Professional Documents
Culture Documents
*علية بيبية
تبسة-جامعة العربي التبس ي
Oulaya.bibia@univ-tebessa.dz
0100-10-81تاريخ القبول 0100-10-00تاريخ التقييم 0100-10-08تاريخ االرسال
امللخص
نسعى من خالل هذه الورقة البحثية أن نكشف عن اآلليات التداولية ومدى تطبيقها
على فن من فنون النثر الجاهلي أال وهو الوصية وذلك من خالل مجموعة من املرتكزات
وذلك باعتبار ارتباط، التي تهتم بها التداولية وهي الحجاج وأفعال الكالم واإلشاريات
ذو منحى تواصلي بتحليل النص أو الخطاب والكشف عن، التداولية كمنهج لساني حديث
أوجه السياق واالستعمال فيه
تداولية؛وصية ؛حجاج؛استعمال؛نص:كلمات مفتاحية
Abstract
The aim of this research is to try to explore the pragmatic mechanisms used in
one of the post-islamic literary arts in the art of commandments.our analysis id
based on some theoretical pragmatics assumption such as argumzntation,speech
act and deictics.Pragmatics is conceived as a recent linguistic criticism approach
with a communicative tendency whose purpose is to analyse texts and discourses
taking into acconnt context and use.
keywords pragmatic, art, speech.
.*املؤلف املراسل
83
.1مقدمة:
يعد االشتغال على التداولية باعتبارها منهجا لسانيا تواصليا من أهم القضايا التي
يتم التطرق إليها من أجل كشف وقراءة نصوص أو خطابات عدة ،بمقاربات تعتمد على
بيان آليات املنهج التداولي الذي يهتم بمباحث كاإلقناع ،والحجاج ،وأفعال الكالم
واإلشاريات وغيرها.
ونهدف من خالل هذه املقاربات أن نستثمرها في نصوص من النثر الجاهلي ،فوقع
اختيارنا على فن الوصية كنوع منه ،ويطرح هذا البحث جملة من اإلشكاليات مفادها :
كيف يمكننا تطبيق املنهج التداولي على هذا النوع من الخطابات السردية؟ وإلى أي مدى
تحقق هذه الخطابات األبعاد التداولية التي تهدف إلى التأثير واإلقناع ،وبخاصة في العصر
الجاهلي الذي تتميز كتاباته باللغة القوية الجزلة؟
وللوصول إلى هذا الهدف ،حاولنا انتقاء مجموعة من الوصايا الجاهلية قصد
الوقوف على هذه األبعاد التي تتمثل في اإلقناع والتواصل ،مما يحقق التأثير بين طرفي
الخطاب ومعرفة الخلفيات الثقافية واالجتماعية لفن الوصية في ذلك العصر.
.0املصطلحات املفتاحية
التداولية: 0.0
لقد قدم املنهج التداولي لألدب والنقد منفذا جديدا وتحوال معرفيا للنصوص
األدبية ،وجدت من خالله التداولية كمقاربة نقدية حديثة ذات منحى لساني بالغي تقود
عملية القراءة والتحليل للبنى النصية بمختلف تمفصالتها وتوجهاتها الفلسفية.
وقد كان ميالد التداولية نتيجة إرهاصات فلسفية ،كالفلسفة التحليلية وفلسفة
اللغة العادية ،وكال من الفلسفتين أعطت أبعادا أخرى لفلسفة اللغة وأضحت العالقة
بين مقاصد املتكلم وأدائه اللغوي محور اهتمام هؤالء ،وبغض النظر عن املفهوم اللغوي
للتداولية الذي يعني االنتقال من حال إلى حال ،فإنها كمصطلح تعني« :استعمال اللغة
مقابل دراسة النظام اللساني الذي نعني به تحديدا اللسانيات ،وإذا تحدثنا عن استعمال
اللغة فألن هذا االستعمال ليس محايدا من حيث تأثيراته في عملية التواصل وال في النظام
اللغوي في حد ذاته ،فمن نافل القول فعال أن نشير إلى أن بعض الكلمات (املشيرات الدالة
8
4
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
على الزمان واملكان أو األشخاص من قبيل األن وهنا وأنا )،ال يمكن تأويلها إال في سياق قولها
»1
85
-استنادها على حقول معرفية متعددة ،كحقل اللسانيات والبالغة واملنطق
وفلسفة اللغة وغيرها من امليادين املعرفية اإلنسانية .
0.0مفهوم الوصية :
الوصية "من وص ى وهي من وص ى كوعى خس بعد رفعه واتزن بعد خفة ،واتصل
ووصل األرض وصيا ووصاءة اتصل بشأنها ،واالسم الوصاة والوصاية والوصية وهو
املوص ى به أيضا ،قال تعالى "يوصيكم هللا" أي يفرض عليكم وقوله تعالى " تواصوا به" أي
أوص ى أولهم آخرهم ».4
والوصية أنواع منها الوصية األدبية وهي ما يقدمه انسان إلنسان من نصائح
ومواعظ ضمن مجموعة من األوامر والنواهي ،وقد تأتي على شكل شعر أو نثر وهي نوع من
األدب غايته التوجيه واإلرشاد والحث على اكتساب املحامد أو الدعوة إلى مكارم األخالق.
