Professional Documents
Culture Documents
الفصل الثاني
الفصل الثاني
تمهيد:
يع د االتص ال اإلنس اني جانب ًا مهم ًا في الحي اة ،فه و أداة فّعال ة من أدوات التغي ير و التط وير ،و التفاع ل
بين األف راد و الجماع ات ،وتعت بر األس رة من بين الجماع ات األولى ال تي تنمي و تغ دي االتص ال ل دى
أفراده ا بطريق ٍة آني ٍة و مس تمرٍة و تفاعلي ٍة ،و ذل ك من ذ االرتب اط األول بين الوال دين إلى غاي ة ميالد
األوالد ومن ذ حي اتهم الجنيني ة إلى غاي ة حي اتهم الراش دة ،حيث تعتم د س عادة األس رة بدرج ٍة كب يرٍة على
وس نتطرق في ه ذا الفص ل لموض وع االتص ال األس ري و لكن قب ل ذل ك يجب أن نفهم أوًال عنص ر
االتص ال اإلنس اني بداي ًة من تعري ف االتص ال اإلنس اني ،و ذك ر أهميت ه و حاج ة الن اس إلي ه ،ثم ذك ر
بعض النم اذج المفس رة لعملي ة االتص ال ،ثم ذك ر خص ائص و أه داف ،و أن واع ،و مكّو ن ات و معّو ق ات
االتصال اإلنساني.
ثم نتط رق بع د ذل ك لموض وع االتص ال األس ري بداي ًة من كتاب ات علم اء النفس األس ري المفس رة
لالتصال داخل النظام األسري ،ثم تعريف االتصال األسري و ذكر أشكال و أساليب االتصال األسري،
44
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
لقد تعددت التعريفات التي جاءت في مفهوم االتصال و ذلك أَّن استعماله ال يقتصر على مجال واحد بل
تعددت المجاالت التي استعمل فيها مفهوم االتصال حيث نجده في المجال الرياضي و المجال اإلعالمي
أما في اللغة العربية فالمصدر هو "وصل" و الذي يمثل معنيين :الِص لة و البلوغ ،فاألولى تعني الربط
بين عنصرين أو أكثر ) إيجاد عالقة بين طرفين ( ،أما الثانية فتعني االنتهاء إلى غاية معينة .إذن في
اللغ ة العربي ة االتص ال أو التواص ل ه و األس اس الِص لة و العالق ة و البل وغ إلى غاي ة معين ة من تل ك
الِص لة و هو أيض ًا اإلبالغ و اإلطالع و اإلخبار أي نقل خبر ما من شخص إلى آخر و إخباره به و
اطالعه عليه .و يعني التواصل إقامة عالقة مع شخص ما كما يشير إلى فعل التوصيل أي تبليغ شيء
تنوي ــه :و هن ا الب د من اإلش ارة إلى الف رق بين االتص ال و التواص ل حيث ي رى بعض الب احثين
العرب أن األصح هو استعمال كلمة اتصال بدًال من تواصل ألسباب لغوية و أكاديمية ،فالفعل تواصل
يشير إلى حدوث المشاركة بين طرفين و يعني الوصال الرغبة في إقامة عالقة مع إنسان آخر ،و غالبًا
أما االتصال المأخوذ عن كلمة اتصل ،فيعني وصل ش يئًا بشيء ،وهذا يشير إلى رغبة أحد الطرفين
بإقامة عالقة مع اآلخر أيًا كان نوعها و أن اآلخر قد يستجيب متفاعًال مع تلك الرغبة و قد يرفضها،
لذا استعمال تعبير االتصال يعكس واقع الحال ) .ماجد رجب 2001ص( 10
45
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و ق د عرف ه ع الم االجتم اع تش ارلز ك ولي COOLEYع ام( ) 1909بأن ه ":ذل ك الميك انيزم ال ذي من
خالل ه توج د العالق ات اإلنس انية و تنم و وتتط ور الرم وز العقلي ة بواس طة الوج ه و اإليم اءات و نغم ات
الص وت و الكلم ات و الطباع ة و التليف ون تل ك الت دابير ال تي تعم ل بس رعة و كف اءة على قص ر بع دي
أم ا عالم ة النفس األس ري " س اتير" فتع رف عملي ة االتص ال بأنه ا :كيفي ة إيص ال المعلوم ات للن اس و
كيفية صناعة المعاني لبعضهم البعض ،و كيفية استجاباتهم ،سواًء أكان اتصال داخلي ًا أم خارجي ًا ألن
عملية االتصال هي المفتاح لتوضيح العمليات الداخلية و الخارجية ،و لتوضيح كيفية التعامل مع الواقع
فاالتصال هو كيفية إرسال و استقبال الرسائل بهدف الحصول على الفهم ،و معظم االتصال يكون غير
لفظي فلغ ة الجس د و تعب يرات الوج ه ،و ن برة الص وت ،تعطي الكث ير من المعلوم ات لآلخ رين حول م ا
تعت بر االتص االت أس اس حياتن ا اليومي ة فنحن نتب ادل كمي ات و نوعي ات ض خمة من البيان ات و
المعلومات فمن السؤال عن األحوال إلى تبادل المشاعر و نقل األفكار و استعراض األخبار و تناقل
وجه ات النظ ر و توف ير المعلوم ات و الرقاب ة ،و أن الق درة على انج از األه داف تتوق ف على كف اءة
االتص االت ال تي يمارس ها الف رد ،حيث أوض حت الدراس ات أن النج اح ال ذي يحقق ه اإلنس ان في عمل ه
يعتم د على ( )%85من ه على البراع ة االتص الية بينم ا ( )%15فق ط تعتم د على المه ارات العملي ة أو
المتخصصة المهنية.
و قد أشار " جون ديوي" لثالثة أسباب رئيسية يتضح منها أهمية االتصال لحياة الجماعة و هي:
46
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
1ـ إن وجود المجتمع ومن ثم استمراره متوقف على نقل عادات العمل و التفكير و الشعور من الكبار
إلى الناشئين و ال يمكن للحياة االجتماعية أن تدور بغير هذا النقل الشامل للمثل العليا و األماني و القيم
2ـ الن اس يعيش ون جماع ة أفض ل بفض ل م ا يش تركون في ه من أه داف و عقائ د و أم اني و معلوم ات و
3ـ إن الحياة االجتماعية و اتصال األفراد متالزمان يتغير عن طريقهما الناس بتغير خبرات األطراف
فاإلنسان في كل حالته في حاجة إلى أن يتصل باآلخرين من البشر ،فالحاجة لالتصال تولد معه طوال
حيات ه ،فالولي د يحت اج إلى أن ُي لَم س و هي الصورة األولي ة لالتص ال م ع اآلخرين ،ثم تأخذ الحاج ة إلى
و يوضح علماء نفس الطفل أَّن الطفل و حتى نهاية مرحلة المراهقة يخاف من الوحدة ،و يتشوق إلى
األلفة و العالقات البينشخصية الحميمة التي تربطه بالكبار المحيطين به من ذوي األهمية لديه ،وعلى
رأس هم اآلب اء ب الطبع ،و ه ذه الج وانب المتع ددة من التعب ير عن األلف ة تش ير إلى حاج ة اإلنس ان إلى
االتصال.
و الفش ل في تحقي ق ه ذا االتص ال في أي مرحل ة يك ون ل ه في معظم الح االت نت ائج غ ير مرغوب ة ،و
أحيانًا ما تكون كارثية على النمو النفسي للفرد (.محمد بن عبد العزيز2008ص)12
فق د أظه رت الدراس ات ال تي تمت على األطف ال في ع امهم األول ،أن األطف ال ح ديثي ال والدة ال ذين لم
ُيحملوا أو ُي لمسوا باأليدي بدرجة كافية في األيام األولى بعد الوالدة يصابون بحالة من االكتئاب الفمي،
Anaclytic Depressionو يظه رون ميًال نح و الت دهور الجس مي ،م ع مع دل وفي ات أعلى قياس ًا من
47
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و إن كان االتصال اللمسي مع الوليد و الطفل يمثل أقصى درجات اإلشباع النفسي و الجسمي له فإن
الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة ( 6ـ )12بعد اكتسابه للغة و التعبير بها عن نفسه ،و فهمه اآلخرين
عندما يتح دثون مع ه فقد ظه رت لدي ه قنوات أخرى غير اللمس للتعبير عن الحاج ة لالتص ال م ع بقاء
الوسيلة القديمة ،فنجد لديه الرغبة الشديدة في الحصول على رضا الكبار و موافقتهم على ما يفعل ،و
خير دليل على ذلك محاوالت الطفل التصرف طبقًا لقواعد األسرة ،كل ذلك يعكس الحاجة
النفسية لالتصال مع الكبار و التمتع باألمن و الحماية و السالمة التي وفرها التأييد و الموافقة الوالدية،
مما يجعله يستمر في هذا السلوك ،و إذا لم يحقق رضا الكبار ربما تحول إلى سلوك كراهية هجومي
و الف رق بين المراه ق و الطف ل فيم ا يتعل ق بالحاج ات االتص الية ب اآلخرين ه و أَّن المراه ق يبحث عن
تحقي ق اتص اله ب اآلخرين عن طري ق ال دخول إلى جماع ة األق ران و حص وله على تقبله ا و رض اها و
تجنب االنتق ادات من ج انب رفاق ه ،و ألول م رة تص بح األس رة أق ل أهمي ة بالنس بة للمراه ق في ال وقت
الذي تزيد فيه أهمية جماعة األقران ،و لكن تظل األسرة كعامل مؤثر ،و كثيرًا ما تعرقل األسرة نشاط
المراهق م ع جماعت ه و تح د من درج ة اندماج ه في نش اطها ،و تس بب هذه األسر كث يرًا من المش كالت
ألبنائه ا بحرص ها على أن يبقى المراه ق مثلم ا ك ان طفًال تحث أعين اآلب اء في الم نزل ط وال ال وقت،
و الحاج ة لالتص ال في ص ورتها التبادلي ة تظه ر قب ل س ن المراهق ة ( 6ـ )10س نوات وقب ل ه ذه الس ن
يك ون الطف ل مش غوًال بإش باع حاجات ه فق ط و ال ينتب ه إلى حاج ات اآلخ رين ،و لكن من ذ نهاي ة الطفول ة
المتأخرة يبدو عليه االهتمام باآلخرين ليس من زاوية ما يقدمونه له بل من زاوية ما يقدمه هو لهم.
و حتى في الحياة الراشدة يظل الفرد عرض ًة للخوف من الوحدة و االنفصال و يمكن أن يشعر بالقلق
الشديد إذا ما واجهته حالة من شأنها أن تفصله عن اآلخرين بشكل مفاجئ ،فكل شخص يحتاج إلى أن
48
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
ي رى الن اس و يس معهم و يتكلم و يتص ل بهم ع بر حواس ه الخمس ،و في بعض الح االت ال تي تتض من
قط ع العالق ات اإلنس انية أو االجتماعي ة كفق دان العم ل و تغ يره أو التقاع د أو تغي ير مك ان اإلقام ة في
بعض الحاالت يعاني الناس الذين يتعرضون لمثل هذه القواعد إلى اكتئاب شديد.
مما ال شك فيه أنه بقدر ما يحقق الفرد من إشباع لحاجاته االتصالية بقدر ما يكون متوافق ًا و راضيًا و
يمكننا وصف عملي ة االتص ال باس تخدام النماذج التي تص ور كيفي ة ح دوث هذه العملي ة .والنموذج هو
وصف مبسط لعملية االتصال يعرض على هيئة رسم أو شكل يبين عناصر االتصال وتسلسلها والعالقة
بينها .والنماذج ذات فائدة كبرى ألنها تصور الموضوع المطروح بطريقة مرتبة توضح أبعاده بشكل
مبسط.
وفي ه ذا اإلط ار س نجد أن الب احثين ق د ط وروا ع دة نم اذج و من أش هرها نم وذج "مي د" ( ،)Meadو
نم وذج" ش انون و ويف ر" ( ،)Shannon & Weaverو نم وذج "رالي و رالي" (& Riley,M
وض عت " مي د " ( ) Mead, M 1945نموذج ًا بعن وان نظري ة االتص ال و التنش ئة االجتماعي ة
ال تراث من جي ل إلى جي ل ،كم ا أن االتص ال ه و انتق ال األفك ار و األه داف و الرغب ات و القيم و
النزعات السلوكية من فرد إلى آخر و هذا دليل على مدى االتفاق بين مفهوم التنشئة االجتماعية و بين
مفه وم االتص ال ،فالتنش ئة االجتماعي ة هي عملي ة مس تمرة ألنه ا عملي ة نق ل خ برات ،و تت أثر عملي ة
49
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
االتصال بالتنشئة االجتماعية ،ألن االتصال يتأثر بالنظام االجتماعي ،و بمقدار مخزون المعلومات في
عقل المستقبل.
فالتنش ئة االجتماعي ة تؤثر في سلوك األف راد ،و بالتالي ت ؤثر في عملي ة االتص ال الذي يؤثر بدوره في
و يتلخص نم وذج "مي د" في أن المس تقبل يس تقبل الرس الة من المجموع ة ال تي ينتمي إليه ا و ال تي تت أثر
بمعايير وقيم الجماعة .و يعتمد تأثير هذه الرسالة في المستقبل على مدى عالقته بالجماعة و على مدى
مشاركته و تفاعله معها ،و يتأثر محتوى الرسالة بالمرسل الذي يعتبر عضوًا في جماعة يتأثر بها ،كم ا
يت أثر ك ل من المرس ل و المس تقبل بالبن اء االجتم اعي الع ام .فالتنش ئة االجتماعي ة هي ال تي تح دد س لوك
األف راد أو الس مات الشخص ية لهم ،و بالت الي تح دد العالق ات االجتماعي ة بين األف راد ،و هي ب ذلك تحدد
عملي ة االتص ال ،و هذا النم وذج أوض ح أن هن اك ت داخًال في الت أثير المتب ادل بين التنش ئة االجتماعي ة و
عملي ة االتص ال ،و أن ه ال يمكن فص لها أو معرف ة ت أثير ك ل منهم ا في اآلخ ر .و يعت بر ذل ك عيب من
عي وب ه ذا النم وذج حيث أن ه ال يمكن قي اس التنش ئة االجتماعي ة قياس ًا دقيق ًا ،و أن ه يمكن أن يعطي
و يتلخص النم وذج في أن المرس ل يخت ار رس الة يتم وض عها في ش فرة " "Codeو يح ول الرس الة إلى
إش ارات ،يق وم المس تقبل بف ك رم وز ه ذه اإلش ارات و يب دأ في تفس يرها ،و التغي يرات ال تي تط رأ على
الرس الة عن د المرس ل و المس تقبل ترج ع إلى ح دوث التش ويش" ،"Noiseو ه ذا التش ويش يش ير إلى
مص در الخط أ ال ذي يس بب االختالف بين اإلش ارات ال تي يبعثه ا المرس ل و اإلش ارات ال تي يخرجه ا
المستقبل.
