Professional Documents
Culture Documents
ماذا يوجد في كتب أصول الفقه
ماذا يوجد في كتب أصول الفقه
تبدأ العبلقة بٌن أصوؿ الفقو واالعتقاد من حيث األصوؿ األُوىل ٟنما،فأصوؿ الفقو يف
تسمية األدلة الكليّة اإلٗناليّة يرجع إىل العقيدة .
واٜنديث عن األثر السليب لعلم الكبلـ يف علم األصوؿ كثًن وىناؾ جهود علمية جيدة يف ىذا
ماسة للمزيد
اٞنوضوع واٜناجة ّ
لكن أظن أف االْناه األصح واألكثر حاجة يف اٞنعاٛنة وليس ىذا اٞنقصود يف ىذه الكلمة و ْ
لنفع التخصص يكوف للتمييز أي ٕنييز ما كاف لعلم الكبلـ دور فيو .
فهناؾ اْناه للتنقية واالستبعاد وىذا مهم ولكن أمامو عقبتاف :
* اٜناجة إىل العمق يف عملية التصفية وليس للعمل السريع،وىذا يتطلب قوة يف علم الكبلـ
وليس التمكن يف العقيدة فقط .
* إدراؾ واستحضار الفصل بٌن علم الكبلـ واالْناه النظري يف تكوين مسائل وقواعد
األصوؿ،فتكوين علم األصوؿ لو اْناىاف :
-االنطبلؽ من الفروع لتأسيس األصوؿ
وغلبت ىذه الطريقة على اٜننفية،ووقعت يف كل اٞنذاىب .
-االستخبلص النظري من أدلة الشرع واللغة وآثار الصحابة والتنظًن منها للقواعد
وىي طريقة الشافعي يف الرسالة .
واٞنتكلموف كاف وٛنوىم األوؿ إىل علم األصوؿ عن طريق االْناه الثاين أكثر من االْناه األوؿ
وأدخلوا رؤيتهم من خبللو وغلبوا عليو
نقصا بل ىو طريقة منهجية مقبولة كما أف األُوىل منهجية فليس االْناه النظري خطأً وال ً
مقبولة وإ٧نا اٞنشكلة يف إقحاـ علم الكبلـ،فلينتبو إىل ىذه اٞنبلحظة عند التنقية
وباٞنناسبة ففي القانوف مدرستاف ومنهجاف لتأسيس القواعد القانونية :مدرسة التقعيد والتنظًن
ومدرسة العرؼ والسوابق
ويف النحو مدرستاف :بصرية تقعيدية وكوفية ٚناعية فروعية
فهما اْناىاف منهجياف طبيعياف يقعاف يف تأسيس العلوـ والقواعد .
صور األثر الكبلمي
األثر الكبلمي يف علم األصوؿ لو صور تستحق االستقراء بغرض تصنيفها وحصر
أنواعها،وىو مبحث مهم يف دراسة ىذه اٞنشكلة العريضة
فمنها :
-2إدخاؿ مسألة برأسها :
إما استطر ًادا كمباحث عجزات األنبياء،ولن يُعدموا مناسبة لبلستطراد
ٕنهيدا آلرائهم يف الباب األصويل كمسألة التكليف ّنا ال يطاؽ يف مسائل التكليف
أو ً
دفعا لتناقض يقعوف فيو كما يف إثبات العلة حيث يُضطروف لذكر مسألة تعليل أفعاؿ هللا . أو ً
-1اٞنراعاة يف صياغة التعريف :
اٞنعرؼ يف التحسٌن والتقبيح
ّإما ابتداءً كتعريف اٞنباح وذلك َنعل صيغة تعريفو توافق قوؿ ّ
خروجا من اعرتاض قد يرد كتعريف السبب،فمن نفى اٝنواص الذاتية لؤلشياء وتأثًنىاً وإ ّما
عرفو األشعرية بالتعريف اٞنشهور الذي
سيبلحظ ىذا النفي يف تعريف السبب لئبل يتناقض ولذا ّ
ىو تعريف للسبب عندىم يف األصوؿ وغًن األصوؿ بل حاوؿ بعضهم جعلو التعريف اللغوي
للسبب .
-3إحداث قوؿ يف مسألة أصولية أصيلة :
مثل القوؿ بالوقف يف صيغة العموـ .
-3االلتزاـ باألصل الكبلمي على صورة مسألة أصولية :
وىذا مهم بل األىم واألدؽ
علم منهجي،وتأسيس مسألة أصولية -أو ظاىرىا ولغتها كذلك -التز ًاما وذلك ألف األصوؿ ٌ
باٞنذىب الكبلمي يعين التأثًن بالدخوؿ يف علم منهجي على ّأهنا مسألةٌ من مسائلو
مثالو مسألة ىل يشرتط يف األمر إرادة اآلمر ؟
إىل غًن ذلك من الصور واألحواؿ ٣نا ىو جدير بالتصنيف وٕنييز األنواع .
وىذه التأثًنات ٓنتاج إىل تنقية للمبتدئ واٞنتوسط فيما يدرسوف ويقرأوف ّأما اٞنتخصص فبل
٪نتاج إال للتمييز والتبيٌن .
سؤاؿ اٞنقالة :
مؤثرا يف بنياف علم األصوؿ ؟
لكن السؤاؿ األىم ىل كاف علم الكبلـ ً
أسسو ال ي قاـ عليها وامتاز هبا عن العلوـ األخرى وأصولُو ال ي
اٞنقصود ببنياف أصوؿ الفقو ُ
إذا قيل علم أصوؿ الفقو استحضرىا الذىن،كتبو وأبوابو وقواعده ومسائلو األصيلة .
اٛنواب ال،ويؤّكد ىذا اٛنواب أمور ثبلثة :
-2أف أسس علم األصوؿ وضعها الشافعي وىو إماـ من أئمة السلف،فقياـ العلم كاف
صافيًا غًن ٢نتلط بشيئ .
-1أف الكتب ال ي وضعت مصفاة من القضايا الكبلمية -بل وغًن الكبلمية ٣نا يظنّو
الظا ّف أنّو ال ٖنرة لو٣ -نن اجتهد يف عملية التخليص قد أبقت بنياف العلم وىيكلو وقواعده
ومسائلو دوف استبعاد .
ومن -3أف أصوؿ الفقو معناه أدلة الفقو وطرقو اإلٗنالية وقواعده الكلية وكيف تستثمر َ
الذي يستثمرىا،وىذه كلها ال دخل لعلم الكبلـ يف تكوينها .
وىذا يقاؿ ٞنن يقرتح وضع أصوؿ فقو ألىل السنة أو ألىل األثر و٥نو ىذا،فعلم أصوؿ الفقو
منهج ألىل السنة يف االستدالؿ
قد قاـ منذ تكوينو وبُين على أنو ٌ
فأسس األصوؿ ثابتة معلومة من األدلة واألحكاـ والدالالت واالجتهاد ودفع التعارض ال ُ
ي ّدعي أحد وجود مشكلة فيها
اٜناجة فقط لتنقية وٕنييز الدخيل عليها،وأىم ما ٩نب ٕنييزه ما سبق ذكره يف اٞنسائل ال ي
صورهتا أصولية ومبناىا كبلمي
وىذا االستدراؾ يقاؿ ٞنن كاف عملو أو دعوتو ألصوؿ فقو ألىل السنة ال من كاف غرضو ٕنييز
األثر الكبلمي .
تأصيل قوي دقيق لعلم األصوؿ وذلك ٍ بل إنو ٬نكن استثمار ىذه اٞنسائل الكبلمية وآثارىا يف
امتياز عن
بإبقاء ىذه اٞنسائل مع بياف أصوٟنا الكبلمية وما القوؿ الصواب فيها فيحصل بذلك ٌ
اٞنناىج الدخيلة ومعرفةٌ متينة هبا وقوةٌ يف تأصيل اٞنذىب اٜنق وحصانةٌ عن التشكيك
فمن يشكك يف اإلٗناع اليوـ لن ٫نرج عن شبو النظّاـ اٞنعتزيل يف واقع اٜناؿ
وجودىا فرصةً لبناء علمي حصٌن وىو خًنٌ من تكرار الشكوى من آثارىا
فأصبح ُ
أصوال ألىل السنة قد حذؼ مسائل كثًنة ىي من اٛنوانب مع التنبيو على أف بعض من اقرتح ً
النظرية وليست من علم الكبلـ لكن األمر اختلط عليو أو ظنّها من تكلّفات األصوليٌن الذين
بعضهم تطبيق علم ِ
أخذوا ىذا الن َفس اٞنتكلف واٞنبالغ يف التنظًن من اٞنتكلمٌن،ولو حاوؿ ُ
ف يف شرح أحاديث األحكاـ أو كتاب فقهي لعرؼ أف ما األصوؿ على تفسًن فقهي أو مصن ٍ
ظنو من تكلّفات اٞنتكلمٌن ليس ّإال من صلب علم األصوؿ .
وهللا أعلم
اٜنلقة الثالثة
اٞننطق ومنطق األصوليٌن )2
اٜن ّد األصويل
مدخل :
مشكلة دخوؿ اٞننطق يف العلوـ الشرعية من القضايا العلميّة اٞنشهورة،وتضرر علم العقيدة
األخص حقيقةٌ شائعة فبل داعي لتكرار اٜنديث عنها ّ وعلم األصوؿ منو على
وىنا نقاط إليضاح غرض اٞنقالة :
* ىذه قضية تار٫نية وأصبح وجود اٞننطق وأثره حقيقة واقعة،وحلها ال يكوف ّإال ببياف األثر
اٞننطقي فيها
بطرؼ منو عند سائرٍ ٍ
بإتقاف ٣نن يريد اٞنشاركة يف عملية البياف،واألخ َذ وىذا يستدعي تعل َمو
اٞنتعلمٌن ليدركوا ىذا البياف .
* اٞنقصود باٞننطق ىو اٞننطق القدمي فهو الذي اختلط بكتب الرتاث الشرعية .
* أصوؿ مشكبلت اٞننطق اثناف :
-األصوؿ الفلسفية لو
حصر التفكًن بطرؽ وقوالب معينة . ْ -
* فيما يتعلق باألصوؿ ليُعلم أف األثر الكبلمي أكثر وأقوى من تأثًن اٞننطق،وسبق الوقوؼ معو
* عندما دخل اٞننطق كتب األصوؿ وصار جزءًا من اٞنقدمات األصولية كيف أخذه
األصوليوف؟ ىل عرضوه وقدموه كما ىو عند أىلو من اٞننطقيٌن اليوناف والعرب ؟
ىذه الفكرة الرئيسية يف ىذه اٞنقاالت
وال يعرؼ اٛنواب عنها ّإال بالنظر يف اٞننطق من كتب أىلو مث مقارنتو َنهود األصوليٌن
فيو،وىذا من ٠ناالت البحث اٛنديرة باالىتماـ وليس ما يقاؿ ىنا ّإال اٝنطوط العريضة ُنسب
وجهة نظر كاتبها .
* اٞنقدمات اٞننطقية يف كتب األصوؿ ىي نفسها ُناجة إىل دراسة خاصة ْنمع بٌن التار٫نية
"الرصد والتطور" واٞنقارنة وٕنييز مناىج األصوليٌن فيها .
بعد ىذا اٞندخل نطرح فكرة اٞنقالة :
ىل اٞنقدمة اٞننطقية يف األصوؿ خبلصةُ اٞننطق اليوناين ؟
جواب السؤاؿ سيكوف يف آخر اٞنقالة الثانية إذ يتم اٜنديث عن قسمي اٞننطق اٜند والربىاف .
واآلف إىل اٜند .
اٜند اٞننطقي
صحيحا يؤدي إىل سبلمة التفكًن حٌن يتم ً علما
العلم باٞنفردة ً
-2الغرض من اٜن ّد ُ
الربط بٌن الكلمات لتكوين اٛنمل "القضايا" ال ي يرتّكب منها االستدالؿ "الربىاف"
"التصور" الذي يكوف باٜند
ّ إذف فالعلم الصحيح باٞنفردة ىو
واٞنقصود بالعلم القطع وال يدخل الظن الغالب .
-1يتجو اٜند بأنواعو إىل التصور الكلي ٞنا يراد تعريفو وال ينظر يف اٛنزئيات وذلك
اٜنس والسواه
بسبب الغرض من اٜند عندىم كما سيأيت بيانو،ومصدر التصور ىو العقل ال ّ
من اٞنصادر .
وإما نظري
-3ما يراد تصوره ّإما ضروري ّ
فالضروري ال ٪نتاج إىل تعريف حىت ولو كاف حده ٣نكنًا
والنظري ىو الذي يطلب باٜند .
-3اٜند اٞننطقي طريقتو معرفة الشيئ ّناىيتو وحقيقتو،وقوامو يف ذلك على أجزاء اٞناىية
وٓنديدا اٛننس والفصل
ً ال ي ىي كليات الشيئ الذاتية
العرضية فليست من تكوين اٞناىية وإف وجدت فيها؛ألهنا ال تبلزمو باطّراد و ّأما الكليات َ
فيمكن أف يوجد بدوهنا و٬نكن أف تفارقو وبالتايل ال تُذكر يف اٜند
فاٛننس للذاتيات اٞنشرتكة
والفصل يكوف بالذايت الذي يفصلو عما يشرتؾ معو يف اٛننس
وىذه األلفاظ "اٞناىية،الكليات،الذاتيات" ليست ٠نرد مصطلحات فلسفية بل ىي فلسفة
بنفسها،إثبا ُهتا ومعناىا وما ينبين عليها نظريةٌ فلسفية واٜند اٞننطقي قاـ عليها،وسيأيت كيف وقع
الفصل بٌن اٞننطق والفلسفة ال ي بين عليها
عرض اٞننطق مع أصلو وليس معىن ىذا الكبلـ أ ْف يقاؿ إف بياف األصل الفلسفي للمنطق أو ْ
لكن وقوع الفصل بينهما ومع تطاوؿ العهد علمي بل ىذه قصتو وواقعو و ْ اكتشاؼ ّ
ٌ الفلسفي
نُسي األمر فصار إلعادتو إىل جذوره وربطو هبا قيمة وأ٨نية
تنبع أ٨نيتها وضرورهتا من كوهنا تعيد العلم إىل نصابو
وىكذا كثًن من القضايا العلمية ُ
وابن رشد يف شرح تلخيص أرسطو يتعامل مع اٞنوضوع وفق أصولو
أخذ اٞننطق مع فلسفتو يُزيل الكثًن من الغموض والصعوبة اٞنعروفة عنو فهي اٜنلقة بل إف ْ
اٞنفقودة يف كتب اٞننطق عند العرب خاصة اٞنتأخرة من متوف وشروح وحواش .
تعىن ارسطو ىذا ؟
ٞ - ٥ناذا ّ
ألنو هبذا كما يعتقد ٪نصل "العلم بالشيئ" فليس الغرض ٠نرد إدراؾ الشيئ ومعرفتو أو ٕنييزه
عن غًنه بل العلم القطعي بو الذي ال ٪نصل إال هبذه الطريقة
فاٜند التاـ ىو السبيل إىل اإلدراؾ اليقيين للمفردات
دليل على ضعف عقوؿ البشر وقصور ويف ىذه القضية العلمية والتار٫نية الكربى يف تراث األمم ٌ
أبدا أف يضعوا موازين ومعايًن عامة يف أي ٠ناؿ وليس يف التفكًن إدراكهم وأنو ال ٬نكن ٟنم ً
أمر فوؽ البشر هبا ٪نتكموف وإليها يرجعوف . فحسب،وأف اٞنعايًن العامة ٌ
-٦يُنبو ىنا إىل أف الغزايل وىو الذي رد على الفبلسفة قد أخذ منطقهم وشرحو كما ىو
فصلو عن الفلسفة ال ي قاـ عليها ألنو فيما يبدو اعتقد بإمكاف ْ
وتطور األمر بعده حىت صار من ضمن األقواؿ يف حكم تعلم اٞننطق عند اٞنتأخرين جو ُازه مىت
خبل عن الفلسفة مع أنو لن ٫نلو منها ُناؿ،كيف وىو قد قاـ عليها ؟
وابن حزـ كالغزايل يف ىذا اٞنوقف لكن جهود الغزايل ىي اٞنتلقاة واألكثر شهرة
مث الغزايل كاف لو دور مهم يف الفصل بٌن أنواع اٜندود بصورة واضحة ويف بياف الفرؽ بٌن اٜند
اٞننطقي واٜند الكبلمي .
-٧يوجد عندىم ما ال ٬نكن تعريفو "البلمعرفات" وىي األجناس العالية أو اٞنقوالت
العشر ألنو ال جنس ٟنا والبد يف اٜند من جنس وفصل .
-٨اٜند يف اٞننطق ينصرؼ إىل اٜند التاـ فهو أصل الباب دوف األنواع األخرى،وىو اٞنراد
باٜند اٞننطقي يف ىذه الوقفة .
ٖ -٩نت تنبيو آخر مهم وىو أف البحث يف اٜند اٞننطقي وطرؽ التعريفات األخرى ينبغي
التمييز فيو بٌن أمرين :
اٜند الذي يطلب بو معرفة الشي واٜند الذي يطلب بو معرفة لفظ
والكبلـ ىو عن األوؿ
وبينهما فرؽ أشار إليو الغزايل يف مقدمة اٞنستصفى،فاٜند اٞننطقي ىو ٞنعرفة حقيقة الشيئ حىت
اضحا كاإلنساف واٞناء
لو كاف اللفظ و ً
وقد تعرؼ الشيئ على وجو القطع و٬نر بك لفظ يدؿ عليو لكنك ال تعرؼ اللفظ فتحتاج إىل
تعريفو كالغضنفر
وقد ٩نتمع االثناف كاٞنغنيسيوـ عند من مل يعرفو قط
واألصل يف الكبلـ عن اٜندود ىو األوؿ .
اٜند الكبلمي
طريقة األصوليٌن يف اٜندود ىي طريقة اٞنتكلمٌن ال اٞننطقيٌن
عما سواه دوف االلتزاـ بشروط وىي اٜند اٛنامع اٞنانع الذي ٪نصل بو ٕنييز اتحمدود ّ
اٞننطقيٌن،وقد نص على ذلك الغزايل يف معيار العلم
فرؽ فيو بٌن اٞننطقي واألصويل "الكبلمي" فعندما يقاؿ اٜند ٩نب أ ْف يُ ّ
واٞنتكلّموف الكبار األوائل كالباقبلين واٛنويين كانوا ينقدوف منطق أرسطو ومل يأخذوا بو حىت
ظاىرا يف تلخيص التقريب للجويين ونص على ىذا اٞنعىن ابن تيمية يف أتى الغزايل،وترى ىذا ً
الرد على اٞننطقيٌن .
وىنا وقفات :
مانعا بشكل ضروري ولذلك ال يهتموف جامعا ً
نظاـ اٜند اٞننطقي منتهاه أف يكوف ًُ -2
بالتنصيص على ىذا الشرط ألنو لن يكوف إال كذلك وإ٧نا يفيد النص عليو يف باقي أنواع
اٜندود الثبلثة
مانعا "االطراد واالنعكاس" إذ بو يتم
جامعا ً
لكن اٜند الكبلمي يشرتط فيو أف يكوف ً
معرفة اتحمدود والتمييز عن غًنه .
-1يتضح الفرؽ بينهما عمليًا :
فعند اٞننطقيٌن ال ترادؼ بٌن األلفاظ وال اشرتاؾ إذ لكل مفردة حقيقةٌ وماىية مستقلة
أيضا ال ٬نكن تعريف الشيئ بكلمة واحدة ألنو البد فيو من وصفٌن ذاتيٌن "اٛننس و ً
ناقصا "التصديق أو التقييد الناقص"
والفصل" فبلبد أف يكوف اٜند مركبًا تركيبًا ً
كما أف معرفة اللفظ ليست غرضهم فهم يقصدوف حقيقة الشيئ .
