Professional Documents
Culture Documents
ِﻈ
بالصادِق األميِن ،وأَّما بعَد البعثِة فقد شهَد لُه رُّبُه بقوِلِه َ { :ﻭِﺇَّﻧَﻚ َﻟَﻌَﻠﻰ ُﺧ ُﻠٍﻖ َﻋ ﻴٍﻢ }(القلم) 4 :؛ ولق99د ش99هَدْت لُ9ه
زوُج ُه عائشُ9ة رض99ي اُهلل عنه99ا ،وهي ألصُ9ق الناِس بِ9ه ،وأك99ثُر ُه م وقوًف ا على أفعاِلِه في بيِتِه ،بأَّن ُه ﷺ " :ك99اَن خلُق ُه
القرآَن "( ،مسلم )؛ قال اإلماُم الش9اطبُّي “ :وإَّنم9ا ك9ان ﷺ خلُق ُه الق9رآَن ؛ ألَّنُه حَّك َم ال9وحَي على نفس ح9تى ص9اَر
ِه
في عملِ9ه وعلمِ9ه على وفقِ9ه ،فك99ان لل99وحِي موافًق ا قائاًل مذعًنا ملبًي ا واقًف ا عنَد حكمِ9ه” .فك99ان قرآًن ا يمشِ9ي على
األرِض .
وهكذا كان الديُن اإلسالمُّي ديَن اإلنسانيِة ،وكان الرسوُل ﷺ رسوَل اإلنسانيِة.
ثانًيا :مظاهُر وصوُر الجوانِب اإلنسانيِة
للجوانِب اإلنسانيِة في اإلسالِم صوٌر عديدٌة تشمُل جميَع فئاِت المجتمِع :
منها :اإلنسانيُة في التعامِل مع الخدِم والعبيِد :فعن َأَنٍس َق اَل َ" :خ َد ْم ُت الَّنِبَّي ﷺ َعْش َر ِس ِنيَن َفَم ا َق اَل ِلي
وُل الَّلِه ﷺ َش ًئا َق ُّط ِب ِدِه ِئ ِل
َي ْي ُأٍّف َو اَل َم َص َنْع َت َو اَل َأاَّل َص َنْع َت "(البخاري مسلم) ،وَعْن َعا َش َة َقاَلْت َ" :م ا َض َر َب َرُس
ِم ِح ِه ِق ِم ِن ِم ِه ِه ِف ِد
َو اَل اْم َر َأًة َو اَل َخ ا ًم ا ِإاَّل َأْن ُيَج ا َد ي َس ِبيِل الَّل َ ،و َم ا يَل ْنُه َش ْي ٌء َق ُّط َفَيْنَت َم ْن َص ا ِب ِإاَّل َأْن ُيْنَتَه َك َش ْي ٌء ْن
َمَح اِر ِم الَّلِه َفَيْنَتِق َم ِلَّلِه َعَّز َو َج َّل "(البخاري ومسلم ).
