You are on page 1of 93

‫إعداد‪/‬‬

‫كيف تكون رجًال‬

‫‪5‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫المقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬محدًا كثريًا طيبًا مبارك ًا فيه كما‬
‫حيب ربنا ويرضى‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪،‬‬
‫له احلمد يف اآلخرة واألوىل‪ ،‬وأشهد أن سيدنا ونبينا حمم دًا عبد‬
‫اهلل ورسوله املبعوث بالرمحة واهلدى‪ ،‬صلى اهلل وسلم وبارك عليه‬
‫وعلى آل ه الطي بني الط اهرين‪ ،‬وعلى أزواج ه أمه ات املؤم نني‪،‬‬
‫وعلى أص حابه الغ ر املي امني‪ ،‬والت ابعني ومن تبعهم بإحس ان إىل‬
‫يوم الدين‪.‬وبعد‬
‫الرجول ة مطلب يس عى للتّج م ل خبصائص ها أص حاب اهلمم‪،‬‬
‫ويس مو مبعانيه ا الرج ال اجلادون‪ ،‬وهي ص فة أساس ية فالن اس إذا‬
‫فقدوا أخالق الرجولة صاروا أشباه الرجال‪ ،‬غثاًء كغثاء السيل‪.‬‬
‫لقد كان النيب ‪ - -‬يتطلع إىل معامل الرجولة اليت تؤثر يف‬
‫نش ر ال دعوة وإع زاز اإلس الم‪ .‬فك ان إس الم عم ر ح دثًا كب ريًا‬
‫ُو ج دت رجولت ه يف اللحظ ة األوىل من إس المه‪ ،‬فبع د أن ك ان‬

‫‪6‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫املس لمون ال جيرؤن على اجله ر ب دينهم جه روا ب ه‪ ،‬ق ال ابن‬


‫مس عود ‪-‬رض ي اهلل عن ه‪" :-‬مازلن ا أع ّز ة من ذ أس لم عم ر"‪ .1‬فلم‬
‫تكن رجولة عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬يف قوة بدنه وال‬
‫يف فروسيته‪ ،‬ففي قريش من هو أقوى منه ولكن رجولته كانت‬
‫يف إميانه القوي ونفسه الكبرية اليت تبعث على التقدير واإلكبار‪.‬‬
‫هاجر الصحابة خفيًة‪ ،‬أ ا عم فقد َق ّلَد سيفه ومضى إىل الكعب ِة‬
‫ّم ُر َت‬
‫فطاف وَص ّلى باملقام وأعلن هجرته على املأل وقال هلم‪" :‬من أراد‬
‫أن تثكل ه أُّم ه‪ ،‬وُيَيتم ول ده‪ ،‬وُترّم ل زوجت ه‪ ،‬فليتبع ين وراء ه ذا‬
‫الوادي" فما تبعه منهم أحد‪ .‬إهنا الرجولة احلقة بكل معانيها‪.‬‬
‫هذه الرجولة اليت ضاعت مضامينها اليوم‪ ،‬وفقدت أركاهنا‬
‫عند الكثريين‪ ،‬فصاروا أشباه الرجال وال رجال‪.‬‬
‫هذه الرجولة حنتاج لنتعرف على صفاهتا ومميزاهتا‪.‬‬

‫‪-1‬‬
‫[أخرجه البخاري]‬

‫‪7‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫فاألمة اليوم حباجة إىل رجال حيملون الدين وهّم الدين‬


‫ويسعون جاّدين خلدمة دينهم وأوطاهنم شعارهم ﴿من المؤمنين‬
‫رجال﴾‬
‫ومن هنا جاءت أمهية الكالم والكتابة عن الرجال وصفاهتم‬
‫ومميزاهتم فكان هذا البحث املتواضع الذي أسأل اهلل عز وجل أن‬
‫ينتفع به كل مسلم يسعى ليكون ممن صدقوا على ما عاهدوا اهلل‬
‫عليه ‪.‬‬
‫مجع وإعداد ‪ /‬أمير بن محمد المدري‬
‫اليمن –عمران‬
‫‪Almadari_1@hotmail.com‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪8‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫المقصود بالرجولة‬
‫الرجل في اللغة‪:‬‬

‫يقول الفريوزبادي‪:2‬‬
‫"الَّر ُج ل ض ّد املرأة واجلم ع ِر َج ال وِر َج االت مث ل َمِجال‬
‫وَمِجاالت وأَر اِج ل ‪ .‬وتص ِغري الَّر ُج ل ُرَج ْي ل وُرَو ِجْي ل أيض ًا على‬
‫غ ري قي اس كأن ه تص غري َر اِج ل‪ .‬والُّر ْج ل ة بالض م َم ْص َد ر الَّر ُج ل‬
‫والرَّاِج ل واَألْر َج ل يق ال َرُج ل َبنِّي الُّر ْج َل ِّة والُّر ُج ول ة والُّر ُج ولَّي ة‬
‫وَر اِج ٌل َج ِّيد الُّر ْج لة"‪.‬‬
‫ويف تاج العروس ‪ "3‬الرجل بضم اجليم وسكونه األخرية وهو‬
‫ال ذكر من ن وع اإلنس ان خيتص ب ه ول ذلك ق ال تع اىل ‪ " :‬ول و‬
‫جعلن اه ملك ا جلعلن اه رجال) وق د يك ون الرج ل ص فة يع ين ب ه‬
‫الشدة والكمال ويقال للمرأة رجلة إذا كانت متشبهة بالرجل‬
‫يف بعض أحواهلا ‪ .‬قلت ‪ :‬ويؤيده احلديث ‪ :‬أن عائشة رضي اهلل‬
‫‪- 2‬القاموس المحيط‪ -‬الفيروزآبادي‪.‬‬
‫‪ - 3‬تاج العروس من جواهر القاموس‪-‬محمد الزبيدي باب ر ج ل‬

‫‪9‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫عنها كانت رجلة الرأي أي كان رأيها رأي الرجال ‪ .‬وترجلت‬


‫املرأة ‪ :‬صارت كالرجل يف بعض أحواهلا"‬
‫الرجولة في االصطالح ‪:‬‬
‫أختلف الناس يف تفسري معىن الرجولة فمنهم من يفسرها‬
‫بالقوة والشجاعة ‪ ،‬ومنهم من يفسرها بالزعامة والقيادة واحلزم‬
‫‪ ،‬ومن هم يفس ر الرجول ة ب الكرم وتض ييف الض يوف ‪ ،‬ومنهم‬
‫يقيس ها مبدى حتص يل املال واالش تغال جبمع ه ‪ ،‬ومنهم من يظنه ا‬
‫محي ة وعص بية جهالء ‪ ،‬ومنهم من يفس رها ب الربوز يف املواق ف‬
‫احلرجة واألزمات ملد يد العون ‪ ،‬ومنهم من يفسرها ببذل اجلاه‬
‫والشفاعة وختليص مهام الناس بأي الطرق كانت ‪...‬‬
‫فح دث إف راط يف اس تعمال ه ذه الكلم ة العظيم ة ‪ ،‬واحلقيق ة أن‬
‫الرجولة حتمل شيئًا من بعض تلك املعاين لكنها بالتأكيد ليست‬
‫باملعىن الذي يرمي إليه الكثري من الناس ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫فالرجول ة مبفهومه ا الص حيح املالئم هلذه الكلم ة العظيم ة ه و م ا‬


‫ِت ِه ِط‬
‫ذك ره اهلل تب ارك وتع اىل يف ثناي ا كتاب ه ال ذي ﴿ ال َيْأ ي ‪ +‬اْلَبا ُل‬
‫ِم ن َبْيِن َيَد ْيِه َو ال ِم ْن َخ ْلِفِه َتنِز يٌل ِّمْن َح ِكيٍم َح ِم يٍد ﴾ ‪.‬‬
‫وخيطئ الكثري يف عدم التفريق بني الرجل والذكر ‪ ،‬فكل رجل‬
‫ذكر ‪ ،‬وال يعترب كل ذكر رجل ‪ ،‬ألن كلمة ( ذكر ) غالبا ما‬
‫ت أيت يف املواطن الدنيوي ة ال يت جيتم ع فيه ا اجلمي ع ‪ ،‬مث ل اخلل ق‬
‫وتوزيع اإلرث وما أشبه ذلك ‪ ،‬أما كلمة رجل فتأيت يف املواطن‬
‫اخلاصة اليت حيبها اهلل سبحانه وتعاىل ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫الرجولة‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫خ بعقيدة قوية و ّذ ب برتبية صحيحة‪ ،‬و َن ى بقدوٍة‬
‫ُت ّم‬ ‫ُتَه‬ ‫ُتَر ّس‬
‫حسنة‪.‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫حتُّم ُل املسئولية يف الذب عن التوحيد‪ ،‬والنصح يف اهلل‪ .‬قال‬
‫اهلل تعاىل‪َ﴿ :‬و َج اء َرُج ٌل ِّمْن َأْقَص ى اْلَم ِد يَنِة َيْس َعى َقاَل َيا‬
‫ِم‬ ‫ِم ِب ِل‬
‫ُموَس ى ِإَّن اْلَم َأَل َيْأَت ُر وَن َك َيْق ُتُلوَك َفاْخ ُر ْج ِإِّني َلَك َن‬
‫الَّناِصِح يَن ﴾ ‪ .4‬إهنا الرجولة احلقة بكل معانيها‪.‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫قوة يف القول‪ ،‬وصدٌع باحلق‪ ،‬وحتذير من املخالفة ألمر اهلل‪،‬‬
‫مع حرص وفطنة‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪َ ﴿ :‬قاَل َرُج ُّمْؤ ِم ٌن ِّمْن آِل‬
‫ٌل‬ ‫َو‬
‫ِفْر َعْو َن َيْك ُتُم ِإيَم اَنُه َأَتْق ُتُلوَن َرُج اًل َأن َيُقوَل َر ِّبَي الَّلُه َو َقْد‬
‫‪5‬‬
‫َج اَءُك ْم ِباْلَبِّيَناِت ِم ْن َر ِّبُك ْم ﴾‬

‫[(‪ )20‬سورة القصص]‬ ‫‪-4‬‬


‫‪5‬‬
‫‪ )28([ -‬سورة غافر]‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫صموٌد أمام امللهيات‪ ،‬واستعالء على املغريات‪ ،‬حذرًا من‬
‫يوم عصيب‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ِ﴿ :‬ر َج اٌل اَّل ُتْلِه يِه ْم ِتَج اَر ٌة َو اَل َبْيٌع‬
‫ِة‬ ‫ِة‬ ‫ِه‬ ‫ِذ‬
‫َعن ْك ِر الَّل َو ِإَقاِم الَّصاَل َو ِإيَتاء الَّز َك ا َيَخ اُفوَن َيْو ًم ا َتَتَق َّلُب‬
‫ِفيِه اْلُقُلوُب َو اَأْلْبَص اُر ﴾‪.6‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫ليست أن يكون الشاب كاإلّم عة إن أحسن الناس َأحَس ْن‬
‫وإن أَس اءَو ا أَس اء‪ ،‬وإذا ولغ أصحابه يف مستنقعات السوء جرى‬
‫يف ركاهبم لكي يكون رجًال كما يزعمون‪.‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫رأٌي سديد‪ ،‬وكلمة طيبة‪ ،‬ومروءٌة وشهامٌة‪ ،‬وتعاون‬
‫وتضامن‪.‬‬

‫[(‪ )37‬سورة النــور]‬ ‫‪-6‬‬

‫‪13‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫ليست هي تطويل الشوارب وحلق اللحى‪ ،‬أو األخذ بالثارات‬
‫وقتل األبرياء‪.‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫هي ليس ت رف ع الص وت والص ياح وف رض ال رأي ب القوة أو‬
‫البطش بالعضالت‪.‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫ليست سنًا أكثر مما هي صفات ومشائل وسجايا وطباع‪.‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫ليست أن تكون غاية مراد الشاب شهوة قريبة‪ ،‬ولذًة حمرمة يف‬
‫ٍة‬
‫ليلة عابث ‪ ،‬بال رقيب وال حسيب؟ أين هذا من رجل قلبه ُمعّل ٌق‬
‫باملس اجد؟ وأين ه ذا من رج ٍل دعت ه ام رأٌة ذات منص ب ومجال‬
‫فق ال‪ :‬إين أخ اف اهلل؟ وأين ه ذا من رج ل تص دق بص دقة‬
‫فأخفاه ا ح ىت ال تعلم مشاله م ا تنف ق ميين ه؟ وأين ه ذا من رجلني‬
‫حتاب ا يف اهلل اجتمع ا علي ه وتفرق ا علي ه؟ أولئ ك ميقتهم ال رمحن‬

‫‪14‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫وه ؤالء ي دنيهم ويظلهم يف ظ ل عرش ه ي وم ال ظ ل إال ظل ه‪.‬‬


‫أين الرجول ة فيمن يتماي ل يف حركات ه‪ ،‬ويطي ل ش عره‪ ،‬ويض ع‬
‫القالدة على رقبته‪ ،‬ويتطأطأ يف مشيته‪ ،‬بل قد يرقص كما ت رقص‬
‫النساء؟ إن هذه السلوكيات نواُة ش ٍر ونذير فساٍد لكل اجملتمع؛‬
‫ألهنا حتكي مسخًا وانصرافًا عن الفطرة‪ ،‬واهنزامي ًة واحنطاط ًا على‬
‫حساِب أخالق األمة‪ ،‬وهلذا" لعن الرسول ‪ --‬المتش‪++‬بهين من‬
‫الرج‪+++‬ال بالنساء والمتش ‪++‬بهات من النساء بالرج‪+++‬ال"‪ ، 7‬ولعن‬
‫الن ‪++‬بي ‪ --‬المخن ‪++‬ثين من الرج ‪++‬ال والم ‪++‬ترجالت من النساء"‬
‫وقال‪(( :‬أخرجوهم من بيوتكم))‪.8‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫مطلب يس عى للتجم ل خبصائص ها أص حاب اهلمم‪ ،‬ويس مو‬
‫مبعانيه ا الرج ال اجلادون‪ ،‬وهي ص فة أساس ية‪ ،‬فالن اس إذا فق دوا‬
‫أخالق الرجول ة ص اروا أش باه الرج ال‪ ،‬غث اًء كغث اء الس يل‬
‫حني ُتغمر خصائص الرجولة جبناية الرجال أنفسهم حيل باجملتمع‬
‫[أخرجه البخاري]‬ ‫‪-7‬‬
‫‪8‬‬
‫‪[ -‬أخرجه البخاري من حديث ابن عباس ‪-‬رضي هللا عنهما‪]-‬‬

‫‪15‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫العطب‪ ،‬وبالبيت الضياع وباألمة الضعف واهلوان‪ ،‬تضيع القوامة‬


‫وتض عف الغ رية فتتس ع رقع ة الفس اد اخللقي‪ .‬ق ال اهلل تع اىل‪:‬‬
‫﴿الِّر َج اُل َقَّو اُم وَن َعَلى الِّنَس اء ِبَم ا َفَّض َل الّل ُه َبْع َض ُه ْم َعَلى‬
‫َبْع ٍض ﴾‪.9‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫يف اإلنسان صفه جامعه لكل صفات الشرف ‪ :‬من اعتداد‬
‫بالنفس واحرتام هلا وشعور عميق بأداء الواجب مهما كلفه من‬
‫نصب ومحاية ملا يف ذمته من أسرة وأمة ودين وبذل اجلهد يف‬
‫ترقيتها والدفاع عنها واالعتزاز هبا وإباء الضيم لنفسه وهلا‪.‬‬
‫‪‬الرجولة ‪:‬‬
‫هي صفه ميكن حتقيقها مهما اختلفت وظيفة اإلنسان يف‬
‫احلي اة ف‪++‬الوزير الرج ‪++‬ل من ع ّد كرس يه تكليف اً ال تش ريفاً و رآه‬
‫وسيلة للخدمة ال وسيله للجاه‪ ،‬أول ما يفكر فيه قومه وآخر ما‬
‫حمافظا على حقوق أمته‪.‬‬
‫ً‬ ‫يفكر فيه نفسه ‪،‬يظل يف كرسيه ما ظل‬

‫‪ )34([ - 9‬سورة النساء]‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫الرجال‬
‫‪‬الرجال ‪:‬‬
‫لن ي رتبوا إال يف ظالل العقائ د الراس خة‪ ،‬والفض ائل الثابت ة‪،‬‬
‫واملع ايري األص يلة‪ ،‬والتقالي د املرعي ة‪ ،‬واحلق وق املكفول ة‪ .‬أم ا يف‬
‫ظالم الشك احملطم‪ ،‬واإلحلاد الكافر واالحنالل السافر‪ ،‬واحلرمان‬
‫القاتل‪ ،‬فلن توجد رجولة صحيحة‪ ،‬كما ال ينمو الغرس إذا حرم‬
‫املاء واهلواء والضياء‪.‬‬
‫‪‬الرجال‪:‬‬
‫ليسوا أولئك الذين بِط نت أجساُدهم‪ ،‬وقد خلت من قول‬
‫احلكمة ألسنتهم‪ ،‬وعن سداد الرأي عقوهلم‪ .‬هؤالء الرجال أشباه‬
‫رج اٍل ال ننش دهم‪ ،‬ب ل نبغي ال ذين عن اهم الق رآن يف قول ه‪:‬‬
‫﴿اَّل ِذ يَن َيْم ُش وَن َعَلى اَأْلْر ِض َه ْو ًن ا َو ِإَذا َخ اَطَبُه ُم اْلَج اِه ُلوَن‬
‫َّل ِذ‬ ‫ِق‬ ‫ِل‬ ‫َّل ِذ ِب‬
‫َق اُلوا َس اَل ًما * َو ا يَن َي يُت وَن َر ِّبِه ْم ُس َّج ًد ا َو َياًم ا * َو ا يَن‬
‫َيُقوُلوَن َر َّبَنا اْص ِر ْف َعَّنا َعَذ اَب َج َه َّنَم ِإَّن َعَذ اَبَه ا َك اَن َغَر اًما *‬

