You are on page 1of 4

‫دراسة على كتاب اإلحكام في أصول األحكام‬

‫" أقل ما قيل أنموذجا "‬


‫‪ ) ١‬الكتاب ومؤلفه‬
‫اإلحك ام في أص ول األحك ام لمؤلف ه العالم ة أب و محم د علي بن أحم د بن س عيد بن ح زم‬
‫األندلسي‪ ،‬المتوفي سنة‪ ) ٤٥٦ ( :‬للهجرة‪.‬‬

‫‪ ) ٢‬أهمية الكتاب‬
‫يعتبر هذا الكتاب من الكتب المهمة‪ ،‬وذلك لكون مؤلفه ‪ -‬رحمه هللا تع الى ‪ -‬مجته د ل ه العدي د‬
‫من اآلراء والتفردات عن بقية العلماء‪ ،‬وتوسع في هذا الكتاب بما فيه الغنية والكفاية‪.‬‬

‫‪ ) ٣‬سبب التأليف‬
‫ذكر المؤلف في مقدمة كتابه أن سبب تأليفه أنه كتب م ؤلفيِن في علم أص ول الفق ه‪ ،‬وأن ه أراد‬
‫بهذا التأليف استيفاء جميع األحك ام األص ولية بعي دا عن فض ول المس ائل حيث ق ال‪ " :‬فكتبن‪++‬ا‬
‫االس تدالل جمل ة وأن واع‬ ‫كتابنا المرسوم بكت‪++‬اب التق‪++‬ريب وتكلمنا في ه على كيفي ة‬
‫البرهان الذي به يستبين الح ق من الباط ل في ك ل مطل وب وخلص ناها مم ا يظن أن ه بره ان‬
‫وليس ببرهان وبينا كل ذلك بيانا سهال ال إشكال في ه ورجون ا ب ذلك األج ر من هللا ع ز وج ل‬
‫فكان ذلك الكتاب أصال لمعرفة عالمات الحق من الباطل وكتبنا أيضا كتابنا المرسوم بالفصل‬
‫فبينا فيه صواب ما اختلف الناس فيه من الملل والنحل بالبراهين ال تي أثبتن ا جمله ا في كت اب‬
‫التقريب ولم ندع بتوفيق هللا عز وجل لنا للشك في شيء من ذل ك مس اغا والحم د هلل كث يرا ثم‬
‫جمعنا كتابنا هذا وقصدنا فيه بيان الجمل في مراد هللا عز وج ل من ا فيم ا كلفن اه من العب ادات‬
‫والحكم بين الناس بالبراهين التي أحكمناها في الكتاب المذكور آنفا وجعلنا ه‪++‬ذا الكت‪++‬اب بتأيي‪++‬د‬
‫خالقن‪++‬ا ع‪++‬ز وج‪++‬ل لن‪++‬ا موعب‪++‬ا للحكم فيم‪++‬ا اختل‪++‬ف في‪++‬ه الن‪++‬اس من أص‪++‬ول األحك‪++‬ام في الديان‪++‬ة‬
‫مستوفى مستقصى محذوف الفض‪++‬ول محكم الفص‪++‬ول راجين أن ينفعن ا هللا ع ز وج ل ب ه ي وم‬
‫فقرنا إلى ما يثقل به ميزاننا من الحسنات وأن ينفع به تع الى من يش اء من خلق ه فيض رب لن ا‬
‫في ذلك بقسط ويتفضل علينا منه بحظ فهو الذي ال يخيب رجاء من قص ده بأمل ه وه و الق ادر‬
‫على كل شيء ال إله إال هو " ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ ) ٤‬طريقة عرضه للخالف‬


‫‪1‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬اإلحكام‪ ،‬ج ‪ ، ١‬ص ‪. ٨‬‬

