You are on page 1of 6

‫جامعة قاصدي مرباح‪-‬ورقلة‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫قسم علم االجتماع والديموغرافيا‬

‫‪-‬تخصص‪ :‬علم االجتماع االتصال‬ ‫مقياس‪ :‬االتصال والتنشئة االجتماعية‬

‫السنة األولى ماستر‬

‫‪-5‬مؤسسات التنشئة االجتماعية و الفاعلون االجتماعيون‬

‫‪1‬ـ األسرة‬
‫ـ تعريف مفهوم األسرة‪ :‬اهتم كل من علماء االجتماع واألنثربولوجيا باألسرة اهتماما كبيرا وعلى هذا األساس جاءت تعريفاتهم كالتالي‪:‬‬

‫يرى كريستينسن" )‪ (Christensen‬أن األسرة مجموعة من املكانات واألدوار املقتبسة عن طريق الزواج‪ ،‬ويفرق بين الزواج‬ ‫‪‬‬
‫واألسرة حيث أن الزواج عبارة عن تزاوج منظم بين الرجال والنساء في حين أن األسرة عبارة عن الزواج مضافا إليه اإلنجاب‪".‬‬
‫كما عرفها يونج كمبل )‪ (Y.Kimbel‬األسرة بأنها "جماعة من شخصين أو أكثر يرتبطون برباط الدم أو الزواج أو التبني يعيشون‬ ‫‪‬‬
‫في مكان إقامة واحدة"‬
‫تعريف برتراند" )‪ (A.Partrand‬جماعة اجتماعية مكونة من أفراد ارتبطوا بروابط الزواج أو الدم أو التبني وهم غالبا ما يشتركون‬ ‫‪‬‬
‫في عادات عامة ويتفاعلون بعضهم مع بعض تبعا لألدوار االجتماعية املحددة من قبل املجتمع‪".‬‬

‫من خالل ما سبق ذكره من تعاريف حول مفهوم األسرة يمكننا أن نستخلص أهم السمات املشتركة بينهم‪:‬‬

‫أنها وحدة أو جماعة مكونة من رجل وامرأة أو مجموعة من األشخاص‪.‬‬

‫يرتبطون بروابط الزواج أو الدم أو التبني‪.‬‬

‫يترتب عن األسرة مجموعة من األدوار واملكانات املستمدة أصال من ثقافة املجتمع‪.‬‬

‫من خالل هذه السمات املشتركة حول مفهوم األسرة نستخلص أن التعاريف السابقة تنطلق من بيئة وثقافة معينة‪ ،‬وأن ما يصلح في‬
‫مجتمع ما ال يصلح في مجتمع آخر وخاصة السمة األولى والسمة الثانية‪ ،‬وعليه فإن التعريف الذي نعتبره تعريفا إجرائيا هو كالتالي ‪:‬‬

‫االسرة هي الجماعة االجتماعية القاعدية في املجتمع تقوم على عالقة زوجية شرعية بين رجل وامرأةلتلبية حاجات فطرية تكون‬
‫نتيجتها األبناء‪ ،‬والقيام بعدة وظائف وواجبات منها تنشئة األبناء‪.‬‬

‫‪-‬دوراألم في التنشئة‬
‫لقد أعطت مختلف أدبيات علم االجتماع والنفس واألنثربولوجيا والتربية وحتى األدب ‪...‬الخ أولوية وأهمية كبيرة لدور األم في تنشئة‬
‫أطفالها‪ ،‬باعتبارها النموذج والقدوة التي يحتذي بها الطفل منذ الصغر من حيث اكتسابه لسلوك أمه منذ البدايات األولى لحياته وتكمن‬
‫أهمية األم باعتبارها الوحيدة املالزمة لولدها منذ الوالدة إلى أن يكبر ويبلغ السن التي تؤهله ليكون فردا من أفراد املجتمع ولقد تداول‬
‫الكثير من العلماء فكرة مفادها أن تنشئة الفرد تبدأ منذ تلقيح البويضة وارتباط الطفل بجدار رحم األم وما يليها من وضع ورضاعة وفطام‪،‬‬
‫ولهذا فإن أي انفعاالت أو اضطرابات أو فرح وسرور تواجهه األم أثناء الحمل ينعكس بالسلب واإليجاب على الجنين وبالتالي على الفرد‪،‬‬
‫يقول الطبيب األمريكي توماس فيرني "عندما يولد املولود ويأتي لهذه الحياة‪ ،‬ال يبدأ بالتعرف على عالم كان يجهله إنما هو يتابع خبراته التي‬

