You are on page 1of 3

‫الطالب ‪ :‬محمد أنيق إثبات‬

‫الدين‬
‫(‪)1‬‬
‫هل األحكام ثابتة بالنص أم بالعلة ؟‬

‫األقوال في هذه المسألة ‪:‬‬


‫اختلف العلماء في حكم األصل المنصوص عليه‪ ،‬هل هو ثابت بعين النص أو بالعل ة؟ ؛‬
‫فعلى مذهبين ‪:‬‬
‫‪ .1‬المذهب األول ‪ :‬عند المالكية والشافعية‪ ،‬أنه ثابت بالعلة‪.‬‬
‫‪ ‬قال التلمساني ‪ (( :‬خاتم ة ‪ :‬اعلم أنهم اختلف وا في حكم األص ل ‪ :‬فأص((حابنا وأص((حاب‬
‫الش((افعي ي رون أن حكم األص ل ثبت بالعل ة‪ ،‬وأص((حاب أبي حنيف((ة يقول ون إنم ا ثبت‬
‫(‪)2‬‬
‫الحكم في األصل بالنص ال بالعلة‪)).‬‬
‫‪ ‬ق ال الزركش ي ‪ (( :‬وق ال الص يرفي ‪ :‬الحكم في األص ل ثبت بالعل ة ال تي دل عليه ا‬
‫النص‪ ،‬وحظ النص فيها التنبيه عليها‪ ،‬وهذا هو الراجح عند أص((حابنا‪ .‬ق ال اإلبي اري ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وهو الصحيح من مذهب مالك‪)).‬‬
‫وأما المراد بكونه ثابت بالعلة من حيث كونه أصال يقاس عليه ‪:‬‬
‫قال العالمة العطار ‪( (( :‬قوله‪ :‬وحكم األصل) أي كون محله أصال يق اس علي ه‬
‫وإال ف الحكم ثبت ب النص والمح ل للف اء فك ان األولى فحكم؛ ألن ه تفري ع ‪ ...‬على ه ذا‬
‫(ثابت بها ال بالنص) (خالفا للحنفية) في قولهم بالنص؛ ألن ه المفي د للحكم قلن ا لم يف ده‬
‫بقيد كون محله أص ال يق اس علي ه والكالم في ذل ك والمفي د ل ه ه و العل ة إذ هي منش أ‬
‫(‪)4‬‬
‫التعدية المحققة للقياس))‪.‬‬

‫‪ .2‬المذهب الثاني‪ :‬عند جمهور الحنفية وجمهور الحنابلة‪ ،‬أنه ثابت بالنص‪.‬‬
‫‪ ‬قال أمير بادشاه ‪ ... (( :‬حكم األصل (ثابتا بالعلة عند الشافعية) والحنفية السمرقنديين‬
‫(‪)5‬‬
‫(وبالنص عند الحنفية) العراقيين والدبوسي والبزدوي والسرخسي‪)).‬‬
‫‪ ‬قال ابن مفلح ‪ (( :‬حكم األصل ثابت بالنص عندنا وعند الحنفية ؛ ألنه قد يثبت تعبًدا‪،‬‬
‫فلو ثبت بالعلة لم يثبت مع عدمها‪ ،‬وألنها مظنونة وفرع عليه‪ .‬ومرادهم‪ :‬أنه معِّر ف له‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وعند الشافعية‪ :‬بالعلة‪ .‬ومرادهم‪ :‬الباعثة عليه‪ .‬فالخالف لفظي‪)).‬‬

‫() المراد بتلك المسألة ‪ :‬أن حكم األصل المنصوص عليه‪ ،‬هل هو ثابت بعين النص أو بالعلة؟‬ ‫‪1‬‬

‫() مفتاح الوصول (ص‪)688/‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ )(3‬البحر المحيط في أصول الفقه (‪)133 /7‬‬

‫() ينظر ‪ :‬شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع وحاشيته للعطار (‪)273 /2‬‬ ‫‪4‬‬

‫() تيسير التحرير (‪)295 - 294 /3‬‬ ‫‪5‬‬

‫() أصول الفقه البن مفلح (‪)1252 /3‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪1‬‬
‫أدلة المذهبين‬
‫أدلة المذهب الثاني‬ ‫‪‬‬
‫أن حكم األصل قد يثبت تعبدا‪ ،‬فلو ثبت بالعلة لم يثبت مع عدمها‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أن العلة مستنبطة من حكم األصل‪ ،‬ومتفرعة عليه‪ ،‬وتايعة له في الوج ود فل و ك ان‬ ‫‪.2‬‬
‫(‪)7‬‬
‫الحكم ثابتا بها ‪ ..‬لكان األصل ثابتا بما ال ثبوت له دون ثبوته‪ ،‬وهذا دور‪.‬‬

‫أدلة المذهب األول(‪:)8‬‬ ‫‪‬‬


‫إن كل األحك ام معلل ة‪ ،‬لكن بعض األحك ام ق د أدركن ا العل ة ال تي من أجله ا ش رع‬ ‫‪.1‬‬
‫الحكم‪ ،‬فإن كانت قاصرة لم نقس على ذلك‪ ،‬وإن كانت متعدية استعملنا القياس‪.‬‬
‫أما البعض اآلخر من األحكام ‪ ..‬فلم ندرك العلة التي من أجلها ش رع الحكم‪ ،‬فل ذلك‬
‫قلنا ‪ :‬إن الحكم تعبدي‪ ،‬فالحكم التعبدي له علة قد ثبت الحكم بها‪ ،‬لكن لم ندركها‪.‬‬
‫إنا ال نريد أن العلة هي المعرفة للحكم بالنسبة إلينا ؛ ألنه ا مس تنبطة من ه‪ ،‬وأنه ا ال‬ ‫‪.2‬‬
‫تعرف دون معرفته‪ ،‬وإنما نريد أنها المعرفة للمعنى الذي شرع ألجل ه الحكم‪ ،‬أي ‪:‬‬
‫(‪)9‬‬
‫أن العلة دالة على أن الحكم لم يوجد هنا ‪ -‬مثال ‪ -‬إال من أجل كذا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نوع الخالف‬


