Professional Documents
Culture Documents
إعداد
د .أنطون جرجس عبد املسيح
القاهرة – نوفمرب 2023م
الفهرست
اآلبائ اإلسكندري 1.......................................
ي مونارخية اآلب يف الالهوت
العالمة كليمندس اإلسكندري 1..........................................................
اآلب هو علة االبن 1 ...........................................................................
العالمة أوريجينوس اإلسكندري 5.......................................................
االبن يأخذ من اآلب ما هو عليه 5 ...........................................................
اآلب هو بداية االبن 6 .........................................................................
االبن يأخذ كيانه من اآلب بال بداية أو زمان 7 .............................................
اآلب هو مبدأ ومصدر االبن والروح القدس8 .............................................
اآلب هو مصدر األلوهية ف الثالوث 9 .....................................................
ق .ديونيسيوس اإلسكندري 11 ..........................................................
االبن والروح القدس متحدان ف اآلب الرأس 11 ..........................................
إكرام االبن لآلب كرأس له 12 ................................................................
اآلب هو مصدر االبن 13 .....................................................................
اآلب هو نبع االبن 14 .........................................................................
العالمة ديديموس الضير16 .............................................................
خروج االبن والروح القدس من اآلب 16 ...................................................
الرسول 17 ................................................................
ي ق .أثناسيوس
اآلب هو أصل االبن ووالده 17 ..............................................................
هللا اآلب هو الينبوع األزل لحكمته الذاتية 18 ...........................................
اآلب هو البدء والينبوع 18 ...................................................................
ق .ر
كيلس اإلسكندري 20 .................................................................
اآلب هو المصدر والينبوع ف الثالوث20 ..................................................
اآلب هو البدء غي المبتدئ للطبيعة اإللهية 21 .........................................
اآلب هو البدء والقوة والسيادة ف الطبيعة اإللهية 21 ..................................
اآلب هو أصل الكلمة الخالق 22 ............................................................
اآلب هو الجذر والينبوع لالبن 23 ..........................................................
اآلب هو البداية األزلية للكلمة 23 ...........................................................
اآلب هو بداية االبن 24 .......................................................................
اآلب هو علة وجود االبن كمولود طبيع منه 24 .........................................
الخالصة 27 .................................................................................
مونارخية الآب في اللاهوت الآبائي الإسكندري
سوف نستعرض يف هذا البحث املوجز اإلشارات إىل مونارخية اآلب يف
تعليم وكتابات آباء كنيسة اإلسكندرية يف حقبة ما قبل نيقية وحقبة نيقية
وما بعد نيقية ،وذلك من أجل الوقوف على أفضل تصور حول مفهوم
املونارخية يف الثالوث ،وهل كان يؤمن آباء اإلسكندرية مبونارخية اآلب أم
مبونارخية الثالوث ،كما يدَّعي بعض الباحثني يف العصر احلديث؟
يشري العالمة كليمندس اإلسكندريّ إىل العالقة العلية والسببية بني اآلب
واالبن ،فال يسبق االبن اآلب كالتايل:
”وكل سبب يُدرَك كسبب بالعقل ،ينشغل بشيءٍ ما،
ويُدرِك صلته بشيءٍ ما .أي أن البعض يُؤثِّر ،كما السيف
يف القطع .ولبعض املوضوعات ،كتلك اليت هلا
استعداد ،كما النار يف اخلشب ،ألهنا لن حترق
الصُلب .والسبب خيص األشياء اليت هلا عالقة بشيءٍ
ما .ألنه يُدرَك بعالقته بشيءٍ آخر ،حىت أننا نستخدم
أذهاننا يف االثنني ،لكي نتصوّر السبب كسبب .نفس
العالقة جندها يف اخلالق ،والصانع ،واآلب .فالشيء
ليس سببًا لذاته ،وال املرء أبًا لنفسه .ألن األول سيصري
1
الثاين .اآلن ،السبب يعمل ويُؤثِّر .فاملنتج بالسبب هو
مفعول ومُتأثر .ولكن نفس الشيء عندما يُؤخَذ يف حد
ذاته ال ميكن أن يكون فعالً ومُتأثرًا ،وال ميكن أن يكون
ابنًا وأبًا .وإال يسبق السبب ما قام به ،كأن [يسبق]
القطع السيف .ونفس الشيء ال ميكن أن يسبق يف نفس
اللحظة ،كما للمادة كسبب ،ويف نفس الوقت أيضًا،
تكون بعد والحقة ألثر السبب .واآلن ختتلف الكينونة عن
الصريورة ،كما السبب عن األثر ،واآلب عن االبن .ألن
نفس الشيء ال ميكن أن ’يكون‘ وأن ’يصري‘ يف نفس
اللحظة .وبالتايل ،هو ليس سببًا لنفسه .فاألشياء
ليست أسبابًا لبعضها البعض ،ولكنها أسبابٌ لكلٌّ من
األخرى“1.