والتواصل بين املوص ي واملوص ى إليه لن يكون إال عن طريق النصح واإلرشاد والوعظ
وذلك بالدعوة إلى االستفادة من التجارب السابقة واالقتداء بها .
كما تندرج الوصية ضمن منظومة الخطابات الشخصية ألنها صادرة بتوجيه
شخص إلى شخص آخر " .وتتعدد الوصايا على اختالف مضامينها ،فهناك وصايا من
القرآن الكريم ووصايا من األنبياء عليهم السالم ووصايا الخلفاء ووصايا العلماء والفقهاء
والشعراء5". ووصايا الكتاب
ويراد بالوصية أيضا الترغيب فيما ينفع وعما يغير ،وهي موجهة لقوم معينين في
ألهله6. زمن معين كوصية الرجل
وتختلف كل وصية تبعا الختالف عصرها وما تتميز به لغتها فوصايا النثر الجاهلي
لها خصوصيتها االجتماعية والثقافية ،باعتبار أن النثر الجاهلي "يمتاز بجريانه مع الطبع
فليس فيه تكلف وال زخرف وال غلو فهو يسير مع أخالق البدوي وبيئته ،فهو قوي اللفظ
الفكرة"7 متين التركيب ،قصير الجملة ،قريب اإلشارة ،قليل االستعارة ،سطحي
وعلى هذا األساس فإن وصايا النثر الجاهلي تتخذ أسلوبا بسيطا وهو على بساطته
موجه قائم على األمر و النهي ،وفي الوقت نفسه يقوم على قصدية التأثير واإلقناع وهذا ما
يتجلى في الوصايا التي بين أيدينا .
.8املقاربة التداولية في الوصايا النثرية الجاهلية :
8
6
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
سبق اإلشارة إلى أن التداولية هي استعمال للغة في موقف تواصلي معين ،وليس املقصود
بالتواصل الجانب اآللي أو الفيزيائي بل السياق العام الذي ينتج عنه التأثير والتفاعل بين
املتكلم والسامع ،وفي ذلك يقول عبد السالم عشير ":إذا كانت نظرية التواصل اللساني
تنطلق أساسا من معرفة كيف يتم التواصل أكثر من معرفة ما يتم إيصاله ،فهي رغم ذلك
تفتح بابا مهما ملعرفة الطرائق واآلليات التي تتم بها صياغة األقوال ،ومن ثم فهي تطل
على الكيفية التي يشتغل بها الذهن البشري ،لترتيب األفكار والتعبير بها عن املشاعر
واملعتقدات ،والتأثير بها في اآلخرين ،وإذا كانت هذه الوظائف في غالبها ترتبط باملعنى
الضمني وليس باملعنى الحرفي الذي هو مجال النظريات التواصلية العلمية اآللية ،فإن
النظريات املعاصرة انفتحت على معطيات تجاوزت النقل الحرفي إلى البحث في الخلفيات
املعرفية والسياقية ،التي تحكم التواصل التفاعلي اإليجابي بين املتكلمين واملستمعين وهي
معطيات تداولية تؤسس الفضاء التواصلي العام بمختلف العوامل املعرفية والسياقية
واالعتقادية"8. والنفسية
و حديثنا عن الفضاء التواصلي يقتض ي منا إبراز آليات الحجاج واإلقناع التي تهدف إلى
استمالة املتلقي والتأثير فيه ،فالوصية في طبيعتها تتسم بحجاجية السرد ،وتعد من أهم
األنواع األدبية التي تتخذ الحجاج مسارا لها ألنها تقوم على التفاعل بين املوص ي واملوص ى
إليه.
0.8آلية الحجاج:
يعد الحجاج وسيلة من وسائل التخاطب وأساسه اإلقناع والتحاور والتأثير
واستمالة اآلخر ،فكل من املرسل واملرسل إليه يدلي بدلوه قصد التأثير في اآلخر بأي شكل
من األشكال.
والحجاج هو جهاز لساني ومبحث من مباحث التداولية والتي تهتم بموضوعه
لسببين ":األول أن األشكال اللفظية التي يتم إنتاجها في االستعمال اللغوي ال تخلوا من
قصد الحجاج مهما كانت الوظيفة الغالبة على امللفوظات املنطوق بها ،وهو ما يعرف في
التداولية بالتوجيه الحجاجي للملفوظات .والسبب الثاني أن الحجاج يفترض طرفي تواصل
87
يقصد أحدهما إلى التأثير في الطرف اآلخر بوجه من الوجوه ،وهذا االعتبار ما هو إال تأمل في
التواصل"9. اللغة من خالل العناصر الشكلية لعملية
وعلى هذا األساس فإن مفاهيم الحجاج متعددة تبعا لتعدد املشارب الفلسفية
واللغوية .
