You are on page 1of 61

‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬تمهيد‪:‬‬

‫يع د االتص ال اإلنس اني جانب ًا مهم ًا في الحي اة‪ ،‬فه و أداة فّعال ة من أدوات التغي ير و التط وير‪ ،‬و التفاع ل‬

‫بين األف راد و الجماع ات‪ ،‬وتعت بر األس رة من بين الجماع ات األولى ال تي تنمي و تغ دي االتص ال ل دى‬

‫أفراده ا بطريق ٍة آني ٍة و مس تمرٍة و تفاعلي ٍة ‪ ،‬و ذل ك من ذ االرتب اط األول بين الوال دين إلى غاي ة ميالد‬

‫األوالد ومن ذ حي اتهم الجنيني ة إلى غاي ة حي اتهم الراش دة‪ ،‬حيث تعتم د س عادة األس رة بدرج ٍة كب يرٍة على‬

‫وجود اتصال صحيح و منفتح بين أفرادها‪.‬‬

‫وس نتطرق في ه ذا الفص ل لموض وع االتص ال األس ري و لكن قب ل ذل ك يجب أن نفهم أوًال عنص ر‬

‫االتص ال اإلنس اني بداي ًة من تعري ف االتص ال اإلنس اني‪ ،‬و ذك ر أهميت ه و حاج ة الن اس إلي ه‪ ،‬ثم ذك ر‬

‫بعض النم اذج المفس رة لعملي ة االتص ال‪ ،‬ثم ذك ر خص ائص و أه داف‪ ،‬و أن واع‪ ،‬و مكّو ن ات و معّو ق ات‬

‫االتصال اإلنساني‪.‬‬

‫ثم نتط رق بع د ذل ك لموض وع االتص ال األس ري بداي ًة من كتاب ات علم اء النفس األس ري المفس رة‬

‫لالتصال داخل النظام األسري‪ ،‬ثم تعريف االتصال األسري و ذكر أشكال و أساليب االتصال األسري‪،‬‬

‫و العوامل المؤثرة في قوته ثم ذكر طرق تفعيل االتصال داخل األسرة‬

‫‪44‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 1‬ـ تعريف االتصال اإلنساني‪:‬‬

‫لقد تعددت التعريفات التي جاءت في مفهوم االتصال و ذلك أَّن استعماله ال يقتصر على مجال واحد بل‬

‫تعددت المجاالت التي استعمل فيها مفهوم االتصال حيث نجده في المجال الرياضي و المجال اإلعالمي‬

‫و المجال االجتماعي و مجال العالقات اإلنسانية إلى غير ذلك‪.‬‬

‫و ب الرجوع إلى أص ل الكلم ة فق د اش تقت من اللغ ة الالتيني ة ‪ COMMUNIS‬ال تي يقابله ا في اللغ ة‬

‫االنجليزية ‪ COMMON‬بمعنى مشترك أو اشتراك‪.‬‬

‫أما في اللغة العربية فالمصدر هو "وصل" و الذي يمثل معنيين‪ :‬الِص لة و البلوغ‪ ،‬فاألولى تعني الربط‬

‫بين عنصرين أو أكثر ) إيجاد عالقة بين طرفين (‪ ،‬أما الثانية فتعني االنتهاء إلى غاية معينة‪ .‬إذن في‬

‫اللغ ة العربي ة االتص ال أو التواص ل ه و األس اس الِص لة و العالق ة و البل وغ إلى غاي ة معين ة من تل ك‬

‫الِص لة و هو أيض ًا اإلبالغ و اإلطالع و اإلخبار أي نقل خبر ما من شخص إلى آخر و إخباره به و‬

‫اطالعه عليه‪ .‬و يعني التواصل إقامة عالقة مع شخص ما كما يشير إلى فعل التوصيل أي تبليغ شيء‬

‫إلى شخص ما‪.‬‬

‫(علي تعوينات ‪ 2009‬ص ‪(11‬‬

‫‪ ‬تنوي ــه‪ :‬و هن ا الب د من اإلش ارة إلى الف رق بين االتص ال و التواص ل حيث ي رى بعض الب احثين‬

‫العرب أن األصح هو استعمال كلمة اتصال بدًال من تواصل ألسباب لغوية و أكاديمية‪ ،‬فالفعل تواصل‬

‫يشير إلى حدوث المشاركة بين طرفين و يعني الوصال الرغبة في إقامة عالقة مع إنسان آخر‪ ،‬و غالبًا‬

‫ما تكون هذه العالقة ذات طابع عاطفي‪.‬‬

‫أما االتصال المأخوذ عن كلمة اتصل‪ ،‬فيعني وصل ش يئًا بشيء‪ ،‬وهذا يشير إلى رغبة أحد الطرفين‬

‫بإقامة عالقة مع اآلخر أيًا كان نوعها و أن اآلخر قد يستجيب متفاعًال مع تلك الرغبة و قد يرفضها‪،‬‬

‫لذا استعمال تعبير االتصال يعكس واقع الحال‪ ) .‬ماجد رجب ‪ 2001‬ص‪( 10‬‬

‫‪45‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و ق د عرف ه ع الم االجتم اع تش ارلز ك ولي ‪ COOLEY‬ع ام(‪ ) 1909‬بأن ه‪ ":‬ذل ك الميك انيزم ال ذي من‬

‫خالل ه توج د العالق ات اإلنس انية و تنم و وتتط ور الرم وز العقلي ة بواس طة الوج ه و اإليم اءات و نغم ات‬

‫الص وت و الكلم ات و الطباع ة و التليف ون تل ك الت دابير ال تي تعم ل بس رعة و كف اءة على قص ر بع دي‬

‫الزمان و المكان"‪) .‬قاضي جيدة ‪1999‬ص ‪(10‬‬

‫أم ا عالم ة النفس األس ري " س اتير" فتع رف عملي ة االتص ال بأنه ا‪ :‬كيفي ة إيص ال المعلوم ات للن اس و‬

‫كيفية صناعة المعاني لبعضهم البعض‪ ،‬و كيفية استجاباتهم‪ ،‬سواًء أكان اتصال داخلي ًا أم خارجي ًا ألن‬

‫عملية االتصال هي المفتاح لتوضيح العمليات الداخلية و الخارجية‪ ،‬و لتوضيح كيفية التعامل مع الواقع‬

‫و كيفية تقييم الذات و اآلخرين‪ ( .‬سهيلة بنات ‪ 2010‬ص ‪)348‬‬

‫فاالتصال هو كيفية إرسال و استقبال الرسائل بهدف الحصول على الفهم‪ ،‬و معظم االتصال يكون غير‬

‫لفظي فلغ ة الجس د و تعب يرات الوج ه‪ ،‬و ن برة الص وت‪ ،‬تعطي الكث ير من المعلوم ات لآلخ رين حول م ا‬

‫يريد الفرد قوله‪)Sandra, J, Bailey 2009(.‬‬

‫‪ 2‬ـ أهمية االتصال و حاجة الناس إليه‪:‬‬

‫تعت بر االتص االت أس اس حياتن ا اليومي ة فنحن نتب ادل كمي ات و نوعي ات ض خمة من البيان ات و‬

‫المعلومات فمن السؤال عن األحوال إلى تبادل المشاعر و نقل األفكار و استعراض األخبار و تناقل‬

‫وجه ات النظ ر و توف ير المعلوم ات و الرقاب ة‪ ،‬و أن الق درة على انج از األه داف تتوق ف على كف اءة‬

‫االتص االت ال تي يمارس ها الف رد‪ ،‬حيث أوض حت الدراس ات أن النج اح ال ذي يحقق ه اإلنس ان في عمل ه‬

‫يعتم د على (‪ )%85‬من ه على البراع ة االتص الية بينم ا ( ‪ )%15‬فق ط تعتم د على المه ارات العملي ة أو‬

‫المتخصصة المهنية‪.‬‬

‫و قد أشار " جون ديوي" لثالثة أسباب رئيسية يتضح منها أهمية االتصال لحياة الجماعة و هي‪:‬‬

‫‪46‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 1‬ـ إن وجود المجتمع ومن ثم استمراره متوقف على نقل عادات العمل و التفكير و الشعور من الكبار‬

‫إلى الناشئين و ال يمكن للحياة االجتماعية أن تدور بغير هذا النقل الشامل للمثل العليا و األماني و القيم‬

‫و اآلراء من األفراد الراحلين عن الحياة إلى أولئك الوافدين عليها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الن اس يعيش ون جماع ة أفض ل بفض ل م ا يش تركون في ه من أه داف و عقائ د و أم اني و معلوم ات و‬

‫معارف و االتصال هو وسيلة اكتسابهم إياها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ إن الحياة االجتماعية و اتصال األفراد متالزمان يتغير عن طريقهما الناس بتغير خبرات األطراف‬

‫المشتركة في عملية االتصال‪ (.‬أحمد وحيد ‪2009‬ص‪)6‬‬

‫فاإلنسان في كل حالته في حاجة إلى أن يتصل باآلخرين من البشر‪ ،‬فالحاجة لالتصال تولد معه طوال‬

‫حيات ه‪ ،‬فالولي د يحت اج إلى أن ُي لَم س و هي الصورة األولي ة لالتص ال م ع اآلخرين‪ ،‬ثم تأخذ الحاج ة إلى‬

‫التشبع باالتصال من خالل قنوات مختلفة حسب مراحل النمو‪.‬‬

‫و يوضح علماء نفس الطفل أَّن الطفل و حتى نهاية مرحلة المراهقة يخاف من الوحدة‪ ،‬و يتشوق إلى‬

‫األلفة و العالقات البينشخصية الحميمة التي تربطه بالكبار المحيطين به من ذوي األهمية لديه‪ ،‬وعلى‬

‫رأس هم اآلب اء ب الطبع‪ ،‬و ه ذه الج وانب المتع ددة من التعب ير عن األلف ة تش ير إلى حاج ة اإلنس ان إلى‬

‫االتصال‪.‬‬

‫و الفش ل في تحقي ق ه ذا االتص ال في أي مرحل ة يك ون ل ه في معظم الح االت نت ائج غ ير مرغوب ة‪ ،‬و‬

‫أحيانًا ما تكون كارثية على النمو النفسي للفرد‪ (.‬محمد بن عبد العزيز‪2008‬ص‪)12‬‬

‫فق د أظه رت الدراس ات ال تي تمت على األطف ال في ع امهم األول‪ ،‬أن األطف ال ح ديثي ال والدة ال ذين لم‬

‫ُيحملوا أو ُي لمسوا باأليدي بدرجة كافية في األيام األولى بعد الوالدة يصابون بحالة من االكتئاب الفمي‪،‬‬

‫‪ Anaclytic Depression‬و يظه رون ميًال نح و الت دهور الجس مي‪ ،‬م ع مع دل وفي ات أعلى قياس ًا من‬

‫األطفال اآلخرين ممن توافر لهم اللمس و االتصال الجسدي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و إن كان االتصال اللمسي مع الوليد و الطفل يمثل أقصى درجات اإلشباع النفسي و الجسمي له فإن‬

‫الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة (‪ 6‬ـ ‪ )12‬بعد اكتسابه للغة و التعبير بها عن نفسه‪ ،‬و فهمه اآلخرين‬

‫عندما يتح دثون مع ه فقد ظه رت لدي ه قنوات أخرى غير اللمس للتعبير عن الحاج ة لالتص ال م ع بقاء‬

‫الوسيلة القديمة‪ ،‬فنجد لديه الرغبة الشديدة في الحصول على رضا الكبار و موافقتهم على ما يفعل‪ ،‬و‬

‫خير دليل على ذلك محاوالت الطفل التصرف طبقًا لقواعد األسرة‪ ،‬كل ذلك يعكس الحاجة‬

‫النفسية لالتصال مع الكبار و التمتع باألمن و الحماية و السالمة التي وفرها التأييد و الموافقة الوالدية‪،‬‬

‫مما يجعله يستمر في هذا السلوك‪ ،‬و إذا لم يحقق رضا الكبار ربما تحول إلى سلوك كراهية هجومي‬

‫يسمى التحول الحاقد‪.‬‬

‫و الف رق بين المراه ق و الطف ل فيم ا يتعل ق بالحاج ات االتص الية ب اآلخرين ه و أَّن المراه ق يبحث عن‬

‫تحقي ق اتص اله ب اآلخرين عن طري ق ال دخول إلى جماع ة األق ران و حص وله على تقبله ا و رض اها و‬

‫تجنب االنتق ادات من ج انب رفاق ه‪ ،‬و ألول م رة تص بح األس رة أق ل أهمي ة بالنس بة للمراه ق في ال وقت‬

‫الذي تزيد فيه أهمية جماعة األقران‪ ،‬و لكن تظل األسرة كعامل مؤثر‪ ،‬و كثيرًا ما تعرقل األسرة نشاط‬

‫المراهق م ع جماعت ه و تح د من درج ة اندماج ه في نش اطها‪ ،‬و تس بب هذه األسر كث يرًا من المش كالت‬

‫ألبنائه ا بحرص ها على أن يبقى المراه ق مثلم ا ك ان طفًال تحث أعين اآلب اء في الم نزل ط وال ال وقت‪،‬‬

‫لعدم اعترافها بالوقت و بالحقائق الجديدة‪.‬‬

‫و الحاج ة لالتص ال في ص ورتها التبادلي ة تظه ر قب ل س ن المراهق ة (‪ 6‬ـ ‪ )10‬س نوات وقب ل ه ذه الس ن‬

‫يك ون الطف ل مش غوًال بإش باع حاجات ه فق ط و ال ينتب ه إلى حاج ات اآلخ رين‪ ،‬و لكن من ذ نهاي ة الطفول ة‬

‫المتأخرة يبدو عليه االهتمام باآلخرين ليس من زاوية ما يقدمونه له بل من زاوية ما يقدمه هو لهم‪.‬‬

‫و حتى في الحياة الراشدة يظل الفرد عرض ًة للخوف من الوحدة و االنفصال و يمكن أن يشعر بالقلق‬

‫الشديد إذا ما واجهته حالة من شأنها أن تفصله عن اآلخرين بشكل مفاجئ‪ ،‬فكل شخص يحتاج إلى أن‬

‫‪48‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ي رى الن اس و يس معهم و يتكلم و يتص ل بهم ع بر حواس ه الخمس‪ ،‬و في بعض الح االت ال تي تتض من‬

‫قط ع العالق ات اإلنس انية أو االجتماعي ة كفق دان العم ل و تغ يره أو التقاع د أو تغي ير مك ان اإلقام ة في‬

‫بعض الحاالت يعاني الناس الذين يتعرضون لمثل هذه القواعد إلى اكتئاب شديد‪.‬‬

‫مما ال شك فيه أنه بقدر ما يحقق الفرد من إشباع لحاجاته االتصالية بقدر ما يكون متوافق ًا و راضيًا و‬

‫شاعرًا باالرتياح و السعادة و العكس صحيح‪( .‬المرجع السابق ‪ 2008‬ص ‪)14‬‬

‫‪ 3‬ـ نماذج االتصال‪:‬‬

‫يمكننا وصف عملي ة االتص ال باس تخدام النماذج التي تص ور كيفي ة ح دوث هذه العملي ة‪ .‬والنموذج هو‬

‫وصف مبسط لعملية االتصال يعرض على هيئة رسم أو شكل يبين عناصر االتصال وتسلسلها والعالقة‬

‫بينها‪ .‬والنماذج ذات فائدة كبرى ألنها تصور الموضوع المطروح بطريقة مرتبة توضح أبعاده بشكل‬

‫مبسط‪.‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار س نجد أن الب احثين ق د ط وروا ع دة نم اذج و من أش هرها نم وذج "مي د" (‪ ،)Mead‬و‬

‫نم وذج" ش انون و ويف ر" (‪ ،)Shannon & Weaver‬و نم وذج "رالي و رالي" (& ‪Riley,M‬‬

‫‪ ،) Riley,J‬ونموذج "بيرلو" ( ‪ ،)Berlo‬ونموذج "هوفالند" ‪))Hovland‬‬

‫و فيمايلي سنشرح كل نموذج بالتفصيل ‪:‬‬

‫‪ 3‬ـ‪ 1‬نمودج ميد ‪:1945‬‬

‫وض عت " مي د " ( ‪ ) Mead, M 1945‬نموذج ًا بعن وان نظري ة االتص ال و التنش ئة االجتماعي ة‬

‫‪ ،Communication and Socialization theory‬أو ض حت في ه أن التنش ئة االجتماعي ة هي نق ل‬

‫ال تراث من جي ل إلى جي ل‪ ،‬كم ا أن االتص ال ه و انتق ال األفك ار و األه داف و الرغب ات و القيم و‬

‫النزعات السلوكية من فرد إلى آخر و هذا دليل على مدى االتفاق بين مفهوم التنشئة االجتماعية و بين‬

‫مفه وم االتص ال‪ ،‬فالتنش ئة االجتماعي ة هي عملي ة مس تمرة ألنه ا عملي ة نق ل خ برات‪ ،‬و تت أثر عملي ة‬

‫‪49‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫االتصال بالتنشئة االجتماعية‪ ،‬ألن االتصال يتأثر بالنظام االجتماعي‪ ،‬و بمقدار مخزون المعلومات في‬

‫عقل المستقبل‪.‬‬

‫فالتنش ئة االجتماعي ة تؤثر في سلوك األف راد‪ ،‬و بالتالي ت ؤثر في عملي ة االتص ال الذي يؤثر بدوره في‬

‫عملية التنشئة االجتماعية أي أن العالقة بينهما متبادلة‪ ( .‬سهير إبراهيم ‪ 2001‬ص‪)17‬‬

‫و يتلخص نم وذج "مي د" في أن المس تقبل يس تقبل الرس الة من المجموع ة ال تي ينتمي إليه ا و ال تي تت أثر‬

‫بمعايير وقيم الجماعة‪ .‬و يعتمد تأثير هذه الرسالة في المستقبل على مدى عالقته بالجماعة و على مدى‬

‫مشاركته و تفاعله معها‪ ،‬و يتأثر محتوى الرسالة بالمرسل الذي يعتبر عضوًا في جماعة يتأثر بها‪ ،‬كم ا‬

‫يت أثر ك ل من المرس ل و المس تقبل بالبن اء االجتم اعي الع ام‪ .‬فالتنش ئة االجتماعي ة هي ال تي تح دد س لوك‬

‫األف راد أو الس مات الشخص ية لهم‪ ،‬و بالت الي تح دد العالق ات االجتماعي ة بين األف راد‪ ،‬و هي ب ذلك تحدد‬

‫عملي ة االتص ال‪ ،‬و هذا النم وذج أوض ح أن هن اك ت داخًال في الت أثير المتب ادل بين التنش ئة االجتماعي ة و‬

‫عملي ة االتص ال‪ ،‬و أن ه ال يمكن فص لها أو معرف ة ت أثير ك ل منهم ا في اآلخ ر‪ .‬و يعت بر ذل ك عيب من‬

‫عي وب ه ذا النم وذج حيث أن ه ال يمكن قي اس التنش ئة االجتماعي ة قياس ًا دقيق ًا‪ ،‬و أن ه يمكن أن يعطي‬

‫القياس بعض المؤشرات فقط‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 2‬نموذج ويفر و شانون ‪:1945‬‬

‫و يتلخص النم وذج في أن المرس ل يخت ار رس الة يتم وض عها في ش فرة "‪ "Code‬و يح ول الرس الة إلى‬

‫إش ارات‪ ،‬يق وم المس تقبل بف ك رم وز ه ذه اإلش ارات و يب دأ في تفس يرها‪ ،‬و التغي يرات ال تي تط رأ على‬

‫الرس الة عن د المرس ل و المس تقبل ترج ع إلى ح دوث التش ويش" ‪ ،"Noise‬و ه ذا التش ويش يش ير إلى‬

‫مص در الخط أ ال ذي يس بب االختالف بين اإلش ارات ال تي يبعثه ا المرس ل و اإلش ارات ال تي يخرجه ا‬

‫المستقبل‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و يمكن دراس ة االتص ال من الناحي ة الفني ة ب التركيز على المش اكل الفني ة في إرس ال اإلش ارات أو من‬

‫الناحية الداللية بالتركيز على مشاكل المعنى أو من ناحية التأثير بالتركيز على النتائج السلوكية‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 3‬نموذج رالي و رالي ‪:1959‬‬

‫أك د العالم ان ( ‪ )Riley,M & Riley, J 1959‬ت أثير العالق ات االجتماعي ة و العوام ل البيئي ة على‬

‫االتص ال‪ ،‬و وض عا نم وذج لالتص ال الجمعي ‪ Mass Communication‬ال ذي يتك ون من ثماني ة‬

