وهذا يستلزم قبول الحكم مع اتساع‬
‫الصدور وانشراحها له‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬التسليم التام لحكمه ‪ ،‬وذلك إنما يكون بتجريد المتابعة له وحده ‪.‬‬

‫(‪ )1‬تفسير السعدي (ص‪ .)373 :‬وانظر‪ :‬معارج القبول (‪ 921‬ـ ‪.)922‬‬
‫‪817‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ويوضح معنى هذه اآلية ما رواه البخاري في كتاب التفسير(‪ )1‬عن عروة ابن الزبير‬
‫قال‪ :‬خاصم الزبير رجالً من األنصار في ش ِّريج(‪ )2‬من الحرة فقال النبي ‪« :‬أسق يا زبير‬
‫ثم أرسل الماء إلى جارك»‪ .‬فقال األنصاري‪ :‬يا رسول الله أ ْن كان ابن عمتك؟ فتلون وجهه‬
‫ثم قال‪« :‬أسق يا زبير ثم أحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك»‬
‫واستوعى(‪ )3‬النبي ‪ ‬للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه(‪ )4‬األنصاري وكان أشار‬
‫عليهما بأمر لهما فيه سعة قال الزبير‪ :‬فما أحسب هذه اآليات إال نزلت في ذلك ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ‪.‬‬
‫ونظير هذه اآلية في وجوب التسليم لحكم الله ورسوله قوله تعالى‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[النساء‪.)5(]78 :‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ في شرح هذه اآلية وما قبلها‪(( :‬ثم أمر‬
‫برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه‪ ،‬إلى الله وإلى رسوله‪ ،‬أي‪ :‬إلى كتاب‬
‫الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخالفية‪ ،‬إما بصريحهما‪ ،‬أو‬
‫عمومهما؛ أو إيماء‪ ،‬أو تنبيه‪ ،‬أو مفهوم‪ ،‬أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه‪ ،‬ألن كتاب‬
‫الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين‪ ،‬وال يستقيم اإليمان إال بهما‪.‬‬
‫فالرد إليهما شرط في اإليمان‪ ،‬فلهذا قال‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀﰀ‬
‫فدل ذلك على أن من لم يـرد إليهما مسائل النـزاع فليس بمؤمن حقيقةً‪ ،‬بل مؤمن‬
‫بالطاغوت‪ ،‬كما ذكر في اآلية بعدها‪.‬‬
‫ﰀ أي‪ :‬الرد إلى الله ورسوله ﰀ ﰀ ﰀ فإن حكم الله ورسوله أحسن‬

‫ح (‪.)7787‬‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫(‪ )1‬من صحيحه (جـ‪ )219/7‬باب‪:‬‬


‫(‪ )2‬في شريج‪ :‬بفتح الشين المعجمة وكسر الراء وبالجيم‪ .‬وهو مسيل الماء‪[ .‬عمدة القارئ (‪ .])155/18‬وانظر‪:‬‬
‫النهاية في غريب الحديث (‪.)973/2‬‬
‫(‪ )3‬استوعى أي استوفى وهو من الوعي كأنه جمعه له في وعائه‪[ .‬فتح الباري (‪.])68/7‬‬
‫(‪ )4‬أحفظه هنا بمعنى أغضبه‪ .‬انظر‪ :‬المصدر السابق (‪.)68/7‬‬
‫(‪ )5‬تيسير اإلله بشرح أدلة شروط ال إله إال الله (ص‪.)68 :‬‬
‫‪813‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫األحكام وأعدلها‪ ،‬وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬


‫قلت‪ :‬ووجه االستدالل بها ظاهر‪ ،‬وهو‪ :‬أنه اشترط في صحة إيمانهم أن يسلِّموا‬
‫تسليماً‪ ،‬أي‪ :‬ينقادوا ويذعنوا لما جاء به من ربه(‪.)2‬‬
‫ومن األدلة أيضاً‪ ،‬كل آية فيها الجمع بين اإليمان والعمل الستحقاق دخول الجنة‪،‬‬
‫ومن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ [النحل‪ .]85 :‬وقوله‪ :‬ﭮ ﭯ‬
‫ﰀ‬ ‫[األنبياء‪ .]89 :‬وقوله‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫[طـه‪.)3(]57:‬‬
‫ووجه االستدالل بهن ظاهر على اشتراط االنقياد‪ ،‬وهو‪ :‬أن الله اشترط لدخول الجنة عمل‬
‫الصالحات التي هي دليل االنقياد‪ ،‬والجنة ال يستحقها إال أهل التوحيد الخالص‪ ،‬وهم أهل ال إله‬
‫إال الله كما تقدم‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن الله تعالى قد شرط العمل مع اإليمان في ثمانية وستين موضعاً من‬
‫ذلك اثنا عشر ﮉ ﮊ ﮋ وستة‪ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ‪ ،‬وخمسون‪ :‬ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫(‪)4‬‬

‫وذ ْكر العمل مع اإليمان‪ ،‬هو من ِّذ ْكر الخاص مع العام‪ ،‬ألن األعمال من اإليمان‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫وذ ْكر الخاص مع العام يفيد حكماً زائداً‪ ،‬وهو أهمية هذا الخاص والعناية به‪ ،‬وحتى ال‬ ‫ِّ‬
‫يتوهم عدم دخوله في المشروط‪.‬‬
‫وبهذا يتبين شدة عناية الشرع باألعمال الظاهرة‪ ،‬وذلك لما يترتب عليها من صحة‬
‫اإليمان وتحقيق اإلسالم‪ .‬وذلك مما يبين منـزلة االنقياد من اإليمان ومكانته من عقد اإلسالم‪.‬‬
‫ومن أدلة اعتبار االنقياد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله أيضاً قوله تعالى في شأن‬
‫النبي ‪ :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤ [النور‪.]79 :‬‬
‫وجه االستشهاد ظاهر بها على اشتراط االنقياد‪ ،‬وهو‪ :‬أن الله ‪ ‬علق االهتداء‬

‫(‪ )1‬تفسير السعدي (ص‪.)189 :‬‬


‫(‪ )2‬الشهادتان وما يستلزمه كل منها (ص‪ 138 :‬ـ ‪.)113‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)666/5‬‬
‫(‪ )4‬حجج القرآن للرازي (ص‪.)77 :‬‬
‫‪815‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫على إطاعة نبيه ‪ ،‬وإطاعة نبيه ‪ ‬هي حاصل معنى االنقياد كما تقدم‪.‬‬
‫قال الحافظ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتابه‪:‬الحجة على تارك‬
‫المحجة"‪(( :‬باب وجوب التسليم للسنة وتأميرها واالنقياد لها وترك معارضتها‪.‬‬
‫قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل ـ رحمه الله تعالى ـ‪ :‬من أمر السنة على نفسه‬
‫قوالً وفعالً نطق بالحكمة‪ ،‬ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة‪ ،‬ألن الله تبارك وتعالى‬
‫يقول‪ :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤ [النور‪.)1())]79 :‬‬
‫وسيأتي أنه ـ رحمه الله ـ عقد باباً بعنوان‪(( :‬باب كون القبول والتسليم شرطاً لصحة‬
‫اإليمان))(‪.)2‬‬
‫ومن األدلة الدالة أيضاً على اعتبار االنقياد لصحة الشهادة‪ :‬اآليات التي فيها نفي‬
‫اإليمان عمن تولى عن العمل‪ .‬والتي من أصرحها قوله تعالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ [النور‪.]95 :‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬التولي هو التولي عن الطاعة‪ ...‬فنفى‬
‫اإليمان عمن تولى عن العمل‪ ،‬وإن كان قد أتى بالقول))(‪.)3‬‬
‫ومن أدلة القرآن الدالة أيضاً على اشتراط االنقياد ما ذكره المعلِّمي ـ رحمه الله ـ عند‬
‫تقريره لهذا الشرط حيث قال‪(( :‬ومنها أن يكون النطق على سبيل االلتزام‪ ،‬أي‪ :‬التزام أن‬
‫يعمل طول عمره بمضمون كلمة التوحيد وال يخالفها‪ ،‬وأدلته أكثر من أن تحصى‪ ،‬منها قول‬
‫الله ـ جال وعال ـ‪ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﮉ ﮊ [آل عمران‪.]39 :‬‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫قال‪ :‬وهذا كالتفصيل لكلمة التوحيد‪ ،‬وفيه بيان االلتزام‪...‬‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫[األنبياء‪ .]27 :‬وقال تعالى‪ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ [النحل‪:‬‬ ‫ﭠ‬
‫‪ .]63‬وقال سبحانه‪ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯨ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫إلى قوله‪ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ [األعراف‪ 37 :‬ـ‪.]53‬‬

‫(‪ )1‬مختصر الحجة على تارك المحجة (‪.)63/1‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪.)823 :‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)192/5‬‬
‫‪818‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ونحو ذلك في قصة صالح ـ األعراف ـ ‪ ،56‬وفي قصة شعيب ـ األعراف ـ ‪.87‬‬
‫وجاء نحوه في سورة هود‪ ،‬ونحوه عن نوح ـ المؤمنون ـ ‪.26‬‬
‫وهذا كله بيان آلية األنبياء‪ ،‬وهو متضمن االلتزام‪ ،‬فإن إرسال الرسل إلى قومهم كان‬
‫لدعوتهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة غيره‪ ،‬وأجلبت الرسل مفتاحاً لقبول ما أرسلوا به‪،‬‬
‫ولما جعلت الشهادة إعالناً بقبول ما أرسل به الرسل كانت متضمنة االلتزام‪ ،‬الشاهد أن ال‬
‫يعبد إال الله))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫ثانياً أدلة السنة‪:‬‬
‫أدلة السنة الشتراط االنقياد لصحة الشهادة أكثر من أن تحصى‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قوله ‪« :‬ال يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به»(‪.)2‬‬
‫هذا الحديث ضعيف اإلسناد وقد استدل به الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه‬
‫الله ـ على اشتراط االنقياد‪ ،‬وذلك لصحة معناه(‪.)3‬‬
‫قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ بعد أن نقل كالم النووي في تصحيحه‪:‬‬
‫((تصحيح هذا الحديث بعيد جداً من وجوه‪:‬‬
‫منها‪ :‬أنه حديث ينفرد به نعيم بن حماد المروزي‪ ،‬ونعيم هذا وإن كان وثقه جماعة من‬
‫األئمة‪ ،‬وخرج له البخاري‪ ،‬فإن أئمة الحديث كانوا يحسنون به الظن لصالبته في السنة‬
‫وتشدده في الرد على أهل األهواء‪ ،‬وكانوا ينسبونه إلى أنه ي ِّهم‪ ،‬ويشبه عليه في بعض‬
‫األحاديث‪ ،‬فلما كثر عثورهم على مناكيره حكموا عليه بالضعف‪ ...‬إلى أن قال‪:‬‬
‫وأما معنى الحديث فهو أن اإلنسان ال يكون مؤمناً كامل اإليمان الواجب حتى‬
‫تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول من األوامر والنواهي وغيرها‪ ،‬فيحب ما أمر به‪،‬‬
‫ويكره ما نهى عنه‪.‬‬

‫(‪ )1‬رفع االشتباه (ص‪.)63 :‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (‪ )12/1‬ح (‪ ،)17‬والخطيب في تاريخه (‪ ،)638/9‬والبغوي في شرح السنة‬
‫(‪ 212/1‬ـ ‪ .)216‬وأورده الديلمي في مسند الفردوس بمأثور الخطاب (‪ .)176/7‬والحديث ضعفه ابن‬
‫رجب كما في المتن‪ .‬وقال األلباني‪ :‬رجاله ثقات غير نعيم بن حماد؛ ضعيف لكثرة خطئه وقد اتهمه بعضهم‪.‬‬
‫[ظالل الجنة (‪.])17‬‬
‫(‪ )3‬تيسير اإلله بشرح أدلة شروط ال إله إال الله (ص‪.)96 :‬‬
‫‪818‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫وقد ورد القرآن بمثل هذا في غير موضع‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫[النساء‪.]37 :‬‬ ‫ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ‬
‫[األحزاب‪.]63 :‬‬
‫ﯨ‬ ‫وذم سبحانه وتعالى من كره ما أحبه الله وأحب ما كرهه الله‪ ،‬قال‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [محمد‪ .]8 :‬وقال تعالى‪ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ [محمد‪.]28 :‬‬
‫فالواجـب علــى كــل مـؤمن أن يحــب مــا أحبـه اللــه محبـةً توجـب لــه اإلتيــان بمـا وجــب عليــه‬
‫منه‪ ،‬فإن زادت المحبة‪ ،‬حتى أتـى بمـا نـدب إليـه منـه‪ ،‬كـان ذلـك فضـالً‪ ،‬وأن يكـره مـا كـره اللـه‬
‫تعالى كراهةً توجب له الكف عما حرم اللـه عليـه منـه‪ ،‬فـإن زادت الكراهـه حتـى أوجبـت الكـف‬
‫عمــا كرهــه تنـ ـزيهاً‪ ،‬كــان ذلــك فض ـالً‪ .‬وقــد ثبــت فــي الصــحيحين عنــه ‪ ‬أنــه قــال‪« :‬ال يــؤمن‬
‫أحــدكم حتــى أكــون أحــب إليــه مــن نفســه وولــده وأهلــه والنــاس أجمعــين»(‪ )1‬فــال يكــون المــؤمن‬
‫رسـله‪.‬‬‫مؤمناً حتى يقدم محبة الرسـول علـى محبـة جميـع الخلـق‪ ،‬ومحبـة الرسـول تابعـة لمحبـة م ِّ‬
‫والمحبة الصحيحة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات وبغض المكروهات))(‪.)2‬‬
‫فالحاصل أن الحديث معناه صحيح تشهد له اآليات واألحاديث المتقدمة‪.‬‬
‫المتقدم‪ ،‬وهو‪ :‬أن النبي ‪‬‬ ‫ِّ‬ ‫وأما وجه االستشهاد به فقد ظهر في كالم الحافظ ابن رجب‬
‫نفى اإليمان عمن لم تكن محبته تابعةً لما جاء به الرسول من األوامر والنواهي وغيرها‪ ،‬فدل‬
‫على أن اإليمان ال يصح إال بأن يحب ما أمر به الرسول‪ ،‬ويكره ما نهى عنه ‪ ،‬وذلك إنما‬
‫يتحقق بالعمل واالنقياد‪ ،‬ألنه دليل المحبة وشرط صدقها‪ .‬كما قال تعالى‪ :‬ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ [آل عمران‪.]61 :‬‬
‫وقد عقد الحافظ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتاب "الحجة على تارك‬
‫المحجة" باباً بعنوان‪(( :‬كون قبول السنة والتسليم لها شرطاً في صحة اإليمان)) أورد تحته‬
‫الحديث المتقدم(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬جامع العلوم والحكم (ص‪ 527 :‬ـ ‪.)523‬‬
‫(‪ )3‬مختصر الحجة على تارك المحجة (‪ 63/1‬ـ ‪.)61‬‬
‫‪823‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫‪ 2‬ـ قوله ‪ ‬ـ كما في حديث سعد بن عبادة ـ‪« :‬من قال ال إله إال الله وحده ال‬
‫شريك له أطاع بها قلبه وذل بها لسانه‪ ،‬وأشهد أن محمداً رسول الله حرمه الله على‬
‫النار»(‪.)1‬‬
‫حرمه الله على النار‪ ،‬مما يدل‬‫وجه االستشهاد بالحديث أن فيه وعداً لمن انقاد بأن ي ِّ‬
‫على اشتراط االنقياد لدخول الجنة‪ ،‬والجنة ال يدخلها إال أهل التوحيد‪ ،‬وهم أهل ال إله إال‬
‫الله كما تقدم(‪.)2‬‬
‫‪ 6‬ـ قوله ‪« :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصالة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر»(‪.)3‬‬
‫وجه االستدالل به‪ :‬أن النبي ‪ ‬حكم بكفر تارك الصالة‪ ،‬وهي ـ أي‪ :‬الصالة ـ من‬
‫حقوق ال إله إال الله‪ ،‬فلوال أن االنقياد بفعلها شرط لصحة الشهادتين لم يحكم بكفر‬
‫تاركها‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ قوله ‪ ‬ـ كما في حديث أنس بن مالك ‪ ‬ـ‪« :‬ال تزال ال إله إال الله تنفع من‬
‫قالها وترد عنهم العذاب والنقمة ما لم يستخفوا بحقها»‪ .‬قالوا يا رسول الله‪ :‬وما‬
‫االستخفاف ِّ‬
‫بحقها؟ قال‪ :‬يظهر العمل بمعاصي الله فال ينكر وال يغير»(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬والحديث ضعيف جداً؛ فال يصلح لالحتجاج‪ ،‬وبعض الباحثين ذكره مستدالً به‬
‫على شرط االنقياد(‪ .)5‬ولعله الحظ المعنى‪ ،‬فهو صحيح؛ ألن من استخف بحقوق ال إله‬
‫إال الله‪ ،‬فلم يعمل بما دلت عليه‪ ،‬فإنها ال تنفعه عند الله‪ .‬ويشهد لذلك اآليات‬

‫(‪ )1‬أخرجه الطبراني في األوسط (‪ .)87/2‬قال الهيثمي في المجمع (جـ‪ :)21/1‬رواه الطبراني في األوسط وفيه‬
‫عبدالرحمن بن زيد بن أسلم واألكثر على تضعيفه‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شروط ال إله إال الله للمعتق (ص‪.)96 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الترمذي في كتاب الصالة‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء فيمن ترك الصالة (‪ ،)16/7‬وابن ماجة في كتاب الصالة‪،‬‬
‫باب‪ :‬ما جاء فيمن ترك الصالة (‪ ،)692/1‬وأحمد في المسند (‪ ،)693/7‬وابن أبي شيبة في المصنف‬
‫(‪ ،)135/3‬وابن حبان في صحيحه (‪ ،)637/9‬والبيهقي في سننه (‪ ،)933/6‬والحاكم في مستدركه‬
‫(‪ .)98/1‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد ال تعرف له علة بوجه من الوجوه‪ .‬والحديث حكم عليه األلباني‬
‫بالصحة في مواضع من كتبه؛ منها مشكاة المصابيح (‪ ،)759‬وصحيح الجامع (‪.)9196‬‬
‫(‪ )4‬ذكره المنذري في الترغيب والترهيب (‪ .)132/6‬والحديث حكم األلباني بأنه ضعيف جداً كما في ضعيف‬
‫الترغيب (‪.)1681‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬شروط ال إله إال الله للدكتور عواد بن عبد الله المعتق (ص‪.)92 :‬‬
‫‪821‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫واألحاديث المتقدمة في اشتراط االنقياد لنفعها‪.‬‬


‫‪ 7‬ـ ومن أدلة السنة أيضاً ما استدل به المعلِّمي ـ رحمه الله ـ عند تقريره لهذا الشرط‪.‬‬
‫قال‪(( :‬وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة في حديث جبريل ‪ ‬أنه سأل‬
‫النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن اإليمان واإلسالم‪ ،‬قال‪« :‬اإلسالم أن تعبد الله وال‬
‫تشرك به»(‪ .)1‬وفي صحيح مسلم حديث بن عمر في هذه القصة وفيه قوله‪« :‬أن تشهد أن‬
‫ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله»(‪.)2‬‬
‫وفي الصحيحين أيضاً حديث ابن عباس في قصة وفد عبد القيس‪ ،‬وفيه‪ :‬فأمرهم بأربع‬
‫ونهاهم عن أربع‪ ،‬أمرهم باإليمان بالله وحده‪ ،‬قال‪« :‬أتدرون ما اإليمان بالله وحده؟»‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ .‬قال‪« :‬شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله»(‪.)3‬‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد في هذه القصة‪ « :‬آمركم بأربع‪ ...‬اعبدوا الله‬
‫وال تشركوا به شيئاً»(‪ .)4‬ولها نظائر‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وفيه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفهمون اتحاد معنى شهادة أن ال إله‬
‫إال الله ـ التي يثبت بها اإلسالم ـ‪ ،‬ومعنى التزام عبادة الله تعالى وعدم الشرك به‪ ،‬وهو‬
‫المطلوب‪ .‬والله أعلم))(‪ .)5‬انتهى‪.‬‬
‫هذه بعض أدلة السنة على اشتراط االنقياد‪ ،‬وهي‪ :‬ظاهرة الداللة في شرطية االنقياد‬
‫لصحة الشهادة‪.‬‬
‫وأما داللة العقل على اشتراط االنقياد فمن وجوه‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن اإلسالم داخل في اإليمان؛ فال يكون الرجل مؤمناً حتى يكون مسلماً كما‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬سؤال جبريل النبي ‪ ‬عن اإليمان‪ ،‬واإلسالم‪ ،‬واإلحسان (جـ‪)22/1‬‬
‫ح (‪ ،)73‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )68/1‬ح (‪.)7‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )65/1‬ح (‪.)1‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬أداء الخمس (جـ‪ )26/1‬ح (‪ ،)76‬ومسلم في كتاب اإليمان‬
‫(‪.)93/1‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )98/1‬ح (‪ .)23‬وأصله في البخاري كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )5‬رفع االشتباه (ص‪ 63 :‬ـ ‪.)65‬‬
‫‪822‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫أن اإليمان داخل في اإلحسان‪ ،‬فال يكون محسناً حتى يكون مؤمناً(‪ .)1‬واإلسالم هو‬
‫العمل الظاهر الذي هو تحقيق االنقياد‪ .‬فصح أنه محتاج لالنقياد لصحة اإليمان‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فال يكون الرجل مؤمناً ظاهراً حتى يظهر أصل‬
‫اإليمان‪ ،‬وهو شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وشهادة أن محمداً رسول الله‪ ،‬وال يكون مؤمناً‬
‫باطناً حتى يقر بقلبه بذلك‪ ،‬فينتفي عنه الشك ظاهراً وباطناً مع وجود العمل الصالح))(‪.)2‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه قد تقدم أنه يلزم من صالح الباطن صالح الظاهر؛ فإذا انتفى الالزم انتفى‬
‫الملزوم‪ .‬والالزم هو العمل الظاهر؛ إذ هو الزم اإليمان الباطن‪ ،‬فإذا انتفى انتفى اإليمان‬
‫الباطن‪ .‬فصح أنه محتاج النقياد الظاهر لتحقيق إيمان الباطن‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن من شروط ال إله إال الله القبول لما دلت عليه‪ ،‬وقد تقدم أن شرط القبول‬
‫ال يتحقق إال مع االنقياد‪ .‬فصح أنه محتاج لالنقياد لتحقيق شرط القبول‪.‬‬
‫وأما دليل اإلجماع‪:‬‬
‫فقد أجمع السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين على اشتراط‬
‫االنقياد لصحة الشهادة‪ ،‬وقد حكى هذا اإلجماع عنهم جماعة من األئمة‪.‬‬
‫قال األوزاعي‪(( :‬ال يستقيم اإليمان إال بالقول‪ ،‬وال يستقيم اإليمان والقول إال‬
‫بالعمل‪ ،‬وال يستقيم اإليمان والقول والعمل إال بنية موافقة للسنة‪ .‬وكان من مضى من سلفنا‬
‫يفرقون بين اإليمان والعمل‪ ،‬العمل من اإليمان‪ ،‬واإليمان من العمل‪ ،‬وإنما اإليمان اسم‬ ‫ال ِّ‬
‫يجمع هذه األديان‪ )3(...‬ويصدقه العمل؛ فمن آمن بلسانه وعرف بقلبه وصدق بعمله تلك‬
‫العروة الوثقى التي ال انفصام لها‪ ،‬ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدق بعمله لم‬
‫يقبل منه وكان في اآلخرة من الخاسرين))(‪.)4‬‬
‫وبنحوه قال سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ ونسبه إلى عامة الفقهاء(‪.)5‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وكان اإلجماع من الصحابة والتابعين من‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)177/5‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)83/23‬‬
‫(‪ )3‬في األصل هنا عبارة (اسمها) والكالم يستقيم بدونها‪.‬‬
‫(‪ )4‬اإلبانة البن بطة (‪ ،)835/2‬وشرح أصول اعتقاد أهل السنة (‪ ،)883/7‬ومجموع الفتاوى (‪.)283/5‬‬
‫(‪ )5‬اإلبانة (‪.)835/2‬‬
‫‪826‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫بعدهم ممن أدركناهم أن اإليمان قول وعمل ونية ال يجزي واحد من الثالثة باآلخر))(‪.)1‬‬
‫وقال اإلمام اآلجري‪(( :‬اعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أن الذي عليه علماء المسلمين‬
‫أن اإليمان واجب على جميع الخلق‪ ،‬وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح‪.‬‬
‫ثم اعلموا أنه ال تجزي المعرفة بالقلب والتصديق إال أن يكون معه اإليمان باللسان‬
‫نطقاً‪ ،‬وال تجزيء معرفة بالقلب ونطق اللسان حتى يكون عمل بالجوارح‪ ،‬فإذا كملت فيه‬
‫هذه الخصال الثالث كان مؤمناً‪ .‬دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين))(‪.)2‬‬
‫وقال ابن بطة العكبري‪(( :‬اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه‬
‫فرض على القلب المعرفة به والتصديق له ولرسله ولكتبه وبكل ما جاءت به السنة‪ .‬وعلى‬
‫األلسن النطق بذلك واإلقرار به قوالً‪ .‬وعلى األبدان والجوارح العمل بكل ما أمر به وفرضه‬
‫من األعمال ال تجزيء واحدة من هذه إال بصاحبتها‪.‬‬
‫وال يكون العبد مؤمناً إال بأن يجمعها كلها حتى يكون مؤمناً بقلبه مقراً بلسانه‬
‫عامالً مجتهداً بجوارحه ثم ال يكون أيضاً مع ذلك مؤمناً حتى يكون موافقاً للسنة في كل‬
‫ما يقوله ويعمله متبعاً للكتاب والعلم في جميع أقواله وأعماله‪ .‬وبكل ما شرحته لكم نزل به‬
‫القرآن ومضت به السنة وأجمع عليه علماء األمة))(‪.)3‬‬
‫وقال اإلمامان أبوزرعة وأبو حاتم الرازيان‪(( :‬أدركنا العلماء في جميع األمصار ـ‬
‫حجازاً وعراقاً‪ ،‬وشاماً ويمناً ـ فكان من مذهبهم اإليمان قول وعمل يزيد وينقص))(‪.)4‬‬
‫وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪(( :‬وشرط التزام الشرائع‬
‫والمباني اإلسالمية مجمع على اعتباره في اإلسالم المنجي في الدار اآلخرة))(‪.)5‬‬
‫المحدث إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن‪(( :‬أصل اإلسالم وقاعدته‬ ‫ِّ‬ ‫وقال العالمة‬

‫(‪ )1‬أورده عنه الاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (‪ 883/7‬ـ ‪.)885‬‬
‫(‪ )2‬الشريعة (‪.)311/2‬‬
‫(‪ )3‬اإلبانة (‪ 533/2‬ـ ‪.)531‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه الاللكائي في أصول أهل السنة (‪ ،)153/1‬وذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش اإلسالمية (ص‪:‬‬
‫‪ ،)266‬وابن تيمية في مجموع الفتاوى (‪ )222/6‬وعزاه إلى نصر المقدسي في كتاب الحجة على تارك‬
‫المحجة‪.‬‬
‫(‪ )5‬مصباح الظالم (ص‪.)677 :‬‬
‫‪829‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وهذا األصل ال بد فيه من العلم والعمل واإلقرار؛ بإجماع‬
‫المسلمين؛ ومدلوله وجوب عبادة الله وحده ال شريك له‪ ،‬والبراءة من عبادة ما سواه كائناً‬
‫من كان؛ وهذا هو الحكمة التي خلقت لها الجن واإلنس‪ ،‬وأرسلت لها الرسل‪ ،‬وأنزلت بها‬
‫الكتب‪ ،‬وهي تتضمن كمال الذل والحب‪ ،‬وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم‪ ،‬وهذا هو دين‬
‫اإلسالم الذي ال يقبل الله ديناً سواه ال من األولين وال من اآلخرين))(‪.)1‬‬
‫فتضمنت هذه النقول إجماع أهل العلم على أن اإليمان قول وعمل واعتقاد‪ ،‬وهذا‬
‫مما يدلِّل على شرطية االنقياد؛ إذ اإلجماع دليل معتبر عند أهل السنة‪ ،‬به تثبت األحكام‬
‫والعقائد‪.‬‬

‫(‪ )1‬الدرر السنية (‪.)278/1‬‬


‫‪827‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقول ال إله إال الله شرطاً في‬
‫شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫تنوعت أقوال أهل العلم في الداللة على اشتراطهم االنقياد لصحة الشهادة‪ ،‬ويظهر‬
‫ذلك في األمور التالية‪:‬‬
‫األول‪ :‬تصريحهم بأن اإليمان قول وعمل(‪ )1‬واعتقاد‪ ،‬وأنه ال بد من هذه األمور‬
‫الثالثة جميعاً‪ ،‬ال يكتفى ببعضها دون اآلخر(‪.)2‬‬
‫فهذا دليل بيِّن على اشتراط االنقياد‪ ،‬وأنه ال يكتفى بالقول واالعتقاد دون العمل‪ ،‬فلو‬
‫كان االنقياد العملي ليس شرطاً لما صرحوا بأنه ال يجزي القول واالعتقاد دون العمل‪.‬‬
‫وممن حفظ عنه ذلك‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ اإلمام محمد بن إدريس الشافعي ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫قال‪(( :‬وكان اإلجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم أن اإليمان‬
‫قول وعمل ونية ال يجزي واحد من الثالثة باآلخر))(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ أبو ثور(‪:)4‬‬
‫قال‪(( :‬فاعلم يرحمنا الله وإياك أن اإليمان تصديق بالقلب‪ ،‬والقول باللسان‪ ،‬وعمل‬
‫بالجوارح‪ .‬وذلك أنه ليس بين أهل العلم خالف في رجل لو قال‪ :‬أشهد أن الله ‪ ‬واحد‪،‬‬
‫وأن ما جاءت به الرسل حق‪ ،‬وأقر بجميع الشرائع ثم قال‪ :‬ما عقد قلبي على شيء من هذا‬
‫وال أصدق به أنه ليس بمسلم‪.‬‬
‫ولو قال‪ :‬المسيح هو الله وجحد أمر اإلسالم ثم قال‪ :‬لم يعتقد قلبي على شيء من‬
‫ذلك أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن‪.‬‬

‫(‪ )1‬المقصود بالعمل هنا عمل القلب والجوارح‪ .‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومن أصول أهل السنة‪ :‬أن‬
‫الدين واإليمان قول وعمل؛ قول القلب واللسان‪ ،‬وعمل القلب واللسان والجوارح‪ ،‬وأن اإليمان يزيد بالطاعة وينقص‬
‫بالمعصية)) [مجموع الفتاوى (‪ ،])171/6‬وانظر‪ :‬المصدر نفسه (‪.)532 ،737 ،185 ،151/5‬‬
‫(‪ )2‬منـزلة العمل من اإليمان عند أهل السنة للدكتور صالح العقيل (ص‪ ،)3 :‬بحث غير منشور‪.‬‬
‫(‪ )3‬أورده عنه الاللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (‪ 883/7‬ـ ‪.)885‬‬
‫(‪ )4‬هو‪ :‬إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي‪ ،‬أبو ثور‪ ،‬الفقيه صاحب الشافعي‪ ،‬ثقة من العاشرة مات سنة أربعين‬
‫ومئتين‪ .‬انظر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)135 :‬‬
‫‪823‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فلما لم يكن باإلقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمناً وال بالتصديق إذا لم يكن معه‬
‫اإلقرار مؤمناً حتى يكون مصدقاً بقلبه مقراً بلسانه‪.‬‬
‫فإذا كان التصديق بالقلب وإقرار باللسان كان عندهم مؤمناً وعند بعضهم ال يكون حتى‬
‫يكون مع التصديق عمل فيكون بهذه األشياء إذا اجتمعت مؤمناً‪.‬‬
‫فلما نفوا أن اإليمان شيء واحد وقالوا‪ :‬يكون بشيئين في قول بعضهم وثالثة أشياء في‬
‫قول غيرهم لم يكن مؤمناً إال بما اجتمعوا عليه من هذه الثالثة األشياء‪.‬‬
‫وذلك أنه إذا جاء بالثالثة أشياء فكلهم يشهد أنه مؤمن‪ ،‬فقلنا بما اجتمعوا عليه من‬
‫التصديق بالقلب واإلقرار باللسان وعمل بالجوارح‪.)1())..‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ معلقاً على كالم أبي ثور‪(( :‬قلت‪ :‬يعني اإلمام‬
‫أبو ثور ـ رحمه الله ـ أنه ال يكون مؤمناً إال إذا التزم بالعمل مع اإلقرار‪ ،‬وإال فلو أقر ولم يلتزم‬
‫العمل لم يكن مؤمناً‪ .‬وهذا االحتجاج الذي ذكره أبو ثور هو دليل على وجوب األمرين‪:‬‬
‫اإلقرار والعمل‪ ،‬وهو يدل على أن كالً منهما من الدين‪ ،‬وأنه ال يكون مطيعاً لله‪ ،‬وال‬
‫مستحقاً للثواب‪ ،‬وال ممدوحاً عند الله ورسوله إال باألمرين جميعاً‪ .‬وهو حجة على من‬
‫يجعل األعمال خارجة عن الدين واإليمان جميعاً))(‪ .)2‬انتهى محل الغرض‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ محمد بن حسين اآلجري‪:‬‬
‫قال في الشريعة‪(( :‬باب القول بأن اإليمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل‬
‫بالجوارح ال يكون مؤمناً إال بأن تجتمع فيه هذه الخصال الثالث)) (‪.)3‬‬
‫وقال‪(( :‬اعلموا ـ رحمنا الله وإياكم ـ أن الذي عليه علماء المسلمين أن اإليمان واجب‬
‫على جميع الخلق‪ ،‬وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح‪.‬‬
‫ثم اعلموا أنه ال تجزيء المعرفة بالقلب والتصديق إال أن يكون معه اإليمان نطقاً‪ ،‬وال‬
‫تجزيء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح‪ .‬فإذا كملت فيه هذه‬
‫الخصال الثالث كان مؤمناً‪ .‬دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة (‪ 898/9‬ـ ‪ .)873‬وذكره ابن تيمية في المجموع (‪ 685/5‬ـ ‪.)688‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)688/5‬‬
‫(‪ )3‬الشريعة (‪.)311/2‬‬
‫(‪ )4‬الشريعة (‪.)311/2‬‬
‫‪825‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وقال أيضاً‪...(( :‬بل نقول ‪ -‬والحمد لله ‪ -‬قوالً يوافق الكتاب والسنة‪ ،‬وعلماء‬
‫المسلمين الذين ال يستوحش من ذكرهم ـ وقد تقدم من ذكرناهم ـ أن اإليمان معرفة بالقلب‬
‫ـ تصديقاً يقينياً ـ وقول باللسان‪ ،‬وعمل بالجوارح‪ ،‬ال يكون مؤمناً إال بهذه الثالثة‪ ،‬ال يجزي‬
‫بعضها عن بعض‪ ،‬والحمد لله على ذلك))(‪.)1‬‬
‫الثاني‪ :‬تصريحهم بأنه ال انفكاك بين اإليمان والعمل‪ ،‬وأنه يمتنع أن يوجد اإليمان في‬
‫القلب ثم ال يوجد عمل الجوارح(‪.)2‬‬
‫فهذا دليل بيِّن على اشتراط االنقياد العملي؛ إذ يلزم من إيمان الباطن عمل الظاهر‪،‬‬
‫فإذا انتفى العمل الظاهر دل ذلك على انتفاء اإليمان الباطن‪.‬‬
‫وقد مر في مطلب العالقة بين انقياد الظاهر وانقياد الباطن من كالم أهل العلم ما‬
‫يشفي ويكفي فال داعي إلعادته هنا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تصريحهم بأن العمل بفرائض الله هو تصديق التوحيد واإليمان واإلقرار بهما‪.‬‬
‫وممن حفظ عنه ذلك‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الحسن البصري ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫قال الحسن البصري‪ :‬ليس اإليمان بالتمني وال بالتحلي‪ ،‬ولكن ما وقر في القلب‬
‫وصدقته األعمال(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ ابن جرير الطبري‪:‬‬
‫قال‪(( :‬وكذلك العمل بفرائض الله التي فرضها على عباده‪ ،‬تصديق من العامل بعمله‬
‫لله ـ جل ثناؤه ـ ورسولِّه ‪.)4())‬‬
‫ذلك ِّ‬
‫الرابع‪ :‬تصريحهم بتكفير تارك العمل الظاهر‪ِّ ،‬‬
‫وخلو قلبه من اإليمان‪.‬‬
‫فهذا دليل بيِّن على اشتراط االنقياد العملي لصحة اإليمان‪ ،‬وأنه ال يكتفى بالقول وعمل‬
‫القلب‪ ،‬فلو كان االنقياد العملي ليس شرطاً في اإليمان لم يحكموا بكفر تارك العمل‪.‬‬
‫وممن حفظ عنه ذلك ـ أي التصريح بتكفير تارك العمل الظاهر ـ‪:‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه (‪ 616/3‬ـ ‪.)617‬‬


‫(‪ )2‬منـزلة العمل من اإليمان عند أهل السنة والجماعة (ص‪.)8 :‬‬
‫(‪ )3‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )4‬التبصير في معالم الدين (ص‪ 183 :‬ـ ‪.)181‬‬
‫‪828‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫‪ 1‬ـ سهل بن عبد الله التستري‪:‬‬


‫فقد سئل عن اإليمان ما هو؟ فقال‪(( :‬قول وعمل ونية وسنة‪ ،‬ألن اإليمان إذا كان قوالً‬
‫بال عمل فهو كفر‪ ،‬وإذا كان قوالً وعمالً بال نية فهو نفاق‪ ،‬وإذا كان قوالً وعمالً ونية بال‬
‫سنة فهو بدعة))(‪.)1‬‬
‫فهذا النص صريح في تكفير تارك العمل الظاهر‪ ،‬ألن قوله‪(( :‬فإذا كان قوالً بال عمل‬
‫فهو كفر)) محمول على العمل الظاهر هنا‪ .‬وذلك للتنويع في كالمه حيث نص على قول‬
‫اللسان‪ ،‬وعلى النية التي هي اعتقاد القلب ومحض عمله(‪ .)2‬فلم يبق إال عمل الجوارح؛‬
‫فيكون هو مراده من ذكر العمل ههنا‪.‬‬
‫بل ذلك هو مراد السلف جميعاً من ذكر العمل يقول اآلجري ـ رحمه الله ـ‪(( :‬من قال‬
‫اإليمان قول دون العمل‪ ،‬يقال له‪ :‬رددت القرآن والسنة‪ ،‬وما عليه جميع العلماء وخرجت‬
‫على قول المسلمين وكفرت بالله العظيم‪.‬‬
‫قيل له‪ :‬إن الله تعالى أمر المؤمنين بعد أن صدقوا في إيمانهم أمرهم بالصالة‪ ،‬والزكاة‪،‬‬
‫والصيام‪ ،‬والحج‪ ،‬والجهاد‪ ،‬وفرائض كثيرة‪ ،‬يطول ذكرها مع شدة خوفهم على التفريط فيها‬
‫من النار والعقوبة الشديدة‪.‬‬
‫من زعم أن الله تعالى فرض على المؤمنين ما ذكرنا ولم يرد منهم العمل‪ ،‬ورضي‬
‫بالقول فقد خالف الله ورسوله ‪ ،‬قال الله تعالى لما تكامل اإلسالم باألعمال ﭻ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ وقال النبي ‪« :‬بني اإلسالم على خمس‪»...‬‬
‫وقال ‪« :‬من ترك الصالة فقد كفر»))(‪.)3‬‬
‫‪ 2‬ـ إسحاق بن راهوية‪:‬‬
‫قال‪(( :‬غلت المرجئة حتى صار من قولهم‪ :‬إن قوماً يقولون‪ :‬من ترك الصلوات‬

‫(‪ )1‬ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (‪.)151/5‬‬


‫(‪ )2‬يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ‪(( :‬النية محض عمل القلب فلم يشرع إظهارها باللسان)) [شرح العمدة‬
‫(‪ ])115/1‬وانظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)123/3 ،315/5‬‬
‫وقال تلميذه ابن القيم‪(( :‬والعمل قسمان عمل القلب وهو نيته وإخالصه‪ ،‬وعمل الجوارح)) [الصالة وحكم‬
‫تاركها (ص‪.])75 :‬‬
‫(‪ )3‬الشريعة (‪ 611/3‬ـ ‪.)611‬‬
‫‪828‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المكتوبات‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وعامة الفرائض من غير جحود لها‪ :‬إنا ال‬
‫نكفره‪ ،‬يرجأ أمره إلى الله بعد‪ ،‬إذ هو مقر؛ فهؤالء الذين ال شك فيهم))(‪.)1‬‬
‫قال الحافظ ابن رجب‪(( :‬يعني في أنهم مرجئة))(‪.)2‬‬
‫فهذا نص صريح من هذا اإلمام في تكفير تارك العمل بالكلية‪ ،‬والمراد بالعمل هنا‬
‫العمل الظاهر‪ .‬ألن اإلمام إسحاق بن راهوية ههنا يتكلم عن المرجئة‪ ،‬والمرجئة المشهور‬
‫عنهم إخراج العمل الظاهر عن مسمى اإليمان(‪.)3‬‬
‫فال يشكل هنا قوله‪(( :‬وعامة الفرائض))؛ فهي تحمل هنا على الفرائض الظاهرة‪ ،‬ال القلبية‪.‬‬
‫كفرون بالشعب القلبية‪ ،‬فلو‬ ‫كما ال يمكن أن يحمل على الكرامية‪ ،‬ألن الكرامية ال ي ِّ‬
‫كان مراده هؤالء لما احتاج إلى قيد "من غير جحود"‪ ،‬وال قيد "اإلقرار"‪ .‬فليفهم‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ سفيان بن عيينة‪:‬‬
‫قال ـ وقد سئل عن المرجئة ـ‪(( :‬نحن نقول‪ :‬اإليمان قول وعمل‪ ،‬والمرجئة أوجبوا‬
‫الجنة لمن شهد أن ال إله إال الله مصراً بقلبه على ترك الفرائض‪ ،‬وسموا ترك الفرائض ذنباً‬
‫بمنزلة ركوب المحارم‪ ،‬وليس بسواء‪ ،‬ألن ركوب المحارم من غير استحالل معصية‪ ،‬وترك‬
‫الفرائض متعمداً من غير جهل وال عذر هو كفر))(‪.)4‬‬
‫وهو كسابقه فيه الداللة على تكفير تارك العمل بالكلية‪ ،‬والمراد بالعمل هنا العمل‬
‫الظاهر‪ ،‬ألن المعروف عن المرجئة أنهم يخرجون األعمال الظاهرة عن مسمى اإليمان‪ ،‬ولذا‬
‫قيل لهم مرجئة‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ابن بطة العكبري‪:‬‬
‫قال‪(( :‬فكل من ترك شيئاً من الفرائض التي فرضها الله ‪ ‬في كتابه أو أكدها‬
‫رسول الله ‪ ‬في سنته ـ على سبيل الجحود لها والتكذيب بها ـ فهو كافر‪ ،‬بيِّن الكفر‪ ،‬ال‬
‫يشك في ذلك عاقل يؤمن بالله واليوم اآلخر‪.‬‬

‫(‪ )1‬نقله الحافظ ابن رجب في فتح الباري (‪.)21/1‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه (‪.)21/1‬‬
‫(‪ )3‬يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ‪(( :‬ولهذا كان جماهير المرجئة على أن عمل القلب داخل في اإليمان كما‬
‫نقله أهل المقاالت عنهم)) [مجموع الفتاوى (‪.])112/7‬‬
‫(‪ )4‬السنة لعبد الله بن اإلمام أحمد (‪ 695/1‬ـ ‪ )698‬رقم (‪.)597‬‬
‫‪863‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ومن أقر بذلك وقاله بلسانه ثم تركه تهاوناً ومجوناً‪ ،‬أو معتقداً لرأي المرجئة ومتبعاً‬
‫لمذاهبهم فهو تارك اإليمان ليس في قلبه منه قليل وال كثير‪ ،‬وهو في جملة المنافقين الذين‬
‫نافقوا رسول الله ‪ ‬فنـزل القرآن بوصفهم وما أعد لهم وأنهم في الدرك األسفل من‬
‫النار))(‪.)1‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬فقد تلوت عليكم من كتاب الله ‪ ‬ما يدل العقالء من المؤمنين أن‬
‫اإليمان قول وعمل‪ ،‬وأن من صدق بالقول وترك العمل كان مكذباً وخارجاً من اإليمان‪،‬‬
‫وأن الله ال يقبل قوالً إال بعمل وال عمل إال بقول))(‪.)2‬‬
‫وهو كسابقيه يحمل أيضاً على تكفير تارك العمل الظاهر ألن النقاش هنا مع المرجئة‪،‬‬
‫في أمر اإليمان‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ اإلمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫قال في إجابته عن سؤال حاصله‪" :‬ما حكم األعراب سكان البادية الذين ال يفعلون‬
‫شيئاً من الشرعيات إال مجرد التكلم بالشهادتين هل هم كفار أم ال؟ وهل يجب على‬
‫المسلمين غزوهم أم ال؟ ((أقول‪ :‬من كان تاركاً ألركان اإلسالم وجميع فرائضه ورافضاً لما‬
‫يجب عليه من ذلك من األقوال واألفعال‪ ،‬ولم يكن لديه إال مجرد التكلُّم بالشهادتين فال‬
‫شك وال ريب أن هذا كافر شديد الكفر حالل الدم‪ ...‬إلى أن قال‪ :‬فإن لم يعمل فهو‬
‫حالل الدم والمال حكمه حكم أهل الجاهلية‪ .‬وما أشبه الليل بالبارحة‪ ،‬وقد أبان لنا رسول‬
‫الله ‪ ‬قوالً وفعالً ما نعتمده في قتال الكافرين))(‪.)3‬‬
‫الخامس‪ :‬تصريحهم بأن الله لم يدخل المؤمنين الجنة باإليمان وحده‪ ،‬ولكن مع العمل‬
‫فهذا دليل بيِّن على اشتراط انقياد الجوارح لنفع القول واعتقاد القلب‪.‬‬
‫وممن حفظ عنه ذلك‪ :‬اآلجري ـ رحمه الله‪.‬‬
‫يقول اآلجري‪(( :‬اعلموا ‪ -‬رحمنا الله وإياكم ‪ -‬يا أهل القرآن ويا أهل العلم بالسنن‬
‫واآلثار‪ ،‬ويا معشر من فقههم الله تعالى في الدين بعلم الحالل والحرام أنكم إن تدبرتم‬
‫القرآن كما أمركم الله تعالى علمتم أن الله تعالى أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به‬

‫(‪ )1‬اإلبانة (‪.)539/2‬‬


‫(‪ )2‬اإلبانة (‪.)587/2‬‬
‫(‪ )3‬إرشاد السائل إلى دليل المسائل (مطبوعة ضمن الرسائل السلفية ص‪ 96 :‬ـ ‪.)99‬‬
‫‪861‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وبرسوله العمل‪ ،‬وأنه تعالى لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم وأنهم قد رضوا عنه؛‬
‫وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار إال باإليمان والعمل الصالح‪ ،‬قرن مع‬
‫اإليمان العمل الصالح لم يدخلهم الجنة باإليمان وحده حتى ضم إليه العمل الصالح الذي‬
‫وفقهم له‪ ،‬فصار اإليمان ال يتم ألحد حتى يكون مصدقاً بقلبه‪ ،‬وناطقاً بلسانه‪ ،‬وعامالً‬
‫بجوارحه ال يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه وجده كما ذكرت‪.‬‬
‫اعلموا –رحمنا الله وإياكم – أني قد تصفحت القرآن فوجدت ما ذكرته في شبيه من‬
‫خمسين موضعاً من كتاب الله تعالى أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة باإليمان‬
‫وحده؛ بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم‪ ،‬وبما وفقهم له من اإليمان والعمل الصالح‪.‬‬
‫وهذا رد على من قال اإليمان قول‪ ،‬ورد على من قال اإليمان معرفة وإن لم يعمل‪ ،‬نعوذ‬
‫بالله من قائل هذا))(‪.)1‬‬
‫السادس‪ :‬حكمهم على من ترك الصالة والزكاة والصيام والحج بالكفر‪ ،‬ولو كان‬
‫ِّ‬
‫مصدقاً بقلبه مقراً بلسانه‪.‬‬
‫فهذا دليل بيِّن على اشتراط العمل ـ أي‪ :‬االنقياد ـ وأنه ال يكتفى بالقول والتصديق‪ ،‬فلو‬
‫كان االنقياد العملي ليس شرطاً في اإليمان لم يحكموا بكفر تارك هذه األعمال مجتمعة(‪.)2‬‬
‫وممن حفظ عنه ذلك ـ أي التكفير بهذه المباني ـ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الحميدي(‪:)3‬‬
‫قال‪ :‬وأخبرت أن قوماً يقولون‪ :‬إن من أقر بالصالة والزكاة والصوم والحج‪ ،‬ولم يفعل من‬
‫ذلك شيئاً حتى يموت‪ ،‬أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن مالم‬
‫يكن جاحداً‪ )4(...‬فقلت‪ :‬هذا الكفر بالله الصراح‪ ،‬وخالف كتاب الله وسنة رسوله ‪‬‬

‫(‪ )1‬الشريعة (‪ 651/3‬ـ ‪.)651‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬بحث منـزلة العمل من اإليمان عند أهل السنة والجماعة للدكتور صالح العقيل (ص‪ )51 :‬غير منشور‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي األسدي‪ ،‬الحميدي المكي‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬ثقة حافظ فقيه‪ ،‬أجل أصحاب‬
‫ابن عيينة‪ ،‬مات بمكة سنة تسع عشرة ومئتين‪ ،‬وقيل‪ :‬بعدها‪ .‬قال الحاكم كان البخاري إذا وجد الحديث عند‬
‫الحميدي ال يعدوه إلى غيره‪ .‬وحدبثه مخرج في الصحيحين وغيرهما‪ .‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء (‪ 313/13‬ـ‬
‫‪ ،)318‬وتقريب التهذيب (ص‪.)733 :‬‬
‫(‪ )4‬هنا جملة ناقصة غير مفهومة‪ ،‬ولذا حذفتها؛ والكالم يستقيم بدونها‪.‬‬
‫‪862‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وفعل المسلمين قال الله ـ جل وعز ـ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬


‫ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ [البينة‪.)1())]7 :‬‬
‫‪ 2‬ـ اإلمام أحمد‪.‬‬
‫قال حنبل‪ (( :‬قال أبو عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ أو سمعته يقول‪ :‬من قال‬
‫هذا ـ يعني ما سبق في قول الحميدي ـ فقد كفر بالله‪ ،‬ورد على الله أمره‪ ،‬وعلى الرسول ما‬
‫جاء به))(‪.)2‬‬
‫من قال هذا فقد كفر ورد أمر الله ورسوله‪ ،‬فكيف بمن يترك هذه األعمال وال يؤدي‬
‫شد كفراً ومروقاً من دين اإلسالم‪ ،‬وأعظم رداً ألمر الله وأمر رسوله‬ ‫منها شيئاً‪ ،‬ال شك أنه أ ُّ‬
‫‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ شيخ اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪(( :‬ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه‪ ،‬بأن‬
‫الله فرض عليه الصلوات والزكاة والصيام والحج‪ ،‬ويعيش دهره ال يسجد لله سجدة‪ ،‬وال‬
‫يصوم يوماً من رمضان‪ ،‬وال يؤدي لله زكاة‪ ،‬وال يحج إلى بيته‪ ،‬فهذا ممتنع‪ ،‬وال يصدر هذا‬
‫إال مع نفاق في القلب وزندقة‪ ،‬ال مع إيمان صحيح))(‪.)3‬‬
‫السابع‪ :‬حكمهم بتكفير تارك الصالة‪.‬‬
‫فهو دليل بيِّن على اشتراطهم العمل وأنه ال يكتفى بالقول وعمل القلب فقط‪ ،‬فلو كان‬
‫العمل ليس شرطاً في اإليمان لم يحكموا بكفر تارك الصالة‪.‬‬
‫وقد جاء النقل عنهم في ذلك على نوعين‪:‬‬
‫األول‪ :‬التكفير بترك جميع الصلوات؛ وممن حفظ عنه ذلك‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ نافع مولى ابن عمر‪:‬‬

‫(‪ )1‬السنة للخالل (جـ‪ 783/6‬ـ ‪ ،)785‬وشرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (جـ‪.)885/7‬‬
‫(‪ )2‬السنة للخالل (جـ‪ ،)785/6‬وشرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (جـ‪.)885/7‬‬
‫(‪ )3‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ 773 :‬ـ ‪.)775‬‬
‫‪866‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫قال‪ :‬لما ذكر له معقل بن عبيد الله العبسي(‪ )1‬قول المرجئة‪(( :‬إنهم يقولون نحن نقر‬
‫بأن لصالة فريضة وال نصلي‪ ،‬وأن الخمر حرام ونحن نشربها‪ ،‬وإن نكاح األمهات حرام‬
‫ونحن نريده فنتر يده من يدي‪ ،‬ثم قال‪ :‬من فعل هذا فهو كافر))(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ أيوب السختياني(‪:)3‬‬
‫قال‪(( :‬ترك الصالة كفر ال يختلف فيه))(‪.)4‬‬
‫‪ 6‬ـ اإلمام أحمد‪:‬‬
‫قال سليمان بن األشعث‪(( :‬وسمعت أبا عبد الله قال إذا قال الرجل ال أصلي فهو‬
‫كافر))(‪.)5‬‬
‫‪ 9‬ـ ابن القيم‪.‬‬
‫قال‪(( :‬فيبقى النظر في الصالة هل هي شرط لصحة اإليمان؟‬
‫هذا سر المسألة‪ .‬واألدلة التي ذكرناها وغيرها تدل على أنه ال يقبل من العبد شيء من‬
‫أعماله إال بفعل الصالة؛ فهي مفتاح ديوانه‪ ،‬ورأس مال ربحه‪ ،‬ومحال بقاء الربح بال رأس‬
‫مال؛ فإذا خسرها خسر أعماله كلها))(‪ .)6‬انتهى‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التكفير بترك الصالة الواحدة؛ وممن حفظ عنه ذلك‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ عبد الله بن شقيق‪:‬‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬معقل بن عبيد الله الجزري العبسي موالهم‪ ،‬من أهل حران‪ ،‬كنيته أبو عبد الله‪ ،‬حدث عن عطاء والزهري وميمون‬
‫بن مهران‪ ،‬وروى عنه الثوري والحسن بن محمد بن أعين‪ ،‬وأهل بلده‪ ،‬مات سنة ست وستين ومائة‪ .‬انظر‪ :‬الثقات‬
‫البن حبان (‪ ،)981/5‬وسير أعالم النبالء (‪ 618/5‬ـ ‪.)618‬‬
‫(‪ )2‬السنة لعبد الله بن أحمد (‪ 682/1‬ـ ‪ )686‬رقم ‪ ،861‬والسنة للخالل (‪28/9‬ـ ‪ ،)61‬واإلبانة البن بطة‬
‫(‪ ،)813/2‬وشرح أصول اعتقاد أهل السنة (‪.)879/7‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني ـ بفتح المهملة ـ أبو بكر البصري‪ ،‬ثقة ثبت حجة‪ ،‬من كبار الفقهاء‬
‫العباد من الخامسة مات سنة إحدى وثالثين ومائة وله خمس وستون سنة‪ ،‬روى عنه أصحاب الكتب الستة‪.‬‬
‫[تقريب التهذيب (ص‪.])178 :‬‬
‫(‪ )4‬تعظيم قدر الصالة (‪ )827/2‬رقم (‪.)858‬‬
‫(‪ )5‬السنة للخالل (‪.)789/6‬‬
‫(‪ )6‬الصالة وحكم تاركها (ص‪.)93 :‬‬
‫‪869‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫قال‪(( :‬من قال إني ال أصلى المكتوبة اليوم فهو أكفر من الحمار))(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ عبد الله بن المبارك‪:‬‬
‫قال‪(( :‬من ترك الصالة متعمداً من غير علة حتى أدخل وقتا في وقت فهو كافر))(‪.)2‬‬
‫‪ 6‬ـ إسحاق بن راهوية‪:‬‬
‫قال محمد بن نصر المروزي‪(( :‬سمعت إسحاق يقول قد صح عن رسول الله ‪‬‬
‫إن تارك الصالة كافر‪ ،‬وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي ‪ ‬إلى يومنا هذا‪ :‬أن تارك‬
‫الصالة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر))(‪.)3‬‬
‫الثامن‪ :‬التنصيص على هذا االشتراط‪.‬‬
‫وممن حفظ عنه ذلك‪:‬‬
‫‪1‬ـ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي(‪:)4‬‬
‫قال في كتاب "الحجة على تارك المحجة"‪(( :‬باب كون قبول السنة والتسليم لها شرطاً‬
‫في صحة اإليمان‪.‬‬
‫عن أم سلمة ‪ ‬أن الزبير بن العوام خاصم رجالً إلى النبي ‪ ‬فقضى للنبي ‪ ‬للزبير‪.‬‬
‫فقال الرجل‪ :‬إنما قضى له ألنه ابن عمته فأنزل الله سبحانه وتعالى‪ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫[النساء‪ .)))5( ]37 :‬أ‪.‬‬ ‫ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أبو طالب المكي(‪:)6‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ناقالً عن أبي طالب المكي‪(( :‬ال إيمان لمن ال‬
‫إسالم له‪ ،‬وال إسالم لمن ال إيمان له‪ ،‬إذ ال يخلو المسلم من إيمان به يصح إسالمه‪ ،‬وال‬
‫يخلو المؤمن من إسالم به يحقق إيمانه من حيث اشترط الله لألعمال الصالحة اإليمان‪،‬‬

‫(‪ )1‬تعظيم قدر الصالة (‪ )823/2‬رقم (‪.)883‬‬


‫(‪ )2‬تعظيم قدر الصالة (‪ )823/2‬رقم (‪.)881‬‬
‫(‪ )3‬تعظيم قدر الصالة (‪ )828/2‬رقم (‪.)883‬‬
‫(‪ )4‬تقدمت ترجمته‪.‬‬
‫(‪ )5‬مضى تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )6‬تقدمت ترجمته‪.‬‬
‫‪867‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫واشترط لإليمان األعمال الصالحة فقال في تحقيق ذلك‪ :‬ﭮ ﭯ‬


‫ﭴ ﭵ ﭶ [األنبياء‪ .]89 :‬وقال في تحقيق اإليمان بالعمل‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫ﰀ [طـه‪.)1())]57:‬‬ ‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ‬
‫‪ 6‬ـ شيخ اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬
‫قال‪..(( :‬فعلم أن مجرد العلم واإلخبار عنه ليس بإيمان حتى يتكلم باإليمان على‬
‫المتضمن لاللتزام واالنقياد مع تضمن ذلك لإلخبار عما في أنفسهم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وجه اإلنشاء‬
‫فالمنافقون قالوا مخبرين كاذبين‪ ،‬فكانوا كفاراً في الباطن‪ ،‬وهؤالء ـ يعني اليهود ـ قالوها غير‬
‫ملتزمين وال منقادين‪ ،‬فكانوا كفاراً في الظاهر والباطن))(‪.)2‬‬
‫‪ 9‬ـ ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪:‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فيبقى النظر في الصالة هل هي شرط لصحة‬
‫اإليمان؟ هذا سر المسألة واألدلة التي ذكرناها وغيرها تدل على أنه ال يقبل من العبد شيء‬
‫من أعماله إال بفعل الصالة؛ فهي مفتاح ديوانه ورأس مال ربحه ومحال بقاء الربح بال رأس‬
‫مال فإذا خسرها خسر أعماله كلها))(‪.)3‬‬
‫‪ 7‬ـ الشيخ عبد الرحمن بن حسن ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫قال‪(( :‬ال بد في شهادة أن ال إله إال الله من سبعة شروط ال تنفع قائلها إال‬
‫باجتماعها))‪ .‬ثم قال‪ :‬الرابع‪(( :‬االنقياد المنافي للترك))(‪.)4‬‬
‫وقال أيضاً في سياق عده لشروط هذه الكلمة‪(( :‬وال بد من االنقياد لحقوق ال إله إال‬
‫الله بالعمل بما فرض الله وترك ما حرمه‪ ،‬والتزام ذلك))(‪.)5‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪.‬‬
‫قال في مصباح الظالم‪(( :‬وال شك أن العلم والقول والعمل مشترط في صحة اإلتيان‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)222/7‬‬


‫(‪ )2‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪.)977 :‬‬
‫(‪ )3‬الصالة وحكم تاركها (ص‪.)93 :‬‬
‫(‪ )4‬فتح المجيد (ص‪ .)119 :‬وانظر‪ :‬الدرر السنية (‪ 277 ،293/2‬ـ‪.)273‬‬
‫(‪ )5‬الدرر السنية (‪.)279/2‬‬
‫‪863‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫بهما ـ يعني الشهادتين ـ‪ ،‬وهذا ال يخفى على أحد شم رائحة العلم))(‪.)1‬‬


‫وقال معلقاً على حديث‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ال إله إال الله»‪(( :‬والقول‬
‫المراد هنا هو الصادر عن علم بمعناها وانقياد ألصول مقتضاها‪ ،‬ال كما ظنه عباد القبور من‬
‫أن مجرد اللفظ يكفي مع المخالفة الظاهرة‪ ،‬وعباد األولياء والصالحين‪ .‬فإن شهادتهم والحالة‬
‫هذه وقولهم شبيه بشهادة المنافقين برسالة سيد المرسلين‪ ،‬وقد مر لك ما فيها))(‪.)2‬‬
‫‪ 5‬ـ الشيخ سليمان بن سحمان‪.‬‬
‫قال في نظمه في بيان معتقد أهل السنة والجماعة‪:‬‬
‫ه ـ ـ ـ ــو الت ـ ـ ـ ــرك للم ـ ـ ـ ــأمور أو فع ـ ـ ـ ــل مفس ـ ـ ـ ــد‬ ‫وخامس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها‪ :‬فاالنقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد وض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده‬
‫وتعم ـ ـ ـ ـ ــل ب ـ ـ ـ ـ ــالمفروض حتمـ ـ ـ ـ ـ ـاً وتقت ـ ـ ـ ـ ــدي‬ ‫فتنقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد حق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالحقوق جميعهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫وتتـ ـ ـ ـ ـ ــرك مـ ـ ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ــد حـ ـ ـ ـ ـ ــرم اللـ ـ ـ ـ ـ ــه طائع ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ومستسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلماً للـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بالقلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب ترشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫فم ـ ـ ـ ــن ل ـ ـ ـ ــم يك ـ ـ ـ ــن لل ـ ـ ـ ــه بالقل ـ ـ ـ ــب مس ـ ـ ـ ــلماً ولـ ـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ـ ــك طوع ـ ـ ـ ـ ـ ـاً بـ ـ ـ ـ ـ ــالجوارح ينقـ ـ ـ ـ ـ ــد‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫فليس على نهج الشريعة سالكاً وإن خال رشداً ما أتى من تعبد‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ‪:‬‬ ‫‪.‬‬

‫قال في نظمه ((سلم الوصول))‪(( :‬شروط شهادة أن ال إله إال الله‪:‬‬


‫وف ـ ــي نص ـ ــوص ال ـ ــوحي حق ـ ـ ـاً وردت‬ ‫وبش ـ ـ ـ ـ ـ ــروط س ـ ـ ـ ـ ـ ــبعة ق ـ ـ ـ ـ ـ ــد قـيِّـ ـ ـ ـ ـ ــدت‬
‫إال حيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتكملها‬ ‫فإنـ ـ ـ ــه لـ ـ ـ ــم ينتفـ ـ ـ ــع قائلهـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ــالنطق‬
‫واالنقي ـ ـ ـ ــاد ف ـ ـ ـ ــادر م ـ ـ ـ ــا أق ـ ـ ـ ــول))(‪.)4‬‬ ‫والعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم واليقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين والقبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول‬
‫فنص على شرط االنقياد‪.‬‬
‫وقال في سياق تفصيله لهذه الشروط‪(( :‬الرابع‪ :‬االنقياد لما دلت عليه المنافي‬
‫للترك))(‪.)5‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬وقد قدمنا أن العبد ال يدخل الدين إال بهاتين الشهادتين‪ ،‬وأنهما‬

‫(‪ )1‬مصباح الظالم (ص‪ 685 :‬ـ ‪.)688‬‬


‫(‪ )2‬منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داوود بن جرجيس (ص‪.)77 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان (ص‪ ،)678 :‬أو الدرر السنية (‪.)786/1‬‬
‫(‪ )4‬معارج القبول شرح سلم األصول (‪.)918/2‬‬
‫(‪ )5‬المصدر نفسه (‪.)921/2‬‬
‫‪865‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫متالزمتان‪ ،‬فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية‪ ،‬كما أنها هي الشرط في‬
‫األولى))(‪ .)1‬فنص على شرطية االتباع الذي هو معنى االنقياد‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ المعلِّمي ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫قال‪(( :‬ومنها ـ يعني من شروط شهادة أن ال إله إال الله ـ أن يكون النطق على سبيل‬
‫االلتزام‪ .‬أي‪ :‬التزم أن يعمل طول عمره بمضمون كلمة التوحيد وال يخالفها))(‪.)2‬‬
‫وقال في نص آخر‪(( :‬فعلم مما قدمناه أن من شرط االعتداد بكلمة الشهادة أن تكون‬
‫على سبيل االلتزام))(‪.)3‬‬
‫‪ 13‬ـ الشيخ ابن باز‪:‬‬
‫قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولها سبعة شروط))‪ .‬وذكر منها‪(( :‬واالنقياد لها))(‪.)4‬‬
‫‪ 11‬ـ الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ‪ :‬حيث نص على أن شروط ال إله إال الله‬
‫سبعة‪ .‬وذكر منها‪ :‬االنقياد بأداء حقوقها‪ .‬ثم قال‪(( :‬وهي األعمال الواجبة إخالصاً لله وطلباً‬
‫لمرضاته‪ .‬وهذا هو مقتضاها))(‪.)5‬‬
‫‪ 12‬ـ الشيخ ابن جبرين ـ حفظه الله ـ‪ :‬حيث نص أيضاً على أن شروط ال إله إال الله‬
‫سبعة وذكر منها االنقياد(‪.)6‬‬
‫هذه بعض أقوال أهل العلم وتنوعات دالالتها على شرطية االنقياد لصحة الشهادة‪،‬‬
‫وليس المقام هنا مقام استقصاء وبيان لكل ما قاله أهل العلم في الداللة على اشتراط‬
‫االنقياد‪ ،‬وإنما المقصود التقرير ال اإلحاطة والتكرير‪.‬‬
‫واشتهار هذا الشرط بين أهل العلم وطالبه شاهد على ما ذكرنا‪ ،‬فال داعي لإلطالة أكثر‬
‫من ذلك‪ .‬وقد أفضت في النقول من كالم أهل العلم لتقرير هذا الشرط لما وقع فيه من‬
‫اختالف في اعتباره‪ ،‬ولما يكثر من التشغيب على ِّ‬
‫عده واعتباره‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪ ...(( :‬فإن الناس كثر نزاعهم في مواضع في مسمى‬

‫(‪ )1‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)96 :‬‬


‫(‪ )2‬رفع االشتباه (ص‪.)63 :‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه (ص‪.)91 :‬‬
‫(‪ )4‬مجموع فتاوى ومقاالت ابن باز (‪ 98/6‬ـ ‪.)73‬‬
‫(‪ )5‬معنى ال إله إال الله ومقتضاها (ص‪.)18 :‬‬
‫(‪ )6‬الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما (ص‪.)138 :‬‬
‫‪868‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫اإليمان واإلسالم لكثرة ذكرهما‪ ،‬وكثرة كالم الناس فيهما‪ ،‬واالسم كلما كثر التكلم فيه‪،‬‬
‫فتكلم به مطلقاً ومقيداً بقيد‪ ،‬ومقيداً بقيد آخر في موضع آخر‪ ،‬كان هذا سبباً الشتباه‬
‫بعض معناه‪ ،‬ثم كلما كثر سماعه كثر من يشتبه عليه ذلك‪ .‬ومن أسباب ذلك‪ :‬أن يسمع‬
‫بعض الناس بعض موارده وال يسمع بعضه‪ ،‬ويكون ما سمعه مقيداً بقيد أوجبه اختصاصه‬
‫بمعنى‪ ،‬فيظن معناه في سائر موارده كذلك))‪ .‬انتهى محل الغرض(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)673/5‬‬


‫‪868‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المبحث السادس‪ :‬الموافاة على شهادة أن ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد‪.‬‬
‫وتحته مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معنى الموافاة‪.‬‬
‫وتحته مقصدان‪.‬‬
‫المقصد األول‪ :‬معنى الموافاة لغة‪.‬‬
‫الموافاة كلمة تدور في اللغة على معنى بلوغ الشيء واستكماله‪ ،‬ومنه بلوغ األجل‪،‬‬
‫وهو‪ :‬الموت(‪.)1‬‬
‫والمعنى األخير هو المراد هنا‪.‬‬
‫قال الراغب‪(( :‬وقد عبِّر عن الموت والنوم بالتوفِّي‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ‬
‫[الزمر‪ ،]92 :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ [األنعام‪ ،]33 :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ [السجدة‪ ،]11 :‬ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ [النحل‪ .)2())]53 :‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬معنى الموافاة على كلمة ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد‪.‬‬
‫المراد بالموافاة على ال إله إال الله الموت على اإلسالم والتوحيد كما قال تعالى‪ :‬ﮂ‬
‫[الحجر‪ ،]88 :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ [آل عمران‪.]132 :‬‬ ‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ويتحقق ذلك بأن ال يحدث من صاحبها ما يخل بموجبها عند الموت‪ ،‬وذلك شرط‬
‫استمرار حكمها‪.‬‬
‫يقول المعلِّمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ثم إذا وقعت كلمة الشهادة مستكملة للشروط‪ ،‬فشرط‬
‫استمرار حكمها أن ال يحدث من صاحبها ما يخل بموجبها‪ .‬وهذا هو المقصود الحقيقي‬
‫والثمرة المطلوبة‪ ،‬ولذلك وقع االتفاق على أن السجود للصنم‪ ،‬أو الشمس‪ ،‬أو نحوهما ردة‬
‫تخرج عن اإلسالم إال لمن أ ِّ‬
‫كره))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫وال يشترط أن يقولها عند الموت حتى يكون موافياً عليها‪ ،‬ألن قولها عند الموت من‬
‫عالمات حسن الخاتمة‪ ،‬ومن موجبات دخول الجنة‪ ،‬وليس ذلك كل ح ِّ‬
‫سن الخاتمة‪،‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الصحاح (‪ ،)2723/3‬والمصباح المنير (ص‪ ،)273 :‬ولسان العرب (‪.)678/17‬‬
‫(‪ )2‬المفردات (‪.)858‬‬
‫(‪ )3‬رفع االشتباه (ص‪.)92 :‬‬
‫‪893‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫سن الخاتمة كثيرة كما دلت على ذلك األحاديث الصحيحة(‪.)1‬‬ ‫فعالمات ح ِّ‬
‫ولذا كان قوله ‪« :‬من كان آخر كالمه ال إله إال الله دخل الجنة»(‪ )2‬ال مفهوم له في‬
‫نفي دخول الجنة عمن لم يكن آخر كالمه من الدنيا ال إله إال الله‪ ،‬وإنما المراد دخوله الجنة‬
‫بما يختم له من الكالم الطيِّب؛ فنبه ‪ ‬بأعلى الكالم الطيِّب على أدناه‪ ،‬ألن األعمال ـ كما‬
‫قال النبي ‪ ‬ـ بالخواتيم(‪.)3‬‬
‫المتحقق بتحقيق معنى هذه‬‫ِّ‬ ‫أو المراد بما يموت عليه اإلنسان من صحة المعتقد‬
‫الكلمة بالقلب والجوارح‪ ،‬فلو قالها في زمن المهلة ومات محققاً لها بقلبه وجوارحه مات‬
‫على اإلسالم وصدق عليه أنه قالها عند الموت الستصحابه ح ْكم قولها‪.‬‬
‫وقد بين ذلك شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ في كالم له نفيس حيث أشار فيه إلى أن لفظ‬

