You are on page 1of 87

‫‪http://www.

s‬‬

‫ليا بواسطة ادلكتبة الشاملة‬

‫ِ‬
‫الكتاب ‪ :‬األَ ْخبلَ ُؽ َو ّ‬
‫السيَػ ُر‬
‫ادلؤلف ‪ :‬علي بن أمحد بن سعيدب ِن ح ْزٍـ‪،‬أبودمحم‪،‬األَنْ َدل ِ‬
‫ُس ّي(‪456-384‬ىػ)‬ ‫ْ َ‬
‫احملقق ‪ :‬عادؿ أبوادلعاطي‬
‫الناشر ‪ :‬دار ادلشرؽ العريب‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫الطبعة ‪ :‬األوىل‪،‬عاـ ‪1408‬ىػ=‪1988‬ـ‬
‫عدد األجزاء ‪1 :‬‬
‫مصدر الكتاب ‪:‬موقع الوراؽ‬
‫‪http://www.alwarraq.com‬‬
‫[ مت ترقيم الكتاب حسب الطبعة ادلذكورة أعبله مع حذؼ التعليقات وقاـ أخوكم‬
‫عصمت هللا بتخريج األحاديث واآلايت وعزو الشعر ]‬

‫ِ‬
‫األَ ْخبلَ ُؽ َو ّ‬
‫السيَػ ُر‬

‫البْ ِن َح ْزٍـ األَنْ َدلُ ِس ّي‬

‫(‪456-384‬ىػ)‬
‫=‬
‫(‪1064-994‬ـ)‬

‫(‪)1/1‬‬
‫اى ِر ُّ‬‫َمح َد "ابن حزِـ الظَّ ِ‬ ‫ا ِإلم ِ‬
‫آَث ُرهُ‬
‫ي َحيَاتُو وَ َ‬ ‫بن أ ْ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫اـ َعل ُّي ُ‬ ‫َُ‬
‫امسو و نسبو‬
‫صالِ ِح‬ ‫ب ب ِن َ‬ ‫َمحَ َد ب ِن َس ِع ْي ِد ب ِن َح ْزِـ ب ِن غَالِ ِ‬ ‫بن أ ْ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ادلعا ِرؼ‪ ،‬أَبُػ ْو ُزلَ َّمد َعل ُّي ُ‬
‫ِ‬
‫اـ األ َْو َح ُد‪ ،‬البَ ْح ُر‪ ،‬ذُو ال ُفنُػ ْوف َو َ‬ ‫ُى َوا ِإل َم ُ‬
‫ي َم ْو َىل األ َِم ْْي يَ ِزيْ َد ب ِن أَِيب‬ ‫ِب اليَ ِزيْ ِد ُّ‬ ‫َص ِل‪ُُ ،‬ثَّ األَنْ َدلُ ِس ُّي ال ُق ْرطُِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫ف ب ِن َم ْع َدا َف ب ِن ُس ْفيَا َف ب ِن يَ ِزيْ َد ال َفا ِرس ُّي األ ْ‬ ‫ب ِن َخلَ ِ‬
‫ص ُع َمر َعلَى ِد َم ْش َق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْي أَِيب َح ْف ٍ‬ ‫ض َي هللاُ َع ْنوُ‪-‬ادلَْع ُروؼ بيَ ِزيْد اخلَ ْْي‪ََ ،‬نئِب أَم ْْي ادلُْؤمنِ ْ َ‬ ‫ب األُم ِو ِي‪-‬ر ِ‬
‫ُس ْفيَا َف ب ِن َح ْر ٍ َ ّ َ‬
‫ف‪ ،‬فَ َكا َف جدُّه ي ِزيد مو َىل لِؤل َِمْي ي ِزيد أ ِ‬ ‫َّصانِْي ِ‬ ‫ي‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َف ِق ْيوُ احلَافِ ُ‬
‫َخي‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ ُ َ ْ َْ‬ ‫ب الت َ‬ ‫صاح ُ‬ ‫الوِزيْػ ُر‪ ،‬الظَّاى ِر ُّ َ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫ظ‪ ،‬ادلُتَ َكلّ ُم‪ ،‬األَديْ ُ‬
‫ُم َعا ِويَة‪.‬‬
‫الر ْمحَ ِن بن ُم َعا ِويَةَ ب ِن‬ ‫صحابَة ملك األَنْ َدلُس َع ْب ِد َّ‬ ‫بن َم ْع َدا َف ُى َو أ ََّو ُؿ َم ْن َد َخ َل األَنْ َدلُس ِِف َ‬ ‫ف ُ‬ ‫َوَكا َف َجدُّهُ َخلَ ُ‬
‫ش ٍاـ؛ادلَْع ُروؼ ِِبلدَّاخل‪.‬‬ ‫ِى َ‬
‫مولده و وفاتو‬
‫ْي وثَبلَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ث مائَة‪)185/18(.‬‬ ‫َولد‪:‬أَبُو ُزلَ َّمد ب ُق ْرطُبَة ِِف َسنَة أ َْربَ ٍع َوََثَان ْ َ َ‬
‫َل ابْ ُن َح ْزٍـ طخ ِطّ ِو‬‫ب إِ ََّ‬ ‫َمحَ َد‪َ :‬كتَ َ‬ ‫بن أ ْ‬‫صاع ُد ُ‬
‫اضي ِ‬
‫َ‬
‫اؿ ال َق ِ‬ ‫(الصلَة) لَوُ‪ :‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫بن بَ ْش ُك َواؿ احلَافظ ِِف ّ‬
‫ِ‬
‫اؿ أَبُو ال َقاس ِم ُ‬ ‫قَ َ‬
‫يَػ ُق ْو ُؿ‪:‬‬
‫آخ َر لَْيػلَة األ َْر َبعاء‪،‬آخ َر يَػ ْوـ ِم ْن‬ ‫الشمس ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُمنية ادلُغ ْيػ َرة‪ ،‬قَػ ْبل طُلُ ْوع َّ ْ‬ ‫الش ْرقِ ّي ِِف َربَ ِ‬ ‫ت ب ُق ْرطُبَة ِِف اجلَانب َّ‬ ‫ُولِ ْد ُ‬
‫السابِع ِم ْن نُػ َونِْْي‪384/9/30(.‬ىػ) ادلوافق‬ ‫ث مائَة‪ ،‬بطَالع العقرب‪َ ،‬و ُى َو اليَػ ْوـ َّ‬ ‫ْي وثَبلَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ضا َف َسنَةَ أ َْربَ ٍع َوََثَان ْ َ َ‬ ‫َرَم َ‬
‫لليوـ احلادي عشر من نوفمربعاـ تسعمائة و أربعة و تسعْي ميبلدي (‪994/11/11‬ـ)‪.‬‬
‫َحد لِليلتْي بقيتَا ِم ْن‬ ‫ْت ِمن خط ابنِ ِو أَِيب رافِ ٍع‪ ،‬أَ ْف أَِبهُ َعلِي بن ح ْزـ‪ ،‬تُػوِّ ِ‬
‫ِف َعشيَّة يَػ ْوـ األ َ‬ ‫َْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‪:‬ون ُقل ُ ْ‬
‫اؿ ِ‬
‫صاع َ‬‫قَ َ َ‬
‫ْي َسنَةً َوأَ ْش ُهراً َر ِمحَوُ هللاُ تَػ َعاىل‬ ‫ِ‬
‫ْي َوأ َْربَ ِع مائَة‪456/8/28(،‬ىػ) فَ َكا َف ُع ُمره إِ ْح َدى َو َس ْبع ْ َ‬
‫َشعبا َف‪ ،‬سنَة ِس ٍّ ِ‬
‫ت َوَخَْس ْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫َس َكنَوُ فَ ْس ْي َح َجنَاتِِو‪ .‬ويوافق التاريخ ادليبلدي‪ ،‬اليوـ الرابع عشر من شهر أغسطس عاـ ألف و أربع و‬ ‫َو أ ْ‬
‫ستْي(‪1064/8/14‬ـ)‬

‫(‪)2/1‬‬

‫نشأتو العلمية‬
‫سةً َكثِْيػ َرةً‪َ ،‬وَكا َف َوالِ ُدهُ ِم ْن ُكبَػ َراء أ َْىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شأَ ِِف تَػنَػعُّ ٍم َورفَاىيَّة‪َ ،‬وُرِز َؽ ذ َكاء ُمفرطاً‪َ ،‬وذ ْىناً َسيَّاالً‪َ ،‬وُكتُباً نَف ْي َ‬
‫نَ‬
‫ك َوَزَر أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد ِِف َشبِْيبتو‪َ ،‬وَكا َف قَ ْد َمهر أَ َّوالً ِِف األَدب َواألَ ْخبَار‬ ‫الع ِام ِريَّة‪َ ،‬وَك َذلِ َ‬ ‫الوز َارةَ ِِف الد ْ‬
‫َّولَة َ‬ ‫ة؛عمل َ‬ ‫قُػ ْرطُبَ َ‬
‫شعر‪ ،‬وِِف ادلنطق وأ ِ‬
‫ض‬‫قفت لَوُ َعلَى ََتَلِيف َػل ُّ‬ ‫ك‪َ ،‬ولََق ْد َو ُ‬ ‫َجزاء الفلس َفة‪ ،‬فَأَثَّرت فِ ْي ِو ََتْثْياً لَْيػتَوُ َسلِ َم ِم ْن َذلِ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َوال ّ َ‬
‫س ِِف علُ ْوـ ا ِإل ْسبلَـ‪ُ ،‬متَػبَ ِّحر ِِف النقل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ف ْيو َعلَى االعتنَاء ِِبدلنطق‪َ ،‬ويُػ َق ّدمو َعلَى العلُ ْوـ‪ ،‬فَػتَأَلَّمت لَوُ‪ ،‬فَِإنَّوُ َرأْ ٌ‬
‫ِِ‬
‫ِ ِ‬ ‫َعدميُ النّظْي َعلَى يػب ٍ ِ ِ‬
‫ُص ْوؿ‪.‬‬ ‫س ف ْيو‪َ ،‬وفَػ ْرط ظَاى ِريَّة ِِف الفروع الَ األ ُ‬ ‫ُْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫افعي‪ُُ ،‬ثَّ أَدَّاهُ ْ ِ‬ ‫قِيل‪:‬إِنَّوُ تَػ َف َّقوَ أ ََّوالً لِل َ ِ‬
‫اجت َهاده إِ َىل ال َق ْوؿ بنفي القيَاس ُكلّو َجليِّو َو َخفيِّو‪َ ،‬واألَ ْخذ بِظَاى ِر الن ّ‬
‫َّص‬ ‫ش ّ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫ك كتباً َكثِْيػ َرة‪َ ،‬وََنظر‬ ‫َّف ِِف ذَلِ َ‬ ‫صن َ‬ ‫تصحاب احلَاؿ‪َ ،‬و َ‬ ‫اس َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوعموـ الكتَاب َواحلَديْث‪َ ،‬وال َق ْو ِؿ ِِبلبَػ َراءة األ ْ‬
‫َصليَّة‪َ ،‬و ْ‬
‫جزا ُؤه ِم ْن‬
‫سب َو َجدَّع‪ ،‬فَ َكا َف َ‬ ‫ارة‪َ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫قلمو‪َ ،‬وََلْ يَػتَأَدَّب َم َع األَئ َّمة ِِف اخلَطَّاب‪ ،‬بَ ْل فَ َّجج العبَ َ‬ ‫سانَو َو َ‬
‫ِ‬
‫َعلَْيو‪َ ،‬وبسط ل َ‬
‫ِ‬
‫نفروا ِم ْنػ َها‪َ ،‬وأُحرقت ِِف َوقت‪،‬‬ ‫ىجروىا‪َ ،‬و ُ‬
‫َ‬ ‫اعةٌ ِم َن األَئِ َّم ِة‪َ ،‬و‬
‫صانِْيفو ََجَ َ‬‫ث إِنَّوُ أَعرض َع ْن تَ َ‬ ‫ِجنس فِعلو‪ِِ ،‬بَْي ُ‬
‫ادة‪َ ،‬وأَخذاً َوُم َؤاخ َذة‪َ ،‬وَرأَوا فِ ْيػ َها الد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْي شلزوجاً ِِف‬‫ُّر الثّ ِم َ‬ ‫است َف َ‬
‫َّشوىا انت َقاداً َو ْ‬
‫العلَ َماء‪َ ،‬وفَػت َ‬ ‫آخرْو َف م َن ُ‬
‫ِ‬
‫َوا ْعتَػ ََن ِبَا ُ‬
‫مرةً يُعجبُػ ْو َف‪َ ،‬وِم ْن تَػ َف ُّرِدهِ يهزُؤوف‪.‬‬
‫ارةٌ يَطربُػ ْو َف‪َ ،‬و َّ‬‫صف ِِبخلََرِز ادلَهْي‪ ،‬فَػتَ َ‬
‫الر ْ ِ‬ ‫َّ‬
‫صلَّى هللاُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوِِف اجلُ ْملَ ِة فَال َك َم ُ‬
‫َحد يُػ ْؤ َخذ م ْن قَػ ْولو َويُػ ْتػ َرؾ‪ ،‬إِالَّ َر ُس ْوؿ هللا‪َ -‬‬‫اؿ ع ِزيز‪َ ،‬وُك ُّل أ َ‬
‫‪)187/18(.‬‬
‫سبب عكوفو لتعلم الفقو‬
‫‪:‬والِد أَِيب بَ ْك ٍر ب ِن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بن طَ ْر َخاف الرتكِي‪:‬قَ َ‬
‫اؿ َِل ا ِإل َم ُ‬
‫اـ أَبُػ ْو ُزلَ َّمد َع ْب ُد هللا بن ُزلَ َّمد‪-‬يَػ ْع ِِن َ‬ ‫اؿ أَبُو بَ ْك ٍر ُزلَ َّم ُد ُ‬
‫َوقَ َ‬
‫الع َرِيب‪:-‬‬
‫َ‬
‫اؿ لَوُ‬
‫س‪َ ،‬وََلْ يَركع‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫أَ ْخبػرِِن أَبػو ُزلَ َّم ٍد بن ح ْزٍـ أَف سبب تَػعلُّمو ِ‬
‫الف ْقو أَنَّوُ َش ِه َد ِجنَ َ‬
‫ازة‪ ،‬فَ َد َخ َل ادلَ ْس َج َد‪ ،‬فَ َجلَ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ ُْ‬
‫صل حتيَّة ادلَ ْس َجد‪.‬‬ ‫َر ُج ٌل‪:‬قُ ْم فَ ِّ‬
‫َوَكا َف قَ ْد بل َغ ِستّاً َو ِع ْش ِريْ َن َسنَةً‪.‬‬

‫(‪)3/1‬‬

‫ادرت ِِب ُّلرُك ْوع‪ ،‬فَِق ْي َل َِل‪:‬اجلس‬ ‫ْت ادلَ ْس َجد‪ ،‬فَػبَ ُ‬ ‫ازة‪َ ،‬د َخل ُ‬ ‫الصبلَةِ َعلَى اجلِنَ َ‬ ‫كعت‪ ،‬فَػلَ َّما َر َجعنَا ِم َن َّ‬ ‫ت َور ُ‬ ‫اؿ‪:‬فَػ ُق ْم ُ‬‫قَ َ‬
‫ؤلستَاذ الَّ ِذي َرَِّبِِن ُ‬ ‫ت‪ ،‬وقُػل ُ ِ‬
‫‪:‬د ِلِن‬ ‫ْت ل ْ‬ ‫ص َرفت َوقَ ْد َح ِزنْ ُ َ‬ ‫اؿ‪:‬فَانْ َ‬‫صر‪-‬قَ َ‬ ‫الع ْ‬ ‫صبلَة‪َ -‬وَكا َف بَػ ْعد َ‬ ‫قت َ‬‫س ذَا َو َ‬ ‫اجلس‪ ،‬لَْي َ‬
‫علَى دار ال َف ِقيو أَِيب عب ِد ِ‬
‫هللا ب ِن ُّ‬
‫دح ْو َف‪.‬‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫اءِت علَي ِو وعلَى غَ ِْْيهِ‬ ‫اؿ‪:‬فَقصدتُو‪ ،‬وأَ ْعلَمتُو ِِبَا جرى‪ ،‬فَدلَِِّن َعلَى(موطَّأ مالِ ٍ‬
‫َت بِ ِو َعلَْي ِو‪َ ،‬وتتَابعت قِ َر ِ َ ْ َ َ‬ ‫ك)‪ ،‬فَب َدأ ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قَ َ‬
‫اظرة‪.‬‬ ‫َْضلواً ِم ْن ثَبلَثَة أَ ْع َواـ‪َ ،‬وب َد ُ ِ‬
‫أت ِبدلنَ َ‬
‫صنّػ َفاتو ِس َوى ادلُ َجلَّد األ َِخ ْْي ِم ْن‬ ‫ت ِم ْنوُ ِ‬ ‫ٍ‬
‫َج ْيع ُم َ‬ ‫‪:‬ص ِح ُ‬
‫بت ابْ َن َح ْزـ َس ْبػ َعةَ أَ ْع َواـ‪َ ،‬و َِمس ْع ُ‬ ‫الع َرِيب َ‬
‫اؿ ابْ ُن َ‬ ‫ُُثَّ قَ َ‬
‫ْي َوأ َْربَع‬ ‫ت ُرلَلَّ َدات‪ ،‬وقرأ َََن َعلَي ِو ِمن كِتَاب(ا ِإليصاؿ)أَربع ُرلَلَّ َدات ِِف سنَ ِة ِس ٍّ ِ‬ ‫كِتَاب(الفصل)‪َ ،‬و ُى َو ِس ُّ‬
‫ت َوَخَْس ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََ ْ ْ‬
‫ازة غَْيػ َر َم َّرةٍ‪)200/18(.‬‬ ‫مائَة‪َ ،‬و ُى َو أ َْربَػ َعة َو ِع ْش ُرْو َف رللداً‪َ ،‬وَِل ِم ْنوُ إِ َج َ‬
‫َوَكا َف يَنهض بعلُ ْوٍـ ََجَّة‪َ ،‬وُغليد النَّقل‪َ ،‬وُْػل ِس ُن النّظم َوالنثر‪.‬‬
‫الرَئسة‪ ،‬ولَ ِزـ م ْن ِزلو م ِكباً َعلَى ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفِ ْي ِو ِدين وخْي‪ ،‬وم َقاص ُدهُ ِ‬
‫العلْم‪ ،‬فَبلَ‬ ‫صنّػ َفاتُوُ ُمفي َدة‪َ ،‬وقَ ْد زىد ِِف ِّ َ َ َ َ ُ ّ‬ ‫َج ْيػلَة‪َ ،‬وُم َ‬ ‫َ‬ ‫ٌَ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫نغلو ف ْيو‪َ ،‬والَ َْصلفو َع ْنوُ‪َ ،‬وقَ ْد أَثْػ ََن َعلَْيو قَػ ْبلنَا الكبَ ُ‬
‫ار‪.‬‬
‫شيوخو‬
‫بعدىا ِم ْن طَائَِفة ِم ْنػ ُهم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َو َِمس َع ِِف َسنَة أ َْربَع مائَة َو َ‬
‫َصبَغ‪ ،‬فَػ ُه َو أَ ْعلَى َش ْيخ ِع ْن َدهُ‪.‬‬
‫ب قَاسم بن أ ْ‬
‫اح ِ ِ‬ ‫َػلَي بن مسعو ِد ب ِن وجو اجلنَّة؛ص ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ْ ُْ‬
‫َمحَد بن ُزلَ َّم ِد ب ِن اجلَسور‬ ‫َوِم ْن أَِيب ُع َم َر أ ْ‬
‫اضي‪،‬‬ ‫هللا ب ِن مغِ ْيث ال َق ِ‬ ‫ويػونُس بن عب ِد ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َُْ‬
‫ِ‬
‫َمحَ َد ال َقاضي‪،‬‬ ‫َو ُمحَ ِاـ بن أ ْ‬
‫َو ُزلَ َّم ِد بن َس ِع ْي ِد ب ِن نبَات‪،‬‬
‫َّم ْي ِم ّي‪،‬‬
‫هللا بن ربِْيع الت ِ‬ ‫وعب ِد ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ْمحَن بن َع ْب ِد هللا ب ِن َخال ٍد‪،‬‬ ‫َوعبد َّ‬
‫هللا بن ُزلَ َّم ِد ب ِن ُعثْ َما َف‪،‬‬‫وعب ِد ِ‬
‫َ َْ‬
‫َمحَد بن ُزلَ َّم ٍد الطَّلَ َم ْن ِكي‪،‬‬ ‫َوأَِيب ُع َم َر أ ْ‬
‫ف ب ِن ََن ِمي‪،‬‬ ‫وعب ِد ِ‬
‫هللا بن يُػ ْو ُس َ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َصبَغ‪.‬‬ ‫َمحَد بن قَاسم بن ُزلَ َّمد ب ِن قَاسم بن أ ْ‬ ‫َوأ ْ‬
‫ِ‬
‫َويَػ ْن ِز ُؿ إِ َىل أَ ْف يَػ ْر ِوي َع ْن‪:‬أَِيب ُع َم َر بن عبد ِّ‬
‫الرب‪،‬‬
‫الع ْذ ِر ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫َمحَ َد ب ِن ُع َم َر ب ِن أَنَس ُ‬
‫َوأ ْ‬
‫)ػلملو َع ِن ابْ ِن َربيع‪َ ،‬ع ِن ابْ ِن األ ْ‬
‫َمحَر‪َ ،‬ع ْنوُ‪.‬‬ ‫َّسائِ ّي َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب(سنَن الن َ‬ ‫َج َود َما ع ْن َدهُ م َن ال ُكتُ ُ‬ ‫َوأ ْ‬
‫ْي َوكِ ْيع ِِف ثَبلَثَةُ‬ ‫ت لَوُ َح ِديْ ٌ‬‫سةُ ِر َجاؿ‪َ ،‬وأَ ْعلَى َما َرأَيْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأَنْػزؿ ما ِع ْن َدهُ ِ‬
‫ث بَػ ْيػنَوُ َوبَػ ْ َ‬ ‫(صح ْي ُح ُم ْسلم)‪ ،‬بَػ ْيػنَوُ َوبَػ ْيػنَوُ َخَْ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫أَنْػ ُفس‪.‬‬

‫(‪)4/1‬‬

‫تبلمذتو ومن روى عنو‬


‫َّث َع ْنوُ‪:‬‬
‫َحد َ‬
‫ابْػنُوُ أَبُو َرافِ ٍع ال َف ْ‬
‫ضل‪،‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫وأَبو عب ِد ِ‬
‫هللا احلُ َم ْي ِد ُّ‬ ‫َ ُ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوَوالد ال َقاضي أَِيب بَ ْك ٍر ب ِن َ‬
‫الع َرِيب‪،‬‬
‫َوطَائَِفة‪.‬‬
‫س ِن ُش َريْح بن ُزلَ َّمد‪)186/18(.‬‬ ‫ازة أَبُو احلَ َ‬ ‫َوآخر َم ْن َرَوى َع ْنوُ َم ْر ِوَّايتِِو ِِب ِإل َج َ‬
‫مكانتو العلمية و ثناء العلماء و وصفهم لو‬
‫دؿ َعلَى ِعظَِم َح ِفظو‬ ‫َمسَاء هللا تَػ َع َاىل كِتَاِبً أَلفو أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد بن َح ْزٍـ األَنْ َدلُ ِسي يَ ُّ‬
‫ت ِِف أ ْ‬ ‫ٍِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪:‬و َج ْد ُ‬ ‫الغز ِاَل َ‬
‫اؿ أَبُو َحامد َ‬ ‫قَ َ‬
‫َو َسيَبلَف ِذىنو‪.‬‬
‫ََجَ َع أ َْىل األَنْ َدلُس قَاطبَة لعلُ ْوـ ا ِإل ْسبلَـ‪َ ،‬وأ َ‬
‫َوسعهم‬ ‫َمحَ َد‪َ :‬كا َف ابْ ُن َح ْزٍـ أ ْ‬
‫بن أ ْ‬
‫صاع ُد ُ‬
‫اس ِم ِ‬
‫َ‬
‫اؿ ا ِإلماـ أَبو ال َق ِ‬
‫َوقَ َ َ ُ ُ‬
‫شعر‪َ ،‬وادلَْع ِرفَة ِِبلسْي َواألَ ْخبَار؛أَ ْخبَػ َرِِن ابْػنُو‬ ‫ساف‪َ ،‬وُوفور َح ِظّو ِم َن الببلغَة َوال ّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َم ْع ِرفَة َم َع تَوسعو ِِف علم اللّ َ‬
‫ِ‬ ‫اجتَمع ِع ْن َدهُ طخط أَبِْي ِو أَِيب ُزلَ َّم ٍد ِمن تَػوالِيفو أَربع مائَ ِة رللد تَ ِ‬
‫ْي أ ِ‬
‫َلف َورقَة‪.‬‬ ‫شتمل َعلَى قَ ِريْب م ْن ََثَانِ ْ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ضل أَنَّوُ ْ َ‬ ‫ال َف ْ‬
‫السنَّة‪،‬‬
‫الكتَاب َو ُّ‬ ‫ث وفقهو‪ ،‬مستنبطاً لِؤلَح َكاـ ِمن ِ‬ ‫هللا احلم ْي ِدي‪َ :‬كا َف ابْن ح ْزٍـ حافِظاً لِل ِ ِ‬ ‫اؿ أَبو عب ِد ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ْحديْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َُ ّ‬ ‫قَ َ ُ َ ْ‬
‫رع ِة احلِْفظ‪َ ،‬وَك َرِـ النَػ ْفس‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اجتَ َمع لَوُ م َن ال ّذ َكاء‪َ ،‬و ُس َ‬ ‫يما ْ‬ ‫ُمتَػ َفنّناً ِِف عُلُ ْوـ ََجَّة‪َ ،‬عامبلً بعلْمو‪َ ،‬ما َرأَينَا مثْػلَو ف َ‬
‫ع‬
‫ديو أَسر َ‬ ‫شعر َعلَى الب ِ‬ ‫ت َم ْن يَػ ُق ْو ُؿ ال ِّ‬
‫ع طَ ِويْل‪َ ،‬وَما َرأَيْ ُ‬ ‫اسع‪َ ،‬وَِب ٌ‬ ‫شعر نَػ َفس و ِ‬ ‫َوالتَّدين‪َ ،‬وَكا َف لَوُ ِِف األَدب َوال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِم ْنوُ‪َ ،‬و ِشعره َكثِ ْْي ََجَعتُو َعلَى حروؼ ادلُْع َجم‪)188/18(.‬‬

‫(‪)5/1‬‬

‫نقد ابن العريب لو‬


‫اؿ ِ‬ ‫اب(القواصم والعواصم)وعلَى الظَّ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َوقَ ْد َح َّ‬
‫‪:‬ى َي أمة‬ ‫اى ِريَّة‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫الع َرِيب َعلَى أَِيب ُزلَ َّمد ِِف كتَ ِ َ‬ ‫بن َ‬ ‫ط أَبُو بَ ْك ٍر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حكم‬ ‫ْي َّ‬ ‫ت َذلَا‪َ ،‬وتَكلمت ب َكبلٍَـ ََلْ نَػ ْفهمو‪ ،‬تَػلَ َّقوهُ م ْن إِ ْخ َواهنم اخلََوارِج ح ْ َ‬ ‫س ْ‬‫رت َعلَى مرتبَة لَْي َ‬ ‫س َّو ْ‬ ‫سخي َفة‪ ،‬تَ َ‬
‫هلل‪)189/18(.‬‬ ‫ت‪:‬الَ حكْم إِالَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫علي‪َ -‬رض َي هللاُ َع ْنوُ‪-‬يَػ ْوَـ ص ّفْي‪ ،‬فَػ َقالَ ْ ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سخيف‬
‫ٌ‬ ‫ب‬‫دت َو َج ْدت ال َق ْوؿ ِِبلظَّاىر قَ ْد مؤلَ بِو ادلَ ْغ ِر َ‬ ‫رحلِت ال َق ْو ُؿ ِِبلبَاطن‪ ،‬فَػلَ َّما ُع ُ‬
‫لقيت ِِف ِ‬ ‫بدعة ُ‬ ‫َوَكا َف أ َّو َؿ َ‬
‫الشافِ ِع ّي‪ُُ ،‬ثَّ انتسب إِ َىل َد ُاود‪ُُ ،‬ثَّ خلع ال ُك َّل‪،‬‬ ‫شأَ َوتعلَّق ِِبَ ْذ َىب َّ‬‫ؼ ِِببْ ِن َح ْزـ‪ ،‬ن َ‬ ‫َكا َف ِم ْن َِب ِديَة إِ ْشبِيلِية يُػ ْع َر ُ‬
‫س فِ ْي ِو‪َ ،‬ويَػ ُق ْو ُؿ َع ِن‬‫ب إ َىل دين هللا َما لَْي َ‬
‫تقل بِنَػ ْف ِس ِو‪َ ،‬وَز َعم أَنَّوُ إِ َماـ األ َُّمة يَضع َويَرفع‪َ ،‬و ْػلَكم َويَشرع‪ ،‬يَػ ْن ِس ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اس َّ‬ ‫َو ْ‬
‫بطو َّاـ‪،‬‬ ‫ص َفاتو‪ ،‬فَج ِ ِ‬ ‫العلَماء ما ََل يقولُوا تَ ِنفْياً لِل ُقلُوب ِم ْنػ ُهم‪ ،‬و َخرج َعن طَ ِريْق ادلُشبِ َهة ِِف ذَات هللا و ِ‬
‫اء ف ْيو َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ َْ‬
‫ِ‬
‫َص َحابو م ْنػ ُهم‪،‬‬ ‫احك َم َع أ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫سائِل‪ ،‬فَِإ َذا طَالبهم ِِبلدليل َك ُ‬
‫اعوا‪ ،‬فَػيَػتَ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص َر ذلَم إالَّ ِبدلَ َ‬‫ْي قَػ ْوـ الَ بَ َ‬ ‫َواتَّػ َف َق َك ْونُوُ بَػ ْ َ‬
‫شبَ ٍو َكا َف يُوِر ُد َىا َعلَى ادلُلُ ْوؾ‪ ،‬فَ َكانُوا َػلملونو‪َ ،‬وَػل ُمونو‪ِِ ،‬بَا َكا َف‬ ‫الرَئ َسةُ ِِبَا َكا َف ِع ْن َدهُ ِم ْن أَدب‪َ ،‬وب ُ‬ ‫ض َدتْوُ ِّ‬ ‫َو َع َ‬
‫َلفيت َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لقي إِلَْي ِهم ِم ْن ُشبو البِ َدع َوال ِّ‬ ‫يِ‬
‫افحة‪َ ،‬وََن َر ضبلَذلم‬ ‫حض ِرِت م ْنهم طَ َ‬ ‫الرحلَة أ ُ‬ ‫ْي َع ْودي م َن ّ‬ ‫ش ْرؾ‪َ ،‬وِِف ح ْ َ‬ ‫ُ‬
‫حساد يَطؤوف َع ِقِِب‪ََ ،‬ت َرة تَ ْذ َىب ذلَم نَػ ْف ِسي‪َ ،‬وأُ ْخ َرى‬ ‫عدـ أَنْ َ ِ‬
‫صار إ َىل َ‬
‫فحة‪ ،‬فَػ َقاسيتهم َم َع غَ ْْي أَقراف‪َ ،‬وِِف ِ‬
‫َ‬ ‫الَ َ‬
‫يب ِبِِم‪.‬‬ ‫شغ ٍ‬‫اض َع ْنهم أَو تَ ِ‬
‫عر ٍ‬ ‫رسي‪َ ،‬وأ َََن َما بَػ ْ َ ِ‬ ‫ض ِ‬‫ينكشر ذلَم ِ‬
‫ْ‬ ‫ْي إ َ‬ ‫َ‬
‫اءِن آخر ب ِر َسالَة ِِف‬ ‫دو ِاىي‪ ،‬فَجردت َعلَْي ِو َنو ِاىي‪َ ،‬و َج ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اءِن َر ُج ٌل ِبُزء البْ ِن َح ْزـ َمسَّاهُ(نكت ا ِإل ْسبلَـ)ف ْيو َ‬ ‫َوقَ ْد َج ِ‬
‫ة)واأل َْم ُر أَفحش ِم ْن أَ ْف يُنقض‪.‬‬ ‫اال ْعتِ َقاد‪ ،‬فَػنَػ َق ْ‬
‫ضتُػ َها ب ِر َسالَة(الغَُّر َ‬
‫هللا‪ ،‬فَِإ َّف هللاَ ََلْ ََيْمر ِِبالَقت َد ِاء ِِبَحد‪َ ،‬والَ ِِبالَىت َداء ِِبَ ْد ِي‬
‫اؿ هللا‪ ،‬والَ نَػ ْتػبع إِالَّ رسوؿ ِ‬
‫يَػ ُق ْولُ ْو َف‪:‬الَ قَػ ْو َؿ إِالَّ َما قَ َ ُ َ َ ُ َ ُ ْ‬
‫بشر‪.‬‬
‫س ذلَم دليل‪َ ،‬وإِ َّظلَا ِى َي َس َخافَة ِِف َتَويل‪ ،‬فَأُوصي ُكم بوصيتْي‪:‬أَ ْف الَ تَ ْستدلُوا َعلَْي ِهم‪،‬‬ ‫َّ‬
‫فيجب أَ ْف يَتحق ُقوا أَهنم لَْي َ‬
‫ِ‬
‫ب َعلَْيك‪َ ،‬وإِ َذا طَالبتو ِِبلدليل ََلْ َِغل ْد إِلَْي ِو‬ ‫ِ‬
‫استدللت َعلَْيو َشغَّ َ‬
‫ِ‬
‫َوأَف تُطَالبوىم ِِبلدَّليل‪ ،‬فَِإ َّف ادلُْبػتَدع إِ َذا ْ‬
‫سبيبل‪)190/18(.‬‬

‫(‪)6/1‬‬

‫اؿ‪.‬‬‫َرِن َما قَ َ‬ ‫اؿ هللاُ‪ ،‬فَحق‪َ ،‬ولَ ِك ْن أ ِ‬ ‫فَأ ََّما قَػ ْوذلُم‪:‬الَ قَػ ْو َؿ إِالَّ َما قَ َ‬
‫يما قَالَوُ َوأَخرب‬ ‫ِِ‬
‫ْم لغَ ِْْيه ف َ‬ ‫ْم هللا أَ ْف َْغل َع َل احلُك َ‬ ‫سلَّ ٍم َعلَى ا ِإلطبلَؽ‪ ،‬بَ ْل ِم ْن ُحك ِ‬ ‫وأ ََّما قَػوذلم‪:‬الَ حك ِ ِ‬
‫ْم إالَّ هلل‪ ،‬فَػغَْيػ ُر ُم َ‬ ‫َ ُْ ُ َ‬
‫بِ ِو‪.‬‬
‫ْم هللا‪ ،‬فَِإنَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪-‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ك الَ‬ ‫ص ٍن فَبلَ تُػ ْن ِزذلْم َعلَى ُحك ِ‬ ‫ت أ َْى َل ح ْ‬ ‫‪(:‬وإِذَا َح َ‬
‫اص ْر َ‬ ‫اؿ َ‬ ‫َف َر ُس ْو َؿ هللا‪َ -‬‬ ‫ص َّح أ َّ‬‫َ‬
‫ك)‪.‬‬ ‫ْم َ‬ ‫ِ‬
‫تَ ْد ِري ما حكْم هللا‪ ،‬ولَ ِكن أَنْ ِزذلْم َعلَى حك ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫سن َِِّت َو ُسنَّة اخلُلَ َفاء‪)...‬احلَديْث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص َّح أَنَّوُ قَ َ‬
‫‪(:‬علَْي ُكم ب َ‬‫اؿ َ‬ ‫َو َ‬
‫العل ِْم‪َ ،‬والَ تَ َكلَّ َم فِ ْي ِو ِِب ِلق ْس ِط‪َ ،‬وَِبلَ َغ ِِف‬‫اضي أَبو ب ْك ٍر‪ -‬ر ِمحَوُ هللا‪َ -‬شي َخ أَبِي ِو ِِف ِ‬ ‫ف ال َق ِ‬ ‫صِ‬ ‫ْت‪ََ :‬ل يػ ْن ِ‬
‫ُ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫قُػل ُ ْ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رمحه َما هللا َوغفر َذلَُما‪.‬‬ ‫االستخ َفاؼ بِو‪َ ،‬وأَبُو بَ ْك ٍر فَػ َعلَى َعظمتو ِِف الْع ْلم الَ يَػ ْبػلُ ُغ ُرتْػبَة أَِيب ُزلَ َّمد‪َ ،‬والَ يَ َكاد‪ ،‬فَ ُ‬ ‫ْ‬
‫رجاف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بحر َع َّجاج‪َ ،‬وَماءٌ ثَ َّجاج‪ ،‬ؼلَْ ُرج م ْن ِبره َم َ‬ ‫اؿ‪:‬أ ََما َْزل ُف ْوظُوُ فَ ٌ‬ ‫س ُع ابْ ُن َح ْزـ الغَافق ّي َوذَ َك َر أ ََِب ُزلَ َّمد فَػ َق َ‬ ‫اؿ اليَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َرَب َعلَى ُك ّل أ َْىل دين‪،‬‬ ‫ْي‪َ ،‬وأ َ‬ ‫اؼ النِّعم ِِف ِرَايض اذلمم‪ ،‬لََق ْد َحفظ علُ ْوَـ ادلُ ْسل ِم ْ َ‬ ‫احلِ َكم‪َ ،‬ويَنبت بِثَ َّجاجو أَل َف ُ‬
‫ضى ِم َن ادلَ َكانَة إِالَّ ِِب َّ‬
‫لس ِريْر‪.‬‬ ‫صبَاهُ يَػلْبَس احلَ ِريْر‪َ ،‬والَ يَػ ْر َ‬ ‫وأَلَّف(ادللل والنحل)وَكا َف ِِف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫َطواد‪)191/18(.‬‬ ‫َحد األ َ‬ ‫َجاد‪َ ،‬وقصد بَػلَْنسيةَ َوِبَا ادلُظََّفر أ َ‬ ‫ش َد ادلعتم َد‪ ،‬فَأ َ‬ ‫أَنْ َ‬
‫س ادلَ ْذ َىب‪ ،‬إِ َذا ِِبَِيب ُزلَ َّم ٍد بن َح ْزـ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وح َّدثَِِن َع ْنوُ ُعمر بن و ِ‬
‫اؿ‪:‬بَػ ْيػنَ َما َْضل ُن ع ْند أَِيب ببَػلَْنسيةَ َو ُى َو يُ َد ِّر ُ‬ ‫اجب قَ َ‬ ‫َُ ُ َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫رتض ِِف َذل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬‫اؿ لَوُ بَػ ْع ُ‬‫ك‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫يَ ْس َم ُعنَا‪َ ،‬ويَػتَػ َع َّجب‪ُُ ،‬ثَّ َسأ ََؿ احلَاض ِريْ َن َم ْسأَلَةً م َن الف ْقو‪ُ ،‬جووب ف ْيػ َها‪ ،‬فَا ْع َ‬
‫ف‪َ ،‬وَما َكا َف‬ ‫ف ِم ْنوُ َوابِ ٌل فَ َما َك َّ‬ ‫اـ َوقَػ َع َد‪َ ،‬و َد َخ َل َم ْن ِزلو فَع َكف‪َ ،‬وَوَك َ‬ ‫ك‪ ،‬فَػ َق َ‬‫س ِم ْن ُم ْنػتَ َحبلَتِ َ‬ ‫احلض َ ِ‬
‫َّار‪:‬ى َذا الْعلْم لَْي َ‬ ‫ُ‬
‫اؿ فِ ْيػ َها‪:‬أ َََن أَتبع احلَقَّ‪َ ،‬وأَجتهد‪َ ،‬والَ‬ ‫ك ادلَو ِ‬ ‫ِ‬
‫اظرة‪َ ،‬وقَ َ‬‫سن منَ َ‬ ‫َح َ‬
‫ضع‪ ،‬فَػنَاظر أ ْ‬ ‫ص ْد ََن إِ َىل ذَل َ ْ‬ ‫بَػ ْع َد أَ ْش ُه ٍر قَ ِريْػبَة َح ََّّت قَ َ‬
‫أَتَػ َقيَّ ُد ِِبَ ْذ َىب‪.‬‬
‫س ْغ لَوُ أَ ْف يُػ َقلِّ َد‪َ ،‬ك َما أ َّ‬
‫َف ال َف ِق ْيو‬ ‫ْت‪ :‬نَعم‪ ،‬من بػلَ َغ رتْػبة االجتِهاد‪ ،‬و َش ِهد لَوُ بِ َذلِ َ ِ ِ ِ ِ‬
‫ك عدَّة م َن األَئ َّمة‪ََ ،‬لْ يَ ُ‬ ‫َْ َ َُ ْ َ َ‬ ‫قُػل ُ‬
‫ف َْغلتَ ِه ُد‪َ ،‬وَما الَّ ِذي‬ ‫االجتِ َهاد أَبَداً‪ ،‬فَ َك ْي َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ادلُبتدئ و ِ َّ ِ‬
‫سوغُ لَوُ ْ‬ ‫العامي الذي َػلفظ ال ُق ْرآف أ َْو َكث ْْياً م ْنوُ الَ يَ َ‬ ‫َ َ‬
‫طْي َولَ َّما يُػ َريِّش؟‬
‫ف يَ ُ‬ ‫؟وعبلَـ يَ ِبِن َ‬
‫؟وَك ْي َ‬ ‫يَػ ُق ْو ُؿ َ‬

