Professional Documents
Culture Documents
4 5929301364009079053
4 5929301364009079053
المقدمة
بسم ال َّله الرمحن الرحيم ،الحمد ل َّله رب العالمين ،والصالة
محم ٍد ،وعىل آله وأصحابه أمجعين ،أ َّما بعد: والسالم عىل نب ِّينا َّ
«اْل أرب ِعين النَّو ِو َّي ِة».
مشهور بـ أ
ٌ هذا المتن
واإلمام النووي رمحه ال َّله َ
وضع اثنين وأربعين ( )42حديثا،
واشترط أن تكون األحاديث هي التي عليها َمدار الدين؛ يعني :أصول
()1
الدين .
وأتى الحافظ ابن رجب رمحه ال َّله ،واستدرك عليه ثمانية ()8
أحاديث؛ فكانت زيادة ابن رجب مع أصل متن النووي :مخسين ()50
حديثا ،وكلها شامل ٌة ألمور الدين.
واألربعون النوو َّية لها مقدِّ م ٌة وضعها المصنِّف؛ لكن لطولها ال
()2
ووضع يف آخرها شرحا لغريبِ َها؛ كذلك ال ُيحفظ؛ فدَ ْأ ُب بعض
ُتحفظَ ،
ت أرجمة ِ
الما ِم النَّو ِوي رمحه ال َّله
اسمه ،ونسبه ،ونِسبته:
هو :يحيى بن َش َرف بن ُم ِري بن حسن بن حسين بن محمد بن
()1
الح َزامِي النَّووي .
جمعة بن ِح َزام ِ
ُ ُ
والنَّووي نِسبة إىل «ن ََوى» مدينة جنوب دمشق تبعد عنها 90كيلو
()2
مترا .
كنيته ،ولقبه:
يتزوج رمحه ال َّله.
كنيته :أبو زكريا ،وال َو َلد له؛ بل مل َّ
لقبهُ :م ْحيي الدِّ ين ،وكان َيكره أن ُيل َّقب به ،ويقول« :ال َأجعل يف
()3
ِح ٍّل َمن لقبني ُم ْحيي الدِّ ين» .
مولده:
()1
حرم ،سنة (631هـ) .
ولد يف مدينة «نوى» يف شهر ُم َّ
نشأته:
نشأ رمحه ال َّله منذ ِصغره مهتما بالعلم ِ
مح ّبا له ،قال ياسين
()2
المراكشي « :رأيت الشيخ ُم ْحيي الدِّ ين -وهو ابن عشر سنين -بن ََوى،
والصبيان ُي ْك ِرهونه عىل ال َّلعب معهم ،وهو َيهرب منهم ،و َيبكي
()3
إلكراههم ،و َيقرأ القرآن يف تلك الحال فوقع يف قلبي محبته» .
«لما كان عمري تسع عشرة سنة؛ َق ِدم بي
وقال النَّووي عن نفسهَّ :
()4
الرواح َّية ،
فسكنت المدرسة َّ
ُ والدي إىل دمشق يف سنة تسع وأربعين،
()1 ِ
يت نحو سنتين مل أضع جنبي إىل األرض ،وكان ُقويت فيها ِجراية
وبق ُ
()2
المدرسة ال غير» .
رواحة ،تويف سنة (622هـ) ،وقفها عىل الشافعية ،وموقعها شرقي الجامع
األموي ،وغربي المدرسة الدَّ ْولع َّية .طبقات الشافعيين (ص ،)824الدارس يف
تاريخ المدارس (.)199/1
(ِ )1
الجراية :األجرة (.)349/37
( )2تحفة الطالبين (ص.)46-45
7 مقرر األسبوع األول
()1
يف نحو أربعة أشهر «حفظت كتاب التَّنبيه
ُ وقال -أيضا :-
()3 ()2
السنة» . َّ
المهذب يف باقي َّ وحفظت ُربع العبادات من
ُ ونصف،
«كنت أقرأ َّ
كل يوم اثني عشر درسا عىل المشايخ؛ ُ وقال -أيضا :-
()4
شرحا وتصحيحا» .
()5
وقال تلميذه ابن الع َّطار « :وذكر يل رمحه ال َّله أنَّه كان ال َيضيع له
وقت يف ليل وال هنار؛ َّإال يف وظيفة من االشتغال بالعلم ،حتى يف ذهابه
ٍ
مطالعة ،وأنَّه بقي عىل يف الطرق ومجيئه يشتغل يف تكرار محفوظه ،أو
( )1وهو كتاب مختصر يف أصول مذهب الشافعي؛ ألبي إسحاق إبراهيم بن عيل
الشيرازي ،تويف سنة ( 476هـ).