‫(‪ )1‬والتي منها غير نطقه بالشهادة عند الموت‪ :‬الموت برشح الجبين لحديث بريدة بن الخصيب رضي الله عنه‪:‬‬
‫«أنه كان بخراسان فعاد أخا له وهو مريض فوجده بالموت وإذا هو بعرق جبينه فقال‪ :‬الله أكبر سمعت رسول الله‬
‫‪ ‬يقول‪« :‬موت المؤمن بعرق الجبين»‪ ،‬ومنها أيضاً‪ :‬الموت ليلة الجمعة أو نهارها لقوله ‪« :‬ما من مسلم‬
‫يموت الجمعة أو ليلة الجمعة إال وقاه الله فتنة القبر»‪ .‬ومنها أيضاً‪ :‬االستشهاد في ساحة القتال قال الله تعالى‪:‬‬
‫ﮭ ﮮ‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ‬ ‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫[آل عمران‪:‬‬ ‫ﯣ ﯤ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫ﮯ ﮰ‬
‫‪ 138‬ـ‪ .]151‬وقال ‪« :‬للشهيد عند الله ست خصال‪ :‬يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة‬
‫ويجار من عذاب القبر ويأمن الفزع األكبر ويحلى حلية اإليمان ويزوج من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا‬
‫من أقاربه»‪ .‬ومنها أيضاً‪ :‬الموت غازيا في سبيل الله لقوله ‪« :‬ما تعدون الشهيد فيكم؟» قالوا‪ :‬يا رسول الله‬
‫من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال‪« :‬إن شهداء أمتي إذا لقليل»‪ .‬قالو‪ :‬فمن هم يا رسول الله قال‪« :‬من قتل‬
‫في سبيل الله فهو شهيد‪ ،‬ومن مات في سبيل الله فهو شهيد‪ ،‬ومن مات في الطاعون‪ ،‬فهو شهيد ومن مات في‬
‫البطن فهو شهيد والغريق شهيد»‪ .‬ومنها أيضاً‪ :‬الموت بالطاعون وفيه أحاديث منها قوله ‪« :‬الطاعون شهادة‬
‫لكل مسلم»‪ .‬ومن هذه العالمات أيضاً‪ :‬الموت بداء البطن لقوله ‪ ‬في الحديث المتقدم‪« :‬ومن مات في‬
‫البطن فهو شهيد»‪ .‬وكذلك الموت بالغرق والهدم‪ ،‬وموت المرأة في نفاسها بسبب ولدها‪ .‬وانظر‪ :‬هذه العالمات‬
‫وغيرها مفصلة بأدلتها في أحكام الجنائز لأللباني (‪ 98‬ـ ‪.)78‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز‪ ،‬باب‪ :‬تلقين الميت (‪ )183/6‬رقم (‪ ،)6113‬وأحمد في المسند‬
‫(‪ ،)295 ،266/7‬والطبراني في الدعاء (‪ ،)966‬والحاكم في المستدرك (‪/1‬ص‪ )736‬وقال‪ :‬هذا حديث‬
‫صحيح اإلسناد ولم يخرجاه‪ .‬وحسن إسناده األلباني كما في أحكام الجنائز (ص‪.)98 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب الرقاق‪ ،‬باب‪ :‬األعمال بالخواتيم وما يخاف منها (جـ‪ )293/5‬ح (‪.)3986‬‬
‫‪891‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الكالم والقول في الكتاب والسنة وكالم السلف واألئمة بل وسائر األمم يتناول عند إطالقه‬
‫اللفظ والمعنى جميعاً‪ .‬وهذا نص كالمه ـ رحمه الله ـ قال‪(( :‬وعامة ما يوجد في الكتاب‬
‫والسنة وكالم السلف واألئمة بل وسائر األمم عربهم وعجمهم من لفظ الكالم والقول وهذا‬
‫كالم فالن أو كالم فالن فإنه عند إطالقه يتناول اللفظ والمعنى جميعاً؛ لشموله لهما‪ ،‬ليس‬
‫حقيقة في اللفظ فقط كما يقوله قوم‪ ،‬وال في المعنى فقط‪ ،‬كما يقوله قوم‪ ،‬وال مشترك‬
‫بينهما كما يقوله قوم‪ ،‬وال مشترك في كالم اآلدميين وحقيقة في المعنى في كالم الله كما‬
‫يقوله قوم‪.‬‬
‫ومنه قول النبي ‪« :‬إن الله تجاوز ألمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به‪ ،‬أو‬
‫تعمل به»(‪ ،)1‬وقول معاذ له‪ :‬وأنا لمؤاخذون بما نتكلم فقال‪« :‬ثكلتك أمك يا معاذ وهل‬
‫يكب الناس في النار على مناخرهم إال حصائد ألسنتهم»(‪ ،)2‬وقوله‪« :‬كلمتان ثقيلتان في‬
‫الميزان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله‬
‫العظيم»(‪ ،)3‬وقوله‪« :‬إن أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد‪:‬‬
‫كل شيء ما خال الله باطل»(‪.)4‬‬
‫أال ُّ‬
‫وقوله‪« :‬إني ألعلم كلمة ال يقولها أحد عند الموت إال وجد روحه لها روحاً»(‪،)5‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب الطالق‪ ،‬باب‪ :‬الطالق في اإلغالق والمكره والسكران والمجنون وأمرهما والغلط‬
‫والنسيان في الطالق (جـ‪ )233/3‬ح (‪ ،)7238‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪.)113/1‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في حرمة الصالة (‪ )11/7‬رقم (‪ ،)2313‬وابن ماجة في‬
‫كتاب الفتن‪ ،‬باب‪ :‬كف اللسان في الفتنة (‪ )1619/2‬رقم (‪ ،)6856‬وأحمد في المسند (‪،263 ،261/7‬‬
‫‪ ،)265‬والطبراني في األوسط (‪ )286/5‬برقم (‪ ،)5736‬والحاكم في المستدرك (‪ ،)995/2‬وقال‪ :‬صحيح‬
‫على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪ .‬وصحح إسناده األلباني في مواضع من كتبه؛ منها صحيح الجامع (‪،)7163‬‬
‫والصحيحة (‪.)1122‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب‪ :‬فضل التسبيح (جـ‪ 217/5‬ـ ‪ )213‬ح (‪ ،)3933‬ومسلم في كتاب‬
‫الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار (‪.)2352/9‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب الشعر من صحيحه (‪.)1538/9‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)28/1‬والنسائي في عمل اليوم والليلة (‪ )781/1‬برقم (‪ ،)1388‬وأبي يعلى في‬
‫المسند (‪ ،)16/2‬والبيهقي في السنن (‪ .)238/3‬قال الهيثمي في المجمع (‪ :)629/2‬رواه أبو يعلى ورجاله‬
‫رجال الصحيح‪.‬‬
‫‪892‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫«فمن كان آخر كالمه ال إله إال الله دخل الجنة»(‪.)1‬‬


‫وما في القرآن مثل قوله‪ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﯭ [فاطر‪ .]13 :‬وقوله‪ :‬ﮢ ﮣ ﭪ‬
‫[األنعام‪ ،]172 :‬ونحو ذلك من أسماء القول والكالم جميعاً‪،‬‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ‬
‫ونحوهما فإنه يدخل فيه اللفظ والمعنى جميعاً عند اإلطالق))(‪.)2‬‬
‫وأيضاً ذكر ـ رحمه الله ـ أن من السلف من عبر بأن اإليمان قول وعمل ثم وجه ذلك‬
‫بقوله‪(( :‬فإنه يدخل في القول قول القلب واللسان جميعاً‪ ،‬وهذا هو المفهوم من لفظ‬
‫القول والكالم‪ ،‬ونحو ذلك إذا أطلق))(‪.)3‬‬
‫ومراده بقول القلب المعنى(‪.)4‬‬
‫وقد أوضح ذلك ابن القيم ـ رحمه الله ـ بقوله‪(( :‬فال بد من قول القلب وقول اللسان‪.‬‬
‫وقول القلب‪ :‬يتضمن من معرفتها‪ ،‬والتصديق بها‪ ،‬ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي‬
‫واإلثبات ومعرفة حقيقة اإللهية المنفية عن غير الله‪ ،‬المختصة به التي يستحيل ثبوتها لغيره‪،‬‬
‫وقيام هذا المعنى بالقلب علماً ومعرفة‪ ،‬ويقيناً وحاالً‪ ،‬ما يوجب تحريم قائلها على النار‪.‬‬
‫وكل قول رتب الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول التام؛ كقوله ‪« ‬من قال‬
‫في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه أو غفرت ذنوبه ولو كانت مثل‬
‫زبد البحر»(‪ ،)5‬وليس هذا مرتباً على مجرد قول اللسان‪.‬‬
‫نعم من قالها بلسانه‪ ،‬غافالً عن معناها معرضاً عن تدبرها ولم يواطىء قلبه لسانه وال‬
‫عرف قدرها وحقيقتها راجيا مع ذلك ثوابها حطت من خطاياه بحسب ما في قلبه‪ .‬فإن‬
‫األعمال ال تتفاضل بصورها وعددها‪ ،‬وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب‪ .‬فتكون صورة‬
‫العملين واحدة‪ ،‬وبينهما في التفاضل كما بين السماء واألرض‪ ،‬والرجالن يكون مقامهما في‬
‫الصف واحداً‪ ،‬وبين صالتيهما كما بين السماء واألرض))(‪ .)6‬انتهى‪.‬‬

‫(‪ )1‬تقدم تخريجه قريباً‪.‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ 973/12‬ـ ‪.)975‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)153/5‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬االستقامة (‪،)211/1‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‪ ،‬باب‪ :‬فضل التسبيح (جـ‪ )217/5‬ح (‪ ،)3937‬ومسلم في كتاب‬
‫المساجد مواضع الصالة (‪.)918/1‬‬
‫(‪ )6‬مدارج السالكين (‪.)661/1‬‬
‫‪896‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ‪ :‬في تفسير هذا الحديث‪(( :‬والمقصود القلب ال اللسان‪ ،‬فلو‬
‫قال‪« :‬ال إله» ومات ومعتقده وضميره الوحدانية وما يجب له من الصفات لكان من أهل‬
‫الجنة باتفاق أهل السنة))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويشهد لذلك قوله ‪« :‬إني ألعلم كلمة ال يقولها عبد حقاً من قلبه فيموت على‬
‫حرم على النار‪ :‬ال إله إال الله»(‪ .)2‬وفي بعض األلفاظ‪« :‬ما من نفس تموت وهي‬ ‫ذلك إال ِّ‬
‫تشهد أن ال إله إال الله وأني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب مؤمن إال غفر الله لها»(‪.)3‬‬
‫فتبين إذن أن المراد من قوله ‪« :‬من كان آخر كالمه ال إله إال الله دخل الجنة» أن‬
‫معنى؛ فلو قالها عند الموت ولم يكن محققاً لها بعمله لم تنفعه‬ ‫ِّ‬
‫يموت محققاً لها قوالً و ً‬
‫عند الله؛ كالكافر أو المشرك يقولها عند الغرغرة(‪)4‬؛ فإنها ال تنفعه‪ ،‬وهذا مما يدل على‬
‫أهمية هذه الشروط وعالقتها بأصل اإليمان وأساس اإلسالم‪ ،‬إذ المعول في دخول الجنة‬
‫على تحقيقها بالقلب واألركان‪.‬‬
‫أو يقال في تأويل الحديث‪ :‬أن المراد دخل الجنة بال حساب بخالف من لم تكن‬
‫آخر كالمه من الدنيا من أهل التوحيد المخلِّطين‪ .‬يقول األلوسي ـ رحمه الله ـ معلالً ذلك‪:‬‬
‫((وإال فما الفرق بين ذلك ومن قالها ولم تكن آخر كالمه من الدنيا؟))(‪.)5‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا على اعتبار أن المراد خصوص القول دون المعنى وحده؛ فيكون ذلك آخر‬
‫نطقه وخاتمة لفظه‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫يقول النووي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ويجوز في حديث‪« :‬من كان آخر كالمه ال إله إال الله‬
‫دخل الجنة» أن يكون خصوصاً لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه‪ ،‬وإن كان قبل‬
‫مخلِّطاً؛ فيكون سبباً لرحمة الله تعالى إيِّاه ونجاته رأساً من النار وتحريمه عليها‪ ،‬بخالف‬

‫(‪ )1‬تفسير القرطبي (‪.)181/2‬‬


‫(‪ )2‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البزار في مسنده (‪ ،)53/5‬والطبراني في الدعاء (‪ )962‬برقم (‪ .)1935‬قال األلباني في أحكام‬
‫الجنائز (ص‪ :)98 :‬وسنده حسن عندي كما بينته في الصحيحة (‪ .)2258‬انتهى‪.‬‬
‫(‪ )4‬والدليل قوله ‪{ : ‬من تاب إلى الله قبل الغرغرة تاب الله عليه} أخرجه الحاكم في المستدرك (‪)317/1‬‬
‫وصححه‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬روح المعاني (‪.)31/23‬‬
‫‪899‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫من لم يكن ذلك آخر كالمه من الموحدين المخلِّطين))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬


‫وجملة الفائدة‪ :‬أن مفهوم الموافاة على ال إله إال الله أوسع من الموت على مجرد‬
‫التلفظ بها ـ أي عند الموت ـ‪ ،‬بل يشمل النطق والعمل جميعاً‪ ،‬وهو في العمل أظهر كما قال‬
‫تعالى‪ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ؛ وإن كان التلفظ بال إله إال الله عند الموت له مزية إال‬
‫أنه ال ينفع إال مع العمل‪.‬‬
‫وذلك بإزاء العمل‪ ،‬فإنه نافع عند الله وإن عري عن التلفظ بها عند الموت؛ إذ ال‬
‫يشترط لنفعه التلفظ بها ـ أي‪ :‬بال إله إال الله ـ عند الموت ما دام أنه قد تلفظ بها آنفاً‪.‬‬
‫وبذلك يتبين أن الموافاة على ال إله إال الله داخلة في شرط االنقياد‪ ،‬ألن معناها ـ كما تقدم ـ‬
‫الموت على اإلسالم‪ ،‬بل جميع الشروط يجب أن يوافى عليها ـ كما تقدم ـ؛ فيموت العبد عالماً‬
‫موقناً بمعنى ال إله إال الله‪ ،‬صادقاً مخلصاً في قولها‪ ،‬قابالً محباً لها‪ ،‬ألن ذلك حقيقة االنقياد‬
‫التام لحقوق هذه الكلمة وما دلت عليه من نفي الشريك وإخالص العبادة لله تعالى‪.‬‬
‫فخالصة األمر أن الموافاة على ال إله إال الله هي الموافاة على هذه الشروط بتحقيقها‬
‫بالقلب والجوارح‪ ،‬ويموت على ذلك‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فضل من كان آخر كالمه من الدنيا قول ال إله إال الله‪.‬‬
‫تقدم قريباً أن من كان هذا اللفظ الكريم آخر كالمه من الدنيا فإنه يستحق دخول‬
‫الجنة بغير حساب كما أشار لذلك األلوسي‪ ،‬ونص عليه النووي في «شرحه على مسلم»‪.‬‬
‫وقد تقدم النقل في ذلك عنهما‪.‬‬
‫وذلك مما يبين فضل هذه الكلمة ومنـزلتها عند الله تعالى حيث جعل من وافاه‬
‫عليها دخل الجنة ولم يعذب وإن كان قـْبل مخلِّطاً؛ والمراد أهل التوحيد كما تقدم‪.‬‬
‫وقد ذكر العلماء علة ذلك‪.‬‬
‫قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬لشهادة أن ال إله إال الله عند الموت تأثير عظيم في‬
‫تكفير السيئات وإحباطها؛ ألنها شهادة من عبد موقن بها عارف بمضمونها‪ ،‬قد ماتت‬
‫منه الشهوات‪ ،‬والنت نفسه المتمردة‪ ،‬وانقادت بعد إبائها واستعصائها‪ ،‬وأقبلت بعد‬

‫(‪ )1‬شرح النووي لصحيح مسلم (جـ‪ 135/1‬ـ ‪ .)138‬ط‪ :‬دار المؤيد‪ ،‬بتحقيق خليل مأمون شيحا‪.‬‬
‫‪897‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ت(‪ )1‬بين‬ ‫عزها‪ ،‬وخرج منها حرصها على الدنيا وفضولها‪ ،‬واستحذ ْ‬ ‫إعراضها‪ ،‬وذلت بعد ِّ‬
‫يدي ربِّها وفاطرها وموالها الحق أذل ما كانت له‪ ،‬وأرجى ما كانت لعفوه ومغفرته ورحمته‪،‬‬
‫وتجرد منها التوحيد بانقطاع أسباب الشرك وتحقق بطالنه؛ فزالت منها تلك المنازعات‬
‫همها على من أيقنت بالقدوم عليه والمصير إليه؛ فوجه‬ ‫التي كانت مشغولة بها‪ ،‬واجتمع ُّ‬
‫وهمه عليه؛ فاستسلم وحده ظاهراً وباطناً‪،‬‬ ‫العبد وجهه بكلِّيته إليه‪ ،‬وأقبل بقلبه وروحه ِّ‬
‫سره وعالنيته‪ ،‬فقال‪ :‬ال إله إال الله مخلصاً من قلبه‪ .‬وقد تخلص قلبه من التعلق‬ ‫واستوى ُّ‬
‫بغيره وااللتفات إلي ما سواه‪ .‬قد خرجت الدنيا كلها من قلبه‪ ،‬وشارف القدوم على ربه‪،‬‬
‫وخمدت نيران شهوته‪ ،‬وامتأل قلبه من اآلخرة‪ ،‬فصارت نصب عينيه‪ ،‬وصارت الدنيا وراء‬
‫ظهره‪ ،‬فكانت تلك الشهادة الخالصة خاتمة عمله؛ فطهرته من ذنوبه‪ ،‬وأدخلته علي ربِّه؛‬
‫وسرها عالنيتها‪.‬‬
‫ألنه لقي ربه بشهادة صادقة خالصة‪ ،‬وافق ظاهرها باطنها‪ُّ ،‬‬
‫فلو حصلت له الشهادة على هذا الوجه في أيام الصحة‪ ،‬الستوحش من الدنيا وأهلها‪،‬‬
‫وفر إلى الله من الناس‪ ،‬وأنِّس به دون ما سواه‪ ،‬لكنه شهد بها بقلب مشحون بالشهوات‬
‫وحب الحياه وأسبابها‪ ،‬ونفس مملوءة بطلب الحظوظ وااللتفات إلى غير الله‪ .‬فلو تجردت‬ ‫ِّ‬
‫كتجردها عند الموت‪ ،‬لكان لها نبأ آخر‪ ،‬وعيش آخر سوى عيشها البهيمى‪ .‬والله‬ ‫ُّ‬
‫المستعان))(‪.)2‬‬
‫فالحاصل أن قول هذه الكلمة عند الموت موجب لدخول الجنة‪ ،‬وذلك لما اقترن بها‬
‫من الصدق واإلخالص والصفاء وحسن النية؛ إذ الكلمات والعبادات وإن اشتركت في‬
‫الصورة الظاهرة فإنها تتفاوت بحسب أحوال القلوب والمواقف تفاوتاً عظيماً(‪.)3‬‬
‫وبهذا يتبين فضل من يقول هذه الكلمة عند الموت‪.‬‬
‫خاص بالمسلم؟ أو أن الكافر كذلك‪ ،‬إذا قالها عند‬ ‫ٌّ‬ ‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فهل هذا الفضل‬
‫الموت حصل له هذا الفضل والتكريم؟‬
‫غرغر أو يعاين‬‫فالذي تشهد له النصوص‪ :‬أن الكافر إذا قالها عند الموت قبل أن ي ِّ‬
‫العذاب‪ ،‬فإنها تنفعه عند الله تعالى‪ ،‬بأن تكون سبباً في محو سيئاته وتكفير خطيئاته؛‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬ذلت‪.‬‬


‫(‪ )2‬الفوائد (ص‪ 83 :‬ـ ‪.)85‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)567/13‬‬
‫‪893‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فتعصمه من النار‪.‬‬
‫ويدل لذلك ما جاء في خبر الغالم اليهودي الذي كان يضع للنبي ‪ ‬وضوءه ويناوله‬
‫نعليه‪ ،‬فمرض فأتاه النبي ‪ ‬فدخل عليه وأبوه قاعد عند رأسه‪ ،‬فقال له النبي ‪« :‬يا فالن‬
‫قل ال إله إال الله» فنظر إلى أبيه‪ ،‬فسكت أبوه‪ ،‬فأعاد عليه النبي ‪ ،‬فنظر إلى أبيه‪ ،‬فقال‬
‫أبوه‪ :‬أطع أبا القاسم‪ .‬فقال الغالم‪ :‬أشهد أن ال إله إال الله وأنك رسول الله‪ .‬فخرج النبي‬
‫‪ ‬وهو يقول‪« :‬الحمد لله الذي أخرجه بي من النار»(‪.)1‬‬
‫وكذا قوله ‪ ‬لعمه أبي طالب عندما حضرته الوفاة‪« :‬يا ِّ‬
‫عم قل ال إله إال الله كلمةً‬
‫أحاج لك بها عند الله»(‪.)2‬‬
‫بوب عليه النووي في «صحيح مسلم»‪ :‬باب الدليل على صحة إسالم من حضره‬
‫الموت ما لم يشرع في النـزع‪ ،‬وهو الغرغرة(‪.)3‬‬
‫ولعل الحكمة في ذلك‪ :‬أنه عند الغرغرة يحصل اإليمان الضروري بالمعاينة ويرتفع‬
‫اإليمان بالغيب؛ لظهور اآليات التي تضطرهم إلى اإليمان‪ .‬ولذا جاء في القرآن‪ :‬ﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ‬
‫[األنعام‪:‬‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫‪ ،]178‬وف ِّسر في قوله ‪« :‬ال تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها؛ فإذا طلعت من‬
‫مغربها آمن الناس كلهم أجمعون‪ ،‬فيومئذ ال ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو‬
‫كسبت في إيمانها خيراً»(‪ ،)4‬ألنه قد ارتفع عنها الغيب الذي هو محل االبتالء‪ ،‬فصارت‬
‫التوبة للمشاهدة‪ ،‬فانتفى المانع منها الذي هو عدم التصديق بالغيب؛ فإن كل أحد بعد موته‬
‫يؤمن بالغيب(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه أحمد في المسند (‪ .)157/6‬وأصله في البخاري‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب‪ :‬إذا أسلم الصبي فمات هل‬
‫يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي اإلسالم؟ (جـ‪ )118/2‬ح (‪.)1679‬‬
‫(‪ )2‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم (‪ .)79/1‬وانظر‪ :‬فتح الباري (‪.)187/5‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ .)165/1‬وبوب عليه النووي‪ :‬باب بيان الزمن الذي ال يقبل فيه اإليمان‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬زاد المسير (‪ ،)175/6‬والجواب الصحيح (‪ 69/9‬ـ ‪ ،)67‬وفتح الباري البن حجر‪،)679/11( .‬‬
‫وعارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي (جـ‪.)252/11‬‬
‫‪895‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وال يشكل على هذا ما جاء في قصة أسامة ‪ ‬لما قتل الرجل الذي قال ال إله إال الله‬
‫فقال له النبي ‪ ‬مبكتاً‪« :‬أقتلته بعد أن قال ال إله إال الله؟»(‪ )1‬وفي رواية‪« :‬كيف تصنع بال‬
‫إله إال الله إذا جاءت يوم القيامة؟»(‪ )2‬فإن هذا محمول على ما كان قبل الغرغرة ومعاينة‬
‫آيات اآلخرة‪ ،‬وقد أوضح الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ الفرق بين المقامين فقال‪(( :‬أنه في‬
‫مثل تلك الحالة ينفعه نفعاً مقيداً بأن يجب الكف عنه حتى يختبر أمره هل قال ذلك‬
‫خالصاً من قلبه أو خشيةً من القتل؟ وهذا بخالف ما لو هجم عليه الموت ووصل خروج‬
‫الروح إلى الغرغرة‪ ،‬وانكشف الغطاء‪ ،‬فإنه إذا قالها لم تنفعه بالنسبة لحكم اآلخرة‪ ،‬وهو المراد‬
‫من اآلية))(‪ )3‬انتهى‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب المغازي‪ ،‬باب بعث النبي ‪ ‬أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة (‪)5111/1‬‬
‫حديث رقم (‪ .)1735‬طبعة‪ :‬دار ابن كثير‪ ،‬بيروت‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪)5177‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجها مسلم في كتاب اإليمان من صحيحه (‪ )17/5‬ح (‪.)17‬‬
‫(‪ )3‬فتح الباري (‪.)516/53‬‬
‫‪898‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‪.‬‬
‫وتحته ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ترك العمل المشروع‪.‬‬
‫ترك المشروع من األعمال مما ينافي االنقياد لحقوق ال إله إال الله‪ .‬والحديث عنه‬
‫سيكون تحت المقاصد التالية‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬أهمية األعمال وأنها من اإليمان‪.‬‬
‫من المناسب ونحن نتكلم عن ترك العمل المشروع وأحكامه أن نتكلم عن أهمية‬
‫العمل ومنـزلته من اإليمان‪ ،‬ألن في بيان أهميته تمهيداً لبيان خطورة تركه مما يعين على‬
‫الحكم على صور تركه؛ إذ الحكم على الشيء ـ كما هو معلوم ـ فرع تصوره‪.‬‬
‫وأما بيان منـزلة العمل من اإليمان‪ :‬فإنه قد تقدم إجماع أهل العلم على أن األعمال‬
‫من اإليمان‪ ،‬وأنها منه بمنـزلة الرأس من الجسد‪ ،‬فإذا انتفت كان ذلك دليالً على انتفاء‬
‫يقرر ذلك‪ .‬وبقي أن نشير هنا إلى بعض‬ ‫اإليمان القلبي التام‪ .‬وذكرنا من أقوال أهل العلم ما ِّ‬
‫األدلة الدالة على أن األعمال من اإليمان‪ .‬وهذا أوان الشروع في ذلك؛ فنقول‪ :‬بأن‬
‫النصوص الشرعية قد دلت على دخول أعمال الجوارح في مسمى اإليمان‪ .‬وفيما يلي ذكر‬
‫لبعض هذه النصوص‪:‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ [البقرة‪.]155 :‬‬
‫قال اإلمام ابن بطة في اإلبانة‪(( :‬فانتظمت في هذه اآلية أوصاف اإليمان وشرائطه‬
‫من القول والعمل واإلخالص))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫ووجه االستدالل بها على دخول األعمال في مسمى اإليمان‪ :‬أن الله ‪ ‬عطف‬
‫هذه األعمال الظاهرة ـ من إيتاء المال وصرفه في وجوه البر واإلحسان‪ ،‬وإقام الصالة‪،‬‬
‫والصبر والمصابرة في البأساء والضراء ـ على اإليمان الباطن مما يدل على دخولها في‬
‫مسمى اإليمان‪.‬‬

‫(‪ )1‬اإلبانة (‪.)552/2‬‬


‫‪898‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ويدل لصحة هذا الوجه ما جاء عن أبي ذر أنه سأل النبي ‪ ‬عن اإليمان‪ .‬فقال‪:‬‬
‫«اإليمان اإلقرار والتصديق بالعمل» ثم تال هذه اآلية‪ « :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫إلى قوله ﮅ ﮆ ﮇ »(‪.)1‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬حديث أبى ذر هذا مروي من غير وجه؛ فإن كان‬
‫هذا اللفظ هو لفظ الرسول ‪ ‬فال كالم‪ .‬وإن كانوا رووه بالمعنى دل على أنه من المعروف‬
‫في لغتهم أنه يقال‪ :‬صدق قوله بعمله‪ .‬وكذلك قال شيخ اإلسالم الهروي‪ :‬اإليمان تصديق‬
‫كله))(‪.)2‬‬
‫وقال ابن رجب‪(( :‬وهذا يدل على أن الخصال المذكورة في هذه اآلية‪ ،‬هي خصال‬
‫اإليمان المطلق‪ ،‬فإذا أطلق اإليمان دخل فيه كل ما ذكر في هذه اآلية‪ ،‬كما سأل السائل‬
‫عن اإليمان‪ ،‬فتال عليه النبي ‪ ‬هذه اآلية))(‪.)3‬‬
‫وقال تعالى في شأن الصالة‪ :‬ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔﮕ [البقرة‪ .]196 :‬فسمى‬
‫الصالة إيماناً‪.‬‬
‫قال الشيخ حافظ حكمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولما كانت الصالة جامعة لقول القلب‬
‫وعمله‪ ،‬وقول اللسان وعمله‪ ،‬وعمل الجوارح سماها الله تعالى إيماناً))(‪.)4‬‬
‫قال اإلمام البخاري ـ رحمه الله ـ في كتاب اإليمان من صحيحه‪(( :‬باب الصالة من‬
‫اإليمان‪ .‬وقول الله تعالى‪ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ يعني‪ :‬صالتكم عند البيت‪.‬‬
‫وقال الحافظ ابن مندة‪(( :‬ذكر ما يدل على أن اإليمان هو الطاعات كلها وأن الله‬
‫ﮒ ﮓ ﮔﮕ ‪.‬‬ ‫سمى الصالة في كتابه إيماناً‪ .‬قال الله ﮐ ﮑ‬
‫قال أهل التأويل‪ :‬صالتكم إلى القبلة األولى وتصديقكم نبيكم ‪ ‬واتباعه إلى القبلة‬
‫األخرى‪ ،‬أي‪ :‬ليعطيكم أجرهما جميعاً))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أورده شيخ اإلسالم ابن تيمية في المجموع (‪ .)283/5‬وهو مخرج في المستدرك (‪ ،)288/2‬ومصنف عبد‬
‫الرزاق (‪ ،)128/11‬وتعظيم قدر الصالة (‪ .)913/1‬ولكن بغير زيادة‪« :‬اإليمان اإلقرار والتصديق بالعمل»‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)283/5‬‬
‫(‪ )3‬فتح الباري (‪.)23/1‬‬
‫(‪ )4‬معارج القبول (‪.)333/2‬‬
‫(‪ )5‬اإليمان (‪.)625/1‬‬
‫‪873‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فالحاصل‪ :‬أن تسمية الصالة إيماناً دليل على دخول أعمال الجوارح جميعها في‬
‫اإليمان‪.‬‬
‫يقول الحليمي‪(( :‬أجمع المفسرون على أنه أراد صالتكم إلى بيت المقدس‪ ،‬فثبت أن‬
‫الصالة إيمان‪ ،‬وإذا ثبت ذلك‪ ،‬فكل طاعة إيمان إذ لم أعلم فرقاً في هذه التسمية بين‬
‫الصالة وسائر العبادات))(‪.)1‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰀ ﰀ [المائدة‪.]7 :‬‬
‫قال الحافظ ابن مندة في تفسيرها‪ (( :‬ﯽ ﯾ ﯿ يعني‪ :‬بما أمر الله أن يؤمن به من‬
‫الطاعات التي سماها على لسان جبريل عليه السالم إيماناً وإسالماً‪ .‬وكذلك من يكفر‬
‫بمحمد أو بالصالة أو بالصوم فقد حبط عمله))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫وقال الله تعالى‪ :‬ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫[األنفال‪ 2 :‬ـ ‪.]9‬‬
‫وجه االستدالل بها‪ :‬أنه سبحانه وتعالى أخبر أن المؤمنين حقاً هم الذين جمعوا هذه‬
‫األعمال التي بعضها يقع في القلب وبعضها في اللسان وبعضها بهما‪ ،‬وبعضها في الجوارح‬
‫وسائر البدن‪ .‬مما يدل على دخول أعمال الجوارح في مسمى اإليمان(‪.)3‬‬
‫وقال تعالى في وصف المؤمنين‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫ﭞ‬
‫[المؤمنون‪ 1 :‬ـ ‪.]3‬‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهذه اآلية صريحة في أن اإليمان يشمل عقائد‬
‫الدين وأخالقه وأعماله الظاهرة والباطنة))(‪.)4‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ‬
‫إلى قوله‪ :‬ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ‬

‫(‪ )1‬المنهاج في شعب اإليمان (‪.)27/5‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه (‪.)625/1‬‬
‫(‪ )3‬االعتقاد للبيهقي (ص‪.)159 :‬‬
‫(‪ )4‬التوضيح والبيان لشجرة اإليمان ضمن الآللئ والدرر السعدية (ص‪.)293 :‬‬
‫‪871‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ﯟ ﯠ [الحجرات‪ 19 :‬ـ ‪.]17‬‬


‫وجه االستدالل بها‪ :‬أن الله تعالى نفى اإليمان عمن ِّسوى هؤالء؛ فدل على أن‬
‫اإليمان ال ينفع إال مع العمل الظاهر(‪.)1‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ [النور‪ .]95 :‬والتولي هو التولي عن الطاعة كما قال تعالى‪ :‬ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﮢ‬
‫[القيامة‪:‬‬ ‫ﮉ ﮊ‬ ‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫[الفتح‪ ]13 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫‪ 61‬ـ‪ ...]62‬فـعلِّم أن التولِّي ليس هو التكذيب بل هو التولِّى عن الطاعة‪.‬‬
‫فوجه االستدالل باآلية أن الله تعالى نفى اإليمان عمن تولى عن العمل‪ ،‬وإن كان قد‬
‫أتى بالقول(‪.)2‬‬
‫واآليات في هذا المعنى كثيرة ينفي فيها الله تعالى اإليمان عمن لم يأت باألعمال‬
‫الظاهرة‪ .‬وهذا النفي هو دائر بين نفي الصحة ونفي الكمال الواجب‪ ،‬وذلك بحسب مراتب‬
‫هذه األعمال‪ ،‬والقدر المتروك منها كما سيأتي‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإنه ال ينفى مسمى االسم إال النتفاء بعض ما‬
‫يجب في ذلك‪ ،‬ال النتفاء بعض مستحباته‪ ،‬فيفيد هذا الكالم‪ :‬أن من فعل ذلك فقد‬
‫ترك الواجب الذي ال يتم اإليمان الواجب إال به))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫وقال في نص آخر‪(( :‬والشارع ال ينفي اإليمان عن العبد لترك مستحب‪ ،‬لكن لترك‬
‫واجب بحيث ترك ما يجب من كماله وتمامه ال بانتفاء ما يستحب في ذلك))(‪.)4‬‬
‫وأما األحاديث التي تدل على أن األعمال داخلة في اإليمان فهي كثيرة ال تحصى‪،‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ حديث وفد عبد القيس وفيه قوله ‪« :‬هل تدرون ما اإليمان بالله وحده؟» قالوا‪:‬‬
‫الله ورسوله أعلم؟ قال‪« :‬شهادة أن ال إله إال الله وأن محمداً رسول الله‪ ،‬وإقام الصالة‪،‬‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)195/5‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ )192/5‬بتصرف‪.‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪ .)379/11‬وانظر‪ :‬الرد على البكري (‪.)331/2‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪ .)395/5‬وانظر‪ :‬المصدر نفسه (‪.)91/5‬‬
‫‪872‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وأن تعطوا من الغنائم الخمس»(‪.)1‬‬


‫قال اإلمام محمد بن نصر المروزي محتجاً بهذا الحديث على دخول األعمال في‬
‫مسمى اإليمان‪(( :‬فهذا رسول رب العالمين‪ ،‬الذي جاء باإليمان‪ ،‬ودعا إليه‪ ،‬سأله الوفد عن‬
‫أمر يدخلهم الجنة‪ ،‬وينجيهم من النار‪ ،‬فأمرهم باإليمان بالله‪ ،‬ثم قال لهم مخافة أن يحملوا‬
‫ذلك على غير وجهه‪ :‬أتدرون ما اإليمان بالله؟! ثم فسره لهم‪ ،‬فجعله توحيده واإلقرار‬
‫برسوله‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وإيتاء الخمس من الغنائم‪ .‬فهذا مما يبين لك‪ :‬أن‬
‫اإليمان بالله إنما هو توحيده وعبادته))(‪ .)2‬أي‪ :‬العمل‪.‬‬
‫وقال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ‪ :‬عن هذا الحديث‪(( :‬فهذا أيضاً صريح في إدخاله‬
‫الشرائع الظاهرة؛ مثل‪ :‬الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬وإعطاء الخمس من المغنم‪ .‬وكل هذا‬
‫تفسير لنا اإليمان تفسيراً يزيل اإلشكال‪ ،‬وأنه كما يدخل فيه العقائد القلبية‪ ،‬تدخل فيه‬
‫يقرب إلى الله من قول وعمل واعتقاد فإنه من اإليمان))(‪.)3‬‬‫األعمال البدنية‪ ،‬فكل ما ِّ‬
‫‪ 2‬ـ سؤاله ‪ ‬لصحابته‪« :‬أي عرى اإليمان أوثق؟» قالوا‪ :‬الصالة‪ ،‬قال‪« :‬إن الصالة‬
‫لحسنة‪ ،‬وما هي به» قالوا‪ :‬الزكاة‪ ،‬قال‪« :‬إن الزكاة لحسنة‪ ،‬وما هي به»‪ .‬قالوا‪ :‬الحج‪،‬‬
‫قال‪« :‬إن الحج لحسن‪ ،‬وما هو به»‪ ،‬قالوا‪ :‬الجهاد‪ .‬قال‪« :‬إن الجهاد لحسن‪ ،‬وما هو‬
‫به»‪ .‬فلما رآهم يذكرون شرائع اإلسالم‪ ،‬وال يصيبون‪ ،‬قال لهم‪« :‬أوثق عرى اإليمان‪:‬‬
‫الحب في الله‪ ،‬والبغض في الله»(‪.)4‬‬
‫قال محمد بن نصر محتجاً بهذا الحديث على دخول األعمال في مسمى اإليمان‪:‬‬
‫((فجعل ‪ ‬الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والحج‪ ،‬والجهاد من اإليمان‪ .‬وجعل أوثق عرى‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬أداء الخمس من اإليمان (جـ‪ )26/1‬ح (‪.)76‬‬
‫(‪ )2‬تعظيم قدر الصالة (‪.)931/1‬‬
‫(‪ )3‬التوضيح والبيان لشجرة اإليمان ضمن الآللئ والدرر السعدية (ص‪.)293 :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)283/9‬والمروزي في تعظيم قدر الصالة (‪ 936/1‬ـ ‪ )939‬برقم (‪،)686‬‬
‫والروياني في مسنده (‪ ،)253/1‬والبيهقي في الشعب (‪ .)93/1‬كلهم رووه من طريق ليث بن أبي سليم‪ .‬وليث‬
‫يضعف في الحديث‪ ،‬لكنه ال بأس به في الشواهد والمتابعات‪ .‬وللحديث شواهد تقويه ويبلغ بها إلى درجة‬
‫الحسن‪ .‬انظر‪ :‬هامش تعظيم قدر الصالة للدكتور عبد الرحمن الفريوائي (‪.)939/1‬‬
‫‪876‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫اإليمان الحب في الله‪ ،‬والبغض في الله))(‪.)1‬‬


‫‪ 6‬ـ قوله ‪ ‬في حديث مراتب اإليمان‪« :‬اإليمان بضع وسبعون شعبة أعالها‪ :‬قول ال‬
‫إله إال الله‪ .‬وأدناها‪ :‬إماطة األذى من طريق‪ .‬والحياة شعبة من شعب اإليمان»‪.‬‬
‫وجه االستدالل به‪ :‬أنه ‪ ‬جعل إماطة األذى من الطريق‪ ،‬وهو من األعمال الظاهرة‬
‫من شعب اإليمان‪ ،‬مما يدل على دخول الشعب العملية في اإليمان‪.‬‬
‫قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهذا الحديث من أعظم أدلة السلف على أن‬
‫اإليمان يشمل عقائد القلوب وأعمالها‪ ،‬وأعمال الجوارح‪ ،‬وأنه درجات متفاوتة))(‪.)2‬‬
‫‪ 9‬ـ قوله ‪« :‬ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إال كان له من أمته حواريون وأصحاب‬
‫يأخذون بسنته ويقتدون بأمره‪ .‬ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف‪ ،‬يقولون ماال يفعلون‪،‬‬
‫ويفعلون ماال يؤمرون؛ فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن‪ .‬ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن‪.‬‬
‫ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن‪ .‬وليس وراء ذلك من اإليمان حبة خردل»(‪.)3‬‬
‫وجه االستدالل به‪ :‬أنه ‪ ‬جعل الجهاد لهؤالء باليد ـ وهو من األعمال الظاهرة ـ من‬
‫اإليمان‪ .‬مما يدل على دخول أعمال الجوارح في مسمى اإليمان‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ومن األدلة أيضاً قوله ‪« :‬ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث(‪ ،)4‬وما‬
‫في معناه من األحاديث في نفي اإليمان عمن ارتكب الكبائر وترك الواجبات كقوله ‪:‬‬
‫«ال إيمان لمن ال أمانة له»(‪ )5‬يقول ابن رجب تعليقاً على ذلك‪:‬‬
‫((فلوال أن ترك هذه الكبائر من مسمى اإليمان‪ ،‬لما انتفى اسم اإليمان عن مرتكب‬

‫(‪ )1‬تعظيم قدر الصالة (‪.)939/1‬‬


‫(‪ )2‬الآللئ والدرر السعدية (ص‪.)218 :‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪.)38/1‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب المظالم باب النهبى بغير إذن صاحبه (‪ )111/3‬ح (‪ )3212‬ـ طبعة‬
‫دار ابن كثير اليمامة‪ ،‬بتحقيق‪ :‬مصطفى ديب البغا ـ‪ ،‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )76/5‬ح (‪.)17‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)521/2‬وأبو يعلى في مسنده (‪ ،)212/1‬والضياء في المختارة (‪ )71/1‬برقم‬
‫(‪ ،)5611‬وابن حبان في صحيحه (‪ )133/5‬ح (‪ ،)511‬والطبراني في الكبير (‪ )511/1‬ح (‪،)7711‬‬
‫وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (‪ )16/5‬وقال‪ :‬رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في األوسط‪ ،‬وفيه أبو‬
‫هالل وثقه ابن معين وغيره‪ ،‬وضعفه النسائي وغيره‪.‬‬
‫‪879‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫شيء منها؛ ألن االسم ال ينتفي إال بانتفاء بعض أركان المسمى أو واجباته))(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫هذه بعض األدلة على دخول األعمال في مسمى اإليمان‪ ،‬وهي قد تضمنت معتقد‬
‫أهل السنة والجماعة في اإليمان‪ ،‬وأنه قول وعمل(‪ ،)2‬وذلك مما يبين أهمية أعمال الجوارح‬
‫ومنزلتها من اإليمان عند أهل السنة‪ ،‬ولذا كان ترك هذه األعمال أمراً ليس بالهيِّن‪ .‬ويظهر‬
‫ذلك من خالل المقصد التالي‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها‪.‬‬
‫ننوه بأن المراد بالعمل المشروع‬ ‫قبل أن نبين أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها ِّ‬
‫هنا عمل الجوارح‪ ،‬ألن الكالم هنا على ما ينافي شرط االنقياد العملي‪ .‬ولذا فلن أتعرض‬
‫اسب الحديث عن منافاته‬ ‫هنا إلى ترك العمل االعتقادي‪ ،‬ألن ترك العمل االعتقادي يـن ِّ‬
‫شروط أخرى غير االنقياد العملي قد مر الحديث عليها‪.‬‬
‫يقسمون ترك العمل الظاهر إلى ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فإن أهل العلم ِّ‬
‫القسم األول‪ :‬ما اتفق العلماء في التكفير بتركه‪ ،‬وهو ترك جميع األعمال الظاهرة ـ‬
‫على فرض وقوعه ـ‪ ،‬وذلك لما تقدم من إجماعهم على أن اإليمان قول وعمل واعتقاد ال‬
‫بجزيء واحد عن الثالثة‪.‬‬
‫وكذلك لما بينا من المالزمة بين األعمال الظاهرة واألعمال الباطنة(‪.)3‬‬
‫ومسألة التكفير بترك األعمال الظاهرة ـ على فرض وقوع هذا الترك ـ ظاهرة في كالم‬
‫السلف‪ ،‬ال ينبغي أن تكون محالً لالختالف بين أهل السنة‪.‬‬
‫وقد ذكرنا فيما سبق شواهد ذلك في أقوالهم(‪.)4‬‬
‫إال أن هنالك بعض األحاديث التي قد يتعلق بها البعض إلحداث خالف في هذه‬
‫المسألة‪ ،‬وهؤالء وإن كنا نعذرهم إال أن المنبغي أن ال نجعل خالفهم سبيالً إلى إحداث‬
‫قول ثان في المسألة‪ ،‬ألن السلف مجمعون على كفر م ْن ترك جميع األعمال الظاهرة‪ ،‬وإن‬
‫كان هذا شيئاً غير متصور في الواقع أن يترك الشخص جميع األعمال الظاهرة‪ ،‬فاألعمال‬

‫(‪ )1‬جامع العلوم والحكم (‪.)67/5‬‬


‫(‪ )2‬ولمزيد من هذه األدلة ووجه الداللة منها ينظر اإلبانة البن بطة (‪ )333/2‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪ 888 :‬ـ ‪.)836‬‬
‫(‪ )4‬ينظر (ص‪ 875 :‬ـ ‪.)878‬‬
‫‪877‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الظاهرة ال يخلو منها حتى الكافر بدليل قوله ‪ ‬لحكيم بن ِّحزام(‪« : )1‬أسلمت على‬
‫ما سلف لك من خير»(‪.)2‬‬
‫الخلو واالنفصال من العبادة البتة‪ ،‬حتى يتفق‬
‫يقول النُّعمي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ال يمكن ُّ‬
‫في فرد من الناس‪ ،‬أنه ال يصدر عنه شخص(‪ )3‬منها قط‪ .‬فهذا مستبعد جداً ـ أي‪ :‬فقدان‬
‫كل شخص أي‪ :‬من معنى العبادة(‪ )4‬ـ في أحد من البشر))‪ .‬ثم ذكر الحديث المتقدم(‪.)5‬‬
‫فتبقى مسألة ترك العمل الظاهر بالكلية مسألة نظرية فرضية في األذهان ال تحقق‬
‫لها في األعيان‪.‬‬
‫ولذا نجد أن السلف لم يختلفوا في التكفير بترك العمل الظاهر بالكلية‪ ،‬ألن‬
‫المتقرر عندهم أنه كفر إ ْن وِّجد(‪ .)6‬وإنما اختلفوا في التكفير بترك المباني األربعة بعد‬
‫ِّ‬
‫الشهادتين‪ ،‬وهي‪(( :‬فعل الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والحج))؛ لعموم البلوى بتركهن‪ .‬وسيأتي‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد األسدي بكنى أبا خالد‪ ،‬وهو ابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي‬
‫‪ ،‬كان من أشراف قريش ووجوهها في الجاهلية واإلسالم‪ ،‬وتأخر إسالمه إلى عام الفتح‪ ،‬وكان من المعمرين‪،‬‬
‫عاش في الجاهلية ستين سنة‪ ،‬وفي اإلسالم ستين سنة‪ .‬توفي بالمدينة في خالفة معاوية‪ ،‬وقد اختلف في سنة‬
‫وفاته قيل‪ :‬سنة خمسين‪ ،‬وقيل سنة أربع وقيل ثمان وخمسين وقيل سنة ستين‪ .‬انظر‪ :‬االستيعاب (‪،)632/1‬‬
‫واإلصابة (‪.)112/2‬‬
‫(‪ )2‬جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬من تصدق في الشرك ثم أسلم (جـ‪ ،)193/2‬ح‬
‫(‪ ،)1963‬ومسلم في كتاب اإليمان (‪ )116/1‬ح (‪ .)189‬كالهما أخرجاه من حديث حكيم بن حزام ‪‬‬
‫ولفظه كما في الصحيح‪ :‬قال ـ أي حكيم بن حزام ـ‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله الله‪ ،‬أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في‬
‫الجاهلية من صدقة أو عتاقة‪ ،‬ومن صلة رحم‪ ،‬فهل فيها أجر؟ فقال النبي ‪« :‬أسلمت على ما سلف من‬
‫خير»‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشخص أو الشقص بمعنى الجزء أو الطائفة من الشيء‪ .‬انظر‪ :‬المصباح المنير (ص‪ .)122 :‬مادة (شقص)‪.‬‬
‫(‪ )4‬المراد بالعبادة هنا العمل الظاهر بدليل استدالل النعمي بحديث حكيم بن حزام‪.‬‬
‫(‪ )5‬معارج األلباب (‪.)331/2‬‬
‫(‪ )6‬وجه التكفير به أنه ترك لجزء من أجزاء اإليمان ال يصح اإليمان إال به كما يدل عليه إجماعهم على القطع بعدم‬
‫إجزاء واحد من الثالثة عن اآلخر‪ .‬وأنه ال بد من هذه األمور الثالثة جميعاً‪ ،‬ال يكتفى ببعضها دون اآلخر‪ .‬فال‬
‫بد من عمل ظاهر يصح به اإليمان‪ ،‬وإن كانوا قد يختلفون في قدر هذا العمل كما سيأتي‪.‬‬
‫كما أن ترك العمل الظاهر بالكلية شامل لترك الصالة‪ ،‬وهي كفر على الصحيح من قولي أهل العلم على ما‬
‫سيأتي تحقيقه‪.‬‬
‫‪873‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫تحقيق ذلك في مطلب مستقل‪.‬‬


‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ ِّ‬
‫مقرراًُ كفر تارك العمل الظاهر بالكلية على فرض‬
‫وجوده‪(( :‬لو ِّ‬
‫قدر أن قوماً قالوا للنبي ‪ ‬نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك‪ ،‬ونقر‬
‫بألسنتنا بالشهادتين‪ ،‬إال أنا ال نطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه‪ ،‬فال نصلى وال‬
‫نصوم‪ ،‬وال نحج وال نصدق الحديث‪ ،‬وال نؤدي األمانة وال نفي بالعهد‪ ،‬وال نصل الرحم وال‬
‫نفعل شيئاً من الخير الذي أمرت به‪ ،‬ونشرب الخمر‪ ،‬وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر‪،‬‬
‫ونقتل من قدرنا عليه من أصحابك وأمتك‪ ،‬ونأخذ أموالهم بل نقتلك أيضاً‪ ،‬ونقاتلك مع‬
‫أعدائك‪ ،‬هل كان يتوهم عاقل أن النبي ‪ ‬يقول لهم‪ :‬أنتم مؤمنون كاملوا اإليمان‪ ،‬وأنتم‬
‫من أهل شفاعتي يوم القيامة‪ ،‬ويرجى لكم أن ال يدخل أحد منكم النار‪ ،‬بل كل مسلم يعلم‬
‫باالضطرار أنه يقول لهم‪ :‬أنتم أكفر الناس بما جئت به ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من‬
‫ذلك))(‪ .)1‬انتهى محل الغرض‪.‬‬
‫وفيما يلي نذكر أدلة المخالفين(‪ )2‬في هذه المسألة والجواب عليها‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬استدلوا بقوله ‪ ‬ـ كما في حديث أبي سعيد ‪ ‬ـ‪« :‬ي ِّ‬
‫دخل الله الجنة‬
‫رجالً لم يعمل خيراً قط»(‪ .)3‬وفي رواية‪« :‬إال التوحيد»(‪ .)4‬فقالوا‪ :‬هذا رجل ليس عنده من‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)285/5‬‬


‫(‪ )2‬المراد بالمخالفين هنا‪ :‬من خالف في هذه المسألة من متأخري أهل السنة‪ ،‬وهؤالء ـ كما سبق ـ ال ينبغي أن نجعل‬
‫خالفهم في هذه المسألة كخالف المرجئة‪ ،‬ألنهم ال يقولون بإخراج العمل عن مسمى اإليمان‪ ،‬ولكن لهم حجج‬
‫شرعية بسببها اشتبه األمر عليهم؛ كالنصوص التي ظاهرها أن الله يدخل الجنة من ال يعمل من أعمال الخير شيئاً وأن‬
‫يرون خروج األعمال عن مسمى‬
‫من قال‪ :‬ال إله إال الله دخل الجنة؛ فهؤالء يعذرون من جهتين‪ :‬من جهة أنهم ال ْ‬
‫اإليمان‪ ،‬ومن جهة تعظيمهم للنصوص‪ ،‬واألخذ بظواهرها‪ .‬أما المرجئة فإنهم ال يستندون إلى النصوص الشرعية وال‬
‫يعولون عليها‪ ،‬وإنما يستندون على شبه عقلية أو معان لغوية ينازعون بها أهل السنة في خروج األعمال عن‬ ‫ِّ‬
‫مسمى اإليمان‪ ،‬وقد تقدم فيما مضى ذكر بعض هذه الشبهة التي تعلق بها هؤالء المرجئة والرد عليها‪ .‬انظر‪:‬‬
‫(ص‪ 668 :‬ـ ‪.)673‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في كتاب األنبياء (جـ‪ 182/9‬ـ ‪)186‬ح (‪ 6958‬ـ‪ ،)6981‬ومسلم في كتاب التوبة‬
‫(‪ .)2118/9‬كالهما من حديث أبي سعيد الخدري ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجها أحمد في المسند (‪ ،)688/1‬وأورده الهيثمي في المجمع (‪ .)638/13‬وقال‪ :‬رواه أحمد وإسناد أبي‬
‫هريرة رجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫‪875‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الحسنات إال التوحيد‪ ،‬ولو كان عنده غير ذلك لذكِّر‪ ،‬ومع ذلك أدخله الله الجنة(‪.)1‬‬
‫وأيضاً قوله ‪« :‬لم يعملوا خيراً قط» يعم نفي جميع الخير‪ ،‬ألن كلمة «خيراً» نكرة‬
‫في سياق النفي فتعم‪ ،‬ولكن خرج من هذا العموم قول اللسان وعمل القلب باإلجماع ألن‬
‫ترك ذلك كفر بإجماع العلماء(‪ ،)2‬فلم يبق إال عمل الجوارح فيتسلط النفي عليه(‪.)3‬‬
‫وقد أجاب أهل العلم عن ذلك بأجوبة عدة؛ منها(‪:)4‬‬
‫‪ 1‬ـ أن الحديث ليس على ظاهره أيضاً في نفي أعمال الجوارح‪ ،‬ألن في نفس‬
‫الحديث ما يدل على أنه كان يعمل بعض الخير من أعمال الجوارح الظاهرة؛ ففيه أنه كان‬
‫يداين الناس فيقول لرسوله‪« :‬خذ ما تيسر واترك ما عسر‪ ،‬وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا»(‪،)5‬‬
‫وهذا عمل ظاهر يراه الناس‪ ،‬بل هو من أخير الخير في نظرهم؛ فيكون ذلك من باب إطالق‬
‫الكل في نفي أعمال الجوارح وإرادة جزئها‪ ،‬وذلك سائغ في لغة العرب جائز في لسانها أن‬
‫يؤتى بلفظ الكل‪ ،‬والمراد البعض‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ‪(( :‬أن هذه اللفظة‪« :‬لم يعملوا خيراً قط» من الجنس‬
‫الذي يقول العرب‪ :‬ينفي االسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام‪ ،‬فمعنى هذه اللفظة على‬
‫األصل‪ ،‬لم يعملوا خيراً قط‪ ،‬على التمام والكمال‪ ،‬ال على ما أوجب عليه وأِّمر به))(‪.)6‬‬
‫وقال أبو عمر ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في سياق توجيهه لهذا الحديث‪(( :‬وفي‬
‫هذا األصل ما يدلك على أن قوله في هذا الحديث‪ :‬لم يعمل حسنة قط‪ ،‬أو لم يعمل خيراً‬
‫قط ـ لم يعذبه ـ إال ما عدا التوحيد من الحسنات والخير‪ .‬وهذا سائغ في لسان العرب‪،‬‬

‫(‪ )1‬الصالة وحكم تركها (ص‪.)27 :‬‬


‫(‪ )2‬المقصود بقول اللسان شهادة أن ال إله إال الله‪ ،‬وبعمل القلب أعمال القلوب الالزمة لتحقق أصل اإليمان في‬
‫القلب والتي هي شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الخالف في حكم تارك الصالة (ص‪.)357 :‬‬
‫(‪ )4‬هذه األجوبة هي تن ُّـزل مع الخصم في كون اإلجماع غير منعقد بكفر تارك العمل الظاهر بالكلية‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه أبو نعيم في حلية األولياء (‪ ،)623/8‬وأورده ابن عبد البر في التمهيد (‪ .)93/18‬وأصله في البخاري‬
‫في كتاب البيوع‪ ،‬باب‪ :‬من انظر‪ :‬معسراً (جـ‪ 12/6‬ـ ‪ )16‬ح (‪.)2358 ،2355‬‬
‫(‪ )6‬التوحيد (‪.)569/2‬‬
‫‪878‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫جائز في لغتها‪ :‬أن يؤتى بلفظ الكل‪ ،‬والمراد البعض))(‪.)1‬‬


‫وقال في نص له آخر‪(( :‬وأما قوله‪« :‬لم يعمل حسنة قط»‪ ،‬وقد روي «لم يعمل‬
‫خيراً قط» أنه لم يعذبه إال وهذا شائع في لسان العرب‪ :‬أن يؤتى بلفظ الكل والمراد‬
‫البعض‪ .‬وقد يقول العرب‪ :‬لم يفعل كذا قط يريد األكثر من فعله‪.‬‬
‫أال ترى إلى قوله عليه الصالة والسالم‪« :‬ال يضع عصاه عن عاتقه» يريد أن الضرب‬
‫للنساء كان منه كثيراً ال أن عصاه كانت ليالً ونهاراً على عاتقه‪ .‬وقد فسرنا هذا المعنى في‬
‫غير موضع من كتابنا هذا))(‪.)2‬‬
‫ومما يدل على هذا التأويل أيضاً الحديث اآلخر‪ ،‬ولفظه عن أبي هريرة ‪ ‬عن رسول‬
‫الله ‪ ‬أنه قال‪« :‬نزع رجل لم يعمل خيراً قط غصن شوك عن الطريق‪ ،‬إما كان في شجرة‬
‫فقطعه فألقاه‪ ،‬وإما كان موضوعاً فأماطه فشكر الله له بها فأدخله الجنة»(‪.)3‬‬
‫قال أبو حاتم‪ :‬معنى قوله «لم يعمل خيراً قط» يريد به ِّسوى اإلسالم(‪ .)4‬أي‪ :‬ليس المراد‬
‫أنه استحق دخول الجنة بهذا العمل فقط‪ ،‬بل بما معه من اإلسالم المستلزم النقياد الجوارح‪.‬‬
‫وأيضاً جاء في بعض روايات حديث القبضة‪ ،‬ولفظه كما في الصحيح(‪« :)5‬فيقبض‬
‫قبضة من النار فيخرج أقواماً قد امتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له‪ :‬ماء الحياة‬
‫فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل(‪...،)6‬فيخرجون كأنهم اللؤلؤ‪ ،‬فيجعل في‬
‫رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنة‪ :‬هؤالء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل‬

‫(‪ )1‬التمهيد (‪.)93/18‬‬


‫(‪ )2‬االستذكار (‪ 89/6‬ـ ‪.)87‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أبو داود في كتاب األدب‪ ،‬باب‪ :‬في قطع السدر (‪ )632/9‬ح (‪ ،)7268‬وابن حبان في صحيحه‬
‫(‪ )285/2‬حديث رقم (‪ ،)793‬والطبراني في األوسط (‪ )253/6‬ح رقم (‪ ،)6166‬وأورده المنذري في‬
‫الترغيب والترهيب (‪ )658/6‬برقم (‪ .)9738‬وحكم األلباني بأنه صحيح‪ .‬انظر‪ :‬صحيح الجامع (‪.)3577‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ابن حبان (‪ .)285/2‬واإلسالم يشمل األعمال الظاهرة كما ال يخفى‪.‬‬
‫(‪( )5‬جـ‪ )263/8‬حديث رقم (‪ )5968‬من رواية أبي سعيد الخدري ‪.‬‬
‫(‪ )6‬حميل السيل هو ما يجيء به السيل من طين أو غثاء وغيره‪ ،‬فعيل بمعنى مفعول‪[ .‬النهاية في غريب الحديث‬
‫األثر (‪ .])992/1‬والمراد هنا‪ :‬سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها‪[ .‬المصدر نفسه‬
‫(‪])992/1‬‬
‫‪878‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫عملوه وال خير قدموه)) أن هؤالء «يعرفون بعالمة آثار السجود»(‪ )1‬مما يدل على أنهم كانوا من‬
‫أهل الصالة(‪ ،)2‬والصالة هي أعلى األعمال الظاهرة؛ وهذا ينصر القول بأن ترك الصالة كفر ـ‬
‫كما سيأتي ـ‪ ،‬كما يبطل الشبهة بأن الجنة تستحق دخولها بغير عمل ظاهر يصحح اإليمان‪.‬‬
‫فدل على أن نفي الخير ليس على إطالقه في نفي أعمال الجوارح أيضاً‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن المقصود أنه لم يعمل خيراً قط فيما يراه الناس‪ ،‬ألن بعض الناس يطلق الخير‬
‫على نفع الخلق فقط؛ فيكون في نفي الخير ِّ‬
‫المتعدي من أعمال الجوارح ال في كل الخير‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ أنه يحتمل أنه كان في عهد اندراس الوحي‪ ،‬فيكون داخالً في اإلعذار بالجهالة‬
‫كما جاء في أثر حذيفة قال‪ :‬ليدرسن اإلسالم كما يدرس الثوب‪ ،‬حتى ال تعرف صالة‪،‬‬
‫وال صياماً‪ ،‬وال نسكاً إال بقايا من شيخ كبير وعجوز يقولون‪ :‬كنا نسمع كالماً من أقوام‪:‬‬

‫(‪ )1‬فتح الباري (‪.)973/11‬‬


‫(‪ )2‬والرواية المشارة إليها ههنا هي قوله ‪ ‬كما في حديث أبي هريرة ‪« :‬حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد‬
‫أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن ال إله إال الله أمر المالئكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بعالمة آثار‬
‫السجود‪ ،‬وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود‪ ،‬فيخرجونهم قد امتحشوا فيصب عليهم ماء يقال له‬
‫ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل» أخرجه البخاري في الصحيح حديث رقم (‪ ،)3756‬وأورد بعده قول‬
‫عطاء ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة ال يغيِّر عليه شيئاً من حديثه)) مما يدل على أن‬
‫المخرِّجين من أهل الصالة‪ ،‬فلو كان منهم من ال يصلي لنبه على ذلك أبو سعيد الخدري ولما أقره على حديثه‪ ،‬فإقرار‬
‫أبي سعيد الخدري ألبي هريرة دليل على أنهما متفقان على اشتراط الصالة للنجاة من النار‪ ،‬إال أن أبا سعيد قد أطلق‬
‫حديثيهما يحمل على المقيد‪ .‬وهذا ما أشار إليه ابن أبي جمرة ـ‬
‫في حديثه وأبا هريرة قد قيد في حديثه‪ ،‬والمطلق من ْ‬
‫رحمه الله ـ كما حكاه الحافظ ابن حجر في الفتح (‪ )975/11‬بقوله‪(( :‬وقد استنبط ابن أبي جمرة من هذا أن من‬
‫كان مسلماً‪ ،‬ولكنه كان ال يصلى ال يخرج؛ إذ ال عالمة له))‪ .‬تم تعقبه بقوله‪(( :‬لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة‬
‫لعموم قوله «لم يعملوا خيراً قط» وهو مذكور في حديث أبي سعيد اآلتي في التوحيد)) انتهى‪ .‬قلت‪ :‬وال وجه لهذا‬
‫التعقُّب عندي لما قررناه من أنه ال تعارض بين حديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة‪ ،‬وأن أبا سعيد لم يخالف أبا‬
‫هريرة في حديثه بل أقره عليه كما تقدم في كالم عطاء ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫ثم على القول بالمغايرة بين حديث أبي سعيد في القبضة وحديث أبي هريرة المتقدم ـ كما هو الظاهر ـ فيحمل حديث أبي‬
‫سعيد على حديث أبي هريرة في كونهم من أهل الصالة ألن المطلق يحمل على المقيد‪ ،‬وألحاديث كفر تارك الصالة‬
‫كما سيأتي‪ .‬وانظر‪ :‬تفصيل ذلك في كتاب الخالف في حكم تارك الصالة للدكتور إبراهيم الزاحم ـ حفظه الله ـ‬
‫(ص‪ 212 ،211 :‬ـ ‪.)216‬‬
‫‪833‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫أدركنا من قبلنا يقولون‪ :‬ال إله إال الله فنحن نقولها‪ .‬فقال له صلة بن زفر العبسي(‪ )1‬يا أبا‬
‫عبد الله فما تنفعهم ال إله إال الله‪ ،‬وهم ال يعرفون صال ًة وال صياماً وال نسكاً؟ قال‪ :‬تنجيهم‬
‫من النار(‪.)2‬‬
‫‪ 9‬ـ كما يحتمل أن له أعماالً صالحةً عديدة من صالة وزكاة وحج وصيام إال أنه‬
‫أخذها الداينون كما في حديث المفلِّس؛ وفيه قوله ‪« :‬المفلس من أمتي من يأتي يوم‬
‫القيامة بصالته وصيامه وزكاته وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا‬
‫فيقعد فيعطى هذا من حسناته‪ ،‬وهذا من حسناته‪ ،‬فإن فنيت حسناته قبل أن يعطي ما عليه‬
‫أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار»(‪.)3‬‬
‫فهذا يصدق عليه أنه لم يعمل من الخير قط باعتبار الموازنة بين الحسنات والسيئات‪،‬‬
‫فيدخله الله الجنة بال عمل صالح يـْبـقى له‪ ،‬يستحق به دخول الجنة – إن شاء الله ‪.)4( -‬‬
‫‪ 7‬ـ أو يقال‪ :‬أن هذا الحديث من المتشابه‪ ،‬والقاعدة عند أهل العلم أن‬
‫المتشابه يـرد إلى المحكم من أدلة الشريعة‪ ،‬والمحكم من أدلة الشريعة أن الجنة ال‬
‫يدخلها إال المؤمن‪ ،‬واإليمان ال يصح مع ترك جميع األعمال الظاهرة‪ .‬فال بد أن يكون‬
‫معه عمل ظاهر يصح به إيمانه(‪.)5‬‬
‫‪ 3‬ـ وإلحاقاً لما سبق فإن هذا الحديث معارض بمحكم القرآن أيضاًكما في قوله تعالى‪ :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮢ‬
‫[األنعام‪]178 :‬‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬

‫(‪ )1‬هو‪ :‬صلة ـ بكسر أوله وفتح الالم الخفيفة ـ ابن زفر ـ بضم الزاي وفتح الفاء‪ ،‬العبسي‪ ،‬أبو العالء الكوفي‪ ،‬تابعي كبير‪ ،‬من‬
‫الثانية‪ ،‬ثقة جليل‪ ،‬مات في حدود السبعين‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])977 :‬‬
‫(‪ )2‬تقدم تخريجه‪ .‬وهو وجه صالح للدفع لوال ما يرد عليه من أن أهل اإلعذار بالجهالة ال يدخلون النار ابتداء فال‬
‫يخرجون منها انتهاء كما هو الحال في أصحاب هذا الحديث حيث ورد فيه أنهم يخرجون من النار وقد‬
‫امتحشوا‪ .‬ولكن تبقى بقية االحتماالت في تأويل هذا الحديث قوية م ِّ‬
‫دحضة للشبهة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة واآلداب (‪.)1885/9‬‬
‫(‪ )4‬هذا الجواب قيدته فهماً من تقريرات شيخنا عبد المحسن العباد في دروسه من كتاب شرح الترمذي بالمسجد‬
‫النبوي‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬أسئلة وأجوبة في اإليمان للشيخ عبد العزيز الراجحي (ص‪.)28 :‬‬
‫‪831‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫حيث دلت على نفي اإليمان عمن لم ي ْك ِّسب الخير فيه‪ .‬وإلى هذا القول في تفسير اآلية ذهب‬
‫بعض المحققين‪.‬‬
‫قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والمعنى أنه ال ينفع نفساً إيمانها عند حضور اآليات متصفة بأنها‬
‫لم تكن آمنت من قبل أو آمنت من قبل ولكن لم تكسب في إيمانها خيراً‪ ،‬فحصل من هذا‪ :‬أنه‬
‫ال ينفع إال الجمع بين اإليمان من قبل مجيء بعض اآليات مع كسب الخير في اإليمان‪ ،‬فمن‬
‫آمن من قبل فقط ولم يكسب خيراً في إيمانه أو كسب خيراً ولم يؤمن‪ ،‬فإن ذلك غير نافعه‪ ،‬وهذا‬
‫التركيب هو كقولك‪ :‬ال أعطي رجالً اليوم أتاني لم يأتني باألمس‪ ،‬أو لم يمدحني في إتيانه إلي‬
‫باألمس‪ ،‬فإن المستفاد من هذا أنه ال يستحق العطاء إال رجل أتاه باألمس ومدحه في إتيانه إليه‬
‫باألمس))(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫ونقله أيضاً الرازي(‪ )2‬عن أهل السنة في (حجج القرآن)(‪ )3‬حيث ذكر هذه اآلية ضمن أدلة‬
‫أهل السنة القائلين بأن اإليمان قول وعمل وعقد‪ ،‬وذكر وجه استشهادهم بها‪ :‬وهو أن الله سوى‬
‫بين الكافر وغير العامل‪.‬‬
‫تقرر أن اإليمان ال ينفع إال مع كسب الخير كما هو معتقد أهل السنة في‬ ‫فالحاصل أن اآلية ِّ‬
‫اإليمان وأنه قول وعمل وعقد فيجب الحمل عليه ألنه المحكم‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ :‬أن الحديث ال ينفي أن يكون معه أصل االنقياد بل غاية ما فيه أن‬
‫النفي هنا ليس على إطالقه في نفي أعمال الجوارح أيضاً بل جرى مجرى الغالب في‬
‫الكالم‪ ،‬وهو أسلوب من أساليب العرب في نفي االسم عن الشيء القليل‪ ،‬وهي ال تريد‬
‫نفي ماهيته‪.‬‬
‫وعلى فرض إرادة الظاهر به فهو يحمل على الكافر الجاحد يقولها عند الموت‬
‫عمه أبي طالب‪ ،‬وقال‪« :‬أحاج لك‬ ‫ويقارن ذلك عقد القلب(‪ )4‬كما عرضها النبي ‪ ‬على ِّ‬
‫بها عند الله»‪ ،‬وكما في خبر الغالم اليهودي الذي قال‪ :‬ال إله إال الله عند الموت مستجيباً‬