فالشريف الجرجاني يعرفه بقوله« :الحجة ما دل على صحة الدعوى وقيل الحجة
والدليل واحد».10
ويعرفه أبو بكر العزاوي بأنه «تقديم الحجج واألدلة املؤدية إلى نتيجة معينة وهو
يتمثل في إنجاز متواليات من األقوال بعضها بمثابة الحجج اللغوية ،وبعضها اآلخر بمثابة
النتائج الذي تنتج منها».11،فهذه التعريفات تبين أن الحجاج هو مقدمات ونتائج توجهها
استدالالت وبراهين وآلياتها لغوية ومنطقية وبالغية.
ويتميز الخطاب الحجاجي بسمات منها:
-القصد املعلن :أي إحداث أثر ما في املتلقي أي إقناعه بفكرة معينة وهو مايعبر عنه
بالطريقة اإليحائية.
-التناغم :أي يوظف التسلسل الذي يحكم ما يحدثه الكالم من تأثيرات سواء
تعلق األمر بالهدوء أو االنفعال وتكون له معرفة لنفسية املتلقي وقدراته.
-االستدالل :وهو سياقه العقلي أي تطوره املنطقي ،فالنص الحجاجي قائم على
البرهنة ،وإذا أعدنا الحجاج إلى أبسط صوره وجدنا ترتيبا عقليا للعناصر اللغوية تستجيب
لنية اإلقناع.
-البرهنة :وإليها ترد األمثلة والحجج وكل آليات اإلقناع مرورا بأبلغ إحصاء وأوضح
استدالل12.
فالخطاب الحجاجي قناة تواصل جوهره اللغة ومحوره مرسل ومتلقي أو مؤثر
ومتأثر ،فاملرسل يستعمل كل آليات اإلقناع من أجل توصيل الفكرة واستمالة املتلقي
وتوجيهه إلى مسارات متعددة ،تؤدي نتيجة واحدة وهذه النتيجة قائمة على عالقات التمثيل
واالستدالل.
و بين أيدينا وصية من وصايا النثر الجاهلي وهي وصية زهير بن جناب الكلبي حيث
قال مخاطبا إياهم «: :يا بني قد كبرت سني وبلغت حرسا من دهري فأحكمتني التجارب
8
8
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
واألمور تجربة واختبارا فاحفظوا عني ما أقول وعوه ،إياكم والخور عند املصائب والتواكل
عند النوائب فإن ذلك داعية للغم وشماتة للعدو ،وسوء الظن بالرب وإياكم أن تكونوا
باألحداث مغترين ولها آمنين ومنها ساخرين فإنه ما سخر قوم قط إال ابتلوا ولكن توقعوها
،فإنما اإلنسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة فمقصر دونه ومجاوز ملوضعه وواقع عن
يمينه وشماله ثم ال بد أنه مصيبه».13
يمكننا تطبيق عناصر الخطاب الحجاجي التي تقوم على املقدمات والروابط
الحجاجية بين املقدمات والنتائج ،ذلك ألن الوصايا تشكل خطابا حجاجيا يؤدي غرضه
التأثيري اإلقناعي في النص "وهو خطاب ذو تفكير حجاجي يهدف إلى التأثير واإلقناع بإقامة
الحجة عبر تقنياته وطرائقه اللغوية وصوره البالغية وكيفية انتظام مواده ،وعلى ذلك
املتلقي"14. فاإلقناع واالسلوب ولغة االستعمال وترتيب أجزاء القول من منطلقات التأثير في
أوال:املقدمات:
تمثل املقدمات عنصرا فعاال في الخطاب الحجاجي ،لكونها تمثل منطلق الحجاج
سواء أكانت املحاجة منطقية أو لغوية ،ولعل الغلبة في املناظرات والجداالت والخصومات
الناس"15. تتوقف على مقدرة املتكلم على رصف الحجج وسوقها على مسامع
وتفتتح الوصية بمقدمة هي بمثابة حجة لبنيه وهي قائمة على الوصف والتفسير
وذلك في قوله ":يا بني قد كبرت سني "...وهي في بنيتها العميقة تهدف إلى غاية واحدة وهي
بيان تجارب هذا األب في مساره الحياتي ،وقد عبر عنها بهذه املقدمة التي تقوم على
مجموعة من االستدالالت وهي كبر السن وخوض غمار تجارب الحياة وغيرها ,واملتأمل في
البنية الحجاجية لهذه الوصية يجد في ثناياها ذلك األسلوب اإلقناعي الذي يوجه
السامع ويوجه مساره التوجيهي بمقدمات محتملة "فكبر السن وخوض التجارب تحمل في
معناها الضمني توجيهات وأوامر من قائد مجرب خبير بخبايا األمور ،كما أن هذا الوصف
الذي استعمله املوص ي هو فكرة حجاجية تدفع بمخيلة املتلقي أو املوص ى إلى إدراك األمور
وفهمها والسير على درب املوص ي.
