You are on page 1of 4

‫‪ -‬المحور األول‪:‬تعريف نظام الشهر العيني ومفاعيله‪:‬‬

‫إن الش هر العق اري ه و مجموع ة من القواع د واإلج راءات ال تي ته دف إلى تث بيت ملكي ة عق ار أو حق وق عيني ة‬
‫عقارية لشخص معين أو ألشخاص معينين اتجاه الغير‪.‬‬
‫فمن شأن هذه القواعد واإلجراءات تنظيم شهر حق الملكية أو الحقوق العينية العقارية األخرى الواردة عليها في‬
‫سجالت معدة إلطالع الكافة‪.‬‬
‫بحيث وفقا لهذا النظام يتم مسك سجل خاص لدى مصلحة الشهر وتخصص فيه صفحة أو أكثر لكل عقار تدون‬
‫فيه كل التصرفات التي ترد عليه مع تحديد موقعه‪،‬مساحته‪،‬رقمه وحدوده‪،‬ويسمى العقار المعني بالوحدة العقارية وتعتبر‬
‫البطاقة المخصصة له بمثابة بطاقة تعريف له ويسمى هذا السجل في التشريع الجزائري بمجموعة البطاقات العقارية‪.‬‬
‫فمن أراد اإلطالع على حال ة العق ار ومعرف ة الحق وق وااللتزام ات واالرتفاق ات ال تي تثقل ه بإمكان ه أن يطلب ه ذه‬
‫المعلومات من مصلحة الشهر‪.‬‬
‫ويتميز نظام الشهر العيني بأّن كل الحقوق العينية الواردة على العقار ال تكتسب وال تنتقل فيه إال بالشهر سواء‬
‫ك انت حقوق عيني ة أص لية (حق الملكي ة‪،‬ح ق االنتف اع‪،‬ح ق االرتفاق‪،‬حق االس تعمال والس كنى) أو تبعي ة (الرهن الرس مي‬
‫والحيازي‪،‬حق التخصيص‪،‬حقوق االمتياز )‪،‬وأيا كان سبب اكتسابها‪.‬‬
‫‪-1‬المفاعيل القانونية للشهر‪:‬‬
‫أوال‪-‬المفعول اإلنشائي للشهر‪:‬‬
‫في أقل من شهر بين صدور القانون رقم ‪ 75/58‬المؤرخ في ‪ 1975-09-26‬المتضمن القانون المدني واألمر‬
‫‪ 74-75‬المؤرخ في ‪ 12/11/1975‬المتضمن مسح األراضي العام وتأسيس السجل العقاري‪،‬تم التناغم الّت ام بين أحكام‬
‫الق انون الم دني في الم واد ‪ 165‬و ‪ 793‬من ه وبين أحك ام الم واد ‪ 16-15‬من ق انون الش هر أو الس جل العق اري‪،‬بحيث‬
‫جعلت إنشاء الحق العيني أو تعديله أو نقله وترتيب مفعوله اتجاه الغير يكون بالشهر وحده وهذا ما جاء في المادة ‪165‬‬
‫من الق انون الم دني الجزائ ري ال تي نص ت على م ا يلي ‪(:‬االل تزام بنق ل الملكي ة أو أي ح ق عي ني آخ ر من ش أنه أن ينق ل‬
‫بحكم القانون الملكية والحق العيني‪،‬إذا كان محل االلتزام شيئا معينا بالذات يملكه الملتزم وذلك مراعاة لألحكام المتعلقة‬
‫باإلشهار العقاري )‪،‬فنفس المبدأ استقرت عليه المادة ‪ 793‬ق‪.‬م وكذا أحكام المادة ‪ 16‬من األمر ‪.74-75‬‬
‫فإذا كانت الملكية في السابق تنتقل بمجرد العقد وكانت نتيجة الزمة للبيع الصحيح فأصبحت اليوم متراخية إلى‬
‫ما بعد الشهرما عدا نقل الملكية عن طريق الوفاة فإنه يسري مفعولها من يوم الوفاة ألصحاب الحقوق العينية وهو ما‬
‫نص ت علي ه الم ادة ‪ 15‬من األم ر ‪،75-74‬بحيث جعلت ه ذه الم ادة أن انتق ال الحق وق للورث ة والموص ى لهم عن طري ق‬
‫الوفاة هو نقل طبيعي لوعاء التركة وحيث جاء في نص المادة ‪ 91‬من المرسوم رقم ‪ 76/63‬أن إثبات نقل هذه الملكية‬
‫يتم عن طريق الشهادة التوثيقية‪.‬‬
‫فالشهر هو مصدر الحق العيني وبالتالي البد من التفريق بين التصرف وبين الشهر‪،‬فلم يعد التصرف أو سببه‬
‫القانوني الذي ينشأ به هو الذي يرتب األثر المنشئ وإ نما ذلك يتم بالشهر وحده وذلك عكس ما ذهبت إليه قوانين بعض‬
‫الدول التي اعتبرت أن التصرف هو مصدر الحق العيني‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬مفعول الشهر اتجاه الغير‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 15‬من األمر ‪(: 74-75‬كل حق الملكية وكل حق عيني آخر يتعلق بالعقار ال وجود له بالنسبة‬
‫للغير إال من تاريخ إشهاره في مجموعة البطاقات العقارية)‪.‬‬
‫يستخلص من هذه المادة أن المشرع الذي أخذ بنظام الشهر العيني لم يعترف بغير الشهر لإلدعاء بالملكية في‬
‫الحقوق العينية ‪،‬فإذا ما تم إشهارها فإنها تسري في مواجهة الكافة‪،‬بحيث كل من يتعامل معهم هو في مأمن تام‪.‬‬
‫المحور الثاني‪:‬مدى األخذ بنظام الشهر العيني‪.‬‬
‫سنبين في هذا الفرع المبادئ التي يقوم عليها الشهر العيني ونقارنها بما جاء به المشرع الجزائري في األم ر رقم‬
‫‪ 75/74‬والمرسومين التنفيذيين له ‪ 62-76‬و ‪.63-76‬‬

