You are on page 1of 93

‫ماذا يوجد يف كتب أصوؿ الفقو ؟‬

‫بسم هللا الر٘نن الرحيم‬


‫ا‪ٜ‬نمد هلل رب العا‪ٞ‬نٌن والصبلة والسبلـ على نبيّنا ورسولنا وقدوتنا ‪١‬نمد وعلى آلو‬
‫وصحبو أٗنعٌن‬
‫أما بعد‬
‫فهذه سلسلة مقاالت كتُبت ونُشرت يف قناة "خواطر أصولية" على تيليجراـ مث رأيت‬
‫آمبل منهم‬
‫أف من ا‪ٞ‬نناسب نشرىا ‪٠‬نموعة تامة ليطّلع عليها َمن شاء من الزمبلء ً‬
‫التصحيح واالقرتاح‬
‫وىدؼ السلسة إثارة التفكًن يف سؤالٌن كبًنين ‪:‬‬
‫ىل كل ما يف كتب علم األصوؿ ىو من أصوؿ الفقو ؟‬
‫قابل إلضافة ا‪ٞ‬نباحث وا‪ٞ‬نسائل ؟‬
‫ىل علم األصوؿ ٌ‬
‫وإف طرح أمثاؿ ىذه األسئلة ا‪ٞ‬ننهجية ‪٣‬نّا ‪٩‬نعل التفكًن األصويل يقرتب من حقيقة‬
‫ىذا العلم و‪٩‬نعل القراءة يف كتبو ذات رؤية كليّة ال تُلهي عنها تفاصيلو ‪.‬‬
‫‪٠‬ناؿ واسع يف ىذا الباب ‪.‬‬
‫ا‪ٛ‬نادة ‪ٟ‬نا ٌ‬
‫وما ىذه ا‪ٞ‬نقاالت ّإال ‪١‬ناولة يسًنة‪،‬والدراسات ّ‬

‫عبدالشكور ‪١‬نمد الفارح‬


‫‪233٨/21/3‬‬
‫جدة ‪ /‬ا‪ٞ‬نملكة العربية السعودية‬
‫تويرت‬
‫@‪kwaterosolia‬‬
‫بريد‬
‫‪kwaterosolia@gmial‬‬
‫مدخل يف بداية السلسلة‬
‫‪ -‬قراءةٌ أصولية يف كتب الفقو وشروح أحاديث األحكاـ كفيلة ببياف أف حاجة علم األصوؿ‬
‫إىل اإلضافة أكثر وأكرب من ا‪ٜ‬ناجة إىل التخليص والتصفية ‪.‬‬
‫‪ -‬تسعى ىذه السلسلة إىل إعطاء نظرة كلية وخريطة عامة تعٌن على إدراؾ ما ٓنويو كتب‬
‫األصوؿ من العلوـ ‪.‬‬
‫‪ -‬ارتباط علم األصوؿ بالعلوـ األخرى وإ ْف ْ‬
‫كثرت ليس ىو ا‪ٞ‬نشكلة بل ىذه طبيعتو وميزتو‬
‫إّ‪٧‬نا اإلشكاؿ يف ٓنديد ا‪ٞ‬نقدار اتحمتاج إليو منها ليقوـ بنياف أصوؿ الفقو‪،‬ولئبل يتحوؿ علم‬
‫األصوؿ من عل ٍم مستقل ّ‬
‫يؤدي د ًورا علميًا إىل ‪١‬نل لتكوين اجملتهد ‪.‬‬
‫جها إىل العلوـ األخرى وليس عن مباحث علم األصوؿ نفسها ألف ىذا‬ ‫‪ -‬سيكوف ا‪ٜ‬نديث متّ ً‬
‫مكاهنا الطبيعي ‪.‬‬
‫‪ -‬ا‪ٞ‬نقصود يف السلسلة كتب الرتاث وليس الكتب ا‪ٞ‬نعاصرة ألهنا األصل وهبا يبين طالب العلم‬
‫نفسو وىي أكثر ما يتعامل معو الدارس وفيها مكمن الصعوبة و‪٪‬نتاج إىل ا‪ٜ‬نديث عنها ‪.‬‬
‫واآلف مع ا‪ٜ‬نلقات‬
‫ا‪ٜ‬نلقة األوىل‬
‫مقدمات الكتب األصولية‬

‫ماذا يوجد يف مقدمات كتب أصوؿ الفقو ؟‬


‫‪٬‬نكن استخبلص ثبلث زوايا تشتمل عليها ا‪ٞ‬نقدمات يف العادة سوى ا‪ٞ‬نقدمات األصولية‬
‫األصيلة كالتعريف واالستمداد وا‪ٞ‬نوضوع ‪...‬‬
‫‪ -2‬ا‪ٞ‬نقدمة ا‪ٞ‬ننطقية‬
‫وىي مهمة ولكن ٓنتاج إىل وضوح وترتيب‪،‬و‪ٟ‬نا وقفة خاصة يف السلسلة ‪.‬‬
‫‪ - 1‬ا‪ٞ‬نقدمة ا‪ٞ‬نعرفية " نظرية ا‪ٞ‬نعرفة "‬
‫وىي مهمة لطالب العلم وٓنتاج إىل ٕنييز وفصل ‪ٟ‬نا إذ ىي متناثرة ىنا‬
‫مستقبل عن سائر العلوـ‬
‫ً‬ ‫مدخبل معرفيًا‬
‫ً‬ ‫ومن ا‪ٞ‬نفرتض أف تكوف نظرية ا‪ٞ‬نعرفة‬
‫وىي ألصق بعلم العقيدة و‪ٟ‬نذا فهي ضمن ‪٠‬نالو يف البحوث ا‪ٞ‬نعاصرة‬
‫ويف كتب الرتاث ْندىا يف علم الكبلـ أكثر من كتب اعتقاد أىل السنة إال ال ي عنيت بالرد‬
‫على ا‪ٞ‬نتكلمٌن‬
‫وحضورىا يف مقدمات علم األصوؿ كاف بسبب األثر الكبلمي ‪-‬الذي لو وقفة خاصة أخرى‪-‬‬
‫وبسبب اشرتاكها مع األصوؿ يف بعض ا‪ٞ‬نباحث‬
‫يتحصل على أسس نظرية ا‪ٞ‬نعرفة من‬ ‫ّ‬ ‫ا‪ٞ‬نتعمق يف العقيدة صار‬
‫وبالتايل فطالب العلم غًن ّ‬
‫ا‪ٞ‬نقدمات األصولية ‪.‬‬
‫وىنا وقفات ‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية ا‪ٞ‬نعرفة ليست ا‪ٞ‬ننطق‪،‬ولكن ىل ىي فلسفة ؟‬
‫لكن إ ْف‬
‫نوع من الفلسفة‪ْ ،‬‬
‫ىي يف ا‪ٜ‬نقيقة األساس الفلسفي الذي يبين عليو الفيلسوؼ رؤيتو يف ٍ‬
‫ُنث علمي منظّم" فنظرية ا‪ٞ‬نعرفة فلسفة هبذا االعتبار ‪.‬‬
‫عُّرفت الفلسفة بأهنا " ٌ‬
‫‪ -‬رؤية ا‪ٞ‬ندارس الكبلمية للمعرفة كانت حاضرة يف كتب األصوؿ‪،‬فلينتبو ‪ٟ‬نا‪.‬‬
‫‪ -‬ليست كل مباحث نظرية ا‪ٞ‬نعرفة خارجةً عن علم األصوؿ بل منها ما ىو مشرتؾ بينهما ‪:‬‬
‫ومن الداؿ "‬
‫كمصادر ا‪ٞ‬نعرفة " ما الدليل َ‬
‫ومباحث العلم "حقيقتو ومعناه ودرجاتو والفرؽ بينو وبٌن ا‪ٞ‬نعرفة " ‪.‬‬
‫أدؽ قضايا عبلقة نظرية ا‪ٞ‬نعرفة بعلم األصوؿ أف يف علم األصوؿ شيئًا من صورىا‬ ‫‪ -‬من أىم و ّ‬
‫أو تطبيقاهتا يف ‪٠‬ناؿ معٌن "تنزيل معٌن"‬
‫فمن العبلقة الكلية بينهما ‪:‬‬
‫* انبناء األصوؿ على النظرية اإلسبلمية للمعرفة‬
‫قائما عليها‪،‬فهذا‬
‫وىذه القضية ىي ا‪ٞ‬نفرتض أف يكوف استمداد علم األصوؿ من االعتقاد ً‬
‫الرتتيب يف االستمداد سليم ‪.‬‬
‫* دور علم األصوؿ يف تعزيز النظرية ‪.‬‬
‫و‪٨‬نا ‪٠‬ناالف للبحث والدراسة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ا‪ٞ‬نقدمة اللغوية‬
‫وىي مهمة و‪ٟ‬نا صلة وثيقة باألصوؿ فإف اللغة من مصادر تكوينو‪،‬ولكنّها ال ِ‬
‫تناسب أ ْف‬
‫فصل طويل بينها وبٌن مباحث دالالت األلفاظ‪،‬و‪ٟ‬نذا‬ ‫تكوف يف ا‪ٞ‬نقدمات ألنو سيحصل ٌ‬
‫وضعها كثًن من األصوليٌن يف أوؿ دالالت األلفاظ وىو ‪١‬نلها ا‪ٞ‬نناسب ‪.‬‬
‫َ‬
‫وفيها وقفات‬
‫‪ -‬ا‪ٞ‬نباحث اللغوية يف ا‪ٞ‬نقدمات األصولية ‪:‬‬
‫* فقو اللغة وأصو‪ٟ‬نا ‪ :‬وأكثر ما يذكرونو مهم لؤلصويل ولكن ‪١‬نلو األنسب يف أوؿ دالالت‬
‫األلفاظ كما سبق ‪.‬‬
‫* ا‪ٜ‬نقيقة واجملاز ‪ :‬وىو مهم ً‬
‫أيضا و‪١‬نلو األنسب يف أوؿ دالالت األلفاظ‬
‫ومنو مسائل ا‪ٜ‬نروؼ ومعانيها فيما يظهر‬
‫والبد من ربط مبحث التأويل بو ولو باإلحالة ‪.‬‬
‫* االشتقاؽ ‪ :‬مسائلو استطراد بالنسبة لعلم األصوؿ وا‪ٞ‬نهم منها ىو ا‪ٜ‬نقيقة واجملاز يف ا‪ٞ‬نشتق‪.‬‬
‫وإف كاف لبلشتقاؽ دور يف أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ الفقهي كما سيأيت يف خإنة السلسلة ‪.‬‬
‫* الببلغة ‪ :‬أكثرىا استطراد وبعضها لو صلة كمسألة ىل الكناية ‪٠‬ناز ؟‬
‫والوجو الببلغي لؤلصوؿ ‪-‬وليس مباحث الببلغة ا‪ٞ‬نذكورة يف األصوؿ‪ُ -‬ناجة إىل وقفة خاصة‪.‬‬
‫‪ -3‬تأريخ التدوين لعلم األصوؿ ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نبحث‪،‬ومن يتعرض لو يكتفي بذكر أف‬
‫َ‬ ‫غالب ا‪ٞ‬نتوف والكتب ا‪ٞ‬نشهورة ال تتعرض ‪ٟ‬نذا‬
‫قواعد األصوؿ كانت مستعملة حاضرة عند الصحابة والسلف مث ُميّزت فيما بعد وأف أوؿ من‬
‫صنّف فيو اإلماـ الشافعي‪،‬وليتهم أطالوا فيو بعض الشيئ فهو لصيق بالعلم‬
‫وليس ا‪ٞ‬نطلوب التفصيل ولكن ‪٬‬نكن السًن على طريقة ا‪ٜ‬نافظ ابن حجر يف نزىة النظر حيث‬
‫أعطى صورة واضحة موجزة عن التأليف يف علوـ ا‪ٜ‬نديث ‪.‬‬
‫سؤال تفاعلي للقراء ‪:‬‬
‫‪ /2‬ىل توجد يف مقدمات كتب األصوؿ مباحث رئيسية غًن ما ذكر ؟‬
‫جديرا بأف يضاؼ إىل ا‪ٞ‬نقدمات ؟‬
‫‪ /1‬ىل ترى مبحثًا ً‬
‫ا‪ٜ‬نلقة الثانية‬
‫ىل أثر علم الكبلـ يف بنياف أصوؿ الفقو ؟‬

‫تبدأ العبلقة بٌن أصوؿ الفقو واالعتقاد من حيث األصوؿ األُوىل ‪ٟ‬نما‪،‬فأصوؿ الفقو يف‬
‫تسمية األدلة الكليّة اإلٗناليّة يرجع إىل العقيدة ‪.‬‬
‫وا‪ٜ‬نديث عن األثر السليب لعلم الكبلـ يف علم األصوؿ كثًن وىناؾ جهود علمية جيدة يف ىذا‬
‫ماسة للمزيد‬
‫ا‪ٞ‬نوضوع وا‪ٜ‬ناجة ّ‬
‫لكن أظن أف االْناه األصح واألكثر حاجة يف ا‪ٞ‬نعا‪ٛ‬نة‬ ‫وليس ىذا ا‪ٞ‬نقصود يف ىذه الكلمة و ْ‬
‫لنفع التخصص يكوف للتمييز أي ٕنييز ما كاف لعلم الكبلـ دور فيو ‪.‬‬
‫فهناؾ اْناه للتنقية واالستبعاد وىذا مهم ولكن أمامو عقبتاف ‪:‬‬
‫* ا‪ٜ‬ناجة إىل العمق يف عملية التصفية وليس للعمل السريع‪،‬وىذا يتطلب قوة يف علم الكبلـ‬
‫وليس التمكن يف العقيدة فقط ‪.‬‬
‫* إدراؾ واستحضار الفصل بٌن علم الكبلـ واالْناه النظري يف تكوين مسائل وقواعد‬
‫األصوؿ‪،‬فتكوين علم األصوؿ لو اْناىاف ‪:‬‬
‫‪ -‬االنطبلؽ من الفروع لتأسيس األصوؿ‬
‫وغلبت ىذه الطريقة على ا‪ٜ‬ننفية‪،‬ووقعت يف كل ا‪ٞ‬نذاىب ‪.‬‬
‫‪ -‬االستخبلص النظري من أدلة الشرع واللغة وآثار الصحابة والتنظًن منها للقواعد‬
‫وىي طريقة الشافعي يف الرسالة ‪.‬‬
‫وا‪ٞ‬نتكلموف كاف و‪ٛ‬نوىم األوؿ إىل علم األصوؿ عن طريق االْناه الثاين أكثر من االْناه األوؿ‬
‫وأدخلوا رؤيتهم من خبللو وغلبوا عليو‬
‫نقصا بل ىو طريقة منهجية مقبولة كما أف األُوىل منهجية‬ ‫فليس االْناه النظري خطأً وال ً‬
‫مقبولة وإ‪٧‬نا ا‪ٞ‬نشكلة يف إقحاـ علم الكبلـ‪،‬فلينتبو إىل ىذه ا‪ٞ‬نبلحظة عند التنقية‬
‫وبا‪ٞ‬نناسبة ففي القانوف مدرستاف ومنهجاف لتأسيس القواعد القانونية ‪ :‬مدرسة التقعيد والتنظًن‬
‫ومدرسة العرؼ والسوابق‬
‫ويف النحو مدرستاف ‪ :‬بصرية تقعيدية وكوفية ‪ٚ‬ناعية فروعية‬
‫فهما اْناىاف منهجياف طبيعياف يقعاف يف تأسيس العلوـ والقواعد ‪.‬‬
‫صور األثر الكبلمي‬
‫األثر الكبلمي يف علم األصوؿ لو صور تستحق االستقراء بغرض تصنيفها وحصر‬
‫أنواعها‪،‬وىو مبحث مهم يف دراسة ىذه ا‪ٞ‬نشكلة العريضة‬
‫فمنها ‪:‬‬
‫‪ -2‬إدخاؿ مسألة برأسها ‪:‬‬
‫إما استطر ًادا كمباحث عجزات األنبياء‪،‬ولن يُعدموا مناسبة لبلستطراد‬
‫ٕنهيدا آلرائهم يف الباب األصويل كمسألة التكليف ّنا ال يطاؽ يف مسائل التكليف‬
‫أو ً‬
‫دفعا لتناقض يقعوف فيو كما يف إثبات العلة حيث يُضطروف لذكر مسألة تعليل أفعاؿ هللا ‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫‪ -1‬ا‪ٞ‬نراعاة يف صياغة التعريف ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نعرؼ يف التحسٌن والتقبيح‬
‫ّإما ابتداءً كتعريف ا‪ٞ‬نباح وذلك َنعل صيغة تعريفو توافق قوؿ ّ‬
‫خروجا من اعرتاض قد يرد كتعريف السبب‪،‬فمن نفى ا‪ٝ‬نواص الذاتية لؤلشياء وتأثًنىا‬‫ً‬ ‫وإ ّما‬
‫عرفو األشعرية بالتعريف ا‪ٞ‬نشهور الذي‬
‫سيبلحظ ىذا النفي يف تعريف السبب لئبل يتناقض ولذا ّ‬
‫ىو تعريف للسبب عندىم يف األصوؿ وغًن األصوؿ بل حاوؿ بعضهم جعلو التعريف اللغوي‬
‫للسبب ‪.‬‬
‫‪ -3‬إحداث قوؿ يف مسألة أصولية أصيلة ‪:‬‬
‫مثل القوؿ بالوقف يف صيغة العموـ ‪.‬‬
‫‪ -3‬االلتزاـ باألصل الكبلمي على صورة مسألة أصولية ‪:‬‬
‫وىذا مهم بل األىم واألدؽ‬
‫علم منهجي‪،‬وتأسيس مسألة أصولية ‪-‬أو ظاىرىا ولغتها كذلك‪ -‬التز ًاما‬ ‫وذلك ألف األصوؿ ٌ‬
‫با‪ٞ‬نذىب الكبلمي يعين التأثًن بالدخوؿ يف علم منهجي على ّأهنا مسألةٌ من مسائلو‬
‫مثالو مسألة ىل يشرتط يف األمر إرادة اآلمر ؟‬
‫إىل غًن ذلك من الصور واألحواؿ ‪٣‬نا ىو جدير بالتصنيف وٕنييز األنواع ‪.‬‬
‫وىذه التأثًنات ٓنتاج إىل تنقية للمبتدئ وا‪ٞ‬نتوسط فيما يدرسوف ويقرأوف ّأما ا‪ٞ‬نتخصص فبل‬
‫‪٪‬نتاج إال للتمييز والتبيٌن ‪.‬‬
‫سؤاؿ ا‪ٞ‬نقالة ‪:‬‬
‫مؤثرا يف بنياف علم األصوؿ ؟‬
‫لكن السؤاؿ األىم ىل كاف علم الكبلـ ً‬
‫أسسو ال ي قاـ عليها وامتاز هبا عن العلوـ األخرى وأصولُو ال ي‬
‫ا‪ٞ‬نقصود ببنياف أصوؿ الفقو ُ‬
‫إذا قيل علم أصوؿ الفقو استحضرىا الذىن‪،‬كتبو وأبوابو وقواعده ومسائلو األصيلة ‪.‬‬
‫ا‪ٛ‬نواب ال‪،‬ويؤّكد ىذا ا‪ٛ‬نواب أمور ثبلثة ‪:‬‬
‫‪ -2‬أف أسس علم األصوؿ وضعها الشافعي وىو إماـ من أئمة السلف‪،‬فقياـ العلم كاف‬
‫صافيًا غًن ‪٢‬نتلط بشيئ ‪.‬‬
‫‪ -1‬أف الكتب ال ي وضعت مصفاة من القضايا الكبلمية ‪-‬بل وغًن الكبلمية ‪٣‬نا يظنّو‬
‫الظا ّف أنّو ال ٖنرة لو‪٣ -‬نن اجتهد يف عملية التخليص قد أبقت بنياف العلم وىيكلو وقواعده‬
‫ومسائلو دوف استبعاد ‪.‬‬
‫ومن‬‫‪ -3‬أف أصوؿ الفقو معناه أدلة الفقو وطرقو اإلٗنالية وقواعده الكلية وكيف تستثمر َ‬
‫الذي يستثمرىا‪،‬وىذه كلها ال دخل لعلم الكبلـ يف تكوينها ‪.‬‬
‫وىذا يقاؿ ‪ٞ‬نن يقرتح وضع أصوؿ فقو ألىل السنة أو ألىل األثر و‪٥‬نو ىذا‪،‬فعلم أصوؿ الفقو‬
‫منهج ألىل السنة يف االستدالؿ‬
‫قد قاـ منذ تكوينو وبُين على أنو ٌ‬
‫فأسس األصوؿ ثابتة معلومة من األدلة واألحكاـ والدالالت واالجتهاد ودفع التعارض ال‬ ‫ُ‬
‫ي ّدعي أحد وجود مشكلة فيها‬
‫ا‪ٜ‬ناجة فقط لتنقية وٕنييز الدخيل عليها‪،‬وأىم ما ‪٩‬نب ٕنييزه ما سبق ذكره يف ا‪ٞ‬نسائل ال ي‬
‫صورهتا أصولية ومبناىا كبلمي‬
‫وىذا االستدراؾ يقاؿ ‪ٞ‬نن كاف عملو أو دعوتو ألصوؿ فقو ألىل السنة ال من كاف غرضو ٕنييز‬
‫األثر الكبلمي ‪.‬‬
‫تأصيل قوي دقيق لعلم األصوؿ وذلك‬ ‫ٍ‬ ‫بل إنو ‪٬‬نكن استثمار ىذه ا‪ٞ‬نسائل الكبلمية وآثارىا يف‬
‫امتياز عن‬
‫بإبقاء ىذه ا‪ٞ‬نسائل مع بياف أصو‪ٟ‬نا الكبلمية وما القوؿ الصواب فيها فيحصل بذلك ٌ‬
‫ا‪ٞ‬نناىج الدخيلة ومعرفةٌ متينة هبا وقوةٌ يف تأصيل ا‪ٞ‬نذىب ا‪ٜ‬نق وحصانةٌ عن التشكيك‬
‫فمن يشكك يف اإلٗناع اليوـ لن ‪٫‬نرج عن شبو النظّاـ ا‪ٞ‬نعتزيل يف واقع ا‪ٜ‬ناؿ‬
‫وجودىا فرصةً لبناء علمي حصٌن وىو خًنٌ من تكرار الشكوى من آثارىا‬
‫فأصبح ُ‬
‫أصوال ألىل السنة قد حذؼ مسائل كثًنة ىي من ا‪ٛ‬نوانب‬ ‫مع التنبيو على أف بعض من اقرتح ً‬
‫النظرية وليست من علم الكبلـ لكن األمر اختلط عليو أو ظنّها من تكلّفات األصوليٌن الذين‬
‫بعضهم تطبيق علم‬ ‫ِ‬
‫أخذوا ىذا الن َفس ا‪ٞ‬نتكلف وا‪ٞ‬نبالغ يف التنظًن من ا‪ٞ‬نتكلمٌن‪،‬ولو حاوؿ ُ‬
‫ف يف شرح أحاديث األحكاـ أو كتاب فقهي لعرؼ أف ما‬ ‫األصوؿ على تفسًن فقهي أو مصن ٍ‬
‫ظنو من تكلّفات ا‪ٞ‬نتكلمٌن ليس ّإال من صلب علم األصوؿ ‪.‬‬
‫وهللا أعلم‬
‫ا‪ٜ‬نلقة الثالثة‬
‫ا‪ٞ‬ننطق ومنطق األصوليٌن ‪)2‬‬
‫ا‪ٜ‬ن ّد األصويل‬