‫عناصر هي‪:‬‬

‫ـ القائم باالتصال ‪Communicator‬‬

‫ـ المستقبل ‪Receiver‬‬

‫ـ الرسالة ‪Message‬‬

‫الجماعة األولية ‪ Primary Group‬و هي التي تتمثل في األسرة أو جماعة الرفاق‪.‬‬

‫‪Reference Group‬‬ ‫ـ الجماعة المرجعية‬

‫ـ النظام المرجعي األكبر‪ Larger Reference Group‬و تتمثل في المدرسة أو الحي أو المحافظة‪.‬‬

‫ـ النظام المرجعي العام ‪Over all Reference Group‬‬

‫ـ استجابة المستقبل ‪Receiver Response‬‬

‫و يمكن تقسيم الجماعة األولية إلى‪ :‬جماعة أولية معيارية و أخرى أولية مقارنة‪.‬‬

‫ـ الجماعة األولية المعيارية‪ :‬و هي التي تتحكم في سلوك الفرد مثل األسرة‪ ،‬و جماعة الرفاق‪.‬‬

‫ـ الجماع ة األولي ة المقارن ة‪ :‬حيث يق ارن الف رد نفس ه ب اآلخرين في مجموعت ه األولي ة‪ ،‬و ت ؤثر على‬

‫استجابة المستقبل‪ ،‬و كذلك رسالة المرسل‪.‬‬

‫ـ و الجماع ة المرجعي ة هي ال تي تح دد درج ة التفاع ل بين المرس ل و المس تقبل‪ ،‬حيث تم د المس تقبل‬

‫بالمعلومات التي تساعد على اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و يتأثر كل من المرسل و المستقبل بالجماعة األولية و الجماعة المرجعية‪ ،‬و هاتان بدورهما تتأثران‬

‫بالجماع ة المرجعي ة الك برى‪ ،‬و تت أثر األخ يرة بالنظ ام االجتم اعي الع ام‪ ،‬و يتوق ف نج اح الرس الة على‬

‫مدى تأثر المرسل و المستقبل بتلك الجماعات المرجعية األولية و كلما كانت الجماعات األولية للمرسل‬

‫و المستقبل واحدة أو متشابهة أو ذات ظروف اجتماعية و اقتصادية متقاربة‪ ،‬كلما زاد احتمال استجابة‬

‫المستقبل لرسالة‪.‬‬

‫حيث يأخ ذ ه ذا النم وذج في االعتب ار العوام ل االجتماعي ة المختلف ة ال تي ت ؤثر في عملي ة االتص ال مث ل‬

‫مفاهيم و معايير و تقاليد المجتمع‪( .‬المرجع السابق ‪ 2001‬ص‪)21‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 4‬نموذج بيرلو ‪:1960‬‬

‫أوضح بيرلو (‪ )Berlo. D. 1963‬أنه وضع نموذج ًا عام ‪ 1960‬يوضح االتصال بين فردين‪ ،‬و يقوم‬

‫على افتراض أن الفرد يجب أن يفهم السلوك البشري حتى يستطيع أن يحلل عملية االتصال‪ ،‬و ق د ذكر‬

‫أن عملي ة االتص ال هي نق ل معلوم ات من مص در إلى مس تقبل‪ ،‬و يطل ق على نم وذج ب يرلو ‪ SMCR‬و‬

‫هو ما يعني أن عناصر النموذج هي‪:‬‬

‫أ ـ المصدر (المرسل)‪Source :‬‬

‫و هو الذي يقوم بصياغة الرسالة ‪ Encode‬و وضع رموزها في صورة يفهمها المستقبل‪ ،‬و يتوقف‬

‫نج اح االتص ال على مه ارات المرس ل االتص الية و اتجاهات ه‪ ،‬و مس تواه المع رفي‪ ،‬النظ ام االجتماعي و‬

‫الثقافي الذي يعمل في إطاره‪ ،‬و عليه أن يختار ما يجذب و يقنع المستقبل‪.‬‬

‫*تنويه‬

‫يحدد بيرلو خمس مه ارات أساسية للمرس ل‪ :‬اثنت ان متعلقتان بوض ع الفكرة في ش فرة و هي الكتابة و‬

‫التحدث‪ ،‬و اثنتان متصلتان بفك الشفرة‪ ،‬و هي القراءة و االستماع‪ ،‬و الخامسة تتعلق بالتفكير و وزن‬

‫‪52‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫األم ور‪ ،‬و ت ؤثر تل ك المه ارات على ق درة المرس ل في تحدي د أهداف ه و نواي اه‪ ،‬كم ا ت ؤثر على وض ع‬

‫رسائله في رموز‪.‬‬

‫ب ـ الرسالة‪ :‬من نتاج المرسل و هي إما لفظية بالمفردات اللغوية أو غير لفظية مثل الرسم‪ ،‬اإلشارات‬

‫الموسيقى‪ ،‬و لتحليل الرسالة يجب أن يؤخذ في االعتبار ثالثة عوامل رئيسية هي‪:‬‬

‫ـ رموز الرسالة ‪Message Code‬‬

‫ـ محت وى الرس الة ‪ Message Content‬و ه و م ادة الرس الة ال تي يختاره ا المرس ل للتعب ير عن‬

‫غرضه‪.‬‬

‫ـ طريقة معالجة الرسالة ‪ Message Treatment‬و تشير إلى القرارات التي يتخذها المرسل بالنسبة‬

‫للطريقة التي ستقدم بها الرموز و المحتوى‪.‬‬

‫و كل هذه العوامل تتضمن أفكارًا أو عناصر ‪ Elements‬و الطريقة التي تنظم بها تلك العناصر هي‬

‫البناء أو الهيكل ‪.Structure‬‬

‫ج ـ قناة االتصال‪ :‬و هي األداة التي تنتقل بها الرسالة من المرسل إلى المستقبل باستخدام حاسة أو أكثر‬

‫من الحواس الخمس التي تشمل السمع‪ ،‬البصر‪ ،‬الكالم‪ ،‬الشم‪ ،‬اللمس‪.‬‬

‫د ـ المس تقبل‪ Receiver :‬و ه و المس تهدف في عملي ة االتص ال‪ ،‬حيث يق وم بف ك رم وز الرس الة و‬

‫تفسيرها ‪ ،Decode‬و يتوقف نجاح االتصال على مهاراته و اتجاهاته التي يجب أن تتفق مع اتجاهات‬

‫المرس ل‪ ،‬و مس تواه المع رفي ال ذي يمكن ه من ف ك رم وز الرس الة‪ ،‬و النظ ام االجتم اعي و الثق افي ال ذي‬

‫يعم ل المس تقبل في إط اره‪ ،‬و يمكن تلخيص النم وذج في أن المرس ل يق وم بص ياغة الرس الة لتنتق ل‬

‫بواسطة قناة االتصال إلى المستقبل ليقوم بتفسيرها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 5‬نموذج هوفالند ‪:1963‬‬

‫‪53‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫رك ز نم وذج هوفالن د ( ‪ )Hovland.C. 1963‬على المس تقبل باعتب اره اله دف من عملي ة االتص ال‪ ،‬و‬

‫ذكر أن النواحي النفسية للمستقبل تؤثر على فكر و اتجاهات و سلوك المستقبل الذي يؤثر بدوره على‬

‫عملية االتصال‪ ،‬و أوضح أن هناك أربع مراحل اتصالية متتابعة تؤثر كل مرحلة منها على المرحلة‬

‫التي تليها و تلك المراحل هي‪:‬‬

‫أ ـ مرحلة المثيرات االتصالية المدركة‪ Observable Communication Stimuli :‬و هي عبارة عن‬

‫المواقف المحيطة بعملية االتصال‪ ،‬و التي تشمل محتوى الرسالة‪ ،‬سمات شخصية القائم باالتصال‪ ،‬أداة‬

‫االتصال‪ ،‬خصائص المكان الذي يؤثر على عملية االتصال‪.‬‬

‫ب ـ مرحلة االستعداد الطبيعي للمستقبل‪Predispositional Factor :‬‬

‫و هي عبارة عن مرحلة ما قبل وصول الرسالة و تشمل مدى استعداد المستقبل لتقبل الرس الة‪ ،‬األدوات‬

‫التي يستخدمها المرسل إلثارة انتباه المستقبل‪ ،‬و خصائص المكان التي تثير انتباه المستقبل‪.‬‬

‫ج ـ مرحلة وصول الرسالة‪ Internal Mediating Process :‬و هي العوامل الداخلية التي تؤثر في‬

‫عملي ة االتص ال‪ ،‬و تح دث في ثالث مراحل متتابع ة و هي‪ :‬االنتب اه‪ ،‬و االس تيعاب‪ ،‬و القبول‪ ،‬فقد ينتب ه‬

‫الفرد للرسالة لكنه ال يستوعبها‪ ،‬و قد يستوعبها و لكن ال يقبلها‪.‬‬

‫د ـ مرحل ة الت أثير‪ Communication Effects:‬و تش مل التغي ير في ال رأي‪ ،‬و التغي ير في اإلدراك‪،‬‬

‫التغيير في الشعور‪ ،‬و التغيير في السلوك و قد يحدث تغيير في اإلدراك يؤدي إلى تغيير في الرأي ثم‬

‫تغيير في الشعور و الذي يؤدي بدوره إلى تغيير في سلوك المستقبل‪.‬‬

‫من خالل ما سبق نستخلص أن لالتصال عناصر جُد مهمة و هي‪:‬‬

‫‪ 4‬ـ عناصر االتصال‪:‬‬

‫‪ ‬الهدف‪Goal :‬‬

‫‪54‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫نعني به تحديد هدف مسبق لعملية االتصال نفسها‪ ،‬إذ البد أن يسأل المرسل نفسه لماذا يريد أن ينقل‬

‫هذه المعلومة و لمن؟ و ما هي النتيجة التي ينتظرها المرسل بعد انتهائه من االتصال بالفئة المستهدفة؟‬

‫‪ ‬المرسل‪Sender :‬‬

‫و هو الطرف الذي يقوم بإرسال الرسالة إلى طرٍف آخر ( فرد أو أكثر)‪ .‬و في حياتنا العملية نجد أن‬

‫المرسل ممن الممكن أن يكون أب ًا أو أم ًا أو معلم ًا أو مدربًا أو محاضرًا أو طبيب ًا‪ ،‬أو أي شخص آخر‬

‫لدي ه معلوم ات وخ برات يري د أن ينقله ا لفئ ة أخ رى من الن اس لتس تفيد منه ا‪ ،‬و المرس ل ال يظ ل يرس ل‬

‫طوال الوقت ألن عملية االتصال عملية تبادلية فعندما يتحدث المستقبل أو يستجيب ينعكس الوضع‪.‬‬

‫‪ ‬الترميز‪Encoding :‬‬

‫و تتمثل في استخدام رموز أو شفرات تعبر عن المعاني أو األفكار المطلوب إرسالها لطرف اآلخر‪.‬‬

‫‪ ‬الرســالة‪ Message :‬و هي الرس الة العقلي ة ال تي يتم إرس الها للط رف اآلخ ر‪ ،‬و هي ت تيح عملي ة‬

‫الترميز عن األفكار و المعاني المرغوب نقلها للطرف اآلخر‪ .‬و الرسالة هي محور عملي ة االتصال‪ ،‬و‬

‫هي التي تتم من أجلها عملية االتصال بين طرفين الدائرة‪ ،‬فالرسالة ممن الممكن أن تكون عبارة عن‬

‫معلومات متوافرة في مجال معين لدى شخص معين يريد أن يفيد بها فئة معينة من الناس‪ ،‬أو قد تكون‬

‫خبرات في عم ل أو وظيف ة أو مش اعر ك الخوف و القلق و عدم المعرف ة مثلما يحدث في ح االت تقديم‬

‫المشورة و يوجد نوعان من الرسائل‪:‬‬

‫الرسائل اللفظية‪ :‬و تشمل كل ما ُينطق به أو ُي لفظ من كلمات و ألفاظ‪.‬‬

‫الرس ائل غ ير اللفظي ة‪ :‬و تش مل ك ل م ا ه و غ ير منط وق مث ل حرك ات الجس م و تعب يرات الوج ه و‬

‫اإليماءات‪ ) .‬عازة محمد ‪2007‬ص ‪)7‬‬

‫‪ ‬القناة أو الوسيلة‪Channel :‬‬

‫‪55‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و تمث ل الوس يلة ال تي من خالله ا يتم نق ل الرس الة إلى الط رف اآلخ ر أثن اء عملي ة االتص ال و ق د تك ون‬

‫ش فهية أو كتابي ة أو الكتروني ة‪ ،‬و يتوق ف نج اح نق ل الرس الة على م دى مناس بة الوس يلة لتحقي ق ه دف‬

‫االتصال‪.‬‬

‫‪ ‬فك الرموز‪Decoding :‬‬

‫و هي عملي ة يقوم به ا الط رف اآلخ ر الذي اس تقبل الرس الة و ذل ك لتفس ير م ا ورد في الرس الة و م دى‬

‫استجابته و فهمه لها‪.‬‬

‫‪ ‬المستقبل‪ Receiver :‬وهو الذي يستقبل الرسالة المرسلة‪ ،‬و يصبح المستقبل مرسًال حين يستجيب‬

‫للرس الة و يتفاع ل معه ا‪ ،‬أي أن المرس ل يص بح مس تقبًال و المس تقبل يص بح مرس ًال من خالل عالق ة‬

‫تبادلية مستمرة‪ ،‬و الحقيقة أن االتصال يصبح ناجحًا حين يفهم المرسل و المستقبل المعلومة نفسها‪.‬‬

‫‪ ‬األثر‪ Effect :‬و نعني بها مالحظة األثر الذي طرأ على الفئة المستهدفة أثناء االتصال و بعده‪ ،‬و‬

‫يقوم به المرسل لكي يتأكد من مدى تحقيق الهدف‪ ،‬حيث ال فائدة من اتصال ال يغير معلومة أو سلوك‬

‫أو يضيف جديدًا لشخصية المستقبل‪.‬‬

‫‪ ‬المعلومــات المرتــدة‪ Feed Back :‬و تعكس ردة فع ل المس تقبل و اس تجابته للرس الة‪ ،‬ل ذلك فاتج اه‬

‫التغذية المرتدة دائمًا يكون في عكس اتجاه المرسل مكنه الرسالة‪ ،‬و قد سميت بهذا االسم ألنها ترتد من‬

‫المستقبل للمرسل لتغذيته بالمعلومات التي تجعله قادرًا على االستمرار في عملية االتصال و لما كانت‬

‫الرسائل لفظية و غير لفظية‪ ،‬فمن الممكن أن تكون المعلومات المرتدة كذلك‪ .‬و المعلومات المرتدة غير‬

‫اللفظي ة ال تتم إال إذا ك ان االتص ال وجه ًا لوج ه حيث تتض من المالحظ ة و النظ ر و تب ادل المش اعر و‬

‫األحاسيس‪(.‬المرجع السابق ‪2007‬ص‪)8‬‬

‫و من خالل ما سبق ذكره نستنتج أن لالتصال خصائص معينة و هي‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪5‬ـ خصائص االتصال‪:‬‬

‫االتصال عملية متشابكة العناصر حيث إنها تمتلئ بالرموز اللفظية و غير اللفظية التي يتبادلها المرسل‬

‫و المس تقبل في ظ ل الخ برات الشخص ية و الخلفي ات و التص ورات و الثقاف ة الس ائدة لك ل متص ل و ال‬

‫يمكن أن يتط ابق تف اعالن تمام ًا خالل عملي ة االتص ال ألن ك ل حال ة اتص ال فري دة و مس تقلة ب ذاتها و‬

‫ظروفه ا و س ياقها و ل ذلك الب د من معرف ة خص ائص االتص ال ال تي تع بر عن ديناميكيت ه أو حركت ه‬

‫النشطة التفاعلية الدائبة‪ ( .‬أحمد وحيد ‪2009‬ص‪)7‬‬

‫‪ ‬االتصال عملية مستمرة‪:‬‬

‫عملية االتصال مستمرة ال تتوقف أو تتجمد عند نقطة محددة‪ ،‬نظرًا ألن االتصال يشمل على سلسلة من‬

‫األفعال التي ليس لها بداية أو نهاية محددة‪ ،‬فإنها دائمة التغيير و الحركة و لذلك يستحيل على المرء أن‬

‫يمسك بأي اتصال و يوقفه و يقوم بدراسته‪ ،‬و لو أراد أن يفعل ذلك لتغير االتصال ألن االتصال مبني‬

‫على عالقات متداخلة بين الناس و بيئات االتصال و المهارات و المواقف و التجارب و المشاعر ال تي‬

‫تعزز االتصال في وقت محدد و بشكل محدد‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال يشكل نظامًا متكامًال‪:‬‬

‫يتك ون االتص ال من وح دات متداخل ة‪ ،‬و تعم ل جميع ًا حينم ا تتفاع ل م ع بعض ها البعض من مرس ل و‬

‫مستقبل و رسائل و تغذية مرتدة و بيئة اتصالية‪ .‬و إذا ما غابت بعض العناصر أم لم تعمل بشكل جيد‬

‫فإن االتصال يتعطل أو يصبح بدون التأثير المطلوب‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬االتصال تفاعلي و آني و متغير‪:‬‬

‫االتص ال نش اط ينب ني على التفاع ل م ع اآلخ رين حيث يق وم الش خص باإلرس ال و االس تقبال في ال وقت‬

‫نفس ه ال يمكن أن يتص ل ش خص ب آخر ح تى وص ول الرس الة ثم يق وم بإرس ال رس الة إلي ه أو يس تجيب‬

‫لرسالته‪ ،‬إننا عادة ما نرسل رسائل إلى اآلخرين حتى قبل أن يكتمل إرسال رسائلهم إلينا‪ .‬فمثًال يحدثك‬

‫ش خص عن حص ول ح ادث س ير لص ديق لكم ا‪ ،‬و إذا ب ك قب ل أن يكم ل قص ة ح دوث الح ادث تظه ر‬

‫عالمات الحزن عليك و ربما نزلت منك دمعة ألم و هو مازال مستمرًا في حديثه‪ ،‬و بالتالي يستجيب‬

‫هو لت أثرك فيختص ر القص ة و ق د يبدأ بتطمينك علي ه و أن ه بخير و هكذا تت داخل الرس ائل و تتفاعل و‬

‫تتغير بسرعة آنية‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال غير قابل للتراجع أو التفادي غالبًا‪:‬‬

‫إذا م ا ق ِّد ر لش خص أن ي رغب في ال تراجع عن االتص ال بع د حدوت ه‪ ،‬فإن ه ال يمكن ه ذل ك ق د يس تطيع‬

‫التأس ف أو االعت ذار أو إص الح م ا أفس ده االتص ال أو ح تى نس يان االتص ال‪ ،‬و لكن ال يمكن ه أو الظن‬

‫بأن ه لم يح دث‪ .‬و كم ا أن ال تراجع عن االتص ال غ ير ممكن غالب ًا فإن ه ال يمكن تفادي ه في كث ير من‬

‫الح االت خاص ة في االتص ال الشخص ي‪،‬مثًال إذا م ا تف ادى أح دنا االتص ال من ج انب أص دقائه م ع‬

‫رغبتهم فيه فإن ذلك قد يؤدي إلى آثار سلبية على هذه الصداقة‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال قد يكون قصديًا أو قد ال يكون‪:‬‬

‫هذا يتمثل في أربع حاالت‪:‬‬

‫أ ـ قد يرسل شخص إلى آخر رسالة بقصد و يستقبلها اآلخر بقصد‪ ،‬و بالتالي فإن االتصال يكون غالب ًا‬

‫مؤثرًا‪.‬‬

‫ب ـ و قد يرسل شخص رسالة بدون قصد آلخر يستقبلها عن قصد كمن يتنصت على محادثة خاصة‬

‫بين اثنين‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ج ـ قد يرسل شخص رسالة عن قصد إلى آخر غير منتبه لها فال يتفاعل معها‪.‬‬

‫د ـ و ق د يرس ل شخص ان رس ائل و يس تقبالنها دون قص د منهم ا ب ذلك‪ ،‬و يتمث ل ه ذا بش كل كب ير في‬

‫الرسائل غير اللفظية كنوع مالبسنا و لونها و مظهرنا العام و مالمحنا‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال ذو أبعاد متعددة‪:‬‬

‫ب رغم أن اإلنس ان يق وم باالتص ال بص فة مكثف ة و يؤدي ه بعفوي ة إَّال أن االتص ال ل ه أه داف متع ددة و‬

‫مستويات متباينة من المعاني‪ ،‬و كل الرسائل فيها على األقل بعدان من المعاني؛ معنى ظاهر يبرز من‬