‫‪1‬‬
‫تكونت وهو في رحم أمه"[ ]‪ ،‬أما بعد الوالدة فهي تلعب الدور الرئيس في حياة طفلها من حيث إشعاره بالحب والحنان وهي من األمور املهمة‬
‫للغاية ألنها ليست مسألة عاطفية فقط بالنسبة إليه بل هي مسألة حيوية وضرورية لنموه الفيزيولوجي والعقلي واالنفعالي واالجتماعي"[‬
‫]‪.‬إن األم في هذه املرحلة من حياة صغيرها‪ ،‬تمثل رمزا للحب والحنان والعطاء غير املحدود‪ ،‬فهي املسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة تخص‬
‫أبناءها وال يبقى هذا األمر حكرا على مرحلة الطفولة بل يستمر إلى أن يشب أبناؤها على الطوق يافعين‪ ،‬فهي تتابعهم من الصغر إلى مراهقتهم‬
‫وال سيما في هذه املرحلة األخيرة‪ ،‬حيث كثيرا ما يلجأ األبناء على اختالف جنسهم ومشاكلهم ومتطلباتهم إلى صدر األم في مرحلة يكون األب‬
‫متمركزا حول ذاته فارضا نوعا من الهيبة واالحترام وفي بعض األحيان يمارس نوعا من التسلط يجعل األبناء بطريقة غير مباشرة يفرون‬
‫منه وهذا ما دفع بحليم بركات إلى القول‪" :‬بأن األب يمارسها (السلطة) عادة من فوق من بعيد تجاه جميع أفراد األسرة بمن في ذلك‬
‫الزوجة‪ ،‬فيتوقع منهم الطاعة واالحترام واالمتثال وعدم مناقشة فيما يراه مناسبا وهو حريص خاصة أال يسمح ألحد أفراد األسرة أن‬
‫يتدخل بحياته‪ ،‬إنه رأس العائلة وسيدها يملي أوامر وإرشاداته دون أن يتوقع من أفراد أسرته نصائح هو بغنى عنها‪ " .‬إن هذه الفترة‬
‫تجعلنا نستنتج أن أسلوب معاملة األب في كثير من األحيان هي التي تجعل األبناء صغارا أو كبارا يفرون ويبتعدون عنه وتبقى بذلك العالقة‬
‫أحادية الجانب بين األبناء واألم وبذلك فهي عالقة تشوبها النقص داخل األسرة‪.‬‬

‫‪-‬دور األب في التنشئة‬


‫إن دور األب في التنشئة ال يقل أهمية عن دور األم‪ ،‬فدور األم يبرز كثيرا في الشهور والسنين األولى من حياة الطفل وقد أدت هذه األهمية‬
‫لدور األم إلى النظر بان دور األب دور ثانوي‪ ،‬فاألب وإن لم يبرز دوره في املراحل األولى فإنه يتضح جليا بطريقة غير مباشرة من حيث توفير‬
‫املتطلبات املادية واحتيا جات الطفل من حليب وغذاء وكساء وحماية ‪...‬الخ‪ ،‬وهذه األشياء تساعد الطفل على النمو جسديا مضافا إليه‬
‫حنان األم حيث يؤكد الكنيد )‪ (El Kind‬على هذا الدور بأن األب يأخذ العديد من املسؤوليات في رعاية الرضيع لذا فإن األطفال الصغار‬
‫غالبا ما يرتبطون بأبيهم مثل ارتباطهم بأمهم"[ ]‪.‬كما يؤكد كل من لين وكروس )‪ (Lynn. Cross‬إلى أن الشخص املفضل لدى األطفال الذكور‬
‫واإلناث في سن الثانية إلى الرابعة هو األب‪ ،‬حيث يفضل هؤالء األطفال اللعب معه‪ ،‬وبسؤال األطفال في سن الخامسة إلى العاشرة عن‬
‫الشخصية التي يعجبون بها فأجمعوا على اإلعجاب بشخصية األب ويشير بيل )‪ (Bille‬إلى أن األب يلعب دورا هاما في نمو الطفل في مرحلة‬
‫ما قبل املدرسة‪"[ ].‬‬