‫(‪)7/1‬‬

‫صراً ِِف الفروع‪َ ،‬وكِتَاِبً ِِف ق َواعد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوالقسم الثَّالث‪:‬ال َفق ْيوُ ادلنت ِهي اليَقظ ال َف ِهم ادلُ َح ّدث‪ ،‬الَّذي قَ ْد َحفظ ُسلْتَ َ‬
‫قوةِ ُمنَاظرتِِو‪ ،‬فَػ َه ِذهِ ُرتْػبَة‬ ‫ِ‬
‫شاغلو بتَػ ْفس ْْيه َو َ‬
‫اب ِ‬
‫هللا َوت َ‬ ‫الفضائِل َم َع ِح ْف ِظ ِو لِ ِكتَ ِ‬ ‫ارؾ ِِف َ‬ ‫َّحو‪َ ،‬و َش َ‬ ‫قرأَ الن ْ‬
‫ُص ْوؿ‪َ ،‬و َ‬‫األ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن بل َغ ْ ِ‬
‫ضح لَوُ احلَ ُّق ِِف َم ْسأَلَة‪َ ،‬وثبت ف ْيػ َها الن ّ‬
‫َّص‪،‬‬ ‫مَّت َو َ‬ ‫االجت َهاد ادلُقيَّد‪َ ،‬و ََتَىَّل للنظر ِِف دالَئل األَئ َّمة‪ ،‬فَ َ‬ ‫ْ‬
‫الشافِ ِع ّيِ‪َ ،‬وأَِيب ُعبَػ ْي ٍد‪،‬‬‫اع ّيِ‪ ،‬أَ ِو َّ‬ ‫وع ِمل ِِبا أَح ُد األَئِ َّم ِة األَ ْعبلَِـ َكأَِيب حنِيػ َفةَ ِمثْبلً‪ ،‬أَو َكمالِك‪ ،‬أَ ِو الثػَّوِر ِي‪ ،‬أَ ِو األَوَز ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫ك الرخص‪ ،‬ولِيػتَػوَّرع‪ ،‬والَ يسعو فِيػها بػع َد قياـ احل َّجة َعلَيوِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َمحَ َد‪َ ،‬وإِ ْس َحاؽ‪ ،‬فَػ ْليَػتَّبع ف ْيػ َها احلَ ّق َوالَ يَ ْسلُ ّ َ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َوأ ْ‬
‫تَقلي ٌد‪)192/18(.‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫فَِإف َخاؼ ِشلَّن ي َ ِ‬
‫ب الظُ ُه ْور‪،‬‬ ‫َح ّ‬ ‫سوُ‪َ ،‬وأ َ‬ ‫رتاءى بِ َ‬
‫فعلها‪ ،‬فَػ ُرَِّبَا أَ ْع َجبتو نَػ ْف ُ‬ ‫شغّب َعلَْيو م َن ال ُف َق َهاء فَػلْيَػتَ َكتَّم ِبَا َوالَ يَ َ‬ ‫ُْ‬
‫ط هللاُ َعلَْي ِو َم ْن‬ ‫سلِّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫فَػيػعاقب‪ ،‬ويدخل علَي ِو الد ِ‬
‫َّاخل م ْن نَػ ْفسو‪ ،‬فَكم م ْن َر ُج ٍل نَطَ َق ِب ْحلَ ِّق‪َ ،‬وأَمر ِبدلَْع ُروؼ‪ ،‬فَػيُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬
‫س‬‫س ال ُف َق َهاء‪َ ،‬ك َما أَنَّوُ َداءٌ َسا ٍر ِِف نُػ ُف ْو ِ‬ ‫لرَئ َسة ال ِّدينِيَّة‪ ،‬فَػ َه َذا َداءٌ َخ ِف ّّي َسا ٍر ِِف نُػ ُف ْو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؤذيْو لسوء قَصده‪َ ،‬و ُحبِّ ِو ل ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرتب ادلَُز ْخ َرفَة‪َ ،‬و ُى َو َداءٌ خف ّّي يَس ِري ِِف نُػ ُف ْوس اجلُْند َواأل َُم َراء‬ ‫الوقُػ ْوؼ َو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َرِبب ُ‬ ‫ادلُْنفقْي م َن األَغنيَاء َوأ َ‬
‫آت وكمائِن ِمن االختيَ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اى ِدين‪ ،‬فَرتاىم يلت ُقو َف الع ُد َّو‪ ،‬وي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‬ ‫اجلمعاف َوِِف نُػ ُف ْوس ادلُ َجاىديْ َن ُسلَبّ ُ َ َ ُ َ‬ ‫صطَد ُـ َ‬ ‫َوادلُ َج ْ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫العدد ادلُحبلَّة َعلَى نُػ ُف ْوس‬ ‫القراقل ادلُ َذىَّبَة‪َ ،‬واخلُوذ ادلزخرفَة‪َ ،‬و ُ‬ ‫س َ‬ ‫العجب‪َ ،‬ولُْب ِ‬‫اؿ‪َ ،‬و ِ‬ ‫اع ِة ليُػ َق َ‬ ‫ظهار َّ‬
‫الش َج َ‬ ‫َوإِ َ‬
‫لرعيَّة‪َ ،‬و ُشرب لِلمسكر‪ ،‬فَأ َّ‬
‫ََّن‬ ‫لصبلَة‪َ ،‬وظُلم لِ َّ‬ ‫ك إِخبلَ ٌؿ ِِب َّ‬ ‫نضاؼ إِ َىل َذلِ َ‬ ‫تجربة‪َ ،‬ويَ َ‬ ‫ٍ‬
‫ُمتكبّػ َرة‪َ ،‬وفُػ ْر َساف ُم َِّ‬
‫ف الَ ُؼلذلُ ْوف؟اللَّ ُه َّم‪:‬فَانصر دينَك‪َ ،‬وَوفِّق ِعبَادؾ‪.‬‬ ‫ف؟وَك ْي َ‬
‫صرْو َ‬
‫يُػ ْن ُ‬
‫الرَايء‪،‬‬ ‫ْم‪َ ،‬وبَ َكى َعلَى نَػ ْف ِس ِو‪َ ،‬وِم ْن طلب ال ِْعلْم لِلم َدارس َوا ِإلفتَاء َوالفخر َو ِّ‬ ‫ِ‬
‫ب الْعلْم للعمل كسره العل ُ‬
‫فَمن طَلَ ِ ِ‬
‫َْ َ‬
‫اب َم ْن‬‫ا*وقَ ْد َخ َ‬ ‫اى َ‬ ‫َّاس‪َ ،‬وأ َْىلكو ال ُْع ْجب ‪َ ،‬وَم َقتَػ ْتوُ األَنْػ ُفس{قَ ْد أَفْػلَ َح َم ْن َزَّك َ‬ ‫ازدرى ِِبلن ِ‬ ‫امق‪َ ،‬واختَاؿ‪َ ،‬و َ‬ ‫حتَ َ‬
‫صيَة‪.‬‬‫دسس َها ِِبلفجور وادلَْع ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ َ‬ ‫ا}[الش ْمس‪ 9:‬و ‪]10‬أَي َّ َ‬ ‫اى‬
‫َد َّس َ‬
‫ْي أَلِفاً‪)193/18(.‬‬ ‫قُلِب ْ ِ ِ ِ‬
‫الس ُ‬
‫ت ف ْيو ّ‬ ‫َ‬
‫(‪)8/1‬‬

‫َح َد ادلُ ْجتَ ِهدين‪:-‬‬ ‫السبلَـ‪َ -‬وَكا َف أ َ‬ ‫بن َعبْ ِد َّ‬ ‫ِ‬
‫عز ال ّديْ ِن ُ‬ ‫اؿ َّ‬
‫الش ْي ُخ ّ‬ ‫قَ َ‬
‫ب ا ِإل ْسبلَـ ِِف ال ِْعلْم ِمثْل‪:‬‬ ‫ت ِِف ُكتُ ِ‬ ‫َما َرأَيْ ُ‬
‫(احمللَّى)البْ ِن َح ْزـ‪،‬‬
‫لش ْي ِخ ُم َوفَّق ال ِّديْ ِن‪.‬‬‫غِن)لِ َّ‬ ‫َوكِتَاب(ادلُ ِ‬
‫عز ال ِّديْ ِن‪.‬‬‫الش ْي ُخ ّ‬‫ص َد َؽ َّ‬ ‫ْت‪:‬لََق ْد َ‬‫قُػل ُ‬
‫لبيهقي‪.‬‬‫ا‪(:‬السنَن ال َكبِ ْْي)لِ ِ‬ ‫ثه َم ُّ‬ ‫ِ‬
‫َوََثل ُ‬
‫عبد الرب‪.‬‬ ‫ورابعها‪(:‬التّمهيد)الب ِن ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ َ‬
‫الع ِاَل َح ّقاً‪)194/18(.‬‬ ‫حصل ى ِذهِ الدَّوا ِوين‪ ،‬وَكا َف ِمن أَذكياء ادلفتْي‪ ،‬وأَدمن ادلُطَ ِ‬
‫العة ف ْيػ َها‪ ،‬فَػ ُه َو َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫فَ َم ْن َّ َ‬
‫مؤلفاتو و آَثره العلمية‬
‫دؿ َعلَى ِعظَِم َح ِفظو‬ ‫َمسَاء هللا تَػ َع َاىل كِتَاِبً أَلفو أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد بن َح ْزٍـ األَنْ َدلُ ِسي يَ ُّ‬ ‫ت ِِف أ ْ‬ ‫ٍِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪:‬و َج ْد ُ‬‫الغز ِاَل َ‬
‫اؿ أَبُو َحامد َ‬ ‫قَ َ‬
‫َو َسيَبلَف ِذىنو‪.‬‬
‫ََجَ َع أ َْىل األَنْ َدلُس قَاطبَة لعلُ ْوـ ا ِإل ْسبلَـ‪َ ،‬وأ َ‬
‫َوسعهم‬ ‫َمحَ َد‪َ :‬كا َف ابْ ُن َح ْزٍـ أ ْ‬ ‫بن أ ْ‬‫صاع ُد ُ‬
‫اس ِم ِ‬
‫َ‬
‫اؿ ا ِإلماـ أَبو ال َق ِ‬
‫َوقَ َ َ ُ ُ‬
‫شعر‪َ ،‬وادلَْع ِرفَة ِِبلسْي َواألَ ْخبَار؛أَ ْخبَػ َرِِن ابْػنُو‬ ‫ساف‪َ ،‬وُوفور َح ِظّو ِم َن الببلغَة َوال ّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َم ْع ِرفَة َم َع تَوسعو ِِف علم اللّ َ‬
‫ِ‬ ‫اجتَمع ِع ْن َدهُ طخط أَبِْي ِو أَِيب ُزلَ َّم ٍد ِمن تَػوالِيفو أَربع مائَ ِة رللد تَ ِ‬
‫ْي أ ِ‬
‫َلف َورقَة‪.‬‬ ‫شتمل َعلَى قَ ِريْب م ْن ََثَانِ ْ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ضل أَنَّوُ ْ َ‬ ‫ال َف ْ‬
‫صنّػ َفات َجلِ ْيػلَة ِم ْنها‪:‬‬ ‫َوالبْ ِن َح ْزـ ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش َر أَلف َورقَة‬ ‫سةَ َع َ‬ ‫صاؿ)َخَْ َ‬ ‫يصاؿ إِ َىل فَهم كتَاب اخل َ‬ ‫‪ .1‬أَ ْكبَػ ُرَىا (ا ِإل َ‬
‫شرائِع ا ِإل ْسبلَ ُ‬
‫ـ)رلَلَّ َداف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاؿ احلَافظ جلمل َ‬ ‫‪ .2‬و(اخل َ‬
‫ى)ِف ِ‬
‫الف ْقو ُرلَلَّد‬ ‫‪ .3‬و(ادلُ َجلَّ ِ‬
‫اآلَثر) ََثَ ِاِن ُرلَلَّ َدات‬
‫‪ .4‬و(ادلُ َحلَّى ِِف شرح ادلُ َجلَّى ِِبحلجج َو َ‬
‫الو َد ِاع)مائَة َو ِع ْش ُرْو َف َورقَة‬ ‫(ح َّجة َ‬ ‫‪َ .5‬‬
‫ي)رلَلَّد‬
‫اض ُ‬ ‫اع ْيل ال َق ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪( .6‬قسمة اخلَمس ِِف َّ ِ‬
‫الر ّد َعلَى إ ْمسَ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التعارض َونفي التنَاقض َع ْنػ َها)يَ ُك ْوف َع ْش َرة آالَؼ َورقَة‪ ،‬لَكن ََلْ يُت َّمو‬ ‫رىا َ‬ ‫(اآلَثر الَِِّت ظَاى َ‬‫‪َ .7‬‬
‫َسانِْيد‬ ‫ِ‬ ‫‪( .8‬اجل ِامع ِِف ِ‬
‫صح ْيح احلَديْث)بِبلَ أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سائِل النّظ ِريَّة)‬ ‫‪( .9‬التَّلخيص َوالتَّخليص ِِف ادلَ َ‬
‫(ما انفرد بِ ِو َمالِك َوأَبُو حنِي َفة َو َّ‬
‫الشافِ ِع ّي)‬ ‫‪َ .10‬‬
‫(سلْتصر ادلوضح)ألَِيب احلسن بن ادلغلس الظَّ ِ‬
‫اى ِري‪ ،‬رللد‬ ‫ََ‬ ‫‪َ َ ُ .11‬‬

‫(‪)9/1‬‬

‫َمحَد‪َ ،‬و َد ُاود)‬ ‫سة َمالِك‪َ ،‬وأَِيب َحنِْيػ َفةَ‪َ ،‬و َّ‬
‫الشافِ ِع ّي‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ِ‬
‫‪( .12‬ا ْختبلَؼ ال ُف َق َهاء اخلَ ْم َ‬
‫و)رلَلَّد‬ ‫‪( .13‬التَّصفح ِِف ِ‬
‫الف ْق ُ‬
‫صطََفى أَعيَاف ادلُنَافِقْي)ثَبلَثَة َك َرا ِريْس‬ ‫ِ‬
‫‪( .14‬التَّبيْي ِِف َى ْل َعل َم ادلُ ْ‬
‫‪( .15‬ا ِإلمبلَء ِِف شرح ادلَُوطَّأ)أَلف َورقَة‪)195/18(.‬‬
‫‪( .16‬ا ِإلمبلَء ِِف قواعد ِ‬
‫الف ْقو)أَلف َورقَة أَيْضاً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫القواعد ِِف فَقو الظَّاى ِريَّة)أَلف َورقَة أَيْضاً‬ ‫‪( .17‬در َ‬
‫‪( .18‬ا ِإل َْجَ ُ‬
‫اع)رليليد‬
‫‪( .19‬ال َف َرائِ ُ‬
‫ض)رلَلَّد‬
‫ي)رليليد‬‫الص َقلِ ُ‬ ‫الرِّد َعلَى عبد احلَ ّق بن ُزلَ َّم ٍد َّ‬ ‫الر َسالَة البل َقاء ِِف َّ‬ ‫‪ِّ ( .20‬‬
‫اـ)رلَلَّ َداف‬
‫ُص ْوؿ األَح َك ُ‬ ‫‪( .21‬ا ِإلح َكاـ أل ُ‬
‫صل ِِف ادللل َوالنِّ ُ‬
‫حل)رلَلَّ َداف َكبِْيػ َراف‬ ‫ِ‬
‫‪( .22‬الف َ‬
‫صل)لَوُ‪ُ ،‬رلَلَّد‬ ‫(الر ّد َعلَى َم ِن اعرتض َعلَى ال َف ْ‬ ‫‪َّ .23‬‬
‫ِ‬
‫)رلَلَّد َكبِ ْْي‬ ‫‪( .24‬اليَقْي ِِف نَقض ََتويو ادلعتذ ِريْ َن َع ْن إِبليس َو َسائِر ادلُ ْش ِرك ْ َ‬
‫ْي ُ‬
‫ي)مائَة َورقَة‬ ‫الرا ِز ّ‬
‫(الر ّد َعلَى ابْ ِن َزَك ِرَّاي َّ‬
‫‪َّ .25‬‬
‫اعرتاضو َعلَى النّ َبوات ُرلَلَّد‬ ‫الراوندي ِِف َ‬ ‫اب الف ِريْد)البْ ِن َّ‬ ‫الر ّد َعلَى كِتَ ِ‬ ‫(الرتشيد ِِف َّ‬ ‫‪َّ .26‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫)رلَلَّد‬
‫ْي ُ‬ ‫‪( .27‬ال َّر ّد َعلَى َم ْن كفر ادلتَأ َِّولْي م َن ادلُ ْسل ِم ْ َ‬
‫صر ِِف علل احلَ ِديْ ُ‬
‫ث)رلَلَّد‬ ‫(سلْتَ َ‬
‫‪ُ .28‬‬
‫الع ِاميَّ ُ‬
‫ة)رلَلَّد‬ ‫‪( .29‬التَّػ َق ِريْب َحلْد ادلنطق ِِبألَلْ َفاظ َ‬
‫ر)رلَلَّد‬
‫سب البَػ ْربَ ُ‬ ‫‪( .30‬االستجبلَ ُ َّ ِ‬
‫ب)رلَلد‪ ،‬كتَاب(نَ َ‬ ‫ْ‬

‫(‪)10/1‬‬
‫ك‪)196/18(.‬‬ ‫العروس)رليليد‪َ ،‬وغَ ْْي َذلِ َ‬
‫ُ‬ ‫ط‬
‫‪( .31‬نَػ ْق ُ‬
‫َوِشلَّا لَوُ ِِف جزء أ َْو ُك َّراس‪:‬‬
‫َح َواؿ ا ِإل َماـ)‬ ‫(م َراقبَة أ ْ‬ ‫‪ُ .32‬‬
‫الصبلَة عمداً)‬ ‫(م ْن ترؾ َّ‬ ‫‪ِ .33‬‬
‫ضة)‬‫ار َ‬‫‪ِ ( .34‬ر َسالَة ادلَُع َ‬
‫الصبلَة)‬
‫‪( .35‬قصر َّ‬
‫‪ِ ( .36‬ر َسالَة التَأكيد)‬
‫ِ‬
‫َص َحاب القيَاس)‬ ‫ْي الظَّاى ِريَّة َوأ ْ‬ ‫(ما َوقَ َع بَػ ْ َ‬
‫‪َ .37‬‬
‫ضائِل األَنْ َدلُس)‬ ‫‪( .38‬فَ َ‬
‫‪( .39‬العتَاب َعلَى أَِيب َم ْرَوا َف اخلَْوالَِِنّ)‬
‫الز ْىد)‬ ‫‪ِ ( .40‬رسالَة ِِف معَن ِ‬
‫الف ْقو َو ُّ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يفهم)‬ ‫(م َراتِب العُلَ َماء َو َتوال ُ‬
‫‪َ .41‬‬
‫‪( .42‬التلخيص ِِف أَ ْع َماؿ العبَاد)‬
‫‪( .43‬ا ِإلظهار دلَا ُشنِّع بِ ِو علَى الظَّ ِ‬
‫اى ِريَّة)‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ي)جزآف‬‫‪( .44‬زجر الغَا ِو ُ‬
‫‪( .45‬النّبذ ال َكافِيَة)‬
‫ص ِغ ْْي‬
‫َّقليد)رلَلَّد َ‬
‫ُ‬ ‫الرأْي َوالقيَاس َوالتَّعليل َوالت‬ ‫ادلوجزة ِِف نَِفي َّ‬
‫َ‬ ‫‪( .46‬النّكت‬
‫زمة أل ِ‬
‫َوَل األ َْمر)‬ ‫‪ِّ .47‬‬
‫(الر َسالَة البلَ َ‬
‫صر ادللل َوالنِّ ُ‬
‫حل)رلَلَّد‬ ‫(سلْتَ َ‬
‫‪ُ .48‬‬
‫ِ‬
‫م)جزآف‬‫‪( .49‬ال ّد َرة ِِف َما يَلزـ ادلُ ْسل ُ‬
‫الروح)‬‫(م ْسأَلَة ِِف ُّ‬ ‫‪َ .50‬‬
‫َّ ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫(الر ّد َعلَى إِ ْمسَاع ْي َل اليَهودي‪ ،‬الذي أَلف ِِف تَػنَاقض َ‬
‫آايت)‬ ‫‪َّ .51‬‬
‫َّصائِح ادلنجيَة)‬ ‫‪( .52‬الن َ‬
‫الص َمادحية ِِف الوعد َوالوعيد)‬ ‫(الر َسالَة ُّ‬ ‫‪ِّ .53‬‬
‫(م ْسأَلَة ا ِإل ْؽلَاف)‬‫‪َ .54‬‬

‫(‪)11/1‬‬
‫(م َراتِب العلُ ْوـ)‬
‫‪َ .55‬‬
‫‪( .56‬بيَاف غلط ُعثْ َماف بن َسعِ ْي ٍد األَ ْع َور ِِف ادلُ ْسنَد َوادلُرسل)‪)197/18(.‬‬
‫‪( .57‬تَػ ْرتِْيب ُس َؤاالَت ُعثْ َماف الدَّا ِرِمي البْ ِن َم ِع ْ ٍ‬
‫ْي)‬ ‫ّ‬
‫(تسميَة ُشيُػ ْوخ َمالِك)‬
‫احب ِِف مسند ب ِقي)‪ِ ،‬‬ ‫‪( .58‬عدد ما لِ ُك ِل ص ِ‬
‫ُ َ ّ‬ ‫َ ّ َ‬
‫ؽ)جزآف‬ ‫ِ‬
‫(السْي َواألَخبلَ ُ‬ ‫‪ّ .59‬‬
‫ك إِ َىل ابْ ِن َح ْف ُ‬
‫ص ْو َف‬ ‫احة َوالببلغَة) ِر َسالَة ِِف ذَلِ َ‬ ‫ص َ‬
‫‪( .60‬بيَاف ال َف َ‬
‫(م ْسأَلَة َى ِل َّ‬
‫الس َواد لُْو ٌف أ َْو الَ)‬ ‫‪َ .61‬‬
‫الرسم)‬ ‫‪( .62‬احل ّد َو َّ‬
‫الوافدين َعلَى ابْ ِن أَِيب َع ِام ٍر)‬ ‫‪ِ .63‬‬
‫(تسميَة ُّ‬
‫الش َع َراء َ‬
‫‪َ ( .64‬ش ْيء ِِف العروض)‬
‫(م َؤلّف ِِف الظَّاء َو َ‬
‫الضاد)‬ ‫‪ُ .65‬‬
‫ِ‬
‫لديواف ِّ‬
‫ادلتنِب)‬ ‫‪( .66‬التَّعقب َعلَى األَفليلي ِِف شرحو َ‬
‫ص ْور بن أَِيب َع ِام ٍر)‬
‫‪( .67‬غَ َزَوات ادلَْن ُ‬
‫ارى)‪.‬‬ ‫(َتلِيف ِِف َّ ِ‬
‫َّص َ‬
‫الر ّد َعلَى أ َََنجيل الن َ‬ ‫‪َ .68‬‬
‫مؤلفاتو ِف الطب‬
‫ب ِم ْنػ َها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ب النّب ِوي) َوذَ َك َر فِ ْيػ َها أ ْ‬
‫َمسَاء كتب لَوُ ِِف الطّ ّ‬
‫ِ‬
‫‪َ .69‬والبْ ِن َح ْزـ‪ِ (:‬ر َسالَة ِِف الطّ ّ‬
‫ادة)‪،‬‬ ‫الع َ‬
‫(م َقالَة َ‬ ‫‪َ .70‬‬
‫ض ِّد)‬
‫ض ّد ِِبل ِّ‬
‫(م َقالَة ِِف ش َفاء ال ِّ‬
‫‪َ .71‬و َ‬
‫بقراط)‬ ‫‪َ .72‬و( َش ْرح فَصوؿ َ‬
‫‪َ .73‬وكِتَاب(بلغَة احلَ ِك ْيم)‬
‫ب)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ .74‬وكتَاب(ح ّد الطّ ّ‬
‫ِ‬
‫تصار َكبلَـ َجالينوس ِِف األ َ‬
‫َمراض احلَادَّة)‬ ‫‪َ .75‬وكتَاب(ا ْخ َ‬
‫‪َ .76‬وكِتَاب ِِف(األَدويَة َ‬
‫ادلفردة)‬
‫الزبِْيب)‬
‫ْي الت َّْمر َو َّ‬ ‫(م َقالَة ِِف احملَ َ‬
‫اكمة بَػ ْ َ‬ ‫‪َ .77‬و َ‬
‫(م َقالَة ِِف النَّ ْخل)‬
‫‪َ .78‬و َ‬
‫َّوراة َوا ِإلصليل)‬ ‫‪( .79‬تَبديل اليػهود والنَّص ِ‬
‫ارى للت َ‬
‫َُْ َ َ َ‬
‫ك‪)198/18(.‬‬ ‫‪َ .80‬وأَشيَاء ِس َوى ذَلِ َ‬
‫(‪)12/1‬‬

‫زلنتو‬
‫اعةٌ ِم َن‬ ‫اـ َعلَْي ِو ََجَ َ‬ ‫العلَ َماء‪ ،‬و ُش ِّرد َع ْن َوطَنو‪ ،‬فَػنَػ َز َؿ ب َق ْريَة لَوُ‪َ ،‬و َج َر ْ‬
‫ت لَوُ أ ُُم ْوٌر‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫سانو ِِف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوقَد امتُحن لتطويل ل َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت بػيػنو وبػْي أَِيب ِ‬ ‫ِِ‬
‫َّولَة‪،‬‬ ‫ات‪َ ،‬ونَػ َّف ُروا م ْنوُ ُملُ ْو َؾ النَّاحيَة‪ ،‬فَأَق َ‬
‫ْص ْتوُ الد ْ‬ ‫ات َوُمنَافُػ َر ٌ‬ ‫اظر ٌ‬‫الول ْيد البَاجي ُمنَ َ‬ ‫َ‬ ‫ادلَالكيَّة‪َ ،‬و َج َر ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ‬
‫ات ِم ْن كتبِ ِو‪َ ،‬وَحتََّوؿ إِ َىل َِب ِديَة لَْبػلَة ِِف قَػ ْريَة‪.‬‬
‫َوأَحرقت رلل َد ٌ‬
‫ِ‬ ‫اؿ أَبو اخلَطَّاب ابن ِدحية‪َ :‬كا َف ابن حزٍـ قَ ْد ب ِر ِ‬
‫ْي َسنَةً‬‫اش ثنتْي َو َس ْبع ْ َ‬‫َصابو َزَمانة‪َ ،‬و َع َ‬ ‫ص م ْن أَكل اللُّبا َف‪َ ،‬وأ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُ َْ‬ ‫ْ ُ َْ‬ ‫قَ َ ُ‬
‫غَ ْْي َش ْهر‪.‬‬
‫الشافِ ِع ّي‪َ -‬ر ِمحَوُ هللاُ‪-‬يَ ْستَػ ْع َمل اللُّبا َف ل ُق َوة احلِْفظ‪ ،‬فَولَّ َد لَوُ َرْم َي الدَّـ‪)199/18(.‬‬ ‫ك َكا َف َّ‬ ‫‪:‬وَك َذلِ َ‬‫ْت َ‬‫قُػل ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اج شقيقْي‪.‬‬ ‫احلج ِ‬
‫سيف َ‬ ‫ساف ابْ ِن َح ْزـ َو ُ‬ ‫اس ابْ ُن الع ِريف‪َ :‬كا َف ل َ‬ ‫العبَّ ِ‬
‫اؿ أَبُو َ‬ ‫قَ َ‬
‫ب‪َ ،‬وَما يَتعلَّق‬ ‫سٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫اؿ أَبُو َم ْرَواف بن َحيَّاف‪َ :‬كا َف ابْ ُن َح ْزـ‪َ -‬رمحَوُ هللاُ‪َ -‬حامل فُػنُػ ْوف م ْن َحديْث َوفقو َو َج َدؿ َونَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫َّعالِيم ال َق ِد ْؽلَة ِم َن ادلَنطق َوالفلس َفة‪َ ،‬ولَوُ ُكتب َكثِْيػ َرة ََلْ َؼل ُل فِ ْيػ َها ِم ْن‬ ‫ارَكة ِِف أَنْػ َواع التػ َ‬
‫شَ‬ ‫ِِب َِذ َايؿ األَدب‪َ ،‬م َع ادلُ َ‬
‫ادلسالك‪،‬‬ ‫ض َّل ِِف ُسلُ ْوؾ َ‬ ‫َّسور َعلَى ال ُفنُػ ْوف الَ ِسيَّ َما ادلنطق‪ ،‬فَِإ َّهنم َز َع ُموا أَنَّوُ َز َّؿ ىنَالك‪َ ،‬و َ‬ ‫غَلَ ٍط ِجل َراءتو ِِف الت ُّ‬
‫ضو‪َ ،‬والَ ْارََتض‪َ ،‬وَماؿ أ ََّوالً إِ َىل النَّظَر َعلَى َرأْي‬ ‫اض َع الفن ُسلَالََفةَ ِم ْن ََلْ يَفهم غَ َر َ‬ ‫و َخالف أَرسطَاطَاليس و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؼ بِ َذل َ ِ‬ ‫استُػ ْه ِد َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫لشذوذ‪ُُ ،‬ثَّ َع َدؿ إِ َىل‬ ‫ب ِِب ُّ‬ ‫ك لَ َكث ْْي م َن ال ُف َق َهاء‪َ ،‬وع ْي َ‬ ‫الشافع ّي‪َ ،‬وََنضل َع ْن َم ْذ َىبو َح ََّّت ُوس َم بِو‪ ،‬فَ ْ‬
‫ات‪َ ،‬وَكا َف ػلمل علمو َى َذا‪َ ،‬وُغلَادؿ َع ْنوُ َم ْن‬ ‫ثبت َعلَْي ِو إِ َىل أَ ْف َم َ‬
‫ادؿ َع ْنوُ‪َ ،‬و َ‬ ‫اىر‪ ،‬فَ َّنقحو‪َ ،‬و َج َ‬ ‫قَػوؿ أَصحاب الظَّ ِ‬
‫ْ َْ‬
‫َخ َذهُ هللا َعلَى العُلَ َم ِاء‪{:‬لتُػبَػيِّنُػنَّوُ لِلن ِ‬
‫َّاس‬ ‫الع ْهد الَّ ِذي أ َ‬ ‫اع ِو‪ ،‬وم َذ ٍؿ ِِبَسرا ِرهِ‪ ،‬و ٍ‬
‫استنَاد إِ َىل َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫َخالََفو علَى اسرتس ٍ ِ ِ‬
‫اؿ ِِف طبَ َ َ‬ ‫ُ َ ْ َ‬
‫صك اجلَْن َدؿ‪،‬‬ ‫ارضوُ َّ‬ ‫صك بِ ِو َم ْن َع َ‬ ‫ص ْد َعوُ ِِبَا ِع ْن َدهُ بِتع ِريض َوالَ بتد ِريج‪ ،‬بَ ْل يَ ُّ‬ ‫ف َ‬ ‫ك يُػلَ ِطّ ُ‬ ‫َوالَ تَكْتُ ُم ْونَوُ} فَػلَ ْم يَ ُ‬
‫الؤوا َعلَْي ِو‪،‬‬ ‫تم ُ‬
‫ؼ ل ُف َق َهاء َوقتو‪ ،‬فَ َ‬ ‫استُػ ْه ِد َ‬ ‫ِ‬
‫ب‪َ ،‬وتُوقع بِو النّدوب‪َ ،‬ح ََّّت ْ‬
‫ِ‬
‫شاؽ اخلَْر َدؿ‪ ،‬فَتنف ُر َع ْنوُ ال ُقلُ ْو ُ‬ ‫َويُػ ْن ِشقو إِن َ‬
‫الدنو ِم ْنوُ‪ ،‬فَطفق ادلُلُ ْوؾ‬ ‫تنتو‪َ ،‬وهنوا َع َو َّامهم َع ِن ِّ‬ ‫ََجَعوا َعلَى تضليلِ ِو‪ ،‬و َشنػَّعوا َعلَي ِو‪ ،‬وح َّذروا سبلَطينهم ِمن فِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُ ْ ََ ُ‬ ‫َوأ ْ ُ‬
‫َف انتهوا بِ ِو ُم ْنػ َقطع أَث ِره‪:‬بلدة ِم ْن َِب ِديَة لَْبػلَة‪)201/18(.‬‬ ‫ببلد ِىم إِ َىل أ ِ‬
‫يقصونو َعن قُرِبم‪ ،‬ويسِّْيونَوُ َعن ِ‬
‫َ ُ َ ُْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫(‪)13/1‬‬

