Professional Documents
Culture Documents
اوغست كونت23
اوغست كونت23
أن العقل اإلنساني أو التفكير اإلنساني قد أنتقل في إدراكه لكل فرع من فروع المعرفة من الدور الديني إلى الميتافيزيقية إلى
الوضعي هذا مع مالحظة أن كونت قد استخدام كلمة الالهوت بمعنى خاص جدًا فيطلقها على
طريقة عامة تطبق في فهم مجموعة الظواهر ،وهذه الطريقة تفسر ظهور هذه الظواهر بالرجوع إلى إرادة األلهة ،وهو
اليعني هنا أي معنى عقلي أو مقدس .وإنما يستخدم اصطالح الهوتي للداللة على تفسير ظواهر الطبيعة عن طريق األسباب
الخارقة للعادة والقائمة على التعسف .وإذًا فكلمة الهوتي في نظره معناها خرافي أو خيالي أو أسطوري وذلك حينما يعزو
إلى اآللهة رغبات وتصرفات إنسانية يرجع إليها في تفسير أسباب الظواهر .أما الحالة الميتافيزيقية فهي مرحلة انتقال بين
الحالة األولى وهي الالهوتية والحالة الثالثة وهي الوضعية أو العلمية .وعلى ذلك فهي مرحلة مزج بين الحالتين ألن األفكار
الميتافيزيقية أقرب إلى الحالة األولى منها إلى الثالثة ،ذلك ألنها تستعيض عن اإلدارات اإللهية بالقوة وعن الخالق بالطبيعة،
ولكنها تنسب إلى القوة الطبعية وظيفة شديدة الشبه بوظيفة اإلرادات اإللهية ،ومن أمثلة ذلك تلك القوى التي تفترض لتفسير
بعض الظواهر مثل قوى الروح واألثير والمبدأ الحيوي.
وإذن يميز كونت الدور الالهوتي أو الديني بأن العقل كان يفسر كل ماحوله من ظواهر عن طريق بسيتها إلى اآللهة
واألرواح الخفية وهي قوى خارجة عن الظواهر نفسها ،أما الدور الميتافيزيقي فيميزه بأن العقل فيه كان يفسر الظواهر
بمعان مجردة أو قوى خفية أو علل اليقوى على أثباتها ثم اخيرًا يميز الدور الوضعي أو العلمي بأن العقل فيه يفسر الظواهر
بنسبتها إلى قوانين وضعيه تؤثر فيها .ويطبق كونت هذا التطور العقلي على تطور المجتمعات اإلنسانية بل يطبقه أيضًا على
الفنون وتطورها وعلى الحضارة والقانون والسياسة واألخالق كما يقول إنه اليمكن فهم تطور كل هذا األمور إال إذا وقفنا
على تاريخ التطور العقلي ألن هذا التطور في نظره هو المحور األساسي الذي تدور حوله مظاهر النشاط االجتماعي ،وأن
أي تطور يطرأ على الفكر يظهر أثره في جميع نواحي الحياة االجتماعية ،وعلى ذلك فهو يرجع كل تغير اجتماعي إلى
التغير الذي يحدث في التفكير اإلنساني.
فكونت يرى أن قانون الثالث حاالت هو نفسه القانون الذي يفسر به جميع مظاهر التطور االجتماعي ،كما أن هذا القانون في
نظره اليحول بين اإلنسان وبين أن يعمل في مواجهة األحداث التاريخية ،ولكنه في هذه الحالة (لن يغير النظام الذي تسير
فيه المراحل المختلفة للتطور ألنه محدد بقوانين ،كما ال يستطيع أي موثر خارجي ولو كان هذا المؤثر هو ا إلنسان نفسه
بصفة خاصة ،أن يقلب هذا النظام أو يبذله أويختصر إحدى المراحل التي بجب أن يمر بها وكل ما يمكن القيام به هو العمل
على سرعة التطور أي تمهيد السبيل لحدوثة في سهولة ويسر ويؤيد التاريخ هذا فلم يحدث قط أن رأينا أن تدخل اإلنسان
يؤثر في الظواهر االجتاعية إال من حيث قوتها أو سرعتها.
وبذلك ال ينكر كونت تدخل اإلنسان ولكنه يؤكد أن هناك طريقًا ال يتغير لسير التطور اإلنساني دن أن يكون هناك أي تدخل
لإلنسان فيها.