‫مدخل ‪:‬‬
‫مشكلة دخوؿ ا‪ٞ‬ننطق يف العلوـ الشرعية من القضايا العلميّة ا‪ٞ‬نشهورة‪،‬وتضرر علم العقيدة‬
‫األخص حقيقةٌ شائعة فبل داعي لتكرار ا‪ٜ‬نديث عنها‬ ‫ّ‬ ‫وعلم األصوؿ منو على‬
‫وىنا نقاط إليضاح غرض ا‪ٞ‬نقالة ‪:‬‬
‫* ىذه قضية تار‪٫‬نية وأصبح وجود ا‪ٞ‬ننطق وأثره حقيقة واقعة‪،‬وحلها ال يكوف ّإال ببياف األثر‬
‫ا‪ٞ‬ننطقي فيها‬
‫بطرؼ منو عند سائر‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بإتقاف ‪٣‬نن يريد ا‪ٞ‬نشاركة يف عملية البياف‪،‬واألخ َذ‬ ‫وىذا يستدعي تعل َمو‬
‫ا‪ٞ‬نتعلمٌن ليدركوا ىذا البياف ‪.‬‬
‫* ا‪ٞ‬نقصود با‪ٞ‬ننطق ىو ا‪ٞ‬ننطق القدمي فهو الذي اختلط بكتب الرتاث الشرعية ‪.‬‬
‫* أصوؿ مشكبلت ا‪ٞ‬ننطق اثناف ‪:‬‬
‫‪ -‬األصوؿ الفلسفية لو‬
‫حصر التفكًن بطرؽ وقوالب معينة ‪.‬‬ ‫‪ْ -‬‬
‫* فيما يتعلق باألصوؿ ليُعلم أف األثر الكبلمي أكثر وأقوى من تأثًن ا‪ٞ‬ننطق‪،‬وسبق الوقوؼ معو‬
‫* عندما دخل ا‪ٞ‬ننطق كتب األصوؿ وصار جزءًا من ا‪ٞ‬نقدمات األصولية كيف أخذه‬
‫األصوليوف؟ ىل عرضوه وقدموه كما ىو عند أىلو من ا‪ٞ‬ننطقيٌن اليوناف والعرب ؟‬
‫ىذه الفكرة الرئيسية يف ىذه ا‪ٞ‬نقاالت‬
‫وال يعرؼ ا‪ٛ‬نواب عنها ّإال بالنظر يف ا‪ٞ‬ننطق من كتب أىلو مث مقارنتو َنهود األصوليٌن‬
‫فيو‪،‬وىذا من ‪٠‬ناالت البحث ا‪ٛ‬نديرة باالىتماـ وليس ما يقاؿ ىنا ّإال ا‪ٝ‬نطوط العريضة ُنسب‬
‫وجهة نظر كاتبها ‪.‬‬
‫* ا‪ٞ‬نقدمات ا‪ٞ‬ننطقية يف كتب األصوؿ ىي نفسها ُناجة إىل دراسة خاصة ْنمع بٌن التار‪٫‬نية‬
‫"الرصد والتطور" وا‪ٞ‬نقارنة وٕنييز مناىج األصوليٌن فيها ‪.‬‬
‫بعد ىذا ا‪ٞ‬ندخل نطرح فكرة ا‪ٞ‬نقالة ‪:‬‬
‫ىل ا‪ٞ‬نقدمة ا‪ٞ‬ننطقية يف األصوؿ خبلصةُ ا‪ٞ‬ننطق اليوناين ؟‬
‫جواب السؤاؿ سيكوف يف آخر ا‪ٞ‬نقالة الثانية إذ يتم ا‪ٜ‬نديث عن قسمي ا‪ٞ‬ننطق ا‪ٜ‬ند والربىاف ‪.‬‬
‫واآلف إىل ا‪ٜ‬ند ‪.‬‬
‫ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي‬
‫صحيحا يؤدي إىل سبلمة التفكًن حٌن يتم‬ ‫ً‬ ‫علما‬
‫العلم با‪ٞ‬نفردة ً‬
‫‪ -2‬الغرض من ا‪ٜ‬ن ّد ُ‬
‫الربط بٌن الكلمات لتكوين ا‪ٛ‬نمل "القضايا" ال ي يرتّكب منها االستدالؿ "الربىاف"‬
‫"التصور" الذي يكوف با‪ٜ‬ند‬
‫ّ‬ ‫إذف فالعلم الصحيح با‪ٞ‬نفردة ىو‬
‫وا‪ٞ‬نقصود بالعلم القطع وال يدخل الظن الغالب ‪.‬‬
‫‪ -1‬يتجو ا‪ٜ‬ند بأنواعو إىل التصور الكلي ‪ٞ‬نا يراد تعريفو وال ينظر يف ا‪ٛ‬نزئيات وذلك‬
‫ا‪ٜ‬نس والسواه‬
‫بسبب الغرض من ا‪ٜ‬ند عندىم كما سيأيت بيانو‪،‬ومصدر التصور ىو العقل ال ّ‬
‫من ا‪ٞ‬نصادر ‪.‬‬
‫وإما نظري‬
‫‪ -3‬ما يراد تصوره ّإما ضروري ّ‬
‫فالضروري ال ‪٪‬نتاج إىل تعريف حىت ولو كاف حده ‪٣‬نكنًا‬
‫والنظري ىو الذي يطلب با‪ٜ‬ند ‪.‬‬
‫‪ -3‬ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي طريقتو معرفة الشيئ ّناىيتو وحقيقتو‪،‬وقوامو يف ذلك على أجزاء ا‪ٞ‬ناىية‬
‫وٓنديدا ا‪ٛ‬ننس والفصل‬
‫ً‬ ‫ال ي ىي كليات الشيئ الذاتية‬
‫العرضية فليست من تكوين ا‪ٞ‬ناىية وإف وجدت فيها؛ألهنا ال تبلزمو باطّراد‬ ‫و ّأما الكليات َ‬
‫فيمكن أف يوجد بدوهنا و‪٬‬نكن أف تفارقو وبالتايل ال تُذكر يف ا‪ٜ‬ند‬
‫فا‪ٛ‬ننس للذاتيات ا‪ٞ‬نشرتكة‬
‫والفصل يكوف بالذايت الذي يفصلو عما يشرتؾ معو يف ا‪ٛ‬ننس‬
‫وىذه األلفاظ "ا‪ٞ‬ناىية‪،‬الكليات‪،‬الذاتيات" ليست ‪٠‬نرد مصطلحات فلسفية بل ىي فلسفة‬
‫بنفسها‪،‬إثبا ُهتا ومعناىا وما ينبين عليها نظريةٌ فلسفية وا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي قاـ عليها‪،‬وسيأيت كيف وقع‬
‫الفصل بٌن ا‪ٞ‬ننطق والفلسفة ال ي بين عليها‬
‫عرض ا‪ٞ‬ننطق مع أصلو‬ ‫وليس معىن ىذا الكبلـ أ ْف يقاؿ إف بياف األصل الفلسفي للمنطق أو ْ‬
‫لكن وقوع الفصل بينهما ومع تطاوؿ العهد‬ ‫علمي بل ىذه قصتو وواقعو و ْ‬ ‫اكتشاؼ ّ‬
‫ٌ‬ ‫الفلسفي‬
‫نُسي األمر فصار إلعادتو إىل جذوره وربطو هبا قيمة وأ‪٨‬نية‬
‫تنبع أ‪٨‬نيتها وضرورهتا من كوهنا تعيد العلم إىل نصابو‬
‫وىكذا كثًن من القضايا العلمية ُ‬
‫وابن رشد يف شرح تلخيص أرسطو يتعامل مع ا‪ٞ‬نوضوع وفق أصولو‬
‫أخذ ا‪ٞ‬ننطق مع فلسفتو يُزيل الكثًن من الغموض والصعوبة ا‪ٞ‬نعروفة عنو فهي ا‪ٜ‬نلقة‬ ‫بل إف ْ‬
‫ا‪ٞ‬نفقودة يف كتب ا‪ٞ‬ننطق عند العرب خاصة ا‪ٞ‬نتأخرة من متوف وشروح وحواش ‪.‬‬
‫تعىن ارسطو ىذا ؟‬
‫‪ٞ - ٥‬ناذا ّ‬
‫ألنو هبذا كما يعتقد ‪٪‬نصل "العلم بالشيئ" فليس الغرض ‪٠‬نرد إدراؾ الشيئ ومعرفتو أو ٕنييزه‬
‫عن غًنه بل العلم القطعي بو الذي ال ‪٪‬نصل إال هبذه الطريقة‬
‫فا‪ٜ‬ند التاـ ىو السبيل إىل اإلدراؾ اليقيين للمفردات‬
‫دليل على ضعف عقوؿ البشر وقصور‬ ‫ويف ىذه القضية العلمية والتار‪٫‬نية الكربى يف تراث األمم ٌ‬
‫أبدا أف يضعوا موازين ومعايًن عامة يف أي ‪٠‬ناؿ وليس يف التفكًن‬ ‫إدراكهم وأنو ال ‪٬‬نكن ‪ٟ‬نم ً‬
‫أمر فوؽ البشر هبا ‪٪‬نتكموف وإليها يرجعوف ‪.‬‬ ‫فحسب‪،‬وأف ا‪ٞ‬نعايًن العامة ٌ‬
‫‪ -٦‬يُنبو ىنا إىل أف الغزايل وىو الذي رد على الفبلسفة قد أخذ منطقهم وشرحو كما ىو‬
‫فصلو عن الفلسفة ال ي قاـ عليها‬ ‫ألنو فيما يبدو اعتقد بإمكاف ْ‬
‫وتطور األمر بعده حىت صار من ضمن األقواؿ يف حكم تعلم ا‪ٞ‬ننطق عند ا‪ٞ‬نتأخرين جو ُازه مىت‬
‫خبل عن الفلسفة مع أنو لن ‪٫‬نلو منها ُناؿ‪،‬كيف وىو قد قاـ عليها ؟‬
‫وابن حزـ كالغزايل يف ىذا ا‪ٞ‬نوقف لكن جهود الغزايل ىي ا‪ٞ‬نتلقاة واألكثر شهرة‬
‫مث الغزايل كاف لو دور مهم يف الفصل بٌن أنواع ا‪ٜ‬ندود بصورة واضحة ويف بياف الفرؽ بٌن ا‪ٜ‬ند‬
‫ا‪ٞ‬ننطقي وا‪ٜ‬ند الكبلمي ‪.‬‬
‫‪ -٧‬يوجد عندىم ما ال ‪٬‬نكن تعريفو "البلمعرفات" وىي األجناس العالية أو ا‪ٞ‬نقوالت‬
‫العشر ألنو ال جنس ‪ٟ‬نا والبد يف ا‪ٜ‬ند من جنس وفصل ‪.‬‬
‫‪ -٨‬ا‪ٜ‬ند يف ا‪ٞ‬ننطق ينصرؼ إىل ا‪ٜ‬ند التاـ فهو أصل الباب دوف األنواع األخرى‪،‬وىو ا‪ٞ‬نراد‬
‫با‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي يف ىذه الوقفة ‪.‬‬
‫‪ٖ -٩‬نت تنبيو آخر مهم وىو أف البحث يف ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي وطرؽ التعريفات األخرى ينبغي‬
‫التمييز فيو بٌن أمرين ‪:‬‬
‫ا‪ٜ‬ند الذي يطلب بو معرفة الشي وا‪ٜ‬ند الذي يطلب بو معرفة لفظ‬
‫والكبلـ ىو عن األوؿ‬
‫وبينهما فرؽ أشار إليو الغزايل يف مقدمة ا‪ٞ‬نستصفى‪،‬فا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي ىو ‪ٞ‬نعرفة حقيقة الشيئ حىت‬
‫اضحا كاإلنساف وا‪ٞ‬ناء‬
‫لو كاف اللفظ و ً‬
‫وقد تعرؼ الشيئ على وجو القطع و‪٬‬نر بك لفظ يدؿ عليو لكنك ال تعرؼ اللفظ فتحتاج إىل‬
‫تعريفو كالغضنفر‬
‫وقد ‪٩‬نتمع االثناف كا‪ٞ‬نغنيسيوـ عند من مل يعرفو قط‬
‫واألصل يف الكبلـ عن ا‪ٜ‬ندود ىو األوؿ ‪.‬‬
‫ا‪ٜ‬ند الكبلمي‬
‫طريقة األصوليٌن يف ا‪ٜ‬ندود ىي طريقة ا‪ٞ‬نتكلمٌن ال ا‪ٞ‬ننطقيٌن‬
‫عما سواه دوف االلتزاـ بشروط‬ ‫وىي ا‪ٜ‬ند ا‪ٛ‬نامع ا‪ٞ‬نانع الذي ‪٪‬نصل بو ٕنييز اتحمدود ّ‬
‫ا‪ٞ‬ننطقيٌن‪،‬وقد نص على ذلك الغزايل يف معيار العلم‬
‫فرؽ فيو بٌن ا‪ٞ‬ننطقي واألصويل "الكبلمي"‬ ‫فعندما يقاؿ ا‪ٜ‬ند ‪٩‬نب أ ْف يُ ّ‬
‫وا‪ٞ‬نتكلّموف الكبار األوائل كالباقبلين وا‪ٛ‬نويين كانوا ينقدوف منطق أرسطو ومل يأخذوا بو حىت‬
‫ظاىرا يف تلخيص التقريب للجويين ونص على ىذا ا‪ٞ‬نعىن ابن تيمية يف‬ ‫أتى الغزايل‪،‬وترى ىذا ً‬
‫الرد على ا‪ٞ‬ننطقيٌن ‪.‬‬
‫وىنا وقفات ‪:‬‬
‫مانعا بشكل ضروري ولذلك ال يهتموف‬ ‫جامعا ً‬
‫نظاـ ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي منتهاه أف يكوف ً‬‫‪ُ -2‬‬
‫بالتنصيص على ىذا الشرط ألنو لن يكوف إال كذلك وإ‪٧‬نا يفيد النص عليو يف باقي أنواع‬
‫ا‪ٜ‬ندود الثبلثة‬
‫مانعا "االطراد واالنعكاس" إذ بو يتم‬
‫جامعا ً‬
‫لكن ا‪ٜ‬ند الكبلمي يشرتط فيو أف يكوف ً‬
‫معرفة اتحمدود والتمييز عن غًنه ‪.‬‬
‫‪ -1‬يتضح الفرؽ بينهما عمليًا ‪:‬‬
‫فعند ا‪ٞ‬ننطقيٌن ال ترادؼ بٌن األلفاظ وال اشرتاؾ إذ لكل مفردة حقيقةٌ وماىية مستقلة‬
‫أيضا ال ‪٬‬نكن تعريف الشيئ بكلمة واحدة ألنو البد فيو من وصفٌن ذاتيٌن "ا‪ٛ‬ننس‬ ‫و ً‬
‫ناقصا "التصديق أو التقييد الناقص"‬
‫والفصل" فبلبد أف يكوف ا‪ٜ‬ند مركبًا تركيبًا ً‬
‫كما أف معرفة اللفظ ليست غرضهم فهم يقصدوف حقيقة الشيئ ‪.‬‬
‫ّأما األصوليوف ‪:‬‬
‫فيبحثوف الرتادؼ ووقوع ا‪ٞ‬نشرتؾ‬
‫و‪٬‬نكن التعريف عندىم بلفظ واحد‬
‫كما أهنم يُدخلوف معرفة اللفظ يف ا‪ٜ‬ندود وليس الغرض معرفة ا‪ٜ‬نقيقة فقط ‪.‬‬
‫‪ -3‬ىل طريقة األصوليٌن ال ي ىي طريقة االكتفاء بالتمييز ‪-‬أي ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬نميز ا‪ٛ‬نامع ا‪ٞ‬نانع‪-‬‬
‫ىي طريقةُ علماء ا‪ٞ‬نسلمٌن من غًن ا‪ٞ‬نتكلمٌن ؟‬
‫ط بٌن ما كاف عليو أىل العلم بالشريعة وما عليو منطق أرسطو‬ ‫وس ٌ‬
‫كبل‪،‬فهي طريقةٌ َ‬
‫رت با‪ٞ‬ننطق ببل شك ولكن مل يتم بياف معا‪ٞ‬نها بصورة تفصلها عن ا‪ٞ‬ندرستٌن‬ ‫طريقةٌ تأثّ ْ‬
‫فهي بإ‪٩‬ناز ‪ :‬مدرسة التمييز للمحدود با‪ٛ‬نمع وا‪ٞ‬ننع ولكن بتأثر منطقي ‪.‬‬
‫أخذ جولة يف تعريفات ا‪ٞ‬نتكلمٌن واألصوليٌن وما فيها من اعرتاضات ومناقشات كفيلة با‪ٛ‬نزـ‬ ‫وْ‬
‫بأهنا ليست ‪٠‬نرد التمييز وإف كاف التمييز غرضها ومدرستها‪،‬فهي طريقةٌ يف التمييز‬
‫ا‪ٞ‬نفسرين‬
‫كما أهنا ليست طريقة العلماء من غًن ا‪ٞ‬نتكلمٌن يف التعريفات من الفقهاء واتحم ّدثٌن و ّ‬
‫وأىل اللغة األوائل كالشافعي وسيبويو وأمثا‪ٟ‬نم‬
‫اؿ جدير بالبحث كما سبق‪ -‬ومنها ‪:‬‬ ‫و‪٬‬نكن استخبلص معامل ‪ٟ‬نا ‪-‬وىو ‪٠‬ن ٌ‬
‫‪ -‬أنواع ا‪ٜ‬ندود األربعة ا‪ٞ‬نذكورة يف ا‪ٞ‬ننطق ‪٪‬نصل هبا العلم ‪ّ-‬نعىن أنو قد ‪٪‬نصل هبا‪ -‬وليس‬
‫بنوع واحد منها فقط‬‫خاصا ٍ‬ ‫حصوؿ العلم ًّ‬
‫وتستعمل كلها وليس فقط ا‪ٜ‬ند التاـ‬
‫وستبلحظ أف ا‪ٜ‬ند الكبلمي واألصويل يُدخل ا‪ٜ‬ند الناقص والر‪ٚ‬ني التاـ والر‪ٚ‬ني الناقص يف‬
‫نظرية التمييز وحصولو ‪.‬‬
‫‪ -‬ا‪ٜ‬ند للتمييز وليس ‪ٞ‬نعرفة ا‪ٞ‬ناىية ولكن تستعمل أدوات ا‪ٞ‬ننطق لغرض التمييز‬
‫عرب ابن ا‪ٜ‬ناجب‪،‬لذا ترى التشابو يف صورة ا‪ٜ‬ند وتركيبو مع‬ ‫وا‪ٞ‬نراد بأدواتو ىنا صورةُ ا‪ٜ‬ند كما ّ‬
‫ا‪ٞ‬ننطقيٌن ‪.‬‬
‫وهبذين ا‪ٞ‬نعلمٌن تفارؽ طريقةَ ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي مع مبلحظة التشابو يف الصورة ‪.‬‬
‫والسؤاؿ اآلف ‪:‬‬
‫مب يفرتؽ األصوليوف يف نظريتهم للحد عن طريقة العلماء غًن ا‪ٞ‬نتكلمٌن طا‪ٞ‬نا أ ّف فكرهتم تدور‬
‫حوؿ التمييز وىي فكرة مشرتكة بينهما ؟‬
‫أوال ‪ٞ‬نعرفة الشيئ على ما ىو عليو وذلك بذكره ‪٣‬نيػًزا وّنعرفة حقيقتو‬ ‫ا‪ٜ‬ند عندىم يوضع ً‬
‫دوف استخداـ النظريات الفلسفية من ا‪ٞ‬ناىية والكليات والذاتيات‬
‫وعند علماء الشريعة ‪:‬‬
‫عما يشاهبو‪،‬فإف اشتبو مع غًنه طُلب الفرؽ بينهما بأي وسيلة‬ ‫ا‪ٜ‬ند ‪ٞ‬نعرفة الشيئ وتصوره وٕنييزه ّ‬
‫جامعا لكل ما يدخل‬ ‫قريبة‪،‬فهم ال يقصدوف ابتداءً معرفة حقيقتو بشكل دقيق وال أف يكوف ً‬
‫‪٣‬نيزا عنها ُ‪٫‬نرج كل ما‬
‫حدا ً‬‫ومانعا لكل ما سواه‪،‬وال يستحضروف كل ما ‪٪‬نتمل دخولو فيحدونو ً‬ ‫ً‬
‫عداه و‪٩‬نمع كل ما يندرج فيو ويصبح التعريف فيو خلل إذا وقع شيئ من ذلك‬
‫ال ‪٬‬نكن أف يقوؿ ىذا َمن الحظ طريقة علماء الشريعة ‪٣‬نن مل يتأثر بالكبلـ يف مصنفاهتم بل‬
‫يوضح اتحمدود و‪٬‬نيّزه عن "أقرب ما يشتبو بو" وىذا ‪٫‬نالف طريقة ا‪ٞ‬نتكلمٌن‬ ‫يضعوف تعري ًفا ّ‬
‫واألصوليٌن الذين يطلبوف التمييز عن غًنه مطل ًقا ولذلك شرطوا االطراد واالنعكاس ‪.‬‬
‫وْنويز األصوليٌن التعريف با‪ٞ‬نثاؿ واإلشارة ىو من باب بياف اللفظ وىو غًن موضوع ح ّد‬
‫الشيئ ّنعرفة حقيقتو الذي ‪٥‬نن فيو‪،‬وال تبدو األمثلة ا‪ٞ‬نتأخرة يف التعريف باللفظ دقيقة ىنا‬
‫يف اإلنساف ب"اإلنساف كزيد‪،‬اإلنساف ىذا ويشًن إىل شخص" ‪-‬‬ ‫كتمثيلهم للحد اللفظي تعر َ‬
‫وىذا با‪ٞ‬نناسبة تعريف با‪ٛ‬نزئي ولذلك اليصح عند ا‪ٞ‬ننطقيٌن‪ -‬فهذه أمثلة للتقريب فيما يظهر‬
‫أصبل عند ا‪ٞ‬نخاطَب لذلك ال ينطبق عليها‬ ‫أي على افرتاض أف لفظ اإلنساف غًن معلوـ ً‬
‫االطراد واالنعكاس وىو شرط يف صحة ا‪ٜ‬ند األصويل‪،‬وكاف األنسب اختيار أمثلة أخرى يكوف‬
‫كثًنا ما تكوف األمثلة التقريبية يف العلوـ مضلّلة وأحسب أف ىذا منها والعلم‬ ‫اللفظ فيها غريبًا‪،‬و ً‬
‫عند هللا ‪.‬‬
‫ويفصلوف فيها‬
‫‪٩‬نودوف ا‪ٜ‬ندود ّ‬ ‫فصل عما يشتبو هبا‪،‬واألئمة ّ‬
‫وليس ا‪ٞ‬نراد ّأال ْنود التعاريف و ّأال تُ َ‬
‫كتفرع العلوـ والفنوف وتيسًن الفهم على الطبلب‪،‬وإذا كانوا يزيدوف يف‬ ‫كلما كانت ا‪ٜ‬ناجة ّ‬
‫قيودا كي ال ‪٪‬نصل االشتباه فسوؼ تزيد القيود كلما كثر االشتباه مع تطاوؿ القروف‬ ‫ا‪ٜ‬ندود ً‬
‫والبعد عن العلم‪،‬وىذا ىو السبب يف تطورىا عرب العصور وىو ظاىر يف أكثر كتب الفقهاء ‪.‬‬
‫‪ -3‬ىل كتب األصوؿ تعرض ا‪ٜ‬ند بنظامو الكبلمي األصويل وليس ا‪ٞ‬ننطقي ؟‬
‫ٕناما كالغزايل‬
‫جدا َمن يعرضو كا‪ٞ‬ننطقيٌن ً‬
‫األصل فيها الطريقة الكبلمية‪،‬وقليل ً‬
‫ومزج فيذكر أنواع ا‪ٜ‬ندود وأقسامها ا‪ٞ‬ننطقية مث يذكر شروط‬ ‫وأكثرىا ‪-‬وىو ا‪ٞ‬نهم‪ -‬خلَط َ‬
‫ا‪ٞ‬نتكلمٌن للحد من االطراد واالنعكاس وعدـ غرابة األلفاظ وىكذا دوف التفصيل على أهنا‬
‫شروط لبعض أنواع ا‪ٜ‬ندود وليس ‪ٛ‬نميعها ‪-‬وسبق أنو على الطريقة ا‪ٞ‬ننطقية للحد التاـ ال داعي‬
‫‪ٟ‬نا وإ‪٧‬نا حاجتها على طريقة معرفة ا‪ٜ‬نقيقة بالتمييز‪ -‬مث من مستكثر من ا‪ٞ‬نزج ُنيث يُصنف‬
‫مقل ُنيث يقارب ا‪ٞ‬ننطقيٌن كابن ا‪ٜ‬ناجب‬
‫على الطريقة الكبلمية ومن ّ‬
‫أيضا يف كثًن من كتب ا‪ٞ‬ننطق ا‪ٞ‬نتأخرة إذ تذكر أنواع ا‪ٜ‬ندود مث تسرد‬
‫وىذه ا‪ٞ‬نبلحظة وقعت ً‬
‫شروط ا‪ٜ‬ند دوف أ ْف ُٓندد ىي شروط ألي نوع ‪.‬‬
‫خإنة ا‪ٞ‬نقالة ‪:‬‬
‫معا حىت ال يقع الغلط يف تصنيف ا‪ٞ‬ندارس‬ ‫ينبغي دراسة ا‪ٜ‬ند باعتبار ا‪ٞ‬نراحل وا‪ٞ‬نناىج ً‬
‫واالْناىات فيو‬
‫وأقرتح لذلك جعلهم ‪٠‬نموعات واْناىات‪،‬كل ‪٠‬نموعة يُدرس فيو اْناىها يف ا‪ٜ‬ند "ما ا‪ٜ‬ند‬
‫عندىم" ‪:‬‬
‫‪ -2‬أرسطو وىو األصل‪،‬ويدخل معو ابن رشد‬
‫‪ -1‬الفبلسفة العرب األوائل كابن سينا والفارايب‬
‫وتصورا‬
‫‪ -3‬الغزايل وابن حزـ‪،‬و‪٨‬نا ليسا من الفبلسفة ولكنّهما شرحاه وف ًقا ‪ٞ‬ننطق أرسطو ّ‬
‫فصلو عن الفلسفة ‪.‬‬
‫ْ‬
‫وىذه اجملموعات الثبلث ‪٬‬نثلوف ا‪ٞ‬ندرسة ا‪ٞ‬ننطقية ‪.‬‬
‫‪ -3‬ا‪ٞ‬نتكلموف واألصوليوف الذين مل يأخذوا با‪ٞ‬ننطق بل كانوا يعيبونو كالباقبلين وا‪ٛ‬نويين‬
‫‪ -٥‬علماء الشريعة ا‪ٞ‬نتقدموف كالشافعي وسيبويو والفقهاء غًن ا‪ٞ‬نتأخرين‪،‬ودراستهم‬
‫ستكوف استنتاجية من طريقتهم يف التعريفات ‪.‬‬
‫والبد من البُعد عن كتب ا‪ٞ‬ننطق ا‪ٞ‬نتأخرة كا‪ٞ‬نتوف وشروحها وحواشيها فبل يستعاف هبا يف‬
‫فَػ ْهم وال نسبة فاألمور عندىم أخذت ‪٠‬نرى آخر‪،‬وإ‪٧‬نا ىي مفيدة يف بداية التحصيل ‪.‬‬
‫وخبلصة القوؿ إف ا‪ٜ‬ند األصويل لو نظامو ا‪ٝ‬ناص وىو طريقة ا‪ٞ‬نتكلمٌن‬
‫فليس ىو ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي وإف تأثر بو وليس ىو طريقة العلماء من غًن ا‪ٞ‬نتكلمٌن وإف‬
‫شاركهم يف االْناه العاـ‬
‫و‪ٞ‬نعرفة ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي بأصولو فكتب ابن رشد‪،‬وللتمييز بٌن ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي والكبلمي فكتب‬
‫الغزايل ‪.‬‬
‫وهللا أعلم‬
‫ا‪ٜ‬نلقة الرابعة‬
‫ا‪ٞ‬ننطق ومنطق األصوليٌن ‪)1‬‬
‫األقيسة ا‪ٞ‬ننطقية يف كتب األصوؿ‬
‫ٕنهيد ‪:‬‬
‫تسمى ا‪ٛ‬نملة ا‪ٝ‬نربية يف ا‪ٞ‬ننطق قضايا‬
‫تكونت وإ ْف مل يُلفظ هبا‪،‬فما داـ ّأهنا قد ترّكبت يف العقل فهي قضية إذ ا‪ٞ‬ننطق‬
‫وىي قضيةٌ مىت ّ‬
‫يتعامل مع التفكًن ‪.‬‬
‫صحيحا يف‬
‫ً‬ ‫كوف الكلمات ا‪ٞ‬نفردة ا‪ٛ‬نملة‪،‬وىي يف ا‪ٞ‬ننطق ثبلثة أنواع حىت يكوف تركيب ا‪ٛ‬نملة‬ ‫تُ ّ‬
‫الربط بٌن ا‪ٞ‬نفردات وىي ٘نلية وشرطية متصلة وشرطية منفصلة‬
‫ويف علم األصوؿ ‪-‬كما ىي اللغة‪ -‬ا‪ٛ‬نملةُ نوعاف خرب وإنشاء مع أقسامها وأحكامها ا‪ٞ‬نعلومة‬
‫يف علم ا‪ٞ‬نعاين‬
‫الح ْظ السعة يف العربية والتضييق الشديد يف ا‪ٞ‬ننطق ‪.‬‬
‫ويف األصوؿ ‪-‬كما ىي الشريعة‪ -‬ليس ىناؾ ‪٧‬نط معٌن للتفكًن سواء يف الفهم أو‬
‫االستنتاج‪،‬فاللغة والعقل الفطري الطبيعي ‪٨‬نا األساس وهبما يعرؼ مراد ا‪ٞ‬نتكلم ا‪ٞ‬نخاطب‬
‫ودور علم األصوؿ يف كيفية التعامل مع الدليل ىو إخراج وإبراز ىذه األسس كي يُفهم‬
‫وفشو العجمة ‪ٞ‬نا حصل ىذا‬
‫ا‪ٝ‬نطاب الشرعي ومدلوالتو‪،‬ولوال بُعد الناس عن التفقو يف الدين ّ‬
‫فمهمةُ األصوؿ بياف طرؽ الفهم واالستنباط من النصوص كي يفقو ا‪ٝ‬نطاب الشرعي وما يراد‬
‫كثًنا يف األصوؿ نفسها‪،‬وىذا كلو سعة‬
‫بو وليس وضع قانوف ‪١‬ندد يف التفكًن ولذا وقع ا‪ٝ‬نبلؼ ً‬
‫كسعة العقل واللغة ‪.‬‬
‫‪ -‬القضايا يف ا‪ٞ‬ننطق إما أف تُصدؽ وإما أف تكذب و‪ٚ‬نيت بالتصديقات تغليبًا لؤلشرؼ‬
‫والقضايا عندىم كلية أو جزئية وموجبة أو سالبة‬
‫حكما مثل "كل أىل‬ ‫وال يوجد عندىم ٔنصيص‪،‬فلو كانت عندنا قضية كلية موجبة تُثبت ً‬
‫تنافض يف‬
‫ٌ‬ ‫ا‪ٞ‬ندينة كرماء" ويف مقابلها سالبة جزئية "بعض أىل ا‪ٞ‬ندينة ليسوا كرماء" فهذا‬
‫ا‪ٞ‬ننطق‪،‬وليست ىذه مشكلة يف األصوؿ إذ ٔنصص الثانية األوىل ‪.‬‬
‫تستثمر القضايا ؟ ّنعىن كيف نستنتج منها قضايا أخرى وكيف نثبت صدقها ؟‬ ‫‪ -‬كيف َ‬
‫ىذا معىن االستدالؿ يف ا‪ٞ‬ننطق‬
‫وىو نوعاف ‪:‬‬
‫مباشر من القضية "ا‪ٛ‬نملة" الواحدة‪،‬وغًن مباشر من عدة قضايا‬
‫والغرض من االستدالؿ ّإما الوصوؿ إىل حكم جديد "قضية جديدة" أو إيراد الدليل على‬
‫صدؽ قضية ‪.‬‬
‫متضمنة فيها أو الزمة ‪ٟ‬نا لكي‬
‫‪ -‬يف االستدالؿ ا‪ٞ‬نباشر من القضية نستنتج منها قضية أخرى ّ‬
‫نثبت صدقها‪،‬وللمنطقينب نظاـ فيها وىي أحكاـ القضايا من العكس والتناقض والتضاد‬
‫اسعا يف التعامل مع ا‪ٛ‬نملة ىو باب دالالت األلفاظ وخاصة‬ ‫نظاما و ً‬
‫واألصوليوف وضعوا ً‬
‫طرؽ الدالالت "ا‪ٞ‬ننطوؽ وا‪ٞ‬نفاىيم" ‪.‬‬
‫‪ -‬طا‪ٞ‬نا أف أنواع تركيب ا‪ٛ‬نمل ‪١‬نصور هبذه الطريقة فسيكوف ما تنتجو ا‪ٛ‬نملة بشكل مباشر‬
‫‪١‬نصورا بقوالب معينة‬
‫ً‬ ‫أيضا‬
‫منها ً‬
‫والسؤاؿ ىنا ‪ٞ‬ناذا مت حصر تكوين القضايا وما ترتب عليو من صور االستدالؿ ا‪ٞ‬نباشر‬
‫منها ّنا سبق ؟‬
‫يفسر ىذا كما وجدت إجابات علمية فلسفية وتار‪٫‬نية عن أسباب تشكل‬ ‫البد من جواب ّ‬
‫نظرية ا‪ٜ‬ند ا‪ٞ‬ننطقي‬
‫فهذا ‪٠‬ناؿ ُنث‪،‬ورّنا للنظاـ اللغوي اليوناين من ‪٥‬نو وببلغة أثر ودور ‪.‬‬
‫ضم القضايا وتركيبها للخروج بنتائج منها ىو االستدالؿ ا‪ٞ‬ننطقي غًن ا‪ٞ‬نباشر‬ ‫‪َ -‬‬
‫وإ‪٧‬نا كاف غًن مباشر ألننا نتعامل مع أكثر من قضية وحينها البد من دخوؿ العقل للربط بينها‬
‫ويسمى القياس‬
‫يفرقوف بٌن الداللة اللفظية والقياسية بنحو ىذا‪ّ -‬‬ ‫‪-‬تذ ّكر أف األصوليٌن ّ‬
‫ظ القياس ىنا ‪٩‬نب ّأال ينصرؼ الذىن فيو إىل القياس األصويل الفقهي وأركانو ا‪ٞ‬نكونة من‬ ‫ولف ُ‬
‫‪٢‬نتص لبلستدالؿ ا‪ٞ‬ننطقي ولو أنواعو وصوره‬ ‫ٌّ‬ ‫أصل وفرع ووصف جامع‪،‬بل ىو مصطلح‬
‫وأشكالو ا‪ٞ‬ننطقية ‪.‬‬
‫وبعد ىذا التمهيد نلج إىل ا‪ٞ‬نوضوع ‪.‬‬
‫القياس ا‪ٞ‬ننطقي‬
‫‪ /2‬معىن الدليل ‪٫‬نتلف بٌن ا‪ٞ‬ننطقيٌن واألصوليٌن‬
‫الدليل يف ا‪ٞ‬ننطق ‪٨‬نا ا‪ٞ‬نقدمتاف‬
‫متغًن ‪ +‬كل متغًن حادث = العامل حادث‬ ‫ففي ا‪ٞ‬نثاؿ ا‪ٞ‬نشهور ‪ :‬العا َمل ّ‬
‫ا‪ٞ‬نقدمتاف ‪٨‬نا الدليل يف ا‪ٞ‬ننطق‬
‫وعند األصوليٌن الدليل ىو العا َمل‪،‬فهو الذي ‪٬‬نكن بالنظر الصحيح فيو أ ْف نصل إىل ا‪ٞ‬نطلوب‬
‫ا‪ٝ‬نربي الذي ىو النتيجة ‪.‬‬
‫‪ /1‬الصورة "شكل الدليل" عند األصوليٌن سواء يف االستدالؿ أو الداللة ‪-‬لفظية أو‬
‫أشكاال وقوالب ‪ٟ‬نا بل‬
‫ً‬ ‫فعلية‪ -‬ليست ‪١‬نل اىتماـ فا‪ٞ‬نهم ا‪ٞ‬نضموف وا‪ٞ‬نادة‪،‬ولذا ال ‪٪‬نددوف‬
‫يبيّنوف كيفية الداللة واالستدالؿ فحسب ‪.‬‬
‫‪ /3‬أين يذكر األصوليوف األقيسة ا‪ٞ‬ننطقية ؟‬
‫أوال أف الكبلـ ىنا عن األقيسة ا‪ٞ‬ننطقية يف كتب األصوؿ وليس عن األقيسة األصولية‬ ‫تذ ّكر ً‬
‫فعندما يقاؿ ىنا قياس العلة ا‪ٞ‬نراد با‪ٞ‬نعىن ا‪ٞ‬ننطقي‬
‫وىم يذكروهنا غالبًا يف ا‪ٞ‬نقدمات وأحيانًا يف باب االستدالؿ بعد األدلة ‪.‬‬
‫‪ /3‬أنواع القياس ا‪ٞ‬ننطقي ‪ٟ‬نا ثبلثة اعتبارات ‪ّ-‬نعىن لو ثبلثة تقسيمات‪ -‬سنكتفي ىنا‬
‫بذكر تقسيمٌن ‪:‬‬
‫باعتبار الصورة والشكل وباعتبار ترتيب القياس ومضمونو‬
‫‪ّ -‬أما باعتبار صورة الدليل فهو ثبلثة أنواع ‪:‬‬
‫٘نلي اقرتاين‬
‫استثنائي شرطي‪،‬وىو نوعاف متصل ومنفصل‬
‫ا‪ٞ‬نكونة لو وُنسب تركيبو ‪.‬‬
‫وذلك ُنسب نوع القضايا ّ‬
‫‪ -‬و ّأما باعتبار مضموف الدليل وترتيبو فهو نوعاف ‪:‬‬
‫علة وداللة "برىاف اعتبلؿ‪،‬برىاف استدالؿ"‬
‫* فربىاف العلة ىو االستدالؿ بالعلة على ا‪ٞ‬نعلوؿ‬
‫ومثالو االستدالؿ بوجود الغيم على نزوؿ ا‪ٞ‬نطر‪،‬فالغيم علة ا‪ٞ‬نطر ‪.‬‬
‫* وبرىاف الداللة ىو االستدالؿ با‪ٞ‬نعلوؿ على العلة‬
‫ومثالو أف تستدؿ بنزوؿ ا‪ٞ‬نطر على وجود الغيم ‪.‬‬
‫حكما فإنّو ‪٪‬ندد مضموف استداللو "علة‪-‬داللة"‬ ‫فإذا أتى ا‪ٞ‬نستدؿ ليثبت ً‬
‫مث يصوغ صورة الدليل ويرّكبو وفق األ‪٧‬ناط الثبلثة "اقرتاين‪-‬استثنائي متصل‪-‬استثنائي منفصل" ‪.‬‬
‫كل من نوعي القياس باعتبار ا‪ٞ‬نضموف إىل ثبلثة أ‪٧‬ناط باعتبار‬ ‫‪ /٥‬وعليو فيمكن تركيب ّ‬
‫صورة الدليل‬
‫وبا‪ٞ‬نثاؿ يتضح القوؿ‪،‬وسأذكر مثالٌن أحد‪٨‬نا يف العقيدة واآلخر يف الفقو ‪:‬‬
‫‪ -‬العقيدة ‪:‬‬
‫بالتغًن‬
‫االستدالؿ على حدوث العامل ّ‬
‫التغًن ىو علة كونو حادثًا فهو برىاف علة‬
‫وصوره باأل‪٧‬ناط الثبلثة ‪:‬‬
‫* العامل متغًن ‪ +‬كل متغًن حادث = العامل حادث علة و٘نلي اقرتاين )‬
‫متغًنا فهو حادث ‪ +‬لكنو متغًن = إذف فهو حادث علة شرطي متصل )‬ ‫* إف كاف العامل ً‬
‫وإما حادث ‪ +‬لكنو متغًن = إذف فهو حادث علة شرطي منفصل )‬ ‫* العامل ّإما قدمي ّ‬
‫تغًنت األ‪٧‬ناط ومضموف الدليل واحد ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬الفقو ‪:‬‬
‫استدالؿ با‪ٞ‬نعلوؿ على ا‪ٜ‬نكم أي‬
‫ٌ‬ ‫يؤدى على الراحلة‬‫االستدالؿ على أف الوتر نافلة بكونو ّ‬
‫استدالؿ ّنا يدؿ عليو وليس بعلتو ا‪ٞ‬نقتضية لو فهو برىاف داللة‪،‬وأ‪٧‬ناطو ‪:‬‬
‫* باالقرتاين ‪:‬‬
‫كل ما يؤدى على الراحلة فهو نافلة ‪ +‬الوتر يؤدى على الراحلة = الوتر نافلة‬
‫* باالستثنائي الشرطي ا‪ٞ‬نتصل ‪:‬‬
‫إف كاف الوتر يؤدى على الراحلة فهو نافلة ‪ +‬وىو يؤدى على الراحلة = الوتر نافلة‬
‫ولو صورة أخرى ‪ :‬لو مل يكن الوتر يؤدى على الراحلة ‪ٞ‬نا كاف نافلة ‪ +‬لكنو يؤدى على‬
‫الراحلة = الوتر نافلة‬
‫* باالستثنائي الشرطي ا‪ٞ‬ننفصل ‪:‬‬
‫وإما نافلة ‪ +‬لكنو يؤدى على الراحلة = فهو نافلة "أو فهو ليس فريضة "‪.‬‬ ‫الوتر ّإما فريضة ّ‬
‫ويعاد السؤاؿ ا‪ٞ‬نهم ىنا ‪:‬‬
‫‪ٞ‬ناذا كاف تكوين األقيسة هبذه األ‪٧‬ناط بعينها ؟ كيف نشأت وتش ّكلت علميًا وتار‪٫‬نيًا ؟‬
‫‪٠‬ناؿ ُنث ‪.‬‬
‫ىل األقيسة "الرباىٌن" ا‪ٞ‬ننطقية يف كتب األصوؿ تُعرض كما ىي يف كتب ا‪ٞ‬ننطق ؟‬
‫ىنا مقصود ا‪ٞ‬نقالة‬
‫‪٢‬نتصا أي أقيسة منطقية ولكن بطريقة فيها‬
‫والذي يظهر أف أغلبها ‪-‬وىو السائد‪ -‬قدـ منط ًقا ًّ‬
‫اختصاص وليست كما ىي عند ا‪ٞ‬ننطقيٌن‬
‫وإٗناؿ الطريقة ‪:‬‬
‫"الدمج بٌن نوعي التقسيم وجه ي االعتبار‪،‬فليس عندىم اعتباراف وال تقسيماف بل‬
‫تقسيم واحد ٗنعوا فيو الصورة با‪ٞ‬نضموف"‬
‫وبياهنا فيما يأيت ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نكوف من مقدمتٌن‬
‫‪ -2‬قياس العلة ا‪ٞ‬ننطقي قصروا صورتو على القياس ا‪ٜ‬نملي االقرتاين ّ‬
‫ونتيجة وحد أصغر وأوسط وأكرب‪،‬وجعلوا ا‪ٜ‬ند األوسط ا‪ٞ‬نتكرر يف ا‪ٞ‬نقدمتٌن ىو العلة‬
‫كنوع من الربىاف ا‪ٞ‬ننطقي ىو االقرتاين من حيث الشكل‬ ‫فربىاف العلة الذي يذكره األصوليوف ٍ‬
‫وصور كما ىو يف كتب ا‪ٞ‬ننطق ‪.‬‬ ‫والعلة من حيث ا‪ٞ‬نادة وليس لو ثبلثة أ‪٧‬ناط ُ‬
‫‪ّ -1‬أما قياس الداللة ا‪ٞ‬ننطقي فربطوا بينو وبٌن االستثنائي الشرطي ا‪ٞ‬نتصل‪،‬وىذا الربط ىو‬
‫الذي يستحق التحرير ‪:‬‬
‫فالذي يبدو أف األصوليٌن د‪٠‬نوا بينو وبٌن قياس الداللة فأنتجوا حالة ‪٢‬نتصة ىي مادة برىاف‬
‫الداللة وصورة االستثنائي ا‪ٞ‬نتصل حافظت على اسم االستثنائي ا‪ٞ‬نتصل‪،‬وىي بعينها دليل‬
‫التبلزـ األصويل الذي يذكرونو يف باب االستدالؿ‬
‫استدالؿ للوصوؿ إىل ا‪ٜ‬نكم ّنا يدؿ عليو من غًن طريق العلة فهو‬
‫ٌ‬ ‫فالتبلزـ من حيث ا‪ٞ‬نضموف‬
‫من قياس الداللة‪،‬ومن حيث الصورة فهو استثنائي شرطي متصل‬
‫مع التنبيو ‪-‬وىو مهم‪ -‬على أهنم غالبًا ‪٪‬نذفوف بعض أجزاء الدليل وال يلتزموف بالصورة ا‪ٞ‬ننطقية‬
‫بتمامها فلينتبو يف األمثلة األصولية لو إىل ىذا وكذلك ا‪ٜ‬ناؿ يف كتب الفقو‬
‫كامبل ىكذا ‪:‬‬
‫ومثاؿ ذلك قو‪ٟ‬نم "صح طبلقو فصح ظهاره" أصل الدليل ً‬
‫لو مل يصح ظهاره ‪ٞ‬نا صح طبلقو ‪ +‬لكن صح طبلقو = صح ظهاره‬
‫فحذفت ا‪ٞ‬نقدمة األوىل ‪.‬‬
‫وتنبيوٌ آخر مهم عن صورة القياس االستثنائي الشرطي ا‪ٞ‬نتصل يف كتب الفقو "لو مل يكن كذا‬
‫لكاف كذا‪،‬إف مل يكن كذا لكاف كذا" ‪:‬‬
‫كثًنا يف إثبات حكم فقهي‪،‬فهل ىو التبلزـ ا‪ٞ‬نذكور آن ًفا ؟ سؤاؿ أصويل ال منطقي ؟‬ ‫فهي ترد ً‬
‫دائما إىل ا‪ٞ‬نضموف‪،‬ىكذا يف‬ ‫تذ ّكر أف الصورة ليست ‪١‬نل اىتماـ عند الفقهاء وانظر ً‬
‫األصوؿ ويف الفقو أوىل ‪:‬‬
‫تبلزما‬
‫* أحيانًا ْند ىذه الصورة يف داللة لفظية فتكوف يف ا‪ٜ‬نقيقة داللة إشارة أو إ‪٬‬ناء وليست ً‬
‫مثل الداللة على الرتتيب يف الوضوء من آية سورة ا‪ٞ‬نائدة ‪ :‬لو مل يكن الرتتيب واجبًا ‪ٞ‬نا‬
‫أدخل ا‪ٞ‬نمسوح بٌن ا‪ٞ‬نغسوالت ‪.‬‬
‫مصطلحا‬
‫ً‬ ‫* وأحيانًا تكوف داللة من فعل نبوي فهو داللة فعل التزامية ‪-‬با‪ٞ‬نناسبة تستحق ىذه‬
‫خاصا هبا‪،‬وليس ىذا ‪١‬نل الوقوؼ مع ىذه الفكرة‪ -‬ومثالو االستدالؿ على ا‪ٞ‬نواالة يف‬ ‫ولقبًا ً‬
‫الوضوء من حديث صاحب اللمعة ‪ :‬لو مل تكن ا‪ٞ‬نواالة واجبة ‪ٞ‬نا أمره بإعادة الوضوء والكتفى‬
‫بطلب غسل قدمو ‪.‬‬
‫كثًنا على صورة االستثنائي ا‪ٞ‬نتصل ولكن ‪ٟ‬نا ألقاهبا ومواضعها‬ ‫فهذه استدالالت فقهية ترد ً‬
‫ا‪ٝ‬ناصة يف األصوؿ وليست دليل التبلزـ‪،‬وإ‪٧‬نا ساغ تشكيلها على صورتو ألهنا دالالت التزامية‬
‫‪-‬التزامية لفظية يف اإل‪٬‬ناء واإلشارة‪،‬التزامية فعلية يف داللة الفعل‪ -‬و ّأما التبلزـ فهو استدالؿ من‬
‫نص مباشر أمامنا‪،‬ىكذا يف الفقو‬ ‫فعلية‪،‬استدالؿ من غًن ّ‬
‫ٌ‬ ‫غًن النصوص قولية كانت أـ‬
‫مستقل بنفسو ّأما يف ا‪ٞ‬ننطق فاألمر ‪٢‬نتلف كما سبق بيانو يف مثاؿ‬ ‫ٌ‬ ‫استدالؿ‬
‫ٌ‬ ‫واألصوؿ ألنو‬
‫صبلة الوتر ‪.‬‬
‫ومعىن ما سبق أنك قد ْند صورة االستثنائي الشرطي ا‪ٞ‬نتصل يف كتب الفقو وىو ليس من‬
‫استدالال يف غًن صورة االستثنائي ا‪ٞ‬نتصل الكاملة وىو من التبلزـ بسبب‬ ‫ً‬ ‫التبلزـ‪،‬وقد ْند‬
‫حذؼ يف بعض الصورة‪،‬ولذلك الزـ النظر يف مضموف االستدالؿ ومم أُخذ‬
‫فإ ْف أُخذ من دليل لفظي "آية‪،‬سنة قولية" فهو من دالالت األلفاظ وإف كاف على صورتو‬
‫وإ ْف كاف من فعل نبوي فهو من داللة الفعل‬
‫استدالال إلثبات حكم من غًن‪٨‬نا ‪-‬سواء من خبلؿ ا‪ٝ‬ناصية أو النتيجة أو النظًن‪-‬‬‫ً‬ ‫وإ ْف كاف‬
‫تبلزـ‪،‬وتستطيع إكماؿ صورة الدليل بذكر ما ُحذؼ إذا أردت التحقق ‪.‬‬ ‫فهو ٌ‬
‫‪ّ -3‬أما القياس االستثنائي الشرطي ا‪ٞ‬ننفصل فهو يف األصوؿ السرب والتقسيم‬
‫‪١‬نك النظر‬
‫أيضا يسمونو السرب والتقسيم كما قاؿ الغزايل يف ّ‬ ‫وا‪ٞ‬نتكلموف ً‬
‫وأشهر ما يستعملو األصوليوف يف مسالك العلة‬
‫نوعا من االستدالؿ ا‪ٞ‬ننطقي يُسمى‬ ‫أيضا كثًن من كتب األصوؿ ‪-‬وليس أكثرىا‪ -‬يذكروف ً‬ ‫و ً‬
‫"برىاف ا‪ٝ‬نلف" وىو أ ْف يقوـ ا‪ٞ‬نستدؿ بإثبات حكم أو قوؿ عن طريق حصر ٗنيع األقساـ‬
‫احدا‪،‬وىذا استعماؿ للسرب والتقسيم ولكن بطريقة معينة ىي إبطاؿ‬ ‫ٗنيعا ّإال و ً‬
‫ا‪ٞ‬نمكنة ويبطلها ً‬
‫أضداد ما يريد إثباتو ‪.‬‬
‫أيضا إىل أهنم ال يلتزموف بصورتو كاملة فقد ‪٪‬نذفوف بعض أجزائو كا‪ٞ‬نقدمة الصغرى أو‬ ‫وينبو ىنا ً‬
‫النتيجة‪،‬و‪٬‬نكن إكمالو من أجل التحقق ‪.‬‬
‫وأظن أف وجوده يف األصوؿ أوسع من استعمالو يف طرؽ استخراج العلة وبرىاف ا‪ٝ‬نلف ولكن‬
‫وإال فتوجد بعض االستدالالت مضموهنا‬ ‫أصرح صوره يف كتب األصوؿ يف ىذين ا‪ٞ‬نبحثٌن ّ‬
‫وتكوينها ومبناىا على السرب والتقسيم وإ ْف مل تكن طريقة ترتيب االستدالؿ فيها صر‪٪‬نة‬
‫ففي أنواع االستدالؿ ال ي يذكرىا األصوليوف بعد مباحث األدلة ما حقيقتو راجعة إليو ولكن‬
‫تقسيم وسرب لكل أنواع األدلة‬
‫ٌ‬ ‫مثبل فيو‬
‫بدوف صورتو الظاىرة السابقة‪،‬فاالستدالؿ بعدـ الدليل ً‬
‫ينتهي إىل نفي الدليل ا‪ٞ‬نعٌن على حكم ما "ال نص وال إٗناع وال قياس يف كذا" ‪.‬‬
‫ا‪ٝ‬نبلصة ‪:‬‬
‫تصوير خاص‬‫ٌ‬ ‫كاف لغالب األصوليٌن ا‪ٞ‬نتكلمٌن ‪-‬بل ‪٬‬نكن تسميتو ّننهج لؤلصوليٌن‪-‬‬
‫وعرضوه على أنو ا‪ٞ‬ننطق أو الق ْدر‬
‫شك لكنو ليس مطاب ًقا لو َ‬
‫للمنطق أصلُو ا‪ٞ‬ننطق اليوناين ببل ّ‬
‫الضروري منو‬
‫اقع يف‬
‫بل ‪٬‬نكن القوؿ إهنم ولّدوا منط ًقا منو وصاروا يعرضونو على أنو ا‪ٞ‬نباحث ا‪ٞ‬ننطقية وىذا و ٌ‬
‫معا‪،‬وقلّة منهم عرضوه كما ىو على رأسهم الغزايل وابن حزـ ‪.‬‬
‫ا‪ٜ‬ند والربىاف ً‬
‫توصية ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نقدمة ا‪ٞ‬ننطقية يف ا‪ٞ‬نستصفى للغزايل ىي أكمل وأجود ‪٧‬نوذج للمقدمات ا‪ٞ‬ننطقية يف كتب‬
‫األصوؿ وىي وإ ْف كانت فآنتَها ّإال أ ّهنا أعبلىا وأدقّها ‪-‬حا‪ٟ‬نا يف ذلك كحاؿ صحيح‬
‫البخاري بٌن كتب ا‪ٜ‬نديث الصحيح وكتاب سيبوبو يف كتب النحو‪ -‬و‪ٟ‬نذا مىت أخذ الطالب‬
‫حظًّا من ا‪ٞ‬ننطق أو ا‪ٞ‬نقدمات ا‪ٞ‬ننطقية يف كتب األصوؿ فلتتجو عنايتو إليها‬
‫كما أقرتح أف تكوف ىي منهج مادة ا‪ٞ‬ننطق يف أقساـ الدراسات العليا يف األصوؿ والعقيدة‬
‫معتمدا على ا‪ٞ‬نصادر األوىل‬
‫ً‬ ‫مستقبل‬
‫ً‬ ‫منفصبل‬
‫ً‬ ‫شرحا‬
‫إٔنىن أف يتص ّدى عاملٌ خبًن لشرحها ً‬ ‫و ّ‬
‫عما بعدىا من كتب‬ ‫األصيلة مع دور ‪١‬ندود لكتب القرنٌن السادس والسابع واإلعراض ّ‬
‫ا‪ٞ‬نتأخرين ال ي تفيد يف بداية طريق التعلم‬
‫ولتتجو عناية الشارح إىل إيضاح غرض الغزايل وبياف مصطلحاتو دوف االستطراد وذكر‬
‫ا‪ٝ‬نبلفات وإيراد أقواؿ ا‪ٞ‬نتأخرين وُنوثهم‬
‫ّأما ا‪ٞ‬نصادر األصيلة يف الرتاث العريب فهي ‪:‬‬
‫كتب الغزايل ا‪ٞ‬ننطقية‪،‬شروح ابن رشد ‪ٞ‬ننطق أرسطو‪،‬كتب ابن سينا والفارايب‪،‬وتقريب ابن حزـ‪.‬‬