1كليمندس اإلسكندري (عالمة) ،املتفرقات (نسخة إليكترونية) ،ترمجة :األب الدكتور بوال ساويروس( ،القاهرة،
موقع الكنوز القبطية) ،20-18 :9 :8 ،ص .1430 ،1429
2
هو بادئ الوجود -االبن -الذي منه يتعيَّن أن نتعلَّم
العلة األبعد ،أبُ الكون ،األقدم واألكثر خريية للجميع،
غري القابل للتعبري عنه بكالمٍ ،ولكن يُبجَّل بالتبجيل
والصمت ،والعجب املقدَّس ،ويُبجَّل بأقصى درجة.
ويُعلَن عنه بواسطة الرب ،بقدر ما يكون أولئك الذين
تعلَّموا قادرين على اإلدراك والفهم ،مِن أولئك الذين
أختارهم الربّ للمعرفة’ ،الذين صارت هلم احلواس
2
مُدرَّبةً‘ ،كما يقول الرسول“.
يرى العالمة كليمندس اإلسكندريّ أن اآلب هو العلة األوىل جلميع
األشياء اليت تتمُّ بواسطة االبن قائالً:
”وبشكلٍ عامٍ ،كل الفوائد اخلاصة باحلياة ،يف أقصى
تعقل هلا ،تنبع من سلطان اهلل ،الذي هو اآلب للجميع،
وتتمُّ باالبن ،الذي هو أيضًا ،بسبب كُونه ’خملِّص
مجيع الناس وال سيما املؤمنني‘ ،كما يقول الرسول
(1يت ،)10 :4أقرب إىل العلة األوىل ،أي إىل الربّ
[اآلب]“3.
ويشري العالمة كليمندس إىل أن اآلب هو علة كل شيء جيد ،وأنه ملك
الكل ،وأن االبن هو الثاين ،وكل شيء به كان حبسب إرادة اآلب ،والروح
القدس هو الثالث ،وكل شيء به كان وفقًا إلرادة اآلب قائالً:
5أورجيينوس (عالمة) ،يف املبادئ ،ترمجة :األب جورج خوام البولسي( ،لبنان :منشورات املكتبة البولسية،
،2 :2 :1 ،)2002ص .85
6املرجع السابق ،9 :2 :1 ،ص .95 ،94
5
الآب هو بداية الابن
يوضح العالمة أورجيينوس أن االبن هو خبار قوة اهلل ،وإنه كان هكذا
على الدوام ،ومل يكن لالبن بدءًا آخر سوى اهلل اآلب نفسه كالتايل:
”يُبيِّن هذا أن خبار قوة اهلل هذا كان دائمًا ومل يكن له
بدء ما خال اهلل نفسه .إذ ال يليق ،يف سائر األحوال،
أن يكون قد حظى بابتداءٍ آخر له سوى اهلل نفسه ،الذي
يستمد منه الكيان والوالدة“7.
10أورجيينوس (عالمة) ،يف املبادئ ،ترمجة :األب جورج خوام البولسي( ،لبنان :منشورات املكتبة البولسية،
،11 :2 :1 ،)2002ص .99
8
املكنونة يف املصدر ،الذي منه يُولد االبن وينبثق الروح
القدس“11.
