Professional Documents
Culture Documents
AAFU - Volume 42 - Issue إبریل - یونیه - Pages 81-137
AAFU - Volume 42 - Issue إبریل - یونیه - Pages 81-137
14
)4102 يونيه- (إبريل24 المجلد- حوليات آداب عين شمس
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
مقدمة:
أنتجتتت اآلداب الستتلطانٌّة فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة فتتً العصتتر الوستتٌط
متو ًنا ضتخمة متن التتفلٌؾ فتً مصتنفات عتدة تنوعتت بتٌن األدبتًّ النثتريّ والشتعريّ
والفقهتتًّ الشتترعًّ والسٌاستتًّ علتتى متتدا قتترون متطاولتتة امتتتدت منتتذ نهاٌتتة العصتتر
األمويّ إلتى قترون متتأخرة ،وفتً رقعتة جؽرافٌّتة مترامٌتة األطتراؾ شتملت المشترق
العربتتًّ والؽتترب اإلستتالمًّ .واآلداب الستتلطانٌّة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة هتتً فتتً األصتتل
نصتتائم موجهتتة متتن المثقفتتٌن الستتلطانٌٌن والفقهتتاء إلتتى الخلفتتاء والملتتوك والستتالطٌن
واألمتتراء ترستتخ حقهتتم اإللهتتًّ فتتً الحكتتم وف ًقتتا ( لنظرٌتتة ا ستتتخالؾ فتتً األرض
اإلسالمٌة( ،))1وترسم لهم استراتٌجٌات فاعلة للتعامتل متع الرعٌتة()2متع الحفتاظ علتى
التراتبٌات السٌاسّة وا جتماعٌّة بٌن الطرفٌن(الحتاكم والرعٌتة) فتً عتالم ستكونًّ قتار
ثابتتت ٌتؽٌتتر؛ فتتالتؽٌّر معنتتاه" تشتتوّ ف العتتالم وفستتاد األمتتور ،واختتتالط الطبقتتات،
وضٌاع المراتب واألقدار ،واألمور فً ذلتك كلّته تجتري علتى مثتال واحتد ٌنتهتً إلتى
األمتر الخطٌتتر الجستتٌم ،متتن مزاحمتة الملتتك علتتى ملكتته ،ومضتادته فٌتته"( )3كمتتا ٌقتتول
الفٌلسوؾ (بٌدبا) فً خطابته إلتى الملتك (دبشتلٌم) فتً بتاب (الناستك والضتٌؾ) ،وهتذا
هو الخطاب الظاهر لبعض مصنفات أدب (مراٌا األمراء اإلسالمٌة) فتً حتٌن ٌرستخ
خطابها الباطن المضمر خطابًا ناقضً ا للخطاب الظاهر.
حظتتً موضتتوع اآلداب الستتلطانٌّة بعناٌتتة عتتدد كبٌتتر متتن البتتاحثٌن والباحثتتات
العتترب والمستشتترقٌن والمستتتعربٌن نظتترً ا لمركزٌتتته فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة؛
وهً تلك األهمٌة والمركزٌة التً كان من نتاجهتا تلتك المتتون الضتخمة متن التتفلٌؾ.
وهنتتا تتتأتً أهمٌتتة المقاربتتات التأوٌلٌّتتة الثقافٌّتتة لموضتتوع اآلداب الستتلطانٌّة العربٌّتتة
اإلستتالمٌّة لتتبتتع هتتذا النتتوع الستترديّ الناشتتىء فتتً ستتٌاق األنستتاق الثقافٌّتتة المنتجتتة
والحاضنة له.
تسعى هذه الدراسة إلنجاز مقاربة تأوٌلٌّة ثقافٌّة سردٌة لكتاب "كلٌلتة ودِمنتة"
بن المقفع (المقتول سنة 024هـ) .ولقتد كتان اختٌارنتا لهتذا األنمتوذج السترديّ متأتًٌتا
من خطابه الرمزيّ التمثٌلًّ القائم على القت بلستان الحٌتوان لخلتق مجتازات تمثٌلٌتة
سردٌة وأقنعة رمزٌة ٌختبئ خلفها صتوت المؤلتؾ الستارد التذي ٌبتث رستائل سٌاستٌة
موجهة إلى الخلٌفة العبّاسً أبً جعفتر المنصتور(ت 051هتـ) .كمتا ٌعتد كتتاب "كلٌلتة
ودِمنة" النوع السرديّ المؤسس للحكاٌة التمثٌلٌّة الوعظٌّة(األلٌجورٌتة(Allegory ))4
فتتً األدب العربتتًّ القتتدٌم ،ممتتا ٌمثتتل الخطتتورة التتتً رستتخها هتتذا المؤلتتؾ الستتلطانًّ
لجعتتل اإلٌتتدٌولوجٌا الكستتروٌة الساستتانٌّة األستتاس التتذي ستتارت علتتى منوالتته اآلداب
السلطانٌّة العربٌّة التالٌة له.
ٌُعتتد كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" أول أثتتر ستترديّ مطتتوّ ل ظهتتر فتتً عصتتر التتتدوٌن
الكتابًّ فً الثقافة العربٌّة اإلسالمٌّة؛ و سٌّما أنه لم ٌكتن مجترد نقتل وترجمتة حرفٌتة
قام بها ابتن المقفتع ؛ فقتد أضتاؾ إلٌته إبداعته الكتتابًّ وبخاصتة تصتدٌر الكتتاب وبتاب
18
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
()5
(ستتٌرة الطبٌتتب الفارستتً برزوٌتته بتتن البختكتتان) وبتتاب(الفح عتتن أمتتر دِمنتتة) .
والتتدلٌل علتتى تتتأثٌر هتتذا النتتوع الستترديّ الجدٌتتد فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة إنتاجتته
معارضتتات شتتعرٌة ونثرٌة(ستتردٌة) ستتارت علتتى منوالتته( .)6و ٌعنتتً هتتذا الكتتالم أن
تت هتذه اآلداب "كلٌلة ودِمنة" هً النوع المؤسس لتدداب الستلطانٌّة العربٌّتة؛ فقتد أُسِ َس ْ
فتتً رستتائل ستتالم أبتتً العتتالء وعبدالحمٌتتد بتتن ٌحٌتتى الكاتتتب فتتً عهتتدي هشتتام بتتن
عبدالملك ومروان بن محمد أواختر العصتر األمتويّ _كمتا ستنبٌنم ممتا ٌفنتد اإلدعتاء
القائتتل بتتأن نشتتأة اآلداب الستتلطانٌّة العربٌّتتة كانتتت نشتتأة أجنبٌتتة خالصتتة (ٌونانٌتتة أو
فارسٌّة).
وبختتتتالؾ المصتتتتنفات الفقه ٌّتتتتة للسٌاستتتتة الشتتتترعٌّة "كاألحكتتتتام الستتتتلطانٌّة"
للمتتاوردي (ت251هتتـ ) و"السٌاستتة الشتترعٌّة" بتتن تٌمٌتتة(ت 841هتتـ) التتتً ترستتخ
الحتتق اإللهتتًّ للخلٌفتتة أو الستتلطان فتتً الحكتتم المستتتندة إلتتى نظرٌتتة (ا ستتتخالؾ فتتً
األرض اإلسالمٌّة) فتنن هتذا المؤلتؾ الرمتزي السترديّ التمثٌلتًّ المختاركتتاب" كلٌلتة
كبٌتر متن الخطتورة واألهمٌتة ٍ ودِمنة" ٌحوي فً باطنه أنسا ًقا ثقافٌّة باطنة على جانت ٍ
ب
فً سعٌه لتحقٌق تحالؾ أبدي بٌن المثقؾ(العقل) والسلطان(القوة) فً مشتروع ٌرستخ
التراتبٌتتات الطبق ٌّتتة والسٌاس ت ٌّة فتتً ستتٌاق اإلٌتتدٌولوجٌا الكستتروٌة الساستتانًّ ّ َ ة فتتً
حتتٌن ٌشتتتمل نستتقه البتتاطن علتتى تفكٌتتك لتلتتك المراتبٌتتات الستتلطانٌّة فتتً احتفائتته بدولتتة
(العقل) ونقضه لدولة (القوة).
لتن تهمتل المقاربتة التأوٌلٌّتة تفكٌتك األنستاق الثقافٌّتة الحاكمتة للنتوع السترديّ
التتذي اخترنتتاه؛ أي الحكاٌتتة التمثٌل ٌّتتة الوعظ ٌّتتة (األلٌجورٌتتة) ممثلتتة فتتً كتتتاب "كلٌلتتة
ودِمنتتتة"؛ فتتتاآلداب الستتتلطانٌّة ظهتتترت فتتتً الدولتتتة العرب ٌّتتتة اإلستتتالمٌّة بفعتتتل التحتتتوّ ل
السٌاسًّ الحادث فً انتقال الخالفة إلى مؤسسة المُلك وبفعل التأثر بتاآلداب الستلطانٌّة
الساستتانٌّة والٌونانٌة(الهٌلنستتتٌّة) إلتتى جانتتب الصتتبؽة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة لتلتتك اآلداب.
كمتتا أن َ َ موقتتع المثقتتؾ الستتتلطانًّ أو كاتتتب التتدٌوان تتتتأثر أٌضً تتا بهتتذه التحتتتو ت
الجارٌة فً العصر العباّسًّ ،وتذبذبت مكانته بتٌن ا رتقتاء وا نخفتاض لٌصتبم عتٌن
السلطان وٌده التً تتبطف متن ختالل منصتب التوزارة وبتٌن اإلقصتاء والتؽٌٌب(القتتل
والمصادرة).
تنتتتظم هتتذه الدراستتة فتتً محتتورٌن رئٌستتٌٌن؛ المحتتور األول محتتور تأسٌستتًّ
ٌتتؤرخ ألولٌتتات الكتابتتة الستتلطانٌّة فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة متمثلتتة فتتً أصتتولها
العربٌّة األولى مثل (رسالة إلى الكتاب) لعبدالحمٌد بن ٌحٌتى الكاتتب( 084هتـ ) التتً
أنشأها فً نهاٌات العصر األمويّ وعهد مروان بن محمد بنته عبٌتد ،ولتً عهتده،
ثم ظهور "مراٌا األمراء" ممثلة فً تفسٌر ابن المقفتع لكتاب"كلٌلتة ودِمنتة" .والمحتور
الثانً ٌتضمن مقاربة تأوٌلٌّة ثقافٌّة لكتاب "كلٌلتة ودِمنتة" متن ختالل تفكٌتك الخطتاب
الستترديّ الستتلطانًّ متتن جدلٌتتة القتتوة والعقتتل وللٌاتهمتتا الستتردٌة مثتتل الحِجتتاج الستترديّ
والحٌلة فً مدونة الدرس.
12
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
عتزام لكتاب"كلٌلتة ودِمنتة"وقد اعتمتدنا فتً هتذه الدراستة تحقٌتق عبتدالوهاب ّ
لكون الكتاب المح ّقق ٌعود إلى أقدم نسخة مخطوطة من كتاب "كلٌلة ودمنة" مؤرختة
بتتالقرن الستتابع الهجتتري(801هتتـ) .وقتتد عثتتر علٌهتتا المحقتتق فتتً مكتبتتة أٌتتا صتتوفٌا
بأستتتطنبول ،وهتتتً نستتتخة كمتتتا ٌقتتتول " أقتتتدم متتتن كتتتل المخطوطتتتات التتتتً وصتتتفها
المستشتترقون ،وأقتتدم متتن نستتخة شتتٌخو المكتوبتتة ستتنة 887هتتـ"( .)7واإلشتتارة الوحٌتتدة
التً عدنا فٌها إلى تحقٌق األب لوٌس شٌخو هً حتدٌثنا عتن "بتاب الناستك والضتٌؾ"
كمتتا استتتفدنا متتن تحقٌتتق فتتوزي عطتتوي لبٌتتان الحكاٌتتة اإلطارٌتتة (قصتتة الملتتك دبشتتلٌم
والفٌلسوؾ بٌدبا) ،التً لم ترد فً نسخة عبدالوهّاب ّ
عزام.
الثقافي
ّ -مقاربات عرب ّية البن المقفع في سياق التاريخ
للناقتد و المحقتتق إحستتان عبّتاس فضتتل كبٌتتر فتتً تدشتٌن ا شتتتؽال النقتتديّ فتتً
مجتتال اآلداب الستتلطانٌّة وذلتتك فتتً أكثتتر متتن كتتتاب مثتتل تحقٌقتته لعهتتد أردشتتٌر بتتن
بابتتك0788،م وكتتتاب"مالمم ٌونانٌّتتة فتتً األدب العربتتًّ "0788 ،م و"ابتتن رضتتوان
وكتابته فتتً السٌاستتة"0710،م ،و"عبدالحمٌتتد بتتن ٌحٌتتى الكاتتتب ومتتا تبقتتى متتن رستتائله
ورسائل سالم أبً العالء"0711 ،م .لقد اجتهد إحسان عبّاس فتً استقصتائه التتارٌخًّ
جتدا فتً عالقتة األدب بالسٌاستة بترزت منتذ العصتر الدقٌق للبحث فً مناطق إشكالٌة ً
األمتتويّ ،كمتتا أنتته اجتهتتد فتتً بٌتتان طبٌعتتة المتتؤثرات اإلؼرٌق ٌّتتة (الٌونان ٌّتتة) والفارستٌّة
الساسانٌّة فً اآلداب السلطانٌّة العربٌّة مخال ًفا بذلك بعض المستشترقٌن التذٌن اعتمتدوا
المؤثر الفارسًّ الساسانًّ وحده .وعبّاس لم ٌقتصر علتى اآلداب الستلطانٌة المشترقٌة
وإنما تخطاها إلى اآلداب الستلطانٌة فتً الؽترب اإلستالمًّ فتً تناولته لكتتاب" الشتهب
الالمعة فً السٌاستة النافعتة" بتن رضتوان األندلستًّ (ت 818هتـ) .وفتً هتذا الستٌاق
نفستته تتتأتً مقاربتتات وداد القاضتتً التتتً ركتتزت علتتى الفكتتر السٌاستتًّ فتتً الؽتترب
اإلسالمًّ من زاوٌة التارٌخ الثقافًّ ،وذلك فتً تناولهتا ل"جوانتب متن الفكتر السٌاستًّ
للسان التدٌن بتن الخطٌتب" وكتذلك فتً تناولهتا "للنظرٌتة السٌاستٌّة للستلطان أبتً حمتو
الزٌانًّ الثانًّ ".
ومتتتن المقاربتتتات التتتتً اهتمتتتت بقضتتتٌة تشتتتكالت اآلداب الستتتلطانٌّة العرب ٌّتتتة
دراستتة"الكاتب والستتلطان ،دراستتة فتتً ظهتتور كاتتتب التتدٌوان فتتً الدولتتة اإلستتالمٌّة"
للباحتتث اإلستتالمًّ رضتتوان الستتٌد وذلتتك ضتتمن كتابه"الجماعتتة والمجتمتتع والدولتتة،
سلطة اإلٌدٌولوجٌا فً المجال السٌاسًّ العربًّ " .وتنتدرج مقاربتة رضتوان الستٌد فتً
إطار متا أطلتق علٌته"التارٌخ الثقتافًّ " العربتًّ اإلستالمًّ التذي بتدأ كمتا ٌحتدده بالجٌتل
الثالث من كتاب التارٌخ العربًّ اإلسالمًّ ممثالً فً(عبد العروي ،وإحستان عبّتاس
وهشتتام جعتتٌط ومحمتتد عابتتد الجتتابري وعلتتً أوملٌتتل) .ومتتن المفتتاهٌم المفتتاتٌم التتتً
وظفها السٌد فً مقاربته الوحدة والجماعة واألمتة والستلطة .ومقاربتته لكاتتب التدٌوان ّ
هتتً مقاربتتة تفكٌكٌّتتة ثقافٌتتة بنٌوٌتتة لظهتتور هتتذا الكاتتتب فتتً دولتتة الخالفتتة العربٌّتتة
اإلسالمٌّة ممثالً بسالم أبً العالء وعبدالحمٌد بن ٌحٌتى الكاتتب اللتذٌن ٌمتثالن مرحلتة
"تكوٌنٌة" فً مجتال نشتأة كاتتب التدٌوان فتً الدولتة اإلستالمٌّة ثتم ظهتور "أدب مراٌتا
األمراء اإلسالمٌّة" مع كتاب"كلٌلتة ودمنتة" بتن المقفتع و"النمتر والثعلتب" لستهل بتن
هارون واألسد والؽوّ ا " لكاتب مجهول من القرن الخامس للهجترة ،وانتهتاء كاتتب
التتتدٌوان اإلستتتالمًّ إلتتتى أنمتتتوذج كاتتتتب التتتتدبٌر الساستتتانًّ بعتتتد ظهتتتور فئتتتة"أرباب
الستتٌوؾ" وفئتتة "أربتتاب القلتتم" فتتً عصتتر الستتالجقة ،وانكستتار مشتتارٌع الشتتراكة بتتٌن
18
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
المثقتؾ ودولتة القتتوة منتذ العصتر العبّاستتً األول .ومتا ٌمٌتز مقاربتتات رضتوان الستتٌد
أنهتتتا عُضتتتدت بتحقٌقاتتتته فتتتً هتتتذا المجتتتال ،ومثتتتال علتتتى ذلتتتك تحقٌقتتته لكتاب"األستتتد
والؽوّ ا ".
ْ ُ
تشتتتؽل مقاربتتة مهنتتد مبٌضتتٌن فتتً "أنتتس الطاعتتة ،السٌاستتة والستتلطة فتتً
اإلستتالم" الصتتادرة عتتام 4104م علتتى مستتألة الستتلطة السٌاستتٌة فتتً اإلستتالم .وقتتد
تث ّ ل استتتقراء الخبتتر التتتارٌخً(خبر ستتقٌفة بنتتً ستتاعدة) الحتتدث السٌاستتًّ األكبتتر مت ّ
المحرك لتفاعالت اإلسالم السٌاسًّ وإشكالٌاته فً العصتور التالٌتة ،وبخاصتة العالقتة
الشائكة الرابطة بٌن المثقؾ والسلطان فً الوعً الثقافًّ العربًّ الباكر .وكان وقتوؾ
الكاتب فً الفصل األخٌر من الكتاب عند كاتبٌن هما عبدالحمٌد الكاتب وابن المقفع.
11
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
فتتً دراستتته"رموز التتوعً السٌاستتًّ فتتً كلٌلتتة ودمنتتة" ،وقتتد أراد الناقتتد فتتً مقاربتتته
التحلٌلٌة الرمزٌة األسطورٌة الكشؾ عن جتذور التوعً اإلنستانًّ المتحكمتة بأوالٌتات
وجتتدلٌات الصتتراع بتتٌن القتتوا التتتً تتنتتازع البقتتاء كمتتا تتنتتازع الستتلطة ذاتهتتا .وتقتتوم
مقاربتتته علتتى تحلٌتتل مقتتارن لبٌتتان خطتتابٌن فتتً الكتتتاب همتتا الخطتتاب األستتطوريّ
والخطاب السٌاسًّ .ونحن نتحفظ على جعل الناقد كتاب"كلٌلتة ودمنتة" ذي مرجعٌتات
أسطورٌة ؛ فالكتاب ٌأتً فً سٌاق الحكاٌة الرمزٌة (األلٌجورٌة).
