You are on page 1of 158

����� ������� ������.

indd 3 1/19/15 10:52 AM


����� ������� ������.indd 4 1/19/15 10:52 AM
‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫تعريف بهذا المختصر‬

‫احلمد هلل وحده وال�صالة وال�سالم على من ال نبي بعده‪ ...‬وبعد‪:‬‬


‫ف�إن هذا املخت�صر لأ�سماء اهلل احل�سنى كان �أ�صله كتا ًبا يف جملد كبري عنوانه (وهلل الأ�سماء‬
‫احل�سنى فادعوه بها) حيث جاء يف (‪� )851‬صفحة‪ .‬وقد جاء هذا االخت�صار بناء على اقرتاح‬
‫ومطالبة من بع�ض الإخوان املحبني لت�سهل قراءته وحمله ون�شره على نطاق وا�سع‪ ،‬فتعم به‬
‫الفائدة ال�سيما يف مثل هذا املو�ضوع املهم الذي هو �أ�شرف العلوم و�أزكاها‪ ،‬كيف ال وهو يتعلق‬
‫ب�أ�شرف معلوم‪ ،‬وهو اهلل ‪ .‬ومثل هذا العلم ال ي�ستغني عنه م�سلم‪ ،‬بل العلم به من فرو�ض‬
‫العني‪ ،‬التي ال ي�صح توحيد امل�سلم وال ت�صح عبادته �إال بها‪.‬‬
‫وقد جاء هذا املخت�صر يف ما يقارب (‪� )160‬صفحة‪ .‬وكان االخت�صار للكتاب (الأ�صل)‬
‫مت�ضمن ًا الأعمال التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬اخت�صار املقدمة مبا ال يخل باملعنى‪.‬‬
‫‪ -2‬اخت�صار �أدلة كل ا�سم من �أ�سماء اهلل احل�سنى واالكتفاء لكل ا�سم بدليل واحد‪.‬‬
‫‪ -3‬االقت�صار يف �شرح معنى اال�سم على معناه يف حق اهلل تعالى وترك املعاين اللغوية لال�سم‪.‬‬
‫‪ -4‬كان يف الكتاب (الأ�صل) تو�سع يف ذكر اقرتان كل ا�سم من �أ�سماء اهلل احل�سنى بغريه من‬
‫الأ�سماء الأخرى‪ ،‬كما كان فيه تو�سع يف ذكر �أ�سرار هذه االقرتانات‪ .‬ويف هذا املخت�صر مت‬
‫حذف هذا كله‪ ،‬ومن �أراد االطالع على هذا املحذوف فلريجع �إلى الكتاب الأ�صل‪.‬‬
‫‪ -5‬يف الكتاب الأ�صل مت �سرد �أ�سماء اهلل احل�سنى متتالية دون ق�صد لهذا الرتتيب‪� ،‬أما‬
‫يف هذا املخت�صر فجاء ترتيب الأ�سماء يف ف�صول ت�سعة ح�سب متعلق اال�سم ب�آثاره وثماره‬
‫يف حياة امل�سلم‪ ،‬فذكر مث ًال يف الف�صل الأول‪ :‬الأ�سماء احل�سنى التي تثمر يف القلب حمبة‬
‫اهلل ‪ ,‬ويف الف�صل الثاين‪ :‬الأ�سماء احل�سنى التي تثمر �صدق التوكل على اهلل‪ ...‬وهكذا‬
‫يف بقية الف�صول‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 5‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫وقد �ضمنت هذه الف�صول بع�ض النماذج من �أقوال و�أحوال ال�سلف املذكورة يف �آخر الكتاب‬
‫(الأ�صل) مبا ينا�سب كل ف�صل‪.‬‬
‫‪ -6‬مت نقل ذكر املراجع من الهام�ش �إلى داخل املنت‪ ،‬مع االخت�صار يف ذكرها ويف تخريج‬
‫الأحاديث‪ ،‬ومن �أراد التو�سع فيها فلريجع �إلى الكتاب الأ�صل‪.‬‬
‫�أ�س�أل اهلل ‪� ‬أن ينفع بهذا املخت�صر جامعه وقارئه و�سامعه ونا�شره‪ ،‬يف يوم ال ينفع فيه مال‬
‫وال بنون �إال من �أتى اهلل بقلب �سليم‪.‬‬

‫واحلمد هلل رب العاملني‬ ‫ ‬

‫‪6‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 6‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫�إن احلمد هلل نحمده‪ ،‬ون�ستعينه‪ ،‬ون�ستغفره‪ ،‬ونتوب �إليه‪ ،‬ونعوذ باهلل من �شرور �أنف�سنا و�سيئات‬
‫�أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال م�ضل له‪ ،‬ومن ي�ضلل فال هادي له‪ ،‬و�أ�شهد �أال �إله �إال اهلل و حده ال‬
‫�شريك له‪ ،‬و�أ�شهد �أن حممدً ا عبده ور�سوله‪� -‬صلى اهلل عليه وعلى �آله و�صحبه و�سلم ت�سلي ًما‬
‫كث ًريا‪� -‬أما بعد‪:‬‬
‫ف�إن �أج ّل املقا�صـد و�أنفع العلوم و�أ�شرفها و�أعالها؛ العلم ب�أ�سماء اهلل ‪ ‬احل�سنى‪ ،‬و�صفاته‬
‫ال ُعال؛ لأنها ُتع ِّرف النا�س بربهم �سبحانه‪ ،‬الذي هو �أ�شرف معلوم‪ ،‬و�أعظم مق�صود‪ ،‬وتع ِّرفهم‬
‫بخالقهم وخالق ال�سماوات والأر�ض ومن فيهن‪ ،‬وهذا ي�ستلزم عبادته – �سبحانه ‪ -‬وحمبته‪،‬‬
‫وخ�شيته‪ ،‬وتعظيمه‪ ،‬و�إجالله‪.‬‬
‫ومن رحمته – �سبحانه ‪� -‬أن جعل توحيده ومعرفته‪� ،‬أمر ًا مركو ًزا يف الفطر والعقول �إجما ًال؛‬
‫�إال �أن يطر�أ على الفطرة والعقل ما يف�سدهما من فعل �شياطني اجلن والإن�س ‪ ،‬قال اهلل تعالى‪:‬‬
‫ﱫ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬﱪ [الروم‪ ، ]30 :‬وقال ‪« : ‬كل مولود يولد على الفطرة ف�أبواه يهودانه �أو‬
‫ين�صرانه‪( »...‬جزء من حديث رواه البخاري في صحيحه ‪.)1359‬‬
‫ويف ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬ال �سعادة للعباد‪ ،‬وال �صالح لهم‪ ،‬وال‬
‫نعيم �إال ب�أن يعرفوا ربهم‪ ،‬ويكون هو وحده غاية مطلوبهم‪ ،‬والتعرف �إليه قرة عيونهم‪،...‬‬
‫ومتى فقدوا ذلك؛ كانوا �أ�سو�أ حا ًال من الأنعام‪ ،‬وكانت الأنعام �أطيب ً‬
‫عي�شا منهم يف العاجل‪،‬‬
‫و�أ�سلم عاقبة يف الآجل» (مختصر الصواعق املرسلة ‪.)47/1‬‬
‫أهمية التعرف على األسماء الحسنى‬

‫أو ًال ‪� :‬إن �أ�شرف غايات امل�سلم‪ ،‬ومنتهى طلبه؛ �أن يفوز بر�ضوان اهلل ‪ -‬تعالى ‪ -‬وجنته‪ ،‬و�أن‬
‫يتنعم بالنظر �إلى وجه اهلل ‪ -‬ذي اجلالل والإكرام ‪ -‬يف الدار الآخرة‪ ،‬ولكن هذه الغاية لن‬
‫تتحقق �إال بتوفيق اهلل ‪ ‬لعبده للإميان به وحده‪ ،‬وطاعته‪ ،‬واجتناب معا�صيه‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 7‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫المقدمة‬

‫وهذا الإميان والعمل ال�صالح لن يتحقق للعبد القيام بهما �إال بالعلم؛ لأن العلم قبل القول‬
‫والعمل‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﱪ[ فاطر‪.]28:‬‬
‫وملا كان �شرف كل علم بح�سب ما يتعلق به هذا العلم‪ ،‬كان �أ�شرف العلوم و�أج ّلها العلم الذي‬
‫يتعلق باهلل ‪ ،‬ومبعرفة �أ�سمائه احل�سنى‪ ،‬و�صفاته ال ُعال‪ ،‬وبقدر معرفة العبد ب�أ�سماء اهلل‬
‫‪ ‬و�صفاته يكون حظه من العبودية لربه‪ ،‬والأن�س به‪ ،‬وحمبته‪ ،‬و�إجالله‪ ،‬وتعظيمه‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬العلم ب�أ�سماء اهلل ‪ ‬و�صفاته �أ�صل العلوم و�أ�سا�س الإميان‪ ،‬و�أول الواجبات‪ ،‬ف�إذا‬
‫عرف النا�س ربهم عبدوه‪.‬‬
‫يقول قوام ال�سنة الأ�صفهاين رحمه اهلل تعالى‪« :‬قال بع�ض العلماء‪� :‬أول فر�ض فر�ضه اهلل‬
‫على خلقه‪ :‬معرفته‪ ،‬ف�إذا عرفه النا�س عبدوه‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﱪ‬
‫[محمد‪. ]19:‬‬
‫فينبغي للم�سلمني �أن يعرفوا �أ�سماء اهلل ‪ ‬وتف�سريها‪ِّ ،‬‬
‫فيعظموا اهلل حق عظمته‪ ،‬ولو �أراد‬
‫رجل �أن يعامل رج ًال؛ ف�إنه �سيطلب منه �أن يعرف ا�سمه وكنيته‪ ،‬وا�سم �أبيه وجده‪ ،‬وي�س�أله عن‬
‫�صغري �أمره وكبريه‪ ،‬فاهلل الذي خلقنا ورزقنا‪ ،‬ونحن نرجوا رحمته ونخاف من �سخطه‪� ،‬أولى‬
‫�أن نعرف �أ�سماءه ونعرف تف�سريها»‪( .‬احلجة في بيان احملجة ‪.)122/1‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬يف معرفة اهلل ‪ ‬ب�أ�سمائه و�صفاته زيادة يف الإميان واليقني وحتقيق للتوحيد‪ ،‬وتذوق‬
‫لطعم العبودية‪.‬‬
‫يقول ال�شيخ ال�سعدي رحمه اهلل تعالى‪« :‬وبح�سب معرفته بربه يكون �إميانه‪ ،‬فكلما ازداد‬
‫معرفة بربه ازداد �إميانه‪ ،‬وكلما نق�ص نق�ص‪ ،‬و�أقرب طريق �إلى ذلك‪ :‬تدبر �صفاته و�أ�سمائه‬
‫من القر�آن»‪( .‬تفسير السعدي ‪.)24/1‬‬
‫رابع ًا‪ :‬العامل باهلل تعالى حقيقة ي�ستدل مبا علم من �صفاته و�أفعاله على ما يفعله وعلى ما‬
‫ي�شرعه من الأحكام؛ لأنه ال يفعل �إال ما هو مقت�ضى �أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬و�أفعاله دائرة بني العدل‬
‫والف�ضل واحلكمة‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 8‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫خامس ًا‪ :‬التــالزم الوثيــق بني �صفــات اهلل تعالى وما تقت�ضيــه من العبادات الظاهرة‬
‫والباطنة ‪ ،‬ويف ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬فعلم العبد بتفرد الرب تعالى‬
‫بال�ضر‪ ،‬والنفع‪ ،‬والعطاء‪ ،‬واملنع‪ ،‬واخللق‪ ،‬والرزق‪ ،‬والإحياء‪ ،‬والإماتة؛ يثمر له‪ :‬عبودية التوكل‬
‫عليه باط ًنا‪ ،‬ولوازم التوكل وثمراته ظاه ًرا‪ ...‬فرجعت العبودية كلها �إلى مقت�ضى الأ�سماء‬
‫وال�صفات»‪( .‬إغاثة اللهفان ‪.)10/1‬‬
‫سادس ًا‪ :‬للتعبد ب�أ�سماء اهلل تعالى و�صفاته �آثار طيبة يف �سالمة القلوب‪ ،‬و�سالمة الأخالق‬
‫وال�سلوك‪ ،‬كما �أن يف تعطيلها با ًبا �إلى �أمرا�ض القلوب وم�ساوئ الأخالق‪.‬‬
‫سابع ًا‪ :‬يف معرفة �أ�سماء اهلل و�صفاته‪ ،‬والتعبد له بها �سبحانه ثمرات طيبة يف املوقف من‬
‫امل�صائب واملكروهات وال�شدائد؛ ف�إذا علم العبد �أن ربه عليم حكيم عدل ال يظلم �أحدً ا‪ ،‬ر�ضي‬
‫و�صرب‪ ،‬وتي َّقن �أن املكروهات التي ت�صيبه واملحن التي تنزل به فيها �ضروب من امل�صالح‬
‫واملنافع التي ال يبلغها علمه؛ لكنها من مقت�ضى علم اهلل تعالى وحكمته‪ ،‬فيطمئن‪ ،‬وي�سكن �إلى‬
‫ربه‪ ،‬ويفو�ض �أمره �إليه‪.‬‬
‫ثامن ًا‪ :‬فهم معاين �أ�سماء اهلل ‪ ‬و�صفاته طريق �إلى حمبة اهلل‪ ،‬وتعظيمه ورجائه واخلوف‬
‫منه‪ ،‬ويف ذلك يقول العز بن عبد ال�سالم رحمه اهلل تعالى‪« :‬فهم معاين �أ�سماء اهلل تعالى‬
‫و�سيلة �إلى معاملته بثمراتها من اخلوف‪ ،‬والرجاء‪ ،‬واملهابة‪ ،‬واملحبة والتوكل‪ ،‬وغري ذلك من‬
‫ثمرات معرفة ال�صفات» (شجرة املعارف ص‪.)1‬‬
‫تاسع ًا‪� :‬إن يف تدبر معاين �أ�سماء اهلل ‪ ‬و�صفاته �أكرب عون على تدبر كتاب اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬حيث �أمرنا اهلل ‪ ‬بتدبر القر�آن يف قوله �سبحانه ‪ :‬ﱫ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﱪ [ص‪ً ،]29 :‬‬
‫ونظرا لأن القر�آن الكرمي يكرث‬
‫ريا من �أبواب‬
‫فيه ذكر الأ�سماء وال�صفات ح�سب متعلقاتها‪ ،‬ف�إن يف تدبرها با ًبا كب ً‬
‫تدبر القر�آن‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬العلم ب�أ�سماء اهلل ‪ ‬و�صفاته يزرع يف القلب الأدب مع اهلل تعالى واحلياء منه‪.‬‬
‫ً‬

‫‪9‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 9‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫المقدمة‬

‫يقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪�« :‬إن الأدب مع اهلل ‪ -‬تبارك وتعالى ‪ :-‬هو القيام بدينه‪،‬‬
‫والت�أدب ب�آدابه ظاه ًرا وباط ًنا‪ .‬وال ي�ستقيم لأحد قط الأدب مع اهلل �إال بثالثة �أ�شياء‪ :‬معرفته‬
‫ب�أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬ومعرفته بدينه و�شرعه‪ ،‬وما يحب وما يكره‪ ،‬ونف�س م�ستعدة قابلة لينة‪،‬‬
‫متهيئة لقبول احلق عل ًما وعم ًال وحا ًال»‪( .‬مدارج السالكني ‪.)403/2‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬املعرفة باهلل تعالى و�أ�سمائه و�صفاته تب�صر العبد بنقائ�ص نف�سه وعيوبها‬
‫و�آفاتها‪ ،‬فيجتهد يف �إ�صالحها‪.‬‬
‫يقول الإمام ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪�« :‬أركان الكفر �أربعة‪ :‬الكرب‪ ،‬واحل�سد‪ ،‬والغ�ضب‪،‬‬
‫وال�شهوة‪ ...‬ومن�ش�أ هذه الأربعة من جهله بربه وجهله بنف�سه‪ ،‬ف�إنه لو عرف ربه ب�صفات الكمال‪،‬‬
‫ونعوت اجلالل‪ ،‬وعرف نف�سه بالنقائ�ص والآفات مل يتكرب‪ ،‬ومل يغ�ضب لها‪ ،‬ومل يح�سد �أحدًا على‬
‫ما �آتاه اهلل»‪( .‬الفوائد ص‪.)177‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬الآثار ال�سيئة والنتائج الوخيمة‪ ،‬التي تنتج من فقد العبد ملعرفة �أ�سماء اهلل‬
‫تعالى و�صفاتـه‪ ،‬وعدم فهمه لها وتدبرها والتعبد هلل تعالى بها‪.‬‬
‫ويجلي الإمام ابن القيم – رحمه اهلل تعالى‪� -‬آثار هذا الفقد �أو �ضعفه‪ ،‬فيقول‪�« :‬أي �شيء‬
‫عرف من مل يعرف اهلل ور�سله‪ ،‬و�أي حقيقة �أدرك من فاتتــه هذه احلقيقة‪ ،‬و�أي علم �أو عمل‬
‫ح�صل ملن فاته العلم باهلل والعمل مبر�ضاته ومعرفة الطريق املو�صلة �إليه‪ ،‬وما له بعد الو�صول‬
‫�إليه»‪( .‬هداية احليارى ص ‪.)591‬‬

‫تنبيهات مهمة على األسماء الحسنى‬

‫•الدعاء بأسماء اهلل تعالى ‪:‬‬


‫الدعاء بها يتناول دعاء امل�س�ألة‪ ،‬ودعاء الثناء‪ ،‬ودعاء التعبد ‪ ،‬وهو – �سبحانه ‪ -‬يدعو عباده‬
‫�إلى �أن يعرفوه ب�أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬ويثنوا عليه بها ‪ ،‬وي�أخذوا بحظهم من عبوديتها‪ ،‬وعلى ر�أ�س‬
‫ذلك دعا�ؤه و�س�ؤاله بها‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 10‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫وهو – �سبحانه ‪ -‬يحب موجب �أ�سمائه و�صفاته ‪ ،‬فهو عليم يحب كل عليم‪ ،‬جواد يحب كل‬
‫جواد ‪ ،‬جميل يحب اجلمال‪ ،‬عفو يحب العفو و�أهله ‪ ،‬حيي يحب احلياء و�أهله‪� ،‬شكور يحب‬
‫ال�شاكرين‪� ،‬صبور يحب ال�صابرين‪.‬‬
‫ولذلك ف�إنه ُيدعى يف كل مطلوب‪ ،‬مبا ينا�سب ذلك املطلوب ‪ ،‬فيقول الداعي مث ًال‪ :‬ال َّلهم اغفر‬
‫علي يا تواب‪ ،‬وارزقني يا رزاق‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫يل وارحمني‪� ،‬إنك �أنت الغفور الرحيم‪ ،‬وتب َّ‬
‫•هل نصوص أسماء اهلل الحسنى محكمة أو متشابهة؟‬
‫ن�صو�ص الأ�سماء احل�سنى من الن�صو�ص املحكمة �أيمّ ا �إحكام‪ ،‬بل هي من �أحكم املحكمات‪،‬‬
‫فمعانيها وا�ضحة‪ ،‬حيث نفهم من ا�سم «الرحمن» غري ما نفهمه من ا�سم «العزيز»‪..،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وكذلك ف�إنَّ من �إحكام الأ�سماء احل�سنى ت�ضمنها �صفات الكمال‪ ،‬و�أنها لي�ست‬
‫أعالما جمرد ًة‪ ،‬فنعلم �أن ا�سم اهلل «احلكيم» مت�ضمن احلكمة الكاملة‪ ،‬و�أن ا�سم اهلل‬ ‫� ً‬
‫«العزيز» مت�ضمن العزة الكاملة‪.‬‬
‫« و�أما �إذا �أريد حقائق ال�صفات وكيفياتها فهذا من املت�شابه احلقيقي‪ ،‬الذي ال يعلـم معناه‬
‫�إال اهلل ‪ ،‬فال يعلمه من الب�شـر �أح ٌد»‪( .‬املنهاج األسنى في شرح أسماء الله احلسنى ‪.)27 -26/1‬‬
‫اسما‪ )...‬الحديث‪.‬‬
‫ً‬ ‫•شرح حديث‪( :‬إن هلل تسعة وتسعين‬
‫عن �أبي هريرة ‪� :‬أن ر�سول اهلل ‪ ‬قال‪�« :‬إن هلل ت�سعة وت�سعني ا�س ًما من �أح�صاها دخل‬
‫اجلنة»‪( .‬أخرجه البخاري ومسلم)‪.‬‬
‫جاء يف بع�ض روايات هذا احلديث تف�صيل يف ذكر هذه الأ�سماء الت�سعة والت�سعني‪ ،‬كما عند‬
‫الرتمذي وغريه‪ ،‬ولكن �أغلب العلماء �ضعفوا هذه الرواية وردوها‪ .‬و�إمنا الرواية ال�صحيحة‬
‫هي التي عند البخاري وم�سلم‪ ،‬وغريهما مما مل يذكر فيها تف�صيل لهذه الأ�سماء‪.‬‬
‫ولي�س يف الرواية ال�صحيحة لهذا احلديث ما يدل على ح�صر �أ�سـماء اهلل ‪ ‬بالعدد املذكور؛‬
‫ويف ذلك يقول الإمام النووي رحمه اهلل تعـالى‪« :‬اتفق العلمـاء على �أن هذا احلديث لي�س فيه‬
‫ح�صر لأ�سمائه ‪� -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬فلي�س معناه �أنه لي�س له �أ�سماء غري هذه الت�سعة والت�سعني؛‬
‫و�إمنا مق�صـود احلديث �أن هذه الت�سعة والت�سعني من �أح�صاها دخـل اجلنة‪ ،‬فاملراد الإخبار‬

‫‪11‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 11‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫المقدمة‬

‫عن دخول اجلنة ب�إح�صائها ال الإخبار بح�صر الأ�سماء»‪�« .‬شرح �صحيح م�سلم» للنووي ‪.5/17‬‬
‫ويراجع الكالم النفي�س البن حجر يف فتح الباري على هذا احلديث ‪.218/11‬‬
‫ح�صر؛‬
‫ويف ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪�« :‬إن الأ�سماء احل�سنى ال تدخل حتت ٍ‬
‫بعدد‪ ،‬ف�إن هلل تعالى �أ�سماء و�صفات ا�ست�أثر بها يف علم الغيب عنده ال يعلمها ٌ‬
‫ملك‬ ‫وال تحُ ُّد ٍ‬
‫نبي مر�س ٌل‪ ،‬كما يف احلديث ال�صحيح‪�« :‬أ�س�ألك بكل ا�سم هو لك‪� ،‬سميت به نف�سك‪،‬‬ ‫مقرب وال ٌّ‬
‫ٌ‬
‫�أو �أنزلته يف كتابك‪� ،‬أو علمته �أحدً ا من خلقك‪� ،‬أو ا�ست�أثرت به يف علم الغيب عندك»‪( .‬أحمد‪،‬‬
‫واحلاكم‪ ،‬وصححه األلباني في السلسلة الصحيحة)‪.‬‬
‫•ما معنى اإلحصاء في قول الرسول ‪( : ‬من أحصاها دخل الجنة)؟‬
‫ذكـر �أهـل العلم يف ذلك معاين عظيمة‪ ،‬ال ي�صدق على �أحد ب�أنه �أح�صـاها على وجه التمـام‬
‫والكـمال‪� ،‬أو حفظـها‪ ،‬حتى ي�أتي بها‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫•عدها وحفظها وا�ستح�ضارها و�أخذها من �أدلتها‪� ،‬سواء ما ورد منها يف الكتاب �أو ال�سنة‪.‬‬
‫•فهم معانيها ومعرفة مدلوالتها‪ ،‬وهذا من معاين الإح�صاء الذي منه العقـل واملعـرفة؛ تقول‬
‫العـرب‪ :‬فالن ذو ح�صاة‪� ،‬أي‪ :‬ذو عقل ومعرفة بالأمور‪.‬‬
‫•معرفة �آثارها يف الكون واحلياة‪ ،‬والقلب‪ ،‬قدر الطاقة؛ لأن هذا ميدان يتفاوت النا�س يف‬
‫حتقيقه‪.‬‬
‫•دعاء اهلل ‪ ‬بها والتعبد له �سبحانه‪ ،‬و�شهود �آثارها يف القلب‪ ،‬والل�سان‪ ،‬واجلوارح‪،‬‬
‫والعمل بها‪.‬‬
‫ف�إذا قر�أ‪ :‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧﱪ علم �أن اهلل ي�سمعه ويراه‪ ،‬و�أنه ال يخفى عليه خافية‪،‬‬
‫فيخافه يف �سره وعلنه‪ ،‬ويراقبه يف �أحواله كافة‪ ،‬و�إذا قر�أ‪ :‬ﱫﭛ ﭜﱪ؛ تذكر �صفة‬
‫الرحمة‪ ،‬واعتقد �أنها من �صفات اهلل �سبحانه فريجو رحمته‪ ،‬وال يي�أ�س من مغفرته‪� ....‬إلخ‪.‬‬
‫•بيان منهج أهل السنة والجماعة في توحيد األسماء والصفات‬
‫�إن منهج �أهل ال�سنة واجلماعة يف درا�سة �أ�سماء اهلل ‪ ‬احل�سنى و�صفاته العال هو املنهج‬
‫العدل واخليار‪ ،‬وهو و�سط بني من نفوا ال�صفات وعطلوها‪ ،‬ومن �أفرطوا يف الإثبات‪ ،‬حتى‬
‫�شبهوا �صفات اخلالق ‪ ‬ب�صفات املخلوق العاجز‪ ،‬القا�صر املحدود‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 12‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫وقد بني هذا املنهج على �أ�س�س ثابتة‪ ،‬من �أخذ بها جنا ‪ -‬ب�إذن اهلل تعالى ‪ -‬من �ضالالت‬
‫هذا الطرف �أو ذاك ‪ ،‬وقد خل�صها ال�شيخ ال�شنقيطي ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪ -‬يف ر�سالته القيمة‬
‫(منهج درا�سة الأ�سماء وال�صفات)‪ ،‬وذلك بقوله‪« :‬اعلموا �أن كرثة اخلو�ض والتعمق يف البحث‬
‫يف �آيات ال�صفات‪ ،‬وكرثة الأ�سئلة يف ذلك املو�ضوع من البدع التي يكرهها ال�سلف‪.‬‬
‫واعلموا �أن مبحث �آيات ال�صفات دل القر�آن العظيم �أنه يرتكز على ثالثة �أ�س�س؛ من جاء بها‬
‫كلها فقد وافق ال�صواب وكان على االعتقاد‪ ،‬الذي كان عليه النبي ‪ ،‬و�أ�صحابه‪ ،‬وال�سلف‬
‫ال�صالح‪ ،‬ومن �أخل بواحد من تلك الأ�س�س الثالثة فقد �ضل‪.‬‬
‫أحـد هذه األسـس الثالثة‪ :‬هـو تنزيه اهلل ‪ -‬جـل وعال ‪ -‬عن �أن ي�شـبه �شيء من‬
‫�صـفاته �شـي ًئا من �صـفات املخـلوقني‪ ،‬وهـذا الأ�صـل يدل عليه قــوله تعـالى‪ :‬ﱫ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣﱪ‪ ،‬ﱫ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﱪ‪ ،‬ﱫ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﱪ ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬هو الإميان مبا و�صف اهلل به نف�سه؛ لأنه ال ي�صف اهلل �أعلم باهلل من اهلل ‪ :‬ﱫ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨﱪ‪.‬‬
‫والإميان مبا و�صفه به ر�سوله ‪ ، ‬لأنه ال ي�صف اهلل بعد اهلل �أعلم باهلل من ر�سول اهلل ‪ ، ‬الذي‬
‫قال يف حقه‪ :‬ﱫ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱪ [النجم‪ ،]4-3 :‬فيلزم كل مكلف‬
‫�أن ي�ؤمن مبا و�صف اهلل به نف�سه �أو و�صفه به ر�سوله ‪ ‬وينزه اهلل ‪ -‬جل وعال ‪ -‬عن �أن ت�شبه‬
‫�صفته �صفة اخللق؛ ومن ظن �أن �صفة خالق ال�سماوات والأر�ض ت�شبه �شي ًئا من �صفات اخللق‬
‫فهذا جمنون جاهل‪ ،‬ملحد �ضال‪ ،‬ومن �آمن ب�صفات ربه ‪ -‬جل وعال ‪ -‬منزهً ا ربه عن ت�شبيه‬
‫�صفاته ب�صفات اخللق فهو م�ؤمن منـزه �سامل من ورطـة الت�شبيـه والتعطيـل‪ .‬وهذا التحقيق هـو‬
‫م�ضمـون قوله تعالى‪ :‬ﱫ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧﱪ [الشورى‪ ،] 11 :‬فهذه الآية‬
‫فيها تعليم عظيم يحل جميع الإ�شكاالت‪ ،‬ويجيب عن جميع الأ�سئلة حول املو�ضوع؛ ذلك لأن اهلل‬
‫قال‪ :‬ﱫ ﭥ ﭦ ﭧﱪ بعد قوله‪ :‬ﱫ ﭡ ﭢ ﭣﱪ‪.‬‬
‫الثالث‪� :‬أن تقطـعوا �أطـماعكم عن �إدراك حـقيقة الكـيفية؛ لأن �إدراك حقيقة الكيفية‬
‫م�سـتحيل‪ ،‬وهـذا ن�ص اهلل عليه يف �ســورة (طه) حـيث قال‪ :‬ﱫ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﱪ [ طه‪ ] 110 :‬انظر ‪( :‬منهج دراسة األسماء والصفات) باختصار‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 13‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


����� ������� ������.indd 14 1/19/15 10:52 AM
‫الفصل األول‬

‫األسماء التي تثمر محبة اهلل ‪‬‬


‫واألنس به‬

‫‪����� ������� ������.indd 15‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‬

‫األسماء التي تثمر محبة اهلل ‪‬‬


‫واألنس به‬

‫•من عرف اهلل ‪ ‬ب�أ�سمائه و�صفاته �أحبه حمبة عظيمة ال ت�ضاهيها حمبة �أخرى‪ ،‬ذلك‬
‫�أن �أ�سماء اهلل ‪ ‬كلها ح�سنى وجميلة وجليلة‪ ،‬وهي مقت�ضية للخلق والأمر‪ .‬و�شهود �آثار‬
‫�أ�سمائه احل�سنى يورث يف القلب حمبة الرب العظيم‪ ،‬ذي اجلالل والإكرام‪ ،‬الرحمن‬
‫الرحيم‪ - ،‬وهلل املثل الأعلى ‪ -‬لو �أن خملو ًقا من النا�س اجتمعت فيه �صفات جميلة‪،‬‬
‫كالرحمة وال�صدق والعدل والوفاء واحلكمة‪� ...‬إلخ‪ ،‬ثم كان مع ذلك حم�س ًنا وخريه وا�صل‬
‫لبع�ضهم؛ لكان ذلك مدعاة ملحبة النا�س له والثناء عليه‪ ،‬هذا وهو خملوق �ضعيف يعرتيه‬
‫النق�ص واجلهل‪ ،‬وحمدود الزمان واملكان وال�صفات؛ فكيف مبن له كل �صفات الكمال‬
‫واجلالل‪ ،‬والعظمة واجلمال‪ ،‬والإح�سان والإنعام؟‬
‫•يقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬ف�إذا ان�ضم داعي الإح�سان والإنعام �إلى داعي الكمال‬
‫واجلمال‪ ،‬مل يتخلف عن حمبة ‪َ -‬منْ هذا �ش�أنه ‪� -‬إال �أرد�أ القلوب‪ ،‬و�أخبثها‪ ،‬و�أ�ش ّدها‬
‫نق�صا‪ ،‬و�أبعدها من كل خري‪ ،‬ف�إن اهلل فطر القلوب على حمبة املح�سن الكامل يف �أو�صافه‬ ‫ً‬
‫و�أخالقه‪ ،‬و�إذا كانت هذه فطرة اهلل التي فطر عليها قلوب عباده‪ ،‬فمن املعلوم �أنه ال �أحد‬
‫�أعظم �إح�سا ًنا منه �سبحانه وتعالى‪ ،‬وال �شيء �أكمل منه وال �أجمل‪ ،‬فكل كمال وجمال يف‬
‫املخلوق من �آثار �صنعه �سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو الذي ال يحد كماله وال يو�صف جالله وجماله‪،‬‬
‫وال يح�صي �أحد من خلقه ثنا ًء عليه بجميل �صفاته وعظيم �إح�سانه وبديع �أفعاله‪ ،‬بل هو‬
‫كما �أثنى على نف�سه‪ ،‬و�إذا كان الكمال حمبو ًبا لذاته ونف�سه‪ ،‬وجب �أن يكون اهلل هو املحبوب‬
‫لذاته و�صفاته؛ �إذ ال �شيء �أكمل منه‪ ،‬وكل ا�سم من �أ�سمائه و�صفة من �صفاته و�أفعاله دالة‬
‫عليه‪ ،‬فهو املحبوب املحمود على كل ما فعل وعلى كل ما �أمر؛ �إذ لي�س يف �أعماله عبث وال‬
‫يف �أوامره �سفه‪ ،‬بل �أفعاله كلها ال تخرج عن احلكمة وامل�صلحة‪ ،‬والعدل والف�ضل والرحمة‪،‬‬
‫‪16‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 16‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫وكل واحد من ذلك ي�ستوجب احلمد والثناء واملحبة عليه»‪( .‬طريق الهجرتني ‪.)521،520‬‬
‫كالما ُي ّدعى‪ ،‬و�إمنا هي ‪ -‬عند ال�صادقني فيها ‪ -‬معنى يجمع‬ ‫•وحمبة اهلل ‪ ‬لي�ست ً‬
‫بني قوة الإخال�ص هلل تعالى وقوة املتابعة لر�سول اهلل ‪ ‬ظاه ًرا وباط ًنا‪ ،‬قال اهلل‬
‫‪ :‬ﱫ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﱪ‬
‫[آل عمران‪.]31 :‬‬
‫•ومع �أن جميع �أ�سماء اهلل احل�سنى تقت�ضي حمبة اهلل ‪ ‬ف�إنه ميكن اخت�صا�ص الأ�سماء‬
‫التي يظهر فيها ذلك‪ ،‬ومن هذه الأ�سماء‪ :‬اهلل جل جالله ‪ -‬الرب ‪ -‬الرحمن‪ ،‬الرحيم‬
‫‪ -‬الأول ‪ ،‬الآخر ‪ -‬القدو�س‪ -‬ال�سبوح ‪ -‬احلي‪ -‬القيوم ‪ -‬ال�سالم ‪ -‬امل�ؤمن ‪ -‬اللطيف ‪-‬‬
‫احلكيم ‪ -‬البرَ ّ ‪ -‬الكرمي الأكرم ‪ -‬الغفور‪ ،‬الغفار ‪ -‬العف ّو ‪ -‬الر�ؤوف ‪ -‬ال�صمد ‪ -‬احلليم‬
‫‪ -‬الودود ‪ -‬ال�شاكر ‪ ،‬ال�شكور ‪ -‬املولى ‪ -‬الن�صري ‪ -‬اخلالق ‪ -‬البارئ ‪ -‬امل�صور ‪ -‬احلافظ‪،‬‬
‫احلفيظ ‪ -‬املقيت ‪ -‬الرزاق‪ ،‬الرازق ‪ -‬احلميد ‪ -‬املجيد ‪ -‬الوا�سع ‪ -‬الفتاح ‪ -‬ال�شايف‬
‫‪ -‬اجلواد ‪ -‬الغني‪ -‬املح�سن ‪ -‬اجلميل ‪ -‬املعطي‪ -‬الوهاب ‪ -‬املنان‪ -‬التواب ‪ -‬الوكيل‪،‬‬
‫الكفيل ‪ -‬القريب ‪ -‬املجيب – احليي ‪ -‬ال�ستري ‪ -‬الرفيق ‪ -‬البا�سط‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 17‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•اجلامع جميع معاين �أ�سماء اهلل احل�سنى‪ ،‬واملت�ضمن �سائر �صفات اهلل تعالى‪.‬‬
‫وخ�ضوعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫•وا�سم «اهلل» دا ٌّل على كونه م�ألوهً ا معبودًا‪ ،‬ت�ألهه اخلالئق حمبة‪ ،‬وتعظي ًما‪،‬‬
‫وفزعا �إليه يف احلوائج والنوائب‪.‬‬
‫ً‬
‫•واإلله‪ :‬هو امل�ألوه‪� ،‬أي‪ :‬امل�ستحق لأن ي�ؤله؛ �أي يعبد‪ .‬وال ي�ستحق �أن ي�ؤله ويعبد �إال اهلل‬
‫وحده‪.‬‬
‫من آثار هذا االسم العظيم‬
‫•حمبة اهلل ‪ ‬حمبة عظيمة تتقدم على حمبة النف�س‪ ،‬والأهل‪ ،‬والولد‪ ،‬والدنيا جمي ًعا؛‬
‫لأنه امل�ألوه املعبود وحده‪ ،‬وهو املنعم املتف�ضل وحده‪ ،‬وهو الذي له الأ�سماء احل�سنى‪ ،‬وهو‬
‫الذي له اخللق والأمر واحلمد كله وهذا ي�ستلزم حمبة من يحبه اهلل تعالى وما يحبه‪،‬‬
‫وبغ�ض من يبغ�ضه �سبحانه‪ ،‬وما يبغ�ضه‪ ،‬واملواالة واملعاداة فيه‪ .‬وال يذوق طعم الإميان �إال‬
‫من �أحب اهلل ‪ ‬احلب كله‪ ،‬و�أحب فيه و�أبغ�ض فيه‪.‬‬
‫•تعظيمه �سبحانه و�إجالله و�إخال�ص العبودية له وحده‪ ،‬من توكل‪ ،‬وخوف‪ ،‬ورجاء‪ ،‬ورغبة‪،‬‬
‫ورهبة‪ ،‬و�صالة‪ ،‬و�صيام‪ ،‬وذبح‪ ،‬ونذر‪ ،‬وغري ذلك من �أنواع العبادات التي ال يجوز �صرفها‬
‫�إال له �سبحانه‪.‬‬
‫•من �أعظم �آثار هذا اال�سم العظيم ومعرفته حق املعرفة طم�أنينة القلب و�سعادته و�أن�سه‬
‫باهلل ‪.‬‬
‫•مبا �أن لفظ اجلاللة م�ستلزم جميع الأ�سماء وال�صفات‪ ،‬ف�إن من �آثار هذا اال�سم‬
‫العظيم �آثار بقية �أ�سمائه �سبحانه و�صفاته‪ ،‬وكل �أثر من �آثار �أ�سماء اهلل ‪ ‬و�صفاته‬
‫لي�س �سوى �أثر لهذا اال�سم العظيم ومن موجباته‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 18‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ { [الرحمن‪ ,]2-1 :‬وقال تعالى‪ } :‬ﮤ‬


‫ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ { [املزمل‪.]20 :‬‬
‫هذان االسمان الكريمان مشتقان من (الرحمة)‪ ،‬و َفرَّق بعض أهل‬
‫العلم بينهما بالفروق التالية‪:‬‬
‫•أو ًال‪� :‬إن ا�سم (الرحمن)‪ :‬هو ذو الرحمة ال�شاملة جلميع اخلالئق يف الدنيا‪ ،‬وللم�ؤمنني يف‬
‫الآخرة‪ .‬و�أما ا�سم (الرحيم) فهو ذو الرحمة للم�ؤمنني‪ ،‬كما يف قوله تعالى‪ } :‬ﰑ‬
‫ﰒ ﰓ { [األحزاب‪.]43 :‬‬
‫•ثاني ًا‪� :‬إن ا�سم (الرحمن) دال على الرحمة الذاتية‪ ،‬القائمة به �سبحانه‪ ،‬و(الرحيم)‬
‫دال على الرحمة الفعلية املتعلقة باملرحوم‪ ،‬و�صفة (الرحمة) من ال�صفات الثابتة هلل‬
‫تعالى بالكتاب وال�سنة‪ ،‬وهي �صفة كمال الئقة بذاته �سبحانه ك�سائر ال�صفات‪.‬‬
‫•ثالث ًا‪ :‬ا�سم الرحمن من الأ�سماء التي ال يجوز للمخلوق �أن يت�سمى بها بينما يجوز �أن‬
‫يو�صف املخلوق بالرحيم ‪.‬‬
‫ورحمة اهلل ‪ ‬لعباده نوعان‬

‫األولى ‪ -‬رحمة عامة‪ :‬وهي جلميع اخلالئق‪ :‬ب�إيجادهم‪ ،‬وتربيتهم‪ ،‬ورزقهم‪ ،‬و�إمدادهم‬
‫بالنعم والعطايا‪ ،‬قال اهلل ‪ } :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ { [غافر‪.]7 :‬‬
‫الثانية ‪ -‬رحمة خاصة‪ :‬وهذه الرحمة ال تكون �إال للم�ؤمنني‪ ،‬فريحمهم اهلل ‪ ‬يف الدنيا‬
‫بتوفيقهم �إلى الهداية وال�صراط امل�ستقيم‪ ،‬ويثيبهم عليه‪ ،‬ويدافع عنهم وين�صرهم ويرزقهم‬
‫احلياة الطيبة‪ ،‬ويبارك لهم فيما �أعطاهم‪ ،‬وميدهم بال�صرب واليقني عند امل�صائب‪ ،‬ويغفر‬
‫لهم ذنوبهم ويكفرها بامل�صائب‪ ،‬ويرحمهم يف الآخرة بالعفو عن �سيئاتهم والر�ضا عنهم‬
‫والإنعام عليهم‪ ،‬بدخولهم اجلنة وجناتهم من عذابه ‪ ‬ونقمته‪ .‬وهذه الرحمة هي التي جاء‬
‫ذكرها يف قوله تعالى‪ } :‬ﰑ ﰒ ﰓ { [األحزاب‪.]43 :‬‬
‫‪19‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 19‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫ذكر بعض آثار رحمة اهلل ‪ ‬في خلقه وأمره‬

‫أو ًال‪ :‬تظهر �آثار رحمة اهلل ‪ ‬يف كل ما خلق اهلل يف هذا الكون العري�ض‪ ،‬وما فيه من‬
‫املخلوقات الدالة على عظمته �سبحانه ورحمته ‪ ‬بهذا الإن�سان بت�سخريها له‪.‬‬
‫إخراجا‬
‫ثان ًيا‪� :‬أعظم �آثار رحمته �سبحانه �إر�ساله الر�سل و�إنزاله الكتب هداية للنا�س و� ً‬
‫لهم من الظلمات �إلى النور؛ فالر�سل رحمة من عند اهلل ‪ ‬لعباده‪ ،‬قال اهلل ‪ }‬ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ { [األنبياء‪.]107 :‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬ومن �آثار رحمته �سبحانه ما ي�ضعه يف قلوب الأمهات من رحمة نحو �أوالدهن‪� ،‬سواء كان‬
‫ذلك عند الإن�سان �أو احليوان‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وتتجلى رحمة اهلل ‪ ‬يف �شرعه املطهر و�أحكامه التي كلها خري ورحمة للخلق‪� ،‬سواء‬‫ً‬
‫ما يتعلق بهدايتهم وحفظ �أديانهم‪� ،‬أو ما يتعلق بحفظ نفو�سهم و�أبدانهم‪� ،‬أو ما يتعلق بحفظ‬
‫عقولهم و�أفكارهم‪� ،‬أو ما يتعلق بحفظ �أعرا�ضهم و�أن�سابهم و�أوالدهم‪� ،‬أو ما يتعلق بحفظ‬
‫�أموالهم وممتلكاتهم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬كما تتجلى رحمة اهلل ‪ ‬يف امل�صائب واملكروهات‪ ،‬التي يقدرها على عباده‬ ‫ً‬
‫امل�ؤمنني‪ ،‬فهي و�إن كانت م�ؤذية ومكروهة لكن يف �أعطافها الرحمة واخلري‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬وتتجلى رحمة اهلل ‪ ‬يف رحمته اخلا�صة ب�أوليائه‪ ،‬وتوفيقهم‪ ،‬وت�سديدهم‪،‬‬ ‫ً‬
‫وحفظهم‪ ،‬وتي�سري �أمورهم‪ ،‬و�إجابة دعائهم‪ ،‬ون�صرهم على �أعدائهم الكافرين‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 20‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬

