You are on page 1of 13

‫أساليب االتصال األسري و االضطرابات السلوكية و النفسية لدى األبناء المراهقين‪.

‬‬

‫األستاذة‪ :‬واضح غنية‬

‫جامعة الجزائر ‪2‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تعد عملية االتصال ظاهرة إنسانية اجتماعية‪ ،‬وحاجة أساسية للفرد وللجماعة‪ .‬ويرى أندرسون ونوتال‬
‫)‪ Anderson & Nuttall ( 1987‬أن االتص ال من الحاجات االجتماعية والنفسية الهامة التي يصعب‬
‫على اإلنسان االستغناء عنها‪ ،‬حيث أّن االتصال يحقق لإلنسان الحاجة إلى االنتماء‪ ،‬والحاج ة إلى التقدير‪،‬‬
‫والحاجة إلى المعلومات‪ ،‬والحاجة إلى تحقيق الذات‪(.‬نايفة الشوبكي ‪ 2008‬ص ‪)110‬‬

‫وتعتبر جماعة األسرة من بين الجماعات المهمة التي تنمي و تغذي عملية االتصال لدى أفرادها بطريقة‬
‫مستمرة و تفاعلية و ذلك منذ االرتباط األول بين الوالدين إلى غاية ميالد األوالد و منذ حياتهم الجنينية‬
‫إلى غاية حياتهم الراشدة‪.‬‬

‫و يقصد باالتصال األسري لغة التفاهم و الحوار بين أفراد األسرة التي تنقل أفكار كل منهم و مشاعره و‬
‫رغبات ه و اهتمامات ه و هموم ه إلى اآلخ رين من األس رة‪ ،‬و تش مل ه ذه اللغ ة‪ :‬الكالم و الحرك ات و‬
‫التعبيرات و اإلرشادات و اإليماءات و غيرها من الرموز اللفظية و غير اللفظية التي يقوم عليها التفاعل‬
‫و التواف ق بين أف راد األس رة‪ ،‬و تجعلهم س عداء أو أش قياء بحي اتهم األس رية‪ ،‬لم ا لالتص ال األس ري من‬
‫خصائص تجعله يتسم بالحدة أو الشدة االنفعالية التي تفوق أي اتصال آخر‪ ،‬فبقدر ما يكون االتصال سويًا‬
‫يكون مناخ العالقات في األسرة سويًا كذلك‪ ،‬و تكون األسرة عامًال من عوامل سواء األبناء‪ ،‬أما إذا كان‬
‫هن اك أخط اء في االتص ال األس ري ف إن األس رة في ه ذه الحال ة تتح ول من كونه ا ض من عوام ل الس واء‬
‫لتص بح ض من عوام ل الّالس واء‪ ،‬أي لتك ون ع امًال باثولوجي ًا مول دًا للم رض و االنح راف و يظه ر ذل ك‬
‫بصفة خاصة على أوالدها في سن المراهقة‪ (.‬عالء الدين ‪ 2006‬ص ‪)51‬‬

