Professional Documents
Culture Documents
JLAIS - Volume 1 - Issue 2 - Pages 54-83
JLAIS - Volume 1 - Issue 2 - Pages 54-83
الترقيم الدولي للنسخة اإللكترونية5428-2812 : الترقيم الدولي للنسخة المطبوعة2812-541X :
الموقع اإللكترونيhttps://jlais.journals.ekb.eg :
Journal of Arabic Language and Islamic Sciences Vol (2) – June 2022
Printed ISSN :2812 -541X On Line ISSN : 2812-5428
55
) عامر صالح محمد.د.(أ )(العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل
Abstract:
The research seeks to achieve the service of morphology by unpacking
the scattered issues of this phenomenon, and what differentiated from
them in the books of ancient and modern grammarians and linguists,
and owners of linguistic dictionaries, and then put them on the
morphological lesson, by relying on the descriptive approach that is
based on presenting the issues of this phenomenon. A presentation that
reveals their secrets - as mentioned in heritage books - and attempts to
clarify them.
The researcher considered that the presentation of the research issues
should be in two sections: the first topic - abandoning the use of the
verb and its significance, and the second topic - abandoning the use of
the subject’s name and its significance, and it falls into two axes:
A - Rescinding the use of the root in the noun of the subject from the
triple verb.
B - Rescinding the use of the subject's noun from the non-three verbs.
Accordingly, the research included: an introduction, a preface, and two
chapters that were removed with an explanatory table for the buildings
whose use had been abandoned, then the conclusion, and ended with
confirming the sources and references that the researcher used.
Keywords:
Noun of the subject - refraining from using the noun of the subject -
refraining from using the verb.
56
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
57
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
58
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
(اإلنترنت) وجدت أن ثمة مجموعة من الدراسات كلها تحمل عنوان " العدول الصرفي
في القرآن الكريم ،وكلها بعيدة عن موضوع هذا البحث.
أن
ومع أن مسائل هذه الظاهرة قد تضمنتها كتب التراث والكتب المعاصرة إال ّ
الباحث سوف يتناول هذه الظاهرة تناوال مختلفا ،ويعالج مسائلها معالجة تبرز أهمية
العدول الصرفي في باب اسم الفاعل ،وتكشف العلة من وراء هذا العدول.
وقد ارتأى الباحث أن يكون عرض مسائل البحث في مبحثين:
المبحث األول -العدول عن استعمال الفعل وداللة ذلك.
المبحث الثاني -العدول عن استعمال اسم الفاعل وداللة ذلك ،ويقع في محورين:
أ -العدول عن استعمال األصل في اسم الفاعل من الفعل الثالثي.
ب -العدول عن استعمال اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي.
وبناااء علااى ذلااك فقااد تضاامن البحااث :مقدمااة ،وتمهيااد ،ومبحثااين ُزيااال بجاادول توضاايحي
لألبنيااة التااي تاام العاادول عاان اسااتعمالها ،ثاام الخاتمااة ،وانتهااى بثباات المصااادر والم ارجااع
التي استعان بها الباحث.
المقدمة :ضمنتها افتتاحية البحث ،وسبب اختياره ،والمنهج المتبع ،وأهدافه ،والدراسات
السابقة ،وأقسام البحث.
التمهيد -كان بمثابة مدخل للبحث تحدثت فيه بإيجاز عن كيفية اشتقاق اسم الفاعل.
المبحث األول -العدول عن استعمال الفعل وداللة ذلك.
المبحث الثاني -العدول عن استعمال االسم وداللة ذلك ،ويقع في محورين:
العدول عن استعمال األصل في اسم الفاعل من الفعل الثالثي. أ-
العدول عن استعمال اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي. ب-
جدول توضيحي لألبنية التي تم العدول عن استعمالها وأمثلة على ذلك.
الخاتمة -وهي عبارة عن أهم النتائج التي توصل إليها الباحث من خالل بحثه.
أخير :ثبت المصادر والمراجع.
و ًا
59
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
وبعددد فددإن هااذا البحااث قااد أخلصاات فيااه النيااة هلل وحااده ،وتحرياات فيااه الدقااة والصاواب مااا
استطعت؛ فإن كنت قاد ُوفقات فمان اهلل وحاده ،وماا تاوفيقي إال بااهلل ،وان كانات األخارى،
منا إال مخطئ ومصيب . فحسبي أني اجتهدت ،وما ّ
ويعلمنااا مااا
در أدعااو اهلل أن يجعلااه عمااال متقاابال نافعاا ،وأن ينفعنااا بمااا علمناااُ ،
وأخيد ًا
ينفعنا ،وهو وحده أسأله السداد والتوفيق .
التمهيد
حاد،
وع ُدوالَ : العدول في اللغة :قال صاحب اللسان" :ع َد َل عن الشيء ي ِ
عدال ُ
عد ُل ْ َ َ
وعدل إليه ع ُدوال :رجع ...والع ْدل :أن ِ
تعدل الشيء عن وجهه ... جار،
َ ُ َ وعن الطريقَ :
ع َد َل عنه ي ِ
عد ُل ُع ُدوال إذا مال كأنه يميل من الواحد إلى اآلخر)1(". َ َ
والمقصود بالعدول في االصطالح :هو التحول ،أو االنتقال من لفظ إلى لفظ ،أو من
وممن استخدم مصطلح العدول من وزن إلى وزن من باب االستحسان والذوق السليمَ ،
ابن األثير جاء ذلك في قوله" :ألفاظ ُيعدل عن استعمالها من غير دليل يقوم
العلماء ُ
عن العدول عنها"( ،)2غير أن ثمة مصطلحات أخرى استخدمها النحاة تلتقي مع
مصطلح "العدول" فمثال سيبويه قد استخدم مصطلح األعراض ،حيث قال" :هذا باب ما
يكون في اللفظ من األعراض حيث إنهم "يحذفون ويعوضون ،ويستغنون بالشيء عن
الشيء الذي أصله في كالمهم أن يستعمل حتى يصير ساقطا"( ،)3وهو مصطلح
يشمل العدول وغيره؛ ألن مصطلح "األعراض" كما فسره السيرافي :ما يعرض في
الكالم ،فيجيء على غير ما ينبغي أن يكون عليه قياسه ،وربما يكون هذا هو لب
المقصود من العدول ،كما استخدم أيضا مصطلح االستغناء ،تبعه في ذلك كثير من
النحاة كابن جني الذي عقد بابا لالستغناء في الخصائص تحت عنوان "باب في
االستغناء بالشيء عن الشيء"( ،)4وابن مالك -في شرح التسهيل -وأبي حيان -في
) )1اللسان ( مادة عدل ) مج ،87 :86 /9وانظر القاموس المحيط . 14 /4
) )2المثل السائر . 274 /1
) )3الكتاب . 25 : 24/1
) )4انظر الخصائص .266 /1
60
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
العدول
االرتشاف -ومصطلح "االستغناء" قريب جدا من مصطلح العدول؛ ألن في ُ
استغناء عن األبنية التي تم العدول عنها ،غير أن العدول يزيد في المعنى عن
االستغناء؛ ألن االستغناء ال يعبر عن االستعاضة بما استُغني عنه ،على عكس
العدول الذي يوحي باالستغناء عن استعمال اللفظ مع االستعاضة عنه بآخر ،وهذا ما
قصدته من خالل اختياري لمصطلح "العدول".