50
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و يمكن دراس ة االتص ال من الناحي ة الفني ة ب التركيز على المش اكل الفني ة في إرس ال اإلش ارات أو من
الناحية الداللية بالتركيز على مشاكل المعنى أو من ناحية التأثير بالتركيز على النتائج السلوكية.
أك د العالم ان ( )Riley,M & Riley, J 1959ت أثير العالق ات االجتماعي ة و العوام ل البيئي ة على
االتص ال ،و وض عا نم وذج لالتص ال الجمعي Mass Communicationال ذي يتك ون من ثماني ة
عناصر هي:
ـ المستقبل Receiver
ـ الرسالة Message
ـ النظام المرجعي األكبر Larger Reference Groupو تتمثل في المدرسة أو الحي أو المحافظة.
و يمكن تقسيم الجماعة األولية إلى :جماعة أولية معيارية و أخرى أولية مقارنة.
ـ الجماعة األولية المعيارية :و هي التي تتحكم في سلوك الفرد مثل األسرة ،و جماعة الرفاق.
ـ الجماع ة األولي ة المقارن ة :حيث يق ارن الف رد نفس ه ب اآلخرين في مجموعت ه األولي ة ،و ت ؤثر على
ـ و الجماع ة المرجعي ة هي ال تي تح دد درج ة التفاع ل بين المرس ل و المس تقبل ،حيث تم د المس تقبل
51
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و يتأثر كل من المرسل و المستقبل بالجماعة األولية و الجماعة المرجعية ،و هاتان بدورهما تتأثران
بالجماع ة المرجعي ة الك برى ،و تت أثر األخ يرة بالنظ ام االجتم اعي الع ام ،و يتوق ف نج اح الرس الة على
مدى تأثر المرسل و المستقبل بتلك الجماعات المرجعية األولية و كلما كانت الجماعات األولية للمرسل
و المستقبل واحدة أو متشابهة أو ذات ظروف اجتماعية و اقتصادية متقاربة ،كلما زاد احتمال استجابة
المستقبل لرسالة.
حيث يأخ ذ ه ذا النم وذج في االعتب ار العوام ل االجتماعي ة المختلف ة ال تي ت ؤثر في عملي ة االتص ال مث ل
أوضح بيرلو ( )Berlo. D. 1963أنه وضع نموذج ًا عام 1960يوضح االتصال بين فردين ،و يقوم
على افتراض أن الفرد يجب أن يفهم السلوك البشري حتى يستطيع أن يحلل عملية االتصال ،و ق د ذكر
أن عملي ة االتص ال هي نق ل معلوم ات من مص در إلى مس تقبل ،و يطل ق على نم وذج ب يرلو SMCRو
و هو الذي يقوم بصياغة الرسالة Encodeو وضع رموزها في صورة يفهمها المستقبل ،و يتوقف
نج اح االتص ال على مه ارات المرس ل االتص الية و اتجاهات ه ،و مس تواه المع رفي ،النظ ام االجتماعي و
الثقافي الذي يعمل في إطاره ،و عليه أن يختار ما يجذب و يقنع المستقبل.
*تنويه
يحدد بيرلو خمس مه ارات أساسية للمرس ل :اثنت ان متعلقتان بوض ع الفكرة في ش فرة و هي الكتابة و
التحدث ،و اثنتان متصلتان بفك الشفرة ،و هي القراءة و االستماع ،و الخامسة تتعلق بالتفكير و وزن
52
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
األم ور ،و ت ؤثر تل ك المه ارات على ق درة المرس ل في تحدي د أهداف ه و نواي اه ،كم ا ت ؤثر على وض ع
رسائله في رموز.
ب ـ الرسالة :من نتاج المرسل و هي إما لفظية بالمفردات اللغوية أو غير لفظية مثل الرسم ،اإلشارات
الموسيقى ،و لتحليل الرسالة يجب أن يؤخذ في االعتبار ثالثة عوامل رئيسية هي:
ـ محت وى الرس الة Message Contentو ه و م ادة الرس الة ال تي يختاره ا المرس ل للتعب ير عن
غرضه.
ـ طريقة معالجة الرسالة Message Treatmentو تشير إلى القرارات التي يتخذها المرسل بالنسبة
و كل هذه العوامل تتضمن أفكارًا أو عناصر Elementsو الطريقة التي تنظم بها تلك العناصر هي
ج ـ قناة االتصال :و هي األداة التي تنتقل بها الرسالة من المرسل إلى المستقبل باستخدام حاسة أو أكثر
من الحواس الخمس التي تشمل السمع ،البصر ،الكالم ،الشم ،اللمس.
د ـ المس تقبل Receiver :و ه و المس تهدف في عملي ة االتص ال ،حيث يق وم بف ك رم وز الرس الة و
تفسيرها ،Decodeو يتوقف نجاح االتصال على مهاراته و اتجاهاته التي يجب أن تتفق مع اتجاهات
المرس ل ،و مس تواه المع رفي ال ذي يمكن ه من ف ك رم وز الرس الة ،و النظ ام االجتم اعي و الثق افي ال ذي
يعم ل المس تقبل في إط اره ،و يمكن تلخيص النم وذج في أن المرس ل يق وم بص ياغة الرس الة لتنتق ل
53
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
رك ز نم وذج هوفالن د ( )Hovland.C. 1963على المس تقبل باعتب اره اله دف من عملي ة االتص ال ،و
ذكر أن النواحي النفسية للمستقبل تؤثر على فكر و اتجاهات و سلوك المستقبل الذي يؤثر بدوره على
عملية االتصال ،و أوضح أن هناك أربع مراحل اتصالية متتابعة تؤثر كل مرحلة منها على المرحلة
أ ـ مرحلة المثيرات االتصالية المدركة Observable Communication Stimuli :و هي عبارة عن
المواقف المحيطة بعملية االتصال ،و التي تشمل محتوى الرسالة ،سمات شخصية القائم باالتصال ،أداة
و هي عبارة عن مرحلة ما قبل وصول الرسالة و تشمل مدى استعداد المستقبل لتقبل الرس الة ،األدوات
التي يستخدمها المرسل إلثارة انتباه المستقبل ،و خصائص المكان التي تثير انتباه المستقبل.
ج ـ مرحلة وصول الرسالة Internal Mediating Process :و هي العوامل الداخلية التي تؤثر في
عملي ة االتص ال ،و تح دث في ثالث مراحل متتابع ة و هي :االنتب اه ،و االس تيعاب ،و القبول ،فقد ينتب ه
د ـ مرحل ة الت أثير Communication Effects:و تش مل التغي ير في ال رأي ،و التغي ير في اإلدراك،
التغيير في الشعور ،و التغيير في السلوك و قد يحدث تغيير في اإلدراك يؤدي إلى تغيير في الرأي ثم
الهدفGoal :
54
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
نعني به تحديد هدف مسبق لعملية االتصال نفسها ،إذ البد أن يسأل المرسل نفسه لماذا يريد أن ينقل
هذه المعلومة و لمن؟ و ما هي النتيجة التي ينتظرها المرسل بعد انتهائه من االتصال بالفئة المستهدفة؟
المرسلSender :
و هو الطرف الذي يقوم بإرسال الرسالة إلى طرٍف آخر ( فرد أو أكثر) .و في حياتنا العملية نجد أن
المرسل ممن الممكن أن يكون أب ًا أو أم ًا أو معلم ًا أو مدربًا أو محاضرًا أو طبيب ًا ،أو أي شخص آخر
لدي ه معلوم ات وخ برات يري د أن ينقله ا لفئ ة أخ رى من الن اس لتس تفيد منه ا ،و المرس ل ال يظ ل يرس ل
طوال الوقت ألن عملية االتصال عملية تبادلية فعندما يتحدث المستقبل أو يستجيب ينعكس الوضع.
الترميزEncoding :
و تتمثل في استخدام رموز أو شفرات تعبر عن المعاني أو األفكار المطلوب إرسالها لطرف اآلخر.
الرســالة Message :و هي الرس الة العقلي ة ال تي يتم إرس الها للط رف اآلخ ر ،و هي ت تيح عملي ة
الترميز عن األفكار و المعاني المرغوب نقلها للطرف اآلخر .و الرسالة هي محور عملي ة االتصال ،و
هي التي تتم من أجلها عملية االتصال بين طرفين الدائرة ،فالرسالة ممن الممكن أن تكون عبارة عن
معلومات متوافرة في مجال معين لدى شخص معين يريد أن يفيد بها فئة معينة من الناس ،أو قد تكون
خبرات في عم ل أو وظيف ة أو مش اعر ك الخوف و القلق و عدم المعرف ة مثلما يحدث في ح االت تقديم
الرس ائل غ ير اللفظي ة :و تش مل ك ل م ا ه و غ ير منط وق مث ل حرك ات الجس م و تعب يرات الوج ه و
55
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و تمث ل الوس يلة ال تي من خالله ا يتم نق ل الرس الة إلى الط رف اآلخ ر أثن اء عملي ة االتص ال و ق د تك ون
ش فهية أو كتابي ة أو الكتروني ة ،و يتوق ف نج اح نق ل الرس الة على م دى مناس بة الوس يلة لتحقي ق ه دف
االتصال.
و هي عملي ة يقوم به ا الط رف اآلخ ر الذي اس تقبل الرس الة و ذل ك لتفس ير م ا ورد في الرس الة و م دى
المستقبل Receiver :وهو الذي يستقبل الرسالة المرسلة ،و يصبح المستقبل مرسًال حين يستجيب
للرس الة و يتفاع ل معه ا ،أي أن المرس ل يص بح مس تقبًال و المس تقبل يص بح مرس ًال من خالل عالق ة
تبادلية مستمرة ،و الحقيقة أن االتصال يصبح ناجحًا حين يفهم المرسل و المستقبل المعلومة نفسها.
األثر Effect :و نعني بها مالحظة األثر الذي طرأ على الفئة المستهدفة أثناء االتصال و بعده ،و
يقوم به المرسل لكي يتأكد من مدى تحقيق الهدف ،حيث ال فائدة من اتصال ال يغير معلومة أو سلوك
المعلومــات المرتــدة Feed Back :و تعكس ردة فع ل المس تقبل و اس تجابته للرس الة ،ل ذلك فاتج اه
التغذية المرتدة دائمًا يكون في عكس اتجاه المرسل مكنه الرسالة ،و قد سميت بهذا االسم ألنها ترتد من
المستقبل للمرسل لتغذيته بالمعلومات التي تجعله قادرًا على االستمرار في عملية االتصال و لما كانت
الرسائل لفظية و غير لفظية ،فمن الممكن أن تكون المعلومات المرتدة كذلك .و المعلومات المرتدة غير
اللفظي ة ال تتم إال إذا ك ان االتص ال وجه ًا لوج ه حيث تتض من المالحظ ة و النظ ر و تب ادل المش اعر و
56
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
االتصال عملية متشابكة العناصر حيث إنها تمتلئ بالرموز اللفظية و غير اللفظية التي يتبادلها المرسل
و المس تقبل في ظ ل الخ برات الشخص ية و الخلفي ات و التص ورات و الثقاف ة الس ائدة لك ل متص ل و ال
يمكن أن يتط ابق تف اعالن تمام ًا خالل عملي ة االتص ال ألن ك ل حال ة اتص ال فري دة و مس تقلة ب ذاتها و
عملية االتصال مستمرة ال تتوقف أو تتجمد عند نقطة محددة ،نظرًا ألن االتصال يشمل على سلسلة من
األفعال التي ليس لها بداية أو نهاية محددة ،فإنها دائمة التغيير و الحركة و لذلك يستحيل على المرء أن
يمسك بأي اتصال و يوقفه و يقوم بدراسته ،و لو أراد أن يفعل ذلك لتغير االتصال ألن االتصال مبني
على عالقات متداخلة بين الناس و بيئات االتصال و المهارات و المواقف و التجارب و المشاعر ال تي
يتك ون االتص ال من وح دات متداخل ة ،و تعم ل جميع ًا حينم ا تتفاع ل م ع بعض ها البعض من مرس ل و
مستقبل و رسائل و تغذية مرتدة و بيئة اتصالية .و إذا ما غابت بعض العناصر أم لم تعمل بشكل جيد
57
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
االتص ال نش اط ينب ني على التفاع ل م ع اآلخ رين حيث يق وم الش خص باإلرس ال و االس تقبال في ال وقت
نفس ه ال يمكن أن يتص ل ش خص ب آخر ح تى وص ول الرس الة ثم يق وم بإرس ال رس الة إلي ه أو يس تجيب
لرسالته ،إننا عادة ما نرسل رسائل إلى اآلخرين حتى قبل أن يكتمل إرسال رسائلهم إلينا .فمثًال يحدثك
ش خص عن حص ول ح ادث س ير لص ديق لكم ا ،و إذا ب ك قب ل أن يكم ل قص ة ح دوث الح ادث تظه ر
عالمات الحزن عليك و ربما نزلت منك دمعة ألم و هو مازال مستمرًا في حديثه ،و بالتالي يستجيب
هو لت أثرك فيختص ر القص ة و ق د يبدأ بتطمينك علي ه و أن ه بخير و هكذا تت داخل الرس ائل و تتفاعل و
التأس ف أو االعت ذار أو إص الح م ا أفس ده االتص ال أو ح تى نس يان االتص ال ،و لكن ال يمكن ه أو الظن
بأن ه لم يح دث .و كم ا أن ال تراجع عن االتص ال غ ير ممكن غالب ًا فإن ه ال يمكن تفادي ه في كث ير من
الح االت خاص ة في االتص ال الشخص ي،مثًال إذا م ا تف ادى أح دنا االتص ال من ج انب أص دقائه م ع
رغبتهم فيه فإن ذلك قد يؤدي إلى آثار سلبية على هذه الصداقة.
أ ـ قد يرسل شخص إلى آخر رسالة بقصد و يستقبلها اآلخر بقصد ،و بالتالي فإن االتصال يكون غالب ًا
مؤثرًا.
ب ـ و قد يرسل شخص رسالة بدون قصد آلخر يستقبلها عن قصد كمن يتنصت على محادثة خاصة
بين اثنين.
58
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
ج ـ قد يرسل شخص رسالة عن قصد إلى آخر غير منتبه لها فال يتفاعل معها.