‫فالمراهقة من أدق و أهم المراحل التي يمر بها اإلنسان‪ ،‬ذلك ألنها المرحلة التي يتحول خاللها الفرد من‬
‫طف ٍل غ ير كام ل النم و إلى ك ائٍن ب الٍغ ناض ٍج ‪ ،‬و التغ يرات ال تي تح دث للمراه ق أثناءه ا ال تقتص ر على‬
‫ج انب أو بعض ج وانب شخص يته و إنم ا تش ملها جميعه ا‪ ،‬كم ا أن الكث ير من اآلب اء ال ي دركون طبيع ة‬
‫التغ يرات ال تي ط رأت على أبن ائهم الم راهقين‪ ،‬فيش عرون بض عف ت أثيرهم عليهم وتنخفض ق درتهم على‬
‫االتص ال االيج ابي معهم‪ ،‬مم ا يزي د من درج ة الض غط النفس ي ال ذي يخض ع ل ه الوال دان وف رص ح دوث‬
‫الص راع بينهم ا؛ إذ يس عى اآلب اء من جه ة إلى ف رض س يطرتهم على الم راهقين بحج ة أنهم أك ثر خ برة‬
‫ومعرف ة منهم‪ ،‬بينم ا يس عى المراهق ون جاه دين إلى تحقي ق الش عور باالس تقاللية من خالل رفض جمي ع‬
‫مظاهر السلطة التي يفرضها اآلباء عليهم‪.‬‬
‫ومرحلة المراهقة ال تؤثر على المراهق فقط بل على كل النظام األسري وقدرة األسرة في الحفاظ على‬
‫تماسك أفرادها داخل النظام األسري تعتمد بدرجة أكبر على عنصر االتصال السائد خالل قيام األسرة‬
‫بوظائفه ا‪ ،‬ف إذا ك ان ه ذا االتص ال منفتح و الح دود مرن ة يس تطيع النظ ام األس ري الحف اظ على تماس كه و‬
‫بالت الي ازده ار النم و النفس ي لألف راد داخ ل ه ذا النظ ام حيث يس تطيع المراه ق ح ل الص راع الق ائم بين‬
‫الحاجة إلى التقرب من الوالدين والحاجة إلى االستقالل الذي يطمح إليه دون قلق‪ ،‬أما إذا كان هناك خلل‬
‫في االتص ال و الح دود متش ابكة ف إن البيئ ة األس رية ستص بح مرتع ا خص با لظه ور العدي د من المش كالت‬
‫النفسية و السلوكية لدى أفرادها‪.‬‬
‫ففي ه ذا الص دد ق ام ك ل من كروتف ون و ك وبر (‪ ( Grotevant and Cooper 1983‬بدراس ة دور‬
‫االتصال األسري في عملية استقالل المراهق عن أسرته حيت أكدا على أهمية االتصال في مساعدة أفراد‬
‫األسرة في الحفاظ على التوازن بين التقارب و التباعد عن بعضهم البعض‪.‬‬
‫وعلى وجه العموم يرى الباحثون أن المراهقين الذين ينحدرون من أسر تمارس االتصال المنفتح هم أكثر‬
‫سعادة و صحة و أكثر رضا في حياتهم‪Jackson, Bijstro, Oostra, &Bosma, 1998( ( .‬‬
‫في حين تش ير بعض األبح اث إلى أن معظم المش كالت الزوجي ة واألس رية والعالق ات بين الم راهقين و‬
‫آب ائهم تنش أ من خالل س وء االتص ال أو االتص ال غ ير الفع ال بينهم‪ ،‬فنقص مه ارات االتص ال من أهم‬
‫المشكالت التي يعاني منها األبناء في عالقاتهم مع أسرهم في مختلف المراح ل و الفئات العمرية حيث‬
‫تؤدي مشكالت التواصل إلى وجود فجوة في العالقة بين الطرفين‪ ،‬و إلى الشعور باإلحباط و الغضب و‬
‫التوتر لدى اآلباء و األبناء ( يوسف مقدادي‪ 2010‬ص ‪)206‬‬
‫فق د بين العدي د من الب احثين أن ض عف االتص ال داخ ل األس رة يمكن أن ي ؤدي للعدي د من المش كالت‬
‫كالص راعات األس رية الح ادة‪ ،‬الح ل الغ ير فع ال للمش كالت‪ ،‬نقص األلف ة و الم ودة بين أعض اء األس رة‪،‬‬
‫ض عف الرواب ط العاطفي ة و ك ذلك المش كالت الس لوكية ل دى األبن اء‪Bray and Heatherington, ( .‬‬
‫‪)1993‬‬
‫وق د اس تطاعت بومرين د(‪ Baumrind )1983‬أن تس تخلص ثالث أس اليب لالتص ال بين اآلب اء و األبن اء‬
‫من خالل االدركات المتبادلة لألساليب الوالدية و سلوك األبناء‪ ،‬فاألسلوب الديمقراطي يؤدي إلى سلوك‬
‫سوي و إيجابي للطفل‪ ،‬بينما يؤدي األسلوب التسلطي إلى سلوك االندفاع و العدوان‪ ،‬و يؤدي األسلوب‬
‫التساهلي إلى سلوك الصراع و االنفعال‪.‬‬
‫و قد ذكرت بومريند أنه قد ساد في العقود األخيرة تراٍخ في الضبط و تزايد في التساهل باإلضافة إلى‬
‫عم ل األم و ع زل األبن اء في الحض انة و المدرس ة‪ ،‬و ح االت عدي دة من اإلهم ال الت ام ت ؤدي إلى نقص‬
‫شعور األبناء بالمسؤولية و إحساسهم باالغتراب و عدم االمتثال للمعايير االجتماعية‪.‬‬
‫وقد ينعكس استخدام األسرة ألي من هذه األساليب على األبناء المراهقين فاألسلوب الديمقراطي بما فيه‬
‫من تفاع ل و تف اهم ق د ي ؤدي إلى جع ل العالق ات األس رية حاض نة جاذب ة متفهم ة ألبنائه ا‪ ،‬أم ا األس لوب‬
‫التسلطي بما فيه من سيطرة و احتكار للسلطة قد يخلق اغترابا بين اآلباء و األبناء‪ ،‬و يجعل من األسرة‬
‫عامًال من عوامل الطرد‪ ،‬مما قد يؤدي إلى اعتماد المراهق على جماعة األقران و التي من الممكن أن‬
‫تك ون مرتع ًا خص بًا لالنحراف ات الس لوكية ب دءًا من إث ارة الش غب في حص ص الدراس ة و اله روب من‬
‫المدرسة و التدخين و المشاكسات العدوانية و انتهاًء إلى الجناح‪.‬‬
‫أما األسلوب التساهلي فإنه قد يؤدي إلى خلق مراهق يتسم بالسلبية و تجنب اتخاذ قرار أو موقف حاسم‬
‫أو معارض مما قد يجعله منقادا ألي جماعة قد توجهه إلى سلوكيات تتسم بعدم السوية مثل اإلدمان أو‬
‫اإلرهاب أو التمرد على القوانين‪ (.‬سهير إبراهيم ‪ 2001‬ص ‪)3‬‬
‫‪ 1‬ـ أهمية االتصال و حاجة الناس إليه‪:‬‬

‫تعتبر االتصاالت أساس حياتنا اليومية فنحن نتبادل كميات و نوعيات ضخمة من البيانات و المعلومات‬
‫فمن السؤال عن األحوال إلى تبادل المشاعر و نقل األفكار و استعراض األخبار و تناقل وجهات النظر‬
‫و توف ير المعلوم ات و الرقاب ة‪ ،‬و أن الق درة على انج از األه داف تتوق ف على كف اءة االتص االت ال تي‬
‫يمارس ها الف رد‪ ،‬حيث أوض حت الدراس ات أن النج اح ال ذي يحقق ه اإلنس ان في عمل ه يعتم د على (‪)%85‬‬
‫منه على البراعة االتصالية بينما ( ‪ )%15‬فقط تعتمد على المهارات العملية أو المتخصصة المهنية‪.‬‬

‫و قد أشار " جون ديوي" لثالثة أسباب رئيسية يتضح منها أهمية االتصال لحياة الجماعة و هي‪:‬‬

‫ـ إن وجود المجتمع ومن ثم استمراره متوقف على نقل عادات العمل و التفكير و الشعور من الكبار إلى‬
‫الناش ئين و ال يمكن للحي اة االجتماعي ة أن ت دور بغ ير ه ذا النق ل الش امل للمث ل العلي ا و األم اني و القيم و‬
‫اآلراء من األفراد الراحلين عن الحياة إلى أولئك الوافدين عليها‪.‬‬

‫ـ الناس يعيشون جماعة أفضل بفضل ما يشتركون فيه من أهداف و عقائد و أماني و معلومات و معارف‬
‫و االتصال هو وسيلة اكتسابهم إياها‪.‬‬

‫ـ إن الحي اة االجتماعي ة و اتص ال األف راد متالزم ان يتغ ير عن طريقهم ا الن اس بتغ ير خ برات األط راف‬
‫المشتركة في عملية االتصال‪ (.‬أحمد وحيد ‪2009‬ص‪)6‬‬

‫فاإلنسان في كل حالته في حاجة إلى أن يتصل باآلخرين من البشر‪ ،‬فالحاجة لالتصال تولد معه طوال‬
‫حيات ه‪ ،‬فالولي د يحت اج إلى أن ُي لَم س و هي الص ورة األولي ة لالتص ال م ع اآلخ رين‪ ،‬ثم تأخ ذ الحاج ة إلى‬
‫التشبع باالتصال من خالل قنوات مختلفة حسب مراحل النمو‪.‬‬