وقد جعل ابن األثير العدول من لفظ إلى لفظ ،أو من وزن إلى وزن من باب
االستحسان والذوق السليم حيث قال" :أما اختالف صيغ األلفاظ فإنها إذا انتقلت من
هيئة إلى هيئة؛ كنقلها مثال من وزن من األوزان إلى وزن آخر ،وان كانت اللفظة
واحدة ،أو كنقلها من صيغة االسم إلى صيغة الفعل ،أو من صيغة الفعل إلى االسم
...أو إلى غير ذلك ،انتقل قبحها فصار حسنا ،وحسنها صار قبحا ،)5(".وقال في
موضع آخر" :ومن هذا النوع ألفاظ يعدل عن استعمالها من غير دليل يقوم على
العدول عنها ،وال يستفتى في ذلك إال الذوق السليم ،وهذا موضع عجيب ال ُيعلم كنه
سره"( ،)6فكل ما يحدث في األلفاظ من العدول واألعراض يرجع إلى حاكم الذوق
السليم؛ فصاحب الصناعة يصرف األلفاظ بضروب التصريف ،فما عذب في فمه منها
استعمله ،وما لفظه فمه تركه ،ففي أسماء الفاعلين مثال تجد أوزان الثالثي "فَ َع َل ،وفَ ِع َل،
وفَ ُع َل" هذه األوزان الثالثة لها أسماء فاعلين؛ فأما الوزن األول "فَ َع َل" فليس له إال اسم
واحد وهو "فاعل" ،وكذلك الوزن الثالث "فَ ُع َل" ليس له إال اسم واحد أيضا ،وهو "فَعي ٌل"،
وال يقع فيه اختالف إال ما ش ّذ منه ،أما وزن "فَ ِع َل" بكسر العين فاسم الفاعل منه يقع
الن" نحو: فيه االختالف استحسانا واستقباحا؛ ألن له ثالثة أوزان" :فاعل ،وفَ ِع ٌل ،وفَ ْع ٌ
فارٌح ،وفَ ِرٌح ،وفَرحان .وأحسنها وأكثرها استعماال هو فَ ِرٌح ،يليه فرحان ،يليهفَ ِرَح فهو ِ
فارح ،فلم ترد في القرآن من هذه الثالثة ولم تستعمل إال "فَ ِرٌح" في قوله تعالىُ " :ك ُّل
ِ
ح ْز ٍب بِ َما لَ َد ْي ِه ْم فَ ِرُح َ
ون"( ) ،وقوله" :إَِّنهُ لَفَ ِرٌح فَ ُخ ٌ
ور"( ،)8وغيرهما من اآليات ،فتأليف 7
61
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
الكالم يكون بصدد استعمال الحسن واألحسن ،ال بصدد استعمال الجائز وغير
9
الحسن ال على الجواز.
وقلئم على ُ
مبني ٌالجائز( )؛ فالكالم إذا ٌّ
تعريف اسم الفاعل :
"اسم الفاعل" هو مصطلح البصريين ،أما الكوفيون فيسمونه "الفعل الدائم" ،فهم
ٍ
"ماض ومضارع ودائم ،وال يقصدون بالدائم فعل األمر ،ولكنهم يقسمون :األفعال إلى:
قسيم للماضي والمضارع"(،)10
يريدون به اسم الفاعل ،فهو عندهم -أي اسم الفاعلٌ -
وهو ما اشتُق من مصدر المبني للفاعل ،لمن وقع منه الفعل أو تعلق به( ،)11وقد ورد
السم الفاعل تعريفات عدة في كتب النحاة؛ فعرفه الزمخشري في المفصل بأنه" :ما
و"م َد ِ ِ
حرج"، و"م ْستَِرج"ُ ،
و"منطَلق"ُ ، و"م ِ
كرم"ُ ، يجري على َ"ي ْف َع ُل" من فعله ك ِ
ا"ضارب"ُ ،
ويعمل عمل الفعل في التقديم والتأخير ،واإلظهار واإلضمار"( .)12كما عرفه في
األنموذج بأنه" :المشتق من الفعل لمن قام بالفعل على معنى الحدوث"( ،)13وقيل :هو
"مشتق من فعل موضوع لمن قام به بمعنى الحدوث"( ،)14أو "هو الصفة الدالة على
فاعل جارية في التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها لمعناه أو معنى
الماضي"( ،)15وعرفه ابن هشام بأنه":الوصف الدال على الفاعل ،الجاري على حركات
المضارع وسكناته"( ،)16وعرفه عباس حسن بأنه":اسم مشتق يدل على معنى مجرد
17
معا :المعنى
حادث ،وعلى فاعله"( ) ،فال بد في اسم الفاعل من الداللة على شيئين َ
62
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
المجرد الحادث ،وفاعله .فكلمة "عادل" مثال تدل على شيئين معا هما( :)18العدل
مطلقا ،والذات التي فعلته أو ينسب إليها.