تتتتأتً مقاربتتتة الناقتتتد ستتتامً ستتتوٌدان التأوٌلٌتتتة لكتتتتاب "كلٌلتتتة ودِمنتتتة" فتتتً
دراستتته" الحتتسّ العقلتتًّ فتتً التتن الخرافتتًّ ،إصتتالحٌة المثقتتؾ الحكتتٌم فتتً مواجهتتة
السلطة المستبدة دراسة ن قصصًّ فً كلٌلة ودمنة" من كتابه"فً د لٌة القصت
وشعرٌة السرد"0770،م .وقد انطلق سوٌدان متن منهجٌتة تأوٌلٌّتة تستعى إلتى تحقٌتق
علتتم د لتتة عربتتًّ ٌتتزاوج المتتوروث النقتتديّ والبالؼتتً العربتتًّ بمعطٌتتات المنهجٌتتات
الحدٌثة اإلنسانٌّة وبخاصة علم النفس التحلٌلًّ وعلتم اإلناستة (األنثروبولوجٌتا) وعلتم
ا جتماع(السوسٌولوجٌا)(.)11
-اآلداب السللللطان ّية :المصلللطلي وأوليلللات النشلللأ فلللي الثقافلللة العرب ّيلللة
اإلسالم ّية:
تعتتددت تستتمٌات (اآلداب الستتلطانٌّة) عنتتد البتتاحثٌن متتن عتترب ومستشتترقٌن
ومستعربٌن من قبٌل"الكتابة الدٌوانٌّة ،نصائم الملتوك ،كتابتة التتدبٌر السٌاستًّ ،مراٌتا
األمراء ،األدب السٌاسًّ وؼٌرها"(.)28
إن تستمٌة (مراٌتا األمتراء) أو The Mirrors of Princesتستمٌة نجتدها
تتتتردد فتتً القتتراءة ا ستشتتراقٌّة لهتتذا النتتوع متتن األدب ،وهتتً قتتراءة متتتأثرة بمراٌتتا
األمتتراء الٌونانٌّتتة والفارستتٌّة .فقتتد صتتنفت لن مبتتتون A.K.S Lambtonالفكتتر
السٌاسً اإلسالمً إلى ثالث صتٌػ رئٌستٌة هتً صتٌؽة الفقهتاء المستتمدة متن القترلن
الكتترٌم وستتنة الرستتول والتفستتٌر ،والصتتٌؽة الثانٌتتة للحكتتم هتتً التتتً وضتتعها رجتتال
اإلدارة وأصتتتحاب كتتتتب المتتتواعظ والتوجٌهتتتات للحكتتتام والتتتو ة ،والتتتتً تقابتتتل فتتتً
التوالٌتتؾ الؽرب ٌّتتة فتتً هتتذا البتتاب المؤلفتتات التتتً ُتعتترؾ باستتم (مراٌتتا األمتتراء) The
.Mirrors of Princesوهذه الصٌؽة تؤكتد الحتق اإللهتًّ للملتوك فتً الحكتم ،وتهتتم
بالناحٌة ال عملٌة فٌه أكثر مما تهتم بجانبه النظري .وهً تحاول إلى حتد متا أن تمتزج
قواعد الحكتم اإلستالمًّ بتقالٌتد الفترس الساستانٌّة فتً الملتك .أمّتا قاعتدتها فهتً تحقٌتق
العدالتتة أكثتتر متتن ا لتتتزام بالتتدٌن القتتوٌم .والصتتٌؽة الثالثتتة هتتً الصتتٌػ التتتً وضتتعها
الفالستتفة المستتلمون ،وهتتً صتتٌؽة تتتدٌن بتتالكثٌر للفلستتفة الٌونان ٌّتتة وتوحتتد بتتٌن اإلمتتام
والملتتتتتتك الفٌلستتتتتتوؾ( .)29و هتتتتتتذه التستتتتتتمٌة تحٌتتتتتتل علتتتتتتى األدبٌتتتتتتات السٌاستتتتتتٌّة
اإلؼرٌقٌة(الهلٌنٌستتتتتٌة) والفارستتتتٌّة التتتتتً استتتتتوعبتها وهضتتتتمتها اآلداب السٌاستتتتٌّة
78
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
الستتلطا ّنٌة العربٌتتة متتع النظتتر إلتتى الخصوصتتٌة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة التتتً م ٌّتتزت ذلتتك
النتتتاج السٌاستتًّ الستتلطانًّ الضتتخم المنتتتج فتتً محتتٌط الثقافتتة أو الحضتتارة العربٌّتتة
اإلسالمٌّة على مدا قترون طوٌلتة متعاقبتة متن المشترق إلتى الؽترب اإلستالمًّ .إن َ
(مراٌتتا األمتتراء العرب ٌّتتة اإلستتالمًّ ّ ة) كانتتت تتوستتل بفلٌتتات الترمٌتتز لبٌتتان األوجتته
المتعددة الممكنة من تأوٌل حكاٌات رمزٌتة"تكتب علتى لستان الحٌتوان ،وتترتبط بتأدب
()30
النصائم والحٌل".
ٌحٌتل مصتتطلم (الكتابتة الدٌوان ٌّتتة) و(كاتتب التتدٌوان) أو (كاتتب التتتدبٌر) عنتتد
بعض الباحثٌن العرب إلى إنشاء الدواوٌن فً العصر األمتويّ بعتد تعرٌبهتا فتً عهتد
الخلٌفة األموي عبدالملك بتن متروان(ت18هتـ) .وقتد تحت ّددت وظٌفتة الكاتتب التدٌوانً
متتع بتتروز ستتالم أبتتً العتتالء وعبدالحمٌتتد بتتن ٌحٌتتى الكاتتتب(084هتتـ )( .)31وذلتتك فتتً
النصؾ الثانً من العصر األموي فً عهتدي الخلٌفتتٌن األمتوٌٌن هشتام بتن عبتدالملك
ومروان بن محمد .لقد كانت مهمة الكاتب الدٌوانًّ " تحرٌر كل متا ٌحتاجته الستلطان،
وما ٌقتضٌه وٌتطلبه التدبٌر السٌاسًّ الٌتومً .ومتن المعتروؾ تارٌخًٌتا أن هتذا التقلٌتد
()32
لم تعرفه السلطة فً اإلسالم إ فً النصؾ الثانً من العصر األمويّ ".
أمّا تسمٌة (نصائم الملتوك) فقتد ظهترت بستبب تصتنٌؾ مصتنفات كثٌترة فتً
التراث السٌاسًّ العربًّ اإلسالمًّ حملتت هتذا ا ستم مثتل "التتاج فتً أختالق الملتوك"
للثعلبً( من علماء القرن الثالث للهجرة ) و"نصتٌحة الملتوك" للمتاورديّ ( ت251هتـ)
و"التتذهب المستتبوك فتتً وعتتظ الملتتوك" للحُمٌتتدي (ت211هتتـ)،و"التبر المستتبوك فتتً
نصتتتٌحة الملتتتوك" للؽزالتتتً( ت515هتتتـ) ،و"المتتتنهج المستتتلوك فتتتً سٌاستتتة الملتتتوك"
للشتتتٌزري( ت571هتتتـ) .و"الشتتتفاء فتتتً متتتواعظ الملتتتوك والخلفتتتاء" بتتتن الجتتتوزي
(ت578هـ ) وؼٌرها.
إن مصطلم( اآلداب السلطانٌة) مصطلم شامل دال على تنوع هذا النوع متن
الكتابتتة السٌاسٌّة(النصتتحٌّة الستتلطانٌّة) العربٌّتتة اإلستتالمٌّة التتتً ظهتترت منتتذ أواختتر
العصر األمويّ ،وازدهرت ازدهارً ا كبٌرً ا فً العصر العبّاسً وما تاله متن عصتور؛
" فكتابة اآلداب السلطانٌّة تحولت إلتى تجربتة فتً الثقافتة السٌاستٌّة اإلستالمٌّة تتجتاوز
اإلطار الدٌوانًّ ذا المهام والوظائؾ المرسومة سل ًفا أي كاتب الدٌوان وكاتب التتدبٌر،
لتقدم تجتارب فتً الممارستة السٌاستٌة"( .)33كمتا "أن كثٌترً ا متن نصتو هتذه اآلداب
أنجزهتتتا مؤرختتتون وقضتتتاة وفقهتتتاء وفالستتتفة ،كمتتتا أنجتتتز بعضتتتها األدبتتتاء والملتتتوك
والوزراء ورجال الدولة"(.)34
سنستتتتتتخدم مصطلم(الستتتتتردٌات الستتتتتلطانٌة العربٌتتتتتة) ،ونعنتتتتتً بتتتتته اآلداب
الستتلطانٌّة التتتً أُنتجتتت فتتً ستتٌاقات الحضتتارة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة وتم ٌّتتزت بطبٌعتهتتا
التمثٌلٌّة األلٌجورٌة (الرمزٌة) على ألسنة الحٌوان؛ وهً ستردٌات تعتالق فٌهتا األدبتًّ
بالثقتتافًّ والسٌاستتًّ ،وهتتو حتتال النصتتو العرب ٌّتتة الصتتادرة عتتن المحضتتن الثقتتافً
العربً اإلسالمً.
72
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
-عبدالحميللد بللن يحيللت الكاتللب وأوليللات الكتابللة السلللطانية فللي الثقافللة
العربيلللة اإلسالمية(رسلللالتل للللت الكتلللاب) و(عإلللد ملللروان للللت ابنلللل
عبيدهللا):
أنشأ عبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتب(ت 084هـ) بكتابتته عهتد متروان بتن محمتد
إلى ابنته عبٌتد وبرستالته إلتى جماعتة الكتتاب دستتورً ا أولًٌتا مؤسسً تا للكتابتة العربٌّتة
الستتلطانٌّة أو متتا تعتتارؾ علٌتته البتتاحثون بتستتمٌة(اآلداب الستتلطانٌّة)فً الثقافتتة العرب ٌّتتة
اإلستتالمٌّة .كمتتا رستتخت كتابتتته الدٌوان ٌّتتة األستتاس األول لهتتذه الكتابتتة الستتلطانٌّة التتتً
ستحول الكاتب فً العصر العبّاسً لدا المثقفٌن ُاألول مثتل أبتً ستلمة الخالّل(وزٌتر
لل محمد)( )35وابن المقفع وٌعقوب بن داود وسهل بن هتارون إلتى كاتتب دٌتوانًّ ٌعتد
نفسه شرٌ ًكا فتً مشتروع البنٌتة السٌاستٌّة التكوٌنٌّتة الناشتئة لمؤسستة الستلطة العبّاستٌة
فً القرنٌن الثانً والثالث للهجرة .ولكن بسبب التصادم الحادث بٌن المثقتؾ والستلطة
العبّاس تٌّة لتتم ٌُستتمم لهتتذه الشتتراكة السٌاس تٌّة أن تقتتوم أص تالً( )36فتتً العصتتر العبّاستتً
األول ،وانتهتتى الحتتال بكثٌتتر متتن الكتتتاب إلتتى القتتتل ألستتباب سٌاستتٌة خصوصً تتا متتع
الكتاب التوزراء متن أمثتال ابتن الزٌتاّت وابتن مقلتة وستواهما ومتن نجتا متنهم فقتد لثتر
السالمة ووظؾ التقٌة السٌاسٌّة كما فعل سهل بن هارون( )37على سبٌل المثال؛ وهتذا
ٌعنتتً تنبتته مؤسستتة الحكتتم العبّاستتٌة ومراقبتهتتا لهتتؤ ء الكتتتاب التتذٌن كتتان جلّهتتم متتن
الفرس .فتً حتٌن لتم ٌستجل التتارٌخ المتدون أي قتل(اؼتٌتال) لكاتتب دٌتوانً فتً عهتد
الدولة األموٌة( .)38والسبب فً ذلك عائد إلتى أن الكاتتب التدٌوانًّ فتً النصتؾ الثتانً
من الدولة األموٌتة مثتل ستالم أبتً العتالء وعبدالحمٌتد بتن ٌحٌتى الكاتتب لتم ٌكتن ٌمثتل
تهدٌدا للدولة؛ فقتد تمتاهى متع خطتاب الستلطة الحاكمتة فكتان "موقتع أستماع" الملتوك ً
التً بها تسمع ،و"أبصارها" التً بها تبصر و"ألسنتها" التً بها تنطق و"أٌدٌها" التتً
بهتتتا تتتتبطف .أي أن هتتتؤ ء الكتتتتاب التتتدٌوانٌٌن اضتتتطلعوا بكتابتتتة وظٌفٌتتتة تنظٌرٌتتتة
لصمبراطورٌة اإلسالمٌّة الصاعدة لنذاك ،ولتم ٌتجتاوزوا مرتبتة (الختدٌم) ،وفتق تعبٌتر
عبدالحمٌد بتن ٌحٌتى الكاتتب ،فتً حتٌن أنّ طمتوح بعتض الكتتاب فتً أوائتل عهتد بنتً
العبّتتاس للشتتراكة متتع الستتلطة السٌاستتٌّة وتوجٌتته مؤسستتة الخالفتتة العباّستتٌة الناشتتئة
وتحتتدٌها أحٌا ًنتتا كتتان ستتببًا لمقتتتلهم ،وٌمثتتل ابتتن المقفتتع أنموذجً تتا ممتتثالً لهتتذه الفئتتة متتن
الكتاب الدٌوانٌٌن.
لقتتد صتتار أقصتتى طمتتوح الكاتتتب التتدٌوانً العبّاستتً بعتتد هتتذه ا نكستتارات
الكبرا اقتداء أنموذج كاتتب التتدبٌر الساستانًّ ،وذلتك بتحوٌتل (الكتابتة الدٌوانٌّتة) إلتى
"صتتتتناعة" احتراف ٌّتتتتة ٌخضتتتتع فٌهتتتتا الكاتتتتتب وجستتتتده إلتتتتى عالقتتتتة تبعٌتتتتة للخلٌفتتتتة
العبّاستتً(".)39وصتتارت الوزراة"رئاستتة اإلدارة" أستتمى متتا ٌطمتتم إلٌتته الكاتتتب ،التتذي
راح ٌعتتزي جانتتب بتتالمثقؾ فٌتته بالحكاٌتتات علتتى ألستتنة الحٌوانتتات ،ومراٌتتا األمتتراء،
ونصائم الملوك ،التتً تصتوره باعتباره"عقتل الستلطة" البتاطن فتً حتٌن أن الستلطان
()40
هو "جسد السلطة" الظاهر!"
75
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
كانت كتابة عبدالحمٌد الكاتب الدٌوانٌّة إرثا ستلطانٌاً" تخلّتق طتوال عقتود متن
الزمن ،وبخاصة مع حدث (تعرٌب الدواوٌن) فتً عهتد الخلٌفتة األمتوي عبتدالملك بتن
مروان(ت 18هـ ) .وقدع ُِر َفت أسماء بعض الكتاب الذٌن تأثرت بهم كتابة عبدالحمٌد
وخ َتنتتته(أي والتتتد زوجتتتته أو أخاهتتتا) ستتتالم بتتتن
الكاتتتتب ،وفتتتً مقتتتدمتهم ٌتتتأتً أستتتتاذه َ
عبتتدالرحمن أبتتً العتتالء التتذي تتتولى دٌتتوان الرستتائل أٌتتام الخلٌفتتة األمتتوي هشتتام بتتن
عبتتدالملك(ت 045هتتـ ) ،واستتتمر إلتتى عهتتد الولٌتتد بتتن ٌزٌتتد( ()41ت 048هتتـ)".وقد
ؾ سالم بالفصاحة ،كما ٌُعزا إلٌه نقل رسائل أرسطاطالٌس لصستكندر إلتى اللؽتة وُ صِ َ
()42 َ ُ
العربٌّتة ،أو أنهتا ن ِقلتت لتته وقتام هتو بتنقتٌم التتن وإصتالحه " .وبتذلك ٌكتون ستتالم
المنتمً إلى طبقة الموالً والمنحدر من أصول فارستٌة متن أوائتل التذٌن ترجمتوا متن
اللسان الٌونانًّ ،وعت ّده إحستان عبّتاس متن أنصتار التقالٌتد اإلؼرٌقٌّتة فتً الكتابتة رؼتم
انتصار التقالٌد الفارس ٌّة فتً مجتال الكتابتة السٌاستٌّة العربٌتة بتدءًا متن النصتؾ الثتانً
من العصر األموي(.)43
تعود رٌادة كل من سالم أبً العتالء وعبدالحمٌتد بتن ٌحٌتى الكاتتب فتً مجتال
الكتابة الدٌوانٌّتة العربٌّتة إلتى تلتك النقلتة الكبٌترة التتً حتدثت فتً تتارٌخ النثتر العربتًّ
القدٌم المكتوب الذي أصبحت له سمة التأثٌر ا نفعالًّ فً المتلقٌن ،وهً ستمة انتقلتت
إلى الكتابة الدٌوانٌّة من الشعر والخطابة .وقد بدت هذه السمة فتً البتروز فتً رستائل
ستتالم أبتتً العتتالء وعبدالحمٌتتد الكاتتتب ابتتتدا ًء متتن عهتتد هشتتام بتتن عبتتدالملك .كمتتا كتتان
حدث"تعرٌب الدواوٌن" نقلة كبرا وتحو ً عمٌ ًقا أبرز أهمٌة اللؽة العربٌّة الفصتحى،
وفتتم أبتواب المنافستتة لتدا الكتتتاب التذٌن ٌنتمتون إلتتى طبقتة المتتوالً؛ أي إلتى أصتتول
ؼٌر عربٌة مثل سالم وؼٌالن الدمشقً وعبدالحمٌد الكاتب وابتن المقفتع وؼٌترهم(.)44
وهؤ ء جمٌعً ا ارتقتوا فتً كتتابتهم وخاصتة عبدالحمٌتد وابتن المقفتع إلتى العمتل بشتكل
اع علتتى إرستتاء تقالٌتتد كتابٌتتة ستتلطانٌّة فتتً الشتتكل والمضتتمون تستتتمد أصتتولها أو و ٍ
()45
نموذجها من مصادر إؼرٌقٌة وفارسٌة قدٌمة.