( )2أحد أشهر ُكتُب الشافعية يف فروع المذهب وتفصيالته؛ ألبي إسحاق
الشيرازي،
الراوي يف ترمجة اإلمام النَّواوي (ص.)31
( )3تحفة الطالبين (صُ ،)46بغية َّ
( )4تحفة الطالبين (ص.)49
( )5هو :عيل بن إبراهيم بن داوود ،أبو الحسن بن الع َّطار الشافعي ،ولد سنة
(654هـ) ،وتويف سنة (724هـ) .طبقات الشافعية الكبرى للسبكي
( ،)130/10طبقات الشافعية البن قاضي ُش ْهبة (.)270/2
شرح األربعني النووية 8
شيوخه:
()1
بجهابِذة العلماء يف شتَّى الفنون،
عصره رمحه ال َّله حافال َ
كان ْ
()2
ومن شيوخه :
-1إسحاق بن أمحد بن عثمان ،أبو إبراهيم المغربي ثم المقدسي
الشافعي ،تويف سنة (650هـ) ،وهو من أوائل شيوخه يف
الفقه.
-2عبد الرمحن بن نوح بن محمد ،أبو محمد المقدسي ثم
الدمشقي الشافعي ،تويف سنة (654هـ).
تالميذه:
()1
َول ِ َي النووي مش َي َخة دار الحديث األشرف َّية ،وباشر التَّدريس يف
()3 ()2
أكثر من مدرسة ،فكثر تالميذه ،ومنهم :
-1أمحد بن محمد بن عباس بن َج ْع َوان ،شهاب الدِّ ين األنصاري
( )1دار الحديث األشرف َّية :بناها الملك األشرف مظفر الدين موسى بن العادل
المتوىف سنة (635هـ) ،وتقع جوار باب القلعة الشرقي غربي العصرونية وشمايل
القيمازية الحنفية .طبقات الشافعيين (ص ،)844الدارس يف تاريخ المدارس
(.)15/1
( )2تاريخ اإلسالم ( ،)331/15طبقات الشافعيين (ص ،)912طبقات الشافعية
الروي (ص.)37-36 البن قاضي ُش ْهبة ( ،)156/2المنهل ْ
العذب َّ
( )3تحفة الطالبين (ص ،)113-53تاريخ اإلسالم ( ،)895/15طبقات الشافعية
الكبرى للسبكي ( ،)130/10 ،40/10 ، 35/8طبقات الشافعيين (ص،911
،)940المنهل الصايف (.)398/2
شرح األربعني النووية 12
(699هـ).
-3إسماعيل بن عثمان بن عبد الكريم بن تمام ،أبو ِ
الفداء القرشي َّ
الحنفي ،تويف سنة (714هـ).
أعامله:
تبوأ اإلمام النَّووي منزلة رفيعة يف العلم؛ فقد باشر رمحه ال َّله
َّ
()2 ()1
التَّدريس يف المدرسة اإلقبال َّية ،والمدرسة ال َفلك َّية ،وغيرمها ،وولِي
()3
مشيخة دار الحديث األشرف َّية سنة (665هـ) إىل أن مات .
( )1المدرسة اإلقبال َّية :أنشأها مجال الدولة إقبال ،المتوىف سنة (603هـ) ،وتقع
داخل باب الفرج وباب الفراديس ،بينهما شمايل الجامع والظاهرية الجوانية
وشرقي الجاروخية .تاريخ اإلسالم ( ،)73/13الدارس يف تاريخ المدارس
(.)118/1
( )2المدرسة ال َفلك َّية :أنشأها األمير َف َلك الدِّ ين سليمان المتوىف سنة (599هـ)،
وقد كانت دارا له ثم وقفها ،وتقع بحارة األفتريس ،غربي المدرسة الركنية
الجوانية .المختصر يف أخبار ال َب َشر ( ،)102/3الدارس يف تاريخ المدارس
َّ
(.)327/1
( )3تاريخ اإلسالم ( ،)331/15طبقات الشافعيين (ص ،)912طبقات الشافعية
الروي (ص.)37-36 البن قاضي ُش ْهبة ( ،)156/2المنهل ْ
العذب َّ
شرح األربعني النووية 14
مؤ َّلفاته:
ُبورك له يف عمره ،ويف مؤلفاته ،وقد قيل« :لو ُق ِّسمت مؤلفا ُته عىل
()3 ()2( )1
ِسني ُع ْمره؛ لكان نصيب ِّ
كل يوم ك َُّراستين » ،ومن مؤلفاته :
.1التِّبيان يف آداب َح َملة القرآن.
.4األذكار.
الربا.
شرح المهذب ،وصل فيه إىل باب ِّ
.7المجموع يف ْ
.8التحرير يف ألفاظ التَّنبيه.
.9بستان العارفين.
وفاته:
بعد حياة عامرة بالعلم والتعليم تويف رمحه ال َّله ليلة األربعاء ،يف
الثلث األخير من الليل ،ليلة الرابع والعشرين من رجب ،سنة (676هـ)
()1
بِن ََوى ،عن مخس وأربعين سنة .
()2
قال الحافظ الذهبي رمحه ال َّله « :وقد رثاه غير واحد ،يبلغون
()3
عشرين ن ْفسا بأكثر من ِّ
ست مئة بيت» .
()4
وقد أورد تلميذه ابن الع َّطار رمحه ال َّله بعضا من َم َراثِيه .