‫وهللا أعلم‬
‫ا‪ٜ‬نلقة ا‪ٝ‬نامسة‬
‫ا‪ٞ‬ننطق ومنطق األصوليٌن ‪)3‬‬
‫التمثيل والشموؿ‬

‫قد سبق الكبلـ عن أنواع األقيسة ا‪ٞ‬ننطقية‬


‫أيضا يف‬
‫‪٬‬نراف بطالب العلم ‪-‬خاصة يف كتب االعتقاد‪ -‬ويكثراف ً‬ ‫مصطلحٌن قد ّ‬
‫َ‬ ‫ووقفة اليوـ مع‬
‫ومن تأثر هبم من ا‪ٞ‬نتكلمٌن بعد أيب حامد الغزايل فمن‬
‫تقريرات ابن تيمية وردوده على ا‪ٞ‬ننطقيٌن َ‬
‫ا‪ٞ‬نهم إيضاحهما حىت تكتمل الصورة ‪.‬‬
‫وا‪ٞ‬نصطلحاف ‪٨‬نا الشموؿ والتمثيل‬
‫فما معنا‪٨‬نا وأين موضعهما من أنواع القياس ا‪ٞ‬ننطقي وأين ‪٨‬نا يف علم األصوؿ وكيف وجود‪٨‬نا‬
‫يف كتب الفقهاء ‪.‬‬
‫أوال ‪ /‬خبلصة االستدالؿ ا‪ٞ‬ننطقي‬
‫ً‬
‫يقسم ا‪ٞ‬ننطقيوف االستدالؿ إىل مباشر من نفس القضية "ا‪ٛ‬نملة" وىو ما يُعرؼ بأحكاـ‬‫ّ‬
‫القضايا وإىل غًن مباشر أي من أكثر من قضية بواسطة االستدالؿ‪،‬وىو ثبلثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ -‬القياس بأنواعو وتقسيماتو‬
‫‪ -‬االستقراء‬
‫‪ -‬التمثيل‬
‫ّأما القياس ‪:‬‬
‫فلو تقسيمات باعتبارات ‪٢‬نتلفة ‪-‬تذ ّكر أف لفظ القياس ىنا با‪ٞ‬نعىن ا‪ٞ‬ننطقي وليس األصويل‬
‫الفقهي أي االستدالؿ‪ -‬وىي كالتايل ‪:‬‬
‫‪ -2‬باعتبار الصورة والشكل‪،‬فهو اثناف باإلٗناؿ وثبلثة بالتفصيل ‪:‬‬
‫اقرتاين "٘نلي"‬
‫استثنائي "شرطي" وىو نوعاف ‪ :‬شرطي متصل‪،‬شرطي منفصل‬
‫‪ -1‬باعتبار ا‪ٞ‬نضموف والرتتيب "ترتيب االستدالؿ" فهو نوعاف ‪:‬‬
‫قياس علة "برىاف اعتبلؿ‪،‬القياس اللّ ّمي‪،‬برىاف اللّ َم"‬
‫اإلين‪،‬برىاف اإل ّف"‬‫وقياس داللة "برىاف استدالؿ‪،‬القياس ّ‬
‫خاص بالربىاف وىو الواقع ‪.‬‬
‫والغزايل يظهر من بعض عباراتو أف ىذا التقسيم ٌّ‬
‫‪ -3‬باعتبار ا‪ٞ‬نادة والقوة فهو ‪ٙ‬نسة أنواع ُنسب درجة ا‪ٞ‬نقدمات‬
‫وىذه األنواع تسمى الصناعات ا‪ٝ‬نمس أو ا‪ٜ‬نجج ا‪ٝ‬نمس‪،‬وىي ‪:‬‬
‫* الربىاف وىو ما كانت مقدماتو يقينية‬
‫واألربعة الباقية مقدماهتا غًن قطعية‬
‫فا‪ٛ‬نديل مقدماتو من القضايا ا‪ٞ‬نشهورة أو ا‪ٞ‬نسلمة من ا‪ٝ‬نصم‬ ‫ّ‬ ‫*‬
‫ا‪ٝ‬نطايب من ا‪ٞ‬نظنونات أو ا‪ٞ‬نقبوالت‬
‫*و ّ‬
‫عري مقدماتو ٔنييلية وىي ال تفيد الظن الراجح‬ ‫الش ّ‬‫*و ّ‬
‫وىذه الثبلثة ‪ٟ‬نا ‪٠‬نا‪ٟ‬نا ومواضعها ال ي يصح إعما‪ٟ‬نا واالستدالؿ هبا ‪.‬‬
‫* مث السوفسطائي وىو ما كانت مقدماتو و‪٨‬نية ‪.‬‬
‫و ّأما االستقراء ‪:‬‬
‫فهو تتبّع ا‪ٛ‬نزئيات كلها أو أكثرىا للوصوؿ إىل حكم كلي ‪.‬‬
‫وأما التمثيل ‪:‬‬
‫فهو إثبات حكم يف جزئي لثبوتو يف جزئي آخر ‪ٛ‬نامع مشرتؾ بينهما ‪.‬‬
‫فاالستدالؿ عندىم ‪:‬‬
‫ّإما أف يكوف بالكلي على ا‪ٛ‬نزئي "القياس"‬
‫أو با‪ٛ‬نزئي على الكلي "االستقراء"‬
‫أو بأحد ا‪ٛ‬نزأين على اآلخر "التمثيل"‬
‫والتمثيل ىو قياس األصوليٌن والفقهاء ا‪ٞ‬نعروؼ حيث يُلحق فيو الفرع "جزئي" بأصل معٌن‬
‫"جزئي آخر" َنامع ‪.‬‬
‫والربىاف ىو أعلى األقيسة وأقوى االستدالالت ألنو يفيد القطع‪،‬ولذلك كاف ىو‬
‫ا‪ٞ‬نستعمل يف العقليات ‪-‬العقائد وباألخص اإل‪ٟ‬نيات‪ -‬سواء كاف اقرتانيًا أـ استثنائيًا وسواء كاف‬
‫علة أـ داللة ‪.‬‬
‫تاما‬
‫واالستقراء أعلى من التمثيل ألنو قد يفيد القطع إذا كاف استقراءً ًّ‬
‫ِنبلؼ التمثيل الذي ال يكوف إال ظنيًّا ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ /‬أين الشموؿ ؟‬
‫القياس ا‪ٞ‬ننطقي الربىاين ىو الشموؿ ولذلك يقاؿ فيو "قياس الشموؿ" وىو ا‪ٞ‬نؤلف من‬
‫مقدمتٌن ونتيجة‬
‫أعم من اآلخر‬
‫ووجو الشموؿ فيو أنو استدالؿ بكوف أحد طريف االستدالؿ "إحدى ا‪ٞ‬نقدمتٌن" ّ‬
‫مشوال" فيدخل الطرؼ الثاين فيو‬
‫"أكثر ً‬
‫ففي ا‪ٞ‬نثاؿ ا‪ٞ‬نتداوؿ ‪:‬‬
‫العامل متغًن ‪ +‬كل متغًن حادث = العامل حادث‬
‫"كل متغًن حادث" ىي القضية األعم‬
‫واالستدالؿ يكوف بإدخاؿ الطرؼ األوؿ فيها بواسطة ا‪ٜ‬ند األوسط "ا‪ٞ‬نتكرر يف ا‪ٞ‬نقدمتٌن"‬
‫فوظيفة ا‪ٜ‬ند األوسط إدخاؿ األوىل يف الثانية األعم منها‪،‬مع العلم بأف ا‪ٞ‬نقدمة األعم تشمل‬
‫لتوضح‬
‫ّ‬ ‫خاص هبا فتأيت عملية القياس‬ ‫ّ‬ ‫الطرؼ األوؿ بالقوة ولكن من غًن تعيٌن‬
‫االستدالؿ‪،‬فنتيجة القياس داخلة يف ا‪ٞ‬نقدمة الكربى ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ /‬التمثيل‬
‫ىو ا‪ٜ‬نكم على جزئي ُنكم جزئي آخر الشرتاكهما يف معىن كلي ‪.‬‬
‫ظين وال يفيد القطع ولذلك ال يستعمل يف العقائد ويشتهر‬
‫والتمثيل "القياس األصويل الفقهي" ّ‬
‫يف علم الكبلـ باسم قياس الغائب على الشاىد‬
‫فهذا حكمو ‪-‬أي إفادتو الظن ال القطع‪ -‬يف ا‪ٞ‬ننطق ألنو ىكذا يف الفلسفة‬
‫ظين‪،‬ولكن ىل يستعمل قياس الغائب على الشاىد يف العقائد عمليًا ؟‬ ‫ّأما ا‪ٞ‬نتكلموف فًنوف أنو ّ‬
‫حكما عقديًا‪ -‬ويف‬
‫ت عندىم أحواؿ ومواضع يستعملونو يف اإلثبات ‪-‬أي حٌن يثبتنوف ً‬ ‫ُوجد ْ‬
‫ظين وألسباب أخرى ولكن من حيث العمل فهم‬ ‫النفي‪،‬فهم نظريًا يقولوف بعدـ استعمالو ألنّو ّ‬
‫ُ‬
‫مضطربوف يف ىذا من معتزلة وأشعرية ‪.‬‬
‫ظين ّإال يف أحواؿ يفيد فيها القطع مثل نفي الفارؽ والقياس ا‪ٛ‬نلي ‪.‬‬
‫وأما يف علم األصوؿ فهو ّ‬
‫ابعا ‪ /‬الفوارؽ بٌن الشموؿ والتمثيل‬
‫رً‬
‫‪ -2‬فرؽ من حيث طبيعة االستدالؿ‪،‬ولذلك ‪٨‬نا نوعاف ‪٢‬نتلفاف وسبق يف التعريفٌن ‪.‬‬
‫‪ -1‬من حيث ما يفيده كل منهما‪،‬فالشموؿ يفيد القطع والتمثيل يفيد الظن لكثرة‬
‫احتماؿ وقوع ا‪ٝ‬نطأ فيو ‪.‬‬
‫‪ -3‬من حيث عمل الذىن وحركتو ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نعٌن "ا‪ٛ‬نزئي" إىل ا‪ٞ‬نعىن الكلي "الذي يشرتؾ فيو ىذا ا‪ٛ‬نزئي‬
‫ففي الشموؿ ينتقل الذىن من ّ‬
‫ا‪ٞ‬نعٌن وغًنه" مث ا‪ٜ‬نكم على ا‪ٛ‬نزئي بو‪،‬فهو انتقاؿ من خاص إىل عاـ مث انتقاؿ من ذلك العاـ‬
‫إىل ا‪ٝ‬ناص ‪.‬‬
‫ويف التمثيل ينتقل الذىن من ا‪ٛ‬نزئي إىل جزئي آخر "من معٌن إىل معٌن آخر ‪١‬نكوـ عليو"‬
‫الشرتاكهما يف معىن‪،‬فهو انتقاؿ الذىن من حكم معٌن إىل حكم معٌن الشرتاكهما يف معىن‬
‫مشرتؾ ألف ذلك ا‪ٜ‬نكم يلزـ ا‪ٞ‬نشرتؾ الكلي ‪.‬‬
‫‪ -3‬من حيث مركزية الطرؼ اآلخر يف االستدالؿ سوى الطرؼ ا‪ٛ‬نزئي الذي يراد إثبات‬
‫كزي يف العملية إذ بو نتوصل إىل ا‪ٛ‬نامع ا‪ٞ‬نشرتؾ‬
‫ا‪ٜ‬نكم لو‪،‬ففي التمثيل وجود ا‪ٛ‬نزئي اآلخر مر ّ‬
‫ا‪ٜ‬نكم‪،‬أما يف الشموؿ فبل وجود لو وال ذكر ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الذي يقتضي إثبات‬
‫وبصورة تقريبية الشموؿ أشبو بالعموـ ‪.‬‬
‫خامسا ‪ٓ /‬نقيق ا‪ٞ‬نناط‬
‫ً‬
‫ٓنقيق ا‪ٞ‬نناط لو معنياف عند األصوليٌن ‪:‬‬
‫‪ -2‬إطبلؽ الشاطيب حيث جعل ٓنقيق ا‪ٞ‬نناط نوعٌن ‪:‬‬
‫* عاـ ال ينقطع حىت ينقطع أصل التكليف وال خبلؼ بٌن األمة يف قبولو وىو أ ْف يثبت ا‪ٜ‬نكم‬
‫لكن يبقى النظر يف تعيٌن ‪١‬نلّو وذلك مثل األمر بالشهادة يف قولو تعاىل وأشهدوا ذوي عدؿ‬
‫منكم) وقد ثبت معىن العدالة ولكن يبقى تعيٌن الشاىد العدؿ‪،‬فالقاضي ىنا ‪٪‬نقق ا‪ٞ‬نناط يف‬
‫ا‪ٞ‬نعٌن ىل ىو شاىد عدؿ أـ ال‬
‫وكذلك استحقاؽ الفقراء للزكاة فيجتهد ا‪ٜ‬ناكم يف ٓنقيق مناطو على األعياف‬
‫وقد ذ َكر أف من ىذا القسم ما ىو من األنواع وليس األفراد مثل جزاء الصيد يف قولو تعاىل‬
‫فجزاء مثل ما قتل من النعم) فقد حكم الصحابة فيها وحققوا مناطها باألنواع فجعلوا يف‬
‫النعامة بدنة ويف ٘نار الوحش بقرة ‪.‬‬
‫* خاص وىو درجة أدؽ ليس ىذا ‪١‬نل ذكرىا ‪.‬‬
‫ط فيو ليس معناه العلة ‪.‬‬ ‫وكبل‪٨‬نا ليس بقياس وا‪ٞ‬ننا ُ‬
‫‪ -1‬ا‪ٞ‬نعىن ا‪ٞ‬نشهور من ٓنقيق ا‪ٞ‬نناط عند األصوليٌن ‪:‬‬
‫أف ا‪ٞ‬نناط ىو العلة فيح ّقق اجملتهد وجودىا يف الفرع‬
‫مثل التطواؼ علة الطهارة للهرة "إهنا ليست بنجس" فيحقق وجود علة التطواؼ يف ا‪ٜ‬نمار ‪.‬‬
‫الطويف يف الفرؽ بٌن معنيي ٓنقيق ا‪ٞ‬نناط ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫قاؿ‬
‫"النوع األوؿ متفق عليو بٌن األمة وىو من ضروريات الشريعة لعدـ وجود النص على جزئيات‬
‫القواعد الكلية فيها ‪ ...‬والقياس ‪٢‬نتلف فيو‪،‬وا‪ٞ‬نتفق عليو غًن ا‪ٞ‬نختلف فيو‬
‫فالنوع األوؿ والثاين متغايراف‪،‬والثاين قياس واألوؿ ليس بقياس" ‪.‬‬
‫ٕنثيبل والنوع الثاين ٖنثيل‬
‫وبا‪ٞ‬نصطلح ا‪ٞ‬ننطقي النوع األوؿ ليس ً‬
‫إذف فاألوؿ ما ا‪ٚ‬نو يف ا‪ٞ‬ننطق ؟‬
‫الشموؿ فيما يظهر ‪.‬‬
‫سادسا ‪ /‬ىل تناقض ابن حزـ ؟‬
‫ً‬
‫اشتهر ابن حزـ بعدـ أخذه بالقياس ورد عليو األصوليوف والفقهاء من ا‪ٞ‬نذاىب األربعة‬
‫كثًنا‪،‬فكيف يُفهم‬
‫وغًنىم لكنّو ‪٣‬نن عظّم القياس ا‪ٞ‬ننطقي واعتربه ورأى صحةَ استعمالو وأعملو ً‬
‫تصرفو ؟ وىل تناقض ؟‬
‫البد يف البداية من معرفة النظاـ العاـ يف االستدالؿ عند ابن حزـ حىت توضع آراؤه يف‬
‫سياؽ منهجو ا‪ٞ‬نعريف‬
‫فابن حزـ يبين اعتماد الدليل على القطع واليقٌن‪،‬ىذا نسق علمي عاـ يتبعو يف عملية‬
‫االستدالؿ؛و‪ٟ‬نذا فهو يرى أف خرب اآلحاد يوجب العلم ورد على الفقهاء واألصوليٌن القائلٌن‬
‫بظنيّتو وىم ا‪ٛ‬نمهور‪،‬ويرى قطعية االستصحاب وقطعية داللة العاـ على أفراده و‪٨‬نا أكثر ما‬
‫بديبل عن القياس‬‫يستعملو ً‬
‫ولكن أي قياس ؟‬
‫ىو قياس الفقهاء‪،‬القياس األصويل الفقهي وليس قياس الشموؿ‬
‫فالربىاف ا‪ٞ‬ننطقي –أي القياس ا‪ٞ‬ننطقي الذي يفيد القطع‪ -‬اعتربه وأخذ بو واستعملو ألنو يسًن‬
‫وفق نظامو‪،‬ومل يكن مر ًادا لو وىو ينفي االحتجاج بالقياس األصويل الفقهي الذي ىو التمثيل‬
‫ظين ‪.‬‬
‫ألنّو ّ‬
‫ىنا ال يقاؿ بصحة ما رأى‪،‬بل القصد معرفة ما رأى ‪.‬‬
‫سابعا ‪ /‬مبلحظات ابن تيمية‬
‫ً‬
‫يعترب ابن تيمية أكرب وأقوى َمن نقد ا‪ٞ‬ننطق والقياس ا‪ٞ‬ننطقي‪،‬وسنأخذ باختصار أىم‬
‫وقفات ابن تيمية ‪٣‬نا لو صلة ّنوضوع ا‪ٜ‬نلقة ‪:‬‬
‫دائما ؟ وىل التمثيل ال يفيد القطع ؟‬
‫‪ -2‬ىل الشموؿ يفيد القطع ً‬
‫يقوؿ ابن تيمية ‪ " :‬قياس التمثيل والشموؿ سواء وإ‪٧‬نا ‪٫‬نتلف اليقٌن والظن ُنسب ا‪ٞ‬نواد "‬
‫دائما بل‬
‫نوعا ما يقيد اليقٌن وآخر يفيد الظن ً‬ ‫وىذا نقد متٌن‪،‬إذ ال ‪٬‬نكن أ ْف يطلق القوؿ بأف ً‬
‫ومكوناتو ‪.‬‬
‫كلٌّ منهما قد يفيد القطع وقد يفيد الظن ُنسب مو ّاده ّ‬
‫أقروا بوجود أحواؿ يفيد فيها التمثيل القطع ‪.‬‬
‫واألصوليوف ّ‬
‫‪ -1‬ىل ىناؾ فرؽ حقيقي بٌن الشموؿ والتمثيل ؟‬
‫يقوؿ ابن تيمية ‪:‬‬
‫جعلهم قياس‬‫" كل قياس مشوؿ فإنو يعود إىل ٕنثيل كما أف كل قياس ٕنثيل يعود إىل مشوؿ‪،‬وإف ْ‬
‫الشموؿ يفيد اليقٌن دوف التمثيل خطأ"‬
‫"فإذا قاؿ يف مسألة النبيذ كل نبيذ مسكر وكل مسكر حراـ فبلبد لو من إثبات ا‪ٞ‬نقدمة الكربى‬
‫قياسا على ‪ٙ‬نر العنب"‬‫وحينئذ يتم الربىاف‪،‬وحينئذ ‪٬‬نكنو أ ْف يقوؿ النبيذ مسكر فيكوف حر ًاما ً‬
‫مشوال ال غبار عليو ولكن ىل ‪٬‬نكن ذلك باطراد ؟‬ ‫ٕنثيبل والتمثيل ً‬
‫وإمكاف جعل الشموؿ ً‬
‫تأمل ‪.‬‬
‫‪١‬نل ّ‬
‫أيضا ٓنتاج إىل تأمل ‪.‬‬
‫وكذلك لو عبارات يُفهم منها أف التمثيل أبلغ‪،‬وىذه ً‬
‫‪ -3‬ىل االستدالؿ للعقائد خاص بالشموؿ وال يستعمل التمثيل يف العقائد ؟‬
‫يقوؿ ابن تيمية ‪:‬‬
‫"العلم اإل‪ٟ‬ني ال ‪٩‬نوز أ ْف يُستدؿ فيو بقياس ٕنثيل يستوي فيو األصل والفرع وال بقياس مشوؿ‬
‫تستوي فيو أفراده‪،‬فإف هللا سبحانو ليس كمثلو شيئ فبل ‪٩‬نوز أف ُ‪٬‬نثّل بغًنه وال ‪٩‬نوز أف يدخل‬
‫ىو وغًنه ٓنت قضية كلية تستوي أفرادىا ‪ ...‬ولكن يستعمل يف ذلك قياس األوىل سواء كاف‬
‫مشوال "‪.‬‬
‫ٕنثيبل أـ ً‬
‫ً‬
‫فابن تيمية ىنا ينفي أ ْف يُستعمل النوعاف يف اإل‪ٟ‬نيات والغيبيات على صورهتما ا‪ٞ‬ننطقية وىي أف‬
‫ما يراد إثبات ا‪ٜ‬نكم لو جزئي يندرج ىو وغًنه على السواء يف قضية كلية يف الشموؿ‪،‬وال يثبت‬
‫حكم لو بأ ْف يُلحق َنزئي يستوي معو لكلي مشرتؾ كما يف التمثيل‬
‫بل ا‪ٞ‬نستعمل ىو قياس األوىل وأف ما يراد إثباتو أعلى وأجلى ‪٣‬نا يستدؿ بو سواء كاف على‬
‫صورة الشموؿ أو التمثيل‬
‫وىذا مبحث عقائدي ليس ىذا ‪١‬نلّو ولكن ذُكر حىت يتم ربط األفكار والتمهيد ‪ٟ‬نا ‪ٞ‬نن يريد‬
‫االستزادة ‪.‬‬
‫ثامنًا ‪ /‬شواىد قرآنية‬
‫من شواىد القرآف على التمثيل ‪:‬‬
‫* قولو تعاىل إف مثل عيسى عند هللا كمثل آدـ خلقو من تراب مث قاؿ لو كن فيكوف)‬
‫فا‪ٜ‬نكم نفي األلوىية أو ما ىو منها‬
‫وا‪ٛ‬نامع البشرية أو ا‪ٞ‬نخلوقية‪،‬وىو يف الفرع أبلغ ‪.‬‬
‫* قولو تعاىل ويقوؿ اإلنساف أإذا ما مت لسوؼ أخرج حيًّا‪،‬أوال يذكر اإلنساف أنّا خلقناه من‬
‫قبل ومل يك شيئًا)‬
‫واإلحياء بعد ا‪ٞ‬نوت أىوف من اإل‪٩‬ناد من العدـ ‪.‬‬
‫‪ -‬من شواىد القرآف على الشموؿ ‪:‬‬
‫اعا ذلك حشر علينا يسًن)‬ ‫* قولو تعاىل يوـ تشقق األرض عنهم سر ً‬
‫فهنا إثبات البعث وا‪ٜ‬نشر بإرجاعو إىل قدرة هللا سبحانو الكاملة الشاملة ‪.‬‬
‫* قولو تعاىل وإف كادوا ليستفزونك من األرض ليخرجوؾ منها وإ ًذا ال يلبثوف خبلفك ّإال‬
‫قليبل) أي أوشكوا أف يزعجوؾ ليخرجوؾ من مكة ‪-‬وىذا قبل األمر با‪ٟ‬نجرة إىل ا‪ٞ‬ندينة‪ -‬ولو‬ ‫ً‬
‫قليبل وألىلكهم هللا‬
‫فعلوىا ‪ٞ‬نا بقوا سا‪ٞ‬نٌن بعد إخراجك إال ً‬
‫ُسنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) أي ىذا القضاء بإىبلكهم يف تلك ا‪ٜ‬نالة ىي القاعدة‬
‫ا‪ٞ‬نطردة ال ي جعلها بٌن الرسل وأعدائهم‬
‫فاهلل سبحانو ‪٫‬نرب نبيو هبذا األمر الغييب الذي كاف من ا‪ٞ‬نمكن أف يقع على أعدائو لكونو ضمن‬
‫سنة كلية قضاىا عنده بٌن الرسل وأقوامهم ‪.‬‬
‫* ومن الشموؿ يف أحكاـ العباد قولو تعاىل بعد ذكر الوضوء والتيمم يف آية ا‪ٞ‬نائدة ما يريد هللا‬
‫ليجعل عليكم من حرج)‬
‫فبٌن سبحانو أف تشريع ىذين ا‪ٜ‬نكمٌن يدخبلف يف قاعدة كلية عظيمة وىي رفع ا‪ٜ‬نرج ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تاسعا ‪ /‬أقيسة الفقهاء والشموؿ‬
‫ً‬
‫ٕنثيبل ؟‬
‫ىل يف أقيسة الفقهاء ما حقيقتو مشوؿ وليس ً‬
‫من ا‪ٞ‬نعلوـ أف القياس األصويل الفقهي ىو التمثيل ولكن البد من طرح السؤاؿ والتأمل فيو‬
‫وعدـ استبعاد وقوعو من حيث حقيقة االستدالؿ وليس ‪٠‬نرد صورة القياس ‪.‬‬
‫كزي يف التمثيل وليس كذلك يف الشموؿ‪،‬وىذا ا‪ٞ‬نعىن يف‬ ‫سبق أف وجود ا‪ٛ‬نزئي اآلخر مر ّ‬
‫كن يف القياس ‪.‬‬
‫لغة الفقو واألصوؿ ىي القوؿ بأف األصل ا‪ٞ‬نقيس عليو ر ٌ‬
‫ومؤدى ىذا أف القياس الذي إذا ُحذؼ منو ا‪ٞ‬نقيس عليو ومل يفرتؽ االستدالؿ أو يضعف أو‬ ‫ّ‬
‫اضحا فا‪ٞ‬نقيس عليو ليس مركزيًّا يف االستدالؿ ّنعىن ليس ركنًا فيو‬
‫يكوف غًن و ً‬
‫استدالال ‪٢‬نتل ًفا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫وىذا يفتح االحتماؿ ألف يكوف‬
‫مثالو أ ْف يقاؿ ‪ :‬ال يصح اإليبلء من الصيب ألف القلم مرفوع عنو كاجملنوف ‪.‬‬
‫ىنا لو حذفت "اجملنوف" من الدليل مل تؤثّر على إثبات ا‪ٜ‬نكم وال ّقوتو وال وضوحو ‪٣‬نا يشًن إىل‬
‫أف الكاؼ ىنا جملّرد التنظًن وليست للقياس أي ال يصح من الصيب كما أنو ال يصح من‬
‫اجملنوف ويكوف ذكره للتقريب وليس إلثبات ا‪ٜ‬نكم‬
‫ويكوف تقرير االستدالؿ من حيث ا‪ٜ‬نقيقة ىكذا ‪:‬‬
‫ال يصح اإليبلء من الصيب ألف القلم مرفوع عنو‪،‬وكل من رفع عنو القلم فبل يصح تصرفو ‪.‬‬
‫حينها فقد يكوف ىذا االستدالؿ من الشموؿ وليس من التمثيل‪،‬وإ ْف شئت فقل من ٓنقيق‬
‫ا‪ٞ‬نناط العاـ وليس من القياس والفرؽ بينها مقرر ‪.‬‬
‫وىذا رّنا ألنو من القياس القطعي كما سبق من كبلـ ابن تيمية يف النبيذ وا‪ٝ‬نمر ‪.‬‬
‫وإذا كاف كذلك ‪-‬أي صح أف يكوف من الشموؿ وٓنقيق ا‪ٞ‬نناط العاـ‪ -‬فبلبد من تكييف‬
‫أي نوع من األدلة ىو ألنو لن يكوف علةً حينها فقد يكوف قاعدة أصولية‬ ‫الكلي ا‪ٞ‬نذكور على ّ‬
‫أو فقهية أو ضابطًا ‪.‬‬
‫ىذا االحتماؿ ‪٩‬نب ّأال يُهمل والبد أف يُنظر إىل أقيسة الفقهاء بانتباهٍ وبطريقة غًن ‪٧‬نطية مع‬
‫التأكيد على أنو ‪٠‬نرد احتماؿ ‪.‬‬

