You are on page 1of 57

‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬

‫السرديات السلطان ّية العرب ّية‬


‫مقاربة تأويل ّية ثقاف ّية لكتاب "كليلة ودِمنة"‬
‫(*)‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫الملخص‬
‫تناولت فً هذه الدراسة السردٌات السلطانٌّة العربٌّة من خالل مقاربة‬ ‫ُ‬
‫تأوٌلٌة ثقافٌة لكتاب"كلٌلة ودِمنة" بوصفه نوعً ا سردًٌا مؤسسً ا للحكاٌة التمثٌلٌة‬
‫ْ‬
‫انتظمت الدراسة‬ ‫الوعظٌة (األلٌجورٌة)‪ Allegory‬فً الثقافة العربٌّة اإلسالمٌّة‪ .‬وقد‬
‫فً مطلبٌن؛ أولها محور تأسٌسًّ ٌؤرخ ألولٌات الكتابة السلطانٌّة العربٌّة ممثلة فً‬
‫بعض رسائل عبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتب التً أنشأها بأمر من الخلٌفتٌن األموٌٌن‬
‫هشام بن عبدالملك ومروان بن محمد‪ ،‬والمطلب الثانً مقاربة تأوٌلٌّة ثقافٌّة لكتاب‬
‫كشفت بوساطتها اشتمال الكتاب على نسقٌن‬ ‫ُ‬ ‫"كلٌلة ودِمنة" من تفسٌر ابن المقفع‬
‫ثقافٌٌن متعارضٌن؛ النسق الظاهر الذي ٌرسخ القمع السلطانًّ واحترام المراتبٌات‬
‫الطبقٌة فً حٌن ٌفكك النسق الباطن إٌدٌولوجٌة القوة وٌحتفً بانتصار العقل الذي‬
‫ٌمثله المثقؾ السلطانًّ على القوة التً ٌمثلها الحاكم‪ .‬وذلك فً سٌاق مشروع‬
‫تأسٌسًّ أراد من خالله ابن المقفع إحداث شراكة حقٌقٌة بٌن مؤسسة السلطة العبّاسٌة‬
‫ممثلة فً الخلٌفة العبّاسً (أبً جعفر المنصور) ومؤسسة الكتاب السلطانٌٌن‬
‫بواس طة "عقد اجتماعً" قائم بٌن الطرفٌن؛ وأي خروج على هذا العقد من قبل‬
‫السلطة السٌاسٌة ٌعنً انهٌارها وإقامة دولة (العقل) على أنقاضها‪ .‬وقد عضّدت‬
‫التمثٌالت الرمزٌة األلٌجورٌة وحجاج القوة والعقل هذا المنحى فً الكتاب‬

‫* قسم اللؽة العربٌّة والدراسات اإلسالمٌة ‪ -‬كلٌة اآلداب‪ -‬جامعة البحرٌن‬


‫‪10‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
ّ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
Arabic Sultanic Narratives: An Interpretative Cultural
Approach to the Book of “Kalila wa Dimna”

Dheya Abdulla khamis Al_Kaabi


Abstract
This research discusses the Arabic sultanic narratives through an
interpretive cultural approach to the book of Kalila wa Dimnah as a narrative
genre that institutes for the exemplifying exhortative narration –the allegory
– in Arab-Islamic Culture. The study has been arranged in two themes: An
establishing axis that historicizes the principals of imperial (sultan) Arabic
writings as represented in some of Abdel Hemmed bin Yahya Al Kateb
letters, induced through the instructions of two Umayyad Caliphs – Hisham
bin Abdel Malek and Marwan bin Muhammad. The second theme is an
interpretative cultural approach to the book of Kalila wa Dimna as
interpreted by Ibn al Muqaffa’, through which I reveal that the book
embodies two contradicting cultural patterns. The apparent pattern which
firmly establishes the authoritative imperial or sultanic repression and the
respects of hierarchal ranks, whereas the concealed pattern deconstructs the
ideology of power and honors the triumph of the mind and reason
represented by the imperial sultanic intellectual in the context of a founding
project through which Ibn Al Muqaffa’ sought to create a true partnership
between the governing establishment represented by Abu Ja’far Al Mansour,
the Abbasid Caliph and the establishment of the imperial sultanic writers
through a “social contract” between the two; any violation of this contract on
the part of the political authority will mean its collapse and the elevation of
the intellect state on its ruins. The allegorical symbolic representations and
the argument of power and reason have supported this trend in the book.

