You are on page 1of 14

‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬

‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫البذور التداولية في الدرس النحوي القديم وتأثيراتها في الدرس اللساني‬


‫الحديث–دراسة وصفية مقارنة لألعمال التأصيلية ألحمد المتوكل ومحمد‬
‫األوراغي‪-‬‬
‫‪The pragmatic features in the patrimony linguistic studies and it‬‬
‫‪effects on the modern linguistic studies‬‬
‫‪- A Comparative descriptive study of the original studies of Ahmed‬‬
‫‪el Moutaouakil and Mohammed el Uraghi-‬‬

‫حفصة عيساني*‬
‫جامعة محمد الصديق بن يحي‪ .‬جيجل (الجزائر)‪، .‬‬
‫مخبر اللغة وتحليل الخطاب‬
‫‪aissanihafsa@gmail.com‬‬

‫تاريخ القبول‪2020/12/02:‬‬ ‫تاريخ إلارسال‪.2020/11/25 :‬‬

‫الـملخص‪:‬‬
‫تسعى هذه الورقة البحثية إلى الحديث عن أهم املعالم النحوية التداولية في الدراسات اللغوية التراثية وتبيين‬
‫البذور وإلارهاصات ألاولية فيها‪ ،‬ومن ّثمة الانتقال إلى الحديث عن تأثيراتها في الدراسات اللسانية الحديثة من خالل‬
‫ّ‬
‫وصف ألاعمال التأصيلية للباحثين أحمد املتوكل ومحمد ألاوراغي‪ ،‬واستخراج ألاسس واملبادئ التي ارتكزا عليها في‬
‫تلك ألاعمال‪ ،‬ومن ّثمة املقارنة بين هذه ألاعمال ومحاولة استخراج القواسم املشتركة بينها وكذا الاختالفات املوجودة‬
‫فيها‪ ،‬والعمل على كشف أهم ألافكار التراثية التداولية املؤثرة على هذين الباحثين‪ ،‬وكذا النقاط التراثية التي يشتركان‬
‫كل منهما في بناء دراساته‪ ،‬التي يحاوالن من خاللها التأسيس لنظريات لسانية‬ ‫فيها‪ ،‬إضافة إلى محاولة تبيين انطالقة ّ‬
‫جديدة تخدم اللغة العربية باألخص‪ ،‬وتنصفها ضمن الدراسات اللسانية الحديثة‪.‬‬
‫الدرس النحوي القديم‪ ،‬املعالم النحوية التداولية‪ ،‬اللسانيات الحديثة‪ ،‬ألاعمال‬ ‫الكلمات املفتاحية‪:‬‬
‫ّ‬
‫التأصيلية‪ ،‬أحمد املتوكل‪ ،‬محمد ألاوراغي‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This paper seeks to talk about the most important pragmatic grammar features in‬‬
‫‪the patrimony linguistic studies, and to indicate seeds and initial burnouts in them.‬‬
‫‪We are moving on, to talk about its effects in modern linguistic studies by‬‬
‫‪describing the original works of the Linguist researchers Ahmad Al-Moutaouakil‬‬
‫‪and Mohammad Al-Uraghi and extracting the bases and principles that they have‬‬
‫‪based on in these works, and there is a comparison between these works and the‬‬
‫‪attempt to extract the common denominators and the differences that exist in them.‬‬
‫‪Working to reveal the most important pragmatic patrimony ideas that affect these‬‬
‫‪researchers, as well as the patrimony points they share, in addition to an attempt to‬‬
‫‪show that each of them is starting to build its studies, which they try to establish‬‬

‫* املؤلف املرسل‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫‪new linguistic theories that serve Arabic in particular and that are part of modern‬‬
‫‪linguistic studies.‬‬
‫‪Keywords:Patrimony grammar study, Pragmatic grammar features, modern‬‬
‫‪linguistics Original studies, Ahmed el Moutaouakil, Mouhammed el Uraghi.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تعد الدراسات النحوية القديمة بمثابة املنبع الذي تستقي منه الدراسات اللغوية الحديثة أهم‬ ‫ّ‬
‫أسسها التي تستند إليها‪ ،‬فالنحاة العرب القدامى ساهموا إسهاما كبيرا في الكشف عن مختلف‬
‫توصلوا إليه هو ّأن التراكيب‬
‫الظواهر النحوية ومن ّثمة تناولها بالدراسة التي تستلزمها‪ ،‬ومن أهم ما ّ‬
‫ّ‬
‫املختلفة للغة أثناء الحديث تتبع السياقات املحيطة باملتخاطبين وتتشكل وفقها‪ ،‬فعلى مبدأ هذه‬
‫يعد نحوا وظيفيا تداوليا عكس ألانحاء‬ ‫أسسوا النحو العربي وبنوا قواعده‪ ،‬وهو بذلك ّ‬ ‫الفكرة ّ‬
‫ألاخرى التي كانت تخضع ملبدأ املعيارية والشكلية‪.‬‬
‫وانطالقا من تلك ألافكار املبثوثة في مختلف وأهم الكتب النحوية القديمة مثل كتاب سيبويه‬
‫ّ‬
‫وكتب ابن جني بنى الباحثون اللسانيون أعمالهم‪ ،‬وتأثروا بها تأثرا كبيرا فجاءت أغلب ألاعمال‬
‫اللسانية الحديثة سواء الغربية منها أم العربية مبنية على تلك ألافكار والبذور التي كانت متضمنة‬
‫في أبحاث القدامى‪ ،‬ومن أهم ألامثلة العربية التي حاولنا التركيز عليها الباحثان املغربيان‪ :‬أحمد‬
‫ّ‬
‫اللذان انطلقا في أعمالهما ألاوىى ّ‬ ‫ّ‬
‫مما قام به القدامى‪ ،‬محاوليين في للك‬ ‫املتوكل ومحمد ألاورايي‪،‬‬
‫ّ‬
‫املزج بين للك القديم والحديث‪ .‬فأحمد املتوكل حاول في أطروحته التي نال بها دكتوراه دولة في‬
‫النحو الوظيفي‪ ،‬املوسومة ب‪"reflextions sur la théorie de la signification dans la pensée :‬‬
‫"‪"linguistiquearabe‬استنبات"*ألافكار النحوية التداولية املتضمنة في أغلب العناصر التي تناولها‬
‫هذا البحث‪ ،‬وللك من خالل الاستناد إليها في املقترحات والاستنتاجات التي كان يخلص إليها مع‬
‫التمثيل منها‪ّ .‬أما محمد ألاورايي فقد حاول البحث عن ألاصول التداولية في الجمل والتراكيب‬
‫اللغوية‪ ،‬والاستناد إليها في وضع تقسيمات مختلفة‬‫ّ‬ ‫العربية املختلفة في كتابه املوسوم ب‪ :‬الوسائط‬
‫للوظائف التداولية التي اقترحها‪ .‬فما أهم ألافكار النحوية التداولية التراثية املؤثرة في أعمالهما‬
‫اللسانية‪.‬‬

‫‪-1‬الدرس النحوي التراثي‪:‬‬


‫‪-1-1‬املعالم التداولية في دراسات النحاة العرب القدامى‪:‬‬
‫ّ‬
‫يعد النحاة العرب القدامى من أبرز الباحثين الذين ساهموا في دراسة اللغة العربية ومحاولة‬
‫عدة مبادئ غير ّأنه "لم يكن ّ‬
‫كل النحاة العرب بعيدين عن دراسة "املعاني" في‬ ‫تقنينها استنادا إىى ّ‬
‫تحليلهم للجمل‪ ،‬بل منهم من كان على صلة وثيقة ب ـ"معاني الكالم" وبأغراض ألاسلوب ومقاصده‪،‬‬
‫وبطرق وأحوال الاستعمال اللغوي وبطبيعة العالقة بين املتكلمين واملتخاطبين وبمالبسات الخطاب‬
‫ّ‬
‫ودالالته وأغراضه‪ .‬ولم يكن نحوهم كله "نحوا شكليا خالصا"‪ ،‬إل لم تكن عبقرية نحوهم أنه‬

‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫يفصل فصال صارما بين الشكل البنيوي للجملة وبين مقامات وأحوال استعماالت الجملة كخطاب‬
‫ّ‬
‫تواصلي‪ ،‬كما يصوره بعض الباحثين املعاصرين‪ 1".‬فبعض ألابحاث اللغوية املعاصرة ركز فيها‬
‫أصحابها على الجانب الصوري الشكلي للغة مهملين في للك جانبها الوظيفي التواصلي‪ ،‬وهذا ما‬
‫تجنبه القدامى في أعمالهم إل ّإنهم ّأكدوا على الوظيفة التواصلية للغة ّ‬
‫وصبوا اهتماماتهم عليها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وكذا هي الحال مع دراساتهم النحوية‪ ،‬فالنحو العربي نحو وظيفي مبني على املقامات والسياقات‬
‫املتكلم في حياته اليومية فتفرض عليه استعمال أشكال لغوية ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة‪ ،‬عكس‬ ‫املختلفة التي تصادف‬
‫ألانحاء ألاخرى التي كانت تعتمد على املعيارية واملنطقية أكثر‪ .‬فالنحويون العرب القدامى أدركوا‬
‫ألن السياق هو الذي يتبع‬ ‫مدى أهمية السياق في تحديد شكل الجملة التي يتواصل بها املتخاطبون‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القاعدة النحوية التي تشكل الكالم وليس العكس‪ ،‬وهذا ما نحتاج أن ندركه اليوم‪ ،‬فتعلمنا‬
‫للقواعد النحوية أوال ليس بقدر أهمية تعلمنا لكيفية استعمالها‪ .‬يقول ابن جني في كتابه‬
‫علي –رحمه هللا‪-‬يعتاده‪ّ ،‬‬
‫ويلم كثيرا‬ ‫الخصائص في باب تجالب املعاني وإلاعراب‪" :‬هذا موضع كان أبو ّ‬
‫ّ‬
‫به‪ ،‬ويبعث على املراجعة له‪ ،‬وإلطاف النظر فيه‪ .‬وللك أنك تجد في كثير من املنثور واملنظوم‬
‫إلاعراب واملعنى متجالبين‪ :‬هذا يدعوك إىى أمر‪ ،‬وهذا يمنعك منه‪ .‬فمتى اعتورا كالما ما أمسكت‬
‫بعروة املعنى‪ ،‬وارتحت لتصحيح إلاعراب"‪ 2.‬فهذا القول دليل على ّأن النحاة القدامى لم يستغنوا‬
‫كل معنى يقتض ي تركيبا‬ ‫عن املعنى والتداول في دراساتهم وربطوا إلاعراب به وجعلوه تابعا له‪ ،‬إل ّإن ّ‬
‫معينا‪ ،‬فإلا أ دنا التعبير عن معنى ما في سياق ما ّ‬
‫البد أن نستعمل التركيب املوائم له‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ر‬
‫ومن أهم املبادئ التي لها عالقة وطيدة بالتداول ضمن هذه املعالم‪ :‬مبدأي إلافادة واملقصد‪ ،‬وكذا‬
‫التقديم والتأخير‪:‬‬
‫‪-1-1-1‬مبدأ إلافادة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تشتمل ألابحاث اللغوية والنحوية التراثية على ّ‬
‫عدة أفكار تداولية أثرت في الدراسات الحديثة‬
‫الحقا ومن بين أهم تلك ألافكار ما أصبح يصطلح عليه آلان باإلفادة واملقصد وألافعال الكالمية‬
‫وغير للك من ألافكار التي نوردها على سبيل التمثيل ال الحصر "ويراد باإلفادة حصول الفائدة لدى‬
‫َ‬
‫املخاطب من الخطاب‪ ،‬ووصول الرسالة إلابالغية إليه على الوجه الذي يغلب على الظن أن يكون‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫هو مراد املتكلم وقصده‪ ،‬وهي "الثمرة التي يجنيها املخاطب من الخطاب‪ .‬وقد وجدنا النحاة العرب‬
‫املهتمين باألبعاد التداولية للخطاب يناقشون هذه املسألة خصوصا في ّ‬
‫عدة ظواهر أسلوبية منها‬
‫ظواهر‪ :‬التعيين‪ ،‬والنفي وإلاثبات‪ ،‬والذكر والحذف‪ ،‬والتقديم والتأخير‪ 3".‬وهذا إن كان ّ‬
‫يدل على‬
‫وتنبههم إىى وجوب ّ‬ ‫يدل على لكاء النحاة القدامى ّ‬‫فإنما ّ‬‫ّ‬
‫تضمن الخطاب للرسالة الصحيحة‬ ‫ش يء‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫املخاطب إيصالها ملخاطبه‪ ،‬فالتفاهم بين الناس يحدث نتيجة حسن استعمالهم لكالمهم‬ ‫ِ‬ ‫التي يود‬
‫وتوظيفهم للعناصر املهمة التي تقوم عليها الفكرة ألاساسية التي تدور حولها خطاباتهم‪ّ ،‬‬
‫وأي‬
‫مما ّ‬ ‫ّ‬
‫محله يؤدي إىى وصول الرسالة خاطئة ّ‬
‫ينجر عنه سوء فهم‪ .‬ومن أمثلة الحذف‬ ‫استعمال في غير‬
‫التي يوردها سيبويه في "الكتاب" حذف الخبر‪ ،‬فيقول في هذا الباب‪" :‬هذا باب من الابتداء يضمر‬

‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫فيه ما يبنى على الابتداء‪ ،‬وللك قولك‪ :‬لوال عبد هللا لكان كذا وكذا‪ّ .‬أما (لكان كذا وكذا) فحديث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معلق بحديث (لوال)‪ّ .‬‬
‫وأما (عبد هللا) فإنه من حديث (لوال)‪ ،‬وارتفع باالبتداء كما يرتفع باالبتداء بعد‬
‫ُ‬
‫(ألف الاستفهام) كقولك‪ :‬أزيد أخوك؟"‪ 4‬فحذف الخبر في الكالم أريد منه إفادة السامع وتوجيه‬
‫لهنه إىى العنصر ألاهم‪ ،‬فلو أبقي على الخبر لتشتت لهن السامع بتركيزه عليه‪ ،‬فالخبر في بعض‬
‫الجمل ال يفيد وال يكون هو املقصود ّ‬
‫مما قيل فيستغنى عنه‪.‬‬
‫‪-0-1-1‬التقديم والتأخير‪:‬‬
‫وقد أطلق النحاة على هذه الظاهرة مصطلح "العناية والاهتمام"‪ ،‬حيث يقول سيبويه في للك‪:‬‬
‫أهم لهم وهم ببيانه أعنى‪ ،‬وإن كانا جميعا يهيمانهم ويعنيانهم" وهكذا‬ ‫يقدمون الذي بيانه ّ‬ ‫كأنهم ّ‬
‫" ّ‬
‫ّ‬
‫املعين والعناية به املبدأين ألاساسين اللذين ال ُيستغنى عنهما في توجيه رتبة‬
‫ليصبح الاهتمام بالش يء ّ‬
‫العناصر اللغوية‪ 5.‬ويضيف سيبويه في باب تقديم الخبر قائال‪" :‬هذا باب ما يقع موقع الاسم املبتدأ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويسد ّ‬
‫ّ‬
‫مستقر ملا بعده وموضع‪ .‬والذي عمل فيما بعده حتى رفعه هو الذي عمل فيه‬ ‫مسده؛ ألنه‬
‫كل واحد منها ال يستغنى به عن صاحبه‪ 6".‬فالتقديم والتأخير في الكالم ال‬ ‫حين كان قبله‪ ،‬ولكن ّ‬
‫تكلم إيصاله للسامع‪ ،‬فالعنصر الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإنما يحصل لغرض ّ‬ ‫ّ‬
‫تم تقديمه‬ ‫معين يريد امل‬ ‫يكون اعتباطيا‬
‫ليحتل صدا ة الكالم ّ‬
‫يعد ألاهم‪.‬‬ ‫ر‬
‫‪-3-1-1‬مبدأ املقصد‪:‬‬
‫يعد مبدأ املقصد من أهم املبادئ املتناولة في الدراسات اللغوية التراثية "ويراد به‪ ،‬في ّ‬
‫تصور‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫نحاتنا القدامى‪ ،‬الغاية التواصلية التي يريد املتكلم تحقيقها من الخطاب وقصده منه‪ .‬وعليه تكون‬
‫"مراعاة الغرض من الكالم"‪ ،‬في عرف أغلب النحاة‪ ،‬قرينة تساعد في تحديد الوظيفة النحوية‬
‫للكلمة وبيان دورها في التحليل النحوي للجملة‪ ...‬وهي املعاني التي تعارف عليها املعاصرون باسم‬
‫ّ‬
‫"القصدية"‪ 7".‬فاملتكلم يستعمل الجمل التي تتماش ى وتتواءم مع ألاغراض البالغية املرادة في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحديث‪ ،‬للك ّ‬
‫ألن الغرض الباليي أو القصد الذي يسعى هذا املتكلم إىى تحقيقه في كالمه يتطلب‬
‫اختل معنى الخطاب وانحاز إىى معنى آخر غير‬ ‫ّ‬ ‫نوعا ّ‬
‫معينا من الجمل‪ ،‬فإلا استعمل غير ما يناسبه‬
‫الذي كان ّ‬
‫يود إيصاله ملتلقيه‪.‬‬
‫نميز في التحليل بين وظيفة الخطاب ومعناه‪ ،‬فوظيفته تتمثل في كونه يأتي لتحقيق‬ ‫و"يمكن أن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هدف تواصلي ما‪ ،‬بإحداث تأثير أو استجابة ما‪ّ .‬أما معناه‪ ،‬فإنه يتمثل فيما يحمله من إفادات أو‬
‫يتضمنه من معلومات‪ .‬هكذا يمكن أن نجري هذا التمييز املنهجي بين املعنى والوظيفة‪ ،‬وإن كانا ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينفصالن عن بعضهما في الواقع‪ ،‬إل ال يتحقق املعنى إال بتحقيق الوظيفة‪ ،‬وال تحقق الوظيفة إال‬
‫بتحقيق املعنى‪ 8".‬فمعنى الخطاب مالزم لوظيفته‪ ،‬ويقصد باملعنى الفحوى التي يتضمنها الكالم الذي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاطب‬ ‫يدور بين املتخاطبين وهو أهم ما يحمله الحديث إل يعد محوره ألاساي ي الذي به يوجه امل ِ‬
‫ّ‬
‫مخاطبيه إىى املقصد الذي يسعى للوصول إليه‪ ،‬وبذلك فهو مالزم للوظيفة التواصلية‪ ،‬كما أنه "وفي‬
‫ّ‬
‫اعتقادنا ّأن سيبويه قد حشد في كتابه نمالج من هذه البحوث كلها ابتداء من النحو فالصرف‬

‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫كل للك قضايا من صلب التداول اللغوي‪ .‬ولسنا نعتقد ّأن للمنطق في للك مدخال‬ ‫وألاصوات‪ .‬وبين ّ‬
‫كما اعتقد بعضهم مستدال في للك بأدلة واهية‪ 9"...‬فالوظيفة التواصلية التداولية للغة لم يستغن‬
‫ّ‬
‫عنها في دراسات سيبويه ولم تهمل من قبله‪ ،‬بل كانت حاضرة في مباحث تلك الدراسات كلها‪،‬‬
‫تم بناء أسسهما وفقا للوظيفة التواصلية للغة إضافة إىى الدراسات الصوتية التي‬ ‫فالنحو والصرف ّ‬
‫لم يفصل فيها ابن جني بين بنية الصوت ومعناها الذي يؤديه في الكلمة والسياقات التي يردان فيها‪،‬‬
‫فدراسات القدامى لم تكن شكلية صورية بقدر ما كانت تداولية وظيفية‪ ،‬ففي "سر صناعة‬
‫فكل صوت يحدث معنى‬ ‫تغير ألاصوات في الكلمات‪ّ ،‬‬ ‫يتحدث ابن جني عن املعاني التي تتبع ّ‬‫إلاعراب" ّ‬
‫معينا‪ ،‬وفي باب "السين" يقول‪" :‬السين حرف مهموس‪ ،‬يكون أصال وزائدا‪ .‬فإلا كان أصال وقع فاء‬ ‫ّ‬
‫جرس َ‬ ‫وسلم‪ ،‬والعين نحو‪ُ :‬ح ْسن َ‬
‫وح ُسن‪ ،‬والالم نحو‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫وج َرس‪ .‬وإلا‬ ‫وعينا والما‪ .‬فالفاء نحو‪ :‬سلم ِ‬
‫تصرف منه‪ ،‬نحو‪ :‬استخرج ُوم ْستخرج‪ .‬واستقص ى ويستقص ي‪ ،‬وهو‬ ‫كانت زائدة ففي استفعل وما ّ‬
‫‪10‬‬
‫ُمستقص‪".‬‬
‫ويتضح للك أيضا من خالل الدراسات النحوية القديمة التي لم يفصل فيها ّ‬
‫جل نحاتنا بين املبنى‬
‫وإنما مارسوا التحليل النحوي ولسان حالهم يقول‪ ،‬كما ّ‬ ‫ّ‬
‫عبر‬ ‫واملعنى في التحليل النحوي (إلاعراب)‪،‬‬
‫عن للك ابن هشام‪" :‬متى ُبني على ظاهر اللفظ ولم ينظر في موجب املعنى حصل الفساد"‪ ،‬فجعلوا‬
‫وكل هذا يعني ّأنهم درسوا اللغة دراسة‬
‫القواعد املنهجية املقررة قاعدة تقول‪" :‬إلاعراب فرع املعنى"‪ّ ،‬‬
‫‪11‬‬
‫وظيفية‪-‬تداولية‪.‬‬
‫‪-0-1‬بذور ألافعال الكالمية عند النحاة القدامى‪:‬‬
‫‪-1-0-1‬تقسيمات الكالم عند النحاة القدامى‪:‬‬
‫‪-1-1-0-1‬الجملة الخبرية‪:‬‬
‫اتفق أغلب النحاة القدامى على تقسيم الجمل إىى نوعين‪ :‬الخبرية وإلانشائية‪ ،‬والجملة الخبرية‬
‫بأنه صدق أو كذب من غير النظر إىى قائلها‪ّ 12".‬‬ ‫ّ‬
‫فكل‬ ‫"[‪ ]...‬هي التي يكون معناها صالحا للحكم عليه‬
‫الجمل التي نلمس فيها الصدق أو الكذب‪ ،‬وتكون لدينا املقدرة على الحكم عليها بذلك دون‬
‫الالتفات إىى أصحابها واملناسبات التي قيلت فيها أو السياقات املحيطة بها ّ‬
‫تعد جمال خبرية أو‬
‫إخبارية‪.‬‬
‫‪-0-1-0-1‬الجملة إلانشائية‪:‬‬
‫تعرف ّ‬
‫بأنها " الجملة التي تشتمل على‬ ‫فإنها عكس الجملة الخبرية وعليه ّ‬ ‫ّأما الجملة إلانشائية ّ‬
‫نوع من الطلب‪ ،‬وهي التي ال تحتمل الصدق والكذب‪ 13".‬فعدم خضوع الجملة الحتمالية الصدق‬
‫والكذب يدخلها ضمن النوع إلانشائي من الجمل‪ ،‬وأمثلة للك عديدة‪ ،‬كالجمل التي تحتوي على‬
‫سؤال أو نداء وغير للك من ألاساليب إلانشائية‪.‬‬
‫يعدان من أشهر التقسيمات التي وضعها نحاة العربية واتفقوا عليها‪،‬‬ ‫فهذان التقسيمان إلن ّ‬
‫فكل الجمل املستعملة في الكالم تنقسم إىى نوعين ّإما خبرية تأتي بمعنى إلاخبار أو التواصل مع‬ ‫ّ‬

‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫املخاطب من أجل إيصال فكرة ّ‬ ‫َ‬


‫معينة له‪ ،‬أو إنشائية تستعمل من أجل السؤال عن أمر ما أو‬
‫التعجب منه وغير للك‪ .‬فاألغراض هذه التي تستوجبها السياقات تستوجب هي كذلك تركيبات‬ ‫ّ‬
‫البد من مراعاتها أثناء الكالم‪ ،‬ما دفع بالنحاة إىى إدخال هذا املبحث ضمن دراساتهم‬ ‫معينة ّ‬ ‫ّ‬
‫ومعالجته نحويا ليكون بذلك تطابق بين املعنى واملبنى‪.‬‬
‫ّ‬
‫فتقسيم اللغويين القدامى للجمل شكل منبع استقاء ألافكار اللسانية التداولية للباحثين‬
‫اللسانيين املحدثين‪ ،‬وظهر للك في النظريات اللسانية التداولية التي اعتمدت على هذه التقسيمات‬
‫اتضح للك من خالل أعمال أوستين وسيرل‪.‬‬ ‫في تقسيم ألافعال الكالمية‪ ،‬وقد ّ‬
‫‪-0‬الدرس اللساني الحديث‪:‬‬
‫ّ‬
‫أصبح الدرس اللساني املعاصر يلح على ربط البنية بالوظيفة‪ ،‬واملقصود بالوظيفة هنا‪ ،‬وظيفة‬
‫تعد الوظيفة ألاساسية للغة‪ ،‬إل ّإنها تتيح التواصل بين أفراد مجموعة بشرية‬‫التواصل ‪ ،‬التي ّ‬
‫معينة‪ ،‬وبذلك يكون الدرس اللساني قد ّ‬
‫مر بمراحل عديدة‪ ،‬وكانت اللسانيات في املراحل ألاوىى أي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اللسانيات البنوية واللسانيات التوليدية التحويلية‪ ،‬لسانيات صورية غير وظيفية‪ ،‬تركز اهتمامها‬
‫على بنية اللغة وشكلها‪ ،‬ونقصد بالبنية هنا املستويات اللغوية الصوتية والصواتية والتطريزية‬
‫الصرفية واملعجمية والتركيبية والداللية‪ ،‬وكانت تهمل املستوى التداوىي الوظيفي‪ ،‬ولكن مع ظهور‬
‫التداوليات‪ ،‬واللسانيات الوظيفية بمختلف نمالجها [‪ ،]...‬انصبت اهتمامات الدارسين على بنية‬
‫‪14‬‬ ‫اللغة في عالقتها بالوظيفة التواصلية‪ ،‬وال يمكن أن ّ‬
‫تصور عكس للك‪.‬‬
‫‪-1-0‬الدرس اللساني الغربي‪:‬‬
‫‪-1-1-0‬أوستين وسيرل‪:‬‬
‫‪-1-1-1-0‬ألافعال الكالمية‪:‬‬
‫ارتبط مبحث ألافعال الكالمية بالبالغة كثيرا‪ ،‬غير ّأن هذا ال ينفي ارتباطه بالنحو وبالجانب‬
‫التركيبي للغة على العموم كذلك‪ ،‬فالسياق الذي يفرض الغرض الباليي يتطلب كذلك شكال‬
‫معينين‪ ،‬فالنحو والبالغة ال ينفصالن إلن عن بعضهما بعضا‪ ،‬وقد ورد في كتاب التداولية‬ ‫وتركيبا ّ‬
‫ُ‬
‫لجورج يول ّأن ك ّل ألافعال التي ت ّنفذ من خالل الكالم تسمى أفعاال كالمية‪ ،‬وفي اللغة إلانجليزية‬
‫‪15‬‬
‫عادة ما تعطينا تسميات أكثر خصوصية كاالعتذار والشكوى والثناء وإلاغراء والوعد أو الطلب‪.‬‬
‫‪-1-1-1-1-0‬تقسيمات أوستين لألفعال الكالمية‪:‬‬
‫‪-‬الفعل التعبيري‪:‬‬
‫‪16‬‬ ‫ّ‬
‫يضم الفعل التعبيري ثالثة أقسام من ألافعال تتمثل في‪:‬‬
‫‪-‬إنتاج وحدات صوتية (عمل تصويت)‬
‫‪-‬إنتاج ألفاظ أو كلمات حسب أبنية وطبقا لقواعد نحوية (عمل صيغي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬إنتاج دالالت تسند إىى ألالفاظ والكلمات بحيث يكون لها معنى وإحالة (عمل ر‬
‫يطيقي)‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫ّ‬
‫فالفعل التعبيري إلن يتحقق من خالل هذه النقاط الثالث‪ ،‬حيث تتشكل ألاصوات وفق نظام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صوتي ّ‬
‫لتتحد فيما بينها منتجة كلمات لات معنى ومن ّثمة تتركب في‬ ‫املتحدثة‬ ‫معين بحسب اللغة‬
‫تراكيب تخضع للقواعد الصحيحة املتفق عليها لتنتج جمال وأحاديث فيما بعد سليمة وصحيحة‬
‫فكل فعل سليم وصحيح من الناحية الصوتية والنحوية‬ ‫كل املستويات اللغوية‪ّ ،‬‬‫على مستوى ّ‬
‫والداللية ويمكن استعماله للتعبير عن السياقات املختلفة التي يدور حولها الحديث ّ‬
‫يعد فعال‬
‫تعبيريا‪.‬‬
‫‪-‬الفعل إلانجازي‪:‬‬
‫تتحقق ألافعال وألاعمال اليومية ّ‬
‫جراء ألافعال املستعملة في ألاحاديث والحوارات التي تدور بين‬
‫معين يتحقق من خاللها ومن ّثمة " ّ‬
‫فإن الفعل‬ ‫املتخاطبين‪ ،‬إل ّإن هناك أفعاال تعمل على إنجاز عمل ّ‬
‫الذي حققه مستعمل اللغة بهذا املعنى هو ما يسميه ج‪.‬ل‪.‬أوستين فعال إنجازيا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وإلن‪ ،‬إننا بقولنا لش يء ما‪ ،‬أو بتحقيقنا للفعل التعبيري في سياق ما‪ ،‬نكون منجزين لفعل ما‪،‬‬
‫معين واستعماله في مناسبة‬ ‫تم إدراجه في سياق ّ‬ ‫كأن نخبر أو نعد أو نسأل‪17".‬فالفعل التعبيري إلا ّ‬
‫فإنه ّ‬ ‫ّ‬
‫يتحول إىى فعل إنجازي‪ ،‬ومن أمثلة للك‬ ‫خاصة بالحديث أو الحوار الذي يجري بين املتخاطبين‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ملخاطبه نتيجة أمر ّ‬ ‫ّ‬
‫املتكلم بإعطاء وعد ّ‬
‫معين‪ ،‬كأن يقول املخاطب‬ ‫معين‬ ‫الوعد‪ ،‬إل يقوم من خالله‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للمتكلم‪ :‬هل ستأتي عند الساعة الثامنة مساء‪ ،‬فيجيبه املتكلم‪ :‬نعم أكيد‪ ،‬فيسترسل املخاطب في‬
‫َ‬ ‫املتكلم‪ ،‬فمن أجل استبدال ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شك املخاطب باليقين يقول له‪:‬‬ ‫الحديث لشكه في صدق ما يقوله‬
‫بأني سآتي عند الساعة الثامنة‪ .‬فالفعل "أعدك" إلن ّ‬ ‫ّ‬
‫حقق عمال في هذا السياق‪.‬‬ ‫أعدك‬
‫‪-‬الفعل التأثيري‪:‬‬
‫ّأما حينما "يتعلق ألامر هنا بالفعل الذي نحققه بواسطة قولنا لش يء ما وتحقيقنا للفعل‬
‫إلانجازي‪ .‬والشاهد على تحقيقنا لهذا الفعل يظهر في وقع الخطاب أو في آلاثار التي يحدثها في‬
‫املخاطب‪ .‬فإن قولنا لش يء ما يترتب عنه عادة إحداث بعض آلاثار في آلاخرين بتعديل أنظمتهم‬
‫املعرفية أو عاداتهم السلوكية‪ .‬إلن‪ّ ،‬إن إحداث التأثير بالخطاب هو مناط الفعل التأثيري الذي يمثل‬
‫العنصر الثالث في التركيبة الثالثية للفعل اللغوي‪ 18".‬فالفعل اللغوي ّ‬
‫يتدرج من التعبير إىى إلانجاز‬
‫ّ‬ ‫إىى التأثير وبذلك ّ‬
‫فإن التأثير ّ‬
‫يعد أعلى درجات الفعل اللغوي‪ ،‬إل من خالله يقوم املتكلم بالتأثير في‬
‫َ‬
‫مخاطبه‪ ،‬ومحاولة إقناعه بتلك الطريقة‪.‬‬
‫‪-0-1-1-1-0‬تعديالت سيرل لألفعال الكالمية‪:‬‬
‫اشتملت دراسات أوستين ملبحث ألافعال الكالمية ثالثة تقيسمات تعرفنا عليها أعاله "وقد أعاد‬
‫سيرل تنظيم مقترحات أوستين على أساس التمييز بين أربعة أفعال لغوية‪" :‬فعل التلفظ"‪ ،‬و"الفعل‬
‫القضوي"‪ ،‬و"الفعل إلانجازي"‪ ،‬و"الفعل التأثيري"‪ 19".‬فاألفعال الثالثة التي جاءت في مقترحات‬
‫كل فعل‬‫أوستين خضعت للتعديل والهندسة من جديد‪ ،‬فإضافة إىى الزيادات التي أدرجت ضمن ّ‬
‫أضيف فعل آخر اصطلح عليه بالفعل القضوي‪ ،‬وقد تمثلت تلك التعديالت في آلاتي‪:‬‬

‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫‪-‬الفعل التلفظي‪EnunciationAct :‬‬


‫التلفظي ّأول فعل مقترح في دراسات سيرلو"هو إنتاج عبارة لغوية طبقا للقواعد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعد الفعل‬
‫الصوتية والتركيبية للغة ما‪ .‬ويختزل فعل التلفظ‪ ،‬عند سيرل‪ ،‬الفعلين الفرعيين الصوتي والتركيبي‬
‫ّ‬
‫في مقترح أوستين‪20".‬فسيرل قام باختزال الفعل الصوتي املشكل من وحدات صوتية خاضعة لقواعد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتحدثة‪ ،‬والفعل التركيبي الذي يتشكل كذلك وفقا لقواعد تركيبية‬ ‫صوتية صحيحة موافقة للغة‬
‫نحوية صحيحة في فعل واحد اصطلح عليه "الفعل التلفظي"‪.‬‬

‫القضوي‪PropositionalAct :‬‬ ‫‪-‬الفعل‬


‫فيعد فعال مبتكرا من قبل سيرل استنادا إىى أفكار ضمنية في دراسات أوستين‬ ‫ّأما الفعل القضوي ّ‬
‫وبذلك "فهو معادل للفعل الدالىي عند "أوستين"‪ ،‬على اعتبار ّأن ماكان يعرف بالفعل الدالىي‪ ،‬وكان‬
‫يشمل عنصري املعنى وإلاحالة‪ ،‬أصبح عند "سورل" يشكل فعال مستقال‪ ،‬يسمى الفعل القضوي‪.‬‬
‫ويتضمن فعلي "إلاحالة" و"الحمل"‪ 21".‬فعنصرا إلاحالة والحمل ّ‬
‫تم اختزالهما وإدماجهما في بعضهما‬
‫يعبر عن قضية ّ‬
‫معينة موجودة في‬ ‫بعضا ضمن فعل واحد اصطلح عليه بالفعل القضوي‪ ،‬إل ّإنه ّ‬
‫فإن الفعل القضوي ّ‬ ‫املتكلم بتلك القضية ويحيله عليها‪ ،‬فبذلك ّ‬‫ّ‬
‫يعبر‬ ‫الواقع املعيش‪ ،‬فيقوم بربط‬
‫ّ‬
‫عن القضية التي تربط بين املتكلم والواقع‪.‬‬
‫إلانجازي‪PerlocutionaryAct and IllocutionaryAct :‬‬ ‫‪-‬الفعل التأثيري والفعل‬
‫ونشير هنا إىى ّأن هذين الفعلين (التأثيري وإلانجازي)‪ ،‬لم يختالف "أوستين وسورل" بشأنهما‪،‬‬
‫فاملقترحات ألاوىى ألوستين للفعل التأثيري والفعل إلانجازي بقيت على حالها ولم يدخل عليها أي‬
‫‪22‬‬
‫تعديل آخر‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫فإنه ال ّ‬‫ّ‬
‫يتحقق إال‬ ‫نلفت الانتباه هنا إىى ّأن مبحث ألافعال الكالمية وإن غلب عليه الجانب الباليي‪،‬‬
‫موجهة توجيها بالغيا غير ّأنها تخضع‬
‫بإدخال الجانب النحوي عليه‪ .‬فاألفعال الكالمية وإن كانت ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يتم تشكلها ضمن تلك‬ ‫املتنوعة للخطابات والحوارات‪ ،‬وال‬ ‫للقواعد النحوية التي تستلزمها السياقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السياقات إال بمراعاة القواعد النحوية الصحيحة التي يتطلبها املقام‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫‪-0-0‬الدرس اللساني العربي‪:‬‬