‫خالله محتوى الرسالة‪ ،‬و معنى باطن آخر يحدد طبيعة الصلة بين أطراف االتصال كطريقة حديثنا و‬

‫التأكي د على بعض مقاطع الكالم و ما يص احب اللغ ة اللفظي ة من إيم اءات و إش ارات‪ .‬فاالتص ال يؤدي‬

‫لنا وظائف متعددة و نقوم به من أجل تحقيق أهداف نسعى إليها‪(.‬المرجع السابق‪2009‬ص‪)8‬‬

‫‪ 6‬ـ أهداف االتصال‪:‬‬

‫يحقق الناس مجموعة من األغراض و يشبعون عددًا من االحتياجات من خالل االتصال‪ ،‬إلى جانب أن‬

‫االتصال بشكل فعال يوفر قدرًا من المتعة و الرضا عن النفس‪ ،‬و إن نجاح المرء في االتصال يشعره‬

‫بالسعادة و االرتياح‪.‬‬

‫و يتض ح من خالل رص د أغ راض الن اس من االتص ال أنه ا ت تركز ح ول تحقي ق ال ذات و الحاج ات‬

‫الشخصية و بناء العالقات مع اآلخرين‪ ،‬كما يلعب االتصال دورًا كبيرًا في اإلعالم و الدعاية و إحداث‬

‫اإلقن اع و الت أثير العقلي و الع اطفي تج اه بعض األفك ار و القض ايا ك ذلك اإليح اء بأفك ار و اتجاه ات و‬

‫مقاصد معينة‪.‬‬

‫و األهداف العامة ألي عملية اتصالية هي‪:‬‬

‫‪59‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬توفير المعلومات أو االستفادة منها‪.‬‬

‫‪ ‬اإلقناع بفكرة أو قضية ما‪.‬‬

‫‪ ‬ضمان الفهم الجيد للرسالة‪.‬‬

‫‪ ‬الحصول على أفعال و أعمال‪.‬‬

‫‪ ‬تغيير السلوك‪.‬‬

‫و لكنن ا عن دما نتن اول أه داف االتص ال أو وظائف ه من وجه ة نظ ر أي من المرس ل و المس تقبل نج دها‬

‫مختلفة بعض الشيء‪ ،‬فمن وجهة نظر المرسل نجد أن هدف االتصال عنده هو‪:‬‬

‫‪ ‬نقل فكرة معينة‪.‬‬

‫‪ ‬اإلعالم‪.‬‬

‫‪ ‬التعليم‪.‬‬

‫‪ ‬اإلقناع‪.‬‬

‫‪ ‬الترفيه‪.‬‬

‫أما من وجهة نظر المستقبل فيمكن تحديد األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬فهم ما يحيط به من ظواهر و أحداث‪.‬‬

‫‪ ‬تعلم مهارات جديدة‪.‬‬

‫‪ ‬االستمتاع و الهروب من مشاكل الحياة‪.‬‬

‫‪ ‬الحصول على معلومات جديدة تساعد على اتخاذ القرارات بشكل مفيد‪.‬‬

‫و يمكننا تقسيم المجاالت الرئيسية ألهداف الناس في االتصال إلى أربعة مجاالت رئيسية‪:‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 1‬أهداف متعلقة باالستجابة للحاجات الشخصية‪:‬‬

‫و تشمل مجموعة من األهداف على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬البقاء و الحفاظ على الحياة‪:‬‬

‫مهما كنا في مجتمع مستقر ينعم بالرخاء االقتصادي فإن حاجتنا إلى االتصال تتأكد للحفاظ على أبداننا‬

‫و أرواحنا‪ ،‬إننا نتصل للحصول على الطعام و المسكن و الدواء و تجنب األخطار المحدقة بنا‪ ،‬بل أن‬

‫الدراسات الحديثة أثبتت أن االتصال مهم لصحة اإلنسان و أن غيابه يؤثر سلبًا على هذه الصحة‪.‬‬

‫‪ ‬الحاجة إلى األمان و الشعور باالطمئنان‪:‬‬

‫مهم ا ك انت حاج ة اإلنس ان مادي ة ف إن حاجات ه الروحي ة توازيه ا إن لم يكن أك ثر‪ ،‬ك ل إنس ان يحت اج إلى‬

‫الشعور باألمن و االستقرار في ذاته و على نفسه‪ ،‬إننا نشعر بحاجتنا إلى تقدير اآلخرين و أننا مرغوب‬

‫فين ا من الن اس‪ .‬فال غ نى لن ا عن االتص ال فنحن بحاج ة إلب داء مش اعرنا و عواطفن ا و أفكارن ا تج اه‬

‫اآلخرين و معرفة ما يرونه فينا و ما يقولونه عنا‪ (.‬المرجع السابق ‪2009‬ص‪)11‬‬

‫‪ ‬الحاجة إلى اإلقناع‪:‬‬

‫إننا نتصل من أجل إقناع اآلخرين حتى يفكروا و يتصرفوا بالطريقة التي نفكر و نتصرف بها‪ ،‬نهدف‬

‫في أحيان كثيرة إلى تغيير آراء الناس و مواقفهم و حثهم على قول شيء أو فعله‪.‬‬

‫‪ ‬ممارسة القوة و السيطرة على اآلخرين‪:‬‬

‫ربم ا ك ان ه ذا الغ رض ش بيهًا ب الغرض الس ابق ( اإلقن اع) إال أن ه يختل ف عن ه في أنن ا نري د إخض اع‬

‫اآلخ رين لس لطتنا بحيث ال يس تطيعون فع ل ش يء مخ الف‪ .‬و ع ادًة م ا يق وم به ذا الن وع من االتص ال‬

‫األشخاص الذين يتمتعون بمكانة اجتماعية أو معرفة أكثر من اآلخرين أو أن لديهم أدوات اتصال ليست‬

‫لدى غيرهم كعمليات االبتزاز و الدعاية مثًال‪.‬‬

‫‪ ‬اإلعانة على اتخاذ القرار‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ينخرط بعض المتصلين في االتصال مع اآلخرين من أجل البحث عن القرار المناسب تجاه تبني شيء‬

‫معين أو س لوك مح دد نفك ر في القي ام ب ه‪ .‬و في ه ذا الص دد نبحث عن المعلوم ات و اآلراء و مواق ف‬

‫اآلخرين و ردود أفعالهم و عواقب القرارات التي يمكن أن نتخذها‪.‬‬

‫‪ ‬الحاجة إلى التأكيد‪:‬‬

‫قد نتخذ قرارًا معينًا و لكننا ال ندري هل نستمر في تنفيذه أو نميل إلى التراجع و التوقف و هذا يعني‬

‫أن الحاجة قائمة إلى التأكيد و االستمرار أو عدم التأكيد و االنقطاع‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 2‬األغراض المتعلقة بالجوانب االجتماعية‪:‬‬

‫يشمل هذا الجزء على مجموعة من األغراض على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬التعاون مع اآلخرين‪:‬‬

‫ه ذا المج ال ي تيح لن ا التع اون م ع اآلخ رين من خالل تك وين مجموع ات اجتماعي ة ننتمي إليه ا ك أفراد‬

‫األسرة و زمالء العمل‪...‬الخ‬

‫و االتصال للتعاون من أجل تلبية احتياجاتنا االجتماعية و الوظيفية هي من أكثر أهداف االتصال حدوثًا‬

‫و أهمية‪.‬‬

‫‪ ‬الحفاظ على المؤسسات القائمة و المجتمع‪:‬‬

‫إنن ا نتص ل من أج ل الحف اظ على األس رة و الحي و القبيل ة و الش ركة أو المؤسس ة ال تي نعم ل به ا أو‬

‫ننتمي إليها‪ .‬فمن خالل االتصال نسعى إلى االستفادة من الكيانات االجتماعية التي توجد في مجتمعنا و‬

‫المؤسسات التي نتعامل معها كالمدارس و الجامعات و المستشفيات و غيرها مما نحتاج إليه و نحافظ‬

‫على بقائه لخدمة أهدافنا المشتركة مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 3‬األغراض المتعلقة بالجوانب االقتصادية‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و في هذا الجانب هناك هدفان محددان‪:‬‬

‫‪ ‬الحصول على معلومات‪:‬‬

‫نحن نتبادل المعلومات و األخبار مع اآلخرين بشكل دائم و آني‪ ،‬إننا نبحث عن المعلومة في كل جانب‬

‫من ج وانب الحي اة‪ ،‬و ربم ا ك ان التص نيف االقتص ادي له ذا الغ رض ه و من أج ل تحقي ق المن افع لن ا و‬

‫المضار عنا‪( .‬المرجع السابق ‪ 2009‬ص ‪)12‬‬

‫‪ ‬فهم العالم من حولنا‪:‬‬

‫إننا نتصل من أجل أن نتلمس موقعنا في البيئة من حولنا و فهم العالم الذي نعيش فيه و كيف سيتفاعل‬

‫مع أمور أربعة مهمة؛ ما نحمله من معتقدات‪ ،‬كيف ننظر إلى أنفسنا‪ ،‬طبيعة عالقاتنا باآلخرين‪ ،‬و ما‬

‫نظن ه حقيق ة و واق ع‪ .‬و ه ذه األم ور تح دد لن ا الخريط ة المادي ة و االجتماعي ة لم ا ه و حولن ا و الع الم‬

‫الداخلي في نفوسنا‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 4‬األغراض المتعلقة بجوانب التعبير عن النفس‪:‬‬

‫هن اك غ رض واح د ب ارز تحت ه ذا التص نيف و ه و أن الن اس يقوم ون باالتص ال بقص د التعب ير عن‬

‫أمانيهم و رؤيتهم لآلخرين بطريقة مبدعة سواء أكان بالكلمات أو بالصور أو األصوات أو أي صيغة‬

‫أخرى‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ أنواع االتصال‪:‬‬

‫يقسم كل من " رويش" و " باستون" عملية االتصال إلى أربعة أشكال هي‪:‬‬

‫‪ ‬االتصال الذاتي‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أي االتصال بين الفرد و ذاته‪ ،‬و هو االتصال الذي يتمثل في الشعور و الوعي و الفكر و الوجدان و‬

‫سائر العمليات النفسية الداخلية‪( .‬قاضي جيدة ‪1999‬ص‪)106‬‬

‫‪ ‬االتصال الشخصي‪:‬‬

‫هو الذي يحدث بين فرد و آخر و ينطوي هذا االتصال على نوعين رئيسين‪:‬‬

‫‪ ‬االتص ال الثن ائي‪ :‬يش مل ع ادًة المحادث ة بين شخص ين كم ا يحص ل بين األص دقاء و في ه ذا اإلط ار‬

‫يرسل و يستقبل االثنين رسائل من خالل اللغة اللفظية و غير اللفظية‪ ،‬و هنا يتحقق للمتصل أكبر قدر‬

‫من التفاعل و رجع الصدى‪ ،‬كما يقل التشويش نظرًا لمعرفة كل طرف منهما بظروف االتص ال و لديه‬

‫الفرصة للتأكد من وصول الرسالة و فهمها كما يريد‪( .‬أحمد وحيد ‪2009‬ص‪)22‬‬

‫‪ ‬االتصال في مجموعات صغيرة‪ :‬هذا الشكل من االتصال يتحقق في الجماعات األولية التي تتمثل‬

‫في األسرة‪ ،‬جماعات النشاط الحر‪ ،‬و هي جماعات صغيرة تنشأ بين أعضائها عالقات شخصية‪.‬‬

‫(قاضي جيدة ‪1999‬ص‪)106‬‬

‫و نظ رًا لوج ود مجموع ة من المرس لين و المس تقبلين في آن واح د ف إن عملي ة االتص ال‪ ،‬تص بح أك ثر‬

‫تعقيدًا من االتصال الثنائي كما تزيد فرصة االرتباك و عدم الوضوح و زيادة التشويش على الرسائل‪.‬‬

‫(أحمد وحيد ‪ 2009‬ص ‪)22‬‬

‫‪ ‬االتصال الجمعي‪:‬‬

‫في االتصال الجمعي تنتقل الرسالة من شخص واحد ( متحدث) إلى عدد من األفراد‪ ،‬يستمعون و هو‬

‫ما نسميه بالمحاضرة أو الحديث العام أو الخطبة‪ .‬و عادة ما يتميز االتصال الجمعي بالصبغة الرسمية‬

‫و االل تزام بقواع د اللغ ة ووض وح الص وت‪ .‬و ال يمكن غالب ًا للمس تمعين أن يق اطعوا المتح دث و إنم ا‬

‫يمكنهم التعب ير عن م وافقتهم أو ع دم م وافقتهم بالتص فيق أو ه ز ال رأس أو بالمقاب ل ب اإلعراض عن ه أو‬

‫إصدار أصوات عدم الرضا عن حديثه‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬االتصال الثقافي‪:‬‬

‫هو الشكل الذي تتفاعل فيه البيئة الثقافية في شكل عمليات اجتماعية‪ ،‬تتنوع فيها المعلومات و المؤثرات‬

‫و المنظمات‪ ( .‬قاضي جيدة ‪1999‬ص‪)106‬‬

‫و يحدث االتصال الثقافي أيضًا حينما يتصل شخص أو أكثر من ثقافة معينة بشخص أو أكثر من ثقافة‬

‫أخرى‪ ،‬و حينئذ البد أن يعي المتصل اختالف العادات و القيم و األعراف و طرق التصرف المناسب‪،‬‬

‫و إذا غاب هذا الوعي فإنه سينتج عن االتصال قدر من سوء الفهم‪( .‬أحمد وحيد‪2009‬ص‪)23‬‬

‫و هناك من يضيف نوعًا آخر لهذه األنواع وهو االتصال الجماهيري‪:‬‬

‫‪ ‬االتصال الجماهيري‪:‬‬

‫و يحدث من خالل الوسائل االلكترونية كاإلذاعة و التلفاز و األفالم و األشرطة المسموعة و االنترنت‬

‫و غيرها من وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ مكونات االتصال‪:‬‬

‫يحتوي االتصال على مكونين مهمين و هما‪:‬‬

‫‪ ‬االتصال اللفظي‪ :‬و يتضمن اللغة‪ ،‬الكلمات‪ ،‬المحتوى‪..‬الخ‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال غير اللفظي‪ :‬و يتمثل في طريقة النظر‪ ،‬االبتسامة‪ ،‬الضحك‪ ،‬الحركات‪ ،‬اإليماءات‪...‬الخ‬

‫و يس اهم االتص ال غ ير اللفظي بطريق ة ج د مهم ة في مع نى الرس الة و يت أثر ه ذا األخ ير بالتربي ة‪ ،‬و‬

‫الثقافة التي نعيش فيها و بمعنى أصح يتأثر بطريقة تأويلنا لألمور‪)Charli Cungi 1996 p 24( .‬‬

‫‪ 8‬ـ ‪ 1‬أهمية االتصال غير اللفظي‪:‬‬

‫يمكن أن نعتق د بس هولة أن االتص ال غ ير اللفظي ل ه أهمي ة قليل ة ل دى البش ر‪ ،‬و لكن في الحقيق ة ه ذا‬

‫األخ ير يك ون أك ثر ت أثيرًا و فعالي ة من االتص ال اللفظي‪ ،‬حيث يمكن لالتص ال غ ير اللفظي أن يرس ل‬

‫‪65‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مع اني ال يمكن للكلم ات أن ترس لها إال بص عوبة‪ ،‬مثًال االبتس امة ممكن أن تع بر على م ا نش عر ب ه في‬

‫بعض األحي ان أك ثر من الكلم ات‪ ،‬و ممكن له زة أو رمش ة عين أن تغ ير كلي ًا مع نى الجمل ة‪ .‬و يرس ل‬

‫االتص ال غ ير اللفظي أحيان ًا معلوم ات أك ثر من االتص ال اللفظي كم ا ق د يرس ل معلوم ات ق د تن اقض‬

‫االتصال اللفظي‪.‬‬

‫و قد بين العديد من الباحثين أهمية االتصال غير اللفظي‪ ،‬كالدراسة التي قام بها كل من " ماريلين شيا"‬

‫‪ Marilyn Shea‬و " ه وارد روزنفيل د" ‪ Howard Rosenfeld‬من جامع ة كنس اس ‪ Kansas‬و ال تي‬

‫تمت على ‪ 40‬معلمًا يدرسون ‪ 40‬طالبًا بطريقة فردية‪ ،‬حيث وجدا أن المعلمين يقدموا معلومات كثيرة‬

‫للطالب حول فشلهم و نجاحيهم في التعلم عن طريق االتصال غير اللفظي ( حركة الرأس‪ ،‬االبتسامة‪،‬‬

‫عض الشفاه‪...‬الخ)‬

‫و على ما يبدو أن المعلمين ال يعلمون بأنهم يعطون معلومات كهذه بطريقة غير لفظية‪ ،‬و قد ساعدت‬

‫هذه المعلومات الطالب على التعلم بسرعة‪))Jean Marie, Madeleine 1979p 111 .‬‬

‫و كذلك دراسة " دونالد تيبر" ‪ Donald Tepper‬بمدرسة داوسون ‪ Dawson‬بمونتلاير ‪Montréal‬‬

‫و دراسة " ريتشارد هاص" ‪ Richard Haase‬بجامعة تكساس ‪ ، Texas‬و مفادهما أن التعبير غير‬

‫قدرة من التعبير الشفهي إليصال مشاعر التعاطف مع اآلخرين و احترامهم و التعبير‬


‫اللفظي هو أكثر ً‬

‫بصراحة عن مشاعر‪ ،‬فمثًال تعبيرات الوجه هي عنصر ج ُد مهم إليصال مشاعر التعاطف و االحترام‬

‫لآلخر‪.‬‬

‫و فيما يخص التعبير عن المشاعر فمختلف المكونات غير اللفظية لها أهمية كبيرة مثل حركة الجسم‬

‫اتجاه اآلخر‪ ،‬نظرات العيون‪ ،‬شدة الصوت‪...‬الخ‪.‬‬

‫و حسب دراسة " باتريك شروت" ‪ Patrick Shrout‬من جامعة كولومبيا ‪ ، Columbia‬أن األشخاص‬

‫األك ثر نش اطًا على مس توى االتص ال غ ير اللفظي في ح ديث م ا يخلق ون و ي تركون انطب اًع جي دًا ل دى‬

‫‪66‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اآلخرين‪ .‬و بعبارٍة أخرى ال يجب الخوف من التعبير غير اللفظي فهذا يحسن بصفٍة عامة األحكام التي‬

‫يكونها اآلخرون عنا‪( .‬المرجع السابق ‪1979‬ص‪)113‬‬

‫و حتى نتصل بلباقة مع اآلخرين و حتى نؤكد ذواتنا ال يكفي إذن أن نعرف ما نقول‪ ،‬بل يجب أيض ًا‬

‫أن نعرف كيف نقوله‪ ،‬فأجسامنا و هيأتنا يرسالن اتجاهاتنا و أفكارنا و مشاعرنا‪ ،‬و تعبيرات أوجهنا و‬

‫أيدينا و صوتنا و لباسنا‪ ،‬كلها تقول و توحي بأشياء هي األخرى و تستطيع أن تجعل ما نقول ه بالكلمات‬

‫أقوى‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ‪ 2‬عناصر االتصال غير اللفظي‪:‬‬

‫‪ ‬االتصال البصري‪ :‬بمجرد النظر إلى شخص بطريقة مباشرة ممكن أن يزيد هذا من مستوى اإلثارة‬

‫النفس ية و االنفعالي ة عن د المس تقبل و ه ذا م ا يس ميه الخ براء مس توى التنش يط أو الفعالي ة ‪Niveau‬‬

‫‪ d’activation‬فعن د النظ ر إلى ش خص مباش رة نك ون مث ل ال ذي يطلب ش يء م ا فيس تجيب في ه ذه‬

‫اللحظ ة بمجرد أن نوض ح ما نريده من ه‪ ،‬فيجيب و يقترب منا‪ ،‬و إذا لم يعرف ما نريده منه و إذا لم‬

‫يكن مستعدًا للّر د عنا يصبح متوترًا و يتجنب االتصال‪.‬‬

‫فق د وج د " ايل زورث" ‪ Ellsworth‬و " ل ونجر " ‪ Langer‬أن ‪ 10‬أش خاص من ‪ 12‬ش خص يس اعدون‬

‫شخصًا ما ينظر إليهم مباشرة‪ ،‬إذا عرفوا بوضوح كيف يساعدونه‪.‬‬

‫إذن كلما كان االتصال البصري لألشخاص جيد كلما اعتبروا أقوياء و فعاليين لآلخرين حسب دراسة‬

‫"ماسيلون" ‪ Massilon‬و " هيالبغونت" ‪.Hillabrant‬‬

‫‪67‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كل هذا يبين أهمية االتصال البصري في االتصال ف الكثير من األشخاص يجدون صعوبة في الحفاظ‬

