You are on page 1of 30

‫العدد (‪ – )2‬يونيو ‪2022‬م‬ ‫مجلة اللغة العربية والعلوم اإلسالمية‬

‫الترقيم الدولي للنسخة اإللكترونية‪5428-2812 :‬‬ ‫الترقيم الدولي للنسخة المطبوعة‪2812-541X :‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪https://jlais.journals.ekb.eg :‬‬

‫العدول الصريف ودالالته يف باب اسم الفاعل‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عامــر صالح حممد‬


‫أستاذ النحو والصرف والعروض‬
‫كلية اآلداب‪ -‬جامعة العريش‬

‫‪Journal of Arabic Language and Islamic Sciences‬‬ ‫‪Vol (2) – June 2022‬‬
‫‪Printed ISSN :2812 -541X‬‬ ‫‪On Line ISSN : 2812-5428‬‬

‫‪Website :‬‬ ‫‪https://jlais.journals.ekb.eg/‬‬

‫العدد (‪ – )2‬يونيو ‪2022‬م‬ ‫مجلة اللغة العربية والعلوم اإلسالمية‬


‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد‬


‫أستاذ النحو والصرف والعروض‬
‫كلية اآلداب‪ -‬جامعة العريش‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يسعى البحث إلى تحقيق خدمة علم الصرف بلم شعث ما تبعثر من مسائل هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬وما تفرق منها في كتب القدامى والمحدثين من النحاة واللغويين‪ ،‬وأصحاب‬
‫المعاجم اللغوية‪ ،‬ثم طرحها على بساط الدرس الصرفي‪ ،‬وذلك باالعتماد على المنهج‬
‫الوصفي الذي يقوم على عرض مسائل هذه الظاهرة عرضا يكشف عن مكنونها ‪ -‬كما‬
‫وردت في كتب التراث ‪ -‬ويحاول توضيحها‪.‬‬
‫وقد ارتأى الباحث أن يكون عرض مسائل البحث في مبحثين‪ :‬المبحث األول‪ -‬العدول‬
‫عن استعمال الفعل وداللة ذلك‪ ،‬والمبحث الثاني‪ -‬العدول عن استعمال اسم الفاعل‬
‫وداللة ذلك‪ ،‬ويقع في محورين‪:‬‬
‫أ‪ -‬العدول عن استعمال األصل في اسم الفاعل من الفعل الثالثي‪.‬‬
‫ب‪ -‬العدول عن استعمال اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فقد تضمن البحث‪ :‬مقدمة‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬ومبحثين ُزيال بجدول توضيحي‬
‫لألبنية التي تم العدول عن استعمالها‪ ،‬ثم الخاتمة‪ ،‬وانتهى بثبت المصادر والمراجع‬
‫التي استعان بها الباحث‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪:‬‬
‫اسم الفاعل‪ -‬العدول عن استعمال اسم الفاعل – العدول عن استعمال الفعل‪.‬‬

‫‪55‬‬
)‫ عامر صالح محمد‬.‫د‬.‫(أ‬ )‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل‬

Abstract:
The research seeks to achieve the service of morphology by unpacking
the scattered issues of this phenomenon, and what differentiated from
them in the books of ancient and modern grammarians and linguists,
and owners of linguistic dictionaries, and then put them on the
morphological lesson, by relying on the descriptive approach that is
based on presenting the issues of this phenomenon. A presentation that
reveals their secrets - as mentioned in heritage books - and attempts to
clarify them.
The researcher considered that the presentation of the research issues
should be in two sections: the first topic - abandoning the use of the
verb and its significance, and the second topic - abandoning the use of
the subject’s name and its significance, and it falls into two axes:
A - Rescinding the use of the root in the noun of the subject from the
triple verb.
B - Rescinding the use of the subject's noun from the non-three verbs.
Accordingly, the research included: an introduction, a preface, and two
chapters that were removed with an explanatory table for the buildings
whose use had been abandoned, then the conclusion, and ended with
confirming the sources and references that the researcher used.
Keywords:
Noun of the subject - refraining from using the noun of the subject -
refraining from using the verb.

56
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل الذي تتم بفضله الصالحات‪ ،‬وعليه يتوكل المؤمنون والمؤمنات‪ ،‬وعلى يد‬
‫رسله انتقلت البشرية إلى النور بعد الظلمات‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا ونبينا محمد‬
‫بن عبد اهلل (صلى اهلل عليه وسلم) وبعد‪،‬‬
‫فإن في العربية ظواهر جديرة بأن تثير انتباه الباحث المدقق‪ ،‬وتستحق الدرس‬
‫والتحليل‪ ،‬ولعل ظاهرة العدول عن استعمال بعض األفعال أو المشتقات‪ ،‬واالستعاضة‬
‫عنها بأفعال ومشتقات أخرى‪ ،‬تؤدي الوظيفة نفسها المنوطة بها في االستعمال اللغوي‪،‬‬
‫جديرة بأن تكون موضع دراسة؛ ألن بها تتم مخالفة األصل في استعمال الكالم‪.‬‬
‫والعدول عن األصل في الكالم إلى ما هو بديل عنه ينبئ عن الذوق العربي الرفيع في‬
‫ونظر لكثرة‬
‫ا‬ ‫االستعمال اللغوي‪ ،‬ويكشف عن ثراء اللغة العربية‪ ،‬واتساعها وتنوع تراكيبها‪،‬‬
‫مسائل هذه الظاهرة في كتب اللغة؛ فقد قصرت الموضوع على دراستها في باب اسم‬
‫الفاعل‪ .‬حيث توزعت مسائلها‪ ،‬وتناثرت بين كتب التراث‪ ،‬وقد خصها ‪-‬وغيرها‪ -‬سيبويه‬
‫في كتابه تحت باب أسماه "هذا باب ما يكون في اللفظ من األعراض" في الجزء األول‬
‫عالج فيه عدة قضايا منها قضية االستغناء عن استعمال بعض األفعال في اللغة‪،‬‬
‫واستعمال أفعال غيرها تستعمل مع مشتقات األفعال التي تم االستغناء عنها والعكس‪،‬‬
‫وفي الجزء الرابع من الكتاب ضمنه بابا أسماه (هذا باب في الخصال التي تكون في‬
‫األشياء) ذكر فيه الكثير من الخصال التي تكون في اإلنسان‪ ،‬وتأتي من الفعل "فَ ُع َل"‬
‫بضم العين‪ ،‬أو "فَ ِع َل" بكسر العين‪ .،‬حيث قال‪" :‬أما ما كان حسنا أو قُْبحا؛ فإنه مما‬
‫يفع ُل‪ ،‬ويكون المصدر فَ َعاال وفَ َعالة وفُعال‪ ...‬وتجيء األسماء على‬ ‫ِ‬
‫يبنى فعله على فَ ُع َل ُ‬
‫فإن هذه الظاهرة ‪-‬‬
‫ودميم"‪ ،‬ومع ذلك ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وشقيح‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ووسيم‪ ،‬وجمي ٌل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قبيح‪،‬‬
‫فَعيل‪ ،‬وذلك ٌ‬
‫كظاهرة تتميز بها لغتنا الجميلة ‪ -‬ال تزال في حاجة إلى دراسة متخصصة تبرز‬
‫أهميتها‪ ،‬وتوضح خصائصها‪ ،‬وتحلل مسائلها؛ فكان ذلك دافعا للباحث إلى تناول هذه‬
‫الظاهرة بوصفها ظاهرة تستحق الدراسة ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ولعل من حسن الطالع أن يستهدي الباحث بتلك اإليماءات المتفرقة في كتب‬


‫ند من‬
‫التراث‪ ،‬إذ فرض عليه سلطان الجدة أن يتناول هذه الظاهرة؛ لجمع أشتاتها‪ ،‬وما ّ‬
‫مسائلها‪ ،‬وضم شواردها‪.‬‬
‫لذا فقد اعتمد الباحث في عمله هذا على المنهج الوصفي الذي يقوم على عرض‬
‫مسائل هذه الظاهرة عرضا يكشف عن مكنونها ‪ -‬كما وردت في كتب التراث ‪-‬‬
‫ويحاول توضيحها ‪.‬‬
‫ويسعى البحث إلى تحقيق األهداف اآلتية ‪:‬‬
‫خدمة علم الصرف بلم شعث ما تبعثر من مسائل هذه الظاهرة‪ ،‬وما تفرق‬
‫منها في كتب القدامى والمحدثين من النحاة واللغويين‪ ،‬وأصحاب المعاجم اللغوية‪ ،‬ثم‬
‫طرحها على بساط الدرس الصرفي‪.‬‬
‫وفي ضوء ما َع ّن للباحث من مطالعات‪ ،‬وما طالته يده من مصادر ومراجع‪ ،‬لم‬
‫يجد دراسة متخصصة تناولت هذه الظاهرة بالعرض والتحليل‪ ،‬وان كانت األمانة العلمية‬
‫تقتضي اإلشارة إلى دراسة للدكتور محمد عبد الوهاب شحاتة بعنوان "مفهوم االستغناء‬
‫في التراث الصرفي والنحوي" وهو بحث مطبوع بمكتبة اآلداب (الطبعة األولى‬
‫‪1422‬ه‪ 2001 -‬م‪.‬‬
‫وهي مقسمة إلى‪ :‬مقدمة‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬وستة فصول‪ ،‬خاتمة‪.‬‬
‫الفصل األول‪-‬ضمنه الحديث عن مفهوم االستغناء عند القدماء‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ -‬االستغناء في مجال الوحدات الصوتية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ -‬االستغناء في مجال الحرف ‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ -‬االستغناء في مجال االسم في الصرف والنحو‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ -‬االستغناء في مجال الفعل في الصرف والنحو‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ -‬أسباب االستغناء‪.‬‬
‫وبنوع من اإليجاز؛ فإن بحث د‪ .‬محمد عبد الوهاب في مجمله مختلف جملة‬
‫وتفصيال في تناوله‪ ،‬ومعالجته عن بحثي هذا‪ .‬وبعد البحث على الشبكة العنكبوتية‬

‫‪58‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫(اإلنترنت) وجدت أن ثمة مجموعة من الدراسات كلها تحمل عنوان " العدول الصرفي‬
‫في القرآن الكريم‪ ،‬وكلها بعيدة عن موضوع هذا البحث‪.‬‬
‫أن‬
‫ومع أن مسائل هذه الظاهرة قد تضمنتها كتب التراث والكتب المعاصرة إال ّ‬
‫الباحث سوف يتناول هذه الظاهرة تناوال مختلفا‪ ،‬ويعالج مسائلها معالجة تبرز أهمية‬
‫العدول الصرفي في باب اسم الفاعل‪ ،‬وتكشف العلة من وراء هذا العدول‪.‬‬
‫وقد ارتأى الباحث أن يكون عرض مسائل البحث في مبحثين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ -‬العدول عن استعمال الفعل وداللة ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ -‬العدول عن استعمال اسم الفاعل وداللة ذلك‪ ،‬ويقع في محورين‪:‬‬
‫أ‪ -‬العدول عن استعمال األصل في اسم الفاعل من الفعل الثالثي‪.‬‬
‫ب‪ -‬العدول عن استعمال اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي‪.‬‬
‫وبناااء علااى ذلااك فقااد تضاامن البحااث‪ :‬مقدمااة‪ ،‬وتمهيااد‪ ،‬ومبحثااين ُزيااال بجاادول توضاايحي‬
‫لألبنيااة التااي تاام العاادول عاان اسااتعمالها‪ ،‬ثاام الخاتمااة‪ ،‬وانتهااى بثباات المصااادر والم ارجااع‬
‫التي استعان بها الباحث‪.‬‬
‫المقدمة ‪ :‬ضمنتها افتتاحية البحث‪ ،‬وسبب اختياره‪ ،‬والمنهج المتبع‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬والدراسات‬
‫السابقة‪ ،‬وأقسام البحث‪.‬‬
‫التمهيد ‪ -‬كان بمثابة مدخل للبحث تحدثت فيه بإيجاز عن كيفية اشتقاق اسم الفاعل‪.‬‬
‫المبحث األول‪ -‬العدول عن استعمال الفعل وداللة ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ -‬العدول عن استعمال االسم وداللة ذلك‪ ،‬ويقع في محورين‪:‬‬
‫العدول عن استعمال األصل في اسم الفاعل من الفعل الثالثي‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫العدول عن استعمال اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫جدول توضيحي لألبنية التي تم العدول عن استعمالها وأمثلة على ذلك‪.‬‬
‫الخاتمة ‪ -‬وهي عبارة عن أهم النتائج التي توصل إليها الباحث من خالل بحثه‪.‬‬
‫أخير ‪ :‬ثبت المصادر والمراجع‪.‬‬
‫و ًا‬

‫‪59‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫وبعددد فددإن هااذا البحااث قااد أخلصاات فيااه النيااة هلل وحااده‪ ،‬وتحرياات فيااه الدقااة والصاواب مااا‬
‫استطعت؛ فإن كنت قاد ُوفقات فمان اهلل وحاده‪ ،‬وماا تاوفيقي إال بااهلل‪ ،‬وان كانات األخارى‪،‬‬
‫منا إال مخطئ ومصيب ‪.‬‬ ‫فحسبي أني اجتهدت‪ ،‬وما ّ‬
‫ويعلمنااا مااا‬
‫در أدعااو اهلل أن يجعلااه عمااال متقاابال نافعاا‪ ،‬وأن ينفعنااا بمااا علمنااا‪ُ ،‬‬
‫وأخيد ًا‬
‫ينفعنا‪ ،‬وهو وحده أسأله السداد والتوفيق ‪.‬‬
‫التمهيد‬
‫حاد‪،‬‬
‫وع ُدوال‪َ :‬‬ ‫العدول في اللغة ‪ :‬قال صاحب اللسان‪" :‬ع َد َل عن الشيء ي ِ‬
‫عدال ُ‬
‫عد ُل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وعدل إليه ع ُدوال‪ :‬رجع ‪ ...‬والع ْدل‪ :‬أن ِ‬
‫تعدل الشيء عن وجهه ‪...‬‬ ‫جار‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وعن الطريق‪َ :‬‬
‫ع َد َل عنه ي ِ‬
‫عد ُل ُع ُدوال إذا مال كأنه يميل من الواحد إلى اآلخر‪)1(".‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والمقصود بالعدول في االصطالح‪ :‬هو التحول‪ ،‬أو االنتقال من لفظ إلى لفظ‪ ،‬أو من‬
‫وممن استخدم مصطلح العدول من‬ ‫وزن إلى وزن من باب االستحسان والذوق السليم‪َ ،‬‬
‫ابن األثير جاء ذلك في قوله‪" :‬ألفاظ ُيعدل عن استعمالها من غير دليل يقوم‬
‫العلماء ُ‬
‫عن العدول عنها"(‪ ،)2‬غير أن ثمة مصطلحات أخرى استخدمها النحاة تلتقي مع‬
‫مصطلح "العدول" فمثال سيبويه قد استخدم مصطلح األعراض‪ ،‬حيث قال‪" :‬هذا باب ما‬
‫يكون في اللفظ من األعراض حيث إنهم "يحذفون ويعوضون‪ ،‬ويستغنون بالشيء عن‬
‫الشيء الذي أصله في كالمهم أن يستعمل حتى يصير ساقطا"(‪ ،)3‬وهو مصطلح‬
‫يشمل العدول وغيره؛ ألن مصطلح "األعراض" كما فسره السيرافي‪ :‬ما يعرض في‬
‫الكالم‪ ،‬فيجيء على غير ما ينبغي أن يكون عليه قياسه‪ ،‬وربما يكون هذا هو لب‬
‫المقصود من العدول‪ ،‬كما استخدم أيضا مصطلح االستغناء‪ ،‬تبعه في ذلك كثير من‬
‫النحاة كابن جني الذي عقد بابا لالستغناء في الخصائص تحت عنوان "باب في‬
‫االستغناء بالشيء عن الشيء"(‪ ،)4‬وابن مالك ‪-‬في شرح التسهيل‪ -‬وأبي حيان ‪-‬في‬