‫‪17‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ِإَّنَه ا َس اَءْت ُمْس َتَقًّر ا َو ُمَق اًم ا * َو اَّل ِذ يَن ِإَذا َأْنَفُق وا َلْم ُيْس ِر ُفوا‬
‫َو َلْم َيْق ُتُر وا َو َك اَن َبْيَن َذِلَك َقَو اًما﴾‪.10‬‬
‫‪‬الرجال‪:‬‬
‫َيصُد قون يف عه ودهم‪ ،‬ويوف ون بوع ودهم‪ ،‬ويثبت ون على الطريق‪،‬‬
‫ِم‬ ‫ِم‬
‫ق ال اهلل تع اىل‪َ ﴿ :‬ن اْلُم ْؤ ِنيَن ِر َج اٌل َص َد ُقوا َم ا َعاَه ُد وا الَّل َه‬
‫َعَلْي ِه َفِم ْنُه م َّمن َقَض ى َنْح َب ُه َو ِم ْنُه م َّمن َينَتِظ ُر َو َم ا َب َّد ُلوا‬
‫ِد‬
‫َتْب ياًل ﴾ ‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪‬الرجال‪:‬‬
‫ال يقاسون بضخامة أجسادهم وهباء صورهم‪ ،‬فعن علي بن‬
‫أيب ط الب ‪-‬رض ي اهلل عن ه‪ -‬ق ال‪" :‬أم ر الن يب ‪ --‬ابن مس عود‬
‫فص عد على ش جرٍة أم ره أن يأتي ه منه ا بش يء فنظ ر أص حابه إىل‬
‫ساق عبد اهلل بن مسعود حني صعد الشجرة فضحكوا من دقة‬

‫‪- 10‬‬
‫[(‪ )67 - 63‬سورة الفرقان]‬
‫‪11‬‬
‫‪ )23([ -‬سورة األحزاب]‬

‫‪18‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫س اقيه‪ ،‬فق ال رس ول اهلل ‪(( :--‬مم‪++‬ا تضحكون؟ َلِر ج ‪ُ+‬ل عبد‬


‫‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫اهلل أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد))‬
‫‪‬الرجال‪:‬‬
‫احلقيقيون من هذه األمة أصحاب مواقف‪ ،‬وقد يتمثل هذا يف‬
‫رجل أو جمتمع أو شعب من الشعوب املسلمة‪.‬‬
‫‪‬الرجال‪:‬‬
‫يعلمون علم اليقني أن التغيري الذي حيلمون به ألمتهم‬
‫ال ميكن أن حيدث بني يوم وليلة‪ ،‬كما أن له مقدمات‬
‫ومقومات‪ ،‬فالسنن اإلهلية تدل على أن اهلل ربط تغيري احلال‬
‫العام بتغري حال العباد‪ ،‬فحال األمة اآلن ميكن تغيريه‪ ،‬ولكن‬
‫بصالح أفرادها‪ ،‬أما إذا قال كل فرد فيها إنه ال ميكنه أن‬
‫يؤثر يف األمة فإنه يكون خمطئًا‪ ،‬قال تعاىل‪ِ.﴿ :‬إَّن اَهلل َال‬
‫ُيَغِّيُر َما ِبَق ْو ٍم َح َّتى ُيَغِّيُر وا َما ِبَأْنُفِس ِه ْم ‪.13﴾ .‬‬

‫[أخرجه أحمد]‬ ‫‪- 12‬‬


‫‪13‬‬
‫‪[ -‬الرعد‪]11 /‬‬

‫‪19‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫أهمية الرجولة في حياة األمة‬


‫عند األزمات تشتد احلاجة لوجود الرجال احلقيقيني‬
‫يف ه ذه احلال ة ال يت تق ع فيه ا الفنت باملس لمني حنت اج إىل عناص ر‬
‫مثبت ه تثبت املس لمني على املنهج الرب اين‪َ ،‬م ن ال ذي يثبت؟ يف‬
‫حالة األزمات تكتشف أنت معادن الرجال‪ ،‬يفضي كل رجل‬
‫إىل معدنه اخلالص؛ ليستبني أمام الناس هل هو من أهل العقيدة‬
‫أم ال؟ هل هو رجل عقيدة أم ال؟ يف حالة األزمات يتبني الرجال‬
‫الذين يقفون على منهج اهلل بأقدام راسخة‪.‬‬
‫يقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫﴿َق اَل َرُج الِن ِم َن اَّل ِذ يَن َيَخ اُفوَن َأْنَعَم الَّل ُه َعَليِه َم ا اْدُخ ُل وا‬
‫َعَلْيِه ُم اْلَباَب َفِإ َذا َدَخ ْلُتُم وُه َفِإ َّنُك ْم َغاِلُبوَن َو َعَلى الَّلِه َفَتَو َّك ُل وا‬
‫‪14‬‬
‫ِإْن ُك ْنُتْم ُمْؤ ِم ِنيَن ﴾‬
‫حاصر خالد بن الوليد ( احلرية ) فطلب من أيب بكر مددًا‪ ،‬فما‬
‫أم ده إال برج ل واح د ه و القعق اع بن عم رو التميمي وق ال‪ :‬ال‬

‫[المائدة‪]313:‬‬ ‫‪- 14‬‬

‫‪20‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫يه زم جيش في ه مثل ه‪ ،‬وك ان يق ول‪ :‬لص وت القعق اع يف اجليش‬


‫خري من ألف مقاتل!‬
‫وملا طلب عم رو بن الع اص املدد من أم ري املؤم نني عم ر بن‬
‫اخلط اب يف فتح مص ر كتب إلي ه ‪( :‬أم ا بع د ‪ :‬ف إين أم ددتك‬
‫بأربعة آالف رجل‪ ،‬على كل ألف ‪ :‬رجل منهم مقام األلف ‪:‬‬
‫الزب ري بن الع وام‪ ،‬واملق داد بن عم رو‪ ،‬وعب ادة بن الص امت‪،‬‬
‫ومسلمة بن خملد)‪.‬‬
‫إن خري ما تقوم به دولة لشعبها‪ ،‬وأعظم ما يقوم عليه منهج‬
‫تعليمي‪ ،‬وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة‬
‫وإذاعة‪،‬ومسجد ومدرسة‪ ،‬هو صناعة هذه الرجولة‪ ،‬وتربية هذا‬
‫الطراز من الرجال‪.‬‬
‫هذه النوعية اليت حنتاجها حقيقة اليوم يف وسط األزمات اليت‬
‫تعص ف باملس لمني‪ ،‬األزم ات والفنت ال يت جتع ل احلليم حريان ًا‪،‬‬
‫حنتاج إىل رجال يبصرون الناس بالدين‪ ،‬إىل رجال يكونون قدوة‬
‫للناس‪ ،‬إىل رجال يثبتون الناس على شرع اهلل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫يف دار من دور املدين ة املبارك ة جلس عم ر إىل مجاع ة من‬


‫أص حابه فق ال هلم‪ :‬متن وا ؛ فق ال أح دهم‪ :‬أمتىن ل و أن ه ذه ال دار‬
‫مملوءٌة ذهب ًا أنفق ه يف سبيل اهلل‪ .‬مث قال عمر‪ :‬متن وا‪ ،‬فقال رجل‬
‫آخر‪ :‬أمتىن لو أهنا مملوءة لؤلؤًا وزبرج دًا وجوهرًا أنفقه يف سبيل‬
‫اهلل وأتصدق به‪ .‬مث قال‪ :‬متنوا‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما ندري ما نقول يا أمري‬
‫املؤم نني؟ فق ال عم ر ‪ :‬ولك ين أمتىن رج اًال مث َل أيب عبي دة بِن‬
‫اجلراح‪ ،‬ومع اِذ بِن جب ٍل ‪ ،‬وس اٍمل م وىل أيب حذيف ة‪ ،‬فأس تعني هبم‬
‫على إعالء كلمة اهلل‪.‬‬
‫رحم اهلل عم ر امللهم‪ ،‬لق د ك ان خب ريًا مبا تق وم ب ه احلض ارات‬
‫احلقة‪ ،‬وتنهض به الرساالت الكبرية‪ ،‬وحتيا به األمم اهلامدة‪.‬‬
‫إن األمم والرس االت حتت اج إىل املع ادن املذخورة‪ ،‬وال ثروات‬
‫املنش ورة‪ ،‬ولكنه ا حتت اج قب ل ذل ك إىل ال رؤوس املفك رة ال يت‬
‫تس تغلها‪ ،‬والقل وب الكب رية ال يت ترعاه ا والع زائم القوي ة ال يت‬
‫تنفذها‪ :‬إهنا حتتاج إىل الرجال‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫لرج ل أع ز من ك ل مع دن نفيس‪ ،‬وأغلى من ك ل ج وهر مثني‪،‬‬


‫ولذلك كان وجوُده عزيزًا يف دنيا الناس‪ ،‬حىت قال رسول اهلل ‪:‬‬
‫‪15‬‬
‫))‪.‬‬ ‫((إنما الناس كإبل مائة‪ ،‬ال تكاد تجد فيها راحلة‬
‫الرج ل الكفء الص احل ه و عم اد الرس االت‪ ،‬وروح‬
‫النهضات‪،‬و وحمور اإلصالح‪ .‬أعَّد ما شئت من معامل السالح‬
‫وال ذخرية‪ ،‬فلن تقت ل األس لحة إال بالرج ل احملارب‪ ،‬وض ع م ا‬
‫ش ئت من من اهج للتعليم والرتبي ة فلن يق وم املنهج إال بالرج ل‬
‫ال ذي يق وم بتدريس ه‪ ،‬وأنش ئ م ا ش ئت من جلان فلن تنجز‬
‫مشروعًا إذا ُح رمَت الرجل الغيور!!‬
‫ذلك ما يقوله الواقع الذي ال ريب فيه‪.‬‬
‫إن الق وة ليس ت حبد الس الح بق در م ا هي يف قلب اجلن دي‪،‬‬
‫والرتبية ليست يف صفحات الكتاب بقدر ما هي يف روح املعلم‪،‬‬
‫وإجناز املشروعات ليس يف تكوين اللجان بقدر ما هو يف محاسة‬
‫القائمني عليها‪.‬‬

‫[ رواه البخاري]‪.‬‬ ‫‪- 15‬‬

‫‪23‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫فلل ه م ا أحكم عم ر حني مل يتمن فض ة وال ذهب ًا‪ ،‬وال لؤل ؤًا وال‬
‫ج وهرًا‪ ،‬ولكن ه متىن رج اًال من الط راز املمت از ال ذين تتفتح على‬
‫أيديهم كنوز األرض‪ ،‬وأبواب السماء‪.‬‬
‫إن رجًال واح دًا ق د يس اوي مائ ة‪ ،‬ورجًال ق د ي وازي ألف ًا‪،‬‬
‫ورجًال قد يزن شعبًا بأسره‪ ،‬وقد قيل‪ :‬رجل ذو مهة حييي أمة‪.‬‬
‫يعد بألف من رجال زمانه …لكنه يف األملعية واحد‬
‫وعند األزمات تشتد احلاجة لوجود الرجال احلقيقيني‪ ،‬الذين‬
‫يثبتون الناس على شرع اهلل‪.‬‬
‫قد متر باإلسالم أزمات‪ ،‬قد متر باملسلمني شدائد‬
‫وضائقات‪ ،‬قد مير باملسلمني عسر شديد‪ ،‬تنقطع هبم السبل‪،‬‬
‫فيتح ري الن اس ويض طربون‪ ،‬وميي دون وحيي دون عن ش رع اهلل‪،‬‬
‫ف رتى الن اس متف رقني ش ذر م ذر‪ ،‬ال ي رى أح دهم احلق وال‬
‫يتبع ه‪ ،‬حرَّي هتم فنت احلي اة ال دنيا‪ ،‬فاض طربوا اض طرابًا ش ديدًا‪،‬‬
‫وتبعثروا وتفرقوا‪ ،‬فَم ن الذي يثِّبت يف هذه احلالة؟ وَم ن ال ذي‬
‫يق وم ب واجب التث بيت؟ يف ه ذه احلال ة ال يت تق ع فيه ا الفنت‬

‫‪24‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫باملس لمني حنت اج إىل عناص ر مثبت ه تثبت املس لمني على املنهج‬
‫الرب اين‪َ ،‬م ن ال ذي يثبت؟ يف حال ة األزم ات تكتش ف أنت‬
‫معادن الرجال‪ ،‬يفضي كل رجل إىل معدنه اخلالص؛ ليستبني‬
‫أم ام الن اس ه ل ه و من أه ل العقي دة أم ال؟ ه ل ه و رج ل‬
‫عقي دة أم ال؟ يف حال ة األزم ات يت بني الرج ال ال ذين يقف ون‬
‫على منهج اهلل بأقدام راسخة‪.‬‬
‫وكأين هبذا الدين يف هذا الزمان يهتف بأبنائه‪ :‬أليس منكم رجل‬
‫رشيد حيملين ويقوم بأمري؟‬

‫‪25‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫الرجولة في اإلسالم‪..‬‬
‫الرجول ة ص فة مينت هبا اهلل ع ز وج ل هبا على من يش اء من‬
‫عبادة‪ ،‬كما قال ذلك الرجل املؤمن الذي يعِّلم صاحَبه الكافر‪،‬‬
‫يقول له موخبًا ومقرعًا‪ ،‬ومذكرًا له بنعم اهلل عز وجل عليه‪:‬‬
‫﴿ َأَكَف ْر َت ِباَّل ِذ ي َخ َلَق َك ِم ْن ُتَر اٍب ُثَّم ِم ْن ُنْطَف ٍة ُثَّم َس َّو اَك‬
‫َرُج ًال ﴾‪.16‬‬
‫هذا الرجولة اليت مينت اهلل عز وجل وينعم هبا‪ ،‬هلا صفات وهلا‬
‫خص ائص‪ ،‬ال تكتم ل إال هبا‪ ،‬وال تق وم إال عليه ا‪ ،‬وال تش تد إال‬
‫هبذه األركان‪.‬‬
‫والرسل الذين بعثوا إىل أقوامهم ما كانوا إال رجاًال‪ ،‬قال اهلل‬
‫‪17‬‬
‫عز وجل‪َ ﴿ :‬و َما َأْرَس ْلَنا ِم ْن َقْبِلَك ِإاَّل ِر َج اًال ُنوِح ي ِإَلْيِه ْم ﴾‬
‫فلم يرسل اهلل عز وجل إىل الناس إال رجاًال‪.‬‬
‫م يزان الرج ال يف ش ريعة اإلس الم من ك انت أعمال ه فاض لة‬
‫وأخالق ه حس نة‪ .‬م ّر رج ٌل على رس ول اهلل ‪ --‬فق ال‪(( :‬م ‪++‬ا‬
‫[الكهف‪]37:‬‬ ‫‪- 16‬‬
‫‪17‬‬
‫‪[ -‬النحل‪]43:‬‬

‫‪26‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫تقول ‪++‬ون في ه ‪++‬ذا؟ ق الوا‪ :‬ه ذا ح رٌي إن َخ َطب أن ُيْنكح‪ ،‬وإن‬


‫َش َف ع أن ُيَش ّف ع‪ ،‬وإن ق ال أن ُيْس تمع ل ه‪ .‬ق ال‪ :‬مث س كت‪ ،‬فم ر‬
‫رجل من فق راء املسلمني فق ال‪ :‬ما تقولون يف ه ذا؟ ق الوا‪ :‬ه ذا‬
‫ح رٌي إن َخ َطب أن ال ُيْنكح‪ ،‬وإن َش َف ع أن ال ُيَش ّف ع‪ ،‬وإن ق ال‬
‫أن ال ُيْس تمع ل ه‪ ،‬فق ال رس ول اهلل ‪ :--‬ه‪++ +‬ذا خيٌر من ملء‬
‫األرض من مثل هذا))‪.18.‬‬
‫لع ل من أهم الف روق ال يت متيز املس لمني يف أول أم رهم وفجر‬
‫حي اهتم عن املس لمني الي وم ((خل‪++‬ق الرجول‪++‬ة )) فق د غ ين العص ر‬
‫األول مبن ك انوا هام ة الش رف وغ رة اجملد وعن وان الرجول ة‪.‬‬
‫تتجلى ه ذه الرجول ة يف *حمم د ‪ * ‬إذ يق ول ‪ ( :‬واهلل ل‪++ + +‬و‬
‫وض‪++‬عوا الش‪++‬مس في يمي‪++‬ني والقم‪++‬ر في يساري على أن اترك‬
‫هذا األمر حتى يظهره اهلل أو اهلك فيه ما تركته))‪.‬‬
‫كما تتجلى يف أعماله ويف ادوار حياته فحياته كلها سلسله من‬
‫مظاهر الرجولة احلقة ‪ ،‬والبطولة الفذة ‪ ،‬إميان ال تزعزعه الشدائد‬

‫‪- 18‬‬
‫[أخرجه البخاري]‬

‫‪27‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫وص رب على املك اره وعم ل دائب يف نص رة احلق ‪ ،‬وهي ام مبع ايل‬
‫األمور وترفع عن سفاسفها((حقريها)) حىت إذا قبضه اهلل إليه مل‬
‫ي رتك ث روة كم ا يفع ل الس لطان ومل يُخلّف إعراض ا زائل ة كم ا‬
‫خيل ف املل وك واألم راء وإمنا خل ف مب ادئ خال دة على ال دهر ‪،‬‬
‫كم ا خل ّف رج االً يرعوهنا وينش روهنا وجياه دون ب أمواهلم‬
‫وأنفسهم من اجلها‪.‬‬
‫وت اريخ الص حابة ومن بع دهم ممل وء بأمثل ة الرجول ة ‪ ،‬ف أقوى‬
‫((رجال)) ال ي راعي يف‬
‫ً‬ ‫مميزات ((عم ر بن اخلط اب )) ان ه ك ان‬
‫عظيما أو أمريًا يقول يف إحدى خطبه ‪:‬‬
‫ً‬ ‫احلق كبريا وال ميالي‬
‫(( أيها الناس انه واهلل ما فيكم احد أقوى عندي من الضعيف‬
‫حىت اخذ احلق له وال اضعف عندي من القوي حىت اخذ احلق‬
‫ه‪.)).‬‬ ‫ل‬
‫وينط ق باجلم ل يف وص ف الرجول ة فتجرى جمرى األمث ال ك ان‬
‫يقول ‪ ( :‬يعجبين من الرجل إذا سيم خطة الضيم أن يقول (( ال‬
‫مبلء فيه))‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ويض ع ال ربامج لتعليم الرجول ة فيق ول ‪ ( :‬علم وا أوالدكم الع وم‬