‫على االتص ال البص ري عن دما يتكلم ون م ع ش خص م ا‪ ،‬حيث يب دو م نزعجين و عص بيين و ينقص هم‬

‫تقدير الذات و هذا ينعكس على المستقبل فيصبح منزعجًا هو أيضًا‪.‬‬

‫و لكن يجب أن يك ون هن اك ت وازن في كيفي ة النظ ر‪ ،‬فالتح ديق الكث ير و المب الغ في ه يك ون أحيان ًا غ ير‬

‫الئ ق أثن اء االتص ال‪ ،‬و يمكن لالتص ال البص ري أن يش جع المحادث ة كم ا يمكن أن ينهيه ا ف إذا ص رفنا‬

‫النظر عن اآلخر ينهي المحادثة معنا‪ ،‬فاالتصال البصري جُد مهم في االتصال بين األش خاص ل ذا يجب‬

‫أن نكون قادرين على الحفاظ عليه بطريقة الئقة حسب ظروف السياق االتصالي‪.‬‬

‫‪ ‬الصوت‪ :‬في دراسة قام بها باحثون من جامعة كاليفورنيا " بوجنتال هانكر " ‪Bugental Henker‬‬

‫و "والن" ‪ Whalen‬وج دوا أن األش خاص ال واثقين من ذواتهم و ال ذين يس تطيعون تس يير حي اتهم‬

‫يظه رون أك ثر تأكي دًا من خالل مس توى ن برة ص وتهم أك ثر من محت وى مح ادثتهم‪ ،‬و العكس ص حيح‬

‫بالنسبة لألشخاص األقل وتوقًا من ذواتهم‪ (.‬المرجع السابق ‪ 1979‬ص ‪)119‬‬

‫و يرى هؤالء الباحثون أن هذه النتيجة تبين أن نبرة الصوت هي ميزة و خاصية ال نكون على وعي‬

‫بها دائمًا و لكنها تعبر جيدًا عن الثقة بالنفس‪.‬‬

‫فاألشخاص األقل ثقًة بذواتهم يحاولون التأثير على اآلخرين عن طريق محتوى عدواني و أيضًا تأكيدي‬

‫و لكن نقص ثقتهم ب ذواتهم تظه ر في ن برة ص وتهم‪ ،‬حيث يكون وا غ ير فع الين في مختل ف الوض عيات‬

‫االجتماعي ة‪ ،‬مثًال عن د طلب الطاع ة من أطف الهم‪ .‬و من جه ة أخ رى األش خاص األك ثر ثق ًة من ذواتهم‬

‫يكونوا أقل عدوانية في المحتوى و يكونوا أكثر فعالية اجتماعيًا‪.‬‬

‫و في المقابل كلما كان الصوت مرتفع ًا كلما ّد ل على أن الفرد عصبي‪ ،‬و إذا تكلم بصوت منخفض ّد ل‬

‫على أنه سلبي و هذا باألخذ بعين االعتبار الوضعية االتصالية التي يكون فيها‪ .‬إذن من الممكن القول‬

‫أَّن للصوت أهميًة كبيرًة في االنطباع الذي يكونه الناس عن الفرد‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ففي دراس ة "ايزل ر" ‪ Eisler‬و " ميل ر" ‪ Miller‬و " هارس ن" ‪ Hersen‬ح ول مختل ف الخص ائص ال تي‬

‫تف رق األش خاص التأكي ديين عن غ يرهم وج دوا أن األش خاص التأكي ديين يس تجيبون بس رعة لوض عيات‬

‫الصراع بصوت أكثر قوٍة و فعاليٍة ‪.‬‬

‫‪ ‬تعب ــيرات الوج ــه و الحرك ــة‪ :‬إن تعب يرات الوج ه تع بر كث يرًا عن اتجاه ات الف رد نح و اآلخ رين‬

‫فالخاصية المميزة لألشخاص اللطيفين و العاطفيين هي االبتسامة‪.‬‬

‫فقد وجد " باتريك شروت" ‪ Patrick Shrout‬في دراسته أَّن االبتسامة مهمة بالنسبة للرجال ألنها تترك‬

‫انطب اع جي د ل ديهم‪ ،‬ألَّن الرج ال لهم نزع ة لالبتس ام أق ل من النس اء حيث تص بح االبتس امة عام ل أك ثر‬

‫أهمية للرجال من النساء‪ (.‬المرجع السابق ‪1979‬ص ‪)122‬‬

‫فهناك الكثير من األشخاص من يجدون صعوبًة في االبتسامة و هناك الكثيرون من يجدون صعوبًة في‬

‫عدم االبتسامة‪ ،‬فهناك أشخاص يضحكون حتى و هم في حالة غضب و آخرون ال يضحكون ح تى وهم‬

‫سعداء‪ ،‬و آخرون عندهم تعبير جامد و بارد حتى ولو أرادوا التعبير عن المشاعر و العواطف‪ ،‬فمن‬

‫المهم و حتى يفهمنا اآلخرون أن يكون لدينا تعبير وجهي يعكس ما نشعر به‪.‬‬

‫و ليس هن اك الوج ه وح ده ال ذي يع بر و يعكس المش اعر ب ل ك ل الجس م يمكن أن يس اعد أو يعرق ل‬

‫االتصال مع اآلخرين‪ ،‬وعندما يكون الفرد يقظ و حذر في حركاته يساعده هذا في إدراك الرسائل و‬

‫التعبير الجيد عن ذاته‪.‬‬

‫‪ ‬المســافة البينشخصــية‪ :‬نحب أن ن ترك بعض المس افة م ع الش خص ال ذي نتح دث إلي ه حس ب الثقاف ة‬

‫السائدة و الوضعيات االتصالية‪ ،‬و حسب األفراد‪ ،‬و حسب ما نريد قوله فاألصدقاء مثًال يقتربون من‬

‫بعضهم عكس الغرباء‪ .‬و إن االقتراب الكثير و االبتعاد الكثير يمكن أن يشعر الفرد بعدم االرتياح لذا‬

‫يجب اختيار المسافة المناسبة أثناء االتصال‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬الهيئة العامة‪ :‬إن طريقة لباسنا و كذلك مظهرنا العام يعبر كثيرًا عنا‪ ،‬ما هي الصورة التي نريد‬

‫أن نقدمها عن أنفسنا عن طريق مظهرنا؟ هل نشعر باالرتياح على أنفسنا في هذا المستوى؟هل نشجع‬

‫المالحظ ات االيجابية و السلبية ألصدقائنا على أنفس نا من خالل هذا المستوى؟ مثًال ما اللباس من بين‬

‫مالبسنا الذي يشعرون بالثقة بالنفس و نرتديه في مناسبة خاصة بالنسبة لنا حتى نكون تأكيدين‪.‬‬

‫و بالطبع هذا يختلف بالنسبة لكل واحد منا و بالنسبة للوضعيات االتصالية المختلفة‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ ‪ 3‬االتصال اللفظي و أهميته‪:‬‬

‫الكلمة هي األداة األكثر أهمية التي نملكها لجعل حياتنا مهمة‪ ،‬فلنتخيل كيف تكون حياتنا بدون كالم‪.‬‬

‫طبع ًا س نجد ص عوبة في اإلظه ار لآلخ رين من نحن و كي ف نفك ر؟ و م اذا نش عر؟ و م اذا يش عرون‬

‫اتجاهن ا و اتج اه وق ائع أخ رى؟ م اذا يرغب ون و م اذا ينتظ رون من ا و من الحي اة عام ًة؟ فب دون الكالم‬

‫تتطور معارفنا بطريقة بطيئة بسبب نقص التبادالت مع اآلخرين؟ فلنتخي ل إذن إذا لم يستطع أح ٌد منا‬

‫الكالم بالطبع ستكون كارثة‪ (.‬المرجع السابق ‪1979‬ص‪)129‬‬

‫‪ ‬االتصال اللفظي مصدر السعادة و الحزن في آٍن واحد‪:‬‬

‫الكالم و االتصال اللفظي هما ما يشكالن أغلبية االتصاالت اليومية بين البشر‪ ،‬و هذا ما يسمح بإقامة‬

‫عالقات عميقة و ما يسمح أيضًا للعالقات الثنائية بالتطور و ذلك بإعطاء الدعم لكل فرد داخل العالقة‪،‬‬

‫و الش عور بالحن ان و الرض ا الكب ير في الحي اة‪ .‬فبمج رد الكالم عن المش اكل و الص عوبات داخ ل عالق ة‬

‫مناسبة يجعلنا أكثر سعادة و يقلل من قلقنا‪.‬‬

‫و لكن لألس ف ممكن أن يجلب االتص ال اللفظي الكثير من المشاكل في الحياة‪ ،‬ف الكالم يسمح لنا بخلق‬

‫الس عادة لدى اآلخر و كذلك خلق مش اعر الح زن و الغض ب‪ ،‬بمعنى آخر االتص ال اللفظي هو مصدر‬

‫مهم لمش اعر االرتي اح و ع دم االرتي اح‪ .‬و لتجنب ذل ك الب د من مجموع ة من المه ارات تجع ل من‬

‫االتصال اللفظي أداة اجتماعية مريحة‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 8‬ـ ‪ 3‬ـ ‪ 1‬مهــارات االتصــال اللفظي‪ :‬يق وم االتص ال اللفظي على اس تخدام الرم وز اللغوي ة المنطوق ة‬

‫التي تنقل األفكار و المشاعر و االتجاهات و يشترط فيه لغة بسيطة‪ ،‬سهلة و واضحة يفهمها الطرفان‬

‫المرسل و المستقبل‪( .‬يوسف مقدادي ‪ 2010‬ص‪)197‬‬

‫إن فعالية االتصال اللفظي تعتمد على مجموعة من المهارات هي‪:‬‬

‫‪ ‬التعبير المباشر عن المشاعر‪ :‬إَّن ردة فعل الناس لما نقوله شفهيًا ترتبط كثيرًا بطريقة قولنا لألمور‬

‫مثًال ل و أن شخص ًا م ا ي دخن س يجارة أمامن ا و ه ذا يزعجن ا‪ ،‬يمكنن ا أن نع بر عن ذل ك بط رق مختلف ة‬

‫كقولن ا مثال‪{ :‬يجب أن تتوق ف عن الت دخين فالرائح ة ج د كريه ة} و المالح ظ أن ه ذه العب ارة ال تع بر‬

‫مباشرًة عن مشاعرنا‪ ،‬و تبدو كمن يعلن اتهام ًا أو إعطاء أحكام سلبية على سلوك اآلخر‪ ،‬و تقدم رأينا‬

‫السلبي على أنه حقيقة أكيدة و كأنها رأي اآلخرين أيضًا‪.‬‬

‫و لكي نع بر مباش رة عن مش اعرنا نق ول مثًال‪ {:‬أن ا ج د م نزعج من دخ ان س يجارتك} و هن ا يس تجيب‬

‫اآلخر لمشاعرنا و ليس التهام يحمل طابع األمر‪)Jean Marie, Madeleine 1979p 131( .‬‬

‫و نفس الشيء بالنسبة للتعبير عن المشاعر االيجابية فإذا قلنا ألحد ما أننا نحبه أو نحب طريقة عمله‬

‫هك ذا نك ون ق د عبرن ا عن مش اعرنا بطريق ة مباش رة ع وض الق ول مثًال‪ {:‬أنت محب وب أو أنت تعم ل‬

‫جي دًا} فالعبارت ان األخيرت ان تكِّو ن ان أحك ام شخص ية و تق دمانها على أنه ا حقيق ة أكي دة‪ ،‬و بص فة عام ة‬

‫الجم ل ال تي تع بر مباش رًة عن المش اعر هي ال تي تب دأ بالض مير " أن ا" أو " ه ذا" ع وض الب دء بالض مير‬

‫"أنت"‪ .‬مثًال‪ {:‬يزعج ني أن ك لم تحض ر أس طواناتي‪ }.‬ع وض الق ول‪ { :‬ه ذه ع ادة س يئة لع دم إحض ارك‬

‫األشياء التي أعيرك إياها‪ }.‬فهناك أشخاص ال يتقبلون هذا التعبير‪ ،‬حيث نالحظ أن التعبير في الحالة‬

‫األولى يتمح ور ح ول مش اعر المتكلم و في الحال ة الثاني ة ح ول االته ام‪ .‬و الش عور باالته ام ممكن أن‬

‫يخلق المشاكل و المناوشات و يكون سلبيًا لعالقة بينشخصية هشة‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إذن الطريقة البناءة و المباشرة للتعبير عن المشاعر االيجابية و السلبية يمكن أن تتلخص في تركيبة أو‬

‫عب ارة بس يطة‪ ،‬تتلخص في الق ول الت الي‪ {:‬عن دما تق وم بمث ل ه ذا الس لوك المعين في موق ف معين أن ا‬

‫أشعر بمثل هذه المشاعر‪ ( }.‬المرجع السابق ‪ 1979‬ص ‪)132‬‬

‫‪ ‬طلب اإليضــاح‪ :‬عن دما التعب ير عن األفك ار و المش اعر‪ ،‬إن ه من الض روري أحيان ًا أن نتأك د إذا فهم‬

‫اآلخ ر م ا نري د قول ه‪ ،‬أي معرف ة إذا م ا تس اوى األث ر م ع الرغب ة أو الطلب‪ ،‬فمن الجي د أن نطلب من‬

‫اآلخر إذا فهم ما نريده و ما هي مشاعره حول ما قلناه‪.‬‬

‫و طلب اإليضاح يكون بطريقة واضحة و الئقة فال يجب القول مثًال‪ {:‬أعد ما قلته لك أعتقد أنك جد‬

‫غبي على أن تفهمني‪}.‬‬

‫و لكن يجب القول مثًال‪ {:‬أحب أن أعرف إذا عبرت لك بطريقة واضحة‪ ،‬فماذا فهمت مما قلته لك‪ ،‬و‬

‫ما تشعر به اتجاه ما قلته‪ ،‬أو ماذا قلت حتى كانت ردة فعلك هكذا‪}.‬‬

‫‪ ‬احترام اآلخرين‪ :‬عندما يس يء إلين ا أحد م ا أو نعتقد أن ه س وف يؤذين ا تكون ل دينا نزع ة كي نسيء‬

‫إليه بدورنا فنمنعه من الكالم‪ ،‬و هذا ما يفسد االتصال كلي ًا‪ .‬كلما أسيء إلينا أو كلما اعتقدنا ذلك كلما‬

‫ك ان من الص عب تجنب ردة الفع ل ه ذه‪ .‬و لكن األص ح أن ه في ال وقت ال ذي نج رح في ه أو يس اء إلين ا‬

‫يكون الرد و تجنب اإلساءة حتى نتجنب سوء التفاهم و الحفاظ على العالقة‪ ،‬لذا يجب تجنب اإلساءة و‬

‫المجامالت المزيفة و السخرية كقول مثًال‪ {:‬أعلم جيدًا أنت ال تفهم أبدًا‪}.‬‬

‫وفيم ا يخص المالحظ ات الجارح ة ح ول الماض ي‪ ،‬فنحن نتح دث كث يرًا عن م ا لم نحب ه في الماض ي‬

‫عوض الحديث على ما نشعر به اآلن‪ .‬و التكلم على األشياء السيئة التي حدثت في الماضي يمنعنا من‬

‫تسوية المشاكل الحالية‪ ،‬فمن المهم إذن التعبير عن المشاعر الحالية اتجاه المشاكل الحاضرة‪.‬‬

‫‪ ‬الحذر و المخاطر في التعبير عن المشاعر‪ :‬حتى و لو كان من المهم أن نقول ما نفكر و ما نشعر‬

‫به هذا ال يعني أنه يجب فعل هذا دائمًا مهما كانت األوضاع‪ ،‬ففي بعض الحاالت يكون لدينا انطب اع أن‬

‫‪72‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التعب ير عن مش اعرنا يمكن أن يس تقبل بطريق ة س يئة أو يمكن أن يج رح و ي زعج اآلخ رين أو يزعجن ا‬

‫نحن أيض ًا‪ .‬إذن يجب الح ذر‪ ،‬و من المستحس ن أن نق ول ه ذه المش اعر الشخص ية في ج ّو من التقب ل‬

‫المتب ادل‪ .‬في حين يجب تجنب الح ذر كث يرًا و االنغالق إذا ك انت هن اك إمكاني ة تط وير عالق ات‬

‫بينشخصية غنية فمن المستحسن أخذ المخاطر عوض البقاء منغلقين كثيرًا‪ ،‬فقد نندهش أحيانًا بأن الن اس‬

‫يسعدون بالتعبير الصريح عن مشاعرنا‪ ( .‬المرجع السابق ‪1979‬ص ‪)134‬‬

‫فق د وج د " ج ونز" ‪ Jones‬و " آرش ور" ‪ Archer‬بجامع ة دوك ‪ Duke‬في دراس ٍة لهم ا أن الن اس‬

‫يستحسنون كثيرًا األشخاص الذين يتكلمون عن نقاط ض عفهم أو ميزاتهم السلبية‪ ،‬أكثر من األشخاص‬

‫الذين يخفونها الشيء الذي ينعكس على اآلخرين‪.‬‬

‫أم ا دراس ة " ديرالغ ا" ‪ Derlega‬و " ه اريس" ‪ Harris‬و " ش ايكين" ‪ Chaikin‬فق د بينت العكس ف إذا‬

‫تكلم الش خص عن نق اط ض عفه لك ل الن اس ق د ي زعج اآلخ رين بكالم ه و حديث ه و يعكس أيض ًا م يزات‬

‫شخص ية و ال تي تعت بر منحرف ة أو مرفوض ة اجتماعي ًا‪ .‬ل ذا يستحس ن بعض الت وازن في ه ذا األم ر فال‬

‫ب أس أن ننفتح لبعض األش خاص القري بين من ا‪ ،‬و ليس من الض روري االنفت اح لك ل الن اس‪ ،‬خاص ة إذا‬

‫تعلق األمر بالحديث عن الخصائص الشخصية القليلة القبول اجتماعيًا‪.‬‬

‫‪ ‬اإلص ــغاء لآلخ ــر‪ :‬من بين المش اكل األساس ية في العالق ات البينشخص ية ع دم أخ د ال وقت الك افي‬

‫لالس تماع لآلخ رين‪ ،‬حيث ل دينا ع ادة الحكم على اآلخ رين و استحس انهم أو اس تهجانهم بس رعٍة ‪ ،‬خاص ًة‬

‫إذا شعرنا أننا معنيين باألمر أو عندنا مصلحة واضحة أو مخفية فيما إذا كان اآلخر على حق أو ال‪،‬‬

‫فنس تطيع أن نتجاه ل بس هولة رس ائل اآلخ رين و ه ذا م ا يخل ق س وء التف اهم و المناوش ات غ ير‬

‫الضرورية‪ .‬و هناك سلوك آخر يُّسد و يعرقل االتصال و هو إذا ما اعتقد الشخص أنه على حق جدًا و‬

‫يقول أشياء جد مهمة حيث يعتقد أنها مضيعٌة للوقت إذا استمع لآلخر‪ ،‬فيترك القليل من الوقت لآلخر‬

‫كي يتحدث أو يكمل جمله‪ ( .‬المرجع السابق ‪1979‬ص ‪)138‬‬

‫‪73‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و أن تكون مستقبًال جيدًا هو أن تعرف السكوت ألجل اإلصغاء لآلخر‪ ،‬و هذا جد مهم في االتصال‪،‬‬

‫حيث هناك نوعين من اإلصغاء؛ اإلصغاء السلبي و اإلصغاء الفّعال‪.‬‬

‫‪ ‬اإلصغاء السلبي‪ :‬الطريقة األفضل كي تكون مستمعًا و مستقبًال فعاًال تكون أحيان ًا بأن تبين لآلخر‬

‫أنك تهتم لما يقول و تشجعه كذلك على الكالم‪ ،‬و لهذا يجب أوًال أن تكون منتب ًه لآلخر و أن تنظر إليه‬

‫و تتجنب ع دم االنتب اه‪ ،‬و تس تطيع أن تض يف إش ارات ب الرأس أو جم ل قص يرة ال تي ت بين اهتمام ك و‬

‫تشجيعك لآلخر على إكمال حديثه مثال نقول‪ {:‬أم‪ ،‬حسنًا‪ ،‬هذا مهم‪ ،‬و إذن ‪...‬الخ}‬

‫فبعض الدراس ات بينت أن ق ول { أم } أي اإلص غاء الس لبي في محادث ة م ا و في ال وقت ال ذي يتكلم في ه‬