‫و يوض ح علم اء نفس الطف ل أَّن الطف ل و ح تى نهاي ة مرحل ة المراهق ة يخ اف من الوح دة‪ ،‬و يتش وق إلى‬
‫األلف ة و العالق ات البينشخص ية الحميم ة ال تي تربط ه بالكب ار المحيطين ب ه من ذوي األهمي ة لدي ه‪ ،‬وعلى‬
‫رأس هم اآلب اء ب الطبع‪ ،‬و ه ذه الج وانب المتع ددة من التعب ير عن األلف ة تش ير إلى حاج ة اإلنس ان إلى‬
‫االتصال‪.‬‬
‫و الفشل في تحقيق هذا االتصال في أي مرحلة يكون له في معظم الحاالت نتائج غير مرغوبة‪ ،‬و أحيان ًا‬
‫ما تكون كارثية على النمو النفسي للفرد‪ (.‬محمد بن عبد العزيز‪2008‬ص‪)12‬‬

‫فق د أظه رت الدراس ات ال تي تمت على األطف ال في ع امهم األول‪ ،‬أن األطف ال ح ديثي ال والدة ال ذين لم‬
‫ُيحملوا أو ُي لمسوا باأليدي بدرجة كافية في األيام األولى بعد الوالدة يصابون بحالة من االكتئاب الفمي‪ ،‬و‬
‫يظهرون ميًال نحو التدهور الجسمي‪ ،‬مع معدل وفيات أعلى قياس ًا من األطفال اآلخرين ممن توافر لهم‬
‫اللمس و االتصال الجسدي‪.‬‬

‫و إن ك ان االتص ال اللمس ي م ع الولي د و الطف ل يمث ل أقص ى درج ات اإلش باع النفس ي و الجس مي ل ه ف إن‬
‫الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة (‪ 6‬ـ ‪ )12‬بعد اكتسابه للغة و التعبير بها عن نفسه‪ ،‬و فهمه اآلخرين‬
‫عن دما يتح دثون مع ه فق د ظه رت لدي ه قن وات أخ رى غ ير اللمس للتعب ير عن الحاج ة لالتص ال م ع بق اء‬
‫الوس يلة القديم ة‪ ،‬فنج د لدي ه الرغب ة الش ديدة في الحص ول على رض ا الكب ار و م وافقتهم على م ا يفع ل‪ ،‬و‬
‫خ ير دلي ل على ذل ك مح اوالت الطف ل التص رف طبق ًا لقواع د األس رة‪ ،‬ك ل ذل ك يعكس الحاج ة النفس ية‬
‫لالتص ال م ع الكب ار و التمت ع ب األمن و الحماي ة و الس المة ال تي وفره ا التأيي د و الموافق ة الوالدي ة‪ ،‬مم ا‬
‫يجعله يستمر في هذا السلوك‪ ،‬و إذا لم يحقق رضا الكبار ربما تحول إلى سلوك كراهية هجومي يسمى‬
‫التحول الحاقد‪.‬‬

‫و الف رق بين المراه ق و الطف ل فيم ا يتعل ق بالحاج ات االتص الية ب اآلخرين ه و أَّن المراه ق يبحث عن‬
‫تحقيق اتصاله باآلخرين عن طريق الدخول إلى جماعة األقران و حصوله على تقبلها و رض اها و تجنب‬
‫االنتقادات من جانب رفاقه‪ ،‬و ألول مرة تصبح األسرة أقل أهمية بالنسبة للمراهق في الوقت الذي تزيد‬
‫فيه أهمية جماعة األقران‪ ،‬و لكن تظل األسرة كعامل مؤثر‪ ،‬و كثيرًا ما تعرقل األسرة نشاط المراهق مع‬
‫جماعته و تحد من درجة اندماجه في نشاطها‪ ،‬و تسبب هذه األسر كثيرًا من المشكالت ألبنائها بحرصها‬
‫على أن يبقى المراهق مثلما كان طفًال تحث أعين اآلباء في المنزل طوال الوقت‪ ،‬لعدم اعترافها بالوقت‬
‫و بالحقائق الجديدة‪.‬‬

‫و الحاجة لالتصال في صورتها التبادلية تظهر قبل سن المراهقة (‪ 6‬ـ ‪ )10‬سنوات وقبل هذه السن يكون‬
‫الطف ل مش غوًال بإش باع حاجات ه فق ط و ال ينتب ه إلى حاج ات اآلخ رين‪ ،‬و لكن من ذ نهاي ة الطفول ة المت أخرة‬
‫يبدو عليه االهتمام باآلخرين ليس من زاوية ما يقدمونه له بل من زاوية ما يقدمه هو لهم‪.‬‬

‫و ح تى في الحي اة الراش دة يظ ل الف رد عرض ًة للخ وف من الوح دة و االنفص ال و يمكن أن يش عر ب القلق‬


‫الش ديد إذا ما واجهت ه حال ة من ش أنها أن تفص له عن اآلخرين بش كل مفاجئ‪ ،‬فكل ش خص يحت اج إلى أن‬
‫يرى الناس و يسمعهم و يتكلم و يتصل بهم عبر حواسه الخمس‪ ،‬و في بعض الحاالت التي تتضمن قطع‬
‫العالق ات اإلنس انية أو االجتماعي ة كفق دان العم ل و تغ يره أو التقاع د أو تغي ير مك ان اإلقام ة في بعض‬
‫الحاالت يعاني الناس الذين يتعرضون لمثل هذه القواعد إلى اكتئاب شديد‪.‬‬
‫مما ال شك فيه أنه بقدر ما يحقق الفرد من إشباع لحاجاته االتصالية بقدر ما يكون متوافق ًا و راضيًا و‬
‫شاعرًا باالرتياح و السعادة و العكس صحيح‪( .‬المرجع السابق ‪ 2008‬ص ‪)14‬‬