‫بلدهِ‪ِ ،‬من ع َّامة ادلُقتبسْي ِمن أَص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اغ ِر‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ث علمو فِ ْي َم ْن يَػ ْنػتَابو م ْن َِب ِديَة ِ ْ َ‬ ‫تدع َوالَ َراجع‪ ،‬يَػبُ ُّ‬ ‫ك غَيػر مر ِ‬
‫َو ُى َو ِِف َذل َ ْ ُ ُ‬
‫صنّػ َفاتو َوقػ ُْر بعْي‪ََ ،‬لْ يَػ ْع ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطَّلبة‪ ،‬الَّ ِذين الَ َؼل ُ ِ ِ‬
‫ارسهم‪َ ،‬ح ََّّت َك َم َل م ْن ُم َ‬
‫ههم‪َ ،‬ويُ َد ُ‬
‫ش ْو َف ف ْيو ادلَبلَ َمة‪ُ ،‬ػلَ ّد ُثهم‪َ ،‬ويُػ َف ّق ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫معايبو‪َ -‬ز َع ُموا ِع ْند‬ ‫ض َها ِبِِشبيلية‪ ،‬وم ِّزقَ ْ ِ‬
‫ت َعبلَنيَةً‪َ ،‬وأَ ْكثَػ ُر َ‬ ‫َُ‬ ‫ُح ِر َؽ بَػ ْع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَ ْكثَػ ُرَىا َِبديَػتَو ُلز ْىد ال ُف َق َهاء ف ْيػ َها‪َ ،‬ح ََّّت أل ْ‬
‫ك‬‫قوةِ َس ْبحو ِِف ِغ َماره‪َ ،‬و َعلَى ذَلِ َ‬ ‫ك َعلَى َ‬ ‫َعوص‪َ ،...‬وََتلُّفو َع ْن ذَلِ َ‬ ‫ِ‬
‫اسة الْعلْم الَِِّت ى َي أ ُ‬
‫ِ‬
‫نصف‪َ -‬جهلُو بسيَ َ‬ ‫ادل َ‬
‫لس َؤاؿ‪ ،‬فِ َّ ِ‬ ‫يب َشاىد علمو َع ْنوُ ِع ْند ل َقائِِو‪ ،‬إِ َىل أَ ْف ُػلَ َّر َؾ ِِب ُّ‬ ‫مغ ِ‬‫لسلِيم ِم ِن اضطراب رأيو‪ ،‬و ِ‬ ‫فَػلَ ْم يَ ُك ْن ِِب َّ‬
‫يتفجر م ْنوُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ادهُ لِ ِ‬
‫ص َّح ِة‬ ‫اضيهم َوَِبقي ِهم‪َ ،‬وا ْعتِ َق ُ‬ ‫ِبر ِعل ٍْم الَ تُ َك ِّدرهُ ال ّدالَء‪ ،‬وَكا َف ِشلَّا ي ِزيْ ُد ِِف شنآنو تَشيُّعو ألُمراء ب ِِن أُميَّةَ م ِ‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب‪)202/18(.‬‬ ‫إِ َمامت ِهم‪َ ،‬ح ََّّت لنُسب إِ َىل الن ْ‬
‫َّص ِ‬
‫َمع َن فِ ْي ِو‪ ،‬فَزلزلو ِِف أَشيَاء‪َ ،‬وَِل أ َََن َم ْي ٌل‬ ‫ِِ‬ ‫لم‪َ -‬عن ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫س ِن ادلَ ْذحج ّي‪َ ،‬وأ َ‬ ‫‪:‬زلَ َّمد ب ِن احلَ َ‬ ‫َخ َذ ادلنطق‪-‬أَبع َدهُ هللا م ْن ع ٍ ْ‬ ‫َوقَ ْد أ َ‬
‫اؿ َوالعلل‪،‬‬ ‫ت الَ أ َُوافِ ُقوُ ِِف َكثِ ٍْْي ِشلَّا يَقولُوُ ِِف ِّ‬
‫الر َج ِ‬ ‫الص ِح ْيح‪َ ،‬وَم ْع ِرفَتِ ِو بِ ِو‪َ ،‬وإِ ْف ُك ْن ُ‬ ‫ث َّ‬ ‫إِ َىل أَِيب ُزلَ َّم ٍد دلَحبَّتو ِِف احل ِديْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َقطع طخطئِ ِو ِِف غَ ِْْي َما َم ْسأَلَ ٍة‪َ ،‬ولَ ِكن الَ أُ َك ِّفره‪َ ،‬والَ أ َ‬ ‫وادلَ ِ ِ ِ‬
‫ُضلّلُوُ‪َ ،‬وأ َْر ُجو لَوُ‬ ‫ُص ْو ِؿ َوالفروع‪َ ،‬وأ ُ‬ ‫سائل البَش َعة ِِف األ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ْي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للم ْسلم ْ َ‬
‫سازلَة َو ُ‬ ‫العفو َوادلُ َ‬
‫َ‬
‫وصف ابن حزـ لرتبة بعض الكتب‬
‫ات(ادلَُوطَّأ)‪.‬‬‫قاؿ الذىِب‪ :‬وأَخضع لَِفر ِط ذ َكائِِو وسعة علُوِم ِو‪ ،‬ورأَيْتوُ قَ ْد ذَ َكر قَػوؿ من يػ ُقو ُؿ‪:‬أَج ُّل ادلُصنَّػ َف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ َ‬ ‫َ ََ ْ ََ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َّعظيْم‪:‬‬ ‫اؿ‪ :‬بَ ْل أ َْو َىل ال ُكتُب ِِبلتػ َ‬‫فَػ َق َ‬

‫(‪)14/1‬‬

‫ي‬‫حيحا)البُ َخا ِر ّ‬
‫(ص َ‬ ‫َ‬
‫َوُم ْسلِم‬
‫الس َكن)‬ ‫(ص ِح ْيح ابْن َّ‬ ‫َو َ‬
‫ارْو ِد)‬
‫(منت َقى ابْن اجلَ ُ‬ ‫َو ُ‬
‫َصبَغ‬ ‫ِ‬
‫َو(ادلنت َقى)ل َقاسم بن أ ْ‬
‫ُُثَّ بَػ ْع َد َىا كِتَاب أَِيب َد ُاو َد‬
‫َّسائِ ّي‬ ‫ِ‬
‫َوكتَاب الن َ‬
‫َصبَغ‬ ‫ِ‬
‫(ادلصنّف)ل َقاسم بن أ ْ‬ ‫َو َ‬
‫(مصنّف أَِيب َج ْع َف ٍر الطَّ َحا ِو ّ‬
‫ي)‪.‬‬ ‫َو َ‬
‫س إِالَّ بَػ ْع َد‬ ‫آعلا‪ ،‬والَ أ ِ‬
‫ُدخبل إِ َىل األَنْ َدلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْت‪:‬ما ذكر(سنن اب ِن ماجو)‪ ،‬والَ ِ‬
‫سى)؛فَِإنَّوُ َما َر َُ َ‬
‫(جامع أَِيب ع ْي َ‬
‫َُ ْ َ َ َ َ‬ ‫قُػل ُ َ‬
‫َم ْوتِِو‪)203/18(.‬‬
‫اؿ‪:‬‬
‫ُُثَّ قَ َ‬
‫(م ْسنَد البَػ َّزار)‬
‫َو ُ‬
‫(م ْسنَد ابْػ َِن أَِيب َش ْيػبَةَ)‬‫َو ُ‬
‫َمحَد بن َح ْنػبَ ٍل)‬ ‫(م ْسنَد أ ْ‬
‫َو ُ‬
‫(م ْسنَد إِ ْس َحاؽ)‬ ‫َو ُ‬
‫(م ْسنَد)الطَّيَالِ ِس ّي‬
‫َو ُ‬
‫سن بن ُس ْفيَا َف‬ ‫(م ْسنَد)احلَ َ‬ ‫َو ُ‬
‫(م ْسنَد ابْن َس ْن َجر)‬ ‫َو ُ‬
‫هللا بن ُزلَ َّم ٍد)ادلُ ْسنَ ِدي‬ ‫و(مسند عبد ِ‬
‫َ ُ ْ َ َْ‬
‫(م ْسنَد يَػ ْع ُق ْوب بن َش ْيػبَةَ)‬
‫َو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(م ْسنَد َعل ّي بن ادلَديِِّْ‬
‫ِن)‬ ‫َو ُ‬
‫(م ْسنَد ابْن أَِيب غَ َرَزةَ)‪.‬‬ ‫َو ُ‬
‫ت لِ َكبلَِـ رسوؿ ِ‬
‫هللا‪-‬صلَّى هللا َعلَْي ِو وسلَّم‪ِ -‬‬
‫ص ْرفاً‪.‬‬ ‫رلرى َى ِذهِ ال ُكتُب الَِِّت أُفْ ِر َد ْ‬
‫ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫جرى َ‬ ‫َوَما َ‬
‫كبلموُ َوَكبلَ ُـ غَ ْْيه ِمثْل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ُُثَّ ال ُكتُب الَِِّت ف ْيػ َها ُ‬
‫َّاؽ)‪،‬‬ ‫الرز ِ‬
‫(مصنّف َع ْبد َّ‬ ‫َ‬
‫صنَّف أَِيب بَ ْك ٍر ب ِن أَِيب َش ْيػبَةَ)‬ ‫(م َ‬‫َو ُ‬
‫صنَّف بَِق َي بن َسلْلَ ٍد)‬ ‫(م َ‬‫َو ُ‬
‫ص ٍر ادلَْرَوِز ّ‬
‫ي‬ ‫َوكِتَاب ُزلَ َّمد بن نَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوكتَاب ابْن ادلُْنذ ِر األَ ْك َرب َواأل ْ‬
‫َصغَر‬
‫صنَّف َمحَّاد بن َسلَ َمةَ)‬ ‫َّ(م َ‬
‫ُُث ُ‬
‫س)‬ ‫و(م َوطَّأ َمالِك بن أَنَ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ب)‬ ‫ِ‬
‫َو(موطَّأَ ابْن أَِيب ذئْ ٍ‬
‫ب)‬‫(م َوطَّأَ ابْن َو ْى ٍ‬
‫َو ُ‬

‫(‪)15/1‬‬

‫صنَّف َوكِ ْيع)‬


‫(م َ‬
‫َو ُ‬
‫ف ِ‬
‫الف ْرَايِ ّيب)‬ ‫صنَّف ُزلَ َّمد بن يُػ ْو ُس َ‬
‫(م َ‬
‫َو ُ‬
‫ص ْوٍر)‬ ‫ِ‬
‫صنَّف َسع ْيد بن َم ْن ُ‬ ‫(م َ‬‫َو ُ‬
‫َمحَد بن َح ْنػبَ ٍل)‬ ‫سائِل أ ْ‬ ‫(م َ‬
‫َو َ‬
‫َوفقو أَِيب ُعبَػ ْي ٍد‬
‫َوفقو أَِيب ثَػ ْوٍر‪.‬‬
‫ْي)مع(سنَن أَِيب َداو َد والن ِ‬ ‫ف ابن ح ْزٍـ؛بل رتْػبة(ادلُوطَّأ)أَ ْف يذكر تِلْو َّ ِ‬
‫َّب‪،‬‬
‫َّسائ ّي)‪ ،‬لَكنَّو ََتَد َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫(الصح ْي َح ْ ِ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ص َ ُْ َ َْ َُ َ‬ ‫‪:‬ما أَنْ َ‬ ‫ْت َ‬‫قُػل ُ‬
‫س‪َ ،‬وَم َهابَةً ِِف ال ُقلوب الَ يُػ َوا ِزهنَا َش ْيءٌ‪.‬‬ ‫الص ْرؼ‪َ ،‬وإِ َّف(لِلموطَّأ)لََوقْعاً ِِف النُّػ ُف ْو ِ‬ ‫َّـ ادلُ ْسنَ َدات النّبويَّة ِّ‬ ‫َوقَد َ‬
‫(األحاديث الِت يرويها ابن حزـ مسندة)‬
‫اس ِم‬ ‫هللا بن ُزلَ َّم ِد ب ِن ىارو َف ِمن مدينَة تُونس َعاـ سب ِع مائَة‪َ ،‬عن أَِيب ال َق ِ‬ ‫َكتب إِلَيػنا ادلُع َّمر الع ِاَل أَبػو ُزلَ َّم ٍد عب ُد ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َْ َ َ ُْ‬
‫َف أ ََِب ُزلَ َّم ٍد بن َح ْزـ كتب إِلَْي ِو قَ َ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫الر َع ْي ِِن‪ ،‬أ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َمحَ َد ب ِن يَ ِزيْ َد ال َقاضي‪َ ،‬ع ْن ُش َريْح بن ُزلَ َّمد ُّ ّ‬ ‫أْ‬
‫هللا‪َ ،‬ح َّدثَػنَا َوكِ ْي ٌع‪َ ،‬ع ِن‬‫اسم بن أَصبغ‪ ،‬ح َّدثَػنا إِبػر ِاىيم ابن عب ِد ِ‬ ‫الر ْمحَ ِن ب ِن مسعو ٍد‪ ،‬أَ ْخبػرََن قَ ِ‬ ‫بن َع ْب ِد َّ‬
‫ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ ُْ‬ ‫أَ ْخبَػ َرََن َْػل ََي ُ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫صالِ ٍح‪َ ،‬ع ْن أَِيب ُى َريْػ َرةَ قَ َ‬ ‫ش‪َ ،‬ع ْن أَِيب َ‬ ‫األَ ْع َم ِ‬
‫صلَّى هللاُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪َّ -‬‬
‫‪(:‬الص ْو ُـ ُجنَّةٌ)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اؿ َر ُس ْو ُؿ هللا‪َ -‬‬ ‫قَ َ‬
‫أَ ْخ َر َجوُ ُم ْسلِم‪َ ،‬ع ْن أَِيب َس ِع ْي ٍد األَ َش ّج‪َ ،‬ع ْن َوكِ ْيع‪)204/18(.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َوبِ ِو‪:‬قَ َ‬
‫بن َع ْبد هللا ب ِن أَِيب ُدليم‪َ ،‬ح َّدثَػنَا ُزلَ َّم ُد ُ‬
‫بن‬ ‫بن ُزلَ َّمد اجلسوِري‪َ ،‬ح َّدثَػنَا ُزلَ َّم ُد ُ‬ ‫َمحَ ُد ُ‬ ‫‪:‬ح َّدثَػنَا أ ْ‬‫اؿ ابْ ُن َح ْزـ َ‬
‫هللا ادلَُزِِنّ‪َ ،‬ع ِن ابْ ِن‬ ‫وضَّاح‪ ،‬ح َّدثَػنا أَبو ب ْك ٍر بن أَِيب َشيػبةَ‪ ،‬ح َّدثَػنا ي ِزي ُد بن ىارو َف‪ ،‬أَ ْخبػرََن ُمحي ٌد‪ ،‬عن ب ْك ِر بن عب ِد ِ‬
‫َْ‬ ‫َ َ َْ َ ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ُْ‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫ُع َم َر‪ ،‬قَ َ‬
‫صلَّى هللاُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪ِِ -‬بحلَ ِّج‪َ ،‬وأ َْىلَلْنَا بِ ِو َم َعوُ‪ ،‬فَػلَ َّما قَ ِد َـ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ي‬‫‪(:‬م ْن ََلْ يَ ُك ْن َم َعوُ َى ْد ٌ‬
‫اؿ َ‬ ‫إِ َّظلَا أ ََى َّل َر ُس ْوؿ هللا‪َ -‬‬
‫فَػلْيَ ْحلِ ْل)‪.‬‬
‫صلَّى هللاُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪َ -‬ى ْدي‪َ ،‬وََلْ َِػل َّل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ي‪َ ،‬وَكا َف َم َع َر ُس ْو ِؿ هللا‪َ -‬‬ ‫َّاس إِالَّ َم ْن َكا َف َم َعوُ َى ْد ٌ‬ ‫َح َّل الن ُ‬ ‫فَأ َ‬
‫بن ُزلَ َّم ٍد‬ ‫ْي ب ِن ع َق َ‬ ‫هللا بن احلُس ْ ِ‬ ‫َمح ُد بن عمر الع ْذ ِري‪ ،‬ح َّدثَػنا عب ُد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َوبِ ِو‪:‬قَ َ‬
‫اؿ‪َ ،‬ح َّدثَػنَا عبي ُد هللا ُ‬ ‫َ‬ ‫‪:‬ح َّدثَِِن أ ْ َ ُ ُ َ َ ُ ّ َ َ َ ْ‬ ‫اؿ ابْ ُن َح ْزـ َ‬
‫بن ُزلَ َّم ٍد األَثْػ َرـ‪َ ،‬ح َّدثَػنَا‬‫َمحَ ُد ُ‬‫ي‪َ ،‬ح َّدثَػنَا أ ْ‬ ‫ٍ‬
‫بن ُزلَ َّمد اجلَْو َى ِر ّ‬ ‫بن َج ْع َف ِر ب ِن َسلْم‪َ ،‬ح َّدثَػنَا ُع َم ُر ُ‬ ‫َمحَ ُد ُ‬ ‫الس َق ِط ّي‪َ ،‬ح َّدثَػنَا أ ْ‬ ‫َّ‬
‫ت أَنَس بن مالِ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫بن َح ْنػبَ ٍل‪َ ،‬ح َّدثَػنَا ُى َ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫بن َع ْبد هللا‪َ ،‬مس ْع ُ َ َ َ‬ ‫ْر ُ‬ ‫ش ْي ٌم‪ ،‬أَ ْخبَػ َرََن ُمحَْيد‪َ ،‬ح َّدثَػنَا بَك ُ‬ ‫َمحَ ُد ُ‬ ‫أْ‬
‫هللا‪-‬صلَّى هللا َعلَْي ِو وسلَّم‪-‬يػلَِِب ِِبحل ِج والعمرةِ َِ‬
‫َج ْيعاً‪.‬‬ ‫ت رسو َؿ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ُ ّ َ ّ َ َُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َمس ْع ُ َ ُ ْ‬
‫اؿ‪:‬لَ ََّّب ِِبحلَ ِّج َو ْح َدهُ‪.‬‬ ‫ك ابْ َن عُ َم َر‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫ثت بِ َذلِ َ‬ ‫اؿ بكر‪:‬فَ َح ّد ُ‬ ‫قَ َ‬
‫َمحَ َد)‪ ،‬فَأَ ََن َوابْ ُن َح ْزٍـ فِ ْي ِو َس َواء‪)205/18(.‬‬ ‫(م ْسنَد أ ْ‬ ‫َوقَ َع لَنَا َى َذا ِِف ُ‬
‫( ِش ْع ُر ابْ ِن َح ْزـ)‬
‫اد ِم َن ال ُكتُب يَػ ُق ْو ُؿ‪:‬‬ ‫ض ُد بن َعبَّ ٍ‬
‫ُ‬
‫وبِ ِو‪:‬إِ َىل ابْ ِن ح ْزـ فِيما أَحرؽ لَوُ ادلُْعتَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اس الَ َحتْ ِرقُوا الَّ ِذي تَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس بَ ْل ُى َو ِِف َ‬
‫ص ْد ِري‬ ‫ض َّمنَوُ الق ْرطَ ُ‬ ‫فَإ ْف َحتْ ِرقُوا الق ْرطَ َ‬
‫ت َرَكائِِِب َويَػ ْن ِز ُؿ إِ ْف أَنْ ِز ْؿ َويُ ْدفَ ُن ِِف قَػ ِْربي‬
‫استَػ َقلَّ ْ‬
‫ث ْ‬ ‫يَ ِس ْيػ ُر َم ِعي َح ْي ُ‬

‫(‪)16/1‬‬

‫َّاس َم ْن يَ ْد ِري‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬


‫َدعُ ْوِِنَ م ْن إ ْح َراؽ َرؽ َوَكاغَد َوقُولُوا بعل ٍْم كي يَػ َرى الن ُ‬
‫هلل ِم ْن ِس ِْرت‬ ‫ب ب ْدأَةً فَ َكم دو َف ما تَػبػغُو َف ِ‬
‫ْ ُْ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫َوإِالَّ فَػ ُع ْو ُدوا ِِف ادلَ َكات ِ َ‬
‫َكفهم ال ُق ْرآ َف ِِف ُم ُد ِف الثَّػغْ ِر‬ ‫ت أ ُّ‬ ‫ارى َْػل ِرقُػ ْو َف إِذَا َعلَ ْ‬ ‫َّص َ‬
‫اؾ الن َ‬ ‫َك َذ َ‬
‫(‪)206/18‬‬
‫َوبِ ِو البْ ِن َح ْزـ‪:‬‬
‫س ِديْناً‬ ‫ِ‬
‫ي َوادلََقاي ْي َ‬ ‫الرأْ َ‬‫َِن الَ أ ََرى َّ‬ ‫ك أِّ‬ ‫أُ ْش ِه ُد هللاَ َوادلَبلَئِ َ‬
‫َّص َواذلَُدى ُم ْستَبِْيػنَا‬ ‫ِ‬ ‫ح ِ‬
‫اء ِِف الن ِّ‬ ‫اش هلل أَ ْف أَقُػ ْو َؿ س َوى َما َج َ‬ ‫َ َ‬
‫س ُش ْه َرةً َويَقينَا‬ ‫الش ْم ِ‬‫صائِ ِر َى َذا َو ُى َو َك َّ‬ ‫ف َؼل َفى َعلَى البَ َ‬ ‫َك ْي َ‬
‫ْت ُرليباً لَوُ‪:‬‬ ‫فَػ ُقل ُ‬
‫صوُ َويَِق ْيػنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الع ُموـ الَّذي نَػ ْعلَ ُم قَطْعاً َتص ْي َ‬ ‫لَ ْو َسل ْمتُم م َن ُ‬
‫َوتَػ َرطَّْبػتُ ُم فَ َك ْم قَ ْد يَبِ ْستُ ْم لََرأَينَا لَ ُكم ُش ُف َوفاً ُمبِْيػنَا‬
‫َوالبْ ِن َح ْزـ‪:‬‬
‫شرَىا ِِف ُك ِل ِب ٍد وح ِ‬
‫اض ِر‬ ‫ّ َ ََ‬ ‫ُّها َوأَنْ ُ ُ‬ ‫اي ِم َن ُّ‬
‫الدنْػيَا علُ ْوٌـ أَبُػثػ َ‬ ‫ُمنَ َ‬
‫اؿ ِذ ْكرَىا ِِف احمل ِ‬ ‫ُد َعاء إِ َىل ال ُقر ِ‬
‫اض ِر‬ ‫َ‬ ‫اسى ِر َج ٌ ُ‬ ‫السنَ ِن الَِِّت تَػنَ َ‬ ‫آف َو ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫ت فَأ ََّو ُؿ ََنفِ ِر‬ ‫اىداً إِذَا َى ْيػ َعةٌ ََث َر ْ‬ ‫اؼ الثُّػغُوِر ُرلَ ِ‬
‫َطر َ ْ‬ ‫َلزـ أ َ‬ ‫َوأ ُ‬
‫اؽ البَػ َواتِ ِر‬ ‫الرقَ ِ‬
‫الع َو ِاَل َو ِّ‬ ‫س ْم ِر َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ألَلْ َقى محَامي ُم ْقببلً غَْيػ َر ُم ْدب ٍر ب ُ‬
‫ت لِلْفَّت قَػ ْت ُل َكافِ ِر‬ ‫كِ َفاحاً مع ال ُك َّفا ِر ِِف حوم ِة الوغَى وأَ ْكرـ مو ٍ‬
‫َ ْ َ َ َ َُ َْ‬ ‫ََ‬
‫ْي ادلََقابِ ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الَ ََتْ َع ْل محَامي بِغَ ِْْيَىا َوالَ ََتْ َعلَ ِِّن م ْن قَط ْ ِ‬ ‫فَػيَا َر ِّ‬
‫َوِم ْن ِش ْع ِرهِ‪:‬‬
‫َّى ُر إِالَّ َما َع َرفْػنَا َو أَ ْد َر ْكنَا فَ َجائِ ُعوُ تَب َقى َو لَ َّذاتُوُ تَػ ْف ََن‬ ‫َى ِل الد ْ‬
‫ِ‬ ‫اع ٍة تَػ َولَّ ْ‬ ‫إِ َذا أَم َكنَ ْ ِ ِ‬
‫ت ُح ْزََن‬ ‫استَ ْخلَ َف ْ‬ ‫ت َك َم ِّر الطَّْرؼ َو ْ‬ ‫س َّرةُ َس َ‬ ‫ت ف ْيو َم َ‬ ‫ْ‬
‫ف نَػ َو ُّد لَ ِديْ ِو أَنَّػنَا ََلْ نَ ُك ْن ُكنَّا‬ ‫اد وموقِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫إِ َىل تَبِ َعات ِِف ادلََع َ َ ْ‬
‫(‪)17/1‬‬

‫ك الَ يَػ ْهنَا‬ ‫شَ‬ ‫شى فَػ َعيْ ُ‬ ‫ْي لِما َو َّىل َو ُشغْ ٌل ِِبَا أَتَى َوىم لَ َّما َطلْ َ‬ ‫َحنِ ٌْ‬
‫ات الَّ ِذي ُكنَّا نَػلَ ُّذ بِ ِو َعنَّا‬ ‫صلْنَا َعلَى َى ٍّم َوإِ ٍُْث َو َح ْس َرةٍ َوفَ َ‬
‫َح َ‬
‫ظ بِبلَ َم ْع ََن‬ ‫س لَ ْف ٌ‬ ‫أف الَّ ِذي ُكنَّا نُ َ ِ ِِ ِ َّ‬ ‫َك َّ‬
‫س ُّر ب َك ْونو إذَا َحق َق ْتوُ النَّػ ْف ُ‬
‫(‪)207/18‬‬
‫اشي أ ََِب ُع َمر بن عبد الرب‪َ -‬وقَ ْد َرأَى َش ّاِبً َملِيحاً‪ ،‬فَأَ ْع َجب ابْ َن َح ْزٍـ‪ ،‬فَػ َق َ‬
‫اؿ أَبُو‬ ‫ُّعابة‪ -‬وىو ؽلَ ِ‬
‫َولَوُ َعلَى َسب ْيل الد َ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫اؿ‪:‬‬
‫اؾ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫س ُىنَ َ‬ ‫ُعمر‪ :‬لَع َّل ما َحتْ َ ِ‬
‫ت الثّيَاب لَْي َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫َو ِذي َع َذ ٍؿ فِ ْي َم ْن َسبَ ِاِن ُح ْسنُوُ يُ ِط ْي ُل َمبلَِمي ِِف اذلََوى َويَػ ُق ْو ُؿ‬
‫ت قَتِْي ُل‬ ‫ف اجلِ ْس ُم أَنْ َ‬ ‫أ َِم ْن ُح ْس ِن َو ْج ٍو الَ َح ََلْ تَػ َر غَْيػ َرهُ َوََلْ تَ ْد ِر َك ْي َ‬
‫ِ ِ ِِ‬
‫ي َردّّ لَ ْو أَ َشاءُ طَ ِويْ ُل‬ ‫ت ِِف اللَّ ْوـ فَاتَّئ ْد فَع ْند َ‬ ‫َس َرفْ َ‬‫ْت لَوُ‪:‬أ ْ‬
‫فَػ ُقل ُ‬
‫قوـ َدلِْي ُل‬
‫ي َو أَنَِِّن َعلَى َما بَ َدا َح ََّّت يَ َ‬
‫َِن ظَ ِ‬
‫اى ِر ّّ‬ ‫أَََلْ تَػ َر أِّ‬
‫(‪)208/18‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َنشدَن ابْن البَ ِطّي‪ ،‬أ َ‬ ‫السلَ ِم ّي‪ ،‬أ َ‬
‫َنشدَن أَبُو َع ْبد هللا احلُ َم ْيد ّ‬ ‫َنشدَن ابْ ُن قُ َد َامةَ‪ ،‬أ َ‬ ‫َمحَ َد ُّ‬ ‫َنشدَن أَبُو الفهم بن أ ْ‬ ‫أ َ‬
‫َمحَ َد لِنَػ ْف ِس ِو‪:‬‬
‫بن أ ْ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َنشدَن أَبُػ ْو ُزلَ َّمد َعل ُّي ُ‬
‫أ َ‬
‫س َعلَى َحاؿ ِِبَُّرت ِؾ‬ ‫َّى ُر لَْي َ‬
‫ت فَالد ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫اس ِدي إِ ْف نَكْبَةً َع َر َ‬ ‫َت ح ِ‬
‫الَ تَ ْش َم َْ َ‬
‫ت م ْيػ َفع ٍة وََترةً ِِف ذُرى ََت ٍج َعلَى ملِ ِ‬ ‫ذُو ال َف ْ ِ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض ِل َكالتّ ِْرب طَ ْوراً َحتْ َ َ َ َ َ‬
‫نظ ُم َعلَى البَ ِديو‪َ ،‬وِم ْن ِش ْع ِرهِ‪:‬‬ ‫وشعره فَحل َكما تَػرى‪ ،‬وَكا َف ي ِ‬
‫ٌ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الشمس ِِف ج ِو العلُوـ منِيػرةً ولَك َّن َعيِِب أ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َف َمطْلَعي الغَ ْر ُ‬ ‫ْ‬ ‫أ َََن َّ ْ ُ ُ ّ ُ ْ ُ ْ َ َ‬
‫ض َِ ِ‬ ‫الش ْر ِؽ طَالِ ٌع َجلَ َّد َعلَى َما َ‬ ‫َولَ ْو أَنَِِّن ِم ْن َجانِ ِ‬
‫ب‬
‫َّه ُ‬‫ي النػ ْ‬ ‫اع م ْن ذ ْك ِر َ‬ ‫ب َّ‬
‫ش ال َكلِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ب‬
‫الص ُّ‬‫ف ُّ‬ ‫صبَابَةٌ َوالَ غَ ْرَو أَ ْف يَ ْستَوح َ‬ ‫َوَِل َْضل َو أَ ْكنَاؼ الع َراؽ َ‬
‫ب‬ ‫ف َو ال َك ْر ُ‬ ‫َس ُ‬ ‫الر ْمحَ ُن َر ْحلِ َي بَػ ْيػنَػ ُه ْم فَ ِح ْيػنَئِ ٍذ يَػ ْب ُدو التَأ ُّ‬
‫فَِإ َّف يُػ ْن ِزِؿ َّ‬
‫ب‬ ‫َف كس َ ِ‬
‫اد الْعلْم آفَػتُوُ ال ُق ْر ُ‬ ‫صةٌ َو أ َّ َ‬ ‫َف لِ ْلبُػ ْع ِد ِق َّ‬ ‫ُىنَالِ َ‬
‫ك يُ ْد َرى أ َّ‬
‫(‪)209/18‬‬
‫َولَوُ‪:‬‬
‫صطََفى فِ ْيػ َها ِم َن ال ِّديْ ِن‬ ‫ث َوَما أَتَى َع ِن ادلُ ْ‬ ‫كتب احل ِديْ ِ‬
‫ت َع ْن ِ َ‬ ‫أ َََنئِ ٌم أَنْ َ‬
‫لذيْ َن ُعلَا َشدَّا ُع َرى ال ِّديْ ِن ِِف نَػ ْق ٍل َوتَػ ْبيِ ِ‬
‫ْي‬ ‫َكمسلِ ٍم والب َخا ِري الَّ ِ‬
‫ُْ َ ُ ّ‬
‫َج ٍر َو َتع ِظ ْي ٍم َو َْزل َم َدةٍ ِم ْن ُك ِّل قَػ ْو ٍؿ أَتَى ِم ْن َرأْي ُس ْحنُػ ْو ِف‬
‫أ َْو َىل ِِب ْ‬
‫ك َْزلضاً غَْيػ َر َم ْفتُػ ْو ِف‬ ‫ص ِر ِديْنِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اجعل ِِْن َك ِمثْل ِه َما ِِف نَ ْ‬‫َاي َم ْن َى َدى ِب َما َ‬
‫َوِم ْن نَظ ِْم أَِيب ُزلَ َّم ٍد بن َح ْزـ‪:‬‬
‫ت م َدى َد ْى ِري بِسلْو ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫اف‬ ‫َُ‬ ‫ص ّداً َوََلْ أُ ْذع ْن ِب ْج َراف َوالَ َش َع ْر ُ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ََلْ أَ ْش ُ‬

‫(‪)18/1‬‬

‫ت ِِبِي َد ِاِن‬ ‫ت يَػ ْوماً َعلِ َّي َوالَ َجالَ ْ‬


‫اىا َوالَ َخطََر ْ‬‫َمسَاءُ ََلْ أَ ْد ِر َم ْعنَ َ‬‫أْ‬
‫احوُ قِدماً فَأَ ْعيَ ِاِن‬
‫ت َعلَ َّي أ َْرَو ُ‬
‫ِ‬
‫َّما َدائي األَدوا الَّذي َع َ‬
‫ص َف ْ‬ ‫لَ ِكن ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَػ َف َّر َؽ ََلْ تَػ َز ْؿ تَ ْس ِري طََوا ِرقُوُ إِ َىل َرلَام َع أَحبَ ِايب َوخبلَِِّن‬
‫ش ِاِن‬
‫ث َرأَى َِل َم ْذ َىباً فَػ ُه َو يَػ ْتػلُ ِوِن َويَغ َ‬
‫ْي ِيب ََي َْمتُّ َح ْي ُ‬
‫َكأَظلَا البَػ ْ ُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫الع ِاِن‬ ‫فؤ ِادي شج َ‬
‫وىا َ‬ ‫لنوى َجلَداً َداءٌ َعنَا ِِف َ‬ ‫َحسب ع ْندي ل َ‬ ‫تأ ُ‬ ‫َوُك ْن ُ‬
‫ت ِِبا م َقاببلً ِمن صباِبِِت ِِبَلو ِ‬
‫اف‬ ‫فَػ َقابػلَْت ِِن ِِب ٍ‬
‫َ‬ ‫َلواف غَ َد ْو ُ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)212/18‬‬
‫َوالبْ ِن َح ْزـ‪:‬‬
‫الوَرى ِزلَ ُن‬ ‫اويل َ‬‫ت أَقػ َْواذلُم َو أَقَ ُ‬ ‫قَالُوا َحتََّف ْظ فَِإ َّف النَّاس قَ ْد َكثُػ َر ْ‬
‫ِ‬
‫َِن الَ أَقُػ ْو ُؿ ِِب َّلرأْي إِ ْذ ِِف َرأَي ِهم ف َُ‬
‫َت‬ ‫‪:‬ى ْل َع ْيػبُهم َِل غَ ْْي أِّ‬
‫ْت َ‬ ‫فَػ ُقل ُ‬
‫ص ِرهِ أ َِى ُن‬ ‫ت إِ َىل ِس َواهُ أ َْ‬
‫َضلو َوالَ ِِف نَ ْ‬ ‫َوأَنَِِّن ُم ْولَ ٌع ِِبلن ِّ‬
‫َّص لَ ْس ُ‬
‫َنثِن دل َقاييس يػ َق َ ِ ِ ِ‬
‫السنَ ُن‬
‫ِب ال ُق ْرآف َو ُّ‬ ‫اؿ ِبَا ِف ال ّديْ ِن بَ ْل َح ْسِ َ‬ ‫ُ‬ ‫الَ أ ِ‬
‫سرْوِري بِ ِو لَ ْو أ ََّهنم فَطنُوا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َاي بَػ ْر َد ذَا ال َق ْوؿ ِِف قَػلِِْب َوِِف َكبدي َوَاي ُ‬
‫ات ِم ْن قَػ ْولو ِع ْن ِدي لَوُ َك َف ُن‬ ‫صى َك َمداً َم ْن َم َ‬ ‫ص ِّم احلَ َ‬ ‫َد ْع ُه ْم يَػ َعضُّوا َعلَى ُ‬
‫(‪)213/18‬‬
‫(من كبلمو ِف ِف بعض العلوـ)‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ي)‪:‬‬ ‫اؿ ابْ ُن َح ْزـ ِِف َتراجم أَبْػ َو َ‬
‫اب(صح ْيح البُ َخا ِر ّ‬ ‫قَ َ‬
‫اب َح ِديْثاً‬ ‫اب َش ْيءٌ غَ ْْيَىا‪َ ،‬وِم ْنػ َها َما يُػنَػبِّوُ بتبويبو َعلَى أ َّ‬
‫َف ِِف البَ ِ‬ ‫ص ُّح ِِف البَ ِ‬ ‫ِم ْنػ َها ما ُىو مقصور َعلَى آية‪ ،‬إِ ْذ الَ ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌُْ‬
‫ث قَ ْد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؼ َعلَْي ِو‪ ،‬لَكنو لَْيس من شرط ما أَلَّف َعلَْي ِو كِتَابوُ‪ ،‬وم ْنػ َها ما يػبػ ِوب َعلَْي ِو‪ ،‬ويذكر نُب َذة من ح ِديْ ِ‬ ‫الوقُػ ْو ُ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫َغل ُ‬
‫قع بلفظ َح ِديْث لَْيس ِم ْن شرطو‪َ ،‬ويَذكر ِِف البَ ِ‬
‫اب َما ُى َو ِِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسطََره ِِف َم ْوض ٍع آخر‪َ ،‬وم ْنػ َها أَبْػ َواب تَ ُ‬
‫َ‬
‫َم ْعنَاهُ‪)210/18(.‬‬
‫ى سلتل َفة‪ ،‬فَ ِم ْنػ َها َع ْد ٌؿ يُػ َزيِّ ُن َذلَا‬ ‫س ا ِإلنْ َ‬
‫ساف يَّة قُػ َو ً‬ ‫ب ِِف النَّػ ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ ِِف أ ََّوؿ(ا ِإلح َكاـ)‪:‬أ ََّما بَػ ْع ُد‪...‬فَإ َّف هللاَ َرَّك َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اؿ تَػ َع َاىل‪{:‬إِ َّف هللاَ ََي ُْم ُر ِِب َلع ْد ِؿ}[النحل‪.]90:‬‬ ‫ب إِلَْيػ َها ُم َوافِ َقةَ احلَ ّق‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫نصاؼ‪َ ،‬وُػلَبّ ُ‬ ‫ا ِإل َ‬
‫عميَاهنَا َع ْن طَ ِريْق‬ ‫ْي ِِب ِلقس ِط}[النِّساء‪]135:‬وِم ْنػ َها غضب و َش ْهوةٌ يػ َزيِّنَاف َذلَا اجلور وي ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ ََ‬ ‫ٌ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اؿ‪ُ {:‬كونُوا قَػ َّوام َ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َخ َذتْوُ ِ‬
‫الع َّزةُ ِِب ِإل ُِْث}[البَػ َق َرة‪.]206:‬‬ ‫‪{:‬وإِ َذا قِ ْي َل لَوُ اتَّ ِق هللا أ َ‬
‫اؿ تَػ َع َاىل َ‬ ‫الرشد‪ ،‬قَ َ‬
‫}[الرْوـ‪]32:‬‬ ‫رح ْو َف ُّ‬ ‫ِ‬
‫ب ِِبَا لَديْ ِه ْم فَ ُ‬ ‫اؿ‪ُ {:‬ك ُّل ِح ْز ٍ‬
‫َوقَ َ‬

