You are on page 1of 3

‫المطلب األول ‪ :‬االتصال كمفهوم أولي‬

‫أوال ‪ :‬تعريف االتصال‬


‫يطلق على عصرنا الحالي الكثير من المسميات (عصر السرعة عصر الرقمنة‬
‫عصر المعلوماتية‪...‬الخ)‪،‬ذلك ألن العالم أصبح يشهد ثورة حقيقية و تغير جذري في‬
‫شتى المجاالت و القطاعات و خاصة مجال االتصاالت و وسائل التواصل االجتماعي‬
‫والتي لعب تطورها دورا محوريا في التغير الجذري لهذا المجال ‪.‬‬
‫ومنذ األزل كان االتصال والزال وضيفة حياتية مهمة و مهارة أساسية بدونها‬
‫يكون اإلنسان معزوال عن غيره من افراد المجتمع المحيطين به بل و قد يصبح عاجزا‬
‫عن التأقلم مع البيئة التي يعيش فيها‪،‬وحسب الفيلسوف البراغماتي "جول ستيوارت‬
‫ميل" أن اإلنسان يولد و عقله صفحة بيضاء لتخط عليه التجارب ما تشاء و بالتالي فإن‬
‫اإلنسان يحتاج للبقاء على تواصل دائم مع محيطه و مجتمعه من أجل التعلم و كسب‬
‫المعرفة‪،‬فاألمر كأن تضع طفال رضيعا في بيئة مليئة باألشواك و السكاكين الحادة فهنا‬
‫حتما سيؤذي نفسه كونه جاهال بالخطر الذي يحيط به أو أن تضع عربيا في بالد‬
‫أعجمية ال يعرف عن لغة و ثقافة و مجتمع هذا البلد أي شيء فبالتالي لن يستطيع‬
‫التواصل معهم بل و قد يقع في المتاعب بسبب مخالفته لثقافة المجتمع الذي يعيش في‬
‫هذا البلد وما يحدث مع الطفل الصغير‪ K‬قد يحدث مع الشخص البالغ في حال إذا كان‬
‫متواجدا في بيئة تشكل خطرا و تهديدا صريحا على حياته ولم يأخذ في الحسبان سبل‬
‫الوقاية التي تكون سببا في نجاته ‪.‬‬
‫هذا التفاعل بين اإلنسان و البيئة المحيطة به من كائنات حية و جماد نطلق عليه‬
‫مـصطلح "االتصال" ‪.‬‬
‫يعرف اإلتصال على أنه ذلك المصطلح الذي يشير إلى عملية نقل المعلومات في‬
‫اإلنسان أو الحيوان على حد سواء ‪ ،‬ونظراً لالختالف الكيفي بين اإلنسان من جانب‬
‫والكائنات األخرى من جانب آخر‪ ،‬كان ال بد من تخصيص اصطالح ليصف هذه‬
‫العملية في اإلنسان و نطلق عليه "التواصل ‪.‬‬
‫وكلمة اتصال مشتقة ‪ -‬لغويا ً ‪ -‬من كلمة تواصل ‪ ،‬والتواصل في اللغة من‬
‫الوصل بمعنى ربط الشيء بشيء آخر ونقول ربط فالن ما عنده بما عند اآلخر بمعنى‬
‫أوصله أما اصطالحا يعرف على أنه تلك العملية التي من خاللها يتم نقل الرسالة من‬
‫مصدر معين إلى مستقبل واحد أو أكثر ‪.‬‬
‫و مصطلح (‪ )Communication‬مشتق من الكلمة الالتينية (‪)Communis‬‬
‫بمعنى مشترك أو شائع فإذا أرجعنا مصطلح اإلتصال إلى أصله الالتيني نجد أنه أقرب‬
‫إلى التواصل من اإلتصال إال أنه ُترجم إلى العربية على أنه اتصال ‪ ،‬وعليه فالتواصل‬
‫حتى يتم البد من وجود مرسل و مستقبل تتم بينهم هذه العملية و يشترط من أجل‬
‫نجاحها أن تكون هناك عدة ضوابط تحكمها كاللغة المشتركة و البساطة في الطرح ‪.‬‬
‫وهو األمر الذي يؤكد عليه ‪Albert Henry‬حيث يرى أن عملية نقل‬
‫المعلومات و األفكار من المرسل إلى المستقبل البد أن تكون ذات محتوى مفهوم ضمنيا‬
‫للطرفين ‪ ،‬بمعنى واضحة الرموز و اإلشارات و العالمات فاالتصال حسب الباحثة‬
‫جيهان أحمد رشتى ما هو إال تفاعل حاصل بين شخصين أو أكثر وهذا التفاعل يكون‬
‫وفق مضامين اجتماعية معينة ومن خالله يتم نقل األفكار والمنبهات بين األفراد عن‬
‫قضية ما أو معنى محدد أو واقع معين ‪.‬‬
‫يرى ‪ Wilbur Schramm‬أن اإلتصال تبادل األفكار والمعلومات من فرد إلى‬
‫فرد آخر أو مجموعة أفراد‪ ،‬ووفقا لـ ‪Schramm‬فإن االتصال مادته المعلومات‬
‫واألفكار وأدواته اللغة والكلمات ‪ ،‬بمعنى آخر تبادل الرموز بين المرسل و المستلم و‬
‫فهمها و التعبير عنها ومن ثم تفسيرها و االستجابة لها بشكل مشترك ‪.‬‬
‫أما ‪ Albert Maslow‬عرف اإلتصال على أنه تلك القدرة على التواصل‬
‫بشكل ف ّعال ومؤثر من خالل فهم االحتياجات والمشاعر والتجارب لآلخرين وما‬
‫يعبرون عنه بشكل صحيح ومالئم ‪.‬‬
‫إن االتصال و التواصل ما هما إال وجهان لعملة واحدة فكليهما مكملين لبعضهما‬
‫البعض و باجتماعهما يخلقون ذلك التفاعل بين الفرد و البيئة المحيطة به ‪ ،‬فتفاعل‬
‫اإلنسان مع بيئته ضروري ليس من أجل تلبية متطلبات حياته اليومية فقط بل هو أداة‬
‫لكسب المعرفة و في بعض األحيان قد يكون سببا في إنقاذ الحياة البشرية ‪.‬‬
‫بشكل عام و بناء على كل ما ذكر سلفا يمكن أن نصل إلى استنتاج بأن االتصال‬
‫يتمثل في كونه ظاهرة نفسية اجتماعية يحدث فيها ذلك التفاعل بين المرسل و المستقبل‬
‫( التواصل‪ ، ) K‬ومن خالل ذلك يتم تبادل اآلراء و األفكار و المعلومات و كل ذلك في‬
‫إطار نسق اجتماعي معين‬