ومنها :اإلنساني في التعامِل مع األطفاِل والصبياِن :فق 99د ك 99ان ﷺ رحيًم ا باألطف 99ا ،فق 99د ك 99ان يخطُب َ ،فَأْقَب َل
ِل ُة
اْلَح َسُن َو اْلُح َس ْيُن َعَلْيِه َم ا َقِم يَص اِن َأْح َمَر اِن َيْع ُثَر اِن َو َيُقوَم اِن َ ،فَنَز َل َفَأَخ َذ ُه َم ا َفَص ِعَد ِبِه َم ا اْلِم ْنَبَر ُ ،ثَّم َقاَل َ ":ص َد َق الَّلُه ِإَّنَم ا
َأْم َو اُلُك ْم َو َأْو الُدُك ْم ِفْتَن ٌة (التغ99ابنَ ،)15 :ر َأْيُت َه َذ ْيِن َفَلْم َأْص ِبْر "ُ ،ثَّم َأَخ َذ ِفي اْلُخ ْطَب ِة ( .أب9و داود والح9اكم وص9ححه)؛
وَعْن َعْب ِد الَّل ِه بن َش َّداِد بن اْلَه اِد َ ،عْن َأِبي ِ9هَ ،ق اَل َ :خ َر َج َعَلْيَن ا َرُس وُل الَّل ِه ﷺ ِ ،في ِإْح َد ى َص الَتِي الَّنَه اِر :الُّظْه ِر َأِو
اْلَعْص ِر َ ،و ُه َو َح اِم ٌل اْلَح َسَن َأِو اْلُح َس ْيَن َ ،فَتَق َّد َم َفَو َض َعُه ِع ْنَد َقَد ِمِه اْلُيْم َنىَ ،فَس َج َد َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َس ْج َد ًة
َفَأَطاَلَه اَ ،فَر َفْعُت َر ْأِس َي ِم ْن َبْيِن الَّناِس َ ،ف ِإ َذا َرُس وُل الَّل ِه ﷺ َس اِج ٌد َ ،و ِإَذا اْلُغالُم َر اِكٌب َظْه َر ُهَ ،فُع ْد ُت َفَس َج ْد ُت َ ،فَلَّم ا
اْنَص َر َف َرُس وُل الَّلِه َص َّلى الَّلُه َعَلْيِه َو َس َّلَم َ ،ق اَل َناٌس َ :يا َرُس وَل الَّل ِه ﷺَ ،لَق ْد َس َج ْد َت ِفي َص الِتَك َه ِذِه َس ْج َد ًة َم ا ُك ْنَت
ِض ِج ِر ِن ِك ِن ِإ ِم ِبِه
َتْسُج ُد َه اَ ،أَش ْيًئا ُأ ْر َت َ ،أْو َك اَن ُيوَح ى َلْيَك ؟ َق اَل ُ ":ك ٌّل َلْم َيُك ْن َ ،و َل َّن اْب ي اْر َتَح َل يَ ،فَك ْهُت َأْن ُأْع َل ُه َح َّتى َيْق َي
َح اَج َتُه"( .أحمد والطبراني والحاكم وصححه).
ومنها :اإلنسانيُة في التعامِل مع النساِء :فكان ﷺ دائَم الوصيِة بالنساِء ،وكان يقوُل ألصحابِه" :اْس َتْو ُصوا
ِبالِّنَس اِء َخ ْيًر ا"[البخاري] ،ويقوُل أنُس بُن مالٍك ِ" :إْن َك اَنْت اَأْلَم ُة ِم ْن ِإَم اِء َأْه ِل اْلَم ِد يَن ِة َلَتْأُخ ُذ ِبَي ِد َرُس وِل الَّل ِه ﷺ
َفَتْنَطِلُق ِبِه َح ْيُث َش اَءْت !"[ البخاري].
ومنها :اإلنسانيُة في التعامِل مع الحيواِن :فق 99د تج 99اوزْت إنسانيتُه ﷺ ذل 99ك كّل ه إلى الحي 99واِن والبهيمِ9 9ة،
فيروي عبُد اِهلل بُن جعفٍر رضي اُهلل عنهما أَّن النبَّي ﷺ دخَ9ل حائًط ا لرجٍ9ل ِم ن األنص9اِر ،ف9إذا فيِ9ه جمٌ9ل ،فلَّم ا رأى
النبَّي ﷺ حَّن وذرفْت عيناُه ،فأتاُه ﷺ فمسَح ظف َ9 9ر اُه فسكْت ،فق99 9اَل ﷺَ":م ن رُّب ه99 9ذا الجم ِ9 9ل ؟ لَم ن ه99 9ذا
ِذِه ِل ِم
الجمل؟" فجاَء فتًى ن األنصاِر فقاَل :ي يا رسوَل اِهلل ،فقاَل لُهَ " :أَفاَل َتَّتِق ي الَّلَه ِفي َه اْلَبِه يَم ِة اَّلِتي َم َّلَك َك الَّل ُه
ِإَّيا ا َفِإ َّنُه َش َك ا ِإَلَّي َأَّنَك ُتِج ي ُه ُتْد ِئ ُه " (أبو داود)ُ ( ،تْد ِئبُهَ :أ ُتْك ِر هُه ْتِعبُه ْزًنا ْعًنى) ،وقد َّر وُل الَّل ِه
َم َرُس َو ُت َو َو َم ْي َو ُع َو ُب َه
3
ﷺ ِبَبِع يٍر َق ْد َلِح َق َظْه ُر ُه ِبَبْطِنِه َفَق اَل " :اَّتُق وا الَّل َه ِفي َه ِذِه اْلَبَه اِئِم اْلُم ْع َجَم ِة َفاْر َك ُبوَه ا َص اِلَح ًة َو ُك ُلوَه ا َص اِلَح ًة"
(أبوداود وابن خزيمة بسند صحيح).