13أورجيينوس (عالمة) ،تفسري الرسالة إىل رومية ج ،1ترمجة :د .عادل ذكري( ،القاهرة :مدرسة اإلسكندرية
للدراسات املسيحية ،12 :9 :4 ،)2020 ،ص .312
10
ق .ديونيسيوس الإسكندري
14ديونيسيوس اإلسكندري (قديس) ،القديس ديونيسيوس السكندري الكبري ،ترمجة :أجمد رفعت رشدي،
(القاهرة :مدرسة اإلسكندرية للدراسات املسيحية ،)2017 ،الرسالة الثانية عن الثالوث ضد مَن يؤمنون بثالثة آهلة وضد
السابيليني ،ص .167
11
ابنه ،وبالروح القدس .ويشري إىل أن الكلمة مُتَّحِد بإله الكل ،ألنه قال” :أنا
واآلب واحدٌ“ (يو ،)30 :10وكذلك ”أنا يف اآلب واآلب يفَّ“ (يو ،)10 :14
مُميِّزًا بني أقنوم اآلب وأقنوم االبن .ويف النهاية ،يُؤكِّد على ضرورة حفظ
الثالوث اإلهليّ ووحدة املصدر أو املونارخية يف اآلب دون انتقاص كالتايل:
”فال ينبغي إذًا أن نفصل الوحدة اإلهلية العجيبة إىل
ثالثة ألوهيات ،وال ينبغي أن كرامة الرب وعظمته
الفائقة تُنتقص الوصف ’مصنوع‘ ،لكن ال بد أن نؤمن
باهلل اآلب ضابط الكل ،ويسوع املسيح ابنه ،وبالروح
القدس ،وبأن الكلمة مُتَّحِد بإله الكل ،ألنه قال’ :أنا
واآلب واحدٌ‘ (يو ،)30 :10وكذلك ’أنا يف اآلب واآلب
يفَّ‘ (يو ،)10 :14وهكذا يكون من البيَّن أن الثالوث
اإلهليّ ،ووحدة املصدر ،يكونان حمفوظني دون
15
انتقاص“.
إكرام الابن للآب كرأس له
يشري ق .ديونيسيوس إىل والدة االبن من اآلب غري املبتدئ ،مؤكدًا على
أن االبن كنسلٍ ليس بال مصدر ،ألن مصدره هو اهلل اآلب نفسه غري املولود
قائالً:
”السؤال األول :أيهما [أصح] هل االبن ولد نفسه أم وُلِدَ
من اآلب؟ اإلجابة :االبن وُلِدَ من اآلب ،وليس هو الذي
وَلَدَ نفسه ]...[ .السؤال الثالث ،أنت تقول :غري مبتدئ
من غري مبتدئ [أي ليس له بدء]؟ اإلجابة[ :االبن] هو
كنسلٍ ليس بال مصدر ،ولكن اآلب غري مبتدئ ،ألنه
17
غري مولود“.
16املرجع السابق ،تفسري إجنيل لوقا (لو ،)48-42 :22ص .212 ،211
17املرجع السابق ،أسئلة وأجوبة ،ص .238 ،237
13
الآب هو نبع الابن
18املرجع السابق ،رسالة ق .ديونيسيوس اإلسكندري إىل البابا ديونيسيوس الروماين ،ص .289
14
موجودًا قبله أو بدونه ،لكنه موجود معه ،ووجد فيه املنبع واملصدر ،هكذا
اآلب ضابط الكل والعقل الكوينّ كان له ابن قبل كل األشياء ،هو الكلمة
والنطق ،وهو إعالنه واملخبِر عنه كالتايل:
”وباملثل ألن العقل هو آب الكلمة ،موجود يف ذاته ،لكن
الكلمة كابنٍ للعقل ،ال ميكن أن يكون موجودًا قبله أو
بدونه ،لكنه موجود معه ،ووجد فيه املنبع واملصدر.
وبنفس الطريقة ،فإن اآلب ضابط الكل والعقل الكوينّ
له ابن قبل كل األشياء ،هو الكلمة والنطق ،وهو إعالنه
19
واملخبِر عنه“.
16
هذه .بل عوضًا قال’ :من اآلب‘ ،وهذا مردَّه ال ألن اآلب
خمتلف عن اهلل ضابط الكل -فإن جمرَّد التفكري يف
هذا يُعدّ جرمًا -بل باحلري أن روح احلق يُقال عنه
’ينبثق من اآلب‘ (يو ،)26 :15وفق خاصة اآلب
املتفردة ،ووفق مفهوم األبوة .وبالرغم من أن املسيح
قال يف مواقفٍ عديدةٍ إنه قد خرج من قِبَل اهلل ،لكنه
مل ينسب لنفسه املزيَّة [أي اخلاصية األقنومية] اليت
ناقشناها لتونا [أي االنبثاق] ،عند حديثه عن عالقته
باآلب ،بل عندما يتحدَّث عنها يقول’ :أنا يف اآلب واآلب
يفَّ‘ (يو ،)10 :14ويف موضع آخر’ :أنا واآلب واحدٌ‘
(يو .)30 :10والقارئ احلصيف سيجد يف اإلجنيل
فقرات أخرى عديدة مُشاهبة هلذه“20.