د ـ و ق د يرس ل شخص ان رس ائل و يس تقبالنها دون قص د منهم ا ب ذلك ،و يتمث ل ه ذا بش كل كب ير في
ب رغم أن اإلنس ان يق وم باالتص ال بص فة مكثف ة و يؤدي ه بعفوي ة إَّال أن االتص ال ل ه أه داف متع ددة و
مستويات متباينة من المعاني ،و كل الرسائل فيها على األقل بعدان من المعاني؛ معنى ظاهر يبرز من
خالله محتوى الرسالة ،و معنى باطن آخر يحدد طبيعة الصلة بين أطراف االتصال كطريقة حديثنا و
التأكي د على بعض مقاطع الكالم و ما يص احب اللغ ة اللفظي ة من إيم اءات و إش ارات .فاالتص ال يؤدي
لنا وظائف متعددة و نقوم به من أجل تحقيق أهداف نسعى إليها(.المرجع السابق2009ص)8
يحقق الناس مجموعة من األغراض و يشبعون عددًا من االحتياجات من خالل االتصال ،إلى جانب أن
االتصال بشكل فعال يوفر قدرًا من المتعة و الرضا عن النفس ،و إن نجاح المرء في االتصال يشعره
بالسعادة و االرتياح.
و يتض ح من خالل رص د أغ راض الن اس من االتص ال أنه ا ت تركز ح ول تحقي ق ال ذات و الحاج ات
الشخصية و بناء العالقات مع اآلخرين ،كما يلعب االتصال دورًا كبيرًا في اإلعالم و الدعاية و إحداث
اإلقن اع و الت أثير العقلي و الع اطفي تج اه بعض األفك ار و القض ايا ك ذلك اإليح اء بأفك ار و اتجاه ات و
مقاصد معينة.
59
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
تغيير السلوك.
و لكنن ا عن دما نتن اول أه داف االتص ال أو وظائف ه من وجه ة نظ ر أي من المرس ل و المس تقبل نج دها
مختلفة بعض الشيء ،فمن وجهة نظر المرسل نجد أن هدف االتصال عنده هو:
اإلعالم.
التعليم.
اإلقناع.
الترفيه.
الحصول على معلومات جديدة تساعد على اتخاذ القرارات بشكل مفيد.
و يمكننا تقسيم المجاالت الرئيسية ألهداف الناس في االتصال إلى أربعة مجاالت رئيسية:
60
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
مهما كنا في مجتمع مستقر ينعم بالرخاء االقتصادي فإن حاجتنا إلى االتصال تتأكد للحفاظ على أبداننا
و أرواحنا ،إننا نتصل للحصول على الطعام و المسكن و الدواء و تجنب األخطار المحدقة بنا ،بل أن
الدراسات الحديثة أثبتت أن االتصال مهم لصحة اإلنسان و أن غيابه يؤثر سلبًا على هذه الصحة.
مهم ا ك انت حاج ة اإلنس ان مادي ة ف إن حاجات ه الروحي ة توازيه ا إن لم يكن أك ثر ،ك ل إنس ان يحت اج إلى
الشعور باألمن و االستقرار في ذاته و على نفسه ،إننا نشعر بحاجتنا إلى تقدير اآلخرين و أننا مرغوب
فين ا من الن اس .فال غ نى لن ا عن االتص ال فنحن بحاج ة إلب داء مش اعرنا و عواطفن ا و أفكارن ا تج اه
إننا نتصل من أجل إقناع اآلخرين حتى يفكروا و يتصرفوا بالطريقة التي نفكر و نتصرف بها ،نهدف
في أحيان كثيرة إلى تغيير آراء الناس و مواقفهم و حثهم على قول شيء أو فعله.
ربم ا ك ان ه ذا الغ رض ش بيهًا ب الغرض الس ابق ( اإلقن اع) إال أن ه يختل ف عن ه في أنن ا نري د إخض اع
اآلخ رين لس لطتنا بحيث ال يس تطيعون فع ل ش يء مخ الف .و ع ادًة م ا يق وم به ذا الن وع من االتص ال
األشخاص الذين يتمتعون بمكانة اجتماعية أو معرفة أكثر من اآلخرين أو أن لديهم أدوات اتصال ليست
61
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
ينخرط بعض المتصلين في االتصال مع اآلخرين من أجل البحث عن القرار المناسب تجاه تبني شيء
معين أو س لوك مح دد نفك ر في القي ام ب ه .و في ه ذا الص دد نبحث عن المعلوم ات و اآلراء و مواق ف
قد نتخذ قرارًا معينًا و لكننا ال ندري هل نستمر في تنفيذه أو نميل إلى التراجع و التوقف و هذا يعني
التعاون مع اآلخرين:
ه ذا المج ال ي تيح لن ا التع اون م ع اآلخ رين من خالل تك وين مجموع ات اجتماعي ة ننتمي إليه ا ك أفراد
و االتصال للتعاون من أجل تلبية احتياجاتنا االجتماعية و الوظيفية هي من أكثر أهداف االتصال حدوثًا
و أهمية.
إنن ا نتص ل من أج ل الحف اظ على األس رة و الحي و القبيل ة و الش ركة أو المؤسس ة ال تي نعم ل به ا أو
ننتمي إليها .فمن خالل االتصال نسعى إلى االستفادة من الكيانات االجتماعية التي توجد في مجتمعنا و
المؤسسات التي نتعامل معها كالمدارس و الجامعات و المستشفيات و غيرها مما نحتاج إليه و نحافظ
62
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
نحن نتبادل المعلومات و األخبار مع اآلخرين بشكل دائم و آني ،إننا نبحث عن المعلومة في كل جانب
من ج وانب الحي اة ،و ربم ا ك ان التص نيف االقتص ادي له ذا الغ رض ه و من أج ل تحقي ق المن افع لن ا و
إننا نتصل من أجل أن نتلمس موقعنا في البيئة من حولنا و فهم العالم الذي نعيش فيه و كيف سيتفاعل
مع أمور أربعة مهمة؛ ما نحمله من معتقدات ،كيف ننظر إلى أنفسنا ،طبيعة عالقاتنا باآلخرين ،و ما
نظن ه حقيق ة و واق ع .و ه ذه األم ور تح دد لن ا الخريط ة المادي ة و االجتماعي ة لم ا ه و حولن ا و الع الم
الداخلي في نفوسنا.
هن اك غ رض واح د ب ارز تحت ه ذا التص نيف و ه و أن الن اس يقوم ون باالتص ال بقص د التعب ير عن
أمانيهم و رؤيتهم لآلخرين بطريقة مبدعة سواء أكان بالكلمات أو بالصور أو األصوات أو أي صيغة
أخرى.
يقسم كل من " رويش" و " باستون" عملية االتصال إلى أربعة أشكال هي:
االتصال الذاتي:
63
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
أي االتصال بين الفرد و ذاته ،و هو االتصال الذي يتمثل في الشعور و الوعي و الفكر و الوجدان و
االتصال الشخصي:
هو الذي يحدث بين فرد و آخر و ينطوي هذا االتصال على نوعين رئيسين:
االتص ال الثن ائي :يش مل ع ادًة المحادث ة بين شخص ين كم ا يحص ل بين األص دقاء و في ه ذا اإلط ار
يرسل و يستقبل االثنين رسائل من خالل اللغة اللفظية و غير اللفظية ،و هنا يتحقق للمتصل أكبر قدر
من التفاعل و رجع الصدى ،كما يقل التشويش نظرًا لمعرفة كل طرف منهما بظروف االتص ال و لديه
الفرصة للتأكد من وصول الرسالة و فهمها كما يريد( .أحمد وحيد 2009ص)22
االتصال في مجموعات صغيرة :هذا الشكل من االتصال يتحقق في الجماعات األولية التي تتمثل
في األسرة ،جماعات النشاط الحر ،و هي جماعات صغيرة تنشأ بين أعضائها عالقات شخصية.
و نظ رًا لوج ود مجموع ة من المرس لين و المس تقبلين في آن واح د ف إن عملي ة االتص ال ،تص بح أك ثر
تعقيدًا من االتصال الثنائي كما تزيد فرصة االرتباك و عدم الوضوح و زيادة التشويش على الرسائل.
االتصال الجمعي:
في االتصال الجمعي تنتقل الرسالة من شخص واحد ( متحدث) إلى عدد من األفراد ،يستمعون و هو
ما نسميه بالمحاضرة أو الحديث العام أو الخطبة .و عادة ما يتميز االتصال الجمعي بالصبغة الرسمية
و االل تزام بقواع د اللغ ة ووض وح الص وت .و ال يمكن غالب ًا للمس تمعين أن يق اطعوا المتح دث و إنم ا
يمكنهم التعب ير عن م وافقتهم أو ع دم م وافقتهم بالتص فيق أو ه ز ال رأس أو بالمقاب ل ب اإلعراض عن ه أو
64
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
االتصال الثقافي:
هو الشكل الذي تتفاعل فيه البيئة الثقافية في شكل عمليات اجتماعية ،تتنوع فيها المعلومات و المؤثرات
و يحدث االتصال الثقافي أيضًا حينما يتصل شخص أو أكثر من ثقافة معينة بشخص أو أكثر من ثقافة
أخرى ،و حينئذ البد أن يعي المتصل اختالف العادات و القيم و األعراف و طرق التصرف المناسب،
و إذا غاب هذا الوعي فإنه سينتج عن االتصال قدر من سوء الفهم( .أحمد وحيد2009ص)23
االتصال الجماهيري:
و يحدث من خالل الوسائل االلكترونية كاإلذاعة و التلفاز و األفالم و األشرطة المسموعة و االنترنت
االتصال غير اللفظي :و يتمثل في طريقة النظر ،االبتسامة ،الضحك ،الحركات ،اإليماءات...الخ
و يس اهم االتص ال غ ير اللفظي بطريق ة ج د مهم ة في مع نى الرس الة و يت أثر ه ذا األخ ير بالتربي ة ،و
الثقافة التي نعيش فيها و بمعنى أصح يتأثر بطريقة تأويلنا لألمور)Charli Cungi 1996 p 24( .
يمكن أن نعتق د بس هولة أن االتص ال غ ير اللفظي ل ه أهمي ة قليل ة ل دى البش ر ،و لكن في الحقيق ة ه ذا
األخ ير يك ون أك ثر ت أثيرًا و فعالي ة من االتص ال اللفظي ،حيث يمكن لالتص ال غ ير اللفظي أن يرس ل
65
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
مع اني ال يمكن للكلم ات أن ترس لها إال بص عوبة ،مثًال االبتس امة ممكن أن تع بر على م ا نش عر ب ه في
بعض األحي ان أك ثر من الكلم ات ،و ممكن له زة أو رمش ة عين أن تغ ير كلي ًا مع نى الجمل ة .و يرس ل
االتصال اللفظي.
و قد بين العديد من الباحثين أهمية االتصال غير اللفظي ،كالدراسة التي قام بها كل من " ماريلين شيا"
Marilyn Sheaو " ه وارد روزنفيل د" Howard Rosenfeldمن جامع ة كنس اس Kansasو ال تي
تمت على 40معلمًا يدرسون 40طالبًا بطريقة فردية ،حيث وجدا أن المعلمين يقدموا معلومات كثيرة
للطالب حول فشلهم و نجاحيهم في التعلم عن طريق االتصال غير اللفظي ( حركة الرأس ،االبتسامة،
عض الشفاه...الخ)
و على ما يبدو أن المعلمين ال يعلمون بأنهم يعطون معلومات كهذه بطريقة غير لفظية ،و قد ساعدت
هذه المعلومات الطالب على التعلم بسرعة))Jean Marie, Madeleine 1979p 111 .
و كذلك دراسة " دونالد تيبر" Donald Tepperبمدرسة داوسون Dawsonبمونتلاير Montréal
و دراسة " ريتشارد هاص" Richard Haaseبجامعة تكساس ، Texasو مفادهما أن التعبير غير
بصراحة عن مشاعر ،فمثًال تعبيرات الوجه هي عنصر ج ُد مهم إليصال مشاعر التعاطف و االحترام
لآلخر.
و فيما يخص التعبير عن المشاعر فمختلف المكونات غير اللفظية لها أهمية كبيرة مثل حركة الجسم
و حسب دراسة " باتريك شروت" Patrick Shroutمن جامعة كولومبيا ، Columbiaأن األشخاص
األك ثر نش اطًا على مس توى االتص ال غ ير اللفظي في ح ديث م ا يخلق ون و ي تركون انطب اًع جي دًا ل دى
66
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
اآلخرين .و بعبارٍة أخرى ال يجب الخوف من التعبير غير اللفظي فهذا يحسن بصفٍة عامة األحكام التي
و حتى نتصل بلباقة مع اآلخرين و حتى نؤكد ذواتنا ال يكفي إذن أن نعرف ما نقول ،بل يجب أيض ًا
أن نعرف كيف نقوله ،فأجسامنا و هيأتنا يرسالن اتجاهاتنا و أفكارنا و مشاعرنا ،و تعبيرات أوجهنا و
أيدينا و صوتنا و لباسنا ،كلها تقول و توحي بأشياء هي األخرى و تستطيع أن تجعل ما نقول ه بالكلمات
أقوى.
االتصال البصري :بمجرد النظر إلى شخص بطريقة مباشرة ممكن أن يزيد هذا من مستوى اإلثارة
النفس ية و االنفعالي ة عن د المس تقبل و ه ذا م ا يس ميه الخ براء مس توى التنش يط أو الفعالي ة Niveau
اللحظ ة بمجرد أن نوض ح ما نريده من ه ،فيجيب و يقترب منا ،و إذا لم يعرف ما نريده منه و إذا لم
فق د وج د " ايل زورث" Ellsworthو " ل ونجر " Langerأن 10أش خاص من 12ش خص يس اعدون
إذن كلما كان االتصال البصري لألشخاص جيد كلما اعتبروا أقوياء و فعاليين لآلخرين حسب دراسة
67
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
كل هذا يبين أهمية االتصال البصري في االتصال ف الكثير من األشخاص يجدون صعوبة في الحفاظ
على االتص ال البص ري عن دما يتكلم ون م ع ش خص م ا ،حيث يب دو م نزعجين و عص بيين و ينقص هم
و لكن يجب أن يك ون هن اك ت وازن في كيفي ة النظ ر ،فالتح ديق الكث ير و المب الغ في ه يك ون أحيان ًا غ ير
الئ ق أثن اء االتص ال ،و يمكن لالتص ال البص ري أن يش جع المحادث ة كم ا يمكن أن ينهيه ا ف إذا ص رفنا
النظر عن اآلخر ينهي المحادثة معنا ،فاالتصال البصري جُد مهم في االتصال بين األش خاص ل ذا يجب
أن نكون قادرين على الحفاظ عليه بطريقة الئقة حسب ظروف السياق االتصالي.
