You are on page 1of 26

‫محاضرات مدخل لعلم االتصال ‪-‬‬

‫املحاضرة األولى‪ :‬مفهوم علم االتصال واإلعالم‪.‬‬


‫مدخل ‪:‬‬
‫كان االتصال وما زال عنصرا ورابطا حيويا في الحياة االجتماعية تطورت أهميته مع التقدم التكنولوجي األمر‬
‫الذي جعل من العالم أشبه بقرية صغيرة‬
‫موضوع االتصال من أكثر املوضوعات التي شغلت اهتمام الباحثين في فروع معرفية مختلقه نذكر من أهمها علم‬
‫النفس علم االجتماع ‪ ،‬علم التاريخ علم األنثربولوجيا‪ ،‬فضال على أنه يمثل محور اهتمام املتخصصين في دراسة‬
‫علم السياسة بتحليل أبعاد العملية االتصالية السياسية‪ ،‬أبعادها وأهدافها التعرف على وسائل االتصال‬
‫وعالقتها بالرأي العام‪ ،‬املعايير الرئيسية في نجاح االتصال السياس ي وغيرها أوال مفهوم االتصال ‪ :‬تعددت املعاني‬
‫املرتبطة بهذا االصطالح إلى التطور الذي حققه هذا العلم خالل تاريخه ومن العوامل التي أدت إلى اختالف‬
‫استخداماته نذكر‬
‫أ‪ -‬تشير كلمة اتصال إلى مجموعة أنشطة فالناس يتصلون ببعضهم البعض وبمعنى أدق يتواصلون ويتفاعلون أيا‬
‫كانت طبيعة هذا التفاعل كما تشير الكلمة إلى مجال دراس ي معين فالناس يدرسون علم االتصال ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تعدد الطرائق التي اتبعها الباحثون في دراسة علم االتصال‪ ،‬ففي أيام اإلغريق كان االتصال يدرس باعتباره‬
‫جزءا من العلوم اإلنسانية والفنون وهو بذلك يشبه إلى حد بعيد دراسة الفلسفة واآلداب‪ ،‬في فترة الحقة أصبح‬
‫لعلوم الطبيعة والحياة تأثير على دراسة االتصال لعالقتها بالسلوك البشري‪.‬‬
‫زاد االهتمام في السنوات األخيرة باالتجاه العلمي في دراسة االتصال باستخدام املناهج البحثية والكمية‪.‬‬
‫ج‪ -‬تمت دراسة علم االتصال في تخصصات عديدة‪ ،‬ففي علم النفس انصرف االعتماد إلى الرابطة بين االتصال‬
‫والفرد‪ ،‬وفي علم االجتماع اعتبر االتصال عملية اجتماعية‪ ،‬وفي دراسة العلوم السياسية تم التطرق إلى عالقة‬
‫االتصال بالسلوك السياس ي‪ ،‬وفي علم األنثربولوجيا اعتبر االتصال عملية إنسانية مرتبطة بثقافة األفراد على‬
‫اختالف املجتمعات التي ينتمون إليها ‪.‬‬
‫‪ -1‬االتصال من الناحية اللغوية‪.‬‬
‫يعود أصل كلمة اتصال ‪ Communication‬إلى اللغة الالتينية ‪ communes‬بمعنى عام ومشترك ‪Commun‬‬
‫بمعنى أن الفرد ملا يتصل باآلخر فهو يهدف عادة الوصول إلى اتفاق عام بصدد موضوع االتصال‪.‬‬
‫أما كلمة اتصال في قاموس معاجم اللغة فتعني‪ :‬اتصال (مفرد) جمعها اتصاالت فهي من مصدر الفعل اتصل‬
‫فنقول اتصل إلى ‪ /‬اتصل بـ ‪ ،‬أي أجرى اتصاال‪.‬‬
‫اتصال النيرين ‪ :‬يطلق على اقتران الشمس والقمر واستقبالهما‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اتصل‪ ،‬يتصل‪ ،‬فهو متصل واملفعول متصل إليه ‪ -‬اتصل إلى بني فالن أي وصل إليهم وانتمى إليهم وانتسب‪ .‬اتصل‬
‫الش يء بالش يء أي ارتبط والتأم اتصل طريق بآخر‪.‬‬
‫اتصل الحديث ‪ :‬لم ينقطع‪.‬‬
‫اتصل فالن بفالن‪ :‬أي اجتمع به بواسطة الهاتف أو غيره (شكل حبل تواصل بينه وبين هذا اآلخر‪.‬‬
‫تحمل كلمة اتصال في اللغة العربية معنيين‪ :‬األول إيجاد عالقة من نوع معين تربط طرفين أو كائنيين ‪ ،‬أما الثاني‬
‫فهو بمعنى البلوغ واالنتهاء إلى غاية معينة‪ ،‬فاالتصال بهذا املعنى هو الصلة و العالقة لبلوغ هدف معين‪.‬‬
‫‪ -2‬االتصال من الناحية اإلجرائية‬
‫االتصال باملفهوم العام هو انتقال املعلومات والحقائق‪ ،‬األفكار البيانات اآلراء واملشاعر‪.‬‬
‫ويعرف أيضا على انه نشاط اجتماعي إنساني ‪ ،‬فاإلنسان هو ذلك الكائن االجتماعي الذي ال يستطيع العيش‬
‫بمعزل عن اآلخرين فهو بحاجة إلى أفراد د يفيضون عنه من كل جانب بمفهوم "إلتون مايو" رائد مدرسة‬
‫العالقات اإلنسانية‪ ،‬يتضمن االتصال مجموعة من األنشطة‪.‬‬
‫أ‪ -‬أنشطة ذهنية ترتبط أساسا بموضوع االتصال وغايته‬
‫ب‪ -‬أنشطة سيكولوجية مرتبطة بتعدد إدراكات األفراد‪.‬‬
‫ج‪ -‬أنشطة سوسيولوجي ألن االتصال هو ذلك التفاعل االجتماعي بمفهوم "جورج فريدمان" بغض النظر عن‬
‫سلبية أو إيجابية هذا التفاعل‪.‬‬
‫د‪ -‬أنشطة ثقافيه الن اللغة املوظفة في عملية االتصال به جزءا رئيسيا في قيام التفاعل ‪.‬‬
‫يشير مفهوم االتصال إلى تلك "الطريقة التي تنتقل بها األفكار واملعلومات بين الناس داخل نسق اجتماعي معين‬
‫يختلف من حيث الحجم ومن حيث محتوى العالقات املتضمنة فيه " بمعنى أن النسق االجتماعي قد يكون مجرد‬
‫عالقة ثنائية نمطية بين شخصين أو جماعة صغيرة أو مجتمع محلي ‪ ،‬أو مجتمع قومي ودولي‪.‬‬
‫ينبغي التمييز في هذا املجال بين أنماط معينة من انتقال األفكار واملعلومات‬
‫النمط األول االنتقال ذو الخط الواحد ونقصد به أن املعلومات واألفكار تنتقل من مصدر إصدار أو إرسال إلى‬
‫مصدر استقبال‪ ،‬بمعنى آخر أن عملية التفاعل والتبادل تكاد تكون منعدمة في مثل هذا النمط وهنا ال نستطيع‬
‫أن نطبق اصطالح االتصال تطبيقا تاما ويمكن أن التعبير عنه بمفهوم النقل أو االنتقال ‪.‬‬
‫النمط الثاني‪ ،‬االتصال ذو الخطين ويعني أن عمليه التفاعل موجودة بين األطراف املتصلة بشكل مستمر عن‬
‫طريق االشتراك في تبادل األفكار واملعلومات‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أصبح مفهوم االتصال مفهوما بارزا في تراث العلوم االجتماعية في العقود األخيرة نتيجة مؤلفات العديدة واملقاالت‬
‫املتنوعة املتخصصة في هذا االصطالح اعتبره الباحث " تشارلز كولي" ذلك امليكانيزم الذي يساعد على وجود‬
‫العالقات االجتماعية وتطورها‪.‬‬
‫أكد كولي في هذا السياق أن اللغة وحدها ال تكفي لصياغة الرموز العقلية بل إن كل املوضوعات واألفعال هي‬
‫رموز عقلية واالتصال هو من الوسائل التي بواسطتها يعمل العقل على تطوير العالقات البشرية‪.‬‬
‫عرف علماء التربية االتصال بأنه العملية التي يمكن بواسطتها نقل األفكار والتغيير الذي يمكن أن يحدث في مكان‬
‫معين إلى مكان أخر‪.‬‬
‫أكد في هذا املجال الباحث " مارتسال ماكلوهان" أن قدرة الفرد محدودة في معرفة املعلومات التي يتلقاها خالل‬
‫عملية االتصال إذ يقوم بصياغتها بطريقته الخاصة لكي توضح له الصورة أو الفكرة عن املوضوع وتختلف‬
‫إدراكات األفراد في ذلك‪.‬‬
‫ربط علماء التربية االتصال باالتجاه وعلى هذا فاالتصال هو "تلك العملية التي يعبر فيها اإلنسان عن أفكاره إلى‬
‫اآلخرين بهدف التأثير فيهم وتعديل اتجاهاتهم "‬
‫يقصد باالتصال في اإلدارة عملية نقل وتبادل املعلومات الخاصة باملنظمة داخلها و خارجها وهو وسيلة تبادل‬
‫األفكار والرغبات واآلراء بين األعضاء التنظيم لتحقيق التعاون ‪.‬‬
‫عرف االتصال في مجال اإلعالم بأنه " بث رسائل تتصل بموضوعات معينة على مجموعة من األفراد املستهدفين‬
‫املختلفين فيما بينهم اجتماعيا اقتصاديا ‪ ،‬سياسيا ثقافيا وجغرافيا " من أجل ذلك يعتبر االتصال لدى علماء‬
‫اإلعالم " عملية رئيسية لتحقيق التفاعل الفكري داخل املجتمع من خالل نشر املعلومات وبمشاركة بين املرسل‬
‫واملستقيل عن طريق التغذية العكسية "‬
‫كما يعرف االتصال السياس ي عن "مضمون سياس ي مباشر أو غير مباشر يتم من خالل الرسائل الشخصية أو‬
‫الجماهيرية الحكومية أو غير الحكومية من أجل خلق اإلقناع واالقتناع مع جمهور معين داخلي ( محلي أو وطني) أو‬
‫خارج (إقليمي أو عاملي )‪.‬‬
‫من هذا املنظور يعبر مضمون االتصال السياس ي عن تلك العملية السياسية التي لها طبيعتها الخاصة واملتميزة‬
‫لنقل املعلومات والتوجيهات السياسية وتحقيق التفاعل االجتماعي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫املحاضرة الثانية ‪:‬‬
‫تاريخ علم االتصال‬
‫أجمع املؤرخون وعلماء االجتماع على أن االتصال اإلنساني بمعناه الواسع قديم قدم الوجود اإلنساني ذاته‬
‫فعملية االتصال نشأت مع الجماعة اإلنسانية األولى ثم تطور اإلنسان وقطع أشواطا طويلة في طريق الحضارة‬
‫بدءا بالجماعات البسيطة إلى الجماعات الكبيرة إلى املجتمع األكبر ثم إلى الدولة املترابطة وما كان ليحدث ذلك‬
‫دون تطور االتصال عبر مراحل مختلفة‪:‬‬
