You are on page 1of 17

‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .

‬عزوز وهيبة حنان‬

‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي‪.‬‬


‫‪Virtual space, the redefinition of leader-ship theory‬‬

‫*(‪)1‬‬
‫د‪.‬عزوز وهيبة حنان‬
‫‪azzouz.777@hotmail.com‬‬
‫‪1‬جامعة وهران‪ ،‬أحمد بن بلة ‪1‬‬
‫تاريخ القبول للنشر‪2019/09/03 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪2019/06/30 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫إن تطور تكنولوجيات االتصال‪ ،‬ما كان له إال أن ينتج عاملا بديال للعامل التقليدي‬
‫الذي يعرفه األفراد‪ ،‬وذلك مبحاكاة الوجود والتفاعل‪ ،‬هذا الواقع اجلديد شكل تزاوجا بني‬
‫التقنية والعالئقية‪ ،‬ليجد األفراد أنفسهم حتت هوية جديدة وجسد آخر‪ .‬هذا ما أعاد‬
‫متحور بعض النظريات اليت ظهرت يف السياق التقليدي‪ ،‬من أمهها نظرية قادة الرأي من‬
‫خالل ظهور ما مسي بقائد الرأي ‪ .2.0‬وتكمن أمهية هذه الدراسة يف أهنا حاولت‬
‫اإلحاطة خبصائص قائد الرأي يف احمليط االفرتاضي املتميز بالشفافية واحلركية وانعدام‬
‫احلواجز املكانية ‪ ،‬خصائص جعلت من الفضاء االفرتاضي يعيد متحور العديد من املفاهيم‬
‫اليت يعترب النظر فيها حقل خصب للبحث والتنميق‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪:‬‬
‫الفضاء االفرتاضي؛ الفايسبوك‪ ،‬قائد الرأي؛ اجلماعات االفرتاضية؛ الويب‪.‬‬

‫‪Abstract: The internet brought about changes as never before,‬‬


‫‪affecting all domains of the human life. it creates an equivalent world , a‬‬
‫‪new space designed by the crossing of technology and personal‬‬
‫‪relationships, it gives immersion possibilities and a simulation of the‬‬
‫‪outside world, which allows the user to interact and move , speed‬‬

‫‪689‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬
‫‪connection helps simulate relationships , therefore the user makes links‬‬
‫‪easily, restfully and anonymously.‬‬
‫‪The user managed to abandon his physical body towards a new type of‬‬
‫‪body which is changeable and dynamic.‬‬
‫‪A version of the user will be made with time, including virtual body of‬‬
‫‪his choice, his information, activities and all the traces he has left in‬‬
‫‪various platforms and sites, will constitute his virtual identity.‬‬
‫‪This virtual space pushes to reconsider many theories like the leader-‬‬
‫‪ship theory.‬‬
‫‪Key words:‬‬
‫‪Virtual space; Facebook; Leader-ship; virtual group; web.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫لقد وجدت أشكال ومظاهر الفضاء العمومي منذ أن وجدت اجلماعات اإلنسانية‪،‬‬
‫ذلك أن التجمع واملناقشة يعتربان حتمية من حتميات عيش األفراد يف اجملتمع‪ ،‬إىل أن‬
‫جاءت مرحلة التنظري‪ ،‬وتسمية هذه املظاهر بالفضاء العمومي‪.‬‬
‫ولقد ساهم التطور اهلائل لوسائل اإلعالم واالتصال يف تغيري أشكال هذا الفضاء‪،‬‬
‫ذلك أن االنقالب اجلذري يف الوسيلة مهد لظهور دراسات حتاول فهم اجلمهور‪ ،‬معتمدة‬
‫على إدخال الكم يف التحليل‪ ،‬نذكر يف هذا السياق املدرسة اإلمربيقية اليت أفرزت العديد‬
‫من النظريات‪ ،‬منها ما مت جتاوزه أو نقده‪ ،‬ومنها ما شكل نظرة جديدة للعالقة املوجودة‬
‫بني اجملتمع‪ ،‬اإلعالم والفرد‪.‬‬
‫وتعترب نظرية قادة الرأي من بني النظريات اليت أحدثت ضجة‪ ،‬نظرا ملا جاءت به من‬
‫فهم للتأثري احملدث من طرف الوسيلة على اجلمهور‪ ،‬حيث تنطلق من أمهية قيام اجلماعة‬
‫على أفراد ال بد هلم أن يرتاضوا على قائد سواء كان ذلك شعوريا أو ال شعوريا‪ ،‬هذا ما‬
‫جيعله ميرر أفكاره بسهولة ألنه يتحلى بثقة كبرية‪ ،‬الفكرة نفسها ظهرت بشكل جديد مع‬
‫ظهور الفضاء االفرتاضي كفضاء عمومي خباصيات جديدة‪ ،‬وكحتمية للتطور يف ميدان‬

‫‪690‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫التكنولوجيا واالتصال‪ ،‬حيث اختفت اخلصائص املادية ليصبح حميطا افرتاضيا يتفاعل فيه‬
‫أفراد حقيقيون‪.‬‬
‫وتكمن أمهية هذه الدراسة يف أهنا حاولت اإلحاطة خبصائص قائد الرأي يف احمليط‬
‫االفرتاضي املتميز بالشفافية واحلركية وانعدام احلواجز املكانية‪ ،‬خصائصا جعلت من‬
‫الفضاء االفرتاضي يعيد متحور العديد من املفاهيم اليت يعترب النظر فيها حقال خصبا‬
‫للبحث‪ ،‬فعلى أي أساس يتشكل قائد الرأي وينشط يف الفضاء االفرتاضي؟ وهل ميكن‬
‫إسقاط أفكار نظرية قادة الرأي على هذا الفضاء اجلديد؟‬
‫تفرعت عن هذه اإلشكالية عدة تساؤالت‪:‬‬
‫‪ -‬ما الفرق بني الفضاء التقليدي والفضاء االفرتاضي احملاكي له؟‬
‫‪ -‬ما السمات اليت أعطاها السياق االفرتاضي لقائد الرأي؟‬
‫‪ -‬كيف أعاد الفضاء االفرتاضي متحور نظرية العالقات االجتماعية اليت ظهرت يف‬
‫سياق تقليدي مل يعرف األنرتنت؟‬
‫وقد تكونت هذه الورقة البحثية من احملور األول الذي حاولت الدراسة من خالله‬
‫حتديد أهم أفكار نظرية قائد الرأي ‪ ،‬أما احملور الثاين فقد خصص لإلحاطة باخلصائص‬
‫األساسية للفضاء االفرتاضي الذي جاء بنهاية املكان والزمن‪ ،‬ليأيت احملور الثالث الذي‬
‫حاولنا من خالله إسقاط ألفكار نظرية قائد الرأي على الفضاء االفرتاضي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نظرية قادة الرأي أو نظرية العالقات االجتماعية‪:‬‬