‫من خالل هذه الدراسة وغيرها نستنتج أن عالقة األب بأبنائه ذات أهمية وإنما يختلف نوعا ما عن دور األم‪ ،‬ويخطئ الكثير من اآلباء من‬
‫تشغلهم متاعب الحياة عن أسرهم وأطفالهم‪ ،‬حيث يقضون معظم أوقاتهم بعيدا عن تنشئة أبنائهم تاركين األمر وحده لألم فقط ولعل‬
‫األمر نالحظه كثيرا في أسرنا اليوم داخل املجتمع الجزائري حيث أن "دور األب يقتصر على توفي الحاجات املادية وعلى التأديب دون الرعاية"[‬
‫]‪ ،‬فاألب يعتبر سند األم في التنشئة وال تستطيع وحدها تعويض أبنائها النقص الذي ينشأ عن تغيبه ألن كل منهما له الدور املنوط به‪ .‬ولعل‬
‫أهم ما يقوم به األب في تنشئة أبنائه "عملية التصنيف الجنس ي‪ ،‬فمنه يتعلم الصغار أنماط السلوك االجتماعي الذي يميز الذكور في املجتمع‬
‫عن اإلناث ويقوم األب أيضا بإعالة أوالده وقضاء حاجاتهم االقتصادية [‪ ]...‬ويعتبر املجتمع هذه الناحية من أهم واجبات األب لدرجة أنها‬
‫طغت على واجباته األخرى [‪ ]...‬وعليه فاألبوة الرشيدة ال تقاس بتوفير املال الالزم لقضاء حاجاتهم املادية فحسب‪ ،‬وإنما تقاس بما يوفره‬
‫من رعاية واهتمام وعطف منذ صغر سنهم إلى كبرهم"[ ]‪.‬ولقد أشار ميشال المب ‪ (Michel Lamb) 5891‬أن تأثير غياب األب ال يكون نتيجة‬
‫لغياب النموذج الذكري بالنسبة للطفل‪ ،‬ولكن نظرا لغياب املصدر العاطفي والدعم املالي لجميع أفراد األسرة‪ ،‬كما أن غيابه يجعل اتجاهات‬
‫األم نحو الطفل أكثر سيطرة وقسوة‪ ،‬إضافة إلى التوتر والضغط الناتج عن غياب مصدر األمن لألسرة ككل وهذا ينعكس سلبا على‬
‫األطفال"[ ]‪.‬إن األب واألم لبنتين أساسيتين في بنيان األسرة وغياب أحدهما سوف يحدث شرخا وتصدعا في هذا البنيان‪ ،‬وخاصة من حيث‬
‫االنعكاسات التي تحدثها على املستوى النفس ي واالجتماعي لألطفال واملراهقين‪.‬‬

‫أما فيما يخص العالقة بينهما(الوالدين)‪ ،‬فلهما شأن خاص وأهمية كبرى في بناء ذات الطفل ونموه النفس‪ -‬اجتماعي‪ ،‬فكلما كانت العالقة‬
‫بين الوالدين "عالقة أساسها املحبة والتفاهم‪ ،‬فيتأثر بها الطفل تأثيرا إيجابيا فتحدث له السرور واالستقرار [‪ ]...‬وقد تكون عالقة أساسها‬
‫النفور وسوء التفاهم فيتأثر بها الطفل تأثرا سيئا"[ ]‪ ،‬من خالل هذه األسطر تبرز لنا أهمية األسرة في تنشئة الفرد وما الفصل بينهما إال‬
‫فصل نظري فقط‪ ،‬ألنه في حقيقة األمر ال يوجد فصل وال يمكن أن نجده فكل منهما مكمل لآلخر وكل دور تقوم به األم أو األب هو ش يء‬
‫مشترك بينهما‪ ،‬ماعدا واستثناء في بعض األمور الظاهرة كالتزام األم بشؤون البيت واألب خارج البيت‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-2‬املدرسة‬

‫تعتبر املدرسة املؤسسة والبيئة االجتماعية الثانية للتنشئة االجتماعية بعد األسرة‪ ،‬وتعد املدرسة ضرورة حتمية في الوقت الحاضر وخاصة بعد تعقد‬
‫الحياة فأصبح دور املدرسة أو املؤسسات التربوية متخصصة في نقل املعارف والعلوم وبالتالي نقل الثقافة من جيل إلى آخر بطريقة منظمة ومقصودة‪،‬‬
‫لتحقق بذلك النمو الجسمي والعقلي واالنفعالي واالجتماعي للفرد‪ ،‬ولقد أصبحت وظيفة املدرسة توفير بيئة منتقاة تتكون من مجموعة من املعارف‬
‫لتنشئة األطفال على أنواع من السلوك املستقاة من ثقافة املجتمع ومعاييره‪ ،‬حتى ال تتعارض مع ما تقدمه األسرة ألبنائها‪ ،‬فوظيفتها إذن مكملة لدور‬
‫األسرة‪ ،‬ويمكن أن نبين هنا أهم أوجه االختالف بين املدرسة األسرة فيما يلي‪:‬‬

