Professional Documents
Culture Documents
سندير ورقتنا البحثية هذه حول حمورين أساسيني لنشأة الفكر التداويل؛ األول الفلسفة التحليلية النشأة
وحماولني، والثاين حياول رصد مفهوم فلسفة اللغة و أهم أعالمها، و التأصيل و أهم املبادئ اليت قامت عليها
الوصول إىل النقلة النوعية يف دراسة اللغة وما لنظرية ألعاب اللغة احملسوبة على تيار الفلسفة اللغوية من األثر
. "الكبري يف ظهور أهم مباحث الدرس التداويل و هو "نظرية األفعال الكالمية
. نظرية،، األفعال الكالمية، اجلذور الفلسفية، التداولية:كلمات املفتاحية
Abstract:
We will manage this research paper on two main axes of
the emergence of deliberative thought. The first one is the
analytical philosophy ; the origin, the roots and the most
important principles upon which it was based. And the
second attempts to monitor the concept of language
philosophy and its most important figures. Also, trying to
reach the paradigm shift in the study of language, and the
great impact of language games theory, which belongs to the
philosophical linguistic on the emergence of the most
important discussion of the deliberative lesson, which is "The
Theory of verbal acts."
Keywords: pragmatics، Philosophical roots، verbal acts، Theory.
_________________________
azzouzhouari31@gmail.com : اإلمييل. عزوز هواري:املؤلف املرسل
76
عنوان املقال :اجلذور الفلسفية للتداولية
مقدمة:
تطرح عالقة التداولية ابألحباث الفلسفية الغربية وخباصة الفلسفة التحليلية مجلة من القضااي
النظرية و التساؤالت املنهجية اهلامة ،و ذلك ابلنظر إىل نوعية العالقة التارخيية بني الفلسفة
التحليلية و اجلذور التأسيسية األوىل للتداولية وخنص ابلذكر فلسفة اللغة العادية ،فهذه النقلة من
دراسة اللغة املثالية اليت أرسى معاملها الفالسفة التحليلني و املناطقة حماولني إقامة دعائمها وانتهاء
إىل فلسفة اللغة العادية اليت تعد حجر األساس للدراسات التداولية .
ومن هذا املنطلق و جدتنا ملزمني منهجيا ابلوقوف عند واإلطارالتأسيسيو التأصيلي لنشأة هذا
احلقل التداويل انطالقا من الفلسفة التحليلية وصوال إىل فلسفة اللغة العادية "األلعاب اللغوية " .
الفلسفة التحليلية النشأة والتأصيل
إن حديثنا عن الفلسفة التحليلية وحتديد أسسها ومفاهيمها الرئيسة ليس ابألمر اهلني وذلك
ألن "من الصعب متاما أن جند تعريفا دقيقا للفلسفة التحليلية ذلك ألن ما نطلق عليهم اسم
"فالسفة التحليل" ال ميثلون يف الواقع منطا واحدا ن الفالسفة يتفقون على دوافع تفكريهم وأهدافه،
بل ليس هناك يف واقع األمر اتفاق عام حىت االسم الذي مييز تلك احلركة الفلسفية يف حني جند
بعض التسميات اليت أضحت لصيقة هبا و ابملسار البحثي لروادها مثل فلسفة مدرسة كمربدج ،و
2
فلسفة مدرسة أوكسفورد و الشائع املتداول على وجه الدقة فلسفة اللغة العادية"
فهذا اإلشكال يف ضبط املفهوم ليس راجعا إىل العلم نفسه ،وإمنا راجع إىل من يؤطره "فعلى
الرغم من أن مجيع فالسفة هذه احلركة متفقون على أن "التحليل" هو اهلدف الرئيسي من الفلسفة
الذي يقدمونه هلذا اللفظ فهم ميارسونه بدوافع متباينة متاما إىل احلد الذي ميكن أن يدفع أحدا إىل
القول أبهنم ال يشرتكون يف موقف فلسفي بعينه".3أو ابألحرى تباين املرجعيات ،و هذا التعدد و
التباين كاد أن يكون مأزقا مفاهيمي ملقولة التحليل اليت تنسب لرواد هذه احلركة ،لوال أن حبثهم
ظل مرتبطا خبط معني لتطور األفكار عن طبيعة الفلسفة و وظيفتها ،حيث ارتسمت معامله مع ج
77
عزوز هواري
فمن خالل هذه األسس فإن الفلسفة التحليلية قد حددت لنفسها مهمة واضحة لدراسة
املوضوعات الفلسفية ،على أساس عملي متمثل يف اللغة مبتعدة عن أسس الفلسفة الكالسيكية
اليت مل تول اللغات الطبيعية ما تستحق من الدراسة واالهتمام ،فهي بذلك فلسفة تقوم على:
-ضرورة التخلي عن أسلوب البحث الفلسفي القدمي وخصوصا جانبه امليتافيزيقي.