‫"يف األربعينات واخلمسينات‪ ،‬حددت السسيولوجيا الوظيفية لوسائل اإلعالم مسألة‬
‫التجديد يف اكتشاف عناصر وسيطة بني نقطة البدء ونقطة النهاية يف سريورة االتصال ‪،‬‬
‫وأعادت النظر يف املبدأ اآليل (لالسوال)‪ 1‬حول التأثري املباشر‪ 2"...‬بالتايل فقد شككت‬
‫يف فعالية منوذج احلقنة حتت اجللد‪ ،‬إذ توجه (الزارسفلد)‪ 3‬وزمالؤه (بريلسون( و)غودي)‬
‫إىل دراسة أوىل عام (‪ )1944‬حتت عنوان (إختيار الشعب) ‪the people‬‬
‫‪691‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫‪ choise‬لقياس تأثري وسائل اإلعالم على(‪ )600‬ناخب من (إيري كاونيت) يف‬


‫(أوهايو) ‪ ،‬خالل محلة انتخابية‪ ،‬ودراسة ثانية عام (‪ )1955‬حتت عنوان (التأثري‬
‫الشخصي) حول سلوك املستهلك يف عامل األزياء والرتفيه على عينة نسوية من (‪)800‬‬
‫إمرأة يف مدينة (ديكاتور)‪ ، 4‬هبذا خلص (الزارسفلد) و(كارتر) أن العالقات االجتماعية‬
‫غري الرمسية تقوم بدور أساسي يف حتديد الطريقة اليت يستجيب هبا الفرد جتاه‬
‫الرسالة‪" ،5"...‬كما ضمن (الزارسفلد) أحباثه يف كتابه موضحا اآلثار قصرية املدى اليت‬
‫تنجم عن وسائل االتصال‪ ،‬وأمهها وقتئذ الراديو‪...‬بعد حتديد موقف املستمع من وسيلة‬
‫االتصال‪.6"...‬‬
‫هذا ما مثل" مرحلة ثانية من مراحل االتصال اجلماهريي‪ 7"...‬ومنوذجا آخرا‬
‫لالتصال‪ ،‬حتت فكرة (انتقال املعلومة عرب مرحلتني) ‪ two step flow‬ليكون‬
‫بذلك قادة الرأي حلقات وصل بني وسائل اإلعالم ومجاعاهتم‪ 8‬ليتطور االتصال إىل‬
‫تعدد العوامل‪ ،‬ولرتسل الرسالة عرب عدة طرق‪ 9‬مستهدفة قادة الرأي الذين ينقلوهنا بدورهم‪،‬‬
‫ليظهر فعل القيادة أو السيطرة كعامل أساسي يف انتقال املعلومات‪ ،‬ذلك بارتباط قائد‬
‫الرأي ‪ leadership‬بالتسلط على مجاعة ما‪ ،10‬مع رضا أفرادها بذلك‪" ،‬من خالل‬
‫متكن فرد ما من ضبط مجاعة وتنظيمها"‪ 11‬وذلك بصفة معلنة أو إحيائية‪.‬‬
‫وميكن حتديد قائد الرأي‪ 12‬على أنه الشخص الذي وجد يف حالة معينة تسمح له‬
‫بالتأثري أو بتحويل سلوك اآلخرين حنو هدف معني‪ ،13‬على هذا األساس تنطلق نظرية‬
‫قائد الرأي أو نظرية العالقات االجتماعية‪ ،‬حيث " تعطي أمهية للعالقات االجتماعية‬
‫بني األفراد داخل مجاعة واحدة‪ ،‬أو حىت بني عدة مجاعات أولية‪ ،‬ذلك أن مجهور وسائل‬
‫اإلعالم ليسوا جمرد أفراد منعزلني ‪ ...‬لكنهم مرتابطني ببعضهم البعض يف احتادات‬
‫وعائالت ونواد‪ ،‬هذا ما أكدته الدراسات اليت أجريت على االنتخابات األمريكية‪ ،‬بعد‬
‫أن كان للمناقشات السياسية أثر كبري وأعلى على قرارات الناس من التعرض للمذياع‬
‫‪14‬‬
‫‪" ،‬فباستقبال قادة الرأي ملعلومات وسائل االتصال اجلماهريي‪ ،‬هم‬ ‫والصحافة‪"...‬‬
‫‪692‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫يقومون بنقل املعلومات إىل اجلمهور‪...‬حيث يقدمون شرح وتفصيل هلذه املعلومات‪ ،‬وال‬
‫يقتصرون على النقل ألهنم يقدمون آراء مغايرة وخمتلفة"‪ ،15‬كل هذا من خالل اجلماعات‬
‫واللقاءات غري الرمسية‪...‬هذا ما بني أن االتصال الشخصي بني األفراد أكثر فعالية من‬
‫وسائل االتصال اجلماهريي يف تغيري االجتاهات واملعتقدات‪" ، 16"...‬أما عن مجهور‬
‫وسائل اإلعالم فهو حسب النظرية " يبدي انتقائية ‪ selectivity‬يف االستخدام‬
‫‪ ...‬هذا ما حيد من قوة تأثري وسائل اإلعالم اجلماهريية‪.17"...‬‬
‫كما بينت العديد من الدراسات أن نوع قائد الرأي يف اجلماعة ‪ ،‬حيدد جمموع‬
‫سلوكياهتا العاطفية‪ ،‬االجتماعية والرمزية‪ 18‬ألنه يعرب عن روحها ولو لوقت قصري‪.‬‬
‫نفهم من هذا‪ ،‬أن وسائل اإلعالم اجلماهريية (حسب نظرية قادة الرأي أو نظرية‬
‫العالقات االجتماعية) تبث الرسائل اليت تصل إىل أشخاص (هلم قدرة على احلوار‬
‫واملناقشة) فيمرروهنا بدورهم إىل أفراد جتمعهم عالقات اجتماعية‪ ،‬هبذا املفهوم‪ ،‬كل‬
‫شخص ميكنه أن يكون قائد رأي يف وقت معني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الفضاء االفتراضي ‪ ،‬فضاء عمومي بخصائص جديدة‬