يشري ق .أثناسيوس إىل أن اآلب هو أصل االبن ووالده ،وأن اآلب هو
آب ،وهو مل يكن ابنًا ألحد ،واالبن هو ابن وليس بأخ ،وال يوجد أصل سابق
عليهما يف الوجود كالتايل:
20ديدميوس الضرير (عالمة) ،الروح القدس ،ترمجة :أجمد رفعت رشدي( ،القاهرة :مدرسة اإلسكندرية
للدراسات املسيحية ،115-113 :4 ،)2015 ،ص .75-73
17
”فاآلب واالبن مل يُولَدا من أصل سابق عليهما يف
الوجود ،حىت ميكن اعتبارمها أخوين ،ولكن اآلب هو
أصل االبن وهو والده .واآلب هو آب ،وهو مل يكن ابنًا
21
ألحد ،واالبن هو ابن وليس بأخٍ“.
الله الآب هو الينبوع الأزلي لحكمته الذاتية
21أثناسيوس (قديس) ،املقاالت الثالثة ضد اآلريوسيني ،ترمجة :أ صموئيل كامل وآخرين( ،القاهرة :املركز
األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،14 :5 :1 ،)2017 ،ص .61
22املرجع السابق ،3 :6 :1 ،ص .70
18
وكبدءٍ وكينبوع ،و ’بالكل‘ أي بالكلمة ،و ’يف الكل‘ أي
يف الروح القدس .هو ثالوث ليس فقط باالسم وصيغة
الكالم ،بل باحلق والوجود الفعليّ“23.
ويصف ق .أثناسيوس أقنوم اآلب أيضًا بأنه ينبوع ونور وأب ،وال ميكن
أن يكون الينبوع جافًا بدون ماء ،وال أب بدون ابن ،وال نور بدون شعاع
كالتايل:
”إذَا كان اهلل ينبوعًا ونورًا وأبًا ،فليس من اجلائز القول
بأن الينبوع جافٌ ،أو أن النور بال شعاع ،أو أن اهلل بال
كلمة ،لئال يكون اهلل غري حكيم ،وغري عاقل ،وبال
شعاع .وإذًا ،فحيث إن اآلب أزيلّ ،فبالضرورة يكون
االبن أيضًا أزليًا ،ألن كل ما هو لآلب فهو بال شك
لالبن أيضًا“24.
23أثناسيوس (قديس) ،الرسائل عن الروح القدس لألسقف سرابيون ،ترمجة :د .نصحي عبد الشهيد ود .موريس
تاوضروس( ،القاهرة :املركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،28 :1 ،)2018 ،ص .96
24املرجع السابق ،2 :2 ،ص .114 ،113
19
ق .كيرلس الإسكندري
25كريلس اإلسكندري (قديس) ،شرح إجنيل يوحنا مج ،1ترمجة :د .نصحي عبد الشهيد وآخرين( ،القاهرة:
املركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،1 :1 ،)2015 ،ص .43
20
الآب هو البدء غير المبتدئ للطبيعة الإلهية
يُفرِّق ق .كريلس بني البداية األزلية للكلمة يف اآلب خارج حدود الزمان
واملكان ،وبني البداية الزمنية للمخلوقات كالتايل:
”وحني حدَّد الكتاب أن الكلمة هو بداية املخلوقات،
يقول’ :يف البدء خلق‘ ،بينما عن كلمة اهلل ’يف البدء
كان الكلمة‘ .بالنسبة للمخلوقات ،البداية هي الزمن،
بينما بالنسبة لكلمة اهلل ،الكائن منذ األزل ،فإن
29كريلس اإلسكندري (قديس) ،شرح إجنيل يوحنا مج ،1ترمجة :د .نصحي عبد الشهيد وآخرين( ،القاهرة:
املركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،1 :1 ،)2015 ،ص .80
30كريلس اإلسكندري (قديس) ،شرح إجنيل يوحنا مج ،2ترمجة :د .نصحي عبد الشهيد وآخرين( ،القاهرة:
املركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،)2015 ،ص .401
23
البداية άρχήهي فقط أباه األزيلّ ،الذي ليس له بداية،
31
طاملا أنه كائن معه أزليًا“.