ّأما األصوليوف :
فيبحثوف الرتادؼ ووقوع اٞنشرتؾ
و٬نكن التعريف عندىم بلفظ واحد
كما أهنم يُدخلوف معرفة اللفظ يف اٜندود وليس الغرض معرفة اٜنقيقة فقط .
-3ىل طريقة األصوليٌن ال ي ىي طريقة االكتفاء بالتمييز -أي اٜند اٞنميز اٛنامع اٞنانع-
ىي طريقةُ علماء اٞنسلمٌن من غًن اٞنتكلمٌن ؟
ط بٌن ما كاف عليو أىل العلم بالشريعة وما عليو منطق أرسطو وس ٌ
كبل،فهي طريقةٌ َ
رت باٞننطق ببل شك ولكن مل يتم بياف معاٞنها بصورة تفصلها عن اٞندرستٌن طريقةٌ تأثّ ْ
فهي بإ٩ناز :مدرسة التمييز للمحدود باٛنمع واٞننع ولكن بتأثر منطقي .
أخذ جولة يف تعريفات اٞنتكلمٌن واألصوليٌن وما فيها من اعرتاضات ومناقشات كفيلة باٛنزـ وْ
بأهنا ليست ٠نرد التمييز وإف كاف التمييز غرضها ومدرستها،فهي طريقةٌ يف التمييز
اٞنفسرين
كما أهنا ليست طريقة العلماء من غًن اٞنتكلمٌن يف التعريفات من الفقهاء واتحم ّدثٌن و ّ
وأىل اللغة األوائل كالشافعي وسيبويو وأمثاٟنم
اؿ جدير بالبحث كما سبق -ومنها : و٬نكن استخبلص معامل ٟنا -وىو ٠ن ٌ
-أنواع اٜندود األربعة اٞنذكورة يف اٞننطق ٪نصل هبا العلم ّ-نعىن أنو قد ٪نصل هبا -وليس
بنوع واحد منها فقطخاصا ٍ حصوؿ العلم ًّ
وتستعمل كلها وليس فقط اٜند التاـ
وستبلحظ أف اٜند الكبلمي واألصويل يُدخل اٜند الناقص والرٚني التاـ والرٚني الناقص يف
نظرية التمييز وحصولو .
-اٜند للتمييز وليس ٞنعرفة اٞناىية ولكن تستعمل أدوات اٞننطق لغرض التمييز
عرب ابن اٜناجب،لذا ترى التشابو يف صورة اٜند وتركيبو مع واٞنراد بأدواتو ىنا صورةُ اٜند كما ّ
اٞننطقيٌن .
وهبذين اٞنعلمٌن تفارؽ طريقةَ اٜند اٞننطقي مع مبلحظة التشابو يف الصورة .
والسؤاؿ اآلف :
مب يفرتؽ األصوليوف يف نظريتهم للحد عن طريقة العلماء غًن اٞنتكلمٌن طاٞنا أ ّف فكرهتم تدور
حوؿ التمييز وىي فكرة مشرتكة بينهما ؟
أوال ٞنعرفة الشيئ على ما ىو عليو وذلك بذكره ٣نيػًزا وّنعرفة حقيقتو اٜند عندىم يوضع ً
دوف استخداـ النظريات الفلسفية من اٞناىية والكليات والذاتيات
وعند علماء الشريعة :
عما يشاهبو،فإف اشتبو مع غًنه طُلب الفرؽ بينهما بأي وسيلة اٜند ٞنعرفة الشيئ وتصوره وٕنييزه ّ
جامعا لكل ما يدخل قريبة،فهم ال يقصدوف ابتداءً معرفة حقيقتو بشكل دقيق وال أف يكوف ً
٣نيزا عنها ُ٫نرج كل ما
حدا ًومانعا لكل ما سواه،وال يستحضروف كل ما ٪نتمل دخولو فيحدونو ً ً
عداه و٩نمع كل ما يندرج فيو ويصبح التعريف فيو خلل إذا وقع شيئ من ذلك
ال ٬نكن أف يقوؿ ىذا َمن الحظ طريقة علماء الشريعة ٣نن مل يتأثر بالكبلـ يف مصنفاهتم بل
يوضح اتحمدود و٬نيّزه عن "أقرب ما يشتبو بو" وىذا ٫نالف طريقة اٞنتكلمٌن يضعوف تعري ًفا ّ
واألصوليٌن الذين يطلبوف التمييز عن غًنه مطل ًقا ولذلك شرطوا االطراد واالنعكاس .
وْنويز األصوليٌن التعريف باٞنثاؿ واإلشارة ىو من باب بياف اللفظ وىو غًن موضوع ح ّد
الشيئ ّنعرفة حقيقتو الذي ٥نن فيو،وال تبدو األمثلة اٞنتأخرة يف التعريف باللفظ دقيقة ىنا
يف اإلنساف ب"اإلنساف كزيد،اإلنساف ىذا ويشًن إىل شخص" - كتمثيلهم للحد اللفظي تعر َ
وىذا باٞنناسبة تعريف باٛنزئي ولذلك اليصح عند اٞننطقيٌن -فهذه أمثلة للتقريب فيما يظهر
أصبل عند اٞنخاطَب لذلك ال ينطبق عليها أي على افرتاض أف لفظ اإلنساف غًن معلوـ ً
االطراد واالنعكاس وىو شرط يف صحة اٜند األصويل،وكاف األنسب اختيار أمثلة أخرى يكوف
كثًنا ما تكوف األمثلة التقريبية يف العلوـ مضلّلة وأحسب أف ىذا منها والعلم اللفظ فيها غريبًا،و ً
عند هللا .
ويفصلوف فيها
٩نودوف اٜندود ّ فصل عما يشتبو هبا،واألئمة ّ
وليس اٞنراد ّأال ْنود التعاريف و ّأال تُ َ
كتفرع العلوـ والفنوف وتيسًن الفهم على الطبلب،وإذا كانوا يزيدوف يف كلما كانت اٜناجة ّ
قيودا كي ال ٪نصل االشتباه فسوؼ تزيد القيود كلما كثر االشتباه مع تطاوؿ القروف اٜندود ً
والبعد عن العلم،وىذا ىو السبب يف تطورىا عرب العصور وىو ظاىر يف أكثر كتب الفقهاء .
-3ىل كتب األصوؿ تعرض اٜند بنظامو الكبلمي األصويل وليس اٞننطقي ؟
ٕناما كالغزايل
جدا َمن يعرضو كاٞننطقيٌن ً
األصل فيها الطريقة الكبلمية،وقليل ً
ومزج فيذكر أنواع اٜندود وأقسامها اٞننطقية مث يذكر شروط وأكثرىا -وىو اٞنهم -خلَط َ
اٞنتكلمٌن للحد من االطراد واالنعكاس وعدـ غرابة األلفاظ وىكذا دوف التفصيل على أهنا
شروط لبعض أنواع اٜندود وليس ٛنميعها -وسبق أنو على الطريقة اٞننطقية للحد التاـ ال داعي
ٟنا وإ٧نا حاجتها على طريقة معرفة اٜنقيقة بالتمييز -مث من مستكثر من اٞنزج ُنيث يُصنف
مقل ُنيث يقارب اٞننطقيٌن كابن اٜناجب
على الطريقة الكبلمية ومن ّ
أيضا يف كثًن من كتب اٞننطق اٞنتأخرة إذ تذكر أنواع اٜندود مث تسرد
وىذه اٞنبلحظة وقعت ً
شروط اٜند دوف أ ْف ُٓندد ىي شروط ألي نوع .
خإنة اٞنقالة :
معا حىت ال يقع الغلط يف تصنيف اٞندارس ينبغي دراسة اٜند باعتبار اٞنراحل واٞنناىج ً
واالْناىات فيو
وأقرتح لذلك جعلهم ٠نموعات واْناىات،كل ٠نموعة يُدرس فيو اْناىها يف اٜند "ما اٜند
عندىم" :
-2أرسطو وىو األصل،ويدخل معو ابن رشد
-1الفبلسفة العرب األوائل كابن سينا والفارايب
وتصورا
-3الغزايل وابن حزـ،و٨نا ليسا من الفبلسفة ولكنّهما شرحاه وف ًقا ٞننطق أرسطو ّ
فصلو عن الفلسفة .
ْ
وىذه اجملموعات الثبلث ٬نثلوف اٞندرسة اٞننطقية .
-3اٞنتكلموف واألصوليوف الذين مل يأخذوا باٞننطق بل كانوا يعيبونو كالباقبلين واٛنويين
-٥علماء الشريعة اٞنتقدموف كالشافعي وسيبويو والفقهاء غًن اٞنتأخرين،ودراستهم
ستكوف استنتاجية من طريقتهم يف التعريفات .
والبد من البُعد عن كتب اٞننطق اٞنتأخرة كاٞنتوف وشروحها وحواشيها فبل يستعاف هبا يف
فَػ ْهم وال نسبة فاألمور عندىم أخذت ٠نرى آخر،وإ٧نا ىي مفيدة يف بداية التحصيل .
وخبلصة القوؿ إف اٜند األصويل لو نظامو اٝناص وىو طريقة اٞنتكلمٌن
فليس ىو اٜند اٞننطقي وإف تأثر بو وليس ىو طريقة العلماء من غًن اٞنتكلمٌن وإف
شاركهم يف االْناه العاـ
وٞنعرفة اٜند اٞننطقي بأصولو فكتب ابن رشد،وللتمييز بٌن اٜند اٞننطقي والكبلمي فكتب
الغزايل .
وهللا أعلم
اٜنلقة الرابعة
اٞننطق ومنطق األصوليٌن )1
األقيسة اٞننطقية يف كتب األصوؿ
ٕنهيد :
تسمى اٛنملة اٝنربية يف اٞننطق قضايا
تكونت وإ ْف مل يُلفظ هبا،فما داـ ّأهنا قد ترّكبت يف العقل فهي قضية إذ اٞننطق
وىي قضيةٌ مىت ّ
يتعامل مع التفكًن .
صحيحا يف
ً كوف الكلمات اٞنفردة اٛنملة،وىي يف اٞننطق ثبلثة أنواع حىت يكوف تركيب اٛنملة تُ ّ
الربط بٌن اٞنفردات وىي ٘نلية وشرطية متصلة وشرطية منفصلة
ويف علم األصوؿ -كما ىي اللغة -اٛنملةُ نوعاف خرب وإنشاء مع أقسامها وأحكامها اٞنعلومة
يف علم اٞنعاين
الح ْظ السعة يف العربية والتضييق الشديد يف اٞننطق .
ويف األصوؿ -كما ىي الشريعة -ليس ىناؾ ٧نط معٌن للتفكًن سواء يف الفهم أو
االستنتاج،فاللغة والعقل الفطري الطبيعي ٨نا األساس وهبما يعرؼ مراد اٞنتكلم اٞنخاطب
ودور علم األصوؿ يف كيفية التعامل مع الدليل ىو إخراج وإبراز ىذه األسس كي يُفهم
وفشو العجمة ٞنا حصل ىذا
اٝنطاب الشرعي ومدلوالتو،ولوال بُعد الناس عن التفقو يف الدين ّ
فمهمةُ األصوؿ بياف طرؽ الفهم واالستنباط من النصوص كي يفقو اٝنطاب الشرعي وما يراد
كثًنا يف األصوؿ نفسها،وىذا كلو سعة
بو وليس وضع قانوف ١ندد يف التفكًن ولذا وقع اٝنبلؼ ً
كسعة العقل واللغة .
-القضايا يف اٞننطق إما أف تُصدؽ وإما أف تكذب وٚنيت بالتصديقات تغليبًا لؤلشرؼ
والقضايا عندىم كلية أو جزئية وموجبة أو سالبة
حكما مثل "كل أىل وال يوجد عندىم ٔنصيص،فلو كانت عندنا قضية كلية موجبة تُثبت ً
تنافض يف
ٌ اٞندينة كرماء" ويف مقابلها سالبة جزئية "بعض أىل اٞندينة ليسوا كرماء" فهذا
اٞننطق،وليست ىذه مشكلة يف األصوؿ إذ ٔنصص الثانية األوىل .
تستثمر القضايا ؟ ّنعىن كيف نستنتج منها قضايا أخرى وكيف نثبت صدقها ؟ -كيف َ
ىذا معىن االستدالؿ يف اٞننطق
وىو نوعاف :
مباشر من القضية "اٛنملة" الواحدة،وغًن مباشر من عدة قضايا
والغرض من االستدالؿ ّإما الوصوؿ إىل حكم جديد "قضية جديدة" أو إيراد الدليل على
صدؽ قضية .
متضمنة فيها أو الزمة ٟنا لكي
-يف االستدالؿ اٞنباشر من القضية نستنتج منها قضية أخرى ّ
نثبت صدقها،وللمنطقينب نظاـ فيها وىي أحكاـ القضايا من العكس والتناقض والتضاد
اسعا يف التعامل مع اٛنملة ىو باب دالالت األلفاظ وخاصة نظاما و ً
واألصوليوف وضعوا ً
طرؽ الدالالت "اٞننطوؽ واٞنفاىيم" .
-طاٞنا أف أنواع تركيب اٛنمل ١نصور هبذه الطريقة فسيكوف ما تنتجو اٛنملة بشكل مباشر
١نصورا بقوالب معينة
ً أيضا
منها ً
والسؤاؿ ىنا ٞناذا مت حصر تكوين القضايا وما ترتب عليو من صور االستدالؿ اٞنباشر
منها ّنا سبق ؟
يفسر ىذا كما وجدت إجابات علمية فلسفية وتار٫نية عن أسباب تشكل البد من جواب ّ
نظرية اٜند اٞننطقي
فهذا ٠ناؿ ُنث،ورّنا للنظاـ اللغوي اليوناين من ٥نو وببلغة أثر ودور .
ضم القضايا وتركيبها للخروج بنتائج منها ىو االستدالؿ اٞننطقي غًن اٞنباشر َ -
وإ٧نا كاف غًن مباشر ألننا نتعامل مع أكثر من قضية وحينها البد من دخوؿ العقل للربط بينها
ويسمى القياس
يفرقوف بٌن الداللة اللفظية والقياسية بنحو ىذاّ - -تذ ّكر أف األصوليٌن ّ
ظ القياس ىنا ٩نب ّأال ينصرؼ الذىن فيو إىل القياس األصويل الفقهي وأركانو اٞنكونة من ولف ُ
٢نتص لبلستدالؿ اٞننطقي ولو أنواعو وصوره ٌّ أصل وفرع ووصف جامع،بل ىو مصطلح
وأشكالو اٞننطقية .
وبعد ىذا التمهيد نلج إىل اٞنوضوع .
القياس اٞننطقي
/2معىن الدليل ٫نتلف بٌن اٞننطقيٌن واألصوليٌن
الدليل يف اٞننطق ٨نا اٞنقدمتاف
متغًن +كل متغًن حادث = العامل حادث ففي اٞنثاؿ اٞنشهور :العا َمل ّ
اٞنقدمتاف ٨نا الدليل يف اٞننطق
وعند األصوليٌن الدليل ىو العا َمل،فهو الذي ٬نكن بالنظر الصحيح فيو أ ْف نصل إىل اٞنطلوب
اٝنربي الذي ىو النتيجة .
/1الصورة "شكل الدليل" عند األصوليٌن سواء يف االستدالؿ أو الداللة -لفظية أو
أشكاال وقوالب ٟنا بل
ً فعلية -ليست ١نل اىتماـ فاٞنهم اٞنضموف واٞنادة،ولذا ال ٪نددوف
يبيّنوف كيفية الداللة واالستدالؿ فحسب .
/3أين يذكر األصوليوف األقيسة اٞننطقية ؟
أوال أف الكبلـ ىنا عن األقيسة اٞننطقية يف كتب األصوؿ وليس عن األقيسة األصولية تذ ّكر ً
فعندما يقاؿ ىنا قياس العلة اٞنراد باٞنعىن اٞننطقي
وىم يذكروهنا غالبًا يف اٞنقدمات وأحيانًا يف باب االستدالؿ بعد األدلة .
/3أنواع القياس اٞننطقي ٟنا ثبلثة اعتبارات ّ-نعىن لو ثبلثة تقسيمات -سنكتفي ىنا
بذكر تقسيمٌن :
باعتبار الصورة والشكل وباعتبار ترتيب القياس ومضمونو
ّ -أما باعتبار صورة الدليل فهو ثبلثة أنواع :
٘نلي اقرتاين
استثنائي شرطي،وىو نوعاف متصل ومنفصل
اٞنكونة لو وُنسب تركيبو .
وذلك ُنسب نوع القضايا ّ
-و ّأما باعتبار مضموف الدليل وترتيبو فهو نوعاف :
علة وداللة "برىاف اعتبلؿ،برىاف استدالؿ"
* فربىاف العلة ىو االستدالؿ بالعلة على اٞنعلوؿ
ومثالو االستدالؿ بوجود الغيم على نزوؿ اٞنطر،فالغيم علة اٞنطر .
* وبرىاف الداللة ىو االستدالؿ باٞنعلوؿ على العلة
ومثالو أف تستدؿ بنزوؿ اٞنطر على وجود الغيم .
حكما فإنّو ٪ندد مضموف استداللو "علة-داللة" فإذا أتى اٞنستدؿ ليثبت ً
مث يصوغ صورة الدليل ويرّكبو وفق األ٧ناط الثبلثة "اقرتاين-استثنائي متصل-استثنائي منفصل" .
كل من نوعي القياس باعتبار اٞنضموف إىل ثبلثة أ٧ناط باعتبار /٥وعليو فيمكن تركيب ّ
صورة الدليل
وباٞنثاؿ يتضح القوؿ،وسأذكر مثالٌن أحد٨نا يف العقيدة واآلخر يف الفقو :
-العقيدة :
بالتغًن
االستدالؿ على حدوث العامل ّ
التغًن ىو علة كونو حادثًا فهو برىاف علة
وصوره باأل٧ناط الثبلثة :
* العامل متغًن +كل متغًن حادث = العامل حادث علة و٘نلي اقرتاين )
متغًنا فهو حادث +لكنو متغًن = إذف فهو حادث علة شرطي متصل ) * إف كاف العامل ً
وإما حادث +لكنو متغًن = إذف فهو حادث علة شرطي منفصل ) * العامل ّإما قدمي ّ
تغًنت األ٧ناط ومضموف الدليل واحد . ّ
-الفقو :
استدالؿ باٞنعلوؿ على اٜنكم أي
ٌ يؤدى على الراحلةاالستدالؿ على أف الوتر نافلة بكونو ّ
استدالؿ ّنا يدؿ عليو وليس بعلتو اٞنقتضية لو فهو برىاف داللة،وأ٧ناطو :
* باالقرتاين :
كل ما يؤدى على الراحلة فهو نافلة +الوتر يؤدى على الراحلة = الوتر نافلة
* باالستثنائي الشرطي اٞنتصل :
إف كاف الوتر يؤدى على الراحلة فهو نافلة +وىو يؤدى على الراحلة = الوتر نافلة
ولو صورة أخرى :لو مل يكن الوتر يؤدى على الراحلة ٞنا كاف نافلة +لكنو يؤدى على
الراحلة = الوتر نافلة
* باالستثنائي الشرطي اٞننفصل :
وإما نافلة +لكنو يؤدى على الراحلة = فهو نافلة "أو فهو ليس فريضة ". الوتر ّإما فريضة ّ
ويعاد السؤاؿ اٞنهم ىنا :
ٞناذا كاف تكوين األقيسة هبذه األ٧ناط بعينها ؟ كيف نشأت وتش ّكلت علميًا وتار٫نيًا ؟
٠ناؿ ُنث .