‫‪-1‬مدى أخذ المشرع بمبدأ التخصيص‪:‬‬


‫فطبقا لهذا النظام يتم مسك سجل خاص لدى مصلحة الشهر وتخصص فيه صفحة أو أكثر تدون فيها جميع‬
‫المعلوم ات المتعلق ة بالعق ار وذل ك بع د التح ري بدق ة ‪،‬وتتعل ق بموق ع العق ار‪،‬ح دوده ومس احته وأس ماء المتص رفين وك ذا‬
‫أهليتهم القانوني ة وامتالكهم للعق ار موض وع العملي ة‪،‬بحيث يس مى العق ار بالوح دة العقاري ة وتس مى البطاق ة المخصص ة ل ه‬
‫بالبطاقة العقارية التي هي بمثابة بطاقة تعريف له‪.‬‬
‫فمجموعة البطاقات العقارية تكون لنا السجل العقاري الذي ينشأ بموجب مسح عام لألراضي وهذا ما جاء في‬
‫المادة ‪ 23‬من المرسوم ‪ 76/62‬المتضمن إعداد المسح العام لألراضي ‪(:‬تحدث بطاقة قطع أراضي الملكية بالنسبة لكل‬
‫وحدة عقارية موجودة في مسح األراضي العام الذي تم إعداده)‪.‬‬

‫وبالتالي فمن خالل هذه المادة نستنتج أن المشرع قد أخذ بمبدأ تخصيص لكل وحدة عقارية بطاقة عقارية‪.‬‬

‫‪-2‬مدى أخذ المشرع بمبدأ الشرعية‪:‬‬


‫إن السندات الخاض عة للش هر تس بقها دراس ة قانوني ة دقيق ة لم ا تتض منه ح تى يتأك د خلوه ا من ك ل عيب وح تى ال‬
‫تشهر إال الحقوق المشروعة‪،‬وتحقيقا لهذا المبدأ فلقد أعطي المحافظ العقاري دورا إيجابي ا ويتمث ل في مراقب ة ك ل الحق وق‬
‫والمح ررات الواجب ة للش هر من م دى اس تيفائها للش روط الش كلية والموض وعية ومن م دى خلوه ا من ك ل م ا يمن ع‬
‫ش هرها ‪،‬وك ذا يتم التأك د من موق ع العق ار ورقم مجموع ة الملكي ة فه ذا م ا نص ت علي ه الم ادة ‪ 22‬من األم ر ‪74-75‬‬
‫المتضمن مسح األراضي العام وتأسيس السجل العقاري ‪ (:‬يحقق المحافظ العقاري في هوية وأهلي ة األطراف الموجودين‬
‫على وسائل اإلثبات وكذلك في صحة األوراق المطلوبة قصد اإلشهار )‪.‬‬