‫ثانيا ‪ :‬أهمية االتصال في حياتنا اليومية‬


‫ألن اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه فهو يحتاج إلى التواصل مع غيره من‬
‫األشخاص المحيطين به ‪ ،‬وهذه العملية لما لها من أهمية فأي اختالل فيها يعتبر شي‬
‫خطير على حياة اإلنسان االجتماعية ‪ ،‬فمن األسرة إلى زمالء أو أرباب العمل كلهم ال‬
‫تكاد تخلو حياتنا اليومية من التواصل‪ K‬معهم بشكل دائم و مستمر ‪ ،‬فحسب بعض‬
‫الدراسات يقضي اإلنسان من ‪ 70%‬إلى ‪ 85%‬من وقته في االتصال باآلخرين ; إما‬
‫عن طريق اإلنصات لهم أو الحديث معهم فحتى إنصاتك لآلخرين يعد اتصاال ‪.‬‬
‫و على الصعيد المهني داخل المؤسسات االقتصادية و الغير اقتصادية عمومية‬
‫أو خاصة محلية أو دولية كانت ‪ ،‬فإن االتصال يمثل العصب و الشريان الذي يتم من‬
‫خالله تسيير شؤون هذه المؤسسة و تفعيل وظائفها و بدون االتصال نحصل على‬
‫فوضى عارمة ‪.‬‬
‫يرى كل من‪ Herbert G. Hicks‬و ‪ C. Ray Gullet‬أن قلب مشكالت العالم‬
‫هو عدم القدرة على االتصال رغم اعتقادنا بأننا نجيد فعل ذلك بفعالية ‪.‬‬
‫و لعل أحد أهم األشياء التي تساعدنا على التواصل‪ K‬بشكل فعال مع اآلخرين هو‬
‫فهم طبيعة االتصال و التي يمكن أن نلخصها وفق البنود التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬االتصال حركي ‪ :‬يشمل مجموعة من اإلشارات و اإليماءات‬
‫‪ .2‬االتصال له مسبب ‪ :‬أي أن االتصال قائم على دوافع تحركه‬
‫‪ .3‬االتصال تدفقي ‪ :‬دائما العملية االتصالية تبدأ من عند المرسل و ليس العكس‬
‫‪ .4‬االتصال تفاعلي ‪ :‬عملية أخذ و رد بين كل من المرسل و المستقبل‬
‫‪ .5‬االتصال نوعي ‪:‬لالتصال عدة أنواع‬
‫‪ .6‬االتصال ضروري ‪ :‬من الحاجيات األساسية التي ال يستطيع اإلنسان العيش‬
‫بدونها‬

You might also like