‫(‪ )1‬فتح القدير (‪.)513/3‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬أبو الفضائل أحمد بن محمد بن المظفر بن المختار الرازي‪ ،‬لم أقف له على ترجمة‪.‬‬
‫(‪( )3‬ص‪ 61 :‬ـ ‪.)77‬‬
‫(‪ )4‬بخالف من يقولها زمن المهلة وال يضيف إليها عمالً‪.‬‬
‫‪832‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ألمره ‪ ‬بها‪ ،‬فقال‪« :‬الحمد لله الذي أخرجه بي من النار»(‪)1‬؛ وذلك جمعاً بين‬
‫األدلة(‪.)2‬‬
‫أو يحمل ـ وإن كان بعيداً ـ على الخلق الذين ينشئهم الله فيدخلهم الجنة(‪ ،)3‬فهؤالء يصدق‬
‫عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط‪ .‬وهو احتمال قوي لوال ما يرد عليه من أن اآلخرة ليست دار تكليف‬
‫وال عمل(‪ ،)4‬وأيضاً فهؤالء لم يبعث إليهم رسول تقوم به حجة الله عليه‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬قوله ‪ ‬في حديث البطاقة‪« :‬إن الله سيخلص رجالً من أمتي على‬
‫رؤوس الخالئق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجالً كل سجل مثل مد البصر ثم‬
‫يقول‪ :‬أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول‪ :‬ال يا رب‪ .‬فيقول أفلك عذر؟‬
‫فيقول‪ :‬ال يا رب‪ .‬فيقول‪ :‬بلى إن لك عندنا حسنة‪ ،‬فإنه ال ظلم عليك اليوم‪ ،‬فتخرج بطاقة‬
‫فيها أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‪ .‬فيقول‪ :‬أحضر وزنك فيقول‪:‬‬
‫يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجالت؟ فقال‪ :‬إنك ال تظلم‪ .‬قال فتوضع السجالت في‬
‫كفه والبطاقة في كفه فطاشت السجالت‪ ،‬وثقلت البطاقة‪ ،‬فال يثقل مع اسم الله‬
‫شيء»(‪ .)5‬قالوا‪ :‬ولم يذكر في البطاقة غير الشهادة ولو كان فيها غيرها لقال(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)738/8‬وتيسير العزيز الحميد (ص‪.)231 :‬‬
‫(‪ )3‬حديث إنشاء خلقاً للجنة يدخلهم الله فيها مخرج في الصحيحين‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب التفسيرـ باب‪ :‬تفسير قوله‬
‫(جـ‪ )16/6‬ح (‪ ،)1117‬ومسلم‪ :‬كتاب البر والصلة واآلداب (‪.)3756/1‬‬ ‫تعالى‪ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫(‪ )4‬إال في حق من استثنوا كمن لم تبلغهم الدعوة من أصحاب الفترة وغيرهم فهؤالء يكلفون يوم القيامة بما جاءت‬
‫به السنة أنهم «يرسل إليهم رسوالً فيأمرهم ـ بعد أن يؤخذ مواثيقهم ليطيعنه ـ‪ :‬أن ادخلوا النار‪ .‬قال ‪ :‬فوالذي نفسي‬
‫بيده لو دخلوها كانت عليهم برداً وسالماً»‪ .‬وفي رواية‪« :‬فمن دخلها كانت عليه برداً وسالماً ومن لم يدخلها‬
‫يسحب إليها» أخرجه أحمد في المسند (‪ ،)44/4‬وابن راهوية في مسنده (‪ ،)141/1‬والضياء في المختارة‬
‫(‪ 422/4‬ـ ‪ ،)422‬وهو في الصحيحة (‪ )414/1‬برقم (‪.)1414‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن ال إله إال الله (‪ )29/7‬ح (‪،)2368‬‬
‫وابن ماجة في كتاب الزهد‪ ،‬باب‪ :‬باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة (‪ )1965/2‬ح (‪ ،)9288‬وأحمد في‬
‫المسند (‪ ،)216/2‬وابن المبارك في الزهد (ص‪ )113 :‬رقم (‪ ،)627‬والهيثمي في زوائد ابن حبان (‪،)2729‬‬
‫والحاكم في المستدرك (‪ )93/1‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين وهو صحيح على شرط مسلم‪.‬‬
‫=‬
‫‪836‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫يقال في الجواب عن استداللهم بهذا الحديث أنه ال ينفي أن معه أصل االنقياد بل‬
‫غاية ما فيه أنه مسيء مسرف على نفسه قد عمل شراً كثيراً فاق ما عنده من الحسنات‪،‬‬
‫فلم يبق له إال حسنة التوحيد‪.‬‬
‫وعلى فرض أ ْن ليس معه شيء من الحسنات؛ فإن شهادة أن ال إله إال الله تتضمن‬
‫أصل االنقياد‪.‬‬
‫أو يكون كسابقه‪ ،‬فتجري عليه نفس األجوبة ِّ‬
‫المتقدمة‪ ،‬ولذا نجد بعض أهل العلم يربط‬
‫بينهما ويسوقهما في مساق واحد‪ ،‬وذلك التحادهما في المعنى‪ ،‬ومما يبين ذلك أن في بعض‬
‫روايات حديث لم يعمل خيراً قط «إال التوحيد»‪ ،‬وذلك كشأن صاحب البطاقة‪ ،‬فليس له من‬
‫الخير إال شهادة أن ال إله إال الله التي تطابق "التوحيد" في حديث لم يعمل خيراً قط‪ .‬والله تعالى‬
‫أعلم‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬استدلوا بحديث حذيفة المتقدم قال‪(( :‬ليدرسن اإلسالم كما يدرس‬
‫الثوب‪ ،‬حتى ال تعرف صالة‪ ،‬وال صياماً‪ ،‬وال نسكاً إال بقايا من شيخ كبير وعجوز يقولون‪:‬‬
‫كنا نسمع كالماً من أقوام‪ :‬أدركنا من قبلنا يقولون‪ :‬ال إله إال الله فنحن نقولها‪ .‬فقال له‬
‫صلة بن زفر العبسي يا أبا عبد الله فما تنفعهم ال إله إال الله‪ ،‬وهم ال يعرفون صال ًة وال‬
‫صياماً وال نسكاً؟ قال‪ :‬تنجيهم من النار‪.‬‬
‫نص من حذيفة ‪ ‬على أن تارك الصالة‪ ،‬ومثلها بقية األركان‪ ،‬ليس بكافر‪ ،‬بل‬ ‫قالوا‪ :‬فهذا ٌّ‬
‫هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة‪ ،‬ومن باب أولى أن يترك ما دون ذلك(‪.)2‬‬
‫ويقال في الجواب عن هذا الحديث‪ :‬أن هذا الحديث ال يدل على نفي العمل‬
‫الظاهر عنهم بالكلية‪ ،‬وإن كنا نرى أن ذلك ال يكفي لصحة إيمانهم‪.‬‬
‫ولذا كان الجواب األوجه‪ :‬أن هؤالء لم يكفروا‪ :‬من جهة إعذارهم بالجهالة ال من‬
‫جهة تركهم لهذه األعمال‪ ،‬فلو تركوا هذه األعمال مع قيام العلم أو المقتضي له لحكمنا‬
‫بكفرهم؛ لقيام الحجة عليهم أو لتفريطهم في طلب الحجة على ما قررناه في قضية العذر‬
‫ــــــــــ‬
‫ووافقه الذهبي‪ .‬وحكم عليه األلباني بالصحة في مواضع من كتبه منها السلسلة الصحيحة (‪ ،)167‬وصحيح الجامع‬ ‫=‬
‫(‪.)1553‬‬
‫(‪ )1‬الصالة وحكم تاركها (‪.)27‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الخالف في حكم تارك الصالة (ص‪ ،)511 :‬وحكم تارك الصالة لأللباني (ص‪.)56 :‬‬
‫‪839‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫بالجهل وضوابطه(‪.)1‬‬
‫فالحاصل أن الحديث ال يؤيد هذا الفهم الخاطئ‪ ،‬بل يشير إلى أن اندراس‬
‫اإلسالم‪ ،‬وانتشار الجهل وعجز الناس عن معرفة فرائضه مانع من التكفير‪.‬‬
‫وقد أشار شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ إلى ذلك فقال‪ (( :‬لكن من الناس من يكون جاهالً‬
‫ببعض هذه األحكام جهالً يعذر به‪ ،‬فال يحكم بكفر أحد حتى تقوم عليه الحجة من جهة‬
‫بالغ الرسالة‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ [النساء‪ ،]137 :‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [اإلسراء‪.]17 :‬‬ ‫ﯨ ﯨ‬
‫ولهذا لو أسلم رجل ولم يعلم أن الصالة واجبة عليه‪ ،‬أو يعلم أن الخمر يحرم‪ ،‬لم يكفر‬
‫بعدم اعتقاد إيجاب هذا وتحريم هذا‪ ،‬بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية‪....‬‬
‫وكثير من الناس قد ينشأ في األمكنة واألزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات‪،‬‬
‫حتى ال يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة‪ ،‬فال يعلم كثيراً مما‬
‫يبعث الله به رسوله‪ ،‬وال يكون هناك من يبلغه ذلك‪ ،‬ومثل هذا ال يكفر‪.‬‬
‫ولهذا اتفق األئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم واإليمان وكان حديث‬
‫العهد باإلسالم فأنكر شيئاً من هذه األحكام الظاهرة المتواترة فإنه ال يحكم بكفره حتى‬
‫يعرف ما جاء به الرسول‪.‬‬
‫ولهذا جاء في الحديث‪« :‬يأتي على الناس زمان ال يعرفون فيه صالة‪ ،‬وال زكاة وال‬
‫صوماً‪ ،‬وال حجاً‪ ،‬إال الشيخ الكبير‪ ،‬والعجوز الكبيرة‪ ،‬يقول‪ :‬أدركنا آباءنا وهم يقولون‪ :‬ال‬
‫إله إال الله»))(‪.)2‬‬
‫فتبين أن حديث حذيفة ‪ ‬يحمل على ما قاله شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪ ،‬وهو أنه‬
‫فيمن جهل بعض الفرائض‪ ،‬ال ألجل تـ ْركِّها بعد بلوغ العلم بها‪ .‬أال ترى أن صلة ـ رحمه الله ـ‬
‫تعجب من مجرد قولهم ال إله إال الله كيف ذلك ينفعهم؟ ألن المستقر عند عامة الصحابة‬
‫والتابعين أن شهادة أن ال إله إال الله ال تنفع وحدها وال تغني صاحبها شيئاً‪ ،‬وال تكون سبباً‬

‫(‪ )1‬يقول سفيان بن عيينة ـ رحمه الله ـ وهو من أئمة السلف في صدد تشنيعه على المرجئة‪(( :‬وترك الفرائض من غير‬
‫جهل وال عذر هو كفر))‪[ .‬السنة لعبد الله بن اإلمام أحمد (ص‪.])698 :‬‬
‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ 933/11‬ـ ‪.)938‬‬
‫‪837‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫لنجاته من الخلود في النار إن لم يكن معها عمل(‪.)1‬‬


‫وعلى فرض أنه دال على عدم كفر من ترك هذه األعمال فهو ال يدل على نفي جميع‬
‫األعمال وانسحاب حكمه عليها‪.‬‬
‫كما أن هناك أوجه أخرى يمكن أن يجاب بها على استداللهم بأثر حذيفة على أن‬
‫تارك العمل بالكلية ال يكفر‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أ ـ ليس في األثر التصريح بعدم كفر تارك العمل‪ ،‬فال يصح أن يعارض به اإلجماع‬
‫القاضي بكفر تارك العمل بالكلية‪.‬‬
‫ب ـ لو سلِّم القول بداللته على عدم كفر تارك العمل فهو معارض بمثله وبأكثر وأصرح منه‬
‫من أقوال الصحابة بل هو قبل ذلك وبعده‪ ،‬معارض باألحاديث الصحيحة الصريحة‪ ،‬الدالة على‬
‫كفر تارك الصالة‪ ،‬ومن استبانت له سنة فال يجوز له أن يتركها لقول كائن من كان‪.‬‬
‫ج ـ أن هذا األثر إذا أمكن تأويله بما ال يتعارض مع األحاديث األخرى وأقوال‬
‫الصحابة‪ ،‬فهو المتعيِّن‪ ،‬ويظهر إمكانية ذلك‪ ،‬إذ إنه محمول على آخر الزمان واندراس العلم‬
‫وفقد العلماء‪ ،‬حيث لم يبق من اإلسالم إال قول ال إله إال الله كما دل عليه هذا الحديث؛‬
‫فيكون خاصاً‪ ،‬وال تعارض بين خاص وعام(‪.)2‬‬
‫ومن الشبه المحكية عنهم أيضاً‪ :‬أن السلف اختلفوا في تكفير تارك المباني‬
‫األربعة بعد الشهادتين مع سْبق اتفاقهم بأن ما دونها ال يكفر به؛ فتحصل أن السلف‬
‫مختلفون في تارك العمل بالكلية هل يكفر أو ال يكفر؟‬
‫ويجاب عن ذلك بأن السلف اختلفوا في عامل لبعض األعمال وتارك لبعضها لم‬
‫يختلفوا في تارك لجميع األعمال‪ ،‬ألن ترك جميع األعمال غير متصور؛ فال يتصور أن يترك‬
‫الشخص جميع األعمال كما تقدم‪.‬‬
‫ثم إن الخالف فيه الراجح والمرجوح(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الخالف في حكم تارك الصالة للزاحم (ص‪.)238 :‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الخالف في حكم تارك الصالة (ص‪ 371 :‬ـ ‪.)371‬‬
‫(‪ )3‬سيأتي أن الراجح كفر تارك الصالة‪ .‬وال يعد ذلك اختالفاً في العقيدة ألنهم متفقون على دخول العمل في‬
‫مسمى اإليمان األصل العظيم الذي خالف فيه المرجئة‪ ،‬ولكن هذا خالف في فروع العقيدة ليس في أصولها‬
‫ولذا فهو ال يوجب التبديع أو التفسيق‪.‬‬
‫=‬
‫‪833‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وثمة جواب مجمل هنا‪ ،‬وهو‪ :‬أن القائلين بعدم كفر تارك العمل بالكلية من أهل السنة‬
‫ال يخالفون في أن هذه األحاديث ال تنفي عمل القلب‪ .‬وكذا يوافقون في التالزم ـ الغير‬
‫منفك ـ بين عمل الظاهر وعمل الباطن‪ .‬فيلزم من قولهم بعدم كفر تارك العمل وجود حالة‬
‫ينتفي معها هذا التالزم مع صحة اإليمان‪ ،‬وذلك تناقض بيِّن‪ .‬والقول إنما يعرف بطالنه إذا‬
‫لم يطرد مذهب قائله‪ ،‬أو عاد على مذهب قائله بالنقض‪.‬‬
‫فإما أن يبقوا على التالزم فتبطل شبهتهم‪ ،‬وإما أن ينفوا دخول أعمال القلوب في اإليمان‬
‫فيلزمهم مذهب جهم(‪.)1‬‬
‫فإن قالوا‪ :‬أن هذا استثناء من عموم التالزم بين الظاهر والباطن‪ .‬أجيبوا‪ :‬بما تقدم من‬
‫أجوبة تفصيلية بأن هذه األحاديث ال تدل على نفي العمل الظاهر‪.‬‬
‫ومن الوجوه كذلك الدالة على بطول هذا القول‪ :‬أن الكفر يقع بترك القول وحده؛ كترك‬
‫الشهادتين‪ ،‬ويقع بترك االعتقاد وحده؛ كترك عمل القلب من الحب والخشية والتصديق‬
‫والمعرفة‪ .‬فكذا يجب أن يقع بترك العمل الظاهر وحده‪ ،‬ألنه قرين للقول واالعتقاد في‬
‫اإليمان‪ ،‬ألن هذه األمور الثالثة هي أجزاء اإليمان‪ ،‬وإن كانت متفاوتة باعتبار األفراد‪ ،‬فهي‬
‫متساوية باعتبار االجتماع‪ .‬أي‪ :‬الصورة والهيئة االجتماعية‪ .‬أما باعتبار األفراد فال شك أن‬
‫القول أعلى من عمل القلب الفرد‪ ،‬وعمل القلب الفرد الواحد أعلى من عمل الجوارح الفرد‬
‫الواحد‪ ،‬ولذا جاء في الحديث‪« :‬اإليمان بضع وسبعون شعبة أعالها‪ :‬قول ال إله إال الله‪،‬‬
‫وأدناها إماطة األذى من الطريق‪ .‬والحياء شعبة من شعب اإليمان»(‪ .)2‬وفي الحديث‬
‫اآلخر‪« :‬أوسط شعب اإليمان الحب في الله والبغض في الله»(‪ .)3‬فجعل القول أعلى‬
‫الشعب‪ ،‬وعمل القلب الواحد أوسط الشعب‪ ،‬وجعل عمل الجوارح الواحد أدنى الشعب‪.‬‬
‫وقبل أن نختم الكالم على مسألة ترك العمل بالكلية ينبغي التنبيه هنا إلى مسألة عظيمة‬
‫ــــــــــ‬
‫ولذا ينبغي أن يعلم الفرق بين مسألتين دقيقتين يحصل فيهما الخلط كثيراً‪ ،‬األولى ترك العمل بالكلية فهذه لم‬ ‫=‬
‫يختلف القول عند السلف في حكمها‪ ،‬وأنه كفر‪ .‬الثانية‪ :‬ترك مباني اإلسالم بعد الشهادتين فهذه اختلف فيها‬
‫القول عند السلف في حكمها كما سيأتي‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)511/7‬‬
‫(‪ )2‬مضى تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه أحمد في المسند (‪ )283/9‬من حديث البراء بن عازب ‪.‬‬
‫‪835‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫قد خاض فيها الخلف‪ ،‬وال تجد لهذه المسألة ذكراً في كالم السلف األوليين‪ ،‬وإنما هي‬
‫(‪)1‬‬
‫مسألة حادثة‪ ،‬وهي‪ :‬مسألة «جنس العمل » هل هو شرط لصحة اإليمان أو ليس شرطاً‬
‫لصحة اإليمان؟ فيقال‪ :‬أن «جنس العمل» من األلفاظ المجملة يدخل فيه أعمال القلوب‬
‫وأعمال الجوارح‪ ،‬وفي إطالقه محذوران عظيمان‪:‬‬
‫األول‪ :‬من جهة أن جنس العمل شرط صحة‪ ،‬وقد يحتمل أن يقصد به ما ال يكفر‬
‫بتركه من أعمال الجوارح‪ ،‬فيؤول إلى مذهب الخوارج‪.‬‬
‫حتمل المقصود به عمل القلب دون أعمال‬ ‫الثاني‪ :‬من جهة لفظ «العمل»‪ ،‬قد ي ِّ‬
‫الجوارح‪ ،‬فيؤول إلى اإلرجاء‪.‬‬
‫ولكن نقول قوالً عاماً‪ :‬أن كل عمل مشروع من الواجبات والمستحبات هو من اإليمان‪،‬‬
‫وأما أثر هذا العمل في اإليمان فينبغي أن يفصل فيه‪ .‬ألن األعمال مراتب منها ما يكون تركه‬
‫كفراً؛ كالصالة(‪ ،)2‬ومنها ما ال يكون كذلك‪ .‬فالواجب االستفصال وترك اإلجمال‪.‬‬
‫ولذا كان األحوط أن يقال‪ :‬جميع األعمال من اإليمان‪ ،‬وال يقال العمل شرطاً(‪ )3‬أو‬
‫ركناً‪ ،‬ألن هذه األلفاظ مجملة محدثة لم يتكلم بها السلف في مقام اإلجمال‪ ،‬وإن تكلموا‬
‫ببعضها في مقام التفصيل‪.‬‬
‫ثم إن مسالة "ترك جنس العمل" كما أسلفت قضية ذهنية ال حقيقة لها في الواقع‪ ،‬فال‬
‫يتصور في الواقع أن يعيش الشخص أبد الدهر وهو ال يعمل شيئاً من الطاعات‪ .‬فالنفقة على‬
‫عياله عمل صالح‪ ،‬وبر الوالدين عمل صالح‪ ،‬ومسح رأس اليتيم عمل صالح‪ ،‬والتبسم في وجوه‬
‫اآلخرين عمل صالح‪ ،‬فال يتصور انفكاك العمل الصالح عن فرد كافر فضالً عن مسلم(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬المراد بجنس العمل حده األدنى الدال عليه المتحقق به‪[ .‬الرد البرهاني (ص‪.])562 :‬‬
‫(‪ )2‬على القول الراجح كما سيأتي‪.‬‬
‫(‪ )3‬وال يرد هنا التعبير بشرط االنقياد العملي‪ ،‬ألن ذلك مبين ليس مجمالً‪ ،‬فهو مقيد ببعض األعمال كما سيأتي‪.‬‬
‫انظر‪( :‬ص‪.)881 :‬‬
‫(‪ )4‬قيدته فهماً من تقريرات شيخنا الدكتور إبراهيم الرحيلي في بعض دروسه لكتاب اإليمان ألبي عبيد القاسم ابن‬
‫سالم بمسجد الجامعة اإلسالمية حرسها الله‪.‬‬
‫‪838‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فهل يقال‪ :‬أن هذه األعمال تكفي لصحة اإليمان؟ فهذا إشكال(‪ .)1‬ولذا نجد أن‬
‫أهم وأولى‪ ،‬وهو ترك المباني‬
‫السلف أضربوا عن الكالم في هذه المسألة‪ ،‬وتكلموا فيما هو ُّ‬
‫األربعة‪ ،‬مع اتفاقهم بأنه ال يصح اإليمان إال مع العمل كما تقدم‪.‬‬
‫والمقصود هنا بيان أن ترك العمل بالكلية كفر‪ ،‬والتعبير باشتراط جنس العمل لصحة‬
‫اإليمان غير دقيق بل هو موهم‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬تارك العمل بالكلية كافر‪ ،‬ألن العمل من اإليمان أو جزء اإليمان‪ .‬وال يقال‪ :‬تارك‬
‫جنس العمل كافر ألن جنس العمل شرط أو ركن في اإليمان‪ ،‬وذلك لما فيه من اإلجمال‬
‫واإليهام‪.‬‬
‫يقول العالمة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث سئل عن قول البعض‪ :‬تارك جنس العمل‬
‫كافر‪ ،‬وتارك آحاد العمل ليس بكافر‪ :‬فقال‪(( :‬من قال هذه القاعدة؟! من قائلها؟! هل‬
‫قالها محمد رسول الله؟! كالم ال معنى له‪ .‬يقول‪ :‬من كفره الله ورسوله فهو كافر‪ ،‬ومن لم‬
‫يكفره الله ورسوله‪ ،‬فليس بكافر‪ .‬هذا هو الصواب‪ .‬أما (جنس العمل) أو (نوع العمل) أو‬
‫(آحاد العمل)‪ :‬فهذا كله طنطنة ال فائدة منها))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ما اختلف في التكفير بتركه‪ ،‬وهي‪ :‬أركان اإلسالم األربعة بعد‬
‫الشهادتين‪(( :‬الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والحج))‪ ،‬فإن العلماء اختلفوا في التكفير بترك شيء‬
‫من هذه الفرائض من عدمه‪ ،‬واألقوال في هذه المسألة كلها مأثورة عن السلف‪ ،‬وفي‬
‫مذهب اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(‪.)3‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ولهذا تنازع العلماء في تكفير من يترك‬
‫شيئاً من هذه الفرائض األربع بعد اإلقرار بوجوبها))(‪.)4‬‬
‫ويقول الحافظ ابن رجب في سياق شرحه لحديث‪(( :‬بني اإلسالم على خمس‪(( :))...‬وأما‬

‫(‪ )1‬ووجه أنه يلزم منه إدخال الكافر في اإلسالم بفعل المستحب وإخراج المسلم من دين اإلسالم بترك المستحب‪،‬‬
‫وذلك لم يقل به أحد من السلف‪ .‬كما يلزم منه أيضاً القول بالتساوي بين الشعب العملية في األثر على زيادة‬
‫اإليمان ونقصانه أو بذهاب أصله وكماله وهو باطل قطعاً‪.‬‬
‫(‪ )2‬نقله الشيخ علي حسن عبد الحميد في كتابه الرد البرهاني (ص‪.)193 :‬‬
‫للرحيلي (ص‪.)261 :‬‬
‫(‪ )3‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)338/5‬‬
‫‪838‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫هذه الخمس‪ ،‬فإذا زالت كلها سقط البنيان ولم يثبت بعد زوالها‪ ،‬وكذلك إن زال منها الركن‬
‫األعظم وهو الشهادتان‪ ،‬وزوالهما يكون باإلتيان بما يضادهما وال يجتمع معهما‪.‬‬
‫وأما زوال األربع البواقي‪ ،‬فاختلف العلماء هل يزول اإلسالم بزوالها أو بزوال واحد‬
‫منها؟ أم ال يزول بذلك؟ أم يفرق بين الصالة وغيرها‪ ،‬فيزول بترك الصالة دون غيرها؟ أم‬
‫يختص زوال اإلسالم بترك الصالة والزكاة خاصة؟ وفي ذلك اختالف مشهور وهذه األقوال‬
‫كلها محكية عن اإلمام أحمد))(‪.)1‬‬
‫والمقصود هنا بيان أن أهل السنة اختلفوا في التكفير بترك شيء من هذه األركان األربعة بعد‬
‫اإلقرار بوجوبها‪ .‬وأما قدر منافاة هذه األعمال لشرط االنقياد فسيظهر ذلك من خالل الترجيح‬
‫في حكم ترك شيء من هذه األعمال‪ .‬وقد آثرت أن يكون ذلك في مقصد مستقل‪ ،‬وذلك‬
‫ألهميته‪ ،‬وحتى ال يتوهم أن ترجيح قول على قول من هذه األقوال يكون قاطعاً للخالف‪،‬‬
‫فينسب المخالِّف للمخالفة بل هذه األقوال كلها ألهل السنة كما سيأتي بيانه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما اتفق أهل السنة على عدم التكفير بتركه‪ ،‬وهو على نوعين‪:‬‬
‫األول‪ :‬سائر األعمال الواجبة بعد أركان اإلسالم‪ ،‬فإن المسلم ال يكفر بتركها مع اعتقاد‬
‫وجوبها‪ ،‬عند أهل السنة قاطبة‪.‬‬
‫يقول اإلمام ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فأما بقية خصال اإلسالم واإليمان‪ ،‬فال يخرج‬
‫العبد بتركها من اإلسالم عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬وإنما خالف في ذلك الخوارج ونحوهم‬
‫من أهل البدع))(‪.)2‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬فسائر خصال اإلسالم الزائدة على أركانه الخمس ودعائمه إذا زال منها‬
‫شيء نقص البنيان‪ ،‬ولم ينهدم أصل البنيان بذلك النقص))(‪.)3‬‬
‫وقد ذكر شيخ اإلسالم العلة ـ في عدم التكفير بترك الواجبات ـ فقال‪(( :‬لكن المأمور به إذا‬
‫تركه العبد‪ ،‬فإما أن يكون مؤمناً بوجوبه أو ال يكون‪ ،‬فإن كان مؤمناً بوجوبه تاركاً ألدائه فلم يترك‬
‫الواجب كله بل أدى بعضه‪ ،‬وهو اإليمان به‪ ،‬وترك بعضه هو العمل به))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬فتح الباري للحافظ ابن رجب (‪ 23‬ـ ‪.)21‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه (‪.)29/1‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه (‪.)29/1‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)83/23‬‬
‫‪853‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫النوع الثاني‪ :‬ترك األعمال المستحبة‪ ،‬فهذه ال يكفر المسلم بتركها‪ ،‬بل وال يؤثم أيضاً‬
‫مع اعتقاده باستحبابها‪ ،‬عند أهل السنة قاطبة‪ .‬وقد تقدم اإلجماع على أن األعمال الواجبة‬
‫ال يكفر بتركها‪ ،‬فمن باب أولى ترك المستحبات‪ ،‬ألن حكم المستحب عند العلماء‪ :‬ما‬
‫يثاب على فعله وال يعاقب على تركه؛ كترك السالم‪ ،‬أو ترك السواك عند الوضوء‪ ،‬أو ترك‬
‫السنن الرواتب‪.‬‬
‫عرض‬‫والفرق بين هذا النوع والذي قبله‪ :‬أن النوع األول ينافي كمال االنقياد الواجب وي ِّ‬
‫عرض صاحبه للعقوبة أو‬ ‫صاحبه للعقوبة‪ .‬وأما هذا النوع فينافي تركه االنقياد المستحب وال ي ِّ‬
‫اإلثم‪.‬‬
‫المقصد الثالث‪ :‬الدراسة والتحقيق لحكم من ترك مباني اإلسالم بعد الشهادتين‪.‬‬
‫هذا المقصد يدخل ضمناً تحت المقصد قبله‪ ،‬وأفردته بالذكر هنا ألهميته‪ ،‬وذلك لما‬
‫وقع من اختالف بين السلف في حكم من ترك هذه األعمال‪ ،‬فكان ال بد من التحقيق‬
‫والدراسة في حكم ترك هذه األعمال حتى تتبين منافاة كل منها لشرط االنقياد‪ ،‬وهل هي‬
‫منافاة تامة أو ناقصة؟ هذا ما سيتضح عند بيان أحكام ترك هذه األعمال بالنظر إلى‬
‫نصوص الشرع‪.‬‬
‫فقد اختلف أهل العلم من السلف وم ْن بعدهم في من ترك المباني األربعة أو بعضها‬
‫بعد الشهادتين مع اإلقرار بوجوبها(‪ )1‬هل يكفر أو ال يكفر بذلك؟ على خمسة أقوال كلها‬
‫في مذهب اإلمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ‪ .‬وجملة هذه األقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أنه يكفر بترك واحد من األربعة حتى الحج‪ ،‬وإن كان في جواز تأخيره‬
‫نزاع بين العلماء‪ ،‬فمتى عزم على تركه بالكلية كفر‪ .‬وهو قول طائفة من السلف‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫الحكم بن عتبة‪ ،‬وسعيد بن جبير وغيرهما‪ .‬وقال به ابن حبيب من المالكية‪ .‬وهي إحدى‬
‫الروايات عن أحمد اختارها أبو بكر الخالل‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أنه ال يكفر بترك شيء من ذلك‪ .‬وهذا هو المشهور عند كثير من‬
‫الفقهاء‪ ،‬من أصحاب أبي حنيفة‪ ،‬ومالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وهو إحدى الروايات عن أحمد‬

‫(‪ )1‬المقرر عند أهل العلم أن التزام شرائع اإلسالم باعتقاد وجوبها شرط لصحة اإلسالم‪ ،‬وإنما وقع الخالف في‬
‫الترك مع اعتقاد الوجوب‪.‬انظر‪ :‬مصباح الظالم (ص‪.)679 :‬‬
‫‪851‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫اختارها بعض أصحابه‪.‬‬


‫القول الثالث‪ :‬أنه ال يكفر إال بترك الصالة‪ ،‬وهي الرواية الثالثة عن اإلمام أحمد‪ ،‬وقول‬
‫كثير من السلف‪ ،‬وطائفة من أصحاب مالك والشافعي‪ ،‬وطائفة من أصحاب أحمد‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬يكفر بتركها ـ أي الصالة ـ وترك الزكاة فقط‪ .‬وهي رواية عن اإلمام أحمد ـ‬
‫رحمه الله ـ‪.‬‬
‫القول الخامس‪ :‬أنه يكفر بترك الصالة وترك الزكاة إذا قاتل اإلمام عليها‪ ،‬دون ترك‬
‫الصيام والحج(‪.)1‬‬
‫والذي يترجح من هذه األقوال أنه ال يكفر إال بترك الصالة‪ ،‬وذلك لتضافر النصوص‬
‫على تكفير تارك الصالة دون غيرها من أعمال الجوارح؛ ومن النصوص الدالة على كفر‬
‫تارك الصالة‪:‬‬
‫ﯳ ﯴ إلى قوله‪:‬‬ ‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫ﯭ ﯮ‬ ‫‪ 1‬ـ قوله تعالى‪ :‬ﯬ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [القلم‪ 67 :‬ـ ‪.]92‬‬
‫قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فوجه الداللة من اآلية أنه سبحانه أخبر أنه ال يجعل‬
‫المسلمين كالمجرمين‪ ،‬وأن هذا األمر ال يليق بحكمته وال بحكمه‪ .‬ثم ذكر أحوال‬
‫المجرمين الذين هم ضد المسلمين‪ ،‬فقال‪ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ وأنهم يدعون إلى‬
‫السجود لربهم تبارك وتعالى‪ ،‬فيحال بينهم وبينه‪ ،‬فال يستطيعون السجود مع المسلمين؛‬
‫عقوبة لهم على ترك السجود له مع المصلين في دار الدنيا‪ .‬وهذا يدل على أنهم مع الكفار‬
‫والمنافقين الذين تبقى ظهورهم إذا سجد المسلمون كمي ِّامن البقر‪ ،‬ولو كانوا من المسلمين‬
‫ألذن لهم بالسجود كما أذن للمسلمين))(‪.)2‬‬
‫‪ 2‬ـ قوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ [التوبة‪.]11 :‬‬
‫قال ابن القيم في وجه االستدالل بها على كفر تارك الصالة‪(( :‬فعلق أخوتهم للمؤمنين‬
‫بفعل الصالة‪ ،‬فإذا لم يفعلوا لم يكونوا إخوة المؤمنين‪ ،‬فال يكونوا مؤمنين لقوله تعالى‪ :‬ﯜ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬لهذه األقوال‪ :‬شرح حديث جبريل ‪( ‬ص‪ 779 :‬ـ ‪ ،)773‬ومجموع الفتاوى (‪ 632/5‬ـ ‪،)636‬‬
‫وكتاب اإليمان من إكمال المعلم (‪ 186/1‬ـ ‪ ،)189‬والمجموع للنووي (‪ ،)13/6‬وفتح الباري البن رجب‬
‫(‪ 23‬ـ ‪ ،)26‬وجامع العلوم والحكم (ص‪ 86 :‬ـ ‪ ،)89‬والمحرر في الفقه (‪.)135/2‬‬
‫(‪ )2‬الصالة وحكم تاركها (ص‪ 23 :‬ـ ‪.)25‬‬
‫‪852‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ﯝ ﯞ [الحجرات‪.)1())]13 :‬‬
‫[التوبة‪:‬‬ ‫‪ 6‬ـ قوله تعالى‪ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫‪.]7‬‬
‫قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ مستشهداً بها على كفر تارك الصالة‪(( :‬وقد شرط الله في‬
‫القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصالة وإيتاء الزكاة‪...‬؛ فال يخُلى من لم يقم الصالة))(‪.)2‬‬
‫‪ 9‬ـ ما أخرجه مسلم في صحيحة من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫((سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪ :‬إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصالة))(‪.)3‬‬
‫قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وهو واضح في أن تارك الصالة‬
‫كافر؛ ألن عطف الشرك على الكفر فيه تأكيد قوي لكونه كافراً))(‪ .)4‬وذكر‪(( :‬أنه من أقوى‬
‫أدلة أهل هذا القول))(‪.)5‬‬
‫وقال اإلمام النووي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬ومعنى بينه وبين الشرك ترك الصالة‪ :‬أن الذي يمنع من‬
‫كفره كونه لم يترك الصالة فإذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل بل دخل فيه))(‪.)6‬‬
‫وقد استدل اإلمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ بهذا الحديث على كفر تارك الصالة‪ ،‬وذكر كالم‬
‫النووي المتقدم وأضاف قائالً‪(( :‬والحق أنه كافر يقتل‪ ،‬أما كفره فألن األحاديث قد صحت‪ :‬أن‬
‫الشارع سمى تارك الصالة بذلك االسم وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطالق هذا االسم‬
‫عليه هو الصالة فتركها مقتض لجواز اإلطالق))(‪ .)7‬أ‪.‬هـ محل الغرض‪.‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه (ص‪ 28 :‬ـ ‪.)63‬‬


‫(‪ )2‬نيل األوطار (‪ 653/1‬ـ ‪.)651‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم في كتاب اإليمان (‪ )88/1‬ح (‪.)169‬‬
‫(‪ )4‬أضواء البيان (‪.)611/9‬‬
‫(‪ )5‬المرجع نفسه (‪.)612/9‬‬
‫(‪ )6‬شرح النووي على صحيح مسلم (جـ‪.)51/2‬‬
‫(‪ )7‬نيل األوطار (‪ .)653/1‬وانظر‪ :‬المصدر نفسه (‪.)651/1‬‬
‫‪856‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫‪ 7‬ـ ما جاء عن بريدة بن الحصيب‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪(( :‬العهد الذي بيننا وبينهم‬
‫الصالة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر))(‪.)1‬‬
‫فهذا الحديث صريح في كفر تارك الصالة‪ ،‬حيث جعلها النبي ‪ ‬الحد الفاصل بين‬
‫أهل اإلسالم وبين أهل الكفر‪ ،‬ثم أكد ذلك بقوله‪(( :‬فمن تركها فقد كفر))‪ .‬وهذا مما ينفي‬
‫أن المراد بالكفر هنا الكفر األصغر(‪.)2‬‬
‫‪ 3‬ـ ومن األدلة أيضاً قوله ‪ ‬لمعاذ بن جبل ‪« :‬أال أخبرك برأس األمر وعموده‬
‫وذروة سنامه؟» فقلت‪ :‬بلى يا رسول الله‪ .‬قال‪« :‬رأس األمر اإلسالم وعموده الصالة وذروة‬
‫سنامه الجهاد»(‪.)3‬‬
‫وجه الداللة منه أنه ‪ ‬أخبر أن الصالة من اإلسالم بمنـزلة العمود الذي تقوم عليه‬
‫الخيمة‪ ،‬فكما تسقط الخيمة بسقوط عمودها‪ ،‬فهكذا يذهب اإلسالم بذهاب الصالة؛‬
‫وهذا الحديث مما احتج به أحمد على كفر تارك الصالة(‪.)4‬‬
‫هذه بعض األدلة على كفر تارك الصالة‪ ،‬وهي صريحة في الداللة على ذلك‪،‬‬
‫وليس لها في النصوص ما ي عارضها‪ ،‬أو يصرفها عن ظواهرها‪ ،‬وما أوهم المعارضة منها‬
‫هي أدلة عامة مطلقة؛ كاألحاديث الدالة على أن من قال ال إله إال الله خالصاً من‬

‫(‪ )1‬أخرجه النسائي في كتاب الصالة‪ ،‬باب‪ :‬الحكم في تارك الصالة (‪ )261/1‬ح (‪ ،)936‬والترمذي في كتاب‬
‫اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في ترك الصالة (‪ )16/7‬ح (‪ ،)2321‬وأحمد في المسند (‪ ،)693/7‬وابن أبي شيبة‬
‫في المصنف (‪ ،)135/3‬والبيهقي في السنن (‪ ،)633/6‬والحاكم في المستدرك (‪ )98/1‬وقال‪ :‬هذا حديث‬
‫صحيح اإلسناد ال تعرف له علة بوجه من الوجوه‪ .‬ووافقه الذهبي‪ .‬وصححه األلباني في مواضع من كتبه؛ منها‬
‫صحيح الجامع (‪ ،)9196‬وصحيح ابن ماجة (‪.)1358‬‬
‫للرحيلي (ص‪.)299 :‬‬ ‫(‪ )2‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )3‬أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في حرمة الصالة (‪ )11/7‬ح (‪ ،)2313‬وأحمد في المسند‬
‫(‪ ،)261/7‬والصنعاني في التفسير (‪ ،)138/6‬والبيهقي في السنن (‪ ،)928/3‬والمنذري في الترغيب‬
‫والترهيب (‪ ،)668/6‬والحاكم في المستدرك (‪ )995/2‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫ووافقه الذهبي‪ .‬صححه األلباني في مواضع من كتبه‪ ،‬منها‪ :‬صحيح الجامع (‪ ،)7163‬وصحيح الترغيب‬
‫والترهيب (‪.)2833‬‬
‫(‪ )4‬الصالة وحكم تاركها (ص‪ .)69 :‬وانظر‪ :‬جامع العلوم والحكم (ص‪.)86 :‬‬
‫‪859‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫قلبه أو موقناً بها‪ ،‬أو عالماً بها دخل الجنة(‪ ، )1‬أو األدلة التي فيها أن الله يدخل الجنة‬
‫بغير عمل ظاهر(‪ .)2‬والمطلق ال يعارض المقي د بل ي حمل ‪ -‬أي‪ :‬المطلق ‪ -‬عليه‪.‬‬
‫أو أدلة محمولة على أزمنة تندرس فيها آثار النبوة فيعذر الجاهل فيها‪ ،‬كحديث حذيفة‬
‫ِّ‬
‫المتقدم(‪.)3‬‬
‫أو أنها غير ظاهرة في الداللة؛ كحديث‪« :‬خمس صلوات كتبهن الله على العباد في‬
‫اليوم والليلة‪ ،‬فمن حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم يحافظ‬
‫عليهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة»(‪.)4‬‬
‫فهذا ال يدل على الترك المطلق‪ ،‬وإنما يدل على ترك المحافظة‪(( ،‬والمحافظة فعلها في‬
‫[البقرة‪ .]268 :‬وعدم المحافظة‬ ‫أوقاتها كما أ ِّمر كما قال تعالى‪ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫يكون مع فعلها بعد الوقت‪ ،‬كما أخر النبي ‪ ‬صالة العصر يوم الخندق‪ ،‬فأنزل الله آية‬
‫األمر بالمحافظة عليها وعلى غيرها من الصلوات))(‪.)5‬‬
‫والقول بتكفير تارك الصالة منقول عن جمع من األئمة‪ :‬منهم أيوب السختياني(‪،)6‬‬
‫وإسحاق بن راهوية(‪ ،)7‬وابن المبارك(‪ ، )8‬وأحمد ابن حنبل(‪ ، )1‬والحكم بن عيينة(‪،)2‬‬

‫(‪ )1‬تقدمت هذه األحاديث‪.‬‬


‫(‪ )2‬هي األحاديث التي فيها التنصيص على أن الله يدخل الجنة من لم يعمل خيراً قط‪ ،‬وقد تقدمت‪ .‬وقد استدل بعض‬
‫أهل العلم بهذه األحاديث على عدم كفر تارك الصالة‪ .‬انظر‪ :‬حكم تارك الصالة لأللباني ـ رحمه الله ـ‪ ،‬وفتح الباري‬
‫(‪.)975/11‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪.)833 :‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود في كتاب الصالة‪ ،‬باب‪ :‬في المحافظة على وقت الصلوات (‪ )117/1‬ح (‪ ،)927‬وابن ماجة‬
‫في كتاب الصالة‪ ،‬باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها (‪ ،)998/1‬وأحمد في المسند‬
‫(‪ ،)615/7‬والمروذي في تعظيم قدر الصالة (‪ 877/2‬ـ ‪ ،)873‬والبيهقي في السنن (‪ ،)217/2‬والطبراني‬
‫في األوسط (‪ )73/7‬برقم (‪ .)9378‬وصححه األلباني كما في صحيح الجامع (‪ ،)6296‬وصحيح ابن ماجة‬
‫(‪ )223/1‬برقم (‪.)338‬‬
‫(‪ )5‬مجموع الفتاوى (‪.)319/5‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)827/2‬‬
‫(‪ )7‬تعظيم قدر الصالة (‪.)828/2‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)827/2‬‬
‫‪857‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وأبو داود الطيالسي(‪ ،)3‬وأبو بكر بن أبي شيبة(‪ ،)4‬وأبو خيثمة زهير بن حرب(‪.)5‬‬
‫وكذا أجمع الصحابة على ذلك‪ .‬فعن عبد الله بن شقيق قال‪(( :‬كان أصحاب رسول‬
‫الله ‪ ‬ال يرون شيئاً من األعمال تركه كفراً غير الصالة))(‪.)6‬‬
‫وممن نقل إجماعهم أيضاً إسحاق بن راهوية(‪ ،)7‬ومحمد بن نصر المروزي(‪ ،)8‬وابن‬
‫حزم الظاهري(‪ ،)9‬وشيخ اإلسالم ابن تيمية(‪ ،)10‬وابن القيم(‪ )11‬وغيرهم‪.‬‬
‫ثم إن القائلين بتكفير تارك الصالة اختلفوا في القدر الذي بتركه يكون كافراً‪ ،‬هل هو‬
‫مطلق الترك أو الترك المطلق‪.‬‬
‫فذهب جمع من األئمة أن من ترك فرضاً واحداً متعمداً كفر‪ ،‬وهو مروي عن جمع من‬
‫الصحابة منهم‪ :‬عمر‪ ،‬وعبد الرحمن بن عوف‪ ،‬ومعاذ بن جبل‪ ،‬وأبو هريرة(‪ .)12‬وقال به عبد‬
‫الله بن شقيق(‪ ،)13‬وإسحاق بن راهوية(‪ )14‬وعبد الله بن المبارك(‪ ،)15‬وأحمد في رواية(‪.)1‬‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)825/2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الصالة وحكم تاركها (ص‪ 63 :‬ـ ‪.)65‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ :‬المصدر نفسه (ص‪.)65 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)828/2‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الصالة وحكم تاركها (‪.)65‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في ترك الصالة (‪ )19/7‬ح (‪ ،)2322‬والمروذي في تعظيم‬
‫قدر الصالة (‪ 839/2‬ـ ‪ ،)837‬وأورده المنذري في الترغيب والترهيب (‪ ،)219/1‬والذهبي في الكبائر (ص‪:‬‬
‫‪ .)23‬وصححه األلباني في مواضع من كتبه‪ ،‬منها‪ :‬مشكاة المصابيح (‪ ،)758‬وصحيح الترغيب والترهيب‬
‫(‪.)737‬‬
‫(‪ )7‬تعظيم قدر الصالة (‪.)828/2‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)827/2‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬المحلى (‪.)292/2‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)85/5‬‬
‫(‪ )11‬انظر‪ :‬الصالة وحكم تاركها (ص‪.)88 :‬‬
‫(‪ )12‬انظر‪ :‬المحلى البن حزم (‪.)292/2‬‬
‫(‪ )13‬تعظيم قدر الصالة (‪ )823/2‬رقم (‪.)883‬‬
‫(‪ )14‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)828/2‬‬
‫(‪ )15‬انظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة (‪.)823 ،827/2‬‬
‫‪853‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وذهب إسحاق من أصحاب اإلمام أحمد‪ :‬إن كانت الصالة المتروكة تجمع إلى ما‬
‫بعدها‪ ،‬كالظهر والعصر‪ ،‬والمغرب والعشاء‪ ،‬لم يقتل حتى يخرج وقت الثانية‪ ،‬ألن وقتها‬
‫وقت األولى في حال الجمع(‪.)2‬‬
‫وقيل‪ :‬يكفر بترك صالتين‪ .‬وقيل‪ :‬يكفر بترك ثالث صلوات فصاعداً حتى تخرج عن‬
‫أوقاتها كلها‪ ،‬وهي ثالثة روايات عن اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(‪.)3‬‬
‫وذهب آخرون إلى أنه ال يكفر إال بتركها مطلقاً‪ .‬وبه قال محمد بن كعب القرظي‪،‬‬
‫وابن زيد‪ ،‬والسدي‪ ،‬وهو اختيار ابن جرير في تفسيره(‪.)4‬‬
‫والذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أن الترك الذي يكفر به هو الترك مطلقاً لحديث‪:‬‬
‫((خمس صلوات افترضهن الله تعالى‪ ،‬من أحسن وضوءهن‪ ،‬وصالهن لوقتهن‪ ،‬وأتم ركوعهن‬
‫وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له‪ ،‬ومن لم يفعل فليس له على الله عهد‪ ،‬إن‬
‫شاء غفر له وإن شاء عذبه))(‪.)5‬‬
‫وفي رواية‪(( :‬من حافظ عليهن كان عهد عند الله أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم يحافظ‬
‫عليهن لم يكن له عهد عند الله‪ ،‬إن شاء عذبه‪ ،‬وإن شاء غفر له))(‪.)6‬‬
‫ففيه التنصيص على ترك المحافظة‪ ،‬وذلك يكون بترك البعض‪.‬‬
‫ووجه االستدالل به أن قوله ‪« :‬إن شاء غفر له وإن شاء عذبه» ال يقال في حق‬
‫الكافر‪ ،‬ألن الكافر من أهل الخلود في النار قطعاً‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪(( :‬من كان مصراً على تركها ال يصلي قط‪،‬‬
‫ويموت على هذا اإلصرار والترك فهذا ال يكون مسلماً‪ ،‬لكن أكثر الناس يصلون تارة‪،‬‬
‫ويتركونها تارة‪ ،‬فهؤالء ليسوا يحافظون عليها‪ ،‬وهؤالء تحت الوعيد‪ ،‬وهم الذين جاء فيهم‬
‫الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي ‪ ‬أنه قال‪(( :‬خمس صلوات كتبهن الله‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬انظر‪ :‬كتاب اإلرشاد إلى سبيل الرشاد (ص‪.)935 :‬‬
‫(‪ )2‬الصالة وحكم تاركها (ص‪.)15 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب اإلرشاد إلى سبيل الرشاد البن أبي موسى (ص‪.)935 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تفسير ابن جرير الطبري (‪ 738/17‬ـ ‪ ،)753‬وأضواء البيان (‪.)638/9‬‬
‫(‪ )5‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫(‪)6‬تخريجه في الذي قبله‪.‬‬
‫‪855‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫على العباد في اليوم والليلة‪ ،‬من حافظ عليهن كان عهد عند الله أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم‬
‫يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله‪ ،‬إن شاء عذبه‪ ،‬وإن شاء غفر له))(‪.)1‬‬
‫وقال أيضاً‪(( :‬فإن كثيراً من الناس‪ ،‬بل أكثرهم في كثير من األمصار ال يكونون‬
‫محافظين على الصلوات الخمس‪ ،‬وال هم تاركوها بالجملة بل يصلون أحياناً ويدعون‬
‫أحياناً‪ ،‬فهؤالء فيهم إيمان ونفاق‪ ،‬وتجري عليهم أحكام اإلسالم الظاهرة في المواريث‬
‫ونحوها من األحكام‪ ،‬فإن هذه األحكام إذا جرت على المنافق المحض كابن أبي وأمثاله‬
‫من المنافقين‪ ،‬فألن تجري على هؤالء أولى وأحرى))(‪.)2‬‬
‫ويقول الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ بعد ذكر أقوال العلماء في القدر الذي يكفر به‬
‫من ترك‪(( :‬والذي يظهر من األدلة أنه ال يكفر إال بترك الصالة دائماً‪ ،‬فإن كان يصلي فرضاً أو‬
‫فرضين فإنه ال يكفر‪ ،‬وذلك لقول النبي ‪(( :‬بين الرجل والكفر والشرك ترك الصالة))(‪.)3‬‬
‫أما بقية األركان األربعة فقد جاءت النصوص مبينة أنه ال يكفر بتركها‪ ،‬ومن ذلك قوله‬
‫‪ ‬في شأن الزكاة‪(( :‬ما من صاحب كْنز ال يؤدي زكاته إال أحمى عليه في نار جهنم‪،‬‬
‫فيجعل صفائح‪ ،‬فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره‬
‫خمسين ألف سنة‪ ،‬ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار‪ ،‬وما من صاحب إبل ال‬
‫يؤدي زكاتها إال بطح لها بقاع قرر كأوفر ما كانت تستن عليه كلما مضى عليه آخرها ردت‬
‫عليه أوالها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة‪ ،‬ثم يرى‬
‫سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار‪ ،‬ومن صاحب غنم ال يؤدي زكاتها إال بطح لها بقاع‬
‫قرر‪ ،‬كأوفر ما كانت فتطؤه بأظالفها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء وال جلحاء كلما‬
‫مضى عليه أ ْخراها ردت عليه أ ْوالها‪ ،‬حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره‬
‫خمسين ألف سنة‪ ،‬مما تعدون‪ ،‬ثم يرى سبيله‪ ،‬إما إلى الجنة وإما إلى النار))(‪.)4‬‬
‫فدل الحديث على عدم كفر تارك الزكاة‪ ،‬ألن قوله‪« :‬ثم يرى سبيله إلى الجنة وإما إلى‬
‫نار» ال يقال في حق الكافر‪ ،‬ألن الكافر سبيله واحد‪ ،‬وهو إلى النار‪ ،‬وليس له سبيل إلى الجنة‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)98/22‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)315/5‬‬
‫(‪ )3‬الشرح الممتنع (‪.)23/2‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم في كتاب الزكاة (‪.)382/2‬‬
‫‪858‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫كما قال تعالى‪ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ‪[ ،‬سورة المائدة‪.]52 :‬‬


‫وقال تعالى‪ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ ‪[ ،‬سورة النساء‪:‬‬
‫‪.]98‬‬
‫قال اإلمام المروزي بعد ذكره لهذا الحديث‪(( :‬فدل ما ذكرنا أن مانع الزكاة ليس بكافر‪،‬‬
‫وال مشرك إذ أطمعه في دخول الجنة لقوله تعالى‪ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ‬
‫ﮭ ﮮﮯ ‪[ ،‬سورة النساء‪ .]98 :‬ودل ذلك أيضاً أنه مؤمن إذ أطمعه في دخول الجنة لقول‬
‫النبي ‪(( :‬ال يدخل الجنة إال مؤمن))(‪ .)))1‬انتهى‪.‬‬
‫ولكن قد يرد هنا قتال الصحابة لمانعي الزكاة‪ ،‬فإن من أهل العلم من يرى أنهم كفروا‬
‫بمجرد منعهم الزكاة‪.‬‬
‫والصحيح أن الذين منعوا الزكاة فقاتلهم أبو بكر الصديق ‪ ‬على ضربين‪ :‬منهم من ح ِّكم‬
‫بكفره‪ ،‬وهم من آمن بمسيلمة وطليحة والعنسى‪ ،‬ورجع إلى عبادة األوثان وجحد وجوب الزكاة‪.‬‬
‫ومنهم من لم يحكم بكفره‪ ،‬وهم من لم يؤمنوا بهم‪ ،‬لكن منعوا الزكاة وتأولوا أنها كانت واجبة‬
‫عليهم ألن النبي ‪ ‬كان يصلي عليهم وكانت صالته سكناً لهم‪ .‬قالوا‪ :‬وليس صالة ابن أبي‬
‫قحافة سكناً لنا؛ فلم يحكم بكفرهم‪ ،‬ألنه لم يكن قد انتشرت أحكام اإلسالم بعد‪ .‬وهذا‬
‫الصنف األخير هم الذين أشكلوا على عمر ‪ ‬فقال ـ مناظراً أبا بكر ‪ ‬ـ‪(( :‬كيف تقاتل‬
‫الناس وقد قال رسول الله ‪« :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ال إله إال الله‪ ،‬ومن قال ال إله‬
‫إال الله عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على الله؟»))(‪.)2‬‬
‫فالضرب األول قتالهم قتال مرتدين‪ ،‬والضرب الثاني قتالهم قتال ممتنعين‪ .‬ومما يدخل‬
‫تحت هذا الصنف أيضاً من يمنعها شحاً وبخالً‪ ،‬فإنها تؤخذ منه قسراً‪ ،‬وال يكون كافراً(‪.)3‬‬
‫ولكن يبقى النظر فيما إذا أنكرت طائفة من المسلمين في زماننا فرض الزكاة وامتنعوا‬
‫متأولين كتأول السابقين‪ ،‬فهل يكون حكمهم حكم أهل البغي؟‬ ‫من أدائها ِّ‬

‫(‪ )1‬تعظيم قدر الصالة وحكم تاركها (‪ .)1317/2‬والحديث أخرجه مسلم في صحيحه من حديث كعب بن مالك‬
‫(‪.)833/2‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري في أول كتاب الزكاة ح رقم (‪.)1932‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬بدائع الفوائد البن القيم (‪ ،)318/6‬وتحفة األحوذي (‪ ،)282/5‬والتمهيد البن عبد البر (‪ 261/9‬ـ‬
‫‪ ،262‬و‪.)282/21‬‬
‫‪858‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فهذا إشكال قد أورده اإلمام النووي ـ رحمه الله ـ ثم أجاب عنه فقال‪(( :‬قلنا ال‪ .‬فإن من أنكر‬
‫فرض الزكاة في هذه األزمان كان كافراً بإجماع المسلمين‪ .‬والفرق بين هؤالء وأولئك أنهم إنما‬
‫عذروا ألسباب وأمور ال يحدث مثلها في هذا الزمان؛ منها قرب العهد بزمان الشريعة الذي كان‬
‫يقع فيه تبديل األحكام بالنسخ‪ .‬ومنها أن القوم كانوا جهاالً بأمور الدين وكان عهدهم باإلسالم‬
‫قريباً‪ ،‬فدخلتهم الشبهة فعذروا‪ .‬فأما اليوم وقد شاع دين اإلسالم واستفاض في المسلمين علم‬
‫وجوب الزكاة حتى عرفها الخاص والعام واشترك فيه العالم والجاهل فال يعذر أحد بتأويل يتأوله‬
‫في إنكارها‪ ،‬وكذلك األمر في كل من أنكر شيئاً مما أجمعت األمة عليه من أمور الدين‪ ،‬إذا كان‬
‫علمه منتشراً كالصلوات الخمس‪ ،‬وصوم شهر رمضان‪ ،‬واالغتسال من الجنابة‪ ،‬وتحريم الزنى‬
‫والخمر‪ ،‬ونكاح ذوات المحارم‪ ،‬ونحوها من األحكام إال أن يكون رجالً حديث عهد باإلسالم‪،‬‬
‫وال يعرف حدوده‪ ،‬فإنه إذا أنكر شيئاً منها جهالً به لم يكفر‪ ،‬وكان سبيله سبيل أولئك القوم في‬
‫بقاء اسم الدين عليه))(‪.)1‬‬
‫وأما ترك الصوم تهاوناً فال يكفر به المسلم التفاق العلماء على عدم تكفير م ْن أفطر‬
‫رمضان أو شيئاً منه متعمداً‪.‬‬
‫يقول اإلمام محمد بن نصر المروزي‪(( :‬وقد اتفق أهل الفتوى‪ ،‬وعلماء أهل األمصار على أن‬
‫من أفطر في رمضان متعمداً أنه ال يكفر بذلك‪ .‬واختلفوا فيما يجب عليه عند ذلك‪ ،...‬فإن‬
‫أفطر رمضان كله متعمداً فمنهم من أوجب عليه لكل يوم كفارة مع القضاء‪ ،‬ومنهم من قال‪:‬‬
‫تجزئه كفارة واحدة ما لم يكفر‪ ،‬ثم يعود‪ ،‬ولم يقل أحد من العلماء أنه قد كفر))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬
‫وكذا الحج فإنه ال يكفر المسلم بتركه ما دام أنه معتقد لوجوبه عند عامة أهل العلم والفتوى‪.‬‬
‫قال ابن أبي موسى(‪(( :)3‬ومن ترك فعل الحج مع اإلقرار به واعتقاد وجوبه‪ ،‬وقدرته على‬
‫فعله‪ ،‬لم يكفر قوالً واحداً))(‪.)4‬‬
‫ومن األوجه الظاهرة لعدم كفر تارك الصيام والحج أنه ثبت بالدليل عدم كفر تارك الزكاة‪،‬‬

‫(‪ )1‬شرح صحيح مسلم (جـ‪ 237/1‬ـ ‪.)233‬‬


‫للرحيلي (ص‪.)292 :‬‬‫(‪ )2‬تعظيم قدر الصالة (‪ .)1313/2‬وانظر‪ :‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬العالم الفقيه الشريف محمد بن أحمد بن محمد بن أبي موسى الهاشمي المتوفى سنة (‪ )131‬هـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫ترجمته في طبقات الحنابلة (‪.)513/3‬‬
‫(‪ )4‬كتاب اإلرشاد إلى سبيل الرشاد البن أبي موسى (ص‪ 935 :‬ـ ‪.)938‬‬
‫‪883‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫والزكاة قرينة الصالة‪ ،‬وهي مقدمة على الصيام والحج في النصوص‪ ،‬وكذلك العلماء لما اختلفوا‬
‫في التكفير بترك شيء من هذه المباني لم يقل أحد منهم بكفر تارك الصوم أو الحج دون تارك‬
‫الزكاة‪ ،‬بل لم يقل أحد منهم بكفر تارك الصوم أو الحج إال قال بكفر تارك الزكاة‪ ،‬فإن لم يثبت‬
‫كفر تارك الزكاة‪ ،‬فأولى أال يثبت كفر تارك الصيام والحج‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫وأيضاً فقد ثبت عن عبد الله بن شقيق ـ رحمه الله ـ أنه قال‪(( :‬كان أصحاب محمد‬
‫‪ ‬ال يرون شيئاً من األعمال تركه كفراً غير الصالة))(‪ ،)1‬فهو صريح في أنهم ما كانوا يرون‬
‫كفر تاركي المباني الثالثة بعد الصالة وهي‪ :‬الزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والحج‪ ،‬وبه احتج بعض‬
‫المحققين لهذه المسألة(‪.)2‬‬
‫وبهذا التحقيق يتبين أن الصالة هي التي تشترط ـ فقط ـ لحصول شرط االنقياد العملي‬
‫بحقوق ال إله إال الله‪ ،‬وأن تركها كلياً مما ينافي أصل االنقياد‪ .‬وأما بقية المباني الثالثة‬
‫((الزكاة‪ ،‬والصوم‪ ،‬والحج)) فهي كبقية الواجبات الظاهرة‪ :‬يكون تركها منافياً لكمال االنقياد‬
‫الواجب مع بقاء األصل‪ ،‬وكذا ترك الصالة وفعلها أحياناً‪.‬‬
‫وبهذا يتبين أهمية الصالة‪ ،‬وعظيم شأنها ومكانتها في اإلسالم‪ ،‬وأن تركها ـ ولو مع‬
‫اإلقرار بوجوبها ـ من غير عذر ناقض لشهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن شرط االنقياد العملي بحقوق ال إله إال الله عام‪ ،‬فال ينتفي إال بترك جميع‬
‫األعمال! قلنا أن ترك الصالة هو في الواقع ترك لجميع األعمال وذلك باعتبار المآل‪،‬‬
‫وذلك لحديث‪« :‬أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصالة فإن صلحت صلح سائر‬
‫عمله وإن فسدت فسد سائر عمله»(‪.)3‬‬
‫يقول اإلمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في شأن الصالة ‪(( :‬فيبقى النظر في الصالة هل هي‬
‫شرط لصحة اإليمان؟‬
‫هذا سر المسألة‪ .‬واألدلة التي ذكرناها وغيرها تدل على أنه ال يقبل من العبد شيء من‬

‫(‪ )1‬أخرجه الترمذي في كتاب اإليمان‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في ترك الصالة (‪ )19/7‬ح (‪ ،)2322‬وحكم عليه األلباني‬
‫بالصحة في حكم تارك الصالة (ص‪.)17 :‬‬
‫للرحيلي (ص‪.)296 :‬‬
‫(‪ )2‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )3‬أخرجه الضياء في المختارة (‪ )511/7‬ح (‪ ،)3171‬والطبراني في األوسط (‪ )317/3‬ح (‪)5111‬‬
‫وصححه األلباني بمجموع طرقه كما في الصحيحة (‪.)5211‬‬
‫‪881‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫أعماله إال بفعل الصالة؛ فهي مفتاح ديوانه‪ ،‬ورأس مال ربحه‪ ،‬ومحال بقاء الربح بال رأس‬
‫مال؛ فإذا خسرها خسر أعماله كلها))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬
‫وال ينبغي التشغيب على من يشترط االنقياد لصحة اإليمان بأن األئمة األربعة مختلفون‬
‫في حكم تارك الصالة وأنهم كالمجمعين على أنه ال يكفر‪ ،‬وذلك ألن إجماعهم ـ على‬
‫فرض وقوعه(‪ )2‬ـ ليس بحجة كما أن العبرة بما رووا ال بما رأوا‪ ،‬ومن استبانت له سنة رسول‬
‫الله ‪ ‬ال يجوز له أن يتركها لقول كائن من كان‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬فعل المحذور‪.‬‬
‫فعل المحذور كترك المشروع مما ينافي االنقياد بحقوق ال إله إال الله‪ .‬وهو قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬ما يكون ِّ‬
‫مكفراً باالتفاق وهو سائر األعمال المناقضة لإليمان بالله ورسوله‪،‬‬
‫وقد تكون متعلقة باالعتقاد أو اللسان أو عمل الجوارح‪ .‬والمقصود هنا المتعلقة بالجوارح‪.‬‬
‫ِّ‬
‫المكفرة هو‪ :‬مناقضتها لإليمان بالله ورسوله‪ ،‬وانقياد‬ ‫والضابط المميز لهذه األعمال‬
‫القلب وتسليمه لدين الله(‪.)3‬‬
‫المتضمن لالستخفاف واالستهانة‬ ‫ِّ‬ ‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬فالكالم والفعل‬
‫مستلزم لعدم التصديق النافع‪ ،‬ولعدم االنقياد واالستسالم‪ ،‬فلذلك كان كفراً))(‪.)4‬‬
‫ويقول ابن القيم‪(( :‬وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد اإليمان وإلى ما ال يضاده؛‬
‫فالسجود للصنم‪ ،‬واالستهانة بالمصحف‪ ،‬وقتل النبي‪ ،‬وسبه يضاد اإليمان))(‪.)5‬‬
‫ويقول الشيخ السعدي‪(( :‬والحاصل أن من كذب الله أو كذب رسوله في شيء مما أخبر‬
‫به فهو كافر‪ ،‬أو لم يلتزم ما أمر الله به ورسوله؛ ألن هذا كله مناقض لإليمان بالقرآن والسنة‬
‫وكل ما ذكره الفقهاء من تفاصيل المكفرات الصحيحة فإنه يعود إلى هذا السبب))(‪.)6‬‬
‫وصور أعمال الجوارح المكفرة كثيرة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬السجود للصنم‪ ،‬أو للشمس‪ ،‬أو‬

‫(‪ )1‬الصالة وحكم تاركها (ص‪.)93 :‬‬


‫(‪ )2‬الصحيح أنه لم يقع ألنه جاءت رواية عن اإلمام أحمد في القول بكفره أي‪ :‬تارك الصالة‪.‬‬
‫للرحيلي (ص‪.)266 :‬‬
‫(‪ )3‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )4‬الصارم المسلول (‪.)853/6‬‬
‫(‪ )5‬كتاب الصالة وحكم تاركها (ص‪.)93 :‬‬
‫(‪ )6‬اإلرشاد إلى معرفة األحكام‪ ،‬ص‪.)179( :‬‬
‫‪882‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫للقمر‪ ،‬أو امتهان المصحف بإلقائه في القاذورات‪ ،‬أو تحريفه بإسقاط شيء منه‪ ،‬أو‬
‫بالزيادة فيه‪ ،‬أو قتل نبي‪ ،‬أو السحر‪ ،‬أو الهزل واالستهزاء بالدين(‪.)1‬‬
‫يقول النووي‪(( :‬واألفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين‬
‫صريح‪ ،‬كالسجود للصنم‪ ،‬أو للشمس‪ ،‬وإلقاء المصحف في القاذورات‪ ،‬والسحر الذي فيه‬
‫عبادة الشمس ونحوها))(‪.)2‬‬
‫ويقول ابن القيم‪(( :‬وكذلك شعب الكفر القولية والفعلية‪ ،‬فكما يكفر باإلتيان بكلمة‬
‫الكفر اختياراً‪ ،‬وهي شعبة من شعب الكفر‪ ،‬فكذلك يكفر بفعل شعبة من شعبه‪ ،‬كالسجود‬
‫للصنم‪ ،‬واالستهانة بالمصحف))(‪.)3‬‬
‫وقد علل الشيخ حافظ حكمي سبب الكفر بهذه األعمال فقال‪(( :‬اعلم أن هذه األربعة‬
‫وما شاكلها ليست هي من الكفر العملي إال من جهة كونها واقعة بعمل الجوارح فيما يظهر‬
‫للناس‪ ،‬ولكنها ال تقع إال مع ذهاب عمل القلب من نيته وإخالصه ومحبته وانقياده ال يبقى‬
‫معها شيء من ذلك‪ ،‬فهي وإن كانت عملية في الظاهر فإنها مستلزمة للكفر االعتقادي وال‬
‫بد‪ ،‬ولم تكن هذه لتقع إال من منافق مارق‪ ،‬أو معاند مارد))(‪.)4‬‬
‫مكفراً باتفاق أهل السنة‪ .‬وهي الذنوب‬ ‫القسم الثاني‪(( :‬من فعل المحظور))‪ ،‬ما ال يكون ِّ‬
‫والمعاصي التي ال تضاد أصل اإليمان بالله ورسوله‪ ،‬مثل‪ :‬الزنا‪ ،‬وشرب الخمر‪ ،‬والسرقة‪،‬‬
‫وعقوق الوالدين‪ ،‬وأكل الربا وغيرها من المعاصي التي ال تخرج صاحبها من الدين‪.‬‬
‫وضابط هذه الذنوب‪(( :‬أنها ال تتنافى مع أصل اإليمان‪ ،‬وال تضاده بل توجد معه))(‪.)5‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬إنه قد تقرر من مذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه‬
‫الكتاب والسنة؛ أنهم ال يكفرون أحداً من أهل القبلة بذنب‪ ،‬وال يخرجونه من اإلسالم بعمل‬
‫إذا كان فعالً منهياً عنه‪ ،‬مثل‪ :‬الزنا‪ ،‬والسرقة‪ ،‬وشرب الخمر‪ ،‬ما لم يتضمن ترك اإليمان))(‪.)6‬‬

‫للرحيلي (ص‪.)267 :‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬أعالم السنة المشهورة (ص‪ ،)181 :‬والتكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )2‬روضة الطالبين (‪.)39/13‬‬
‫(‪ )3‬كتاب الصالة وحكم تاركها (ص‪.)68 :‬‬
‫(‪ )4‬أعالم السنة المنشورة (ص‪ 181 :‬ـ ‪.)182‬‬
‫للرحيلي (ص‪.)263 :‬‬
‫(‪ )5‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )6‬مجموع الفتاوى (‪.)83/23‬‬
‫‪886‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وأهل السنة متفقون على أن هذه الذنوب ال تخرج من الملة إن كان مرتكبها مقراً بتحريمها‪،‬‬
‫ولم يخالف في هذا إال أهل البدع من الخوارج والمعتزلة الذين يرون منافاتها لإليمان(‪.)1‬‬
‫يقول اإلمام أبو عبيد‪(( :‬وإن الذي عندنا في هذا الباب كله‪ :‬أن المعاصي والذنوب ال‬
‫تزيل إيماناً وال توجب كفراً‪ ،‬ولكنها إنما تنفي من اإليمان حقيقته وإخالصه(‪ )2‬الذي نعت‬
‫الله به أهله))(‪.)3‬‬
‫ويقول ابن بطة‪(( :‬وقد أجمعت العلماء ال خالف بينهم أنه ال يكفر أحد من أهل القبلة‬
‫بذنب‪ ،‬وال نخرجه من اإلسالم بمعصية‪ ،‬نرجو للمحسن ونخاف على المسيء))(‪.)4‬‬
‫ويقول الصابوني(‪(( :)5‬ويعتقد أهل السنة أن المؤمنو إن أذنب ذنوباً كثيرة صغائر كانت‬
‫أو كبائر‪ ،‬فإنه ال يكفر بها وإن خرج عن الدنيا غير تائب منها‪ ،‬ومات على التوحيد‬
‫واإلخالص‪ ،‬فإن أمره إلى الله ‪ ‬إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة يوم القيامة سالماً غانماً‬
‫غير مبتلى بالنار وال معاقب على ما ارتكبه واكتسبه‪ ،‬ثم استصحبه إلى يوم القيامة من اآلثام‬
‫واألوزار‪ ،‬وإن شاء عفا عنه وعذبه مدة بعذاب النار‪ ،‬وإذا عذبه لم يخلده فيها بل أعتقه‬
‫وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار))(‪.)6‬‬
‫ويقول ابن أبي العز‪(( :‬إن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة ال يكفر كفراً‬
‫ينقل عن الملة بالكلية‪ ،‬كما قالت الخوارج))(‪.)7‬‬

‫للرحيلي (ص‪.)263 :‬‬


‫(‪ )1‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )2‬أي‪ :‬إخالصه الكامل‪.‬‬
‫(‪ )3‬كتاب اإليمان (ص‪.)93 :‬‬
‫(‪ )4‬الشرح واإلبانة (ص‪.)237 :‬‬
‫(‪ )5‬هو‪ :‬اإلمام المفسر الواعظ المحدث شيخ اإلسالم أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري‬
‫الصابوني‪ ،‬ولد سنة ثالث وسبعين وثالث مئة‪ ،‬حدث عن جماعة منهم أبو الطاهر طاهر بن خزيمة‪ ،‬وأبو‬
‫الحسين الخفاف‪ ،‬وزاهر بن أحمد الفقيه‪ ،‬وطبقتهم ومن بعدهم‪ .‬وحدث عنه الكتاني‪ ،‬وعلي بن الحسين بن‬
‫صصري والبيهقي‪ ،‬وخلق كثير غيرهم‪.‬‬
‫قال الذهبي‪ :‬ولقد كان من أئمة األثر له مصنف في السنة واعتقاد السلف ما رآه منصف إال واعترف له‪ .‬انظر‪:‬‬
‫سير أعالم النبالء (‪ 93/18‬ـ ‪.)96‬‬
‫(‪ )6‬عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص‪ 52 :‬ـ ‪.)56‬‬
‫(‪ )7‬شرح العقيدة الطحاوية (ص‪ 633 :‬ـ ‪.)631‬‬
‫‪889‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫فالحاصل أن فعل المحذور مما ينافي االنقياد لحقوق ال إله إال الله؛ إما منافاةً كليةً‬
‫كما في القسم األول‪ ،‬أو منافا ًة جزئية تذهب بالكمال ال األصل كما في القسم الثاني‪.‬‬
‫والضابط في ذلك ما يكفر به وما ال يكفر به من المعاصي والذنوب العملية؛ فالذنوب‬
‫مكفرة تنافي كمال‬‫المكفرة تنافي أصل االنقياد وتزايله بالكلية‪ ،‬والذنوب العملية الغير ِّ‬
‫العملية ِّ‬
‫االنقياد وال تزايله بالكلية بل تذهب بكماله الواجب مع بقاء األصل‪ ،‬وينتفي من الكمال‬
‫الواجب بحسب المخالفة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الردة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫الردة هي كالجامع لألمور التي بها ينتقض أصل االنقياد‪ .‬ولذا ناسب أن نتكلم عنها هنا‪.‬‬
‫الردة في األصل ناقضة لكل شرط من شروط ال إله إال الله‪ ،‬ألنها كما سيأتي تقع‬ ‫و ِّ‬
‫بالقول‪ ،‬وبالفعل‪ ،‬وباالعتقاد‪ ،‬وبالشك؛ كأنواع الكفر‪ .‬إال أن تعلُّقها بشرط االنقياد أكثر من‬
‫جهة أنها تقطعه‪ .‬ألن معنى االنقياد االستمرار على الطاعة والموافاة عليها كما تقدم‪.‬‬
‫الردة سيكون تحت المقاصد التالية‪:‬‬‫والحديث عن ِّ‬
‫المقصد األول‪ :‬تعريف الردة لغة‪.‬‬
‫الردة في اللغة مصدر رددت الشيء بمعنى أرجعته وصرفته عن وجهه‪ .‬وتطلق أيضاً على‬ ‫ِّ‬
‫[البقرة‪:‬‬ ‫التحول‪ .‬يقال‪ :‬ارتد عنه تحول‪ .‬وفي التنـزيل قوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ُّ‬
‫‪ .)1(]215‬ومنها س ِّمي المرتد‪ ،‬ألنه رد نفسه إلى الكفر(‪.)2‬‬
‫قال في المصباح(‪(( :)3‬وارتد الشخص رد نفسه إلى الكفر‪ ،‬واالسم ِّ‬
‫الردة))‪ .‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬تعريف الردة شرعاً أو اصطالحاً‪.‬‬
‫الردة شرعاً ال يختلف كثيراً عن المعنى اللغوي بل المعنيان هما متقاربان؛ ف ِّ‬
‫الردة‬ ‫معنى ِّ‬
‫عرفها العلماء بأنها رجوع المسلم عن دين اإلسالم إلى الكفر بما يوجب تكفيره من‬ ‫شرعاً ي ِّ‬
‫األقوال‪ ،‬أو األفعال‪ ،‬أو االعتقادات‪ ،‬أو الشكوك‪.‬‬
‫يقول ابن مفلح(‪ )1‬في تعريف المرتد‪(( :‬هو الراجع عن دين اإلسالم إلى الكفر؛ إما‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬لسان العرب (‪ 189/7‬ـ ‪.)187‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة (‪.)683/2‬‬
‫(‪( )3‬ص‪.)83 :‬‬
‫‪887‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫نطقاً‪ ،‬أو اعتقاداً‪ ،‬أو شكاً‪ .‬وقد يحصل بالفعل))(‪ .)2‬انتهى‪.‬‬