ومنها :اإلنسانيُة في التعامِل مع كباِر السِّن :فق99د ج99اَء أب99و بكٍ9ر بأبيِ9ه ع99اَم الفتِح يق99وُدُه نح99و رس99وِل اِهلل ﷺ
ورأُس ُه كالَّثغامِة بياًض ا ِم ن شّد ِة الشيِب ،فرحَم النبُّي ﷺ شيخوَخَتُه وقاَل " :هاَّل تركَت الش9يَخ في بيتِ9ه ح9تى أك9وَن
أَنا َآِتَيُه فيِه ،قاَل أبو بكٍر رضي اُهلل عنه :هو أحُّق أْن يمِش ي إليَك يا رسوَل اِهلل ِم ن أْن تمِش ي إليِه[ ".مجم99ع الزوائ99د
للهيثمي] .وهو القائُل ﷺَ ":لْيَس ِم َّنا َمْن َلْم َيْر َحْم َص ِغيَر َنا َو ُيَو ِّقْر َك ِبيَر َنا" [الحاكم وصححه].
ومنها :اإلنسانيُة في التعامِل مع الكفاِر :فاإلنسانيُة في اإلسالِم لم تقتصْر على المسلميَن فحسب ،ب99ل تع99دْت
لتش99مَل الكف99اَر ك99ذلك ،فعندما ِقي َ9ل ل ُ9ه ﷺ ادُع على المش99ركين قال ":إِّني لم ُأبَعث لعاًن ا ،وإَّنم99ا بعثُت رحم ً9ة"
(مسلم) ،وقال في أهِل مكَة – لما ج9اَءُه ملُ9ك الجب9اِل لي9أمَر ُه بم9ا ش9اَء " : -ب99ل أرُج و أْن يخ9رَج اُهلل ِم ن أص9الِبِه م
َم ن يعبُد اَهلل وحَدُه ال يشرك بِه شيًئا " (البخاري ومسلم) ،ولم9ا أص9يَب في ُأحٍ9د قاَل لُ9ه الص9حابُة الك9راُم ادُع على
المشركيَن فقال ":اللُه َّم اهِد قوِم ي فإَّنهم ال يعلمون"( .شعب اإليمان للبيهقي) .