‫‪ 2‬ـ تعريف االتصال األسري‪:‬‬

‫يعرف االتصال األسري على أنه ذلك التفاعل االجتماعي المتمثل في جملة من العالقات االجتماعية بين‬
‫الفرد واآلخرين داخل مجتمع األسرة‪ ،‬وترابط األفراد هنا يكون عن طريق االتصال بين اآلباء واألبناء‬
‫وبهذا ينشأ االتصال األسري الذي له تأثير قوي على أطراف العملي ة االتص الية نتيجة للترابط والصلة‬
‫الشديدة التي تربط أطراف األسرة بعضهم ببعض‪ ،‬إذن االتصال األسري عبارة عن إستراتيجية ينتهجها‬
‫الوالدين في التواصل مع أبنائهم ‪( .‬عالء الدين كفافي‪ 1999‬ص ‪)5‬‬
‫و يع رف أيض ًا بأن ه طريق ة تب ادل المعلوم ات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة بين أعض اء األس رة‪ ،‬و االتص ال‬
‫األس ري ج د مهم ألن ه يس مح ألعض اء األس رة ب التعبير عن حاج اتهم و رغب اتهم لبعض هم البعض‪ ،‬فعن‬
‫طري ق االتص ال يس تطيع أعض اء األس رة إيج اد حل ول للمش كالت المختلف ة‪Aneesa, Najma,( .‬‬
‫‪)Noreen, 2013p 1‬‬

‫و يتض من االتص ال األس ري مجموع ة معق دة من التف اعالت و االتص االت المتبادل ة و المس تمرة و ه ذا‬
‫ضمن شبكة تسمى بشبكة االتصال األسري‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تعريف شبكة االتصال األسري‪:‬‬

‫و هي عب ارة عن النم وذج األس ري ال ذي يمث ل أس اليب االتص ال من خالل اإلدراك ات المتبادل ة ألف راد‬
‫األس رة له ذه األس اليب‪ ،‬و توج د عوام ل عدي دة تت دخل في تك وين إدراك الف رد مث ل حالت ه النفس ية و‬
‫الفيزيولوجية و االنفعالية و دوافعه و اتجاهاته المسبقة‪ ،‬و من ثم ال يمكن أن نلغي أثر التنشئة االجتماعية‬
‫و المجتم ع في عملي ة اإلدراك االجتماعي ة‪ ،‬فق د س بق اإلش ارة إلى أن هن اك ت أثير متب ادل بين االتص ال‬
‫األسري و بين التنشئة االجتماعية‪ ( .‬سهير إبراهيم ‪ 2001‬ص ‪)14‬‬

‫‪ 4‬ـ أشكال االتصال األسري‪:‬‬

‫و تتضمن شبكة االتصال األسري االتصال بين األب و األبناء‪ ،‬االتصال بين األم و األبناء‪ ،‬االتص ال بين‬
‫األب و األم‪ ،‬و االتصال بين الوالدين و األبناء‪ ،‬و االتصال بين األخوة‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األب و األبناء‪:‬‬

‫إن األبوة الرشيدة من أهم مقومات الصحة النفسية لألبناء‪ ،‬فمنها يتعلم األبناء مقومات السلوك االجتماعي‬
‫و تكوين الذات العليا لديه عن طريق النصح و اإلرشاد‪ ،‬و القدوة الصالحة و التهديد بالعقاب إن أخطأ‪،‬‬
‫كم ا أنه ا عام ل ه ام في رف ع مس توى طم وح األبن اء عن طريق تش جيعهم على القي ام بأعم ال تتناس ب م ع‬
‫قدراتهم العقلية‪.‬‬

‫و قد أورد " إلدر" ( ‪ )Elder, G, 1971‬ثالثة أساليب لالتصال بين األب و المراهق وهي‪:‬‬

‫‪ ‬األسلوب األوتوقراطي أو السلطوي‪Autocratic Style :‬‬

‫و في هذا األسلوب ال يسمح األب لالبن بأن يعبر عن آرائه أو يتصرف بمفرده في األمور التي تخصه‪،‬‬
‫فاألبن اء ذوو اآلب اء األوتوقراط يين يتس مون ب أنهم منخفض و العاطف ة ال يتمتع ون باالس تقاللية‪ ،‬و ي رى أن‬
‫هذا األسلوب ال يساعد على ارتفاع مستوى اإلنجاز األكاديمي‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب الديمقراطي‪Democratic Style :‬‬

‫و في هذا األسلوب يشجع األب االبن على المشاركة في مناقشة القضايا التي تتصل بسلوكه على أن يتخذ‬
‫القرار النهائي بموافقة األبناء‪ ،‬فالدفء الوالدي هو عامل مساعد على االلتزام بالمعايير و القيم الوالدية‪،‬‬
‫إن األبناء ذوو اآلباء الديمقراطيين أكثر اعتزازًا و ثقة‪ ،‬و يتمتعون باالستقاللية‪ ،‬و يساعد هذا األسلوب‬
‫على ارتفاع مستوى اإلنجاز األكاديمي للمراهق‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب المتساهل‪Permissive Style :‬‬

‫في هذا األس لوب يتب ع األب سياس ة عدم الت دخل ف االبن يس تأثر بص نع القرار في األم ور ال تي تخص ه‪ ،‬و‬
‫يتمتع باستقاللية كبيرة‪ ،‬و انخفاض في العاطفة و الثقة في النفس في تحقيق األهداف الشخصية‪ ،‬و لكنها‬
‫تقل عن الثقة التي يتمتع بها األبناء ذوو اآلباء الديمقراطيين‪.‬‬

‫معنى ذلك أن كل ما يحدث داخل األسرة و يحسه الطفل و يدركه يترك أثره و صداه في نفسه‪ ،‬خاص ة و‬
‫أن األبن اء في األس رة ليس وا مس تقبلين فق ط لمش اعر اآلب اء و حبهم و طم وحهم‪ ،‬و إنم ا لهم س ماتهم‬
‫الشخصية و قيمهم و إدراكاتهم و خبراتهم و عالقاتهم المتعددة‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األم و األبناء‪:‬‬

‫األم هي الش خص األول ال ذي يب دأ الطف ل في التعام ل مع ه‪ ،‬فرعاي ة األم و حبه ا و حنانه ا ليس ت مس ألة‬
‫عاطفية فقط‪ ،‬و إنما هي حيوية و ضرورية للنمو الفسيولوجي و العقلي و االنفعالي للطفل‪ ،‬فاألمومة هي‬
‫عالقة إنسانية معقدة و راقية لها تأثير قوي على سلوك األبناء‪ ،‬فإذا كان التفاعل بين األم و االبن يتسم‬
‫بالمساندة و الدفء و األلفة و التشجيع فإن ذلك يساعد على نمو السمات الّس وية لدى األبناء مثل الشعور‬
‫باالستقاللية و االجتماعية و التوافق‪ ،‬في حين أنه إذا اتسم بالتباعد و عدم التشجيع يصبح األبناء عرضة‬
‫لسوء التوافق و نقص الكفاءة النفسية‪ (.‬المرجع السابق ‪ 2001‬ص ‪)25‬‬
‫و هناك ثالثة أساليب لالتصال بين األم و األبناء و هي الديمقراطي‪ ،‬و المتساهل‪ ،‬و األوتوقراطي و هي‬
‫نفس األساليب المشار إليها في االتصال بين األب و المراهق‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األب و األم‪:‬‬

