You are on page 1of 22

‫هي أح زاب سياس ية ذات أه داف مختلف ة‪ ،‬ومجموع ات‬

‫اجتماعية‪ ،‬وزمر‪ ،‬وعصابات‪ ،‬وش ركات‪ ،‬وش راكات‪ ،‬ومجموع ات‬


‫مرتبطة ببعضها بشكل وثيق بروابط الدم‪ ،‬وما إلى ذل ك في تن وع ال‬
‫نهاي ة ل ه‪ .‬في العدي د من ال دول الحديث ة وفي بعض ال دول القديم ة‪،‬‬
‫يوج د تن وع كب ير في الس كان‪ ،‬من لغ ات وأدي ان وقواع د أخالقي ة‬
‫وتقاليد مختلفة‪ .‬ومن هذا المنظور‪ ،‬فإن العديد من الوحدات السياسية‬
‫الصغيرة‪ ،‬مثل إحدى مدننا الك برى‪ ،‬على س بيل المث ال‪ ،‬هي عب ارة‬
‫عن تجمع ات من مجتمع ات غ ير مرتبط ة بش كل وثي ق‪ ،‬وليس ت‬
‫مجتمًعا شامًال ومتغلغاًل للعمل والفكر‪( .‬انظر ما قبل‪ ،‬ص ‪).20‬‬

‫وبالتالي فإن مصطلحات المجتم ع‪ ،‬المجتم ع‪ ،‬غامض ة‪ .‬ل ديهم‬


‫حس مديح أو معياري‪ ،‬وحس وصفي؛ مع نى بحكم الق انون ومع نى‬
‫بحكم الواقع‪ .‬في الفلسفة االجتماعية‪ ،‬يكون الداللة الس ابقة دائًم ا هي‬
‫األعلى‪ُ .‬ينظ ر إلى المجتم ع على أن ه مجتم ع واح د بطبيعت ه‪ .‬ويتم‬
‫التأكيد على الصفات التي تصاحب هذه الوحدة‪ ،‬وهي مجتمع اله دف‬
‫والرفاهية الجدير بالثناء‪ ،‬والوالء لألهداف العامة‪ ،‬وتبادل التعاطف‪.‬‬
‫ولكن عندما ننظر إلى الحقائق التي ي دل عليه ا ه ذا المص طلح ب دال‬
‫من حصر اهتمامنا في دالالته الجوهرية‪ ،‬فإننا ال نجد وحدة‪ ،‬بل نجد‬
‫تعددي ة المجتمع ات‪ ،‬الجي دة والس يئة‪ .‬يتم تض مين الرج ال ال ذين‬
‫اجتمعوا مًعا في مؤامرة إجرامية‪ ،‬وتجمع ات األعم ال ال تي تف ترس‬
‫الجمه ور أثن اء خدمت ه‪ ،‬واآلالت السياس ية ال تي تجمعه ا مص لحة‬
‫النهب‪ .‬إذا ك انت المص الح ع امًال في الض بط االجتم اعي‪ .‬والث اني‬
‫يعني ليس فق ط التفاع ل األك ثر حري ة بين المجموع ات االجتماعي ة‬
‫(حالم ا تك ون معزول ة بق در م ا تس تطيع الني ة أن تحاف ظ على‬
‫االنفص ال) ولكن التغي ير في الع ادة االجتماعي ة – إع ادة التكي ف‬
‫المستمر من خالل مواجه ة المواق ف الجدي دة الناتج ة عن االتص ال‬
‫المتنوع‪ .‬وهاتان السمتان هم ا على وج ه التحدي د م ا يم يز المجتم ع‬
‫المشكل‬
‫على الجانب التعليمي‪ ،‬نالحظ أوًال أن تحقيق ش كل من أش كال‬
‫الحياة االجتماعية حيث تتداخل المصالح بشكل متبادل‪ ،‬وحيث يكون‬
‫التقدم أو إعادة التكي ف اعتب اًرا مهًم ا‪ ،‬يجع ل المجتم ع ال ديمقراطي‬
‫أكثر اهتماًم ا من المجتمعات األخرى‪ .‬التعليم المتعم د والمنهجي‪ .‬إن‬
‫تكريس الديمقراطية للتعليم هو حقيقة مألوفة‪ .‬التفس ير الس طحي ه و‬
‫أن الحكوم ة ال تي تعتم د على االق تراع الش عبي ال يمكن أن تك ون‬
‫ناجحة ما لم يكن أولئك الذين ينتخب ون ويطيع ون حك امهم متعلمين‪.‬‬
‫وبما أن المجتمع ال ديمقراطي ينك ر مب دأ الس لطة الخارجي ة‪ ،‬فيجب‬
‫عليه أن يجد بديًال في التصرف الطوعي والمصلحة؛ ال يمكن إنش اء‬
‫هذه إال عن طريق التعليم‪ .‬ولكن هناك تفسير أعمق‪ .‬إن الديمقراطي ة‬
‫هي أكثر من مجرد شكل من أشكال الحكم؛ إنه في المقام األول نم ط‬
‫من الحي اة المرتبط ة‪ ،‬من الخ برة المتص لة المش تركة‪ .‬الك ان اتب اع‬
‫الطبيع ة عقي دة سياس ية‪ .‬لق د ك ان يع ني التم رد ض د المؤسس ات‬
‫االجتماعية والعادات والمثل العليا القائمة (انظر م ا قب ل‪ ،‬ص ‪.)91‬‬
‫إن عبارة روسو بأن كل شيء جي د ألن ه ي أتي من ي دي الخ الق له ا‬
‫معناها فقط في تناقضها م ع الج زء الخت امي من نفس الجمل ة‪" :‬ك ل‬
‫ش يء يفس د في ي د اإلنس ان"‪ .‬ويق ول م رة أخ رى‪« :‬إن اإلنس ان‬
‫الطبيعي له قيمة مطلقة‪ ،‬فهو وح دة عددي ة‪ ،‬ع دد ص حيح كام ل‪ ،‬ال‬
‫عالقة له إال بنفسه وبأخيه اإلنسان‪ .‬اإلنسان المتحضر ليس إال وحدة‬
‫نسبية‪ ،‬بس ط كس ر قيمت ه "يعتم د على المس يطر‪ ،‬وعالقت ه بالجس م‬
‫المتكامل للمجتمع‪ .‬والمؤسسات السياسية الجيدة هي تلك ال تي تجع ل‬
‫الرج ل غ ير ط بيعي "‪ .‬وعلى ه ذا المفه وم للطبيع ة المص طنعة‬
‫والض ارة للحي اة االجتماعي ة المنظم ة كم ا هي موج ودة اآلن (‪)2‬‬
‫ارتكز على فكرة أن الطبيعة ال ت وفر فق ط الق وى األولي ة ال تي تب دأ‬
‫النمو‪ ،‬ب ل أيًض ا خطت ه وهدف ه‪ .‬إن حقيق ة أن المؤسس ات والع ادات‬
‫الش ريرة تعم ل بش كل تلق ائي تقريًب ا إلعط اء تعليم خ اطئ ال يمكن‬
‫للتعليم األكثر حرًص ا أن يعوضه ه و أم ر ص حيح بم ا في ه الكفاي ة؛‬
‫لكن االستنتاج ال يتعلق ب التعليم بمع زل عن البيئ ة‪ ،‬ب ل بتوف ير بيئ ة‬
‫يمكن فيها استخدام القوى المحلية بشكل أفضل‪.‬‬
‫‪ .2‬الكفاءة االجتماعية كهدف‪ .‬إن المفهوم ال ذي جع ل الطبيع ة‬
‫تقدم نهاي ة التعليم الحقيقي والمجتم ع نهاي ة التعليم الش رير‪ ،‬ال يمكن‬
‫تحقيقه ا لف رص الفكري ة متاح ة للجمي ع بش روط عادل ة وس هلة‪ .‬إن‬
‫المجتمع المنقسم إلى طبقات يحتاج إلى االهتم ام بش كل خ اص فق ط‬
‫بتعليم العناصر الحاكمة في ه‪ .‬إن المجتم ع المتنق ل‪ ،‬المليء ب القنوات‬
‫لتوزيع التغيير الذي يحدث في أي مك ان‪ ،‬يجب أن يتأك د من تثقي ف‬
‫أعضائه على المبادرة الشخصية والقدرة على التكيف‪ .‬وإال‪ ،‬فس وف‬
‫تطغى عليهم التغييرات التي وقعوا فيها والتي ال يدركون أهميته ا أو‬
‫ارتباطاتها‪ .‬س تكون النتيج ة ارتباًك ا حيث سينس ب البعض ألنفس هم‬
‫نتائج األنشطة العمياء والموجهة خارجًيا لآلخرين‪.‬‬