ثانيا :الروابط الحجاجية:
89
وهي الروابط التي تجمع بين املقدمات والنتائج وهي روابط يغلب عليها أن تكون
سببية " وقد تنوعت الروابط في هذه الوصية مثال ذلك استعمال الرابط الفاء الدال على
الوصل والسببية في قوله "قد كبرت سني وبلغت حرسا من دهري فأحكمتني التجارب"...
كما نجد رابط العطف الواو الذي يتحول إلى رابط حجاجي بين جملتي "قد كبرت
سني وبلغت حرسا من دهري" وقد أدى هذا الترابط النص ي إلى االنتقال من العموم إلى
الخصوص حتى يبين للموص ى إليه هيبة وحنكة املوص ي وحالته التي مر عليها ،وحتى يكون
املوص ى مستعدا تمام االستعداد لتنفيذ الوصية والسير على ركب املوص ي.
وتنطلق الوصية من مسلمات متتابعة تعقبها حجج منطقية بواسطة الرابط "إن"
وهو رابط توكيدي يؤكد فيه املوص ي على عدم االستسالم والخضوع والفشل عند املصائب
وذلك في قوله ":إياكم والخور عند املصائب والتواكل عند النوائب فإن ذلك داعية للغم
وشماتة للعدو " فهذه النتيجة حتمية ،يريد املوص ي إثباتها من خالل القضايا السابقة التي
أسداها ألبنائه ليهدف من خاللها إلى بيان قوة الطرح والوصول إلى مستوى من التأثير
واإلقناع الذي يبنى على مبررات منطقية .
0.8أفعال الكالم:
تعد نظرية أفعال الكالم مبحثا من مباحث التداولية وهذه النظرية تنطلق من مسلمة
مفادها « أن األقوال الصادرة ضمن وضعيات محددة تتحول إلى أفعال ذات أبعاد
اجتماعية ،وتطرح األفعال الكالمية السؤال اآلتي :هل يمكن أن ينجز الفعل دون أن
حقا؟16 ينطق بكالم ما ؟وهل يمكن أن ينجز الفعل طوع إرادتنا ؟ وهل ننوي أن ننجز الفعل
معنى ذلك أن هذه النظرية « تدرس األفعال التي تعبر عن فعل وال يحكم عليها بصدق أو
كذب وقد ال تصف شيئا من وقائع العالم الخارجي ،وليس من الضروري أن تعبر عن حقيقة
واقعية تهدف إلى إرساء قواعد نظرية لألفعال الكالمية من األنماط املجردة أو األصناف
التي تمثل األفعال املحسوسة والشخصية التي تنجز أثناء الكالم ،فاملتكلم عندما يتحدث
يخبر عن شيئ أو يصرح بش يء أو يأمر أو ينهى أو يلتمس.17»...
وتبنى نظرية أفعال الكالم على القدرة واإلنجاز ،فكل اتصال لغوي يقتض ي فعال كالميا
"فوحدة التواصل اللغوي هي ليست ما كان مفترضا بأنها الرمز واملفردة والجملة وال في
9
0
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
عالمة على الرمز أو املفردة أو الجملة ،بل هي باألحرى إنتاج أو إصدار ذلك الرمز أو
الكالم"18. املفردة أو الجملة في تأدية فعل
ويرتبط الفعل الكالمي بصيغة الخطاب الذي ينتجه املتكلم ،وقد اشار اوستن إلى أن
اإلنشائيات تتأسس غالبا على أساس فعل مبني للمعلوم ومسند إلى ضمير املتكلم ،فالفعل
األدائي ال يتعلق بالصيغة الصرفية وال البنية النحوية وحدها ،بل يتعلق بالداللة املعجمية
التي للفعل ألن الداللة املعجمية هي التي تكشف عن كون القول إخبارا عن ش يء ما أو
"19. أداء له
وتتجلى أفعال الكالم في وصية من وصايا النثر الجاهلي أال وهي وصية ذو األصبع العدواني
لولده ،وقد كانت هذه الوصية حال احتضاره ،يقول فيها :
« يا بني إن أباك قد فني وهو حي وعاش حتى سئم العيش وإني موصيك بما إن حفظته
بلغت في قومك ما بلغته ،فاحفظ عني :ألن جانبك لقومك يحبوك وتواضع لهم يرفعوك
وأبسط لهم وجهك يطيعوك وال تستأثر عليهم بشيئ يسودوك وأكرم صغارهم كما تكرم
كبارهم ،يكرمك كبارهم ويكبر على مودتك صغارهم ،واسمح بمالك واحم حريمك واعزز
جارك ،وأعن من استعان بك وأكرم ضيفك ،واسر النهضة في الصريخ فإن لك أجرا ال