ىل األقيسة "الرباىٌن" اٞننطقية يف كتب األصوؿ تُعرض كما ىي يف كتب اٞننطق ؟
ىنا مقصود اٞنقالة
٢نتصا أي أقيسة منطقية ولكن بطريقة فيها
والذي يظهر أف أغلبها -وىو السائد -قدـ منط ًقا ًّ
اختصاص وليست كما ىي عند اٞننطقيٌن
وإٗناؿ الطريقة :
"الدمج بٌن نوعي التقسيم وجه ي االعتبار،فليس عندىم اعتباراف وال تقسيماف بل
تقسيم واحد ٗنعوا فيو الصورة باٞنضموف"
وبياهنا فيما يأيت :
اٞنكوف من مقدمتٌن
-2قياس العلة اٞننطقي قصروا صورتو على القياس اٜنملي االقرتاين ّ
ونتيجة وحد أصغر وأوسط وأكرب،وجعلوا اٜند األوسط اٞنتكرر يف اٞنقدمتٌن ىو العلة
كنوع من الربىاف اٞننطقي ىو االقرتاين من حيث الشكل فربىاف العلة الذي يذكره األصوليوف ٍ
وصور كما ىو يف كتب اٞننطق . والعلة من حيث اٞنادة وليس لو ثبلثة أ٧ناط ُ
ّ -1أما قياس الداللة اٞننطقي فربطوا بينو وبٌن االستثنائي الشرطي اٞنتصل،وىذا الربط ىو
الذي يستحق التحرير :
فالذي يبدو أف األصوليٌن د٠نوا بينو وبٌن قياس الداللة فأنتجوا حالة ٢نتصة ىي مادة برىاف
الداللة وصورة االستثنائي اٞنتصل حافظت على اسم االستثنائي اٞنتصل،وىي بعينها دليل
التبلزـ األصويل الذي يذكرونو يف باب االستدالؿ
استدالؿ للوصوؿ إىل اٜنكم ّنا يدؿ عليو من غًن طريق العلة فهو
ٌ فالتبلزـ من حيث اٞنضموف
من قياس الداللة،ومن حيث الصورة فهو استثنائي شرطي متصل
مع التنبيو -وىو مهم -على أهنم غالبًا ٪نذفوف بعض أجزاء الدليل وال يلتزموف بالصورة اٞننطقية
بتمامها فلينتبو يف األمثلة األصولية لو إىل ىذا وكذلك اٜناؿ يف كتب الفقو
كامبل ىكذا :
ومثاؿ ذلك قوٟنم "صح طبلقو فصح ظهاره" أصل الدليل ً
لو مل يصح ظهاره ٞنا صح طبلقو +لكن صح طبلقو = صح ظهاره
فحذفت اٞنقدمة األوىل .
وتنبيوٌ آخر مهم عن صورة القياس االستثنائي الشرطي اٞنتصل يف كتب الفقو "لو مل يكن كذا
لكاف كذا،إف مل يكن كذا لكاف كذا" :
كثًنا يف إثبات حكم فقهي،فهل ىو التبلزـ اٞنذكور آن ًفا ؟ سؤاؿ أصويل ال منطقي ؟ فهي ترد ً
دائما إىل اٞنضموف،ىكذا يف تذ ّكر أف الصورة ليست ١نل اىتماـ عند الفقهاء وانظر ً
األصوؿ ويف الفقو أوىل :
تبلزما
* أحيانًا ْند ىذه الصورة يف داللة لفظية فتكوف يف اٜنقيقة داللة إشارة أو إ٬ناء وليست ً
مثل الداللة على الرتتيب يف الوضوء من آية سورة اٞنائدة :لو مل يكن الرتتيب واجبًا ٞنا
أدخل اٞنمسوح بٌن اٞنغسوالت .
مصطلحا
ً * وأحيانًا تكوف داللة من فعل نبوي فهو داللة فعل التزامية -باٞنناسبة تستحق ىذه
خاصا هبا،وليس ىذا ١نل الوقوؼ مع ىذه الفكرة -ومثالو االستدالؿ على اٞنواالة يف ولقبًا ً
الوضوء من حديث صاحب اللمعة :لو مل تكن اٞنواالة واجبة ٞنا أمره بإعادة الوضوء والكتفى
بطلب غسل قدمو .
كثًنا على صورة االستثنائي اٞنتصل ولكن ٟنا ألقاهبا ومواضعها فهذه استدالالت فقهية ترد ً
اٝناصة يف األصوؿ وليست دليل التبلزـ،وإ٧نا ساغ تشكيلها على صورتو ألهنا دالالت التزامية
-التزامية لفظية يف اإل٬ناء واإلشارة،التزامية فعلية يف داللة الفعل -و ّأما التبلزـ فهو استدالؿ من
نص مباشر أمامنا،ىكذا يف الفقو فعلية،استدالؿ من غًن ّ
ٌ غًن النصوص قولية كانت أـ
مستقل بنفسو ّأما يف اٞننطق فاألمر ٢نتلف كما سبق بيانو يف مثاؿ ٌ استدالؿ
ٌ واألصوؿ ألنو
صبلة الوتر .
ومعىن ما سبق أنك قد ْند صورة االستثنائي الشرطي اٞنتصل يف كتب الفقو وىو ليس من
استدالال يف غًن صورة االستثنائي اٞنتصل الكاملة وىو من التبلزـ بسبب ً التبلزـ،وقد ْند
حذؼ يف بعض الصورة،ولذلك الزـ النظر يف مضموف االستدالؿ ومم أُخذ
فإ ْف أُخذ من دليل لفظي "آية،سنة قولية" فهو من دالالت األلفاظ وإف كاف على صورتو
وإ ْف كاف من فعل نبوي فهو من داللة الفعل
استدالال إلثبات حكم من غًن٨نا -سواء من خبلؿ اٝناصية أو النتيجة أو النظًن-ً وإ ْف كاف
تبلزـ،وتستطيع إكماؿ صورة الدليل بذكر ما ُحذؼ إذا أردت التحقق . فهو ٌ
ّ -3أما القياس االستثنائي الشرطي اٞننفصل فهو يف األصوؿ السرب والتقسيم
١نك النظر
أيضا يسمونو السرب والتقسيم كما قاؿ الغزايل يف ّ واٞنتكلموف ً
وأشهر ما يستعملو األصوليوف يف مسالك العلة
نوعا من االستدالؿ اٞننطقي يُسمى أيضا كثًن من كتب األصوؿ -وليس أكثرىا -يذكروف ً و ً
"برىاف اٝنلف" وىو أ ْف يقوـ اٞنستدؿ بإثبات حكم أو قوؿ عن طريق حصر ٗنيع األقساـ
احدا،وىذا استعماؿ للسرب والتقسيم ولكن بطريقة معينة ىي إبطاؿ ٗنيعا ّإال و ً
اٞنمكنة ويبطلها ً
أضداد ما يريد إثباتو .
أيضا إىل أهنم ال يلتزموف بصورتو كاملة فقد ٪نذفوف بعض أجزائو كاٞنقدمة الصغرى أو وينبو ىنا ً
النتيجة،و٬نكن إكمالو من أجل التحقق .
وأظن أف وجوده يف األصوؿ أوسع من استعمالو يف طرؽ استخراج العلة وبرىاف اٝنلف ولكن
وإال فتوجد بعض االستدالالت مضموهنا أصرح صوره يف كتب األصوؿ يف ىذين اٞنبحثٌن ّ
وتكوينها ومبناىا على السرب والتقسيم وإ ْف مل تكن طريقة ترتيب االستدالؿ فيها صر٪نة
ففي أنواع االستدالؿ ال ي يذكرىا األصوليوف بعد مباحث األدلة ما حقيقتو راجعة إليو ولكن
تقسيم وسرب لكل أنواع األدلة
ٌ مثبل فيو
بدوف صورتو الظاىرة السابقة،فاالستدالؿ بعدـ الدليل ً
ينتهي إىل نفي الدليل اٞنعٌن على حكم ما "ال نص وال إٗناع وال قياس يف كذا" .
اٝنبلصة :
تصوير خاصٌ كاف لغالب األصوليٌن اٞنتكلمٌن -بل ٬نكن تسميتو ّننهج لؤلصوليٌن-
وعرضوه على أنو اٞننطق أو الق ْدر
شك لكنو ليس مطاب ًقا لو َ
للمنطق أصلُو اٞننطق اليوناين ببل ّ
الضروري منو
اقع يف
بل ٬نكن القوؿ إهنم ولّدوا منط ًقا منو وصاروا يعرضونو على أنو اٞنباحث اٞننطقية وىذا و ٌ
معا،وقلّة منهم عرضوه كما ىو على رأسهم الغزايل وابن حزـ .
اٜند والربىاف ً
توصية :
اٞنقدمة اٞننطقية يف اٞنستصفى للغزايل ىي أكمل وأجود ٧نوذج للمقدمات اٞننطقية يف كتب
األصوؿ وىي وإ ْف كانت فآنتَها ّإال أ ّهنا أعبلىا وأدقّها -حاٟنا يف ذلك كحاؿ صحيح
البخاري بٌن كتب اٜنديث الصحيح وكتاب سيبوبو يف كتب النحو -وٟنذا مىت أخذ الطالب
حظًّا من اٞننطق أو اٞنقدمات اٞننطقية يف كتب األصوؿ فلتتجو عنايتو إليها
كما أقرتح أف تكوف ىي منهج مادة اٞننطق يف أقساـ الدراسات العليا يف األصوؿ والعقيدة
معتمدا على اٞنصادر األوىل
ً مستقبل
ً منفصبل
ً شرحا
إٔنىن أف يتص ّدى عاملٌ خبًن لشرحها ً و ّ
عما بعدىا من كتب األصيلة مع دور ١ندود لكتب القرنٌن السادس والسابع واإلعراض ّ
اٞنتأخرين ال ي تفيد يف بداية طريق التعلم
ولتتجو عناية الشارح إىل إيضاح غرض الغزايل وبياف مصطلحاتو دوف االستطراد وذكر
اٝنبلفات وإيراد أقواؿ اٞنتأخرين وُنوثهم
ّأما اٞنصادر األصيلة يف الرتاث العريب فهي :
كتب الغزايل اٞننطقية،شروح ابن رشد ٞننطق أرسطو،كتب ابن سينا والفارايب،وتقريب ابن حزـ.
وهللا أعلم
اٜنلقة اٝنامسة
اٞننطق ومنطق األصوليٌن )3
التمثيل والشموؿ
وهللا أعلم
جدا
وجود مباحث علوـ القرآف وأثرىا يف علم األصوؿ يسًن ً
وىو يف الواقع مثا ٌؿ ٜنُسن استثمار األصوليٌن للعلوـ األخرى حيث أخذوا منو ما ٪نتاجو العلم
يف اٛنملة،بل إف األمر انقلب معو فصار أثر علم األصوؿ يف كتب علوـ القرآف ىو الظاىر
٠ناؿ يستحق العناية من اٞنختصٌن بعلوـ القرآف أعين ٓنرره من سطوة علم واألكثر وىو ٌ
األصوؿ يف كثًن من أنواعو .
ولكن ىذه اٜناؿ اٞنثالية ال ٕننع التنبيو على بعض القضايا .
بٌن العلمٌن :
/2اٞنسائل ال ي أصلها من علوـ القرآف على األصويل التعامل مع وجهها األصويل دوف
الدخوؿ يف اختصاص علوـ القرآف
وأىم مثاؿ على ىذا التنبيو مبحث القراءات الشاذة،فدور األصويل بياف دليليّة القراءات الشاذة
أو عدـ دليليتها وما دورىا يف االستدالؿ ومدى استثمارىا يف حاؿ عدـ حجيتها
أما ٓنديد معىن الشذوذ يف القراءات وتعيٌن القراءات الشاذة وحكم القراءات الثبلث فوؽ
يتواله إال أىلو وعلى األصوليٌن أخ ْذىا جاىزة منهم إال إذا
السبعة فهذه من علوـ القرآف وال ّ
كاف األصويل عاٞنا بالقراءات أو مشارًكا يف علوـ القرآف -كالزركشي والسيوطي -فتعاملو ىنا
ً
٢نتصا يف علوـ القرآف وليس كأصويل
بصفتو ً
مرج ًحا بسبب ٗنعو بٌن العلمٌن وال يكوف رأيو كافيًا يف
وحىت يف ىذه اٜنالة ال يعترب قولو ّ
اٞنسألة ُنيث ٬نكن االقتصار عليو إذ اٞنقصود بياف أىليتو للخوض فيها وإال فبلبد من الرجوع
إىل اٞنصادر األساسية يف القراءات ففيها ٓنرير اٞنسألة
وبالتايل فبل غىن لؤلصويل عن الرجوع إىل كتب القراءات األصيلة كالنشر ومنجد اٞنقرئٌن البن
مثبل ٞنعرفة القراءات اٞنشهورة وشروطها ومعىن الشذوذ وتعيٌن القراءات الشاذة وحكم اٛنزري ً
القراءات الثبلث وقد يستغين هبما عن الربىاف للزركشي واإلتقاف للسيوطي .
وىذه اٞنبلحظة سيأيت مثلها يف علوـ اٜنديث .
/1أنواع علوـ القرآف اٜناضرة يف كتب األصوؿ ما صلتها بو ؟
-مبحث اتحمكم واٞنتشابو من اٞنشرتكات بٌن العلمٌن وصلتو بعلم األصوؿ من وجوه :
* تأصيل مسألة ىل يف القرآف ما ال يعلم معناه
* التشابو وصلتو باجململ ودرجات اٝنفاء يف النص
مدخبل إىل مبحث التأويل
ً * كونو
-مبحث اٞنعرب ال صلة لو باألصوؿ
-وقوع الرتادؼ واالشرتاؾ واجملاز يف القرآف فرع عن أصل مسائلها يف مباحث اللغة و٬نكن
االستغناء عنها بذكرىا ىناؾ .
/ 3قلة تأثًن علوـ القرآف يف علم األصوؿ ْنعل األصويل يطمع يف االستفادة منو أكثر
إلثراء مباحث األصوؿ ومسائلو،ومن ٠ناالت استثمار علوـ القرآف فيو :
-تزويد مسائل األصوؿ باألمثلة ال ي يشكو الدارسوف من تكرارىا،واٞنكتبة القرآنية قد٬نها
وحديثها غنيّة هبا
وتبقى لؤلمثلة النادرة ميزة خاصة وكتب علوـ القرآف من مظاهنا ومن ذلك :
باؽ على عمومو وال يُتصور ٔنصيصو يف حكم فقهي ال عقدي ؟ اٞنثاؿ على عاـ ٍ
ّ
مثاال لو وىو قولو تعاىل "حرمت عليكم أمهاتكم" . ذكر السيوطي يف اإلتقاف ً
ٓ -نقيق بعض اٞنسائل األصولية كالقوؿ بعدـ نسخ القرآف بالسنة من حيث عدـ الوقوع وأف
واقع النسخ الوارد أف القرآف ال ينسخو إال قرآف كما ح ّققو الدكتور مصطفى زيد .
-اإلضافة إليو :
ّإما بإضافة مسائل كبياف وقوع مفهوـ اٞنخالفة يف اٝنرب
أو بذكر ضابط يف الباب كالقوؿ بأف الناسخ ال يكوف إال مدنيًا
أو بتحرير صورة القاعدة مثل مسألة العربة بعموـ اللفظ ال ِنصوص أي ىي فيما نزؿ ولو
صيغة عموـ .
-تفعيل أنواع كاملة منو يف مواضعها األليق هبا يف األصوؿ :
كعلم اٞنناسبات بٌن اآليات وكيف ٬نكن أ ْف تُستخرج الدالالت منو
ومبحث معاين األدوات واٜنروؼ كال ي ذكرىا السيوطي يف اإلتقاف
وقواعد الرتجيح التفسًنية مع تطبيقاهتا وأمثلتها إىل مباحث الرتجيح يف التعارض .
التدرب الذايت :
ّ
يدرب الدارس نفسو على مسائل العلم كما ىو معلوـ من طرؽ ٓنصيل العلم أ ْف ّ
وعلم األصوؿ ُناجة إىل جهد يف التدريب حىت يفهمو طالب العلم بعمق
وللتدريبات مراحل ُنسب ترقّي الطالب يف التعلّم
التدرب بل واإلبداع فيو ٣نا قد يضيف إىل علم األصوؿ أو
و٬نكن استشمار اٞنكتبة القرآنية يف ّ
يُثًن قضايا للبحث والدراسة
ٓنليبل أصوليًّا بدالالت األلفاظ،وىو
مثاؿ ذلك ٓنليل العبلقة بٌن أسباب النزوؿ واآليات النازلة ً
عاؿ ال يناسب اٞنراحل األُوىل والوسطى ولكن فيو إبداع وعمق و٪نتمل اإلضافة .تدريب ٍ
وخبلصة كل ما سبق :
أف طالب األصوؿ وىو يأخذ ُنظو التأصيلي من علوـ القرآف يقتنص منو ما يثري ٔنصصو
وأف الباحث واٞندرس واٞنؤلّف وىو يعاًف بابًا أصوليًا لعلوـ القرآف صلة بو فبلبد أ ْف يطالعو من
كتب علوـ القرآف ومكتبة الدراسات القرآنية الرتاثية واٞنعاصرة
وأف العامل األصويل الذي يروـ إحياء علم األصوؿ عليو أ ْف يفحص مدونات علوـ القرآف
ويعتصر منها ما يفيد علمو .
اٜنلقة الثامنة
علوـ اٜنديث وأصوؿ الفقو
التداخل واالختصاص
ٕنهيد :
ىذه اٜنلقة فيها بعض الطوؿ بسبب أ٨نية مادهتا،وقبل الولوج تنبيهات :
* علوـ اٜنديث وأصوؿ الفقو علماف منهجياف يف غاية األ٨نية لطالب العلم والبد لو من
حظ وافر منهما ابتداءً،كلٌّ ّننهجيتو ومن كتبو اٞنعتمدة بشكل مستقل .
* قد حصل بينهما اشرتاؾ يف عدة مباحث ْندىا يف كبل العلمٌن
ٓنضر أٚناء أئمة كل علم منهما يف كتب اآلخر يف نفس اٞنبحث . كما ُ
* تأثر كل علم باآلخر
حىت علم اٜنديث كاف لؤلصوليٌن حضور فيو ليس فقط يف اٞنسائل واآلراء بل يف األثر العملي
واٞننهج التطبيقي الذي يؤدي إىل اٜنكم على اٜنديث،وىذه قضية معروفة عند أىل اٜنديث .
فك االشتباكات يف اٞنسائل * معاٛنة ىذه اٜنلقة ستكوف على طريقة التمييز والفصل أي ّ
استثمارا لطبيعة اٞنوضوع يف بياف أ٨نية ىذه اٞنهارة يف بناء طالب العلم
ً والصور واالختصاصات
وتأسيسو وجودة نظره يف العلم والبحث .
أوال -اختبلؼ اٞننهج العقلي ونظرية االحتماؿ بٌن ٠نايل العلمٌن
ً
لكل علم نظاـ وطرؽ للنظر فيو ٬نثّل العقل جزءًا منها يف التكوين أو التقرير والبحث أو
يف اختبلؼ أىلو فيو
اٞنوردة على عمل أىل الفن وىم يقرروف اٞنسائل والقواعد
ووجود االحتماالت العقلية الواردة أو َ
أيضا،ولكن كل ذلك ليس بالنظر العقلي اٞنطلق اجملرد بل ىو ضمن ٠ناؿ مأخوذ يف اٜنسباف ً
ذلك العلم والفن ويف دائرتو
احتماال ٣نكنًا بل ٠ناؿ العلم وطبيعتو ىي ال ي ْنعل
ً فليس كل احتماؿ عقلي يعترب جملرد كونو
ودليبل لعلم أو جهل من أورده
مرذوال ً
مقبوال أو ً
االحتماؿ ً
علما نقليًا صرفًا بل العقل مكوف أصيل فيها ولكنو دور
فقواعد اٜنديث واٜنكم عليو ليست ً
يف عملية معينة ىي التثبت من خرب ما
وىذه وظيفة ٢نصوصة ٟنا طبيعتها اٞنرتبطة بعادة الناس يف نشر األخبار وتصديقها والشك فيها
وكيف يتعاملوف عند التعارض وىكذا،وبالتايل فإف االحتماالت أثناء عملية التثبت وما يورد
عليها ٩نب أف تراعى وفق ىذه الظروؼ .