السوي
( )1تحفة الطالبين (ص ،)43طبقات الشافعيين (ص ،)913المنهاج َّ
(ص.)75
( )2هو :محمد بن أمحد بن عثمان بن َقا ْيماز ،أبو عبد ال َّله التركماين الذهبي
الشافعي ،ولد سنة (673هـ) ،وتويف سنة (748هـ) .طبقات الشافعية الكبرى
للسبكي ( ،)100/9الوايف بالوفيات (.)114/2
( )3تاريخ اإلسالم (.)332/15
( )4تحفة الطالبين (ص.)114
17 مقرر األسبوع األول
ترجمة الحاف ِ
ظ ا أب ِن رجب رمحه ال َّله أ
اسمه ،ونسبه ،ونِسبته:
هو :عبد الرمحن بن أمحد بن عبد الرمحن بن الحسن بن محمد بن
()1
أبي البركات مسعود ،البغدادي ثم الدمشقي الحنبيل .
كنيته ،ولقبه:
كنيته :أبو الفرج.
()2
لقبه :زين الدِّ ين ،ومجال الدِّ ين ،واشتهر بـ«ابن رجب» .
مولده:
()4 ()3
ولد بـ«بغداد» يف ربيع األول سنة (736هـ) .
نشأته:
نشأ رمحه ال َّله يف بيت علم ودين؛ فجده عبد الرمحن المعروف
()1
بـ«رجب» كان محدِّ ثا ،قال عنه ابن حجر « :سمع ُث َالثِ َّيات البخاري من
()2 ابن المال ِحانِي عن ال َقطِ ِ
يع ّي حدَّ ث هبا ،...وكان ُي ِ
قرئ حسبة» . َ َ
وأ َّما والده :فقد ُولد ببغداد ونشأ هبا ،وقرأ القرآن بالروايات ،وسمع
()3
من مشايخها ،وجلس لإلقراء بدمشق ،وكان خ ِّيرا د ِّينا عفيفا .
قدم ابن رجب مع والده إىل دمشق وهو صغير ،سنة أربع وأربعين
وسبع مئة (744هـ) ،فسمع من خلق كثير ،واشتغل بسماع الحديث
ِ
صادعة، مجالس تذكيره للقلوب باعتناء والده ،ورحل فيه ،وكانت
ُ
وللناس عامة مباركة نافعة ،مالت القلوب بالمح َّبة إليه ،وكان ال يعرف
( )1هو :أبو الفضل شهاب الدين أمحد بن عيل بن محمد الكناين العسقالين ،ثم
المصري الشافعيُ ،ولِد سنة (773هـ) ،إمام الحفاظ يف زمانه ،برع يف الحديث
وتقدَّ م يف مجيع فنونه ،تويف رمحه ال َّله سنة (852هـ) .طبقات الحفاظ للسيوطي
(.)552/1
( )2الدرر الكامنة (.)236/2
( )3غاية النهاية ( ،)53/1الدرر الكامنة ( ،)151/1تسهيل السابلة (.)1165/2
19 مقرر األسبوع األول
شيئا من أمور الناس ،وال يتر َّدد إىل أحد من ذوي الواليات ،وكان فقيرا
()1
متع ِّففا َغن ِ َّي النفس ،صاحب عبادة وهتجد .
()2 قال ابن ِ
الم ْب َرد « :قال ابن قاضي ُش ْه َبة :وقال شيخنا :كان قرأ
وأتقن الفن ،ثم أكب عىل االشتغال بمعرفة فنون الحديث ِ
وع َلله َّ
()3
ومعانيه ،وانفرد وحده ب ُكتُب» .
شيوخه:
أخذ رمحه ال َّله عن مجاعة كثيرة يف شتَّى الفنون ،ومِن شيوخه الذين
()1
أخذ عنهم :
-1شمس الدِّ ين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعيد بن جرير
الز َر ِع ّي ،أبو عبد ال َّله ابن قيم الجوزية ،تويف سنة (751هـ).
-2صدْ ر الدِّ ين محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم بن
الم ْيدُ ومِي ،تويف سنة (754هـ).
عنان ،أبو الفتح َ
-3محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الدمشقي ،األنصاري العبادي،
المعروف بـ«ابن الخباز» ،تويف سنة (756هـ).
-4شيخ اإلسالم عالء الدين خليل بن َك ْي َك ْلدي ،أبو سعيد
العالئي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي ،تويف سنة (761هـ).
-5شرف الدِّ ين أمحد بن الحسن بن عبد ال َّله ،أبو العباس المشهور
بـ «ابن قاضي الجبل» ،تويف سنة (771هـ).
تالميذه:
()1
َول ِ َي ابن رجب تدريس «الحنبلية» ،وويل حلقة شيخه ابن قاضي
()2
تالميذه ،ومِن أشهرهم :
ُ الج َبل ،ف َك ُث َر
َ
-1عيل بن محمد بن عيل بن عباس بن فت َيان ،ال َع َالء ال َبعيل ثم
الدمشقي الحنبيل ،ويعرف بـ«ابن ال َّل َّحام» ،تويف سنة
(803هـ).
-2محب الدِّ ين أمحد بن نصر ال َّله بن أمحد بن محمد بن عمر،
أبو الفضل مفتي الديار المصرية ،تويف سنة (844هـ).
-3عبد الرمحن بن محمد بن عبد ال َّله بن محمد الزين ،أبو ذر
المصري الحنبيل ،تويف سنة (846هـ).