يعدوك وصن وجهك عن مسألة أجد شيئا فبذلك يتم سؤددك».20
واملالحظ أن هذه الوصية تحمل أفعاال كثيرة من حيث الزمن وداللتها واضحة وجلية فهي
تنم عن حركة وحدث ،كما تهدف هذه الحركية إلى توجيه وتعديل في السلوك للمتلقي
،ومن ثم الوصول إلى نتيجة مفادها أن السيادة تورث ولها أسسها وشروطها .وقد تجلت
األفعال الكالمية في هذه الوصية بأنواعها وأغراضها ونذكر منها:
-1األفعال التوجيهية :
وغرضها اإلنجازي محاولة املتكلم توجيه املخاطب إلى فعل معين ويبدأ األمر بالتبليغ به
وينتهي بالتصريح على وجه اإللزام واالستعالء ،واتجاه املطابقة فيها من العالم إلى
الكلمات ويربط اإلخالص في الرغبة الخالصة (النية) في التأثير في املتلقي وإقناعه ويدخل
والتشجيع"21 فيها النصح واإلرشاد واإلصالح واالستعطاف
91
والنقطة التمريرية في التوجيهيات هي محاولة جعل املستمع يتصرف بطريقة تجعل من
تصرفه متالئما مع املحتوى الخبري للتوجيه وتتوفر النماذج على التوجيهيات في األوامر
"22. والنواهي والطلبات واتجاه املالءمة هو دائما من العالم إلى الكلمة
أ-النداء:
افتتح ذو األصبع العدواني وصيته بصيغة النداء وهي صيغة توجيهية طلبية قائال له ":يا
بني" وهذا طلب افتتح بنداء املخاطب املوص ى إليه وإنزال مرتبته إلى مرتبة ابنه ألن
مقتض ى الحدث جاء في سياق النصيحة ،فالبد إذن من أن يلفت انتباهه وبذلك يصبح
تصرفه مطابقا لفحوى الوصية ،فأسلوب النداء تحقيق فعلي غرضه اإلنجازي جعل
املخاطب مستئنسا له ومقبال عليه خاصة وأنه حرف النداء التي تستعمل لنداء القريب.
ب -األمر:
األمر عند اللغويين هو طلب وقوع الحدث في املستقبل ،وعند البالغيين هو الصيغة اللفظية
،وفي ذلك يقول السكاكي":األمر في لغة العرب عبارة عن استعمالها ،أعني استعمال نحو
لينزل ،انزل وصه على سبيل االستعالء ممن هو أعلى رتبة واملراد باالستعالء أن يعد اآلمر
ال "23. نفسه أعلى من املخاطب وأرفع منه شأنا سواء أكان عاملا في الواقع أم
فاالستعالء مرتبط بمكانة اآلمر ،إذ يفرض نفسه على املأمور بالطلب على جهة اإللزام
ويتميز بخصائص أهمها :
-كونه مفيد للمستقبل ولكنه محدد ينتهي بانتهاء وقت الطلب .
-كونه طلب الفعل سواء أكان واجبا أم خارجا عن الوجوب واإللزام إلى سياقات أخرى .
ويعد األمر من عناصر األفعال الكالمية التوجيهية التي تعج بها الوصية بحكم أنها صادرة
من أب قائد ،وقد وردت أفعال األمر متتابعة مسترسلة وهي على التوالي(ألن ،تواضع
،ابسط ،أكرم ،اسمح ،احم ،اعزز ) والهدف منها هو اإلصرار وإثبات حضور املتلقي
وتمكينه من أداء الفعل .كما أن توالي هذه األفعال التوجيهية تعزز من طبيعة العالقة
بين املرسل واملتلقي ،فكلما قويت العالقة بينهما كلما كانت األفعال أكثر حضورا وأكثر
تأثيرا في املتلقي.
9
2
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
وما دام املرسل أو املوص ي هو األب القائد في اآلن نفسه فعلى املتلقي اإلذعان له بالسمع
والطاعة ،بما تفرضه تلك املطالب من مصداقية ونوايا حسنة ومكانة أرفع يحظى بها
املرسل من تأثر وقبول.
وقد اقترنت األفعال الطلبية الدالة على األمر بالنتائج املترتب عنها ،فهي لم تكن أفعاال
إلزامية بقدر ما كانت تهدف إلى ترغيب املتلقي ،وتمثل الترغيب في تلك النتائج اإليجابية
املقترنة باإللزام ،والتي من شأنها أن ترفع من مكانة املتلقي إلى درجات رفيعة وذلك في قوله
:ألن جانبك لقومك يحبوك ،وتواضع لهم يرفعوك وابسط لهم وجهك يطيعوك".كل هذه
النتائج تزيد من قوة التأثير وترفع من شأن املوص ى إليه بين أبناء قومه .