الصوت :في دراسة قام بها باحثون من جامعة كاليفورنيا " بوجنتال هانكر " Bugental Henker
و "والن" Whalenوج دوا أن األش خاص ال واثقين من ذواتهم و ال ذين يس تطيعون تس يير حي اتهم
يظه رون أك ثر تأكي دًا من خالل مس توى ن برة ص وتهم أك ثر من محت وى مح ادثتهم ،و العكس ص حيح
و يرى هؤالء الباحثون أن هذه النتيجة تبين أن نبرة الصوت هي ميزة و خاصية ال نكون على وعي
فاألشخاص األقل ثقًة بذواتهم يحاولون التأثير على اآلخرين عن طريق محتوى عدواني و أيضًا تأكيدي
و لكن نقص ثقتهم ب ذواتهم تظه ر في ن برة ص وتهم ،حيث يكون وا غ ير فع الين في مختل ف الوض عيات
االجتماعي ة ،مثًال عن د طلب الطاع ة من أطف الهم .و من جه ة أخ رى األش خاص األك ثر ثق ًة من ذواتهم
و في المقابل كلما كان الصوت مرتفع ًا كلما ّد ل على أن الفرد عصبي ،و إذا تكلم بصوت منخفض ّد ل
على أنه سلبي و هذا باألخذ بعين االعتبار الوضعية االتصالية التي يكون فيها .إذن من الممكن القول
68
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
ففي دراس ة "ايزل ر" Eislerو " ميل ر" Millerو " هارس ن" Hersenح ول مختل ف الخص ائص ال تي
تف رق األش خاص التأكي ديين عن غ يرهم وج دوا أن األش خاص التأكي ديين يس تجيبون بس رعة لوض عيات
تعب ــيرات الوج ــه و الحرك ــة :إن تعب يرات الوج ه تع بر كث يرًا عن اتجاه ات الف رد نح و اآلخ رين
فقد وجد " باتريك شروت" Patrick Shroutفي دراسته أَّن االبتسامة مهمة بالنسبة للرجال ألنها تترك
انطب اع جي د ل ديهم ،ألَّن الرج ال لهم نزع ة لالبتس ام أق ل من النس اء حيث تص بح االبتس امة عام ل أك ثر
فهناك الكثير من األشخاص من يجدون صعوبًة في االبتسامة و هناك الكثيرون من يجدون صعوبًة في
عدم االبتسامة ،فهناك أشخاص يضحكون حتى و هم في حالة غضب و آخرون ال يضحكون ح تى وهم
سعداء ،و آخرون عندهم تعبير جامد و بارد حتى ولو أرادوا التعبير عن المشاعر و العواطف ،فمن
المهم و حتى يفهمنا اآلخرون أن يكون لدينا تعبير وجهي يعكس ما نشعر به.
االتصال مع اآلخرين ،وعندما يكون الفرد يقظ و حذر في حركاته يساعده هذا في إدراك الرسائل و
المســافة البينشخصــية :نحب أن ن ترك بعض المس افة م ع الش خص ال ذي نتح دث إلي ه حس ب الثقاف ة
السائدة و الوضعيات االتصالية ،و حسب األفراد ،و حسب ما نريد قوله فاألصدقاء مثًال يقتربون من
بعضهم عكس الغرباء .و إن االقتراب الكثير و االبتعاد الكثير يمكن أن يشعر الفرد بعدم االرتياح لذا
69
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
الهيئة العامة :إن طريقة لباسنا و كذلك مظهرنا العام يعبر كثيرًا عنا ،ما هي الصورة التي نريد
أن نقدمها عن أنفسنا عن طريق مظهرنا؟ هل نشعر باالرتياح على أنفسنا في هذا المستوى؟هل نشجع
المالحظ ات االيجابية و السلبية ألصدقائنا على أنفس نا من خالل هذا المستوى؟ مثًال ما اللباس من بين
مالبسنا الذي يشعرون بالثقة بالنفس و نرتديه في مناسبة خاصة بالنسبة لنا حتى نكون تأكيدين.
و بالطبع هذا يختلف بالنسبة لكل واحد منا و بالنسبة للوضعيات االتصالية المختلفة.
الكلمة هي األداة األكثر أهمية التي نملكها لجعل حياتنا مهمة ،فلنتخيل كيف تكون حياتنا بدون كالم.
طبع ًا س نجد ص عوبة في اإلظه ار لآلخ رين من نحن و كي ف نفك ر؟ و م اذا نش عر؟ و م اذا يش عرون
اتجاهن ا و اتج اه وق ائع أخ رى؟ م اذا يرغب ون و م اذا ينتظ رون من ا و من الحي اة عام ًة؟ فب دون الكالم
تتطور معارفنا بطريقة بطيئة بسبب نقص التبادالت مع اآلخرين؟ فلنتخي ل إذن إذا لم يستطع أح ٌد منا
الكالم و االتصال اللفظي هما ما يشكالن أغلبية االتصاالت اليومية بين البشر ،و هذا ما يسمح بإقامة
عالقات عميقة و ما يسمح أيضًا للعالقات الثنائية بالتطور و ذلك بإعطاء الدعم لكل فرد داخل العالقة،
و الش عور بالحن ان و الرض ا الكب ير في الحي اة .فبمج رد الكالم عن المش اكل و الص عوبات داخ ل عالق ة
و لكن لألس ف ممكن أن يجلب االتص ال اللفظي الكثير من المشاكل في الحياة ،ف الكالم يسمح لنا بخلق
الس عادة لدى اآلخر و كذلك خلق مش اعر الح زن و الغض ب ،بمعنى آخر االتص ال اللفظي هو مصدر
مهم لمش اعر االرتي اح و ع دم االرتي اح .و لتجنب ذل ك الب د من مجموع ة من المه ارات تجع ل من
70
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
8ـ 3ـ 1مهــارات االتصــال اللفظي :يق وم االتص ال اللفظي على اس تخدام الرم وز اللغوي ة المنطوق ة
التي تنقل األفكار و المشاعر و االتجاهات و يشترط فيه لغة بسيطة ،سهلة و واضحة يفهمها الطرفان
التعبير المباشر عن المشاعر :إَّن ردة فعل الناس لما نقوله شفهيًا ترتبط كثيرًا بطريقة قولنا لألمور
كقولن ا مثال{ :يجب أن تتوق ف عن الت دخين فالرائح ة ج د كريه ة} و المالح ظ أن ه ذه العب ارة ال تع بر
مباشرًة عن مشاعرنا ،و تبدو كمن يعلن اتهام ًا أو إعطاء أحكام سلبية على سلوك اآلخر ،و تقدم رأينا
اآلخر لمشاعرنا و ليس التهام يحمل طابع األمر)Jean Marie, Madeleine 1979p 131( .
و نفس الشيء بالنسبة للتعبير عن المشاعر االيجابية فإذا قلنا ألحد ما أننا نحبه أو نحب طريقة عمله
هك ذا نك ون ق د عبرن ا عن مش اعرنا بطريق ة مباش رة ع وض الق ول مثًال {:أنت محب وب أو أنت تعم ل
جي دًا} فالعبارت ان األخيرت ان تكِّو ن ان أحك ام شخص ية و تق دمانها على أنه ا حقيق ة أكي دة ،و بص فة عام ة
الجم ل ال تي تع بر مباش رًة عن المش اعر هي ال تي تب دأ بالض مير " أن ا" أو " ه ذا" ع وض الب دء بالض مير
"أنت" .مثًال {:يزعج ني أن ك لم تحض ر أس طواناتي }.ع وض الق ول { :ه ذه ع ادة س يئة لع دم إحض ارك
األشياء التي أعيرك إياها }.فهناك أشخاص ال يتقبلون هذا التعبير ،حيث نالحظ أن التعبير في الحالة
األولى يتمح ور ح ول مش اعر المتكلم و في الحال ة الثاني ة ح ول االته ام .و الش عور باالته ام ممكن أن
71
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
إذن الطريقة البناءة و المباشرة للتعبير عن المشاعر االيجابية و السلبية يمكن أن تتلخص في تركيبة أو
عب ارة بس يطة ،تتلخص في الق ول الت الي {:عن دما تق وم بمث ل ه ذا الس لوك المعين في موق ف معين أن ا
طلب اإليضــاح :عن دما التعب ير عن األفك ار و المش اعر ،إن ه من الض روري أحيان ًا أن نتأك د إذا فهم
اآلخ ر م ا نري د قول ه ،أي معرف ة إذا م ا تس اوى األث ر م ع الرغب ة أو الطلب ،فمن الجي د أن نطلب من
و طلب اإليضاح يكون بطريقة واضحة و الئقة فال يجب القول مثًال {:أعد ما قلته لك أعتقد أنك جد
و لكن يجب القول مثًال {:أحب أن أعرف إذا عبرت لك بطريقة واضحة ،فماذا فهمت مما قلته لك ،و
ما تشعر به اتجاه ما قلته ،أو ماذا قلت حتى كانت ردة فعلك هكذا}.
احترام اآلخرين :عندما يس يء إلين ا أحد م ا أو نعتقد أن ه س وف يؤذين ا تكون ل دينا نزع ة كي نسيء
إليه بدورنا فنمنعه من الكالم ،و هذا ما يفسد االتصال كلي ًا .كلما أسيء إلينا أو كلما اعتقدنا ذلك كلما
ك ان من الص عب تجنب ردة الفع ل ه ذه .و لكن األص ح أن ه في ال وقت ال ذي نج رح في ه أو يس اء إلين ا
يكون الرد و تجنب اإلساءة حتى نتجنب سوء التفاهم و الحفاظ على العالقة ،لذا يجب تجنب اإلساءة و
المجامالت المزيفة و السخرية كقول مثًال {:أعلم جيدًا أنت ال تفهم أبدًا}.
وفيم ا يخص المالحظ ات الجارح ة ح ول الماض ي ،فنحن نتح دث كث يرًا عن م ا لم نحب ه في الماض ي
عوض الحديث على ما نشعر به اآلن .و التكلم على األشياء السيئة التي حدثت في الماضي يمنعنا من
تسوية المشاكل الحالية ،فمن المهم إذن التعبير عن المشاعر الحالية اتجاه المشاكل الحاضرة.
الحذر و المخاطر في التعبير عن المشاعر :حتى و لو كان من المهم أن نقول ما نفكر و ما نشعر
به هذا ال يعني أنه يجب فعل هذا دائمًا مهما كانت األوضاع ،ففي بعض الحاالت يكون لدينا انطب اع أن
72
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
التعب ير عن مش اعرنا يمكن أن يس تقبل بطريق ة س يئة أو يمكن أن يج رح و ي زعج اآلخ رين أو يزعجن ا
نحن أيض ًا .إذن يجب الح ذر ،و من المستحس ن أن نق ول ه ذه المش اعر الشخص ية في ج ّو من التقب ل
المتب ادل .في حين يجب تجنب الح ذر كث يرًا و االنغالق إذا ك انت هن اك إمكاني ة تط وير عالق ات
بينشخصية غنية فمن المستحسن أخذ المخاطر عوض البقاء منغلقين كثيرًا ،فقد نندهش أحيانًا بأن الن اس
فق د وج د " ج ونز" Jonesو " آرش ور" Archerبجامع ة دوك Dukeفي دراس ٍة لهم ا أن الن اس
يستحسنون كثيرًا األشخاص الذين يتكلمون عن نقاط ض عفهم أو ميزاتهم السلبية ،أكثر من األشخاص
أم ا دراس ة " ديرالغ ا" Derlegaو " ه اريس" Harrisو " ش ايكين" Chaikinفق د بينت العكس ف إذا
تكلم الش خص عن نق اط ض عفه لك ل الن اس ق د ي زعج اآلخ رين بكالم ه و حديث ه و يعكس أيض ًا م يزات
شخص ية و ال تي تعت بر منحرف ة أو مرفوض ة اجتماعي ًا .ل ذا يستحس ن بعض الت وازن في ه ذا األم ر فال
ب أس أن ننفتح لبعض األش خاص القري بين من ا ،و ليس من الض روري االنفت اح لك ل الن اس ،خاص ة إذا
اإلص ــغاء لآلخ ــر :من بين المش اكل األساس ية في العالق ات البينشخص ية ع دم أخ د ال وقت الك افي
لالس تماع لآلخ رين ،حيث ل دينا ع ادة الحكم على اآلخ رين و استحس انهم أو اس تهجانهم بس رعٍة ،خاص ًة
إذا شعرنا أننا معنيين باألمر أو عندنا مصلحة واضحة أو مخفية فيما إذا كان اآلخر على حق أو ال،
فنس تطيع أن نتجاه ل بس هولة رس ائل اآلخ رين و ه ذا م ا يخل ق س وء التف اهم و المناوش ات غ ير
الضرورية .و هناك سلوك آخر يُّسد و يعرقل االتصال و هو إذا ما اعتقد الشخص أنه على حق جدًا و
يقول أشياء جد مهمة حيث يعتقد أنها مضيعٌة للوقت إذا استمع لآلخر ،فيترك القليل من الوقت لآلخر
73
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و أن تكون مستقبًال جيدًا هو أن تعرف السكوت ألجل اإلصغاء لآلخر ،و هذا جد مهم في االتصال،
اإلصغاء السلبي :الطريقة األفضل كي تكون مستمعًا و مستقبًال فعاًال تكون أحيان ًا بأن تبين لآلخر
أنك تهتم لما يقول و تشجعه كذلك على الكالم ،و لهذا يجب أوًال أن تكون منتب ًه لآلخر و أن تنظر إليه
و تتجنب ع دم االنتب اه ،و تس تطيع أن تض يف إش ارات ب الرأس أو جم ل قص يرة ال تي ت بين اهتمام ك و
تشجيعك لآلخر على إكمال حديثه مثال نقول {:أم ،حسنًا ،هذا مهم ،و إذن ...الخ}
فبعض الدراس ات بينت أن ق ول { أم } أي اإلص غاء الس لبي في محادث ة م ا و في ال وقت ال ذي يتكلم في ه
اآلخر في موضوع خاص يشجعه هذا على الكالم أكثر حول الموضوع.
و حس ب دراس ة " فيش تي" Fischettiو " كوغ ان" Corranو " ويزب رغ" Wessbergأن األش خاص
القلقين و المنزعجين يكون سمعهم سلبي أكثر من اآلخرين و في كثير من األوقات غير المناسبة.
إذن هن اك أوق ات مناس بة و أو ق ات غ ير مناس بة لإلص غاء الس لبي فم ا هي األوق ات المناس بة لإلص غاء
السلبي؟
اكتشف " آرون سيغمان" Aron Siegmanأنه بمجرد قول { أم ،أم} بالصدفة بمعنى بدون األخذ بعين
االعتب ار م ا يقول ه اآلخ ر ال يش جع اآلخ ر على التكلم كث يرًا في حين يخل ق ه ذا ج ٌّو من ال دفء و
الصداقة .فاإلصغاء السلبي كل الوقت أثناء المحادثة يمكن أن يوحي لآلخر أننا نريد االستماع إليه و
لكننا غير مهتمين بما يقوله بشكل خاص ،هناك إذن أماكن و في أوقات معينة نبين فيها لآلخر بوض وح
ما يهمنا بالضبط مما يقول ،و نستطيع قول ذلك بسهولة بفضل اإلصغاء الفّعال.