‫قول كفر‪ ،‬أو فعل سواءً قاله‬‫الردة هي قطع اإلسالم بنية‪ ،‬أو ِّ‬ ‫وقال النووي في تعريفها‪ِّ (( :‬‬
‫استهزاءً‪ ،‬أو عناداً‪ ،‬أو اعتقاداً))(‪.)3‬‬
‫وقال السعدي‪(( :‬المرتد هو الذي كفر بعد إسالمه بقول‪ ،‬أو فعل‪ ،‬أو اعتقاد‪ ،‬أو‬
‫شك))(‪.)4‬‬
‫الردة كفر المسلم بقول صريح‪ ،‬أو لفظ يقتضيه‪ ،‬أو‬ ‫وجاء في الموسوعة الفقهية(‪ِّ (( :)5‬‬
‫فعل يتضمنه))‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وبعض أهل العلم يضيف قيد «من مكلف»(‪ .)6‬ليخرج غير المكلف كما سيأتي‬
‫في موانع ثبوت ِّ‬
‫الردة‪.‬‬
‫للردة ال يختلف عن المعنى اللغوي بل هو عينه‪.‬‬ ‫فالحاصل أن المعنى الشرعي ِّ‬
‫المقصد الثالث‪ :‬أقسام الردة‪.‬‬
‫الردة إلى أقسام‪ ،‬وذلك بثالثة اعتبارات‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يقسم أهل العلم ِّ‬
‫الردة باعتبار األشخاص‪ ،‬وهي على ستة أوجه‪.‬‬ ‫األول‪ :‬أقسام ِّ‬
‫األول‪ :‬ارتداد الرجل الحر البالغ الخالي من موانع األهلية فحكمه االستتابة والقتل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ارتداد المرأة الحرة إذا خلت من موانع األهلية‪ :‬فإن ارتدت المرأة الحرة الخالية‬
‫من موانع األهلية‪ ،‬فإنها تستتاب باإلجماع‪ ،‬فإن لم تتب قال أبو حنيفة وأصحابه‪ :‬تحبس‬
‫وتجبر على اإلسالم وتضرب ما بين األيام؛ فإما أن تعود إلى اإلسالم أو تموت‪ .‬وال تقتل‬
‫على حال‪ ،‬وروي أيضاً عن الحسن وعطاء(‪ .)7‬وقال مالك والشافعي وأحمد‪ :‬تقتل المرأة‬
‫ــــــــــ‬
‫(=‪ )1‬هو‪ :‬إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج تقي الدين الراميني األصل المقدسي ثم الدمشقي‬
‫الصالحي‪ ،‬قاضي الحنابلة بالشام‪ ،‬الشهير بابن مفلح‪ ،‬ولد سنة (‪ )731‬هـ‪ ،‬وتوفي سنة (‪ )172‬هـ‪ .‬ألف‬
‫المبدع في فروع الفقه الحنبلي‪ ،‬وله شرح على مختصر ابن الحاجب‪ .‬انظر‪ :‬هدية العارفين (‪.)57/5‬‬
‫(‪ )2‬المبدع (‪ .)173/8‬وانظر‪ :‬البحر الرائق (‪.)128/7‬‬
‫(‪ )3‬منهاج الطالبين (ص‪.)161 :‬‬
‫(‪ )4‬اإلرشاد إلى معرفة األحكام (ص‪.)198 :‬‬
‫(‪.)183/22( )5‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬الذخيرة للقرافي (‪.)16/12‬‬
‫(‪ )7‬مختصر اختالف العلماء (‪ 951/6‬ـ ‪ ،)952‬وبدائع الصنائع (‪.)792 ،762 ،728/8‬‬
‫‪883‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫كما يقتل الرجل لعموم قوله ‪« :‬من بدل دينه فاقتلوه»(‪ ،)1‬وهو الصحيح‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬العبد البالغ إذا ارتد عن اإلسالم؛ فحكمه حكم الرجل الحر‪ ،‬فإن تاب وإال‬
‫قتل اتفاقاً‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬إذا ارتدت األمة قال أبو حنيفة‪ :‬فإنها ال تقتل ولكنها تحبس‪ ،‬وتضرب فيما‬
‫بين األيام حتى تسلم أو يكون حالها كذلك‪ ،‬فإن احتاج مواليها إلى خدمتها دفعت إليهم‬
‫يستخدمونها ويجبرونها على اإلسالم‪ ،‬ويدعوا بها اإلمام فيما بين األيام ويستتيبها ويضربها‬
‫كما ذكرنا في الحرة‪.‬‬
‫وذهب مالك والشافعي وأحمد أنها تقتل كالحرة‪ ،‬لعموم قوله ‪« :‬من بدل دينه‬
‫فاقتلوه»(‪ .)2‬وهو الصحيح(‪.)3‬‬
‫والخامس ارتداد الصبي‪ :‬قال الشافعي وأحمد في رواية ليس ارتداده وال إسالمه بشيء‬
‫حتى يكون ذلك منه بعد البلوغ‪.‬‬
‫وقال مالك وأحمد في رواية ال تعتبر ردته‪ ،‬وإسالمه يصح (‪.)4‬‬
‫وذهب أبو حنيفة إلى أن ارتداده ارتداد كما إسالمه إسالم إال أنه ال يقتل حتى يبلغ(‪.)5‬‬
‫وخالف بعض أصحابه فقال إسالمه إسالم وارتداده ليس بارتداد‪ ،‬وهو منقول عن‬
‫القاضي أبي يوسف‪ ،‬ومحمد بن الحسن‪ ،‬وزفر(‪.)6‬‬
‫والصحيح أن الصبي ال تنعقد ردته؛ لقوله ‪« :‬رفع القلم عن ثالث» وذكر منهم‪:‬‬
‫«والصبي حتى يحتلم»(‪.)7‬‬
‫وأما إسالمه فيصح ألنه موافق ألصل خلقته‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب‪ :‬ال يعذب بعذاب الله (جـ‪ )25/9‬ح (‪.)6315‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬األم للشافعي (‪ 133/3‬ـ ‪.)135‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬بداية المجتهد (‪.)188/3‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الذخيرة (‪ ،)17/12‬والمحرر في الفقه (‪ ،)135/2‬وجواهر العقود (‪.)273/2‬‬
‫(‪ )5‬بدائع الصنائع (‪.)766 ،723/8‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬مختصر اختالف العلماء (‪ ،)983/6‬وفتاوى السغدي (‪ 388/2‬ـ ‪.)383‬‬
‫(‪ )7‬أخرجه الضياء في المختارة (‪ ،)151‬وابن حبان في صحيحه (‪ ،)211/5‬والحاكم في المستدرك‬
‫(‪ )211/5‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫‪885‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫السادس‪ :‬من زال عقله‪ .‬وهو على قسمين‪:‬‬


‫األول‪ :‬من زال عقله بجنون أو إغماء‪ ،‬أو نوم‪ ،‬أو مرض‪ ،‬أو ِّ‬
‫شرب دواء يباح شربه‪ ،‬فال‬
‫تصح ردته بغير خالف(‪.)1‬‬
‫الثاني‪ :‬من زال عقله بالسكر عامداً‪.‬‬
‫هذا مختلف في انعقاد ردته‪ .‬فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية إلى أنه ردته‬
‫تصح‪.‬‬
‫وذهب مالك وأحمد في الرواية الثانية عنه أن ردته ال تنعقد وال تصح كالمجنون بجامع‬
‫فقد العقل والقصد في كل(‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬أقسام الردة باعتبار األعمال‪.‬‬
‫الردة باعتبار األعمال الصادرة من المكلفين تنحصر في ثالثة أقسام اعتقادات وأفعال‬
‫وأقوال وكل قسم منها يتشعب شعباً كثيرة‪.‬‬
‫فمن األول‪ :‬الشك في الله أو في رسالة رسوله ‪ ،‬أو في شيء من القرآن‪ ،‬أو في‬
‫اليوم اآلخر‪ ،‬أو في وجود الجنة أو النار‪ ،‬أو في حصول الثواب للمطيع والعقاب للعاصي‪،‬‬
‫أو فيما هو مجمع عليه مما هو معلوم من الدين بالضرورة‪ ،‬أو اعتقاد فقد صفة من صفاته‬
‫تعالى أو تحليل ما هو حرام‪ .‬أو إنكار شيء مما تقدم(‪.)3‬‬
‫يقول القاضي عياض‪(( :‬وكذلك نقطع بتكفير كل من كذب وأنكر قاعدة من قواعد‬
‫الشرع‪ ،‬وما ع ِّرف يقيناً بالنقل المتواتر من فعل الرسول‪ ،‬ووقوع اإلجماع المتصل عليه‪ ،‬كمن‬
‫أنكر وجوب الصلوات الخمس أو عدد ركعاتها وسجداتها))(‪.)4‬‬
‫ويقول‪(( :‬وكذلك من أنكر القرآن أو حرفاً منه أو غير شيئاً منه‪ ،‬أو زاد فيه‪ ،‬كفعل‬
‫الباطنية واإلسماعيلية‪ ،...‬وكذلك من أنكر شيئاً مما نص فيه القرآن ـ بعد علمه ـ أنه من‬
‫القرآن الذي في أيدي الناس ومصاحف المسلمين‪ ،‬ولم يكن جاهالً‪ ،‬وال قريب عهد‬
‫باإلسالم‪ ،...‬وكذلك من أنكر الجنة‪ ،‬أو النار‪ ،‬أو البعث‪ ،‬أو الحساب‪ ،‬أو القيامة فهو‬

‫(‪ )1‬المغني (‪.)233/12‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتاوى السغدي (‪ ،)383/2‬وروضة الطالبين (‪ ،)51/13‬واإلنصاف (‪ ،)661/13‬والمغني (‪.)61/8‬‬
‫(‪ )3‬إعانة الطالبين (‪.)162/9‬‬
‫(‪ )4‬الشفا (ص‪.)285 :‬‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫كافر بإجماع للنص عليه))(‪.)1‬‬


‫ويقول اإلمام النووي‪(( :‬إن من أنكر فرض الزكاة في هذه األزمان كان كافراً بإجماع‬
‫المسلمين‪ ،...‬وكذلك األمر في كل من أنكر شيئاً مما أجمعت األمة عليه من أمور الدين‬
‫إذا كان علمه منتشراً؛ كالصلوات الخمس‪ ،‬وصوم شهر رمضان‪ ،‬واالغتسال من الجنابة‪،‬‬
‫وتحريم الزنا‪ ،‬والخمر‪ ،‬ونكاح ذوات المحارم ونحوها من األحكام‪ ،‬إال أن يكون رجالً‬
‫حديث عهد باإلسالم‪ ،‬وال يعرف حدوده؛ فإنه إذا أنكر شيئاً منها جهالً به لم يكفر))(‪.)2‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة‪،‬‬
‫كالصلوات الخمس‪ ،‬وصيام شهر رمضان‪ ،‬وحج البيت العتيق‪ ،‬أو جحد تحريم بعض‬
‫المحرمات الظاهرة المتواترة‪ :‬كالفواحش‪ ،‬والظلم‪ ،‬والخمر‪ ،‬والميسر‪ ،‬والزنا‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬أو‬
‫جحد حل بعض المباحات الظاهرة المتواترة‪ :‬كالخبز‪ ،‬واللحم‪ ،‬والنكاح‪ .‬فهو كافر مرتد‬
‫يستتاب فإن تاب وإال قتِّل‪ ،‬وإن أضمر ذلك كان زنديقاً منافقاً))(‪ .)3‬انتهى‪.‬‬
‫ومن الثاني(‪ )4‬السجود لصنم أو لشمس‪ ،‬أو مخلوق آخر‪ ،‬أو امتهان المصحف بإلقائه‬
‫في القاذورات‪ ،‬أو قتل نبي‪ ،‬أو السحر الذي فيه عبادة للجن وتقرب إليهم بالسجود‬
‫ونحوه(‪.)5‬‬
‫يقول النووي‪(( :‬واألفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين‬
‫صريح‪ ،‬كالسجود للصنم‪ ،‬أو للشمس‪ ،‬وإلقاء المصحف في القاذورات‪ ،‬والسحر الذي فيه‬
‫عبادة الشمس ونحوها))(‪.)6‬‬
‫ويقول ابن القيم‪(( :‬وكذلك شعب الكفر القولية والفعلية‪ ،‬فكما يكفر باإلتيان بكلمة‬
‫الكفر اختياراً‪ ،‬وهي شعبة من شعب الكفر‪ ،‬فكذلك يكفر بفعل شعبة من شعبه‪ ،‬كالسجود‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه (ص‪ 288 :‬ـ ‪.)283‬‬


‫(‪ )2‬شرح صحيح مسلم (جـ‪ 179/1‬ـ ‪.)177‬‬
‫(‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)937/11‬‬
‫(‪ )4‬أي‪ :‬الردة باألفعال‪.‬‬
‫(‪ )5‬إعانة الطالبين (‪.)162/9‬‬
‫(‪ )6‬روضة الطالبين (‪.)39/13‬‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫للصنم‪ ،‬واالستهانة بالمصحف))(‪ .)1‬انتهى‪.‬‬


‫ومن الثالث(‪ :)2‬كل قول يتضمن إنكار الربوبية‪ ،‬أو األلوهية‪ ،‬أو أصول اإليمان‪ ،‬أو‬
‫تضمن سب الله‪ ،‬أو رسوله‪ ،‬أو دين اإلسالم‪ ،‬أو كان فيه استهزاء بشيء من الدين‪ ،‬أو‬
‫بآيات الله وكالمه وما جرى مجرى ذلك من األقوال مما ال يشك في كفر صاحبها عند‬
‫عامة العلماء(‪.)3‬‬
‫يقول القاضي عياض في بيان ضابط المقاالت ِّ‬
‫المكفرة‪(( :‬والفصل البين في هذا أن كل‬
‫مقالة صرحت بنفي الربوبية‪ ،‬أو الوحدانية‪ ،‬أو عبادة أحد غير الله‪ ،‬أو مع الله فهي كفر))(‪.)4‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬فإنا نعلم أن من سب الله ورسوله طوعاً بغير كره‪ ،‬بل‬
‫من تكلم بكلمات الكفر طائعاً غير مكره‪ ،‬ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافر باطناً‬
‫وظاهراً))(‪ .)5‬انتهى‪.‬‬
‫الردة تحصل بترك االعتقاد المشروع فهي أيضاً تحصل بترك العمل المشروع؛‬ ‫وكما أن ِّ‬
‫ومن ذلك ترك الصالة على الصواب من قولي العلماء في ترجيح كفر تاركها كما تقدم‪.‬‬
‫وأما ترك المشروع من األقوال فهو ال يتصور إال في حق الكافر األصلي‪ ،‬وهو ترك‬
‫النطق بالشهادتين‪.‬‬
‫فمن ترك النطق بهما ـ مطلقاً ـ مع القدرة لم يصح دخوله في اإلسالم‪ ،‬فهو كافر أصلي‪،‬‬
‫وإن فعل جميع شرائع اإلسالم الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫يقول اإلمام ابن حزم‪(( :‬من اعتقد اإليمان بقلبه‪ ،‬ولم ينطق به بلسانه دون تقية فهو‬
‫كافر عند الله تعالى وعند المسلمين))(‪.)6‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬فأما الشهادتان‪ ،‬إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو‬
‫كافر باتفاق المسلمين‪ ،‬وهو كافر باطناً وظاهراً عند سلف األمة وأئمتها وجماهير‬

‫(‪ )1‬كتاب الصالة وحكم تاركها (ص‪.)68 :‬‬


‫(‪ )2‬أي‪ :‬الردة باألقوال‪.‬‬
‫للرحيلي (ص‪ 269 :‬ـ ‪.)267‬‬
‫(‪ )3‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الشفا (ص‪.)282 :‬‬
‫(‪ )5‬مجموع الفتاوى (‪ 775/5‬ـ ‪.)778‬‬
‫(‪ )6‬المحلى (‪.)93/1‬‬
‫‪883‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫علمائها))(‪.)1‬‬
‫وقد علل شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ سبب الكفر بترك هذا القول مع القدرة فقال‪:‬‬
‫((وبهذا تعرف أن من آمن قلبه إيماناً جازماً امتنع أن ال يتكلم بالشهادتين مع القدرة؛ فعدم‬
‫الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء اإليمان القلبي التام))(‪.)2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تقسيم الردة باعتبار الحد مع التوبة وعدمه‪:‬‬
‫الردة باعتبار الحد مع التوبة وعدمه إلى قسمين(‪:)3‬‬ ‫يقسم أهل العلم ِّ‬
‫األول‪ :‬ردة مجردة‪ ،‬وهي التي يكتفى فيها بالتوبة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬الردة المغلظة‪ ،‬وهي التي ش ِّرع القتل على خصوصها؛ فال يسقط مع التوبة‪،‬‬
‫وذلك كسب النبي ‪ ،‬فإن الساب للنبي ‪ ‬قد قامت األدلة على أنه مرتد وأنه يقتل بكل‬
‫حال(‪ )4‬على القول الراجح في المسألة(‪.)5‬‬
‫وقد ذكر شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ وجه هذا التقسيم فقال‪(( :‬وكالهما ـ يعني القسمين‬
‫المتقدمين ـ قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها‪ ،‬واألدلة الدالة على سقوط القتل بالتوبة‬
‫ال تعم القسمين بل إنما تدل على القسم األول كما يظهر لمن تأمل األدلة على قبول توبة‬
‫المرتد فيبقى القسم الثاني‪ ،‬وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبه ولم يأت نص وال إجماع‬
‫بسقوط القتل عنه‪ ،‬والقياس متعذر مع وجود الفرق الجلي‪ ،‬فانقطع اإللحاق‪.‬‬
‫والذي يحقق هذه الطريقة أنه لم يأت في كتاب وال سنة وال إجماع أن كل من ارتد‬
‫بأي قول أو أي فعل كان فإنه يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه‪ ،‬بل الكتاب‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)338/5‬‬


‫(‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪.)776/5‬‬
‫(‪ )3‬هذا التقسيم أشار إليه شيخ اإلسالم ابن تيمية في الصارم المسلول (‪ 383/6‬ـ ‪.)385‬‬
‫(‪ )4‬يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ معلالً ذلك‪(( :‬وأيضاً فإن سب النبي ‪ ‬حق آلدمي فال يسقط بالتوبة‬
‫حد القذف‪ ،‬وكسب غيره من البشر)) [الصارم المسلول على شاتم الرسول ‪.])389/6( ‬‬ ‫ك ِّ‬
‫(‪ )5‬ألهل العلم في هذه المسألة قوالن‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه يقتل بكل حال ألنه حق آلدمي فال يسقط بالتوبة؛ كسائر الحقوق التي تتعلق باآلدميين‪ ،‬وهذا هو مذهب‬
‫الحنابلة والمشهور من مذهب المالكية‪ ،‬وذهب جمهور الشافعية إلى أنه يستتاب كالمرتد‪ ،‬فإذا تاب سقط عنه القتل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه ال يقتل قياساً على من سب الله ‪ ‬فإنه ال يقتل‪ .‬انظر‪ :‬الصارم المسلول على شاتم الرسول البن تيمية‬
‫(‪.)1118/6‬‬
‫‪881‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫والسنة واإلجماع قد فرق بين أنواع المرتدين))(‪.)1‬‬


‫قلت‪ :‬وهذا التقسيم باعتبار االستيفاء ال باعتبار الجرم‪ ،‬ألنه من المعلوم أن ((سب النبي‬
‫‪ ‬ال يكون أغلظ من سب الله‪ ،‬فإن سب النبي ‪ ‬إنما عظم وصار موجباً للقتل لكون‬
‫حقه تابعاً لحق الله))(‪ )2‬ومع ذلك ي ْكتفى في سب الله تعالى بالتوبة‪ ،‬ألن حق الله مبني‬
‫على العفو والرحمة بخالف حق النبي ‪ ‬فإنه حق آلدمي فال يسقط بالتوبة‪.‬‬
‫المقصد الرابع‪ :‬شروط ثبوت الردة‪.‬‬
‫التحرز‬
‫الردة عند أهل العلم ال تثبت إال بشروط وذلك بناءً على أصل أهل السنة في ُّ‬
‫من التكفير إال بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع‪ .‬وهو األصل العظيم الذي فارق به أهل‬
‫السنة غيرهم من أهل البدع‪.‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضاً‪ ،‬ومن‬
‫يكفرون‪ .‬وسبب ذلك أن أحدهم قد يظن ما ليس بكفر‬ ‫يخطئون وال ِّ‬
‫ممادح أهل العلم أنهم ِّ‬
‫كفراً‪ .‬وقد يكون كفراً ألنه تبين له أنه تكذيب للرسول وسب للخالق‪ ،‬واآلخر لم يتبين له ذلك‪،‬‬
‫فال يلزم إذا كان هذا العالم بحاله يكفر إذا قاله‪ ،‬أن يكفر من لم يعلم بحاله))(‪.)3‬‬
‫وقال في موضع آخر‪(( :‬كما يوجد في جهال أهل البدع من الرافضة والخوارج وغيرهم‬
‫من يسارع إلى تكفير من اتبع الرسول من السلف؛ لقلة علمه وسوء فهمه لما جاء به‬
‫الرسول‪ ،‬فهم مبتدعون بدعة بجهلهم ويكفرون من خالفهم‪ .‬وأهل السنة والعلم واإليمان‬
‫يعرفون الحق ويتبعون سنة الرسول‪ ،‬ويرحمون الخلق ويعدلون فيهم‪ ،‬ويعذرون من اجتهد في‬
‫معرفة الحق فعجز عن معرفته‪ ،‬وإنما يذمون من ذمه الله ورسوله‪ ،‬وهو المفرط في طلب‬
‫الحق؛ لتركه الواجب‪ ،‬والمعتدي المتبع لهواه بال علم؛ لفعله المحرم‪ ،‬فيذمون من ترك‬
‫الواجب أو فعل المحرم‪ ،‬وال يعاقبونه إال بعد إقامة الحجة عليه كما قال تعالى ﯨ ﯨ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [اإلسراء‪ ]17 :‬ال سيما في مسائل تنازع فيها العلماء وخفي العلم‬
‫فيها على أكثر الناس))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الصارم المسلول (‪.)383/6‬‬


‫(‪ )2‬الصارم المسلول (‪.)325/6‬‬
‫(‪ )3‬منهاج السنة (‪.)271/7‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪.)268/25‬‬
‫‪882‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫إذا تقرر هذا‪ ،‬فإن أهل العلم ذكروا شروطاً ال تثبت الردة إال بعد توفرها وتحقق وجودها‬
‫في الشخص المعين‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬البلوغ‪ ،‬فال تصح ردة الصبي ـ ما لم يبلغ ـ على الصحيح من قولي‬
‫العلماء لما تقدم من قوله ‪« :‬رفع القلم عن ثالث» وذكر منهم‪« :‬والصبي حتى‬
‫يحتلم»(‪ )1‬الحديث‪.‬‬
‫الردة إال من عاقل‪ ،‬وذلك بإجماع أهل العلم كما‬ ‫الشرط الثاني‪ :‬العقل‪ .‬فال تنعقد ِّ‬
‫تقدم؛ لقوله ‪« :‬رفع القلم عن ثالثة» وذكر منهم‪« :‬والمجنون حتى يفيق»(‪.)2‬‬
‫قال ابن قدامة‪(( :‬إن الردة ال تصح إال من عاقل‪ ،‬فأما من ال عقل له‪ ،‬كالطفل الذي ال‬
‫عقل له والمجنون‪ ،‬ومن زال عقله بإغماء أو نوم أو مرض‪ ،‬أو ش ْر ِّب دواء يباح شربه‪ ،‬فال‬
‫تصح ردته وال حكم لكالمه بغير خالف))(‪.)3‬‬
‫وقال النووي‪(( :‬فال تصح ردة صبِّي وال مجنون ومن ارتد ثم جن فال يقتل في‬
‫جنونه))(‪.)4‬‬
‫المكفر ال يؤاخذ بل هو معذور‪،‬‬‫ِّ‬ ‫الشرط الثالث‪ :‬انتفاء اإلكراه‪ .‬فإن المكره على فعل‬
‫وذلك النتفاء القصد واالختيار في حقه كما قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫[سورة النحل‪:‬‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫‪.]133‬‬
‫قال ابن كثير‪(( :‬اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاء‬
‫لمهجته‪ ،‬ويجوز له أن يأبى كما كان بالل ‪ ‬يأبى عليهم ذلك‪ ،‬وهم يفعلون به‬
‫األفاعيل))(‪.)5‬‬
‫ويدخل في هذا الصنف من أغلِّق عليه فكره فال يدري ما يقول لشدة فرح‪ ،‬أو حزن‪ ،‬أو‬
‫خوف‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬مضى تخريجه‪ .‬وانظر‪ :‬المغني البن قدامة (‪.)258 ،233/12‬‬


‫(‪ )2‬مضى تخريجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬المغني (‪.)233/12‬‬
‫(‪ )4‬روضة الطالبين (‪.)51/13‬‬
‫(‪ )5‬تفسير ابن كثير (‪.)788/2‬‬
‫‪886‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ‪ :‬في سياق حديثه عن شروط التكفير وموانعه‪:‬‬
‫((ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه؛ ولذلك صور‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن يكره على ذلك‪ ،‬فيفعله لداعي اإلكراه ال اطمئناناً به فال يكفر‪...‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يغلق عليه فكره فال يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو‬
‫ذلك‪ ،‬ودليله ما ثبت في صحيح مسلم عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪:‬‬
‫«لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فالة فانفلتت‬
‫منه‪ ،‬وعليها طعامه وشرابه فأيس منها‪ ،‬فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته‬
‫فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال‪ :‬من شدة الفرح‪ :‬اللهم أنت‬
‫(‪)2( )1‬‬
‫عبدي‪ ،‬وأنا ربك‪ ،‬أخطأ من شدة الفرح» ))‬

‫قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في سياق شرحه لهذا الحديث‪(( :‬فيه أن ما قاله‬
‫اإلنسان من مثل هذا ـ من دهش وذهول ـ غير مؤاخذ به إن شاء الله))(‪.)3‬‬
‫وعدم المؤاخذة بما لم ي ِّرْده اإلنسان ألي سبب من األسباب‪ ،‬إلكراه أو إغالق‪ ،‬أو‬
‫غيرهما من األسباب األخرى‪ ،‬من القواعد المقررة في الشريعة‪ ،‬والبن القيم كالم متين‬
‫وتحقيق رصين‪ ،‬في تقرير هذه القاعدة‪ ،‬وذكر الصور التي ترفع بها المؤاخذة عن العباد في‬
‫أحكام الشرع(‪.)4‬‬
‫قال ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فإذا اجتمع القصد والداللة القولية أو الفعلية ترتب الحكم‪ .‬هذه‬
‫قاعدة الشريعة‪ ،‬وهي من مقتضيات عدل الله وحكمته ورحمته‪ ،‬فإن خواطر القلوب وإرادة‬
‫النفوس ال تدخل تحت االختيار‪ ،‬فلو ترتبت عليها األحكام لكان في ذلك أعظم حرج‬
‫ومشقة على األمة‪ ،‬ورحمة الله وحكمته تأبى ذلك‪ ،‬والغلط والنسيان والسهو وسبق اللسان‬
‫بما ال يريده العبد بل يريد خالفه والتكلم به مكرهاً وغير عارف لمقتضاه‪ ،‬من لوازم البشرية‬
‫ال يكاد ينفك اإلنسان من شيء منه‪ ،‬فلو رتب عليه الحكم لحرجت األمة وأصابها غاية‬
‫التعب والمشقة‪ ،‬فرفع عنها المؤاخذة بذلك كله حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في كتاب التوبة (‪ ،)2139/9‬ح (‪.)2595‬‬


‫(‪ )2‬القواعد المثلى (ص‪.)173 :‬‬
‫(‪ )3‬إكمال المعلم (‪.)297/8‬‬
‫للرحيلي (ص‪.)233 :‬‬
‫(‪ )4‬التكفير وضوابطه ُّ‬
‫‪889‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫والغضب‪ ،‬والسكر كما تقدمت شواهده‪ ،‬وكذلك الخطأ والنسيان واإلكراه والجهل بالمعنى‪،‬‬
‫وسبق اللسان بما لم يرده‪ ،‬والتكلم في اإلغالق ولغو اليمين‪ ،‬فهذه عشرة أشياء ال يؤاخذ‬
‫الله بها عبده بالتكلم في حال منها لعدم؛ قصده وعقد قلبه الذي يؤاخذ به))(‪ .)1‬ثم ذكر‬
‫األدلة على ذلك‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬قيام الحجة على المكلف التي يكفر تاركها‪.‬‬
‫متأوالً‪ .‬فإن كان جاهالً أو ِّ‬
‫متأوالً‪،‬‬ ‫والحجة إنما تقوم على المكلف إذا لم يكن جاهالً أو ِّ‬
‫مفرطاً فهذا له شأن آخر‪.‬‬ ‫فإنه معذور ال تثبت الردة في حقه؛ لعجزه‪ ،‬إال أن يكون ِّ‬
‫يقول ابن حزم‪(( :‬وال خالف في أن امرءاً لو أسلم‪ ،‬ولم يعلم شرائع اإلسالم فاعتقد أن‬
‫الخمر حالل‪ ،‬وأن ليس على اإلنسان صالة‪ ،‬وهو لم يبلغه حكم الله تعالى لم يكن كافراً بال‬
‫خالف يعتد به‪ ،‬حتى إذا قامت عليه الحجة فتمادى‪ ،‬حينئذ بإجماع األمة فهو كافر))(‪.)2‬‬
‫ويقول ـ أيضاً ـ‪(( :‬قال الله ‪ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ‪[ ،‬األنعام‪.]18 :‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [اإلسراء‪ ،]17 :‬فنص على أن النذارة‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﯨ ﯨ‬
‫ال تلزم إال من بلغته ال من لم تبلغه‪ ،‬وأنه تعالى ال يعذب أحداً حتى يأتيه رسول من عند‬
‫الله ‪ ،‬فصح بذلك أنه من لم يبلغه اإلسالم أصالً فإنه ال عذاب عليه‪ ...‬وكذلك من لم‬
‫يبلغه الباب من واجبات الدين فإنه معذور ال مالمة عليه))(‪.)3‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬من كان مؤمناً بالله ورسوله مطلقاً‪ ،‬ولم يبلغه من العلم‬
‫ما يبين له الصواب‪ ،‬فإنه ال يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي من خالفها كفر‪ ،‬إذ‬
‫كثير من الناس يخطئ فيما يتأوله من القرآن‪ ،‬ويجهل كثيراً مما يرد من معاني الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬والخطأ والنسيان مرفوعان عن هذه األمة‪ ،‬والكفر ال يكون إال بعد البيان))(‪.)4‬‬
‫ويقول اإلمام ابن القيم‪(( :‬إن الله سبحانه وتعالى ال يعذب أحداً إال بعد قيام الحجة‪،‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ [اإلسراء‪.]17 :‬‬ ‫كما قال تعالى‪ :‬ﯨ ﯨ‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ‪[ ،‬النساء‪.]137 :‬‬

‫(‪ )1‬إعالم الموقعين (‪ 137/6‬ـ ‪.)133‬‬


‫(‪ )2‬المحلى (‪.)233/11‬‬
‫(‪ )3‬الفصل في األهواء والملل (‪ .)137/9‬وانظر‪ :‬المصدر السابق (‪.)188/11‬‬
‫(‪ )4‬مجموع الفتاوى (‪ 726/12‬ـ ‪)729‬‬
‫‪887‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﮭ‬


‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ [الملك‪ 8 :‬ـ ‪.]8‬‬
‫[الملك‪.]11 :‬‬ ‫ﯼ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯨ ﯪ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯵ ﯶ [األنعام‪.]163:‬‬ ‫ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫وهذا كثير في القرآن‪ ،‬يخبر أنه إنما يعذب من جاءه الرسول‪ ،‬وقامت عليه الحجة‪،‬‬
‫وهو المذنب الذي يعترف بذنبه))(‪.)1‬‬
‫وقال‪(( :‬إن العذاب يستحق بسببين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬اإلعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها‪ ،‬وبموجبها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬كفر إعراض‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬كفر عناد‪.‬‬
‫وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة‪ ،‬وعدم التمكن من معرفتها‪ ،‬فهذا الذي نفى الله‬
‫التعذيب عنه‪ ،‬حتى تقوم حجة الرسل))(‪.)2‬‬
‫فهذه أهم الضوابط والشروط التي ذكرها أهل العلم في ثبوت الردة والحكم بها في حق‬
‫المعين‪ ،‬وبقي أن نشير هنا إلى مسألة تتعلق بشروط ثبوت الردة‪ ،‬وهي مسألة فهم الحجة‬
‫هل تشترط أو يكتفى بمجرد بلوغها من غير فهم‪.‬‬
‫اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين مشهورين‪.‬‬
‫األول‪ :‬أن الحجة تقوم بمجرد بلوغها‪ ،‬وهو قول لبعض أئمة الدعوة منهم العالمة‬
‫المحدث إسحاق بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ(‪ ،)3‬وحمد بن ناصر بن معمر(‪ ،)4‬وهو‬
‫ينسب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب(‪ ،)5‬وفي ذلك نظر‪.‬‬

‫(‪ )1‬طريق الهجرتين (ص‪ 313 :‬ـ ‪.)311‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه (ص‪ 311 :‬ـ ‪.)312‬‬
‫(‪ )3‬رسالة تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة (ص‪.)8 :‬‬
‫(‪ )4‬فتاوى األئمة النجدية (‪.)293/6‬‬
‫(‪ )5‬فتاوى األئمة النجدية (‪ ،)268/6‬والدرر السنية (‪ 86/13‬ـ ‪.)87‬‬
‫‪883‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫الثاني‪ :‬أن الحجة ال تقوم على المكلف إال بعد فهمها فهماً يدرك به المقصود(‪.)1‬‬
‫والصحيح أن الحجة ال تقوم إال بعد فهمها فهماً يزيل اللبس ويوضح المقصود‪ ،‬وذلك‬
‫بناءً على قاعدة الشريعة في التيسير ورفع الحرج والعنت وأن ال يكلف العبد إال بما يطاق‪،‬‬
‫فالتكليف بما ال يطاق ينافي حكمة التشريع في رفع الحرج والعنت‪.‬‬
‫والقول بأن الحجة ال تقوم إال بعد فهمها هو الذي عليه المحققون من أهل العلم‪.‬‬
‫يقول ابن العربي‪(( :‬فالجاهل والمخطئ من هذه األمة ولو عمل من الكفر والشرك ما‬
‫يكون صاحبه مشركاً أو كافراً‪ ،‬فإنه يعذر بالجهل والخطأ حتى يتبين له الحجة التي يكفر‬
‫تاركها بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله‪ ،‬وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين اإلسالم‪ِّ ،‬مما‬
‫أجمعوا عليه إجماعاً قطعياً‪ ،‬يعرفه كل من المسلمين من غير نظر وتأمل))(‪.)2‬‬
‫ويقول ابن قدامة بعد ذكره لجماعة من السلف استحلوا بعض المحرمات ِّ‬
‫متأولين فلم‬
‫يكفروا‪(( :‬فيخرج في من كان مثلهم حكمهم‪ ،‬وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله‪،‬‬
‫ال يحكم بكفره حتى يعرف ذلك‪ ،‬وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك))(‪.)3‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية‪(( :‬وهكذا األقوال التي يكفر قائلها‪ ،‬قد يكون الرجل لم‬
‫تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق‪ ،‬وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده‪ ،‬أو لم يتمكن من‬
‫فهمها‪ ،‬وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله تعالى بها‪ ،‬فمن كان من المؤمنين مجتهداً‬
‫في طلب الحق وأخطأ‪ ،‬فإن الله سبحانه وتعالى يغفر له خطأه كائناً ما كان‪ ،‬سواء كان في‬
‫المسائل النظرية أو العملية‪ ،‬هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫وجماهير أئمة اإلسالم))(‪.)4‬‬
‫ويقول‪(( :‬من كان مؤمناً بالله ورسوله إيماناً مطلقاً ولم يبلغه من العلم ما يبين له الصواب‬
‫فإنه ال يحكم بكفره‪ ،‬حتى تقوم عليه الحجة التي من خالفها كفر؛ إذ كثير من الناس‬
‫يخطئ فيما يتأوله من القرآن‪ ،‬ويجهل كثيراً مما يرد من معاني الكتاب والسنة‪ ،‬والخطأ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬رسالة تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة (ص‪.)8 :‬‬
‫(‪ )2‬تفسير القاسمي (‪ 1635/7‬ـ ‪.)1638‬‬
‫(‪ )3‬المغني (‪ 253/12‬ـ ‪.)255‬‬
‫(‪ )4‬المسائل الماردينية (ص‪.)33 :‬‬
‫‪885‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫والنسيان مرفوعان عن هذه األمة‪ ،‬والكفر ال يكون إال بعد البيان))(‪.)1‬‬


‫ويقول اإلمام ابن القيم‪(( :‬إن قيام الحجة يختلف باختالف األزمنة واألمكنة‬
‫واألشخاص‪ ،‬فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان‪ ،‬وفي بقعة وناحية دون‬
‫أخرى‪ ،‬كما أنها تقوم على شخص دون آخر‪ ،‬إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون‪،‬‬
‫وإما لعدم فهمه كالذي ال يفهم الخطاب‪ ،‬ولم يحضر ترجمان يترجم له فهذا بم ْنزلة األصم‬
‫الذي ال يسمع شيئاً‪ ،‬وال يتمكن من الفهم‪ ،‬وهو أحد األربعة الذين ي ْدلون على الله‬
‫بحجة يوم القيامة))(‪.)2‬‬
‫وقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ أن هذه المسألة اختلف فيها كبار علماء‬
‫نجد المعاصرون في مجلس اإلمام عبد العزيز بن فيصل آل سعود بمكة المكرمة‪ ،‬فكانت‬
‫الحجة للشيخ عبد الله بن بليهد‪ :‬بأن العبرة بفهم الحجة ال بمجرد بلوغها من غير فهم‪.‬‬
‫وأورد لهم نصاً صريحاً في هذا من كالم المحقق ابن القيم ـ رحمه الله ـ تعالى فقنعوا به(‪.)3‬‬
‫الردة ال تثبت إال بعد البيان‬ ‫فالحاصل أن قيام الحجة ال يثبت إال بعد فهمها‪ ،‬وأن ِّ‬
‫والتوضيح عند أكثر أهل العلم‪ ،‬وأما مناقشة استدالالت المخالفين في هذه المسألة فقد‬
‫سبق في مسألة العذر بالجهل‪ ،‬فال حاجة إلعادته هنا‪.‬‬
‫المقصد الخامس‪ :‬األحكام المترتبة على الردة بعد ثبوتها‪.‬‬
‫الردة ال تثبت إال في حق من دخل في دين اإلسالم باللفظ المعهود‪ ،‬وهو قول‬ ‫تقدم أن ِّ‬
‫ال إله إال الله ثم ارتد عن اإلسالم‪ .‬وأما من اعتقد اإلسالم وعمل بما يلزم من شعائره‪ ،‬ولم‬
‫يكن قد تلفظ بالشهادتين من غير عذر ثم ترك اإلسالم فال يكون مرتداً بل هو كافر أصلي‪،‬‬
‫ألنه لم يتحقق دخوله في اإلسالم‪ .‬فالمرتد هو الذي دخل في اإلسالم ثم تركه كما تقدم‪.‬‬
‫وإن كان يصعب التمييز بين هذا والمرتد‪ ،‬ألن ذلك يحتاج إلى سبر أحواله ومعرفة‬
‫أقواله‪ .‬وهو أمر يعسر ويشق‪ .‬ولكن على فرض معرفة ذلك فإن ح ْكمه كما ذكِّر‪.‬‬
‫ولذا فرق أهل العلم في األحكام بين الكافر األصلي والمرتد‪ .‬وفي هذا المقصد سنبين‬

‫(‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪ 726/12‬ـ ‪.)729‬‬


‫(‪ )2‬طريق الهجرتين (ص‪ 311 :‬ـ ‪.)312‬‬
‫(‪ )3‬من تعليقات رشيد رضا على رسالة ما يعذر به وما ال يعذر به من الجهل للشيح عبد الله با بطين ضمن مجموع‬
‫بضع رسائل دينية في العقائد اإلسالمية (ص‪.)28 :‬‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫بعض األحكام المترتبة على ِّ‬


‫الردة بعد ثبوتها في حق المعين‪.‬‬
‫أول هذه األحكام‪ :‬االستتابة‪ .‬فإن المرتد إذا ثبتت ردته فإنه يستتاب عند أكثر أهل‬
‫العلم‪ ،‬وقد حكى بعضهم اإلجماع عليه(‪ ،)1‬وفيه نظر‪ ،‬ألن القول بعدم استتابته مروي عن‬
‫بعض أهل العلم منهم‪ :‬الحسن وطاووس‪ ،‬وحكاه أهل الظاهر عن معاذ بن جبل ‪.)2(‬‬
‫ثم إن القائلين باستتابته ـ وهم جمهور العلماء ـ اختلفوا في كيفية هذه االستتابة وفي‬
‫مدتها‪.‬‬
‫فقيل يستتاب مرة واحدة في وقت واحد في ساعة واحدة‪ ،‬وقيل ثالث مرات‪ .‬وقيل‬
‫شهراً‪ ،‬وقيل ثالثة جمع‪ ،‬وقيل غير ذلك(‪.)3‬‬
‫فإن أصر المرتد على ردته ولم تنجع معه االستتابة‪ ،‬فإن هنالك أحكاماً أخرى رتبها‬
‫الشارع الحكيم؛ أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫أ ـ إهدار دمه‪ .‬فإن دمه حالل؛ فحل للحاكم أو من يقوم مقامه قتله كما جاء في‬
‫الحديث‪« :‬من بدل دينه فاقتلوه»‪ .‬وحديث‪« :‬ال يحل دم امرئ مسلم إال بإحدى ثالث‪:‬‬
‫كفر بعد إيمان‪ )4(»....‬وفي رواية‪« :‬التارك لدينه المفارق للجماعة»(‪.)5‬‬
‫قال اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ‪(( :‬فلم يجز في قول النبي ‪« :‬ال يحل دم امرئ‬
‫مسلم إال بإحدى ثالث» إحداهن الكفر بعد اإليمان‪ ،‬إال أن تكون كلمة الكفر تحل الدم‪،‬‬
‫كما يحله الزنى بعد اإلحصان‪ ،‬أو تكون كلمة الكفر تحل الدم إال أن يتوب صاحبه‪.‬‬
‫فدل كتاب الله ‪ ‬ثم سنة رسول الله ‪ ‬أن معنى قول رسول الله ‪« :‬كفر بعد‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب أهل العلم (‪.)268/2‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مختصر اختالف العلماء (‪ 731/6‬ـ ‪ ،)732‬واإلشراف على مذاهب أهل العلم (‪ 268/2‬ـ ‪،)268‬‬
‫والمحلى (‪ ،)188/11‬والمغني (‪ ،)233/12‬وروضة الطالبين (‪ ،)53/13‬وفتح الباري البن حجر‬
‫(‪ ،)238/12‬وشرح فتح القدير البن الهمام (‪ 38/3‬ـ ‪.)28‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬االستذكار (‪ ،)172/5‬والمحلى البن حزم (‪ ،)181/12‬وفتح الباري البن حجر (‪ ،)653/12‬وشرح‬
‫الزرقاني (‪ ،)13/9‬وتفسير القرطبي (‪.)95/6‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود في كتاب الحدود‪ ،‬باب الحكم فيمن سب النبي ‪ )128/9( ‬ح (‪.)9636‬‬
‫(‪ )5‬أخرجها ابن المبارك في مسنده (‪.)263‬‬
‫‪888‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫إيمان» إذا لم يتب من الكفر‪ .‬وقد وضعت هذه الدالئل مواضعها))(‪.)1‬‬


‫وقال القرافي في سياق بيانه ألحكام المرتد في النفس والولد والمال والجناية‪(( :‬األول‬
‫نفسه‪ :‬ففي «الجواهر»‪ :‬يهدر دمه إن لم يتب‪ ،‬فإن تاب عصمها‪ ،‬وتوبته رجوعه وتغير حاله‬
‫برجوع المتظاهر عن التظاهر‪ ،‬بل يظهر ضده من اإليمان‪ ...‬لنا قوله عليه السالم‪« :‬من بدل‬
‫دينه فاقتلوه»‪ ،‬و«ال يحل دم امرئ مسلم إال بإحدى ثالث كفر بعد إيمان»))(‪ )2‬انتهى‪.‬‬
‫وهذا الحكم‪ ،‬وهو القتل للمرتد مجمع عليه بين أهل العلم‪.‬‬
‫قال أبو منصور البهوتي‪(( :‬وأجمعوا على وجوب قتل المرتد إن لم يتب لحديث ابن‬
‫عباس مرفوعاً‪« :‬من بدل دينه فاقتلوه»))(‪.)3‬‬
‫وممن حكاه أيضاً ابن قدامة في ((المغني))(‪ ،)4‬والنووي في شرحه على صحيح‬
‫مسلم(‪ ،)5‬والشوكاني في ((السيل الجرار))(‪.)6‬‬
‫قلت‪ :‬إال أن هنالك خالفاً شاذاً قد تقدم في قتل المرأة بالردة(‪.)7‬‬
‫ب ـ حبوط عمله‪:‬‬
‫المرتد كما تقدم هو الذي كفر بعد إسالمه‪ .‬فشأنه شأن الكافر في حبوط عمله‪،‬‬
‫وذهاب حسناته‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وأما الردة عن اإلسالم بأن يصير الرجل كافراً مشركاً‪،‬‬
‫أو كتابياً‪ ،‬فإنه إذا مات على ذلك حبط عمله باتفاق العلماء كما نطق بذلك القرآن في‬
‫غير موضع))(‪.)8‬‬
‫ثم شرع في ذكر النصوص‪ ،‬والتي منها‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬

‫(‪ )1‬األم (‪.)686/5‬‬


‫(‪ )2‬الذخيرة (‪ 65/12‬ـ ‪.)68‬‬
‫(‪ )3‬شرح منتهى اإلرادات (‪.)683/6‬‬
‫(‪.)239/12( )4‬‬
‫(‪( )5‬جـ‪.)23/12‬‬
‫(‪.)652/9( )6‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪( :‬ص‪.)883 :‬‬
‫(‪ )8‬مجموع الفتاوى (‪ 275/9‬ـ ‪.)278‬‬
‫‪1333‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ [البقرة‪ ،]215 :‬وقوله‪ :‬ﯽ ﯾ ﯿ‬


‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ [المائدة‪ .]7 :‬وقوله‪ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯗ ﯘ [األنعام‪ .)1(]88 :‬إلى غير ذلك من اآليات الدالة على حبوط‬ ‫ﯖ‬
‫عمل الكافر‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ‪(( :‬والحبوط نوعان‪ :‬عام وخاص‪ ،‬فالعام‪ :‬حبوط الحسنات‬
‫كلها بالردة‪ ،‬والسيئات كلها بالتوبة))(‪.)2‬‬
‫نفسه‪ ،‬وهي‪ :‬هل الردة تحبط‬ ‫إذا تقرر هذا‪ ،‬فههنا مسألة ذات صلة بهذا الموضوع ِّ‬
‫العمل بمجردها‪ ،‬أو ال يحبطه إال الموت عليها؟‬
‫في هذه المسألة قوالن مشهوران ألهل العلم‪.‬‬
‫قال ابن العربي‪(( :‬اختلف العلماء رحمة الله عليهم في المرتد هل يحبط عمله نفس‬
‫الردة أم ال يحبط إال على الموافاة على الكفر؟‬
‫فقال الشافعي ال يحبط له عمل إال بالموافاة كافراً(‪ .)3‬وقال مالك ـ وأبو حنيفة(‪)4‬ـ‬
‫الردة))(‪ ،)5‬وهما روايتان في مذهب اإلمام أحمد ـ رحمه الله ـ(‪.)6‬‬ ‫يحبط بنفس ِّ‬
‫الردة تحبط‬ ‫وثمرة الخالف تظهر في المسلم إذا حج ثم ارتد ثم أسلم؛ فإن قلنا بأن ِّ‬
‫العمل بنفسها‪ ،‬فمتى أسلم المرتد لزمه الحج‪ ،‬وإن قلنا ال يحبط العمل إال إذا مات مرتداً‪،‬‬
‫فمتى عاد إلى اإلسالم عاد إليه ثوابه عمله؛ فلم يلزمه الحج(‪.)7‬‬
‫وكذا لو زكى ماله ثم ارتد ثم راجع اإلسالم ففي وجوب الزكاة عليه قوالن بناء على‬
‫اختالفهم في هذه المسألة‪.‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه (‪.)278/9‬‬


‫(‪ )2‬كتاب الصالة وحكم تاركها (ص‪.)73 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المجموع شرح المطيعي (‪.)19/5‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مختصر اختالف العلماء (‪.)735/6‬‬
‫(‪ )5‬أحكام القرآن (‪ .)235/1‬وانظر‪ :‬أحكام أهل الملل للخالل (ص‪ 993 :‬ـ ‪ ،)995‬والمعونة للبغدادي‬
‫(‪ ،)1633/6‬والزواجر عن اقتراف الكبائر (‪ 76/1‬ـ ‪.)79‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)278/9‬والوابل الصيب (ص‪.)66 :‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬الوابل الصيب (ص‪ ،)66 :‬وأحكام القرآن البن العربي (‪.)235/1‬‬
‫‪1331‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫والصحيح أن المرتد إذا تاب وأناب رجع إليه من ثواب أعماله ما كان فيه خالصاً‬
‫صادقاً‪.‬‬
‫يقول العالمة األثري سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ في‬
‫بعض تعليقاته على هذا المحل‪(( :‬الصواب أن العمل ال يحبط بالردة بمجردها‪ ،‬وإنما يبقى‬
‫معلقاً؛ فإن مات عليها حبطت حسناته‪ ،‬وإن لم يمت عليها بقي له عمله الصالح لقول الله‬
‫سبحانه‪ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮪ ﮭ‬
‫ﮮ ‪ ،‬وقوله سبحانه‪ :‬ﯡ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯨﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ [آل عمران‪ .]81 :‬اآلية‪ .‬وحديث حكيم‪« :‬أسلمت على ما أسلفت‬
‫من خير»(‪.)2()))1‬‬
‫قال الشيخ إسماعيل األنصاري بعد نقله لكالم الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ المتقدم‪:‬‬
‫((انتهى كالم الشيخ‪ ،‬وهو الذي تقتضيه النصوص))(‪.)3‬‬
‫ويناسب هنا أن نذكر كالماً حسناً البن القيم ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة‪ ،‬هو غاية‬
‫في التحقيق أيضاً‪.‬‬
‫يقول ابن القيم‪(( :‬ولم يزل في نفسي من هذه المسألة‪ ،‬ولم أزل حريصاً على الصواب‬
‫فيها‪ ،‬وما رأيت أحداً شفي فيها‪ .‬والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم وبه المستعان وال قوة إال به‬
‫ـ أن الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل‪ ،‬ويكون الحكم فيها للغالب‪ ،‬وهو يقهر المغلوب‪،‬‬
‫ويكون الحكم له‪ ،‬حتى كأن المغلوب لم يكن‪ ،‬فإذا غلبت على العبد الحسنات دفعت‬
‫حسناته الكثيرة سيئاته‪ ،‬ومتى تاب من السيئة ترتب على توبته منها حسنات كثيرة قد تربي‬
‫وتزيد على الحسنة التي حبطت بالسيئة‪ ،‬فإذا عزمت التوبة‪ ،‬وصحت‪ ،‬ونشأت من صميم‬
‫القلب‪ ،‬أحرقت ما مرت عليه من السيئات‪ ،‬حتى كأنها لم تكن‪ ،‬فإن التائب من الذنب ال‬
‫ذنب له‪.‬‬
‫وقد سأل حكيم بن حزام ‪ ‬النبي ‪ ‬عن عتاقة وصلة وبر فعله في الشرك‪ :‬هل يثاب‬

‫(‪ )1‬مضى تخريجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬هامش الوابل الصيب بعناية صالح أحمد الشامي (ص‪.)666 :‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪1332‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫عليه؟ فقال النبي ‪« :‬أسلمت على ما أسلفت من خير»(‪ .)1‬فهذا يقتضي أن اإلسالم‬
‫أعاد عليه ثواب تلك الحسنات التي كانت باطلة بالشرك‪ ،‬فلما تاب من الشرك عاد إليه‬
‫ثواب حسناته المتقدمة‪.‬‬
‫فهكذا إذا تاب العبد توبة نصوحاً‪ ،‬صادقة خالصة أحرقت ما كان قبلها من السيئات‪،‬‬
‫وأعادت عليه ثواب حسناته‪.‬‬
‫يوضح هذا‪ :‬أن السيئات والذنوب هي أمراض قلبية‪ ،‬كما أن الحمى واألوجاع أمراض‬
‫بدنية‪ ،‬والمريض إذا عوفي من مرضه عافية تامة‪ ،‬عادت إليه قوته وأفضل منها حتى كأنه لم‬
‫يضعف قط‪.‬‬
‫فالقوة المتقدمة بمنـزلة الحسنات‪ ،‬والمرض بمنزلة الذنوب‪ ،‬والصحة والعافية بمنزلة‬
‫التوبة سواء بسواء‪ ،‬وكما أن من المرضى من ال تعود إليه صحته أبداً لضعف عافيته‪ ،‬ومنهم‬
‫من تعود صحته كما كانت لتقاوم األسباب وتدافعها‪ ،‬ويعود البدن إلى كماله األول‪ ،‬ومنهم‬
‫من يعود أصح مما كان وأقوى وأنشط لقوة أسباب العافية وقهرها وغلبتها ألسباب الضعف‬
‫والمرض‪ ،‬حتى ربما كان مرض هذا سببا لعافيته كما قال الشاعر‪:‬‬
‫ِّ (‪)2‬‬ ‫ِّ‬
‫صحت األجسام بالعلل‬ ‫وربما‬ ‫لع ـ ـ ـ ـ ـ ـل عتبـ ـ ـ ـ ـ ـك محمـ ـ ـ ـ ـ ـود عواقب ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫فهكذا العبد بعد التوبة على هذه المنازل الثالث‪ .‬والله الموفق‪ ،‬ال إله غيره وال رب‬
‫سواه))(‪.)3‬‬
‫إذا ثبت هذا‪ ،‬فثمة مسألة أخرى مهمة لها ارتباط وثيق بهذه المسألة بحثها أهل العلم‪،‬‬
‫وهي‪ :‬الصحابي إذا ارتد ثم عاد إلى اإلسالم لكن لم يـر النبي ‪ ‬ثانياً‪ ،‬فهل يرجع كونه‬
‫صحابياً؟‬
‫أيضاً اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه لم يـعد صحابياً‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه يعود صحابياً‪ .‬وبه جزم الحافظ ابن حجر وعلل ذلك بإطباق المحدثين‬

‫(‪ )1‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬البيت ألبي الطيب المتنبي كما في ديوانه مع شرحه ألبي البقاء العكبري (جـ‪.)83/6‬‬
‫(‪ )3‬الوابل الصيب (‪ 69‬ـ ‪.)67‬‬
‫‪1336‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫(‪)1‬‬
‫ونحوه‪ ،‬ممن وقع له ذلك وإخراجهم أحاديثهم في‬ ‫على عد األشعث بن قيس‬
‫المسانيد(‪.)2‬‬
‫ومن هنا قال بعض أهل العلم في تعريف الصحابي‪ :‬من لقي النبي ‪ ،‬مؤمناً به ومات‬
‫على اإلسالم وإن تخللت ردة في األصح(‪.)3‬‬
‫جـ ـ إيقاف ملكه‪:‬‬
‫من المسائل التي بحثها العلماء في باب ِّ‬
‫الردة ما يتعلق بمال المرتد‪ ،‬هل يزول بمجرد‬
‫الردة أو بالموت عليها؟ وإذا قلنا بعدم زواله بمجرد الردة هل يوقف ويحجر عليه‪ ،‬أو له‬
‫مطلق التصرف فيه؟‬
‫فمحصل األقوال في ذلك ثالثة‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن المرتد ال يزول ملكه عن ماله بارتداده إال أنه يوقف(‪ ،)4‬فإن تاب‬
‫فماله مردود عليه‪ .‬وبه قال أكثر العلماء بل حكى بعضهم اإلجماع عليه(‪ .)5‬وفيه نظر‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن ملكه باق ال يزول عنه وال يوقف بل له كامل ُّ‬
‫التصرف فيه حتى يتبين‬
‫أمره‪ .‬وبه قال‪ :‬الصاحبان محمد بن الحسن وأبو يوسف من الحنفية(‪ ،)6‬وهو اختيار المزني‬
‫من الشافعية(‪.)7‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن ملكه يزول بمجرد الردة‪ ،‬ونصره اإلمام الشيرازي حيث قال‪« :‬والقول‬
‫الثاني‪ :‬أنه يزول ملكه عن ماله‪ ،‬وهو الصحيح لما روى طارق بن شهاب‪ :‬أن أبا بكر‬
‫الصديق ‪ ‬قال لوفد بزاخة وغطفان‪ :‬نغنم ما أصبنا منكم‪ ،‬وتردون إلينا ما أصبتم‬

‫(‪ )1‬قال ابن عبد البر في االستيعاب (‪ :)166/1‬كان ممن ارتد عن اإلسالم بعد النبي ‪ ‬ثم راجع اإلسالم في‬
‫خالفة أبي بكر الصديق ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪ ،)9/5‬وتدريب الراوي (‪.)238/2‬‬
‫(‪ )3‬هذا تعريف الحافظ ابن حجر – رحمه الله – كما في نخبة ِّ‬
‫الفكر (ص‪.)55 :‬‬ ‫ْ‬
‫(‪ )4‬بعض أهل العلم يعبر فيقول‪ :‬يزول زواالً مراعى‪ .‬انظر‪ :‬شرح فتح القدير البن الهمام (‪.)56/3‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب أهل العلم (‪ ،)273/2‬ومختصر اختالف العلماء (‪ 733/6‬ـ ‪ ،)735‬واألم‬
‫للشافعي (‪ 936/5‬ـ ‪ ،)939‬والمغني (‪ ،)252/12‬والذخيرة (‪.)96/12‬‬
‫(‪ )6‬شرح فتح القدير البن الهمام (‪ 56/3‬ـ ‪.)59‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬المهذب للشيرازي (‪.)212/7‬‬
‫‪1339‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫منا»(‪ .)1‬وأل نه عصم باإلسالم دمه وماله ثم ملك المسلمون دمه بالردة فوجب أن يملكوا‬
‫ماله بالردة))(‪.)2‬‬
‫ولعل القول بأن ماله يوقف حتى يـْنظر حاله أرجح من جهة النظر‪ ،‬وذلك ألن المرتد‬
‫يستتاب ويجبر على اإلسالم‪ ،‬ففي إيقاف ملكه صيانة لماله إن هو رجع إلى اإلسالم‪.‬‬
‫وأما أثر أبي بكر ‪ ‬فهو محمول على مال المرتد الذي معه إذا لحق بدار الحرب‬
‫فإنه يصير مباحاً لمن قدر عليه بخالف ماله الذي في دار اإلسالم فإن ملكه ثابت فيه كما‬
‫سيأتي(‪.)3‬‬
‫وأما القول بعدم زوال ملكه ففيه إعانة له على استمراره على الكفر‪ ،‬ألنه قد يضن بماله‬
‫دون الكفر فيكون سبباً لهدايته ورجوعه إلى دين اإلسالم‪.‬‬
‫ومن المسائل المتعلقة بهذه المسألة أيضاً حكم مال المرتد إذا لحق بدار الكفار‪ ،‬فقد‬
‫اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال ذكرها ابن المنذر في "اإلشراف"(‪ )4‬حيث‬
‫عقد باباً‪ ،‬فقال‪ :‬باب ذكر لحوق المرتد بدار الحرب‪ ...‬ثم قال‪:‬‬
‫((واختلفوا في مال المرتد الالحق بدار الحرب‪:‬‬
‫فقالت طائفة‪ :‬إذا قتل المرتد‪ ،‬أو مات فماله للمسلمين دون ورثته‪ ،‬لم يفرقوا في ذلك بين‬
‫من مات منهم أو قتل في دار الحرب أو دار اإلسالم‪ ،‬هذا قول مالك والشافعي(‪.)5‬‬
‫وقال األوزاعي‪ :‬ماله بمنـزلة دمه إذا لحق بدار الحرب‪.‬‬
‫وقال الثوري‪ ...:‬فإن لحق بدار الحرب فماله للمسلمين‪.‬‬
‫وقال النُّعمان ـ يعني أبا حنيفة ـ‪ :‬يقسم ماله بين ورثته على سهام الله وفرائضه‪ ،‬مات أو‬
‫لحق بدار الكفار(‪.)6‬‬
‫وقال الحسن البصري‪ :‬ما حمل معه من ماله فهو مغنم إذا أصيب‪ ،‬وما خلف فهو‬

‫(‪ )1‬أخرجه البيهقي في السنن (‪ ،)221/1‬وابن أبي شيبة في المصنف (‪.)121/6‬‬


‫(‪ )2‬المصدر السابق (‪.)212/7‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪( :‬ص‪.)5776 :‬‬
‫(‪ 271/2( )4‬ـ ‪.)272‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الذخيرة (‪ 96/12‬ـ ‪ ،)97‬واألم (‪ ،)939/5‬والمجموع شرح المهذب (‪.)57/21‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع (‪ ،)768/8‬وشرح فتح القدير البن الهمام (‪)57/3‬‬
‫‪1337‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫لورثته))‪.‬‬
‫هذه مجمل األقوال في هذه المسألة‪ ،‬والذي يظهر منها بعد التأمل أن مال المرتد‬
‫الذي بقي في دار اإلسالم ال يزول عنه إذا انتقل(‪ )1‬إلى دار الكفار بخالف ما كان معه من‬
‫مال في دار الحرب فإنه يصير مباحاً لمن قدر عليه كالكافر الحربي‪ .‬وإنما قلنا بعدم زوال‬
‫ملكه في دار اإلسالم‪ ،‬ألن اختالف الدار ال يغيِّر عنه اسم ِّ‬
‫الردة‪.‬‬
‫قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ‪(( :‬وإن لحق المرتد بدار الحرب‪ ،‬فالحكم فيه كالحكم فيمن‬
‫هو في دار اإلسالم‪ ،‬إال أن ما كان معه من ماله يصير مباحاً لمن قدر عليه‪ ،‬كما أبيح دمه‪،‬‬
‫وأما أمالكه وماله الذي في دار اإلسالم فملكه ثابت فيه ويتصرف فيه الحاكم بما يرى‬
‫المصلحة فيه‪...‬وإنما حل ماله الذي معه ألنه زال العاصم له‪ ،‬فأشبه مال الحربي الذي في‬
‫دار الحرب‪ .‬وأما الذي في دار اإلسالم فهو باق على العصمة كمال الحربي الذي مع‬
‫مضاربه في دار اإلسالم أو عند مودعه))(‪.)2‬‬
‫ومن مسائل هذا الباب أيضاً اختالفهم في مصرف مال المرتد بعد موته أو قتله‪ ،‬هل‬
‫يكون لورثته من المسلمين‪ ،‬أو لبيت مال المسلمين‪ ،‬أو هو لورثته من أهل ملته؟‬
‫في هذه المسألة ثالثة أقوال‪:‬‬
‫قال سفيان وأصحاب الرأي‪ :‬ماله لورثته من المسلمين‪.‬‬
‫وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن أبي ليلى‪ :‬ميراث المرتد فيء‪ .‬وكذلك قال‬
‫الشافعي وأحمد وأبو ثور‪.‬‬
‫وقال قتادة ميراثه لورثته من أهل ملته(‪.)3‬‬
‫والصحيح أن ماله يكون فيئاً في بيت مال المسلمين‪ ،‬وال يعطى لورثته من المسلمين‪،‬‬
‫لقوله ‪« :‬ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم»(‪.)4‬‬
‫قال اإلمام الشافعي ـ رحمه الله ـ بعد أن ذكر هذا الحديث‪(( :‬وبهذا نقول‪ .‬فكل من‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬المرتد‪.‬‬


‫(‪ )2‬المغني (‪.)257/12‬‬
‫(‪ )3‬اختالف العلماء للمروزي (‪.)639‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري في كتاب الفرائض‪ ،‬باب‪ :‬ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم (جـ‪ )19/8‬ح (‪،)3539‬‬
‫ومسلم في أول كتاب الفرائض (‪ )1266/6‬ح (‪.)1319‬‬
‫‪1333‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫خالف دين اإلسالم من أهل الكتاب‪ ،‬أو من أهل األوثان‪ ،‬فإن ارتد أحد من هؤالء عن‬
‫اإلسالم لم يرثه المسلم لقول رسول الله ‪ ،‬وقطع الله الوالية بين المسلمين‬
‫والمشركين))(‪.)1‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إذا جعلتموه فيئاً ورثتموه للمسلمين‪ ،‬قلنا‪ :‬ال يأخذونه ميراثاً‪ ،‬بل يأخذونه فيئاً‪،‬‬
‫الذمي إذا لم يخلِّف وارثاً(‪.)2‬‬
‫كما يؤخذ مال ِّ‬
‫‪ 4‬ـ حكم ذبيحته‪:‬‬
‫اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذبيحة المرتد هل تؤكل على قولين‪:‬‬
‫فذهب أئمة المذاهب األربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد إلى عدم حل أكلها‬
‫وإن كانت ردته إلى دين أهل الكتاب‪ ،‬ألنه ال يقر على دينه الذي ارتد إليه(‪.)3‬‬
‫وذهب إسحاق واألوزاعي إلى أن المرتد إن تدين بدين أهل الكتاب حلت ذبيحته ألن‬
‫علياً ‪ ‬قال‪ :‬من تولى قوماً فهو منهم(‪.)4‬‬
‫والصواب ما ذهب إليه أئمة المذاهب‪ :‬أن ذبيحته ال تؤكل‪ ،‬وذلك ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه كافر ال يـقر على دينه‪ ،‬فلم تحل ذبيحته؛ كالوثني‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ألنه ال تثبت له أحكام أهل الكتاب إذا تدين بدينهم؛ فإنه ال يقر بالجزية وال‬
‫يسترق‪ ،‬وال يحل نكاح المرتدة‪.‬‬
‫وأما ما جاء عن علي ‪« :‬من تولى قوماً فهو منهم» فيجاب عنه بأن علياً لم ي ِّرد أنه‬
‫منهم في جميع األحكام بدليل ما ذكرنا‪ ،‬وألنه لم يكن يرى حل ذبائح نصارى بني تغلب‬
‫وال نكاح نسائهم مع توليتهم للنصارى ودخولهم في دينهم ومع إقرارهم بما صولحوا عليه‪،‬‬
‫فألن ال يعتقد ذلك في المرتدين أولى(‪.)5‬‬
‫هذه أبرز المسائل المتعلقة بأحكام المرتدين‪ ،‬وهنالك مسائل أخرى أضربت الذكر‬
‫عنها خشية اإلطالة‪ ،‬ومن أرادها فموضعها كتب الفقه وشروح الحديث‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬األم (‪.)183/7‬‬


‫(‪ )2‬المغني البن قدامة (‪.)136/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬شرح فتح القدير (‪ ،)82/3‬والبيان والتحصيل (‪ ،)963/13‬واألم (‪ ،)913/5‬والمغني (‪.)255/12‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬اإلشراف على مذاهب أهل العلم (‪ ،)138/6‬والمغني البن قدامة (‪.)255/12‬‬
‫(‪ )5‬المغني البن قدامة (‪ )255/12‬بتصرف‪.‬‬
‫‪1335‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫المبحث الثامن‪ :‬المخالفون في شرط االنقياد‪.‬‬


‫المخالفون في شرط االنقياد على نوعين‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬المخالفون في هذا الشرط خالفاً علمياً‪ ،‬وأبرز هؤالء‪ :‬المرجئة على‬
‫اختالف طوائفهم؛ فجميع طوائف المرجئة متفقون في إخراج االنقياد العملي عن مسمى‬
‫اإليمان‪ .‬والمرجئة قد سبق التعريف بهم‪ ،‬وبيان شيء من عقائدهم(‪.)1‬‬
‫حد اإليمان وبيان مدى مخالفتها لما عليه أهل‬ ‫والذي يهمنا هنا ذكر مذاهبهم في ِّ‬
‫السنة من اعتبار االنقياد العملي شرطاً لصحة اإليمان(‪.)2‬‬
‫يقسم أهل العلم المرجئة باعتبار مذاهبهم في اإليمان إلى صنفين‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫األول‪ :‬المرجئة الخالصة‪ ،‬أو المحضة (‪ .)3‬وهم على قسمين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬من زعم أن اإليمان‪ ،‬هو مجرد التصديق باللسان واإلقرار بدون المعرفة‬
‫والعمل‪ .‬وهؤالء هم الكرامية أتباع محمد بن كرام السجستاني‪ .‬وشبهتهم في ذلك‪ :‬أن ذلك‬
‫هو المعروف من كالم العرب(‪ .)4‬وقد مر الرد عليهم مفصالً(‪.)5‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬من زعم أن اإليمان معرفة القلب بالله وأن الكفر هو الجهل به؛ فمن‬
‫عرف الله بقلبه وفرط في الشرائع ـ ولو مع جحدها ـ فهو مؤمن كامل اإليمان‪ .‬وهؤالء هم‬
‫الجهمية ومن نحا نحوهم من األشعرية والماتريدية‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪ 666 :‬ـ ‪.)669‬‬