أبنية اسم الفاعل :
اختلف البصريون والكوفيون في األصل في االشتقاق الفعل هو أو المصدر؟(،)19
حيث ذهب البصريون إلى أن المصدر هو أصل االشتقاق ،وذهب الكوفيون إلى أن
الفعل هو أصل االشتقاق؛ ولذلك َّ
فإن اسم الفاعل يصاغ من المصدر أو من الفعل،
وحيث إن الدراسة تقوم على تناول ظاهرة العدول في بابي الفعل واالسم ،فسوف تتبع
المذهب الكوفي ،وبناء عليه فإن اسم الفاعل يصاغ من الفعل الثالثي على عدة أوزان
جمعها ابن مالك في قوله(:)20
كونَ ،كا ا ا َغ َذا ٍ ِ فاع ٍل :إِذا اع ٍل ص ِغ اسم ِ َكفَ ِ
م ا ا ا ْن ذي ثَالثَة َي ُ َ ُ
اسهُ فَ ِعا ا ا ا ا ْل ِ
َغ ْي َر ُم ا ا ا َع ًّدى َبل ق َي ُ ت َوفَ ِع ْل وهو قلي ٌل في فَ ُعْل ُ َ
َجهَ ِر ونحو األ ْ ان، ِ
حو أَش ِر،
ُ ص ْد َي َ
حو َ ون ا ا ا ُ النَ ،ن ُ َوأ ْف َع ُل ،فَ ْع ُ
الفع ُل َج ُم ْل ميل ،و ِ الج ِ َكالض ْ ِ َوفَ ْع ٌل أَولَى َ ،وفَ ِعي ٌل بِفَ ُع ْل
َّخم و َ
الفاع ِل قَا اد َي ْغنى فَا َاع ا ْال وبِ ِسوى ِ فيه َقلِيا ا ا ا ٌل َوفَا ا ا َع ْل،
وأَ ْفع ا ٌل ِ
َ َ َ َ
ويمكن تفصيل أوزان اسم الفاعل من الفعل الثالثي التي ذكرها ابن مالك في األبيات
السابقة كاآلتي:
ِ
وزن"فاعل" :ويكون ذلك قياسيا أو سماعيا. أ-
قياسيا :من الفعل الذي بزنة "فَ َع َل" مفتوح العين متعديا كان ،أو الزما ،صحيحا كان أو
قتل فهو قات ٌل ،وضرب فهو معتال ،يجيء اسم الفاعل منه على وزن ِ
"فاعل" نحوَ :
63
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
) )21انظر كتاب في التصريف للجرجاني ص ،33وارتشاف الضرب ،233 /1وشرح جمل الزجاجي ص
.367
) )22انظر شرح التصريح على التوضيح ، 77/2وحاشية الخضري .560/2
) )23انظر األصول ،88 ،86/3والفصول في العربية ،البن الدهان ص .97
) )24انظر النحو الوافي . 290 /3
) )25انظر شرح التصريح ، 78 /2وتوضيح المقاصد ،29 /2وكتاب في التصريف ص . 35
) )26النحو الوافي ،242/3والكافية في علم النحو ،والشافية في علمي التصريف والخط ص . 66 :65
) (27انظر األصول ،95 : 93/3والفصول في العربية ،البن الدهان ص ،96وكتاب في التصريف ص
،34وشرح التصريح .78 /2
64
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
65
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
ث -وزن "أَف َْع َل" ،و"فَ َعل" :يأتي اسم الفاعل على هذين الوزنين بقلة من "فَ ُع َل"
ط ٌل ،ومن "فَ ِع َل"
ب ،ونحوَ :بطُ َل المجاهد فهو َب َ ضَُخ َ
ب فهو أ ْ ضَ
بضم العين ،نحوَ :خ ُ
َج َب ُن. فيما كان داء ،أو عيبا نحوَ :ع ِوَر فهو أعور ،وأصلَع ،وأ ْ
َج َذ ُم ،وأ ْ
تنبيه" :جميع هذه الصفات صفات مشبهة إال فاعآل ،كضارب وقائم فإنه اسم فاعل ،إال
إذا أضيف إلى مرفوعه ،وذلك فيما إذا دل على الثبوت كطاهر القلب ،وشاحط الدار
أي بعيدها فهو صفة مشبهة أيضا"( ،)32إذا فكل األبنية التي خرجت عن بناء ِ
"فاعل"
ودلت على الثبوت هي صفات مشبهة باسم الفاعل إال إذا قُصد بها الحدوث فهي
أسماء فاعلين .كما أن بناء "فاعل" فهو في االصطالح اسم فاعل إال إذا اضيف إلى
مرفوعه في المعنى وذلك فيما يكون داال على الثبوت نحو :طاهر القلب ،وشاحط
طاهر قلبه ،وشاحطةٌ داره؛ فيكون صفة مشبهة باسم الفاعل .قال
ٌ الدار .أي:
الخضري" :جميع هذه الصفات التي ليست على فاعل صفات مشبهة إن قُصد بها
الثبوت وان لم تُضف لمرفوعها ،واطالق اسم الفاعل عليها مجاز في االصطالح
الشائع ،فإن قُصد بها الحدوث كانت أسماء فاعلين ،ونقل اإلسقاطي أنه إذا أريد بها
حاسن ال َح َسن ،وأما موازن فاعلالنص على الحدوث حولت إلى فاعل فيقالِ :
ُ
كضارب وقائم فاسم فاعل إال إذا دل على الثبوت ،وأضيف لمرفوعه فيكون صفة
مشبهة أو ملحقا بها ،)33(".وذكر ابن الحاجب( )34كل هذه األوزان تحت باب الصفة
المشبهة ،كما ذكر السيوطي في الهمع( )35أن هذه األوزان هي الصفة المشبهة" ،فإن
قلت :كيف يطلق على هذه األوزان اسم فاعل ،وانما هي من الصفة المشبهة؟ قلت:
كثير على كل وصف مشارك
ا يطلق اسم الفاعل في اللغة كثيرا ،وفي االصطالح
وتحمل ضمير الفاعل)36(".