74
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
اإلصــغاء الفّع ال :يمكن للمس تقبل أن يأخ ذ دورًا ج د فع ال أثن اء االتص ال و ذل ك ب أن يفهم جي دًا م ا
يقوله المرسل ،حيث يبين للمرسل أنه يتقبل مشاعره و يساعده بذلك على توضيح رسالته ،و العنصران
أو اإلجراءان المهمين و اللذان يساعدانه في ذلك هما؛ عكس المحتوى ،و عكس المشاعر.
عكس المحتوى :هذا اإلجراء يضمن للمستقبل الفهم الجيد لمحتوى رسالة المرسل ،و ه و أن يعطي
المس تقبل تأكي دًا للمرس ل عن دما ينتهي من كالم ه ،حيث يمكن للمس تقبل أن يعطي و جه ة نظ ره فق ط
عندما يالحظ المرسل أن المستقبل فهم رسالته حق ًا .فأحيان ًا نعتقد أننا فهمنا جيدًا رسالة اآلخر في حين
ليس هذا هو الحال و يحدث هذا بسرعة أثناء محادثة ما و ال ندرك أو نعي خطأنا ففي هذه األثناء ال
نأخذ الوقت لعكس المحتوى ،فالمستمع الجيد يضمن دائم ًا أنه فهم رسالة المرسل جيدًا و ال يخمن ما
ي دور في رأس ه من أفك ار ،ب ل يق وم بعكس المحت وى خاص ًة في الوض عيات أين التف اهم المتب ادل بوج ه
خاص جد مهم (إيصال المشاعر الجّد شخصية ،االنتقادات ،المشاكل البينشخصية ،الصراعات...الخ)
حيث يعيد المستقبل بصيغة أخرى ما قاله المرسل و يطلب منه إذا ما فهم جيدًا رسالته.
عكس المشاعر :إن أفضل طريقة كي نبين لآلخر أننا نتقبل و نفهم مشاعره تكون فقط بتسمية هذه
المشاعر مثًال :إذا كنا أمام شخٍص يبدو مكتئبًا و على حافة البكاء يكفي أن نقول {:ال أعلم لماذا و لكنك
تب دو ج ّد حزين ًا الي وم }.و ه ذا االنعك اس للمش اعر ي بين لن ا إذا م ا فهمن ا مش اعر اآلخ ر و ي دفع ب اآلخر
للتعبير الدقيق ،و الذي يعكس في نفس الوقت تقبلنا لهذه المشاعر.
و من األفضل أحيان ًا أن نعكس مشاعر اآلخرين بأن نبين لهم أننا لسنا أكيدين أو واثقين أننا نفهمهم و
لكننا نريد ذلك ،و يكون هذا بتكوين و توظيف جمل مناسبة كقولنا مثًال{:عندي انطباع أنك تريد قول
شيء ما { }.يبدو لي أنه { }....هل تريد القول بأنك تشعر ب }.....و تساعد هذه الجمل اآلخر على
75
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
التعبير عنها ،و أن يربط هذه المشاعر بوضعيات و أحداث معينة ،و هذا ما يساعد الطرفين على الفهم
و لكن هن اك ح االت من المستحس ن فيه ا أن ال نع بر مباش رة عن مش اعرنا الس لبية كث يرًا ،مثًال إذا كن ا
أمام شخص مكتئب نتيجة فشله في عمله ،هنا من المستحسن عكس إدراكنا للحالة الخارجية التي تعتبر
أساس الشعور باالكتئاب الذاتي عوض الحديث عن الشعور السلبي .فإذا قلنا مثًال"{ عندي انطباع أنك
تشعر بالغباء ألنك فشلت في عملك}.و بهذه الطريقة نشجع بالتأكيد هذه المشاعر السلبية و نؤججها.
فمن المستحس ن أن نق ول {:يب دو ل ك ه ذا العم ل ج د ص عب لدرج ة لم تتوقعه ا }.و ه ذا الق ول يمكن أن
و من بين أه داف انعك اس المش اعر ه و خل ق ج ًّو ا من الثق ة المتبادل ة و مش اعر الرض ا و القب ول بين
المتصلين ،و إذا تسرعنا في إعطاء النصائح لآلخر ممكن أن نجعله يشعر بالنقص و الغباء و هذا ما
يمنع ه من االنفت اح و التكلم عن مش اعره .فممكن أن يك ون لآلخ ر حل وًال عن مش اكله ب دون أن نعطي ه
نحن النصائح ،و قبول مشاعر اآلخرين ال يعني أن ننسى مشاعرنا الخاصة ،فنحن نستجيب جدًا بالتقليد
ففي عالق ة كلم ا تكلم ش خص عن مش اعره بثق ة كلم ا تكلمن ا نحن عن مش اعرنا و ه ذا نتيج ة إحساس نا
باألمان ،كما أن تقبل مشاعر اآلخر ال تعني أبدًا أن تكون لدينا نفس المشاعر مثًال إذا كان اآلخر في
حال ة غض ب فليس من الض رورة أن نغض ب نحن أيض ًا ،فيجب أن نحتف ظ بمش اعرنا الخاص ة و نع بر
ح ــدود اإلص ــغاء الفّع ال :في الحي اة اليومي ة يجب أن نفهم أن اآلخ ر ال يمكن أن يعكس مش اعرنا
بسرعة و هو الحال بالنسبة لنا فمن غير الممكن أن نتقبل و نفهم جميع المشاعر ،فكل هذا يأتي بطريق ة
طبيعية و متدرجة في عالق ة م ا .فيمكن أن ننفتح لشخص ما بسرعة و يبادلن ا نفس الشعور في عالق ة
ما ،لكن ال يجب أن تكون هذه قاعدة عامة و نعتقد أن كل العالقات ستكون مثل هذه العالقة.
76
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و إجم اًال نق ول أن عكس المحت وى و عكس المش اعر هم ا ج د مهمين في األح اديث و العالق ات
الشخص ية لح ل الص راعات و توض يح االتص ال بين شخص ين .و أخ يرًا كم ا أن هن اك وقت مناس ب
لإلصغاء الفّع ال هناك وقت مناسب لنصيحة اآلخر حتى نبين له أننا نفهمه و أننا متفقين معه ،وهذا ما
يخلق اتصاًال جيدًا و حًال سريعًا للمشاكل و الصراعات (.المرجع السابق 1979ص)152
تتمث ل معوق ات االتص ال في المش اكل ال تي تص ادف أح د عناص ر العملي ة االتص الية و هي جمي ع
المؤثرات التي تمنع عملية تبادل المعلومات أو تعطلها أو تأخر إرسالها أو استالمها أو تشوه معانيها،
أو بعب ارة أخ رى أي ع ائق يقل ل من فعالي ة االتص االت األم ر ال ذي ينعكس على عملي ة االتص ال و ال
يجعله ا تحق ق الغ رض المطل وب منه ا بالدرج ة المناس بة ،و بعض ه ذه المعوق ات كامن ة في الرس الة أو
القناة المستخدمة أو المرسل أو المستقبل ،و البعض اآلخر من هذه المعوقات ناتج عن البيئة المحيطة
بنا .و لذا فإن التعرف على هذه المعوقات و معالجتها يؤدي إلى رفع كفاءة االتصال في الوصول إلى
األهداف المطلوبة.
معوقات متعلقـة بالهـدف :و هي أن تك ون أه داف الرس الة غ ير واض حة ،مم ا يجع ل ه دف الرس الة
غير واضح.
77
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
تعامله مع كم هائل من الرسائل ،مما يؤدي إلى تعامله مع البعض منها و إهمال البعض اآلخر.
التفسير الخاطئ للرس الة ،نتيجة عدم القراءة الص حيحة ،أو رفض و تجاهل المضمون أو الموقف
العدائي مع المرسل ،أو التفسير على ضوء ما ينتظره المستقبل و ليس ما تعنيه المعلومات بالفعل.
تب اين اإلدراك :أَّن التب اين بين األف راد في إدراكهم للمواق ف المختلف ة يع ود إلى اختالف اتهم الفردي ة،
األمر الذي يؤدي إلى اختالف المعاني التي يعطونها لألشياء و طريقة تفسيرهم لها.
ع دم التط ابق في تفس ير مض مون الرس الة عن د ك ل من المرس ل و المس تقبل الختالف الخ برة و
االتجاه ات الس لبية :و تتض من اتجاه ات المرس ل الس لبية تج اه نفس ه ،أو اتج اه الموض وع ،أو اتج اه
المستقبل ،فإذا كانت لدى المرسل نظرة سلبية مسبقة اتجاه اآلخر الشك أَّن هذا يشكل معوق ًا لالتصال،
و عليه فال يمكن أن يتم أي نوع من التواصل الفّعال ،ألّن هناك تشويشًا على فهمنا ،و الصحيح أن نب دأ
التواصل في حالة من الحياد ،و نجتهد في تفسير ما َيرد إلينا من الرسائل على وجه صحيح ،ثم نرسل
القص ور في المه ارات االتص الية :إَّن االتص ال الفّع ال يتطلب ت وافر مه ارات معين ة في ك ٍل من
المرس ل و المس تقبل كمه ارة التح دث و االس تماع ،فوج ود القص ور في ه ذه المه ارات يعت بر عائق ًا في
المعتقدات :و تتعلق بالبعد االجتماعي ،القيم و العرف ،و التقاليد ،و المفاهيم السائدة في المجتم ع و
78
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و يتب اين األش خاص في االس تجابة لنفس الرس الة ألس باب و دواف ع شخص ية مختلف ة ،منه ا التعليم و
التجارب السابقة ،وبناًء على ذلك يختلف رد فعل شخصين من بيئتين مختلفتين حول موضع واحد.
اإلدراك االنتقائي :حيث يتجه الناس إلى سماع جزء من الرسالة و إهمال المعلومات األخرى لعدة
أسباب منها الحاجة إلى تجنب حدة التناقض المعرفي ،لذلك يتجه الناس إلى غض النظر عن المعلومات
التي تتعارض مع المعتقدات التي رسخت فيهم من قبل ،و يحدث اإلدراك االنتقائي حينما يقوم المتلقي
بتقويم طريقة االتصال بما في ذلك دور و شخصية و قيم و مزاج و دوافع المرسل.
ع دم االهتم ام و ع دم الراح ة :و هي أن يك ون المرس ل و المس تقبل غ ير مهتمين بالرس الة أو يكون ا
عدم اشتمال الرسالة على عنصر التشويق و اإلثارة الذي يخاطب إدراك المستقبل ،و يضمن قوة
تفاعله معها.
عدم تناسب موضوع الرسالة مع المستقبل من حيث اهتمامه و درجة استيعابه و مستوى إدراكه و
تلبية احتياجاته.
أم ا أعم ال الب احثين في علم النفس ح ول االتص ال فق د ك انت البداي ة من مدرس ة ب الو آلت و Palo Alto
بكالفورني ا و ال تي اختلفت كلي ًا عن نظ رة "ويف ر و ش انون" ح ول االتص ال ،ه ؤالء الب احثون ي رون أن ه
رغم أن نظري ة "شانون و ويفر" لها قوة في اس تعمالها من طرف المهندس ين و لكن تطبيقها في العلوم
اإلنس انية ال يوافق ون علي ه ،ألن ص يرورة االتص ال في العل وم اإلنس انية تحت اج إلى نم وذج خ اص به ا
تدرس و تحلل في إطاره و يرون أن االتصال بين فردين ال يتحدد في االتصال الكالمي أو الشفهي أو
اللفظي لكن هو صيرورة معقدة أكثر أين السلوك الجسمي بما فيه اإلشارات و كل الحركات اإلرادية
79
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و غ ير اإلرادي ة تلعب دورًا خ اص ،ك ل فع ل إنس اني مح دد حس ب قواع د س لوكية مح ددة ثقافي ًا ،و
نظريتهم تقوم على " ال نستطيع عدم االتصال" بمعنى أن االتصال منهج و صيرورة اجتماعية مستمرة
تحوي عدة نماذج للسلوك ،الكلمة ،اإلشارة ،اإليماءات ،النظرة ،المجال الفردي...الخ
المختص في البيولوجي ة الحيوي ة و أعم ال "باتس ون" Gregory Batesonح ول القي د الم زدوج (
,)double contrainteم ع ك ل من "جاكس ون" و "ه الي" و "ويكالن د" Jackson &Halley
هال" Edward T. Hallحول المجالية la proxémiqueو هي مسافة فيزيائية بين المتصلين و أعمال
"ب ول واتالوي ك" Paul Watzlawickم ع الظه ور التي ار البن ائي و أبح اث "ايرفين غ غوفم ان" Erving
Goffmanحول تصورات الذات présentation de soiو الذي اقترح بالتعاون مع "جورج ميد"
Sociale de Soiمفادها أن{ :اإلنسان يعي نفسه من خالل وجهات النظر المختلفة ألعضاء مجموعته
و أبحاث "فيرجنيا ساتير" Virginia Satirحول النسق األسري حيث كانت لها نظريته الخاصة حول
االتصال األسري و ذلك مند التحاقها بمعهد األبحاث النفسية ( )M.R.Iفي بالو آلتو.
أطلق عليها " بيرتالنفي " اسم النظرية العامة لألنساق و فكرته هي أن الكل هو األشياء التي تجتمع و
80
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
في ه ذه النظري ة يع رف النس ق على أن ه مجموع ة من العناص ر في تواص ل و تفاع ل مس تمر ،و ه ذه
التفاعالت تكون إما كبيرة (شدة التأثير) أو تكون معقدة أو االثنين معًا ،و يرى "برتالنفي" أيض ًا أنه بما
أن النس ق الحي يع رف بالتب ادالت المس تمرة للم ادة أو المعلوم ة م ع محيط ه فه و يحت وي على مخ رج و
كل نسٍق يحتوي على عدة أنساق فرعية ،فالنسق العائلي مثًال يتكون من النسق الفرعي األولي (األسرة
األصلية ،أي جيل األجداد ) و النسق الفرعي الثاني ( األسرة الفرعية أي اآلباء و األبناء) و نجد أيض ًا
األنساق المفتوحة :التي يكون مجالها مفتوحًا مع المحيط ،و يكون هناك تبادل بين الداخل و الخارج
النسق هو الكل الذي ال يمكن فصله عن عناصر و هنا االنقسام ال يكون في التفاعالت فقط بل يتعدى
ذلك إلى االنقسام في عناصره ،و كل عنصر من النسق يحلل داخل نسقه األصلي و ال يمكن أخد كل
عضو من النسق منفردًا عن العناصر األخرى رغم أن ذلك العضو فقط هو الذي يظهر العرض.