نستطٌع إؼفال المرجعٌات العربٌّة فتً هتذه اآلداب الستلطانٌّة المتخلقتة عنتد
عبدالحمٌتد الكاتتتب علتتى وجتته الخصتتو ؛ فقتد كانتتت خطتتب الفصتتحاء العتترب أساسً تتا
تكوٌنًٌا لبالؼته ،وإن كان الثعتالبًّ قتد قصتر إفادتته علتى خطتب علتً بتن أبتً طالتب
،كتترم وجهتته ،فعنتتدما ُس ت ِئ َل عبدالحمٌتتد الكاتتتب عتتن التتذي خرّجتته فتتً البالؼتتة ر ّد
قائالً حفظ كالم األصلع(ٌعنً علتًّ بتن أبتً طالتب)( ،)46ونترا أن هتذا القصتر لتٌس
منطقًٌا و ٌعدو هذا الخبر أن ٌكون منحو ً؛ فالبلؽاء العرب كتانوا ٌمتحتون متن معتٌن
البالؼة القرلنٌة والنبوٌة إلى جانب موروثهم األدبًّ ،وإلى جانب بالؼة علتًّ بتن أبتً
طالتتب كانتتت هنتتاك بالؼتتة الخلفتتاء الراشتتدٌن والخلفتتاء األمتتوٌٌن مثتتل معاوٌتتة بتتن أبتتً
سفٌان وعبدالملك بن مروان وقوادهم وعمالهم مثتل زٌتاد بتن أبٌته والحجّ تاج وستواهم،
وهً جمٌعها مؤثرات واضحة فً بالؼة عبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتتب .وٌتذكر إحستان
عبّاس أن المؤثر الثقافًّ الثانً الذي أثر فً كتابته هو سالم أبً العالء التذي تترجم أو
78
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
ت له رسائل أرسطاطالٌس المنحولة .كما أفاد من طرٌقة سالم فً الكتابة ،وهتذا ُتر ِج َم ْ
()47
أمر ٌتبٌن عند دراسة رسائله .
بتتدأت الكتابتتة الدٌوان ٌّتتة تتحتتول إلتتى (ثقافتتة ستتلطانٌّة) متتع األحتتداث التارٌخ ٌّتتة
السٌاسٌّة الكبرا التً مٌّزت نهاٌات العصتر األمتوي وبتداٌات التأستٌس إلمبراطورٌتة
إستتالمٌّة جدٌتتدة هتتً الدولتتة العبّاستتٌة التتتً كتتان ج ت ّل وزرائهتتا فتتً عهتتدها األول متتن
الفتترس ،وكثٌتتر متتنهم متتن فئتتة الكتتتاب الستتلطانٌٌن ممتتن ٌمتلكتتون الثقافتتة الستتلطانٌّة
السٌاسٌّة الكافٌتة التتً جعلتتهم ٌتبتوأون مراكتزهم العلٌتا فتً الدولتة ،وٌتأتً فتً مقدمتة
هؤ ء أسرة البرامكة الفارسٌّة .ونستطٌع القول إذن إن نشأة اآلداب السلطانٌّة العربٌّتة
ارتبطتتت بهٌمنتتة العنصتتر الفارستتًّ التتتً ابتتتدأت منتتذ نهاٌتتة الدولتتة األموٌتتة وبتترزت
بصورة جلٌة فً العصتر العباّستً األول(084م484هتـ) متع تتولٌهم مناصتب رفٌعتة
فً الدولة.
نتؤرخ لتتدداب الستلطانٌّة العرب ٌّتتة بظهتور كتابتتة عبدالحمٌتد بتتن ٌحٌتى الكاتتتب
ورسائله منذ عهد هشام بن عبتدالملك(ت 045هتـ ) وانتهتا ًء برستائله فتً عهتد متروان
بن محمد(ت 084هـ )لختر خلفتاء بنتً أمٌتة .وقتد أسّستت كتابتة عبدالحمٌتد هتذا النتوع
الناشئ من األدب العربًّ القتدٌم .وهتذا ٌعنتً أن تأستٌس الكتابتة الستلطانٌّة العربٌّتة لتم
ٌتأخر إلى أوائل حكم بنً العبّاس كما درج على ذلك بعض الباحثٌن ،وإنمّا ٌعتود هتذا
التأستٌس إلتى فتترة أبكتر متن ذلتك هتً نهاٌتات العصتر األمتويّ وبالتحدٌتد متع رستائل
عبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتب ،وأخ بالتذكر عهتد متروان بتن محمتد إلتى ابنته عبٌتد
ورسالة عبدالحمٌد الكاتب إلى جماعة الكتاب.
ظل عبدالحمٌد كاتبًا دٌوانًٌا لمدة تقارب سبعة وعشرٌن عامًا .وكان نتاج هتذا
العمل الرسمًّ "مائة كراسة" كما ٌقول الذهبًّ ؛( )48أي قرابة ألؾ ورقة .أي أن نتتاج
عبدالحمٌد فاق نتاج أستاذه أبتً العتالء التذي لتم تتزد رستائله علتى مائتة ورقتة .ورؼتم
هذا العدد ٌرجم إحسان عبّاس ضتٌاع رستائل عبدالحمٌتد األخترا بستبب عتدم حفظهتا
متتن قبتتل كتتتاب العصتتر العباّس تًّ التتذٌن اقتصتتروا علتتى بعتتض الرستتائل المهمتتة لهتتم
بوصفها نماذج كتابٌة ُتقتدا وأهملوا رسائله األخرا(.)49
كتتان عبدالحمٌتتد الكاتتتب مجتتا ً خصتتبا ً لتخلتتق مجموعتتة كبٌتترة متتن األخبتتار
والحكاٌتتتتات الستتتتردٌة التتتتتً هتتتتدفت إلتتتتى بٌتتتتان و ئتتتته المطلتتتتق لستتتتٌده متتتتروان بتتتتن
محمتتد(ت084هتتـ ) لختتر خلفتتاء بنتتً أمٌتتة .وقتتد اجتهتتدت الحكاٌتتة الستتردٌة األكثتتر
انتشتتارً ا فتتً بٌتتان وفتتاء عبدالحمٌتتد لستتٌده متتروان؛ ففتتً كتتتب األدب أن متتروان عنتتدما
انهزم ،واتجه هاربًا نحو مصر نصم لعبدالحمٌد با ستسالم للعبّاسٌٌن فٌنجو لحتاجتهم
إلتتى فنتته ومعلوماتتته ولكنتته أبتتى وفتتا ًء منتته لرئٌستته؛ إذ تجعتتل هتتذه الرواٌتتة متتروان بتتن
محمد عار ًفا بما فً كتب المالحم إذ ٌقول لعبدالحمٌد"إ ّنا نجد فً الكتتب أن هتذا األمتر
زائل عنا محالة ،وسٌضطر إلٌك هؤ ء القوم" فٌرد علٌه عبدالحمٌد وكٌؾ لً بتأن
ٌعلم الناس جمٌعً ا أن هذا عن رأٌتك ،وكلهتم ٌقتول إنتً ؼتدرت وصترت إلتى عتدوك،
78
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
وأنشد
الناس ظاهرُه
َ بعذر ٌوس ُع لً فمن ً
ة ؼدر ُ
ر ظه أُسِ رخ َوفا ًء ثم أ ُ
ٍ ِ
وأنشد أٌضً ا
عٌب فٌه لالئم ٍة وعُذري بال َمؽٌ ِ
ب َ فذنبً ظاه ٌر
فلما ستمع ذلتك متروان علتم أنته ٌفعتل .ثتم قتال عبدالحمٌتد التذي أمرتنتً بته
أنفع األمرٌن لك وأقبحهما بً ،ولك علًّ الصبر معتك إلتى أن ٌفتتم علٌتك أو أُقتتل
معك"( . )50وٌجتهد خبتر لختر فتً بٌتان و ء عبدالحمٌتد الكاتتب لستٌده إذ تقتول رواٌتة
ِب عبدالحمٌد بن ٌَحٌتى الكاتتب ،وكتان صتدٌ ًقا بتن ال ُم َقفتع ،ففاجأهمتا الجهشٌاريّ " ُ
طل َ
الطلتتب وهمتتا فتتً بٌتتٍ ،فقتتال التتذٌن دخلتتوا علٌهمتتا أٌكمتتا عبدالحمٌتتدا فقتتال كت خل واحتتد
منهما أنا؛ خو ًفا من أن ٌُنال صاحبه بمكروه .وخاؾ عبدالحمٌد أن ٌسترعوا إلتى ابتن
ال ُم َقفع ،فقال ترفقوا ،فنن فً عالمات ،ووكلوا بنا بعضكم ،وٌمضً بعضٌ ٌتذكر تلتك
العالمات لمن وجّ ه بكمَ ،ففُعِت َل ذلتك ،وأُخ َِتذ عبدالحمٌتد"( .)51وٌترا رضتوان الستٌد أن
ت عتن مقتتل عبدالحمٌتد الكاتتب متن اصتطناع كتتاب العصتر ُتردَ ْ
هذه الحكاٌات التتً س ِ
العبّاستتً لبٌتتان "و ء ا صتتطناع الجدٌتتد" التتذي ٌتتربطهم بالستتلطة"؛ فهتتم جتتز ٌء متتن
"البنٌتتة التنظٌم ٌّتتة" للستتلطة أو "لستتان" لهتتا ،ولٌستتوا متتوظفٌن عتتادٌٌن .علتتى أن هتتذا
ٌعنً أن سالمًا و عبدالحمٌد أو ابن المقفع لم ٌكن لهم"لٌٌن أخالقً" كتأفراد؛ فالصتورة
لٌست اصطناعً ا فً فراغ ،بل هً نمتوذج لمتا كتانوا ٌطلبتون متن أنفستهم ،ولمتا كتانوا
ٌرٌدون أن تتراه الستلطةمالتً ٌعملتون لهتامفٌهم"( .)52ونتفتق متع رضتوان الستٌد فتً
بٌانتتته لتتتو ء ا صتتتطناع الجدٌتتتد وصتتتورة الكاتتتتب الستتتلطانً التتتتً بتتترزت مالمحهتتتا
بوضوح فً العصر العبّاسً األول فً صعود عدد كبٌر من هؤ ء الكتتاب إلتى رتبتة
جدا فً ذلك العصر. الوزارة ،وهً رتبة خطٌرة ً
السلطاني:
ّ -دستور الكاتب
تعود رسالة عبدالحمٌد بن ٌحٌتى الكاتتب إلتى جماعتة الكتتاب إلتى عهتد هشتام
بن عبدالملك(ت 045هـ)؛ فقد سمحت فتترة حكتم هتذا الخلٌفتة األمتويّ الطوٌلتة بننشتاء
رسالة طوٌلتة ٌتمٌتز خطابهتا بالشتمول لكتتاب الدولتة األموٌتة جمتٌعهم فتً امتتداد تلتك
الدولة "اإلمبراطورٌة" من أقاصً الشرق إلى أقاصً الؽرب اإلستالمًّ ،فتً مستاحة
ً
خلٌطتتا متباٌ ًنتتا متتن األعتتراق واألجنتتاس لستتكان الفتوحتتات مترامٌتتة األطتتراؾ ضتتمت
العربٌّة اإلسالمٌّة .ولهذا توجّ ته عبدالحمٌتد برستالته إلتى جماعتة كتتاب الدولتة األموٌتة
ستتتٌعاب (األنمتتوذج) التتذي ٌجتتب أن ٌكتتون علٌتته الكاتتتب التتدٌوانًّ .ولتتم ٌستتمم عهتتد
متتروان بتتن محمتتد لختتر الخلفتتاء األمتتوٌٌن بننشتتاء رستتائل أختترا فتتً الموضتتوع نفستته
لكثرة الفتن والثورات والحروب التً اشتعلت فً عهد هذا الخلٌفتة ،ولتذلك كتان طتابع
الرسائل فً عهده ذي طبٌعتة عستكرٌة تحتمتل الطتول؛ فقتد كتان متروان بتن محمتد
ٌؤثر بالؼة اإلٌجاز .ولئن كان عهد مروان إلى ابنه عبٌد أطول رسالة أُنشِ تئت فتً
71
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
العصر األمويّ فقد كان السبب فً تطوٌلها ٌعود إلى طبٌعة الظترؾ السٌاستًّ الحترج
الذي مٌّتز نهاٌتة الدولتة األموٌتة ومتاجرا فتً تلتك النهاٌتات متن أحتداث دامٌتة شتائكة
جعلت التركٌز األكبر علتى الناحٌتة التنظٌمٌّتة العستكرٌة أو ً وأخٌترً ا( .)53ونتفتق متع
إحستان عبتاّس فتً تحدٌتده زمتن رستتالة عبدالحمٌتد إلتى جماعتة الكتتاب بعهتد الخلٌفتتة
هشام بن عبدالملك بن مروان؛ إذ لم تسمم أحوال الدولة األموٌة المضتطربة فتً عهتد
لخر الخلفاء األموٌٌن مروان بن محمد بهذا التطوٌل فً الرسائل.
إن َ رستتتالة بهتتتذه األهمٌتتتة تهتتتدؾ إلتتتتى إٌجتتتاد كاتتتتب التتتدٌوان النمتتتتوذجًّ
لصمبراطورٌة العربٌّة اإلسالم ٌّ ّة ٌمكن أن ُتصنؾ بوصفها (رسالة إخوانٌّة) ،ولتذلك
نتفق مع إحسان عباّس الذي ص ّنؾ هذه الرسالة بأنها (رسالة دٌوانٌة)؛ ذلتك أن حتدود
الكاتب التً ح ّدها عبدالحمٌد بأنه "خدٌم" وأن معشر الكتاب هم فً النهاٌة مهما بلؽتوا
ووصلوا إنمّتا هتم "ختدم ٌُحتملتون" ٌمكتن أن تكتون صتادرة إ عتن ستلطة الخلٌفتة
نفسه إلى أهل "صناعة الكتابة"؛ أي فئتة الكتتاب التدٌوانٌٌن الستلطانٌٌن المشتتؽلٌن فتً
دواوٌن الخالفة "فاألقرب إلى المعقول أن هذه الرستالة دٌوانٌتة؛ ألن عبدالحمٌتد مهمتا
بداع من نفسه ،أو حافز متن ؼٌرتته الذاتٌتة ٌكن مقامه فً الدولة ٌستطٌع أن ٌنشئها ٍ
ُ
على الطبقة التً ٌنتمً إلٌها ،ذلك أن هتذه الرستالة ستتقرأ فتً كتل قطترأو مدٌنتة علتى
الجماعة التً وجّ ه إلٌها الخطاب ،وفٌها ما ٌتجاوز النصائم "األخوٌتة" إلتى تحتذٌرات
ت فتتً صتتٌؽة نصتتائم ،والمتتراد بهتتا أن تكتتون موضتتعً ا للتطبٌتتق ،وهتتذا وأوامتتر وُ ضِ تتعً ْ
ٌعنً علتى المستتوا الرستمً أن اإلختالل بهتا ٌعترض المختل إلتى إخراجته متن "فئتة
الكتاب" .وذلك شًء ٌستطٌع عبدالحمٌد أن ٌطبقه بمبادرة ذاتٌة ،بل بد متن تتدخل
ت بشتتكل دقٌتتق الدولتتة وستتلطانها ،ومتتن هنتتا كانتتت الرستتالة دٌوانٌتتة ،ؼٌتتر أنهتتا وُ ضِ تتعً ْ
مرهتتؾٌ ،كشتتؾ عتتن تقتتدٌر لتلتتك الفئتتة ودورهتتا الخطٌتتر ،ولتتذلك تجتتاوزت مستتتوا
الرسالة الدٌوانٌّة إلى "عصبٌة ا نتماء" التً ٌمثلها عبدالحمٌد"(.)54
ٌقول عبدالحمٌد موجهًا خطابه إلى جماعة الكتاب"بكم ٌنتتظم الملتك ،وتستتقٌم
للملتتوك أمتتورهم ،وبتتتدبٌركم وسٌاستتتكم ٌصتتلم ستتلطانهم ،وٌجتمتتع فٌتتئهم ،وتعمتتر
بالدهتتمٌ ،حتتتاج إلتتٌكم الملتتك فتتً عظتتٌم ملكتته ،والتتوالً فتتً القتتدر الستتنً والتتدنً متتن
و ٌتتتهٌ ،ستتتؽنً عتتنكم متتنهم أحتتد ،و ٌوجتتد كتتاؾٍ إ متتنكم ،فمتتوقعكم متتنهم موقتتع
أستتماعهم التتتً بهتتا ٌستتمعون ،وأبصتتارهم التتتً بهتتا ٌبصتترون ،وألستتنتهم التتتً بهتتا
ٌنطقون ،وأٌدٌهم التً بها ٌبطشون"( .)55تحّ ول الكاتب الدٌوا ّنً فً رستالة عبدالحمٌتد
الكاتب إلتى أداة تنظٌمٌتة متن أدوات الستلطة السٌاستٌّة األموٌتة ٌتمتاهى متع مشتروعها
السٌاسًّ وٌؤمن به وٌدافع عنته؛ فهتذا العتالم الجدٌتد المتحتوّ ل الناشتئ تحتل فٌته بالؼتة
الترسل الدٌوانٌة التً تؤسس سلطة الدولة محل بالؼة الشعر والخطابة.