‫ذكر " كول" و " هول" (‪ )Cole, L, & Hall, I, 1970‬أن هناك ثالثة أساليب لالتصال بين الوالدين هي‪:‬‬

‫‪ ‬سيطرة األم و خضوع األب‪ :‬و هي تثير لدى األبناء اتجاهات و استجابات التمرد و اضطرابات في‬
‫توافق الشخصية و انخفاض مستوى االنجاز األكاديمي‪.‬‬

‫‪ ‬س يطرة األب و خض وع األم‪ :‬و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات التم رد و الث ورة و‬
‫االستقالل المبكر هربًا من الحماية الزائدة‪.‬‬

‫‪ ‬تس اوي األب و األم في عالق ة ك ل منهم ا ب اآلخر‪ :‬و هي تث ير ل دى األبن اء اتجاه ات و اس تجابات‬
‫التعاون و المشاركة و المساهمة في التخطيط و التفاهم و الرضا بين جميع األطراف‪.‬‬

‫و قد يتأثر أسلوب االتصال بين األب و األم بثقافة المجتمع كما يختلف تأثير أسلوب االتص ال بينهما على‬
‫األبناء وفقًا لثقافة المجتمع‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين األخوة‪:‬‬

‫إن العالق ة المنس جمة بين األخ وة و الخالي ة من تفض يل طف ل على طف ل و الخالي ة من التن افس ت ؤدي إلى‬
‫النمو السليم للطفل‪ ،‬و إن العالقة األخوية المضطربة توثر على العالقات األسرية من جهة و على الفرد‬
‫و عالقاته االجتماعية خارج األسرة من جهة أخرى‪ ،‬و أيضًا فإن العالقة الضعيفة بين األخوة في مرحلة‬
‫م ا قب ل المدرس ة تن بئ بظه ور س لوك غ ير اجتم اعي نح و اآلخ رين خ ارج األس رة مث ل األص دقاء و‬
‫المعلمين في سنوات المدرسة االبتدائية‪.‬‬

‫و من الممكن تص ور أس اليب االتص ال بين األخ وة على أس اس أس لوب ديمق راطي ق ائم على الحب و‬
‫التفاهم‪ ،‬و أسلوب تسلطي قائم فرض أحد اإلخوة رأيه على اآلخرين‪ ،‬و أسلوب الالمباالة قائم على عدم‬
‫االهتمام و اإلفراط في التسامح بين األخوة‪.‬‬

‫‪ ‬االتصال بين الوالدين و األبناء‪:‬‬

‫يتأثر الطفل بنوع العالقة القائمة بينه و بين والديه‪ ،‬فالطفل الذي ينشأ في أسرة يسودها الحب و الحنان‬
‫ينمو سويًا‪ ،‬و يتمتع بشخصية تكيفية سوية‪ ،‬و يملك استعدادات يطور فيها مشاعر الحب لآلخرين‪ ،‬بينما‬
‫ينشأ في أسرة تسلطية طفل عدواني غيور ألن هذه األسرة تأمر الطفل بكل ما تريد‪ ،‬و إن عملية إصغاء‬
‫الطفل و استماعه لما يقوله الوالدان عامل مهم في نوع العالقة التي تسود الحياة األسرية؛ لذلك يتوقف‬
‫على الوالدين مهم ة تنمية مهارة اإلص غاء و االس تماع لدى أطف الهم‪ ،‬و ذلك من خالل اإلص غاء للطفل‬
‫في أثناء حديثه و تساؤالته و إشعاره بأنه محبوب‪ ،‬كما أن النقاش و الحوار المفتوح بين الطفل و والديه‬
‫يجعله مفهومًا لديهما و يجعلهما مفهومين لديه‪ ( .‬يوسف مقداد ‪ 2010‬ص ‪)206‬‬

‫‪ 5‬ـ أساليب االتصال األسري‪:‬‬

‫اس تطاعت " بومرين د" ‪ Baumrind, D‬أن تلخص ثالث ة أس اليب رئيس ية لالتص ال بين الوال دين و‬
‫المراهقين و هي‪:‬‬

‫‪ ‬األسلوب المتساهل المتسامح‪Indulgent – Permissive :‬‬

‫يعبر عنه بالسلوكات اللفظية و غير اللفظية التي تتسم بعدم وضوح المعايير التي يضعها الوالدان للتعامل‬
‫م ع األبن اء‪ ،‬و عدم اتس اق الض بط فت ارًة يع اقب الوال دان االبن على س لوك معين و تارًة ال يعاقبان ه على‬
‫نفس الس لوك أو س لوك مش ابه‪ ،‬عالوًة على ذل ك ف إن ه ذا األس لوب يتس م بإخف اء الغض ب الوال دي و‬
‫محدودية الدفء‪ ،‬كما يتسم باحترام التعبير عن الرغبات‪ ،‬و قد يثير هذا األسلوب لدى األبناء اتجاهات و‬
‫استجابات دفاعية و عدوانية‪ ،‬و عدم طاعة أوامر الكبار‪ ،‬كما أنه قد يؤدي إلى نقص الثقة بالنفس‪ ،‬قلة‬
‫اإلنجاز‪ ،‬نقص ضبط الذات‪ ،‬سرعة الغضب و الفرح‪ ،‬و االندفاع و التهور‪ ،‬عالوة على السلوكيات غير‬
‫السّو ية الناتجة عن اإلفراط في التسامح‪ (.‬سهير إبراهيم ‪ 2001‬ص‪)29‬‬