‫‪ .3‬الفلس فة التربوي ة األفالطوني ة‪ .‬وس يتم تخص يص الفص ول‬


‫الالحق ة لتوض يح مض امين األفك ار الديمقراطي ة في التعليم‪ .‬وفي‬
‫األجزاء المتبقية من هذا الفصل‪ ،‬سننظر في النظريات التعليمية التي‬
‫تط ورت في ثالث عص ور عن دما ك ان األهمي ة االجتماعي ة للتعليم‬
‫واض حة بش كل خ اص‪ .‬أول م ا يجب أخ ذه بعين االعتب ار ه و‬
‫أفالط ون‪ .‬ال يمكن ألح د أن يع بر بش كل أفض ل من ه عن حقيق ة أن‬
‫المجتمع منظم بشكل مستقر عندما يفعل كل فرد ما لديه الق درة على‬
‫القيام به بطبيعته بطريقة تجعله مفي ًد ا لآلخ رين (أو يس اهم في الك ل‬
‫ال ذي ينتمي إلي ه)‪ ;) .‬وأن مهم ة التعليم هي اكتش اف ه ذه الق درات‬
‫وتدريبها تدريجًيا لالستخدام االجتماعي استيعاب العروض الجدي دة‪،‬‬
‫شخصيتها هي ك ل ش يء مهم‪ .‬ت أثير الع روض الجدي دة ه و تعزي ز‬
‫التجمعات التي تم تشكيلها سابقا‪ .‬إن عمل المربي ه و‪ ،‬أوًال‪ ،‬اختي ار‬
‫المادة المناسبة من أجل تثبيت طبيع ة ردود الفع ل األص لية‪ ،‬وثاني ًا‪،‬‬
‫ت رتيب تسلس ل الع روض الالحق ة على أس اس مخ زن األفك ار‬
‫المضمون بمعامالت سابقة‪ .‬السيطرة تأتي من الخلف‪ ،‬من الماضي‪،‬‬
‫بداًل من الهدف النهائي‪ ،‬كما في المفهوم المتكشف‪.‬‬

‫(‪ )3‬يمكن وضع خطوات رسمية معينة لجميع طرق التدريس‪.‬‬


‫من الواضح أن تقديم موضوع جديد هو الشيء المركزي‪ ،‬ولكن بم ا‬
‫أن المعرفة تتكون من الطريقة التي يتفاعل به ا ه ذا م ع المحتوي ات‬
‫المغمورة بالفعل تحت الوعي‪ ،‬فإن أول شيء هو خطوة "اإلع داد"‪،‬‬
‫أي الدعوة إلى نشاط خاص والحصول على فوق أرضية الوعي تلك‬
‫العروض القديمة التي تهدف إلى اس تيعاب الع رض الجدي د‪ .‬ثم بع د‬
‫العرض‪ ،‬اتبع عمليات التفاع ل بين الجدي د والق ديم؛ ثم ي أتي تط بيق‬
‫المحتوى المشكل حديًثا ألداء بعض المهام‪ .‬ك ل ش يء يجب أن يم ر‬
‫بهذه الدورة؛ وبالت الي هن اك طريق ة موح دة تماًم ا في الت دريس في‬
‫جميع المواد لجميع التالميذ من جميع األعمار‪.‬‬

‫تكمن خدمة هير بارت العظيمة في إخراج عم ل الت دريس من‬


‫منطقة الروتين والح وادث يتحكم‪ .‬الق ول ب أن الم رء يع رف م ا ه و‬
‫عليه‪ ،‬أو يمكن أن يقصد عواقب معين ة‪ ،‬على س بيل المث ال ب الطبع‪،‬‬
‫يمكنه توقع ما يح دث بش كل أفض ل يح دث؛ أن ه يس تطيع‪ ،‬بالت الي‪،‬‬
‫االستعداد أو االستعداد مقدما وذلك لتأمين مفي د الع واقب وتجنب م ا‬
‫هو غير مرغوب فيه‪ .‬أ تجربة تعليمية حقيقية‪ ،‬إذن‪ ،‬واحدة في ال ذي‬
‫يتم نقل التعليمات والقدرة زي ادة‪ ،‬ويختل ف عن ال روتين النش اط من‬
‫جهة‪ ،‬والنشاط المتقلب من جهة األخرى‪( .‬أ) في األخ ير "ال يهم ني‬
‫م اذا يح دث"؛ يس مح الم رء لنفس ه بال ذهاب ويتجنب رب ط ع واقب‬
‫الفعل ( دليل على ارتباطه بأش ياء أخ رى) م ع الفع ل‪ .‬ومن المعت اد‬
‫االستهزاء بمثل هذا نشاط عشوائي بال هدف‪ ،‬والتعامل معه على أنه‬
‫متعم د األذى أو اإلهم ال أو الخ روج على الق انون‪ .‬لكن هن اك ه و‬
‫المي ل للبحث عن س بب مث ل ه ذا بال ه دف األنش طة في تص رف‬
‫الشباب‪ ،‬معزولة من كل شيء آخر‪ .‬ولكن في الواقع مثل هذا النشاط‬
‫ه و متفج رة‪ ،‬وبس بب س وء التكي ف المن اطق المحيط ة‪ .‬األف راد‬
‫يتصرفون بش كل متقلب عن دما يتص رفون تحت إمالء خ ارجي‪ ،‬أو‬
‫من أن يق ال‪ ،‬دون أن يك ون هن اك غ رض منهم الخاص ة أو إدراك‬
‫ت أثير الفع ل علي ه أعم ال أخ رى‪ .‬يمكن للم رء أن يتعلم عن طري ق‬
‫القيام بشيء ما الذي ال يفهم ه؛ ح تى في األك ثر العم ل ال ذكي‪ ،‬نحن‬
‫نفعل الكثير مما ال نفعله يعني ألن الجزء األكبر من اتصاالت الفع ل‬
‫الذي نعتزم ه ب وعي هي لم يتم إدراكه ا أو توقعه ا‪ .‬لكنن ا نتعلم فق ط‬
‫اآلن بالنسبة لالنضباط‪ .‬عندما يس تغرق النش اط وقت ا‪ ،‬وحيث توج د‬
‫وسائل وعوائق كثيرة بين البدء واالنتهاء‪ ،‬فإن األمر يتطلب المداولة‬
‫والمث ابرة‪ .‬من الواض ح أن ج زًء ا كب يًرا ج ًد ا من المع نى الي ومي‬
‫لإلرادة ه و على وج ه التحدي د التص رف المتعم د أو ال واعي‬
‫لالس تمرار والتحم ل في مس ار العم ل المخط ط ل ه على ال رغم من‬
‫الصعوبات واإلغراءات المعاكسة‪ .‬إن الرجل ذو اإلرادة القوي ة‪ ،‬في‬
‫االستخدام الشائع لهذه الكلمات‪ ،‬ه و رج ل ليس متقلًب ا وال ف اتًرا في‬
‫تحقي ق األه داف المخت ارة‪ .‬قدرت ه تنفيذي ة‪ .‬أي أن ه يس عى بإص رار‬
‫ونشاط إلى تنفيذ أهداف ه أو تحقيقه ا‪ .‬اإلرادة الض عيفة غ ير مس تقرة‬
‫كالماء‪.‬‬

‫من الواض ح أن هن اك ع املين في اإلرادة‪ .‬أح دهما يتعل ق‬


‫ببصيرة النتائج‪ ،‬واآلخ ر يتعل ق بعم ق ت أثير النتيج ة المتوقع ة على‬
‫الشخص‪.‬‬
‫(ط) العناد هو اإلصرار وليس من قوة اإلرادة‪ .‬قد يكون العناد‬
‫مجرد جمود حيواني وانعدام حساسية‪ .‬يستمر اإلنسان في فعل ش يء‬
‫ما لمج رد أن ه ب دأه‪ ،‬وليس بس بب أي ه دف م دروس بوض وح‪ .‬في‬
‫الواقع‪ ،‬يرفض الرجل العنيد عموًم ا (على الرغم من أنه قد ال يك ون‬
‫مدرًك ا تماًم ا لرفضه) أن يوضح لنفسه ما هي نهايته المقترح ة؛ لدي ه‬
‫شعور بأنه إذا سمح لنفسه بالحصول على فكرة واضحة وكامل ة عن‬
‫األمر‪ ،‬فقد ال يكون األمر يستحق ال وقت‪ .‬العن اد يظه ر نفس ه بش كل‬
‫أك بر فق ط تخلص من القي ود القس رية المص طنعة ال تي يفرض ها‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫كان ُيعتقد أن التعليم المتوافق مع الطبيع ة ه و الخط وة األولى‬