‫املرحلة األولى مرحلة الكالم (اللغة)‪ :‬ارتبط االتصال بالبنية الرمزية التي ابتكرها اإلنسان وكان الكالم أحد أهم‬
‫عناصر هذه البنية ‪ ،‬ولن يستطع الباحثون التوصل إلى أصول الكالم البشرى بشكل دقيق‪ ،‬وافترضت أغلب‬
‫التأويالت أن البشر كانوا يعيشون في تجمعات صغيره منذ مئات أالف من السنين وأنشأوا تقسيمات بدائية للعمل‬
‫تعتمد على تخصيص املهام ولعب االتصال دورا رئيسا في تحديد املهام املتوقعة من األفراد داخل التنظيم‬
‫االجتماعي البدائي في نقل الخبرات املتراكبة للجماعة ونقلها إلى الجميل الثاني‪.‬‬
‫مارس اإلنسان البدائي االتصال من خالل عدد محدود من االصوات التي كان قادر من الناحيتين الجسمية‬
‫والطبيعية على إصدارها مثل الزمجرة الصراخ باإلضافة الى لغة الجسد والتي كانت تشمل إشارات األيدي واألرجل‬
‫وحركات أخرى أكبر ومن الوسائل االتصالية التي اعتمدت عليها املجتمعات البدائية نذكر‪:‬‬
‫‪ -1‬املرأة القوية املالحظة والرجل حاد البصر اللذان كان يعتمد عليهما في اإلبالغ عن املخاطر وتحرك األعداء‬
‫ودخول الغرباء‪.‬‬
‫‪ -2‬إشارات الدخان‪ :‬استخدمت إشارات الدخان للتواصل بين الناس الذين تفصلهم املساقات البعيدة وقد‬
‫تعددت أسباب استخدامها لتكون وسيلة تعبير عن فرض السيطرة على منطقة معينه أو تعبيرا عن النصر أو‬
‫إشارة تحذيرية عن وجود خطر معين فيتم إشعال النيران فوق قمم التالل وامتد استعمال هذه الوسيلة إلى وقت‬
‫الحق لدى الشعوب أمريكية األصل‪.‬‬
‫‪ -3‬الطبول‪ :‬استخدمت األصوات املختلفة الصادرة عن الطبول لتكون وسيلة إلرسال إشارات إلى القبائل‬
‫والجماعات املتجاورة ‪ ،‬وقد اتسمت األصوات باختالف أنماطها ليعبر كل نمط عن أحداث معينة أو مخاوف يراد‬
‫توصيلها للمناطق املجاورة‪.‬‬
‫‪ -4‬الصغير ‪ :‬يعتبر الصغير لغة غير لفظية وتعرف كوسيلة للتواصل بين الجماعات البدائية عبر التالل والوديان‬
‫بهدف تلبية حاجاتهم‪.‬‬
‫‪ -5‬الخطابة ‪ :‬اعتمدت الخطابة فى الحضارات القديمة كوسيلة لالتصال واإلبالغ السياس ي وقد حلل أرسطو ذلك‬
‫في كتابه فن البالغة" حيث عرفها كوسيلة اتصال بأنها البحث عن جميع طرق اإلقناع املتوافرة‪ ،‬وحدد أرسطو‬
‫دراسته تحت العناوين األساسية الثالثة ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬الشخص الذي يتحدث‬
‫‪ -‬الحديث‬
‫‪ -‬املستمع لهذا الحديث‬
‫تتشابه هذه العناصر مع عناصر االتصال كما تطرحها نظريات االتصال الحديثة شهد املجتمع اليونانى كمثال‬
‫اعتماد هذه الوسيلة في االتصال السياس ي في املدينة اإلغريقية الصغيرة الحجم حيث كان اإلقناع الشفهي والتأثير‬
‫بالكالم املباشر مثل إذاعة األخبار في امليادين العامة على الجماهير املجتمعة فيه وهو ما كان سائدا داخل‬
‫اإلمبراطورية الرومانية إذ يتم دعوة الناس إلى امليادين العامة لبث األخبار ومحاولة كسب تأييدهم لخدمة مصالح‬
‫اإلمبراطور واملحافظة على مكانته وحماية اإلمبراطورية املمتدة‪ ،‬كما لعبت االحتفاالت العامة‪ ،‬الطقوس الدينية‪،‬‬
‫املراسيم االجتماعية دورا هاما في عملية االتصال‪ ،‬ومثلت االماكن العامة صورة م مثالية لنقل األخبار ومثالها‬
‫االسواق‪ ،‬كما كان البحارة‪ ،‬الجنود املسافرون ينقلون األخبار أما األمراء ورجال الدين والصفوة فقد كانوا‬
‫يستعنون بأشخاص متخصصين في جمع األخبار واملعلومات بصورة شخصية‪.‬‬
‫املرحلة الثانية ‪ :‬مرحلة الكتابة‪ :‬منذ العصور القديمة‪ ،‬ظهرت حاجة البشر إلى تدوين أفكارهم لتبقى إلى األجيال‬
‫الالحقة وبفضل ذلك ظهرت الكتابة التصويرية التي أصبحت واحدة من اكبر أشكال االتصال والتواصل‬
‫استخداما وعبرت عن نقل أفكار معينة بقيت مدونة لفترة طويلة من الزمن وانقسمت الكتابة التصويرية إلى‪:‬‬
‫‪ -‬الكتابة الرمزية التي تنقل فقط ما هو مرئي مثل صور الحيوانات‪.‬‬
‫‪ -‬االيديوغرافية وهي عبارة عن كتابة مصورة تضاف إليها بعض العالمات إلعطاء معلومات إضافية حول الرسم‬
‫من خالل الرموز لتعكس املفاهيم واألفكار وليس اإلشارات‪.‬‬
‫يمكن اعتبار الرسومات واألقوى التى عثر عليها في الكهوف (حوالي ‪ 40000‬سنة قبل امليالد عند الرجل البدائي من‬
‫بين طرق التعبير السابقة للكتابة ومنذ العصر الحجري الحديث حوالي ‪ 8000‬الى ‪ 4000‬سنة قبل امليالد وهو‬
‫الوقت الذي بدأ فيه اإلنسان في تنظيم نفسه مع اآلخرين في شكل مجتمعات زراعيه ‪ ،‬بدأت الرسوم تتغير تدريجيا‬
‫وتأخذ أبعاد أخرى من خالل إضافة بعض اإلشارات لتطور اللغة التصويرية نحو التجريد أي نحو نقل أفكار أكثر‬
‫اكتماال تحتاج ملن يفك شفرتها‬
‫‪ -‬عثر على اآلثار األولى للكتابة التصويرية في بالد ما بين النهرين قبل تطور الثقافة السومرية وهي عبارة عن بطاقات‬
‫أو رموز تم استخدامها ألغراض تجارية وحسابية قبل أن تتطور بظهور الحضارة السومرية التي عرفت بتطورها‬
‫الثقافي الكبير لتظهر الكتابة املسمارية التي توظف فيها عصا القنب الرسم على الطين ‪.‬‬
‫تطورت الكتابة التصويرية في مصرفي عهد الكهنة واملمالك الصغيرة في صعيد مصر وتم توطيف ما يسمى بالكتابة‬
‫الهيروغليفية في تزيين األماكن املقدسة وشكلت رسما تخطيط ينقل مفهوما معينا وأهم ما ميزها أنها مليئة بالرموز‬
‫التصويرية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫عثر على أشكال الكتابة التصويرية في الكثير من البلدان مثل منطقة البلقان ‪ ،‬اليونان وبعض الدول غربية‬
‫وكانت مشاهد الصيد أقدم أشكال الكتابة لتسجيل املعلومات واستعملت األحجار وسيطا لذلك ثم تطورت‬
‫الكتابة حتى اخترع الفينيقيون الحروف األبجدية أو الكتابة " األلف البائية‪ ،‬باإلضافة إلى دور الشاميون في سوريا‬
‫في الحقبة الواقعة ما بين ( ‪ ) 2000 1000‬سنة قبل امليالد ليكمل اليونانيون ميسرة ة تطوير الكتابة باحترامهم‬
‫األبجدية التي تشمل على حروف متحركة وذلك في القرن السادس عشر (ق‪.‬م) وقد كانت الكتابة على العظام‬
‫والخشب قبل أن يستخدم املصريون ورق البردي حوالي ‪ 2500‬ق ج ثم تمكن الصينيون من اختراع الورق من لحاء‬
‫شجر التوت حوالي ‪ 105‬م واستطاع املسلمون الحصول عليه بعدما امتدت فتوحاتهم لتتجاوز الصين شرقا ثم‬
‫أنتجوا ورق من ألياف الكتان ثم أول مصنع إنتاج الورق في التاريخ في مدينة سمرقند‪.‬‬
‫‪ -‬يرى بعض املؤرخون أن اإلنسان عرف الكتابة قبل ‪ 3200‬ق‪.‬م وقد استغرق ذلك فترة طويلة‬
‫عرف الرومانيون واليونانيون في هذه املرحلة ما يسمي بالكتابات الحائطية حيث كانت الدولة تنتشر األحداث‬
‫العامة واألحداث اليومية وكان القياصرة يشجعون نشر هذا النوع من االخبار ليحول انتباه املواطنين من‬
‫املشكالت التي يعانون منها‪.‬‬
‫‪ -‬ترمز إلى الكتاب املقدس‬
‫‪ -‬لعب االتصال دورا أساسيا في نشر املسيحية في بدايتها ويتضح ذلك من خالل رسائل القديس بولس التي كانت‬
‫من مكان إلى مكان آخر على الرغم من تطبيق سلطات روما الخناق على إتباع الدين الجديد واضطهادهم والتنكيل‬
‫بهم وقد كتب هذا القديس أربع عشر رسالة منها الرسائل الخاصة التي وجهت إلى األشخاص ومنها ما سميت‬
‫بالرسائل العامة التي وجهت إلى الجماعات املؤمنة وقد كتب رسائله على مدى ‪16‬عاما‪ .‬أما في املجتمع شبه الجزيرة‬
‫العرب فقد كانت لكتابة القصيدة دورا إعالميا هاما وقد كان الشعر الجاهلي الوسيلة األكثر تأثير أي االتصال‬
‫والدعاية في صدر اإلسالم ساهمت الكتابة في الدعوة إلى نشر الدين اإلسالمي (دعوة الرسول (ص) إذا انتقلنا إلى‬
‫العصور الوسطي فقد ساهم األدب القصص ي املتمثل في الروايات والحكايات دورا هاما في الترويج األفكار‬
‫السياسة‪.‬‬
‫املرحلة الثالثة ‪ :‬مرحلة ظهور الطباعة ارتبط تطور االتصال في هذه املرحلة باختراع الطباعة ‪ ،‬ويتفق معظم‬
‫املؤرخين على أن "يوحنا جوتنبرج" هو أول من فكر في اختراع الطباعة بالحروف املعدنية املنفصلة في مدينة‬
‫ستراسبوع الفرنسية حوالي ‪ 1436‬وتم طبع الكتاب املقدس بالالتينية عام ‪ 1455‬وتم تطوير طباعته عام ‪1460‬‬
‫وانتقلت الطباعة بعد ذلك إلى معظم الدول العربية ساهمت الطباعة في تطوير االتصال واإلعالم من خالل نشر‬