‫‪ ‬اختل ف األص وليون في أن ه ل الخالف بينهم ه و خالف لفظي أم خالف معن وي على‬
‫قولين‪:‬‬
‫‪ .1‬القول األول‪ :‬الخالف لفظي‪.‬‬
‫‪ ‬قال أمير بادشاه ‪( (( :‬والخالف في كونه) أي حكم األصل (ثابتا بالعلة عند الشافعية)‬
‫والحنفية السمرقنديين (وبالنص عند الحنفية) العراقيين والدبوسي والبزدوي‬
‫والسرخسي وغيرهم (لفظي) عند تحقيق مرادهم يرجع إلى أمر يوهمه ظاهر لفظهم‪،‬‬
‫(‪)10‬‬
‫وال نزاع بينهم بحسب المعنى والحقيقة‪)).‬‬

‫() المهذب في علم أصول الفقه المقارن (ص‪)1973‬‬ ‫‪7‬‬

‫() وأدلتهم عبارة عن جواب أدلة المذهب الثاني‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫() المهذب في علم أصول الفقه المقارن (ص‪)1973‬‬ ‫‪9‬‬

‫() تيسير التحرير (‪)295 - 294 /3‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪2‬‬
‫وق ال التلمس اني ‪ (( :‬فمن األص وليين من ي زعم أن الخالف في ذل ك لفظي‪ ،‬ال فائ دة‬ ‫‪‬‬
‫(‪)11‬‬
‫فيه‪)).‬‬

‫‪ .2‬القول الثاني‪ :‬الخالف معنوي‪.‬‬


‫‪ ‬قال التلمساني‪ ... (( :‬ومنهم من يدعي على ذل ك فروع ا‪ ،‬ويجع ل الخالف في المع نى‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إذا احتج أصحابنا على تحريم قليل النبيذ بالقي اس على قلي ل الخم ر‪ ،‬فللحنفي ة أن‬
‫يقول وا‪ :‬قلي ل الخم ر إنم ا ثبت ب النص‪ ،‬وإذا احتجت الحنفي ة على إباح ة النبي ذ غ ير‬
‫المسكر‪ :‬بأن عل ة التح ريم في النبي ذ إنم ا ه و اإلس كار‪ ،‬وق د انتفي في القلي ل ال ذي ال‬
‫يسكر‪ ،‬فيلزم أن ال يكون حراًم ا‪ ،‬وهو خالف اإلجماع‪ .‬فللحنفية أن يقولوا‪ :‬قلي ل الخم ر‬
‫عندنا وكثيره لم يحرم بالعلة‪ ،‬وإنما حرم بالنص‪ .‬قال‪ :‬وكذلك تقول الحنفي ة‪ :‬عل ة الرب ا‬
‫في النق دين إنم ا ه و ال وزن‪ ،‬ويلحق ون ب ذلك ك ل م ا ي وزن من النح اس والحدي د‬
‫والرصاص وغير ذلك‪ ،‬وما خرج عن الوزن بالص ياغة ك أواني النح اس والرص اص‬
‫والحدي د ال رب ا عن دهم في ه‪ ،‬ق الوا‪ :‬ألن العل ة عن دنا إنم ا هي ال وزن‪ ،‬وق د انتفت في‬
‫المصوغ‪ .‬فيقول لهم أصحابنا‪ :‬هذا يلزمكم فيما يصاغ من ال ذهب والفض ة أن ال يك ون‬
‫فيه ربا‪ ،‬فللحنفية ان يقولوا‪ :‬حكم الربا في النق دين ثبت عن دنا ب النص ال بالعل ة فخ رج‬
‫(‪)12‬‬
‫تحريم الربا في المصوغ منهما دون غيرهما‪)).‬‬
‫‪ ‬وق ال اإلم ام الزركش ي‪َ " :‬و َع َلى اَأْلَّو ِل َف ِإَذ ا اْس َتْنَبَط ِم ْن َم َح ِّل ُع ُم وِم ِع َّل ٍة َخ اَّص ٍة‬
‫َتْخ ِص يَص ُح ْك ِم اَأْلْص ِل َو ُهَو ِبَم َثاَبِة اْس ِتْنَباِط اِإْل ْس َك اِر ِم ْن آَيِة َتْح ِر يِم اْلَخ ْم ِر ‪َ ،‬فَيْقَتِض ي َأَّن ُه‬
‫اَل َيْح ُر ُم إاَّل اْلَقْد ُر اْلُم ْس ِكُر‪َ ،‬و ُهَو َقْو ُل َأِبي َحِنيَفَة ِفي الَّنِبي ِذ ِبَن اًء ِم ْن ُه َع َلى َأَّن ُح ْك َم الَّنِبي ِذ‬
‫(‪)13‬‬
‫ُهَو اْلُم ْسَتِنُد إَلى اْلِع َّلِة‪َ ،‬و َأَّم ا ُح ْك ُم اْلَخ ْم ِر َفَيْسَتِنُد إَلى الَّلْفِظ اْلَع اِّم "‪.‬‬

‫() مفتاح الوصول (ص‪)688/‬‬ ‫‪11‬‬

‫() مفتاح الوصول (ص‪)689 – 688/‬‬ ‫‪12‬‬

‫() الزركشي‪ ،‬البحر المحيط‪ ،‬دار الكتبي‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪.١٢٣‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪3‬‬

You might also like