‫اآلخر في موضوع خاص يشجعه هذا على الكالم أكثر حول الموضوع‪.‬‬

‫(المرجع السابق‪ 1979‬ص‪)140‬‬

‫و حس ب دراس ة " فيش تي" ‪ Fischetti‬و " كوغ ان" ‪ Corran‬و " ويزب رغ" ‪ Wessberg‬أن األش خاص‬

‫القلقين و المنزعجين يكون سمعهم سلبي أكثر من اآلخرين و في كثير من األوقات غير المناسبة‪.‬‬

‫إذن هن اك أوق ات مناس بة و أو ق ات غ ير مناس بة لإلص غاء الس لبي فم ا هي األوق ات المناس بة لإلص غاء‬

‫السلبي؟‬

‫اكتشف " آرون سيغمان" ‪ Aron Siegman‬أنه بمجرد قول { أم‪ ،‬أم} بالصدفة بمعنى بدون األخذ بعين‬

‫االعتب ار م ا يقول ه اآلخ ر ال يش جع اآلخ ر على التكلم كث يرًا في حين يخل ق ه ذا ج ٌّو من ال دفء و‬

‫الصداقة‪ .‬فاإلصغاء السلبي كل الوقت أثناء المحادثة يمكن أن يوحي لآلخر أننا نريد االستماع إليه و‬

‫لكننا غير مهتمين بما يقوله بشكل خاص‪ ،‬هناك إذن أماكن و في أوقات معينة نبين فيها لآلخر بوض وح‬

‫ما يهمنا بالضبط مما يقول‪ ،‬و نستطيع قول ذلك بسهولة بفضل اإلصغاء الفّعال‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬اإلصــغاء الفّع ال‪ :‬يمكن للمس تقبل أن يأخ ذ دورًا ج د فع ال أثن اء االتص ال و ذل ك ب أن يفهم جي دًا م ا‬

‫يقوله المرسل‪ ،‬حيث يبين للمرسل أنه يتقبل مشاعره و يساعده بذلك على توضيح رسالته‪ ،‬و العنصران‬

‫أو اإلجراءان المهمين و اللذان يساعدانه في ذلك هما؛ عكس المحتوى‪ ،‬و عكس المشاعر‪.‬‬

‫‪ ‬عكس المحتوى‪ :‬هذا اإلجراء يضمن للمستقبل الفهم الجيد لمحتوى رسالة المرسل‪ ،‬و ه و أن يعطي‬

‫المس تقبل تأكي دًا للمرس ل عن دما ينتهي من كالم ه‪ ،‬حيث يمكن للمس تقبل أن يعطي و جه ة نظ ره فق ط‬

‫عندما يالحظ المرسل أن المستقبل فهم رسالته حق ًا‪ .‬فأحيان ًا نعتقد أننا فهمنا جيدًا رسالة اآلخر في حين‬

‫ليس هذا هو الحال و يحدث هذا بسرعة أثناء محادثة ما و ال ندرك أو نعي خطأنا ففي هذه األثناء ال‬

‫نأخذ الوقت لعكس المحتوى‪ ،‬فالمستمع الجيد يضمن دائم ًا أنه فهم رسالة المرسل جيدًا و ال يخمن ما‬

‫ي دور في رأس ه من أفك ار‪ ،‬ب ل يق وم بعكس المحت وى خاص ًة في الوض عيات أين التف اهم المتب ادل بوج ه‬

‫خاص جد مهم (إيصال المشاعر الجّد شخصية‪ ،‬االنتقادات‪ ،‬المشاكل البينشخصية‪ ،‬الصراعات‪...‬الخ)‬

‫حيث يعيد المستقبل بصيغة أخرى ما قاله المرسل و يطلب منه إذا ما فهم جيدًا رسالته‪.‬‬

‫‪ ‬عكس المشاعر‪ :‬إن أفضل طريقة كي نبين لآلخر أننا نتقبل و نفهم مشاعره تكون فقط بتسمية هذه‬

‫المشاعر مثًال‪ :‬إذا كنا أمام شخٍص يبدو مكتئبًا و على حافة البكاء يكفي أن نقول‪ {:‬ال أعلم لماذا و لكنك‬

‫تب دو ج ّد حزين ًا الي وم‪ }.‬و ه ذا االنعك اس للمش اعر ي بين لن ا إذا م ا فهمن ا مش اعر اآلخ ر و ي دفع ب اآلخر‬

‫للتعبير الدقيق‪ ،‬و الذي يعكس في نفس الوقت تقبلنا لهذه المشاعر‪.‬‬

‫و من األفضل أحيان ًا أن نعكس مشاعر اآلخرين بأن نبين لهم أننا لسنا أكيدين أو واثقين أننا نفهمهم و‬

‫لكننا نريد ذلك‪ ،‬و يكون هذا بتكوين و توظيف جمل مناسبة كقولنا مثًال‪{:‬عندي انطباع أنك تريد قول‬

‫شيء ما‪ { }.‬يبدو لي أنه‪ { }....‬هل تريد القول بأنك تشعر ب‪ }.....‬و تساعد هذه الجمل اآلخر على‬

‫التعب ير بوض وح عن مش اعره و من المهم أن نش جعه ح تى يك ون دقيق ًا في وص ف ه ذه المش اعر و‬

‫‪75‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التعبير عنها‪ ،‬و أن يربط هذه المشاعر بوضعيات و أحداث معينة‪ ،‬و هذا ما يساعد الطرفين على الفهم‬

‫الجيد للمشاعر أثناء االتصال‪ (.‬المرجع السابق ‪ 1979‬ص ‪)143‬‬

‫و لكن هن اك ح االت من المستحس ن فيه ا أن ال نع بر مباش رة عن مش اعرنا الس لبية كث يرًا‪ ،‬مثًال إذا كن ا‬

‫أمام شخص مكتئب نتيجة فشله في عمله‪ ،‬هنا من المستحسن عكس إدراكنا للحالة الخارجية التي تعتبر‬

‫أساس الشعور باالكتئاب الذاتي عوض الحديث عن الشعور السلبي ‪ .‬فإذا قلنا مثًال"{ عندي انطباع أنك‬

‫تشعر بالغباء ألنك فشلت في عملك‪}.‬و بهذه الطريقة نشجع بالتأكيد هذه المشاعر السلبية و نؤججها‪.‬‬

‫فمن المستحس ن أن نق ول‪ {:‬يب دو ل ك ه ذا العم ل ج د ص عب لدرج ة لم تتوقعه ا‪ }.‬و ه ذا الق ول يمكن أن‬

‫يسمح لآلخر بأن يتبني اتجاًه بناًء‪.‬‬

‫و من بين أه داف انعك اس المش اعر ه و خل ق ج ًّو ا من الثق ة المتبادل ة و مش اعر الرض ا و القب ول بين‬

‫المتصلين‪ ،‬و إذا تسرعنا في إعطاء النصائح لآلخر ممكن أن نجعله يشعر بالنقص و الغباء و هذا ما‬

‫يمنع ه من االنفت اح و التكلم عن مش اعره‪ .‬فممكن أن يك ون لآلخ ر حل وًال عن مش اكله ب دون أن نعطي ه‬

‫نحن النصائح‪ ،‬و قبول مشاعر اآلخرين ال يعني أن ننسى مشاعرنا الخاصة‪ ،‬فنحن نستجيب جدًا بالتقليد‬

‫ففي عالق ة كلم ا تكلم ش خص عن مش اعره بثق ة كلم ا تكلمن ا نحن عن مش اعرنا و ه ذا نتيج ة إحساس نا‬

‫باألمان‪ ،‬كما أن تقبل مشاعر اآلخر ال تعني أبدًا أن تكون لدينا نفس المشاعر مثًال إذا كان اآلخر في‬

‫حال ة غض ب فليس من الض رورة أن نغض ب نحن أيض ًا‪ ،‬فيجب أن نحتف ظ بمش اعرنا الخاص ة و نع بر‬

‫عنها و نبين لآلخر أننا نتقبل مشاعره‪.‬‬

‫‪ ‬ح ــدود اإلص ــغاء الفّع ال‪ :‬في الحي اة اليومي ة يجب أن نفهم أن اآلخ ر ال يمكن أن يعكس مش اعرنا‬

‫بسرعة و هو الحال بالنسبة لنا فمن غير الممكن أن نتقبل و نفهم جميع المشاعر‪ ،‬فكل هذا يأتي بطريق ة‬

‫طبيعية و متدرجة في عالق ة م ا‪ .‬فيمكن أن ننفتح لشخص ما بسرعة و يبادلن ا نفس الشعور في عالق ة‬

‫ما‪ ،‬لكن ال يجب أن تكون هذه قاعدة عامة و نعتقد أن كل العالقات ستكون مثل هذه العالقة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و إجم اًال نق ول أن عكس المحت وى و عكس المش اعر هم ا ج د مهمين في األح اديث و العالق ات‬

‫الشخص ية لح ل الص راعات و توض يح االتص ال بين شخص ين‪ .‬و أخ يرًا كم ا أن هن اك وقت مناس ب‬

‫لإلصغاء الفّع ال هناك وقت مناسب لنصيحة اآلخر حتى نبين له أننا نفهمه و أننا متفقين معه‪ ،‬وهذا ما‬

‫يخلق اتصاًال جيدًا و حًال سريعًا للمشاكل و الصراعات‪ (.‬المرجع السابق ‪1979‬ص‪)152‬‬

‫‪ 9‬ـ معوقات االتصال‪:‬‬

‫تتمث ل معوق ات االتص ال في المش اكل ال تي تص ادف أح د عناص ر العملي ة االتص الية و هي جمي ع‬

‫المؤثرات التي تمنع عملية تبادل المعلومات أو تعطلها أو تأخر إرسالها أو استالمها أو تشوه معانيها‪،‬‬

‫أو بعب ارة أخ رى أي ع ائق يقل ل من فعالي ة االتص االت األم ر ال ذي ينعكس على عملي ة االتص ال و ال‬

‫يجعله ا تحق ق الغ رض المطل وب منه ا بالدرج ة المناس بة‪ ،‬و بعض ه ذه المعوق ات كامن ة في الرس الة أو‬

‫القناة المستخدمة أو المرسل أو المستقبل‪ ،‬و البعض اآلخر من هذه المعوقات ناتج عن البيئة المحيطة‬

‫بنا‪ .‬و لذا فإن التعرف على هذه المعوقات و معالجتها يؤدي إلى رفع كفاءة االتصال في الوصول إلى‬

‫األهداف المطلوبة‪.‬‬

‫( محمد بن عبد العزيز ‪ 2008‬ص ‪)23‬‬

‫و فيما يلي أهم المعوقات التي تحد من فاعلية االتصال‪:‬‬

‫‪ ‬معوقات متعلقـة بالهـدف‪ :‬و هي أن تك ون أه داف الرس الة غ ير واض حة‪ ،‬مم ا يجع ل ه دف الرس الة‬

‫غير واضح‪.‬‬

‫‪ ‬معوقات متعلقة بالمرسل و هي‪:‬‬

‫‪ ‬الخوف و التردد من ردود فعل المستقبل اتجاه الرسالة‪.‬‬

‫‪ ‬سوء اختيار الرموز و الكلمات المعبرة عن مضمون الرسالة أو األهداف‪.‬‬

‫‪ ‬عدم اختيار الوقت أو المكان المناسب إلرسال الرسالة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬عدم اختيار قناة االتصال أو الوسيلة المناسبة من قبل المرسل‪.‬‬

‫‪‬معوقات متعلقة بالمستقبل‪:‬‬

‫‪ ‬تعامله مع كم هائل من الرسائل‪ ،‬مما يؤدي إلى تعامله مع البعض منها و إهمال البعض اآلخر‪.‬‬

‫‪ ‬التفسير الخاطئ للرس الة‪ ،‬نتيجة عدم القراءة الص حيحة‪ ،‬أو رفض و تجاهل المضمون أو الموقف‬

‫العدائي مع المرسل‪ ،‬أو التفسير على ضوء ما ينتظره المستقبل و ليس ما تعنيه المعلومات بالفعل‪.‬‬

‫‪ ‬معوقات متعلقة بالمرسل و المستقبل‪:‬‬

‫‪ ‬تب اين اإلدراك‪ :‬أَّن التب اين بين األف راد في إدراكهم للمواق ف المختلف ة يع ود إلى اختالف اتهم الفردي ة‪،‬‬

‫األمر الذي يؤدي إلى اختالف المعاني التي يعطونها لألشياء و طريقة تفسيرهم لها‪.‬‬

‫‪‬ع دم التط ابق في تفس ير مض مون الرس الة عن د ك ل من المرس ل و المس تقبل الختالف الخ برة و‬

‫اإلدراك عند كليهما‪.‬‬

‫‪ ‬االتجاه ات الس لبية‪ :‬و تتض من اتجاه ات المرس ل الس لبية تج اه نفس ه‪ ،‬أو اتج اه الموض وع‪ ،‬أو اتج اه‬

‫المستقبل‪ ،‬فإذا كانت لدى المرسل نظرة سلبية مسبقة اتجاه اآلخر الشك أَّن هذا يشكل معوق ًا لالتصال‪،‬‬

‫و عليه فال يمكن أن يتم أي نوع من التواصل الفّعال‪ ،‬ألّن هناك تشويشًا على فهمنا‪ ،‬و الصحيح أن نب دأ‬

‫التواصل في حالة من الحياد‪ ،‬و نجتهد في تفسير ما َيرد إلينا من الرسائل على وجه صحيح‪ ،‬ثم نرسل‬

‫رد الفعل تبعًا لذلك‪.‬‬

‫‪ ‬القص ور في المه ارات االتص الية‪ :‬إَّن االتص ال الفّع ال يتطلب ت وافر مه ارات معين ة في ك ٍل من‬

‫المرس ل و المس تقبل كمه ارة التح دث و االس تماع‪ ،‬فوج ود القص ور في ه ذه المه ارات يعت بر عائق ًا في‬

‫تحقيق االتصال الصحيح‪( .‬المرجع السابق ‪2008‬ص‪)24‬‬

‫‪ ‬المعتقدات‪ :‬و تتعلق بالبعد االجتماعي‪ ،‬القيم و العرف‪ ،‬و التقاليد‪ ،‬و المفاهيم السائدة في المجتم ع و‬

‫في أجزائه المختلفة؛ المدينة‪ ،‬القرية و العائالت‪...‬الخ‬

‫‪78‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و يتب اين األش خاص في االس تجابة لنفس الرس الة ألس باب و دواف ع شخص ية مختلف ة‪ ،‬منه ا التعليم و‬

‫التجارب السابقة‪ ،‬وبناًء على ذلك يختلف رد فعل شخصين من بيئتين مختلفتين حول موضع واحد‪.‬‬

‫‪ ‬اإلدراك االنتقائي‪ :‬حيث يتجه الناس إلى سماع جزء من الرسالة و إهمال المعلومات األخرى لعدة‬

‫أسباب منها الحاجة إلى تجنب حدة التناقض المعرفي‪ ،‬لذلك يتجه الناس إلى غض النظر عن المعلومات‬

‫التي تتعارض مع المعتقدات التي رسخت فيهم من قبل‪ ،‬و يحدث اإلدراك االنتقائي حينما يقوم المتلقي‬

‫بتقويم طريقة االتصال بما في ذلك دور و شخصية و قيم و مزاج و دوافع المرسل‪.‬‬

‫‪ ‬ع دم االهتم ام و ع دم الراح ة‪ :‬و هي أن يك ون المرس ل و المس تقبل غ ير مهتمين بالرس الة أو يكون ا‬

‫منزعجين نفسيًا‪( .‬يوسف مقداد‪2010‬ص‪)201‬‬

‫‪ ‬معوقات متعلقة بالرسالة‪:‬‬

‫‪ ‬عدم اشتمال الرسالة على عنصر التشويق و اإلثارة الذي يخاطب إدراك المستقبل‪ ،‬و يضمن قوة‬
‫تفاعله معها‪.‬‬
‫‪ ‬عدم تناسب موضوع الرسالة مع المستقبل من حيث اهتمامه و درجة استيعابه و مستوى إدراكه و‬

‫تلبية احتياجاته‪.‬‬

‫‪ ‬اشتمال الرسالة على أكثر من معنى‪ ( .‬محمد عبد العزيز ‪2008‬ص‪)24‬‬

‫‪ 10‬ـ االتصال من منظور علم النفس األسري‪:‬‬

‫أم ا أعم ال الب احثين في علم النفس ح ول االتص ال فق د ك انت البداي ة من مدرس ة ب الو آلت و ‪Palo Alto‬‬

‫بكالفورني ا و ال تي اختلفت كلي ًا عن نظ رة "ويف ر و ش انون" ح ول االتص ال‪ ،‬ه ؤالء الب احثون ي رون أن ه‬

‫رغم أن نظري ة "شانون و ويفر" لها قوة في اس تعمالها من طرف المهندس ين و لكن تطبيقها في العلوم‬

‫اإلنس انية ال يوافق ون علي ه‪ ،‬ألن ص يرورة االتص ال في العل وم اإلنس انية تحت اج إلى نم وذج خ اص به ا‬

‫تدرس و تحلل في إطاره و يرون أن االتصال بين فردين ال يتحدد في االتصال الكالمي أو الشفهي أو‬

‫اللفظي لكن هو صيرورة معقدة أكثر أين السلوك الجسمي بما فيه اإلشارات و كل الحركات اإلرادية‬

‫‪79‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و غ ير اإلرادي ة تلعب دورًا خ اص ‪ ،‬ك ل فع ل إنس اني مح دد حس ب قواع د س لوكية مح ددة ثقافي ًا‪ ،‬و‬

‫نظريتهم تقوم على " ال نستطيع عدم االتصال" بمعنى أن االتصال منهج و صيرورة اجتماعية مستمرة‬

‫تحوي عدة نماذج للسلوك‪ ،‬الكلمة‪ ،‬اإلشارة‪ ،‬اإليماءات‪ ،‬النظرة‪ ،‬المجال الفردي‪...‬الخ‬

‫ف انبثق ب ذلك نم وذًج أك ثر انفتاح ًا و ه و م ا يع رف ب التنظير النس قي لالتص ال ‪Approche‬‬

‫‪ systémique de communication‬مستمدًا من أعمال "بيرتالنفي" ‪Ludwig Von Bertalanffy‬‬

‫المختص في البيولوجي ة الحيوي ة و أعم ال "باتس ون" ‪ Gregory Bateson‬ح ول القي د الم زدوج (‬

‫‪ ,)double contrainte‬م ع ك ل من "جاكس ون" و "ه الي" و "ويكالن د" ‪Jackson &Halley‬‬

‫‪ &Weakland‬و أعمال "ري" ‪ Ray L. Birdwhistell‬المختص في االنتروبولوجيا و أعمال "ادوارد‬

‫هال"‪ Edward T. Hall‬حول المجالية ‪ la proxémique‬و هي مسافة فيزيائية بين المتصلين و أعمال‬

‫"ب ول واتالوي ك"‪ Paul Watzlawick‬م ع الظه ور التي ار البن ائي و أبح اث "ايرفين غ غوفم ان" ‪Erving‬‬

‫‪ Goffman‬حول تصورات الذات ‪ présentation de soi‬و الذي اقترح بالتعاون مع "جورج ميد"‬

‫‪ Georges-Herbert Mead‬نظري ة التك وين االجتم اعي لل ذات ‪Théorie de la Formation‬‬

‫‪ Sociale de Soi‬مفادها أن‪{ :‬اإلنسان يعي نفسه من خالل وجهات النظر المختلفة ألعضاء مجموعته‬

‫مثلما يحدث خالل لعب األدوار} (‪)Jean-Luc Michel 2008p 34‬‬

‫و أبحاث "فيرجنيا ساتير" ‪ Virginia Satir‬حول النسق األسري حيث كانت لها نظريته الخاصة حول‬

‫االتصال األسري و ذلك مند التحاقها بمعهد األبحاث النفسية ‪( )M.R.I‬في بالو آلتو‪.‬‬

‫و فيما يلي عرض ألهم هذه النظريات‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ ‪ 1‬نظرية بيرتالنفي ‪:Bertalanffy‬‬

‫أطلق عليها " بيرتالنفي " اسم النظرية العامة لألنساق و فكرته هي أن الكل هو األشياء التي تجتمع و‬

‫تكون أجزاء من الكل و العكس ليس صحيح‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في ه ذه النظري ة يع رف النس ق على أن ه مجموع ة من العناص ر في تواص ل و تفاع ل مس تمر‪ ،‬و ه ذه‬

‫التفاعالت تكون إما كبيرة (شدة التأثير) أو تكون معقدة أو االثنين معًا‪ ،‬و يرى "برتالنفي" أيض ًا أنه بما‬

‫أن النس ق الحي يع رف بالتب ادالت المس تمرة للم ادة أو المعلوم ة م ع محيط ه فه و يحت وي على مخ رج و‬