‫(‪)19/1‬‬

‫س ُّر ِِبَا الَ يَ ْد ِري حقي َقةَ َو ْج ِه ِو َوِِبَا فِ ْي ِو َوَِبلُو‪َ ،‬وِم ْنػ َها فَػ ْه ٌم يُليح َذلَا احلَ ُّق ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫اضل يُ ِ‬
‫س ُّر ِبَ ْع ِرفَتو‪َ ،‬واجلَاىل يُ َ‬ ‫َ‬
‫فَال َف ِ‬
‫س َعلَْيػ َها الطَّ ِريْق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫رتى بِ ِو َّ‬ ‫ِ‬
‫اب ظَاىراً َجليّاً‪َ ،‬وم ْنػ َها َج ْه ٌل يَطْم ُ‬ ‫الص َو َ‬ ‫ظلمات ادلشكبلَت‪ ،‬فَ َ‬ ‫قَ ِريْب‪َ ،‬وينْي َذلَا ِِف َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َحد الطّرؽ‬ ‫س ِِف َح ْيػ َرة تَرتدد‪َ ،‬وِِف ِريب تَػتَػلَدَّد‪َ ،‬ويَػ ْه ُج ُم ِبَا َعلَى أ َ‬ ‫السبُل‪ ،‬فَتب َقى النَػ ْف ُ‬ ‫ْي ُّ‬ ‫سا ِوي ع ْن َد َىا بَػ ْ َ‬ ‫َويُ َ‬
‫علم ْو َف}[ا ُّلزَمر‪]9:‬‬ ‫َّ ِ‬
‫علم ْو َف َوالذيْ َن الَ يَ ُ‬
‫َّ ِ‬
‫‪{:‬ى ْل يَ ْستَ ِوي الذيْ َن يَ ُ‬ ‫اؿ تَػ َع َاىل َ‬ ‫ادلُ َجانبَة لِلحق تَػ َه ُّوراً َوإِق َداماً‪ ،‬قَ َ‬
‫قها ِِبَ ِذهِ ال ُق َّوة َسبيبلً إِ َىل فَهم ِخطَابِ ِو‪َ ،‬وإِ َىل َم ْع ِرفَة‬ ‫ِ‬
‫ادلنطق‪ ،‬فَ َج َع َل َذلَا َخال َ‬
‫َ‬ ‫َّاىا األ ََوائِ ُل‬ ‫ِ‬
‫َوم ْنػ َها قُػ َّوةُ التّ ِمييز الَِِّت مس َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْقل الَِِّت تُ ُ‬
‫عْي‬ ‫بها تَ ُك ْوف َم ْع ِرفَة احلَ ّق م َن البَاطل‪َ ،‬وم ْنػ َها قُػ َّوةُ َ‬ ‫األَشيَاء َعلَى َما ى َي َعلَْيو‪َ ،‬وإِ َىل إِ َم َكاف ُ‬
‫التفهم‪ ،‬فَ َ‬
‫اؿ‬
‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫الص ِح ْيح‪َ ،‬صلَا َوفَاز‪َ ،‬وِم ْن َعاج َع ْنوُ َىلَ َ‬ ‫الع ْق ُل َّ‬ ‫الع ْدؿ‪ ،‬فَ َم ِن اتَّبع َما أ َََنره لَوُ َ‬ ‫ص َرة َ‬ ‫النَػ ْفس ادلَُميِّ َزة َعلَى نُ ْ‬
‫الس ْم َع َو ُى َو َش ِه ْي ٌد}[ؽ‪.]37:‬‬ ‫ْب أ َْو أَل َقى َّ‬ ‫تَػع َاىل‪{:‬إِ َّف ِِف ذَلِ َ ِ‬
‫ك لَذ ْك َرى دلَ ْن َكا َف لَوُ قَػل ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اد بِ َذل َ‬
‫ْب لَوُ‪)211/18(.‬‬ ‫العاقل َك َم ْن الَ قَػل َ‬ ‫َحد‪ ،‬فَػغَْيػ ُر َ‬ ‫الع ْق َل‪ ،‬أ ََما ُمضغَةُ ال َقلْب‪ ،‬فَ ِه َي ل ُك ِّل أ َ‬ ‫ك َ‬ ‫فَأ ََر َ‬
‫َخذت ِِف إِ َير ِاد طَُرفِ ِو َوَما َش َّذ بِ ِو‪ ،‬لطَاؿ األ َْمر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫َوَكبلَ ُـ ابْن َح ْزـ َكثِْيػ ٌر‪َ ،‬ولَ ْو أ ُ‬
‫دوهنا من سْي أعبلـ النببلء للذىِب‬ ‫أع ّد ىذه الرتَجة و ّ‬
‫د‪ .‬عصمت هللا عنايت هللا دمحم‬
‫رلمع البحوث اإلسبلمية‬
‫اجلامعة اإلسبلمية العادلية‪ ،‬إسبلـ آِبد‬
‫‪Drismat313@yahoo.com‬‬

‫(‪)20/1‬‬
‫[مَت الكتاب]‬
‫ص‪43:‬‬
‫الرِح ْي ِم‬
‫الر ْمحَ ِن َّ‬ ‫بِس ِم ِ‬
‫هللا َّ‬ ‫ْ‬
‫[رب يسر اي كرمي]‬

‫[ادلقدمة]‬
‫قاؿ أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد علي بن أمحد بن [سعيد بن] حزـ [الفقيو األندلسي]رمحو هللا‪:‬‬
‫تسليما]‪.‬‬
‫ً‬ ‫احلمد هلل على عظيم مننو‪ ،‬و صلى هللا على دمحمعبده و خامت أنبيائو و رسلو [ و سلم‬
‫وأبرأ إليو تعاىل من احلوؿ والقوة ‪ ،‬وأستعينو على كل ما يعصم ِف الدنيا من َجيع ادلخاوؼ وادلكاره‪ ،‬و ؼللص‬
‫ِف األخرى من كل ىوؿ و ضيق‪.‬‬

‫(‪)43/1‬‬

‫ص‪44:‬‬
‫أما بعد‬
‫فإِن َجعت ِف كتايب ىذا معاِن كثْية أفادنيها واىب التمييز تعاىل ِبرور األايـ و تعاقب األحواؿ ِبا منحِن عز‬
‫و جل من التهمم بتصاريف الزماف ‪ ،‬واإلشراؼ على أحوالو‪،‬حَّت أنفقت ِف ذلك أكثر عمري‪ ،‬و آثرت تقييد‬
‫ذلك ِبدلطالعة [لو] والفكرة فيو على َجيع اللذات الِت َتيل إليها أكثر النفوس‪ ،‬و على االزدايد من فضوؿ‬
‫ادلاؿ‪.‬‬
‫و زشلت كل ما سربت من ذلك ِبذا الكتاب لينفع هللا بو من يشاء من عباده شلن يصل إليو ما أتعبت فيو‬
‫نفسي‪ ،‬و أجهدَتا فيو و أطلت فيو فكري فيأخذه عفواً ‪ ،‬و أىديت إليو ىنيئًا‪ ،‬فيكوف ذلك أفضل لو من‬
‫كنوز ادلاؿ و عقد األمبلؾ إذا تدبره و يسره هللا تعاىل الستعمالو‪.‬‬

‫(‪)44/1‬‬
‫ص‪45:‬‬
‫اج ِف ذلك من هللا تعاىل‪ ،‬أعظم األجرلنيِت ِف نفع عباده و إصبلح ما فسد من أخبلقهم‪ ،‬و مداواة‬
‫و أَن ر ٍ‬
‫علل نفوسهم‪ ،‬و ِبهلل تعاىل أستعْي‪.‬‬

‫(‪)45/1‬‬

‫ص‪(46:‬فارغة)‬

‫(‪)46/1‬‬

‫ص‪47:‬‬
‫[فصل ِف] مداواة النفوس و إصبلح األَ ْخبلَؽ [الذميمة]‬
‫لذة العاقل بتمييزه ولذة العاَل بعلمو ولذة احلكيم ِبكمتو ولذة اجملتهد هلل عز وجل ِبجتهاده أعظم من لذة‬
‫اآلكل ِبكلو والشارب بشربو والواطيء بوطئو والكاسب بكسبو والبلعب بلعبو واآلمر ِبمره‪.‬‬
‫و بُػ ْرَىاف ذلك أف احلكيم العاقل والعاَل والعامل واجدوف لسائر اللذات الِت مسينا كما غلدىا ادلنهمك فيها‬
‫وػلسوهنا كما ػلسها ادلقبل عليها [وقد تركوىا وأعرضوا عنها وآثروا طلب الفضائل عليها] وإظلا ػلكم ِف‬
‫الشيئْي من عرفهما ال من عرؼ أحدعلا وَل يعرؼ اآلخر‪.‬‬
‫إذا تعقبت األمور كلها فسدت عليك وانتهيت ِف‬

‫(‪)47/1‬‬

‫ص‪48:‬‬
‫آخر فكرتك ‪ِ -‬بضمحبلؿ َجيع أحواؿ الدنيا‪-‬إىل أف احلقيقة إظلا ىي العمل لآلخرة فقط ألف كل أمل‬
‫ظفرت[ بو فعقباه] حزف إما بذىابو عنك وإما بذىابك عنو وال بد من أحد ىذين الشيئْي إال العمل هلل عز‬
‫وجل فعقباه على كل حاؿ سرور ِف عاجل وآجل‪.‬‬
‫أما العاجل فقلة اذلم ِبا يهتم بو الناس وإنك بو معظم من الصديق والعدو وأما ِف اآلجل فاجلنة‪.‬‬
‫تطلبت غرضاً يستوي الناس كلهم ِف استحسانو وِف طلبو فلم أجده إال واحداً وىو طرد اذلم فلما تدبرتو‬
‫علمت أف الناس كلهم َل يستووا ِف استحسانو فقط وال ِف طلبو فقط ولكن رأيتهم على اختبلؼ أىوائهم و‬
‫مطالبهم‬

‫(‪)48/1‬‬

‫(ص‪[)49:‬وتباين علمهم]وإراداَتم ال يتحركوف حركة أصبلً إال فيما يرجوف بو طرد اذلم وال ينطقوف بكلمة‬
‫أصبلً إال فيما يعانوف بو إزاحتو عن أنفسهم فمن سلطيء وجو سبيلو ومن مقارب للخطأ ومن مصيب وىو‬
‫األقل [من الناس ِف األقل من أموره]‪.‬‬
‫فطرد اذلم مذىب قد اتفقت األمم كلها مذ خلق هللا تعاىل العاَل إىل أف يتناىى عاَل االبتداء ويعاقبو عاَل‬
‫احلساب على أف ال يعتمدوا بسعيهم شيئاً سواه وكل غرض غْيه ففي الناس من ال يستحسنو إذ ِف الناس من‬
‫ال دين لو فبل يعمل لآلخرة وِف الناس من أىل الشر من ال يريد اخلْي وال األمن وال احلق وِف الناس من يؤثر‬

‫(‪)49/1‬‬

‫ص‪50:‬‬
‫اخلموؿ ِبواه وإرادتو على بعد الصيت‪.‬‬
‫وِف الناس من ال يريد ادلاؿ ويؤثر عدمو على وجوده ككثْي من األنبياء عليهم السبلـ ومن تبلىم من الزىاد‬
‫والفبلسفة‪.‬‬
‫وِف الناس من يبغض اللذات بطبعو ويستنقص طالبها كمن ذكرَن من ادلؤثرين فقد ادلاؿ على اقتنائو‪.‬‬
‫وِف الناس من يؤثر اجلهل على ال ِْعلْم كأكثر من ترى من العامة‪.‬‬
‫وىذه ىي أغراض الناس الِت ال غرض ذلم سواىا‪.‬‬
‫وليس ِف العاَل مذ كاف إىل أف يتناىى أحد يستحسن اذلم وال يريد طرده عن نفسو‪.‬‬
‫فلما استقر ِف نفسي ىذا ال ِْعلْم الرفيع وانكشف َل ىذا السر العجيب وأَنر هللا تعاىل لفكري ىذا الكنز‬
‫العظيم ِبثت عن سبيل موصلة [على]احلقيقة إىل طرد اذلم الذي ىو ادلطلوب للنفس الذي اتفق َجيع أنواع‬
‫ا ِإلنْ َ‬
‫ساف ‪-‬اجلاىل منهم والعاَل والصاحل والطاحل‪-‬على السعي لو فلم‬
‫(‪)50/1‬‬

‫ص‪51:‬‬
‫أجدىا إال التوجو إىل هللا عز وجل ِبلعمل لآلخرة‪.‬‬
‫وإال فإظلا طلب ادلاؿ طبلبو ليطردوا بو ىم الفقر عن أنفسهم‪.‬‬
‫وإظلا طلب الصوت من طلبو ليطرد بو عن نفسو ىم االستعبلء عليها‪ .‬وإظلا طلب اللذات من طلبها ليطرد ِبا‬
‫عن نفسو ىم فوَتا‪.‬‬
‫وإظلا طلب الْعِلْم من طلبو ليطرد بو عن نفسو ىم اجلهل‪.‬‬
‫وإظلا ىش إىل مساع األخبار وزلادثة الناس من يطلب ذلك ليطرد ِبا عن نفسو ىم التوحد ومغيب أحواؿ العاَل‬
‫عنو‪.‬‬
‫وإظلا أكل من أكل وشرب من شرب ونكح من نكح ولبس من لبس ولعب [من لعب] [واكَت من اكَت]‬
‫وركب من ركب ومشى من مشى وتودع من تودع ليطردوا عن أنفسهم أضداد ىذه األفعاؿ وسائر اذلموـ‪.‬‬
‫[وِف كل] ما ذكرَن دلن تدبره علوـ حادثة ال بد ذلا‬

‫(‪)51/1‬‬

‫ص‪52:‬‬
‫من عوارض تعرض ِف خبلذلا وتعذر ما يتعذر منها وذىاب ما يوجد منها والعجز عنو لبعض اآلفات الكائنة‪.‬‬
‫وأيضاً [نتائج سوء تنتج] ِبحلصوؿ على ما حصل عليو من [كل] ذلك من خوؼ منافس أو طعن حاسد أو‬
‫اختبلس راغب أو اقتناء عدو مع الذـ واإلُث وغْي ذلك‪.‬‬
‫خالصا من كل كدر موصبلً إىل طرد اذلم على احلقيقة ووجدت‬
‫ً‬ ‫ووجدت للعمل لآلخرة سادلًا من كل عيب‬
‫العامل لآلخرة أف امتحن ِبكروه ِف تلك السبيل َل يهتم بل يسر إذ رجاؤه ِف عاقبة ما يناؿ بو عوف [لو] على‬
‫ما يطلب وزايد ِف الغرض الذي [إايه] يقصد‪.‬‬
‫ووجدتو إف عاقو عما ىو بسبيلو عائق َل يهتم إذ ليس مؤاخذاً بذلك فهو غْي مؤثر ِف ما يطلب‪.‬‬
‫ورأيتو إف قصد ِبألذى سر وإف نكبتو نكبة سر وإف تعب فيما سلك فيو سر فهو ِف سرور متصل أبداً وغْيه‬
‫طخبلؼ ذلك أبداً‪.‬‬
‫(‪)52/1‬‬

‫ص‪53:‬‬
‫فاعلم أنو مطلوب واحد وىو طرد اذلم وليس إليو إال طريق واحد وىو‪ :‬العمل هلل تعاىل فما عدا ىذا فضبلؿ‬
‫وسخف‪.‬‬
‫ال تبذؿ نفسك إال فيما ىو أعلى منها وليس ذلك إال ِف ذات هللا عز وجل ِف دعاء إىل حق وِف محاية احلرمي‬
‫وِف دفع ٍ‬
‫ىواف َل يوجبو عليك خالقك تعاىل وِف نصر مظلوـ‪.‬‬
‫وِبذؿ نفسو ِف عرض دنيا كبائع الياقوت ِبحلصى‪.‬‬

‫(‪)53/1‬‬

‫ص‪54:‬‬
‫ال مروءة دلن ال دين لو‪.‬‬
‫العاقل ال يرى لنفسو َثناً إال اجلنة‪.‬‬
‫إلبليس ِف ذـ الرايء حبالة وذلك أنو رب شلتنع من فعل خْي خوؼ أف يظن بو الرايء‪.‬‬
‫[العقل والراحة]‬
‫ِبب عظيم من أبواب العقل والراحة‪ ،‬وىو اطراح ادلباالة [بكبلـ الناس واستعماؿ ادلباالة] بكبلـ اخلالق عز‬
‫وجل بل [ىذا ِبب] العقل والراحة كلها‪.‬‬
‫من ق ّدر أنو يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو رلنوف‪.‬‬
‫من حقق النظر وراض نفسو على السكوف إىل احلقائق وإف آدلتها ِف‬

‫(‪)54/1‬‬

‫ص‪55:‬‬
‫أوؿ صدمة كاف اغتباطو بذـ الناس إايه أشد وأكثر من اغتباطو ِبدحهم إايه ألف مدحهم إايه إف كاف ِبق‬
‫وبلغو مدحهم لو أسرى ذلك فيو ال ُْع ْجب فأفسد بذلك فضائلو‪.‬‬
‫وإف كاف بباطل فبلغو فسره فقد صار مسروراً ِبلكذب وىذا نقص شديد‪.‬‬
‫وأما ذـ الناس إايه فإف كاف ِبق فبلغو فرِبا كاف ذلك سبباً إىل َتنبو ما يعاب عليو وىذا حظ عظيم ال يزىد‬
‫فيو إال َنقص‪.‬‬
‫وإف كاف بباطل وبلغو فصرب اكتسب فضبلً زائداً ِبحللم والصرب وكاف مع ذلك غاظلاً ألنو َيخذ حسنات من‬
‫ذمو ِبلباطل فيحظى ِبا ِف دار اجلزاء أحوج ما يكوف إىل النجاة ِبعماؿ َل يتعب فيها وال تكلفها وىذا حظ‬
‫عظيم ال يزىد فيو إال رلنوف‪.‬‬
‫وأما إف َل يبلغو مدح الناس إايه فكبلمهم وسكوَتم سواء وليس كذلك ذمهم إايه ألنو غامن لؤلجر على كل‬
‫حاؿ بلغو ذمهم أو َل يبلغو‪.‬‬

‫(‪)55/1‬‬

‫ص‪56:‬‬
‫الر ُج ُل‬
‫ْت لَوُ َّ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫اؿ‪ :‬قُػل ُ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َِّب َ‬ ‫ٍ‬
‫احلسن‪[:‬ع ْن أَِيب ذَ ّر َع ْن النِ ِّ‬
‫َ‬ ‫ولوال قوؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ِف الثناء‬
‫اج ُل بُ ْش َرى ال ُْم ْؤِم ِن"‪ )1(.‬لوجب أف يرغب العاقل ِف الذـ‬ ‫ك َع ِ‬ ‫اؿ‪َ ]:‬ذلِ َ‬
‫َّاس َعلَْي ِو؟ قَ َ‬ ‫ِِ ِ‬
‫يَػ ْع َم ُل ال َْع َم َل ََّّلل فَػيُحبُّوُ الن ُ‬
‫ِبلباطل أكثر من رغبتو ِف ادلدح ِبحلق ولكن إذا جاء ىذا القوؿ فإظلا تكوف البشرى ِبحلق ال ِبلباطل‪ ،‬فإظلا‬
‫َتب البشرى ِبا ِف ادلمدوح ال بنفس ادلدح‪.‬‬
‫ليس بْي الفضائل والرذائل وال بْي الطاعات وادلعاصي إال نفار النفس وأنسها فقط‪ .‬فالسعيد من أنست‬
‫نفسو ِبلفضائل والطاعات ونفرت من الرذائل وادلعاصي والشقي من أنست نفسو ِبلرذائل وادلعاصي ونفرت‬
‫من الفضائل والطاعات وليس ىاىنا إال صنع هللا تعاىل وحفظو‪.‬‬
‫طالب اآلخرة ليفوز ِف اآلخرة متشبو ِبدلبلئكة وطالب الشر متشبو ِبلشياطْي وطالب الصوت والغلبة‬
‫__________‬
‫(‪)1‬أخرجو مسلم‪،‬الربوالصلة‪ِ،‬بب إذا أثِن على الصاحل فهي بشرى و التضره‪4780:‬وابن‬
‫ماجو‪،‬السنن‪،‬الزىد‪ِ،‬بب الثناء احلسن‪ 4215:‬وىذا لفظو‪ ،‬ومابْي القوسْي منو أضيف‪.‬‬

‫(‪)56/1‬‬
‫ص‪57:‬‬
‫متشبو ِبلسباع وطالب اللذات متشبو ِبلبهائم وطالب ادلاؿ لعْي ادلاؿ ال لينفقو ِف الواجبات والنوافل احملمودة‬
‫أسقط وأرذؿ من أف يكوف لو ِف شيء من احليواف شبو ولكنو يشبو الغدراف الِت ِف الكهوؼ ِف ادلواضع‬
‫الوعرة ال ينتفع ِبا شيء من احليواف‪.‬‬
‫فالعاقل ال يغتبط بصفو يفوقو فيها سبع أو ِبيمة أو َجاد وإظلا يغتبط بتقدمو ِف الفضيلة الِت أِبنو هللا تعاىل ِبا‬
‫عن السباع والبهائم واجلمادات وىي التمييز الذي يشارؾ فيو ادلبلئكة‪.‬‬
‫فمن سر بشجاعتو الِت يضعها ِف غْي موضعها هلل عز وجل فليعلم أف النمر أجرأ منهن وأف األسد والذئب‬

‫(‪)57/1‬‬

‫ص‪58:‬‬
‫والفيل أشجع منو ومن سر بقوة جسمو فليعلم أف البغل والثور والفيل أقوى منو جسماً ومن سر ِبملو‬
‫األثقاؿ فليعلم أف احلمار أمحل منو ومن سر بسرعة عدوه فليعلم أف الكلب واألرنب أسرع عدواً منو ومن سر‬
‫ِبسن صوتو فليعلم أف كثْياً من الطْي أحسن صوَتً منو وأف أصوات ادلزامْي ألذ وأطرب من صوتو فأي فخر‬
‫وأي سرور ِف ما تكوف فيو ىذه البهائم متقدمة عليو‪ .‬لكن من قوى َتييزه واتسع علمو وحسن عملو فليغتبط‬
‫بذلك فإنو ال يتقدمو ِف ىذه الوجوه إال ادلبلئكة وخيار الناس‪.‬‬
‫س َع ْن ا ْذلََوى فَِإ َّف ا ْجلَنَّةَ ِى َي ال َْمأ َْوى}(‪ )1‬جامع لكل فضيلة‬ ‫اؼ م َق ِ ِ‬
‫اـ َربّو َونَػ َهى النَّػ ْف َ‬
‫تعاىل‪{:‬وأ ََّما َم ْن َخ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫قوؿ هللا‬
‫ألف هني النفس عن اذلوى ىو ردعها عن الطبع الغضِب وعن الطبع الشهواِن ألف كليهما واقع حتت موجب‬
‫اذلوى‬
‫__________‬
‫(‪)1‬النازعات‪41-40:‬‬

‫(‪)58/1‬‬

‫ص‪59:‬‬
‫فلم يبق إال استعماؿ النفس للنطق ادلوضوع فيها الذي بو ِبنت عن البهائم واحلشرات والسباع‪.‬‬
‫ب(‪)1‬؛‬
‫ض ْ‬
‫استوصاه‪:‬ال تَػغْ َ‬
‫َ‬ ‫قوؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص للذي‬
‫ب لِنَػ ْف ِس ِو(‪ )2‬جامعاف لكل فضيلة ألف ِف هنيو عن الغضب ردع‬
‫ب ال َْم ْرءُ لِغَ ِْْيهِ َما ُِػل ُّ‬
‫وأمره عليو السبلـ "أَ ْف ُِػل َّ‬
‫النفس ذات القوة الغضبية عن ىواىا وِف أمره عليو السبلـ أف ػلب ادلرء لغْيه ما ػلب لنفسو ردع النفس عن‬
‫القوة الشهوانية‬
‫__________‬
‫(‪)1‬أخرجو البخاري‪،‬الصحيح‪،‬كتاب األدب‪ِ،‬بب احلذر من الغضب‪5651:‬‬
‫(‪ )2‬أخرجو البخاري‪،‬الصحيح‪،‬اإلؽلاف‪ِ،‬بب من اإلؽلاف أف ػلب ألخيو ما ػلب‬
‫ب ِأل ِ‬
‫َخ ِيو ال ُْم ْسلِ ِم َما ُِػل ُّ‬ ‫اإلؽلَ ِ‬
‫اف أَ ْف ُِػل َّ‬ ‫صِ‬
‫اؿ ِْ‬ ‫يل علَى أ َّ ِ ِ‬‫ِ‬
‫ب‬ ‫َف م ْن خ َ‬ ‫‪،‬ومسلم‪،‬الصحيح‪،‬اإلؽلاف‪ِ،‬بب الدَّل ِ َ‬
‫َ‬ ‫لنفسو‪12:‬‬
‫لِنَػ ْف ِس ِو ِم ْن ْ‬
‫اخلَ ِْْي‪64:‬‬

‫(‪)59/1‬‬

‫ص‪60:‬‬
‫وَجع ألزمة العدؿ الذي ىو فائدة النطق ادلوضوع ِف النفس الناطقة‪.‬‬
‫رأيت أكثر الناس إال من عصم هللا تعاىل وقليل ما ىم يتعجلوف الشقاء واذلم والتعب ألنفسهم ِف الدنيا‬
‫وػلتقبوف عظيم اإلُث ادلوجب للنار ِف اآلخرة ِبا ال ػلظوف معو بنفع أصبلً من نيات خبيثة يضبوف عليها من‬
‫َتِن الغبلء ادلهلك للناس وللصغار ومن ال ذنب لو وَتِن أشد الببلء دلن يكرىونو وقد علموا يقيناً أف تلك‬
‫النيات الفاسدة ال تعجل ذلم شيئاً شلا يتمنونو أو يوجب كونو‪ .‬وإهنم لو صفوا نياَتم وحسنوىا لتعجلوا الراحة‬
‫ألنفسهم وتفرغوا بذلك دلصاحل أمورىم وال قتنوا بذلك عظيم األجر ِف ادلعاد من غْي أف‬

‫(‪)60/1‬‬

‫ص‪61:‬‬
‫يؤخر ذلك شيئاً شلا يريدونو أو ؽلنع كونو‪.‬‬
‫فأي غنب أعظم من ىذه احلاؿ الِت نبهنا عليها وأي سعد أعظم من الِت دعوَن إليها‬
‫إذا حققت مدة الدنيا َل َتدىا إال اآلف الذي ىو فصل الزمانْي فقط‪ .‬وأما ما مضى وما َل َيت فمعدوماف كما‬
‫كر الطرؼ؟!‪.‬‬
‫َل يكن فمن أضل شلن يبيع ِبقياً خالداً ِبدة ىي أقل من ّ‬
‫إذا َنـ ادلرء خرج عن الدنيا ونسي كل سرور وكل حزف فلو رتب نفسو ِف يقظتو على ذلك أيضاً لسعد‬
‫السعادة التامة‪.‬‬
‫من أساء إىل أىلو وجْيانو فهو أسقطهم‪ .‬ومن كافأ من أساء إليو منهم فهو مثلهم‪ .‬ومن َل يكافئهم ِبساءَتم‬
‫فهو‬

‫(‪)61/1‬‬

‫ص‪62:‬‬
‫سيدىم وخْيىم وأفضلهم‪.‬‬

‫(‪)62/1‬‬

‫ص‪63:‬‬
‫فصل ِف العلم‬
‫لو َل يكن من فضل ال ِْعلْم إال أف اجلهاؿ يهابونك وغللونك وأف العلماء ػلبونك ويكرمونك لكاف ذلك سبباً‬
‫إىل وجوب طلبو فكيف بسائر فضائلو ِف الدنيا واآلخرة! ولو َل يكن من نقص اجلهل إال أف صاحبو ػلسد‬
‫العلماء ويغبط نظراءه من اجلهاؿ لكاف ذلك سبباً إىل وجوب الفرار عنو فكيف بسائر رذائلو ِف الدنيا‬
‫واآلخرة!‪.‬‬
‫لو َل يكن من فائدة ال ِْعلْم واالشتغاؿ بو إال أنو يقطع ادلشتغل بو عن الوساوس ادلضنية ومطارح اآلماؿ الِت ال‬
‫تفيد غْي اذلم وكفاية األفكار ادلؤدلة للنفس لكاف ذلك‬

‫(‪)63/1‬‬

‫أعظم داع إليو فكيف ولو من الفضائل ما يطوؿ ذكره! ومن أقلها ما ذكرَن شلا ػلصل عليو طالب العلم‪.‬‬
‫وِف مثلو أتعب ضعفاء ادللوؾ أنفسهم فتشاغلوا عما ذكرَن ِبلشطرنج والنرد واخلمر واألغاِن وركض الدواب‬
‫ِف طلب الصيد وسائر الفضوؿ الِت تعود ِبدلضرة ِف الدنيا واآلخرة وأما فائدة فبل فائدة‪.‬‬
‫لو تدبر العاَل ِف مرور ساعاتو ماذا كفاه ال ِْعلْم من الذؿ بتسلط اجلهاؿ ومن اذلم ِبغيب احلقائق عنو ومن‬
‫الغبطة ِبا قد ِبف لو وجهو من األمور اخلفية عن غْيه لزاد محداً هلل عز وجل وغبطة ِبا لديو من ال ِْعلْم ورغبة ِف‬
‫ادلزيد منو‪.‬‬

‫(‪)64/1‬‬

‫ص‪65:‬‬
‫من شغل نفسو ِبدَّن العلوـ وترؾ أعبلىا وىو قادر عليو كاف كزارع الذرة ِف األرض الِت غلود فيها الرب‬
‫وكغارس الشعراء حيث يزكو النخل والزيتوف‪.‬‬
‫نشر ال ِْع ْلم عند من ليس من أىلو مفسد ذلم كإطعامك العسل واحللواء من بو احرتاؽ ومحى أوكشميمك‬
‫ادلسك والعنرب دلن بو صداع من احتداـ الصفراء‪.‬‬
‫الباخل ِبلعلم أألـ من الباخل ِبدلاؿ ألف الباخل ِبدلاؿ أشفق من فناء ما بيده والباخل ِبلعلم طخل ِبا ال يفَن‬
‫على النفقة وال يفارقو مع البذؿ‪.‬‬
‫من ماؿ بطبعو إىل علم ما وإف كاف أدَّن من غْيه‬

‫(‪)65/1‬‬

‫ص‪66:‬‬
‫فبل يشغلها بسواه فيكوف كغارس النارجيل ِبألندلس وكغارس الزيتوف ِبذلند وكل ذلك ال ينجب‪.‬‬
‫أجل العلوـ ما قربك من خالقك تعاىل وما أعانك على الوصوؿ إىل رضاه‪.‬‬
‫أنظر ِف ادلاؿ واحلاؿ والصحة إىل من دونك وانظر ِف الدين والعلم والفضائل إىل من فوقك‪.‬‬
‫العلوـ الغامضة كالدواء القوي يصلح األجساد القوية ويهلك األجساد الضعيفة‪ .‬وكذلك العلوـ الغامضة‪.‬‬
‫تزيد العقل القوي جودة وتصفية من كل آفة وَتلك ذا العقل الضعيف‪.‬‬
‫من الغوص على اجلنوف ما لو غاصو صاحبو على العقل لكاف أحكم من احلسن البصري وأفبلطوف األثيِن‬
‫وبزرَجهر الفارسي‪.‬‬

‫(‪)66/1‬‬
‫ص‪67:‬‬
‫وقف العقل عند أنو ال ينفع إف َل يؤيد بتوفيق ِف الدين أويسعد ِف الدنيا‪.‬‬
‫ال تضر بنفسك ِف أف َترب ِبا اآلراء الفاسدة لرتي ادلشْي ِبا فسادىا فتهلك فإف مبلمة ذي الرأي الفاسد‬
‫لك على سلالفتو وأنت َنج من ادلكاره خْي لك من أف يعذرؾ ويندـ كبلكما وأنت قد حصلت ِف مكاره‪.‬‬
‫إايؾ و أف تسر غْيؾ ِبا تسوء بو نفسك فيما َل توجبو عليك شريعة أو فضيلة‪.‬‬
‫وقف ال ِْعلْم عند اجلهل بصفات الباري عز وجل‪.‬‬
‫ال آفة على العلوـ وأىلها أضر من الدخبلء فيها وىم من غْي أىلها فإهنم غلهلوف ويظنوف أهنم يعلموف‬
‫ويفسدوف ويقدروف أهنم يصلحوف‪.‬‬
‫من أراد خْي اآلخرة وحكمة الدنيا وعدؿ السْية‬

‫(‪)67/1‬‬

‫ص‪68:‬‬
‫واالحتواء على زلاسن األَ ْخبلَؽ كلها واستحقاؽ الفضائل ِبسرىا فليقتد ِبحمد رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص وليستعمل‬
‫أخبلقو وسْيه ما أمكنو أعاننا هللا على اإلتساء بو ِبنّو آمْي‪.‬‬
‫غاظِن أىل اجلهل مرتْي من عمري‪:‬‬
‫أحدعلا‪ :‬بكبلمهم فيما ال ػلسنونو أايـ جهلي‪.‬‬
‫والثاِن‪ :‬بسكوَتم عن الكبلـ ِبضرِت فهم أبداً ساكتوف عما ينفعهم َنطقوف فيما يضرىم‪.‬‬
‫وسرِن أىل ال ِْعلْم مرتْي من عمري‪:‬‬
‫أحدعلا‪ :‬بتعليمي أايـ جهلي‬
‫والثاِن‪ِ :‬بذاكرِت أايـ عملي‪.‬‬
‫من فضل ال ِْعلْم والزىد ِف الدنيا أهنما ال يؤتيهما هللا عز وجل إال أىلهما ومستحقهما ومن نقص علو أحواؿ‬
‫الدنيا من ادلاؿ والصوت أف أكثر ما يقعاف ِف غْي أىلهما وفيمن ال يستحقهما‪.‬‬
‫من طلب الفضائل َل يساير إال أىلها وَل يرافق ِف تلك‬

‫(‪)68/1‬‬
‫ص‪69:‬‬
‫الطريق إال أكرـ صديق من أىل ادلواساة والرب والصدؽ وكرـ العشْية والصرب والوفاء واألمانة واحللم وصفاء‬
‫الضمائر وصحة ادلودة‪.‬‬
‫ومن طلب اجلاه وادلاؿ واللذات َل يساير إال أمثاؿ الكبلب الكلبة والثعالب اخللبة وَل يرافق ِف تلك الطريق‬
‫إال كل عدو ادلعتقد ‪ ،‬خبيث الطبيعة‪.‬‬
‫منفعة ال ِْعلْم ِف إستعماؿ الفضائل عظيمة وىو أنو يعلم حسن الفضائل فيأتيها ولو ِف الندرة ويعلم قبح الرذائل‬
‫فيجتنبها ولو ِف الندرة ويسمع الثناء احلسن فْيغب ِف مثلو والثناء الرديء فينفر منو فعلى ىذه ادلقدمات‬
‫غلب أف يكوف للعلم حصة ِف كل فضيلة وللجهل حصة ِف كل رذيلة وال َيِت الفضائل‬

‫(‪)69/1‬‬

‫ص‪70:‬‬
‫شلن َل يتعلم ال ِْعلْم إال صاِف الطبع جداً فاضل الرتكيب وىذه منزلة خص ِبا النبيوف عليهم الصبلة والسبلـ‬
‫ألف هللا تعاىل علمهم اخلْي كلو دوف أف يتعلموه من الناس‪.‬‬
‫وقد رأيت من غمار العامة من غلري من االعتداؿ ومحيد األَ ْخبلَؽ إىل ما ال يتقدمو فيو حكيم عاَل رائض‬
‫لنفسو ولكنو قليل جداً‪.‬‬
‫ورأيت شلن طالع العلوـ وعرؼ عهود األنبياء عليهم السبلـ ووصااي احلكماء وىو ال يتقدمو ِف خبث السْية‬
‫وفساد العبلنية والسريرة شرار اخللق وىذا كثْي جداً فعلمت أهنما مواىب وحرماف من هللا تعاىل‪.‬‬

‫(‪)70/1‬‬

‫ص‪71:‬‬
‫فصل ِف األَ ْخبلَؽ والسْي‬
‫إحرص على أف توصف بسبلمة اجلانب وحتفظ من أف توصف ِبلدىاء فيكثر ادلتحفظوف منك حَّت رِبا أضر‬
‫ذلك بك ورِبا قتلك‪.‬‬
‫وطّن نفسك على ما تكره يقل علك إذا أَتؾ ويعظم سرورؾ ويتضاعف إذا أَتؾ ما حتب شلا َل تكن قدرتو‪.‬‬
‫إذا تكاثرت اذلموـ سقطت كلها‪.‬‬
‫الغادر يفي للمجدود والوِف يغدر ِبحملدود والسعيد كل السعيد ِف دنياه من َل يضطره الزماف إىل اختبار‬
‫اإلخواف‪.‬‬

‫(‪)71/1‬‬

‫ص‪72:‬‬
‫ال تفكر فيمن يؤذيك فإنك إف كنت مقببلً فهو ىالك وسعدؾ يكفيك وإف كنت مدبراً فكل أحد يؤذيك‪.‬‬
‫طوَب دلن علم من عيوب نفسو أكثر شلا يعلم الناس منها‪.‬‬
‫الصرب على اجلفاء ينقسم ثبلثة أقساـ‪:‬‬
‫فصرب عمن يقدر عليك وال تقدر عليو‬
‫وصرب عمن تقدر عليو وال يقدر عليك‬
‫وصرب عمن ال تقدر عليو وال يقدر عليك‪.‬‬
‫فاألوؿ ذؿ ومهانة وليس من الفضائل‪ .‬والرأي دلن خشي ما ىو أشد شلا يصرب عليو ادلتاركة وادلباعدة‪.‬‬
‫والثاِن فضل وبر وىو احللم على احلقيقة وىو الذي يوصف بو الفضبلء‪.‬‬
‫والثالث ينقسم قسمْي‪:‬‬
‫إما أف يكوف اجلفاء شلن َل يقع منو إال على سبيل الغلط ويعلم قبح ما أتى بو ويندـ عليو فالصرب عليو فضل‬
‫وفرض وىو حلم على احلقيقة‪.‬‬

‫(‪)72/1‬‬

‫ص‪73:‬‬
‫وأما من كاف ال يدري مقدار نفسو ويظن أف ذلا حقاً يستطيل بو فبل يندـ على ما سلف منو فالصرب عليو ذؿ‬
‫للصابر وإفساد للمصبور عليو ألنو يزيد استشراء وادلقارضة لو سخف والصواب إعبلمو ِبنو كاف شلكناً أف‬
‫ينتصر منو وإنو إظلا ترؾ ذلك اسرتذاالً لو فقط وصيانة عن مراجعتو وال يزاد على ذلك‪.‬‬
‫وأما جفاء السفلة فليس جزاؤه إال النكاؿ وحده‪.‬‬
‫من جالس الناس َل يعدـ علاً يؤَل نفسو وإَثا يُندـ عليو ِف معاده وغيظاً ينضج كبده وذالً ينكس علتو فما الظن‬
‫بعد ِبن خالطهم وداخلهم والعزة والراحة والسرور والسبلمة ِف االنفراد عنهم ولكن اجعلهم كالنار تدفأ ِبا‬
‫وال َتالطها‪.‬‬
‫لو َل يكن ِف رلالسة الناس إال عيباف لكفيا‪:‬‬