‫أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬املحبة العظيمة‪ ،‬وذلك حينما يفكر العبد وينظر يف �آثار رحمة اهلل ‪‬‬
‫يف الآفاق ويف النف�س‪ ،‬التي ال تعد وال حت�صى‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬عبودية الرجاء والتعلق برحمة اهلل تعالى‪ ،‬وعدم الي�أ�س منها‪ ،‬ف�إن اهلل ‪ ‬قد و�سعت‬
‫رحمته كل �شيء‪ ،‬وهو الذي يغفر الذنوب جمي ًعا‪ ،‬كما �أن الرجاء والنظر �إلى رحمة اهلل‬
‫الوا�سعة و�آثارها يثمر الأمل يف النفو�س املكروبة‪ ،‬وح�سن الظن باهلل تعالى‪ ،‬وانتظار الفرج‬
‫بعد ال�شدة‪ ،‬ومغفرة الذنوب‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬ات�صاف العبد بالرحمة وبذلها لعباد اهلل تبارك وتعالى‪.‬‬
‫•و�أعظم الرحمة بالنا�س هدايتهم �إلى التوحيد‪ ،‬و�إخراجهم من الظلمات �إلى النور ب�إذن‬
‫ربهم ‪ ،‬ثم الرحمة بهم يف �أنف�سهم‪ ،‬و�أعرا�ضهم‪ ،‬وعقولهم‪ ،‬و�أموالهم‪ ،‬ودفع الظلم‬
‫عنهم‪ ،‬وتفريج كروبهم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التعرض لرحمة اهلل تعالى بفعل أسبابها‪:‬‬
‫ً‬
‫•ومن �أعظم ما ت�ستجلب به رحمة اهلل تعالى فعل ما ير�ضيه وي�أمر به‪ ،‬واجتناب ما ي�سخطه‬
‫وينهى عنه باتباع ما جاء به النبي ‪.‬‬
‫•ومما ت�ستجلب به رحمة اهلل تعالى ما ذكر �ساب ًقا من الرحمة باخللق والإح�سان �إليهم‪.‬‬
‫•ومن الطرق التي تنال بها رحمة اهلل ‪ ‬تدبر القر�آن والإن�صات �إليه‪.‬‬
‫•وكذلك اال�ستغفار من �أعظم ما ت�ستجلب به رحمة اهلل تعالى‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬احلياء من اهلل ‪� :‬إن الت�أمل يف �إح�سـان اهلل ورحمته يورث العبد حـياء منه ‪-‬‬
‫ً‬
‫�سبحانه وتعالى ‪ -‬في�ستحي العـبد امل�ؤمن من خالقه �أن يع�صيه‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 21‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•قال اهلل ‪ }:‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ { [االنفطار‪.]6 :‬‬


‫•�أما ا�سمه �سبحانه (الأكرم) ففي قوله ‪ } :‬ﮆ ﮇ ﮈ { [العلق‪.]3 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الكرمي)‪ :‬الذي يبد�أ النعمة قبل اال�ستحقاق‪ ،‬ويتربع بالإح�سان من غري ا�ستثابة‪ ،‬ويغفر‬
‫الذنب‪ ،‬ويعفو عن امل�سيء‪.‬‬
‫•والكرمي هو البهي الكثري اخلري العظيم النفع‪ ،‬وهو من كل �شيء �أح�سنه و�أف�ضله‪.‬‬
‫•والأكرم‪ ،‬هو الأفعل‪ ،‬من الكرم‪ ،‬وهو كرثة اخلري‪ ،‬وال �أحد �أولى بذلك منه �سبحانه‪ ،‬ف�إن‬
‫اخلري كله بيده ومنه‪ ،‬والنعم كلها هو موليها‪ ،‬والكمال كله واملجد كله له‪ ،‬فهو الأكرم ح ًقا‪.‬‬
‫من آثار هذين االسمين الكريمين‬
‫•�إن (الكرمي) هو الكثري اخلري‪.‬‬
‫•و(الكرمي) هو الدائم باخلري‪.‬‬
‫ويقرب تناول ما عنده‪.‬‬
‫ُ‬ ‫•و(الكرمي) هو الذي َي�س ُهل خري ُه‪،‬‬
‫•و(الكرمي) هو املنزَّه عن النقائ�ص والآفات‪.‬‬
‫كر َم ومن �أهانه �أُهني‪.‬‬
‫كرم‪ ،‬فمن املكر ُم �إال اهلل تعالى؟ فمن �أكرمه اهلل �أُ ِ‬ ‫•و(الكرمي) مبعنى املُ ِ‬
‫و�ضا‪.‬‬‫•و(الكرمي) هو الذي ال يتوقع ِع ً‬
‫•و(الكرمي) هو الذي يعطي لغري �سبب‪.‬‬
‫•و(الكرمي) هو الذي ال يبايل من �أعطى‪.‬‬
‫• و(الكرمي) هو الذي ُيعطي من احتاج ومن ال يحتاج‪.‬‬
‫خ�ص بكبري من احلوائج دون �صغريها‪.‬‬ ‫•و(الكرمي) هو الذي ال ُي ُّ‬
‫•و(الكرمي) هو الذي �إذا وعد َو َّفى‪.‬‬
‫•و(الكرمي) هو الذي ال ُي�ضيع من التج�أ �إليه‪.‬‬
‫•و(الكرمي) هو الذي �إذا �أعطى زاد على املُ َنى‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 22‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬

‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه وتعالى على كرمه وجوده ونعمه‪ ،‬التي ال تعد وال حت�صى‪ ،‬وال�سعي‬
‫�إلى حتقيق هذه املحبة ب�شكره �سبحانه بالقلب والل�سان واجلوارح‪ ،‬و�إفراده وحده بالعبادة‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬احلياء منه �سبحانه والت�أدب معه ورجا�ؤه ‪ ،‬فمع كرثة معا�صي عباده؛ ف�إنه مل‬
‫مينع عنهم عطاءه وكرمه وجوده‪ ،‬وهذا الكرم العظيم يورث يف قلب العبد امل�ؤمن حياء‬
‫وانك�سا ًرا وخو ًفا ورجا ًء وبعدً ا عما ي�سخطه �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التعلق به وحده �سبحانه‪ ،‬والتوكل عليه وتفوي�ض الأمور �إليه‪ ،‬وطلب احلاجات‬ ‫• ً‬
‫منه وحده �سبحانه؛ لأنه الكرمي الذي ال نهاية لكرمه‪ ،‬والقادر الذي ال يعجزه �شيء يف‬
‫الأر�ض وال يف ال�سماء‪ ،‬احلي الذي ال ميوت‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التخلق بخلق الكرم‪ ،‬والتحلي ب�صفة اجلود وال�سخاء على عباد اهلل تعالى‪ ،‬ف�إن‬ ‫• ً‬
‫اهلل ‪ ‬كرمي يحب من عباده الكرماء‪ ،‬الذين يفرج اهلل بهم كرب املحتاجني ويغيث بهم‬
‫امللهوفني؛ وخلق الكرم الذي يحبه اهلل تعالى لي�س يف الإ�سراف والتبذير وت�ضييع الأموال‪،‬‬
‫و�إمنا هو التو�سط بني الإ�سراف والتبذير‪ ،‬وبني البخل وال�شح‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬كرثة دعاء اهلل ‪ ‬و�إح�سان الظن به تعالى‪ ،‬وطلب احلاجات منه �سبحانه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫مهما كان قدر هذه احلاجة‪ ،‬وت�أخري �أو منع �إجابة الدعاء وق�ضاء احلاجة‪ ،‬ال يقدح يف‬
‫كرم اهلل �سبحانه وجوده‪ ،‬بل �إن منعه �سبحانه ق�ضاء حاجة عبده امل�ؤمن هو يف ذاته كر ٌم‬
‫منه �سبحانه ورحمة‪� ،‬إذ قد يكون يف ق�ضاء احلاجة التي يلح العبد يف ق�ضائها هالك له‬
‫يف دينه �أو دنياه‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬املكرم من �أكرمه اهلل تعالى بالإميان والهدى‪ ،‬ولو كان فق ًريا مبتلى‪ ،‬واملهان من‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫�أهانه اهلل تعالى بالكفر والف�سوق والع�صيان‪ ،‬ولو كان غن ًيا ووجي ًها‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 23‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•قال ‪�( :‬أيها النا�س �إن اهلل طيب وال يقبل �إال طي ًبا) (أخرجه مسلم)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•الط ّيب يف �صفة اهلل تعالى مبعنى املنزه عن النقائ�ص‪ ،‬وهو مبعنى القدو�س‪ ،‬و�أ�صل الطيب‪:‬‬
‫الزكاة والطهارة وال�سالمة من اخلبث‪ ،‬فهو طيب و�أفعاله طيبة‪ ،‬و�صفاته �أطيب �شيء‪،‬‬
‫و�أ�سما�ؤه �أطيب الأ�سماء‪ ،‬وا�سمه (الطيب)‪ ،‬وال ي�صدر عنه �إال طيب‪ ،‬وال ي�صعد �إليه �إال‬
‫طيب‪ ،‬وال يقرب منه �إال طيب‪ ،‬فالطيبات كلها له وم�ضافة �إليه و�صادرة عنه ومنتهية �إليه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل �سبحانه ل�صفاته و�أ�سمائه الطيبة اجلليلة الكرمية‪ ،‬وحمده عليها و�إجالله‬
‫وتعظيمه‪ ،‬والثناء عليه بها‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ومن �آثار ا�سمه �سبحانه (الطيب) ما جاء يف احلديث نف�سه‪ ،‬من �أنه �سبحانه طيب‬
‫ال يقبل �إال طي ًبا‪ ،‬وال ينبغي �أن يتقرب �إليه العبد �إال بالطيب من الأقوال والأعمال املنبعثة‬
‫من املقا�صد الطيبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ومن �آثار الإميان با�سمه �سبحانه (الطيب) حمبة من اختاره �سبحانه لأن يكون‬ ‫• ً‬
‫طي ًبا من خملوقاته؛ لأنه ال يختار وال يخت�ص من املخلوقات �إال �أطيبها‪ ،‬ف�إن امل�ؤمن ال‬
‫يحب وال ي�ؤثر من العقائد والأقوال‪ ،‬والأعمال والأخالق‪ ،‬والأ�صحاب واملناكح‪ ،‬واملطاعم‬
‫وامل�شارب‪� ،‬إال �أطيبها و�أزكاها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬حمده �سبحانه والثناء عليه واللهج بذكره و�شكره على ما �أنعم به �سبحانه علينا‪،‬‬ ‫• ً‬
‫حيث �أنزل علينا �أف�ضل كتبه‪ ،‬و�أر�سل �إلينا �أف�ضل ر�سله‪ ،‬و�شرع لنا �أف�ضل �شرائعه‪ ،‬التي‬
‫كلها طيبة يف عقيدتها و�أحكامها و�أخالقها‪ ،‬والتي تكفل لكل من تعلمها وعمل بها احلياة‬
‫الطيبة الهنيئة املطمئنة يف الدنيا والآخرة‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 24‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫[البقرة‪:‬‬ ‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ{‬


‫‪.]143‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الر�أفة) �أعلى معاين الرحمة‪ ،‬وهي عامة جلميع اخللق يف الدنيا وللم�ؤمنني يف الآخرة‪.‬‬
‫•و(الر�ؤوف) هو الرحيم العاطف بر�أفته على عباده‪ ،‬وقال بع�ضهم‪ :‬الر�أفة �أبلغ الرحمة‬
‫و�أرقها‪ ،‬والرحمة قد تكون يف املكروه للم�صلحة‪ ،‬وال تكاد الر�أفة تكون يف املكروه‪.‬‬
‫ذكر شيء من آثار رأفته سبحانه بعباده‬
‫•أو ًال‪� :‬أنه ال يبطل عمل عباده‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬أخرب عباده مبا �سيالقونه يوم القيامة‪ ،‬حيث جتد كل نف�س ما عملت من خري‬
‫حم�ض ًرا‪ ،‬حتى ي�ستعد النا�س لذلك اليوم‪.‬‬
‫ثالثا‪� :‬إنزاله الكتاب على ر�سوله ‪ ‬ليخرج النا�س من ظلمات الكفر وال�شرك �إلى نور‬ ‫• ً‬
‫احلق ودين الإ�سالم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬توبته على عباده‪.‬‬ ‫• ً‬
‫خامسا‪ :‬ومن ر�أفته �سبحانه بعباده ت�سخريه لهم كل �شيء حتى ت�ستقيم حياتهم‪ ،‬ومن‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫ذلك و�سائل النقل‪ ،‬املتمثلة يف اجلمال واخليول والبغال واحلمري قد ًميا‪ ،‬وال�سيارات‬
‫والطائرات حدي ًثا‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬وامل�ؤمن احلق الذي يعلم �أن ر ّبه ر�ؤوف رحيم دائ ًما‪ ،‬يلج�أ �إلى اهلل با�سمه‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫الر�ؤوف‪ ،‬داع ًيا ومناد ًيا‪ ،‬طال ًبا منه �أن ير�أف به‪ ،‬ويرحمه‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 25‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫•ورد ا�سمه �سبحانه (اخلالق) يف قوله تعالى‪}:‬‬


‫ﯫﯬ { [احلشر‪.]24 :‬‬
‫•�أما ا�سمه �سبحانه (اخلالق)‪ ،‬فورد ذكره يف القر�آن الكرمي يف قوله �سبحانه‪ } :‬ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ { [احلجر‪.]86 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(اخلالق) هو املبدع للخلق املخرتع له على غري مثال �سابق‪.‬‬
‫•(اخلالق) ‪ :‬من �أفعال املبالغة من اخلالق‪ ،‬وتدل على كرثة خلق اهلل تعالى و�إيجاده‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬الإميان با�سمه �سبحانه (اخلالق) ي�ستلزم الإميان بوحدانيته �سبحانه و�ألوهيته‬
‫و�إفراده وحده بالعبادة‪ ،‬وهذا ما احتج به اهلل ‪ ‬على امل�شركني الذين يقرون ب�أنه‬
‫اخلالق الرازق وحده‪ ،‬ثم هم يعبدون غريه ممن ال يخلق وال يرزق وال يحيي وال مييت‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬الإميان با�سمه �سبحانه (اخلالق) يورث املحبة الكاملة له ‪‬؛ لأنه �سبحانه الذي‬
‫خلقنا و�أنعم علينا بنعمة الإيجاد‪ ،‬بعد �أن مل نكن �شي ًئا مذكو ًرا‪ ،‬ثم �أمدنا �سبحانه مبا خلقه‬
‫يف هذا الكون من نعم ومبا �سخره لنا من خملوقاته‪ ،‬ومبا خلق يف قلوب الأمهات والآباء من‬
‫الرحمة والرعاية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الإميان با�سمه �سبحانه (اخلالق) يدل على �صفاته �سبحانه الأخرى‪ ،‬كاحلياة والقدرة‬ ‫• ً‬
‫والعلم والإرادة واحلكمة‪� ،‬إذ ال ميكن �أن يكون خال ًقا غري قادر وال مريد وال عامل مبا خلق‪� ،‬أو‬
‫�أنه لي�س له فيما خلق حكمة وال علة‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 26‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫رابعا‪ :‬الإميان با�سمه (اخلالق) ي�ستلزم قبول �شرعه‪ ،‬واحلكم به‪ ،‬والتحاكم �إليه‪ ،‬وعدم‬ ‫• ً‬
‫الر�ضا بغريه بدي ًال؛ لأنه ال�شرع ال�صادر عن اخلالق احلكيم العليم بخلقه ونوازعهم‬
‫وم�صاحلهم‪ ،‬فكان �أح�سن ال�شرع و�أكمله و�أ�صلحه‪ } :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ {‬
‫[امللك‪.]14 :‬‬
‫خامسا‪ :‬الإميان ب�أنه �سبحانه اخلالق كل �شيء يقت�ضي الإقرار بعلم اخلالق �سبحانه‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫بجزئيات خلقه كلها �صغريها وكبريها‪ ،‬دقيقها وجليلها‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬تعظيم اهلل ‪ ‬وتكبريه و�إجالله‪ ،‬وذلك عند معاينة خملوقاته العظيمة يف‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫الآفاق والأنف�س‪ ،‬لأن عظمة هذه املخلوقات ودقتها وانتظامها يدل على عظمة خالقها‬
‫و�إتقانه‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬الإميان بعلوه �سبحانه على خلقه ومباينته لهم‪ ،‬فاخلالق �سبحانه بائن عن‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫املخلوق بذاته و�صفاته‪ ،‬فال احتاد وال حلول وال ممازجة‪ ،‬تعالى اهلل عن ذلك عل ًوا كب ًريا‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 27‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•ورد ا�سمه �سبحانه (امل�ص ِّور)يف قوله تعالى‪ }:‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ‬


‫ﯪ ﯫﯬ { [احلشر‪.]24 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(امل�ص ِّور) �أي‪ :‬الذي ينفذ ما يريد �إيجاده على ال�صفة التي يريدها‪.‬‬
‫•و(امل�ص ِّور) هو الذي �أن�ش�أ خلقه على �صور خمتلفة ليتعارفوا بها‪.‬‬
‫الفرق بين أسمائه سبحانه (الخالق والبارئ والمصور) ووجه اقتران هذه‬
‫األسماء‪:‬‬
‫•فـ (اخلالق) هو املقدر قبل الإيجاد‪ ،‬و(البارئ) امل ُو ِجد من العدم على مقت�ضى اخللق‬
‫والتقدير‪ ،‬ولي�س كل من ق ّدر �شي ًئا �أوجده �إال اهلل‪( ،‬وامل�ص ِّور) املُ�ش ِّكل لكل موجود على‬
‫ال�صورة التي �أوجده عليها‪ ،‬وهذه الفروق تعرف عند اجتماع هذه الأ�سماء‪� ،‬أما عند‬
‫افرتاقها ف�إن كل ا�سم ي�شمل معناه‪ ،‬ومعاين اال�سمني الآخرين‪ ،‬واهلل �أعلم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•ام َّ‬
‫نت اهلل علينا ب�أنه �صورنا ف�أح�سن �صورنا‪ } :‬ﮠ ﮡ ﮢ { [غافر‪:‬‬
‫‪.]64‬‬
‫وت�صويرنا الذي امنت اهلل به علينا يت ُّم على وجهني‪ ،‬الأول‪ :‬ت�صوير �أبينا �آدم ‪ -‬عليه ال�سالم ‪،-‬‬
‫فقد خلقه اهلل تبارك وتعالى بيده‪ ،‬و�صوره‪ ،‬ثم نفخ فيه الروح‪ ،‬و�أ�سجد له مالئكته‪.‬‬
‫والت�صوير الثاين لبني �آدم‪ ،‬وهو الذي مت يف الأرحام‪.‬‬
‫•وت�صوير اهلل خلقه �إعجاز �أي �إعجاز؛ فلو نظرت �إلى نوع واحد من �أنواع املخلوقات وهو‬
‫الإن�سان‪ ،‬ف�ض ًال عن اجلان واملالئكة و�أنواع احليوان وغريها؛ لوجدت كل �إن�سان ميتاز‬
‫ب�صورة ال ي�شابهه فيها غريه‪.‬‬
‫•ما ورد ذكره يف �آثار الإميان با�سمه (اخلالق اخلالق) ي�صلح �أن يذكر هنا‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 28‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ورد ا�سمه �سبحانه (البارئ) يف قوله تعالى‪ }:‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ‬


‫ﯪ ﯫﯬ { [احلشر‪.]24 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•الربء خلق على �صفة‪ ،‬فكل مربوء خملوق ولي�س كل خملوق مربوء‪.‬‬
‫•واخللق هو التقدير‪ ،‬والربء هو التنفيذ و�إبراز ما قدره اهلل وقرره �إلى الوجود‪ ،‬ولي�س كل‬
‫من ق ّدر �شي ًئا ورتّبه يقدر على تنفيذه و�إيجاده �سوى اهلل ‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•ما ورد ذكره يف �آثار الإميان با�سمه (اخلالق اخلالق) ي�صلح �أن يذكر هنا‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 29‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•قال تعالى‪ } :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ{ [الشورى‪.]5 :‬‬


‫•و�أما ا�سمه �سبحانه (الغفار) فقد ورد يف قوله تعالى‪ } :‬ﯶ ﯷ ﯸ { [الزمر‪.]5 :‬‬
‫•وجاء (الغافر) م�ضا ًفا مرة واحدة يف القر�آن‪ ،‬وذلك يف قوله تعالى‪ } :‬ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﭰ { [غافر‪.]3 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•فالغ ّفار ال�س ّتار لذنوب عباده وامل�سدل عليهم ثوب عطفه ور�أفته‪ ،‬ومعنى ال�سرت يف هذا‪� :‬أنه ال‬
‫يك�شف �أمر العبد خللقه‪ ،‬وال يهتك �سرته بالعقوبة التي ت�شهره يف عيونهم‪ ،‬والغفور الذي مل يزل‬
‫يغفر الذنوب ويتوب على كل من يتوب‪ ،‬كما ي�سرت املغفر ر�أ�س املحارب ويقيه ال�ضربات‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذه األسماء الكريمة‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬وحمده و�شكره على رحمته لعباده وغفرانه لذنوبهم‪ ،‬وهذا الأثر يثمر‬
‫يف قلب امل�ؤمن طاعة اهلل ‪ ،‬وتوقي معا�صيه قدر الطاقة‪ ،‬و�إذا زلت القدم ووقع امل�ؤمن يف‬
‫الذنب‪ ،‬ف�إنه يتذكر ا�سمه �سبحانه (الغفور والغفار) في�سري الرجاء يف قلبه‪ ،‬ويقطع الطريق‬
‫على الي�أ�س من رحمة اهلل تعالى‪ ،‬ويح�سن الظن بربه الذي يغفر الذنوب جمي ًعا‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬إن كونه �سبحانه غفو ًرا وغفا ًرا للذنوب ال يعني �أن ي�سرف امل�سلم يف اخلطايا‬
‫والذنوب‪ ،‬ويتجر�أ على مع�صية اهلل تعالى بحجة �أن اهلل غفور رحيم؛ لأن املغفرة ال تكون‬
‫�إال ب�شروطها وانتفاء موانعها‪ ،‬قال �سبحانه‪ } :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ { [اإلسراء‪.]25 :‬‬
‫ثالثا‪� :‬س�ؤال اهلل ‪ ‬بهذا اال�سم الكرمي مغفرة الذنوب ووقاية �شرها؛ لأنه �سبحانه وحده‬ ‫• ً‬
‫الذي ميلك غفران الذنوب‪ ،‬وال ميلك ذلك �أحد �سواه‪ ،‬وما �أكرث الأحاديث التي حتث على‬
‫ف�ضيلة اال�ستغفار‪ ،‬ومن �أ�شهرها حديث �سيد اال�ستغفار‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬جماهدة النف�س على التخلق بخلق ال�صفح عن النا�س‪ ،‬و�سرت �أخطائهم وعوراتهم‪،‬‬ ‫• ً‬
‫واالهتداء بهدي القر�آن الكرمي‪ ،‬الذي ي�أمر بالعفو عن النا�س ومقابلة ال�سيئة باحل�سنة‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 30‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ{ [النور‪.]25 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(املبني) له معنيان‪:‬‬
‫‪- -‬األول‪ :‬ظهور اهلل ‪ ‬بظهور الأدلة على وجوده ووحدانيته‪ ،‬يف ربوبيته و�ألوهيته‬
‫و�أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬وا�ستقرار ذلك يف العقول والفطر‪ ،‬ي�ضاف �إليها الأدلة ال�سمعية‬
‫التي �أنزلها اهلل ‪ ‬يف كتبه وعلى ل�سان ر�سله عليهم ال�صالة وال�سالم‪.‬‬
‫‪- -‬الثاني‪� :‬إظهار اهلل ‪ ‬احلق للخلق و�إبانته لهم‪ ،‬ومن ذلك تعريفه نف�سه �سبحانه‬
‫لعباده و�إقامته الأدلة الوا�ضحة البينة على كمال �أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬املقت�ضية وحدانيته‬
‫و�إفراده وحده بالعبادة‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته املتجلية يف رحمته �سبحانه لعباده‪ ،‬حيث �أبان لهم احلق والآيات يف الآفاق‬
‫ويف الأنف�س‪ ،‬الدالة على وجوده �سبحانه ووحدانيته‪ ،‬و�أقام عليهم احلجة ب�إنزال الكتب‬
‫يعرفون اخللق بربهم �سبحانه و�أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬وما تقت�ضيه من‬ ‫و�إر�سال الر�سل‪ ،‬الذين ِّ‬
‫�إفراده بربوبيته و�ألوهيته‪ ،‬وجتريد املحبة والإخال�ص واخلوف والرجاء له وحده؛ حيث‬
‫و�سـ َّنة نبيه‬
‫�أبان لهم اخلري وحثهم عليه‪ ،‬وع َّرفهم ال�شر وحذرهم منه؛ وذلك يف كتابه ُ‬
‫‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬قيام احلجة على اخللق بهذا البيان‪ ،‬مع ما قام يف العقول والفطر من الآيات‬
‫البينات الدالة على وحدانيته �سبحانه وتفرده باخللق والأمر‪ ،‬ولكن من رحمته �سبحانه‬
‫�أنه ال يعذب عباده بحجة العقل والفطرة‪ ،‬و�إمنا بعد �إر�سال الر�سل وبيانهم للنا�س‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الإعجاز البياين للقر�آن الكرمي‪ ،‬الذي هو كالم اهلل ‪( ‬املبني)‪ ،‬الذي حتدى‬ ‫• ً‬
‫عظماء العرب وبلغاءهم �أن ي�أتوا ب�سورة من مثله فلم ي�ستطيعوا‪ ،‬وهذا من الأدلة الكثرية‬
‫على �أن القر�آن كالم اهلل ‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 31‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•قال اهلل تعالى‪}:‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ{ [الطور‪.]28 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•«و�صفه البرَ و�آثار هذا الو�صف جميع النعم الظاهرة والباطنة‪ ،‬فال ي�ستغني خملوق عن‬
‫�إح�سانه وب ّره طرفة عني» (الواضح املبني البن سعدي ص‪ ،)83،82‬فالرب و�صفه �سبحانه فهو الرب‬
‫املح�سن‪ ،‬وهو بر يف فعله‪ ،‬حم�سن‪ ،‬مويل اجلميل‪ ،‬دائم الإح�سان‪.‬‬
‫من آثار اسمه سبحانه «البــر»‬
‫•�إن كث ًريا مما ذكر من �آثار �أ�سمائه �سبحانه (الرحيم‪ ،‬الر�ؤوف‪ ،‬اللطيف) ميكن �أن يقال‬
‫هنا يف �آثار ا�سمه (الرب) ومن ذلك‪:‬‬
‫‪- -‬أو ًال‪ :‬اهلل تبارك وتعالى َب ّر رحيم بعباده‪ ،‬عطوف عليهم‪ ،‬حم�سنٌ �إليهم‪ُ ،‬م�صلح‬
‫لأحوالهم يف الدنيا والدين‪ ،‬وهذا يثمر يف قلب امل�ؤمن حمبته لربه وحيا�ؤه منه‬
‫و�إجالله له‪.‬‬
‫‪�- -‬أما يف الدنيا فما �أعطاهم وق�سم لهم من ال�صحة والقوة واملال واجلاه والأوالد‬
‫والأن�صار‪.‬‬
‫‪- -‬و�أما يف الدين فما منَّ به على امل�ؤمنني من التوفيق للإميان والطاعات‪ ،‬ثم �إعطائهم‬
‫الثواب اجلزيل على ذلك يف الدنيا والآخرة‪ ،‬وهو الذي و َّفق و�أعان �أو ًال‪ ،‬و�أثاب‬
‫و�أعطى �آخ ًرا‪.‬‬
‫‪- -‬ثان ًيا‪ :‬من ب ِّره �سبحانه بعباده �إمهاله للم�سيء منهم‪ ،‬و�إعطا�ؤه الفر�صة بعد الفر�صة‬
‫للتوبة‪ ،‬مع قدرته على املعاجلة بالعقوبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اهلل تبارك وتعالى با ٌّر ب�أوليائه‪� ،‬صاد ٌق فيما وعدهم به من الأجر والثواب‪،‬‬‫‪ً - -‬‬
‫والن�صر‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 32‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬


‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه املحبة احلقيقية‪ ،‬التي تقت�ضي عبادته وحده ال �شريك له وتقت�ضي‬
‫�شكره �سبحانه وحمده على بره ورحمته ولطفه وكرمه‪ .‬وخ�ص �أولياءه ب�أعظم بره ورحمته‪،‬‬
‫�أال وهي هدايته لهم وتوفيقهم وتثبيتهم و�إثابتهم على ذلك بر�ضوانه وجنته‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬اهلل ‪ -‬جل �ش�أنه‪َ -‬ب ٌّر ُي ُّ‬
‫حب البرِ َّ وي�أمر به‪ ،‬ويحب من يتخ َّلقُ به من عباده الأبرار‪.‬‬
‫وجعل ر�سول اهلل ‪ ‬ك َّل الأخالق الفا�ضلة احل�سنة من البرِ ِّ ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬لن ينال العب ُد ب َّر اهلل تعالى به يف الآخرة �إال باتباع ما ُيف�ضي �إلى بره ومر�ضاته‬ ‫• ً‬
‫ورحمته‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫{ [آل عمران‪ ،]92 :‬وقد ُف ِّ�سر (الرب) يف هذه الآية باجلنة وثواب اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 33‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•ورد ا�سمه �سبحانه (احلميد)يف �أكرث من �آية‪ ،‬كما يف قوله تعالى‪ } :‬ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ { [هود‪.]73 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(احلميد) �أي‪ :‬املحمود يف ذاته و�أ�سمائه و�صفاته و�أقواله‪ ،‬و�شرعه وقدره‪ ،‬ال �إله �إال هو‪،‬‬
‫وال رب �سواه‪.‬‬
‫•و(احلميد) يف �أفعاله؛ ف�إن �أفعاله تعالى دائرة بني الف�ضل والعدل‪.‬‬
‫وهو سبحانه حميد من وجهين‬
‫•أحدهما‪� :‬أن جميع املخلوقات ناطقة بحمده‪ ،‬فكل حمد وقع من �أهل ال�سماوات والأر�ض‪،‬‬
‫الأولني منهم والآخرين‪ ،‬وكل حمد يقع منهم يف الدنيا والآخرة‪ ،‬ف�إن اهلل م�ستحقه من‬
‫وجوه كثرية‪ ،‬منها‪� :‬أن اهلل هو الذي خلقهم‪ ،‬ورزقهم‪ ،‬و�أ�سدى عليهم النعم الظاهرة‬
‫والباطنة‪ ،‬الدينية والدنيوية‪ ،‬و�صرف عنهم النقم واملكاره‪.‬‬
‫•الوجه الثاني‪� :‬أنه يحمد �سبحانه على ما له من الأ�سماء احل�سنى‪ ،‬وال�صفات الكاملة‬
‫العليا‪ ،‬فله كل �صفات الكمال ال نح�صي ثنا ًء عليه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬حمبة عظيمة �صادقة‪ ،‬ال ي�شاركه فيها �أحد من اخللق‪ ،‬وهذه‬
‫املحبة بدورها تثمر عبوديات �أخرى يف القلب‪ ،‬كالإخال�ص هلل تعالى واحلياء والأدب‬
‫مع اهلل ‪ ،‬وعبوديات الل�سان واجلوارح بالقيام ب�أوامره‪ ،‬واجتناب نواهيه‪ ،‬والتقرب‬
‫�إليه بطاعته‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬كرثة ذكره �سبحانه و�شكره‪ ،‬وخ�صو�ص ًا بالأذكار التي تت�ضمن حمده �سبحانه‪،‬‬
‫والثناء عليه بالثناء احل�سن على ما له �سبحانه من الأ�سماء احل�سنى وال�صفات العال‪ ،‬وملا‬
‫�أ�سداه �سبحانه على عباده من النعم التي ال تعد وال حت�صى‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 34‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫ثالثا‪ :‬اليقني ب�أن اهلل ‪ ‬هو امل�ستحق للحمد كله على الإطالق‪ ،‬كما قال �سبحانه عن‬ ‫• ً‬
‫نف�سه‪ }:‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ{‪� ،‬أي‪ :‬هو الذي له جميع املحامد ب�أ�سرها‪ ،‬ولي�س‬
‫ذلك لأحد �إال هلل تعالى‪ ،‬وال نح�صي ثنا ًء عليه‪ ،‬هو كما �أثنى على نف�سه‪ ،‬و�أما ما ين�سب �إلى‬
‫املخلوق من احلمد فهو جزئي‪ ،‬وحقيقته �أنه داخل يف حمد اهلل ‪ ،‬فما من حممود يحمد‬
‫على �شيء مما دق �أو جل �إال واهلل املحمود عليه بالذات والأولوية‪.‬‬
‫•كما �أن له احلمد على �شريعته احلكيمة التي كلها خري ورحمة‪ ،‬ولو مل ندرك حكمة بع�ضها‪،‬‬
‫وكذلك �أحكامه �سبحانه القدرية‪ ،‬فما كنا فيها م�أمورين مبدافعتها بالأ�سباب ال�شرعية‬
‫دافعنا‪ ،‬وما كان منها �أمر مق�ضي؛ ف�إن الواجب حينها اال�ست�سالم والر�ضا واليقني ب�أن له‬
‫�سبحانه احلكمة البالغة التي يحمد عليها‪.‬‬
‫•كما �أن له احلمد يف �أحكامه اجلزائية يف الدنيا ويوم القيامة؛ لأنها كلها ف�ضل ورحمة �أو‬
‫عدل وحكمة‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 35‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل األول‬

‫•قال تبارك وتعالى‪ } :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ { [طه‪.]114 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•هو املوجود امل�ألوه حقيقة‪ ،‬املتحقق وجوده و�إلهيته‪ ،‬واحلق �ضد الباطل‪.‬‬
‫•و(احلق) يف ذاته و�صفاته‪ ،‬فهو واجب الوجود‪ ،‬كامل ال�صفات والنعوت‪ ،‬وجوده من لوازم‬
‫ذاته‪ ،‬وال وجود ل�شيء من الأ�شياء �إال به‪ ،‬فهو الذي مل يزل وال يزال باجلالل واجلمال‬
‫والكمال مو�صو ًفا‪ ،‬ومل يزل وال يزال بالإح�سان معرو ًفا‪ ،‬فقوله حق‪ ،‬وفعله حق‪ ،‬ولقا�ؤه حق‪،‬‬
‫ووعده حق‪ ،‬ور�سله حق‪ ،‬وكتبه حق‪ ،‬ودينه هو احلق‪ ،‬وعبادته وحـده ال �شـريك له هي احلق‪،‬‬
‫وكل �أمر ات�صف به فهو حق‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•جتريد املحبة هلل ‪ ‬وتعظيمه و�إجالله و�إفراده وحده بالعبادة‪ ،‬حيث �إنه املوجود احلق‪،‬‬
‫والرب احلق‪ ،‬والإله احلق‪ ،‬وكل ما �سواه وجوده م�ستمد من وجوده �سبحانه‪.‬‬
‫•ال�شعور بالغبطة وال�سعادة وال�سرور بالهداية �إلى دين الإ�سالم احلق الذي هو دين اهلل‪.‬‬
‫•الر�ضا والطم�أنينة مبا ي�صيب امل�ؤمن من امل�صائب امل�ؤملة‪ ،‬والإميان ب�أنها كائنة بعلم اهلل‬
‫‪ ‬و�إرادته وحكمته‪ ،‬وهي حق ال باطل فيها وال عبث‪ ،‬وال ظلم وال هوى‪.‬‬
‫•الت�سليم التام لأحكامه �سبحانه ال�شرعية فيما ي�أمر به وينهى عنه‪ ،‬واليقني ب�أن �أحكام‬
‫اهلل تعالى كلها حق وخري؛ لأنها من اهلل احلق احلكيم العليم‪ ،‬لإقرارها بني النا�س؛ حتى‬
‫ينعموا مبا فيها من احلق واخلري والأمن وال�سالم‪.‬‬
‫•القبول التام والت�صديق‪ ،‬الذي ال يخالطه �أدنى ريبة �أو �شك‪ ،‬يف كل ما �أخرب اهلل ‪ ‬به‬
‫من املغيبات؛ لأنها حق و�صدق‪ ،‬ف�أخباره كلها �صدق و�أحكامه كلها عدل } ﮪ ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ { [األنعام‪� ، ]115 :‬صدق ًا يف الأخبار‬
‫وعد ًال يف الأحكام‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 36‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•التوا�ضع للحق‪ ،‬واالنقياد له بعد تبينه؛ لأن اخلري كله يف احلق‪ ،‬وما بعد احلق �إال ال�ضالل‪.‬‬
‫•�صدق التوكل على (احلق) ‪� -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬لأن من كان على احلق الذي هو دين‬
‫اهلل ‪ ،‬ف�إنه يثق يف اهلل ‪ ،‬ويعتمد عليه يف ن�صره لدينه‪ ،‬وت�أييده لأوليائه‪ ,‬قال اهلل‬
‫‪ }:‬ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ { [النمل‪.]79 :‬‬
‫•الثقة يف ن�صر اهلل ‪ ‬لدينه احلق و�أوليائه الثابتني عليه‪ ،‬وعدم االغرتار بانتفا�ش الباطل‬
‫وزبده يف وقت من الأوقات ف�إنه ذاهب‪.‬‬
‫•الإميان با�سمه �سبحانه (احلق)‪ ،‬وما ي�ستلزم ذلك من �أنَّ وعده احلق‪ ،‬ولقاءه احلق‪،‬‬
‫واجلنة حق‪ ،‬والنار حق؛ فكل ذلك يثمر يف القلب اال�ستعداد للقاء اهلل ‪ ،‬واخلوف من‬
‫املقام بني يديه �سبحانه‪ ،‬وال�شوق �إلى جنته‪ ،‬واخلوف من عذابه‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 37‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


����� ������� ������.indd 38 1/19/15 10:52 AM
‫الفصل الثاني‬

‫األسماء التي تثمر التوكل على اهلل‬


‫وقوة الرجاء والتعلق به ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪-‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 39‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‬

‫األسماء التي تثمر التوكل على اهلل‬


‫وقوة الرجاء والتعلق به ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪-‬‬

‫•يقول الإمام ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪�« :‬إن التوكل حال مر ّكبة من جمموع �أمور ال تتم‬
‫حقيقة التوكل �إال بها‪ ...‬ف�أول ذلك‪ :‬معرفة بالرب و�صفاته من قدرته وكفايته وقيوميته‬
‫وانتهاء الأمور �إلى علمه و�صدورها عن م�شيئته وقدرته‪ .‬وهذه املعرفة �أول درجة ي�ضع بها‬
‫العبد قدمه يف مقام التوكل‪� - ،‬إلى �أن قال رحمه اهلل تعالى ‪ :-‬والتوكل من �أعظم املقامات‬
‫متع ّل ًقا بالأ�سماء احل�سنى‪( .‬مدارج السالكني ‪.)118 ، 117/2‬‬
‫•ويقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬فقوة الرجاء على ح�سب قوة املعرفة باهلل �سبحانه‬
‫و�أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬وغلبة رحمته غ�ضبه‪ ،‬ولوال روح الرجاء ل ُع ِّطلت عبودية القلب‬
‫واجلوارح‪ ،...‬بل لوال روح الرجاء ملا حتركت اجلوارح بالطاعة‪ ،‬ولوال ريحه الطيبة ملا‬
‫جرت �سفن الأعمال يف بحر الإرادات»‪( .‬مدارج السالكني ‪.)42/2‬‬
‫•والرجاء ال يت�صور من مف ِّرط م�سرف مقيم على م�ساخط اهلل تعالى‪� ،‬آخذ ب�أ�سباب‬
‫الهالك‪ ،‬بل �إنه ال يكون �إال مع انعقاد �أ�سباب النجاة‪ ...‬وهذا ما يقرره ابن القيم ‪ -‬رحمه‬
‫اهلل تعالى ‪ -‬حيث يقول‪« :‬ح�سن الظن �إمنا يكون مع انعقاد �أ�سباب النجاة‪ ،‬و�أما مع انعقاد‬
‫�أ�سباب الهالك فال يت�أتى �إح�سان الظن‪ ،‬ف�إن قيل‪ :‬بل يت�أتَّى ذلك؛ ويكون م�ستند ح�سن‬
‫الظنِّ ‪� :‬سعة مغفرة اهلل ورحمته وعفوه وجوده؛ و�أن رحمته �سبقت غ�ضبه؛ و�أنه ال تنفعه‬
‫العقوبة وال ي�ض ُّره العفو‪ .‬قيل‪ :‬الأمر هكذا‪ ،‬واهلل فوق ذلك‪ ،‬و�أج ُّل و�أكرم؛ و�أجود و�أرحم‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مو�صوف باحلكمة وال ِعزَّة واالنتقام‬ ‫ولكن �إمنا ي�ضع ذلك يف حم ِّله الالئق به‪ ،‬ف�إنه �سبحانه‬
‫و�ش َّدة البط�ش؛ وعقوبة من ي�ستح ُّق العقوبة‪ ،‬فلو كان ُم َع َّول ح�سن الظنِّ على جم َّرد �صفاته‬ ‫ِ‬
‫املجرم‬
‫َ‬ ‫رب والفاجر؛ وامل�ؤمن والكافر؛ وول ُّيه وعد ُّوه‪ .‬فما ينفع‬ ‫و�أ�سمائه‪ ،‬ال�شرتك يف ذلك ال ُّ‬
‫�أ�سما�ؤُه و�صفا ُته وقد باء ب�سخطه وغ�ضبه؛ و َت َع َّر�ض ِل َل ْع َن ِته؛ و�أوقع يف حمارمه؛ وانتهك‬