‫‪1‬‬
‫طريق ة المؤل ف في ع رض الخالف من خالل النم وذج أن ه ي ذكر أوال ال رأي ال ذي يعتم ده‪،‬‬
‫ويذكر حجته‪ ،‬ثم يذكر الرأي المخالف‪ ،‬ويقوم بالرد عليه وبل ويشنع عليه‪.‬‬
‫مثاله‪ " :‬الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل‪ ،‬قال أبو محمد رحمه هللا‪ :‬ادعى‬
‫قوم أن هذا أيضا نوع من أنواع اإلجماع صحيح ال شك فيه وقالوا ألنه قد صح إلزام هللا ع ز‬
‫وجل لنا إتباع اإلجم اع والنص وح رم علين ا الق ول بال بره ان ف إذا اختل ف الن اس في ش يء‬
‫فأوجب قوم فيه مقدارا ما وذلك نح و النفق ات واألروش وال ديات وبعض الزك وات وم ا أش به‬
‫ذلك وأوجب آخرون أكثر من ذلك واختلفوا فيما زاد على ذلك فاإلجماع فرض علين ا أن نأخ ذ‬
‫به وأما الزيادة فدعوى من موجبها إن أقام على وجوبها برهانا من النص أخذنا به والتزمناه ا‬
‫وإن لم يأت عليها بنص فقوله مطرح وهو مبط ل عن د هللا ع ز وج ل بيقين ال ش ك في ه ونحن‬
‫محقون في األخذ بأقل ما قيل عند هللا عز وجل بيقين ألنه أمر مجتمع عليه‪...‬‬
‫ومنهم من قال بل نأخذ بأكثر ما قيل ألنه ال يخ رج من لزم ه ف رض عم ا لزم ه إال بيقين وال‬
‫يقين إال بعد أن يستوعب كل ما قيل قال أبو محمد وهذا باطل ألنه ص ار به ذا الق ول قافي ا م ا‬
‫ليس له به علم ومثبتا حكما بال برهان وهذا حرام بنص القرآن وإجماع األمة وك ل من خالفن ا‬
‫في هذا األصل فإنه يتناقض ضرورة ويرجع إلى القول به أال ترى أننا اتفقنا كلنا على إيج اب‬
‫خمس صلوات وادعى قوم أن الوتر فرض فوجب االنقياد لما اجتمعوا عليه وترك م ا اختلف وا‬
‫فيه إال أن يأتوا بدليل على ما زادوا وكذلك اتفقنا على أن في خمسين من البقر بقرة وق ال ق وم‬
‫في كل خمس بقرات شاة وق ال ق وم في الثالثين ت بيع وفي األربعين وق ال ق وم فيم ا زاد على‬
‫األربعين بحساب ذلك بجزء من بقرة فوجب األخذ بما اتفقوا عليه وترك ما اختلف وا في ه إذا لم‬
‫يأتوا بدليل على ما ادع وا من ذل ك ووجب أن يل زم أح دا إال البق رة في خمس ين وهي المتف ق‬
‫عليه منهم ومن غيرهم ال ما زاد في إيجاب الغرامة في ذلك‪.‬‬

