يطلق على عصرنا الحالي الكثير من المسميات (عصر السرعة عصر الرقمنة عصر المعلوماتية...الخ)،ذلك ألن العالم أصبح يشهد ثورة حقيقية و تغير جذري في شتى المجاالت و القطاعات و خاصة مجال االتصاالت و وسائل التواصل االجتماعي والتي لعب تطورها دورا محوريا في التغير الجذري لهذا المجال . ومنذ األزل كان االتصال والزال وضيفة حياتية مهمة و مهارة أساسية بدونها يكون اإلنسان معزوال عن غيره من افراد المجتمع المحيطين به بل و قد يصبح عاجزا عن التأقلم مع البيئة التي يعيش فيها،وحسب الفيلسوف البراغماتي "جول ستيوارت ميل" أن اإلنسان يولد و عقله صفحة بيضاء لتخط عليه التجارب ما تشاء و بالتالي فإن اإلنسان يحتاج للبقاء على تواصل دائم مع محيطه و مجتمعه من أجل التعلم و كسب المعرفة،فاألمر كأن تضع طفال رضيعا في بيئة مليئة باألشواك و السكاكين الحادة فهنا حتما سيؤذي نفسه كونه جاهال بالخطر الذي يحيط به أو أن تضع عربيا في بالد أعجمية ال يعرف عن لغة و ثقافة و مجتمع هذا البلد أي شيء فبالتالي لن يستطيع التواصل معهم بل و قد يقع في المتاعب بسبب مخالفته لثقافة المجتمع الذي يعيش في هذا البلد وما يحدث مع الطفل الصغير Kقد يحدث مع الشخص البالغ في حال إذا كان متواجدا في بيئة تشكل خطرا و تهديدا صريحا على حياته ولم يأخذ في الحسبان سبل الوقاية التي تكون سببا في نجاته . هذا التفاعل بين اإلنسان و البيئة المحيطة به من كائنات حية و جماد نطلق عليه مـصطلح "االتصال" . يعرف اإلتصال على أنه ذلك المصطلح الذي يشير إلى عملية نقل المعلومات في اإلنسان أو الحيوان على حد سواء ،ونظراً لالختالف الكيفي بين اإلنسان من جانب والكائنات األخرى من جانب آخر ،كان ال بد من تخصيص اصطالح ليصف هذه العملية في اإلنسان و نطلق عليه "التواصل . وكلمة اتصال مشتقة -لغويا ً -من كلمة تواصل ،والتواصل في اللغة من الوصل بمعنى ربط الشيء بشيء آخر ونقول ربط فالن ما عنده بما عند اآلخر بمعنى أوصله أما اصطالحا يعرف على أنه تلك العملية التي من خاللها يتم نقل الرسالة من مصدر معين إلى مستقبل واحد أو أكثر . و مصطلح ( )Communicationمشتق من الكلمة الالتينية ()Communis بمعنى مشترك أو شائع فإذا أرجعنا مصطلح اإلتصال إلى أصله الالتيني نجد أنه أقرب إلى التواصل من اإلتصال إال أنه ُترجم إلى العربية على أنه اتصال ،وعليه فالتواصل حتى يتم البد من وجود مرسل و مستقبل تتم بينهم هذه العملية و يشترط من أجل نجاحها أن تكون هناك عدة ضوابط تحكمها كاللغة المشتركة و البساطة في الطرح . وهو األمر الذي يؤكد عليه Albert Henryحيث يرى أن عملية نقل المعلومات و األفكار من المرسل إلى المستقبل البد أن تكون ذات محتوى مفهوم ضمنيا للطرفين ،بمعنى واضحة الرموز و اإلشارات و العالمات فاالتصال حسب الباحثة جيهان أحمد رشتى ما هو إال تفاعل حاصل بين شخصين أو أكثر وهذا التفاعل يكون وفق مضامين اجتماعية معينة ومن خالله يتم نقل األفكار والمنبهات بين األفراد عن قضية ما أو معنى محدد أو واقع معين . يرى Wilbur Schrammأن اإلتصال تبادل األفكار والمعلومات من فرد إلى فرد آخر أو مجموعة أفراد ،ووفقا لـ Schrammفإن االتصال مادته المعلومات واألفكار وأدواته اللغة والكلمات ،بمعنى آخر تبادل الرموز بين المرسل و المستلم و فهمها و التعبير عنها ومن ثم تفسيرها و االستجابة لها بشكل مشترك . أما Albert Maslowعرف اإلتصال على أنه تلك القدرة على التواصل بشكل ف ّعال ومؤثر من خالل فهم االحتياجات والمشاعر والتجارب لآلخرين وما يعبرون عنه بشكل صحيح ومالئم . إن االتصال و التواصل ما هما إال وجهان لعملة واحدة فكليهما مكملين لبعضهما البعض و باجتماعهما يخلقون ذلك التفاعل بين الفرد و البيئة المحيطة به ،فتفاعل اإلنسان مع بيئته ضروري ليس من أجل تلبية متطلبات حياته اليومية فقط بل هو أداة لكسب المعرفة و في بعض األحيان قد يكون سببا في إنقاذ الحياة البشرية . بشكل عام و بناء على كل ما ذكر سلفا يمكن أن نصل إلى استنتاج بأن االتصال يتمثل في كونه ظاهرة نفسية اجتماعية يحدث فيها ذلك التفاعل بين المرسل و المستقبل ( التواصل ، ) Kومن خالل ذلك يتم تبادل اآلراء و األفكار و المعلومات و كل ذلك في إطار نسق اجتماعي معين
ثانيا :أهمية االتصال في حياتنا اليومية
ألن اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه فهو يحتاج إلى التواصل مع غيره من األشخاص المحيطين به ،وهذه العملية لما لها من أهمية فأي اختالل فيها يعتبر شي خطير على حياة اإلنسان االجتماعية ،فمن األسرة إلى زمالء أو أرباب العمل كلهم ال تكاد تخلو حياتنا اليومية من التواصل Kمعهم بشكل دائم و مستمر ،فحسب بعض الدراسات يقضي اإلنسان من 70%إلى 85%من وقته في االتصال باآلخرين ; إما عن طريق اإلنصات لهم أو الحديث معهم فحتى إنصاتك لآلخرين يعد اتصاال . و على الصعيد المهني داخل المؤسسات االقتصادية و الغير اقتصادية عمومية أو خاصة محلية أو دولية كانت ،فإن االتصال يمثل العصب و الشريان الذي يتم من خالله تسيير شؤون هذه المؤسسة و تفعيل وظائفها و بدون االتصال نحصل على فوضى عارمة . يرى كل من Herbert G. Hicksو C. Ray Gulletأن قلب مشكالت العالم هو عدم القدرة على االتصال رغم اعتقادنا بأننا نجيد فعل ذلك بفعالية . و لعل أحد أهم األشياء التي تساعدنا على التواصل Kبشكل فعال مع اآلخرين هو فهم طبيعة االتصال و التي يمكن أن نلخصها وفق البنود التالية : .1االتصال حركي :يشمل مجموعة من اإلشارات و اإليماءات .2االتصال له مسبب :أي أن االتصال قائم على دوافع تحركه .3االتصال تدفقي :دائما العملية االتصالية تبدأ من عند المرسل و ليس العكس .4االتصال تفاعلي :عملية أخذ و رد بين كل من المرسل و المستقبل .5االتصال نوعي :لالتصال عدة أنواع .6االتصال ضروري :من الحاجيات األساسية التي ال يستطيع اإلنسان العيش بدونها
محاولة دراسة الاتصال في المجتمع الجزائري بعض المشاغل الابستمولوجية في الب... an... Ication in Algerian Society Some Epistemological Concerns in the Digital Environment