ومنها :اإلنسانيُة في التعامِل مع المخطِئ :فَعْن أِبي ُه َر ْيَر َة َر ِض َي اُهلل َعْنُه َقاَل َ :قاَم أعَر اِبٌّي َفَباَل في اْلَمْس ِج ِد ،
َفَتَناَو َل ُه الَّن اُس َفَق اَل َلُه ُم الَّنِبُّي ﷺَ ":دُع وُه َو َه ِرْيُق وا َعَلى َبْو َس ْج ًال ْن َم ا ،أْو َذُنوبً9 9ا ْن َم ا َ ،فِإ َّنَم ا ُب ْثُتْم
ِع ٍء ِم ٍء ِم ِلِه
وِل الَّل ِه ِم
ُمَيِّس ِريَن َو َلم ُتْبَعُث وا ُمَعِّس ِريَن "( .البخ99اري) .وَعْن ُمَعاِو َي َة ْبِن اْلَح َك ِم الُّس َل ِّي َ ،ق اَل َ :بْيَن ا َأَن ا ُأَص ِّلي َم َع َرُس
ِم
ﷺِ ،إْذ َعَطَس َرُج ٌل َن اْلَق ْو َ ،فُقْلُت َ :يْر َحُم َك الَّل ُهَ ،فَر َم ا ي اْلَق ْو ُم ِبَأْبَص اِر ْم َ ،فُقْلُت َ :و ا ُثْك َل ُأِّم َي اْهَ ،م ا َش ْأُنُك ْم
ِه ِن ِم
َتْنُظ ُر وَن ِإَلَّي ؟ َفَجَعُل وا َيْض ِرُبوَن ِبَأْي ِد يِه ْم َعَلى َأْفَخ اِذِه ْم َ ،فَلَّم ا َر َأْيُتُه ْم ُيَص ِّم ُتوَنِنيَ ،لِكِّني َس َك ُّت َ ،فَلَّم ا َص َّلى َرُس وُل
الَّل ِه ﷺَ ،فِب َأِبي ُه َو َو ُأِّم يَ ،م ا َر َأْيُت ُمَعِّلًم ا َقْبَل ُهَ ،و اَل َبْع َدُه َأْح َس َن َتْع ِليًم ا ِم ْن ُهَ ،فَو الَّل ِه َم ا َك َه َر ِني َو اَل َض َر َبِني َو اَل
َش َت ِنيَ ،ق اَل ِ ":إَّن َه ِذِه الَّص اَل َة ،اَل ْص ُل ِفيَه ا َش ِم َكاَل ِم الَّناِس ِ ،إَّن ا ُه الَّت ِبي الَّتْك ِب ي ِق ا ُة اْلُق آِن
ُر َو َر َء ْر َم َو ْس ُح َو ْي ٌء ْن َي ُح َم
"(مسلم).
وهك99ذا ج99اَء ال99ديُن اإلس99المُّي ليش99مَل بإنسانيتِه كَّ9ل ما في الك99وِن ِم ن إنساٍن وحي99واٍن وط99يٍر ودواٍب وغيِر َه ا ،دوَن
التفرقِة بيَن جنٍس أو لغٍة أو لوٍن أو عرٍق أو غيِر ذل99ك ،وفي ذل99ك يق9وُل ﷺَ“ :ي ا َأُّيَه ا الَّناُس َ ،أَال ِإَّن َر َّبُك ْم َو اِح ٌد ،
َو ِإَّن َأَب اُك ْم َو اِح ٌد َ ،أَال َال َفْض َل ِلَع َر ِبٍّي َعَلى َعَج ِم ٍّي َ ،و َال ِلَعَج ِم ٍّي َعَلى َع َر ِبٍّي َ ،و َال َأْح َم َر َعَلى َأْس َو َدَ ،و َال َأْس َو َد َعَلى
َأْح َمَر ِ ،إَّال ِبالَّتْق َو ى”( .أحمد والطبراني بسند صحيح).
ثالًثا :اإلنسانيُة في الحرب والقتال
إّن فلسفَة الحرِب في اإلسالم تقوُم على جميِع المعاني اإلنسانيِة واألخالقيِة في الحروِب والغزواِت ومنها:
عدُم البدِء بالقتال :فجميُع غزواِت الرسوِل ﷺ إنما جاءْت دفاًعا عن الوطن ،ولم تكْن يوًما من باِب االعتداِء على
اآلخرين دوَن وجِه حٍق .
ومنها :مراعاُة الضعفاِء والنساِء والشيوِخ واألطفاِل :ففي الح99رِب ال99تي تأكُ9ل األخضَ9ر والي99ابَس ،وتزهُ9ق فيه99ا
األرواُح وتدمُر المدُن والقرى ويموُت الصغيُر والكبيُر ،أمَر اإلسالُم بالسماحِة والعدِل وحرَم الظلَم .