‫(‪)73/1‬‬

‫ص‪74:‬‬
‫أحدعلا‪ :‬االسرتساؿ عند األنس وِبألسرار ادلهلكة القاتلة الِت لوال اجملالسة َل يبح ِبا البائح‪.‬‬
‫والثاِن‪ :‬مواقعة الغلبة ادلهلكة ِف اآلخرة فبل سبيل إىل السبلمة من ىاتْي البليتْي إال ِبإلنفراد عن اجملالسة‬
‫َجلة‪.‬‬
‫ال حتقر شيئاً من عمل غد أف حتققو ِبف تعجلو اليوـ وإف قل فإف من قليل األعماؿ غلتمع كثْيىا ورِبا أعجز‬
‫أمرىا عند ذلك فيبطل الكل‪.‬‬
‫ال حتقر شيئاً شلا ترجو بو تثقيل ميزانك يوـ البعث إف تعجلو اآلف وإف قل فإنو ػلط عنك كثْياً لو اجتمع‬
‫لقذؼ بك ِف النار‪.‬‬
‫الوجع والفقر والنكبة واخلوؼ ال ػلسن أذاىا إال من كاف فيها وال يعلمو من كاف خارجاً عنها‪.‬‬
‫وفساد الرأي والعار واإلُث ال يعلم قبحها إال من كاف خارجاً عنها وليس يراه من كاف داخبلً فيها‪.‬‬

‫(‪)74/1‬‬

‫ص‪75:‬‬
‫األمن والصحة والغَن ال يعرؼ حقها إال من كاف خارجاً عنها وليس يعرؼ حقها من كاف فيها‪.‬‬
‫وجودة الرأي والفضائل وعمل اآلخرة ال يعرؼ فضلها إال من كاف من أىلها وال يعرفو من َل يكن من أىلها‪.‬‬
‫أوؿ من يزىد ِف الغادر من غدر لو الغادر وأوؿ من ؽلقت شاىد الزور من شهد لو بو وأوؿ من َتوف الزانية ِف‬
‫عينو الذي يزِن ِبا‪.‬‬
‫ما رأينا شيئاً فسد فعاد إىل صحتو إال بعد ألي فكيف بدماغ يتواىل عليو فساد السكر كل ليلة‪ .‬وإف عقبل زين‬
‫لصاحبو تعجيل إفساده كل ليلة لعقل ينبغي أف يتهم‪.‬‬
‫الطريق تربـ والزرااي تكرـ وكثرة ادلاؿ ترغب وقلتو تقنع‪.‬‬
‫قد ينحس العاقل بتدبْيه وال غلوز أف يسعد األمحق‬
‫(‪)75/1‬‬

‫ص‪76:‬‬
‫بتدبْيه‪.‬‬
‫ال شيء أضر على السلطاف من كثرة ادلتفرغْي حواليو فاحلازـ يشغلهم ِبا ال يظلمهم فيو فإف َل يفعل شغلوه‬
‫ِبا يظلمونو فيو‪.‬‬
‫وأما مقرب أعدائو فذلك قاتل نفسو‪ .‬كثرة وقوع العْي على الشخص ِّ‬
‫يسهل أمره و ِّ‬
‫يهونو‪.‬‬
‫التهويل بلزوـ زي ما واالكفهرار وقلة اإلنبساط ستائر جعلها اجلهاؿ الذين مكنتهم الدنيا أماـ جهلهم‪.‬‬
‫ال يغرت العاقل بصداقة حادثة لو أايـ دولتو فكل أحد صديقو يومئذ‪ .‬اجهد ِف أف تستعْي ِف أمورؾ ِبن يريد‬
‫م نها لنفسو مثل ما تريد لنفسك وال تستعن فيها ِبن حظو من غْيؾ كحظو منك‪.‬‬
‫ال َتب عن كبلـ نقل إليك عن قائل حَّت توقن أنو قالو فإف من نقل إليك كذِبً رجع من عندؾ ِبق‪.‬‬
‫ثق ِبدلتدين وإف كاف على غْي دينك وال تثق ِبدلستخف‬

‫(‪)76/1‬‬

‫ص‪77:‬‬
‫وإف أظهر أنو على دينك‪.‬‬
‫من استخف ِبرمات هللا تعاىل فبل َتمنو على شيء شلا تشفق عليو‪.‬‬
‫وجدت ادلشاركْي ِبرواحهم أكثر من ادلشاركْي ِبمواذلم‪ .‬ىذا شيء طاؿ إختباري إايه وَل أجد قط على طوؿ‬
‫التجربة سواه فأعيتِن معرفة العلة ِف ذلك حَّت قدرت أهنا طبيعة ِف البشر‪.‬‬
‫من قبيح الظلم اإلنكار على من أكثر اإلساءة إذا أحسن ِف الندرة‪.‬‬
‫من اسرتاح من عدو واحد حدث لو أعداء كثْية‪.‬‬
‫أشبو ما رأيت ِبلدنيا خياؿ الظل وىي َتاثيل مركبة على مطحنة خشب تدار بسرعة فتغيب طائفة و تبدو‬
‫أخرى‪.‬‬
‫طاؿ تعجِب ِف ادلوت وذلك أِن صحبت أقواماً صحبة الروح للجسد من صدؽ ادلودة فلما ماتوا رأيت‬
‫بعضهم ِف النوـ وَل أر بعضهم وقد كنت عاىدت بعضهم ِف احلياة على التزوار ِف ادلناـ بعد ادلوت إف أمكن‬
‫ذلك فلم أره ِف النوـ بعد أف تقدمِن إىل دار اآلخرة فبل أدري أنسي أـ ُش ِغل؟‬

‫(‪)77/1‬‬

‫ص‪78:‬‬
‫غفلة النفس ونسياهنا ما كانت فيو ِف دار االبتبلء قبل حلوذلا ِف اجلسد كغفلة من وقع ِف طْي غمر عن كل ما‬
‫عهد وعرؼ قبل ذلك‪ُ ،‬ث أطلت الفكر أيضاً ِف ذلك فبلح َل شعب زائد من البياف وىو أِن رأيت النائم إذ‬
‫علت نفسو ِبلتخلي من جسده وقوي حسها حَّت تشاىد الغيوب قد نسيت ما كاف فيو قبيل نومها نسياَنً َتماً‬
‫البتة على قرب عهدىا بو وحدثت ذلا أحواؿ أخر وىي ِف كل ذلك ذاكرة حساسة متلذذة آدلة ولذة النوـ‬
‫زلسوسة ِف حالو ألف النائم يتلذ وػلتلم وؼلاؼ وػلزف ِف حاؿ نومو‪.‬‬
‫إظلا َتنس النفس ِبلنفس فأما اجلسد فمستثقل مربوـ بو ودليل ذلك استعجاؿ ادلرء بدفن جسد حبيبو إذا‬
‫فارقتو نفسو وأسفو لذىاب النفس‪ .‬وإف كانت اجلثة حاضرة بْي يديو‪.‬‬
‫َل أر إلبليس أصيد وال أقبح وال أمحق من كلمتْي ألقاعلا على ألسنة دعاتو‪:‬‬
‫إحداعلا‪ :‬اعتذار من أساء ِبف‬

‫(‪)78/1‬‬

‫ص‪79:‬‬
‫فبلَنً أساء قبلو‬
‫والثانية‪ :‬إستسهاؿ ا ِإلنْ َ‬
‫ساف أف يسيء اليوـ ألنو قد أساء أمس أو أف يسيء ِف وجو ما ألنو قد أساء ِف غْيه‬
‫فقد صارت ىاَتف الكلمتاف عذراً مسهلتْي للشر ومدخلتْي لو ِف حد ما يعرؼ وػلمل وال ينكر‪.‬‬
‫استعمل سوء الظن حيث تقدر على توفيتو حقو ِف التحفظ والتأىب واستعمل حسن الظن حيث ال طاقة بك‬
‫على التحفظ فرتبح راحة النفس‪.‬‬
‫حد اجلود وغايتو أف يبذؿ الفضل كلو ِف وجوه الرب وأفضل ذلك ِف اجلار احملتاج وذي الرحم الفقْي وذي‬
‫النعمة الذاىبة واألحضر فاقة‪.‬‬
‫ومنع الفضل من ىذه الوجوه داخل ِف البخل وعلى قدر التقصْي والتوسع ِف ذلك يكوف ادلدح والذـ وما‬
‫وضع ِف غْي ىذه الوجوه فهو تبذير وىو مذموـ‪.‬‬
‫وما بذلت من قوتك دلن ىو أمس حاجة منك فهو فضل وإيثار وىو خْي من اجلود وما منع من ىذا فهو ال‬
‫محد وال ذـ وىو انتصاؼ‪.‬‬
‫بذؿ الواجبات فرض وبذؿ ما فضل عن القوت جود واإليثار على النفس من القوت ِبا ال َتلك على عدمو‬
‫فضل‬

‫(‪)79/1‬‬

‫ص‪80:‬‬
‫ومنع الواجبات حراـ‪ .‬ومنع ما فضل عن القوت طخل وشح وادلنع من اإليثار ببعض القوت عذر ومنع النفس‬
‫أو األىل القوت أو بعضو نَت ورذالة ومعصية‪.‬‬
‫والسخاء ِبا ظلمت فيو أو أخذتو بغْي حقو ظلم مكرر والذـ جزاء ذلك ال احلمد ألنك إظلا تبذؿ ماؿ غْيؾ‬
‫على احلقيقة ال مالك‪.‬‬
‫وإعطاء الناس حقوقهم شلا عندؾ ليس جوداً ولكنو حق‪.‬‬
‫حد الشجاعة بذؿ النفس للموت عن الدين واحلرمي وعن اجلار ادلضطهد وعن ادلستجْي ادلظلوـ وعن اذلضيمة‬
‫ظلماً ِف ادلاؿ والعرض وِف سائر سبل احلق سواء قل من يعارض أو كثر‪.‬‬
‫والتقصْي عما ذكرَن جنب وخور وبذذلا ِف عرض الدنيا َتور ومحق‪ .‬وأمحق من ذلك من بذذلا ِف ادلنع عن‬

‫(‪)80/1‬‬

‫ص‪81:‬‬
‫احلقوؽ الواجبات قبلك أو قبل غْيؾ وأمحق من ىؤالء كلهم قوـ شاىدَتم ال يدروف فيما يبذلوف أنفسهم‬
‫فتارة يقاتلوف زيداً عن عمرو وَترة يقاتلوف عمراً عن زيد ولعل ذلك يكوف ِف يوـ واحد فيتعرضوف للمهالك‬
‫ببل معَن فينقلبوف إىل النار أو يفروف إىل العار‪.‬‬
‫َّاس يػوـ َال ي ْد ِري الْ َقاتِل فِيم قَػتَل وَال الْم ْقتُ ُ ِ‬
‫يم‬
‫وؿ ف َ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫وقد أنذر ِبؤالء رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ِف قولو" ََيِِْتَ َعلَى الن ِ َ ْ ٌ َ‬
‫قُتِ َل"(‪.)1‬‬
‫حد العفة أف تغض بصرؾ وَجيع جوارحك عن األجساـ الِت ال حتل لك فما عدا ىذا فهو عهر وما نقص‬
‫حَّت ؽلسك عما أحل هللا تعاىل فهو ضعف وعجز‪.‬‬
‫حد العدؿ أف تعطي من نفسك الواجب وَتخذه‪ .‬وحد اجلور أف َتخذه وال تعطيو‪.‬‬
‫وحد الكرـ أف تعطي من نفسك احلق طائعاً وتتجاىف عن حقك لغْيؾ قادراً وىو فضل أيضاً وكل جود كرـ‬
‫__________‬
‫(‪ . )1‬أخرجو مسلم‪،‬الصحيح‪،‬الفَت‪ِ،‬بب ال تقوـ الساعة حَّت ؽلر الرجل بقرب الرجل ‪5178:‬‬

‫(‪)81/1‬‬

‫ص‪82:‬‬
‫وفضل وليس كل كرـ وفضل جوداً‪ .‬فالفضل أعم واجلود أخص إذ احللم فضل وليس جودا‪ ،‬والفضل فرض‬
‫زدت عليو َنفلة‪.‬‬
‫إعلاؿ ساعة يفسد رايضة سنة‪.‬‬
‫خطأ الواحد ِف تدبْي األمور خْي من صواب اجلماعة الِت ال غلمعها واحد ألف خطأالواحد ِف ذلك يستدرؾ‬
‫وصواب اجلماعة يضري على استدامة اإلعلاؿ وِف ذلك اذلبلؾ‪.‬‬
‫نوار الفتنة ال يعقد‪.‬‬
‫كانت ِف عيوب فلم أزؿ ِبلرايضة وإطبلعي على ما قالت األنبياء صلوات هللا عليهم واألفاضل من احلكماء‬
‫ادلتأخرين وادلتقدمْي ِف األَ ْخبلَؽ وِف آداب النفس أعاِن مداواَتا حَّت أعاف هللا عز وجل على أكثر ذلك‬
‫بتوفيقو ومنو‪.‬‬

‫(‪)82/1‬‬

‫ص‪83:‬‬
‫وَتاـ العدؿ ورايضة النفس والتصرؼ ِبزمة احلقائق ىو اإلقرار ِبا ليتعظ بذلك متعظ يوماً إف شاء هللا‪.‬‬
‫فمنها كلف ِف الرضاء وإفراط ِف الغضب فلم أزؿ أداوي ذلك حَّت وقفت عند ترؾ إظهار الغضب َجلة‬
‫ِبلكبلـ والفعل والتخبط وامتنعت شلا ال ػلل من االنتصار وحتملت من ذلك ثقبلً شديداً وصربت على مضض‬
‫مؤَل كاف رِبا أمرضِن وأعجزِن ذلك ِف الرضا وكأِن سازلت نفسي ِف ذلك ألهنا َتثلت أف ترؾ ذلك لؤـ‪.‬‬
‫ومنها دعابة غالبة فالذي قدرت عليو فيها إمساكي عما يغضب ادلمازح وسازلت نفسي فيها إذ رأيت تركها‬
‫من االنغبلؽ ومضاىياً للكرب‪.‬‬
‫ومنها عجب شديد فناظر عقلي نفسي ِبا يعرفو من عيوِبا حَّت ذىب كلو وَل يبق لو واحلمد هلل أثر بل كلفت‬
‫نفسي إحتقار قدرىا َجلة واستعماؿ التواضع‪.‬‬
‫ومنها حركات كانت تولدىا غرارة الصبا وضعف اإلغضاء فقصرت نفسي على تركها فذىبت‪.‬‬

‫(‪)83/1‬‬

‫ص‪84:‬‬
‫ومنها زلبة ِف بعد الصيت والغلبة فالذي وقفت عليو من معاَنة ىذا الداء اإلمساؾ فيو عما ال ػلل ِف الداينة‬
‫وهللا ادلستعاف على الباقي مع أف ظهور النفس الغضبية إذا كانت منقادة للناطقة فضل وخلق زلمود‪.‬‬
‫ومنها إفراط ِف األنفة بغضت إَل إنكاح احلرـ َجلة بكل وجو وصعبت ذلك ِف طبيعِت وكأِن توقفت عن‬
‫مغالبة ىذا اإلفراط الذي أعرؼ قبحو لعوارض اعرتضت علي وهللا ادلستعاف‪.‬‬
‫ومنها عيباف قد سرتعلا هللا تعاىل وأعاف على مقاومتهما وأعاف بلطفو عليهما فذىب أحدعلا ألبتة وهلل احلمد‬
‫وكأف السعادة كانت موكلة يب فإذا الح منو طالع قصدت طمسو وطاولِن الثاِن منهما فكاف إذا َثرت منو‬
‫مدوده نبضت عروقو فيكاد يظهر ُث يسر هللا تعاىل قدعو بضروب من لطفو تعاىل حَّت أخلد‪.‬‬
‫ومنها حقد مفرط قدرت بعوف هللا تعاىل على طيو وسرته‬

‫(‪)84/1‬‬

‫ص‪85:‬‬
‫وغلبتو على إظهار َجيع نتائجو وأما قطعو ألبتة فلم أقدر عليو وأعجزِن معو أف أصادؽ من عاداِن عداوة‬
‫صحيحة أبداً‪.‬‬
‫وأما سوء الظن فيعده قوـ عيباً على اإلطبلؽ وليس كذلك إال إذا أدى صاحبو إىل ما ال ػلل وأما الذي يعيبِن‬
‫بو جهاؿ أعدائي من أِن ال أِبَل فيما أعتقده حقاً عن سلالفة من خالفتو ولو أهنم َجيع من على ظهر األرض‬
‫وإِن ال أِبَل موافقة أىل ببلدي ِف كثْي من زيهم الذي قد تعودوه لغْي معَن فهذه اخلصلة عندي من أكرب‬
‫فضائلي الِت ال مثيل ذلا ولعمري لو َل تكن ِف وأعوذ ِبهلل لكانت من أعظم متمنياِت وطلباِت عند خالقي عز‬
‫وجل وأَن أوصي بذلك كل من يبلغو كبلمي فلن ينفعو اتباعو الناس ِف الباطل والفضوؿ إذا أسخط ربو تعاىل‬
‫وغنب عقلو أو آَل نفسو وجسده وتكلف مؤونة ال فائدة فيها‪.‬‬
‫وقد عابِن أيضاً بعض من غاب عن معرفة احلقائق أِن‬

‫(‪)85/1‬‬

‫ص‪86:‬‬
‫ال آَل لنيل من َنؿ مِن وأِن أتعدى ذلك من نفسي إىل إخواِن فبل أمتعض ذلم إذا نيل منهم ِبضرِت وأَن أقوؿ‬
‫إف من وصفِن بذلك فقد أَجل الكبلـ وَل يفسره والكبلـ إذا أَجل أندرج فيو حتسْي القبيح وتقبيح احلسن‪.‬‬
‫أال ترى لو أف قائبلً قاؿ‪ :‬إف فبلَنً يطأ أختو لفحش ذلك والستقبحو كل سامع لو حَّت إذا فسر فقاؿ‪ :‬ىي‬
‫أختو ِف اإلسبلـ ظهر فحش ىذا اإلَجاؿ وقبحو‪.‬‬
‫وأما أَن فإِن إف قلت ال آَل لنيل من َنؿ مِن َل أصدؽ فاألَل ِف ذلك مطبوع رلبوؿ ِف البشر كلهم لكِن قد‬
‫قصرت نفسي على أف ال أظهر لذلك غضباً وال َتبطاً وال َتيجاً فإف تيسر َل اإلمساؾ عن ادلقارضة َجلة ِبف‬
‫أَتىب لذلك فهو الذي أعتمد عليو ِبوؿ هللا تعاىل وقوتو‪.‬‬
‫وإف ِبدرِن األمر َل أقارض إال وِبجلملة فإِن كاره ذلذا إال لضرورة داعية إليو شلا أرجو بو قمع ادلستشري ِف‬
‫النيل مِن أو قدع الناقل إَل إذ أكثر الناس زلبوف إلمساع ادلكروه من يسمعونو إايه عن ألسنة‬

‫(‪)86/1‬‬

‫ص‪87:‬‬
‫غْيىم وال شيء أقدع ذلم من ىذا الوجو فإهنم يكفوف بو عن نقلهم ادلكاره على ألسنة الناس إىل الناس وىذا‬
‫شيء ال يفيد إال إفساد الضمائر وإدخاؿ التمائم فقط‪.‬‬
‫ُث بعد ىذا فإف النائل مِن ال ؼللو من أحد وجهْي ال َثلث ذلما‪:‬‬
‫إما أف يكوف كاذِبً‬
‫وإما أف يكوف صادقاً‪.‬‬
‫فإف كاف كاذِبً فلقد عجل هللا َل اإلنتصار منو على لساف نفسو ِبف حصل ِف َجلة أىل الكذب وِبف نبو على‬
‫فضلي ِبف نسب إَل ما أَن منو بريء العرض وما يعلم أكثر السامعْي لو كذبو إما ِف وقتو ذلك وإما بعد ِبثهم‬
‫عما قاؿ‪.‬‬
‫وإف كاف صادقاً فإنو ال ؼللو من أحد ثبلثة أوجو‪ :‬إما أف أكوف شاركتو ِف أمر اسرتحت إليو اسرتاحة ادلرء إىل‬
‫من يقدر فيو ثقة وأمانة فهذا أسوأ الناس حالة وكفى بو سقوطاً وضعة‪.‬‬
‫وإما أف يكوف عابِن ِبا يظن أنو عيب وليس عيباً فقد كفاِن جهلو شأنو وىو ادلعيب ال من عاب‬
‫وأما أف يكوف عابِن بعيب ىو ِف على احلقيقة وعلم مِن نقصاً أطلق بو لسانو فإف كاف صادقاً فنفسي أحق‬
‫ِبف ألوـ منو وأَن حينئذ أجدر ِبلغضب على نفسي مِن على من عابِن ِبحلق‪.‬‬
‫وأما أمر إخواِن فإِن لست أمسك عن االمتعاض ذلم‬

‫(‪)87/1‬‬

‫ص‪88:‬‬
‫لكِن أمتعض إمتعاضاً رقيقاً ال أزيد فيو أف أندـ القائل منهم ِبضرِت وأجعلو يتذمم ويعتذر وؼلجل ويتنصل‬
‫وذلك ِبف أسلك بو طريق ذـ من َنؿ من الناس وأف نظر ادلرء ِف أمر نفسو والتهمم ِبصبلحها أوىل بو من‬
‫تتبع عثرات الناس وِبف أذكر فضل صديقي فأبكتو على اقتصاره على ذكر العيب دوف ذكر الفضيلة وأف‬
‫أقوؿ إنو ال يرضى بذلك فيك فهو أوىل ِبلكرـ منك فبل ترض لنفسك ِبذا أو ضلو ىذا من القوؿ‪.‬‬
‫وأما أف أىارش القائل فأمحيو وأىيج طباعو وأستثْي غضبو فينبعث منو ِف صديقي أضعاؼ ما أكره فأَن اجلاِن‬
‫حينئذ على صديقي وادلعرض لو بقبيح السب وتكراره فيو وإمساعو من َل يسمعو واإلغراء بو ورِبا كنت أيضاً‬
‫ِف ذلك جانباً على نفسي ما ال ينبغي لصديقي أف يرضاه َل من إمساعي اجلفاء وادلكروه وأَن ال أريد من‬
‫صديقي أف يذب عِن ِبكثر من‬

‫(‪)88/1‬‬

‫ص‪89:‬‬
‫الوجو الذي حددت فإف تعدى ذلك إىل أف يساب النائل مِن حَّت يولد بذلك أف يتضاعف النيل وأف يتعدى‬
‫أبوي وأبويو على قدر سفو النائل ومنزلتو من البذاءة ورِبا كانت منازعة‬
‫أيضاً إليو بقبيح ادلواجهة ورِبا إىل ّ‬
‫ِبأليدي فأَن مستنقص لفعلو ِف ذلك زا ٍر عليو متظلم منو غْي شاكر لو‪ .‬لكِن ألومو على ذلك أشد اللوـ‬
‫وِبهلل تعاىل التوفيق‪.‬‬
‫وذمِن أيضاً بعض من تعسف األمور دوف حتقيق ِبِن أضيع ماَل وىذه َجلة بياهنا‪:‬‬
‫أِن ال أضيع منو إال ما كاف ِف حفظو نقص ديِن أو إخبلؽ عرضي أو إتعاب نفسي فإِن أرى الذي أحفظ من‬
‫أجل ِف العوض شلا يضيع من ماَل ولو أنو كل ما ذرت عليو الشمس‪.‬‬
‫قل ّ‬‫ىذه الثبلثة وإف َّ‬

‫(‪)89/1‬‬

‫ص‪90:‬‬
‫ووجدت أفضل نعم هللا تعاىل على ادلرء أف يطبعو على العدؿ وحبو وعلى احلق وإيثاره فما استعنت على قمع‬
‫ىذه الطوالع الفاسدة وعلى كل خْي ِف الدين والدنيا إال ِبا ِف قوِت من ذلك وال حوؿ وال قوة إال ِبهلل تعاىل‪.‬‬
‫وأما من طبع على اجلور واستسهالو وعلى الظلم واستخفافو فلييأس من أف يصلح نفسو أو يقوـ طباعو أبداً‬
‫وليعلم أنو ال يفلح ِف دين وال ِف خلق زلمود‪.‬‬
‫وأما الزىو واحلسد والكذب واخليانة فلم أعرفها بطبعي قط وكأنِن ال محد َل ِف تركها دلنافرة جبلِت إايىا‬
‫واحلمد هلل رب العادلْي‪.‬‬
‫من عيب حب الذكر أنو ػلبط األعماؿ إذا أحب عاملها أف يذكر ِبا فكاد يكوف شركاً ألنو يعمل لغْي هللا‬
‫تعاىل وىو يطمس الفضائل ألف صاحبو ال يكاد يفعل اخلْي حباً للخْي لكن ليذكر بو‪.‬‬
‫أبلغ ِف ذمك من مدحك ِبا ليس فيك ألنو نبو على‬

‫(‪)90/1‬‬

‫ص‪91:‬‬
‫نقصك وأبلغ ِف مدحك من ذمك ِبا ليس فيك ألنو نبو على فضلك ولقد انتصر لك من نفسو بذلك‬
‫وِبستهدافو إىل اإلنكار والبلئمة‪.‬‬
‫لو علم الناقص نقصو لكاف كامبلً‪.‬‬
‫ال ؼللو سللوؽ من عيب فالسعيد من قلت عيوبو ودقت‪.‬‬
‫أكثر ما يكوف ما َل يظن فاحلزـ ىو التأىب دلا يظن فسبحاف من رتب ذلك لْيي ا ِإلنْ َ‬
‫ساف عجزه وافتقاره إىل‬
‫خالقو عز وجل‪.‬‬

‫(‪)91/1‬‬
‫ص‪(92:‬فارغة)‬

‫(‪)92/1‬‬

‫ص‪93:‬‬
‫فصل ِف اإلخواف والصداقة والنصيحة‬
‫استبقاؾ من عاتبك وزىد فيك من استهاف بسيئاتك‪.‬‬
‫العتاب للصديق كالسبك للسبيكة فأما تصفو وإما تطْي‪.‬‬
‫من طوى من إخوانك سره الذي يعنيك دونك أخوف لك شلن أفشى سرؾ ألف من أفشى سرؾ فإظلا خانك‬
‫فقط ومن طوى سره دونك منهم فقد خانك واستخونك‪.‬‬
‫ال ترغب فيمن يزىد فيك فتحصل على اخليبة واخلزي‪.‬‬
‫ال تزىد فيمن يرغب فيك فإنو ِبب من أبواب الظلم وترؾ مقارضة اإلحساف وىذا قبيح‪.‬‬
‫من امتحن ِبف ؼلالط الناس فبل يلق بوعلو كلو إىل‬

‫(‪)93/1‬‬

‫ص‪94:‬‬
‫من صحب وال ينب منو إال على أنو عدو مناصب وال يصبح كل غداة إال وىو مرتقب من غدر إخوانو وسوء‬
‫معاملتهم مثل ما يرتقب من العدو ادلكاشف فإف سلم من ذلك فللو احلمد‪.‬‬
‫وإف كانت األخرى أُلفي متأىباً وَل ؽلت علاً‪.‬‬
‫وأَن أعلمك أف بعض من خالصِن ادلودة وأصفاِن إايىا غاية الصفاء ِف حاؿ الشدة والرخاء والسعة والضيق‬
‫والغضب والرضى تغْي علي أقبح تغْي بعد اثِن عشر عاماً متصلة ِف غاية الصفاء ولسبب لطيف جداً ما‬
‫قدرت قط أنو يؤثر مثلو ِف أحد من الناس وما صلح َل بعدىا ولقد أعلِن ذلك سنْي كثْية علاً شديداً‪.‬‬
‫ولكن ال تستعمل مع ىذا سوء ادلعاملة فتلحق بذوي الشرارة من الناس وأىل احلب منهم‪ .‬ولكن‬

‫(‪)94/1‬‬
‫ص‪95:‬‬
‫ىا ىنا طريق وعرة ادلسلك شاقة ادلتكلف ػلتاج سالكها إىل أف يكوف أىدى من القطا واحذر من العقعق حَّت‬
‫يفارؽ الناس راحبلً إىل ربو تعاىل وىذه الطريق ىي طريق الفوز ِف الدين والدنيا غلوز صاحبها صفاء نيات ذوي‬
‫النفوس السليمة والعقود الصحيحة الربآء من ادلكر واخلديعة‪ .‬وػلوي فضائل األبرار وسجااي الفضبلء وػلصل‬
‫مع ذلك على سبلمو الدىاة وَتلص اخلبثاء ذوي النكراء والدىاء‪.‬‬
‫وىي أف تكتم سر كل من وثق بك وأف ال تفشي إىل أحد من إخوانك وال من غْيىم من سرؾ ما ؽلكنك طيو‬
‫بوجو ما من الوجوه وإف كاف أخص الناس بك وأف تفي جلميع من أئتمنك وال َتمن أحداً على شيء من‬

‫(‪)95/1‬‬

‫ص‪96:‬‬
‫أمرؾ تشفق عليو إال لضرورة ال بد منها فارتد حينئذ واجتهد وعلى هللا تعاىل الكفاية‪.‬‬
‫وابذؿ فضل مالك وجاىك دلن سألك أو َل يسألك ولكل من احتاج إليك وأمكنك نفعو وإف َل يعتمدؾ‬
‫ِبلرغبة وال تشعر نفسك انتظار مقارضة على ذلك من غْي ربك عز وجل وال تنب إال على أف من أحسنت‬
‫إليو أوؿ مضر بك وساع عليك فإف ذوي الرتاكيب اخلبيثة يبغضوف لشدة احلسد كل من أحسن إليهم إذا رأوه‬
‫ِف أعلى من أحواذلم‪.‬‬
‫وعامل كل أحد ِف األنس أحسن معاملة وأضمر السلو عنو إف فات ببعض اآلفات الِت َتِت مع مرور األايـ‬
‫واللياَل تعش مسادلاً مسرتػلاً‪.‬‬
‫ال تنصح على شرط القبوؿ وال تشفع على شرط‬

‫(‪)96/1‬‬

‫ص‪97:‬‬
‫اإلجابة وال َتب على شرط اإلَثبة لكن على سبيل إستعماؿ الفضل وَتدية ما عليك من النصيحة والشفاعة‬
‫وبذؿ ادلعروؼ‪.‬‬
‫حد الصداقة الذي يدور على طرِف زلدوده ىو أف يكوف ادلرء يسوءه ما يسوء اآلخر ويسره ما يسره فما سفل‬
‫عن ىذا فليس صديقاً ومن محل ىذه الصفة فهو صديق وقد يكوف ادلرء صديقاً دلن ليس صديقو‪.‬‬
‫وأما الذي يدخل ِف ِبب اإلضافة فهو ادلصادؽ فهذا يقتضي فعبل من فاعلْي إذ قد ػلب ا ِإلنْ َ‬
‫ساف من يبغضو‬
‫وأكثر ذلك ِف اآلِبء مع األبناء وِف اإلخوة مع إخوَتم وبْي األزواج وفيمن صارت زلبتو عشقاً‪.‬‬
‫وليس كل صديق َنصحاً لكن كل َنصح صديق فيما نصح فيو‪.‬‬
‫وحد النصيحة ىو أف يسوء ادلرء ما ضر اآلخر ساء ذلك اآلخر أو َل يسؤه وإف يسره ما نفعو سر اآلخر أو‬

‫(‪)97/1‬‬

‫ص‪98:‬‬
‫ساءه فهذا شرط ِف النصيحة زائد على شروط الصداقة‪.‬‬
‫وأقصى غاايت الصداقة الِت ال مزيد عليها من شاركك بنفسو وِبالو لغْي علة توجب ذلك وآثرؾ على من‬
‫سواؾ‪ .‬ولوال أِن شاىدت مظفراً ومباركاً صاحِب بلنسية لقدرت إف ىذا اخللق معدوـ ِف زماننا ولكِن ما رأيت‬
‫قط رجلْي استوفيا َجيع أسباب الصداقة مع َتِت األحواؿ ادلوجبة للفرقة غْيعلا‪.‬‬
‫ليس شيء من الفضائل أشبو ِبلرذائل من االستكثار من اإلخواف واألصدقاء فإف ذلك فضيلة َتمة مرتكبة‬
‫ألهنم ال يكتسبوف إال ِبحللم واجلود والصرب والوفاء واالستضبلع وادلشاركة والعفة وحسن الدفاع وتعليم الْعِلْم‬
‫وبكل حالة زلمودة‪.‬‬

‫(‪)98/1‬‬

‫ص‪99:‬‬
‫ولسنا نعِن الشاكرية واألتباع أايـ احلرمة فأولئك لصوص اإلخواف وخبث األصدقاء والذين يظن أهنم أولياء‬
‫وليسوا كذلك‪.‬‬
‫ودليل ذلك إضلرافهم عند إضلراؼ الدنيا‪.‬‬
‫وال نعِن أيضاً ادلصادقْي لبعض األطماع وال ادلتنادمْي على اخلمر واجملتمعْي على ادلعاصي والقبائح وادلتألفْي‬
‫على النيل من أعراض الناس واألخذ ِف الفضوؿ وما ال فائدة فيو فليس ىؤالء أصدقاء‪.‬‬
‫ودليل ذلك أف بعضهم يناؿ من بعض وينحرؼ عنو عند فقد تلك الرذائل الِت َجعتهم‪.‬‬
‫وإظلا نعِن إخواف الصفاء لغْي معَن إال هلل عز وجل إما للتناصر على بعض الفضائل اجلدية وإما لنفس احملبة‬
‫اجملردة فقط‪.‬‬

‫(‪)99/1‬‬

‫ص‪100:‬‬
‫ولكن إذا أحصيت عيوب االستكثار منهم وصعوبة احلاؿ ِف إرضائهم والغرر ِف مشاركتهم وما يلزمك من‬
‫احلق ذلم عند نكبة تعرض ذلم فإف غدرت ِبم أو أسلمتهم لؤمت وذشلت وإف وفيت أضررت بنفسك ورِبا‬
‫ىلكت وىذا ال يرضى الفاضل بسواه إذا تنشب ِف الصداقة وإذا تفكرت ِف اذلم ِبا يعرض ذلم وفيهم من‬
‫موت أو فراؽ أو غدر من يغدر منهم كاد السرور ِبم ال يفي ِبحلزف ادلمض من أجلهم‪.‬‬
‫وليس ِف الرذائل أشبو ِبلفضائل من زلبة ادلدح ودليل ذلك أنو ِف الوجو سخف شلن يرضى بو وقد جاء ِف‬
‫األثر ِف ادلداحْي ما جاء إال أنو قد ينتفع بو ِف اإلقصار‬

‫(‪)100/1‬‬

‫ص‪101:‬‬
‫عن الشر والتزيد من اخلْي وِف أف يرغب ِف ذلك اخللق ادلمدوح من مسعو‪ .‬ولقد صح عندي أف بعض‬
‫السائسْي للدنيا لقي رجبلً من أىل األذى للناس وقد قلد بعض األعماؿ اخلبيثة فقابلو ِبلثناء عليو وِبنو قد‬
‫مسع شكره مستفيضاً ووصفو ِبجلميل والرفق منتشراً فكاف ذلك سبباً إىل إقصار ذلك الفاسق عن كثْي من‬
‫شره‪.‬‬
‫بعض أنواع النصيحة يشكل َتييزه من النميمة ألف من مسع إنساَنً يذـ آخر ظادلاً لو أو يكيده ظادلاً لو فكتم‬
‫ذلك عن ادلقوؿ فيو وادلكيد كاف الكامت لذلك ظادلاً مذموماً‪.‬‬
‫ُث إف أعلمو بذلك على وجهو كاف رِبا قد ولد على الذاـ والكائد ما َل يبلغو استحقاقو بعد من األذى فيكوف‬
‫ظادلاً لو‪.‬‬
‫وليس من احلق أف يقتص من الظاَل ِبكثر من قدر‬

‫(‪)101/1‬‬
‫ص‪102:‬‬
‫ظلمو فالتخلص من ىذا الباب صعب إال على ذوي العقوؿ‪.‬‬
‫والرأي للعاقل ِف مثل ىذا إف ػلفظ ادلقوؿ فيو من القائل فقط دوف أف يبلغو ما قاؿ لئبل يقع ِف االسرتساؿ‬
‫زائد فيهلك‪.‬‬
‫وأما ِف الكيد فالواجب أف ػلفظو من الوجو الذي يكاد منو ِبلطف ما يقدر ِف الكتماف على الكائد وأبلغ ما‬
‫يقدر ِف حتفيظ ادلكيد وال يزد على ىذا شيئاً‪.‬‬
‫وأما النميمة فهي دلا مسع شلا ال ضرر فيو على ادلبلغ إليو وِبهلل التوفيق‪.‬‬
‫النصيحة مرَتف‪ :‬فاألوىل فرض وداينة والثانية تنبيو وتذكْي وأما الثالثة فتوبيخ وتقريع وليس وراء ذلك إال‬
‫الرتكل واللطاـ‪،‬ورِبا أشد من ذلك من‬

‫(‪)102/1‬‬

‫ص‪103:‬‬
‫من البغي واألذى‪ ،‬اللهم إال ِف معاِن الداينة فواجب على ادلرء تزداد النصح فيها رضي ادلنصوح أو سخط‬
‫َتذى الناصح بذلك أو َل يتأذ‪.‬‬
‫وإذا نصحت فانصح سراً ال جهراً وبتعريض ال تصريح إال أف ال يفهم ادلنصوح تعريضك فبل بد من التصريح‪.‬‬
‫وال تصرح على شرط القبوؿ منك‪.‬‬
‫فإذا تعديت ىذه الوجوه فأنت ظاَل ال َنصح وطالب طاعة وملك ال مؤدي حق أمانة وأخوة‪ .‬وليس ىذا‬
‫حكم العقل وال حكم الصداقة لكن حكم األمْي مع رعيتو والسيد مع عبيده‪.‬‬
‫ال تكلف صديقك إال مثل ما تبذؿ لو من نفسك فإف طلبت أكثر فأنت ظاَل‪ .‬وال تكسب إال على شرط‬
‫الفقد‪.‬‬
‫وال تتوؿ إال على شرط العزؿ وإال فأنت مضر بنفسك خبيث السْية‪.‬‬