‫‪1.2‬ـ وظائف املدرسة‪ :‬ويمكننا أن نوجز أهم وظائف املدرسة فيما يلي‪:‬‬

‫نقل التراث الثقافي‬ ‫‪‬‬


‫التحقيق التكامل االجتماعي‪ :‬من وظائف املدرسة توفير بيئة تساعد على حياة متوازنة ومنسجمة يعيش فيها جميع‬ ‫‪‬‬
‫أفراد املجتمع من أطفال وشباب ومهما كانت مستوياتهم االجتماعية على العمل في سياق مشترك‪ ،‬وبذلك فهي تعمل‬
‫على التنسيق بين مختلف املؤثرات التي يتلقاها الفرد‪ ،‬فقد يتعرض الفرد أو املراهق لبعض القيم التي يتشربها من‬
‫األسرة ويتعرض ألخرى مخالفة في جماعة الرفاق‪ ،‬ويستمد قيما أخرى من دور العبادة وبذلك فإن املراهق وغيره‬
‫سوف يواجه مجموعة من التناقضات قد تؤدي به إلى صراع داخلي‪ ،‬وبذلك فمن واجب املدرسة أن تقوم بدورها في‬
‫تحقيق ما يسمى بالتكامل االجتماعي للقضاء على هذا التناقض‪.‬‬
‫النمو الشخص ي‪ :‬إذا كانت املدرسة تعمل على نقل التراث الثقافي وتحقيق التكامل االجتماعي فإنها تعمل كذلك على‬ ‫‪‬‬
‫زيادة النمو املعرفي والشخص ي لدى املراهق سواء داخل البيئة املدرسية أو املجتمع‪" ،‬وال يتم هذا إال عن طريق نقل‬
‫ونشر العلوم املعرفية والعلمية في شتى املواد املدرسية من خالل منهج منظم متضمن الحتياجات التلميذ واملجتمع‬
‫ككل ودعم القيم السائدة في املجتمع بشكل مباشر وصريح في مناهج الدراسة‪.‬‬
‫تنمية القدرات اإلبداعية لدى الفرد بواسطة استثارة وتنشيط الخيال ومحاولة الكشف عن أسباب حدوث بعض‬ ‫‪‬‬
‫الظواهر الفيزيائية‪...‬الخ‪.‬‬
‫فتح املجال أمام الطلبة على ممارسة الديمقراطية في إطار العالقات اإلنسانية واالجتماعية عن طريق املناقشات بين‬ ‫‪‬‬
‫الطالب في إطار تقبل الرأي اآلخر وتنشيط الحركة الثقافية داخل املدرسة وغيرها من الخطوات التي تنش ئ الفرد على‬
‫الوعي الديمقراطي والذي يبدأ أوال من األسرة‪ ،‬فاملدرسة‪ ،‬فاملجتمع‪ ،‬وبهذا نجد أن لألسرة دور كبير وال يستهان به في‬
‫تنشئة الفرد واملراهق خصوصا بعد األسرة‪.‬‬

‫‪ -3‬املسجد‬

‫لقد كان هدف الرساالت السماوية التي أنزلها عز وجل على رسله تهدف إلى هداية بني البشر وإحداث تغيير على املستوى الفكري وبالتالي‬
‫على املستوى السلوكي لإلبعاد الفرد على مهاوي الرذيلة واالنحالل فالتغيير إذن هو أساس أي عمل جاد وخاصة العمل التربوي‪ ،‬ألنه يوجه‬
‫مسار هذا األخير بالتعليمات واألوامر الربانية الحقة ولعل أول مؤسسة عملت على صقل العقول وتهذيب النفوس وتغيير املجتمعات نجد‬
‫املسج جججد كأول مؤس ج جسج ججة دينية تشج ججي يه بنيت بعد الهجرة‪ ،‬ولعل وظيفة املسج جججد أكبر من أن تحدد في أي إطار كان فهي تسج ججاوي في جمها‬
‫ووظيفتها جميع املؤسسات التنشي ية األساسية"‬