ُّ للفعل في مادة حروف االشتقاق
66
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
ويصاغ من غير الثالثي كما قال أبو حيان" :كمضارعه عددا وحركة
إال أن أوله ميم مضمومة ،وما قبل اآلخر في اسم الفاعل مكسور ،وفي اسم المفعول
تقدير فيهما"( ،)37فيطّرد في بناء اسم الفاعل من غير الثالثي زنة
ا مفتوح لفظا ،أو
مضارعه مع قلب حرف المضارعة ميما مضمومة ،وكسر متلو اآلخر ،أو قلبه ياء إذا
كان ألفا ،أو واوا ،وقد نص على ذلك ابن مالك في قوله (:)38
اص ِلق َكالمو ِ ير ِذي الثَال ِ ِم ْن َغ ِ وِزَنةُ المضا ِرِع اسا اام ف ا ا ا ا ا ِ
ااع ِل
َُ ْ ُ ُ َ َ
ٍ ِ ِ ِ
ض ا ا ا ُام ما ا ا ا اايم زائ ا ا ا ا ا ا ا ا ا ااد َقد َس َبقَا ِ
َمع َك ْس ِر َم ْتلُو األَخ ِ
َو َ ير ُمطلَقا
وبعد ،فإن البحث يناقش قضية العدول عن استعمال بعض األبنية إلى أبنية أخرى في ُ
باب اسم الفاعل وذلك من خالل تناول ما وقع في األوزان السابقة من عدول في
االستعمال ،واالستعاضة عنه بآخر سواء في الفعل ،أم في اسم الفاعل المشتق منه،
ويعدل عن استعمال فعله –الذي اشتق منه-وهذا يعني أنه قد يستعمل اسم الفاعلُ ،
في الكالم العربي الفصيح ،إلى استعمال فعل آخر تم العدول عن استعمال اسم فاعله
المشتق منه؛ فصارت القضية محصورة في مناقشة استعمال اسم فاعل لفعل غير
مستعمل لغويا ،واستعمال فعل السم فاعل غير مستعمل لغويا ،فكل من الفعل ،واسم
الفاعل غير المستعملين قد تم العدول عنهما إلى غيرهما ،وقد وقع ذلك في أفعال
محدودة في اللغة ،وهذا ما سنالحظه من خالل البحث ،إن شاء اهلل تعالى.
المبحث األول -العدول عن استعمال الفعل وداللة ذلك.
العدول عن استعمال بناء "فَع َل" إلى بناء ِ"افْتَ َع َل": أ-
يصاغ اسم الفاعل قياسيا من "فَ ُع َل" على وزن "فَعيل" ،قال ابن هشام" :وقياس الوصف
من فَ ُع َل –بالضم -فَعي ٌل كظَريف و َش ِريف"( )39ولكن قد ُيعدل عن استعمال هذا الوزن
67
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
"فَ ُع َل" في قليل من األفعال في باب اسم الفاعل حيث إنه ُيعدل عنه إلى وزن آخر هو
"فقير" كما
و"رفُ َع" .قال سيبويه" :وقالوا ٌ
"افتعل" ،ويكون ذلك في األفعال" :فَقَُر" و" َش ُد َد"َ ،
عف ،وقالوا :الفُ ْقر كما قالوا:
عيف ،وقالوا :الفَ ْقر ،كما قالوا :الض ْ ض ٌصغير و َ
ٌ قالوا:
نسمعهم قالوا :فَقُر ،كما لم يقولوا فى الشديدَ :ش ُد َد ،استغنوا ،باشتَد
الض ْعف .ولم َُ
40
،وافتَقَر"( ) ،وقال أيضا ..." :وقالوا :رفيعٌ ولم نسمعهم قالواَ :رفُ َع ،وعليه جاء رفيعٌ
وان لم يتكلموا به ،واستغنوا بارتفع"( ،)41وأكد ذلك ابن السراج في األصول( )42فذكر
تفع" عن َ"رفُ َع" " .قال أبو
أنهم قالوا :رفيعٌ ولم يقولوا َ"رفُ َع" ،فهم بذلك قد استغنوا با "ار َ
علي :قولهم افتقر فهو فقير ،واشتد فهو شديد ،لم يأت فقير وشديد على هذا الفعل،
لت"
ت" على "فَ ُع َ
ف" و" َش ُد ْد َ
"ض ُع َ
وانما أتى على فعل لم يستعمل وهو "فَقُر"كما يقولون َ
اشتد"( ،)43وقد ذكر المبرد في المقتضب( )44تحت باب "ذوات الثالثة واستغنوا بافتقر و َّ
من األفعال بغير زيادة" أن األفعال الثالثية تكون على( :فَ َع َلَ-يفَ ِع ُل) ،وتكون على
(فع َل-ي ْف ُع ُل) ،ومنها على (فَ ِع َلَ-ي ْف َع ُل) ،وتكون على (فَ ُع ُلَ-ي ْف ُع ُل) ،واليكون هذا األخير
َ
كرُم" .والفعل الذي هو لفَعيل في األصل كرَم َي ُ
إال لما ال يتعدى من األفعال وذلك نحوُ :
ف فهو ف فهو َش ِريفُ ،
وظر َ يم ،و َش ُر َإنما هو ما كان على (فَ ُع َل) نحوَ :ك ُرَم فهو َك ِر ُ
ورِحم فهو ملحق به" .)45(iفالمبرد يجزم هنا ِ ِ
ظَ ِريف ،فما خرج إليه من باب َعلم و َشهد َ
بأن الفعل الذي بزنة "فَ ُع َل" ،إنما يصاغ منه اسم الفاعل على "فَعيل" ،ويؤكد ذلك قول
المرزوقي" :كما أنه قد يجيء اسم الفاعل على ما لم يستعمل من الفعل نحو :فقير جاء
عن فَقَُر والمستعمل ِا ْفتَقَ َر .وكذلك شديد والمستعمل ِاشتَ َّد ،فكذلك قولك آنِفا والمستعمل