النسق ال يكون مختصرًا لتجمع عناصره ،و لكنه شيء آخر مخالف عن ذلك ،فالنسق يس تطيع أن يعم ل
في أغلب األحيان مستقًال عن عناصره التي تشكله فهو معقد بطبيعته( .غازلي نعيمة 2011ص)24
81
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
نج د ه ذه الخاص ية في األنس اق المفتوح ة هن ا نتكلم عن حال ة الثب ات و االت زان Etat Stable et
Homéostasieإذ فيما يخص الثبات نجده متعلق ًا بالطبيعة فبفضل ميكانيزمات النسق يستطيع تحقيق
الثبات ،أما فيما يخص األعضاء الحية نقول أنها تحقق التوازن الداخلي.
هناك أيض ًا حالة التطور و ذلك بتغيير األنساق لقواعدها العملية أي تغيير المحيط لتحقق التوازن ،و
الميكانيزمات التي تسمح للتغير الذاتي هو نوع من الردود ( ) Réoactifو هنا تلتقي النظرية العامة
و يمكن أن نستنتج نوعين من التغذية الرجعية؛ التغذية الرجعية السالبة و التي هدفها جعل النسق في
حالة ثابتة و يمكن القول أن اتزان النسق محدد بالتغذية الرجعية السالبة.
بمعنى التغذية الرجعية هي محاولة تصحيح المنظومة بإعادة تأسيس حالة من التوازن فيها ،مثل قيام
الطفل بدوره" التصرف كمريض" كي يعيد التفاهم بين الوالدين فتعمل هذه التغذية الرجعية السالبة على
أما التغذية الرجعية الموجبة تنتج عوامل تتسبب في ظهور اضطراب داخل النسق و بهذا تجعل النسق
غ ير ث ابت ،ألن الض غوطات المنتج ة قوي ة ه ذا م ا يجع ل النس ق ينتق ل من حالت ه الثابت ة إلى حال ة ع دم
الثبات.
بهذا النسق الحي يطور من حالة ثابتة إلى حالة أخرى ثابتة بعد المرور بمرحلة من الدينامية التي تنتج
هذا المبدأ متعلق باألنساق الفرعية خاص ًة ،إذ تحددها قواعد فبواسطة توظيف الحدود يتميز النسق و
يعود الفضل الستقرار الحدود و إقامة القواعد إلى نظام التغذية الرجعية الموجبة أو السالبة ففي النسق
82
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
المنغلق الحالة الحدية متعلقة بالحالة األولية عكس األنساق المفتوحة ،حيث نفس الحالة الحدية يمكن أن
حيث نجد هذا المبدأ في األنساق المفتوحة بالخصوص إذ كل نسق حي يقوم بعملية التنظيم الذاتي التي
تجعله دائم الوجود ،و هو اتجاه ينتج دائمًا أوامر تعطي القوة و كذا التصلب للنسق ،و الحدود ال تعني
وجود فاصل بين الطرفين بل يعبر عن استمرارية بعد توقف مؤقت ،و هي عالقة ديناميكية حركي ة من
من خالل ما سبق نالحظ أن "برتالنفي" درس األسرة كنسق مفتوح و في حالة توازن و ما يصدر عنه
من عوارض ناتجة عن التدخالت السلبية ،و سلوك المريض الذي هو عملية دفاعية داخل هذا النسق
هدفها الحماية ،و يعتبر التنظيم الذاتي كحالة خاصة من التحكم الذاتي الذي ال ينطبق إال على األنساق
المفتوح ة التي تسعى إلى التوازن ،فالنسق المتحول باستمرار و المتط ور يظه ر من خالل قدرت ه على
التخلي عن الثب ات لف ترة تم يع ود إلي ه م رة أخ رى ،و يق وم بإع ادة التنظيم باتج اه جدي د وه و م ا يس مى
و هن اك مص درين لتغ ير النس ق س واء داخلي (التفاع ل م ا بين عناص ر النس ق أو خ ارجي الف روض
االجتماعية ) Les imposes socialeفكل نسق أسري له إمكانية و قدرة على تغيير القواعد السابقة
عندما تكون غير متكيفة مثًال :التوترات المتسببة من قبل المراهقين يريدون من خاللها وضع العائلة
في أزمة و إرغام األولياء عل تغيير نوع العالقات معهم حيث لم يعودوا أطفال بل أصبحوا مراهقين
هذه النظرية ليست بديلة عن نظرية األنساق ،فالمعالج األسري يجب عليه أن يفهم النسق داخل األسرة
و التفاعالت بينها ،و طرق االتصاالت التي يتواصلون بها ( .سعيد حسن العزة 2000ص)72
83
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و سمى "باتسون" نظريته بنظرية االتصاالت ووضع لها مبادئ تقوم عليها نحصرها في النقاط التالية:
كل اتصال ال يكون موجودًا إال في إطار نسق اتصالي ( .غازلي نعيمة 2011ص)27
كل نسق من االتصاالت يشكل توضيحًا بالنسبة لالتصاالت التي تشكله و تأخذ معنى منه.
اتص االت النس ق تت أثر من خالل التفاع ل م ع اتص االت أخ رى داخ ل النس ق و ي ؤثر ذل ك أيض ًا في
ذل ك النس ق .مث ال ذل ك االتص ال داخ ل النس ق األس ري يت أثر باالتص ال داخ ل النس ق االجتم اعي ال ذي
النس ق االتص الي يس ير تحت قواعد يحتويه ا هو فلك ل نس ق منطق خ اص بعمل ه.مث ال ذل ك أن لك ل
تجد الظواهر المتقاربة مكانها داخل النسق من خالل ذلك النسق و من خالل عمله.
االتص ال في المس توى األول :يمثل ه محت وى الرس الة ال تي ترس ل المعلوم ة أي الج انب اللفظي
Message Digitale
االتص ال في المس توى الث اني :تمثل ه الرس الة العملي ة أي الج انب غ ير اللفظي من االتص ال
Message Analogique
إن المستوى األول يحوي المستوى الثاني و هو ما يسمى بما وراء االتصال أو ما بعد الرسالة Meta-
Communication
االتصال في المستوى الثالث و هو يحوي السياق Contextuelleإذ ال يحتوي رس الة ال من الن وع
األول و ال من النوع الثاني حيث ال يمكن تشخيص و ترجمة ما يريد أن ُيعبر عنه.مثال ذلك أن لكل
ش خص هدف ه من االتص ال ممكن أن نرس ل نفس الرس الة و لكن معناه ا يتغ ير الش عوريًا بالنس بة لك ل
واحد منا.
84
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
يرى "جاكسون" بأنه من المستحيل أن ال يكون هناك اتصال بين أفراد األسرة ،فهم يتصلون فيما بينهم
س واء ك انوا واعين أم ال ،و ب ذلك يك ون االتص ال عرض ي أو ص دفة و ق د يك ون لفظي أو غ ير لفظي
حيث يك ون األول في ش كل عب ارات و كلم ات أم ا الث اني فيتمث ل في لغ ة الجس د و حرك ات الف رد مث ل
اإليماءات و اإلشارات و هز الرأس و حركة اليدين و العينين...الخ ،كما قد يكون االتصال واضحًا أو
غامضًا.
وقد وض ع "جاكسون" مع ك ل من " باتسون و ه الي و ويكالند" ف رض الرس ائل ذات القيد المزدوج (
في نفس الوقت تحمل معنى يناقضها في المستوى أكثر تجريدًا و هي معززة بالعقاب و بعالمات
تهدد البقاء.
تجعل هذه الرسائل الفرد غير قادر على الهروب من الموقف (.داليا مؤمن 2004ص)128
مثال قول الزوج ة للزوج {:أريد أن تكون ذا شخصية مستقلة} فهذه الرسالة تحوي معنيين متناقضين
حيث أن الزوجة تطالب زوجها باالستقاللية على المستوى السطحي و تطالبه أن يفعل ما تقول له على
المستوى األعمق ،إَّن الزوج اآلن في موقف حرج جًّد ا و قد يهرب من الموقف و يصبح االتصال غير
مكتمل مما يخلق حالة من التوتر بين الطرفين و إذا ما استجاب لها فقد يصبح في وضع متوتر أيض ًا و
85
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
كال الح التين غ ير م ريح للط رفين ،و أحيان ًا يخت ار ال زوج اإلجاب ة على المس توى اللفظي و يتجاه ل
فه ذا الن وع من التواص ل ال يتف ق في ه الكالم م ع المع نى ،كم ا يتض من ع دم انس جام بين المواق ف و
الوجدان لما فيه من غرابة و تناقض و ال معقولية ،و هي صفات تدل على عمق االضطراب النفسي
بش كل ع ام هي ص فات تم يز الفص امي بش كل خ اص و المع نى ال دارج له ذا المفه وم ":إذا عاملت ه ف أنت
م ذنب و إذا لم تعامل ه ف أنت م ذنب" و ع ادًة م ا تك ّو ن االس تجابة النفس ية للرس ائل المس تمرة ذات القي د
فقد وضع كل من " جاكسون و ويكالند" فكرة اتزان األسرة على أساس مفهوم القيد المزدوج و وضعا
تعريف ًا لمفه وم االت زان داخ ل األس رة و ال ذي يعتم د على الت أثير و الت أثر ،ف إذا ح دث تغ ير ل دى أح د
أفراده ا ف إن ه ذا التغ ير ي ؤدي إلى تغ ير في ف رد آخ ر ،و األس رة المريض ة تتم يز بن وع من االت زان
المرضي الذي يعتمد على نمط من العالقات المرضية القوية بين أفرادها ،فيبدو سلوكهم الظاهر غريب ًا
أو غير متسق و يرجع ذلك إلى وجود نوع خ اص من االتزان المرضي في سلوكهم أي وجود نوع
من العالقات و األنماط التي تخضع لقانون خاص يقاوم شتى أنواع الضغوط التي تهدف إلى تغييره،
و من المصطلحات الهامة أيضًا مصطلح الحدود و يشير إلى تقسيم بين عناصر في المنظومة و يشمل
مف اهيم عن المك ان و الزم ان و العالق ات بين األف راد ،و عادة نجد ل دى األف راد األص حاء ح دودًا مرن ة
10ـ 4نظرية "هـالي" في االتصــال :ي رى " ه الي" Helleyب أن ه دف االتص ال يك ون أحيان ًا للس يطرة
على اآلخ رين و يش تمل في ه ذه الحال ة ص راعات من أج ل الق وة Power Conflictو هن اك هرمي ة
لموقع كل فرد في األسرة في هذا االتصال الذي يحتوي على صراع القوة ،فهناك سلم للقوة في األسرة
86
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و لكل فرد له موقع عليه ،قد يكون في األعلى أو الوسط أو األسفل ،فإذا كان الفرد في موقع ة في أعلى
الس لم فإن ه يحت ل المرك ز األق وى أك ثر ممن هم تحت ه ،و تحص ل االض طرابات داخ ل األس رة بس بب
فوضى ترتيب الهرم أو فوضى مواقع األفراد على السلم فاألب و األم يجب أن يكونا في أعلى السلم،
أم ا إذا ج اء موقعهم ا في الوس ط ،أو األس فل ،ف إن الخل ل س وف يس ود تف اعالت األس رة و يس ودها
االض طراب ،و ق د تحدث هن اك تحالف ات بين أعض اء األسرة ،مثل أن تتح الف األم في أعلى الس لم مع
طفل في أدنى السلم ضد األب ،لذلك على المعالج األسري أن يعيد تغيير بناء القوة في األسرة ،و يكون
ذل ك من خالل تبص يرهم ب ذلك ،و تظه ر ص راعات الق وة ع ادة عن دما يك ون في األس رة أك ثر من جي ل
يعيشون مع بعضهم البعض ،مثل األجداد و الجدات و األعمال ،و العمات ،و األخوال ،و الخاالت ،و
يجب أن يالحظ المعالج األسري بأن مراكز القوى في األسرة تعتمد على مراحل النمو من حيث بدايتها
أو نهايتها.
مؤسس هذه النظرية هو "موري بوين" Murray Bowenو قد تطورت نظريته بين عامي 1957و
كيف أن أنماط العالقات األسرية يمكن أن تنمي مرض الفصام ،و في نظره األسرة اإلنسانية هي نوع
معين من األنساق الطبيعية يحق أن تسمى النسق االنفعالي( .عالء الدين 2006ص )323
87
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و ي رى " ب وين" أن هن اك ق وتين طبيعي تين في مج ال العالق ات اإلنس انية و هم ا التف رد و االس تقالل من
جهة ،و المودة و االندماج من جهة أخرى ،و على األسرة السوية أن تحدث توزن ًا بين هاتين القوتين
أي الحاجة إلى التوازن بين الحاجات االتصالية و هي المودة و االندماج و الحاجات االستقاللية و هي
ويرى " منيوشن" و" مينشمان" أن األسرة هي مجموعة طبيعية يتواجد فيها بشكل مستمر أنماط من
وق د اهتم" منيوش ن" بمف اهيم واض حة مث ل :الت وازن ،والتغذي ة الراجع ة ،وح دود النظ ام ،واألنظم ة
الفرعية ،والنظام المفتوح والنظام المغلق ،و تتسم نظرية" منيوشن" بالكلية ،وتركز على وجهة النظر
التفاعلية البنائية.
وي رى " منيوش ن" أن األس رة تس ير على قواع د يفهمه ا ك ل أف راد األس رة ،وتح دد القواع د م تى ،و أين،
وكيف يستجيب كل فرد في األسرة ،ومجموع القواعد تمثل أنماط التفاعل ،وهو ما يسميه بناء األسرة،
و ينظم البناء سلوك كل شخص وخبراته مع الواقع (.سهيلة بنات 2010ص )220
ويقص د بالح دود م دى االق تراب والتباع د بين أف راد األس رة؛ أي م ا م دى ارتب اط أف راد األس رة انفعالي ًا،
وكيف يتصل كل منهم اتصاًال منفتحًا مع اآلخرين ،وعندما يؤدي النظام دوره ووظائفه بشكل جيد فإن
وتوص ف الح دود بأنه ا من عوام ل س وء األداء إذا ك انت مشوش ة وجام دة ،و يوص ف التط رف في
88
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
التباع د :تك ون الح دود في ه جام دة ،ويك ون هن اك مس افة زائ دة بين أف راد األس رة ،ويك ون االتص ال بين
أعضاء األسرة محدودًا ،والتعاون داخل المنزل أو المدرسة صعبًا أو قليًال ،ويميل األطفال في األسر
المتباعدة لممارسة سلوكات سلبية أكثر من غيرهم ،ويستخدمون أسلوب عزو السلوك ألسباب خارجية
مقاب ل ع زوه ألس باب داخلي ة بش كل أك بر من غ يرهم .و إذا لم يحص ل الت دخل المناس ب معهم ف إنهم
يصبحون عرضة لألذى والخطر ،وذلك بسبب حصول صدام مع القوانين واألنظمة في المستقبل.
