Professional Documents
Culture Documents
وإذا رجعنا إلى الحالة التي ال يكون فيها العقل معنًيا ب التالعب
الجسدي باآلالت ،بل بما ننوي كتابت ه ،ف إن األم ر ه و نفس ه .هن اك
نشاط قيد التنفيذ :يتم االهتمام بتطوير موضوع ما .ما لم يكتب المرء
كم ا يتح دث الفون وغراف ،فه ذا يع ني ال ذكاء؛ وهي اليقظ ة في
استش راف االس تنتاجات المختلف ة ال تي تتج ه إليه ا البيان ات
واالعتب ارات الحالي ة ،م ع تجدي د المالحظ ة والت ذكر باس تمرار
للتع رف على الموض وع ال ذي يتعل ق باالس تنتاجات ال تي س يتم
التوص ل إليه ا .لق د تنب أ وص ف التعليم ال وارد في فص ولنا الس ابقة
تقريًبا بالنتائج التي تم التوصل إليه ا في مناقش ة مض مون التعليم في
مجتمع ديمقراطي .ألنه يفترض أن ه دف التعليم ه و تمكين األف راد
من مواص لة تعليمهم – أو أن ه دف التعلم ومكافأت ه ه و الق درة
المستمرة على النمو .اآلن ،ال يمكن تط بيق ه ذه الفك رة على جمي ع
أعضاء المجتم ع إال عن دما يك ون االتص ال بين اإلنس ان واإلنس ان
متبادًال ،وباستثناء حيث يكون هناك توفير كاٍف إلعادة بناء الع ادات
والمؤسسات االجتماعية عن طريق التحفيز الواس ع النط اق الناش ئ
عن المصالح الموزعة بشكل عادل .وهذا يع ني مجتم ع ديمق راطي.
ولذلك ،فإننا في بحثن ا عن أه داف في التربي ة ال يعنين ا إيج اد نهاي ة
خارج العملية التربوية التي يخضع لها التعليم .مفهومنا كل ه يحظ ر.
نحن مهتمون باألحرى بالتناقض الموجود عندما تنتمي األهداف إلى
العملية التي تعمل فيه ا وعن دما يتم وض عها من الخ ارج .ويجب أن
يح دث ه ذا الوض ع األخ ير عن دما ال تك ون العالق ات االجتماعي ة
متوازن ة بش كل ع ادل .ألن ه في ه ذه الحال ة ،س تجد بعض أج زاء
المجموعة االجتماعي ة بأكمله ا أه دافها مح ددة ب إمالء خ ارجي؛ لن
تنشأ أه دافهم من النم و الح ر لخ برتهم الخاص ة ،وس تكون أه دافهم
االسمية وسيلة لتحقيق غايات أكثر خفي ة لآلخ رين وليس ت أه دافهم
الحقيقية .م زيج من االث نين .ومن ثم ُينظ ر إلى الموض وع على أن ه
شيء كامل في حد ذاته ،فهو مجرد شيء يجب تعلمه أو معرفته ،إما
عن طري ق تط بيق العق ل الط وعي علي ه أو من خالل االنطباع ات
التي يتركها في العقل.
إن التن اقض األساس ي بين فك رة التعليم باعتب اره إع ادة بن اء
مستمرة مع المفاهيم األخرى أحادية الجانب التي تم انتقادها في ه ذا
الفصل والفصل الس ابق ه و أنه ا تح دد النهاي ة (النتيج ة) والعملي ة.
وه ذا يتن اقض م ع نفس ه لفظًي ا ،لكن لفظًي ا فق ط .يع ني أن التجرب ة
كعملية نشطة تشغل وقتا وأن فترتها الالحق ة تكم ل جزئه ا الس ابق؛
فإنه يسلط الضوء على االتصاالت لكن الفكرة التي تكمن وراء ذل ك
هي أن التعليم ه و في األس اس ب أثر رجعي؛ أن ه ينظ ر في المق ام
األول إلى الماض ي ،وخاص ة إلى المنتج ات األدبي ة للماض ي ،وأن
هذا العقل يتشكل بشكل مناسب بالدرجة التي ينسجم به ا م ع ال تراث
الروحي للماضي .لقد كان لهذه الفكرة تأثير هائل على التعليم العالي
بشكل خاص ،مما يجعلها تستحق الدراسة في صياغتها المتطرفة.