تناولتتت رستتالة عبدالحمٌتتد إلتتى "معشتتر أو جماعتتة الكتتتاب قستتمٌن رئٌستتٌٌن
هما بٌان أهمٌة هذه الصناعة السلطانٌة الناشئة فً مشتروع الدولتة الستلطويّ والقستم
اآلختتر ترستتٌخ األنمتتوذج التتذي ٌجتتب أن ٌكتتون علٌتته كاتتتب الدولتتة األنمتتوذجً خل ًقتتا
77
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
وثقافتتة .وأمّتتا فٌمتتا ٌختت مكانتتة هتتؤ ء الكتتتاب فتتً الدولتتة فهتتم ٌمثلتتون للخلٌفتتة أو
السلطان أو الملك حواسه األربعة؛ السمع والبصر واللسان والٌد" ،وتلك مكانتة رفٌعتة
ألن تعطتتتتل أٌتتتتة حاستتتتة متتتتن هتتتتذه الحتتتتواس ٌعطتتتتل "فعالٌتتتتة" ضتتتترورٌة للدولتتتتة أو
السلطان"(.)56
وفً بٌان طبٌعة العالقة النموذجٌة المفترضة بٌن الكاتب وصاحبه الخلٌفة أو
السلطان ٌستحضر عبدالحمٌد صورة "سائس البهٌمة" فهتو" إن كتان حاذ ًقتا بسٌاستتها
التمس معرفة أخالقها ،فنن كانت رموحا ً اتقاها من قبل رجلها ،وإن كانتت جموحً تا لتم
ٌهجها إذا ركبها ،وإذا كانت شموسً ا توقاها من ناحٌة ٌتدها ،وإن ختاؾ منهتا عضاضً تا
توقاها من ناحٌة رأسها ،وإن كانت حرو ًنتا لتم ٌالحهتا وتتبتع هواهتا فتً طرٌقهتا ،وإن
استتتمرت عطفهتتا فٌستتلس لتته قٌادهتتا"(.)57وهتتً صتتورة تمثٌل ٌّتتة مجازٌتتة تهتتدؾ إلتتى
ضرورة تكٌؾ الكاتب متع صتاحبه وتحاشتً ا صتطدام بته متن ختالل حستن السٌاستة
والحٌلة والمداراة فً معاشرته .ولتذلك ٌحتر الكاتتب دائمًتا علتى التتدبٌر وا عتتدال
وا قتصتتاد فتتً" هٌئتتة مجلستته وملبستته ومركبتته ،ومطعمتته ومشتتربه ،وبنائتته وخدمتته،
وؼٌتتر ذلتتك متتن فنتتون أمتتره ،قتتدر صتتناعته( ")58؛ فهتتم رؼتتم شتترؾ صتتناعتهم كمتتا
وختتزان وحفظتتةّ ٌختتاطبهم عبدالحمٌد"ختتدم تحتملتتون فتتً ختتدمتكم علتتى التقصتتٌر،
ٌحتمل منكم التضٌٌع والتبذٌر"(.)59
ولعتتل ً عبدالحمٌتتد الكاتتتب ٌستحضتتر فتتً هتتذا التحتتذٌر لجماعتتة الكتتتاب متتن
ضرورة عدم تجاوزهم مرتبةالخدٌم" ما حدث لسالم أبتً العتالء الكاتتب متع هشتام بتن
عبدالملك الذي بلػ دالة عظٌمة عند هشتام جعلتت النتاس ٌحفتون بته فتً ذهابته وإٌابته،
وكأنه ٌسٌر فً موكب طلبًا منهم لوستاطته فتً رفتع قضتاٌاهم وحتوائجهم إلتى الخلٌفتة
هشام ،وكما تقول رواٌتة الطبتري استتفز هتذا األمتر الخلٌفتة هشتامًا التذي زجتر ستالمًا
سرت فً موكب ،فكؾ عن ذلك ،وأختذ كلمتا اقتترب منته رجتل َ قائالً له" ألعلمن متى
لٌسٌر معه ،أوقفه وطلتب إلٌته أن ٌتذكر حاجتته و َم َنعته متن مرافقتته" .وٌعلتق الطبتريّ
ّتر هشتامًا"( .)60ولعتل عبدالحمٌتد أٌضً تا على هذا الخبر قتائال" وكتان ستالم كأنته هتو أم َ
ٌستبق بهذا التحذٌر النهاٌات المؤلمة لبعض الوزراءمالكتاب فً العصر العبّاسً بعتد
أن تجاوزوا مراتبهم فوجبت العقوبة علٌهم(.)61
إن (كاتتب التتدٌوان األنمتتوذج) التتذي ٌتتدعو إلٌتته عبدالحمٌتتد بتتد أن ٌحتتذر متتن
أخطر اآلفات المضرة بدٌنه وعقله وأدبته وهتً لفتة"العُجب" بنفسته وبصتناعته .وهتً
لفة إن تحقق وجودهتا فتً كاتتب التدٌوان فننهتا تعنتً نهاٌتته فتً صتناعته واضتطراب
عالئقه بنخوته فتً هتذه الصتناعة .وتحتذٌر عبدالحمٌتد متن هتذه اآلفتة ٌعتود أٌضً تا إلتى
سبب رئتٌس نجتده ٌتخلتل رستالته ،وهتو أن الكاتتب مهمتا ارتفعتت منزلتته وعتال شتأنه
ٌظل خادمًا للخلٌفة أو السلطان .ولذا ٌحتافظ عبدالحمٌتد علتى نظرٌتة (المقامتات) التتً
نجدها فً األدبٌات السٌاسٌة السلطانٌّة الفارسٌّة التً ستعرفها الثقافة العربٌّة بعتد ذلتك
مع ترجمة لداب الملوك الفارسٌّة إلى العربٌّة وفٌها ما ٌرسخ هذه النظرٌة.
011
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
إن ً خاتمة هذه الرسالة تقوم على محور رئٌس هو جوهر الكتاب كمتا ٌقتول
عبدالحمٌتتد ،ومحتتور الرستتالة قولتته"من ٌلتتزم النصتتٌحة ٌلزمتته العمتتل" ،وهتتو محتتور
رئتتٌس ستتنجده ٌتكتترر متتع ابتتن المقفتتع خاصتتة فتتً خطابتته التصتتدٌري لكتتتاب "كلٌلتتة
ودِمنة" .ومعنى هذا أن الكاتب نفسه سٌلتزم بالنصٌحة هذه .ولعل هذا ما ٌفسر بطتف
الدولة العبّاسٌة بعبدالحمٌد الكاتب لتفطنها إلتى خطتورة العمتل التذي قتام بته فتً خدمتة
الدولتتة األموٌتتة وترستتٌخ لدابهتتا الستتلطانٌة العربٌتتة .وهتتذا متتا ٌفستتر أٌضً تتا ؼلبتتة مفتتردة
"الطاعتتة" عنتتد الحمٌتتد الكاتتتب فتتً مقابتتل طؽٌتتان مفردتتتً (الحٌلتتة و(العقتتل) عنتتد ابتتن
المقفع .وهذا هو الفارق بتٌن كتاتبٌن األول لتم ٌتجتاوز رتبتة الختدٌم الستلطانًّ واآلختر
وهتتو ابتتن المقفتتع تجتتاوز هتتذه المرتبتتة إلتتى الرؼبتتة فتتً الشتتراكة متتع الستتلطة الحاكمتتة
العبّاسٌة فكانت نهاٌته القتل.
عإد مروان البنل عبيدهللا النوع المؤسس لنشأ "مرايا األمراء العرب ّية":
وهو عه ٌد جدٌ ٌر بتالتوقؾ نظترً ا لطولته التذي فتاق العهتود والوصتاٌا القصتٌرة
لسابقٌه من الخلفاء ،وهتو العهتد التذي كتبته عبدالحمٌتد الكاتتب علتى لستان لختر خلفتاء
بنتتً أمٌتتة ممتتا ٌشتتً بتتالمؤثرات العربٌّتتة اإلستتالمٌّة فٌتته التتتً امتزجتتت بتتالمؤثرات
األجنبٌتتة مثتتل المتتؤثر الفارستتًّ الساستتانًّ (عهد أردشتتٌر ) والمتتؤثر الٌونانًّ (رستتائل
أرسطوطالٌس المنحولة إلى اإلسكندر)(.)62
تضمن عهد مروان بن محمد إلى ابنته عبٌتد ( )63ولتً العهتد بٌتان الجوانتب
األخالقٌّة والسٌاسٌّة والحربٌّة .وهو ما ٌمكتن تستمٌته "عهتد متروان" ،أو وصتٌته إلتى
ابنه حٌن وجهه لمحاربة الضحّ اك بن قٌس الشٌبانًّ الخارجًّ .وٌعد هتذا العهتد أطتول
رسالة تبقت من إرث عبدالحمٌد الكاتب( .)64وٌرجم إحسان عبتاّس التذي ح ّقتق بعتض
ت فتتً كتابتتة هتتذا العهتتد أولهتتا رستتائل عبدالحمٌتتد أن هنتتاك أربعتتة مصتتادر اع ُتمِتتدَ ْ
زادا للمثقتتؾ المستتلم كوصتتٌة عمتتر إلتتى ستتعد بتتن أبتتً المعتتارؾ العامتتة التتتً أصتتبحت ً
وقتتا وفٌهتتا ٌوصتتٌه بكثٌتتر ممتتا جتتاء فتتً رستتالة عبدالحمٌتتد ،متتن إذكتتاء العٌتتون،
واإلكثار من الطالئتع والستراٌا عنتد التدنو متن أرض العتدو ،واتقتاء أهتل الطالئتع متن
ذوي التترأي والبتتأس ،وتزوٌتتدهم بستتوابق الخٌتتل ،وعتتدم الهجتتوم قبتتل معرفتتة األرض
كمعرفة أهلها بها ،ثتم إذكتاء األحتراس علتى العستكر والتتٌقظ متن البٌتات .وثتانً هتذه
المصادر توجٌهات مروان المستمدة من خبرته الطوٌلة فً الحترب .وثالثهتا رستائل
ؾ بالستتماع أو إلتتى اإلستتكندر المنستتوبة إلتتى أرستتطوطالٌس .ورابعهتتا بعتتض متتا ُعت ِتر َ
ُتر ِج َم عن الفارستٌّة فتً ذلتك الموضتوع( .)65وٌعتد إحستان عبّتاس هتذا العهتد بأنته متن
قبٌل"مراٌا الملوك" ،ولٌس لهذا العهد ما ٌسبقه إ كتاب منسوب لعلًّ بن أبً طالتب
أرسل به إلى األشتر( .)67(" .)66وقد عد رضوان السٌد هذا العهد نصائم عامتة لفنتون
الحرب رؼم جوانبه التقنٌة ،ولذا صار "نوعً ا أدبًٌا أو"مرلة أمتراء" نستج علتى منوالته
كتاب"مراٌا األمراء" فٌما بعد استلهامًا أو اقتباسً ا "(.)68
وممتتا جتتاء فتتً هتتذا العهتتد الحتتدٌث عتتن البطانتتة الستتلطانٌة "ثتتم لتتتكن بطانتتتك
010
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
وجلساؤك فً َخ َلواتك ،ودخالؤُ ك فً سرك ،أه َل الفق ِه والورع من خاصة أهتل بٌتتك،
وعامة قوادك ممن قد حنكتته الستن بتصتارٌؾ األمتور ،وخبطتته فصتالها بتٌن فراسِ تن
البزل ،وقلبته األمور فً فنونها ،وركب أطوارهتا عار ًفتا بمحاستن األمتور ،ومواضتع ّ
الرأي وعٌن المشورة ،مأمون النصٌحة ،مطتوي الضتمٌر علتى الطاعتة ثتم أحضترهم
متتن نفستتك وقتتارً ا ٌستتتدعً لتتك متتنهم الهٌبتتة ،واستئناسً تتا ٌعطتتؾُ إلٌتتك متتنهم المتتودة،
تٌاع
ترأي وضت ِ وإنصتتا ًفا ٌف ت ّل إفاضتتتهم عنتتدك بمتتا تكتتره أن ٌنتشتتر عنتتك متتن ستتخاف ِة الت
()69
علٌك هواك فٌصرفك عن الرأي وٌقطعك دون الفكر" . َ الحزم ،و ٌؽلبن
السياسي و مامإم
ّ الخرمي :معتمد الفرس
ّ -عإد أردشير بن بابك
ٌذكر المسعوديّ (ت828هتـ) أنته رأا بمدٌنتة إصتطخر متن أرض فتارس فتً
سنة 818هـ عند بعض أهل البٌوتتات المشترفة متن الفترس كتابًتا عظٌمًتا ٌشتتمل علتى
علوم كثٌرة من علومهم وأخبار ملوكهم وأبنٌتهم وسٌاساتهم لم ٌجدها فً كتب الفترس
المعروفة فً عصره مثل خداي نامه ولٌٌن نامه وكهنامته ،وكتان تتأرٌخ الكتتاب التذي
عثر علٌه المسعودي"أنه كتب مما وُ ِجدَ فً خزائن ملتوك فتارس للنصتؾ متن جمتادا
اآلختتترة ستتتنة 008هتتتـ ،و ُن ِقتتت َل لهشتتتام بتتتن عبتتتدالملك بتتتن متتتروان متتتن الفارستتتٌّة إلتتتى
العربٌتتتة"( .)70وإذا صتتت ّم َ هتتتذا الخبتتتر فتتتنن هتتتذا ٌعنتتتً أن ترجمتتتة اآلداب الستتتلطانٌّة
الفارستتتٌّة إلتتتى العرب ٌّتتتة بتتتدأت قبتتتل مجتتتًء العصتتتر العبّاستتتً األول؛ أي ٌُتتتؤرخ لهتتتذه
الترجمات بعهد هشام بن عبدالملك ،وتكون هذه الترجمتة ستابقة لترجمتات ابتن المقفتع
لكتب اآلٌٌن الفارسٌة التً ذكرها ابن الندٌم وسنشٌر إلٌها.
مثتل "عهتد أردشتتٌر" مصتدرً ا رئٌسً تتا للخطتاب الستتلطانًّ عنتد ابتتن المقفتع فتتً ّ
تفسٌره لكتاب"كلٌلة ودِمنة"؛ أي فً اإلضافات التً ضمّنها ابتن المقفتع ترجمتته لهتذا
الكتاب ،رؼتم أن ابتن المقفتع أؼمتض عتن ذكتر أردشتٌر فتً أقوالته الكثٌترة المؤسستة
لكتابات ابن المقفع مثل "األدب الصؽٌر" و"األدب الكبٌر"و"رسالة الصحابة" .ونفستر
هذا السكوت واإلؼمتاض برؼبتة ابتن المقفتع فتً أن تكتون اآلداب الستلطانٌّة الفارستٌّة
خطابًا مطل ًقا متعالًٌا ٌؤسس دستتور الدولتة العبّاستٌة الولٌتدة؛ أي أنته فضّتل اإلحتا ت
المضمنة المسكوت عن مصدرها دون توثٌقها بنسبتها إلى أصحابها من ملوك الفترس
وحكمائها ،وذلك فً عه ٍد كانت فٌه العناصتر العربٌّتة متن الخلٌفتة والقتادة العترب لهتم
الؽلبة والسٌطرة فتً عهتد التأستٌس فتً خالفتتً أبتً العبّتاس الست ّفاح والمنصتور .فتً
حتتتٌن أن بعتتتض كتتتتب اآلداب الستتتلطانٌة مثتتتل "التتتتاج فتتتً أختتتالق الملتتتوك " للثعلبتتتً
جتتاهرت بتتذكر المرجعٌتتات الفارس تٌّة متتن أردشتتٌر وكستترا أنوشتتروان و ُب ُزرْ ِجمِهتتر
وستتواهم فتتً عصتتر استتتعرت فٌتته الخصتتومة بتتٌن الشتتعوبٌٌن الفتترس ومنتتاوئٌهم متتن
المثقفٌن والكتاب ذوي النزعة العربٌّة.
ترً ً
اعتمتتد (عهتتد أردشتتٌر) اعتمتتادا كبٌت ا ف تً مضتتامٌنه علتتى كتتتاب زرادشتتت
المعتتروؾ باألبستتتاق).(Avestaوقتتد جمتتع الفتترس علتتى قتتراءة ستتورة منتته ٌُقتتال لهتتا
014
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
(إسناد) ،فلم ٌعد المجوس من عهدئ ٍذ ٌقرأون ؼٌرها"(.)71وقد لجتأ أردشتٌر فتً حركتته
السٌاستٌّة اإلصتتالحٌّة إلتتى الشتتراكة متتع رجتتال الدٌن(الموابتتذة الزرادشتتتٌٌن) متتن أجتتل
توأمة السٌاسة مع الدٌن؛ إذ أعلن فً عهده "واعلموا أن المُلك والدٌن أختوان توأمتان،
َقوام ألحدهما إ بصاحبه ،ألن الدٌن أسخ الملُك وعماده ،ثم صار المُلك بعتد حتارس
الدٌن ،فالبد للمُلك من أسه ،و بد للدٌن من حارسه ،ألن متا حتارس لته ضتائع ومتا
أس له مهدوم"(.)72
رسّخ أردشٌر بن بابك الخرمًّ (نظرٌتة الطبقتات الفارستٌّة)؛ فقتد عتد الرعٌتة
أربتتتع طبقتتتات هتتتً األستتتاورة والنستتتاك وستتتدنة بٌتتتوت النٌتتتران والتتت ُزراع والمهتتتان
وأضرابهم ،وهً الطبقات التً ذكرها فً عهده ،وأراد أن ٌحافظ وارثتو مملكتته متن
أكاسرة الفرس بعده علتى هتذا التصتنٌؾ الطبقتًّ فهتو ٌرٌتد الحفتاظ علتى صترامة هتذا
ً
راستخا قوًٌتا إذ ٌقتول " فمتن التصنٌؾ وعدم تخطٌه وتجاوزه حتى ٌحافظ علتى الملتك
ألفتتى الرعٌتة متتنكم بعتتدي وهتتً علتتى حتتال أقستتامها األربعتتة(التً هتتً أصتتحاب التتدٌن
والحتترب والتتتدبٌر والخدمتتة) متتن ذلتتك األستتاورة صتتنؾ ،والعُبتتاد وال ُنستتاك وستتدنة
النٌتتران ص تنؾ ،والكتتتاب والمنجمتتون واألطبتتاء صتتنؾ ،والتتزرّاع وال ُم ّهتتان والتجتتار
صنؾ ،فالٌكونن بنصالح جسده أشد اهتمامًا منه إلحٌاء تلك الحال وتفتٌف متا ٌحتدث
فٌها من الدخالت ،و ٌكتون نتقالته عتن المُلتك بتأجزع منته نتقتال صتنؾ متن هتذه
األصناؾ إلى ؼٌتر رتبتته ،ألن تنقتل النتاس(عن متراتبهم) سترٌع فتً تنقتل الملتك عتن
ملكه إمّا إلى خلع وإمّا إلى قتل ،فالٌكونن لشتًء متن األشتٌاء بتأوحف منته متن رأس
ب صار رأسً ا"(.)73 صار ذنبًا وذن ٍ
ً
إن عهد أردشٌر كتان عهتدا مؤسسً تا وبخاصتة أن صتاحبه هتو مؤستس الدولتة
الساسانٌّة ،وهذا ما ٌفسر األهمٌة الكبرا التً كانت لهذا العهتد عنتد الفترس حتتى بعتد
بوصفه"معتمدا سٌاسًٌا فارسًٌا" أو "إماماً" حسب تعبٌترهم .وجتاءً دخولهم إلى اإلسالم
فتتتً رستتتالة "ذم أختتتالق الكتتتتاب" للجتتتاحظ استتتتهزاءه متتتن هتتتذه الفئتتتة بقولتتته"وروا
مهتترْ أمثالتته ،وألردشتتٌر عهتتده"( .)74وقتتد تضتتمن العهتتد عالقتتة الملتتك ببطانتتته لبُزرْ ِج ِ
والعالقة بٌن الملك والدٌن وعالقة الملك برعٌته وعامل الفراغ وأثره فً حٌتاة الدولتة
ثم مشكلة و ٌة العهد(.)75
وكأنته بهتتذه الرستالة أراد أن ٌصتتبم هتو متتن البطانتة الصتتالحة التتً ٌجتتب أن
تكون .وعندما نتأمل مفتتم الرسالة نجتد ابتن المقفتع ٌؤكتد فتً أكثتر متن موضتع علتى
حسن استماع المنصتور للنصتائم؛ فهتو ٌقول"فتنن أمٌتر المؤمنٌنمحفظته م ٌجمتع
متتع علمتته ،المستتألة وا ستتتماع ،كمتتا كتتان و ة الشتتر ٌجمعتتون متتع جهلهتتم ،العُجتتب
وا ستؽناء"( .)88وبعد ذكر تلك المفارقة بٌن و ة الخٌر وو ة الشتر ٌؤكتد ابتن المقفتع
حسن استماع المنصور مرة أخرا"وفً الذي قد عرفنا من طرٌقة أمٌتر المتؤمنٌن متا
ٌشجع ذا الرأي على مبادرته بالخبر فٌما ظن أنه لم ٌبلؽه إٌاه ؼٌره ،وبالتذكٌر بمتا قتد
انتهى إلٌه .و ٌزٌد صاحب الرأي على أن ٌكون مخبرً ا أو مذكرً ا"(.)89
إن ابن المقفع فً هذه الرسالة ٌصتدر عتن مرجعٌتة ستلطة رمزٌتة علٌتا تنتقتد
سلبٌات السلطة السٌاسٌة العباسٌة السائدة لنذاك (الخلٌفة أبً جعفتر المنصتور) لتقرٌتر
ما ٌجب أن ٌكون فً الدولة الجدٌدة الناشئة ،وهو خطتاب جدٌتد فتً جرأتته متن كاتتب
لم ٌكن كاتبًا سلطانًٌا للخلٌفة(سلطان علتى أرضته) ،وهتو خطتاب جدٌتد أٌضً تا ألنته
خطتتاب مؽتتاٌر للخطتتاب الستتلطانًّ أواختتر عصتتر بنتتً أمٌتتة متتع ستتالم أبتتً العتتتالء
وعبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتب الذي رسّخ صورة الخدٌم السلطانًّ .
