You are on page 1of 25

‫قسم البحوث والدراسات يف مؤسسة مناء االستثمارية‬

‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫خالصة‬

‫نشأت النقود منذ القدم وتطورت مع مرور الزمن حتى وصلت إلى أرصدة رقمية في البنوك مما شجع‬
‫المبرمجين لطرح فكرة وجود نقود رقمية‪ ،‬تم طرح أول عملة رقمية (بتكوين) سنة ‪ 2009‬بعد اختراع تقنية‬
‫البلوك تشين التي حلت كثيرا من مشاكل االختراق والتزوير‬

‫لكن الفكرة قد ال تكون بهذه البراءة خصوصا أن منتج العملة غير معروف يختبئ تحت اسم مستعار‪ ،‬وعملة‬
‫البتكوين تحديدا ال تملك أي رصيد بنكي وال ذهبي تستند عليه في قيمتها وتداوالتها ومع هذا فسعرها اآلن‬
‫جاوز ال‪ 34.000‬دوالر حتى تاريخ كتابة هذا التقرير‪ ،‬وقد تكون العملة اخترعت أصال إلعادة األصول‬
‫الهاربة من أمريكا عقب األزمة العالمية (أزمة الرهون العقارية) سنة ‪2008‬‬

‫لم تتقبل جميع األنظمة وجود عمالت رقمية ضمن نطاق حكمها فقامت روسيا والصين وغيرها من الدول‬
‫الشرقية بحظر تداوالت البتكوين على أراضيها بينما ترددت الدول العربية ولم تبد موقفا نهائيا وحاسما تجاه‬
‫البتكوين أو غيرها من العمالت‬

‫العمالت الرقمية تقوم كلها على تقنية تسمى بلوك تشين وهي عبارة عن سالسل رقمية تحتوي العمليات التي‬
‫طرأت على البتكوين أو أحد أجزاءه والسالسل هذه مرتبطة ببعضها ومشفرة تماما ومكشوفة ‪-‬دون المساس‬
‫بخصوصية المتعاملين‪ -‬لمجتمع المبرمجين والمعدنين بحيث يستحيل تعديلها أو تزويرها‬

‫تقنيات العمالت الرقمية والبتكوين منها على الخصوص تنطوي على بعض المخاطر لكنها تمنح إيجابيات ال‬
‫تتيحها العمالت التقليدية‪ ،‬وخطورتها أيضا تمس الفرد واالقتصاد الوطني على حد سواء لذا يجب التعامل‬
‫معها بحذر شديد‬

‫تم إنشاء نقود رقمية مرتبطة بأرصدة من أصول مختلفة كحل للكثير من مشاكل البتكوين وما يشابهها سميت‬
‫بالعمالت المستقرة لكنها لم تحظ باالهتمام الالزم‬

‫اختلف علماء الشرع حول الفتوى بحرمة أو تحليل التعامل بالبتكوين تحديدا وغيرها من العمالت الرقمية‬
‫والغالب منهم رغم امتناعه عن الفتوى إال أنه نصح باالبتعاد عن البتكوين وما يشابهها‪ ،‬وصدرت مقالة من‬
‫مجلة بيت المشورة العلمية لم يجز التعامل بالبتكوين‬

‫من الواضح أن مستقبل العمالت الرقمية حافل ومشرق لكن ال تعلم الكيفية التي ستكون عليها ألنها بصورتها‬
‫الحالية غير آمنة وقد تكون فقاعة ستنفجر بأي وقت وتنهار معها اقتصادات وأحالم مستثمرين‬

‫‪1‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫فهرس وأفكار‪:‬‬

‫مقدمة‬

‫نظرة تاريخية للنقود ‪4..........................................................................................................‬‬

‫لماذا البتكوين ‪ ....‬من المستفيد من وجود عملة رقمية في هذا العالم ‪6 ................................................‬‬

‫القصة من البداية‪7 ..............................................................................................................‬‬

‫العملة الرقمية واألنظمة الحاكمة ‪9 ..........................................................................................‬‬

‫كيف يعمل البتكوين وكيف يصنع ‪10 .......................................................................................‬‬

‫تحليل ‪ VOTE‬البتكوين ‪12 ..................................................................................................‬‬

‫بعض النقاش االقتصادي ‪15 .................................................................................................‬‬

‫ما هي العمالت المستقرة ‪20 .............................................................................................. ..‬‬

‫بعض الفتاوى المتعلقة بالبتكوين ‪22 ................................................................. .......................‬‬

‫مستقبل العمالت الرقمية ‪23 ..................................................................................................‬‬

‫وفي الختام ‪24 ..................................................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫بتاريخ ‪ 2020/12/21‬طالبت الحكومة الروسية من المسؤولين الكشف عن أرصدتهم وأرصدة أسرهم من‬
‫عملة البتكوين‪ ،‬وطالبت في قرارها المسؤولين بإخطارها بالتحوالت الكبيرة لدى هذه األرصدة‪ ،‬سبق قرار‬
‫الروس هذا إعالن حركة حماس قبولها التبرعات بالعمالت الرقمية ال سيما البتكوين‪ ،‬وإعالن العديد من‬
‫الوكاالت المخابراتية ضرورة تقنين األسلوب الرقمي للتعدين والتبادل لما الستمرار الوضع على ما هو عليه‬
‫من مخاطر على أمن الحكومات‪.‬‬

‫سنبحث في الصفحات التالية موضوع العمالت الرقمية لنحاول التنقيب عن مزاياها وعيوبها واستكشاف‬
‫ماهيتها واألسس التي قامت عليها ونكتشف ما خفي عنها ونستطلع أثرها على الفرد والدولة ونرى رأي‬
‫الشرع بها لنخرج بخالصة نافعة عن العمالت الرقمية والبتكوين منها تحديدا إن شاء هللا‬

‫هذه املقالة حتتوي على ما يقارب ‪ 5.000‬كلمة وحتتاج ل ‪ 45‬دقيقة من القراءة العادية أو ‪ 120‬دقيقة من‬
‫القراءة املتأنية‪..‬‬

‫‪3‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫نظرة تاريخية للنقد‬

‫ال يعلم تاريخ محدد العتماد العمالت أيا كان شكلها كأداة للتبادل كما ال يعلم على وجه التحديد الحضارة التي‬
‫كان لها قصب السبق في اعتماد عمالت تغني مستخدميها عن وسيلة المقايضة لتأمين الحاجات اليومية‬
‫لألفراد واألسر أو حتى الحكومات‬

‫قديما استعملت األصداف من نوع وشكل محدد من قبل الصينيين واستعملت الحجارة والعظام والخرز‬
‫واستعمل غيرها إلى أن اكتشف الذهب ليشكل بخصائصه الفريدة وحدة تسعير وادخار ممتازة ومحل اجماع‬
‫لدى كافة الحضارات القديمة‪ ،‬واعتمدت الفضة لدى العديد من الحضارات ال سيما الشرقية منها كرديف‬
‫للذهب وبقي األمر على ما هو عليه حتى بدايات القرن الثامن عشر لتظهر فكرة الكمبياليات كأول أنواع‬
‫األوراق المالية والتي وفرت جهود نقل والمخاطرة بالذهب‬
‫األسلوب األول للتبادل‬

‫المقايضة‬

‫الظهور األول للنقود‬

‫النقود الخرز‬ ‫النقود الصدفية‬

‫ظهور النقود المعدنية‬

‫نقود الذهب والفضة‬ ‫النقود النحاسية‬

‫الظهور األول لللقيم الورقية‬

‫الكمبياالت‬ ‫الشيكات‬

‫ظهور البنكنوت‬

‫بنوك وشركات ثم احتكار من قبل الحكومات‬

‫أتمتة العمليات البنكية‬

‫بدأت بعمليات محصورة بين البنك الفيديرالي والبنوك األخرى ثم انتشرت حتى شملت التعامالت الصغيرة‬

‫النقود اإلفتراضية‬

‫بدأت بالتبتكوين ثم تبعتها مجموعة كبيرة من العمالت االفتراضية األخرى‬

‫فكرة وجود قيم مالية مختزلة على أوراق فتحت للبنوك وأصحاب رؤوس األموال الكبيرة إنتاج تصميم موحد‬
‫الشكل والقيمة واعتماده لحامله وذلك لتوفير جهود الكتابة الرسمية بالنسبة للقيم الصغيرة المتكررة وهنا‬
‫تحديدا بدأت فكرة البنكنوت تلوح باألفق‬