‫(‪ )2‬خالف المرجئة مع أهل السنة في االسم ليس في الحكم‪ ،‬فهم متفقون مع أهل السنة في ((أن الشخص الواحد‬
‫قد يعذبه الله بالنار ثم يدخله الجنة كما نطقت بذلك األحاديث الصحيحة‪ .‬وهذا الشخص الذي له سيئات‬
‫عذب بها وله حسنات دخل بها الجنة له معصية وطاعة باتفاق؛ فإن هؤالء الطوائف لم يتنازعوا في حكمه لكن‬
‫تنازعوا في اسمه فقالت المرجئة جهميتهم وغير جهميتهم هو مؤمن كامل اإليمان وأهل السنة والجماعة على أنه‬
‫مؤمن ناقص اإليمان‪ ،‬ولوال ذلك لما عذب))‪ .‬ثم تأتي مسألة أخرى أشد‪ ،‬وهي من ترك األعمال الظاهرة‪ ،‬فلم‬
‫يفعل شيئاً من الطاعات‪ ،‬فالمرجئة ِّ‬
‫تعطيه اسم اإليمان المطلق‪ ،‬فتصحح إسالم من دلت األدلة على كفره‪ .‬انظر‪:‬‬
‫مجموع الفتاوى (‪.)679/5‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الملل والنحل (‪ ،)168/1‬والتبصير في الدين (ص‪.)88 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التبصير في معالم الدين (ص‪.)188 :‬‬
‫(‪ )5‬كما في (‪ 189‬ـ ‪.)237‬‬
‫‪1338‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وقد تقدم بيان شبههم والرد عليها مفصالً في شرط العلم(‪.)1‬‬


‫القسم الثاني‪ :‬مرجئة الفقهاء‪ ،‬وهم أهل الكوفة‪ ،‬كحماد بن أبي سليمان(‪ ،)2‬وأبي‬
‫حنيفة(‪ .)3‬وهؤالء زعموا أن اإليمان معرفة القلب وإقرار اللسان‪ ،‬وليس العمل من اإليمان؛‬
‫ألن اإليمان في كالم العرب‪ :‬التصديق‪ .‬قالوا‪ :‬والعامل ال يقال له ِّ‬
‫مصدق‪ ،‬وإنما التصديق‬
‫بالقلب واللسان(‪.)4‬‬
‫فالحاصل أن جميع فرق المرجئة أخرجوا األعمال عن مسمى اإليمان‪ ،‬فال يكون‬
‫االنقياد العملي عندهم داخالً في شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫وهذا القول بدعة في اإلسالم مخالف للنصوص الشرعية ِّ‬
‫المقررة لدخول األعمال في‬
‫مسمى اإليمان‪ ،‬وأنه شامل لها‪ ،‬وهي كثيرة‪ ،‬وقد تقدم ذكر شيء منها(‪.)5‬‬
‫ولذا ذم السلف المرجئة وشنعوا عليهم‪ ،‬لما يلزم من قولهم في اإليمان من لوازم كفرية‪،‬‬
‫ومخاطر اعتقادية وعملية‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪(( :‬فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سبباً لخطأ عظيم في العقائد‬
‫واألعمال(‪ .)6‬فلهذا عظم القول في ذم اإلرجاء حتى قال إبراهيم النخعي‪ :‬لفتنتهم ـ يعنى‬
‫المرجئة ـ أخوف على هذه األمة من فتنة األزارقة‪.‬‬
‫وقال الزهري‪ :‬ما ابتدعت في اإلسالم بدعة أضر على أهله من اإلرجاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪( :‬ص‪ 668 :‬ـ ‪.)673‬‬


‫(‪ )2‬هو‪ :‬حماد بن أبي سليمان األشعري موالهم‪ ،‬أبو إسماعيل الكوفي‪ ،‬رمي باإلرجاء‪ .‬مات سنة عشرين ومئتين أو‬
‫قبلها‪ .‬انظر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)238 :‬‬
‫(‪ )3‬أبو حنيفة له روايتان في حد اإليمان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أنه تصديق القلب وقول اللسان‪ ،‬وهذه الرواية عليها أكثر أصحابه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن اإليمان هو تصديق القلب فقط‪ ،‬وأما قول اللسان فهو ركن زائد خارج عن مسمى اإليمان‪ .‬وعلى هذه‬
‫الرواية يوافق قول (الماتريدية واألشعرية)‪ ،‬أن اإليمان هو تصديق القلب فقط‪ .‬انظر‪ :‬أسئلة وأجوبة في اإليمان‬
‫للراجحي (ص‪.)17 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التبصير في معالم الدين (ص‪ .)188 :‬وانظر‪ :‬لتفصيل فرق المرجئة مجموع الفتاوى (‪ 796/5‬ـ ‪.)798‬‬
‫(‪ )5‬كما في (ص‪ 873 :‬ـ ‪.)831‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬لوازم هذا القول مجموع الفتاوى (‪ 188/5‬ـ ‪ ،)782 ،188‬وأسئلة وأجوبة في اإليمان للراحجي‬
‫(ص‪ 19:‬ـ ‪ 13 ،17‬ـ ‪.)23‬‬
‫‪1338‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫وقال األوزاعي‪ :‬كان يحيي بن أبى كثير وقتادة يقوالن‪ :‬ليس شيء من األهواء أخوف‬
‫عندهم على األمة من اإلرجاء‪.‬‬
‫وقال شريك القاضى ـ وذكر المرجئة ـ فقال‪ :‬هم أخبث قوم‪ ،‬حسبك بالرافضة خبثاً‬
‫ولكن المرجئة يكذبون على الله‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري‪ :‬تركت المرجئة اإلسالم أرق من ثوب سابري(‪.)1‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬إنما حدث اإلرجاء بعد فتنة فرقة ابن األشعث‪.‬‬
‫وسئل ميمون بن مهران(‪ )2‬عن كالم المرجئة‪ ،‬فقال‪ :‬أنا أكبر من ذلك‪.‬‬
‫وقال سعيد بن جبير لذر الهمدانى(‪ :)3‬أال تستحي من رأي أنت أكبر منه‪.‬‬
‫وقال أيوب السختياني‪ :‬أنا أكبر من دين المرجئة‪ .‬إن أول من تكلم في اإلرجاء رجل‬
‫من أهل المدينة من بني هاشم يقال له‪ :‬الحسن‪.‬‬
‫وقال زاذان(‪ :)4‬أتينا الحسن بن محمد‪ ،‬فقلنا‪ :‬ما هذا الكتاب الذي وضعت ـ وكان هو‬
‫الذي أخرج كتاب المرجئة ـ فقال لي‪ :‬يا أبا عمر لوددت أني كنت مت قبل أن أخرج هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬أو أضع هذا الكتاب(‪.)5‬‬
‫فإن الخطأ في اسم اإليمان ليس كالخطأ في اسم محدث‪ ،‬وال كالخطأ في غيره من‬
‫األسماء؛ إذ كانت أحكام الدنيا واآلخرة متعلقة باسم اإليمان واإلسالم والكفر والنفاق))(‪.)6‬‬
‫وبذلك يتبين خطورة خالف المرجئة في مسائل اإليمان؛ ولوال إدراك السلف لمخاطر‬
‫هذا القول لما شنعوا عليهم هذا التشنيع البليغ‪ ،‬ولما حذروا منهم هذا التحذير الشديد‪.‬‬
‫كما يظهر أيضاً شدة حرص السلف على متابعة السنة‪ ،‬وترك األهواء وما أحدث من‬

‫(‪ )1‬سابري‪ :‬يطلق على كل ثوب رقيق يستشف ما وراءه‪ .‬انظر‪ :‬النهاية في غريب الحديث (‪.)669/2‬‬
‫(‪ )2‬هو‪ :‬ميمون بن مهران الجزري‪ ،‬أبو أيوب‪ ،‬أصله كوفي‪ ،‬نزل الرقة‪ ،‬ثقة فقيه‪ ،‬ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز‪ ،‬وكان‬
‫يرسل من الرابعة مات سنة سبع عشرة ومئة‪[ .‬تقريب التهذيب (ص‪.])883 :‬‬
‫(‪ )3‬هو‪ :‬ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني المرهبي‪ ،‬أبو عمر الكوفي‪ ،‬رمي باإلرجاء‪ ،‬مات قبل المائة‪ .‬انظر‪:‬‬
‫تهذيب الكمال (‪ ،)711/8‬وخالصته تقريب التهذيب (ص‪.)616 :‬‬
‫(‪ )4‬لم يتبين لي‪ .‬ولعله أبو صالح‪ ،‬مولى طلحة‪ .‬انظر‪ :‬تقريب التهذيب (ص‪.)1132 :‬‬
‫(‪ )5‬السنة لعبد الله بن اإلمام أحمد (‪.)627/1‬‬
‫(‪ )6‬مجموع الفتاوى (‪ 689/5‬ـ ‪ .)687‬وانظر‪ :‬اإليمان ألبي عبيد (ص‪ 66 :‬ـ ‪.)67‬‬
‫‪1313‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫البدع واآلراء‪.‬‬
‫ولذا كانت السالمة في سلوك منهجهم‪ .‬وصدق القائل‪:‬‬
‫وكل شر في ابتداع من خلف‬ ‫وكـ ــل خيـ ــر فـ ــي اتبـ ــاع مـ ــن السـ ــلف‬
‫النوع الثاني‪ :‬الخالف العملي في شرط االنقياد‪.‬‬
‫الخالف العملي في هذا الشرط بحر ال ساحل له‪ ،‬وانحدار ال نهاية له‪ .‬فبين مضيِّع‬
‫ألصل االنقياد(‪ )1‬وبين مضيِّع ألدنى الكمال الواجب‪ ،‬وبين تـْينِّك الدرجتين درجات ال‬
‫تنضبط بحد أو مقدار‪.‬‬
‫ويمكن حصر هؤالء المخالفين في األنواع التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الكفار األصليون‪ :‬وهم على ثالثة أصناف‪:‬‬
‫أ ـ الجاحدون‪ .‬ب ـ المعرضون‪ .‬جـ‪ .‬المستشرقون‪.‬‬
‫فالصنف األول والثاني قد سبق الحديث عنهم(‪.)2‬‬
‫وأما الصنف الثالث‪ ،‬وهم المستشرقون(‪ )3‬فهم على قسمين‪ .‬قسم درسوا اإلسالم ألجل‬
‫الكيد له‪ ،‬وقسم درسوا اإلسالم ألجل االستطالع ومعرفة ما عند الغير‪ .‬فكال النوعين علموا‬
‫بحقيقة دين اإلسالم‪ ،‬فمنهم من يهتدي إلى أن اإلسالم هو الحق وأنه الدين الواجب‬
‫اتباعه‪ ،‬ثم يفترقون؛ فمنهم من ينقاد إلى اإلسالم ظاهراً وباطناً فيصير في عداد المسلمين‪.‬‬
‫يصرح بإعجابه باإلسالم ويقينه بصحته‪ ،‬وتجد بعض المسلمين‬ ‫ومنهم من ال ينقاد‪ ،‬إال أنه ِّ‬

‫(‪ )1‬بترك الصالة على ما ترجح من كفر تاركها‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪( :‬ص‪ 836 :‬ـ ‪ ،)838‬و(ص‪ 838 :‬ـ ‪.)853‬‬
‫(‪ )3‬المستشرقون أو االستشراق لقب يطلق على كل ما يبحث في أمور الشرقيين وثقافاتهم وتاريخهم‪ ،‬ويقصد به‬
‫ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق اإلسالمي‪ ،‬والتي تشمل حضارته‬
‫وأديانه وآدابه ولغاته وثقافته‪ .‬ولهم أهداف ومقاصد خبيثة من وراء الدراسات اإلسالمية عن المسلمين‪ ،‬منها‪:‬‬
‫التشكيك في صحة رسالة النبي ‪ ،‬وذلك عن طريق التشكيك في القرآن بالطعن فيه‪ ،‬والتشكيك في السنة بأنها‬
‫من وضع المسلمين خالل القرون الثالثة األول‪ ،‬والتشكيك في الفقه اإلسالمي باعتباره مستمداً من الفقه الروماني‪،‬‬
‫وبإرجاع اإلسالم إلى مصادر يهودية ونصرانية‪ ،‬ويعتمدون في ذلك على األحاديث واألخبار الموضوعة‪ .‬والهدف‬
‫من ذلك كله هو حماية أوربا من قبول اإلسالم بعد أن عجزت على القضاء عليه من خالل الحروب الصليبية‪.‬‬
‫ولكن لكل قاعدة شواذ؛ فمنهم منصفون درسوا اإلسالم ألجل المعرفة والمقارنة بين اإلسالم والملل األخرى‪.‬‬
‫الموسوعة الميسرة (ص‪ 531 ،385 :‬ـ ‪ .)532‬بتصرف‪.‬‬
‫‪1311‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫التجرد‪ ،‬ولكن إعجابهم ويقينهم ال‬


‫يهشون لذلك ويطربون لهؤالء‪ ،‬ويصفونهم بالموضوعية و ُّ‬
‫يكفي‪ ،‬بل ال بد من االنقياد(‪.)1‬‬
‫وهنا قسم رابع متـردد في إلحاقه بالكافر األصلي أو المرتد‪ ،‬وهو من نطق بالشهادتين‬
‫وهو عازم على أن ال يصلي أو اشترط ذلك عند إسالمه‪.‬‬
‫هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين‪ ،‬فمن أهل العلم من جوز اإلسالم مع‬
‫الشرط الفاسد القادح في صحة اإلسالم؛ كعدم فعل الصالة‪ ،‬ومنهم من خالف‪ .‬يقول ابن‬
‫رجب ـ رحمه الله ـ في جامع العلوم والحكم‪(( ،‬ومن المعلوم بالضرورة أن النبي ‪ ‬كان‬
‫يقبل من كل من جاءه يريد الدخول في اإلسالم الشهادتين فقط‪ ،‬ويعصم دمه بذلك‪،‬‬
‫ويجعله مسلماً‪ ،‬وقد أنكر على أسامة بن زيد قتله لمن قال‪« :‬ال إله إال الله» لما رفع عليه‬
‫السيف واشتد نكيره عليه‪ .‬ولم يكن النبي ‪ ‬يشترط على من جاءه يريد اإلسالم أن يلتزم‬
‫الصالة والزكاة‪ ،‬بل قد روي أنه قبل من قوم اإلسالم‪ ،‬واشترطوا أن ال يزكوا‪ ،‬ففي "مسند‬
‫اإلمام أحمد" عن جابر ‪ ‬قال‪« :‬اشترطت ثقيف على رسول الله ‪ ‬أن ال صدقة عليهم‬
‫وال جهاد‪ ،‬وأن رسول الله ‪ ‬قال سيتصدقون ويجاهدون»‪ ،‬وفيه أيضاً عن نصر بن عاصم‬
‫الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي ‪ ‬فأسلم على أن ال يصلي إال صالتين فقبل منه‪ .‬وأخذ‬
‫اإلمام أحمد بهذه األحاديث وقال‪ :‬يصح اإلسالم على الشرط الفاسد‪ ،‬ثم يلزم بشرائع‬
‫اإلسالم كلها‪ ،‬واستدل ـ أيضاً ـ بأن حكيم بن حزام قال بايعت النبي ‪ ‬على أن ال أ ِّخر إال‬
‫قائماً‪ .‬قال أحمد معناه أن يسجد من غير ركوع))(‪.)2‬‬
‫والقول بصحة إسالم من نطق بالشهادتين مع اشتراطه ما يقدح في صحتهما اختاره‬
‫الشوكاني ـ رحمه الله ـ في نيل األوطار(‪ )3‬واستدل له بما تقدم ذكره من أدلة في كالم‬
‫الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫ومن أهل العلم من خالف‪ ،‬فذهب إلى أن من وقع في ما يناقض هذه الشروط أنه كافر‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الشهادتان وما يستلزمه كل منهما (ص‪.)557 :‬‬


‫(‪ )2‬جامع العلوم والحكم (ص‪ 178 :‬ـ ‪ .)178‬وانظر‪ :‬تعظيم قدر الصالة للمروزي (‪.)87/1‬‬
‫(‪.)586/9( )3‬‬
‫‪1312‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫أصلي؛ لكونه لم يفهم حقيقة اإلسالم وال ماهية التوحيد(‪.)1‬‬


‫والذي يترجح في نظري والعلم عند الله أن النطق بالشهادتين ال يصح مع اشتراط ما‬
‫يناقضهما إذا وقع من عالم‪ ،‬وذلك مراعاة لشروط هذه الكلمة‪ ،‬فكما أن الصالة ال تصح‬
‫مع اإلخالل بشيء من شروطها حال العلم فكذلك الشهادتان‪.‬‬
‫ولكن من تلفظ بالشهادتين قبِّل ذلك منه في الظاهر‪ ،‬وال ينقب عن باطنه‪ ،‬وكذا لو‬
‫شرط شرطاً قادحاً وذلك أخذاً بهذه النصوص‪.‬‬
‫وعليه فال يكون كافراً أصلياً من تلفظ بالشهادتين وهو عازم على أن ال يصلي أو اشترط‬
‫ذلك عند إسالمه‪ ،‬بل هو كافر مرتد ـ إن لم يلتزم بالصالة ـ ألن عقد اإلسالم يثبت له بمجرد‬
‫تلفظه بالشهادتين‪.‬‬
‫ولذا ينبغي التفريق بين صحة اإلسالم‪ ،‬وقبول اإلسالم ابتداءً‪ ،‬فصحة اإلسالم يشترط‬
‫لها الخلو من المناقض‪ ،‬وقبول اإلسالم يصح مع الشرط الفاسد؛ وذلك جمعاً بين‬
‫النصوص‪.‬‬
‫وبقي هنا أن نشير إلى نوع مختلف أيضاً في إلحاقه بالكافر األصلي أو بالمرتد‪ ،‬وهو‬
‫الكافر األصلي إذا أتى بالشهادتين ثم قال‪ :‬لم أ ِّرْد اإلسالم فقط‪ ،‬فهل يصير مرتداً‪ ،‬ويجبر‬
‫على اإلسالم‪ ،‬أو هو كافر أصلي لم يتحقق دخوله في اإلسالم؟‬
‫اختلفت الروايات عن اإلمام أحمد في هذه المسألة؛ فن ِّقل عنه أنه صار مرتداً ويجبر‬
‫على اإلسالم(‪ ،)2‬ونقل عنه أنه يقبل منه وال يجبر على اإلسالم‪ ،‬ألنه يحتمل الصدق‪ ،‬فال‬
‫يراق دمه بالشبهة‪.‬‬
‫قال ابن قدامة بعد أن حكى الروايتين عن اإلمام أحمد فيها‪(( :‬واألول أولى‪ ،‬ألنه قد‬
‫ح ِّكم بإسالمه‪ ،‬فيقتل إذا رجع‪ ،‬كما لو طالت مدته))(‪ )3‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬واختار الخالل من أصحاب أحمد أنه ال يجبر‪ ،‬ألن في قبول قوله احتياطاً للدم‪،‬‬

‫(‪ )1‬تطهير االعتقاد المطبوع مع شرحه للشيخ علي بن سنان (ص‪ 115 :‬ـ ‪ ،)118‬وحكم تكفير المعين للشيخ‬
‫إسحاق بن عبد الرحمن (ص‪.)15 ،8 :‬‬
‫(‪ )2‬قال الحافظ ابن حجر‪(( :‬ومقتضى قوله "يجبر" أنه إذا لم يلتزم يجري عليه حكم المرتد‪ ،‬وبه صرح القفال))‬
‫[نيل األوطار (‪.])53/1‬‬
‫(‪ )3‬المغني (‪.)28/8‬‬
‫‪1316‬‬ ‫شرط االنقياد بحقوق ال إله إال الله‬

‫والدماء يحتاط لها في الموضع المحتمل والشبهة‪ ،‬وهاهنا شبهة ألنه يحتمل صدقه في‬
‫ذلك(‪.)1‬‬
‫وما ذهب إليه ابن قدامة ـ رحمه الله ـ أظهر‪ ،‬ألن المكلف إذا أتى باللفظ الذي يتعلق‬
‫به الحكم فالظاهر أنه قصده واعتقده‪ ،‬وقوله بعد ذلك‪ :‬لم أقصده‪ ،‬لم يصدق ألنه خالف‬
‫الظاهر؛ أال ترى أنه لو أقر وقال كذبت في إقراري أو سهوت لم يقبل منه‪ ،‬وكذلك لو تلفظ‬
‫بالطالق الصريح‪ ،‬وقال‪ :‬لم أقصد الطالق لم يقبل منه!!‬
‫أما لو أتى بالشهادتين على وجه يشهد له الظاهر أنه لم يقصد به اإلسالم؛ مثل أن‬
‫يأتي بألفاظ اآلذان على وجه الحكاية واإلخبار عن صفته ال على وجه التأذين‪ ،‬أو يذكر أن‬
‫فيها توحيداً على وجه الحكاية لم يجبر كما يقال في باب الطالق‪ :‬إذا أتى بصريحه على‬
‫وجه الحكاية لم يقع(‪.)2‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬من ليسوا بكفار أصليين‪ ،‬وإنما هم مسلمون في األصل إال أنهم خالفوا‬
‫في شرط االنقياد‪ .‬وهم على قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬من ارتدوا عن اإلسالم بترك الصالة بعد فعلها ـ على القول الراجح ـ‪ ،‬فسلِّبوا‬
‫أصل االنقياد‪ ،‬وهؤالء قد سبق الحديث عنهم في حكم تارك الصالة‪.‬‬
‫مفرطون في بعض‬ ‫القسم الثاني(‪ :)3‬من هم باقون على أصل إسالمهم إال أنهم ِّ‬
‫الفرائض الظاهرة دون الصالة‪ ،‬فهؤالء ال يسلبون أصل االنقياد وال يـ ْعط ْون االنقياد المطلق‬
‫بل يقال‪ :‬إنهم مؤمنون بإيمانهم فاسقون بكبائرهم‪ ،‬وهم تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عفا‬
‫عنهم وإن شاء عذبهم‪ ،‬إذا لق ْوه على تلك الحال‪.‬‬
‫هذا آخر ما تم تقييده في هذه الشروط‪ .‬والحمد لله أوالً وآخراً‪ ،‬وباطناً وظاهراً‪ .‬فال‬
‫أحق بالحمد منه‪ ،‬نثني عليه الخير كله‪ ،‬ونحمده بما هو أهله‪ ،‬ونسأله المزيد من توفيقه‬
‫وفضله‪ ،‬فال حول وال قوة لنا إال به‪ .‬وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫(‪ )1‬المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى (‪.)253/3‬‬
‫(‪ )2‬المصدر نفسه (‪.)253/3‬‬
‫(‪ )3‬هذا الصنف لم يخالفوا في أصل االنقياد‪ ،‬ولكن وجه ذكري لهم ضمن المخالفين من باب التمييز لهم عن‬
‫غيرهم‪ ،‬ألن بعض الناس يخلط بينهما نزوعاً إلى مذهب الخوارج‪.‬‬
‫‪0101‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫الخاتمة‬
‫وفي ختام هذا البحث فإني أحمد الله كثيراً أن وفقني إلتمامه‪ ،‬فله الشكر أوالً‬
‫وآخراً‪ ،‬وله الحمد باطناً وظاهراً‪ .‬ال أحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه‪.‬‬
‫وبعد؛ فإني قد قمت بإعداد هذه الرسالة مستلهماً فيها الصواب من الله وحده‪ ،‬وقد‬
‫اجتهدت في جمع مادتها العلمية والتنسيق بين فصولها ومباحثها ومطالبها‪ ،‬متبعاً الخطة‬
‫التي رسمت لها وأجيزت عبر المجالس المعنية في الجامعة‪ .‬وقد قسمت البحث فيها إلى‬
‫باب منها فصالن فصلت فيهما القول في ماله صلة وتعلق بهذه‬ ‫خمسة أبواب تحت كل ٍ‬
‫الشروط‪ ،‬فجمعت شوارد مباحث هذه الشروط‪ .‬ثم إني خرجت بنتائج ومقترحات من‬
‫خالل هذا البحث أجملها في النقاط التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬النتائج‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ أن لال إله إال الله شروطاً ال يحصل اإلسالم الحقيقي على الكمال والتمام إال بالقيام‬
‫بها علماً وعمالً‪ ،‬ولها نواقض ومبطالت تنافيها‪ ،‬ومن أعظم ذلك الشرك بالله في عبادته‪،‬‬
‫كدعوة غير الله ورجائه واالستعانة به واالستغاثة والتوكل‪ ،‬ونحو ذلك من أنواع العبادة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن هذه الشروط مراتب في أصل اإليمان ليست شيئاً واحداً‪ ،‬وهذا مما يدل على صحة‬
‫السبر والتقسيم لهذه الشروط‪ .‬وتضمن هذه الشروط بعضها ٍ‬
‫لبعض ال يقدح في هذا التقسيم؛‬
‫ات عديدة في هذا التقسيم(‪.)1‬‬ ‫ألن للعلماء مقاصد صحيحة واعتبار ٍ‬
‫‪3‬ـ أن تحقيق التوحيد هو بتحقيق هذه الشروط‪ ،‬ألن هذه الشروط تمثِّل أركان التوحيد‬
‫ٍ‬
‫بشيء منها‬ ‫وأصوله التي ال يتحقق التوحيد إال بها‪ ،‬ولذا كان اإلخالل بهذه الشروط أو‬
‫إخالالً بأصل التوحيد ونقضاً لعُراه‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن هذه الشروط ليست شروطاً لكلمة التوحيد ال إله إال الله فحسب‪ ،‬بل منها ما‬
‫يدخل في توحيد الربوبية واألسماء والصفات‪ ،‬كشرط العلم والمعرفة بالله‪ ،‬وكشرط التصديق‬
‫واإلخالص(‪ .)2‬فهذه الشروط موضوعة للمحافظة على أنواع التوحيد الثالثة‪ ،‬وذلك ألن‬
‫أنواع التوحيد متداخلة متالزمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬لهذه االعتبارات ينظر (ص‪ 061 :‬ـ ‪.)061‬‬


‫(‪ )2‬ألن المراد بشرط اإلخالص اإلخالص المنافي للشرك في الربوبية والشرك في األلوهية‪.‬‬
‫‪0101‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫بحج ِّز بعض‪ ،‬ال يُتصور انفكاكها أبداً في عرف‬ ‫‪ 1‬ـ أن هذه الشروط متالزمة آخذ بعضها ُ‬
‫الشرع؛ فإذا َّتم واحد منها وك ُمل عُلِّم أن جميعها قد ك ُملت‪ ،‬وإذا انتفى واحد منها بالكلية‬
‫ٍ‬
‫فلنقص في بقيتها‪.‬‬ ‫عُلِّم أن جميعها انتفت‪ ،‬وإذا نقص واحد منها‬
‫‪ 6‬ـ أن شروط كلمة التوحيد ليست منحصرة في الشروط السبعة أو الثمانية من حيث‬
‫التفصيل بل كل عمل من أعمال القلوب الواجبة شرط في قبولها يوم القيامة‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الخوف والرجاء والرغبة والرهبة والتوكل‪ ،‬واإليمان بالبعث وبالنبوة والرسالة وغير ذلك من‬
‫أعمال القلوب الالزمة لصحة اإليمان‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أن هذه الشروط السبعة أصول ألعمال الجوارح والقلوب؛ فبقية أعمال القلوب ترجع‬
‫إليها‪ .‬وهذا أيضاً مما يدل على صحة هذا الحصر في هذه الشروط‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن الحصر لهذه الشروط حصر إجمالي ليس تفصيلياً‪ .‬فالمسكوت عنه ي ِّرجع إليها‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أن أفراد هذه الشروط يتفاوت الناس فيها زيادة ونقصاناً ألنها من اإليمان‪ ،‬واإليمان يزيد‬
‫وينقص عند أهل السنة كما دل على ذلك القرآن والسنة وإجماع السلف؛ ولذا كانت أفراد‬
‫أصل وكمال واجب وكمال مستحب‪.‬‬ ‫هذه الشروط منقسمة إلى ٍ‬
‫‪ 01‬ـ أن هذه الشروط ليست شرطاً لقبول اإلسالم الظاهر ابتداءً‪.‬‬
‫‪ 00‬ـ أن التزام هذه الشروط أمر يظهر على الجوارح‪ ،‬وذلك للتالزم بين الظاهر والباطن‪ ،‬ولذا‬
‫فال وجه للتشغيب بأن القول بها يقتضي التوقف في إسالم من نطق بالشهادتين‪.‬‬
‫‪ 02‬ـ أن اإلخالل بهذه الشروط أمر قد يظهر على الجوارح‪ ،‬وذلك لما مضى من التالزم‬
‫بين الظاهر والباطن‪.‬‬
‫‪03‬ـ أن اإلخالل بشرط من هذه الشروط موجب للكفر‪ ،‬ألن أصل اإليمان ال يتم إال‬
‫باجتماعها‪.‬‬
‫‪01‬ـ أن المرجئة(‪ )1‬عاطلون عن هذه الشروط نافون لها‪ ،‬ولذا فمن التزم اإليمان على‬
‫مذاهبهم لم يكن إيمانه صحيحاً‪.‬‬

‫(‪ )1‬لفظ "المرجئة" المراد به هنا من ينكر دخول أعمال القلوب والجوارح في اإليمان كالكرامية‪،‬‬
‫والجهمية‪ ،‬ومن تأثر بهم؛ كاألشعرية والماتريدية‪.‬‬
‫‪0106‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫‪01‬ـ اتفاق المرجئة المعاصرين(‪ )1‬مع المرجئة المتقدمين في نفي هذه الشروط أو بعضها‬
‫الحقب ال أثر له في‬ ‫مر العصور‪ ،‬واختالف ِّ‬ ‫مما يدل على توافق مذهب المرجئة على ِّ‬
‫المنهج‪ ،‬وكما قيل‪ :‬لكل قوم وارث‪.‬‬
‫‪ 06‬ـ أن خوارج العصر لم يراعوا شروط التكفير عند أهل السنة‪ ،‬ولذا عظمت فتنتهم في‬
‫هذا العصر‪.‬‬
‫‪07‬ـ اختالف العلماء في عد هذه الشروط ال أثر له‪ ،‬ألنه اختالف في اإلجمال والتفصيل‪،‬‬
‫ومفصل؛ إذ التفصيل فرع عن اإلجمال‪.‬‬ ‫وال تعارض بين ُمجمل َّ‬
‫الجملي ـ هو آكد هذه‬ ‫‪ 01‬ـ أن شرط العلم بمعنى ال إله إال الله ـ على ما قررناه أنه العلم ُ‬
‫الشروط وأعالها في نظر النظار‪ ،‬وذلك ألمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن جميع الطوائف ـ بما فيهم المرجئة ـ مطبقة على اشتراطه في الجملة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ألن بفقده ال يصح اإلسالم‪ ،‬ولو مع الجهل به‪.‬‬
‫‪ 01‬ـ أن شرط االنقياد العملي هو أدنى مراتب هذه الشروط‪ ،‬وذلك ألنه قد يصح اإلسالم‬
‫مع فقده؛ كمن ترك الصالة جاهالً بوجوبها‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ أن العلم بال إله إال الله منه ما يكون فِّعلياً مؤثراً في وجود المعلوم‪ ،‬ومنه ما يكون‬
‫انفعالياً ال تأثير له في وجود المعلوم؛ وذلك بحسب األشخاص‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ أن المعطلة على اختالف درجاتهم في التعطيل مخالفون في شرط العلم بال إله إال‬
‫الله‪ ،‬ألن من أسس هذا العلم ولوازمه معرفة المشهود له بأسمائه وصفاته‪ ،‬وهم بتعطيلهم‬
‫لصفات ربهم لم يعرفوه على الحقيقة‪ ،‬وذلك وجه إطالق السلف لتكفيرهم‪.‬‬
‫‪ 22‬ـ أن أهل التشبيه باختالف مقاالتهم مخالفون أيضاً لشرط العلم بال إله إال الله‪ ،‬ألن‬
‫من لوازمه كما تقدم معرفة المشهود له‪ ،‬وهم بتشبيههم لصفات ربِّهم لم يعرفوه حقيقة‪،‬‬
‫تصوروه في أذهانهم من الصورة لربِّهم‪ ،‬وذلك هو وجه إطالق‬ ‫فتكون شهادتهم واقعةً على ما َّ‬
‫السلف تكفيرهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬المراد بالمرجئة المعاصرين هنا دعاة القبورية ومن ِّ‬


‫يجوز الشرك باألموات كغالة المتصوفة وخصوم دعوة الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ‪ ،‬وليس مقصودي بهذا اللفظ من يتهم زوراً وبهتاناً بأنه مرجئ لكونه يراعي شروط‬
‫التكفير وضوابطه عند السلف أو ال يرى كفر تارك الصالة؛ فهؤالء لم أقصدهم في عباراتي‪ ،‬وبالله التوفيق‪.‬‬
‫‪0107‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫‪ 23‬ـ أن قضية العذر بالجهل في تفاصيل ما يناقض توحيد العبادة ترجع إلى أن العلم‬
‫المشترط في شهادة أن ال إله إال الله هو العلم اإلجمالي ال العلم التفصيلي‪.‬‬
‫مناف لشرط العلم بمعنى الشهادة فيكون‬ ‫‪ 21‬ـ أن الجهل بمعنى شهادة أن ال إله إال الله ٍ‬
‫كفراً إذا كان في أصل المعنى ومع التفريط إذا كان في تفاصيل توحيد العبادة أو توحيد‬
‫األسماء الصفات عند قوم؛ وذهب بعض أهل العلم ‪ -‬وهو قول مرجوح ‪ -‬إلى أنه ينافي‬
‫الكمال الواجب ما لم تقم الحجة الرسالية التي يُكفر لتركها‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ أن خالف أهل العلم في قضية اإلعذار بالجهالة مرجعه إلى تحقيق كفر األعيان‪،‬‬
‫ليس في أصل المسألة‪.‬‬
‫‪ 26‬ـ أن العلم التفصيلي شرط مع العلم‪ ،‬والعلم اإلجمالي شرط مطلقاً‪.‬‬
‫‪ 27‬ـ أن من ترك عمل الجوارح بالكلية لم يصح إيمانه‪ ،‬ألنه لم يحقق شرط االنقياد‬
‫بحقوق هذه الكلمة‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ أن النطق بال إله إال الله من شروط شهادة أن ال إله إال الله إال أن العلماء لم ينصوا‬
‫عليه في الشروط‪ ،‬ألن لفظ الشهادة يتضمنه‪ ،‬ولذا فمن ترك النطق بال إله إال الله مع القدرة‬
‫يكفر‪ ،‬إال على قول طائفة ضالة من المرجئة تزعم أن المراد قولها بالقلب ال اللسان‪ ،‬ولذا‬
‫تجعل اإليمان هو معرفة القلب أو تصديقه بالله تعالى‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ أن النطق واإلقرار بالشهادتين يُشترط للنجاة في الدنيا واآلخرة؛ فالعصمة في‬
‫الدنيا من القتل تنبني عليه؛ وكذا النجاة في اآلخرة إال أنه في اآلخرة ال يكفي إال‬
‫تنض م إليه بقية الشروط‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ أن هذه الشروط شروط مطالبة ال طلب بمعنى أن الكافر إذا أسلم ال يُطالب بها‬
‫حال النطق فإذا أخل بشيء منها بعد النطق أ ُِّجبر عليها‪.‬‬
‫ِّ‬
‫‪ 30‬ـ أن من تلفظ بالشهادتين قُبِّل منه إال إذا عُلم أنه ال يريد معناهما ُ‬
‫الجملي المراد‬
‫مقراً بالتوحيد وبرسالة النبي ‪ ‬إال أنه يعتقد أن النبي ‪ ‬رسول‬ ‫منهما؛ كالكتابي إن كان َّ‬
‫للعرب خاصة‪ ،‬فهذا إذا قال أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمداً رسول الله لم يُقبل منه‬
‫عما تلبس به من نواقض هذه الكلمة‪ ،‬كأن يضيف‪ :‬وإن دين محمد حق‪ ،‬أو‬ ‫حتى يُقر برجوعه َّ‬
‫فرض‪ ،‬وأبرأ مما خالف دين اإلسالم‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬وكذا من ال يميِّز بين الله وغيره من‬
‫الموجودات كأصحاب وحدة الوجود واالتحاد‪.‬‬
‫‪0101‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫‪ 32‬ـ أن المنافق نفاقاً اعتقادياً كافر عند جميع الطوائف عدا الكرامية‪ ،‬ألنه مخل بجميع‬
‫هذه الشروط أو ببعضها‪.‬‬
‫‪ 33‬ـ أن القدر المشترط في كل شرط هو أقل ما يقع عليه اسم ذلك الشرط‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ أن المراد بشرط الصدق الصدق المنافي للكذب والتكذيب؛ فمن كذب في إيمانه‬
‫كذب بشيء من شرائع الدين كفر‪.‬‬ ‫كفر‪ ،‬ومن َّ‬
‫‪ 31‬ـ أن المراد بشرط اإلخالص سالمة اإلرادة والنية وسالمة االعتقاد من الشرك‪.‬‬
‫‪ 36‬ـ أن الشرك األصغر ينافي كمال اإلخالص ال شرط ـ [أصل] ـ اإلخالص‪.‬‬
‫‪ 37‬ـ أن أكثر هذه الشروط أمور وجدانية يصعب حدها‪ ،‬ولكنها تتميز بأضدادها‪ ،‬وذلك‬
‫وجه ذكري عند كل شرط ما ينافيه أو يضاده من المخالفة والمعصية‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ انحراف غالة الصوفية في معنى العلم المشترط لصحة ال إله إال الله‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ انحراف غالة الصوفية في شرط المحبة‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ انحراف الجهمية في شرط المحبة‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ انحراف بعض المتكلمين في شرط المحبة‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ الكفر ليس محصوراً في تكذيب القلب فقط ـ كما زعمت المرجئة ـ بل يقع بالقول‬
‫وبالقلب وبأعمال الجوارح والشك‪ ،‬وذلك نظراً لتنوع هذه الشروط وتعدد تعلقاتها‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ أن الكفر كما أنه يقع بالفعل فهو أيضاً يقع بالترك‪ ،‬وذلك نظراً لتعلق هذه الشروط‬
‫بالفعل والترك‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أن التحاكم إلى الطاغوت يختلف حكمه بحسب الدوافع إليه‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أن شهادة أن ال إله إال الله دلَّت على شرط الكفر بالطاغوت تضمناً ال التزاماً‪ ،‬ولم يقل‬
‫أحد من المسلمين والعرب‪ :‬إنها دلت على ذلك التزاماً إال على قول طائفة ضالة من‬
‫المتكلمين يزعمون أن معناها ‪ :‬ال قادر على االختراع موجود إال الله‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ أن من أسباب فتح باب الشرك على األمة تفسير ال إله إال الله بمعنى الربوبية وما‬
‫ترتب عليه من نف ٍي لشرط الكفر بالطاغوت‪.‬‬
‫المتقدمين وليست هي من بدع المتأخرين كما‬ ‫ِّ‬ ‫‪ 17‬ـ أن هذه الشروط موجودة في كالم‬
‫زعمه بعض المعاصرين‪.‬‬
‫‪0101‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫‪ 11‬ـ أن المراد تحقيق هذه الشروط ال حفظها وإحصاؤها ـ وما أحسن ما قال الشيخ‬
‫حافظ حكمي في معارج القبول(‪(( :)1‬ومعنى استكمالها‪ :‬اجتماعها في العبد والتزامه إياها‪،‬‬
‫بدون مناقضة منه لشيء منها‪ ،‬وليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها؛ فكم من عامي‬
‫اجتمعت فيه والتزمها‪ ،‬ولو قيل له اُعددها لم يحسن ذلك؛ وكم حافظ أللفاظها يجري فيها‬
‫كالسهم وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها‪ ،‬والتوفيق بيد الله والله المستعان))‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أن الموافاة داخلة تحت شرط االنقياد‪ ،‬فال وجه ِّ‬
‫لعدها شرطاً مستقالً‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أن الردة قاطعة لشرط االنقياد بل ولجميع الشروط‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ أن مواالة الكفار تنافي المحبة لالإله إال الله‪ ،‬وحكمها يختلف بحسب الدوافع إليها؛‬
‫فقد تكون كفراً أكبر ينافي أصل هذه المحبة‪ ،‬وقد تكون معصية تنافي الكمال الواجب‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ أن التحاكم إلى الوجد والذوق والعقل ينافي الكفر بالطاغوت إال أن حكمه يختلف‬
‫بحسب حال المتحاكم‪.‬‬
‫خرج‬
‫‪ 13‬ـ تالزم الشهادتين‪ :‬شهادة أن ال إله إال الله وشهادة أن محمداً رسول الله‪ .‬وهو يُ َّ‬
‫على أمور‪:‬‬
‫أولها‪ :‬شرط العلم بال إله إال الله وما يستلزمه من العلم بصدق الرسول ‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬شرط المحبة وما يستلزمه من تجريد المتابعة للرسول ‪.‬‬
‫الهدى ودين الحق‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬شرط القبول وما يقتضيه من قبول ما جاء به الرسول ‪ ‬من ُ‬
‫رابعاً‪ :‬شرط االنقياد وما يستلزمه من عبادة الله وفق ما شرع هذا الرسول ‪.‬‬
‫فهذه أربعة أمور هي تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله تستلزمها وتقتضيها شهادة أن ال‬
‫إله إال الله؛ مما يدل على قوة هذا التالزم وشدة هذا الترابط والصلة بين الشهادتين‪ .‬وما‬
‫أحسن ما قال حافظ حكمي في حقيقة هذا الترابط‪(( :‬وقد قدمنا أن العبد ال يدخل الدين‬
‫إال بهاتين الشهادتين‪ ،‬وأنهما متالزمتان‪ ،‬فشروط الشهادة األولى هي الشروط في الثانية‪،‬‬
‫كما أنها هي الشرط في األولى))(‪.)2‬‬
‫‪ 11‬ـ أن شرط القبول شامل لشرط االنقياد‪.‬‬
‫تصور الوقوع‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أن ترك العمل الظاهر بالكلية كفر؛ وهو غير ُم َّ‬

‫(‪.)101/2( )1‬‬
‫(‪ )2‬أعالم السنة المنشورة (ص‪.)13 :‬‬
‫‪0121‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫‪ 16‬ـ أن حد شرط االنقياد العملي هو فعل الصالة‪.‬‬


‫‪ 17‬ـ أن اإليمان القلبي التام في كالم شيخ اإلسالم هو الذي به يتحقق أصل اإليمان‪ ،‬وال‬
‫يكون ذلك إال مع عمل الجوارح‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أن جنس العمل من األلفاظ المجملة المتشابهة‪ ،‬ولم يذكره السلف؛ ولذا كان‬
‫الواجب تركه‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ أن الشخص قد يتلفظ بالشهادتين‪ ،‬وال يخرجه ذلك عن الكفر األصلي؛ كمن تلفظ‬
‫بالشهادتين قاصداً بهما الدخول في اإلسالم‪ ،‬وهو ال يميِّز بين الله وغيره من الموجودات‪ ،‬أو‬
‫كان عيسوياً ال يقر بعموم رسالة النبي ‪ ،‬أو كان جاهالً بمعناهما اإلجمالي‪.‬‬
‫‪ 61‬ـ أن المراد بالموافاة على ال إله إال الله الموت على اإلسالم‪ ،‬وال يشترط ألن يوافي‬
‫عليها أن يتلفظ بها عند النـزع‪.‬‬
‫‪ 60‬ـ أن الترتيب الصحيح لهذه الشروط ‪ -‬بحسب التدرج في كمالها ‪ :-‬العلم واليقين‬
‫والصدق واإلخالص والمحبة والقبول واالنقياد الصادق‪ ،‬وذلك بحسب استلزام بعضها‬
‫البعض؛ إذ يلزم من االنقياد الصادق القبول‪ ،‬ويلزم من القبول المحبة‪ ،‬ويلزم من المحبة‬
‫اإلخالص(‪ ،)1‬ويلزم من اإلخالص الصدق‪ ،‬ويلزم من الصدق اليقين‪ ،‬ويلزم من اليقين العلم‪.‬‬
‫هذه بعض النتائج التي توصلت إليها من خالل البحث والدراسة في هذه الشروط‬
‫العظيمة التي عليها مدار اإلسالم‪ ،‬وتصحيح اإليمان‪.‬‬
‫وقد اعتنى العلماء من أئمة الدعوة وغيرهم بهذه الشروط عناية فائقة لما لها من‬
‫األهمية‪ ،‬ولما وقع من التساهل فيها عند بعض المسلمين بسبب الجهل ونبش اإلرجاء‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬المقترحات‪.‬‬
‫أوصي بمزيد من الدراسة حول هذه الشروط وأقترح بحثاً يكون عنوانه‪( :‬جهود أئمة‬
‫الدعوة في الرد على الفرق المخالفة في هذه الشروط) إلبراز جهود أئمة الدعوة من‬
‫جهة‪ ،‬ولمعالجة داء الشرك واإلرجاء من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما أقترح بحثاً أيضاً بعنوان ‪( :‬أثر مقالة أهل اإلرجاء على توحيد العبادة)‪ .‬لبيان‬
‫خطورة اإلرجاء وجنايته على العقيدة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ألن من أحب شيئاً أخلص في طاعته‪.‬‬


‫‪0120‬‬ ‫خاتمة الرسالة‬

‫كما أقترح بحثاً آخر‪ ،‬بعنوان‪( :‬أثر تقسيمات أهل العلم في توضيح توحيد‬
‫العبادة) تكون دراسة هذه الشروط عمد ًة فيه‪.‬‬
‫وبذلك تكمل األعمال والدراسات حول هذه الشروط‪ ،‬فيحصل النفع والخير الكثير‬
‫بإذن الله‪ .‬إذا كان الدافع لذلك إخالص النية‪ ،‬وصدق القصد واإلرادة‪.‬‬
‫والله المسئول أن يخلص نياتنا وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه‪ ،‬ناصحة لعباده إنه‬
‫قريب مجيب‪.‬‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫الفهارس العامة‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫أوالً‪ :‬فهرس اآليات القرآنية‬


‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬
‫سورة الفاتحة‬
‫‪292 ،13‬‬ ‫الحم د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ل د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د‬ ‫‪1‬‬
‫العالمين‪................................‬‬
‫‪562 ،11‬‬ ‫إياك نعب وإياك نستعين‪..............................‬‬ ‫‪5‬‬
‫سورة البقرة‬
‫‪456 ،452‬‬ ‫وباآلخرة هم يوقنون‪................................‬‬ ‫‪4‬‬
‫ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم اآلخر‪،123 ،122 ...........‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪521‬‬
‫يخادعون ال وهو خادعهم‪،512 ،433 ...........................‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪511‬‬
‫‪،433 ،5‬‬ ‫في ق وبهم مرض فزادهم ال مرضا‪....................‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪512‬‬
‫‪511 ،439‬‬ ‫وإذا لقوا الذين آمنوا‪................................‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪213 ،211‬‬ ‫مث هم كمثل الذي استوق نا ا‪.......................‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪151 ،94 ،13‬‬ ‫يا أيها الناس اعب وا بكم‪...........................‬‬ ‫‪12‬‬
‫فال تجع وا ل أن ادا‪،412 ،94 ..................................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪622‬‬
‫‪12‬‬ ‫هو الذي خ ق لكم ما في األ ض جميعا‪...............‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪441‬‬ ‫الذين يظنون أنهم مالقوا بهم‪........................‬‬ ‫‪46‬‬
‫‪52‬‬ ‫قولوا ل ناس حسنا‪...................................‬‬ ‫‪31‬‬
‫‪362 ،122‬‬ ‫أفتؤمنون ببعض الكتا وتكفرون ببعض‪.............‬‬ ‫‪ 35‬د ‪36‬‬
‫‪369 ،142‬‬ ‫وكانوا من قبل يستفتحون ع ى الذين كفروا‪..........‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪314 ،611‬‬ ‫من كان ع وا ل ومالئكت و س ‪....................‬‬ ‫‪93‬‬
‫‪2214‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪921‬‬ ‫وقالوا لن ي خل الجنة إال من كان‪....................‬‬ ‫‪222‬‬
‫‪921 ،392‬‬ ‫ب ى من أس م وجه ل ‪..............................‬‬ ‫‪221‬‬
‫‪31‬‬ ‫فأينما تولوا فثم وج ال ‪.............................‬‬ ‫‪225‬‬
‫‪225‬‬ ‫كل ل قانتون‪.......................................‬‬ ‫‪226‬‬
‫‪،299 ،52‬‬ ‫قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا‪.........................‬‬ ‫‪216‬‬
‫‪521‬‬
‫فإن آمنوا بمثل ما آمنتم ب ‪121 ،299 ............................‬‬ ‫‪211‬‬
‫‪949‬‬ ‫وما كان ال ليضيع إيمانكم‪..........................‬‬ ‫‪241‬‬
‫‪،141 ،142‬‬ ‫الذين آتيناهم الكتا يعرفون كما يعرفون‪............‬‬ ‫‪246‬‬
‫‪344‬‬
‫‪516‬‬ ‫إال الذين تابوا وأص حوا‪.............................‬‬ ‫‪262‬‬
‫‪12‬‬ ‫وإلهكم إل واح ‪....................................‬‬ ‫‪261‬‬
‫‪111 ،132‬‬ ‫إن في خ ق السموات واأل ض‪.......................‬‬ ‫‪264‬‬
‫‪،642 ،212‬‬ ‫ومدن الندداس مدن يتخددذ مدن دون ال د أند ادا يحبددونهم كحد‬ ‫‪265‬‬
‫‪112‬‬ ‫ال والذين آمنوا أش ُّ حبَّا ل ‪.........................‬‬
‫‪111‬‬ ‫وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل ال قالوا‪...................‬‬ ‫‪212‬‬
‫‪،211 ،45‬‬ ‫لد د دديأ البد د ددر أن تول د د دوا وجد د ددوهكم قبد د ددل الم د د ددر والم د د ددر‬ ‫‪211‬‬
‫‪943‬‬ ‫ولكن‪...............................................‬‬
‫‪،124 ،619‬‬ ‫كت ع يكم القتال وهو كره لكم‪....................‬‬ ‫‪126‬‬
‫‪616‬‬
‫‪999 ،934‬‬ ‫ومن يرت َّ منكم عن دين ‪.............................‬‬ ‫‪121‬‬
‫‪914 ،314‬‬ ‫حافظوا ع ى الص وات والصالة الوسطى‪...............‬‬ ‫‪113‬‬
‫ال إك دراه فددي ال د ين ق د تبددين الرش د مددن ال ددي فمددن يكفددر ‪،116 ،224‬‬ ‫‪156‬‬
‫‪316‬‬ ‫بالطاغوت ويؤمن بال ‪...............................‬‬
‫ال ولي الذين آمنوا‪112 ،152 ..................................‬‬ ‫‪151‬‬
‫‪2215‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪512‬‬ ‫إذ قال إبراهيم الذي‪.............................‬‬ ‫‪153‬‬
‫‪462‬‬ ‫قال أو لم تؤمن‪......................................‬‬ ‫‪162‬‬
‫‪541‬‬ ‫مثل الذين ينفقون أموالهم‪.............................‬‬ ‫‪165‬‬
‫‪161 ،52‬‬ ‫وإن تب وا ما في أنفسكم أو تخفوه‪.....................‬‬ ‫‪134‬‬
‫‪135 ،269‬‬ ‫س د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددمعنا‬ ‫‪135‬‬
‫وأطعنا‪.........................................‬‬
‫‪425‬‬ ‫بنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا‪....................‬‬ ‫‪136‬‬
‫سورة آل عمران‬
‫‪،295 ،62‬‬ ‫شه ال أن ال إل إال هو‪.............................‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪514‬‬
‫‪552 ،514‬‬ ‫إن ال ين عن ال اإلسالم‪.............................‬‬ ‫‪29‬‬
‫‪،694 ،691‬‬ ‫ال يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين‪......‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪126‬‬
‫‪،612 ،611‬‬ ‫قد د د د د د ددل إن كند د د د د د ددتم تحبد د د د د د ددون ال د د د د د د د فد د د د د د دداتبعوني يحبد د د د د د ددبكم‬ ‫‪12‬‬
‫‪121‬‬ ‫ال ‪.............‬‬
‫‪364‬‬ ‫قل أطيعوا ال والرسول‪..............................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪،91 ،66‬‬ ‫قل يا أهل الكتا تعالوا إلى ك مة سواء‪...............‬‬ ‫‪64‬‬
‫‪923‬‬
‫‪921‬‬ ‫إن أولى الناس بإبراهيم ل ذين اتبعوه‪...................‬‬ ‫‪63‬‬
‫‪93‬‬ ‫وماكان لب ر أن يؤتي ال الكتا والحكم والنبوة ثم يقول‪.........‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪93‬‬ ‫وال يأمركم أن تتخذوا المالئكة والنبيين أ بابا‪..........‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪143‬‬ ‫وإذ أخذ ال ميثا النبيين‪.............................‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪226‬‬ ‫أف ير دين ال يب ون ول أس م من في السموات واأل ض طوعا وكرها‪...‬‬ ‫‪31‬‬
‫‪،514 ،46‬‬ ‫ومن يبتغ غير اإلسالم دينا‪............................‬‬ ‫‪35‬‬
‫‪511‬‬
‫‪2216‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪513 ،516‬‬ ‫إن الذين كفروا بع إيمانهم ثم ازدادوا كفرا‪............‬‬ ‫‪92‬‬
‫‪،516‬‬ ‫إن الذين ماتوا وهم كفا ‪............................‬‬ ‫‪92‬‬
‫‪2222‬‬
‫‪919 ،1‬‬ ‫يا أيها الناس اتقوا ال حق تقات وال تموتن إال‪..........‬‬ ‫‪221‬‬
‫‪592 ،541‬‬ ‫منكم من يري ال نيا‪.................................‬‬ ‫‪251‬‬
‫‪299‬‬ ‫يقولون بأفواههم ما ليأ في ق وبهم‪....................‬‬ ‫‪261‬‬
‫‪395 ،269‬‬ ‫بن د د د د د د د د د د د د د ددا إنن د د د د د د د د د د د د د ددا س د د د د د د د د د د د د د ددمعنا منادي د د د د د د د د د د د د د ددا ين د د د د د د د د د د د د د ددادي‬ ‫‪291‬‬
‫لإليمان‪.....................‬‬
‫سورة النساء‬
‫‪1‬‬ ‫يا أيها الناس اتقوا بكم‪..............................‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪322‬‬ ‫وإن أ دتم استب ال زوج مكان زوج‪...................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪،541 ،513‬‬ ‫واعب وا ال وال ت ركوا ب شيئا‪......................‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪151‬‬
‫إن ال ال ي فر أن ي رك ب ‪621 ،561 ...........................‬‬ ‫‪43‬‬
‫ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتا ‪،152 ،695 ................‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪131‬‬
‫ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا‪،131 ،112 ....................‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪321‬‬
‫‪323‬‬ ‫فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ال والرسول‪...........‬‬ ‫‪59‬‬
‫ف د د ددال و ب د د ددح ال يؤمن د د ددون حت د د ددى يحكم د د ددوك فيم د د ددا ش د د ددجر ‪،323 ،152‬‬ ‫‪65‬‬
‫‪311‬‬ ‫بينهم‪...............................................‬‬
‫‪454‬‬ ‫ولو أنهم فع وا ما يوعظون ب لكان خيرا لهم‪...........‬‬ ‫‪66‬‬
‫‪523‬‬ ‫ومن يطع ال و سول ‪................................‬‬ ‫‪69‬‬
‫‪121 ،19‬‬ ‫أفال يت برون القرآن‪..................................‬‬ ‫‪31‬‬
‫يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل ال ‪،114 ،256 ..............‬‬ ‫‪94‬‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪515‬‬
‫‪421 ،422‬‬ ‫إن ال د د د د د د د د د د د د د ددذين توف د د د د د د د د د د د د د دداهم المالئك د د د د د د د د د د د د د ددة د د د د د د د د د د د د د ددالمي‬ ‫‪91‬‬
‫أنفسهم‪................‬‬
‫‪541‬‬ ‫ال خير في كثير من نجواهم‪...........................‬‬ ‫‪224‬‬
‫ومن أحسن دينا ممن أس م وجه ل واتبع‪،612 ،514 .............‬‬ ‫‪215‬‬
‫‪921‬‬
‫‪535‬‬ ‫وإذا قاموا إلى الصالة قاموا كسالى‪....................‬‬ ‫‪241‬‬
‫‪439 ،5‬‬ ‫مذبذبين بين ذلح‪....................................‬‬ ‫‪241‬‬
‫إن المند د د د د د د د د د ددافقين فد د د د د د د د د د ددي ال د د د د د د د د د د د ك األسد د د د د د د د د د ددفل مد د د د د د د د د د ددن ‪،491 ،122‬‬ ‫َّ‬ ‫‪245‬‬
‫‪546‬‬ ‫النا ‪.................‬‬
‫إن الذين يكفرون بال و س ‪،319 ،141 .........................‬‬ ‫‪ 252‬د ‪َّ 252‬‬
‫‪319‬‬
‫‪،411 ،114‬‬ ‫سال مب رين ومنذ ين لئال يكون ل ناس حجة‪.........‬‬ ‫‪265‬‬
‫‪994‬‬
‫سورة المائدة‬
‫ومن يكفر باإليمان فق حبط عم ‪،952 ،515 ....................‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪995‬‬
‫‪615‬‬ ‫وقالت اليهود والنصا ى نحن أبناءُ ال وأحباؤه‪.........‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪،52 ،52‬‬ ‫من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن ق وبهم‪..........‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪164 ،162‬‬
‫ومن لم يحكم بما أنزل ال فأولئح هم الكافرون‪،194 ،122 ........‬‬ ‫‪44‬‬
‫‪،325 ،321‬‬
‫‪322 ،323‬‬
‫‪133‬‬ ‫وأن أحكم بينهم بما أنزل ال ‪.........................‬‬ ‫‪49‬‬
‫أفحكم الجاه ية يب ون‪321 ،133 ...............................‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪2213‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫ومن يتولهم منكم فإن منهم‪،633 ،631 ...........................‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪122 ،699‬‬
‫يددا أيهددا الددذين آمندوا مددن يرتد مددنكم عددن ديند فسددو يددأتي ‪124 ،611‬‬ ‫‪54‬‬
‫ال د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د بق د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددوم يح د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددبهم‬
‫ويحبون ‪...............................‬‬
‫‪511‬‬ ‫وإذا جاؤوكم قالوا آمنا‪..............................‬‬ ‫‪62‬‬
‫وقال المسيح يا بني إسرائيل اعب وا ال بي و بكم إن مدن ‪991 ،239‬‬ ‫‪11‬‬
‫ي رك بال فق حرم ال ع ي الجنة‪.................‬‬
‫‪611‬‬ ‫ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا‪..................‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪،522 ،126‬‬ ‫ولو كانوا يؤمنون بال والنبي وما أنزل إلي ‪.............‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪699 ،611‬‬
‫‪12‬‬ ‫فأث د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددابهم ال د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د بم د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددا‬ ‫‪35‬‬
‫قالوا‪...................................‬‬
‫‪111 ،15‬‬ ‫وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل ال والرسول قالوا‪.......‬‬ ‫‪224‬‬
‫‪114‬‬ ‫وإذ قال ال يا عيسى ابن مريم‪........................‬‬ ‫‪226‬‬
‫‪492‬‬ ‫هذا يوم ينفع الصادقين ص قهم‪.......................‬‬ ‫‪229‬‬
‫سورة األنعام‬
‫‪1‬‬ ‫ق د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددل أغي د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددر ال د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د أتخ د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددذ‬ ‫‪24‬‬
‫وليا‪.................................‬‬
‫‪416‬‬ ‫إلي هذا القرآن ألنذكم ب ومن ب غ‪...........‬‬ ‫وأوحي َّ‬ ‫‪29‬‬
‫فإنهم ال يكذبونح‪344 ،141 ...................................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪149‬‬ ‫قل ال أقول لكم عن ي خزائن ال ‪.....................‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪919‬‬ ‫وهو الذي يتوفاكم بال يل‪............................‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪456‬‬ ‫وكذلح نري إبراهيم م كوت السموات واأل ض‪......‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪121 ،91‬‬ ‫جن ع ي ال يل أى كوكبا‪.......................‬‬ ‫ف ما َّ‬ ‫‪ 16‬د ‪13‬‬
‫‪2219‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪692‬‬ ‫يا قومي إني بريء مما ت ركون‪........................‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪192‬‬ ‫إني وجهت وجهي ل ذي فطر السموات واأل ض‪......‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪541 ،4‬‬ ‫الذين آمنوا ولم ي بسوا إيمانهم بظ م‪....................‬‬ ‫‪31‬‬
‫‪،561 ،11‬‬ ‫ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعم ون‪.............‬‬ ‫‪33‬‬
‫‪121‬‬
‫‪314 ،311‬‬ ‫ومن أ م ممن افترى ع ى ال كذبا‪...................‬‬ ‫‪91‬‬
‫‪119‬‬ ‫وال تسبوا الذين ي عون من دون ال ‪...................‬‬ ‫‪223‬‬
‫‪454‬‬ ‫ونق أفئ تهم وأبصا هم‪............................‬‬ ‫‪222‬‬
‫‪1‬‬ ‫أف ير ال أبت ي حكما‪................................‬‬ ‫‪224‬‬
‫‪113‬‬ ‫وإن أطعتموهم إنكم لم ركون‪........................‬‬ ‫‪212‬‬
‫‪995 ،411‬‬ ‫يا مع ر الجن واإلنأ‪................................‬‬ ‫‪212‬‬
‫‪315‬‬ ‫كذ الذين من قب هم‪........................‬‬ ‫كذلح َّ‬ ‫‪243‬‬
‫‪941‬‬ ‫وإذا ق تم فاع لوا‪....................................‬‬ ‫‪251‬‬
‫‪611‬‬ ‫وأن هذا صراطي مستقيما‪............................‬‬ ‫‪251‬‬
‫‪962 ،946‬‬ ‫هل ينتظرون إال أن تأتيهم‪............................‬‬ ‫‪253‬‬
‫‪169‬‬ ‫إن ص د د د د د د د ددالتي ونس د د د د د د د ددكي ومحي د د د د د د د دداي ومم د د د د د د د دداتي‬ ‫‪ 261‬د ‪ 261‬ق د د د د د د د ددل َّ‬
‫ل ‪...............‬‬
‫‪91 ،1‬‬ ‫قل أغير ال أب ي با‪.................................‬‬ ‫‪264‬‬
‫سورة األعراف‬
‫‪119 ،222‬‬ ‫َّثم آلتينَّهم من بين أي يهم ومن خ فهم‪.................‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪314‬‬ ‫بي الفواحش‪............................‬‬ ‫حرم َ‬ ‫قل إنما َّ‬ ‫‪11‬‬
‫‪653 ،594‬‬ ‫ت كم الجنة أو ثتموها بما كنتم تعم ون‪.................‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪363‬‬ ‫بآياتنا يجح ون‪......................................‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪131‬‬ ‫أال ل الخ ق واألمر‪...................................‬‬ ‫‪54‬‬
‫‪151‬‬ ‫لق أ س نا نوحا إلى قوم فقال يا قوم‪.................‬‬ ‫‪59‬‬
‫‪2212‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪923‬‬ ‫عاد أخاهم هودا‪................................‬‬ ‫وإلى ٍ‬ ‫‪ 65‬د ‪12‬‬
‫‪95‬‬ ‫وما وج نا ألكثرهم من عه ‪.........................‬‬ ‫‪221‬‬
‫‪191‬‬ ‫قالوا آمنا بر العالمين‪................................‬‬ ‫‪212‬‬
‫‪66‬‬ ‫ويذ ك وآلهتح‪......................................‬‬ ‫‪211‬‬
‫‪51‬‬ ‫قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة‪..............‬‬ ‫‪213‬‬
‫‪، 941293‬‬ ‫وأخ ددذ ب ددح م ددن بن ددي آدم م ددن ه ددو هم ذ ي ددتهم وأش دده هم‬ ‫‪211‬‬
‫‪122‬‬ ‫ع ى أنفسكم ألست بربكم‪...........................‬‬
‫‪121‬‬ ‫أيُ ركون ما ال يخ ق شيئا وهم يُخ قون‪...............‬‬ ‫‪292‬‬
‫سورة األنفال‬
‫‪121‬‬ ‫إنمد د د د د د ددا المؤمن د د د د د د ددون ال د د د د د د ددذين إذا ذكد د د د د د ددر ال د د د د د د د وج د د د د د د ددت‬ ‫‪1‬‬
‫ق وبهم‪...........‬‬
‫‪396 ،415‬‬ ‫إنمد د د د د د د د د د د ددا المؤمند د د د د د د د د د د ددون الد د د د د د د د د د د ددذين إذا ذكد د د د د د د د د د د ددر ال د د د د د د د د د د د د‬ ‫‪1‬د‪4‬‬
‫‪.......................‬‬
‫‪611‬‬ ‫وما كان صالتهم عن البيت إال مكاء وتص ية‪..........‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪554‬‬ ‫وقات وهم حتى ال تكون فتنة‪..........................‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪235‬‬ ‫أن ال موالكم‪...............................‬‬ ‫فاع موا َّ‬ ‫‪42‬‬
‫‪535‬‬ ‫وال تكونوا كالذين خرجوا من ديا هم بطرا‪...........‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪141‬‬ ‫وآخرين من دونهم ال تع مونهم‪........................‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪541‬‬ ‫تري ون عرض ال نيا‪.................................‬‬ ‫‪61‬‬
‫سورة التوبة‬
‫‪911‬‬ ‫فإن تابوا وأقاموا الصالة فخ وا سبي هم‪................‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪492 ،5‬‬ ‫يرضونكم بأفواههم وتأبى ق وبهم‪......................‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪911‬‬ ‫فإن تابوا وأقاموا الصالة فإخوانكم في ال ين‪............‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪392 ،61‬‬ ‫عمروا مساج ال ‪..............‬‬ ‫ما كان ل م ركين أن يَ ُ‬ ‫‪21‬‬
‫‪633‬‬ ‫ومن يتو َّلهم منكم فأولئح هم الظَّالمون‪.................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪2212‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪،666 ،629‬‬ ‫قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم‪.........................‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪611‬‬
‫‪251‬‬ ‫ي د د د د د د د د ددا أيُّه د د د د د د د د ددا ال د د د د د د د د ددذين آمن د د د د د د د د د دوا إنم د د د د د د د د ددا الم د د د د د د د د ددركون‬ ‫‪13‬‬
‫نجأ‪.................‬‬
‫‪،96 ،12‬‬ ‫اتخذوا أحبا هم و هبانهم أ بابدا مدن دون ال د والمسديح ابدن‬ ‫‪12‬‬
‫‪116‬‬ ‫مريم وما أمروا إال ليعب وا إلها واح ا‪..................‬‬
‫‪516‬‬ ‫إنم د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددا النَّس د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د دديء زي د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددادة ف د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددي‬ ‫‪11‬‬
‫الكفر‪............................‬‬
‫‪456‬‬ ‫إنما يستأذنح الذين ال يؤمنون بال واليوم اآلخر‪........‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪122‬‬ ‫يحذ المنافقون أن تُن َّدزل ع يهم سو ة‪.................‬‬ ‫َ‬ ‫‪64‬‬
‫‪129‬‬ ‫اس د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددت فر له د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددم أو ال تس د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددت فر‬ ‫‪32‬‬
‫لهم‪..........................‬‬
‫‪129‬‬ ‫وال تصل ع ى أح منهم مات أب ا‪....................‬‬ ‫‪34‬‬
‫‪653‬‬ ‫وقل اعم وا فسيرى ال عم كم‪.......................‬‬ ‫‪225‬‬
‫‪233‬‬ ‫ما كان ل نَّبي والذين آمنوا أن يست فروا ل م ركين‪......‬‬ ‫‪221‬‬
‫‪313 ،311‬‬ ‫وما كان المؤمنون لينفروا كافة‪........................‬‬ ‫‪211‬‬
‫‪121‬‬ ‫وإذا ما أُنزلت سو ة فمنهم من يقول‪..................‬‬ ‫‪214‬‬
‫‪396 ،612‬‬ ‫‪ 214‬د ‪ 215‬وإذا ما أُنزلت سو ة فمنهم من يقول ‪.................‬‬
‫سورة يونس‬
‫‪91‬‬ ‫قل من يرزقكم من السماء واأل ض‪...................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪314‬‬ ‫إن الظ د د د د د د د د د د د د د د د د د ددن ال ي ن د د د د د د د د د د د د د د د د د ددي م د د د د د د د د د د د د د د د د د ددن الح د د د د د د د د د د د د د د د د د ددق‬ ‫‪16‬‬
‫شيئا‪........................‬‬
‫‪142‬‬ ‫ويوم يح رهم كأ ْن لم ي بثوا إال ساعة من نها ‪..........‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪315‬‬ ‫الظن وإ ْن هم إال يخرصون‪...............‬‬ ‫إ ْن يتَّبعون إال َّ‬ ‫‪66‬‬
‫‪95‬‬ ‫ثم بعثنا من بع ه سال إلى قومهم‪.....................‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪362‬‬ ‫آمنت أن ال إل إال الذي آمنت ب بنو إسرائيل‪.........‬‬ ‫‪92‬‬
‫‪349‬‬ ‫ثم ننجي س نا والذين آمنوا‪..........................‬‬ ‫‪221‬‬
‫‪61‬‬ ‫وإن يمسس د د د د د ددح ال د د د د د د د بض د د د د د د ٍدر ف د د د د د ددال كاشد د د د د د د لد د د د د د د إال‬ ‫‪221‬‬
‫هو‪............‬‬
‫‪611‬‬ ‫ق جاءكم الحق من بكم‪............................‬‬ ‫‪223‬‬
‫سورة هود‬
‫‪235‬‬ ‫فاع موا أنَّما أُنزل بع ْم ال ‪............................‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪539 ،512‬‬ ‫من كان يري الحياة ال نيا وزينتها‪.....................‬‬ ‫‪ 25‬د ‪26‬‬
‫‪592‬‬ ‫أولئح الذين ليأ لهم في اآلخرة إال النا ‪...............‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪624‬‬ ‫وأنت أحكم الحاكمين‪...............................‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪36‬‬ ‫وما من دائبَّة إال هو آخذ بناصيتها‪....................‬‬ ‫‪56‬‬
‫‪456‬‬ ‫قالوا يا صالح ق كنت فينا مرجوا قبل هذا‪.............‬‬ ‫‪61‬‬
‫‪223 ،62‬‬ ‫وما مناهم ولكن موا أنفسهم‪....................‬‬ ‫‪222‬‬
‫‪622‬‬ ‫فاعب ه وتوَّكل ع ي ‪..................................‬‬ ‫‪211‬‬
‫سورة يوسف‬
‫وما أنت بمؤمن لنا‪،144 ،111 ...................................‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪143‬‬
‫‪562‬‬ ‫السوءَ والفح اء‪..................‬‬ ‫كذلح لنصر عن ُّ‬ ‫‪14‬‬
‫‪1‬‬ ‫واتبعت م ة آبائي‪....................................‬‬ ‫‪13‬‬
‫م د د د د د د د د د د د د ددا تعبد د د د د د د د د د د د د د ون م د د د د د د د د د د د د ددن دوند د د د د د د د د د د د د د إال أس د د د د د د د د د د د د ددماء ‪133 ،96 ،1‬‬ ‫‪42‬‬
‫سميتموها‪.................‬‬ ‫َّ‬
‫‪141 ،142‬‬ ‫وجاء إخوة يوس ف خ وا ع ي ‪......................‬‬ ‫‪53‬‬
‫‪،624 ،229‬‬ ‫وما يؤمن أكثرهم بال إال وهم م ركون‪..............‬‬ ‫‪226‬‬
‫‪623‬‬
‫سورة الرعد‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪224‬‬ ‫ول يسج من في السموات‪..........................‬‬ ‫‪25‬‬
‫‪161 ،149‬‬ ‫قل من السموات واأل ض‪.......................‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪،162 ،52‬‬ ‫أال بذكر ال تطمئن الق و ‪..........................‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪164‬‬
‫‪31‬‬ ‫ق د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددل‬ ‫‪11‬‬
‫سموهم‪...........................................‬‬ ‫ُّ‬
‫‪612 ،1‬‬ ‫قل إنما أمرت أن أعب ال ‪............................‬‬ ‫‪16‬‬
‫سورة إبراهيم‬
‫‪455‬‬ ‫وقالوا إنا كفرنا بما أ س تم ب ‪.........................‬‬ ‫‪9‬‬
‫أفي ال شح فاطر السموات واأل ض‪،125 ،134 ..................‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪451‬‬
‫‪112‬‬ ‫إني كفرت بما أشركتمون من قبل‪....................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪،214 ،51‬‬ ‫ألم َتر كي ضر ال مثال‪...........................‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪642‬‬
‫‪226‬‬ ‫يثبت ال الذين آمنوا بالقول الثابت‪....................‬‬ ‫‪11‬‬
‫وبني أن نعب األصنام إنهن ‪149 ،532 ...............‬‬ ‫واجنبني َّ‬ ‫‪ 15‬د ‪16‬‬
‫سورة الحجر‬
‫‪562‬‬ ‫إن عبادي ليأ لح ع يهم س طان‪.....................‬‬ ‫َّ‬ ‫‪41‬‬
‫‪223‬‬ ‫فو بح لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعم ون‪............‬‬ ‫‪ 92‬د ‪91‬‬
‫سورة النحل‬
‫‪221 ،61‬‬ ‫يندزل المالئكة بالروح من أمره‪......................‬‬ ‫‪1‬‬
‫أفمن يخ ق كمن ال يخ ق‪121 ،192 .............................‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪594‬‬ ‫ادخ وا الجنة بما كنتم تعم ون‪.........................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪،455 ،12‬‬ ‫ولق بعثنا في كل َّأمة سوال‪.........................‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪166‬‬
‫‪2214‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪116‬‬ ‫ليبين لهم الذي يخت فون في ‪...........................‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪122‬‬ ‫فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تع مون‪................‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪519‬‬ ‫أنزلنا إليح الذكر لتبيَّن ل ناس‪.........................‬‬ ‫‪44‬‬
‫‪519‬‬ ‫ودم لبنا خالصا‪.........................‬‬ ‫من بين فرث ٍ‬ ‫‪66‬‬
‫ْ‬
‫‪919‬‬ ‫وال خ قكم َّثم يتوفَّاكم‪..............................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪111‬‬ ‫وال أخرجكم من بطون َّأمهاتكم‪.....................‬‬ ‫‪13‬‬
‫يعرفون نعمة ال ثم يُنكرونها‪621 ،142 ..........................‬‬ ‫‪31‬‬
‫من عمل صالحا من ذك ٍر أو أنثى‪926 ،552 ......................‬‬ ‫‪91‬‬
‫مددن كفددر بال د إال مددن أُكددره وق ب د مطمددئن باإليمددان ولكددن ‪،162 ،52‬‬ ‫‪226‬‬
‫‪113‬‬ ‫من شرح بالكفر ص ا‪..............................‬‬
‫ذلح بأنَّهم استحبوا الحياة ال نيا ع ى اآلخرة‪،122 ،695 ...........‬‬ ‫‪221‬‬
‫‪136‬‬
‫‪332‬‬ ‫وال تقولوا لما تص ألسنتكم الكذ ‪..................‬‬ ‫‪226‬‬
‫‪921‬‬ ‫َّثم أوحينا إليح أن اتبع مَّة إبراهيم حنيفا‪...............‬‬ ‫‪211‬‬
‫سورة اإلسراء‬
‫‪226‬‬ ‫سبحان الذي أسرى بعب ه ليال‪........................‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪611‬‬ ‫إن هذا القرآن يه ي ل تي هي أقوم‪....................‬‬ ‫‪9‬‬
‫وما كنَّا معذبين حتى نبعث سوال‪،416 ،114 ....................‬‬ ‫‪25‬‬
‫‪964‬‬
‫‪13‬‬ ‫ال تجع د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددل م د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددع ال د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د إله د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددا‬ ‫‪11‬‬
‫آخر‪..............................‬‬
‫وقضى بُّح أن ال تعب وا إال إيَّاه‪31 ،61 ،11 ......................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪311‬‬ ‫وال تق ما ليأ لح ب ع م‪.........................‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪124 ،121‬‬ ‫قل لو كان مع آلهة كما يقولون‪......................‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪224‬‬ ‫شيء إال يسبح بحم ه‪........................‬‬ ‫وإن من ٍ‬ ‫‪44‬‬
‫‪2215‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪423‬‬ ‫وجع نا ع ى أق وبهم أكنَّة‪.............................‬‬ ‫‪46‬‬
‫السد د د ددموات واأل ض ‪،435 ،193‬‬ ‫دت مد د د ددا أند د د ددزل ه د د د دؤالء إال ُ َّ‬ ‫لق د د د د ع مد د د د َ‬ ‫‪221‬‬
‫‪521‬‬ ‫بصائر‪.....................................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫قل ادعوا ال أو ادعوا الرحمن‪.........................‬‬ ‫‪222‬‬
‫سورة الكهف‬
‫‪223‬‬ ‫والباقيات الصالحات خير عن بح‪....................‬‬ ‫‪46‬‬
‫‪555 ،541‬‬ ‫وال ي رك بعبادة ب أح ا‪............................‬‬ ‫‪222‬‬
‫سورة مريم‬
‫‪112‬‬ ‫يا أبت ال تعب ال يطان‪..............................‬‬ ‫‪44‬‬
‫‪226 ،11‬‬ ‫السموات واأل ض وما بينهما‪....................‬‬ ‫‪65‬‬
‫‪225‬‬ ‫ال يم ك د د د ددون ال د د د ددفاعة إال م د د د ددن اتخ د د د ددذ عن د د د د د ال د د د ددرحمن‬ ‫‪31‬‬
‫عه ا‪.......‬‬
‫إن كل من في السموات واأل ض إال آتي الرحمن عب ا‪226 ،225 ......‬‬ ‫‪91‬‬
‫سورة طه‬
‫‪123 ،111‬‬ ‫شيء َخ َق ‪..........................‬‬ ‫الذي أعطى كل ٍ‬ ‫‪52‬‬
‫‪551‬‬ ‫فد د د ددإني ل َّفد د د ددا لمد د د ددن تد د د ددا وآمد د د ددن وعمد د د ددل صد د د ددالحا ثد د د ددم‬ ‫‪31‬‬
‫اهت ى‪.......‬‬
‫‪234‬‬ ‫يومئد د د د د د د د د د ٍدذ ال تنفد د د د د د د د د ددع ال د د د د د د د د د ددفاعة إال مد د د د د د د د د ددن أذن ل د د د د د د د د د د‬ ‫‪229‬‬
‫الرحمن‪............‬‬
‫‪161‬‬ ‫فتع د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددالى ال د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د الم د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددح‬ ‫‪224‬‬
‫الحق‪.................................‬‬
‫‪191‬‬ ‫وعصى آدم بَّ ف وى‪................................‬‬ ‫‪212‬‬
‫‪611‬‬ ‫فإما يأتينَّكم مني ه ى ‪..............................‬‬ ‫‪211‬د ‪َّ 216‬‬
‫سورة األنبياء‬
‫‪335‬‬ ‫وما خ قنا السماء واأل ض وما بينهما العبين‪...........‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪2216‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪121 ،133‬‬ ‫لو كان فيهما آلهة إال ال لفس تا‪......................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪152‬‬ ‫أم اتخد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددذوا مد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددن دون د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د‬ ‫‪14‬‬
‫آلهة‪................................‬‬
‫‪،13 ،13‬‬ ‫وما أ س نا من قب ح من سوال إال نوحي إلي أند ال إلد إال‬ ‫‪15‬‬
‫‪455‬‬ ‫أنا فاعب ون‪......................................‬‬
‫‪511‬‬ ‫وال ي فعون إال لمن ا تضى‪...........................‬‬ ‫‪13‬‬
‫ومن يقل منهم إني إل من دون ‪111 ،112 ........................‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪223‬‬ ‫ق د د د د د د د ددالوا م د د د د د د د ددن فع د د د د د د د ددل ه د د د د د د د ددذا بآلهتن د د د د د د د ددا إند د د د د د د د د لم د د د د د د د ددن‬ ‫‪59‬‬
‫الظالمين‪................‬‬
‫‪113‬‬ ‫أ ٍ لكم ولما تعب ون من دون ال ‪.....................‬‬ ‫‪61‬‬
‫‪212‬‬ ‫فن د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددادى فد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددي‬ ‫‪ 31‬د ‪33‬‬
‫الظ مات‪...................................‬‬
‫‪595‬‬ ‫وي عوننا غبا و هبا‪.................................‬‬ ‫‪92‬‬
‫فمن يعمل من الصالحات‪،926 ،339 .............................‬‬ ‫‪94‬‬
‫‪915‬‬
‫‪169 ،116‬‬ ‫إنكم وما تعب ون من دون ال حص جهنَّم‪...........‬‬ ‫‪93‬‬
‫‪116‬‬ ‫لو كان هؤالء آلهة ما و دوها‪.........................‬‬ ‫‪99‬‬
‫سورة الحج‬
‫ألم تر أن ال يسج ل من في السموات واأل ض‪225 ،224 .......‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪629‬‬ ‫ومن ي رك بال فكأنما خر من السماء‪.................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪31‬‬ ‫فإلهكم إل واح ‪.....................................‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪551‬‬ ‫لن ينال ال لحومها وال دماؤها ولكن ينال التقوى منكم‪....‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪،456 ،14‬‬ ‫ذلح بأن ال هو الحق وأن ما ي عون من دون الباطل‪......‬‬ ‫‪61‬‬
‫‪623‬‬
‫‪514‬‬ ‫م ة أبيكم إبراهيم‪....................................‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫سورة المؤمنون‬
‫‪952‬‬ ‫ق د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د أف د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددح‬ ‫‪2‬د‪6‬‬
‫المؤمنون‪.....................................‬‬
‫‪91‬‬ ‫قل لمن األ ض ومن فيها إن كنتم تع مون‪..............‬‬ ‫‪ 34‬د ‪39‬‬
‫ما اتخذ ال من ول وما كان مع من إل ‪،131 ،136 ...............‬‬ ‫‪92‬‬
‫‪121‬‬
‫سورة النور‬
‫‪414‬‬ ‫س د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددبحانح ه د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددذا بهت د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددان‬ ‫‪26‬‬
‫عظيم‪.............................‬‬
‫‪451‬‬ ‫ال نو السموات واأل ض‪............................‬‬ ‫‪15‬‬
‫ثم يتولَّى فريق منهم من بع ذلح ‪952 ،921 .....................‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪921‬‬ ‫وإ ْن تطيعوه تهت وا ‪...................................‬‬ ‫‪54‬‬
‫‪519‬‬ ‫وع ال الذين آمنوا منكم ليستخ فنَّهم في األ ض ‪......‬‬ ‫‪55‬‬
‫‪532‬‬ ‫ف يحذ الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة‪........‬‬ ‫‪61‬‬
‫سورة الفرقان‬
‫‪،555 ،11‬‬ ‫وق منا إلى ما عم وا من عمل فجع ناه هباء منثو ا‪.......‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪592‬‬
‫أ أيت من أتخذ إله هواه أفأنت تكون ع ي وكيال‪،423 ،192 ......‬‬ ‫‪ 41‬د ‪44‬‬
‫‪323‬‬
‫‪226‬‬ ‫وعباد الرحمن الذين يم ون ع ى األ ض هونا‪...........‬‬ ‫‪61‬‬
‫سورة الشعراء‬
‫‪569 ،91‬‬ ‫وم د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددا ُّ‬ ‫‪11‬‬
‫العالمين‪......................................‬‬
‫‪469 ،192‬‬ ‫السموات واأل ض وما بينهما‪....................‬‬ ‫ُّ َّ‬ ‫‪ 14‬د ‪13‬‬
‫‪91‬‬ ‫لئن اتَّخذت إلها غيري‪................................‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪2213‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪،152 ،91‬‬ ‫أفرأيتم ما كنتم تعب ون‪...............................‬‬ ‫‪ 15‬د ‪11‬‬
‫‪313‬‬
‫‪192 ،611‬‬ ‫تال إ ْن كنَّا لفي ضالال مبين إذ نسويكم بر العالمين‪......‬‬ ‫‪ 91‬د ‪93‬‬
‫سورة النمل‬
‫‪335‬‬ ‫وإنَّح لت قى القرآن من ل ن حكي ٍم ع يم‪...............‬‬ ‫‪6‬‬
‫وجح وا بها واستيقنتها أنفسهم‪،413 ،134 .......................‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪363‬‬
‫‪152‬‬ ‫َّأمن جعل األ ض قرا ا‪...............................‬‬ ‫‪62‬‬
‫مد د د د د د د د د د د د د د ددن جد د د د د د د د د د د د د د دداء بالحسد د د د د د د د د د د د د د ددنة ف د د د د د د د د د د د د د د د خيد د د د د د د د د د د د د د ددر ‪352 ،221‬‬ ‫‪39‬‬
‫منها‪.........................‬‬
‫سورة القصص‬
‫‪233‬‬ ‫إنَّح ال ته ي من أحببت‪.............................‬‬ ‫‪56‬‬
‫‪691‬‬ ‫تكونن هيرا ل كافرين‪............................‬‬ ‫َّ‬ ‫فال‬ ‫‪36‬‬
‫سورة العنكبوت‬
‫‪433‬‬ ‫ألم أحس النَّاس أن يتركوا‪...........................‬‬ ‫َ‬ ‫‪2‬د‪1‬‬
‫‪112‬‬ ‫ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض‪......................‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪152‬‬ ‫مثل الذين اتخذوا من دون ال أولياء كمثل العنكبوت‪........‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪456‬‬ ‫وما كنت تت وا من قب من كتا ‪.....................‬‬ ‫‪43‬‬
‫‪365‬‬ ‫والذين آمنوا بالباطل‪.................................‬‬ ‫‪51‬‬
‫‪،229 ،91‬‬ ‫ولئن سألتهم من خ ق السموات واأل ض‪..............‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪146‬‬
‫‪91 ،61‬‬ ‫ولئن سألتهم من َّنزل من السماء ماء ‪..................‬‬ ‫‪61‬‬
‫فإذا كبوا في الف ح دعوا ال مخ صين ل ال ين ‪،111 ،512 ........‬‬ ‫‪ 65‬د ‪66‬‬
‫‪311‬‬
‫سورة الروم‬
‫‪2219‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪،115 ،111‬‬ ‫وأقم وجهح ل ين حنيفا‪.............................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪159‬‬
‫‪922‬‬ ‫منيبين إلي واتقوه‪....................................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪349‬‬ ‫ولق أ س نا من قب ح سال‪..........................‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪456‬‬ ‫إن وع ال حق‪...............................‬‬ ‫فاصبر َّ‬ ‫‪62‬‬
‫سورة لقمان‬
‫‪121‬‬ ‫وصاحبهما في ال نيا معروفا‪...........................‬‬ ‫‪25‬‬
‫‪224‬‬ ‫وأسبغ ع يكم نعم اهرة وباطنة‪.....................‬‬ ‫‪12‬‬
‫سورة السجدة‬
‫‪919‬‬ ‫قل يتوفَّاكم م ح الموت‪..............................‬‬ ‫ْ‬ ‫‪22‬‬
‫‪661‬‬ ‫تتج د د د د د د د د د د د د د د د ددافى جن د د د د د د د د د د د د د د د ددوبهم ع د د د د د د د د د د د د د د د ددن المض د د د د د د د د د د د د د د د دداجع‬ ‫‪26‬‬
‫ي عون‪....................‬‬
‫‪364‬‬ ‫ومن أ م ممن ذكر بآيات ب َّثم أعرض عنها‪..........‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪456‬‬ ‫أئمة يه ون بأمرنا‪.......................‬‬ ‫وجع نا منهم َّ‬ ‫‪14‬‬
‫سورة األحزاب‬
‫‪95‬‬ ‫وإذ أخذنا من النَّبيين ميثاقهم‪..........................‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪419‬‬ ‫ليسأل الصادقين عن ص قهم‪..........................‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪419‬‬ ‫من المؤمنين جال ص قوا ما عاه وا ال ع ي ‪...........‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪492‬‬ ‫ليجزي ال الصادقين بص قهم‪.........................‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪331 ،316‬‬ ‫وما كان لمؤم ٍن وال مؤمنة إذا قضى ال و سول أمرا‪........‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪152‬‬ ‫فد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددال يخ د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددون أح د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ا إال‬ ‫‪19‬‬
‫ال ‪...............................‬‬
‫‪1‬‬ ‫يا أيُّها الذين آمنوا اتقوا ال ‪...........................‬‬ ‫‪ 12‬د ‪12‬‬
‫سورة سبأ‬
‫‪451‬‬ ‫ويرى الذين أوتوا الع م الذي أنزل إليح من بح‪......‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪2242‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪323‬‬ ‫ولق ص َّ ع يهم إب يأ نَّ ‪.........................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪114‬‬ ‫وي د د د د د د د د د د د د ددوم يح د د د د د د د د د د د د ددرهم جميع د د د د د د د د د د د د ددا ث د د د د د د د د د د د د ددم يق د د د د د د د د د د د د ددول‬ ‫‪42‬‬
‫‪.........................‬‬
‫سورة فاطر‬
‫‪61‬‬ ‫مد د د د ددا يفد د د د ددتح ال د د د د د ل نَّد د د د دداس مد د د د ددن حمد د د د د ٍدة فد د د د ددال ممسد د د د ددح‬ ‫‪1‬‬
‫لها‪..............‬‬
‫‪،522 ،54‬‬ ‫إلي يصع الك م الطي ‪.............................‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪641‬‬
‫‪،663 ،61‬‬ ‫يا أيُّها النَّاس أنتم الفقراء إلى ال ‪.......................‬‬ ‫‪ 25‬د ‪21‬‬
‫‪615‬‬
‫‪111 ،112‬‬ ‫وال تز واز ة وز أخرى‪............................‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪،152 ،216‬‬ ‫ومددن النَّدداس وال د َّ وا واألنع ددام مخت د ألون د ك ددذلح إنَّم ددا‬ ‫‪13‬‬
‫‪112‬‬ ‫يخ د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددى ال د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د َ م د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددن عب د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د دداده‬
‫الع ماءُ‪...........................‬‬
‫سورة يس‬
‫‪225‬‬ ‫وال مأ تجري لمستق ٍر لها‪...........................‬‬ ‫‪13‬‬
‫سورة الصافات‬
‫‪،223 ،14‬‬ ‫‪ 15‬د ‪ 16‬إنَّهددم كددانوا إذا قيددل لهددم ال إل د إال ال د يسددتكبرون ويقولددون‬
‫‪341‬‬ ‫أإنَّا لتاكوا آلهتنا ل اعر مجنون‪........................‬‬
‫‪352‬‬ ‫‪ 42‬د ‪ 41‬أولئح لهم ز مع وم‪................................‬‬
‫‪223‬‬ ‫أإفكا آلهة دون ال تري ون‪............................‬‬ ‫‪36‬‬
‫‪435‬‬ ‫‪ 224‬د ‪ 225‬وناديناه أن يا إبراهيم ق ص قت الرؤيا‪................‬‬
‫سورة ص‬
‫‪249 ،14 ،1‬‬ ‫أجع د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددل اآلله د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددة إله د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددا‬ ‫‪5‬‬
‫واح ا‪................................‬‬
‫‪2242‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪226‬‬ ‫نعم العب إنَّ أوا ‪...................................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪226‬‬ ‫واذكر عبادنا إبراهيم وإسحا ويعقو ‪...............‬‬ ‫‪45‬‬
‫سورة الزمر‬
‫‪،542 ،513‬‬ ‫فاعب د د د د د د ال د د د د د د مخ صد د د د د ددا ل د د د د د د ال د د د د د د ين أال ل د د د د د د ال د د د د د د ين‬ ‫‪1‬د‪1‬‬
‫‪545‬‬ ‫الخالص‪..........‬‬
‫والددذين اتخددذوا مددن دوند أوليدداء مددا نعبد هم إال ليقربونددا إلددى ‪542 ،124‬‬ ‫‪1‬‬
‫ال زلفى‪............................................‬‬
‫‪514‬‬ ‫ليضل عن سبي ‪......................‬‬ ‫وجعل ل أن ادا َّ‬ ‫‪3‬‬
‫َّأم ددن ه ددو قان ددت آن دداء ال ي ددل س دداج ا وقائم ددا يح ددذ اآلخ ددرة ‪،162 ،152‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪161‬‬ ‫ويرجددو حمددة بد قددل هددل يسددتوي الددذين يع مددون والددذين ال‬
‫يع مون‪.............................................‬‬
‫‪513‬‬ ‫قد د د د د د ددل إند د د د د د ددي أمد د د د د د ددرت أن أعب د د د د د د د ال د د د د د د د مخ صد د د د د د ددا ل د د د د د د د‬ ‫‪22‬‬
‫ال ين‪..............‬‬
‫‪143‬‬ ‫والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعب وها‪...................‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪514 ،43‬‬ ‫ضر ال مثال جال في شركاء مت اكسون‪...........‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪491‬‬ ‫مم د د د د د د د د د د د د د ددن ك د د د د د د د د د د د د د د د َذ ع د د د د د د د د د د د د د ددى‬
‫فم د د د د د د د د د د د د د ددن أ د د د د د د د د د د د د د ددم َّ‬ ‫‪11‬‬
‫ال ‪.........................‬‬
‫‪524 ،492‬‬ ‫والذي جاء بالص وص َّ ب ‪.......................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪491‬‬ ‫لهم َّما ي اءون عن بهم‪.............................‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪31‬‬ ‫وما نعب هم إال ليقربونا إلى ال زلفى‪...................‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪919‬‬ ‫ال د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د يت د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددوفى األنف د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددأ ح د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددين‬ ‫‪41‬‬
‫موتها‪...........................‬‬
‫‪5‬‬ ‫وإذا ذكر ال وح ه اشمأزت‪..........................‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪922‬‬ ‫وأنيبوا إلى بكم وأس موا ل ‪..........................‬‬ ‫‪54‬‬
‫‪921‬‬ ‫واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من بكم ‪................‬‬ ‫‪55‬‬
‫‪2241‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪،534 ،11‬‬ ‫ولقد د د د د أوح د د د ددي إلي د د د ددح وإل د د د ددى ال د د د ددذين م د د د ددن قب د د د ددح ل د د د ددئن‬ ‫‪65‬‬
‫‪539‬‬ ‫كت‪............................................‬‬ ‫أشر َ‬
‫سورة غافر‬
‫‪251‬‬ ‫ال د د د د ددذين يج د د د د ددادلون ف د د د د ددي آي د د د د ددات ال د د د د د د ب ي د د د د ددر سد د د د د د طان‬ ‫‪15‬‬
‫آتاهم‪...........‬‬
‫‪569 ،463‬‬ ‫وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا ‪..................‬‬ ‫‪ 16‬د ‪11‬‬
‫‪91‬‬ ‫إني أل نُّ كاذبا‪......................................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪299 ،236‬‬ ‫ف َّما ْأوا بأسنا قالوا آمنا بال وح ه ‪..................‬‬ ‫‪ 34‬د ‪35‬‬
‫سورة فصلت‬
‫‪661 ،591‬‬ ‫حظ عظيم‪......‬‬ ‫وما ي قاها إال الذين صبروا وما ي قاها إال ذو ٍ‬ ‫‪15‬‬
‫‪353‬‬ ‫ال يأتي الباطل من بين ي ي وال من خ ف تندزيل من حكيم‬ ‫‪41‬‬
‫حمي ‪.........................................‬‬
‫‪451‬‬ ‫قل أ أيتم إن كان من عن ال ‪.........................‬‬ ‫‪ 51‬د ‪51‬‬
‫‪451 ،132‬‬ ‫سنريهم آياتنا في اآلفا ‪...............................‬‬ ‫‪51‬‬
‫سورة الشورى‬
‫‪323‬‬ ‫وم د د د د د ددا اخت ف د د د د د ددتم في د د د د د د د م د د د د د ددن ش د د د د د د ٍ‬
‫ديء فحكم د د د د د د د إل د د د د د ددى‬ ‫‪22‬‬
‫ال ‪...............‬‬
‫‪،195 ،13‬‬ ‫ليأ كمث شيء‪....................................‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪192‬‬
‫‪314 ،196‬‬ ‫أم لهم شركاء شرعوا لهم من ال ين ما لم يأذن ب ال ‪........‬‬ ‫‪12‬‬
‫سورة الزخرف‬
‫‪349 ،111‬‬ ‫وكذلح ما أ س نا من قب ح في قرية من نذير‪...........‬‬ ‫‪11‬‬
‫ممددا تعب د ون إال الددذي فطرنددي ‪692 ،91 ،1‬‬ ‫وإذ قددال إب دراهيم ألبي د إنَّنددي ب دراء َّ‬ ‫‪ 16‬د ‪13‬‬
‫فإنَّد د د د سد د د دديه ين وجع هد د د ددا ك مد د د ددة باقيد د د ددة فد د د ددي عقب د د د د لع هد د د ددم‬
‫يرجعون‪................................................‬‬
‫‪2241‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪11‬‬ ‫واسأل من أ س نا من قب ح من س نا‪..................‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪226‬‬ ‫يا عباد ال خو ع يكم اليوم‪.........................‬‬ ‫‪63‬‬
‫‪923‬‬ ‫وت ح الجنة التي أُو ثتموها بما كنتم تعم ون‪............‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪،225 ،6‬‬ ‫وال يم ددح الددذين ي د عون مددن دون د ال ددفاعة إال مددن شدده‬ ‫‪36‬‬
‫‪169‬‬ ‫بالحق وهم يع مون‪...................................‬‬
‫‪91‬‬ ‫ولئن سألتهم من خ قهم ليقولُ َّن ال ‪....................‬‬ ‫‪31‬‬
‫سورة الجاثية‬
‫‪11‬‬ ‫وسخر لكم ما في السموات وما في األ ض جميعا من ‪.......‬‬ ‫َّ‬ ‫‪21‬‬
‫م د د د د د د د د د د د د ددا ه د د د د د د د د د د د د د َدي إال حياتن د د د د د د د د د د د د ددا ال د د د د د د د د د د د د د نيا نم د د د د د د د د د د د د ددوت ‪133 ،112‬‬ ‫‪14‬‬
‫ونحيا‪.....................‬‬
‫‪456‬‬ ‫السدداعة ال ي د فيهددا ق ددتم مددا‬ ‫إن وع د ال د حددق و َّ‬ ‫وإذا قيددل َّ‬ ‫‪12‬‬
‫ن ي ما الساعة‪.....................................‬‬
‫سورة األحقاف‬
‫‪،421 ،422‬‬ ‫عما أنذ وا معرضون‪....................‬‬ ‫والذين كفروا َّ‬ ‫‪1‬‬
‫‪364‬‬
‫‪62‬‬ ‫ف وال نصرهم الذين اتخذوا من دون ال قربانا آلهة‪.......‬‬ ‫‪13‬‬
‫سورة محمد‬
‫‪،155 ،9‬‬ ‫ذلح بأنهم كرهوا ما أنزل ال فأحبط أعمالهم‪...........‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪929 ،615‬‬
‫‪،163 ،6‬‬ ‫والذين اهت ْوا زادهم ه ى وآتاهم تقواهم‪.............‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪396‬‬
‫‪41‬‬ ‫الساعة أن تأتيهم ب تة‪.................‬‬ ‫فهل ينظرون إالَّ َّ‬ ‫‪23‬‬
‫فاع م أن ال إل إال ال ‪163 ،11 ،6 ................................‬‬ ‫‪29‬‬
‫‪،615 ،612‬‬ ‫ذلح بأنَّهم اتبعوا ما أسخط ال وكرهوا ضوان ‪........‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪929‬‬
‫‪2244‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫سورة الفتح‬
‫‪492 ،56‬‬ ‫يقولون بألسنتهم ما ليأ في ق وبهم‪....................‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪952‬‬ ‫بأس ش ي ‪.....................‬‬ ‫قوم أُولي ٍ‬ ‫ست عون إلى ٍ‬ ‫‪26‬‬
‫‪226‬‬ ‫وألزمهم ك مة التقوى‪................................‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪414‬‬ ‫لتد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د خ ُ َّن المس د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددج‬ ‫‪11‬‬
‫الحرام‪................................‬‬
‫‪124‬‬ ‫أش د د د د د د د د د د د د د د د د د د د َّاء ع د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددى الكفد د د د د د د د د د د د د د د د د د ددا حمد د د د د د د د د د د د د د د د د د دداء‬ ‫‪19‬‬
‫بينهم‪........................‬‬
‫سورة الحجرات‬
‫وإن طائفتان من المؤمنين اقتت وا فأص حوا بينهما‪313 ،313 ........‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪269‬‬ ‫لكن ال حب إليكم اإليمان وزينَّ في ق وبكم‪.........‬‬ ‫و َّ‬ ‫‪1‬‬
‫‪911‬‬ ‫إنَّما المؤمنون إخوة‪...................................‬‬ ‫‪22‬‬
‫قالت األعرا آمنَّا قل لم تؤمنوا‪،152 ،235 .......................‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪515‬‬
‫إنَّما المؤمنون الذين آمنوا بال و سول ثم لم يرتابوا‪،494 ،452 ......‬‬ ‫‪25‬‬
‫‪529‬‬
‫‪246‬‬ ‫قل أتُع مون ال ب ينكم‪...............................‬‬ ‫‪26‬‬
‫سورة الذاريات‬
‫وفي أنفسكم أفال تبصرون‪192 ،132 ............................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪،154 ،12‬‬ ‫الجن واإلنأ إال ليعب ون ‪.................‬‬ ‫وما خ قت َّ‬ ‫‪56‬‬
‫‪146‬‬
‫سورة الطور‬
‫‪135‬‬ ‫شيء أم هم الخالقون‪.................‬‬ ‫أم خ قوا من غير ٍ‬ ‫‪15‬‬
‫ُ‬
‫سورة النجم‬
‫‪122‬‬ ‫وما ينطق عن الهوى إن هو إال وحي يوحى‪............‬‬ ‫‪1‬د‪4‬‬
‫‪2245‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪226‬‬ ‫فأوحى إلى عب ه‪.....................................‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪314‬‬ ‫إن يتَّبعون إال الظن‪...................................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪251‬‬ ‫فال تزكوا أنفسكم‪...................................‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪95‬‬ ‫هذا نذير من النذ األولى‪.............................‬‬ ‫‪56‬‬
‫سورة المجادلة‬
‫‪161‬‬ ‫يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا الع م د جات‪.......‬‬ ‫‪22‬‬
‫اتخد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددذوا أيمد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددانهم ‪515 ،261‬‬ ‫‪26‬‬
‫ُجنَّة‪....................................‬‬
‫داد ‪،692 ،522‬‬
‫ال تج د قومددا يؤمنددون بال د واليددوم اآلخددر ي دو ُّادون مددن حد َّ‬ ‫‪11‬‬
‫‪319‬‬ ‫ال و سول ‪..........................................‬‬
‫سورة الحشر‬
‫‪311 ،122‬‬ ‫وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عن فانتهوا‪.......‬‬ ‫‪1‬‬
‫ل فقراء المهاجرين الذين أخرجوا‪432 ،411 .......................‬‬ ‫‪3‬‬
‫سورة الممتحنة‬
‫‪319‬‬ ‫يا أيُّها الذين آمنوا ال تتخذوا ع وي وع ُ َّوكم أولياء‪.......‬‬ ‫‪2‬‬
‫ق د د د د كاند د د ددت لكد د د ددم أسد د د ددوة حسد د د ددنة فد د د ددي إب د د د دراهيم والد د د ددذين ‪،115 ،611‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪113‬‬ ‫مع ‪.................................................‬‬
‫يا أيُّها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات‪،111 ،121 ................‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪114‬‬
‫سورة الصف‬
‫‪124‬‬ ‫إن ال د د د د د د د د يح د د د د د د د د ُّ الد د د د د د د ددذين يقد د د د د د د ددات ون فد د د د د د د ددي سد د د د د د د ددبي‬ ‫َّ‬ ‫‪4‬‬
‫صفا‪...............‬‬ ‫َّ‬
‫‪454‬‬ ‫وإذ قددال موسددى لقومد يددا قددوم لددم تددؤذونني وقد تَّع مددون أنددي‬ ‫‪5‬‬
‫سول ال إليكم ف ما زاغوا أزاغ ال ق وبهم‪............‬‬
‫سورة المنافقون‬
‫‪2246‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪،122 ،5‬‬ ‫إذا جاءك المنافقون قالوا ن ه إنح لرسول ال ‪............‬‬ ‫‪2‬د‪1‬‬
‫‪439‬‬
‫‪516‬‬ ‫سواءٌ ع يهم أست فرت لهم أم لم تست فر لهم‪............‬‬ ‫‪6‬‬
‫سورة التحريم‬
‫‪149‬‬ ‫وص َّقت بك مات بها وكتب ‪........................‬‬ ‫‪21‬‬
‫سورة الملك‬
‫‪555‬‬ ‫ليب وكم أيُّكم أحسن عمال‪............................‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪994‬‬ ‫فوج سألهم خزنتها‪....................‬‬
‫لقي فيها ٌ‬‫ك ما أُ َ‬ ‫‪ 3‬د ‪22‬‬
‫‪994‬‬ ‫فاعترفوا بذنبهم‪......................................‬‬ ‫‪22‬‬
‫سورة القلم‬
‫‪912‬‬ ‫أفنجعل المس مينكالمجرمين مالكمكي تحكمون أم لكمكتا ‪.......‬‬ ‫‪ 15‬د ‪41‬‬
‫سورة الحاقة‬
‫‪441‬‬ ‫لحق اليقين‪......................................‬‬ ‫وإنَّ ُّ‬ ‫‪52‬‬
‫سورة نوح‬
‫‪51‬‬ ‫وقالوا ال تَذ ُ َّن آلهتكم‪................................‬‬ ‫‪11‬‬
‫سورة الجن‬
‫‪226‬‬ ‫وأن َّلما قام عب ال ي عوه‪............................‬‬ ‫‪29‬‬
‫سورة المزمل‬
‫‪124‬‬ ‫إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ب سبيال‪............‬‬ ‫‪29‬‬
‫سورة المدثر‬
‫‪511 ،234‬‬ ‫فما تنفعهم شفاعة ال افعين‪...........................‬‬ ‫‪43‬‬
‫سورة اإلنسان‬
‫‪622‬‬ ‫وما ت اءون إال أن ي اء ال ‪..........................‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪226‬‬ ‫عينا ي ر بها عباد ال يفجرونها تفجيرا‪...............‬‬ ‫‪6‬‬
‫النبأ‬
‫‪2241‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫رقم اآلية‬


‫‪221‬‬ ‫يوم يقوم الروح والمالئكدة ص َّدفا ال يتك مدون إال مدن أذن لد‬ ‫‪13‬‬
‫الرحمن وقال صوابا‪................................‬‬
‫سورة النازعات‬
‫‪91‬‬ ‫فقال أنا بُّكم األع ى‪................................‬‬ ‫‪14‬‬
‫سورة التكوير‬
‫‪511‬‬ ‫لمن شاء منكم أن يستقيم‪.............................‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪622‬‬ ‫وم د د د د د د د د د د د د د ددا ت د د د د د د د د د د د د د دداءون إال أن ي د د د د د د د د د د د د د دداء ال د د د د د د د د د د د د د د د ُّ‬ ‫‪19‬‬
‫العالمين‪...............‬‬
‫سورة الطارق‬
‫‪132‬‬ ‫مم د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددا‬
‫ف ينظ د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددر اإلنس د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددان َّ‬ ‫‪5‬‬
‫ُخ ق‪...............................‬‬
‫سورة الليل‬
‫‪225‬‬ ‫فأما من أعطى واتقى‪.................................‬‬ ‫‪5‬د‪1‬‬
‫‪491‬‬ ‫وص د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د َّ‬ ‫‪6‬‬
‫بالحسنى‪......................................‬‬
‫‪541‬‬ ‫إال ابت اء وج ب األع ى‪.............................‬‬ ‫‪12‬‬
‫سورة التكاثر‬
‫‪441‬‬ ‫كال لو تع مون ع م اليقين‪...................................‬‬ ‫‪5‬د‪1‬‬
‫سورة البينة‬
‫وما أمروا إال ليعب وا ال مخ صين ل ال ين‪31 ،61 ،12 ....................‬‬ ‫‪5‬‬
‫سورة الزلزلة‬
‫‪595‬‬ ‫فمن يعمل مثقال ذ ٍة خي ار يره‪.................................‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪595‬‬ ‫شر يره‪..................................‬‬ ‫ومن يعمل مثقال ذ ٍة َّا‬ ‫‪3‬‬
‫سورة الماعون‬
‫‪593‬‬ ‫فويل ل مص ين‪.......................................‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪4‬د‪6‬‬
‫‪2243‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬
‫‪2249‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ثانياً‪ :‬فهرس األحاديث‬


‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬
‫‪911‬‬ ‫آمركم بأ بع‪..........................................‬‬
‫‪491‬‬ ‫أب روا وب روا من و ائكم‪.............................‬‬
‫‪49‬‬ ‫أت ون ما‬
‫اإليمان؟‪.....................................‬‬
‫‪233‬‬ ‫أت ه أن ال إل إال‬
‫ال ‪.................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫أت ه ين أن ال إل إال‬
‫ال ‪...............................‬‬
‫‪144‬‬ ‫اثنتان في الناس هما بهم‬
‫كفر‪.............................‬‬
‫‪622‬‬ ‫أجع تني ل‬
‫ع ال‪.......................................‬‬
‫‪511‬‬ ‫أجع تني ل‬
‫ن ا‪.........................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫أح الكالم إلى ال أ بع‪..............................‬‬
‫‪611‬‬ ‫أحبُّوا ال بكل ق وبكم‪.................................‬‬
‫‪161‬‬ ‫أخرجوا من النا من كان في ق ب ‪.......................‬‬
‫‪624‬‬ ‫أخنع اسم عن ال ‪................................ ‬‬
‫‪534‬‬ ‫أخو ما أخا ع يكم‪...............................‬‬
‫‪116‬‬ ‫إذا أتيت مضجعح فتوضأ‪..............................‬‬
‫‪412‬‬ ‫إذا أعيتكم األمو فع يكم بأصحا القبو ‪...............‬‬
‫‪411‬‬ ‫إذا أنا مت فاسحقوني‪..................................‬‬
‫‪412‬‬ ‫إذا انف تت دابة أح كم ف يناد‪...........................‬‬
‫‪661‬‬ ‫إذا ح ثكم أهل الكتا فال تص قوهم‪..................‬‬
‫‪2252‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪151‬‬ ‫إذا أيت مثل ال مأ فاشه ‪...........................‬‬
‫‪491‬‬ ‫إذا قال المؤذن ال أكبر ال‬
‫أكبر‪.........................‬‬
‫‪611‬‬ ‫إذا ق ت ذه عنح ق ي وكثيره‪........................‬‬
‫‪214‬‬ ‫اذه بنع ي هاتين‪.....................................‬‬
‫‪453‬‬ ‫اذه فناد في الناس‪...................................‬‬
‫‪141‬‬ ‫أ بع من كن في كان منافقا خالصا‪.....................‬‬
‫‪114‬‬ ‫أ بعة يحتجون يوم القيامة‪...............................‬‬
‫‪313‬‬ ‫ا جعوا إلى أه يكم فأقيموا فيهم‪........................‬‬
‫‪14‬‬ ‫أ س ني بص ة األ حام‪..................................‬‬
‫‪912‬‬ ‫اإلسالم أن تعب ال وال ت رك ب ‪.......................‬‬
‫‪122‬‬ ‫اإلسالم عالنية‪........................................‬‬
‫‪121‬‬ ‫أس م وإن كنت كا ها‪................................‬‬ ‫ْ‬
‫‪955‬‬ ‫أس مت ع ى ما س لح من‬
‫خير‪......................‬‬
‫‪212‬‬ ‫اسم ال الذي إذا دعي ب أجا ‪........................‬‬
‫‪624‬‬ ‫اشت َّ غض ال ع ى‪..................................‬‬
‫‪2222‬‬ ‫اشترطت ثقي ع ى سول ال ‪....................‬‬
‫‪514‬‬ ‫اإلشراك بال ‪..........................................‬‬
‫‪451‬‬ ‫أشه أن ال إل إال ال وأني سول ال ال ي قى ال بهما‬
‫عب ‪.‬‬
‫‪493‬‬ ‫أشه عن ال ال يموت عب‬
‫ي ه ‪......................‬‬
‫‪624‬‬ ‫أغيظ جل ع ى ال ‪....................................‬‬
‫‪229‬‬ ‫أفضل الذكر ال إل إال ال ‪..............................‬‬
‫‪2252‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪56‬‬ ‫أفضل ما ق ت أنا والنَّبيون من قب ي‪......................‬‬
‫‪243‬‬ ‫أف ح إن ص ‪.........................................‬‬
‫‪621‬‬ ‫أقُّروا الطير في‬
‫مكناتها‪..................................‬‬
‫‪396‬‬ ‫أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم‬
‫خ قا‪......................‬‬
‫‪911‬‬ ‫أال أخبرك برأس األمر وعموده‪..........................‬‬
‫‪125‬‬ ‫أال تراه قال ال إل إال ال ‪...............................‬‬
‫‪241‬‬ ‫أال وإن في الجس‬
‫مض ة‪................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫أال وإني أوتيت القرآن ومث مع ‪........................‬‬
‫‪111‬‬ ‫مين‪........................................‬‬ ‫ألستما مس ْ‬
‫‪115‬‬ ‫ال أع م بما كانوا عام ين‪...............................‬‬
‫‪124‬‬ ‫أليأ ي ه أن ال إل إال ال ‪............................‬‬
‫‪245‬‬ ‫أليأ يص ي‪...........................................‬‬
‫‪229‬‬ ‫أمرت أن أقاتل الناس حتى‪..............................‬‬
‫‪265‬‬ ‫امش وال ت تفت حتى يفتح ال ع يح‪....................‬‬
‫‪161‬‬ ‫إن أتقاكم وأع مكم بال أنا‪............................‬‬
‫‪142‬‬ ‫إن آل بني فالن ليسوا لي بأولياء‪........................‬‬
‫‪942‬‬ ‫إن أص ك مة قالها ال اعر‪............................‬‬ ‫َّ‬
‫‪625‬‬ ‫إن الرقى والتمائم والتولة شرك‪.........................‬‬
‫‪942‬‬ ‫إن ال تجاوز ألمتي عما ح ثت ب‬
‫أنفسها‪................‬‬
‫‪659‬‬ ‫إن ال جميل يح‬
‫الجمال‪...............................‬‬
‫‪2251‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪251‬‬ ‫إن ال حرم ع ى النا من قال‪...........................‬‬
‫‪961‬‬ ‫إن ال سيخ ص جال من أمتي ع ى ؤوس‬
‫الخالئق‪.......‬‬
‫‪549‬‬ ‫إن ال ال يقبل من العمل إال ما كان ل خالصا‪...........‬‬
‫‪261‬‬ ‫إن أمره لبين لو ال ما حكم ال ‪.........................‬‬
‫‪529‬‬ ‫إن أهل الجنة‬
‫يتراءون‪...................................‬‬
‫‪511‬‬ ‫إن أهون أهل النا عذابا‪...............................‬‬
‫‪643‬‬ ‫إن بالم ينة‬
‫لرجاال‪......................................‬‬
‫‪911‬‬ ‫إن بين الرجل وبين ال رك والكفر ترك الصالة‪...........‬‬
‫‪532‬‬ ‫أن تجعل ل‬
‫ن ا‪........................................‬‬
‫‪912‬‬ ‫أن ت ه أن ال إل إال ال وأن محم سول‬
‫ال ‪...........‬‬
‫‪611‬‬ ‫أن ت ه أن ال إل إال ال وح ه‪........................‬‬
‫‪261‬‬ ‫إن جاءت ب أحمر كأن وحرة‪..........................‬‬
‫‪491‬‬ ‫إ ْن ص لي خ ن‬
‫الجنة‪.................................‬‬
‫‪261‬‬ ‫إ ْن قت ت بع أن يقول ال إل إال ال ‪......................‬‬
‫‪211‬‬ ‫إن ال إل إال ال ك مة حق‪.............................‬‬ ‫َّ‬
‫‪491‬‬ ‫إن ال إل إال ال ك مة ع ى ال كريمة‪...................‬‬
‫‪452‬‬ ‫إن لكل حق حقيقة‪....................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫أن من أفتي ب ير ع م فإثم ع ى من أفتاه‪................‬‬
‫‪211‬‬ ‫أن نوحا قال البن عن موت ‪............................‬‬
‫‪2251‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪621‬‬ ‫إن يكن ال ؤم حقا‪....................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫أنا أعرفكم بال ‪........................................‬‬
‫‪543‬‬ ‫أنا أغنى ال ركاء عن ال رك‪............................‬‬
‫‪14‬‬ ‫إنح تأتي قوما أهل كتا ‪..............................‬‬
‫‪596‬‬ ‫إنكم ت ركون‪........................................‬‬
‫‪543‬‬ ‫إنما األعمال‬
‫بالنيات‪....................................‬‬
‫‪622‬‬ ‫إنما ال ؤم في‬
‫ثالثة‪.....................................‬‬
‫‪626‬‬ ‫إنما الطيرة ما أمضاك أو دك‪...........................‬‬
‫‪261‬‬ ‫إنما أنا ب ر وإنكم تختصمون‬
‫إلي‪........................‬‬
‫َّ‬
‫‪121‬‬ ‫إن شه ب ا‪.........................................‬‬
‫‪549‬‬ ‫إني أل جو أالَّ يموت أح‬
‫ي ه ‪.........................‬‬
‫‪414‬‬ ‫إني أل جوا أن أكون أخ اكم ل ‪.......................‬‬
‫‪942‬‬ ‫إني ألع م ك مة ال يقولها أح عن الموت‬
‫إال‪.............‬‬
‫‪452‬‬ ‫إني ألع م ك مة ال يقولها عب حقا‪......................‬‬
‫‪241‬‬ ‫إني لم أؤمر أن أنق عما في ق و‬
‫الناس‪................‬‬
‫‪111‬‬ ‫إني نهيت عن قتل‬
‫المص ين‪...............................‬‬
‫‪932‬‬ ‫أول ما يحاس ب العب يوم القيامة الصالة‪...............‬‬
‫‪4‬‬ ‫أو مس ما‪.............................................‬‬
‫‪2254‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪961‬‬ ‫أوسط شع اإليمان الح في‬
‫ال ‪.......................‬‬
‫‪951‬‬ ‫أي عرى اإليمان أوثق‪..................................‬‬
‫‪229‬‬ ‫اإليمان بضع وستون شعبة‪..............................‬‬
‫‪623‬‬ ‫بايعوني ع ى أن ال ت ركوا بال شيئا‪....................‬‬
‫‪261‬‬ ‫بل دع ‪...............................................‬‬
‫‪95‬‬ ‫ب ى إنهم حرموا ع يهم الحالل‪...........................‬‬
‫‪229‬‬ ‫بني اإلسالم ع ى‬
‫خمأ‪.................................‬‬
‫‪556‬‬ ‫تركت وشرك ‪.........................................‬‬
‫‪533‬‬ ‫تعأ عب ال ينا ‪......................................‬‬
‫‪531‬‬ ‫ت ح عاجل ب رى‬
‫المؤمن‪...............................‬‬
‫‪15‬‬ ‫توحي ال ‪.............................................‬‬
‫‪942‬‬ ‫ثك تح أمح يا معاذ‪...................................‬‬
‫‪151‬‬ ‫ثالث من أصل اإليمان‪.................................‬‬
‫‪441‬‬ ‫ثالث من كن في وج بهن حالوة اإليمان‪...............‬‬
‫‪341‬‬ ‫ثم يوضع ل القبول في األ ض‪..........................‬‬
‫‪392‬‬ ‫جاء أبو ط حة غرة اإلسالم بين عيني ‪....................‬‬
‫‪551‬‬ ‫ج دوا إيمانكم‪........................................‬‬
‫‪411‬‬ ‫الحالل بين والحرام‬
‫بين‪.................................‬‬
‫‪951‬‬ ‫خذ ما تيسر واترك ما عسر‪.............................‬‬
‫‪111‬‬ ‫خ قت عبادي حنفاء ك هم‪.............................‬‬
‫‪594‬‬ ‫خمأ ص وات كتبهن ال ع ى‬
‫‪2255‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫العباد‪.....................‬‬
‫‪212‬‬ ‫خير ال عاء دعاء عرفة‪.................................‬‬
‫‪495‬‬ ‫دع ما يريبح إلى ما ال يريبح‪..........................‬‬
‫‪514‬‬ ‫ال واوين عن ال ثالثة‪.................................‬‬
‫‪441‬‬ ‫ذا طعم اإليمان من‪...................................‬‬
‫‪412‬‬ ‫ذاك محض‬
‫اإليمان‪......................................‬‬
‫‪936‬‬ ‫فع الق م عن ثالث‪...................................‬‬
‫‪144‬‬ ‫سبا المس م فسو ‪...................................‬‬
‫‪621‬‬ ‫سعادة ابن آدم في‬
‫ثالثة‪.................................‬‬
‫‪495‬‬ ‫س وا ال اليقين والعافية‪.................................‬‬
‫‪453‬‬ ‫سي االست فا أن تقول‪................................‬‬
‫‪613‬‬ ‫ال رك أخفى من دبي النمل‪...........................‬‬
‫‪542‬‬ ‫شفاعتي لمن شه أن ال إل إال ال‬
‫مخ صا‪.................‬‬
‫‪126‬‬ ‫صُّوا ع ى صاحبكم‪...................................‬‬
‫‪629‬‬ ‫الطيرة شرك‪...........................................‬‬
‫‪62‬‬ ‫ع ى مث ها فاشه أو دع‪...............................‬‬
‫‪912‬‬ ‫العه الذي بيننا وبينهم الصالة‪.........................‬‬
‫‪623‬‬ ‫العين حق‪ ،‬وأص قها الطيرة والفأل‪......................‬‬
‫‪6‬‬ ‫فإن ال حرم ع ى النا ‪.................................‬‬
‫‪494‬‬ ‫فإن ال ق حرم ع ى النا ‪..............................‬‬
‫‪643‬‬ ‫فبي يسمع وبي يبصر‪...................................‬‬
‫‪116‬‬ ‫فجاءني جبريل ‪‬‬
‫‪2256‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫بإناء‪...............................‬‬
‫‪236‬‬ ‫ف يكن أول ما ت عوهم إلي ‪.............................‬‬
‫‪114‬‬ ‫فمن دخ ها كانت ع ي بردا وسالما‪....................‬‬
‫‪132‬‬ ‫فيسمعها مستر السمع ‪...............................‬‬
‫‪953‬‬ ‫فيقبض قبضة من النا ‪..................................‬‬
‫‪591‬‬ ‫فيك الحجا فينظرون إلي ‪.........................‬‬
‫‪121‬‬ ‫ذل بها لسان ‪....... ...............................‬‬ ‫ق َّ‬
‫‪241‬‬ ‫ق تم والذي نفأ محم بي ه كما قالت‪..................‬‬
‫‪65‬‬ ‫قولوا ال إل إال ال تف حوا‪..............................‬‬
‫‪419‬‬ ‫كت ع ى ابن آدم حظ من الزنا فهو م ك‪.............‬‬
‫‪111‬‬ ‫كل مولود يول ع ى الفطرة‪............................‬‬
‫‪942‬‬ ‫ك متان ثقي تان في‬
‫الميزان‪...............................‬‬
‫‪592‬‬ ‫ال أجر ل ‪.............................................‬‬
‫‪562‬‬ ‫السموات‪............................‬‬ ‫ال إل إال ال‬
‫‪112‬‬ ‫ال إل إال ال ال تترك ذنبا وال يسبقها عمل‪...............‬‬
‫‪212‬‬ ‫ال إل إال أنت سبحانح‪................................‬‬
‫‪596‬‬ ‫ال تح بأبيح وال ب ير‬
‫ال ‪.............................‬‬
‫‪155‬‬ ‫ال تح فوا بآبائكم وال بالطواغيت‪........................‬‬
‫‪155‬‬ ‫ال تح فوا بالطواغي وال بآبائكم‪.........................‬‬
‫‪144‬‬ ‫ال ترغبوا عن آبائكم‪...................................‬‬
‫‪912‬‬ ‫ال تزال ال إل إال ال تنفع من قالها‪......................‬‬
‫‪129‬‬ ‫ال تقت فإن قت ت فإن بمندزلتح‪........................‬‬
‫‪225‬‬ ‫ال تقت وا الضف ع‪......................................‬‬
‫‪2251‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪946‬‬ ‫ال تقوم الساعة حتى تط ع ال مأ‪......................‬‬
‫‪592‬‬ ‫ال شيء ل ‪............................................‬‬
‫‪543‬‬ ‫ال قول وال عمل إال بنية‪...............................‬‬
‫‪619‬‬ ‫ال يؤمن أح كم حتى يكون هواه تبعا لما جئت ب ‪........‬‬
‫‪619‬‬ ‫ال يؤمن أح كم حتى أكون أح َّ إلي من ول ه ووال ه‬
‫والناس أجمعين ‪..................................‬‬
‫‪666‬‬ ‫ال يا عمر حتى أكون أح َّ إليح من نفسح‪.............‬‬
‫‪666‬‬ ‫ال يج عب حالوة اإليمان‬
‫حتى‪..........................‬‬
‫‪993‬‬ ‫ال يحل دم امرئ مس م إال بإح ى‬
‫ثالث‪.................‬‬
‫‪121‬‬ ‫ال ي خل النا من قال‪..................................‬‬
‫‪2225‬‬ ‫ال يرث المس م الكافر‪..................................‬‬
‫‪495‬‬ ‫ال يريب أح ‪..........................................‬‬
‫‪221‬‬ ‫ال يزالون يستفتون حتى يقول أح هم‪...................‬‬
‫‪391‬‬ ‫ال يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‪......................‬‬
‫‪921‬‬ ‫ال يستقيم إيمان عب حتى يستقيم‬
‫ق ب ‪....................‬‬
‫‪451‬‬ ‫ال ي قى ال بهما عب غير‬
‫شاك‪..........................‬‬
‫‪511‬‬ ‫لع تنفع شفاعتي يوم القيامة‪...........................‬‬
‫‪11‬‬ ‫لعنة ال ع ى اليهود والنصا ى‪..........................‬‬
‫‪549‬‬ ‫لق ننت يا أبا هريرة أن ال يسألني‪.....................‬‬
‫‪991‬‬ ‫ل أش ُّ فرحا بتوبة عب ه‪...............................‬‬
‫‪594‬‬ ‫لن ي خل أح منكم الجنة بعم ‪........................‬‬
‫‪2253‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪549‬‬ ‫لن يوافي عب يوم القيامة يقول‪..........................‬‬
‫‪531‬‬ ‫ل أجران‪ :‬أجر السر وأجر العالنية‪......................‬‬
‫‪412‬‬ ‫حسن أح كم ن بحجر‪............................‬‬ ‫لو َّ‬
‫‪93‬‬ ‫ال أكبر‪ ،‬هذا كما قالت بنو إسرائيل‪....................‬‬
‫‪499‬‬ ‫ال هم اقسم لنا من خ يتح‪.............................‬‬
‫‪112‬‬ ‫ال هم إني أبرأ إليح مما صنع‬
‫خال ‪.......................‬‬
‫‪661‬‬ ‫ال هم إني أسألح لذة النظر إلى وجهح‪..................‬‬
‫‪611‬‬ ‫ال هم إني أعوذ بح أن أشرك بح‪.......................‬‬
‫‪622‬‬ ‫ال هم ال خير إال خيرك‪.................................‬‬
‫‪622‬‬ ‫ال هم ال يأتي بالحسنات إال‬
‫أنت‪.........................‬‬
‫‪162‬‬ ‫لو أنفق أح كم مثل جبل أح ذهبا‪.....................‬‬
‫‪129‬‬ ‫لو كنت ق ت وأنت تم ح أمرك‪.........................‬‬
‫‪594‬‬ ‫ليأ أح منكم ينجو بعم ‪............................‬‬
‫‪162‬‬ ‫ليأ المخبر‬
‫كالمعاين‪....................................‬‬
‫‪622‬‬ ‫ما شاء ال ثم‬
‫شئت‪....................................‬‬
‫‪552‬‬ ‫ما قال عب ال إل إال ال‬
‫مخ صا‪.........................‬‬
‫‪491‬‬ ‫ما من أح ي ه أن ال إل إال ال ‪......................‬‬
‫‪911‬‬ ‫ما من صاح كندز ال يؤدي زكات ‪...................‬‬
‫‪239‬‬ ‫ما من عب قال ال إل إال ال ‪............................‬‬
‫‪951‬‬ ‫ما من نبي بعث ال في أمة قب ي إال كان ل من‬
‫‪2259‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫أمت ‪........‬‬
‫‪451‬‬ ‫ما من نفأ تموت‪.....................................‬‬
‫‪435‬‬ ‫ما يمنعكما من‬
‫اتباعي‪..................................‬‬
‫‪93‬‬ ‫معاذ ال أن يعب غير ال ‪...............................‬‬
‫‪962‬‬ ‫المف أ من أمتي من يأتي يوم‬
‫القيامة‪......................‬‬
‫‪132‬‬ ‫عرافا فص ق بما يقول‪..................‬‬ ‫من أتى كاهنا أو َّ‬
‫‪396‬‬ ‫من أح َّ ل وأب ض ل ‪................................‬‬
‫‪46‬‬ ‫من أح ث في أمرنا‪....................................‬‬
‫‪935‬‬ ‫من ب َّل دين فاقت وه‪...................................‬‬
‫‪696‬‬ ‫من ت بَّ بقوم فهو منهم‪................................‬‬
‫‪596‬‬ ‫من ح منكم فقال في‬
‫ح ف ‪..........................‬‬
‫‪643‬‬ ‫من دعا إلى‬
‫ه ى‪......................................‬‬
‫‪144‬‬ ‫من أى منكم منكرا ف ي يره بي ه‪.......................‬‬
‫‪451‬‬ ‫من شه أن ال إل إال ال‬
‫مخ صا‪........................‬‬
‫‪111‬‬ ‫من شه أن ال إل إال ال وأن محم ا سول‬
‫ال ‪...........‬‬
‫‪111‬‬ ‫من ص ى صالتنا واستقبل قب تنا‪.........................‬‬
‫‪453‬‬ ‫من ع م أن ال ب وأني نبي موقنا من ق ب ‪...............‬‬
‫‪64‬‬ ‫من عمل عمال‪........................................‬‬
‫‪591‬‬ ‫من غزا في سبيل ال ‪...................................‬‬
‫‪2262‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪355‬‬ ‫من قال حين يسمع الن اء‪..............................‬‬
‫‪941‬‬ ‫من قال في يوم سبحان ال وبحم ه مائة‬
‫مرة‪..............‬‬
‫‪123‬‬ ‫من قال في يوم سبحان ال ‪.............................‬‬
‫‪6‬‬ ‫من قال ال إل إال ال خالصا‪........ ...................‬‬
‫‪211‬‬ ‫من قال ال إل إال ال دخل‬
‫الجنة‪.........................‬‬
‫‪6‬‬ ‫من قال ال إل إال ال ص قا‪.............................‬‬
‫‪451‬‬ ‫من قال ال إل إال ال مخ صا‬
‫ويقينا‪.......................‬‬
‫‪214‬‬ ‫من قال ال إل إال ال‬
‫مخ صا‪............................‬‬
‫‪6‬‬ ‫من قال ال إل إال ال مستيقنا بها‬
‫ق ب ‪....................‬‬
‫‪251‬‬ ‫من قال ال إل إال ال موقنا بها ق ب ‪......................‬‬
‫‪151‬‬ ‫من قال ال إل إال ال نفعت يوما من دهره‪................‬‬
‫‪912‬‬ ‫من قال ال إل إال ال وح ه ال شريح ل أطاع بها ق ب ‪....‬‬
‫‪212‬‬ ‫من قال ال إل إال ال وح ه‪.............................‬‬
‫‪143‬‬ ‫من قال ال إل إال ال وكفر بما يعب من دون‬
‫ال ‪..........‬‬
‫‪153‬‬ ‫من قال ال إل إال ال يبت ي بذلح وج ال ‪...............‬‬
‫‪431‬‬ ‫من قال ال إل إال ال يص ق ب لسان ‪..................‬‬
‫‪212‬‬ ‫من قالها ع ر مرات‪...................................‬‬
‫‪341‬‬ ‫من قبل مني الك مة التي عرضتها ع ى عمي‪..............‬‬
‫‪214‬‬ ‫من كان آخر كالم ال إل إال ال دخل الجنة‪.............‬‬
‫‪2262‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪515‬‬ ‫من لقي ال ال ي رك ب شيئا دخل‬
‫الجنة‪.................‬‬
‫‪162‬‬ ‫من مات وهو ي عو من دون ال ن ا‪....................‬‬
‫‪491‬‬ ‫من مات وهو ي ه أن ال إل إال ال ‪...................‬‬
‫‪214‬‬ ‫من مات وهو يع م أن ال إل إال ال ‪.....................‬‬
‫‪462‬‬ ‫نحن أحق بال ح من‬
‫إبراهيم‪............................‬‬
‫‪953‬‬ ‫نزع جل لم يعمل خيرا قط‪............................‬‬
‫‪516‬‬ ‫نعم هو في ضحضاح من‬
‫نا ‪............................‬‬
‫‪511‬‬ ‫نعم وج ت في غمرات من نا ‪..........................‬‬
‫‪313‬‬ ‫هذا أمين هذه األمة‪....................................‬‬
‫‪162‬‬ ‫هذا خير من ملء األ ض‪...............................‬‬
‫‪155‬‬ ‫هذه طاغية دوس وخثعم‪...............................‬‬
‫‪621‬‬ ‫هل ت ون ماذا قال بُّكم‪..............................‬‬
‫‪246‬‬ ‫هل أى أح منكم ؤيا‪...............................‬‬
‫‪241‬‬ ‫هال شققت عن ق ب ‪...................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫هي أحسن‬
‫الحسنات‪...................................‬‬
‫‪413‬‬ ‫والذي نفأ محم بي ه ال يسمع بي‬
‫أح ‪................‬‬
‫‪493‬‬ ‫والذي نفأ محم بي ه لق ننت أنح أول‬
‫من‪..........‬‬
‫‪666‬‬ ‫والذي نفسي بي ه ال يؤمن أح كم حتى أكون‪...........‬‬
‫‪146‬‬ ‫والفرج يص ذلح أو يكذب ‪..........................‬‬
‫‪2261‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬


‫‪414‬‬ ‫وإنَّا إن شاء ال بكم الحقون‪...........................‬‬
‫‪623‬‬ ‫وخيرها الفأل‪.........................................‬‬
‫‪412‬‬ ‫وق وج تموه‪..........................................‬‬
‫‪643‬‬ ‫يتقر إلي بالنوافل حتى أحبَّ ‪............‬‬
‫وال يزال عب ي َّ‬
‫‪341‬‬ ‫ولم يقبل ه ى ال ‪.....................................‬‬
‫‪532‬‬ ‫ويل ل عر من ش ٍر ق اقتر ‪........................‬‬
‫‪65‬‬ ‫إن ال يأمركم أن تعب وه‪...................‬‬ ‫يا أيُّها الناس َّ‬
‫‪96‬‬ ‫يا أيُّها الناس قولوا ال إل إال ال ‪.........................‬‬
‫‪114‬‬ ‫يا ع ي اطرح هذا الوثن من عنقح‪.....................‬‬
‫‪231‬‬ ‫يا عم قل ال إل إال ال ‪.................................‬‬
‫‪946‬‬ ‫يا فالن قل ال إل إال‬
‫ال ‪................................‬‬
‫‪233‬‬ ‫يخرج من النا من قال ال إل إال ال ‪.....................‬‬
‫‪119‬‬ ‫يخرج من النا من كان في ق ب مثقال ذ ة‪...............‬‬
‫‪951‬‬ ‫ي خل ال الجنة جال لم يعمل خيرا‬
‫قط‪.....................‬‬
‫‪169‬‬ ‫ي خ ون الجنة بال حسا وال عذا ‪....................‬‬
‫‪121‬‬ ‫يص ق ب لسان ‪......................................‬‬
‫‪121‬‬ ‫يقولها حقا من‬
‫ق ب ‪.....................................‬‬
‫‪121‬‬ ‫يقينا من ق ب ‪.........................................‬‬
‫‪2261‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ثالثاً ‪ :‬فهرس اآلثار‬


‫رقم الصفحة‬ ‫القائل‬ ‫طرف األثر‬
‫‪162‬‬ ‫عروة بن الزبير‪..............‬‬ ‫آمنت بال العظيم واعتصمت ب‬
‫‪162‬‬ ‫عمر بن الخطا ‪............‬‬ ‫آمنت بال وكفرت بالطاغوت‬
‫‪433‬‬ ‫الحسن البصري‪.............‬‬ ‫أحس أن يتركوا أن يقولوا‬
‫‪555‬‬ ‫الفضيل بن عياض‪...........‬‬ ‫أخ ص وأصوب‬
‫‪224‬‬ ‫عكرمة ‪....................‬‬ ‫األسطوانة تسبح وال جرة تُسبح‬
‫‪552‬‬ ‫أبو العالية‪..................‬‬ ‫اإلسالم اإلخالص ل وح ه‬
‫‪161‬‬ ‫أبو ال داء‪.................‬‬ ‫أف ح صاحبكم‬
‫‪522‬‬ ‫عب ال بن مسعود‪..........‬‬ ‫أال ع يكم بالص فإن‬
‫‪151‬‬ ‫مجاه ‪......................‬‬ ‫إال من شه بالحق وهو يع م‬
‫‪162‬‬ ‫إن ال د د ج د ددل ذك د ددره ف د ددرض اإليم د ددان ع د ددى ال افعي ‪...................‬‬
‫جوا ح بني آدم فقسم فيها‬
‫‪94‬‬ ‫عب ال بن عباس‪...........‬‬ ‫إن ال مسح ص آدم فاستخرج‬
‫‪211‬‬ ‫قتادة ‪......................‬‬ ‫إن المنافق تك م بال إل إال ال‬
‫‪159‬‬ ‫الفضيل بن عياض‪...........‬‬ ‫إن أهل اإل جاء يقولون‪:‬‬
‫‪622‬‬ ‫األن د د اد هد ددو ال د ددرك أخفد ددى مد ددن دبي د د عب ال بن عباس‪...........‬‬
‫النمل‬
‫‪621‬‬ ‫إنكا هم إياها‪ ،‬أن يقول الرجل‪ :‬لوال فالن عون بن عب ال ‪............‬‬
‫‪245‬‬ ‫ال افعي ‪...................‬‬ ‫إنما ٌك العباد الحكم ع ى الظاهر‬
‫‪551‬‬ ‫سفيان الثو ي‪..............‬‬ ‫اإليمان عن أهل السنة اإلخالص ل‬
‫‪359‬‬ ‫الفضيل بن عياض ‪..........‬‬ ‫اإليمان عن نا داخ وخا ج‬
‫‪211‬‬ ‫الحسن البصري‪.............‬‬ ‫اإليمان كالم وحقيقت العمل‬
‫‪162‬‬ ‫مالح بن أنأ ‪.............‬‬ ‫اإليمان‪ :‬المعرفة واإلقرا والعمل‬
‫‪162‬‬ ‫عمر بن الخطا ‪............‬‬ ‫بسم ال وال أكبر ع ى ما ه انا‬
‫‪242‬‬ ‫وه بن منب ‪...............‬‬ ‫ب ى‪ ،‬ولكن ليأ مفتاح إال ل أسنان‬
‫‪2264‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫القائل‬ ‫طرف األثر‬


‫‪161‬‬ ‫مكحول ال امي‪............‬‬ ‫ت ه هذا د هذه وصية‬
‫‪211‬‬ ‫تك موا بكالم اإليمان وحققوه بالعمل أبو العالية‪..................‬‬
‫‪669‬‬ ‫يحيى بن معاذ‪...............‬‬ ‫حسبح من الخو ما يمنع‬
‫‪12‬‬ ‫ذو األلوهية والعبودية ع ى خ ق أجمعين عب ال بن عباس‪...........‬‬
‫‪551‬‬ ‫مطر بن عب ال ‪..........‬‬ ‫صالح الق بصالح العمل‬
‫‪515‬‬ ‫فأع م أن لم ي خل اإليمان في ق وبهم ال افعي‪.....................‬‬
‫‪215‬‬ ‫أبو ثو ‪.....................‬‬ ‫فاع م يرحمنا ال وإياك أن اإليمان‬
‫‪359‬‬ ‫ال افعي‪.....................‬‬ ‫فأما ما فرض ال ع ى الق‬
‫‪126‬‬ ‫فم ددن آم ددن ب سد ددان وع ددر بق ب د د وص د د األوزاعي‪....................‬‬
‫بعم‬
‫‪913‬‬ ‫سهل بن عب ال التستري‪....‬‬ ‫قول وعمل ونية‬
‫‪192‬‬ ‫عب ال بن عباس‪............‬‬ ‫كفر دون كفر‬
‫‪265‬‬ ‫عمر بن الخطا ‪.............‬‬ ‫كي تقاتل الناس؟‬
‫‪464‬‬ ‫ال يب غ العب حقيقة التقوى حتى ي ع عب ال بن عمر‪.............‬‬
‫‪224‬‬ ‫عكرمة‪......................‬‬ ‫يعيبن أح كم دابت وال ثوب‬
‫ال َّ‬
‫‪626‬‬ ‫عب ال بن مسعود‪...........‬‬ ‫إلي من‬ ‫ألن أح بال كاذبا أح َّ‬
‫‪332‬‬ ‫لق د د عرضد ددت القد ددرآن ع د ددى بد ددن عبد دداس مجاه بن جبر‪...............‬‬
‫ثالث عرضات‬
‫‪464‬‬ ‫لددو أن اليقددين وقددع فددي الق د كمددا ينب ددي سفيان الثو ي‪...............‬‬
‫لطا ت الق و اشتياقا‬
‫‪241‬‬ ‫سعي بن المسي ‪............‬‬ ‫لو خ ع ق هذا لخ عت جوا ح‬
‫‪436‬‬ ‫الحسن البصري‪..............‬‬ ‫ليأ اإليمان بالتمني‬
‫‪162‬‬ ‫لدديأ اإليمددان بددالتمني ولكددن اإليمددان قددول عبي بن عمير ال يثي‪..........‬‬
‫يعقل وعمل يعمل‬
‫‪511‬‬ ‫ال افعي‪.....................‬‬ ‫ليأ ألح أن يحكم ع ى أح‬
‫‪2265‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫القائل‬ ‫طرف األثر‬


‫‪242‬‬ ‫الحسن البصري‪..............‬‬ ‫ما أع دت لهذا اليوم‬
‫‪224‬‬ ‫م ددا أنع ددم ال د د ع ددى عبد د م ددن العب دداد نعم ددة سفيان بن عيينة‪..............‬‬
‫أعظم من أن عرفهم ال إل إال ال‬
‫‪2224‬‬ ‫الحسن البصري‪..............‬‬ ‫ما حمل مع من مال فهو م نم‬
‫‪246‬‬ ‫أبو بكر بن عياش‪............‬‬ ‫ما سبقكم أبو بكر بصالة وال صيام‬
‫‪2224‬‬ ‫األوزاعي‪....................‬‬ ‫مال بمندزلة دم‬
‫‪669‬‬ ‫الفضيل بن عياض‪............‬‬ ‫المحبة أفضل من الخو‬
‫‪669‬‬ ‫من بنى بأ ض الم ركين وصنع نيروزهم عب ال بن عمرو بن العاص‪.....‬‬
‫‪492‬‬ ‫عب ال بن عباس‪............‬‬ ‫من جاء بال إل إال ال‬
‫‪911‬‬ ‫نافع مولى ابن عمر‪...........‬‬ ‫من فعل هذا فهو كافر‬
‫‪242‬‬ ‫الحسن البصري‪..............‬‬ ‫فأدى فرضها‬ ‫من قال ال إل إال ال َّ‬
‫‪433‬‬ ‫ال عبي‪......................‬‬ ‫نزلت في أناس بمكة‬
‫‪242‬‬ ‫الحسن البصري‪..............‬‬ ‫ن ْع َم الع ة فإن لالإل إال ال شروطا‬
‫‪2221‬‬ ‫ن ددنم مددا أصددبنا مددنكم‪ ،‬وتددردون إلينددا مددا أبو بكر الص يق ‪.......... ‬‬
‫أصبتم منا‬
‫‪213‬‬ ‫الحسن البصري‪..............‬‬ ‫هذا العمود فأين الطن ؟‬
‫‪552‬‬ ‫الربيع بن أنأ‪...............‬‬ ‫هذا َمثَ ُل اإليمان‬
‫‪159‬‬ ‫عب ال بن عباس‪............‬‬ ‫هذه شجرة في الجنة أص ها ثابت‬
‫‪492‬‬ ‫مجاه بن جبر‪...............‬‬ ‫هم أهل القرآن‬
‫‪621‬‬ ‫مجاه ‪.......................‬‬ ‫هي المساكن واألنعام‬
‫‪622‬‬ ‫ال افعي‪......................‬‬ ‫وابت اء الم يئة مخالفة المعصية‬
‫‪265‬‬ ‫وال ألقات َّن من َّفر بين الصالة والزكاة أبو بكر الص يق‪..............‬‬
‫‪512‬‬ ‫أحم بن حنبل‪................‬‬ ‫والنفا هو الكفر‬
‫‪161‬‬ ‫وأمد ددا مد ددن زعد ددم أن اإليمد ددان اإلق د درا فمد ددا أحم بن حنبل‪................‬‬
‫يقول في المعرفة‬
‫‪2266‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫القائل‬ ‫طرف األثر‬