في المقام األول ،أساسها البيولوجي مغالطة .إن النمو الجني ني
للرضيع البشري يحاف ظ بال ش ك على بعض س مات األش كال ال دنيا
من الحي اة .لكن ه ذا ليس ب أي ح ال من األح وال عب وًرا ص ارًم ا
للمراحل الماضية .إذا كان هناك أي "ق انون" ص ارم للتك رار ،فمن
الواض ح أن التط ور التط وري لن يح دث .وك ل جي ل جدي د ك ان
س يكرر ببس اطة وج ود أس الفه .باختص ار ،لق د ح دث التط ور من
خالل إدخال االختص ارات والتع ديالت في المخط ط الس ابق للنم و.
وهذا يشير إلى أن الهدف من التعليم ه و تس هيل ه ذا النم و القص ير
الدائرة .إن الميزة الكبرى لعدم النضج ،من الناحية التربوية ،هي أنه
يمكننا من تحرير الشباب من الحاجة إلى العيش في ماٍض عفا علي ه
ال زمن .إن مهم ة التعليم هي ب األحرى تحري ر الش باب من إحي اء
الماض ي وعكس ه ب دًال من قي ادتهم إلى تلخيص ه .تتك ون البيئ ة
االجتماعي ة للش باب من خالل وج ود وعم ل ع ادات التفك ير هن اك
استعداد ألخذ االعتبارات التي
عزيزة على قلوب الكبار ونصبها لهم تنتهي بغض النظ ر عن
ق درات تل ك متعلم .هن اك أيًض ا مي ل للط رح األه داف ال تي تك ون
موحدة لدرجة إهمال صالحيات ومتطلبات محددة للفرد ،متناسين أن
كل التعلم هو شيء يحدث للفرد في وقت ومكان معين .لنطاق األكبر
إلدراك الش خص الب الغ وقيم ة كب يرة في مراقب ة الق درات ونق اط
الضعف لدى الش باب ،في تحدي د م ا يفعلون ه ق د تص ل إلى .وهك ذا
القدرات الفنية لل ُيظهر البالغ ما مي ول معين ة ل دى الطف ل ق ادرون
على ذلك ،إذا لم يكن لدينا الكبار اإلنجازات ينبغي لنا أن نك ون دون
ض مان كم ا ألهمي ة الرس م والتك اثر .النمذج ة والتل وين أنش طة
الطفولة .فإذا كان األم ر ك ذلك لم تكن للغ ة الكب ار ،ال ينبغي لن ا أن
نكون قادر على رؤية أهمية نبضات الثرثرة الطفول ة .لكن اس تخدام
الكبار شيء واحد اإلنجازات كسياق لوضعه ومسح أعم ال الطفول ة
والشباب .هو – هي يع د إع دادها كه دف ث ابت أم ًرا مختلًف ا تماًم ا
دون النظر إلى األنشطة الملموسة لهؤالء متعلم )2( .يجب أن يك ون
اله دف ق ابًال للترجم ة إلى طريق ة للتع اون م ع أنش طة الخاض عين
للتعليم .ويجب أن يقترح نوع البيئة الالزمة لتحرير وتنظيم قدراتهم.