‫بعيدا عن التفصيل‪ ..‬ارتبطت البنكنوت ابتداء بالذهب كمحدد للقيمة وحددت كل دولة قيمة عملتها مقابل الذهب‬
‫في اتفاقية بريتن وودز الشهيرة التي تم توثيقها ضمن أروقة األمم المتحدة حديثة التشكيل حينها‪ ،‬واستمر‬
‫األمر على هذا النحو حتى جاء الحدث المعروف وأعلن الرئيس األمريكي ريتشارد نيكسون عن فك ارتباط‬
‫الدوالر بالذهب مشكال حينها صدمة عرفت بصدمة نيكسون‪ ،‬لتصبح قيمة الدوالر محددة على أساس العرض‬

‫‪4‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫والطلب‪ ،‬والحجة أن الذهب وإن كان ذو قيمة بذاته إال أن الدوالر ذو قوة يكتسبها من قوة االقتصاد المصدر‬
‫له‪ ،‬ثم من قال أن القيمة محصورة بالذهب؟؟؟ أليست األفكار واإلبداعات ذات قيمة هي أيضا؟؟؟؟!‬

‫الجميع أصيب بصدمة نيكسون إال أن الجميع لحق بركب الواليات المتحدة في النهاية‪ ،‬وصار لكل عملة قوة‬
‫تستقيها ال من قوة الذهب فقط‪ ،‬بل من قوة اقتصاد البلد المنتج أيضا‪ ..‬هذا أيضا فتح الباب لنوع جديد من‬
‫مكافئات التبادل‪ ،‬فالصفقات مع تضخم االقتصادات لم تعد بالماليين بل بالمليارات‪ ..‬وبالتالي لو أن بلدا أراد‬
‫إجراء صفقة سالح مثال فهل عليه إرسال طائرة أو باخرة محملة بالنقود؟ ‪...‬‬

‫مع تطور التكنلوجيا ودخول الكومبيوتر في عالم االقتصاد‪ ،‬جرى اختزال العديد من دفاتر الحسابات‬
‫والعمليات المالية ضمن بيانات رقمية على الكومبيوترات وزاد األمر براقة مع انتشار اإلنترنت وإمكانية‬
‫توحيد العديد من قواعد البيانات للبنوك مع فروعها بما يوفر نقل كميات ضخمة من الدفاتر والورقيات وحتى‬
‫األموال‪ ..‬مثال لو أن شركة متخصصة في صناعة السيارات اشترت صفقة إطارات من شركة أخرى فيكفي‬
‫إجراء بضعة كبسات على الكومبيوتر لنقل قيمة الصفقة من حساب الزبون إلى حساب المصدر والذي قد ينقله‬
‫بعد فترة وجيزة إلى حساب منتج آخر في مكان آخر ليتعامل مع الفرع الموجود هناك‪ ....‬وهنا نشأت‬
‫الحسابات الرقمية‪ ،‬وانتقلت من عالم الصفقات الكبيرة حتى العمليات اليومية للفرد الذي وجد أنه من األسهل‬
‫عليه حمل بطاقة ائتمانية من حمل مجموعة من األوراق النقدية التي قد تنفذ في لحظة حرجة أو تتلف أو‬
‫تسرق‪ ،‬وبهذا انتقل جزء ضخم من القيمة إلى ذواكر حواسيب البنوك بعد أن كانت أصدافا قبل ‪ 3000‬سنة ثم‬
‫ذهبا ثم سندات ثم أوراقا مالية‬

‫اآلن إذا كانت وسيلة التبادل األكثر استعماال هي دوالر موجود برمجيا ‪ ...‬فما المانع من وجود عملة مبرمجة‬
‫من األساس؟؟!‬

‫‪5‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫لماذا البتكوين؟!‬

‫مع تزايد االعتماد على النت وتفوق األجيال الجديدة من أجهزة االتصال على التحديات التي قيدت عمل‬
‫سابقاتها‪ ،‬ظهرت أنماط جديدة من الخدمات والسلع‪ ،‬وأساليب تبادل جديدة اعتمدت على الشبكة العنكبوتية‬
‫بشكل كبير‪ ،‬كبرامج التواصل الصوتي والفيديو والدورات التدريسية والجامعات االفتراضية والمحتوى الفني‬
‫الرقمي كاألغاني واألفالم والتي صارت متاحة للتنزيل المباشر عبر اإلنترنت بدال من شراء أقراصها‬
‫األصلية‪ ،‬يضاف لها الكتب اإللكترونية وغير ذلك من المنتجات والخدمات التي تحتاج بطاقات ائتمانية عالمية‬
‫أو أساليب دفع مبتكرة إلتمام عمليات البيع والشراء الخاصة بها‬

‫ومع دخول العالم في األزمة االئتمانية المعروفة بأزمة الرهن العقاري والتي شكلت فقاعة أدى انفجارها في‬
‫النهاية إلفالس العديد من البنوك وتالشي مليارات الدوالرات‪ ،‬مما خلف كسادا على المستوى العالمي كان‬
‫البد من إظهار ابتكارات جديدة تنشط السوق من جديد وترقع الطابع "المعولم" لالقتصاد الحديث والذي كان‬
‫يعاني بشدة في تلك الفترة‬

‫كانت فكرة العمالت الرقمية ليست وليدة اللحظة لكن إخراجها للعالنية‬
‫استيقظ العالم وهو في‬ ‫هو الجديد وهذا يطرح العديد من عالمات التعجب واالستفهام ابتداء‪،‬‬
‫خضم مشاكله على ورقة‬ ‫فالعالم استيقظ وهو في خضم مشاكله على ورقة بحثية منشورة على‬
‫بحثية منشورة على النت‬
‫النت ومعنونة بـ ( ‪Bitcoin A Peer-to-Peer Electronic‬‬
‫و ُم َع ْن َونة بـ‬
‫‪ )Cash System‬أي (بتكوين‪ ..‬نظام الدفع اإللكتروني الندي)‬
‫‪(Bitcoin A Peer-to-‬‬ ‫والورقة بحد ذاتها لم تحدث ضجة خصوصا أن مؤلفها لم يفصح عن‬
‫‪Peer Electronic‬‬
‫هويته‪ ،‬ثم كان التطبيق المباشر بالعملة الرقمية األولى بعد عام‬
‫)‪Cash System‬‬
‫واحد‪ ،‬فمن صاحب الفكرة؟! ومن هم داعموه؟! ولماذا اإلعالن اآلن‬
‫وقد طرحت الفكرة للمرة األولى من عشر سنوات؟ وكيف لورقة بحثية‬
‫أن تتحول لمنتج بعد عام واحد مع أن مثل هذه المشاريع يحتاج لسنوات‬
‫من التخطيط والتهيئة؟!‬

‫إن أحدا لم يجب على األسئلة الكثيرة المطروحة لكنها كانت عملة البتكوين وكانت تقنية البلوك تشين المبتكرة‪،‬‬
‫ثم كان سوق العمالت الرقمية الذي أنسى المضاربين مشاكلهم مع الرهون العقارية‬

‫‪6‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫القصة من البداية‬

‫في عام ‪ 1998‬طرحت فكرة عملة رقمية في أوساط المبرمجين الصينيين ولكن الفكرة لم تكن واضحة المعالم‬
‫خصوصا مع وجود مخاطر االختراق وضعف الشبكة العنكبوتية النسبي في ذلك الوقت‪ ،‬الحقا‪ ..‬وفي عام‬
‫‪ 2007‬بدأت فكرة نظام تشفير وضبط العملة الرقمية يتبلور في ذهن مبرمج ‪-‬أو مجموعة من المبرمجين‪-‬‬
‫فضل التخفي حتى يومنا هذا‬

‫عمليات التداول ضمن سالسل‬ ‫الفكرة تقوم باألساس على تسجيل جميع‬
‫ابقاء الجهات المتعاملة‬ ‫رقمية مشهورة ومتاحة للجميع لكن مع‬
‫ألنها مسجلة ومرتبطة وفق‬ ‫مجهولة‪ ،‬وتعتمد العمليات على بعضها‬
‫هذه السالسل‪ ،‬وبهذا حافظ‬ ‫سالسل رقمية ليس ألحد سلطة تعديل‬
‫من خالل اخفاء‬ ‫منشئ الفكرة على خصوصية المتعاملين‬
‫التعديل ‪-‬العبث‪-‬‬ ‫بياناتهم كاملة في نفس الوقت جعل عملية‬
‫العمليات ومرتبط‬ ‫مستحيلة ألن العملية الواحدة مرتبطة بما قبلها من‬
‫العمليات‬ ‫بها ما بعدها ‪ ...‬فتعديلها يوجب تعديل جميع‬
‫الالحقة‪..‬‬