‫وهللا أعلم‬

‫دراسات لبلستزادة ‪:‬‬


‫‪ -‬األدلة العقلية النقلية ‪ ،‬د‪ /‬سعود العريفي‬
‫‪ -‬القياس يف الكتاب والسنة ‪ ،‬د‪ /‬وليد ا‪ٜ‬نسٌن‬
‫‪ -‬القياس القطعي بٌن ابن حزـ وابن تيمية ‪ ،‬د‪ /‬سامي الصبلحات‬
‫‪ -‬قياس الغائب على الشاىد ‪ ،‬د‪ /‬كماؿ الصريصري‬
‫ا‪ٜ‬نلقة السادسة‬
‫ا‪ٛ‬ندؿ ا‪ٞ‬ننطقي وا‪ٛ‬ندؿ األصويل‬
‫ٕنهيد ‪:‬‬
‫ا‪ٛ‬ندؿ نوع من ا‪ٜ‬نوار‬
‫وا‪ٜ‬نوار يف كثًن من األحياف ال يُقصد بو إبطاؿ رأي كما أنو قد يكوف لغرض الفهم ورّنا يصل‬
‫الطرفاف إىل رأي مشرتؾ ومنطقة وسط‬
‫ّأما ا‪ٛ‬ندؿ فبل يكوف ّإال عند االختبلؼ ا‪ٜ‬نقيقي‪،‬والغرض منو إثبات صحة رأي وخطأ آخر ‪.‬‬
‫وىو يف أصلو فطري طبيعي و‪٩‬نري مع الشخص يف كل يوـ ويشاىده يف كل حوار‪،‬فهو ليس‬
‫نظاما مرّكبًا من حيث أصولو‬
‫معقدا أو ً‬
‫مرا ً‬‫أً‬
‫وا‪ٛ‬ندؿ العلمي ‪١‬ناولة لتقنٌن ا‪ٛ‬نداؿ وتنظيمو‪،‬وطا‪ٞ‬نا أنو كذلك فهو قابل للتطور والتعديل‬
‫واإلضافة ‪.‬‬
‫‪ -‬ىدؼ ا‪ٛ‬ندؿ إثبات صحة قوؿ وإبطاؿ آخر أو فلنقل اإلقناع برأي معٌن‬
‫ولكن من ا‪ٛ‬نهة العملية يف العلوـ ليست فائدتو وإعمالو منحصرين يف إبطاؿ القوؿ بالكلية وإ ْف‬
‫كاف ىذا ىو صناعة ا‪ٛ‬ندؿ‪،‬بل أكثر استعماالتو يف االعرتاض على االستدالؿ ٍ‬
‫بدليل ما فرّنا ال‬
‫استدالالت أقو ٍاؿ ىي األقوى يف النهاية ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تصح‬
‫‪ -‬للجدؿ جانب عقدي ليس ‪١‬نلّو ىنا‪،‬وكتاب د‪ /‬عثماف علي حسن "منهج ا‪ٛ‬ندؿ وا‪ٞ‬نناظرة"‬
‫مفيد يف بياف ىذا ا‪ٛ‬نانب ‪.‬‬
‫ورسخ من أ‪٨‬نيتو لطبلب العلوـ الشرعية‬ ‫وسع فكرة ا‪ٛ‬ندؿ ّ‬ ‫‪ -‬شيوع ا‪ٞ‬نناظرات بٌن الفقهاء ّ‬
‫‪٢‬نتصا بإبطاؿ القوؿ كما سبق ‪.‬‬
‫خاصا ّنقاـ ا‪ٞ‬نناظرات من جهة‪،‬وليس ًّ‬ ‫ولكن ا‪ٛ‬ندؿ ليس ً‬
‫‪ -‬أىم ما يعلّمو ا‪ٛ‬ندؿ ىو حسن االستدالؿ‪،‬فمن عرؼ أصوؿ ا‪ٛ‬ندؿ بىن أدلتو على أصوؿ‬
‫سليمة حىت ال يعرتض عليو ‪.‬‬
‫أوال ‪ /‬ا‪ٛ‬ندؿ وا‪ٞ‬ننطق‬
‫ً‬
‫الصرؼ غًن‬‫ط با‪ٞ‬ننطق‪،‬ويتضح ىذا ّنطالعة كتب ا‪ٛ‬ندؿ ّ‬ ‫‪ -‬ا‪ٛ‬ندؿ حىت وىو علم مستقل مرتب ٌ‬
‫ا‪ٞ‬نرتبطة باألصوؿ‬
‫األمٌن الشنقيطي يف رسالتو "آداب البحث وا‪ٞ‬نناظرة" ق ّدمها با‪ٞ‬ننطق يف ثلث الكتاب مث جعل‬‫و ُ‬
‫الباقي يف ا‪ٛ‬ندؿ وربطو باألصوؿ ‪-‬خص أكثر الربط بباب العلة‪ -‬بسبب ىذا االرتباط ‪.‬‬
‫تقسيمو باعتبار درجة مقدماتو ونوعها‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬من تقسيمات القياس ا‪ٞ‬ننطقي‬
‫فإف كانت مقدماتو يقينية فهو الربىاف‪،‬وإف كانت مقدماتو غًن يقينية ولكنها مشهورة أو‬
‫مسلمة من ا‪ٝ‬نصم فهو القياس ا‪ٛ‬نديل‬
‫قياس على صناعة األقيسة ا‪ٞ‬ننطقية ولكنّو يكوف بٌن سائل و‪٠‬نيب ولذا ُٓن َسب‬ ‫إذف فهو ٌ‬
‫قضية تسليم ا‪ٝ‬نصم فيو‪،‬ومعىن ىذا أنّو يتم تركيبو على أ‪٧‬ناط األقيسة الثبلثة "٘نلي‪،‬اقرتاين‬
‫وغرضو ليس الوصوؿ إىل اليقٌن والقطع بل إقناع ا‪ٝ‬نصم‬
‫بنوعيو ا‪ٞ‬نتصل وا‪ٞ‬ننفصل" ُ‬
‫ولكن ىل البد من تركيبو على أحد ىذه األ‪٧‬ناط ليصح كما يف الربىاين أـ ال يلزـ ذلك وأف‬
‫التخصيص هبذه األ‪٧‬ناط ‪ٝ‬نصوصية الربىاف اليقيين ؟ ُنث ‪.‬‬
‫وال تنس أف القياس ىنا ليس نظاـ القياس األصويل "أصل‪،‬فرع‪،‬جامع" بل القياس ا‪ٞ‬ننطقي‬
‫"االستدالؿ العقلي‪،‬االستدالؿ غًن ا‪ٞ‬نباشر" ‪.‬‬
‫مثاؿ ا‪ٞ‬نشهورات ‪:‬‬
‫ما عملتو لفبلف إيذاء ‪ +‬كل إيذاء قبيح = ما عملتو لفبلف قبيح‬
‫مثاؿ ا‪ٞ‬نسلّم من ا‪ٝ‬نصم ‪:‬‬
‫ىديتك ألحد أبنائك دوف غًنه ظلم ‪ +‬كل ظلم حراـ = ىديتك ألحد أبنائك دوف غًنه حراـ‬
‫وا‪ٞ‬نبلحظ أف كتب ا‪ٛ‬ندؿ ال تكاد تتحدث عن القياس ا‪ٛ‬نديل‪،‬فما السبب ؟‬
‫‪ -‬وضع أرسطو كتاب ا‪ٛ‬ندؿ ‪-‬البن رشد شر ٌح لتلخيصو‪،‬واالطبلعُ عليو يزيد من عمق إدراؾ‬
‫حدا وبرىانًا‪ -‬وربَط ا‪ٛ‬ندؿ با‪ٞ‬ننطق ربطًا علميًّا أو فلنقل بناه عليو‬
‫ا‪ٞ‬ننطق ً‬
‫وا‪ٛ‬ندؿ يف كتاب أرسطو ليس كما ىو يف كتب ا‪ٛ‬ندؿ الرتاثيّة بل كتب الرتاث استخلصت‬
‫علم ا‪ٛ‬ندؿ بصورتو ا‪ٜ‬نالية منو‪،‬ومع ذلك فالفرؽ كبًن بينهما ال من جهة ا‪ٞ‬نادة وال من جهة‬
‫عما سار عليو‬
‫اختبلؼ ّ‬
‫ٌ‬ ‫النظاـ‪،‬ولو أعيد االستخبلص منو لرّنا ظهرت وجهةٌ لعلم ا‪ٛ‬ندؿ فيها‬
‫ا‪ٞ‬نستقر منطقة ٓنتاج إىل دراسة‬
‫ّ‬ ‫وا‪ٞ‬ننطقة الفاصلة ما بٌن ا‪ٛ‬ندؿ ألرسطو وعلم ا‪ٛ‬ندؿ‬
‫استقر على ما ىو عليو‪،‬والسؤاؿ األىم فيها ‪:‬‬
‫تبحث كيف تطور ا‪ٛ‬ندؿ و ّ‬ ‫ُ‬ ‫خاصة‬
‫ّ‬
‫ما الذي أضافو الرتاث إىل جدؿ أرسطو ؟ من حيث ا‪ٞ‬نضموف ومن حيث ا‪ٞ‬نصطلحات ؟‬
‫وا‪ٛ‬ندؿ عند الفارايب وابن سينا ىو كجدؿ أرسطو ‪.‬‬
‫‪٬ -‬نكن القوؿ إ ّف علم ا‪ٛ‬ندؿ لو ثبلثة اْناىات ‪:‬‬
‫مبين على ا‪ٞ‬ننطق وتتمة لو‪.‬‬
‫‪ -2‬ا‪ٛ‬ندؿ ا‪ٞ‬ننطقي "أرسطو ومن دار يف فلكو" وىذا ٌّ‬
‫‪ -1‬ا‪ٛ‬ندؿ الصرؼ "ا‪ٞ‬نستقل" وىو أشبو باآللة وا‪ٞ‬نعايًن ال ي ‪٬‬نكن تطبيقها يف العلوـ "كما‬
‫حصل يف ا‪ٞ‬ننطق"‪.‬‬
‫‪ -3‬ا‪ٛ‬ندؿ األصويل والفقهي‬
‫بفن االعرتاض على األدلة‪،‬وىو ما جعلو ابن السراج القونوي ا‪ٜ‬ننفي يف عنواف‬ ‫و‪٬‬نكن تسميتو ّ‬
‫رسالتو ا‪ٞ‬نوجزة "اإلعجاز يف االعرتاض على األدلة الشرعية" ‪.‬‬
‫وإذا أُطلق ا‪ٛ‬ندؿ فا‪ٞ‬نراد بو الثاين "الفن ا‪ٞ‬نستقل" ‪.‬‬
‫كتب ا‪ٛ‬ندؿ عقلَو إىل آلة فما أفسد العقوؿ إال ىذا‬
‫ٓنوؿ ُ‬ ‫‪ -‬لينتبو طالب العلم ّأال ّ‬
‫علم موضوعٌ مصنوعٌ وضعتو عقوؿ بشر فبل ُ‪٪‬نصر العقل وفق رسومها‬ ‫فعلم ا‪ٛ‬ندؿ ٌ‬
‫لنكتسب من عقوؿ َمن وضعوه ولكن ال تغلق العقوؿ هبا‪،‬فما ميزة عقل اإلنساف إال يف سعتو ‪.‬‬
‫تنظيما وإبر ًازا ‪ٞ‬نا ىو مركوز يف طبائع الناس ولكن ا‪ٞ‬نشكلة‬
‫وا‪ٛ‬ندؿ يف ىذا كا‪ٞ‬ننطق ْند فيو ً‬
‫‪٢‬نتص والتقدمي على‬
‫يف ا‪ٜ‬نصر ‪-‬حصر التفكًن وحصر االعرتاض‪ -‬والقولبة بصور معينة وترتيب ّ‬
‫أهنا ا‪ٞ‬نثاؿ والنموذج‪،‬مع أف يف ا‪ٞ‬ننطق مشكبلت أعمق سبق ذكرىا فا‪ٛ‬ندؿ أىوف منو ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ /‬ا‪ٛ‬ندؿ واألصوؿ‬
‫كتب ا‪ٛ‬ندؿ ا‪ٞ‬نستقلة يف الرتاث قليلة وكتب ا‪ٛ‬ندؿ ا‪ٞ‬نتعلق بالفقو واألصوؿ ‪ٟ‬نا مؤلفات‬
‫أيضا وصار علم األصوؿ ىو حاضن علم ا‪ٛ‬ندؿ األوؿ بل دخل يف عناوين‬ ‫خاصة وىي قليلة ً‬
‫بعض كتب األصوؿ ككتاب ابن ا‪ٜ‬ناجب‪،‬ولكن ما حا‪ٟ‬نا يف كتب األصوؿ ؟‬
‫‪ -2‬أوىف مواضعها يف قوادح العلة ال ي تذكر فيها مصطلحات ونظاـ ا‪ٛ‬ندؿ ّنا ‪٬‬نكن‬
‫وصفو بأنّو تطبيق لعلم ا‪ٛ‬ندؿ بشكل مثايل يف قوادح العلة ‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪ٖ -1‬نت موضع آخر وىو "االعرتاضات على األدلة" الذي تذكره بعض كتب األصوؿ‬
‫جدا ‪.‬‬‫كمبحث مستقل بعد األدلة‪،‬لكنها قليلة ً‬
‫‪ -3‬األكثر أهنا متناثرة فيو‪،‬وتوجد ‪١‬ناوالت معاصرة ‪ٛ‬نمعها كجمع قوادح اإلٗناع ‪.‬‬
‫ومناقشات العلماء من الفقهاء وغًنىم عند اختبلؼ األقواؿ من جهة االعرتاض على‬
‫االستدالؿ ىي من ا‪ٛ‬ندؿ لكنها ال تسمى باأللقاب ا‪ٛ‬ندلية‪،‬بل بعض كتب ا‪ٛ‬ندؿ الفقهي ال‬
‫تستعمل ا‪ٞ‬نصطلحات ا‪ٛ‬ندلية بألقاهبا ا‪ٝ‬ناصة يف غًن قوادح القياس بل وال تسًن وفق الرسوـ‬
‫وموضع مهم لتغذية علم ا‪ٛ‬ندؿ‬‫ٌ‬ ‫ٕناما وىي مادة غزيرة للتطبيقات ا‪ٛ‬ندلية‬ ‫والرتاتيب ا‪ٛ‬ندلية ً‬
‫وتقو‪٬‬نو ‪.‬‬
‫كذلك مناىج كتب ا‪ٛ‬ندؿ الفقهي تستحق وتناسب دراسة علمية‪،‬وا‪ٞ‬نشرتؾ األىم فيها‬
‫تبٌن أوجو االعرتاض على االستدالؿ بإرجاعها إىل‬ ‫أهنا ال تلتزـ با‪ٞ‬نصطلحات ا‪ٛ‬ندلية لكنها ّ‬
‫نقصا فيها بل ىو الق ْدر الكايف واألنفع عمليًّا كما أهنا داخلة يف طرؽ‬
‫علم األصوؿ‪،‬وليس ىذا ً‬
‫ا‪ٛ‬ندؿ العامة ببلشك ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ /‬مع بعض كتب ا‪ٛ‬ندؿ‬
‫يف الفقرات التالية وقفات مع بعض كتب ا‪ٛ‬ندؿ األصويل‬
‫وا‪ٞ‬نيزة ا‪ٞ‬نشرتكة فيها أهنا نظّمت االعرتاضات الفقهية بشكل أصويل‪،‬فكما أف علم األصوؿ‬
‫يفعل علم األصوؿ يف االعرتاض على الدليل‬
‫ينظّم األدلة واالستدالالت فإف ا‪ٛ‬ندؿ األصويل ّ‬
‫واالستدالؿ ويوظّف علم األصوؿ يف ا‪ٛ‬نانب اآلخر من ا‪ٝ‬نبلفات الفقهية ‪.‬‬
‫‪ -‬أبو إسحاؽ الشًنازي ‪:‬‬
‫كتاب الشًنازي ا‪ٞ‬نشهور "ا‪ٞ‬نعونة" مثاؿ للفقرة السابقة‪،‬وىو كتاب متٌن يف طرؽ ا‪ٛ‬ندؿ‬
‫جدا باألصوؿ فهو كالتتمة لكتابو الّلمع وفيو بيا ٌف عملي لثمرة‬‫األصويل والفقهي ولصيق ً‬
‫األصوؿ يف ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٝ‬نبلفية وتنظيم الردود الفقهية بٌن ا‪ٞ‬نذاىب "الشافعية وا‪ٜ‬ننفية" ولو كتاب‬
‫أوسع "ا‪ٞ‬نلخص يف ا‪ٛ‬ندؿ" سيطبع قريبًا‬
‫ب"فن االعرتاض على األدلة" ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وىو ‪٧‬نوذج لتسمية ا‪ٛ‬ندؿ األصويل‬
‫‪ -‬أبو الوفاء ابن عقيل ‪:‬‬
‫فصوال مستقلة يف ا‪ٛ‬ندؿ‬
‫البن عقيل ا‪ٜ‬ننبلي عناية بو كما فعل يف كتابو "الواضح" حيث عقد ً‬
‫فصوال أخرى يف االعرتاضات على األدلة ىي أشبو بكتاب‬ ‫على صناعة ا‪ٛ‬ندليٌن‪،‬كما عقد ً‬
‫ا‪ٛ‬ندؿ للشًنازي‪،‬ولو رسالة موجزة يف ا‪ٛ‬ندؿ ‪ٟ‬نا ميزات ‪:‬‬
‫ويدرس‪،‬وفعل ذلك ألنو‬
‫* ق ّدمها ّنقدمة أصولية فيها مشوؿ تصلح أ ْف تكوف متنًا يُشرح ّ‬
‫سيبين طرؽ االعرتاض عليها فهو جدؿ أصويل ال منطقي ‪.‬‬
‫استعماال ‪ٞ‬نصطلحات ا‪ٛ‬ندؿ ‪-‬يف غًن قوادح القياس‪ -‬من كتاب الشًنازي‬ ‫ً‬ ‫* ىي أكثر‬
‫وإ ْف مل تكن غالبة ‪.‬‬
‫* حضور األمثلة ا‪ٜ‬ننبلية سواء يف ا‪ٞ‬نثاؿ ا‪ٞ‬نستدؿ بو أو يف االعرتاض ‪.‬‬
‫يسا للطبلب يف ا‪ٞ‬نساجد والكليات‬ ‫شرحا وتدر ً‬ ‫وىي جديرة بعناية األصوليٌن ا‪ٜ‬ننابلة ً‬
‫نت من يتوالىا بتلقيب األوجو بألقاهبا ا‪ٛ‬ندلية ليكوف ٕنكن الطبلب والدارسٌن من‬ ‫وا‪ٞ‬نعاىد‪،‬وليع ِ‬
‫أيضا فليعنت معو‬
‫ا‪ٛ‬ندؿ أكثر ألف الوجو ا‪ٛ‬نديل سيتكرر إعمالو يف أدلة واستدالالت كثًنة‪،‬و ً‬
‫بفصوؿ ا‪ٛ‬ندؿ من كتاب الواضح‬
‫وفصوؿ ا‪ٛ‬ندؿ يف "الواضح" سائرة على طريقة ا‪ٛ‬ندليٌن أي ا‪ٛ‬ندؿ كعلم مستقل‪،‬وفصوؿ‬
‫االعرتاضات فيو ىي من ا‪ٛ‬ندؿ على طريقة األصوليٌن والفقهاء‬
‫ورسالتو ا‪ٞ‬نوجزة جدلية أصولية وغرضو منها بياف القدر اتحمتاج إليو للفقيو واألصويل‬
‫ولو ‪٫‬نرج كتاب ‪٩‬نمع يف طيّاتو رسالة ا‪ٛ‬ندؿ وفصلي ا‪ٛ‬ندؿ واالعرتاضات من الواضح مع‬
‫مفيدا للحنابلة ‪.‬‬
‫التعليق عليها لكاف ً‬
‫‪َ -‬علَم ا‪ٛ‬ن َذؿ للطويف ‪:‬‬
‫مشوال ىو كتاب الطويف ألمور ‪:‬‬
‫أكثر كتب ا‪ٛ‬ندؿ ال ي صنفها عامل أصويل ً‬
‫* افتتح الكتاب ّنقدمات يف علم ا‪ٛ‬ندؿ كما ىو ‪.‬‬
‫* مل ي ِ‬
‫غفل مباحث ا‪ٞ‬نناظرات ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ضمنو ا‪ٛ‬ندؿ األصويل الفقهي ‪.‬‬
‫* ّ‬
‫عددا من االعرتاضات عامة كما ىي وطبّقها يف األمثلة بشكل متنوع غًن خاص‬ ‫* جعل ً‬
‫باالعرتاضات على القياس لكن أكثر االعرتاضات اكتفى فيها بالعلل‪،‬ومع ىذا تبقى ىذه ميزة‪.‬‬
‫* استطرد فيو إىل ذكر باب االستدالؿ ‪-‬وىو ما يذكره األصوليوف بعد قسم األدلة ا‪ٞ‬نتفق عليها‬
‫وا‪ٞ‬نختلف فيها‪ -‬ونِعم االستطراد ألنو مل يذكره يف شرح ‪٢‬نتصر الروضة بسبب أف ابن قدامة مل‬
‫يذكره‪،‬ولو يضاؼ ملح ًقا بشرح ‪٢‬نتصر الروضة لكاف فيو نفع ‪.‬‬
‫أيضا براىينو يف االستدالؿ‪ -‬وىو أكثر الكتاب‬
‫* ختمو باستقراء ا‪ٛ‬ندؿ يف القرآف ‪-‬و ً‬
‫‪١‬ناجة القرآف أوسع وأعمق من‬
‫وىو مفيد يف فهم ا‪ٛ‬ندؿ ويف تدبر القرآف ولكن ليُعلم أف ْ‬
‫أ ْف ٓنصر يف علم ا‪ٛ‬ندؿ‪،‬وكذلك براىينو يف اإلثبات أعلى من الربىاف ا‪ٞ‬ننطقي ‪.‬‬
‫ابعا ‪ /‬أفكار تعليمية وُنثية‬
‫رً‬
‫إذا درس الطالب ا‪ٛ‬ندؿ كعلم فليع ْد إىل كتب األصوؿ ا‪ٝ‬نبلفية وليقرأىا بعٌن ا‪ٛ‬ندؿ‬
‫فسًنى الفرؽ الكبًن الذي أضافتو اليو‬
‫وأفضل الرسائل ا‪ٞ‬نوجزة ال ي تناسب طالب العلم يف ا‪ٛ‬ندؿ ىي رسالة ‪١‬نمد ‪١‬ني الدين‬
‫عبدا‪ٜ‬نميد فقد وضعها للتعليم ‪.‬‬
‫‪ -‬منهج عملي مقرتح ‪:‬‬
‫* دراسة قوادح العلة من كتب األصوؿ ‪.‬‬
‫* رسالة ‪١‬ني الدين عبدا‪ٜ‬نميد وعند اإلشكاالت يراجع كتاب الشنقيطي ‪.‬‬
‫* رسالة ابن عقيل ‪:‬‬
‫يطبق رسالة ‪١‬ني الدين عبدا‪ٜ‬نميد عليها من جهة تسمية االعرتاضات‪،‬و‪٬‬نكنو أ ْف يضيف‬
‫أيضا كيف ‪٬‬نكن ا‪ٛ‬نواب عنها‬ ‫اعرتاضات أخرى مل يذكرىا ابن عقيل و ً‬
‫و‪٬‬نكن استبدا‪ٟ‬نا برسالة الشًنازي‪،‬يعيد تنظيمها وتلقيبها وف ًقا لعلم ا‪ٛ‬ندؿ ‪.‬‬
‫* قراءة كتاب الطويف ‪.‬‬
‫درسو كالروضة أو شرح الطويف أو الكوكب‬ ‫* يقرأ كتابًا أصوليًّا –األفضل أ ْف يكوف كتابًا قد َ‬
‫ا‪ٞ‬ننًن‪ -‬بعٌن ا‪ٛ‬ندؿ وليبلحظ استعماؿ األصوليٌن لو يف ا‪ٞ‬نسائل األصولية ا‪ٞ‬نختلف فيها ‪.‬‬
‫أوجها‬
‫وباإلمكاف أف يضيف إىل كتب ا‪ٛ‬ندؿ األصولية الفقهية كالشًنازي وابن عقيل ً‬
‫أصولية من االعرتاضات واألجوبة مل يذكراىا لكنها مبثوثة يف مباحث األصوؿ ‪.‬‬
‫مثبل‬
‫خبليف‪،‬وليكن من أبواب الطهارة يف ا‪ٞ‬نغين البن قدامة ً‬‫ّ‬ ‫اضحا من كتاب‬‫* ‪٫‬نتار بابًا فقهيًا و ً‬
‫وليل ّقب االعرتاضات وا‪ٛ‬نواب عنها وف ًقا لعلم ا‪ٛ‬ندؿ مث لينظر يف طرائق الفقهاء يف االعرتاض‬
‫وا‪ٛ‬نواب ىل فيها ما يضيف إىل ا‪ٛ‬ندؿ األصويل ‪.‬‬
‫‪ -‬مقرتحات ُنثية ‪:‬‬
‫* علم ا‪ٛ‬ندؿ يف الرتاث من النشأة إىل هناية القرف ا‪ٝ‬نامس‬
‫دراسة يف مضموف العلم وما الذي أضافو األصوليوف والفقهاء إليو ‪.‬‬
‫* كتب ا‪ٛ‬ندؿ األصويل والفقهي التدوين وا‪ٞ‬نناىج ‪.‬‬
‫* ا‪ٞ‬نباحث ا‪ٛ‬ندلية يف كتب األصوؿ ‪.‬‬
‫ا‪ٜ‬نلقة السابعة‬
‫علوـ القرآف وأصوؿ الفقو‬
‫ا‪ٞ‬نثالية واالستثمار‬

‫جدا‬
‫وجود مباحث علوـ القرآف وأثرىا يف علم األصوؿ يسًن ً‬
‫وىو يف الواقع مثا ٌؿ ‪ٜ‬نُسن استثمار األصوليٌن للعلوـ األخرى حيث أخذوا منو ما ‪٪‬نتاجو العلم‬
‫يف ا‪ٛ‬نملة‪،‬بل إف األمر انقلب معو فصار أثر علم األصوؿ يف كتب علوـ القرآف ىو الظاىر‬
‫‪٠‬ناؿ يستحق العناية من ا‪ٞ‬نختصٌن بعلوـ القرآف أعين ٓنرره من سطوة علم‬ ‫واألكثر وىو ٌ‬
‫األصوؿ يف كثًن من أنواعو ‪.‬‬
‫ولكن ىذه ا‪ٜ‬ناؿ ا‪ٞ‬نثالية ال ٕننع التنبيو على بعض القضايا ‪.‬‬
‫بٌن العلمٌن ‪:‬‬
‫‪ /2‬ا‪ٞ‬نسائل ال ي أصلها من علوـ القرآف على األصويل التعامل مع وجهها األصويل دوف‬
‫الدخوؿ يف اختصاص علوـ القرآف‬
‫وأىم مثاؿ على ىذا التنبيو مبحث القراءات الشاذة‪،‬فدور األصويل بياف دليليّة القراءات الشاذة‬
‫أو عدـ دليليتها وما دورىا يف االستدالؿ ومدى استثمارىا يف حاؿ عدـ حجيتها‬
‫أما ٓنديد معىن الشذوذ يف القراءات وتعيٌن القراءات الشاذة وحكم القراءات الثبلث فوؽ‬
‫يتواله إال أىلو وعلى األصوليٌن أخ ْذىا جاىزة منهم إال إذا‬
‫السبعة فهذه من علوـ القرآف وال ّ‬
‫كاف األصويل عا‪ٞ‬نا بالقراءات أو مشارًكا يف علوـ القرآف ‪ -‬كالزركشي والسيوطي ‪ -‬فتعاملو ىنا‬
‫ً‬
‫‪٢‬نتصا يف علوـ القرآف وليس كأصويل‬
‫بصفتو ً‬
‫مرج ًحا بسبب ٗنعو بٌن العلمٌن وال يكوف رأيو كافيًا يف‬
‫وحىت يف ىذه ا‪ٜ‬نالة ال يعترب قولو ّ‬
‫ا‪ٞ‬نسألة ُنيث ‪٬‬نكن االقتصار عليو إذ ا‪ٞ‬نقصود بياف أىليتو للخوض فيها وإال فبلبد من الرجوع‬
‫إىل ا‪ٞ‬نصادر األساسية يف القراءات ففيها ٓنرير ا‪ٞ‬نسألة‬
‫وبالتايل فبل غىن لؤلصويل عن الرجوع إىل كتب القراءات األصيلة كالنشر ومنجد ا‪ٞ‬نقرئٌن البن‬
‫مثبل ‪ٞ‬نعرفة القراءات ا‪ٞ‬نشهورة وشروطها ومعىن الشذوذ وتعيٌن القراءات الشاذة وحكم‬ ‫ا‪ٛ‬نزري ً‬
‫القراءات الثبلث وقد يستغين هبما عن الربىاف للزركشي واإلتقاف للسيوطي ‪.‬‬
‫وىذه ا‪ٞ‬نبلحظة سيأيت مثلها يف علوـ ا‪ٜ‬نديث ‪.‬‬
‫‪ /1‬أنواع علوـ القرآف ا‪ٜ‬ناضرة يف كتب األصوؿ ما صلتها بو ؟‬
‫‪ -‬مبحث اتحمكم وا‪ٞ‬نتشابو من ا‪ٞ‬نشرتكات بٌن العلمٌن وصلتو بعلم األصوؿ من وجوه ‪:‬‬
‫* تأصيل مسألة ىل يف القرآف ما ال يعلم معناه‬
‫* التشابو وصلتو باجململ ودرجات ا‪ٝ‬نفاء يف النص‬
‫مدخبل إىل مبحث التأويل‬
‫ً‬ ‫* كونو‬
‫‪ -‬مبحث ا‪ٞ‬نعرب ال صلة لو باألصوؿ‬
‫‪ -‬وقوع الرتادؼ واالشرتاؾ واجملاز يف القرآف فرع عن أصل مسائلها يف مباحث اللغة و‪٬‬نكن‬
‫االستغناء عنها بذكرىا ىناؾ ‪.‬‬
‫‪ / 3‬قلة تأثًن علوـ القرآف يف علم األصوؿ ْنعل األصويل يطمع يف االستفادة منو أكثر‬
‫إلثراء مباحث األصوؿ ومسائلو‪،‬ومن ‪٠‬ناالت استثمار علوـ القرآف فيو ‪:‬‬
‫‪ -‬تزويد مسائل األصوؿ باألمثلة ال ي يشكو الدارسوف من تكرارىا‪،‬وا‪ٞ‬نكتبة القرآنية قد‪٬‬نها‬
‫وحديثها غنيّة هبا‬
‫وتبقى لؤلمثلة النادرة ميزة خاصة وكتب علوـ القرآف من مظاهنا ومن ذلك ‪:‬‬
‫باؽ على عمومو وال يُتصور ٔنصيصو يف حكم فقهي ال عقدي ؟‬ ‫ا‪ٞ‬نثاؿ على عاـ ٍ‬
‫ّ‬
‫مثاال لو وىو قولو تعاىل "حرمت عليكم أمهاتكم" ‪.‬‬ ‫ذكر السيوطي يف اإلتقاف ً‬
‫‪ٓ -‬نقيق بعض ا‪ٞ‬نسائل األصولية كالقوؿ بعدـ نسخ القرآف بالسنة من حيث عدـ الوقوع وأف‬
‫واقع النسخ الوارد أف القرآف ال ينسخو إال قرآف كما ح ّققو الدكتور مصطفى زيد ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلضافة إليو ‪:‬‬
‫ّإما بإضافة مسائل كبياف وقوع مفهوـ ا‪ٞ‬نخالفة يف ا‪ٝ‬نرب‬
‫أو بذكر ضابط يف الباب كالقوؿ بأف الناسخ ال يكوف إال مدنيًا‬
‫أو بتحرير صورة القاعدة مثل مسألة العربة بعموـ اللفظ ال ِنصوص أي ىي فيما نزؿ ولو‬
‫صيغة عموـ ‪.‬‬
‫‪ -‬تفعيل أنواع كاملة منو يف مواضعها األليق هبا يف األصوؿ ‪:‬‬
‫كعلم ا‪ٞ‬نناسبات بٌن اآليات وكيف ‪٬‬نكن أ ْف تُستخرج الدالالت منو‬
‫ومبحث معاين األدوات وا‪ٜ‬نروؼ كال ي ذكرىا السيوطي يف اإلتقاف‬
‫وقواعد الرتجيح التفسًنية مع تطبيقاهتا وأمثلتها إىل مباحث الرتجيح يف التعارض ‪.‬‬
‫التدرب الذايت ‪:‬‬
‫ّ‬
‫يدرب الدارس نفسو على مسائل العلم كما ىو معلوـ‬ ‫من طرؽ ٓنصيل العلم أ ْف ّ‬
‫وعلم األصوؿ ُناجة إىل جهد يف التدريب حىت يفهمو طالب العلم بعمق‬
‫وللتدريبات مراحل ُنسب ترقّي الطالب يف التعلّم‬
‫التدرب بل واإلبداع فيو ‪٣‬نا قد يضيف إىل علم األصوؿ أو‬
‫و‪٬‬نكن استشمار ا‪ٞ‬نكتبة القرآنية يف ّ‬
‫يُثًن قضايا للبحث والدراسة‬
‫ٓنليبل أصوليًّا بدالالت األلفاظ‪،‬وىو‬
‫مثاؿ ذلك ٓنليل العبلقة بٌن أسباب النزوؿ واآليات النازلة ً‬
‫عاؿ ال يناسب ا‪ٞ‬نراحل األُوىل والوسطى ولكن فيو إبداع وعمق و‪٪‬نتمل اإلضافة ‪.‬‬‫تدريب ٍ‬
‫وخبلصة كل ما سبق ‪:‬‬
‫أف طالب األصوؿ وىو يأخذ ُنظو التأصيلي من علوـ القرآف يقتنص منو ما يثري ٔنصصو‬
‫وأف الباحث وا‪ٞ‬ندرس وا‪ٞ‬نؤلّف وىو يعاًف بابًا أصوليًا لعلوـ القرآف صلة بو فبلبد أ ْف يطالعو من‬
‫كتب علوـ القرآف ومكتبة الدراسات القرآنية الرتاثية وا‪ٞ‬نعاصرة‬
‫وأف العامل األصويل الذي يروـ إحياء علم األصوؿ عليو أ ْف يفحص مدونات علوـ القرآف‬
‫ويعتصر منها ما يفيد علمو ‪.‬‬
‫ا‪ٜ‬نلقة الثامنة‬
‫علوـ ا‪ٜ‬نديث وأصوؿ الفقو‬
‫التداخل واالختصاص‬