‫في تأمين هذا المجتم ع األك ثر اجتماعي ة‪ .‬لق د ك ان من الواض ح أن‬
‫القي ود االقتص ادية والسياس ية ك انت تعتم د في نهاي ة المط اف على‬
‫قيود الفكر والشعور‪ .‬ك انت الخط وة األولى في تحري ر اإلنس ان من‬
‫القيود الخارجية هي تحري ره من القي ود الداخلي ة للمعتق دات والمث ل‬
‫الزائفة‪ .‬إن ما كان ُيسمى بالحياة االجتماعية‪ ،‬أي المؤسسات القائمة‪،‬‬
‫كان كاذًبا وفاسًد ا جًد ا بحيث ال يمكن تكليفه بهذا العمل‪ .‬فكي ف يمكن‬
‫أن ُيتوقع منه أن يق وم به ا عن دما يك ون التعه د يع ني ت دمير نفس ه؟‬
‫يجب إذن أن تكون "الطبيعة" هي القوة التي س ُيترك له ا المش روع‪.‬‬
‫وحتى النظرية المثيرة المتطرفة للمعرفة التي كانت س ائدة اس تمدت‬
‫نفسها من هذا المفهوم‪ .‬إن اإلصرار على أن العقل في األصل س لبي‬
‫وفارغ كان إحدى طرق تمجيد إمكانيات التعليم‪ .‬فإذا كان العقل لوحًا‬
‫ش معيًا ُتكتب علي ه األش ياء‪ ،‬فال ح دود إلمكاني ة التعليم عن طري ق‬
‫البيئ ة الطبيعي ة‪ .‬وبم ا أن الع الم الط بيعي لألش ياء ه و مش هد من‬
‫"الحقيقة" المتناغمة‪ ،‬فإن هذا التعليم من شأنه أن ينتج بال شك عقواًل‬
‫مملوءة بالحقيقة‪.‬‬
‫‪ .5‬التعليم كوط ني واجتم اعي‪ .‬وبمج رد أن تض اءل الحم اس‬
‫األول للحرية‪ ،‬ظهر ضعف النظرية من الناحية البناءة‪ .‬مج رد ت رك‬
‫ك ل ش يء لعلى أس اس أن الحي اة والغري زة هم ا ن وع من األش ياء‬
‫المعج زة على أي ح ال‪ .‬وبالت الي‪ ،‬فإنن ا نفش ل في مالحظ ة م ا هي‬
‫السمة األساس ية للح دث؛ وهي أهمي ة المك ان الزم ني وت رتيب ك ل‬
‫عنصر؛ الطريقة التي يؤدي بها ك ل ح دث س ابق إلى خليفت ه‪ ،‬بينم ا‬
‫يأخذ الخلف ما هو مؤثث ويستخدمه في مرحلة أخرى‪ ،‬ح تى نص ل‬
‫إلى النهاي ة‪ ،‬وال تي‪ ،‬كم ا ك انت‪ ،‬تلخص العملي ة وتنهيه ا‪ .‬وبم ا أن‬
‫األهداف ترتبط دائًم ا بالنتائج‪ ،‬فإن أول شيء يجب النظر إليه عن دما‬
‫يتعل ق األم ر باأله داف‪ ،‬ه و م ا إذا ك ان العم ل المعين يمتل ك‬
‫استمرارية جوهرية‪ .‬أم أنها مج رد مجموع ة متسلس لة من األفع ال‪،‬‬
‫تقوم في البداية بشيء واح د ثم بش يء آخ ر؟ إن الح ديث عن ه دف‬
‫تعليمي عندما يتم إمالء كل فعل للتلميذ تقريًبا من قبل المعلم‪ ،‬عن دما‬
‫يكون األمر الوحيد في تسلسل أفعاله هو ذل ك ال ذي ي أتي من تع يين‬
‫الدروس وإعطاء التوجيهات من قبل شخص آخر‪ ،‬هو كالم ه راء‪. .‬‬
‫إنه أمر قاتل بنفس القدر لهدف السماح بعم ل متقلب أو متقط ع باس م‬
‫التعبير التلقائي عن الذات‪ .‬يتض من اله دف نش اًطا منظًم ا ومنظًم ا‪،‬‬
‫وهو نشاط يتكون فيه الترتيب من اإلكمال التدريجي للعملية‪ .‬ب النظر‬
‫إلى النشاط ال ذي ل ه ف ترة زمني ة ونم و ت راكمي خالل ف ترة زمني ة‬
‫متتالية‪ ،‬فإن الهدف يع ني التبص ر قب ل النهاي ة أو اإلنه اء المحتم ل‪.‬‬
‫فإذا توقع النحل نتائج نشاطه‪ ،‬وإذا أدرك نهايته في استبصار خيالي‪،‬‬
‫فسيكون لديه العنصر األساسي في الهدف‪ .‬ومن ثم فهو هراء التبعية‬
‫"التأديبية" الشاملة للمؤسسات القائم ة‪ .‬إن م دى التح ول في الفلس فة‬
‫التربوية الذي حدث في ألماني ا في الجي ل ال ذي احتل ه النض ال ض د‬
‫ن ابليون من أج ل االس تقالل الوط ني‪ ،‬يمكن استخالص ه من كان ط‪،‬‬
‫الذي يعبر بشكل جيد عن المثل األعلى الفردي العالمي السابق‪ .‬وفي‬
‫أطروحت ه عن علم أص ول الت دريس‪ ،‬ال تي تتك ون من محاض رات‬
‫ألقيت في الس نوات األخ يرة من الق رن الث امن عش ر‪ ،‬ع ّر ف التعليم‬
‫بأنه العملي ة ال تي يص بح اإلنس ان من خالله ا إنس اًنا‪ .‬تب دأ البش رية‬
‫تاريخها مغمورة في الطبيعة‪ ،‬ال كإنسان مخلوق عاقل‪ ،‬بينما الطبيعة‬
‫ال تزودنا إال بالغريزة والشهية‪ .‬تقدم الطبيعة ببس اطة الج راثيم ال تي‬
‫يجب على التعليم تطويرها وتحس ينها‪ .‬خصوص ية الحي اة اإلنس انية‬
‫الحقيقية هي أن اإلنسان يجب أن يخلق نفسه بجهوده الطوعية؛ علي ه‬
‫أن يجعل من نفسه كائًنا أخالقًيا وعقالنًي ا وح ًرا حًق ا‪ .‬يتم تنفي ذ ه ذا‬
‫الجهد اإلبداعي من خالل األنشطة التعليمية لألجيال البطيئة‪ .‬ويعتمد‬
‫تسارعها على سعي الرجال بوعي إلى تثقيف خلفائهم ليس من أج ل‬
‫الوضع الحالي ولكن من أج ل جع ل مس تقبل البش رية أفض ل‪ .‬ولكن‬
‫هناك صعوبة كبيرة‪ .‬يميل ك ل جي ل إلى تعليم ص غاره ح تى يتس نى‬
‫لهم االنسجام في العالم الحالي بدًال من أن يهدفوا إلى تحقي ق النهاي ة‬
‫الص حيحة للتعليم‪ :‬تعزي ز أفض ل تحقي ق ممكن لإلنس انية كإنس انية‪.‬‬
‫يقوم اآلباء بتعليم أطف الهم ح تى يتمكن وا من التق دم؛ األم راء تثقي ف‬
‫اإلحج ام عن انتق اد الغاي ات ال تي تط رح نفس ها أك ثر من المث ابرة‬
‫والطاقة في استخدام الوسائل لتحقيق الغاية‪ .‬الرجل التنفي ذي الحقيقي‬
‫ه و الرج ل ال ذي يتأم ل أهداف ه‪ ،‬ويجع ل أفك اره عن نت ائج أفعال ه‬
‫واضحة وكاملة قدر اإلمكان‪ .‬إن األش خاص ال ذين نس ميهم ض عفاء‬
‫اإلرادة أو المنغمسين في أنفسهم يخدعون أنفس هم دائًم ا فيم ا يتعل ق‬
‫بع واقب أفع الهم‪ .‬إنهم يخت ارون بعض الم يزات المقبول ة ويهمل ون‬
‫جميع الظروف المصاحبة‪ .‬عندما يبدأون في التصرف‪ ،‬تب دأ النت ائج‬
‫غير السارة التي تجاهلوه ا في الظه ور‪ .‬إنهم محبط ون‪ ،‬أو يش كون‬
‫من أن المص ير الص عب ق د أحبطهم في تحقي ق ه دفهم الجي د‪،‬‬
‫ويتحولون إلى مسار عمل آخر‪ .‬ال يمكن المبالغة في التأكي د على أن‬
‫الف رق األساس ي بين اإلرادة القوي ة واإلرادة الض عيفة ه و ف رق‬
‫فك ري‪ ،‬يتك ون من درج ة الح زم المس تمر واالكتم ال ال ذي يتم من‬
‫خالله التفكير في العواقب‪.‬‬
‫(‪ )2‬هناك‪ ،‬بالطبع‪ ،‬ما يس مى ب التتبع الت أملي للنت ائج‪ .‬ومن ثم‬
‫يتم توقع النهايات‪ ،‬لكنها ال تسيطر على الشخص بعم ق‪ .‬إنه ا ش يء‬
‫يجب النظر إليه والفضول للعب به وليس شيًئا يجب تحقيقه‪ .‬ال يوجد‬
‫ش يء اس مه عقلي ة زائ دة‪ ،‬ولكن هن اك ش يء اس مه عقلي ة أحادي ة‬
‫الج انب‪" .‬يخرجه ا" الش خص كم ا نق ول عن د النظ ر في ع واقب‬
‫خطوط العمل المقترحة‪ .‬هناك ترهل معين في األلياف يمن ع الش يء‬
‫المتأمل من اإلمس اك ب ه وإش راكه في العم ل‪ .‬وأك ثر حال ة الجم اع‬
‫البشري‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬يتجاوز العلم والتج ارة والفن الح دود الوطني ة‪.‬‬
‫فهي دولي ة إلى ح د كب ير من حيث الج ودة والطريق ة‪ .‬أنه ا تنط وي‬
‫على الترابط والتع اون بين الش عوب ال تي تعيش في بل دان مختلف ة‪.‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬لم يتم إبراز فكرة السيادة الوطنية في السياسة كما‬
‫هي في الوقت الحاضر‪ .‬تعيش كل دولة في حالة من العداء المكبوت‬
‫والحرب األولية مع جيرانها‪ .‬من المف ترض أن يك ون ك ل ف رد ه و‬
‫الحكم األعلى على مصالحه الخاصة‪ ،‬ومن المفترض بطبيعة الح ال‬
‫أن لكل فرد مص الحه الخاص ة حص رًيا‪ .‬إن التش كيك في ه ذا يع ني‬
‫التش كيك في فك رة الس يادة الوطني ة ال تي يف ترض أنه ا أساس ية‬
‫للممارسة السياسية والعلوم السياسية‪ .‬إن هذا التناقض (ليس أق ل من‬
‫ذلك) بين المجال األوسع للحياة االجتماعية المترابطة والمفيدة بشكل‬
‫متبادل والمجال األضيق للمساعي واألغراض الحص رية‪ ،‬وبالت الي‬
‫التي يحتمل أن تكون معادية‪ ،‬يفرض على النظرية التربوية تص وًرا‬
‫أوضح لمعنى "االجتماعي" باعتباره منهًج ا‪ .‬وظيف ة واختب ار التعليم‬
‫مما تم تحقيقه حتى اآلن‪ .‬هل من الممكن أن تدير دولة وطنية نظاًم ا‬
‫تعليمًيا دون أن تكون األهداف االجتماعية الكامل ة للعملي ة التعليمي ة‬
‫مقيدة ومقي دة ومفس دة؟ داخلي ًا‪ ،‬يجب أن يواج ه الس ؤال االتجاه ات‬
‫التي أدت‪ ،‬بسبب الظروف االقتصادية الراهن ة‪ ،‬إلى تقس يم المجتم ع‬
‫إلى طبقات أصبح بعض ها مج رد أدوات للطبق ة العلي ا‪ .‬بش كل غ ير‬
‫مب ال ومتن وع لجمي ع التفاص يل‪ .‬إن ه يرك ز على ك ل م ا ل ه عالق ة‬
‫بالسعي الفعال لمهنتك‪ .‬إن نظرتك إلى األم ام‪ ،‬وأنت مهتم بمالحظ ة‬
‫الحق ائق الموج ودة ألنه ا وبق در م ا هي عوام ل في تحقي ق النتيج ة‬
‫المرجوة‪ .‬عليك أن تعرف ما هي مواردك‪ ،‬وم ا هي الظ روف ال تي‬
‫تحت س يطرتك‪ ،‬وم ا هي الص عوبات والعقب ات‪ .‬وه ذا االستبص ار‬
‫وهذا االستطالع فيما يتعل ق بم ا ه و متوق ع يش كالن العق ل‪ .‬فالفع ل‬
‫الذي ال يتضمن مثل هذا التنبؤ بالنتائج‪ ،‬ومث ل ه ذا الفحص للوس ائل‬
‫والعوائق‪ ،‬إما أن يكون عادة أو يكون أعمى‪ .‬وفي كلتا الحالتين فه و‬
‫ليس ذكيا‪ .‬أن تكون غامًض ا وغير متأكد من المقص ود واإلهم ال في‬
‫مراقبة شروط تحقيقه هو‪ ،‬إلى هذه الدرجة‪ ،‬غبي أو ذكي جزئًيا‪.‬‬