لم تنق الخلٌفة أباجعفر المنصور بالؼتة الخطتاب الستلطانً شتأنه فتً ذلتك
شأن عدد كبٌر من الخلفاء األوائل الذٌن جمعوا بٌن بالؼة الكلمة وسطوة الستٌؾ؛ فقتد
دافع الخلٌفة عن شرعٌته بخطابات سجالٌة فً خطبه ورسائله موجهة إلى الجمٌع من
رعٌته ومعارضٌه فً حٌن تأرجم خطاب ابتن المقفتع الستلطانًّ بتٌن خطتاب مباشتر(
رستتالة الصتتحابة) وخطتتاب رمتتزيّ ألٌجوريّ (تفستتٌره لكتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" ،وهتتو متتا
سنبحثه فً المحور اآلتً.
العربي
ّ ثان ًيا_ابن المقفع والتأسيس للحكاية الوعظ ّية (األليجور ّية) في األدب
القديم
إلتتى جانتتب بالؼتتة الترستتل الرستتمٌّة ظهتتر القت الرمتتزيّ التتذي أنتجتته كتتتاب
مثقفون ظهروا فتً العصتر العبّاستً علتى وجته الخصتو أرادوا متلقًٌتا ذكًٌتا ٌلتفتت
إلى أنساق خطاباتهم الباطنة؛ مستتخدمٌن بالؼتة (مخاتِلتة) هتً بالؼتة التقٌتة المتوستلة
بالرمز واإلٌحتاء والتعترٌض .أي أننتا أصتبحنا إزاء الكاتتب الستلطانً المخاتِتل؛ التذي
ٌعمل متع الستلطان وٌرستخ هٌمنتته واستتبداده بوصتؾ الخلٌفتة"ظل علتى األرض"
فتتً حتتٌن أن خطابتته اآلخر(ؼٌتتر المعلتتن) أو المضتتمر قتتائ ٌم علتتى معارضتتة الستتلطان
ببالؼة رمزٌة .وبدأ هذا الخطاب المخاتِل مع ابن المقفع واستمر مع سهل بتن هتارون
وبعض البالؼٌٌن وكتاب اآلداب السلطانٌّة (مراٌا األمراء العربٌّة) .
إن َ ظهتتتور الخطتتتاب الرمتتتزيّ الستتترديّ بحمو تتتته السٌاستتتٌّة فتتتً العصتتتر
العبّاستً األول مؤشتر علتى " اتستاع المجتا ت الكتابٌّتة التتً استتبدلت بمحاجتة التتنظم
018
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
الشعريّ ومناقضاته مناظرات الكتاب ورسائلهم جنبًا إلى جنب تصتاعد أشتكال القت
الرمزيّ التً انطوت على معارضة السلطة المركزٌّة للدولة فضالً عن أشكال القت
الموازٌة الذي فرضته الحاجات الروحٌة والذهنٌة الجدٌتدة للتجمعتات والطوائتؾ التتً
أبرزتهتتتا عملٌتتتات الحتتتراك ا جتمتتتاعًّ فتتتً المتتتدن الكبتتترا التتتتً أصتتتبحت حواضتتتر
الخالفة اإلسالمٌة الممتدة"(.)90
استفادت سردٌات اآلداب السلطانٌّة فً العصر العبّاسًّ إذن من ذلك التشتابك
العمٌتتق الحاصتتل بتتٌن رؤا متع تددة العتتوالم للستتلطويّ السٌاستتًّ والمعرفتتًّ والثقتتافًّ
بتحالفاتهما وتضاداتهما وتعارضاتهما األمر الذي ٌؤشتر علتى مجتمتع عبّاستً صتاعد
شتتتدٌد التعقٌتتتد بمكوناتتتته البنٌو ٌّتتتة .و نستتتتطٌع الحتتتدٌث عتتتن نشتتتأة ستتتردٌات اآلداب
الستتلطانٌّة فتتً األدب العربتتًّ القتتدٌم دون الحتتدٌث عتتن أثتتر تلتتك العتتوالم الناشتتئة متتن
الستتٌاقات السٌاس تٌّة والثقاف ٌّتتة المعرف ٌّتتة بالؽتتة التعقٌتتد فتتً إنتتتاج بالؼتتة جدٌتتدة .ونعنتتً
بالبالؼتتة الجدٌتتدة البالؼتتة القائمتتة علتتى الرمتتز والتعتترٌض والتتوحً والتورٌتتة والتقٌتتة
وبٌتتان الصتتمت واألمثتتال واأللؽتتاز فتتً مقابتتل البالؼتتة الرستتمٌّة التتتً حظٌتتت بعناٌتتة
مؤسستتة الحك تم فتتً العصتتر العبّاستتً .وقتتد لجتتأت بعتتض جماعتتات المعارضتتة للحكتتم
العبّاسً لنذاك كالشتٌعة بفرقهتا المختلفتة وكتذلك جماعتات الصتوفٌة إلتى جانتب بعتض
الجماعتتات اإلثنٌتتة مثتتل الكتتتاب الفتترس إلتتى هتتذه البالؼتتة الجدٌتتدة التتتً أستتماها جتتابر
عصفور (بالؼةالمقموعٌن) ومنها بالؼة التقٌة التً كتان ابتن وهتب الكاتتب( المتتوفً
بعد سنة 885هـ) أبرز منظرٌها فً كتابه"البرهان فً وجوه البٌان"(.)91
011
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
ت أبل ُػ فً الجوا ِ
ب الجهل جهدي وبعضُ الصم ِ ِ ب
وأصمت عن جوا ُِ
"وقتتد قتتتال رستتتول صتتلى علٌتتته وستتتلم"رأس العقتتتل بعتتد اإلٌمتتتان بتتتا متتتداراة
النتاس"( )...فلتٌكن وكتذلك متداراة خواصتهم وأهتتل العقتل متنهم فتنن لكتل قتوم رؤستتاء
()95
وأفاضل .والمرؤوسون أتباع الرؤساء والنظراء".
إن َ ّ َ الجاحظ المعتزلً لم ٌؽفل عن بالؼة الصمت ولكن كان له كمتا بتٌّن
ح ّمتتادي صتتمود موقفتتان متتن القضتتٌة موقتتؾ مبتتدئً عتتام ٌتتدخل فتتً نطتتاق مقارعتتة
الخائفٌن والمتهٌبٌن التذٌن ٌقتدمون الستالمة علتى المنفعتة ،وٌتدعون إلتى الصتمت تقٌتة
وتجنبًا للمكاره ،وموقؾ بالؼً فنًّ ٌكتسب فٌه الصمت د لته متن الموضتع والمقتام،
وبذلك استطاع أن ٌوقتؾ بتٌن موقفته الصتارم متن األولتٌن واستتؽالل قٌمتته فتً إطتار
نظرٌتتته البالؼٌتتة العامتتة .ولعتتل أحستتن متتا ٌمثتتل هتتذه النزعتتة التوفٌقٌتتة قولتته" ولتتٌس
الصمت كلّه أفضتل متن الكتالم كلّته ،و الكتالم كلته أفضتل متن الستكوت كلّته ،بتل قتد
علمنا أن عامة الكالم أفضل من عامة السكوت"(.)96
لم تشكل بالؼة الصمت محورً ا لكتابات الجاحظ فً حٌن أسست هتذه البالؼتة
الباطنة أساس بالؼة ابن وهب الكاتب فً كتابه"البرهان فتً وجتوه البٌتان" .وقتد كتان
انتماء ابن وهب العقائديّ إلتى الشتٌعة اإلمامٌّتة وراء إلحاحته وتأكٌتده علتى هتذا النتوع
من البالؼة المستترة وراء التقٌة خو ًفا ،ربّما من قمع السلطة العباّسٌة له ولمثقفً فئته
لكون بالؼتهم"تتناقض مع مصالم المجموعات الحاكمة(")97؛ وهو ما قتد ٌفستر تأكٌتد
ابتتن وهتتب الكاتتتب علتتى الفصتتل بتتٌن (بالؼتتة الستتخٌؾ) وهتتو كتتالم العامتتة والرعتتاع
والستتوقة ،و(بالؼتتة الجتتزل) المتمثلتتة فتتً كتتالم الخاصتتة والعلمتتاء والعتترب الفصتتحاء
والكتاب واألدباء؛ أي(بالؼة الصمت)؛ وهً بالؼة التقٌة.
000
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
وهتتذا ٌعنتتً أن الكتتتاب انتقتتل فتتً مجتتال تداولتته متتن البالؼتتة الرستتمٌة إلتتى البالؼتتة
الشعبٌّة فش ّكل بهتذا ا نتقتال مستاحات كبٌترة للتتأوٌالت الثقافٌتة المشتتبكة متع تأوٌالتته
السٌاستتٌة وا جتماع ٌّتتة المعرفٌتتة لموضتتوع "إصتتالحٌة المثقتتؾ الحكتتٌم فتتً مواجهتتة
السلطة المستبدة".ورؼم تفك الكتاب وتبعثره الظاهر بسبب اختالؾ نستخه( )115إ أن
التأوٌل الد لً ٌسمم لنا بالكشتؾ عتن األنستاق الثقافٌتة cultural paradigmatics
التً ٌشتؽل علٌها خطاب"كلٌلة ودِمنة" بوصفه كتابًا مؤسسً ا لبالؼتة اآلداب الستلطانٌة
العربٌة؛ ٌشتمل على نسقٌن أحتدهما ظتاهر معلتن واآلختر نستق مضتمر ٌفككته النستق
الظاهر وٌنقضه(.)116
بٌّن ابن المقفع فً باب عرضه لكتاب"كلٌلة ودِمنة" خطابً الظتاهر والبتاطن
لهتوا وحكمتة ،فاجتبتاه اللذٌن اشتمل علٌهما الكتتاب فتً قولته" فأمّتا هتذا الكتتاب فجمتع ً
الحكمتاء لحكمتتته ،والستتخفاء للهتتوه )117(.إن هتتذا البٌتتان التصتتدٌريّ بتتن المقفتتع ٌعنتتً
وجتتود نتتوعٌن متتن المتلقتتٌن؛ المتلقتتً األول هتتو المتلقتتً التتذي ستتٌكتفً بقتتراءة خطتتاب
الظاهر ولن تتجاوز قراءته حدود تزاوٌق الكتاب للتسلٌة والمتعتة الستطحٌة ،والمتلقتً
اآلخر هو الذي لن ٌكتفً بالخطاب الظاهر وإ ّنما سٌتؽلؽل إلى معانٌه العمٌقة الباطنتة
ومتتا فٌهتتا متتن تأوٌتتل .وهتتذا المتلقتتً هتتو التتذي ٌرٌتتده ابتتن المقفتتع وٌشتتترط وجتتوده كتتً
خ
التمثتتل بمعانٌتته الباطنتتة والتتتدبخر بهتتا ٌتحقتتق الؽتترض متتن وضتتع الكتتتاب متتن ختتالل
واستبار أؼوارها والعمل بها.
ً
ح ّدد ابن المقفع شروطا ومواصفات ومعاٌٌر لمتلقً الكتاب أهمهتا التتدبخر فتً
قراءته والعمل بما جاء فٌهٌ .قول " فأول ما ٌنبؽً لمتن طلتب هتذا الكتتاب أن ٌبتتداء
فٌه بجودة قراءته والتثبت فٌه ،و تكون ؼاٌته من بلوغ لخره قبل اإلحكتام لته ،فلتٌس
ٌنتفع بقراءته و ٌفٌد منه شٌ ًئا" )118(.وتتكرر اإلشارة إلى مواضتع التتدبخر فتً الكتتاب
مثتتل"فلٌس ٌنبؽتتً أن ٌجتتاوز شتتٌ ًئا إلتتى ؼٌتتره حتتتى ٌحكمتته وٌتثبتتت فٌتته وفتتً قراءتتته
وإحكامه .فعلٌه بالفهم لما ٌقرأ أو المعرفة حتى ٌضع كتل شتًء موضتعه وٌنستبه إلتى
معناه ،و ٌعرض فً نفسه أنه إذا أحكم القراءة له وعرؾ ظاهر القول ،فقد فرغ ممتا
ٌنبؽً له أن ٌعرؾ منه .كما أن رجتالً لتو أتتً بجتوز صِ تحاح متن قشتور لتم ٌنتفتع بته
حتى ٌكسره وٌستخرج مافٌه .فعلٌه أن ٌعلم أن له خبٌ ًئا وأن ٌلتمس علتم ذلتك"()119و"
من قرأ هذا الكتاب فلٌقت ِد بما فً هذا الباب ،فنننً أرجو أن ٌزٌده بصرً ا ومعرفتة فتنذا
عرفه اكتفى واستؽنى عن ؼٌره ،وإن لم ٌعرفته لتم ٌنتفتع بته ،فٌكتون مثلته كمثتل التذي
رمى بحجر فً ظلمة اللٌل ،فال ٌدري أٌن وقع الحجر و متاذا صتنع .وأ ّنتا لمتا رأٌنتا
أهتتل فتتارس قتتد فستتروا هتتذا الكتتتاب وأخرجتتوه متتن الهندٌتتة إلتتى الفارستتٌة ألحقنتتا با ًبتتا
بالعربٌة لٌكون له أسً ا لٌستبٌن فٌه أمر هذا الكتاب لمن أراد قراءته ،وفهمه ،واإلخبتار
منه" )120( .وتعضتد الحكاٌتات المثلٌتة فتً هتذا البتاب معتانً الكتتاب ومطالبته الباطنتة
القائمتتة علتتى التأوٌتتل متتن ختتالل للٌتتة تتتداخل الستترد الحكتتائً وبخاصتتة باب(األستتد
والثور) الذي ٌعد أكبر أبواب الكتاب.
004
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
ثتتالث صتتور للمتلقتتً فتتً كتاب"كلٌلتتة ودمنتتة" كمتتا ٌقتترر ٌمكتتن استتتخال
عبتتدالفتاح كٌلٌطتتو التتذي وقتتؾ عنتتد مجتتاز(الجوز الصِ تتحاح والقشتترة)؛ إن متلقتتً هتتذا
الكتاب ٌخرجون عن
مالمتلقتتً الستتخٌؾ التتذي ٌتوقتتؾ عنتتد الستترد ،عنتتد الهتتزل واللهتتو أي عنتتد األحتتداث
السردٌة فً حد ذاتها.
مالمتلقً الفطن الذي ٌجتتاز مرحلتة " اللهتو" لٌصتل إلتى الحكمتة ،ولكنته ٌتوقتؾ عنتد
هذا الشوط.
ً
مالمتلقتتتً العاقتتتل التتتذي ٌستتتتوعب الحكمتتتة وٌخضتتتع ستتتلوكه ألوامرهتتتا وفقتتتا لقتتتراءة
التدبخر(.)121
لتم ٌلتتتزم ابتتن المقفتتع بمتتا دعتتا إلٌته فتتً تصتتدٌره لكتابتته متتن ا لتتتزام بخطتتاب
الباطن المقصورة معرفته على األلباب ذوي الحكمتة الباطنتة؛ فقتد أستفر عتن مقاصتده
الباطنة(الخبٌئة) إسفارً ا معل ًنا وذلك فً أمرٌن؛ األول "رستالة الصتحابة" التتً وجّ ههتا
إلى الخلٌفة أبً جعفر المنصور ،وكأنه ٌعلمه كٌؾ ٌكون الحكتم وكٌتؾ تكتون البطانتة
الصالحة للملك ،وذلك فً جرأة منقطعة النظٌر ٌ ُتوقع صدورها لنذاك من كاتب إنمّا
منزلته منزلة الخدٌم السلطانًّ .واآلخر فً كتابتته (عهتد األمتان) لعتم الخلٌفتة عبتد
بن علً الذي مثل سلطة معارضة للخلٌفة؛ أي لجوء ابتن المقفتع إلتى ستلطة معارضتة
للملك .فابن المقفع لم ٌكتؾِ بالخطاب المجازيّ التمثٌلًّ األلٌجوريّ وإنمّتا أضتاؾ إلٌته
خطابًا ترسلًٌا مباشرً ا ؼٌر مستتر ببالؼة التقٌتة" .وهتو متا ٌعنتً اختتالل التتوازن بتٌن
الظتتتاهر والبتتتاطن .وانتتتدفع المضتتتمر إلتتتى إعتتتالن نفستتته علتتتى نحتتتو متتتا فعتتتل ابتتتن
المقفع(الكاتب /الضحٌة) الذي لم ٌطق صبرً ا علتى الكتمتان ففشتل فتً تحقٌتق التتوازن
بٌن فعل التقٌة وفعل التوصٌل ،وهما الفعالن اللذان تقوم بهما حكاٌة الحٌوان الرمزٌتة
()122
(األلٌجورٌة)".