‫مدخل بناء و هدم لعناصره التي يتكون منها‪.‬‬

‫كل نسٍق يحتوي على عدة أنساق فرعية‪ ،‬فالنسق العائلي مثًال يتكون من النسق الفرعي األولي (األسرة‬

‫األصلية‪ ،‬أي جيل األجداد ) و النسق الفرعي الثاني ( األسرة الفرعية أي اآلباء و األبناء) و نجد أيض ًا‬

‫أنساقًا فرعية خاصة باألسرة الممتدة ( األعمام‪ ،‬األخوال‪ ،‬اإلخوة من الرضاعة‪)...‬‬

‫و هناك نوعان من األنساق بالنسبة للبيئة‪:‬‬

‫‪ ‬األنساق المغلقة‪ :‬التي ال تقبل إدخال و خروج المعلومات من النسق‪.‬‬

‫‪ ‬األنساق المفتوحة‪ :‬التي يكون مجالها مفتوحًا مع المحيط‪ ،‬و يكون هناك تبادل بين الداخل و الخارج‬

‫‪ 1‬ـ ‪ 1‬المبادئ األساسية لعمل األنساق‪:‬‬

‫أ ـ مبدأ الكلية‪Principe de totalité :‬‬

‫النسق هو الكل الذي ال يمكن فصله عن عناصر و هنا االنقسام ال يكون في التفاعالت فقط بل يتعدى‬

‫ذلك إلى االنقسام في عناصره‪ ،‬و كل عنصر من النسق يحلل داخل نسقه األصلي و ال يمكن أخد كل‬

‫عضو من النسق منفردًا عن العناصر األخرى رغم أن ذلك العضو فقط هو الذي يظهر العرض‪.‬‬

‫ب ـ مبدأ عدم التجميع‪Principe de non Sommativité :‬‬

‫النسق ال يكون مختصرًا لتجمع عناصره‪ ،‬و لكنه شيء آخر مخالف عن ذلك‪ ،‬فالنسق يس تطيع أن يعم ل‬

‫في أغلب األحيان مستقًال عن عناصره التي تشكله فهو معقد بطبيعته‪( .‬غازلي نعيمة ‪ 2011‬ص‪)24‬‬

‫ج ـ مبدأ التنظيم الذاتي‪Principe d'auto- regulation :‬‬

‫‪81‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫نج د ه ذه الخاص ية في األنس اق المفتوح ة هن ا نتكلم عن حال ة الثب ات و االت زان ‪Etat Stable et‬‬

‫‪ Homéostasie‬إذ فيما يخص الثبات نجده متعلق ًا بالطبيعة فبفضل ميكانيزمات النسق يستطيع تحقيق‬

‫الثبات ‪ ،‬أما فيما يخص األعضاء الحية نقول أنها تحقق التوازن الداخلي‪.‬‬

‫هناك أيض ًا حالة التطور و ذلك بتغيير األنساق لقواعدها العملية أي تغيير المحيط لتحقق التوازن‪ ،‬و‬

‫الميكانيزمات التي تسمح للتغير الذاتي هو نوع من الردود (‪ ) Réoactif‬و هنا تلتقي النظرية العامة‬

‫لألنساق و نظرية دراسة االتصال في مصطلح التغذية الرجعية ‪.Feedback‬‬

‫و يمكن أن نستنتج نوعين من التغذية الرجعية؛ التغذية الرجعية السالبة و التي هدفها جعل النسق في‬

‫حالة ثابتة و يمكن القول أن اتزان النسق محدد بالتغذية الرجعية السالبة‪.‬‬

‫بمعنى التغذية الرجعية هي محاولة تصحيح المنظومة بإعادة تأسيس حالة من التوازن فيها‪ ،‬مثل قيام‬

‫الطفل بدوره" التصرف كمريض" كي يعيد التفاهم بين الوالدين فتعمل هذه التغذية الرجعية السالبة على‬

‫بقاء حالة من التوازن األسري المستمر‪( .‬المرجع السابق ‪2001‬ص‪)23‬‬

‫أما التغذية الرجعية الموجبة تنتج عوامل تتسبب في ظهور اضطراب داخل النسق و بهذا تجعل النسق‬

‫غ ير ث ابت‪ ،‬ألن الض غوطات المنتج ة قوي ة ه ذا م ا يجع ل النس ق ينتق ل من حالت ه الثابت ة إلى حال ة ع دم‬

‫الثبات‪.‬‬

‫بهذا النسق الحي يطور من حالة ثابتة إلى حالة أخرى ثابتة بعد المرور بمرحلة من الدينامية التي تنتج‬

‫عن البيئة أوًال و الحلقة المعاشة ثانيًا‪.‬‬

‫د ـ مبدأ الحدود‪Principe d'équifinalité :‬‬

‫هذا المبدأ متعلق باألنساق الفرعية خاص ًة‪ ،‬إذ تحددها قواعد فبواسطة توظيف الحدود يتميز النسق و‬

‫يعود الفضل الستقرار الحدود و إقامة القواعد إلى نظام التغذية الرجعية الموجبة أو السالبة ففي النسق‬

‫‪82‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المنغلق الحالة الحدية متعلقة بالحالة األولية عكس األنساق المفتوحة‪ ،‬حيث نفس الحالة الحدية يمكن أن‬

‫تكون ناتجة من حاالت أولية أو أساسية مختلفة‪.‬‬

‫حيث نجد هذا المبدأ في األنساق المفتوحة بالخصوص إذ كل نسق حي يقوم بعملية التنظيم الذاتي التي‬

‫تجعله دائم الوجود‪ ،‬و هو اتجاه ينتج دائمًا أوامر تعطي القوة و كذا التصلب للنسق‪ ،‬و الحدود ال تعني‬

‫وجود فاصل بين الطرفين بل يعبر عن استمرارية بعد توقف مؤقت‪ ،‬و هي عالقة ديناميكية حركي ة من‬

‫نوع التغذية الرجعية ما بين فرد و آخر‪.‬‬

‫من خالل ما سبق نالحظ أن "برتالنفي" درس األسرة كنسق مفتوح و في حالة توازن و ما يصدر عنه‬

‫من عوارض ناتجة عن التدخالت السلبية‪ ،‬و سلوك المريض الذي هو عملية دفاعية داخل هذا النسق‬

‫هدفها الحماية‪ ،‬و يعتبر التنظيم الذاتي كحالة خاصة من التحكم الذاتي الذي ال ينطبق إال على األنساق‬

‫المفتوح ة التي تسعى إلى التوازن‪ ،‬فالنسق المتحول باستمرار و المتط ور يظه ر من خالل قدرت ه على‬

‫التخلي عن الثب ات لف ترة تم يع ود إلي ه م رة أخ رى‪ ،‬و يق وم بإع ادة التنظيم باتج اه جدي د وه و م ا يس مى‬

‫بالنسق المفتوح ‪.‬‬

‫و هن اك مص درين لتغ ير النس ق س واء داخلي (التفاع ل م ا بين عناص ر النس ق أو خ ارجي الف روض‬

‫االجتماعية ‪ ) Les imposes sociale‬فكل نسق أسري له إمكانية و قدرة على تغيير القواعد السابقة‬

‫عندما تكون غير متكيفة مثًال‪ :‬التوترات المتسببة من قبل المراهقين يريدون من خاللها وضع العائلة‬

‫في أزمة و إرغام األولياء عل تغيير نوع العالقات معهم حيث لم يعودوا أطفال بل أصبحوا مراهقين‬

‫أو راشدين و هذا تغيير طبيعي في األسرة السوية‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ‪ 2‬نظرية باتسون‪Gregory Bateson :‬‬

‫هذه النظرية ليست بديلة عن نظرية األنساق‪ ،‬فالمعالج األسري يجب عليه أن يفهم النسق داخل األسرة‬

‫و التفاعالت بينها‪ ،‬و طرق االتصاالت التي يتواصلون بها‪ ( .‬سعيد حسن العزة ‪2000‬ص‪)72‬‬

‫‪83‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و سمى "باتسون" نظريته بنظرية االتصاالت ووضع لها مبادئ تقوم عليها نحصرها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ ‬كل اتصال ال يكون موجودًا إال في إطار نسق اتصالي‪ ( .‬غازلي نعيمة ‪2011‬ص‪)27‬‬

‫‪ ‬كل نسق من االتصاالت يشكل توضيحًا بالنسبة لالتصاالت التي تشكله و تأخذ معنى منه‪.‬‬

‫‪ ‬اتص االت النس ق تت أثر من خالل التفاع ل م ع اتص االت أخ رى داخ ل النس ق و ي ؤثر ذل ك أيض ًا في‬

‫ذل ك النس ق‪ .‬مث ال ذل ك االتص ال داخ ل النس ق األس ري يت أثر باالتص ال داخ ل النس ق االجتم اعي ال ذي‬

‫تنتمي إليه تلك األسرة‪.‬‬

‫‪ ‬النس ق االتص الي يس ير تحت قواعد يحتويه ا هو فلك ل نس ق منطق خ اص بعمل ه‪.‬مث ال ذل ك أن لك ل‬

‫أسرة قواعد و منطق تسير به‪.‬‬

‫‪ ‬تجد الظواهر المتقاربة مكانها داخل النسق من خالل ذلك النسق و من خالل عمله‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 1‬الترتيب في االتصال‪Hiérarchisation de la Communication :‬‬

‫‪ ‬االتص ال في المس توى األول‪ :‬يمثل ه محت وى الرس الة ال تي ترس ل المعلوم ة أي الج انب اللفظي‬

‫‪Message Digitale‬‬

‫‪ ‬االتص ال في المس توى الث اني‪ :‬تمثل ه الرس الة العملي ة أي الج انب غ ير اللفظي من االتص ال‬

‫‪Message Analogique‬‬

‫إن المستوى األول يحوي المستوى الثاني و هو ما يسمى بما وراء االتصال أو ما بعد الرسالة ‪Meta-‬‬

‫‪Communication‬‬

‫‪ ‬االتصال في المستوى الثالث و هو يحوي السياق ‪ Contextuelle‬إذ ال يحتوي رس الة ال من الن وع‬

‫األول و ال من النوع الثاني حيث ال يمكن تشخيص و ترجمة ما يريد أن ُيعبر عنه‪.‬مثال ذلك أن لكل‬

‫ش خص هدف ه من االتص ال ممكن أن نرس ل نفس الرس الة و لكن معناه ا يتغ ير الش عوريًا بالنس بة لك ل‬

‫واحد منا‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 10‬ـ ‪ 3‬نظرية جاكسون في االتصال‪Jackson :‬‬

‫يرى "جاكسون" بأنه من المستحيل أن ال يكون هناك اتصال بين أفراد األسرة‪ ،‬فهم يتصلون فيما بينهم‬

‫س واء ك انوا واعين أم ال‪ ،‬و ب ذلك يك ون االتص ال عرض ي أو ص دفة و ق د يك ون لفظي أو غ ير لفظي‬

‫حيث يك ون األول في ش كل عب ارات و كلم ات أم ا الث اني فيتمث ل في لغ ة الجس د و حرك ات الف رد مث ل‬

‫اإليماءات و اإلشارات و هز الرأس و حركة اليدين و العينين‪...‬الخ‪ ،‬كما قد يكون االتصال واضحًا أو‬

‫غامضًا‪.‬‬

‫(سعيد حسني العزة ‪2000‬ص ‪)72‬‬

‫وقد وض ع "جاكسون" مع ك ل من " باتسون و ه الي و ويكالند" ف رض الرس ائل ذات القيد المزدوج (‬

‫‪ )double contrainte‬و بينوا المكونات الضرورية لحدوث هذه الرسائل و هي‪:‬‬

‫‪ ‬أن تحدث بين شخصين أو أكثر‪.‬‬

‫‪ ‬هي خبرة متكررة‪.‬‬

‫‪ ‬رسالة سالبة بصفة مبدئية‪.‬‬

‫‪ ‬في نفس الوقت تحمل معنى يناقضها في المستوى أكثر تجريدًا و هي معززة بالعقاب و بعالمات‬

‫تهدد البقاء‪.‬‬

‫‪ ‬تجعل هذه الرسائل الفرد غير قادر على الهروب من الموقف‪ (.‬داليا مؤمن ‪2004‬ص‪)128‬‬

‫مثال قول الزوج ة للزوج‪ {:‬أريد أن تكون ذا شخصية مستقلة} فهذه الرسالة تحوي معنيين متناقضين‬

‫حيث أن الزوجة تطالب زوجها باالستقاللية على المستوى السطحي و تطالبه أن يفعل ما تقول له على‬

‫المستوى األعمق‪ ،‬إَّن الزوج اآلن في موقف حرج جًّد ا و قد يهرب من الموقف و يصبح االتصال غير‬

‫مكتمل مما يخلق حالة من التوتر بين الطرفين و إذا ما استجاب لها فقد يصبح في وضع متوتر أيض ًا و‬

‫‪85‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كال الح التين غ ير م ريح للط رفين‪ ،‬و أحيان ًا يخت ار ال زوج اإلجاب ة على المس توى اللفظي و يتجاه ل‬

‫المستوى النفسي‪( .‬صالح حسن ‪ 2008‬ص ‪)126‬‬

‫فه ذا الن وع من التواص ل ال يتف ق في ه الكالم م ع المع نى‪ ،‬كم ا يتض من ع دم انس جام بين المواق ف و‬

‫الوجدان لما فيه من غرابة و تناقض و ال معقولية‪ ،‬و هي صفات تدل على عمق االضطراب النفسي‬

‫بش كل ع ام هي ص فات تم يز الفص امي بش كل خ اص و المع نى ال دارج له ذا المفه وم‪ ":‬إذا عاملت ه ف أنت‬

‫م ذنب و إذا لم تعامل ه ف أنت م ذنب" و ع ادًة م ا تك ّو ن االس تجابة النفس ية للرس ائل المس تمرة ذات القي د‬

‫المزدوج إحباطًا و يأسًا و اكتئابًا‪( .‬داليا مؤمن ‪ 2004‬ص‪)129‬‬

‫فقد وضع كل من " جاكسون و ويكالند" فكرة اتزان األسرة على أساس مفهوم القيد المزدوج و وضعا‬

‫تعريف ًا لمفه وم االت زان داخ ل األس رة و ال ذي يعتم د على الت أثير و الت أثر‪ ،‬ف إذا ح دث تغ ير ل دى أح د‬

‫أفراده ا ف إن ه ذا التغ ير ي ؤدي إلى تغ ير في ف رد آخ ر‪ ،‬و األس رة المريض ة تتم يز بن وع من االت زان‬

‫المرضي الذي يعتمد على نمط من العالقات المرضية القوية بين أفرادها‪ ،‬فيبدو سلوكهم الظاهر غريب ًا‬

‫أو غير متسق و يرجع ذلك إلى وجود نوع خ اص من االتزان المرضي في سلوكهم أي وجود نوع‬

‫من العالقات و األنماط التي تخضع لقانون خاص يقاوم شتى أنواع الضغوط التي تهدف إلى تغييره‪،‬‬

‫و أن الرسائل ذات القيد المزدوج تلعب دورًا أساسيًا في هذه الحالة‪.‬‬

‫و من المصطلحات الهامة أيضًا مصطلح الحدود و يشير إلى تقسيم بين عناصر في المنظومة و يشمل‬

‫مف اهيم عن المك ان و الزم ان و العالق ات بين األف راد‪ ،‬و عادة نجد ل دى األف راد األص حاء ح دودًا مرن ة‬

‫يمكن التحكم فيها تبعًا للظروف‪( .‬المرجع السابق ‪ 2004‬ص ‪)129‬‬

‫‪ 10‬ـ ‪ 4‬نظرية "هـالي" في االتصــال‪ :‬ي رى " ه الي" ‪ Helley‬ب أن ه دف االتص ال يك ون أحيان ًا للس يطرة‬

‫على اآلخ رين و يش تمل في ه ذه الحال ة ص راعات من أج ل الق وة ‪ Power Conflict‬و هن اك هرمي ة‬

‫لموقع كل فرد في األسرة في هذا االتصال الذي يحتوي على صراع القوة‪ ،‬فهناك سلم للقوة في األسرة‬

‫‪86‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و لكل فرد له موقع عليه‪ ،‬قد يكون في األعلى أو الوسط أو األسفل‪ ،‬فإذا كان الفرد في موقع ة في أعلى‬

‫الس لم فإن ه يحت ل المرك ز األق وى أك ثر ممن هم تحت ه‪ ،‬و تحص ل االض طرابات داخ ل األس رة بس بب‬

‫فوضى ترتيب الهرم أو فوضى مواقع األفراد على السلم فاألب و األم يجب أن يكونا في أعلى السلم‪،‬‬

‫أم ا إذا ج اء موقعهم ا في الوس ط‪ ،‬أو األس فل‪ ،‬ف إن الخل ل س وف يس ود تف اعالت األس رة و يس ودها‬

‫االض طراب‪ ،‬و ق د تحدث هن اك تحالف ات بين أعض اء األسرة‪ ،‬مثل أن تتح الف األم في أعلى الس لم مع‬

‫طفل في أدنى السلم ضد األب‪ ،‬لذلك على المعالج األسري أن يعيد تغيير بناء القوة في األسرة‪ ،‬و يكون‬

‫ذل ك من خالل تبص يرهم ب ذلك‪ ،‬و تظه ر ص راعات الق وة ع ادة عن دما يك ون في األس رة أك ثر من جي ل‬

‫يعيشون مع بعضهم البعض‪ ،‬مثل األجداد و الجدات و األعمال‪ ،‬و العمات‪ ،‬و األخوال‪ ،‬و الخاالت‪ ،‬و‬

‫يجب أن يالحظ المعالج األسري بأن مراكز القوى في األسرة تعتمد على مراحل النمو من حيث بدايتها‬

‫أو نهايتها‪.‬‬

‫( سعيد حسني العزة ‪2000‬ص ‪)73‬‬

‫‪ 10‬ـ ‪ 5‬نظرية موري بوين ‪Murray Bowen :‬‬

‫مؤسس هذه النظرية هو "موري بوين" ‪ Murray Bowen‬و قد تطورت نظريته بين عامي ‪ 1957‬و‬

‫‪ 1966‬من خالل المالحظ ات ال تي الحظه ا أثن اء تعامل ه م ع األس ر ال تي به ا ف رد يع اني من الفص ام و‬

‫كيف أن أنماط العالقات األسرية يمكن أن تنمي مرض الفصام‪ ،‬و في نظره األسرة اإلنسانية هي نوع‬

‫معين من األنساق الطبيعية يحق أن تسمى النسق االنفعالي‪( .‬عالء الدين ‪2006‬ص ‪)323‬‬

‫و تعتمد نظرية " بوين" على متغيرين متداخلين و هما‪:‬‬

‫ـ مستوى تمايز الذات‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ـ مقدار القلق في مجال الفرد االنفعالي‪.‬‬

‫و ي رى " ب وين" أن هن اك ق وتين طبيعي تين في مج ال العالق ات اإلنس انية و هم ا التف رد و االس تقالل من‬

‫جهة‪ ،‬و المودة و االندماج من جهة أخرى‪ ،‬و على األسرة السوية أن تحدث توزن ًا بين هاتين القوتين‬

‫أي الحاجة إلى التوازن بين الحاجات االتصالية و هي المودة و االندماج و الحاجات االستقاللية و هي‬

‫التفرد و االستقالل‪ ( .‬سهيله بنات ‪2010‬ص ‪)237‬‬

‫‪ 10‬ـ‪ 6‬نظرية منوشين‪Salvador Minuchin :‬‬

‫ويرى " منيوشن" و" مينشمان" أن األسرة هي مجموعة طبيعية يتواجد فيها بشكل مستمر أنماط من‬

‫التفاعالت تكِّو ن بناء األسرة‪.‬‬

‫وق د اهتم" منيوش ن" بمف اهيم واض حة مث ل‪ :‬الت وازن‪ ،‬والتغذي ة الراجع ة‪ ،‬وح دود النظ ام‪ ،‬واألنظم ة‬

‫الفرعية‪ ،‬والنظام المفتوح والنظام المغلق‪ ،‬و تتسم نظرية" منيوشن" بالكلية‪ ،‬وتركز على وجهة النظر‬

‫التفاعلية البنائية‪.‬‬

‫وي رى " منيوش ن" أن األس رة تس ير على قواع د يفهمه ا ك ل أف راد األس رة‪ ،‬وتح دد القواع د م تى‪ ،‬و أين‪،‬‬

‫وكيف يستجيب كل فرد في األسرة‪ ،‬ومجموع القواعد تمثل أنماط التفاعل‪ ،‬وهو ما يسميه بناء األسرة‪،‬‬