‫إن الفضاء العمومي‪ 19‬مبفهومه املتداول هو مكان مادي (ملموس) أو معنوي‬
‫(فقط)‪ ،‬يتم فيه التفاعل بني األفراد‪( ،‬مناقشة‪ ،‬حوار‪ ،)...‬حيث أعترب املفهوم إشكاال‬
‫مثريا لالهتمام منذ ثالثون سنة‪ ،‬ذلك أن املفهوم الطاغي يف الكتابات هو النقاش العام‬
‫املبين على الكالم بواسطة حجج واضحة ومنطقية‪.20‬‬
‫ويعود الفضاء العمومي بصفته التنظريية إىل (جرجان هابرماس)‪ 21‬مبعىن الفضاء‬
‫املتكون من أفراد متجمعون‪ ،‬يقومون بفعل ما أو يتكلمون عن قضية ما ‪ ،‬هذا ما ميكن‬
‫من التأثري يف القرار السياسي‪ 22‬ليندرج املفهوم ضمن إشكاليات املمارسة السياسية‬
‫التشاورية‪.23‬‬

‫‪693‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫ولقد وصف (هابرماس) الفضاء العمومي أنه جمموعة أفراد خاصني‪ ،‬متجمعني للتكلم‬
‫عن املصلحة العامة‪ ،‬الفكرة اليت ولدت يف أوروبا احلديثة‪ ،‬يف تشكل الفضاءات العمومية‬
‫الربجوازية اليت ناهضت احلكم املتسلط‪ ،‬وكانت هتدف إىل إعالم اجملتمع والنظام احلاكم‪،‬‬
‫وجعل هذا األخري مسؤول أمام اجملتمع‪ ،‬هذا من خالل اإلشهار النقدي الذي يقتضي‬
‫احلصول على معلومات ختص النظام احلاكم وذلك إلعادة النظر فيه ونقده برؤية الرأي‬
‫العام‪ ،24‬ليتطور التطرق إىل الفضاء العمومي عرب التاريخ‪ ،‬إذ خرج من نطاق السياسة‬
‫ليشمل أشكاال أخرى ‪ ،‬كما جتاوز طابع التخطيط ليصبح بإمكانه التكون دون تفكري‬
‫مسبق‪.‬‬
‫ولقد أقر البعض أمهية وجود شخص يف كل فضاء حيمل بعض الصفات املعنوية‪،‬‬
‫ختوله القدرة على التكلم والنقاش أكثر من بقية اجملموعة وبالتايل التأثري يف أفرادها‪ ،‬ليظهر‬
‫دور قادة الرأي الذين بفضل العالقات االجتماعية ميارسون تأثريا ما على بقية األفراد‬
‫سواء كان ذلك شعوريا أو ال شعوري‪.‬‬
‫وإذا كان الفضاء التقليدي يشري إىل وسط ثالثي األبعاد تقيم فيه الكائنات الفيزيائية‪،‬‬
‫فقد بدأ اإلنسان املعاصر بالتحول من الوسط الفيزيائي امللموس إىل الوسط الرقمي ذو‬
‫القوام املتخيل غري امللموس‪ ،‬ذلك أن امتياز هذا الفضاء املستحدث بتعدد األبعاد جيعله‬
‫بعيدا عن الفضاء الذي تعود الفرد العيش فيه‪ ،‬ويطرح مسألة فقدان القدرة على حتديد‬
‫املوقع احلقيقي ضمن هذه البيئة االفرتاضية ‪ ،25‬ليكون األنرتنت فضاء موازيا للعامل الذي‬
‫نعيش فيه‪ ،26‬إذ يعترب العامل االفرتاضي الذي خلقته من أعظم ما جاءت به التكنولوجيا‬
‫حيث يدخل املستخدم بصفة كبرية ضمن معامله‪ ،‬بواسطة التقنيات اليت متكنه من‬
‫االخنراط الكبري‪" ،‬هذه العوامل االفرتاضية ‪ virtual reality‬اليت تتألف مادهتا من بيئة‬
‫معلوماتية ذات فضاء ثالثي األبعاد‪...‬حتتوي على أكثر من مستخدم‪ ،‬يف ظل بيئة‬
‫تفاعلية ميكن االنتقال بني مواقعها اخليالية من دون وجود القيود اليت يفرضها الواقع‬
‫التقليدي"‪.27‬‬
‫‪694‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫وميكن تعريف العامل أو الفضاء االفرتاضي‪ ،28‬على أنه (أوال) قاعدة معلومات‬
‫تفاعلية قابلة لالكتشاف وللمشاهدة يف الوقت ذاته‪ ،‬على شكل صور ثالثية األبعاد‬
‫تعطي إحساسا بالنشاط احلقيقي‪ 29‬ذلك أهنا حماكاة تقنية‪ ،30‬وأنه (ثانيا) كل النشاطات‬
‫واهلويات الرقمية اليت خيلقها املستخدمون تعريفا ألنفسهم‪ ،‬حيث ينخرطون بواسطتها‪.‬‬
‫ونظرا خلاصيات التفاعل والتشارك ‪ ،‬ميكن القول أن الفضاء االفرتاضي هو فضاء‬
‫عمومي جديد مشرتك بني املستخدمني‪ ،31‬فهناك من يرى أن الويب ليس فضاء ملناقشة‬
‫الشعب أفكارهم فحسب‪ ،‬ولكن هو ظهور نوع جديد من أرسطوقراطية التعبري أوسع مما‬
‫هي عليه يف الفضاء العمومي التقليدي‪.32‬‬
‫من مت يتجلى لنا االختالف بني الفضاء العمومي التقليدي والفضاء العمومي‬
‫االفرتاضي‪ ،‬فإذا كان (هابرماس) قد عرف الفضاء العمومي أنه مكان تضارب املصاحل‬
‫اخلاصة يف خدمة املصلحة العامة‪ ،‬فنحن نشهد اختالط بني اخلاص والعام‪ ،‬ذلك أن‬
‫تدفق املعلومات وغزارهتا ضمن شبكة الويب‪ ،‬جعل من الفضاء العمومي يشهد فلسفة‬
‫جديدة حتتل التفاعلية مرتبة أساسية فيها‪ ،‬هذا ما أعطى طابع جديد للعالقات يف هذا‬
‫الفضاء الذي اختفت فيه احلدود بني العام واخلاص‪ ،33‬نظرا للتنوع والكثافة فكل موضوع‬
‫أصبح قابل للمناقشة حيث يبدي آالف املستخدمني آرائهم بكل حرية‪.‬‬
‫‪ -‬نهاية المكان والزمن‪:‬‬
‫إذا كان العامل التقليدي حيدد الظواهر واألحداث بإحداثياهتا يف املكان ويف زمن‬
‫معني‪ ،‬ال بد من القول أن الواقع االفرتاضي ينشط يف هناية املكان والزمن‪ ،‬أو يف هناية‬
‫داللتهما الفعلية كما نعرفها‪ ،‬حيث تشوشت احلدود بني الزمن والفضاء‪" ،34‬ويعد‬
‫املكان االفرتاضي مصطلحا حديث التداول الفكري‪ ،‬يقصد به كل ما له صلة بالفضاء‬
‫التخيلي بشقه املادي واملتمثل يف إبداع سبل جديدة يف هندسة تكنولوجيات االفرتاضي‪،‬‬
‫وبشقه االعتباري‪ ،‬يضم أنشطة عاملنا الواقعي املعتاد أو بإمكانه أن يضمها مع أشياء‬