‫الكتب وتطوير اإلعالم الجماهيري‪ ،‬ازدهرت الطباعة و بدأ معها نشوء وسائل اإلعالم حيث استغلت صحيفة‬
‫التايمز بلندن مطبعة تعمالن بالبخار ألول مرة لطبع ‪ 1100‬نسخة في الساعة ثم توالى اختراع املطابع وتطويرها‬
‫بأحجام وأشكال مختلفة ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫واعتبر الباحثون اختراع الطباعة بمثابة الثورة املعلوماتية الثالثة بظهور الصحافة التي ساهمت في دخول أوروبا‬
‫بقوة إلى عصر النهضة في القرن (‪ )15‬واستمرت إنجازاته فترة طويلة وقد تميزت هذه املرحلة بنمو و انتشار أفكار‬
‫الرأسمالية وظل رجال الدين محتفظين بنفوذهم إذا كانت العصور الوسطى في أوروبا قد تميزت بسيادة النظام‬
‫الكاثوليكي فإن عصر النهضة اتسم بسيادة النزعة البروتستانتية التي تمجد العمل ‪ ،‬وفي هذه املرحلة اتخذت‬
‫االتصاالت شكال وطابعا مهنيا وكانت الصحافة من أهم وسائل االتصال‪.‬‬
‫املرحلة الرابعة‪ :‬ظهور تكنولوجيا املعلومات واالتصال‪ ،‬ظهر االتصال الحديث مع اكتشاف املوجات‬
‫الكهرومغناطيسية في عام ‪ 1824‬ومن ثم اختراع التلغراف في ‪ 1837‬والذي أصبح من أهم وسائل اإلعالم واالتصال‬
‫‪ -‬في عام ‪ 1876‬تم اختراع جهاز التليفون لنقل الصوت إلى مسافات بعيدة باستخدام شريحة رقيقة من املعدن‬
‫تهتز حينما تصطدم بها املوجات الصوتية عام ‪ 1891‬تم تسجيل اختراع جهاز كتيتو سكوب ملشاهدة األفالم‬
‫السينمائية الذي تطور بعد ذلك ليصبح جهازا لعرض األفالم في قاعات السينما في عام ‪1895‬‬
‫تطورت وسائل اإلعالم واالتصال في القرن املاض ي لتشمل الراديو التلفزيون الصحافة الجماهيرية التي أصبحت‬
‫النافذة الرئيسية التي يتابع بها األفراد ما يحدث حول العالم ويحصل منها مصادر املعلومة والخبر‪.‬‬
‫شهد العالي خالل العقود األخيرة‪ ،‬تغيرا متسارعا في طرق استعمال تكنولوجيا اإلعالم واالتصال فتغيرت املفاهيم‬
‫وتطورت األدوات‪ ،‬وأصبح الفرد يعيش في عالم افتراض ي تحكمه برامج وتطبيقات اتصال جديدة ترتكز على ارتباط‬
‫أجهزة الحواسيب املحمولة والهواتف الذكية واللوحات الرقمية املرتبطة بالشبكة العنكوبتية بكل أشكالها ما‬
‫أحدث تحوالت عميقة في املجتمع‪.‬‬
‫عرف النصف الثاني من القرن العشرين ظهور وسائل اتصال حديثة سميت بالتكنولوجيا الجديدة اإلعالم‬
‫واالتصال وتمثلت أساسا في استخدام الحاسوب اإللكتروني في تخزين املعلومات‪ ،‬تحليلها)‪ ،‬استرجاعها وإتاحتها‬
‫بشكل مدقق ما انعكس إيجابا على حياة األفراد الحكومات واملجتمعات من خالل ربح الوقت واملال في التعاطي مع‬
‫األحداث خصوصا مع انتشار األنترنات واالتصاالت الرقمية واألقمار الصناعية واأللياف الضوئية إلى أن وصل‬
‫األمر إلى حذف كلمة حديثة عن تكنولوجيا اإلعالم واالتصال نظرا للتقدم العلمي املتواصل وبروز وسائل اتصال‬
‫جديدة غيرت نظرة األفراد إلى عملية االتصال‪.‬‬
‫ساهمت تكنولوجيا املعلومات في تقريب املسافات وأثرت على جوانب كثيرة من أهمها الجانب االقتصادي‪،‬‬
‫االجتماعي ‪ ،‬الثقافي السياس ي وجعلت الفرد واملجموعة في تطور مستمر من امتالك املعرفة الفكرية الالزمة التي‬
‫تخول لهما التأقلم مع كل املواقف ‪.‬‬
‫املحاضرة (الثالثة)‬
‫أنواع االتصال‬
‫تعددت تصنيفات االتصال تبعا للمعيار املعتمد في عملية التقسيم وفيما يلي أهم التصنيفات‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -1‬االتصال حسب معياراللغة املستخدمة‪ :‬يمكن تقسيم االتصال حسب معيار اللغة املستخدمة إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -1-1‬االتصال اللفظي‪ :‬يقصد به كل أنواع االتصال التي يستخدم فيها اللفظ والكلمة كوسيلة لنقل الرسالة من‬
‫املرسل إلى املتلقي ويقسم االتصال اللفظي بدوره إلى‪:‬‬
‫‪ -‬االتصال الشفهي‪ :‬في هذا النوع من أنواع االتصال اللفظي يكون اللفظ املستخدم منطوقا فيدركه املستقبل‬
‫بحاسة السمع أي شفهيا من خالل اإلنصات و من خصائصه‬
‫*القدرة على توفير الوقت ‪.‬‬
‫*القدرة على املواجهة والحوار‪.‬‬
‫يتطلب مجموعة من املهارات منها القدرة على الحديث‪ ،‬القدرة على اإلنصات القدرة على شرح األفكار‪ ،‬من أمثلة‬
‫هذا النوع ‪ :‬إلقاء التحية‪ ،‬إصدار األوامر و التعليمات اإلدارية ‪ ،‬إجراء املقابالت‪،‬االجتماعات‪.....‬الخ‪.‬‬
‫‪ -‬االتصال الكتابي ‪ :‬في هذا النوع من االتصال تكون األلفاظ مكتوبة وهو ما يسمح بتوصيل املعلومات وتعديلها‬
‫ومن أمثلته‪ :‬الخطابات‪ ،‬التقارير الكتب املنشورات ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪ 1-2‬االتصال غير اللفظي ‪ :‬وهو االتصال الذي يصاحب االتصال اللفظي كأداة لتوصيل املعاني والعواطف من‬
‫مميزاته‬
‫* اإلعالم عن العالقات بين األشخاص ‪.‬‬
‫* التعبير عن املشاعر واالنفعاالت‪.‬‬
‫* صدق الرسائل التي يحملها‪.‬‬
‫صنف الباحثون االتصال غير اللفظي إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬الرموز واإلشارات‪ ،‬تتراوح اإلشارات غير اللفظية من حركات الجسد مثل تعبيرات الوجه‪ ،‬حركات العيون وغيرها‪.‬‬
‫ب‪ -‬الصمت ‪:‬يعتبر الصمت جزء ال يتجزأ من االتصال غير اللفظي‪ ،‬ولهذا األخير مبررات عديدة من بينها‪:‬‬
‫* الصمت عند الغضب أو اإلحباط‬
‫* الصمت أثناء اإلسماع‬
‫* صمت امللل‪ ،‬وهو شكل من أشكال االنسحاب‪.‬‬
‫* الصمت الذي يحدث عندنا يستطيع الشخص أن يفكر في شيئ يقوله ‪.‬‬
‫* صمت الشخص الذي يفكر في نقطة أثارها املتحدث وهو يختلف عنه‪.‬‬
‫*الصمت عندما ال يفهم الشخص‬
‫* قد يكون الصمت اختياري وهو يدل على التأمل والوقار‪.‬‬
‫* صوت البلية ‪ ،‬صحت االعتذار صمت الالمباالة‪ ،‬صمت املذنب ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -2‬االتصال حسب معيار املستوى‪ :‬يعتمد هذا النوع على نوعية وحجم االتصال فيه نجد‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -2 -1‬االتصال الذاتي ‪ :‬هو العملية االتصالية التي تحدت بين الشخص ونفسه من خالل مخاطبته لذاته‪ ،‬ويرتبط‬
‫هذا املستوى من االتصال بالبناء املعرفي واإلدراك والتعليم وكافة السمات النفسية األخرى ‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫يتحول الشخص تلقائيا إلى مصدر (املرسل) ومتلقي (مستقبل) وفي الوقت نفسه وقد اهتم بدراسة هذا النوع من‬
‫االتصال مدرسة التفاعالت الرمزية بقيادة جورج "هربرت ميد" الذي يرى بأننا نتصل مع أنفسنا بنفس الطريقة‬
‫التي نتصل بها مع غيرنا ويعتبر فهم عمليه االتصال الذاتي جوهر فهم كل أنواع االتصال الذي يتوقف على ناتج‬
‫هذه العملية‪..‬‬
‫‪ -2-2‬االتصال الشخص ي‪ُ :‬يعرف االتصال الشخص ي بأنه اتصال يتضمن مواجهة مباشرة بين القائم باتصال‬
‫واملتلقي تؤدي إلى التغيير في سلوك املستقبل واتجاهاته من خصائص هذا النوع ‪:‬‬
‫* يتميز االتصال الشخص ي بالتفاعل وتبادل األدوار( االتصال في اتجاهين)‬
‫* يتميز االتصال الشخص ي باملرونة حيث يمكن تعديل الرموز أو الرسائل بما يتفق ونتائج التفاعل‪.‬‬
‫* ازدياد درجة الثقة فاألفراد تزداد ثقتهم فيمن يعرفونهم ويقابلونهم وجها لوجه وبالتالي يكون احتمال تأثير املرسل‬
‫أو القائم باالتصال أكبر‪.‬‬
‫ينقسم االتصال الشخص ي إلى‪:‬‬
‫‪ -‬اتصال شخص ي رسمي منتظم‪ ،‬يتطلب هذا النوع من االتصال تخطيطا مسبقا وتحديد أهداف معينة يسعى‬
‫لتحقيقها وكذا تحديد ميعاد محدد‪.‬‬
‫اتصال شخص ي غير مباشر يتم بالصدفة ودون تخطيط‪.‬‬
‫االتصال الشخص ي املتجانس‪ .‬وهو االتصال الذي يقع بين شخصين متماثلين(اجتماعا وثقافيا)‪.‬‬
‫االتصال الشخص ي غير املتجانس‪ :‬وهو ما يقع بين شخصين يتسع نطاق الفجوة االجتماعية والثقافية بينهما‪.‬‬
‫‪ -2-3‬االتصال الجمعي‪ ،‬يتمثل هذا النوع في وجود مرسل أو أكثر‪ ،‬ووجود مستقبل أو أكثر ويعكس كبر حجم‬
‫املشاركين في االتصال‪.‬‬
‫يظهر انتقال األثر في هذا النوع من االتصال عن طريق التفاعل وااللتقاء حول مجموعة من األهداف املشتركة‪،‬‬
‫ويكون رد فعل املستقبل فوريا وعاجال بحيث يحصل املرسل على رجع الصدى والذي يكون فوريا و مباشرا و‬