‫)‪ )1‬اللسان ( مادة عدل ) مج ‪ ،87 :86 /9‬وانظر القاموس المحيط ‪. 14 /4‬‬
‫)‪ )2‬المثل السائر ‪. 274 /1‬‬
‫)‪ )3‬الكتاب ‪. 25 : 24/1‬‬
‫)‪ )4‬انظر الخصائص ‪.266 /1‬‬

‫‪60‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫العدول‬
‫االرتشاف‪ -‬ومصطلح "االستغناء" قريب جدا من مصطلح العدول؛ ألن في ُ‬
‫استغناء عن األبنية التي تم العدول عنها‪ ،‬غير أن العدول يزيد في المعنى عن‬
‫االستغناء؛ ألن االستغناء ال يعبر عن االستعاضة بما استُغني عنه‪ ،‬على عكس‬
‫العدول الذي يوحي باالستغناء عن استعمال اللفظ مع االستعاضة عنه بآخر‪ ،‬وهذا ما‬
‫قصدته من خالل اختياري لمصطلح "العدول"‪.‬‬
‫وقد جعل ابن األثير العدول من لفظ إلى لفظ‪ ،‬أو من وزن إلى وزن من باب‬
‫االستحسان والذوق السليم حيث قال‪" :‬أما اختالف صيغ األلفاظ فإنها إذا انتقلت من‬
‫هيئة إلى هيئة؛ كنقلها مثال من وزن من األوزان إلى وزن آخر‪ ،‬وان كانت اللفظة‬
‫واحدة‪ ،‬أو كنقلها من صيغة االسم إلى صيغة الفعل‪ ،‬أو من صيغة الفعل إلى االسم‬
‫‪...‬أو إلى غير ذلك‪ ،‬انتقل قبحها فصار حسنا‪ ،‬وحسنها صار قبحا‪ ،)5(".‬وقال في‬
‫موضع آخر‪" :‬ومن هذا النوع ألفاظ يعدل عن استعمالها من غير دليل يقوم على‬
‫العدول عنها‪ ،‬وال يستفتى في ذلك إال الذوق السليم‪ ،‬وهذا موضع عجيب ال ُيعلم كنه‬
‫سره"(‪ ،)6‬فكل ما يحدث في األلفاظ من العدول واألعراض يرجع إلى حاكم الذوق‬
‫السليم؛ فصاحب الصناعة يصرف األلفاظ بضروب التصريف‪ ،‬فما عذب في فمه منها‬
‫استعمله‪ ،‬وما لفظه فمه تركه‪ ،‬ففي أسماء الفاعلين مثال تجد أوزان الثالثي "فَ َع َل‪ ،‬وفَ ِع َل‪،‬‬
‫وفَ ُع َل" هذه األوزان الثالثة لها أسماء فاعلين؛ فأما الوزن األول "فَ َع َل" فليس له إال اسم‬
‫واحد وهو "فاعل"‪ ،‬وكذلك الوزن الثالث "فَ ُع َل" ليس له إال اسم واحد أيضا‪ ،‬وهو "فَعي ٌل"‪،‬‬
‫وال يقع فيه اختالف إال ما ش ّذ منه‪ ،‬أما وزن "فَ ِع َل" بكسر العين فاسم الفاعل منه يقع‬
‫الن" نحو‪:‬‬ ‫فيه االختالف استحسانا واستقباحا؛ ألن له ثالثة أوزان‪" :‬فاعل‪ ،‬وفَ ِع ٌل‪ ،‬وفَ ْع ٌ‬
‫فارٌح‪ ،‬وفَ ِرٌح‪ ،‬وفَرحان‪ .‬وأحسنها وأكثرها استعماال هو فَ ِرٌح‪ ،‬يليه فرحان‪ ،‬يليه‬‫فَ ِرَح فهو ِ‬
‫فارح‪ ،‬فلم ترد في القرآن من هذه الثالثة ولم تستعمل إال "فَ ِرٌح" في قوله تعالى‪ُ " :‬ك ُّل‬
‫ِ‬
‫ح ْز ٍب بِ َما لَ َد ْي ِه ْم فَ ِرُح َ‬
‫ون"( )‪ ،‬وقوله‪" :‬إَِّنهُ لَفَ ِرٌح فَ ُخ ٌ‬
‫ور"(‪ ،)8‬وغيرهما من اآليات‪ ،‬فتأليف‬ ‫‪7‬‬

‫)‪ )5‬المثل السائر ‪. 274 /1‬‬


‫)‪ )6‬المثل السائر ‪ ،277 /1‬وانظر ص ‪. 280‬‬
‫)‪ )7‬سورة المؤمنون (‪. )53‬‬

‫‪61‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫الكالم يكون بصدد استعمال الحسن واألحسن‪ ،‬ال بصدد استعمال الجائز وغير‬
‫‪9‬‬
‫الحسن ال على الجواز‪.‬‬
‫وقلئم على ُ‬
‫مبني ٌ‬‫الجائز( )؛ فالكالم إذا ٌّ‬
‫تعريف اسم الفاعل ‪:‬‬
‫"اسم الفاعل" هو مصطلح البصريين‪ ،‬أما الكوفيون فيسمونه "الفعل الدائم"‪ ،‬فهم‬
‫ٍ‬
‫"ماض ومضارع ودائم‪ ،‬وال يقصدون بالدائم فعل األمر‪ ،‬ولكنهم‬ ‫يقسمون‪ :‬األفعال إلى‪:‬‬
‫قسيم للماضي والمضارع"(‪،)10‬‬
‫يريدون به اسم الفاعل‪ ،‬فهو عندهم ‪-‬أي اسم الفاعل‪ٌ -‬‬
‫وهو ما اشتُق من مصدر المبني للفاعل‪ ،‬لمن وقع منه الفعل أو تعلق به(‪ ،)11‬وقد ورد‬
‫السم الفاعل تعريفات عدة في كتب النحاة؛ فعرفه الزمخشري في المفصل بأنه‪" :‬ما‬
‫و"م َد ِ‬ ‫ِ‬
‫حرج"‪،‬‬ ‫و"م ْستَِرج"‪ُ ،‬‬
‫و"منطَلق"‪ُ ،‬‬ ‫و"م ِ‬
‫كرم"‪ُ ،‬‬ ‫يجري على َ"ي ْف َع ُل" من فعله ك ِ‬
‫ا"ضارب"‪ُ ،‬‬
‫ويعمل عمل الفعل في التقديم والتأخير‪ ،‬واإلظهار واإلضمار"(‪ .)12‬كما عرفه في‬
‫األنموذج بأنه‪" :‬المشتق من الفعل لمن قام بالفعل على معنى الحدوث"(‪ ،)13‬وقيل‪ :‬هو‬
‫"مشتق من فعل موضوع لمن قام به بمعنى الحدوث"(‪ ،)14‬أو "هو الصفة الدالة على‬
‫فاعل جارية في التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها لمعناه أو معنى‬
‫الماضي"(‪ ،)15‬وعرفه ابن هشام بأنه‪":‬الوصف الدال على الفاعل‪ ،‬الجاري على حركات‬
‫المضارع وسكناته"(‪ ،)16‬وعرفه عباس حسن بأنه‪":‬اسم مشتق يدل على معنى مجرد‬
‫‪17‬‬
‫معا‪ :‬المعنى‬
‫حادث‪ ،‬وعلى فاعله"( )‪ ،‬فال بد في اسم الفاعل من الداللة على شيئين َ‬

‫)‪ )8‬سورة هود (‪. )10‬‬


‫)‪ )9‬انظر المثل السائر ‪. 284 :283/1‬‬
‫)‪ )10‬معاني القرآن للفراء ‪. 43/2 ،85 ،65/1‬‬
‫)‪ )11‬انظر الممتع في التصريف ‪ ،450/2‬والمقرب ص‪ ،17‬وشرح التسهيل ‪. 398/2‬‬
‫)‪ )12‬المفصل ص ‪ ،270‬وشرح المفصل ‪.84/4‬‬
‫)‪ )13‬شرح األنموذج في النحو ص ‪ ،126‬وشرح شذور الذهب ص ‪.360‬‬
‫)‪ )14‬العوامل المائة النحوية ص ‪.294‬‬
‫)‪ )15‬حاشية الصبان ‪. 292/2‬‬
‫)‪ )16‬شرح قطر الندى وبل الصدى ص ‪. 278‬‬
‫)‪ )17‬النحو الوافي ‪. 238/3‬‬

‫‪62‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫المجرد الحادث‪ ،‬وفاعله‪ .‬فكلمة "عادل" مثال تدل على شيئين معا هما(‪ :)18‬العدل‬
‫مطلقا‪ ،‬والذات التي فعلته أو ينسب إليها‪.‬‬
‫أبنية اسم الفاعل ‪:‬‬
‫اختلف البصريون والكوفيون في األصل في االشتقاق الفعل هو أو المصدر؟(‪،)19‬‬
‫حيث ذهب البصريون إلى أن المصدر هو أصل االشتقاق‪ ،‬وذهب الكوفيون إلى أن‬
‫الفعل هو أصل االشتقاق؛ ولذلك َّ‬
‫فإن اسم الفاعل يصاغ من المصدر أو من الفعل‪،‬‬
‫وحيث إن الدراسة تقوم على تناول ظاهرة العدول في بابي الفعل واالسم‪ ،‬فسوف تتبع‬
‫المذهب الكوفي‪ ،‬وبناء عليه فإن اسم الفاعل يصاغ من الفعل الثالثي على عدة أوزان‬
‫جمعها ابن مالك في قوله(‪:)20‬‬
‫كون‪َ ،‬كا ا ا َغ َذا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فاع ٍل‪ :‬إِذا‬ ‫اع ٍل ص ِغ اسم ِ‬ ‫َكفَ ِ‬
‫م ا ا ا ْن ذي ثَالثَة َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اسهُ فَ ِعا ا ا ا ا ْل‬ ‫ِ‬
‫َغ ْي َر ُم ا ا ا َع ًّدى َبل ق َي ُ‬ ‫ت َوفَ ِع ْل‬ ‫وهو قلي ٌل في فَ ُعْل ُ‬ ‫َ‬
‫َجهَ ِر‬ ‫ونحو األ ْ‬ ‫ان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حو أَش ِر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ص ْد َي َ‬
‫حو َ‬ ‫ون ا ا ا ُ‬ ‫الن‪َ ،‬ن ُ‬ ‫َوأ ْف َع ُل‪ ،‬فَ ْع ُ‬
‫الفع ُل َج ُم ْل‬ ‫ميل‪ ،‬و ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫َكالض ْ ِ‬ ‫َوفَ ْع ٌل أَولَى ‪َ ،‬وفَ ِعي ٌل بِفَ ُع ْل‬
‫َّخم و َ‬
‫الفاع ِل قَا اد َي ْغنى فَا َاع ا ْال‬ ‫وبِ ِسوى ِ‬ ‫فيه َقلِيا ا ا ا ٌل َوفَا ا ا َع ْل‪،‬‬
‫وأَ ْفع ا ٌل ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ويمكن تفصيل أوزان اسم الفاعل من الفعل الثالثي التي ذكرها ابن مالك في األبيات‬
‫السابقة كاآلتي‪:‬‬
‫ِ‬
‫وزن"فاعل"‪ :‬ويكون ذلك قياسيا أو سماعيا‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫قياسيا‪ :‬من الفعل الذي بزنة "فَ َع َل" مفتوح العين متعديا كان‪ ،‬أو الزما‪ ،‬صحيحا كان أو‬
‫قتل فهو قات ٌل‪ ،‬وضرب فهو‬ ‫معتال‪ ،‬يجيء اسم الفاعل منه على وزن ِ‬
‫"فاعل" نحو‪َ :‬‬

‫)‪ )18‬انظر النحو الوافي ‪. 239 : 238/3‬‬


‫)‪ )19‬انظر اإلنصاف في مسائل الخالف ‪. 224 :217 /1‬‬
‫)‪ )20‬شرح ابن عقيل‪ ،135 :134/3‬وحاشية الخضري ‪ ،561 :560/2‬وحاشية الصبان ‪،314 :312/2‬‬
‫وتوضيح المقاصد ‪ ،30 ،29 /2‬والنحو الوافي ‪.290 :289/3‬‬