‫وإذا رجعنا إلى الحالة التي ال يكون فيها العقل معنًيا ب التالعب‬
‫الجسدي باآلالت‪ ،‬بل بما ننوي كتابت ه‪ ،‬ف إن األم ر ه و نفس ه‪ .‬هن اك‬
‫نشاط قيد التنفيذ‪ :‬يتم االهتمام بتطوير موضوع ما‪ .‬ما لم يكتب المرء‬
‫كم ا يتح دث الفون وغراف‪ ،‬فه ذا يع ني ال ذكاء؛ وهي اليقظ ة في‬
‫استش راف االس تنتاجات المختلف ة ال تي تتج ه إليه ا البيان ات‬
‫واالعتب ارات الحالي ة‪ ،‬م ع تجدي د المالحظ ة والت ذكر باس تمرار‬
‫للتع رف على الموض وع ال ذي يتعل ق باالس تنتاجات ال تي س يتم‬
‫التوص ل إليه ا‪ .‬لق د تنب أ وص ف التعليم ال وارد في فص ولنا الس ابقة‬
‫تقريًبا بالنتائج التي تم التوصل إليه ا في مناقش ة مض مون التعليم في‬
‫مجتمع ديمقراطي‪ .‬ألنه يفترض أن ه دف التعليم ه و تمكين األف راد‬
‫من مواص لة تعليمهم – أو أن ه دف التعلم ومكافأت ه ه و الق درة‬
‫المستمرة على النمو‪ .‬اآلن‪ ،‬ال يمكن تط بيق ه ذه الفك رة على جمي ع‬
‫أعضاء المجتم ع إال عن دما يك ون االتص ال بين اإلنس ان واإلنس ان‬
‫متبادًال‪ ،‬وباستثناء حيث يكون هناك توفير كاٍف إلعادة بناء الع ادات‬
‫والمؤسسات االجتماعية عن طريق التحفيز الواس ع النط اق الناش ئ‬
‫عن المصالح الموزعة بشكل عادل‪ .‬وهذا يع ني مجتم ع ديمق راطي‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فإننا في بحثن ا عن أه داف في التربي ة ال يعنين ا إيج اد نهاي ة‬
‫خارج العملية التربوية التي يخضع لها التعليم‪ .‬مفهومنا كل ه يحظ ر‪.‬‬
‫نحن مهتمون باألحرى بالتناقض الموجود عندما تنتمي األهداف إلى‬
‫العملية التي تعمل فيه ا وعن دما يتم وض عها من الخ ارج‪ .‬ويجب أن‬
‫يح دث ه ذا الوض ع األخ ير عن دما ال تك ون العالق ات االجتماعي ة‬
‫متوازن ة بش كل ع ادل‪ .‬ألن ه في ه ذه الحال ة‪ ،‬س تجد بعض أج زاء‬
‫المجموعة االجتماعي ة بأكمله ا أه دافها مح ددة ب إمالء خ ارجي؛ لن‬
‫تنشأ أه دافهم من النم و الح ر لخ برتهم الخاص ة‪ ،‬وس تكون أه دافهم‬
‫االسمية وسيلة لتحقيق غايات أكثر خفي ة لآلخ رين وليس ت أه دافهم‬
‫الحقيقية‪ .‬م زيج من االث نين‪ .‬ومن ثم ُينظ ر إلى الموض وع على أن ه‬
‫شيء كامل في حد ذاته‪ ،‬فهو مجرد شيء يجب تعلمه أو معرفته‪ ،‬إما‬
‫عن طري ق تط بيق العق ل الط وعي علي ه أو من خالل االنطباع ات‬
‫التي يتركها في العقل‪.‬‬