‫مثالها ‪ :‬املحاضرات الندوات االجتماعات الخطب السياسية والدينية في املساجد‪.‬‬
‫‪ -2-4‬االتصال الجماهيري‪ :‬هو تلك العملية التي تتم باستخدام وسائل االتصال الجماهيرية ويتميز هذا النوع‬
‫بقدرته على توصيل الرسائل إلى جمهور عريض متباين االتجاهات واملستويات كما ان االفراد غير معروفين لدى‬
‫القائم باالتصال تصلهم الرسالة نفسها وفي اللحظة نفسها بأقل جهد وبأسرع وقت ممكن‪ ،‬وتتم عملية االتصال‬

‫‪9‬‬
‫بشكل علني فاملضمون الذي تنقله متاح لكل فرد ويتم انتشار تلك املضامين بشكل غير منظم نسبيا وبصورة غير‬
‫رسمية‪.‬‬

‫املحاضرة الرابعة‬
‫خصائص و أهداف االتصال‬
‫‪10‬‬
‫يتميز االتصال بمجموعة من الخصائص التي تعتمد على املرسل او املستقبل و محتوى الرسالة االتصالية‪:‬‬
‫‪ -1‬االتصال ظاهرة اجتماعيه ‪ :‬االتصال ظاهرة إنسانية واجتماعية قديمة ارتبطت بطهور الجماعة وتطور مع‬
‫تطور العالقات االجتماعية فاإلنسان كائن اجتماعي في حاجة إلى التواصل مع أفراد آخرين في صور االستفادة من‬
‫الدعم املادي ‪ ،‬الدعم االجتماعي املدعم النفس ي كذا الدعم اإلنساني‪ ،‬وال يستطيع هذا األخير العيش بمعزل عن‬
‫اآلخرين‪ ،‬على هذا األساس فهو دائم التواصل معهم‪.‬‬
‫‪ -2‬االتصال ظاهرة عامة قابلة لالنتشار‪ :‬بما أن االتصال ظاهرة إنسانية واجتماعية فهو ذلك الشكل العام الذي‬
‫يخص كافة الفئات االجتماعية دون استثناء فالفرد يتصل مع نفسه (االتصال الذاتي) ويتصل مع غيره من األفراد‬
‫بشكل فردي ‪ ،‬جماعي ونجد أيضا االتصال الجماهيري الذي يوظف مختلف الوسائل واألدوات من أجل توصل‬
‫الرسالة االتصالية‪ ،‬بمعنى آخر فاالتصال هو العملية التي تنتشر على نطاق ضيق أو واسع بفعل تطور أساليب و‬
‫وسائل االتصال على اختالفها ‪.‬‬
‫‪ -3‬االتصال عملية تفاعلية ‪ :‬يرتكز االتصال على مبدأ التفاعل بين الطرف املرسل للرسالة (فرد‪،‬جماعة ‪ ،‬وسائل‬
‫اتصال ) وبين الطرف املستقبل للرسالة (فرد‪ ،‬جماعة) ‪ ،‬ويعتمد التفاعل حسب الباحث "جورج هوماتر " على‬
‫ثالث محددات من ‪:‬‬
‫*التعاون‬
‫*التبادل‬
‫* املشاركة‬
‫بمعنى أن اإلنسان في حاجة إلى التعاون مع اآلخرين‪ ،‬وتبادل األفكار معهم وكذا مشاركتهم بشتى الصور مما يعكس‬
‫أهمية التواجد داخل الجماعة مهما كان نوعها‪ ،‬طبيعتها وأهدافها فهي املؤثر الرئيس ي على مواقفنا اتجاهاتنا ‪،‬‬
‫سلوكياتنا‪ ،‬رغباتنا وكذا حاجاتنا‪ ،‬ينطلق االتصال القائم على التفاعل من نفس اإلطار املرجعي واملوروث الثقافي‬
‫الذي يتبادله األفراد إضافة إلى االهتمام نفسه واملصلحة املشتركة التى يسعون لها ‪ ،‬فيحمل هذا النوع من‬
‫االتصال ترابط املجتمع‪ ،‬تماسكه انسجامه وتقارب أفراده ‪.‬‬
‫‪ -4‬االتصال عملية مستمرة‪ :‬االتصال حقيقة اجتماعية وإنسانية مرتبطة بحياة اإلنسان في عالقته باألخر من‬
‫أجل ذلك فهو عملية مستمرة ودائمة ما استقرت الحياة ‪ ،‬يتغير بتغير طبيعة املرسل‪ ،‬املستقبل‪ ،‬وأداة اإلرسال‬
‫فهو العملية التي تسبق التواصل وتؤسس له بناء على رغبة ( املرسل واملتلقي) ويستمر عبر الزمن بدرجة مختلفة‬
‫تبعا لعدة مؤشرات مرتبطة بظروف البيئتين الداخلية و الخارجية املحيطة بالعملية االتصالية ويتأثر االتصال‬
‫باملكان والزمان اللذان يحددان شكل االستمرارية فقد تنعدم رغبة االستمرارية من أحد طرفي عملية االتصال مثل‬
‫‪ :‬عدم التعارف عدم التعاون ‪ ،‬عدم االنسجام مع هذا تبقى هذه العملية مستمرة بصفة عامة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -5‬االتصال عملية هادفة ‪ :‬االتصال هو تلك العملية الصادقة التي يسعى من خاللها املرسل أو املتلقي بلوغ هدف‬
‫معين آو مجموعة من األهداف على اختالف طبيعة هذه األهداف ومستوياتها فعادة ما يهدف املرسل من خالل‬
‫مضمون الرسالة االتصالية إلى بلوغ هدف أو أهداف معينة محددة مسبقا لهذا يراعي مجموعة من الشروط‬
‫واإلجراءات مثل تصميم الرسالة إرسالها اختيار أداة اإلرسال‪ ،‬اإلشراف على وصولها‪ ،‬وتلقي التغذية العكسية ‪ ،‬في‬
‫املقابل لدى املتلقي أيضا مجموعة من األهداف التي يرغب في تحقيقها من خالل مضمون الرسالة االتصالية وقد‬
‫تكون األهداف املرجوة من كال الطرفين عامة أو جزئية تبعا ملحتوى الرسالة‪.‬‬
‫‪ -6‬االتصال عملية دائرية‪ :‬االتصال ليس عملية خطية تسري اتجاه واحد من املرسل إلى املستقبل ولكنها عملية‬
‫دائرية تبدأ من املرسل لنقل رسالة معينة إلى املستقبل الذي يحدد عن مضمونها في شكل تغذية عكسية إذ‬
‫يستقبل هذا األخير الرسالة ويفسرها تبعا ملتغيرات عديدة لتعود من جديد إلى املرسل الذي سيبدأ في نشاط آخر‬
‫مثل التعديل‪ ،‬التغيير اإلضافة تبعا لنتائج التغذية العكسية‪ ،‬على هذا األساس تتسم عملية االتصال بالحركية‬
‫بين املرسل واملستقبل‪ ،‬يؤثر األول ويتأثر الثاني‪ ،‬وال يتوقف االتصال عند هذا الحد بل قد يتبادل الطرفان األدوار‬
‫فيما بينها‪ ،‬وبذلك فإن عملية االتصال دائرية ومتغيرة من حيث الزمان واملكان‪.‬‬
‫‪ -7‬االتصال عملية متنوعة‪ :‬يمتاز االتصال بأنه عملية اجتماعية إنسانية متنوعة ال تتوقف عند استخدام اللغه‬
‫اللفظية ( الشفهية و املكتوبة) بل تتعداها إلى توظيف اللغة غير اللفظية كاإلشارات‪ ،‬الحركات وغيرها‪ ،‬على هذا‬
‫األساس تتميز العملية االتصالية بالتنوع تبعا ألهداف ومضمون الرسالة من جهة والضرورة التي تقتضيها عملية‬
‫االتصال من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -8‬االتصال عملية مرنة‪ :‬تتسم عملية االتصال باملرونة فهي قابله للتغير حسب املكان والزمان تبعا للظروف‬
‫املحيطة بهذه العملية من جهة واألهداف املتوقعة من الرسالة االتصالية من جهة أخرى‪ ،‬فال يمكن أن تبقى هذه‬
‫العملية ثابتة ولو لفترة قصيرة لوجود العديد من املتغيرات املؤثرة املحيطة بتصميم الرسالة االتصالية‪ ،‬فقد‬
‫تعدل ‪ ،‬أو تغير أو يتم تدعيمها من أجل التكيف مع التغيرات الحاصلة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف االتصال‪:‬‬
‫تتعدد أهداف وغايات االتصال تبعا لطبيعة هذه العملية والقيمة املتوقعة منها ويمكن تعداد هذه األهداف على‬
‫سيل الحصر ال اإلملام كاألتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الهدف التوجيهي ‪ :‬يتحقق هذا الهدف حينما يتجه االتصال إلى إكساب املستقبل اتجاهات جديدة او تعديل و‬
‫تثبيت اتجاهات قديمة موجودة عنده و مرغوب فيها ‪ ،‬ومن خالل الدراسات التي أجريت في هذا املجال تم التوصل‬
‫إلى أن االتصال الشخص ي اقدر على تحقيق هذا الهدف من االتصال الجماهيري‬
‫‪ -2‬الهدف التعليمي‪ :‬يتجه االتصال نحو إكساب املتلقي خبرات ومهارات ومفاهيم ومعلومات جديدة في مجاالت‬
‫مختلفة تنمي قدراته الذاتية والعملية وتعود عليه بالفائدة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -3‬الهدف التثقيفي ‪ :‬يتحقق هذا الهدف حينما يتجه االتصال نحو توعية املستقبل للرسالة االتصالية بأمور‬
‫ومجاالت تهمه وتساعده على زيادة معارفه و معلوماته ملا يدور حوله‪.‬‬
‫‪ -4‬هدف ترفيهي ‪ :‬يتحقق هذا الهدف عندما يتجه االتصال إلى إدخال البهجة لدى املستقيل عن طريق إرسال‬
‫رسائل تحمل في مضمونها طابعا ترفيهيا تساعد املتلقي على تحمل ضغوط الحياة ومن أمثلة ذلك‪ ،‬املسرحيات‬
‫األفالم املحادثات التي تحمل أسلوبا هزليا أو ساخرا تؤدي إلى التأثير على الجوانب النفسية والسلوكية للمتلقي‪.‬‬
‫‪ -5‬هدف اجتماعي‪ :‬يتحقق هذا الهدف عندما يتيح االتصال الفرصة لزيادة احتكاك األفراد فيما بينهم وهي‬
‫العملية التي تساهم في تقوية العالقات االجتماعية واإلنسانية في صور التعاون ‪ ،‬التكافل‪ ،‬التضامن ‪ ...‬وغيرها‪.‬‬
‫قسم الباحثون أهداف العملية االتصالية إلى األهداف املتعلقة بالقائم باالتصال‪ ،‬األهداف املتعلقة بمستقبل‬
‫الرسالة االتصالية‪.‬‬
‫‪ -1‬األهداف املتعلقة باملرسل‪ :‬تتلخص في‬
‫‪ -‬زيادة املعلومات املوجودة لدى املستقبل إكسابه الخبرة واملعرفة التي لم تكن لديه من قبل‪.‬‬