ما لم يفسح المجال ل ومن الجيد أن ن ذكر أنفس نا ب أن التعليم في ح د
ذاته ليس له أه داف .فق ط األش خاص واآلب اء والمعلم ون ،وم ا إلى
ذلك ،لديهم أه داف ،وليس فك رة مج ردة مث ل التعليم .وبالت الي ف إن
أغراضها تتنوع إلى ما ال نهاية ،وتختلف باختالف األطفال ،وتتغير
مع نمو األطفال ومع نمو الخبرة لدى المعلم .ح تى األه داف األك ثر
صحة التي يمكن وضعها في الكلمات سوف تض ر أك ثر مم ا تنف ع،
مثل الكلمات ،ما لم يدرك المرء أنها ليست أهداًفا ،بل هي اقتراحات
للمعلمين ح ول كيفي ة المراقب ة ،وكيفي ة التطل ع إلى األم ام ،وكيفي ة
االختيار في تحرير وتوجيه طاقات المواقف الملموسة ال تي يج دون
أنفس هم فيه ا .كم ا ق ال ك اتب ح ديث" :لقي ادة ه ذا الص بي لق راءة
روايات س كوت ب دًال من قص ص المحق ق الق ديم؛ لتعليم ه ذه الفت اة
الخياط ة؛ الستئص ال ع ادة التنم ر من مكي اج ج ون؛ إلع داد ه ذا
الفصل لدراسة الطب ،ه ذه نم اذج من ماليين األه داف ال تي أمامن ا
بالفعل في العمل الملموس للتعليم ".وم ع وض ع ه ذه الم ؤهالت في
االعتب ار ،س ننتقل إلى ذك ر بعض الخص ائص الموج ودة في جمي ع
األهداف التعليمية الجيدة )1( .يجب أن يرتك ز اله دف التعليمي على
األنش طة واالحتياج ات الجوهري ة (بم ا في ذل ك الغرائ ز األص لية
والعادات المكتسبة) للفرد المراد تعليم ه .إن المي ل نح و ه دف مث ل
اإلعداد ،كما رأينا ،هو ح ذف الق وى الموج ودة ،وإيج اد اله دف في
بعض اإلنجازات أو المسؤولية البعيدة .على العموم ،التفاعل الك افي
للخبرات كلما زاد العمل الذي يميل إلى أن يصبح روتينًيا من ج انب
الطبق ة ال تي تعيش في وض ع غ ير م ؤات ،ومتقلًب ا ،بال ه دف،
ومتفّج ًر ا من جانب الطبقة التي تتمتع بمركز محظوظ مادًي ا .ع ّرف
أفالطون العبد بأنه الشخص ال ذي يقب ل من اآلخ ر األغ راض ال تي
تتحكم في سلوكه .ويتحق ق ه ذا الش رط ح تى في حال ة ع دم وج ود
عبودية بالمعنى القانوني .وهي موج ودة حيثم ا ينخ رط الرج ال في
نش اط مفي د اجتماعًي ا ،ولكنهم ال يفهم ون خدمت ه وليس ل ديهم أي
اهتمام شخصي بها .لقد قيل الكثير عن اإلدارة العلمي ة للعم ل .وهي
نظرة ض يقة تحص ر العلم ال ذي ي ؤمن كف اءة التش غيل في حرك ات
العضالت .إن الفرصة الرئيسية للعلم هي اكتشاف عالق ات اإلنس ان
بعمله -بما في ذلك عالقاته باآلخرين الذين يش اركون في ه – وال تي
سوف تحشد اهتمامه الذكي بما يفعله .تتطلب الكف اءة في اإلنت اج في
كثير من األحيان تقسيم العمل .ولكنه يتحول إلى روتين ميكانيكي م ا
لم يرى العمال العالقات التقنية والفكرية واالجتماعي ة ال تي تنط وي
عليها ما يفعلونه ،وينخرط ون في عملهم بس بب ال دافع ال ذي ت وفره
مثل هذه التصورات .إن الميل إلى اختزال أشياء مث ل كف اءة النش اط
واإلدارة العلمي ة إلى عوام ل خارجي ة تقني ة بحت ة ه و دلي ل على
التحفيز أحادي الجانب للفكر الممنوح ألولئك ال ذين يس يطرون على
الص ناعة -أولئ ك ال ذين ي وفرون أه دافها .بس بب افتق ارهم إلى
االجتماعية الشاملة والمتوازنة روتيني ة وس طحية حيث ال يوج د أي
اهتم ام .غالًب ا م ا يش تكي اآلب اء والمعلم ون بش كل ص حيح من أن
األطف ال "ال يري دون أن يس معوا أو يري دون أن يفهم وا" .أذه انهم
ليست حول الموضوع على وجه التحديد ألن ه ال يمس هم؛ وال ي دخل
في هم ومهم .وه ذه حال ة تحت اج إلى عالج ،ولكن العالج ليس في
استخدام األساليب ال تي تزي د من الالمب االة والنف ور .وح تى معاقب ة
الطفل على عدم االنتباه هي إحدى الط رق لمحاول ة جعل ه ي درك أن
األم ر ليس أم ًرا يث ير االهتم ام الت ام؛ إنه ا إح دى الط رق إلث ارة
"االهتمام" أو إحداث شعور باالرتباط .وعلى المدى الطويل ،تق اس
قيمته بما إذا كان يوفر مجرد إثارة جسدية للتص رف بالطريق ة ال تي
يرغب فيها الشخص البالغ أو ما إذا كان يق ود الطف ل إلى "التفك ير"
– أي إلى التفكير في أفعاله وتشريبها باألهداف. .