‫‪ ‬األسلوب التسلطي‪Authoritarian style :‬‬

‫يعبر عنه بالسلوكيات اللفظية و غير اللفظية التي تتسم بوضع قواعد سلوكية صارمة للطفل يجب عليه‬
‫إتباعه ا و ع دم الحي اد عنه ا‪ ،‬و يس تهين اآلب اء ب آراء و رغب ات الطف ل و ينظ رون إلي ه على أن ه ش خص‬
‫تسيطر عليه دوافع غير سّو ية‪ ،‬كما تتسم العالقة بين اآلباء و األبناء بانخفاض الدفء الوالدي‪ ،‬و ضعف‬
‫االتص ال اإليج ابي بينهم‪ ،‬و ع دم وج ود أنش طة متبادل ة و مخطط ة‪ ،‬و بالت الي ق د تث ير ه ذه الس لوكيات‬
‫اتجاه ات و اس تجابات الخ وف و القل ق ل دى األبن اء‪ ،‬ك ذلك س رعة الغض ب و الكآب ة‪ ،‬كبث العدواني ة‪ ،‬و‬
‫العزلة و االنسحابية‪ ،‬كما تؤدي إلى عدم وجود هدف محدد و تقل قدرة األبناء على تحمل المسؤولية‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب الديمقراطي‪Democratic style :‬‬

‫و يع بر عن ه بالس لوكيات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة ال تي تتس م بوض ع مع ايير س لوكية حازم ة‪ ،‬و اح ترام‬
‫رغب ات األبن اء و توجي ه األبن اء غ ير المطيعين‪ ،‬و ع دم إجب ار األبن اء على س لوكيات معين ة‪ ،‬و إظه ار‬
‫الوال دين لالس تياء عن د قي ام األبن اء بس لوك غ ير س ّو ي‪ ،‬و إظه ار الرض ا و التأيي د للس لوك الس ّو ي‪ ،‬يتس م‬
‫األس لوب ال ديمقراطي بق وة االتص ال بين الوال دين و األبن اء‪ ،‬و ال دفء و الحن ان و التج اوب و القب ول و‬
‫الحب‪ ،‬اح ترام الس لوك الناض ج و االس تقاللية ال تي تتماش ى م ع عم ر األبن اء‪ ،‬و وض ع أنش طة مش تركة‬
‫لألبناء في ضوء معايير تربوية و قد تثير هذه السلوكيات لدى األبناء استجابات الثقة في النفس‪ ،‬و ضبط‬
‫الذات‪ ،‬و زيادة النشاط‪ ،‬و التغلب على الضغوط‪ ،‬و حب االستطالع كما تؤدي إلى التعاون مع الكبار‪ ،‬و‬
‫العزيم ة و التص ميم‪ ،‬و الس لوك اله ادف‪ ،‬و ارتف اع مس توى اإلنج از‪ ،‬و إقام ة عالق ات س ّو ية م ع جماع ة‬
‫الرفاق‪.‬‬

‫و يمكن تلخيص االتص ال بين اآلب اء و األبن اء من خالل اإلدراك ات المتبادل ة لألس اليب الوالدي ة و س لوك‬
‫األبناء على النحو التالي‪:‬‬

‫سلوك سوي إيجابي للطفل‬ ‫األسلوب اليمقراطي‬

‫سلوك اإلندفاع و العدوان‬ ‫األسلوب التسلطي‬

‫سلوك الصراع و سرعة االنفعال‬ ‫األسلوب المتساهل‬

‫و قد أوضحت " زينب عبد الرزاق" أن لالتصال ثالثة أساليب هي‪:‬‬

‫‪ ‬األسلوب التدعيمي‪ :‬و يعبر عنه بالسلوكيات اللفظية و غير اللفظية التي تتسم بالمرونة و التعاون و‬
‫الرغبة الحقيقية في حل المشكالت بطريقة واقعية تتميز بالتفاهم و الرضا بين األطراف‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوب الدفاعي‪:‬‬

‫و يع بر عن ه بالس لوكيات اللفظي ة و غ ير اللفظي ة ال تي تتس م بالتهدي د و التش دد و العق اب‪ ،‬و بالت الي تث ير‬
‫اتجاهات و استجابات دفاعية مضادة من اآلخرين‪.‬‬

‫‪ ‬األسـلوب اإلنسـحابي‪ :‬و ه و يتس م بتجنب مواجه ة و ح ل المش كالت بش كل ايج ابي‪ ،‬حيث ينك ر الف رد‬
‫مسؤوليته في أي خالف‪ ،‬و تسود الالمباالة و عدم االهتمام‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ االتصال الجيد داخل األسرة‪:‬‬

‫تعتم د س عادة األس رة بدرج ة كب يرة على وج ود اتص ال ص حيح و منفتح بين أفراده ا‪ ،‬و تظه ر مه ارة‬
‫االتص ال في الس لوك اللفظي‪ ،‬أي في الكلم ات و العب ارات ال تي يس تخدمها أف راد األس رة في الح ديث م ع‬
‫بعضهم البعض‪ ،‬كما تظهر في السلوك غير اللفظي و اإلصغاء‪ ،‬فاالتصال يعني نقل لرسالة من شخص‬
‫إلى آخر في األسرة‪( .‬يوسف مقداد ‪ 2010‬ص ‪)205‬‬

‫و على ه ذا األس اس يتطلب االتص ال الجي د بين عض وين في األس رة أن يك ون أح دهما متكلم ًا و اآلخ ر‬
‫مس تمعًا‪ ،‬و أن يك ون المتكلم مجي دًا للتعب ير عن الرس الة ال تي يري د توص يلها‪ ،‬و أن يك ون المس تمع حس ن‬
‫اإلنصات دقيق المالحظة حتى يفهم الرسالة و ما تحمله من معاٍن مباشرٍة أو ضمنيٍة ‪.‬‬
‫فاألس رة الس عيدة تتمت ع باتص ال أك ثر و أفض ل في تفاعالته ا‪ ،‬فهم يتح دثون عن م دى واس ع من‬
‫الموض وعات و يب دو عليهم المزي د من الفهم لم ا س معوه‪ ،‬و يب دون حساس ية عالي ة إزاء مش اعر بعض هم‬
‫البعض و يدعمون تواصلهم اللفظي بكثير من اإلشارات غير اللفظية‪ ( .‬داليا مؤمن ‪ 2004‬ص ‪)26‬‬

‫‪ 7‬ـ االتصال المضطرب داخل األسرة‪:‬‬

‫في حين أن االتصال اللفظي مهم في فهم اتجاهات و سلوك الطرف اآلخر فإن االتصال اللفظي الخاطئ‬
‫يع د مص درًا لكث ير من المش كالت الزوجي ة و األس رية‪ ،‬حيث يك ثر في األس رة المض طربة االتص ال غ ير‬
‫اللفظي المقّن ع و ال ذي يتس م بأن ه غ ير مباش ر و ي دور ح ول األوام ر االنفعالي ة الالش عورية دون االهتم ام‬
‫بالرسائل اللفظية‪ ،‬مما يؤدي لزيادة االضطراب داخل األسرة إذ أنه كلما كانت الرسائل غير واضحة‬
‫زاد التوتر و الخلط داخل األسرة‪ ،‬و اضطراب عملية االتصال ال يعكس فقط مرض األسرة بل يساهم و‬
‫يؤدي إلى ذلك المرض‪.‬‬