‫والرماي ة وم روهم فليثب وا على اخلي ل وثب ا ورووهم م ا جيم ل من‬
‫عر))‪.‬‬ ‫الش‬
‫ويض ع اخلط ط لتم رين ال والة على الرجول ة فيكتب إليهم‬
‫(( اجعل وا الن اس يف احلق س واء ق ريبهم كبعي دهم وبعي دهم‬
‫كق ريبهم إي اكم والرش ا واحلكم ب اهلوى وان تأخ ذوا الن اس عن د‬
‫ب))‪.‬‬ ‫الغض‬
‫من اجل هذا كله كان هذا العصر مظهراً للرجولة يف مجيع‬
‫مي ادين احلي اة ‪ ،‬تق را ت اريخ املس لمين فيملئ وك روع ة ‪ ،‬وتعجب‬
‫كيف كان هؤالء البدو‪ -‬وهم مل يتخرجوا يف مدارس علميه ومل‬
‫يتلقوا نظريات سياسيه حكاما وقادة خلرجي اللم مبقدار ما تقاس‬
‫ا‪.‬‬ ‫برجولته‬
‫إمنا هي الرجولة اليت بثها فيهم دينهم وعظماؤهم هي اليت مست‬
‫هبم وجعلتهم يفتحون أرقى األمم مدنيه وأعظمها حضارة مث هم‬
‫ال يفتحون فتحا حربيا يعتمد على القوة املدنية إمنا يفتحون فتحا‬

‫‪29‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫مدنيا إداريا منظما يعلمون به دارسي العدل كيف يكون العدل‬


‫‪ ،‬ويعلمون العلماء اإلدارة ويلقون بعلمهم درسا على العامل ‪ ،‬أن‬
‫ق وة اخلل ق ف وق مظ اهر العلم وق وة االعتق اد يف احلق ف وق‬
‫النظري ات الفلس فية واملذاهب العلمي ة وان األمم ال تق اس‬
‫بفالسفتها مبقدار ما تقاس برجولتها‪.‬‬
‫هل رأيت حزما يف اإلدارة كالذي فعله يف مسح سواد العراق‬
‫وترتيب اخلراج وتدوين الدواوين وفرض العطاء ؟‬
‫رجال ولئن كان‬
‫حقا لقد كان عمر بن اخلطاب يف كل ذلك ً‬
‫هن اك رج ال ق د امتص وا رجول ة غ ريهم ومل يش اءوا أن جيعل وا‬
‫رج االً جبانبهم فلم يكن عم ر من ه ذا الض رب إمنا ك ان رجال‬
‫اال ك أبو عبي دة اجلراح وس عد بن أيب وق اص‬
‫يُحلِّق جبانب ه رج ً‬
‫رجاال نفخ فيهم عمر من‬
‫ً‬ ‫واملثىن بن حارثه وكثري غريهم كانوا‬
‫روحه كما نفخ فيهم اإلسالم من روحه وأفسح هلم يف رجولته‬
‫كما أفسح لنفسه يف رجولته ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫حقيق ًة ومل ت ر ال دنيا الرجول ة يف أجلى ص ورها وأكم ل‬


‫معانيه ا كم ا رأهتا يف تل ك النم اذج الكرمية ال يت ص نعها اإلس الم‬
‫على يد رسوله العظيم ‪ ،‬من رجال يكثرون عند الفزع‪ ،‬ويقلون‬
‫عن د الطم ع‪ ،‬ال يغ ريهم الوع د‪ ،‬وال يلينهم الوعي د‪ ،‬ال يغ رهم‬
‫النصر‪ ،‬وال حتطمهم اهلزمية‪.‬‬
‫أم ا الي وم‪ ،‬وق د أفس د االس تعمار ج و املس لمني بغازات ه الس امة‬
‫اخلانق ة من إحلاد وإباحي ة‪ ،‬فقلم ا ت رى إال أش باه الرج ال‪ ،‬وال‬
‫رجال‪.‬‬
‫تعجبنا وتؤملنا كلمة لرجل درس تعاليم اإلسالم السمحة الشاملة‬
‫فقال يف إعجاب مرير‪ " :‬يا له من دين لو كان له رجال "!!‬
‫وه ذا ال دين ال ذي يش كو قل ة الرج ال يض م م ا يزي د على أل ف‬
‫ملي ار مس لم‪ ،‬ينتس بون إلي ه‪ ،‬وحيس بون علي ه‪ ،‬ولكنهم كم ا ق ال‬
‫رسول اهلل ((غثاء كغثاء السيل)) أو كما قال الشاعر‪:‬‬
‫يثقلون األرض من كثرهتم…مث ال يغنون يف أمر جلل‬

‫‪31‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫فيجب علينا أن نفهم أن معانيها يف زمن الغربة كما‬


‫قال ‪" ‬بدأ اإلسالم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ‪ ،‬فطوبى‬
‫للغرباء"‪ ،‬و الغريب هنا معناه انه املتمسك مببادئ احلق عند‬
‫خوار البعض و الذي يبذل أقصى ما يستطيع يف سبيل نصرة‬
‫هذا الدين‪ ،‬وذلك حسب طاقته ألن اهلل ال يكلف نفسًا إال‬
‫وسعها‪.‬‬
‫والنصرة لدين اهلل تكون بالنفس وباملال‪ ،‬وبالكلمة‪ ،‬فكل من‬
‫نوعا من أنواع النصرة يقوم هبا وما دمت قد‬
‫يأنس يف نفسه ً‬
‫بذلت جهد طاقتك فاهلل ال يضيع أجر أحد من ذكر أو أنثى‬

‫‪ ،‬فيا أخي جاهد نفسك قدر ما تستطيع وأخلص النية و‬


‫لك أجر ما صنعت وبذلك يكون قد وقع أجرك على اهلل‬
‫ومن معاين الرجولة نصرة هذا الدين‪ ،‬والثبوت عليه وهذا ال‬
‫حيده زمان وال مكان‪ ،‬وال مينعنك عن مواصلة هذه النصرة‬
‫ما تراه من ختاذل املسلمني وضعفهم عند ضربات األعداء‬

‫‪32‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫رمبا أشرف عليهم اليأس وظنوا أهنم كذبوا فالظاهرين على‬


‫احلق ال يضرهم من خذهلم وال من خالفهم فإذا حتقق النصر‬
‫وأنت على ذلك فأنت على ثغرة ثغور اإلسالم‪ ،‬وال تستبطئ‬
‫نصر اهلل‪ ،‬فإنه كما نطقت اآلية آت ال حمالة‪ ،‬ولكنه كما‬
‫تعلم لن يأيت إال بعد أن تتحد األمة‪ ،‬وتنبذ ما لديها من‬
‫فرقة‪ ،‬فواصل العمل‪ ،‬وليس املهم أن جتين أنت مثار العمل‪،‬‬
‫واهلل ال يضيع أجر من أحسن عمال‪.‬‬
‫الرجولة في القرآن‬
‫ذك ر اهلل الرجول ة يف الق رآن الك رمي يف أك ثر من مخس ني‬
‫موضًعا‪ ،‬فذكر الرجل‪ ،‬والرجلني‪ ،‬والرجال‪ ،‬وقرن الرجل باملرأة‬
‫يف آيتني اثنتني‪ ،‬والرجال بالنساء يف عشرة مواضع‪.‬‬
‫ذك ر اهلل الرجول ة يف الق رآن‪ ،‬وذكره ا الن يب ‪ -  -‬يف س نته‪،‬‬
‫وأراد اهلل بالرجول ة الن وع ت ارة‪ ،‬وأراد هبا الص فة ت ارة أخ رى‪،‬‬
‫وأراد هبا النوع والصفة تارة ثالثة‪.‬‬
‫النوع‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫فيقصد بالرجولة الذكورة‪ ،‬فقد قال ‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪:-‬‬


‫﴿َو َبَّث ِم ْنُه َم ا ِر َج اًال َك ِث يًر ا َو ِنَس اًء ﴾‪ ،19‬وق ال‪َ﴿ :‬و َال َتَتَم َّنْو ا‬
‫َم ا َفَّض َل الَّل ُه ِب ِه َبْع َض ُك ْم َعَلى َبْع ٍض ِللِّر َج اِل َنِص يٌب ِم َّم ا‬
‫ْم‬ ‫ُك‬ ‫َّن‬‫ِإ‬ ‫﴿‬ ‫ال‪:‬‬ ‫وق‬ ‫‪،‬‬ ‫‪20‬‬
‫اْك َتَس ُبوا َو ِللِّنَس اِء َنِص يٌب ِم َّم ا اْك َتَس ْبَن ﴾‬
‫ِء‬ ‫ِم‬
‫َلَت ْأُتوَن الِّر َج اَل َش ْه َو ًة ْن ُدوِن الِّنَس ا َب ْل َأْنُتْم َقْو ٌم‬
‫ُمْس ُفوَن ﴾ ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ِر‬
‫الصفة‪:‬‬
‫فيقصد بالرجولة توافر صفات الرجولة يف الذكر فقد قال ‪-‬‬
‫س بحانه وتع اىل ‪ِ﴿ :-‬م َن اْلُم ْؤ ِم ِنيَن ِر َج اٌل َص َد ُقوا َم ا َعاَه ُد وا‬
‫الَّل َه َعَلْي ِه َفِم ْنُه ْم َمْن َقَض ى َنْح َب ُه َو ِم ْنُه ْم َمْن َيْنَتِظ ُر َو َم ا َب َّد ُلوا‬
‫َتْب ِد يًال ﴾‪ ، 22‬فكلم ة املؤم نني مجع م ذكر س امل‪ ،‬ومل يق ل اهلل ‪-‬‬
‫ِم ِن‬ ‫ِم‬
‫ع ز وج ل ‪ -‬ك ل املؤم نني رج ال وإمنا ق ال‪َ ﴿ :‬ن اْلُم ْؤ يَن‬

‫[النساء‪]1 :‬‬ ‫‪- 19‬‬


‫‪20‬‬
‫‪[ -‬النساء‪]32 :‬‬
‫‪21‬‬
‫‪[ -‬األعراف‪]81 :‬‬
‫‪22‬‬
‫‪[ -‬األحزاب‪]23 :‬‬

‫‪34‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ِر َج اٌل ﴾‪ ،‬ومن للتبعيض أي ليس كل ذكر رجًال وإمنا كل رجل‬


‫ذكر‪ ،‬فأراد هاهنا صفة الرجولة ومل يرد النوع أي الذكورة‪.‬‬
‫وأما النوع والصفة‪ :‬فيذكر اهلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬الرجولة ويريد هبا‬
‫ت وافر الن وع والص فة‪ ،‬ومن ذل ك قول ه ‪ -‬تع اىل ‪ ﴿:-‬الِّر َج اُل‬
‫َقَّو اُم وَن َعَلى الِّنَس اِء ِبَم ا َفَّض َل الَّل ُه َبْع َض ُه ْم َعَلى َبْع ٍض َو ِبَم ا‬
‫َأْنَفُق وا ِم ْن َأْم َو اِلِه ْم ﴾ ‪ ،23‬فالب د للقوام ة من ال ذكورة ومن‬
‫الرجولة فنحن نرى رجاال تقودهم النساء وذلك راجع إىل انتفاء‬
‫الصفة مع وجود النوع‪.‬‬
‫االشتراك في الحكم‪:‬‬
‫إذا ورد لفظ الرجل يف القرآن الكرمي والسنة ومل يرد دليل‬
‫على اختصاص الرجل باحلكم‪ ،‬فاألصل دخول النساء يف احلكم‬
‫‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫م ع الرج ال لقول ه ‪« :-  -‬إنم‪++‬ا النساء شقائق الرج‪++‬ال»‪.‬‬
‫فحديث السبعة الذين يظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله جاء‬
‫فيه السبعة بلفظ رجل‪ ،‬ومع ذلك فهذا احلديث يشمل لرجال‬
‫[النساء‪]34 :‬‬ ‫‪- 23‬‬
‫‪24‬‬
‫‪[ -‬رواه الترمذي وصححه األلباني]‬

‫‪35‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫والنس اء‪ ،‬فمن النس اء من س يظلهن اهلل يف ظل ه ي وم ال ظ ل إال‬


‫ظله‪.‬‬

‫صفات الرجولة في القرآن‬


‫أ‪ -‬الطه ارة بش قيها املادي واملعن وي‪َ ﴿ :‬لَمْس ِج ٌد ُأِّس َس َعَلى‬
‫الَّتْق َو ى ِم ْن َأَّو ِل َيْو ٍم َأَح ُّق َأْن َتُق وَم ِفي ‪ِ+ +‬ه ِر َج اٌل ُيِح ُّب وَن َأْن‬
‫َيَتَطَّه ُر وا َو الَّلُه ُيِح ُّب اْلُم َّطِّه ِر يَن ﴾‪.25‬‬
‫ب‪ -‬الصدق مع اهلل‪ِ﴿ :‬م َن اْلُم ْؤ ِم ِنيَن ِر َج اٌل َص َد ُقوا َم ا َعاَه ُد وا‬
‫الَّلَه َعَلْيِه﴾‪.26‬‬

‫[التوبة‪]108 :‬‬‫‪- 25‬‬


‫‪26‬‬
‫‪[ -‬األحزاب‪]32 :‬‬

‫‪36‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ج‪ -‬إيثار اآلخرة على الدنيا‪ِ﴿ :‬ر َج اٌل َال ُتْلِه يِه ْم ِتَج اَر ٌة َو َال َبْيٌع‬
‫ِة‬ ‫ِة ِء‬ ‫ِه‬ ‫ِذ‬
‫َعْن ْك ِر الَّل َو ِإَقاِم الَّصَال َو ِإيَتا الَّز َك ا َيَخ اُفوَن َيْو ًم ا َتَتَق َّلُب‬
‫ِفيِه اْلُقُلوُب َو اَألْبَص اُر ﴾‪.27‬‬
‫د‪ -‬القوامة وحسن التوجيه لبيوهتم وذويهم‪﴿ :‬الِّر َج اُل َقَّو اُموَن‬
‫ِم‬ ‫ِء‬
‫َعَلى الِّنَس ا ِبَم ا َفَّضَل الَّلُه َبْع َض ُه ْم َعَلى َبْع ٍض َو ِبَم ا َأْنَفُق وا ْن‬
‫َأْم َو اِلِه ْم ﴾‪.28‬‬
‫هـ‪ -‬اإلجيابية‪ :‬وتتفصل يف‪:‬‬
‫‪ -1‬م ؤمن «يس» والس عي لتبلي غ دع وة اهلل ومناص رة األنبي اء‪:‬‬
‫قال ‪ -‬تعاىل ‪َ ﴿:-‬و َج اَء ِم ْن َأْقَص ى اْلَم ِد يَنِة َرُج ٌل َيْس َعى َق اَل َيا‬
‫َقْو ِم اَّتِبُعوا اْلُمْر َس ِليَن ﴾ ‪.29‬‬
‫‪ -2‬م ؤمن آل فرع ون وال دفاع عن رم ز ال دعوة ض د م ؤامرة‬
‫ِم ِم‬
‫الكف ار‪َ ﴿ :‬و َق اَل َرُج ٌل ُم ْؤ ٌن ْن آِل ِفْر َع ْو َن َيْك ُتُم ِإيَم اَن ُه‬
‫َأَتْق ُتُلوَن َرُج ًال َأْن َيُقوَل َر ِّبَي الَّلُه﴾‪.30‬‬
‫[النور‪]37 :‬‬ ‫‪- 27‬‬
‫‪28‬‬
‫‪[ -‬النساء‪]34 :‬‬
‫‪29‬‬
‫‪[ -‬يس‪]20 :‬‬
‫‪30‬‬
‫‪[ -‬غافر‪]28 :‬‬

‫‪37‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪ -3‬التحرك السريع لدرء اخلطر وبذل النصيحة‪َ﴿ :‬و َج اَء َرُج ٌل‬
‫ِم ْن َأْقَص ى اْلَم ِد يَنِة َيْس َعى َق اَل َيا ُموَس ى ِإَّن اْلَم َأل َيْأَتِم ُر وَن ِب َك‬
‫ِلَيْق ُتُلوَك َفاْخ ُر ْج ِإِّني َلَك ِم َن الَّناِصِح يَن ﴾ [القصص‪.]20 :‬‬
‫والعجيب أنن ا نس مع من يق ول أن كلم ة رج ل يف الق رآن‬
‫ج اءت على س بيل املدح وه ذا ليس ص حيحًا ف إن هن اك آي ات‬
‫تدل على بعض املواقف املذمومة واليك اآليات اليت ورد ذكرها‬
‫ىف ذلك ‪-:‬‬
‫ِن‬
‫‪ِ ﴿ -1‬إَّنُك ْم َلَت ْأُتوَن الِّر َج اَل َش ْه َو ًة ِّمن ُدو الِّنَس اء َب ْل َأنُتْم‬
‫َقْو ٌم ُّمْس ِر ُفوَن ﴾‪.31‬‬
‫ِم‬ ‫ِدِه‬
‫‪َ ﴿ -2‬و اْض ِر ْب َلُه م َّمَثاًل َّر ُج َلْيِن َجَعْلَن ا َأِلَح َم ا َج َّنَتْيِن ْن‬
‫َأْع َناٍب َو َح َف ْف َناُه َم ا ِبَنْخ ٍل َو َجَعْلَنا َبْيَنُه َم ا َز ْر ًعا ﴾‪.32‬‬
‫ِن‬ ‫ِئ‬
‫‪َ﴿ -3‬أ َّنُك ْم َلَت ْأُتوَن الِّر َج اَل َش ْه َو ًة ِّمن ُدو الِّنَس اء َب ْل َأنُتْم‬
‫َقْو ٌم َتْجَه ُلوَن ﴾‪.33‬‬
‫[سورة األعراف ‪]81‬‬ ‫‪- 31‬‬
‫‪32‬‬
‫‪[-‬سورة الكهف آية ‪]32‬‬
‫‪33‬‬
‫‪[ -‬سورة النمل آية ‪]55‬‬

‫‪38‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪َ﴿ -4‬أِئَّنُك ْم َلَت ْأُتوَن الِّر َج اَل َو َتْقَطُع وَن الَّس ِبيَل َو َت ْأُتوَن ِفي‬
‫َناِد يُك اْلُم نَك َفَم ا َك اَن َج َو اَب َقْو ِمِه ِإاَّل َأن َقاُلوا اْئِتَنا ِبَع َذ اِب‬
‫َر‬ ‫ُم‬
‫الَّلِه ِإن ُك نَت ِم َن الَّصاِدِقيَن ﴾‪. 34‬‬