4
فق 99د روى مسلٌم في ص 99حيحِه َعْن ُس َلْيَم اَن ْبِن ُبَر ْي َد َةَ ،عْن َأِبي ِ9هَ ،ق اَل َ ” :ك اَن َرُس وُل اِهلل ﷺ ِإَذا َأَّم َر َأِم يًر ا َعَلى
َج ْيٍش َ ،أْو َس ِرَّيٍةَ ،أْو َص اُه ِفي َخ اَّص ِتِه ِبَتْق َو ى اِهلل َو َمْن َمَع ُه ِم َن اْلُمْس ِلِم يَن َخ ْيًر اُ ،ثَّم َق اَل :اْغ ُز وا ِباْس ِم اِهلل ِفي َس ِبيِل
اِهللَ ،قاِتُلوا َمْن َكَف َر ِبالَّلِه ،اْغُز وا َو اَل َتُغُّلواَ ،و اَل َتْغِد ُرواَ ،و اَل َتْمُثُلواَ ،و اَل َتْق ُتُلوا َو ِليًد ا"
فال يجوُز أْن ُيقصَد بالقتاِل َم ن ليسوا بأهٍل له ،كالِّنساِء واألطف9اِل والُّش يوِخ ،والَّز منى والُعمي والَعَج زِة ،وال9ذين ال
ُيباشروَنه عادًة كالُّر هباِن والفَّالحيِن ،إَّال إذا اشترَك هؤالِء في الِق تاِل وبدؤوا هم باالعتداِء ،فعندها يجوُز قتاُلهم.
ومنها :النهُي عن اإلغارِة على العدو لياًل حتى يصبَح :فقد كان ﷺ ال يغيُر على ع99دوِه ليال وهم ن99ائمون،
وال يأخُذ ُه م وهم نائمون .فَعْن َأَنٍس َر ِض َي اُهلل َعْنُه َيُقوُل « :كاَن َر سوُل الَّلِه ﷺ إَذا َغَز ا َقْو ًم ا َلْم ُيِغْر حَّتى ُيْص ِبَح ،
فإْن َس ِم َع َأَذاًنا َأْم َس َك ،وإْن َلْم َيْسَم ْع َأَذاًنا َأَغاَر َبْع َد ما ُيْص ِبُح َ ،فَنَز ْلَنا َخ ْيَبَر َلْياًل (».البخاري).
ومنها :اإلنسانيُة في التعامِل مع األسرى :فق 99د ك 99ان ﷺ ي 99دفُع األس 99يَر إلى بعِض ص 99حِبه ويق 99وُل { :أحسْن
إليِه} فيؤثُر على نفِس ِه وأهِلِه إمعاًنا في العمِل بوصيِة رسوِل اِهلل ،وأماًل في دخوِلِه ضمَن أبراِر عباِد اهلل ،وه99ذا مع99نى
قوِلِه تعالىَ { :و ُيْطِعُم وَن الَّطَعاَم َعَلى ُح ِّبِه ِم ْس ِكيًنا َو َيِتيًم ا َو َأِس يًر ا * ِإَّنَم ا ُنْطِعُم ُك ْم ِلَو ْج ِه الَّل ِه اَل ُنِريُ9د ِم ْنُك ْم َج َز اًء َو اَل
ُش ُك وًر ا } (.اإلنسان 8 :؛ ) 9قال البيض99اوي" :مسكيًنا ويتيًم ا وأس99يًر ا يع99ني أس99راء الكف99اِر فإن99ه ﷺ ك99ان ُي ؤَتى
باألسيِر فيدفُعُه إلى بعِض المسلمين فيقوُل :أحسْن إليِه" .أ .ه
وها هو أبو عزيٍز -أحُد األسرى وشقيُق مصعِب بِن ُعميٍر -يحكي ما حدَث فيقوُل " :كنُت في رهٍط ِم ن األنص99اِر
حيَن أقبُلوا ِبي ِم ن بدٍر ,فكاُنوا إذا قَّد ُموا غداَءُه م وعشاَءُه م َخ َّصْو ِني بالخبِز ،وأكُلوا التمَر لوصيِة رسوِل اِهلل إياُه م
بَنا ،ما تقُع في يِد رجٍل منهم كسرَة خبٍز إاّل نفحِني بها؛ فأستِح ي فأرّدَه ا فيرّدَه ا َعَلَّي ما يمّس َه ا!