‫‪695‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫جديدة أخرى" ‪ ،35‬كما يكمن البحث يف ماهية املكان والزمن االفرتاضي يف التفرقة‬
‫بينهما يف الواقع االفرتاضي وبني ما مها عليه يف الواقع امللموس (احلقيقي) ‪ ،‬ذلك أن‬
‫حماكاة احمليط اخلارجي فرضت نوعان من األمكنة‪ ،‬إذ ميكن لألفراد الوجود يف أمكنة‬
‫افرتاضية موجودة حقيقة ‪ ،‬متت حماكاهتا عن طريق تقنيات ثالثية األبعاد ‪ ،‬كما ميكنهم‬
‫الوجود يف أمكنة افرتاضية حمضة ال وجود هلا يف الواقع بل تستمد خصائصها من القوانني‬
‫احلقيقية ‪ ،‬لكنها غري حمددة بزمن معني‪ ،‬ليكون الزمن االفرتاضي زمنا دائما ومنسوبا إىل‬
‫اجملتمع األنرتنايت الذي ال ينام‪ ،‬لكن يبقى دائما مرتبطا بالزمن احلقيقي‪ ،‬ألن املستخدمون‬
‫هم أفراد يعيشون هذا الزمن نوعا ما‪ ،‬بالرغم من ذلك‪ ،‬فإن صورهتم على الويب حمكومة‬
‫بالطابع املستمر والدائم‪ ،‬لتبقى موجودة على املنصات بالرغم من خروجهم من الشبكة‪.‬‬
‫‪ -‬الجماعات االفتراضية‪:36‬‬
‫ظهر"مصطلح فضاء السايرب‪ ،‬الذي يصب يف معىن حماكاة الفضاء التقليدي بعالقاته‬
‫املتنوعة‪ ،‬والتفاعالت باالتصال اإللكرتوين التفاعلي‪ ،37‬والذي بلور شيء من مفهومه‬
‫(دانيال بل)‪ 38‬مصاحبا لعباراته (من االمكنة إىل الشبكة) ‪from places to‬‬
‫) ‪... ( network‬وكذلك مصطلحه اجملال اإللكرتوين الكوين ‪(global‬‬
‫)‪ électrosphère‬إضافة إىل مصطلحات أخرى مثل الوجود يف ال شيء‬
‫)‪ (being in nothingness‬والوجود يف مكان ما )‪(being elsewhere‬‬
‫‪...‬أو تعابري اجلرية االفرتاضية )‪ (virtual neighborhood‬واجملتمعات‬
‫االفرتاضية )‪ ،39"...(virtual societies‬واملصبة يف معىن البديل للمجتمع اإلنساين‬
‫بأفراده ومجاعاته والتفاعالت اليت تتم من خالهلا‪ ،‬وإن توسيع الشبكات ينبئ بأشكال‬
‫جديدة من التفاعالت االجتماعية متي زها ذاكرة مجاعية ذكية‪ ،‬يف الفضاءات التفاعلية‬
‫االفرتاضية‪.40‬‬
‫ويعد (هاورد رينجولد)‪ 41‬أول من أشار إىل مصطلح اجملتمعات االفرتاضية يف كتابه‬
‫(اجلماعات االفرتاضية)‪ ،‬حيث يقر حبدوث فيها ما حيدث يف الواقع من تفاعالت‪،‬‬
‫‪696‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫بالتايل "فهذا التعبري التكنولوجي التفاعلي ‪...‬حيدث تفاعال بشريا آليا من خالل هذا‬
‫الفضاء‪ ،‬وعقليا‪ ،‬نفسيا واجتماعيا‪ ،‬مبختلف احلواس اإلنسانية وكذلك اآللية ‪ ،‬إذ‬
‫يتشكل جمتمع األنرتنت من اجلماعات البشرية يف عالقاهتم ببعضهم‪ ،‬مبختلف اخلصائص‬
‫اليت تفرضها هذه البيئة اإلنسانية اآللية‪ ،42"...‬ذلك أن العامل االفرتاضي مفعل ومنشط‬
‫من طرف جمموعة أفراد يشاركون فيه ويقومون مبختلف أنشطتهم من خالله‪" ،‬ففي مقال‬
‫بعنوان – العوامل االفرتاضية‪ ،‬دعوة إلستطان الفضاء السايبريي‪ -43‬تذكر اجلماعات‬
‫االفرتاضية أهنا مظاهر من مظاهر استطان الفضاءات السايبريية‪ ،‬من خالل خربات‬
‫( نص‪ ،‬صورة‪ )...‬إىل اجلانب الشعوري (ثالثي‬ ‫التواصل‪ ،‬من اجلانب النظري‬
‫األبعاد)‪.44"...‬‬
‫وبتغيري العالقات االفرتاضية عنصرا الزمن واملكان‪ ،‬اللذان تكلمنا عنهما سابقا‪،‬‬
‫شكلت جمتمعا افرتاضيا متشابكا ومعقدا‪ ،‬حيث أشار البعض أن اجلماعات االفرتاضية‬
‫يف األنرتنت خلقت نوعا جديدا من العالقات معدومة السياق املكاين والزمين‪ ،‬فإذا‬
‫كانت اجلماعات تتأسس على الوجود املادي يف مكان معني‪ ،‬ففي ظل الشبكات فإهنا‬
‫أصبحت تتأسس على خاصية واحدة وهي التخيل (أي ختيل التجمع)‪ ،45‬حيث سامهت‬
‫اجلماعات االفرتاضية )‪ (virtual community‬يف تشكيل عالقات تتجاوز‬
‫اإلطار املكاين بظهور نوع جديد من التفاعل اإلنساين‪" ،‬مل تعد تلعب حدود اجلغرافيا‬
‫والزمن دورا فيه‪ ،‬إذ يستطيع املستخدم أن جيد من يتواصل معه على مدار الساعة"‪.46‬‬
‫‪ -‬تالشي الجمهور العنصر األساسي في البحوث األولى‬
‫لعل من أهم التأثريات اليت جاء هبا الويب التحول اجلذري ملفهوم اجلمهور‪ ،‬وانتهاء‬
‫عهد املتلقي السليب‪ ،‬إىل حد أن هناك من يتحدث عن هناية اجلمهور ‪ ،‬هذا األخري‬
‫الذي وصف يف أول البحوث أنه "موجود يف كل مكان لكنه غري مرئي‪ ،‬إذ يتم ختيله قبل‬
‫خماطبته‪ ،‬ألنه فكرة تتمثل يف الالشيء اهلائل"‪ 47‬لتتالشى هذه املخاطبة مع هناية العالقة‬