‫‪211‬‬ ‫ال افعي‪.......................‬‬ ‫وكان اإلجماع من الصحابة والتابعين‬
‫‪532‬‬ ‫إبراهيم التيمي‪.................‬‬ ‫ومن يأمن البالء بع قول إبراهيم؟‬
‫‪441‬‬ ‫حذيفة‪........................‬‬ ‫يأتي ع ى الناس زمان ال يعرفون في صالة‬
‫‪141‬‬ ‫خال بن الولي ‪................‬‬ ‫يا عَُّزى كفرانح ال سبحانح‬
‫‪261‬‬ ‫أحم د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د بد د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د د ددن‬ ‫يُجبر ع ى اإلسالم‬
‫حنبل‪.................‬‬
‫‪11‬‬ ‫عائ ة‪.........................‬‬ ‫يحذ ما صنعوا‬
‫‪2224‬‬ ‫أبو حنيفة‪.....................‬‬ ‫يقسم مال بين و ثت‬
‫‪52‬‬ ‫عب ال بن مسعود‪.............‬‬ ‫اليقين اإليمان ك‬
‫‪2261‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رابعاً‪ :‬فهرس المصطلحات العلمية‬


‫رقم الصفحة‬ ‫المصطلح‬
‫‪213‬‬ ‫أئمة ال عوة‪..........................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫االتحاد‪...............................................‬‬
‫‪511‬‬ ‫اإلخالص‪...........................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫اإل جاء‪.............................................‬‬
‫‪411‬‬ ‫االستثناء‪.............................................‬‬
‫‪624‬‬ ‫االستخا ة‪...........................................‬‬
‫‪2222‬‬ ‫االست را ‪..........................................‬‬
‫‪261‬‬ ‫االستقراء‪............................................‬‬
‫‪391‬‬ ‫االنقياد‪..............................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫البراءة‪...............................................‬‬
‫‪191‬‬ ‫التب يل‪..............................................‬‬
‫‪121‬‬ ‫التحيُّز‪...............................................‬‬
‫‪123‬‬ ‫التس سل‪............................................‬‬
‫‪193‬‬ ‫الت بي ‪..............................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫التصو ‪............................................‬‬
‫‪135‬‬ ‫التعطيل‪..............................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫التقسيم‪............................................‬‬
‫‪136‬‬ ‫التمانع‪..............................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫التوحي ‪.............................................‬‬
‫‪193‬‬ ‫الجهل‪...............................................‬‬
‫‪126‬‬ ‫الجوهر‪..............................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫الح ول‪..............................................‬‬
‫‪215‬‬ ‫داللة االلتزام‪........................................‬‬
‫‪215‬‬ ‫التضمن‪......................................‬‬
‫داللة ُّ‬
‫‪2263‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫المصطلح‬


‫‪215‬‬ ‫داللة المطابقة‪......................................‬‬
‫‪123‬‬ ‫ال و ‪...............................................‬‬
‫‪934‬‬ ‫الردة‪................................................‬‬
‫‪511‬‬ ‫الزن يق‪..............................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫السبر‪................................................‬‬
‫‪41‬‬ ‫ال رط‪..............................................‬‬
‫‪626‬‬ ‫ال رك األص ر‪.......................................‬‬
‫‪565‬‬ ‫ال رك األكبر‪........................................‬‬
‫‪442‬‬ ‫ال ح‪..............................................‬‬
‫‪413‬‬ ‫الص ‪.............................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫الطاغوت‪...........................................‬‬
‫‪126‬‬ ‫الطيرة‪..............................................‬‬
‫‪126‬‬ ‫العرض‪..............................................‬‬
‫‪662‬‬ ‫الع ق‪..............................................‬‬
‫‪143‬‬ ‫الع م االنفعالي‪.......................................‬‬
‫‪143‬‬ ‫الع م الفع ي‪.........................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫الع م‪................................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫الفطرة‪..............................................‬‬
‫‪341‬‬ ‫القبول‪..............................................‬‬
‫‪312‬‬ ‫كفر اإلباء واالستكبا ‪..............................‬‬
‫‪361‬‬ ‫كفر اإلعراض‪.......................................‬‬
‫‪521‬‬ ‫كفر التكذي ‪.......................................‬‬
‫‪363‬‬ ‫كفر الجحود‪........................................‬‬
‫‪312‬‬ ‫كفر العناد‪..........................................‬‬
‫‪611‬‬ ‫المحبة‪................................................‬‬
‫‪2269‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫المصطلح‬


‫‪121‬‬ ‫الممكن‪..............................................‬‬
‫‪919‬‬ ‫الموافاة‪..............................................‬‬
‫‪529‬‬ ‫النفا االعتقادي‪....................................‬‬
‫‪542‬‬ ‫النية‪.................................................‬‬
‫‪36‬‬ ‫الهيولي‪...............................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫وح ة الوجود‪.......................................‬‬
‫‪442‬‬ ‫اليقين‪...............................................‬‬
‫‪2212‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫فهرس الفرق‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الفرقة‬
‫‪15‬‬ ‫االتحادية‪..........................................................‬‬
‫‪59‬‬ ‫األشاعرة‪.........................................................‬‬
‫‪139‬‬ ‫سائل إخوان الصفا‪.............................................‬‬ ‫أصحا‬
‫‪191‬‬ ‫أهل الت بي ‪.......................................................‬‬
‫‪135‬‬ ‫أهل التعطيل‪......................................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫الحرنانية‪..........................................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫الح ولية‪...........................................................‬‬
‫‪291‬‬ ‫ال وز‪...........................................................‬‬
‫‪116‬‬ ‫ال يطانية‪........................................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫الصوفية‪.........................................................‬‬
‫‪125‬‬ ‫الفالسفة الم َّاؤون‪................................................‬‬
‫‪664‬‬ ‫القاد ية‪.........................................................‬‬
‫‪196‬‬ ‫الق ية‪..........................................................‬‬
‫‪129‬‬ ‫القرآنيين‪.........................................................‬‬
‫‪291‬‬ ‫الكرامية‪.........................................................‬‬
‫َّ‬
‫‪125‬‬ ‫الماتري ية‪.........................................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫المرجئة‪...........................................................‬‬
‫‪2222‬‬ ‫المست رقون‪......................................................‬‬
‫‪125‬‬ ‫المعتزلة‪...........................................................‬‬
‫‪196‬‬ ‫المقات ة‪............................................................‬‬
‫‪194‬‬ ‫النصيرية‪..........................................................‬‬
‫‪195‬‬ ‫اله امية‪..........................................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫الوجودية‪.........................................................‬‬
‫‪196‬‬ ‫اليونسية‪..........................................................‬‬
‫‪2212‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫فهرس األعالم المترجم لهم‬


‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬
‫‪122‬‬ ‫اآلم ي‪.............................................................‬‬
‫‪421‬‬ ‫إبراهيم بن عب ال طي آل ال يخ‪.....................................‬‬
‫‪919‬‬ ‫ابن أبي موسى‪.......................................................‬‬
‫‪31‬‬ ‫ابن األنبا ي‪........................................................‬‬
‫‪115‬‬ ‫ابن بري‪...........................................................‬‬
‫‪662‬‬ ‫ابن ال باغ‪..........................................................‬‬
‫‪232‬‬ ‫ابن الصالح‪.........................................................‬‬
‫‪261‬‬ ‫ابن المنذ ‪...........................................................‬‬
‫‪625‬‬ ‫ابن المنير‪............................................................‬‬
‫‪362‬‬ ‫ابن برجان‪..........................................................‬‬
‫‪45‬‬ ‫ابن بطة العُكبري‪.....................................................‬‬
‫‪644‬‬ ‫ابن جزيء الك بي‪....................................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫ابن حجر الهيتمي‪.....................................................‬‬
‫‪121‬‬ ‫ابن خواز من اد‪......................................................‬‬
‫‪13‬‬ ‫ابن سبعين‪...........................................................‬‬
‫‪641‬‬ ‫ابن سريج‪...........................................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫ابن عب الهادي‪......................................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫ابن عربي‪............................................................‬‬
‫‪161‬‬ ‫ابن عطية‪............................................................‬‬
‫‪141‬‬ ‫ابن عون‪............................................................‬‬
‫‪425‬‬ ‫ابن ال حام‪...........................................................‬‬
‫‪192‬‬ ‫المرتضى‬ ‫ابن‬
‫المعتزلي‪..................................................‬‬
‫‪426‬‬ ‫ابن معمر‪............................................................‬‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬


‫‪934‬‬ ‫ابن مف ح‪............................................................‬‬
‫‪114‬‬ ‫ابن هبيرة‪............................................................‬‬
‫‪141‬‬ ‫ابن وضاح‪..........................................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫ابن يعيش‪............................................................‬‬
‫‪513‬‬ ‫أبو إسماعيل الهروي‪..................................................‬‬
‫‪162‬‬ ‫أبو ال داء‪..........................................................‬‬
‫‪164‬‬ ‫أبو السعود‪..........................................................‬‬
‫‪211‬‬ ‫أبو العالية‪...........................................................‬‬
‫‪193‬‬ ‫أبو المظفر السمعاني‪..................................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫المعالي‬ ‫أبو‬
‫الجويني‪....................................................‬‬
‫‪246‬‬ ‫أبو بكر بن عياش‪....................................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫أبو بكر ال ب ي‪......................................................‬‬
‫‪115‬‬ ‫أبو ثو الك بي ‪......................................................‬‬
‫‪126‬‬ ‫أبو حام العزالي‪.....................................................‬‬
‫‪161‬‬ ‫أبو حيان‪............................................................‬‬
‫‪611‬‬ ‫أبو زين العقي ي‪.....................................................‬‬
‫‪552‬‬ ‫أبو شيبة الخ ي‪....................................................‬‬
‫‪339‬‬ ‫أبو طال المكي‪.....................................................‬‬
‫‪225‬‬ ‫أبو عب الرحمن الس مي‪..............................................‬‬
‫‪59‬‬ ‫أبو عب ال بن أبي الفضل المرسي‪.....................................‬‬
‫‪161‬‬ ‫أبو عبي القاسم بن سالم‪.............................................‬‬
‫‪551‬‬ ‫أبو عوانة‪............................................................‬‬
‫‪465‬‬ ‫أبو منصو األزهري‪.................................................‬‬
‫‪469‬‬ ‫أبو هاشم الجبائي‪....................................................‬‬
‫‪2214‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬


‫‪112‬‬ ‫أبو يزي البسطامي‪...................................................‬‬
‫‪166‬‬ ‫الفراء‪.......................................................‬‬
‫أبو يع ى َّ‬
‫‪112‬‬ ‫أحم‬
‫المست انمي‪......................................................‬‬
‫‪161‬‬ ‫أحم بن إبراهيم بن عيسى النج ي‪....................................‬‬
‫‪162‬‬ ‫األوزاعي‪............................................................‬‬
‫‪911‬‬ ‫أيو السختياني‪.....................................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫الباقالني‪.............................................................‬‬
‫‪645‬‬ ‫ب ال ين العيني‪.....................................................‬‬
‫‪92‬‬ ‫الب ادي‪............................................................‬‬
‫‪141‬‬ ‫البقاعي‪..............................................................‬‬
‫‪231‬‬ ‫التتائي‪...............................................................‬‬
‫‪693‬‬ ‫جمال ال ين األف اني‪..................................................‬‬
‫‪13‬‬ ‫الجي ي‪...............................................................‬‬
‫‪623‬‬ ‫حابأ التميمي‪......................................................‬‬
‫‪91‬‬ ‫حاتم الطائي‪.........................................................‬‬
‫‪611‬‬ ‫أس‬ ‫بن‬ ‫الحا ث‬
‫المحاسبي‪..............................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫حاط بن أبي ب تعة‪..................................................‬‬
‫‪44‬‬ ‫حافظ حكمي‪.......................................................‬‬
‫‪242‬‬ ‫الحسن البصري‪......................................................‬‬
‫‪19‬‬ ‫حسين بن مه ي النُّعمي‪.............................................‬‬
‫‪436‬‬ ‫الحكيم الترمذي‪......................................................‬‬
‫‪955‬‬ ‫حكيم بن حزام‪......................................................‬‬
‫‪19‬‬ ‫الحالج‪..............................................................‬‬
‫‪2215‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬


‫‪239‬‬ ‫الح يمي‪.............................................................‬‬
‫‪2223‬‬ ‫أبي‬ ‫بن‬ ‫حماد‬
‫س يمان‪..................................................‬‬
‫‪156‬‬ ‫حم ان الوَّا ‪........................................................‬‬
‫‪319‬‬ ‫الرحمن‬ ‫عب‬ ‫بن‬ ‫حمي‬
‫الحميري‪.........................................‬‬
‫‪912‬‬ ‫الحمي ي‪............................................................‬‬ ‫ُ‬
‫‪635‬‬ ‫الخازن‪..............................................................‬‬
‫‪652‬‬ ‫خال بن عب ال القسري‪.............................................‬‬
‫‪61‬‬ ‫بن‬ ‫الخ يل‬
‫أحم ‪.......................................................‬‬
‫‪253‬‬ ‫داوود بن جرجيأ‪...................................................‬‬
‫‪119‬‬ ‫ال بَّاغ‪..............................................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫دحالن‪.............................................................‬‬
‫‪2229‬‬ ‫ذ الهم اني‪..........................................................‬‬
‫‪539‬‬ ‫السمان‪.......................................................‬‬
‫ذكوان َّ‬
‫‪613‬‬ ‫ذو النون المصري‪.....................................................‬‬
‫‪66‬‬ ‫ؤبة بن العجاج‪.....................................................‬‬
‫‪664‬‬ ‫ابعة الع وية‪........................................................‬‬
‫‪552‬‬ ‫الربيع بن أنأ‪.......................................................‬‬
‫‪65‬‬ ‫بيعة بن عباد ال ئ ي‪.................................................‬‬
‫‪95‬‬ ‫الزجاج‪.............................................................‬‬
‫‪624‬‬ ‫الزمخ ري‪...........................................................‬‬
‫‪91‬‬ ‫زهير بن أبي س مة‪....................................................‬‬
‫‪134‬‬ ‫زين ال ين الكتاني‪....................................................‬‬
‫‪2216‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬


‫‪229‬‬ ‫السبكي‪.............................................................‬‬
‫‪151‬‬ ‫سع ال ين التفتازاني‪..................................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫سعي بن جبير‪.......................................................‬‬
‫‪551‬‬ ‫سفيان الثو ي‪.......................................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫سفيان بن عيينة‪......................................................‬‬
‫‪219‬‬ ‫س يمان بن سحمان‪..................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫سيبوي ‪..............................................................‬‬
‫‪425‬‬ ‫السيوطي‪............................................................‬‬
‫‪534‬‬ ‫ش َّاد بن أوس األنصا ي‪.............................................‬‬
‫‪35‬‬ ‫ال ُ تري‪...........................................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫ال َّعبي‪..............................................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫ال هرستاني‪..........................................................‬‬
‫‪931‬‬ ‫الصابوني‪............................................................‬‬
‫‪962‬‬ ‫ص ة بن زفر‪.........................................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫الضحاك بن مزاحم‪...................................................‬‬
‫‪151‬‬ ‫طا بن أشيم‪......................................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫عب الرحمن بن قاسم النج ي‪.........................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫يحيى‬ ‫بن‬ ‫الرحمن‬ ‫عب‬
‫المع مي‪...........................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫عب ال ني الناب سي‪...................................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫عب الكريم الق يري‪.................................................‬‬
‫‪62‬‬ ‫عب ال أبا بطين‪.....................................................‬‬
‫‪413‬‬ ‫عب ال بن ب يه ‪....................................................‬‬
‫‪134‬‬ ‫محم‬ ‫بن‬ ‫الهادي‬ ‫عب‬
‫العجي ي‪.........................................‬‬
‫‪2211‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬


‫‪661‬‬ ‫عب الواح بن زي البصري‪..........................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫عبي ال بن عب ال بن عتبة‪..........................................‬‬
‫‪162‬‬ ‫عبي بن عمير ال يثي‪..................................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫عثمان بن منصو ‪....................................................‬‬
‫‪532‬‬ ‫العراقي‪..............................................................‬‬
‫‪35‬‬ ‫العروسي‪...................................................................‬‬
‫‪161‬‬ ‫عروة بن الزبير‪.......................................................‬‬
‫‪225‬‬ ‫عطية بن سع العوفي‪.................................................‬‬
‫‪221‬‬ ‫عكرمة مولى ابن عباس‪...............................................‬‬
‫‪33‬‬ ‫ع ي القا ئ‪.........................................................‬‬
‫‪225‬‬ ‫ع ي بن أبي ط حة‪....................................................‬‬
‫‪636‬‬ ‫العنقري‪.............................................................‬‬
‫‪621‬‬ ‫عون بن عب ال الهذلي‪...............................................‬‬
‫‪141‬‬ ‫عيسى بن يونأ‪.....................................................‬‬
‫‪641‬‬ ‫الفخر الرازي‪........................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫الفراء‪...............................................................‬‬ ‫َّ‬
‫‪212‬‬ ‫الفرزد ‪.............................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫الفيروز آبادي‪........................................................‬‬
‫‪291‬‬ ‫القاضي عب الجبا ‪...................................................‬‬
‫‪245‬‬ ‫القاضي عياض‪.......................................................‬‬
‫‪145‬‬ ‫القرطبي‪.............................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫الكسائي‪............................................................‬‬
‫‪145‬‬ ‫ال حياني‪.............................................................‬‬
‫‪125‬‬ ‫الماز ي‪..............................................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫بن‬ ‫مجاه‬
‫‪2213‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬


‫جبر‪........................................................‬‬
‫‪231‬‬ ‫محم بن أبي جمرة= عب ال بن سع بن سعي بن أبي جمرة‬
‫‪....................‬‬
‫‪556‬‬ ‫عمران‬ ‫بن‬ ‫نصر‬ ‫=‬ ‫جمرة‬ ‫أبي‬ ‫بن‬ ‫محم‬
‫الضبعي‪...........................‬‬
‫‪113‬‬ ‫الحسن‬ ‫بن‬ ‫محم‬
‫الهمذاني‪..............................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫بن‬ ‫محم‬
‫سمعون‪......................................................‬‬
‫‪219‬‬ ‫محم بن كرام السجستاني‪............................................‬‬
‫‪551‬‬ ‫نصر‬ ‫بن‬ ‫محم‬
‫المروزي‪................................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫ال ين‬ ‫جمال‬ ‫محم‬
‫القاسمي‪.............................................‬‬
‫‪693‬‬ ‫محم عب ه‪..........................................................‬‬
‫‪231‬‬ ‫المسي بن حزن‪.....................................................‬‬
‫‪552‬‬ ‫م رس الطائفي‪......................................................‬‬
‫‪551‬‬ ‫مطر بن عب ال بن ال خير‪........................................‬‬
‫‪911‬‬ ‫معقل بن عبي ال العبسي‪............................................‬‬
‫‪196‬‬ ‫مقاتل بن س يمان‪....................................................‬‬
‫‪123‬‬ ‫المقريزي‪.............................................................‬‬
‫‪161‬‬ ‫مكحول‪.............................................................‬‬
‫‪231‬‬ ‫ميا ة‪................................................................‬‬
‫‪229‬‬ ‫ميمون بن مهران‪.....................................................‬‬
‫‪362‬‬ ‫نصر بن إبراهيم المق سي‪..............................................‬‬
‫‪2219‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العلم‬


‫‪223‬‬ ‫نصر بن عاصم ال يثي‪.................................................‬‬
‫‪113‬‬ ‫النو ي‪..............................................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫الهبطي‪...............................................................‬‬
‫‪195‬‬ ‫ه ام بن الحكم‪......................................................‬‬
‫‪196‬‬ ‫ه ام بن سالم الجواليقي‪..............................................‬‬
‫‪242‬‬ ‫وه بن منب ‪........................................................‬‬
‫‪319‬‬ ‫يحيى بن يعمر‪........................................................‬‬
‫‪69‬‬ ‫يونأ بن حبي ‪.....................................................‬‬
‫‪4701‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ثبت المصادر والمراجع‬


‫ـ القرآن الكريم‪.‬‬
‫ـ أبجد العلوم‪ ،‬تأليف‪ :‬صديق بن حسن القنوجي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الجبار زكار‪ ،‬نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت (‪ )4701‬م‪.‬‬
‫ـ ابن سحمان تاريخ حياته وعلمه وتحقيق شعره‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد الرحمن بن عقيل‬
‫الظاهري‪ ،‬نشر مكتبة الرشد ناشرون‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلبهاج‪ ،‬تأليف‪ :‬علي بن عبد الكافي السبكي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫الطبعة األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن محمد الحسيني‬
‫الزبيدي‪ ،‬الشهير بمرتضى‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد السالم اللقماني‪ ،‬نشر مطبعة بوالق‪،‬‬
‫مصر‪ )4471( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ اجتماع الجيوش اإلسالمية‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب‬
‫بن سعد الزرعي المشهور بابن قيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عواد بن عبد الله المعتق‪ ،‬نشر مطابع‬
‫الفرزدق التجارية‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ أحكام أهل الذمة‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬صبحي الصالح‪ ،‬نشر دار الماليين‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4711‬م‪.‬‬
‫ـ إحياء علوم الدين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن محمد الغزالي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ أخبار الحالج‪ ،‬تأليف‪ :‬تأليف‪ :‬علي الساعي‪ ،‬تحقيق‪ :‬ماسنيون وكراوس‪ ،‬نشر مطبعة‬
‫القلم‪ ،‬باريس‪.)4711( ،‬‬
‫ـ أخبار مكة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد األزرقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬رشدي‬
‫الصالح‪ ،‬نشر دار األندلس للنشر‪ ،‬بيروت‪ )4141( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ آداب الشافعي ومناقبه‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫عبد الغني عبد الخالق‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪4701‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ إرشاد الساري في شرح السنة للبربهاري‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ أحمد بن يحيى النجمي‪ ،‬نشر‬
‫مكتبة الفرقان‪ ،‬اإلمارات العربية‪ ،‬عجمان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن علي الشوكاني‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬شعبان محمد إسماعيل‪ ،‬نشر دار الكتبي‪ ،‬مصر ـ القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ أسباب النـزول‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫ماهر ياسين الفحل‪ ،‬نشر دار الميمان للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ اشتقاق أسماء الله‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫الحسين المبارك‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلصابة في تمييز الصحابة‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي بن‬
‫محمد البجاوي‪ ،‬نشر دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى (‪)4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ أصول الدين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي منصور بن طاهر التميمي البغدادي‪ ،‬نشر مكتبة الدولة‪،‬‬
‫استانبول‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4111‬هـ‪.‬‬
‫ـ أصول وضوابط في التكفير‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪،‬‬
‫نشر دار المنار‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد األمين بن محمد المختار الجكني‪،‬‬
‫نشر المؤسسة السعودية‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬نشر مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين‪ ،‬تأليف‪ :‬فخر الدين محمد بن عمر الخطيب الرازي‪،‬‬
‫نشر مكتبة الكليات األزهرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ أعالم السنة المنشورة العتقاد الطائفة الناجية المنصورة‪ ،‬تأليف‪ :‬حافظ بن أحمد‬
‫الحكمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بن علي علوش مدخلي‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ أعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن القيم‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محي الدين عبد‬
‫الحميد‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4101‬هـ‪.‬‬
‫‪4701‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ أعمال القلوب حقيقتها وأحكامها عند أهل السنة وعند مخالفيهم‪ ،‬رسالة دكتوراه‬
‫مقدمة إلى قسم العقيدة والمذاهب بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض‪،‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ :‬سهل بن رفاع بن سهيل العتيبي‪.‬‬
‫ـ إغاثة اللهفان‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬تحقيق محمد حامد الفقي‪ ،‬نشر دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم أحمد بن عبد‬
‫الحليم بن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬ناصر عبد الكريم العقل‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ أقوال التابعين في مسائل التوحيد واإليمان‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد العزيز بن عبد الله المبدل‪ ،‬نشر‬
‫دار التوحيد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ إكمال إكمال المعلم (شرح صحيح مسلم)‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله محمد بن خلفة‬
‫الوشتاني األُبي المالكي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫المعلم بفوائد مسلم‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي‪،‬‬ ‫ـ إكمال ُ‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬يحيى إسماعيل‪ ،‬نشر دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ اآلحاد والمثاني‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬باسم‬
‫فيصل أحمد الجوابرة‪ ،‬نشر دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلبانة عن أصول الديانة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسن علي بن إسماعيل األشعري‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫فوقية حسين محمود‪ ،‬نشر دار األنصار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلبانة عن شريعة الفرقة الناجية‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة‬
‫العكبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬رضا نعسان ُمعطي‪ ،‬نشر دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلبهاج في شرح المنهاج للبيضاوي‪ ،‬تأليف‪ :‬علي بن عبد الكافي السبكي وولده تاج‬
‫الدين عبد الوهاب بن علي السبكي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4171‬هـ‪. .‬‬
‫ـ األحاديث المختارة‪ ،‬تأليف‪ :‬ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد‬
‫المقدسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الملك بن عبد الله الدهيش‪ ،‬نشر مكتبة النهضة الحديثة‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4700‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ اإلحسان في تقريب صحيح ابن حبان‪ ،‬تأليف‪ :‬عالء الدين علي بن بلبان الفارسي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫شعيب األرناؤوط‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم‪ ،‬نشر‬
‫دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ األحكام في أصول األحكام‪ ،‬تأليف‪ :‬سيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمد‬
‫اآلمدي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية ـ بيروت‪.‬‬
‫ـ األربعين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسن محمد بن أسلم الطوسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مشعل بن باني الجبرين‬
‫المطيري‪ ،‬نشر دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬عام (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلرشاد إلى سبيل الرشاد‪ :‬تأليف‪ :‬الشريف محمد بن أحمد بن محمد بن أبي موسى‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪:‬‬
‫مؤسسة ّ‬ ‫الهاشمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الله بن عبد المحسن التركي‪ ،‬نشر ّ‬
‫األولى‪ )4147( :‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلرشاد إلى صحيح االعتقاد والرد على أهل الشرك واإللحاد‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬صالح بن‬
‫فوزان الفوزان‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلرشاد إلى معرفة األحكام‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ ،‬نشر مكتبة المعارف‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬عام (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ االستغاثة في الرد على البكري‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله بن دجين‬
‫السهلي‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ االستقامة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد‬
‫رشاد سالم‪ ،‬نشر مؤسسة قرطبة‪ ،‬مدينة األندلس‪ ،‬الهرم‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪.‬‬
‫ـ االستيعاب‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬علي محمد البجاوي‪ ،‬نشر دار الجيل‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلسالم والحضارة الغربية‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد محمد حسين‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ األسماء والصفات‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله بن محمد‬
‫الحاشدي‪ ،‬نشر مكتبة السوادي‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4701‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ األشباه والنظائر‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلشراف على مذاهب أهل العلم‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد بخيت سراج الدين‪ ،‬نشر دار إحياء التراث اإلسالمي‪ ،‬دولة قطر‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ األصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات والرد عليها من كالم شيخ اإلسالم‬
‫ابن تيمية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬عبد القادر بن محمد عطا صوفي‪ ،‬نشر مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة‬
‫النبوية‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ األصول من علم األصول‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬طبعة العام الهجري (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ االعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد‪ ،‬للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬نشر دار‬
‫اآلفاق الجديدة‪ ،‬بيروت ط‪ :‬األولى (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلعالم بما في دين النصارى‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح‬
‫القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬أحمد حجازي السقا‪ ،‬نشر دار التراث العربي‪ ،‬القاهرة عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ األعالم‪ ،‬تأليف‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬نشر‪ :‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬الخامسة‬
‫عشرة (‪ )4774‬م‪.‬‬
‫ـ األغاني‪ ،‬ألبي الفرج األصفهاني‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ط‪ :‬الرابعة (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإلكمال‪ ،‬تأليف‪ :‬علي بن هبة الله بن أبي نصر بن ماكوال‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫عام (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ األم‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن إدريس الشافعي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬رفعت فوزي عبد المطلب‪ ،‬نشر دار‬
‫الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ األمثال القرآنية المضروبة لإليمان بالله‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع‪ ،‬نشر‬
‫عمادة البحث العلمي‪ ،‬الجامعة اإلسالمية ـ المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ االنتصار لحزب الله الموحدين‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الله أبا بطين‪( ،‬ضمن مجموعة‪ :‬عقيدة‬
‫الموحدين)‪ ،‬جمع عبد الله بن سعيد العبدلي‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫‪4707‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ اإليمان أركانه‪ ،‬حقيقته‪ ،‬نواقضه‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬محمد نعيم ياسين‪ ،‬نشر مكتبة السنة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإليمان‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبيد القاسم بن سالم‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإليمان‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد ناصر‬
‫الدين األلباني‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ اإليمان‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ محمد بن إسحاق بن يحيى بن مندة‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي بن محمد بن‬
‫ناصر الفقيهي‪ ،‬نشر المجلس العلمي‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ البحر الزخار بمسند البزار‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬محفوظ الرحمن زين الله‪ ،‬نشر مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ البحر المحيط للزركشي‪ ،‬تأليف‪ :‬بدر الدين بن بهادر بن عبد الله الشافعي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫القادر بن عبد الله العاني‪ ،‬نشر دار الصفوة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ البداية والنهاية‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفداء ابن كثير الدمشقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ علي بن محمد‬
‫معوض‪ ،‬وعادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن علي الشوكاني‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتاب اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ البرهان في أصول الفقه‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫عبد العظيم الديب‪ ،‬نشر دار األنصار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ البرهان في معرفة عقائد أهل األديان‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفضل عباس بن منصور الثريني‬
‫السكسكي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬بسام علي سالمة العموش‪ ،‬نشر مكتبة المنار‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ البعث والنشور‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عامر‬
‫أحمد حيدر‪ ،‬نشر مركز الخدمات واألبحاث الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4717‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ بهجة النفوس وتحليتها بمعرفة ما لها وما عليها‪ ،‬شرح مختصر صحيح البخاري‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي‬
‫محمد عبد الله بن أبي جمرة‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ التاريخ الكبير‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي المظفر‬
‫اإلسفراييني‪ ،‬تحقيق‪ :‬كمال يوسف الحوت‪ ،‬نشر دار عالم الكتب‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ التبصير في معالم الدين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي‬
‫بن عبد العزيز بن علي الشبل‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ التبيان في أقسام القرآن‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬محمد زهري النجار‪،‬‬
‫نشر المؤسسة السعيدية‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ التجريد في إعراب كلمة التوحيد وما يتعلٌّق بمعناها من التمجيد‪ ،‬تأليف‪ :‬علي بن سلطان‬
‫محمد القاري‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ التحبير شرح التحرير في أصول الفقه‪ ،‬تأليف‪ :‬عالء الدين أبي الحسن علي بن سليمان‬
‫المرداوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪،‬‬
‫(‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ التحذير من مختصرات محمد علي الصابوني في التفسير‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬بكر بن عبد الله أبو‬
‫زيد‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ التحفة العراقية في األعمال القلبية‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم تقي الدين أحمد بن تيمية‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬يحيى بن محمد بن عبد الله النهيدي‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ التخويف من النار‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب‬
‫الحنبلي البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشير محمد عيون‪ ،‬نشر دار البيان‪ ،‬دمشق ـ سوريا‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الترغيب والترهيب‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم‬
‫شمس الدين‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫‪4714‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ التسهيل لعلوم التنـزيل‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد بن محمد الغرناطي المعروف بابن جزيء‬
‫الكلبي‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫الجنائي اإلسالمي مقارناً بالقانون الوضعي‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد القادر عودة‪ ،‬نشر مؤسسة‬ ‫ـ التشريع َ‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ التعاريف‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عبد الرؤوف المناوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد رضوان الداية‪ ،‬نشر‬
‫دار الفكر المعاصر‪ ،‬بيروت ـ دمشق‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ التعريفات‪ ،‬تأليف‪ :‬الشريف علي بن محمد الجرجاني‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ـ‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ التفسير الكبير ومفاتيح الغيب‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد الرازي فخر الدين بن العالمة ضياء الدين‬
‫عمر المشتهر بخطيب الري‪ ،‬نشر دار الفكر بيروت ط‪ :‬األولى (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ التقرير والتحبير‪ ،‬تأليف‪ :‬شرح ابن أمير الحاج على التحرير في أصول الفقه‪ ،‬ضبط وتخريج‪:‬‬
‫عبد الله محمود محمد عمر‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى عام (‪)4147‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫ـ التقييد لمعرفة الرواة والسنن والمسانيد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر محمد بن عبد الغني الشهير بابن‬
‫نقطة‪ ،‬نشر مجلس دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر آباد ـ الهند‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫جذوره‪ ،‬أسبابُه‪ِّ ،‬‬
‫مبرراتُه‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬نعمان عبد الرزاق السامرائي‪ ،‬نشر دار المنارة‬ ‫ُ‬ ‫ـ التكفير‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ التكفير وضوابطه‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬إبراهيم بن عامر الرحيلي‪ ،‬نشر دار اإلمام البخاري‪ ،‬قطر‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عمر يوسف بن عبد الله بن‬
‫محمد بن عبد البر النمري القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سعيد أحمد أعراب ومحمد الفالح‪.‬‬
‫السنية على العقيدة الواسطية‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد العزيز الناصر الرشيد‪ ،‬نشر دار الرشيد‪،‬‬ ‫ـ التنبيهات َّ‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن خليل‬
‫التتائي‪ ،‬تتحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد عايش عبد العال شبير‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫‪4714‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ التهذيب في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفراء‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬وعلي محمد معوض‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو منصور الماتريدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬فتح الله خليف‪ ،‬نشر دار الجامعات‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬
‫ـ الثقات‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم البستي‪ ،‬تحقيق‪ :‬السيد شرف الدين‬
‫أحمد‪ ،،‬نشر دار الفكر‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر دار‬
‫غرائس‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الرحمن محمد بن أحمد األنصاري القرطبي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬هشام سمير البخاري‪ ،‬نشر عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬العليا‪ )4141( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ الجامع والعلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ‬
‫زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬طارق عوض الله بن‬
‫محمد‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الجرح والتعديل‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي‪ ،‬نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬عام (‪ )4104‬هـ‪.‬‬
‫ـ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح‪ ،‬لشيخ اإلسالم أبي العباس أحمد بن عبد‬
‫الحليم بن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬علي بن حسن بن ناصر‪ ،‬ود‪ .‬عبد العزيز بن إبراهيم العسكر‪،‬‬
‫ود‪ .‬حمدان بن محمد الحمدان‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله محمد‬
‫بن أبي بكر الزرعي الدمشقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف علي بدوي‪ ،‬نشر دار ابن كثير‪ ،‬دمشق ـ بيروت‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ حاشية الدسوقي على أم البراهين‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ محمد الدسوقي‪ ،‬نشر دار إحياء الكتب‬
‫العربية (عيسى البابي الحلبي)‪.‬‬
‫‪4711‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي القاسم بن محمد‬
‫بن الفضل التيمي األصبهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن محمود أبو رحيم‪ ،‬نشر دار الراية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ الحدود األنيقة‪ ،‬تأليف‪ :‬زكريا بن محمد بن زكريا األنصاري‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مازن المبارك‪ ،‬نشر‬
‫دار الفكر المعاصر‪ ،‬بيروت ـ دمشق‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ الخالف في حكم تارك الصالة‪ ،‬عرض ألقوال اإلئمة وبيان الراجح منها‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫الله بن إبراهيم الزاحم‪ ،‬نشر دار الفضيلة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدر الثمين‪ ،‬للعالمة الشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي ـ طبع دار الفكر بيروت لبنان‬
‫عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدر الثمين والمورد المعين في شرح المرشد األمين‪ ،‬تأليف‪ :‬العالمة محمد بن أحمد‬
‫ميارة المالكي‪ ،‬نشر دار الفكر بيروت لبنان عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدر المنثور في التفسير المأثور‪ ،‬تأليف‪ :‬جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‪،‬‬
‫نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدر المنثور في الرد على عثمان بن منصور‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل‬
‫الشيخ‪ ،‬نشر مكتبة الهداية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدر النضيد في إخالص كلمة التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام محمد بن علي الشوكاني‪ ،‬تخريج‬
‫وتعليق‪ :‬أبي عبد الله الحلبي‪ ،‬نشر دار ابن خزيمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدراية على تخريج أحاديث الهداية‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي‬
‫بن محمد بن حجر العسقالني‪ ،‬نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫ـ الدرة فيما يجب اعتقاده‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫أحمد بن ناصر بن محمد الحمد‪ ،‬ود‪ .‬صعيد بن عبد الرحمن بن موسى القزقي‪ ،‬نشر مطبعة‬
‫المدني‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدرر السنية في األجوبة النجدية‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن قاسم العاصمي النجدي‪ ،‬ط‪:‬‬
‫السادسة (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم شهاب الدين أحمد بن علي‬
‫بن محمد الشهير بابن حجر العسقالني‪ ،‬نشر دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪4711‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ الدعاء‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد سعيد محمد‬
‫حسن البخاري‪ ،‬نشر دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن فرحون المالكي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫األحمدي أبو النور‪ ،‬نشر دار التراث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ ذيل طبقات الحفاظ‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة األولى (‪)4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الرد البرهاني في اإلنتصار للعالمة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫علي بن حسن بن علي الحلبي‪ ،‬نشر مكتبة الفرقان‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬عجمان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪)4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الرد على األخنائي‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم تقي الدين ابن تيمية الحراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن‬
‫بن يحيى المعلمي‪ ،‬نشر الرئاسة العامة ‪‬إارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الرد على البكري‪ ،‬تأليف‪ :‬تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم الحراني‪ ،‬تتحقيق‪:‬‬
‫محمد علي عجال‪ ،‬نشر مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬الطبعة األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ الرد على الجهمية‪ ،‬تأليف‪ :‬عثمان بن سعيد الدارمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬بدر البدر‪ ،‬نشر الدار‬
‫السلفية‪ ،‬الصفاة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫وتأولته‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام‬
‫ـ الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن َّ‬
‫أحمد بن حنبل الشيباني‪ ،‬تحقيق‪ :‬دهيش بن شبيب العجمي‪ ،‬نشر دار غراس للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الكويت‪ /‬الجهراء‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الرد على القائلين بوحدة الوجود‪ ،‬تأليف‪ :‬علي بن سلطان القارئ‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي رضا بن‬
‫عبد الله بن علي رضا‪ ،‬نشر دار المأمون للتراث‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الرسائل السلفية في إحياء سنة خير البرية‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام محمد بن علي الشوكاني‪،‬‬
‫نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ الرسالة القشيرية‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي القاسم عبد الكريم القشيري‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الحليم محمود‪،‬‬
‫نشر دار الكتب الحديثة لصاحبها توفيق عفيفي‪.‬‬
‫ـ الروايتين والوجهين‪ ،‬مصور في قسم المخطوطات بالجامعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪4711‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ الروح‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬بسام علي سالمة العموش‪ ،‬نشر دار ابن تيمية‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الزهد‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الله بن المبارك المروزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن األعظمي‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ السنة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخالل‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عطية‬
‫الزهراني‪ ،‬نشر دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ السنة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني‪ ،‬وبهامشه ظالل‬
‫السنة في تخريج السنة لأللباني‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ السنة‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام عبد الله بن اإلمام أحمد بن حنبل الشيباني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن سعيد‬
‫بن سالم القحطاني‪ ،‬نشر دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ السنن الكبرى‪ ،‬ألبي أحمد بن الحسين بن علي البيهقي‪ ،‬ط‪ :‬دار الفكر بيروت‪.‬‬
‫ـ السنن الكبرى‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسن عبد‬
‫المنعم شلبي‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪. .‬‬
‫ـ السيرة النبوية‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن هشام‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى السقا‪ ،‬وإبراهيم األبياري‪ ،‬وعبد الحفيظ‬
‫شلبي‪ ،‬نشر دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ السيل الجرار‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن علي بن محمد الشوكاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود إبراهيم زايد‪،‬‬
‫نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬تأليف‪ :‬شهاب الدين أبي الفالح عبد الحي بن أحمد‬
‫بن محمد العكري الحنبلي‪ ،‬المعروف بابن العماد الحنبلي‪ ،‬تحقيق عبد القادر األرنؤوط‪ ،‬نشر‬
‫دار ابن كثير دمشق‪.‬‬
‫ـ شرح ثالثة األصول (مفرغ من الكاسيت)‪ ،‬لشارحه الدكتور محمد أمان الجامي‪ ،‬عناية‬
‫وتصحيح محمود إبراهيم الطرابلسي‪ ،‬نشر مكتبة دار النصيحة‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫(‪)4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الشريعة‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام المحدث أبي بكر محمد بن الحسين اآلجري‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الله‬
‫بن عمر بن سليمان الدميجي‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4711‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي أبي الفضل عياض اليحصبي‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬عام (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ الشمائل المحمدية‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عيسى بن سورة الترمذي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سيد عباس‬
‫الجليمي‪ ،‬نشر مؤسسة الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪.)4144‬‬
‫ـ الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين‪،‬‬
‫نشر دار الوسيلة‪ ،‬جدة‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة‪.‬‬
‫ـ الصارم المسلول عاى شاتم الرسول ‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد‬
‫السالم ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن عبد الله بن عمر الحلواني‪ ،‬ومحمد كبير شودري‪ ،‬نشر‬
‫دار رمادي للنشر‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ الصحاح‪ ،‬تأليف‪ :‬إسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬نشر دار‬
‫العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ الصفدية‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد رشاد سالم‪،‬‬
‫سنة النشر (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الصمت وآداب اللسان‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن أبي‬
‫الدنيا‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬محمد عبد القادر أحمد عطا‪ ،‬نشر مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‬
‫ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله محمد بن‬
‫أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي المشهور بابن قيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬علي بن محمد‬
‫الدخيل الله‪ ،‬نشر‪ :‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الضعفاء الكبير‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عبد المعطي أمين قلعجي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪.‬‬
‫ـ الضوء الالمع بمحاسن أهل القرن التاسع‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن عبد الرحمن‬
‫السخاوي‪ ،‬نشر دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ الضوء الالمع ألهل القرن التاسع‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي‪،‬‬
‫نشر دار الجيل‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪4710‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ الضياء الشارق في رد شبهات المازق المارق‪ ،‬تأليف‪ :‬سليمان بن سحمان‪ ،‬نشر مطبعة‬
‫المنار‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4111‬هـ‪.‬‬
‫ـ الضياء الالمع شرح جمع الجوامع في أصول الفقه‪ ،‬للشيخ حلولو‪ :‬أحمد بن عبد‬
‫الرحمن بن موسى‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ الطبقات الكبرى‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن سعد بن منيع الزهري‪ ،‬نشر دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ الطبقات الكبرى المسماة بلواقح األنوار في طبقات األخيار‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الوهاب بن‬
‫أحمد بن علي األنصاري المعروف بالشعراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬سليمان الصالح‪ ،‬نشر دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي‬
‫الدمشقي‪ ،‬الشهير بابن قيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حامد الفقي‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ العبودية‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي‬
‫حسن عبد الحميد‪ ،‬نشر مكتبة دار األصالة‪ ،‬اإلسماعيلية‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬ط‪:‬‬
‫الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ العقد الثمين في تاريخ البلد األمين‪ ،‬تأليف‪ :‬العالمة تقي الدين محمد بن أحمد الحسيني‬
‫الفاسي المكي‪ ،‬تحقيق‪ :‬فؤاد سيد‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ العلو للعلي الغفار‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أبو محمد أشرف بن عبد المقصود‪ ،‬نشر أضواء السلف‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الفائق‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عمر الزمخشري‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي محمد بجاوي‪ ،‬نشر دار المعرفة‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪.‬‬
‫ـ الفتاوى الكبرى‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن تيمية الحراني‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫حسين محمد مخلوف‪ ،‬نشر دار المعرفة عام (‪ )4111‬هـ‪.‬‬
‫ـ الفتوحات المكية‪ ،‬تأليف‪ :‬محيي الدين ابن عربي الطائي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عثمان يحيى‪ ،‬ود‪.‬‬
‫إبراهيم مدكور‪ ،‬نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ )4174( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ الفردوس بمأثور الخطاب‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي شجاع شيرون بن شهردار بن شيرون الدليمي‪ ،‬نشر‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4711‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ الفرق بين الفرق‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محيي‬
‫الدين عبد الحميد‪ ،‬نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ـ الفروع‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مفلح المقدسي‪ ،‬نشر عالم الكتب‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ الفروق‪ ،‬تأليف‪ :‬شهاب الدين الصنهاجي القرافي‪ ،‬نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ـ الفصل في الملل واألهواء والنحل‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد علي بن أحمد المعروف بابن‬
‫حزم‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن عميرة‪ ،‬نشر دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الفطرة حقيقتها ومذاهب الناس فيها‪ ،‬تأليف‪ :‬علي بن عبد الله بن علي القرني‪ ،‬نشر دار‬
‫المسلم‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الفهرست‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن إسحاق النديم‪ ،‬نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬سنة النشر‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الفوائد‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيم الجززية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫عثمان الخشت‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬الثامنة (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ القاضي أبو يعلى وكتابه مسائل اإليمان‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬د‪ .‬سعود بن عبد العزيز‬
‫الخلف‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪،‬ة ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ القاموس المحيط‪ ،‬تأليف‪ :‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي‪ ،‬نشر دار إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ القانون في الطب‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو علي الحسين بن علي بن سينا‪ ،‬الملقب بالشيخ الرئيس‪ ،‬نشر‬
‫دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ القواعد والفوائد األصولية‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن اللحام‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حامد الفقي‪ ،‬نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرزاق بن عبد المحسن‬
‫العباد البدر‪ ،‬نشر دار ابن عفان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ القول الفصل النفيس في الرد على المفتري داود بن جرجيس‪ ،‬تأليف‪ :‬العالمة عبد‬
‫الرحمن بن حسن آل الشيخ‪ ،‬نشر دار الهداية للطبع والترجمة‪ )4171( ،‬هـ‪.‬‬
‫‪4717‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ القول المفيد على كتاب التوحيد شرح لكتاب التوحيد‪ ،‬لفضيلة الشيخ محمد بن صالح‬
‫العثيمين‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الكامل في ضعفاء الرجال‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني‪ ،‬نشر دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الكشاف عن غوامض التنـزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل‪ ،‬تأليف‪ :‬جار الله أبي‬
‫القاسم محمود بن عمر الزمخشري‪ ،‬تعليق وتحقيق‪ :‬الشيخ عادل أحمد عبد المجواد‪،‬‬
‫والشيخ علي محمد معوض‪ ،‬نشر مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الكشف والبيان‪ ،‬المعروف بتفسير الثعلبي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي إسحاق أحمد المعروف بالثعلبي‪،‬‬
‫دراسة وتحقيق أبي محمد بن عاشور‪ ،‬نشر دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ الكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل وحكم من يكفر غيره من المسلمين‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ‬
‫عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين‪ ،‬نشر مكتبة السالم العالمية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ اللمع‪ :‬تأليف‪ :‬عبد الله بن علي الطوسي السراج‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الحليم محمود وطه سرور‪،‬‬
‫نشر دار الكتب الحديثة‪ ،‬مصر‪ )4117( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي أبي محمد عبد الحق بت غالب‬
‫بن عطية األندلسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬المجلس العلمي بمكناس‪ ،‬نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‬
‫بدولة المغرب (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ المحصول في علم األصول‪ ،‬تأليف‪ :‬فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي‪،‬‬
‫دراسة وتحقيق طه جابر فياض العلواني‪ ،‬نشر جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ المحلى‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫ـ المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي يعلى محمد بن الحسين بن‬
‫محمد بن خلف بن أحمد الفراء‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الكريم بن محمد الالحم‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4777‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ المسائل الماردينية في فقه الكتاب والسنة ورفع الحرج في العبادات والمعامالت‪،‬‬