‫للمجامع العلمية سنة‬ ‫الفكرة قدمت كأطروحة عامة‬


‫متخفيا خلف اسم‬ ‫‪ 2008‬ونفذها صاحبها سنة ‪2009‬‬
‫الكتل ‪Block-‬‬ ‫(ساتوشي ناكيموتو) وبدأ ببناء سالسل‬
‫بيتكوين‪ ،‬وتم‬ ‫‪ ،chain‬وانتاج عملته الرائدة والتي سماها‬
‫دوالر‪،‬‬ ‫طرحها في السوق بقيمة شبه صفرية ‪0.001‬‬
‫من‬ ‫كنوع‬ ‫وبدأت تنتشر في أوساط المبرمجين وهواة اإلنترنت‬
‫أن مطعما‬ ‫التسلية وتجريب ما هو جديد‪ ،‬ولعل من الظرافة‬
‫بتكوين وهو‬ ‫للبيتزا باع وجبتين بسعر عشرة آالف‬
‫فقط!!‬ ‫ما يعادل اليوم ‪ 345.000.000‬دوالر‬

‫ارتفع البتكوين الواحد‬ ‫لم يستغرق األمر طويل زمن حتى‬


‫‪ 2011‬إلى ‪ $100‬سنة‬ ‫من عشر السنت إلى ‪ $ 1.1‬سنة‬
‫عام ‪ 2017‬ثم انتقلت‬ ‫‪ 2013‬ثم قريبا من ‪ $1.000‬بداية‬
‫‪ $ 34.000‬في أيامنا هذه‬ ‫بسلسلة من القفزات لتتجاوز‬

‫عمليات‬ ‫أولها‬ ‫أسباب‬ ‫ساهم في هذا االرتفاع الهائل عدة‬


‫الساعات األولى لطرح البتكوين‬ ‫المضاربة التي لم تتوقف من بداية‬
‫والتي ألزمت الناس البقاء في منازلهم‬ ‫ومن األسباب أيضا تداعيات جائحة كورونا‬

‫‪7‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫وتفضيلهم عدم التعامل الفيزيائي المباشر مع اآلخرين مما جعل العملة الرقمية وسيلة مثالية للتسديد ولعل من‬
‫أهم األسباب التي أدت الرتفاع سعر التصريف وإثبات نفسها كعملة ووسيلة تبادل هو سالسل الكتلة التي‬
‫صارت فيما بعد األساس ألي عملة مشفرة الحقة‬

‫عند نشوء البتكوين تم تصميم برنامج خاص بها ليكون نافذة التداول إلى اإلنترنت‪ ،‬البرنامج كان مفتوح‬
‫المصدر بمعنى أن بإمكان أي مبرج أن يعدل بالبرنامج ويستنسخ تصميمه لينتج برنامجا جديدا بما يالئم‬
‫المصمم الجديد‬

‫فتح هذا األمر المجال للعديد من الطامحين لبناء برامج وعمالت خاصة بهم متبعين طريقة سلسلة الكتلة التي‬
‫قد تكون االكتشاف األهم في العقد األول من األلفية الثالثة‪ ،‬وبهذا تولدت الكثير من العمالت الرقمية مما حدى‬
‫بالعديد من الحكومات التفكير بإطالق عمالتها الوطنية الرقمية‪ ،‬واليوم كل من أمريكا وتركيا والصين‬
‫والسويد ودول أخرى حتى حكومة العصابة الحاكمة في سوريا أعلنت أنها تفكر أو بدأت فعليا بإنتاج عملتها‬
‫الرقمية‪ ،‬وزادت العمالت التي يجري تداولها فعال على األسواق الرقمية زادت على الـ‪ 4000‬عملة أشهرها‬
‫بتكوين وإيثريوم ودوغيكوين واليتكوين وريبل وغيرها‪...‬‬

‫‪8‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫العملة الرقمية واألنظمة الحاكمة‬

‫قد تكون حكومة اليابان األكثر حماسا للتعامل بالعمالت الرقمية‪ ،‬يفسر ذلك طبيعة الثقافة الحداثية المسيطرة‬
‫هناك‪ ،‬لذا اعترفت حكومة اليابان رسميا بالبتكوين وأجازت تداولها ضمن بورصاتها المرخصة سنة ‪2017‬‬
‫تبعتها ألمانيا واعترفت بالبتكوين كعملة قائمة بذاتها وفرضت رسوما على تداوالتها ‪-‬ضرائب‪ -‬وذلك في‬
‫‪ ،2017‬أما الواليات المتحدة األمريكية فقد سمحت بتداول البتكوين في بورصاتها‪ ،‬حيث أعلنت بورصة‬
‫نيويورك عن إطالق أول عقد مستقبلي للبتكوين‪ ،‬وتبع ذلك مجموعة من الدول منها سنغافورة وإستونيا‬
‫وبريطانيا وغيرها‬

‫في الطرف الشرقي من العالم نالحظ أن الحكومات ذات الخلفية االشتراكية لم ترتح كثيرا لفكرة العمالت‬
‫المشفرة وخصوصا المعو مة منها كالبتكوين وغيرها‪ ،‬رغم أن مجتمعات المبرمجين ضمن هذه الدول ساهمت‬
‫بقوة في تجمعات التعدين‪ ،‬وشنت حكومات روسيا والصين حمالت إعالمية رسمية وغير رسمية بهدف إبعاد‬
‫العوام عن االستثمار أو المضاربة في العمالت الرقمية وخصوصا البتكوين‪ ،‬وقامت الصين بحظر التعامل‬
‫بالبتكوين بشكل كامل‪ ،‬لكن نفس هذه الحكومات أعلنت فيما بعد نيتها إطالق عمالتها الرقمية الخاصة‬

‫الدول العربية أبدت تخوفا عام وترددا إزاء السماح بالتعامل‪ ،‬السعودية والجزائر والمغرب أجازت التعامل‬
‫بالبتكوين ثم تراجعت وأصدرت المغرب قوانين تحرم بالكامل التعامل بالعمالت المشفرة وخصوصا‬
‫البتكوين‪ ،‬أما لبنان فمازالت األمور غير واضحة هناك حيث أعلنت الحكومة في العام ‪ 2017‬السماح بتداول‬
‫العمالت المشفرة ثم حرمت ذلك الحقا ولكن بشكل غير جدي‬

‫الدول األفريقية منقسمة ما بين مجيز كجنوب‬


‫أفريقيا ومتحفظ كأغلبية الدول البقية‬

‫إن إحجام الحكومات الشرقية‬


‫عن التشريع والسماح بتداول‬
‫العمالت الرقيمة ‪-‬بتكوين‬
‫تحديدا‪ -‬مصدره تخوف هذه‬
‫الدول من طبيعة البتكوين نفسها‬
‫والتي ال يعلم حتى اآلن من يقف‬
‫ورائها بالضبط‪ ،‬وتشير الدعاية‬
‫الروسية إلى أن ساتوشي ناكاموتو ما هو‬
‫إال قسم من أقسام السي آي إيه أو اإلف بي آي‬
‫األمريكي ‪ ،‬في حين تتخوف الصين من عمليات القرصنة أو السيطرة الغربية على سوق العمالت الرقمية‪،‬‬
‫ولهذا عملت على إصدار عملتها الرقمية الخاصة‬

‫‪9‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫كيف تعمل البتكوين وكيف تُصنع‬

‫هل سبق لك امتالك حساب فيس بوك أو إيميل خاص؟!‬

‫الفكرة مبدئيا ال تختلف كثيرا عن البتكوين‪ ...‬يكفي أن تحمل برنامج التعامل مع العملة وهو متاح ومجاني‬
‫وتوفره العديد من المنصات‪ ،‬ثم تقوم بإنشاء محفظة إلكترونية لها رقم تعريفي وكلمة مرور‪ ،‬وهذا يشابه‬
‫الحساب الشخصي على موقع فيس بوك‬