‫‪697‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫العمودية‪" ،‬فنتكلم اليوم عن إعالم النحن‪ ،‬من خالل ظاهرة التدوين وهناك من يتحدث‬
‫عن اعالم اجلماهري كمقابل و كبديل لإلعالم اجلماهريي"‪.48‬‬
‫هذا ما أدى إىل انتقال البحوث الرامية إىل دراسة تأثري وسائل اإلعالم واالتصال على‬
‫اجلمهور من النظر يف األثر املرتبط مبخطط القائم باالتصال وهدفه احملدد سابقا‪ ،‬إىل‬
‫التنبؤ بآثار التعامل مع الوسيلة اجلديدة‪ ،‬ذلك أن املضمون مل يعد يهم بقدر االستخدام‪،‬‬
‫إذ نظر (مارشال ماكلوهان)‪ 49‬إىل التاريخ مبوقف "احلتمية التكنولوجية‪ ،‬اليت ترى أن‬
‫االخرتاعات التكنولوجية‪ 50‬املهمة هي اليت تؤثر تأثريا أساسيا على اجملتمعات"‪ 51‬وأن‬
‫" الوسيلة هي اليت تشكل وتتحكم يف مقياس نشاط الناس وعالقاهتم ببعضهم البعض‪،‬‬
‫فمن مميزات الوسائل أن مضموهنا خيفي طبيعتها‪ ،‬وإن فكرة الوسيلة هي الرسالة تستند‬
‫إىل أن وسائل نقل املعلومات تؤدي إىل التأثري على السلوك البشري بغض النظر عن‬
‫‪52‬‬
‫الرسالة‪"...‬‬
‫وإن التحول البالغ الذي شهده االستخدام جعل من التلقي والتأثري يتسم خبصائص‬
‫العصر احلايل‪ ،‬وإذا كانت نظرية قائد الرأي قد صيغت يف سياق خاص هبا‪ ،‬حيث‬
‫توسطت حبوث االتصال اجلماهريي‪ ،‬وشككت يف القوة احلامسة لوسائل اإلعالم‬
‫اجلماهريي‪ ،‬معطية (أثناء اعتبار الراديو والتلفزة يف قمة الوسائل املؤثرة على اجلمهور)‬
‫أمهية بالغة للعالقات االجتماعية القائمة بني األفراد يف اجلماعات غري الرمسية‪ ،‬فإن التطور‬
‫الكبري الذي حلقت به تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬قد غري التعرض هلذه الوسائل‬
‫والتعامل معها يف الفضاء االفرتاضي الذي حيتوي على عالقات اجتماعية افرتاضية‪ ،‬هذه‬
‫العالقات تستلزم وجود قادة رأي كشرط لتفاعل أفراد مجاعة ما‪ ،‬ميكن تسميتهم (قادة‬
‫الرأي ‪.)2.0‬‬

‫ثالثا ‪ :‬قائد الرأي في الفضاء االفتراضي‬

‫‪698‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫تركز نظرية قائد الرأي على العالقات االجتماعية غري الرمسية‪ ،‬هذه العالقات تكون‬
‫وجها لوجه يف الفضاء املادي حيث يرى األفراد بعضهم البعض فتلعب احلركات اجلسدية‬
‫واإلماءات دورا هاما يف االتصال‪ ،‬أما يف الفضاء االفرتاضي فتتحول العالقات‬
‫االجتماعية إىل الكثرة‪ ،‬الغزارة ‪ ،‬الشفافية وعدم ثبوت األفراد هبوياهتم احلقيقية‪ ،‬هذا ما أثر‬
‫يف منط هذه العالقات‪ ،‬ذلك أن االتصال ليس نفسه يف الفضائني‪.‬‬
‫كما يشري منوذج (الزارسفلد) االتصايل إىل أن الرسالة متر من املصدر عرب القناة‪،‬‬
‫ليستقبلها قادة الرأي الذين يلتقون جبماعاهتم لينقلوهنا بدورهم إىل األفراد الذين يتأثرون‬
‫هبم يف الفضاء املادي‪ ،‬ليبطل املخطط أو النموذج التقليدي لالتصال يف الفضاء‬
‫االفرتاضي‪ ،‬ذلك أن اإلعالم اجلديد "هو إعالم غري وسيط يعترب الكل فيه مستقبل‬
‫ومرسل بعكس اإلعالم التقليدي‪ 53"...‬فاختالط األدوار وغزارة املضامني وتشعبها جتعل‬
‫من الصعب معرفة مراحل التأثري‪ ،‬ذلك أن سهولة االستخدام مكنت الكل من النشر‪،‬‬
‫كما أن فلسفة التشارك جعلت من مستخدمي الشبكات كلهم قادة رأي يف زمن معني‪.‬‬
‫كما تشري النظرية إىل أن قائد الرأي هو شخص له القدرة أكثر من غريه على التأثري‪،‬‬
‫لتتالشى هذه الفكرة يف الشبكات االفرتاضية ذلك أن السلطة ال ميتلكها شخص واحد‪،‬‬
‫وقد يرجع ذلك أساسا إىل طابع اهلويات اجملهولة الذي ساوى بني كل املستخدمني فهم‬
‫غري مهمني بقدر ما يهم ما ينشرونه‪.‬‬
‫أما عن مهمة التوجيه اليت يتميز هبا قائد الرأي‪ ،‬فقد تالشت كذلك يف الشبكات‬
‫الرقمية‪ ،‬حيث يقوم البعض خبلق صفحات على شبكة الويب‪ ،‬كما يعطوها إمسا ووصفا‬
‫دقيقا ميكنهم من استقطاب املستخدمني الذين يشاركوهنم بعض االهتمامات حيث‬
‫يلتحقون باجلماعة ليكون هلم احلرية يف املناقشة والرد‪ ،‬هذا ما جيعل من سيطرة القائمني‬
‫باجلماعات نسبية أو منعدمة‪.‬‬
‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬تشري النظرية إىل الفرتة احملدودة اليت يتميز هبا قائد الرأي قبل أن‬
‫تتنحى سيطرته الفكرية على اجلماعة يف الفضاء العادي‪ ،‬أما يف الشبكات االفرتاضية اليت‬
‫‪699‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫متثل فضاء موازيا‪ ،‬فتزيد سرعة تالشي قائد الرأي‪ ،‬حيث ميكن ألي مستخدم أن يكون‬
‫قائد رأي خالل دقائق ‪ ،‬ألنه نشر موضوعا استقطب به مهتمني ليخلق يف تلك اللحظة‬
‫فضاء عموميا يعلقون ويناقشون فيه‪ ،‬لكن التلف السريع الذي مييز املعلومة يف الويب‬
‫جيعل من املوضوع سريع النسيان‪ ،‬ليحل حمله موضوع آخر نشره مستخدم آخر مما يستلزم‬
‫فضاء عموميا آخرا‪.‬‬
‫جاءت نظرية قائد الرأي يف سياق خيتلف متاما عن السياق احلاضر‪ ،‬أين كان قائد‬
‫الرأي يتشكل يف الفضاء العمومي على أساس الثقة اليت حيس هبا األفراد جتاهه أما يف‬
‫السياق االفرتاضي ونظرا للهوية اجلديدة‪ ،‬تتالشى الثقة لتحل حملها الصدفة فقط‪ ،‬فعندما‬
‫يعلق املستخدمون على موضوع نشره أحد أصدقاءهم‪ ،‬هذا ال يعين أهنم يثقون به‪ ،‬بل‬
‫يهتمون ويعج بون باملوضوع‪ ،‬أو صادفهم فقط لذلك فقد شكلوا فضاء عموميا سوف‬
‫ينتهي بسرعة‪.‬‬
‫إن الفضاء االفرتاضي ميكن املستخدم من احلضور يف عدة مجاعات يف الوقت ذاته‪،‬‬
‫لتكون اجلماعة االفرتاضية فضاء عموميا‪ ،‬وكل ما ينشر فيها فضاءات جديدة يشارك فيها‬
‫املستخدم ويناقش بصفة خمتلفة‪ ،‬لتخلق فضاءات عمومية حمتواة يف فضاءات عمومية‬
‫أخرى‪ .‬وإن مناقشة حمتوى ومضامني وسائل اإلعالم بني األفراد الذي تكلمت عنه‬
‫النظرية‪ ،‬فنلمسه يف الفضاء االفرتاضي بشكل آخر‪ ،‬حيث ينشر املستخدمون املواضيع‬
‫والصور املأخوذة من الصفحات الرمسية للوسائل اإلعالمية ويتم مناقشتها ونقدها‪ ،‬هذا ما‬
‫يعزز هذه الرسائل يف بعض األحيان‪.‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫بعد أن حاولنا إسقاط أفكار نظرية قادة الرأي على جمموعة افرتاضية تنشط يف حميط‬
‫افرتاضي متميز بالالمادية‪ ،‬ميكن القول أن الفضاء االفرتاضي يبقى امتدادا للفضاء‬
‫العمومي التقليدي‪ ،‬ألنه يشاركه العديد من النقاط‪ ،‬فاألفراد املتفاعلني يف األنرتنت هم‬

