Professional Documents
Culture Documents
هو العلم الذي يبحث في أساليب الكالم اللفظية التي بها يطابق مقتضى الحال .بمعنى آخر :علم المعاني هو العلم الذي يتوفر
على بيان األساليب أو التراكيب اللفظية التي تحقق للمتكلم اإلعراب عن غرضه وغايته ومقصده من الكالم وفق ما يقتضيه
الموقف .وهو كذلك العلم الذي ُتعرف به أحوال تركيب الكالم ومطابقته لمقتضى الحال.
فضال عن كل هذا ،علم المعاني هو العلم الذي يعلمنا كيف نؤدي الكالم مطابقا لمقتضى الحال.حيث نتعلم من هذا العلم كيف
نجعل الكالم مناسبا للموقف الذي ُيقال فيه وللمخاطب الذي نكلمه .فمثال حال المخاطب الذكي يقتضي اإليجاز ،وحال البليد
يقتضي التطويل.
ولَتسهيِل ِد راَسِة َم باحِث هذا الِع لم وَم عِرفِة ما َيَتضَّم ُنهَ ،قَّس َم ُه ُع َلماُء الَبالَغ ِة إلى َثمانيِة أبحاٍث ِهَي :اإلسناد ،المسند إليه،
المسند ،الخبر ،اإلنشاء ،القصر ،الفصل والوصل ،اإليجاز واإلطناب والمساواة.
-1اإلسناد
الجملة وأجزاؤها
الجملة في اللغة العربية نوعان:
-اسمية :تتركب من مبتدأ وخبر ،مثل :محمد حاضر ،زيد مجتهد.
-فعلية :تتركب من فعل وفاعل ،أو من فعل ونائب فاعل ،مثل :حضر محمدُ ،ك تب الّد رُس .
ولكل جملة اسمية كانت أو فعلية ،ركنان أساسيان هما:
-الُم سند :ويسّم ى المحكوم به.
-المسند إليه :ويسّم ى المحكوم عليه.
والنسبة بينهما تسمى إسنادا ،وما عداهما يسمى متعلقات وقيدا وفضلة.
نحو :حضر المعلم مبتسما ،فحضر مسند ،والمعّلم مسند إليه ،ومبتسما متعلق أو قيد.
وكذلك في جملة :محمد مجتهد ،فإن المسند إليه هو محمد ،والمسند هو مجتهد ،وعملية الحكم باالجتهاد هي اإلسناد.
بشكل آخر:
إن الكلمات المنفردة ال تعطي معنى تاما ،ولكي تفيد معنى تاما ال بد من ربطها معًا وضّم بعضها إلى بعض .وهذا ما يسميه
البالغيون "اإلسناد" .ولإلسناد ُركنان :الُم سند والُم سند إليه.
فعلى سبيل المثال :كلمتا "زيد" و "شاعر" ال تفيدان معنى تاما إذا كانت كل كلمة منفردة خارج الجملة ،ولكن إذا أسندنا
الوصف "شاعر" إلى الَع َلم "زيد" فقلنا( :زيد شاعر) أفادت الكلمتان معنى كامال في جملة تامة ،ويكون فيها "زيد" هو:
الُم سند إليه ،و"شاعر" هو الُم سند؛ ألننا أسندنا إلى زيد وصف الشاعرية.
وكذلك إذا قلنا( :علّي ُش جاع)؛ فقد أسندنا الشجاعة إلى علّي ،ويكون "علّي " في الجملة هو :المسند إليه ،و"شجاع" :هو
المسند.
وإذا ُقلنا :مُر عادٌل ) ،فقد أسندنا العدالة إلى عمر ،ويكون "عمر" في الجملة هو المسند إليه ،وعادٌل :هو المسند. (ُع
وإذا ُق لنا( :أفلح المؤمنون) ،فقد أسندنا الفالح إلى "المؤمنون" .ويكون "أفلح" :هو المسند ،و "المؤمنون" :هو المسند إليه.
الُعمدة :المسند والمسند إليه ُيسّم يان عمدة ،ألنهما ُركن الكالم فال ُيستغنى عنهما.
القيد (الفضلة) :وما ِس وى المسند والمسند إليه يسمى قيدا أو فضلة ،وُيستثنى من ذلك المضاف إليه وصلة الموصول إذا
اتصل أحدهما بالمسند أو المسند إليه.
القيود :المفاعيل (المفعول به ،المفعول فيه ،المفعول المطلق ،المفعول ألجله ،المفعول معه) ،والتوابع (النعت ،التأكيد،
البدل ،العطف) ،والحال ،والتمييز ،والنفي ،وأدوات الشرط ،والنواسخ (كان وأخواتها ،إن وأخواتها).
مثال :إسطنبول مدينة تاريخية مشهورة بمساجدها وقصورها ومضيقها.