-تغيري بؤرة االهتمام الفلسفي من موضوع "نظرية املعرفة" إىل موضوع "التحليل اللغوي".
-حتديد وتعميق بعض املباحث اللغوية والسيما مبحث الداللة والظواهر اللغوية املتفرعة
7
عنه
وانطالقا من اختالف وجهات النظر بني الفالسفة التحليليني واألسس املعرفية املتبعة فقد
انقسمت وتشعبت الفلسفة التحليلية إىل ثالث اجتاهات كربى وهي:
-1الوضعانية املنطقية ( )logique Positivisteبزعامة رودولف كارانب.
-2الظاهراتية اللغوية ( )Phénoménologie du langageبزعامة أدموهنوسرل.
-3فلسفة اللغة العادية ( )Philosophie du langage ordinaireبزعامة
فيتجنشتاين.
وهذا الفرع األخري أي "فلسفة اللغة العادية" هو الذي نشأت بني أحضانه ظاهرة األفعال
الكالمية.8
-وهذا األخري يندرج حتت ما يعرف ابالجتاه التداويل على غرار االجتاهني األول والثاين اللذين خرجا
عن هذا املنحىن ،وذلك الهتمام االجتاه األول ابللغات الصورية املصطنعة ،وهو االجتاه الذي متثله
الوضعانية املنطقية بزعامة كارانبوآير اليت تقوم على التحليل املنطقي للجمل والقضااي اللغوية،
"فبسلوكها هذا املسلك ،تقصي القدرات التواصلية العجيبة اليت متتلكها اللغات الطبيعية ،بل تستبعد
تلك اللغات وتقصيها متاما من نشاطها العلمي الدراسي ،وهتتم ببناء لغات بديلة مقصورة على جمال
تواصلي يف غاية احملدودية والرمسية والتخصص"(.9
79
عزوز هواري
هذا ما جيعل اللغة الشكلية أو الصورية عائقا أمام عملية التواصل اليومية بني املتكلمني ،على
غرار اللغة العادية اليت تظهر القدرات التواصلية احلقيقية من قبل املتكلمني العاديني ،وكذلك االجتاه
الثاين الذي يعترب خارج املنحىن التداويل ونقصد الظاهراتية اللغوية اليت "يؤخذ عليها أهنا انغمست
يف البحث يف أطر فكرية أعم من الكينونة اللغوية ،إذ راحت تتساءل عن قطب "األساس" وهو
بداية احلدث اللساين يف أعماق الوجدان وهو الذي يسميه سوسري "املرحلة السدميية" واليت هي
مرحلة ذهنية ما قبل وجودية ،فهي يف غاية التجريد ،وال عالقة هلا ابالستعمال اللغوي وال بظروف
11
استخدام اللغة وال أبحوال أطراف احلوار وال مبالبسات التواصل وال أبغراض املتكلمني"
لكن هذا ال ينفي القول أن هذا االجتاه قد أوجد مبدءًا إجرائيا يف جمال اللسانيات التداولية
وهو مبدأ القصدية ( )Intentionnalitéالذي استمر من طرف الفيلسوف أوسنت يف الدراسة
ظاهرة "األفعال الكالمية" وزاد عنه سريل ابختاذه معيارا أساسيا لتصنيف "القوى املتضمنة يف
القول".11
أما االجتاه الثالث واألهم وهو فلسفة اللغة العادية "الذي استطاع أن ميثل مركز االهتمام
الفلسفي بعد الوضعية املنطقية ،وميكن أن نلتمس بذور هذا االجتاه عند جورج مور G.