إن الحكاٌة اإلطارٌة التً جاءت فً ترجمة علً بن الشاه الفارسًّ "بهنود بن
ستتحوان" بٌّنتتت الستتبب التتذي متتن أجلتته عمتتل بٌتتدبا الفٌلستتوؾ الهنتتديّ رأس البراهمتتة
لدبشتتلٌم كتابتته التتذي ستتماه "كلٌلتتة ودِمنتتة" وجعلتته علتتى ألستتن الطٌتتر والبهتتائم والطٌتتر
صت ً
تٌانة لؽرضتته فٌتته متتن العتتوام .وضتتنً ً ا بمتتا ضتتمنه عتتن الطؽتتام وتنزٌ ًهتتا للحكمتتة
وفنونهتتا ومحاستتنها وعٌوبهتتا إذ هتتً للفٌلستتوؾ مندوحتتة ولختتاطره مفتوحتتة ولمحبٌهتتا
تثقٌؾ ولطالبٌها تشرٌؾ" )123(.وقد جاء فً مقدمة ابتن الشتاه الفارستًّ ذكتر للحكاٌتة
اإلطارٌة لكتاب "كلٌلة ودمنة" ممثلة فً حكاٌة الملك دبشتلٌم واستتبداده وطؽٌانته بعتد
أن ملّكه الهنود علٌهم ،وتصدي الفٌلسوؾ بٌدبا لمخاطبة الملتك دبشتلٌم ومتا حتدث متن
سجنه ثم عفو الملك عنه وأمره بتألٌؾ كتاب"كلٌلة ودِمنة"(.)124
002
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
فاؼر فاه نحوه .ورفع بصره إلى الؽصنٌن فنذا فً أصتولهما ٍ بتنٌن
ٍ أسفل البئر فنذا هو
جرذان أبٌض وأسود ٌقرضتانهما دائبتٌن ٌفتتران .فبٌنمتا هتو علتى ذلتك ٌهتتم بالحٌلتة
لنفسه إذ نظر فنذا قرٌب منته كتوارة نحتل فٌهتا شتًء متن عستل ،فتتطعم منته واشتتؽل
بحالوته عن التف ّكر فً أمره ،ونسى الحٌات األربع التً رجتاله علٌهتا و ٌتدري متتى
ٌثتترن بتته أو إحتتداهن .ولتتم ٌتتذكر أن الجتترذٌن دائبتتان فتتً قطتتع الؽصتتنٌن ،وأنهمتتا إذا
قطعاهما وقع فً فم التنٌن فهلك .فلم ٌزل هًٌا ساهًٌا حتى هلك"(.)129
لقد أتبع ابن المقفع هذه الحكاٌة المثلٌة الرمزٌة(األلٌجورٌة) بخطتاب تفستٌري
ت وشترورً ا ُ
برزوٌه"فشتبهت البئتر بالتدنٌا المملتوءة لفتا ٍ لمعانً المرموزات على لستان
ّت الحٌتات األربتع بتاألخالط األربعتة التتً تعمّتدت اإلنستان، ومخاوؾ ومتالؾ ،وشتبه ُ
ّهت الؽصتتنٌن ومتتتى ٌَ ِهتتج منتته شتتًء فهتتو كال ُح َمتتة متتن األفعتتى والستتم الممٌتتت .وش تب ُ
ّت الجرذٌن باللٌل والنهار ،وقرضهما دأبهما فتً إنفتاذ اآلجتال التتً هتً بالحٌاة .وشبه ُ
ُ
حصتون الحٌتتاة .وشتبّهت التنتتٌن بتالموت التتذي بتتد منتته .والعستل هتتذه الحتتالوة القلٌلتتة
التتتً ٌصتتٌبها اإلنستتان فتشتتؽله عتتن نفستته ،و ُتلهٌتته عتتن التح ٌّتتل لخالصتته ،وتصتتده عتتن
ستتبٌل نجاتتته .فصتتار أمتتري إلتتى الرضتتا بحتتالً ،وإصتتالح متتا استتتطعت متتن عملتتً
لمعادي؛ لعلًّ أصادؾ فٌما أمامً زمانا فٌه دلٌتل علتى هتداي ،وستلطان علتى نفستً،
وانصترفت متن أرض الهنتد ُ ُ
وصتفت متن حتالً. ُ
فأقمت علتى متا وأعوان على أمري.
()130
. خت من كتبهم كتبًا كثٌرة ،ومنها هذا الكتاب" إلى بالدي ،وانتس ُ
تأتً سٌرة الطبٌب الفارسً (برزوٌه) نس ًقا ناقضً ا للنسق الذي اشتملت علٌته
قصة انتساخ الكتاب فً بالد الهند؛ فبرزوٌه فً نهاٌتة هتذا البتاب ٌعتدو كونته خادمًتا
أمٌ ًنا مطٌعً ا ألوامر كسرا أنوشروان ،وٌنتهً هذا الباب بتأكٌد ابتن المقفتع" فمتن قترأ
هذا الكتتاب فلٌعترؾ الستبب التذي وضتع علٌته كتتاب كلٌلتة ودمنتة ،وحُتول متن أرض
الهنتتد إلتتى أرض فتتارس ،ولٌعتترؾ فضتتل الملتتوك وطتتاعتهم ،وٌؤثرهتتا علتتى ستتائر
األعمتتال ،ولتتٌعلم أن الشتترٌؾ متتن شتترّ ْفته الملتتوك ،ورفعتتته فتتً دولتهتتا"( .)131إن هتتذا
الخطتتتاب التفستتتٌري ٌحتفتتتً بالبالؼتتتة الستتتلطانٌة القامعتتتة وٌؤكتتتد المراتبٌتتتة الطبقٌتتتة
الساسانٌة(عهد أردشٌر) فً حٌن تأتً سٌرة الطبٌب الفارسً برزوٌته لتحتفتً بستلطة
العقتتل الناقضتتة ألٌتتة ستتلطة أختترا ستتواها بمتتا فتتً ذلتتك الستتطوة الرمزٌتتة لبدٌتتان
الموروثة التً تحرّ ر منهتا الطبٌتب الفارستً( ،)132وذلتك ٌعنتً تحتررً ا متن ستلطة أي
قٌد (ستلطة دٌنٌتة أو ستلطة سٌاستٌة)ٌ .شتتمل كتتاب "كلٌلتة ودِمنتة" إذن علتى نستقٌن؛
نستتق ظتتاهر ٌحتفتتً با ستتتبداد الستتلطانًّ ،ونستتق لختتر مضتتاد (نتتاقض) ٌفكتتك النستتق
الظتتاهر ،وهتتو النستتق التتذي ٌحتفتتً بقتتوة العقل(الحٌلتتة) التتتً تنتصتتر دائ ًمتتا علتتى القتتوة
البحتة .وٌمثتل الكتتاب بخطاباتته التفستٌرٌة وبرمزٌتته األلٌجورٌتة الصتراع القتائم بتٌن
هذٌن النسقٌن المتعارضٌن.
مجازات التمثٌل الرمزيّ (األلٌجوريّ ) فً "كلٌلة ودِمنة"
تن ّبتته بعتتض البالؼٌتتٌن العتترب القتتدامى إلتتى المنحتتى المجتتازيّ التتتأوٌلًّ فتتً
005
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة"؛ فقتتدجعل ابتتن األثٌتتر (ت 888هتتـ )كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" بنوعتته
السردي الرمزي فً دائرة المجاز بمتا ٌقتضتٌه متن التجتوّ ز فتً الد لتة الخفٌتة "كقتول
القائل فً كلٌلة ودمنة قال األسد ،وقال الثعلب ،فنن القول وٌ صتلة بٌنته وبتٌن هتذٌن
بحال متن األحتوال ،وإ ّنمتا أُجتري علٌهمتا اتستاعً ا محضً تا ؼٌتر"( .)133و"عتدو ً عتن ٍ
()134
. الحقٌقة إلى المجاز"لؽٌر مشاركة بٌن المنقول والمنقول إلٌه"
شترّاح أرستطو كتتاب "كلٌلتة ودِمنتة" لقد جعل الفالسفة النقتاد المستلمون متن ُ
بوصتتفه أنموذجً تتا دا ً علتتى المقابلتتة بتتٌن المحاكتتاة الشتتعرٌة والقتت ،ونتٌجتتة هتتذه
اختز َل كتاب" كلٌلة ودمنة" فً الحكاٌة الوعظٌة ذات المؽتزا ِ المقاٌسة التً قاموا بها
فتً مقابتل التخٌٌتل ؼٌتر المحتدود والممكنتتات التأوٌلٌتة التتً ٌتمٌتز بهتا الشتعر العربتتًّ
القدٌمٌ .قول ابن سٌنا(ت241هـ) "ولٌس الفرق بٌن كتابٌن موزونٌن لهتم؛ أحتدهما فٌته
شعر ،واآلخر فٌه مثل ما فً "كلٌلة ودمنة" ولٌس بشعر بسبب الوزن فقتط حتتى ولتو
لم ٌكن ٌشاكل كلٌلة ودِمنتة وزن ،صتار ناقصً تا ٌفعتل فعلته ،بتل هتو ٌفعتل فعلته متن
إفادة اآلراء التً هً نتائج وتجارب أحتوال ُتنستب إلتى أمتور لتٌس لهتا وجتود وإن لتم
ٌوزن ،وذلك ألن الشعر إنما المراد فٌه التخٌٌل إفادة اآلراء ،فنن فات الوزن نقت
التخٌٌل .وأمّا اآلخر لؽرض فٌه إفادة نتٌجة التجربة"(.)135
شترّاح أرستطو فً مقابل محدودٌة التأوٌل لكتاب "كلٌلة ودِمنة" التذي قتام بته ُ
من الفالسفة المسلمٌن لكتاب"كلٌلة ودِمنة" نجد التفتات اللؽتوٌٌن والمتؤرخٌن ومعبتري
المنامتتات والمصتتنفٌن إلتتى الممكنتتات التأوٌلٌتتة لرمتتوز الحٌوانتتات فتتً الثقافتتة العربٌتتة
اإلسالمٌة ،وقد سبق أن أوردنا فً حدٌثنا عن جماعة "إخوان الصفاء وخالن الوفتاء"
تمثٌالتهم الرمزٌة فً رسائلهم وبخاصتة رستالتهم المسماة"رستالة الحٌتوان" .وستننظر
إلتتى مراتبٌتتات الحٌوانتتات التتواردة فتتً كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" بتفستتٌر ابتتن المقفتتع التتذي
أضفى على هذا الكتاب أبعا ًدا تأوٌلٌة ُتفهم إ من خالل ربطها بالستٌاقات السٌاستٌّة
والتارٌخٌّتة والثقافٌّتة لعالقة(المفستر ابتن المقفتع) بمؤسستة الستلطة السٌاستٌة العبّاستٌة
من خالل صراع األنساق الظاهرة والمضمرة .ومن أبرز الحٌوانتات فتً هتذا الكتتاب
رمزٌتتة (األستتد)و رمزٌتتة ابتتن لوا (الثعلتتب) إل تى جانتتب ورود حٌوانتتات أختترا فتتً
أبواب الكتاب المتعددة مثل النمر والذئب واألستود والعلجتوم والبتوم والؽربتان والقترد
والؽتتٌلم والثتتور والحمتتار والحمامتتة المطوقتتة والؽتتراب والستتلحفاة والظبتتً والجتترذ
والسنور وؼٌرها.
أورد بعتتض المتتؤرخٌن العتترب القتتدامى رؤٌتتا أم الخلٌفتتة العبّاستتً أبتتً جعفتتر
ً
أستدا حملت بأبً جعفر المنصور كتأن َ ُ ُ
قالت"رأٌت لما المنصور؛ فقد ُذك َِر عنها أنها
خرج من قبلً فتأقعى وزأر وضترب بذنبته ،فأقبلتت إلٌته األُسْ ت ُد متن كتل ناحٌتة ،فكلمتا
تجد لته"( .)136ود لتة األستد فتً المنتام كمتا عبّرهتا ابتن ستٌرٌن انتهى إلٌه أسد منهتا َس َ
وستتواه متتن المفسرٌن"ستتلطان شتتدٌد التتبطف ظتتالم مجتتاهر متستتلط بجرأتتته ٌأمنتته
صدٌق و عدو( )...ومن رأا أنه أخذ جرو أسد فتً حجتره فتنن امرأتته تضتع ؼالمًتا
008
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
إن كانت حامالً وإ فننه ٌحمل ولد أمٌر فً حجره"(.)137
إن ستتتٌمٌائٌة" األستتتد" فتتتً الثقافتتتة العرب ٌّتتتة اإلستتتالمٌّة ُتحٌتتتل علتتتى "المُلتتتك"
و"القوة"و"الجبروت"و"البطف"؛ فقد ع ّدد ابتن خالوٌته لبستد خمستمائة استم وصتفة.
وزاد علٌه علًّ بن قاسم بن جعفتر اللؽتويّ مائتة وثالثتٌن استمًا ،فمتن أشتهرها أستامة
والبتتٌهس والنتتفج والجختتدب والحتتارث وحٌتتدرة والتتدوّ اس والرئبتتال وؼٌرهتتا" .وكثتترة
األسماء ،كما ٌقول ال ُدمٌريّ ،تدل على شرؾ المسمّى"( .)138وقد بتدأ الت ُدمٌريّ بتذكر
"األسد" فً كتابته"حٌاة الحٌتوان الكبترا" ألنته أشترؾ الحٌتوان المتتوحف؛ إذ منزلتته
منها منزلة الملك المهاب لقوته وشجاعته وقساوته وشهامته وجهامته وشراستة خلقته،
ولذلك ٌُضرب به المثتل فتً القتوة والنجتدة والبستالة وشتدة اإلقتدام والجترأة والصتولة.
عنته أستد ،وٌقُتال متن نبتل األستد أنته ومنه قٌل لحمزة بن عبدالمطلب رضً
()139
. اشتق لحمزة بن عبدالمطلب من اسمه"
مثتل األستد شخصتٌة ستردٌة رئٌستة فتً "كلٌلتة ودِمنتة" ،وجتاء استمه فتً أطتول لقد ّ
أبواب "كلٌلة ودمنة" وهو "باب األستد والثتور" وباب"األستد وابتن لوا" فتً حتٌن أن
مصتتتنفات أدبٌتتتة ستتتلطانٌة حقتتتة ظهتتترت فتتتً العصتتتر العبّاستتتًّ حملتتتت اسم"األستتتد"
ومنها"األستتد والتتذئب" ،وهتتو مصتتنؾ للجتتاحظ ذكتتره ابتتن النتتدٌم ولتتم ٌصتتل إلٌنتتا(،)140
وكذلك"األستتد والؽتتوّ ا " لمؤلتتؾ مجهتتول ٌنتمتتً إلتتى القتترن الختتامس للهجتترة .إلتتى
جانتتتب ورود أستتتماء حٌوانتتتات أختتترا مثتتتل "النمتتتر والثعلتتتب" لستتتهل بتتتن هتتتارون
و"الصاهل والشاحج" ألبً العالء المعري( )141وؼٌرها.
ٌتأستتس كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" رمزًٌتتا بواستتطة ألٌجورٌتتا الحٌتتوان ،ومراتبٌتتة
الحٌوانات فً الكتاب لها تأوٌل ثقتافًّ بتاطن ذو عالقتة بتالخبًء الكتامن التذي لمتم لته
ابن المقفع فً باب"عرضه للكتاب" و متخٌّل السلطة الرمتزي التذي ستعى ابتن المقفتع
إلى تحقٌقه فً تحالؾ أبدي بٌن "القوة"و"العقل"( .)142وخطاب ابن المقفع فتً تفستٌره
لكلٌة ودمنتة خطتاب سترديّ مخاتتل؛ ففتً حتٌن ٌُفهتم متن التلقتً الظتاهر للكتتاب أنته
كتاب ٌرسخ البالؼتة القامعتة الستلطانٌة فتً تثبٌتت المراتتب واإلبقتاء علٌهتا ٌفكتك ابتن
المقفع رموز القوة والبطف وٌحٌلهتا إلتى نهاٌتات منتدحرة حتٌن تنتصتر رمتوز العقتل
والحكمة(ابن لوا ،الحمامة المطوقة) علتى رمتوز القوة(األستد ،الفٌتل) .أي أن تفستٌر
ابن المقفع لهذا الكتاب ٌحوي خطابٌن متعارضٌن مما ٌشكل مفارقة كبرا قصتد إلٌهتا
ابن المقفع وٌفهمها المتلقتً المتتدبر لمطالتب الكتتاب ومقاصتده كمتا جتاء فتً "عترض
الكتاب لعبد بن المقفع".
إن رمزٌة األسد فً "كلٌلتة ودمنتة" لٌستت رمزٌتة القتوة والتبطف وا نتصتار
فقتد كانتتت متتف ت األستتد جمٌعهتتا فتتً الكتتتاب تنتهتتً إلتتى الهزٌمتتة وا نتتدحار والوقتتوع
فرٌستتة الخدٌعتتة والمخاتلتتة والمتتوت متتن قبتتل حٌوانتتات ضتتعٌفة استتتعملت عقلهتتا التتذي
قادها إلى "الظفر" والنجاة .وقد احتفتت الحكاٌتات جمٌعهتا بالحٌلتة(العقل) فتً ستٌاقات
الكتتتابٌ .قتتول الفٌلستتوؾ بٌتتدبا للملتتك دبشتتلٌم فتتً نهاٌتتة بتتاب "مهراٌتتز ملتتك الجتترذان"
008
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
"فتتنذا كتتان هتتذا الحٌتتوان الضتتعٌؾ المهتتٌن احتتتال بمثتتل هتتذه الحٌلتتة حتتتى تخلّت متتن
عدوه ،ودفع الضرر عن نفسه ،فما ٌجب أن تقطع الرجاء من اإلنسان الذي هو أكٌس
الحٌوان وأكمله وأحكمه ،أن ٌدرك من عدوه ما أراد بحٌلته وتدبٌره"(.)143
تمث ُ ل لبسد فً الكتاب ٌبدأ فً "باب األسد والثور" بظهتور األستد خ إن أول
()144
.وٌنتهتً بته األمتر إلتى أن ً
ا منفتردا مكتفًٌتا برأٌته" متكبرً ً
"بنِكلة"الذي كان"مزهوا
ٌحتتتال علٌتته ابتتن لوا(الثعلتتب) وٌحرضتته علتتى قتتتل صتتدٌقه الثتتور (شتتنزبة) .وٌنتهتتً
األسد إلى الندم على ا ستماع لمقالة الواشً المحتتال المتاهر بالخِالبتة( الثعلتب دِمنتة)
التتذي أفستتد بتشتتبٌهه وتلبٌستته التتود الثابتتت بتتٌن المتحابٌن(األستتد والثتتور) .وفتتً بتتاب
"األستتد وابتتن لوا" ٌستتتمع الملتتك األستتد أٌضً تتا إلتتى أقتتوال البطانتتة الفاستتدة فٌبعتتد عنتته
التتوزٌر الحكتتٌم (ابتتن لوا) ،وابتتن لوا فتتً هتتذا البتتاب هتتو نقتتٌض رمزٌتتة الثعلتتب فتتً
ؾ بأنه" سبع جبان ،مستضعؾ ذو مكر الموروث الثقافًّ العربًّ اإلسالمًّ الذي وُ صِ َ
وخدٌعة ،لكنه لفرط الخبث والخدٌعتة ٌجتري متع كبتار الستباع ،ومتن حٌلتته فتً طلتب
الرزق أن ٌتماوت وٌنفخ بطنه وٌرفع قوائمه حتى ٌُظن أنه مات فنذا قرب منه حٌوان
وثب علٌه وصاده"( .)145والثعلب (ابن لوا) فتً "بتاب األستد وابتن لوا" هتو نقتٌض
الثعلتب (دِمنتة) فتً "بتتابً األستد والثتور"و"الفح عتن أمتتر دمنتة"؛ فالثعلتب "دمنتتة"
طمتتوح ٌقنتتع بمكانتتته وٌتترا أن" المنتتازل متنازعتتة مشتتتركة ،فتتذو المتتروءة ترفعتته
ُتط نفسته متن مروءته من المنزلة الوضٌعة إلى المنزل الرفٌعة ،والذي مروءة لته ٌَح ّ
المنزلة الرفٌعة إلى المنزلة الوضٌعة ،وا رتفا ُع متن ضتعة المنزلتة إلتى شترفها شتدٌد
مؤنة ،وا نحطاط منها إلى الضعة هٌن ٌسٌر"(.)146 ال ْ
إن َ بتتداٌات األبتتواب التتتً ٌتتتألؾ منهتتا الكتتتاب تقتتوم علتتى طلتتب متتن الملتتك
وإجابتتة متتن الفٌلستتوؾ تبتتٌن أنّ ّ َ الخطتتاب الستتردي بٌنهمتتا كتتان "شتتراكة ستتردٌة"
تحتتول الملتتك متتن موقتتع القتتوة إلتتى موقتتع المتلقتتً لمقالتتة بٌتتدبا التتذي ٌتالعتتب بالستترد
و ٌجتتترد الملتتتك متتتن قوتتتته الظتتتاهرة فتتتً بداٌتتتة كتتتل باب"اضتتترب لتتتً مثتتتل ."...إن
السارد(بٌدبا) الحكٌم ،فً هذا التمثٌل الرمزيّ ،صورة أخترا متن دمنة"داهٌتة أرٌتب"
ٌقتتوم بتتتدمٌر أستتطورة القتتوة بأستتطورة الق ت ،وٌخلتتع عتتن القمتتع براثنتته وٌعرٌتته فتتً
مواجهة العقل .فتبدو القوة القمعٌة أعجز من األسد الذي ٌتالعب بته دمنتة كالدمٌتة،
ٌستطٌع أن ٌفعل شٌ ًئا إزاء تكتاتؾ إختوان الصتفاء وتتفلفهم .وٌقتوم هتذا القتا ،ثانًٌتا،
بتأكٌتتد فاعلٌتتة الق ت عنتتدما ٌستتتبدل بستتطوة القتتوة قتتدرة الق ت علتتى تؽٌٌتتر مصتتائر
الملوك والرعٌة"(.)147
تشتتتمل بتتداٌات األبواب(مقتتدمات أبتتواب الكتتتاب) علتتى ثنائٌتات ضتتدٌة كبتترا
تشتتتكل محتتتور البتتتاب نفستتته؛ ففتتتً باب(األستتتد والثتتتور) ٌتحتتتدث البتتتاب عتتتن التتترجلٌن
المتحتتتابٌن ٌقطتتتع بٌنهمتتتا الكتتتذوب الخئتتتون ،وٌحملهمتتتا علتتتى العتتتداوة والشتتتنفن .وفتتتً
بتتاب(الفح عتتن أمتتر دِمنتتة) ٌتحتتدث عتتن خبتتر الواشتتً المحتتتال المتتاهر كٌتتؾ ٌفستتد
بتشبٌهه وتلبٌسه الود الثابت بٌن المتحابٌن ،وإ م لل أمتره وكٌتؾ كانتت عاقبتته .وفتً
001
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
باب(الحمامتتة المطوّ قتتة) ٌتحتتدث عتتن إختتوان الصتتفاء كٌتتؾ ٌبتتدأ تواصتتلهم ،وٌستتتمتع
بعضهم ببعض .وفً (باب البوم والؽربان) مثل المؽتر بالعدو المبدي التصرٌم".