14
)4102 ‫ يونيه‬- ‫ (إبريل‬24 ‫ المجلد‬- ‫حوليات آداب عين شمس‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫أنتجتتت اآلداب الستتلطانٌّة فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة فتتً العصتتر الوستتٌط‬
‫متو ًنا ضتخمة متن التتفلٌؾ فتً مصتنفات عتدة تنوعتت بتٌن األدبتًّ النثتريّ والشتعريّ‬
‫والفقهتتًّ الشتترعًّ والسٌاستتًّ علتتى متتدا قتترون متطاولتتة امتتتدت منتتذ نهاٌتتة العصتتر‬
‫األمويّ إلتى قترون متتأخرة‪ ،‬وفتً رقعتة جؽرافٌّتة مترامٌتة األطتراؾ شتملت المشترق‬
‫العربتتًّ والؽتترب اإلستتالمًّ ‪ .‬واآلداب الستتلطانٌّة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة هتتً فتتً األصتتل‬
‫نصتتائم موجهتتة متتن المثقفتتٌن الستتلطانٌٌن والفقهتتاء إلتتى الخلفتتاء والملتتوك والستتالطٌن‬
‫واألمتتراء ترستتخ حقهتتم اإللهتتًّ فتتً الحكتتم وف ًقتتا ( لنظرٌتتة ا ستتتخالؾ فتتً األرض‬
‫اإلسالمٌة(‪ ،))1‬وترسم لهم استراتٌجٌات فاعلة للتعامتل متع الرعٌتة(‪)2‬متع الحفتاظ علتى‬
‫التراتبٌات السٌاسّة وا جتماعٌّة بٌن الطرفٌن(الحتاكم والرعٌتة) فتً عتالم ستكونًّ قتار‬
‫ثابتتت ٌتؽٌتتر؛ فتتالتؽٌّر معنتتاه" تشتتوّ ف العتتالم وفستتاد األمتتور‪ ،‬واختتتالط الطبقتتات‪،‬‬
‫وضٌاع المراتب واألقدار‪ ،‬واألمور فً ذلتك كلّته تجتري علتى مثتال واحتد ٌنتهتً إلتى‬
‫األمتر الخطٌتتر الجستتٌم‪ ،‬متتن مزاحمتة الملتتك علتتى ملكتته‪ ،‬ومضتادته فٌتته"(‪ )3‬كمتتا ٌقتتول‬
‫الفٌلسوؾ (بٌدبا) فً خطابته إلتى الملتك (دبشتلٌم) فتً بتاب (الناستك والضتٌؾ)‪ ،‬وهتذا‬
‫هو الخطاب الظاهر لبعض مصنفات أدب (مراٌا األمراء اإلسالمٌة) فتً حتٌن ٌرستخ‬
‫خطابها الباطن المضمر خطابًا ناقضً ا للخطاب الظاهر‪.‬‬
‫حظتتً موضتتوع اآلداب الستتلطانٌّة بعناٌتتة عتتدد كبٌتتر متتن البتتاحثٌن والباحثتتات‬
‫العتترب والمستشتترقٌن والمستتتعربٌن نظتترً ا لمركزٌتتته فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة؛‬
‫وهً تلك األهمٌة والمركزٌة التً كان من نتاجهتا تلتك المتتون الضتخمة متن التتفلٌؾ‪.‬‬
‫وهنتتا تتتأتً أهمٌتتة المقاربتتات التأوٌلٌّتتة الثقافٌّتتة لموضتتوع اآلداب الستتلطانٌّة العربٌّتتة‬
‫اإلستتالمٌّة لتتبتتع هتتذا النتتوع الستترديّ الناشتتىء فتتً ستتٌاق األنستتاق الثقافٌّتتة المنتجتتة‬
‫والحاضنة له‪.‬‬
‫تسعى هذه الدراسة إلنجاز مقاربة تأوٌلٌّة ثقافٌّة سردٌة لكتاب "كلٌلتة ودِمنتة"‬
‫بن المقفع (المقتول سنة ‪024‬هـ)‪ .‬ولقتد كتان اختٌارنتا لهتذا األنمتوذج السترديّ متأتًٌتا‬
‫من خطابه الرمزيّ التمثٌلًّ القائم على القت بلستان الحٌتوان لخلتق مجتازات تمثٌلٌتة‬
‫سردٌة وأقنعة رمزٌة ٌختبئ خلفها صتوت المؤلتؾ الستارد التذي ٌبتث رستائل سٌاستٌة‬
‫موجهة إلى الخلٌفة العبّاسً أبً جعفتر المنصتور(ت ‪051‬هتـ)‪ .‬كمتا ٌعتد كتتاب "كلٌلتة‬