‫اآلن لديك محفظة إلكترونية فارغة تستطيع تعبئتها من خالل شراء وحدات من العملة الرقمية أو أجزاء‬
‫الوحدات وهي ما يعرف بالساتوشي حيث تشكل العشرة مليون ساتوشي بتكوين واحد‬

‫يتوجب عليك للحصول على رصيدك من البتكوين الشراء من أحد المالكين والذي يستطيع وبعملية سريعة أن‬
‫يحول لك الوحدات عبر المعرف الخاص بك أو عليك أن تخلق البتكوين الخاص بك!‪..‬‬

‫والتحويل يكون بين المتعاملين فقط ‪ Peer-to-peer‬وهذه ميزة مهمة جدا في البتكوين‪ ،‬بمعنى أنه ال يوجد‬
‫بين‬ ‫طرف ثالث وسيط‬
‫مثال‪ ..‬لو أنك‬ ‫المتعاملين‪...‬‬
‫عبر تطبيق‬ ‫تشابه عملية تبادل النقد االفرتاضي إرسال‬ ‫أرسلت رسالة‬
‫المرتبط‬ ‫ماسنجر‬
‫الرسائل عرب تطبيق ماسنجر املرتبط مبوقع‬
‫بوك فإن هذه‬ ‫بحساب الفيس‬
‫ستحول‬ ‫فيسبوك‬ ‫الرسالة‬
‫موقع فيس‬ ‫لسيرفرات‬
‫عليه ثم يتم‬ ‫طريف‬ ‫بني‬ ‫مباشرة‬ ‫تكون‬ ‫العملية‬ ‫لكن‬ ‫بوك وتخزن‬
‫المستقبل وهذا‬ ‫التعامل ‪Peer-to-Peer‬‬ ‫تمريرها إلى‬
‫ثالث وسيط‪..‬‬ ‫يعتبر طرف‬
‫على الرسائل لو‬ ‫االطالع‬ ‫يمكنه‬
‫أراد وحتى لو حذفت هذه الرسائل من على حسابك الشخصي فهي ستبقى مخزنة على سيرفرات الشركة‪،‬‬
‫نفس األمر تماما يحدث في التحويال ت البنكية ونحن هنا نستعين بمثال فيس بوك فقط لتسهيل الفهم وإال‬
‫فاالختالف بين التعامل المالي والرسائل المكتوبة اختالف جذري‪ ،‬لكن عمليات اإلرسال واالستقبال‬
‫والتحويالت على منصة بتكوين غير مسجلة ‪-‬بالكامل‪ -‬على سيرفرات فهي تحفظ خصوصية المتعاملين إلى‬
‫حد بعيد‪ ..‬لكنها تسجل بكيفية أخرى تعطيها امتيازا اضافيا يميزها عن الطرق التقليدية‪ ..‬اسلوب التسجيل هذا‬
‫يسمى البلوك تشين‬

‫البلوك تشين أو سالسل الكتلة هي مجموعة من العمليات المسجلة وفق تسلسل زماني ومنوعة لكل بتكوين‪،‬‬
‫هي ليست سلسلة واحدة وإنما مجموعة من السالسل مترابطة ببعضها بطرق محددة فالعملية الواحدة (أي‬
‫تغيير محفظة البتكوين) تسجل حتما على سالسل البلوك تشين التي تسجل انتقاالت البتكوين الواحد أو أجزاؤه‬
‫من محفظة ألخرى‪ ،‬بحيث أي عملية انتقال ستكون مرتبطة بعملية سابقة عليها وسترتبط بها العمليات‬

‫‪10‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫الالحقة‪ ،‬وكل عملية مشفرة ولها رمز يستحيل معه تكرار العملية أو تزويرها‪ ،‬وبما أن العمليات مترابطة فأي‬
‫تعديل على العمليات سيعني تغيير مسار السلسلة بالكامل وهو أمر‬
‫مستحيل‬

‫واألهم أن سالسل الكتل مكشوفة تماما للجمهور ومتاحة لمن يريد‬


‫االطالع‪ ،‬فالعمليات تسجل وتتاح على االنترنت كعملية فقط‪ ،‬أي‬
‫يستطي ع أي فرد رؤية أن ثالث بتكوينات انتقلت مثال من اليابان إلى‬
‫الواليات المتحدة األمريكية وعشرة انتقلت بين محفظتين ضمن‬
‫مصر مثال‪ ،‬لكن أسماء المتعاملين ال تكون متاحة أبدا وذلك لحفظ‬
‫خصوصيتهم‬

‫ولقد تم اعتماد تقنية البلوك تشين كأساس إلنتاج أغلب العمالت‬


‫الرقمية‬

‫من ينتج أو يصنع أو يطبع البتكوين؟! نظريا أي أحد‪..‬‬

‫عملة البتكوين ال يحتكر إنتاجها أحد كما ال يضمنها أحد‪ ،‬يمكن ألي‬
‫مبرمج لديه جهاز كومبيوتر ومعالج قوي أن يقوم بعمل‬
‫الخوارزميات المطلوبة إلنتاج (تعدين) وحدة بتكوين‪ ،‬وكلمة معالج‬
‫قوي ليست مجرد كلمة عابرة‪ ..‬فالعمليات تحتاج معالجات جبارة‪،‬‬
‫وإلجراء عملية تعدين واحدة هناك خوارزميات طويلة وشديدة التعقيد‬
‫ال يمكن للمعالجات العادية إجراءها‪ ،‬حتى المعالجات القوية جدا‬
‫تحتاج لوقت طويل إلنهاء هذه العمليات قد تصل الفترة أليام وأسابيع‬
‫بال توقف‪ ،‬هذا عدا عن الكم الهائل من التيار الكهربائي الالزم‬
‫لتشغيل المعالجات والذي قد يعادل ما يحتاجه ملعب كامل من التيار‬
‫خالل مباراة دولية!!‬

‫لذا يلجأ المعدنون إلى بناء مجمعات من المعالجات فائقة السرعة‬


‫ويتم ربطها ببعضها لعمل مجمع انتاج بتكوينز‪ ،‬أو يتجمعوا ضمن‬
‫غرف افتراضية كمجموعات الواتس ليتقاسمو عبئ انتاج الوحدة‬
‫الواحدة‬

‫هذا األمر ليس موحدا بين العمالت الرقمية وهو ما سنعرج عليه‬
‫الحقا‪...‬‬

‫‪11‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫تحليل ‪ VOTE‬للبتكوين‬

‫حتى اآلن يجد الكثير من الناس صعوبة في فهم كيفية عمل العمالت الرقمية‪ ،‬بل حتى مجرد وجود هكذا نمط‬
‫من الصك قد يكون ‪-‬عند البعض‪ -‬من الجنون بمكان‬

‫مجرد فكر ة أن عملة "كالبتكوين" ال يعلم تماما مطلقها وال الجهة الضامنة لها وهي من المؤكد أنها غير‬
‫مرتبطة بالذهب أو بسلة عمالت أو قيم أو يدعمها اقتصاد قوي‪،‬‬
‫مجرد وجود هكذا فكرة يدفع اإلنسان العادي لرفض التعامل بها‬
‫والمخاطرة بأمالكه معها رفضا تاما‪...‬‬
‫عملة ال يُعلم مطلقها وغري‬ ‫‪-‬‬
‫وثمة مشكلة أخرى متعلقة بالبتكوين تحديدا وهي التذبذب الواسع‬ ‫مرتبطة بالذهب وال أي شيء‬
‫بسعر تصريفها‪ ،‬فمنذ العام ‪ 2017‬شهدت عملة البتكوين قفزات‬ ‫له قيمة‬
‫متقاربة أوصلتها لل‪ 20.000‬دوالر متضاعفة بمقدار ‪ ،%1800‬ثم‬ ‫شديدة التذبذب قد ختسر‬ ‫‪-‬‬
‫هبطت الحقا إلى ‪ 3.000‬دوالر في ال‪ ،2018‬ثم عاودت الصعود‬
‫املليارات بلحظة واحدة‬
‫الحاد مع الربع األخير من ‪ 2020‬لتصل إلى ‪ 30.000‬للدوالر‬
‫اخلوارزميات املعقدة الالزمة‬ ‫‪-‬‬
‫الواحد مع نهاية العام‪ ..‬هذه التغييرات الحادة في سعر التصريف‬
‫إلنتاج الوحدة الواحدة قد يتم‬
‫أودت ببعض المضاربين ليس فقط لإلفالس وإنما لالنتحار بعد‬
‫تراكم ديون هائلة عليهم‪ ،‬وهذا يؤكد أن المضاربة بالبتكوين ال‬ ‫حلها بسرعة عرب معاجلات‬
‫ينبغي إال أن تكون جزء بسيطا من استثمارات المضاربين بسبب‬ ‫الكوانتم مما قد يطرح كميات‬
‫ارتفاع المخاطرة‬ ‫كبرية منها يف السوق وختسر‬
‫الكثري‬
‫ما الذي يدفع أحدهم ليراهن على عملة غير ملموسة وليست‬
‫مدعومة بأي مرجعية؟! في ‪ 2018‬أعلنت منصة أخبار سعر البتكوين (‪ )coin market cap‬والمتخصصة‬
‫بمتابعة تداوالت بتكوين حول العالم عدم نشرها تداوالت كوريا الجنوبية (فقط) مما أدى لهبوط القيمة‬
‫اإلجمالية لبتكوين أكثر من مليار دوالر‪ ...‬إن أي خلل أو إشاعة قد تقضي على جزء ضخم إن لم تقض على‬
‫كامل قيمة البتكوين‬