‫و ينظم البناء سلوك كل شخص وخبراته مع الواقع‪ (.‬سهيلة بنات ‪ 2010‬ص ‪)220‬‬

‫ويقص د بالح دود م دى االق تراب والتباع د بين أف راد األس رة؛ أي م ا م دى ارتب اط أف راد األس رة انفعالي ًا‪،‬‬

‫وكيف يتصل كل منهم اتصاًال منفتحًا مع اآلخرين‪ ،‬وعندما يؤدي النظام دوره ووظائفه بشكل جيد فإن‬

‫الحدود توصف بأنها واضحة و شبه نفاذة‪.‬‬

‫وتوص ف الح دود بأنه ا من عوام ل س وء األداء إذا ك انت مشوش ة وجام دة‪ ،‬و يوص ف التط رف في‬

‫االقتراب أو االبتعاد فيما يتعلق بالحدود بخصائص التشابك أو التباعد‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التباع د‪ :‬تك ون الح دود في ه جام دة‪ ،‬ويك ون هن اك مس افة زائ دة بين أف راد األس رة‪ ،‬ويك ون االتص ال بين‬

‫أعضاء األسرة محدودًا‪ ،‬والتعاون داخل المنزل أو المدرسة صعبًا أو قليًال‪ ،‬ويميل األطفال في األسر‬

‫المتباعدة لممارسة سلوكات سلبية أكثر من غيرهم‪ ،‬ويستخدمون أسلوب عزو السلوك ألسباب خارجية‬

‫مقاب ل ع زوه ألس باب داخلي ة بش كل أك بر من غ يرهم‪ .‬و إذا لم يحص ل الت دخل المناس ب معهم ف إنهم‬

‫يصبحون عرضة لألذى والخطر‪ ،‬وذلك بسبب حصول صدام مع القوانين واألنظمة في المستقبل‪.‬‬

‫التش ابك‪ :‬ق رب ش ديد بين أف راد األس رة‪ ،‬ومن الص عب أن يش عر الف رد باالس تقاللية أو الذاتي ة‪ ،‬وتك ون‬

‫الف روق الفردي ة غ ير محتمل ة‪ ،‬وق د يع بر األف راد عن مش اعر تعكس الحماي ة الزائ دة ال تي تقي د األف راد‪،‬‬

‫ويكون األبناء في األسر المتشابكة أكثر عرضة للمشكالت االنفعالية‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ ‪ 7‬نظرية ساتير ‪ Satir‬في االتصال‪:‬‬

‫ع رفت " س اتير"(‪ )Satir 1991‬االتص ال بأن ه قي ام األف راد بإرس ال معلوم ات وإ عط اء مع اني له ا و‬

‫االس تجابة له ا على المس توى ال داخلي و الخ ارجي‪ ،‬و بمج رد أن تص بح المع اني غ ير متطابق ة و غ ير‬

‫أكيدة و مشوهة فإن االتصال يتعرض لخلل وظيفي‪ ،‬و يبقى كذلك ما لم يكن لألفراد المعنيين مناسبات‬

‫كافي ة إليض احها‪ ،‬من جه ة أخ رى يتحق ق أس لوب االتص ال ال وظيفي أو المتط ابق‪ ،‬عن دما يك ون هن اك‬

‫تناسب بين النية و نتيجة االتصال‪( .‬كلثوم بلميهوب ‪2006‬ص‪)172‬‬

‫و قد أشارت "ساتير" (‪ )1983‬إلى المستويات المتعددة التي يتواصل من خاللها الناس‪ ،‬و أشارت إليها‬

‫على أنها من مكونات أو مقومات التفاعل و هي كل شيء يدخل في عملية صنع االتصال‪ ،‬وقد شبهت‬

‫"ساتير" عملية االتصال باستخدام وصفة من مكونات مختلفة عديدة‪ ،‬و أنه من السهل جدًا أن نخطئ في‬

‫قراءة مضمون أو مغزى االتصال إذا لم نكن على وعي بكل مكونات الموقف االتصالي‪ ،‬لذا فإن الفشل‬

‫في الفهم أو التعرف أو االستجابة ألحد مكونات التفاعل سوف يؤدى إلى اتصال مسطح‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و خالصة كل هذا أن "ساتير" ترى في االتصال طريقة للتعبير عن مشاعر النقص و الدونية أو مش اعر‬

‫تقدير الذات‪ ،‬و عن مشاعر الفرح و الحزن و الغضب و غيرها من مشاعر مختلفة عند الفرد‪ ،‬و ترى‬

‫بأن الحياة مستحيلة بدون اتصال حيث أن االتصال سبب رئيسي لبقاء الفرد و استمرار وجوده في هذا‬

‫الع الم‪ ،‬فعلى س بيل المث ال الف رد ال ذي لدي ه تق دير منخفض لذات ه يبحث عن ش خص آخ ر يث ق بذات ه‬

‫ليتواصل معه و ليعوض النقص الذي عنده‪ ،‬و ترى "ساتير" بأن الطرق التي يوصل كل فرد مشاعره‬

‫بها لآلخرين قد تكون مقبولة لديهم أو غير مقبولة‪ ،‬فإذا كانت غير مقبولة فإن ذلك يؤدي إلى حدوث‬

‫مشاكل‪ .‬و تركز " ساتير" على تقدير الفرد لذاته و على نضجه في عملية تواصله مع اآلخرين فإذا كان‬

‫تقديره لنفسه عاليًا كانت اتصاالته جيدة و إذا كان تقديره لنفسه متدنيًا كانت اتصاالته سيئة‪.‬‬

‫(سعيد حسني العزة ‪2000‬ص‪)73‬‬

‫‪ 10‬ـ ‪ 8‬البديهيات الخمس لالتصال حسب ‪:Paul Watzlawick‬‬

‫‪ ‬ال نستطيع أن ال نتواصل فكل سلوك يعتبر تواصل‪.‬‬

‫‪ ‬كل عملية تواصل تتضمن جانبين ‪:‬‬

‫ـ الداللة ( المحتوى)‬

‫ـ النظام ( العالقة)‬

‫و إن الث اني يش مل على األول و يس مى م ا وراء االتص ال ‪ Meta Communication‬إذ يح دث‬

‫االض طراب عن دما يتن اقض العالئقي ب المحتوى (الدالل ة) أي الكيفي ة ال تي نري د أن يفهم به ا ح ديثنا مثال‬

‫(القيد المزدوج) لباتسون‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬كل اتصال يضم شكلين‪:‬‬

‫ـ وسيط رقمي (لفظي) و هي مجموعة اإلشارات االجتماعية و الثقافية (اللغة)‬

‫ـ وسيط غير لفظي(‪ )Analogique‬و يضم كل السلوكيات التي يمكن ترجمتها كاإليماءات الحركات‬

‫‪ ‬ك ل عملي ة اتص ال هي عملي ة متكامل ة أو متماثل ة س واًء ك انت مبني ة على التس اوي أو الف رق أي‬

‫االختالف مثًال عالقة ما بين أب‪ /‬ابن‪ ،‬أستاذ‪ /‬تلميذ‪.‬‬

‫‪ ‬طبيعة التواصل يتوقف على كيفية إدراك األحداث‪( .‬غازلي نعيمة ‪2011‬ص‪)29‬‬

‫‪ 11‬ـ االتصال في العالقات األسرية ‪:‬‬

‫يتشابه االتصال في األسرة مع االتصال داخل أي جماعة أخرى‪ ،‬إال أن االتصال األسري يّتسم بالحدة‬

‫أو الش دة االنفعالي ة ال تي تفوق أي اتص ال آخ ر‪ ،‬و ذلك بس بب الطبيع ة الحميم ة المتض منة في العالق ات‬

‫األسرية و على هذا يكون حدوث الخطأ في االتصال داخل األسرة أكثر إيالم ًا و تكون نتائجه أكثر‬

‫خط ورًة مم ا يح دث في أي جماع ة أخ رى ب الرغم من أن نفس المب ادئ تحكم عملي ة االتص ال في ك ل‬

‫الحاالت‪(.‬عالء الدين ‪ 2006‬ص ‪)50‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 1‬تعريف االتصال األسري‪:‬‬

‫يع رف االتص ال األس ري على أن ه ذل ك التفاع ل االجتم اعي المتمث ل في جمل ة من العالق ات االجتماعي ة‬

‫بين الف رد واآلخ رين داخ ل مجتم ع األس رة‪ ،‬وتراب ط األف راد هن ا يك ون عن طري ق االتص ال بين اآلب اء‬

‫واألبناء وبهذا ينشأ االتصال األسري الذي له تأثير قوي على أطراف العملية االتصالية نتيجة للترابط‬

‫‪91‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والصلة الشديدة التي تربط أطراف األسرة بعضهم ببعض‪ ،‬إذن االتصال األسري عبارة عن إستراتيجية‬

‫ينتهجها الوالدان في التواصل مع أبنائهم ‪( .‬عالء الدين كفافي‪ 1999‬ص ‪)5‬‬

‫و يع رف أيض ًا بأن ه طريق ة تب ادل المعلوم ات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة بين أعض اء األس رة‪ ،‬و االتص ال‬

‫األس ري ج د مهم ألن ه يس مح ألعض اء األس رة ب التعبير عن حاج اتهم و رغب اتهم لبعض هم البعض‪ ،‬فعن‬

‫طريق االتصال يستطيع أعضاء األسرة إيجاد حلول للمشكالت المختلفة‪.‬‬

‫(‪)Aneesa, Najma, Noreen, 2013p 1‬‬

‫و يتض من االتص ال األس ري مجموع ة معق دة من التف اعالت و االتص االت المتبادل ة و المس تمرة و ه ذا‬

‫ضمن شبكة تسمى بشبكة االتصال األسري‪.‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 2‬تعريف شبكة االتصال األسري‪:‬‬

‫و هي عب ارة عن النم وذج األس ري ال ذي يمث ل أس اليب االتص ال من خالل اإلدراك ات المتبادل ة ألف راد‬

‫األس رة له ذه األس اليب‪ ،‬و توج د عوام ل عدي دة تت دخل في تك وين إدراك الف رد مث ل حالت ه النفس ية و‬

‫الفيزيولوجي ة و االنفعالي ة و دوافع ه و اتجاهات ه المس بقة‪ ،‬و من ثم ال يمكن أن نلغي أث ر التنش ئة‬

‫االجتماعية و المجتمع في عملية اإلدراك االجتماعية‪ ،‬فقد سبق اإلشارة إلى أن هناك تأثير متبادل بين‬

‫االتصال األسري و بين التنشئة االجتماعية‪ ( .‬سهير إبراهيم ‪ 2001‬ص ‪)14‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 3‬أشكال االتصال األسري‪:‬‬

‫و تتضمن شبكة االتصال األسري االتص ال بين األب و األبناء‪ ،‬االتص ال بين األم و األبناء‪ ،‬االتصال‬

‫بين األب و األم‪ ،‬و االتصال بين الوالدين و األبناء‪ ،‬و االتصال بين األخوة‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األب و األبناء‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن األب وة الرش يدة من أهم مقوم ات الص حة النفس ية لألبن اء‪ ،‬فمنه ا يتعلم األبن اء مقوم ات الس لوك‬

‫االجتم اعي و تك وين ال ذات العلي ا لدي ه عن طري ق النص ح و اإلرش اد‪ ،‬و الق دوة الص الحة و التهدي د‬

‫بالعقاب إن أخطأ‪ ،‬كما أنها عامل هام في رفع مستوى طموح األبناء عن طريق تشجيعهم على القيام‬

‫بأعمال تتناسب مع قدراتهم العقلية‪.‬‬

‫و قد أورد " إلدر" ( ‪ )Elder, G, 1971‬ثالثة أساليب لالتصال بين األب و المراهق وهي‪:‬‬

‫‪ ‬األسلوب األوتوقراطي أو السلطوي‪Autocratic Style :‬‬

‫و في ه ذا األس لوب ال يس مح األب لالبن ب أن يع بر عن آرائ ه أو يتص رف بمف رده في األم ور ال تي‬

‫تخصه‪ ،‬فاألبناء ذوو اآلباء األوتوقراطيين يتسمون بأنهم منخفضو العاطفة ال يتمتعون باالستقاللية‪ ،‬و‬

‫يرى أن هذا األسلوب ال يساعد على ارتفاع مستوى اإلنجاز األكاديمي‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب الديمقراطي‪Democratic Style :‬‬

‫و في ه ذا األس لوب يش جع األب االبن على المش اركة في مناقش ة القض ايا ال تي تتص ل بس لوكه على أن‬

‫يتخ ذ الق رار النه ائي بموافق ة األبن اء‪ ،‬فال دفء الوال دي ه و عام ل مس اعد على االل تزام بالمع ايير و القيم‬

‫الوالدية‪ ،‬إن األبناء ذوو اآلباء الديمقراطيين أكثر اعتزازًا و ثقة‪ ،‬و يتمتعون باالستقاللية‪ ،‬و يساعد هذا‬

‫األسلوب على ارتفاع مستوى اإلنجاز األكاديمي للمراهق‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب المتساهل‪Permissive Style :‬‬

‫في هذا األسلوب يتبع األب سياسة عدم التدخل فاالبن يستأثر بصنع القرار في األمور التي تخصه‪ ،‬و‬

‫يتمت ع باس تقاللية كب يرة‪ ،‬و انخف اض في العاطف ة و الثق ة في النفس في تحقي ق األه داف الشخص ية‪ ،‬و‬

‫لكنها تقل عن الثقة التي يتمتع بها األبناء ذوو اآلباء الديمقراطيين‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫معنى ذلك أن كل ما يحدث داخل األسرة و يحسه الطفل و يدركه يترك أثره و صداه في نفسه‪ ،‬خاصة‬

‫و أن األبن اء في األس رة ليس وا مس تقبلين فق ط لمش اعر اآلب اء و حبهم و طم وحهم‪ ،‬و إنم ا لهم س ماتهم‬

‫الشخصية و قيمهم و إدراكاتهم و خبراتهم و عالقاتهم المتعددة‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األم و األبناء‪:‬‬

‫األم هي الش خص األول الذي يب دأ الطفل في التعام ل مع ه‪ ،‬فرعاي ة األم و حبه ا و حنانها ليس ت مس ألة‬

‫عاطفي ة فق ط‪ ،‬و إنم ا هي حيوي ة و ض رورية للنم و الفس يولوجي و العقلي و االنفع الي للطف ل‪ ،‬فاألموم ة‬

‫هي عالقة إنسانية معقدة و راقية لها تأثير قوي على سلوك األبناء‪ ،‬فإذا كان التفاعل بين األم و االبن‬

‫يتسم بالمساندة و الدفء و األلفة و التشجيع فإن ذلك يساعد على نمو السمات الّس وية لدى األبناء مثل‬

‫الش عور باالس تقاللية و االجتماعي ة و التواف ق‪ ،‬في حين أن ه إذا اتس م بالتباع د و ع دم التش جيع يص بح‬

‫األبناء عرضة لسوء التوافق و نقص الكفاءة النفسية‪ (.‬المرجع السابق ‪ 2001‬ص ‪)25‬‬

‫و هن اك ثالث ة أس اليب لالتص ال بين األم و األبن اء و هي ال ديمقراطي‪ ،‬و المتس اهل‪ ،‬و األوت وقراطي و‬

‫هي نفس األساليب المشار إليها في االتصال بين األب و المراهق‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األب و األم‪:‬‬

‫ذك ر " ك ول" و " ه ول" ( ‪ )Cole, L, & Hall, I, 1970‬أن هن اك ثالث ة أس اليب لالتص ال بين الوال دين‬

‫هي‪:‬‬

‫‪ ‬س يطرة األم و خض وع األب‪ :‬و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات التم رد و اض طرابات‬

‫في توافق الشخصية و انخفاض مستوى االنجاز األكاديمي‪.‬‬

‫‪ ‬س يطرة األب و خض وع األم‪ :‬و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات التم رد و الث ورة و‬

‫االستقالل المبكر هربًا من الحماية الزائدة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬تس اوي األب و األم في عالق ة ك ل منهم ا ب اآلخر‪ :‬و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات‬

‫التعاون و المشاركة و المساهمة في التخطيط و التفاهم و الرضا بين جميع األطراف‪.‬‬

‫و ق د يت أثر أس لوب االتص ال بين األب و األم بثقاف ة المجتم ع كم ا يختلف ت أثير أس لوب االتص ال بينهم ا‬

‫على األبناء وفقًا لثقافة المجتمع‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األخوة‪:‬‬

‫إن العالقة المنسجمة بين األخوة و الخالية من تفضيل طفل على طفل و الخالية من التنافس تؤدي إلى‬

‫النم و الس ليم للطف ل‪ ،‬و إن العالق ة األخوي ة المض طربة ت وثر على العالق ات األس رية من جه ة و على‬

‫الفرد و عالقاته االجتماعية خارج األسرة من جهة أخرى‪ ،‬و أيضًا فإن العالقة الضعيفة بين األخوة في‬

‫مرحلة ما قبل المدرسة تنبئ بظهور سلوك غير اجتماعي نحو اآلخرين خارج األسرة مثل األصدقاء‬

‫و المعلمين في سنوات المدرسة االبتدائية‪.‬‬

‫و من الممكن تص ور أس اليب االتص ال بين األخ وة على أس اس أس لوب ديمق راطي ق ائم على الحب و‬

‫التفاهم‪ ،‬و أسلوب تسلطي قائم فرض أحد اإلخوة رأيه على اآلخرين‪ ،‬و أسلوب الالمباالة قائم على عدم‬

‫االهتمام و اإلفراط في التسامح بين األخوة‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين الوالدين و األبناء‪:‬‬

‫يتأثر الطفل بنوع العالقة القائمة بينه و بين والديه‪ ،‬فالطفل الذي ينشأ في أسرة يسودها الحب و الحنان‬

‫ينمو سويًا ‪ ،‬و يتمتع بشخصية تكيفية سوية‪ ،‬و يملك استعدادات يطور فيها مشاعر الحب لآلخرين‪ ،‬بينما‬

‫ينش أ في أس رة تس لطية طف ل ع دواني غي ور ألن ه ذه األس رة ت أمر الطف ل بك ل م ا تري د‪ ،‬و إن عملي ة‬

‫إصغاء الطفل و استماعه لما يقوله الوالدان عامل مهم في نوع العالقة التي تسود الحياة األسرية؛ لذلك‬

‫يتوقف على الوالدين مهمة تنمية مهارة اإلصغاء و االستماع لدى أطفالهم‪ ،‬و ذلك من خالل اإلصغاء‬

‫‪95‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للطفل في أثناء حديثه و تساؤالته و إشعاره بأنه محبوب‪ ،‬كما أن النقاش و الحوار المفتوح بين الطفل‬

‫و والديه يجعله مفهومًا لديهما و يجعلهما مفهومين لديه‪ ( .‬يوسف مقداد ‪ 2010‬ص ‪)206‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 4‬أساليب االتصال األسري‪:‬‬

‫اس تطاعت " بومرين د" ‪ Baumrind, D‬أن تلخص ثالث ة أس اليب رئيس ية لالتص ال بين الوال دين و‬

‫المراهقين و هي‪:‬‬

‫‪ ‬األسلوب المتساهل المتسامح‪Indulgent – Permissive :‬‬

‫يع بر عن ه بالس لوكات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة ال تي تتس م بع دم وض وح المع ايير ال تي يض عها الوال دان‬

‫للتعام ل م ع األبن اء‪ ،‬و ع دم اتس اق الض بط فت ارًة يع اقب الوال دان االبن على س لوك معين و ت ارًة ال‬

‫يعاقبان ه على نفس الس لوك أو س لوك مش ابه‪ ،‬عالوًة على ذل ك ف إن ه ذا األس لوب يتس م بإخف اء الغض ب‬

‫الوالدي و محدودية الدفء‪ ،‬كما يتسم باحترام التعبير عن الرغبات‪ ،‬و قد يثير هذا األسلوب لدى األبن اء‬

‫اتجاهات و استجابات دفاعية و عدوانية‪ ،‬و عدم طاعة أوامر الكبار‪ ،‬كما أنه قد يؤدي إلى نقص الثقة‬

‫ب النفس‪ ،‬قل ة اإلنج از‪ ،‬نقص ض بط ال ذات‪ ،‬س رعة الغض ب و الف رح‪ ،‬و االن دفاع و الته ور‪ ،‬عالوة على‬

‫السلوكيات غير السّو ية الناتجة عن اإلفراط في التسامح‪ (.‬سهير إبراهيم ‪ 2001‬ص‪)29‬‬

‫‪ ‬األسلوب التسلطي‪Authoritarian style :‬‬

‫يعبر عنه بالسلوكيات اللفظية و غير اللفظية التي تتسم بوضع قواعد سلوكية صارمة للطفل يجب عليه‬