وكان أبو عزيٍز هذا صاحُب لواِء المشركيَن ببدٍر بعَد النضِر بِن الحارِث ( .السيرة النبوية البن كثير).
وهناَك صوٌر ومجاالٌت أخَر ى كثيرٌة في فلسفِة الحرِب وأخالِقِه وإنسانيِتِه في اإلسالِم ال يتسُع المقاُم لذكِر َه ا.
ويكِف ي في ذلك مقولُة أحِد المفكرين :لو لم يكْن ِم ن مظاهِر العدِل في اإلسالِم إاّل قوانيَنُه الحربيَ9ة لك9ان في ذل99ك
ما يقنُع المنصفيَن على اعتناِقِه .
ِن ِء ِم ِب
إّن إنسانيَة الحر في اإلسال لم تقتصْر على النهِي عن االعتدا على ب ي الَبشِ9ر فق99ط؛ وإَّنم9ا تج99اوَز ذل99ك ليش9مَل
النهَي عن اإلتالِف ،وقطَع الَّش جِر ،وقْتَل الحيواناِت ،وتخ9ريَب الممتلك9اِت والمنش9آِت العامِة ،وه9ذا ُس مٌّو أخالقٌّي
لم تعرْف له البشريُة مثياًل في تاريخها قديًم ا وحديًثا!!
ِة ِم ِة
إَّن ه99ذه هي رس99الُة اإلنساني إلى الع99الِم أجم99ع ،ألَّن االنسالَخ ن اإلنساني ل99ه مخ99اطُر عدي99دٌة ته99دُد أمَن واس99تقراَر
البالِد والعب99اِد ،كم99ا نش99اهُدُه في جميِ9ع وس99ائِل اإلعالِم المسموعِة والمرئيِ9ة والمق99روءِةِ ،م ن قتٍ9ل وتخ99ريٍب وتدميٍر
وتفجيٍر وسفِك دماٍء ،وكم9ا ِقيَ9ل :س9قطْت تفاحٌ9ة فعرُف وا مع9نى الجاذبيِ9ة ،ثم س9قًط آالُف الجثِث ولم يعرُف وا مع9ني
اإلنسانيِة!! وص9دَق فيهم قوُل الرس9وِل ﷺِ ":إَذا َلْم َتْس َتِح َفاْص َنْع َم ا ِش ْئَت "(.ابن ماج9ة بسند ص9حيح)َ .و َم ْعَن اُه":
ِإَذا ُنِز َع ِم ْنَك اْلَحَياُء َفاْفَعْل َم ا ِش ْئَت ؛ َفِإ َّن الَّلَه ُمَج اِزيَك َعَلْيِهَ ،و ِفيِه ِإَش اَر ٌة ِإَلى َتْع ِظ يِم َأْم ِر اْلَحَياِء " (.فتح الباري).
وبعُد ،فهذه دعوٌة وعودٌة إلى اإلنسانيِة مع كِّل األفراِد والدوِل والجماعاِت ،حتى يعيَش الجميُع في أمٍن وسالٍم .
5
نسأُل َهللا أْن يصلَح ذاَت بيِنَنا ،وأْن يؤلَف بيَن قلوِبَنا ،وأْن يحفَظ مصَر َنا ِم ن كِّل مكروٍه وسوٍء ،،،
كتبه :خادم الدعوة اإلسالمية د /خالد بدير بدوي وأقم الصالة،،،،، الدعاء،،،،،،،