‫هذا عدا أن الخوارزميات المعقدة المستخدمة في إنتاج العملة والتي تستغرق شهورا إلنتاج وحدة واحدة من‬
‫عملة البتكوين على سبيل المثال قد يتم حلها بدقائق قريبا مع نزول المعالجات الكمية للسوق مما سينهي‬
‫محدودية العرض في السوق وسنجد فجأة الكثير من وحدات البتكوين معروضة للتداول مما سيودي بالسعر‬
‫الحالي (‪ )34.000‬إلى الهاوية‬

‫يجادل أنصار العمالت الرقمية عن التخوفات المرتبطة بها‪ ،‬فالفكرة األساسية هي أن البتكوين وأخواتها هي‬
‫بنكنوت رقمي قد يواجه مشاكل جديدة بسبب الطبيعة الجديدة للعملة‪ ،‬لكن هذا ال يعني عدم وجود مشاكل‬
‫بالشكل الحالي للعمالت‪ ..‬إن بعض االنتقادات الموجهة للبتكوين وغيرها موجودة أساسا بالعمالت الورقية أو‬
‫بالحسابات البنكية اإللكترونية حاليا‪ ..‬مثال هل الدوالر أو أي عملة في هذا العالم مرتبطة برصيد محدد من‬
‫الذهب؟؟! كال بل الدوالر تحديدا عملة معومة وسعره يرتبط بتفاوت العرض والطلب وهو بهذا مشابه‬

‫‪12‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫للبتكوين‪ ،‬حتى مخاطر التقلبات الحادة بسعر التصريف ليست حكرا على العمالت الرقمية وإن لم تكن بنفس‬
‫الدرجة لكننا الحظنا مثال العملة التركية قد فقدت حوالي ثالث أضعاف قيمتها‬
‫إبان أزمة ‪ 2017‬وذلك خالل أيام‪ ،‬ونفس الشيء بل وأكثر قد حدث للعملة‬
‫البتكوين وأخواتها بنكنوت‬ ‫‪-‬‬ ‫السورية وغيرها من العمالت التي تعرضت اقتصاداتها لهزات سياسية‬
‫رقمي جديد قد يواجه‬ ‫أو حتى إعالمية‬
‫مشاكل جديدة‬ ‫في عام ‪ 2008‬شهد العالم أزمة اقتصادية عالمية عرفت بأزمة‬
‫الثغرات اليت تربط بالنقد‬ ‫‪-‬‬ ‫الرهون العقارية والقصة أن البنوك التجارية األمريكية عملت على‬
‫الرقمي موجودة يف النظام‬ ‫التوسع في منح قروض المنازل ثم بيع سندات هذه القروض لبنوك‬
‫االقتصادي‬ ‫االستثمار والتي بدورها بدأت تتاجر بها في وول ستريت وأمنت‬
‫كل ما مت التعارف عليه على‬ ‫‪-‬‬
‫عليها لدى كبريات شركات التأمين مما خلق تجارة كاملة قائمة على‬
‫قروض لم تسدد بعد وبفوائد عالية وعندما حان موعد سداد القروض‬
‫أنه وسيلة تبادل فهو مال‬
‫تعثر بعض المقترضين من ذوي الدخل المحدود مما أدى لتهاوي العملية‬
‫برمتها فاألزمة باألساس سببها خلق قيم غير حقيقة وتضخيمها ‪ ...‬فما‬
‫الذي اختلف إذن؟!‬
‫يعرف االقتصاديون المال على أنه وسيلة تبادل تجاري‪ ،‬ويقال أن كلمة عملة مشتقة من التعامل‪ ،‬فكل ما اعتاد‬
‫الناس على التعامل به كوسيط للتجارة هو عملة‪ ،‬وبهذا ال تختلف البتكوين وبقية العمالت الرقمية عن أي‬
‫عملة كالسيكية أخرى من حيث تأدية الوظيفة األساسية المنوطة بها‬
‫لقد أتاحت تقنية بلوك تشين شفافية واضحة تماما لسير العمليات‬
‫لكنها أيضا أخفت بشكل كامل بيانات المتعاملين مما جعلها عامل‬
‫جذب للكثير من النشاطات المحرمة أو غير المصرح بها‪ ،‬كتداول‬
‫اخلصوصية اليت متنحها‬ ‫‪-‬‬
‫األفالم اإلباحية لألطفال أو اتمام صفقات المخدرات أو دفع الفديات‬
‫أصبحت عامل جذب للنشاطات‬
‫أو أجور المتعاملين على الدارك ويب أو حتى التحويالت الخاصة‬
‫احملرمة كتاجرة املخدرات‬
‫بالتعامالت النزيهة لكنها ال تخضع لرسوم التحويل الدولية‪ ..‬وهذا‬
‫يجعلنا بحالة ترقب دائم للتشريعات الحكومية التي قد تحظر فجأة‬ ‫وغريها‬
‫التعامل ضمن هذه التقنية أو على األقل تقيدها‪ ..‬هذا قد يضيق قاعدة‬ ‫يف أي حلظة قد تصدر تشريعات‬ ‫‪-‬‬
‫المتعاملين بالعمالت الرقمية مما قد يفقدها الكثير من قيمتها‬ ‫حتظرها مما يؤدي النهيار‬
‫سعرها‬
‫هذا عدا مخاطر االختراق أو ضياع كلمة السر الخاصة بمحفظة‬
‫البتكوين والتي قد تضيع معها أموال المالك‬

‫‪13‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫لكن العمالت االفتراضية تحل إشكاليات ال يستطيع النقد التقليدي حلها‪ ،‬ففي العمالت الرقمية ال يوجد تالف‪..‬‬
‫كذلك جميع العمليات منظورة وبالتالي ستوفر شفافية البيانات جهود‬
‫مضنية لدراسة محددات االقتصاد ومشاكله وغير ذلك‪ ..‬حتى‬
‫عمليات االحتيال والسرقة ‪-‬الفيزيائية‪ -‬ستضيق حدودها عند‬
‫شفافية تقنية البلوك تشني توفر‬ ‫‪-‬‬ ‫المتعاملين بالعمالت الرقمية‪ ،‬حتى مشاكل التضخم استطاعت‬
‫جهودا مضنية لدراسة حمددات‬ ‫البتكوين مواجهتها عبر تعقيد خوارزميات استخراج الوحدات‬
‫وعوامل االقتصاد‬ ‫مع زيادة عددها مما أدى لمحدودية العرض‪ ،‬وهي أيضا‬
‫يف العمالت االفرتاضية ال يوجد تالف‬ ‫‪-‬‬ ‫عالمية االنتشار بمعنى أنها ستحل مشاكل الشراء عبر‬
‫وال مزور‬ ‫االنترنت وخصوصا لألشخاص الذين ال يملكون حسابات‬
‫تضييق اجملال لعمليات االحتيال‬ ‫‪-‬‬ ‫بنكية وبطاقات دفع ائتماني عالمية كباي بال وفيزا كارد‪..‬‬
‫ستمكنهم العمالت الرقمية المشهورة من شراء حاجياتهم‬
‫والسرقة‬
‫مثل البرامج والكتب االلكترونية والكورسات بشكل بسيط‬
‫حل مشكلة التضخم عرب تقليل‬ ‫‪-‬‬
‫وسهل وآمن‬
‫عمليات االنتاج مع مرور الزمن‬
‫عاملية االنتشار حتل مشاكل الشراء عرب‬ ‫‪-‬‬
‫االنرتنت‬
‫‪-‬‬