‫‪63‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ضارب‪ ،‬ووعد فهو و ِ‬


‫اعد‪ ،‬وقَال فهو قائل‪،‬‬ ‫ب فهو ِ‬ ‫‪21‬‬
‫ِ‬
‫ََ‬ ‫ض َر َ‬
‫مطرد( )‪ ،‬مثل‪َ :‬‬
‫ٌ‬ ‫قياس‬
‫ب‪ٌ .‬‬ ‫ضار ٌ‬
‫الماء‪ :‬إذا سال‪ .‬وغذا البول‪ :‬إذا انقطع(‪.)22‬‬ ‫وغ َذا (بمعنى سال) فهو ٍ‬
‫غاذ‪ ،‬يقال‪ :‬غذا‬
‫ُ‬
‫ويستعمل متعديا يقال‪ :‬غذا الطعام الصبي‪ ،‬وغذوته أنا باللبن‪ .‬وكذا من الفعل المكسور‬
‫ب‪ .‬وذكر ابن‬ ‫العين "فَ ِع َل" إذا كان متعديا نحو‪:‬علِم فهو عالِم‪ ،‬ورِكب فهو ر ِ‬
‫اك ٌ‬ ‫ٌ َ َ‬ ‫ََ‬
‫السراج(‪ ) 23‬أن اسم الفاعل يأتي على هذا الوزن من أبنية المتعدي من الثالثي وهي‪:‬‬
‫(فَ َع َل َي ْف ِع ُل)‪( ،‬فَ َع َل َي ْف َع ُل)‪ ،‬و(فَ ِع َل َي ْف َع ُل)‪ ،‬كما يأتي من الثالثي الذي ال يتعدى بزنة‬
‫ت الشمس فهي حامية‪ .‬وقد ال يأتي اسم‬ ‫رد فهو َح ِارٌد‪َ ،‬ح ِم َي ْ‬
‫(فَ ِع َل َي ْف ُع ُل) مثل‪َ :‬ح ِرَد َي ْح ُ‬
‫شاب‬ ‫"فاعل" التي هي الغالبة فيه وهو قليل(‪ ،)24‬نحو‪:‬‬ ‫الفاعل من "فَعل" على وزن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وشاخ الشاب فهو َش ْي ٌخ‪ ،‬فقد عدل عن بناء "فاعل" إلى بناء آخر‪.‬‬
‫َ‬ ‫الرجل فهو أَ ْشيب‪،‬‬
‫وسماعيا‪ :‬ويكون قليال(‪ )25‬من الفعل الالزم بزنة "فَ ِع َل" بكسر العين‪ ،‬مثل‪ِ :‬‬
‫أم َن فهو‬
‫وعقرت المرأة فهي ِ‬
‫عاقٌر‪ .‬ومن الفعل بزنة "فَ ُع َل" ‪-‬الذي ال يكون‬ ‫آمن‪ ،‬وسلِم فهو سالِم‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ونعم فهو ِ‬
‫ناع ٌم‪.‬‬ ‫طهر فهو َ ِ‬ ‫إال الزما‪ -‬وهو قليل‪ ،‬كقولهم‪ :‬حمض فهو ِ‬
‫طاهٌر‪َ ُ َ ،‬‬ ‫ض‪ ،‬و َ َُ‬
‫حام ٌ‬ ‫َُ َ‬
‫وقال عباس حسن‪" :‬صيغة "فاعل" المراد بها "اسم الفاعل" ال تشتق إال من مصدر فعل‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬ثالثي متصرف‪ .‬ويتساوى في هذا كل أنواع الماضي (الثالثي المتصرف‪،‬‬
‫المتعدي والالزم‪ ،‬مفتوح العين‪ ،‬ومضموها‪ ،‬ومكسورها)"(‪.)26‬‬
‫ب‪ -‬وزن "فَ ِعل"‪ ،‬و"فَ ْع َ‬
‫الن"‪ ،‬و"أَف َْع َل"(‪ :)27‬يأتي اسم الفاعل على هذه األوزان قياسا‬
‫وب ِط َر فهو َب ِطٌر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من "فع َل" بكسر العين إذا كان الزما‪ .‬فمثال "فَعل"‪َ :‬نض َر فهو َنضٌر‪َ ،‬‬

‫)‪ )21‬انظر كتاب في التصريف للجرجاني ص ‪ ،33‬وارتشاف الضرب ‪ ،233 /1‬وشرح جمل الزجاجي ص‬
‫‪.367‬‬
‫)‪ )22‬انظر شرح التصريح على التوضيح ‪ ، 77/2‬وحاشية الخضري ‪.560/2‬‬
‫)‪ )23‬انظر األصول ‪ ،88 ،86/3‬والفصول في العربية‪ ،‬البن الدهان ص ‪.97‬‬
‫)‪ )24‬انظر النحو الوافي ‪. 290 /3‬‬
‫)‪ )25‬انظر شرح التصريح ‪ ، 78 /2‬وتوضيح المقاصد ‪ ،29 /2‬وكتاب في التصريف ص ‪. 35‬‬
‫)‪ )26‬النحو الوافي ‪ ،242/3‬والكافية في علم النحو‪ ،‬والشافية في علمي التصريف والخط ص ‪. 66 :65‬‬
‫)‪ (27‬انظر األصول ‪ ،95 : 93/3‬والفصول في العربية‪ ،‬البن الدهان ص ‪ ،96‬وكتاب في التصريف ص‬
‫‪ ،34‬وشرح التصريح ‪.78 /2‬‬

‫‪64‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ط َشان‪،‬‬ ‫الن"‪ :‬الجوع والعطش‪ ،‬نحو‪َ :‬ع ِط َ‬


‫ش فهو َع ْ‬ ‫َشر (األحمق) فهو أ ِ‬
‫َشٌر‪ .‬ومثال "فَ ْع ٌ‬ ‫ِ‬
‫وأ َ‬
‫ص ْديان‪ .‬ومثال "أَ ْفعل"‪ :‬لأللوان وغيرها نحو‪َ :‬س ِوَد‬ ‫ِ‬
‫ي الضال في الصحراء فهو َ‬ ‫وصد َ‬
‫َ‬
‫َجهَُر‪" .‬وكل هذه‬ ‫وج ِه َر الرج ُل (لم يقدر على اإلبصار في الشمس) فهو أ ْ‬ ‫ود‪َ ،‬‬
‫َس ُ‬
‫فهو أ ْ‬
‫صفات مشبهة‪ ،‬وليست باسم حقيقي‪ ،‬كما قد يفهم من ظاهر كالم ابن مالك‪ ،‬ولعل‬
‫ٍ‬
‫معان الزمة أو‬ ‫قصده –كما قال بعض الشراح‪ -‬أن تلك األفعال تدل في الغالب على‬
‫ما يشبهها‪ ،‬فيناسبها أن يصاغ منها صفات مشبهة بتلك األوزان‪ ،‬ال أسماء‬
‫فاعلين"(‪ ،)28‬كما يرى د‪ .‬عباس حسن أن تسمية هذه األبنية‪ -‬التي ليست على وزن‬
‫فاعل‪ -‬باسم الفاعل ه من قبيل التسمية المجازية التي شاعت قديما حتى صارت‬
‫اصطالحا عند القدامى ‪.‬‬
‫ت‪ -‬وزن "فَ ْعل"‪ ،‬و"فَعيل" ‪ :‬يأتي اسم الفاعل على هذين الوزنين من الماضي‬
‫الثالثي بزنة "فَ ُع َل" بضم العين‪ -‬وهو وزن ال يكون إال في الفعل القاصر(‪،)29‬وهو‬
‫مجيء اسم الفاعل منه على هذين الوزنين وهو األولى‪ ،‬قال أبو حيان‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الالزم‪ ،‬ويكثر‬
‫ف فهو َشريف‪ ،‬وقال ابن مالك‪:‬‬‫"‪...‬أو كان على فَ ُعل كان بزنة فعيل قياسا نحو‪َ :‬ش ُر َ‬
‫كثر فعيل وفَ ْعل في فَ ُعل‪ ،‬ومن استعمل القياس فيهما عند عدم السماع فهو مصيب‪،‬‬
‫‪30‬‬
‫ض ُخ َم‬
‫وخالف النحاة في كونه جعل فَ ْعال مقيسا عند عدم السماع"( )‪ ،‬ومنه قولهم‪َ :‬‬
‫ظريف‪،‬‬ ‫ف فهو َ‬ ‫ظ ُر َ‬
‫ض ْخ ٌم‪ ،‬و َشهُ َم فهو َش ْه ٌم‪ .‬ونحو‪َ :‬ج ُم َل الغزال فهو َجمي ٌل‪ ،‬و َ‬
‫فهو َ‬
‫ق فهو‬ ‫ورفُ َ‬
‫ظيم‪َ ،‬‬
‫وعظُ َم فهو َع ٌ‬ ‫فقير‪ّ ،‬‬
‫يف‪ ،‬و َك ُرَم فهو كريم‪ ،‬وفَقَُر فهو ٌ‬ ‫ف فهو َشر ٌ‬ ‫و َش ُر َ‬
‫َرفيق‪ ،‬ويأتي اسم الفاعل على "فعيل" أيضا فيما كان والية نحو‪ :‬وكيل‪ ،‬وأمير‪.‬‬
‫وورد اسم الفاعل على بناء "فَعيل" بغير قياس(‪ )31‬من "فَ َع َل" المفتوح العين نحو‪َ :‬ع َّ‬
‫ف‬
‫ِ‬
‫ميت‪ ،‬وساد‬‫خفيف‪ ،‬وعلى بناء "فَ ْع ِول‪ ،‬وفَ ْيعل" نحو‪ :‬مات فهو ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ف فهو‬ ‫وخ َّ‬
‫عفيف‪َ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫فهو‬
‫فهو سيد‪ ،‬وعلى بناء "فَ َعال" نحو‪ :‬جاد فهو َج َو ٌاد‪.‬‬

‫)‪)28‬النحو الوافي ‪ ، 289 /3‬وانظر ص ‪.290‬‬


‫)‪ )29‬انظر المثل السائر ‪ ،60/2‬وكتاب في التصريف ص ‪. 34‬‬
‫)‪ )30‬ارتشاف الضرب ‪. 233/1‬‬
‫)‪ )31‬انظر الهمع ‪328 /3‬‬

‫‪65‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ث‪ -‬وزن "أَف َْع َل"‪ ،‬و"فَ َعل" ‪ :‬يأتي اسم الفاعل على هذين الوزنين بقلة من "فَ ُع َل"‬
‫ط ٌل‪ ،‬ومن "فَ ِع َل"‬
‫ب‪ ،‬ونحو‪َ :‬بطُ َل المجاهد فهو َب َ‬ ‫ضُ‬‫َخ َ‬
‫ب فهو أ ْ‬ ‫ضَ‬
‫بضم العين‪ ،‬نحو‪َ :‬خ ُ‬
‫َج َب ُن‪.‬‬ ‫فيما كان داء‪ ،‬أو عيبا نحو‪َ :‬ع ِوَر فهو أعور‪ ،‬وأصلَع‪ ،‬وأ ْ‬
‫َج َذ ُم‪ ،‬وأ ْ‬
‫تنبيه‪" :‬جميع هذه الصفات صفات مشبهة إال فاعآل‪ ،‬كضارب وقائم فإنه اسم فاعل‪ ،‬إال‬
‫إذا أضيف إلى مرفوعه‪ ،‬وذلك فيما إذا دل على الثبوت كطاهر القلب‪ ،‬وشاحط الدار‬
‫أي بعيدها فهو صفة مشبهة أيضا"(‪ ،)32‬إذا فكل األبنية التي خرجت عن بناء ِ‬
‫"فاعل"‬
‫ودلت على الثبوت هي صفات مشبهة باسم الفاعل إال إذا قُصد بها الحدوث فهي‬
‫أسماء فاعلين‪ .‬كما أن بناء "فاعل" فهو في االصطالح اسم فاعل إال إذا اضيف إلى‬
‫مرفوعه في المعنى وذلك فيما يكون داال على الثبوت نحو‪ :‬طاهر القلب‪ ،‬وشاحط‬
‫طاهر قلبه‪ ،‬وشاحطةٌ داره؛ فيكون صفة مشبهة باسم الفاعل‪ .‬قال‬
‫ٌ‬ ‫الدار‪ .‬أي‪:‬‬
‫الخضري‪" :‬جميع هذه الصفات التي ليست على فاعل صفات مشبهة إن قُصد بها‬
‫الثبوت وان لم تُضف لمرفوعها‪ ،‬واطالق اسم الفاعل عليها مجاز في االصطالح‬
‫الشائع‪ ،‬فإن قُصد بها الحدوث كانت أسماء فاعلين‪ ،‬ونقل اإلسقاطي أنه إذا أريد بها‬
‫حاسن ال َح َسن‪ ،‬وأما موازن فاعل‬‫النص على الحدوث حولت إلى فاعل فيقال‪ِ :‬‬
‫ُ‬
‫كضارب وقائم فاسم فاعل إال إذا دل على الثبوت‪ ،‬وأضيف لمرفوعه فيكون صفة‬
‫مشبهة أو ملحقا بها‪ ،)33(".‬وذكر ابن الحاجب(‪ )34‬كل هذه األوزان تحت باب الصفة‬
‫المشبهة‪ ،‬كما ذكر السيوطي في الهمع(‪ )35‬أن هذه األوزان هي الصفة المشبهة‪" ،‬فإن‬
‫قلت‪ :‬كيف يطلق على هذه األوزان اسم فاعل‪ ،‬وانما هي من الصفة المشبهة؟ قلت‪:‬‬
‫كثير على كل وصف مشارك‬
‫ا‬ ‫يطلق اسم الفاعل في اللغة كثيرا‪ ،‬وفي االصطالح‬
‫وتحمل ضمير الفاعل‪)36(".‬‬
‫ُّ‬ ‫للفعل في مادة حروف االشتقاق‬

‫)‪ )32‬حاشية الصبان ‪ ،314 /2‬وشرح التصريح ‪.78/2‬‬


‫)‪ )33‬حاشية الخضري ‪. 562: 561 /2‬‬
‫)‪ )34‬انظر الكافية في علم النحو والشافية في علمي الصرف والخط ص ‪. 66 ، 65‬‬
‫)‪ )35‬انظر الهمع ‪.327 /3‬‬
‫)‪ )36‬توضيح المقاصد ‪.30/2‬‬