‫تظه ر الحق ائق المث يرة لالهتم ام أن ه ذه المف اهيم أس طورية‪.‬‬


‫ويظهر العقل في التجرب ة كق درة على االس تجابة للمث يرات الحالي ة‬
‫على أساس توق ع الع واقب المس تقبلية المحتمل ة‪ ،‬وبه دف التحكم في‬
‫ن وع الع واقب ال تي س تحدث‪ .‬تتك ون األش ياء‪ ،‬أي الموض وع‬
‫المع روف‪ ،‬من ك ل م ا ُيع رف بأن ه ل ه ت أثير على المس ار المتوق ع‬
‫لألحداث‪ ،‬سواء أكان يساعده أم يؤخره‪ .‬هذه العبارات رسمية للغاي ة‬
‫بحيث ال تكون مفهومة للغاية‪ .‬قد يوضح الرسم التوضيحي أهميته ا‪.‬‬
‫أنت منخرط في مهنة معينة‪ ،‬مثل الكتابة باس تخدام اآلل ة الكاتب ة‪ .‬إذا‬
‫كنت خبيًر ا‪ ،‬فإن عاداتك المتكون ة تهتم بالحرك ات الجس دية وت ترك‬
‫ألفكارك حرية التفكير في موضوعك‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لنفترض أنك لست‬
‫ماهًر ا‪ ،‬أو أنك‪ ،‬حتى لو كنت كذلك‪ ،‬فإن اآللة ال تعمل بشكل جيد‪ .‬ثم‬
‫عليك استخدام ال ذكاء‪ .‬أنت ال ت رغب في ض رب المف اتيح عش وائًيا‬
‫وترك العواقب كم ا هي؛ ت رغب في تس جيل كلم ات معين ة ب ترتيب‬
‫معين حتى يكون لها معنى‪ .‬أنت تهتم بالمفاتيح‪ ،‬بما كتبته‪ ،‬بحركاتك‪،‬‬
‫بالشريط أو آلي ة اآلل ة‪ .‬ال يتم توزي ع انتباه ك ألن ه بع د تنفي ذ الفع ل‬
‫نالحظ نتائج لم نالحظها من قبل‪ .‬لكن الكثير من العمل في المدرس ة‬
‫يتمث ل في وض ع قواع د يجب على التالمي ذ بموجبه ا أن يتص رفوا‬
‫بطريق ة تجعلهم‪ ،‬ح تى بع د أن يتص رفوا‪ ،‬غ ير ق ادرين على رؤي ة‬
‫العالقة بين النتيجة – قل اإلجابة – والطريق ة المتبع ة‪ .‬بالنس بة لهم‪،‬‬
‫األمر برمته هو خدعة ونوع من المعجزة‪ .‬مثل هذا التصرف هو في‬
‫األس اس متقلب‪ ،‬وي ؤدي إلى ع ادات متقلب ة‪( .‬ب) ق د ي ؤدي العم ل‬
‫الروتيني‪ ،‬وهو اإلجراء التلقائي‪ ،‬إلى زيادة المهارة في القي ام بش يء‬
‫معين‪ .‬حتى اآلن‪ ،‬يمكن القول أن له ا ت أثيًرا تعليمًي ا‪ .‬لكن ه ال ي ؤدي‬
‫إلى تصورات جديدة للمحامل والوصالت؛ إنه يح د من أف ق المع نى‬
‫بدًال من توسيعه‪ .‬وبما أن البيئة تتغير ويجب تع ديل طريق ة تص رفنا‬
‫من أجل الحفاظ على اتصال متوازن مع األشياء بنجاح‪ ،‬فإن طريق ة‬
‫التص رف الموح دة المعزول ة تص بح كارثي ة في لحظ ة حرج ة‪ .‬إن‬
‫"المهارة" المتبجح بها تبين عدم كفاءة فادحة‪.‬‬

‫إن التن اقض األساس ي بين فك رة التعليم باعتب اره إع ادة بن اء‬
‫مستمرة مع المفاهيم األخرى أحادية الجانب التي تم انتقادها في ه ذا‬
‫الفصل والفصل الس ابق ه و أنه ا تح دد النهاي ة (النتيج ة) والعملي ة‪.‬‬
‫وه ذا يتن اقض م ع نفس ه لفظًي ا‪ ،‬لكن لفظًي ا فق ط‪ .‬يع ني أن التجرب ة‬
‫كعملية نشطة تشغل وقتا وأن فترتها الالحق ة تكم ل جزئه ا الس ابق؛‬
‫فإنه يسلط الضوء على االتصاالت لكن الفكرة التي تكمن وراء ذل ك‬
‫هي أن التعليم ه و في األس اس ب أثر رجعي؛ أن ه ينظ ر في المق ام‬
‫األول إلى الماض ي‪ ،‬وخاص ة إلى المنتج ات األدبي ة للماض ي‪ ،‬وأن‬
‫هذا العقل يتشكل بشكل مناسب بالدرجة التي ينسجم به ا م ع ال تراث‬
‫الروحي للماضي‪ .‬لقد كان لهذه الفكرة تأثير هائل على التعليم العالي‬
‫بشكل خاص‪ ،‬مما يجعلها تستحق الدراسة في صياغتها المتطرفة‪.‬‬
‫في المقام األول‪ ،‬أساسها البيولوجي مغالطة‪ .‬إن النمو الجني ني‬
‫للرضيع البشري يحاف ظ بال ش ك على بعض س مات األش كال ال دنيا‬
‫من الحي اة‪ .‬لكن ه ذا ليس ب أي ح ال من األح وال عب وًرا ص ارًم ا‬
‫للمراحل الماضية‪ .‬إذا كان هناك أي "ق انون" ص ارم للتك رار‪ ،‬فمن‬
‫الواض ح أن التط ور التط وري لن يح دث‪ .‬وك ل جي ل جدي د ك ان‬
‫س يكرر ببس اطة وج ود أس الفه‪ .‬باختص ار‪ ،‬لق د ح دث التط ور من‬
‫خالل إدخال االختص ارات والتع ديالت في المخط ط الس ابق للنم و‪.‬‬
‫وهذا يشير إلى أن الهدف من التعليم ه و تس هيل ه ذا النم و القص ير‬
‫الدائرة‪ .‬إن الميزة الكبرى لعدم النضج‪ ،‬من الناحية التربوية‪ ،‬هي أنه‬
‫يمكننا من تحرير الشباب من الحاجة إلى العيش في ماٍض عفا علي ه‬
‫ال زمن‪ .‬إن مهم ة التعليم هي ب األحرى تحري ر الش باب من إحي اء‬
‫الماض ي وعكس ه ب دًال من قي ادتهم إلى تلخيص ه‪ .‬تتك ون البيئ ة‬
‫االجتماعي ة للش باب من خالل وج ود وعم ل ع ادات التفك ير هن اك‬
‫استعداد ألخذ االعتبارات التي‬