‫‪ -‬خلق مفاهيم وأراء وأفكار جديدة عن املوضوعات والقضايا التي تهم املستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم االتجاهات املوجودة لدى مستقبل الرسالة والتي لم يكن متأكد من صحتها وأهميتها‪.‬‬
‫‪ -‬تغير االتجاهات املوجودة التي ال تتفق مع أغراض و أهداف وميوالت القائم باالتصال‪.‬‬
‫‪ -2‬أهداف املستقبل للرسالة االتصالية ‪ :‬تتلخص في‪:‬‬
‫‪ -‬فهم األحداث والظواهر التي تحيط به‪ ،‬من خالل التزود باملعلومات أو املعرفة الالزمتين لتطوير قدراته وتفعيل‬
‫التواصل مع اآلخرين بغض النظر عن الفوارق الجغرافية والثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة مهارات املتلقي وتعلمه أمور جديدة ال يعرفها ‪.‬‬
‫‪ -‬اكتساب القدرة على اتخاذ القرارات والتصرف الصحيح في الشؤون الحياة باألخص في املواقف املعقدة‪.‬‬
‫‪ -‬استمتاع املتلقي بوقته والهروب من مشاكل الحياة خصوصا إذا كانت الرسالة االتصالية تحمل مضمونا ترفيهيا‬
‫يعطي الفرصة للفرد لالستفادة من الراحة‪.‬‬
‫‪ -3‬أهداف االتصال بالنسبة للمجتمع‪ :‬تتلخص في ‪:‬‬
‫‪ -‬توفير املعلومات عن البيئتين الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬نقل التراث الثقافي بين األجيال عن طريق التنشئة اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة النظام االجتماعي عن طريق تحقيق االتفاق بين أفراد املجتمع الواحد عن طريق اإلقناع واالتصال‬
‫الجماهيري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬الترفيه عن أفراد املجتمع وتخفيف أعباء الحياة عنهم باألخص في أوقات األزمات‪.‬‬
‫االتصال من كل هذا له مجموعة من األهداف التي يسعى إلى تحقيقها أي أنه ليس مجرد عملية إرسال الرسائل‬
‫واستخدام وسائل قنوات مختلفة بل يعتبر في نهاية األمر محاولة للتأثير واإلقناع وإن لم تتحقق األهداف املذكورة‬
‫سابقا وغيرها ال يمكن الحديث عن وجود عملية اتصالية فعالة‪.‬‬

‫املحاضرة الخامسة‪:‬‬

‫عناصرالعملية االتصالية‬
‫‪14‬‬
‫صنف الباحث األمريكي هارولد السويل عناصر عملية االتصال الى املرسل‪ ،‬الرسالة‪ ،‬املستقبل‪،‬الوسيلة ‪،‬‬
‫التغذية العكسية من خالل الصياغة الشهيرة التي قدمها في عام ‪ 1948‬في شكل خمسة أسئلة من؟ يقول ماذا؟‬
‫بأي وسيلة؟ ملن؟ وبأي تأثير؟‬
‫إن اإلجابات املتعلقة بهذه األسئلة تقدم تعريفا واضحا لعملية االتصال التي يجب توافرها في االتصال مهما كان‬
‫شكله ومستوياته‬
‫أوال‪ :‬املرسل ( القائم بالعملية االتصالية)‪ :‬هو الشخص او الطرف الذي يقوم بإرسال الرسالة االتصالية عن‬
‫طريق صياغة أفكاره بشكل مباشرة أو في شكل معان ورموز تعبر عن الهداف املراد إيصاله‪ ،‬يعتبر الباحث هارولد‬
‫السويل أول من تطرق إلى دور املتصل في عناصر العملية االتصالية عندما طرح السؤال االتي‪ :‬من يتصل؟ وركز‬
‫بشكل كبير على هذا الدور الن املتصل (املرسل) هو منش ئ العالقة االتصالية وهو مصدر بداية التفاعل آيا كانت‬
‫طبيعة هذا املرسل‪.‬‬
‫حدد هارولد السويل وغيره من علماء االتصال مجموع من الشروط الواجب توافرها في مرسل الرسالة وتختلف‬
‫هذه املهارات تبعا الختالف هوية املرسل وأهداف الرسالة‪.‬‬
‫‪ -1‬مهارات االتصال‪ :‬وتشمل ‪:‬‬
‫‪ -‬القدرة على صياغة الفكرة (موضوع الرسالة) مثل الكتابة أو الحديث‬
‫‪ -‬القدرة على القراءة وحسن االستماع‪.‬‬
‫‪ -‬مهارة التحليل واالستنتاج‬
‫‪ -2‬اتجاهات املرسل وتشمل‪:‬‬
‫‪ -‬اتجاهاته نحو ذاته‪ :‬يرتبط هذا املتغير باتجاهات املرسل نحو ذاته فإذا كانت شخصيته قوية ومتزنة وثقته‬
‫بنفسه وبقدراته كبيرة فسيؤثر هنا على الرسالة التي يصنعها ايجابيا والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ -‬اتجاهاته نحو املوضوع ‪ :‬ويتمثل في مدى إيمانه واقتناعه بما يعبر عنه‪.‬‬
‫‪ -‬اتجاهاته نحو املرسل إليه‪ ،‬كلما كانت اتجاهات املرسل نحو املرسل إليه ايجابية كلما حقق االتصال هدفه‬
‫والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ -3‬معارف املرسل‪ :‬تؤثر املعارف التي يتمتع بها املرسل على محتوى وهدف الرسالة فكلما كانت هذه املعارف‬
‫نوعية ودقيقة وموضوعية كلما كانت الرسالة واضحة بالنسبة للمتلقي‪.‬‬
‫‪ -4‬النظام االجتماعي والثقافي‪ :‬يؤثر املستوى الثقافي واالجتماعي للمرسل على سلوكه الشخص ي أثناء إعداد‬
‫وصياغة الرسالة االتصالية إذ يحتكم سلوكه في هذا إلى كل املؤثرات الثقافية واالجتماعية التي يعايشها‪،‬‬
‫فتنعكس على موافقة أثناء صياغة الرسالة فكلما كان إدراكه لهذه املؤثرات انتقائيا كلما كانت الرسالة هادفة‬
‫والعكس‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرسالة ‪ :‬واملقصود بها موضوع االتصال وتتضمن املعاني ‪ ،‬األفكار ‪ ،‬اآلراء التي تتعلق بموضوعات معينة‬
‫يتم التعبير عنها‪ ،‬بطرق عديدة‪ ،‬وعادة ما تتوقف فاعلية االتصال على شكل استخدام الرسالة بما يتفق مع ما‬
‫يقصده املرسل من جهة وما يدركه املرسل إليه من جهة أخرى‪.‬‬
‫ترتبط الرسالة بمجوعة من الشروط‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون الرسالة واضحة وال تحتمل التأويل‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون معانيها بسيطة وصريحة وال تحمل تفاصيل مملة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تتضمن الحجج والبراهين والدالئل الواقعية‪.‬‬
‫‪ -‬مراعاة األسلوب اللغوي في صياغة الرسالة أي اختيار األلفاظ والكلمات املناسبة في صياغة املحتوى‬
‫االتصالي‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون الرسالة االتصالية تامة أو كاملة عن طريق تزويد املتلقي باملعلومات الكيفية والكمية التي‬
‫تجيب عن جميع استفساراته وتوضيح الهد االتصالي‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف األسلوب االقناعي املتسلسل‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف اللغة املناسبة املفهومة بالنسبة للمتلقي‪.‬‬
‫تصنف الرسالة الى ‪:‬‬
‫الرسالة الشفوية‪ :‬تنقل بشكل مباشر فردي أو جماعي ومن أمثلتها الرسائل التي تبث عبر وسائل اإلعالم‬
‫السمعية‪.‬‬
‫الرسالة املكتوبة ‪ :‬تنقل للمتلقي عن طريق التحرير الكتابي ومن أمثلتها الصحف الجرائد‪ ،‬املجالت‪،‬‬
‫املنشورات‪ ،‬الكتب‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وسلية االتصال‪ :‬تسمى األداة وهي القناة التي يتم عن طريقها نقل الرسالة وإيصالها من املرسل إلى‬
‫املتلقي‪ ،‬تختلف الوسيلة املستخدمة تبعا الختالف الحاصل في مستوى االتصال‪ ،‬ففي االتصال الجماهيري‬
‫الصحيفة املحلية ‪ ،‬اإلذاعة أو التلفزيون‪،‬وفي االتصال الجمعي نجد املحاضرة‪ ،‬خطب الجمعة كمثال ‪،‬‬
‫املؤتمرات‪ ،‬الندوات ‪ ،‬وقد تكون على شكل مطبوعات أفالم فيديو‪ ،‬شرائها وغيرها ‪ ،‬اما في االتصال املباشر‬
‫فتكون العملية وجها لوجه‪ ،‬تتوقف فاعلية الوسيلة على نوعيتها وشكل توظيفها باإلضافة إلى اختيار التوقيت‬
‫املناسب في اعتمادها لنقل الرسالة االتصالية وقد تطورت هذه األداة عبر فترات متالحقة نتيجة االختراعات‬
‫الفنية والتقنية الحاصلة في وسائل االتصال من جهة‪ ،‬وتطور املستوى العلمي والثقافي لدى متلقي الرسالة‬
‫االتصالية من جهة أخرى‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬املتلقي‪ ( :‬املرسل إليه)‪ :‬هو الطرف الذي يستقبل الرسالة اإلعالمية وقد يكون فردا أو جماعة تبعا‬
‫ألهداف الرسالة ‪ ،‬يتأثر املتلقي مضمون الرسالة االتصالية ويتفاعل معها تبعا لعدة مؤثرات مرتبطة بإدراكه‬
‫الشخص ي من جهة أو إدراكه للظروف واملرتبطة بتلقي الرسالة على هذا األساس فأن خصائص الجمهور تلعب‬

‫‪16‬‬
‫دورا مهما في استيعاب الرسالة من خالل قياس مدى تأثيرها في عقليته أو مواقفه سلبا أو إيجابا وال يمكن في‬
‫هذا املجال أن نتوقع أربعة احتماالت من املستقبل للرسالة‪:‬‬
‫‪ -1‬فهم الرسالة فهما كامال‪ ،‬أي أن يقوم املستقبل بمشاركة املرسل في األفكار واألحاسيس التي تنقلها الرسالة‪.‬‬
‫‪ -2‬فهم الرسالة فهما ناقصا وغير كامل أي استيعاب أجزاء معينة منها وعدم فهم باقي األجزاء‪.‬‬