‫‪14‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫بعض من النقاش االقتصادي‬

‫يحذر كثير من الخبراء من خطورة البتكوي ن على االقتصاد‪ ..‬وتتلخص مجمل تحذيراتهم في عدة نقاط‪..‬‬
‫التضخم‪ ،‬الفقاعة القيمية‪ ،‬مزاحمة العمالت الوطنية‪ ،‬الحساسية المفرطة لألدوات اإلعالمية وغير ذلك‪..‬‬

‫يعرف التضخم على أنه فقدان العملة لقيمتها مع مرور الزمن‪ ..‬ومن هذا التعريف ال نجد عالقة مباشرة بين‬
‫العمالت الرقمية والتضخم خصوصا مع مالحظة االرتفاع الصاروخي في قيمة البتكوين وبعض أخواتها‪..‬‬
‫لكن التأثر التضخمي موجود بالفعل وهو نابع من عدم ارتباط أغلب العمالت الرقمية بالذهب أو بالموجودات‬
‫غير النقدية ذات القيمة‪ ،‬فالتضخم ليس هو آفة العملة الرقمية فقط إنما هو مشكلة عامة لكل النقد الغير مرتبط‬
‫بالمعادن الثمينة أو غيرها من المواد ذات القيمة‪ ،‬فكل العمالت المشاهدة في زماننا ال يشكل الذهب األساس‬
‫الوحيد لضمانها إنما يشكل أحد الضمانات يضاف له سالت من العمالت األخرى (الغير مدعومة بالذهب‬
‫أيضا!) و بعض الموجودات باإلضافة إلى قوة االقتصاد المصدر لها‪ ،‬والعمالت في زماننا تعامل معاملة‬
‫السلعة نفسها تزيد قيمتها وتنقص حسب المعروض و المطلوب منها‪ ،‬لهذا ومع زيادة الطباعة من العمالت‬
‫ويحدث التضخم بالتالي‪ ،‬ومن هذه المقدمة‬ ‫الورقية يزداد العرض فتقل قيمتها السوقية‬
‫الغير مغطاة ستتعرض للتضخم ال‬ ‫(المبسطة) نالحظ أن العمالت الرقمية‬
‫مقاومة‬ ‫البتكوين‬ ‫محاله‪ ،‬وقد حاولت‬
‫برمجية خاصة تقلل‬ ‫عبر‬ ‫التضخم‬
‫الزمن‬ ‫مرور‬ ‫التأثير على‬ ‫اإلنتاج منها مع‬
‫العملة‬ ‫التضخم‬
‫الوطنية‬
‫الحساسية‬
‫المفرطة‬
‫الفقاعة‬
‫من‬ ‫المعروض‬ ‫القيمية‬ ‫وبالتالي تضييق‬
‫اإلجراء سيحد من‬ ‫العملة‪ ،‬لكن هذا‬
‫حتى مع ارتفاع قيمته‬ ‫انتشار البتكوين عالميا‬
‫وحلول جزئياته محل الوحدة الكاملة منه ‪-‬لو افترضنا أن ما نشهده من ارتفاع صاروخي في سعره ليس مجرد‬
‫فقاعة ستنفجر عما قريب‪ -‬فالواحد والعشرين مليون وحدة بتكوين المنتجة فقط في العالم لن تغطي ال هي وال‬
‫جزئياتها مهما بلغت الحاجات اإلنسانية على مستوى العالم وال حتى حاجة دولة صغيرة تعتمد بالكامل على‬
‫البتكوين‬

‫وبمناسبة الحديث عن السعر‪ ،‬أال يبدو‪ 34.000‬كسعر الوحدة مقابل الدوالر مبالغا فيه؟! لقد وجدت البتكوين‬
‫وزميالتها الجو المناسب النتشارها وتحسن سعرها مع انتشار وباء كوفيد‪ 19-‬مطلع العام ‪ ،2020‬وساعدها‬
‫هذا األمر على تجاوز خسائرها الكبيرة التي منيت بها مطلع العام ‪ 2017‬وهذا أمر مفهوم لكن االرتفاع الذي‬

‫‪15‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫حققته بسبب الجائحة انطلق من سعر ‪ 10.000‬مقابل الدوالر‪ ،‬فما الذي يمكن أن يرفع سعر عملة من قيمة‬
‫تقارب الصفر عند نشؤها قبل عشر سنوات إلى هذه األرقام الخيالية؟! هل هي البرمجة فقط؟ الحقيقة أن أشد‬
‫المؤيدين للبتكوين والعمالت الرقمية ال يدعون أن جائحة كورونا كانت فقط سببا النتعاش البتكوين بل كان‬
‫للمضاربة أثر هام جدا على ارتفاعها‪ ،‬والمضاربة عملية غير منتجة فعليا‪ ،‬وأثرها بتخفيض العملة كأثرها‬
‫بالرفع‪ ،‬ولهذا فعند األزمات االقتصادية تكافح الدول لتقييد عمل المضاربين الذين يتحول دورهم لإلضرار‬
‫الكبير على االقتصاد وهو ما ينتظر حدوثه مع البتكوين وبعض العمالت الرقمية األخرى‪ ،‬فمع البدئ بهبوط‬
‫سعر البتكوين ألي سبب كان سيتسارع الهبوط التدريجي ليصبح انحدارا حادا قد يعود بالوحدة الواحدة إلى‬
‫الثالثة آالف بل ربما األلف‪ ،‬وهو ما يسمى بانفجار الفقاعة‪ ،‬وحينها ستتالشى أموال وأحالم الكثير من‬
‫المستثمرين الصغار‪ ،‬وهذا ال يستبعد فالبتكوين تحديدا والعديد من العمالت الرقمية ليس لها أي أساس ذا‬
‫قيمة‪ ،‬وقد يجادل أحدهم في أن فكرة البلوك تشين هي بحد ذاتها قيمة وهذا صحيح إال أن األفكار تفقد قيمتها‬
‫مع مرور األزمة وظهور أفكار جديدة‪ ،‬مما سيعني تالشيا أكيدا لقيمة البتكوين بل وربما البلوك تشين نفسه‬

‫إن هواجس التالشي هذه أيا كان سببها ال تفارق أذهان الساسة وصناع القرار في أي دولة تسمح بتداول أو‬
‫ترخيص منصات المضاربة بالعمالت الرقمية‪ ،‬فهذه األزمة سيتبعها أزمات وقد حصل مثال أن تعرضت‬
‫مجموعة كوين تشيك اليابانية المتخصصة بتداول العمالت الرقمية سنة ‪ 2018‬لقرصنة إلكترونية أفقدتها‬

‫‪16‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫حوالي نصف مليار دوالر مما أثر بشدة على أسواق النقد اإللكتروني‪ ،‬وعلى هذا المنوال فإن أي مشكلة أو‬
‫حملة إعالمية مضادة كافية للتأثير على أسعار العمالت الرقمية والبتكوين منها تحديدا‪ ،‬مما قد يؤدي النهيار‬
‫قد يؤثر على قطاعات أخرى وتنهار سلسلة الدومينو وال يعلم أحد أين يقف االنهيار‬

‫وهذا مما يدل على هشاشة العمالت الرقمية ويؤكد أنها لن تقف أمام الصدمات أو األزمات االقتصادية لو‬
‫حصلت‪ ،‬حتى أن حملة إعالمية أو مجرد إشاعة قد تؤدي الختفاء مليارات الدوالرات التي خلقت أصال من‬
‫العدم‪ ،‬وهناك من يفترض أن بتكوين تحديدا وبعض العمالت األخرى لم يرفعها لسعرها هذا أصال إال اإلعالم‬
‫والعملية برمتها غير بريئة بل يقف ورائها أجهزة استخبارات غربية مدعومة بفريق تقني محترف‪ ،‬والهدف‬
‫منها سرقة أموال الناس والتأثير على اقتصاديات الدول المنافسة أو غير ذلك مما ال يعلم‬