‫و هك ذا يتض ح لن ا أن االتص ال س واًء أك ان لفظي ًا أو غ ير لفظي ًا ف إن ل ه وظيف ة و دورًا هام ًا ج دًا داخ ل‬
‫األسرة سواًء أكان في نقل األفكار أم في نقل المشاعر و الوجدان‪ ،‬كما أن اضطراب هذا االتصال يؤدي‬
‫يؤثر على باقي جوانب العالقات األسرية من قدرة على حل المشكالت‪ ،‬أو المشاركة في االهتمامات و‬
‫األنشطة و األدوار التي يلعبها كل فرد في األسرة‪ ،‬و على العالقات الجنسية بين الزوجين‪ ،‬بل قد يتسبب‬
‫مع عوامل أخرى في ظهور اضطرابات نفسية لدى الزوجين و األبناء و يهدم الحياة األسرية‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ طرق تفعيل االتصال داخل األسرة ‪:‬‬


‫توجد الكثير من األشياء التي يمكن لألسرة أن تقوم بها لتفعيل االتصال و بالتالي تحسين نوعية العالقات‬
‫األسرية و فيم ا يلي بعض االستراتيجيات التي يمكن أن تساعد اآلباء في تحسين مهارات االتصال مع‬
‫أبنائهم‪:‬‬
‫ـ فكر في الشخص الذي تتواصل معه‪:‬‬

‫إن االتص ال م ع األبن اء خاص ة الص غار منهم يتطلب مجموع ة من المه ارات و فهم جي د لمراح ل نم و‬
‫األطفال‪ ،‬فاألطفال يمكن أن يتصلوا بفعالية لكنهم محددون بقدراتهم النمائية فمثال الطفل الحديث الوالدة ال‬
‫يستطيع أن يعبر عن رغبته في األكل لكنه يعبر عن هذه الحاجة بواسطة البكاء‪ ،‬فعلى اآلباء أن ينزلوا‬
‫لنفس مس توى أبن ائهم ح تى يس تطيعوا االتص ال معهم بفعالي ة فاس تعمال اللغ ة ال تي يفهمه ا األبن اء يس هل‬
‫عملية االتصال بين اآلباء و األبناء‪.‬‬

‫ـ االنتباه للرسائل الغير لفظية‪:‬‬

‫يرس ل اآلب اء و األبن اء رس ائل ج د قوي ة بواس طة س لوكهم الغ ير اللفظي كتعب يرات الوج ه‪ ،‬هيئ ة الجس م‪،‬‬
‫حرك ات الي د و ش دة الص وت‪ ،‬و يمكن لآلب اء أن يع ززوا من ق دراتهم في االتص ال م ع أبن ائهم و ذل ك‬
‫بانتباههم للرسائل الغير اللفظية ألبنائهم‪ ،‬فكثيرًا ما يفضل األبناء استعمال الرسائل غير اللفظية للتعبير‬
‫عن مش اعرهم له ذا يجب على اآلب اء أن يتعلم وا ترجم ة الس لوك غ ير اللفظي ألبن ائهم‪ ،‬و على اآلب اء أن‬
‫يدركوا مدى تأثير رسائلهم الغير لفظية على أبنائهم فمثال نظرة غضب من األب يمكن أن يك ون له ا نفس‬
‫تأثير الكلمة القاسية‪.‬‬

‫ـ االستماع الفعال‪:‬‬

‫القدرة و أو الرغبة في االستماع في ماذا يريد األبناء قوله هو جانب مهم لالتصال الفعال بين اآلباء و‬
‫األبناء و عند االستماع لألبناء يجب االنتباه لرسائلهم اللفظية و غير اللفظية فاألب الذي يستمع بفعالية‬
‫ألبنائ ه يمكن أن يفهم و يحترم وجه ة نظ رهم فمثال هز الرأس أو ق ول لقد فهمت ي بين لالبن أن م ا قاله‬
‫مهم و الج انب اآلخ ر من االس تماع الفع ال ه و طلب التوض يح من األبن اء عن دما تك ون رس ائلهم غ ير‬
‫مفهومة و يمكن أن يتم ذلك بالسؤال مثال ماذا كنت تعني عندما قلت‪....‬أو ساعدني ألفهم ماذا تقول‪.‬‬

‫ـ التواصل باستمرار‪:‬‬

‫حتى يطور اآلباء عالقة قوية مع أبنائهم يجب أن يتصلوا معهم بصفة منتظمة‪ ،‬فالتواصل المستمر يمكن‬
‫اآلباء من معرفة حاجات أبناهم يجب على اآلباء سواء كانوا يعيشون مع أبنائهم أو ال أن يخلقوا فرص ًا‬
‫للتكلم و االستماع ألبنائهم و يمكن أن يكون االتصال في مواقف مختلفة على طاولة الغ داء أو في الس يارة‬
‫أو عبر الهاتف أو وقت النوم و حتى بواسطة الرسائل ‪....‬الخ‬

‫ـ االتصال بوضوح و بطريقة مباشرة‪:‬‬

‫اآلباء الذين يتصلون بفعالية مع أبنائهم هم الذين يتصلون بشكل واضح و مباشر و هذا يعني أن يفهم‬
‫المستمع بوضوح المراد قوله من الرسالة و أنها موجه للهدف المراد تحقيقه و يمكن لألبناء أن يطوروا‬
‫من مه اراتهم في االتص ال بفعالي ة إذا م ا ك ان آب اؤهم نموذج ا لهم و ذل ك بتش جيعهم على الوض وح و‬
‫المباشرة في الكالم‪) Stephen D Green, 2000( .‬‬

