Professional Documents
Culture Documents
البتكوين
البتكوين
خالصة
نشأت النقود منذ القدم وتطورت مع مرور الزمن حتى وصلت إلى أرصدة رقمية في البنوك مما شجع
المبرمجين لطرح فكرة وجود نقود رقمية ،تم طرح أول عملة رقمية (بتكوين) سنة 2009بعد اختراع تقنية
البلوك تشين التي حلت كثيرا من مشاكل االختراق والتزوير
لكن الفكرة قد ال تكون بهذه البراءة خصوصا أن منتج العملة غير معروف يختبئ تحت اسم مستعار ،وعملة
البتكوين تحديدا ال تملك أي رصيد بنكي وال ذهبي تستند عليه في قيمتها وتداوالتها ومع هذا فسعرها اآلن
جاوز ال 34.000دوالر حتى تاريخ كتابة هذا التقرير ،وقد تكون العملة اخترعت أصال إلعادة األصول
الهاربة من أمريكا عقب األزمة العالمية (أزمة الرهون العقارية) سنة 2008
لم تتقبل جميع األنظمة وجود عمالت رقمية ضمن نطاق حكمها فقامت روسيا والصين وغيرها من الدول
الشرقية بحظر تداوالت البتكوين على أراضيها بينما ترددت الدول العربية ولم تبد موقفا نهائيا وحاسما تجاه
البتكوين أو غيرها من العمالت
العمالت الرقمية تقوم كلها على تقنية تسمى بلوك تشين وهي عبارة عن سالسل رقمية تحتوي العمليات التي
طرأت على البتكوين أو أحد أجزاءه والسالسل هذه مرتبطة ببعضها ومشفرة تماما ومكشوفة -دون المساس
بخصوصية المتعاملين -لمجتمع المبرمجين والمعدنين بحيث يستحيل تعديلها أو تزويرها
تقنيات العمالت الرقمية والبتكوين منها على الخصوص تنطوي على بعض المخاطر لكنها تمنح إيجابيات ال
تتيحها العمالت التقليدية ،وخطورتها أيضا تمس الفرد واالقتصاد الوطني على حد سواء لذا يجب التعامل
معها بحذر شديد
تم إنشاء نقود رقمية مرتبطة بأرصدة من أصول مختلفة كحل للكثير من مشاكل البتكوين وما يشابهها سميت
بالعمالت المستقرة لكنها لم تحظ باالهتمام الالزم
اختلف علماء الشرع حول الفتوى بحرمة أو تحليل التعامل بالبتكوين تحديدا وغيرها من العمالت الرقمية
والغالب منهم رغم امتناعه عن الفتوى إال أنه نصح باالبتعاد عن البتكوين وما يشابهها ،وصدرت مقالة من
مجلة بيت المشورة العلمية لم يجز التعامل بالبتكوين
من الواضح أن مستقبل العمالت الرقمية حافل ومشرق لكن ال تعلم الكيفية التي ستكون عليها ألنها بصورتها
الحالية غير آمنة وقد تكون فقاعة ستنفجر بأي وقت وتنهار معها اقتصادات وأحالم مستثمرين
1
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
فهرس وأفكار:
مقدمة
لماذا البتكوين ....من المستفيد من وجود عملة رقمية في هذا العالم 6 ................................................
2
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
بتاريخ 2020/12/21طالبت الحكومة الروسية من المسؤولين الكشف عن أرصدتهم وأرصدة أسرهم من
عملة البتكوين ،وطالبت في قرارها المسؤولين بإخطارها بالتحوالت الكبيرة لدى هذه األرصدة ،سبق قرار
الروس هذا إعالن حركة حماس قبولها التبرعات بالعمالت الرقمية ال سيما البتكوين ،وإعالن العديد من
الوكاالت المخابراتية ضرورة تقنين األسلوب الرقمي للتعدين والتبادل لما الستمرار الوضع على ما هو عليه
من مخاطر على أمن الحكومات.
سنبحث في الصفحات التالية موضوع العمالت الرقمية لنحاول التنقيب عن مزاياها وعيوبها واستكشاف
ماهيتها واألسس التي قامت عليها ونكتشف ما خفي عنها ونستطلع أثرها على الفرد والدولة ونرى رأي
الشرع بها لنخرج بخالصة نافعة عن العمالت الرقمية والبتكوين منها تحديدا إن شاء هللا
هذه املقالة حتتوي على ما يقارب 5.000كلمة وحتتاج ل 45دقيقة من القراءة العادية أو 120دقيقة من
القراءة املتأنية..
3
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
ال يعلم تاريخ محدد العتماد العمالت أيا كان شكلها كأداة للتبادل كما ال يعلم على وجه التحديد الحضارة التي
كان لها قصب السبق في اعتماد عمالت تغني مستخدميها عن وسيلة المقايضة لتأمين الحاجات اليومية
لألفراد واألسر أو حتى الحكومات
قديما استعملت األصداف من نوع وشكل محدد من قبل الصينيين واستعملت الحجارة والعظام والخرز
واستعمل غيرها إلى أن اكتشف الذهب ليشكل بخصائصه الفريدة وحدة تسعير وادخار ممتازة ومحل اجماع
لدى كافة الحضارات القديمة ،واعتمدت الفضة لدى العديد من الحضارات ال سيما الشرقية منها كرديف
للذهب وبقي األمر على ما هو عليه حتى بدايات القرن الثامن عشر لتظهر فكرة الكمبياليات كأول أنواع
األوراق المالية والتي وفرت جهود نقل والمخاطرة بالذهب
األسلوب األول للتبادل
المقايضة
الكمبياالت الشيكات
ظهور البنكنوت
بدأت بعمليات محصورة بين البنك الفيديرالي والبنوك األخرى ثم انتشرت حتى شملت التعامالت الصغيرة
النقود اإلفتراضية
فكرة وجود قيم مالية مختزلة على أوراق فتحت للبنوك وأصحاب رؤوس األموال الكبيرة إنتاج تصميم موحد
الشكل والقيمة واعتماده لحامله وذلك لتوفير جهود الكتابة الرسمية بالنسبة للقيم الصغيرة المتكررة وهنا
تحديدا بدأت فكرة البنكنوت تلوح باألفق
بعيدا عن التفصيل ..ارتبطت البنكنوت ابتداء بالذهب كمحدد للقيمة وحددت كل دولة قيمة عملتها مقابل الذهب
في اتفاقية بريتن وودز الشهيرة التي تم توثيقها ضمن أروقة األمم المتحدة حديثة التشكيل حينها ،واستمر
األمر على هذا النحو حتى جاء الحدث المعروف وأعلن الرئيس األمريكي ريتشارد نيكسون عن فك ارتباط
الدوالر بالذهب مشكال حينها صدمة عرفت بصدمة نيكسون ،لتصبح قيمة الدوالر محددة على أساس العرض
4
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
والطلب ،والحجة أن الذهب وإن كان ذو قيمة بذاته إال أن الدوالر ذو قوة يكتسبها من قوة االقتصاد المصدر
له ،ثم من قال أن القيمة محصورة بالذهب؟؟؟ أليست األفكار واإلبداعات ذات قيمة هي أيضا؟؟؟؟!