(إسطنبول)ُ :م سند إليه( ،مدينة) :مسند( ،تاريخية مشهورة بمساجدها وقصورها ومضيقها) :قيد.
مثال آخر( :اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون).
(اقترب) :مسند( ،للناس) :قيد( ،حسابهم) :مسند إليه( ،وهم في غفلة معرضون) :قيد.
-مواضع المسند:
+1الفعل التام :1نحو :أفلح المؤمنون .فقد أسندنا الفالح للمؤمنين ،إذن فالمسند هو الفعل (أفلح) والمسند إليه هو
(المؤمنون) .ونحو قوله تعالى( :إذا جاء نصر هللا والفتح) .فقد أسندنا المجيء للنصر.
+2المبتدأ المكتفي بمرفوعه عن الخبر :نحو :أمجتهد زيٌد ؟ فمجتهد مبتدأ لكن (زيد) فاعل سّد مسّد الخبر.
+3خبر المبتدأ :نحو :العلم نافع.
+4ما كان أصله خبرا لمبتدأ ( :خبر األفعال الناقصة) ،ويشمل خبر كان وأخواتها ،نحو :كان الجو جميال.
+5خبر األحرف المشبهة بالفعل :يعني خبر إن وأخواتها ،نحو :إن الصدق محمود ،والمفعول الثاني لظن وأخواتها ،نحو:
ظننت الصديق وفيا.
-مواضع المسند إليه:
+1الفاعل :نحو :انتصر المقاومون ،أفلح المؤمنون.
2األصل في المسند إليه أن ُيذكر في الجملة ألنه عنصر أساسي في تكوينها .وقد يأتي ذكره على نحو الوجوب ،وذلك عندما َيتوقف على ذكره فهم
المعنى المقصود للمتكلم من ِقبل السامع ،أو عندما ال توجد قرينة ال ُيعتمد عليها في فهم المعنى عند حذفه .وهناك أغراض تدعو إلى ذكره.
3القاع :أرض مستوية.
سَهٌر دائم وحزن طويل قال لي كيف أنت قلت عليل
أي :أنا عليل ،وحالي سهر دائم وحزن طويل ،لضيق المقام بسبب الّضجر والتوّجع.
+ضيق المقام عند التحذير :نحو قولك :حريق ،عند رؤية نار :أي هذا حريق .أو قول أحدهم محّذ را :حية! أي :هذه حية.
+ظهوره بداللة القرينة :نحو قوله تعالى( :فصّك ت وجهها وقالت عجوز عقيم) ،أي :أنا عجوز عقيم.
+تكثير الفائدة :نحو قوله تعالى( :فصبر جميل) ،أي فأمري صبر جميل.
+تعّينه بالَعهدية :نحو قوله تعالى( :واستوت على الجودي) ،أي السفينة .ونحو( :حتى توارت بالحجاب) ،أي :الشمس.
+المدح والتعظيم :كقول الشاعر:
بأكرم مثوى عنده وَم قيل جواٌد يبيت الوفد حول ِفناِئه
أي :هو جواد.
+الّذ ّم والتحقير :كقوله تعالىُ( :ص ّم ُبكم ُعمي فهم ال يرجعون) ،أي :هم صّم أي :المنافقون.
+الخوف منه أو عليه :أي إضمار اسم المسند خوفا منه أو عليه ،نحو ُض ِر ب الّلُّص .واألصل :ضرب الناس اللص.
وكقولناُ :قتل فالن ،إذا كنا نعرف القاتل لكننا نخاف على أنفسنا منه.
+كونه مجهوال :نحوُ :سرقْت سّيارتي.
+اإليجاز واالختصار :نحو قوله تعالى( :وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) ،فقد حذف الفاعل هنا ،ولم يقل بما عاقبتم
الناس به.
+العلم بالفاعل :كقوله تعالى( :وُع ِر ضوا على ربك صفا) ،أي عرضهم هللا عليه صفا.
+عدم الفائدة بذكره لداللة السياق عليه :كما في قوله تعالى( :وما أدراك ما هي ،نار حامية) ،فلم يقل( :هي نار حامية)
لداللة السؤال على المسند إليه ،وهو (هي) .وكقوله تعالى( :يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا) ،لم
يقل" :إذا قال لكم قائل" لعدم جدوى ذلك.
+المحافظة على السجع :كقولهم" :من طابت سريرته ُحمدت سيرته" ،فلو قيل" :حِم د الناس سريرته" لتغير السجع.
+المحافظة على الوزن الشعري أو القافية :كما في قول الشاعر:
وال بّد يوما أن ُترّد الودائع وما الماُل واألهلون إال ودائُع
أي :أن يرّد الناس الودائع.
وقول الشاعر:
وأخ ص منه ال علي وال لي ُل على أنني راض بأن أحمل الهوى
أي ال علّي شيء وال لي شيء ،فقد حذفت (شيء) األولى محافظة على الوزن وحذفت الثانية مراعاة للقافية.