‫‪66‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ويصاغ من غير الثالثي كما قال أبو حيان‪" :‬كمضارعه عددا وحركة‬
‫إال أن أوله ميم مضمومة‪ ،‬وما قبل اآلخر في اسم الفاعل مكسور‪ ،‬وفي اسم المفعول‬
‫تقدير فيهما"(‪ ،)37‬فيطّرد في بناء اسم الفاعل من غير الثالثي زنة‬
‫ا‬ ‫مفتوح لفظا‪ ،‬أو‬
‫مضارعه مع قلب حرف المضارعة ميما مضمومة‪ ،‬وكسر متلو اآلخر‪ ،‬أو قلبه ياء إذا‬
‫كان ألفا‪ ،‬أو واوا‪ ،‬وقد نص على ذلك ابن مالك في قوله (‪:)38‬‬
‫اص ِل‬‫ق َكالمو ِ‬ ‫ير ِذي الثَال ِ‬ ‫ِم ْن َغ ِ‬ ‫وِزَنةُ المضا ِرِع اسا اام ف ا ا ا ا ا ِ‬
‫ااع ِل‬
‫َُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ا ا ا ُام ما ا ا ا اايم زائ ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااد َقد َس َبقَا‬ ‫ِ‬
‫َمع َك ْس ِر َم ْتلُو األَخ ِ‬
‫َو َ‬ ‫ير ُمطلَقا‬
‫وبعد‪ ،‬فإن البحث يناقش قضية العدول عن استعمال بعض األبنية إلى أبنية أخرى في‬ ‫ُ‬
‫باب اسم الفاعل وذلك من خالل تناول ما وقع في األوزان السابقة من عدول في‬
‫االستعمال‪ ،‬واالستعاضة عنه بآخر سواء في الفعل‪ ،‬أم في اسم الفاعل المشتق منه‪،‬‬
‫ويعدل عن استعمال فعله –الذي اشتق منه‪-‬‬‫وهذا يعني أنه قد يستعمل اسم الفاعل‪ُ ،‬‬
‫في الكالم العربي الفصيح‪ ،‬إلى استعمال فعل آخر تم العدول عن استعمال اسم فاعله‬
‫المشتق منه؛ فصارت القضية محصورة في مناقشة استعمال اسم فاعل لفعل غير‬
‫مستعمل لغويا‪ ،‬واستعمال فعل السم فاعل غير مستعمل لغويا‪ ،‬فكل من الفعل‪ ،‬واسم‬
‫الفاعل غير المستعملين قد تم العدول عنهما إلى غيرهما‪ ،‬وقد وقع ذلك في أفعال‬
‫محدودة في اللغة‪ ،‬وهذا ما سنالحظه من خالل البحث‪ ،‬إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫المبحث األول‪ -‬العدول عن استعمال الفعل وداللة ذلك‪.‬‬

‫العدول عن استعمال بناء "فَع َل" إلى بناء ِ"افْتَ َع َل"‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫يصاغ اسم الفاعل قياسيا من "فَ ُع َل" على وزن "فَعيل"‪ ،‬قال ابن هشام‪" :‬وقياس الوصف‬
‫من فَ ُع َل –بالضم‪ -‬فَعي ٌل كظَريف و َش ِريف"(‪ )39‬ولكن قد ُيعدل عن استعمال هذا الوزن‬

‫)‪ )37‬ارتشاف الضرب ‪ ،233/1‬وانظر همع الهوامع ‪. 327 /3‬‬


‫)‪ )38‬شرح ابن عقيل ‪ ،136/3‬وحاشية الصبان ‪ ،315 :314/2‬وحاشية الخضري ‪ ، 561/2‬وتوضيح‬
‫المقاصد ‪.30/2‬‬
‫)‪ )39‬أوضح المسالك ‪. 243 /3‬‬

‫‪67‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫"فَ ُع َل" في قليل من األفعال في باب اسم الفاعل حيث إنه ُيعدل عنه إلى وزن آخر هو‬
‫"فقير" كما‬
‫و"رفُ َع"‪ .‬قال سيبويه‪" :‬وقالوا ٌ‬
‫"افتعل"‪ ،‬ويكون ذلك في األفعال‪" :‬فَقَُر" و" َش ُد َد"‪َ ،‬‬
‫عف‪ ،‬وقالوا‪ :‬الفُ ْقر كما قالوا‪:‬‬
‫عيف‪ ،‬وقالوا‪ :‬الفَ ْقر‪ ،‬كما قالوا‪ :‬الض ْ‬ ‫ض ٌ‬‫صغير و َ‬
‫ٌ‬ ‫قالوا‪:‬‬
‫نسمعهم قالوا‪ :‬فَقُر‪ ،‬كما لم يقولوا فى الشديد‪َ :‬ش ُد َد‪ ،‬استغنوا‪ ،‬باشتَد‬
‫الض ْعف‪ .‬ولم َ‬‫ُ‬
‫‪40‬‬
‫‪،‬وافتَقَر"( )‪ ،‬وقال أيضا‪ ..." :‬وقالوا‪ :‬رفيعٌ ولم نسمعهم قالوا‪َ :‬رفُ َع‪ ،‬وعليه جاء رفيعٌ‬
‫وان لم يتكلموا به‪ ،‬واستغنوا بارتفع"(‪ ،)41‬وأكد ذلك ابن السراج في األصول(‪ )42‬فذكر‬
‫تفع" عن َ"رفُ َع"‪ " .‬قال أبو‬
‫أنهم قالوا‪ :‬رفيعٌ ولم يقولوا َ"رفُ َع"‪ ،‬فهم بذلك قد استغنوا با "ار َ‬
‫علي‪ :‬قولهم افتقر فهو فقير‪ ،‬واشتد فهو شديد‪ ،‬لم يأت فقير وشديد على هذا الفعل‪،‬‬
‫لت"‬
‫ت" على "فَ ُع َ‬
‫ف" و" َش ُد ْد َ‬
‫"ض ُع َ‬
‫وانما أتى على فعل لم يستعمل وهو "فَقُر"كما يقولون َ‬
‫اشتد"(‪ ،)43‬وقد ذكر المبرد في المقتضب(‪ )44‬تحت باب "ذوات الثالثة‬ ‫واستغنوا بافتقر و َّ‬
‫من األفعال بغير زيادة" أن األفعال الثالثية تكون على‪( :‬فَ َع َل‪َ-‬يفَ ِع ُل)‪ ،‬وتكون على‬
‫(فع َل‪-‬ي ْف ُع ُل)‪ ،‬ومنها على (فَ ِع َل‪َ-‬ي ْف َع ُل)‪ ،‬وتكون على (فَ ُع ُل‪َ-‬ي ْف ُع ُل)‪ ،‬واليكون هذا األخير‬
‫َ‬
‫كرُم‪" .‬والفعل الذي هو لفَعيل في األصل‬ ‫كرَم َي ُ‬
‫إال لما ال يتعدى من األفعال وذلك نحو‪ُ :‬‬
‫ف فهو‬ ‫ف فهو َش ِريف‪ُ ،‬‬
‫وظر َ‬ ‫يم‪ ،‬و َش ُر َ‬‫إنما هو ما كان على (فَ ُع َل) نحو‪َ :‬ك ُرَم فهو َك ِر ُ‬
‫ورِحم فهو ملحق به"‪ .)45(i‬فالمبرد يجزم هنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظَ ِريف‪ ،‬فما خرج إليه من باب َعلم و َشهد َ‬
‫بأن الفعل الذي بزنة "فَ ُع َل"‪ ،‬إنما يصاغ منه اسم الفاعل على "فَعيل"‪ ،‬ويؤكد ذلك قول‬
‫المرزوقي‪" :‬كما أنه قد يجيء اسم الفاعل على ما لم يستعمل من الفعل نحو‪ :‬فقير جاء‬
‫عن فَقَُر والمستعمل ِا ْفتَقَ َر‪ .‬وكذلك شديد والمستعمل ِاشتَ َّد‪ ،‬فكذلك قولك آنِفا والمستعمل‬
‫ال آنِفا"(‪ .)47‬وقال ابن هشام‪:‬‬‫"ما َذا قَ َ‬
‫ف"( )‪ ،‬وقد ورد ذكر "آنفا" في قوله تعالى‪َ :‬‬
‫‪46‬‬
‫أيتََن َ‬

‫)‪ )40‬الكتاب ‪ ،33 : 32 /4‬وانظر األصول ‪ ،100/3‬والمخصص ‪.398/2‬‬


‫)‪ )41‬الكتاب ‪. 33 /4‬‬
‫)‪ )42‬انظر األصول ‪. 100 /3‬‬
‫)‪ )43‬المخصص ‪. 292 / 4‬‬
‫)‪ )44‬انظر المقتضب ‪. 109 /2‬‬
‫)‪ )45‬المقتضب ‪. 114 /2‬‬
‫)‪ )46‬األزمنة واألمكنة للمرزوقي ص ‪. 196‬‬

‫‪68‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫وض ْخٍم‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫يف و َش ِريف‪ ،‬ودونه فَ ْع ٌل ك َش ْهم َ‬‫ظر ٌ‬‫"وقياس الوصف من فَ ُع َل‪-‬بالضم‪ -‬فَ ِعي ٌل‪َ ،‬ك ِ‬

‫ط ٍل َ‬
‫وح َس ٍن‪ ،‬وفَ َعا ٌل –بالفتح‪-‬‬ ‫كب َ‬
‫ب إذا كان أحمر إلى ال ُكدرة‪ ،‬وفَ َع ٌل َ‬ ‫طُ‬
‫َخ َ‬
‫ودونهما أَ ْف َع ُل كأ ْ‬
‫كع ْفر أي‪ :‬شجاع ماكر"(‪.)48‬‬ ‫اع‪ ،‬وفُعل كجُنب‪ ،‬وِفعل ِ‬ ‫ان‪ ،‬وفُ َعا ٌل –بالضم‪ -‬ك ُش َج ٍ‬ ‫كج َب ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقال ابن منظور‪":‬فقر‪ :‬الفَ ْقر‪ ،‬والفُ ْقر ضد الغنى‪ ،‬مثل الضَّعف والضُّعف‪ .‬الليث‪ :‬والفُقر‬
‫لغة رديئة؛ ابن سيدة‪ ... :‬وقد فَقُر فهو فقير‪ ،‬والجمع فقراء‪ ،‬واألنثى فقيرة من نسوة‬
‫فقائر؛ وحكى اللحياني‪ :‬نسوة فقراء ‪ ...‬والفقير مبني على فَقَُر قياسا ولم يقل فيه إال‬
‫ا ْفتَقَ َر ي ْفتَِق ُر‪ ،‬فهو فقير‪ ،" )49(".‬كما أن العكبري أيضا يقُر باشتقاق "فقير" من الفعل‬
‫"فَقَُر"‪ ،‬وينكر استعماله‪ ،‬ويبينه قوله‪" :‬وأما "أَ ْفقَر" فال يستعمل منه "فَقُر"‪ ،‬ولكن ِ"ا ْفتَقََر"‬
‫ف"‬‫إال أن األصل أن ُيستعمل؛ ألنه قد جاء الفاعل منه "فَقير" فهو مثل‪" :‬ظَ ُر َ‬
‫و"ظَريف"‪ ،‬فلما تعجبوا منه أخرجوه على األصل"(‪.)50‬‬
‫"غنِ َي"‪ ،‬وبناء اسم الفاعل‪-‬أو‬
‫مما سبق يتبن لنا أن "فَقَُر" فعل ثالثي بزنة "فَ ُع َل"‪ ،‬ضد َ‬
‫الصفة‪-‬منه على "فَعيل"‪ ،‬وهو من األفعال التي ُعدل عن استعمالها في اللغة العربية‪،‬‬
‫قير‪ .‬مع أن "فَقَُر"‬ ‫يفتقر فهو فَ ٌ‬
‫افتقر ُ‬‫واستعملوا بدال منه فعل آخر هو "افتقر"‪ ،‬فقالوا‪َ :‬‬
‫"م ْفتَِقٌر"‪ ،‬إال‬
‫"افتقر" فاسم الفاعل منه ُ‬
‫َ‬ ‫هو الفعل الذي اُشتق منه بناء "فقير"‪ ،‬أما الفعل‬
‫أنهم قد عدلوا عن استعمال "فَقَُر"‪ ،‬واستعملوا مكانه "افتقَ َر"‪ ،‬وبذلك يكونون قد استغنوا‬
‫"مفتَ ِع ٍل" –‬ ‫‪51‬‬
‫بافتقر عن فَقَُر‪ ،‬وعليه جاء فقير( )‪ ،‬وهم مع ذلك أيضا قد عدلوا عن بناء ُ‬
‫اسم الفاعل من افتعل‪ -‬إلى بناء "فَعيل"‪ ،‬فقالوا‪ :‬فقيرا‪ ،‬ولم يقولوا‪ُ :‬م ْفتَِق ار ‪ .‬وبذلك يكون‬
‫العدول في هذه المسألة قد وقع في شيئين‪ :‬األول‪ :‬الفعل "فَقَُر" ُعدل عنه إلى ِ"ا ْفتَقََر"‪،‬‬
‫"مفتقر" ‪-‬الذي هو القياس من الفعل المستعمل "ا ْفتَقَ َر"‪ُ -‬عدل عنه‬ ‫ِ‬ ‫والثاني‪ :‬اسم الفاعل‬
‫إلى "فَقير"‪ ،‬لكنه لما كان اهتمام العلماء بالعدول عن "فَقُر" جاءت المسألة في مبحث‬

‫)‪ )47‬سورة محمد اآلية ( ‪. )16‬‬


‫)‪ )48‬أوضح المسالك ‪. 244 :243 /3‬‬
‫)‪ )49‬اللسان مادة "فقر" مج ‪. 299/10‬‬
‫)‪ )50‬اللباب في علل البناء واإلعراب ‪. 200/1‬‬
‫)‪ )51‬انظر الخصائص ‪.269 /1‬‬

‫‪69‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫العدول عن الفعل‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن أيًّا من الفعلين‪ :‬المعدول عن استعماله‬