الجميع أصيب بصدمة نيكسون إال أن الجميع لحق بركب الواليات المتحدة في النهاية ،وصار لكل عملة قوة
تستقيها ال من قوة الذهب فقط ،بل من قوة اقتصاد البلد المنتج أيضا ..هذا أيضا فتح الباب لنوع جديد من
مكافئات التبادل ،فالصفقات مع تضخم االقتصادات لم تعد بالماليين بل بالمليارات ..وبالتالي لو أن بلدا أراد
إجراء صفقة سالح مثال فهل عليه إرسال طائرة أو باخرة محملة بالنقود؟ ...
مع تطور التكنلوجيا ودخول الكومبيوتر في عالم االقتصاد ،جرى اختزال العديد من دفاتر الحسابات
والعمليات المالية ضمن بيانات رقمية على الكومبيوترات وزاد األمر براقة مع انتشار اإلنترنت وإمكانية
توحيد العديد من قواعد البيانات للبنوك مع فروعها بما يوفر نقل كميات ضخمة من الدفاتر والورقيات وحتى
األموال ..مثال لو أن شركة متخصصة في صناعة السيارات اشترت صفقة إطارات من شركة أخرى فيكفي
إجراء بضعة كبسات على الكومبيوتر لنقل قيمة الصفقة من حساب الزبون إلى حساب المصدر والذي قد ينقله
بعد فترة وجيزة إلى حساب منتج آخر في مكان آخر ليتعامل مع الفرع الموجود هناك ....وهنا نشأت
الحسابات الرقمية ،وانتقلت من عالم الصفقات الكبيرة حتى العمليات اليومية للفرد الذي وجد أنه من األسهل
عليه حمل بطاقة ائتمانية من حمل مجموعة من األوراق النقدية التي قد تنفذ في لحظة حرجة أو تتلف أو
تسرق ،وبهذا انتقل جزء ضخم من القيمة إلى ذواكر حواسيب البنوك بعد أن كانت أصدافا قبل 3000سنة ثم
ذهبا ثم سندات ثم أوراقا مالية
اآلن إذا كانت وسيلة التبادل األكثر استعماال هي دوالر موجود برمجيا ...فما المانع من وجود عملة مبرمجة
من األساس؟؟!
5
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
لماذا البتكوين؟!
مع تزايد االعتماد على النت وتفوق األجيال الجديدة من أجهزة االتصال على التحديات التي قيدت عمل
سابقاتها ،ظهرت أنماط جديدة من الخدمات والسلع ،وأساليب تبادل جديدة اعتمدت على الشبكة العنكبوتية
بشكل كبير ،كبرامج التواصل الصوتي والفيديو والدورات التدريسية والجامعات االفتراضية والمحتوى الفني
الرقمي كاألغاني واألفالم والتي صارت متاحة للتنزيل المباشر عبر اإلنترنت بدال من شراء أقراصها
األصلية ،يضاف لها الكتب اإللكترونية وغير ذلك من المنتجات والخدمات التي تحتاج بطاقات ائتمانية عالمية
أو أساليب دفع مبتكرة إلتمام عمليات البيع والشراء الخاصة بها
ومع دخول العالم في األزمة االئتمانية المعروفة بأزمة الرهن العقاري والتي شكلت فقاعة أدى انفجارها في
النهاية إلفالس العديد من البنوك وتالشي مليارات الدوالرات ،مما خلف كسادا على المستوى العالمي كان
البد من إظهار ابتكارات جديدة تنشط السوق من جديد وترقع الطابع "المعولم" لالقتصاد الحديث والذي كان
يعاني بشدة في تلك الفترة
كانت فكرة العمالت الرقمية ليست وليدة اللحظة لكن إخراجها للعالنية
استيقظ العالم وهو في هو الجديد وهذا يطرح العديد من عالمات التعجب واالستفهام ابتداء،
خضم مشاكله على ورقة فالعالم استيقظ وهو في خضم مشاكله على ورقة بحثية منشورة على
بحثية منشورة على النت
النت ومعنونة بـ ( Bitcoin A Peer-to-Peer Electronic
و ُم َع ْن َونة بـ
)Cash Systemأي (بتكوين ..نظام الدفع اإللكتروني الندي)
(Bitcoin A Peer-to- والورقة بحد ذاتها لم تحدث ضجة خصوصا أن مؤلفها لم يفصح عن
Peer Electronic
هويته ،ثم كان التطبيق المباشر بالعملة الرقمية األولى بعد عام
)Cash System
واحد ،فمن صاحب الفكرة؟! ومن هم داعموه؟! ولماذا اإلعالن اآلن
وقد طرحت الفكرة للمرة األولى من عشر سنوات؟ وكيف لورقة بحثية
أن تتحول لمنتج بعد عام واحد مع أن مثل هذه المشاريع يحتاج لسنوات
من التخطيط والتهيئة؟!