-2األفعال التأكيدية :
وهي أن تطابق األفعال الواقع ،وأن يكون املتكلم مقتنعا بها ،وأن يكون الغرض اإلنجازي
فيها وصف واقعة معينة من خالل قضية ال تحتمل أفعالها الكذب ،وأن يكون اتجاه
24 املطابقة فيها من الكلمات إلى العالم .
واملالحظ في الوصية أن ذا األصبع العدواني يحاول إثبات قضية ويقرر ويؤكد أنه بلغ ذروة
الكبر وأنه خاض معارك الحياة وسخر حياته بركوب الصعب ،ولكي يؤكد هذه القضايا
استعمل جملة "إني موصيك" التي تمثل منعطفا حاسما وبداية استهالل مناسبة للموضوع
،والغرض منها هو توجيه رسالة إلى املتلقي يوضح فيها معاناته وجاء ذلك عن طريق التأكيد
الذي يدل على تقوية الخبر وتمكنه في النفس بإزالة الشك والشبهة عنه.
3-3اإلشاريات:
تعتمد االستراتيجية التواصلية على مراعاة كل أشكال املقام الذي يتم فيه الخطاب،
ويستدعي ذلك الربط بين أسلوب الخطاب وما يتضمنه من آليات تصنعها اللغة اعتمادا
على العالقة بين املرسل واملتلقي اللذان يشكالن محور العملية االتصالية فعملية التواصل
اإلنساني تخضع لجملة من هذه اآلليات التي ال تنفصل عن بعضها البعض ،وهي آلية
اإلنتاج وآلية التبليغ وآلية التلقي.
وتعد اإلشاريات الرابط الرئيس بين هذه اآلليات ،وهي أحد مباحث التداولية ،وهي بناء
لغوي تجتمع فيه البنيات النصية ،إضافة إلى توجيه من متكلم إلى متلق في زمان ومكان
93
معينيين ،وتعتمد اإلشاريات على التواصل والسياق الذي قيل فيه النص ،وتعرف بأنها «:
تلك األشكال اإلحالية التي ترتبط بسياق املتكلم مع التفريق األساس بين التعبيرات
اإلشارية القريبة من املتكلم مقابل التعبيرات اإلشارية البعيدة عنه».25
معنى ذلك أن هناك مرجعية بين املتكلم واملتلقي بشأن قصدية العبارة وتوجيهها وإحالتها
وتعرف أيضا بأنها « الروابط الداخلية التي تربطه بعامله الخارجي وهي اإلحالة التي تتحدد
من خالل العنصر اللغوي والسياق الوجودي أو الخارجي ومن ثم تمثل دراسة البعد
اإلشاري للعالمة اللغوية التي هي جزء من مقاصد الخطاب ،فاإلشارة في "أنا وأنت وهنا
االستعمال»26. تفهم من سياقها الخارجي وال تتحقق إال من خالل
يتبين لنا من خالل هذا التعريف أن خصائص اإلشاريات هي :
-أنها رابطة بين وحدات النص وهي التي تحقق االتساق واالنسجام في النص.
-أنها تحيل إلى املقام الخارجي الذي يقع فيه الحدث الكالمي.
-يفرضها االستعمال بين طرفي الخطاب ووظيفتها متصلة بالسياق املخصوص لها وذلك
لتوضيح غاية املتكلم .
-أنها عناصر مغيرة للخطاب وتفيد التأكيد واالختصار.
-وظيفتها إشراك طرفي الخطاب في سياق التلفظ ذاته .
وبناء على ذلك نحاول أن نقف على أبعادها في هذه الوصية املوجهة من أم إلى ابنتها
اعتمادا على أنواع اإلشاريات.