‫لقد كان للمس ج ج جججد إلى عهد قريب مكانة عظمى ودور نش ج ج ججط خالق في ص ج ج ججياغة الجماعة اإلس ج ج ججالمية على كل املس ج ج ججتويات الدينية والخلقية‬
‫والروحية والخبرات الحربية [‪ ]...‬وكان منه صناعة القرار السياس ي والحربي وفيه الحل والعقد والربط‪ ،‬فيه املدرسة والجامعة‪ ،‬فكان فكرا‬
‫وروحا قبل أن يكون مبنى ش ج ج ججكال‪ .‬وكان قلب الجماعة اإلس ج ج ججالمية النابض واملص ج ج ججنع الذي يص ج ج ججقل ويص ج ج ججو الفرد والجماعة على األس ج ج ججس‬
‫اإلسالمية الصحيحة مواصال رسالته العاملية وهي تنمية الوازع الديني والروح اإلسالمية‪"[ ].‬‬

‫‪3‬‬
‫إن املسججد مؤسجسجة ينشجأها املجتمع برغبته داخل املجتمع املسجلم لتأهيل النشجأ وتنشجئتهم وفق مبادق وقيم الشجريعة‪ ،‬ويبدأ االحتكاك‬
‫باملس جججد منذ س ججبع (‪ )7‬س ججنوات ويرتبط به خمس (‪ )1‬مرات في اليوم في إطار توجيه عقائدي‪ ،‬ويبدأ الفرد منذ الصج ججغر بتكوين نظرة حول‬
‫الترابط بين أفراد املجتمع عن طريق اللقاءات املتكررة وجها لوجه ال تخضع لضوابط وإرغام بقدر ما تخضع لقناعات وإذا ما تم على هذا‬
‫األمر فانه سوف يصل إلى فترة املراهقة ويصبح املسجد وأفراد املسجد جزءا من كيانه‪.‬‬

‫إن للمسجججد عدة أهداف منها وقائية وأخرى عالجية‪ ،‬فالوقائية هي التي تقي الفرد من الوقوع في االنحرافات من خالل املواعظ والخطب‪،‬‬
‫والعالجية هي التي تعمل على تص ججحيح وتقويم الخلل الذي قد اكتس ججبه الفرد من املجتمع من خالل هذه األهداف نجد أن املس جججد يحاول‬
‫الوصول إلى بناء فرد متكامل في عقيدته وعباداته وعالقته بربه وبنفسه وبغيره‪ ،‬ويتم الوصول إلى ذلك من خالل جملة من الوظائف‪.‬‬

‫فجاملس ج ج ج جججد مص ج ج ج ج در للخطجب الجدينيجة والجدنيويجة‪ ،‬وفيجه تغرس القيم في نفوس النشج ج ج ججأ وذلجك من خالل االلتقجاء اليومي واملباشج ج ج ججر بين اإلمام‬
‫واملأموم‪ ،‬كما يلعب املس ج جججد دورا هاما من خالل تلبية املتطلبات الروحية وعلى رأس ج ججها الص ج ججالة ألنه "بمثابة ش ج ججحنة روحية هائلة ودروس‬
‫أخالقية عالية وتوجيهات سامية تدفع اإلنسان إلى الطريق الصحيح والسلوك األفضل" إضافة إلى الدعاء وقراءة القرآن فيه‪.‬‬

‫كما يلعب املسج ججد دورا آخر من خالل تعليم النشج جأ وكل رواده أمور العقيدة ‪ ......‬كما أص ججبح املس جججد اآلن مركزا ملحو األمية وتعليم‬
‫الكبجار الجذين لم يسج ج ج ججعفهم الحظ في التعليم أو مواصج ج ج ججلتجه ومن خاللجه يتم تكوين عالقجات اجتمجاعية وإزالة الفوارق الجهوية والعرقية بين‬
‫مختلف شرائح املجتمع‪.‬‬