التش ابك :ق رب ش ديد بين أف راد األس رة ،ومن الص عب أن يش عر الف رد باالس تقاللية أو الذاتي ة ،وتك ون
الف روق الفردي ة غ ير محتمل ة ،وق د يع بر األف راد عن مش اعر تعكس الحماي ة الزائ دة ال تي تقي د األف راد،
ع رفت " س اتير"( )Satir 1991االتص ال بأن ه قي ام األف راد بإرس ال معلوم ات وإ عط اء مع اني له ا و
االس تجابة له ا على المس توى ال داخلي و الخ ارجي ،و بمج رد أن تص بح المع اني غ ير متطابق ة و غ ير
أكيدة و مشوهة فإن االتصال يتعرض لخلل وظيفي ،و يبقى كذلك ما لم يكن لألفراد المعنيين مناسبات
كافي ة إليض احها ،من جه ة أخ رى يتحق ق أس لوب االتص ال ال وظيفي أو المتط ابق ،عن دما يك ون هن اك
و قد أشارت "ساتير" ( )1983إلى المستويات المتعددة التي يتواصل من خاللها الناس ،و أشارت إليها
على أنها من مكونات أو مقومات التفاعل و هي كل شيء يدخل في عملية صنع االتصال ،وقد شبهت
"ساتير" عملية االتصال باستخدام وصفة من مكونات مختلفة عديدة ،و أنه من السهل جدًا أن نخطئ في
قراءة مضمون أو مغزى االتصال إذا لم نكن على وعي بكل مكونات الموقف االتصالي ،لذا فإن الفشل
في الفهم أو التعرف أو االستجابة ألحد مكونات التفاعل سوف يؤدى إلى اتصال مسطح.
89
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و خالصة كل هذا أن "ساتير" ترى في االتصال طريقة للتعبير عن مشاعر النقص و الدونية أو مش اعر
تقدير الذات ،و عن مشاعر الفرح و الحزن و الغضب و غيرها من مشاعر مختلفة عند الفرد ،و ترى
بأن الحياة مستحيلة بدون اتصال حيث أن االتصال سبب رئيسي لبقاء الفرد و استمرار وجوده في هذا
الع الم ،فعلى س بيل المث ال الف رد ال ذي لدي ه تق دير منخفض لذات ه يبحث عن ش خص آخ ر يث ق بذات ه
ليتواصل معه و ليعوض النقص الذي عنده ،و ترى "ساتير" بأن الطرق التي يوصل كل فرد مشاعره
بها لآلخرين قد تكون مقبولة لديهم أو غير مقبولة ،فإذا كانت غير مقبولة فإن ذلك يؤدي إلى حدوث
مشاكل .و تركز " ساتير" على تقدير الفرد لذاته و على نضجه في عملية تواصله مع اآلخرين فإذا كان
تقديره لنفسه عاليًا كانت اتصاالته جيدة و إذا كان تقديره لنفسه متدنيًا كانت اتصاالته سيئة.
ـ الداللة ( المحتوى)
ـ النظام ( العالقة)
االض طراب عن دما يتن اقض العالئقي ب المحتوى (الدالل ة) أي الكيفي ة ال تي نري د أن يفهم به ا ح ديثنا مثال
90
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
ـ وسيط غير لفظي( )Analogiqueو يضم كل السلوكيات التي يمكن ترجمتها كاإليماءات الحركات
ك ل عملي ة اتص ال هي عملي ة متكامل ة أو متماثل ة س واًء ك انت مبني ة على التس اوي أو الف رق أي
طبيعة التواصل يتوقف على كيفية إدراك األحداث( .غازلي نعيمة 2011ص)29
يتشابه االتصال في األسرة مع االتصال داخل أي جماعة أخرى ،إال أن االتصال األسري يّتسم بالحدة
أو الش دة االنفعالي ة ال تي تفوق أي اتص ال آخ ر ،و ذلك بس بب الطبيع ة الحميم ة المتض منة في العالق ات
األسرية و على هذا يكون حدوث الخطأ في االتصال داخل األسرة أكثر إيالم ًا و تكون نتائجه أكثر
خط ورًة مم ا يح دث في أي جماع ة أخ رى ب الرغم من أن نفس المب ادئ تحكم عملي ة االتص ال في ك ل
يع رف االتص ال األس ري على أن ه ذل ك التفاع ل االجتم اعي المتمث ل في جمل ة من العالق ات االجتماعي ة
بين الف رد واآلخ رين داخ ل مجتم ع األس رة ،وتراب ط األف راد هن ا يك ون عن طري ق االتص ال بين اآلب اء
واألبناء وبهذا ينشأ االتصال األسري الذي له تأثير قوي على أطراف العملية االتصالية نتيجة للترابط
91
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
والصلة الشديدة التي تربط أطراف األسرة بعضهم ببعض ،إذن االتصال األسري عبارة عن إستراتيجية
و يع رف أيض ًا بأن ه طريق ة تب ادل المعلوم ات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة بين أعض اء األس رة ،و االتص ال
األس ري ج د مهم ألن ه يس مح ألعض اء األس رة ب التعبير عن حاج اتهم و رغب اتهم لبعض هم البعض ،فعن
و يتض من االتص ال األس ري مجموع ة معق دة من التف اعالت و االتص االت المتبادل ة و المس تمرة و ه ذا
و هي عب ارة عن النم وذج األس ري ال ذي يمث ل أس اليب االتص ال من خالل اإلدراك ات المتبادل ة ألف راد
األس رة له ذه األس اليب ،و توج د عوام ل عدي دة تت دخل في تك وين إدراك الف رد مث ل حالت ه النفس ية و
الفيزيولوجي ة و االنفعالي ة و دوافع ه و اتجاهات ه المس بقة ،و من ثم ال يمكن أن نلغي أث ر التنش ئة
االجتماعية و المجتمع في عملية اإلدراك االجتماعية ،فقد سبق اإلشارة إلى أن هناك تأثير متبادل بين
و تتضمن شبكة االتصال األسري االتص ال بين األب و األبناء ،االتص ال بين األم و األبناء ،االتصال
بين األب و األم ،و االتصال بين الوالدين و األبناء ،و االتصال بين األخوة.
92
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
إن األب وة الرش يدة من أهم مقوم ات الص حة النفس ية لألبن اء ،فمنه ا يتعلم األبن اء مقوم ات الس لوك
االجتم اعي و تك وين ال ذات العلي ا لدي ه عن طري ق النص ح و اإلرش اد ،و الق دوة الص الحة و التهدي د
بالعقاب إن أخطأ ،كما أنها عامل هام في رفع مستوى طموح األبناء عن طريق تشجيعهم على القيام
و قد أورد " إلدر" ( )Elder, G, 1971ثالثة أساليب لالتصال بين األب و المراهق وهي:
و في ه ذا األس لوب ال يس مح األب لالبن ب أن يع بر عن آرائ ه أو يتص رف بمف رده في األم ور ال تي
تخصه ،فاألبناء ذوو اآلباء األوتوقراطيين يتسمون بأنهم منخفضو العاطفة ال يتمتعون باالستقاللية ،و
و في ه ذا األس لوب يش جع األب االبن على المش اركة في مناقش ة القض ايا ال تي تتص ل بس لوكه على أن
يتخ ذ الق رار النه ائي بموافق ة األبن اء ،فال دفء الوال دي ه و عام ل مس اعد على االل تزام بالمع ايير و القيم
الوالدية ،إن األبناء ذوو اآلباء الديمقراطيين أكثر اعتزازًا و ثقة ،و يتمتعون باالستقاللية ،و يساعد هذا
في هذا األسلوب يتبع األب سياسة عدم التدخل فاالبن يستأثر بصنع القرار في األمور التي تخصه ،و
يتمت ع باس تقاللية كب يرة ،و انخف اض في العاطف ة و الثق ة في النفس في تحقي ق األه داف الشخص ية ،و
لكنها تقل عن الثقة التي يتمتع بها األبناء ذوو اآلباء الديمقراطيين.
93
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
معنى ذلك أن كل ما يحدث داخل األسرة و يحسه الطفل و يدركه يترك أثره و صداه في نفسه ،خاصة
و أن األبن اء في األس رة ليس وا مس تقبلين فق ط لمش اعر اآلب اء و حبهم و طم وحهم ،و إنم ا لهم س ماتهم
األم هي الش خص األول الذي يب دأ الطفل في التعام ل مع ه ،فرعاي ة األم و حبه ا و حنانها ليس ت مس ألة
عاطفي ة فق ط ،و إنم ا هي حيوي ة و ض رورية للنم و الفس يولوجي و العقلي و االنفع الي للطف ل ،فاألموم ة
هي عالقة إنسانية معقدة و راقية لها تأثير قوي على سلوك األبناء ،فإذا كان التفاعل بين األم و االبن
يتسم بالمساندة و الدفء و األلفة و التشجيع فإن ذلك يساعد على نمو السمات الّس وية لدى األبناء مثل
الش عور باالس تقاللية و االجتماعي ة و التواف ق ،في حين أن ه إذا اتس م بالتباع د و ع دم التش جيع يص بح
األبناء عرضة لسوء التوافق و نقص الكفاءة النفسية (.المرجع السابق 2001ص )25
و هن اك ثالث ة أس اليب لالتص ال بين األم و األبن اء و هي ال ديمقراطي ،و المتس اهل ،و األوت وقراطي و
ذك ر " ك ول" و " ه ول" ( )Cole, L, & Hall, I, 1970أن هن اك ثالث ة أس اليب لالتص ال بين الوال دين
هي:
س يطرة األم و خض وع األب :و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات التم رد و اض طرابات
س يطرة األب و خض وع األم :و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات التم رد و الث ورة و
94
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
تس اوي األب و األم في عالق ة ك ل منهم ا ب اآلخر :و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات
و ق د يت أثر أس لوب االتص ال بين األب و األم بثقاف ة المجتم ع كم ا يختلف ت أثير أس لوب االتص ال بينهم ا
إن العالقة المنسجمة بين األخوة و الخالية من تفضيل طفل على طفل و الخالية من التنافس تؤدي إلى
النم و الس ليم للطف ل ،و إن العالق ة األخوي ة المض طربة ت وثر على العالق ات األس رية من جه ة و على
الفرد و عالقاته االجتماعية خارج األسرة من جهة أخرى ،و أيضًا فإن العالقة الضعيفة بين األخوة في
مرحلة ما قبل المدرسة تنبئ بظهور سلوك غير اجتماعي نحو اآلخرين خارج األسرة مثل األصدقاء
و من الممكن تص ور أس اليب االتص ال بين األخ وة على أس اس أس لوب ديمق راطي ق ائم على الحب و
التفاهم ،و أسلوب تسلطي قائم فرض أحد اإلخوة رأيه على اآلخرين ،و أسلوب الالمباالة قائم على عدم
يتأثر الطفل بنوع العالقة القائمة بينه و بين والديه ،فالطفل الذي ينشأ في أسرة يسودها الحب و الحنان
ينمو سويًا ،و يتمتع بشخصية تكيفية سوية ،و يملك استعدادات يطور فيها مشاعر الحب لآلخرين ،بينما
ينش أ في أس رة تس لطية طف ل ع دواني غي ور ألن ه ذه األس رة ت أمر الطف ل بك ل م ا تري د ،و إن عملي ة
إصغاء الطفل و استماعه لما يقوله الوالدان عامل مهم في نوع العالقة التي تسود الحياة األسرية؛ لذلك
يتوقف على الوالدين مهمة تنمية مهارة اإلصغاء و االستماع لدى أطفالهم ،و ذلك من خالل اإلصغاء
95
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
للطفل في أثناء حديثه و تساؤالته و إشعاره بأنه محبوب ،كما أن النقاش و الحوار المفتوح بين الطفل
و والديه يجعله مفهومًا لديهما و يجعلهما مفهومين لديه ( .يوسف مقداد 2010ص )206
اس تطاعت " بومرين د" Baumrind, Dأن تلخص ثالث ة أس اليب رئيس ية لالتص ال بين الوال دين و
المراهقين و هي:
يع بر عن ه بالس لوكات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة ال تي تتس م بع دم وض وح المع ايير ال تي يض عها الوال دان
للتعام ل م ع األبن اء ،و ع دم اتس اق الض بط فت ارًة يع اقب الوال دان االبن على س لوك معين و ت ارًة ال
يعاقبان ه على نفس الس لوك أو س لوك مش ابه ،عالوًة على ذل ك ف إن ه ذا األس لوب يتس م بإخف اء الغض ب
الوالدي و محدودية الدفء ،كما يتسم باحترام التعبير عن الرغبات ،و قد يثير هذا األسلوب لدى األبن اء
اتجاهات و استجابات دفاعية و عدوانية ،و عدم طاعة أوامر الكبار ،كما أنه قد يؤدي إلى نقص الثقة
ب النفس ،قل ة اإلنج از ،نقص ض بط ال ذات ،س رعة الغض ب و الف رح ،و االن دفاع و الته ور ،عالوة على
يعبر عنه بالسلوكيات اللفظية و غير اللفظية التي تتسم بوضع قواعد سلوكية صارمة للطفل يجب عليه
إتباعه ا و عدم الحياد عنه ا ،و يس تهين اآلباء ب آراء و رغب ات الطف ل و ينظ رون إلي ه على أن ه ش خص
تس يطر علي ه دواف ع غ ير س ّو ية ،كم ا تتس م العالق ة بين اآلب اء و األبن اء بانخف اض ال دفء الوال دي ،و
ض عف االتص ال اإليج ابي بينهم ،و ع دم وج ود أنش طة متبادل ة و مخطط ة ،و بالت الي ق د تث ير ه ذه
الس لوكيات اتجاه ات و اس تجابات الخ وف و القل ق ل دى األبن اء ،ك ذلك س رعة الغض ب و الكآب ة ،كبث
96
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
العدوانية ،و العزلة و االنسحابية ،كما تؤدي إلى عدم وجود هدف محدد و تقل قدرة األبناء على تحمل
المسؤولية.