ال آنِفا"( .)47وقال ابن هشام:"ما َذا قَ َ
ف"( ) ،وقد ورد ذكر "آنفا" في قوله تعالىَ :
46
أيتََن َ
68
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
ط ٍل َ
وح َس ٍن ،وفَ َعا ٌل –بالفتح- كب َ
ب إذا كان أحمر إلى ال ُكدرة ،وفَ َع ٌل َ طُ
َخ َ
ودونهما أَ ْف َع ُل كأ ْ
كع ْفر أي :شجاع ماكر"(.)48 اع ،وفُعل كجُنب ،وِفعل ِ ان ،وفُ َعا ٌل –بالضم -ك ُش َج ٍ كج َب ٍ
ْ ُ ُ َ
وقال ابن منظور":فقر :الفَ ْقر ،والفُ ْقر ضد الغنى ،مثل الضَّعف والضُّعف .الليث :والفُقر
لغة رديئة؛ ابن سيدة ... :وقد فَقُر فهو فقير ،والجمع فقراء ،واألنثى فقيرة من نسوة
فقائر؛ وحكى اللحياني :نسوة فقراء ...والفقير مبني على فَقَُر قياسا ولم يقل فيه إال
ا ْفتَقَ َر ي ْفتَِق ُر ،فهو فقير ،" )49(".كما أن العكبري أيضا يقُر باشتقاق "فقير" من الفعل
"فَقَُر" ،وينكر استعماله ،ويبينه قوله" :وأما "أَ ْفقَر" فال يستعمل منه "فَقُر" ،ولكن ِ"ا ْفتَقََر"
ف"إال أن األصل أن ُيستعمل؛ ألنه قد جاء الفاعل منه "فَقير" فهو مثل" :ظَ ُر َ
و"ظَريف" ،فلما تعجبوا منه أخرجوه على األصل"(.)50
"غنِ َي" ،وبناء اسم الفاعل-أو
مما سبق يتبن لنا أن "فَقَُر" فعل ثالثي بزنة "فَ ُع َل" ،ضد َ
الصفة-منه على "فَعيل" ،وهو من األفعال التي ُعدل عن استعمالها في اللغة العربية،
قير .مع أن "فَقَُر" يفتقر فهو فَ ٌ
افتقر ُواستعملوا بدال منه فعل آخر هو "افتقر" ،فقالواَ :
"م ْفتَِقٌر" ،إال
"افتقر" فاسم الفاعل منه ُ
َ هو الفعل الذي اُشتق منه بناء "فقير" ،أما الفعل
أنهم قد عدلوا عن استعمال "فَقَُر" ،واستعملوا مكانه "افتقَ َر" ،وبذلك يكونون قد استغنوا
"مفتَ ِع ٍل" – 51
بافتقر عن فَقَُر ،وعليه جاء فقير( ) ،وهم مع ذلك أيضا قد عدلوا عن بناء ُ
اسم الفاعل من افتعل -إلى بناء "فَعيل" ،فقالوا :فقيرا ،ولم يقولواُ :م ْفتَِق ار .وبذلك يكون
العدول في هذه المسألة قد وقع في شيئين :األول :الفعل "فَقَُر" ُعدل عنه إلى ِ"ا ْفتَقََر"،
"مفتقر" -الذي هو القياس من الفعل المستعمل "ا ْفتَقَ َر"ُ -عدل عنه ِ والثاني :اسم الفاعل
إلى "فَقير" ،لكنه لما كان اهتمام العلماء بالعدول عن "فَقُر" جاءت المسألة في مبحث
69
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
) )52آل عمران آية ( ،)181والنساء ( ،)35 ،6والحج ( ،)28والقصص (. )24
) )53البقرة ( ،)273 ،271والتوبة( ،)60والنور ( ،)32وفاطر ( ،)15ومحمد ( ،)38والحشر ( ،)8والقيامة
(. )25
) )54الخصائص .269 /1
) )55سورة ص(،)20والمواضع األخرى :اإلنسان(،)28والقصص(،)35ويونس(،)88
وطه(،)31ومحمد(،)4وابراهيم (.)18
70
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
بناء "رفيع" ،وهم بذلك قد عدلوا في كالمهم مرتين :مرة عن استعمال الفعل ،ومرة عن
استعمال االسم .ولم يرد استعمال الفعل َ"رفُ َع" في اللفظ القرآني ،غير أنه ورد مفتوح
العين على بناء "فَ َع َل" ،أي"َ :رفَ َع" في زمني الماضي ،والمضارع دون األمر في نحو
اثنين وعشرين موضعا ،وورد اسم الفاعل منه بزنة "فاعل" مرتين .والجدير بالذكر أيضا
فع" مستعمل وشائع في الكالم العربي ،إال أنه غير مستعمل أنه بالرغم من أن الفعل "ارت َ
ِ
في اللفظ القرآني ،أما اسم الفاعل "رفيع" فقد ورد ذكره مرة واحدة في قوله تعالى"َ :رفيعُ
الدرج ِ
ات ُذو اْل َع ْر ِ
ش"()56 َّ َ َ
وفي ظني أنه ربما تكون العلة في العدول عن استعمال بناء "فَ ُع َل" إلى استعمال بناء
ورفُ َع" من غير دليل هو استثقالهم لبناء "فَ ُعل" ِ
"ا ْفتَ َع َل" في األفعال السابقة "فَقَُر ،و َش ُد َدَ ،
–كما ذكر سيبويه -أو الحرص على الذوق السليم الذي بنوا عليه لغتهم ،واستحسانهم
لهذه اللفظة دون تلك .كما قال ابن األثير .واهلل أعلم.
مما سبق يتضح أن من األفعال ما هو موجود وأصل لالشتقاق لكنه غير
و"رفُ َع" ،وأن اسم الفاعل يجيء على ما لم يستعمل مستعمل مثل الفعل "فَقَُر" ،و" َش ُد َد"َ ،
من األفعال يؤكد ذلك ما جاء على ألسنة العلماء فيما سبق ذكره.