‫‪ -3‬فهم الرسالة بصورة خاطئة الن املستقبل يفسر الرموز املستخدمة معتمدا على خبراته التي ال تشابه‬
‫خبرات املرسل مثل فهم مضمون فيلم أو فيديو معين بصورة غير صحيحة‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم استيعاب الرسالة بصورة تامة بسبب قيام املرسل باستخدام رموز غير معروفة‪ ،‬أو غامضة بالنسبة‬
‫للمستقبل مثل توظيفه للغة صعبة تفوق املستوى اللغوي والفكري ملستقبل الرسالة‪.‬‬
‫ولكي تتم عملية االتصال البد أن يتم فهم الرسالة وفك رموزها من جانب املستقبل أي تفسيرها في ضوء‬
‫خبرته السابقة وأطر الداللة الخاصة به وهذا يعني وجود االختالف بين املستقبلين في تفسير رموز الرسالة‪،‬‬
‫كلما كان التفسير قريبا ملا يقصده املرسل فهذا يعني ان عملية االتصال فعالة لذلك يجب على املرسل أن‬
‫يأخذ في االعتبار طبيعة املستقبل عند ترميز رسالته‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التغذية العكسية ‪ :‬هو األثر املترتب الذي ينتج من وصول الرسالة إلى املستقبل في عملية االتصال هل‬
‫الرسالة مقبولة‪ ،‬أو مرفوضة ‪ ،‬ما مدى تحقيق هدف العملية االتصالية‪.‬‬
‫يكون رد فعل املستقبل للرسالة مباشرا إذا كانت عملية االتصال مباشرة أي دون الحاجة الى وسائط‪ ،‬أما إذا‬
‫كان االتصال غير مباشر اي بمساعدة وسيلة معينة في مثل هذه الحالة يصعب الحصول على رد الفعل‪.‬‬
‫تعتبر التغذية العكسية عنصرا هاما في العملية االتصالية وتؤثر تأثيرا مباشرا على املرسل الذي يقوم‬
‫باالتصال أو على الرسالة التي ترسل بهدف تحقيق أهداف معينة أو تؤثر على الوسيلة اذا كانت مناسبة او‬
‫العكس‪.‬‬
‫تتم التغذية العكسية في اتجاهين ‪:‬‬
‫‪ -1‬االتجاه الواحد‪ :‬ال يسمح هذا الشكل بوجود تغذية عكسية من املرسل إلى املستقبل األمر الذي يؤدي إلى‬
‫حدوث تغير بين مضمون الرسالة من قبل املستقبل‪ ،‬أي أن التغذية العكسية توفر القناة الستجابة‬
‫املتلقي التي يستطيع من خاللها املرسل تحديد ما إذا كانت الرسالة قد حققت االستجابة املرغوبة‪.‬‬
‫‪ -2‬االتصاالت ذات االتجاهين ‪ :‬في هذه الحالة توفر التغذية العكسية من املستقبل الى مرسل الرسالة عن‬
‫طريق االتصال الصاعد‪.‬‬
‫تأخذ التغذية العكسية شكلين ‪:‬‬
‫الشكل االيجابي‪ :‬ويعني أن الرسالة قد حققت التأثير املقصود من عملية االتصال‪.‬‬
‫الشكل السلبي ‪ :‬يعني ان الرسالة لم تحقق التأثير املقصود من عملية االتصال‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫أكدت معظم الدراسات التي أجريت على مدى التأثير الذي تحدثه التغذية العكسية أن الطريقة التي تحدث بها‬
‫معقدة ملبررات عديدة مرتبطة بدور وسائل االتصال من جهة باإلضافة إلى وجود عوامل أخرى من أمثلتها ‪:‬‬
‫شخصية املتلقي‪ ،‬تأثير الجماعات التي ينتمي إليها تأثير املتغيرات االقتصادية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬السياسية‪ ،‬االجتماعية‪.‬‬
‫يتلقى املرسل إليه الرسالة بالطرق اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬يسترجعها على ضوء وعيه الكامل‪.‬‬
‫‪ -‬يسترجعها على ضوء الالشعور ( العقل الباطني)‪.‬‬
‫‪ -‬يسترجعها على ضوء العادات والتقاليد مثل املعتقدات الدينية‪.‬‬
‫‪ -‬يقارنها من خالل األفكار املوجودة لديه‪.‬‬
‫‪ -‬يقارنها بالرغبات والحاجات التي يريد تحقيقها‪.‬‬
‫‪ -‬تتوقف التغذية العكسية على مجموعة من املؤثرات‪:‬‬
‫‪ -1‬مؤثرات حسية مرتبطة باألحاسيس الطبيعية مثل الحب‪ ،‬الكراهية‪ ،‬الفرح ‪،‬الحزن ‪،‬التعاسة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -2‬مؤثرات عقلية تستشير العقل والتفكير ومثالها التصديق‪ ،‬التكذيب‪ ،‬االستنكار‪ ،‬الرفض‪ ،‬اإلعجاب التأييد‪.‬‬
‫‪ -3‬مؤثرات نفسية تخاطب العقل الباطن وتعتمد على الخبرات والتجارب التوافق بين املاض ي والحاضر‪.‬‬
‫على هذا األساس ترتبط التغذية العكسية على احترام جميع هذه املؤثرات بقدر مناسب مع احترام الظروف‬
‫الخاصة بكل مؤثر ‪.‬‬
‫يجب أن نذكر أن عملية تغيير السلوك ومحاولة تعديل االتجاه في مرحلة من مراحل التغذية العكسية ليس‬
‫بالعملية البسيطة الن السلوك اإلنساني معقد ومتغير ‪ ،‬على هذا األساس يجب األخذ في عين االعتبار املؤثرات‬
‫والدوافع التي تؤدي إلى استثارة سلوك واتجاهات األفراد بالشكل الذي يحقق الهدف املتوقع من العملية‬
‫االتصالية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫املحاضرة السادسة‪:‬‬
‫مدراس علم االتصال ( النظريات)‬
‫شكلت النظريات االتصالية اإلطار املرجعي لتطور علم االتصال وقد تعددت من باحث إلى أخر وتم أخر وتم‬
‫اختيارها وتجربتها في العديد من الدول التي تبنت افتراضاتها لطبيعة أنظمتها السياسية واالجتماعية وحتى الثقافية‬
‫واليمكن التعامل مع وسائل االتصال على اختالفها بدون فهم النظريات والنماذج التي تنظم عمل هذه الوسائل‬
‫وتحديد طرق التعامل معها وكيفية االستفادة منها‪ ،‬اخترنا في هذا املجال التطرق الهم النظريات على سبيل‬
‫الحصر واإلملام‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية التأثير املباشرة (هارولد السويل)‬
‫تسمى نظرية اآلثار املوحدة أو الرصاصة السحرية على اعتبار الرسائل االتصالية هي طلقات سحرية حسب‬
‫هارولد السويل‪ ،‬بعد انتهاء الحرب العاملية األولى ساد االعتقاد بالقدرة البالغة لوسائل االتصال الجماهيرية على‬
‫تشكيل ‪ ،‬تكوين وتغيير الرأي العام نحو الوجهة التي يرغب القائم باالتصال في نقلها‪ ،‬وكانت الفكرة األساسية التي‬
‫اعتمد عليها هذا االعتقاد أن الرسائل اإلعالمية تصل إلى جميع أفراد املجتمع بطريقة متشابهة وان االستجابة‬
‫الفورية واملباشرة تأتي نتيجة التعرض لهذه املؤثرات ( الرسائل)‬
‫تقوم نظرية السويل على مجموعة من االفتراضات‪:‬‬
‫‪ -1‬يتكون الجمهور املستقبل للرسالة االتصالية من ماليين القراء ‪ ،‬املستمعين ‪ ،‬املشاهدين‪.‬‬
‫‪ -2‬لدى هذا الجمهور االستعداد دائما الستقبال الرسالة االتصالية‪.‬‬
‫‪ -3‬تمثل كل رسالة منبها قويا ومباشرا يدفع املتلقي لالستجابة بالشكل الذي يحقق هدف القائم باالتصال‪.‬‬
‫‪ -4‬يستقبل الجمهور الرسالة االتصالية بشكل مباشر‪.‬‬
‫‪ -5‬يتم رد الفعل (التغذية العكسية ) تجاه الرسالة االتصالية بشكل فردي أي أن التأثير يحدث بصفة‬
‫منفصلة كتجربة فردية وليست جماعية وال تضع في عين االعتبار التأثير املحتمل ألشخاص آخرين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظريات التأثيراالنتقائي‪:‬‬
‫سميت بالنظريات االنتقائية على ضوء الفروق املوجودة بين األفراد تبعا لعدة معايير على هذا األساس‬
‫فان عملية االتصال وإدراك الرسالة االتصالية تتم على ضوء االنتقاء‪ ،‬من أشهر هذه النظريات‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية االختالفات الفردية‪ :‬تفترض هذه النظرية أن األشخاص املختلفون يستجيبون بشكل مختلف‬
‫للرسائل اإلعالمية واالتصالية وفقا التجاهاتهم وبنيتهم النفسية وكذا صفاتهم املوروثة أو املكتسبة‬
‫على هذا األساس يتم استقبال وتفسير الرسالة االتصالية بشكل انتقائي‪ ،‬وذلك بسبب اختالف‬
‫اإلدراك لدى كل شخص (متلقي الرسالة ) نتيجة التباين في املعتقدات ‪ ،‬القيم‪ ،‬العادات ‪ ،‬االتجاهات‬
‫التي يحملها كل فرد ‪ ،‬والن اإلدراك هو عملية انتقائية فان التذكر واالستجابة هما وظيفتان‬
‫انتقائيتان أيضا‪ ،‬على هذا فان التأثير التي تمارسها وسائل اإلعالم ليس متماثال‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -2‬نظرية الفئات االجتماعية‪ :‬تفترض هذه النظرية بان الجمهور املستهدف من العملية االتصالية‬
‫ينقسم إلى مجموعة من الفئات االجتماعية ويتشابه السلوك االتصالي داخل كل فئة ويؤثر موقع‬
‫الفرد داخل كل فئة على استقباله للرسالة االتصالية‪ ،‬تتحدد معايير الفئة حسب السن‪ ،‬الجنس‪،‬‬
‫مستوى الدخل املستوى التعليمي‪ ،‬املنصب‪ ،‬االنتماء الديني‪ ،‬الثقافي‪ ،‬االجتماعي‪ ،‬االقتصادي‪ ،‬وغيرها‬
‫من املعايير على هذا األساس تتشابه أنماط االستجابة داخل كل فئة تبعا لدرجات التشابه والتقارب في‬