إن أحدا لم يجب على األسئلة الكثيرة المطروحة لكنها كانت عملة البتكوين وكانت تقنية البلوك تشين المبتكرة،
ثم كان سوق العمالت الرقمية الذي أنسى المضاربين مشاكلهم مع الرهون العقارية
6
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
القصة من البداية
في عام 1998طرحت فكرة عملة رقمية في أوساط المبرمجين الصينيين ولكن الفكرة لم تكن واضحة المعالم
خصوصا مع وجود مخاطر االختراق وضعف الشبكة العنكبوتية النسبي في ذلك الوقت ،الحقا ..وفي عام
2007بدأت فكرة نظام تشفير وضبط العملة الرقمية يتبلور في ذهن مبرمج -أو مجموعة من المبرمجين-
فضل التخفي حتى يومنا هذا
عمليات التداول ضمن سالسل الفكرة تقوم باألساس على تسجيل جميع
ابقاء الجهات المتعاملة رقمية مشهورة ومتاحة للجميع لكن مع
ألنها مسجلة ومرتبطة وفق مجهولة ،وتعتمد العمليات على بعضها
هذه السالسل ،وبهذا حافظ سالسل رقمية ليس ألحد سلطة تعديل
من خالل اخفاء منشئ الفكرة على خصوصية المتعاملين
التعديل -العبث- بياناتهم كاملة في نفس الوقت جعل عملية
العمليات ومرتبط مستحيلة ألن العملية الواحدة مرتبطة بما قبلها من
العمليات بها ما بعدها ...فتعديلها يوجب تعديل جميع
الالحقة..
7
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
وتفضيلهم عدم التعامل الفيزيائي المباشر مع اآلخرين مما جعل العملة الرقمية وسيلة مثالية للتسديد ولعل من
أهم األسباب التي أدت الرتفاع سعر التصريف وإثبات نفسها كعملة ووسيلة تبادل هو سالسل الكتلة التي
صارت فيما بعد األساس ألي عملة مشفرة الحقة
عند نشوء البتكوين تم تصميم برنامج خاص بها ليكون نافذة التداول إلى اإلنترنت ،البرنامج كان مفتوح
المصدر بمعنى أن بإمكان أي مبرج أن يعدل بالبرنامج ويستنسخ تصميمه لينتج برنامجا جديدا بما يالئم
المصمم الجديد
فتح هذا األمر المجال للعديد من الطامحين لبناء برامج وعمالت خاصة بهم متبعين طريقة سلسلة الكتلة التي
قد تكون االكتشاف األهم في العقد األول من األلفية الثالثة ،وبهذا تولدت الكثير من العمالت الرقمية مما حدى
بالعديد من الحكومات التفكير بإطالق عمالتها الوطنية الرقمية ،واليوم كل من أمريكا وتركيا والصين
والسويد ودول أخرى حتى حكومة العصابة الحاكمة في سوريا أعلنت أنها تفكر أو بدأت فعليا بإنتاج عملتها
الرقمية ،وزادت العمالت التي يجري تداولها فعال على األسواق الرقمية زادت على الـ 4000عملة أشهرها
بتكوين وإيثريوم ودوغيكوين واليتكوين وريبل وغيرها...
8
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
قد تكون حكومة اليابان األكثر حماسا للتعامل بالعمالت الرقمية ،يفسر ذلك طبيعة الثقافة الحداثية المسيطرة
هناك ،لذا اعترفت حكومة اليابان رسميا بالبتكوين وأجازت تداولها ضمن بورصاتها المرخصة سنة 2017
تبعتها ألمانيا واعترفت بالبتكوين كعملة قائمة بذاتها وفرضت رسوما على تداوالتها -ضرائب -وذلك في
،2017أما الواليات المتحدة األمريكية فقد سمحت بتداول البتكوين في بورصاتها ،حيث أعلنت بورصة
نيويورك عن إطالق أول عقد مستقبلي للبتكوين ،وتبع ذلك مجموعة من الدول منها سنغافورة وإستونيا
وبريطانيا وغيرها
في الطرف الشرقي من العالم نالحظ أن الحكومات ذات الخلفية االشتراكية لم ترتح كثيرا لفكرة العمالت
المشفرة وخصوصا المعو مة منها كالبتكوين وغيرها ،رغم أن مجتمعات المبرمجين ضمن هذه الدول ساهمت
بقوة في تجمعات التعدين ،وشنت حكومات روسيا والصين حمالت إعالمية رسمية وغير رسمية بهدف إبعاد
العوام عن االستثمار أو المضاربة في العمالت الرقمية وخصوصا البتكوين ،وقامت الصين بحظر التعامل
بالبتكوين بشكل كامل ،لكن نفس هذه الحكومات أعلنت فيما بعد نيتها إطالق عمالتها الرقمية الخاصة
الدول العربية أبدت تخوفا عام وترددا إزاء السماح بالتعامل ،السعودية والجزائر والمغرب أجازت التعامل
بالبتكوين ثم تراجعت وأصدرت المغرب قوانين تحرم بالكامل التعامل بالعمالت المشفرة وخصوصا
البتكوين ،أما لبنان فمازالت األمور غير واضحة هناك حيث أعلنت الحكومة في العام 2017السماح بتداول
العمالت المشفرة ثم حرمت ذلك الحقا ولكن بشكل غير جدي
9
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
الفكرة مبدئيا ال تختلف كثيرا عن البتكوين ...يكفي أن تحمل برنامج التعامل مع العملة وهو متاح ومجاني
وتوفره العديد من المنصات ،ثم تقوم بإنشاء محفظة إلكترونية لها رقم تعريفي وكلمة مرور ،وهذا يشابه
الحساب الشخصي على موقع فيس بوك
اآلن لديك محفظة إلكترونية فارغة تستطيع تعبئتها من خالل شراء وحدات من العملة الرقمية أو أجزاء
الوحدات وهي ما يعرف بالساتوشي حيث تشكل العشرة مليون ساتوشي بتكوين واحد
يتوجب عليك للحصول على رصيدك من البتكوين الشراء من أحد المالكين والذي يستطيع وبعملية سريعة أن
يحول لك الوحدات عبر المعرف الخاص بك أو عليك أن تخلق البتكوين الخاص بك!..
والتحويل يكون بين المتعاملين فقط Peer-to-peerوهذه ميزة مهمة جدا في البتكوين ،بمعنى أنه ال يوجد
بين طرف ثالث وسيط
مثال ..لو أنك المتعاملين...