ضربت لك هذا المثل لتعلم أن ا حتٌال ربمّا أجزا ما ً ُتجزي القوة"(.)168 ُ م"وإنما
إن توالد الحٌتل فتً كتتاب "كلٌلتة ودِمنتة" ظتاهر فتً هتذا البتاب؛ إذ تتوالتد الحٌتل فتً
()169
الحكاٌات المثلٌّة لبٌان انتصار العقتل فتً مقابتل القتوة فمتن حٌلتة األرنتب واألستد
إلى حٌلة الثالث سمكات "زعموا أن ؼدٌرً ا كان فٌه ثالث سمكات" زعمتوا أن ؼتدٌرً ا
كان فٌه ثالث سمكات كٌسة وأكٌس منها وعاجزة 170".كما تشكل الحٌلة محور بتاب
بأكمله مثل " باب الحمامة المطوقة" وبتاب" البتوم والؽربتان" وبتاب" القترد والؽتٌلم"،
كما قد ٌلجأ الملك إلى الحٌلتة مثتل حٌلتة مهراٌتز ملتك الجترذان ،و"ٌتؤدي التضتاد بتٌن
الحقٌقة والوهم ومتضمنٌها إلى تناقض بٌن السذاجة وا حتٌال من جهة وبٌن المعرفتة
والجهل من جهة أخرا ،لٌتكون بناء لذلك مجا ن د لٌان إٌجابً ستمته الخٌتر ٌضتم
المعرفة والحقٌقة والالوهم .وسلبً سمته الشر ٌضم الوهم والالحقٌقة والجهتل ،بٌنمتا
تتتتوزع الالحقٌقتتة والالوهتتم .وقتتد ٌكتتون للخٌتتر كمتتا ٌكتتون للشتتر .والستتذاجة هتتً التتتً
تجمع بٌن الوهم والحقٌقة وتكتون كتذلك خٌترً ا أو شترً ا .فالحقٌقتة تؤستس بتضتادها متع
الوهم السذاجة بما هً تصدٌق والتباس ،بٌنما ٌؤسس نفٌها مع ضده ا حتٌتال بمتا هتو
كتتذب وتلبتتٌس ،وٌتمٌتتز األخٌتتر فتتً ذلتتك بوعٌتته للمعطٌتتات الجارٌتتة والتتتً هتتً متتن
صنعه".171
إن الحٌلتتة قائمتتة علتتى استتتراتٌجٌة الختتداع؛ فأثنتتاء عملٌتتة التخاطتتب تتبتتارز
استراتٌجٌتان استراتٌجٌة الخداع واستراتٌجٌة محاولة اكتشتاؾ الختداع؛ فتالمتكلم " لتو
شاء أن ٌبطل ح ًقا أو ٌحق باطالً لفعل" ،وهذه الخاصتٌة تجعلته كالحٌتة ذات اللستانٌن"
لكن الكالم أحٌا ًنا ٌفضم المتكلم وٌنبىء عما ٌجٌف فً صدره حتى وإن حاول التستتر
048
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
مثالً."172
ٌشؽل الحجاج مساحة كبٌرة من كتاب"كلٌلة ودمنتة" وبخاصتة بتاب(الفح
عن أمر دِمنة) ،وهو الباب الذي نسبه البٌرونًّ و ابتن عمتر الٌمنتًّ إلتى ابتن المقفتع،
كما أثبت البحث األدبً المقارن خلو النستخة األصتلٌة للكتتاب (البتنج تتانترا) منته.173
وهتتذا البتتاب ٌتتأتً بعتتد بتتاب (األستتد والثتتور) وبعتتد قتتتل األستتد صتتدٌقه الثتتور (شتتنزبة)
استجابة منه لتحرٌض دمنة إٌاه .إن هذا البتاب المؤستس علتى الحجتاج ٌُفتتتم كمتا هتو
ُ
ستمعت الحال فتً ستائر أبتواب الكتتاب بطلتب متن الملتك دبشتلٌم لبٌتدبا الفٌلستوؾ" قتد
خبر الواشً المحتال الماهر بالخِالبتة كٌتؾ ٌفستد ،بتشتبٌهه وتلبٌسته ،التود الثابتت بتٌن
المتحابٌن؛ فأخبرنً إ م لل أمره ،ومتا كانتت عاقبتته"ٌ .174تدخل التوزٌر والمستشتار
دِمنة السجن بعد سماع النمر عتاب كلٌلة لدمنة على سوء رأٌه فً إٌؽار األسد.
لقتتد نجتتم دمنتتة فتتً خطابتته القضتتائًّ واستتتطاع التتدفاع عتتن نفستته أمتتام األستتد
والقضاة ،واستخدم الحجتاج المؽتالط لصٌهتام بالحقٌقتة و"لجعتل الستامع ٌنستاق بسترعة
إلى نتٌجة معٌنة؛ ولعل فً هذا ما ٌقربه متن المتنهج السفستطائً ،حٌتث ٌكتون اإلٌهتام
والمؽالطة هما المؤسستان للبنٌتة المنطقٌتة للحجتاج"ٌ .175متتاز الحجتاج القضتائًّ بأنته
"حجتتاج تبرٌتتري" فهتتو ٌنطلتتق متتن دعتتاوا وفرضتتٌات ٌلٌهتتا حشتتد متتن المبتتررات
والمسوؼات النصٌة والتفسٌرٌة قبل ا نتهاء إلتى القترارات واألحكتام النهائٌتة" .ولعتل
خصوصتتٌة الحجتتاج القضتتائً هتتً التتتً جعلتتت ر.بالنشتتً ٌقتتول "إن أصتتالة تتتدخالت
القاضً والمحامً تكمن فً القٌاس وا ستتنباط بتل فتً إقامتة المقتدمات وتأوٌلهتا.
وٌتم هذا على صعٌد القضٌة الكبرا أو ً ،ثم على صعٌد الوقائع والمعطٌات".176
ٌبدأ حجاج دمنة القضائًّ عندما قرر الملك األسد أن ٌرفع أمره إلى القضتاء
كً ٌحكم فٌه" فلما سمع األسد قولته ارتتاب بته ،فأخرجته وأمتر بتالفح عنته ورفعته
تت بحقٌتتقإلتتى القضتتاء لٌنظتتر فتتً أمتتره .فستتجد دمنتتة للملتتك وقتتال أٌهتتا الملتتك ،لست َ
بمعاجلتتة أحتتد بالعقوبتتة عتتن قتتول األشتترار دون الفح ت والتثبتتت .وإنتتً لواثتتق عتتن
فحصك ببراءتً وتصدٌق مقالتً".177
وٌستتتعٌن خطتتاب دمنتتة الحجتتاجًّ القضتتائًّ باألقٌستتة التمثٌلٌتتة للتتتدلٌل علتتى
صحة ما ٌقول(مثل المرأة وعبدها)( ،مثل الطبٌب الجاهتل المتكلتؾ)( ،مثتل الحترّاث
وامرأتٌه العارٌتٌن ومثل المرزبان وامرأته والبازٌار) .وتنتهتً هتذه األقٌستة التمثٌلٌتة
بتعقٌبتتات متشتتابهة فتتً مرماهتتا" إنمتتا ضتتربت لتتك المثتتل لتتئال تعجتتل ألمتتر فٌتته تشتتبٌه
وكتذب فتتنن الكتتذب معنتتت لصتتاحبه ،و" إنمتتا ضتتربت هتتذا المثتتل فتتً جمتتاعتكم كتتً
تتكلمتتوا بمتتا تعلمتتوا تلتمستتون بتته رضتتا ؼٌتتركم" "،وأنتتت أٌضتتا أٌهتتا المتتتكلم أمتترك
عجٌب""،وإنما ضربت لكم هذا المثل لتعلموا أن من عمل بمثتل متا عمتل بته البازٌتار
كان جزاؤه العقوبة فً العاجل واآلجل" .وٌستتعٌن دمنتة كتذلك فتً حجاجته المؽتالطً
بالقٌاس التام من مثل ٌقول دمنة مخاطبًا األسد محاو إثبتات براءتته" لتو كنتت متذنبًا
هربت من األرض وكان لً فٌته متذهب ولكتن لثقتتً وبراءتتً ونصتٌحتً ،لتم أبرحته
042
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
ولم أفارقه."178
ٌتكون هذا القٌاس من مقدمتٌن صؽرا وكبرا
المقدمة األولت المذنب ٌذهب من األرض.
المقدمة الثانية :من ٌهرب فهو بريء.
النتيجة أنا لم أهرب ،فأنا بريء.179
وٌنتهً الحجاج المؽتالطً إلتى النجتاح المؤقتت التذي سترعان متا ٌنتهتً إلتى
فشل دمنة بعد كشؾ أمتره بوستائل أخترا تختلتؾ عتن الحجتاج التذي تفتوق فٌته تفو ًقتا
كبٌرً ا .فً حٌن أن حجاج الحٌلة (اإلٌجابٌة) ٌنتهً دائ ًما إلى النجاح.
لع ت ّل أهتتم متتا ٌمٌتتز كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" أنتته نتتوع ستتردي ّ مؤستتس للبالؼتتة
الستتتلطانٌة المخاتلتتتة ذات الخطتتتابٌن الظتتتاهر والبتتتاطن ،ولتتتذلك نتفتتتق متتتع فتتترج بتتتن
رمضان الذي وصؾ بنٌة الكتاب بأنها " بنٌة محافظة فً حد ذاتها ومناوئة ألي تؽٌر
جذري لنظام المعرفة ونظام الستلطة( )...وقابلتة بكتل ستهولة للتحتوّ ل إلتى للٌتة أو أداة
إلعادة إنتتاج الواقتع القتائم وتتأمٌن بقائته" 180إنّ كتاب"كلٌلتة ودِمنتة" ٌجتب أ ٌختتزل
فً سٌاقات القمع الظاهرة التً ٌنقضها العقل والحٌلة كما بٌّنا.
045
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
الخاتمة
كانتتت مقاربتنتتا لكتتتاب "كلٌلتتة ودمنتتة" مقاربتتة ثقافٌتتة تأوٌلٌتتة نظتترً ا لبهمٌتتة
المركزٌة الكبرا التً شكلها هذا الكتاب فٌمتا ٌتصتل بالستردٌات الستلطانٌة العربٌتة،
وبخاصتتتة العالقتتتة اإلشتتتكالٌة بتتتٌن المثقؾ(الكاتتتتب التتتدٌوانًّ الستتتلطانًّ ) والستتتلطة
السٌاسٌة ،وهذه هً أهم النتائج التً توصلت إلٌها الدراسة
مثلت رسائل سالم أبً العالء وعبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتتب فتً عهتدي هشتام ّ -
بتتن عبتتدالملك ومتتروان بتتن محمتتد أواختتر العصتتر األمتتوي أولٌتتات الكتابتتة
الستتتتلطانٌة العربٌتتتتة أو (أدب مراٌتتتتا األمتتتتراء العربٌتتتتة) ،وبخاصتتتتة رستتتتالة
عبدالحمٌتتد الكاتتتب إلتتى جماعتتة الكتتتاب وعهتتد متتروان بتتن محمتتد إلتتى ابنتته
عبٌتتد (ولً عهتتده) ممتتا ٌفنتتد ادعتتاء بعتتض البتتاحثٌن العتترب والمستشتترقٌن
إرجتتتاع اآلداب الستتتلطانٌة العربٌتتتة إلتتتى متتتؤثرات أجنبٌتتتة خالصة(فارستتتٌة
ساسانٌة أو ٌونانٌتة) ،ونحتن ننفتً هتذه المتؤثرات ولكتن نرٌتد أن نثبتت أن
البالؼة العربٌة السلطانٌّة كانت بارزة فً العصتر األمتوي متع انتقتال الدولتة
متتن التنظٌمتتات القبلٌتتة إلتتى دولتتة كبتترا ممتتتدة علتتى ؼتترار اإلمبراطورٌتتات
لنذاك(البٌزنطٌة والفارسٌة) وبخصوصٌة فرضها نظام الخالفة اإلسالمٌة.
-كانتتت الهجنتتة الثقافٌتتة الكبتترا التتتً حتتدثت فتتً العصتتر العبّاستتً واشتتتراك
العتترق الفارستتً فتتً الحكتتم ممتتثالً فتتً القتتواد العستتكرٌٌن والتتوزراء تحتتول
خطٌر جرا فتً العصتر العبّاستً األول ،كمتا كانتت اإلٌتدٌولوجٌا الستلطانٌة
العبّاستتٌة المستتتندة إلتتى إرادة واختٌتتاره فتتً تنصتتٌب الخلٌفتتة أبتتً جعفتتر
المنصتتور (ستتلطان علتتى أرضتته) وتبرٌتتر شتترعٌة الخلٌفتتة تحتتول لختتر
خطٌر فً طبٌعة الخطاب السلطانًّ التذي أفترز خطابتات ستلطانٌة مراوؼتة.
وٌمثل كتاب"كلٌة ودمنة" التذي فسّتره ابتن المقفتع أنموذجً تا دا ً علتى البالؼتة
السلطانٌة الجدٌدة المخاتلة؛ فقد اشتمل تفسٌر ابتن المقفتع للكتتاب علتى نستقٌن
ثقتتافٌٌن متعارضتتٌن؛ النستتق الثقتتافً الظتتاهر التتذي ٌرستتخ القمتتع الستتلطانً
واحتتترام التراتبٌتتات الطبقٌتتة فتتً حتتٌن ٌفكتتك النستتق البتتاطن إٌدٌولوجٌتتة القتتوة
وٌحتفً بانتصار العقل الذي ٌمثلته المثقتؾ الستلطانً علتى القتوة التتً ٌمثلهتا
الحاكم ،وذلك فً سٌاق مشروع تأسٌستً أراد متن خاللته ابتن المقفتع إحتداث
شراكة حقٌقٌة بٌن مؤسستة الستلطة العباّستٌة ممثلتة فتً الخلٌفتة العبّاستً أبتً
جعفر المنصور ومؤسسة الكتاب السلطانٌٌن بواسطة عقد اجتماعً قتائم بتٌن
الطتترفٌن؛ وأي ختتروج علتتى هتتذا العقتتد متتن قبتتل الستتلطة السٌاستتٌة ٌعنتتً
انهٌارها وإقامة (دولة العقل) على أنقاضها.
-إن خطتتاب ابتتن المقفتتع فتتً تفستتٌره لكتتتاب "كلٌلتتة ودمنتتة" خطتتاب ستتردي
مخاتل؛ ففً حتٌن ٌفهتم متن التلقتً الظتاهر للكتتاب أنته كتتاب ٌرستخ البالؼتة
القامعة السلطانٌة فً تثبٌت المراتب واإلبقتاء علٌهتا ٌفكتك ابتن المقفتع رمتوز
048
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
القتتتوة والتتتبطف وٌحٌلهتتتا إلتتتى نهاٌتتتات منتتتدحرة حتتتٌن تنتصتتتر رمتتتوز العقتتتل
والحكمتتتة(ابن لوا ،الحمامتتتة المطوقتتتة ،القتتترد) علتتتى رمتتتوز القوة(األستتتد،
الفٌل)؛ أي أن تفسٌر ابن المقفع لهذا الكتاب ٌحتوي خطتابٌن متعارضتٌن ممتا
ٌشتتكل مفارقتتة كبتترا ن ّبتته إلٌهتتا ابتتن المقفتتع عنتتدما أشتتار فتتً بتتاب( عتترض
الكتاب) إلى قتراءة الظتاهر وقتراءة الباطن(التتدبخر) .وقتد عضتد حجتاج القتوة
والحٌلة فً "كلٌلة ودمنة" هذا الخطاب السردي المخاتل القائم علتى تعتارض
نسقٌن.