‫‪َ ﴿ -5‬و َأَّنُه َك اَن ِر َج اٌل ِّمَن اِإْل نِس َيُع وُذوَن ِبِر َج اٍل ِّمَن اْلِج ِّن‬
‫َفَز اُدوُه ْم َر َه ًق ا ﴾‪.35‬‬
‫صفات الرجال في السنة‬
‫‪ -1‬القيام بالفرائض‪:‬‬
‫عن أيب هريرة‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬إن أعرابًيا أتى النيب ‪-‬‬
‫‪ - ‬فقال‪ :‬دلين على عمل إذا عملته دخلت اجلنة‪ ،‬قال‪« :‬تعبد‬
‫اهلل ال تش‪++‬رك ب‪++‬ه شيًئا وتقيم الص‪++‬الة المكتوب‪++‬ة وتؤدي الزكاة‬
‫المفروض‪+‬ة وتص‪+‬وم رمضان»‪ .‬قال‪ :‬والذي نفسي بيده ال أزيد‬
‫على ه ذا‪ ،‬فلم ا وىل ق ال الن يب ‪« :-  -‬من سره أن ينظر إلى‬
‫رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا»‪.36.‬‬
‫[سورة العنكبوت آية ‪]29‬‬ ‫‪- 34‬‬
‫‪35‬‬
‫‪[ -‬سورة الجن آية ‪]6‬‬
‫‪36‬‬
‫‪[-‬متفق عليه]‬

‫‪39‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪ -2‬الصالح‪:‬‬
‫عن ابن عمر‪ -‬رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬رأيت يف املنام كأن‬
‫يف يدي قطعة إستربق «حرير مسيك» وليس مكان أريد من اجلنة‬
‫إال طرت إليه‪ ،‬قال‪ :‬فقصصته على حفصة‪ ،‬فقصته حفصة على‬
‫النيب ‪ -  -‬فقال‪« :‬أرى عبد اهلل رجًال صالًح ا»‪.37‬‬
‫‪ -3‬الصبر على الشدائد‪:‬‬
‫عن خب اب بن األرت‪ -‬رض ي اهلل عن ه‪ -‬ق ال‪ :‬ش كونا إىل‬
‫رسول اهلل ‪ -  -‬وهو متوسد بردة له يف ظل الكعبة‪ ،‬فقلنا‪ :‬أال‬
‫تستنصر لنا أال تدعو لنا‪.‬‬
‫فقال‪« :‬قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر ل‪++‬ه في األرض‬
‫فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين‬
‫ويمش‪++‬ط بأمش‪++‬اط الحديد م‪++‬ا دون لحم‪++‬ه وعظم‪++‬ه فم‪++‬ا يص‪++‬ده‬
‫ذلك عن دين‪++‬ه‪ ،‬واهلل َلَيِتَم َّن ه‪++‬ذا األم‪++‬ر حتى يسير ال‪++‬راكب من‬

‫[متفق عليه]‪.‬‬ ‫‪- 37‬‬

‫‪40‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ص ‪++‬نعاء إلى حضرموت ال يخاف إال اهلل وال ‪++‬ذئب على غنم ‪++‬ه‬
‫ولكنكم تستعجلون»‪..38‬‬
‫‪ -4‬الثبات‪:‬‬
‫عن ابن عب اس‪ -‬رض ي اهلل عنهم ا‪ -‬أن الن يب ‪ -  -‬خ رج‬
‫عليهم وهم جلوس فقال‪ :‬أال أخربكم خبري الناس‪ ،‬فقلنا‪ :‬نعم يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬رجل ممسك ب‪+‬رأس فرسه أو قال‪ :‬ف‪+‬رس في‬
‫سبيل اهلل حتى يم‪++‬وت أو يقتل‪ ،‬ف‪++‬أخبركم بال‪++‬ذي يلي‪++‬ه‪ ،‬فقلن ا‪:‬‬
‫نعم ي ا رس ول اهلل‪ ،‬ق ال‪ :‬ام ‪++‬رؤ معتزل في شعب يقيم الص‪++‬الة‬
‫‪39‬‬
‫ويؤتي الزكاة ويعتزل‪...‬الناس»‪.‬‬
‫‪ -5‬األمانة والقناعة والحكمة‪:‬‬
‫عن أيب هريرة‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬عن النيب ‪ -  -‬قال‪ :‬كان‬
‫فيمن كان قبلكم رجل اشرتى عقاًر ا فوجد فيها جرة من ذهب‬
‫فق ال‪ :‬اش رتيت من ك األرض ومل اش رت من ك ال ذهب‪ .‬فق ال‬

‫[رواه البخاري]‬ ‫‪- 38‬‬

‫[رواه الدارمي ورواه الترمذي وصححه األلباني]‪.‬‬ ‫‪- 39‬‬

‫‪41‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫الرج ل‪ :‬إمنا بعت ك األرض مبا فيه ا‪ ،‬فتحاكم ا إىل رج ل فق ال‪:‬‬


‫ألكم ا ول د؟ فق ال أح دمها‪ :‬يل غالم‪ ،‬وق ال اآلخ ر‪ :‬يل جاري ة‪،‬‬
‫ق ال‪ :‬فأنكح ا الغالم اجلاري ة وأنفق ا على أنفس هما من ه‬
‫[رواه ابن ماجه وصححه األلباين]‪.‬‬ ‫وليتصدق‪.40‬‬
‫فس بحان اهلل كي ف ك انت أمان ة املش رتي وقناع ة الب ائع وحكم ة‬
‫القاضي بينهما!!‬
‫‪ -6‬السماحة‪:‬‬
‫عن عثمان بن عفان ‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل‬
‫‪« :-  -‬أدخل اهلل الجنة رجًال كان سهًال بائًعا ومشترًيا»‪.‬‬
‫فالس ماحة يف ال بيع والش راء واالقتض اء حتت اج إىل رج ل‪ ،‬فكم‬
‫رأين ا من ي بيع ويع ود يف بيع ه من أج ل أم وال قليل ة أو ي بيع على‬
‫بيع أخيه‪.‬‬
‫‪ -7‬قيام الليل‪:‬‬

‫‪- 40‬‬
‫[رواه ابن ماجه وحسنه األلباني]‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫عن سامل بن عبد اهلل بن عمر عن أبيه ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪-‬‬
‫أن الن يب ‪ -  -‬ق ال‪ :‬نعم الرج ل عب د اهلل ل و ك ان يص لي من‬
‫اللي ل‪ .‬ق ال س امل‪ :‬فك ان عب د اهلل بع د ذل ك ال ين ام من اللي ل إال‬
‫‪41‬‬
‫قليًال‪.‬‬
‫‪ -8‬ترك الحرام‪:‬‬
‫عن ابن عباس‪ -‬رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬لعن رسول اهلل ‪ -‬‬
‫‪ -‬املخن ثني من الرج ال واملرتجالت من النس اء‪ .‬ويف رواي ة‪ :‬لعن‬
‫رسول اهلل ‪ -  -‬املتشبهني من الرجال بالنساء واملتشبهات من‬
‫‪42‬‬
‫النساء بالرجال‪.‬‬
‫وعن أيب هري رة‪ -‬رض ي اهلل عن ه‪ -‬ق ال‪ :‬لعن رس ول اهلل ‪-  -‬‬
‫‪43‬‬
‫الرجل يلبس لبسة املرأة واملرأة تلبس لبسة الرجل‪.‬‬

‫‪- 41‬‬
‫[متفق عليه]‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫‪[-‬رواه البخاري]‪.‬‬

‫[رواه أبو داود وصححه األلباني]‪.‬‬ ‫‪- 43‬‬

‫‪43‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫سن الرجولة‬
‫الرجول ة ليس ت بالس ن املتقدم ة‪ ،‬فكم من ش يخ يف س ن‬
‫السبعني وقلبه يف سن السابعة‪ ،‬يفرح بالتافه‪ ،‬ويبكي على احلقري‪،‬‬
‫ويتطل ع إىل م ا ليس ل ه‪ ،‬ويقبض على م ا يف ي ده قبض الش حيح‬
‫ح ىت ال يش ركه غ ريه‪ ،‬فه و طف ل ص غري ‪ ...‬ولكن ه ذو حلي ة‬
‫وشارب‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫مر عمر على ثلة من الصبيان يلعبون فهرولوا‪ ،‬وبقي صيب‬


‫مفرد يف مكانه‪ ،‬هو عبد اهلل بن الزبري‪ ،‬فسأله عمر‪َ :‬مِل ْمَل تعُد م ع‬
‫أص حابك؟ فق ال‪ :‬ي ا أم ري املؤم نني مل أق رتف ذنب ًا فأخاف ك‪ ،‬ومل‬
‫تكن الطريق ضيقًة فأوسعها لك!‬
‫ودخل غالم عريب على خليفة أموي يتحدث باسم قومه‪ ،‬فقال‬
‫له‪ :‬ليتقدم من هو أسن من ك‪ ،‬فقال‪ :‬ي ا أم ري املؤمنني‪ ،‬لو كان‬
‫التقدم بالسن لكان يف األمة من هو أوىل منك باخلالفة‪.‬‬
‫أولئ ك لعم ري هم الص غار الكب ار‪ ،‬ويف دنيان ا م ا أك ثر الكب ار‬
‫الص غار؟ وليس ت الرجول ة ببس طة اجلس م‪ ،‬وط وِل القام ة‪ ،‬وق وِة‬

‫البني ة‪ ،‬فق د ق ال اهلل عن طائف ة من املن افقني‪َ﴿ :‬و ِإَذا َر َأْيَتُه ْم‬
‫ُتْع ِج ُب َك َأْج َس اُمُه ْم ﴾‪ 44‬ومع هذا فهم ﴿َك َأَّنُه ْم ُخ ُش ٌب ُّمَس َّنَد ٌة‬
‫َيْح َس ُبوَن ُك َّل َصْيَح ٍة َعَلْيِه ْم ﴾ ‪45‬ويف احلديث الص حيح‪ (( :‬يأتي‬
‫الرج ‪++‬ل العظيم السمين يوم القيام ‪++‬ة فال يزن عن ‪++‬د اهلل جن ‪++‬اح‬

‫[المنافقون‪]4:‬‬ ‫‪- 44‬‬


‫‪45‬‬
‫‪[-‬المنافقون‪]4 :‬‬

‫‪45‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ِق‬
‫بعوض ‪++ +‬ة))‪ ،‬اق رءوا إن ش ئتم قول ه تع اىل‪َ ﴿:‬فَال ُن يُم َلُه ْم َيْو َم‬
‫اْلِق َياَمِة َو ْز نًا﴾‪.46‬‬
‫وكم ا ذكرن ا آنف ًا ك ان عب د اهلل بن مس عود حنيف ًا حنيًال‪،‬‬
‫فانكشفت ساقاه يوم ًا ‪ -‬ومها دقيقتان هزيلتان ‪ -‬فضحك بعض‬
‫الصحابة‪ :‬فقال الرسول ‪(( :‬أتضحكون من دقة ساقيه؟ وال‪++‬ذي‬
‫نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد))‪.‬‬
‫ليس ت الرجول ة بالس ن وال باجلس م وال باملال وال باجلاه‪ ،‬وإمنا‬
‫الرجولة قوة نفسية حتمل صاحبها على معايل األمور‪ ،‬وتبعده عن‬
‫سفس افها‪ ،‬ق وٌة جتعل ه كب ريًا يف ص غره‪ ،‬غني ًا يف فق ره‪ ،‬قوي ًا يف‬
‫ضعفه‪ ،‬قوٌة حتمله على أن يعطي قبل أن يأخذ‪ ،‬وأن يؤدي واجبه‬
‫قب ل أن يطلب حق ه‪ :‬يع رف واجب ه حنو نفس ه‪ ،‬وحنو رب ه‪ ،‬وحنو‬
‫بيته‪ ،‬ودينه‪ ،‬وأمته‪.‬‬
‫الرجول ة ليس ت س نًا‪ ،‬بق در م ا هي ص فات ومشائل وس جايا‬
‫ذكرها اهلل ورسوله ‪ .‬ماذا نفعت الرجولة أولئك الناس الذين‬

‫[الكهف‪]105 :‬‬ ‫‪- 46‬‬

‫‪46‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫قال اهلل عنهم يف القرآن‪َ﴿ :‬و َأَّنُه َك اَن ِر َج اٌل ِم َن اِأْل ْنِس َيُع وُذوَن‬
‫‪47‬‬
‫ِبِر َج اٍل ِم َن اْلِج ِّن َفَز اُدوُه ْم َر َه قًا﴾‪.‬‬

‫الرجولة والنبوة‬
‫أرس ل اهلل‪ -‬ع ز وج ل ‪ -‬الرس ل وبعث األنبي اء وكلهم‬
‫بلغ وا الكم ال يف ص فات الرجول ة‪ ،‬ومل يرس ل اهلل‪ -‬ع ز وج ل ‪-‬‬
‫أنثى قط‪ ،‬مصداًقا لقوله ‪ -‬تعاىل ‪َ﴿ :-‬و َما َأْرَس ْلَنا ِم ْن َقْبِل َك ِإَّال‬
‫ِر َج اًال ﴾‪ ، 48‬أم ا من ق ال بنب وة م رمي وأم موس ى ‪ -‬عليهم ا‬
‫الس الم ‪ -‬مس تدًال على ذل ك ب الوحي هلم ا فم ردود علي ه ب أن‬
‫ال وحي هن ا مبع ىن اإلهلام ومن ه قول ه ‪ -‬تع اىل ‪َ﴿ :-‬و َأْو َح ى َر ُّب َك‬
‫ِإَلى الَّنْح ِل َأِن اَّتِخ ِذ ي ِم َن اْلِج َب اِل ُبُيوًت ا َو ِم َن الَّش َج ِر َو ِم َّم ا‬
‫[الجن‪]6:‬‬ ‫‪- 47‬‬
‫‪48‬‬
‫‪[-‬يوسف‪ ،109 :‬النحل‪ ،43 :‬األنبياء‪]7 :‬‬

‫‪47‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫َيْع ِر ُش وَن ﴾ ‪ ،49‬وقوله ‪ -  -‬يف حديث الذي قتل مائة نفس‪:‬‬


‫«ف‪++‬أوحى اهلل تعالى إلى ه‪++‬ذه أن تباع‪++‬دي وإلى ه‪++‬ذه أن تق‪++‬ربي‬
‫وقال‪ :‬قيسوا م‪++‬ا بينهم‪++‬ا فوج‪++‬دوه إلى ه‪++‬ذه أقرب بش‪++‬بر فغفر‬
‫ل‪++‬ه»‪ .50.‬وال وحي هن ا إىل أرض املعص ية وأرض التوب ة‪ ،‬ومل يق ل‬
‫أحد بنبوة النحل أو األرض؟!‬
‫كما أن اهلل‪ -‬عز وجل ‪ -‬قد حسم القضية بقوله ‪ -‬تعاىل ‪﴿:-‬‬
‫ِم‬
‫َما اْلَم ِس يُح ْبُن َمْر َيَم ِإَّال َرُس وٌل َقْد َخ َلْت ْن َقْبِلِه الُّر ُس ُل َو ُأُّم ُه‬
‫ِص ِّديَقٌة ﴾ ‪ ،51‬ومل يق ل نبي ة‪ ،‬ب ل إن كف ار ق ريش يعلم ون أن‬
‫األنبي اء رج ال فق د حكى اهلل عنهم ق وهلم‪َ﴿ :‬و َق اُلوا َل ْو َال ُنِّز َل‬
‫َه َذ ا اْلُق ْر آُن َعَلى َرُج ٍل ِم َن اْلَق ْر َيَتْيِن َعِظ يٍم ﴾ ‪ ،52‬وق وهلم‪:‬‬
‫﴿َو َقاُلوا َلْو َال ُأْنِز َل َعَلْيِه َم َلٌك َو َلْو َأْنَز ْلَنا َم َلًك ا َلُقِض َي اَألْم ُر ُثَّم‬

‫[النحل‪]68 :‬‬ ‫‪- 49‬‬


‫‪50‬‬
‫‪[-‬متفق عليه]‬
‫‪51‬‬
‫‪[-‬المائدة‪]75 :‬‬
‫‪52‬‬
‫‪[-‬الزخرف‪]31 :‬‬

‫‪48‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫َال ُيْنَظ ُر وَن (‪َ )8‬و َل ْو َجَعْلَن اُه َم َلًك ا َلَجَعْلَن اُه َرُج ًال َو َلَلَبْس َنا‬
‫‪53‬‬
‫َعَلْيِه ْم َما َيْلِبُس وَن ﴾‬

‫الرجولة وعالمات الساعة‬


‫عن أنس‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬مسعت من رسول اهلل ‪-  -‬‬
‫حديًثا ال حيدثكم به غريي‪ ،‬قال‪ :‬من أشراط الساعة أن يظهر‬
‫الجهل ويقل العلم ويظهر الزنا وتشرب الخم‪++‬ر ويق‪++‬ل الرج‪++‬ال‬
‫ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم رجل واحد‪.54.‬‬

‫‪- 53‬‬
‫[األنعام‪.]9 ،8 :‬‬
‫‪54‬‬
‫‪[-‬رواه البخاري]‬

‫‪49‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫وذك ر قل ة الرج ال وك ثرة النس اء م ع ارتك اب الكب ائر وظه ور‬


‫اجله ل وقل ة العلم ي دل على أن قل ة الرج ال وك ثرة النس اء أم ر‬
‫سيئ ترتتب عليه مفاسد كثرية‪.‬‬
‫‪ -2‬عن عبد اهلل‪ -‬رضي اهلل عنه‪ -‬عن النيب ‪ -  -‬قال‪ :‬لو لم‬
‫يبق من الدنيا إال يوم لطول اهلل ذلك اليوم حتى يبعث اهلل في‪++‬ه‬
‫رجًال من أه‪++‬ل بي‪++‬تي يواطئ اسمه اسمي واسم أبي‪++‬ه اسم أبي‬
‫‪55‬‬
‫يمأل األرض قسًطا وعدًال كما ُملئت ظلًم ا وجوًر ا‪.‬‬

‫أمور ليست من الرجولة‬


‫لقد فقدت الرجولة اليوم كثريًا من معانيها احلقيقية‪ ،‬فرتى‬
‫الناس اليوم يزعمون أهنم رجال‪ ،‬يقوم كل واحد منهم فيقول‪:‬‬
‫أنا رجل‪ ،‬ولكن يف احلقيقة‪ :‬ماذا تنطوي عليه هذه الرجولة؟ ما‬
‫هو مضموهنا؟ أيها اإلخوة‪ِ :‬م ن الناس اليوم َم ن يظن أن الرجولة‬

‫‪[- 55‬رواه أبو داود وقال عنه األلباني حديث حسن صحيح]‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫عبارة عن فتل الشوارب‪ ،‬وتربية هذه الشنبات وإطالتها‪ ،‬يظن أن‬