عبر تطبيق تشابه عملية تبادل النقد االفرتاضي إرسال أرسلت رسالة
المرتبط ماسنجر
الرسائل عرب تطبيق ماسنجر املرتبط مبوقع
بوك فإن هذه بحساب الفيس
ستحول فيسبوك الرسالة
موقع فيس لسيرفرات
عليه ثم يتم طريف بني مباشرة تكون العملية لكن بوك وتخزن
المستقبل وهذا التعامل Peer-to-Peer تمريرها إلى
ثالث وسيط.. يعتبر طرف
على الرسائل لو االطالع يمكنه
أراد وحتى لو حذفت هذه الرسائل من على حسابك الشخصي فهي ستبقى مخزنة على سيرفرات الشركة،
نفس األمر تماما يحدث في التحويال ت البنكية ونحن هنا نستعين بمثال فيس بوك فقط لتسهيل الفهم وإال
فاالختالف بين التعامل المالي والرسائل المكتوبة اختالف جذري ،لكن عمليات اإلرسال واالستقبال
والتحويالت على منصة بتكوين غير مسجلة -بالكامل -على سيرفرات فهي تحفظ خصوصية المتعاملين إلى
حد بعيد ..لكنها تسجل بكيفية أخرى تعطيها امتيازا اضافيا يميزها عن الطرق التقليدية ..اسلوب التسجيل هذا
يسمى البلوك تشين
البلوك تشين أو سالسل الكتلة هي مجموعة من العمليات المسجلة وفق تسلسل زماني ومنوعة لكل بتكوين،
هي ليست سلسلة واحدة وإنما مجموعة من السالسل مترابطة ببعضها بطرق محددة فالعملية الواحدة (أي
تغيير محفظة البتكوين) تسجل حتما على سالسل البلوك تشين التي تسجل انتقاالت البتكوين الواحد أو أجزاؤه
من محفظة ألخرى ،بحيث أي عملية انتقال ستكون مرتبطة بعملية سابقة عليها وسترتبط بها العمليات
10
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
الالحقة ،وكل عملية مشفرة ولها رمز يستحيل معه تكرار العملية أو تزويرها ،وبما أن العمليات مترابطة فأي
تعديل على العمليات سيعني تغيير مسار السلسلة بالكامل وهو أمر
مستحيل
عملة البتكوين ال يحتكر إنتاجها أحد كما ال يضمنها أحد ،يمكن ألي
مبرمج لديه جهاز كومبيوتر ومعالج قوي أن يقوم بعمل
الخوارزميات المطلوبة إلنتاج (تعدين) وحدة بتكوين ،وكلمة معالج
قوي ليست مجرد كلمة عابرة ..فالعمليات تحتاج معالجات جبارة،
وإلجراء عملية تعدين واحدة هناك خوارزميات طويلة وشديدة التعقيد
ال يمكن للمعالجات العادية إجراءها ،حتى المعالجات القوية جدا
تحتاج لوقت طويل إلنهاء هذه العمليات قد تصل الفترة أليام وأسابيع
بال توقف ،هذا عدا عن الكم الهائل من التيار الكهربائي الالزم
لتشغيل المعالجات والذي قد يعادل ما يحتاجه ملعب كامل من التيار
خالل مباراة دولية!!
هذا األمر ليس موحدا بين العمالت الرقمية وهو ما سنعرج عليه
الحقا...
11
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
تحليل VOTEللبتكوين
حتى اآلن يجد الكثير من الناس صعوبة في فهم كيفية عمل العمالت الرقمية ،بل حتى مجرد وجود هكذا نمط
من الصك قد يكون -عند البعض -من الجنون بمكان
مجرد فكر ة أن عملة "كالبتكوين" ال يعلم تماما مطلقها وال الجهة الضامنة لها وهي من المؤكد أنها غير
مرتبطة بالذهب أو بسلة عمالت أو قيم أو يدعمها اقتصاد قوي،
مجرد وجود هكذا فكرة يدفع اإلنسان العادي لرفض التعامل بها
والمخاطرة بأمالكه معها رفضا تاما...
عملة ال يُعلم مطلقها وغري -
وثمة مشكلة أخرى متعلقة بالبتكوين تحديدا وهي التذبذب الواسع مرتبطة بالذهب وال أي شيء
بسعر تصريفها ،فمنذ العام 2017شهدت عملة البتكوين قفزات له قيمة
متقاربة أوصلتها لل 20.000دوالر متضاعفة بمقدار ،%1800ثم شديدة التذبذب قد ختسر -
هبطت الحقا إلى 3.000دوالر في ال ،2018ثم عاودت الصعود
املليارات بلحظة واحدة
الحاد مع الربع األخير من 2020لتصل إلى 30.000للدوالر
اخلوارزميات املعقدة الالزمة -
الواحد مع نهاية العام ..هذه التغييرات الحادة في سعر التصريف
إلنتاج الوحدة الواحدة قد يتم
أودت ببعض المضاربين ليس فقط لإلفالس وإنما لالنتحار بعد
تراكم ديون هائلة عليهم ،وهذا يؤكد أن المضاربة بالبتكوين ال حلها بسرعة عرب معاجلات
ينبغي إال أن تكون جزء بسيطا من استثمارات المضاربين بسبب الكوانتم مما قد يطرح كميات
ارتفاع المخاطرة كبرية منها يف السوق وختسر
الكثري
ما الذي يدفع أحدهم ليراهن على عملة غير ملموسة وليست
مدعومة بأي مرجعية؟! في 2018أعلنت منصة أخبار سعر البتكوين ( )coin market capوالمتخصصة
بمتابعة تداوالت بتكوين حول العالم عدم نشرها تداوالت كوريا الجنوبية (فقط) مما أدى لهبوط القيمة
اإلجمالية لبتكوين أكثر من مليار دوالر ...إن أي خلل أو إشاعة قد تقضي على جزء ضخم إن لم تقض على
كامل قيمة البتكوين
هذا عدا أن الخوارزميات المعقدة المستخدمة في إنتاج العملة والتي تستغرق شهورا إلنتاج وحدة واحدة من
عملة البتكوين على سبيل المثال قد يتم حلها بدقائق قريبا مع نزول المعالجات الكمية للسوق مما سينهي
محدودية العرض في السوق وسنجد فجأة الكثير من وحدات البتكوين معروضة للتداول مما سيودي بالسعر
الحالي ( )34.000إلى الهاوية
يجادل أنصار العمالت الرقمية عن التخوفات المرتبطة بها ،فالفكرة األساسية هي أن البتكوين وأخواتها هي
بنكنوت رقمي قد يواجه مشاكل جديدة بسبب الطبيعة الجديدة للعملة ،لكن هذا ال يعني عدم وجود مشاكل
بالشكل الحالي للعمالت ..إن بعض االنتقادات الموجهة للبتكوين وغيرها موجودة أساسا بالعمالت الورقية أو
بالحسابات البنكية اإللكترونية حاليا ..مثال هل الدوالر أو أي عملة في هذا العالم مرتبطة برصيد محدد من
الذهب؟؟! كال بل الدوالر تحديدا عملة معومة وسعره يرتبط بتفاوت العرض والطلب وهو بهذا مشابه
12
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
للبتكوين ،حتى مخاطر التقلبات الحادة بسعر التصريف ليست حكرا على العمالت الرقمية وإن لم تكن بنفس
الدرجة لكننا الحظنا مثال العملة التركية قد فقدت حوالي ثالث أضعاف قيمتها
إبان أزمة 2017وذلك خالل أيام ،ونفس الشيء بل وأكثر قد حدث للعملة
البتكوين وأخواتها بنكنوت - السورية وغيرها من العمالت التي تعرضت اقتصاداتها لهزات سياسية
رقمي جديد قد يواجه أو حتى إعالمية
مشاكل جديدة في عام 2008شهد العالم أزمة اقتصادية عالمية عرفت بأزمة
الثغرات اليت تربط بالنقد - الرهون العقارية والقصة أن البنوك التجارية األمريكية عملت على
الرقمي موجودة يف النظام التوسع في منح قروض المنازل ثم بيع سندات هذه القروض لبنوك
االقتصادي االستثمار والتي بدورها بدأت تتاجر بها في وول ستريت وأمنت
كل ما مت التعارف عليه على -
عليها لدى كبريات شركات التأمين مما خلق تجارة كاملة قائمة على
قروض لم تسدد بعد وبفوائد عالية وعندما حان موعد سداد القروض
أنه وسيلة تبادل فهو مال
تعثر بعض المقترضين من ذوي الدخل المحدود مما أدى لتهاوي العملية
برمتها فاألزمة باألساس سببها خلق قيم غير حقيقة وتضخيمها ...فما
الذي اختلف إذن؟!