MOOREإال أن أساس هذا االجتاه قد جاء من أفكار فتجنشتاينL. Wittgenstein
لالفرتاض السابق الذي روجه الوضعيون املناطقة ،ذلك االفرتاض الذي كان قد شارك هو نفسه يف
وضعه يف كتابه املتقدم "رسالة منطقية فلسفية" وقد فعل ذلك منذ قيامه ابلتدريس يف كمربدج عام
،1931حيث ساد االقتناع أبن اللغة العادية صحيحة متاما".12
فقد جعل فتجنشتاين اللغة املادة األساسية يف فلسفته ذلك أنه كان يرى "أن مجيع مشكالت
الفلسفة
حتل ابللغة ،فاللغة هي املفتاح السحري الذي يفتح مغاليق الفلسفة بل كان يعتقد أن
اخلالفات والتناقضات املنتشرة بني الفالسفة سببها األساسي سوء فهم للغة ،أو إمهاهلم هلا وراح
80
عنوان املقال :اجلذور الفلسفية للتداولية
يطور فلسفته اجلديدة اليت توصي مبراعاة اجلانب اإلستعمايل يف اللغة فاالستعمال هو الذي يكسب
13
تعليم اللغة واستخدامها"
وألجل حل هذه املشكالت الفلسفية البد من حتديد الطريقة اليت يتم هبا استخدام لغتنا يف
الواقع والكيفية اليت يتم هبا من أجل ذلك.
فقد شاع هذا االجتاه يف مدرسة كيمربدج الذي دام أتثريها ما بني 1933حىت هناية احلرب
العاملية الثانية على يد جمموعة من الفالسفة الكبار املتأثرين ب:فتجشتاين ونذكر من بينهم جون
ونزدم ،Winsdamو ج .أبول G.A Poulوموريس ليزرويتزM. Lazerowitzون.
مالكومل N. Malcolmميكن أن نطلق على هؤالء اسم "مدرسة كمربدج" ويعد وفاة فتجشتاين،
انتقل مركز االهتمام الفلسفي من كمربدج إىل أكسفورد بزعامة جلريت وايل G. Ryle
( )1976-1911وجون أسنت J. Austinأو يطلق على هذا االجتاه "مدرسة أكسفورد" وما
مييز هذه املدرسة عن سابقتها أهنا تعطي اهتماما كبريا ابلتفصيالت الفعلية للغة العادية للوصول إىل
النتائج الفلسفية العامة على غرار فلسفة كمربدج الذين سعو إىل حل مشكالت حمددة(11
فهذه النقلة النوعية من مدرسة كمربدج إىل مدرسة أكسفورد جعلت تراث فنجتشاين يكسب
مكانته احلقيقية خاصة مع ج .ل .أوسنت وذلك بتأثره الواضح يف كتابه "عندما يكون القول هو
الفعل"
"Quand dire, c'est faireوتلميذه ج .سريل ،واعتماده على أفكار هذا الفيلسوف
15
يف دراسته لـ"القوى املتضمنة يف القول"
يصدر هذا التصور كمحاولة للتخلي عن النظر إىل اللغة ابعتبارها كياان اثبتا يف كل املواقف
إىل نظرة أوسع تربط بني املتكلم واملخاطب وما يكتنفها من اعتبارات ثقافية واجتماعية ونفسية،
وهذا ما أنتج يف آخر املطاف إىل والدة علم لغوي جديد هو التداولية
81
عزوز هواري
82
عنوان املقال :اجلذور الفلسفية للتداولية
-هناك من يقصر فلسفة اللغة على التيار التحليلي على يد جورج مور وراسل وخاصة
فتجنشتاين.
-هناك من يقول إنه تقوى على يد التيار الوضعي املنطقي وتيار مدرسة أكسفور.
-هناك من حيددها يف التيار التأويلي ابتداءا من هو سريل مرورا هبيدغر و مريلو يوثين و
غدامري وبول ريكور و خلفيته التارخيية عند شالير ماخر وفقهاء اللغة.
-هناك من يقتصر فلسفة اللغة يف أعمال األلسنيني ابتداءا من ديسوسري وانتهاء
بتشومسكي مرورا ببنفست واملدرسة التوزيعية األمريكية مع الرتكيز على مناهج ومفاهيم ألسنية.