‫هذه هي الرجولة‪ ،‬وهو خمالف لسنة الرسول ‪ ‬ظاهرًا وباطنًا‪.‬‬
‫ِم ن الن اس َم ن يظن الرجولة الي وم هي األخ ذ بالث ارات وقت ل‬
‫األبري اء‪ ،‬وت راه يق ول‪ :‬ه ؤالء ليس وا رج اًال‪ ،‬م ا أخ ذوا بث أرهم‪،‬‬
‫وه ؤالء رج ال أخ ذوا بث أرهم فقتل وا فالن ًا‪ ،‬ول و ك ان ليس ل ه‬
‫ذنب‪.‬‬
‫ِم ن الن اس َم ن يظن الي وم أن ارتك اب احملرم ات هي الرجول ة‪،‬‬
‫ف رتى بعض األح داث الي وم لكي ي ربهنوا ألنفس هم وللن اس أهنم‬
‫رج ال‪ ،‬يقع د أح دهم وي دخن ‪-‬مثًال‪ -‬وي زعم أن الت دخني‬
‫رجولة‪ ،‬ويسافر لوحده إىل اخلارج‪ ،‬ويعبث باحملرمات‪ ،‬وينتهك‬
‫حدود اهلل عز وجل‪ ،‬ويزعم أن هذه هي الرجولة‪.‬‬
‫ِم ن الن اس َم ن يظن أن الرجول ة رف ع الص وت أو الص ياح يف‬
‫البيت‪ ،‬وفرض الرأي بقوة العضالت والبطش وغري ذلك؛ يظنون‬
‫أن هذه هي الرجولة‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫يظن أحدهم أن الرجولة أن ينفخ على اخلدم واملوظفني‪ ،‬ويطرد‬


‫من يشاء‪ ،‬وُيبقي من يشاء؛ يظن أن هذه هي الرجولة‪ .‬كال أيها‬
‫اإلخ وة! ليس ت الرجول ة ارتكاب ًا للمحرم ات‪ ،‬ومل تكن الرجول ة‬
‫يومًا من األيام يف تاريخ اإلسالم البطش واالعتداء على األبرياء‪،‬‬
‫كال‪.‬‬
‫إن الرجولة هلا معاٍن سامية‪ ،‬وحقائق علوية‪ ،‬تأخذ هذا الصنف‬
‫من الناس فرتفعهم‪ .‬إن حاجة اإلسالم اليوم إىل الرجال عظيمة‪،‬‬
‫اإلسالم اليوم تنتهك حرماته يف شىت أقطار األرض‪ ،‬مل تعد تقم‬
‫لإلس الم قائم ة يف وس ط ه ذه ال دياجري املظلم ة من الش رك‬
‫واجلاهلي ة‪ ،‬إال من رحم اهلل ع ز وج ل من أف راد تل ك الطائف ة‬
‫املنصورة ‪ ،‬اليت استقامت على شرع اهلل عز وجل‪.‬‬
‫الرجال هبذه الصفات اليت ذكرناها آنف ًا‪ - :‬عبادة‪ - .‬عمل‪- .‬‬
‫اس تقامة‪ - .‬دع وة إىل اهلل‪ - .‬ص رب على األذى يف س بيل اهلل‪- .‬‬
‫إعان ة الرس ل ودع وهتم ونص رهُت م‪ - .‬والقي ام يف م واطن الفنت‪- .‬‬
‫وتثبيت الناس على اإلسالم‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫تنمية عوامل الّر جولة في شخصيات أوالدنا‬


‫إن موض وع تنمي ة عوام ل الرجول ة عن د األطف ال ه و من‬
‫املش كالت الرّت بوي ة الكب رية يف ه ذا العص ر‪ ،‬وهن اك ع دد من‬
‫احللول اإلس المية والعوامل الش رعية لتنمية الّر جولة يف شخصية‬
‫الّطفل‪ ،‬ومن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التكنية‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫أي مناداة الصغري بأيب فالن أو الصغريِة بأّم فالن‪ ،‬فهذا ينّم ي‬
‫اإلحس اس باملس ئولية‪ ،‬وُيش عر الّطف ل بأّن ه أك رب من س ّنه ف يزداد‬

‫نض جه‪ ،‬وي رتقي بش عوره عن مس توى الطفول ة املعت اد‪ ،‬وحيّس‬
‫مبش اهبته للكب ار‪ ،‬وق د ك ان الن يب يكيّن الّص غار؛فَعْن َأَنٍس َق ال‬
‫‪َ":‬ك اَن الَّنُّيِب َأْح الَّناِس ُخ ُلًق ا‪َ ،‬ك اَن يِل َأٌخ ُيَق اُل َلُه َأُبو ُع ٍرْي‬
‫َم‬ ‫َو‬ ‫َس َن‬
‫ِإ‬ ‫ِط‬
‫َقاَل ‪َ :‬أحسُبُه َف يًم ا َو َك اَن َذا َج اَء َقاَل ‪َ(( :‬يا َأَبا ُعَم ْيٍر ‪َ ،‬ما َفَع َل‬
‫الُّنَغْيُر ؟))! وهو طائر صغري كان يلعب به‪.56.‬‬
‫وَعْن ُأِّم َخ اِلٍد ِبْنِت َخ اِلٍد قالت ‪ُ :‬أَيِت الَّنُّيِب بِثَي اٍب ِفيَه ا ِمَخ يَص ٌة‬
‫َس ْو َداُء َص ِغَريٌة ( اخلميصة ثوب من حرير ) َفَق اَل ‪َ :‬مْن َتَر ْو َن َأْن‬
‫َنْك ُس َو َه ِذِه؟ َفَس َك َت اْلَق ْو ُم‪َ ،‬ق اَل ‪ :‬اْئُت ويِن ِب ُأِّم َخ اِلٍد ‪َ .‬ف ُأَيِت َهِبا‬
‫ْحُتَم ُل ( وفيه إشارة إىل صغر سّنها ) َفَأَخ َذ اَخْلِم يَص َة ِبَيِدِه َفَأْلَبَس َه ا‬
‫َو َقاَل ‪َ( :‬أْبِلي َو َأْخ ِلِق ي)‪َ ،‬و َك اَن ِفيَه ا َعَلٌم َأْخَض ُر َأْو َأْص َف ُر َفَق اَل ‪:‬‬
‫(َيا ُأَّم َخ اِلٍد ‪َ ،‬ه َذ ا َس َناه)‪َ ،‬و َس َناه ِباَحْلَبِش َّيِة َح َس ٌن ‪.57‬‬

‫رواه البخاري‬ ‫‪- 56‬‬


‫‪57‬‬
‫‪ [ -‬رواه البخاري]‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪-2‬أخذه للمجامع‪:‬‬
‫ومما ينمي الرجولة يف شخصية الطفل أخذه للمجامع العامة‬
‫وإجالُس ه مع الكبار؛وهذا مما يلّقح فهمه ويزيد يف عقله‪ ،‬وحيمله‬
‫على حماك اة الكب ار‪ ،‬ويرفع ه عن االس تغراق يف الله و واللعب‪،‬‬
‫وك ذا ك ان الص حابة رض ي اهلل عنهم يص حبون أوالدهم إىل‬
‫جملس الن يب ومن القصص يف ذل ك ‪ :‬م ا جاء عن ُمَعاِو َي َة بن ُقَّر ة‬
‫ِم‬ ‫ِل ِإ ِه‬ ‫ِه ِإ‬ ‫ِب ِه‬
‫َعْن َأ ي َق اَل ‪َ" :‬ك اَن َنُّيِب الَّل َذا َج َلَس ْجَي ُس َلْي َنَف ٌر ْن‬
‫ِع‬ ‫ِغ ِت ِه ِم ِف‬ ‫ِه ِف‬
‫َأْص َح اِب ‪َ ،‬و يِه ْم َرُج ٌل َلُه اْبٌن َص ٌري َيْأ ي ْن َخ ْل َظْه ِرِه َفُيْق ُد ُه‬
‫‪58‬‬ ‫ِه‬
‫َبَنْي َيَد ْي ‪ ..‬احلديث" ‪.‬‬

‫‪ -3‬قصص السلف‪:‬‬
‫ومما ينمي الرجول ة يف شخص ية األطف ال حتديثهم عن‬
‫بط والت الس ابقني والالحقني واملع ارك اإلس المية وانتص ارات‬
‫املس لمني؛ لتعظم الش جاعة يف نفوس هم‪ ،‬وهي من أهم ص فات‬
‫الرجول ة‪ ،‬وك ان للزب ري بن الع وام طفالن أش هد أح دمها بعَض‬
‫‪- 58‬‬
‫[رواه النسائي وصححه األلباني في أحكام الجنائز]‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫املع ارك‪ ،‬وك ان اآلخ ر يلعب بآث ار اجلروح القدمية يف كت ف أبي ه‬


‫كم ا ج اءت الرواي ة عن ع روة بن الزب ري ‪ ،‬وروى ابن املب ارك يف‬
‫اجله اد عن هش ام بن ع روة عن أبي ه عن عب د اهلل بن الزب ري "أن ه‬
‫ك ان م ع أبي ه ي وم ال ريموك ‪ ,‬فلم ا اهنزم املش ركون محل فجع ل‬
‫جيهز على جرحاهم" وقوله‪ " :‬جُي هز " أي ُيكمل قتل من وجده‬
‫جمروحًا‪ ,‬وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره ‪.‬‬
‫‪ -4‬األدب‪:‬‬
‫ومما ينمي الرجول ة يف شخص ية الطف ل تعليم ه األدب م ع‬
‫الكب ار‪،‬ومن مجل ة ذل ك م ا رواه َأب و ُه َر ْيَر َة َعْن الَّنّيِب ‪‬‬
‫ِع ِد‬ ‫ِب‬ ‫ِغ‬ ‫ِّل‬
‫َق اَل ‪ُ:‬يس ُم الَّص يُر على الك ير‪ ،‬والم‪+‬اُّر على القا ‪ ،‬والقلي‪ُ+‬ل‬
‫على الكِثيِر "‪.59‬‬
‫‪ -5‬االحترام والتقدير‪:‬‬
‫ومما ينمي الرجولة يف شخص ية الطف ل إعطاء الص غري ق دره‬
‫وقيمت ه يف اجملالس‪ ،‬ومما يوّض ح ذل ك احلديث الت ايل ‪ :‬عن َس ْه ِل‬

‫رواه البخاري‬ ‫‪- 59‬‬

‫‪56‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ِمَي ِنِه‬ ‫ِر ِم‬ ‫ِب‬ ‫ٍد‬


‫ْبِن َس ْع َقاَل ‪ُ :‬أَيِت الَّنّيِب َقَد ٍح َفَش َب ْن ُه‪َ ،‬و َعْن ي ُغالٌم َأْص َغُر‬
‫اْلَق ْو ِم ‪َ ،‬و اَألْش َياُخ َعْن َيَس ارِه َفَق اَل ‪َ :‬ي ا ُغالُم‪َ ،‬أَت ْأَذُن ِلي َأْن‬
‫ُأْع ِط َي ُه األْش َياَخ ؟ َق ال‪َ(( :‬م ا ُك ْنُت ألوِث َر ِبَفْض ِلي ِم ْن َك َأَح ًد ا َي ا‬
‫َرُس وَل الَّلِه َفَأْع َطاُه ِإَّياُه))‪.60‬‬
‫‪ -6‬الرياضة‪:‬‬
‫ومما ينمي الرجول ة يف شخص ية الطف ل‪ :‬تعليمهم الرياض ة‬
‫الرجولية؛كالرماية والسباحة وركوب اخليل وجاء َعْن َأيِب ُأَم اَم َة‬
‫ْبِن َس ْه ٍل َق اَل ‪َ :‬ك َتَب ُعَم ر ِإىَل َأيِب ُعَبْي َد َة ْبِن اَجْلَّر اِح َأْن َعِّلُم وا‬
‫‪61‬‬
‫ِغْلَم اَنُك ْم اْلَعْو َم ‪.‬‬
‫‪-7‬البعد عن الميوعة‪:‬‬
‫ومما ينمي الرجول ة يف شخص ية الطف ل جتنيب ه أس باب امليوع ة‬
‫والتخنث؛ فيمنع ه ولّي ه من رقص ك رقص النس اء‪ ،‬ومتاي ل‬

‫رواه البخاري‬ ‫‪- 60‬‬

‫[ رواه اإلمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب ] ‪.‬‬ ‫‪- 61‬‬

‫‪57‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫كتمايلهن‪ ،‬ومشطة كمشطتهن‪ ،‬ومينعه من لبس احلرير وال ّذ هب‬


‫وحنو ذلك مما خيص النساء‪.‬‬
‫‪ -8‬عدم اإلهانة‪:‬‬
‫ومما ينمي الرجول ة يف شخص ية الطف ل جتنب إهانت ه خاص ة أم ام‬
‫اآلخرين وعدم احتقار أفكاره وتشجيعه على املشاركة إعطاؤه‬
‫قدره وإشعاره بأمهيته‪ ،‬وذلك يكون بأمور مثل ‪:‬‬
‫إلق اء ال الم علي ه‪ ،‬وق د ج اء َأَنِس ِن اِل ٍك َأَّن وَل الَّل ِه‬
‫َرُس‬ ‫ْب َم‬ ‫َعْن‬ ‫ّس‬
‫َم َّر َعَلى ِغْلَم اٍن َفَس َّلَم َعَلْي م‪. .‬‬
‫ِه ‪62‬‬

‫ومثل استشارته وأخذ رأيه‪, ،‬أيضًا توليته مسئوليات تناسب س ّنه‬


‫وقدراته وكذلك استكتامه األسرار ‪ ،‬ويصلح مثاًال لذلك حديث‬
‫َأَنٍس َق اَل ‪َ :‬أَتى َعَلَّي َرُس وُل الَّل ه َو َأَن ا َأْلَعُب َم َع اْلِغْلَم اِن َق اَل ‪:‬‬
‫ِج‬ ‫ٍة‬
‫َفَس َّلَم َعَلْيَن ا َفَبَعَثيِن ِإىَل َح اَج ‪َ ،‬فَأْبَط ْأُت َعَلى ُأِّم ي‪َ ،‬فَلَّم ا ْئُت‬
‫َقاَلْت ‪َ :‬م ا َحَبَس َك ؟ ُقْلُت ‪َ :‬بَعَثيِن َرُس وُل الَّله َحِلاَج ٍة ‪َ .‬قاَلْت ‪َ :‬م ا‬
‫ا ُت ؟ ْل ‪ِ :‬إَّن ا ِس ٌّر ‪َ .‬ق اَل ‪ :‬ال ِّد َثَّن ِبِس ِّر وِل الَّل ِه‬
‫َرُس‬ ‫َحُت‬ ‫ْت‬ ‫َح َج ُه ُق ُت َه‬
‫رواه مسلم‬ ‫‪- 62‬‬

‫‪58‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫َأ ًد ا "‪ .63.‬ويف رواي ة عن َأَنس ق ال ‪ :‬ا ى ِإَل َن ا وُل الَّل ِه‬
‫ْنَتَه ْي َرُس‬ ‫َح‬
‫َأَنا ُغال يِف اْلِغْل اِن َف َّل َل َن ا‪َّ ،‬مُث َأ َذ ِب ِدي َفَأ َليِن ِبِر اَلٍة‬
‫َس‬ ‫ْر َس‬ ‫َخ َي‬ ‫َم َس َم َع ْي‬ ‫ٌم‬ ‫َو‬
‫َو َقَعَد يِف ِظ ِّل ِج َد ار‪َ -‬أْو َقاَل ِإىَل ِج َد ار ‪َ -‬ح ىَّت َرَج ْعُت ِإَلْيِه"‪.64.‬‬
‫وعن اْبن َعَّب اٍس ق ال ‪ُ :‬ك ْنُت ُغالًم ا َأْس َعى َم َع اْلِغْلَم اِن َف اْلَتَف ُّت‬
‫َف ِإَذا َأَن ا ِبَنِّيِب الَّل ه َخ ْلِف ي ُمْق ِبًال َفُقْلُت ‪َ :‬م ا َج اَء َنُّيِب الَّل ِه ِإال ِإَّيَل‪،‬‬
‫َق اَل ‪َ :‬فَس َعْيُت َح ىَّت َأْخَتِبَئ َو َر اَء َباِب َدار‪َ ،‬ق اَل ‪َ :‬فَلْم َأْش ُعْر َح ىَّت‬
‫َتَناَو َليِن َفَأَخ َذ ِبَقَف اَي َفَح َطَأيِن َح ْط َأًة ( ضربه بكّف ه ضربة مالطفة‬
‫ِت‬
‫ومداعب ة ) َفَق اَل ‪ :‬اْذَه ْب َف اْد ُع يِل ُمَعاِو َي َة‪َ .‬ق اَل ‪َ :‬و َك اَن َك ا َب ُه‬
‫َفَس َعْيُت َفَأَتْيُت ُمَعاِو َيَة َفُقْلُت ‪َ :‬أِج ْب َنَّيِب الَّل ِه َفِإَّنُه َعَلى َح اَج ٍة"‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫‪-9‬تعليمه الجرأة‪:‬‬
‫وأقص د اجلرأة يف مواض عها وي دخل يف ذل ك تدريب ه على‬
‫اخلطابة ‪.‬‬

‫رواه مسلم‬ ‫‪- 63‬‬


‫‪64‬‬
‫‪ -‬رواه أبو داود‬
‫‪65‬‬
‫‪ -‬رواه اإلمام أحمد في مسند بني هاشم ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪-10‬الحشمة ‪:‬‬
‫االهتمام باحلشمة يف مالبسه وجتنيبه امليوعة يف األزياء وقّص ات‬
‫الّش عر واحلرك ات واملش ي‪ ،‬وجتنيب ه لبس احلري ر ال ذي ه و من‬
‫طبائع النساء ‪.‬‬
‫‪ -11‬البعد عن الترف ‪:‬‬
‫إبع اده عن الرّت ف وحي اة الّد ع ة والكس ل والّر اح ة والبطال ة‪،‬وق د‬
‫قال عمر ‪( :‬اخشوشنوا فإّن الِّنَعم ال تدوم)‪.‬‬
‫‪ -12‬البعد عن مجالس اللهو‪:‬‬
‫جتنيبه جمالس اللهو والباطل والغناء واملوسيقى؛ فإهنا منافية‬
‫للّر جولة ومناقضة لصفة اِجلّد ‪.‬‬
‫ه ذه طائف ة من الوس ائل والّس بل ال يت تزي د الّر جول ة وتنميه ا يف‬
‫نفوس األطفال‪،‬ذكرها فضيلة الشيخ حممد املنجد حفظه اهلل يف‬
‫مطوية خاصة بذلك‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫المرأة الرجل‬
‫قال العلماء‪ :‬الزمن حيوي الليل والنه ار‪ ،‬وجنس اإلنسان‬
‫حيوي ال ذكر واألن ثى‪ ،‬ولك ل منهم ا مهمت ه‪ ،‬فكم ا أن اللي ل‬
‫للسكىن واهلدوء والنهار للكدح والعمل‪ ،‬فالرجل مبنزلة النهار‪،‬‬
‫واملرأة مبنزلة الليل‪.‬‬
‫ل ذا مجع بينهم ا رب الع زة س بحانه فق ال‪﴿ :‬واللي ‪++‬ل إذا يغش ‪++‬ى‬
‫والنهار إذا تجلى‪ ،‬وم ‪++ +‬ا خل ‪++ +‬ق ال ‪++ +‬ذكر واألنثى إن سعيكم‬
‫لشتى﴾‪.66‬‬
‫وال ينبغي أن يتم ىن الرج ل أن يك ون ام رأة‪ ،‬وال املرأة أن تك ون‬
‫رجال‪ ،‬وص دق اهلل العظيم‪﴿ :‬وال تتمن‪++ + +‬وا م‪++ + +‬ا فضل اهلل ب‪++ + +‬ه‬
‫بعضكم على بعض﴾‪ .67‬يقول ابن كثري‪ :‬نزلت يف نسوة قالوا‪:‬‬
‫ليتن ا كن ا رج اال فنغ زوا كم ا يغ زون وجناه د كم ا جياه دون‪،‬‬
‫[الليل ‪]4-1:‬‬‫‪- 66‬‬
‫‪67‬‬
‫‪[-‬النساء‪]32:‬‬