( )1المدرسة الشريفية الحنبلية :بناها شرف اإلسالم عبد الوهاب ابن الشيخ أبي
الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي ثم الدمشقي ،المتوىف سنة (536هـ) ،تقع
بالقرب من الجامع األموي بدمشق .منادمة األطالل ومسامرة الخيال
(ص.)234
( )2المقصد األرشد ( ،)237/2الضوء الالمع (،)137-136/4( )234/2
الجوهر المنضد (ص ،)47شرح علل الترمذي (.)265-261/1
23 مقرر األسبوع األول
شرح األربعني النووية 24
مؤ َّلفاته:
صنَّف ابن رجب رمحه ال َّله كتبا كثيرة قارب عددها الخمسين ،ومِن
()1
مؤلفاته :
.1شرح جامع الترمذي.
وفاته:
تويف رمحه ال َّله ليلة االثنين ،رابع شهر رمضان ،سنة (795هـ)
()1
بدمشق .
قال ابن ِ
الم َبرد« :قال الشيخ اإلمام العالمة شمس الدِّ ين ابن ناصر
الشيخ زين الدِّ ين بن رجب جاءه قبل أن يموت بأيام ،فقال :احفر يل
ِ
هاهنا َل ْحدا ،وأشار إىل البقعة التي ُدفن فيها ،قال :فحفرت لهَّ ،
فلما
فرغت نزل يف القبر واضطجع فيه فأعجبه ،وقال :هذا ج ِّيدٌ ،ثم خرج،
قال :فوال َّله! ما شعرت بعد أيام َّإال وقد ُأتِي به ميتا محموال يف ن ْعشه،
()2
فوضعته يف ذلك ال َّلحد َ
وو َار ْي ُته فيه» .
احلَدِيثُ األَوَّلُ
ات ،وإِنَّام لِكل ا أمرِئ ما نوى ،فم أن كان أت ِه أجرته إِلى ال َّل ِه اْل أعامل بِالني ِ
َّ
ورسولِ ِه؛ ف ِه أجرته إِلى ال َّل ِه ورسولِ ِه ،وم أن كان أت ِه أجرته لِد أنيا ي ِصيبها ،أ ِو
ا أمرأة ي أنكِحها؛ ف ِه أجرته إِلى ما هاجر إِل أي ِه» رواه إِماما المحدثِين :أبو ع أب ِد
ار ُّي ،وأبو اهيم أب ِن الم ِغير ِة أب ِن ب أر ِد أزب أه البخ ِ
ال َّل ِهُ ،ممد بن إِسام ِعيل ب ِن إِبر ِ
أ أ َّ أ أ
أب ِن م أسلِم القش أيرِ ُّي أبن الح َّجاجِ الحس أي ِن ،م أسلِم
ب حيح أي ِهام -ال َّلذ أي ِن هام أص ُّح الكت ِ ور ُّي ر ِضي ال َّله ع أنهام فِي ص ِ
النَّ أيساب ِ
المصنَّف ِة .-
ٍ
حديث صدَّ ره المصنِّف هو حديث عمر بن الخطاب رضي َّأول
ومسلم ،وأبو داود ،والترمذي،
ٌ ال َّله عنه ،وهذا الحديث رواه البخاري
()1
والنسائي ،وابن ماج ْه ،واإلمام أمحد .
( )1رواه البخاري ،باب بدْ ء الوحي ،كيف كان بدْ ء الوحي إىل رسول ال َّله ﷺ؟
رقم ( ،)1ومسلم ،كتاب اإلمارة ،باب قوله ﷺ« :إِن ََّما األَ ْع َم ُال بِالنِّ َّي ِة» ،وأنَّه
شرح األربعني النووية 28
حديث َو َضعه يف «صحيحه» :حديث عمر ٍ فالبخاري رمحه ال َّله َّأول
ات» ،والحافظبن الخطاب رضي ال َّله عنه« :إِنَّما األَ ْعم ُال بِالنِّي ِ
َّ َ َ
ٍ ()1 الم ِ
وضعه هذا
حديث َ قدسي رمحه ال َّله يف «العمدة يف األحكام»َّ :أول َ
َيدخل فيه الغزو وغيره من األعمال ،رقم ( ،)1907وأبو داود ،كتاب الطالق،
باب فيما عني به الطالق والنيات ،رقم ( ،)2201والترمذي ،أبواب فضائل
الجهاد عن رسول ال َّله ﷺ ،باب ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا ،رقم
( ،)1647والنسائي ،كتاب الطهارة ،باب النِّ َّية يف الوضوء ،رقم ( ،)75وابن
ماج ْه ،كتاب الزهد ،باب النِّ َّية ،رقم ( ،)4227وأمحد يف المسند ،رقم (،)170
البخاري وابن ماجه« :بِالنِّ َّي ِة».