‫‪700‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫أفراد حقيقيون لكنهم متباعدون‪ ،‬والعالقات اليت يربطوهنا مبنية على أسس خمتلفة تشبه‬
‫العالقات احلقيقية يف الفضاء العمومي‪.‬‬
‫كما أن اجلماعة مهما كان نوعها (افرتاضية أو حقيقية) تستلزم وجود قائد رأي‪ ،‬هذا‬
‫األخري ختتلف مظاهره يف الفضاء االفرتاضي ألنه شفاف‪ ،‬ال يهم بقدر ما هتم املعلومات‬
‫اليت ينشرها ‪ ،‬ونظرا لطابع السرعة والكثافة‪ ،‬فقائد الرأي هو سريع التالشي حمدود التأثري‬
‫واهليمنة‪ ،‬أما عن تدفق املعلومات عرب مرحلتني اليت اقرتحتها النظرية‪ ،‬فهي فكرة متجاوزة‪،‬‬
‫ذلك أن اختالط األدوار بني املرسل واملستقبل أنتج مراحال عدة لتدفق املعلومات دون‬
‫نفي أنه من ميتلك مكانة على الشبكات الرقمية االجتماعية له القدرة على التأثري أكثر‬
‫من غريه‪.‬‬
‫ولقد ظهرت نظرية قادة الرأي يف وقت كان اجلمهور فيه متماسكا‪ ،‬حيث كان‬
‫يعتقد أن وسائل اإلعالم اجلماهريي هلا القدرة التامة يف التأثري‪ ،‬بالتايل أعطت نظرة‬
‫جديدة مفادها أن اجلمهور يتكون من مجاعات تتميز عن بعضها ‪ ،‬هذه اجلماعات‬
‫تستهدف كل واحدة على حدى‪.‬‬
‫أما يف عصر التكنولوجيا اجلديدة‪ ،‬فرتاجعت فكرة اجلماهريية‪ ،‬ومال اجملتمع إىل‬
‫الالمجهرة‪ ،‬لتبدأ اجلماعات يف التفتت إىل مجاعات أصغر وحىت إىل أفراد منعزلني‪ ،‬حيث‬
‫أصبح كل مستخدم فريدا يف تعامله مع املعلومات‪ ،‬هذا ما حول مفهوم قائد الراي إىل‬
‫سياق آخر‪ ،‬يف ظل جمتمع تسوده العاملية‪ ،‬هذا اجملتمع أصبح عامليا ليس ألن العالقات‬
‫تدور يف (قرية عاملية) لكن ألن كل مستخدم أصبح (عاملا) لنفسه‪.54‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ )1902 -1978( Harold Lasswell 1‬باحث أمريكي ومنظر يف االتصال السياسي‪.‬‬