‫تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬زهير الشاويش‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪:‬‬
‫الثالثة (‪ )4177‬هـ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ المسائل والرسائل المروية عن اإلمام أحمد بن حنبل في العقيدة‪ ،‬جمع وتحقيق ودراسة د‪.‬‬
‫عبد اإلله بن سلمان بن سالم األحمدي‪ ،‬نشر دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ المستدرك على الصحيحين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ المصباح المنير‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي المقرئ‪ ،‬نشر مكتبة لبنان‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬عام (‪ )4710‬م‪.‬‬
‫ـ المصطلحات األربعة في القرآن الكريم‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي األعلى المودودي‪ ،‬تعريب‪ :‬محمد‬
‫كاظم سباق‪ ،‬نشر دار القلم‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ :‬الثامنة (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ المصنف‪ ،‬تأليف‪ :‬لحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬حبيب الرحمن‬
‫األعظمي‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أحمد بن علي بن حجر‬
‫العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬جمال فرحات صادلي‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ المعتمد في أصول الفقه‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري‬
‫المعتزلي‪ ،‬مدينة النشر دمشق عام (‪ )4111‬هـ‪.‬‬
‫ـ المعجم األوسط‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬طارق‬
‫عوض الله بن محمد‪ ،‬وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني‪ ،‬نشر دار الحرمين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ المعجم الكبير‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي بن عبد‬
‫المجيد السلفي‪ ،‬نشر الدار العربية للطباعة‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ المغني في أبواب العدل والتوحيد‪ :‬تأليف‪ :‬القاضي أبي الحسين عبد الجبار المعتزلي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬توفيق الطويل ورفقائه‪ ،‬نشر وزارة الثقافة واإلرشاد القومي بمصر‪.‬‬
‫‪4774‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ المغني‪ ،‬تأليف‪ :‬موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي‬
‫الجماعيلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد المحسن التركي‪ ،‬وعبد الفتاح محمد الحلو‪ ،‬نشر دار عالم‬
‫الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي العباس أحمد بن عمر بن‬
‫إبراهيم القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محيي الدين مستو‪ ،‬ويوسف بدوي‪ ،‬وآخريْن‪ ،‬نشر دار ابن كثير‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ المقاصد الحسنة‪ :‬تأليف‪ :‬محمد بن عبد الرحمن السخاوي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ مقدمة تاريخ ابن خلدون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن خلدون‪ ،‬نشر دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫ـ المقصد األرشد‪ ،‬تأليف‪ :‬برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الله بن سليمان العثيمين‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ الملل والنحل‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني‪ ،‬تصحيح وتعليق‪ :‬أحمد‬
‫فهمي محمد‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ المنتقى في األحكام الشرعية من كالم خير البرية ‪ ،‬تأليف‪ :‬مجد الدين أبي البركات‬
‫عبد السالم بن تيمية الحراني‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬طارق عوض الله بن محمد‪ ،‬نشر دار ابن‬
‫الجوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ المنهاج في شعب اإليمان‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله الحسن بن الحسن الحليمي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫حلمي محمد فودة‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ المهذب في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي‪ ،‬تحقيق‬
‫وتعليق‪ :‬د‪ .‬محمد الزحيلي‪ ،‬نشر دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ الموافقات في أصول الشريعة‪ ،‬تأليف‪ :‬إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫المنعم إبراهيم‪ ،‬نشر مكتبة مصطفى الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ المواقف‪ ،‬تأليف‪ :‬عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد اإليجي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن عميرة‪،‬‬
‫نشر دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫‪4774‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ الموسوعة الفقهية‪ ،‬التابعة لوزارة األوقاف الكويتية‪ ،‬نشر مكتبة دار الصفوة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الموضوعات‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد المعروف بابن الجوزي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬نور الدين بن شكري بويا جيالر‪ ،‬نشر مكتبة أضواء السلف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الموطأ‪ ،‬تأليف‪ :‬مالك بن أنس‪ ،‬تصحيح وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬نشر دار إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ النبوات‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد‬
‫الرحمن عوض‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ النفحات األقدسية شرح الصلوات األحمدية اإلدريسية ـ لمحمد بهاء الدين البيطار ت‬
‫(‪ )4141‬هـ ـ طبع شركة الرغائب بمصر‪.‬‬
‫ـ النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ،‬تأليف‪ :‬مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد‬
‫الجزري‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد الزاوي‪ ،‬ومحمد محمد الطناحي‪ ،‬نشر المكتبة اإلسالمية‬
‫لصاحبها الحاج رياض الشيخ‪.‬‬
‫ـ الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية‪ ،‬جمع وترتيب الشيخ سليمان بن سحمان النجدي‪،‬‬
‫تعليق وإيضاح محمد رشيد رضا‪ ،‬نشر مطابع دار الثقافة‪ ،‬مكة المكرمة عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ الهواتف‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي الدنيا‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى‬
‫عبد القادر عطا‪ ،‬نشر مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الواضح في أصول الفقه‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬عبد الله بن عبد المحسن التركي‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ الوسيط في تفسير القرآن المجيد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسين علي بن أحمد الواحدي‬
‫النيسابوري‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬والشيخ علي محمد معوض وآخريْن‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ إنباء الغمر بأنباء العمر تأليف‪ :‬شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقالني‬
‫نشر مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية حيدر آباد الدكن الهند‪ .‬ط‪ :‬األولى (‪ )4111‬هـ‪.‬‬
‫‪4771‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ إيثار الحق على الخلق في رد الخالفيات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫أبي عبد الله محمد بن المرتضى اليماني‪ ،‬المشهور بابن الوزير‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫إسماعيل باشا بن محمد أمين‪ ،‬نشر دار العلوم الحديثة‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫ـ باعث النهضة اإلسالمية (ابن تيمية السلفي نقده لمسالك المتكلمين والفالسفة في‬
‫اإللهيات)‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد خليل هراس‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ بدائع الصنائع وترتيب الشرائع‪ ،‬تأليف‪ :‬عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني‪ ،‬تحقيق‬
‫وتعليق‪ :‬الشيخ علي محمد معوض‪ ،‬والشيخ عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ بدائع الفوائد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫علي بن محمد العمران‪ ،‬نشر دار عالم الفوائد مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن‬
‫أحمد بن رشد القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬نشر‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هت‪.‬‬
‫ـ بستان العارفين‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي‪ ،‬نشر دار‬
‫البشائر اإلسالمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد الحجاز‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬السادسة (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ بغية المرتاد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬موسى‬
‫بن سليمان الدويش‪ ،‬نشر مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ جالل الدين عبد الرحمن‬
‫السيوطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬نشر مطبعة عيسى بابا الحلبي وشركاه‪ ،‬عام‬
‫(‪ )4111‬هـ‪.‬‬
‫ـ بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس أحمد بن عبد الحليم‬
‫ابن تيمية الحراني‪ ،‬نشر مطبعة الحكومة‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬عام (‪ )4174‬هـ‪ .‬على نفقة الملك‬
‫فيصل بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫‪4771‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ تاج العروس من جوهر القاموس‪ ،‬تأليف‪ :‬السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫الترزي‪ ،‬نشر دار إحياء التراث اإلسالمي‪ ،‬بيروت (‪ )4111‬هـ‪.‬‬‫إبراهيم َ‬
‫ـ تاريخ بغداد‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي بكر أحمد بن علي البغدادي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫ـ تاريخ دمشق‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله بن عبد الله المعروف‬
‫الع ْمري‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬بيروت ـ‬
‫بابن عساكر‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬محيي الدين أبي سعيد عمر غرامة َ‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ .‬عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تاريخ مدينة دمشق‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن‬
‫عساكر‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬محب الدين أبي سعيد بن غرامة العمري‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ـ‬
‫لبنان ط‪ )4141( :‬هـ‪.‬‬
‫ـ تجريد التوحيد المفيد‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬د‪.‬‬
‫محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الشظيفي‪ ،‬نشر دار البخاري‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تحفة األحوذي شرح جامع الترمذي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العالء محمد بن عبد الرحمن‬
‫المباركفوري‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ تحفة اإلخوان لما جاء في المواالة والمعاداة والحب والبغض والهجران‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫حمود بن عبد الله التويجري‪ ،‬نشر مؤسسة النور للطباعة والتجليد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ تحفة الطالب والجليس في كشف شبهة داوود بن جرجيس‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد اللطيف بن عبد‬
‫الرحمن بن حسن آل الشيخ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم‪ ،‬نشر دار‬
‫العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الهادي بن محمد بن عبد الهادي‬
‫العجلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين بن علي بن حسين العواجي‪ ،‬نشر مكتبة أضواء السلف‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن إبراهيم الوزير اليمني‬
‫الصنعاني‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4771‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ تطهير االعتقاد عن أدران اإللحاد تأليف‪ :‬محمد بن إسماعيل بن األمير الصنعاني‪ ،‬تقديم‬
‫وتعليق علي بن محمد بن سنان آل سنان‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬ناصر بن عايض بن حسن الشيخ‪ ،‬نشر‬
‫مطابع وحيد‪ ،‬مكة المكرم‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تعظيم قدر الصالة‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام محمد بن نصر المروزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الرحمن بن عبد‬
‫الجبار الفريوائي‪ ،‬نشر مكتبة الدار‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ تغليق التعليق على صحيح البخاري‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫سعيد عبد الرحمن موسى القزقي‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي‬
‫السعود محمد بن محمد العمادي‪ ،‬نشر دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ تفسير أسماء الله الحسنى‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي إسحاق بن السري الزجاج‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد يوسف‬
‫الدقاق‪ ،‬دار المأمون للتراث‪ ،‬دمشق ط‪ :‬الخامسة (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير اإلمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مصطفى مسلم محمد‪ ،‬نشر‬
‫مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير الثعالبي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي إسحاق أحمد المعروف باإلمام الثعالبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن‬
‫عاشور‪ ،‬نشر دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني التأويل‪ ،‬تأليف‪ :‬عالء الدين علي بن‬
‫محمد بن إبراهيم البغدادي‪ ،‬نشر المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى‬
‫محمد‪.‬‬
‫ـ تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الليث نصر بن محمد بن أحمد بن‬
‫إبراهيم السمرقندي‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي محمد معوض‪ ،‬والشيخ عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬وآخر‪،‬‬
‫نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير الفخر الرازي المشهور بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب‪ ،‬تأليف‪ :‬للفخر الرازي‬
‫المشهور بخطيب الري‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬نشر ط‪ :‬األولى (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير القرآن العظيم‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفداء إسماعيل ابن كثير الدمشقي‪ ،‬نشر دار الحديث‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4771‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ تفسير القرآن العظيم‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام الحافظ عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ابن أبي حاتم‬
‫الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أسامة محمد الطيب‪ ،‬نشر مكتبة نزار مصطفى الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير القرآن الكريم‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أبي تميم ياسر بن إبراهيم‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي قلعجي‪ ،‬نشر دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ تفسير مجاهد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو الحجاج مجاهد بن جبر المخزومي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن‬
‫الطاهر بن محمد السورتي‪ ،‬نشر مجمع البحوث اإلسالمية‪ ،‬باكستان ـ إسالم أباد‪.‬‬
‫ـ تقديس األشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد أحمد لوح‪ ،‬نشر دار‬
‫الهجرة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تقريب التهذيب‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو األشبال‬
‫صغير أحمد شاغف الباكستاني‪ ،‬نشر‪ :‬دار العاصمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن الطيب الباقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عماد الدين‬
‫أمد حيدر‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث‪ :‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن‬
‫بن علي المعروف بابن الديبع‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ تهذيب التهذيب‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي الفضل أحمد بن حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى‬
‫عبد القادر عطا‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال‪ ،‬تأليف‪ :‬جمال الدين أبي الحجاج المزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫بشار عواد معروف‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تهذيب اللغة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي منصور محمد بن أحمد األزهري‪ ،‬تحقيق‪ :‬األستاذ محمد أبو‬
‫الفضل إبراهيم‪ ،‬نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ تيسير اإلله بشرح أدلة شروط ال إله إال الله‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عبيد بن عبد الله بن‬
‫سليمان الجابري‪ ،‬نشر مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4770‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ تيسير العزيز الحميد‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬نشر‬
‫وتوزيع رئاسة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪،‬‬
‫اللويحق‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬ ‫ّ‬ ‫تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ تيسير اللطيف المنان في خالصة القرآن‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ ،‬ط‪:‬‬
‫الثانية (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬عبد الله بن عبد المحسن التركي‪ ،‬نشر دار هجر للنشر‪ ،‬مصر ـ الجيزة ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ جالء األفهام في فضل الصالة على محمد خير األنام‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله‬
‫محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي المشهور بابن قيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب‬
‫األرناؤوط‪ ،‬وعبد القادر األرناؤوط‪ ،‬نشر دار العروبة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ جمهرة األولياء وأعالم التصوف‪ ،‬تأليف‪ :‬السيد محمود أبو الفيض المنوفي‪ ،‬نشر مؤسسة‬
‫الحلبي وشركاه‪ ،‬مصر‪ )4110( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬نشر دار‬
‫إحياء التراث العربي لعيسى بابا الحلبي وشركاه‪.‬‬
‫ـ حاشية ثالثة األصول‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي النجدي‪ ،‬ط‪:‬‬
‫السابعة (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ حاشية كتاب التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي‪ ،‬ط‪:‬‬
‫الرابعة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ حسن الظن بالله‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي المعروف بابن أبي‬
‫الدنيا‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الحميد شانوحة‪ ،‬نشر مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة‪ ،‬تأليف‪ :‬جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‬
‫السيوطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬نشر دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫‪4771‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحيم بن صمايل السلمي‪ ،‬نشر‬
‫دار المعلمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ حكم تارك الصالة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر دار الجاللين‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ حلية األولياء وطبقات األصفياء‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي نعيم أحمد بن عبد الله األصبهاني‪ ،‬نشر‬
‫مطبعة السعادة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عام (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ خزانة األدب‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد القادر بن عمر البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬مكتبة‬
‫الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ خالصة األثر في أعيان القرن الحادي عشر‪ ،‬للمحبي‪ ،‬نشر دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ دحض شبهات من سوء الفهم لثالثة أحاديث‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الله بن عبد الرحمن البابطين‬
‫النجدي الحنبلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم بن برجس بن ناصر العبد الكريم‪ ،،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ درء التعارض‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد رشاد‬
‫سالم‪ ،‬نشر جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ درء تعارض العقل والنقل‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد رشاد سالم‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ دالئل التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ محمد جمال الدين القاسمي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ دالئل الرسوخ في الرد على المنفوح‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل‬
‫الشيخ‪ ،‬نشر الرئاسة العامة لهيئة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬اإلدارة العامة للطباعة‬
‫والتوجيه عام (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ دالئل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو بكر أحمد بن الحسين‬
‫البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي قلعجي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ ديوان ابن الفارض‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي حفص عمر الشهير بابن فارض‪ ،‬نشر دار العلم العربي‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4711‬م‪.‬‬
‫‪4777‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري المسمى «التبيان في شرح الديوان»‪،‬‬
‫نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ )4170( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ ديوان الحالج‪ :‬تأليف‪ :‬الحسين بن منصور الحالج‪ ،‬نشر مكتبة الكليات األزهرية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫ـ ديوان حاتم الطائي‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ ديوان رؤبة بن العجاج ضمن مجموعة أشعار العرب‪ ،‬نشر مكتبة ابن قتيبة‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫ـ ديوان زهير بن أبي سلمة‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ ديوان شعر حاتم الطائي وأخباره‪ ،‬دراسة وتحقيق د‪ .‬عادل سليمان جمال‪ ،‬نشر مطبعة‬
‫المدني‪ ،‬مصر‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان شعر عالمة الزمان الشهير بابن سحمان‪،‬‬
‫تحقيق وتعليق‪ :‬عبد الرحمن بن سليمان الرويشد‪ ،‬من منشورات مؤسسة الدعوة اإلسالمية‪.‬‬
‫ـ ذيل التقييد‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد الفاسي المكي‪ ،‬تحقيق‪ :‬كمال يوسف الحوت‪ ،‬نشر‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير األبصار‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد أمين الشهير بابن‬
‫عابدين‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬والشيخ علي محمد معوض‪ ،‬نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ رسائل ابن سبعين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد عبد الحق بن سبعين المرسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫الرحمن بدوي‪ ،‬نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة‪.‬‬
‫ـ رسائل التوحيد والهيللة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد عبد الله بن محمد الهبطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬خالد‬
‫َزْه ِري‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ رسالة الشرك ومظاهره‪ ،‬تأليف‪ :‬مبارك بن محمد الميلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي عبد الرحمن محمود‪،‬‬
‫نشر دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ رسالة إلى أهل الثغر‪ ،‬تأليف‪ :‬علي بن إسماعيل أبو الحسن األشعري‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله‬
‫شاكر الجنيدي‪ ،‬نشر مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ رسالة تحكيم القوانين الوضعية‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل‬
‫الشيخ‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (دون بيانات طبع)‪.‬‬
‫‪4477‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ رسالة في التوبة ضمن جامع الرسائل لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد رشاد‬
‫سالم‪ ،‬الطبعة المصرية‪.‬‬
‫ـ رسالة في تحقيق مسألة علم الله‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‪ ،‬نشر اإلدارة‬
‫العامة للطبع (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ رفع االشتباه عن معنى العبادة واإلله‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن يحيى اليماني‪ ،‬تحقيق‪ :‬الداني‬
‫بن منير آل زهوي‪ ،‬نشر‪ :‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت ـ صيدا‪ .‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفضل شهاب الدين‬
‫السيد محمود األلوسي البغدادي‪ ،‬وضبط وتصحيح‪ :‬علي عبد الباري عطية‪ ،‬نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ روضة الطالبين وعمدة المفتين‪ ،‬تأليف‪ :‬محيي الدين يحيى بن زكريا النووي‪ ،‬نشر المكتب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه‪ ،‬تأليف‪ :‬موفق الدين عبد الله بن أحمد بن‬
‫قدامة المقدسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الكريم بن علي بن محمد النملة‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ زاد المسير في علم التفسير‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد‬
‫الجوزي‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر‬
‫الزرعي المعروف بابن القيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وعبد القادر األرنؤوط‪ ،‬نشر‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ زيادة اإليمان ونقصانه وحكم االستثناء فيه‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد‪،‬‬
‫نشر مكتبة كنوز إشبيليا‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ سبيل الهدى والرشاد في بيان حقيقة توحيد رب العباد‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬محمد بن عبد الرحمن‬
‫الخميس‪ ،‬مكتبة الصحابة‪ ،‬اإلمارات ـ الشارقة‪.‬‬
‫ـ سعة رحمة رب العالمين للجهال المخالفين للشريعة من المسلمين وبيان عموم العذر‬
‫في الدارين ألصول وفروع الدين‪ ،‬تأليف‪ :‬سيد بن سعد الدين الغباشي‪ ،‬نشر دار المسلم‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4474‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ سلسلة األحاديث الصحيحة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر مكتبة المعارف‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪( .‬األجزاء من ‪ 4‬إلى ‪.)1‬‬
‫ـ سلسلة األحاديث الصحيحة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر مكتبة المعارف‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪( .‬األجزاء األخيرة)‪.‬‬
‫ـ سنن ابن ماجة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد‬
‫الباقي‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ـ سنن أبي داود‪ ،‬تأليف‪ :‬سليمان بن االشعث السجستاني األزدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محيي‬
‫الدين عبد الحميد‪ ،‬نشر المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪.‬‬
‫ـ سنن الترمذي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عيسى محمد بن عيسى بن َس ْورة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد الشاكر‪،‬‬
‫نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ سنن الدار قطني‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ علي بن عمر الدار قطني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله هاشم يماني‪،‬‬
‫نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬عام (‪ )4111‬هـ‪.‬‬
‫ـ سنن الدارمي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬حسين سليم أسد الداراني‪ ،‬نشر دار المغني‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ سنن النسائي مع شرح الحافظ جالل الدين السيوطي‪ ،‬تحقيق وترقيم مكتب التراث‬
‫اإلسالمي‪ ،‬نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ سير أعالم النبالء‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬بشار‬
‫عواد معروف‪ ،‬ود‪ .‬محيي هالل السرحان‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ شجرة النور الزكية في طبقات المالكية‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن محمد مخلوف‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4117‬هـ‪.‬‬
‫ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن العماد عبد الحي بن أحمد بن محمد‬
‫العكري الحنبلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود األرناؤوط‪ ،‬نشر دار ابن كثير‪ ،‬دمشق ـ بيروت‪ ،‬ط‪:‬‬ ‫َ‬
‫األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح أسماء الله الحسنى‪ ،‬تأليف‪ :‬فخر الدين محمد بن عمر الخطيب الرازي‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4474‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور‬
‫الاللكائي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬أحمد سعد حمدان‪ ،‬نشر دار طيبة‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ شرح األصول الخمسة‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي عبد الجبار بن أحمد‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الكريم‬
‫عثمان‪ ،‬نشر مكتبة وهبةمصالدر الثمين ـ للعالمة الشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي ـ طبع دار‬
‫الفكر بيروت لبنان عام (‪ )4141‬هـ‪ .‬ط‪ :‬األولى (‪.)4111‬‬
‫ـ شرح التصريح على التوضيح أو التصريح لعموم التوضيح في النحو بشرح الشيخ خالد بن‬
‫عبد الله األزهري المتوفي سنة ‪ 771‬على أصح المسالك إلى ألفية بن مالك‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫باسل عيون السود‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح حلية طالب العلم‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد الصالح العثيمين‪ ،‬نشر مكتبة األنصار‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى )‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح الزرقاني على الموطأ‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتب العلميةـ بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح السنة‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام المحدث المفسر محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود‬
‫الفراء البغوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح السنن‪ ،‬تأليف‪ :‬محي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي‪ ،‬تحقيق‬
‫شعيب األرناؤوط‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ )4171( ،‬هـ‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫ـ شرح ألفاظ السلف ونقض ألفاظ الخلف في حقيقة اإليمان‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن صالح‬
‫الزهراني‪ ،‬نشر دار اإلمام مالك‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح الشيخ ابن باز على األصول الثالثة‪ ،‬نشر دار الفتح‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح العقيدة األصفهانية‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم سعيداي‪ ،‬نشر‬
‫مكتبة الرشد‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪.)4141‬‬
‫ـ شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن أبي العز الحنفي‪ ،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ ،‬طبع وزارة‬
‫الشئون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح العقيدة النونية المسماة الكافية الشافية في االنتصار للفرقة الناجية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪.‬‬
‫محمد خليل هراس‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4471‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ شرح العقيدة الواسطية‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن تيمية‪ ،‬شرح وتعليق‬
‫محمد خليل هراس‪ ،‬ضبط وتخريج علوي بن عبد القادر السقاف‪ ،‬نشر دار الهجرة‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪ :‬الثالثة‪ )4141( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح الفقه األكبر المنسوب لإلمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي منصور‬
‫محمد بن محمد الحنفي الماتريدي‪ ،‬طبع دائرة المعارف النظامية‪ ،‬الهند ـ حيدرآباد عام‬
‫(‪.)4144‬‬
‫ـ شرح القصيدة النونية المسماة الكافية الشافية في االنتصار للفرقة الناجية‪ ،‬شرح وتحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬محمد خليل هراس‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح الكوكب المنير‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المعروف‬
‫بابن النجار‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد الزحيلي‪ ،‬ود‪ .‬نزيه حماد‪ ،‬نشر مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪ ،‬عام‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح المفصل‪ ،‬تأليف‪ :‬موقف الدين بن علي بن يعشيس ت‪ )111( :‬هـ‪ .‬إدارة الطباعة‬
‫المنبرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫ـ شرح المقاصد في علم الكالم‪ ،‬تأليف‪ :‬سعد الدين مسعود بن عمر بن تعبد الله‬
‫التفتازاني‪ ،‬نشر دار المعارف النعمانية‪ ،‬باكستان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح حديث جبريل ‪ ‬في اإلسالم واإليمان واإلحسان المعروف باسم اإليمان األوسط‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬د‪ .‬علي بن بخيت‬
‫الزهراني‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫شرح ثالثة األصول‪ ،‬تأليف‪ :‬سماخة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪ ،‬اعتنى به وخرج‬
‫أحاديثه وكتب هوامشه علي بن صالح بن عبد الهادي المري‪ ،‬وأحمد بن عبد العزيز بن عبد‬
‫الله بن باز‪ ،‬نشر دار الفتح‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى الرابعة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح رياض الصالحين من كالم سيد المرسلين‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬طبع‬
‫مؤسسة الشيخ محمد بن صالح الخيرية‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح شروط الصالة وأركانها وواجباتها‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب ـ‬
‫رحمه الله تعالى ـ‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد المحسن بن حمد العباد البدر‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4471‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ شرح صحيح مسلم لإلمام النووي‪ ،‬تقديم‪ :‬الشيخ خليل مأمون شيحا‪ ،‬نشر دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح كشف الشبهات‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن الصالح العثيمين‪ ،‬نشر دار الثريا‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح مختصر الروضة‪ ،‬تأليف‪ :‬نجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبد القوي بن عبد‬
‫الكريم بن سعد الطوفي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله بن عبد المحسن التركي‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح مسائل الجاهلية لشيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬تأليف‪ :‬فضيلة الشيخ‬
‫صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح منتهى اإلرادات‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي منصور يونس بن إدريس البهوتي‪ ،‬نشر المكتبة‬
‫السلفية‪ ،‬المدينة المنورة‪.‬‬
‫ـ شرح نواقض التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي أسامة حسن بن علي العواجي‪ ،‬نشر مكتبة لينة‪ ،‬دمنهور‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شرح نونية ابن القيم البن عيسى المسماة توضيح المقاصد وتصحيح القواعد‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫أحمد بن إبراهيم بن عيسى‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ شروط ال إله إال الله‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬عواد بن عبد الله المعتق‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ شعب اإليمان‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن بسيوني زغلول‪،‬‬
‫نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن‬
‫أبي بكر بن قيم الجوزية‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ صحيح ابن حبان‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن حبان بن أحمد البستي‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‪،‬‬
‫نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ صحيح البخاري‪ ،‬تصنيف‪ :‬اإلمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬نشر‪:‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬طبع عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4471‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ صحيح الجامع الصغير وزيادته‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر المكتب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ صحيح الكلم الطيب‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪ :‬الثامنة (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ صحيح سنن ابن ماجة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى للطبعة الجديدة (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ صحيح سنن الترمذي للحافظ محمد بن عيسى بن سورة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين‬
‫األلباني‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ صحيح مسلم‪ ،‬تصنيف‪ :‬أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري‪ ،‬ترتيب محمد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ ،‬نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد بالمملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪ .‬عام (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ صفة الجنة‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي نُعيم األصبهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي رضا بن علي بن رضا‪ ،‬نشر‬
‫دار المأمون للتراث‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ صيانة اإلنسان عن وسوسة الشيخ دحالن‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بشير السهسواني الهندي‪ ،‬نشر‬
‫مكتبة ابن تيمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ صيانة صحيح مسلم من اإلخالل والغلط‪ ،‬وحمايته من اإلسقاط والسقط‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ‬
‫المحدث أبي عمرو بن الصالح‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬موفق بن عبد الله بن عبد القادر‪ ،‬نشر دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ ضعيف سنن ابن ماحة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ طبقات الحنابلة‪ ،‬تأليف‪ :‬القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى‪ ،‬نشر دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫ـ طبقات الشافعية الكبرى‪ ،‬تأليف‪ :‬تاج الدين أبي النصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي‬
‫السبكي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود محمد الطناجي‪ ،‬وعبد الفتاح محمد الحلو‪ ،‬نشر دار إحياء الكتب‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪4471‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ طبقات الصوفية‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الرحمن السلمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬نور الدين سريبة‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ طبقات المفسرين‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن محمد الداوودي‪ ،‬تحقيق‪ :‬سليمان بن صالح‬
‫الخزي‪ ،‬نشر مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬عام (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ طريق الهجرتين وباب السعادتين‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر‬
‫الزرعي الدمشقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر بن محمود أبو عمر‪ ،‬نشر دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ طواسين‪ :‬تأليف‪ :‬الحسين بن منصور الحالج‪ ،‬نشر مكتبة الكليات األزهرية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ ظالل الجنة في تخريج أحاديث السنة مع كتاب السنة البن أبي عاصم‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد‬
‫ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن العربي المالكي‪ ،‬ترقيم‪ :‬هشام سمير‬
‫البخاري‪ ،‬نشر دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين‪ ،‬تصنيف ابن القيم الجوزية‪ ،‬تخريج وتعليق‪ :‬سليم بن عيد‬
‫الهاللي‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها أو ينقضها من الشرك األكبر واألصغر والتعطيل‬
‫والبدع وغير ذلك‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬أحمد بن عبد العزيز القصير‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ علل الحديث‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد عبد الرحمن الرازي المعروف بابن أبي حاتم‪ ،‬نشر دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ علماء نجد خالل ثمانية قرون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام‪ ،‬نشر‬
‫دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ عمدة القارئ شرح صحيح البخاري‪ ،‬تأليف‪ :‬العالمة البدر العيني‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫(‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫‪4470‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ عمل اليوم والليلة‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن شعيب النسائي‪ ،‬تحقيق‪ :‬فاروق حمادة‪ ،‬نشر مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ عوارض األهلية عند األصوليين‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬حسين خلف الجبوري‪ ،‬نشر جامعة أم القرى‪،‬‬
‫مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ فتاوى األئمة النجدية حول قضايا األمة المصيرية‪ ،‬جمع وإعداد أبو يوسف مدحت بن‬
‫الحسن آل فراج‪ ،‬نشر دار ابن خزيمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ فتاوى السبكي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي‪ ،‬نشر دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ـ فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية الحراني‪ ،‬جمع وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن قاسم‬
‫النجدي‪ ،‬نشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة‪.‬‬
‫ـ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪ ،‬جمع وترتيب‪ :‬أحمد بن عبد الرزاق‬
‫الدويش‪ ،‬طبع ونشر الرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫(‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬إعداد‪ :‬وليد بن إدريس بن منسي‪،‬‬
‫والسعيد صابر عبده‪ ،‬نشر دار الفضيلة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪،‬‬
‫نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ـ فتح الباري في شرح صحيح البخاري‪ ،‬تأليف‪ :‬زين الدين أبي الفؤج عبد الرحمن بن شهاب‬
‫الدين البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪،‬‬
‫الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ فتح الحميد في شرح كتاب التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عثمان بن عبد العزيز بن منصور‬
‫التميمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬سعود بن عبد العزيز العريفي‪ ،‬ود‪ .‬حسين بن جلبعب السعيدي‪ ،‬نشر دار‬
‫عالم الفوائد للنشر والتوزيع‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن علي‬
‫الشوكاني‪ ،‬نشر دار الفكر‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫‪4471‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عبد الرحمن بن حن آل الشيخ‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أشرف عبد المقصود‪ ،‬نشر مؤسسة قرطبة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـ فتنة التكفير‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬عام‬
‫(‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ فتيا في تكفير الجهمية‪ ،‬تأليف‪ :‬إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العزيز بن‬
‫عبد الله الزير‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ فصوص الحكم‪ ،‬تأليف‪ :‬محيي الدين ابن عربي الطائي‪ ،‬بدون بيانات طبع‪.‬‬
‫ـ فقه األدعية واألذكار‪ ،‬القسم األول‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ فقه السيرة‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد الغزالي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر دار القلم‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬ط‪ :‬السابعة (‪ )4771‬م‪.‬‬
‫ـ فقه العبادات‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد صالح العثيمين‪ ،‬إعداد وتقديم أ‪.‬د عبد الله بن محمد بن‬
‫أحمد الطيار‪ ،‬نشر‪ :‬دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرؤوف المناوي‪ ،‬نشر دار المعرفة‪،‬‬
‫بيروت‪ )4174( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ قاعدة في اإلخالص لله تعالى ضمن المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬جمع وتحقيق هشام بن إسماعيل بن علي الصيني‪ ،‬نشر دار ابن‬
‫الجوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ قاعدة في المحبة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم ابن تيمية‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬فواز أحمد زمرلي‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة األنبياء والمرسلين‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن‬
‫حسن آل الشيخ‪ ،‬نشر دار ابن خزيمة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عام (‪4141‬هـ)‪.‬‬
‫ـ قواعد ومسائل في توحيد اإللهية‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد العزيز بن ريس الريس‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ الكافي‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري‬
‫القرطبي‪ ،‬ط‪ :‬مكتبة الرياض الحديثة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4477‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب ‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن‬
‫خزيمة‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز بن إبراهيم الشهواني‪ ،‬نشر دار الرشد‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ كتاب الشكر لله ‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي المعروف‬
‫بابن أبي الدنيا‪ ،‬تحقيق‪ :‬السعيد بن بسيوني زغلول‪ ،‬نشر مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ كتاب الصالة وحكم تاركها‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيم الجززية‪،‬‬
‫نشر مكتبة ابن حزم‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ كتب حذر منها العلماء‪ ،‬تصنيف‪ :‬أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪ ،‬نشر‪ :‬دار‬
‫الصميعي‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوي‪ ،‬تأليف‪ :‬عالء الدين عبد العزيز بن أحمد‬
‫البخاري‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪ )4141( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ كشف الخفاء ومزيل اإللباس عما اشتهر من األحاديث على ألسنة الناس‪ ،‬تأليف‪ :‬إسماعيل‬
‫بن محمد العجلوني‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ كشف الشبهات‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عبد الوهاب التميمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الله بن عائض‬
‫القحطاني‪ ،‬نشر دار الصميعي‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ كشف الشبهات التي أوردها عبد الكريم البغدادي في حل ذبائح الصلب وكفار‬
‫البوادي‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ سليمان بن سحمان‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪ ،‬الصادرة عن مطابع الرياض‪ ،‬عام‬
‫(‪ )4100‬هـ‪.‬‬
‫ـ كشف الشبهتين‪ ،‬تأليف‪ :‬سليمان بن سحمان النجدي‪ ،‬تصحيح وتعليق‪ :‬عبد السالم بن‬
‫برجس بن ناصر آل عبد الكريم‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ كشف الظنون‪ ،‬تأليف‪ :‬مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي‪ ،‬نشر دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ كلمة اإلخالص وتحقيق معناها‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي الفرج زين الدين عبد الرحمن بن‬
‫أحمد بن رجب الحنبلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشير محمد عيون‪ ،‬نشر مكتبة دار البيان‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫‪4447‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ كنـز العمال في سنن األفعال واألفعال‪ ،‬تأليف‪ :‬عالء الدين علي الهندي‪ ،‬نشر مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬عام (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ ال إله إال الله معناها‪ ،‬أركانها‪ ،‬فضائلها‪ ،‬شروطها‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن إبراهيم الحمد‪،‬‬
‫نشر دار ابن خزيمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ لسان العرب‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور اإلفريقي المصري‪،‬‬
‫نشر دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ لسان الميزان‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬سلمان عبد‬
‫الفتاح أبو غدة‪ ،‬نشر مكتبة المطبوعات اإلسالمية‪ ،‬ودار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ لقاء الباب المفتوح مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ لوامع األنوار البهية وسواطع األسرار األثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬الشيخ محمد بن أحمد السفاريني‪ ،‬نشر مؤسسة الخافقين ومكتبتها‪ ،‬دمشق ـ سوريا‪،‬‬
‫ط‪ :‬الثانية (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب في العقيدة‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد العزيز بن زيد‬
‫الرومي‪ ،‬د‪ .‬محمد بلتاجي‪ ،‬ود‪ .‬سيد حجاب‪ ،‬نشر جامعة اإلمام محمد بن سعود‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ مؤلفات الشيخ اإلمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬إعداد عبد العزيز بن سيد الرومي‪ ،‬ود‪.‬‬
‫محمد بلتاجي‪ ،‬نشر مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫ـ ما جاء في البدع والنهي عنها‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن وضاح القرطبي‪ ،‬تأليف‪ :‬بدر بن عبد‬
‫الله البدر‪ ،‬نشر دار الصميعي‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ ما يعذر به وما ال يعذر به من الجهل‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ عبد الله أبا بطين النجدي‪ ،‬ضمن‬
‫مجموع بضع رسائل دينية في العقائد اإلسالمية‪ ،‬تعليق ‪ :‬الشيخ محمد رشيد رضا‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫المنار‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫‪4444‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ مجموع الفوائد واقتناص األوابد‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي‪ ،‬نشر دار ابن‬
‫الجوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مجموع فتاوى ابن تيمية‪ ،‬جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم النجدي‪ ،‬نشر‪ :‬مكتبة‬
‫المعارف الرباط ـ المغرب‪ ،‬على نفقة الملك خالد ـ رحمه الله ـ‪.‬‬
‫ـ مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (فتاوى العقيدة)‪ ،‬جمع‬
‫وترتيب ناصر بن إبراهيم السليمان‪ ،‬نشر دار الوطن‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األخيرة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مجموع ومقاالت متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪ ،‬جمع وإشراف‪:‬‬
‫د‪ .‬محمد بن سعد الشويعر‪ ،‬نشر‪ :‬دار القاسم‪ ،‬الرياض (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مجموعة التوحيد النجدية‪ ،‬نشر األمانة العامة لالحتفال بمرور مائة عام على تأسيس‬
‫المملكة عام (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ مجموعة التوحيد النجدية‪ ،‬نشر المطبعة السلفية‪ ،‬القاهرة (‪ )4101‬هـ‪.‬‬
‫ـ مجموعة الرسائل المسائل‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬تعليق‪ :‬الشيخ محمد رشيد‬
‫رضا‪ ،‬نشر لجنة التراث العربي‪.‬‬
‫ـ مجموعة الرسائل والمسائل النجدية‪ ،‬رسائل ومسائل لبعض علماء نجد‪ ،‬إشراف عبد‬
‫السالم بن برجس آل عبد الكريم‪ ،‬نشر دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ مجموعة الرسائل والمسائل البي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني‪ ،‬تعليق‪:‬‬
‫محمد رشيد رضا‪ ،‬بدون معلومات طباعة‪.‬‬
‫ـ محاسن التأويل‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد جمال الدين القاسمي‪ ،‬تصحيح وتخريج محمد فؤاد‬
‫عبد الباقي‪ ،‬نشر دار إحياء الكتاب العربي لصاحبها عيسى البابي الحلبي وشركاه‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4100‬هـ‪.‬‬
‫ـ محبة الله ورسوله في الكتاب والسنة‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬غسان أحمد عبد الرحمن‪ ،‬نشر دار‬
‫ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مختصر الحجة على تارك المحجة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد إبراهيم محمد هارون‪ ،‬نشر أضواء السلف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4444‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ مختصر الدر الثمين والمورد المعين‪ ،‬تأليف‪ :‬العالمة محمد بن أحمد الفاسي‪ ،‬الشهير‬
‫بميارة‪ ،‬على منظومة المرشد المعين على الضروري من علوم الدين لعبد الواحد بن عاشر‬
‫األندلسي‪ ،‬ط‪ :‬الملك الحسن الثاني‪ ،‬ملك المغرب‪.‬‬
‫ـ مختصر الشمائل المحمدية‪ ،‬تأليف‪ :‬لحمد بن عيسى بن سورة الترمذي‪ ،‬اختصره وحققه‬
‫محمد ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر المكتبة اإلسالمية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫ـ مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬اختصار‬
‫محمد بن الموصلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬الحسن بن عبد الرحمن العلوي‪ ،‬نشر أضواء السلف‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مختصر العقيدة اإلسالمية‪ ،‬تأليف‪ :‬طارق السويدان‪ ،‬نشر دار الدعوة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ مختصر العلو للعلي الغفار‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين الذهبي‪ ،‬تحقيق واختصار الشيخ محمد‬
‫ناصر الدين األلباني‪ ،‬نشر المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مختصر منهاج القاصدين‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي‪ ،‬تخريج‬
‫وضبط علي حسن عبد الحميد‪ ،‬نشر دار عمار‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين أبي عبد الله‬
‫محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي المشهور بابن قيم الجوزية‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حامد‬
‫الفقي‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪.‬‬
‫ـ مرآة األصول في شرح مرقاة الوصول‪ ،‬تأليف‪ :‬منال خسرو وعليها حاشية األزميري‪ ،‬نشر‬
‫المكتبة األزهرية للتراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ )4774( :‬هـ‪.‬‬
‫ـ مراتب اإلجماع في العبادات والمعامالت واالعتقادات‪ ،‬تأليف‪ :‬ابن حزم الظاهري‪،‬‬
‫نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫ـ مرهم العلل‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الله بن أسعد اليافعي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود حسن نصار نشر دار‬
‫الجيل‪ ،‬لبنان ـ بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ مسائل الجاهلية‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬شرح وتحقيق محمود شاكر األلوسي‪،‬‬
‫نشر الجامعة اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ مسألة في التوحيد وفضل ال إله إال الله‪ ،‬تأليف‪ :‬يوسف بن حسين بن عبد الهادي‬
‫المقدسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الهادي محمد منصور‪ ،‬نشر دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مسند أبي عوانة‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام أبي عوانة يعقوب بن إسحاق اإلسفرائيني‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن‬
‫عارف الدمشقي‪ ،‬نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ مسند أبي يعلى الموصلي‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن علي بن المثنى التميمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين سليم‬
‫أسد‪ ،‬نشر دار المأمون للتراث‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ مسند إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهوية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الغفور بن عبد الحق‬
‫البلوشي‪ ،‬نشر مكتبة اإليمان‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ مسند اإلمام أحمد بن حنبل وبهامشه كنـز العمال‪ ،‬بدون معلومات نشر‪.‬‬
‫ـ مسند عبد بن حميد‪ ،‬تحقيق‪ :‬صبحي السامرائي‪ ،‬ومحمود خليل الصعيدي‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫السنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ مصباح الظالم في الرد على من ك َذب على الشيخ اإلمام‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد اللطيف بن عبد‬
‫الرحمن بن حسن آل الشيخ‪ ،‬نشر دار الهداية للنشر والترجمة‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ـ مصرع التصوف‪ ،‬أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي‪ ،‬تأليف‪ :‬برهان الدين البقاعي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫عبد الرحمن الوكيل‪ ،‬نشر رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬الرياض‪ ،‬عام (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مصطلحات في كتب العقائد (دراسة وتحليل)‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن إبراهيم الحمد‪ ،‬نشر دار‬
‫ابن خزيمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ مصنف ابن أبي شيبة‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫كمال يوسف الحوت‪ ،‬نشر مكتبة الرشد‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4177‬هـ‪.‬‬
‫ـ مصنف عبد الرزاق المصنف‪ ،‬للحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫حبيب األعظمي‪ ،‬منشورات المجلس العلمي‪ ،‬جوهانسبرج‪ ،‬جنوب أفريقيا‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ مع الله‪ ،‬تأليف‪ :‬الشيخ محمد الغزالي‪ ،‬نشر دار الكتب الحديثة‪ ،‬القاهرة عام (‪ )4117‬هـ‪.‬‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ معارج األلباب في مناهج الحق والصواب‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي محمد حسين بن مهدي النعمي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد عبد الله مختار‪ ،‬نشر‪ :‬دار المغني‪ ،‬الرياض‪ .‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ معارج القبول بشرح ُسلُّم الوصول إلى علم األصول في التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬حافظ بن‬
‫أحمد حكمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر محمود أبو عمر‪ ،‬نشر دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ معارج الوصول إلى أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول ‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم‬
‫تقي الدين أحمد بن تيمية‪ ،‬نشر دار ابن الجوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ معالم التنـزيل‪ ،‬تأليف‪ :‬محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬
‫بن عبد الله النمر‪ ،‬عثمان جمعة ضميرية‪ ،‬وسليمان مسلم الخرش‪ ،‬نشر دار طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ معالم السنن‪ ،‬تأليف‪ :‬محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫محمد عبد الله النمر وعثمان ضميرية‪ ،‬وسليمان بن مسلم الخرشي‪ ،‬نشر‪ ،‬دار طيبة‪،‬‬
‫الرياض عام (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ معاني القرآن وإعرابه تأليف‪ :‬أبي إسحاق إبراهيم بن السري‪ ،‬شرح وتحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫الجليل عبده شلبي‪ ،‬نشر عالم الكتب‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد األسماء والصفات‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬محمد بن خليفة‬
‫التميمي‪ ،‬نشر دار إيالف الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬الكويت ـ الجهراء‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪)4140‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫ـ معجم اإلعراب واإلمالء جمع وتحقيق د‪ :‬إميل بديع يعقوب‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4711‬م‪.‬‬
‫ـ معجم البلدان‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي‪ ،‬نشر دار صادر‪ ،‬بيروت‬
‫(‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ معجم المؤلفين‪ ،‬تأليف‪ :‬عمر رضا كحالة‪ ،‬نشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم‬
‫محمد هارون‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ معرفة السنن واآلثار‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬تخريج وتعليق‪ :‬د‪.‬‬
‫عبد المعطي أمين قلعجي‪ ،‬نشر جامعة الدراسات اإلسالمية‪ ،‬كراتشي‪ ،‬باكستان‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ معنى ال إله إال الله ومقتضاها وآثارها في الفرد والمجتمع‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬صالح بن فوزان بن‬
‫عبد الله الفوزان‪ ،‬نشر عمادة خدمة المجتمع بالجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة‬
‫(‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ معنى ال إله إال الله‪ ،‬تأليف‪ :‬بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي‬
‫محيي الدين داغي‪ ،‬نشر دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقيا واألندلس‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد بن‬
‫يحيى الونشريسي‪ ،‬نشر دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت عام (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن‬
‫الخطيب الشربيني‪ ،‬نشر دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مغني المريد الجامع لشرح كتاب التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد المنعم إبراهيم‪ ،‬نشر مكتبة نزار‬
‫مصطفى الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ مفاتيح العلوم‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي‪ ،‬نشر دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيرون‪ ،‬لبنان‪ .‬بدون تاريخ الطبع‪.‬‬
‫ـ مفتاح دار السعادة ومنشور والية أهل العلم واإلرادة‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام شمس الدين أبي عبد‬
‫الله بن أبي بكر ابن قيم الجوزية‪ ،‬تعليق وتخريج علي حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي‪،‬‬
‫نشر دار ابن عفان‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬الخبر‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬تأليف‪ :‬الراغب األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان عدنان داوودي‪ ،‬نشر‬
‫دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ مقاالت اإلسالميين واختالف المصليين‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي الحسن علي بن إسماعيل األشعري‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد محيي الدين عبد الحميد‪ ،‬نشر المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬عام‬
‫(‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن بن خلدون‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪:‬‬
‫الثامنة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ مكمل إكمال اإلكمال بهامش إكمال إكمال المعلم لألبي‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الله بن محمد بن‬
‫يوسف السنوسي الحسني‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ـ مناقب اإلمام الشافعي‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬السيد محمود‬
‫صقر‪ ،‬نشر دار التراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4174‬هـ‪.‬‬
‫ـ منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس‪ ،‬تأليف‪ :‬العالمة عبد‬
‫اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪ ،‬نشر دار الهداية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪،‬‬
‫(‪ )4170‬هـ‪.‬‬
‫ـ منهاج السنة النبوية في نقض كالم الشيعة القدرية‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي العباس تقي الدين أحمد بن‬
‫عبد الحليم بن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد رشاد سالم (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ منهاج أهل الحق واالتباع في مخالفة أهل الجهل واالبتداع‪ ،‬تأليف‪ :‬سليمان بن سحمان‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬عبد السالم بن برجس آلعبدالكريم‪ ،‬نشر مكتبة الفرقان‪ ،‬عجمان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4140‬هـ‪.‬‬
‫ـ منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد الله تعالى‪ ،‬تأليف‪ :‬خالد بن عبد‬
‫اللطيف محمد نور‪ ،‬نشر مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬المدينة النبوية‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬حسين سليم أسد‪ ،‬نشر دار الثقافة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4144‬هـ‪.‬‬
‫ـ موسوعة رسائل ابن أبي الدنيا‪ ،‬نشر مؤسسة الكتب الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى‬
‫(‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ موسوعة مصطلحات أصول الفقه عند المسلمين‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬رفيق العجم‪ ،‬نشر مكتبة‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4771‬هـ‪.‬‬
‫ـ موقف الطوائف المنتسبة إلى اإلسالم من وجود الله وإيجاده المخلوقات‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬مقدمة من الطالب‪ :‬سيرين أنجاي لقسم العقيدة بالدراسات العليا‪ ،‬الجامعة‬
‫اإلسالمية ـ المدينة النبوية عام (‪ )4141‬هـ‪ ،‬بحوث غير منشورة‪.‬‬
‫ـ ميزان االعتدال في نقد الرجال‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫علي محمد معوض‪ ،‬وعادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬نشر دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ـ لبنان‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫‪4440‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫ـ نقض أساس التقديس‪ ،‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية الحراني‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬موسى بن‬
‫سليمان الدويش‪ ،‬نشر دار العلوم والحكم‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ نواقض اإليمان االعتقادية وضوابط التكفير عند السلف‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬محمد بن عبد الله‬
‫بن علي الوهيبي‪ ،‬نشر دار المسلم‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪ )4144( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ هذه هي الصوفية‪ ،‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن الوكيل‪ ،‬نشر دار اللواء‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬الخامسة‪،‬‬
‫(‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ منهج شيخ اإلسالم ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد‪ ،‬تأليف‪ :‬إبراهيم بن محمد بن عبد‬
‫الله البريكان‪ ،‬نشر‪ :‬دار ابن القيم‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫الف َكر‪ ،‬تأليف‪ :‬الحافظ ابن حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد لقمان السلفي‪ ،‬نشر‬ ‫ـ نُخبة ِّ‬
‫دار الداعي للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األولى‪ )4141( ،‬هـ‪.‬‬
‫ـ نزهة األلباء في طبقات األدباء‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد األنباري‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬نشر دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة (‪ )4141‬هـ‪.‬‬
‫ـ نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله في التوحيد‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عثمان بن سعيد الدارمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬منصور بن عبد العزيز السماري‪ ،‬نشر مكتبة أضواء‬
‫السلف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬األولى (‪ )4147‬هـ‪.‬‬
‫ـ نيل االبتهاج بتطريز الدياج‪ ،‬تأليف‪ :‬أحمد التنبكتي‪ ،‬تتحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد الحميد عبد الله‬
‫الهرامة‪ ،‬نشر دار الكاتب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ط‪ :‬الثانية (‪ )4777‬هـ‪.‬‬
‫ـ هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد بن أبي بكر بن‬
‫قيم الجوزية‪ ،‬نشر مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ :‬عام (‪ )4171‬هـ‪.‬‬
‫ـ هداية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين‪ ،‬تأليف‪ :‬إسماعيل باشا البغدادي‪ ،‬نشر‬
‫دار العلوم الحديثة‪ ،‬بيروت‪ ،‬عام (‪ )4711‬هـ‪.‬‬
‫ـ وفيات األعيان وأنباء الزمان تأليف‪ :‬أبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‬
‫بن خلكان‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬إحسان عباس‪ ،‬نشر دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪3‬‬ ‫المقدمة‪........................................................................‬‬
‫‪8-3‬‬ ‫أهمية الموضوع وأسباب اختياره ‪...............................................‬‬
‫‪9‬‬ ‫خطة البحث ‪.................................................................‬‬
‫‪02‬‬ ‫عملي ومنهجي في كتابة الرسالة ‪..............................................‬‬
‫‪03‬‬ ‫كلمة الشكر والتقدير‬
‫‪02‬‬ ‫الدراسات السابقة‪............................................................‬‬
‫‪02‬‬ ‫اإلضافات الجديدة لألعمال السابقة‪...........................................‬‬
‫‪02‬‬ ‫االفتتاحية ‪...................................................................‬‬
‫‪14‬‬ ‫التمهيد‪......................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف الشرط ‪...............................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الشرط في اللغة ‪.......................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف الشرط في االصطالح‪...................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مراد أهل العلم بالشرط في شروط شهادة أن "ال إله إال الله"‪.........‬‬
‫‪20‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬عالقة هذه الشروط بأصل اإليمان‪...................................‬‬
‫‪22‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة ومخالفيهم‪..........‬‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬معنى شهادة أ ْن ال إله إال الله عند أهل السنة‪...................‬‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند المخالفين‪.....................‬‬
‫‪22‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند أهل الحلول والوحدة وأثره على العقيدة‪....‬‬
‫‪89‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال عند المتكلمين وأثره على العقيدة‪..........‬‬
‫‪440‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬فضائل ال إله إال الله‪............................................‬‬
‫‪440‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬فضائل ال إله إال الله في القرآن العظيم‪...........................‬‬
‫‪448‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬بعض ما ورد في فضلها في السنة المطهرة‪..........................‬‬
‫‪402‬‬ ‫الباب األول‪ :‬عد شروط شهادة أن ال إله إال الله‪................................‬‬
‫‪402‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬عد شروط شهادة أن ال إله إال اللَّه إجماالً‪........................‬‬
‫‪4447‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪408‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬من عدها سبعة شروط‪..........................................‬‬
‫‪432‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬من عدها ثمانية شروط‪...........................................‬‬
‫‪430‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬من عدها تسعة شروط‪.........................................‬‬
‫‪433‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬من عدها أربعة شروط فقط‪........................................‬‬
‫‪431‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬الجمع والتأليف بين قول من عدها سبعة شروط وقول من َّ‬
‫عدها‬
‫ثمانية أو تسعة شروط؛ وبيان أنه ال فرق سوى اإلجمال والتفصيل‪...................‬‬
‫‪439‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬من نفى هذه الشروط من المعاصرين وزعم أنها من بدع المتأخرين‬
‫مع بيان شبهته ونقدها‪.............................................................‬‬
‫‪422‬‬ ‫ِّ‬
‫وحصرها‪.................................‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬دليل تعيين هذه الشروط‬
‫‪423‬‬ ‫المبحث الثامن‪ :‬ذكر بعض اآلثار عن السلف فيها الداللة على أن لشهادة أن ال إال‬
‫الله شروطاً‪.......................................................................‬‬
‫‪482‬‬ ‫يعد من شروطها؟ ومأخذ من لم يعده‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬النطق واإلقرار بال إله إال اللَّه‪ ،‬هل ُّ‬
‫في الشروط‪.......................................................................‬‬
‫‪484‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أدلة من جعل النطق واإلقرار بها من شروطها‪........................‬‬
‫‪492‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مأخذ من لم يعد النطق واإلقرار بال إله إال الله في‬
‫الشروط‪.............‬‬
‫‪492‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬من جعل النطق واإلقرار كافياً لصحة اإليمان‪........................‬‬
‫‪492‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالكرامية‪.................................................‬‬
‫‪492‬‬ ‫في‬ ‫قولهم‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫المسألة‪.....................................................‬‬
‫‪498‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬شبههم ونق ُدها‪....................................................‬‬
‫‪043‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬حكم من ترك التلفظ بالشهادتين‪....................................‬‬
‫‪043‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬حكم من ترك التلفظ بالشهادتين مع القدرة‪.........................‬‬
‫‪042‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حكم من أتى بلفظ غير لفظ الشهادتين‪..............................‬‬
‫‪003‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬إيمان األخرس واألبكم‪..........................................‬‬
‫‪4447‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪002‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬ما يجزئ عن النطق بالشهادتين في الشهادة على اإلسالم‪..........‬‬
‫‪032‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬شرطا العلم واليقين‪.................................................‬‬
‫‪032‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬شرط العلم‪.......................................................‬‬
‫‪038‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف العلم‪.....................................................‬‬
‫‪013‬‬ ‫بمعنى‬ ‫العلم‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫الشهادة‪................................................‬‬
‫‪013‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬معنى العلم الذي يُعد شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‬
‫ُّ‬
‫وحده‪.........‬‬
‫‪018‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬األدلة على اشتراط العلم بمعنى ال إله إال الله لصحة‬
‫التوحيد‪...........‬‬
‫‪029‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار شرط العلم بمعنى ال إله إال‬
‫الله‪............‬‬
‫‪020‬‬ ‫الله‬ ‫وهو‬ ‫له‪،‬‬ ‫بالمشهود‬ ‫العلم‬ ‫الثالث‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫تعالى‪..................................‬‬
‫‪020‬‬ ‫بالله‬ ‫العلم‬ ‫تحصيل‬ ‫طرق‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫تعالى‪.......................................‬‬
‫‪020‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬طرق تحصيل العلم بالله تعالى عند أهل السنة‪........................‬‬
‫‪092‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬اعتراضات المتكلمين على فطرية المعرفة عند أهل السنة‬
‫ودفعها‪.............‬‬
‫‪323‬‬ ‫مع‬ ‫المتكلمين‬ ‫عند‬ ‫بالله‬ ‫العلم‬ ‫تحصيل‬ ‫طرق‬ ‫الثالث‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫المناقشة‪....................‬‬
‫‪342‬‬ ‫اإليمان‬ ‫حكم‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫بالتقليد‪................................................‬‬
‫‪302‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬معرفة الله عند غالة الصوفية‪.......................................‬‬
‫‪330‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬من زعم أن العلم بالمشهود له كاف لصحة اإليمان من المرجئة مع‬
‫‪4444‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫شبههم‬ ‫بيان‬
‫ونقدها‪....................................................................‬‬
‫‪330‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالمرجئة‪...................................................‬‬
‫‪333‬‬ ‫من‬ ‫المقالة‬ ‫هذه‬ ‫أصحاب‬ ‫ذكر‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫المرجئة‪.................................‬‬
‫‪338‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬شبههم في اعتبار العلم بالله كافياً لصحة اإليمان‬
‫ونقدها‪..............‬‬
‫‪322‬‬ ‫أثر مقالة اإلرجاء في فهم توحيد العبادة وتطبيقه‪....................................‬‬
‫‪328‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬زيادة العلم بشهادة أن ال إله إال الله وأثره في تكميل شهادة أن ال‬
‫إله إال الله‪.........................................................................‬‬
‫‪328‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تفاضل الناس في العلم والمعرفة التي في قلوبهم‬
‫بالشهادة‪...............‬‬
‫‪322‬‬ ‫لهذا‬ ‫المقتضية‬ ‫األسباب‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫التفاضل‪......................................‬‬
‫‪309‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أثر الزيادة في المعرفة التي بالقلب بالشهادة في تكميل‬
‫الشهادة‪........‬‬
‫‪320‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬ما يُضاد شرط العلم أو ينافيه‪.....................................‬‬
‫‪321‬‬ ‫الله‬ ‫وهو‬ ‫له‪،‬‬ ‫بالمشهود‬ ‫الجهل‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫تعالى‪...................................‬‬
‫‪321‬‬ ‫بالله‬ ‫واالتحاد‬ ‫الوحدة‬ ‫أهل‬ ‫جهل‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫تعالى‪.................................‬‬
‫‪382‬‬ ‫بالله‬ ‫التعطيل‬ ‫أهل‬ ‫غالة‬ ‫جهل‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫تعالى‪................................ .‬‬
‫‪393‬‬ ‫بالله‬ ‫والتمثيل‬ ‫التشبيه‬ ‫أهل‬ ‫جهل‬ ‫الثالث‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫تعالى‪................................‬‬
‫‪4444‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪398‬‬ ‫الله‬ ‫إال‬ ‫إله‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫شهادة‬ ‫بمعنى‬ ‫الجهل‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫وأحكامه‪.........................‬‬
‫‪122‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬من نطق بشهادة أن ال إله إال الله وجهل أصل دعوة الرسل‪ ،‬وهو معنى‬
‫يحكم بإسالمه؟‪.......................................................‬‬
‫الشهادة هل ُ‬
‫‪129‬‬ ‫وج ِّه َل بعض‬
‫المقصد الثاني‪ :‬من نطق بشهادة أن ال إله إال الله عالماً بأصل معناها‪َ ،‬‬
‫تفاصيل ما ينقضها‪ ،‬هل يُعذر بجهله؟‪...............................................‬‬
‫‪139‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬المخالفون في شرط العلم بمعنى ال إله إال الله من أهل‬
‫القبلة‪...........‬‬
‫‪112‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اليقين‪.........................................................‬‬
‫‪114‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى اليقين‪........................................................‬‬
‫‪114‬‬ ‫في‬ ‫اليقين‬ ‫معنى‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫اللغة‪................................................‬‬
‫‪110‬‬ ‫اليقين‬ ‫معنى‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫شرعاً‪...................................................‬‬
‫‪111‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين العلم واليقين‪.............................................‬‬
‫‪112‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬حد اليقين الذي يُـ َعد شرطاً في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪...............‬‬
‫‪120‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬طرق تحصيل اليقين بمعنى شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪.....................‬‬
‫‪122‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬األدلة على كون اليقين من شروط شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪..........‬‬
‫‪123‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار شرط اليقين لصحة الشهادة‪............‬‬
‫‪128‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط اليقين بشهادة أن ال إله إال الله‬
‫وينقضه‪...............‬‬
‫‪128‬‬ ‫الله‬ ‫وجود‬ ‫في‬ ‫الشك‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫تعالى‪...........................................‬‬
‫‪124‬‬ ‫وحده‬ ‫الله‬ ‫استحقاق‬ ‫في‬ ‫الشك‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫للعبادة‪................................‬‬
‫‪123‬‬ ‫حكم االستثناء في اإليمان ‪.........................................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬شرطا الصدق واإلخالص‪...........................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫المنافي‬ ‫الصدق‬ ‫شرط‬ ‫األول‪:‬‬ ‫الفصل‬
‫للكذب‪.........................................‬‬
‫‪122‬‬ ‫تمهيد في وجه اشتراط الصدق لصحة شهادة أن ال إله إال الله‪........................‬‬
‫‪128‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى الصدق‪......................................................‬‬
‫‪128‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الصدق في اللغة‪............................................‬‬
‫‪128‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬معنى الصدق في االصطالح والشرع وبيان متعلقه‪....................‬‬
‫‪181‬‬ ‫المبحث الثاني‪ُّ :‬‬
‫حد الصدق الذي هو شرط في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪................‬‬
‫‪188‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة على كون الصدق من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪..............‬‬
‫‪224‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط الصدق لصحة الشهادة‪.................‬‬
‫‪222‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬الرد على من جعل الصدق هو الشرط األوحد لصحة‬
‫اإليمان‪.........‬‬
‫‪222‬‬ ‫إلى‬ ‫نسبتها‬ ‫مع‬ ‫بالمقالة‬ ‫التعريف‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫قائليها‪........................... .‬‬
‫‪222‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬شبههم ونقدها‪................................................. .‬‬
‫‪228‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬زيادة التصديق بشهادة أن ال إله إال الله وأثره في تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪.......‬‬
‫‪244‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الصدق في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪................ .‬‬
‫‪243‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬كفر التكذيب‪................................................. .‬‬
‫‪249‬‬ ‫النفاق‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫االعتقادي‪............................................... .‬‬
‫‪249‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬تعريف النفاق االعتقادي‪....................................... .‬‬
‫‪200‬‬ ‫حكم‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫المنافق‪.................................................... .‬‬
‫‪203‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الزنديق حكمه‪ ،‬واختالف العلماء في توبته‪..................... .‬‬
‫‪203‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬معنى الزنديق في عرف الفقهاء‪.................................. .‬‬
‫‪201‬‬ ‫توبته‪.‬‬ ‫في‬ ‫العلماء‬ ‫واختالف‬ ‫الزنديق‬ ‫حك م‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫‪..........................‬‬
‫‪232‬‬ ‫المبحث الثامن‪ :‬الفرق بين ِّ‬
‫الصدق واليقين‪.........................................‬‬
‫‪233‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬شرط اإلخالص المنافي للشرك‬
‫‪231‬‬ ‫تمهيد في وجه اشتراط اإلخالص لصحة شهادة أن ال إله إال الله‪......................‬‬
‫‪232‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى اإلخالص لغة وشرعاً‪....................................... .‬‬
‫‪232‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬معنى اإلخالص في اللغة‪.......................................... .‬‬
‫‪232‬‬ ‫شرعاً‪.‬‬ ‫اإلخالص‬ ‫معنى‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫‪..............................................‬‬
‫‪214‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الفرق بين اإلخالص والنية عند الفقهاء‪........................... .‬‬
‫‪212‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة من الكتاب والسنة على اشتراط اإلخالص لصحة الشهادة‪....‬‬
‫‪224‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط اإلخالص لصحة الشهادة‪...............‬‬
‫‪222‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬منـزلة اإلخالص من العبادة‪.....................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬أثر قوة اإلخالص في تكميل شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪...............‬‬
‫‪223‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬الفرق بين الصدق واإلخالص‪......................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫المبحث الثامن‪ :‬ما ينافي شرط اإلخالص‪..........................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الشرك األكبر‪.....................................................‬‬
‫‪229‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬معنى الشرك األكبر‪................................................‬‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪229‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬أقسام الشرك األكبر وأنواعه‪........................................‬‬
‫‪223‬‬ ‫المقصد الثالث‪ :‬حكم الشرك األكبر‪...............................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫المقصد الرابع‪ :‬بيان خطر الشرك األكبر‪...........................................‬‬
‫‪284‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الشرك األصغر‪.....................................................‬‬
‫‪284‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬معنى الشرك األصغر‪...............................................‬‬
‫‪283‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬أنواع الشرك األصغر‪...............................................‬‬
‫‪242‬‬ ‫المقصد الثالث‪ :‬حكم الشرك األصغر‪..............................................‬‬
‫‪202‬‬ ‫المقصد الرابع‪ :‬الفرق بين الشرك األكبر والشرك األصغر‪...........................‬‬
‫‪204‬‬ ‫المقصد الخامس‪ :‬الصور التي ينقلب معها الشرك األصغر إلى أكبر‪...................‬‬
‫‪203‬‬ ‫الباب الرابع‪ :‬شرطا المحبة والكفر بالطاغوت‪........................................‬‬
‫‪202‬‬ ‫إال‬ ‫إله‬ ‫ال‬ ‫عليه‬ ‫دلت‬ ‫لما‬ ‫المحبة‬ ‫شرط‬ ‫األول‪:‬‬ ‫الفصل‬
‫الله‪................................‬‬
‫‪202‬‬ ‫لصحة‬ ‫المحبة‬ ‫اشتراط‬ ‫وجه‬ ‫في‬ ‫تمهيد‬
‫الشهادة‪.........................................‬‬
‫‪202‬‬ ‫تعريف‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫المحبة‪........................................................‬‬
‫‪202‬‬ ‫المحبة‬ ‫تعريف‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫لغة‪....................................................‬‬
‫‪202‬‬ ‫المحبة‬ ‫تعريف‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫اصطالحاً‪...............................................‬‬
‫‪232‬‬ ‫المبحث الثاني‪ُّ :‬‬
‫حد المحبة التي هي شرط في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪....................‬‬
‫‪230‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬األدلة على كون المحبة من شروط شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪............‬‬
‫‪213‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار المحبة شرطاً لصحة‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫الشهادة‪................‬‬
‫‪212‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬زيادة المحبة وأثرها في تكميل شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪................‬‬
‫‪224‬‬ ‫شرط‬ ‫في‬ ‫المخالفون‬ ‫السادس‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫المحبة‪..........................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬من نفى شرط المحبة‪ ،‬وهم الجهمية النُّفاة الذين زعموا أن الله ال‬
‫شبههم‬ ‫بيان‬ ‫مع‬ ‫يُ َحب‬ ‫وال‬ ‫يُ ِّحب‬
‫ونقدها‪.................................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬انحراف غالة الصوفية في معنى محبة الله تعالى‪.‬‬
‫‪........................‬‬
‫‪221‬‬ ‫شرط‬ ‫ينافي‬ ‫ما‬ ‫السابع‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫المحبة‪................................................‬‬
‫‪221‬‬ ‫رسوله‬ ‫بغض‬ ‫أو‬ ‫تعالى‬ ‫الله‬ ‫بغض‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫‪...................................‬‬
‫‪229‬‬ ‫رسوله‬ ‫عن‬ ‫أو‬ ‫تعالى‬ ‫الله‬ ‫عن‬ ‫جاء‬ ‫ما‬ ‫بغض‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫‪..........................‬‬
‫‪282‬‬ ‫شرك‬ ‫الثالث‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫المحبة‪........................................................‬‬
‫‪281‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مواالة أعداء الله ورسوله ‪.......................................‬‬
‫‪282‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬معنى المواالة لغة وشرعاً‪............................................‬‬
‫‪282‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬الفرق بين المواالة والتولي‪...........................................‬‬
‫‪289‬‬ ‫والمعاداة‬ ‫المواالة‬ ‫ارتباط‬ ‫الثالث‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫بالشهادتين‪..................................‬‬
‫‪294‬‬ ‫المقصد الرابع‪ :‬حكم مواالة أعداء الله ورسوله‪......................................‬‬
‫‪222‬‬ ‫النبي‬ ‫متابعة‬ ‫ترك‬ ‫الخامس‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫‪4440‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪...............................................‬‬
‫‪240‬‬ ‫شبهة في نفي اشتراط المحبة لصحة شهادة أن ال إله إال الله‬
‫وجوابها‪....................‬‬
‫‪242‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬شرط الكفر بالطاغوت‪..............................................‬‬
‫‪248‬‬ ‫تمهيد في وجه اشتراط الكفر بالطاغوت لصحة الشهادتين‪..........................‬‬
‫‪202‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى الكفر بالطاغوت لغة وشرعاً‪..................................‬‬
‫‪209‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬رؤؤس الطواغيت‪...................................................‬‬
‫‪232‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬صفة الكفر بالطاغوت‪.............................................‬‬
‫‪232‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬صفة الكفر االعتقادي بالطاغوت‪...................................‬‬
‫‪238‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬صفة الكفر القولي بالطاغوت‪.......................................‬‬
‫‪214‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬صفة الكفر العملي بالطاغوت‪......................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة على أن الكفر بالطاغوت من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪........‬‬
‫‪224‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار الكفر بالطاغوت شرطاً في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪........‬‬
‫‪229‬‬ ‫المحبة‬ ‫بشرطي‬ ‫بالطاغوت‬ ‫الكفر‬ ‫شرط‬ ‫عالقة‬ ‫السادس‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫واإلخالص‪............‬‬
‫‪224‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬ما ينافي شرط الكفر بالطاغوت‪....................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬اإليمان بالطاغوت‪..................................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫‪ 4‬ـ التوجه له بالعبادة ـ أي الطاغوت‪......................................... .‬‬
‫‪229‬‬ ‫‪ 0‬ـ التصديق بالطاغوت وإن لم يُعبَد‪............................................ .‬‬
‫‪280‬‬ ‫‪ 3‬ـ الموافقة لعبدة الطاغوت ولو مع بغضه ومعرفة بطالنه‪..........................‬‬
‫‪282‬‬ ‫‪ 1‬ـ التحاكم إلى الطاغوت‪.......................................................‬‬
‫‪832‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬ترك البراءة من الطاغوت‪[ .‬ويشمل حب الشرك وأهله]‪..............‬‬
‫‪834‬‬ ‫الكفر‬ ‫شرط‬ ‫في‬ ‫المخالفين‬ ‫أنواع‬ ‫الثامن‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫بالطاغوت‪...........................‬‬
‫‪4441‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪812‬‬ ‫الباب الخامس‪ :‬شرطا القبول واالنقياد‪.............................................‬‬
‫‪814‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬شرط القبول‪.......................................................‬‬
‫‪810‬‬ ‫تمهيد في وجه شرطية القبول لصحة الشهادة ‪.......................................‬‬
‫‪813‬‬ ‫ومتعلَّ ُقه‪............................................. .‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى القبول ُ‬
‫‪819‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬األدلة على أن القبول من شروط شهادة أن ال إله إال الله‪.‬‬
‫‪............‬‬
‫‪829‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪.............‬‬
‫‪823‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬ما ينافي شرط القبول‪...............................................‬‬
‫‪823‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬رد ما دلت عليه ال إله إال الله من إخالص التوحيد لله‬
‫تعالى‪...........‬‬
‫‪828‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬كفر الجحود والرد‪.................................................‬‬
‫‪822‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬كفر العناد‪........................................................‬‬
‫‪820‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬عدم التسليم ألمر الله ورسوله ‪ ‬ورفض التحاكم إليهما‪..........‬‬
‫‪888‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬شرط االنقياد بحقوقها‪...............................................‬‬
‫‪889‬‬ ‫تمهيد في وجه شرطية االنقياد لصحة الشهادة‪.......................................‬‬
‫‪893‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى االنقياد ُّ‬
‫وحده الذي يشترط في شهادة أن ال إله إال‬
‫الله‪..........‬‬
‫‪892‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع االنقياد‪.................................................... .‬‬
‫‪892‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬االنقياد القلبي‪......................................................‬‬
‫‪892‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬انقياد الجوارح‪.................................................... .‬‬
‫‪898‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين انقياد القلب وانقياد الجوارح‪............................‬‬
‫‪922‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬الفرق بين االنقياد والقبول‪.........................................‬‬
‫‪944‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬األدلة علىكون االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪........‬‬
‫‪902‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن ال إله إال‬
‫‪4447‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫الله‪.....‬‬
‫‪939‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬الموافاة على شهادة أن ال إله إال الله وارتباطها بشرط‬
‫االنقياد‪......‬‬
‫‪939‬‬ ‫معنى‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫الموافاة‪.......................................................‬‬
‫‪939‬‬ ‫الموافاة‬ ‫معنى‬ ‫األول‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫لغة‪....................................................‬‬
‫‪939‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬معنى الموافاة على كلمة ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد‪.‬‬
‫‪.......‬‬
‫‪911‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬فضل من كان آخر كالمه من الدنيا قول ال إله إال الله‪.............. .‬‬
‫‪918‬‬ ‫هذه‬ ‫بحقوق‬ ‫االنقياد‬ ‫شرط‬ ‫ينافي‬ ‫ما‬ ‫السابع‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫الكلمة‪..........................‬‬
‫‪918‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬ترك العمل المشروع‪................................................‬‬
‫‪918‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬أهمية األعمال ومنـزلتها من اإليمان‪............................... .‬‬
‫‪921‬‬ ‫المشروع‬ ‫العمل‬ ‫ترك‬ ‫أقسام‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫وأحكامها‪.................................‬‬
‫‪922‬‬ ‫المقصد الثالث‪ :‬الدراسة والتحقيق لحكم من ترك مباني اإلسالم بعد الشهادتين‪..........‬‬
‫‪984‬‬ ‫فعل‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫المطلب‬
‫المحذور‪.........................................................‬‬
‫‪981‬‬ ‫المطلب الثالث‪ِّ :‬‬
‫الردة‪.............................................................‬‬
‫‪981‬‬ ‫المقصد األول‪ :‬تعريف ِّ‬
‫الردة لغة‪...................................................‬‬
‫‪981‬‬ ‫المقصد الثاني‪ :‬تعريف ِّ‬
‫الردة اصطالحاً‪..............................................‬‬
‫‪982‬‬ ‫المقصد الثالث‪ :‬أقسام ِّ‬
‫الردة‪.......................................................‬‬
‫‪994‬‬ ‫المقصد الرابع‪ :‬شروط ثبوت ِّ‬
‫الردة‪.................................................‬‬
‫‪992‬‬ ‫بعد‬ ‫ِّ‬
‫الردة‬ ‫على‬ ‫المترتبة‬ ‫األحكام‬ ‫الخامس‪:‬‬ ‫المقصد‬
‫‪4417‬‬ ‫الفهارس العامة للرسالة‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫ثبوتها‪..............................‬‬
‫‪4222‬‬ ‫شرط‬ ‫في‬ ‫المخالفون‬ ‫الثامن‪:‬‬ ‫المبحث‬
‫االنقياد‪.........................................‬‬
‫‪4241‬‬ ‫الخاتمة‪............................................................................‬‬
‫‪4202‬‬ ‫المقترحات‪.........................................................................‬‬
‫‪4200‬‬ ‫الفهارس العامة‪....................................................................‬‬
‫‪4203‬‬ ‫فهرس اآليات‪.....................................................................‬‬
‫‪4212‬‬ ‫فهرس األحاديث ‪.................................................................‬‬
‫‪4228‬‬ ‫فهرس اآلثار‪......................................................................‬‬
‫‪422‬‬ ‫فهرس المصطلحات العلمية‪........................................................‬‬
‫‪0‬‬
‫‪422‬‬ ‫فهرس الفرق ‪.....................................................................‬‬
‫‪2‬‬
‫‪422‬‬ ‫فهرس تراجم األعالم‪..............................................................‬‬
‫‪2‬‬
‫‪4221‬‬ ‫والمراجع‬ ‫المصادر‬ ‫فهرس‬
‫‪...........................................................‬‬
‫‪4448‬‬ ‫فهرس الموضوعات‪................................................................‬‬
‫الممملكة العربية السعودية‬
‫وزارة التعليم العالي‬
‫الجامعة اإلسالمية‬
‫المدينة المنورة‬
‫كلية الدعوة وأصول الدين‬
‫قسم العقيدة‬

‫بيان تعديالت خطة الرسالة العلمية لمشروع الدكتوراه‬


‫الذي بعنوان‪:‬‬
‫شروط شهادة أن ال إله إال الله‬
‫تأصيالً ودراسة‬
‫المقدَّم من الطالب‪:‬‬
‫محمد عبد الله مختار‬
‫إشراف‪:‬‬
‫فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن أبوسيف الجهني‬
‫األستاذ المشارك بقسم العقيدة‬

‫‪0‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫نظراً لما استجد لي خالل اشتغالي في الكتابة في هذا الموضوع‪ ،‬فقد طرأ‬
‫تعديل طفيف في الخطة التي سرت عليها في كتابة هذا البحث بصورته النهائية‪ ،‬وفيما‬
‫يلي بيان شامل بهذه التعديالت ونوعها مع ذكر السبب المقتضي لكل تعديل‪:‬‬
‫وقبل أن أشرع في بيان هذه التعديالت أحب أن أنبه إلى أن التعديالت لم‬
‫تشمل األبواب وال الفصول‪ ،‬وال العنوان العام للرسالة‪ ،‬وال المنهج‪ ،‬وإنما طالت بعض‬
‫المباحث والمطالب‪ ،‬وهي على أربعة أنواع‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬تعديالت باإلضافة (لزيادة)‪ :‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب األول‪ :‬من عدها أربعة شروط‪ .‬ألن‬
‫المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المطلب الثاني من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الثاني‪ :‬ذكر‬
‫أصحاب هذه المقالة من المرجئة‪ .‬ألن المقام يقتضي ذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المطلب الثالث من المبحث الخامس في الفصل األول من الباب الثاني‪ :‬أثر‬
‫الزيادة في المعرفة التي بالقلب بالشهادة في تكميل الشهادة‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ المبحث الرابع من الفصل الثاني في الباب الثاني‪ :‬طرق تحصيل اليقين بمعنى‬
‫شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ المبحث السادس‪ ،‬في الفصل األول من الباب الثالث‪ ::‬أثر قوة اإلخالص في‬
‫تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ المقصد الثالث في المطلب األول من المبحث السابع في الفصل األول من‬
‫الباب الثالث‪ :‬حكم الشرك األكبر‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ المقصد الرابع في المطلب األول من المبحث السابع في الفصل األول من الباب‬
‫الثالث‪ :‬بيان خطر الشرك األكبر‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ المبحث التاسع في الفصل الثاني من الباب الثالث‪ :‬الفرق بين ِّ‬
‫الصدق واليقين‪.‬‬
‫ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ المبحث الثاني في الفصل األول من الباب الرابع‪ :‬حد المحبة التي هي شرط في‬
‫شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ 11‬ـ المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬عالقة شرط الكفر‬
‫بالطاغوت بشرطي المحبة واإلخالص‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ المطلب الثاني من المبحث السابع في الفصل األول من الباب الرابع‪ :‬شرك‬
‫المحبة‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ المطلب الثاني من المبحث السابع في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬ترك‬
‫البراءة من الطاغوت‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ المبحث الثامن في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬أنواع المخالفين في شرط‬
‫الكفر بالطاغوت‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ المطلب الثاني من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الخامس‪ :‬كفر‬
‫الجحود ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ المطلب الثالث من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الخامس‪ :‬كفر‬
‫العناد ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ المبحث الخامس في الفصل الثاني من الباب الخامس‪ :‬الفرق بين االنقياد‬
‫والقبول‪ .‬ألن المقام يقتضيه‪.‬‬
‫‪ 17‬ـ المقصد الثاني في المطلب األول من المبحث السابع في الفصل الثاني من‬
‫الباب الخامس‪ :‬أقسام ترك العمل المشروع وأحكامها‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ المقصد الرابع في المطلب الرابع من المبحث السابع في الفصل الثاني من‬
‫الباب الخامس‪ :‬شروط ثبوت الردة‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ المبحث الثامن في الفصل الثاني من الباب الخامس‪ :‬المخالفون في شرط‬
‫االنقياد‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬تعديالت بالتضمين أو الدمج‪.‬‬
‫سبب التضمين أو الدمج هو المراعاة لتناسق الكالم أو مخافة التكرار‪ .‬وذلك كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المقصد الثاني في المبحث الثاني من التمهيد‪ :‬معنى شهادة أن ال إله إال الله عند‬
‫ضمن مع المقصد قبله‪ :‬معنى شهادة أن ال‬ ‫أصحاب وحدة الوجود وأثره على العقيدة ( ُ‬

‫‪2‬‬
‫إله إال الله عند أهل الحلول واالتحاد)‪ .‬ألن وحدة الوجود هي االتحاد العام عينه‪،‬‬
‫والحلول العام عينه ال فرق‪ .‬ففي الفصل تكرار‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ المبحث األول في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬معنى الكفر بالطاغوت لغة‬
‫واصطالحاً‪.‬‬
‫أضفت لفظة «كفر» في عنوان المبحث وضمنت مطالبه في العنوان‪ ،‬فصار‬
‫«معنى الكفر بالطاغوت لغة واصطالحاً» بدالً من مطلبين‪:‬‬
‫‪1‬ـ معنى الكفر بالطاغوت‬
‫‪ 2‬ـ معنى الطاغوت اصطالحاً‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬ضم الكالم في المطلبين بعده بعضاً إلى بعض‪ .‬مراعاة للترابط أو‬
‫التناسق في الكالم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المطلب الثاني من المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬التحاكم‬
‫إلى الطاغوت‪.‬‬
‫ضمنت المطلب األول والثاني في مطلب واحد تحت عنوان‪« :‬اإليمان‬
‫بالطاغوت»‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬أن المعدل إليه أشمل؛ ليشمل جميع صور اإليمان بالطاغوت‬
‫بما في ذلك عبادة الطاغوت‪ ،‬والتحاكم إليه‪[ .‬انظر الخطة المعدلة ص‪.]9 :‬‬
‫‪ 4‬ـ المطلب الثالث من المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬حب‬
‫الشرك وأهله‪ .‬جعلته في مطلب بعنوان ‪« :‬ترك البراءة من الطاغوت»‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬ليشمل جميع صور ترك البراءة بما في ذلك‪ :‬حب الشرك وأهله‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ المبحث الثاني في الفصل الثاني من الباب الخامس‪ :‬حد االنقياد الذي هو شرط‬
‫ض ِّمن مع المبحث األول «معنى االنقياد» مراعاة للترابط‬
‫في شهادة أن ال إله إال الله‪ُ .‬‬
‫في الكالم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ 6‬ـ المطلب الثاني من المبحث الثامن في الفصل الثاني من الباب الخامس‪ :‬ارتباط‬
‫الموافاة بشرط االنقياد‪.‬‬
‫ضمنت هذا المطلب مع المطلب قبله تحت مقصد واحد بعنوان واحد «معنى الموافاة‬
‫على كلمة ال إله إال الله وارتباطها بشرط االنقياد»‪ .‬مراعاة للترابط في الكالم‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬تعديل بإبدال العبارة‪ .‬وهو على ثالثة أنواع‪:‬‬
‫الم ْب َدل إليها أوفق‪ ،‬أو ألنها األكمل في بيان المراد‬
‫أ ـ تعديل باإلبدال لكون العبارة ُ‬
‫والمقصود‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المبحث الثامن في الفصل األول من الباب األول‪ :‬ذكر بعض اآلثار عن السلف‬
‫فيها الداللة على أن لشهادة أن ال إال الله شروطاً‪ .‬بدل‪( :‬ذكر بعض اآلثار عن السلف‬
‫فيها التنصيص على أن لشهادة أن ال إله إال الله شروطاً)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬أن لفظ الداللة أشمل؛ ألن من اآلثار ما فيه تنصيص على هذه‬
‫الشروط‪ ،‬ومنها ما يدل داللة بمفهومه على هذه الشروط من غير تنصيص عليها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الثاني‪ :‬من زعم أن العلم بالمشهود له‬
‫كافياً لصحة اإليمان من المرجئة مع بيان شبههم ونقدها‪ .‬بدل (العلم هل هو كاف‬
‫لصحة اإليمان كما زعمت غالة المعرفة؟)‪.‬‬
‫(تصرف في العبارة فقط ال يترتب عليه فرق)‪.‬‬ ‫سبب التعديل‪ُّ :‬‬
‫‪ 3‬ـ المقصد الخامس من المطلب الثاني في المبحث السابع من الفصل األول في‬
‫الباب الثالث ‪ :‬الصور التي ينقلب الشرك األصغر فيها شركاً أكبر بدل (متى يصير‬
‫الشرك األصغر شركاً أكبر)‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الثالث ‪ :‬زيادة التصديق بشهادة‬
‫أن ال إله إال الله وأثره في تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬بدل (زيادة التصديق‬
‫بشهادة أن ال إله إال الله وأثره في قوة شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬أن كلمة "تكميل" أوفق من كلمة "قوة"؛ وال يترتب على ذلك فرق؛‬
‫التصرف في العِّبَارات‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫فيكون من باب‬

‫‪4‬‬
‫‪ 5‬ـ المبحث الخامس في الفصل األول من الباب الرابع‪ :‬زيادة المحبة وأثرها في‬
‫تكميل شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬بدل (‪...‬وأثره في قوة شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬أن كلمة "تكميل" أوفق من كلمة "قوة"؛ وال يترتب على ذلك فرق؛‬
‫التصرف في العِّبَارات‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫فيكون من باب‬
‫‪ 6‬ـ المبحث السادس في الفصل األول من الباب الرابع‪ :‬المخالفون في شرط المحبة‪.‬‬
‫بدل (من خالف في هذا الشرط‪ ،‬وهم الجهمية النُّفاة الذين زعموا أن الله ال يُ ِّحب وال‬
‫يُ َحب مع بيان شبههم ونقدها)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬للجمع بين المتماثالت‪ ،‬ألن يضم ما فرق من المبحث الخامس‪( :‬من‬
‫نفى شرط المحبة‪ ،‬وهم الجهمية النُّفاة الذين زعموا أن الله ال يُ ِّحب وال يُ َحب مع بيان‬
‫شبههم ونقدها)‪ ،‬والمبحث السادس‪( :‬انحراف غالة الصوفية في معنى المحبة) وال‬
‫يترتب زيادة أو حذف‪ .‬بل هو جمع وضم لمتفرق في الخطة األولية‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ المطلب الثاني من المبحث السادس في الفصل األول من الباب الرابع‪ :‬انحراف غالة‬
‫الصوفية في معنى محبة الله تعالى‪ .‬بدل (المبحث السادس‪ :‬انحراف الصوفية في معنى‬
‫المحبة)‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ سبب التعديل‪ :‬ألنه صار داخالً في المبحث المعدل قبله‪ ،‬فال حاجة إلفراده في‬
‫مبحث مستقل‪ .‬وال يترتب زيادة أو حذف‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ المطلب األول من المبحث الثامن في الفصل األول من الباب الرابع‪ :‬بغض الله‬
‫تعالى‪ .‬بدل (بغض الله أو بغض رسوله ‪.)‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬ألن بغض الرسول ‪ ‬يدخل تحت بغض الله ‪ .‬ألن بغض الرسول‬
‫رسل‪ ،‬وهو الله ‪.‬‬ ‫بغض للم ِّ‬
‫ُ‬
‫‪ 11‬ـ المبحث الثاني في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬رؤوس الطواغيت‪ .‬بدل‬
‫(المطلب الثالث)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬رؤوس الطواغيت ال عالقة لها بالمبحث األول فكان الفصل أولى‪ .‬وال‬
‫تترتب زيادة أو نقص‪.‬‬
‫المب ْْ َدل إليها أشمل وأعم من العبارة‬
‫ب ـ تعديل باإلبدال في العبارة لكون العبارة ُ‬
‫الم ْبدلة‪ .‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫ُ‬

‫‪5‬‬
‫‪ 1‬ـ المطلب الثالث من المبحث الثاني في الفصل األول من الباب الثاني‪ :‬أقوال أهل‬
‫العلم في اعتبار شرط العلم بمعنى ال إله إال الله‪ .‬بدل (أقوال السلف وأقوال أهل‬
‫العلم المتقدمين في اعتبار شرط العلم)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن أقوال السلف هي داخلة ضمن أقوال أهل العلم‪ ،‬فال وجه للتفريق؛‬
‫كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المطلب الثاني من المبحث الثالث في الفصل األول من الباب الثاني‪ :‬حكم‬
‫اإليمان بالتقليد‪ .‬بدل (النزاع في صحة إيمان المقلد)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن التعديل يشمل النزاع في صحة إيمان المقلد وغيره من األحكام؛‬
‫فهو أشمل وأتم)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب األول‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار‬
‫شرط اليقين لصحة الشهادة‪ .‬بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في‬
‫اعتبار اليقين شرطاً من شروط شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن أقوال السلف هي داخلة ضمن أقوال أهل العلم‪ ،‬فال وجه للفصل‬
‫بينها؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط‬
‫اإلخالص لصحة الشهادة‪ :‬بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في اعتبار‬
‫اإلخالص شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل (أن أقوال السلف هي داخلة ضمن أقوال أهل العلم‪ ،‬فال وجه للفصل‬
‫بينها؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ المطلب الثاني من المبحث األول في الفصل الثاني من الباب الثالث‪ :‬معنى‬
‫الصدق في االصطالح وبيان متعلقه‪ .‬بدل (معنى الصدق شرعاً)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬ليشمل االصطالح الشرعي لمعنى الصدق وغيره‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ المبحث الرابع في الفصل الثاني من الباب الثالث‪ :‬أقوال أهل العلم في اشتراط‬
‫الصدق لصحة الشهادة‪ .‬بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في عد‬
‫الصدق شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫سبب التعديل (أن أقوال السلف والمتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل‬
‫العلم‪ ،‬فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار‬
‫المحبة شرطاً لصحة الشهادة‪ .‬بدل (أقوال السلف وأقوال أهل العلم المتقدمين في‬
‫اعتبار المحبة شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل (أن أقوال السلف والمتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل‬
‫العلم‪ ،‬فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ المبحث الخامس في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار‬
‫شرط الكفر بالطاغوت‪ .‬بدل (أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم في اعتبار‬
‫الكفر بالطاغوت شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل‬
‫العلم‪ ،‬فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ المطلب األول من المبحث السادس في الفصل الثاني من الباب الرابع‪ :‬اإليمان‬
‫بالطاغوت‪ .‬بدل (عبادة الطاغوت)‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن مفهوم اإليمان بالطاغوت أوسع من مفهوم عبادة الطواغيت‪ ،‬ألن‬
‫اإليمان بالطاغوت يشمل عبادة الطواغيت والموافقة‪ ،‬ولو لم تقع عبادة له كما قرر‬
‫ذلك أهل العلم)‪ .‬فسبب التعديل إذن للشمول‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ المبحث األول في الفصل األول من الباب الخامس‪ :‬معنى القبول ومتعلقه‪ .‬بدل‬
‫(معنى القبول)‪ .‬ليشمل متعلقات القبول‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ المبحث الثالث في الفصل األول من الباب الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في‬
‫اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬بدل (أقوال السلف وأقوال المتقدمين‬
‫من أهل العلم في اعتبار القبول شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل‬
‫العلم‪ ،‬فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ المطلب الرابع من المبحث الرابع في الفصل األول من الباب الخامس‪ :‬عدم‬
‫التسليم ألمر الله ورسوله ورفض التحاكم إليهما بدل عدم قبول التحاكم إلى الله ورسوله‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬ألنه أشمل من عدم قبول التحاكم إلى الله ورسوله‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ المبحث الثالث في الفصل الثاني من الباب الخامس‪ :‬أقوال أهل العلم في اعتبار‬
‫االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن ال إله إال الله‪ .‬بدل (أقوال السلف وأقوال‬
‫المتقدمين من أهل العلم في اعتبار االنقياد بحقوق ال إله إال الله شرطاً في شهادة أن ال إله‬
‫إال الله)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن أقوال السلف وأقوال المتقدمين من أهل العلم داخلة ضمن أقوال أهل‬
‫العلم‪ ،‬فال وجه للتفريق؛ كما أنه أشمل ألقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين)‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ المطلب األول من المبحث الثامن في الفصل األول من الباب الخامس‪ :‬ترك‬
‫العمل المشروع بدل ترك العمل بالكلية‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬أن هذا العنوان أشمل يشمل ترك العمل بالكلية وترك بعض األعمال‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ المقصد الثالث من المطلب األول من المبحث الثامن في الفصل الثاني من‬
‫الباب الخامس الدراسة والتحقيق لحكم من ترك مباني اإلسالم بعد الشهادتين‪ .‬بدل‬
‫(حكم تارك الصالة)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬أن هذا العنوان أشمل‪ ،‬يدخل فيه حكم ترك الصالة وترك غيرها من‬
‫مباني اإلسالم‪.‬‬
‫الم ْب َدل إليها هي المتوافقة بما نحن‬
‫جـ ـ تعديل باإلبدال في العبارات؛ لكون العبارة ُ‬
‫بصدده‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ المطلب الثالث من المبحث الثالث في الفصل األول من الباب الثاني‪ :‬معرفة الله‬
‫عند غالة الصوفية‪ .‬بدل (المعرفة عند الصوفية)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬أن المعرفة عند الغالة‪ ،‬هي التي تتعلق بما نحن بصدده)‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المقصد األول من المطلب األول في المبحث السادس من الفصل األول في‬
‫الباب الثاني‪ :‬جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعا لى‪ .‬بدل (أهل الوحدة واالتحاد‬
‫وجهلهم بالله تعالى)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬ألن المقصود هو بيان جهل أهل الوحدة واالتحاد بالله تعالى ال دراسة‬
‫عقائدهم)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ 3‬ـ المقصد الثاني من المطلب األول في المبحث السادس من الفصل األول في الباب‬
‫الثاني‪ :‬جهل غالة أهل التعطيل بالله تعالى‪ .‬بدل (غالة أهل التعطيل وجهلهم بالله تعالى)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬ألن المقصود هو بيان جهل غالة أهل التعطيل بالله تعالى ال دراسة‬
‫عقائدهم)‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ المقصد الثالث من المطلب األول في المبحث السادس من الفصل األول في‬
‫الباب الثاني‪ :‬جهل أهل التشبيه والتمثيل بالله تعالى بدل (أهل التشبيه وجهلهم بالله‬
‫تعالى)‪.‬‬
‫سبب التعديل‪( :‬ألن المقصود هو بيان جهل أهل التشبيه والتمثيل بالله تعالى ال دراسة‬
‫عقائدهم)‪.‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬تعديالت بالتقديم والتأخير‪.‬‬
‫المبحث الثاني في الفصل الثاني من الباب الثاني‪ :‬الفرق بين العلم واليقين‪ .‬بدل‬
‫المبحث الرابع في نفس الفصل‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬مراعاة الترتيب والتناسق بين المباحث‪.‬‬
‫المبحث الثاني في الفصل األول من الباب الثاني‪ :‬أنواع االنقياد بدل المبحث‬
‫الخامس‪ .‬سبب التعديل‪ :‬مراعاة الترتيب والتناسق بين المباحث‪ ،‬ألن أنواع االنقياد‬
‫متعلقة بتعريف االنقياد‪.‬‬
‫المبحث السابع في الفصل الثاني من الباب الخامس‪ :‬الموافاة على شهادة أن ال إله‬
‫إال الله وارتباطها بشرط االنقياد بدل المبحث الثامن‪.‬‬
‫سبب التعديل‪ :‬مراعاة الترتيب والتناسق بين المباحث‪.‬‬

‫مقدمه‪ :‬محمد عبد الله مختار‬


‫قسم العقيدة ‪ /‬مرحلة الدكتوراه‬
‫الرقم الجامعي‪28563 :‬‬

‫‪9‬‬

You might also like