‫عزيزة على قلوب الكبار ونصبها لهم تنتهي بغض النظ ر عن‬
‫ق درات تل ك متعلم‪ .‬هن اك أيًض ا مي ل للط رح األه داف ال تي تك ون‬
‫موحدة لدرجة إهمال صالحيات ومتطلبات محددة للفرد ‪،‬متناسين أن‬
‫كل التعلم هو شيء يحدث للفرد في وقت ومكان معين‪ .‬لنطاق األكبر‬
‫إلدراك الش خص الب الغ وقيم ة كب يرة في مراقب ة الق درات ونق اط‬
‫الضعف لدى الش باب‪ ،‬في تحدي د م ا يفعلون ه ق د تص ل إلى‪ .‬وهك ذا‬
‫القدرات الفنية لل ُيظهر البالغ ما مي ول معين ة ل دى الطف ل ق ادرون‬
‫على ذلك‪ ،‬إذا لم يكن لدينا الكبار اإلنجازات ينبغي لنا أن نك ون دون‬
‫ض مان كم ا ألهمي ة الرس م والتك اثر‪ .‬النمذج ة والتل وين أنش طة‬
‫الطفولة‪ .‬فإذا كان األم ر ك ذلك لم تكن للغ ة الكب ار‪ ،‬ال ينبغي لن ا أن‬
‫نكون قادر على رؤية أهمية نبضات الثرثرة الطفول ة‪ .‬لكن اس تخدام‬
‫الكبار شيء واحد اإلنجازات كسياق لوضعه ومسح أعم ال الطفول ة‬
‫والشباب‪ .‬هو – هي يع د إع دادها كه دف ث ابت أم ًرا مختلًف ا تماًم ا‬
‫دون النظر إلى األنشطة الملموسة لهؤالء متعلم‪ )2( .‬يجب أن يك ون‬
‫اله دف ق ابًال للترجم ة إلى طريق ة للتع اون م ع أنش طة الخاض عين‬
‫للتعليم‪ .‬ويجب أن يقترح نوع البيئة الالزمة لتحرير وتنظيم قدراتهم‪.‬‬
‫ما لم يفسح المجال ل ومن الجيد أن ن ذكر أنفس نا ب أن التعليم في ح د‬
‫ذاته ليس له أه داف‪ .‬فق ط األش خاص واآلب اء والمعلم ون‪ ،‬وم ا إلى‬
‫ذلك‪ ،‬لديهم أه داف‪ ،‬وليس فك رة مج ردة مث ل التعليم‪ .‬وبالت الي ف إن‬
‫أغراضها تتنوع إلى ما ال نهاية‪ ،‬وتختلف باختالف األطفال‪ ،‬وتتغير‬
‫مع نمو األطفال ومع نمو الخبرة لدى المعلم‪ .‬ح تى األه داف األك ثر‬
‫صحة التي يمكن وضعها في الكلمات سوف تض ر أك ثر مم ا تنف ع‪،‬‬
‫مثل الكلمات‪ ،‬ما لم يدرك المرء أنها ليست أهداًفا‪ ،‬بل هي اقتراحات‬
‫للمعلمين ح ول كيفي ة المراقب ة‪ ،‬وكيفي ة التطل ع إلى األم ام‪ ،‬وكيفي ة‬
‫االختيار في تحرير وتوجيه طاقات المواقف الملموسة ال تي يج دون‬
‫أنفس هم فيه ا‪ .‬كم ا ق ال ك اتب ح ديث‪" :‬لقي ادة ه ذا الص بي لق راءة‬
‫روايات س كوت ب دًال من قص ص المحق ق الق ديم؛ لتعليم ه ذه الفت اة‬
‫الخياط ة؛ الستئص ال ع ادة التنم ر من مكي اج ج ون؛ إلع داد ه ذا‬
‫الفصل لدراسة الطب‪ ،‬ه ذه نم اذج من ماليين األه داف ال تي أمامن ا‬
‫بالفعل في العمل الملموس للتعليم‪ ".‬وم ع وض ع ه ذه الم ؤهالت في‬
‫االعتب ار‪ ،‬س ننتقل إلى ذك ر بعض الخص ائص الموج ودة في جمي ع‬
‫األهداف التعليمية الجيدة‪ )1( .‬يجب أن يرتك ز اله دف التعليمي على‬
‫األنش طة واالحتياج ات الجوهري ة (بم ا في ذل ك الغرائ ز األص لية‬
‫والعادات المكتسبة) للفرد المراد تعليم ه‪ .‬إن المي ل نح و ه دف مث ل‬
‫اإلعداد‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬هو ح ذف الق وى الموج ودة‪ ،‬وإيج اد اله دف في‬
‫بعض اإلنجازات أو المسؤولية البعيدة‪ .‬على العموم‪ ،‬التفاعل الك افي‬
‫للخبرات كلما زاد العمل الذي يميل إلى أن يصبح روتينًيا من ج انب‬
‫الطبق ة ال تي تعيش في وض ع غ ير م ؤات‪ ،‬ومتقلًب ا‪ ،‬بال ه دف‪،‬‬
‫ومتفّج ًر ا من جانب الطبقة التي تتمتع بمركز محظوظ مادًي ا‪ .‬ع ّرف‬
‫أفالطون العبد بأنه الشخص ال ذي يقب ل من اآلخ ر األغ راض ال تي‬
‫تتحكم في سلوكه‪ .‬ويتحق ق ه ذا الش رط ح تى في حال ة ع دم وج ود‬
‫عبودية بالمعنى القانوني‪ .‬وهي موج ودة حيثم ا ينخ رط الرج ال في‬
‫نش اط مفي د اجتماعًي ا‪ ،‬ولكنهم ال يفهم ون خدمت ه وليس ل ديهم أي‬
‫اهتمام شخصي بها‪ .‬لقد قيل الكثير عن اإلدارة العلمي ة للعم ل‪ .‬وهي‬
‫نظرة ض يقة تحص ر العلم ال ذي ي ؤمن كف اءة التش غيل في حرك ات‬
‫العضالت‪ .‬إن الفرصة الرئيسية للعلم هي اكتشاف عالق ات اإلنس ان‬
‫بعمله ‪ -‬بما في ذلك عالقاته باآلخرين الذين يش اركون في ه – وال تي‬
‫سوف تحشد اهتمامه الذكي بما يفعله‪ .‬تتطلب الكف اءة في اإلنت اج في‬
‫كثير من األحيان تقسيم العمل‪ .‬ولكنه يتحول إلى روتين ميكانيكي م ا‬
‫لم يرى العمال العالقات التقنية والفكرية واالجتماعي ة ال تي تنط وي‬
‫عليها ما يفعلونه‪ ،‬وينخرط ون في عملهم بس بب ال دافع ال ذي ت وفره‬
‫مثل هذه التصورات‪ .‬إن الميل إلى اختزال أشياء مث ل كف اءة النش اط‬
‫واإلدارة العلمي ة إلى عوام ل خارجي ة تقني ة بحت ة ه و دلي ل على‬
‫التحفيز أحادي الجانب للفكر الممنوح ألولئك ال ذين يس يطرون على‬
‫الص ناعة ‪ -‬أولئ ك ال ذين ي وفرون أه دافها‪ .‬بس بب افتق ارهم إلى‬
‫االجتماعية الشاملة والمتوازنة روتيني ة وس طحية حيث ال يوج د أي‬
‫اهتم ام‪ .‬غالًب ا م ا يش تكي اآلب اء والمعلم ون بش كل ص حيح من أن‬
‫األطف ال "ال يري دون أن يس معوا أو يري دون أن يفهم وا"‪ .‬أذه انهم‬
‫ليست حول الموضوع على وجه التحديد ألن ه ال يمس هم؛ وال ي دخل‬
‫في هم ومهم‪ .‬وه ذه حال ة تحت اج إلى عالج‪ ،‬ولكن العالج ليس في‬
‫استخدام األساليب ال تي تزي د من الالمب االة والنف ور‪ .‬وح تى معاقب ة‬
‫الطفل على عدم االنتباه هي إحدى الط رق لمحاول ة جعل ه ي درك أن‬
‫األم ر ليس أم ًرا يث ير االهتم ام الت ام؛ إنه ا إح دى الط رق إلث ارة‬
‫"االهتمام" أو إحداث شعور باالرتباط‪ .‬وعلى المدى الطويل‪ ،‬تق اس‬
‫قيمته بما إذا كان يوفر مجرد إثارة جسدية للتص رف بالطريق ة ال تي‬
‫يرغب فيها الشخص البالغ أو ما إذا كان يق ود الطف ل إلى "التفك ير"‬
‫– أي إلى التفكير في أفعاله وتشريبها باألهداف‪. .‬‬
‫(‪ )2‬إن ه ذا االهتم ام ض روري للمث ابرة التنفيذي ة ه و أك ثر‬
‫وض وحا‪ .‬ال يق وم أص حاب العم ل ب اإلعالن عن العم ال ال ذين ال‬
‫يهتمون بما يفعلونه‪ .‬إذا كان الم رء يس تعين بمح امي أو ط بيب‪ ،‬فلن‬
‫يخطر بباله أبًد ا أن الشخص المتعاقد سيلتزم بعمله بض مير أك بر إذا‬
‫ك ان غ ير مناس ب ل ه لدرج ة أن ه يفع ل ذل ك من منطل ق الش عور‬
‫بااللتزام فقط‪ .‬مقاييس الفائدة‪ ،‬أو باألحرى‪ ،‬هي عم ق قبض ة الغاي ة‬
‫المتوقعة على المرء‪ ،‬مما يدفعه إلى العمل من أجل تحقيقها‪.‬‬

‫‪ .2‬أهمية فكرة االهتمام به ا إليه ا محمل ة بغن ائم الماض ي‪ .‬إن‬


‫العقل الذي يكون حساًسا بشكل ك اٍف الحتياج ات ومناس بات الواق ع‬
‫الحالي س يكون لدي ه أق وى ال دوافع لالهتم ام بخلفي ة الحاض ر‪ ،‬ولن‬
‫يضطر أبًد ا إلى البحث عن طريق للعودة ألنه لن يفقد االتصال أبًد ا‪.‬‬