‫‪ 2‬أرمان‪ ،‬ميشال ماتالر ‪ ،‬تاريخ نظريات االتصال‪ ،‬ترمجة نصر الدين العياضي‪ ،‬الصادق رابح‪ ،‬دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،2008 ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪701‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫‪ )1976 -1901( Paul Felix Lazarsfeld 3‬سسيولوجي أمريكي من أصل منساوي وعامل رياضيات ‪ ،‬ولد‬
‫يف فيينا‪ ،‬شارك يف أول مسح علمي على مستمعي الراديو عام ‪ ،1930‬اشتغل يف األحباث االجتماعية يف جامعة‬
‫نيويورك وكولومبيا‪.‬‬
‫‪ 4‬أرمان‪ ،‬ميشال ماتالر‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 47‬‬
‫‪ 5‬حممود خوالدة‪ ،‬حسني العموش‪ ،‬علم النفس السياسي واإلعالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬احلامد ‪ ،‬األردن ‪ ،2009 ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ 6‬عبد العزيز شرف‪ ،‬مناذج االتصال‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪ ،‬مصر ‪ ،2003 ،‬ص‪. 25‬‬
‫‪ 7‬عطا اهلل الرحمني‪ ،‬حممد العدوان‪ ،‬اإلعالم والنظريات االجتماعية‪ ،‬احلامد ‪ ،‬األردن‪ ،2014 ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Gustave Ficher, les concepts fondamentaux de la psychologie‬‬
‫‪sociale, Dunod, Paris, 2005, p 176.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Thierry Paquot , l’espace public , la découverte , Paris, 2009, p 6.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Le petit Larousse 2010 , Hachette, Paris, 2009, p 582.‬‬
‫‪ 11‬خليل أمحد ‪ ،‬مفاتيح العلوم اإلنسانية‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بريوت‪ ،1989 ،‬دون صفحة‪.‬‬
‫‪ 12‬القائد يف الفرنسية ‪( leader‬كلمة مأخوذة من اإلجنليزية) تعين شخص على رأس حركة‪ ،‬حزب أو مجاعة‪.‬‬
‫‪(Le petit Larousse 2010, op.cit, p 582).‬‬
‫وتعين كلمة ‪( lead‬القيادة) ممارسة سيطرة ما أو تأثري ما‪.‬‬
‫‪(Websters ninth new collegiate dictionary, Springfield, USA, 1982, p‬‬
‫‪679).‬‬
‫قائد الرأي ‪ leader d’opinion- leadership‬شخص يقود األتباع‪ ،‬القابلين بوحي إرادتهم‬
‫لدوره كزعيم‪.‬‬
‫‪(Zaki Badawi, dictionary of mass communication, Dar el kitab, Beirut,‬‬
‫‪1975, p 94).‬‬
‫ويف هذه الدراسة (قائد الرأي) هو مستخدم ميارس تأثريا ولو قصري املدى عرب الشبكات الرقمية االجتماعية‪ ،‬ويوجه‬
‫رأي البقية يف الفضاء االفرتاضي‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Ahmed Channouf, les influences inconscientes, Armand Colin,‬‬
‫‪Paris, 2005, p184.‬‬
‫‪ 14‬سامي ختاتنة‪ ،‬أمحد عبد اللطيف‪ ،‬علم النفس اإلعالمي‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬عمان‪ ،2010 ،‬ص‪. 92‬‬
‫‪ 15‬جمد اهلامشي‪ ،‬اإلعالم املعاصر وتقنياته احلديثة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار املناهج‪ ،‬األردن‪ ،2016 ،‬ص ص ‪. 21، 20‬‬
‫‪ 16‬عبد الرحيم درويش‪ ،‬مقدمة إىل علم االتصال ‪ ،‬ط‪ ،1‬عامل الكتاب‪ ،‬مصر‪ ،2012 ،‬ص‪.194‬‬
‫‪ 17‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪18‬‬
‫‪Jean Claude Abric, psychologie de la communication, 3 ed,‬‬
‫‪Armand Colin, Paris, 2008, p 85‬‬
‫‪ 19‬الفضاء يف الفرنسية ‪ espace‬من الالتينية ‪ spartium‬مساحة غري حمددة حتتوي على األشياء وحتيط هبا‪.‬‬
‫‪(Le petit Larousse, op.cit, p 385).‬‬

‫‪702‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫أما العمومي هو يف الفرنسية ‪ publique‬من الالتينية ‪ publicus‬يعين ملك للجميع‪ ،‬أو خيص الكل‪.‬‬
‫‪(Le Littré, Hachette, Paris, 2000, p 1337).‬‬
‫بالتايل الفضاء العمومي هو مكان ملناقشة وتقابل اآلراء‪.‬‬
‫‪(Thierry Paquot, op.cit, p3).‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Vincent Berdoulay, l’espace public à l’épreuve, MSHA, France,‬‬
‫‪2004, p p 9,11‬‬
‫‪ )1929( Jürgen Habermas 21‬فيلسوف وباحث أملاين‪ ،‬من رواد مدرسة فرانكفورت‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪Peter Dehlgren, l’espace public à l’heure d’internet, réseaux,‬‬
‫‪Hermès, Paris, n 32, 2001, p 74.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪Catherine Neveu, espace public et engagement politique,‬‬
‫‪l’harmattan, Paris, 1999, p 20.‬‬
‫‪ 24‬خلص (آالن لوتورنو) كتابات (هابرماس) حول الفضاء العمومي‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪( http://agora.qc/dossiers/espace-public -04/09/2018- 20 :00).‬‬
‫‪ 25‬حسن الرزو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪. 81،86‬‬
‫‪26‬‬
‫‪Boris Beaude, internet , changer l’espace, changer la société, FYP ,‬‬
‫‪France, 2012, p 209.‬‬
‫‪ 27‬حسن الرزو‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪" 28‬كانت احملاولة األوىل إليداع اصطالح الفضاء املعلومايت ‪ ، cyberspace‬يف املعاجم على يد أحد كتاب‬
‫اخليال العلمي ( وليام جيبسون) عام ‪."1994‬‬
‫(حسن الرزو‪ ،‬الفضاء املعلومايت‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،2007 ،‬ص ‪.)86‬‬
‫كما يرجع لفظ ‪ virtual‬إىل اليوناين ‪ virtualis‬املستعمل من طرف (أرسطو) ألول مرة‪ ،‬للداللة على حالة غري‬
‫مادية وغري ملموسة بإمكاهنا التحقق‪.‬‬
‫‪(Stéphane Vial, l’être et l’écran, 1ed, PUF, France, 2013, p 152).‬‬
‫والفضاء االف رتاضي هو املكان الذي يقوم على املناقشة والتواصل بطريقة غري ملموسة‪ ،‬يعتمد على األنرتنت ومواقعها‬
‫التفاعلية‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪Titiou Lecoq, Diane Lisarelli, encyclopedie de la web culture,‬‬
‫‪Robert Laffont, France, 2011, p 104‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Stéphane Vial, op.cit, p 159‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Jean Paul Lafrance, Dominique Wolton, critique de la société de‬‬
‫‪l’information, Hermès, Paris, 2009, p 106.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪Ghillaume Gazeaux, odyssée 2.0, Armand Colin, Paris, 2014, p 119.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪Jean Paul Lafrance, op.cit, p 108.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪Isabelle Jonveaux, dieu en ligne, expériences et pratiques religieuses‬‬
‫‪sur internet, Bayard, France, 2011, p 221.‬‬