‫‪40‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 40‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫حرماته؟! بل ح�سن الظنِّ ينفع من تاب وندم و�أقلع‪ ،‬و َب ّدل ال�سيئة باحل�سنة‪ ،‬وا�ستقبل بق َّية‬
‫ُع ُمره باخلري والطاعة‪ ،‬ثم �أح�سن الظنَّ ‪ ،‬فهذا ُح ْ�سنُ ظنِّ ‪ ،‬والأول غرو ٌر‪ ،‬واهلل امل�ستعان»‪.‬‬
‫(اجلواب الكافي ص ‪.)37 ، 36‬‬
‫•ومن الأ�سماء التي تثمر التوكل على اهلل‪ ،‬وقوة الرجاء والتعلق به ‪� -‬سبحانه وتعالى ‪:-‬‬
‫الرحمن‪ ،‬الرحيم ‪ -‬الرب ‪ -‬املح�سن ‪ -‬اللطيف ‪ -‬الودود‪ -‬الغفور ‪ -‬الغفار ‪ -‬الر�ؤوف‬
‫‪ -‬العفو ‪ -‬التواب ‪ -‬الفتاح ‪ -‬الوا�سع ‪ -‬الرفيق ‪ -‬القريب ‪ -‬املجيب ‪ -‬العليم ‪ -‬احلكيم‬
‫احلي‪-‬‬‫الوهاب ‪ -‬ال ّرزاق ‪ -‬املعطي ‪ -‬اجلواد ‪ -‬امل ّنان ‪ -‬القوي ‪ -‬العزيز ‪ّ -‬‬ ‫‪ -‬ال�سالم ‪ّ -‬‬
‫الق ّيوم‪ -‬القدير‪ -‬املجيد‪ -‬ال�صمد‪ -‬املقيت‪ -‬ال�شايف‪ -‬الأول‪ ،‬الآخر‪ -‬الوكيل‪ -‬الغني‪-‬‬
‫الكفيل‪ -‬احلفيظ‪ -‬احل�سيب‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 41‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫[األنعام‪:‬‬ ‫•قال اهلل ‪ }:‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ{‬


‫‪.]103‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•ا�سمه (اللطيف) يت�ضمن‪ :‬علمه بالأ�شياء الدقيقة‪ ،‬و�إي�صاله الرحمة بالطرق اخلفية‪.‬‬
‫•و(اللطيف)‪ :‬الذي �أحاط علمه بال�سرائر واخلفايا‪ ،‬و�أدرك اخلبايا والبواطن والأمور‬
‫الدقيقة‪ ،‬اللطيف بعباده امل�ؤمنني‪ ،‬املو�صل �إليهم م�صاحلهم بلطفه و�إح�سانه من طرق ال‬
‫ي�شعرون بها‪ ،‬فهو مبعنى اخلبري‪ ،‬ومبعنى الر�ؤوف‪.‬‬
‫ذكر بعض ألطافه ‪ -‬سبحانه وتعالى‪ -‬التي هي من آثار اسمه‬
‫سبحانه (اللطيف)‬
‫•اللطف الذي يطلبه العباد من اهلل بل�سان املقال‪ ،‬ول�سان احلال هو من الرحمة‪ ،‬بل هو‬
‫رحمة خا�صة‪ ،‬فالرحمة التي ت�صل العبد من حيث ال ي�شعر بها �أو ال ي�شعر ب�أ�سبابها هي‬
‫اللطف‪.‬‬
‫•ومن لطفه بعباده‪� :‬أنه يقدر �أرزاقهم بح�سب علمه مب�صلحتهم ال بح�سب مرادهم‪ ،‬فقد‬
‫يريدون �شي ًئا وغريه �أ�صلح‪ ،‬فيقدر لهم الأ�صلح و�إن كرهوه لط ًفا بهم وب ًّرا و�إح�سا ًنا‪.‬‬
‫•ومن لطفه بهم‪� :‬أنه يق ّدر عليهم �أنواع امل�صائب‪ ،‬و�ضروب املحن‪ ،‬واالبتالء بالأمر والنهي‬
‫ال�شاق رحمة بهم‪ ،‬ولط ًفا‪ ،‬و�سو ًقا �إلى كمالهم‪ ،‬وكمال نعيمهم‪.‬‬
‫•ومن لطف اهلل تعالى بعبده �أنه رمبا طمحت نف�سه ل�سبب من الأ�سباب الدنيوية‪ ،‬التي يظن‬
‫فيها �إدراك بغيته‪ ،‬فيعلم اهلل تعالى �أنها ت�ضره وت�صده عما ينفعه‪ ،‬فيحول بينه وبينها‬
‫فيظل العبد كارهً ا‪ ،‬ومل يدر �أن ربه قد لطف به‪ ،‬حيث �أبقى له الأمر النافع‪ ،‬و�صرف عنه‬
‫الأمر ال�ضار‪ ،‬ولهذا كان الر�ضا بالق�ضاء يف مثل هذه الأ�شياء من �أعلى املنازل‪.‬‬
‫•ومن لطف اهلل بعبده امل�ؤمن ال�ضعيف‪� :‬أن يعافيه من �أ�سباب االبتالء التي ت�ضعف �إميانه‬
‫وتنق�ص يقينه‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 42‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ومن لطف اهلل تعالى بعبده‪� :‬أن يجعل ما يبتليه به من املعا�صي �سب ًبا لرحمته‪ ،‬فيفتح له‬
‫عند وقوع ذلك باب التوبة والت�ضرع‪ ،‬واالبتهال �إلى ربه‪ ،‬وازدراء نف�سه واحتقارها‪ ،‬وزوال‬
‫العجب والكرب من قلبه‪ ،‬ما هو خري له من كثري من الطاعات‪.‬‬
‫•ومن لطفه بعبده احلبيب عنده‪� :‬إذا مالت نف�سه مع �شهوات النف�س ال�ضارة‪ ،‬وا�سرت�سلت يف‬
‫ذلك �أن ينغ�صها عليه ويكدّرها‪ ،‬فال يكاد يتناول منها �شي ًئا �إال مقرو ًنا باملكدرات‪ ،‬حم�ش ًوا‬
‫بالغ�ص�ص؛ لئال مييل معها كل امليل (انظر‪ :‬املذاهب الربانية من اآليات القرآنية ص ‪.)76-71‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•حمبة اهلل ‪ ‬والأن�س به‪ ،‬حيث �إنه يلطف بعباده امل�ؤمنني‪ ،‬ويح�سن �إليهم‪ ,‬ويرفق بهم‪,‬‬
‫وال يعجل عليهم بالعقوبة‪ ،‬وي�سوق لهم اخلري من حيث يحت�سبون‪ ،‬ومن حيث ال يحت�سبون‪،‬‬
‫بل قد ي�سوق لهم اخلري من حيث يكرهون‪ .‬وهذه املحبة تثمر التقرب �إليه �سبحانه ب�أنواع‬
‫العبوديات‪ ،‬كما تثمر احلياء والإجالل له �سبحانه‪ ،‬وهذا احلياء يدفع العبد �إلى تعظيم‬
‫حرماته �سبحانه فال يغ�شاها‪ ،‬وحدوده فال يقربها‪ ،‬كما تثمر هذه املحبة الدعوة �إليه‬
‫�سبحانه واجلهاد يف �سبيله‪ ،‬والت�ضحية بالنف�س واملال يف �سبيل مر�ضاته‪.‬‬
‫•الطم�أنينة وال�سكينة التي ي�سكبها هذا اال�سم الكرمي يف قلب امل�ؤمن‪.‬‬
‫•�صدق التوكل على اهلل ‪ ‬والر�ضا مبا يختاره �سبحانه‪ ،‬والإكثار من دعاء اال�ستخارة‪،‬‬
‫الذي به يفو�ض العبد ربه �سبحانه يف �أن يختار له ما كان له فيه اخلري يف الدنيا والآخرة‪.‬‬
‫•�إن اهلل �سبحانه وتعالى ال يفوته من العلم �شيء و�إن دق و�صغر؛ لأنه اللطيف اخلبري‪.‬‬
‫مت�صف بدقة العلم‪ ،‬و�إحاطته بكل �صغرية وكبرية؛ حا�سب نف�سه‬ ‫ٌ‬ ‫•ف�إذا علم العبد �أن ربه‬
‫على �أقواله و�أفعاله وحركاته و�سكناته‪ ،‬ف�إنه يف كل وقت وحني‪ ،‬بيـن يـدي اللطيـف‬
‫اخلبيـر‪ } :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ { [امللك‪.]14 :‬‬
‫•ملا كان من معاين (اللطيف) الرب والرفق والإح�سان؛ ف�إن مما يثمره يف قلب امل�ؤمن‬
‫و�أخالقه �أن يتخلق بهذا اخللق العظيم‪ ،‬فيكون رفي ًقا بعباد اهلل ‪ ،‬حم�س ًنا �إليهم‪ ،‬با ًّرا‬
‫بهم؛ يحب اخلري ويفعله لهم‪ ،‬ويكره ال�شر ويج ِّنبهم �إياه‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 43‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﮒ ﮓ ﮔ { [سبأ‪.]26 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الفتاح) هو احلاكم بني عباده‪ ،‬و(الفتاح) � ً‬
‫أي�ضا الذي يفتح �أبواب الرزق والرحمة لعباده‪،‬‬
‫ويفتح املنغلق عليهم من �أمورهم و�أ�سبابهم‪ ،‬ويفتح قلوبهم وعيون ب�صائرهم؛ ليب�صروا‬
‫احلق‪ .‬ويكون (الفاحت) � ً‬
‫أي�ضا مبعنى النا�صر‪.‬‬
‫•وفتحه تعالى قسمان‪� :‬أحدهما‪ :‬فتحه بحكمه الديني وحكمه اجلزائي‪ ،‬والآخر‪:‬‬
‫الفتاح بحكمه القدري‪.‬‬
‫•ففتحه بحكمه الديني هو �شرعه على �أل�سنة ر�سله‪ ،‬و�أما فتحه بجزائه فهو فتحه بني‬
‫�أنبيائه وخمالفيهم‪ ،‬وبني �أوليائه و�أعدائه‪ ،‬ب�إكرام الأنبياء و�أتباعهم وجناتهم‪ ،‬وب�إهانة‬
‫�أعدائهم وعقوباتهم‪ ،‬وكذلك فتحه يوم القيامة وحكمه بني اخلالئق حني يويف كل عامل‬
‫ما عمله‪� .‬أما فتحه القدري فهو ما يقدره على عباده من خري و�شر ونفع و�ضر وعطاء‬
‫ومنع‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه والتعلق به وحده الذي بيده مقاليد كل �شيء‪ ،‬وهو الذي بيده مفاتيح‬
‫العلم والهدى واخلري والرحمة والرزق‪ ،‬ومفاتيح ما انغلق من الأمور‪ ،‬فحري مبن ميلك‬
‫هذه املفاتيح �أن ُيحب و ُيتعلق به و ُيتوكل عليه؛ فال ُيرجى �إال هو‪ ،‬وال ُيدعى �إال هو‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬اخلوف منه �سبحانه ومن الوقوف بني يديه ‪ ‬يوم القيامة للف�صل واحل�ساب‪،‬‬
‫حيث يفتح بني عباده‪ ،‬ويحكم بينهم باحلق والعدل‪ .‬وهذا اخلوف يثمر احلذر من الظلم‬
‫ب�أنواعه‪ ،‬وبخا�صة ظلم العباد والتعدي على حقوقهم‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 44‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫ثالثا‪ :‬الثقة يف ن�صر اهلل تعالى وفتحه لعباده امل�ؤمنني‪ ،‬فهو �سبحانه الذي ي�أتي بالفتح بني‬ ‫• ً‬
‫عباده امل�ؤمنني و�أعدائه الكافرين‪ ،‬ومنه الن�صر والتمكني‪ ،‬فال يجوز بحال �أن يتطرق �إلى‬
‫نف�س امل�ؤمن الي�أ�س من فتحه �سبحانه ون�صره �إذا �أبط�أ‪ ،‬فله �سبحانه احلكمة من ت�أخري‬
‫الفتح والن�صر‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ملا كان فتحه �سبحانه نوعني‪ :‬فتحه بحكمه ال�شرعي‪ ،‬وفتحه بحكمه القدري‪ ،‬ف�إن هذا‬ ‫• ً‬
‫الفهم يثمر يف قلب امل�ؤمن اغتباطه بفتحه ال�شرعي الديني‪ ،‬الذي هو �شرعه على �أل�سنة ر�سله ‪-‬‬
‫عليهم ال�صالة وال�سالم ‪ -‬وتوحيده و�س�ؤال اهلل ‪ ‬الثبات عليه‪ ،‬كما �أنه يثمر تفويـ�ض الأمـور‬
‫�إلى فتحه بحكمه القدري و�س�ؤال اهلل ‪ ‬الفتاح العليم مفاتيح اخلري‪ ،‬وما كان عاقبته خ ًريا‪،‬‬
‫واال�ستعاذة به من مفاتيح ال�شر وما ي�ؤول �إليه‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 45‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫•قال �سبحانه‪ } :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ { [هود‪.]90 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الودود) فيه معنيان‪:‬‬
‫•أحدهما‪� :‬أنه مبعنى فاعل‪ ،‬وهو الذي ُي ِح ُّب �أنبياءه ور�سله و�أولياءه وعباده امل�ؤمنني‪.‬‬
‫•والثاني‪� :‬أنه مبعنى مودود‪ ،‬وهو املحبوب الذي ي�ستحقّ �أن ُي َح َّب َّ‬
‫احلب ك َّله‪ ،‬و�أن يكون � َّ‬
‫أحب‬
‫�إلى العبد من �سمعه وب�صره وجميع حمبوباته‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬املحبة احلقيقية التي تثمر �إخال�ص العبودية له وحده‪ ،‬وتقدمي حما ِّبه‬
‫�سبحانه على ما �سواها‪ ،‬كما �أنها ت�ستلزم حمبة من يحبه اهلل ‪ ‬وما يحبه‪ ،‬وبغ�ض من‬
‫يبغ�ضه وما يبغ�ضه‪ ،‬وهذه هي حقيقة الوالء والرباء‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬قوة باعث الرجاء فيه وحده �سبحانه وح�سن الظن به‪ ،‬وعدم الي�أ�س من روحه‬
‫�سبحانه ورحمته‪.‬‬
‫• ً‬
‫ثالثا‪ :‬الأن�س به �سبحانه والطم�أنينة بذكره‪ ،‬والت�ضرع �إليه‪ ،‬وحالوة مناجاته‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬االغتباط والفرح بالهداية �إلى مذهب ال�سلف ال�صالح‪ ،‬الذين يثبتون ما �أثبته اهلل‬ ‫• ً‬
‫‪ ‬لنف�سه �أو �أثبته له الر�سول ‪ ‬من الأ�سماء وال�صفات‪ ،‬من غري ت�شبيه وال تعطيل وال‬
‫تكييف‪ ،‬ومن ذلك �إثبات املحبة هلل تعالى والإميان ب�أنه �سبحانه ُي ِحب و ُي َحب‪ ،‬وهذا معنى‬
‫(الودود) وما يرتتب على ذلك من الآثار والأحوال الإميانية‪ ،‬وهذا يقت�ضي �شكر اهلل ‪‬‬
‫وحمده على هذه الهداية التي ُحرمها �أهل البدع‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬اتباع الر�سول ‪ ‬يف �أوامره ونواهيه و�سنته كلها؛ لأن ذلك عالمة حمبة العبد‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫لربه ‪ ،‬كما �أنها عالمة حمبة اهلل ‪ ‬لعبده‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 46‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•جاء يف ُّ‬
‫ال�س َّنة الت�صريح بهذا اال�سم الكرمي «‪ ،...‬ال َّلهم �إين �أ�س�ألك ب�أن لك احلمد ال �إله �إال‬
‫�أنت املنان » (أخرجه الترمذي وأبو داود‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(امل ّنان) ف ّعال من قولك‪ :‬مننت على فالن �إذا ا�صطنعت عنده �صنيعة و�أح�سنت �إليه‪ ،‬فاهلل‬
‫‪ ‬هو املان على عباده ب�إح�سانه و�إنعامه ورزقه �إياهم‪.‬‬
‫•و(امل ّنان) الذي يجود بالنوال قبل ال�س�ؤال‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬وحمده والثناء عليه على مننه العظيمة التي ال تعد وال تـح�صى‪،‬‬
‫و�أعظمهـا منة الـهداية للإيـمان‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ال�شعور بالتطامن وه�ضم النف�س‪ ،‬واالعرتاف ب�ضعفها ونق�صها‪ ،‬و�أن العبد ال�ضعيف‬
‫لو وكل �إلى نف�سه طرفة عني لهلك وخاب وخ�سر‪ ،‬ولكن توفيق اهلل ‪ ‬للعبد ومنته عليه هو‬
‫الذي �أقامه وحفظه وي�سر له �أموره‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬والثمرة ال�سابقة تقود �إلى ثمرة �أخرى‪� ،‬أال وهي عدم التعلق بالأ�سباب والركون‬ ‫• ً‬
‫�إليها‪ ،‬و�أنه لوال منة اهلل ‪ ‬و�إذنه بنفعها و�أثرها مل جتد على فاعلها �شي ًئا‪ ،‬فاملا ُّن بكل‬
‫خري هو اهلل وحده م�سبب الأ�سباب‪ ،‬وهذا يثمر �صدق التوكل على اهلل ‪.‬‬
‫رابعا‪:‬البعد عن �صفة املنة على اخللق؛ لأن اهلل �سبحانه هو املانّ احلقيقي على عباده‪،‬‬ ‫• ً‬
‫وقد نهى اهلل ‪ ‬ور�سوله ‪ ‬عن املنّ بالعطية ور�ؤية النف�س و�إيذاء الفقراء باملنّ عليهم‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 47‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ { [البقرة‪.]115 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•الوا�سع ال�صفات والنعوت ومتعلقاتها‪ ,‬بحيث ال يح�صي �أحد ثناء عليه‪ ،‬بل هو كما �أثنى‬
‫على نف�سه‪.‬‬
‫•فهو الوا�سع يف علمه‪ ،‬وهو الوا�سع يف غناه‪ ،‬وهو الوا�سع يف ف�ضله و�إنعامه وجوده‪ ،‬وهو‬
‫الوا�سع يف قوته وعظمته وجربوته‪ ،‬وهو الوا�سع يف قدرته‪ ،‬الوا�سع يف حكمته‪ ،‬وهو الوا�سع‬
‫يف مغفرته ورحمته‪.‬‬
‫من آثار هذا االسم الكريم‬
‫•�سعة جود اهلل وكرمه‪.‬‬
‫•�سعة علم اهلل‪ :‬كما قال �سبحانه‪ }:‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ‬
‫ﰌ { [طه‪.]98 :‬‬
‫•�سعة رحمة اهلل ومغفرته‪ ،‬قال �سبحانه‪ } :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ { [األعراف‪.]156 :‬‬
‫•�سعة خلق اهلل تعالى يف �صنعه‪ ،‬وذلك يف هذه الأر�ض‪� ،‬سهولها وجبالها وبحارها‬
‫و�أنهارها الوا�سعة‪ ،‬ويف هذه ال�سماوات بكواكبها وجنومها العظيمة التي مل ي�ستطع‬
‫الب�شر �أن يحيطوا بجزء منها‪.‬‬
‫•�سعة �شريعة اهلل‪ ،‬ومن هنا ف�إن ال�شريعة التي �أنزلها اهلل تفي بكل حاجات العباد‪ ،‬وهو‬
‫يو�سع عليهم يف دينهم‪ ،‬وال يكلفهم ما لي�س يف و�سعهم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬الذي و�سعت رحمته كل �شيء‪ ،‬وهو وا�سع املغفرة‪ ،‬ووا�سع الف�ضل‬
‫واجلود والعطاء‪ ،‬ووا�سع احلكمة والعدل‪� .‬إن َمنْ هذه بع�ض �صفاته يجب �أن يوجه له احلب‬
‫كله‪ ،‬و�أن ي�ستحيى منه حق احلياء‪ ,‬و�أن يوقر ويعظم ويجل‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 48‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ثان ًيا‪� :‬إن التعبد هلل تعالى با�سمه (الوا�سع) يفتح با ًبا وا�س ًعا من الأمل والرجاء عندما‬
‫تغلق �أبواب الرزق‪ ،‬وعندما ت�شتد الكروب‪ ،‬ويو�سو�س ال�شيطان يف ال�صدر‪ ،‬و َي ِعد بال�شر‪،‬‬
‫ويبثّ الي�أ�س‪.‬‬
‫ثالثا‪� :‬إن التعبد هلل تعالى با�سمه (الوا�سع) يرد و�ساو�س ال�شيطان و�إيعاده بال�شر والفقر‬ ‫• ً‬
‫والبخل‪ ،‬وعدم �إنفاق املال يف حماب اهلل تعالى‪ ،‬ف�إذا علم العبد �سعة رزق اهلل وخزائنه‬
‫التي ال تنفد؛ كان هذا العلم واليقني داف ًعا لهذه الو�ساو�س‪ ،‬وحاث ًا على اجلود يف �سبيل اهلل‬
‫‪ ‬رجاء رحمته وثوابه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬عدم القنوط من رحمة اهلل تعالى ومغفرته‪ ،‬وذلك حينما تزل القدم ويقع العبد‬ ‫• ً‬
‫يف املع�صية‪ ،‬فيتذكر العبد ا�سمه �سبحانه (الوا�سع) و�أنه (وا�سع املغفرة)‪ ،‬فحينئذ ي�سري‬
‫الرجاء يف القلب وال يكون لل�شيطان جمال يف التقنيط من رحمة اهلل تعالى‪.‬‬
‫وو�سع اهلل ‪ ‬فيها على عباده‬ ‫خامسا‪ :‬االغتباط ب�شريعة اهلل ‪ ‬التي و�سعت كل خري‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫حرجا‪ ،‬والفرح بالهداية �إليها‪ ،‬والأخذ ب�أ�سباب الثبات عليها‪،‬‬ ‫ومل يجعل فيها �ضي ًقا وال ً‬
‫والدعوة �إليها‪ ،‬واجلهاد يف �سبيل ن�شرها و�إي�صالها للمحرومني منها‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التخلق بهذه ال�صفة الكرمية مبا ينا�سب قدرة الإن�سان وحدوده‪ ،‬وذلك ب�أن‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫خل ُلق‪ ،‬وا�سع ال�صدر‪ِّ ،‬‬
‫مو�س ًعا ‪ -‬ب�إذن اهلل تعالى ‪ -‬على عباد‬ ‫ي�سعى امل�ؤمن ب�أن يكون وا�سع ا ُ‬
‫اهلل ‪ ‬مبا يقدر عليه من مال‪� ،‬أو جاه‪� ،‬أو علم؛ في�س ُعهم بخلقه و�أدبه‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 49‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫•قال ‪ } :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ{ [املائدة‪.]114 :‬‬


‫•وقال تعالى‪ } :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ{ [الذاريات‪.]58 :‬‬
‫•وجاء � ً‬
‫أي�ضا يف قوله ‪�« :‬إن اهلل هو املُ�س ِّعر القاب�ض البا�سط الرازق‪ ..‬احلديث» (أخرجه أحمد‬
‫وأبو داود‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•قال اخلطابي رحمه اهلل تعالى‪« :‬هو املتكفل بالرزق القائم على كل نف�س مبا يقيمها من‬
‫قوتها‪ ،‬و�سع اخللق كلهم رزقه ورحمته» (شأن الدعاء ص‪.)54‬‬
‫•ورزقه لعباده نوعان‪ :‬رزق عام �شمل الرب والفاجر‪ ،‬والأولني والآخرين‪ ،‬وهو رزق الأبدان‪،‬‬
‫ورزق خا�ص‪ ،‬وهو رزق القلوب وتغذيتها بالعلم والإميان والرزق احلالل‪ ،‬الذي يعني‬
‫على �صالح الدين‪ .‬وهذا خا�ص بامل�ؤمنني على مراتبهم منه‪ ،‬بح�سب ما تقت�ضيه حكمته‬
‫ورحمته‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪� :‬إفراد اهلل ‪ ‬بالعبادة واالنخالع من ال�شرك بجميع �أنواعه و�أ�شكاله؛ لأن خالق‬
‫اخللق والرازق لهم هو امل�ستحق للعبادة وحده ال �شريك له‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬إن اليقني ب�أنه �سبحانه املتفرد برزق عباده‪ ،‬املتكفل ب�أقواتهم‪ ،‬يثمر الطم�أنينة يف‬
‫القلب وال�سكينة وعدم الهلع واخلوف على الرزق‪ ،‬والتوكل ال�صادق على اهلل ‪ ،‬كما‬
‫ي�ؤدي �إلى ترك الأ�سباب املحرمة يف طلب الرزق وعدم اخلوف من املخلوق يف قطع الرزق؛‬
‫وهذا ي�ؤدي �إلى اال�ستعالء على الباطل و�أهله عندما ي�ساومون امل�ؤمن على رزقه يف ترك‬
‫احلق �أو فعل الباطل‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬معرفة داللة ا�سمه �سبحانه (الرزاق) على �أ�سمائه �سبحانه‪( :‬اللطيف‪ ،‬احلكيم‪،‬‬ ‫• ً‬
‫القدير‪ ،‬الرحيم) وغريها من الأ�سماء احل�سنى‪ ،‬حيث �إن املتكفل ب�أرزاق جميع خلقه ال‬
‫ميكن �أن يكون �إال قاد ًرا مقتد ًرا على كل �شيء‪ ،‬وكونه �سبحانه يعم برزقه حتى الكفرة‬
‫‪50‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 50‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫ﮊﮋﮌﮍ‬ ‫والع�صاة فهذا من عظيم ر�أفته ولطفه ورحمته‪ ،‬قال تعالى‪} :‬‬
‫ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ { [الشورى‪.]19 :‬‬
‫ني من تفاوت �أرزاق العباد‪ ،‬حيث جعل‬ ‫�أما داللته على ا�سمه �سبحانه (احلكيم) فهذا ب ٌ‬
‫�سبحانه بحكمته بع�ض عباده غن ًّيا وبع�ضهم فق ًريا‪ ،‬وبع�ضهم بني ذلك‪ ،‬وله �سبحانه‬
‫احلكمة البالغة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬املحبة العظيمة التي يثمرها هذا اال�سم الكرمي يف قلوب �أولياء اهلل ‪‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫و�أ�صفيائه‪ ،‬حيث َمنَّ عليهم ب�أعظم الرزق و�أنفعه‪� ،‬أال وهو رزق العلم النافع‪ ،‬والعمل‬
‫ال�صالح‪ ،‬والهداية �إليه‪.‬‬
‫سادسا‪� :‬إن �أعظم ما ا�ستُجلب به رزق اهلل والربكة فيه تقوى اهلل ‪ ‬وطاعته قال‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫�سبحانه‪ } :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ { [الطالق‪.]3-2 :‬‬
‫ومادام �أن الطاعة باب �إلى الرزق والربكة؛ ف�إن العك�س �صحيح � ً‬
‫أي�ضا؛ ذلك �أن املع�صية‬
‫باب �إلى نق�ص الرزق �أو بركته‪� ،‬أو كون الرزق با ًبا للعا�صي �إلى النكد وال�شقاء‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬ينبغي للم�ؤمن املوحد �أن يجعل �أكرب همه ال�سعي لنيل الرزق الأعظم والف�ضل‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫الأكرب‪� ،‬أال وهو ر�ضا اهلل �سبحانه وجنته‪ ،‬فاجلنة �أعظم الرزق و�أف�ضله و�أكرمه‪.‬‬
‫•ثام ًنا‪� :‬إميان العبد با�سمه �سبحانه (الرزاق) يبعد عن القلب ال�شح والبخل؛ لأن ال�شعور‬
‫ب�أن ما يف اليد من رزق‪ ،‬وما يف القلب من علم وهداية؛ هو من اهلل وحده‪ ،‬و�أن املان به‬
‫هو اهلل �سبحانه‪ ،‬وهو رزقه وف�ضله‪� ،‬إن هذا ال�شعور يدفع بامل�ؤمن �إلى التوا�ضع واجلود مبا‬
‫رزقه اهلل �سبحانه من علم �أو مال �أو جاه يف �سبيل اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 51‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ { [يوسف‪.]64 :‬‬


‫•وقوله تعالى‪ }:‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ{ [هود‪.]57 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•أحدهما‪� :‬أنه قد حفظ على عباده ما عملوه من خري و�شر‪ ،‬وطاعة ومع�صية‪ ،‬ف�إن علمه‬
‫حميط بجميع �أعمالهم ظاهرها‪ ،‬وباطنها‪.‬‬
‫•والثاني‪� :‬أنه تعالى احلافظ لعباده من املهالك واملعاطب‪.‬‬
‫•وحفظه لخلقه نوعان‪ ،‬عام وخاص؛ فالعام‪ :‬حفظه جلميع املخلوقات بتي�سريه‬
‫لها ما يقيتها ويحفظ بنيتها‪ ،‬ويحفظها مما ي�ضرها‪.‬‬
‫•والنوع الثاني‪ :‬حفظه اخلا�ص لأوليائه �سوى ما تقدم‪ ،‬بحفظهم عما ي�ضر �إميانهم �أو‬
‫يزلزل �إيقانهم‪ ،‬ويحفظهم من �أعدائهم من اجلن والإن�س فين�صرهم عليهم ويدفع عنهم‬
‫كيدهم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬مراقبة اهلل ‪ ‬يف الأقوال والأعمال ب�أن تكون يف مر�ضاته؛ ذلك لأن اهلل ‪ ‬ال‬
‫يغيب عن علمه �شيء‪ ،‬فهو احلافظ املح�صي �أعمال عباده‪ ،‬يف كتاب ال يغادر �صغرية وال‬
‫كبرية �إال �أح�صاها‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬تعظيم اهلل ‪ ‬و�إجالله وعبادته وحده؛ لأنه هو اخلالق لهذا الكون العظيم‪،‬‬
‫وحافظه‪ ،‬وهو الذي مي�سك ال�سموات والأر�ض �أن تزوال‪.‬‬
‫ثالثا‪� :‬صدق التوكل على اهلل وحده لأن املحفوظ من حفظه اهلل وع�صمه‪ ،‬ومن تخلى اهلل‬ ‫• ً‬
‫عن حفظه ف�إنه هالك �ضائع‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الأخذ ب�أ�سباب حفظ اهلل ‪ ‬للعبد‪ ،‬و�أعظمها‪ :‬توحيده �سبحانه‪ ،‬وفعل ما يحبه‬ ‫• ً‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬واجتناب ما ي�سخطه‪ ،‬وحفظ اهلل تعالى يف حرماته ودينه و�شرعه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬وحمده و�شكره على حفظه لعباده من ال�شرور والآفات واملهلكات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫‪52‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 52‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ{ [النساء‪.]85 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫أي�ضا‪ :‬معطي القوت؛ لأنه م�شتق من القوت‪ ،‬والقوت‬‫•(املُقيت) مبعنى القدير‪ ،‬واملُقيت � ً‬
‫معناه مقدار ما يحفظ الإن�سان وغريه من املخلوقات‪ ،‬واملُقيت مبعنى احلفيظ وال�شهيد‪.‬‬
‫•فاملُقيت �سبحانه يقدر حاجة اخلالئق بعلمه‪ ،‬ثم ي�سوقها �إليهم بقدرته‪ ،‬ليقيتهم بها‬
‫ويحفظهم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه املحبة احلقيقية التي تثمر توحيده �سبحانه و�إخال�ص العبادة له ال‬
‫�شريك له؛ لأنه �سبحانه اخلالق الرازق املت�صرف يف �ش�ؤون خلقه‪ ،‬املحيي املميت لهم‪،‬‬
‫املتكفل بحفظ حياتهم و�أرزاقهم‪ ،‬فكيف ُي ْع ِر�ض كثري من عبيده عن عبادته �إلى عبادة‬
‫غريه من املخاليق ال�ضعاف‪ ،‬الذين ال ميلكون موتًا وال حياة وال ن�شو ًرا‪ ،‬وال ميلكون رز ًقا وال‬
‫ً‬
‫حفظا لأنف�سهم‪ ،‬ف�ض ًال عن �أن ميلكوه لغريهم؟‬
‫•ثان ًيا‪ :‬االعتماد على اهلل وحده والتوكل عليه �سبحانه يف طلب الرزق وجلب النفع ودفع‬
‫ال�ضر؛ لأنه �سبحانه الذي ميلك ذلك كله‪ ،‬ال �شريك له‪ ،‬وهذا ال مينع الأخذ بالأ�سباب‬
‫املتاحة مع عدم التعلق بها؛ لأن خالق الأ�سباب وم�سبباتها هو اهلل �سبحانه‪ ،‬وهذا التعلق‬
‫باهلل وحده ي�سكب الطم�أنينة والر�ضا يف القلب‪ ،‬فال تتعاوره املخاوف والهواج�س‪ ،‬وال‬
‫يعرتيه القلق والهلع على الرزق والأجل‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التوجه �إلى اهلل ‪ ‬وحده يف طلب القوت والرزق‪ ،‬وبخا�صة قوت القلوب من‬ ‫• ً‬
‫الإميان‪ ،‬والهدى‪ ،‬والإخال�ص‪ ،‬والإخبات‪ ،‬وغريها من �أعمال القلوب‪ ،‬وهذا هو القوت‬
‫احلقيقي‪ ،‬الذي �إذا ح�صل للعبد فال ي�ضره ما فاته من قوت الأبدان‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 53‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫•قال اهلل تعالى‪} :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ{ [البقرة‪.]255 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•اهلل ‪ ‬هو احلي الباقي الذي ال يجوز عليه املوت وال الفناء‪ ،‬كما �أن حياته �سبحانه‬
‫ت�ستلزم �أال ت�أخذه �سنة وال نوم‪ ،‬فالنوم �أخو املوت‪ ،‬وحياته ‪� -‬سبحانه ‪� -‬أكمل احلياة‬
‫و�أمتها‪ ،‬وهي حياة ت�ستلزم جميع �صفات الكمال‪ ،‬وتنفي �أ�ضدادها من جميع الوجوه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬و�إجالله وتوحيده‪ ،‬وهذا يثمر يف القلب االبتهاج واللذة‪ ،‬وال�سرور؛‬
‫مما تندفع به الكروب والهموم والغموم‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التوكل ال�صادق على اهلل ‪:‬‬
‫يقول اهلل ‪ } :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ{ [الفرقان‪ ،]58 :‬فمن �آمن ب�أن ربه‬
‫�سبحانه هو احلي الذي له احلياة الكاملة‪ ،‬واحلي الذي ال ميوت �أبدً ا‪ ،‬والذي ال ت�أخذه‬
‫�سنة وال نوم وال غفلة؛ يكون توكله يف جميع �أموره عليه وحده �سبحانه‪ ،‬ويكون ربه هو‬
‫ذخره وملج�أه يف كل حني‪ ،‬ويقطع تعلقه ورجاءه يف املخاليق ال�ضعاف‪ ،‬الذين ميوتون‬
‫وينامون ويغفلون وين�سون‪ ،‬فمن ذا يعينه �إذا نام �أو ن�سي �أو مات وتركه؟‬
‫ثالثا‪ :‬الزهد يف هذه احلياة الدنيا الفانية وعدم االغرتار بها؛ لأنه مهما �أعطي العبد من‬‫• ً‬
‫العمر فال بد من املوت‪� ،‬أما احلياة الدائمة التي يهبها (احلي القيوم) عباده امل�ؤمنني‪،‬‬
‫فهي يف الدار الآخرة يف جنات النعيم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ا�سمه �سبحانه (احلي) يقت�ضي �صفات كماله ‪ ‬كلها؛ فمن �أنكر �صفة كمال هلل‬ ‫• ً‬
‫تعالى وعطلها‪ ،‬مل ي�ؤمن ب�أنه (احلي)‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 54‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ورد هذان اال�سمان يف حديث �صحيح يف قوله ‪� ...( :‬أنت املقدم و�أنت امل�ؤخر ال �إله �إال‬
‫�أنت) (أخرجه البخاري)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(املقدم‪ ،‬امل�ؤخر) هو املنزل الأ�شياء منازلها‪ ،‬يقدم ما �شاء منها وي�ؤخر ما �شاء؛ قدم‬
‫املقادير قبل �أن يخلق اخللق‪ ،‬وقدم من �شاء بالتوفيق �إلى مقامات ال�سابقني‪ ،‬و� ّأخر من‬
‫�شاء عن مراتبهم وثبطهم عنها‪ ،‬ال مقدم ملا � َّأخر وال ُم� ِّؤخر ملا ق َّدم‪.‬‬
‫•واملقدم وامل�ؤخر من �أ�سمائه احل�سنى املزدوجة املتقابلة‪ ،‬التي ال يطلق واحد مبفرده على‬
‫اهلل �إال مقرو ًنا بالآخر‪ ،‬ف�إن الكمال يف اجتماعهما‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬الإميان ب�أنه �سبحانه (املقدم وامل�ؤخر) يثمر يف قلب امل�ؤمن التعلق باهلل وحده‪،‬‬
‫والتوكل عليه �سبحانه؛ فمهما حاول الب�شر تقدمي �شيء مل يرد اهلل ‪ ‬تقدميه‪� ،‬أو ت�أخري‬
‫�أمر مل يرد اهلل تعالى ت�أخريه؛ فلن ي�ستطيعوا‪ ،‬وهذا يخ ِّل�ص القلب من اخلوف من املخلوق‬
‫�أو رجائه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬إن التقدم احلقيقي النافع هو التقدم �إلى طاعة اهلل ‪ ‬وجنته ومر�ضاته‪ ،‬والت�أخر‬
‫عن ذلك هو الت�أخر احلقيقي املذموم‪� ،‬أما التقدم يف الدنيا والت�أخر عنها فلي�س مبقيا�س‬
‫للتقدم والت�أخر‪.‬‬
‫• ً‬
‫ثالثا‪ :‬الإميان بحكمته �سبحانه البالغة يف تقدمي ما قدم وت�أخري ما � َّأخر‪ ،‬ومقت�ضى حكمته‬
‫�سبحانه يجعل امل�ؤمن ير�ضى وي�سلم ويعتقد ب�أن اخلرية فيما اختاره اهلل له من تقدمي �أو‬
‫ت�أخري‪ ،‬وقد يكون يف ذلك الرحمة واللطف وهو ال ي�شعر‪.‬‬
‫• ً‬
‫رابعا‪ :‬تقدمي من ق َّدمه اهلل ‪ ‬وت�أخري من � َّأخره �سبحانه‪ ،‬وذلك ب�أن يكون ميزان التقدمي‬
‫والت�أخري‪ ،‬واحلب والبغ�ض‪ ،‬والوالء والرباء؛ هو ميزان اهلل ‪ ‬يف ذلك كله‪ ،‬ال كما يزن به‬
‫�أكرث النا�س اليوم‪ ،‬حيث يقدِّ مون �أهل اجلاه واملال والرئا�سات‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 55‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثاني‬

‫•ورد هذا اال�سم يف ُّ‬


‫ال�س َّنة ال�صحيحة ‪( ،‬ال�سيد اهلل) (أخرجه أحمد وأبو داود‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•قال يف ل�سان العرب‪ :‬قال الأزهري‪ :‬و�أما و�صف اهلل ج ّل ذكره بال�سيد فمعناه �أنه مالك‬
‫اخللق‪ ,‬واخللق كلهم عبيده» (لسان العرب ‪.)2145 ، 2144/3‬‬
‫•وهو مالك �أمرهم الذي �إليه يرجعون؛ وب�أمره يعملون؛ وعن قوله ي�صدرون‪ ،‬وله ال�س�ؤدد‬
‫كله‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬ملا كان من معاين (ال�سيد) ما يطلق على الرب املالك واملت�صرف يف �ش�ؤون اخللق؛‬
‫كان من �آثار ذلك وثمراته؛ حمبة اهلل ‪ ‬وتوحيده و�إجالله وتعظيمه‪ ،‬و�صرف جميع �أنواع‬
‫العبادة له وحده ال �شريك له‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬إن الإن�سان مهما بلغ من ال�س�ؤدد يف هذه الدنيا فهو �س�ؤدد ناق�ص زائل‪ ،‬وهذا ال�شعور‬
‫يثمر التوا�ضع يف قلب امل�س َّود‪ ،‬وعدم ا�ستخدام �سيادته يف ظلم النا�س والتكرب عليهم؛ لأن‬
‫أي�ضا التعلق باهلل وحده خو ًفا ورجا ًء‪،‬‬ ‫ال�س�ؤدد احلقيقي الكامل هلل ‪ .‬كما يثمر ذلك � ً‬
‫وا�ستعانة وتوك ًال؛ لأنه املالك املت�صرف املدبر �ش�ؤون عباده‪ ،‬وما من دابة �إال هو �آخذ‬
‫بنا�صيتها �سبحانه‪ ،‬ومن ثم يزول اخلوف والتعظيم من قلوب النا�س نحو ال�سيد من الب�شر‪،‬‬
‫الذي ال ميلك لنف�سه نف ًعا وال �ض ًّرا ف�ض ًال عن �أن ميلكه لغريه‪ ،‬فال يذل له وال يخ�ضع‪ ،‬و�إمنا‬
‫يذل هلل وحده ال�سيد ال�صمد‪.‬‬
‫ثالثا‪� :‬إن ال�شرف وال�س�ؤدد احلقيقي يف هذه الدنيا �إمنا ينال بطاعة اهلل تعالى وتقواه‪،‬‬ ‫• ً‬
‫حيث �إن الكرامة وال�شرف والرفعة وعلو الذكر ‪ -‬وهذه �أركان ال�س�ؤدد‪� -‬إمنا هي لأنبياء‬
‫اهلل ‪ ‬و�أوليائه‪ ،‬وهم ال�سادة على النا�س‪� ،‬أما الكفر ُة واملنافقون وال ُف َّ�س ُاق فال كرامة‬
‫لهم وال �سيادة‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 56‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫األسماء التي تثمر مراقبة اهلل ‪‬‬


‫والخوف منه ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 57‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫الفصل الثالث‬