‫إضافة لما ذكر فاالستث مار في العمالت االلكترونية سيحد من االستثمار باألسهم والسندات للشركات المحلية‬
‫مما سيعني نقصا في تمويل المشروعات وقد يؤدي النزياح النقد أو العملة الصعبة إلى خارج البالد وهذا بحد‬
‫ذاته مشكلة كبرى‪ ،‬يضاف لها مشكلة أخرى من ذات النمط وهي اعتماد األفراد في تداوالتهم على العمالت‬
‫الرقمية األجنبية أو المجهولة وذلك على حساب العمالت الوطنية المطبوعة والمدعومة مما قد يؤدي لزيادة‬
‫المعروض منها وفقد قيمتها بالتالي (تضخم العملة الوطنية)‬

‫وبالمقابل فللعمالت الرقمية آثار إيجابية على االقتصاد الكلي منها زيادة الشمول المالي‪ ،‬أي زيادة نسبة‬
‫المودعين والمتعاملين مع البنوك‪ ،‬لكن هذا لن تظهر إيجابياته إال بحال التعامل بالعمالت الرقمية المستقرة أو‬
‫الوطنية المصدرة من قبل البنوك المركزية‪ ،‬والعمالت المستقرة هي العمالت المرتبطة بأساس حقيقي كمعادن‬
‫نفيسة أو سلة عمالت ولها عدة أشكال سنأتي عليها الحقا‪ ،‬ويضاف للمزايا المذكورة طبعا مزايا رقمنة‬

‫‪17‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫األعمال كالسرعة والدقة واختصار الوسطاء بسبب التعامل الندي ‪ ،Peer-to-peer‬ومنح التنوع النقدي‬
‫خصوصا في االقتصادات المتعبة والتي تعاني عملتها من ضغوط خارجية‬

‫القيمة السوقية ألهم العمالت قبل ‪( 2020‬البنك المركزي األوربي)‬

‫ارتفعت القيمة السوقية للعمالت المشفرة بنهاية ‪ 2017‬لتصل إلى أكثر من ‪ 300‬مليار دوالر ثم تجاوزت‬
‫حاجز ال‪ 800‬مليار مع نهاية ‪ ،2018‬ومع بداية ‪ 2019‬هوت العمالت المشفرة بشكل حاد لتصل إلى ‪105‬‬
‫مليار دوالر أي ثمن القيمة السوقية أثناء ‪ ،2018‬صحيح أنها عاودت تعويض الخسائر وقيمتها حاليا تخطت‬
‫الترليون دوالر لكن من يدري متى ستهوي مجددا؟!‪ ،‬وهل ستعاود الصعود والتعويض؟؟‬

‫‪18‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫تهيمن حاليا بتكوين على سوق العمالت المشفرة وتستحوذ على ما قيمته ‪%71‬من السوق‪ ،‬تليها عملة إيثريوم‬
‫‪ ،%11‬ثم ريبل ‪ ،%1.5‬والباقي لبقية العمالت‪ ،‬وال تشكل القيمة النقدية للعمالت الرقمية نسبة كبيرة مقابل‬
‫العمالت الورقية لكنها تفرض نفسها مع مرور الزمن مع ازدياد حجم التعامل اليومي ليصل إلى عشرات‬
‫اآلالف‪ ،‬وتحتاج العمالت الرقمية بالعموم‪ :‬إلى مزيد من ثقة الحكومات بها؛ وفتح المجال لها في مختلف‬
‫التعامالت؛ ثم تركها لحرياتها مع بعض القيود الضامنة لعدم وقوع كوارث مالية‪ ...‬وذلك حتى تحافظ على‬
‫مرابحها وإال فالصعود الصاروخي الذي نشهده اليوم سيتبعه انهيار صاروخي أيضا‪ ،‬وقد تكون وطأة الهبوط‬
‫المنتظر أخف على العمالت المستقرة‬

‫‪19‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫ما هي العمالت المستقرة؟‬

‫هي العمالت المرتبطة بأصول ذات قيمة بذاتها كالعمالت التقليدية والمعادن النفيسة أو قد ترتبط بعمالت‬
‫رقمية أخرى ذات قيم كبيرة وثابتة أو قد تبنى برمجيتها على خوارزميات تخميد التذبذب مما يساعد على‬
‫استقرارها بشكل جيد‬

‫والطريقتين األوليين (االرتباط بالمعادن الثمينة أو العمالت التقليدية) أكثر ضمانا وأقل تعقيدا أما الطريقتين‬
‫التاليتين (االرتباط بعمالت رقمية أخرى أو االعتماد على خوارزميات التخميد) أكثر تعقيدا وأقل ضمانا‬

‫في ‪ 2014‬أعلنت شركة "تيثر" عن أول عملة مستقرة ومرتبطة بالدوالر (‪ )USDT‬على أن تمثل كل واحدة‬
‫منها دوالرا أمريكيا واحدا‪ ،‬ثم أتبعتها بتشكيلة من العمالت بنفس المبدأ‪ ،‬وأعلنت أنها ستنشر رصيد حسابها‬
‫البنكي بشكل دوري لتؤكد للمتابعين والمتعاملين عن أن القيم التي بحوزتهم تمثل قيما حقيقة موجودة في‬
‫أرصدة البنوك‪ ،‬وأتبعت الشركة خطوتها هذه بأن أعلنت عن عملتها تكساو (‪ )TXAU‬المرتبطة بالذهب‬
‫والتي تساوي الواحدة منها أوقية من الذهب (حوالي ‪ 28‬غراما)‪ ،‬لكن العمالت من هذا النمط لم تجد الدعم‬
‫المناسب بالرغم من الفكرة الرائعة التي تقوم عليها والتي تحمي بالتأكيد المدخرين والمستثمرين والمتداولين‬
‫لها على حد سواء وهذا قد يبدو مستغربا ويشير إلى األيادي الخفية التي تسير السوق الرقمية وهو ما يؤكد‬
‫عليه دائما أعداء الفكر الرأسمالي‬

‫كذلك أعلنت شركة فيسبوك العالمية أنها ستطلق عملة رقمية مستقرة تكفلها وتعتمد على سلة من العمالت‬
‫إضافة لقيمة فيسبوك السوقية‪ ،‬وأسمتها ليبرا وتوعدت إطالقها في مستهل العام ‪ ،2020‬لكن ظروفا غامضة‬
‫حالت دون إطالق العملة وتمام المشروع والحقيقة أن مثل هذه الخطوة كانت ستسحب البساط من تحت الكثير‬

‫‪20‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫من العمالت الرقمية وحتى التقليدية خصوصا مع انتشار وشهرة موقع فيسبوك (ثلث سكان العالم يملكون‬
‫حسابات عليه) وربط العملة بأصول نقدية‪ ،‬ولهذا تم إجهاض المشروع بصمت ‪..‬‬

‫وبالتزامن مع القضاء على ليبرا نشأت شركة ريبل وأنتجت عملتها وفق خوارزميات الربط بتوقعات‬
‫المتعاملين‪ ،‬حيث تطرح الشركة ‪ %40‬من رصيد وحدات الريبل المنتجة وتحتفظ بال‪ %60‬الباقية‪ ،‬وتقدر‬
‫الخوارزميات عبر العقود الت ي يجري إبرامها على الشبكة الحاجة لوحدات الريبل والنقص المتوقع فتطرحه‬
‫في السوق من الرصيد المدخر‪ ،‬فاألمر برمته تجري إدارته عبر برمجيات ذكية وال يتدخل اإلنسان ‪-‬حسب‬
‫ادعاء الشركة‪ -‬بإصدار الوحدات‪ ،‬ورغم النجاح الذي حققته عملة الريبل هناك مخاوف كبيرة من حدوث خطأ‬
‫ب رمجي يؤدي لطرح كمية زائدة عن الحاجة مما قد يؤدي النخفاض فجائي في قيمة العملة وخسارة المليارات‬

‫‪21‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫بعض الفتاوى المتعلقة بالبتكوين‬

‫جرى تناول العمالت الرقمية كنازلة غريبة قليلة التكرار في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬وامتنع الكثير من العلماء عن‬
‫الفتوى بجواز أو تحريم التعامل بالعمالت الرقمية من حيث االستثمار (المضاربة)‪ ،‬أو التبادل أو االدخار‪ ،‬مع‬
‫نصحهم باالبتعاد عن هذا المجال قدر اإلمكان‬