‫‪61‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ج اءت ام رأة إىل رس ول اهلل علي ه الص الة والس الم تق ول‪ :‬ي ا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬إن اهلل كتب اجلهاد على الرجال‪ ،‬فإن يصيبوا أجروا‬
‫وإن قتلوا فهم أحياء عند رهبم يرزقون‪ ،‬وحنن نقوم على شؤوهنم‬
‫فما لنا يف ذلك؟ فقال عليه الصالة والسالم‪(( :‬أبلغي من لقيت‬
‫من النساء أن طاع‪+‬ة ال‪+‬زوج واعتراف‪+‬ا بحق‪+‬ه يعدل ذل‪+‬ك وقلي‪+‬ل‬
‫منكن يفعله))‪.68‬‬
‫جرت العادة على وصف املرأة بالرجولة عندما حتسن التصرف‬
‫يف موق ف من املواق ف وال يت تعوده ا الن اس أن ال تص در إال من‬
‫الرجال ‪..‬‬
‫يقول ون ‪ :‬فالن ة وقفت وقف ة رج ل ‪ ..‬و أحيان ا توص ف بأهنا‬
‫مبائ ة رج ل من ف رط اإلعجاب هبا يف حني تس لب ص فة‬
‫الرجول ة من بعض الرج ال عن دما يقف ون وقف ة ال تلي ق‬
‫بالرجال ‪!!..‬‬

‫[البزار والطبراني ]‬ ‫‪- 68‬‬

‫‪62‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫عن دما ختلى بعض الرج ال و ف روا أم ام الع دو يف معرك ة‬


‫أحد وقف رسول اهلل ‪ ‬يف ثبات وحده ‪ ..‬جاءت ام رأة من‬
‫املس لمني لتأخ ذ دور الرجول ة يف موق ف جيب أن تتجلى في ه‬
‫فأخذت سيفا من يد أحد الفارين و وقفت وقفة رجل مع‬
‫رسول اهلل ‪ ‬و اجلراح تتفجر دما من جسدها و ال تبايل ملا‬
‫أصاهبا حىت أنقذت رسول اهلل ‪ ‬و هو يقول ‪:‬من يطيق ما‬
‫تطيقني يا أم عمارة ؟؟‬
‫و إذا ك ان الرس ول ‪ ‬ق د لعن املتش بهات من النس اء‬
‫بالرجال ‪،‬فإنه بارك مواقف الرجولة من بعض نساء املؤمنني‬
‫كأمثال أم عمارة و ذلك يف ميادين احلق و القتال و نص رة‬
‫ال دين ‪،‬إذًا الرجول ة ص فة حيبه ا اهلل و رس وله لك ل الن اس‬
‫رجاال كانوا أم نساء‪..‬‬

‫‪63‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫سمات الرجولة‬
‫‪ )1‬الذكر الدائم هلل عز وجل‪:‬‬
‫الرجول ة ه و أن ال تش غلك ال دنيا عن اآلخ رة‪ ،‬بنص‬
‫ق ول اهلل تع اىل‪﴿ :‬في بي‪++‬وت أذن اهلل أن ترف‪++‬ع ويذكر فيها‬
‫اسمه يسبح ل‪++ +‬ه فيها بالغ‪++ +‬دو واآلص‪++ +‬ال رج‪++ +‬ال ال تلهيهم‬
‫تجارة وال بي ‪++‬ع عن ذكر اهلل وإقام الص ‪++‬الة وإيتاء الزكاة‬
‫يخافون يوما تتقلب فيه القلوب واألبصار﴾‪.69‬‬
‫ك ان رس ول اهلل علي ه الص الة والس الم خيطب على املن رب‪،‬‬
‫فجاءت عري‪ ،‬فخرج األصحاب ومل يبق إال اثين عشر‪ ،‬فقال‬

‫‪- 69‬‬
‫[النور‪]36:‬‬

‫‪64‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫عليه الصالة والسالم‪(( :‬واهلل لو تتابعتم فلم يبق منكم أحد‪،‬‬


‫لسال بكم ال ‪++‬وادي نارا))‪ ،‬وأن زل اهلل قول ه تع اىل‪ ﴿ :‬وإذا‬
‫رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عن‪++‬د‬
‫اهلل خير من اللهو ومن التجارة واهلل خير الرازقين﴾‪.70‬‬
‫‪ )2‬أن تقدم طاعة اهلل على المال وعلى الولد‪:‬‬
‫يقول اهلل تعاىل‪﴿ :‬الم‪++‬ال والبن‪++‬ون زين‪++‬ة الحي‪++‬اة وال‪++‬دنيا‬
‫والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواب‪++‬ا وخير أمال ﴾‪.71‬‬
‫ويق ول علي ه الص الة والس الم‪(( :‬استكثروا من الباقي ‪++ +‬ات‬
‫الص‪++‬الحات))‪ ،‬ق الوا‪ :‬وم ا هن ي ا رسول اهلل؟ قال‪(( :‬التكبير‬
‫والتحمي ‪++‬د والتهلي ‪++‬ل والتسبيح وال حول وال قوة إال باهلل‬
‫‪72‬‬
‫هي الباقيات الصالحات))‪.‬‬
‫اإلم ام الالوس ي يق ول يف تفس ري ه ذه اآلي ة‪ :‬األم وال واألوالد‬
‫سريعا الزوال‪ ،‬وذكر اهلل ليس كذلك‪ ،‬واملال قد يكون وباال‬

‫[الجمعة‪]11:‬‬ ‫‪- 70‬‬


‫‪71‬‬
‫‪[ -‬الكهف‪]46:‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ -‬أخرجه ابن جرير عن أبي هريرة ‪ ،‬مختصر ابن كثير مجلد ‪2‬ص ‪.). 421‬‬

‫‪65‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫على صاحبه لكثرة أصحاب احلقوق فيه‪ ،‬والولد قد يعق وقد‬


‫‪73‬‬
‫يفسد وال تنتفع به يف الدنيا وال يف اآلخرة‪.‬‬
‫‪ )3‬القوامة على األسرة‪:‬‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬الرجال قوامون على النساء بم‪+‬ا فضل اهلل‬
‫بعضهم﴾‪ .74‬ابن كث ري يق ول‪ :‬القيم أي ال رئيس‪ ،‬ال ذي حيكم‬
‫أهله ويقوم اعوجاجهم إذا اعوجوا‪ ،‬وهو املسؤول عنهم يوم‬
‫القيام ة‪(( ،‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته‪ ،‬والرج‪++‬ل‬
‫راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته))‪.‬‬
‫وال يقدح يف رجولة الرجل أن يعني أهله‪ ،‬فعائشة رضي اهلل‬
‫عنه ا س ئلت عن فع ل رس ول اهلل علي ه الص الة والس الم يف‬
‫بيته‪ ،‬قالت‪(( :‬كان يكون في مهن‪+‬ة أهل‪+‬ه يش‪+‬يل ه‪+‬ذا ويح‪+‬ط‬
‫هذا يخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب شاته)) ‪75‬وهو رسول‬
‫اهلل ‪.‬‬

‫(روح المعاني مجلد ‪15‬ص‪.)286‬‬ ‫‪- 73‬‬


‫‪74‬‬
‫‪[-‬النساء‪]34:‬‬
‫‪75‬‬
‫‪ (-‬الطبراني ‪).‬‬

‫‪66‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫وال يق دح يف رجول ة الرج ل أن يالطفهن أو أن ميازحهن‪،‬‬


‫تقول عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬سابقين رسول اهلل عليه الصالة‬
‫والس الم فس بقته‪ ،‬فلم ا محلت اللحم أي ب دت علي الس منة‪،‬‬
‫سابقين رسول اهلل عليه الصالة والسالم فسبقين‪ ،‬فقال‪(( :‬هذه‬
‫بتلك)) أبو داود والنسائي ‪.).‬‬
‫ما يقدح رجولة الرجل في األسرة‬
‫انعدام غيرته على أهله ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬يف أم ر لباس ها فال يعني ه أن خترج وأن تكش ف عورهتا‬
‫للن اس‪ ،‬والرس ول علي ه الص الة والس الم أعلمن ا أن من أه ل‬
‫الن ار‪(( :‬نساء كاسيات عاريات م‪++‬ائالت مميالت رؤوسهن‬
‫كأسنمة البخت المائل‪++‬ة (كس نام البع ري) ال يردن الجن‪++‬ة وال‬
‫يجدن ريحها‪ ،‬وإن ريحها ليوج‪++ +‬د من مسيرة خمسمائة‬
‫عام))‪.).76‬‬

‫رواه مسلم‬ ‫‪- 76‬‬

‫‪67‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ب‪ -‬أو ال تعني ه اجللس ات املختلط ة‪ ،‬فالرس ول علي ه الص الة‬


‫والس الم يق ول‪(( :‬إياكم وال ‪++‬دخول على النساء‪ ،‬قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل أرأيت الحمو؟ قال‪ :‬الحمو الم‪++‬وت)) ‪77‬وتركهما‬
‫منفردين‪.‬‬
‫ج‪ -‬يق دح يف رجول ة الرج ل أيض اً أن يلقي للزوج ة احلب ل‬
‫على الغارب‪ ،‬خترج مىت تشاء‪ ،‬وتعود مىت تشاء‪ ،‬وال يعرف‬
‫الوجهة اليت خرجت إليها‪ ،‬أو أن تسافر بغري حمرم‪ ،‬أو عدم‬
‫وجود الصحبة الطيبة اليت حتفظ هلا دينها وعفتها يف الطريق‪.‬‬
‫هذه األمور وعدم انشغال الرجل هبا يدل على فقدان الغرية‪،‬‬
‫والرس ول علي ه الص الة والس الم يق ول‪(( :‬ال يدخل الجن‪++ +‬ة‬
‫ديوث))‪ 78‬والديوث هو الذي ال غرية له على عرضه‪.‬‬
‫د‪ -‬أيض اً ال ذي يق دح يف رجول ة الرج ل ه و أن يس لم قي ادة‬
‫أم ره إىل أهل ه‪ ،‬والرس ول علي ه الص الة والس الم يق ول‪(( :‬إذا‬
‫كان أم‪++‬راؤكم فساقكم وأغني‪+‬اؤكم شراركم‪ ،‬وأم‪++‬وركم إلى‬
‫(متفق عليه ‪).‬‬ ‫‪- 77‬‬
‫‪78‬‬
‫‪ -‬رواه أحمد والنسائي ‪.).‬‬

‫‪68‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫نسائكم‪ ،‬فبطن األرض خير من ظهره ‪++ +‬ا))‪ ، 79‬ويف األث ر‪:‬‬
‫(تعس عبد الزوجة)‪.‬‬
‫ه‪ -‬ال ذي يق دح يف رجول ة الرج ل أن يق دم حمب ة أهل ه على‬
‫حمبة اهلل ورسوله‪ ،‬عبد اهلل بن أيب بكر تزوج امرأة يقال هلا‬
‫عاتك ة‪ ،‬وك انت ذات حس ب ونس ب ومجال وأدب‪ ،‬خ رج‬
‫أبو بكر يوما إىل صالة اجلمعة فسمع عبد اهلل يناغي زوجته‬
‫وتناغي ه مبا يك ون بني الرج ل وأهل ه‪ ،‬فلم ا ع اد من ص الة‬
‫اجلمعة ورآمها على احلال الذي تركهما عليه قال‪ :‬يا عبد اهلل‬
‫أمل تص ّل معن ا؟ ق ال‪ :‬أأمجعتم؟ ق ال أب و بك ر‪ :‬لق د ش غلتك‬
‫عاتك ة عن رب ك طلقه ا‪ .‬فطلقه ا‪ ،‬ومض ت س تة أش هر علم‬
‫بع دها أب و بك ر ن دم عب د اهلل ون دم عاتك ة أهنم ا انش غال مبا‬
‫يك ون بني الرج ل وأهل ه عن طاعتهم ا هلل ع ز وج ل‪ ،‬مث ق ال‬
‫له‪ :‬أرجعها‪ .‬فأرجعها‪.‬‬

‫‪- 79‬‬
‫( رواه الترمذي ‪).‬‬

‫‪69‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫من مواقف الرجال‬


‫‪ -1‬مؤمن آل فرعون‪:‬‬
‫مؤمن آل فرعون كان وحي دًا لكن ه كان رجًال‪﴿ :‬وَق اَل‬
‫َرُج ٌل ُّم ْؤ ِم ٌن ِّمْن آِل ِفْر َع ْو َن َيْك ُتُم إيَم اَن ُه َأَتْق ُتُل وَن َرُج ًال َأن‬
‫َيُقوَل َر ِّبَي الَّلُه وَقْد َج اَءُك م ِباْلَبِّيَناِت ِم ن َّر ِّبُك ْم وإن َيُك َك اِذ ب‪ً+‬ا‬

‫‪70‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫َفَعَلْي ِه َك ِذ ُب ُه وإن َي ُك َص اِد قًا ُيِص ْبُك م َبْعُض اَل ِذ ي َيِع ُد ُك ْم إَّن‬
‫الَّلَه ال َيْه ِد ي َمْن ُه َو ُمْس ِر ٌف َك َّذ اٌب ﴾‪.80‬‬
‫انظر إىل هذا الرجل الذي وقف كاجلبل وأظهر إميانه يف وقت‬
‫كان البد وأن يظهر ويقف أمام طاغية وم ّد ٍع للربوبية وتسانده‬
‫حاشية سوء‪ ،‬مث يقوم الرجل بتذكري قومه وخيوفهم من بأس اهلل‬
‫وي دعوهم إىل اهلل وإىل اإلميان ب ه ‪-‬س بحانه وتع اىل‪ -‬ولكنهم‬
‫يدعون ه إىل الكف ر واإلش راك باهلل وي دعوهم إىل اجلن ة واملغف رة‬
‫ويدعون ه إىل الن ار وبئس املص ري‪ ،‬ويتك رر ه ذا املوق ف يف ك ل‬
‫عص ر وأم ام ك ل طاغي ة‪ .‬إهنا الرجول ة احلق ة بك ل معانيه ا‪.‬‬
‫انظر إىل هذا الرجل ‪ ..‬الذي وقف كاجلبل وأظهر إميانه يف وقت‬
‫كان البد وأن يظهر ويقف أمام طاغية وم ّد ٍع للربوبية وتسانده‬
‫حاشية سوء ‪ ،‬مث يقوم الرجل بتذكري قومه وخيوفهم من بأس اهلل‬
‫وي دعوهم إىل اهلل وإىل اإلميان ب ه – س بحانه وتع اىل ‪ -‬ولكنهم‬
‫يدعونه إىل الكفر واإلشراك باهلل ‪ ..‬ويدعوهم إىل اجلنة واملغفرة‬

‫‪- 80‬‬
‫[(‪ )28‬سورة غافر]‬

‫‪71‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ويدعون ه إىل الن ار وبئس املص ري ‪ ..‬ويتك رر ه ذا املوق ف يف ك ل‬


‫عصر وأمام كل طاغية ‪.‬‬

‫‪ -2‬محمد الفاتح‪:‬‬
‫ومن الرجال قول النيب ‪ - -‬فيما رواه اإلمام أمحد يف‬
‫ِب ِه ِمَس‬ ‫ِم‬ ‫ِه ِب‬
‫مسنده من حديث َعْبُد الَّل ْبُن ْش ٍر اَخْلْثَع ُّي َعْن َأ ي َأَّنُه َع‬
‫الَّنَّيِب ‪َ - -‬يُقوُل ‪َ(( :‬لُتْف َتَح َّن اْلُقْس َطْنِط يِنَّيُة َفَلِنْع َم اَأْلِم يُر َأِم يُر َه ا‬
‫َو َلِنْع َم اْلَجْيُش َذِلَك اْلَجْيُش )) مسع الطفل حممد الفاتح هذا‬
‫احلديث وكرب يف ذهنه حىت إذا بلغ السبعة عشر ربيعًا حان‬
‫الوقت الذي حيقق فيه حلم املسلمني‪ ،‬وحتقيق حديث رسول اهلل‬
‫‪ - -‬وكان‪.‬‬
‫لقد حاول املسلمون منذ القرن األول فتح القسطنطينية‬
‫م رات عدي دة‪ ،‬وق د قت ل الص حايب أب و أي وب األنص اري حتت‬
‫أس وارها‪ ،‬واُّدِخ ر فتحه ا هلذا الس لطان العثم اين ال ذي ك ان نعم‬
‫األمري وجيشه نعم اجليش‪ .‬إهنا الرجولة احلقة بكل معانيها‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪ -3‬سيد قطب (صاحب الظالل )‪:‬‬