‫األسماء التي تثمر مراقبته والخوف منه‬

‫•�إن علم العبد بعلم اهلل ‪ ‬الذي ال تخفى عليه خافية‪ ،‬وب�شهوده ومراقبته لعباده‪ ،‬وب�سمعه‬
‫لأ�صواتهم ما �أعلنوا منها وما �أ�سروا‪ ،‬وبب�صره �سبحانه الذي ال يحجبه �شيء‪ ،‬وبخربته‬
‫التي يعلم بها مكنونات القلوب وخفايا املقا�صد والنوايا‪� ،‬إن ذلك كله يثمر يف قلب العبد‬
‫مراقبة ربه �سبحانه‪ ،‬فال يكون على حال ظاهرة �أو باطنة ت�سخط اهلل ‪ ،‬وهذا الإميان‬
‫�إذا متكن يف قلب العبد �أثمر فيه الإخال�ص هلل تعالى يف جميع الأقوال والأعمال‪ ،‬وانتفى‬
‫من العبد الرياء و�إرادة الدنيا ب�أعماله و�أقواله‪ ،‬كما يثمر مراقبة ربه �سبحانه ب�أال يكون‬
‫يف حال ت�سخط اهلل ‪ ‬و�أال يكون يف القلب من اخلواطر والأفكار �إال ما يحبه اهلل ‪.‬‬
‫•و�إذا �شهد العبد عظمة اهلل و�إجالله وقهره وقدرته‪ ،‬وكذلك �إحاطته وعلمه ورقابته و�سمعه‬
‫وب�صره‪ ،‬وكذلك حكمه اجلزائي‪ ،‬وعدله و�شدة انتقامه؛ قام يف القلب اخلوف منه �سبحانه‬
‫واخل�شية والوجل من عقابه‪ ،‬و�أثمر ذلك امل�سارعة �إلى طاعته واالنقبا�ض عن �أ�سباب‬
‫�سخطه وعقابه‪.‬‬
‫•يقول الإمام ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬و�إذا جت َّلى �سبحانه ب�صفة ال�سمع والب�صر والعلم‪،‬‬
‫انبعث من العبد قوة احلياء‪ ،‬في�ستحي من ربه �أن يراه على ما يكره‪� ،‬أو ي�سمع منه ما يكره‪،‬‬
‫�أو ُيخفي يف �سريرته ما ميقته عليه‪ ،‬فتبقى حركاته و�أقواله وخواطره موزونة مبيزان ال�شرع‬
‫غري مهملة وال مر�سلة حتت حكم الطبيعة والهوى»‪( .‬طريق الهجرتني ص ‪.)134‬‬
‫أي�ضا‪« :‬املراقبة‪ :‬دوام علم العبد ويقينه باطالع احلق �سبحانه وتعالى على ظاهره‬ ‫•ويقول � ً‬
‫وباطنه‪ ،‬فا�ستدامته لهذا العلم واليقني هي املراقبة‪ ،‬وهي ثمرة علمه ب�أن اهلل �سبحانه‬
‫رقيب عليه‪ ،‬ناظر �إليه‪� ،‬سامع لقوله‪ ،‬وهو مطلع على عمله كل وقت وكل حلظة وكل نف�س‬
‫وكل طرفة عني»‪( .‬مدارج السالكني ‪.)65/2‬‬
‫‪58‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 58‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•وعن الف�ضيل بن عيا�ض قال‪« :‬امل�ؤمن يحا�سب نف�سه‪ ،‬ويعلم �أن له موق ًفا بني يدي اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬واملنافق يغفل عن نف�سه‪ ،‬فرحم اهلل عبدً ا نظر لنف�سه قبل نزول ملك املوت به»‪.‬‬
‫(تاريخ بغداد ‪.)184/4‬‬
‫• ُيروى �أن ابن عمر ‪ -‬ر�ضي اهلل عنهما ‪ -‬لقي ً‬
‫غالما يرعى الغنم‪ ،‬ف�س�أله �أن يبيعه ر� ًأ�سا‬
‫منها‪ ،‬فقال الغالم‪ :‬الغنم لي�ست يل‪ ،‬كما �أن �صاحبها مل ي�أذن يل ببيعها‪ ،‬قال ابن عمر‪:‬‬
‫فبعني ر� ًأ�سا منها واحتفظ بالثمن لنف�سك وقل ل�صاحبها �إن ذئ ًبا قد اختطفها‪ ،‬قال‬
‫الراعي‪ :‬ف�أين اهلل � ًإذا‪.‬‬
‫•املراقبة والإخال�ص واخلوف من اهلل ‪ ‬هي ثمرة التعبد ب�أ�سمائه �سبحانه‪ :‬ال�سميع ‪-‬‬
‫العليم ‪ -‬الرقيب ‪ -‬املحيط ‪ -‬الب�صري ‪ -‬اخلبري ‪ -‬ال�شهيد ‪ -‬احلفيظ ‪ -‬املهيمن ‪ -‬الباطن‬
‫‪ -‬القيوم ‪ -‬القريب ‪ -‬اللطيف ‪ -‬العظيم ‪ -‬القدير ‪ -‬القاهر ‪ -‬العزيز ‪ -‬الكبري ‪ -‬القوي ‪-‬‬
‫املتني ‪ -‬العلي ‪ -‬الأعلى ‪ -‬اجلبار ‪ -‬الديان ‪ -‬احلكم ‪ -‬احل�سيب‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 59‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫•قال تبارك وتعالى‪ }:‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ { [األحزاب‪.]52 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الرقيب) هو احلافظ الذي ال يغيب عما يحفظه‪.‬‬
‫•والرقيب وال�شهيد من �أ�سمائه احل�سنى‪ ،‬هما مرتادفان‪ ،‬وكالهما يدل على �إحاطة �سمع‬
‫اهلل بامل�سموعات‪ ،‬وب�صره باملب�صرات‪ ،‬وعلمه بجميع املعلومات اجللية واخلفية‪ ،‬وهو‬
‫الرقيب على ما دار يف اخلواطر‪ ،‬وما حتركت به اللواحظ‪ ،‬ومن باب �أولى الرقيب على‬
‫الأفعال الظاهرة‪.‬‬
‫•والرقيب املطلع على ما �أك ّنته ال�صدور‪ ،‬القائم على كل نف�س مبا ك�سبت‪ ،‬الذي حفظ‬
‫املخلوقات و�أجراها على �أح�سن نظام و�أكمل تدبري‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•�إن التعبد هلل �سبحانه با�سمه (الرقيب) يثمر يف القلب مراقبة اهلل ‪ ‬يف ال�سر والعلن‪،‬‬
‫يف الليل والنهار‪ ،‬يف اخللوة واجللوة‪ ،‬لأنه �سبحانه مع عبده ال تخفى عليه خافية‪ ،‬ي�سمع‬
‫كالمنا ويرى مكاننا‪ ،‬ويعلم خائنة الأعني وما تخفي ال�صدور‪ ،‬ف�إذا �أيقن العبد بهذه‬
‫احلقائق �سعى �إلى حفظ قلبه و�سمعه وب�صره ول�سانه وجوارحه كلها من �أن يكون منها �أو‬
‫فيها ما ي�سخط اهلل ‪.‬‬
‫•وهي توجب �صيانة الباطن والظاهر‪ ،‬ف�صيانة الظاهر‪ :‬بحفظ احلركات الظاهرة‪،‬‬
‫و�صيانة الباطن‪ :‬بحفظ اخلواطر والإرادات واحلركات الباطنة التي منها رف�ض معار�ضة‬
‫�أمره وخربه‪ ،‬فيتجرد الباطن من كل �شهوة و�إرادة تعار�ض �أمره‪ ،‬ومن كل �إرادة تعار�ض‬
‫�إرادته‪ ،‬ومن كل �شبهة تعار�ض خربه‪ ،‬ومن كل حمبة تزاحم حمبته‪ ،‬وهذه حقيقة القلب‬
‫ال�سليم الذي ال ينجو �إال من �أتى اهلل به‪ .‬ومتى راقب العبد ر ّبه �أح�سن قوله وعمله‪ ،‬فبلغ‬
‫درجة الإح�سان للملك الد ّيان‪ ،‬وما �أح�سن قول ال�شاعر‪:‬‬
‫ـيب‬
‫علي رق ُ‬
‫خــلوت ولكــن قل َّ‬ ‫يوما فال تقل‬
‫ �إذا ما خلوت الدهر ً‬
‫‪60‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 60‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ { [الشورى‪.]11 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•هلل تعالى �سمع يليق بعظمته وجالله من غري حتريف‪ ،‬وال تعطيل‪ ،‬وال متثيل‪ ،‬وال تكييف‪،‬‬
‫ي�سمع به �أقوال عباده وما ينطق به خلقه‪� ،‬سواء عند اجلهر �أو الإ�سرار‪.‬‬
‫•وقد يكون ال�سماع مبعنى‪ :‬القبول والإجابة‪.‬‬
‫•و(ال�سميع)‪ :‬الذي قد ا�ستوى يف �سمعه �سر القول وجهره‪ ،‬و�سع �سمعه الأ�صوات كلها‪.‬‬
‫وسمعه تعالى نوعان‪:‬‬
‫•أحدهما‪� :‬سمعه جميع الأ�صوات الظاهرة والباطنة‪ ،‬اخلفية واجللية‪ ،‬و�إحاطته التامة بها‪.‬‬
‫•والثاني‪� :‬سمع الإجابة منه لل�سائلني والداعني والعابدين؛ فيجيبهم ويثيبهم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪� :‬إثبات �صفة ال�سمع هلل تعالى‪ ،‬كما يليق بعظمته �سبحانه وجالله‪ ،‬من غري متثيل وال‬
‫حتريف وال تكييف‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬مراقبة اهلل ‪ ‬فيما يقوله الل�سان‪� ،‬سواء �أ�س ّر القول �أو جهر به‪ ،‬و�سواء كان ذلك‬
‫يف جماعة �أو يف خلوة‪ ،‬وهذا الإميان يثمر يف القلب اخلوف من اهلل ‪ ،‬واملحافظة على‬
‫الل�سان من �أن ينطق مبا ي�سخط اهلل تعالى‪ ،‬فاهلل تعالى ي�سمع ذلك واملالئكة تكتبه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اللجوء �إلى اهلل ‪ ‬و�س�ؤاله �سبحانه من حاجات الدنيا والآخرة‪ ،‬فهو ال�سميع لدعاء‬‫• ً‬
‫عباده‪� ،‬سرهم وجنواهم‪ ،‬وهو ال�سميع مبعنى (املجيب) لدعائهم واملفرج لكرباتهم‪ ،‬وهذا‬
‫املعنى من معاين ال�سميع ي�سكب يف القلب الطم�أنينة والأن�س باهلل تعالى وح�سن الظن به‬
‫�سبحانه‪ ،‬والرجاء فيما عنده‪ ،‬وعدم امللل من دعائه‪� ،‬أو الي�أ�س من رحمته‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 61‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ { [البقرة‪ ،]32 :‬وقـال تعالى‪ } :‬ﯵ ﯶ‬


‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫ﯹ ﯺ ﯻ { [اجلن‪ ،]26 :‬وقال تعالى‪}:‬‬ ‫ﯷﯸ‬
‫ﭢ { [املائـدة‪.]109 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫هو الذي �أحاط علمه يف الأزل بالظواهر والبواطن‪ ،‬والإ�سرار والإعالن‪ ،‬وبالواجبات‬
‫وامل�ستحيالت واملمكنات‪ ،‬وبالعامل العلوي وال�سفلي‪ ،‬وباملا�ضي واحلا�ضر وامل�ستقبل‪ ،‬فال يخفى‬
‫عليه �شيء من الأ�شياء‪.‬‬
‫في خلقه سبحانه وأمره‪:‬‬ ‫ذكر بعض متعلقات علم اهلل ‪‬‬
‫•أو ًال‪� :‬شمول علم اهلل ‪ ‬لكل �شيء يف ال�سماوات ويف الأر�ض‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬اخت�صا�صه مبفاتيح الغيب‪ ،‬ومبا يحدث من �صغري �أو كبري يف الرب والبحر‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬علمه املحيط مبكنونات القلوب‪ ،‬وما تخفيه ال�صدور‪ ،‬وما تو�سو�س به النفو�س‪.‬‬ ‫• ً‬
‫رابعا‪ :‬علمه ال�شامل مبا يف الأرحام لكل �أنثى‪.‬‬‫• ً‬
‫خامسا‪ :‬علمه �سبحانه بكل الأ�شياء قبل وقوعها و�أن ذلك يف كتاب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫سادسا‪ :‬علمه �سبحانه ب�أحوال عباده تق ِّيهم من فاجرهم‪ ،‬وغن ِّيهم من فقريهم‪ ،‬وغري‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫ذلك من الفوارق‪ ،‬وذلك قبل �أن يخلقهم ويكلفهم‪ ،‬و�أن توفيقه ملن ي�شاء وخذالنه ملن ي�شاء‬
‫�إمنا يكون عن علم ب�أحوال عباده‪ ,‬وعن حكمة بالغة‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬علمه ال�شامل مبا ينزل من ال�شرائع على ر�سله‪ ,‬و�أنه �سبحانه �أعلم مبا ينزل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫و�أعلم مبا ي�صلح لعباده‪ ,‬وينتهي بهم �إلى ال�سعادة واخلري يف الدارين‪.‬‬
‫•ثام ًنا‪ :‬هذا العلم الذي يعلمه الإن�سان املحدود من علوم الدين والدنيا �إمنا هو من تعليم‬
‫اهلل تعالى له‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 62‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫من آثار اإليمان بهذه األسماء الكريمة‬


‫•أو ًال‪ :‬اخلوف من اهلل ‪ ‬وخ�شيته‪ ،‬ومراقبته يف ال�سر والعلن؛ لأن العبد �إذا �أيقن �أن اهلل‬
‫تعالى عامل بحاله مطلع على باطنه وظاهره‪ ،‬ف�إن ذلك يدفعه �إلى اال�ستقامة على �أمر اهلل‬
‫‪ ‬ظاه ًرا وباط ًنا‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬إن اليقني بعلم اهلل تعالى بالأمور قبل وقوعها وكتابتها عنده �سبحانه يف اللوح‬
‫املحفوظ قبل خلقها‪ ،‬يثمر يف قلب العبد طم�أنينة �إزاء ما يق�ضيه اهلل تعالى من الأحكام‬
‫القدرية كامل�صائب واملكروهات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الت�سليم لأحكام اهلل ال�شرعية‪ ،‬والر�ضا والفرح واالغتباط بها؛ حيث �إنها من لدن‬ ‫• ً‬
‫عليم حكيم‪ ،‬عليم مبا ي�صلح لعباده ويجلب لهم اخلري وال�سعادة يف الدارين في�أمرهم‬
‫به‪ ،‬وعليم مبا يجلب لعباده ال�شر وال�شقاء يف الدارين فينهاهم عنه‪.‬‬
‫رابعا‪� :‬إن يقني العبد بعلم اهلل تعالى ال�شامل لكل �شيء‪ ،‬ومن ذلك علمه �سبحانه بحال‬ ‫• ً‬
‫عبده امل�صاب وما يقا�سيه من الآالم‪ ،‬يثمر يف القلب الرجاء والأن�س باهلل تعالى‪ ،‬ويدفع‬
‫الي�أ�س والقنوط من القلب‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬احلر�ص على التزود من العلم النافع‪ ،‬والتوا�ضع هلل تعالى وللخلق بهذا العلم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫وعدم التكرب والفخر به‪ ،‬وهذا �إمنا يت�أتى باليقني ب�أنه ال علم من علوم الدين والدنيا �إال‬
‫من اهلل ‪.‬‬

‫‪63‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 63‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫•قال �سبحانه‪ }:‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ { [الشورى‪.]27 :‬‬


‫•(الب�صري) الذي �أحاط ب�صره بجميع املب�صرات يف �أقطار الأر�ض وال�سماوات‪ ،‬اخلفي وما‬
‫هو �أخفى‪ ،‬فريى دبيب النملة ال�سوداء‪ ,‬على ال�صخرة ال�صماء‪ ،‬يف الليلة الظلماء‪ ،‬وجميع‬
‫�أع�ضائها الباطنة والظاهرة‪ ،‬و�سريان القوت يف �أع�ضائها الدقيقة‪ ،‬ويرى خيانات الأعني‪،‬‬
‫وتقلبات الأجفان‪ ،‬وحركات اجلنان‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫السمه سبحانه (البصير) معنيان‪:‬‬
‫•األول‪� :‬إن له �سبحانه ب�ص ًرا يليق بعظمته‪ ،‬يحيط ب�أقطار ال�سماوات والأر�ض‪ ،‬ويرى به‬
‫�سبحانه جميع خملوقاته دقيقها وجليلها‪ ،‬باطنها وظاهرها‪ ،‬وال يخفى عليه منها �شيء‪.‬‬
‫•الثاني‪� :‬إنه ذو الب�صرية بالأ�شياء اخلبري بها املطلع على بواطنها‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬مراقبة اهلل ‪ ‬واخلوف منه؛ حيث ال تخفى عليه خافية يف ليل �أو نهار‪ ،‬في�ستحي‬
‫العبد من ربه �سبحانه �أن يراه على مع�صية‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬الإخال�ص هلل تعالى يف جميع الأعمال؛ لأنه �سبحانه يعلم خائنة الأعني وما تخفي‬
‫ال�صدور‪ ،‬ومن علم �أن اهلل ‪ ‬يراه �أح�سن عمله وعبادته‪ ،‬و�أخل�ص فيها لربه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اهلل تبارك وتعالى ب�صري ب�أحوال عباده‪ ،‬خبري بها‪ ،‬ب�صري مبن ي�ستحق الهداية‬ ‫• ً‬
‫منهم ممن ال ي�ستحقها‪.‬‬
‫• ً‬
‫رابعا‪� :‬إثبات �صفة الب�صر له جل �ش�أنه‪� ،‬إثباتًا يليق بجالله وعظمته؛ لأنه و�صف نف�سه‬
‫بذلك وهو �أعلم بنف�سه �سبحانه‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 64‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫خامسا‪� :‬إن الإميان ب�أن اهلل ‪ ‬ال يخفى عن ب�صره �شيء ي�ضفي على امل�ؤمن الطم�أنينة‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫وال�صرب واالحت�ساب‪ ،‬حني يناله من �أعداء اهلل الأذى واالبتالء؛ وذلك لعلم العبد ب�أن اهلل‬
‫‪ ‬يرى ذلك ويعلمه‪ ،‬و�أنه مل يح�صل �إال بعلمه وحكمته‪ ،‬ولو �شاء اهلل ‪ ‬النتقم من‬
‫�أعداء اهلل تعالى لأوليائه‪ ،‬ولكنه �سبحانه حكيم ورحيم ولطيف بعباده‪ ,‬حيث ي�سوق �إليهم‬
‫اخلري والرحمة من حيث ال ي�شعرون‪ ،‬بل ومن حيث يكرهون ‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 65‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫قال اهلل تعالى ‪ } :‬ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ{ [فصلت‪.]54 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫�شيء عل ًما‪ ،‬و�أح�صى‬ ‫ُ‬
‫(املحيط) هو الذي �أحاطت قدرته بجميع خلقه‪ ،‬وهو الذي � َ‬
‫أحاط بكل ٍ‬ ‫•‬
‫ك َّل �شيءٍ عددًا‪.‬‬
‫•وهو (املحيط) بكل �شيء عل ًما وقدرة ورحمة وقه ًرا‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬اخلوف من اهلل ‪ ‬واحلياء منه ومراقبته �سبحانه يف كل خطرة ولفظة وحلظة‬
‫وخطوة‪ ،‬لأن علمه �سبحانه حميط بكل �شيء‪ ،‬وال يخفى عليه �شيء دقّ �أو َّ‬
‫جل خفي �أو‬
‫ظهر‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬البعد عن ظلم العباد واالعتداء عليهم‪ ،‬ذلك ب�أن اهلل ‪ ‬قد �أحاطت قدرته بكل‬
‫�شيء‪ ،‬فال يفوته �أو يعجزه �شيء‪ ،‬فتذ ّكر �أن هذه القدرة املحيطة متنع العبد من االغرتار‬
‫بقدرته على النا�س وظلمهم؛ لأن قدرة اهلل ‪ ‬فوق قدرته‪ ,‬وهو القاهر الذي �أحاط قهره‬
‫بكل �شيء‪ ،‬وما من دابة �إال هو �سبحانه �آخذ بنا�صيتها‪.‬‬
‫ثالثا‪� :‬إن الإميان ب�إحاطة قدرته �سبحانه وقهره لكل �شيء تثمر يف القلب اال�ستهانة بقوة‬‫• ً‬
‫املخلوق من الأعداء الكفرة واملنافقني‪ ،‬بعد الأخذ ب�أ�سباب املدافعة ل�شرهم؛ لأن اهلل‬
‫‪ ‬حميط بهم وقاهر لهم‪ .‬و�إذا ح�صلت التقوى وال�صرب من امل�ؤمنني فلن ي�ضرهم كيد‬
‫الكائدين؛ لأن اهلل ‪ ‬مبا يعملون ويكيدون حميط‪ ،‬قال �سبحانه‪ }:‬ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ { [آل عمران‪.]120 :‬‬

‫‪66‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 66‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال �سبحانه‪ }:‬ﮜ ﮝ ﮞ{ [النساء‪.]166 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(ال�شهيد)‪ :‬الذي ال يغيب عنه �شيء‪ ،‬وال يعزب عنه مثقال ذرة يف الأر�ض وال يف ال�سماء‪،‬‬
‫بل هو مطلع على كل �شيء‪ ،‬م�شاهد له‪ ،‬عليم بتفا�صيله‪.‬‬
‫•و(ال�شهيد) �أي‪ :‬املطلع على جميع الأ�شياء‪� ،‬سمع جميع الأ�صوات خفيها وجليها‪ ،‬و�أب�صر‬
‫جميع املوجودات دقيقها وجليلها‪� ،‬صغريها وكبريها‪ ،‬و�أحاط علمه بكل �شيء‪ ،‬الذي �شهد‬
‫لعباده وعلى عباده مبا عملوه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪� :‬إن الإميان ب�أنه �سبحانه �شهيد من ال�شهود (مبعنى احل�ضور)‪ ،‬امل�ستلزم الطالعه‬
‫�سبحانه على كل �شيء‪ ،‬ي�سمع جميع الأ�صوات خفيها وجليها‪ ،‬ويب�صر جميع املخلوقات‪،‬‬
‫ويحيط علمه بكل �شيء؛ �إن اليقني بهذه املعاين يثمر يف القلب اليقظة واحلذر واخلوف‬
‫من اهلل ‪ ‬بحيث ال ي�صدر من العبد �إال ما يحبه اهلل ‪ ‬وير�ضاه من الأقوال والأعمال؛‬
‫لأنه �سبحانه ال تخفى عليه خافية يف ليل �أو نهار‪ ،‬يف �سر �أو جهار‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬الإميان ب�أنه �سبحانه �شهيد على اخللق يوم القيامة مبا عملوا وما كان بينهم من‬
‫خ�صومات يف الدنيا‪ ،‬يجعل العبد على حذر من ظلم العباد‪ ،‬والتعدي على حقوقهم؛‬
‫ف�إن اهلل ‪� ‬شاهد على ذلك‪ ،‬وكذلك يجعل العبد يتحرى الإخال�ص والتقوى يف �أقواله‬
‫و�أعماله؛ لأن اهلل ‪� ‬شاهد على ما يف القلوب من النوايا واملقا�صد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الإميان ب�أن �شهادة اهلل ‪� ‬أعظم �شهادة‪ ،‬فاهلل �سبحانه هو الأعظم والأعلى‬ ‫• ً‬
‫والأجل والأرفع‪ ،‬و�شهادته �شهادة ح�ضور ومعاينة‪ ،‬وهو ال يخفى عليه �شيء من جوانب‬
‫احلقيقة كما يحدث للب�شر‪ ،‬فمن �شهد اهلل له فهو ح�سبه‪ ،‬وال يحتاج �إلى �شهادة غريه‪.‬‬

‫‪67‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 67‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﰌ ﰍ ﰎ { [النساء‪.]6 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(احل�سيب)‪ :‬هو العليم بعباده‪ ،‬املجازي عباده باخلري وال�شر‪ ،‬بح�سب حكمته وعلمه بدقيق‬
‫�أعمالهم وجليلها‪.‬‬
‫•و(احل�سيب) مبعنى الرقيب‪ ،‬املحا�سب لعباده‪ ،‬املتويل جزاءهم بالعدل‪ ،‬وبالف�ضل‪.‬‬
‫•ومبعنى الكايف عبده همومه وغمومه‪ ،‬فهو ح�سيب امل�ؤمنني وكافيهم‪.‬‬
‫ويتحصل لنا في معنى (الحسيب) معنيان‬
‫الثاني‪ :‬مبعنى املحا�سب‪.‬‬ ‫ ‬
‫األول‪ :‬مبعنى الكايف واحلافظ‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬اهلل �سبحانه هو الكايف عباده‪ ،‬الذي ال غنى لهم عنه �أبدً ا‪ ،‬وال ي�شاركه يف ذلك �أحد‬
‫�أبدً ا‪ ،‬و�إن ظن بع�ض النا�س �أن غري اهلل يكفيهم فهو ظن باطل‪ ،‬بل كل �شيء ال يتم �إال بخلقه‬
‫و�أمره وتقديره �سبحانه‪ ،‬وحكمته‪.‬‬
‫فال تظنن �أنك �إذا احتجت يف دنياك �إلى طعام و�شراب‪ ،‬و�أر�ض و�سماء و�شم�س وغري ذلك‪،‬‬
‫فقد احتجت �إلى غريه‪ ،‬ومل يكن هو ح�سبك‪ ،‬بل هو الذي كفاك بخلق الطعام وال�شراب‪،‬‬
‫والأر�ض وال�سماء؛ فهو ح�سبك‪.‬‬
‫وال تظنن �أن الطفل الذي يحتاج �إلى �أمه‪ ،‬تر�ضعه وتتعهده لي�س اهلل ح�سيبه وكافيه‪ ،‬بل‬
‫اهلل كفاه �إذ خلق �أمه‪ ،‬وخلق اللنب يف ثديها‪ ،‬وخلق له الهداية �إلى التقامه‪ ،‬وخلق ال�شفقة‬
‫واملودة يف قلب الأم حتى مكنته من االلتقام‪ ،‬ودعته �إليه وحملته عليه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬وعلى املعنى الثاين ال�سمه �سبحانه (احل�سيب)؛ هو املحا�سب الذي �أح�صى كل‬
‫�شيء على عباده‪ ،‬ويوم القيامة يحا�سبهم ويجازيهم على �أعمالهم؛ يثمر هذا املعنى يف‬
‫قلب امل�ؤمن اخلوف والوجل من اهلل ‪ ‬وحما�سبة النف�س‪ ،‬واال�ستعداد لهذا احل�ساب‬
‫بالطاعات واجتناب املحرمات وترك مظامل العباد؛ لأنه �سيقف بني يدي احلكم العدل‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 68‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•مل يرد هذا اال�سم الكرمي يف كتاب اهلل ‪ ‬و�إمنا ورد يف ُّ‬
‫ال�س َّنة‪ ،‬فعن عبد اهلل بن �أني�س‪،‬‬
‫يوم القيامة ‪� -‬أو قال‪ :‬العباد ‪ُ -‬عراة ُغر ًال‬ ‫قال �سمعت ر�سول اهلل ‪ ‬يقول‪ُ ( :‬يح�شر ُ‬
‫النا�س َ‬
‫وت َي�سمعه من َب ُعد كما َي�سمعه َمنْ َق ُرب‪� :‬أنا ُ‬
‫امللك‪� ،‬أنا الد ّيان‬ ‫ب�ص ٍ‬
‫ُب ْه ًما) ‪ ...‬ثم ُيناديهم َ‬
‫‪ ...‬احلديث) (أخرجه احلاكم‪ ،‬وصححه)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الديان) قيل‪ :‬هو القهار‪ ،‬وقيل هو احلاكم القا�ضي‪ ،‬املجازي‪ ،‬يقال‪ِ :‬د ْنتُ الرجل �إذا‬
‫جزيته‪� ،‬أُدينه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬اخلوف من اهلل �سبحانه وتعالى‪ ،‬واجتناب ما ي�سخطه قبل يوم احل�ساب‪ ،‬يوم‬
‫اجلزاء والف�صل والق�ضاء‪ ،‬اليوم الذي يحكم اهلل ‪ ‬فيه بحكمه بني النا�س‪ ،‬ويقت�ص‬
‫فيه للمظلوم من الظامل‪.‬‬
‫اجتناب مظامل العباد من ثمرات الإميان با�سمه �سبحانه (الديان)‪ ،‬الذي يحكم بني‬
‫عباده فيما كانوا فيه يختلفون‪ ،‬وال ي�ستطيع �أحد �أن يخرج عن طاعته وحكمه وقهره‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ومن �آثار الإميان با�سمه �سبحانه (الديان) ت�سلية املظلومني واملقهورين يف هذه‬
‫يوما ال ريب فيه �سيقت�ص فيه (الديان) �سبحانه من‬
‫الدنيا‪ ،‬وذلك ب�أن يوقنوا ب�أن هناك ً‬
‫الظاملني‪ ،‬وي�شفي �صدور املظلومني ممن ظلمهم‪.‬‬
‫• ً‬
‫ثالثا‪ :‬توخي العدل مع النا�س ملن ابتاله اهلل ‪ ‬باحلكم بينهم �أو جمازاتهم يف الدنيا‪،‬‬
‫و�إ�شاعة العدل واحلكم مبا �أنزل اهلل ‪ ‬بني النا�س؛ لأن حكم اهلل تعالى هو احلكم العدل‬
‫الذي ال يتطرق �إليه ظلم وال جهل‪.‬‬
‫• ً‬
‫رابعا‪ :‬الر�ضا بحكم اهلل تعالى‪ :‬ال�شرعي‪ ،‬والقدري‪ ،‬واجلزائي‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 69‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ { [األنعام‪.]114 :‬‬


‫احل َكم‪ ،‬و�إليه ا ُ‬
‫حلكم) (أخرجه أبو داود‪ ،‬وصححه‬ ‫•وورد يف ُّ‬
‫ال�سنة قوله ‪�( :‬إن اهلل هو َ‬
‫األلباني)‪ ،‬وهناك من �أدخل ا�سمه (احلاكم)‪ ،‬يف عداد �أ�سمائه احل�سنى‪ ،‬حيث ورد يف‬
‫القر�آن خم�س مرات ب�صيغة التف�ضيل؛ منها‪:‬‬
‫•قوله تعالى‪ }:‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ{ [األعراف‪.]87 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•احلكم العدل الذي يحكم بني عباده يف الآخرة بعدله وق�سطه‪ ،‬فال يظلم مثقال ذرة‪،‬‬
‫وي�ؤدي احلقوق �إلى �أهلها‪ ،‬فال يدع �صاحب حق �إال و�صل �إليه حقه‪ .‬وهو العدل يف تدبريه‬
‫وقدره و�شرعه وجزائه‪.‬‬
‫•واحلكم العدل الذي �إليه احلكم يف كل �شيء؛ فيحكم تعالى ب�شرعه‪ ،‬ويبني لعباده جميع‬
‫الطرق التي يحكم بها بني املتخا�صمني‪ ،‬ويف�صل بني املتنازعني‪ ،‬بالطرق العادلة احلكيمة‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•�إن �أول ما يقت�ضيه ا�سمه �سبحانه (احلكم) هو الر�ضا بحكمه ‪ ‬والت�سليم له‪ ،‬و�أنه ال‬
‫ُح ْكم يعلو على حكمه �سبحانه‪ ،‬و�أنه ال �أح�سن منه حك ًما وال �شريك له ‪ ‬يف حكمه‪ ،‬كما‬
‫�أنه ال �شريك له يف عبادته‪.‬‬
‫واحلكم الذي هلل ‪ ‬ثالثة �أحكام هي من موجبات ا�سمه َ‬
‫احلكم‪:‬‬
‫األول‪ :‬الحكم الكوني القدري‪ :‬وهو نوعان‪:‬‬
‫•نوع ميكن مدافعته‪ ،‬فعلى امل�سلم فعل الأ�سباب يف مدافعته‪.‬‬
‫•ونوع ال ميكن مدافعته �أو متت مدافعته فلم ينفع اهلل بالأ�سباب؛ فموقف امل�سلم حينئذ‬
‫الر�ضا‪ ،‬والت�سليم حلكم اهلل ‪ ،‬واليقني ب�أنه �سبحانه حكيم عليم لطيف‪ ،‬له احلمد يف‬
‫�أ�سمائه و�صفاته و�أفعاله‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 70‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫الثاني‪ :‬الحكم الديني الشرعي‪:‬‬


‫•ولي�س �أمام امل�سلم �إزاء هذا النوع من احلكم �إال الت�سليم والإذعان‪ ،‬والقبول‪ .‬والزم هذا‬
‫الإميان‪ :‬الكفر بكل قوانني الب�شر ود�ساتريهم‪ ،‬التي تعار�ض حكم اهلل و�شرعه املطهر‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الحكم الجزائي‪:‬‬
‫•وهو احلكم الذي يحكم به (احلكم العدل) بني عباده يوم القيامة‪ ،‬مبجازاتهم على‬
‫�أعمالهم‪ ،‬واحلكم بني املتخا�صمني واملختلفني‪ ،‬و�إظهار احلق‪ ،‬ور ّد املظامل �إلى �أهلها‪.‬‬
‫•وهذا النوع من احلكم هو من مقت�ضيات ا�سمه �سبحانه (احلكم)‪ ،‬والإميان بهذا يثمر‬
‫يف قلب العبد اخلوف من اهلل ‪ ‬يف هذه الدنيا‪ ،‬وااللتزام ب�شريعته والقيام مبا ير�ضيه‬
‫واالبتعاد عن م�ساخطه‪ ،‬واحلذر من مظامل العباد وحقوقهم‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 71‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثالث‬

‫•ورد ا�سم (القدير) يف كتاب اهلل كث ًريا‪.‬‬


‫•وورد ا�سمه �سبحانه (القادر) يف قوله تبارك وتعالى‪ } :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ{ [األنعام‪.]65 :‬‬
‫•وورد ا�سم (املقتدر) يف قوله تعالى‪ }:‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ{ [القمر‪.]55-54 :‬‬
‫•و(القدير)‪ :‬كامل القدرة‪ ،‬بقدرته �أوجد املوجودات‪ ،‬وبقدرته دبرها‪ ،‬وبقدرته �سواها‬
‫و�أحكمها‪ ،‬وبقدرته يحيي ومييت‪ ،‬ويبعث العباد للجزاء‪ ،‬ويجازي املح�سن ب�إح�سانه‪،‬‬
‫وامل�سيء ب�إ�ساءته‪ ،‬الذي �إذا �أراد �شي ًئا قال له‪ :‬كن فيكون‪ ،‬وبقدرته يقلب القلوب وي�صرفها‬
‫على ما ي�شاء ويريد‪.‬‬
‫•(القدير)‪ :‬الذي لكمال قدرته يهدي من ي�شاء وي�ضل من ي�شاء‪ ،‬ويجعل امل�ؤمن م�ؤم ًنا‬
‫والكافر كاف ًرا؛ والرب ب ًّرا والفاجر فاج ًرا‪ ،‬وهو الذي جعل �إبراهيم و�آله �أئمة يدعون �إليه‬
‫ويهدون ب�أمره؛ وجعل فرعون وقومه } ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ { [القصص‪ ]41 :‬بعلمه‬
‫وحكمته‪.‬‬
‫•و(القادر)‪ :‬هو من القدرة على ال�شيء‪ ،‬ومقت�ضاه و�صف اهلل �سبحانه نف�سه ب�أنه قادر على‬
‫كل �شيء‪ ،‬ال يعرت�ضه عجز وال فتور‪.‬‬
‫•و(املقتدر)‪ :‬مبالغة يف الو�صف بالقدرة‪ ،‬والأ�صل يف العربية �أن زيادة املبنى زيادة يف املعنى‪.‬‬
‫•و�آثار قدرة اهلل ‪ ‬ال تعد وال حت�صى؛ ف�أينما وقع النظر على �شيء من خلق اهلل ‪ ‬يف‬
‫الآفاق‪ ،‬ويف الأنف�س‪ ،‬ويف اخلوارق واملعجزات؛ ر�أى قدرة اهلل ‪ ‬الباهرة �أمامه‪ ،‬ومن ذا‬
‫الذي يح�صي ما خلقه اهلل تعالى؟!‬
‫من آثار اإليمان بهذه األسماء الكريمة‬
‫•أو ًال‪� :‬صدق التوكل على اهلل ‪ ،‬والتعلق به وحده‪ ،‬والثقة يف كفايته يف ق�ضاء احلوائج وتفريج‬
‫الكربات؛ لأنه وحده القادر على كل �شيء‪ ،‬وال يعجزه �شيء يف ال�سماوات وال يف الأر�ض‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 72‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ثان ًيا‪ :‬الثقة يف رحمة اهلل تعالى وحكمته ولطفه‪ ،‬وذلك �إذا ر�أينا امل�صائب الفردية �أو‬
‫الكوارث اجلماعية وت�سلط الأعداء على امل�سلمني‪ ،‬ف�إمياننا بقدرة اهلل ‪ ‬وقهره لكل‬
‫�شيء‪ ،‬و�أنه �سبحانه قادر على �أن يرفع امل�صائب ويكبت ويق�صم الكفرة‪ ,‬ثم ال نراه �سبحانه‬
‫يفعل ذلك يف وقت من الأوقات؛ ف�إن هذا يجعلنا نوقن ب�أن هلل تعالى احلكمة يف ابتالء‬
‫امل�ؤمنني والإمالء للكافرين‪ ،‬و�أن يف �أعطاف ذلك اللطف والرحمة وامل�صلحة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬االبتعاد عن الظلم ب�شتى �صوره‪ ،‬وبخا�صة ظلم العباد يف دمائهم و�أموالهم‬ ‫• ً‬
‫و�أعرا�ضهم؛ لأن الإميان بقدرة اهلل تعالى وانتقامه للمظلومني من الظاملني يجعل العبد‬
‫يرتدع عن الظلم والعدوان‪ ،‬وما �أح�سن القول امل�أثور‪�( :‬إذا دعتك قدرتك �إلى ظلم النا�س‬
‫فتذكر قدرة اهلل عليك)‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الإميان ب�أن ما �أودع اهلل ‪ ‬من القدرة والقوة يف الإن�سان �إمنا هي من اهلل ‪‬‬ ‫• ً‬
‫و�إنعامه وف�ضله‪ ،‬وهذا ال�شعور يدفع امل�سـلم �إلى �أن ِّ‬
‫ي�سخر ما �أودع اهلل فيه من هـذه القدرة‬
‫يف طاعة اهلل ‪ ‬ويف طريق اخلري والإ�صالح‪ ،‬ويحذر من توجيه ذلك يف مع�صية اهلل‬
‫تعالى وطريق ال�شر والإف�ساد‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬على امل�ؤمن بقدرة اهلل ‪� ‬أال يغرت بقدرته وقوته ‪ -‬كما هو واقع الدول الكافرة‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫التي اغرتت بقوتها الع�سكرية والتقنية ونحوها‪ -‬و�أن يلج�أ �إلى اهلل �سـبحانه وتعالى فيما‬
‫ينوبه‪ ،‬و�أن يترب�أ من الـحول والقوة �إال باهلل تعالى‪ ،‬ولذا �أر�شدنا الر�سول ‪� ‬إلى �أن نقول‬
‫يف �أذكارنا‪« :‬ال حـول وال قوة �إال باهلل»‪ ،‬وعلمنا اال�ستخارة يف الأمـور كلها‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 73‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


����� ������� ������.indd 74 1/19/15 10:52 AM
‫الفصل الرابع‬

‫األسماء التي تثمر الصبر‬


‫والرضا بحكمه ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 75‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫الفصل الرابع‬

‫األسماء التي تثمر الصبر والرضا بحكمه‬

‫•يقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬من �صحت له معرفة ربه والفقه يف �أ�سمائه و�صفاته؛‬
‫علم يقي ًنا �أن املكروهات التي ت�صيبه واملحن التي تنزل به فيها من �ضروب امل�صالح التي‬
‫ال يح�صيها علمه وال فكرته»‪( .‬الفوائد ص ‪ ،)85‬وهذا يعني على ال�صرب والر�ضا واال�ست�سالم‬
‫حلكم اهلل ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يل من الغنى‪ ،‬وال�سقم‬ ‫•قال املربد‪« :‬قيل للح�سن بن علي‪� :‬إن �أبا ذر يقول‪ :‬الفقر �أحب �إ َّ‬
‫يل من ال�صحة‪ ،‬فقال‪ :‬رحم اهلل �أبا ذر‪� ،‬أما �أنا ف�أقول‪ :‬من اتكل على ح�سن اختيار‬ ‫�أحب �إ َّ‬
‫اهلل له مل يتمنّ �شي ًئا‪ .‬وهذا ح ُّد الوقوف على الر�ضا مبا ت�صرف به الق�ضاء»‪( .‬سير أعالم‬
‫النبالء ‪.)262/3‬‬
‫•وعن مكحول الأزدي‪ ،‬قال‪� :‬سمعت ابن عمر ‪ -‬ر�ضي اهلل عنهما ‪ -‬يقول‪�« :‬إن الرجل ي�ستخري‬
‫اهلل تبارك وتعالى؛ فيختار له في�سخط على ربه ‪ ! ‬فال يلبث �أن ينظر يف العاقبة ف�إذا‬
‫هو خري له»‪( .‬الزهد البن املبارك ص‪.)32‬‬
‫•اجتمع وهيب بن الورد‪ ،‬و�سفيان الثوري‪ ،‬ويو�سف بن �أ�سباط‪ .‬فقال الثوري‪« :‬قد كنت �أكره‬
‫موت الفجاءة قبل اليوم‪ ،‬و�أما اليوم‪ :‬فوددت �أين ميت‪ ،‬فقال له يو�سف بن �أ�سباط‪ :‬ومل؟‬
‫فقال‪ :‬ملا �أتخوف من الفتنة‪ .‬فقال يو�سف‪ :‬لكني ال �أكره طول البقاء‪ ،‬فقال الثوري‪ :‬ومل‬
‫حلا‪ .‬فقيل لوهيب‪� :‬أي �شيء‬ ‫يوما �أتوب فيه و�أعمل �صا ً‬
‫تكره املوت؟ فقال‪ :‬لعلي �أ�صادف ً‬
‫تقول �أنت ؟ فقال‪� :‬أنا ال �أختار �شي ًئا؛ �أحب ذلك �إ َّ‬
‫يل �أحبه �إلى اهلل‪ .‬فق َّبل الثوري بني عينيه‪.‬‬
‫وقال‪ :‬روحانية ورب الكعبة»‪( .‬مدارج السالكني ‪.)215/2‬‬
‫•وعن �أبي عبد اهلل ال�صويف قال‪« :‬كتب رجل �إلى � ٍأخ له‪� :‬أما بعد‪ ،‬ف�إين �أو�صيك بتقوى‬
‫اهلل ‪ ‬والر�ضا بالقدر‪ ،‬والت�سليم ملا علم اجلبار من مكنون الأجل ومق�سوم الرزق؛ ف�إن‬

‫‪76‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 76‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫اهلل ‪ ‬جعل لكل نف�س رز ًقا مو�صو ًفا لي�س ل�شيء منه �إلى غريها من�صرف‪ ،‬فال ي�شغلك‬
‫الرزق امل�ضمون لك عن العمل املفرو�ض عليك‪ ،‬فقد �شغلت رجا ًال �أتعبت �أبدانهم‪ ،‬وطالت‬
‫�أ�سفارهم‪ ،‬ثم مل يزيدوا ومل يزدادوا على املق�سوم لهم رز ًقا‪ ،‬رزقنا اهلل و�إياك القنوع‬
‫والر�ضاء؛ ف�إنه من ر�ضي قنع‪ ،‬ومن قنع ر�ضي بق�سم اهلل ‪ ‬وال�سالم»‪( .‬صالح املال البن‬
‫أبي الدنيا ص ‪.)480‬‬
‫•ومن الأ�سماء احل�سنى التي تثمر عبودية ال�صرب والر�ضا بحكم اهلل تعالى‪ :‬اللطيف ‪-‬‬
‫احلكيم ‪ -‬العليم ‪ -‬اخلبري ‪ -‬الرب ‪ -‬الرحيم ‪ -‬القيوم ‪ -‬الرب ‪ -‬الوكيل ‪ -‬القدو�س ‪-‬‬
‫ال�سالم ‪ -‬امل�ؤمن ‪ -‬الطيب ‪ -‬احلميد ‪ -‬اجلميل‪.‬‬