وىكذا يف كل علم و٠ناؿ معريف :
فعبل -إف آدـ عليو السبلـ قد أكل من الشجرة ألنّو رّنا فهم من فلو قاؿ قائل -كما قيل ً
معا وأنو ال هني يف حاؿ االنفراد لكاف أوؿ ما ٩نابالنهي "وال تقربا" أنّو هني ٟنما إذا كانا ً
عنو أف ىذا إيراد غًن لغوي وال ٬نكن أف يورده صاحب لغة حىت ولو كاف اٝنطاب بغًن العربية.
تفرده فبل يقاؿ لو -كما قيل تفرد من ال يُقبل ّ
ومثلو لو قرر اتحمدث أف من أنواع الشاذ ّ
بالفعل -رّنا حفظ ىذا اٞنتفرد فكيف يعاقَب على حفظو ؟ فإف كونو قد حفظ دوف غًنه ىو
مثار الشك عند اتحمدثٌن وليس كما تصوره ذلك القائل .
ىذه نقطة مهمة ينبغي أف تفقو :
لكل علم ٠ناؿ لدور العقل يف تكوينو ولكل علم مساحة ٢نتصة من االحتماؿ العقلي
واالحتماالت اٞنقبولة تدور يف فلك طبيعة ذلك العلم وناْنة عن عمل الناظر فيو وليست ٠نرد
االحتماؿ أو االحتماؿ العقلي اٞنطلق
كثًنا ما تكوف بعيدة وغريبة يف ٠ناؿ آخر وال يوِرد ىذه
واالحتماالت اٞنعتربة يف حقل معريف ً
االحتماالت ّإال من كاف خارج ىذا العلم أو غًن ٣نارس لو .
ثانيًا -كيف دخلت اٞنباحث اٜنديثية يف كتب األصوؿ ؟
مل تكن علوـ اٜنديث قد أفردت بالتصنيف عندما وضع اإلماـ الشافعي كتابو
الرسالة،وىذا ملحظ مهم عند دراسة تداخل العلوـ وأسباهبا وىو استحضار نشأة التصنيف
والتدوين يف العلوـ األخرى
استقبلال"
ً ويعترب الشافعي أقدـ من كتب مباحث يف علوـ اٜنديث "ليس اٞنراد َمن ألّف فيو
وٗنلة اٞنباحث اٜنديثية يف الرسالة تدور حوؿ شروط اٜنديث الصحيح
اٝناصة بعد تقسيمو اٝنرب إىل خرب العامة وخرب اٝناصة وسبب كبلمو فيها أنّو كاف يشرح خرب ّ
-وليُعلم أنو ال ينطبق تقسيمو الفريد الرصٌن على ما اشتهر فيما بعد باسم اٞنتواتر واآلحاد ال
من حيث أساس التقسيم وتعريف نوعي التقسيم وال من حيث اآلثار العلمية واٞننهجية اٞنرتتبة
ويؤصل تثبيت "حجيّة" خرب الواحد عن الواحد،فتحدث عن شروط خرب الواحد ّ عليو-
الصحيح وىو أقدـ من نص عليها
ومن خبلؿ شروط اٝنرب الصحيح تطرؽ إىل عدة مباحث بشكل موجز منها :
* شروط الراوي وضبط اٜنفظ وضبط الكتاب والرواية باٞنعىن
* االتصاؿ واالنقطاع والتدليس وصيغ التحديث
* االحتجاج باٞنرسل مع وصفو لو باٞننقطع
يعرب ِنرب "الواحد" وليس اآلحاد وىو تعبًن دقيق . وينبو إىل أف الشافعي كاف ّ
ومن ىنا صارت كتب األصوؿ تتطرؽ إىل ىذه اٞنباحث اٜنديثية اٞنتعلقة بالرواية واٜنكم على
الرواة واألحاديث ويبدي فيها األصوليوف -ومنهم اٞنتكلموف -آراءىم متابعةً لعمل الشافعي
أيضا دوف مراعاة لسياؽ كبلمو الذي جعلو يبحثها ودوف مراعاة ٜنالة التصنيف وزيادة عليو ً
إماـ يف اٜنديث
وقتها ودوف استحضار أف اٞنتكلّم فيها ٌ
وليتهم اكتفوا ّنا لو صلة بعلم األصوؿ مثل حجية السنة ومنزلتها يف التشريع وحجية خرب
الواحد والعمل بو .
ثالثًا ٞ -نن الكلمة ؟
القوؿ فيها من حيث تقريرىا وكيفية بنائها
اٞنسائل اٜنديثية ال ي صارت من علم األصوؿ ُ
قوؿ اتحمدثٌن وغاية األمر نقلها من ىناؾ لوجهها األصويل
مثاال ٟنذا التصرؼ اٞننهجي سواء يف ذكره للمسألة اٜنديثية ابتداءًو٬نثّل السمعاين يف القواطع ً
أو فيما تعقب بو القاضي أبا زيد الدبوسي
واٞنسائل ال ي يكوف القوؿ فيها قوؿ اتحمدثٌن منها ما يبقى يف علم األصوؿ ولكن على ما يراه
أىل اٜنديث ألهنم أىل االختصاص
ومنها ما ينبغي استبعاده ٝنروجو عن وظيفة علم األصوؿ وإ٧نا دخل فيها استطر ًادا،ولكن طاٞنا
اقعا فيقاؿ ىذا التنبيو لؤلساتذة واٞنؤلفٌن يف األصوؿ أف يرجعوا
أهنا موجودة اآلف وصارت إرثًا و ً
يف تلك اٞنباحث إىل قوؿ اتحمدثٌن ولكن بإ٩ناز يكفي يف بياف اٞنسألة
وبعض كتب األصوؿ فيها احتفاء بأقواؿ اتحمدثٌن مع ذكرىا ألقواؿ األصوليٌن ٣نا جعل مباحث
اٜنديث تتضخم فيها كما يف شرح الكوكب اٞننًن .
ابعا -منهج اٜننفية
رً
خاصا يتواءـ مع أصوٟنم
منهجا حديثيًا ًيبلحظ أف للحنفية ً
وىذه منطقة ُنث،وعلى من يبحثها أ ْف ٩نعل اٞنوازنة بٌن منهج اٜننفية اٜنديثي ومنهج اتحمدثٌن
فقط وليس بٌن اٜننفية وٗنهور األصوليٌن إذ ال جديد فيو،كما عليو أف يتتبع نشأة رأي اٜننفية
تكونت مع تقو٬نها على طريقة اتحمدثٌن .يف تلك القواعد وكيف ّ
وقد وجدت دراسات حوؿ منهج اٜننفية ىنا ولكن مل تراع كل ما سبق .
خامسا -اٞننطقة الشائكة
ً
الشك أف اٜنكم على اٜنديث ىو عمل اتحمدث وأف حجية اٜنديث ىي عمل األصويل
ولكن اٞننطقة الشائكة واٞنتداخلة ىي االحتجاج باٜنديث الضعيف والعمل بو
و٨نا مسألتاف :العمل ،االحتجاج
فالعمل باٜنديث فرع عن اٜنكم عليو وىو ٖنرتو،وىذا من اختصاص اتحمدثٌن
وأحواؿ العمل باٜنديث -بعد اٜنكم عليو -ومىت يعمل بو ومىت ال يعمل ىي من عمل
األصوليٌن
واٜنديث الضعيف من حيث أنواعو ومىت يكوف ضعي ًفا ىو من علوـ اٜنديث
ومن حيث االحتجاج بو ىو من أصوؿ الفقو
ىكذا مقتضى أدوار العلوـ ولكن الواقع أهنا صارت َنملتها مسائل حديثية وذ ْكرىا يف كتب
األصوؿ قليل مع أ٨نيتها ودخوٟنا يف قضايا اٜنجية واالستدالؿ والعمل وحضورىا الكبًن يف
مسائل الفقو
وىذه من أىم اٞنسائل ال ي البد من نقل ُنثها إىل األصوؿ لتصبح أصيلة فيو،وأين ىي من
مسألة االحتجاج باٞنرسل ؟ والبد أف ٩نمع البحث فيها بٌن :
-2أقواؿ اتحمدثٌن
-1تصرؼ أئمة الفقو اجملتهدين
وقلة استحضار اٛنانب الثاين على حساب اٛنانب األوؿ سيؤدي إىل اٝنلل يف التعامل
شيئ منو يف السنوات األخًنة ٣نا يبٌن أهنا ليست مسألة حديثية خالصة وأهنا
معها كما ظهر ٌ
حاضرا،واٛنمع بينهما ىو من خصائص األصوؿ .ً مىت أُخذت كذلك كاف القصور
واآلف مع مسألة العمل باٜنديث فهي ُناجة إىل نوع كشف :
* العمل باٜنديث ال يعين صحتو وعدـ العمل بو ال يعين تضعيفو كما أف االعتبار ألنواع
تصحيحا ٟنا
ً من الضعيف باالحتجاج أو العمل ليس
فتوجد أحاديث ثابتة مل يُعمل بظاىرىا كما ذكر ابن رجب يف أوؿ شرح علل الرتمذي وىذا
خارج ُنثنا
ّأما باب العمل فأساسو أف العمل باٜنديث أوسع من اٜنكم عليو،ىذا من حيث اٞنبدأ
وٟنذا يبحث اتحمدثوف مسألة االحتجاج باٜنديث الضعيف وضوابطو وكذلك مسألة االحتجاج
باٞنرسل،و٨نا يف االحتجاج
وكذلك باب العمل باٜنديث الضعيف أو ما يعرؼ باألحاديث ال ي مل تثبت صحتها وعليها
العمل وقد تطرؽ ٛنملة منها ابن رجب يف شرح العلل
وىنا رّنا يسأؿ سائل :
ما الفرؽ بٌن مسالة "االحتجاج باٜنديث الضعيف" و "العمل باٜنديث الضعيف" ؟
ىل ٨نا مسألتاف أـ ٨نا مسألة واحدة ؟
قد يتداخل اٞنبحثاف بسبب أف االحتجاج بالضعيف يؤدي إىل العمل بو كنتيجة
والذي يظهر أف بينهما فرقًا،وىو فارؽ يف أساس اٞنسألتٌن وليس من حيث النتيجة والثمرة :
-فاألوىل أخص وىي االستدالؿ بو والثانية العمل بو
والعمل ال يعين االحتجاج فقد يكوف معو وقد ال يكوف،فالعمل لئلذف والسماح
ّأما االحتجاج فهو االستدالؿ للمستدؿ وعلى اٞنخالف،فاالحتجاج أضيق بابًا .
دليبل تُستخرج منو األحكاـ واٞنسائل حىت يف غًن -كما أف االحتجاج يعين أنّو صار ً
اٜنديث،أما العمل فهو أ ْف تعمل ّنوضوع اٜنديث األصلي فحسب .
ّ موضوع
-وقد يُعمل بأحاديث ال ينطبق عليها ضوابط َمن أجاز االحتجاج بالضعيف كما ْنده
يف أحاديث جرى عليها العمل كالبسملة يف الوضوء .
مروي منقوؿ عن السابقٌن فهو خاص ّنا
يضا العمل بالضعيف ال قياس فيو ألنّو ٌّ -وأ ً
جرى عليو عمل األئمة فبل يأتٌن أح ٌد ُنديث ضعيف ويقوؿ ليجر عليو العمل
ّأما االحتجاج فهو تقعيد وتنظًن ٬نكن تطبيقو على آالؼ االحاديث .
مسوغ العمل باٜنديث ىو جرياف العمل بو ّأما يف االحتجاج بالضعيف فهو اٜنديث ّ -
نفسو ألنو صار حجة .
ىذه فروؽ ٙنسة أحسب أهنا ٕنيز بٌن اٞنبحثٌن،وهللا أعلم .
سادسا -شروط العمل باآلحاد عند بعض األصوليٌن
ً
من اٞنباحث ال ي أخذت مساحة واسعة يف أبواب السنة من كتب األصوؿ مبحث خرب
اآلحاد واالحتجاج بو والعمل بو وما يفيده من علم أو ظن
ومن قضاياه اٞنهمة شروط العمل بو أو مقاييس األخذ بو عند األصوليٌن واختبلفهم فيها
والعمل ِنرب اآلحاد عند من وضع معايًن عامة لقبولو كما ىو موجود يف ُنوث األصوليٌن
٪نتاج إىل وقفات :
-معايًن قبوؿ اٝنرب وخاصة خرب الواحد قدمي منذ عصر الصحابة كما سيأيت
يفرؽ طالب العلم بٌن خرب الواحد واآلحاد االصطبلحي،فالبحث القدمي عند ومن اٞنهم أف ّ
السلف كاف حوؿ خرب الواحد "الفرد" وحجيتو يف اْناه من شككوا فيو ويف ٠ناؿ االحتجاج بو
يف حٌن أف ما تعددت طرقو فبل إشكالية فيو
و ّأما ما يسمى باآلحاد فهو شامل للفرد ولكل ما تعددت طرقو ما مل يبلغ التواتر -على حد
مثاال -وىذا غلط كبًن
التواتر الذي أحاديثو معدودة وقيل إنو مل يسلم منها حديث يصلح ً
ليس ىذا ٠ناؿ الوقوؼ معو .
-معايًن الصحابة للتثبت من خرب الواحد متعددة
والتثبت ال يكوف ّإال عند وجود شك،و ّأما إذا رواه صحايب ومل يوجد ما يدعو للتثبت فهم
يقبلونو مباشرة
واٞنعايًن ال ي ٟنا صلة باٞنقالة ثبلثة :
-2نق ٌد من حيث الثبوت ابتداءً
مثل فعل عمر مع فاطمة بنت قيس "ال ندري أنسيت أـ حفظت" .
-1نق ٌد للمنت بعرضو على اٞنأثور
مثل فعل عائشة يف حديث البكاء على اٞنيت ويف حديث الشؤـ يف ثبلثة .
والفرؽ بٌن الصورتٌن السابقتٌن أف األوىل يقع الشك من الصحايب يف حفظ الراوي الواحد
بتفرده بو و ّأما صورة ما يرويو فهي داخلة عموـ نصوص أخرى
والثانية يرد الصحايب اٞنروي بعد عرضو على مأثور ورد يف عٌن الصورة كما فعلت عائشة
حيث بيّنت الرواية اٞنعيّنة ال ي ٚنعتها .
-3نق ٌد اٝنرب الفرد ٝنروجو عن اٞنعهود من الشريعة
مثل الوضوء من ٘نل اٛننازة وعدـ أخذ عائشة وابن عباس بو،فهنا سبب النقد مضموف اٞنروي
ومدى جريانو وفق اٞنعهود من حكمة التشريع .
ومن اٞنهم ىنا أال ننسى أف الراوي والناقد كبل٨نا من الصحابة،وىذا طبيعي فالطبقة
واحدة والظرؼ التار٫ني ىذا حالو
واتحمدثوف ورثوا ىذه اٞنعايًن النقدية وغًنىا من عمل الصحابة ولكن مع َمن دوف الصحابة من
الرواة،فاتحمدث ال يأيت إىل اٜنديث ويعلّو بتفرد الصحايب ّنا يدخل يف الصور الثبلث بل العلة
عنده يف الطبقات من بعده
خارجا عن معهود الشريعة فبل يقوؿ إف الغلط من الصحايب بل من خربا ف ًردا ً
فإذا وجد اتحمدث ً
أحد الرواة إال إذا سبق أف أحد الصحابة نقد راويو الصحايب كما سبق
فأىل اٜنديث اتبعوا اٞننهج وطبقوه يف موضعو ومل يتعاملوا مع الراوي الصحايب كما تعامل معو
الصحايب الناقد وانتبهوا إىل أف نقد الراوي الصحايب كاف من صحايب آخر مثلو مراعٌن الظرؼ
التار٫ني والطبيعي .
-من اٞنسائل ال ي ٓنتاج إىل ٓنرير :
ىل معايًن قبوؿ الواحد عند من وضعها من األئمة معايًن للرد فقط أـ ٬نكن أف تكوف
أيضا معايًن عمل ال رد
ً
وترجيح ال تضعيف
وطريقة لدفع التعارض الظاىري ؟
سبيل اٛنواب دراسة تلك اٞنعايًن عند من أخذوا هبا من جهة التطبيقات وىل استنبطوا من
تلك األحاديث غًن اٞنأخوذ هبا عندىم مسائل أخرى سوى اٞنسألة األصل ؟ ىل كانوا
يتفقهوف يف بعض تلك األحاديث ويستنبطوف منها األحكاـ واآلداب يف غًن اٞنعىن الذي
قدموا القاعدة عليو ؟
أحكاما من حديث خيار اجمللس سوى إثباتو الذي مل يعمل بو
ً فمث ًبل ىل استنبط اإلماـ مالك
؟ وكذلك اٜننفية من حديث التسبيع يف طهارة الكلب ؟
-خرب الواحد فيما تعم بو البلوى مقبوؿ عند اٛنمهور،ولكن السؤاؿ األوؿ عند دراستها:
ىل قضية عموـ البلوى معيار للتثبت من الرواية يف عصرىا أـ ىي معيار يستعملو من جاء بعد
عصر الرواية ليتثبت منها ؟
ىل ىي معيار ال يكوف إال من صحايب كي ينقد رواية صحايب أـ ٬نكن لغًن الصحايب أف
يعملها ويستحضرىا كي يتأكد من رواية الصحايب ؟
سليم منهجيًا ؟
أمر ٌىذا السؤاؿ معناه ىل طرحها ابتداءً ٌ
معيارا ٞنن بعدىم،فهوالذي يبدو أهنا معيار نقدي لثبوت اٞننت يف عصر الصحابة وليست ً
ط ٬نكن أف يستعمل يف عصر الرواية األوىل أي من الصحابة يف النقد أو التثبت من رواية ضاب ٌ
فضبل عن اٞنراحل اٞنتأخرة عند بدء تدوين اٞنرويات
أحدىم وليس ٞنن بعدىم ً
وبالتايل فما اشتهر عند اٜننفية من إعمالو كمعيار يف قبوؿ خرب الواحد ال وجو لو فيما يظهر
ويؤّكد ىذا اٝنلل أف اٜننفية اْنهوا يف النقد بو إىل الصحايب نفسو
وىل كبار التابعٌن يف ىذا كالصحابة ؟ ُنث .
وينبو ىنا إىل التفريق بٌن مسألتٌن :
خرب الواحد فيما تعم بو البلوى ومسألة كتماف أىل التواتر أو خرب الواحد الذي يشرتؾ يف
اإلحساس بو كثًن "رأوه أو ٚنعوه" أي انفراد ٢نرب ّنا شاركو فيو كثًن وتتوفر الدواعي على
نقلو،واٝنبلؼ فيها مع الرافضة
ىاتاف مسألتاف منفصلتاف وإف كاف بينهما صلة وتقارب
أصبل لقوٟنم يف األوىل واٛنمهور ال يروف التبلزـ بينهما
والثانية ٣نا استدؿ هبا اٜننفية وجعلوىا ً
ومن جعلهما مسألة واحدة مل يصب،فالثانية أمر وجودي حضره خلق كثًن وتتوفر الدواعي َ
على روايتو فانفراد واحد بو يورث الشك يف ضبطو
كثًنا ويتكرر عليهم يف
واألوىل ليست كذلك بل موضوع اٜنديث اٞنروي ٣نا ٪نتاجو الناس ً
حياهتم كالطهارة وشؤوف الزواج .