‫‪-1-0-0‬نماذج من الدرس اللساني العربي الحديث‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-1-1-0-0‬أحمد املتوكل‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-1-1-1-0-0‬وصف بعض مباحث مذكرة أحمد املتوكل املوسومة بـ‪ :‬تأمالت في نظرية‬
‫املعنى في التفكير اللساني العربي ‪réflexions sur la théorie de la signification dans la‬‬
‫"‪"pensée linguistique arabe‬‬
‫ّ‬
‫‪-1-1-1-1-0-0‬منطلقات املتوكل في دراسته‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-1‬كانت انطالقة أحمد املتوكل في دراسته من فلسفة اللغة العادية‬
‫‪-‬عنصر "ألافعال اللغوية ‪"les actes du langage‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يقترح أحمد املتوكل ثالثة تقسيمات متمثلة في ثنائية الخبر وإلانشاء‪ ،‬وألافعال الكالمية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املباشرة التي مثل لها باألساليب و ألافعال الكالمية غير املباشرة التي مثل لها باألغراض‪.‬‬
‫ّ‬
‫إل من خالل هذه التقسيمات حاول املتوكل بناء دراسته وربطها بها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫يتحدث املتوكل في هذا العنصر عن رؤية النحويين القدامى لألفعال الكالمية من خالل تقسيمهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للكالم والجمل‪ ،‬إل إنهم قسموا الجمل إىى‪ :‬جمل خبرية ‪ constatifs‬وجمل إنشائية ‪performatis‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬هناك نوع من الجمل إلانشائية املقترحة من قبل النحويين يذكرها املتوكل في دراسته ويسميها‬
‫بامللفوظات الندائية ‪ ،les énoncésvocatifs‬وهي ّ‬
‫تدل على النداء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪-‬وقد مثل املتوكل كذلك للملفوظات ألاخرى بتراكيب عدة منها هذه التركيبة‪"pronom de 1ére :‬‬
‫ّ‬
‫"‪ ،personne +verbe +proposition‬فاتحاد الفعل مع ضمائر املتكلم وألاسماء املوصولة يشكل نوعا‬
‫آخر من امللفوظات‪.‬‬
‫والبنية‪"structure et fonction‬‬ ‫‪-‬عنصر "الوظيفة‬
‫ّ‬
‫حاول أحمد املتوكل في هذا املبحث استخراج ألافكار التي استند إليها املفكرون العرب القدامى في‬
‫الربط بين بنية اللغة ووظيفتها‪ ،‬كما حاول البحث عن الكيفية التي قام بها هؤالء املفكرون بالربط‬
‫بين ألالفاظ التصريحية ومبادئ التواصل إضافة إىى بحثه عن املشاكل التي كانت على مستوى‬
‫النمذجة؛ أي املعيقات التي تعترض وضع نمالج نحوية لتحليل اللغة‪ ،‬هذا وقام أيضا باقتراح شكل‬
‫كل عنصر من‬ ‫للمبادئ والوظائف التداولية التي تحتوي على مبادئ التمييز ومبادئ الكم ويحتوي ّ‬
‫هذه العناصر على وظائف تداولية وللك من خالل الاستناد إىى مبادئ التواصل‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫‪-0-1-0-0‬محمد ألاوراغي‪:‬‬
‫‪-1-0-1-0-0‬دراسة وصفية ألعمال ألاوراغي‪ :‬الوسائط اللغوية ج‪ ،0‬الفصل ‪.5‬عنصر‬
‫أصول تداولية ّ‬
‫كلية‪.‬‬
‫‪-‬منطلقات ألاوراغي في دراسته‪:‬‬
‫مما هو موجود وكائن؛ أي انطالقته كانت من اللغة نفسها‪،‬‬ ‫انطلق محمد ألاورايي في دراسته ّ‬
‫وعمل على تحديد الوظائف التداولية للجمل انطالقا من التقسيمات التي وضعها اللغويون‬
‫والنحويون التراثيون للكالم(الجملة الخبرية والجملة إلانشائية والجملة الطلبية‪ ).‬وقد اعتبر إلاخبار‬
‫وأن أي وظيفة ثانية على الجملة تبطل الوظيفة ألاوىى التي‬ ‫وإلانشاء والطلب وظائف تداولية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫سبقتها وبذلك تصبح تلك الوظيفة "وظيفة معطلة"‪ ،‬وأنه توجد وظائف تداولية أصول‪ ،‬ووظائف‬
‫ّ‬ ‫أخرى مت ّ‬
‫فرعة عنها‪ ،‬كما تسقط الوظيفة التداولية عن الجملة إلا لم تتوفر فيها الخصائص‬
‫تنجر عنها وظائف تداولية ّ‬
‫وأن‬ ‫املطلوبة مثل التعريف والتخصيص‪ .‬مضيفا أن الخصائص البنيوية ّ‬
‫ّ‬
‫تداوىي‪.‬‬ ‫إلاعراب كذلك ّ‬
‫يعد نتيجة ألثر‬
‫‪-0-0-1-0-0‬كتاب محاضرات في النظرية اللسانية والنماذج النحوية ج‪:1.‬‬
‫عنصر املبدأ التداولي‪ :‬موقعه ومحتواه‪:‬‬
‫ّ‬
‫حاول محمد ألاورايي في هذا العنصر توضيح أفكاره التداولية املتعلقة بالنظرية اللسانية النسبية‬
‫التي هو بصدد التأسيس لها‪ ،‬فنظريته اللسانية ترتكز على أسس ومبادئ تداولية ّنبه إليها في بداية‬
‫تعد نظريات ناقصة‪ ،‬فاستند في‬ ‫البحث‪ ،‬مشيرا إىى ّأن النظريات اللسانية املفتقدة للجانب التداوىي ّ‬
‫ّ‬
‫نص فيها على ّأن‬ ‫مؤلفه‪ ،‬والتي ّ‬ ‫للك إىى أهم ألافكار النحوية التداولية التي أشار إليها سيبويه في‬
‫ّ‬
‫لإلعراب عالقة وطيدة بالتداول والسياقات التي يقال فيها الكالم‪ ،‬وقد أثار فكرة مهمة تتمثل في‬
‫َ‬
‫كون التراكيب اللغوية تختلف حسب املخاطبين املتلقين للكالم‪ ،‬فهناك تراكيب قد يصلح‬
‫معين وال ينفع استعمالها مع متلق آخر‪ ،‬مستشهدا في للك بقول سيبويه‪ّ " :‬‬
‫فإن‬ ‫استعمالها مع متلق ّ‬
‫مما يتهاونون بالخلف إلا عرفوا إلاعراب‪ .‬وللك ّأن رجال من إخوانك ومعرفتك لو أراد أن‬ ‫النحويين ّ‬
‫يخبرك عن نفسه أو عن غيره بأمر فقال‪( :‬أنا عبد هللا منطلقا)‪ ،‬و(هو زيد منطلقا) كان محاال‪"...‬‬
‫ّ‬
‫وقد اتضحت في هذا العنصر أيضا تأثيرات الدراسات اللغوية التراثية من خالل ألافكار التي استقاها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من كتب اللغويين التراثيين لتوضيح أفكاره التداولية املتعلقة بالعالقة التي تربط املتخاطبين واملمثل‬
‫لها في املبدأ التداوىي من خالل ما أشار إليه في النقاط آلاتية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬ترتيب ّ‬
‫مكونات الجملة‪:‬فالعناصر اللغوية للجملة ترتب وفقا للغرض الذي يسعى إليه املتكلم‪،‬‬
‫فأبنية الكالم تتبع التداول؛ أي السياقات املحيطة بالخطاب‪ ،‬وقد عمل ألاورايي في هذا العنصر‬
‫مصرحا في للك من خالل الاستشهاد بأحد أقواله التي يقول‬ ‫ّ‬ ‫على الرجوع إىى أفكار الجرجاني‬
‫تدعي الانفراد بذلك‬ ‫ّ‬ ‫فيها‪":‬أن تقول (أنا كتبت في معنى فالن) و(أنا شفهت في باب)‪ ،‬تريد أن‬