‫‪77‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 77‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ { [احلديد‪.]1 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(احلكيم)‪ :‬هو الذي له احلكمة العليا يف خلقه و�أمره‪ ،‬الذي �أح�سن كل �شيء خلقه‪ ،‬فال‬
‫يخلق �شي ًئا عب ًثا‪ ،‬وال ي�شرع وال يق�ضي �سدى‪.‬‬
‫•واحلكمة‪ :‬و�ضع الأ�شياء موا�ضعها‪ ،‬وتنزيلها منازلها‪.‬‬
‫واسمه سبحانه (الحكيم) يتناول معنيين كبيرين‬
‫المعنى األول‪( :‬ا ُ‬
‫حلكم) �أي‪� :‬أن له �سبحانه احلكم كله يف الدنيا والآخرة‪ .‬واحلكم هنا يتناول‬
‫الأحكام الثالثة‪ :‬الأحكام الكونية القدرية‪ ،‬والأحكام الدينية ال�شرعية‪ ،‬والأحكام اجلزائية‪.‬‬
‫المعنى الثاني‪( :‬الإحكام)‪� .‬أي‪ :‬الذي له احلكمة البالغة يف خلقه و�أمره و�شرعه‪ ,‬فال يخلق‬
‫وال ي�أمر �إال مبا فيه امل�صلحة واحلكمة‪ ،‬علمها من علمها‪ ،‬وجهلها من جهلها‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪� :‬شهود �آثار حكمته �سبحانه يف خلقه و�إتقانه ل�صنعه تثمر يف القلب‪:‬‬
‫‪- -‬املحبة العظيمة هلل ‪ ,‬وذلك ملا ي�شاهده العبد من احلكمة البالغة واخللق البديع‪,‬‬
‫وال�صنعة املتقنة‪ ,‬التي تكفل للإن�سان احلياة الطيبة ال�سعيدة‪.‬‬
‫‪- -‬كما �أن هذا ال�شهود يثمر يف القلب تعظيم اهلل تعالى‪ ،‬واخلوف منه �سبحانه‪ ,‬واحلياء‬
‫منه‪ ،‬والت�أدب معه‪ ،‬وذلك ب�إخال�ص العبادة له والتما�س مر�ضاته‪ ،‬وجتنب م�ساخطه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ويف �شهود �آثار حكمته �سبحانه يف �أمره الديني ال�شرعي تظهر �آثارها يف قلب امل�ؤمن‬
‫وحياته كلها‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪- -‬حمبة اهلل ‪ ‬املحبة العظيمة‪ ،‬حيث �أنزل هذه الأحكام العظيمة التي تظهر فيها‬
‫حكمته �سبحانه‪ ,‬املتمثلة يف هذه امل�صالح الكربى واخلري العظيم الذي احتوته هذه‬
‫ال�شريعة التي حتفظ للإن�سان دينه‪ ،‬ونف�سه‪ ،‬وعقله‪ ،‬وماله‪ ،‬وعر�ضه‪ ،‬وتكفل له احلياة‬
‫ال�سعيدة يف الدنيا والآخرة‪.‬‬
‫‪78‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 78‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫‪�- -‬شعور الغبطة وال�سرور بالهداية لهذه ال�شريعة العظيمة‪ ،‬التي هي من لدن احلكيم‬
‫اخلبري‪ ،‬و�شكر اهلل عليها‪ ،‬وجتنب �أ�سباب زوالها‪ ،‬وال�سعي لن�شرها بني النا�س‪.‬‬
‫‪- -‬الإذعان لأحكامه الدينية و�أوامره ال�شرعية‪ ،‬واال�ست�سالم التام لها‪ ،‬و�أال يكون يف‬
‫القلب منها �أدنى ريبة وال حرج‪.‬‬
‫وهذا الإذعان لأحكام اهلل تعالى ال�شرعية واجب وفر�ض متعني على الفرد‪ ،‬واملجتمع‪،‬‬
‫والدولة‪ ،‬وذلك ب�أن يكون احلكم والتحاكم �إلى �شرع اهلل وحده‪ ،‬ورف�ض ما �سواه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ويف �شهود �آثار حكمته �سبحانه يف �أقداره ثمار عظيمة يف القلب وال�سلوك‪ ،‬منها الر�ضا‬ ‫• ً‬
‫بق�ضاء اهلل تعالى وقدره‪ ،‬والإميان ب�أن ما يق�ضيه اهلل ‪ ‬من �أحكامه الكونية القدرية فيها‬
‫احلكمة البالغة‪ ،‬وفيها ال�صالح واخلري‪� ،‬إما يف احلال �أو امل�آل مما نعلمه وما ال نعلمه‪ ,‬مما يعود‬
‫�إلى كمال علمه وحكمته‪ ،‬ولو ظهر فيها �شيء تكرهه النفو�س وتت�أمل منه‪.‬‬
‫رابعا‪� :‬س�ؤال اهلل ‪ ‬احلكمة؛ لأنه �سبحانه هو مالكها وم�سديها‪ ,‬مع بذل الأ�سباب يف‬ ‫• ً‬
‫حت�صيلها بالعلم النافع‪ ،‬والعمل ال�صالح‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 79‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫•ورد ا�سمه �سبحانه (اخلبري) يف �آيات كثرية‪ ،‬منها قوله �سبحانه‪ }:‬ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ { [التحرمي‪.]3 :‬‬
‫•وقوله تبارك وتعالى‪ } :‬ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ { [األنعام‪.]73 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(اخلبري)‪ :‬الذي انتهى علمه �إلى الإحاطة ببواطن الأ�شياء وخفاياها كما �أحاط بظواهرها‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•الإميان ب�أن اهلل ‪ -‬تبارك وتعالى ‪ -‬خبري بعباده جميعهم من املـالئكة واجلن والإن�س‬
‫وغريهم ال يـخفى عليه خـافية منهم‪.‬‬
‫• َمنْ َع ِل َم �أن اهلل �سبحانه خبري بذلك كله‪ ،‬و�آمن به �إميا ًنا ال ريب فيه؛ راقب ربه‪ ،‬وارتدع‬
‫عن ذنبه‪ ،‬ف ِع ْل ُمنا ب�أنه مطلع على ما ن�صنع يدفعنا �إلى ت�صحيح نوايانا وغ�ض �أب�صارنا‪،‬‬
‫وحفظ فروجنا‪ ،‬و�أ�سماعنا و�أل�سنتا‪ ،‬وحفظ جوارحنا كلها عن كل ما ي�سخطه �سبحانه‪.‬‬
‫•�إن حكمه �سبحانه ب�إهالك املجرمني والع�صاة مبني على خربته بهم‪ ،‬ومبا ارتكبوه من‬
‫الذنوب والآثام واملعا�صي‪ } :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ { [الفرقان‪ ,]58 :‬وهذا جا ٍر يف‬
‫كل �أحكامه و�أق�ضيته‪ ،‬وهذا يثمر يف القلب االطمئنان لأحكامه �سبحانه الكونية‪.‬‬
‫•ولأنه �سبحانه ي�ستوي عنده �إ�سرارنا القول �أو جهرنا به‪ ،‬فهو عليم بذات ال�صدور‪ ،‬ف�إن‬
‫العامل ب�أن اهلل خبري بعمله الظاهر والباطن يدفعه علمه �إلى التخل�ص من الآفات الباطنة‬
‫التي ال يعلمها �إال اهلل ‪ ,‬اخلبري ببواطن القلوب وخفايا النفو�س‪ ،‬مثل‪� :‬آفات الرياء‬
‫والكرب واحل�سد وغريها‪.‬‬
‫•الإذعان واال�ست�سالم لأحكام اهلل ‪ ,‬العارف مبا ي�صلح لعـباده من ال�شـرائع التي‬
‫تت�ضـمن ما ينفعهـم وي�صلح �ش�ؤونهم‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 80‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعـالى‪ } :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ{ [اجلمعة‪.]1 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•يقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪( « :‬القدو�س)‪ :‬املنزه من كل �شر ونق�ص وعيب‪ ,‬كما قال‬
‫�أهل التف�سري‪ :‬هو (الطاهر) من كل عيب‪ ،‬املنزه عما ال يليق به» (شفاء العليل ‪.)510/2‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه وتعظيمه و�إجالله؛ لأنه �سبحانه املت�صف ب�صفات الكمال واجلالل‪،‬‬
‫واملنزه عن النقائ�ص والعيوب؛ ومن كان هذا و�صفه ف�إن النفو�س جمبولة على حبه وتعظيمه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬تنزيهه �سبحانه يف �أقواله و�أفعاله و�أ�سمائه و�صفاته عن كل نق�ص وعيب‪ ،‬والتعبد له‬
‫�سبحانه بذلك‪ .‬ولهذا التنزيه �صور كثرية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪�- -‬إثبات ما �أثبته اهلل �سبحانه لنف�سه �أو �أثبته له ر�سوله ‪ ،‬من الأ�سماء احل�سنى‬
‫وال�صفات العال‪ ،‬وتنزيهه �سبحانه وتعالى ‪ -‬عن م�شابهة �أحد من خلقه يف ذلك‪.‬‬
‫‪ - -‬تنزيه اهلل ‪ ‬عن ال�شريك‪ ،‬والأنداد‪ ،‬وال�صاحبة‪ ،‬والولد؛ فهو اهلل الواحد الأحد‬
‫الفرد ال�صمد الذي مل يلد‪ ،‬ومل يولد‪ ،‬ومل يكن له كف ًوا �أحد‪.‬‬
‫•ثالث ًا‪ :‬تنزيهه �سبحانه عن �أن يكون يف خلقه �أو �أمره عبث و�سدى‪ ،‬بل كل خلقه و�أمره عن‬
‫علم وحكمة وعزة ورحمة‪.‬‬
‫•رابع ًا‪ :‬التحاكم �إلى �شرعه �سبحانه‪ ،‬واحلكم به‪ ،‬والر�ضا به‪ ،‬والت�سليم له؛ �إذ �إن من‬
‫رف�ض التحاكم �إلى �شرع اهلل ‪� ‬أو ر�أى �أن امل�صلحة يف غريه؛ ف�إنه مل يقد�س اهلل ‪‬‬
‫ومل ينزهه عن النق�ص‪.‬‬
‫•خامس ًا‪ :‬البعد عن ظن ال�سوء برب العاملني؛ لأن �سوء الظن باهلل تعالى يقدح يف تنزيهه‬
‫�سبحانه والذي هو موجب ا�سمه �سبحانه (القدو�س)‪ ،‬وقد ف�ضح اهلل �سبحانه �أقوا ًما من‬
‫الكفار واملنافقني‪ ،‬بقوله‪ } :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ { [الفتح‪ ،]6 :‬فكل ظن ال يليق بحمده وحكمته ورحمته‬
‫وعلمه‪ ،‬فهو �سوء ظن باهلل تعالى‪ ،‬ومن ثم فهو قدح يف موجب ا�سمه �سبحانه (القدو�س)‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 81‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫ﮭﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫•ورد ا�سمه �سبحانه (ال�سالم) يف قوله تعالى‪} :‬‬


‫ﯖ ﯗ{ [احلشر‪.]23 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(ال�سالم)‪� :‬أي املنزّه من جميع العيوب والنقائ�ص لكماله يف ذاته و�صفاته و�أفعاله‪.‬‬
‫•وهو ال�سالم املنزّه من ال�صاحبة والولد‪ ،‬وال�سالم املنزّه من الكفء والنظري‪َّ ،‬‬
‫وال�سمِ ِّي‬
‫ال�س َن ِة والنوم‪ ،‬وكذلك‬‫واملماثل‪ ،‬وال�سالم املنزّه من ال�شريك‪ ،‬فحياته �سالم من املوت‪ ،‬ومن ِّ‬
‫قيوميته وقدرته �سالم من التعب واللغوب‪،‬وعلمه �سالم من عزوب �شيء عنه‪� ،‬أو ن�سيان �أو‬
‫حاجة �إلى تذكر وتفكر‪ ،‬و�إرادته �سالم من خروجها عن احلكمة وامل�صلحة‪.‬‬
‫•وكلماته �سالم من الكذب والظلم‪ ،‬فكلماته ّمتت �صد ًقا وعد ًال‪ ،‬وغناه �سالم من احلاجة‬
‫�إلى غريه بوجه‪ ،‬وكل ما �سواه حمتاج �إليه‪.‬‬
‫•و�إلهيته �سالم من م�شارك له فيها‪ ،‬بل هو الذي ال �إله �إال هو‪ ،‬وحلمه وعفوه و�صفحه‬
‫ومغفرته وجتاوزه �سالم من �أن تكون عن حاجة منه �أو ذل‪ ،‬كما يكون من غريه‪ ،‬بل هو‬
‫حم�ض جوده و�إح�سانه وكرمه‪.‬‬
‫•وكذلك عذاب اهلل وانتقامه و�شدة بط�شه‪ ،‬و�سرعة عقابه �سالم من �أن يكون ظل ًما �أو ت�شف ًيا‬
‫�أو غلظة �أو ق�سوة‪ ،‬بل هو حم�ض حكمته وعدله‪ ،‬وق�ضا�ؤه وقدره �سالم من العبث واجلور‬
‫والظلم‪ ،‬و�شرعه ودينه �سالم من التناق�ض واالختالف واال�ضطراب‪ ،‬وعطا�ؤه �سالم من‬
‫كونه معاو�ضة �أو حلاجة �إلى املعطي‪ ،‬ومنعه �سالم من البخل وخوف الإمالق‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 82‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫وفي معنى اسمه سبحانه (السالم) نخلص إلى معنيين عظيمين‬


‫لهذا االسم الكريم‪:‬‬
‫•األول‪ :‬ال�سالمة والرباءة من كل عيب ونق�ص يف ذاته �سبحانه‪� ،‬أو �أفعاله‪� ،‬أو �أ�سمائه‬
‫و�صفاته‪.‬‬
‫•الثاني‪� :‬أنه �سبحانه م�صدر ال�سالم والأمن‪ ،‬وكل من ابتغى ال�سالمة عند غريه �سبحانه‬
‫فلن يجدها‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•االعتقاد واليقني ب�أن من �أراد الأمن وال�سالم �سواء يف نف�سه‪� ،‬أو يف بيته‪� ،‬أو يف جمتمعه‪،‬‬
‫ف�إنه ال يكون �إال يف الإميان باهلل ‪ ،‬والأن�س به‪ ،‬وااللتزام ب�أحكامه و�شريعته‪ ،‬التي كلها‬
‫�أمن و�سالم على الفرد والأ�سرة واملجتمع‪.‬‬
‫•�سعي امل�ؤمن يف �إ�شاعة ال�سالم بني امل�سلمني ب�إف�شاء ال�سالم‪ ،‬وكف ال�شر‪ ،‬وال�سب‪ ،‬والقذف‪،‬‬
‫والعدوان عليهم‪ ،‬مع ال�سعي لن�شر الإ�سالم الذي هو دين ال�سالم يف الأر�ض‪ ،‬بالدعوة‬
‫واجلهاد يف �سبيل اهلل تعالى‪.‬‬
‫•ما قيل �سابق ًا عن �آثار الإميان با�سمه �سبحانه (القدو�س) ي�صلح �أن يقال هنا فلريجع‬
‫�إليه‪.‬‬

‫‪83‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 83‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬


‫ﯚ ﯛ ﯜﯝ{ [احلشر‪.]23 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•�أنه ي�صدق نف�سه بتوحيده و�صفاته‪ ،‬كما قال ع ّز من قائل‪ }:‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ { [آل عمران‪.]18 :‬‬
‫•ت�صديق اهلل ر�سله و�أنبيا َءه و�أتباعهم‪ ،‬فمن ذلك ما �أنزله اهلل من الآيات البينات التي‬
‫دلت على �صدقهم‪.‬‬
‫•ت�صديق اهلل عباده امل�ؤمنني يف يوم الدين‪ ،‬فاهلل ي�س�أل النا�س يوم القيامة‪ ،‬وي�صدق امل�ؤمنني‬
‫ب�إميانهم‪ ،‬ويكذب الكفرة واملجرمني‪.‬‬
‫•�أنه الذي ُي َ�ؤ ِّمنُ خلقه‪.‬‬
‫•�أنه الذي يهب عباده امل�ؤمنني الأمن يف الدنيا بالطم�أنينة والأن�س الذي يجدونه يف قلوبهم‪،‬‬
‫بفعل الإميان به �سبحانه وتوحيده‪.‬‬
‫•�أنه الذي ي� ِّؤمن خوف عبده الذي جل�أ �إليه ب�صدق يف ك�شف كربته‪ ،‬وي�ؤمن خوفه يف الدنيا‬
‫وعند املوت ويوم القيامة‪.‬‬
‫•�أنه الذي ي�ؤمن عباده املنقادين ل�شرعه مبا ي�شرع لهم من الأحكام واحلدود‪ ،‬التي ي�أمنون‬
‫فيها على دينهم‪ ،‬و�أنف�سهم‪ ،‬وعقولهم‪ ،‬و�أعرا�ضهم‪ ،‬و�أموالهم‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 84‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬


‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬الذي ي�أمن اخلائفون يف كنفه‪ ،‬ويطمئن امل�ؤمن بالإميان به وعبادته‬
‫وحده‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬زيادة الإميان والت�صديق يف القلب‪ ،‬وذلك بر�ؤية �آثار ا�سمه �سبحانه (امل�ؤمن) التي‬
‫منها‪ :‬ت�صديق نف�سه �سبحانه و�إقامة الرباهني الوا�ضحة الدالة على توحيده وتفرده �سبحانه‬
‫بالربوبية والألوهية وكمال الأ�سماء وال�صفات‪ .‬ومنها‪ :‬ت�صديق اهلل ‪ ‬لأنبيائه ور�سله مبا‬
‫يظهر على �أيديهم من املعجزات والدالئل الباهرة على �صدقهم و�صدق ما يدعون �إليه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬االغتباط ب�أحكامه �سبحانه و�شريعته الكاملة ال�شاملة التي تكفل اخلري وال�سعادة‬ ‫• ً‬
‫والأمن ال�شامل‪ ،‬بل هو �أمان للب�شرية ب�أ�سرها لو �أخذت به‪ ،‬وخ�ضعت لأحكامه‪ ،‬بل هو �أمان‬
‫ً‬
‫ون�شاطا للدعوة �إلى هذا الدين‬ ‫يف الآخرة من عذاب اهلل تعالى‪ ،‬وهذا يثمر همة وعزمية‬
‫القومي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ال�صرب على امل�صائب واملكاره؛ لأن امل�ؤمن يعلم �أنها من عند اهلل الرحيم احلكيم‬ ‫• ً‬
‫الذي ُي�ؤَ ِّمنُ عباده‪ ،‬والذي يجعل فيما ي�صيب امل�ؤمن خ ًريا له و�أم ًنا يف عاقبة �أمره و�آجله‪.‬‬
‫خامسا‪� :‬سالمة القلب نحو عباد اهلل تعالى وت�أمينهم من العدوان والغوائل؛ فاملتعبد ح ًّقا‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫با�سمه �سبحانه (امل�ؤمن) يت�صف ب�صفة ال�سالمة ويكف �شره و�أذاه عن النا�س بحيث ي�أمن‬
‫النا�س �شره‪.‬‬

‫‪85‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 85‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الرابع‬

‫•قال ‪�« :‬إن اهلل جميل يحب اجلمال‪ ،‬الكرب بطر احلق وغمط النا�س» (أخرجه مسلم)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•اجلميل من له نعوت احل�سن والإح�سان‪ ،‬ف�إنه جميل يف ذاته و�أ�سمائه و�صفاته و�أفعاله‪،‬‬
‫جميل يف �أ�سمائه‪ ،‬ف�إنها كلها ح�سنى‪ ،‬وكلها دالة على غاية احلمد واملجد والكمال‪.‬‬
‫•وكذلك هو اجلميل يف �أو�صافه؛ ف�إن �أو�صافه كلها �أو�صاف كمال ونعوت ثناء وحمد‪ ،‬وكذلك‬
‫�أفعاله كلها جميلة‪ ،‬وهي دائرة بني �أفعال الرب والإح�سان التي يحمد عليها ويثنى عليها وي�شكر‪،‬‬
‫وبني �أفعال العدل التي يحمد عليها ملوافقتها للحكمة واحلمد‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪� :‬إثبات �صفة اجلمال له �سبحانه على الوجه الالئق به ‪ ‬على احلقيقة‪ ،‬بال كيف وال‬
‫متثيل‪ ،‬جمال الذات وال�صفات والأ�سماء والأفعال‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬حمبته �سبحانه وتعالى ملا له من كمال اجلمال يف ذاته و�أ�سمائه و�صفاته و�أفعاله‪،‬‬
‫وما يرى من جمال يف خلق اهلل ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الر�ضا مبا يقدر اهلل ‪ ‬ويق�ضيه من امل�صائب واملكدرات؛ لأنه �سبحانه ال يفعل �إال ما‬ ‫• ً‬
‫فيه احلكمة واخلري لعبده امل�ؤمن؛ لأن كل �أفعاله جميلة وما ين�ش�أ من الفعل اجلميل �إال جميل‪،‬‬
‫وهذا يثمر يف قلب امل�ؤمن الطم�أنينة �إلى �أقدار اهلل ‪ ‬امل�ؤملة‪ ،‬وح�سن الظن باهلل تعالى‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ال�شوق �إلى ر�ؤية اهلل ‪ ‬الذي له اجلمال كله‪ ،‬واال�ستعداد بالعمل ال�صالح املقرب‬ ‫• ً‬
‫�إلى جنته‪ ،‬والتنعم ب�أعظم نعيم يف اجلنة‪� ،‬أال وهو ر�ؤية اهلل ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬يف قوله ‪�( :‬إن اهلل جميل يحب اجلمال) حث على التجمل والنظافة‪ ،‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫التجمل ي�شمل جمال الظاهر يف اجل�سد واللبا�س من غري �إ�سراف‪ ،‬كما ي�شمل جمال‬
‫الأخالق‪ ،‬وجمال الباطن يف القلب‪ ،‬وما ينطوي عليه من الأعمال القلبية اجلميلة‪،‬‬
‫كالإخال�ص واملحبة‪ ،‬و�سالمته من كل ما يدن�سه ويكدره‪.‬‬

‫‪86‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 86‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫األسماء التي تثمر الحياء من اهلل ‪‬‬


‫والشكر له ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 87‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫الفصل الخامس‬

‫األسماء التي تثمر الحياء منه والشكر له‬

‫•ما �أكرث �أ�سماء اهلل احل�سنى التي تبعث يف قلب امل�ؤمن �شكره لربه وحمده واحلياء منه‪،‬‬
‫واالعرتاف ب�آالئه ومننه وعطائه‪ .‬وال�شكر ال�صادق يثمر للعبد عبوديات �أخرى‪ ،‬كاملحبة‬
‫والتعظيم والإجالل وامل�سارعة يف مر�ضاة اهلل ‪ ،‬والبعد عن م�ساخطه‪.‬‬
‫•عن علي بن عبد الرحمن قال‪« :‬كتب بع�ض احلكماء �إلى � ٍأخ له‪� :‬أما بعد يا �أخي‪ ،‬فقد �أ�صبح‬
‫بنا من نعم اهلل ‪ ‬ما ال نح�صيه مع كرثة ما نع�صيه‪ ،‬فما ندري �أيها ن�شكر‪� :‬أجميل ما‬
‫ظهر �أم قبيح ما �سرت»؟ (الشكر البن أبي الدنيا ص ‪.)194‬‬
‫•وعن بكر بن عبداهلل املزين قال‪« :‬لقيت � ًأخا يل من �إخواين ال�ضعفاء‪ ،‬فقلت‪ :‬يا �أخي‬
‫�أو�صني‪ ،‬فقال‪ :‬ما �أدري ما �أقول‪ ،‬غري �أنه ينبغي لهذا العبد �أن ال يفرت عن احلمد‬
‫واال�ستغفار‪ ،‬وابن �آدم بني نعمة وذنب‪ ،‬وال ت�صلح النعمة �إال باحلمد وال�شكر‪ ،‬وال الذنب �إال‬
‫بالتوبة واال�ستغفار‪ .‬قال‪ :‬ف�أو�سعني عل ًما ما �شئتُ » (الشكر البن أبي الدنيا ص ‪.)150‬‬
‫•عن عبداهلل بن احل�سن ال�سكري البغدادي قال‪�« :‬سمعت علي بن خ�شرم يقول‪ :‬كتب �إ ّ‬
‫يل‬
‫ب�شر بن احلارث �أبو ن�صر‪� :‬إلى �أبي احل�سن علي ابن خ�شرم‪ :‬ال�سالم عليك‪ ،‬ف�إين �أحمد‬
‫�إليك اهلل الذي ال �إله �إال هو‪� ،‬أما بعد‪ :‬ف�إين �أ�س�أل اهلل �أن يتم ما بنا وبكم من نعمة‪ ،‬و�أن‬
‫يرزقنا و�إياكم ال�شكر على �إح�سانه‪ ،‬و�أن مييتنا ويحيينا و�إياكم على الإ�سالم‪ ،‬و�أن ي�سلم لنا‬
‫ولكم خل ًفا من تلف‪ً ،‬‬
‫وعو�ضا من كل رزية» (حلية األولياء ‪.)341/8‬‬
‫•عن جعفر بن حممد بن علي بن احل�سني قال‪« :‬ملا قال �سفيان الثوري‪ :‬ال �أقوم حتى‬
‫حتدثني‪ ،‬قال له‪� :‬أنا �أحدثك‪ ،‬وما كرثة احلديث لك بخري؛ يا �سفيان‪� ،‬إذا �أنعم اهلل عليك‬
‫بنعمة‪ ،‬ف�أحببت بقاءها ودوامها‪ :‬ف�أكرث من احلمد وال�شكر عليها‪ ،‬ف�إن اهلل ‪ ‬قال يف‬
‫كتابه‪ }:‬ﭰ ﭱ ﭲ{ [إبراهيم‪( ]7 :‬حلية األولياء ‪.)341/8‬‬

‫‪88‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 88‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•عن �سليم بن من�صور بن عمار قال‪�« :‬سمعت �أبي يقول‪ :‬دخلت على املن�صور �أمري امل�ؤمنني‪،‬‬
‫فقال يل‪ :‬يا من�صور عظني و�أوجز‪ .‬فقلت‪� :‬إن من حق امل ِنعم على املن َعم عليه �أن ال يجعل‬
‫ما �أنعم به عليه �سب ًبا ملع�صيته‪ .‬فقال‪� :‬أح�سنت و�أوجزت» (تاريخ دمشق ‪.)340/60‬‬
‫•عن �أبي عبد اهلل الرازي قال‪« :‬قال يل �سفيان بن عيينة‪ :‬يا �أبا عبد اهلل �إن من ُ�شكر اهلل‬
‫على النعمة �أن نحمده عليها‪ ،‬ون�ستعني بها على طاعته فما �شكر اهلل من ا�ستعان بنعمته‬
‫على مع�صيته» (حلية األولياء ‪.)278/7‬‬
‫•ومن الأ�سماء التي تثمر عبودية ال�شكر له ‪ ‬واحلياء منه �سبحانه‪ :‬الرب ‪ -‬احلي ‪-‬‬
‫القيوم ‪ -‬الرزاق ‪ -‬الوهاب ‪ -‬املعطي ‪ -‬املنان ‪ -‬اجلواد ‪ -‬الرب ‪ -‬الرحمن ‪ -‬الرحيم‬
‫‪ -‬املقيت ‪ -‬الوكيل ‪ -‬الكفيل ‪ -‬ال�شايف ‪ -‬ال�شاكر‪ ،‬ال�شكور ‪ -‬احلليم ‪ -‬الر�ؤوف ‪ -‬العفو ‪-‬‬
‫الكرمي ‪ -‬الكايف ‪ -‬البا�سط ‪ -‬اللطيف ‪ -‬احليي ‪ -‬املجيب‪.‬‬

‫‪89‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 89‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫•ورد ا�سمه (الكايف) يف قوله �سبحانه‪ } :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ { [الزمر‪.]36 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫• األول‪ :‬كفايته �سبحانه جميع عباده يف رزقهم وتدبري �أمورهم و�إ�صالح �ش�ؤونهم‪.‬‬
‫•الثاني‪ :‬كفايته �أولياءه امل�ؤمنني‪ ،‬برعايتهم وتوفيقهم ون�صرهم واللطف بهم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬و�إفراده وحده بالعبادة؛ لأنه وحده اخلالق الرازق املتكفل بعباده‪،‬‬
‫والكايف لهم من ال�شرور‪ ،‬والقا�ضي حاجاتهم واملفرج كرباتهم؛ وبخا�صة �أوليا�ؤه وعباده‬
‫املوحدون‪ ,‬حيث خ�صهم مبزيد من الكفاية والرعاية واحلفظ والتوفيق؛ فوجب �شكر هذه‬
‫النعم اخلا�صة‪ ،‬وحمبة م�سديها املحبة احلقيقية‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التوكل على اهلل وحده والثقة يف كفايته‪ ،‬وهذا يلقي يف قلب امل�ؤمن الطم�أنينة‬
‫وال�سكينة �أمام امل�صائب والأهوال‪ ،‬وينزع اخلوف والهلع من املخلوق ال�ضعيف‪ ،‬الذي‬
‫نا�صيته بيد اهلل ‪ ‬وهو حتت قهر اهلل تعالى وقوته وعزته‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬كفاية اهلل تعالى لعبده وتوفيقه‪َ ،‬تقْوى بقوة ال�صلة بني العبد ومواله‪ ،‬فكلما قوي‬‫• ً‬
‫�إميان العبد وتوحيده وتقواه‪ ،‬ح�صلت له الكفاية والتوفيق واحلفظ العظيم من اهلل تعالى‪.‬‬
‫رابعا‪� :‬إح�سان الظن باهلل ‪ ‬وخا�صة يف الأمور التي ظاهرها ال�شر واملكروه والأمل؛ فمن‬ ‫• ً‬
‫يدري‪ ،‬لعل يف ذلك اخلري والكفاية للعبد وهو ال ي�شعر‪� ،‬أي‪� :‬أن الكفاية ال تعني بال�ضرورة‬
‫امل�سرات الظاهرة والنعم ال�سابغة‪ ،‬و�إمنا الكفاية قد تكون فيما يكره العبد‪ ،‬وهذا من‬
‫معاين ا�سمه �سبحانه (اللطيف)‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬كرثة الت�ضرع هلل تعالى والتو�سل �إليه ب�أ�سمائه احل�سنى ‪ -‬ومن هذه الأ�سماء‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫هذا اال�سم الكرمي ‪ -‬يف طلب التوفيق واحلفظ والثبات‪ ،‬ف�إنه ال كايف �إال هو �سبحانه وال‬
‫حافظ �سواه‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 90‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•مل يرد ذكر هذا اال�سم الكرمي يف القر�آن الكرمي‪ ،‬و�إمنا ورد يف حديث الر�سول ‪�« ‬إن‬
‫حيي كرمي‪ ،‬ي�ستحي من عبده �إذا رفع يده �أن يردهما �صف ًرا» (أخرجه‬‫ربكم تبارك وتعالى ٌّ‬
‫أبو داود والنسائي‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫و�صف يليق به‪ ،‬لي�س كحياء املخلوقني الذي هو تغري وانك�سار َي ْعرتي ال�شخ�ص‬ ‫•حيا�ؤه تعالى ٌ‬
‫وكمال جوده‬
‫ِ‬ ‫ترك ما لي�س يتنا�سب مع �سعة رحمته‪،‬‬ ‫عند خوف ما ُيعاب �أو ُيذم‪ ،‬بل هو ُ‬
‫وكرمه‪ ،‬وعظيم عفوه وحلمه‪ .‬وهذا من رحمته وكرمه وكماله وحلمه �أنّ العبد يجاهر‬
‫باملعا�صي مع فقره ال�شديد �إليه‪ ،‬حتى �إنه ال ميكنه �أن يع�صي �إال �أن يتقوى عليها بنعم ربه‪،‬‬
‫والرب مع كمال غناه عن اخللق كلهم من كرمه ي�ستحيي من هتكه وف�ضيحته‪ ،‬و�إحالل العقوبة‬
‫به‪ ،‬في�سرته مبا يقي�ض له من �أ�سباب ال�سرت‪ ،‬ويعفو عنه‪ ،‬ويغفر له‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬و�إجالله وتعظيمه وحمده و�شكره والثناء عليه‪ ،‬وذلك مبا يقت�ضيه‬
‫هذا اال�سم الكرمي من احللم والكرم والعفو وال�سرت منه �سبحانه على عباده‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬احلياء منه �سبحانه‪ ،‬واالنك�سار بني يديه‪ ،‬ومقت النف�س‪ ،‬واالعرتاف بتق�صريها‪،‬‬
‫حيث ينعم �سبحانه على عباده‪ ،‬ويحلم عنهم‪ ،‬وي�سرتهم‪ ،‬وهم متمادون يف معا�صيه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬احلياء من اخللق �أن يروه على فعل قبيح �أو خارم للمروءة‪ ،‬وهذا احلياء يحبه اهلل‬ ‫• ً‬
‫‪ ،‬بل هو من �شعب الإميان كما جاء يف احلديث‪« :‬واحلياء �شعبة من الإميان» (أخرجه‬
‫البخاري ومسلم)‪ .‬ولكن ينبغي �أال يكون احلياء �سب ًبا جلهل الإن�سان باحلق‪� ،‬أو تفويت ما‬
‫مذموما‪.‬‬
‫ً‬ ‫يحتاج �إليه يف دينه �أو دنياه‪ ،‬ف�إنه يف هذا احلال ي�صري‬
‫رابعا‪ :‬حياء املرء من نف�سه؛ وهو حياء النفو�س ال�شريفة العزيزة الرفيعة من ر�ضاها‬ ‫• ً‬
‫لنف�سها بالنق�ص‪ ،‬وقناعتها بالدون‪ ،‬فيجد نف�سه م�ستح ًيا من نف�سه حتى ك�أن له نف�سني‪،‬‬
‫ي�ستحي ب�إحداهما من الأخرى‪ ،‬وهذا من �أكمل ما يكون من احلياء‪ ،‬ف�إن العبد �إذا ا�ستحيا‬
‫من نف�سه فهو ب�أن ي�ستحي من غريه �أجدر‪.‬‬
‫‪91‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 91‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﯤ ﯥ ﯦ { [التغابن‪ .]17 :‬وقال ‪ }:‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬


‫ﮝ ﮞ { [البقرة‪.]158 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫ثيب عليه الكثري من الثواب‪ ،‬ويعطي‬ ‫•(ال�شكور)‪ :‬هو الذي ي�شكر الي�سري من الطاعة َف ُي ُ‬
‫َ‬
‫اجلزيل من النعمة‪ ،‬فري�ضى بالي�سري من ال�شكر‪.‬‬
‫•ومن �شكره لعبده �أن من ترك �شي ًئا هلل عو�ضه اهلل خ ًريا منه‪ .‬ف�إذا ترك له �شي ًئا �أعطاه‬
‫�أف�ضل منه‪ ،‬و�إذا بذل له �شي ًئا ر َّده عليه �أ�ضعا ًفا م�ضاعفة‪ ،‬وهو الذي و َّفقه للرتك والبذل؛‬
‫و�شكره على هذا وذاك‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه وال�سعي يف مر�ضاته‪ ،‬حيث �إنه �سبحانه قد غمر العباد بف�ضله‬
‫و�إح�سانه وكرمه‪ ،‬وهو الذي �أنعم عليهم بنعمة الإيجاد والإعداد والإمداد‪ ،‬ومع ذلك؛‬
‫فحينما يعملون العمل ال�صالح القليل‪ ،‬الذي هو بتوفيقه وف�ضله ي�شكرهم عليه‪ ،‬وي�ضاعف‬
‫لهم الأجور‪ ،‬ويغفر لهم الذنوب‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬احلياء من اهلل ‪ ،‬والقيام ب�شكر نعمه �سبحانه وحمده‪ ،‬وذلك بالقلب والل�سان‬
‫واجلوارح‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬القيام ب�شكر اهلل ‪ ‬ال يتوقف على النطق فقط‪ ،‬و�إمنا هو من �أعمال القلوب‬ ‫• ً‬
‫والل�سان واجلوارح‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ{ [سبأ‪ ،]13 :‬وقال نبينا حممد‬
‫‪ ‬عندما �أ�شفقت عليه عائ�شة من طول القيام يف العبادة‪�« :‬أفال �أكون عبدً ا �شكو ًرا»‬
‫(أخرجه البخاري ومسلم)‪.‬‬
‫رابعا‪� :‬إن اهلل �سبحانه وتعالى �شكور يحب ال�شاكرين له‪ ،‬ال�شاكرين لعباده املح�سنني‪ ،‬لذا‬ ‫• ً‬
‫ف�إن من �آثار ا�سمه �سبحانه (ال�شاكر‪ ،‬ال�شكور)‪:‬‬
‫االت�صاف مبوجب هذا اال�سم الكرمي‪ ،‬والبعد عن �ضده وهو الكفر واجلحود‪ ،‬قال ‪: ‬‬
‫«من ال ي�شكر النا�س ال ي�شكر اهلل» (أخرجه اإلمام أحمد)‪.‬‬
‫‪92‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 92‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعالى‪} :‬ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ{ [األحزاب‪ .]3 :‬وقال تعالى‪ } :‬ﮗ‬


‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ { [النحل‪.]91 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•ا�سمه �سبحانه (الوكيل) ي�أتي مبعنى الوكيل على جميع خلقه‪ ،‬وذلك لأنه خالقهم َ‬
‫ومد ِّبر‬
‫�أمرهم واملتكفل ب�أرزاقهم وحاجاتهم وحمييهم ومميتهم‪.‬‬
‫•�أما املعنى اخلا�ص (للوكيل) فهو «الذي يتولى �أولياءه َّ‬
‫في�س َرهم للي�سرى وجنبهم الع�سرى‬
‫وكفاهم الأمور»‪.‬‬
‫•�أما معنى (الكفيل)‪ :‬فيقول القرطبي رحمه اهلل‪(« :‬كفي ًال) يعني‪� :‬شهيدً ا‪ ،‬ويقال‪ً :‬‬
‫حافظا‪،‬‬
‫ويقال‪� :‬ضام ًنا» (اجلامع ألحكام القرآن ‪.)170/10‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬ملا كان من معاين الوكيل‪ :‬املتويل �أمر عباده‪ ،‬حيث منه �سبحانه الإيجاد واخللق‪،‬‬
‫ومنه الإمداد بالرزق و�أ�سباب احلياة‪ ،‬ومنه الإعداد و�أ�صناف النعم‪ ،‬ف�إن هذا ي�ستلزم‬
‫عبادته وحده ال �شريك له‪ ،‬وحمبته و�إجالله و�صدق التوكل عليه‪ ،‬ورجاءه واخلوف منه‬
‫وحده �سبحانه وحمده و�شكره‪ ،‬واحلياء منه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ملا كان من معاين (الوكيل) و (الكفيل) ال�ضامن رزق عباده‪ ،‬املتكفل بذلك لهم‪،‬‬
‫ف�إن الإميان بهذا ميحو القلق والهلع على الرزق يف الدنيا‪ ،‬وهذا يلقي الطم�أنينة وال�سكينة‬
‫يف قلوب عباده املتوكلني عليه‪ ،‬ويجعلهم ي�أخذون بالأ�سباب امل�شروعة يف طلب الرزق‪،‬‬
‫وين�أون ب�أنف�سهم عن الأ�سباب املحرمة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الثقة بكفاية اهلل تعالى وتوليه عباده ال�صاحلني‪ ،‬ون�صرته لهم‪ ،‬و�إح�سان الظن‬ ‫• ً‬
‫به �سبحانه‪ ،‬وهذا كله يبث الرجاء يف النفو�س امل�ؤمنة ويذهب عنها الي�أ�س واخلوف من‬
‫املخلوق والإحباط والت�شا�ؤم‪ ،‬ولكن رعاية اهلل تعالى وتوليه م�صالح �أوليائه ون�صره لهم؛‬
‫�إمنا يكون بتحقيق التوحيد والتقوى‪ ،‬والتقرب �إليه �سبحانه بالطاعات وترك املحرمات‪.‬‬

‫‪93‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 93‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫•مل يرد هذان اال�سمان يف القر�آن الكرمي‪ ،‬و�إمنا وردا ب�صيغة الفعل كما يف قوله �سبحانه‪:‬‬
‫} ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ { [البقرة‪.]245 :‬‬
‫•�أما احلديث النبوي فقد ورد فيه ذكر هذين اال�سمني الكرميني‪ ،‬فقال ر�سول اهلل ‪�( :‬إن‬
‫اهلل هو امل�س ِّعر‪ ،‬القاب�ض البا�سط) (أخرجه الترمذي‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•هذان اال�سمان الكرميان من الأ�سماء املتقابالت التي ال ينبغي �أن يفرد �أحدها عن قرينه‪،‬‬
‫وال �أن يثنى على اهلل ‪ ‬بواحد منهما �إال مقرو ًنا مبقابله؛ لأنَّ الكمال املطلق �إمنا َيح�صل‬
‫مبجموع الو�صفني‪.‬‬
‫•فهو القاب�ض للأرزاق والأرواح والنفو�س‪ ،‬والبا�سط للأرزاق والرحمة والقلوب‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬الذي بيده الب�سط وال�سعة‪ ،‬وبيده القب�ض والت�ضييق‪ ،‬وهو العليم‬
‫احلكيم‪ ،‬وهذا يثمر املحبة هلل تعالى والأن�س به‪ ،‬وال�شكر له‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬جتريد التوكل عليه وحده وتفوي�ض الأمور �إليه �سبحانه‪ ،‬ذلك �أنه القاب�ض البا�سط‬
‫وحده‪� ،‬إذ ال با�سط ملا قب�ض‪ ،‬وال قاب�ض ملا ب�سط‪ ،‬فمن هذه �صفاته فهو امل�ستحق �أن يتوكل‬
‫عليه وحده‪ ،‬وي�ستعان وي�ستغاث به‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الر�ضا مبا يق�سم اهلل ‪ ‬من رزق وغريه‪� ،‬سواء كان ً‬
‫ب�سطا �أو ً‬
‫قب�ضا؛ لأنه �سبحانه‬ ‫• ً‬
‫احلكيم العليم بخلقه وما ي�صلح لهم‪.‬‬
‫رابعا‪� :‬س�ؤال اهلل ‪� ‬أعظم الب�سط و�أف�ضله‪ ،‬وهو ب�سط الرحمة والهداية على القلب؛‬ ‫• ً‬
‫حتى ي�ست�ضيء بنور الإميان‪ ،‬ويتخل�ص من �آثار الذنوب‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 94‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫خامسا‪ :‬الإميان ب�أن كل ما ي�صدر عن اهلل ‪ ‬من ب�سط وقب�ض‪ ،‬فله احلكمة البالغة‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫فيه‪ ،‬وال يعني ب�سطه �سبحانه على �أحد من خلقه يف �شيء من الدنيا ر�ضاه عن املب�سوط له‪،‬‬
‫أي�ضا قب�ضه �سبحانه عن �أحد من خلقه يف �شيء من الدنيا �سخطه عليه ومقته‬ ‫كما ال يعني � ً‬
‫له‪ ،‬كال‪ ،‬بل قد يدل ذلك على العك�س؛ �إذ �إن اهلل ‪ ‬ي�ضيق على بع�ض �أوليائه رحمة بهم‬
‫وا�ستدراجا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ولط ًفا‪ ،‬ويو�سع ويب�سط على �أعدائه �إمالء لهم‬
‫سادسا‪ :‬احلذر من ا�ستعمال ما ب�سط اهلل ‪ ‬من الرزق وغريه يف معا�صيه‪ ،‬بل الواجب‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫�شكر اهلل ‪ ‬على ذلك بالقلب والل�سان والأعمال‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 95‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫•مل يرد ذكر ا�سمه �سبحانه (املعطي) يف القر�آن الكرمي‪ ،‬و�إمنا ورد يف ُّ‬
‫ال�س َّنة النبوية‪ ،‬قال‬
‫ريا يفقهه يف الدين‪ ،‬واهلل املعطي و�أنا القا�سم) (أخرجه‬ ‫ر�سول اهلل ‪( :‬من يرد اهلل به خ ً‬
‫البخاري)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•اهلل �سبحانه هو املعطي على احلقيقة‪ ،‬ال مانع ملا �أعطى وال معطي ملا منع‪ ،‬وعطا�ؤه‬
‫�سبحانه وا�سع لي�س له حدود وال قيود‪ ،‬يعطي عباده يف الدنيا؛ كافرهم وم�ؤمنهم‪� ،‬أما يف‬
‫الآخرة ف�إن عطاءه وف�ضله ال يكون �إال للم�ؤمنني‪ .‬وعطا�ؤه �سبحانه وا�سع ي�شمل كل العطايا‬
‫والهبات‪ ،‬و�أعظمها عطية الإميان والهداية‪ .‬وبني ا�سمه �سبحانه (املعطي) و�أ�سمائه‬
‫�سبحانه‪( :‬الوهاب)‪( ،‬املنان)‪( ،‬اجلواد) تقارب يف املعاين والآثار‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه وحمده والثناء عليه و�شكره على ما له من العطايا املتنوعة يف الدين‬
‫والدنيا‪ ،‬والتي ال تعد وال حت�صى‪ ،‬وال�شكر على ذلك ي�ستلزم العمل بطاعته �سبحانه‪،‬‬
‫واجتناب حمارمه‪ ،‬وتعظيم �أوامره ونواهيه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬س�ؤاله �سبحانه وحده والتعلق به يف جلب املنافع وامل�صالح‪ ،‬ودفع امل�ضار؛ �إذ �إن‬
‫املخلوق ال�ضعيف ال ميلك من ذلك �شي ًئا �إال �أن ي�أذن اهلل ‪ ‬ويجعله �سب ًبا يف العطية‪،‬‬
‫واحلر�ص يف �س�ؤال اهلل ‪ ‬على العطية العظيمة التي ال تبيد وال تفنى‪� ،‬أال وهي اجلنة‬
‫ونعيمها ور�ؤية اهلل ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ال�سخاء مبا يف اليد‪ ،‬و�إعطا�ؤه م�ستحقيه من الفقراء واملحتاجني؛ لأن املال مال‬ ‫• ً‬
‫اهلل ‪ ،‬وهو املعطي على احلقيقة‪ ،‬فمن �شكر اهلل ‪ ‬يف نعمة املال‪ ،‬اجلود به و�إعطا�ؤه‬
‫مل�ستحقيه‪.‬‬
‫• ً‬
‫رابعا‪ :‬كما �أن من �آثار ا�سمه �سبحانه (املعطي) عدم املن بالعطية؛ لأنها من اهلل ‪ ‬على‬
‫احلقيقة‪ ،‬و�إمنا العبد م�ستخلف فيه لالبتالء‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 96‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫األسماء التي تثمر اإلجالل والتعظيم هلل ‪،‬‬