‫ومن مواقف الرجال‪ :‬موقف صاحب الظالل ‪-‬رمحه‬
‫اهلل‪ ،-‬عن دما ُطلب من ه أن يؤي د العب د اخلاس ر بكلم ات يكتبه ا‬
‫فقال ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬إن السبابة اليت أشهد هبا يف كل صالة أن ال‬
‫إله إال اهلل وأن حممدًا رسول اهلل ال ميكن أن تكتب سطرًا فيه ذل‬
‫أو عب ارة فيه ا اس تجداء"‪ .‬وعن دما ِس يق ‪-‬رمحه اهلل‪ -‬إىل حب ل‬
‫املش نقة ي وم ‪ 29‬من أغس طس ع ام ‪1966‬م ك ان من املعت اد أن‬
‫حيضر شيخ ليلّق ن الذي ينَّف ذ فيه حكم اإلعدام الشهادتني‪ ،‬فقال‬
‫له ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬إنين مل أقف هذا املوقف إال من أجل ال إله إال‬
‫اهلل حمم د رس ول اهلل"! فهن اك أن اس ي أكلون اخلبز بال إل ه إال اهلل‬
‫وآخرون يقدمون رؤوسهم إىل املشانق من أجل ال إله إال اهلل!‪.‬‬
‫إهنا الرجولة احلقة بكل معانيها ﴿ِم َن الُم ْؤ ِم ِنيَن ِر َج اٌل َص َد ُقوا َم ا‬
‫َعاَه ُد وا الَّلَه َعَلْيِه َفِم ْنُه م َّمن َقَض ى َنْح َب ُه وِم ْنُه م َّمن َينَتِظ ُر وَم ا‬
‫َبَّد ُلوا َتْبِد يًال﴾‪ .81‬إهنا الرجولة احلقة بكل معانيها‪.‬‬

‫‪- 81‬‬
‫[(‪ )23‬سورة األحزاب]‬

‫‪73‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪ -4‬الشعب األفغاني‪:‬‬
‫وق د تتمث ل الرجول ة يف ش عب من الش عوب كالش عب‬
‫األفغ اين مثًال‪ :‬ه ذا الش عب البط ل ال ذي مل ي رَض ب االحتالل‬
‫الروس ي ألرض ه كم ا مل ي رض من قب ل ب االحتالل االجنل يزي‪،‬‬
‫ووق ف وحي دًا يف حلب ة الص راع م ع أول أو ث اين دول ة على‬
‫مستوى العامل يف وقته! فقدم من التضحيات والبذل والشجاعة‬
‫والرجول ة م ا حرّي الع امل‪ ،‬وض حى مبئ ات اآلالف من الرج ال‬
‫حنسبهم شهداء عند اهلل تعاىل‪ .‬وما يزال هذا الشعب البطل يقف‬
‫اليوم كاجلبل أمام حتديات ضخمة ومؤامرات ماكرة تكاد له يف‬
‫وض ح النه ار‪ ،‬وق د أعلنوه ا ص رحية بأهنا ح رب ص ليبية ه دفها‬
‫ض رب اإلس الم يف ك ل مك ان‪ ،‬وإن زخ رفت ب دعاوى أخ رى‬
‫يع رف ك ذهبا قائلوه ا قبل س امعوها‪ .‬وإن األمة اليوم متفائلة مبا‬
‫حتمله األي ام القادم ة وذل ك ب أن يكس ر قوى الش ر وأن ميزق اهلل‬

‫‪74‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫الرأمسالية كم ا م زق الش يوعية احلم راء قبله ا وم ا ذل ك على اهلل‬


‫بعزيز‪ .‬وقد يسأل سائل فيقول‪:‬‬
‫ه ل بع د ه ذا اللي ل من إس فاِر *** أم ي ا ت رى س يظل يف اس تمراِر‬
‫ه ل بع ده ن ور سيس طع يف ال دنا *** وم ىت فق د تقن ا إىل األن وار‬
‫ولق د مللن ا العيش حتت ظالم ه *** ولق د س ئمنا ك ثرة األك دار‬
‫يف ك ل ي وم نكت وي بالن ار‬ ‫يف ك ل ي وم دمعن ا متص بب ***‬
‫فم ىت الظالم س ينمحي من أرض نا *** فنعيش يف ف رح ويف استبش ار‬
‫يف عزٍة ومهابٍة ووقار؟‬ ‫بل ما هو احلل الذي حنيا به ***‬
‫فيجيب هذا الشعب فيقول‪:‬‬
‫ي أيت اجلواب وال ج واب مكان ه *** ال ح ل غ ري الص ارم البت ار‬
‫فب ه نعيش م دى الزم ان أع زة *** وب ه سنكس ر ش وكة الكف ار‬
‫ه ذا ه و احلل الوحي د ودون ه *** ذٌّل وعيش مهان ٍة وص غار‬
‫وبه سنغدوا سادة األمصار‬ ‫وبه سنسحق كل نذٍل كافٍر ***‬
‫إهنا الرجولة احلقة بكل معانيها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪ -5‬أطفال الحجارة‪:‬‬
‫احلديث عن الرجول ة يف العص ر احلاض ر ي ذكرك أطف ال‬
‫احلجارة‪ ،‬هم أطف ال يف أجس امهم‪ ،‬أبط اٌل يف أفع اهلم‪ ،‬رجال يف‬
‫مواقفهم‪ ،‬هم حبٍق يصدق فيهم وصف الرجولة‪ ،‬فقد تربوا على‬
‫مائ دة الق رآن‪ ،‬جياه دون يف س بيل اهلل‪ ،‬وغ ريهم جياه د ب اخلطب‬
‫الرنان ة‪ ،‬والعب ارات املخ درة‪ ،‬إن كث ريًا من ه ؤالء مل يص لوا إىل‬
‫مستوى الرجل الطفل‪ ،‬طفل احلجارة‪.‬‬
‫رجولة تأىب الطغيان واالستسالم للمعتدين‪ ،‬ال يهابون طلقات‬
‫القذائف‪ ،‬بل يتصدون هلا بصدورهم وقلوهبم حىت حُي رر القدس‬
‫الش ريف‪ ،‬إهنا َمِهُم رج ال ت رفض املهان ة وال ذل‪ .‬ه ؤالء األطف ال‬
‫ُأعتق ل آب اؤهم‪ ،‬وُه ّد مت بي وهتم‪ ،‬وهم يش هدون ذل ك بن اظريهم‬
‫إن ه ذا الطف ل ال ميل ك س وى حجر‪ ،‬لكن ه ي رى نفس ه ش اخمًا‬
‫يتحدى دبابة االحتالل دون خوٍف أو وجل‪ .‬واألمهات يباركن‬
‫خطوات فلذات أكبادهن حنو املوت والشهادة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫َص رب هذا الشعب طويًال وقّد م تضحياٍت جسيمة‪ ،‬ودماؤه ُتراق‬


‫على أرض فلسطني‪ ،‬وهم بأحجارهم وعصيهم وقفوا ضد‬
‫اعتداء الغاصبني الذين هنبوا األموال وقّتلوا األبرياء ونقضوا‬
‫العهود واملواثيق‪.‬‬
‫ذلك العمالق هو رجل حبق؛ ألنه الوحيد الذي عرف‬
‫الطريق لتحرير املسرى واألرض من النهر إىل البحر‪ ،‬ذلك الطفل‬
‫الذي ترىب على مائدة القرآن الكرمي داخل املساجد الذي يريد‬
‫أن حيقق ما جاء يف سورة اإلسراء من وعد بالنصر حىت يقول‬
‫احلجر والشجر‪ :‬يا مسلم يا عبد اهلل هذا يهودي خلفي فتعال‬
‫فاقتله‪ ،‬ذلكم الطفل هو أفضل من الذين جياهدون باخلطب يف‬
‫هيئة األمم واحملافل اليت تّد عي أهنا سوف تقاتل إسرائيل بالسالم!‬
‫إن مجيع املنظمات مل تصل إىل مرتبة ذلكم العمالق الرجل‬
‫الطفل‪ ،‬طفل احلجارة‪.‬‬
‫لقد سجل أبناء تلك األرض بطوالت وتضحيات ال تتوقف‬
‫أمام ذلك الصلف اليهودي الذي أقدم وما يزال على أبشع ما‬

‫‪77‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫عرفت البشرية من وحشية‪ .‬ملاذا حُي جم العامل الذي يزعم أنه‬


‫متحضر عن ردع املعتدي‪ ،‬واألخِذ على يديه‪ ،‬أين املعاهدات؟‬
‫أين املواثيق اليت تنص على ضمان السالم والتقليل من اجلرائم؟‬
‫أين األخذ على يد املعتدي ونصرة املظلوم؟ أين دعاة السالم‬
‫والداعون له؟ أين املنّظرون لثقافته؟ أين حماربة اإلرهاب يف‬
‫العامل؟ وهذه املذابح والبنادق والصواريخ خُت رب الديار وحترق‬
‫القلوب واألجساد‪ ،‬أجساد الشيوخ الركع واألطفال الرضع‪.‬‬
‫إن هذه الدماء لن تثمر بإذن اهلل إال نفوسًا أبّية لن ترضى‬
‫الدنّية يف دينها‪ .‬ولتسقط تلك الدعاوى الساقطة‪ ،‬ولتنكسر تلك‬
‫األقالم اهلزيلة اليت مازالت ُتزّين السالم غري العادل بزينة كاحلة‪،‬‬
‫لقد عاهدت األمة اإلسالمية رهبا أن تظل القدس جوهر‬
‫عقيدهتا‪ ،‬يف قلوبنا وعقولنا ومشاعرنا‪ ،‬بل هي فوق كل‬
‫االعتبارات اآلنية واملصاحل الدنيوية‪ ،‬لن نفرط يف ذرة من تراهبا‪،‬‬
‫وال سالم وال استقرار بدوهنا‪ ،‬وكل املمارسات اليت ميارسها‬

‫‪78‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫العدو من استيطان وهتويد هي أمور غري شرعية‪ ،‬نرفضها‬


‫وترفضها األمة كما ترفض االحتالل ذاته‪.‬‬
‫إن أرض فلسطني إسالمية وستبقى كذلك مهما تكالبت عليها‬
‫‪82‬‬
‫اخلطوب ﴿ِإَّنُه َال َيْيَأُس ِم ن َّر ْو ِح الّلِه ِإَّال اْلَق ْو ُم اْلَك اِفُر وَن ﴾‬
‫وسيبقى الكفاح وتدوم التضحية حىت تعود األرض إىل أصحاهبا‬
‫الشرعيني‪.‬‬
‫إن واجب املسلمني حنو القدس استند إىل القرآن والسنة النبوية‪،‬‬
‫وربطت رحلة اإلسراء واملعراج مشاعر املسلمني هبذه األرض‪،‬‬
‫فقضية القدس ليست قضية تتعلق باألرض‪ ،‬بل جيب أن تبقى‬
‫قضية إسالمية تعين األمة‪ ،‬كل األمة‪ ،‬وذّم ة املسلمني لن تربأ إال‬
‫إذا عملت على تطهري املدينة اليت تشرفت برحلة اإلسراء‬
‫ِه‬ ‫ِت‬
‫واملعراج‪ ،‬وإعادهتا إىل قيادة املسلمني ﴿َو الَّلُه ُم ُّم ُنوِر َو َلْو‬
‫‪83‬‬
‫َك ِر َه اْلَك اِفُر وَن ﴾‬

‫[(‪ )87‬سورة يوسف]‬‫‪- 82‬‬


‫‪83‬‬
‫‪ )8([-‬سورة الصف]‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫‪ -6‬عمر بن الخطاب‪:‬‬
‫كان إسالم عمر حدًثا كب ًريا‪ُ ،‬و جدت رجولته يف اللحظة‬
‫األوىل من إس المه‪ ،‬فبع د أن ك ان املس لمون ال جيرؤون على‬
‫اجله ر ب دينهم جه روا ب ه‪ ،‬ق ال ابن مس عود ‪( :‬م ا زلن ا أع زة من ذ‬
‫أسلم عمر)‪.84‬‬
‫مل تكن رجول ة عم ر يف ق وة بدن ه‪ ،‬وال يف فروس يته‪ ،‬ففي ق ريش‬
‫من هو أقوى منه‪ ،‬ولكن رجولته كانت يف إميانه القوي‪ ،‬ونفسه‬
‫الكبرية اليت تبعث على التقدير واإلكبار‪ .‬هاجر الصحابة خفية‪،‬‬
‫أم ا عم ر فق د تقل د س يفه ومض ى إىل الكعب ة فط اف وص لى يف‬
‫املقام‪ ،‬وأعلن هجرته على املأل وقال هلم‪( :‬من أراد أن تثكله أمه‬
‫وُييِّتم ول َد ه وُيرمل زوجته فليتبعين وراء هذا الوادي) ‪ ،‬فما تبعه‬
‫منهم أح د‪ .‬يض ع عم ر ال ربامج لتعليم الرجول ة فيق ول‪( :‬علم وا‬

‫أخرجه البخاري‬ ‫‪- 84‬‬

‫‪80‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫أوالدكم الرماية والسباحة وركوب اخليل‪ ،‬ورُّو وهم ما َجُيِّم ل من‬


‫الِّشعر)‪.‬‬

‫‪ )5‬التواضع ال التكبر‪:‬‬
‫جاء ضيف إىل عمر بن عبد العزيز ‪ ،‬فكاد السراج‬
‫أن ينطفأ‪ ،‬فقال الضيف‪ :‬يا أمري املؤمنني أقوم فأصلحه؟ فقال‬
‫عمر بن عبد العزيز‪ :‬ليس من كرم الرجل أن يستخدم ضيفه‪،‬‬
‫قال‪ :‬أوقظ الغالم؟ قال‪ :‬إهنا أول نومته‪ ،‬مث قام عمر بن عبد‬
‫العزي ز وأص لح الس راج مث ع اد‪ ،‬فق ال الض يف‪ :‬أم ري املؤم نني‬
‫عمر بن عبد العزيز يصلح سراجه!! قال‪ :‬قمت وأنا عمر بن‬
‫عب د العزي ز وع دت وأن ا عم ر بن عب د العزي ز‪ .‬أي مل ينقص‬
‫هذا األمر من قدري‪ ،‬بل ازداد قدرا عند اهلل عز وجل ومن‬
‫تواضع هلل رفعه‪.‬‬
‫‪ )6‬الرجولة في العفو ال في االنتقام‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫مس طح بن أثاث ة ك ان ممن تكلم يف أم ر عائش ة يف‬


‫حادث ة اإلف ك‪ ،‬وحادث ة اإلف ك ملخص ها‪ :‬أن رس ول اهلل ك ان‬
‫إذا خرج يف غزوة أقرع بني نسائه‪ ،‬فإذا خرجت القرعة على‬
‫إحداهن يأخذها معه يف سفره ختدمه‪ ،‬وخرجت القرعة على‬
‫عائشة‪.‬‬
‫ملا قفل اجليش وعاد‪ ،‬خرجت عائشة بعد أن نزل اجليش يف‬
‫مك ان لبعض ش أهنا‪ ،‬فلم ا ع ادت إذا ب اجليش ق د ارحتل‪،‬‬
‫فجلس ت يف مكاهنا تنتظ ر‪ ،‬وك ان هن اك ص حايب يق ال ل ه‬
‫صفوان بن املعطل كان ينتظر آخر اجليش‪ ،‬فإذا كان اجليش‬
‫ق د نس ي متاع ا مثال يأخ ذه مع ه‪ ،‬ملا رأى عائش ة رض ي اهلل‬
‫عنه ا ‪ -‬وك ان ق د رآه ا قب ل ف رض احلجاب ‪ -‬ق ال‪ :‬أم‬
‫املؤمنني‪ .‬هنا فأناخ جبمله فركبت وحلق باجليش‪ ،‬فلما وصل‬
‫اجليش تفقدوا اهلودج الذي فيه عائش ة فلم جيدوها‪ ،‬فلم ميض‬
‫وقت قلي ل إال وص فوان بن املعط ل ج اء وه و يس وق اجلم ل‬
‫وعليه عائشة‪ ،‬فتكلم رأس املنافقني عبد اهلل بن أيب بن سلول‬

‫‪82‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫وطعن يف ع رض رس ول اهلل علي ه الص الة والس الم أن هن اك‬


‫صلة ما بني عائشة وصفوان‪.‬‬
‫وممن وقع يف هذا األمر مسطح‪ ،‬وكان فقريا وكان أبو بكر‬
‫ينف ق علي ه وه و يطعن يف بنت أيب بك ر ‪ ،‬وبع د أن ن زلت‬
‫آي ات ال رباءة يف س ورة الن ور‪ ،‬أقس م أب و بك ر أال ينف ق على‬
‫مسطح بعد ذلك أبدا‪ .‬فأنزل اهلل تعاىل قوله‪ ﴿:‬وال يأتل أولو‬
‫الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي الق‪++ +‬ربى والمساكين‬
‫والمهاجرين في سبيل اهلل وليعفوا وليص ‪++‬فحوا أال تحبون‬
‫أن يغفر اهلل لكم واهلل غفور رحيم ﴾‪ )85‬فق ال أب و بك ر ‪:‬‬
‫بلى يا رب حنب‪ ،‬أن تغفر لنا‪ .‬فأعاد نفقته على مسطح‪.‬‬
‫‪ -7‬ال تلهيهم تجارة‪:‬‬
‫مر عمرو بن دينار رمحه اهلل ومعه سامل بن عبد اهلل‬
‫‪ ،‬ق ال‪ [ :‬كنت م ع س امل بن عب د اهلل وحنن نري د املس جد‪،‬‬
‫فمررن ا بس وق املدين ة ‪ ،‬وق د ق اموا إىل الص الة‪ ،‬وَّمَخروا‬

‫‪- 85‬‬
‫(مختصر ابن كثير مجلد ‪ 2‬ص ‪593‬آية ‪22‬من سورة النور‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫متاعهم‪ ،‬فنظر سامل إىل أمتعتهم ليس معها أحد ] مل جيلسوا‬


‫أمامه ا ليحرس وها‪ ،‬أو لينظ روا فيه ا‪ ،‬أو أغلق وا ال دكاكني‬
‫وقعدوا على الرصيف يف الطريق ينتظرون مىت تنتهي الصالة‬
‫ح ىت يك ون ك ل واح د منهم أول من يفتح ال دكان‪ ،‬ترك وا‬
‫أمتعتهم يف الشارع‪ ،‬وغطوها يف السوق‪ ،‬وذهبوا إىل املسجد‬
‫[ فنظر سامل إىل أمتعتهم ليس معها أحد‪ ،‬فتال هذا اآلية‪﴿ :‬‬
‫ِر َج اٌل ال ُتْلِه يِه ْم ِتَج اَر ٌة َو ال َبْي ٌع َعْن ِذْك ِر الَّل ِه ﴾ ‪ ،86‬مث‬
‫قال‪ :‬هم هؤالء ] هؤالء الذين عىن اهلل بقوله يف هذه اآلية‪،‬‬
‫هؤالء الذين قدموا مراد اهلل على مراد أنفسهم‪ ،‬وآثروا طاعة‬
‫اهلل على املت اع ال دنيوي الزائ ل‪ ،‬آث روا االس تجابة هلذا الن داء‬
‫العل وي الرب اين‪ :‬حي على الص الة‪ ،‬حي على الفالح‪ ،‬على‬
‫ن داء اجلش ع والطم ع ال ذي يث ريه الش يطان‪ ،‬والنفس األم ارة‬
‫بالسوء‪.‬‬