كتتان كتاب"كلٌلتتة ودمنتتة" ببالؼتتته المراوؼتتة نوعً تتا ستتردًٌا مؤسسً تتا للحكاٌتتة -
الوعظٌتتة (األلٌجورٌتتة) فتتً العصتتر العبّاستتً .وقتتد لجتتأت بعتتض جماعتتات
المعارضة للحكم العبّاسً لنذاك كالشٌعة بفرقها المختلفة وجماعات الصتوفٌة
إلى جانب بعض الجماعتات اإلثنٌتة مثتل (الكتتاب الفترس) إلتى هتذا الخطتاب
نظ تر ابتتن وهتتب الكاتتتب الستترديّ الرمتتزيّ القتتائم علتتى بالؼتتة البتتاطن .كمتتا ّ
الشتتٌعًّ بكتابتته"البرهان فتتً وجتتوه البٌتتان" لبالؼتتة التقٌتتة المتوستتلة بتتالرمز
واإلٌحتتاء والتعتترٌض .واستتتثمرت جماعتتة (إختتوان الصتتفاء وختتالن الوفتتاء)،
الجماعة الفلسفٌة الباطنٌة السرٌة التً ظهرت فً القرن الخامس للهجرة هتذا
الخطاب فً رسائلها وبخاصة (رسالة الحٌوان).
إن ابتتن المقفتتع التتذي عتتاف عهتتدٌن أواختتر عصتتر الدولتتة األموٌتتة وبتتداٌات -
تأسٌس دولة بنً العبّاس كان منتصرً ا للمؤثر الفارسًّ الساسانًّ وناقالً أمٌ ًنتا
لتقالٌتتده الكتابٌتتة واإلبداعٌتتة فتتً عصتتر الهجنتتة الثقافٌتتة الجدٌتتدة الحادثتتة فتتً
المجتمع العبّاسً الصاعد لنذاك .وقد اهتمت نصتو ابتن المقفتع وترجماتته
بتركٌب النمتوذج السٌاستًّ الفارستًّ الساستانًّ وبنائته بوصتفه نموذجً تا كونًٌتا
صالحً ا لالقتداء .وأؼفلت كتب ابن المقفتع ورستائله اإلشتارة إلتى المرجعٌتات
العربٌّة واإلسالمٌّة إؼفا ً مطل ًقا فً مقابل ذكره لبعض المرجعٌات الفارستٌة
من أقتوال حكمتاء الفترس وملتوكهم ،وهتذا ٌجعتل ابتن المقفتع كمتا قتال محمتد
عابتتد الجتتابري "صتتاحب مشتتروع حضتتاريّ قوامتته إلبتتاس الدولتتة العبّاستتٌة
الناشتئة لبتاس الدولتة الساستتانٌة" ،وهتذه الدولتة ٌجتتب أن ٌحظتى فٌهتا المثقتتؾ
الفارسًّ بالشراكة مع مؤسسة السلطة العبّاسٌة ممثلة فً الخلٌفة العبّاسً.
048
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
الإوامش
041
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
صدرت النسخة الفرنسٌّة سنة 2003م أمّا الترجمة العربٌّة فقد صدرت عن دار الستاقً، .9
بٌروت2008،م ،ترجمة جمال شحٌّد ومراجعة مروان الداٌة.
.42 المرجع السابق، .10
انظر في داللية القصص وشعرية السرد ،ط ،1دار اآلداب ،بٌروت،1991 ، .11
15م(81من أجل علم د لة عربًّ ).
ٌقول الجاحظ فً "البيان والتبيين" " وقد ٌجب أن نذكرَ بعض ما انتهى إلٌنا من كالم .12
ُخلفائنا من َولَد العبّاس ،ولو أن دولتهم عجمٌّة ُخراسانٌة ،ودولة بنً َم ْ روان عربٌّة
أعرابٌّة وفً أجناد شامٌّة" ،انظر الجاحظ ،البيان والتبيين ،تحقٌق وشرح عبدالسالم
محمد هارون ،دار الجٌل ،بٌروت ،د.ت.ن،ج.366 ،3
جابر عصفور" ،تحول النموذج األصلي للشاعر" ،مجلة العربً ،الكوٌت ،العدد ،231 .13
.73 أكتوبر ،1994
اإلسالميم ط ،7دار المعارؾ ،القاهرة ،د.ت.ن.
ّ انظر شوقً ضٌؾم العصر .14
ديوان الراعي النميريم تحقٌق فاٌبرت( ،) weipertطبعة المعهد األلمانً لببحاث .15
الشرقٌة ،بٌروت63 ، 1980،؛ نقال ًمن كتاب مبروك المناعًم الشعر والمالم بحث
فً للٌات اإلبداع الشعري عند العرب من الجاهلٌة إلى نهاٌة القرن الثالث للهجرة ،ط،1
منشورات كلٌة اآلداب ،م ّنوبة(،1998 ،سلسلة اآلداب).101 ،
العاملي ،تحقٌق حسن محمد نور الدٌن ،دار الكتب العلمٌة، ّ ديوان عدي بن الرقاع .16
82م. 83 بٌروت، 1990 ،
73م. 74 تحول النموذج األصلي للشاعر،جابر عصفورم ّ .17
المرجع السابق.75 ، .18
انظر عبدالعزٌز الدوري ،العصر الع ّباسي األولم دراسة في التاريخ السياسي واإلداري .19
والماليم ط ،3دار الطلٌعة ،بٌروت".1997،معنى ا نتقال من األموٌٌن إلى العبّاسٌٌن"،
36م.41
انظر الجهشٌاري ،الوزراء والكتاب ،تحقٌق إبراهٌم صالم ،ط ،1هٌئة أبوظبً للثقافة .20
والتراث ،المجمع الثقافً ،أبوظبًم 1430هـ2009 /م .تأمل أسماء الكتاب العرب
الواردة فٌه عبٌد بن أوس الؽسانً ،عمرو بن سعٌد بن العا ،عبد الحمٌري،
قبٌصة بن ذؤٌب بن حلحلة الخزاعً ،ربٌعة الجرشً ،القعقاع بن ُخلٌد العبسً ،سلٌمان
الحمٌري وؼٌرهم.
.74 جابر عصفور ،تحول النموذج األصلي للشاعر، .21
تدفقت الكتب التً حملت اسم صناعة الكتابة وأدب الكاتب فً العصر العبّاسً وما تاله .22
من عصور انظر مثالً ابن قتٌبة(ت276هـ) ،أدب الكاتب؛ ابن األثٌر(ت637هـ) ،الجامع
الكبير في صناعة المنظوم من الكالم والمنثور؛ شهاب الدٌن محمود الحلبً(ت725هـ)،
حسن التوسل لت صناعة الترسل ،عبدالرحمن بن ٌوسؾ بن الصاٌػ(ت845هـ) ،تحفة
أولي األلباب في صناعة الخط والكتاب.
علً أوملٌل ،السلطة السياسية والسلطة الثقافيةٌ .54 ،ذكر أن أول من تقلّد هذه .23
الجإشياريم الوزراء والكتاب،
ّ الرتبة هو الفضل بن سهل وزٌر المأمون ؛انظر
.429
النقديم ط ،1مركز البحوثّ انظر ألفت كمال الروبًّ ،الموق من القص في تراثنا .24
42م.43 العربٌة للدراسات والتوثٌق والنشر ،القاهرة،1991 ،
047
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
جابر عصفور ،مجلة فصولم المجلد الثانً عشر ،العدد ،3الهٌئة المصرٌة العامة .25
للكتاب ،القاهرة ،خرٌؾ (1993تراثنا النقدي).1 ،
كتاب الصناعتين(الكتابة والشعر)م تحقٌق علً محمد البجاوي ،محمد أبوالفضل إبراهٌم، .26
صٌدا ،المكتبة العصرٌة بٌروت1406،هـ.136 ،1986/
شرح ديوان الحماسة ،نشره أحمد أمٌن وعبدالسالم هارون ،ط ،1دار الجٌل ، .27
بٌروت1411،هـ ،1991/المجلد األول.16 ،
كمال عبداللطٌؾ ،في تشريي أصول االستبدادم قراءة فً نظام اآلداب السلطانٌة ،ط،1 .28
.52 دار الطلٌعة ،بٌروت،1999 ،
.101 مبتون ،الفكر السياسي عن المسلمين، .29
.53 المرجع السابق، .30
انظر إحسان عبّاس ،عبدالحميد بن يحيت الكاتب وما تبقت من رسا لل ورسا ل سالم .31
أبي العالء.
كمال عبداللطٌؾ ،في تشريي أصول االستبداد.53 ، .32
المرجع السابقم . 54 .33
المرجع السابقم الصفحة نفسها. .34
بن هو أول وزٌر فً عصر الدعوة السرٌة للدولة العبّاسٌة ،وهو أبو سَ َ لَمة حف .35
سلٌمان مولى بنً الحارث بن كعب ،وٌُعرؾ بأبً َسلَمة الخالّل قتله أبو العبّاس السفّاح
بسبب مراسالته مع العلوٌٌن(ولد علً بن أبً طالب) ،وكان قتله سنة اثنتٌن وثالثٌن
.148 ،139 ومائة .انظر الجهشٌاري ،الوزراء والكتاب،
انظر رضوان السيدم الجماعة والمجتمع والدولة سلطة اإلٌدٌولوجٌات فً المجال .63
السٌاسًّ العربً اإلسالمًم ط2م دار الكتاب العربيم بيروتم 8221هـ2002/م" الكاتب
والسلطانم دراسة في ظإور كاتب الديوان في الدولة اإلسالم ّية"مص ص .831_826
لم ٌكن سهل بن هارون وزٌرً ا ،وإنما كان قٌمًا على بٌت الحكمة فً خالفة المأمون .37
العبّاسً.
نستثنً قتل صالم بن عبدالرحمن كاتب الخلٌفة األمويّ ٌزٌد بن عبدالملك عندما قتله .38
عمر بن هُبٌرة عامل الخلٌفة على العراق ،وذلك خو ًفا من حظوته ومكانته الكبٌرة عند
الخلٌفة ،وٌالحظ أن القاتل هو عامل الخلٌفة ؛ إذ لم ٌصدر أي خلٌفة أموي أمرً ا بقتل أي
كاتب دٌوانً بخالؾ ا ؼتٌا ت الكبرا فً عهد الدولة العبّاسٌة .انظر كتاب الوزراء
103م.104 والكتاب،
روٌدة رفقةم (الكاتب في حضر الخليفة) ،مجلة الفكر العربي المعاصرم بيروتم العدد .63
األولم أيارم 8310م ص.808
رضوان السٌد ،الجماعة والمجتمع والدولةم ص .83 .40
إحسان عبّاس ،عبدالحميد بن يحيت الكاتب وماتبقت من رسا لل ورسا ل سالم أبي .41
28م.30 العالء،
30م.31 المصدر السابقم .42
إحسان عبّاس ،مالمي يونانية في األدب العربي ،ط ،2المؤسسة العربٌة للدراسات .43
. 12 والنشر ،بٌروت،1993،
138م.139 المرجع السابق، .44
128؛ شوقي ضي م الفن ومذاهبل في رضوان السٌد ،الجماعة والمجتمع والدولة، .45
081
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
الهندي (دبشلٌم) والفٌلسوؾ (بٌدبا) .والمعروؾ أنه جاء بعد ابن المقفع فً حٌن نجد فً
مقدمة كتاب" كلٌلة ودِمنة" من تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام أٌة إشارة إلى هذه الحكاٌة
اإلطارٌة رؼم عودته إلى أقدم نسخة مخطوطة ع ٌِرفت حتى اآلن للكتاب .أمّا مقدمة علً
بن الشاه الفارسً كما ٌقول عبدالوهاّب ع ّزام فً مقدمة تحقٌقه"فالرٌب أنها زٌدت على
خلت منها كثٌر من النسخ ْ بعض النسخ العربٌة بعد ابن المقفع بقرنٌن أو أكثر ،وقد
العربٌة القدٌمة كنسختنا ونسخة شٌخو ،كما خلت منها التراجم التً أخذت عن العربٌة
كلها .وٌرا نلدكه أن كاتب هذه المقدمة هو علً بن محمد بن شاه الظاهري من نسل
الشاه ابن مٌكال المتوفى سنة 302هـ" ،انظر مقدمة تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام لكتاب
.44 "كلٌلة ودمنة"،
.124انظر كليلة ودمنة ،تحقٌق فوزي عطوي.
.15 .125كليلة ودمنةم تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام،
.126المصدر السابق 23 ،
.24 .127المصدر السابقم
.22 .128المصدر السابقم
.129المصدر السابق.40 ،
41م.42 .130المصدر السابق،
.131المصدر السابق .24 ،
.132المفارقة أن عد ًدا من القدامى قارنوا بٌن سٌرة الطٌبب الفارسً وسٌرة ابن المقفع.
.133المثل السا ر ،تحقٌق أحمد الحوفً وبدوي طبانة ،ط ،1دار نهضة مصر ،القاهرة،
.85 1959م ،ج،1
.862المصدر السابق ،الجزءٌ .58 ،2قول ابن األثٌر فً المصدر السابق ،الصفحة
نفسها " وأمّا القسم اآلخر الذي هو تشبٌه و استعارة فنن السبب فً استعماله هو طلب
التوسع ؼٌر .وبٌان ذلك أنه قد ثبت أن المجاز فرع عن الحقٌقة ،وأن الحقٌقة هً
األصل ،وإنما ٌُعْ دل عن األصل إلى الفرع لسبب اقتضاه ،وذلك السبب الذي ٌُعدل فٌه عن
الحقٌقة إلى المجاز إمّا أن ٌكون لمشاركة بٌن المنقول والمنقول إلٌه فً وصؾ من
األوصاؾ ،وإمّا أن ٌكون لؽٌر مشاركة".
.135أرسطوطالٌس ،فن الشعرم ترجمة وتحقٌق عبدالرحمن بدوي،ط ،1مكتبة النهضة
.182 المصرٌة ،القاهرة،1952 ،
.136مروج الذهب ومعادن الجوهر ،تحقٌق عبداألمٌر علً مهنا ،ط ،1منشورات
األعلمً ،بٌروت1411 ،هـ1991،م ،المجلد الثالث.310 ،
محمد عبدالقادر الفاضلً ،المكتبة .137الدمٌري ،حيا الحيوان الكبرى ،تحقٌق
.21وعن رؤا الحٌوانات فً العصرٌة ،صٌدا ،بٌروت1433/2012 ،هـ ،ج،1
المنام انظر أنا ّ ماري شٌمل ،أحالم الخليفةم األحالم وتعبيرها في الثقافة اإلسالمية،
منشورات الجمل ،كولونٌا ألمانٌا ،ترجمة حسام الدٌن جمال بدر ،محًٌ الدٌن جمال
بدر ،فارس فهمً شومان،محمد إسماعٌل السٌد ،بؽداد ؛ ابن سٌرٌن ،تفسير األحالم
الكبير المنسوب لإلمام محمد بن سيرين ،اعتنى به صالم عثمان عبدالحمٌد اللحام،ط،1
دار النفائس ،بٌروت1424 ،هـ2003/م.
.138حيا الحيوان الكبرى ،ج.9 ،1
085
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102
الكعبي
ّ ضياء عبدهللا خميس
.139المصدر السابق ،الصفحة نفسها ،ومن نبل األسد وشرفه أنه " ٌشرب من ماء ولػ
فٌه كلب" ولذلك أشار إلٌه الشاعر بقوله
وتجتنبُ األسو ُد ورو َد ما ٍء إذا كان الكالبُ ولؽن فٌه
من ديوان اإلمام الشافعي ،تحقٌق سالم شمس الدٌن ،ط ،1المكتبة العصرٌة ،صٌدا ،بٌروت،
1430هـ2009 /م ،150 ،انظر الدمٌري ،حيا الحيوان الكبرى،ج.9 ،1
.140ابن الندٌم ،كتاب الفإرست.296 ،
.141انظر رسالة الصاهل والشاحج ألبي العالء المعريم تحقٌق عائشة عبدالرحمن
(بنت الشاطىء) ،ط ،1دار المعارؾ ،القاهرة،د.ت.ن .تشتمل الرسالة على نقد سٌاسً
ي
واجتماعًّ للسلطتٌن السٌاسٌة والدٌنٌة فً عهد أبً العالء المعري .وقد تع ّمد المعر ّ
استخدام التعقٌد اللفظً من الحٌل اللؽوٌة والشعبذات اللفظٌة والتعقٌدات األسلوبٌة بخاصة
التورٌة وا ستطرادات العلمٌة عن طبائع الحٌوانات كما استخدم السخرٌة والتهكم .انظر
.155 العربي،
ّ محمد رجب النجّار ،التراا القصصي في األدب
السياسي في كليلة
ّ .142عن رمزٌة الكتاب ٌُنظر خلٌل أحمد خلٌل( ،رموز الوعي
11م .35مجلة دراسات عربٌة ،العدد ،1بٌروت ،السنة الثامنة عشرة، ودمنة)م
11م.35 تشرٌن الثانًم نوفمبر،1981 ،
.143كلية ودمنة ،تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام.228 ،
.144المصدر نفسل.46 ،
.145الدمٌري ،حيا الحيوان الكبرى ،ج.227 ،1
.48 .146كليلة ودمنةم تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام،
.44 .147جابر عصفور( ،بالغة المقموعين)م
.148اللسان ،مادة(حٌل).
.149العادل خضر ( ،الحيلة في األدب العربي القديم:دراسة سيموطيقية في بعض العوالم
العرفانية) ،الندوة الدولٌة (قضاٌا المنهج فً الدراسات اللؽوٌة واألدبٌة ،النظرٌة
.787 والتطبٌق) ،بحوث محكمة21 ،م1431 3/24هـ7/م،2010 3/10
.150انظر ابن الندٌم ،كتاب الفهرست.
.151السياسة والحيلة عند العربم رقا ق الحيل في دقا ق الحيل ،تحقٌق رٌنٌه خوّ ام،
مراجعة نازك ساباٌارد ،ط ،3دار الساقً ،بٌروت ،لندن2010 ،م .23 ،.وعن الحٌلة
عند العرب انظر ثابت عٌد ،الحيلة في التراا العربي ،مكتبة وهبة ،القاهرة ،ط،2
1419هـ.1998/
.152ابن مسكوٌه ،الحكمة الخالد ،تحقٌق عبدالرحمن بدوي ،القاهرة.9 ،1952 ،
.153انظر كليلة ودمنة ،تحقٌق فوزي عطوي.18 ،
18م.39 .154المصدر السابقم
.3 .155كليلة ودمنةم تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام،
.17 .156المصدر السابق،
.19 .157المصدر السابق،
.158المصدر السابق ،الصفحة نفسها.
.48 .159المصدر السابقم
.160المصدر السابق.53 ،
.50 .161المصدر السابق،
088
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل -يونيه )4102
السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"
088
حوليات آداب عين شمس -المجلد ( 24إبريل– يونيه )4102