‫واألدب معه ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 97‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫الفصل السادس‬

‫األسماء التي تثمر اإلجالل والتعظيم‬


‫واألدب مع اهلل‬

‫•يقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬على قدر املعرفة يكون تعظيم الرب تعالى يف القلب‪،‬‬
‫و�أعرف النا�س به �أ�شدهم له تعظي ًما و�إجال ًال‪ ,‬وقد ذم اهلل تعالى من مل يعظمه حق عظمته‪،‬‬
‫وال عرفه حق معرفته‪ ،‬وال و�صفه حق �صفته؛ و�أقوالهم تدور على هذا‪ ,‬فقال تعالى‪ :‬ﱫ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱪ [نوح‪.]13 :‬‬
‫‪ -‬قال ابن عبا�س وجماهد‪« :‬ال ترجون هلل عظمة»‪.‬‬
‫‪ -‬وقال �سعيد بن جبري‪« :‬ما لكم ال تعظمون اهلل حق عظمته؟»‪.‬‬
‫‪ -‬وقال الكلبي‪« :‬ال تخافون هلل عظمة»‪.‬‬
‫‪ -‬قال البغوي‪« :‬والرجاء مبعنى اخلوف‪ ،‬والوقار‪ :‬العظمة؛ ا�سم من التوقري‪ ،‬وهو‬
‫التعظيم»‪.‬‬
‫‪ -‬وقال احل�سن‪« :‬ال تعرفون هلل ح ًّقا‪ ،‬وال ت�شكرون له نعمة»‪.‬‬
‫•وروح العبادة‪ :‬هو الإجالل واملحبة؛ ف�إذا تخلى �أحدهما عن الآخر ف�سدت‪ ،‬ف�إذا اقرتن‬
‫بهذين الثناء على املحبوب املعظم‪ ،‬فذلك حقيقة احلمد»‪( .‬مدارج السالكني ‪.)495/2‬‬
‫تو�سد املوت �إذا منت‪ ،‬واجعله ن�صب‬ ‫•قال هرم بن حيان لأوي�س القرين‪� :‬أو�صني‪ .‬قال‪ّ :‬‬
‫عينيك‪ ،‬و�إذا قمت فادع اهلل �أن ي�صلح لك قلبك ونيتك‪ ،‬فلن تعالج �شي ًئا �أ�شد عليك منهما؛‬
‫بينا قلبك معك ونيتك �إذا هو مدبر‪ ،‬وبينا هو مدبر �إذا هو مقبل‪ ،‬وال تنظر يف �صغر‬
‫اخلطيئة‪ ،‬ولكن انظر �إلى عظمة من ع�صيت‪( .‬صفة الصفوة ‪.)55/3‬‬
‫•وكتب عمر بن عبد العزيز ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪� -‬إلى بع�ض ع ّماله‪�« :‬أما بعد‪ ،‬فقد �أمكنتك‬
‫القدرة من ظلم العباد‪ ،‬ف�إذا هممت بظلم �أحد فاذكر قدرة اهلل عليك‪ ،‬واعلم �أنك ال ت�أتي‬

‫‪98‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 98‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫�إلى النا�س �شي ًئا �إال كان زائ ًال عنهم باق ًيا عليك‪ ،‬واعلم �أن اهلل ‪� ‬آخ ٌذ للمظلومني من‬
‫الظاملني وال�سالم»‪( .‬إحياء علوم الدين ‪.)55/4‬‬
‫•ومن الأ�سماء احل�سنى التي تبعث يف القلب تعظيم الرب �سبحانه و�إجالله والأدب معه‪:‬‬
‫احلي ‪ -‬القيوم ‪ -‬الظاهر ‪ -‬الباطن ‪ -‬الرب ‪ -‬ال�سيد ‪ -‬القاهر ‪ -‬العظيم ‪ -‬الكبري ‪-‬‬
‫اجلبار ‪ -‬العلي ‪ -‬املحيط ‪ -‬امللك ‪ -‬القوي ‪ -‬العزيز ‪ -‬القدير ‪ -‬الوا�سع ‪ -‬احلميد ‪ -‬املجيد‬
‫‪ -‬املهيمن ‪ -‬املتكرب ‪ -‬الوارث‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 99‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ { [الفاحتة‪ ،]1 :‬وقال تعالى‪ } :‬ﭤ ﭥ‬


‫ﭦ ﭧ{ [سبأ‪.]15 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫(الرب) يف اللغة على املالك‪ ،‬وال�سيد‪ ،‬واملدبر‪ ،‬واملربي‪ ،‬والق ِّيم‪ ،‬واملنعم‪ ،‬وال يطلق‬
‫ّ‬ ‫•يطلق‬
‫رب كذا‪.‬‬
‫غري م�ضاف �إال على اهلل تعالى‪ ،‬و�إذا �أطلق على غريه �أ�ضيف‪ ،‬فيقال‪ّ :‬‬
‫و(الرب) يف الأ�صل من الرتبية‪ ،‬وهو �إن�شاء ال�شيء حا ًال فحا ًال �إلى ح ّد التمام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫•‬
‫•وربوبيته للعامل تت�ض َّمن ت�صرفه فيه‪ ،‬وتدبريه له‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪� :‬إن ا�سم (الرب) �سبحانه وما ي�ستلزم من الأ�سماء وال�صفات يت�ضمن تعريف النا�س‬
‫غايتهم التي خلقوا من �أجلها‪ ،‬وتعريفهم ما ينفعهم وما ي�ضرهم؛ فكونه رب العاملني ال يليق‬
‫به �أن يرتك عباده �سدى هم ًال ال يعرفهم بنف�سه وال مبا ينفعهم يف معا�شهم ومعادهم‪ ،‬وما‬
‫ي�ضرهم فيها‪ ،‬فهذا ه�ضم للربوبية ون�سبة للرب �إلى ما ال يليق‪ } :‬ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ{ [املؤمنون‪.]115 :‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬الإقرار بربوبية اهلل ‪ ‬يقت�ضي وي�ستلزم توحيد اهلل ‪ ‬يف عبادته ال �شريك له؛ �إذ‬
‫�إن اخلالق لهذا الكون وما فيه واملت�صرف فيه بالإحياء‪ ،‬والإماتة‪ ،‬واخللق‪ ،‬والرزق‪ ،‬والتدبري‬
‫هو امل�ستحق للعبادة وحـده‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الإميان ب�صفة الربوبية هلل ‪ ‬يعني‪ :‬الإميان ب�أ�سمائه احل�سنى و�صفاته العال‪،‬‬ ‫• ً‬
‫�إذ ًا فكل �أثر من �آثار الإميان بالأ�سماء احل�سنى ‪ -‬ما �سبق وما �سي�أتي منها ‪ -‬هو يف‬
‫احلقيقة راجع �إلى ما يت�ضمنه ا�سم (الرب) �سبحانه‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 100‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫وم�شرعا؛ لأن الر�ضا بربوبيته ‪ ‬هو ر�ضا‬


‫ً‬ ‫• ً‬
‫رابعا‪ :‬الر�ضا به �سبحانه ر ًّبا و�إل ًها وحاك ًما‬
‫العبد مبا ي�أمره به ربه وينهاه عنه‪ ،‬ويق�سمه له‪ ،‬ويقدره عليه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬ملا كان من معاين (الرب) �أنه الذي يربي عباده وينقلهم من طور �إلى طور‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫وينعم عليهم مبا يقيم حياتهم ومعا�شهم؛ ف�إن هذه املعاين من �ش�أنها �أن تثمر يف قلب‬
‫العبد املحبة العظيمة لربه �سبحانه‪ ،‬وحب ما يحبه ومن يحبه‪ ،‬وبغ�ض ما يبغ�ضه ومن‬
‫يبغ�ضه‪ ،‬وامل�سارعة يف مر�ضاته‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬ملا كان من معاين (الرب) �أنه املتكفل ب�أرزاق خلقه‪ ،‬ف�إن ذلك يورث يف قلب‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫العبد العارف لربه �سبحانه قوة عظيمة يف التوكل عليه �سبحانه يف جلب املنافع‪ ،‬ودفع‬
‫امل�ضار‪.‬‬

‫‪101‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 101‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫•دليل هذين اال�سمني الكرميني قوله تعالى‪} :‬‬


‫ﯼ ﯽ { [احلديد‪.]3 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•الظاهر على كل �شيء‪ ،‬وهو العايل فوق كل �شيء‪ ،‬فال �شيء �أعلى منه‪ ,‬وا�سمه (الظاهر)‬
‫من لوازمه �أال يكون فوقه �شيء‪ ،‬كما يف ال�صحيح‪( :‬و�أنت الظاهر فلي�س فوقك �شيء)‪ ،‬بل‬
‫هو �سبحانه فوق كل �شيء‪ ،‬و(الظاهر)‪ :‬يدل على عظمة �صفاته‪ ،‬وا�ضمحالل كل �شيء‬
‫عند عظمته من ذوات و�صفات‪ ،‬ويدل على علوه‪.‬‬
‫•و(الباطن)‪ :‬هو الباطن جلميع الأ�شياء‪ ،‬فال �شيء �أقرب �إلى �شيء منه‪ ،‬كما قال تبارك‬
‫وتعالى‪ } :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ{ [ق‪.]16 :‬‬
‫•و(الباطن)‪ :‬هو العامل ببطانة ال�شيء‪.‬‬
‫•و(الباطن)‪ :‬يدل على اطالعه على ال�سرائر وال�ضمائر واخلبايا واخلفايا‪ ،‬ودقائق‬
‫الأ�شياء‪ ،‬كما يدل على كمال قربه ودنوه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•التعبد با�سمه (الظاهر) يجمع القلب على املعبود‪ ،‬ويجعل له ر ًّبا يق�صده‪ ،‬و�صمدً ا ي�صمد‬
‫�إليه يف حوائجه‪ ،‬وملج�أً يلج�أ �إليه‪ ،‬ف�إذا ا�ستقر ذلك يف قلبه وعرف ربه با�سمه (الظاهر)؛‬
‫ا�ستقامت له عبوديته‪ ،‬و�صار له معقل وموئل يلج�أ �إليه‪ ،‬ويهرب �إليه‪ ،‬ويفر يف كل وقت �إليه‪.‬‬
‫•و�أما التعبد با�سمه (الباطن) فهو معرفة �إحاطة (الرب) �سبحانه بالعامل وعظمته‪ ،‬و�أن‬
‫العوامل كلها يف قب�ضته‪ ،‬و�أن ال�سماوات ال�سبع والأر�ضني ال�سبع يف يده كخردلة يف يد العبد‪.‬‬
‫•ف�إذا �شهدت ‪� -‬أيها العبد ‪� -‬إحاطته بالعوامل وقرب البعيد منه‪ ،‬وظهور البواطن له‪ ،‬وبدو‬
‫ال�سرائر‪ ،‬و�أنه ال �شيء بينه وبينها فعام ْله مبقت�ضى هذا ال�شهود‪ ،‬وطه ْر له �سريرتك‪ ،‬ف�إنها‬
‫وزك له باطنك ف�إنه عنده ظاهر‪.‬‬‫عنده عالنية‪ ،‬و�أ�صلح له غيبك ف�إنه عنده �شهادة‪ِّ ،‬‬

‫‪102‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 102‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫ﯛ ﯜﯝ {‬ ‫ﯚ‬ ‫•جاء ذكر ا�سمه �سبحانه (اجلبار) يف قوله تعالى‪} :‬‬


‫[احلشر‪.]23 :‬‬
‫•و(اجلبار)‪ :‬هو مبعنى العلي الأعلى‪ ،‬ومبعنى القهار‪ ،‬ومبعنى الر�ؤوف اجلابر للقلوب‬
‫املنك�سرة‪ ،‬ولل�ضعيف العاجز وملن الذ به وجل�أ �إليه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬تعظيم اهلل ‪ ‬واخلوف منه والتوكل عليه وحده يف طلب الهداية والتوفيق وال�سداد؛‬
‫لأنه املتفرد بت�صريف �أمور عباده‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التوا�ضع هلل تعالى بقبول حكمه وما نزل من احلق؛ والتوا�ضع للخلق وترك التجرب‬
‫والتكرب عليهم؛ لأن (اجلبار) ا�سم خا�ص به �سبحانه‪ ،‬وهو �صفة كمال هلل تعالى‪� ،‬أما‬
‫بالن�سبة للمخلوق فهي �صفة ذم وقدح ينهى عنها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مبا �أن من معاين (اجلبار) الذي يجرب ك�سر عباده ويغنيهم من االفتقار‪ ،‬ف�إن‬ ‫• ً‬
‫هذه املعاين تثمر يف قلب امل�ؤمن حمبة اهلل تعالى‪ ،‬واالنك�سار بني يديه‪ ،‬وطلب احلاجات‬
‫منه وحده؛ ولذا كان من دعائه ‪ ‬يف اجلل�سة بني ال�سجدتني‪« :‬ال َّلهم اغفر يل وارحمني‬
‫واجربين وارفعني واهدين وعافني وارزقني» (أخرجه الترمذي وابن ماجة‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬

‫‪103‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 103‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ { [الرعد‪ .]16 :‬وقال تعالى‪ }:‬ﭩ‬ ‫•قال اهلل تعالى‪} :‬‬


‫ﭪ ﭫ ﭬﭭ { [األنعام‪. ]61 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(القاهر)‪ :‬املذلل امل�ستعبد خلقه العايل عليهم‪.‬‬
‫•وهو الذي خ�ضعت له الرقاب وذلت له اجلبابرة‪ ،‬وعنت له الوجوه‪ ،‬وقهر كل �شيء‪ ،‬ودانت‬
‫له اخلالئق‪ ،‬وتوا�ضعت لعظمته وجالله وكربيائه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪( :‬القاهر والقهار) ال يكون �إال واحدً ا ال ُكفء له و�إال مل يكن قها ًرا؛ ولذا اقرتن ا�سمه‬
‫�سبحانه (القهار) با�سمه �سبحانه (الواحد) يف كل الآيات‪.‬‬
‫والإميان بهذا ي�ستلزم �إفراده �سبحانه بالعبادة والإرادة والق�صد‪ ،‬فال يجوز �صرف �شيء‬
‫من ذلك ملا �سوى اهلل ‪ ‬من املخلوقني املربوبني املقهورين‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التعلق باهلل وحده والتوكل عليه �سبحانه‪ ،‬وقطع العالئق بالأ�سباب املقهورة مع‬
‫فعلها؛ لأن حقيقة التوكل هي متام االعتماد على اهلل تعالى مع متام الثقة بكفايته و�إعانته‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تعظيم اهلل ‪ ‬واخلوف منه وحده و�سقوط اخلوف من املخاليق ال�ضعاف املقهورين‬ ‫• ً‬
‫املغلوبني من القلب‪� ،‬سواء �أكان ذلك خو ًفا على الرزق �أم خو ًفا على الأجل‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ي�ستفاد من قوله تعالى‪ } :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ { [األنعام‪ ،]61 :‬الإميان ب�صفة‬ ‫• ً‬
‫العلو هلل تعالى على عباده بكل �أنواع العلو‪ :‬علو الذات‪ ،‬وعلو القهر‪ ،‬وعلو املكانة والقدر‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬يت�ضمن ا�سمه �سبحانه (القهار) �صفتي العزة والقوة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫سادسا‪� :‬شعور العبد ب�ضعفه وذلته �أمام قهر اهلل ‪ ‬وجربوته مما يكون له الأثر يف‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫توا�ضع العبد وا�ستكانته لربه‪ ،‬الذي ال يكون �شيء �إال ب�إرادته‪ ،‬وتخل�صه من التكرب على‬
‫العباد‪.‬‬

‫‪104‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 104‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ‬ ‫•ورد ا�سمه �سبحانه (القوي) يف قوله ‪}:‬‬


‫ﮒ ﮓ { [الشورى‪.]19 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(القوي)‪ :‬الذي ال يغلبه غالب وال يرد ق�ضاءه راد‪ ،‬ين ُفذ �أمره‪ ،‬ومي�ضي ق�ضا�ؤه يف خلقه‪،‬‬
‫�شديد عقابه ملن كفر ب�آياته وجحد حججه‪.‬‬
‫•وهو الذي ال يعجزه �شيء وال ي�ستويل عليه العجز يف حال من الأحوال‪ ،‬واملخلوق و�إن و�صف‬
‫بالقوة ف�إن قوته متناهية‪ ،‬وعن بع�ض الأمور قا�صرة‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬التوا�ضع هلل تعالى وخللقه‪ ،‬وال�شعور بال�ضعف ال�شديد �أمام قوة اهلل ‪ ،‬الذي ال يعجزه‬
‫�شيء‪ ،‬والتي خ�ضع لها كل �شيء‪ ،‬فمهما �أوتي املخلوق من ملك وقوة و�سلطان ومال و�أوالد‪ ،‬فهو‬
‫ذليل �ضعيف �أمام قوة اهلل تعالى‪ ،‬وهذا ال�شعور يثمر التوا�ضع ومعرفة قدر النف�س‪ ،‬والبعد عن‬
‫�إيذاء اخللق وظلمهم واالعتداء عليهم‪ ،‬وينفي العجب بالنف�س وقوتها وغرورها‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التوكل على اهلل وحده الذي ال يعجزه �شيء يف الأر�ض وال يف ال�سماء‪ ،‬و�إذا �أراد �أم ًرا‬
‫فال راد لأمره؛ لأنه وحده القوي العزيز الذي ال يغالب‪ ،‬يفعل ما ي�شاء ويحكم ما يريد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اال�ستهانة بقوة املخلوق‪ ،‬والثقة يف ن�صر اهلل ‪ ‬وكفايته للم�ؤمنني‪ ،‬فمهما بلغت‬ ‫• ً‬
‫قوة الكافرين وعددهم وعتادهم فاهلل فوقهم‪ ،‬ونوا�صيهم بيده‪ ،‬وقوتهم ال �شيء يف جنب‬
‫قوة اهلل تعالى‪ ،‬لكن ب�شرط الأخذ ب�أ�سباب الن�صر والعزة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ال�شعور بالعزة وعدم اخلوف من املخلوق؛ لأنه �ضعيف ال ميلك لنف�سه �ض ًرا وال‬ ‫• ً‬
‫نف ًعا‪ ،‬ف�ض ًال عن �أن ميلكه لغريه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الترب�ؤ من احلول والقوة‪ ،‬حيث ال قوة للعبد على طاعة اهلل ‪ ‬وترك معا�صيه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫وال�صرب على �أحكامه القدرية �إال بقوة اهلل ‪ ‬وتوفيقه‪ ،‬ولو وكل العبد �إلى نف�سه وحوله‬
‫وقوته ل�ضاع وهلك وخ�سر‪.‬‬
‫‪105‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 105‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫•ورد ا�سمه �سبحانه (املتني) يف قوله تعالى‪}:‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ{‬


‫[الذاريات‪.]58 :‬‬
‫•يفيد ا�سم (املتني) يف حق اهلل تعالى ب�أنه‪ :‬املتناهي يف القوة والقدرة‪.‬‬
‫•و(املتني) ال�شديد القوي الذي ال تنقطع قوته‪ ،‬وال تلحقه يف �أفعاله م�شقة‪ ،‬وال مي�سه‬
‫فيها لغوب‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•ما ذكر من الآثار يف ا�سمه �سبحانه (القوي) ي�صلح �أن يقال هنا فلريجع �إليه‪.‬‬

‫‪106‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 106‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل ‪ } :‬ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ{ [البقرة‪.]255 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•فهو عظيم يف كل �شيء‪ ،‬عظيم يف ذاته ويف �أ�سمائه و�صفاته‪ ،‬عظيم يف رحمته‪ ،‬عظيم يف‬
‫قدرته‪ ،‬عظيم يف حكمته‪ ،‬عظيم يف جربوته وكربيائه‪ ،‬عظيم يف هبته وعطائه‪ ،‬عظيم‬
‫يف لطفه وخربته‪ ،‬عظيم يف بره و�إح�سانه‪ ،‬عظيم يف عزته وعدله وحمده‪ ،‬فهو العظيم‬
‫املطلق‪ ،‬فال �أحد ي�ساويه‪ ،‬وال عظيم يدانيه‪.‬‬
‫معاني التعظيم الثابتة هلل وحده نوعان‬
‫•أحدهما‪� :‬أنه مو�صوف بكل �صفة كمال‪ ،‬وله من ذلك الكمال �أكمله‪ ،‬و�أعظمه‪ ،‬و�أو�سعه‪.‬‬
‫•الثاني‪� :‬أنه ال ي�ستحق �أحد من اخللق �أن يعظم كما يعظم اهلل؛ في�ستحق ‪ -‬جل جالله ‪-‬‬
‫من عباده �أن يعظموه بقلوبهم‪ ،‬و�أل�سنتهم‪ ،‬وجوارحهم؛ وذلك ببذل اجلهد يف معرفته‪،‬‬
‫وحمبته‪ ،‬والذل له‪ ،‬واالنك�سار له‪ ،‬واخل�ضوع لكربيائه‪ ،‬واخلوف منه‪ ،‬و�إعمال الل�سان‬
‫بالثناء عليه‪ ،‬وقيام اجلوارح ب�شكره وعبوديته‪.‬‬
‫ومن دواعي تعظيمه �سبحانه‪ :‬التفكري يف عظمة خلقه �سبحانه ودقة �صنعه يف الآفاق‬
‫والأنف�س‪ ،‬والتفكر يف قهره وق�صمه اجلبابرة‪ ،‬وامل�ستكربين الغابرين‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬اخل�شوع واخل�ضوع هلل تعالى واال�ستكانة والتذلل لعظمته وجربوته وحمبته‪ ،‬و�إفراده‬
‫وحده بالعبادة‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ومن تعظيمه �سبحانه؛ نفي ال�شركاء والأنداد عنه‪.‬‬
‫• ً‬
‫ثالثا‪ :‬ومن تعظيمه �سبحانه‪� ،‬إثبات ما �أثبته لنف�سه �أو �أثبته له ر�سوله ‪ ‬من الأ�سماء‬
‫وال�صفات اجلليلة‪ ،‬وتنزيهه وتعظيمه �سبحانه من م�شابهة �أحد من خلقه‪.‬‬

‫‪107‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 107‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫رابعا‪ :‬تعظيم �أمره �سبحانه ونهيه‪ ،‬وتعظيم ن�صو�ص الكتاب وال�سنة واال�ست�سالم لها‪,‬‬ ‫• ً‬
‫وعدم التقدم بني يدي اهلل تعالى ور�سوله ‪ ‬بر�أي �أو اجتهاد‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تعظيم �شعائر اهلل وحرماته؛ قال اهلل تعالى‪ } :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ { [احلج‪.]30 :‬‬
‫ومن تعظيم �شعائر اهلل تعالى تعظيم احلج و�شعائره كال�صفا واملروة‪ ،‬والذبح هلل تعالى‪،‬‬
‫وتعظيم �شعرية ال�صالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬وال�صيام‪ ،‬واجلهاد‪ ،‬والأمر باملعروف والنهي عن‬
‫املنكر‪ ،‬وغريها من �شعائر اهلل تعالى وفرائ�ضه‪.‬‬
‫ومن تعظيم حرمات اهلل تعالى تعظيم مناهيه واجتنابها‪ ،‬كالربا والزنا و�شرب اخلمر‬
‫و�سائر الكبائر واملحرمات‪ ،‬فاجتناب حمارم اهلل تعالى دليل على تعظيم اهلل تعالى‬
‫وتوقريه‪ ،‬والغ�ضب عند انتهاكها من تعظيم اهلل ‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 108‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ورد ا�سمه �سبحانه (املهيمن) يف قوله تعالى‪ } :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬


‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ {‬
‫[احلشر‪.]23 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(املهيمن)‪ :‬ال�شهيد‪� ،‬أي‪ :‬ال�شاهد على خلقه ب�أعمالهم‪ ،‬مبعنى �أنه رقيب عليهم‪.‬‬
‫•و(املهيمن)‪ :‬املطلع على خفايا الأمور وخبايا ال�صدور‪ ،‬الذي �أحاط بكل �شيء عل ًما‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬ملا كان من معاين (املهيمن) �أنه ال�شاهد على خلقه مبا ي�صدر منهم من قول �أو‬
‫عمل‪ ،‬ال يغيب عنه من �أعمالهم الباطنة والظاهرة �شيء‪ ،‬ف�إن الإميان بهذا يثمر مراقبة‬
‫اهلل ‪ ‬يف ال�سر والعالنية‪ ،‬ويثمر اخلوف منه و�إجالله وتعظيمه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬وملا كان من معاين (املهيمن) �أنه القائم على خلقه ب�أعمالهم و�آجالهم؛ ف�إن‬
‫الإميان بهذا يثمر حمبة اهلل ‪ ‬والتقرب �إليه بالطاعات والقربات‪ ،‬تعبدً ا له ‪ ،‬وح ًّبا‬
‫والتما�سا ملر�ضاته‪ ،‬و�شك ًرا له على نعمائه و�أف�ضاله و�إح�سانه‪ ،‬كما يثمر التوكل عليه وحده‬
‫ً‬
‫وتفوي�ض الأمور �إليه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وملا كان من �صفات القر�آن الكرمي الذي هو كالم اهلل ‪� ‬أنه (مهيمن) على ما‬ ‫• ً‬
‫�سبق من الكتب ال�سماوية التي قبله لقوله �سبحانه‪} :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ{ [املائدة‪ .]48 :‬ف�إن الإميان بهذا يثمر تعظيم‬
‫كتاب اهلل ‪ ‬وحمبته‪ ،‬والفرح به �أعظم الفرح‪ ،‬وحمد اهلل ‪ ‬و�شكره على الهداية‬
‫�إليه‪.‬‬

‫‪109‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 109‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ‬ ‫•ورد ا�سمه �سبحانه (املجيد) يف قوله تعالى‪}:‬‬


‫ﭭ ﭮ { [هود‪.]73 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•اهلل تعالى هو املجيد‪ ،‬تمَ َ َّجد بفعاله‪ ،‬ومجَ َّ َد ُه َخ ْل ُقه لعظمته‪.‬‬
‫•و(املجيد)‪ :‬هو الوا�سع الكرم‪.‬‬
‫•وو�صف نف�سه بـ(املجيد) وهو‪ :‬املت�ضمن كرثة �صفات كماله و�سعتها‪ ،‬وعدم �إح�صاء اخللق‬
‫لها‪ ،‬و�سعة �أفعاله وكرثة خريه ودوامه‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬الذي و�سع خلقه بكرمه وف�ضله ورحمته‪ ،‬وترك التعلق باملخلوق‬
‫ال�ضعيف الفقري بذاته �إلى اهلل تعالى‪ ،‬و�إن كان فيه جم ٌد �أو كر ٌم حمدود‪ ،‬فهو من جود اهلل‬
‫تعالى وكرمه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬متجيده �سبحانه‪ ،‬وتعظيمه و�إجالله‪ ،‬واللهج بذكره‪ ،‬والثناء عليه بالتهليل والتحميد‬
‫والت�سبيح والتكبري و�س�ؤاله ب�أ�سمائه احل�سنى‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التقرب �إلى اهلل ‪ ‬بطاعته والتما�س مر�ضاته‪ ،‬والبعد عن معا�صيه وم�ساخطه‪،‬‬ ‫• ً‬
‫وهذه هي حقيقة التقوى التي فيها ال�شرف واملجد والرفعة للعبد يف الدنيا والآخرة‪ ،‬فاهلل‬
‫ووحده‪ ،‬وجمده‪،‬‬
‫�سبحانه (املجيد)؛ ال يهب املجد والرفعة والذكر احل�سن �إال ملن عبده َّ‬
‫واتقاه‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 110‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬


‫ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ { [احلشر‪.]23 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•«(املتكرب) العظيم ذو الكربياء‪ ،‬املتعايل عن �صفات خلقه‪ ،‬املتكرب على عتاتهم‪ ،‬والكربياء‪:‬‬
‫العظمة وامللك‪ ،‬وقيل‪ :‬هي عبارة عن كمال الذات وال�صفات‪ ،‬وكمال الوجود‪ ،‬وال يو�صف‬
‫بها على وجه املدح �إال اهلل»‪.‬‬
‫•وميكن فهم معنى ا�سمه �سبحانه (املتكرب) يف املعاين التالية‪:‬‬
‫‪- -‬املتكرب واملتنزه عن كل �سوء و�شر‪.‬‬
‫‪- -‬املتكرب على عتاة خلقه وجبابرتهم �إذا نازعوه العظمة فيق�صمهم‪.‬‬
‫‪- -‬املتكرب املنزه عن الظلم فال يظلم �أحدً ا‪.‬‬
‫‪- -‬املتكرب واملتعايل عن �صفات خلقه فال �شيء مثله‪.‬‬
‫‪- -‬الذي كرب وعظم فكل �شيء دون جالله �صغري وحقري‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬امتالء القلب بخلق التوا�ضع هلل تعالى بتوحيده وعبادته‪ ،‬واالنقياد للحق الذي جاء‬
‫يف كتابه �سبحانه وعلى ل�سان ر�سوله ‪ ,‬والتوا�ضع لعباد اهلل وعدم التكرب عليهم‪ ،‬والبعد‬
‫عن ظلمهم وه�ضم حقوقهم‪ ,‬قال ‪« :‬الكرب بطر احلق وغمط النا�س» (أخرجه مسلم) ‪.‬‬
‫وبقدر ما يف القلب من تعظيم اهلل تعالى والإميان بكربيائه وجالله؛ يكون التوا�ضع للحق‬
‫وترك احتقار اخللق‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬اخلوف من اهلل ‪ ‬وتعظيمه‪ ،‬واحلياء منه؛ مما يكون له الأثر يف املبادرة �إلى‬
‫طاعته فيما �أمر به‪ ،‬واجتناب ما عنه نهى وزجر‪ ،‬والإخال�ص له �سبحانه يف ذلك‪ ،‬وتعظيم‬
‫�أمره‪ ،‬واالنقياد حلكمه‪ ،‬وعدم اخلوف من املخلوق ال�ضعيف‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اليقني ب�أنه ما من متكرب وطاغية �إال و�سيق�صمه اهلل ‪ ‬يف الدنيا والآخرة‪ ،‬وهذا‬‫• ً‬
‫يثمر يف قلب امل�ؤمن عدم االغرتار بقوة الكفار وجربوتهم؛ ف�إن اهلل ‪ ‬فوقهم وقا�صمهم‪،‬‬
‫وعلى امل�ؤمنني �أن ي�أخذوا ب�أ�سباب الن�صر و�شروطه‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 111‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ{ [الرعد‪.]9 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الكبري)‪ :‬هو املو�صوف باجلالل وكرب ال�ش�أن‪ ،‬يف ذاته و�صفاته و�أفعاله‪ ،‬ف�صغر دون‬
‫جالله كل كبري‪ ،‬ويقال‪ :‬هو الذي كرب عن �شبه املخلوقني‪.‬‬
‫و�سنة نبيه ‪ :‬ذكره‬ ‫•ومن �أعظم الأذكار التي يحبها اهلل ‪ ،‬والتي �شرعها يف كتابه ُّ‬
‫�سبحانه بالتكبري؛ وذلك بقول‪« :‬اهلل �أكرب»‪ ،‬ولو تتبعنا املواطن التي �شرع فيها هذا الذكر‬
‫العظيم املحبوب هلل تعالى وندب النا�س �إليه وحثهم عليه لوجدناها كثرية ج ّد ًا‪.‬‬
‫•وبالت�أمل يف هذه املواطن والأحوال‪ ،‬التي �شرع فيها هذا الذكر العظيم؛ جنده �إما �أن يكون‬
‫قبل ال�شروع يف عبادة �أو بعدها‪� ،‬أو يف املوا�ضع الكبار التي يجتمع فيها النا�س‪� ،‬أو يف ح�ضور‬
‫عدو من �شياطني اجلن �أو الإن�س‪� ،‬أو عند ر�ؤية �آية من �آيات اهلل ‪.‬‬
‫•يقول الإمام ابن القيم ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪ -‬عن معنى التكبري‪ ...« :‬فاهلل �سبحانه �أكرب‬
‫من كل �شيء‪ ،‬ذاتًا وقد ًرا وعزة وجاللة‪ ،‬فهو �أكرب من كل �شيء يف ذاته و�صفاته و�أفعاله»‬
‫(الصواعق املرسلة ‪.)1379/4‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•يراجع ما ُكتب عن �آثار الإميان با�سميه �سبحانه (املتكرب والعظيم)‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 112‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ورد ذكر (الوارث) يف قوله تعالى‪} :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ{‬


‫[احلجر‪.]23 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الوارث) هو‪ :‬الباقي بعد فناء اخللق وامل�سرتد �أمالكهم وموارثهم بعد موتهم‪ ،‬ومل يزل‬
‫اهلل باق ًيا مال ًكا للأ�شياء كلها‪ ،‬يورثها من ي�شاء‪ ،‬وي�ستخلف فيها من �أحب‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬ال�سعي يف هذه الدنيا للتقرب �إلى اهلل ‪ ،‬وطلب جنته بالعلم النافع والعمل ال�صالح؛‬
‫وذلك للفوز باجلنة التي ال يورثها اهلل ‪� ‬إال للمتقني‪ } :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ { [مرمي‪.]63 :‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬عدم االغرتار بقوة الباطل وانتفا�شه‪ ،‬ف�إن اهلل ‪ ‬له باملر�صاد‪ ،‬و�سي�أتي الوقت‬
‫الذي يزهقه اهلل فيه‪ ،‬ويورث عباده امل�ؤمنني ديار الكافرين ومي ّكنهم فيها‪ ،‬قال اهلل‬
‫‪ } :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ { [األعراف‪ ،]137 :‬وقوله �سبحانه‪ } :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ { [األنبياء‪.]105 :‬‬
‫• ً‬
‫ثالثا‪ :‬عدم االغرتار بالدنيا‪ ،‬واحلذر من الركون �إليها؛ لأن م�آلها �إلى الفناء‪ ،‬وال يبقى‬
‫�إال ما قدمه العبد لنف�سه يوم القيامة‪ ،‬قال �سبحانه } ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ { [مرمي‪.]40 :‬‬
‫رابعا‪ :‬التعلق باهلل وحده‪ ،‬والتوكل عليه يف حفظ ما يرتكه العبد بعد موته من مال وولد‪،‬‬‫• ً‬
‫وهو خري الوارثني‪ } :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ { [األنبياء‪.]89 :‬‬

‫‪113‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 113‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫•دليل ا�سمه �سبحانه (العلي) قوله تعالى‪}:‬‬


‫ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ{ [البقرة‪ ،]255 :‬و�أما دليل ا�سمه �سبحانه (الأعلى) فهو قوله‬
‫‪ } :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ{ [األعلى‪ .]1 :‬و�أما دليل ا�سمه �سبحانه(املتعال) فقوله‬
‫تعالى‪ } :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ{ [الرعد‪.]9 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(العلي‪ ،‬الأعلى)‪ :‬هو الذي له العلو املطلق من جميع الوجوه‪ :‬علو الذات‪ ،‬وعلو القدر‬
‫وال�صفات‪ ،‬وعلو القهر‪.‬‬
‫•فهو الذي على العر�ش ا�ستوى‪ ،‬وعلى امللك احتوى‪ ،‬وبجميع �صفات العظمة والكربباء‬
‫واجلالل واجلمال وغاية الكمال ات�صف‪ ،‬و�إليه فيها املنتهى‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذه األسماء الكريمة‬
‫•أو ًال‪ :‬اخل�ضوع هلل تعالى والإخبات‪ ،‬والتذلل له مع حمبته وتعظيمه و�إجالله‪ ،‬وهذان هما‬
‫ركنا العبودية هلل تعالى؛ ولذا ملَّا نزل قوله تعالى‪ } :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ {‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫(�ضعوها يف �سجودكم) (أخرجه أحمد)‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التوا�ضع هلل تعالى وملا �أنزل من احلق؛ لأن الإميان بعلوه �سبحانه وقهره لعباده‬
‫يورث يف القلب توا�ض ًعا وحيا ًء‪ ،‬وتعظي ًما هلل تعالى و�أوامره ونواهيه‪ً ،‬‬
‫ور�ضا ب�أحكامه‬
‫القدرية وال�شرعية‪ ،‬و�إذعا ًنا للحق �إذا بان له وعلم �أنه من عند اهلل تعالى‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬احلذر من العلو يف الأر�ض بغري احلق‪ ،‬وجتنب ظلم العباد والتكرب عليهم وقهرهم‬ ‫• ً‬
‫والعدوان عليهم‪ ،‬وال ينجو من ذلك �إال من تذكر علو اهلل تعالى وقهره ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬اخلوف من اهلل وحده‪ ،‬وتخل�ص القلب من اخلوف من املخلوق ال�ضعيف؛ فمهما‬ ‫• ً‬
‫�أوتي املخلوق من قوة وعلو يف الأر�ض؛ ف�إن اهلل ‪ ‬فوقه مكا ًنا وقد ًرا وقه ًرا‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تنزيهه ‪� -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬عن كل نق�ص يف ذاته و�صفاته و�أفعاله‪ ،‬و�إثبات‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫�صفات الكمال له �سبحانه‪ ،‬وحمده على ذلك‪.‬‬

‫‪114‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 114‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫} ﭷﭸﭹ‬ ‫•ورد ذكر ا�سمه �سبحانه (العزيز) يف كتاب اهلل كث ًريا‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭺ ﭻ { [البقرة‪.]260 :‬‬
‫•و(العزيز) الذي له العزة كلها‪ :‬عزة القوة‪ ،‬وعزة الغلبة‪ ،‬وعزة االمتناع‪ ،‬فامتنع �أن يناله‬
‫�أحد من املخلوقات‪ ،‬وقهر جميع املوجودات‪ ،‬ودانت له اخلليقة‪ ،‬وخ�ضعت لعظمته‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬ا�سمه �سبحانه (العزيز) ي�ستلزم توحيده وعبادته وحده ال �شريك له؛ �إذ ال�شركة‬
‫تنايف كمال العزة‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ومن كمال العزة تربئته �سبحانه من كل �سوء‪ ،‬وتنزيهه من كل �شر ونق�ص‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬من كمال عزته �سبحانه‪ ،‬نفاذ حكمه و�أمره يف عباده‪ ،‬وت�صريف قلوبهم على ما‬ ‫• ً‬
‫ي�شاء‪ ،‬وهذا ما ال يقدر عليه �إال اهلل �سبحانه‪ ،‬وهو ما يجعل العبد خائ ًفا من ربه �سبحانه‪،‬‬
‫الئذا بجنابه‪ ،‬معت�ص ًما به‪ ،‬مترب ًئا من احلول والقوة‪ ،‬ي�س�أل ربه حفظ قلبه‪ ،‬و�صالح دينه‬‫ً‬
‫ودنياه‪.‬‬
‫أي�ضا يف ق�ضائه‪� :‬أن ي�شهد �أن الكمال واحلمد‪ ،‬والغنى التام‪،‬‬‫رابعا‪ :‬ومن �شهود عزته � ً‬‫• ً‬
‫والذم‪ ،‬والعيب والظلم واحلاجة‪ ،‬وكلما‬ ‫والعزة ك َّلها هلل‪ ،‬و�أن العبد َ‬
‫نف�سه �أولى بالتق�صري ِّ‬
‫ازداد �شهوده لذله ونق�صه وعيبه وفقره؛ ازداد �شهوده لعزة اهلل وكماله‪ ،‬وحمده وغناه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬يثمر الإميان بهذا اال�سم الكرمي العزة يف قلب امل�ؤمن‪ ،‬و�أنه مهما ابتغى العبد‬
‫ً‬ ‫•‬
‫العزة عند غري اهلل تعالى ويف غري دينه؛ فلن يجدها‪ ،‬ولن يجد �إال الذل وال�ضعف والهوان‪.‬‬
‫وال�شعور بهذه العزة؛ يثمر التعايل على الباطل و�أهله‪ ،‬وعدم اال�ستكانة لهم مهما ت�سلطوا‬
‫على العبد‪ ،‬فغاية ما يقدرون عليه الأذى الظاهري‪.‬‬

‫‪115‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 115‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السادس‬

‫سادسا‪ :‬كما يثمر هذا ال�شعور‪ ،‬عدم الركون �إلى �شيء من هذه الدنيا الفانية‪ ،‬وجعلها‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫م�صدر العزة والقوة‪ ،‬فكم ر�أينا و�سمعنا عن كثري من النا�س الذين اغرت بع�ضهم مباله �أو‬
‫جاهه �أو ولده �أو �سلطانه ومن�صبه؛ فكانت كلها �سب ًبا يف �إذالله وا�ستخذائه و�شقائه‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬من �أ�سباب العزة العفو والتوا�ضع والذلة للم�ؤمنني‪ ،‬قال ‪ ...( :‬وما زاد اهلل‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫عبدا بعف ٍو �إال عزًّا) (أخرجه مسلم)‪.‬‬
‫ً‬
‫•ثام ًنا‪� :‬سمى اهلل تبارك وتعالى كتابه‪( :‬العزيز)‪ ،‬وذلك يف قوله �سبحانه‪ }:‬ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ { [فصلت‪ ،]41 :‬ومن عزته؛ �أنه غالب بحججه وكماله و�شموله‪ ،‬ومن قال به واحتج‬
‫به؛ فهو الغالب العزيز‪ ،‬ومن عزته؛ �أن يعز ويرفع من عمل به ودعا �إليه‪.‬‬

‫‪116‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 116‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السابع‬

‫األسماء التي تثمر األخالق الكريمة‬

‫‪����� ������� ������.indd 117‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السابع‬