‫ـ استعمال وضعية " أنا "‪:‬‬

‫الرسائل التي تبدأ ب " أنا " تعكس ما يفكر و يشعر به المرسل في هذه اللحظة بالذات‪ ،‬هذه الوضعية ال‬
‫تحمل طابع التهديد و التوبيخ و إصدار األحكام‪ .‬و وضعية أنا تقف في مقابل وضعية أنت و التي تحمل‬
‫ط ابع الت وبيخ و النق د و التهدي د لألطف ال مثال ك أن يق ول األب البن ه‪ ":‬لق د قمت بعم ل ض عيف في واجب ك‬
‫الم نزلي" و أب آخ ر يس تعمل وض عية أن ا في نفس الس ياق يق ول‪ " :‬أعتق د أن ه ك ان بإمكان ك ب دل مجه ود‬
‫أكثر في واجبك المنزلي" هذه الوضعية هي أكثر إيجابية و تشجع على التعاون‪.‬‬
‫شجع الجانب االيجابي‪:‬‬

‫بينت األبح اث أن العالق ات األس رية غ ير الس عيدة هي في كث ير من األحي ان نتيج ة أس اليب االتص ال‬
‫الس لبية كالنق د و ال دفاع و الس خرية‪ ،‬ف األزواج الغ ير راض ون عن عالقتهم الزوجي ة يميل ون الس تعمال‬
‫االتصال السلبي أكثر من االتصال االيجابي و هذا المبدأ يمكن أن يطبق على العالقة بين اآلباء و األبناء‬
‫فالرسائل االيجابية تساعد على بناء العالقات في حين أن الرسائل السلبية تهدم هذه العالقات‪.‬‬

‫ـ كن نموذجًا يقتدى به‪:‬‬

‫إذا أراد اآلب اء أن يط ِّو ر أبن ائهم مه ارات اتص ال فعال ة فيجب أن يك ون على اس تعداد لتعليم أبن ائهم ه ذه‬
‫المهارات‪ ،‬فإذا أراد األب أن يستمع إليه أبناؤه يجب أن يستمع هو أيضًا لهم و إذا أراد أن يعبروا بطريقة‬
‫واضحة و مباشرة يجب عليه أن يعبر هو أيضًا عن أفكاره و مشاعره بطريقة واضحة و مباشرة‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫يعد عنصر االتص ال أحد العملي ات األساس ية في العالق ات اإلنس انية‪ ،‬فهو عملي ة تفاعلي ة تبادلي ة إليصال‬
‫رسالة ما عبر وسيلة محددة لتحقيق هدف معين‪ ،‬حيث تعد عملية االتصال ظاهرة إنسانية اجتماعية‪ ،‬و‬
‫حاج ة أساس ية للف رد و للجماع ة‪ ،‬و ه و من الحاج ات االجتماعي ة و النفس ية الهام ة ال تي يص عب على‬
‫اإلنسان االستغناء عنها‪ ،‬حيث أن االتصال يحقق لإلنسان الحاجة إلى االنتماء‪ ،‬و الحاجة إلى التقدير‪ ،‬و‬
‫الحاجة إلى المعلومات‪ ،‬و الحاجة إلى تحقيق و تأكيد الذات‪.‬‬

‫و يتمت ع االتص ال بأهمي ة بالغ ة في حي اة األف راد عام ًة و حي اة األس رة خاص ًة‪ ،‬ذل ك أن االتص ال داخ ل‬
‫األسرة هو الركيزة األساسية التي تبنى عليها شخصية األفراد‪ ،‬لما لالتصال األسري من تأثير كبير و‬
‫بالغ األهمية حيث أنه يعد من مؤشرات الصحة النفسية و السالمة العقلية لألفراد‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬

‫ـ أحم د وحي د مص طفى‪ ،2009 ،‬م دخل في التص ميم و المعرف ة‪ ،‬كلي ة العل وم التطبيقي ة‪ ،‬جامع ة حل وان‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬

‫ـ داليا مؤمن‪ ،2004 ،‬األسرة و العالج األسري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار السحاب للنشر و التوزيع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪.‬‬

‫ـ محمد بن عبد العزيز العقيل‪ ،2008 ،‬مهارات االتصال‪،‬مركز التنمية األسرية باألحساء للنشر‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
،‫ المجلس الوط ني لش ؤون األس رة‬،‫مه ارات االتص ال في العالق ات األس رية‬،2010 ،‫ـ يوس ف مق دادي‬
.‫ األردن‬،‫ عمان‬،‫مؤسسة دار أوراق لإلعالم المجتمعي‬

‫ العالقة بين شبكة االتصال داخل األسرة و بين اختيار المراهق‬،2001 ،‫ـ سهير إبراهيم محمد إبراهيم‬
‫ جامع ة عين‬،‫ م ذكرة مقدم ة للحص ول على درج ة الماجس تير في التربي ة‬،‫لجماع ة الرف اق غ ير الس وية‬
.‫ مصر‬،‫الشمس‬

‫ فاعلية برنامج لتدريب الوالدين على مهارات االتصال في خفض‬،2008 ،‫ نزيه حمدي‬،‫ـ نايفة الشوبكي‬
.1 ‫ العدد‬12 ‫ المجلد‬،‫ مجلة البصائر‬،‫الضغوطات النفسية و تحسين مستوى التكيف لدى اآلباء و األبناء‬

.‫ مصر‬،‫ القاهرة‬،‫ دار المعرفة الجامعية‬،‫ اإلرشاد األسري‬،2006 ،‫ـ عالء الدين كفافي‬

.‫القاهرة‬،‫دار الفكر العربي‬،‫ اإلرشاد والعالج النفسي‬،1999،‫ـ عالء الدين كفافي‬

- Aneesa Akhlaq, Najma Iqbal Malik, Noreen Aslam Khan, 2013, Family
Communication and Family System as the Predictors of Family Satisfaction in
Adolescents, Science Journal of Psychology, Volume 2013
Stephen D. Green, 2000. Keys to Effective Father–Child Communication, The
Texas A&M University System, College Station, Texas
-Bray, J.H., and Heatherington, E.M, 1993, Families in transition: Introduction
and overview. Journal of Family Psychology, 7
- Howard L. Barnes and David H. Olson, 1985, Parent-Adolescent
Commununication and the Circumplex Model, Child Development, Vol 56, No 2
-Jackson, S., Bijstro, J., Oostra, L., & Bosma, H. (1998). Adolescents’ perceptions
of communication with parents relative to specific aspects of relationships with
parents and personal development In Tatiana M. Davidson, Esteban V. Cardemil,
2009, Parent-Child Communication and Parental Involvement in Latino
Adolescents, Journal of Early Adolescence Volume 29 Number 1

-Stephen D. Green, 2000. Keys to Effective Father–Child Communication, The


Texas A&M University System, College Station, Texas

You might also like