تقول أمامة بنت الحارث موصية ابنتها« :أي بنية إنك فارقت الجو الذي منه خرجت،
وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فأصبح بملكه عليك
رقيبا ومليكا ،فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا .يا بنية احملي عني عشر خصال تكن لك
ذخرا وذكرا :الصحبة بالقناعة واملعاشرة بحسن السمع والطاعة والتعهد ملوقع عينه
والتفقد ملوضع أنفه ،فال تقع عينه منك على قبيح وال يشم منك إال طيب ريح والكحل
أحسن الحسن املوجود واملاء أطيب الطيب املفقود والتعهد لوقت طعامه والهدوء عنه عند
منامه ،فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مبغضة ،واالحتفاظ ببيته وماله واإلرعاء على
نفسه وحشمه وعياله ،فإن االحتفاظ باملال حسن التقدير واإلرعاء على العيال والحشم
جميل حسن التدبير وال تفش ي له سرا وال تعص ي له أمرا ،فإنك إن أفشيت سره لم تأمني
9
4
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
غدره وإن عصيت أمره ،أوغرت صدره ثم اتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحا واالكتئاب عنده
إن كان فرحا ،فإن الخصلة األولى من التقصير والثانية من التكدير وكوني أشد ما تكونين
له إعظاما ،يكن أشد ما يكون لك إكراما وأشد ما تكونين له موافقة ،يكن أطول ما
تكونين له مرافقة ،واعلمي أنك ال تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك وهواه
على هواك فيما أحببت وكرهت وهللا يخير لك ».27
اإلشاريات الشخصية في الوصية : -1
و املقصود بها تلك اإلشاريات الدالة على املتكلم أو املخاطب أو الغائب فالذات املتلفظة
تدل على املرسل في السياق ،فقد تصدر خطابات متعددة عن شخص واحد فذاته املتلفظة
تتغير بتغير السياق الذي تلفظ فيه وهذه الذات هي محور التلفظ في الخطاب تداوليا ألن
28... األنا قد تحيل على املتلفظ ،اإلنسان أو املعلم أو األب وهكذا
ويمكن القول من خالل هذه الوصية أن حضور املتكلم واملخاطب واملتمثل في األم والبنت
،فهما يمثالن طرفان أساسيان في عملية توجيه وسير الخطاب من خالل تجارب وخبرات
السابقة لألم ،والتي ترغب نقلها إلى ابنتها و تباعها والعمل بها "والخطاب في هذا السياق
يتشكل أساسا من تواجد شخصين على األقل يتبادالن املعارف والخبرات بينهما ،وبواسطة
متعددة"29. اللغة يتمكن املتكلم من أداء أفعال
أ-ضمير املتكلم:
يعبر عن ضمير املتكلم في اللغة العربية ب "أنا" وهو يتصرف من حيث العدد ال من حيث
الجنس إلى ضمير دال على املثنى والجمع معا نحو "نحن" ،والتعبير به منحصر في املتكلم
واملخاطب ،أما الغائب فيمكن أن يعبر عنه إما بالضمير مثل املتكلم واملخاطب أو باالسم
،الوسيمة)"30. املضمر كاسم الجنس (الرجل ،املرأة ) والعلم (زيد ،هند) والصفة (الوسيم
وتعد الذات املتكلم في هذه الوصية واملتمثلة في شخص "األم " محور التلفظ في الخطاب
حيث يشير تصور األنا في ذهن املرسل إليه ،األمر الذي يجعله يقوم بدور املوجه للخطاب
،وهذا املوجه "ليس بإمكانه قول "أنا" في النص ألن النصوص السردية على اختالف
مستوياتها ،تقدم أشخاصا يتلفظون ويتخاطبون في صيغة مباشرة ويتموضعون باعتبارهم
"31. مسؤولين عن تلفظهم
95
وقد استهلت الوصية بأداة النداء "أي بنية " وذلك لقرب املسافة االجتماعية بينهما ،وهذه
الذات املسيطرة شكلت دورا فعاال في التنبيه والوعظ واإلرشاد ،وتغيير مسار ابنتها إلى
كيفية التصرف في حياتها الجديدة .
فحضور املتكلم في هذه التوجيهات عكس تلك الصورة املثالية لألم وتمثل ذلك في قولها
"احملي عني عشر خصال "...فضمير املتكلم املتصل حاضر في هذا املقام الذي يستوجب منه
توجيه املتلقي لتنفيذ ما سبق له من تجارب والعمل بها ،فحضور األنا ظاهر في موضع
واحد والذي يمثله لفظ "عني" ،وهذا ال يعني غياب األنا بل تجسد حضوره في كل أجزاء
الوصية وهو حضور الهدف منه هو إثبات استجابة املرسل إليه وكفاءته.
ب-ضمير املخاطب املتصل:
يعد الضمير "أنت" مقابال ضروريا لضمير املتكلم "فهما يحيالن في املقام على شخصين
متصفين بثقافة ومواقف وتجارب ومعارف ومنزلة ومتوفرين على معرفة مضمونة بقواعد
اللغة التي بني عليها الخطاب وطرق استعمالها ،وهذه املعرفة هي إثبات القدرة على
التواصل.
واملالحظ في هذه الوصية أن ضمائر املخاطب املتصلة موجودة بكثرة ،ألن املخاطب هنا
يمثل صدى للمتكلم يتتبعه ويسير على نهجه ،ألن املتكلم يتفرد عن املخاطب بكونه منجزا
ماثال داخله مما يجعل منزلته بالنسبة إلى املخاطب أرفع. 32
وقد طغت ضمائر املخاطب املتصلة في قولها" :فارقت ،خلفت ،كوني "...وذلك لإلشارة إلى
مقام اجتماعي يتطلب سرد معطيات معينة استدعتها ظروف ما.