‫(‪)103/1‬‬
‫ص‪104:‬‬
‫مسازلة أىل االستئثار واالستغناـ والتغافل ذلم ليس مروءة وال فضيلة بل ىو مهانة وضعف وتضرية ذلم على‬
‫التمادي على ذلك اخللق ادلذموـ وتغبيط ذلم بو وعوف ذلم على ذلك الفعل السوء وإظلا تكوف ادلسازلة مروءة‬
‫ألىل اإلنصاؼ ادلبادرين إىل اإلنصاؼ واإليثار فهؤالء فرض على أىل الفضل أف يعاملوىم ِبثل ذلك ال سيما‬
‫إف كانت حاجتهم أمس وضرورَتم أشد‪.‬‬
‫فإف قاؿ قائل‪ :‬فإذا كاف كبلمك ىذا موجباً إلسقاط ادلسازلة والتغافل لئلخواف فيو استوى الصديق والعدو‬
‫واألجنِب ِف ادلعاملة فهذا فساد ظاىر‪.‬‬
‫فنقوؿ‪ :‬وِبهلل التوفيق كبلماً ال ػلض إال على ادلسازلة والتغافل واإليثار ليس ألىل التغنم ولكن للصديق حقاً‬
‫فإف أردت معرفة وجو العمل ِف ىذا الوقوؼ على هنج احلق فإف القصة الِت توجب األثرة من ادلرء على نفسو‬
‫صديقو ينبغي لكن واحد من الصديقْي أف يتأمل ذلك األمر فأيهما‬

‫(‪)104/1‬‬

‫ص‪105:‬‬
‫كاف أمس حاجة فيو وأظهر ضرورة لديو فحكم الصداقة وادلروءة تقتضي لآلخر وتوجب عليو أف يؤثر على‬
‫نفسو ِف ذلك‪.‬‬
‫فإف َل يفعل ذلك فهو متغنم مستكثر ال ينبغي أف يسامح ألبتة إذ ليس صديقاً وال أخاً‪.‬‬
‫فأما إذا استوت حاجتهما واتفقت ضرورَتما فحق الصداقة ىا ىنا أف يسارع كل واحد منهما إىل األثرة على‬
‫نفسو فإف فعبل ذلك فهما صديقاف وإف بدر أحدعلا إىل ذلك وَل يبادر اآلخر إليو فإف كاف عادتو ىذه فليس‬
‫صديقاً وال ينبغي أف يعامل معاملة الصداقة وإف كاف قد يبادر ىو أيضاً إىل مثل ذلك ِف قصة أخرى فهما‬
‫صديقاف‪.‬‬
‫من أردت قضاء حاجتو بعد أف سألك إايىا أو أردت ابتداءه بقضائها فبل تعمل لو إال ما يريد ىو ال ما تريد‬
‫أنت وإال فأمسك فإف تعديت ىذا كنت مسيئاً ال زلسناً ومستحقاً للوـ منو ومن غْيه ال للشكر ومقتضياً‬
‫للعداوة ال للصداقة‪.‬‬
‫ال تنقل إىل صديقك ما يؤَل نفسو وال ينتفع ِبعرفتو فهذا‬

‫(‪)105/1‬‬
‫ص‪106:‬‬
‫فعل األرذاؿ‪ .‬وال تكتمو ما يستضر ِبهلو فهذا فعل أىل الشر وال يسرؾ أف َتدح ِبا ليس فيك بل ليعظم‬
‫غمك بذلك ألنو نقصك ينبو الناس عليو ويسمعهم إايه وسخرية منك وىزؤ بك وال يرضى ِبذا إال أمحق‬
‫ضعيف العقل‪.‬‬
‫وال َتس إف ذشلت ِبا ليس فيك بل إفرح بو فإنو فضلك ينبو الناس عليو ولكن إفرح إذا كاف فيك ما تستحق‬
‫بو ادلدح وسواء مدحت بو أو َل َتدح واحزف إذا كاف فيك ما تستحق بو الذـ وسواء ذشلت بو أو َل تذـ‪.‬‬
‫من مسع قائبلً يقوؿ ِف امرأة صديقو قوؿ سوء فبل ؼلربه بذلك أصبلً ال سيما إذا كاف القائل عيابة وقاعاً ِف‬
‫الناس سليط اللساف أو دافع معرة عن نفسو يريد أف يكثر أمثالو ِف الناس وىذا كثْي موجود‪.‬‬
‫وِبجلملة فبل ػلدث ا ِإلنْ َ‬
‫ساف إال ِبحلق وقوؿ ىذا القائل ال يدري أحق ىو أـ ِبطل إال أنو ِف الداينة عظيم‪.‬‬

‫(‪)106/1‬‬

‫ص‪107:‬‬
‫فإذا مسع القوؿ مستفيضاً من َجاعة وعلم أف أصل ذلك القوؿ شائع وليس راجعاً إىل قوؿ إنساف واحد أو‬
‫إطلع على حقيقتو إال أنو ال يقدر أف يوقف صديقو على ما وقف ىو عليو فليخربه بذلك بينو وبينو ِف رفق‬
‫وليقل لو‪ :‬النساء كثْي أو حصن منزلك وثقف أىلك أو اجتنب أمراً كذا وحتفظ من وجو كذا‪.‬‬
‫فإف قبل ادلنصوح وحترز فحظ نفسو أصاب وإف رآه ال يتحفظ وال يباَل أمسك وَل يعاوده بكلمة وَتادى على‬
‫صداقتو إايه فليس ِف أف ال يصدقو ِف قولو ما يوجب قطيعتو‪.‬‬
‫فإف اطلع على حقيقة وقدر أف يوقف صديقو على مثل ما وقف عليو ىو من احلقيقة ففرض عليو أف ؼلربه‬
‫بذلك وأف يوقفو على اجللية‪.‬‬
‫فإف غْي فذلك وإف رآه ال يغْي‬

‫(‪)107/1‬‬

‫ص‪108:‬‬
‫اجتنب صحبتو فإنو رذؿ ال خْي فيو وال نقية‪.‬‬
‫ودخوؿ رجل متسرت ِف منزؿ ادلرء دليل سوء ال ػلتاج إىل غْيه‪ .‬ودخوؿ ادلرأة ِف منزؿ رجل على سبيل التسرت‬
‫مثل ذلك أيضاً‪ .‬وطلب دليل أكثر من ىذين سخف‪ .‬وواجب أف غلتنب مثل ىذه ادلرأة وفراقها على كل حاؿ‬
‫وشلسكها ال يبعد عن الدايثة‪.‬‬
‫الناس ِف أخبلقهم على سبع مراتب‪:‬‬
‫فطائفة َتدح ِف الوجو وتذـ ِف ادلغيب وىذه صفة أىل النفاؽ من العيابْي وىذا خلق فاش ِف الناس غالب‬
‫عليهم‪.‬‬
‫وطائفة تذـ ِف ادلشهد وادلغيب وىذه صفة أىل السبلطة والوقاحة من العيابْي‪.‬‬

‫(‪)108/1‬‬

‫ص‪109:‬‬
‫وطائفة َتدح ِف الوجو وادلغيب وىذه صفة أىل ادللق والطمع‬
‫وطائفة تذـ ِف ادلشهد وَتدح ِف ادلغيب وىذه صفة أىل السخف والنواكة‪.‬‬
‫وأما أىل الفضل فيمسكوف عن ادلدح والذـ ِف ادلشاىدة ويثنوف ِبخلْي ِف ادلغيب أو ؽلسكوف عن الذـ‪.‬‬
‫وأما العيابوف الربآء من النفاؽ والقحة فيمسكوف ِف ادلشهد ويذموف ِف ادلغيب‪.‬‬
‫وأما أىل السبلمة فيمسكوف عن ادلدح وعن الذـ ِف ادلشهد وادلغيب‪.‬‬
‫ومن كل من أىل ىذه الصفات قد شاىدَن وبلوَن‪.‬‬
‫إذا نصحت ِف اخلبلء وبكبلـ لْي وال تسند سب من حتدثو إىل غْيؾ فتكوف ظلاماً فإف خشنت كبلمك ِف‬
‫النصيحة فذلك إغراء وتنفْي وقد قاؿ هللا تعاىل‪:‬‬

‫(‪)109/1‬‬

‫ص‪110:‬‬
‫وال لَوُ قَػ ْوًال لَيِّنًا‪)1(.‬‬
‫فَػ ُق َ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪َ َ:‬ال تُػنَػ ِّف ُروا‪")2(.‬‬
‫صلَّى َّ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‪َ :‬ر ُس ْو ُؿ هللا َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫وإف نصحت بشرط القبوؿ منك فأنت ظاَل ولعلك سلطئ ِف وجو نصحك فتكوف مطالباً بقبوؿ خطئك وبرتؾ‬
‫الصواب‪.‬‬
‫لكل شيء فائدة ولقد انتفعت ِبحك أىل اجلهل‬
‫__________‬
‫(‪ . )1‬طو‪44:‬‬
‫(‪ . )2‬أخرجو البخاري‪،‬الصحيح‪،‬العلم‪ِ،‬بب ما كاف النِب ملسو هيلع هللا ىلص يتخوذلم ِبدلوعظة‪67:‬‬

‫(‪)110/1‬‬

‫ص‪111:‬‬
‫منفعة عظيمة وىي أنو توقد طبعي واحتدـ خاطري ومحي فكري وَتيج نشاطي فكاف ذلك سبباً إىل تواليف َل‬
‫عظيمة ادلنفعة ولوال استثارَتم ساكِن واقتداحهم كامِن ما انبعثت لتلك التواليف‪.‬‬
‫ال تصاىر إىل صديق وال تبايعو فما رأينا ىذين العملْي إال سبباً للقطيعة وإف ظن أىل اجلهل أف فيهما َتكيداً‬
‫للصلة فليس كذلك ألف ىذين العقدين داعياف كل واحد إىل طلب حظ نفسو‪.‬‬
‫وادلؤثروف على أنفسهم قليل جداً فإذا اجتمع طلب كل امريء حظ نفسو وقعت ادلنازعة ومع وقوعها فساد‬
‫ادلروءة وأسلم ادلصاىرة مغبة مصاىرة األىلْي بعضهم بعضاً ألف القرابة تقتضي العدؿ وإف كرىوه ألهنم‬
‫مضمروف إىل ما ال إنفكاؾ ذلم منو من اإلجتماع ِف النسب الذي توجب الطبيعة لكل أحد الذب عنو واحلماية‬
‫لو‪.‬‬

‫(‪)111/1‬‬

‫ص‪(112:‬فارغة)‬

‫(‪)112/1‬‬

‫ص‪113:‬‬
‫فصل ِف احملبة وأنواعها‬
‫احملبة كلها جنس واحد ورمسها أهنا الرغبة ِف احملبوب وكراىة منافرتو والرغبة ِف ادلقارضة منو ِبحملبة وإظلا قدر‬
‫الناس أهنا َتتلف من أجل إختبلؼ األغراض فيها وإظلا اختلفت األغراض من أجل إختبلؼ األطماع وتزايدىا‬
‫وضعفها أو اضلسامها فتكوف احملبة هلل عز وجل وفيو‪.‬‬
‫ولئلتفاؽ على بعض ادلطالب ولؤلب واالبن والقرابة والصديق وللسلطاف ولذات الفراش وللمحسن وللمأموؿ‬
‫وللمعشوؽ فهذا كلو جنس واحد اختلفت‬

‫(‪)113/1‬‬

‫ص‪114:‬‬
‫أنواعو كما وصفت لك على قدر الطمع فيما يناؿ من احملبوب فلذلك اختلفت وجوه احملبة‪.‬‬
‫وقد رأينا من مات أسفاً على ولده كما ؽلوت العاشق أسفاً على معشوقو‪ .‬وبلغنا عمن شهق من خوؼ هللا‬
‫تعاىل وزلبتو فمات‪.‬‬
‫وصلد ادلرء يغار على سلطانو وعلى صديقو كما يغار على ذات فراشو وكما يغار العاشق على معشوقو‪ .‬فأدَّن‬
‫أطماع احملبة شلن حتب احلظوة منو والرفعة لديو والزلفة عنده إذا َل تطمع ِف أكثر‪.‬‬
‫وىذه غاية أطماع احملبْي هلل عز وجل‪ُ .‬ث يزيد الطمع ِف اجملالسة ُث ِف احملادثة وادلوازرة وىذه أطماع ادلرء ِف‬
‫سلطانو وصديقو وذوي رمحو‪ .‬وأقصى أطماع احملب شلن ػلب ادلخالطة ِبألعضاء إذا رجا ذلك ولذلك َتد‬
‫احملب ادلفرط احملبة ِف ذات فراشو يرغب ِف َجاعها على ىيئات شَّت وِف أماكن سلتلفة ليستكثر من االتصاؿ‪.‬‬
‫ويدخل ِف ىذا الباب ادلبلمسة ِبجلسد والتقبيل وقد يقع بعض ىذا الطمع ِف األب ِف ولده‬

‫(‪)114/1‬‬

‫ص‪115:‬‬
‫فيتعدى إىل التقبيل والتعنيق‪.‬‬
‫وكل ما ذكرَن إظلا ىو على قدر الطمع‪ .‬فإذا اضلسم عن شيء ما لبعض األسباب ادلوجبة لو مالت النفس إىل‬
‫ما تطمع فيو‪.‬‬
‫وصلد ادلقر ِبلرؤية هلل عز وجل شديد احلنْي إليها عظيم النزوع ضلوىا ال يقنع بدرجة دوهنا ألنو يطمع فيها‪.‬‬
‫وَتد ادلنكر ذلا ال حتن نفسو إىل ذلك وال يتمناه أصبلً ألنو ال يطمع فيو وَتده يقتصر على الرضا واحللوؿ ِف‬
‫دار الكرامة فقط ألنو ال تطمع نفسو ِف أكثر‪.‬‬
‫وصلد ادلستحل لنكاح القرائب ال يقنع منهن ِبا يقنع احملرـ لذلك وال تقف زلبتو حيث تقف زلبة من ال يطمع‬
‫ِف ذلك فتجد من يستحل نكاح ابنتو وابنة أخيو كاجملوس واليهود ال يقف من زلبتهما حيث تقف زلبة ادلسلم‬
‫بل صلدعلا يتعشقاف االبنة وابنة األخ كتعشق ادلسلم فيمن يطمع ِف سلالطتو ِبجلماع‪.‬‬

‫(‪)115/1‬‬

‫ص‪116:‬‬
‫وال صلد مسلماً يبلغ ذلك فيهما ولو أهنما أَجل من الشمس وكاف ىو أعهر الناس وأغزذلم فإف وجد ذلك ِف‬
‫الندرة فبل َتده إال من فاسد الدين قد زاؿ عنو ذلك الرادع فانفسح لو األمل وانفتح لو ِبب الطمع‪.‬‬
‫وال يؤمن من ادلسلم أف تفرط زلبتو البنة عمو حَّت تصْي عشقاً وحَّت تتجاوز زلبتو ذلا زلبتو البنتو وابنة أخيو‪.‬‬
‫وإف كانتا أَجل منها ألنو يطمع من الوصوؿ إىل ابنة عمو حيث ال يطمع من الوصوؿ إىل ابنتو وابنة أخيو‪.‬‬
‫وَتد النصراِن قد أمن ذلك من نفسو ِف ابنة عمو أيضاً ألنو ال يطمع منها ِف ذلك وال َيمن ذلك من نفسو‬
‫ِف أختو من الرضاعة ألنو طامع ِبا ِف شريعتو‪.‬‬
‫فبلح ِبذا عياَنً ما ذكرَن من أف احملبة كلها جنس واحد لكنها َتتلف أنواعها على قدر اختبلؼ األغراض‬

‫(‪)116/1‬‬

‫ص‪117:‬‬
‫فيها وإال فطبائع البشر كلهم واحدة إال أف للعادة واالعتقاد الديِن َتثْياً ظاىراً‪.‬‬
‫ولسنا نقوؿ إف الطمع لو َتثْي ِف ىذا الفن وحده لكنا نقوؿ إف الطمع سبب إىل كل ىم حَّت ِف األمواؿ‬
‫ساف ؽلوت جاره وخالو وصديقو وابن عمتو وعمو ألـ وابن أخيو ألـ وجده أبو أمو وابن‬ ‫واألحواؿ فإننا صلد ا ِإلنْ َ‬
‫بنتو فإ ْذ ال مطمع لو ِف مالو ارتفع عنو اذلم لفوتو عن يده وإف جل خطره وعظم مقداره فبل سبيل إىل أف ؽلر‬
‫االىتماـ لشيء منو ببالو حَّت إذا مات لو عصبة على بعد أو موىل على بعد وحدث لو الطمع ِف مالو حدث‬
‫لو من اذلم واألسف والغيظ والفكرة بفوت اليسْي منو عن يده أمر عظيم‪.‬‬
‫وىكذا ِف األحواؿ فنجد ا ِإلنْ َ‬
‫ساف من أىل الطبقة ادلتأخرة ال يهتم إلنفاذ غْيه أمور بلده دوف أمره وال لتقريب‬
‫غْيه وإبعاده حَّت إذا حدث لو مطمع ِف ىذه ادلرتبة‬
‫(‪)117/1‬‬

‫ص‪118:‬‬
‫حدث لو من اذلم والفكرة والغيظ أمر رِبا قاده إىل تلف نفسو وتلف دنياه وأخراه‪ .‬فالطمع إذاً أصل لكل ذؿ‬
‫ولكل ىم وىو خلق سوء ذميم‪.‬‬
‫وضده نزاىة النفس وىذه صفة فاضلة مركبة من النجدة واجلود والعدؿ والفهم ألنو رأى قلة الفائدة ِف‬
‫استعماؿ ضدىا فاستعملها وكانت فيو صلدة انتجت لو عزة نفسو فتنزه وكانت فيو طبيعة سخاوة نفس فلم‬
‫يهتم دلا فاتو وكانت فيو طبيعة عدؿ حببت إليو القناعة وقلة الطمع‪.‬‬
‫فإذف نزاىة النفس مرتكبة من ىذه الصفات‪ .‬فالطمع الذي ىو ضدىا مرتكب من الصفات ادلضادة ذلذه‬
‫الصفات األربع وىي اجلنب والشح واجلور واجلهل‪.‬‬
‫والرغبة طمع مستوىف متزايد مستعمل ولوال الطمع ما ذؿ أحد ألحد‪ .‬وأخربِن أبو بكر بن أيب الفياض(‪)1‬‬
‫قاؿ‪ :‬كتب عثماف بن ُزلامس(‪ )2‬على ِبب‬
‫__________‬
‫(‪ . )1‬ىو أمحد بن سعيد بن دمحم ‪ ،‬أصلو من استجة و سكن ادلرية‪ .‬لو كتاب ِف اخلرب والتاريخ‪،‬توِف سنة‬
‫‪459‬ىػ راجع‪ :‬الصلة البن بشكواؿ‪63/1‬الرتَجة‪126:‬‬
‫(‪ . )2‬زاىد عاَل ِبخبار الدىور‪،‬من أىل استجة‪،‬يكَن أِبسعيد توِف رمحو هللا تعاىل عاـ ‪356‬ىراجع‪ :‬بغية‬
‫ادللتمس‪ ،‬الرتَجة‪1193:‬و َتريخ علماء األندلس البن الفرض ص‪305 :‬الرتَجة‪901:‬‬

‫(‪)118/1‬‬

‫ص‪119:‬‬
‫داره‪ِ[:‬بستجة]اي عثماف ! ال تطمع‪.‬‬
‫فصوؿ من ىذا الباب[ِف احملبة]‬
‫من امتحن بقرب من يكره كمن امتحن ببعد من ػلب وال فرؽ‪.‬‬
‫إذا دعا احملب ِف السلو‪ .‬فإجابتو مضمونة ودعوتو رلابة‪.‬‬
‫إقنع ِبن عندؾ يقنع بك من عندؾ‪.‬‬
‫السعيد ِف احملبة ىو من ابتلي ِبن يقدر أف يلقي عليو قفلو وال تلحقو ِف مواصلتو تبعة من هللا عز وجل وال‬
‫مبلمة من الناس وصبلح ذاؾ أف يتوافقا ِف احملبة وحتريره أف يكوَن خاليْي من ادللل فإنو خلق سوء مبغض‬
‫وأَّن بذلك إال ِف اجلنة‪.‬‬
‫وَتامو نوـ األايـ عنهما مدة انتفاع بعضهما ببعض َّ‬

‫(‪)119/1‬‬

‫ص‪120:‬‬
‫وأما ضمانو بيقْي فليس إال فيها فهي دار القرار وإال فلو حصل ذلك كلو ِف الدنيا َل تؤمن الفجائع ولقطع‬
‫العمر دوف استيفاء اللذة‪.‬‬
‫إذا ارتفعت الغْية فأيقن ِبرتفاع احملبة‪ .‬الغْية خلق فاضل مرتكب من النجدة والعدؿ ألف من عدؿ كره أف‬
‫يتعدى إىل حرمة غْيه وإف يتعدى غْيه إىل حرمتو ومن كانت النجدة طبعاً لو حدثت فيو عزة ومن العزة حتدث‬
‫األنفة من االىتضاـ‪.‬‬
‫أخربِن بعض من صحبناه ِف الدىر عن نفسو أنو ما عرؼ الغْية قط حَّت ابتُلي ِبحملبة فغار‪ .‬وكاف ىذا ادلخرب‬
‫فاسد الطبع خبيث الرتكيب إال أنو كاف من أىل الفهم واجلود‪.‬‬
‫درج احملبة َخسة‪:‬‬
‫أوذلا االستحساف وىو أف يتمثل الناظر صورة ادلنظور إليو حسنة أو يستحسن أخبلقو وىذا يدخل ِف ِبب‬
‫التصادؽ‪.‬‬
‫ُث اإلعجاب بو وىو رغبة الناظر ِف ادلنظور إليو‪ .‬وِف قربو‪.‬‬

‫(‪)120/1‬‬

‫ص‪121:‬‬
‫ُث األلفة وىي الوحشة إليو إذا غاب‪.‬‬
‫ُث الكلف وىو غلبة شغل الباؿ بو وىذا النوع يسمى ِف ِبب الغزؿ ِبلعشق‪.‬‬
‫ُث الشغف وىو امتناع النوـ واألكل والشرب إال اليسْي من ذلك ورِبا أدى ذلك إىل ادلرض أو إىل التوسوس‬
‫أو إىل ادلوت وليس وراء ىذا منزلة ِف تناىي احملبة أصبلً‪.‬‬
‫فصل‬
‫كنا نظن أف العشق ِف ذوات احلركة واحلدة من النساء أكثر فوجدَن األمر طخبلؼ ذلك وىو ِف الساكنة‬
‫احلركات أكثر ما َل يكن ذلك السكوف بلهاً‪.‬‬
‫فصل ِف صباحة الصور وأنواعها‬
‫وقد سئلت عن حتقيق الكبلـ فيها فقلت‪:‬‬
‫احلبلوة‪ :‬رقة احملاسن ولطف احلركات وخفة اإلشارات وقبوؿ النفس ألعراض الصور وإف َل تكن ُث صفات‬
‫ظاىرة‪.‬‬

‫(‪)121/1‬‬

‫ص‪122:‬‬
‫القواـ‪َ :‬جاؿ كل صفة على حدَتا ورب َجيل الصفات على إنفراد كل صفة منها ِبرد الطلعة غْي مليح وال‬
‫حسن وال رائع وال حلو‪.‬‬
‫أيضا الفراىة والعتق‪.‬‬
‫الروعة‪ِ :‬باء األعضاء الظاىرة [مع َجاؿ فيها]وىي ً‬
‫احلسن‪:‬ىو الشيء ليس لو ِف اللغة اسم يعرب بو عنو ولكنو زلسوس ِف النفوس ِبتفاؽ كل من رآه وىو برد‬
‫مكسو على الوجو وإشراؽ يستميل القلوب ضلوه فتجتمع اآلراء على استحسانو وإف َل تكن ىناؾ صفات‬
‫َجيلة فكل من رآه راقو واستحسنو وقبلو حَّت إذا َتملت الصفات إفراداً َل تر طائبلً وكأنو شيء ِف نفس‬
‫ادلرئي غلده نفس الرائي وىذا أجل مراتب الصباحة‪.‬‬
‫ُث َتتلف األىواء بعد ىذا فمن مفضل للروعة ومن مفضل للحبلوة‪ .‬وما وجدَن أحداً قط يفضل القواـ‬
‫ادلنفرد‪.‬‬
‫ادلبلحة‪:‬اجتماع شيء فشيء شلا ذكرَن‪.‬‬

‫(‪)122/1‬‬

‫ص‪123:‬‬
‫فصل فيما يتعامل الناس بو ِف األخبلؽ‬
‫التلوف ادلذموـ ىو التنقل من زي متكلف ال معَن لو إىل زي آخر مثلو ِف التكلف وِف أنو ال معَن لو ومن‬
‫حاؿ ال معَن ذلا إىل حاؿ ال معَن ذلا ببل سبب يوجب ذلك‪ .‬وأما من استعمل من الزي ما أمكنو شلا بو إليو‬
‫حاجة وترؾ التزيد شلا ال ػلتاج إليو فهذا عْي من عيوف العقل واحلكمة كبْي‪.‬‬
‫وقد كاف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص وىو القدوة ِف كل خْي والذي أثَن هللا تعاىل على خل ُقو والذي َجع هللا تعاىل فيو‬
‫ف وال‬‫أشتات الفضائل بتمامها وأبعده عن كل نقص يعود ادلريض مع أصحابو راجبلً ِف أقصى ادلدينة ببل ُخ ٍ‬
‫نعل وؿ‬

‫(‪)123/1‬‬

‫ص‪124:‬‬
‫قلنسوة وال عمامة ويلبس الشعر إذا حضره وقد يلبس الوشي من احلربات إذا حضره وال يتكلف ما ال ػلتاج‬
‫إليو وال يرتؾ ما ػلتاج إليو ويستغِن ِبا وجد عما ال غلد‪.‬‬
‫ومرة ؽلشي راجبلً حافياً ومرة يلبس اخلف ويركب البغلة الرائعة الشهباء ومرة يركب الفرس عرايً ومرة يركب‬
‫الناقة ومرة يركب محاراً ويردؼ عليو بعض أصحابو ومرة َيكل التمر دوف خبز واخلبز ايبساً ومرة َيكل العناؽ‬
‫ادلشوية والبطيخ ِبلرطب واحللواء‪.‬‬
‫َيخذ القوت ويبذؿ الفضل ويرتؾ ما ال ػلتاج إليو وال يتكلف فوؽ مقدار احلاجة وال يغضب لنفسو وال يدع‬
‫الغضب لربو عز وجل‪.‬‬

‫(‪)124/1‬‬

‫ص‪125:‬‬
‫الثبات الذي ىو صحة العقد والثبات الذي ىو اللجاج مشتبهاف اشتباىاً ال يفرؽ بينهما إال عارؼ بكيفية‬
‫األخبلؽ‪.‬‬
‫والفرؽ بينهما أف اللجاج ىو ما كاف على الباطل أو ما فعلو الفاعل نصراً دلا نشب فيو وقد الح لو فساده أو‬
‫َل يلح لو صوابو وال فساده وىذا مذموـ وضده اإلنصاؼ‪.‬‬
‫وأما الثبات الذي ىو صحة العقد فإظلا يكوف على احلق أو على ما اعتقده ادلرء حقاً ما َل يلح لو ِبطلو وىذا‬
‫زلمود وضده االضطراب‪.‬‬
‫وإظلا يبلـ بعض ىذين ألنو ضيع تدبر ما ثبت عليو وترؾ البحث عما التزـ أحق ىو أـ ِبطل!‬
‫حد العقل استعماؿ الطاعات والفضائل‪ .‬وىذا احلد ينطوي فيو اجتناب ادلعاصي والرذائل‪.‬‬
‫وقد نص هللا تعاىل ِف غْي موضع من كتابو على أف من عصاه ال يعقل‪ .‬قاؿ هللا تعاىل حاكياً عن قوـ‪َ {:‬وقَالُوا‬
‫ِ ِ‬ ‫اب َّ ِ‬
‫َص َح ِ‬ ‫ِ‬
‫السع ِْي ْْ ْْ} ُث قاؿ هللا تعاىل مصدقا ذلم‪{:‬فَا ْعتَػ َرفُوا ب َذنْب ِه ْم فَ ُ‬
‫س ْح ًقا‬ ‫لَ ْو ُكنَّا نَ ْس َم ُع أ َْو نَػ ْعق ُل َما ُكنَّا ِِف أ ْ‬
‫الس ِع ِْي}(‪.)1‬‬ ‫اب َّ‬ ‫َص َح ِ‬ ‫ِ‬
‫أل ْ‬
‫وحد احلمق استعماؿ ادلعاصي والرذائل‪ .‬وأما التعدي‬
‫__________‬
‫(‪ . )1‬ادللك‪11-10:‬‬

‫(‪)125/1‬‬

‫ص‪126:‬‬
‫وقذؼ احلجارة والتخليط ِف القوؿ فإظلا ىو جنوف ومرار ىائج‪ .‬وأما احلمق فهو ضد العقل وعلا ما بينا آنفاً‬
‫وال واسطة بْي العقل واحلمق إال السخف‪.‬‬
‫وحد السخف ىو العمل والقوؿ ِبا ال ػلتاج إليو ِف دين وال دنيا وال محيد خلق شلا ليس معصية وال طاعة وال‬
‫عوَنً عليهما وال فضيلة وال رذيلة مؤذية ولكنو من ىذر القوؿ وفضوؿ العمل‪.‬‬
‫فعلى قدر االستكثار من ىذين األمرين أو التقلل منهما يستحق ادلرء اسم السخف‪ .‬وقد يسخف ادلرء ِف‬
‫قصة ويعقل ِف أخرى وػلمق ِف َثلثة‪.‬‬
‫وضد اجلنوف َتييز األشياء ووجود القوة على التصرؼ ِف ادلعارؼ والصناعات وىذا الذي يسميو األوائل‬
‫النطق وال واسطو بينهما‪.‬‬
‫وأما إحكاـ أمر الدنيا والتودد إىل الناس ِبا وافقهم وصلحت عليو حاؿ ادلتودد من ِبطل أو غْيه أو عيب أو‬
‫ما عداه والتحيل ِف إظلاء ادلاؿ وبعد الصوت وتسبيت اجلاه بكل ما أمكن من معصية ورذيلة فليس عقبلً‪.‬‬

‫(‪)126/1‬‬

‫ص‪127:‬‬
‫ولقد كاف الذين صدقهم هللا ِف أهنم ال يعقلوف وأخربَن ِبهنم ال يعقلوف سائسْي لدنياىم مثمرين ألمواذلم‬
‫مدارين دللوكهم حافظْي لرايستهم‪ .‬لكن ىذا اخللق يسمى الدىاء وضده العقل والسبلمة‪.‬‬
‫وما إذا كاف السعي فيما ذكرَن ِبا فيو تصاوف وأنفة فهو يسمى احلزـ وضده ادلناِف لو التضييع‪.‬‬
‫وأما الوقار ووضع الكبلـ موضعو والتوسط ِف تدبْي ادلعيشة ومسايرة الناس ِبدلسادلة فهذه األَ ْخبلَؽ تسمى‬
‫الرزانة وىي ضد السخف‪.‬‬
‫والوفاء مركب من العدؿ واجلود والنجدة ألف الوِف رأى من اجلور أف ال يقارض من وثق بو أو من أحسن إليو‬
‫فعدؿ ِف ذلك ورأى أف يسمح بعاجل يقتضيو لو عدـ الوفاء من احلظ فجاد ِف ذلك ورأى أف يتجلد دلا يتوقع‬
‫من عاقبة الوفاء فشجع ِف ذلك‪.‬‬
‫أصوؿ الفضائل كلها أربعة عنها ترتكب كل فضيلة‬

‫(‪)127/1‬‬

‫ص‪128:‬‬
‫وىي‪ :‬العدؿ والفهم والنجدة واجلود‪.‬‬
‫أصوؿ الرذائل كلها أربعة عنها ترتكب كل رذيلة وىي أضداد الذي ذكرَن وىي‪ :‬اجلور واجلهل واجلنب والشح‪.‬‬
‫األمانة والعفة نوعاف من أنواع العدؿ واجلود‪.‬‬
‫قاؿ أبو دمحم علي بن أمحد‪:‬وشلا قلتو ِف األخبلؽ‪:‬‬

‫إظلا العقل أسػ‪...‬ػ ػػاس فوقو األَ ْخبلَؽ سور‬


‫ِّ‬
‫فحل العقل ِبلعػ ‪ ...‬ػ ػ ػػلم وإال فهو بور‬
‫جاىل األشياء أعػ‪ ...‬ػػمى ال يرى كيف يدور‬
‫وَتاـ ال ِْعلْم ِبلعد ‪...‬ؿ وإال فهو زور‬
‫وزماـ العدؿ ِبجلػ ‪...‬ػ ػ ػػود وإال فيجور‬
‫ومبلؾ اجلود ِبلنجػ ‪ ...‬ػ ػػدة واجلنب غرور‬
‫عف إف كنت غيو ‪...‬راً‪ ،‬ما زَّن قط غيور‬

‫(‪)128/1‬‬

‫ص‪129:‬‬
‫وكماؿ الكل ِبلتقػ ‪...‬ػوى‪ ،‬وقوؿ احلق نور‬
‫أصوؿ الفضل عنػ‪...‬ػها‪،‬حدثت بعد البذور‬
‫ذي ُ‬
‫وشلا قلتو أيضاً‪:‬‬
‫زماـ أصوؿ َجيع الفضائل ‪ ...‬عدؿ وفهم وجود وِبس‬
‫فمن ىذه ركبت غْيىا فمن ‪ ...‬حازىا فهو ِف الناس رأس‬
‫كذا الرأس فيو األمور الِت ‪ِ ...‬بحساسها يكشف االلتباس‬
‫النزاىة ِف النفس فضيلة تركبت من النجدة واجلود وكذلك الصرب‪.‬‬
‫احللم نوع مفرد من أنواع النجدة‪.‬‬
‫والقناعة فضيلة مركبة من اجلود والعدؿ‪.‬‬
‫واحلرص متولد عن الطمع والطمع متولد عن احلسد‪.‬واحلسد متولد عن الرغبة‪ ،‬والرغبة متولدة عن اجلور‬
‫والشح واجلهل‪.‬‬
‫ويتولد من احلرص رذائل عظيمة منها‪ :‬الذؿ والسرقة والغصب والزَن والقتل والعشق واذلم ِبلفقر‪.‬وادلسألة دلا‬
‫ِبيدي الناس تتولد فيما بْي احلرص‬

‫(‪)129/1‬‬

‫ص‪130:‬‬
‫والطمع وإظلا فرقنا بْي احلرص والطمع ألف احلرص ىو ِبظهار ما استكن ِف النفس من الطمع‪ .‬وادلداراة‬
‫فضيلة مرتكبة من احللم والصرب‪.‬‬
‫الصدؽ مركب من العدؿ والنجدة‪.‬‬
‫من جاء إليك بباطل رجع من عندؾ ِبق وذلك أف من نقل إليك كذِبً عن إنساف حرؾ طبعك فأجبتو فرجع‬
‫عنك ِبق فتحفظ من ىذا وال َتب إال عن كبلـ صح عندؾ عن قائلو‪.‬‬
‫ال شيء أقبح من الكذب وما ظنك بعيب يكوف الكفر نوعاً من أنواعو فكل كفر كذب فالكذب جنس‬
‫والكفر نوع حتتو‪.‬‬
‫والكذب متولد من اجلور واجلنب واجلهل ألف اجلنب يولد مهانة النفس والكذاب مهْي النفس بعيد عن عزَتا‬
‫احملمودة‪.‬‬
‫رأيت الناس ِف كبلمهم الذي ىو فصل بينهم وبْي احلمْي والكبلب واحلشرات ينقسموف أقساماً ثبلثة‪:‬‬

‫(‪)130/1‬‬
‫ص‪131:‬‬
‫أحدىا‪ :‬من ال يباَل فيما أنفق كبلمو فيتكلم بكل ما سبق إىل لسانو غْي زلقق نصر حق وال إنكار ِبطل وىذا‬
‫ىو األغلب ِف الناس‪.‬‬
‫والثاِن‪ :‬أف يتكلم َنصراً دلا وقع ِف نفسو أنو حق ودافعاً دلا توىم أنو ِبطل غْي زلقق لطلب احلقيقة لكن جلاجاً‬
‫فيما التزـ وىذا كثْي وىو دوف األوؿ‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬واضع الكبلـ ِف موضعو‪ ،‬وىذا أعز من الكربيت األمحر‪.‬‬
‫لقد طاؿ ىم من غاظو احلق‪.‬‬
‫إثناف عظمت راحتهما‪:‬‬
‫أحدعلا‪ِ :‬ف غاية ادلدح واآلخر ِف غاية الذـ وعلا مطرح الدنيا ومطرح احلياء‪.‬‬
‫لو َل يكن من التزىيد ِف الدنيا إال أف كل إنساف ِف العاَل فإنو كل ليلة إذا َنـ نسي كل ما يشفق عليو ِف‬
‫يقظتو وكل ما يشفق منو وكل ما يشره إليو‪ .‬فتجده ِف تلك احلاؿ ال يذكر ولداً وال أىبلً وال جاىاً وال َخوالً‬
‫وال والية وال عزلة وال فقراً وال غَن وال مصيبة وكفي ِبذا واعظاً دلن عقل‪.‬‬
‫من عجيب تدبْي هللا عز وجل للعاَل أف كل شيء اشتدت احلاجة إليو كاف ذلك أىوف لو وَتمل ذلك ِف ادلاء‬

‫(‪)131/1‬‬

‫ص‪132:‬‬
‫فما فوقو‪.‬‬
‫وكل شيء اشتد الغَن عنو كاف ذلك أعز لو وَتمل ِف الياقوت األمحر فما دونو‪.‬‬
‫الناس فيما يعانونو كادلاشي ِف الفبلة كلما قطع أرضاً بدت لو أرضوف وكلما قضى ادلرء سبباً حدثت لو‬
‫أسباب‪.‬‬
‫صدؽ من قاؿ‪ :‬إف العاقل معذب ِف الدنيا‪.‬‬
‫وصدؽ من قاؿ إنو فيها مسرتيح‪.‬‬
‫فأما تعبو ففيما يرى من انتشار الباطل وغلبة دولتو وِبا ػلاؿ بينو وبينو من إظهار احلق وأما راحتو فمن كل ما‬
‫يهتم بو سائرالناس من فضوؿ الدنيا‪.‬‬
‫إايؾ وموافقة اجلليس السيء ومساعدة أىل زمانك فيما يضرؾ ِف أخراؾ أو ِف دنياؾ وإف قل فإنك ال‬
‫تستفيد بذلك إال الندامة حيث ال ينفعك الندـ ولن ػلمدؾ من ساعدتو بل يشمت بك‪.‬‬
‫وأقل ما ِف ذلك وىو ادلضموف أنو ال يباَل بسوء عاقبتك وفساد مغبتك‪.‬‬