‫الفصل السابع‬

‫األسماء التي تثمر األخالق الكريمة‬

‫•�إن تعظيم اهلل ‪ ‬واخلوف منه وحده‪ ،‬و�شهود قهره وعلوه و�إحاطته ومراقبته وعزته‬
‫وقوته وربوبيته‪ ،‬وواليته‪ ،‬ون�صره‪ ،‬ووعده ووعيده؛ كل ذلك يثمر يف القلب الأخالق العالية‪،‬‬
‫ومنها ال�شجاعة والثبات على احلق والن�صيحة يف �سبيل اهلل ‪ ‬واال�ستهانة بالباطل‬
‫و�أهله؛ لأنهم يف قب�ضة اهلل ‪ ‬وحتت قهره وملكه و�سلطانه‪.‬‬
‫•«وهو �سبحانه يحب موجب �أ�سمائه و�صفاته‪ ,‬فهو عليم يحب كل عليم‪ ،‬جواد يحب كل‬
‫جواد‪ ،‬وتر يحب الوتر‪ ،‬جميل يحب اجلمال‪ ،‬عفو يحب العفو و�أهله ‪ ،‬حيي يحب احلياء‬
‫و�أهله‪ ،‬بر يحب الأبرار‪� ،‬شكور يحب ال�شاكرين‪� ،‬صبور يحب ال�صابرين‪ ،‬حليم يحب �أهل‬
‫احللم»‪( .‬بدائع التفسير ‪.)316/2‬‬
‫•يقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪�« :‬إن التوا�ضع يتولد من بني العلم باهلل �سبحانه ومعرفة‬
‫�أ�سمائه و�صفاته ونعوت جالله وتعظيمه وحمبته و�إجالله‪ ،‬ومن معرفته بنف�سه وتفا�صيلها‬
‫وعيوب عملها و�آفاتها‪ ,‬فيتو ّلد من بني ذلك ك ِّله خل ٌق هو التوا�ضع؛ وهو‪ :‬انك�سار القلب هلل؛‬
‫أحد ف�ض ًال؛ وال َيرى له عند � ٍ‬
‫أحد‬ ‫الذل والرحمة بعباده‪ ،‬فال َيرى له على � ٍ‬ ‫وخف�ض جناح ِّ‬
‫ح ًّقا‪ ،‬بل يرى الف�ضل للنا�س عليه؛ واحلقوق لهم ِق َب َله‪ ،‬وهذا ُخل ٌق �إمنا ُيعطيه اهلل ‪ ‬من‬
‫ُيح ُّبه و ُيكرمه و ُيق ِّربه»‪( .‬الفوائد ص‪ 158 ،157‬باختصار)‪.‬‬
‫أي�ضا‪�« :‬أركان الكفر �أربعة‪ :‬الكرب‪ ،‬واحل�سد‪ ،‬والغ�ضب‪ ،‬وال�شهوة‪ ،‬فالكرب مينعه‬ ‫•ويقول � ً‬
‫االنقياد‪ ،‬واحل�سد مينعه قبول الن�صيحة وبذلها‪ ،‬والغ�ضب مينعه العدل‪ ،‬وال�شهوة متنعه‬
‫التفرغ للعبادة ‪ ...‬ومن�ش�أ هذه الأربعة‪ :‬من جهله بربه وجهله بنف�سه‪ ،‬ف�إنه لو عرف ربه‬
‫ب�صفات الكمال ونعوت اجلالل‪ ،‬وعرف نف�سه بالنقائ�ص والآفات؛ مل يتكرب ومل يغ�ضب‬
‫لها ومل يح�سد �أحدً ا على ما �آتاه اهلل‪ ،‬ف�إن احل�سد يف احلقيقة نوع من معاداة اهلل‪ ،‬ف�إنه‬
‫‪118‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 118‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫يكره نعمة اهلل على عبده‪ ...‬فهو م�ضاد هلل يف ق�ضائه وقدره وحمبته وكراهته‪ .‬ولذلك‬
‫كان �إبلي�س عد ًّوا حقيقة؛ لأن ذنبه كان عن كرب وح�سد‪ .‬فقلع هاتني ال�صفتني مبعرفة اهلل‬
‫وتوحيده والر�ضا به وعنه والإنابة �إليه»‪( .‬الروح ص ‪.)522‬‬
‫•ومن الأ�سماء احل�سنى التي تثمر الأخالق الكرمية‪ :‬الكرمي ‪ -‬اجلواد ‪ -‬املح�سن ‪ -‬املنان ‪-‬‬
‫الرفيق ‪ -‬احلليم ‪ -‬ال�ستري ‪ -‬الوهاب ‪ -‬املعطي ‪ -‬العفو ‪ -‬الرحيم‪.‬‬

‫‪119‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 119‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السابع‬

‫•مل يرد ذكر هذا اال�سم الكرمي يف القر�آن الكرمي‪ ،‬و�إمنا جاء ذلك يف ُّ‬
‫ال�س َّنة عن ابن عبا�س‬
‫‪ -‬ر�ضي اهلل عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال ر�سول اهلل ‪�« :‬إن اهلل تعالى جواد يحب اجلود‪ ،‬ويحب‬
‫معايل الأخالق‪ ،‬ويكره �سفا�سفها» (أخرجه أبونعيم في احللية‪ ،‬وصححه األلباني في السلسلة وصحيح‬
‫اجلامع)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(اجلواد) يعني‪� :‬أنه تعالى اجلواد املطلق الذي عم بجوده جميع الكائنات‪ ،‬وملأها من‬
‫ف�ضله‪ ،‬وكرمه‪ ،‬ونعمه املتنوعة‪ ،‬وخ�ص بجوده ال�سائلني بل�سان املقال �أو ل�سان احلال؛ من‬
‫بر‪ ،‬وفاجر‪ ،‬وم�سلم‪ ،‬وكافر‪ ،‬ومن جوده الوا�سع ما �أعده لأوليائه يف دار النعيم‪ ،‬مما ال عني‬
‫ر�أت‪ ،‬وال �أذن �سمعت‪ ,‬وال خطر على قلب ب�شر‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬قال ابن القيم رحمه اهلل‪« :‬فهو �سبحانه ُي ِح ُّب من عباده �أن ُي�ؤَ ِّم ُلوه ويرجوه وي�س�ألوه‬
‫من ف�ضله؛ لأنه امللك احل ُّق (اجلواد)‪� ،‬أجود من ُ�س ِئ َل؛ و�أو�سع من �أعطى» (مدارج السالكني‬
‫‪ ،)50/2‬وهذا يثمر التوجه �إلى اهلل وحده اجلواد الكرمي و�س�ؤاله �سبحانه وترك ما �سواه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ال َتخـلق ب�صـفة (اجلود) وال�سعي لإي�صال اخلري للنا�س‪ ،‬والإنفاق ب�سـخاء يف وجوه‬
‫اخلري التي يحبها اهلل ‪ ,‬فاهلل ‪ ‬جواد يحب الأجواد من عباده‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 120‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫و«الجود» عشر مراتب‬


‫•أحدها‪ :‬اجلود بالنف�س‪.‬‬
‫•الثانية‪ :‬اجلود بالريا�سة‪ ،‬وهو ثاين مراتب اجلود‪ ،‬فيحمل اجلواد جودُه على امتهان‬
‫ريا�سته‪ ،‬واجلود بها‪ ،‬والإيثار يف ق�ضاء حاجات امللتم�س‪.‬‬
‫•الثالثة‪ :‬اجلود براحته ورفاهيته‪.‬‬
‫•الرابعة‪ :‬اجلود بالعلم وبذله‪.‬‬
‫•الخامسة‪ :‬اجلود بالنفع باجلاه؛ كال�شفاعة‪.‬‬
‫•السادسة‪ :‬اجلود بنفع البدن على اختالف �أنواعه‪.‬‬
‫•السابعة‪ :‬اجلود بالعر�ض‪.‬‬
‫•الثامنة‪ :‬اجلود بال�صرب‪ ،‬واالحتمال ‪ ،‬والإغ�ضاء‪.‬‬
‫•التاسعة‪ :‬اجلود با ُ‬
‫خللق والب�شر والب�سطة‪.‬‬
‫•العاشرة‪ :‬اجلـود برتكه ما يف �أيدي النا�س لهم‪.‬‬

‫‪121‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 121‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السابع‬

‫•ورد هذا اال�سم الكرمي يف ال�سنة املطهرة‪ ،‬قال ر�سول اهلل ‪�« :‬إذا حكمتم فاعدلوا و�إذا‬
‫قلتم ف�أح�سنوا‪ ،‬ف�إن اهلل حم�سن يحب الإح�سان» (أخرجه ابن عدي في الكامل‪ ،‬وحسنه األلباني‬
‫في الصحيح «‪.)»470‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(�إن اهلل تعالى حم�سن)‪�« :‬أي‪ :‬الإح�سان له و�صف الزم؛ ال يخلو موجود عن �إح�سانه طرفة‬
‫عني‪ ،‬فال بد لكل مكون من �إح�سانه �إليه بنعمةالإيجاد ونعمة الإمداد» (فيض القدير ‪.)264/2‬‬
‫•واهلل �سبحانه حم�سن يف �إنعامه‪ ،‬فيعطي النعم الكثرية التي ال تعد وال حت�صى‪ ،‬وحم�سن‬
‫يف فعله‪ ،‬فهو �سبحانه وتعالى �أح�سن كل �شيء خلقه‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨﮩ { [السجدة‪.]7 :‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬الفرح بهذا الدين و�شريعة الإ�سالم التي هي من �آثار �إح�سانه �سبحانه‪ ،‬وال�سعي‬
‫لن�شرها والدعوة �إليها؛ لتهن�أ الب�شرية بهذا الإح�سان العظيم‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التحلي ب�صفة الإح�سان‪ ،‬وال�سعي �إلى �أن يكون العبد من املح�سنني الذين يحبهم‬
‫اهلل ‪.‬‬
‫والإح�سان من العبد نوعان‪:‬‬
‫‪- -‬األول‪� :‬إح�سان يف عبادة اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪- -‬والثاني‪� :‬إح�سان �إلى عباد اهلل تعالى‪ ،‬وذلك ب�إي�صال جميع �أنواع اخلري لهم‪،‬‬
‫وكال النوعني قد وعد اهلل تعالى بالثواب عليهما‪ ،‬فقال‪ }:‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ{ [التوبة‪.]120 :‬‬

‫‪122‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 122‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫[النساء‪:‬‬ ‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ {‬


‫‪.]43‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(العفو) ال�صفح عن الذنوب‪ ،‬وترك جمازاة امل�سيء‪.‬‬
‫•وهو الذي له العفو ال�شامل الذي و�سع ما ي�صدر من عباده من الذنوب؛ وال �سيما �إذا �أتوا‬
‫مبا يوجب العفو عنهم؛ من اال�ستغفار والتوبة والإميان والأعمال ال�صاحلة‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•الت�أكيد على التو�سل �إلى اهلل ‪ ،‬و�س�ؤاله �سبحانه بهذا اال�سم الكرمي العفو عن ال�سيئات‬
‫وال�صفح عن الزالت‪ ،‬كما جاء يف دعائه ‪ ‬الذي �أو�صى به عائ�شة ‪-‬ر�ضي اهلل عنها ‪ -‬ب�أن‬
‫تدعو به يف ليلة القدر وغريها‪« :‬ال َّلهم �إنك عفو حتب العفو فاعف عني» (أخرجه الترمذي‪،‬‬
‫وقال حسن صحيح)‪.‬‬
‫•�أن يت�صف امل�سلم ب�صفة العفو عن عباد اهلل ‪ ‬والتجاوز عن هفواتهم‪.‬‬
‫•ما ذكر من الآثار يف ا�سمه �سبحانه (الغفور) ي�صلح �أن يقال هنا فلريجع �إليه‪.‬‬

‫‪123‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 123‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السابع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ{ [ص‪.]9 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الوهاب)‪ :‬هو الذي يجود بالعطاء من غري ا�ستثابة‪ ،‬واملخلوقون �إمنا ميلكون �أن يهبوا‬
‫ل�سقيم‪ ،‬وال ولدً ا لعقيم‪ ،‬وال هدى‬
‫ٍ‬ ‫ما ًال �أو نوا ًال يف ٍ‬
‫حال دون حال‪ ،‬وال ميلكون �أن يهبوا �شفا ًء‬
‫ل�ضال‪ ،‬وال عافي ًة لذي بالء‪ ،‬واهلل الوهاب �سبحانه ميلك جميع ذلك‪ ،‬و�سع اخللق جودُه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫فدامت مواهبه‪ ،‬وات�صلت مننه وعوائده‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬و�إخال�ص العبادة له وحده؛ لأنه بيده وحده جميع املواهب التي ال تعد‬
‫وال حت�صى‪ ،‬بجميع �أ�صنافها و�أنواعها‪ ،‬فهو �سبحانه واهب احلياة‪ ،‬وواهب القوة‪ ،‬وواهب‬
‫الرزق‪ ،‬وواهب الهداية والإميان من غري عو�ض وال ثواب يريده �سبحانه من خلقه؛ فخليق‬
‫مبن هذه مواهبه �أن يبذل له احلب كله‪ ،‬و�أن ُيعبد وحده ال �شريك له‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬القيام ب�شكر اهلل ‪ ‬على هباته العظيمة الدينية والدنيوية‪ ،‬وذلك ببذلها يف طاعته‬
‫�سبحانه واتقاء م�ساخطه‪ ،‬ون�شر هدايته و�إي�صالها للنا�س من غري عو�ض يرجى يف الدنيا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التخلق بهذه ال�صفة ملن �أقدره اهلل ‪ ‬عليها‪ ،‬وذلك ب�أن يهب امل�ؤمن مما وهبه اهلل‬ ‫• ً‬
‫‪ ‬من مال �أو جاه �أو علم للمحتاجني �إليه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬املحافظة على نعم اهلل ‪ ‬وهباته العظيمة من ال�ضياع‪ ،‬وذلك بالبعد عن �أ�سباب‬ ‫• ً‬
‫فقدها‪ ،‬وال �سيما هبة الهداية �إلى احلق والإميان‪ ،‬و�س�ؤال اهلل ‪ ‬والت�ضرع بني يديه‬
‫بالثبات على الهداية وعدم الزيغ عنها‪ ،‬كما تو�سل الرا�سخون يف العلم با�سمه (الوهاب)‬
‫للثبات على الدين } ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ {‬
‫[آل عمران‪.]8 :‬‬
‫خامسا‪� :‬س�ؤال اهلل ‪ ‬بهذا اال�سم الكرمي كل ما يحتاجه العبد من خريي الدنيا‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫والآخرة؛ لأنه ال واهب �إال اهلل ‪ ،‬وهذا كثري يف دعاء الأنبياء ‪ -‬عليهم ال�صالة وال�سالم‬
‫‪ -‬يف القر�آن الكرمي‪.‬‬

‫‪124‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 124‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•مل يرد هذا اال�سم الكرمي يف كتاب اهلل ‪ ،‬و�إمنا ورد يف ُّ‬
‫ال�س َّنة النبوية‪ ،‬قال ‪�( :‬إن اهلل‬
‫‪ٌّ ‬‬
‫حيي �ستري‪ ،‬يحب احلياء وال�سرت‪ ،‬ف�إذا اغت�سل �أحدكم فلي�سترت) (أخرجه أبو داود‪ ،‬وصححه‬
‫األلباني)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫• ِ‬
‫(�ستّري) يعني �أنه �ساتر ي�سرت على عباده كث ًريا وال يف�ضحهم يف امل�شاهد‪ ،‬كذلك يحب من‬
‫عباده ال�سرت على �أنف�سهم واجتناب ما ي�شينهم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬احلليم على عباده‪ ،‬الذي ي�سرتهم وال يف�ضحهم‪ ،‬وال ي�ستعجل‬
‫بعقوبتهم‪ ،‬فحقيق مبن هذا و�صفه مع �أو�صافه الأخرى الكاملة �أن يحب كل احلب‪ ،‬ويفرد‬
‫وحده بالعبودية واملحبة والإخال�ص والتعظيم والإجالل‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬احلياء من اهلل ‪ ‬الذي يرى عبده وهو يع�صيه في�سرته وال يف�ضحه‪ ،‬فحري بالعبد‬
‫�أن يت�أدب مع ربه �سبحانه وي�ستحي منه‪ ،‬الذي يراه يف جميع �أحواله‪ ،‬وال يخفى عليه من‬
‫عبده خافية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التخلق ب�صفة ال�سرت على النف�س وعلى اخللق؛ لأن اهلل ‪�ِ ‬ستّري يحب ال�سرت‪،‬‬‫• ً‬
‫وي�أمر عباده بالت�سرت على النف�س �إذا ابتليت باملع�صية وعدم املجاهرة بها‪ ،‬وكذلك �أمر‬
‫بال�سرت على النا�س‪ ،‬والبعد عن �إ�شاعة الفاح�شة بينهم‪.‬‬

‫‪125‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 125‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل السابع‬

‫•مل يرد هذا اال�سم الكرمي يف القر�آن الكرمي‪ ،‬و�إمنا ورد يف ُّ‬
‫ال�س َّنة النبوية‪ ،‬ومنها قوله‪:‬‬
‫«�إن اهلل رفيق يحب �أهل الرفق‪ ،‬و�إن اهلل يعطي على الرفق ما ال يعطي على العنف» (أخرجه‬
‫أحمد‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الرفيق) يف �أفعاله و�شرعه‪ ،‬فاهلل تعالى رفيق يف �أفعاله‪ ،‬خلق املخلوقات كلها بالتدريج‬
‫�شي ًئا ف�شي ًئا‪ ،‬بح�سب حكمته ورفقه‪ ،‬مع �أنه قادر على خلقها دفعة واحدة ويف حلظة واحدة‪.‬‬
‫•ومن ت�أمل يف خلقه و�أمره وجد ما احتوى عليه �شرعه من الرفق و�شرع الأحكام �شي ًئا بعد‬
‫�شيء‪ ،‬وجريانها على وجه ال�سعة والي�سر‪ ،‬ومنا�سبة العباد‪ ،‬وما يف خلقه من احلكمة؛ �إذ‬
‫بح َكم و�أ�سرار ال حتيط بها العقول‪.‬‬
‫خلق اخللق �أطوا ًرا‪ ،‬ونقلهم من حالة �إلى �أخرى ِ‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه وتعظيمه و�إجالله وحمده‪ ،‬حيث ظهرت �آثار لطفه ورفقه بعباده يف‬
‫خلقه و�شرعه وقدرته ور�أفته ورحمته‪ ،‬مع غناه �سبحانه عن خلقه‪.‬‬
‫ومن ذلك �إمهاله �سبحانه للع�صاة من عباده ليتوبوا‪ ،‬ولو �شاء لعاجلهم بالعقوبة‪ ،‬لكنه‬
‫رفق بهم وت�أنى فلله احلمد حمدً ا كث ًريا طي ًبا مبار ًكا فيه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬شكره �سبحانه وحمده والثناء عليه على هدايته �إلى هذا الدين الكامل احلكيم‬
‫املي�سر‪ ،‬الذي كله لطف ورفق وم�صلحة للعباد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التخلق ب�صفة الرفق والت�أين يف الأمور مع النف�س ومع اخللق‪ ،‬بل حتى مع العدو‪،‬‬ ‫• ً‬
‫و�أولى النا�س باحللم والرفق واللني‪ :‬الأهل وذوو الأرحام‪ ،‬قال ‪�« :‬إذا �أراد اهلل ب�أهل بيت‬
‫خ ًريا �أدخل عليهم الرفق» (أخرجه أحمد‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫والرفق ال يعني التفريط والك�سل وتفويت فر�ص اخلري‪ ،‬بل الرفق املمدوح و�سط بني‬
‫العجلة والطي�ش‪ ،‬وبني الك�سل وتفويت الفر�ص‪� ،‬أما الطاعات والعبادات فينبغي �أن ي�سارع‬
‫�إليها العباد‪.‬‬

‫‪126‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 126‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال �سبحانه‪ } :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ { [آل عمران‪.]155 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(حليم)‪ :‬يعني �أ ّنه ذو �أناة‪ ،‬ال يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم‪ ،‬مع قدرته عليهم‪.‬‬
‫وح مع القدرة‪ ،‬واملت�أنيّ‬
‫ال�ص ُف ُ‬
‫احلليم هو َّ‬
‫ُ‬ ‫احل ِلم‪� ،‬إنمّ ا‬
‫العجز ا�سم ِ‬
‫ِ‬ ‫وال ي�ستحق ال�صافح مع‬
‫عج ُل بالعقوبة‪ ،‬وي�ستعتبهم كي يتوبوا‪ ،‬وميهلهم كي ينيبوا‪ .‬وحلمه و�سع ال�سماوات‬ ‫الذي ال َي َ‬
‫والأر�ض‪ ،‬فلوال حلمه ما ترك على ظهرها من دابة‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬واحلياء منه‪ ،‬حيث �إن حلمه العظيم اقت�ضى ال�صرب على عباده‬
‫الع�صاة‪ ،‬وعدم اال�ستعجال يف عقوبتهم لعلهم ي�ستعتبون ويتوبون‪ ،‬ومن هذا �ش�أنه ُي َحب‬
‫�ستحى منه حق احلياء‪ ،‬وهذا يثمر يف القلب الأن�س به �سبحانه‪ ،‬واملبادرة �إلى‬ ‫احلب كله و ُي َ‬
‫طاعته وترك معا�صيه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬فتح باب الرجاء وعدم الي�أ�س من رحمة اهلل تعالى‪ ،‬واملبادرة �إلى التوبة والإنابة عن‬
‫الذنوب مهما عظمت؛ لأنه �سبحانه ما � َّأخر العقوبة على الذنب �إال للإنابة والتوبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬احلذر من غ�ضبه �سبحانه؛ لأن (احلليم) �إذا غ�ضب مل يقف لغ�ضبه �شيء‪ .‬وحلمه‬ ‫• ً‬
‫�سبحانه �صادر عن قوة وقدرة‪ ،‬واهلل ‪( ‬احلليم) ال يغ�ضب �إال على من ال ي�ستحق الرحمة‬
‫وال ي�صلح يف حقه احللم‪ ،‬وذلك بعد �أن يعطى املهلة والوقت الكايف‪ ،‬ليتوب ويهتدي فلم‬
‫ي�ستجب‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ومن �آثار حلمه �سبحانه �أنه ال ي�ستجيب ال�ستعجال عباده ب�إنزال العقوبة بالكافرين‪،‬‬ ‫• ً‬
‫�سواء �أكان ذلك من قبل امل�ؤمنني يف ا�ستعجالهم الفتح بينهم وبني القوم الكافرين‪� ،‬أم كان‬
‫ذلك من الكافرين‪ ،‬الذين ي�ستعجلون العذاب‪ ،‬واهلل ‪ ‬يحلم عنهم وي�ؤخره عنهم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬جماهدة النف�س بالتخلق بهذا اخللق الكرمي �أال وهو �صفة احللم‪ ،‬وال�صفح‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫والتجاوز عن العباد‪ ،‬فهو �سبحانه (حليم) يحب من عباده احللماء‪ ،‬كرمي يحب الكرماء‪.‬‬

‫‪127‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 127‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


����� ������� ������.indd 128 1/19/15 10:52 AM
‫الفصل الثامن‬

‫األسماء التي تثمر سالمة القلب وطمأنينته‬

‫‪����� ������� ������.indd 129‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الثامن‬

‫الفصل الثامن‬

‫األسماء التي تثمر سالمة القلب وطمأنينته‬

‫•يبني ابن القيم ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪� -‬أثر الر�ضا واليقني يف �سالمة القلب‪ ،‬فيقول‪�« :‬إن‬
‫والدغل والغ ِِّل‪ ،‬وال‬
‫الر�ضا يفتح له باب ال�سالمة‪ ،‬فيجعل قلبه �سلي ًما َنقِ ًّيا من الغ�ش َّ‬
‫ينجو من عذاب اهلل �إال من �أتى اهلل بقلب �سليم‪ ،‬وت�ستحيل �سالمة القلب مع ال�سخط‬
‫والدغل والغ�ش‪:‬‬‫َ‬ ‫وعدم الر�ضا‪ ،‬وك َّلما كان العبد �أ�شد ر�ضى كان قلبه �أ�سلم‪َ .‬‬
‫فاخلبث‬
‫قرين بال�سخط‪ ،‬و�سالمة القلب وبره ون�صحه‪ :‬قرين الر�ضا‪ ،‬وكذلك احل�سد‪ :‬هو من‬
‫ثمرات ال�سخط‪ ،‬و�سالمة القلب منه من ثمرات الر�ضا»‪( .‬مدارج السالكني ‪.)207/2‬‬
‫•عن �أبي الدرداء ر�ضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪« :‬ذروة الإميان‪ :‬ال�صرب للحكم‪ ،‬والر�ضا بالقدر‪،‬‬
‫والإخال�ص يف التوكل‪ ،‬واال�ست�سالم للرب ‪( » ‬حلية األولياء ‪.)216/1‬‬
‫•ويقول ابن القيم ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪ -‬يف تعريف القلب ال�سليم‪« :‬اعلم �أن «الت�سليم» هو‬
‫اخلال�ص من �شبه ٍة تعار�ض اخلرب‪� ،‬أو �شهو ٍة تعار�ض الأمر‪� ،‬أو �إرادة تعار�ض الإخال�ص‪� ،‬أو‬
‫اعرتا�ض يعار�ض القدر وال�شرع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫•و�صاحب هذا التخل�ص‪ :‬هو �صاحب القلب ال�سليم الذي ال ينجو يوم القيامة �إال من �أتى اهلل‬
‫به‪ ،‬ف�إن الت�سليم �ضد املنازعة‪ .‬واملنازعة‪� :‬إما ب�شبهة فا�سدة‪ ،‬تعار�ض الإميان باخلرب عما‬
‫و�صف اهلل به نف�سه من �صفاته و�أفعاله‪ ،‬وما �أخرب به عن اليوم الآخر‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬فالت�سليم‬
‫له‪ :‬ترك منازعته ب�شبهات املتكلمني الباطلة‪ .‬و�إما ب�شهوة تعار�ض �أمر اهلل ‪ ‬فالت�سليم‬
‫للأمر بالتخل�ص منها‪� ،‬أو �إرادة تعار�ض مراد اهلل من عبده؛ فتعار�ضه �إرادة تتعلق مبراد‬
‫العبد من الرب؛ فالت�سليم بالتخل�ص منها‪� .‬أو اعرتا�ض يعار�ض حكمته يف خلقه و�أمره؛‬
‫ب�أن يظن �أن مقت�ضى احلكمة خالف ما �شرع‪ ،‬وخالف ما ق�ضى وقدر‪ .‬فالت�سليم‪ :‬التخل�ص‬

‫‪130‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 130‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫من هذه املنازعات كلها»‪( .‬مدارج السالكني ‪.)148،147/2‬‬


‫•ومن �أ�سماء اهلل احل�سنى التي تثمر �سالمة القلب وطم�أنينته‪ :‬العليم ‪ -‬احلكيم ‪ -‬اخلبري ‪-‬‬
‫الرحيم ‪ -‬اللطيف ‪ -‬الرب ‪ -‬القيوم ‪ -‬الرب ‪ -‬ال�سالم ‪ -‬امللك ‪ -‬القدو�س ‪ -‬امل�ؤمن ‪ -‬الطيب ‪-‬‬
‫اخلبري ‪ -‬املحيط ‪ -‬الأول‪ ،‬الآخر ‪ -‬الظاهر ‪ -‬الباطن ‪ -‬احلكم ‪ -‬ال�صمد ‪ -‬الواحد‪ ،‬الأحد‪.‬‬
‫•وقد �سبق احلديث عن هذه الأ�سماء احل�سنى يف ف�صول �سابقة والحقة‪ ،‬فلريجع �إليها‪.‬‬

‫‪131‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 131‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


����� ������� ������.indd 132 1/19/15 10:52 AM
‫الفصل التاسع‬

‫األسماء التي تثمر االفتقار إلى اهلل ‪‬‬


‫وكثرة دعائه ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 133‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫الفصل التاسع‬

‫األسماء التي تثمر االفتقار إلى اهلل وكثرة دعائه‬

‫•كل �أ�سماء اهلل ‪ ‬و�صفاته ُيثنى على اهلل �سبحانه بها‪ ،‬و ُيحمد عليها‪ ،‬و ُيدعى بها‪ ،‬ويخ�ص‬
‫من هذه الأ�سماء بع�ض ما ورد يف الأذكار والأدعية امل�أثورة‪ ,‬من كرثة الدعاء بها وما تثمره‬
‫من االفتقار �إلى اهلل ‪.‬‬
‫•كان من افتقاره ودعائه �صلى اهلل عليه و�سلم‪« :‬اللهم ت�سمع كالمي‪ ،‬وترى مكاين‪ ،‬وتعلم‬
‫�سري وعالنيتي‪ ،‬ال يخفى عليك �شيء من �أمري‪� ،‬أنا البائ�س الفقري‪ ،‬امل�ستغيث امل�ستجري‪،‬‬
‫والوجل امل�شفق‪ ،‬املقر املعرتف بذنوبي‪� ،‬أ�س�ألك م�س�ألة امل�سكني‪ ،‬و�أبتهل �إليك ابتهال املذنب‬
‫الذليل‪ ،‬و�أدعوك دعاء اخلائف ال�ضرير‪ ،‬من خ�ضعت لك رقبته‪ ،‬وفا�ضت لك عيناه‪ ،‬وذل‬
‫ج�سده‪ ،‬ورغم �أنفه لك‪ ،‬ال َّلهم ال جتعلني بدعائك رب �ش ًًّقا‪ ،‬وكن بي ر�ؤو ًفا رحي ًما‪ ،‬يا خري‬
‫امل�س�ؤولني‪ ،‬ويا خري املعطني» (املعجم الصغير للطبراني ص‪.)144‬‬
‫•وقال احل�سن الب�صري رحمه اهلل‪« :‬تفقدوا احلالوة يف ثالثة �أ�شياء‪ :‬يف ال�صالة‪ ،‬ويف‬
‫الذكر‪ ،‬وقراءة القر�آن‪ ،‬ف�إن وجدمت‪ ...‬و�إال فاعلموا �أن الباب مغلق» (مدارج ال�سالكني‬
‫‪.)424/2‬‬
‫•يقول ابن القيم رحمه اهلل تعالى‪« :‬و�سمعت �شيخ الإ�سالم ابن تيمية يقول‪� :‬إن يف الدنيا‬
‫جنة من مل يدخلها مل يدخل جنة الآخرة‪ ،‬قال‪ :‬وكان �إذا �صلى الفجر يجل�س يف مكانه‬
‫يذكر اهلل تعالى حتى يتعالى النهار جدًّا‪ ،‬وكان �إذا �سئل عن ذلك يقول‪ :‬هذه غدوتي ولو‬
‫مل �أتغد هذه الغدوة �سقطت‪ ،‬وقال يل مرة‪ :‬ال �أترك الذكر �إال بنية �إجمام النف�س و�إراحتها‬
‫لأ�ستعد بتلك الراحة لذكر �آخر �أو كالم هذا معناه» (الرد الوافر ص‪. )69‬‬

‫‪134‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 134‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ومن الأ�سماء احل�سنى التي تثمر هذه ال�صفات‪ :‬اهلل جل جالله ‪ -‬احلي ‪ -‬القيوم ‪-‬‬
‫الرحمن‪ ،‬الرحيم ‪ -‬الرب ‪ -‬اللطيف ‪ -‬الغفور ‪ -‬العفو ‪ -‬امللك ‪ -‬القدو�س ‪ -‬الغني ‪ -‬احلميد‬
‫‪ -‬الرزاق ‪ -‬امل ّنان ‪ -‬اجلواد ‪ -‬الكرمي ‪ -‬احلليم ‪ -‬اجلبار ‪ -‬العظيم ‪ -‬الأول‪ ،‬الآخر ‪-‬‬
‫الظاهر‪ ،‬الباطن ‪ -‬الأحد ‪ -‬ال�صمد ‪ -‬الويل ‪ -‬الن�صري ‪ -‬القريب ‪ -‬املجيب ‪ -‬الوتر ‪-‬‬
‫الواحد‪ ،‬الأحد‪.‬‬

‫‪135‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 135‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﯧ ﯨ ﯩ { [الشورى‪.]28 :‬‬


‫•�أما ا�سمه �سبحانه (املولى) فقد ورد يف قوله �سبحانه‪ } :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ {‬
‫[األنفال‪.]40 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الويل) هو فعي ٌل‪ ،‬من املواالة‪ ،‬والويل‪ :‬النا�صر‪ ،‬و(الويل) � ً‬
‫أي�ضا املتوليِّ الأمر والقائم به‪،‬‬
‫كويل اليتيم‪ ،‬وويل املر�أة يف عقد النكاح عليها‪ ،‬و�أ�صله من ال َوليْ ‪ ،‬وهو ال ُق ْر ُب‪ ،‬واهلل ‪ -‬جل‬
‫�ش�أنه ‪ -‬مولى اخللق �أجمعني‪ ،‬مبعنى �أنه �سيدهم ومالكهم وخالقهم ومعبودهم احلق‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬ملا كان من معاين (املولى) املعنى الذي يدخل فيه الكافر وامل�ؤمن‪ ،‬مبعنى �أنه �سيد‬
‫املخلوقات ومالكهم ومعبودهم احلق‪ ،‬ف�إن الإميان بهذا اال�سم الكرمي يثمر حمبة اهلل‬
‫‪ ،‬و�إفراده وحده �سبحانه بالعبادة‪ ،‬ونفيها عما �سواه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬و�أما والية املحبة والتوفيق والن�صرة فهي بهذا املعنى خا�صة بامل�ؤمنني املتقني‪ ،‬وهي‬
‫بهذا املعنى تثمر يف قلوب �أولياء اهلل الطم�أنينة والثقة يف ن�صرته وكفايته و�صدق التوكل‬
‫عليه �سبحانه‪ ،‬وهذا يثمر اليقني بذهاب الكفار وقطع دابرهم‪ ،‬و�إن ظهروا يف وقت ما‬
‫حلكمة فنهايتهم �إلى زوال؛ لأنهم مقطوعو ال�صلة باهلل ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ال�سعي �إلى نيل والية اهلل ‪ ‬واالت�صاف ب�صفات �أوليائه املتقني وذلك بتحقيق‬ ‫• ً‬
‫عبوديته وتقواه والتقرب �إليه �سبحانه بالعمل ال�صالح‪ ،‬فبهذا تنال والية اهلل تعالى‪.‬‬
‫وال�س َّنة وتقوى‬
‫�أما من يو�صفون ب�أولياء اهلل وهم �أبعد ما يكونون عن التوحيد ولزوم الكتاب ُّ‬
‫اهلل ‪ ،‬وذلك مبا يعرف عنهم من ال�شرك وال�شعوذة والوقوع يف ما نهى اهلل عنه وترك ما‬
‫�أمر به‪ ،‬فه�ؤالء �أبعد النا�س عن �أولياء اهلل تعالى‪ ،‬بل هم �أولياء ال�شيطان وحزبه ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الإميان بهذين اال�سمني الكرميني يثمر يف قلب امل�ؤمن حمبة �أولياء اهلل تعالى‬ ‫• ً‬
‫وتوليهم‪ ،‬ون�صرتهم‪ ،‬والترب�ؤ من �أعداء اهلل تعالى وبغ�ضهم وجهادهم‪.‬‬

‫‪136‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 136‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ { [األنفال‪.]40 :‬‬


‫•�أما ا�سمه �سبحانه (النا�صر) فلم يرد يف القر�آن �إال مرة واحدة ب�صيغة التف�ضيل؛ وذلك‬
‫يف قوله تعالى‪ } :‬ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ { [آل عمران‪.]150 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•قال‪ :‬ابن كثري رحمه اهلل تعالى‪ }:‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ { [احلج‪« ،]78 :‬يعني نعم الويل‬
‫ونعم النا�صر من الأعداء» (تفسير ابن كثير ‪.)237/3‬‬
‫•ويقول ال�شيخ ال�سعدي ‪ -‬رحمه اهلل تعالى ‪ -‬عند قوله تعالى‪ }:‬ﭘ ﭙ ﭚ { [النساء‪:‬‬
‫‪« ]45‬ين�صرهم على �أعدائهم‪ ،‬ويبني لهم ما يحذرون منهم‪ ،‬ويعينهم عليهم‪ ،‬فواليته‬
‫تعالى؛ فيها ح�صول اخلري‪ ،‬ون�صره؛ فيه زوال ال�شر» (تفسير السعدي ‪.)237/3‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪ :‬الثقة يف ن�صر اهلل تعالى لعباده امل�ؤمنني‪ ،‬وعدم الرهبة من قوة الكافرين �إذا �أخذ‬
‫بالأ�سباب‪ ،‬والتوكل على اهلل وحده يف ذلك؛ فاملن�صور من ن�صره اهلل تعالى‪ ،‬واملخذول من‬
‫خذله اهلل‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬وهذا الأثر مرتبط مبا قبله �أال وهو �أن الإميان با�سميه �سبحانه‪( :‬النا�صر والن�صري)‬
‫يدفع امل�ؤمن للأخذ ب�أ�سباب ن�صر اهلل تعالى له يف الدنيا والآخرة‪ ،‬وذلك باخل�ضوع لأمره‬
‫و�شريعته ون�صرة دينه يف نف�سه ومع النا�س؛ لأن التفريط يف طاعة اهلل ‪ ‬باب �إلى‬
‫اخلذالن وامل�صائب وت�أخر ن�صر اهلل تعالى‪.‬‬
‫ثالثا‪� :‬شعور العبد بحاجته لن�صرة اهلل تعالى يف جميع �أحواله و�ش�ؤونه كلها‪ ،‬و�أنه ال‬ ‫• ً‬
‫ي�ستغني عن ن�صرة ربه له طرفة عني‪ ،‬فهو حمتاج �إلى �أن ين�صره اهلل ‪ ‬على هواه‬
‫ونف�سه‪ ،‬وهو حمتاج �إلى ن�صرة اهلل تعالى له على �شيطانه من الإن�س واجلن‪ ،‬وهو حمتاج‬
‫�إلى ن�صرة اهلل له على �أعدائه الكافرين‪ ،‬وباجلملة فهو حمتاج �إلى عون اهلل ‪ ‬ون�صرته‬
‫على فنت ال�شبهات وال�شهوات وكيد الأعداء‪.‬‬

‫‪137‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 137‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل ‪ } : ‬ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ { [احلديد‪.]3 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•ويكفينا تف�سري �أعلم الب�شر باهلل تعالى؛ وهو قول الر�سول ‪�« :‬أنت الأول فلي�س قبلك‬
‫�شيء)» (أخرجه مسلم)‪.‬‬
‫•والأول‪« :‬يدل على �أن كل ما �سواه حادث كائن بعد �أن مل يكن‪ ،‬ويجب على العبد �أن يلحظ‬
‫ف�ضل ربه يف كل نعمة دينية �أو دنيوية‪� ،‬إذ ال�سبب وامل�سبب منه تعالى» (شرح األسماء احلسنى‬
‫ص‪.)169‬‬
‫•و ال ِآخر‪ :‬هو الباقي بعد فناء اخللق‪.‬‬
‫•والآخر‪« :‬هو الذي ال انتهاء لوجوده» (االعتقاد ص‪.)63‬‬
‫•و�أح�سـن التعـريفات و�أكملهـا ما ف�سـره �أعرف الب�شـر باهلل ‪ ‬وذلك يف قوله ‪« :‬و�أنت‬
‫الآخر فلي�س بعدك �شيء» (أخرجه مسلم)‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•«فعبوديته با�سمه (الأول) تقت�ضي التجرد من مطالعة الأ�سباب‪ ،‬والوقوف �أو االلتفات‬
‫�إليها‪ ،‬وجتريد النظر �إلى �سبق ف�ضله ورحمته‪ ،‬و�أنه هو املبتدئ بالإح�سان من غري و�سيلة‬
‫من العبد‪ ...‬وعبوديته با�سمه (الآخر) تقت�ضي � ً‬
‫أي�ضا عدم ركونه ووثوقه بالأ�سباب والوقوف‬
‫معها‪ ،‬ف�إنها تنعدم وتنق�ضي بالآخرية‪ ،‬ويبقى الدائم الباقي بعدها‪ ،‬فالتعلق بها تعلق مبا‬
‫يعدم وينق�ضي‪ ...‬فت�أمل عبودية هذين اال�سمني وما يوجبانه من �صحة اال�ضطرار �إلى‬
‫اهلل وحده‪ ،‬ودوام الفقر �إليه دون كل �شيء �سواه‪ ...‬فكما كان واحدً ا يف �إيجادك‪ ،‬فاجعله‬
‫واحدً ا يف ت�ألهك �إليه‪ ،‬لت�صح عبوديتك‪ ،‬وكما ابتد�أ وجودك وخلقك منه؛ فاجعله نهاية‬
‫حبك و�إرادتك وت�ألهك �إليه لت�صح لك عبوديته با�سميه (الأول والآخر) (طريق الهجرتني ص‬
‫‪.)21 ، 20‬‬

‫‪138‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 138‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ا�سمه‪( :‬الواحد)‪ ،‬يف قوله تعالى‪ } :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ { [الرعد‪.]16 :‬‬


‫•و�أما ا�سـمه‪( :‬الأحد) فقـد ورد مرة واحـدة يف القر�آن الكرمي‪ ،‬وذلك يف قوله تعالى‪ } :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ { [اإلخالص‪.]1 :‬‬
‫•(الأحد)‪ :‬املت�ضمن �إفراده بالربوبية والإلهية‪ ,‬و(الأحد) نفي لكل �شريك لذي اجلالل‪،‬‬
‫و(الواحد والأحد) هو الفرد الذي مل يزل وحده ومل يكن معه �آخر‪ ،‬املتفرد يف ذاته‪ ،‬و�صفاته‪،‬‬
‫و�أفعاله‪ ،‬وربوبيته‪ ،‬و�إلـهيته‪.‬‬
‫ما معنى وحدانية اهلل ‪‬؟‬
‫•�إنها تعني التوحيد ب�أنواعه الثالثة‪:‬‬
‫‪ - -‬توحيده �سبحانه يف ذاته و�صفاته‪.‬‬
‫‪- -‬توحيده �سبحانه يف ربوبيته‪.‬‬
‫‪- -‬توحيده �سبحانه يف �ألوهيته‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذين االسمين الكريمين‬
‫•أو ًال‪� :‬إن �أعظم �أثر وموجب لهذين اال�سمني اجلليلني الكرميني هو �إفراده ‪� -‬سبحانه‬
‫وتعالى ‪ -‬بالربوبية‪ ،‬والإلهية‪ ،‬وتوحيده �سبحانه ب�أفعاله و�صفاته وتوحيده ب�أفعال عباده‪.‬‬
‫فكما �أنه واحد يف ربوبيته فهو واحد يف �ألوهيته‪ ،‬فال �إله �إال هو وحده ال �شريك له‪.‬‬
‫•وهذا يقت�ضي �إفراده ‪ ‬باحلب والوالء؛ قال �سبحانه‪ } :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ {[األنعام‪.]14 :‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬تعلق القلوب بخالقها ومعبودها وتوجهها له وحده ال �شريك له؛ لأنه (الواحد الأحد)‬
‫الذي تتجه �إليه اخلالئق يف حاجاتها و�ضروراتها‪ ،‬وهذا ال�شعور يريح القلوب من �شتاتها‬
‫وا�ضطرابها‪ ،‬ويجعلها ت�سكن �إلى ربها ومعبودها‪ ،‬ويقطع التعلق مبن ال ميلكون �شي ًئا وال‬
‫يقدرون على �شيء �إال مبا �أقدرهم اهلل عليه‪.‬‬
‫ثالثا‪� :‬إفراد اهلل ‪ ‬بالت�شريع والتلقي‪ :‬ف�إن الإميان بوحدانية اهلل ‪ ‬و�أحديته‪ ،‬توجب‬ ‫• ً‬
‫توحيده يف احلكم والتحاكم والتلقي‪ ,‬فم�صدر الت�شريع والتلقي هو اهلل وحده‪.‬‬