يعرف االقتصاديون المال على أنه وسيلة تبادل تجاري ،ويقال أن كلمة عملة مشتقة من التعامل ،فكل ما اعتاد
الناس على التعامل به كوسيط للتجارة هو عملة ،وبهذا ال تختلف البتكوين وبقية العمالت الرقمية عن أي
عملة كالسيكية أخرى من حيث تأدية الوظيفة األساسية المنوطة بها
لقد أتاحت تقنية بلوك تشين شفافية واضحة تماما لسير العمليات
لكنها أيضا أخفت بشكل كامل بيانات المتعاملين مما جعلها عامل
جذب للكثير من النشاطات المحرمة أو غير المصرح بها ،كتداول
اخلصوصية اليت متنحها -
األفالم اإلباحية لألطفال أو اتمام صفقات المخدرات أو دفع الفديات
أصبحت عامل جذب للنشاطات
أو أجور المتعاملين على الدارك ويب أو حتى التحويالت الخاصة
احملرمة كتاجرة املخدرات
بالتعامالت النزيهة لكنها ال تخضع لرسوم التحويل الدولية ..وهذا
يجعلنا بحالة ترقب دائم للتشريعات الحكومية التي قد تحظر فجأة وغريها
التعامل ضمن هذه التقنية أو على األقل تقيدها ..هذا قد يضيق قاعدة يف أي حلظة قد تصدر تشريعات -
المتعاملين بالعمالت الرقمية مما قد يفقدها الكثير من قيمتها حتظرها مما يؤدي النهيار
سعرها
هذا عدا مخاطر االختراق أو ضياع كلمة السر الخاصة بمحفظة
البتكوين والتي قد تضيع معها أموال المالك
13
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
لكن العمالت االفتراضية تحل إشكاليات ال يستطيع النقد التقليدي حلها ،ففي العمالت الرقمية ال يوجد تالف..
كذلك جميع العمليات منظورة وبالتالي ستوفر شفافية البيانات جهود
مضنية لدراسة محددات االقتصاد ومشاكله وغير ذلك ..حتى
عمليات االحتيال والسرقة -الفيزيائية -ستضيق حدودها عند
شفافية تقنية البلوك تشني توفر - المتعاملين بالعمالت الرقمية ،حتى مشاكل التضخم استطاعت
جهودا مضنية لدراسة حمددات البتكوين مواجهتها عبر تعقيد خوارزميات استخراج الوحدات
وعوامل االقتصاد مع زيادة عددها مما أدى لمحدودية العرض ،وهي أيضا
يف العمالت االفرتاضية ال يوجد تالف - عالمية االنتشار بمعنى أنها ستحل مشاكل الشراء عبر
وال مزور االنترنت وخصوصا لألشخاص الذين ال يملكون حسابات
تضييق اجملال لعمليات االحتيال - بنكية وبطاقات دفع ائتماني عالمية كباي بال وفيزا كارد..
ستمكنهم العمالت الرقمية المشهورة من شراء حاجياتهم
والسرقة
مثل البرامج والكتب االلكترونية والكورسات بشكل بسيط
حل مشكلة التضخم عرب تقليل -
وسهل وآمن
عمليات االنتاج مع مرور الزمن
عاملية االنتشار حتل مشاكل الشراء عرب -
االنرتنت
-
14
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
يحذر كثير من الخبراء من خطورة البتكوي ن على االقتصاد ..وتتلخص مجمل تحذيراتهم في عدة نقاط..
التضخم ،الفقاعة القيمية ،مزاحمة العمالت الوطنية ،الحساسية المفرطة لألدوات اإلعالمية وغير ذلك..
يعرف التضخم على أنه فقدان العملة لقيمتها مع مرور الزمن ..ومن هذا التعريف ال نجد عالقة مباشرة بين
العمالت الرقمية والتضخم خصوصا مع مالحظة االرتفاع الصاروخي في قيمة البتكوين وبعض أخواتها..