‫ٕنهيد ‪:‬‬
‫ىذه ا‪ٜ‬نلقة فيها بعض الطوؿ بسبب أ‪٨‬نية مادهتا‪،‬وقبل الولوج تنبيهات ‪:‬‬
‫* علوـ ا‪ٜ‬نديث وأصوؿ الفقو علماف منهجياف يف غاية األ‪٨‬نية لطالب العلم والبد لو من‬
‫حظ وافر منهما ابتداءً‪،‬كلٌّ ّننهجيتو ومن كتبو ا‪ٞ‬نعتمدة بشكل مستقل ‪.‬‬
‫* قد حصل بينهما اشرتاؾ يف عدة مباحث ْندىا يف كبل العلمٌن‬
‫ٓنضر أ‪ٚ‬ناء أئمة كل علم منهما يف كتب اآلخر يف نفس ا‪ٞ‬نبحث ‪.‬‬ ‫كما ُ‬
‫* تأثر كل علم باآلخر‬
‫حىت علم ا‪ٜ‬نديث كاف لؤلصوليٌن حضور فيو ليس فقط يف ا‪ٞ‬نسائل واآلراء بل يف األثر العملي‬
‫وا‪ٞ‬ننهج التطبيقي الذي يؤدي إىل ا‪ٜ‬نكم على ا‪ٜ‬نديث‪،‬وىذه قضية معروفة عند أىل ا‪ٜ‬نديث ‪.‬‬
‫فك االشتباكات يف ا‪ٞ‬نسائل‬ ‫* معا‪ٛ‬نة ىذه ا‪ٜ‬نلقة ستكوف على طريقة التمييز والفصل أي ّ‬
‫استثمارا لطبيعة ا‪ٞ‬نوضوع يف بياف أ‪٨‬نية ىذه ا‪ٞ‬نهارة يف بناء طالب العلم‬
‫ً‬ ‫والصور واالختصاصات‬
‫وتأسيسو وجودة نظره يف العلم والبحث ‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬اختبلؼ ا‪ٞ‬ننهج العقلي ونظرية االحتماؿ بٌن ‪٠‬نايل العلمٌن‬
‫ً‬
‫لكل علم نظاـ وطرؽ للنظر فيو ‪٬‬نثّل العقل جزءًا منها يف التكوين أو التقرير والبحث أو‬
‫يف اختبلؼ أىلو فيو‬
‫ا‪ٞ‬نوردة على عمل أىل الفن وىم يقرروف ا‪ٞ‬نسائل والقواعد‬
‫ووجود االحتماالت العقلية الواردة أو َ‬
‫أيضا‪،‬ولكن كل ذلك ليس بالنظر العقلي ا‪ٞ‬نطلق اجملرد بل ىو ضمن ‪٠‬ناؿ‬ ‫مأخوذ يف ا‪ٜ‬نسباف ً‬
‫ذلك العلم والفن ويف دائرتو‬
‫احتماال ‪٣‬نكنًا بل ‪٠‬ناؿ العلم وطبيعتو ىي ال ي ْنعل‬
‫ً‬ ‫فليس كل احتماؿ عقلي يعترب جملرد كونو‬
‫ودليبل لعلم أو جهل من أورده‬
‫مرذوال ً‬
‫مقبوال أو ً‬
‫االحتماؿ ً‬
‫علما نقليًا صرفًا بل العقل مكوف أصيل فيها ولكنو دور‬
‫فقواعد ا‪ٜ‬نديث وا‪ٜ‬نكم عليو ليست ً‬
‫يف عملية معينة ىي التثبت من خرب ما‬
‫وىذه وظيفة ‪٢‬نصوصة ‪ٟ‬نا طبيعتها ا‪ٞ‬نرتبطة بعادة الناس يف نشر األخبار وتصديقها والشك فيها‬
‫وكيف يتعاملوف عند التعارض وىكذا‪،‬وبالتايل فإف االحتماالت أثناء عملية التثبت وما يورد‬
‫عليها ‪٩‬نب أف تراعى وفق ىذه الظروؼ ‪.‬‬
‫وىكذا يف كل علم و‪٠‬ناؿ معريف ‪:‬‬
‫فعبل‪ -‬إف آدـ عليو السبلـ قد أكل من الشجرة ألنّو رّنا فهم من‬ ‫فلو قاؿ قائل ‪-‬كما قيل ً‬
‫معا وأنو ال هني يف حاؿ االنفراد لكاف أوؿ ما ‪٩‬ناب‬‫النهي "وال تقربا" أنّو هني ‪ٟ‬نما إذا كانا ً‬
‫عنو أف ىذا إيراد غًن لغوي وال ‪٬‬نكن أف يورده صاحب لغة حىت ولو كاف ا‪ٝ‬نطاب بغًن العربية‪.‬‬
‫تفرده فبل يقاؿ لو ‪-‬كما قيل‬ ‫تفرد من ال يُقبل ّ‬
‫ومثلو لو قرر اتحمدث أف من أنواع الشاذ ّ‬
‫بالفعل‪ -‬رّنا حفظ ىذا ا‪ٞ‬نتفرد فكيف يعاقَب على حفظو ؟ فإف كونو قد حفظ دوف غًنه ىو‬
‫مثار الشك عند اتحمدثٌن وليس كما تصوره ذلك القائل ‪.‬‬
‫ىذه نقطة مهمة ينبغي أف تفقو ‪:‬‬
‫لكل علم ‪٠‬ناؿ لدور العقل يف تكوينو ولكل علم مساحة ‪٢‬نتصة من االحتماؿ العقلي‬
‫واالحتماالت ا‪ٞ‬نقبولة تدور يف فلك طبيعة ذلك العلم وناْنة عن عمل الناظر فيو وليست ‪٠‬نرد‬
‫االحتماؿ أو االحتماؿ العقلي ا‪ٞ‬نطلق‬
‫كثًنا ما تكوف بعيدة وغريبة يف ‪٠‬ناؿ آخر وال يوِرد ىذه‬
‫واالحتماالت ا‪ٞ‬نعتربة يف حقل معريف ً‬
‫االحتماالت ّإال من كاف خارج ىذا العلم أو غًن ‪٣‬نارس لو ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ -‬كيف دخلت ا‪ٞ‬نباحث ا‪ٜ‬نديثية يف كتب األصوؿ ؟‬
‫مل تكن علوـ ا‪ٜ‬نديث قد أفردت بالتصنيف عندما وضع اإلماـ الشافعي كتابو‬
‫الرسالة‪،‬وىذا ملحظ مهم عند دراسة تداخل العلوـ وأسباهبا وىو استحضار نشأة التصنيف‬
‫والتدوين يف العلوـ األخرى‬
‫استقبلال"‬
‫ً‬ ‫ويعترب الشافعي أقدـ من كتب مباحث يف علوـ ا‪ٜ‬نديث "ليس ا‪ٞ‬نراد َمن ألّف فيو‬
‫وٗنلة ا‪ٞ‬نباحث ا‪ٜ‬نديثية يف الرسالة تدور حوؿ شروط ا‪ٜ‬نديث الصحيح‬
‫ا‪ٝ‬ناصة بعد تقسيمو ا‪ٝ‬نرب إىل خرب العامة وخرب ا‪ٝ‬ناصة‬ ‫وسبب كبلمو فيها أنّو كاف يشرح خرب ّ‬
‫‪-‬وليُعلم أنو ال ينطبق تقسيمو الفريد الرصٌن على ما اشتهر فيما بعد باسم ا‪ٞ‬نتواتر واآلحاد ال‬
‫من حيث أساس التقسيم وتعريف نوعي التقسيم وال من حيث اآلثار العلمية وا‪ٞ‬ننهجية ا‪ٞ‬نرتتبة‬
‫ويؤصل تثبيت "حجيّة" خرب الواحد عن الواحد‪،‬فتحدث عن شروط خرب الواحد‬ ‫ّ‬ ‫عليو‪-‬‬
‫الصحيح وىو أقدـ من نص عليها‬
‫ومن خبلؿ شروط ا‪ٝ‬نرب الصحيح تطرؽ إىل عدة مباحث بشكل موجز منها ‪:‬‬
‫* شروط الراوي وضبط ا‪ٜ‬نفظ وضبط الكتاب والرواية با‪ٞ‬نعىن‬
‫* االتصاؿ واالنقطاع والتدليس وصيغ التحديث‬
‫* االحتجاج با‪ٞ‬نرسل مع وصفو لو با‪ٞ‬ننقطع‬
‫يعرب ِنرب "الواحد" وليس اآلحاد وىو تعبًن دقيق ‪.‬‬ ‫وينبو إىل أف الشافعي كاف ّ‬
‫ومن ىنا صارت كتب األصوؿ تتطرؽ إىل ىذه ا‪ٞ‬نباحث ا‪ٜ‬نديثية ا‪ٞ‬نتعلقة بالرواية وا‪ٜ‬نكم على‬
‫الرواة واألحاديث ويبدي فيها األصوليوف ‪-‬ومنهم ا‪ٞ‬نتكلموف‪ -‬آراءىم متابعةً لعمل الشافعي‬
‫أيضا دوف مراعاة لسياؽ كبلمو الذي جعلو يبحثها ودوف مراعاة ‪ٜ‬نالة التصنيف‬ ‫وزيادة عليو ً‬
‫إماـ يف ا‪ٜ‬نديث‬
‫وقتها ودوف استحضار أف ا‪ٞ‬نتكلّم فيها ٌ‬
‫وليتهم اكتفوا ّنا لو صلة بعلم األصوؿ مثل حجية السنة ومنزلتها يف التشريع وحجية خرب‬
‫الواحد والعمل بو ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ٞ -‬نن الكلمة ؟‬
‫القوؿ فيها من حيث تقريرىا وكيفية بنائها‬
‫ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٜ‬نديثية ال ي صارت من علم األصوؿ ُ‬
‫قوؿ اتحمدثٌن وغاية األمر نقلها من ىناؾ لوجهها األصويل‬
‫مثاال ‪ٟ‬نذا التصرؼ ا‪ٞ‬ننهجي سواء يف ذكره للمسألة ا‪ٜ‬نديثية ابتداءً‬‫و‪٬‬نثّل السمعاين يف القواطع ً‬
‫أو فيما تعقب بو القاضي أبا زيد الدبوسي‬
‫وا‪ٞ‬نسائل ال ي يكوف القوؿ فيها قوؿ اتحمدثٌن منها ما يبقى يف علم األصوؿ ولكن على ما يراه‬
‫أىل ا‪ٜ‬نديث ألهنم أىل االختصاص‬
‫ومنها ما ينبغي استبعاده ‪ٝ‬نروجو عن وظيفة علم األصوؿ وإ‪٧‬نا دخل فيها استطر ًادا‪،‬ولكن طا‪ٞ‬نا‬
‫اقعا فيقاؿ ىذا التنبيو لؤلساتذة وا‪ٞ‬نؤلفٌن يف األصوؿ أف يرجعوا‬
‫أهنا موجودة اآلف وصارت إرثًا و ً‬
‫يف تلك ا‪ٞ‬نباحث إىل قوؿ اتحمدثٌن ولكن بإ‪٩‬ناز يكفي يف بياف ا‪ٞ‬نسألة‬
‫وبعض كتب األصوؿ فيها احتفاء بأقواؿ اتحمدثٌن مع ذكرىا ألقواؿ األصوليٌن ‪٣‬نا جعل مباحث‬
‫ا‪ٜ‬نديث تتضخم فيها كما يف شرح الكوكب ا‪ٞ‬ننًن ‪.‬‬
‫ابعا ‪ -‬منهج ا‪ٜ‬ننفية‬
‫رً‬
‫خاصا يتواءـ مع أصو‪ٟ‬نم‬
‫منهجا حديثيًا ً‬‫يبلحظ أف للحنفية ً‬
‫وىذه منطقة ُنث‪،‬وعلى من يبحثها أ ْف ‪٩‬نعل ا‪ٞ‬نوازنة بٌن منهج ا‪ٜ‬ننفية ا‪ٜ‬نديثي ومنهج اتحمدثٌن‬
‫فقط وليس بٌن ا‪ٜ‬ننفية وٗنهور األصوليٌن إذ ال جديد فيو‪،‬كما عليو أف يتتبع نشأة رأي ا‪ٜ‬ننفية‬
‫تكونت مع تقو‪٬‬نها على طريقة اتحمدثٌن ‪.‬‬‫يف تلك القواعد وكيف ّ‬
‫وقد وجدت دراسات حوؿ منهج ا‪ٜ‬ننفية ىنا ولكن مل تراع كل ما سبق ‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬ا‪ٞ‬ننطقة الشائكة‬
‫ً‬
‫الشك أف ا‪ٜ‬نكم على ا‪ٜ‬نديث ىو عمل اتحمدث وأف حجية ا‪ٜ‬نديث ىي عمل األصويل‬
‫ولكن ا‪ٞ‬ننطقة الشائكة وا‪ٞ‬نتداخلة ىي االحتجاج با‪ٜ‬نديث الضعيف والعمل بو‬
‫و‪٨‬نا مسألتاف ‪ :‬العمل ‪ ،‬االحتجاج‬
‫فالعمل با‪ٜ‬نديث فرع عن ا‪ٜ‬نكم عليو وىو ٖنرتو‪،‬وىذا من اختصاص اتحمدثٌن‬
‫وأحواؿ العمل با‪ٜ‬نديث ‪-‬بعد ا‪ٜ‬نكم عليو‪ -‬ومىت يعمل بو ومىت ال يعمل ىي من عمل‬
‫األصوليٌن‬
‫وا‪ٜ‬نديث الضعيف من حيث أنواعو ومىت يكوف ضعي ًفا ىو من علوـ ا‪ٜ‬نديث‬
‫ومن حيث االحتجاج بو ىو من أصوؿ الفقو‬
‫ىكذا مقتضى أدوار العلوـ ولكن الواقع أهنا صارت َنملتها مسائل حديثية وذ ْكرىا يف كتب‬
‫األصوؿ قليل مع أ‪٨‬نيتها ودخو‪ٟ‬نا يف قضايا ا‪ٜ‬نجية واالستدالؿ والعمل وحضورىا الكبًن يف‬
‫مسائل الفقو‬
‫وىذه من أىم ا‪ٞ‬نسائل ال ي البد من نقل ُنثها إىل األصوؿ لتصبح أصيلة فيو‪،‬وأين ىي من‬
‫مسألة االحتجاج با‪ٞ‬نرسل ؟ والبد أف ‪٩‬نمع البحث فيها بٌن ‪:‬‬
‫‪ -2‬أقواؿ اتحمدثٌن‬
‫‪ -1‬تصرؼ أئمة الفقو اجملتهدين‬
‫وقلة استحضار ا‪ٛ‬نانب الثاين على حساب ا‪ٛ‬نانب األوؿ سيؤدي إىل ا‪ٝ‬نلل يف التعامل‬
‫شيئ منو يف السنوات األخًنة ‪٣‬نا يبٌن أهنا ليست مسألة حديثية خالصة وأهنا‬
‫معها كما ظهر ٌ‬
‫حاضرا‪،‬وا‪ٛ‬نمع بينهما ىو من خصائص األصوؿ ‪.‬‬‫ً‬ ‫مىت أُخذت كذلك كاف القصور‬
‫واآلف مع مسألة العمل با‪ٜ‬نديث فهي ُناجة إىل نوع كشف ‪:‬‬
‫* العمل با‪ٜ‬نديث ال يعين صحتو وعدـ العمل بو ال يعين تضعيفو كما أف االعتبار ألنواع‬
‫تصحيحا ‪ٟ‬نا‬
‫ً‬ ‫من الضعيف باالحتجاج أو العمل ليس‬
‫فتوجد أحاديث ثابتة مل يُعمل بظاىرىا كما ذكر ابن رجب يف أوؿ شرح علل الرتمذي وىذا‬
‫خارج ُنثنا‬
‫ّأما باب العمل فأساسو أف العمل با‪ٜ‬نديث أوسع من ا‪ٜ‬نكم عليو‪،‬ىذا من حيث ا‪ٞ‬نبدأ‬
‫و‪ٟ‬نذا يبحث اتحمدثوف مسألة االحتجاج با‪ٜ‬نديث الضعيف وضوابطو وكذلك مسألة االحتجاج‬
‫با‪ٞ‬نرسل‪،‬و‪٨‬نا يف االحتجاج‬
‫وكذلك باب العمل با‪ٜ‬نديث الضعيف أو ما يعرؼ باألحاديث ال ي مل تثبت صحتها وعليها‬
‫العمل وقد تطرؽ ‪ٛ‬نملة منها ابن رجب يف شرح العلل‬
‫وىنا رّنا يسأؿ سائل ‪:‬‬
‫ما الفرؽ بٌن مسالة "االحتجاج با‪ٜ‬نديث الضعيف" و "العمل با‪ٜ‬نديث الضعيف" ؟‬
‫ىل ‪٨‬نا مسألتاف أـ ‪٨‬نا مسألة واحدة ؟‬
‫قد يتداخل ا‪ٞ‬نبحثاف بسبب أف االحتجاج بالضعيف يؤدي إىل العمل بو كنتيجة‬
‫والذي يظهر أف بينهما فرقًا‪،‬وىو فارؽ يف أساس ا‪ٞ‬نسألتٌن وليس من حيث النتيجة والثمرة ‪:‬‬
‫‪ -‬فاألوىل أخص وىي االستدالؿ بو والثانية العمل بو‬
‫والعمل ال يعين االحتجاج فقد يكوف معو وقد ال يكوف‪،‬فالعمل لئلذف والسماح‬
‫ّأما االحتجاج فهو االستدالؿ للمستدؿ وعلى ا‪ٞ‬نخالف‪،‬فاالحتجاج أضيق بابًا ‪.‬‬
‫دليبل تُستخرج منو األحكاـ وا‪ٞ‬نسائل حىت يف غًن‬ ‫‪ -‬كما أف االحتجاج يعين أنّو صار ً‬
‫ا‪ٜ‬نديث‪،‬أما العمل فهو أ ْف تعمل ّنوضوع ا‪ٜ‬نديث األصلي فحسب ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫موضوع‬
‫‪ -‬وقد يُعمل بأحاديث ال ينطبق عليها ضوابط َمن أجاز االحتجاج بالضعيف كما ْنده‬
‫يف أحاديث جرى عليها العمل كالبسملة يف الوضوء ‪.‬‬
‫مروي منقوؿ عن السابقٌن فهو خاص ّنا‬
‫يضا العمل بالضعيف ال قياس فيو ألنّو ٌّ‬ ‫‪ -‬وأ ً‬
‫جرى عليو عمل األئمة فبل يأتٌن أح ٌد ُنديث ضعيف ويقوؿ ليجر عليو العمل‬
‫ّأما االحتجاج فهو تقعيد وتنظًن ‪٬‬نكن تطبيقو على آالؼ االحاديث ‪.‬‬
‫مسوغ العمل با‪ٜ‬نديث ىو جرياف العمل بو ّأما يف االحتجاج بالضعيف فهو ا‪ٜ‬نديث‬ ‫‪ّ -‬‬
‫نفسو ألنو صار حجة ‪.‬‬
‫ىذه فروؽ ‪ٙ‬نسة أحسب أهنا ٕنيز بٌن ا‪ٞ‬نبحثٌن‪،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫سادسا ‪ -‬شروط العمل باآلحاد عند بعض األصوليٌن‬
‫ً‬
‫من ا‪ٞ‬نباحث ال ي أخذت مساحة واسعة يف أبواب السنة من كتب األصوؿ مبحث خرب‬
‫اآلحاد واالحتجاج بو والعمل بو وما يفيده من علم أو ظن‬
‫ومن قضاياه ا‪ٞ‬نهمة شروط العمل بو أو مقاييس األخذ بو عند األصوليٌن واختبلفهم فيها‬
‫والعمل ِنرب اآلحاد عند من وضع معايًن عامة لقبولو كما ىو موجود يف ُنوث األصوليٌن‬
‫‪٪‬نتاج إىل وقفات ‪:‬‬
‫‪ -‬معايًن قبوؿ ا‪ٝ‬نرب وخاصة خرب الواحد قدمي منذ عصر الصحابة كما سيأيت‬
‫يفرؽ طالب العلم بٌن خرب الواحد واآلحاد االصطبلحي‪،‬فالبحث القدمي عند‬ ‫ومن ا‪ٞ‬نهم أف ّ‬
‫السلف كاف حوؿ خرب الواحد "الفرد" وحجيتو يف اْناه من شككوا فيو ويف ‪٠‬ناؿ االحتجاج بو‬
‫يف حٌن أف ما تعددت طرقو فبل إشكالية فيو‬
‫و ّأما ما يسمى باآلحاد فهو شامل للفرد ولكل ما تعددت طرقو ما مل يبلغ التواتر ‪-‬على حد‬
‫مثاال‪ -‬وىذا غلط كبًن‬
‫التواتر الذي أحاديثو معدودة وقيل إنو مل يسلم منها حديث يصلح ً‬
‫ليس ىذا ‪٠‬ناؿ الوقوؼ معو ‪.‬‬
‫‪ -‬معايًن الصحابة للتثبت من خرب الواحد متعددة‬
‫والتثبت ال يكوف ّإال عند وجود شك‪،‬و ّأما إذا رواه صحايب ومل يوجد ما يدعو للتثبت فهم‬
‫يقبلونو مباشرة‬
‫وا‪ٞ‬نعايًن ال ي ‪ٟ‬نا صلة با‪ٞ‬نقالة ثبلثة ‪:‬‬
‫‪ -2‬نق ٌد من حيث الثبوت ابتداءً‬
‫مثل فعل عمر مع فاطمة بنت قيس "ال ندري أنسيت أـ حفظت" ‪.‬‬
‫‪ -1‬نق ٌد للمنت بعرضو على ا‪ٞ‬نأثور‬
‫مثل فعل عائشة يف حديث البكاء على ا‪ٞ‬نيت ويف حديث الشؤـ يف ثبلثة ‪.‬‬
‫والفرؽ بٌن الصورتٌن السابقتٌن أف األوىل يقع الشك من الصحايب يف حفظ الراوي الواحد‬
‫بتفرده بو و ّأما صورة ما يرويو فهي داخلة عموـ نصوص أخرى‬
‫والثانية يرد الصحايب ا‪ٞ‬نروي بعد عرضو على مأثور ورد يف عٌن الصورة كما فعلت عائشة‬
‫حيث بيّنت الرواية ا‪ٞ‬نعيّنة ال ي ‪ٚ‬نعتها ‪.‬‬
‫‪ -3‬نق ٌد ا‪ٝ‬نرب الفرد ‪ٝ‬نروجو عن ا‪ٞ‬نعهود من الشريعة‬
‫مثل الوضوء من ٘نل ا‪ٛ‬ننازة وعدـ أخذ عائشة وابن عباس بو‪،‬فهنا سبب النقد مضموف ا‪ٞ‬نروي‬
‫ومدى جريانو وفق ا‪ٞ‬نعهود من حكمة التشريع ‪.‬‬
‫ومن ا‪ٞ‬نهم ىنا أال ننسى أف الراوي والناقد كبل‪٨‬نا من الصحابة‪،‬وىذا طبيعي فالطبقة‬
‫واحدة والظرؼ التار‪٫‬ني ىذا حالو‬
‫واتحمدثوف ورثوا ىذه ا‪ٞ‬نعايًن النقدية وغًنىا من عمل الصحابة ولكن مع َمن دوف الصحابة من‬
‫الرواة‪،‬فاتحمدث ال يأيت إىل ا‪ٜ‬نديث ويعلّو بتفرد الصحايب ّنا يدخل يف الصور الثبلث بل العلة‬
‫عنده يف الطبقات من بعده‬
‫خارجا عن معهود الشريعة فبل يقوؿ إف الغلط من الصحايب بل من‬ ‫خربا ف ًردا ً‬
‫فإذا وجد اتحمدث ً‬
‫أحد الرواة إال إذا سبق أف أحد الصحابة نقد راويو الصحايب كما سبق‬
‫فأىل ا‪ٜ‬نديث اتبعوا ا‪ٞ‬ننهج وطبقوه يف موضعو ومل يتعاملوا مع الراوي الصحايب كما تعامل معو‬
‫الصحايب الناقد وانتبهوا إىل أف نقد الراوي الصحايب كاف من صحايب آخر مثلو مراعٌن الظرؼ‬
‫التار‪٫‬ني والطبيعي ‪.‬‬
‫‪ -‬من ا‪ٞ‬نسائل ال ي ٓنتاج إىل ٓنرير ‪:‬‬
‫ىل معايًن قبوؿ الواحد عند من وضعها من األئمة معايًن للرد فقط أـ ‪٬‬نكن أف تكوف‬
‫أيضا معايًن عمل ال رد‬
‫ً‬
‫وترجيح ال تضعيف‬
‫وطريقة لدفع التعارض الظاىري ؟‬
‫سبيل ا‪ٛ‬نواب دراسة تلك ا‪ٞ‬نعايًن عند من أخذوا هبا من جهة التطبيقات وىل استنبطوا من‬
‫تلك األحاديث غًن ا‪ٞ‬نأخوذ هبا عندىم مسائل أخرى سوى ا‪ٞ‬نسألة األصل ؟ ىل كانوا‬
‫يتفقهوف يف بعض تلك األحاديث ويستنبطوف منها األحكاـ واآلداب يف غًن ا‪ٞ‬نعىن الذي‬
‫قدموا القاعدة عليو ؟‬
‫أحكاما من حديث خيار اجمللس سوى إثباتو الذي مل يعمل بو‬
‫ً‬ ‫فمث ًبل ىل استنبط اإلماـ مالك‬
‫؟ وكذلك ا‪ٜ‬ننفية من حديث التسبيع يف طهارة الكلب ؟‬
‫‪ -‬خرب الواحد فيما تعم بو البلوى مقبوؿ عند ا‪ٛ‬نمهور‪،‬ولكن السؤاؿ األوؿ عند دراستها‪:‬‬
‫ىل قضية عموـ البلوى معيار للتثبت من الرواية يف عصرىا أـ ىي معيار يستعملو من جاء بعد‬
‫عصر الرواية ليتثبت منها ؟‬
‫ىل ىي معيار ال يكوف إال من صحايب كي ينقد رواية صحايب أـ ‪٬‬نكن لغًن الصحايب أف‬
‫يعملها ويستحضرىا كي يتأكد من رواية الصحايب ؟‬
‫سليم منهجيًا ؟‬
‫أمر ٌ‬‫ىذا السؤاؿ معناه ىل طرحها ابتداءً ٌ‬
‫معيارا ‪ٞ‬نن بعدىم‪،‬فهو‬‫الذي يبدو أهنا معيار نقدي لثبوت ا‪ٞ‬ننت يف عصر الصحابة وليست ً‬
‫ط ‪٬‬نكن أف يستعمل يف عصر الرواية األوىل أي من الصحابة يف النقد أو التثبت من رواية‬ ‫ضاب ٌ‬
‫فضبل عن ا‪ٞ‬نراحل ا‪ٞ‬نتأخرة عند بدء تدوين ا‪ٞ‬نرويات‬
‫أحدىم وليس ‪ٞ‬نن بعدىم ً‬
‫وبالتايل فما اشتهر عند ا‪ٜ‬ننفية من إعمالو كمعيار يف قبوؿ خرب الواحد ال وجو لو فيما يظهر‬
‫ويؤّكد ىذا ا‪ٝ‬نلل أف ا‪ٜ‬ننفية اْنهوا يف النقد بو إىل الصحايب نفسو‬
‫وىل كبار التابعٌن يف ىذا كالصحابة ؟ ُنث ‪.‬‬
‫وينبو ىنا إىل التفريق بٌن مسألتٌن ‪:‬‬
‫خرب الواحد فيما تعم بو البلوى ومسألة كتماف أىل التواتر أو خرب الواحد الذي يشرتؾ يف‬
‫اإلحساس بو كثًن "رأوه أو ‪ٚ‬نعوه" أي انفراد ‪٢‬نرب ّنا شاركو فيو كثًن وتتوفر الدواعي على‬
‫نقلو‪،‬وا‪ٝ‬نبلؼ فيها مع الرافضة‬
‫ىاتاف مسألتاف منفصلتاف وإف كاف بينهما صلة وتقارب‬
‫أصبل لقو‪ٟ‬نم يف األوىل وا‪ٛ‬نمهور ال يروف التبلزـ بينهما‬
‫والثانية ‪٣‬نا استدؿ هبا ا‪ٜ‬ننفية وجعلوىا ً‬
‫ومن جعلهما مسألة واحدة مل يصب‪،‬فالثانية أمر وجودي حضره خلق كثًن وتتوفر الدواعي‬ ‫َ‬
‫على روايتو فانفراد واحد بو يورث الشك يف ضبطو‬
‫كثًنا ويتكرر عليهم يف‬
‫واألوىل ليست كذلك بل موضوع ا‪ٜ‬نديث ا‪ٞ‬نروي ‪٣‬نا ‪٪‬نتاجو الناس ً‬
‫حياهتم كالطهارة وشؤوف الزواج ‪.‬‬
‫‪٢ -‬نالفة خرب الواحد للقياس‪،‬ما ا‪ٞ‬نراد بالقياس ؟‬
‫الذي يظهر أف ا‪ٞ‬نراد بو ىنا األصوؿ والقواعد وليس القياس ّنعناه االصطبلحي ا‪ٞ‬نشهور‬
‫وفرؽ بينهما وقاؿ إف القياس لو إطبلقاف‬
‫وأف دخولو يف ا‪ٞ‬نسألة غلط حىت عند َمن ذكر النوعٌن ّ‬
‫أصبل وأف من أدخلو يف البحث اشتبو عليو‬ ‫مث ُنث ا‪ٞ‬نسألة على كبل النوعٌن‪،‬بل ىو غًن مراد ً‬
‫لفظ القياس‬
‫فصواب ا‪ٞ‬نسألة دراستها من حيث كوف القياس ىو القواعد ا‪ٞ‬نطردة واألصوؿ ا‪ٞ‬نتكررة يف‬
‫الشريعة "معاين أصوؿ االحكاـ كما عرب بعضهم" سواء كانت عامة أو خاصة بباب يف الفقو‪:‬‬
‫العامة مثل ‪ :‬ليس لئلنساف إال كسبو ‪ ،‬نفي الضرر‬
‫خاصة بباب مثل ‪ :‬ا‪ٝ‬نراج بالضماف ‪ ،‬غرـ اإلتبلؼ يكوف ّنثلو أو بقيمتو‬
‫ىذا من حيث ٓنرير صورة ا‪ٞ‬نسألة‬
‫أيضا ‪:‬‬
‫ّأما من حيث ُنثها فإف السؤاؿ السابق يف عموـ البلوى يطرح ىنا ً‬
‫ىل من جاء بعد الصحابة ‪٪‬نق لو أف يورد ىذا ا‪ٞ‬نعيار على رواية صحايب ؟‬
‫ال يبدو ذلك‪،‬وعليو فإذا مل يسبق لصحايب أف يورده على خرب فبل ‪٠‬ناؿ ‪ٞ‬نن بعدىم أف يورده‬
‫كما فعل ا‪ٜ‬ننفية يف حديث ا‪ٞ‬نصراة ‪.‬‬
‫‪ -‬من معايًن قبوؿ اآلحاد عند ا‪ٜ‬ننفية أال يعمل الراوي "وىو ىنا الصحايب ال غًن عند‬
‫التحقيق" ِنبلؼ ما روى‬
‫وىذا ا‪ٞ‬نعيار من ا‪ٛ‬نهة ا‪ٜ‬نديثية ليس علة يُعل هبا ا‪ٝ‬نرب فالقوؿ فيها قوؿ اتحمدثٌن ألف‬
‫احتماالت ‪٢‬نالفتو ‪ٞ‬نا رواه متعددة وأسباب ‪٢‬نالفتو للمروي ‪١‬نتملة فبل تعترب علة يف الرواية‪،‬وىذا‬
‫مثاؿ لكيفية التعامل مع االحتماالت عند اتحمدثٌن ‪.‬‬
‫عاما فهل‬
‫وىنا مسألة قريبة ينبغي ٕنييزىا عنها وىي إذا ورد عن الصحايب ٔنصيص ما رواه ً‬
‫‪٫‬نصصو ؟‬
‫فابن عباس روى حديث "من بدؿ دينو فاقتلوه" وورد عنو عدـ قتل ا‪ٞ‬نرتدة وإ‪٧‬نا ٓنبس‬
‫فهل قولو ‪٫‬نصص عموـ ما رواه ؟ ا‪ٛ‬نمهور ال‪،‬وأكثر ا‪ٜ‬ننفية نعم ‪.‬‬
‫فهذه ا‪ٞ‬نسألة غًن األوىل‪،‬ىذه ٔنصيص وتلك عدـ عمل بالكلية ‪.‬‬
‫‪ -‬الكلمة األخًنة يف ىذه الفقرة وىي خبلصتها ا‪ٞ‬نطلوبة ونتيجتها ا‪ٞ‬نرجوة ‪:‬‬
‫أف معايًن قبوؿ خرب الواحد عند ا‪ٜ‬ننفية ليست من علل ا‪ٞ‬نتوف عند اتحمدثٌن ومل يعتربىا‬
‫أىل ا‪ٜ‬نديث ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫سابعا ‪ -‬ا‪ٞ‬نشرتكات واالختصاصات‬
‫ً‬
‫كما سبق أف ا‪ٞ‬نشرتكات بينهما كثًنة ودعاوى اختصاص وأحقية كل منهما مطروحة‬
‫وىنا وجهة نظر واقرتاح علمي فيما ينبغي أف يشرتكا فيو وما ‪٫‬نتص بو كل منهما ‪.‬‬
‫‪ -‬ا‪ٞ‬نباحث ال ي يصح االشرتاؾ بينهما ‪:‬‬
‫* النسخ يف السنة‬
‫* التعارض وطرؽ دفعو "‪٢‬نتلف ا‪ٜ‬نديث وتأويل مشكلو"‬
‫* تعريف الصحايب ‪:‬‬
‫التعريف ا‪ٞ‬نشهور عند األصوليٌن أخص وأضيق من تعريف اتحمدثٌن وتنبين عليو مسائل‬
‫كا‪ٜ‬نكم بالعدالة ونوع روايتو عن النيب عليو الصبلة والسبلـ ىل ىي مرسل صحايب أـ ال ‪.‬‬
‫وىذه منطقة ٓنتاج إىل ٓنرير فكأف ا‪ٝ‬نبلؼ مل يقع على ‪٠‬ناؿ واحد بل ‪٨‬نا اصطبلحاف كلٌّ يف‬
‫‪٠‬نالو‪،‬فاألصويل ىل يقوؿ إف تعريفو للصحايب ىو الذي ينبغي أف يأخذه اتحمدث أـ مراده َمن‬
‫خاصا‬
‫الصحايب ا‪ٞ‬نقصود يف علم األصوؿ ؟ وىل اطرد األصوليوف يف مرادىم بالصحايب أـ كاف ً‬
‫ببعض األبواب ؟ البد من دراسة ‪ٞ‬نراد األصوليٌن ينتبو فيها ألمرين ‪:‬‬
‫أف تكوف من مصادرىم األوىل وليس ا‪ٞ‬نتأخرة‬
‫أف تستبعد ما يتعلق بالرواية ‪٣‬نا دخل على كتب األصوؿ من مباحث ا‪ٜ‬نديث‬
‫فيكوف ‪٠‬ناؿ الدراسة حينئذ أبواب ‪:‬‬
‫مرسل الصحايب‪،‬مالو حكم الرفع‪،‬حجية قوؿ الصحايب ‪.‬‬
‫‪ -‬خصوصيات اتحمدثٌن ‪:‬‬
‫‪ -2‬ما يتعلق با‪ٜ‬نكم على األحاديث ‪:‬‬
‫* شروط الصحة‬
‫ومنها العلل والشذوذ وبالتايل تدخل مسائل زيادة الثقة سواء يف األسانيد "الوصل واإلرساؿ ‪،‬‬
‫الرفع والوقف" أو يف ا‪ٞ‬نتوف‬
‫فهذه القوؿ فيها قوؿ اتحمدثٌن سواء يف أحكامها وقواعدىا أو يف تصويرىا وذكر أنواعها أو‬
‫ٓنرير ‪١‬نل النزاع فيها كما أهنا ال عبلقة ‪ٟ‬نا بعمل األصويل ‪.‬‬
‫* تعيٌن أنواع الضعيف‬
‫* الرواية با‪ٞ‬نعىن‬
‫‪ -1‬ما يتعلق با‪ٜ‬نكم على الرواة ‪:‬‬
‫* أحواؿ الرواة من عدالة الراوي وكيف تثبت‪،‬وا‪ٛ‬نهالة وكيف تزوؿ‪،‬ورواية ا‪ٞ‬نبتدع ‪.‬‬
‫وتعديبل‪،‬تعارض ا‪ٛ‬نرح والتعديل ‪.‬‬
‫ً‬ ‫جرحا‬
‫* ا‪ٜ‬نكم على الراوي ً‬
‫* طرؽ التحمل وصيغ األداء ‪:‬‬
‫الرفع‪،‬أما من سوى الصحابة‬
‫ّ‬ ‫صيغ أداء الصحايب ‪ٟ‬نا صلة باألصوؿ من جهة ىل ‪ٟ‬نا حكم‬
‫فالقوؿ قوؿ اتحمدثٌن وال صلة ‪ٟ‬نا باألصوؿ وإف حاوؿ األصوليوف استثمارىا يف الرتجيح ‪.‬‬
‫‪ -‬خصوصيات األصوليٌن ‪:‬‬
‫ليس معناه أف ُٔنرج من علوـ ا‪ٜ‬نديث وإ‪٧‬نا ا‪ٞ‬نراد أف علم األصوؿ ىو علمها األـ بل كاف‬
‫ا‪ٞ‬نفرتض أف يستمع اتحمدثوف إىل قوؿ األصوليٌن فيها وإ ْف واقع األصوليٌن وكتب األصوؿ ال‬
‫يشجع على ىذه ا‪ٝ‬نطوة !‬
‫وىي ‪:‬‬
‫* االحتجاج با‪ٜ‬نديث الضعيف‬
‫* العمل بالضعيف‬
‫* حجيةخرب الواحد ومفاده وحكم العمل بو‪،‬وليس معناه صواب قوؿ األصوليٌن ا‪ٞ‬نشهور‬
‫عندىم بل بياف ‪٠‬ناؿ ُنث ا‪ٞ‬نسالة فهي أصولية ‪.‬‬