‫ولعججل احتكججاك الفرد بججاملس ج ج ج ججججد وفي جميع األوقججات بمن فيججه بججدءا بججاإلمججام وبرواده يججدفعججه إلى اكتس ج ج ج ججاب الكثير من العواطف والعالقججات‬
‫الصججحيحة التي تمكنه من إش ججباع حاجاته النفس ججية‪ ،‬وعن طريق املسجججد يس ججتطيع األفراد واملراهق على وجه الخص ججوص أن يحس ججن انتقاء‬
‫األقران واألصج ج ججحاب وفيه تتاح الفرصج ج ججة "الكتسج ج ججاب األخالق الفاضج ج ججلة والعادات الصج ج ججحيحة وخاصج ج ججة فيما يتعلق بكيفية السج ج ججيطرة على‬
‫الشججهوات وامللذات وكيف ينجو اإلنسججان من الشججرور واألثام‪ ،‬فاملسجججد إذن يعتبر وسججطا بديال عن كل األوسججاط االجتماعية األخرى التي قد‬
‫يتخذها اإلنسججان مجاال لقضججاء أوقات الفرا ولإلشججباع النفس ج ي والعاطفي وللقضججاء على امللل والوحدة وكل مظاهر القلق واالضججطراب فهو‬
‫بديل مالئم ملعالجة الفرا القاتل فهو مكان وقائي وعالجي ألنه يسج ج ج ججاعد األسج ج ج ججرة على تنشج ج ج ججئة األبناق خاصج ج ج ججة إذا كانت تفتقر إلى الجانب‬
‫الديني‪.‬‬

‫غير أنجه ومع غيجاب الدور الحقيقي للمسجد في حيجاتنجا الحجاضج ج ج ججرة غجابت معه األخالق والفضج ج ج ججائل اإلسج ج ج ججالمية النموذجية "حيث قويت‬
‫مظاهر العبثية والسج ججلبية عند شج ججبابنا من الجنسج ججين بشج ججكل خاص [‪ ]...‬وقد ترتب على هذا امللق والغرور أثارا خطيرة حيث بلغت املصج ججيبة‬
‫ذروتها بأن تغربنا على نحو شج ج ججبه تام لإلسج ج ججالم كإطار إيديولوجي متكامل على حياتنا العامة والخاصج ج ججة ورسج ج ججمنا إسج ج ججالمنا بمقاييس جديدة‬
‫تناسب أذواقنا وأمزجتنا‬

‫‪-4‬جماعة الرفاق‬

‫"تش ج ججير جماعة األقران لص ج ججحبة متكافئة في العمر والخلفية واالهتمام وهي تعتبر من أهم هيئات التنش ج ججئة على مدار حياة الفرد‪ ،‬إال أن‬
‫لها تأثيرها الخاص في الطفولة املتقدمة‪ ،‬وخالل مرحلة الرش ج ج ججد‪ ،‬وذلك ألن جماعة األقران تزود أعض ج ج ججاءها باملعايير والقيم الجديدة وتنتج‬
‫لهم مزيدا من فرص التفاعل مع اآلخرين بص ججورة متكافئة"‪.‬فجماعة األقران أو النظراء على اختالف مس ججمياتها تعتبر من الجماعات األش ججد‬
‫تأثيرا على األبناء في معاييرهم وقيمهم من خالل عملية التفاعل والتأثير املتبادل‪ ،‬فيس ج ججتطيع االبن وس ج ججط أقرانه أن يناقش ويحاور ويتبادل‬
‫وجهات النظر مع اآلخرين كما أنه يتحين الفرص ج ج ججة إلظهار نفس ج ج ججه وتأكيد ذاته‪ ،‬وتختلف الص ج ج ججداقة إذن حس ج ج ججب املرحلة العمرية في بعض‬
‫الجوانب‪ ،‬ففي مرحلة املراهقة مثال تتميز بكثرة أصجدقائه ومشاركاته املختلفة في الجماعات والنوادي ولعل أول ما توفره الجماعة رفاق هو‬
‫التحسين الفردي للحالة املعنوية بتوفير جو من املرح مع بعضهم البعض من االستقالل والحرية أكثر مما يتلقاها في أسرته‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وتكسب جماعة الرفاق أفرادها مجموعة من الخبرات التي لم يتعلمها االبناء ال داخل أسرهم وال في املدرسة‪ ،‬ال سيما أن جماعة األقران‬
‫تنشج ج ئ الفرد على تكوين عالقات اجتماعية داخل جماعته وخارجها "إن الواقع املحسج ججوس هو أن كل فرد هو في ذات الوقت كائن مسج ججتقل‬
‫وعضو في جماعة"‬