لكن التأثر التضخمي موجود بالفعل وهو نابع من عدم ارتباط أغلب العمالت الرقمية بالذهب أو بالموجودات
غير النقدية ذات القيمة ،فالتضخم ليس هو آفة العملة الرقمية فقط إنما هو مشكلة عامة لكل النقد الغير مرتبط
بالمعادن الثمينة أو غيرها من المواد ذات القيمة ،فكل العمالت المشاهدة في زماننا ال يشكل الذهب األساس
الوحيد لضمانها إنما يشكل أحد الضمانات يضاف له سالت من العمالت األخرى (الغير مدعومة بالذهب
أيضا!) و بعض الموجودات باإلضافة إلى قوة االقتصاد المصدر لها ،والعمالت في زماننا تعامل معاملة
السلعة نفسها تزيد قيمتها وتنقص حسب المعروض و المطلوب منها ،لهذا ومع زيادة الطباعة من العمالت
ويحدث التضخم بالتالي ،ومن هذه المقدمة الورقية يزداد العرض فتقل قيمتها السوقية
الغير مغطاة ستتعرض للتضخم ال (المبسطة) نالحظ أن العمالت الرقمية
مقاومة البتكوين محاله ،وقد حاولت
برمجية خاصة تقلل عبر التضخم
الزمن مرور التأثير على اإلنتاج منها مع
العملة التضخم
الوطنية
الحساسية
المفرطة
الفقاعة
من المعروض القيمية وبالتالي تضييق
اإلجراء سيحد من العملة ،لكن هذا
حتى مع ارتفاع قيمته انتشار البتكوين عالميا
وحلول جزئياته محل الوحدة الكاملة منه -لو افترضنا أن ما نشهده من ارتفاع صاروخي في سعره ليس مجرد
فقاعة ستنفجر عما قريب -فالواحد والعشرين مليون وحدة بتكوين المنتجة فقط في العالم لن تغطي ال هي وال
جزئياتها مهما بلغت الحاجات اإلنسانية على مستوى العالم وال حتى حاجة دولة صغيرة تعتمد بالكامل على
البتكوين
وبمناسبة الحديث عن السعر ،أال يبدو 34.000كسعر الوحدة مقابل الدوالر مبالغا فيه؟! لقد وجدت البتكوين
وزميالتها الجو المناسب النتشارها وتحسن سعرها مع انتشار وباء كوفيد 19-مطلع العام ،2020وساعدها
هذا األمر على تجاوز خسائرها الكبيرة التي منيت بها مطلع العام 2017وهذا أمر مفهوم لكن االرتفاع الذي
15
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
حققته بسبب الجائحة انطلق من سعر 10.000مقابل الدوالر ،فما الذي يمكن أن يرفع سعر عملة من قيمة
تقارب الصفر عند نشؤها قبل عشر سنوات إلى هذه األرقام الخيالية؟! هل هي البرمجة فقط؟ الحقيقة أن أشد
المؤيدين للبتكوين والعمالت الرقمية ال يدعون أن جائحة كورونا كانت فقط سببا النتعاش البتكوين بل كان
للمضاربة أثر هام جدا على ارتفاعها ،والمضاربة عملية غير منتجة فعليا ،وأثرها بتخفيض العملة كأثرها
بالرفع ،ولهذا فعند األزمات االقتصادية تكافح الدول لتقييد عمل المضاربين الذين يتحول دورهم لإلضرار
الكبير على االقتصاد وهو ما ينتظر حدوثه مع البتكوين وبعض العمالت الرقمية األخرى ،فمع البدئ بهبوط
سعر البتكوين ألي سبب كان سيتسارع الهبوط التدريجي ليصبح انحدارا حادا قد يعود بالوحدة الواحدة إلى
الثالثة آالف بل ربما األلف ،وهو ما يسمى بانفجار الفقاعة ،وحينها ستتالشى أموال وأحالم الكثير من
المستثمرين الصغار ،وهذا ال يستبعد فالبتكوين تحديدا والعديد من العمالت الرقمية ليس لها أي أساس ذا
قيمة ،وقد يجادل أحدهم في أن فكرة البلوك تشين هي بحد ذاتها قيمة وهذا صحيح إال أن األفكار تفقد قيمتها
مع مرور األزمة وظهور أفكار جديدة ،مما سيعني تالشيا أكيدا لقيمة البتكوين بل وربما البلوك تشين نفسه
إن هواجس التالشي هذه أيا كان سببها ال تفارق أذهان الساسة وصناع القرار في أي دولة تسمح بتداول أو
ترخيص منصات المضاربة بالعمالت الرقمية ،فهذه األزمة سيتبعها أزمات وقد حصل مثال أن تعرضت
مجموعة كوين تشيك اليابانية المتخصصة بتداول العمالت الرقمية سنة 2018لقرصنة إلكترونية أفقدتها
16
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
حوالي نصف مليار دوالر مما أثر بشدة على أسواق النقد اإللكتروني ،وعلى هذا المنوال فإن أي مشكلة أو
حملة إعالمية مضادة كافية للتأثير على أسعار العمالت الرقمية والبتكوين منها تحديدا ،مما قد يؤدي النهيار
قد يؤثر على قطاعات أخرى وتنهار سلسلة الدومينو وال يعلم أحد أين يقف االنهيار
وهذا مما يدل على هشاشة العمالت الرقمية ويؤكد أنها لن تقف أمام الصدمات أو األزمات االقتصادية لو
حصلت ،حتى أن حملة إعالمية أو مجرد إشاعة قد تؤدي الختفاء مليارات الدوالرات التي خلقت أصال من
العدم ،وهناك من يفترض أن بتكوين تحديدا وبعض العمالت األخرى لم يرفعها لسعرها هذا أصال إال اإلعالم
والعملية برمتها غير بريئة بل يقف ورائها أجهزة استخبارات غربية مدعومة بفريق تقني محترف ،والهدف
منها سرقة أموال الناس والتأثير على اقتصاديات الدول المنافسة أو غير ذلك مما ال يعلم
إضافة لما ذكر فاالستث مار في العمالت االلكترونية سيحد من االستثمار باألسهم والسندات للشركات المحلية
مما سيعني نقصا في تمويل المشروعات وقد يؤدي النزياح النقد أو العملة الصعبة إلى خارج البالد وهذا بحد
ذاته مشكلة كبرى ،يضاف لها مشكلة أخرى من ذات النمط وهي اعتماد األفراد في تداوالتهم على العمالت
الرقمية األجنبية أو المجهولة وذلك على حساب العمالت الوطنية المطبوعة والمدعومة مما قد يؤدي لزيادة
المعروض منها وفقد قيمتها بالتالي (تضخم العملة الوطنية)
وبالمقابل فللعمالت الرقمية آثار إيجابية على االقتصاد الكلي منها زيادة الشمول المالي ،أي زيادة نسبة