‫"فُقَُر"‪ ،‬والمستعمل ِ"ا ْفتَقَ َر" لم يرد ذكره في القرآن الكريم‪ ،‬فما ورد هو "فَقير" على صورته‬
‫في خمسة مواضع(‪ )52‬من القرآن‪ ،‬وورد على صورة الجمع "فقراء" في سبعة‬
‫مواضع(‪.)53‬‬
‫وكذا الفعل " َش ُد َد" عدلوا عنه في االستعمال إلى الفعل ِ"اشتَ َّد"‪ ،‬غير أن ابن جني ذكر‬
‫"شد"‪ ،‬ولم يقل " َش ُد َد" بفك التضعيف‪ ،‬وقال‪" :‬فأما َّ‬
‫شد فحكاها‬ ‫أنهم استغنوا باشتد عن َّ‬
‫أبو زيد في المصادر‪ ،‬ولم يحكها سيبويه"(‪)54‬؛ ألن سيبويه قد حكى " َش ُد َد"‪ ،‬وبذلك‬
‫يكونون قد عدلوا عن بناء "فَ ُع َل"إلى بناء "ا ْفتَ َع َل"‪ -‬كما هو الحال في فَقُر‪ -‬فقالوا‪َّ :‬‬
‫اشتد‬
‫ديد‪ ،‬ولم يقولوا‪َ :‬ش ُد َد فهو َشديد‪ ،‬مع العلم بأن بناء " َشديد" مشتق من " َش ُد َد"‪ ،‬أما‬ ‫فهو َش ٌ‬
‫"م ْشتَِد ٌد"‪ .‬وبذلك يكون العدول‬ ‫"م ْشتَ ّد"‪ ،‬واألصل ُ‬
‫"اشتد" فهو فعل خماسي اسم الفاعل منه ُ‬ ‫َّ‬
‫في هذه المسألة قد وقع أيضا في شيئين‪ :‬األول‪ :‬عدلوا عن استعمال الفعل " َش ُد َد" بزنة‬
‫"م ْفتَ ِع ٍل"؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"فَ ُع َل" إلى "اشتَ َّد" بزنة "افتَ َع َل"‪ ،‬وعدلوا عن استعمال اسم الفاعل ُ‬
‫"م ْفتَقر" بزنة ُ‬
‫فقالوا‪ :‬شديدا‪ ،‬ولم يقولوا‪ُ :‬م ْشتَ َّد‪ .‬وقد ورد استعمال الفعل " َش َّد"‪-‬مفتوح العين ال‬
‫مضمومها‪ -‬في اللفظ القرآني في صورة الماضي واألمر في أكثر من موضع نحو قوله‬
‫تعالى‪"َ :‬و َش َد ْد َنا ُمْل َكهُ"(‪ ،)55‬ولم يرد مرة واحدة ببناء "فَ ُع َل"‪ ،‬كما ورد بناء " َشديد" فيما‬
‫يربو على الخمسين موضعا‪.‬‬
‫وكذلك عدلوا عن استعمال الفعل َ"رفُ َع" الذي هو أصل اشتقاق اسم الفاعل َ"رفيع"‪ ،‬إلى‬
‫"مرتَِفعٌ"‪ ،‬فعدلوا عن استعمال " َرفُ َع" إلى‬
‫تفع"‪ ،‬الذي اسم الفاعل منه ُ‬
‫استعمال الفعل "ار َ‬
‫"مرتَِفع" مع الفعل "ارتفَ َع" إلى استعمال‬
‫"ارتَفَع"‪ ،‬كما عدلوا عن استعمال بناء اسم الفاعل ُ‬

‫)‪ )52‬آل عمران آية (‪ ،)181‬والنساء ( ‪ ،)35 ،6‬والحج (‪ ،)28‬والقصص (‪. )24‬‬
‫)‪ )53‬البقرة (‪ ،)273 ،271‬والتوبة(‪ ،)60‬والنور (‪ ،)32‬وفاطر (‪ ،)15‬ومحمد (‪ ،)38‬والحشر (‪ ،)8‬والقيامة‬
‫(‪. )25‬‬
‫)‪ )54‬الخصائص ‪.269 /1‬‬
‫)‪ )55‬سورة ص(‪،)20‬والمواضع األخرى‪ :‬اإلنسان(‪،)28‬والقصص(‪،)35‬ويونس(‪،)88‬‬
‫وطه(‪،)31‬ومحمد(‪،)4‬وابراهيم (‪.)18‬‬

‫‪70‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫بناء "رفيع"‪ ،‬وهم بذلك قد عدلوا في كالمهم مرتين‪ :‬مرة عن استعمال الفعل‪ ،‬ومرة عن‬
‫استعمال االسم‪ .‬ولم يرد استعمال الفعل َ"رفُ َع" في اللفظ القرآني‪ ،‬غير أنه ورد مفتوح‬
‫العين على بناء "فَ َع َل"‪ ،‬أي‪"َ :‬رفَ َع" في زمني الماضي‪ ،‬والمضارع دون األمر في نحو‬
‫اثنين وعشرين موضعا‪ ،‬وورد اسم الفاعل منه بزنة "فاعل" مرتين‪ .‬والجدير بالذكر أيضا‬
‫فع" مستعمل وشائع في الكالم العربي‪ ،‬إال أنه غير مستعمل‬ ‫أنه بالرغم من أن الفعل "ارت َ‬
‫ِ‬
‫في اللفظ القرآني‪ ،‬أما اسم الفاعل "رفيع" فقد ورد ذكره مرة واحدة في قوله تعالى‪"َ :‬رفيعُ‬
‫الدرج ِ‬
‫ات ُذو اْل َع ْر ِ‬
‫ش"(‪)56‬‬ ‫َّ َ َ‬
‫وفي ظني أنه ربما تكون العلة في العدول عن استعمال بناء "فَ ُع َل" إلى استعمال بناء‬
‫ورفُ َع" من غير دليل هو استثقالهم لبناء "فَ ُعل"‬ ‫ِ‬
‫"ا ْفتَ َع َل" في األفعال السابقة "فَقَُر‪ ،‬و َش ُد َد‪َ ،‬‬
‫–كما ذكر سيبويه‪ -‬أو الحرص على الذوق السليم الذي بنوا عليه لغتهم‪ ،‬واستحسانهم‬
‫لهذه اللفظة دون تلك‪ .‬كما قال ابن األثير‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن من األفعال ما هو موجود وأصل لالشتقاق لكنه غير‬
‫و"رفُ َع"‪ ،‬وأن اسم الفاعل يجيء على ما لم يستعمل‬ ‫مستعمل مثل الفعل "فَقَُر"‪ ،‬و" َش ُد َد"‪َ ،‬‬
‫من األفعال يؤكد ذلك ما جاء على ألسنة العلماء فيما سبق ذكره‪.‬‬
‫ْعال" في األلوان‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ -‬العدول عن استعمال بناء "فَع َل" إلى بناء "اف َ‬
‫قال سيبويه‪ ..." :‬كما استغنوا ِبا ْح َم َّار عن َح ِم َر"(‪ ،)57‬قال ابن السراج‪" :‬ومن العرب من‬
‫ال مثل‬ ‫ب‪ ،‬ويبنون الفعل منه على ِإ ْفع َّ‬ ‫ب‪ ،‬و َكهُ َ‬ ‫ب‪ ،‬وقَهُ َ‬ ‫يقول‪ :‬أ َُد َم َيأ ُْد ُم أ ُْد َمة‪َ ،‬و َشهُ َ‬
‫َ‬
‫ال" عن "فَ ِع َل‪ ،‬وهو الذي ال يكاد ينكسر في األلوان يقولون‪:‬‬ ‫اب‪ ،‬ويستغنى بِِا ْفع َّ‬ ‫ِا ْشهَ َّ‬
‫َ‬
‫نصي سيبويه‪ ،‬وابن السراج يتضح عدول العرب‬ ‫ض فيقصرونه"(‪ ،)58‬من‬ ‫ِا ْس َوَّد‪ ،‬و ْاب َي َّ‬
‫ّ‬
‫ال" الذي يقصرونه إلى ِ"ا ْف َع َّل"؛ فيقولون‪ِ :‬ا َّ‬
‫حمر‪،‬‬ ‫عن استعمالهم بناء "فَ ِع َل" إلى بناء ِ"ا ْفع َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ض‪،‬‬ ‫وبيِ َ‬
‫اس َوَّد‪ ،‬وغير ذلك من األبنية الدالة على األلوان‪ ،‬وال يقولون َحم َر‪َ ،‬‬ ‫ض‪ ،‬و ْ‬ ‫و ْاب َي َّ‬
‫وس ِوَد‪ .‬والعدول عن "فَ ِع َل" إلى ِ"ا ْف َع َّل" مقصور على األلوان دون غيرها‪ ،‬وربما يكون‬ ‫َ‬

‫)‪ )56‬غافر (‪. )15‬‬


‫)‪ )57‬الكتاب ‪.33 /4‬‬
‫)‪ )58‬األصول ‪. 95 :94/3‬‬

‫‪71‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫سبب العدول هو الثقل‪ ،‬والدليل على ذلك أنهم عدلوا عن بناء "فَ ِع َل" أيضا ‪-‬في غير‬
‫"استفعل" كما سأبينه في المسألة التالية‪ ،‬أو ربما لداللة بناء ِ"ا ْفعا َّل"‪،‬‬
‫َ‬ ‫األلوان‪ -‬إلى بناء‬
‫‪-‬أو ِ"ا ْف َع َّل" المقصور منه‪ -‬على المبالغة في التحول من لون إلى لون‪ .‬واهلل أعلى‬
‫وأعلم‪.‬‬

‫"استفع َل" ‪:‬‬


‫َ‬ ‫العدول عن استعمال بناء "فَ ِع َل" إلى بناء‬ ‫ت‪-‬‬
‫نوك‪ ،‬ولم نسمعهم يقولون‪:‬‬ ‫ك‪ ،‬وقالوا استَ َ‬ ‫النواكة وأستَْنو ُ‬‫قال سيبويه‪" :‬وقالوا‪َّ :‬‬
‫َ"ن ِو َك"‪ ،‬كما لم يقولوا فَقَُر"(‪ ،)59‬وتبعه في ذلك ابن السراج فقال‪... ":‬وقالوا‪َّ :‬‬
‫النواكة‬
‫استنوك‪ ،‬ولم نسمعهم قالوا َن ِو َك"(‪ ،)60‬وبالربط بين هذه المسألة وما قبلها نجد‬ ‫َ‬ ‫أنوك و‬
‫و َ‬
‫أمر مشتركا وهو العدول عن استعمال بناء "فَ ِع َل" إلى استعمال بنائين‬ ‫أنهما قد تناوال ا‬
‫مختلفين هما‪"ِ :‬ا ْف َع َّل‪ ،‬وِا ْستَ َ‬
‫فعل" مما يبين استثقالهم لبناء "فَ ِع َل" والعدول عنه في‬
‫االستعمال؛ ألن الذوق السليم يأباه ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ -‬العدول عن استعمال االسم وداللة ذلك‪.‬‬
‫أوًال‪ -‬العدول عن استعمال األصل في بناء اسم الفاعل من الثالثي‪:‬‬
‫صيغ –كما ذكرت في التمهيد‪ -‬هي‪" :‬فَ َع َل‪ ،‬فَ ِع َل‪ ،‬وفَ ُع َل"‬ ‫ٍ‬ ‫للفعل الثالثي ثالث‬
‫يأتي اسم الفاعل منها على أبنية عدة‪ ،‬غير أن األصل والقياس –كما ذهب النحاة‪ -‬في‬
‫"فاعل"‪ ،‬وقد وذهب أبو حيان إلى مجيئه على‬ ‫"فَع َل" المفتوح العين أن يكون على بناء ِ‬
‫َ‬
‫فاعل" من الصيغ الثالثة‪ ،‬حيث قال‪" :‬واذا ذهب باسم الفاعل على مذهب الزمان‬ ‫بناء " ِ‬
‫وظارف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫سامر‪،‬‬‫جاء على فاعل سواء كان على وزن فَع َل‪ ،‬أم فَ ِع َل‪ ،‬أم فَع َل تقول‪ِ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وحاسن‪ ،‬وثاقل‪.‬بو قياس"(‪- ،)61‬وليس ما ذهب إليه أبو حيان قياسا‪ -‬لكنه قد ُيعدل عن‬
‫فعل األصل فيه أن يصاغ منه اسم الفاعل على هذا البناء‪-‬‬ ‫استعمال بناء "فاعل" ‪-‬مع ٍ‬
‫إلى بناء آخر؛ تجنبا للثقل في الكالم‪ ،‬أو ربما من أجل تحقيق قيمة داللية ‪.‬‬

‫)‪ )59‬الكتاب ‪. 36 /4‬‬


‫)‪ )60‬األصول ‪9/3‬‬
‫)‪ )61‬ارتشاف الضرب ‪. 234 /1‬‬

‫‪72‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى بناء " م ْف ِعل" (‪:)62‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫"فاعل" من الفعل الثالثي‪ ،‬واستغنوا‬ ‫ربما عدل العرب في كالمهم عن استعمال صيغة ِ‬
‫ب" قال ابن مالك في‬ ‫ب" فهو ِ‬ ‫"ح َّ‬ ‫عنها‪ ،‬واستعاضوا بصيغة ِ‬
‫"مح ّ‬
‫ُ‬ ‫"م ْفعل" كما في قولهم‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫بم ْف ِعل‪ ،‬وعن ُم ْف ِعل بمفعول فيما له فعل ثالثي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التسهيل‪" :‬وربما استغني عن فَاعل ُ‬
‫حاب‪ ،)63(".‬من النص‬ ‫ِ‬
‫ب ولم يقولوا ّ‬ ‫فأشرت باألول إلى َحبَّهُ فهو ُمح ّ‬
‫ُ‬ ‫وفيما ال ثالثي له‪،‬‬
‫السابق يتضح العدول في االستعمال عن األصل في بناء اسم الفاعل من الفعل الثالثي‬
‫"م ْف ِعل" الذي هو اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي "أَ ْف َع َل"‪ ،‬وذلك في‬ ‫"فاعل" إلى ُ‬
‫"حاب‪ ،‬أو حابِب" والقياس واألصل في االستعمال‬ ‫ب‪ ،‬ولم يقولوا‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫قولهم‪َ :‬ح َّ‬
‫ّ‬ ‫ب فهو ُمح ّ‬
‫اب‪ ،‬أو حابِ ٌ‬
‫ب‪ .‬علما بأن صيغة "فاعل" كثيرة في كالمهم؛ ألنها‬ ‫ب فهو َح ٌّ‬
‫أن يقولوا‪َ :‬ح َّ‬
‫ومصدر كالباغي‬
‫ا‬ ‫تقع(‪ )64‬اسما كالكاهل والغارب والساعد‪ .‬وصفة كالضارب والراكب‪.‬‬
‫َّ‬
‫ولكن أحدا من النحاة لم ُيعلل هذا العدول‬ ‫والفالج والباطل‪ .‬واسما للجمع كالسامر‪،‬‬
‫واالستغناء‪.‬‬
‫"م ْفعول"‪:‬‬
‫العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى َ‬ ‫ب‪-‬‬
‫قياس اسم الفاعل من الفعل الثالثي "فَ َع َل" أن يكون على وزن "فاعل" غير أنه قد ُيعدل‬
‫"م ْف ُعول" قال ابن مالك في‬
‫عن هذا البناء في االستعمال في بعض األفعال إلى بناء َ‬
‫شرح التسهيل‪":‬ثم قلت‪" :‬وربما خلف فاع ٌل مفعوال‪ ،‬ومفعو ٌل فاعال"‪ ،‬فأشرت باألول إلى‬
‫السعر فهو مقطوط إذا غال‪ ،‬ولم يقولوا‪:‬‬ ‫كاس بمعنى مكسو‪ ،‬وبالثاني إلى قولهم قَطَّ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫قاطّ ذكره ابن سيدة‪ ،‬وهو نادر‪ ،)65(".‬فالفعل "قَطَّ" ثالثي مضعَّف بزنة "فَ َع َل" وبناء اسم‬
‫ط" بفك التشديد‪ ،‬غير أنهم عدلوا عن القياس‬ ‫الفاعل منه على القياس هو "قاطّ" أو ِ‬
‫"قاط ْ‬
‫السعر َي ِقطُّ‪،‬‬
‫ُ‬
‫واألصل في استعمال وقالوا‪" :‬مقطوط" بزنة "مفعول"‪ ،‬قال ابن منظور‪" :‬قَطَّ‬