فهذا التضارب والغموض يف اآلراء فيما خيص مفهوم "فلسفة اللغة" وموضوعها ومضموهنا
جعل من الصعوبة إعطاء تعريف جامع مانع ،هلذا تعددت اآلراء حيث جند كل من ديكرو و
تودوروف يف قاموسهما" موسوعة علوم اللغة" يبينان أن مصطلح "فلسفة اللغة" يتضمن معنيني:
هذا ما جنده يف أعمال كل من "ل .برانشويكغ" يف كتابه الصادر سنة L'âges ( 1917
)de l'intelligenceو(هـ .برغستون) يف كتابه الصادر سنة L'évolution ( 1917
،)créatriceوكذلك االهتمام ابلتأمالت احلاضرة يف فلسفة القرن التاسع عشر األملانية ،كوهنا
اهتمت بدور اللغة يف التاريخ اإلنساين واليت متظهرت يف فلسفة شليخر اللغوية واليت ربطها بفكر
هيقل(.)19
ومعىن داخلي ،حيث جيعل هذا التوجه من اللغة جماال للدراسة ،وذلك إبخضاع اللسان إىل
الدراسة الداخلية ،بوصفه موضوعا لالستقصاء ،فقد كان التحليل اللساين حاضرا يف كل فلسفة،
وهذا ما تبناه معظم الفالسفة اإلجنليز –فالسفة اللغة -يف أحباثهم اليت مسوها "الفلسفة التحليلية"
حيث جعلوا من اللغة موضوعا للفلسفة21فهذا التعريف من ديكرو و تودوروف "لفلسفة اللغة"
يقصي ويهمل دور الدراسات األلسنية يف تطوير مممكمعلوم اللغة ،كما يهمل أيضا التيار الظواهري
والتأويلي ،والصراع القائم بني الفلسفة األجنلوسكسونية والفلسفة األوروبية القارية ،وهذا ما يدفعنا
83
عزوز هواري
إىل النظر إىل أعمال أخرى قامت بدراسة فلسفة اللغة من جانب آخر ،حيث ركزت على األلسنية
من جانبها املفاهيمي ،نذكر
منها "دراسة كارتز و فودور ومها يعدان من أتباع نعوم تشومسكي وذلك يف كتاهبما"فلسفة
اللغة" حيث ذهبا إىل القول أن فلسفة اللغة تقوم بتحليل املفاهيم واملناهج األلسنية وتستعني
بنتائجها حلل بعض املشكالت الفلسفية ،ويعتقدان أن فلسفة اللغة مبحث فلسفي معاصر،
ي تمحور حول املعرفة املفاهيمية أو كما قاال "فلسفة اللغة حقل معريف ضمن جمموع األحباث
الفلسفية اليت تدور حول املعرفة املفاهيمية وهي مبحث ضمن الفلسفة املعاصرة كفلسفة الرايضة
وفلسفة الفن...اخل ،إن هذا املبحث يركز على املعرفة املفاهيمية املعرب عنها يف اللغة"(21
فمن هذا الطرح الذي هبني أهم املدارس واالجتاهات اليت اختصت فلسفة اللغة ابلدراسة
والتقومي ميكن القول أن "فلسفة اللغة مبحث فلسفي جديد ،يهتم ابللغة من منظور فلسفي يعتمد
على مناهج لغوية فلسفية أساسية كالتحليل املنطقي واأللسين والتأويلي أو بتعبري آخر :فلسفة اللغة
مبحث فلسفي يتكون من خمتلف التطورات اليت عرفها الفكر الفلسفي املعاصر واملتمثل بشكل
خاص يف التطورات احلاصلة يف جمال املنطق الرمزي والتأويلي ،أو فلسفة التأويل واأللسنية أو علم
اللغة احلديث"(22
فهذا التعدد يف املناهج والعلوم اليت احتضنت فلسفة اللغة جعلتها أكثر وعي ابللغة ومبعرفة
طبيعتها وقدرهتا على محل املعاين ،ومل يكن هذا االكتشاف ابألمر السهل واهلني الذي قد مير دون
تغيري هام يف مفهوم اللغة وتصوران هلا .حيث قدمت الروائية أريس موردخ ( )I. Mordochيف
كتاهبا عن "سارتر" هذا األمر فقالت" :إننا مل نعد نسلم تسليما أعمى ابللغة على أهنا وسط تتم من
خالله عملية التواصل ،فقد انتهت شفافيتها ،فما أشبهنا بقوم راحوا ينظرون من خالل انفذة ملدة
طويلة دون أن يالحظوا زجاجها ،مث ما لبثوا ذات يوم أن الحظوه"( 23فهي هبذه النظرة جعلت من
اللغة أكرب صعوبة تواجهها الفلسفة املعاصرة ويف إنكار أن جنعلها واسطة بيننا وبني العلم.