ج-ضمير الغائب املتصل:
من املعلوم أن ضمائر املخاطب املتصلة تحيل إلى مفسر متقدم الذكر "،واملفسر هو العنصر
اللغوي الذي يعود عليه الضمير فيشرحه ويرفع إبهامه ،ويشترك هذان العنصران في
اإلحالي"33. اإلحالة على متصور مرجعي واحد محققين بذلك ما يسمى بالتقارن
وقد توزعت ضمائر الغائب املتصلة في أجزاء الوصية لتعود على شخص الرجل الذي يمثل
عنصرا إشاريا داخل النص ،وفي الوقت نفسه يمثل محور القضية املطروحة ،ومن أمثلة
ذلك "عينه ،طعامه ،منامه ،عياله" ،واملالحظ في هذا السياق أن اإلشاريات الشخصية
املتمثلة في الذات املحورية "األنا "قد امتدت لتوصل بين املخاطب والغائب عن طريق
9
6
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
تقريب املسافة بين الزوجة والزوج ،وقد شكلت هذه الضمائر مرجعا مهما ومفسرا يحيل
إلى الزوج الغائب/الحاضر الذي كان محور الحديث وموضوع الوصية.
-2-3اإلشاريات املكانية في الوصية:
وهي التي تحيل إلى املواضع التي يتفاعل معها الخطاب ويمثل املكان بعدا أساسيا يحس به
اإلنسان ويؤثر في وجوده وكينونته ،ومن اإلشارات املكانية هذا ،ذاك ،الظروف هنا ،هنالك
،فوق ،تحت ويدخل فيها اسم األماكن وهي تدل على أشياء في العالم الخارجي .وهي كذلك
"عناصر إشارية إلى أماكن يعتمد استعمالها وتفسيرها على معرفة مكان املتكلم وقت التكلم
أو على مكان آخر معروف للمخاطب أو السامع ،ويكون لتحديد املكان أثره في اختيار
34. العناصر التي تشير إليه قربا أو بعدا أو جهة"
وتوزعت اإلشاريات املكانية في الوصية ،منها ما تعلق بالبنت املقبلة على الزواج وتجلى ذلك
في ألفاظ ":الجو ،العش ،الوكر "،ومنها ما تعلق بالزوج ،وتجلى ذلك في ألفاظ "موضع
،موقع" وهي مرجع مكاني يبين لنا السياق الخارجي الذي تضمنه الخطاب ،كما يحدد اتجاه
سير املتلقي وحضوره كطرف فعال في تنفيذ الوصية .
-8-8اإلشاريات الزمانية :وهي التي تحيل إلى زمن وأحداث الخطاب والزمن نوعان زمن
نحوي وزمن كوني خارجي والنحوي زمن الجملة والكوني الظروف التي تحيل إلى العالم
الخارجي مثل الظروف وأسماء الوقت والزمن التي يكون تقديرها في العالم الخارجي ،35.كما
تعرف أيضا بأنها "كلمات تدل على زمان يحدده السياق بالقياس إلى زمان املتكلم او مركز
اإلشارة الزمانية في الكالم ،فإذا لم يعرف زمان التكلم أو مركز اإلشارة الزمانية التبس األمر
أو القارئ"36. على السامع
وقد وردت بعض اإلشاريات الزمانية في الوصية وتمثلت في قولها "وقت طعامه ،عند منامه"
وهي تمثل لحظة التلفظ بالقول ولكنه ممتد إلى زمن املستقبل ،فاملرسل إليه ملزم بمعرفة
لحظة التلفظ كي يبني توقعه وفق مسارها ،كما تمثل هذه اإلشاريات امتدادا لخطاب
املوص ي الذي يهدف إلى بيان الترابط بين املخاطب املوجه إليها الكالم والغائب الزوج
املتضمن موضوع الوصية .
97
خاتمة: .0
يمكننا إجمال النتائج املتوخاة من هذه الدراسة الهادفة إلى بيان األبعاد التداولية
في فن الوصية في النقاط اآلتية:
-تركز التداولية على استعمال اللغة في موقف تواصلي معين ،مراعية في ذلك أنواع
السياق الذي يوجه مسار الخطاب.
-تطبيق املقوالت التداولية في تحليل النصوص أو ا لخطابات من شأنه أن يعزز من
الكشف عن تفاعل اللغة والوصول بالنص إلى مقاربة اساسها معرفة مكامنه الخفية .
-يمتاز النص النثري وبخاصة الوصية بلغة محكمة قوية جزلة ،األمر الذي يدفعنا
إلعادته قراءته من منظور املقاربة التداولية التي تبرز لنا محطات كثيرة عن حضارة وثقافة
ذلك العصر .
-أثبتت اآلليات التداولية من األساليب الحجاجية وأفعال الكالم واإلشاريات
كفاءتها في الكشف عن الدالالت الخفية لنصوص الوصية.
-اتضح لنا من خالل التحليل التداولي استراتجيات الخطاب التي تحققت في فن
الوصية والتي اعتمدت على تفاعل أطراف العملية التواصلية ،التي من خاللها نكشف
تأثير أحدهما على اآلخر.
.5الهوامش:
9
8
املجلد/07العدد/10السنة /0100ص99-38 مجلـة النص
99