ّ ولفظهم سوى
( )1هو :تقي الدين َأ ُبو ُم َح َّمد َع ْبد الغني بن عبد الواحد بن عيل ْبن سرور ْبن رافع ْبن
المقدسيُ ،ولد سنة (541هـ) ،وتويف سنة (600هـ) .ذيل ييل حسن بن جع َفر الجم ِ
اع
ّ َ َ ّ ْ َ ْ
طبقات الحنابلة البن رجب (.)1/3
29 مقرر األسبوع األول
الحديث« :إِن ََّما األَ ْع َم ُال بِالنِّ َّي ِة» ،وكذا النووي رمحه ال َّله هناَّ :أول
بعضهم« :ينبغي لكل ات»؛ بل حتى قال ُ حديث« :إِنَّما األَ ْعم ُال بِالنِّي ِ
ٍ
َّ َ َ
()1
مصنِّف أن يضع هذا الحديث يف َصدْ ر مصنَّفه» .
ٍ
عبادة؛ يتضاعف الثواب؛ وجل يف ِّ
كل عز َّ فالعبد إذا َأصلح النية ل َّله َّ
ف ل ِ َم ْن َي َشا ُء﴾ [البقرة ،]261 :قال ابن قال سبحانه﴿ :وال َّله ي َض ِ
اع ُ َ ُ ُ
ِ ()3 ()2
عمله» . ٍ
كثير رمحه ال َّله « :أي :بحسب إخالصه يف
رأيت الناس َي ُصفون يف المسجد للصالة؛ فت َبا ُين أجورهم،
َ وإذا
بح َسب إخالص كل ٍّ
مصل. وارتفاعها ،وإعظامها ،ومضاعفتها عند ال َّله؛ َ
فإذا قيل :ما الذي ُي َص ِّفي النِّ َّية؟
ربه بأن يرزقه اإلخالص؛ قال شيخ
نقول :الدعاء؛ يدعو الشخص َّ
()1
اإلسالم « :وكان أكثر دعاء عمر بن الخطاب :ال َّلهم اجعل عميل كله
()2 ٍ
ألحد فيه شيئا» . صالحا ،واجعله لوجهك خالصا ،وال َتجعل
فيقول المسلِم مثال :ال َّلهم إنِّي أسألك اإلخالص يف القول
والعمل.
﴿و َما ُأمِ ُروا
وال َّله عز وجل قال عن اليهود والنصارى والمشركينَ :
إِ َّال ل ِ َي ْع ُبدُ وا ال َّل َه ُم ْخلِ ِصي َن َل ُه الدِّ ي َن﴾ [البينةَ ،]5 :فلِفساد دينهم؛ مل ُيثابوا عىل
ما َعملوه من األعمال ،وإال فال َّله عز وجل َأخبر عن الكفار بأهنم ُينفقون
و ُيجاهدون ،لكن مل ُيق َبل ذلك العمل؛ ألهنم مشركون؛ قال ال َّله عز
ِ ِ ِ وجل﴿ :و َال ي َزا ُل َ ِ
اس َت َطا ُعوا﴾ ون ُي َقات ُلو َن ُك ْم َحتَّى َي ُردوك ُْم َع ْن دين ُك ْم إِن ْ َ َ
[البقرة ،]217 :فال َّله َأخبر أنَّهم يقاتِلون ،وقال سبحانه﴿ :إِ َّن ا َّل ِذي َن َك َف ُروا
فأخبر بأنَّهم ُينفقون؛ بل قد ون َأ ْم َوا َل ُه ْم ل ِ َي ُصدوا َع ْن َسبِي ِل ال َّل ِه﴾ َ
ُين ِْف ُق َ
يكون َب ْذ ُل الكافر أكثر من َب ْذل المسلِمَ ﴿ ،ف َس ُين ِْف ُقون ََها ُث َّم َت ُك ُ
ون َع َل ْي ِه ْم
( )1هو :أمحد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد ال َّله بن أبي القاسم بن الخضر بن
الحنبيلُ ،ولد سنة (661هـ) ،وتويف سنة
ّ الدمشقي،
ّ الحراينُّ ،ث َّم
محمد ابن تيمية َّ
ٍ
رجب (.)491/4 (728هـ) .ذيل طبقات الحنابلة البن
( )2مجموع فتاوى شيخ اإلسالم (.)334/1
31 مقرر األسبوع األول
َح ْس َرة﴾ [األنفال ،]36 :لكن ال ُيثاب عليها؛ بل حسرة؛ ألجل أنه مل َيعمل
هبذا الحديث؛ وهو إخالص النِّ َّية والقصد ل َّله سبحانه يف اعتقاده
وأعماله.
﴿و َما َمنَ َع ُه ْم َأ ْن ُت ْق َب َل مِن ُْه ْم َن َف َقا ُت ُه ْم عز َّ
وجل عن المنافقينَ : وقال َّ
إِ َّال َأن َُّه ْم َك َف ُروا بِال َّل ِه َوبِ َر ُسول ِ ِه﴾ [التوبة ،]54 :فهم ُينفقون ،لكن لسوء
ن َّيتهم؛ مل ُتقبل.