‫وكما أن لصج ججداقة دورا إيجابيا في تنش ج ججئة الفرد فإن لها دورا عكس ج ججيا أيض ج ججا واملتمثل في جر األبناء نحو مهاوي الرذيلة واالنحالل‪ ،‬فكم من‬
‫فرد نشأ على الخلق واملثل وإذا به بمصاحبة رفاق السوء‪ ،‬فيغرى بهم ويشاركهم في بعض األمور السيئة بدعوة التجريب والتسلية وإذا به‬
‫يدمن على هذه األفعال ويصبح منهم ‪ ،‬وعليه فإن جماعة الرفاق سالح ذو حدين‪ ،‬حد يكون إيجابيا فتساعد املراهق على اكتساب األخالق‬
‫والفضائل وإما الحد الثاني فيؤدي به إلى الهالك والفساد والضياع‪.‬‬

‫‪ -5‬وسائل اإلعالم‬

‫لقد ش ججهد القرن األخير ثورة تكنولوجية واس ججعة في مجال االتص ججال الجماهيري حيث برز اإلعالم فيه وبقوة وأص ججبحت وس ججائل االتص ججال‬
‫"السج ججينما واملسج ججرح والتلفاز والجرائد والصج ججحف واملجالت‪ "...‬ومع تنوعها تشج ججد انتباه القارق واملشج ججاهد واملسج ججتمع إليها بطريقة قد ال تجعل‬
‫الفرد يشجعر بها "فاإلعالم بكافة وسجائله هو أفضجل وسجائل االتصجال بالناس فهو علم يخاطب عقولهم لذلك فإن تأثيره يكون أقوى وأعمق‪،‬‬
‫إذا ما عرفنا كيف نس ججتخدم أس ججلوبه بطريقة فعالة [‪ ]...‬واملقص ججود باإلعالم‪ ،‬على أنها تلك العملية التي يترتب عليها نش ججر األخبار واملعلومات‬
‫الدقيقة التي ترتكز على الصدق والصراحة ومخاطبة عقول الجماهير وعواطفهم السامية واالرتقاء بمستوى الرأي‪"[ ].‬‬

‫ولئن كانت وسج ججائل اإلعالم تشج ججكل جس ج جرا ومعبرا هاما ووسج ججيلة من وسج ججائل التنشج ججئة االجتماعية من حيث نقلها لألفكار والقيم والثقافة‬
‫واالتجاهات الس ج ج ججائدة في املجتمع‪ ،‬فهي س ج ج ججالح ذو حدين كما يقال‪ ،‬فإذا كانت هذه الوس ج ج ججائل تلعب دورا إيجابيا وس ج ج ججلبيا بالنس ج ج ججبة للكبار‬
‫النجاجج ج ج جججين‪ ،‬فمجا بجالنجا بحجال الصج ج ج ججغار واملراهقين‪ ،‬الذين ما زالوا على حافة الطريق ولم ينضج ج ج جججوا النضج ج ج ججج الكافي والتام ومن بين األجهزة‬
‫اإلعالمية كلها‪ ،‬يحتل التلفزيون مركز الصدارة من الناحية التربوية والتنشي ية إذا قورن بالوسائل األخرى‪.‬‬

‫إن هذه الصججدارة التي يمتلكها جهاز الحاسججب أو الهواتف النقالة الذكية‪ ،‬أو األجهزة السججمعية واملرئية تعود في حقيقة األمر إلى امتالكه‬
‫شج ججكال وألوانا وطريقة عرض جذابة‪ ،‬إضج ججافة إلى نوع املوسج ججيقى التي تأسج ججر الوجدان والعواطف‪ ،‬وهو على درجة كبيرة من تنوع القنوات وال‬
‫يتطلب بذل أدنى مجهود في متابعته كما أن الفرد خص ج ج ججوص ج ج ججا يجد فيه حرية ال تض ج ج ججاهيها حرية في املؤس ج ج جس ج ج ججات األخرى‪ ،‬وعليه فإن لهذه‬
‫االجهزة تأثيرا سحريا بل يلعب دور منوم املغناطيس ي فإنه سيكون سالحا ذو حدين على لألبناء‪.‬‬

‫وعليه نس ج ججتنتج أن وس ج ججائل اإلعالم تلعب دورا فعاال في إص ج ججالح املجتمع ال س ج ججيما إذا أحس ج ججن توجيه برامجه وانتقائها وإعدادها اإلعداد‬
‫املناس ججب‪ ،‬فهي توس ججع املعارف وتص ججقل العقول وتقوي الخيال ‪ ....‬كما تس ججاعد املراهق على تجاوز مرحلته بكل يس ججر‪ ،‬وتس ججد بعض الثغرات‬
‫التي لم تس ججتطيع األس ججرة س ججدها أو حتى لم تنتبه إليها‪ ،‬وإما أن يكون االعالم الحد الثاني من الس ججيف في إنش ججاء جيل مهزوم خامل منحرف‬
‫من خالل عرض البرامج غير املناسبة من أفالم عنف وجريمة وجنس ومناظر خليعة ومثيرة‪ ،‬قد تؤثر في نفوس املراهقين وتوقظ غرائزهم‪.‬‬