‫فإذا ما تّم التأكد من صحة المحررات الواجبة الشهر يّتم شهرها والعكس إذا ما ثبت عيب فيها امتنع عن شهرها‬
‫طبقا ألحكام المواد ‪ 61،66،100‬إلى المادة ‪ 108‬من المرسوم ‪ 76/63‬سالف الذكر‪.‬‬

‫لق د منح المحاف ظ العق اري س لطة واس عة بم وجب الم ادتين ‪ 33‬و ‪ 51‬من نفس المرس وم‪،‬س لطة التص حيح التلق ائي‬
‫لألخط اء ال تي تش وب إج راءات الش هر وت رقيم العق ارات الممس وحة ح تى تس ليم ال دفاتر العقاري ة وتص حيحها أو‬
‫إتالفها‪،‬وهكذا يكون المشرع قد أخذ بمبدأ الشرعية وذلك بشهر الحقوق المشروعة واستبعاد الحقوق المشكوك فيها مما‬
‫يضمن الّثقة في المعامالت واستقرارها‪.‬‬

‫‪-3‬مدى أخذ المشرع بمبدأ القيد المطلق‪:‬‬


‫ومعنى ذلك أن الشهر هو مصدر الحق العيني فهو الذي ينشؤه‪،‬يعدل ه أو يزيل ه‪،‬فالعق د أو التص رف ليس ه و ال ذي‬
‫ينق ل الملكي ة أو الح ق العي ني وإ نم ا الش هر ه و ال ذي ينقله ا فك ل ح ق غ ير مش هر ال وج ود ل ه في مواجه ة الكاف ة وال في‬
‫مواجهة الغير‪.‬‬
‫وفعال فقد أخذ المشرع بمب دأ القي د المطل ق وذل ك من خالل الم واد ‪ 15‬و ‪ 16‬من األم ر ‪،74-75‬حيث ج اء في‬
‫الم ادة ‪ 16‬م ا يلي ‪(:‬إن العق ود واالتفاق ات ال تي ت رمي إلى إنش اء أو نق ل أو تص ريح أو تع ديل أو انقض اء ح ق عي ني‪،‬ال‬
‫يكون لها بين األطراف أثرا إال من تاريخ نشرها في مجوعة البطاقات العقارية )‪.‬‬

‫‪-4‬مدى أخذ المشرع بمبدأ القوة الثبوتية للشهر واألثر الطهر له‪:‬‬
‫إن الش هر العي ني يعت بر الض امن الق انوني المطل ق للعملي ات القانوني ة باعتب اره يخض ع للّتحري ات الدقيق ة والس ابقة‬
‫لكل الوثائق المثبتة للملكية العقارية‪،‬فكل شخص يريد امتالك عقار ما يكون في مأمن من كل مفاجآت من ناحية إمكانية‬
‫تغير مالك العقار‪.‬‬
‫إن هذا النظام يقوم على مبدأ القوة الثبوتية المطلقة‪،‬بحيث التصرفات التي تشهر تعد قرينة على الملكية وتسري‬
‫في مواجهة الكافة فهي تطهر الملكية من كل العيوب ‪،‬حيث نجد أن الحق العيني الذي نشأ ال يتأثر بالعيوب التي كانت قد‬
‫شابت التصرف من بطالن أو عدم نفاذ وبالتالي فهو يعد عنوانا للحقيقة ال يمكن إثبات عكسها إال إذا شاب قرار القيد أو‬
‫الشهر نفسه عيب‪.‬‬
‫ففي نظام الشهر العيني وحفاظا على استقرار المعامالت والمراكز القانونية‪،‬فالشهر يطهر التصرف من العيوب‬
‫وبالت الي ال يمكن الطعن في ه م ادام ق د تّم ش هره ال ب دعوى الفس خ أو البطالن وال يبقى للمتض رر إال التع ويض الس تحالة‬
‫استرداد حقه عينا ‪،‬فالشخص الذي تم قيد حقه في السجل العقاري هو صاحب الحق من الناحية القانونية حتى وإ ن خالف‬
‫الواق ع الق انوني‪،‬وبالت الي فللش هر ق وة ثبوتي ة مطلق ة فال يك ون للقاض ي أي س لطة في إبط ال الحق وق المش هرة ومن ه فه ل‬
‫المشرع الجزائري وحفاظا على استقرار المعامالت قد أخذ بهذا المبدأ التطهيري للشهر أو أخذ بقواعد العدالة التي تسعى‬
‫لعدم إهدار حقوق المالك الحقيقي‪،‬وهل الشهر يحصن العقد؟‬