ْعال" في األلوان: ِ ِ
ب -العدول عن استعمال بناء "فَع َل" إلى بناء "اف َ
قال سيبويه ..." :كما استغنوا ِبا ْح َم َّار عن َح ِم َر"( ،)57قال ابن السراج" :ومن العرب من
ال مثل ب ،ويبنون الفعل منه على ِإ ْفع َّ ب ،و َكهُ َ ب ،وقَهُ َ يقول :أ َُد َم َيأ ُْد ُم أ ُْد َمةَ ،و َشهُ َ
َ
ال" عن "فَ ِع َل ،وهو الذي ال يكاد ينكسر في األلوان يقولون: اب ،ويستغنى بِِا ْفع َّ ِا ْشهَ َّ
َ
نصي سيبويه ،وابن السراج يتضح عدول العرب ض فيقصرونه"( ،)58من ِا ْس َوَّد ،و ْاب َي َّ
ّ
ال" الذي يقصرونه إلى ِ"ا ْف َع َّل"؛ فيقولونِ :ا َّ
حمر، عن استعمالهم بناء "فَ ِع َل" إلى بناء ِ"ا ْفع َّ
َ
ِ
ض، وبيِ َ
اس َوَّد ،وغير ذلك من األبنية الدالة على األلوان ،وال يقولون َحم َرَ ، ض ،و ْ و ْاب َي َّ
وس ِوَد .والعدول عن "فَ ِع َل" إلى ِ"ا ْف َع َّل" مقصور على األلوان دون غيرها ،وربما يكون َ
71
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
سبب العدول هو الثقل ،والدليل على ذلك أنهم عدلوا عن بناء "فَ ِع َل" أيضا -في غير
"استفعل" كما سأبينه في المسألة التالية ،أو ربما لداللة بناء ِ"ا ْفعا َّل"،
َ األلوان -إلى بناء
-أو ِ"ا ْف َع َّل" المقصور منه -على المبالغة في التحول من لون إلى لون .واهلل أعلى
وأعلم.
72
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى بناء " م ْف ِعل" (:)62 أ-
"فاعل" من الفعل الثالثي ،واستغنوا ربما عدل العرب في كالمهم عن استعمال صيغة ِ
ب" قال ابن مالك في ب" فهو ِ "ح َّ عنها ،واستعاضوا بصيغة ِ
"مح ّ
ُ "م ْفعل" كما في قولهمَ : ُ
بم ْف ِعل ،وعن ُم ْف ِعل بمفعول فيما له فعل ثالثي، ِ
التسهيل" :وربما استغني عن فَاعل ُ
حاب ،)63(".من النص ِ
ب ولم يقولوا ّ فأشرت باألول إلى َحبَّهُ فهو ُمح ّ
ُ وفيما ال ثالثي له،
السابق يتضح العدول في االستعمال عن األصل في بناء اسم الفاعل من الفعل الثالثي
"م ْف ِعل" الذي هو اسم الفاعل من الفعل غير الثالثي "أَ ْف َع َل" ،وذلك في "فاعل" إلى ُ
"حاب ،أو حابِب" والقياس واألصل في االستعمال ب ،ولم يقولوا: ِ قولهمَ :ح َّ
ّ ب فهو ُمح ّ
اب ،أو حابِ ٌ
ب .علما بأن صيغة "فاعل" كثيرة في كالمهم؛ ألنها ب فهو َح ٌّ
أن يقولواَ :ح َّ
ومصدر كالباغي
ا تقع( )64اسما كالكاهل والغارب والساعد .وصفة كالضارب والراكب.
َّ
ولكن أحدا من النحاة لم ُيعلل هذا العدول والفالج والباطل .واسما للجمع كالسامر،
واالستغناء.
"م ْفعول":
العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى َ ب-
قياس اسم الفاعل من الفعل الثالثي "فَ َع َل" أن يكون على وزن "فاعل" غير أنه قد ُيعدل
"م ْف ُعول" قال ابن مالك في
عن هذا البناء في االستعمال في بعض األفعال إلى بناء َ
شرح التسهيل":ثم قلت" :وربما خلف فاع ٌل مفعوال ،ومفعو ٌل فاعال" ،فأشرت باألول إلى
السعر فهو مقطوط إذا غال ،ولم يقولوا: كاس بمعنى مكسو ،وبالثاني إلى قولهم قَطَّ
ٍ
ُ ُّ
قاطّ ذكره ابن سيدة ،وهو نادر ،)65(".فالفعل "قَطَّ" ثالثي مضعَّف بزنة "فَ َع َل" وبناء اسم
ط" بفك التشديد ،غير أنهم عدلوا عن القياس الفاعل منه على القياس هو "قاطّ" أو ِ
"قاط ْ
السعر َي ِقطُّ،
ُ
واألصل في استعمال وقالوا" :مقطوط" بزنة "مفعول" ،قال ابن منظور" :قَطَّ
73
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
وم ْقطُوطٌ بمعنى فاعلَ :غال ....وروي عن الفراء أنه ٌّ ًّ
بالكسر ،قَطا وقُطُوطا ،فهو قاط َ
سعر انكسر إذا فَتَر ،وقال: َّ
ٌ قال :حط السعر حطوطا وانحط انحطاطا ،و َك َسر و َ
مقطوط"()66
ت -العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى "فَ ْعل" ،و"أف َْعل" ،و"فَعيل":
قال ابن هشام ":وقد يستغنون عن صيغة فاعل من فَ َعل –بالفتح -بغيرها من الصيغ
وعفيِف) ولم يقولوا:
طيب َ يخ وأَ ْش َيب و َ
فيتركون القياس المطرد ،ويستعملون غيره (ك َش ٍ
وعاف بالتشديد ،كما استغنوا بترك وتارك عن َوَزَر وو ِازر،ّ شائخ ،وشائب ،وطائب،
وو ِادع"( ، )67وقد فسر الشيخ محمد محي الدين هذه المسألة فقال" :تفصيل هذه ع َ
ووَد َ
َ
المسألة أنهم قد يجيئون بصيغة فاعل ،وال يجيئون بصيغة أخرى كضارب وقاتل ،وقد
يهملون صيغة فاعل ويجيئون بغيرها كاألمثلة األربعة التي ذكرها المؤلف؛ فإنهم لم
عاف ،وقد يجيئون بصيغة فاعل وغيرها أيضا كما
ّ يقولوا شائخ وال شائب وال طايب وال
قالوا :مال يميل فهو مائل وأَميل ،فهذه ثالثة أحوال ،)68(".مما سبق يتضح العدول في
وشاب،
َ "شاخ،
َ استعمال بناء "فاعل" من الفعل الثالثي "فَ َع َل" -المعتل الوسط:
ف" -إلى عدة أبنية أخرى ،فيقولون :شاخ فهو َشيخ ،واألصل "ع َّ
ب" ،والمضعف َ وطي َ
َ
اب فهو أَشيب ،والقياس "شايب" ،ويقولون: ِ
شائخ بزنة "فاعل" ،ويقولونَ :ش َ
ٌ والقياس فهو
َّ
عاف .فهم بذلك قد عدلوا في فيف واألصل
ف فهو َع ٌ طيب والقياس طائب ،ويقولونَ :ع ََّ
االستعمال لعلة داللية وهي البعد عن الثقل في الكالم؛ مراعاة لالستحسان والذوق
السليم.