٢ -نالفة خرب الواحد للقياس،ما اٞنراد بالقياس ؟
الذي يظهر أف اٞنراد بو ىنا األصوؿ والقواعد وليس القياس ّنعناه االصطبلحي اٞنشهور
وفرؽ بينهما وقاؿ إف القياس لو إطبلقاف
وأف دخولو يف اٞنسألة غلط حىت عند َمن ذكر النوعٌن ّ
أصبل وأف من أدخلو يف البحث اشتبو عليو مث ُنث اٞنسألة على كبل النوعٌن،بل ىو غًن مراد ً
لفظ القياس
فصواب اٞنسألة دراستها من حيث كوف القياس ىو القواعد اٞنطردة واألصوؿ اٞنتكررة يف
الشريعة "معاين أصوؿ االحكاـ كما عرب بعضهم" سواء كانت عامة أو خاصة بباب يف الفقو:
العامة مثل :ليس لئلنساف إال كسبو ،نفي الضرر
خاصة بباب مثل :اٝنراج بالضماف ،غرـ اإلتبلؼ يكوف ّنثلو أو بقيمتو
ىذا من حيث ٓنرير صورة اٞنسألة
أيضا :
ّأما من حيث ُنثها فإف السؤاؿ السابق يف عموـ البلوى يطرح ىنا ً
ىل من جاء بعد الصحابة ٪نق لو أف يورد ىذا اٞنعيار على رواية صحايب ؟
ال يبدو ذلك،وعليو فإذا مل يسبق لصحايب أف يورده على خرب فبل ٠ناؿ ٞنن بعدىم أف يورده
كما فعل اٜننفية يف حديث اٞنصراة .
-من معايًن قبوؿ اآلحاد عند اٜننفية أال يعمل الراوي "وىو ىنا الصحايب ال غًن عند
التحقيق" ِنبلؼ ما روى
وىذا اٞنعيار من اٛنهة اٜنديثية ليس علة يُعل هبا اٝنرب فالقوؿ فيها قوؿ اتحمدثٌن ألف
احتماالت ٢نالفتو ٞنا رواه متعددة وأسباب ٢نالفتو للمروي ١نتملة فبل تعترب علة يف الرواية،وىذا
مثاؿ لكيفية التعامل مع االحتماالت عند اتحمدثٌن .
عاما فهل
وىنا مسألة قريبة ينبغي ٕنييزىا عنها وىي إذا ورد عن الصحايب ٔنصيص ما رواه ً
٫نصصو ؟
فابن عباس روى حديث "من بدؿ دينو فاقتلوه" وورد عنو عدـ قتل اٞنرتدة وإ٧نا ٓنبس
فهل قولو ٫نصص عموـ ما رواه ؟ اٛنمهور ال،وأكثر اٜننفية نعم .
فهذه اٞنسألة غًن األوىل،ىذه ٔنصيص وتلك عدـ عمل بالكلية .
-الكلمة األخًنة يف ىذه الفقرة وىي خبلصتها اٞنطلوبة ونتيجتها اٞنرجوة :
أف معايًن قبوؿ خرب الواحد عند اٜننفية ليست من علل اٞنتوف عند اتحمدثٌن ومل يعتربىا
أىل اٜنديث ،وهللا أعلم .
سابعا -اٞنشرتكات واالختصاصات
ً
كما سبق أف اٞنشرتكات بينهما كثًنة ودعاوى اختصاص وأحقية كل منهما مطروحة
وىنا وجهة نظر واقرتاح علمي فيما ينبغي أف يشرتكا فيو وما ٫نتص بو كل منهما .
-اٞنباحث ال ي يصح االشرتاؾ بينهما :
* النسخ يف السنة
* التعارض وطرؽ دفعو "٢نتلف اٜنديث وتأويل مشكلو"
* تعريف الصحايب :
التعريف اٞنشهور عند األصوليٌن أخص وأضيق من تعريف اتحمدثٌن وتنبين عليو مسائل
كاٜنكم بالعدالة ونوع روايتو عن النيب عليو الصبلة والسبلـ ىل ىي مرسل صحايب أـ ال .
وىذه منطقة ٓنتاج إىل ٓنرير فكأف اٝنبلؼ مل يقع على ٠ناؿ واحد بل ٨نا اصطبلحاف كلٌّ يف
٠نالو،فاألصويل ىل يقوؿ إف تعريفو للصحايب ىو الذي ينبغي أف يأخذه اتحمدث أـ مراده َمن
خاصا
الصحايب اٞنقصود يف علم األصوؿ ؟ وىل اطرد األصوليوف يف مرادىم بالصحايب أـ كاف ً
ببعض األبواب ؟ البد من دراسة ٞنراد األصوليٌن ينتبو فيها ألمرين :
أف تكوف من مصادرىم األوىل وليس اٞنتأخرة
أف تستبعد ما يتعلق بالرواية ٣نا دخل على كتب األصوؿ من مباحث اٜنديث
فيكوف ٠ناؿ الدراسة حينئذ أبواب :
مرسل الصحايب،مالو حكم الرفع،حجية قوؿ الصحايب .
-خصوصيات اتحمدثٌن :
-2ما يتعلق باٜنكم على األحاديث :
* شروط الصحة
ومنها العلل والشذوذ وبالتايل تدخل مسائل زيادة الثقة سواء يف األسانيد "الوصل واإلرساؿ ،
الرفع والوقف" أو يف اٞنتوف
فهذه القوؿ فيها قوؿ اتحمدثٌن سواء يف أحكامها وقواعدىا أو يف تصويرىا وذكر أنواعها أو
ٓنرير ١نل النزاع فيها كما أهنا ال عبلقة ٟنا بعمل األصويل .
* تعيٌن أنواع الضعيف
* الرواية باٞنعىن
-1ما يتعلق باٜنكم على الرواة :
* أحواؿ الرواة من عدالة الراوي وكيف تثبت،واٛنهالة وكيف تزوؿ،ورواية اٞنبتدع .
وتعديبل،تعارض اٛنرح والتعديل .
ً جرحا
* اٜنكم على الراوي ً
* طرؽ التحمل وصيغ األداء :
الرفع،أما من سوى الصحابة
ّ صيغ أداء الصحايب ٟنا صلة باألصوؿ من جهة ىل ٟنا حكم
فالقوؿ قوؿ اتحمدثٌن وال صلة ٟنا باألصوؿ وإف حاوؿ األصوليوف استثمارىا يف الرتجيح .
-خصوصيات األصوليٌن :
ليس معناه أف ُٔنرج من علوـ اٜنديث وإ٧نا اٞنراد أف علم األصوؿ ىو علمها األـ بل كاف
اٞنفرتض أف يستمع اتحمدثوف إىل قوؿ األصوليٌن فيها وإ ْف واقع األصوليٌن وكتب األصوؿ ال
يشجع على ىذه اٝنطوة !
وىي :
* االحتجاج باٜنديث الضعيف
* العمل بالضعيف
* حجيةخرب الواحد ومفاده وحكم العمل بو،وليس معناه صواب قوؿ األصوليٌن اٞنشهور
عندىم بل بياف ٠ناؿ ُنث اٞنسالة فهي أصولية .
وهللا أعلم
اٜنلقة التاسعة
الوجو الببلغي لدالالت األلفاظ األصولية
ٕنهيد :
علما أف يأخذه من كتبو وأف من يريد بلوغ االجتهاد عليو ٓنصيل العلوـ من
األصل فيمن يريد ً
كتبها ووفق نظامها .
مهاـ األصوليٌن بياف العلوـ ال ي على اجملتهد ٓنصيلها ال أ ْف تُلخص العلوـ وتوضع
ومن ّ
خبلصاهتا يف كتب األصوؿ
والعمل األساسي لعلم األصوؿ ىو تكوين األصويل وبياف سبيل االجتهاد وليس تكوين اجملتهد
٠نتهدا .
أي أف دراسة علم األصوؿ وقراءة كتبو تنتج أصوليًا يعرؼ سبيل االجتهاد ال ً
وعلم الببلغة من العلوـ اٞنهمة للناظر يف النصوص الشرعية ولكن ما طبيعة عبلقتو بعلم
األصوؿ ؟ وكيف حضور اٞنباحث الببلغية يف علم األصوؿ ومدوناتو ؟
مباحث الببلغة يف علم األصوؿ
٬نكن تصنيف صلة الببلغة بعلم األصوؿ من حيث واقع كتب األصوؿ إىل نوعٌن :
األوؿ /اٞنسائل اٞنشرتكة :
موضوعات ببلغية أُخذت من كتب الببلغة كما ىي ّنبناىا ومصطلحاهتا وأصبحت ٌ وىي
داخل علم األصوؿ وكتبو
وسبب أخذىا ىو حاجة علم األصوؿ إليها وأ٨نيتها يف تكوين األصويل وبالتايل صارت
مشرتكة بينهما إذ ٩ندىا طالب العلم مذكورة وبعنواهنا نفسو يف كبل العلمٌن .
وىي قسماف :
/2ما أصبح من علم األصوؿ ألنو مهم لؤلصويل يف تكوينو كأصويل ويتعلق بوظيفتو
فبعض مباحث الببلغة باتت من صميم األصوؿ وأ٨نها اٜنقيقة واجملاز وما لو صلة هبما .
/1استطراد ٬نكن االستغناء عنو
ومن أمثلتو أف األصوليٌن عند حاجتهم إىل بياف مسألة "ىل الكناية والتعريض حقيقة أو ٠ناز"
استطرد بعضهم إىل تلخيص ىذا اٞنبحث الببلغي بتمامو من تصريح وكناية وتعريض والفرؽ
بينها وأمثلتها،والواجب االكتفاء ّنسألة ىل ٨نا حقيقة أو ٠ناز فقط .
وىذا النوع وإ ْف أُطلق عليو "اٞنسائل اٞنشرتكة" بٌن العلمٌن ّإال أنو يف اٜنقيقة ُنث ببلغي
استثمره األصوليوف .
وىنا سؤاؿ :
مب أف ىذا النوع صار مشرتًكا،فإذا أراد صاحب أحد العلمٌن أ ْف ينظر يف ُنث اآلخر لتلك
اٞنسائل اٞنشرتكة فأيّهما سيستفيد أكثر ؟
الظاىر أف الفائدة من حيث الواقع العملي متجهة أكثر إىل الببلغيٌن فهم األكثر استفادة
ألهنم وجدوا يف جهود األصوليٌن ُنثًا وٓنقي ًقا،واستفادةُ األصوليٌن بعد أخذىم لتلك اٞنسائل
صارت أقل
بل إف األصوليٌن أثّروا على البحث الببلغي يف تلك األبواب وٟنذا فعودة األصويل إىل كتب
كثًنا ّإال يف كتب الببلغة اٞنتقدمة،و٬نكن القوؿ إ ّف علم
الببلغة يف تلك اٞنباحث رّنا ال تفيده ً
الببلغة بات ُناجة إىل التخفف من الن َفس األصويل فيو وىذه إحدى اٞنهاـ اٞنرجوة من
الببلغيٌن اٞنعاصرين .
أخًنا يف ىذا النوع وىو اٞنهم :
و ً
البد أ ْف تكوف مطالعة ُنث الببلغيٌن ٟنذا النوع ألجل أ ْف تضيف إىل علم األصوؿ فائدة أو
ٓنقي ًقا وليس لتحصيل فنوف الببلغة،وتوجد مسائل قابلة لذلك :
كمسألة ما األصل يف اؿ التعريف اٛننس واالستغراؽ أـ العهد ؟
ومسألة أيهما أقوى عموـ اٞنفرد أـ عموـ اٛنمع ؟ .
النوع الثاين /اٞنسائل اٞنتحدة :
وجها ببلغيًا
اٞنقصود هبذا النوع أ ْف تكوف اٞنسألة واحدة يف أساسها وٟنا صلة بالعلمٌن فتأخذ ً
ووجها أصوليًا بلقب آخر ٢نتلف،فهما وجهاف ٞنبحث واحد .
معٌن يف علم الببلغة ً بلقب ّ
وحقيقتو اتفاؽ اٞنبىن واختبلؼ الوجو أو وجهاف ٞنبحث واحد،باختصار اٛنسم واحد ولكن
االسم ٢نتلف .
ىل يوجد ىذا النوع ؟ وما أمثلتو ؟
ىنا بيت القصيد ولب اٞنقالة
والغرض إثارة اٞنوضوع واستحثاث طلبة العلم للتفكًن والبحث فيو .
الوجو الببلغي لدالالت األلفاظ
٬نكن القوؿ إف بعض مباحث دالالت األلفاظ األصولية ىي بعينها مباحث ببلغية
فمبنا٨نا واحد مع اختبلؼ اللقب وطرؽ االستثمار،وإ٧نا كاف يف باب دالالت األلفاظ خاصة
ألنو ىو ٠ناؿ علم الببلغة .
ولكن ىل الببلغة أسبق ؟ أي ىل الببلغيوف كانوا أسبق من األصوليٌن يف تفعيل ىذه اٞنعاين
واٞنباين "اٞنسائل" ؟
٢نتصا باأللفاظ ومعانيها وللببلغيٌن جهود
دائما وال بالضرورة ولكن ٞنا كاف علم الببلغة ً
ليس ً
ووضوحا فيها وبالتايل تسهل مقارنتها
ً ظهورا
كبًنة كاف االفرتاض أ ْف تكوف تلك اٞنسائل أكثر ً
ّنا عند األصوليٌن
لذا كاف التعبًن ب"الوجو الببلغي "...وليس "الوجو األصويل ٞنباحث الببلغة" .
ط من اٞنقارنة ٩نب إثراؤه :
وىذا ٧ن ٌ
ومباف رّنا تكوف يف حقيقتها واحدة فبل يظنمعاف ٍ * لتتضح حقائق العلوـ ودوراهنا على ٍ
الدارس تغاير وتباعد مسائل العلوـ على الدواـ وأهنا يف كل علم شيئ جديد ٢نتلف طاٞنا أهنا
شكبل ٢نتل ًفا أو استثمرت ووظّفت بطريقة أخرى .
أخذت اٚنًا أو ً
تقوي الدارس علميًا وْنعلو أكثر أخ ًذا بزماـ العلوـ وتثبت أف الفواصل بٌن العلوـ
* كما أهنا ّ
ليست بذاؾ االرتفاع .
* وتعطي ملكة الربط حىت بٌن العلوـ اٞنختلفة وليس يف العلم الواحد فقط أو يف العلوـ
اٞنتقاربة .
* كما أهنا مثاؿ رائع على استثمار اٞنعىن العلمي بأكثر من وجو ويف أكثر من علم وأف اٞنسألة
الواحدة من اٞنمكن أ ْف تأخذ أكثر من وجو مىت نُظمت يف سلك معريف جديد أو وضعت يف
حقل معريف آخر،فتبذؿ اٞنسألة حينها أقصى معانيها .
وإذا كاف يف العلم الواحد يقع شٍن من ذلك -مع قلتو -فكيف بٌن العلمٌن اٞنختلفٌن ؟
يقوؿ الغزايل يف اٞنستصفى "ويشبو أف يكوف كل تأويل صرفًا للفظ من اٜنقيقة إىل اجملاز" مع
أهنما يف نفس اٜنقل اٞنعريف،وعليو فباب التأويل ىذه حقيقتو و٬نكن تعريفو ب"صرؼ اللفظ
من اٜنقيقة إىل اجملاز" .
ونص كثًنٌ من األصوليٌن كابن اٜناجب واألمٌن الشنقيطي على أف اٞنناسب اٞنرسل ىو نفسو
اٞنصلحة اٞنرسلة،اٜنقيقة واحدة ولكن لو اسم يف أقساـ الوصف اٞنناسب واسم آخر يف باب
األدلة .
وحىت يسهل فهم ىذه العملية العلمية والدور الذي يؤديو الباحث فيها ٬نكن تسميتها ىنا
ب"التكييف الببلغي لدالالت األلفاظ"
ومعناه أف دور الباحث ىو االنطبلؽ من دالالت األلفاظ األصولية مث االْناه إىل الببلغة
ليكشف اٞنسائل الببلغية اٞنتفقة اٞنبىن مع اٞنسائل األصولية
وىذا الدور ال يقوـ بو إال أصويلٌّ اْنو إىل الببلغة وليس ببلغي اْنو إىل األصوؿ،فعقلية الببلغي
ستجعلو يضيف إىل الببلغة أكثر يف عملية اٞنقارنة والتكييف
إذف فيكوف العمل ألصويل ٩نعل الببلغة ٔنصصو الثاين .
وىنا ١ناولة لتحريك الفكرة وضرب بعض األمثلة مع تنبيهات ٞنن يريد دراستها مع أهنا تبدو
جدا من حيث صناعتها . جدا من حيث نتائجها ولكنّها ٖنينة ً قليلة ً
-أنواع اٞنسائل اٞنتحدة :
القصد من ١ناولة تقسيمها أ ْف يتيقظ الناظر أثناء التكييف "أين ٬نكن أف توجد اٞنسألة اٞنرادة
يف مباحث الببلغة" لئبل تغيب عنو
* فنوعٌ منها مسألة أو مبحث مستقل،وىذا ىو اٞنتبادر
* ونوع آخر يدخل ضمن اٞنسألة الببلغية ّإما حالة أو صورة منها
أدؽ فبل تفوتو اٞنسألة حٌن
والباحث عليو االنتباه لكبل النوعٌن خاصة الثاين حىت يكوف نظره ّ
اٞنقارنة .
مثاؿ :
داللة االقتضاء عند األصوليٌن تدخل يف اإل٩ناز باٜنذؼ من علم اٞنعاين وىو باب واسع
فًناجع األصويل الصورة ال ي تطابق حذؼ االقتضاء مث ٪ناوؿ أ ْف يستفيد من الببلغيٌن فيما
يتعلق بداللة االقتضاء من مسائل مثل مسألة عموـ اٞنقتضى ىل يعم أـ ال .
مثاؿ آخر :
اٞنشرتؾ واٛنناس التاـ،وأل٨نيتو نقف معو :
اتحمسنات اللفظية،وىو نوعاف
اٛنناس التاـ من ّ
* اٞنتماثل أي متماثل باٚنٌن أو فعلٌن
فعبل من اٜنياة
* اٞنستوىف أي بٌن نوعٌن كاسم وفعل مثل "٪نٍن" يأيت علَ ًما ويأيت ً
ومن اٞنعلوـ أف اللفظ اٞنشرتؾ حىت يكوف مشرتًكا يكفي أف يُطلق اللفظ على أكثر من معىن
تاما ّإال إذا تكرر اللفظاف يف
جناسا ً
فيحصل االشرتاؾ اللفظي،لكن اٛنناس التاـ ال يكوف ً
نفس النص ليقع بينهما اٛنناس
جناس تاـ دوف وجود اٞنشرتؾ أي بغًن لفظٌن بينهما عبلقة اشرتاؾ ؟ وىل ٬نكن أف يكوف ٌ
ال ٬نكن يف اٛنناس التاـ اٞنتماثل خاصة ألف اٞنستوىف ليس من باب اٞنشرتؾ
واأللفاظ اٞنشرتكة يصدؽ عليها االشرتاؾ ولو مل ٪نصل بينها اٛنناس التاـ اٞنتماثل،فبٌن اٛنناس
التاـ واٞنشرتؾ عموـ وخصوص وجهي .
* والتضاد يف اللغة نوع من اٞنشرتؾ :
كالظن لليقٌن والشك والقرء للطهر واٜنيض ّ فمن اٞنشرتؾ ما يكوف اللفظاف فيو متضادين
ومن اٞنشرتؾ ما ليس بينهما عبلقة تضاد وىو الغالب
وبالتايل ٬نكن وقوع اٛنناس التاـ يف اٞنتضادين .
ومن اٞنهم عدـ اٝنلط بٌن مبحث األضداد ىذا ومبحث الطباؽ يف اتحمسنات اٞنعنوية .
واٝنبلصة أف اٛنناس التاـ اٞنتماثل لفظاف بينهما اشرتاؾ وىو تأكيد لنظرية اٞنشرتؾ ألنو
استعماؿ ٢نصوص لو .