‫في عددها الثامن تناولت مجلة بيت المشورة العمالت الرقمية وحكمها بشيء من التفصيل‪ ..‬وسنقتصر في‬
‫بحثنا هنا على نسخ الحكم في نهاية المقالة فقط لما فيه من فائدة ولعدم اإلطالة‪..‬‬

‫(إن العمالت المشفرة تقوم بوظيفة النقود جزئيا وتسري فيها األحكام الشرعية المعروفة نظرا لعلة الرواج‬
‫والثمنية فيها‪ ،‬ولكن ال يعني اعتبارها نقودا وأثمانا أنه يجوز التعامل بها أو اتخاذها كنظام نقدي أو ترخيصها‬
‫للتداول العام‪ ،‬فهذ الحكم مستقل من حيث هو؛ ألنه مبني على قرار سيادي يراعي مسائل الكفاءة االقتصادية‬
‫والتقنية والقانونية والتنظيمية التي تحقق المصلحة العامة‪ ،‬والتي نرى أن هذه العمالت ال تحققها‪ ،‬وأبرز هذه‬
‫القوادح فيها ما يلي‪:‬‬

‫إصدارها من قبل جهات خاصة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫عدم خضوعها للتنظيم والرقابة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم القدرة على التحكم في اإلصدار النقدي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اضطراب قيمتها اضطرابا كبيرا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم كفاءتها التقنية (بالشكل األمثل والمطلوب والمتوافق مع تطور المجتمعات المعاصرة)‬ ‫‪-‬‬

‫وعليه فنرى أنه بناء على سلطة الفقيه في المنع سدا للذريعة؛ فإنه ال يجوز للناس التعامل بهذه العمالت‬
‫بخاصة إذا عاضد المنع حكم من قبل جهات رسمية والذي قد يبطل قيمتها‪...‬‬

‫أبرز القوادح فيها ما يلي‪:‬‬

‫إصدارها من قبل جهات خاصة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫عدم خضوعها للتنظيم والرقابة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم القدرة على التحكم في اإلصدار النقدي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اضطراب قيمتها اضطرابا كبيرا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهذا حكم مصلحي يزول بتغير الظروف والمصالح‪ ،‬كحاجة أقلية محتاجة لالستقالل النقدي عن دولة معتدية‬
‫أو ظالمة ال تحقق مقاصد الشريعة اإلسالمية في إقامة العدل المالي والنقدي بين الناس فتخضع األحكام آنذاك‬
‫للموازنات المصلحي الشرعية بتقدير كل حالة على حدة وفي حالة عدم توافر أنظمة نقدية أقل ضررا وهذا‬
‫من الصعوبة بمكان ال يتصور إال أنه يوضع كشرط احتياطي احترازي في الفتوى‪ ،‬وهللا أعلم)‬

‫‪22‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫مستقبل العمالت الرقمية‬

‫يتفق عدد كبير من االقتصاديين والمنظرين على أهمية العمالت الرقمية وأنها ستنمو ويزداد انتشارها في‬
‫المستقبل‪ ،‬لكن ثمة اختالف عريض حول الماهية التي ستغدو عليها والقوانين التي ستحكمها والمجاالت التي‬
‫ستدخلها أو ستمنع من دخولها‪ ،‬خصوصا مع انتظار الجميع النفجار فقاعة البتكوين وما ستخلفه هذه الفقاعة‬
‫من أضرار نفسية واقتصادية وإمكانية إصالح هذه األضرار من عدمه فيما بعد‬

‫بينما تواصل البتكوين وبعض العمالت األخرى صعودها االستثنائي تحافظ العمالت المستقرة وخاصة‬
‫المرتبطة منها بالعمالت والمعادن الثمينة على قيمتها وال تسجل طفرة سوقية كالتي نراها عند البتكوين‪ ،‬لكن‬
‫أزمة واحدة في هذا المجال ستضع النقاط على الحروف وستظهر القيم الحقيقة بعد أن يزول بهرج اإلعالم‬
‫وأطماع المضاربين‪ ،‬وال يعلم أحد موعد هذا النفجار وال الكيفية التي سيحصل بها وال النتائج التي ستنتج‬
‫عنه‪ ،‬إال أن الجميع تقريبا متفق على حتمية انفجار فقاعة البتكوين وما شاكلها‪ ،‬ولهذا وجدنا دولة مثل الصين‬
‫تسمح بوجود كبريات محطات التعدين‪ ،‬بينما تحظر تداول عملة البتكوين‪ ،‬وكأنها تريد االستفادة من القيمة‬
‫المبدئية دون الدخول في مقامرة المضاربة‬

‫إحدى محطات تعدين البتكوين في روسيا‬

‫لكن في المقابل نجد أن معظم الحكومات اتجهت نحو إصدار عمالت رقمية موازية لعمالتها الوطنية وذلك‬
‫لوعيهم ألهمية وجود العمالت الرقمية ولدورها المستقبلي ولتقييد عمل العمالت الخاصة العابرة للحدود في‬
‫ظل وجود البديل الوطني‪ ،‬ومثل هذه الخطوات يجب أن تكون متأنية مدروسة تسبقها مراحل اختبار ومراجعة‬
‫وتقويم‬

‫‪23‬‬
‫قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار‬

‫وفيما يتجه العالم نحو رقمنة عمالته الوطنية إلتاحة المزيد من الديناميكية للعمليات التجارية قد يبدو منطقيا‬
‫إقدام العصابات الخارجة عن القانون والحركات الثورية على إصدار عمالت خاصة بها لتيسير التبادل‬
‫التجاري في مناطقها وتحررها من ربقة عملة العدو‪ ،‬وال يبدو ذلك مستحيال خصوصا مع اتباع تقنية العمالت‬
‫المستقرة المرتبطة بالذهب أو الفضة والتي تكفل استقرارا ماليا يوفر الكثير من البحوث المعقدة‪ ،‬ومثل هذا‬
‫اإلنجاز ال يحتاج إال ألرضية تقنية صلبة لدى الجهة المصدرة تحميها من االختراق واألعطال التقنية‪،‬‬
‫وبانتشار اإلنترنت في كل بيت ومتجر سيكون سهال تداول النقد الرقمي عبر الهواتف الذكية‬

‫وفي الختام‬

‫كنتيجة لما سبق‪ ..‬قد يكون دخول عالم العمالت الرقمية والبتكوين خصوصا مغامرة ال ينبغي على المرء‬
‫خوضها‪ ،‬خصوصا من ال يملك مالءة مالية يستند عليها في حال حدوث االنكماش المفاجئ‪ ،‬فاألمر أشبه‬
‫بالمقامرة وال يمكن ألحد أن يزعم العلم األكيد بتوجهاتها المستقبلية إن كانت للصعود أو النزول حتى لو كان‬
‫خبيرا اقتصاديا‪ ،‬انما يست طيع الخبراء توقع ردات فعل الجمهور المتعامل لكن األمر ال يقف عند هذا الحد‬
‫فقط‪ ،‬فاإلعالم له دور كبير جدا على حركتها واألهم من اإلعالم األيادي الخفية التي تقف وراء إنشائها أو‬
‫إدارتها‪ ،‬وال يعقل أن تترك عملة كالبتكوين بال إدارة مركزية كما يدعي مطلقوها ‪ ،‬وال يقاس األمر بتوقع‬
‫حركات العمالت التقليدية‪ ،‬فاألمر هنا مختلف من حيث المنشأ والمؤثرات‪ ،‬ففيما تصدر العمالت الوطنية عن‬
‫دول مهتمة باالستقرار وتدعيم االقتصاد ال محلي تنشأ العمالت الرقمية بمجملها عن شركات وهيئات خاصة ال‬
‫تهتم إال بالربح وأمور أخرى مجهولة ال يعلم أحد مدى خطورتها‬

‫يستثنى من ذلك العمالت الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية‪ ،‬والعمالت المستقرة المرتبطة بأصول قوية‬
‫كالذهب وسالت العمالت القوية‪ ،‬فهذا النوع من النقد أكثر حفظا للقيمة وهو كنقد رقمي أكثر قدرة على تجاوز‬
‫الحدود السياسية‪ ،‬لكن تكمن مشكلته في ضيق مساحة قبوله كوسيلة تداول وهذا أمر نعتقد أنه مقصود‬

‫انتهى‬
‫‪24‬‬

You might also like