‫إن المشرع من خالل النصوص القانونية قد أجاز الطعن في الحقوق المشهرة والترقيمات المؤقتة والنهائية وذلك‬
‫بعد ظهور المالك الحقيقي أما في مرحلة الترقيمات بعد إيداع وثائق المسح وعندما ال يظهر المالك أثناء عملية المسح‬
‫وال يب دي أي اع تراض عن النت ائج المتوص ل إليه ا من ط رف ف رق المس ح فإن ه يتم تس جيل العق ار باس م الغ ير ويس تمر‬
‫غيابه حتى بعد إيداع الوثائق المسحية لدى المحافظة العقارية وفي هذه المرحلة يمكن للمالك طبقا للمادة ‪ 13‬و ‪ 14‬من‬
‫المرس وم ‪ 63-76‬خالل م دة ‪ 04‬أش هر أو س نتين حس ب طبيع ة ال ترقيم‪،‬أن يق دم احتج اج إلى المحاف ظ العق اري وإ لى‬
‫الخصم‪.‬‬

‫أما بالنسبة للترقيم النهائي والذي ينتج عنه تسليم الدفتر العقاري فقد أجاز المشرع الطعن فيه أمام القضاء ولكن‬
‫دون أجل مسقط للدعوى ‪،‬فقط البد من مراعاة انقضاء اآلجال بالتقادم المكسب الذي يحصن الشهر من المنازعة والطعن‬
‫وهذا ما أكدته المادة ‪ 85‬من المرسوم ‪ 63_76‬حث أجازت الطعن في الحقوق المشهرة سواء بدعوى الفسخ‪،‬اإلبطال أو‬
‫اإللغاء أو النقض أمام القضاء وذلك في أي وقت إلى غاية آجال سقوط الحق العيني لمدة ‪ 15‬سنة‪.‬‬

‫وبالت الي فق د أعطى الق انون إمكاني ة الطعن في التص رفات المش هرة رغم الق ول ب أن ه ذه التص رفات هي عق ود‬
‫موثق ة باإلض افة إلى أنه ا مش هرة مم ا يعطيه ا مركز ق انوني معين ال يمكن المس اس ب ه‪،‬ومن ه فحجي ة ه ذه التص رفات هي‬
‫حجية نسبية وليست مطلقة‪،‬‬

‫فشهر الحق ليس سندا قطعيا على الملكية بل يمكن إثبات عكس ذلك وهذا ال يعني إهدار للحق المشهر بل هو‬
‫إه دار لح ق مع ارض ق ائم على أس اس ق انوني ص حيح ‪،‬فق د أج از الق انون الطعن في الح ق المش هر ول و ك ان ص احبه ق د‬
‫تحصل على الدفتر العقاري‪،‬وبالتالي وفقا لهذا فقابلية ال دفاتر العقاري ة والترقيم ات النهائي ة والعق ود المش هرة للطعن س واء‬
‫باإللغ اء أو الفس خ أو النقض طبق ا ألحك ام الم واد ‪ 16‬و ‪ 85‬من المرس وم ‪ 76/63‬من ش أنه أن يجع ل مب دأ الق وة الثبوتي ة‬
‫للشهر معرضة لالهتزاز ‪،‬وهذا له أثر سيء على ضمان االئتمان واألمن واالستقرار القانوني للمراكز ومن أهمية الشهر‬
‫العيني ومصداقيته‪.‬‬

You might also like