‫املعايير املذكورة سابقا‪ ،‬لذا فتأثير وسائل األعالم يختلف بتأثير الفئات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬نظرية العالقات االجتماعية ‪ :‬تفترض هذه النظرية بان الجمهور وسائل اإلعالم ليسوا مجرد أفراد‬
‫منعزلين أو أفراد مجتمعين في فئات اجتماعية‪ ،‬ولكنهم مرتبطين ببعضهم البعض في اتحادات‪ ،‬عائالت‪ ،‬في‬
‫نوادي‪.........‬هذا ما بينته الدراسات التي أجريت على االنتخابات الرئاسية األمريكية لسنة ‪1940‬‬
‫فاملنافسات السياسية كان لها اكبر األثر على قرارات الناس أعلى من تأثير وسائل األعالم‪ ،‬وكلما زاد عدد‬
‫الذين يتعرضون لتأثير وسائل األعالم كلما أثروا بدورهم في األول تعرض لهذه الوسائل‪ ،‬على هذا األساس‬
‫تؤثر العالقات االجتماعية بشكل كبير على درجة االستجابة للرسالة االتصالية(مثال حديث املقاهي)‪ ،‬كما‬
‫يتأثر اإلدراك االنتقائي أيضا بالعالقات االجتماعية فقد يفسر اآلباء من لديهم أطفال برنامجا تلفزيونيا‬
‫عن العنف بشكل مختلف عن من ليس لديهم أطفال وهكذا فان قاعدة اإلدراك االنتقائي هي ان من لديهم‬
‫صفات نفسية متميزة وتوجهات سلوكية خاصة ‪ ،‬فئات اجتماعية محددة سوف يفسرون نفس املضمون‬
‫اإلعالمي بأساليب مختلفة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظريات التأثيرغيراملباشر‪:‬‬
‫تعددت نظريات التأثير غير املباشر تبعا للقيم التي تحملها الرسالة االتصالية واألهداف التي تسعى إليها‬
‫بالنسبة للمستقبل‪ ،‬من أشهر هذه النظريات نذكر‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية التأثير املعتمد على النموذج‪ :‬تفترض أن تعرض الفرد لنماذج السلوك التي تعرضها وسائل اإلعالم‬
‫تقدم للفرد مصدر من مصادر التعلم االجتماعي مما يدفعه لتبني هذه النماذج في سلوكه اليومي‬
‫‪ -2‬نظرية املعنى‪ :‬يمكن لوسائل األعالم أن تقدم معان جديدة لكلمات اللغة كما تضيف عناصر جديدة‬
‫للمعاني القديمة‪ ،‬وبما أن اللغة عامل حاسم في اإلدراك والتفسير والقرارات يصبح لوسائل األعالم الدور‬
‫الحاسم في تشكيل السلوك بشكل غير مباشر‪.‬‬
‫‪ -3‬نموذج الحاجات واالشباعات ‪ :‬يفترض هذا النموذج لنا جزءا هاما من استخدام األفراد لوسائل اإلعالم‬
‫موجه لتحقيق أهداف يحددها هؤالء‪ ،‬فهم يقومون باختيار وسائل إعالم معينة إلشباع احتياجاتهم مثل‬
‫االستفادة املعرفية‪ ،‬النفسية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬االقتصادية وغيرها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬نظريات االتصال االقناعي‪:‬‬
‫اعتمدت اغلب هذه النظريات على مجموعة من النماذج النفسية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬القائمة على مجموعة من‬
‫الشروط الرئيسية في إيصال الرسالة االتصالية وإقناع املتلقي من أشهرها ‪:‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ -1‬النموذج النفس ي‪ :‬يقوم على مجموعة من االفتراضات‬
‫‪ -‬مراعاة االختالفات بين األفراد‪.‬‬
‫‪ -‬الرسالة الفعالة هي التي تتمكن من تحويل البناء النفس ي للفرد بشكل يجعل االستجابة املعلنة متفقة مع‬
‫موضوع الرسالة‪.‬‬
‫‪ -‬مهمة الرسالة االتصالية هي تنشيط أو تغيير العمليات النفسية الكامنة وتتبع السلوك الظاهر املرتبط‬
‫بالعمليات النفسية‪.‬‬
‫يقوم هذا النموذج على مجموعة من الخطوات‪:‬‬
‫‪ -‬وصول الرسالة إلى الشخص‪.‬‬
‫‪ -‬قبوله لها ليفكر فيها‪.‬‬
‫‪ -‬تقييمه لألهداف التي يحققها من تنفيذه للسلوك‪.‬‬
‫‪ -‬اختيار القيام بالسلوك‪.‬‬
‫‪ -2‬النموذج الثقافي االجتماعي‪ :‬تفترض هذه النظرية أنه من الصعب تفسير سلوك األفراد بناء على املتغيرات‬
‫النفسية وحدها ألنهم يتصرفون دوما داخل سياق اجتماعي ‪ ،‬يقوم النموذج على الرسالة االقناعية التي‬
‫تحدد أو تعيد تحديد وتشكيل وتغيير معايير السلوك املتفق عليها داخل الجماعة في اتجاه السلوك املعلن‬
‫( املتفق عليه) ويجب مراعاة أن هناك مجتمعات ذات نظم ثقافية متشددة او على النقيض متساهلة أو‬
‫مرنة ‪ ،‬ويختلف معدل االستجابة للرسالة االتصالية تبعا لتأثير هذه النظم على الفرد‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬نظرية االتصال الجماهيري‪ :‬ظهرت في بداية القرن العشرين حيث تغيرت صورة املجتمع الذي كان‬
‫سائدا في القرن ‪ 19‬من مجتمع تقليدي يرتبط فيه الناس ارتباطا وثيقا الى مجتمع معقد يتسم أفراده بالحرية‬
‫فبعد الحرب العاملية الثالثة ظهرت الرغبة في إنشاء علم مستقل لالتصال عن باقي العلوم األخرى فظهرت‬
‫املدرستين االمبريقية‪ ،‬والنقدية‪.‬‬

‫املحاضرة السابعة‬
‫االتصال السياس ي‬

‫‪21‬‬
‫االتصال السياس ي إحدى ثالت عمليات سياسية متداخلة (القيادة السياسية‪ ،‬الشخصيات السياسية‪،‬‬
‫االتصال) وهي العمليات التي تعمل على إحداث التأثيرات السياسية والتفاعل ما بين املؤسسات الحكومية‬
‫والسلوك السياس ي لدى املواطنين واالتصال السياس ي بهذا املعنى هو احد أشكال االتصال االجتماعي من جهة‬
‫وهو ذلك العلم الذي يشمل مجموعة من النظريات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف االتصال السياس ي‪:‬‬
‫عرف الباحثون االتصال السياس ي بأنه "العملية التي تستهدف نقل رسالة اتصالية يقصد بها التأثير على استخدام‬
‫السلطة أو الترويج لها في املجتمع"‬
‫كما عرف الباحث "جون ميدو" االتصال السياس ي ‪ ،‬بأنه الطريقة التي تؤثر من خاللها ظروف االتصال على‬
‫تشكيل السياسة‪.‬‬
‫أما أشهر من عرفوا االتصال السياس ي فهو الباحث "ماكنير ‪ " MAKNER‬الذي لخصه في العناصر اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬كل أشكال االتصال التي يقوم بها الفاعلون السياسيون لتحقيق أهداف معينة‪.‬‬
‫‪ -‬االتصال املوجه إلى السياسيين من غير املنشغلين بالسياسة كالناخبين وكتاب األعمدة الصحفية وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -‬االتصال الذي يتناول السياسة وأنشطتهم كما تتضمنها التقارير اإلخبارية واالفتتاحيات وغيرها مما تناوله وسائل‬
‫اإلعالم السياسية‪.‬‬
‫يؤكد الباحث بأن تعريفه لالتصال السياس ي يشمل جميع أنواع الخطاب السياس ي آخذا في عين االعتبار الرسائل‬
‫الشفهية واملكتوبة وكذلك الظواهر املرئية التي تعطي داللة ‪.‬‬
‫كما يشير اإليصال السياس ي إلى تلك األطراف الفاعلة على مسرح الحياة السياسية وفق أسس اللعبة السياسية‬
‫وتلعب وسائل االتصال دورا رئيسا في تحقيق التفاعل السياس ي كمؤثر رئيس ي في تحقيق هدفين رئيسين‪:‬‬
‫‪ -‬إحداث التحول واإلصالح‪.‬‬
‫‪ -‬بلوغ الديمقراطية‬
‫يرتبط االتصال السياس ي السليم بتحقيق الهدفين السابقين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مستويات االتصال السياس ي‬
‫تعددت مستويات االتصال السياس ي ومن أهمها ‪:‬‬
‫‪ -1‬االتصال الصاعد‪ :‬يقصد به االتصال الذي يساهم فى نقل الرسالة اإلعالمية من املستويات الدنيا إلى‬
‫املستويات العليا‪ ،‬ويرتبط ذلك بطريقة النظام السياس ي‪ ،‬يساهم هذا االتصال في توفير قاعدة عريضة من‬
‫املعلومات البيانات الضرورية حيال قضية سياسية معينة وعادة ما يطبق في الدول الديمقراطية التي تعتمد على‬
‫االتصال اإلعالمي الشخص ي والجمعي والجماهيري التي تقدم تقارير سليمة عن األنظمة السياسية‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -2‬االتصال الهابط‪ ،‬عبارة عن اتصال الذي يقوم بتقديم البيانات السياسية من املستويات العليا إلى املستويات‬
‫السياسية الدنيا حيث يتم نقل املحتويات السياسية من صانعي السياسة إلى املرؤوسين لخدمة السلطة‬
‫السياسية يساهم االتصال الهابط في تكوين عالقة ما بين الوسائل اإلعالمية والسلطة السياسية الحاكمة في‬
‫الدولة من خالل تزويد الجمهور بكافة األخبار والقرارات السياسية التي يحق لهم التعرف عليها ‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تزويدهم بالحلول الناجمة عن املشكالت السياسية في الدولة‪.‬‬
‫‪ -3‬اإليصال الرسمي‪ :‬من أهم االتصاالت السياسية بسبب ارتباطه بالطابع الرسمي إذ يلعب دورا رئيسا في اتجاه‬