( )2إن ه ذا االهتم ام ض روري للمث ابرة التنفيذي ة ه و أك ثر
وض وحا .ال يق وم أص حاب العم ل ب اإلعالن عن العم ال ال ذين ال
يهتمون بما يفعلونه .إذا كان الم رء يس تعين بمح امي أو ط بيب ،فلن
يخطر بباله أبًد ا أن الشخص المتعاقد سيلتزم بعمله بض مير أك بر إذا
ك ان غ ير مناس ب ل ه لدرج ة أن ه يفع ل ذل ك من منطل ق الش عور
بااللتزام فقط .مقاييس الفائدة ،أو باألحرى ،هي عم ق قبض ة الغاي ة
المتوقعة على المرء ،مما يدفعه إلى العمل من أجل تحقيقها.
( )٢لقد تحدثنا كما لو كانت األه داف ممكن ة تش كلت بالكام ل
قبل محاولة تحقيقها هم .يجب اآلن أن يكون هذا االنطباع مؤهًال .ال
الهدف كما يظه ر ألول م رة ه و مج رد رس م تخطيطي م ؤقت .إن
السعي لتحقيق ذلك يختبر قيمته .لو أنه يكفي توجي ه النش اط بنج اح،
ال شيء مطل وب المزي د ،ألن وظيفته ا بأكمله ا هي الض بط عالم ة
مقدما؛ وفي بعض األحيان قد يكون مجرد تلميح كفى .ولكن عادة ما
تكون معقدة على األقل المواقف التي تعمل على تسليط الضوء عليها
الظ روف ال تي تم التغاض ي عنه ا .ه ذا ي دعو لمراجع ة اله دف
األصلي؛ ال بد من إض افتها إلى والط رح منه ا .إذن يجب أن يك ون
الهدف مرن؛ يجب أن تكون قادرة على التغيير لتلبية ظروف .نهاي ة
أنش ئت خارجي ا ل عملي ة العم ل دائم ا جام دة .ك ون يتم إدخاله ا أو
فرضها من الخارج ،فهي ليست كذلك من المفترض أن تكون هن اك
عالقة عمل مع الظروف الملموس ة للوض ع .م اذا يح دث في س ياق
العمل وال يؤكد ،ينفي ه ،وال يغ يره .مث ل ه ذه النهاي ة ال يمكن إال أن
تكون أصر على .الفشل الناتج عن افتق اره ويع زى التكي ف ببس اطة
إلى انحراف الظروف ،وليس إلى حقيقة أن النهاية غ ير معقول ة في
ظ ل ه ذه الظ روف .وعلى العكس من ذل ك ،تكمن قيم ة اله دف
المش روع المعني ة ،ولكن ح تى اآلن لم يتم إدراكه ا .وهك ذا تكش ف
النتيجة الالحقة معنى السابقة ،في حين أن التجربة ككل تؤس س مياًل
أو مياًل تجاه األشياء التي تمتل ك ه ذا المع نى .ك ل تجرب ة أو نش اط
متواصل هو تعليمي ،وك ل تعليم يكمن في الحص ول على مث ل ه ذه
التجارب.