‫)‪ )62‬انظر حاشية الصبان ‪.312/2‬‬


‫)‪ )63‬شرح التسهيل ‪. 438 /2‬‬
‫)‪ )64‬انظر أربع رسائل في النحو ص ‪. 73‬‬
‫)‪ )65‬شرح التسهيل ‪. 439/2‬‬

‫‪73‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫وم ْقطُوطٌ بمعنى فاعل‪َ :‬غال ‪ ....‬وروي عن الفراء أنه‬ ‫ٌّ‬ ‫ًّ‬
‫بالكسر‪ ،‬قَطا وقُطُوطا‪ ،‬فهو قاط َ‬
‫سعر‬ ‫انكسر إذا فَتَر‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫قال‪ :‬حط السعر حطوطا وانحط انحطاطا‪ ،‬و َك َسر و َ‬
‫مقطوط"(‪)66‬‬
‫ت‪ -‬العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى "فَ ْعل"‪ ،‬و"أف َْعل"‪ ،‬و"فَعيل"‪:‬‬
‫قال ابن هشام ‪ ":‬وقد يستغنون عن صيغة فاعل من فَ َعل –بالفتح‪ -‬بغيرها من الصيغ‬
‫وعفيِف) ولم يقولوا‪:‬‬
‫طيب َ‬ ‫يخ وأَ ْش َيب و َ‬
‫فيتركون القياس المطرد‪ ،‬ويستعملون غيره (ك َش ٍ‬
‫وعاف بالتشديد‪ ،‬كما استغنوا بترك وتارك عن َوَزَر وو ِازر‪،‬‬‫ّ‬ ‫شائخ‪ ،‬وشائب‪ ،‬وطائب‪،‬‬
‫وو ِادع"(‪ ، )67‬وقد فسر الشيخ محمد محي الدين هذه المسألة فقال‪" :‬تفصيل هذه‬ ‫ع َ‬
‫ووَد َ‬
‫َ‬
‫المسألة أنهم قد يجيئون بصيغة فاعل‪ ،‬وال يجيئون بصيغة أخرى كضارب وقاتل‪ ،‬وقد‬
‫يهملون صيغة فاعل ويجيئون بغيرها كاألمثلة األربعة التي ذكرها المؤلف؛ فإنهم لم‬
‫عاف‪ ،‬وقد يجيئون بصيغة فاعل وغيرها أيضا كما‬
‫ّ‬ ‫يقولوا شائخ وال شائب وال طايب وال‬
‫قالوا‪ :‬مال يميل فهو مائل وأَميل‪ ،‬فهذه ثالثة أحوال‪ ،)68(".‬مما سبق يتضح العدول في‬
‫وشاب‪،‬‬
‫َ‬ ‫"شاخ‪،‬‬
‫َ‬ ‫استعمال بناء "فاعل" من الفعل الثالثي "فَ َع َل" ‪-‬المعتل الوسط‪:‬‬
‫ف"‪ -‬إلى عدة أبنية أخرى‪ ،‬فيقولون‪ :‬شاخ فهو َشيخ‪ ،‬واألصل‬ ‫"ع َّ‬
‫ب"‪ ،‬والمضعف َ‬ ‫وطي َ‬
‫َ‬
‫اب فهو أَشيب‪ ،‬والقياس "شايب"‪ ،‬ويقولون‪:‬‬ ‫ِ‬
‫شائخ بزنة "فاعل"‪ ،‬ويقولون‪َ :‬ش َ‬
‫ٌ‬ ‫والقياس فهو‬
‫َّ‬
‫عاف‪ .‬فهم بذلك قد عدلوا في‬ ‫فيف واألصل‬
‫ف فهو َع ٌ‬ ‫طيب والقياس طائب‪ ،‬ويقولون‪َ :‬ع َّ‬‫َ‬
‫االستعمال لعلة داللية وهي البعد عن الثقل في الكالم؛ مراعاة لالستحسان والذوق‬
‫السليم‪.‬‬

‫)‪ )66‬اللسان (مادة قطط) مج ‪. 218 /11‬‬


‫)‪ )67‬شرح التصريح ‪ ،78 /2‬وأوضح المسالك ‪ ،244/3‬وانظر توضيح المقاصد ‪ ،30 /2‬وحاشية الصبان ‪/2‬‬
‫‪.314‬‬
‫)‪ )68‬أوضح المسالك ‪. 244 /3‬‬

‫‪74‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ثانيا‪ -‬العدول عن استعمال األصل في بناء اسم الفاعل من غير الثالثي‪.‬‬


‫ً‬
‫العدول عن استعمال بناء "م ْف ِعل" إلى "فَ ِ‬
‫اعل"‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫بناء اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي يكون قياسيا على وزن مضارعه مع قلب حرف‬
‫المضارعة ميما مضمومة‪ ،‬وكسر ما قبل اآلخر‪ ،‬فبناء اسم الفاعل من "أَ ْف َع َل" يكون‬
‫"م ْف ِعل" في‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫"م ْفعل" غير أنهم كما عدلوا عن استعمال بناء "فاعل" في الثالثي إلى ُ‬‫بزنة ُ‬
‫"م ْف ِع ٍل" ‪-‬الذي هو القياس في‬
‫بعض الكلمات‪ ،‬فقد عدلوا أيضا وبكثرة عن استعمال بناء ُ‬
‫اع ٍل"‪ ،‬وربما تكون العلة في ذلك هو‬ ‫اشتقاق اسم الفاعل من غير الثالثي‪ -‬إلى بناء "فَ ِ‬
‫ما وضحه ابن جني في قوله‪" :‬ينبغي أن تكون العلة في كثرة مجيء اسم الفاعل مما‬
‫تجاوز ثالثة على "فاعل"‪ ،‬وقلة مجيء اسم المفعول فيما تجاوز الثالثة على (مفعول)‬
‫نحو قولهم‪ :‬أورس الرمث فهو وارس‪ ،‬وأيفع الغالم فهو يافع‪ ،‬وأبقل المكان فهو باقل‬
‫‪.......‬هو كثرة (فاعل) في الكالم‪ ،‬وقلة مفعول؛ أال ترى أن (فاعال) يكون اسما‬
‫ومصدر كالباغي والفالج‬
‫ا‬ ‫كالكاهل والغارب والساعد‪ .‬وصفة كالضارب والراكب‪.‬‬
‫والباطل‪ .‬واسما للجمع كالسامر والدابر؛ فلما كثر (فاعل) عندهم جاز أن ينصرف إليه‬
‫ا"فاعل" ونحوه‪ ،‬أو‬ ‫من (م ْف ِعل)""(‪ .)69‬وقال ابن مالك‪" :‬وربما اُستغني عن "م ْف ِعل" ب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مث‪ ،‬وهو شجر إذا‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫الغالم إذا َّ‬ ‫ِ‬
‫أورس ّ‬
‫شب فهو يافعٌ‪ ،‬و َ‬ ‫ُ‬ ‫يفع‬
‫بم ْف َعل‪ ،‬فأشرت إلى قولهم‪ :‬أَ َ‬
‫وم ِ‬
‫ور ٌس‬ ‫مث وهو و ِار ٌس‪ُ ،‬‬
‫الر ُ‬
‫"أورس َّ‬
‫َ‬ ‫اصفر فهو َو ِار ٌس‪ ،)70(".‬وجاء في القاموس المحيط‪:‬‬
‫َّ‬
‫اصفر ورقُه‪ ،‬فصار عليه مثل الم ِ‬
‫الء‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ي‪:‬‬ ‫قلي ٌل جدا‪ ،‬وان كان القياس‪ ،‬ووِه َم الجوهر ّ‬
‫ق العشرين‪َ ،‬كأَيفَع وهو ِ‬
‫يافعٌ ال‬ ‫اه َ‬
‫‪71‬‬
‫َ‬ ‫الصفر‪ ،‬والشجر‪ :‬أورق"( )‪ ،‬و" ‪ ...‬والغالم ر َ‬
‫ُم ْوِفعٌ"(‪)72‬‬
‫"م ْف ِع ٍل" في صياغة اسم الفاعل من الفعل‬ ‫مما سبق جملة يتضح العدول عن بناء ُ‬
‫َورس" وهو‬ ‫ِ‬
‫الرباعي "أَ ْف َع َل" إلى بناء "فاعل" ‪-‬الذي أصل اشتقاقه من الثالثي‪ -‬نحو‪" :‬أ َ‬

‫)‪ )69‬أربع رسائل في النحو ص ‪.73‬‬


‫)‪ )70‬شرح التسهيل ‪. 439/2‬‬
‫)‪ )71‬القاموس المحيط ‪. 292/2‬‬
‫)‪ )72‬القاموس المحيط ‪ ، 115/3‬وانظر شذا العرف ص ‪.94‬‬

‫‪75‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ور ٌس"؛ ألن بناء اسم الفاعل من الرباعي‬ ‫"م ِ‬


‫"أفعل"‪ ،‬واسم الفاعل منه ُ‬‫َ‬ ‫فعل رباعي بزنة‬
‫قياسي يأتي على وزن مضارعه مع قلب حرف المضارعة ميما مضمومة‪ ،‬وكسر ما‬ ‫ٌّ‬
‫قبل اآلخر‪ ،‬وقد عدل عن هذا البناء إلى بناء ِ‬
‫"فاعل" فقيل َ"و ِارس"‪ ،‬وكذا "أ َْيفَ َع" ُعدل‬ ‫ُ‬
‫"م ْب ِق ٍل" إلى َ"ب ِاق ٍل"‪ ،‬وأيضا في قولهم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َبق َل" ُعدل فيها عن ُ‬
‫فيها عن "موِف ٍع" إلى ِ‬
‫"يافع"‪ ،‬و"أ َ‬ ‫ُ‬
‫"م ْع ِشب" إلى‬ ‫ب‪ ،‬حيث ُعدل فيه عن أصل البناء الذي هو ُ‬
‫أع َشب المكان فهو ع ِ‬
‫اش ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫"عاش ٍب"‪ ،‬وهو كثير في كالمهم والعلة في ذلك كما ذكر ابن جني إنما هو كثرة مجيء‬ ‫ِ‬
‫اسم‬ ‫ِ‬
‫بناء (فاعل) في كالمهم‪ ،‬فهو يأتي اسما‪ ،‬وصفة –أي اسم فاعل‪ -‬ومصدرا‪ ،‬و َ‬
‫"م ْف ِع ٍل"‪ .‬غير َّ‬
‫أن‬ ‫جمع‪ ،‬فلما كثُر هذا البناء في اشتقاقاتهم‪ ،‬جاز أن ينصرف إليه من ُ‬
‫ٍ‬
‫عد العدول في بعض األمثلة السابقة من باب الشذوذ‪ ،‬قال أبو حيان‪" :‬وشذ في‬ ‫بعضهم ّ‬
‫أيفع"(‪ ،)73‬وفي ظني أنه لم يقصد بالشذوذ شذوذ‬
‫أورس‪ ،‬و َ‬
‫ارس‪ ،‬ويافعٌ من َ‬
‫اسم الفاعل‪ :‬و ٌ‬
‫االستعمال‪ ،‬وانما قصد به شذوذ الخروج عن القياس في القاعدة الصرفية لبناء اسم‬
‫الفاعل‪.‬‬
‫ب‪ -‬العدول عن استعمال بناء "م ْف ِعل" إلى "م ْف َعل" بفتح العين‪:‬‬
‫"فاعل"؛ فإنه قد ُيعدل أيضا عن هذه الصيغة إلى صيغة‬ ‫فع ٍل" إلى ِ‬
‫كما عدل عن "م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عل"‪ ،‬وبذلك‬ ‫"م ْف َعل" بفتح العين‪ ،‬وهي صيغة بناء اسم المفعول من الفعل الرباعي "أَ ْف َ‬ ‫ُ‬
‫يكون العدول عن اسم الفاعل إلى اسم المفعول‪ ،‬قال ابن مالك‪" :‬وربما اُستغني عن‬
‫"م ْف ِعل" ب ِ‬
‫ا"فاعل" ونحوه‪ ،‬أو بِ ُم ْف َعل‪ ...‬وأشرت بقولي‪" :‬أو بِ ُم ْف َعل" إلى قولهم‪ :‬أسهب‬ ‫ُ‬
‫الحية‪ ،‬وأَْلفَج الرج ُل‬
‫ب‪ ،‬وكذا إذا ذهب عقله من لدغ ّ‬ ‫أكثر فهو ُم ْسهَ ٌ‬
‫الرج ُل في الكالم إذا َ‬
‫بلغ الرجل في حفره‪،‬‬ ‫ب بمعنى فَصح‪ ،‬وبمعنى َ‬ ‫أسهَ َ‬
‫إذا ذهب مالُه فهو ُمْلفَ ٌج ‪ ...‬أما ْ‬
‫وبمعنى أكثر في العطاء‪ ،‬وبمعنى تغير وجهه‪ ،‬وبمعنى نزل السهب‪ ،‬أي المكان‬
‫السهل‪ ،‬فاسم الفاعل منه بكسر الهاء على القياس‪ ،‬وكذا من أسهَب الفرس إذا كان‬
‫‪74‬‬
‫الكالم فهو‬
‫َ‬ ‫َكثر‬
‫ب الرج ُل أ َ‬
‫أسهَ َ‬
‫سابقا"( )‪ ،‬وجاء في اللسان‪ ..." :‬وقال ابن األعرابي‪ْ :‬‬
‫نادر‪ .‬قال ابن بري‪ :‬قال أبو علي البغدادي‪:‬‬
‫ب بفتح الهاء‪ ،‬وال يقال بكسرها‪ ،‬وهو ٌ‬‫ُم ْسهَ ٌ‬