الآب هو بداية الابن
يرد ق .كريلس على إدعاء اآلريوسيني اهلراطقة بأن اآلب هو علة وجود
االبن املخلوق ،مؤكدًا على أن اآلب هو علة وجود االبن كوالدٍ حبسب
الطبيعة ،وليس كخالق قائالً:
31كريلس اإلسكندري (قديس) ،الكنوز يف الثالوث ،ترمجة :د .جورج عوض إبراهيم( ،القاهرة :املركز األرثوذكسي
للدراسات اآلبائية ،)2011 ،مقالة ،50 :15ص .252
32يفسر ق .أثناسيوس آية ”أيب أعظم مين“ كالتايل” :لذلك ،فإن االبن نفسه مل يقل ’أيب أعظم مين‘ حىت ال يظن أح ٌد أنه
غريب عن طبيعة اآلب ،بل قال’ :أعظم مين‘ ،ليس من جهة احلجم وال من جهة الزمن ،بل بسبب ميالده من أبيه ذاته ،فإنه حىت
عندما يُقال’ :أعظم مين‘ ،أَظهر مرةً أخرى أنه من ذاتية جوهره الذايتّ“ (أثناسيوس (قديس) ،املقاالت الثالثة ضد اآلريوسيني،
ترمجة :أ .صموئيل كامل وآخرين ،القاهرة ،املركز األرثوذكسي للدراسات اآلبائية ،58 :13 :1 ،2017 ،ص .)140
33كريلس اإلسكندري (قديس) ،الكنوز يف الثالوث ،ترمجة :د .جورج عوض إبراهيم( ،القاهرة :املركز األرثوذكسي
للدراسات اآلبائية ،)2011 ،مقالة ،4 :11ص .137
24
”بأية طريقة ،يا حماريب املسيح ،تزعمون أن اآلب
صار علة وجود االبن؟ حسنًا .إذَا كُنتم تظنون أنه
خملوق ،فإنه عندئذٍ يكون خملوقًا وليس ابنًا ،حماربني
بوضوحٍ اآلب الذي يقول للذي ولده’ :ولدتك من بطين
قبل يوسيفوروس [كوكب الصبح]“ (مز 3 :109
سبعينية) .أمَّا لو اعترفتم بأنه -حقًا -هو االبن وآمنتم
بأنه هكذا يكون ،عندئذٍ يتحتم عليكم أال تقولوا إن اآلب
علة االبن كخالق ،بل كوالدٍ حبسب الطبيعة .ولن
يعيقكم عن ذلك شيءٌ؛ ألن الذي يأيت من آخر حبسب
الطبيعة ،يتحتم أن يكون من نفس جوهره ،حىت لو كان
34
ذاك هو علة وجوده“.
ويستطرد ق .كريلس يف شرح كيف أن اآلب هو علة وجود االبن ،إال أن
االبن من نفس جوهر اآلب ،مولود منه أزليًا خارج حدود الزمان واملكان،
وهو كائن معه أبديًا كالتايل:
”إنْ مل يكن االبن شبيهًا باآلب حبسب اجلوهر ،وال
مساويًا لآلب يف اجلوهر ،باعتبار أن اآلب ال يأيت من
علةٍ ما ،بينما اآلب هو علة االبن ،فما الذي مينع أن
نقول أيضًا إن قايني مل يكن مساويًا ألبيه يف اجلوهر؟
ألن آدم مل يُولَد من أحد؛ ألنه كان اإلنسان األول ،ويف
ذات الوقت كان آدم هو علة قايني ،إذ صار قايني منه.
ومبا أن هذا االفتراض كاذب (ألن قايني كان من نفس
34املرجع السابق ،مقالة ،10 :10ص .124
25
جوهر آدم) ،فيكون االبن أيضًا -على أية حال -من
نفس جوهر اآلب ،حىت لو كان اآلب بالنسبة له علة
وجوده ،طاملا أتى [وُلِدَ] منه أزليًا ،وهو كائن معه
35
أبديًا“.
27
ويتبعه يف ذلك ق .كريلس اإلسكندريّ الذي يؤكد على أن اآلب هو املصدر
والينبوع يف الثالوث ،وأن اآلب هو البدء غري املبتدئ للطبيعة اإلهلية .ويرى
ق .كريلس أن اآلب هو البدء والقوة والسيادة يف الطبيعة اإلهلية ،ويقول،
مثلما قال ق .أثناسيوس ،بأن اآلب هو أصل الكلمة اخلالق .ويؤكد ق.
كريلس يف نفس السياق أيضًا على أن اآلب هو اجلذر والينبوع لالبن ،وأن
اآلب هو البداية األزلية ألقنوم الكلمة .ويقول ،كما قال العالمة أورجيينوس
من قبله ،إن اآلب هو بداية االبن .ويقول ،مثلما قال اآلباء اإلسكندريني
والكبادوكيني من قبله ،إن اآلب هو علة وجود االبن كمولود طبيعيّ منه.
28