‫(‪)132/1‬‬

‫ص‪133:‬‬
‫وإايؾ وسلالفة اجلليس ومعارضة أىل زمانك فيما ال يضرؾ ِف دنياؾ وال ِف أخراؾ‪.‬وإف قل فإنك تستفيد‬
‫بذلك األذى وادلنافرة والعداوة ورِبا أدى ذلك إىل ادلطالبة والضرر العظيم دوف منفعة أصبلً‪.‬‬
‫إف َل يكن بد من إغضاب الناس أو إغضاب هللا عز وجل وَل يكن لك مندوحة عن منافرة اخللق أو منافرة‬
‫احلق فاغضب الناس وَنفرىم وال تغضب ربك وال تنافر احلق‪.‬‬
‫االتساء ِبلنِب ملسو هيلع هللا ىلص ِف وعظ أىل اجلهل وادلعاصي و الرذائل واجب فمن وعظ ِبجلفاء واالكفهرار فقد أخطأ‬
‫وتعدى طريقتو ملسو هيلع هللا ىلص وصار ِف أكثر األمر مغرايً للموعوظ ِبلتمادي على أمره جلاجاً وحرداً ومغايظة للواعظ‬
‫اجلاِف فيكوف ِف وعظو مسيئاً ال زلسناً‪.‬‬
‫ومن وعظ ببشر وتبسم ولْي وكأنو مشْي برأي وسلرب‬

‫(‪)133/1‬‬

‫ص‪134:‬‬
‫عن غْي ادلوعوظ ِبا يستفتح من ادلوعوظ فذلك أبلغ وأصلع ِف ادلوعظة‪.‬‬
‫فإف َل يتقبل فلينتقل إىل ادلوعظة ِبلتحشيم وِف اخلبلء فإف َل يقبل ففي حضرة من يستحي منو ادلوعوظ فهذا‬
‫أدب هللا ِف أمره ِبلقوؿ واللْي‪.‬‬
‫وكاف ملسو هيلع هللا ىلص ال يواجو ِبدلوعظة لكن كاف يقوؿ‪ :‬ما ِبؿ أقواـ يفعلوف كذا"‪)1( .‬‬
‫وقد أثَن عليو الصبلة والسبلـ على الرفق‪)2(.‬‬
‫وأمر ِبلتيسْي وهنى عن التنفْي‪)3(.‬‬
‫وكاف يتخوؿ ِبدلوعظة خوؼ ادللل‪)4(.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر لذلك‪:‬صحيح البخاري‪،‬الصبلة‪ِ،‬بب ذكر البيع والشراء على ادلنرب ِف ادلسجد‪،436:‬واألذاف‪ِ،‬بب‬
‫رفع البصر إىل السماء‪708:‬‬
‫ع ِم ْن َش ْي ٍء إَِّال َشانَوُ" أخرجو‬ ‫ٍ‬
‫الرفْ َق َال يَ ُكو ُف ِِف َش ْيء إَِّال َزانَوُ َوَال يُػ ْنػ َز ُ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪:‬إِ َّف ِّ‬
‫صلَّى َّ‬
‫(‪ )2‬وذلك بقولو َ‬
‫مسلم‪،‬الصحيح‪،‬الربوالصلة‪ِ،‬بب فضل الرفق‪4698:‬‬
‫ش ُروا َوَال تُػنَػ ِّف ُروا"أخرجو‬ ‫س ُروا َوبَ ِّ‬
‫ِ‬ ‫(‪ )3‬و ذلك بقولو صلَّى َّ ِ َّ ِ‬
‫س ُروا َوَال تُػ َع ّ‬
‫اَّللُ َعلَْيو َو َسل َم‪:‬يَ ّ‬ ‫َ‬
‫البخاري‪،‬الصحيح‪،‬العلم‪ِ،‬بب ماكاف النِب ملسو هيلع هللا ىلص يتخوذلم ِبدلوعظة والعلم‪67:‬‬
‫(‪)4‬انظر‪ :‬البخاري‪،‬ادلصدرالسابق‬

‫(‪)134/1‬‬

‫ص‪135:‬‬
‫ْب َالنْػ َفضُّوا ِم ْن َح ْولِ َ‬
‫ك"‪)1(.‬‬ ‫ت فَظِّا غَلِي َ‬
‫ظ الْ َقل ِ‬ ‫تعاىل‪:‬ولَ ْو ُك ْن َ‬
‫َ‬ ‫وقاؿ‬
‫وأما الغلطة والشدة فإظلا َتب ِف حد من حدود هللا تعاىل فبل لْي ِف ذلك للقادر على إقامة احلد خاصة‪.‬‬
‫وشلا ينجع ِف الوعظ أيضاً الثناء ِبضرة ادلسيء على من فعل خبلؼ فعلو فهذا داعية إىل عمل اخلْي‪ .‬وما‬
‫أعلم حلب ادلدح فضبلً ىذا وحده وىو أف يقتدي بو من يسمع الثناء‪.‬‬
‫وذلذا غلب أف تؤرخ الفضائل والرذائل لينفر سامعها عن القبيح ادلأثور عن غْيه ويرغب ِف احلسن ادلنقوؿ‬
‫عمن تقدمو ويتعظ ِبا سلف‪.‬‬
‫َتملت كل ما دوف السماء وطالت فيو فكرِت فوجدت كل شيء فيو من حي وغْي حي من طبعو إف‬
‫__________‬
‫(‪)1‬آؿ عمراف‪159:‬‬

‫(‪)135/1‬‬

‫ص‪136:‬‬
‫قوي أف ؼللع عن غْيه من األنواع كيفياتو ويلبسو صفاتو‪:‬‬
‫فرتى الفاضل يود لو كاف الناس فضبلء‪.‬‬
‫وترى الناقص يود لو كاف الناس نقصاء وترى كل من ذكر شيئاً ػلض عليو يقوؿ‪ :‬وأَن أفعل أمراً كذا‪.‬‬
‫وكل ذي مذىب يود لو كاف الناس موافقْي لو‪.‬‬
‫وترى ذلك ِف العنصر إذا قوي بعضها على بعض أحالو إىل نوعيتو‪.‬‬
‫وترى ذلك ِف تركيب الشجر وِف تغذي النبات والشجر ِبدلاء ورطوبة األرض وإحالتهما ذلك إىل نوعيتهما‬
‫فسبحاف سلرتع ذلك ومدبره ال إلو إالىو‪.‬‬
‫من عجيب قدرة هللا تعاىل كثرة اخللق ُث ال ترى أحداً يشبو آخر شبهاً ال يكوف بينهما فيو فرؽ‪.‬‬
‫وقد سألت من طاؿ عمره وبلغ الثمانْي عاماً‪ :‬ىل رأى الصور ِف ما خبل مشبهة‬

‫(‪)136/1‬‬

‫ص‪137:‬‬
‫ذلذه شبهاً واحداً فقاؿ َل‪:‬ال بل لكل صورة فرقها‪.‬‬
‫وىكذا كل ما ِف العاَل يعرؼ ذلك‪.‬‬
‫من تدبر اآلالت وَجيع األجساـ ادلركبات وطاؿ تكرر بصره عليها فإنو حينئذ ؽليز ما بينها ويعرؼ بعضها من‬
‫بعض بفروؽ فيها تعرفها النفس وال يقدر أحد يعرب عنها بلسانو فسبحاف العزيز احلكيم الذي ال تتناىي‬
‫مقدوراتو‪.‬‬
‫من عجائب الدنيا قوـ غلبت عليهم آماؿ فاسدة ال ػلصلوف منها إال على إتعاب النفس عاجبلً ُث اذلم واإلُث‬
‫آجبلً كمن يتمَن غبلء األقوات الِت ِف غبلئها ىبلؾ الناس‪.‬‬
‫وكمن يتمَن بعض األمور الِت فيها الضرر لغْيه وإف كانت لو فيها منفعة فإف َتميلو ما يؤمل من ذلك اليعجل‬
‫لو ذلك قبل وقتو وال َيتيو من ذلك ِبا ليس ِف علم هللا تعاىل تكونو‪.‬‬
‫فلو َتَن اخلْي والرخاء لتعجل األجر والراحة والفضيلة وَل يتعب نفسو طرفة عْي فما فوقها فاعجبوا لفساد‬
‫ىذه األَ ْخبلَؽ ببل منفعة‪.‬‬

‫(‪)137/1‬‬

‫ص‪(138:‬فارغة)‬

‫(‪)138/1‬‬
‫ص‪139:‬‬
‫فصل ِف أدواء األَ ْخبلَؽ الفاسدة ومداواَتا‬
‫من امتحن ِبلعجب فليفكر ِف عيوبو فإف أعجب بفضائلو فليفتش ما فيو من األَ ْخبلَؽ الدنيئة فإف خفيت‬
‫عليو عيوبو َجلة حَّت يظن أنو ال عيب فيو فليعلم أف مصيبتو إىل األبد وأنو ألمت الناس نقصاً وأعظمهم عيوِبً‪.‬‬
‫وأضعفهم َتييزاً‪ .‬وأوؿ ذلك أنو ضعيف العقل جاىل‬
‫وال عيب أشد من ىذين ألف العاقل ىو من ميز عيوب نفسو فغالبها وسعى ِف قمعها واألمحق ىو الذي غلهل‬
‫عيوب نفسو إما لقلة علمو وَتييزه وضعف فكرتو وإما ألنو يقدر أف عيوبو خصاؿ وىذا أشد عيب ِف األرض‪.‬‬
‫وِف‬

‫(‪)139/1‬‬

‫ص‪140:‬‬
‫الناس كثْي يفخروف ِبلزَن واللياطة والسرقة والظلم فيعجب بتأِت ىذه النحوس لو وبقوتو على ىذه ادلخازي‪.‬‬
‫واعلم يقيناً‪ :‬أنو ال يسلم إنسي من نقص حاشا األنبياء صلوات هللا عليهم فمن خفيت عليو عيوب نفسو فقد‬
‫سقط وصار من السخف والضعة والرذالة واخلسة وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم ِبيث ال يتخلف عنو‬
‫سلتلف من األرذاؿ وِبيث ليس حتتو منزلة من الدَنءة فليتدارؾ نفسو ِبلبحث عن عيوبو واالشتغاؿ بذلك عن‬
‫اإلعجاب ِبا وعن عيوب غْيه الِت ال تضره ِف الدنيا وال ِف اآلخرة‪.‬‬
‫وما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إال االتعاظ ِبا يسمع ادلرء منها فيجتنبها ويسعى ِف إزالة ما فيو منها‬
‫ِبوؿ هللا تعاىل وقوتو‪.‬‬
‫وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبْي ال يسوغ أصبلً‪ .‬والواجب اجتنابو إال ِف نصيحة من يتوقع عليو األذى‬
‫ِبداخلة ادلعيب أو على سبيل تبكيت ادلعجب فقط ِف وجهو ال خلف ظهره ُث يقوؿ للمعجب ارجع إىل‬
‫نفسك فإذا ميزت عيوِبا فقد داويت عجبك‪.‬‬

‫(‪)140/1‬‬

‫ص‪141:‬‬
‫وال َتثل بْي نفسك وبْي من ىو أكثر عيوِبً منها فتستسهل الرذائل وتكوف مقلداً ألىل الشر وقد ذـ تقليد‬
‫أىل اخلْي فكيف تقليد أىل الشر! لكن مثل بْي نفسك وبْي من ىو أفضل منك فحينئذ يتلف عجبك وتفيق‬
‫من ىذا الداء القبيح الذي يولد عليك االستخفاؼ ِبلناس وفيهم ببل شك من ىو خْي منك‪.‬‬
‫فإذا استخففت ِبم بغْي حق استخفوا بك ِبق ألف هللا تعاىل يقوؿ‪َ :‬و َج َزاءُ َسيِّئَ ٍة َسيِّئَةٌ ِمثْػلُ َها‪)1(.‬‬
‫فتولد على نفسك أف تكوف أىبلً لبلستخفاؼ بك بل على احلقيقة مع مقت هللا عز وجل وطمس ما فيك من‬
‫فضيلة‪.‬‬
‫فإف أعجبت بعقلك ففكر ِف كل فكرة سوء حتل طخاطرؾ وِف أضاليل األماِن الطائفة بك فإنك تعلم نقص‬
‫عقلك حينئذ‪.‬‬

‫(‪)141/1‬‬

‫ص‪142:‬‬
‫وإف أعجبت آبرائك فتفكر ِف سقطاتك واحفظها وال تنسها وِف كل رأي قدرتو صواِبً فخرج طخبلؼ تقديرؾ‬
‫وأصاب غْيؾ وأخطأت أنت‪ .‬فإنك إف فعلت ذلك فأقل أحوالك أف يوازف سقوط رأيك بصوابو فتخرج ال‬
‫لك وال عليك واألغلب أف خطأؾ أكثر من صوابك وىكذا كل أحد من الناس بعد النبيْي صلوات هللا‬
‫عليهم‪.‬‬
‫وإف أعجبت بعملك فتفكر ِف معاصيك وِف تقصْيؾ وِف معاشك ووجوىو فو هللا لتجدف من ذلك ما يغلب‬
‫على خْيؾ ويعفي على حسناتك فليطل علك حينئذ وأبدؿ من ال ُْع ْجب تنقصاً لنفسك‪.‬‬
‫وإف أعجبت بعلمك فاعلم أنو ال خصلة لك فيو وأنو موىبة من هللا رلردة وىبك إايىا ربك تعاىل فبل تقابلها‬
‫ِبا يسخطو فلعلو ينسيك ذلك بعلة ؽلتحنك ِبا تولد عليك نسياف ما علمت وحفظت‪.‬‬
‫ولقد أخربِن عبد ادللك بن طريف وىو من أىل‬

‫(‪)142/1‬‬

‫ص‪143:‬‬
‫ال ِْعلْم والذكاء واعتداؿ األحواؿ وصحة البحث أنو كاف ذا حظ من احلفظ عظيم ال يكاد ؽلر على مسعو شيء‬
‫ػلتاج إىل استعادتو وأنو ركب البحر فمر بو فيو ىوؿ شديد أنساه أكثر ما كاف ػلفظ وأخل بقوة حفظو إخبلالً‬
‫شديداً َل يعاوده ذلك الذكاء بعد‪.‬‬
‫وأَن أصابتِن علة فأفقت منها وقد ذىب ما كنت أحفظ إال ما ال قدر لو فما عاودتو إال بعد أعواـ‪.‬‬
‫واعلم أف كثْياً من أىل احلرص على ال ِْعلْم غلدوف ِف القراءة واإلكباب على الدروس والطلب ُث ال يرزقوف منو‬
‫حظاً‪ .‬فليعلم ذو ال ِْعلْم أنو لو كاف ِبإلكباب وحده لكاف غْيه فوقو فصح أنو موىبة من هللا تعاىل فأي مكاف‬
‫للعجب ىا ىنا! ما ىذا إال موضع تواضع وشكر هلل تعاىل واستزادة من نعمو واستعاذة من سلبها‪.‬‬
‫ُث تفكر أيضاً ِف أف ما خفي عليك وجهلتو من أنواع ال ِْعلْم ُث من أصناؼ علمك الذي َتتص بو‪ .‬فالذي‬

‫(‪)143/1‬‬

‫ص‪144:‬‬
‫أعجبت بنفاذؾ فيو أكثر شلا تعلم من ذلك فاجعل مكاف الْعُ ْجب استنقاصاً لنفسك واستقصاراً ذلا فهو أوىل‬
‫وتفكر فيمن كاف أعلم منك َتدىم كثْياً فلتهن نفسك عندؾ حينئذ وتفكر ِف إخبللك بعلمك وأنك ال تعمل‬
‫ِبا علمت منو فلعلمك عليك حجة حينئذ ولقد كاف أسلم لك لو َل تكن عادلاً‪.‬‬
‫واعلم أف اجلاىل حينئذ أعقل منك وأحسن حاالً وأعذر فليسقط عجبك ِبلكلية‪.‬‬
‫ُث لعل علمك الذي تعجب بنفاذؾ فيو من العلوـ ادلتأخرة الِت ال كبْي خصلة فيها كالشعر وما جرى رلراه‬
‫فانظر حينئذ إىل من علمو أجل من علمك ِف مراتب الدنيا واآلخرة فتهوف نفسك عليك‪.‬‬
‫وإف أعجبت بشجاعتك فتفكر فيمن ىو أشجع منك‪.‬‬
‫ُث انظر ِف تلك النجدة الِت منحك هللا تعاىل فيم صرفتها فإف كنت صرفتها ِف معصية فأنت أمحق ألنك‬
‫بذلت نفسك فيما ليس َثناً ذلا وإف كنت صرفتها ِف طاعة فقد أفسدَتا بعجبك‪.‬‬
‫ُث تفكر ِف زواذلا عنك ِبلشيخوخة وأنك إف عشت فستصْي من عدد العياؿ وكالصِب ضعفاً‪.‬‬
‫على أِن ما رأيت ال ُْع ْجب ِف طائفة أقل منو ِف أىل الشجاعة فاستدللت‬

‫(‪)144/1‬‬

‫ص‪145:‬‬
‫بذلك على نزاىة أنفسهم ورفعتها وعلوىا‪.‬‬
‫وإف أعجبت ِباىك ِف دنياؾ فتفكر ِف سلالفيك وأندادؾ ونظرائك ولعلهم أخساء وضعفاء سقاط‪ ،‬فاعلم أهنم‬
‫أمثالك فيما أنت فيو‪ ،‬ولعلهم شلن يستحيا من التشبو ِبم لفرط رذالتهم وخساستهم ِف أنفسهم وأخبلقهم‬
‫ذكرت لك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ومنابتهم‪ ،‬فاستهن بكل منزلة شاركك فيها من‬
‫وإف كنت مالك األرض كلها وال سلالف عليك ‪-‬وىذا بعيد جداً ِف اإلمكاف فما نعلم أحداً ملك معمور‬
‫األرض كلو على قلتو وضيق ساحتو ِبإلضافة إىل غامرىا فكيف إذا أضيف إىل الفلك احمليط؛ فتفكر فيما قاؿ‬
‫ابن السماؾ(‪ )1‬للرشيد(‪ )2‬وقد دعا ِبضرتو بقدح فيو ماء ليشربو فقاؿ لو‪ :‬اي أمْي ادلؤمنْي فلو منعت ىذه‬
‫الشربة بكم كنت‬
‫__________‬
‫(‪ . )1‬ىو‬
‫(‪ . )2‬ىو‬

‫(‪)145/1‬‬

‫ص‪146:‬‬
‫ترضى أف تبتاعها؟‬
‫فقاؿ لو الرشيد‪ِ :‬بلكي كلو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬اي أمْي ادلؤمنْي فلو منعت خروجها منك بكم كنت ترضى أف تفتدي من ذلك؟ قاؿ‪ِ :‬بلكي كلو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬اي أمْي ادلؤمنْي أتغتبط ِبلك ال يساوي بولة وال شربة ماء!‬
‫وصدؽ ابن السماؾ رمحو هللا‪.‬‬
‫ك ادلسلمْي كلهم فاعلم أف ملك السود ‪ -‬وىو رجل أسود رذؿ مكشوؼ العورة جاىل‪ -‬ؽللك‬‫كنت َملِ َ‬
‫وإف َ‬
‫أوسع من ملكك‪.‬‬
‫فإف قلت‪ :‬أَن أخذتو ِبق فلعمري ما أخذتو ِبق إذا استعملت فيو رذيلة ال ُْع ْجب وإذا َل تعدؿ فيو‪ ،‬فاستحي‬
‫من حالك فهي حالة رذالة ال حالة ػلب ال ُْع ْجب فيها‪.‬‬
‫وإف أعجبت ِبالك فهذه أسوأ مراتب ال ُْع ْجب فانظر ِف كل ساقط خسيس فهو أغَن منك فبل تغبط ِبالة‬
‫يفوقك فيها من ذكرت‪.‬‬
‫واعلم أف عجبك ِبدلاؿ محق ألنو أحجار ال تنتفع ِبا إال أف َترجها عن ملكك بنفقتها ِف وجهها فقط وادلاؿ‬
‫أيضاً غاد ورائح ورِبا زاؿ عنك ورأيتو بعينو ِف يد غْيؾ‪.‬‬
‫ولعل ذلك يكوف ِف يد عدوؾ فالعجب ِبثل ىذا سخف والثقة بو غرور وضعف‪.‬‬
‫وإف أعجبت ِبسنك ففكر فيما يولد عليك شلا نستحي‬
‫(‪)146/1‬‬

‫ص‪147:‬‬
‫ضلن من إثباتو وتستحي أنت منو إذا ذىب عنك بدخولك ِف السن وفيما ذكرَن كفاية‪.‬‬
‫وإف أعجبت ِبدح إخوانك لك ففكر ِف ذـ أعدائك إايؾ فحينئذ ينجلي عنك ال ُْع ْجب ‪.‬‬
‫فإف َل يكن لك عدو فبل خْي فيك وال منزلة أسقط من منزلة من ال عدو لو فليست إال منزلة من ليس هلل‬
‫تعاىل عنده نعمة ػلسد عليها عافاَن هللا‪.‬‬
‫فإف استحقرت عيوبك ففكر فيها لو ظهرت إىل الناس وَتثل إطبلعهم عليها فحينئذ َتجل وتعرؼ قدر‬
‫نقصك إف كانت لك ُمسكة من َتييز‪.‬‬
‫واعلم ِبنك إف تعلمت كيفية تركيب الطبائع وتولد األَ ْخبلَؽ من امتزاج عناصرىا احملمولة ِف النفس فستقف‬
‫من ذلك وقوؼ يقْي على أف فضائلك ال خصلة لك فيها وأهنا منح من هللا تعاىل لو منحها غْيؾ لكاف مثلك‬
‫وأنك لو‬

‫(‪)147/1‬‬

‫ص‪148:‬‬
‫وكلت إىل نفسك لعجزت وىلكت فاجعل بدؿ عجبك ِبا شكراً لواىبك إايىا وإشفاقاً من زواذلا فقد تتغْي‬
‫األَ ْخبلَؽ احلميدة ِبدلرض وِبلفقر وِبخلوؼ وِبلغضب ِبذلرـ‪.‬‬
‫وارحم من منع ما ُمنِ َ‬
‫حت وال تتعرض لزواؿ ما بك من النعم ِبلتعاصي على واىبها تعاىل وِبف َتعل لنفسك‬
‫فيما وىبك خصلة أو حقاً فتقدر أنك أنك استغنيت عن عصمتو فتهلك عاجبلً و آجبلً‪.‬‬
‫ولقد أصابتِن علة شديدة ولدت علي ربواً ِف الطحاؿ شديداً فولد ذلك علي من الضجر وضيق اخللق وقلة‬
‫الصرب والنزؽ أمراً حاسبت نفسي فيو إذ أنكرت تبدؿ خلقي واشتد عجِب من مفارقِت لطبعي وصح عندي أف‬
‫الطحاؿ موضع الفرح إذا فسد تولد ضده‪.‬‬
‫وإف أعجبت بنسبك فهذه أسوأ من كل ما ذكرَن ألف ىذا الذي أعجبت بو ال فائدة لو أصبلً ِف دنيا وال‬
‫آخرة‪.‬‬
‫وانظر ىل يدفع عنك جوعة‪ .‬أو يسرت لك عورة أو‬
‫(‪)148/1‬‬

‫ص‪149:‬‬
‫ينفعك ِف آخرتك‪.‬‬
‫ُث انظر إىل من يساعلك ِف نسبك ورِبا فيما أعلى منو شلن َنلتو والدة األنبياء عليهم السبلـ ُث والدة اخللفاء‬
‫ُث والدة الفضبلء من الصحابة والعلماء ُث والدة ملوؾ العجم من األكاسرة والقياصرة ُث والدة التبابعة وسائر‬
‫ملوؾ اإلسبلـ‪ .‬فتأمل غرباَتم وبقاايىم‪.‬‬
‫ومن يدَل ِبثل ما تدَل بو من ذلك َتد أكثرىم أمثاؿ الكبلب خساسة وتلفهم ِف غاية السقوط والرذالة‬
‫والتبدؿ والتحلي ِبلصفات ادلذمومة فبل تغتبط ِبنزلة ىم فيها نظراؤؾ أو فوقك‪.‬‬
‫ُث لعل اآلِبء الذين تفخر ِبم كانوا فساقاً وشربة َخور والطة ومتعبثْي ونوكى أطلقت األايـ أيديهم ِبلظلم‬
‫واجلور فأنتجوا ظلماً وآَثراً قبيحة تبقي عارىم بذلك األايـ ويعظم إَثهم والندـ عليها يوـ احلساب‪.‬‬
‫فإف كاف كذلك فاعلم أف الذي أعجبت بو من ذلك داخل ِف العيب واخلزي والعار والشنار ال ِف اإلعجاب‪.‬‬

‫(‪)149/1‬‬

‫ص‪150:‬‬
‫فإف أعجبت بوالدة الفضبلء إايؾ فما أخلى يدؾ من فضلهم إف َل تكن أنت فاضبلً وما أقل غناىم عنك ِف‬
‫الدنيا واآلخرة إف َل تكن زلسناً!‬
‫والناس كلهم أوالد آدـ الذي خلقو هللا بيده وأسكنو جنتو وأسجد لو مبلئكتو‪.‬‬
‫ولكن ما أقل نفعو ذلم وفيو كل معيب وكل فاسق وكل كافر‪.‬‬
‫وإذا فكر العاقل ِف أف فضل آِبئو ال يقربو من ربو تعاىل وال يكسبو وجاىة َل ػلزىا ىو بسعده أو بفضلو ِف‬
‫نفسو وال ماالً فأي معَن اإلعجاب ِبا ال منفعة فيو! وىل ادلعجب بذلك إال كادلعجب ِباؿ جاره وِباه غْيه‬
‫وبفرس لغْيه سبق كأف علي رأسو جلامو! وكما تقوؿ العامة ِف أمثاذلا‪ :‬كالغِب يزىي بذكاء أبيو‪.‬‬
‫فإف تعدى بك ال ُْع ْجب إىل االمتداح فقد تضاعف سقوطك ألنو قد عجز عقلك عن مقاومة ما فيك من‬
‫ال ُْع ْجب ىذا إف امتدحت ِبق فكيف إف امتدحت ِبلكذب!‬
‫وقد كاف ابن نوح وأبو إبراىيم وأبو ذلب‬
‫(‪)150/1‬‬

‫ص‪151:‬‬
‫عم النِب ملسو هيلع هللا ىلص أقرب الناس من أفضل خلق هللا تعاىل وشلن الشرؼ كلو ِف اتباعهم فما انتفعوا بذلك‪ .‬وقد كاف‬
‫فيمن ولد لغْي رشدة من كاف الغاية ِف رايسة الدنيا كزايد وأيب مسلم ومن كاف هناية ِف الفضل على احلقيقة‬
‫كبعض من ُِصللُّو عن ذكره ِف مثل ىذا الفصل شلن يتقرب إىل هللا تعاىل ِببو واالقتداء ِبميد آَثره‪.‬‬
‫وإف أعجبت بقوة جسمك فتفكر ِف أف البغل واحلمار والثور أقوى منك وأمحل لؤلثقاؿ‪.‬‬
‫وإف أعجبت طخفتك فاعلم أف الكلب واألرنب يفوقانك‬

‫(‪)151/1‬‬

‫ص‪152:‬‬
‫ِف ىذا الباب فمن ال ُْع ْجب العجيب إعجاب َنطق طخصلة يفوقو فيها غْي َنطق‪.‬‬
‫واعلم أف من قدر ِف نفسو عجباً أو ظن ذلا على سائر الناس فضبلً فلينظر إىل صربه عندما يدعلو من ىم أو‬
‫نكبة أو وجع أو دمل أو مصيبة فإف رأى نفسو قليلة الصرب فليعلم أف َجيع أىل الببلء من اجملذومْي وغْيىم‬
‫الصابرين أفضل منو على َتخر طبقتهم ِف التمييز‪.‬‬
‫وإف رأى نفسو صابرة فليعلم أنو َل َيت بشيء يسبق فيو على ما ذكرَن بل ىو إما متأخر عنهم ِف ذلك أو‬
‫مسا ٍو ذلم وال مزيد‪.‬‬
‫ُث لينظر إىل سْيتو وعدلو أو جوره فيما خولو هللا من نعمة أو ماؿ أو خوؿ أو أتباع أو صحة أو جاه فإف وجد‬
‫نفسو مقصرة فيما يلزمو من الشكر لواىبو تعاىل ووجدىا حائفة ِف العدؿ فليعلم أف أىل العدؿ والشكر‬
‫والسْية احلسنة من ادلخولْي أكثر شلا ىو فيو أفضل منو‪.‬‬

‫(‪)152/1‬‬

‫ص‪153:‬‬
‫فإف رأى نفسو ملتزمة للعدؿ فالعادؿ بعيد عن ال ُْع ْجب ألبتة لعلمو ِبوازين األشياء ومقادير األَ ْخبلَؽ والتزامو‬
‫التوسط الذي ىو االعتداؿ بْي الطرفْي ادلذمومْي فإف أعجب فلم يعدؿ بل قد ماؿ إىل جنبة اإلفراط‬
‫ادلذمومة‪.‬‬
‫واعلم أف التعسف وسوء ادللكة دلن خولك هللا تعاىل أمره من رقيق أو رعية يدالف على خساسة النفس ودَنءة‬
‫اذلمة وضعف العقل ألف العاقل الرفيع النفس العاَل اذلمة إظلا يغلب أكفاءه ِف القوة ونظراءه ِف ادلنعة‪.‬‬
‫وأما االستطالة على من ال ؽلكنو ادلعارضة فسقوط ِف الطبع ورذالة ِف النفس واخللق وعجز ومهانة‪.‬‬
‫ومن فعل ذلك فهو ِبنزلة من يتبجح بقتل جرذ أو بقتل برغوث‪،‬أو بفرؾ قملة‪ ،‬و حسبك ِبذا ضعة و‬
‫خساسة‪.‬‬

‫(‪)153/1‬‬

‫ص‪154:‬‬
‫ُسد إذا ُس ِجنت ِف البيوت الِت تتخذ ذلا ادللوؾ أمن‬ ‫واعلم أف رايضة األنفس أصعب من رايضة األ ِ‬
‫ُسد ألف األ ْ‬
‫ْ‬
‫شرىا والنفس وإف سجنت َل يؤمن شرىا‪.‬‬
‫ال ُْع ْجب أصل يتفرع عنو التيو والزىو والكرب والنخوة والتعاَل وىذه أمساء واقعة على معاف متقاربة‪.‬‬
‫ولذلك صعب الفرؽ بينها على أكثر الناس‪.‬‬
‫فقد يكوف ال ُْع ْجب لفضيلة ِف ادلعجب ظاىرة فمن معجب بعلمو فيكفهر ويتعاىل على الناس ومن معجب‬
‫بعملو فْيتفع ومن معجب برأيو فيزىو على غْيه ومن معجب بنسبو فيتيو ومن معجب ِباىو وعلو حالو فيتكرب‬
‫ويتنخى‪.‬‬
‫وأقل مراتب ال ُْع ْجب أف تراه يتوفر عن الضحك ِف مواضع الضحك وعن خفة احلركات وعن الكبلـ إال فيما‬
‫ال بد لو من أمور دنياه‪.‬‬
‫وعيب ىذا أقل من عيب‬

‫(‪)154/1‬‬

‫ص‪155:‬‬
‫غْيه ولو فعل ىذه األفاعيل على سبيل االقتصار على الواجبات وترؾ الفضوؿ لكاف ذلك فضبلً وموجباً‬
‫حلمده ولكن إظلا يفعل ذلك احتقاراً للناس وإعجاِبً بنفسو فحصل لو بذلك استحقاؽ الذـ‪.‬‬
‫ات َو[إِ َّظلَا]لِ ُك ِّل ْام ِر ٍئ َما نَػ َوى(‪ )1‬حَّت إذا زاد األمر وَل يكن ىناؾ َتييز ػلجب عن توفية‬
‫اؿ ِِبلنِّيَّ ِ‬
‫و‪:‬إِ َّظلَا ْاألَ ْع َم ُ‬
‫ال ُْع ْجب حقو وال عقل جيد حدث من ذلك ظهور االستخفاؼ ِبلناس واحتقارىم ِبلكبلـ وِف ادلعاملة حَّت إذا‬
‫زاد ذلك وضعف التمييز والعقل ترقى ذلك إىل االستطالة على الناس ِبألذى ِبأليدي والتحكم والظلم‬
‫والطغياف واقتضاء الطاعة لنفسو واخلضوع ذلا إف أمكنو‬
‫__________‬
‫(‪)1‬أخرجو البخاري‪،‬الصحيح‪،‬بدء الوحي‪،‬بدء الوحي‪1:‬‬

‫(‪)155/1‬‬

‫ص‪156:‬‬
‫ذلك‪ ،‬فإف َل يقدر على ذلك امتدح بلسانو واقتصر على ذـ الناس و االستهزاء ِبم‪.‬‬
‫وقد يكوف ال ُْع ْجب لغْي معَن ولغْي فضيلة ِف ادلعجب وىذا من عجيب ما يقع ِف ىذا الباب وىو شيء‬
‫يسميو عامتنا "التمرتؾ" وكثْياً ما نراه ِف النساء وفيمن عقلو قريب من عقوذلن من الرجاؿ‪.‬‬
‫وىو عجب من ليس فيو خصلة أصبلً ال علم وال شجاعة وال علو حاؿ وال نسب رفيع وال ماؿ يطغيو وىو‬
‫يعلم مع ذلك أنو صفر من ذلك كلو ألف ىذه األمور ال يغلط فيها من يقذؼ ِبحلجارة وإظلا يغلط فيها من لو‬
‫أدَّن حظ منها فرِبا يتوىم‪-‬إف كاف ضعيف العقل‪ -‬أنو قد بلغ الغاية القصوى منها كمن لو حظ من علم فهو‬
‫يظن أنو عاَل كامل أو كمن لو نسب معرؽ ِف ظلمة وَتدىم َل يكونوا أيضاً رفعاء ِف ظلمهم فتجده لو كاف‬
‫ابن فرعوف ذي األوَتد ما زاد على إعجابو الذي فيو‪.‬‬

‫(‪)156/1‬‬

‫ص‪157:‬‬
‫أو لو شيء من فروسية فهو يقدر أنو يهزـ علياً وَيسر الزبْي ويقتل خالداً ر ِ‬
‫ض َي هللاُ َع ْنػ ُهم‪.‬‬ ‫َ‬
‫أو لو شيء من جاه رذؿ فهو ال يرى اإلسكندر على حاؿ‪.‬‬
‫أو يكوف قوايً على أف يكسب ما يتوفر بيده ُم َويْل يفضل عن قوتو فلو أخذ بقرِن الشمس َل يزد على ما ىو‬
‫فيو‪.‬‬
‫وليس يكثر ال ُْع ْجب من ىؤالء ‪-‬وإف كانوا عجبا‪ ًْ -‬لكن شلن ال حظ لو من علم أصبلً وال نسب البتة وال‬
‫ماؿ وال جاه وال صلدة‪ ،‬بل تراه ِف كفالة غْيه مهتضماً لكل من لو أدَّن طاقة وىو يعلم أنو ٍ‬
‫خاؿ من كل ذلك‬
‫وأنو ال حظ لو ِف شيء من ذلك ُث ىو مع ذلك ِف حالة ادلزىو التياه‪.‬‬
‫ولقد تسببت إىل سؤاؿ بعضهم ِف رفق ولْي عن سبب علو نفسو واحتقاره الناس فما وجدت عنده مزيداً على‬
‫أف قاؿ َل‪ :‬أَن حر لست عبد أحد‪.‬‬
‫فقلت لو‪ :‬أكثر من تراه يشاركك ِف ىذه الفضيلة فهم أحرار مثلك إال قوماً من العبيد ىم أطوؿ منك يداً‬
‫وأمرىم َنفذ عليك وعلى كثْي من األحرار‪.‬‬
‫فلم أجد عنده زايدة‪ .‬فرجعت إىل تفتيش أحواذلم‬

‫(‪)157/1‬‬

‫ص‪158:‬‬
‫ومراعاَتا ففكرت ِف ذلك سنْي ألعلم السبب الباعث ذلم على ىذا ال ُْع ْجب الذي ال سبب لو فلم أزؿ أخترب‬
‫ما تنطوي عليو نفوسهم ِبا يبدو من أحواذلم ومن مراميهم ِف كبلمهم فاستقر أمرىم على أهنم يقدروف أف‬
‫عندىم فضل عقل وَتيز رأي أصيل لو أمكنتهم األايـ من تصريفو لوجدوا فيو متسعاً وألداروا ادلمالك الرفيعة‬
‫ولباف فضلهم على سائر الناس ولو ملكوا ماالً ألحسنوا تصريفو‪ .‬فمن ىا ىنا تسرب التيو إليهم وسرى‬
‫ال ُْع ْجب فيهم‪.‬‬
‫وىذا مكاف فيو للكبلـ شعب عجيب ومعارضة معرتضة‪ .‬وىو أنو ليس شيء من الفضائل كلما كاف ادلرء منو‬
‫أعرى قوي ظنو ِف أنو قد استوىل عليو واستمر يقينو ِف أنو قد كمل فيو إال العقل والتمييز‪ .‬حَّت إنك َتد‬
‫اجملنوف ادلطبق والسكراف الطافح يسخراف ِبلصحيح؛ واجلاىل‬