-صور قابلة :
ىنا مسائل قابلة ألف تكوف من اٞنسائل اٞنتحدة ولكن بعد الدراسة :
* القصر عند الببلغيٌن وصلتو ّنفهوـ اٞنخالفة الذي ال يأخذ بو اٜننفية وكيف يتعامل من لو
مشاركة يف الببلغة أو التفسًن من اٜننفية كالز٢نشري مع القصر وىل فيو تناقض أو اضطراب .
* اإلشارة واإل٬ناء يف أي مباحث الببلغة تدخل ؟
وسؤاؿ آخر :ىل ٬نكن إضافة حالتيهما إىل الببلغة ويلحقها الببلغيوف بأقرب ما يناسبها
ويعطوف ٟنما اٚنًا ببلغيًا ؟
كبل٨نا ٣نكن والدراسة اٞنتخصصة ْنيب .
تنبيهاف يف التكييف الببلغي
التنبيو األوؿ :
أوال وأف اٜنقيقة يف اٞنسألتٌن واحدة فمىت وجد الفرؽ مل يصب البد من التأ ّكد من اتفاؽ اٞنبىن ً
التكييف .
مثاؿ :
ىل داللة اإلشارة عند األصوليٌن من الكناية يف الببلغة كما ذكر ذلك بعض اٞنعاصرين ؟
داللة اإلشارة ىي داللة اللفظ على معىن الزـ غًن مقصود
والكناية ىي القوؿ اٞنستعمل يف معناه اٞنوضوع لو ولكن أريد بو الزـ اٞنعىن كقوٟنم "فبلف كثًن
الرماد" كناية عن الكرـ
الح ْظ أف الكناية يراد ويقصد هبا اٞنعىن البلزـ وبالتايل كاف التكييف غًن صحيح،وكاف األقرب
إىل االحتماؿ أ ْف تكوف اٞنقارنة بٌن الكناية وداللة اإل٬ناء ألهنا داللة اللفظ على معىن الزـ
مقصود لكن مل تقع اٞنقارنة بينهما ٍ
لسبب ليس ىذا ١نلو
مقصود بنفس اللفظ
ٌ بل حىت اإل٬ناء ليس كنايةً ببلغية فيما يظهر ألف الكناية اٞنعىن البلزـ فيها
وقائلو يقصد بو اٞنعىن اٞنكين و ّأما اإل٬ناء فلدينا معنياف معىن اللفظ واٞنعىن البلزـ الذي صار
مقصودا بداللة السياؽ وقرائن قصد اٞنتكلم وليس بنفس اللفظ . ً
التنبيو الثاين :
اتفاؽ اٞنصطلحات أو حىت عنواف اٞنسألة يف العِلمٌن ال يعين أهنا من
اٞنبىن ىو أساس العملية و ُ
اٞنسائل اٞنتحدة
فإذا وجدت مسألة ٟنا نفس العنواف يف العلمٌن فقد ال تكوف متحدة من حيث اٜنقيقة وعليو
فبلبد من التأكد من كوهنا ىي نفسها من حيث اٜنقيقة دوف االكتفاء بظواىر األلقاب .
مثاؿ :
يف ببلغة اإلطناب ما يعرؼ ب عطف اٝناص على العاـ) قاؿ السيوطي فيو "اٞنراد باٝناص
شامبل للثاين ال اٞنصطلح عليو يف األصوؿ" ومراده بياف اختبلؼ صورة
والعاـ ىنا ما كاف األوؿ ً
اٞنسألتٌن ال اختبلؼ مصطلح العموـ واٝنصوص يف العلمٌن .
حكم ويكوف متعل ًقا بلفظ عاـ ويعطف فصورة اٞنسألة األصولية ال ي ٟنا ىذا العنواف أف يَرد ٌ
عليو يف النص ذاتو نفس اٜنكم ولكن على متعلق آخر ىو خاص بالنسبة إىل اللفظ األوؿ يف
صا للفظ األوؿ ؟٢نص ً
اٜنكم اٞنعطوؼ عليو ) فهل يكوف اللفظ يف اٜنكم الثاين ّ
رجبل وال امرأةً كهلة
مثاٟنا التقرييب :ال تضرب ً
فهل يقاؿ اٞنراد بالرجل ىو الرجل الكهل ؟
ىذا اٞنثاؿ ذكره النقشواين ونقلو عنو القرايف والزركشي،واٞنثاؿ فيو تردد من حيث احتماؿ كونو
من اٞنطلق واٞنقيد .
ّأما مثاٟنا األصويل الفقهي -اٞنتكرر يف الكتب كما قاؿ النقشواين فيما نقلو القرايف يف العقد
اٞننظوـ -حديث " ال يقتل مسلم بكافر وال ذو عهد يف عهده"
فهنا مسألتاف يف نص واحد األوؿ عاـ يف كل كافر والثاين خاص باٞنعاىد،فهل اٞنراد بالكافر يف
اٞنعطوؼ عليو كل كافر أـ اٜنريب فقط ؟
خبلؼ طويل بٌن اٛنمهور واٜننفية ليس سببو األوؿ العموـ واٝنصوص يف اٜنقيقة،وٟنذا وقع
اختبلؼ بٌن األصوليٌن يف الرتٗنة ٟنذه اٞنسألة ْندىا يف البحر اتحميط والتحبًن ورفع اٜناجب
وليس اٞنقصود الوقوؼ مع ىذه اٞنسألة بل الغرض بياف أهنا ليست تلك اٞنسألة الببلغية مع أف
العنواف مشرتؾ بينهما كما يف كثًن من كتب األصوؿ .
وينبو إىل أف ىذه اٞنسألة األصولية بعنواهنا "عطف العاـ على اٝناص" ٢نتلفة عن مسألة أصولية
أيضا "ذكر بعض أفراد العاـ ُنكم يوافقو ىل أخرى ىي "ٔنصيص العاـ بذكر بعضو" وتسمى ً
٫نصصو؟"
واٝنبلؼ يف األوىل بٌن اٛنمهور واٜننفية كما سبق ويف الثانية اٝنبلؼ بٌن اٛنمهور -ومنهم
اٜننفية -مع أيب ثور
أيضا مع اٞنسألة الببلغية "عطف العاـ على اٝناص" ألهنا
كما أف ىذه اٞنسألة الثانية ال تتطابق ً
يف صورهتا األصولية قد يأيت العاـ يف نص واٝناص يف نص آخر وأكثر أمثلتها األصولية كذلك
مثل "أّ٬نا إىاب دبغ فقد طهر" مع حديث جلد ميتة الشاة "دباغو طهوره" .
واآلف أين مبىن ىذه اٞنسألة الببلغية يف كتب األصوؿ ؟ أين صورهتا ؟
َمن ذكر من األصوليٌن عٌن اٞنسألة الببلغية السابقة كمسألة أصولية ذكرىا بقيودىا كاملة كما
فعل الزركشي يف البحر اتحميط حٌن قاؿ عنها "إذا ذكر العاـ وعطف عليو بعض أفراده ٣نا حق
العموـ أ ْف يتناولو كقولو تعاىل حافظوا على الصلوات والصبلة الوسطى)" والحظ تقييده
ب"٣نا حق العموـ أف يتناولو" فاٞنعطوؼ بتمامو يدخل يف عموـ اٞنعطوؼ عليو
وىي ّإما مسألة أصولية مستقلة من مسائل ٔنصيص العموـ كما ىو ظاىر فعل الزركشي يف
ِ
مسألة ذكر بعض أفراد العاـ كما ىو فعل اٞنرداوي يف التحبًن . البحر أو ىي نوعٌ من
وال يفوت التذكًن بأف ىذا النص للسيوطي الذي أفادنا بدقة يف ىذه اٞنقارنة كاف من كتابو
اإلتقاف وىو يف علوـ القرآف واستفدنا منو يف التمييز بٌن مبحث أصويل وببلغي .
اٝنإنة
ما الذي يريده علم األصوؿ من الببلغة ؟ ما سبل االستفادة من علم الببلغة يف األصوؿ ؟
كيف تتطور العبلقة بٌن العلمٌن ؟
أفكار ومقرتحات :
أُناث أصولية إىل كتب الببلغة إلثراء الدالالت يف وظيفتيها التفسًن واالستنباط
-أ ْف تتجو ٌ
مع االنتباه لقضية احتماؿ وجود نفس اٞنبىن ولكن باسم ٢نتلف لئبل يقع الغلط يف إضافة ما
ىو موجود،وىذا مقصود ىذه اٜنلقة .
اسات اٝناصة فيهما شحيحة وعلى من -القرائن والسياؽ ٟنا حضور قوي يف األصوؿ،والدر ُ
يدرسها استثمار الببلغة لتعزيز جهود األصوليٌن يف استخبلص مسائل داللة السياؽ والقرائن
وتنظيمها وحىت جعلها على مراتب .
-دراسات ببلغية على آيات األحكاـ من حيث أثر الببلغة يف استنباط األحكاـ منها وليس
بتطبيق فنوف الببلغة عليها كما ىو اٞنعتاد يف ُنوث الببلغة القرآنية .
-بياف ىل أثر الببلغة يف تفسًن النص أىم وأكثر من أثرىا يف طرؽ داللتو على اٜنكم
واالستنباط ؟ نتيجة ٓنتاج إىل دراسة .
-دور الببلغة يف ٓنرير أو تقوية أحد األقواؿ يف اٞنسائل األصولية،مثل :
حاالت ٘نل اٞنطلق على اٞنقيد ،العربة بعموـ اللفظ ال ِنصوص السبب ،االستثناء الوارد
على ٗنل متعاطفات .
-إدخاؿ قواعد ببلغية يف مبحث الرتجيح
-داللة اٜناؿ واٞنقاـ حاضرة يف الببلغة قليلة اٜنضور يف األصوؿ وٓنتاج إىل استثمار خاصة
يف فهم السنة النبوية .
وهللا أعلم
اٜنلقة العاشرة
ورجاؿ القانوف
ُ آؿ األصوؿ
ُ
مدخل :
إذا أردنا اختصار الدور الوظيفي واٞنهمة الكلية لعلم األصوؿ ٛنعلناىا يف عملٌن أساسيٌن :
األوؿ -منهج البحث يف النصوص الشرعية :
أي األسس اٞننهجية للنظر يف النصوص من حيث الفهم واالستنباط والتوفيق بينها
كل نظ ٍر يف النص ٝندمة علم من خاصا بعلم الفقو بل ىو منهاج ّ وىو يف ىذا الدور ليس ً
العلوـ كالعقيدة والفقو والتفسًن واللغة .
كتب أصولية أرادىا مؤلفوىا مقدمةً منهجية يسًنوف وٓنقي ًقا ٟنذا الوظيفة األصولية ُوضعت ٌ
عليها يف تفاسًنىم كما فعل أبوبكر اٛنصاص الرازي يف كتابو الفصوؿ -الح ْظ أنو كتاب
رئيسي يف علم األصوؿ ومن مصادره األوىل وىذا سبب تأليفو -وكاف ٪نيل إليو يف تفسًنه
وق ّدـ الشنقيطي لتفسًنه ّنقدمة ٢نتصرة يف اإلٗناؿ والبياف وأنواعو وأىم مسائلو ىي كاٞننهج
أساس الستيعاب قارئ الكتاب .
العلمي فيو إلدراكو أهنا ٌ
وىذه التفاسًن وإ ْف كانت متعلقة باألحكاـ ّإال أف العمل فيها متجوٌ إىل النص الشرعي مباشرة
بيانًا ٞنعناه واستنباطًا منو،ىذا من وجو
ومن وجو آخر فإف كتب علوـ القرآف وأصوؿ التفسًن وقواعده مليئة بقواعد أصوؿ الفقو
ومسائلو خاصة مباحث دالالت األلفاظ،وىذه العلوـ ىي ال ي تؤىل إىل النظر يف كتاب هللا
تفسًنا واستنباطًا .
ً
الثاين -نظاـ الفقو وقانونو :
مسائل الفقو بسبب ارتباطو بأفعاؿ اٞنكلفٌن ال ُٓند ُند،وٞنن يريد النظر فيها واٜنكم عليها
البد لو من نظاـ عاـ تندرج ٓنتو تلك التصرفات وطرؽ التعامل
وىذا النظاـ منو ما ىو أصلي على كل ناظر أف يسًن وفقو وٓنتو،ومنو ما ىو قابل الختبلؼ
النظر وإف كاف ىو يف نفسو لو صفة الكلية "منهجي"
تبعا ألصوٟنا اٞننهجية اٞنختصة بفقو الفروع .
وهبذا اختلفت مدارس الفقو ً
وينبو ىنا إىل أف علم األصوؿ يف أوؿ تكوينو على يد اإلماـ الشافعي كاف الغرض منو أف
يكوف ميزانًا بٌن تلك اٞننهجيات لكنو ٓنوؿ فيما بعد إىل موثّق لكل منهجية -وىذا عملي
إ٩نايب ببل شك -مث إىل تب ٍع للمدارس الفقهية -وىذا دور سليب -باإلضافة إىل ١ناولة صبغو
باٞندارس الكبلمية وىي مشكلة عميقة عريضة .
وىنا سؤاؿ نرتكو دوف إجابة "ىل ٬نكن أف يعاد إىل علم األصوؿ دوره األوؿ الذي أراده
اإلماـ الشافعى ؟"
عودا إىل الفكرة :
ً
نظاما للكتاب
وإعماال ٟنذه الوظيفة لعلم األصوؿ وضعت كتب أصولية كاف غرضها أف تكوف ً ً
الفقهي ومنها كتاب األصوؿ للشمس السرخسي الذي وضعو بعد تأليفو لكتابو الكبًن
أساسا منهجيًا لو،وكذلك ق ّدـ أبو الوليد بن رشد كتابو بداية اجملتهد ِنبلصة
اٞنبسوط ليكوف ً
أصولية،وعندما ترى موسوعة ضخمة كاٞنغين البن قدامة يكفي لكي تعرؼ النظاـ العاـ الذي
بحث اٞنسائل ِوفْقو وتوزف اٝنبلفات بو أف ترجع إىل ٠نلد واحد ىو روضة الناظر . تُ َ
وىذه اٜنلقة ستكوف عن الوظيفة الثانية لعلم األصوؿ بأف ننظر إليو من ىذه الزاوية وىي
كونو نظاـ الفقو وقانوف الشريعة مع مقارنة إٗنالية بينو وعلم القانوف اٜنديث،وىو ٠ناؿ
يستحق الكتابة والتخصص فيو .
وال يفوت التنبيو على أف اٞنقارنة ىنا ليست بٌن الشريعة والقانوف بل بٌن عمل األصوليٌن
والقانونيٌن يف التنظًن .
أوال -اٞنقابلة للمقارنة
ً
قبل اٞنقارنة أو فلنقل إمكاف طرح فكرة اٞنقارنة علينا أف نعرؼ مربر اٞنقارنة وجهتها
فالعلوـ الشرعية ال ي توازي القانوف ٨نا الفقو وأصوؿ الفقو
واٞنقارنة بٌن الفقو وجهود الفقهاء بالقانوف موجودة مطروحة،وىنا سيغلب عليها التفاصيل
واٛنزئيات وىذا طبيعي
ولكن للقانوف وجو آخر وىو الوجو اإلٗنايل الكلي الذي تسًن عليو اٞنواد القانونية ويتعامل
معها على أسسو،وما يقابل ىذا الوجو من علوـ القانوف ويشتمل على نظاـ التشريع يف
اإلسبلـ ىو علم االصوؿ .
فمن
شبها بعلم القانوف وىو األيسر يف عملية اٞنقارنةَ ،
ومنهج اٜننفية يف األصوؿ ىو األقرب ً
يريد العمل على بياف الصبلت بٌن األصوؿ والقانوف فبلبد لو من حظ وافر من االطبلع على
منهجهم األصويل والفقهي .
-مواضع اٞنقارنة من القانوف :
٬نكن تلخيص اٞنباحث ال ي ٬نكن إجراء عملية اٞنقارنة عليها إىل مبحثٌن رئيسيٌن :
-2أصوؿ القانوف واٞنداخل القانونية
-1القانوف اٞندين،وفيو ْند اٞنباحث ِ
اٞنناظرة لؤلصوؿ وأ٨نها :
اٞنشرع
ومن ّ * مصادر التشريع َ
* تفسًن النصوص القانونية
* األىلية والتكليف
فًند يف القانوف ما يرد يف أصوؿ الفقو من :
* األدلة من حيث تعيينها ومراتبها
* النصوص "وىي ىنا نصوص القانوف ومواده" وكيفية تفسًنىا ودفع التعارض بينها
* القواعد الفقهية "توجد قواعد قانونية كلية"
وىل مقاصد الشريعة تقابل روح القانوف ؟ ستأيت .
ثانيًا -أصوؿ الفقو وأصوؿ القانوف
ىل للقوانٌن أصوؿ ؟
فصلوا مباحث
ما عُرؼ عن القانونيٌن من تنظيم وطوؿ نفس يف التفصيل ٩نعلنا نتوقع أهنم َ
"أصوال للقوانٌن"
ً خاصة جعلوىا
بع مبلحظةَ إمكاف استخبلصها -كما ٪نصل عادة يف العلوـ إ ْف مل تكن نتيجةً طبيعية تَػْت ُ
كالنحو والصرؼ والعروض والقراءات -فعلى األقل تشبّػ ًها بأصوؿ الفقو يف علوـ اإلسبلـ
لكن ىذا مل يقع وظل كامنًا حىت حاوؿ بعض القانونيٌن ٕنييزه ّإما يف كتب اٞنداخل القانونية أو
يف كتب خاصة باسم "أصوؿ القوانٌن" وىي القواعد العامة اٞنشرتكة بٌن القوانٌن اٞنختلفة يف
األمم والدوؿ،وىذا يشابو دور األصوؿ األوؿ مع اٞنذاىب الفقهية ولكن الكتابات اٝناصة بو
شحيحة،ويف ىذا الشأف يقوؿ عبلمة القانوف د /عبدالرزاؽ السنهوري :
" ليس ىناؾ علم واضح اٞنعامل ّبٌن اٜندود يسمى أصوؿ القانوف ولكن توجد دراسات
تبحث يف القانوف ونشأتو وتطوره وطبيعتو ومصادره وأقسامو " .
ثالثًا -الشموؿ
من طبيعة القانوف أنو وجد لتنظيم عيش ٠نموعة من الناس وال شأف لو باٜنقوؽ الدينية
وعلم األصوؿ أوسع من القانوف ابتداءً ألنو يشمل العبادات وصلة العبد بربو "اٜنقوؽ الدينية"
كما أنو علم منهجي يف غًن الفقو ألنو منهج النظر يف النص الشرعي كما سبق .
كما أف القانوف قواعد اجتماعية ال تكوف ّإال يف ٠نموعة
وقواعد األصوؿ أمشل ألهنا قواعد األحكاـ كلها للفرد واجملموعات،فهي حاضرة يف كل
نص ٫ناطب الفرد يف دينو ودنياه ولو كاف ّنفرده .
ابعا -اإلحكاـ
رً
وإحكاما وصناعةً جهود القانونيٌن
ً دالالت األلفاظ عند األصوليٌن إبداع بشري يفوؽ دقةً
يف التنظًن لتفسًن النصوص القانونية
جدا عن الواجب اٞنطلوب حيث مل يتش ّكل متأخرا ً
بل إف مبحث تفسًن النص القانوين ال زاؿ ً
أي كتاب أصويلباب مستقل تتميز أنواعو ودرجاتو كما ىو معهود يف ّ بعد ٌفيو ُ
وكتاب تفسًن النصوص للدكتور أديب الصاٌف كفيل بشرح ىذه الفقرة .
يتفوؽ فيها األصوليوف
-حاالت التعارض بٌن القواعد والنصوص ودفعها والرتجيح بينها ّ
ّنراحل إىل درجة اٞنبالغة .