‫من خالل ما تم ذكره وعرضجه نجد أن مؤسجسات التنشئة االجتماعية التي تم عرضها ليست هي كل املؤسسات وإنما تعتبر أهم املؤسسات‬
‫الواججحة للدارسجين وغير الدارسجين‪ ،‬فهناك النوادي الرياضية التي ينظم إليها األبناء وبعض الجمعيات الثقافية‪...‬الخ‪ ،‬دون أن ننس ى الدور‬
‫الذي يلعبه "الشارع" الذي بدأ يأخذ في وقتنا طابعا فعاال في تزويد واملراهق ببعض األنماط السلوكية‪.‬‬

‫املراجع املعتمدة‬

‫املصادر‪:‬‬

‫‪-‬القرءان الكريم‬

‫‪-‬الكتب‬

‫‪-‬أميرة منصور يوسف علي‪ ،‬محاضرات في قضايا السكان ‪-‬األسرة والطفولة‪ ،-‬مصر‪ :‬املكتب الجامعي الحديث للطباعة‬

‫‪5‬‬
‫‪-‬سعيد إسماعيل علي‪ ،‬فقه التربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي للطباعة والنشر والتوزيع ‪.‬‬

‫‪ -‬محمد أحمد بيومي‪ ،‬عفاف عبد العليم ناصر‪ ،‬علم االجتماع العائلي‪ -‬دراسة التغيرات في األسرة العربية‪ ،-‬القاهرة‪ :‬دار املعرفة‬
‫الجامعية للطباعة والنشر والتوزيع ‪.‬‬

‫‪ -‬سلوى عثمان الصديق‪ ،‬قضايا األسرة والسكان‪ ،‬اإلسكندرية ‪ :‬املكتب الجامعي للحديث للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪ -‬خليل معن‪ ،‬علم االجتماع األسرة‪ ،‬عمان‪ :‬دار الشروق للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪-‬فاطمة منتصر الكتاني‪ ،‬االتجاهات الوالدية في التنشئة االجتماعية وعالقاتها بمخاوف الذات لدى األطفال‪،‬دراسة ميدانية نفسية‬
‫اجتماعية على أطفال الوسط الحضري باملغرب‪ ،‬عمان‪ :‬دا الشروق للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬

‫‪ -‬الشناوي عبد املنعم الشناوي‪" ،‬األسرة وأهميتها في تكوين شخصية األبناء" مجلة املنهل لألدب والعلوم والثقافة‪ ،‬العدد ‪ ،444‬املجلد‬

‫‪-‬حليم بركات‪ ،‬املجنمع العربي املعاصر‪ ،‬بحث استطالعي اجتماعي‪ ،‬بيروت ‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.‬‬

‫‪ -‬سهير كامل أحمد‪ ،‬أنس ى محمد أحمد قاسم‪ ،‬أطفال بال أسر‪ ،‬اإلسكندرية ‪ :‬مركز الكتاب اإلسكندرية‪.‬‬

‫‪-‬خليل مخائيل معوض‪ ،‬علم النفس االجتماعي‪ ،‬ط‪ ،2‬اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر الجامعي للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪-‬فهمي توفيق مقبل‪ ،‬العمل االجتماعي ودوره االجتماعي داخل املؤسسات اإلصالحية في املجتمع العربي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مؤسسة شباب‬
‫الجامعة‪،‬‬

‫‪ -‬فادية عمر الجوالني‪ ،‬دراسات حول الشخصية العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة اإلشعاع للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪-‬صونية وافق‪ ،‬آداب املسلم ومعامالته االجتماعية في القرآن الكريم‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية للطباعة والنشر والت‬

‫‪ -‬غريب محمد السيد احمد‪ ،‬علم االجتماع ودراسة املجتمع‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار املعرفة الجامعية للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬

‫‪-‬نزها الخوري‪ ،‬أثر التلفزيون في تربية املراهقين‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر للبناني للطباعة والنشر والتوزيع‬

‫‪6‬‬

You might also like