84
عنوان املقال :اجلذور الفلسفية للتداولية
وعلى أساس هذه الدراسة فإنه ليس من الغريب أن تركز الفلسفة جل أعماهلا الكربى على
دراسة العالمة ،ذلك للكشف عن طاقات اإلنسان التعبريية اجلديدة ،وهبذا ميكن القول إن "فلسفة
اللغة ،من الرواقني إىل كاسريير ومن القروسطيني إىل فيكو ( )Vicoومن القديس أوغستني إىل
فتجنشتاين ،مل تكف عن مساءلة أنساق العالمات ،وبذلك تكون هذه الفلسفات قد طرحت
بشكل جدري قضية السيميائيات"( .)21فهذه الرؤية دعوة إىل توسيع جمال اللغة التواصلية لتشمل
ما ليس لغواي ،فجل مظاهر الوجود اإلنساين اليومية متثل موضوعا سيميائيا ،ذلك أن اإلنسان ال
يستطيع العيش بدون وسائط لغوية وغري لغوية من أجل التواصل مع اآلخرين.
ووفق هذا املنحى من التصور جند أن فتجنشتاين من خالل نظريته "ألعاب اللغة" قد حطم
القيود بني النشاط اللغوي واحلياة االجتماعية اليت متارس فيها عملية التواصل حيث حطم كل الرؤى
اليت كانت تنظر إىل اللغة على أهنا حساابت منطقية جتعل لكل كلمة يف اللغة معىن واحدا حمددا،
فقد جعل من اللغة جمموعة كلمات حاملة لعدة معاين تتمظهر من خالل استخداماتنا املتعددة وفق
سياقات حمددة ترد فيها( )25ففهم اللفظ وإدراك معناه مرهون إبدراك استعماالته الفعلية ومدى
إدراك واستيعاب السياق الذي ورد فيه ،وهذه دعوة صرحية إىل التحول عن النموذج البنيوي إىل
النموذج التداويل اإلستعمايل للغة ،ومفاد هذا النموذج األخري عند فتجنشتاين أن وظيفة اللغة هي
االستعمال "فال نقول :بدون اللغة ال ميكن إتصال الواحد منها ابآلخر،وإمنا نقول ابلتأكيد :بدون
اللغة ال ميكننا التأثري يف اآلخرين على هذا النحو أو ذاك ،وال بناء الطرق وصناعة اآلالت وغري
ذلك ،كما نقول كذلك :بدون استخدام الكالم والكتابة لن يستطيع الناس االتصال ببعضهم"(26
فوظيفة اللغة األساسية واحملورية هي التواصل كما هو معلوم وبديهي إىل جانب التفاهم مع اآلخرين
والتأثري فيهم.
85
عزوز هواري
وميكن القول أن لنظرية "ألعاب اللغة" األثر الكبري يف ظهور نظرية أفعال الكالم للفيلسوف
األمريكي سريل. Searle
خالصة البحث
إن الولوج ألساسيات الدرس التداويل يف دراسة اللغة ال يتأتى اال ابلتعرف على املنبع األساسي
الذي احتضن اللغة ابلدراسة و التحليل انطالقا من الفلسفة التحليلية و وصوال اىل املناهج و العلوم
اليت احتضنت فلسفة اللغة و جعلتها أكثر وعي ابللغة و مبعرفة طبيعتها و قدرهتا على محل املعاين
وتغيري مفهومنا و تصوراتنا هلا و االنتقال من دراسة اللغة املثالية االصطناعية اىل دراسة اللغة العادية
.
86
عنوان املقال :اجلذور الفلسفية للتداولية
88