‫)‪ )73‬االرتشاف ‪. 233/1‬‬


‫)‪ )74‬شرح التسهيل ‪. 439 : 438 /2‬‬

‫‪76‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ب‬‫ب بالفتح إذا أكثر الكالم في الخطأ‪ ،‬فإذا كان في الصواب فهو ُم ْس ِه ٌ‬ ‫رج ٌل ُمسهَ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ب‪ ،‬وأَْلفَ َج فهو ُمْلفَ ٌج‬
‫َسهب فهو ُم ْسهَ ٌ‬
‫بالكسر ال غير؛ ومما جاء فيه أَ ْف َع َل فهو ُم ْف َع ٌل‪ :‬أ َ‬
‫ص ٌن"(‪)75‬‬ ‫ص َن فهو ُم ْح َ‬
‫َح َ‬
‫إذا أَ ْفلَ َس‪ ،‬وأ ْ‬
‫يتضح مما سبق–فيما ورد عن ابن مالك وابن منظور‪ -‬أن العدول عن استعمال بناء‬
‫"م ْف َعل" ‪-‬بديال عنه‪ -‬قد ورد عن العرب في عدد من األمثلة التي‬ ‫ِ‬
‫"م ْفعل"‪ ،‬إلى استعمال ُ‬
‫ُ‬
‫ص ٍن"؛ غير أن ابن‬‫و"م ْح َ‬ ‫ٍ‬
‫"مْلفَ ٍج"‪ُ ،‬‬
‫"م ْسهَب" ُ‬
‫استعملوها في كالمهم‪ ،‬كما هو الحال في ُ‬
‫هب" يتوقف على المعنى؛ فإذا كان بمعنى الكثرة‬ ‫"أس َ‬
‫مالك جعل هذا العدول في الفعل ْ‬
‫"م ْف َعل" بفتح‬
‫في الكالم‪ ،‬فإنه ُيعدل عن استعمال األصل في بناء اسم الفاعل منه إلى ُ‬
‫الفاء‪ ،‬أما إذا كان بمعنى الكثرة في العطاء‪ ،‬أو بمعنى فصح‪ ،‬أو بمعنى السرعة‬
‫والسبق‪ ،‬أو تَ َغُّير الوجه‪ ،‬أو المكان َّ‬
‫السهل؛ فإن اسم الفاعل منه يأتي على القياس فيقال‬
‫"مس ِه ٌ‬
‫ب‬ ‫"م ْسهب" بكسر الهاء‪ .‬أما االفيروزآبادي فقال‪" :‬أسهب‪ :‬أكثر الكالم فهو ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫‪76‬‬
‫"م ْف َعل"‬
‫ب"( )‪ ،‬فهو بذلك ُيقر بالعدول وعدمه‪ ،‬العدول يكون في استعمال بناء ُ‬ ‫وم ْسهَ ٌ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫"م ْفعل"‬
‫بفتح العين‪ ،‬وعدم العدول في استعمال بناء ُ‬
‫"م ْفعول"‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ت‪ -‬العدول عن استعمال بناء "م ْفعل" إلى َ‬
‫بم ْف ِعل‪ ،‬وعن ُم ْف ِعل بمفعول فيما له فعل‬ ‫قال ابن مالك‪" :‬وربما استغني عن فاعل ُ‬
‫أح َزَنهُ األمر فهو َم ْحزون‬
‫ثالثي‪ ،‬وفيما ال ثالثي له ‪ ...‬وأشرت بالثاني إلى قولهم‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫ب‪".‬‬‫أحبَّه فهو محبوب أغناهم عن ُمح ّ‬ ‫فأغناهم عن ُم ْح ِزن‪ ،‬وكذا َ‬
‫العدول عن استعمال بناء "م ْف ِعل" إلى "فَعول" بفتح الفاء‪:‬‬
‫"أفع َل"‪-‬‬ ‫قد يعدل عن استعمال بناء ِ‬
‫"م ْفعل" ‪-‬الذي هو اسم الفاعل من الفعل الرباعي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويستعمل بناء "فَعول"‪ ،‬وذلك في الفعل "أ َْنتَج"‪" ،‬قال ابن مالك‪" :‬وربما استغني عن م ِ‬
‫فعل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفرس؛ فهي َعقُوق إذا‬‫ُ‬ ‫بفاعل ونحوه ‪ ....‬وأشرت بقولي‪" :‬ونحوه" إلى قولهم أعقَّ ِت‬
‫صور‪ ،)77(".‬وجاء في اللسان‪:‬‬ ‫حملت‪ ،‬وأحصرت الناقة إذا ضاق مجرى لبنها‪ ،‬فهي َح ُ‬

‫)‪ )75‬اللسان ( مادة سهب ) مج ‪ .407/6‬وانظر شذا العرف ص ‪. 94‬‬


‫)‪ )76‬القاموس المحيط ‪. 108/1‬‬
‫)‪ )77‬شرح التسهيل ‪. 439 : 438/2‬‬

‫‪77‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫ق وعقوق‪ :‬إذا نبتت العقيقةُ في بطنها على الولد‬ ‫األتان‪ ،‬فهي ُم ِع ّ‬


‫الفرس و ُ‬ ‫ُ‬ ‫أعقَّ ِت‬
‫"‪ ...‬و َ‬
‫ق‪ ،‬واللغة‬ ‫الذي حملته‪ ...‬وكان أبو عمرو يقول‪َ :‬عقَّت فهي َعقُوق‪ .‬وأعقَّت فهي ُم ِع ٌّ‬
‫َعقَّت فهي َعقوق"(‪ ،)78‬كما جاء في اللسان أيضا أن الليث قال‪ :‬ومنهم من‬ ‫الفصيحة أ َ‬
‫وض َعت؛ وغلطه األزهري‪ ،‬وقال‪ :‬ال يقال أنتجت بمعنى‬ ‫ِ‬
‫يقول‪ :‬أ َْنتَ َجت الناقةُ إذا َ‬
‫نتوجةٌ‪ ،‬وأَنتَجت إذا َحملت فهي َنتُوٌج‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وضعت‪ ،‬بل يقال‪ُ :‬نت َجت الناقةُ إذا ولدت فهي َم َ‬ ‫َ‬
‫ثم قال‪ :‬وال يقال ُمنتِ ٌج‪ .‬كما أورد ابن منظور عن ابن األعرابي قوله‪ :‬أنه لم يسمع‬
‫َنتَ َجت وال أَنتَ َجت على صيغة ِفعل الفاعل‪ ،‬وانما مجيئهما على ما لم يسم فاعله‪ُ ،‬نتِ َج ِت‬
‫الفرس‪ ،‬وهي َنتوٌج‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الدها‪ .‬وأما كراع فقال‪ُ :‬نتِ َجت‬ ‫الفرس‪َ :‬ولَ َدت‪ ،‬وأُنتِ َجت‪ :‬دنا ِو ُ‬ ‫الناقةُ و ُ‬
‫ليس في الكالم فُ ِع َل وهي فَ ُعو ٌل إال هذا‪ ،‬وقال مرة‪ :‬أَنتَ َج ِت الناقةُ وهي َنتُوٌج إذا ولدت‪،‬‬
‫(نتُوج) مع‬ ‫ول َ‬ ‫َفعل وهي فَعو ٌل إال هذا‪- ،‬وكراع بذلك قد أقر ببناء فَع ٍ‬ ‫ليس في الكالم أ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(نتِ َج)‪ ،‬كما أقر به أيضا مع الفعل المبني للفاعل‬ ‫الفعل الثالثي المبني للمفعول فُ ِع َل ُ‬
‫ود‪ :‬إذا ألقت ولدها قبل أن‬ ‫أخفَ َد ِت الناقةُ وهي َخفُ ٌ‬
‫أفعل(أنتج)‪ -‬كما حكى كراع قولهم‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫لبنها( )‪ .‬وقال أبو حيان‪" :‬وحكى‬ ‫‪79‬‬
‫وص‪ :‬إذا قل ُ‬ ‫ِ‬
‫ص ٌ‬ ‫يتم‪ .‬وأَ َشصَّت الناقةُ وهي َش ُ‬
‫األصمعي‪ :‬أنتَ َج ِت الناقةُ إذا استبان حملَها فهي َنتُوٌج‪ ،‬وال ُيقال ُم ْنتِج وهو القياس إال أن‬
‫كعنِ َي‪ ،‬نتاجا‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪80‬‬
‫العرب استغنت عنه َبنتُوج"( )‪ ،‬وقال الفيروزآبادي‪"ُ :‬نت َجت الناقةُ‪ُ ،‬‬
‫حان نتاجها فهي نتُوٌج‪ ،‬ال ُم ْنتِ ٌج‪)81(".‬‬‫رس‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ت وقد َنتَجها أهلُها‪ ،‬أ َْنتَ َجت الفَ ُ‬ ‫وأُنتَ ِج ْ‬
‫"م ْف ِعل" إلى بناء "فَ ُعول" يؤكد‬ ‫مما سبق جملة يتبين لنا بوضوح العدول الحاصل في بناء ُ‬
‫وق‪-‬وقد أكد ابن‬ ‫َعقَّت فهي َعقُ ٌ‬ ‫ذلك تعدد األمثلة الواردة في النصوص السابقة‪ ،‬وهي‪ :‬أ َ‬
‫ور‪،‬‬‫صٌ‬ ‫َحصرت فهي َح ُ‬ ‫وق‪ -‬وأ ْ‬ ‫َعقَّت هي َعقُ ٌ‬‫منظور على أن اللغة الفصيحة في أ َ‬
‫"م ْنتِج" مع أنه القياس‬ ‫وأ َْنتَجات فهي َنتُوٌج‪ ،‬وأكد أبو حيان على عدم استعمال العرب بناء ُ‬
‫صوص‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ود‪ ،‬وأَ َشصَّت فهي َش‬ ‫َخفدت فهي َخفُ ٌ‬‫من "أنتج"‪ ،‬وعدلوا إلى استعمال َ"نتُوج"‪ ،‬وأ ْ‬

‫)‪ )78‬اللسان (مادة عقق) مج ‪. 324/9‬‬


‫)‪ )79‬انظر اللسان ( مادة نتج) مج ‪. 32 /14‬‬
‫)‪ )80‬ارتشاف الضرب ‪. 233/1‬‬
‫)‪ )81‬القاموس المحيط ‪. 256/1‬‬

‫‪78‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫جدول توضيحي لألبنية المعدول عن استعمالها‪ ،‬والمعدول إليها‬

‫نوع الكلمة األمثلة التوضيحية لبيان ما حدث من عدول‬ ‫البناء المعدول البناء‬
‫المستعمل‬ ‫عن استعماله‬

‫فقير‪ .‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِف ْع ٌل‬


‫فقير) عدوال عن (فَقُر فهو ٌ‬ ‫قر فهو ٌ‬ ‫يقولون‪( :‬ا ْفتَ َ‬ ‫افتع َل‬
‫َ‬ ‫فَ ُع َل‬
‫افتقر فهو ُم ْفتَِقٌر)‪ ،‬ويقولون‪ِ(:‬ا ْشتَ َّد فهو َش ٌ‬
‫ديد) عدوال عن( َش ُدد‬ ‫َ‬ ‫اسم فاعل‬ ‫فَ ِعيل‬ ‫ُم ْفتَ ِع َل‬
‫اشتد فهو ُم ْشتَ ّد)‪ ،‬ويقولون‪( :‬ارتفع فهو رفيعٌ)‬ ‫ديد‪ ،‬أو ّ‬ ‫فهو َش ٌ‬
‫عدوال عن ( َرفُ َع فهو َرفيعٌ) أو (ارتفَ َع فهو مر ِتفعٌ) ‪.‬‬
‫بياض‪َ ،‬س ِوَد – ِا ْس َو َّاد‪ ،‬ثم يقصرونها‬ ‫ض ِا َّ‬ ‫مار‪َ ،‬بيِ َ‬ ‫َح ِم َر – ْ‬
‫اح َّ‬ ‫ِف ْعل‬ ‫ِا ْفع َّ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫فَ ِع َل‬
‫إلى صيغة ِ"ا ْف َع َّل" فتصير‪ِ :‬ا ْح َم َّر‪ ،‬وِا ْب َي َّ‬
‫ض‪ ،‬وِا ْس َوَّد‪.‬‬
‫تنو َك وال يقولون " َن ِو َك"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فَ ِع َل‬
‫اس َ‬ ‫(ن ِو َك – ا ْستَْن َو َك) يقولون‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫فعل‬ ‫استَ ْف َع َل‬
‫ْ‬
‫ب"‪.‬‬‫ب ) عدوال عن " َحاب‪ ،‬أو حابِ ْ‬ ‫ب فهو ُم ِح ٌّ‬ ‫اسم فاعل يقولون‪َ ( :‬ح َّ‬ ‫ُم ْف ِعل‬ ‫ِ‬
‫فاعل‬
‫السعر فهو َم ْقطوطٌ ) عدوال عن " قَاط "‪.‬‬ ‫يقولون‪ ( :‬قطّ‬ ‫اسم فاعل‬ ‫َم ْف ُعول‬ ‫ِ‬
‫فاعل‬
‫ُ‬
‫شائخ "‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫اخ الرجل فهو َش ْي ٌخ ) عدوال عن "‬‫يقولون‪َ ( :‬ش َ‬ ‫اسم فاعل‬ ‫فَ ْعل‬ ‫ِ‬
‫فاعل‬
‫أشيب) عدوال عن " شائ ٍب"‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الغالم فهو‬
‫ُ‬ ‫شاب‬
‫يقولون‪َ ( :‬‬ ‫اسم فاعل‬ ‫أَ ْف َعل‬ ‫فاعل‬
‫ب) عدوال عن "طائب"‪.‬‬
‫يب فهو طَي ٌ‬
‫يقولون‪( :‬طَ َ‬ ‫اسم فاعل‬ ‫فَعَّل‬ ‫فاعل‬
‫فيف) عدوال عن "عاف"‪.‬‬
‫الشاب فهو َع ٌ‬
‫ُ‬ ‫ف‬‫(ع َّ‬
‫يقولون‪َ :‬‬ ‫اسم فاعل‬ ‫فعيل‬ ‫فاعل‬
‫ور ٍ‬
‫س"‪،‬‬ ‫مث فهو َو ِار ٌس) عدوال عن " ُم ِ‬
‫الر ُ‬
‫(أورس ّ‬
‫َ‬ ‫يقولون‪:‬‬ ‫اسم فاعل‬ ‫فاعل‬ ‫ُم ْف ِعل‬
‫و(أبقل المكان‬ ‫"موِف ٍع"‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الغالم فهو يافعٌ) عدوال عن ُ‬
‫ُ‬ ‫و(أيفَ َع‬
‫ب) عدوال‬ ‫باق ٌل) عدوال عن " م ْب ِق ٍل"‪ ،‬و(أعشب فهو ِ‬
‫عاش ٌ‬ ‫فهو ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫"م ْع ِش ٍب" ‪.‬‬
‫عن ُ‬
‫"م ْس ِه ٍب"‪ ،‬و(أَْلفَ َج‬
‫ب) عدوال عن ُ‬ ‫ب فهو ُم ْسهَ ٌ‬
‫أسهَ َ‬
‫يقولون‪ْ ( :‬‬ ‫اسم فاعل‬ ‫ُم ْف َعل‬ ‫ُم ْف ِعل‬
‫ص ٌن) عدوال‬ ‫ص َن فهو ُم ْح َ‬ ‫"مْل ِف ٍج"‪ ،‬و(أ ْ‬
‫َح َ‬ ‫فهو ُمْلفَ ٌج) عدوال عن ُ‬
‫عن "م ْح ِ‬
‫ص ٍن"‬ ‫ُ‬
‫زن‬
‫َح َ‬ ‫"م ِح ٍب"‪ ،‬و(أ ْ‬
‫حبوب) عدوال عن ُ‬
‫(أحبَّه فهو َم ٌ‬ ‫يقولون‪َ :‬‬ ‫اسم فاعل‬ ‫َم ْف ُعول‬ ‫ُم ْف ِعل‬