‫إتباعه ا و عدم الحياد عنه ا‪ ،‬و يس تهين اآلباء ب آراء و رغب ات الطف ل و ينظ رون إلي ه على أن ه ش خص‬

‫تس يطر علي ه دواف ع غ ير س ّو ية‪ ،‬كم ا تتس م العالق ة بين اآلب اء و األبن اء بانخف اض ال دفء الوال دي‪ ،‬و‬

‫ض عف االتص ال اإليج ابي بينهم‪ ،‬و ع دم وج ود أنش طة متبادل ة و مخطط ة‪ ،‬و بالت الي ق د تث ير ه ذه‬

‫الس لوكيات اتجاه ات و اس تجابات الخ وف و القل ق ل دى األبن اء‪ ،‬ك ذلك س رعة الغض ب و الكآب ة‪ ،‬كبث‬

‫‪96‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫العدوانية‪ ،‬و العزلة و االنسحابية‪ ،‬كما تؤدي إلى عدم وجود هدف محدد و تقل قدرة األبناء على تحمل‬

‫المسؤولية‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب الديمقراطي‪Democratic style :‬‬

‫و يع بر عن ه بالس لوكيات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة ال تي تتس م بوض ع مع ايير س لوكية حازم ة‪ ،‬و اح ترام‬

‫رغب ات األبن اء و توجي ه األبن اء غ ير المطيعين‪ ،‬و ع دم إجب ار األبن اء على س لوكيات معين ة‪ ،‬و إظه ار‬

‫الوالدين لالستياء عند قيام األبناء بسلوك غير س ّو ي‪ ،‬و إظهار الرضا و التأييد للسلوك الس ّو ي‪ ،‬يتسم‬

‫األسلوب الديمقراطي بقوة االتصال بين الوالدين و األبناء‪ ،‬و الدفء و الحنان و التجاوب و القبول و‬

‫الحب‪ ،‬اح ترام الس لوك الناض ج و االس تقاللية ال تي تتماش ى م ع عم ر األبن اء‪ ،‬و وض ع أنش طة مش تركة‬

‫لألبن اء في ض وء مع ايير تربوي ة و ق د تث ير ه ذه الس لوكيات ل دى األبن اء اس تجابات الثق ة في النفس‪ ،‬و‬

‫ضبط الذات‪ ،‬و زيادة النشاط‪ ،‬و التغلب على الض غوط‪ ،‬و حب االستطالع كما تؤدي إلى التعاون مع‬

‫الكبار‪ ،‬و العزيمة و التصميم‪ ،‬و السلوك الهادف‪ ،‬و ارتفاع مستوى اإلنجاز‪ ،‬و إقامة عالقات س ّو ية مع‬

‫جماعة الرفاق‪.‬‬

‫و يمكن تلخيص االتصال بين اآلباء و األبناء من خالل اإلدراكات المتبادلة لألساليب الوالدية و سلوك‬

‫األبناء على النحو التالي‪:‬‬

‫سلوك سوي إيجابي للطفل‬ ‫األسلوب الديمقراطي‬

‫سلوك اإلندفاع و العدوان‬ ‫األسلوب التسلطي‬

‫سلوك الصراع و سرعة االنفعال‬ ‫األسلوب المتساهل‬

‫و قد أوضحت " زينب عبد الرزاق" أن لالتصال ثالثة أساليب هي‪:‬‬

‫‪ ‬األسلوب التدعيمي‪ :‬و يعبر عنه بالسلوكيات اللفظية و غير اللفظية التي تتسم بالمرونة و التعاون‬

‫و الرغبة الحقيقية في حل المشكالت بطريقة واقعية تتميز بالتفاهم و الرضا بين األطراف‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬األسلوب الدفاعي‪:‬‬

‫و يعبر عن ه بالس لوكيات اللفظي ة و غير اللفظي ة التي تتس م بالتهديد و التش دد و العقاب‪ ،‬و بالتالي تثير‬

‫اتجاهات و استجابات دفاعية مضادة من اآلخرين‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب اإلنسحابي‪ :‬و هو يتسم بتجنب مواجهة و حل المشكالت بشكل ايجابي‪ ،‬حيث ينكر الفرد‬

‫مسؤوليته في أي خالف‪ ،‬و تسود الالمباالة و عدم االهتمام‪.‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 5‬االتصال الجيد داخل األسرة‪:‬‬

‫تعتم د س عادة األس رة بدرج ة كب يرة على وج ود اتص ال ص حيح و منفتح بين أفراده ا‪ ،‬و تظه ر مه ارة‬

‫االتصال في السلوك اللفظي‪ ،‬أي في الكلمات و العبارات التي يستخدمها أفراد األسرة في الحديث مع‬

‫بعضهم البعض‪ ،‬كما تظهر في السلوك غير اللفظي و اإلصغاء‪ ،‬فاالتصال يعني نقل لرسالة من شخص‬

‫إلى آخر في األسرة‪( .‬يوسف مقداد ‪ 2010‬ص ‪)205‬‬

‫و على ه ذا األس اس يتطلب االتص ال الجي د بين عض وين في األس رة أن يك ون أح دهما متكلم ًا و اآلخ ر‬

‫مستمعًا‪ ،‬و أن يكون المتكلم مجيدًا للتعبير عن الرسالة التي يريد توصيلها‪ ،‬و أن يكون المستمع حسن‬

‫اإلنصات دقيق المالحظة حتى يفهم الرسالة و ما تحمله من معاٍن مباشرٍة أو ضمنيٍة ‪.‬‬

‫فاألس رة الس عيدة تتمت ع باتص ال أك ثر و أفض ل في تفاعالته ا‪ ،‬فهم يتح دثون عن م دى واس ع من‬

‫الموضوعات و يبدو عليهم المزيد من الفهم لما سمعوه‪ ،‬و يبدون حساسية عالية إزاء مشاعر بعضهم‬

‫البعض و يدعمون تواصلهم اللفظي بكثير من اإلشارات غير اللفظية‪ ( .‬داليا مؤمن ‪ 2004‬ص ‪)26‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 6‬االتصال المضطرب داخل األسرة‪:‬‬

‫في حين أن االتص ال اللفظي مهم في فهم اتجاه ات و س لوك الط رف اآلخ ر ف إن االتص ال اللفظي‬

‫الخ اطئ يع د مص درًا لكث ير من المش كالت الزوجي ة و األس رية‪ ،‬حيث يك ثر في األس رة المض طربة‬

‫االتصال غير اللفظي المقّنع و الذي يتسم بأنه غير مباشر و يدور حول األوامر االنفعالية الالشعورية‬

‫‪98‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫دون االهتمام بالرسائل اللفظية‪ ،‬مما يؤدي لزيادة االضطراب داخل األسرة إذ أنه كلما كانت الرسائل‬

‫غ ير واض حة زاد الت وتر و الخل ط داخ ل األس رة‪ ،‬و اض طراب عملي ة االتص ال ال يعكس فق ط م رض‬

‫األسرة بل يساهم و يؤدي إلى ذلك المرض‪.‬‬

‫و هك ذا يتض ح لن ا أن االتص ال سواًء أك ان لفظي ًا أو غير لفظي ًا ف إن ل ه وظيف ة و دورًا هام ًا جدًا داخل‬

‫األس رة س واًء أك ان في نق ل األفك ار أم في نق ل المش اعر و الوج دان‪ ،‬كم ا أن اض طراب ه ذا االتص ال‬

‫ي ؤدي ي ؤثر على ب اقي ج وانب العالق ات األس رية من ق درة على ح ل المش كالت‪ ،‬أو المش اركة في‬

‫االهتمام ات و األنش طة و األدوار ال تي يلعبه ا ك ل ف رد في األس رة‪ ،‬و على العالق ات الجنس ية بين‬

‫الزوجين‪ ،‬بل قد يتسبب مع عوامل أخرى في ظهور اضطرابات نفسية لدى الزوجين و األبناء و يهدم‬

‫الحياة األسرية‪.‬‬

‫( المرجع السابق ‪ 2004‬ص ‪)28‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 7‬العوامل المؤثرة في قوة االتصال األسري‪:‬‬

‫‪ ‬التغ ير الثق افي و االجتم اعي‪ :‬ي زود األبن اء بخ برات جدي دة غ ير مت وفرة ل دى اآلب اء مم ا يقل ل من‬

‫التفاهم بين الوالدين و األبناء و النتيجة عدم قدرة الوالدين على فهم مشكالت األبناء‪.‬‬

‫‪ ‬قلة االهتمامات المشتركة بين أفراد األسرة‪ ( .‬سهير إبراهيم ‪2001‬ص‪)31‬‬

‫‪ ‬حجم األسرة‪ :‬فاألسرة صغيرة الحجم تساعد الطفل على تكوين مفهوم الذات أكثر أمان ًا عن األسرة‬

‫كبيرة الحجم‪ ،‬حيث قد يعاني اآلباء من اآلثار الضارة للمنافسة و الشجار بين األخوة‪.‬‬

‫‪ ‬ترتيب الميالد‪ :‬فالطفل األول يقع تحت ضغط توقعات الوالدين‪ ،‬لذلك يكون جادًا‪ ،‬حساس ًا‪ ،‬مطيع ًا‪،‬‬

‫و يكون الطفل األخير أكثر استرشادًا بأخوته عن استرشاده بوالديه‪ ،‬و هذا يجعله مرح ًا و أكثر شعبية‬

‫مع رفاقه عن الطفل األول‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ‬الخالفات بين األب و األم‪ :‬تثير لدى األبناء اتجاهات و استجابات القلق و العصبية‪ ،‬و عدم األمان‬

‫و العدوان‪ ،‬و قد تؤدي إلى سوء العالقات بين أفراد األسرة و االتجاه نحو السلوكيات غير المرغوبة‬

‫اجتماعيًا‪.‬‬

‫‪ ‬تص دع ال بيت‪ :‬بس بب غي اب أح د الوال دين بالوف اة أو الطالق أو الهج ر‪ ،‬و ي ؤدي ذل ك إلى مواجه ة‬

‫األبن اء لمش كالت انفعالي ة و س لوكية و توافقي ة‪ ،‬كم ا تجعلهم أق ل انج ازًا‪ ،‬و أك ثر إحباط ًا‪ ،‬و ق د تتس م‬

‫سلوكياتهم بأنها غير مرغوبة‪.‬‬

‫‪‬عمل المرأة‪ :‬قد تكون رعاية األم للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة كافية إلى حٍد ما‪ ،‬أما بعد دخول‬

‫المدرسة فإن اآلباء يذهبون إلى العمل تاركين الطفل بالمدرسة‪ ،‬و بعد انتهاء اليوم الدراس ي ي دخل االبن‬

‫المنزل بمفتاحه الخاص و يترتب على ذلك الكثير من المخاطر‪ ،‬أو قد ينتظر خارج المنزل لحين عودة‬

‫اآلب اء من العم ل مم ا ق د ي ؤدي إلى االنج راف نح و أنش طة الرف اق ال تي ال يواف ق عليه ا الوال دان و هي‬

‫سلوكيات غير مرغوبة‪.‬‬

‫‪ ‬المس توى االجتم اعي و االقتص ادي‪ :‬يمكن تعري ف المس توى االجتم اعي و االقتص ادي بأن ه جمل ة‬

‫النش اطات و الممارس ات االجتماعي ة و االقتص ادية التي يقوم به ا ك ل من الوالدين و التي لها أثر على‬

‫نمو األبناء داخل و خارج األسرة‪ ،‬و ذلك وفق ًا لمعايير ثالثة هي؛ مهنة كل من الوالدين‪ ،‬متوسط دخل‬

‫الفرد الشهري في األسرة‪ ،‬و مستوى تعليم كل منهما‪( .‬المرجع السابق ‪ 2001‬ص ‪)32‬‬

‫و ترجع أهمية متغير المستوى االجتماعي و االقتصادي إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬ت أثير المس توى االجتم اعي و االقتص ادي في س لوك و إدراك الفرد و قيم ه و اس تجاباته و س وائه و‬

‫مرضه‪.‬‬

‫‪ ‬تأثر سلوك و إدراك و اتجاهات الفرد باإلطار المرجعي المتمثل في الطبقة االجتماعية التي ينتمي‬

‫إليها‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 8‬طرق تفعيل االتصال داخل األسرة ‪:‬‬

‫توج د الكث ير من األش ياء ال تي يمكن لألس رة أن تق وم به ا لتفعي ل االتص ال و بالت الي تحس ين نوعي ة‬

‫العالق ات األس رية و فيم ا يلي بعض االس تراتيجيات ال تي يمكن أن تس اعد اآلب اء في تحس ين مه ارات‬

‫االتصال مع أبنائهم‪:‬‬

‫ـ فكر في الشخص الــذي تتواصــل معــه‪ :‬إن االتص ال م ع األبن اء خاص ة الص غار منهم يتطلب مجموع ة‬

‫من المه ارات و فهم جي د لمراح ل نم و األطف ال‪ ،‬فاألطف ال يمكن أن يتص لوا بفعالي ة لكنهم مح ددون‬

‫بق دراتهم النمائي ة فمثال الطفل الح ديث ال والدة ال يس تطيع أن يعبر عن رغبت ه في األك ل لكن ه يع بر عن‬

‫هذه الحاجة بواسطة البكاء‪ ،‬فعلى اآلباء أن ينزلوا لنفس مستوى أبنائهم حتى يستطيعوا االتصال معهم‬

‫بفعالية فاستعمال اللغة التي يفهمها األبناء يسهل عملية االتصال بين اآلباء و األبناء‪.‬‬

‫ـ االنتباه للرسائل الغير لفظيــة‪ :‬يرس ل اآلب اء و األبن اء رس ائل ج د قوي ة بواس طة س لوكهم الغ ير اللفظي‬

‫كتعبيرات الوجه‪ ،‬هيئة الجسم‪ ،‬حركات اليد و شدة الصوت‪ ،‬و يمكن لآلباء أن يعززوا من قدراتهم في‬

‫االتصال مع أبنائهم و ذلك بانتباههم للرسائل الغير اللفظية ألبنائهم‪ ،‬فكثيرًا ما يفضل األبناء استعمال‬

‫الرس ائل غ ير اللفظي ة للتعب ير عن مش اعرهم له ذا يجب على اآلب اء أن يتعلم وا ترجم ة الس لوك غ ير‬

‫اللفظي ألبن ائهم‪ ،‬و على اآلب اء أن ي دركوا م دى ت أثير رس ائلهم الغ ير لفظي ة على أبن ائهم فمثال نظ رة‬

‫غضب من األب يمكن أن يكون لها نفس تأثير الكلمة القاسية‪.‬‬

‫ـ االستماع الفعال‪ :‬القدرة و أو الرغبة في االستماع في ماذا يريد األبناء قوله هو جانب مهم لالتصال‬

‫الفعال بين اآلباء و األبناء و عند االستماع لألبناء يجب االنتباه لرسائلهم اللفظية و غير اللفظية فاألب‬

‫ال ذي يس تمع بفعالي ة ألبنائ ه يمكن أن يفهم و يح ترم وجه ة نظ رهم فمثال ه ز ال رأس أو ق ول لق د فهمت‬

‫ي بين لالبن أن م ا قال ه مهم و الج انب اآلخ ر من االس تماع الفع ال ه و طلب التوض يح من األبن اء عن دما‬

‫‪101‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تكون رسائلهم غير مفهومة و يمكن أن يتم ذلك بالسؤال مثال ماذا كنت تعني عندما قلت‪....‬أو ساعدني‬

‫ألفهم ماذا تقول‪.‬‬

‫ـ التواصل باستمرار‪ :‬حتى يطور اآلباء عالقة قوية مع أبنائهم يجب أن يتصلوا معهم بص فة منتظمة‪،‬‬

‫فالتواص ل المس تمر يمكن اآلب اء من معرف ة حاج ات أبن اهم يجب على اآلب اء س واء ك انوا يعيش ون م ع‬

‫أبنائهم أو ال أن يخلقوا فرص ًا للتكلم و االستماع ألبنائهم و يمكن أن يكون االتصال في مواقف مختلفة‬

‫على طاولة الغداء أو في السيارة أو عبر الهاتف أو وقت النوم و حتى بواسطة الرسائل ‪....‬الخ‬

‫ـ االتصال بوضوح و بطريقة مباشرة‪ :‬اآلباء الذين يتصلون بفعالية مع أبنائهم هم الذين يتصلون بشكل‬

‫واضح و مباشر و هذا يعني أن يفهم المستمع بوضوح المراد قوله من الرسالة و أنها موجه للهدف‬

‫المراد تحقيقه و يمكن لألبناء أن يطوروا من مهاراتهم في االتصال بفعالية إذا ما كان آباؤهم نموذجا‬

‫لهم و ذلك بتشجيعهم على الوضوح و المباشرة في الكالم‪) Stephen D Green, 2000( .‬‬

‫ـ اســتعمال وضــعية " أنــا "‪ :‬الرس ائل ال تي تب دأ ب " أن ا " تعكس م ا يفك ر و يش عر ب ه المرس ل في ه ذه‬

‫اللحظة بالذات‪ ،‬هذه الوضعية ال تحمل طابع التهديد و التوبيخ و إصدار األحكام‪ .‬و وضعية أنا تقف‬

‫في مقابل وضعية أنت و التي تحمل طابع التوبيخ و النقد و التهديد لألطفال مثال كأن يقول األب البنه‪":‬‬

‫لق د قمت بعم ل ض عيف في واجب ك الم نزلي" و أب آخ ر يس تعمل وض عية أن ا في نفس الس ياق يق ول‪" :‬‬

‫أعتقد أنه كان بإمكانك بدل مجهود أكثر في واجبك المنزلي" هذه الوضعية هي أكثر إيجابية و تشجع‬

‫على التعاون‪.‬‬

‫شجع الجــانب االيجــابي‪ :‬بينت األبح اث أن العالق ات األس رية غ ير الس عيدة هي في كث ير من األحي ان‬

‫نتيج ة أس اليب االتص ال الس لبية كالنق د و ال دفاع و الس خرية‪ ،‬ف األزواج الغ ير راض ين عن عالقتهم‬

‫الزوجي ة يميل ون الس تعمال االتص ال الس لبي أك ثر من االتص ال االيج ابي و ه ذا المب دأ يمكن أن يطب ق‬

‫‪102‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫على العالق ة بين اآلب اء و األبن اء فالرس ائل االيجابي ة تس اعد على بن اء العالق ات في حين أن الرس ائل‬

‫السلبية تهدم هذه العالقات‪.‬‬

‫ـ كن نموذجًا يقتدى به‪:‬‬

‫إذا أراد اآلباء أن يطِّو ر أبناؤهم مهارات اتصال فعالة فيجب أن يكونوا على استعداد لتعليم أبنائهم هذه‬

‫المه ارات‪ ،‬ف إذا أراد األب أن يس تمع إلي ه أبن اؤه يجب أن يس تمع ه و أيض ًا لهم و إذا أراد أن يع بروا‬

‫بطريق ة واض حة و مباش رة يجب علي ه أن يع بر ه و أيض ًا عن أفك اره و مش اعره بطريق ة واض حة و‬

‫مباشرة‪.‬‬

‫‪ ‬ملخص الفصل‪:‬‬

‫من خالل اس تعراض الج انب النظ ري لموض وع االتص ال اإلنس اني نس تخلص أن االتص ال أح د‬

‫العملي ات األساس ية في العالق ات اإلنس انية‪ ،‬فه و عملي ة تفاعلي ة تبادلي ة إليص ال رس الة م ا ع بر وس يلة‬

‫محددة لتحقيق هدف معين‪ ،‬حيث تعد عملية االتصال ظاهرة إنسانية اجتماعية‪ ،‬و حاجة أساسية للف رد و‬

‫للجماع ة‪ ،‬و ه و من الحاج ات االجتماعي ة و النفس ية الهام ة ال تي يص عب على اإلنس ان االس تغناء عنه ا‪،‬‬

‫حيث أن االتصال يحقق لإلنسان الحاجة إلى االنتماء‪ ،‬و الحاجة إلى التقدير‪ ،‬و الحاجة إلى المعلومات‪،‬‬

‫و الحاجة إلى تحقيق و تأكيد الذات‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫االتصال في العالقات األسرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و يتمتع االتصال بأهمي ة بالغة في حياة األفراد عام ًة و حياة األسرة خاص ًة‪ ،‬ذلك أن االتص ال داخل‬

‫األسرة هو الركيزة األساسية التي تبنى عليها شخصية األفراد‪ ،‬لما لالتصال األسري من تأثير كبير و‬

‫بالغ األهمية حيث أنه يعد من مؤشرات الصحة النفسية و السالمة العقلية لألفراد‪.‬‬

‫‪104‬‬

You might also like