You are on page 1of 2

‫الفوج رقم ‪10 :‬‬ ‫يمامي ليلة‬

‫قانون الثالث حاالت لكونت‪:‬‬

‫أن العقل اإلنساني أو التفكير اإلنساني قد أنتقل في إدراكه لكل فرع من فروع المعرفة من الدور الديني إلى الميتافيزيقية إلى‬
‫الوضعي هذا مع مالحظة أن كونت قد استخدام كلمة الالهوت بمعنى خاص جدًا فيطلقها على‬
‫طريقة عامة تطبق في فهم مجموعة الظواهر‪ ،‬وهذه الطريقة تفسر ظهور هذه الظواهر بالرجوع إلى إرادة األلهة‪ ،‬وهو‬
‫اليعني هنا أي معنى عقلي أو مقدس‪ .‬وإنما يستخدم اصطالح الهوتي للداللة على تفسير ظواهر الطبيعة عن طريق األسباب‬
‫الخارقة للعادة والقائمة على التعسف‪ .‬وإذًا فكلمة الهوتي في نظره معناها خرافي أو خيالي أو أسطوري وذلك حينما يعزو‬
‫إلى اآللهة رغبات وتصرفات إنسانية يرجع إليها في تفسير أسباب الظواهر‪ .‬أما الحالة الميتافيزيقية فهي مرحلة انتقال بين‬
‫الحالة األولى وهي الالهوتية والحالة الثالثة وهي الوضعية أو العلمية ‪ .‬وعلى ذلك فهي مرحلة مزج بين الحالتين ألن األفكار‬
‫الميتافيزيقية أقرب إلى الحالة األولى منها إلى الثالثة‪ ،‬ذلك ألنها تستعيض عن اإلدارات اإللهية بالقوة وعن الخالق بالطبيعة‪،‬‬
‫ولكنها تنسب إلى القوة الطبعية وظيفة شديدة الشبه بوظيفة اإلرادات اإللهية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك تلك القوى التي تفترض لتفسير‬
‫بعض الظواهر مثل قوى الروح واألثير والمبدأ الحيوي‪.‬‬

‫وإذن يميز كونت الدور الالهوتي أو الديني بأن العقل كان يفسر كل ماحوله من ظواهر عن طريق بسيتها إلى اآللهة‬
‫واألرواح الخفية وهي قوى خارجة عن الظواهر نفسها ‪ ،‬أما الدور الميتافيزيقي فيميزه بأن العقل فيه كان يفسر الظواهر‬
‫بمعان مجردة أو قوى خفية أو علل اليقوى على أثباتها ثم اخيرًا يميز الدور الوضعي أو العلمي بأن العقل فيه يفسر الظواهر‬
‫بنسبتها إلى قوانين وضعيه تؤثر فيها‪ .‬ويطبق كونت هذا التطور العقلي على تطور المجتمعات اإلنسانية بل يطبقه أيضًا على‬
‫الفنون وتطورها وعلى الحضارة والقانون والسياسة واألخالق كما يقول إنه اليمكن فهم تطور كل هذا األمور إال إذا وقفنا‬
‫على تاريخ التطور العقلي ألن هذا التطور في نظره هو المحور األساسي الذي تدور حوله مظاهر النشاط االجتماعي ‪ ،‬وأن‬
‫أي تطور يطرأ على الفكر يظهر أثره في جميع نواحي الحياة االجتماعية‪ ،‬وعلى ذلك فهو يرجع كل تغير اجتماعي إلى‬
‫التغير الذي يحدث في التفكير اإلنساني‪.‬‬

‫فكونت يرى أن قانون الثالث حاالت هو نفسه القانون الذي يفسر به جميع مظاهر التطور االجتماعي‪ ،‬كما أن هذا القانون في‬
‫نظره اليحول بين اإلنسان وبين أن يعمل في مواجهة األحداث التاريخية ‪ ،‬ولكنه في هذه الحالة (لن يغير النظام الذي تسير‬
‫فيه المراحل المختلفة للتطور ألنه محدد بقوانين‪ ،‬كما ال يستطيع أي موثر خارجي ولو كان هذا المؤثر هو ا إلنسان نفسه‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬أن يقلب هذا النظام أو يبذله أويختصر إحدى المراحل التي بجب أن يمر بها وكل ما يمكن القيام به هو العمل‬
‫على سرعة التطور أي تمهيد السبيل لحدوثة في سهولة ويسر ويؤيد التاريخ هذا فلم يحدث قط أن رأينا أن تدخل اإلنسان‬
‫يؤثر في الظواهر االجتاعية إال من حيث قوتها أو سرعتها‪.‬‬

‫وبذلك ال ينكر كونت تدخل اإلنسان ولكنه يؤكد أن هناك طريقًا ال يتغير لسير التطور اإلنساني دن أن يكون هناك أي تدخل‬
‫لإلنسان فيها‪.‬‬

You might also like