و يع بر عن ه بالس لوكيات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة ال تي تتس م بوض ع مع ايير س لوكية حازم ة ،و اح ترام
رغب ات األبن اء و توجي ه األبن اء غ ير المطيعين ،و ع دم إجب ار األبن اء على س لوكيات معين ة ،و إظه ار
الوالدين لالستياء عند قيام األبناء بسلوك غير س ّو ي ،و إظهار الرضا و التأييد للسلوك الس ّو ي ،يتسم
األسلوب الديمقراطي بقوة االتصال بين الوالدين و األبناء ،و الدفء و الحنان و التجاوب و القبول و
الحب ،اح ترام الس لوك الناض ج و االس تقاللية ال تي تتماش ى م ع عم ر األبن اء ،و وض ع أنش طة مش تركة
لألبن اء في ض وء مع ايير تربوي ة و ق د تث ير ه ذه الس لوكيات ل دى األبن اء اس تجابات الثق ة في النفس ،و
ضبط الذات ،و زيادة النشاط ،و التغلب على الض غوط ،و حب االستطالع كما تؤدي إلى التعاون مع
الكبار ،و العزيمة و التصميم ،و السلوك الهادف ،و ارتفاع مستوى اإلنجاز ،و إقامة عالقات س ّو ية مع
جماعة الرفاق.
و يمكن تلخيص االتصال بين اآلباء و األبناء من خالل اإلدراكات المتبادلة لألساليب الوالدية و سلوك
األسلوب التدعيمي :و يعبر عنه بالسلوكيات اللفظية و غير اللفظية التي تتسم بالمرونة و التعاون
و الرغبة الحقيقية في حل المشكالت بطريقة واقعية تتميز بالتفاهم و الرضا بين األطراف.
97
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
األسلوب الدفاعي:
و يعبر عن ه بالس لوكيات اللفظي ة و غير اللفظي ة التي تتس م بالتهديد و التش دد و العقاب ،و بالتالي تثير
األسلوب اإلنسحابي :و هو يتسم بتجنب مواجهة و حل المشكالت بشكل ايجابي ،حيث ينكر الفرد
تعتم د س عادة األس رة بدرج ة كب يرة على وج ود اتص ال ص حيح و منفتح بين أفراده ا ،و تظه ر مه ارة
االتصال في السلوك اللفظي ،أي في الكلمات و العبارات التي يستخدمها أفراد األسرة في الحديث مع
بعضهم البعض ،كما تظهر في السلوك غير اللفظي و اإلصغاء ،فاالتصال يعني نقل لرسالة من شخص
و على ه ذا األس اس يتطلب االتص ال الجي د بين عض وين في األس رة أن يك ون أح دهما متكلم ًا و اآلخ ر
مستمعًا ،و أن يكون المتكلم مجيدًا للتعبير عن الرسالة التي يريد توصيلها ،و أن يكون المستمع حسن
اإلنصات دقيق المالحظة حتى يفهم الرسالة و ما تحمله من معاٍن مباشرٍة أو ضمنيٍة .
فاألس رة الس عيدة تتمت ع باتص ال أك ثر و أفض ل في تفاعالته ا ،فهم يتح دثون عن م دى واس ع من
الموضوعات و يبدو عليهم المزيد من الفهم لما سمعوه ،و يبدون حساسية عالية إزاء مشاعر بعضهم
البعض و يدعمون تواصلهم اللفظي بكثير من اإلشارات غير اللفظية ( .داليا مؤمن 2004ص )26
في حين أن االتص ال اللفظي مهم في فهم اتجاه ات و س لوك الط رف اآلخ ر ف إن االتص ال اللفظي
الخ اطئ يع د مص درًا لكث ير من المش كالت الزوجي ة و األس رية ،حيث يك ثر في األس رة المض طربة
االتصال غير اللفظي المقّنع و الذي يتسم بأنه غير مباشر و يدور حول األوامر االنفعالية الالشعورية
98
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
دون االهتمام بالرسائل اللفظية ،مما يؤدي لزيادة االضطراب داخل األسرة إذ أنه كلما كانت الرسائل
غ ير واض حة زاد الت وتر و الخل ط داخ ل األس رة ،و اض طراب عملي ة االتص ال ال يعكس فق ط م رض
و هك ذا يتض ح لن ا أن االتص ال سواًء أك ان لفظي ًا أو غير لفظي ًا ف إن ل ه وظيف ة و دورًا هام ًا جدًا داخل
األس رة س واًء أك ان في نق ل األفك ار أم في نق ل المش اعر و الوج دان ،كم ا أن اض طراب ه ذا االتص ال
ي ؤدي ي ؤثر على ب اقي ج وانب العالق ات األس رية من ق درة على ح ل المش كالت ،أو المش اركة في
االهتمام ات و األنش طة و األدوار ال تي يلعبه ا ك ل ف رد في األس رة ،و على العالق ات الجنس ية بين
الزوجين ،بل قد يتسبب مع عوامل أخرى في ظهور اضطرابات نفسية لدى الزوجين و األبناء و يهدم
الحياة األسرية.
التغ ير الثق افي و االجتم اعي :ي زود األبن اء بخ برات جدي دة غ ير مت وفرة ل دى اآلب اء مم ا يقل ل من
التفاهم بين الوالدين و األبناء و النتيجة عدم قدرة الوالدين على فهم مشكالت األبناء.
حجم األسرة :فاألسرة صغيرة الحجم تساعد الطفل على تكوين مفهوم الذات أكثر أمان ًا عن األسرة
كبيرة الحجم ،حيث قد يعاني اآلباء من اآلثار الضارة للمنافسة و الشجار بين األخوة.
ترتيب الميالد :فالطفل األول يقع تحت ضغط توقعات الوالدين ،لذلك يكون جادًا ،حساس ًا ،مطيع ًا،
و يكون الطفل األخير أكثر استرشادًا بأخوته عن استرشاده بوالديه ،و هذا يجعله مرح ًا و أكثر شعبية
99
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
الخالفات بين األب و األم :تثير لدى األبناء اتجاهات و استجابات القلق و العصبية ،و عدم األمان
و العدوان ،و قد تؤدي إلى سوء العالقات بين أفراد األسرة و االتجاه نحو السلوكيات غير المرغوبة
اجتماعيًا.
تص دع ال بيت :بس بب غي اب أح د الوال دين بالوف اة أو الطالق أو الهج ر ،و ي ؤدي ذل ك إلى مواجه ة
األبن اء لمش كالت انفعالي ة و س لوكية و توافقي ة ،كم ا تجعلهم أق ل انج ازًا ،و أك ثر إحباط ًا ،و ق د تتس م
عمل المرأة :قد تكون رعاية األم للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة كافية إلى حٍد ما ،أما بعد دخول
المدرسة فإن اآلباء يذهبون إلى العمل تاركين الطفل بالمدرسة ،و بعد انتهاء اليوم الدراس ي ي دخل االبن
المنزل بمفتاحه الخاص و يترتب على ذلك الكثير من المخاطر ،أو قد ينتظر خارج المنزل لحين عودة
اآلب اء من العم ل مم ا ق د ي ؤدي إلى االنج راف نح و أنش طة الرف اق ال تي ال يواف ق عليه ا الوال دان و هي
المس توى االجتم اعي و االقتص ادي :يمكن تعري ف المس توى االجتم اعي و االقتص ادي بأن ه جمل ة
النش اطات و الممارس ات االجتماعي ة و االقتص ادية التي يقوم به ا ك ل من الوالدين و التي لها أثر على
نمو األبناء داخل و خارج األسرة ،و ذلك وفق ًا لمعايير ثالثة هي؛ مهنة كل من الوالدين ،متوسط دخل
الفرد الشهري في األسرة ،و مستوى تعليم كل منهما( .المرجع السابق 2001ص )32
ت أثير المس توى االجتم اعي و االقتص ادي في س لوك و إدراك الفرد و قيم ه و اس تجاباته و س وائه و
مرضه.
تأثر سلوك و إدراك و اتجاهات الفرد باإلطار المرجعي المتمثل في الطبقة االجتماعية التي ينتمي
إليها.
100
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
توج د الكث ير من األش ياء ال تي يمكن لألس رة أن تق وم به ا لتفعي ل االتص ال و بالت الي تحس ين نوعي ة
العالق ات األس رية و فيم ا يلي بعض االس تراتيجيات ال تي يمكن أن تس اعد اآلب اء في تحس ين مه ارات
االتصال مع أبنائهم:
ـ فكر في الشخص الــذي تتواصــل معــه :إن االتص ال م ع األبن اء خاص ة الص غار منهم يتطلب مجموع ة
من المه ارات و فهم جي د لمراح ل نم و األطف ال ،فاألطف ال يمكن أن يتص لوا بفعالي ة لكنهم مح ددون
بق دراتهم النمائي ة فمثال الطفل الح ديث ال والدة ال يس تطيع أن يعبر عن رغبت ه في األك ل لكن ه يع بر عن
هذه الحاجة بواسطة البكاء ،فعلى اآلباء أن ينزلوا لنفس مستوى أبنائهم حتى يستطيعوا االتصال معهم
بفعالية فاستعمال اللغة التي يفهمها األبناء يسهل عملية االتصال بين اآلباء و األبناء.
ـ االنتباه للرسائل الغير لفظيــة :يرس ل اآلب اء و األبن اء رس ائل ج د قوي ة بواس طة س لوكهم الغ ير اللفظي
كتعبيرات الوجه ،هيئة الجسم ،حركات اليد و شدة الصوت ،و يمكن لآلباء أن يعززوا من قدراتهم في
االتصال مع أبنائهم و ذلك بانتباههم للرسائل الغير اللفظية ألبنائهم ،فكثيرًا ما يفضل األبناء استعمال
الرس ائل غ ير اللفظي ة للتعب ير عن مش اعرهم له ذا يجب على اآلب اء أن يتعلم وا ترجم ة الس لوك غ ير
اللفظي ألبن ائهم ،و على اآلب اء أن ي دركوا م دى ت أثير رس ائلهم الغ ير لفظي ة على أبن ائهم فمثال نظ رة
ـ االستماع الفعال :القدرة و أو الرغبة في االستماع في ماذا يريد األبناء قوله هو جانب مهم لالتصال
الفعال بين اآلباء و األبناء و عند االستماع لألبناء يجب االنتباه لرسائلهم اللفظية و غير اللفظية فاألب
ال ذي يس تمع بفعالي ة ألبنائ ه يمكن أن يفهم و يح ترم وجه ة نظ رهم فمثال ه ز ال رأس أو ق ول لق د فهمت
ي بين لالبن أن م ا قال ه مهم و الج انب اآلخ ر من االس تماع الفع ال ه و طلب التوض يح من األبن اء عن دما
101
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
تكون رسائلهم غير مفهومة و يمكن أن يتم ذلك بالسؤال مثال ماذا كنت تعني عندما قلت....أو ساعدني
ـ التواصل باستمرار :حتى يطور اآلباء عالقة قوية مع أبنائهم يجب أن يتصلوا معهم بص فة منتظمة،
فالتواص ل المس تمر يمكن اآلب اء من معرف ة حاج ات أبن اهم يجب على اآلب اء س واء ك انوا يعيش ون م ع
أبنائهم أو ال أن يخلقوا فرص ًا للتكلم و االستماع ألبنائهم و يمكن أن يكون االتصال في مواقف مختلفة
على طاولة الغداء أو في السيارة أو عبر الهاتف أو وقت النوم و حتى بواسطة الرسائل ....الخ
ـ االتصال بوضوح و بطريقة مباشرة :اآلباء الذين يتصلون بفعالية مع أبنائهم هم الذين يتصلون بشكل
واضح و مباشر و هذا يعني أن يفهم المستمع بوضوح المراد قوله من الرسالة و أنها موجه للهدف
المراد تحقيقه و يمكن لألبناء أن يطوروا من مهاراتهم في االتصال بفعالية إذا ما كان آباؤهم نموذجا
لهم و ذلك بتشجيعهم على الوضوح و المباشرة في الكالم) Stephen D Green, 2000( .
ـ اســتعمال وضــعية " أنــا " :الرس ائل ال تي تب دأ ب " أن ا " تعكس م ا يفك ر و يش عر ب ه المرس ل في ه ذه
اللحظة بالذات ،هذه الوضعية ال تحمل طابع التهديد و التوبيخ و إصدار األحكام .و وضعية أنا تقف
في مقابل وضعية أنت و التي تحمل طابع التوبيخ و النقد و التهديد لألطفال مثال كأن يقول األب البنه":
لق د قمت بعم ل ض عيف في واجب ك الم نزلي" و أب آخ ر يس تعمل وض عية أن ا في نفس الس ياق يق ول" :
أعتقد أنه كان بإمكانك بدل مجهود أكثر في واجبك المنزلي" هذه الوضعية هي أكثر إيجابية و تشجع
على التعاون.
شجع الجــانب االيجــابي :بينت األبح اث أن العالق ات األس رية غ ير الس عيدة هي في كث ير من األحي ان
نتيج ة أس اليب االتص ال الس لبية كالنق د و ال دفاع و الس خرية ،ف األزواج الغ ير راض ين عن عالقتهم
الزوجي ة يميل ون الس تعمال االتص ال الس لبي أك ثر من االتص ال االيج ابي و ه ذا المب دأ يمكن أن يطب ق
102
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
على العالق ة بين اآلب اء و األبن اء فالرس ائل االيجابي ة تس اعد على بن اء العالق ات في حين أن الرس ائل
إذا أراد اآلباء أن يطِّو ر أبناؤهم مهارات اتصال فعالة فيجب أن يكونوا على استعداد لتعليم أبنائهم هذه
المه ارات ،ف إذا أراد األب أن يس تمع إلي ه أبن اؤه يجب أن يس تمع ه و أيض ًا لهم و إذا أراد أن يع بروا
بطريق ة واض حة و مباش رة يجب علي ه أن يع بر ه و أيض ًا عن أفك اره و مش اعره بطريق ة واض حة و
مباشرة.
ملخص الفصل:
من خالل اس تعراض الج انب النظ ري لموض وع االتص ال اإلنس اني نس تخلص أن االتص ال أح د
العملي ات األساس ية في العالق ات اإلنس انية ،فه و عملي ة تفاعلي ة تبادلي ة إليص ال رس الة م ا ع بر وس يلة
محددة لتحقيق هدف معين ،حيث تعد عملية االتصال ظاهرة إنسانية اجتماعية ،و حاجة أساسية للف رد و
للجماع ة ،و ه و من الحاج ات االجتماعي ة و النفس ية الهام ة ال تي يص عب على اإلنس ان االس تغناء عنه ا،
حيث أن االتصال يحقق لإلنسان الحاجة إلى االنتماء ،و الحاجة إلى التقدير ،و الحاجة إلى المعلومات،
103
االتصال في العالقات األسرية الفصل الثاني
و يتمتع االتصال بأهمي ة بالغة في حياة األفراد عام ًة و حياة األسرة خاص ًة ،ذلك أن االتص ال داخل
األسرة هو الركيزة األساسية التي تبنى عليها شخصية األفراد ،لما لالتصال األسري من تأثير كبير و
بالغ األهمية حيث أنه يعد من مؤشرات الصحة النفسية و السالمة العقلية لألفراد.
104