‫سريان املعلومات والبيانات السياسية بحيث يساهم في خدمة الوظائف السياسية والوظائف العامة في الدولة‬
‫ً‬
‫ويتم االعتماد عليها من خالل الوسائل اإلعالمية املعترف بها رسميا في ظل احترامها ملبدأي الشرعيتين السياسية‬
‫والقانونية وتتعدد هذه الوسائل من عمومية (حكومية شبه حكومية وخاصة‪.‬‬
‫‪ -4‬االتصال غير الرسمي ‪ :‬يقصد به االتصال الذي ال يستند إلى مجموعة من القواعد أو اإلجراءات القانونية‬
‫والسياسية ويرتبط باملستويات االجتماعية من خالل اللقاءات املناسبات‪ ،‬الرحالت وغيرها‪ ،‬يؤثر هذا النوع بشكل‬
‫كبير على صانعي القرارات السياسية ويكون هدفها خدمة املصلحة العامة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬املداخل األساسية لدراسة االتصال السياس ي‪ :‬تعددت املداخل النظرية لدراسة االتصال السياس ي متأثرة‬
‫بعاملين‪.‬‬
‫‪ -‬تعقد الظاهرة السياسية وارتباطها القوي بالعديد من األنشطة والظواهر األدنى في املجتمع‪،‬‬
‫‪ -‬اختالف املنظور البحثي للظاهرة السياسية بين الباحثين‪.‬‬
‫‪ -1‬مدخل العملية ‪ :‬يركز على فكرة التغيير الدائم في سلوك االتصال السياس ي استنادا إلى املفاهيم السائدة عن‬
‫العملية ‪ ،‬ينظر أصحاب هذا املدخل إلى االتصال السياس ي باعتباره جزءا من عملية دائمة التغيير يصعب تحديد‬
‫بدايتها أو نهايتها حدد هذا املدخل خمسة مفاهيم أساسية أو نهارتها أو تتبع جزئياتها‪،‬‬
‫‪ -‬التاريخ يعيد نفسه في تكررات محددة‬
‫‪ -‬ال يتم كل من التاريخ والتغيير السياس ي في دوائر منتظمة عبر الزمن‪ ،‬بل يتم ذلك عبر دوائر متعاقبة وهذا يعني‬
‫أن التاريخ ال يعيد نفسه تماما و أن التغييرات السياسية ليست متطابقة عبر الزمن‪.‬‬
‫‪ -‬إن العملية السياسية تؤدى إلى تغيرات نحو األفضل عبر املراحل التاريخية‬
‫‪ -‬عکس عملية تطور حركة التاريخ يمكن مالحظة العمليات السياسية الرئيسية والتعرف عليها ولكن ليس في إطار‬
‫نموذج تاريخي تطوري‬
‫‪ -‬إن العملية السياسية عملية عشوائية ال تنتظم في نموذج وال تتبع التطور‬

‫‪23‬‬
‫‪ -2‬مدخل االستخدامات واإلشباعات ‪ :‬ينتمي هذا املدخل إلى النظرية الوظيفية في علم االجتماع التي ظهرت في‬
‫القرن (‪ )19‬في فرنسا في مواجهة نظريات املنفعة االقتصادية ‪ ،‬يولي هذا املدخل أهمية خاصة للوظائف التي يؤديها‬
‫االتصال السياس ي بالنسبة للجمهور املشارك في عملية االتصال في ضوء ما لديه من دوافع أو توقعات أو‬
‫اشباعات‪ ،‬ترتكز استخدامات هذا املدخل في دراسة االتصال السياس ي في مجالين‪.‬‬
‫‪ -‬الكيفية التي ُيدرك بها أفراد املجتمع املوضوعات والقضايا التي تعرضها وسائل اإلعالم على أنها موضوعات‬
‫سياسية‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمام بتحليل التأثيرات الناتجة عن التعرض لوسائل اإلعالم وعالقتها بالسلوك السياس ي في املجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬مدخل نشر املعلومات‪ :‬يهتم هذا املدخل بالكيفية التي تنسب فيها املعلومات السياسية عبر قنوات االتصال في‬
‫املجتمع وقد اهتم أصحاب هذا املدخل باإلجابة على عدة تساؤالت من أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬هل يؤدي انتشار الرسائل السياسية إلى التأثير سلوك املتلقي ؟‬
‫‪ -‬ما هي النتائج املترتبة عن انتشار املعلومات السياسية ؟‬
‫ثالثا‪ :‬وظائف االتصال السياس ي‪:‬‬
‫‪ -1‬الوظيفة اإلخبارية‪ ،‬تعد من أكثر الوظائف السياسية تأثيرا في املجتمع والنظام السياس ي فهي الوظيفة األولى‬
‫التي من أجلها بدأت محاوالت االتصال الجماهيري باستخدام النشر والبث على نطاق واسع حتى وصلت إلى عصر‬
‫االتصال الرقمي يهدف اإلتصال السياس ي إلى نشر األخبار و املعلومات السياسية الداخلية والخارجية باإلضافة‬
‫إلى البيانات واملؤتمرات والصور والوثائق وغيرها من أجل فهم الظروف السياسية املحيطة‬
‫تعد األخبار متحدثا رسميا باسم الحكومة في أي دولة وناقلة للمعلومات السياسية وما يتصل بالسياسات‬
‫العامة للدولة واملصالح القومية العليا‪ ،‬كما أنها تهدف إلى صنع قبول شعبي للحفاظ على قوة الدولة أو تعزيزها‬
‫عن طريق املعلومات الجديدة واآلراء املستجدة عن الوضع املحلي والدولي والذي يلعب دورا مهما في تكوين الرأي‬
‫العام‪.‬‬
‫‪ -2‬وظيفة التنشئة السياسية ‪ :‬وهي عملية تنموية يتم من خاللها اكتساب املعرفة وتكوين املواقف والقيم وتشكيل‬
‫الثقافة السياسة واملحافظة عليها أو تغييرها بوساطة وسائل االتصال (مثل اإلذاعة‪ ،‬التلفزيون االنترنت) وتستمر‬
‫هذه العملية عبر مراحل حياة اإلنسان حيث يعي من خاللها هذا األخير خصائص املجتمع‪ ،‬االتجاهات واألفكار‬
‫السياسية السائدة على املستوى الداخلي والخارجي مما يؤدي إلى التكيف مع النظام السياس ي‪.‬‬
‫‪ -3‬التسويق السياس ي ‪ :‬وهو علم التأثير في السلوك العام الجماهيري في املواقف التنافسية حيث يتم استخدام‬
‫مبادئ وطرق ونظريات التسويق السياس ي في الحمالت السياسية بواسطة مؤسسات أو أشخاص متخصصين ‪،‬‬
‫وتشمل هذه الطرق التحليل‪ ،‬التطوير التنفيذ وإدارة الحمالت التي يقوم بها املرشحون أو األحزاب السياسية أو‬

‫‪24‬‬
‫املسؤولون في السلطة أو جماعات الضغط أو املصالح والتي تحاول من خاللها قيادة الرأي العام بنشر أفكارها‬
‫الخاصة بتمرير بعض القرارات والقوانين التي تحددها ‪.‬‬
‫تعتمد عملية التسويق السياس ي‪:‬‬
‫‪ -‬إجراء األبحاث من أجل معرفة املنافسين ومدى قدرتهم وحصر األفكار واآلراء املناهضة مما يساهم بوضع خطط‬
‫مضافة لخطط املنافسين وبناء أساليب للحمالت السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬استفتاء ودراسة املجموعات الضاغطة مما يساعد على بناء و سير الحملة االنتخابية ورسائلها أيضا ومعرفة‬
‫التغيرات التى تجرى لدى الرأي العام‪.‬‬
‫‪ -‬التلفزيون يعتبر الوسيلة التي من خاللها يعرض السياس ي نفسه على جمهور عريض ومتنوع ‪.‬‬
‫‪ -‬البريد املباشر‪ :‬يستخدم عادة في جمع التبرعات واإلقناع والحث على التفاعل والتشديد على الوالء واملواطنة‬
‫واالنتماء لألحزاب‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام االنترنت وهو أسلوب حديث في الحمالت االنتخابية‪.‬‬
‫التأثير في اتجاهات الرأي العام بسبب انتشار وسائل االتصال املختلفة في املجتمعات الحديثة أصبح لها أهمية‬
‫كبيرة في تشكيل الرأي العام وتزويده باملعلومات التي من خاللها يطلع على الشؤون العامة ويتعرف على‬
‫الشخصيات السياسية باإلضافة إلى دورها في املناقشات العامة والعملية االنتخابية ‪ ،‬وعن طريقها يتم بناء‬
‫الحقيقة السياسية‬
‫تعمل هذه الوسائل على تأكيد الشعور باملواطنة وتحقيق املشاركة السياسية من خالل تقديم معلومات حرة‬
‫وصحيحة تتيح للمواطنين التمتع بحقوقهم وتساعدهم على املشاركة السياسية وتكوين آرائهم الداعمة او‬
‫الرافضة للنظام السياس ي‪.‬‬
‫‪ -4‬الرقابة على الحكومة‪ :‬يقوم االتصال السياس ي بدور الحارس اليقظ ضد إساءات استخدام السلطة الرسمية‬
‫وكمراقب ملصالح املجتمع وصيانته من الفساد من خالل مراقبة وتقويم آراء الحكومة وترويج مبدأ الحق في املعرفة‬
‫بما يلفت انتباه السياسيين ويصحح أدائهم‪.‬‬
‫‪ -5‬دعم مشروعية النظام السياس ي وإدارة الصراعات السياسية تعمل وسائل االتصال كأداة من أدوات دعم‬
‫الشرعية السياسية بمساعدة النظام االجتماعي على تحقيق اإلجماع حول النظام السياس ي من خالل توعية‬
‫وإقناع املواطنين بجدوى النظام‪ ،‬والحرص على تأكيد الشعور بالهوية الوطنية من خالل نقل تراث املجتمع وقيم‬
‫التوحيد االجتماعي كما يساهم االتصال السياس ي في مواجهة الصراعات بين السلطة واملواطنين من خالل نشر‬
‫املعلومات حول القضايا واألحداث العامة التي تتطلب املعرفة كقوة دافعة التخاذ موقف صائب وتغطية مواقف‬
‫الحكومة واملواطنين وتوفير الظروف املواتية لتحقيق االستقرار السياس ي ولنبذ العنف وتقريب الرؤى ملواجهة‬
‫األزمات السياسية واملحافظة على التماسك االجتماعي ومواجهة األخطار املحتملة‪.‬‬
‫‪25‬‬
26

You might also like