‫ثم نقول لمن خالفنا في هذا األصل أرأيت إن اجتمع الناس على مق دار م ا ثم ق ال ق وم بأزي د‬
‫منه ولم يأتوا على صحة قولهم بدليل هل لك بد من ثالثة أوجه ال راب ع له ا إم ا أن تق ول بم ا‬
‫أجمعوا عليه وبترك ما اختلفوا فيه وهو قولنا هذا الذي خالفتنا في ه أو تأخ ذ ب أكثر م ا قي ل بال‬
‫دليل فتصير قافيا ما ليس لك به علم ومثبتا حكما بال برهان فهذا حرام بنص الق رآن وبإجم اع‬
‫األمة لم يقل به أحد ويصير قائله منتهكا إما عرضا حراما وإما ماال حراما وإما موجبا ش رعا‬
‫لم يأذن به هللا تع الى وك ل ذل ك ح رام ال يح ل أص ال وإم‪++‬ا أن ي‪++‬ترك ه‪++‬ذين الق‪++‬ولين فيف‪++‬ارق‬
‫اإلجماع جملة ويأتي أيضا بقول لم يقله أحد " ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ج ‪ ٥‬ص ‪. ٥٢ ، ٥١ ، ٥٠‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ) ٥‬طريقة عرضه للدليل‬
‫من خالل النموذج يتضح لي أن طريقة المؤلف في عرض الدليل أن ه أوال رأي ه ال ذي يعتم ده‬
‫ويذكر دليله‪ ،‬ثم يذكر اآلراء اآلخرى ودليلها ويرد عليها‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ " :‬الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل‪ ،‬قال أب‪++‬و محم‪++‬د رحم‪++‬ه هللا‪:‬‬
‫ادعى قوم أن هذا أيضا نوع من أنواع اإلجماع صحيح ال شك فيه وقالوا ألنه ق‪+‬د ص‪+‬ح إل‪+‬زام‬
‫هللا عز وجل لنا إتباع اإلجماع والنص وحرم علينا القول بال برهان فإذا اختل‪++‬ف الن‪++‬اس في‬
‫شيء فأوجب قوم فيه مقدارا ما وذلك نحو النفقات واألروش وال‪+‬ديات وبعض الزك‪+‬وات وم‪++‬ا‬
‫أشبه ذلك وأوجب آخرون أكثر من ذلك واختلفوا فيما زاد على ذلك فاإلجماع فرض علينا أن‬
‫نأخذ به وأما الزي‪++‬ادة ف‪++‬دعوى من موجبه‪++‬ا إن أقام على وجوبه ا برهان ا من النص أخ ذنا ب ه‬
‫والتزمناها وإن لم يأت عليها بنص فقوله مطرح وهو مبط ل عن د هللا ع ز وج ل بيقين ال ش ك‬
‫فيه ونحن محقون في األخذ بأقل ما قيل عند هللا عز وجل بيقين ألنه أمر مجتمع عليه‪...‬‬
‫ومنهم من قال بل نأخذ بأكثر ما قيل ألنه ال يخ‪+‬رج من لزم‪+‬ه ف‪+‬رض عم‪+‬ا لزم‪+‬ه إال بيقين وال‬
‫يقين إال بعد أن يستوعب كل ما قيل قال أبو محمد وهذا باطل ألنه صار به ذا الق ول قافي ا م ا‬
‫ليس له به علم ومثبتا حكما بال برهان وهذا حرام بنص القرآن وإجماع األمة وك ل من خالفن ا‬
‫في هذا األصل فإنه يتناقض ضرورة ويرجع إلى القول به أال ترى أننا اتفقنا كلنا على إيج اب‬
‫خمس صلوات وادعى قوم أن الوتر فرض فوجب االنقياد لما اجتمعوا عليه وترك م ا اختلف وا‬
‫فيه إال أن يأتوا بدليل على ما زادوا وكذلك اتفقنا على أن في خمسين من البقر بقرة وق ال ق وم‬
‫في كل خمس بقرات شاة وق ال ق وم في الثالثين ت بيع وفي األربعين وق ال ق وم فيم ا زاد على‬
‫األربعين بحساب ذلك بجزء من بقرة فوجب األخذ بما اتفقوا عليه وترك ما اختلف وا في ه إذا لم‬
‫يأتوا بدليل على ما ادع وا من ذل ك ووجب أن يل زم أح دا إال البق رة في خمس ين وهي المتف ق‬
‫عليه منهم ومن غيرهم ال ما زاد في إيجاب الغرامة في ذلك‪.‬‬
‫ثم نقول لمن خالفنا في هذا األصل أرأيت إن اجتمع الناس على مقدار م‪++‬ا ثم قال ق وم بأزي د‬
‫منه ولم يأتوا على صحة قولهم بدليل هل لك بد من ثالثة أوجه ال راب ع له ا إم ا أن تق ول بم ا‬
‫أجمعوا عليه وبترك ما اختلفوا فيه وهو قولنا هذا الذي خالفتنا في ه أو تأخ ذ ب أكثر م ا قي ل بال‬
‫دليل فتصير قافيا ما ليس لك به علم ومثبتا حكما بال برهان فهذا حرام بنص الق رآن وبإجم اع‬
‫األمة لم يقل به أحد ويصير قائله منتهكا إما عرضا حراما وإما ماال حراما وإما موجبا ش رعا‬
‫لم يأذن به هللا تعالى وكل ذلك حرام ال يحل أصال وإما أن يترك هذين القولين فيفارق اإلجماع‬
‫جملة ويأتي أيضا بقول لم يقله أحد " ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬والصفحة السابقة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ ) ٦‬معرض ذكره للمسائل الفروعيه‬
‫من خالل النموذج يظهر لي أن المؤلف يذكر المسائل الفرعي ة أثن اء ذك ره لل دليل وأثن اء رده‬
‫لآلراء األخرى‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ (( :‬وكذلك اتفقنا على أن في خمسين من البقر بقرة‪ ،‬وقال قوم في ك ل خمس بق رات‬
‫شاه‪ ،‬وقال قوم في الثالثين تبيع وفي األربعين‪ ،‬وقال قوم فيما زاد على األربعين بحساب ذل ك‬
‫بجزء من بقرة فوجب األخذ بما اتفقوا عليه وترك م ا اختلف وا في ه إذا لم ي أتوا ب دليل على م ا‬
‫ادعوا من ذلك ووجب أن يلزم أحدا إال البقرة في خمسين وهي المتفق عليه منهم ومن غ يرهم‬
‫ال ما زاد في إيجاب الغرامة في ذلك )) ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫كتبه‪ :‬أحمد صالح أحمد باشريف‬

‫‪4‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. ٥١‬‬

‫‪4‬‬

You might also like