74
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
75
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
76
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
بب بالفتح إذا أكثر الكالم في الخطأ ،فإذا كان في الصواب فهو ُم ْس ِه ٌ رج ٌل ُمسهَ ٌ ُ
ب ،وأَْلفَ َج فهو ُمْلفَ ٌج
َسهب فهو ُم ْسهَ ٌ
بالكسر ال غير؛ ومما جاء فيه أَ ْف َع َل فهو ُم ْف َع ٌل :أ َ
ص ٌن"()75 ص َن فهو ُم ْح َ
َح َ
إذا أَ ْفلَ َس ،وأ ْ
يتضح مما سبق–فيما ورد عن ابن مالك وابن منظور -أن العدول عن استعمال بناء
"م ْف َعل" -بديال عنه -قد ورد عن العرب في عدد من األمثلة التي ِ
"م ْفعل" ،إلى استعمال ُ
ُ
ص ٍن"؛ غير أن ابنو"م ْح َ ٍ
"مْلفَ ٍج"ُ ،
"م ْسهَب" ُ
استعملوها في كالمهم ،كما هو الحال في ُ
هب" يتوقف على المعنى؛ فإذا كان بمعنى الكثرة "أس َ
مالك جعل هذا العدول في الفعل ْ
"م ْف َعل" بفتح
في الكالم ،فإنه ُيعدل عن استعمال األصل في بناء اسم الفاعل منه إلى ُ
الفاء ،أما إذا كان بمعنى الكثرة في العطاء ،أو بمعنى فصح ،أو بمعنى السرعة
والسبق ،أو تَ َغُّير الوجه ،أو المكان َّ
السهل؛ فإن اسم الفاعل منه يأتي على القياس فيقال
"مس ِه ٌ
ب "م ْسهب" بكسر الهاء .أما االفيروزآبادي فقال" :أسهب :أكثر الكالم فهو ُ
ِ
ُ
76
"م ْف َعل"
ب"( ) ،فهو بذلك ُيقر بالعدول وعدمه ،العدول يكون في استعمال بناء ُ وم ْسهَ ٌ
ُ
ِ
"م ْفعل"
بفتح العين ،وعدم العدول في استعمال بناء ُ
"م ْفعول": ِ
ت -العدول عن استعمال بناء "م ْفعل" إلى َ
بم ْف ِعل ،وعن ُم ْف ِعل بمفعول فيما له فعل قال ابن مالك" :وربما استغني عن فاعل ُ
أح َزَنهُ األمر فهو َم ْحزون
ثالثي ،وفيما ال ثالثي له ...وأشرت بالثاني إلى قولهمْ :
ِ
ب".أحبَّه فهو محبوب أغناهم عن ُمح ّ فأغناهم عن ُم ْح ِزن ،وكذا َ
العدول عن استعمال بناء "م ْف ِعل" إلى "فَعول" بفتح الفاء:
"أفع َل"- قد يعدل عن استعمال بناء ِ
"م ْفعل" -الذي هو اسم الفاعل من الفعل الرباعي َ ُ ُ
ويستعمل بناء "فَعول" ،وذلك في الفعل "أ َْنتَج"" ،قال ابن مالك" :وربما استغني عن م ِ
فعل ُ َ ُ
الفرس؛ فهي َعقُوق إذاُ بفاعل ونحوه ....وأشرت بقولي" :ونحوه" إلى قولهم أعقَّ ِت
صور ،)77(".وجاء في اللسان: حملت ،وأحصرت الناقة إذا ضاق مجرى لبنها ،فهي َح ُ
77
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
78
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
نوع الكلمة األمثلة التوضيحية لبيان ما حدث من عدول البناء المعدول البناء
المستعمل عن استعماله
79
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
يطيب لي في خاتمة هذا البحث أن أذكر أهم النتائج التي توصل إليها الباحث من
خالل عرضه ،ومناقشته لمسائل البحث وهي:
حرص العرب في كالمهم وتقعيدهم للغتهم على االستحسان ،ومراعاة الذوق -1
السليم ،تمثل ذلك في عدولهم عن استعمال بعض األلفاظ ،واألبنية على مستوى الفعل
واالسم.
مجيء اسم الفاعل على ما لم يستعمل من األفعال. -2
نظر
ا "افتع َل" في بعض األفعال؛
َ العدول عن استعمال بناء "فَ ُع َل" إلى بناء -3
لثقله .
ال" ثم قصرها إلى ِ"ا ْف َع َّل" في العدول عن استعمال بناء "فَ ِع َل" إلى بناء ِ"ا ْفع َّ
َ -4
األفعال الدالة على األلوان.
"م ْف ُعول" . ِ
العدول عن استعمال بناء "فاعل" إلى بناء َ -5
نظر لكثرة مجيء صيغة اعل"؛ ا العدول عن استعمال بناء "م ْف ِعل" إلى بناء "فَ ِ -6
ُ
ِ
"فاعل" في كالمهم واشتقاقاتهم.
"م ْف َع ٍل" بفتح العين . العدول عن استعمال بناء ِ ٍ
"م ْفعل" إلى بناء ُ ُ -7
"م ْف ِعل" إلى بناء "فَ ُعول" بفتح الفاء . العدول عن استعمال بناء ُ -8
80
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
هذا وقد ورد بالبحث نتائج أخرى ،واكتفيت بعرض هذه النتائج فقط مخافة التكرار
واإلطناب ،وقد اجتهدت قدر طاقتي إلعداد هذا البحث ،وال يكلف اهلل نفسا إال وسعها،
فما كان من توفيق فمن اهلل وحده ،فهو حسبي وعليه توكلت ،وان كانت األخرى فحسبي
أني اجتهدت ،وأجري عند ربي.