‫وهللا أعلم‬
‫ا‪ٜ‬نلقة التاسعة‬
‫الوجو الببلغي لدالالت األلفاظ األصولية‬
‫ٕنهيد ‪:‬‬
‫علما أف يأخذه من كتبو وأف من يريد بلوغ االجتهاد عليو ٓنصيل العلوـ من‬
‫األصل فيمن يريد ً‬
‫كتبها ووفق نظامها ‪.‬‬
‫مهاـ األصوليٌن بياف العلوـ ال ي على اجملتهد ٓنصيلها ال أ ْف تُلخص العلوـ وتوضع‬
‫ومن ّ‬
‫خبلصاهتا يف كتب األصوؿ‬
‫والعمل األساسي لعلم األصوؿ ىو تكوين األصويل وبياف سبيل االجتهاد وليس تكوين اجملتهد‬
‫‪٠‬نتهدا ‪.‬‬
‫أي أف دراسة علم األصوؿ وقراءة كتبو تنتج أصوليًا يعرؼ سبيل االجتهاد ال ً‬
‫وعلم الببلغة من العلوـ ا‪ٞ‬نهمة للناظر يف النصوص الشرعية ولكن ما طبيعة عبلقتو بعلم‬
‫األصوؿ ؟ وكيف حضور ا‪ٞ‬نباحث الببلغية يف علم األصوؿ ومدوناتو ؟‬
‫مباحث الببلغة يف علم األصوؿ‬
‫‪٬‬نكن تصنيف صلة الببلغة بعلم األصوؿ من حيث واقع كتب األصوؿ إىل نوعٌن ‪:‬‬
‫األوؿ ‪ /‬ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نشرتكة ‪:‬‬
‫موضوعات ببلغية أُخذت من كتب الببلغة كما ىي ّنبناىا ومصطلحاهتا وأصبحت‬ ‫ٌ‬ ‫وىي‬
‫داخل علم األصوؿ وكتبو‬
‫وسبب أخذىا ىو حاجة علم األصوؿ إليها وأ‪٨‬نيتها يف تكوين األصويل وبالتايل صارت‬
‫مشرتكة بينهما إذ ‪٩‬ندىا طالب العلم مذكورة وبعنواهنا نفسو يف كبل العلمٌن ‪.‬‬
‫وىي قسماف ‪:‬‬
‫‪ /2‬ما أصبح من علم األصوؿ ألنو مهم لؤلصويل يف تكوينو كأصويل ويتعلق بوظيفتو‬
‫فبعض مباحث الببلغة باتت من صميم األصوؿ وأ‪٨‬نها ا‪ٜ‬نقيقة واجملاز وما لو صلة هبما ‪.‬‬
‫‪ /1‬استطراد ‪٬‬نكن االستغناء عنو‬
‫ومن أمثلتو أف األصوليٌن عند حاجتهم إىل بياف مسألة "ىل الكناية والتعريض حقيقة أو ‪٠‬ناز"‬
‫استطرد بعضهم إىل تلخيص ىذا ا‪ٞ‬نبحث الببلغي بتمامو من تصريح وكناية وتعريض والفرؽ‬
‫بينها وأمثلتها‪،‬والواجب االكتفاء ّنسألة ىل ‪٨‬نا حقيقة أو ‪٠‬ناز فقط ‪.‬‬
‫وىذا النوع وإ ْف أُطلق عليو "ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نشرتكة" بٌن العلمٌن ّإال أنو يف ا‪ٜ‬نقيقة ُنث ببلغي‬
‫استثمره األصوليوف ‪.‬‬
‫وىنا سؤاؿ ‪:‬‬
‫مب أف ىذا النوع صار مشرتًكا‪،‬فإذا أراد صاحب أحد العلمٌن أ ْف ينظر يف ُنث اآلخر لتلك‬
‫ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نشرتكة فأيّهما سيستفيد أكثر ؟‬
‫الظاىر أف الفائدة من حيث الواقع العملي متجهة أكثر إىل الببلغيٌن فهم األكثر استفادة‬
‫ألهنم وجدوا يف جهود األصوليٌن ُنثًا وٓنقي ًقا‪،‬واستفادةُ األصوليٌن بعد أخذىم لتلك ا‪ٞ‬نسائل‬
‫صارت أقل‬
‫بل إف األصوليٌن أثّروا على البحث الببلغي يف تلك األبواب و‪ٟ‬نذا فعودة األصويل إىل كتب‬
‫كثًنا ّإال يف كتب الببلغة ا‪ٞ‬نتقدمة‪،‬و‪٬‬نكن القوؿ إ ّف علم‬
‫الببلغة يف تلك ا‪ٞ‬نباحث رّنا ال تفيده ً‬
‫الببلغة بات ُناجة إىل التخفف من الن َفس األصويل فيو وىذه إحدى ا‪ٞ‬نهاـ ا‪ٞ‬نرجوة من‬
‫الببلغيٌن ا‪ٞ‬نعاصرين ‪.‬‬
‫أخًنا يف ىذا النوع وىو ا‪ٞ‬نهم ‪:‬‬
‫و ً‬
‫البد أ ْف تكوف مطالعة ُنث الببلغيٌن ‪ٟ‬نذا النوع ألجل أ ْف تضيف إىل علم األصوؿ فائدة أو‬
‫ٓنقي ًقا وليس لتحصيل فنوف الببلغة‪،‬وتوجد مسائل قابلة لذلك ‪:‬‬
‫كمسألة ما األصل يف اؿ التعريف ا‪ٛ‬ننس واالستغراؽ أـ العهد ؟‬
‫ومسألة أيهما أقوى عموـ ا‪ٞ‬نفرد أـ عموـ ا‪ٛ‬نمع ؟ ‪.‬‬
‫النوع الثاين ‪ /‬ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نتحدة ‪:‬‬
‫وجها ببلغيًا‬
‫ا‪ٞ‬نقصود هبذا النوع أ ْف تكوف ا‪ٞ‬نسألة واحدة يف أساسها و‪ٟ‬نا صلة بالعلمٌن فتأخذ ً‬
‫ووجها أصوليًا بلقب آخر ‪٢‬نتلف‪،‬فهما وجهاف ‪ٞ‬نبحث واحد ‪.‬‬
‫معٌن يف علم الببلغة ً‬ ‫بلقب ّ‬
‫وحقيقتو اتفاؽ ا‪ٞ‬نبىن واختبلؼ الوجو أو وجهاف ‪ٞ‬نبحث واحد‪،‬باختصار ا‪ٛ‬نسم واحد ولكن‬
‫االسم ‪٢‬نتلف ‪.‬‬
‫ىل يوجد ىذا النوع ؟ وما أمثلتو ؟‬
‫ىنا بيت القصيد ولب ا‪ٞ‬نقالة‬
‫والغرض إثارة ا‪ٞ‬نوضوع واستحثاث طلبة العلم للتفكًن والبحث فيو ‪.‬‬
‫الوجو الببلغي لدالالت األلفاظ‬
‫‪٬‬نكن القوؿ إف بعض مباحث دالالت األلفاظ األصولية ىي بعينها مباحث ببلغية‬
‫فمبنا‪٨‬نا واحد مع اختبلؼ اللقب وطرؽ االستثمار‪،‬وإ‪٧‬نا كاف يف باب دالالت األلفاظ خاصة‬
‫ألنو ىو ‪٠‬ناؿ علم الببلغة ‪.‬‬
‫ولكن ىل الببلغة أسبق ؟ أي ىل الببلغيوف كانوا أسبق من األصوليٌن يف تفعيل ىذه ا‪ٞ‬نعاين‬
‫وا‪ٞ‬نباين "ا‪ٞ‬نسائل" ؟‬
‫‪٢‬نتصا باأللفاظ ومعانيها وللببلغيٌن جهود‬
‫دائما وال بالضرورة ولكن ‪ٞ‬نا كاف علم الببلغة ً‬
‫ليس ً‬
‫ووضوحا فيها وبالتايل تسهل مقارنتها‬
‫ً‬ ‫ظهورا‬
‫كبًنة كاف االفرتاض أ ْف تكوف تلك ا‪ٞ‬نسائل أكثر ً‬
‫ّنا عند األصوليٌن‬
‫لذا كاف التعبًن ب"الوجو الببلغي ‪ "...‬وليس "الوجو األصويل ‪ٞ‬نباحث الببلغة" ‪.‬‬
‫ط من ا‪ٞ‬نقارنة ‪٩‬نب إثراؤه ‪:‬‬
‫وىذا ‪٧‬ن ٌ‬
‫ومباف رّنا تكوف يف حقيقتها واحدة فبل يظن‬‫معاف ٍ‬ ‫* لتتضح حقائق العلوـ ودوراهنا على ٍ‬
‫الدارس تغاير وتباعد مسائل العلوـ على الدواـ وأهنا يف كل علم شيئ جديد ‪٢‬نتلف طا‪ٞ‬نا أهنا‬
‫شكبل ‪٢‬نتل ًفا أو استثمرت ووظّفت بطريقة أخرى ‪.‬‬
‫أخذت ا‪ٚ‬نًا أو ً‬
‫تقوي الدارس علميًا وْنعلو أكثر أخ ًذا بزماـ العلوـ وتثبت أف الفواصل بٌن العلوـ‬
‫* كما أهنا ّ‬
‫ليست بذاؾ االرتفاع ‪.‬‬
‫* وتعطي ملكة الربط حىت بٌن العلوـ ا‪ٞ‬نختلفة وليس يف العلم الواحد فقط أو يف العلوـ‬
‫ا‪ٞ‬نتقاربة ‪.‬‬
‫* كما أهنا مثاؿ رائع على استثمار ا‪ٞ‬نعىن العلمي بأكثر من وجو ويف أكثر من علم وأف ا‪ٞ‬نسألة‬
‫الواحدة من ا‪ٞ‬نمكن أ ْف تأخذ أكثر من وجو مىت نُظمت يف سلك معريف جديد أو وضعت يف‬
‫حقل معريف آخر‪،‬فتبذؿ ا‪ٞ‬نسألة حينها أقصى معانيها ‪.‬‬
‫وإذا كاف يف العلم الواحد يقع شٍن من ذلك ‪-‬مع قلتو‪ -‬فكيف بٌن العلمٌن ا‪ٞ‬نختلفٌن ؟‬
‫يقوؿ الغزايل يف ا‪ٞ‬نستصفى "ويشبو أف يكوف كل تأويل صرفًا للفظ من ا‪ٜ‬نقيقة إىل اجملاز" مع‬
‫أهنما يف نفس ا‪ٜ‬نقل ا‪ٞ‬نعريف‪،‬وعليو فباب التأويل ىذه حقيقتو و‪٬‬نكن تعريفو ب"صرؼ اللفظ‬
‫من ا‪ٜ‬نقيقة إىل اجملاز" ‪.‬‬
‫ونص كثًنٌ من األصوليٌن كابن ا‪ٜ‬ناجب واألمٌن الشنقيطي على أف ا‪ٞ‬نناسب ا‪ٞ‬نرسل ىو نفسو‬
‫ا‪ٞ‬نصلحة ا‪ٞ‬نرسلة‪،‬ا‪ٜ‬نقيقة واحدة ولكن لو اسم يف أقساـ الوصف ا‪ٞ‬نناسب واسم آخر يف باب‬
‫األدلة ‪.‬‬
‫وحىت يسهل فهم ىذه العملية العلمية والدور الذي يؤديو الباحث فيها ‪٬‬نكن تسميتها ىنا‬
‫ب"التكييف الببلغي لدالالت األلفاظ"‬
‫ومعناه أف دور الباحث ىو االنطبلؽ من دالالت األلفاظ األصولية مث االْناه إىل الببلغة‬
‫ليكشف ا‪ٞ‬نسائل الببلغية ا‪ٞ‬نتفقة ا‪ٞ‬نبىن مع ا‪ٞ‬نسائل األصولية‬
‫وىذا الدور ال يقوـ بو إال أصويلٌّ اْنو إىل الببلغة وليس ببلغي اْنو إىل األصوؿ‪،‬فعقلية الببلغي‬
‫ستجعلو يضيف إىل الببلغة أكثر يف عملية ا‪ٞ‬نقارنة والتكييف‬
‫إذف فيكوف العمل ألصويل ‪٩‬نعل الببلغة ٔنصصو الثاين ‪.‬‬
‫وىنا ‪١‬ناولة لتحريك الفكرة وضرب بعض األمثلة مع تنبيهات ‪ٞ‬نن يريد دراستها مع أهنا تبدو‬
‫جدا من حيث صناعتها ‪.‬‬ ‫جدا من حيث نتائجها ولكنّها ٖنينة ً‬ ‫قليلة ً‬
‫‪ -‬أنواع ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نتحدة ‪:‬‬
‫القصد من ‪١‬ناولة تقسيمها أ ْف يتيقظ الناظر أثناء التكييف "أين ‪٬‬نكن أف توجد ا‪ٞ‬نسألة ا‪ٞ‬نرادة‬
‫يف مباحث الببلغة" لئبل تغيب عنو‬
‫* فنوعٌ منها مسألة أو مبحث مستقل‪،‬وىذا ىو ا‪ٞ‬نتبادر‬
‫* ونوع آخر يدخل ضمن ا‪ٞ‬نسألة الببلغية ّإما حالة أو صورة منها‬
‫أدؽ فبل تفوتو ا‪ٞ‬نسألة حٌن‬
‫والباحث عليو االنتباه لكبل النوعٌن خاصة الثاين حىت يكوف نظره ّ‬
‫ا‪ٞ‬نقارنة ‪.‬‬
‫مثاؿ ‪:‬‬
‫داللة االقتضاء عند األصوليٌن تدخل يف اإل‪٩‬ناز با‪ٜ‬نذؼ من علم ا‪ٞ‬نعاين وىو باب واسع‬
‫فًناجع األصويل الصورة ال ي تطابق حذؼ االقتضاء مث ‪٪‬ناوؿ أ ْف يستفيد من الببلغيٌن فيما‬
‫يتعلق بداللة االقتضاء من مسائل مثل مسألة عموـ ا‪ٞ‬نقتضى ىل يعم أـ ال ‪.‬‬
‫مثاؿ آخر ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نشرتؾ وا‪ٛ‬نناس التاـ‪،‬وأل‪٨‬نيتو نقف معو ‪:‬‬
‫اتحمسنات اللفظية‪،‬وىو نوعاف‬
‫ا‪ٛ‬نناس التاـ من ّ‬
‫* ا‪ٞ‬نتماثل أي متماثل با‪ٚ‬نٌن أو فعلٌن‬
‫فعبل من ا‪ٜ‬نياة‬
‫* ا‪ٞ‬نستوىف أي بٌن نوعٌن كاسم وفعل مثل "‪٪‬نٍن" يأيت علَ ًما ويأيت ً‬
‫ومن ا‪ٞ‬نعلوـ أف اللفظ ا‪ٞ‬نشرتؾ حىت يكوف مشرتًكا يكفي أف يُطلق اللفظ على أكثر من معىن‬
‫تاما ّإال إذا تكرر اللفظاف يف‬
‫جناسا ً‬
‫فيحصل االشرتاؾ اللفظي‪،‬لكن ا‪ٛ‬نناس التاـ ال يكوف ً‬
‫نفس النص ليقع بينهما ا‪ٛ‬نناس‬
‫جناس تاـ دوف وجود ا‪ٞ‬نشرتؾ أي بغًن لفظٌن بينهما عبلقة اشرتاؾ ؟‬ ‫وىل ‪٬‬نكن أف يكوف ٌ‬
‫ال ‪٬‬نكن يف ا‪ٛ‬نناس التاـ ا‪ٞ‬نتماثل خاصة ألف ا‪ٞ‬نستوىف ليس من باب ا‪ٞ‬نشرتؾ‬
‫واأللفاظ ا‪ٞ‬نشرتكة يصدؽ عليها االشرتاؾ ولو مل ‪٪‬نصل بينها ا‪ٛ‬نناس التاـ ا‪ٞ‬نتماثل‪،‬فبٌن ا‪ٛ‬نناس‬
‫التاـ وا‪ٞ‬نشرتؾ عموـ وخصوص وجهي ‪.‬‬
‫* والتضاد يف اللغة نوع من ا‪ٞ‬نشرتؾ ‪:‬‬
‫كالظن لليقٌن والشك والقرء للطهر وا‪ٜ‬نيض‬ ‫ّ‬ ‫فمن ا‪ٞ‬نشرتؾ ما يكوف اللفظاف فيو متضادين‬
‫ومن ا‪ٞ‬نشرتؾ ما ليس بينهما عبلقة تضاد وىو الغالب‬
‫وبالتايل ‪٬‬نكن وقوع ا‪ٛ‬نناس التاـ يف ا‪ٞ‬نتضادين ‪.‬‬
‫ومن ا‪ٞ‬نهم عدـ ا‪ٝ‬نلط بٌن مبحث األضداد ىذا ومبحث الطباؽ يف اتحمسنات ا‪ٞ‬نعنوية ‪.‬‬
‫وا‪ٝ‬نبلصة أف ا‪ٛ‬نناس التاـ ا‪ٞ‬نتماثل لفظاف بينهما اشرتاؾ وىو تأكيد لنظرية ا‪ٞ‬نشرتؾ ألنو‬
‫استعماؿ ‪٢‬نصوص لو ‪.‬‬
‫‪ -‬صور قابلة ‪:‬‬
‫ىنا مسائل قابلة ألف تكوف من ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نتحدة ولكن بعد الدراسة ‪:‬‬
‫* القصر عند الببلغيٌن وصلتو ّنفهوـ ا‪ٞ‬نخالفة الذي ال يأخذ بو ا‪ٜ‬ننفية وكيف يتعامل من لو‬
‫مشاركة يف الببلغة أو التفسًن من ا‪ٜ‬ننفية كالز‪٢‬نشري مع القصر وىل فيو تناقض أو اضطراب ‪.‬‬
‫* اإلشارة واإل‪٬‬ناء يف أي مباحث الببلغة تدخل ؟‬
‫وسؤاؿ آخر ‪ :‬ىل ‪٬‬نكن إضافة حالتيهما إىل الببلغة ويلحقها الببلغيوف بأقرب ما يناسبها‬
‫ويعطوف ‪ٟ‬نما ا‪ٚ‬نًا ببلغيًا ؟‬
‫كبل‪٨‬نا ‪٣‬نكن والدراسة ا‪ٞ‬نتخصصة ْنيب ‪.‬‬
‫تنبيهاف يف التكييف الببلغي‬
‫التنبيو األوؿ ‪:‬‬
‫أوال وأف ا‪ٜ‬نقيقة يف ا‪ٞ‬نسألتٌن واحدة فمىت وجد الفرؽ مل يصب‬ ‫البد من التأ ّكد من اتفاؽ ا‪ٞ‬نبىن ً‬
‫التكييف ‪.‬‬
‫مثاؿ ‪:‬‬
‫ىل داللة اإلشارة عند األصوليٌن من الكناية يف الببلغة كما ذكر ذلك بعض ا‪ٞ‬نعاصرين ؟‬
‫داللة اإلشارة ىي داللة اللفظ على معىن الزـ غًن مقصود‬
‫والكناية ىي القوؿ ا‪ٞ‬نستعمل يف معناه ا‪ٞ‬نوضوع لو ولكن أريد بو الزـ ا‪ٞ‬نعىن كقو‪ٟ‬نم "فبلف كثًن‬
‫الرماد" كناية عن الكرـ‬
‫الح ْظ أف الكناية يراد ويقصد هبا ا‪ٞ‬نعىن البلزـ وبالتايل كاف التكييف غًن صحيح‪،‬وكاف األقرب‬
‫إىل االحتماؿ أ ْف تكوف ا‪ٞ‬نقارنة بٌن الكناية وداللة اإل‪٬‬ناء ألهنا داللة اللفظ على معىن الزـ‬
‫مقصود لكن مل تقع ا‪ٞ‬نقارنة بينهما ٍ‬
‫لسبب ليس ىذا ‪١‬نلو‬
‫مقصود بنفس اللفظ‬
‫ٌ‬ ‫بل حىت اإل‪٬‬ناء ليس كنايةً ببلغية فيما يظهر ألف الكناية ا‪ٞ‬نعىن البلزـ فيها‬
‫وقائلو يقصد بو ا‪ٞ‬نعىن ا‪ٞ‬نكين و ّأما اإل‪٬‬ناء فلدينا معنياف معىن اللفظ وا‪ٞ‬نعىن البلزـ الذي صار‬
‫مقصودا بداللة السياؽ وقرائن قصد ا‪ٞ‬نتكلم وليس بنفس اللفظ ‪.‬‬ ‫ً‬
‫التنبيو الثاين ‪:‬‬
‫اتفاؽ ا‪ٞ‬نصطلحات أو حىت عنواف ا‪ٞ‬نسألة يف العِلمٌن ال يعين أهنا من‬
‫ا‪ٞ‬نبىن ىو أساس العملية و ُ‬
‫ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نتحدة‬
‫فإذا وجدت مسألة ‪ٟ‬نا نفس العنواف يف العلمٌن فقد ال تكوف متحدة من حيث ا‪ٜ‬نقيقة وعليو‬
‫فبلبد من التأكد من كوهنا ىي نفسها من حيث ا‪ٜ‬نقيقة دوف االكتفاء بظواىر األلقاب ‪.‬‬
‫مثاؿ ‪:‬‬
‫يف ببلغة اإلطناب ما يعرؼ ب عطف ا‪ٝ‬ناص على العاـ) قاؿ السيوطي فيو "ا‪ٞ‬نراد با‪ٝ‬ناص‬
‫شامبل للثاين ال ا‪ٞ‬نصطلح عليو يف األصوؿ" ومراده بياف اختبلؼ صورة‬
‫والعاـ ىنا ما كاف األوؿ ً‬
‫ا‪ٞ‬نسألتٌن ال اختبلؼ مصطلح العموـ وا‪ٝ‬نصوص يف العلمٌن ‪.‬‬
‫حكم ويكوف متعل ًقا بلفظ عاـ ويعطف‬ ‫فصورة ا‪ٞ‬نسألة األصولية ال ي ‪ٟ‬نا ىذا العنواف أف يَرد ٌ‬
‫عليو يف النص ذاتو نفس ا‪ٜ‬نكم ولكن على متعلق آخر ىو خاص بالنسبة إىل اللفظ األوؿ يف‬
‫صا للفظ األوؿ ؟‬‫‪٢‬نص ً‬
‫ا‪ٜ‬نكم ا‪ٞ‬نعطوؼ عليو ) فهل يكوف اللفظ يف ا‪ٜ‬نكم الثاين ّ‬
‫رجبل وال امرأةً كهلة‬
‫مثا‪ٟ‬نا التقرييب ‪ :‬ال تضرب ً‬
‫فهل يقاؿ ا‪ٞ‬نراد بالرجل ىو الرجل الكهل ؟‬
‫ىذا ا‪ٞ‬نثاؿ ذكره النقشواين ونقلو عنو القرايف والزركشي‪،‬وا‪ٞ‬نثاؿ فيو تردد من حيث احتماؿ كونو‬
‫من ا‪ٞ‬نطلق وا‪ٞ‬نقيد ‪.‬‬
‫ّأما مثا‪ٟ‬نا األصويل الفقهي ‪-‬ا‪ٞ‬نتكرر يف الكتب كما قاؿ النقشواين فيما نقلو القرايف يف العقد‬
‫ا‪ٞ‬ننظوـ‪ -‬حديث " ال يقتل مسلم بكافر وال ذو عهد يف عهده"‬
‫فهنا مسألتاف يف نص واحد األوؿ عاـ يف كل كافر والثاين خاص با‪ٞ‬نعاىد‪،‬فهل ا‪ٞ‬نراد بالكافر يف‬
‫ا‪ٞ‬نعطوؼ عليو كل كافر أـ ا‪ٜ‬نريب فقط ؟‬
‫خبلؼ طويل بٌن ا‪ٛ‬نمهور وا‪ٜ‬ننفية ليس سببو األوؿ العموـ وا‪ٝ‬نصوص يف ا‪ٜ‬نقيقة‪،‬و‪ٟ‬نذا وقع‬
‫اختبلؼ بٌن األصوليٌن يف الرتٗنة ‪ٟ‬نذه ا‪ٞ‬نسألة ْندىا يف البحر اتحميط والتحبًن ورفع ا‪ٜ‬ناجب‬
‫وليس ا‪ٞ‬نقصود الوقوؼ مع ىذه ا‪ٞ‬نسألة بل الغرض بياف أهنا ليست تلك ا‪ٞ‬نسألة الببلغية مع أف‬
‫العنواف مشرتؾ بينهما كما يف كثًن من كتب األصوؿ ‪.‬‬
‫وينبو إىل أف ىذه ا‪ٞ‬نسألة األصولية بعنواهنا "عطف العاـ على ا‪ٝ‬ناص" ‪٢‬نتلفة عن مسألة أصولية‬
‫أيضا "ذكر بعض أفراد العاـ ُنكم يوافقو ىل‬ ‫أخرى ىي "ٔنصيص العاـ بذكر بعضو" وتسمى ً‬
‫‪٫‬نصصو؟"‬
‫وا‪ٝ‬نبلؼ يف األوىل بٌن ا‪ٛ‬نمهور وا‪ٜ‬ننفية كما سبق ويف الثانية ا‪ٝ‬نبلؼ بٌن ا‪ٛ‬نمهور ‪-‬ومنهم‬
‫ا‪ٜ‬ننفية‪ -‬مع أيب ثور‬
‫أيضا مع ا‪ٞ‬نسألة الببلغية "عطف العاـ على ا‪ٝ‬ناص" ألهنا‬
‫كما أف ىذه ا‪ٞ‬نسألة الثانية ال تتطابق ً‬
‫يف صورهتا األصولية قد يأيت العاـ يف نص وا‪ٝ‬ناص يف نص آخر وأكثر أمثلتها األصولية كذلك‬
‫مثل "أّ‪٬‬نا إىاب دبغ فقد طهر" مع حديث جلد ميتة الشاة "دباغو طهوره" ‪.‬‬
‫واآلف أين مبىن ىذه ا‪ٞ‬نسألة الببلغية يف كتب األصوؿ ؟ أين صورهتا ؟‬
‫َمن ذكر من األصوليٌن عٌن ا‪ٞ‬نسألة الببلغية السابقة كمسألة أصولية ذكرىا بقيودىا كاملة كما‬
‫فعل الزركشي يف البحر اتحميط حٌن قاؿ عنها "إذا ذكر العاـ وعطف عليو بعض أفراده ‪٣‬نا حق‬
‫العموـ أ ْف يتناولو كقولو تعاىل حافظوا على الصلوات والصبلة الوسطى)" والحظ تقييده‬
‫ب"‪٣‬نا حق العموـ أف يتناولو" فا‪ٞ‬نعطوؼ بتمامو يدخل يف عموـ ا‪ٞ‬نعطوؼ عليو‬
‫وىي ّإما مسألة أصولية مستقلة من مسائل ٔنصيص العموـ كما ىو ظاىر فعل الزركشي يف‬
‫ِ‬
‫مسألة ذكر بعض أفراد العاـ كما ىو فعل ا‪ٞ‬نرداوي يف التحبًن ‪.‬‬ ‫البحر أو ىي نوعٌ من‬
‫وال يفوت التذكًن بأف ىذا النص للسيوطي الذي أفادنا بدقة يف ىذه ا‪ٞ‬نقارنة كاف من كتابو‬
‫اإلتقاف وىو يف علوـ القرآف واستفدنا منو يف التمييز بٌن مبحث أصويل وببلغي ‪.‬‬

‫ا‪ٝ‬نإنة‬
‫ما الذي يريده علم األصوؿ من الببلغة ؟ ما سبل االستفادة من علم الببلغة يف األصوؿ ؟‬
‫كيف تتطور العبلقة بٌن العلمٌن ؟‬
‫أفكار ومقرتحات ‪:‬‬
‫أُناث أصولية إىل كتب الببلغة إلثراء الدالالت يف وظيفتيها التفسًن واالستنباط‬
‫‪ -‬أ ْف تتجو ٌ‬
‫مع االنتباه لقضية احتماؿ وجود نفس ا‪ٞ‬نبىن ولكن باسم ‪٢‬نتلف لئبل يقع الغلط يف إضافة ما‬
‫ىو موجود‪،‬وىذا مقصود ىذه ا‪ٜ‬نلقة ‪.‬‬
‫اسات ا‪ٝ‬ناصة فيهما شحيحة وعلى من‬ ‫‪ -‬القرائن والسياؽ ‪ٟ‬نا حضور قوي يف األصوؿ‪،‬والدر ُ‬
‫يدرسها استثمار الببلغة لتعزيز جهود األصوليٌن يف استخبلص مسائل داللة السياؽ والقرائن‬
‫وتنظيمها وحىت جعلها على مراتب ‪.‬‬
‫‪ -‬دراسات ببلغية على آيات األحكاـ من حيث أثر الببلغة يف استنباط األحكاـ منها وليس‬
‫بتطبيق فنوف الببلغة عليها كما ىو ا‪ٞ‬نعتاد يف ُنوث الببلغة القرآنية ‪.‬‬
‫‪ -‬بياف ىل أثر الببلغة يف تفسًن النص أىم وأكثر من أثرىا يف طرؽ داللتو على ا‪ٜ‬نكم‬
‫واالستنباط ؟ نتيجة ٓنتاج إىل دراسة ‪.‬‬
‫‪ -‬دور الببلغة يف ٓنرير أو تقوية أحد األقواؿ يف ا‪ٞ‬نسائل األصولية‪،‬مثل ‪:‬‬
‫حاالت ٘نل ا‪ٞ‬نطلق على ا‪ٞ‬نقيد ‪ ،‬العربة بعموـ اللفظ ال ِنصوص السبب ‪ ،‬االستثناء الوارد‬
‫على ٗنل متعاطفات ‪.‬‬
‫‪ -‬إدخاؿ قواعد ببلغية يف مبحث الرتجيح‬
‫‪ -‬داللة ا‪ٜ‬ناؿ وا‪ٞ‬نقاـ حاضرة يف الببلغة قليلة ا‪ٜ‬نضور يف األصوؿ وٓنتاج إىل استثمار خاصة‬
‫يف فهم السنة النبوية ‪.‬‬
‫وهللا أعلم‬
‫ا‪ٜ‬نلقة العاشرة‬
‫ورجاؿ القانوف‬
‫ُ‬ ‫آؿ األصوؿ‬
‫ُ‬