الص َال ِة َقا ُموا ك َُسا َلى
﴿وإِ َذا َقا ُموا إِ َلى َّ عز َّ
وجل أيضا عنهمَ : وقال َّ
ون ال َّل َه إِ َّال َقلِيال﴾ [النساء]142 :؛ فعندهم صالةٌ،
َّاس َو َال َي ْذك ُُر َ ُي َرا ُء َ
ون الن َ
كر ،لكنَّها ما نَفعتهم؛ لعدم صالح النِّية. ِ
وعندهم ذ ٌ
ومما ُيصلِح النِّية مع الدعاء -بإذن ال َّله :-اإلكثار من ذكر ال َّله؛ َّ
فذكْر ال َّله عالمة اإليمان. ِ
ومدْ ح الناس ما َينفع ،وذمهم إن كنت عىل طريق َس ِو ٍّي – أيضا -ال
يضر؛ وإنَّما تراقب ال َّله عز وجل فيما تقول و َت َذر.
()1 (إِنَّام اْل أعامل بِالني ِ
رواية« :بالن ِ َّية» ؛ يعني :إنما ُي َثاب
ٍ ات) ،ويف َّ
( )1رواه البخاري ،كتاب األيمان والنذور ،باب الن َّية يف األيمان ،رقم (،)6689
شرح األربعني النووية 32
الرجل عىل أعماله بالنِّ َّية الصالحة ،أو ال ُيثاب بالنِّية الفاسدة.
ُ
هذه قاعد ٌة عظيم ٌة( :وإِنَّام لِكل ا أمرِئ ما نوى)؛ يعني :اعمل ما َ
شئت
يعني :فمن كانت هجرته إىل ال َّله ورسوله؛ ف ُيع َطى من الثواب ما َ
قصدَ ه
ِ
اْلول. من هجرته إىل ال َّله ورسوله؛ هذا يف الطاعة .هذا القسم َّ
(وم أن كان أت ِه أجرته لِد أنيا ي ِصيبها)؛ هذا ِ
القسم الثَّان :النِّ َّية قد تكون
فيه مباحة ،أو فاسدة؛ إذا كانت الدنيا مباحة؛ ال ُيؤجر الشخص عىل هذا
المباح.
(أ ِو ا أمرأة ي أنكِحها ،ف ِه أجرته إِلى ما هاجر إِل أي ِه) مباح كذلك ،فإذا كان
اب َق ْول ِ ِه ﷺ« :إِن ََّما األَ ْع َم ُال بِالنِّ َّي ِة» ،وأنه يدخل فيه الغزو
ومسلم ،كتاب اإلمارةَ ،ب ُ
وغيره من األعمال ،رقم (.)1907
33 مقرر األسبوع األول
حيح أي ِهام -ا َّللذ أي ِن ور ُّي ر ِضي ال َّله ع أنهام فِي ص ِ
م أسلِم القش أيرِ ُّي النَّ أيساب ِ
البخاري(.)2
ِّ ومسلم( )1تلميذٌ ب المصنَّف ِة )- هام أص ُّح الكت ِ
***
احلَدِيثُ الثَّانِي
ع أن عمر ر ِضي ال َّله ع أنه -أ أيضا -قال« :ب أينام ن أحن ِع أند
اب ،ش ِديد
اض الثي ِ ول ال َّل ِه ﷺ ذات ي أوم ،إِ أذ طلع عل أينا رج ٌل ،ش ِديد بي ِ
رس ِ
السفرِ ،وَل ي أعرِفه ِمنَّا أح ٌد ،ح َّتى جلس إِلى ِ
الش أعرَِ ،ل يرى عل أيه أثر َّ
سو ِ
اد َّ
خذ أي ِه ،وقال :يا
النَّبِي ﷺ ،فأسند ر أكبتي ِه إِلى ر أكبتي ِه ،ووضع ك َّفي ِه على ف ِ
أ أ أ أ
ُم َّمد!
سالمِ؟ أ أخبِ أرنِي ع ِن ِ
ال أ
سالم :أنأ ت أشهد أن َل إِله إِ ََّل ال َّله وأ َّن ُم َّمدا فقال رسول ال َّل ِه ﷺِ :
ال أ
الصالة ،وتؤأ تِي الزَّكاة ،وتصوم رمضان ،وتح َّج الب أيت ِ ِ
رسول ال َّله ،وتقيم َّ
ج أبنا له ،ي أسأله ويصدقه .- ستط أعت إِل أي ِه سبِيال ،قال :صد أقت -فع ِ إِ ِن ا أ
قال :فأ أخبِ أرنِي ع ِن ِ
اليام ِن؟
قال :أنأ تؤأ ِمن بِال َّل ِه ،ومالئِكتِ ِه ،وكتبِ ِه ،ورسلِ ِه ،والي أو ِم ِ
اآلخرِ،
وتؤأ ِمن بِالقد ِر خ أيرِ ِه وشر ِه ،قال :صد أقت.
قال :فأ أخبِ أرنِي ع ِن ِ
ال أحس ِ
ان؟
قال :أنأ ت أعبد ال َّله كأنَّك تراه ،فإِنأ ل أم تك أن تراه فإِنَّه يراك.
35 مقرر األسبوع األول
قعت؛ ألنَّها و َق ْ
عت غرابتها يف أمرين: القصة التي َو ْ
اْلول :يف كيف َّية حدوثها.
اْلمر َّ
اْلمر الثان :غرابتها يف شمولها؛ فأتت بأصول هذا الدين.