-اإلحكاـ يف صيغ القواعد األصولية وعناوين اٞنسائل وكذلك ٓنرير صور اٞنسائل ومواطن
اٝنبلؼ بٌن األصوليٌن
يقوؿ الدكتور يعقوب الباحسٌن يف كتابو القواعد الفقهية :
عما ىو
" أكثر رجاؿ القانوف أعطوا وص ًفا للقاعدة القانونية ليس فيو ٕنييز ما ىو ركن ّ
شرط فيها وٚنوا ذلك خصائص" .
خامسا -اٞنرونة
ً
فصل أصولو عن نصوصو فبل تزاؿ يف أصوؿ القوانٌن صعوبة يف اٜنركة ّنا أف القانوف مل تُ ْ
ألف القاعدة القانونية يف حقيقتها ليست موازية للقاعدة األصولية من حيث الكلية وليست
حىت موازيةً للقواعد الفقهية -وال تغرؾ لفظة قاعدة فيها -فهي يف واقعها الغالب فروعٌ فقهية
مسائل علم الفقو و ِ
كتب الفقو ومتونو مع ِ "أحكاـ جزئية فرعية ٠نردة غًن مشخصة" وىذا حاؿ
وجود بعض القواعد القانونية ال ي ٟنا صفة الكلية
ّأما قواعد األصوؿ فهي أكثر مرونة ألهنا أقل من حيث التفاصيل،ويؤّكد ىذا أف قواعدىا
عددا وأكثر كلية ولذلك ال ْند فيها كثرة التعديبلت سواء يف نفس اٞنادة أو يف صياغتهاأقل ً
مثاال على مرونة األصوليٌن :خذ ً
مباحث اٞنصلحة والعرؼ اكتفوا ببياف معناىا وشروطها وضوابطها ودرجاهتا َنمل موجزة ويف
صفحات معدودة لكنها تدخل فيها آالؼ األحكاـ والصور ال ي وقعت وال ي مل تقع باختبلؼ
الزماف واٞنكاف ومع قابليتها للتقنٌن بل وإمكاف تغيًن التقنيٌن يف ضوئها وٓنت سقفها،وىذا
يتجاوز مرحلة اإلتقاف إىل اإلبداع .
خبلصة اٞنقارنة :
* علم األصوؿ ىو اٞنقابل للوجو اٞننهجي يف القانوف
* األصوؿ أوسع وظيفة
مشوال للصور واألحواؿ واٞنسائل
* أكثر ً
إحكاما للقواعد ويف تدوين النصوص التنظيمية
ً * أكثر
اختصارا
ً * أدؽ يف اٟنيكلة والتقسيمات وأكثر
٣نا ٩نعل السؤاؿ اٜناضر اآلف "ىل األصوؿ وجوٌ قانوين" ؟
وجها قانونيًا،ليس جملرد علو كعبو فيما يقابلو فيو علم
الواقع أف علم األصوؿ أوسع من كونو ً
القانوف فحسب بل ألمر آخر :
وىو أنو يقوـ بدور أعلى درجة من القانوف َأال وىو الكشف عن أوجو التشريع وصفاهتا
وىذا ما مل ولن يبلغو علم القانوف .
ولذا فاألدؽ أ ْف يقاؿ إف من وظائف علم األصوؿ بياف الوجو التشريعي للفقو أو النظر يف
الشريعة من حيث كوهنا تشر ًيعا للناس،وىذه وظيفة ثالثة تستحق اإلفراد عن الوظيفة الثانية ال ي
سبق بياهنا يف اٞندخل ألهنا أخص منها وأعلى مرتبة
وأوضح أدواره يف ىذا الوجو وأكثرىا جبلءً يتمثل يف علم اٞنقاصد .
سادسا -اٞنقاصد وروح القانوف
ً
ذكر اٛنويين درجات "مراحل" البحث عن حكم اٞنسألة،فجعل البدء بالقرآف مث السنة ...
مث كليات الشرع ومصاٜنو العامة وجعلو قبل القياس،ونسبو إىل الشافعي .
وكليات الشرع ليست خارجة عنو بل بو ثبتت وبو صار ٟنا صفة الكلية،ومقاصد الشرع وقواعد
الفقو الكربى خًن مثاؿ
يقاؿ ىذا لئبل يُتوجس من ىذه اٛنمل .
واٞنقاصد ّنا فيها اٛنزئية ال تستقل بإثبات األحكاـ ألف األحكاـ ال تكوف إال ١نددة وال سبيل
إىل التحديد والتعيٌن ّإال باألدلة التفصيلية
فاٞنقصد اٛنزئي من حد الزنا الزجر والعقوبة،واٞنقصد الكلي حفظ العرض واألنساب،ولكن ٞناذا
كاف ىذا اٜند بعينو مع أنّو من اٛنائز حصوٟنا بغًنه ؟
أيضا ىي ال ي تُعٌن على معرفة اٜنكم الشرعي اٞنناسب والدليل األقرب للواقعة . واٞنقاصد ً
معاين اٞنقاصد :
مصطلح اٞنقصد يراد بو أحيانًا اٞنعىن "مقصد النص معناه واٞنراد بو" وىو ىنا يقابل اللفظ
أي لفظ النص وليس اٞنقاصد االصطبلحية
ومثالو البحث يف حديث صبلة العصر يف بين قريظة،واٞنقصد ىنا يعرؼ بداللة اٜناؿ
والسياؽ والقرائن .
ّأما اٞنشهور فهو اٞنقصد ّنعناه االصطبلحي
ولكن ىل معاين اٞنقصد أو ما يطلق عليو مقصد الشرع من حيث صور اٞنعاين ال ي تشرتؾ يف
لوصف ما أنّو من اٞنقاصد ال ٫نتلف عن ٍ معىن مقاصد الشرع واحدة ؟ وىل إطبلؽ العلماء
إطبلقات أخرى ّإال من حيث النوع والدرجة وتعيٌن نفس اٞنقصد ؟
فصل يف ىذه اٞنسألة ولكن باٞنبلحظة والتأمل ٬نكن الوقوؼاٜنقيقة مل أقف على من ّ
معها،فيمكن ابتداءً أ ْف يقاؿ :
اٞنقصد الشرعي يطلق ويراد بو :سبب التشريع ،وغايتو ،وصفتو
وىي صور متبلزمة وبينها تداخل ولكن مىت الحظنا تعدد اٞنعاين ال ي يشملها اسم واحد
وأمكن ٕنييزىا لتتضح وتنكشف ٞنن ال ٬نكنو رؤيتها فهو أفضل ليزوؿ اإلٗناؿ ويصح الفهم
ويدؽ النظر لدى طالب العلم . ّ
واٞنقاصد الكلية ىي أسباب كلية وغايات كربى ولكن ما دوهنا من اٞنقاصد اٝناصة
واٛنزئية قد تتنوع
مقصودا وقاعدة
ً ظ ىذا الوصف يف تشريعو فصار وص ًفا وصفة التشريع معناه أف الشرع الح َ
معتربة يبلحظها اجملتهد واٞنف ي مثل سد الذرائع والنظر إىل اٞنآؿ والتدرج .
معا
ّأما القصد السبيب فهو اٞنعىن اٞنقصود الذي شرع اٜنكم بسببو،ففيو معىن السببية والقصد ً
و ّأما القصد الغائي فهو اٞنعىن اٞنقصود الذي يرتتب على امتثاؿ اٜنكم،فهو ليس سببًا لتشريعو
مؤثرا يف تعيٌن اٜنكم .
مقصودا ولذلك كاف ً ً لكنو يتحقق بامتثالو وكاف
وليبٌن الفرؽ بٌن السبيب والغائي باألمثلة :
معا،وىذا -أي كوف نفس سبب لتشريع اٜنكم وغايتو ً * ٓنرمي اٝنمر من أجل حفظ العقل ٌ
الوصف اجتمع فيو القصد السبيب والقصد الغائي -لكلية حفظ العقل .
* كفارة اليمٌن شرعت لتطهًن اٞنكلف من اٜننث،ىذا مقصد ىو سبب
سبيبل إلغناء اٞنساكٌن ىو مقصد وىو غاية إذ لو مل يكن غاية لكاف التكفًن وجعل الكفارات ً ْ
٪نصل بغًنه
معا من اٜنكموأما مقصد تعظيم اٜنلف باهلل ىو سبب وغاية ً
فهنا ثبلثة مقاصد -واٞنقاصد تتعدد للحكم اٛنزئي الواحد -أحدىا قصد سبيب وآخر غائي
وثالث اجتمع فيو السببية والغائية .
وليُعلم أف السبب ىنا ليس ّنعناه يف خطاب الوضع فهو مصطلح مقيّد باٞنقاصد،وكذلك
الغائي ىنا ليس ىو العلة بل ىو اٞنراد باٜنكمة عند األصوليٌن .
نظر إىل مقصد غائي واحد ومل ينظر واإلماـ ٪نٍن بن ٪نٍن يف فتواه لؤلمًن األندلسي يف الكفارة َ
إىل مقصد غائي آخر يف تعيٌن الكفارة نفسها وأف أوٟنا العتق وكوف الشارع يقصد إىل ٓنرير
النفوس ويتشوؼ اىل ٓنرير الرقاب .
اٞنقاصد وروح القانوف :
مثبل "طبق القاضي روح القانوف وليس نصو فيقاؿ ً تطلق عبارة "روح القانوف" يف مقابل ّ
نص القانوف" يف أحواؿ و٠ناالت
وأكثر ما يؤثّر يف ىذه العملية احتماالت النص القانوين التفسًنية وواقعة اٜناؿ،فتوجد مساحة
معينة للقاضي ينظر فيها و٬نكنو عدـ االلتزاـ بنص القانوف .
وىذا شيئ إ٩نايب ال ينكر وليس ىذا موضع اٞنطالبة بضبطو من القانونيٌن أنفسهم
الزـ ومتوقع بل الغرض بياف ىل ىو ما يقابل مقاصد الشريعة ؟ ألنفسهم كما ىو ٌ
ىنا نقف وقفات سريعة مع ىذه الفكرة :
* روح القانوف ىو مبادئ عامة مطلقة تدور حوؿ العدؿ وٓنقيقو مل تُعٌن ومل ُٓندد .
منحصر يف اٜنكم القضائي .ٌ * روح القانوف ٓنضر عند الوقائع اٞنعيّنة وتأثًنُىا
* تطبيق روح القانوف ٫نضع لسلطة القاضي التقديرية .
* روح القانوف مل يتكوف ويتشكل من نصوص اٞنواد القانونية .
يتضح من ىذه النقاط -و٣نا سيأيت -أف روح القانوف ليست مقاصد باٞنعىن اٞنتبادر لكلمة
مقاببل ٞنقاصد الشريعة : فضبل عن أف تكوف ً مقصد ً
مشوال،فهي شاملة ٛنميع جوانب اٜنياة ببل استثناء فاٞنقاصد أكثر ً
واٞنقاصد كونتها النصوص الشرعية اٛنزئية،والصلة بٌن اٞنقاصد والنصوص اٛنزئية وثيقة بل ٨نا
وحدة واحدة
يف اٜنقيقة ْ
مقعدة منظّمة مرتبة وواضحة واٞنقاصد مضبوطة ّ
واٞنقاصد ليست خاصة بالوقائع القضائية بل ىي فقو الدين نفسو،ولذا فهي حاضرة على
الدواـ من الفقيو والعامل واٞنف ي والقاضي بل مطلوب من كل مسلم فقهها كلٌّ ُنسبو .
وما يقابل روح القانوف يف علم األصوؿ ليس علم اٞنقاصد بل مباحث متناثرة تؤدي
أيضا يف علم األصوؿ الغرض اٞننشود من روح القانوف عند القضاة الوضعيٌن،وىذه اٞنباحث ً
وتنظيما -بل ال مقارنة -وأيسر من حيث الضبط والوضوح والتطبيق ً مشوال
أكثر ً
فهو -أي ما يقابل روح القانوف -عند األصوليٌن ١نكوـ ّنسائل معلومة القواعد والضوابط
وأحواؿ اإلعماؿ مثل :
* مقصد النص ّنعىن تفسًنه وتأويلو "ما يقابل اللفظ والنص"
* االستحساف بأنواعو
* اٞنصلحة وضوابطها
* الفتوى والقضاء بالقوؿ اٞنرجوح يف أحواؿ معينة .
جدا على روح القانوف .
* أما اعتبار اٞنآؿ وسد الذرائع فهذا أمر متقدـ ً
يقربوف معىن روح وينبو ىنا إىل فهم مغلوط يذكره بعض القانونيٌن اٞنطالعٌن للشريعة وىم ّ
القانوف من اٞنقاصد ويقارنوف بينهما -وسبق بياف البوف الشاسع والفروؽ اٛنوىرية ال ي تغلق
باب اٞنقارنة من األساس -حيث ٩نعلوف بعض تصرفات النيب عليو الصبلة والسبلـ يف بعض
القضايا اٛنزئية من باب ما يسمونو روح القانوف
ومؤدى كبلمهم ىذا أف يف تلك اٜنوادث قانونًا ما "نص وحكم" فيأيت النيب صلى هللا عليو ّ
وسلم وينظر يف اٜنالة مث ٪نكم "بروح النص" !
مبين على تصور خاطئ،إذ فعل الرسوؿ عليو الصبلة والسبلـ فهم غلط من أصلو ألنو ٌّ وىذا ٌ
أوال
حىت على اصطبلح القانونيٌن ىو قانو ٌف يف نفسو ً
مث ال توجد واقعة واحدة على ىذه الصفة ال ي ٔنيلوىا وافرتضوىا
فرتؾ النيب عليو الصبلة والسبلـ للمرأة الزانية اتحمصنة حىت تضع ويكرب ولدىا -وىو ما مثّل بو ْ
بعضهم -ىذا ىو القانوف بعينو –حىت على اصطبلحهم -يف ىذه اٜناؿ وليس ىو روح
أي اعتبار ٜنالة اٞنرأة الزانية
وإال فأين النص الشرعي الذي يطلب إقامة اٜند دوف ّ القانوف ّ
ناظرا يف نصو وروحو أو مقصده ؟!ووقف منو الرسوؿ صلى هللا عليو وسلم ً
إف اٞنقارنة بٌن العلوـ الشرعية وغًنىا ٩نب أف تقوـ على علم وبعبارات ١نكمة وليس بطريقة
مقاالت الصحافة وتعميمات اإلعبلميٌن واطبلقاهتم العريضة .
وختاما ىنا :
ً
إف علم القانوف ُناجة إىل ٍ
أصوؿ لو ولن ٩ند القانونيوف ْنربة ناضجة مثل جهد األصوليٌن
يف تأسيس وتنظيم وتطوير علمهم
وجعلو ٓنت
واٞنتخصصوف يف القانوف من اٞنسلمٌن وىم يقوموف َنهود لتصحيح مسار القانوف ْ
الشريعة بإمكاهنم تسهيل مهمتهم مىت التفتوا َن ّد إىل مدونات األصوليٌن .
سابعا -استثمار علم القانوف
ً
الصواب يف القوانٌن الوضعية ما مصدره ؟
نبدأ ىذه الفقرة بإجابة ىذا السؤاؿ :
مستمد ببل شك من الشريعة ومن تراث الفقهاء،ورّنا بعضها من ٌّ بعض ما يف القوانٌن الوضعية
ُ
بقايا النبوة ال ي كانت يف ديار َمن وضعوا القوانٌن
وبعضها -وىذا اٞنهم -قاد إليو العقل السليم والفطرة -ال تنس القوؿ الصحيح يف مسألة ُ
مثاال ٟنا -وقادت إليو التجربة وحاجة الناس ومصلحتهم عند التحسٌن والتقبيح فهذا يصلح ً
االجتماع -تذ ّكر اٞنصلحة والعرؼ ىنا -وىذا االحتماؿ وارد وال ٬نكن استبعاده
تكونت ومربرات سنّها ِ
لسن بعض القوانٌن الوضعية اليوـ من حيث مسارىا حىت ّ ومتابعةٌ يَقظةٌ ّ
والنقاش حوٟنا ستؤّكد الفكرة عمليًا .
طرحو :
واآلف سؤاؿ ينبغي ْ
ىل يوجد يف علم القانوف –يف جهود القانونيٌن البشرية -ما ٬نكن استثماره يف علم األصوؿ ؟
أي يف علم األصوؿ وليس يف األصوؿ نفسها ؟
اٛنواب نعم،واٞنراد باالستفادة من حيث التنظيم واألطر والتنبّو لبعض القضايا اٞننهجية ّأما
مضموف ما ٪نتويو التنظيم والرتتيب وجواب ما أثارتو اٞنقارنة ونتيحةُ ما ّأدى إليو التنبو ومادةُ ما
ٕنتلئ بو القوالب فهو من الشريعة وتراث الفقهاء ببل ريب .
ومن تلك األفكار :
-2النظريات :
اٞنقصود هبا النظريات األصولية ال الفقهية مثل :القرائن األصولية ،االحتياط ،ثبات األحكاـ
وتغًنىا ..
تكوف يف هنايتها قاعدة أصولية ال فقهية
فاٞنقصود النظريات ال ي ّ
فتدرس كتب الفقو وحىت كتب األصوؿ نفسها على أ ْف تكوف دراستها وترتيب نتائجها على
طريقة النظريات حىت تكوف ٟنا صفة النظاـ العاـ والكلية ال ي ىي خاصية علم األصوؿ .
-1اٜنق :
وىو من النظريات القانونية األوىل
جادة الستثمار جهود القانونيٌن يف معاٛنة مبدأ اٜنق فقهيًا على طريقة وقد جرت ١ناوالت ّ
لكن أعتقد أف اسثماره أصوليًا يكوف بالنظر إليو من زاوية أخرى وىي اٜنكم النظريات و ْ
ومبحث اٜنكم أصيل يف كتب األصوؿ ُ فاٜنكم ىو مدار الفقو وىو ٖنرة علم األصوؿ
ومدار القانوف على اٜنق كما يقوؿ الشيخ مصطفى الزرقا يف اٞندخل الفقهي
واٜنق يف الشريعة يشمل حقوؽ الرب والعباد،وحقوؽ الرب ىي األحكاـ التكليفية وما يتعلق
هبا من خطاب الوضع،ولكن اٜنق البشري أين ىو يف كتب األصوؿ ؟
نعم،حقوؽ العباد مرتبطة باٛنانب التعبدي فهي من الدين وتدخلها أحكاـ التكليف
ولكن اٞنراد إفراد اٜنق من حيث كونو ح ًقا أي اٜنق من حيث ثبوتو واستحقاقو ومن حيث
حكم يف حد ذاتو .
سقوطو وإسقاطو،وىو هبذه الصورة ٌ
تأمل كثرة فروعو وإمكاف تعدد مباحثو أقرب ما ٬نكن أ ْف يندرج فيو اٜنق ىو السبب،ولكن عند ّ
قسيما للتكليف والوضع .
يبدو أنّو حكم مستقل بل ال يبعد أ ْف يكوف ً
وإين ألٕنىن أ ْف ينظر علماء األصوؿ واٞنتخصصوف فيو إىل ىذه الفكرة َندية وأ ْف يعقدوا حوٟنا ّ
حلقات النقاش والبحث،وطاٞنا أنّنا يف "خواطر أصولية" فأقوؿ :
الظاىر أنّو حكم مستقل لو خصائصو وطبيعتو ال ي ْنعل األليق يف حقو أ ْف يُفرد بقسم
-فاٜنق لو أسبابو وشروطو وموانعو
-وىو دائر بٌن الثبوت وعدمو وىو السقوط
أيضا لو شروطو العامة وىي األىلية "أىلية ثبوت اٜنق والتصرؼ فيو" -وصاحب اٜنق ً
فمسائل كبًنة مثل والية النكاح والشفعة والقصاص،وما دوهنا كتغسيل اٞنرأة اٞنيتة ىي من
مباحث اٜنقوؽ .
وليُعلم أف ىذه الفكرة ستؤثّر على تعريف اٜنكم نفسو إذ سيقاؿ فيو حينها :
ٔنيًنا أو وضعا "أو استحقاقًا" مقتضى خطاب هللا اٞنتعلق بأفعاؿ اٞنكلفٌن اقتضاءً أو ً
و٥نوىا من اإلضافات .