‫مدخل ‪:‬‬
‫إذا أردنا اختصار الدور الوظيفي وا‪ٞ‬نهمة الكلية لعلم األصوؿ ‪ٛ‬نعلناىا يف عملٌن أساسيٌن ‪:‬‬
‫األوؿ ‪ -‬منهج البحث يف النصوص الشرعية ‪:‬‬
‫أي األسس ا‪ٞ‬ننهجية للنظر يف النصوص من حيث الفهم واالستنباط والتوفيق بينها‬
‫كل نظ ٍر يف النص ‪ٝ‬ندمة علم من‬ ‫خاصا بعلم الفقو بل ىو منهاج ّ‬ ‫وىو يف ىذا الدور ليس ً‬
‫العلوـ كالعقيدة والفقو والتفسًن واللغة ‪.‬‬
‫كتب أصولية أرادىا مؤلفوىا مقدمةً منهجية يسًنوف‬ ‫وٓنقي ًقا ‪ٟ‬نذا الوظيفة األصولية ُوضعت ٌ‬
‫عليها يف تفاسًنىم كما فعل أبوبكر ا‪ٛ‬نصاص الرازي يف كتابو الفصوؿ ‪-‬الح ْظ أنو كتاب‬
‫رئيسي يف علم األصوؿ ومن مصادره األوىل وىذا سبب تأليفو‪ -‬وكاف ‪٪‬نيل إليو يف تفسًنه‬
‫وق ّدـ الشنقيطي لتفسًنه ّنقدمة ‪٢‬نتصرة يف اإلٗناؿ والبياف وأنواعو وأىم مسائلو ىي كا‪ٞ‬ننهج‬
‫أساس الستيعاب قارئ الكتاب ‪.‬‬
‫العلمي فيو إلدراكو أهنا ٌ‬
‫وىذه التفاسًن وإ ْف كانت متعلقة باألحكاـ ّإال أف العمل فيها متجوٌ إىل النص الشرعي مباشرة‬
‫بيانًا ‪ٞ‬نعناه واستنباطًا منو‪،‬ىذا من وجو‬
‫ومن وجو آخر فإف كتب علوـ القرآف وأصوؿ التفسًن وقواعده مليئة بقواعد أصوؿ الفقو‬
‫ومسائلو خاصة مباحث دالالت األلفاظ‪،‬وىذه العلوـ ىي ال ي تؤىل إىل النظر يف كتاب هللا‬
‫تفسًنا واستنباطًا ‪.‬‬
‫ً‬
‫الثاين ‪ -‬نظاـ الفقو وقانونو ‪:‬‬
‫مسائل الفقو بسبب ارتباطو بأفعاؿ ا‪ٞ‬نكلفٌن ال ُٓند ُند‪،‬و‪ٞ‬نن يريد النظر فيها وا‪ٜ‬نكم عليها‬
‫البد لو من نظاـ عاـ تندرج ٓنتو تلك التصرفات وطرؽ التعامل‬
‫وىذا النظاـ منو ما ىو أصلي على كل ناظر أف يسًن وفقو وٓنتو‪،‬ومنو ما ىو قابل الختبلؼ‬
‫النظر وإف كاف ىو يف نفسو لو صفة الكلية "منهجي"‬
‫تبعا ألصو‪ٟ‬نا ا‪ٞ‬ننهجية ا‪ٞ‬نختصة بفقو الفروع ‪.‬‬
‫وهبذا اختلفت مدارس الفقو ً‬
‫وينبو ىنا إىل أف علم األصوؿ يف أوؿ تكوينو على يد اإلماـ الشافعي كاف الغرض منو أف‬
‫يكوف ميزانًا بٌن تلك ا‪ٞ‬ننهجيات لكنو ٓنوؿ فيما بعد إىل موثّق لكل منهجية ‪-‬وىذا عملي‬
‫إ‪٩‬نايب ببل شك‪ -‬مث إىل تب ٍع للمدارس الفقهية ‪-‬وىذا دور سليب‪ -‬باإلضافة إىل ‪١‬ناولة صبغو‬
‫با‪ٞ‬ندارس الكبلمية وىي مشكلة عميقة عريضة ‪.‬‬
‫وىنا سؤاؿ نرتكو دوف إجابة "ىل ‪٬‬نكن أف يعاد إىل علم األصوؿ دوره األوؿ الذي أراده‬
‫اإلماـ الشافعى ؟"‬
‫عودا إىل الفكرة ‪:‬‬
‫ً‬
‫نظاما للكتاب‬
‫وإعماال ‪ٟ‬نذه الوظيفة لعلم األصوؿ وضعت كتب أصولية كاف غرضها أف تكوف ً‬ ‫ً‬
‫الفقهي ومنها كتاب األصوؿ للشمس السرخسي الذي وضعو بعد تأليفو لكتابو الكبًن‬
‫أساسا منهجيًا لو‪،‬وكذلك ق ّدـ أبو الوليد بن رشد كتابو بداية اجملتهد ِنبلصة‬
‫ا‪ٞ‬نبسوط ليكوف ً‬
‫أصولية‪،‬وعندما ترى موسوعة ضخمة كا‪ٞ‬نغين البن قدامة يكفي لكي تعرؼ النظاـ العاـ الذي‬
‫بحث ا‪ٞ‬نسائل ِوفْقو وتوزف ا‪ٝ‬نبلفات بو أف ترجع إىل ‪٠‬نلد واحد ىو روضة الناظر ‪.‬‬ ‫تُ َ‬
‫وىذه ا‪ٜ‬نلقة ستكوف عن الوظيفة الثانية لعلم األصوؿ بأف ننظر إليو من ىذه الزاوية وىي‬
‫كونو نظاـ الفقو وقانوف الشريعة مع مقارنة إٗنالية بينو وعلم القانوف ا‪ٜ‬نديث‪،‬وىو ‪٠‬ناؿ‬
‫يستحق الكتابة والتخصص فيو ‪.‬‬
‫وال يفوت التنبيو على أف ا‪ٞ‬نقارنة ىنا ليست بٌن الشريعة والقانوف بل بٌن عمل األصوليٌن‬
‫والقانونيٌن يف التنظًن ‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬ا‪ٞ‬نقابلة للمقارنة‬
‫ً‬
‫قبل ا‪ٞ‬نقارنة أو فلنقل إمكاف طرح فكرة ا‪ٞ‬نقارنة علينا أف نعرؼ مربر ا‪ٞ‬نقارنة وجهتها‬
‫فالعلوـ الشرعية ال ي توازي القانوف ‪٨‬نا الفقو وأصوؿ الفقو‬
‫وا‪ٞ‬نقارنة بٌن الفقو وجهود الفقهاء بالقانوف موجودة مطروحة‪،‬وىنا سيغلب عليها التفاصيل‬
‫وا‪ٛ‬نزئيات وىذا طبيعي‬
‫ولكن للقانوف وجو آخر وىو الوجو اإلٗنايل الكلي الذي تسًن عليو ا‪ٞ‬نواد القانونية ويتعامل‬
‫معها على أسسو‪،‬وما يقابل ىذا الوجو من علوـ القانوف ويشتمل على نظاـ التشريع يف‬
‫اإلسبلـ ىو علم االصوؿ ‪.‬‬
‫فمن‬
‫شبها بعلم القانوف وىو األيسر يف عملية ا‪ٞ‬نقارنة‪َ ،‬‬
‫ومنهج ا‪ٜ‬ننفية يف األصوؿ ىو األقرب ً‬
‫يريد العمل على بياف الصبلت بٌن األصوؿ والقانوف فبلبد لو من حظ وافر من االطبلع على‬
‫منهجهم األصويل والفقهي ‪.‬‬
‫‪ -‬مواضع ا‪ٞ‬نقارنة من القانوف ‪:‬‬
‫‪٬‬نكن تلخيص ا‪ٞ‬نباحث ال ي ‪٬‬نكن إجراء عملية ا‪ٞ‬نقارنة عليها إىل مبحثٌن رئيسيٌن ‪:‬‬
‫‪ -2‬أصوؿ القانوف وا‪ٞ‬نداخل القانونية‬
‫‪ -1‬القانوف ا‪ٞ‬ندين‪،‬وفيو ْند ا‪ٞ‬نباحث ِ‬
‫ا‪ٞ‬نناظرة لؤلصوؿ وأ‪٨‬نها ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نشرع‬
‫ومن ّ‬ ‫* مصادر التشريع َ‬
‫* تفسًن النصوص القانونية‬
‫* األىلية والتكليف‬
‫فًند يف القانوف ما يرد يف أصوؿ الفقو من ‪:‬‬
‫* األدلة من حيث تعيينها ومراتبها‬
‫* النصوص "وىي ىنا نصوص القانوف ومواده" وكيفية تفسًنىا ودفع التعارض بينها‬
‫* القواعد الفقهية "توجد قواعد قانونية كلية"‬
‫وىل مقاصد الشريعة تقابل روح القانوف ؟ ستأيت ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ -‬أصوؿ الفقو وأصوؿ القانوف‬
‫ىل للقوانٌن أصوؿ ؟‬
‫فصلوا مباحث‬
‫ما عُرؼ عن القانونيٌن من تنظيم وطوؿ نفس يف التفصيل ‪٩‬نعلنا نتوقع أهنم َ‬
‫"أصوال للقوانٌن"‬
‫ً‬ ‫خاصة جعلوىا‬
‫بع مبلحظةَ إمكاف استخبلصها ‪-‬كما ‪٪‬نصل عادة يف العلوـ‬ ‫إ ْف مل تكن نتيجةً طبيعية تَػْت ُ‬
‫كالنحو والصرؼ والعروض والقراءات‪ -‬فعلى األقل تشبّػ ًها بأصوؿ الفقو يف علوـ اإلسبلـ‬
‫لكن ىذا مل يقع وظل كامنًا حىت حاوؿ بعض القانونيٌن ٕنييزه ّإما يف كتب ا‪ٞ‬نداخل القانونية أو‬
‫يف كتب خاصة باسم "أصوؿ القوانٌن" وىي القواعد العامة ا‪ٞ‬نشرتكة بٌن القوانٌن ا‪ٞ‬نختلفة يف‬
‫األمم والدوؿ‪،‬وىذا يشابو دور األصوؿ األوؿ مع ا‪ٞ‬نذاىب الفقهية ولكن الكتابات ا‪ٝ‬ناصة بو‬
‫شحيحة‪،‬ويف ىذا الشأف يقوؿ عبلمة القانوف د‪ /‬عبدالرزاؽ السنهوري ‪:‬‬
‫" ليس ىناؾ علم واضح ا‪ٞ‬نعامل ّبٌن ا‪ٜ‬ندود يسمى أصوؿ القانوف ولكن توجد دراسات‬
‫تبحث يف القانوف ونشأتو وتطوره وطبيعتو ومصادره وأقسامو " ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ -‬الشموؿ‬
‫من طبيعة القانوف أنو وجد لتنظيم عيش ‪٠‬نموعة من الناس وال شأف لو با‪ٜ‬نقوؽ الدينية‬
‫وعلم األصوؿ أوسع من القانوف ابتداءً ألنو يشمل العبادات وصلة العبد بربو "ا‪ٜ‬نقوؽ الدينية"‬
‫كما أنو علم منهجي يف غًن الفقو ألنو منهج النظر يف النص الشرعي كما سبق ‪.‬‬
‫كما أف القانوف قواعد اجتماعية ال تكوف ّإال يف ‪٠‬نموعة‬
‫وقواعد األصوؿ أمشل ألهنا قواعد األحكاـ كلها للفرد واجملموعات‪،‬فهي حاضرة يف كل‬
‫نص ‪٫‬ناطب الفرد يف دينو ودنياه ولو كاف ّنفرده ‪.‬‬
‫ابعا ‪ -‬اإلحكاـ‬
‫رً‬
‫وإحكاما وصناعةً جهود القانونيٌن‬
‫ً‬ ‫دالالت األلفاظ عند األصوليٌن إبداع بشري يفوؽ دقةً‬
‫يف التنظًن لتفسًن النصوص القانونية‬
‫جدا عن الواجب ا‪ٞ‬نطلوب حيث مل يتش ّكل‬ ‫متأخرا ً‬
‫بل إف مبحث تفسًن النص القانوين ال زاؿ ً‬
‫أي كتاب أصويل‬‫باب مستقل تتميز أنواعو ودرجاتو كما ىو معهود يف ّ‬ ‫بعد ٌ‬‫فيو ُ‬
‫وكتاب تفسًن النصوص للدكتور أديب الصاٌف كفيل بشرح ىذه الفقرة ‪.‬‬
‫يتفوؽ فيها األصوليوف‬
‫‪ -‬حاالت التعارض بٌن القواعد والنصوص ودفعها والرتجيح بينها ّ‬
‫ّنراحل إىل درجة ا‪ٞ‬نبالغة ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلحكاـ يف صيغ القواعد األصولية وعناوين ا‪ٞ‬نسائل وكذلك ٓنرير صور ا‪ٞ‬نسائل ومواطن‬
‫ا‪ٝ‬نبلؼ بٌن األصوليٌن‬
‫يقوؿ الدكتور يعقوب الباحسٌن يف كتابو القواعد الفقهية ‪:‬‬
‫عما ىو‬
‫" أكثر رجاؿ القانوف أعطوا وص ًفا للقاعدة القانونية ليس فيو ٕنييز ما ىو ركن ّ‬
‫شرط فيها و‪ٚ‬نوا ذلك خصائص" ‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬ا‪ٞ‬نرونة‬
‫ً‬
‫فصل أصولو عن نصوصو فبل تزاؿ يف أصوؿ القوانٌن صعوبة يف ا‪ٜ‬نركة‬ ‫ّنا أف القانوف مل تُ ْ‬
‫ألف القاعدة القانونية يف حقيقتها ليست موازية للقاعدة األصولية من حيث الكلية وليست‬
‫حىت موازيةً للقواعد الفقهية ‪-‬وال تغرؾ لفظة قاعدة فيها‪ -‬فهي يف واقعها الغالب فروعٌ فقهية‬
‫مسائل علم الفقو و ِ‬
‫كتب الفقو ومتونو مع‬ ‫ِ‬ ‫"أحكاـ جزئية فرعية ‪٠‬نردة غًن مشخصة" وىذا حاؿ‬
‫وجود بعض القواعد القانونية ال ي ‪ٟ‬نا صفة الكلية‬
‫ّأما قواعد األصوؿ فهي أكثر مرونة ألهنا أقل من حيث التفاصيل‪،‬ويؤّكد ىذا أف قواعدىا‬
‫عددا وأكثر كلية ولذلك ال ْند فيها كثرة التعديبلت سواء يف نفس ا‪ٞ‬نادة أو يف صياغتها‬‫أقل ً‬
‫مثاال على مرونة األصوليٌن ‪:‬‬‫خذ ً‬
‫مباحث ا‪ٞ‬نصلحة والعرؼ اكتفوا ببياف معناىا وشروطها وضوابطها ودرجاهتا َنمل موجزة ويف‬
‫صفحات معدودة لكنها تدخل فيها آالؼ األحكاـ والصور ال ي وقعت وال ي مل تقع باختبلؼ‬
‫الزماف وا‪ٞ‬نكاف ومع قابليتها للتقنٌن بل وإمكاف تغيًن التقنيٌن يف ضوئها وٓنت سقفها‪،‬وىذا‬
‫يتجاوز مرحلة اإلتقاف إىل اإلبداع ‪.‬‬
‫خبلصة ا‪ٞ‬نقارنة ‪:‬‬
‫* علم األصوؿ ىو ا‪ٞ‬نقابل للوجو ا‪ٞ‬ننهجي يف القانوف‬
‫* األصوؿ أوسع وظيفة‬
‫مشوال للصور واألحواؿ وا‪ٞ‬نسائل‬
‫* أكثر ً‬
‫إحكاما للقواعد ويف تدوين النصوص التنظيمية‬
‫ً‬ ‫* أكثر‬
‫اختصارا‬
‫ً‬ ‫* أدؽ يف ا‪ٟ‬نيكلة والتقسيمات وأكثر‬
‫‪٣‬نا ‪٩‬نعل السؤاؿ ا‪ٜ‬ناضر اآلف "ىل األصوؿ وجوٌ قانوين" ؟‬
‫وجها قانونيًا‪،‬ليس جملرد علو كعبو فيما يقابلو فيو علم‬
‫الواقع أف علم األصوؿ أوسع من كونو ً‬
‫القانوف فحسب بل ألمر آخر ‪:‬‬
‫وىو أنو يقوـ بدور أعلى درجة من القانوف َأال وىو الكشف عن أوجو التشريع وصفاهتا‬
‫وىذا ما مل ولن يبلغو علم القانوف ‪.‬‬
‫ولذا فاألدؽ أ ْف يقاؿ إف من وظائف علم األصوؿ بياف الوجو التشريعي للفقو أو النظر يف‬
‫الشريعة من حيث كوهنا تشر ًيعا للناس‪،‬وىذه وظيفة ثالثة تستحق اإلفراد عن الوظيفة الثانية ال ي‬
‫سبق بياهنا يف ا‪ٞ‬ندخل ألهنا أخص منها وأعلى مرتبة‬
‫وأوضح أدواره يف ىذا الوجو وأكثرىا جبلءً يتمثل يف علم ا‪ٞ‬نقاصد ‪.‬‬
‫سادسا‪ -‬ا‪ٞ‬نقاصد وروح القانوف‬
‫ً‬
‫ذكر ا‪ٛ‬نويين درجات "مراحل" البحث عن حكم ا‪ٞ‬نسألة‪،‬فجعل البدء بالقرآف مث السنة ‪...‬‬
‫مث كليات الشرع ومصا‪ٜ‬نو العامة وجعلو قبل القياس‪،‬ونسبو إىل الشافعي ‪.‬‬
‫وكليات الشرع ليست خارجة عنو بل بو ثبتت وبو صار ‪ٟ‬نا صفة الكلية‪،‬ومقاصد الشرع وقواعد‬
‫الفقو الكربى خًن مثاؿ‬
‫يقاؿ ىذا لئبل يُتوجس من ىذه ا‪ٛ‬نمل ‪.‬‬
‫وا‪ٞ‬نقاصد ّنا فيها ا‪ٛ‬نزئية ال تستقل بإثبات األحكاـ ألف األحكاـ ال تكوف إال ‪١‬نددة وال سبيل‬
‫إىل التحديد والتعيٌن ّإال باألدلة التفصيلية‬
‫فا‪ٞ‬نقصد ا‪ٛ‬نزئي من حد الزنا الزجر والعقوبة‪،‬وا‪ٞ‬نقصد الكلي حفظ العرض واألنساب‪،‬ولكن ‪ٞ‬ناذا‬
‫كاف ىذا ا‪ٜ‬ند بعينو مع أنّو من ا‪ٛ‬نائز حصو‪ٟ‬نا بغًنه ؟‬
‫أيضا ىي ال ي تُعٌن على معرفة ا‪ٜ‬نكم الشرعي ا‪ٞ‬نناسب والدليل األقرب للواقعة ‪.‬‬ ‫وا‪ٞ‬نقاصد ً‬
‫معاين ا‪ٞ‬نقاصد ‪:‬‬
‫مصطلح ا‪ٞ‬نقصد يراد بو أحيانًا ا‪ٞ‬نعىن "مقصد النص معناه وا‪ٞ‬نراد بو" وىو ىنا يقابل اللفظ‬
‫أي لفظ النص وليس ا‪ٞ‬نقاصد االصطبلحية‬
‫ومثالو البحث يف حديث صبلة العصر يف بين قريظة‪،‬وا‪ٞ‬نقصد ىنا يعرؼ بداللة ا‪ٜ‬ناؿ‬
‫والسياؽ والقرائن ‪.‬‬
‫ّأما ا‪ٞ‬نشهور فهو ا‪ٞ‬نقصد ّنعناه االصطبلحي‬
‫ولكن ىل معاين ا‪ٞ‬نقصد أو ما يطلق عليو مقصد الشرع من حيث صور ا‪ٞ‬نعاين ال ي تشرتؾ يف‬
‫لوصف ما أنّو من ا‪ٞ‬نقاصد ال ‪٫‬نتلف عن‬ ‫ٍ‬ ‫معىن مقاصد الشرع واحدة ؟ وىل إطبلؽ العلماء‬
‫إطبلقات أخرى ّإال من حيث النوع والدرجة وتعيٌن نفس ا‪ٞ‬نقصد ؟‬
‫فصل يف ىذه ا‪ٞ‬نسألة ولكن با‪ٞ‬نبلحظة والتأمل ‪٬‬نكن الوقوؼ‬‫ا‪ٜ‬نقيقة مل أقف على من ّ‬
‫معها‪،‬فيمكن ابتداءً أ ْف يقاؿ ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نقصد الشرعي يطلق ويراد بو ‪ :‬سبب التشريع ‪ ،‬وغايتو ‪ ،‬وصفتو‬
‫وىي صور متبلزمة وبينها تداخل ولكن مىت الحظنا تعدد ا‪ٞ‬نعاين ال ي يشملها اسم واحد‬
‫وأمكن ٕنييزىا لتتضح وتنكشف ‪ٞ‬نن ال ‪٬‬نكنو رؤيتها فهو أفضل ليزوؿ اإلٗناؿ ويصح الفهم‬
‫ويدؽ النظر لدى طالب العلم ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وا‪ٞ‬نقاصد الكلية ىي أسباب كلية وغايات كربى ولكن ما دوهنا من ا‪ٞ‬نقاصد ا‪ٝ‬ناصة‬
‫وا‪ٛ‬نزئية قد تتنوع‬
‫مقصودا وقاعدة‬
‫ً‬ ‫ظ ىذا الوصف يف تشريعو فصار وص ًفا‬ ‫وصفة التشريع معناه أف الشرع الح َ‬
‫معتربة يبلحظها اجملتهد وا‪ٞ‬نف ي مثل سد الذرائع والنظر إىل ا‪ٞ‬نآؿ والتدرج ‪.‬‬
‫معا‬
‫ّأما القصد السبيب فهو ا‪ٞ‬نعىن ا‪ٞ‬نقصود الذي شرع ا‪ٜ‬نكم بسببو‪،‬ففيو معىن السببية والقصد ً‬
‫و ّأما القصد الغائي فهو ا‪ٞ‬نعىن ا‪ٞ‬نقصود الذي يرتتب على امتثاؿ ا‪ٜ‬نكم‪،‬فهو ليس سببًا لتشريعو‬
‫مؤثرا يف تعيٌن ا‪ٜ‬نكم ‪.‬‬
‫مقصودا ولذلك كاف ً‬ ‫ً‬ ‫لكنو يتحقق بامتثالو وكاف‬
‫وليبٌن الفرؽ بٌن السبيب والغائي باألمثلة ‪:‬‬
‫معا‪،‬وىذا ‪-‬أي كوف نفس‬ ‫سبب لتشريع ا‪ٜ‬نكم وغايتو ً‬ ‫* ٓنرمي ا‪ٝ‬نمر من أجل حفظ العقل ٌ‬
‫الوصف اجتمع فيو القصد السبيب والقصد الغائي‪ -‬لكلية حفظ العقل ‪.‬‬
‫* كفارة اليمٌن شرعت لتطهًن ا‪ٞ‬نكلف من ا‪ٜ‬ننث‪،‬ىذا مقصد ىو سبب‬
‫سبيبل إلغناء ا‪ٞ‬نساكٌن ىو مقصد وىو غاية إذ لو مل يكن غاية لكاف التكفًن‬ ‫وجعل الكفارات ً‬ ‫ْ‬
‫‪٪‬نصل بغًنه‬
‫معا من ا‪ٜ‬نكم‬‫وأما مقصد تعظيم ا‪ٜ‬نلف باهلل ىو سبب وغاية ً‬
‫فهنا ثبلثة مقاصد ‪-‬وا‪ٞ‬نقاصد تتعدد للحكم ا‪ٛ‬نزئي الواحد‪ -‬أحدىا قصد سبيب وآخر غائي‬
‫وثالث اجتمع فيو السببية والغائية ‪.‬‬
‫وليُعلم أف السبب ىنا ليس ّنعناه يف خطاب الوضع فهو مصطلح مقيّد با‪ٞ‬نقاصد‪،‬وكذلك‬
‫الغائي ىنا ليس ىو العلة بل ىو ا‪ٞ‬نراد با‪ٜ‬نكمة عند األصوليٌن ‪.‬‬
‫نظر إىل مقصد غائي واحد ومل ينظر‬ ‫واإلماـ ‪٪‬نٍن بن ‪٪‬نٍن يف فتواه لؤلمًن األندلسي يف الكفارة َ‬
‫إىل مقصد غائي آخر يف تعيٌن الكفارة نفسها وأف أو‪ٟ‬نا العتق وكوف الشارع يقصد إىل ٓنرير‬
‫النفوس ويتشوؼ اىل ٓنرير الرقاب ‪.‬‬
‫ا‪ٞ‬نقاصد وروح القانوف ‪:‬‬
‫مثبل "طبق القاضي روح القانوف وليس‬ ‫نصو فيقاؿ ً‬ ‫تطلق عبارة "روح القانوف" يف مقابل ّ‬
‫نص القانوف" يف أحواؿ و‪٠‬ناالت‬
‫وأكثر ما يؤثّر يف ىذه العملية احتماالت النص القانوين التفسًنية وواقعة ا‪ٜ‬ناؿ‪،‬فتوجد مساحة‬
‫معينة للقاضي ينظر فيها و‪٬‬نكنو عدـ االلتزاـ بنص القانوف ‪.‬‬
‫وىذا شيئ إ‪٩‬نايب ال ينكر وليس ىذا موضع ا‪ٞ‬نطالبة بضبطو من القانونيٌن أنفسهم‬
‫الزـ ومتوقع بل الغرض بياف ىل ىو ما يقابل مقاصد الشريعة ؟‬ ‫ألنفسهم كما ىو ٌ‬
‫ىنا نقف وقفات سريعة مع ىذه الفكرة ‪:‬‬
‫* روح القانوف ىو مبادئ عامة مطلقة تدور حوؿ العدؿ وٓنقيقو مل تُعٌن ومل ُٓندد ‪.‬‬
‫منحصر يف ا‪ٜ‬نكم القضائي ‪.‬‬‫ٌ‬ ‫* روح القانوف ٓنضر عند الوقائع ا‪ٞ‬نعيّنة وتأثًنُىا‬
‫* تطبيق روح القانوف ‪٫‬نضع لسلطة القاضي التقديرية ‪.‬‬
‫* روح القانوف مل يتكوف ويتشكل من نصوص ا‪ٞ‬نواد القانونية ‪.‬‬
‫يتضح من ىذه النقاط ‪-‬و‪٣‬نا سيأيت‪ -‬أف روح القانوف ليست مقاصد با‪ٞ‬نعىن ا‪ٞ‬نتبادر لكلمة‬
‫مقاببل ‪ٞ‬نقاصد الشريعة ‪:‬‬ ‫فضبل عن أف تكوف ً‬ ‫مقصد ً‬
‫مشوال‪،‬فهي شاملة ‪ٛ‬نميع جوانب ا‪ٜ‬نياة ببل استثناء‬ ‫فا‪ٞ‬نقاصد أكثر ً‬
‫وا‪ٞ‬نقاصد كونتها النصوص الشرعية ا‪ٛ‬نزئية‪،‬والصلة بٌن ا‪ٞ‬نقاصد والنصوص ا‪ٛ‬نزئية وثيقة بل ‪٨‬نا‬
‫وحدة واحدة‬
‫يف ا‪ٜ‬نقيقة ْ‬
‫مقعدة منظّمة مرتبة وواضحة‬ ‫وا‪ٞ‬نقاصد مضبوطة ّ‬
‫وا‪ٞ‬نقاصد ليست خاصة بالوقائع القضائية بل ىي فقو الدين نفسو‪،‬ولذا فهي حاضرة على‬
‫الدواـ من الفقيو والعامل وا‪ٞ‬نف ي والقاضي بل مطلوب من كل مسلم فقهها كلٌّ ُنسبو ‪.‬‬
‫وما يقابل روح القانوف يف علم األصوؿ ليس علم ا‪ٞ‬نقاصد بل مباحث متناثرة تؤدي‬
‫أيضا يف علم األصوؿ‬ ‫الغرض ا‪ٞ‬ننشود من روح القانوف عند القضاة الوضعيٌن‪،‬وىذه ا‪ٞ‬نباحث ً‬
‫وتنظيما ‪-‬بل ال مقارنة‪ -‬وأيسر من حيث الضبط والوضوح والتطبيق‬ ‫ً‬ ‫مشوال‬
‫أكثر ً‬
‫فهو ‪-‬أي ما يقابل روح القانوف‪ -‬عند األصوليٌن ‪١‬نكوـ ّنسائل معلومة القواعد والضوابط‬
‫وأحواؿ اإلعماؿ مثل ‪:‬‬
‫* مقصد النص ّنعىن تفسًنه وتأويلو "ما يقابل اللفظ والنص"‬
‫* االستحساف بأنواعو‬
‫* ا‪ٞ‬نصلحة وضوابطها‬
‫* الفتوى والقضاء بالقوؿ ا‪ٞ‬نرجوح يف أحواؿ معينة ‪.‬‬
‫جدا على روح القانوف ‪.‬‬
‫* أما اعتبار ا‪ٞ‬نآؿ وسد الذرائع فهذا أمر متقدـ ً‬
‫يقربوف معىن روح‬ ‫وينبو ىنا إىل فهم مغلوط يذكره بعض القانونيٌن ا‪ٞ‬نطالعٌن للشريعة وىم ّ‬
‫القانوف من ا‪ٞ‬نقاصد ويقارنوف بينهما ‪-‬وسبق بياف البوف الشاسع والفروؽ ا‪ٛ‬نوىرية ال ي تغلق‬
‫باب ا‪ٞ‬نقارنة من األساس‪ -‬حيث ‪٩‬نعلوف بعض تصرفات النيب عليو الصبلة والسبلـ يف بعض‬
‫القضايا ا‪ٛ‬نزئية من باب ما يسمونو روح القانوف‬
‫ومؤدى كبلمهم ىذا أف يف تلك ا‪ٜ‬نوادث قانونًا ما "نص وحكم" فيأيت النيب صلى هللا عليو‬ ‫ّ‬
‫وسلم وينظر يف ا‪ٜ‬نالة مث ‪٪‬نكم "بروح النص" !‬
‫مبين على تصور خاطئ‪،‬إذ فعل الرسوؿ عليو الصبلة والسبلـ‬ ‫فهم غلط من أصلو ألنو ٌّ‬ ‫وىذا ٌ‬
‫أوال‬
‫حىت على اصطبلح القانونيٌن ىو قانو ٌف يف نفسو ً‬
‫مث ال توجد واقعة واحدة على ىذه الصفة ال ي ٔنيلوىا وافرتضوىا‬
‫فرتؾ النيب عليو الصبلة والسبلـ للمرأة الزانية اتحمصنة حىت تضع ويكرب ولدىا ‪-‬وىو ما مثّل بو‬ ‫ْ‬
‫بعضهم‪ -‬ىذا ىو القانوف بعينو –حىت على اصطبلحهم‪ -‬يف ىذه ا‪ٜ‬ناؿ وليس ىو روح‬
‫أي اعتبار ‪ٜ‬نالة ا‪ٞ‬نرأة الزانية‬
‫وإال فأين النص الشرعي الذي يطلب إقامة ا‪ٜ‬ند دوف ّ‬ ‫القانوف ّ‬
‫ناظرا يف نصو وروحو أو مقصده ؟!‬‫ووقف منو الرسوؿ صلى هللا عليو وسلم ً‬
‫إف ا‪ٞ‬نقارنة بٌن العلوـ الشرعية وغًنىا ‪٩‬نب أف تقوـ على علم وبعبارات ‪١‬نكمة وليس بطريقة‬
‫مقاالت الصحافة وتعميمات اإلعبلميٌن واطبلقاهتم العريضة ‪.‬‬
‫وختاما ىنا ‪:‬‬
‫ً‬
‫إف علم القانوف ُناجة إىل ٍ‬
‫أصوؿ لو ولن ‪٩‬ند القانونيوف ْنربة ناضجة مثل جهد األصوليٌن‬
‫يف تأسيس وتنظيم وتطوير علمهم‬
‫وجعلو ٓنت‬
‫وا‪ٞ‬نتخصصوف يف القانوف من ا‪ٞ‬نسلمٌن وىم يقوموف َنهود لتصحيح مسار القانوف ْ‬
‫الشريعة بإمكاهنم تسهيل مهمتهم مىت التفتوا َن ّد إىل مدونات األصوليٌن ‪.‬‬
‫سابعا ‪ -‬استثمار علم القانوف‬
‫ً‬
‫الصواب يف القوانٌن الوضعية ما مصدره ؟‬
‫نبدأ ىذه الفقرة بإجابة ىذا السؤاؿ ‪:‬‬
‫مستمد ببل شك من الشريعة ومن تراث الفقهاء‪،‬ورّنا بعضها من‬ ‫ٌّ‬ ‫بعض ما يف القوانٌن الوضعية‬
‫ُ‬
‫بقايا النبوة ال ي كانت يف ديار َمن وضعوا القوانٌن‬
‫وبعضها ‪-‬وىذا ا‪ٞ‬نهم‪ -‬قاد إليو العقل السليم والفطرة ‪-‬ال تنس القوؿ الصحيح يف مسألة‬ ‫ُ‬
‫مثاال ‪ٟ‬نا‪ -‬وقادت إليو التجربة وحاجة الناس ومصلحتهم عند‬ ‫التحسٌن والتقبيح فهذا يصلح ً‬
‫االجتماع ‪-‬تذ ّكر ا‪ٞ‬نصلحة والعرؼ ىنا‪ -‬وىذا االحتماؿ وارد وال ‪٬‬نكن استبعاده‬
‫تكونت ومربرات سنّها‬ ‫ِ‬
‫لسن بعض القوانٌن الوضعية اليوـ من حيث مسارىا حىت ّ‬ ‫ومتابعةٌ يَقظةٌ ّ‬
‫والنقاش حو‪ٟ‬نا ستؤّكد الفكرة عمليًا ‪.‬‬
‫طرحو ‪:‬‬
‫واآلف سؤاؿ ينبغي ْ‬
‫ىل يوجد يف علم القانوف –يف جهود القانونيٌن البشرية‪ -‬ما ‪٬‬نكن استثماره يف علم األصوؿ ؟‬
‫أي يف علم األصوؿ وليس يف األصوؿ نفسها ؟‬
‫ا‪ٛ‬نواب نعم‪،‬وا‪ٞ‬نراد باالستفادة من حيث التنظيم واألطر والتنبّو لبعض القضايا ا‪ٞ‬ننهجية ّأما‬
‫مضموف ما ‪٪‬نتويو التنظيم والرتتيب وجواب ما أثارتو ا‪ٞ‬نقارنة ونتيحةُ ما ّأدى إليو التنبو ومادةُ ما‬
‫ٕنتلئ بو القوالب فهو من الشريعة وتراث الفقهاء ببل ريب ‪.‬‬
‫ومن تلك األفكار ‪:‬‬
‫‪ -2‬النظريات ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نقصود هبا النظريات األصولية ال الفقهية مثل ‪ :‬القرائن األصولية ‪ ،‬االحتياط ‪ ،‬ثبات األحكاـ‬
‫وتغًنىا ‪..‬‬
‫تكوف يف هنايتها قاعدة أصولية ال فقهية‬
‫فا‪ٞ‬نقصود النظريات ال ي ّ‬
‫فتدرس كتب الفقو وحىت كتب األصوؿ نفسها على أ ْف تكوف دراستها وترتيب نتائجها على‬
‫طريقة النظريات حىت تكوف ‪ٟ‬نا صفة النظاـ العاـ والكلية ال ي ىي خاصية علم األصوؿ ‪.‬‬
‫‪ -1‬ا‪ٜ‬نق ‪:‬‬
‫وىو من النظريات القانونية األوىل‬
‫جادة الستثمار جهود القانونيٌن يف معا‪ٛ‬نة مبدأ ا‪ٜ‬نق فقهيًا على طريقة‬ ‫وقد جرت ‪١‬ناوالت ّ‬
‫لكن أعتقد أف اسثماره أصوليًا يكوف بالنظر إليو من زاوية أخرى وىي ا‪ٜ‬نكم‬ ‫النظريات و ْ‬
‫ومبحث ا‪ٜ‬نكم أصيل يف كتب األصوؿ‬ ‫ُ‬ ‫فا‪ٜ‬نكم ىو مدار الفقو وىو ٖنرة علم األصوؿ‬
‫ومدار القانوف على ا‪ٜ‬نق كما يقوؿ الشيخ مصطفى الزرقا يف ا‪ٞ‬ندخل الفقهي‬
‫وا‪ٜ‬نق يف الشريعة يشمل حقوؽ الرب والعباد‪،‬وحقوؽ الرب ىي األحكاـ التكليفية وما يتعلق‬
‫هبا من خطاب الوضع‪،‬ولكن ا‪ٜ‬نق البشري أين ىو يف كتب األصوؿ ؟‬
‫نعم‪،‬حقوؽ العباد مرتبطة با‪ٛ‬نانب التعبدي فهي من الدين وتدخلها أحكاـ التكليف‬
‫ولكن ا‪ٞ‬نراد إفراد ا‪ٜ‬نق من حيث كونو ح ًقا أي ا‪ٜ‬نق من حيث ثبوتو واستحقاقو ومن حيث‬
‫حكم يف حد ذاتو ‪.‬‬
‫سقوطو وإسقاطو‪،‬وىو هبذه الصورة ٌ‬
‫تأمل كثرة فروعو وإمكاف تعدد مباحثو‬ ‫أقرب ما ‪٬‬نكن أ ْف يندرج فيو ا‪ٜ‬نق ىو السبب‪،‬ولكن عند ّ‬
‫قسيما للتكليف والوضع ‪.‬‬
‫يبدو أنّو حكم مستقل بل ال يبعد أ ْف يكوف ً‬
‫وإين ألٕنىن أ ْف ينظر علماء األصوؿ وا‪ٞ‬نتخصصوف فيو إىل ىذه الفكرة َندية وأ ْف يعقدوا حو‪ٟ‬نا‬ ‫ّ‬
‫حلقات النقاش والبحث‪،‬وطا‪ٞ‬نا أنّنا يف "خواطر أصولية" فأقوؿ ‪:‬‬
‫الظاىر أنّو حكم مستقل لو خصائصو وطبيعتو ال ي ْنعل األليق يف حقو أ ْف يُفرد بقسم‬
‫‪ -‬فا‪ٜ‬نق لو أسبابو وشروطو وموانعو‬
‫‪ -‬وىو دائر بٌن الثبوت وعدمو وىو السقوط‬
‫أيضا لو شروطو العامة وىي األىلية "أىلية ثبوت ا‪ٜ‬نق والتصرؼ فيو"‬ ‫‪ -‬وصاحب ا‪ٜ‬نق ً‬
‫فمسائل كبًنة مثل والية النكاح والشفعة والقصاص‪،‬وما دوهنا كتغسيل ا‪ٞ‬نرأة ا‪ٞ‬نيتة ىي من‬
‫مباحث ا‪ٜ‬نقوؽ ‪.‬‬
‫وليُعلم أف ىذه الفكرة ستؤثّر على تعريف ا‪ٜ‬نكم نفسو إذ سيقاؿ فيو حينها ‪:‬‬
‫ٔنيًنا أو وضعا "أو استحقاقًا"‬ ‫مقتضى خطاب هللا ا‪ٞ‬نتعلق بأفعاؿ ا‪ٞ‬نكلفٌن اقتضاءً أو ً‬
‫و‪٥‬نوىا من اإلضافات ‪.‬‬
‫كتب ا‪ٜ‬ننفية يف غالبها وبعض كتب ا‪ٛ‬نمهور تذكر ا‪ٜ‬نقوؽ وأنواعها وبعض ما يرتتب‬ ‫و ُ‬
‫عليها ولكن ليس على وجو أف ا‪ٜ‬نق حكم يثبت ّنا تثبت بو األحكاـ وبالتايل ال يعا ًَف فيها‬
‫أظن أ ّف يف نظرية ا‪ٜ‬نق القانونية خريطةً معينة ‪.‬‬
‫ظم وتضبط فروع الفقو و ّ‬ ‫بالطريقة ا‪ٞ‬نأمولة ال ي تُػْن ُ‬
‫‪ -3‬التصنيف والصياغة ‪:‬‬
‫ىل ‪٬‬نكن كتابة منت أصويل على ىيئة مواد قانونية ؟‬
‫ما ا‪ٞ‬نانع ؟ فهذا من التجديد يف صياغة العلم كما جدد األوائل باستحداث ا‪ٞ‬نتوف مث‬
‫ا‪ٞ‬ننظومات‪،‬بل ىذا من اإلبداع الذي يساىم يف تصحيح حاؿ كليات القانوف واتحماكم يف أكثر‬
‫الببلد اإلسبلمية ‪.‬‬
‫تفوؽ األصوليٌن على القانونيٌن بصورة جليّة‬
‫وصياغة األصوؿ على شكل مواد قانونية ستظهر ّ‬
‫كما ستُظهر مواطن الفراغ واالضطراب يف القوانٌن الوضعية ‪.‬‬
‫وكتابةُ منت أصويل بطريقة قانونية فكرةٌ إضافية وال ٔنتزؿ طرؽ كتابة ا‪ٞ‬نختصرات األصولية فيها‬
‫كما أضيفت ا‪ٞ‬ننظومات كطريقة جديدة وبقيت ا‪ٞ‬نتوف ىي األكثر‬
‫‪ٞ‬ناذا ؟ ‪ٞ‬ناذا بقيت ا‪ٞ‬نتوف األصولية ا‪ٞ‬ننثورة ىي األكثر مع سهولة حفظ ا‪ٞ‬ننظومات ؟‬
‫مع أ‪٨‬نية ا‪ٞ‬ننظومات ويُسرىا ّإال أف َمن يبين علمو يف أصوؿ الفقو عليها فستقوى عنده ملَكة‬
‫استحضار ا‪ٞ‬نعلومات ولكن ستضعف عنده الرؤية الكلية للعلم ّنعىن أنّو سيزيد عنده حضور‬
‫ا‪ٞ‬نعلومات ا‪ٛ‬نزئية للمسائل واألقواؿ على حساب النظرة الشمولية للعلم‪،‬وا‪ٞ‬ننت أفضل من النظم‬
‫يف ٓنصيل الرؤية الكلية‬
‫يكتف حافظ النظم بالنظم بل البد من منت يدرسو ولو مل ‪٪‬نفظو‪،‬ىكذا أظن ‪.‬‬ ‫ولذا فبل ِ‬
‫والنص األصويل بالصياغة القانونية سيضيف إىل دارسيو معرفة النظاـ الفقهي على ىيئة نظاـ‬
‫وسيمهد لتكوين "النظر التشريعي" يف عقلية األصويل والفقيو ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ا‪ٝ‬نإنة‬
‫خبلصة ا‪ٞ‬نقالة ‪:‬‬
‫‪ -‬البد من ابتغاء الرؤية التشريعية ال ي ستكوف وسيلة من وسائل الفقو يف الدين‬
‫والبد من إدراؾ أ‪٨‬نية تكوين العقلية التشريعية عند ا‪ٞ‬نختص بالفقو من فقيو و‪٠‬نتهد وقاض‬
‫ومفت‪،‬والعلم الشرعي الوحيد الذي ‪٬‬نكن أ ْف يش ّكلها ىو األصوؿ‬
‫معروضا بطريقة تربز ىذا ا‪ٛ‬نانب ‪.‬‬
‫ً‬ ‫نفسو‬
‫وكيف ‪٬‬ننحها إذا مل يكن ىو ُ‬
‫‪ -‬النظر إىل أصوؿ الفقو بنظرة تشريعية تضيف إليو الكثًن وىي من ‪٠‬ناالت خدمتو يف ىذا‬
‫العصر‪،‬وليس القصد أسلمة القوانٌن وجعل األصوؿ وسيطًا يف تلك العملية بل القصد رؤيتو‬
‫بصورة أكثر كلية‬
‫وإال ‪ٞ‬نا ق ّدـ لعلم األصوؿ ما ق ّدـ ‪.‬‬
‫والشاطيب كاف يكتب يف ا‪ٞ‬نوافقات بعقل تشريعي ّ‬
‫فمثبل "اإللزاـ‪،‬ا‪ٜ‬نق" من مباحث القانوف ال ي لو فُقهت فكرهتا العامة وقرئ تراث الفقهاء‬ ‫ً‬
‫بعدىا الستخلصنا منها قواعد وضوابط كانت تنتظر َمن ينظمها ويصوغها يف سلك واحد‬
‫و‪ٝ‬نرجنا بنتائج مل ٔنطر لنا على باؿ وكم ترؾ األوؿ لآلخر‬
‫وليُعلم أف ىذه العملية ليست ّإال تغذية لعلم األصوؿ ّنا ىو موجود عند األئمة ويف الرتاث ‪.‬‬
‫‪ -‬كتب تُعٌن على اكتساب ىذه النظرة وتؤسس ‪ٟ‬نا‪،‬سأذكرىا مرتبة من حيث القراءة ‪:‬‬
‫* الوجيز عبدالكرمي زيداف ‪ +‬تفسًن النصوص أديب الصاٌف‬
‫* ا‪ٞ‬ندخل إىل الشريعة‪،‬نظرات يف الشريعة ‪ /‬عبدالكرمي زيداف ‪ +‬ا‪ٞ‬ندخل لدراسة الفقو‬
‫حسٌن حامد حساف‬
‫* القانوف ‪١‬نمد أبو العينٌن ‪ ،‬ا‪ٞ‬ندخل الفقهي العاـ مصطفى الزرقا‬