بش ٍر ،وتتغ َّير فغرابتها من ناحية ما كان فيها؛ م َل ٌك َي َّ
تصور يف صورة َ
أحواله تماما ،ليس عليه َو ْع َثاء السفر( ،)3وال غبار وال نحوه ،ثم يأيت
يسأل عن أصول الدين ،ويقول( :صد أقت).
ول ال َّل ِه ﷺ)؛ هذا يدل عىل ْ
فضل لذلك قال( :ب أينام ن أحن ِع أند رس ِ
البستي،
ّ الخطابي،
ّ ( )1هو :أبو سليمان محد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب،
الشافعيُ ،ولد سنة (319هـ) ،وتويف سنة (388هـ) .طبقات الفقهاء الشافعية البن
ّ
الصالح (.)467/1
وهكذا ،ال يكون ُمت ََرهبِنا يف بيته أو يف عمله ونحو ذلك؛ وإنَّما َيجلس
النبي ﷺ -يف صحيح ِّ للناس و ُيع ِّلمهم بما عنده من ِع ٍ
لم؛ ولقول
()1
«ب ِّل ُغوا َعنِّي َو َل ْو آ َية».
البخاري َ :-
قال( :ذات ي أوم)؛ هذا يدل عىل كثرة جلوسهم عند رسول ال َّله ﷺ؛
يعني :نجلس كثيرا؛ لكن يف إحدى مرات الجلوس( :إِ أذ طلع عل أينا
رج ٌل)؛ يعني :أتى وأقبل علينا رجل.
السفر.
اب)؛ يعني :ثيابه بيضاء ما عليها َدنَس َّ (ش ِديد بي ِ
اض الثي ِ
( )1كتاب أحاديث األنبياء ،باب ما ُذكِر عن بني إسرائيل ،رقم ( ،)3461من
حديث عبد ال َّله بن ٍ
عمرو رضي ال َّله عنهما.
شرح األربعني النووية 38
ِ
َو َضع جبريل عليه السالم يديه عىل َفخ َذ ِي ِّ
النبي ﷺ.
غريب ومع ذلك متع ِّل ٌم متأ ِّد ٌب!
ٌ رج ٌل
ُ
النبي ﷺ
جالس أمام ِّ
ٌ وهذا يدل عىل التأدب مع أهل الفضل؛ فهو
ج ْلسة المتأ ِّدب يف عدَّ ة ٍ
أمور:
النبي ﷺ؛ وإنَّما َجلس بكل ٍ
أدب، اْلول :مل َيرفع صوته عىل ِّ
اْلمر َّ
(وقال :يا ُم َّمد!).
اْلمر الثان :ج ْلسة التأدب؛ حيث َجلس ج ْلسة التشهد ،وهذه غاية
العلم والفضل. األدب والتعظيم ألهل ِ
َ
النبي ﷺ؛ مبالغة يف اْلمر الثالث :و َضع يديه عىل ِ
فخ َذي
ِّ َ
العلم ،والتلطف مع َمن ُيع ِّلم ،وهكذا ينبغي وأخ ِذ ِ
اإلنصات ،واأل َدبْ ،
العلم أن يكون مع من ُي َع ِّلمه. لطالب ِ
ٍ
عرفعظيم ،ويسأل عن أحكا ٍم عظيمة ،وال ُي َ ٌ الرجل متأ ِّد ٌب
وهذا ُ
تعجب الصحابة من هذا الموقف؛ َمن الرجل؟! وما الرجل؛ لذلك َّ هذا ُ
صفة الحدث ،ومِ َّما يتكلم به؛ حتى قال
ِ هذه األسئلة؟! وحال الحدث،
ب مع السائِل؟)؛ الصحابة يف َج َل ٍل َ
وخ ْط ٍ النبي ﷺ( :يا عمر! أت أد ِري م ِن َّ
هذا الحدث الكبير.
41 مقرر األسبوع األول
أن جبريل عليه السالم ف َعل ذلك بأمر ال َّله سبحانه -كما
والمرادَّ :
سيأيت -؛ ليتع َّلم الناس أمور الدين ،فأتى جبريل هبذه األسئلة العظيمة؛
ليعرف الصحابة هذه المراتب العظيمة بأركاهنا.
النبي ﷺ عنها -إسالم ،إيمان،
فأتى جبريل عليه السالم فسأل َّ
ٍ
واحد؛ كما قال عليه الصالة ٍ
حديث إحسان ،وعالمات الساعة -يف
والسالم( :فإِنَّه ِج أبرِيل أتاك أم يعلمك أم ِدينك أم).
رج ٌل
سالمِ؟)؛ يعني :ع ِّلمني اإلسالم ،هذا ُ فقال( :أ أخبِ أرنِي ع ِن ِ
ال أ
النبي ﷺ ما هو اإلسالم؟ يعني :أخبرين عن مراتب الدين.
يسأل َّ
سالم) كأنَّه يقول :المرتبة األُوىل هي (فقال رسول ال َّله ﷺِ :
ال أ
اإلسالم.