‫‪703‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫‪ 35‬رضوان بلخريي‪ ،‬مدخل إىل اإلعالم اجلديد‪ ،‬املفاهيم‪ ،‬الوسائل والتطبيقات‪ ،‬ط‪ ،1‬جسور‪ ،‬اجلزائر‪ ،2014 ،‬ص‬
‫‪.29‬‬
‫‪ 36‬يشري مصطلح المجتمع المحلي )‪ ( community‬إىل مجاعة من الناس يقيمون يف منطقة جغرافية حمددة‪،‬‬
‫وبينهم قدر ملحوظ من التفاعل االجتماعي‪ ،‬ولديهم إحساس بالعضوية املشرتكة أو باالنتماء املشرتك‪ ،‬الذي ال يقوم‬
‫على جمرد روابط القرابة الدموية فحسب‪ ،‬وقد يرتكز اإلحساس بالعضوية عندهم على رابطة روحية تضم جمموعة من‬
‫القيم أو املعتقدات‪ ،‬األمر الذي يشري إىل أن اجملتمع احمللي ميكن أن يقوم دون وجود مكان إقامة مشرتك‪.‬‬
‫( طلعت إبراهيم لطفى‪ ،‬مدخل إىل علم االجتماع ‪ ،‬ط‪ ،3‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص ‪.)257‬‬
‫ومع القضاء على احلدود اجلغرافية أصبحت اجملتمعات احمللية االفرتاضية )‪ (virtual community‬تعين‬
‫اجملموعات اليت تنشأ على الشبكات واليت يشرتك أفرادها يف فكرة أو هدف معني‪.‬‬
‫‪ 37‬محدي بشري‪ ،‬ظاهرة اإلعالم االجتماعي وأبعادها االقتصادية واألمنية يف العامل العريب‪ ،‬ط ‪ ،1‬أمواج‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص ‪. 23‬‬
‫‪ )2011 -1919( Daniel Bell 38‬سسيولوجي أمريكي‪.‬‬
‫‪ 39‬علي حممد رحومة‪ ،‬األنرتنت واملنظومة التكنو‪ -‬اجتماعية‪ ،‬حبث حتليلي يف اآللية التقنية لالنرتنت ومنذجة منظومتها‬
‫االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،1‬دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت ‪ ، 2005 ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪40‬‬
‫‪T. Rist, J . Martin, on the signe of intelligent memory function for‬‬
‫‪virtual meeting places, examining potential benefits and requirements, le‬‬
‫‪travail humain, tome 63, n 3, France, 2000, p 203.‬‬
‫‪ )1947 ( Haward Rhingold 41‬ناقد وكاتب أمريكي‪ ،‬إختص يف دراسة عالقة اإلنسان بالتكنولوجيا‬
‫اجلديدة لالتصال‪.‬‬
‫‪ 42‬علي حممد رحومة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 242‬‬
‫‪ 43‬مقال لسهيل زخور‪ -‬أنظر‪:‬‬
‫( صاحل أبو أصبع‪ ،‬إسرتاتيجيات االتصال وسياساته وتأثرياته‪ ،‬دار جمدالوي‪ ،‬عمان‪ ،2005 ،‬ص ‪.)217‬‬
‫‪ 44‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪. 218 ،217‬‬
‫‪45‬‬
‫‪Franck Rebillard, le web 2.0 en perspective, une analyse socio-‬‬
‫‪économique de l’internet, l’harmattan, Paris, 2007, p 24.‬‬
‫‪ 46‬رضوان بلخريي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ 47‬ستيفن كوملان‪ ،‬كارين روس‪ ،‬اإلعالم واجلمهور‪ ،‬ترمجة صباح حسن‪ ،‬عادل يوسف‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الفجر ‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ص ‪.18 ،17‬‬
‫‪ 48‬عبد العزيز الشريف‪ ،‬اإلعالم اإللكرتوين‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار يافا‪ ،‬األردن ‪ ،2014 ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ )1980 -1911( Marshall Mcluhan 49‬مفكر كندي وسسيولوجي‪ ،‬منظر يف علوم االتصال‪ ،‬من‬
‫مؤسسي األحباث املعاصرة حول وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪704‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬
‫الفضاء االفتراضي‪ ،‬إعادة النظر في نظرية قادة الرأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د‪ .‬عزوز وهيبة حنان‬

‫‪" 50‬يرجع أصل لفظ تكنولوجيا إىل )‪ (technology‬املشتقة من الالتينية )‪ ( techne‬لتعين فن أو مهارة‪ ،‬و‬
‫)‪ (logy‬املأخوذة من )‪ (logos‬وهي العلم أو الدراسة‪...‬معىن الكلمة كلها‪ :‬علم الوسيلة‪...‬وهي توظيف العلم‬
‫خلدمة خمتلف نواحي احلياة التطبيقية‪."...‬‬
‫(عمر عباس إبن تاج‪ ،‬تكنولوجيا اإلعالم واالتصال يف املؤسسة االقتصادية اجلزائرية‪ ،‬سلسلة األطروحات‪ ،‬مصر ‪،‬‬
‫‪ ، 2014‬ص‪.)13‬‬
‫وتعرف أهنا " العلوم التطبيقية‪ ،‬علم التقنية"‪.‬‬
‫‪(The Alkilani dictionary of computer and internet terminology, 1ed,‬‬
‫‪library of Lebanon, Lebanon, 2004, p 747).‬‬
‫ويشري قاموس (الروس) أن )‪ ( technologie‬هي علم األدوات واآلالت والتقنيات‪ .‬أو جمموع املعارف‬
‫واملمارسات املبنية على أسس علمية‪.‬‬
‫‪(Le petit Larousse, op.cit, p 995).‬‬
‫بالتايل فالتكنولوجيا هي األدوات واآلالت (احلديثة خاصة) اليت تستعمل يف جمال معني‪ ،‬مثال النانو‪-‬تكنولوجيا أي‬
‫تكنولوجيا كل ما هو غري مرئي بالعني اجملردة‪.‬‬
‫ونعين بالتكنولوجيا يف هذه الدراسة كل ما يتعلق باألجهزة التفاعلية ومتعددة االستخدامات وخمتلف األدوات‬
‫والتطبيقات اليت قربت املستخدم من الواقع االفرتاضي يف جانبه العالئقي‪.‬‬
‫‪ 51‬علي عبد الفتاح‪ ،‬نظريات االتصال احلديثة‪ ،‬دار األيام‪ ،‬عمان‪ ،2015 ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ 52‬برهان شاوي‪ ،‬مدخل إىل االتصال اجلماهريي ونظرياته‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكندي‪ ،‬عمان‪ ،2014 ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪ 53‬مالفي عبد القادر ‪ ،‬توايت فاطمة‪ ،‬الفضاء العمومي واإلعالم اجلديد‪ ،‬الصورة واالتصال‪ ،‬عدد ‪ ، 6، 5‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص ‪.30‬‬
‫‪54‬‬
‫‪Philipe Breton, le culte d’internet, ed Casbah, Alger, 2004, p 105.‬‬

‫‪705‬‬ ‫محلة قبس للدراسات االنسانية واالجتماعية ‪ ،‬المجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ، 02‬ص ص ‪ ، 705-689‬ديسمبر ‪2019‬‬

You might also like