‫‪110‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫وترد على من زعم ّأن للك كان من غيرك‪ ،‬أو ّأن غيرك قد كتب‬ ‫والاستبداد به وتزيل الاشتباه فيه‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫كتبت‪"...‬‬ ‫فيه كما‬
‫‪-‬إلاعراب التداولي‪:‬يرمي ألاورايي في هذه النقطة إىى الحديث عن إلاعراب الذي يكون بفعل‬
‫املعموالت املعنوية ال التركيبية التي تكون ظاهرة‪ ،‬وهذه الفكرة أشار إليها النحاة القدامى‪ ،‬وقد قالوا‬
‫بأن عامل الرفع في املبتدأ هو الابتداء‪ّ ،‬‬
‫وعدوا الابتداء عامال معنويا‪ ،‬وباستناده إىى ما أشاروا إليه‬ ‫ّ‬
‫تمكن من وضع مصطلحات حديثة تحمل تقريبا املفاهيم نفسها املشار إليها قديما‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فعبر عن للك‬
‫بمصطلح "التسريب" الذي يقصد به "انتقال عالمة إلاعراب إىى املبتدأ الواقع في صدر الجملة من‬
‫‪23‬‬
‫نسيبه الواقع في نواة الجملة أو في فضلتها‪".‬‬
‫تحدث محمد ألاورايي في هذا العنصر عن حذف بعض عناصر الكالم مراعاة‬ ‫‪-‬الحذف والذكر‪ّ :‬‬
‫للسياق املحيط بالخطاب واملتخاطبين‪ ،‬وهذا املبحث أشار إليه العديد من النحاة والبالغين كذلك‪.‬‬
‫معينة بغية التعبير عن موقف‬‫‪-‬الانتقاء التداولي‪ :‬يقصد ألاورايي بهذا العنصر انتقاء تراكيب لغوية ّ‬
‫معين‪ ،‬فالتراكيب تختلف باختالف ألاغراض التواصلية‪ ،‬وهي فكرة أشار إليها سيبويه‬ ‫تداوىي ّ‬
‫والجرجاني معا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-3‬املقارنة بين أعمال املتوكل وألاوراغي‪:‬‬
‫كال الباحثين انطلقا في دراستهما من التداول؛ أي ّأنهما جعال من التداول الركيزة ألاساسية التي‬
‫يستندان إليها في تلك الدراسات‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-1-3‬أحمد املتوكل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يمثل ويستشهد أحمد املتوكل من الدراسات النحوية القديمة وبعد للك يقترح أفكارا جديدة‬
‫لكل ألامثلة التراثية بطريقة حديثة نجده يطرح تساؤالت حول القضايا‬ ‫وفقها‪ ،‬فإضافة إىى شرحه ّ‬
‫النحوية التراثية ويضع اقتراحات لها‪.‬‬
‫ّ‬
‫اسات مبنية على ألافعال الكالمية‪،‬‬
‫فانطالقة أحمد املتوكل من فلسفة اللغة جعلته يقترح در ٍ‬
‫ّ‬
‫التي ولد منها القوة إلانجازية املتضمنة في مستوى البنية التحتية ألبحاثه‪ ،‬إضافة إىى القضية‬
‫ّ‬
‫املرافقة لهذه املستويات واملولدة من ألافعال الكالمية كذلك‪.‬‬
‫‪-0-3‬محمد ألاوراغي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال يمثل أو يستشهد محمد ألاورايي من الدراسات القديمة وإنما يبدع أفكارا جديدة استنادا‬
‫ّ‬
‫إىى خلفيته املعرفية لتلك الدراسات‪ ،.‬كما نجده يحاول دراسة اللغة من خالل املبادئ املشكلة لها‬
‫ّ‬
‫والتي من خاللها يستطيع املتكلم تكوين الجمل والعبارات اللغوية‪.‬‬
‫استنتاج حول الدراسة املقا ِرنة‪:‬‬
‫ّ‬
‫استنادا إىى الوصف واملقارنة اللذان قمنا بهما اتضح أنه بالرغم من الانطالقة نفسها لكال‬
‫ّ‬
‫إال ّأن ّ‬ ‫الباحثين والتي كانت من التداول؛ أي من وظيفة اللغة وما يحيطها من سياقات ّ‬
‫كل‬ ‫متنوعة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن ألاهم في هذه الدراسات هو اتخالها من‬ ‫دراسة اتخذت سبيال آخر في التشكل والتنظير‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫كل ألافكار املقترحة‪ّ ،‬‬


‫مما أنتج دراسات ناجعة في تحليل اللغة‬ ‫التداول املبدأ ألاساي ي والرئيس لبناء ّ‬
‫العربية ودراسة ّ‬
‫كل امليادين التي لها بها‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫من خالل الدراسة التي قمنا بها نستنتج ّأن النحاة العرب القدامى ّ‬
‫تنبهوا إىى قضية املعنى واملبنى‬
‫يعد نحوا وظيفيا تداوليا يخضع للمبادئ‬ ‫فكانت د اساتهم مبنية عليها‪ ،‬وعليه ّ‬
‫فإن النحو العربي ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التداولية أكثر من املبادئ الشكلية الصورية‪ ،‬ومن ّثمة فإن الدراسات اللسانية الحديثة سواء‬
‫الغربية منها أم العربية قد تأثرت تأثرا كبيرا بذلك فبنت نظرياتها ونمالجها عليها‪ .‬ومن خالل ألاعمال‬
‫ّ‬
‫تبين ّأنهما سارا على نهج النحاة القدامى فكانت‬ ‫املتوكل ومحمد ألاورايي ّ‬ ‫التأصيلية للباحثين أحمد‬
‫مهد لهما الطريق لبناء دراساتهما الالحقة على ما قاما به في ألابحاث‬ ‫مما ّ‬ ‫انطالقتهما من للك ّ‬
‫ّ‬
‫ألاولية‪ ،‬واستنادا إىى هذا نقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬ضرورة الاهتمام بالتراث اللغوي العربي‪ ،‬وقراءته قراءة تحليلية نقدية‪ ،‬ومحاولة الاستفادة من أهم‬
‫ألافكار املوجودة فيه من أجل إثراء ألابحاث اللسانية الحديثة خاصة التداولية منها التي التزال في‬
‫بداية التأسيس‪.‬‬
‫‪-‬تحليل الدراسات اللسانية العربية التي سار أصحابها فيها على النهج التداوىي محاولين التأسيس‬
‫لنظريات لسانية جديدة تخدم اللغة العربية‪ ،‬ومحاولة إكمال ألافكار الواردة فيها وتطويرها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬محاولة تطبيق قواعد النظريات اللسانية املؤسسة من قبل أحمد املتوكل ومحمد ألاورايي على‬
‫نصوص وخطابات اللغة العربية وتحليلها وفقها ضمن الحقول املعرفية وامليادين الاجتماعية لات‬
‫صلة باللغة نفسها‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫إلاحاالت‪:‬‬
‫ألول مرة في النحو الوظيفي من قبل الباحث اللساني محمد الحسين مليطان في كتابه املوسوم ب ـ‪" :‬نظرية النحو‬ ‫*كلمة استعملت ّ‬
‫ّ‬
‫الوظيفي‪ :‬ألاسس واملفاهيم وإلاجراءات"‪ ،‬للداللة على املرحلة الثانية التي قام بها أحمد املتوكل في تأسيس النظرية النحوية الوظيفية‬
‫في العالم العربي‪ ،‬من خالل الرجوع إىى التراث اللغوي العربي والاستفادة منه في التأسيس‪ ،‬وقد علمنا ّ‬
‫بأنه ّأول من استعمل الكلمة‪،‬‬
‫ّ‬
‫من خالل حوار هاتفي ناقشنا فيه بعض أفكار النحو الوظيفي‪ ،‬وكان للك في شهر مارس عام ‪ ،0202‬وأعدنا التأكد من هذه الفكرة‬
‫في اتصال آخر يوم‪ 02 :‬نوفمبر ‪ 0202‬على الساعة‪.10:22 :‬‬
‫‪1‬صحراوي مسعود‪ ،0220 ،‬التداولية عند العلماء العرب دراسة تداولية لظاهرة ألافعال الكالمية في التراث اللساني العربي‪ ،‬دار‬
‫الطليعة‪ ،‬ط‪ ،1.‬بيروت‪ ،‬ص‪.171.‬‬
‫‪2‬ابن جني أبو الفتح‪ ،‬الخصائص‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬تح‪.‬النجار محمد علي‪ ،‬ج‪ ،0.‬دار الكتب املصرية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.000.‬‬
‫‪3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.181.‬‬
‫ّ‬
‫‪4‬سيبويه أبو البشر بن عثمان‪ ،0210 ،‬الكتاب‪ ،‬تح‪.‬البكاء محمد كاظم‪ ،‬مج‪ ،0.‬ق‪ ،1.‬ج‪،0.‬منشورات زين الحقوقية وألادبية‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ص‪.011.‬‬
‫‪ 5‬ينظر‪ :‬بن عيس ى عبد الحليم‪ ،0210 ،‬املنحى الوظيفي التداوىي في تحليل الخطاب القرآني وظيفة الفاعل انمولجا‪ ،‬مجلة الحضارة‬
‫إلاسالمية‪ ،‬ع‪ ،11.‬ص‪ ،100-170.‬ص‪.101.‬‬
‫‪6‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ص‪.010.‬‬
‫‪7‬صحراوي مسعود صحراوي‪ ،‬التداولية عند العلماء العرب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.021-022.‬‬
‫‪8‬إسماعيلي علوي عبد السالم‪(،0217 ،‬السميولسانيات وفلسفة اللغة‪ :‬بحث في تداوليات املعنى والتجاوز الدالىي)‪ ،‬كنوز املعرفة‪،‬‬
‫ط‪،1.‬عمان‪ ،‬ص‪.70.‬‬
‫‪9‬مقبول إدريس‪ ،0221 ،‬البعد التداوىي عند سيبويه‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬مج‪ ،00.‬ع‪ ،1.‬ص‪ ،071-010.‬ص‪.011.‬‬
‫‪10‬ابن جني أبو الفتح‪ 1110 ،‬سر صناعة إلاعراب‪ ،‬تح‪.‬هنداوي حسن‪ ،‬ط‪ ،0.‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ص‪.011.‬‬
‫‪ 11‬ينظر‪ :‬مسعود صحراوي‪ ،‬التداولية عند العلماء العرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.170.‬‬
‫ّ‬
‫املفصل في النحو العربي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪،1.‬لبنان‪ ،‬ص‪.100.‬‬ ‫‪12‬فؤال بابتي عزيزة‪ ،1110 ،‬املعجم‬
‫‪13‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.100.‬‬
‫‪ 14‬ينظر‪ :‬العزاوي أبو بكر‪(،0211 ،‬الدرس التداوىي في الفكر اللغوي القديم‪ :‬ابن جني نمولجا)‪ ،‬مجلة أبوليوس‪ ،‬مج‪ ،1.‬ع‪ ،1.‬ص‪-01.‬‬
‫‪ ،08‬ص‪.01.‬‬
‫‪15‬‬
‫ينظر‪Yule George, 1996,Pragmatics,OxfordUniversityPress, Britain,p.47. :‬‬
‫‪16‬املبخوت شكري‪(،0212 ،‬دائرة ألاعمال اللغوية‪ :‬مراجعات ومقترحات)‪ ،‬دار الكتاب الجديد املتحدة‪ ،‬ط‪ ،1.‬لبنان‪ ،‬ص‪.00.‬‬
‫‪17‬إسماعيلي علوي عبد السالم‪( ،‬السميولسانيات وفلسفة اللغة‪ :‬بحث في تداوليات املعنى والتجاوز الدالىي)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.177.‬‬
‫‪18‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.178-177.‬‬
‫ّ‬
‫‪19‬املتوكل أحمد‪ ،0212 ،‬اللسانيات الوظيفية‪( ،‬مدخل نظري)‪ ،‬دار الكتاب الجديدة املتحدة‪ ،‬ط‪ ،0.‬لبنان‪ ،‬ص‪.01.‬‬
‫‪20‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.01.‬‬
‫‪21‬أدراوي العياش ي‪(،0211 ،‬الاستلزام الحواري في التداول اللساني‪ :‬من الوعي بالخصوصيات النوعية للظاهرة إىى وضع القوانين‬
‫الضابطة لها)‪ ،‬دار ألامان‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬ط‪،1.‬املغرب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.10.‬‬
‫‪ 22‬ينظر‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.10.‬‬
‫‪22‬ألاورايي محمد‪ ،0218 ،‬محاضرات في النظرية اللسانة والنمالج النحوية‪ ،‬دار كلمة‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬دار ألامان‪ ،‬منشورات‬
‫الاختالف‪ ،‬ط‪ ،1.‬تونس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.70.‬‬
‫املراجع‪:‬‬
‫‪-‬ابن جني أبو الفتح‪:‬أ‪ 1110-‬سر صناعة إلاعراب‪ ،‬تح‪.‬هنداوي حسن‪ ،‬ط‪ ،0.‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ -‬الخصائص‪،‬تح‪.‬النجار محمد علي‪ ،‬ج‪ ،0.‬دار الكتب املصرية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الصفحات‪111 – 101 :‬‬ ‫‪ISS N : 2588-1566‬‬ ‫مجلة اللسانيات التطبيقية‬
‫السنة‪0000 :‬‬ ‫العدد‪00 :‬‬ ‫املجلد‪04 :‬‬