ِ ِ
وهو( :أنأ ت أشهد أ ََّل إِله إِ ََّل ال َّله وأ َّن ُم َّمدا رسول ال َّله ،وتقيم َّ
الصالة،
ستط أعت إِل أي ِه سبِيال)،
وتؤأ تي الزَّكاة ،وتصوم رمضان ،وتح َّج الب أيت إِ ِن ا أ
ِ
فال يكون الشخص مسلِما إال إذا أدى هذه األركان ،وال يتم إسالم ٍ
عبد َّ
يتم له إسالمه، الخمسة ،وإذا َّ
اختل شيء منها؛ مل َّ ْ إال إذا أتى هبذه األركان
شرح األربعني النووية 42
كأن يقول :ما اسم هذا؟ يقول :حس ٌن ،فيقول :صدقت؛ يعنيَّ :
كأن
عنده ِعلما.
َّ
فكأن عنده خبرا. ما اسم هذه السيارة؟ كذا ،صدقت؛
لم ِ
ما اسم زوجة فالن؟ اسمها فاطمة ،صدقت؛ فمعناه عنده ع ٌ
وهكذا.
فعجب الصحابة؛ يعني :كيف يقول له( :صد أقت) ،وهو ُي ْظ ِهر أنَّه ِ
لم. ِ
ال َيعلم؟!؛ فاستغرب الصحابة؛ يسأل وهو عنده ع ٌ
اليام ِن؟)؛ يعني :ما هي أركان اإليمان؟ (قال :فأ أخبِ أرنِي ع ِن ِ
(قال :أنأ تؤأ ِمن بِال َّل ِه ،ومالئِكتِ ِه ،وكتبِ ِه ،ورسلِ ِه ،والي أو ِم ِ
اآلخرِ،
وتؤأ ِمن بِالقد ِر خ أيرِ ِه وشر ِه ،قال :صد أقت) وسبق لكم تفصيل ذلك(.)1
(أنأ تؤأ ِمن بِال َّل ِه)؛ هذا أصل األركان؛ سواء أركان اإليمان أو
ٍ
شخص يف هذا الدين إال اإلسالم أو اإلحسان ،وال َيتِم دخول
به -اإليمان بال َّله ،-وهذا أصل األصول – اإليمان بال َّله ،-و َّ
يتفرع
عليه مجيع الفروع.
ِ ِ ِ
والش ِّر يف قوله( :وتؤأ من بِالقد ِر خ أيرِه وشره)َّ :
فسرهتا والمراد بالخير َّ
ٍ
سعادة ،أو ما فيه من لو ِه َو ُم ِّره»()2؛ يعني :ما فيه من
«ح ِ
اللفظة الثانيةُ :
ٍ
شقاء.
أمراض -هذا يف الشر .- ٍ زق ،أو ما فيه من مثل :الر ٍ
ِّ
(قال :فأ أخبِ أرنِي ع ِن ِ
ال أحس ِ
ان؟ قال :أنأ ت أعبد ال َّله كأنَّك تراه) هذه
درجتَي اإلحسان. الدرجة ا ُ
ألوىل من َ
قال( :فإِنأ ل أم تك أن تراه فإِنَّه يراك)؛ يعني :إذا مل تكن تراه أنت؛
البخاري
ِّ ول﴾ [الجن]27-26 :؛ لذلك النبي ﷺ -يف صحيح رس ٍ
َ ُ
45 مقرر األسبوع األول
ٍ
بشيء ،وهو ينوي أنه ( )1البخاري ،كتاب األدب ،باب قول الرجل للشيء :ليس
ليس بحق ،رقم ( ،)6213ومسلم ،كتاب السالم ،باب تحريم الكهانة وإتيان
الكهان ،رقم ( ،)2228من حديث عائشة رضي ال َّله عنها.
َّ
شرح األربعني النووية 46
( )1هو :أبو محمد سعيد بن المسيب ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ
المخزوميُ .ولد (سنة 15هـ) ،وتو ّفي
ّ القرشي
ّ بن عمران ابن مخزوم بن يقظة،
للذهبي (.)217/4
ّ سنة (94هـ) .سير أعالم النبالء
البصريُ ،ولد لسنتين بقيتا من
ّ ( )2هو :أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار
خالفة عمر رضي ال َّله عنه؛ يعني سنة (21هـ) ،وتويف سنة (110هـ) .سير أعالم
النبالء للذهبي (.)563/4
49 مقرر األسبوع األول
احلَدِيثُ الثَّالِثُ
الر أحم ِن ،ع أب ِد ال َّل ِه أب ِن عمر أب ِن َّ ع أن أبِي ع أب ِد
اب ر ِضي ال َّله ع أنهام قال :س ِم أعت رسول ال َّل ِه ﷺ يقول« :بنِي الخ َّط ِ
سالم على خ أمس :شهاد ِة أن َل إِله إِ ََّل ال َّله وأ َّن ُم َّمدا ع أبده ورسوله، ِ
ال أ
ت ،وص أو ِم رمضان» رواه اء الزَّك ِاة ،وحج البي ِ وإِقا ِم الصال ِة ،وإِيت ِ
أ َّ
ار ُّي ،وم أسلِ ٌم.
البخ ِ
مما يدور عليه الدين؛ وهو أركان اإلسالم. وهذا الحديث َّ
سالم على خ أمس) ومجيع هذه األركان مردها عىل الجزء ال أ(بنِي ِ