‫‪ .3‬التعليم كإع ادة إعم ار‪ .‬في تناقض ه م ع فك رة الكش ف عن‬


‫القوى الكامنة من الداخل‪ ،‬والتكوين من الخ ارج‪ ،‬س واء عن طري ق‬
‫الطبيعة المادية أو عن طريق المنتجات الثقافية للماضي‪ ،‬فإن نموذج‬
‫النمو المثالي يؤدي إلى مفه وم أن التعليم ه و عملي ة إع ادة تنظيم أو‬
‫تنظيم مستمرة‪ .‬إعادة بناء الخبرة‪ .‬إن لها دائًم ا نهاي ة فوري ة‪ ،‬وبق در‬
‫ما يك ون النش اط تعليمًي ا‪ ،‬فإن ه يص ل إلى ه ذه الغاي ة ع بر التح ول‬
‫المباشر لنوعية الخبرة‪ .‬الطفولة والش باب والبل وغ‪ ،‬كله ا تق ف على‬
‫نفس المس توى التعليمي‪ ،‬بمع نى أن م ا يتم تعلم ه حًق ا في أي وك ل‬
‫مرحل ة من الخ برة يش كل قيم ة تل ك التجرب ة‪ ،‬وبمع نى أنه ا العم ل‬
‫الرئيسي للحياة في كل مرحلة‪ .‬نقطة لجعل العيش يس اهم بالت الي في‬
‫إثراء معناه الملموس‪.‬وبذلك نصل إلى تعريف تقني للتعليم‪ :‬ه و ذل ك‬
‫إعادة بناء الخبرة أو إعادة تنظيمها مما يض يف إلى مع نى التجرب ة‪،‬‬
‫ويزيد من القدرة على توجيه مسار الخبرة الالحقة‬
‫(‪ )1‬زيادة المعنى تتواف ق م ع زي ادة اإلدراك الكث ير مم ا قي ل‬
‫حتى اآلن مستعارمما علمه أفالط ون ألول م رة ب وعي ع الم‪ .‬ولكن‬
‫الظ روف ال تي لم يس تطع قادت ه الس يطرة الفكري ة إلى تقيي د ه ذه‬
‫األموراألفكار في تطبيقها‪ .‬لم يحصل على أي شيء مفه وم التعددي ة‬
‫غير المحدودة لألنشطة والتي قد تميز الفرد وفئة اجتماعية‪ ،‬وبالتالي‬
‫اقتص رت وجه ة نظ ره على ع دد مح دود من فئ ات الق درات‬
‫والترتيبات االجتماعية‪ .‬نقطة بداية أفالطون هي ذلك تنظيم المجتم ع‬
‫يعتمد في نهاية المطاف عند معرفة نهاي ة الوج ود‪ .‬إذا فعلن ا ذل ك ال‬
‫نع رف نهايته ا‪ ،‬س نكون تحت رحم ةحادث ون زوة‪ .‬م ا لم نع رف‬
‫النهاي ة‪،‬حس ًنا‪ ،‬لن يك ون ل دينا معي ار للعقالني ة تحدي د م ا هي‬
‫االحتم االت ال تي ينبغي يتم ال ترويج له ا‪ ،‬وال كيفي ة الترتيب ات‬
‫االجتماعي ة أن ي ؤمر‪ .‬لن يك ون ل دينا أي تص ور عن الح دود‬
‫الصحيحة وتوزيع األنشطة‪-‬ماذا ودع ا العدال ة باعتباره ا س مة لك ل‬
‫من الفرد ومنظمة اجتماعية‪ .‬ولكن كيف هي المعرفة الخ ير النه ائي‬
‫والدائم المطلوب تحقيقه؟ في التعامل مع هذا الس ؤال ن أتي على م ا‬
‫يبدو عقبة ال يمكن التغلب عليها من هذا القبيل المعرف ة غ ير ممكن ة‬
‫إال في عادل والنظام االجتم اعي المتن اغم‪ .‬في ك ل مك ان آخرالعق ل‬
‫مشتت ومضلل بالتقييمات الخاطئة ووجهات نظر كاذب ة‪ .‬غ ير منظم‬
‫ويقوم المجتمع الفصائلي بإعداد عدد من العناصر المختلف ة النم اذج‬
‫والمعايير‪ .‬في مثل هذه الظروف هو عليه من المس تحيل على الف رد‬
‫تحقي ق االتس اق تكمن أهمي ة م ا تم تدريس ه في ت وفره لمزي د من‬
‫التدريس‪ ،‬ويعكس وجه ة نظ ر المعلم في الحي اة‪ .‬الفلس فة بليغ ة عن‬
‫واجب المعلم في تعليم التالميذ؛ إن ه يك اد يك ون ص امًتا فيم ا يتعل ق‬
‫بامتيازه في التعلم‪ .‬ويؤكد تأثير البيئة الفكرية على العقل‪ .‬إن ه يس يء‬
‫إلى حقيق ة أن البيئ ة تنط وي على مش اركة شخص ية في التج ارب‬
‫المشتركة‪ .‬إنه يبالغ إلى ما هو أبعد من العقل في إمكانيات األس اليب‬
‫المص اغة والمس تخدمة ب وعي‪ ،‬ويقل ل من أهمي ة دور المواق ف‬
‫الحيوية الالواعية‪ .‬إنه يصر على القديم‪ ،‬الماضي‪ ،‬ويم ر بخف ة على‬
‫عمل الرواية الحقيقية وغير المتوقعة‪ .‬فهو يأخذ‪ ،‬باختص ار‪ ،‬ك ل م ا‬
‫هو تعليمي بعين االعتبار باستثناء جوهره‪ ،‬الطاقة الحيوي ة‪ ،‬والبحث‬
‫عن فرصة للتمرين الفعال‪ .‬إن ك ل أش كال التعليم تش كل الشخص ية‪،‬‬
‫العقلية واألخالقية‪ ،‬ولكن التكوين يتكون من اختيار وتنسيق األنشطة‬
‫المحلية حتى يتمكنوا من االس تفادة من موض وع البيئ ة االجتماعي ة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن التكوين ليس مجرد تك وين لألنش طة المحلي ة‪،‬‬
‫ولكنه يحدث من خاللها‪ .‬إنها عملية إعادة البناء وإعادة التنظيم‪.‬‬

‫‪ .2‬التعليم كخالصة واسترجاع‪ .‬أدى المزيج الغريب من أفكار‬


‫التط وير والتك وين من الخ ارج إلى ظه ور نظري ة تلخيص التعليم‬
‫ال بيولوجي والثق افي‪ .‬الف رد إن االختالف ات في القيم الديناميكي ة‬
‫للتفاوتات الطبيعية في النمو‪ ،‬واالستفادة منها‪ ،‬وتفضيل عدم االنتظام‬
‫على التقريب المكتسب عن طريق التقليم س يتبع عن كثب م ا يح دث‬
‫في الجسم‪ ،‬وبالتالي يثبت أنه أكثر فعالية‪ .‬تظهر هذه الميول بس هولة‬
‫أكبر في أقوال وأفعال الطفل العفوية‪ ،‬أي في تلك ال تي ينخ رط فيه ا‬
‫عندما ال يتم تكليفه بمهام محددة وعندما ال يكون على علم بأنه تحت‬
‫المراقبة‪ .‬وال يعني ذلك أن هذه الميول كلها موج ودة مرغوب ة ألنه ا‬
‫طبيعي ة‪ ،‬ولكن ي ترتب على ذل ك أن ه بم ا أنه ا موج ودة‪ ،‬فهي فعال ة‬
‫ويجب أن تؤخذ في االعتب ار‪ .‬يجب أن نتأك د من أن المرغ وب فيهم‬
‫لديهم بيئة تجعلهم نشطين‪ ،‬وأن نشاطهم يجب أن يتحكم في البيئة‪ .‬إن‬
‫العديد من الميول التي تزعج الوالدين عن دما تظه ر من الم رجح أن‬
‫تكون عابرة‪ ،‬وفي بعض األحيان يؤدي االهتمام المباشر الزائ د به ا‬
‫إلى تثبيت انتباه الطفل عليهم‪ .‬وعلى أية حال‪ ،‬ف إن الب الغين يتخ ذون‬
‫بسهولة عاداتهم ورغباتهم كمعايير‪ ،‬ويعتبرون كل انحراف ات دواف ع‬
‫األطفال شروًر ا يجب القضاء عليها‪ .‬إن تلك التص نيعية ال تي يش كل‬
‫مفه وم اتب اع الطبيع ة احتجاًج ا عليه ا إلى ح د كب ير‪ ،‬هي نتيج ة‬
‫محاوالت إجبار األطفال مباشرة على قالب معايير الكبار‪ .‬فب دًال من‬
‫روح النشاط ومعن اه‪ ،‬تتع ارض الثقاف ة م ع الكف اءة‪ .‬وس واء ُس ميت‬
‫ثقافة أو تنمية كاملة للشخصية‪ ،‬فإن النتيجة تكون متطابقة مع المعنى‬
‫الحقيقي للكف اءة االجتماعي ة عن دما يتم االهتم ام بم ا ه و فري د في‬
‫الفرد‪ ،‬ولن يكون فرًد ا إذا لم يكن هناك شيء غير قاب ل للقي اس في ه‪.‬‬
‫ونقيضه هو المتوس ط‪ ،‬المتوس ط‪ .‬كلم ا تم تط وير الج ودة المم يزة‪،‬‬
‫ينتج تمييز الشخص ية‪ ،‬ومع ه وع د أك بر بخدم ة اجتماعي ة تتج اوز‬
‫الع رض بكمي ة من الس لع المادي ة‪ .‬إذ كي ف يمكن أن يك ون هن اك‬
‫مجتمع يستحق الخدمة حًقا ما لم يتك ون من أف راد يتمتع ون بص فات‬
‫شخصية مهمة؟‬