‫‪139‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 139‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل الخامس‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ{ [هود‪.]61 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(املجيب)‪ :‬هو الذي يقابل الدعاء وال�س�ؤال بالعطاء والقبول �سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫•�إجابته �سبحانه نوعان‪� :‬إجابة عامة لكل من دعاه‪ :‬دعاء عبادة‪� ،‬أو دعاء م�س�ألة‪ :‬قال‬
‫تعالى‪ } :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ { [غافر‪ ،]60 :‬فدعاء امل�س�ألة يقول العبد‪:‬‬
‫ال َّلهم �أعطني كذا‪� ،‬أو ال َّلهم ادفع عني كذا‪ ،‬فهذا يقع من الرب والفاجر‪ ،‬وي�ستجيب اهلل فيه‬
‫لكل من دعاه بح�سب احلالة املقت�ضية‪ ،‬وبح�سب ما تقت�ضيه حكمته‪ ،‬وهذا ي�ستدل به على‬
‫كرم املولى و�شمول �إح�سانه للرب والفاجر‪ ،‬وال يدل مبجرده على ح�سن حال الداعي الذي‬
‫�أجيبت دعوته‪� ،‬إن مل يقرتن بذلك ما يدل عليه وعلى �صدقه وتعني احلق معه‪.‬‬
‫•و�أما الإجابة اخلا�صة فلها �أ�سباب عديدة؛ منها‪ :‬دعوة امل�ضطر الذي وقع يف �شدة وكربة‬
‫عظيمة‪ ،‬ف�إن اهلل يجيب دعوته‪ ،‬و�سبب ذلك �شدة االفتقار �إلى اهلل‪ ،‬وقوة االنك�سار‪،‬‬
‫وانقطاع تعلقه باملخلوقني‪ ،‬ول�سعة رحمة اهلل التي ي�شمل بها اخللق بح�سب حاجتهم �إليها؛‬
‫فكيف مبن ا�ضطر �إليها؟‬
‫•ومن �أ�سباب الإجابة طول ال�سفر وطيب املطعم‪ ،‬والتو�سل �إلى اهلل ب�أحب الو�سائل �إليه من‬
‫�أ�سمائه‪ ،‬و�صفاته‪ ،‬ونعمه‪ ،‬وكذلك دعوة املري�ض‪ ،‬واملظلوم‪ ،‬وال�صائم‪ ،‬والوالد على ولده‪،‬‬
‫�أو لولده يف الأوقات والأحوال ال�شريفة‪.‬‬

‫‪140‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 140‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬


‫•ذكر اهلل ‪ ‬لنا يف كتابه الكرمي �أمثلة كثرية من �إجابته �سبحانه دعاء �أنبيائه ور�سله‬
‫و�أوليائه‪ ،‬من ذلك ما ذكره �سبحانه يف �سورة الأنبياء‪.‬‬
‫•وكل من دعا اهلل ‪ ‬دعاء ا�ضطرار وفاقة‪ ،‬وتعلق به �سبحانه وحده‪ ،‬ف�إن الإجابة ال تت�أخر‬
‫يف العادة �إال �إذا كان يف �إجابة الدعاء �ضرر �أو هالك ل�صاحب الدعوة‪ ،‬قال اهلل ‪}:‬‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ { [النمل‪.]62 :‬‬
‫•قوة الرجاء يف اهلل �سبحانه وعدم الي�أ�س من رحمته‪ ،‬وهو يثمر الطم�أنينة يف القلب‪.‬‬
‫•حمبته �سبحانه والأن�س به و�شكره على �إجابة الدعاء وتفريج الكروب‪.‬‬
‫•اللجوء �إلى اهلل �سبحانه وحده‪ ،‬والت�ضرع بني يديه يف جلب النفع وك�شف ال�ضر‪.‬‬

‫‪141‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 141‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ {‬


‫[البقرة‪ ,]186 :‬وقال تعالى‪ }:‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ { [هود‪.]61 :‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(القريب) �أي‪ :‬هو القريب من كل �أحد‪ ،‬وقربه نوعان‪:‬‬
‫‪- -‬قرب عام من كل �أحد بعلمه‪ ،‬وخربته‪ ،‬ومراقبته‪ ,‬وم�شاهدته‪ ،‬و�إحاطته‪ ،‬وهو �أقرب‬
‫�إلى الإن�سان من حبل الوريد‪.‬‬
‫‪- -‬وقرب خاص من عابديه‪ ،‬و�سائليه‪ ،‬وجميبيه‪ ،‬وهو قرب يقت�ضي املحبة‪ ،‬والن�صرة‪،‬‬
‫والت�أييد يف احلركات وال�سكنات‪ ،‬والإجابة للداعني‪ ،‬والقبول‪ ،‬والإثابة‪.‬‬
‫عال يف قربه‪.‬‬
‫قريب يف علوه؛ ٍ‬
‫‪- -‬وهو �سبحانه ٌ‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه والأن�س به؛ لأن الإميان بقربه �سبحانه القرب اخلا�ص امل�ستلزم‬
‫للرحمة‪ ،‬و�إجابة الدعوة‪ ،‬واللطف بعبده‪ ,‬يثمر املحبة والطم�أنينة والأن�س به �سبحانه‪،‬‬
‫وطلب العون منه وحده‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬قوة الرجاء يف اهلل �سبحانه‪ ،‬وعدم الي�أ�س من رحمته‪ ،‬والت�ضرع بني يديه؛ فهو‬
‫قريب ملن ناجاه جميب ملن دعاه‪ ،‬وهذا يثمر الأمل وال َّروح يف القلب‪ ،‬ويفتح باب الدعاء‬
‫والت�ضرع من العبد لربه �سبحانه‪ ،‬ويخل�ص القلب من �شوائب ال�شرك والتعلق باملخلوقني‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الإميان بقربه �سبحانه القرب العام جلميع اخلالئق بالإحاطة والعلم‪ ،‬والرقابة‪،‬‬ ‫• ً‬
‫وال�سمع والب�صر‪ ,‬يثمر يف القلب اخلوف منه �سبحانه ومراقبته واحلياء منه‪ ،‬وهذا كله‬
‫يثمر البعد عن معا�صيه وامتثال �أوامره‪ ،‬وامل�سارعة يف مر�ضاته‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الإميان بقرب اهلل ‪ ‬وا�ستح�ضار ذلك يف القلب‪ ,‬و�أنه �أقرب من كل قريب؛ يكون‬ ‫• ً‬
‫�سبب ًا يف �إخفاء العبد دعاءه ربه والإ�سرار به‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬طلب قرب اهلل ‪ ‬والتقرب �إليه بالطاعات؛ لأن اهلل ‪ ‬قريب ممن �أطاعه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫قال �سبحانه‪ }:‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ { [األعراف‪ ,]56 :‬وكلما َك َّمل العبد‬
‫مراتب العبودية كان �أقرب �إلى اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪142‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 142‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•مل يرد ذكر هذا اال�سم الكرمي يف القر�آن الكرمي؛ و�إمنا ورد يف حديث النبي ‪ ‬حيث‬
‫روى �أبو هريرة �أن ر�سول اهلل ‪ ‬قال‪�« :‬إن هلل ت�سعة وت�سعني ا�س ًما مئة �إال واحدً ا؛ ال‬
‫يحفظها �أحد �إال دخل اجلنة‪ ،‬وهو وتر يحب الوتر» (أخرجه البخاري ومسلم)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•اهلل ‪ ‬وتر وهو واحد‪ .‬و(الوتر)‪ :‬هو الفرد الذي ال �شريك له وال نظري‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬احلر�ص يف الأقوال والأعمال على �إيقاعها وت ًرا‪ ،‬ح�سب ما ورد يف ال�سنة من احلث‬
‫على �إنهاء بع�ض الأقوال والأعمال على وتر؛ لأنه �سبحانه وتر يحب الوتر‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬وقد جاء احلث على �صالة الوتر ‪ -‬حيث يختم الليل بها ‪ ،-‬وقد قال ‪« :‬يا �أهل‬
‫القر�آن �أوتروا‪ ،‬ف�إن اهلل وتر يحب الوتر» (أخرجه أبو داود‪ ،‬وصححه األلباني)‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬توحيده �سبحانه و�إفراد العبادة له وحده‪ ،‬فهو الواحد الأحد الوتر ال�صمد‪.‬‬ ‫• ً‬

‫‪143‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 143‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ } :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ { [اإلخالص‪.]2-1 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(ال�صمد) ‪ :‬ال�سيد امل�صمود �إليه يف احلوائج‪.‬‬
‫•وال�صمد‪ :‬من ت�صمد نحوه القلوب بالرغبة والرهبة؛ وذلك لكرثة خ�صال اخلري فيه‪،‬‬
‫وكرثة الأو�صاف احلميدة له‪ ،‬ولهذا قال جمهور ال�سلف‪ ،‬منهم عبد اهلل بن عبا�س ر�ضي‬
‫اهلل عنهما‪ :‬ال�صمد‪ :‬ال�سيد الذي كمل �س�ؤدده‪ ،‬احلكيم الذي كمل حكمه‪ ،‬الرحيم الذي‬
‫كملت رحمته‪ ،‬اجلواد الذي كمل جوده‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬الذي ت�صمد له اخلالئق‪ ،‬وتهرع �إليه يف ق�ضاء احلاجات وتفريج‬
‫الكربات؛ لأنه �سبحانه القادر على ذلك‪ ،‬وهو اللطيف بعباده الرحيم بهم‪ .‬والزم هذه‬
‫املحبة‪ :‬عبادته وحده �سبحانه ال �شريك له‪ ،‬والرباءة من ال�شرك و�أهله‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬إفراده �سبحانه وحده بالتوكل والتعلق‪ ،‬وتفوي�ض الأمور �إليه‪ ،‬والثقة يف كفايته‬
‫وقدرته ‪‬؛ لأنه ال�صمد املق�صود من جميع عباده يف ق�ضاء احلاجات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تعظيمه �سبحانه و�إجالله وحمده والثناء عليه؛ لأنه الكامل يف �س�ؤدده و�أ�سمائه‬‫• ً‬
‫و�صفاته‪ ،‬وهذا من معاين ا�سمه (ال�صمد)‪ ،‬وهذا يقت�ضي اخلوف منه ورجاءه وحده‪،‬‬
‫والأخذ ب�أ�سباب مر�ضاته‪ ،‬وترك ما ي�سخطه �سبحانه ويغ�ضبه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬دعا�ؤه �سبحانه بهذا اال�سم العظيم‪ ،‬والتو�سل به �إليه؛ ملا يت�ضمن من الكمال‬ ‫• ً‬
‫واجلمال واجلالل‪ ،‬ولذا �أقر النبي ‪ ‬ذلك الرجل الذي دعا اهلل ‪ ‬بهذا اال�سم‪ ،‬و�أخرب‬
‫�أنه والأ�سماء املقرتنة معه يف احلديث جميعها ت�ؤلف اال�سم الأعظم الذي �إذا دعي به‬
‫�سبحانه �أجاب‪.‬‬

‫‪144‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 144‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•وذلك يف قوله ‪} : ‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ{ [البقرة‪.]255 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•القيوم‪ :‬هو الذي قام بنف�سه فلم يحتج �إلى �أحد‪ ،‬وقام كل �شيء به‪ ،‬فكل ما �سواه حمتاج‬
‫�إليه بالذات‪.‬‬
‫•ومن معاين (القيوم) الباقي الذي ال يزول‪ ،‬ومن متام كو ِنه ً‬
‫قيوما ال ُ‬
‫يزول �أنه ال ت�أخذه‬
‫ِ�س َن ٌة وال نو ٌم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبته �سبحانه وحمده و�إجالله وتعظيمه‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬الترب�ؤ من احلول والقوة‪ ،‬واالفتقار التام هلل ‪ ،‬و�إنزال جميع احلوائج باهلل ‪،‬‬
‫و�إخال�ص اال�ستعانة واال�ستغاثــة واالعت�صام باهلل ‪ ،‬وقطع التعلق باملخلوق ال�ضعيف‬
‫املربوب املفتقر �إلى ربه‪ ،‬الفقر الذاتي التام‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ومع ظهور �آثار قيوميته �سبحانه لكل �شيء من املخلوقات؛ جامدها ومتحركها‪،‬‬ ‫• ً‬
‫فاجرها وتقيها؛ ف�إن لآثار قيوميته �سبحانه ب�أوليائه ومبن �أحبه �ش�أ ًنا �آخر وطع ًما ً‬
‫خا�صا‪،‬‬
‫يظهر يف حفظه ولطفه ورعايته لعباده املتقني‪ ،‬وهذا يقت�ضي حمبة اهلل ‪ ‬املحبة التامة‪،‬‬
‫والركون �إليه‪ ،‬والتعلق به وحده‪ ،‬وال�سكون �إليه‪ ،‬والر�ضا بتدبريه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ال�سم (احلي القيوم) ت�أثري خا�ص يف �إجابة الدعوات‪ ،‬وك�شف الكربات‪ ،‬كما جاء‬ ‫• ً‬
‫يف احلديث «يا حي يا قيوم برحمتك �أ�ستغيث» (أخرجه الترمذي‪ ،‬وحسنه األلباني)‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬اخلوف منه �سبحانه ومراقبته؛ لأنه القائم على كل نف�س‪ ،‬املتويل �أمرها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫احلافظ �أعمالها‪ ،‬الذي ال يخفى عليه �شيء من �أمرها‪.‬‬

‫‪145‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 145‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖﯗ { [يونس‪.]68 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الغني) هو الذي ا�ستغنى عن اخللق وعن ن�صرتهم وت�أييدهم مللكه‪ ،‬فلي�ست به حاجة‬
‫�إليهم‪ ،‬بل هم �إليه فقراء حمتاجون‪ ,‬وهو الغني بذاته‪ ،‬وكل ما �سواه حمتاج �إليه‪.‬‬
‫•فهو الغني بذاته‪ ،‬الذي له الغنى التام املطلق‪ ،‬املغني جميع خلقه غنى عا ًّما‪ ،‬واملغني‬
‫خوا�ص خلقه مما �أفا�ض على قلوبهم من املعارف الربانية واحلقائق الإميانية‪.‬‬
‫•ومن كمال غناه �أنه لو اجتمع �أول اخللق و�آخرهم يف �صعيد واحد ف�س�ألوه‪ ،‬ف�أعطى كلاًّ منهم‬
‫ما �س�أله وما بلغت �أمانيه‪ ،‬ما نق�ص من ملكه مثقال ذرة‪ .‬ومن كمال غناه و�سعة عطاياه ما‬
‫يب�سطه على �أهل دار كرامته من النعيم‪ ،‬واللذات املتتابعات‪ ،‬واخلريات املتوا�صالت‪ ،‬مما‬
‫ال عني ر�أت وال �أذن �سمعت وال خطر على قلب ب�شر‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪� :‬إفراد اهلل ‪ ‬بالعبادة؛ لأنه �سبحانه هو الغني املطلق‪ ،‬والغني و�صف له �سبحانه‬
‫ذاتي‪ ،‬وما �سواه من اخلالئق مفتقر �إليه‪ ،‬فكيف يتخذ منهم معبودًا مع اهلل تعالى؟!‬
‫•ثان ًيا‪ :‬االفتقار التام �إلى اهلل ‪‬؛ لأن الفقر �صفة ذاتية مالزمة للعبد يف جميع �أحيانه‪،‬‬
‫فال حول وال قوة له �إال باهلل تعالى‪ ،‬وال ي�ستغني �أحد عن ربه �سبحانه طرفة عني‪.‬‬
‫وال�شعور باالفتقار �إلى اهلل ‪ ‬يجعل العبد خائ ًفا راج ًيا متوك ًال على ربه �سبحانه يف دفع‬
‫مت�ضرعا �إلى ربه �سبحانه‪ ،‬وداع ًيا له يف‬
‫ً‬ ‫ال�ضرر‪ ،‬وجلب النفع‪ ،‬مترب ًئا من احلول والقوة‪،‬‬
‫كل حني‪.‬‬
‫• ً‬
‫ثالثا‪� :‬إن ا�سمه �سبحانه (الغني) يثمر يف قلب امل�ؤمن الغنى القلبي‪ ،‬وهذا يثمر اال�ستغناء‬
‫باهلل تعالى وحده عن النا�س وعزة النف�س‪ ،‬والتعفف والقناعة والزهد مبا يف �أيدي النا�س‪،‬‬
‫بل يجرد العبد يف تعلقه وق�ضاء حوائجه وطلب رزقه باهلل الغني احلميد الكرمي الوهاب‪,‬‬
‫الذي ال تفنى خزائنه‪.‬‬
‫‪146‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 146‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫•ورد ذكر ا�سمه �سبحانه (ال�شايف) وذلك يف قوله ‪ ‬يف الدعاء‪ِ �« :‬‬
‫أذهب الب�أ�س رب النا�س‬
‫ا�شف و�أنت ال�شايف» (أخرجه البخاري ومسلم)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•اهلل ‪ ‬هو ال�شايف احلقيقي لأمرا�ض الأبدان والقلوب‪ ،‬ال �شفاء �إال �شفا�ؤه‪ ،‬ال يك�شف‬
‫ال�ضر �إال هو �سبحانه‪ ،‬وال ي�أتي باخلري �إال هو �سبحانه‪.‬‬
‫•ي�شفي ال�صدور من ال�شبه وال�شكوك‪ ،‬ومن احل�سد والغل‪ ،‬والأبدان من الأمرا�ض والآفات‪،‬‬
‫ال يقدر على ذلك غريه‪ ،‬وال ُيدعى بهذا اال�سم �سواه‪.‬‬
‫•فاهلل ‪ ‬هو طبيب الأبدان والقلوب‪ ،‬و�شريعته ‪ ‬هي طب الب�شرية وعالج �أدوائها‪،‬‬
‫وم�صدر خريها و�صالحها‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬الذي ال �شفاء �إال �شفا�ؤه‪ ،‬والذي ال يك�شف ال�ضر �إال هو‪ ،‬وال ي�أتي‬
‫باخلري �إال هو‪ ،‬وهو الذي �أنزل الكتب و�أر�سل الر�سل‪ ،‬لي�شفي النا�س من �أمرا�ض ال�شرك‬
‫والكفر وال�شكوك‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬التوكل على اهلل وحده‪ ،‬ودعا�ؤه �سبحانه‪ ،‬واللجوء �إليه يف ك�شف الكربات و�شفاء‬
‫�أمرا�ض القلوب والأبدان‪ ،‬وعدم التعلق ب�أي �شيء من الأ�سباب‪ ,‬وفعل الأ�سباب يف عالج‬
‫الأمرا�ض ال ينايف التوكل على اهلل ‪� ‬إذا مل يتعلق بها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ال�سعي يف �إي�صال اخلري وك�شف الكربات وق�ضاء احلاجات لعباد اهلل ‪ ,‬واحلر�ص‬ ‫• ً‬
‫على �أن يكون امل�سلم �سب ًبا يف �إذهاب الأمرا�ض القلبية واجل�سدية عن النا�س‪ ,‬ح�سب العلم‬
‫والقدرة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الفـرح بهذا الدين وب�شـريعة الإ�سـالم‪ ,‬التي جاءت ل�شـفاء ال�صدور ومعاجلة‬ ‫• ً‬
‫�أدواء ال�شـبهات ‪ ,‬فيجب حمد اهلل ‪ ‬و�شكره والثناء عليه بهذا اال�سم الكرمي؛ لأن‬
‫هذا ال�شفاء العظيم الذي يت�ضمنه القر�آن الكرمي هو من �آثار �أ�سمائه �سبحانه (ال�شايف‪،‬‬
‫الهادي‪ ،‬الرحمن‪ ،‬الرحيم)‪.‬‬
‫‪147‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 147‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ :‬ﱫ ﯕ ﯖ { [احلشر‪ .]23 :‬و�أما ا�سمه �سبحانه (املليك) فجاء‬
‫يف قوله تعالى‪ }:‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ{‬
‫[القمر‪ ،]55-54 :‬و�أما ا�سمه �سبحانه (املالك) فجاء يف قوله تعالى‪ }:‬ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ { [آل عمران‪.]26 :‬‬
‫•وقرئ يف �سورة الفاحتة‪ :‬مالك وملك‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(ا َمل ِلك)‪ :‬الذي ال ملك فوقه‪ ،‬وال �شيء �إال دونه‪ ،‬فهو امللك واملالك امللك التام الكامل ‪-‬‬
‫و ُم ْل ُك املخلوقني ناق�ص وزائل ‪. -‬‬
‫•�إن حقيقة امللك‪� :‬إمنا تتم بالعطاء واملنع‪ ،‬والإكرام والإهانة‪ ،‬والإثابة والعقوبة‪ ،‬والغ�ضب‬
‫والر�ضا‪ ،‬والتولية والعزل‪ ،‬و�إعزاز من يليق به ال ِعزُّ‪ ،‬و�إذالل من يليق به ّ‬
‫الذل‪.‬‬
‫مظلوما؛ وي�أخذ ظاملًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫•ومن متام ملكه �أنه يغفر ذن ًبا؛ و ُيف ّرج كر ًبا؛ ويك�شف غ ًّما‪ ،‬وين�صر‬
‫مري�ضا‪ ،‬و ُيقيل عرث ًة؛ وي�سرت عور ًة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫ويفك عان ًيا؛ و ُيغني فق ًريا‪ ،‬ويجرب ك�س ًريا؛ وي�شفي‬
‫أقواما وي�ضع �آخرين‪.‬‬
‫ويداول الأيام بني النا�س؛ ويرفع � ً‬
‫•وكل من ملك �شي ًئا ف�إمنا بتمليك اهلل له‪ ،‬واهلل �سبحانه ي�ؤتي ملكه من ي�شاء‪ ،‬وينزعه عمن‬
‫ي�شاء‪.‬‬
‫من آثار هذه األسماء الكريمة‬
‫•اهلل هو امللك احلق لل�سماوات والأر�ض‪ ،‬وما فيهما‪ ،‬وما بينهما؛ لأنه خالقهما فال يخرج �شيء‬
‫من خلقه عن ملكه‪ ،‬وهذا يقت�ضي �أنه �سبحانه املدبر لهما‪ ،‬املت�صرف فيهما كما ي�شاء بقدرة‬
‫مطلقة‪ ،‬ال مانع ملا �أعطى‪ ،‬وال معطي ملا منع‪ ،‬وال يعجزه �شيء يف ال�سماوات وال يف الأر�ض‪.‬‬
‫•عدم خروج �أمر من الأمور‪� ،‬أو فعل من الأفعال البتة عن ت�صرف امللك احلق‪.‬‬
‫•�صفة امللك احلقيقي تقت�ضي احلكمة يف خلق اخللق‪ ،‬وعدم تركهم �سدى‪ ،‬كما تقت�ضي‬
‫�إر�سال الر�سل و�إنزال الكتب‪ ،‬و�أمر العباد ونهيهم‪ ،‬وثوابهم‪ ،‬وعقابهم‪ ،‬كما ت�ستلزم حياة‬

‫‪148‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 148‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫امللك‪ ،‬وعلمه‪ ،‬و�إرادته‪ ،‬وقدرته‪ ،‬و�سمعه‪ ،‬وب�صره‪ ،‬وكالمه‪ ،‬ورحمته‪ ،‬وغ�ضبه‪.‬‬


‫•من مقت�ضى �صفة امللك احلقيقي �أنه �سبحانه املالك احلقيقي خزائن ال�سماوات والأر�ض‪،‬‬
‫وملكه ال ينق�ص بالعطاء والإح�سان‪ ،‬بل يزداد‪.‬‬
‫•من مقت�ضى ا�سمه �سبحانه (امللك) �أن يكون رحي ًما منزهً ا عن الظلم واجلور‪.‬‬
‫•ومن �آثار ملكه �سبحانه التام على خلقه قهره للملوك والطغاة اجلبابرة املتكربين‪ ،‬وق�صمه‬
‫و�إهالكه لهم ملا طغوا وبغوا وظنوا �أنهم معاجزون هلل تعالى‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذه األسماء الكريمة‬
‫•أو ًال‪ :‬توحيد اهلل ‪ ‬وعبادته وحده ال �شريك له باحلب واخلوف والرجاء؛ لأن هذه‬
‫العبادة ال ي�ستحقها �إال امللك احلق‪ ,‬فاطر ال�سماوات والأر�ض‪ ،‬املالك لهما‪ ،‬املت�صرف‬
‫فيهما‪ ،‬فكيف ت�صرف العبادة لغريه ممن ال ميلك �شي ًئا يف ال�سماوات وال يف الأر�ض؟‬
‫•ثان ًيا‪ :‬اخلوف منه �سبحانه والرجاء فيه وحده؛ لأنه �سبحانه املالك كل �شيء‪ ،‬واملت�صرف‬
‫يف كل �شيء‪ ،‬وهو القاهر فوق عباده‪ } :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ{ [هود‪.]56 :‬‬
‫لزاما على العباد قبول‬
‫ثالثا‪ :‬وملا كان من لوازم امللك هلل تعالى احلكم والت�شريع‪ ,‬كان ً‬ ‫• ً‬
‫حكم اهلل تعالى و�شرعه‪ ،‬ورف�ض ما �سواه‪ ,‬والإعرا�ض عن التحاكم لغريه‪ ،‬فاحلكم هلل‬
‫وحده‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ملا كان من مقت�ضى ا�سمه �سبحانه (امللك) ملكه خلزائن ال�سماوات والأر�ض‪،‬‬ ‫• ً‬
‫وتفرده �سبحانه برزق العباد‪ ،‬و�أن خزائنه ملأى ال تن�ضب‪ ،‬ف�إن اليقني بهذا يثمر يف قلب‬
‫العبد تعلقه بربه �سبحانه يف طلب رزقه واطمئنانه �إلى ما كتب اهلل تعالى له‪ ،‬مع �أخذه‬
‫بالأ�سباب التي �أمر اهلل تعالى بها يف طلب الرزق‪ ,‬مع عدم تعلقه بها‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬ملا كان امللك احلقيقي هو هلل تعالى‪ ,‬و�أن ملك العباد يف الدنيا �إمنا هو ملك‬ ‫ً‬ ‫•‬
‫ناق�ص‪ ،‬وعارية م�سرتدة‪ ،‬وال ميلكون �إال �أن ميلكهم اهلل تعالى؛ ف�إن ال�شعور بهذا ُيلقي يف‬
‫القلب توا�ض ًعا هلل تعالى لكل متملك �شي ًئا من هذه الدنيا‪� ،‬سواء كان مل ًكا كب ًريا كملك‬
‫امللوك وال�سالطني‪� ،‬أو كان متل ًكا جزئ ًّيا ملال �أو �أر�ض �أو غري ذلك‪.‬‬
‫‪149‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 149‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ { [احلجرات‪.]12 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•جاء تواب على �أبنية املبالغة‪ ،‬فالعبد يتوب �إلى اهلل ‪ ‬ويقلع عن ذنوبه‪ ،‬واهلل يتوب عليه‬
‫�أي‪ :‬يقبل توبته‪ ،‬فالعبد تائب‪ ،‬واهلل تواب‪.‬‬
‫•فهو التائب على التائبني �أو ًال بتوفيقهم للتوبة‪ ،‬والإقبال بقلوبهم �إليه‪ ،‬وهو التائب على‬
‫التائبني بعد توبتهم قبو ًال لها وعف ًوا عن خطاياهم‪.‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬والأن�س به؛ لأنه �سبحانه الرحيم بعباده‪ ،‬ومن رحمته بهم ولطفه بهم‬
‫�أن وفق من �شاء من عباده �إلى التوبة والرجوع �إليه‪ ،‬ثم قبل ذلك منهم‪ ،‬بل �إنه �سبحانه‬
‫فحري مبن هذا و�صفه يف رحمته بعباده �أن‬
‫ٌّ‬ ‫يفرح بتوبة عبده �إليه �أ�شد ما يكون من الفرح؛‬
‫ُي َحب احلب كله‪ ،‬و�أن ُيعبد وحده ال �شريك له‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪� :‬إفراد اهلل ‪ ‬بالتوبة وطلب العفو وغفران الذنوب‪ ،‬لأنه ال يغفر الذنوب وال يوفق‬
‫�إلى التوبة ويقبلها �إال اهلل وحده‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬احلياء من اهلل ‪ ‬الرب الرحيم التواب الغفور‪ ،‬الذي يفرح بتوبة عبده‪ ،‬وهذا‬ ‫• ً‬
‫احلياء �إذا متكن من القلب �أثمر تعظي ًما هلل ‪ ،‬وحيا ًء منه‪ ،‬ومبادرة �إلى طاعته وترك‬
‫معا�صيه‪ ،‬قدر اجلهد واال�ستطاعة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬املبادرة �إلى التوبة الن�صوح عند الوقوع يف املع�صية‪ ،‬مهما كان عظمها‪ ،‬وعدم الي�أ�س‬‫• ً‬
‫من رحمة اهلل تعالى‪ ،‬والقوة يف رجائه �سبحانه‪ ،‬لأنه التواب الرحيم الغفور الودود‪.‬‬

‫‪150‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 150‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫«�س ّبوح ق ّدو�س رب املالئكة‬ ‫•جاء ذكر ا�سمه �سبحانه ُّ‬


‫(ال�س ُّبوح) يف �أذكار الركوع وال�سجود‪ّ :‬‬
‫والروح» (أخرجه مسلم)‪.‬‬
‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫• ُّ‬
‫و(ال�س ُّبوح)‪ :‬الذي ُي َنزَّه عن كل �سوء ‪ ،‬ومعنى �س ُّبوح‪ :‬املرب�أ من النقائ�ص وال�شريك‪ ،‬وكل‬
‫ما ال يليق بالإلهية‪.‬‬
‫وال�سبوح‪ :‬هو الذي ي�سبحه ويقد�سه وينزهه كل من يف ال�سماوات والأر�ض‪.‬‬ ‫• ّ‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫(ال�س ُّبوح)‪ :‬كرثة ذكره �سبحانه وت�سبيحه‬ ‫•الأثر الذي ين�ش�أ من الإميان با�سمه �سبحانه ُّ‬
‫وحتميده‪� ،‬آناء الليل‪ ،‬و�أطراف النهار‪ ،‬وال�شعور بالأن�س وال َّروح باالن�ضمام �إلى بقية العوامل‬
‫يف هذا الكون العظيم‪ ،‬التي ت�سبح اهلل ‪ ‬وت�سجد له‪ ،‬قال �سبحانه‪ }:‬ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ { [اإلسراء‪]44 :‬؛ لذا ي�شرع الثناء على اهلل ‪ ‬ودعائه بهذا اال�سم الكرمي‪.‬‬
‫•ما قيل يف الآثار الإميانية ال�سمه �سبحانه (القدو�س) ي�صلح �أن يكون هنا فلريجع �إليه‪.‬‬

‫‪151‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 151‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفصل التاسع‬

‫•قال اهلل تعالى‪ }:‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ { [الفرقان‪.]31 :‬‬


‫المعنى في حق اهلل ‪‬‬
‫•(الهادي) هو الذي َه َدى خلقه �إلى معرفته ور ُبوبيته‪ ،‬وهو الذي هدى عباده �إلى �صراطه‬
‫امل�ستقيم‪ ،‬ب�إنزال الكتب و�إر�سال الر�سل‪.‬‬
‫•وهو الذي َه َدى �سائر اخللق من احليوان �إلى م�صاحلها‪ ،‬و�ألهمها كيف تطلب الرزق‪،‬‬
‫وكيف تتقي امل�ضار واملهالك‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ { [طه‪.]50 :‬‬
‫ع الهداية أربعة‬
‫وأنوا َ‬
‫•أحدها‪ :‬الهداية العامة امل�شرتكة بني اخللق‪ ،‬املذكورة يف قوله تعالى‪ } :‬ﰐ ﰑ ﰒ‬
‫ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ {‪.‬‬
‫نج َدي اخلري ّ‬
‫وال�شر‪ ،‬وطريقي ال ّنجاة‬ ‫•النوع الثاني‪ :‬هداية البيان وال َّداللة‪ ،‬والتّعريف ِل ْ‬
‫ت�ستلزم الهدى التا ّم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والهالك‪ ،‬وهذه الهداية ال‬
‫•النوع الثالث‪ :‬هداية التوفيق والإلهام‪ ،‬وهي الهداية امل�ستلزمة لالهتداء‪ ،‬فال يتخ َّل ُف‬
‫عنها‪ ،‬وهي هلل وحده‪.‬‬
‫•ال ّنوع الرابع‪ :‬غاية هذه الهداية الهداية �إلى اجلنة‪ ،‬وما فيها من �ألوان النعيم ‪ -‬ن�س�أل‬
‫اهلل الكرمي من ف�ضله ‪.-‬‬
‫من آثار اإليمان بهذا االسم الكريم‬
‫•أو ًال‪ :‬حمبة اهلل ‪ ‬وتعظيمه والثناء عليه‪ ،‬حيث �أعطى كل �شيء خلقه‪ ،‬وهداه �إلى ما‬
‫ال بد منه يف ق�ضاء حاجاته‪ ،‬و�أعظم من ذلك هدايته �سبحانه لعباده‪ ،‬حيث �أنزل الكتب‬
‫و�أر�سل الر�سل؛ لبيان �سبل الهدى واحلق‪ ،‬والتحذير من طريق الغواية وال�ضالل‪.‬‬
‫•ثان ًيا‪ :‬ملا كانت هداية التوفيق والإلهام ال ميلكها �إال اهلل ‪ ،‬ف�إن هذا ي�شعر العبد بافتقاره‬
‫التام �إلى ربه �سبحانه يف طلب هذه الهداية والإعانة عليها‪.‬‬

‫‪152‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 152‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫• ً‬
‫ثالثا‪ :‬والهداية �أكرب نعمة ُي ْن ِعم بها (الهادي) �سبحانه على عبده؛ � ْإذ كل نعمة دونها زائلة‬
‫وم�ضمح َّلة‪ ،‬وبقدر هدايته تكون �سعادته يف الدنيا‪ ،‬وطيب عي�شه‪ ،‬وراحة باله‪ ،‬وكذا فوزه‬ ‫ِ‬
‫ودرجته يف الآخرة‪.‬‬
‫والأنبياء ‪� -‬صلوات اهلل عليهم‪ ،‬وهم �أكمل النا�س �إميا ًنا وهداية ‪ -‬كانوا ي�س�ألون اهلل تعالى‬
‫�أن يهديهم‪.‬‬
‫رابعا‪� :‬سعي امل�ؤمن �إلى �أن يكون هاد ًيا �إلى اهلل ‪ ‬و�إلى �صراطه امل�ستقيم‪ ،‬وذلك بن�شر‬ ‫• ً‬
‫العلم‪ ،‬والدعوة �إلى اهلل �سبحانه‪ ،‬و�إر�شاد النا�س �إلى احلق‪ ،‬وحتذيرهم من الباطل‪.‬‬

‫و�صلى اهلل على نبينا حممد و�آله و�صحبه و�سلم‪.‬‬

‫‪153‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 153‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


����� ������� ������.indd 154 1/19/15 10:52 AM
‫مختصر األسماء الحسنى‬
‫الفهرس‬

‫‪4‬‬ ‫تعريف بهذا المختصر‬

‫‪7‬‬ ‫المقدمة‬

‫‪15‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬األسماء التي تثمر محبة اهلل واألنس به‬

‫‪18‬‬ ‫(‪ )1‬اهلل ( جل جالله )‬


‫‪19‬‬ ‫(‪ )3،2‬الرحمن‪ ،‬الرحيم‬
‫‪22‬‬ ‫(‪ )5،4‬الكرمي‪ ،‬الأكرم‬
‫‪24‬‬ ‫(‪ )6‬الطيب‬
‫‪25‬‬ ‫(‪ )7‬الر�ؤوف‬
‫‪26‬‬ ‫(‪ )9،8‬اخلالق‪ ،‬اخلالق‬
‫‪28‬‬ ‫(‪ )10‬امل�ص ِّور‬
‫‪29‬‬ ‫(‪ )11‬البارئ‬
‫‪30‬‬ ‫(‪ )14،13،12‬الغفور‪ ،‬الغ ّفار‪ ،‬غافر الذنب‬
‫‪31‬‬ ‫(‪ )15‬املبني‬
‫‪32‬‬ ‫(‪ )16‬الرب‬
‫‪34‬‬ ‫(‪ )17‬احلميد‬
‫‪36‬‬ ‫(‪ )18‬احلق‬

‫‪39‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬األسماء التي تثمر التوكل على اهلل وقوة الرجاء والتعلق به‬
‫‪42‬‬ ‫(‪ )19‬اللطيف‬
‫‪44‬‬ ‫(‪ )20‬الفتّاح‬
‫‪46‬‬ ‫(‪ )21‬الودود‬
‫‪47‬‬ ‫(‪ )22‬امل ّنان‬
‫‪155‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 155‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفهرس‬

‫‪48‬‬ ‫(‪ )23‬الوا�سع‬


‫‪50‬‬ ‫(‪ )25،24‬الر ّزاق‪ ،‬الرازق‬
‫‪52‬‬ ‫(‪ )27،26‬احلافظ‪ ،‬احلفيظ‬
‫‪53‬‬ ‫(‪ )28‬املقيت‬
‫‪54‬‬ ‫احلي‬
‫(‪ّ )29‬‬
‫‪55‬‬ ‫(‪ )31،30‬املقدِّ م‪ ،‬امل� ِّؤخر‬
‫‪56‬‬ ‫(‪ )32‬ال�سيد‬

‫‪57‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬األسماء التي تثمر مراقبته والخوف منه‬

‫‪60‬‬ ‫(‪ )33‬الرقيب‬


‫‪61‬‬ ‫(‪ )34‬ال�سميع‬
‫‪62‬‬ ‫(‪ )37،36،35‬العليم‪ ،‬العامل‪ ،‬علاّ م الغيوب‬
‫‪64‬‬ ‫(‪ )38‬الب�صري‬
‫‪66‬‬ ‫(‪ )39‬املحيط‬
‫‪67‬‬ ‫(‪ )40‬ال�شهيد‬
‫‪68‬‬ ‫(‪ )41‬احل�سيب‬
‫‪69‬‬ ‫(‪ )42‬الد ّيان‬
‫‪70‬‬ ‫(‪ )44،43‬احلكيم‪ ،‬خري احلاكمني‬
‫‪72‬‬ ‫(‪ )47،46،45‬القدير‪ ،‬القادر‪ ،‬املقتدر‬

‫‪75‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬األسماء التي تثمر الصبر والرضا بحكمه‬

‫‪78‬‬ ‫(‪ )48‬احلكيم‬


‫‪80‬‬ ‫(‪ )49‬اخلبري‬
‫‪156‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 156‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫‪81‬‬ ‫(‪ )50‬الق ّدو�س‬


‫‪82‬‬ ‫(‪ )51‬ال�سالم‬
‫‪84‬‬ ‫(‪ )52‬امل�ؤمن‬
‫‪86‬‬ ‫(‪ )53‬اجلميل‬

‫‪87‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬األسماء التي تثمر الحياء منه والشكر له‬

‫‪90‬‬ ‫(‪ )54‬الكايف‬


‫‪91‬‬ ‫(‪ )55‬احل ِي ّي‬
‫‪92‬‬ ‫(‪ )57،56‬ال�شاكر‪ ،‬ال�شكور‬
‫‪93‬‬ ‫(‪ )59،58‬الوكيل‪ ،‬الكفيل‬
‫‪94‬‬ ‫(‪ )61،60‬القاب�ض‪ ،‬البا�سط‬
‫‪96‬‬ ‫(‪ )62‬املعطي‬

‫‪97‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬األسماء التي تثمر اإلجالل والتعظيم واألدب مع اهلل‬

‫‪100‬‬ ‫الرب‬
‫(‪ّ )63‬‬
‫‪102‬‬ ‫(‪ )65،64‬الظاهر‪ ،‬الباطن‬
‫‪103‬‬ ‫(‪ )66‬اجل ّبار‬
‫‪104‬‬ ‫(‪ )68،67‬القاهر‪ ،‬الق ّهار‬
‫‪105‬‬ ‫القوي‬
‫(‪ّ )69‬‬
‫‪106‬‬ ‫(‪ )70‬املتني‬
‫‪107‬‬ ‫(‪ )71‬العظيم‬
‫‪109‬‬ ‫(‪ )72‬املهيمن‬
‫‪110‬‬ ‫(‪ )73‬املجيد‬
‫‪157‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 157‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫الفهرس‬

‫‪111‬‬ ‫(‪ )74‬املتكب‬


‫‪112‬‬ ‫(‪ )75‬الكبري‬
‫‪113‬‬ ‫(‪ )76‬الوارث‬
‫‪114‬‬ ‫العلي‪ ،‬الأعلى‪ ،‬املتعال‬
‫(‪ّ )79،78،77‬‬
‫‪115‬‬ ‫(‪ )80‬العزيز‬

‫‪117‬‬ ‫الفصل السابع‪ :‬األسماء التي تثمر األخالق الكريمة‬

‫‪120‬‬ ‫(‪ )81‬اجلواد‬


‫‪122‬‬ ‫(‪ )82‬املح�سن‬
‫‪123‬‬ ‫(‪ )83‬العف ّو‬
‫‪124‬‬ ‫(‪ )84‬الوهاب‬
‫‪125‬‬ ‫(‪ )85‬ال�ستِّري‬
‫‪126‬‬ ‫(‪ )86‬الرفيق‬
‫‪127‬‬ ‫(‪ )87‬احلليم‬

‫‪129‬‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬األسماء التي تثمر سالمة القلب وطمأنينته‬

‫‪133‬‬ ‫الفصل التاسع‪ :‬األسماء التي تثمر االفتقار إلى اهلل وكثرة دعائه‬

‫‪136‬‬ ‫(‪ )89،88‬الويل‪ ،‬املولى‬


‫‪137‬‬ ‫(‪ )91،90‬الن�صري‪ ،‬خري النا�صرين‬
‫‪138‬‬ ‫(‪ )93،92‬الأول‪ ،‬الآخر‬
‫‪139‬‬ ‫(‪ )95،94‬الواحد‪ ،‬الأحد‬
‫‪140‬‬ ‫(‪ )96‬املجيب‬
‫‪158‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 158‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


‫مختصر األسماء الحسنى‬

‫‪142‬‬ ‫(‪ )97‬القريب‬


‫‪143‬‬ ‫(‪ )98‬الوتر‬
‫‪144‬‬ ‫(‪ )99‬ال�صمد‬
‫‪145‬‬ ‫(‪ )100‬الق ّيوم‬
‫‪146‬‬ ‫الغني‬
‫(‪ّ )101‬‬
‫‪147‬‬ ‫(‪ )102‬ال�شايف‬
‫‪148‬‬ ‫(‪ )105،104،103‬امللك‪ ،‬املليك‪ ،‬املالك‬
‫‪150‬‬ ‫(‪ )106‬التواب‬
‫‪151‬‬ ‫(‪ )107‬ال�سبوح‬
‫‪152‬‬ ‫(‪ )108‬الهادي‬

‫‪155‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪159‬‬

‫‪����� ������� ������.indd 159‬‬ ‫‪1/19/15 10:52 AM‬‬


����� ������� ������.indd 160 1/19/15 10:52 AM

You might also like