‫وهللا أعلم‬
‫ا‪ٜ‬نلقة ا‪ٜ‬نادية عشرة‬
‫اإلضافة إىل علم األصوؿ‬

‫" قراءة أصولية يف كتب الفقو وشروح أحاديث األحكاـ كفيلة ببياف أف حاجة‬
‫علم األصوؿ إىل اإلضافة أكثر وأكرب من ا‪ٜ‬ناجة إىل التخليص والتصفية "‬
‫كانت ىذه ا‪ٛ‬نملة فآنةَ ا‪ٞ‬نقاالت وهبا يُفتتح آخرىا ‪.‬‬
‫أنتظر صدي ًقا عز ًيزا تعرفت عليو يف طريق طلب العلم خارج‬ ‫كنت ُ‬ ‫منذ ‪٥‬نو عشر سنوات ُ‬
‫ا‪ٞ‬ندينة ال ي أسكنها‪،‬فاستقبلتو للقاء بعض الزمبلء ويف الطريق كاف يسأؿ عن العلم و‪٨‬نومو‬
‫فأخربتو عن علم األصوؿ وأ‪٨‬نيتو‪،‬فعلّق ّنا مفاده أف علم األصوؿ ُناجة إىل تصفية ‪٣‬نا ال ٖنرة لو‬
‫‪-‬من منطق وكبلـ وتنظًن‪ -‬تقارب السبعٌن با‪ٞ‬نائة منو‬
‫فقلت لو إنّين كنت أظن ىذا قبل االىتماـ بو حىت بدا يل أف العكس أقرب إىل الواقع وأف ما‬
‫يُستغىن عنو يقارب الثبلثٌن با‪ٞ‬نائة !‬
‫وبعد ىذا اللقاء ببضع سنوات اكتشفت أف للثبلثٌن با‪ٞ‬نائة ال ي ‪٬‬نكن أ ْف يستغىن عنها‬
‫موجودا يف كتب الفقو وشروح أحاديث األحكاـ يستحق أ ْف يضاؼ إىل علم األصوؿ‬ ‫ً‬ ‫مقاببل‬
‫ً‬
‫ويعوض الفائت باالستبعاد‬‫ّ‬
‫ىذه الثبلثٌن با‪ٞ‬نائة تنتظرىا كتب األصوؿ بفارغ الصرب فما زالت مستكنّة فيها وىو أحوج ما‬
‫يكوف إليها‪،‬ىكذا أزعم والعلم عند هللا ‪.‬‬
‫وىذه ا‪ٞ‬نقالة ٓناوؿ إثبات ىذه الفكرة وبعثها وتدعيمها بالصور واألمثلة ‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬حوؿ اإلضافة‬
‫ً‬
‫‪ -‬معىن اإلضافة ‪:‬‬
‫ليس ا‪ٞ‬نقصود باإلضافات الزيادة على األصوؿ أي حقيقة األصوؿ نفسها فهذا أمر قد فرغ منو‬
‫بل ا‪ٞ‬نراد اإلضافة إىل علم األصوؿ ومدوناتو‬
‫أيضا يف حق ما يسمى بالتجديد يف أصوؿ الفقو‪،‬فبل ينبغي أ ْف‬
‫وىذا التمييز يف اإلضافة يقاؿ ً‬
‫يراد بالتجديد فيو التجديد يف األصوؿ نفسها فهذا ال ‪٬‬نكن وال يقبل ُناؿ ولكن ا‪ٞ‬نمكن‬
‫ا‪ٞ‬نقبوؿ ىو التجديد يف العلم والكتابة فيو وعرضو وتفعيلو ‪.‬‬
‫وأظن أف اإلضافة إىل علم األصوؿ ليست ‪٣‬نكنة فحسب بل الزمة وضرورة علمية ألهنا تسد‬
‫ا‪ٜ‬ناجة وٕنؤل الفراغات وتسدد الناظر يف الفقو والنصوص ‪.‬‬
‫وليس القصد ‪٠‬نرد اإلضافة العلمية من ٓنرير أو تصوير أو ترتيب بل إضافةُ أبواب ومسائل أي‬
‫علم‬
‫زيادة عناوين تُضم إىل ىيكل العلم نفسو‪،‬وإدر ُاؾ ىيكل العلم ٌ‬
‫وىيكل العلم ليس ىو التشجًن ‪-‬وىو وسيلة تعليمية جيدة خاصة للمبتدئ‪ -‬بل ىيكل العلم‬
‫معانيو‪،‬ومن فقهها علِم أسس العلم وأدرؾ موازينو فباف لو ما ‪٪‬نتاج إىل تقوية‬
‫َ‬ ‫مبانيو القائمةُ على‬
‫واستدعى ما يُفرتض أ ْف يوجد فيو ‪.‬‬
‫‪ -‬سياؽ اإلضافة ‪:‬‬
‫كيف تكوف علم األصوؿ وتشكل عرب القروف ؟‬
‫مل يولد علم األصوؿ يف أوىل مصنفاتو دفعة واحدة كما ولد علم النحو بل ظلت مباحثو‬
‫تنمو وتتسع ألف االستكشاؼ ‪-‬أي استكشاؼ تصرفات األئمة وما ‪٪‬نتاجو العلم من العلوـ‬
‫األخرى‪ -‬من طبيعتو وخصائصو‪،‬وىذا يعين إمكاف الزيادة كلما دعت ا‪ٜ‬ناجة ‪.‬‬
‫فاإلضافات سنّة األولٌن من األئمة ليس فقط يف مرحلة التكوين بل حىت ما بعدىا‪،‬فرتى كتب‬
‫جيبل بعد جيل ‪.‬‬
‫األصوؿ تزيد أبواهبا ومسائلها ً‬
‫اج وتقعيد من أساليب اللغة وتصرفات األئمة فما زاؿ‬‫وطا‪ٞ‬نا أف علم األصوؿ يف أساسو استخر ٌ‬
‫فيها ‪٠‬ناؿ لئلضافة العلمية وال ‪٬‬نكن القوؿ بنهاية ىذا العمل مادامت ا‪ٞ‬نصادر والدواعي نفسها‬
‫موجودة ‪.‬‬
‫لكل علم من‬
‫وإذا كانت اإلضافة إىل علم األصوؿ من علوـ أخرى ‪-‬مع ثقل ىذه العملية ‪ٞ‬نا ّ‬
‫اختصاص وامتياز‪ -‬قد حصلت يف مراحل متأخرة عن مراحل التكوين والتأسيس مثل ما فعلو‬
‫ابن السبكي يف ٗنع ا‪ٛ‬نوامع ‪-‬وىو منت‪ -‬حٌن أ‪ٜ‬نق القواعد الفقهية الكربى يف خإنة أبواب‬
‫أسطرا قليلة نقل فيها عناوين القواعد ا‪ٝ‬نمس الكربى إال‬
‫األدلة واالستدالؿ‪،‬وىي وإف كانت ً‬
‫أهنا هبذا أخذت مكانًا يف ا‪ٞ‬ننت وصار الشراح يقفوف معها ويعلّقوف عليها‪،‬فاإلضافة إليو‬
‫باالستخبلص من اللغة والفقو الذي سيختص بو أوىل ‪.‬‬
‫‪ -‬جديّة اإلضافة ‪:‬‬
‫كثًن من ىذه اإلضافات موجودة متناثرة يف عدد من كتب األصوؿ ومنها ما ٗنع يف كتب‬
‫وأُناث معاصرة ولكن ما مل ُْنعل ىذه ا‪ٞ‬نباحث وا‪ٞ‬نسائل يف كتب أصولية جامعة ‪ٞ‬نباحث‬
‫شرحا لكتب سابقة‪ -‬ويتكرر ىذا حىت تصبح مع الزمن‬ ‫األصوؿ –‪٢‬نتصرةً كانت أو متنًا أو ً‬
‫جزءًا من مسائل العلم يتوقّع الدارس وجودىا يف كتبو فلن تأخذ مكاهنا يف صلب علم األصوؿ‬
‫ولن تتناقلها األجياؿ القادمة كمباحث ومسائل أصولية أصيلة ضمن أبواهبا ‪.‬‬
‫‪ -‬صورة اإلضافات ا‪ٞ‬نقرتحة متجهة إىل الصورة الكاملة لكتب األصوؿ أي ال ي تكوف يف كتبو‬
‫ا‪ٞ‬نوسعة أو ا‪ٞ‬نتوف ا‪ٞ‬نطولة وليست يف مراحل التأصيل األوىل وا‪ٞ‬نتوسطة ‪.‬‬
‫‪ -‬ىل من اإلضافة ما ىو إضافة إىل البنياف ؟‬
‫الغرض األوؿ من اإلضافة التقوية ّنا يزيد من فعالية علم األصوؿ ويزيد الربط بينو وبٌن‬
‫‪٠‬ناالت عملو و‪ٟ‬نذا فتوجد إمكانية زيادة باب أو مبحث بأكملو‪،‬و‪٬‬نكن وصف ىذا باإلضافة‬
‫إىل بنياف علم األصوؿ ولكنها إضافة تكميل وتتميم وتنظيم وليس معناه وجود ا‪ٝ‬نلل من قبل‬
‫ودعوى وجود بعض الفراغات ا‪ٛ‬نزئية ‪٬‬نكن قبو‪ٟ‬نا وليس ىذا عيبًا يف العلم فهذه طبيعة العلوـ‬
‫وإال ألُغلقت من قدمي ‪.‬‬
‫وأكثر اإلضافات للتعزيز وزيادة التمكٌن وإليضاح العلم بصورة أكثر جبلء ولتسهيل إعمالو‬
‫وتطبيقو ‪.‬‬
‫‪ -‬من الذي يضيف ؟‬
‫‪٬‬نكن تلخيص من ‪٬‬نكن أف يقوـ هبذا العمل يف كلمات ثبلث ‪:‬‬
‫عمل ٗناعي ‪ٔ +‬نصصي ‪ +‬تراكمي‬
‫وأىم صفات ا‪ٞ‬نضيف العقل ا‪ٞ‬ننظم "فبل يضيف إىل علم األصوؿ ِ‬
‫نفسو ّإال ذو عقلية منظمة"‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تَنظُم ا‪ٞ‬نعلومات وتربط بٌن األفكار ‪.‬‬
‫‪ -‬طرؽ اإلضافات ‪:‬‬
‫* ٗنع ا‪ٞ‬نتناثر يف كتب األصوؿ وتنظيمها‬
‫* كتب الفقو وىو أ‪٨‬نها‬
‫* كتب تفسًن آيات األحكاـ وشروح األحاديث‬
‫* العلوـ ال ي ‪ٟ‬نا صلة بعلم األصوؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬أنواع االضافة ‪:‬‬
‫‪ -2‬التكميل والتتميم ‪:‬‬
‫وىو سد الفراغ الذي قد يكتشفو الناظر يف أبواب األصوؿ‬
‫جدا أال يكوف قد‬
‫وىنا ستكوف مهمتو األوىل التنقيب يف كتب األصوؿ نفسها ألنو من البعيد ً‬
‫مت التعرض ‪ٞ‬نا يُظن أنو قد أُ‪٨‬نل أو أُغفل‪،‬ومىت وجد الناظر بعض ا‪ٛ‬نمل والعبارات ال ي تطرقت‬
‫‪ٟ‬نا فمعناه أنو يسًن يف االْناه الصحيح‬
‫أما اذا مل ‪٩‬ند بعد التفتيش وسؤاؿ ا‪ٞ‬نختصٌن فليرتو يف ظنو وجود الفراغ ‪.‬‬
‫‪ -1‬اإل‪ٜ‬ناؽ ‪:‬‬
‫عمبل فا‪ٞ‬نسألة أو ا‪ٞ‬نبحث موجود‬ ‫وضوحا وأيسرىا ً‬
‫ً‬ ‫أي األخذ من العلوـ األخرى‪،‬وىو أكثرىا‬
‫معروؼ ولكن الصعوبة يف أمرين ‪:‬‬
‫* تربير ا‪ٜ‬ناجة إىل األخذ خاصةً وأف األوائل مل يُلحقوا من قبل ما يريد الناظر إ‪ٜ‬ناقو ‪.‬‬
‫* بياف القدر اتحمتاج إليو يف عملية اإل‪ٜ‬ناؽ وتفادي الزيادة غًن ا‪ٞ‬نفيدة لؤلصويل ‪.‬‬
‫‪ -3‬التعزيز ‪:‬‬
‫وىو إضافة ضابط أو مسألة إىل باب أصويل مستقر‬
‫وىي نوعاف ‪:‬‬
‫* إضافة ابتدائية وىي ا‪ٞ‬نتبادرة واألكثر ‪.‬‬
‫* ٓنويل اإلشكاؿ إىل مسألة أو ضابط يف الباب مىت كاف فيو صفة الكلية ا‪ٞ‬ننهجية ‪-‬أي‬
‫أحكاما فرعية كثًنة‪ -‬مثل ‪:‬‬
‫ً‬ ‫تشمل‬
‫ىل يرد النسخ على األحكاـ ال ي من السياسة الشرعية ؟‬
‫ىل األوامر والنواىي اإلرشادية "ال ي تكوف ‪ٞ‬نصلحة دنيوية" ال تكوف إال يف دليل السنة وال‬
‫تتأتى يف القرآف ؟‬
‫واآلف إىل لب ا‪ٞ‬نقالة وىي مقرتحات اإلضافة ‪.‬‬
‫القسم األوؿ ‪ /‬الفنوف ا‪ٞ‬نتصلة باألصوؿ‬
‫سبق يف السلسلة الكبلـ عن العلوـ ال ي ‪ٟ‬نا صلة بعلم األصوؿ من علوـ القرآف وعلوـ‬
‫ا‪ٜ‬نديث والببلغة وا‪ٛ‬ندؿ والقانوف وما فيها من ‪٠‬ناالت االستثمار يف علم األصوؿ‪،‬وىنا إ‪٩‬ناز‬
‫لتلك ا‪ٞ‬نقرتحات ‪:‬‬
‫‪ -‬علوـ القرآف ‪:‬‬
‫* داللة ا‪ٞ‬نناسبات‬
‫* قواعد الرتجيح التفسًنية‬
‫* بعض الضوابط وا‪ٞ‬نسائل‬
‫‪ -‬علوـ ا‪ٜ‬نديث ‪:‬‬
‫* االحتجاج با‪ٜ‬نديث الضعيف‬
‫* العمل با‪ٜ‬نديث الضعيف‬
‫* استثمار علم ‪٢‬نتلف ا‪ٜ‬نديث وتأويل مشكلو يف دفع التعارض ‪.‬‬
‫‪ -‬الببلغة ‪:‬‬
‫داللة السياؽ والقرائن‪،‬نظمها وتنظيمها وجعلها على مراتب ‪.‬‬
‫‪ -‬ا‪ٛ‬ندؿ ‪:‬‬
‫عقد فصل خاص با‪ٛ‬ندؿ األصويل‬
‫وىو وسط بٌن ا‪ٛ‬ندؿ ا‪ٞ‬ننطقي وجدؿ الفقهاء‪،‬فيعرض ا‪ٛ‬ندؿ بصورتو األصلية العامة و‪٩‬نعل‬
‫تطبيقاتو على ا‪ٞ‬نباحث األصولية وتكوف أمثلتو فقهية ‪.‬‬
‫مثبل ‪:‬‬
‫فيقاؿ ً‬
‫االستفسار معناه ا‪ٛ‬نديل وىل ىو قادح أـ ال‪،‬مث يطبق االستفسار على دليل الكتاب والسنة‬
‫واإلٗناع والقياس‪،‬وتكوف األمثلة لكل نوع أمثلة فقهية ‪.‬‬
‫ويستحسن نقل قوادح العلة إليو فبل تذكر يف باب العلة ‪.‬‬
‫‪ -‬القانوف ‪:‬‬
‫* مباحث ا‪ٜ‬نق‬
‫* استثمار النظريات يف استخبلص القواعد والقضايا ا‪ٞ‬ننهجية مثل االحتياط ‪.‬‬
‫تلك علوـ مستقلّة ومغايرة لعلم األصوؿ‪،‬وليست ىي ا‪ٞ‬نرادة ىنا ‪.‬‬
‫فن من علم األصوؿ أو علم من‬ ‫ّأما الفنوف ا‪ٞ‬نتصلة باألصوؿ فهي ال ي ‪٬‬نكن وصفها بأهنا ّإما ٌّ‬
‫علوـ الفقو‪،‬وىاتاف جهتا اشرتاكهما مع علم األصوؿ‬
‫واإلضافة ىنا إىل علم األصوؿ يف غالبها من اإل‪ٜ‬ناؽ‪،‬وىنا أفكار فيها ‪:‬‬
‫‪ -2‬أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ الفقهي ‪:‬‬
‫بالفن ا‪ٞ‬نستقل من فنوف الفقو وفيو مؤلفات ودراسات‬ ‫أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ بٌن الفقهاء صار أشبو ّ‬
‫خاصة‪،‬ونظرا ‪ٞ‬نا فيو من رؤية كلية يف جانب اختبلؼ الفقهاء وتكييفو ففيو صلة وثيقة بعلم‬‫ً‬
‫عددا من أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ الفقهي يعود إىل علم األصوؿ نظريًا أو تنز ًيبل‬ ‫األصوؿ كما أف ً‬
‫وباب أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ الفقهي مل يغلق بعد و‪٬‬نكن استنتاج أسباب غًن ا‪ٞ‬نعروفة ا‪ٞ‬نذكورة مىت‬
‫نُظر إىل كتب الفقهاء ابتغاء ٓنليل أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ فيها‪،‬كما ‪٬‬نكن االستفادة من أسباب‬
‫ا‪ٝ‬نبلؼ بٌن ا‪ٞ‬نفسرين وأثر ا‪ٜ‬نديث يف اختبلؼ الفقهاء يف ٓنريك احتماالت األسباب ا‪ٞ‬نمكنة‬
‫أو يف جودة تصنيفها ‪.‬‬
‫إذف فهذا الباب ليس من علم األصوؿ ولكن طا‪ٞ‬نا أف كتب األصوؿ "تنظّم عقل الفقيو" بل‬
‫ىي ا‪ٞ‬نصدر األساس والوحيد ‪ٟ‬نذه ا‪ٞ‬نهمة التكوينية لطالب الفقو فمعرفتو ْنعل الفقيو وىو‬
‫ضمو إىل كتب األصوؿ ‪ٟ‬نذا السبب‬ ‫يطالع أو يبحث مسائل الفقو ‪٪‬نسن النظر فيها فيمكن ّ‬
‫يبقى تلخيص تلك األسباب بصورة مركزة مث االىتماـ باألسباب القريبة إىل علم األصوؿ‬
‫تفصيبل ىو العمل ا‪ٞ‬ننتظر يف عملية اإل‪ٜ‬ناؽ ‪.‬‬
‫ً‬ ‫وجعلها أكثر دقة وأكثر‬
‫أيضا لو دور كبًن يف أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ‪،‬واللغة من مصادر علم األصوؿ‬ ‫وللتنبيو فا‪ٛ‬نانب اللغوي ً‬
‫ويف كتاب "أمايل الدالالت" للشيخ ابن بيو أفكار ‪٬‬نكن االستفادة منها وتطويرىا‬
‫كما أف علم الصرؼ لو حضور يف أسباب ا‪ٝ‬نبلؼ الفقهي جديرة بالتنصيص عليها ‪.‬‬
‫‪ -1‬علم ا‪ٞ‬نقاصد ‪:‬‬
‫ومسائلو الرئيسية ال ي قُػ ّعدت فيما بعد ‪٩‬نب إحساف عرضها يف كتب األصوؿ واالنتقاؿ من‬
‫حالتها السابقة حيث مل يأخذ علم ا‪ٞ‬نقاصد حينها شكلو ا‪ٞ‬نستقر ‪.‬‬
‫‪ -3‬التخريج ‪:‬‬
‫أنواعو وأحكامو وأىم طرقو‪،‬البد من عقد فصل موجز فيو ‪.‬‬

‫القسم الثاين ‪ /‬اإلضافة ا‪ٝ‬ناصة‬


‫وىي الناْنة عن النظر يف العلم نفسو‪،‬وفيها مقرتحات ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬مباحث ا‪ٜ‬نكم ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬مراتب األحكاـ ‪:‬‬
‫مبحث من األ‪٨‬نية ّنكاف‬
‫ٌ‬ ‫درجات ومراتب األحكاـ التكليفية وطرؽ معرفة ا‪ٞ‬نرتبة‪،‬وىو‬
‫نعم يوجد شيئ من ىذا يف الواجب وا‪ٞ‬نستحب‪،‬فتذكر كثًن من كتب األصوؿ مراتبها ودرجاهتا‬
‫لكن يبلحظ عليها ‪:‬‬
‫مستقرا فبعض الكتب تذكره وبعضها ال تذكره‪،‬وىو يستحق أ ْف يكوف‬ ‫ً‬ ‫* أهنا ليست مبحثًا‬
‫يتحصل عليو كل دراس ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مبحثا أساسيًا‬
‫* بياف طرؽ كل مرتبة "كيف نعرؼ ا‪ٞ‬نرتبة والدرجة من النص" وىو أمر زائد على ‪٠‬نرد إثبات‬
‫ا‪ٜ‬نكم‬
‫أيضا مراتب وىي ُناجة إىل بياف ‪.‬‬ ‫* اتحمرـ وا‪ٞ‬نكروه وا‪ٞ‬نباح ً‬
‫‪ -1‬فرض الكفاية ‪:‬‬
‫طرؽ داللتو وكيف نستخرجو من النصوص ‪.‬‬
‫‪ٖ -3‬نرة األدلة ‪:‬‬
‫ا‪ٞ‬نعروؼ أهنا األحكاـ من تكليفية ووضعية‪،‬ولكن ىل ىي مقتصرة عليها ؟‬
‫الواقع أنو يوجد نوعاف آخراف ينبغي النظر فيهما باىتماـ ويشرتكاف يف كوهنما ٖنرة األدلة‬
‫"ما تدؿ عليو ويستخرج منها" ‪:‬‬
‫* ا‪ٜ‬نق ‪ :‬وسبق الكبلـ عنو يف السلسة ‪.‬‬
‫ويؤكد ىنا أف بعض كتب األصوؿ قد أفردت ا‪ٜ‬نقوؽ ّنبحث ولكن ليس على الوجو ا‪ٞ‬نقرتح ىنا‬
‫كما يف أكثر كتب ا‪ٜ‬ننفية وبعض كتب ا‪ٛ‬نمهور كالقرايف يف التنقيح وابن جزي يف التقريب ‪.‬‬
‫* الوصف الشرعي ‪:‬‬
‫أقرىا وصارت معتربة وترتتب عليها األحكاـ‬ ‫وىي األوصاؼ ال ي ‪ٚ‬نّاىا الشرع أو ّ‬
‫فتعيٌن ىذه األوصاؼ وإناطتها بأعياهنا حكم شرعي يستفاد من النصوص‬
‫وذلك مثل ‪ :‬الطهارة والنجاسة‪،‬البلوغ ‪.‬‬
‫فعندما يقاؿ إف ا‪ٝ‬ننزير ‪٤‬نس فهذا حكم يف ذاتو إذ أضيف ىذا الوصف الشرعي إىل‬
‫العٌن‪،‬فكيف عرفنا ىذا ؟‬
‫وكذلك إذا قلنا إف البلوغ ‪٪‬نصل بسن ا‪ٝ‬نامسة عشرة فهذا يف نفسو حكم‪،‬مث كوف البلوغ شرط‬
‫يف وجوب الصبلة فهذا حكم آخر وىو شرطيتو للصبلة ‪.‬‬
‫شرعا لو أسبابو وشروطو وموانعو ‪٣‬نا يدؿ على أنو حكم مستقل يف‬ ‫والوصف الشرعي أو ا‪ٞ‬نعترب ً‬
‫مثبل "البيع سبب للملك" فهو سبب ‪ٞ‬ناذا ؟‬ ‫نفسو‪،‬فإذا قيل ً‬
‫ا‪ٞ‬نراد سبب للملك الذي اعتربه الشارع ‪.‬‬
‫وقد تصور بعض األصوليٌن كالقرايف إمكاف انفراد ا‪ٜ‬نكم الوضعي عن ا‪ٜ‬نكم التكليفي وأنو‬
‫‪٬‬نكن أف يوجد خطاب الوضع بدوف التكليف دوف أف يطرحوا سؤ ًاال سًند حينها ‪:‬‬
‫‪ٞ‬ناذا انفرد وما فائدتو حينئذ ؟ كيف يوجد سبب وشرط ومانع دوف حكم ؟ ىي أسباب‬
‫وشروط وموانع ألي شيئ ؟‬
‫ولعل يف ىذه الفكرة تفسًن ‪ٟ‬نذه ا‪ٜ‬نالة ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن األوصاؼ الشرعية ما يعرؼ با‪ٞ‬نقدرات أو التقديرات كأنصبة الزكاة ومقدار الكفارات‬
‫واألصوليوف يبحثوهنا فيما ‪٩‬نري فيو القياس ‪٣‬نا يدؿ على أهنا أحكاـ يف نفسها ‪.‬‬
‫وا‪ٞ‬نقدرات يطلق عليها التقديرات‬
‫وأحيانًا يراد بالتقديرات معىن آخر وىو إعطاء ا‪ٞ‬نوجود حكم ا‪ٞ‬نعدوـ وا‪ٞ‬نعدوـ حكم‬
‫نوعا آخر وىو ا‪ٜ‬نجاج الذي يستند إليو‬ ‫ا‪ٞ‬نوجود‪،‬والقرايف اقرتح إ‪ٜ‬ناقو ِنطاب الوضع كما اقرتح ً‬
‫مستقبل مع أهنا يف‬
‫ً‬ ‫قسما‬
‫القضاة يف األحكاـ‪،‬ونبّو الزركشي إىل أهنما يرجعاف إىل السبب وليسا ً‬
‫الواقع ‪ٟ‬نا معىن ‪٢‬نتلف ىو أقرب إىل القاعدة الفقهية وال ينبغي إ‪ٜ‬ناقهما ِنطاب الوضع ُناؿ ‪.‬‬
‫وكبل‪٨‬نا ‪ -‬أي ا‪ٜ‬نق والوصف الشرعي‪ -‬يثبت ّنا تثبت بو أحكاـ التكليف وخطاب‬
‫الوضع من حيث الدليل وطرؽ الداللة‪،‬والبحث اآلف عن موضعهما األليق يف مباحث ا‪ٜ‬نكم‬
‫حىت ولو كاف األنسب ٔنصيصهما بنوع مستقل ‪.‬‬
‫‪ -3‬األحكاـ الوضعية ‪:‬‬
‫أحكاما بل عبلمات وأوصاؼ للحكم التكليفي‬ ‫ً‬ ‫وىي يف حقيقتها أحكاـ ولو مل تسم‬
‫كما يراه بعض األصوليٌن‪،‬وفيها أمور ‪:‬‬
‫‪ -‬طرؽ معرفة األحكاـ الوضعية ‪-‬عدا العلة ال ي ُخدمت يف ىذا ا‪ٛ‬نانب ّنا يزيد عن ا‪ٜ‬ناجة‪-‬‬
‫كيف نستخرج السبب والشرط وا‪ٞ‬نانع ؟ ىل تُذكر الطرؽ كي يعرؼ طالب العلم كيف ثبتت‬
‫وكيف يستخرجها ويستطيع التعرؼ عليها وىو يدرس النصوص ؟‬
‫وىنا تنبيهاف ‪:‬‬
‫* مل يذكر األصوليوف ‪ٟ‬نا طرقًا خاصة بسبب أف الطرؽ ال ي تثبتها ليست ‪٢‬نتصة بكل حكم‬
‫منها بعينو كما ىو الواقع يف الواجب وا‪ٞ‬نستحب وباقي التكليفات بل ىي طرؽ تثبت هبا سائر‬
‫األحكاـ وذلك مثل ثبوت الشرط بتخصيص العاـ وتقييد ا‪ٞ‬نطلق‪،‬ومثل ثبوت السبب بطرؽ‬
‫تثبت هبا العلة وإ‪٧‬نا الفرؽ يف حقيقة السبب والعلة‪،‬وىكذا‬
‫ولكن ىذا ال ‪٬‬ننع ذكر بعض الطرؽ كي يعرؼ الفقيو الطرؽ الصا‪ٜ‬نة إلثباهتا ‪.‬‬
‫* إف طريقة استخبلص تلك الطرؽ ىي بالنظر إىل تصرفات الفقهاء وىذه ىي طريقة ا‪ٜ‬ننفية‬
‫"مدرسة الفقهاء" يف إنشاء القواعد األصولية‬
‫منهج يف ثبوت القواعد‪،‬وقد‬‫أيضا ٌ‬ ‫وليُعلم أف طريقة ا‪ٜ‬ننفية ليست ‪٠‬نرد مدرسة ‪٢‬نتصة بل ىي ً‬
‫وقع يف مدرسة ا‪ٛ‬نمهور كثًنٌ من ذلك كما تراه مث ًبل يف كتاب العدة للقاضي أيب يعلى‬
‫وعليو فبل يوجد إشكاؿ منهجي يف إحيائها واستعما‪ٟ‬نا ىنا ‪.‬‬
‫وصف وضعي البد من ٕنييز طرؽ ثبوتو وكيف نقرر وصف الركنيّة حىت ال‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -‬الركن كذلك‬
‫يشتبو مع الواجب "حكم تكليفي" والشرط "حكم وضعي" ‪.‬‬
‫‪ -‬مسالك العلة ليست ‪١‬نصورة ّنا ىو مذكور بل ‪٬‬نكن الزيادة عليها من تصرفات الفقهاء‬
‫جديدا أو داخلة يف مسلك مذكور ‪.‬‬ ‫نوعا ً‬ ‫وتكوف حينها ّإما ً‬
‫‪ -‬باب ا‪ٜ‬نكم الوضعي بأكملو ُناجة إىل وقفة وٓنليل وإعادة نظر ال ‪٪‬نتملها ىذا ا‪ٞ‬نقاـ‬
‫وتستحق مقالة مفردة ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ -‬األدلة ‪:‬‬
‫‪ -2‬السنة اإلقرارية‬
‫‪ -1‬السنة الرتكية‬
‫وكبل‪٨‬نا ُخدـ يف العصر ا‪ٜ‬ناضر بدراسات مستقلة وا‪ٝ‬نطوة التالية استخبلص أصوؿ البابٌن‬
‫وقواعد‪٨‬نا األساسية لتأخذ مكاهنا يف العلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬داللة الفعل ‪:‬‬
‫األفعاؿ ‪ٟ‬نا دالالت ومنها ا‪ٞ‬نطابقية والتضمنية بل حىت االلتزامية من إ‪٬‬ناء واشارة ُنسب القصد‬
‫من الفعل‬
‫فسجوده عليو الصبلة والسبلـ عقب قراءة سورة النجم يدؿ على أف سبب السجود ىو التبلوة‬
‫"إ‪٬‬ناءٌ أَنتج حكم السبب"‬
‫حكما ىو الطهارة "‬
‫وطوافو بالبيت على البعًن يدؿ على طهارة روثو "إشارةٌ أنتجت ً‬
‫ولكن ىذه الدالالت مل ‪٪‬نصل ‪ٟ‬نا ما حصل لدالالت األلفاظ من ٕنييز ألنواعها وتقسيمها‬
‫ودرجاهتا وتلقيبها بألقاب خاصة يف باهبا‬
‫ّأما ا‪ٞ‬نطابقة والتضمن يف الفعل فرّنا لظهور‪٨‬نا ولكن ىذا ال ‪٬‬ننع االجتهاد فيها ألف داللة اللفظ‬
‫ا‪ٞ‬نطابقية والتضمنية أظهر من داللة الفعل هبما ومع ذلك فُرزت ولُّقبت بلقب خاص يف باب‬
‫داللة اللفظ‬
‫و ّأما داللة الفعل االلتزامية فلعل سبب عدـ إفرادىا ىو جعلها من باب االستدالؿ‬
‫بالتبلزـ‪،‬فكثًن من صور االستدالؿ بالتبلزـ تكوف من دليل الفعل –أي استخراج حكم من‬
‫يقة غًن ا‪ٞ‬نطابقة والتضمن‪ -‬خاصة وأهنا تصاغ على صورة القياس االستثنائي‬ ‫فعل نبوي بطر ٍ‬
‫الشرطي ا‪ٞ‬نتصل الذي يقاؿ فيو غالبًا "لو مل يكن كذا ‪ٞ‬نا كاف كذا‪،‬إف مل يكن كذا لكاف كذا"‬
‫مع أف جعل استخراج الداللة من الفعل النبوي وربطها بو مباشرة وأهنا من داللة الفعل أقوى‬
‫وأقرب من التبلزـ ألهنا حينئذ تكوف داللة ‪٢‬نتصة بالفعل نابعة ومستخرجة منو ِنبلؼ التبلزـ‬
‫الذي يقع حىت يف األقيسة ‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلٗناع الرتكي ‪:‬‬
‫أي اإلٗناع على الرتؾ وعدـ الفعل أو القوؿ‬
‫وىو صورة مهمة من صوره‪،‬وخدمة ىذا النوع شحيحة يف البحوث ا‪ٞ‬نعاصرة ‪.‬‬
‫‪ -٥‬تتميم بعض مباحث القياس ‪:‬‬
‫ومن أ‪٨‬نها ‪:‬‬
‫‪ -‬القياس يف ا‪ٜ‬نكم الوضعي‪،‬وفيو أمراف ‪:‬‬
‫* القصد أ ْف يُعرض هبذا العنواف الذي يعين القياس على األسباب والشروط وا‪ٞ‬نوانع ألهنا‬
‫أحكاـ‪،‬فتكوف الصورة واضحة يف ذىن الدارس ألهنا يف واقع كتب األصوؿ تُعرض على ىيئة‬
‫قرف مع القياس يف الكفارات وا‪ٜ‬ندود وغًنىا‪،‬وىذا ال ‪٩‬نعل الفكرة واضحة‬ ‫مسائل منفردة وتُ َ‬
‫حىت وإ ْف ذُكرت األحكاـ الثبلثة كاملة كما يف ٗنع ا‪ٛ‬نوامع‬
‫وكثًنٌ من كتب األصوؿ تكتفي ببعض أنواع ا‪ٜ‬نكم الوضعي دوف بعض ‪٣‬نا يعزز الصورة‬
‫االنفرادية ‪ٟ‬نا بينما ىي مبحث واحد ‪.‬‬
‫* القياس يف البطبلف "الفساد" ‪:‬‬
‫مل أقف على من تعرض ‪ٟ‬نا وىي جديرة بالتنصيص عليها ألف ا‪ٞ‬نفرتض وجودىا كباقي أنواع‬
‫أيضا يف كتب الفقو فالفقهاء يقيسوف على ا‪ٞ‬نفسدات‬ ‫القياس على ا‪ٜ‬نكم الوضعي ولوقوعها ً‬
‫كما تراه يف مفسدات العبادات ا‪ٞ‬نختلفة‬
‫ّأما الصحة فبل ٓنتاج إىل ُنث القياس فيها الرتباطها يف العبادات بالشروط وا‪ٞ‬نوانع وألهنا‬
‫األصل يف األفعاؿ والتصرفات يف غًن العبادات ‪.‬‬
‫وفصلها عن القياس يف العبادات بصورىا ‪.‬‬
‫‪ -‬إفراد مسألة القياس يف التعبديات وهبذا العنواف ْ‬
‫‪ -‬حكم التعليل با‪ٞ‬نصلحة وطرقو وأنواعو ‪-‬وىو غًن حجية ا‪ٞ‬نصلحة وغًن التعليل با‪ٜ‬نكمة‪-‬‬
‫وىي مل تبحث فيما يبدو مع أ‪٨‬نيتها ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ -‬دالالت األلفاظ ‪:‬‬
‫مادة غنيّة‪،‬وىي أحواؿ ‪:‬‬
‫فيها ‪٠‬ناؿ واسع لبلستثمار واإلضافة‪،‬وشروح أحاديث األحكاـ ّ‬
‫* ما نُص عليو على أنّو قاعدة أو ضابط أو مسالة‪،‬وىو كثًن ‪.‬‬
‫* ما يظهر من تصرفهم وىو األكثر ‪.‬‬
‫جرد تلك الكتب كشروح ابن دقيق العيد كي يوضع رأي أصحاهبا يف عناوين‬ ‫ومن القصور ُ‬
‫مسائل األصوؿ ا‪ٞ‬نوجودة ا‪ٞ‬نعروفة ! فإف القيمة األىم يف كتب ىؤالء اتحمققٌن ىي يف إضافة‬
‫ا‪ٞ‬نسائل والضوابط والقواعد غًن ا‪ٞ‬نذكورة ‪.‬‬
‫ومن أمثلة نصوص ابن دقيق العيد ال ي تستحق اإل‪ٜ‬ناؽ ‪:‬‬
‫"احتماؿ اللفظ للمعىن أ ْف يكوف ُنيث إذا عُرض اللفظ على ا‪ٞ‬نعىن مل يأبو ومل ينافره‪،‬وداللةُ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫اللفظ على ا‪ٞ‬نعىن أ ْف يتناولو بإحدى الدالالت "‪.‬‬
‫‪" -‬ليس من شرط اللفظ ا‪ٞ‬نستدؿ بو أال ‪٬‬نكن ذكر ما ىو أقوى يف الداللة منو "‪.‬‬
‫وستأيت يف فقرة الضوابط األصولية تتمة ‪.‬‬
‫ومن مباحث داللة األلفاظ ال ي ٓنتاج إىل تكميل ‪:‬‬
‫‪ -2‬صيغ وصور ا‪ٞ‬نطلق‬
‫ولن تكوف كثًنة كصيغ العموـ ولكن تتبعها وذكرىا ‪٠‬نموعة ‪٬‬ننع ا‪ٝ‬نلط بٌن العاـ وا‪ٞ‬نطلق ‪.‬‬
‫‪ -1‬ا‪ٝ‬ناص عند ا‪ٛ‬نمهور ‪:‬‬
‫فيو قصور على حساب مباحث التخصيص أي من حيث تعريفو وأنواعو وصيغو ‪.‬‬
‫‪ -3‬االبتكار ‪:‬‬
‫يتأملها ويُقبل عليها‬
‫مباحث داللة اللفظ ترجع إىل علوـ اللغة‪،‬واللغة ما زالت معطاء ًة ‪ٞ‬نن ّ‬
‫وما زالت فروع اللغة تزيد حىت يف عصرنا ا‪ٜ‬ناضر‬
‫حاصل يف نظر اللغوي إىل اللغة فكيف بنظر األصويل إىل اللغة ؟‬
‫ٌ‬ ‫إذا كاف ىذا‬
‫األصويل الذي ينظر بعقليّة ‪٢‬نتلفة عن اللغوي ولو ىدؼ ‪١‬ندد‬
‫ومن مباحث دالالت األلفاظ ال ي تنتظر اإلنشاء والتكوين ‪:‬‬
‫داللة الكل على ما يتضمنو أو مشوؿ الكل ألجزائو‪،‬وىو ‪٫‬نتلف عن داللة العاـ ال ي ىي مشوؿ‬
‫وحضورا‬
‫ً‬ ‫الكلي ألفراده ويوازيو أ‪٨‬نية‬
‫ومثالو داللة غسل الوجو ‪ٛ‬نميع أجزائو يف الوضوء ‪.‬‬
‫وىو ُناحة إىل إفراد ّنبحث كامل من تعريف وأحكاـ خاصة بو‬
‫كثًنا بالعاـ و‪٩‬نعلوف‬
‫وعدـ ٕنييزه بنوع مستقل من دالالت األلفاظ جعل الفقهاء يعربوف عنو ً‬
‫داللتو على أجزائو بطريقة العموـ ألهنم ال يعرفوف للشموؿ سوى مصطلحي العاـ‬
‫وا‪ٞ‬نطلق‪،‬وتكوين مبحث خاص ينهي ىذه ا‪ٞ‬نشكلة ويسمح بتطور مباحثو وإتقاف مسائلو مع‬
‫الزمن وىو ما مل ‪٪‬ندث طا‪ٞ‬نا أنو كامن غامض ‪.‬‬
‫ابعا ‪ /‬أعماؿ األصوليٌن ‪:‬‬
‫رً‬
‫أي جهودىم ا‪ٞ‬نستمرة يف تنظيم علم األصوؿ نفسو والوظائف ال ي ال يقوـ هبا غًنىم‬
‫ومن ‪٠‬ناالت اإلضافات ا‪ٞ‬نمكنة ‪:‬‬
‫‪ٕ -2‬نييز االستدالؿ العقلي ‪:‬‬
‫ىذه إحدى النقاط ا‪ٞ‬نهمة‪،‬وا‪ٞ‬نقصود هبا بياف الفرؽ بٌن االستدالؿ العقلي وا‪ٞ‬ننطق‬
‫فا‪ٞ‬نبادئ العقلية الفطرية ليست ىي ا‪ٞ‬ننطق وال من االستدالؿ ا‪ٞ‬ننطقي بل ىي ضرورات أولية‬
‫كليّة مركوزة يف فطرة اإلنساف‬
‫ولئن استبعدنا ا‪ٞ‬ننطق من جنس األدلة واالستدالؿ و‪٥‬نن نصحح مسار علم األصوؿ فيجب أال‬
‫‪٦‬نلط بينهما‪،‬ولئن أساء الذين أقحموا ا‪ٞ‬ننطق يف منهج االستدالؿ للعلوـ فإف علينا أف ‪٥‬نسن‬
‫بإدخاؿ ىذا األصل الفطري الصحيح يف باب االستدالؿ ا‪ٞ‬نعترب‬
‫النص عليو وٕنييزه يف كتب األصوؿ وذكر أىم ركائزه واستخراج أمثلتو الفقهية القليلة‬
‫فبلبد من ّ‬
‫جدا كما يُتوقع‬
‫ً‬
‫ويف نظرية ا‪ٞ‬نعرفة اإلسبلمية وُنوث ابن تيمية مادة كافية ‪.‬‬
‫‪ -1‬الضوابط األصولية ‪:‬‬
‫جدت أنواعٌ من القواعد ال ي حرص‬
‫تبقى القواعد ا‪ٛ‬نامعة من ركائز العلوـ‪،‬ويف ‪٠‬نالنا ُو ْ‬
‫العلماء على التفريق بينها كي يسهل إعماؿ كل نوع يف بابو على وجو صحيح وىي القواعد‬
‫األصولية والقواعد الفقهية ‪-‬السيما الكربى‪ -‬والضوابط الفقهية‬
‫مشوال من الضوابط كما ىو معلوـ ‪.‬‬
‫والقواعد أكرب وأكثر ً‬
‫أيضا أف لؤلصوؿ قواعد خاصة ولكن أين الضوابط ؟‬‫ومن ا‪ٞ‬نعلوـ ً‬
‫فكرةُ وجود الضوابط مفيدة من وجوه‪،‬منها ‪:‬‬
‫تأمل مسائل الباب الستخراج الضابط ‪:‬‬‫* إمكاف ّ‬
‫فإف الناظر لو مل يكن لديو خيار ّإال إنشاء القاعدة لصعب عليو األمر ‪ٞ‬نا للقاعدة من سعة‬
‫ومشوؿ ِنبلؼ الضوابط الختصاصها بباب معٌن ‪.‬‬
‫أي ضابط !‬‫ففيها ٓنفيز لضبط األبواب وللغوص فيها ولو مل يستخرج يف النهاية ّ‬
‫* الضوابط تصحح فهم الباب وتعٌن على دقة التنزيل يف الفروع ‪.‬‬
‫يسر تزويد األصوؿ ّنا يعٌن على أغراضو ‪:‬‬
‫* تُ ّ‬
‫سهل إدخاؿ كثًن من ا‪ٞ‬نسائل ا‪ٞ‬نبثوثة‬ ‫ستحضرت فكرهتا وأشيعت ُ‬ ‫ْ‬ ‫فالضوابط األصولية مىت اُ‬
‫وا‪ٞ‬نتناثرة يف كتب الفقو وتفسًن آيات األحكاـ وشروح ا‪ٜ‬نديث ال ي ىي يف حقيقتها ضوابط‬
‫وسهل تقبّل ذلك يف دائرة ا‪ٞ‬نختصٌن‬‫إىل مواضعها ا‪ٞ‬نناسبة من كتب األصوؿ ُ‬
‫وىذا التقبل واالستعداد ال يكوف إال بتهيئة مسبقة و‪٧‬ناذج مبادرة ‪.‬‬
‫ومن أمثلة الضوابط قوؿ ابن دقيق العيد ‪:‬‬
‫" إذا قل التخصيص ظهر قصد التعميم وإذا كثر التخصيص ظهر قصد عدـ التعميم "‬
‫فهذا ضابط ‪٬‬نكن إ‪ٜ‬ناقو يف باب العاـ وا‪ٝ‬ناص ‪.‬‬
‫‪ -3‬التنظيم ‪:‬‬
‫ومن أعما‪ٟ‬نم التنظيم والرتتيب حىت ال توضع قاعدة يف غًن مكاهنا ولغًن غرضها‬
‫ومن أىم ما ‪٪‬نتاجو علم األصوؿ الفصل بٌن قواعد االستدالؿ ال ي تعمل يف النصوص مباشرة‬
‫وقواعد الرتجيح ال ي تعمل عند اختبلؼ األقواؿ أو تعدد االحتماالت مثل قاعدة ا‪ٞ‬نثبت يقدـ‬
‫على النايف ‪.‬‬
‫فأحسب أف الصورة ما تزاؿ غًن واضحة ال من حيث الفكرة نفسها وال من حيث تعيٌن قواعد‬
‫النوعٌن ‪٣‬نا ٕنتلئ بو مدونات األصوؿ‪،‬وىذا ‪٪‬نتاج إىل عمل ‪.‬‬
‫‪ -3‬ا‪ٞ‬نصطلحات األصولية ‪:‬‬
‫وعمل األصوليٌن يف جهتٌن ‪:‬‬
‫‪ -‬بياف معاين مصطلحات الفقو ا‪ٞ‬نتعلقة بعملية االستدالؿ‬
‫ومل تنتو ىذه ا‪ٞ‬نهمة بعد خاصة يف األلفاظ ا‪ٞ‬نرادفة للمصطلحات األصولية ا‪ٞ‬نستقرة كمرادفات‬
‫السبب والفساد‪،‬وإطبلقات ا‪ٛ‬نواز وا‪ٛ‬نائز ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن أعما‪ٟ‬نم كذلك الوضع "إنشاء ا‪ٞ‬نصطلح" للمعاين ا‪ٞ‬نستخلصة‬
‫أيضا يف دالالت األلفاظ ‪.‬‬‫وسبق مثا‪ٟ‬نا يف داللة الفعل‪،‬و ً‬
‫وختاما‬
‫ً‬
‫ىذه ليست إال مقرتحات أحسب أهنا تستحق النظر وا‪ٞ‬ندراسة‬
‫و‪٠‬نرد تداو‪ٟ‬نا والتفكًن فيها يعين أف علم األصوؿ الزاؿ ُناجة إىل عمل كبًن كي يصح فهمو‬
‫لدى دارسيو ويزيد من فعاليتو ويؤكد دوره الكبًن داخل العلوـ األخرى خاصة علوـ ا‪ٞ‬نقاصد من‬
‫علما تنظًنيًا ال عمل مباشر ألكثر مباحثو‬
‫قرآف وسنة وعقيدة وفقو‪،‬وأنّو ليس ً‬
‫كما تعين أف الظن بأف علم األصوؿ قد نضج أو نضج واحرتؽ أو أنّو ُناجة إىل التنقية‬
‫ٕناما ‪.‬‬
‫وا‪ٜ‬نذؼ دوف الزيادة كلها كلمات فيها ‪٠‬نازفة وواقع العلم نفسو ينافيها ً‬

‫وهللا أعلم‬
‫وصلى هللا على نبينا ‪١‬نمد وعلى آلو وصحبو أٗنعٌن‬

You might also like