‫‪-‬أدراوي العياش ي‪(،0211 ،‬الاستلزام الحواري في التداول اللساني‪ :‬من الوعي بالخصوصيات النوعية للظاهرة إىى وضع القوانين‬
‫الضابطة لها)‪ ،‬دار ألامان‪ ،‬منشورات الاختالف‪ ،‬ط‪،1.‬املغرب‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪-‬إسماعيلي علوي عبد السالم‪(،0217 ،‬السميولسانيات وفلسفة اللغة‪ :‬بحث في تداوليات املعنى والتجاوز الدالىي)‪ ،‬كنوز املعرفة‪،‬‬
‫ط‪،1.‬عمان‪.‬‬
‫‪-‬ألاورايي محمد‪ ، 0218 ،‬محاضرات في النظرية اللسانية والنمالج النحوية‪ ،‬دار كلمة‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬دار ألامان‪ ،‬منشورات‬
‫الاختالف‪ ،‬ط‪ ،1.‬تونس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪-‬بن عيس ى عبد الحليم‪ ،0210 ،‬املنحى الوظيفي التداوىي في تحليل الخطاب القرآني وظيفة الفاعل أنمولجا‪ ،‬مجلة الحضارة‬
‫إلاسالمية‪ ،‬ع‪ ،11.‬ص‪.100-107.‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬سيبويه أبو البشر بن عثمان‪ ،0210 ،‬الكتاب‪ ،‬تح‪.‬البكاء محمد كاظم‪ ،‬مج‪ ،0.‬ق‪ ،1.‬ج‪ ،0.‬منشورات زين الحقوقية وألادبية‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪-‬صحراوي مسعود‪ ،0220 ،‬التداولية عند العلماء العرب دراسة تداولية لظاهرة ألافعال الكالمية في التراث اللساني العربي‪ ،‬دار‬
‫الطليعة‪ ،‬ط‪ ،1.‬بيروت‪.‬‬
‫‪-‬العزاوي أبو بكر‪(،0211 ،‬الدرس التداوىي في الفكر اللغوي القديم‪ :‬ابن جني نمولجا)‪ ،‬مجلة أبوليوس‪ ،‬مج‪ ،1.‬ع‪ ،1.‬ص‪.08-01.‬‬
‫ّ‬
‫املفصل في النحو العربي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1.‬لبنان‪.‬‬ ‫‪-‬فؤال بابتي عزيزة‪ ،1110 ،‬املعجم‬
‫‪-‬املبخوت شكري‪(،0212 ،‬دائرة ألاعمال اللغوية‪ :‬مراجعات ومقترحات)‪ ،‬دار الكتاب الجديد املتحدة‪ ،‬ط‪ ،1.‬لبنان‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬املتوكل أحمد‪ ،0212 ،‬اللسانيات الوظيفية‪( ،‬مدخل نظري)‪ ،‬دار الكتاب الجديدة املتحدة‪ ،‬ط‪ ،0.‬لبنان‪.‬‬
‫‪-‬مقبول إدريس‪ ،0221 ،‬البعد التداوىي عند سيبويه‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬مج‪ ،00.‬ع‪ ،1.‬ص‪.071-010.‬‬
‫‪-Yule George, 1996, Pragmatics,Oxford University Press, Britain.‬‬

‫‪111‬‬

You might also like