الباحث
عامر صالح محمد شلقامي
81
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
-شذا العرف في فن الصرف ،الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد الحمالوي( ت 1315ه) ،شرحه وفهرسه
واعتنى به د .عبد الحميد هنداوي ،دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان ،طبعة 1424ه2004-م
-شرح ابن عقيل ( ت769ه ) ،على ألفية ابن مالك ( ت672ه) ،ومعه كتاب منحة الجليل بتحقيق
شرح ابن عقيل ،لمحمد محي الدين عبد الحميد ،مكتبة دار التراث ،ط 1400 ،20ه1980 -م.
-شرح األنموذج في الحو للعالمة الزمخشري ،بشرح األردبيلي جمال الدين محمد بن عبد الغني ،حققه
وعلق عليه د.حسني عبد الجليل يوسف ،مكتبة اآلداب.
-شرح التسهيل "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد" ،تأليف جمال الدين محمد بن عبد اهلل بن عبد اهلل ابن
مالك الطائي ( ت 672ه) ،تحقيق أحمد السيد سيد أحمد علي ،المكتبة التوفيقية ،بدون.
-شرح التصريح على التوضيح للشيخ خالد األزهري ،على ألفية ابن مالك في النحو لجمال الدين أبي
محمد بن عبد اهلل يوسف بن هشام األنصاري ،وبهامشه حاشية الشيخ يس بن زين الدين العليمي ،دار
إحياء الكتب العربية ،فيصل عيسى البابي ،بدون.
-شرح جمل الزجاجي ،لإلمام أبي محمد عبد اهلل جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد اهلل بن هشام
( ت 761 –708ه) ،دراسة وتحقيق د .علي محسن عيسى مال اهلل ،عالم الكتب -مكتبة النهضة
العربية ،بيروت ،الطبعة الثانية 1406 ،ه – 1986م.
-شرح شذور الذهب في معرفة كالم العرب ،البن هشام األنصاري ،ومعه كتاب منتهى األرب بتحقيق
شرح شذور الذهب ،تأليف محمد محي الدين عبد الحميد ،المكتبة العصرية ،صيدا -بيروت ،طبعة
1992م.
-شرح قطر الندى وبل الصدى ،البن هشام ،تحقيق ح .الفاخوري ،دار الجيل –بيروت ،بدون.
-شرح اللمع في النحو ،تأليف القاسم بن محمد بن مباشر الواسطي الضرير ،تحقيق د.رجب عثمان
محمد ،تصدير د.رمضان عبدالتواب ،مكتبة الخانجي-القاهرة،الطبعة األولى1420ه2000-م.
-شرح المفصل للزمخشري ،تأليف موفق الدين أبي البقاء يعيش بن علي بن يعيش الموصلي (ت 643
ه) ،قدم له ووضع هوامشه وفهارسه إميل بديع يعقوب ،دار الكتب العلمية ،بيروت-لبنان،الطبعة
األولى1422 ،ه2001 -م .
-العوامل المائة النحوية في أصول علم العربية عبد القاهر الجرجاني( ت471ه) ،شرح الشيخ خالد
األزهري الجرجاوي (ت905ه) ،تحقيق وتقديم د.البدراوي زهران،دار المعارف ،الطبعة الثانية ،بدون
-الفصول في العربية ،ألبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان (ت569ه) ،حققه د.فائز فارس،
مؤسسة الرسالة -دار األمل ،الطبعة األولى 1409ه1988 -م.
-القاموس المحيط ،مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817-729ه) ،تحقيق مجدي فتحي
السيد ،المكتبة التوفيقية ،بدون.
82
(أ.د .عامر صالح محمد) (العدول الصرفي ودالالته في باب اسم الفاعل)
-الكافية في علم النحو ،والشافية في علمي التصريف والخط ،تأليف ابن الحاجب جمال الدين عثمان
بن عمر بن أبي بكر (ت 646ه) ،تحقيق د .صالح عبد العظيم الشاعر ،مكتبة اآلداب ،بدون.
-الكتاب ،ألبي بشر عمرو عثمان بن قنبر(ت 180ه)،تحقيق عبد السالم محمد هارون ،الطبعة
الثالثة 1408ه – 1988م.
-كتاب في التصريف ،اإلمام عبد القاهر الجرجاني (ت 471ه) ،تحقيق متعليق د .محسن سالم
العميري ،مكتبة التراث – مكة المكرمة ،الطبعة األولى 1408ه 1988-م.
-لسان العرب ،البن منظور(711 :630ه) ،تصحيح :أمين محمد عبد الوهاب ،ومحمد الصادق
العبيدي دار إحياء التراث العربي ،مؤسسة التاريخ العربي (بيروت _ لبنان) ط1416 1ها _
1995م.
-اللباب في علل البناء واإلعراب ،أبو البقاء العكبري (ت 616ه) ،تحقيق غازي مختار طليمات ،دار
الفكر – دمشق ،الطبعة األولى 1995م.
-المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ،ألبي الفتح ضياء الدين نصر اهلل محمد بن محمد بن عبد
الكريم،المعروف بابن األثير (ت 637ها) ،بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ،المكتبة العصرية
(صيدا – بيروت) ،طبعة 1411ها 1990 -م .
-المخصص ،البن سيده ،تحقيق :خليل إبراهيم جفال ،دار إحياء التراث العربي -بيروت ،الطبعة
األولى 1417ه 1996 -م .
-معاني القرآن ،ألبي زكريا يحيى بن زياد الفراء(ت 207ه) ،تحقيق :أحمد يوسف نجاتي ،ومحمد علي
النجارمطبعة دار الكتب المصرية ،القاهرة 1955م .
-المقتضب صنعة أبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت 285-210ه) ،تحقيق محمد عبد الخالق
عضيمة ،القاهرة 1415ه 1994 -م.
-المقرب ،البن عصفور ،تحقيق عبد اهلل عبد الستار ،وأحمد الجابوري ،المكتبة الفيصلية ،مكة
المكرمة ،الطبعة األولى 1319ه .
-الممتع في التصريف ،البن عصفور ،تحقيق :فخر الدين قباوة ،دار اآلفاق ،مكتبة لبنان1978 ،م
-النحو الوافي ،عباس حسن ،دار المعرف ،الطبعة الثامنة ،بدون.
-همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ،تأليف اإلمام جمال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
(ت911ه) ،تحقيق د .عبد الحميد هنداوي ،المكتبة التوفيقية ،بدون .
83