المودعين والمتعاملين مع البنوك ،لكن هذا لن تظهر إيجابياته إال بحال التعامل بالعمالت الرقمية المستقرة أو
الوطنية المصدرة من قبل البنوك المركزية ،والعمالت المستقرة هي العمالت المرتبطة بأساس حقيقي كمعادن
نفيسة أو سلة عمالت ولها عدة أشكال سنأتي عليها الحقا ،ويضاف للمزايا المذكورة طبعا مزايا رقمنة
17
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
األعمال كالسرعة والدقة واختصار الوسطاء بسبب التعامل الندي ،Peer-to-peerومنح التنوع النقدي
خصوصا في االقتصادات المتعبة والتي تعاني عملتها من ضغوط خارجية
ارتفعت القيمة السوقية للعمالت المشفرة بنهاية 2017لتصل إلى أكثر من 300مليار دوالر ثم تجاوزت
حاجز ال 800مليار مع نهاية ،2018ومع بداية 2019هوت العمالت المشفرة بشكل حاد لتصل إلى 105
مليار دوالر أي ثمن القيمة السوقية أثناء ،2018صحيح أنها عاودت تعويض الخسائر وقيمتها حاليا تخطت
الترليون دوالر لكن من يدري متى ستهوي مجددا؟! ،وهل ستعاود الصعود والتعويض؟؟
18
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
تهيمن حاليا بتكوين على سوق العمالت المشفرة وتستحوذ على ما قيمته %71من السوق ،تليها عملة إيثريوم
،%11ثم ريبل ،%1.5والباقي لبقية العمالت ،وال تشكل القيمة النقدية للعمالت الرقمية نسبة كبيرة مقابل
العمالت الورقية لكنها تفرض نفسها مع مرور الزمن مع ازدياد حجم التعامل اليومي ليصل إلى عشرات
اآلالف ،وتحتاج العمالت الرقمية بالعموم :إلى مزيد من ثقة الحكومات بها؛ وفتح المجال لها في مختلف
التعامالت؛ ثم تركها لحرياتها مع بعض القيود الضامنة لعدم وقوع كوارث مالية ...وذلك حتى تحافظ على
مرابحها وإال فالصعود الصاروخي الذي نشهده اليوم سيتبعه انهيار صاروخي أيضا ،وقد تكون وطأة الهبوط
المنتظر أخف على العمالت المستقرة
19
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
هي العمالت المرتبطة بأصول ذات قيمة بذاتها كالعمالت التقليدية والمعادن النفيسة أو قد ترتبط بعمالت
رقمية أخرى ذات قيم كبيرة وثابتة أو قد تبنى برمجيتها على خوارزميات تخميد التذبذب مما يساعد على
استقرارها بشكل جيد
والطريقتين األوليين (االرتباط بالمعادن الثمينة أو العمالت التقليدية) أكثر ضمانا وأقل تعقيدا أما الطريقتين
التاليتين (االرتباط بعمالت رقمية أخرى أو االعتماد على خوارزميات التخميد) أكثر تعقيدا وأقل ضمانا
في 2014أعلنت شركة "تيثر" عن أول عملة مستقرة ومرتبطة بالدوالر ( )USDTعلى أن تمثل كل واحدة
منها دوالرا أمريكيا واحدا ،ثم أتبعتها بتشكيلة من العمالت بنفس المبدأ ،وأعلنت أنها ستنشر رصيد حسابها
البنكي بشكل دوري لتؤكد للمتابعين والمتعاملين عن أن القيم التي بحوزتهم تمثل قيما حقيقة موجودة في
أرصدة البنوك ،وأتبعت الشركة خطوتها هذه بأن أعلنت عن عملتها تكساو ( )TXAUالمرتبطة بالذهب
والتي تساوي الواحدة منها أوقية من الذهب (حوالي 28غراما) ،لكن العمالت من هذا النمط لم تجد الدعم
المناسب بالرغم من الفكرة الرائعة التي تقوم عليها والتي تحمي بالتأكيد المدخرين والمستثمرين والمتداولين
لها على حد سواء وهذا قد يبدو مستغربا ويشير إلى األيادي الخفية التي تسير السوق الرقمية وهو ما يؤكد
عليه دائما أعداء الفكر الرأسمالي
كذلك أعلنت شركة فيسبوك العالمية أنها ستطلق عملة رقمية مستقرة تكفلها وتعتمد على سلة من العمالت
إضافة لقيمة فيسبوك السوقية ،وأسمتها ليبرا وتوعدت إطالقها في مستهل العام ،2020لكن ظروفا غامضة
حالت دون إطالق العملة وتمام المشروع والحقيقة أن مثل هذه الخطوة كانت ستسحب البساط من تحت الكثير
20
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
من العمالت الرقمية وحتى التقليدية خصوصا مع انتشار وشهرة موقع فيسبوك (ثلث سكان العالم يملكون
حسابات عليه) وربط العملة بأصول نقدية ،ولهذا تم إجهاض المشروع بصمت ..
وبالتزامن مع القضاء على ليبرا نشأت شركة ريبل وأنتجت عملتها وفق خوارزميات الربط بتوقعات
المتعاملين ،حيث تطرح الشركة %40من رصيد وحدات الريبل المنتجة وتحتفظ بال %60الباقية ،وتقدر
الخوارزميات عبر العقود الت ي يجري إبرامها على الشبكة الحاجة لوحدات الريبل والنقص المتوقع فتطرحه
في السوق من الرصيد المدخر ،فاألمر برمته تجري إدارته عبر برمجيات ذكية وال يتدخل اإلنسان -حسب
ادعاء الشركة -بإصدار الوحدات ،ورغم النجاح الذي حققته عملة الريبل هناك مخاوف كبيرة من حدوث خطأ
ب رمجي يؤدي لطرح كمية زائدة عن الحاجة مما قد يؤدي النخفاض فجائي في قيمة العملة وخسارة المليارات
21
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
جرى تناول العمالت الرقمية كنازلة غريبة قليلة التكرار في التاريخ اإلسالمي ،وامتنع الكثير من العلماء عن
الفتوى بجواز أو تحريم التعامل بالعمالت الرقمية من حيث االستثمار (المضاربة) ،أو التبادل أو االدخار ،مع
نصحهم باالبتعاد عن هذا المجال قدر اإلمكان
في عددها الثامن تناولت مجلة بيت المشورة العمالت الرقمية وحكمها بشيء من التفصيل ..وسنقتصر في
بحثنا هنا على نسخ الحكم في نهاية المقالة فقط لما فيه من فائدة ولعدم اإلطالة..