كتب اٜننفية يف غالبها وبعض كتب اٛنمهور تذكر اٜنقوؽ وأنواعها وبعض ما يرتتب و ُ
عليها ولكن ليس على وجو أف اٜنق حكم يثبت ّنا تثبت بو األحكاـ وبالتايل ال يعا ًَف فيها
أظن أ ّف يف نظرية اٜنق القانونية خريطةً معينة .
ظم وتضبط فروع الفقو و ّ بالطريقة اٞنأمولة ال ي تُػْن ُ
-3التصنيف والصياغة :
ىل ٬نكن كتابة منت أصويل على ىيئة مواد قانونية ؟
ما اٞنانع ؟ فهذا من التجديد يف صياغة العلم كما جدد األوائل باستحداث اٞنتوف مث
اٞننظومات،بل ىذا من اإلبداع الذي يساىم يف تصحيح حاؿ كليات القانوف واتحماكم يف أكثر
الببلد اإلسبلمية .
تفوؽ األصوليٌن على القانونيٌن بصورة جليّة
وصياغة األصوؿ على شكل مواد قانونية ستظهر ّ
كما ستُظهر مواطن الفراغ واالضطراب يف القوانٌن الوضعية .
وكتابةُ منت أصويل بطريقة قانونية فكرةٌ إضافية وال ٔنتزؿ طرؽ كتابة اٞنختصرات األصولية فيها
كما أضيفت اٞننظومات كطريقة جديدة وبقيت اٞنتوف ىي األكثر
ٞناذا ؟ ٞناذا بقيت اٞنتوف األصولية اٞننثورة ىي األكثر مع سهولة حفظ اٞننظومات ؟
مع أ٨نية اٞننظومات ويُسرىا ّإال أف َمن يبين علمو يف أصوؿ الفقو عليها فستقوى عنده ملَكة
استحضار اٞنعلومات ولكن ستضعف عنده الرؤية الكلية للعلم ّنعىن أنّو سيزيد عنده حضور
اٞنعلومات اٛنزئية للمسائل واألقواؿ على حساب النظرة الشمولية للعلم،واٞننت أفضل من النظم
يف ٓنصيل الرؤية الكلية
يكتف حافظ النظم بالنظم بل البد من منت يدرسو ولو مل ٪نفظو،ىكذا أظن . ولذا فبل ِ
والنص األصويل بالصياغة القانونية سيضيف إىل دارسيو معرفة النظاـ الفقهي على ىيئة نظاـ
وسيمهد لتكوين "النظر التشريعي" يف عقلية األصويل والفقيو .
ّ
اٝنإنة
خبلصة اٞنقالة :
-البد من ابتغاء الرؤية التشريعية ال ي ستكوف وسيلة من وسائل الفقو يف الدين
والبد من إدراؾ أ٨نية تكوين العقلية التشريعية عند اٞنختص بالفقو من فقيو و٠نتهد وقاض
ومفت،والعلم الشرعي الوحيد الذي ٬نكن أ ْف يش ّكلها ىو األصوؿ
معروضا بطريقة تربز ىذا اٛنانب .
ً نفسو
وكيف ٬ننحها إذا مل يكن ىو ُ
-النظر إىل أصوؿ الفقو بنظرة تشريعية تضيف إليو الكثًن وىي من ٠ناالت خدمتو يف ىذا
العصر،وليس القصد أسلمة القوانٌن وجعل األصوؿ وسيطًا يف تلك العملية بل القصد رؤيتو
بصورة أكثر كلية
وإال ٞنا ق ّدـ لعلم األصوؿ ما ق ّدـ .
والشاطيب كاف يكتب يف اٞنوافقات بعقل تشريعي ّ
فمثبل "اإللزاـ،اٜنق" من مباحث القانوف ال ي لو فُقهت فكرهتا العامة وقرئ تراث الفقهاء ً
بعدىا الستخلصنا منها قواعد وضوابط كانت تنتظر َمن ينظمها ويصوغها يف سلك واحد
وٝنرجنا بنتائج مل ٔنطر لنا على باؿ وكم ترؾ األوؿ لآلخر
وليُعلم أف ىذه العملية ليست ّإال تغذية لعلم األصوؿ ّنا ىو موجود عند األئمة ويف الرتاث .
-كتب تُعٌن على اكتساب ىذه النظرة وتؤسس ٟنا،سأذكرىا مرتبة من حيث القراءة :
* الوجيز عبدالكرمي زيداف +تفسًن النصوص أديب الصاٌف
* اٞندخل إىل الشريعة،نظرات يف الشريعة /عبدالكرمي زيداف +اٞندخل لدراسة الفقو
حسٌن حامد حساف
* القانوف ١نمد أبو العينٌن ،اٞندخل الفقهي العاـ مصطفى الزرقا
وهللا أعلم
اٜنلقة اٜنادية عشرة
اإلضافة إىل علم األصوؿ
" قراءة أصولية يف كتب الفقو وشروح أحاديث األحكاـ كفيلة ببياف أف حاجة
علم األصوؿ إىل اإلضافة أكثر وأكرب من اٜناجة إىل التخليص والتصفية "
كانت ىذه اٛنملة فآنةَ اٞنقاالت وهبا يُفتتح آخرىا .
أنتظر صدي ًقا عز ًيزا تعرفت عليو يف طريق طلب العلم خارج كنت ُ منذ ٥نو عشر سنوات ُ
اٞندينة ال ي أسكنها،فاستقبلتو للقاء بعض الزمبلء ويف الطريق كاف يسأؿ عن العلم و٨نومو
فأخربتو عن علم األصوؿ وأ٨نيتو،فعلّق ّنا مفاده أف علم األصوؿ ُناجة إىل تصفية ٣نا ال ٖنرة لو
-من منطق وكبلـ وتنظًن -تقارب السبعٌن باٞنائة منو
فقلت لو إنّين كنت أظن ىذا قبل االىتماـ بو حىت بدا يل أف العكس أقرب إىل الواقع وأف ما
يُستغىن عنو يقارب الثبلثٌن باٞنائة !
وبعد ىذا اللقاء ببضع سنوات اكتشفت أف للثبلثٌن باٞنائة ال ي ٬نكن أ ْف يستغىن عنها
موجودا يف كتب الفقو وشروح أحاديث األحكاـ يستحق أ ْف يضاؼ إىل علم األصوؿ ً مقاببل
ً
ويعوض الفائت باالستبعادّ
ىذه الثبلثٌن باٞنائة تنتظرىا كتب األصوؿ بفارغ الصرب فما زالت مستكنّة فيها وىو أحوج ما
يكوف إليها،ىكذا أزعم والعلم عند هللا .
وىذه اٞنقالة ٓناوؿ إثبات ىذه الفكرة وبعثها وتدعيمها بالصور واألمثلة .
أوال -حوؿ اإلضافة
ً
-معىن اإلضافة :
ليس اٞنقصود باإلضافات الزيادة على األصوؿ أي حقيقة األصوؿ نفسها فهذا أمر قد فرغ منو
بل اٞنراد اإلضافة إىل علم األصوؿ ومدوناتو
أيضا يف حق ما يسمى بالتجديد يف أصوؿ الفقو،فبل ينبغي أ ْف
وىذا التمييز يف اإلضافة يقاؿ ً
يراد بالتجديد فيو التجديد يف األصوؿ نفسها فهذا ال ٬نكن وال يقبل ُناؿ ولكن اٞنمكن
اٞنقبوؿ ىو التجديد يف العلم والكتابة فيو وعرضو وتفعيلو .
وأظن أف اإلضافة إىل علم األصوؿ ليست ٣نكنة فحسب بل الزمة وضرورة علمية ألهنا تسد
اٜناجة وٕنؤل الفراغات وتسدد الناظر يف الفقو والنصوص .
وليس القصد ٠نرد اإلضافة العلمية من ٓنرير أو تصوير أو ترتيب بل إضافةُ أبواب ومسائل أي
علم
زيادة عناوين تُضم إىل ىيكل العلم نفسو،وإدر ُاؾ ىيكل العلم ٌ
وىيكل العلم ليس ىو التشجًن -وىو وسيلة تعليمية جيدة خاصة للمبتدئ -بل ىيكل العلم
معانيو،ومن فقهها علِم أسس العلم وأدرؾ موازينو فباف لو ما ٪نتاج إىل تقوية
َ مبانيو القائمةُ على
واستدعى ما يُفرتض أ ْف يوجد فيو .
-سياؽ اإلضافة :
كيف تكوف علم األصوؿ وتشكل عرب القروف ؟
مل يولد علم األصوؿ يف أوىل مصنفاتو دفعة واحدة كما ولد علم النحو بل ظلت مباحثو
تنمو وتتسع ألف االستكشاؼ -أي استكشاؼ تصرفات األئمة وما ٪نتاجو العلم من العلوـ
األخرى -من طبيعتو وخصائصو،وىذا يعين إمكاف الزيادة كلما دعت اٜناجة .
فاإلضافات سنّة األولٌن من األئمة ليس فقط يف مرحلة التكوين بل حىت ما بعدىا،فرتى كتب
جيبل بعد جيل .
األصوؿ تزيد أبواهبا ومسائلها ً
اج وتقعيد من أساليب اللغة وتصرفات األئمة فما زاؿوطاٞنا أف علم األصوؿ يف أساسو استخر ٌ
فيها ٠ناؿ لئلضافة العلمية وال ٬نكن القوؿ بنهاية ىذا العمل مادامت اٞنصادر والدواعي نفسها
موجودة .
لكل علم من
وإذا كانت اإلضافة إىل علم األصوؿ من علوـ أخرى -مع ثقل ىذه العملية ٞنا ّ
اختصاص وامتياز -قد حصلت يف مراحل متأخرة عن مراحل التكوين والتأسيس مثل ما فعلو
ابن السبكي يف ٗنع اٛنوامع -وىو منت -حٌن أٜنق القواعد الفقهية الكربى يف خإنة أبواب
أسطرا قليلة نقل فيها عناوين القواعد اٝنمس الكربى إال
األدلة واالستدالؿ،وىي وإف كانت ً
أهنا هبذا أخذت مكانًا يف اٞننت وصار الشراح يقفوف معها ويعلّقوف عليها،فاإلضافة إليو
باالستخبلص من اللغة والفقو الذي سيختص بو أوىل .
-جديّة اإلضافة :
كثًن من ىذه اإلضافات موجودة متناثرة يف عدد من كتب األصوؿ ومنها ما ٗنع يف كتب
وأُناث معاصرة ولكن ما مل ُْنعل ىذه اٞنباحث واٞنسائل يف كتب أصولية جامعة ٞنباحث
شرحا لكتب سابقة -ويتكرر ىذا حىت تصبح مع الزمن األصوؿ –٢نتصرةً كانت أو متنًا أو ً
جزءًا من مسائل العلم يتوقّع الدارس وجودىا يف كتبو فلن تأخذ مكاهنا يف صلب علم األصوؿ
ولن تتناقلها األجياؿ القادمة كمباحث ومسائل أصولية أصيلة ضمن أبواهبا .
-صورة اإلضافات اٞنقرتحة متجهة إىل الصورة الكاملة لكتب األصوؿ أي ال ي تكوف يف كتبو
اٞنوسعة أو اٞنتوف اٞنطولة وليست يف مراحل التأصيل األوىل واٞنتوسطة .
-ىل من اإلضافة ما ىو إضافة إىل البنياف ؟
الغرض األوؿ من اإلضافة التقوية ّنا يزيد من فعالية علم األصوؿ ويزيد الربط بينو وبٌن
٠ناالت عملو وٟنذا فتوجد إمكانية زيادة باب أو مبحث بأكملو،و٬نكن وصف ىذا باإلضافة
إىل بنياف علم األصوؿ ولكنها إضافة تكميل وتتميم وتنظيم وليس معناه وجود اٝنلل من قبل
ودعوى وجود بعض الفراغات اٛنزئية ٬نكن قبوٟنا وليس ىذا عيبًا يف العلم فهذه طبيعة العلوـ
وإال ألُغلقت من قدمي .
وأكثر اإلضافات للتعزيز وزيادة التمكٌن وإليضاح العلم بصورة أكثر جبلء ولتسهيل إعمالو
وتطبيقو .
-من الذي يضيف ؟
٬نكن تلخيص من ٬نكن أف يقوـ هبذا العمل يف كلمات ثبلث :
عمل ٗناعي ٔ +نصصي +تراكمي
وأىم صفات اٞنضيف العقل اٞننظم "فبل يضيف إىل علم األصوؿ ِ
نفسو ّإال ذو عقلية منظمة" ُ ُ
تَنظُم اٞنعلومات وتربط بٌن األفكار .
-طرؽ اإلضافات :
* ٗنع اٞنتناثر يف كتب األصوؿ وتنظيمها
* كتب الفقو وىو أ٨نها
* كتب تفسًن آيات األحكاـ وشروح األحاديث
* العلوـ ال ي ٟنا صلة بعلم األصوؿ .
-أنواع االضافة :
-2التكميل والتتميم :
وىو سد الفراغ الذي قد يكتشفو الناظر يف أبواب األصوؿ
جدا أال يكوف قد
وىنا ستكوف مهمتو األوىل التنقيب يف كتب األصوؿ نفسها ألنو من البعيد ً
مت التعرض ٞنا يُظن أنو قد أُ٨نل أو أُغفل،ومىت وجد الناظر بعض اٛنمل والعبارات ال ي تطرقت
ٟنا فمعناه أنو يسًن يف االْناه الصحيح
أما اذا مل ٩ند بعد التفتيش وسؤاؿ اٞنختصٌن فليرتو يف ظنو وجود الفراغ .
-1اإلٜناؽ :
عمبل فاٞنسألة أو اٞنبحث موجود وضوحا وأيسرىا ً
ً أي األخذ من العلوـ األخرى،وىو أكثرىا
معروؼ ولكن الصعوبة يف أمرين :
* تربير اٜناجة إىل األخذ خاصةً وأف األوائل مل يُلحقوا من قبل ما يريد الناظر إٜناقو .
* بياف القدر اتحمتاج إليو يف عملية اإلٜناؽ وتفادي الزيادة غًن اٞنفيدة لؤلصويل .
-3التعزيز :
وىو إضافة ضابط أو مسألة إىل باب أصويل مستقر
وىي نوعاف :
* إضافة ابتدائية وىي اٞنتبادرة واألكثر .
* ٓنويل اإلشكاؿ إىل مسألة أو ضابط يف الباب مىت كاف فيو صفة الكلية اٞننهجية -أي
أحكاما فرعية كثًنة -مثل :
ً تشمل
ىل يرد النسخ على األحكاـ ال ي من السياسة الشرعية ؟
ىل األوامر والنواىي اإلرشادية "ال ي تكوف ٞنصلحة دنيوية" ال تكوف إال يف دليل السنة وال
تتأتى يف القرآف ؟
واآلف إىل لب اٞنقالة وىي مقرتحات اإلضافة .
القسم األوؿ /الفنوف اٞنتصلة باألصوؿ
سبق يف السلسلة الكبلـ عن العلوـ ال ي ٟنا صلة بعلم األصوؿ من علوـ القرآف وعلوـ
اٜنديث والببلغة واٛندؿ والقانوف وما فيها من ٠ناالت االستثمار يف علم األصوؿ،وىنا إ٩ناز
لتلك اٞنقرتحات :
-علوـ القرآف :
* داللة اٞنناسبات
* قواعد الرتجيح التفسًنية
* بعض الضوابط واٞنسائل
-علوـ اٜنديث :
* االحتجاج باٜنديث الضعيف
* العمل باٜنديث الضعيف
* استثمار علم ٢نتلف اٜنديث وتأويل مشكلو يف دفع التعارض .
-الببلغة :
داللة السياؽ والقرائن،نظمها وتنظيمها وجعلها على مراتب .
-اٛندؿ :
عقد فصل خاص باٛندؿ األصويل
وىو وسط بٌن اٛندؿ اٞننطقي وجدؿ الفقهاء،فيعرض اٛندؿ بصورتو األصلية العامة و٩نعل
تطبيقاتو على اٞنباحث األصولية وتكوف أمثلتو فقهية .
مثبل :
فيقاؿ ً
االستفسار معناه اٛنديل وىل ىو قادح أـ ال،مث يطبق االستفسار على دليل الكتاب والسنة
واإلٗناع والقياس،وتكوف األمثلة لكل نوع أمثلة فقهية .
ويستحسن نقل قوادح العلة إليو فبل تذكر يف باب العلة .
-القانوف :
* مباحث اٜنق
* استثمار النظريات يف استخبلص القواعد والقضايا اٞننهجية مثل االحتياط .
تلك علوـ مستقلّة ومغايرة لعلم األصوؿ،وليست ىي اٞنرادة ىنا .
فن من علم األصوؿ أو علم من ّأما الفنوف اٞنتصلة باألصوؿ فهي ال ي ٬نكن وصفها بأهنا ّإما ٌّ
علوـ الفقو،وىاتاف جهتا اشرتاكهما مع علم األصوؿ
واإلضافة ىنا إىل علم األصوؿ يف غالبها من اإلٜناؽ،وىنا أفكار فيها :
-2أسباب اٝنبلؼ الفقهي :
بالفن اٞنستقل من فنوف الفقو وفيو مؤلفات ودراسات أسباب اٝنبلؼ بٌن الفقهاء صار أشبو ّ
خاصة،ونظرا ٞنا فيو من رؤية كلية يف جانب اختبلؼ الفقهاء وتكييفو ففيو صلة وثيقة بعلمً
عددا من أسباب اٝنبلؼ الفقهي يعود إىل علم األصوؿ نظريًا أو تنز ًيبل األصوؿ كما أف ً
وباب أسباب اٝنبلؼ الفقهي مل يغلق بعد و٬نكن استنتاج أسباب غًن اٞنعروفة اٞنذكورة مىت
نُظر إىل كتب الفقهاء ابتغاء ٓنليل أسباب اٝنبلؼ فيها،كما ٬نكن االستفادة من أسباب
اٝنبلؼ بٌن اٞنفسرين وأثر اٜنديث يف اختبلؼ الفقهاء يف ٓنريك احتماالت األسباب اٞنمكنة
أو يف جودة تصنيفها .
إذف فهذا الباب ليس من علم األصوؿ ولكن طاٞنا أف كتب األصوؿ "تنظّم عقل الفقيو" بل
ىي اٞنصدر األساس والوحيد ٟنذه اٞنهمة التكوينية لطالب الفقو فمعرفتو ْنعل الفقيو وىو
ضمو إىل كتب األصوؿ ٟنذا السبب يطالع أو يبحث مسائل الفقو ٪نسن النظر فيها فيمكن ّ
يبقى تلخيص تلك األسباب بصورة مركزة مث االىتماـ باألسباب القريبة إىل علم األصوؿ
تفصيبل ىو العمل اٞننتظر يف عملية اإلٜناؽ .
ً وجعلها أكثر دقة وأكثر
أيضا لو دور كبًن يف أسباب اٝنبلؼ،واللغة من مصادر علم األصوؿ وللتنبيو فاٛنانب اللغوي ً
ويف كتاب "أمايل الدالالت" للشيخ ابن بيو أفكار ٬نكن االستفادة منها وتطويرىا
كما أف علم الصرؼ لو حضور يف أسباب اٝنبلؼ الفقهي جديرة بالتنصيص عليها .
-1علم اٞنقاصد :
ومسائلو الرئيسية ال ي قُػ ّعدت فيما بعد ٩نب إحساف عرضها يف كتب األصوؿ واالنتقاؿ من
حالتها السابقة حيث مل يأخذ علم اٞنقاصد حينها شكلو اٞنستقر .
-3التخريج :
أنواعو وأحكامو وأىم طرقو،البد من عقد فصل موجز فيو .
وهللا أعلم
وصلى هللا على نبينا ١نمد وعلى آلو وصحبو أٗنعٌن