‫‪- 86‬‬
‫[النور‪]37:‬‬

‫‪84‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫س بحان اهلل كم من الرج ال الي وم يقع دون يف حمالهتم‬


‫ودك اكينهم‪ ،‬أو ي دُخ لون داخله ا يف حجر خمفي ة‪ ،‬فيقع د‬
‫أح دهم يف مكتب ه وراء الطاول ة جييب على ه ذا اهلاتف وه ذا‬
‫الرج ل‪ ،‬ويكِّلم ويف اوض وخيفض ويرف ع‪ ،‬وي رتك ن داء اهلل‪،‬‬
‫يرتك املسجد‪ ،‬ال جييب داعي اهلل إليه‪ ،‬ملاذا أيها اإلخوة؟! هل‬
‫ُيَس َّم ى هؤالء رجاًال؟! كال‪.‬‬
‫إهنم أشباه الرجال وال رجال‪.‬‬

‫‪ -8‬الدفاع عن أولياء اهلل ‪:‬‬


‫هذه الرجولة اليت يصفها اهلل تعاىل يف القرآن‪ ،‬أن ِم ن‬
‫أهلها َم ن يؤيد الرسل يف دعوهتم ويناصرهم‪ ،‬ويبني للناس أن‬
‫ما جاءت به الرسل هو احلق‪ ،‬ويعني الرسل ويساعدهم‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫﴾ ‪َ87‬م ن ال ذي ج اء؟‬ ‫قال تعاىل‪ ﴿ :‬ا ِم َأْق ى اْل ِد يَنِة‬


‫َو َج َء ْن َص َم‬
‫من الن اس؟ ﴿ َو َج اَء‬ ‫ه ل ج اء جيش ج رار‪ ،‬أو فئ اٌم كث رية‬
‫ٌل‬ ‫َرُج‬ ‫﴿‬ ‫املدينة‬ ‫آخر‬ ‫من‬ ‫جاء‬ ‫‪88‬‬
‫ِم ْن َأْقَص ى اْلَم ِد يَنِة َرُج ٌل ﴾‬
‫َيْس َعى ﴾ يشتد‪ ،‬وملاذا جاء؟! أألن هناك سوقًا أو حراج ًا‬
‫‪89‬‬

‫ال يريد أن يفوته منه شيء؟! أآلن هناك أسهمًا تباع ال يريد‬
‫أن يف وت منه ا ش يء؟! كال ‪-‬أيه ا اإلخ وة‪َ ﴿ -‬ق اَل ا ِم‬
‫َي َقْو‬
‫اَّتِبُعوا اْلُمْر َس ِليَن * اَّتِبُعوا َمْن ال َيْس َأُلُك ْم َأْج رًا َو ُه ْم ُمْهَت ُد وَن‬
‫﴾ اتبع وهم‪ ،‬اتبع وهم ه ؤالء الرس ل ﴿ َو َم ا ِلَي ال َأْع ُب ُد‬
‫‪90‬‬

‫اَّلِذ ي َفَطَر ِني َو ِإَلْيِه ُتْر َجُعوَن ﴾ ‪. 91‬‬


‫مث ي بني ع رض حق ائق العقي دة‪ ،‬التص ورات النقي ة الص افية‬
‫اخلالية من شوائب الشرك‪ ،‬حىت توفاه اهلل عز وجل فقال‪﴿ :‬‬

‫[يس‪]20:‬‬‫‪- 87‬‬
‫‪88‬‬
‫‪[-‬يس‪]20:‬‬
‫‪89‬‬
‫‪[-‬يس‪]20:‬‬
‫‪90‬‬
‫‪[-‬يس‪]21-20:‬‬
‫‪91‬‬
‫‪[-‬يس‪]22:‬‬

‫‪86‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ِن ِم‬ ‫ِل‬ ‫ِب‬ ‫ِم‬


‫َي ا َلْيَت َقْو ي َيْع َلُم وَن * َم ا َغَف َر ي َر ِّبي َو َجَعَل ي َن‬
‫‪92‬‬
‫اْلُم ْك َر ِم يَن ﴾ ‪.‬‬
‫فمن ص فات الرجول ة أن نك ون حنن ال ذين نس مي أنفس نا‬
‫رج اًال‪ ،‬أن نك ون أعوان ًا للرس ل‪ ،‬حرب ًا على أع داء الرس ل‪،‬‬
‫وليس حربًا على الرسل‪ ،‬أن نكون مؤيدين لدعوة الرسل‪ ،‬ال‬
‫مثبطني عن دعوة الرسل‪ ،‬أن نكون مستجيبني لدعوة الرسل‪،‬‬
‫متبعني ال عاصني وال مبتدعني وال معاندين‪.‬‬
‫ه ذه الص فة كم من الرج ال من ميتلكه ا الي وم؟! كم من‬
‫الرجال من يؤيد دعوة الرسول ‪‬؟! إهنم قليل‪.‬‬
‫ويف ح ال اخلوف يتق دم الرج ال بالنص ح هلل ع ز وج ل‪ ،‬رغم‬
‫اخلوف ال ذي يكتنفهم‪ ،‬وأج واء اإلره اب ال يت حتي ط هبم‪،‬‬
‫فيقومون بواجب النصيحة رجل واحد يفعل أفعاًال ال تفعلها‬
‫أمة بأسرها‪ ،‬رجل واحد يعدل غثاًء‪ ،‬بل إنه يرجح على هذا‬
‫الغث اء املرتامي األط راف‪ ،‬ال ذي ال جيمع ه تص ور واح د‪ ،‬وال‬

‫‪- 92‬‬
‫[يس‪]27-26:‬‬

‫‪87‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫منهج واحد‪ ،‬وال عقيدة واحدة‪ ،‬يقوم هؤالء الرجال بواجب‬


‫النص ح هلل ع ز وج ل‪ ،‬وحيذرون أولي اء اهلل من املخ اطر ال يت‬
‫حتدق هبم‪.‬‬
‫‪ -9‬تقديم النصيحة في حال الخوف‪:‬‬
‫ِم َأْق ى اْل ِد يَن ِة‬
‫ق ال اهلل تع اىل‪َ ﴿ :‬و َج اَء َرُج ٌل ْن َص َم‬
‫َيْس َعى ﴾ ‪ 93‬يش تد من أقص ى املدين ة‪ ،‬مل يقع د ب ه ط ول‬
‫املسافة‪ ،‬وال ُبعد الطريق‪ ،‬جاء يسعى ويشتد‪ ،‬لقد كان هذا‬
‫الرجل مؤمنًا‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫﴿ َقاَل َيا ُموَس ى ِإَّن اْلَم َأَل َيْأَتِم ُر وَن ِبَك ﴾‬
‫ِم‬ ‫ِل‬
‫يتش اورون يف أم رك‪َ ﴿ ،‬يْق ُتُل وَك َف اْخ ُر ْج ِإِّني َل َك َن‬
‫الَّناِص ِح يَن ﴾ ‪ 95‬إين أكش ف ل ك خمطط اهتم‪ ،‬وأع ِّر ي ل ك‬
‫دسائسهم ونياهتم اخلبيثة‪ ،‬فاخرج من هذه املدينة‪َ ﴿ ،‬ف اْخ ُر ْج‬
‫ِإِّني َِلَك ِم َن الِّناِصِح يَن ﴾‪.96‬‬
‫[القصص‪]20:‬‬‫‪- 93‬‬
‫‪94‬‬
‫‪[-‬القصص‪]20:‬‬
‫‪95‬‬
‫‪[-‬القصص‪]20:‬‬
‫‪96‬‬
‫‪[-‬القصص‪]20:‬‬

‫‪88‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫ق ال ابن كث ري رمحه اهلل‪ُ :‬و ِص ف بالرجول ة؛ ألن ه خ الف‬


‫الطري ق‪ ،‬يع ين ب الطرق اجلادة ال يت ُتس لك يف الش ارع‪ ،‬فس لك‬
‫طريق ًا أقرب من طريق الذين ُبعثوا وراءه‪ ،‬فسبق إىل موسى‬
‫وحذره‪ ،‬قال‪ :‬إن الناس آتون ورائي ليقبضوا عليك ويقتلوك‪،‬‬
‫ِص ِح‬ ‫َِل ِم‬
‫أع وان فرع ون الطاغي ة‪َ ﴿ :‬ف اْخ ُر ْج ِإِّني َك َن الِّنا يَن‬
‫﴾‪.97‬‬
‫يأيت هذا الرجل يسعى‪ ،‬خيتصر الطريق ليحذر ويل اهلل ونبيه‬
‫موسى عليه السالم إن تقدمي النصيحة حىت يف حالة اخلوف‬
‫من صفات الرجولة‪.‬‬
‫‪ -10‬الثبات والدعوة‪:‬‬
‫يق ول اهلل تع اىل‪َ ﴿ :‬ق اَل َرُج الِن ِم َن اَّل ِذ يَن َيَخ اُفوَن‬
‫َأْنَعَم الَّلُه َعَليِه َم ا اْدُخ ُلوا َعَلْيِه ُم اْلَباَب َفِإ َذا َدَخ ْلُتُم وُه َف ِإ َّنُك ْم‬
‫َغاِلُبوَن َو َعَلى الَّلِه َفَتَو َّك ُلوا ِإْن ُك ْنُتْم ُمْؤ ِم ِنيَن ﴾‪.98‬‬

‫[القصص‪]20:‬‬ ‫‪- 97‬‬


‫‪98‬‬
‫‪[-‬المائدة‪]313:‬‬

‫‪89‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫موس ى علي ه الس الم ي أيت بب ين إس رائيل ل دخول األرض‬


‫املقدس ة‪ ،‬ويع دهم بنص ر اهلل تع اىل‪ ،‬ويبش رهم ويق ول‪ :‬إن اهلل‬
‫معكم‪ ،‬فق اتلوا ه ؤالء الكف رة ال ذين احتل وا تل ك األرض‬
‫املقدس ة بن و إس رائيل ال ذين م ا ُع ِر ف عن طبعهم إال الغ در‬
‫واخليان ة‪ ،‬وإال النك وص عن ش رع اهلل وطريق ه‪ ،‬م اذا ق الوا؟‬
‫قالوا كلمة قبيحة ج دًا‪ ،‬قالوا‪َ﴿ :‬ف اْذَه ْب َأْنَت َو َر ُّبَك َفَق اِتال‬
‫ِإَّن ا َه اُهَن ا َقاِع ُد وَن ﴾ ‪99‬أنت ورب ك ي ا موس ى ق اتال‪ ،‬حنن‬
‫ننتظر النتيجة‪ ،‬فإن انتصرمت جئنا ودخلنا املدينة ﴿ ِإَّنا َه اُهَن ا‬
‫َقاِع ُد وَن ﴾ ‪ 100‬بكل وقاحة‪ ،‬موسى نيب اهلل ليس معه أحد‪،‬‬
‫كل القوم نكصوا‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫﴿ َقاَل َر ِّب ِإِّني ال َأْم ِلُك ِإاَّل َنْف ِس ي َو َأِخ ي ﴾‬
‫موقف صعب‪ ،‬موقف شديد‪ ،‬ختَّلى القوم عن نبيهم‪ ،‬تركوه‬
‫وحيدًا أمام األعداء‪ ،‬إن هذه أزمة! أليس كذلك؟ فمن الذي‬

‫[المائدة‪]24:‬‬‫‪- 99‬‬
‫‪100‬‬
‫‪[-‬المائدة‪]24:‬‬
‫‪101‬‬
‫‪[-‬المائدة‪]25:‬‬

‫‪90‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫يق وم اآلن يف ه ذا األزم ة‪ ،‬ويثبت الن اس ويق ول هلم‪ :‬ي ا أيه ا‬


‫الن اس اثبت وا على ش رع اهلل‪ ،‬اثبت وا على الطري ق‪ ،‬ال تنهزم وا‬
‫أمام األعداء‪ ،‬النصر قادم بإذن اهلل‪ ،‬متسكوا بشرع اهلل‪ ،‬واهلل‬
‫ينصركم‪ِ ﴿ :‬إْن َتْنُصُر وا الَّلَه َيْنُصْر ُك ْم ﴾‪.102‬‬
‫ِن ِم َّل ِذ‬
‫قام هذان الرجالن‪َ ﴿ :‬ق اَل َرُج ال َن ا يَن َيَخ اُفوَن َأْنَعَم‬
‫الَّلُه َعَليِه َم ا ﴾ ‪ 103‬بنعمة اإلميان واإلسالم والثبات‪.‬‬
‫﴿ َقاَل َرُج الِن ِم َن اَّلِذ يَن َيَخ اُفوَن َأْنَعَم الَّلُه َعَليِه َم ا اْدُخ ُل وا‬
‫َعَلْيِه ُم اْلَب اَب ﴾ اقتحم وا إهنم جبن اء‪َ ﴿ ،‬ف ِإ َذا َدَخ ْلُتُم وُه‬
‫‪104‬‬

‫َفِإ َّنُك ْم َغاِلُبوَن َو َعَلى الَّلِه َفَتَو َّك ُلوا ِإْن ُك ْنُتْم ُمْؤ ِم ِنيَن ﴾‪. 105‬‬
‫هذه النوعية اليت حنتاجها حقيقة اليوم يف وسط األزمات‬
‫ال يت تعص ف باملس لمني‪ ،‬األزم ات والفنت ال يت جتع ل احلليم‬
‫حريان ًا‪ ،‬حنت اج إىل رج ال يبص رون الن اس بال دين‪ ،‬إىل رج ال‬
‫يكونون قدوة للناس‪ ،‬إىل رجال يثبتون الناس على شرع اهلل‪.‬‬
‫[محمد‪]7:‬‬ ‫‪- 102‬‬
‫‪103‬‬
‫‪[-‬المائدة‪]23:‬‬
‫‪104‬‬
‫‪[-‬المائدة‪]23:‬‬
‫‪105‬‬
‫‪[-‬المائدة‪]23:‬‬

‫‪91‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫قبل الوداع‬

‫بالرجولة ترفع أقوام و تذل و تدخل األمم التاريخ‬

‫بالرجول ة ‪ ..‬غاي ة ك ل اآلب اء ألبن ائهم و حلم ي راوض ك ل‬


‫فتاة تبتغيه يف زوج املستقبل فعندما هتتز القيم و يعم الفجور‬
‫و ميوت احلي اء و تنع دم املروءة و يس تبد اهلوى ال تس أل أين‬
‫الرجــال ‪ ..‬؟؟؟‬

‫عن دما ت رى الرقع اء املخن ثني يف ك ل مك ان ال تس أل أين‬


‫الرجــال ‪ ..‬؟؟؟‬

‫‪92‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫عن دما تع ول النس اء ال بيوت يف وج ود الرج ال ال تس أل أين‬


‫الرجــال ‪ ..‬؟؟؟‬
‫عن دما تتماي ل الكاس يات العاري ات يف الطرق ات و على‬
‫الشواطئ و يف األسواق ال تسأل أين الرجــال ‪ ..‬؟؟؟‬
‫حنن حباجة إىل رجال‪...‬‬
‫رجال ‪ .......‬و أي رجال‬
‫رجال ترفعوا عن املال يف مواطن الصالة و ذكر اهلل ‪.‬‬
‫رجال ترفعوا عن البخل يف مواطن العطاء و البذل و اجلود ‪.‬‬
‫رجال ترفعوا عن اللهو يف مواطن اجلد ‪.‬‬
‫قلوهبم تنبض حبب اهلل و ذكره‪.‬‬
‫قلوهبم ختشى تقلب القلوب‪،‬قلوهبم ال تعرف للنفاق طريق‬
‫قلوب ترجوا رمحته و تبتغى رضاه ‪،‬نفوس طاهرة يف الظاهر‬
‫و الباطن‪.‬‬
‫الرجولة هي بإجياز هي قوة اُخلُلق وُخ ُلق القوة‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫أخيًر ا‪ ،‬فبع د أن ذكرن ا الرجول ة ومعناه ا يف الكت اب‬


‫والس نة‪ ،‬فم ا أحوجن ا الي وم أن نتص ف بص فات الرجول ة‪ ،‬ف و‬
‫اهلل م ا ض يعنا ال دين إال بتض ييعنا لص فات الرجول ة‪ ،‬فعن دما‬
‫س قطت األن دلس وق ف آخ ر ملوكه ا يبكي‪ ،‬فق الت ل ه أم ه‪:‬‬
‫«اب ك بك اء النس اء ملًك ا مل حتفظ ه حف ظ الرج ال»‪ .‬فعلين ا‬
‫بالتحلي بصفات الرجولة وتعليمها ألبنائنا حىت نعيد لإلسالم‬
‫صولته كما كان‪ .‬وفقنا اهلل وإياكم ألن نكون رجاًال نقاتل‬
‫يف س بيل اهلل‪ ،‬وجناه د يف س بيل اهلل بأموالن ا وأنفس نا‪ ،‬وأن‬
‫نك ون من ال ذين اجتب اهم اهلل تع اىل فأق امهم على الص راط‬
‫املستقيم‪.‬‬
‫وصلى اللهم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫الفقير إلى عفو ربه ومغفرته‬
‫أمير بن محمد المدري‬
‫اليمن‪-‬عمران‬
‫‪Almadari_1@hotmail.com‬‬

‫‪94‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫فهرس المحتويات‬
‫املقدمة‪6...................... ....................‬‬
‫املقصود بالرجولة ‪9................................‬‬
‫الرجولة‪12........................................‬‬
‫الرجال ‪17 .......................................‬‬
‫أمهية الرجولة يف حياة األمة‪20.....................‬‬
‫الرجولة يف اإلسالم‪26............................‬‬
‫الرجولة يف القرآن‪33............................‬‬

‫‪95‬‬
‫كيف تكون رجًال‬

‫صفات الرجولة يف القرآن‪36......................‬‬


‫صفات الرجال يف السنة‪39......................‬‬
‫سن الرجولة ‪44...............................‬‬
‫الرجولة والنبوة‪47..............................‬‬
‫الرجولة وعالمات الساعة‪49....................‬‬
‫أمور ليست من الرجولة‪50.....................‬‬
‫تنمية عوامل الّر جولة يف شخصيات أوالدنا‪53.....‬‬
‫املرأة الرجل‪61... ..............................‬‬
‫مسات الرجولة‪63................................‬‬
‫ما يقدح رجولة الرجل يف األسرة‪67.. ...........‬‬
‫من مواقف الرجال‪70..........................‬‬
‫قبل الوداع‪91................................‬‬

‫‪96‬‬

You might also like