‫والحقيق ة هي أن معارض ة القيم ة العالي ة للشخص ية للكف اءة‬


‫االجتماعية هي نتاج مجتمع منظم إقطاعًيا م ع تقس يمه الص ارم إلى‬
‫األدنى واألعلى‪ .‬ومن المف ترض أن يك ون ل دى ه ؤالء ال وقت‬
‫والفرص ة لتط وير أنفس هم كبش ر؛ ف األولى تقتص ر على توف ير‬
‫المنتجات الخارجية‪ .‬عندما يتم حث الكفاءة االجتماعي ة‪ ،‬ال تي تق اس‬
‫بالمنتج أو اإلنت اج‪ ،‬باعتباره ا المث ل األعلى في مجتم ع ديمق راطي‬
‫محتم ل‪ ،‬فه ذا يع ني أن التق دير التناقص ي للجم اهير ال ذي يم يز‬
‫المجتم ع األرس تقراطي مقب ول ويتم ترحيل ه‪ .‬ولكن إذا ك ان‬
‫للديمقراطية معنى أخالقي ومثالي‪ ،‬فه و أن يط الب الجمي ع ب العودة‬
‫االجتماعية عاش في بيئة غبية غير اجتماعية حيث ي رفض الرج ال‬
‫التح دث م ع بعض هم البعض ويس تخدمون فق ط الح د األدنى من‬
‫اإليم اءات ال تي ب دونها ال يمكنهم االنس جام‪ ،‬فلن يتمكن من تحقي ق‬
‫اللغ ة الص وتية كم ا ل و لم يكن لدي ه أعض اء ص وتية‪ .‬إذا ك انت‬
‫األصوات التي يصدرها تح دث في وس ط أش خاص يتح دثون اللغ ة‬
‫الص ينية‪ ،‬فس يتم اختي ار وتنس يق األنش طة ال تي تص در أص واًتا‬
‫متشابهة‪ .‬يمكن تط بيق ه ذا الرس م التوض يحي على النط اق الكام ل‬
‫للقابلي ة التعليمي ة ألي ف رد‪ .‬فه و يض ع ت راث الماض ي في عالقت ه‬
‫الصحيحة مع متطلبات وفرص الحاضر‪.‬‬

‫(‪ )2‬النظرية القائلة بأن موضوع التدريس المناسب موجود في‬


‫المنتجات الثقافية في العصور الماض ية (إم ا بش كل ع ام‪ ،‬أو بش كل‬
‫أكثر تحديدا في اآلداب الخاصة ال تي تم إنتاجه ا في العص ر الثق افي‬
‫الذي من المفترض أن يتواف ق م ع مرحل ة الثقاف ة)‪( .‬تط وير أولئ ك‬
‫الذين يتم تدريسهم) يق دم مث ااًل آخ ر على ه ذا االنفص ال بين عملي ة‬
‫النمو ونتاجه والذي تم انتق اده‪ .‬إن إبق اء العملي ة حي ة‪ ،‬وإبقائه ا حي ة‬
‫بطرق تسهل إبقائها حية في المس تقبل‪ ،‬هي وظيف ة الم ادة التعليمي ة‪.‬‬
‫ولكن ال يمكن للفرد أن يعيش إال في الوقت الحاض ر‪ .‬الحاض ر ليس‬
‫مجرد شيء يأتي بعد الماضي؛ ناهيك عن شيء ينتج عن ه‪ .‬ه ذا ه و‬
‫ما هي الحياة في ترك الماضي وراءه‪ .‬إن دراس ة منتج ات الماض ي‬
‫لن تس اعدنا على فهم الحاض ر‪ ،‬ألن الحاض ر ه و ال ذكاء ألن ه‪ ،‬في‬
‫ضوء ما هو جاهز‪ ،‬يجب أن تفرضه سلطة م ا خارج ة عن ال ذكاء‪،‬‬
‫وال تترك له سوى خيار ميكانيكي للوسائل‪.‬‬

‫(‪ )٢‬لقد تحدثنا كما لو كانت األه داف ممكن ة تش كلت بالكام ل‬
‫قبل محاولة تحقيقها هم‪ .‬يجب اآلن أن يكون هذا االنطباع مؤهًال‪ .‬ال‬
‫الهدف كما يظه ر ألول م رة ه و مج رد رس م تخطيطي م ؤقت‪ .‬إن‬
‫السعي لتحقيق ذلك يختبر قيمته‪ .‬لو أنه يكفي توجي ه النش اط بنج اح‪،‬‬
‫ال شيء مطل وب المزي د‪ ،‬ألن وظيفته ا بأكمله ا هي الض بط عالم ة‬
‫مقدما؛ وفي بعض األحيان قد يكون مجرد تلميح كفى‪ .‬ولكن عادة ما‬
‫تكون معقدة على األقل المواقف التي تعمل على تسليط الضوء عليها‬
‫الظ روف ال تي تم التغاض ي عنه ا‪ .‬ه ذا ي دعو لمراجع ة اله دف‬
‫األصلي؛ ال بد من إض افتها إلى والط رح منه ا‪ .‬إذن يجب أن يك ون‬
‫الهدف مرن؛ يجب أن تكون قادرة على التغيير لتلبية ظروف‪ .‬نهاي ة‬
‫أنش ئت خارجي ا ل عملي ة العم ل دائم ا جام دة‪ .‬ك ون يتم إدخاله ا أو‬
‫فرضها من الخارج‪ ،‬فهي ليست كذلك من المفترض أن تكون هن اك‬
‫عالقة عمل مع الظروف الملموس ة للوض ع‪ .‬م اذا يح دث في س ياق‬
‫العمل وال يؤكد‪ ،‬ينفي ه‪ ،‬وال يغ يره‪ .‬مث ل ه ذه النهاي ة ال يمكن إال أن‬
‫تكون أصر على‪ .‬الفشل الناتج عن افتق اره ويع زى التكي ف ببس اطة‬
‫إلى انحراف الظروف‪ ،‬وليس إلى حقيقة أن النهاية غ ير معقول ة في‬
‫ظ ل ه ذه الظ روف‪ .‬وعلى العكس من ذل ك‪ ،‬تكمن قيم ة اله دف‬
‫المش روع المعني ة‪ ،‬ولكن ح تى اآلن لم يتم إدراكه ا‪ .‬وهك ذا تكش ف‬
‫النتيجة الالحقة معنى السابقة‪ ،‬في حين أن التجربة ككل تؤس س مياًل‬
‫أو مياًل تجاه األشياء التي تمتل ك ه ذا المع نى‪ .‬ك ل تجرب ة أو نش اط‬
‫متواصل هو تعليمي‪ ،‬وك ل تعليم يكمن في الحص ول على مث ل ه ذه‬
‫التجارب‪.‬‬

‫يبقى فقط أن نشير (وهو ما سيحظى باهتم ام أك بر الحًق ا) إلى‬


‫أن إع ادة بن اء التجرب ة ق د تك ون اجتماعي ة وشخص ية أيًض ا‪.‬‬
‫وألغراض التبسيط‪ ،‬تحدثنا في الفصول السابقة إلى حد ما كما لو أن‬
‫تعليم غير الناضجين الذي يملؤهم بروح المجموعة االجتماعية ال تي‬
‫ينتم ون إليه ا‪ ،‬ك ان نوًع ا من اللح اق بالطف ل بق درات وم وارد‬
‫المجموع ة االجتماعي ة ال تي ينتم ون إليه ا‪ .‬مجموع ة الكب ار‪ .‬في‬
‫المجتمعات الساكنة‪ ،‬المجتمعات التي تجعل من الحفاظ على العادات‬
‫الراسخة مقياًسا للقيمة‪ ،‬ينطبق هذا المفهوم بشكل رئيسي‪ .‬ولكن ليس‬
‫في المجتمع ات التقدمي ة‪ .‬إنهم يس عون إلى تش كيل تج ارب الش باب‬
‫بحيث يتم تشكيل عادات أفضل بدًال من إعادة إنتاج العادات الحالي ة‪،‬‬
‫وبالت الي يك ون مجتم ع الب الغين المس تقبلي بمثاب ة تحس ن من تلق اء‬
‫نفسه‪ .‬لقد كان ل دى الرج ال من ذ ف ترة طويل ة بعض التلميح ات عن‬
‫مدى إمكانية استخدام التعليم بوعي للقضاء على الشرور االجتماعية‬
‫الواضحة من خالل وضع الش باب على مس ارات ال ت ؤدي إلى ه ذه‬
‫الشرور‪ ،‬وبعض األفكار عن المدى الذي يمكن فيه جع ل التعليم أداة‬
‫لتحقيق هذه الشرور‪ .‬ال‬

You might also like