(إن العمالت المشفرة تقوم بوظيفة النقود جزئيا وتسري فيها األحكام الشرعية المعروفة نظرا لعلة الرواج
والثمنية فيها ،ولكن ال يعني اعتبارها نقودا وأثمانا أنه يجوز التعامل بها أو اتخاذها كنظام نقدي أو ترخيصها
للتداول العام ،فهذ الحكم مستقل من حيث هو؛ ألنه مبني على قرار سيادي يراعي مسائل الكفاءة االقتصادية
والتقنية والقانونية والتنظيمية التي تحقق المصلحة العامة ،والتي نرى أن هذه العمالت ال تحققها ،وأبرز هذه
القوادح فيها ما يلي:
وعليه فنرى أنه بناء على سلطة الفقيه في المنع سدا للذريعة؛ فإنه ال يجوز للناس التعامل بهذه العمالت
بخاصة إذا عاضد المنع حكم من قبل جهات رسمية والذي قد يبطل قيمتها...
وهذا حكم مصلحي يزول بتغير الظروف والمصالح ،كحاجة أقلية محتاجة لالستقالل النقدي عن دولة معتدية
أو ظالمة ال تحقق مقاصد الشريعة اإلسالمية في إقامة العدل المالي والنقدي بين الناس فتخضع األحكام آنذاك
للموازنات المصلحي الشرعية بتقدير كل حالة على حدة وفي حالة عدم توافر أنظمة نقدية أقل ضررا وهذا
من الصعوبة بمكان ال يتصور إال أنه يوضع كشرط احتياطي احترازي في الفتوى ،وهللا أعلم)
22
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
يتفق عدد كبير من االقتصاديين والمنظرين على أهمية العمالت الرقمية وأنها ستنمو ويزداد انتشارها في
المستقبل ،لكن ثمة اختالف عريض حول الماهية التي ستغدو عليها والقوانين التي ستحكمها والمجاالت التي
ستدخلها أو ستمنع من دخولها ،خصوصا مع انتظار الجميع النفجار فقاعة البتكوين وما ستخلفه هذه الفقاعة
من أضرار نفسية واقتصادية وإمكانية إصالح هذه األضرار من عدمه فيما بعد
بينما تواصل البتكوين وبعض العمالت األخرى صعودها االستثنائي تحافظ العمالت المستقرة وخاصة
المرتبطة منها بالعمالت والمعادن الثمينة على قيمتها وال تسجل طفرة سوقية كالتي نراها عند البتكوين ،لكن
أزمة واحدة في هذا المجال ستضع النقاط على الحروف وستظهر القيم الحقيقة بعد أن يزول بهرج اإلعالم
وأطماع المضاربين ،وال يعلم أحد موعد هذا النفجار وال الكيفية التي سيحصل بها وال النتائج التي ستنتج
عنه ،إال أن الجميع تقريبا متفق على حتمية انفجار فقاعة البتكوين وما شاكلها ،ولهذا وجدنا دولة مثل الصين
تسمح بوجود كبريات محطات التعدين ،بينما تحظر تداول عملة البتكوين ،وكأنها تريد االستفادة من القيمة
المبدئية دون الدخول في مقامرة المضاربة
لكن في المقابل نجد أن معظم الحكومات اتجهت نحو إصدار عمالت رقمية موازية لعمالتها الوطنية وذلك
لوعيهم ألهمية وجود العمالت الرقمية ولدورها المستقبلي ولتقييد عمل العمالت الخاصة العابرة للحدود في
ظل وجود البديل الوطني ،ومثل هذه الخطوات يجب أن تكون متأنية مدروسة تسبقها مراحل اختبار ومراجعة
وتقويم
23
قسم البحوث والدراسات في شركة نماء لالستثمار
وفيما يتجه العالم نحو رقمنة عمالته الوطنية إلتاحة المزيد من الديناميكية للعمليات التجارية قد يبدو منطقيا
إقدام العصابات الخارجة عن القانون والحركات الثورية على إصدار عمالت خاصة بها لتيسير التبادل
التجاري في مناطقها وتحررها من ربقة عملة العدو ،وال يبدو ذلك مستحيال خصوصا مع اتباع تقنية العمالت
المستقرة المرتبطة بالذهب أو الفضة والتي تكفل استقرارا ماليا يوفر الكثير من البحوث المعقدة ،ومثل هذا
اإلنجاز ال يحتاج إال ألرضية تقنية صلبة لدى الجهة المصدرة تحميها من االختراق واألعطال التقنية،
وبانتشار اإلنترنت في كل بيت ومتجر سيكون سهال تداول النقد الرقمي عبر الهواتف الذكية
وفي الختام
كنتيجة لما سبق ..قد يكون دخول عالم العمالت الرقمية والبتكوين خصوصا مغامرة ال ينبغي على المرء
خوضها ،خصوصا من ال يملك مالءة مالية يستند عليها في حال حدوث االنكماش المفاجئ ،فاألمر أشبه
بالمقامرة وال يمكن ألحد أن يزعم العلم األكيد بتوجهاتها المستقبلية إن كانت للصعود أو النزول حتى لو كان
خبيرا اقتصاديا ،انما يست طيع الخبراء توقع ردات فعل الجمهور المتعامل لكن األمر ال يقف عند هذا الحد
فقط ،فاإلعالم له دور كبير جدا على حركتها واألهم من اإلعالم األيادي الخفية التي تقف وراء إنشائها أو
إدارتها ،وال يعقل أن تترك عملة كالبتكوين بال إدارة مركزية كما يدعي مطلقوها ،وال يقاس األمر بتوقع
حركات العمالت التقليدية ،فاألمر هنا مختلف من حيث المنشأ والمؤثرات ،ففيما تصدر العمالت الوطنية عن
دول مهتمة باالستقرار وتدعيم االقتصاد ال محلي تنشأ العمالت الرقمية بمجملها عن شركات وهيئات خاصة ال
تهتم إال بالربح وأمور أخرى مجهولة ال يعلم أحد مدى خطورتها
يستثنى من ذلك العمالت الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية ،والعمالت المستقرة المرتبطة بأصول قوية
كالذهب وسالت العمالت القوية ،فهذا النوع من النقد أكثر حفظا للقيمة وهو كنقد رقمي أكثر قدرة على تجاوز
الحدود السياسية ،لكن تكمن مشكلته في ضيق مساحة قبوله كوسيلة تداول وهذا أمر نعتقد أنه مقصود
انتهى
24