‫‪79‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫"م ْح ِزٍن" ‪.‬‬


‫ون) عدوالعن ُ‬ ‫فهو َم ْح ُز ٌ‬
‫صرت الناقةُ فهي حصور) عدوال عن "م ْح ِ‬
‫ص ٍر"‪،‬‬ ‫ُح ِ‬
‫اسم فاعل يقولون‪( :‬أ ْ‬ ‫فَ ُعول‬ ‫ُم ْف ِعل‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ٌ‬
‫"م ِعق"‪ ،‬و(أنتجت فهي‬
‫وق) عدوال عن ُ‬ ‫َعقَت فهي َعقُ ٌ‬ ‫و(أ ْ‬
‫"م ْنتِ ٍج"‪.‬‬
‫َنتُوٌج) عدوال عن ُ‬
‫خاتمة البحث‬

‫يطيب لي في خاتمة هذا البحث أن أذكر أهم النتائج التي توصل إليها الباحث من‬
‫خالل عرضه‪ ،‬ومناقشته لمسائل البحث وهي‪:‬‬
‫حرص العرب في كالمهم وتقعيدهم للغتهم على االستحسان‪ ،‬ومراعاة الذوق‬ ‫‪-1‬‬
‫السليم‪ ،‬تمثل ذلك في عدولهم عن استعمال بعض األلفاظ‪ ،‬واألبنية على مستوى الفعل‬
‫واالسم‪.‬‬
‫مجيء اسم الفاعل على ما لم يستعمل من األفعال‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫نظر‬
‫ا‬ ‫"افتع َل" في بعض األفعال؛‬
‫َ‬ ‫العدول عن استعمال بناء "فَ ُع َل" إلى بناء‬ ‫‪-3‬‬
‫لثقله ‪.‬‬
‫ال" ثم قصرها إلى ِ"ا ْف َع َّل" في‬ ‫العدول عن استعمال بناء "فَ ِع َل" إلى بناء ِ"ا ْفع َّ‬
‫َ‬ ‫‪-4‬‬
‫األفعال الدالة على األلوان‪.‬‬
‫"م ْف ُعول" ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى بناء َ‬ ‫‪-5‬‬
‫نظر لكثرة مجيء صيغة‬ ‫اعل"؛ ا‬ ‫العدول عن استعمال بناء "م ْف ِعل" إلى بناء "فَ ِ‬ ‫‪-6‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫"فاعل" في كالمهم واشتقاقاتهم‪.‬‬
‫"م ْف َع ٍل" بفتح العين ‪.‬‬ ‫العدول عن استعمال بناء ِ ٍ‬
‫"م ْفعل" إلى بناء ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪-7‬‬
‫"م ْف ِعل" إلى بناء "فَ ُعول" بفتح الفاء ‪.‬‬ ‫العدول عن استعمال بناء ُ‬ ‫‪-8‬‬

‫‪80‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫هذا وقد ورد بالبحث نتائج أخرى‪ ،‬واكتفيت بعرض هذه النتائج فقط مخافة التكرار‬
‫واإلطناب‪ ،‬وقد اجتهدت قدر طاقتي إلعداد هذا البحث‪ ،‬وال يكلف اهلل نفسا إال وسعها‪،‬‬
‫فما كان من توفيق فمن اهلل وحده‪ ،‬فهو حسبي وعليه توكلت‪ ،‬وان كانت األخرى فحسبي‬
‫أني اجتهدت‪ ،‬وأجري عند ربي‪.‬‬

‫الباحث‬
‫عامر صالح محمد شلقامي‬

‫ثبت المصادر والمراجع‬


‫‪ -‬أربع رسائل في النحو‪ ،‬حققها وعلق عليها د‪ .‬عبد الفتاح سليم‪ ،‬مكتبة اآلداب‪-‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬ارتشاف الضرب من لسان العرب‪ ،‬ألبي حيان األندلسي( ت‪745‬ه)‪ ،‬تحقيق وتعليق د‪ .‬مصطفى‬
‫أحمد النماس‪ ،‬مطبعة المدني‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408‬ه‪1987 -‬م‪.‬‬
‫‪ -‬األزمنة واألمكنة‪ ،‬ألبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي ( ت‪421‬ه )‪ ،‬ضبطه وخرج آياته‬
‫خليل المنصور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان‪،‬الطبعة األولى ‪1417‬ه‪ 1996 -‬م‪.‬‬
‫‪ -‬األصول في النحو ألبي بكر محمد بن سهل بن السراج ( ت‪316‬ه ) تحقيق د‪.‬عبد الحسين الفتلي‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1420‬ه – ‪1999‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين النحويين البصريين والكوفيين‪ ،‬كمال الدين أبي البركات عبد‬
‫الرحمن بن أبي الوفاء بن عبيد اهلل األنباري ( ت‪ 577‬ه)‪ ،‬قدم له حسن حمد‪ ،‬بإشراف د‪ .‬إميل بديع‬
‫يعقوب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى ‪1418‬ه‪ 1998-‬م‪.‬‬
‫‪ -‬توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك‪ ،‬تأليف بدر الين الحسن بن قاسم المرادي‪ ،‬تحقيق‬
‫أحمد محمد عزوز‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1426‬ه – ‪ 2005‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ضبط وتشكيل وتصحيح يوسف الشيخ‬
‫محمد البقاعي‪ ،‬إشراف مكتب البحوث والدراسات‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1419‬ه‪ 1998 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حاشية الصبان على شرح األشموني على ألفية ابن مالك ومعه شرح الشواهد للعيني‪ ،‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية‪ ،‬فيصل عيسى البابي الحلبي‪ ،‬بدون‬
‫‪ -‬الخصائص‪ ،‬ألبي الفتح عثمان بن جني‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬المكتبة العلمية ‪ ،‬بدون‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫‪ -‬شذا العرف في فن الصرف‪ ،‬الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الحمالوي( ت‪ 1315‬ه)‪ ،‬شرحه وفهرسه‬
‫واعتنى به د‪ .‬عبد الحميد هنداوي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪ ،‬طبعة ‪1424‬ه‪2004-‬م‬
‫‪ -‬شرح ابن عقيل ( ت‪769‬ه )‪ ،‬على ألفية ابن مالك ( ت‪672‬ه)‪ ،‬ومعه كتاب منحة الجليل بتحقيق‬
‫شرح ابن عقيل‪ ،‬لمحمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬مكتبة دار التراث‪ ،‬ط ‪1400 ،20‬ه‪1980 -‬م‪.‬‬
‫‪ -‬شرح األنموذج في الحو للعالمة الزمخشري‪ ،‬بشرح األردبيلي جمال الدين محمد بن عبد الغني‪ ،‬حققه‬
‫وعلق عليه د‪.‬حسني عبد الجليل يوسف‪ ،‬مكتبة اآلداب‪.‬‬
‫‪ -‬شرح التسهيل "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد"‪ ،‬تأليف جمال الدين محمد بن عبد اهلل بن عبد اهلل ابن‬
‫مالك الطائي ( ت‪ 672‬ه)‪ ،‬تحقيق أحمد السيد سيد أحمد علي‪ ،‬المكتبة التوفيقية ‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪ -‬شرح التصريح على التوضيح للشيخ خالد األزهري‪ ،‬على ألفية ابن مالك في النحو لجمال الدين أبي‬
‫محمد بن عبد اهلل يوسف بن هشام األنصاري‪ ،‬وبهامشه حاشية الشيخ يس بن زين الدين العليمي‪ ،‬دار‬
‫إحياء الكتب العربية‪ ،‬فيصل عيسى البابي‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪ -‬شرح جمل الزجاجي‪ ،‬لإلمام أبي محمد عبد اهلل جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد اهلل بن هشام‬
‫( ت ‪ 761 –708‬ه)‪ ،‬دراسة وتحقيق د‪ .‬علي محسن عيسى مال اهلل‪ ،‬عالم الكتب ‪ -‬مكتبة النهضة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪ 1406 ،‬ه – ‪ 1986‬م‪.‬‬
‫‪ -‬شرح شذور الذهب في معرفة كالم العرب‪ ،‬البن هشام األنصاري‪ ،‬ومعه كتاب منتهى األرب بتحقيق‬
‫شرح شذور الذهب‪ ،‬تأليف محمد محي الدين عبد الحميد‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ -‬بيروت‪ ،‬طبعة‬
‫‪ 1992‬م‪.‬‬
‫‪ -‬شرح قطر الندى وبل الصدى‪ ،‬البن هشام‪ ،‬تحقيق ح‪ .‬الفاخوري‪ ،‬دار الجيل –بيروت‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪ -‬شرح اللمع في النحو‪ ،‬تأليف القاسم بن محمد بن مباشر الواسطي الضرير‪ ،‬تحقيق د‪.‬رجب عثمان‬
‫محمد‪ ،‬تصدير د‪.‬رمضان عبدالتواب‪ ،‬مكتبة الخانجي‪-‬القاهرة‪،‬الطبعة األولى‪1420‬ه‪2000-‬م‪.‬‬
‫‪ -‬شرح المفصل للزمخشري‪ ،‬تأليف موفق الدين أبي البقاء يعيش بن علي بن يعيش الموصلي (ت ‪643‬‬
‫ه)‪ ،‬قدم له ووضع هوامشه وفهارسه إميل بديع يعقوب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪،‬الطبعة‬
‫األولى‪1422 ،‬ه‪2001 -‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬العوامل المائة النحوية في أصول علم العربية عبد القاهر الجرجاني( ت‪471‬ه)‪ ،‬شرح الشيخ خالد‬
‫األزهري الجرجاوي (ت‪905‬ه)‪ ،‬تحقيق وتقديم د‪.‬البدراوي زهران‪،‬دار المعارف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون‬
‫‪ -‬الفصول في العربية‪ ،‬ألبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان (ت‪569‬ه)‪ ،‬حققه د‪.‬فائز فارس‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ -‬دار األمل‪ ،‬الطبعة األولى ‪1409‬ه‪1988 -‬م‪.‬‬
‫‪ -‬القاموس المحيط‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت‪ 817-729‬ه)‪ ،‬تحقيق مجدي فتحي‬
‫السيد‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬بدون‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫(أ‪.‬د‪ .‬عامر صالح محمد)‬ ‫(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)‬

‫‪ -‬الكافية في علم النحو‪ ،‬والشافية في علمي التصريف والخط‪ ،‬تأليف ابن الحاجب جمال الدين عثمان‬
‫بن عمر بن أبي بكر (ت‪ 646‬ه)‪ ،‬تحقيق د‪ .‬صالح عبد العظيم الشاعر‪ ،‬مكتبة اآلداب ‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪ -‬الكتاب‪ ،‬ألبي بشر عمرو عثمان بن قنبر(ت ‪ 180‬ه)‪،‬تحقيق عبد السالم محمد هارون‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪ 1408‬ه – ‪ 1988‬م‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب في التصريف‪ ،‬اإلمام عبد القاهر الجرجاني (ت ‪471‬ه)‪ ،‬تحقيق متعليق د‪ .‬محسن سالم‬
‫العميري‪ ،‬مكتبة التراث – مكة المكرمة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1408‬ه ‪ 1988-‬م‪.‬‬
‫‪ -‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور(‪711 :630‬ه)‪ ،‬تصحيح‪ :‬أمين محمد عبد الوهاب‪ ،‬ومحمد الصادق‬
‫العبيدي دار إحياء التراث العربي‪ ،‬مؤسسة التاريخ العربي (بيروت _ لبنان) ط‪1416 1‬ها _‬
‫‪1995‬م‪.‬‬
‫‪ -‬اللباب في علل البناء واإلعراب ‪ ،‬أبو البقاء العكبري (ت‪ 616‬ه)‪ ،‬تحقيق غازي مختار طليمات‪ ،‬دار‬
‫الفكر – دمشق ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1995‬م‪.‬‬
‫‪ -‬المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ ،‬ألبي الفتح ضياء الدين نصر اهلل محمد بن محمد بن عبد‬
‫الكريم‪،‬المعروف بابن األثير (ت ‪637‬ها)‪ ،‬بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ‪ ،‬المكتبة العصرية‬
‫(صيدا – بيروت) ‪ ،‬طبعة ‪1411‬ها ‪1990 -‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬المخصص‪ ،‬البن سيده‪ ،‬تحقيق‪ :‬خليل إبراهيم جفال‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 1417‬ه‪ 1996 -‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬معاني القرآن‪ ،‬ألبي زكريا يحيى بن زياد الفراء(ت‪ 207‬ه)‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد يوسف نجاتي‪ ،‬ومحمد علي‬
‫النجارمطبعة دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة ‪ 1955‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬المقتضب صنعة أبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت ‪ 285-210‬ه)‪ ،‬تحقيق محمد عبد الخالق‬
‫عضيمة ‪ ،‬القاهرة ‪ 1415‬ه‪ 1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ -‬المقرب‪ ،‬البن عصفور‪ ،‬تحقيق عبد اهلل عبد الستار‪ ،‬وأحمد الجابوري‪ ،‬المكتبة الفيصلية‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1319‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬الممتع في التصريف‪ ،‬البن عصفور‪ ،‬تحقيق‪ :‬فخر الدين قباوة‪ ،‬دار اآلفاق‪ ،‬مكتبة لبنان‪1978 ،‬م‬
‫‪ -‬النحو الوافي‪ ،‬عباس حسن‪ ،‬دار المعرف‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬بدون‪.‬‬
‫‪ -‬همع الهوامع في شرح جمع الجوامع‪ ،‬تأليف اإلمام جمال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‬
‫(ت‪911‬ه)‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الحميد هنداوي‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬بدون ‪.‬‬

‫‪83‬‬

You might also like