‫(‪)158/1‬‬

‫ص‪159:‬‬
‫الناقص يهزأ ِبحلكماء وأفاضل العلماء؛ والصبياف الصغار يتهكموف ِبلكهوؿ؛ والسفهاء العياروف يستخفوف‬
‫ِبلعقبلء ادلتصاونْي؛ وضعفة النساء يستنقصن عقوؿ أكابر الرجاؿ وآراءىم‪.‬‬
‫وِبجلملة فكلما نقص العقل توىم صاحبو أنو أوفر الناس عقبلً وأكمل َتييزاً‪.‬‬
‫وال يعرض ىذا ِف سائر الفضائل فإف العاري منها َجلة يدري أنو عا ٍر منها وإظلا يدخل الغلط على من لو أدَّن‬
‫حظ منها وإف قل فإنو يتوىم حينئذ إف كاف ضعيف التمييز أنو عاَل الدرجة فيو‪.‬‬
‫ودواء من ذكرَن الفقر واخلموؿ فبل دواء ذلم أصلع منو وإال فداؤىم وضررىم على الناس عظيم جداً فبل َتدىم‬
‫إال عيابْي للناس وقاعْي ِف األعراض مستهزئْي ِبجلميع رلانبْي للحقائق مكبْي على الفضوؿ‪.‬‬
‫ورِبا كانوا مع ذلك متعرضْي للمشاَتة وادلهارشة ورِبا قصدوا ادلبلطمة وادلضاربة عند أدَّن سبب يعرض ذلم‪.‬‬
‫وقد يكوف ال ُْع ْجب كميناً ِف ادلرء حَّت إذا حصل‬

‫(‪)159/1‬‬

‫ص‪160:‬‬
‫على أدَّن ماؿ أو جاه ظهر ذلك عليو وعجز عقلو عن قمعو وسرته‪.‬‬
‫ومن ظريف ما رأيت ِف بعض أىل الضعف أف منهم من يغلبو ما يضمر من زلبة ولده الصغْي وامرأتو حَّت‬
‫يصفها ِبلعقل ِف احملافل وحَّت إنو يقوؿ‪ :‬ىي أعقل مِن وأَن أتربؾ بوصيتها‪.‬‬
‫وأما مدحو إايىا ِبجلماؿ واحلسن والعافية فكثْي ِف أىل الضعف جداً حَّت كأنو لو كاف خاطبها ما زاد على ما‬
‫يقوؿ ِف ترغيب السامع ِف وصفها وال يكوف ىذا إال ِف ضعيف العقل عا ٍر من ال ُْع ْجب بنفسو‪.‬‬
‫إايؾ واالمتداح فإف كل من يسمعك ال يصدقك وإف كنت صادقاً بل غلعل ما مسع منك من ذلك ِف أوؿ‬
‫معايبك‪.‬‬
‫وإايؾ ومدح أحد ِف وجهو فإنو فعل أىل ادللق وضعة النفوس‪.‬‬
‫وإايؾ وذـ أحد ال ِبضرتو وال ِف مغيبو فلك ِف إصبلح نفسك شغل‪.‬‬
‫وإايؾ والتفاقر فإنك ال حتصل من ذلك إال على تكذيبك أو احتقار من يسمعك وال منفعة لك ِف ذلك أصبلً‬
‫إال كفر نعمة ربك تعاىل أو شكواه إىل من ال يرمحك‪.‬‬

‫(‪)160/1‬‬

‫ص‪161:‬‬
‫وإايؾ ووصف نفسك ِبليسار فإنك ال تزيد على إطماع السامع فيما عندؾ وال تزد على شكر هللا تعاىل وذكر‬
‫فقرؾ إليو وغناؾ عمن دونو فإف ىذا يكسبك اجلبللة والراحة من الطمع فيما عندؾ‪.‬‬
‫العاقل ىو من ال يفارؽ ما أوجبو َتييزه‪.‬‬
‫من سبب للناس الطمع فيما عنده َل ػلصل إال على أف يبذلو ذلم وال غاية ذلذا أو ؽلنعهم فيلؤـ ويعادونو فإذا‬
‫أردت أف تعطي أحداً شيئاً فليكن ذلك منك قبل أف يسألك فهو أكرـ وأنزه وأوجب للحمد‪.‬‬
‫من بديع ما يقع ِف احلسد قوؿ احلاسد إذا مسع إنساَنً يغرب ِف علم ما‪ :‬ىذا شيء ِبرد َل يتقدـ إليو وال قالو‬
‫قبلو أحد‪ .‬فإف مسع من يبْي ما قد قالو غْيه قاؿ‪ :‬ىذا ِبرد وقد قيل قبلو‪.‬‬
‫وىذه طائفة سوء قد نصبت أنفسها للقعود على طريق‬

‫(‪)161/1‬‬

‫ص‪162:‬‬
‫ال ِْعلْم يصدوف الناس عنها ليكثر نظراؤىم من اجلهاؿ‪.‬‬
‫إف احلكيم ال تنفعو حكمتو عند اخلبيث الطبع بل يظنو خبيثاً مثلو وقد شاىدت أقواماً ذوي طبائع رديئة وقد‬
‫تصور ِف أنفسهم اخلبيثة أف الناس كلهم على مثل طبائعهم ال يصدقوف أصبلً ِبف أحداً ىو ساَل من رذائلهم‬
‫بوجو من الوجوه وىذا أسوء ما يكوف من فساد الطبع والبعد عن الفضل واخلْي‪.‬‬
‫ومن كانت ىذه صفتو ال ترجى لو معافاة أبداً‪ .‬وِبهلل تعاىل التوفيق‪.‬‬
‫العدؿ حصن يلجأ إليو كل خائف وذلك أنك ترى الظاَل وغْي الظاَل إذا رأى من يريد ظلمو دعا إىل العدؿ‬
‫وأنكر الظلم حينئذ وذمو وال ترى أحداً يذـ العدؿ‪ .‬فمن كاف العدؿ ِف طبعو فهو ساكن ِف ذلك احلصن‬
‫احلصْي‪.‬‬
‫االستهانة نوع من أنواع اخليانة إذ قد ؼلونك من ال يستهْي بك ومن استهاف بك فقد خانك االنصاؼ فكل‬
‫مستهْي خائن وليس كل خائن مستهيناً‪.‬‬
‫االستهانة ِبدلتاع دليل على االستهانة برب ادلتاع‪.‬‬
‫حاالف ػلسن فيهما ما يقبح ِف غْيعلا‪ :‬وعلا ادلعاتبة واالعتذار فإنو ػلسن فيهما تعديد األايدي وذكر‬

‫(‪)162/1‬‬

‫ص‪163:‬‬
‫اإلحساف وذلك غاية القبح ِف ما عدا ىاتْي احلالتْي‪.‬‬
‫ال عيب على من ماؿ بطبعو إىل بعض القبائح ولو أنو أشد العيوب وأعظم الرذائل ما َل يظهره بقوؿ أو فعل‬
‫بل يكاد يكوف أمحد شلن أعانو طبعو على الفضائل وال تكوف مغالبة الطبع الفاسد إال عن قوة عقل فاضل‪.‬‬
‫اخليانة ِف احلرـ أشد من اخليانة ِف الدماء‪.‬‬
‫العرض أعز على الكرمي من ادلاؿ‪ .‬ينبغي للكرمي أف يصوف جسمو ِبالو ويصوف نفسو ِبسمو ويصوف عرضو‬
‫بنفسو ويصوف دينو بعرضو وال يصوف بدينو شيئاً أصبلً‪.‬‬
‫اخليانة ِف األعراض أشد من اخليانة ِف األمواؿ و بُػ ْرَىاف ذلك أنو ال يكاد يوجد من ال ؼلوف ِف العرض وإف قل‬
‫ذلك منو وكاف من أىل الفضل وأما اخليانة ِف األمواؿ‪-‬‬

‫(‪)163/1‬‬

‫ص‪164:‬‬
‫وإف قلت أو كثرت‪ -‬فبل تكوف إال من رذؿ بعيد عن الفضل‪.‬‬
‫القياس ِف أحواؿ الناس قد يكذب ِف أكثر األمور ويبطل ِف األغلب واستعماؿ ما ىذه صفتو ِف الدين ال‬
‫غلوز‪.‬‬
‫ادلقلد راض أف يغنب عقلو ولعلو مع ذلك يستعظم أف يغنب ِف مالو فيخطيء ِف الوجهْي معاً؛ألنو ال يكره الغنب‬
‫ِف مالو ويستعظمو إال لئيم الطبع دقيق اذلمة مهْي النفس‪.‬‬
‫من جهل معرفة الفضائل فليعتمد على ما أمره هللا والرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص فإنو ػلتوي على َجيع الفضائل‪.‬‬
‫رب سلوؼ كاف التحرز منو سبب وقوعو‪ .‬ورب سر كانت ادلبالغة ِف طيو سبب انتشاره‪ .‬ورب إعراض أبلغ ِف‬
‫االسرتابة من إدامة النظر‪.‬‬
‫وأصل ذلك كلو اإلفراط اخلارج عن حد االعتداؿ‪.‬‬
‫الفضيلة وسيطة بْي اإلفراط والتفريط فكبل الطرفْي مذموـ والفضيلة بينهما زلمودة حاشا العقل فإنو ال إفراط‬
‫فيو‪.‬‬
‫اخلطأ ِف احلزـ خْي من اخلطأ ِف التضييع‪.‬‬

‫(‪)164/1‬‬

‫ص‪165:‬‬
‫من العجائب أف الفضائل مستحسنة ومستثقلة والرذائل مستقبحة ومستخفة‪.‬‬
‫من أراد اإلنصاؼ فليتوىم نفسو مكاف خصمو فإنو يلوح لو وجو تعسفو‪.‬‬
‫حد احلزـ معرفة الصديق من العدو وغاية اخلرؽ والضعف جهل العدو من الصديق‪.‬‬
‫ال تسلم عدوؾ لظلم وال تظلمو وساو ِف ذلك بينو وبْي الصديق وحتفظ منو وإايؾ وتقريبو وإعبلء قدره فإف‬
‫ىذا من فعل النوكى‪.‬‬
‫من ساوى بْي عدوه وصديقو ِف التقريب والرفعة فلم يزد على أف زىد الناس ِف مودتو وسهل عليهم عداوتو‬
‫وَل يزد على استخفاؼ عدوه لو وَتكنو من مقاتلو وإفساد صديقو على نفسو وإحلاقو ِبملة أعدائو‪.‬‬
‫غاية اخلْي أف يسلم عدوؾ من ظلمك ومن تركك إايه للظلم وأما تقريبو فمن شيم النوكى الذين قد قرب منهم‬
‫التلف‪.‬‬
‫وغاية الشر أف اليسلم صديقك من ظلمك وأما إبعاده فمن فعل من ال عقل لو ومن كتب عليو الشقاء‪.‬‬
‫ليس‬

‫(‪)165/1‬‬

‫ص‪166:‬‬
‫احللم تقريب األعداء ولكنو مسادلتهم مع التحفظ منهم‪.‬‬
‫كم رأينا من فاخر ِبا عنده من ادلتاع فكاف ذلك سبباً ذلبلكو فإايؾ وىذا الباب الذي ىو ضر زلض ال منفعة‬
‫فيو أصبلً‪.‬‬
‫كم شاىدَن شلن أىلكو كبلمو وَل نر قط أحداً وال بلغنا أنو أىلكو سكوتو فبل تتكلم إال ِبا يقربك من خالقك‬
‫فإف خفت ظادلاً فاسكت‪.‬‬
‫فضيِّع إال وفات فلم ؽلكن بعد‪.‬‬
‫قلما رأيت أمراً أمكن ُ‬
‫ساف ِف دىره كثْية وأعظمها زلنتو ِبىل نوعو من اإلنس‪.‬‬‫زلن ا ِإلنْ َ‬
‫داء ا ِإلنْ َ‬
‫ساف ِبلناس أعظم من دائو ِبلسباع الكلبة واألفاعي الضارية ألف التحفظ من كل ما ذكرَن شلكن وال‬
‫ؽلكن التحفظ من اإلنس أصبلً‪.‬‬
‫الغالب على الناس النفاؽ ومن ال ُْع ْجب أنو ال غلوز مع ذلك عندىم إال من َنفقهم‪.‬‬
‫لو قاؿ قائل‪ :‬إف ِف الطبائع ُك ِّريَّة ألف أطراؼ األضداد تلتقي َل يبعد من الصدؽ‪.‬‬
‫وقد صلد نتائج األضداد تتساوى‪ :‬فنجد ادلرء يبكي من الفرح ومن‬

‫(‪)166/1‬‬
‫ص‪167:‬‬
‫احلزف وصلد فرط ادلودة يلتقي مع فرط البغضة ِف تتبع العثرات‪.‬‬
‫وقد يكوف ذلك سبباً للقطيعة عند عدـ الصرب واإلنصاؼ‪.‬‬
‫كل من غلبت عليو طبيعة ما فإنو وإف بلغ الغاية من احلزـ واحلذر مصروع إذا كويد من قبلها‪.‬‬
‫كثرة الريب تعلم صاحبها الكذب لكثرة ضرورتو إىل االعتذار ِبلكذب فيضرى عليو ويستسهلو‪.‬‬
‫وجهو لظهور االسرتابة عليو إف وقع ِف كذبة أو ىم ِبا‪.‬‬
‫أعدؿ الشهود على ادلطبوع على الصدؽ ُ‬
‫وأعدؿ الشهود على الكذاب لسانو الضطرابو ونقض بعض كبلمو بعضاً‪.‬‬
‫ادلصيبة ِف الصديق الناكث أعظم من ادلصيبة بو‪.‬‬
‫أشد الناس استعظاماً للعيوب بلسانو ىو أشدىم استسهاالً ذلا بفعلو ويتبْي ذلك ِف مسافهات أىل البذاء‬
‫ومشاَتات األرذاؿ البالغْي غاية الرذالة من الصناعات اخلسيسة من‬

‫(‪)167/1‬‬

‫ص‪168:‬‬
‫الرجاؿ والنساء كأىل التعيش ِبلزمر وكنس احلشوش واخلادمْي ِف اجملازر وكساكِن دور اجلمل ادلباحة لكراء‬
‫اجلماعات والساسة للدواب؛ فإف كل من ذكرَن أشد اخللق رمياً من بعضهم ِبلقبائح وأكثرىم عيباً ِبلفضائح‬
‫وىم أوغل الناس فيها وأشهرىم ِبا‪.‬‬
‫اللقاء يذىب ِبلسخائم فكأف نظر العْي للعْي يصلح القلوب فبل يسؤؾ التقاء صديقك بعدوؾ فإف ذلك يفرت‬
‫أمره عنده‪.‬‬
‫أشد األشياء على الناس اخلوؼ واذلم وادلرض والفقر وأشدىا كلها إيبلماً للنفس اذلم‪ ،‬للفقد من احملبوب وتوقع‬
‫ادلكروه ُث ادلرض ُث اخلوؼ ُث الفقر‪.‬‬
‫ودليل ذلك أف‬

‫(‪)168/1‬‬
‫ص‪169:‬‬
‫الفقر يستعجل ليطرد بو اخلوؼ فيبذؿ ادلرء مالو كلو ليأمن واخلوؼ والفقر يستعجبلف ليطرد ِبما أَل ادلرض‬
‫ساف ِف طلب الصحة ويبذؿ مالو فيها إذا أشفق من ادلوت ويود عند تيقنو بو لو بذؿ مالو كلو‬ ‫فيغرر ا ِإلنْ َ‬
‫ويسلم ويفيق‪.‬‬
‫واخلوؼ يستسهل ليطرد بو اذلم فيغرر ادلرء بنفسو ليطرد عنها اذلم‪.‬‬
‫وأشد األمراض كلها أدلاً وجع مبلزـ ِف عضو ما بعينو‪.‬‬
‫وأما النفوس الكرؽلة فالذؿ عندىا أشد من كل ما ذكرَن وىو أسهل ادلخوفات عند ذوي النفوس اللئيمة‪.‬‬

‫(‪)169/1‬‬

‫ص‪(170:‬فارغة)‬

‫(‪)170/1‬‬

‫ص‪171:‬‬
‫فصل‪ :‬من غرائب أخبلؽ النفس‬
‫ينبغي للعاقل أف ال ػلكم ِبا يبدو لو من اسرتحاـ الباكي ادلتظلم وتشكيو وشدة تلويو وتقلبو وبكائو‪ .‬فقد‬
‫وقفت من بعض من يفعل ىذا على يقْي أنو الظاَل ادلعتدي ادلفرط الظلم‪.‬‬
‫ورأيت بعض ادلظلومْي ساكن الكبلـ معدوـ التشكي مظهراً لقلة ادلباالة فيسبق إىل نفس من ال ػلقق النظر أنو‬
‫ظاَل وىذا مكاف ينبغي التثبت فيو ومغالبة ميل النفس َجلة وإف ال ؽليل ادلرء مع الصفة الِت ذكرَن وال عليها‬
‫ولكن يقصد اإلنصاؼ ِبا يوجبو احلق على السواء‪.‬‬
‫من عجائب األَ ْخبلَؽ أف الغفلة مذمومة وإف استعماذلا زلمود وإظلا ذلك ألف من ىو مطبوع على الغفلة‬

‫(‪)171/1‬‬
‫ص‪172:‬‬
‫يستعملها ِف غْي موضعها وِف حيث غلب التحفظ وىو مغيب عن فهم احلقيقة فدخلت حتت اجلهل فذمت‬
‫لذلك‪.‬‬
‫وأما ادلتيقظ الطبع فإنو ال يضع الغفلة إال ِف موضعها الذي يذـ فيو البحث والتقصي والتغافل فهماً للحقيقة‬
‫وإضراِبً عن الطيش واستعماالً للحلم وتسكيناً للمكروه فلذلك محدت حالة التغافل وذمت الغفلة‪.‬‬
‫وكذلك القوؿ ِف إظهار اجلزع وإبطانو وِف إظهار الصرب وإبطانو فإف إظهار اجلزع عند حلوؿ ادلصائب مذموـ‬
‫ألنو عجز مظهره عن ملك نفسو فأظهر أمراً ال فائدة فيو بل ىو مذموـ ِف الشريعة وقاطع عما يلزـ من‬
‫األعماؿ وعن التأىب دلا يتوقع حلولو شلا لعلو أشنع من األمر الواقع الذي عنو حدث اجلزع‪.‬‬
‫فلما كاف إظهار اجلزع مذموماً كاف إظهار ضده زلموداً وىو إظهار الصرب ألنو ملك للنفس واطراح دلا ال فائدة‬

‫(‪)172/1‬‬

‫ص‪173:‬‬
‫فيو وإقباؿ على ما يعود وينتفع بو ِف احلاؿ وِف ادلستأنف‪.‬‬
‫وأما استبطاف الصرب فمذموـ ألنو ضعف ِف احلس وقسوة ِف النفس وقلة رمحة وىذه أخبلؽ سوء ال تكوف إال‬
‫ِف أىل الشر وخبث الطبيعة وِف النفوس السبعية الرديئة‪.‬‬
‫فلما كاف ما ذكرَن يقبح كاف ضده زلموداً وىو استبطاف اجلزع دلا ِف ذلك من الرمحة والشفقة والفهم بقدر‬
‫الرزية فصح ِبذا أف االعتداؿ ىو أف يكوف ادلرء جزوع النفس صبور اجلسد ِبعَن أنو ال يظهر ِف وجهو وال ِف‬
‫جوارحو شيء من دالئل اجلزع‪.‬‬
‫ولو علم ذو الرأي الفاسد ما استضر بو من فساد تدبْيه ِف السالف ألصلح برتكو استعمالو فيما يستأنف وِبهلل‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫(‪)173/1‬‬

‫ص‪(174:‬فرغة)‬

‫(‪)174/1‬‬
‫ص‪175:‬‬
‫فصل‪ِ :‬ف تطلع النفس إىل ما يسرت عنها من كبلـ مسموع أو شيء يدِن إىل ادلدح وبقاء الذكر‬
‫ىذا أمراف ال يكاد يسلم منهما أحد إال ساقط اذلمة جداً أو من راض نفسو الرايضة التامة وقمع قوة نفسو‬
‫الغضبية قمعاً كامبلً أو عاَّن مداواة شره النفس إىل مساع كبلـ تسرت بو عنها أو رؤية شيء أكتم بو دوهنا أف‬
‫يفكر فيما غاب عنها من ىذا النوع ِف غْي موضعو الذي ىو فيو بل ِف أقطار األرض ادلتباينة‪.‬‬
‫فإف اىتم بكل ذلك فهو رلنوف َتـ اجلنوف عدمي العقل ألبتة‪.‬‬
‫وإف َل يهتم لذلك فهل ىذا الذي اختفي بو عنو إال كسائر ما غاب عنو منو سواء بسواء وال فرؽ‪.‬‬
‫ُث ليزد‬

‫(‪)175/1‬‬

‫ص‪176:‬‬
‫احتجاجاً على ىواه فليقل بلساف عقلو لنفسو‪ :‬اي نفس أرأيت إف َل تعلمي أف ىهنا شيئاً أخفي عليك أكنت‬
‫تطلعْي إىل معرفة ذلك أـ ال فبل بد من ال‪ .‬فليقل لنفسو‪ :‬فكوِن اآلف كما كنت تكونْي لو َل تعلمي ِبف ىهنا‬
‫شيئاً سرت عنك فرتِبي الراحة وطرد اذلم وأَل القلق وقبح صفة الشره وتلك غنائم كثْية وأرِبح جليلة وأغراض‬
‫فاضلة سنية يرغب العاقل فيها‪.‬وال يزىد فيها إال َتـ النقص‪.‬‬
‫وأما من علق وعلو وفكره ِبف يبعد امسو ِف الببلد ويبقى ذكره على الدىر فليفكر ِف نفسو وليقل ذلا‪ :‬اي نفس‬
‫أرأيت لو ذكرت ِبفضل الذكر ِف َجيع أقطار ادلعمور أبد األبد إىل انقضاء الدىر ُث َل يبلغِن ذلك وال عرفت‬
‫بو أكاف َل ِف ذلك سرور أو غبطة أـ ال؟ فبل بد من ال‪ ،‬وال سبيل لو إىل غْيىا البتة‪،‬فإذا صح‬

‫(‪)176/1‬‬

‫ص‪177:‬‬
‫[ذلك] و تيقن فليعلم يقينا إذا مات و ال سبيل لو إىل علم أنو يذكر أو أنو ال يذكر وكذلك إف كاف حياً إذا َل‬
‫يبلغو‪.‬‬
‫ُث ليتفكر أيضاً ِف معنيْي عظيمْي‪:‬‬
‫أحدعلا كثرة من خبل من الفضبلء من األنبياء والرسل صلى هللا عليهم وسلم أوالً ‪ ،‬للذين َل يبق ذلم على أدمي‬
‫األرض عند أحد من الناس اسم وال رسم وال ذكر وال خرب وال أثر بوجو من الوجوه‪.‬‬
‫ُث من الفضبلء الصاحلْي من أصحاب األنبياء السالفْي والزىاد ومن الفبلسفة والعلماء واألخيار وملوؾ األمم‬
‫الدائرة وبناة ادلدف اخلالية وأتباع ادللوؾ الذين أيضاً قد انقطعت أخبارىم وَل يبق ذلم عند أحد علم وال ألحد‬
‫ِبم معرفة أصبلً ألبتة‪.‬‬
‫فهل ضر من كاف فاضبلً منهم ذلك أو نقص من فضائلهم أو طمس من زلاسنهم أو حط درجتهم عند ِبرئهم‬
‫عز وجل؟‬

‫(‪)177/1‬‬

‫ص‪178:‬‬
‫ومن جهل ىذا األمر فليعلم أنو ليس ِف شيء من الدنيا خرب عن ملوؾ من ملوؾ األجياؿ السالفة أبعد شلا‬
‫ِبيدي الناس من َتريخ ملوؾ بِن إسرائيل فقط ُث ما ِبيدينا من َتريخ ملوؾ اليوَنف والفرس وكل ذلك ال‬
‫يتجاوز ألفي عاـ فأين ذكر من عمر الدنيا قبل ىؤالء أليس قد دثر وفِن وانقطع ونسي ألبتة‪.‬‬
‫ك"‪)1(.‬‬ ‫ص ُه ْم َعلَْي َ‬‫ص ْ‬ ‫وكذلك قاؿ هللا تعاىل‪َ :‬وُر ُس ًبل ََلْ نَػ ْق ُ‬
‫ْيا‪)2(.‬‬ ‫ْي ذَلِ َ ِ‬
‫ك َكث ً‬ ‫وَن بَػ ْ َ‬
‫وقاؿ تعاىل‪َ :‬وقُػ ُر ً‬
‫ين ِم ْن بَػ ْع ِد ِى ْم َال يَػ ْعلَ ُم ُه ْم إَِّال َّ‬
‫اَّللُ"‪)3(.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫وقاؿ تعاىل‪َ :‬والذ َ‬
‫ساف وإف ذكر برىة من الدىر إال كمن خبل قبل من األمم الغابرة الذين ذكروا ُث نسوا َجلة‪.‬‬ ‫فهل ا ِإلنْ َ‬
‫ساف ِف من ذكر طخْي أو بشر ىل يزيده ذلك عند هللا عز وجل درجة أو يكسبو فضيلة َل يكن‬ ‫ُث ليتفكرا ِإلنْ َ‬
‫حازىا بفعلو أايـ حياتو فإذا كاف ىذا كما قلناه فالرغبة ِف الذكر رغبة غرور وال معَن لو وال فائدة فيو أصبلً‪.‬‬
‫لكن إظلا ينبغي‬
‫__________‬
‫(‪. )1‬النساء‪164:‬‬
‫(‪. )2‬الفرقاف‪38:‬‬
‫(‪. )3‬إبراىيم‪9:‬‬

‫(‪)178/1‬‬
‫ص‪179:‬‬
‫أف يرغب ا ِإلنْ َ‬
‫ساف العاقل ِف االستكثار من الفضائل وأعماؿ الرب الِت يستحق من ىي فيو الذكر اجلميل‬
‫والثناء احلسن وادلدح ومحيد الصفة‪ .‬فهي الِت تقر بو من ِبرئو تعاىل وَتعلو مذكوراً عنده عز وجل الذكر الذي‬
‫ينفعو وػلصل على بقاء فائدتو وال يبيد أبد األبد وِبهلل تعاىل التوفيق‪.‬‬
‫شكر ادلنعم فرض واجب وإظلا ذلك ِبدلقارضة لو ِبثل ما أحسن فأكثر ُث ِبلتهمم ِبموره وِبلتأِت ِبسن الدفاع‬
‫عنو ُث ِبلوفاء لو حياً وميتاً ودلن يتصل بو من ساقة وأىل كذلك؛ ُث ِبلتمادي على وده ونصيحتو ونشر زلاسنو‬
‫ِبلصدؽ وطي مساويو ما دمت حياً وتوريث ذلك عقبك وأىل ودؾ‪.‬‬
‫وليس من الشكر عونو على اآلَثـ وترؾ نصيحتو فيما يوتغ بو دينو ودنياه بل من عاوف من أحسن إليو على‬
‫ِبطل فقد غشو وكفر إحسانو وظلمو وجحد إنعامو‪.‬‬

‫(‪)179/1‬‬

‫ص‪180:‬‬
‫وأيضاً فإف إحساف هللا تعاىل وإنعامو على كل حاؿ أعظم وأقدـ وأىنأ من نعمة كل منعم دونو عز وجل فهو‬
‫تعاىل الذي شق لنا األبصار الناظرة وفتق فينا اآلذاف السامعة ومنحنا احلواس الفاضلة ورزقنا النطق والتمييز‬
‫اللذين ِبما استأىلنا أف ؼلاطبنا وسخر لنا ما ِف السموات وما ِف األرض من الكواكب والعناصر‪.‬‬
‫ُث و َل يفضل علينا من خلقو شيئاً غْي ادلبلئكة ادلقدسْي الذين ىم عمار السموات فقط فأين تقع نعم‬
‫ادلنعمْي من ىذه النعم! فمن قدر أنو يشكر زلسناً إليو ِبساعدتو على ِبطل أو ِبحاِبتو فيما ال غلوز فقد كفر‬
‫نعمة أعظم ادلنعمْي وجحد إحساف أجل احملسنْي إليو وَل يشكر وَل الشكر حقاً وال محد أىل احلمد أصبلً‬
‫وىو هللا عز وجل ومن حاؿ بْي احملسن إليو وبْي الباطل وأقامو على مر احلق فقد شكره حقاً وأدى واجب‬
‫حقو عليو مستوىف وهلل احلمد أوالً وآخراً وعلى كل حاؿ‪.‬‬

‫(‪)180/1‬‬

‫ص‪181:‬‬
‫ض ْور َرلَالِس العلم‬
‫فصل ِف ُح ُ‬
‫ض ْور مستغن ِبا عندؾ طالباً‬
‫ض ْور مستزيد علماً وأجراً ال ُح ُ‬ ‫إذا حضرت َْرللِس علم فبل يكن ُح ُ‬
‫ض ْور ؾ إال ُح ُ‬
‫عثرة تشيعها أو غريبة تشنعها فهذه أفعاؿ األرذاؿ الذين ال يفلحوف ِف ال ِْعلْم أبداً‪.‬‬
‫فإذا حضرَتا على ىذه النية فقد حصلت خْياً على كل حاؿ وإف َل حتضرىا على ىذه النية فجلوسك ِف‬
‫منزلك أروح لبدنك وأكرـ خللقك وأسلم لدينك‪.‬‬
‫فإذا‬

‫(‪)181/1‬‬

‫ص‪182:‬‬
‫حضرَتا كما ذكرَن فالتزـ أحد ثبلثة أوجو ال رابع ذلا وىي‪:‬‬
‫إما أف تسكت سكوت اجلهاؿ فتحصل على أجر النية ِف ادلشاىدة وعلى الثناء عليك بقلة الفضوؿ وعلى‬
‫كرـ اجملالسة ومودة من َتالس‪.‬‬
‫فإف َل تفعل ذلك فاسأؿ سؤاؿ ادلتعلم فتحصل على ىذه األربع زلاسن وعلى خامسة وىي استزادة العلم‪.‬‬
‫وصفة سؤاؿ ادلتعلم أف تسأؿ عما ال تدري ال عما تدري فإف السؤاؿ عما تدريو سخف وقلة عقل وشغل‬
‫لكبلمك وقطع لزمانك ِبا ال فائدة فيو ال لك وال لغْيؾ ورِبا أدى إىل اكتساب العداوات وىو بعد عْي‬
‫الفضوؿ‪.‬‬
‫فيجب عليك أف ال تكوف فضولياً فإهنا صفة سوء فإف أجابك الذي سألت ِبا فيو كفاية لك فاقطع الكبلـ‬
‫وإف َل غلبك ِبا فيو كفاية أو أجابك ِبا َل تفهم فقل لو َل أفهم واستزده فإف َل يزدؾ بياَنً وسكت أو أعاد‬
‫عليك الكبلـ األوؿ وال مزيد فأمسك عنو‪ .‬وإال حصلت على الشر والعداوة وَل حتصل على ما تريد من‬
‫الزايدة‪.‬‬

‫والوجو الثالث‪ :‬أف تراجع مراجعة العاَل وصفة ذلك‪:‬‬

‫(‪)182/1‬‬

‫ص‪183:‬‬
‫أف تعارض جوابو ِبا ينقضو نقضاً بيناً فإف َل يكن ذلك عندؾ وَل يكن عندؾ إال تكرار قولك أو ادلعارضة ِبا‬
‫ال يراه خصمك معارضة فأمسك فإنك ال حتصل بتكرار ذلك على أجر وال على تعليم وال على تعلم بل على‬
‫الغيظ لك وخلصمك والعداوة الِت رِبا أدت إىل ادلضرات‪.‬‬
‫وإايؾ وسؤاؿ ادلعنت ومراجعة ادلكابر الذي يطلب الغلبة بغْي علم فهما خلقا سوء دليبلف على قلة الدين‬
‫وكثرة الفضوؿ وضعف العقل وقوة السخف وحسبنا هللا ونعم الوكيل‪.‬‬
‫وإذا ورد عليك خطاب بلساف أو ىجمت على كبلـ ِف كتاب فإايؾ أف تقابلو مقابلة ادلغاضبة الباعثة على‬
‫ادلغالبة قبل أف تتبْي بطبلنو بِبػرَى ٍ‬
‫اف قاطع‪.‬‬ ‫ُْ‬
‫وأيضاً فبل تقبل عليو إقباؿ ادلصدؽ بو ادلستحسن إايه قبل علمك بصحتو ببُػ ْرَىاف قاطع فتظلم ِف كبل‬
‫الوجهْي نفسك وتبعد عن إدراؾ احلقيقة‪ .‬ولكن أقبل عليو إقباؿ ساَل القلب عن‬

‫(‪)183/1‬‬

‫ص‪184:‬‬
‫النزاع عنو والنزوع إليو إقباؿ من يريد حظ نفسو ِف فهم ما مسع ورأى فتزيد بو علماً وقبولو إف كاف حسناً أو‬
‫رده إف كاف خطأ فمضموف لك إف فعلت ذلك األجر اجلزيل واحلمد الكثْي والفضل العميم‪.‬‬
‫من اكتفى بقليلو عن كثْي ما عندؾ فقد ساواؾ ِف الغَن ولو أنك قاروف حَّت إذا تصاوف ِف الكسب عما‬
‫تشره أنت إليو فقد حصل أغَن منك بكثْي‪.‬‬
‫ومن ترفع عما َتضع إليو من أمور الدنيا فهو أعز منك بكثْي‪.‬‬
‫فرض على الناس تعلم اخلْي والعمل بو فمن َجع األمرين فقد استوىف الفضيلتْي معاً ومن علمو وَل يعمل بو‬
‫فقد أحسن ِف التعليم وأساء ِف ترؾ العمل بو فخلط عمبلً صاحلاً وآخر سيئاً وىو خْي من آخر َل يعلمو وَل‬
‫يعمل بو‪.‬‬
‫وىذا الذي ال خْي فيو أمثل حاالً وأقل ذماً من آخر ينهى عن تعلم اخلْي ويصد عنو‪.‬‬
‫ولو َل ينو عن الشر إال من ليس فيو منو شيء وال أمر ِبخلْي إال من استوعبو دلا هنى أحد عن شر وال أمر طخْي‬
‫بعد النِب ملسو هيلع هللا ىلص وحسبك ِبن‬

‫(‪)184/1‬‬
‫ص‪185:‬‬
‫أدى رأيو إىل ىذا فساداً وسوء طبع وذـ حاؿ وِبهلل تعاىل التوفيق‪.‬‬
‫قاؿ أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد هنع هللا يضر‪ :‬فاعرتض ىا ىنا إنساف فقاؿ‪ :‬كاف احلسن هنع هللا يضر إذا هنى عن شيء ال َيتيو أصبلً وإذا أمر‬
‫بشيء كاف شديد األخذ بو وىكذا تكوف احلكمة وقد قيل‪ :‬أقبح شيء ِف العاَل أف َيمر بشيء ال َيخذ بو ِف‬
‫نفسو أو ينهى عن شيء يستعملو‪.‬‬
‫قاؿ أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد ‪ :‬كذب قائل ىذا وأقبح منو من َل َيمر طخْي وال هنى عن شر وىو مع ذلك يعمل الشر وال‬
‫يعمل اخلْي‪.‬‬
‫قاؿ أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد ‪ :‬وقد قاؿ أبو األسود الدؤَل‪:‬‬
‫ال تنو عن خلق وَتِت مثلو ‪ ...‬عار عليك إذا فعلت عظيم‬
‫وابدأ بنفسك فاهنها عن غيها ‪ ...‬فإذا انتهت عنو فأنت حكيم‬
‫فهناؾ يقبل إف وعظت ويقتدى ‪ِ ...‬بلعلم منك وينفع التعليم(‪)1‬‬
‫__________‬
‫(‪َ. )1‬ل أجد ىذه األشعار منسوبة أليب األسود و إظلا نسبتها جل ادلصادر العربية إىل ادلتوكل بن عبد هللا الليثي‬
‫انظر‪:‬طبقات فحوؿ الشعراء‪ 684-683/2‬و َجهرة أمثاؿ العرب‪ 460 ،38/2‬و قد نسبت ِف ديواف أيب‬
‫األسود الدؤَل‪ -‬حتقيق عبد الكرمي الدجيلي‪ -‬شركة النشر واالطباعة العراقية ‪1954‬ـ إليو ‪ ،‬نقبل عن خزانة‬
‫األدب للبغدادي (‪ )618-617/3‬و لكن ادلشهور أف البيت أليب األسود الدؤَل‪.‬‬

‫(‪)185/1‬‬

‫ص‪186:‬‬
‫قاؿ أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد ‪ :‬إف أِب األسود إظلا قصد ِبإلنكار اجمليء ِبا هني عنو ادلرء وإنو يتضاعف قبحو منو مع هنيو عنو‬
‫س ُك ْم‪)1(.‬‬
‫نس ْو َف أَن ُف َ‬ ‫َّاس ِِبلِ ِّ‬
‫ْرب َوتَ َ‬ ‫فقد أحسن كما قاؿ هللا تعاىل‪ :‬أ َََتْ ُم ُرو َف الن َ‬
‫وال يظن ِبيب األسود إال ىذا‪ .‬وأما أف يكوف هنى عن النهي عن اخللق ادلذموـ فنحن نعيذه ِبهلل من ىذا فهو‬
‫فعل من ال خْي فيو‪.‬‬
‫وقد صح عن احلسن أنو مسع إنساَنً يقوؿ‪ :‬ال غلب أف ينهى عن الشر إال من ال يفعلو‪.‬‬
‫فقاؿ احلسن‪:‬ود إبليس لو ظفر منا ِبذه حَّت ال ينهى أحد عن منكر وال َيمر ِبعروؼ‪.‬‬
‫وقاؿ أَبُػ ْو ُزلَ َّم ٍد ‪ :‬صدؽ احلسن وىو قولنا آنفاً‪.‬‬
‫جعلنا هللا شلن يوفق لفعل اخلْي والعمل بو وشلن يبصر رشد نفسو فما أحد إال لو عيوب إذا نظرىا شغلتو عن‬
‫غْيه وتوفاَن على سنة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص آمْي رب العادلْي‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ . )1‬البقرة‪44:‬‬

‫(‪)186/1‬‬

‫ص‪187:‬‬
‫مت الكتاب واحلمد هلل تعاىل وحده وصبلتو و سبلمو على أفضل خلقو سيدَن دمحم و على آلو و صحبو و عرتتو‬
‫الطاىرين أبداً إىل يوـ الدين‪.‬‬
‫آمْي‪.‬‬

‫(‪)187/1‬‬

You might also like