‫ودِمنة" النوع السرديّ المؤسس للحكاٌة التمثٌلٌّة الوعظٌّة(األلٌجورٌتة(‪Allegory ))4‬‬
‫فتتً األدب العربتتًّ القتتدٌم‪ ،‬ممتتا ٌمثتتل الخطتتورة التتتً رستتخها هتتذا المؤلتتؾ الستتلطانًّ‬
‫لجعتتل اإلٌتتدٌولوجٌا الكستتروٌة الساستتانٌّة األستتاس التتذي ستتارت علتتى منوالتته اآلداب‬
‫السلطانٌّة العربٌّة التالٌة له‪.‬‬
‫ٌُعتتد كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" أول أثتتر ستترديّ مطتتوّ ل ظهتتر فتتً عصتتر التتتدوٌن‬
‫الكتابًّ فً الثقافة العربٌّة اإلسالمٌّة؛ و سٌّما أنه لم ٌكتن مجترد نقتل وترجمتة حرفٌتة‬
‫قام بها ابتن المقفتع ؛ فقتد أضتاؾ إلٌته إبداعته الكتتابًّ وبخاصتة تصتدٌر الكتتاب وبتاب‬
‫‪18‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫(‪)5‬‬
‫(ستتٌرة الطبٌتتب الفارستتً برزوٌتته بتتن البختكتتان) وبتتاب(الفح عتتن أمتتر دِمنتتة) ‪.‬‬
‫والتتدلٌل علتتى تتتأثٌر هتتذا النتتوع الستترديّ الجدٌتتد فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة إنتاجتته‬
‫معارضتتات شتتعرٌة ونثرٌة(ستتردٌة) ستتارت علتتى منوالتته(‪ .)6‬و ٌعنتتً هتتذا الكتتالم أن‬
‫تت هتذه اآلداب‬ ‫"كلٌلة ودِمنة" هً النوع المؤسس لتدداب الستلطانٌّة العربٌّتة؛ فقتد أُسِ َس ْ‬
‫فتتً رستتائل ستتالم أبتتً العتتالء وعبدالحمٌتتد بتتن ٌحٌتتى الكاتتتب فتتً عهتتدي هشتتام بتتن‬
‫عبدالملك ومروان بن محمد أواختر العصتر األمتويّ _كمتا ستنبٌنم ممتا ٌفنتد اإلدعتاء‬
‫القائتتل بتتأن نشتتأة اآلداب الستتلطانٌّة العربٌّتتة كانتتت نشتتأة أجنبٌتتة خالصتتة (ٌونانٌتتة أو‬
‫فارسٌّة)‪.‬‬
‫وبختتتتالؾ المصتتتتنفات الفقه ٌّتتتتة للسٌاستتتتة الشتتتترعٌّة "كاألحكتتتتام الستتتتلطانٌّة"‬
‫للمتتاوردي (ت‪251‬هتتـ ) و"السٌاستتة الشتترعٌّة" بتتن تٌمٌتتة(ت ‪841‬هتتـ) التتتً ترستتخ‬
‫الحتتق اإللهتتًّ للخلٌفتتة أو الستتلطان فتتً الحكتتم المستتتندة إلتتى نظرٌتتة (ا ستتتخالؾ فتتً‬
‫األرض اإلسالمٌّة) فتنن هتذا المؤلتؾ الرمتزي السترديّ التمثٌلتًّ المختاركتتاب" كلٌلتة‬
‫كبٌتر متن الخطتورة واألهمٌتة‬ ‫ٍ‬ ‫ودِمنة" ٌحوي فً باطنه أنسا ًقا ثقافٌّة باطنة على جانت ٍ‬
‫ب‬
‫فً سعٌه لتحقٌق تحالؾ أبدي بٌن المثقؾ(العقل) والسلطان(القوة) فً مشتروع ٌرستخ‬
‫التراتبٌتتات الطبق ٌّتتة والسٌاس ت ٌّة فتتً ستتٌاق اإلٌتتدٌولوجٌا الكستتروٌة الساستتانًّ ّ َ ة فتتً‬
‫حتتٌن ٌشتتتمل نستتقه البتتاطن علتتى تفكٌتتك لتلتتك المراتبٌتتات الستتلطانٌّة فتتً احتفائتته بدولتتة‬
‫(العقل) ونقضه لدولة (القوة)‪.‬‬
‫لتن تهمتل المقاربتة التأوٌلٌّتة تفكٌتك األنستاق الثقافٌّتة الحاكمتة للنتوع السترديّ‬
‫التتذي اخترنتتاه؛ أي الحكاٌتتة التمثٌل ٌّتتة الوعظ ٌّتتة (األلٌجورٌتتة) ممثلتتة فتتً كتتتاب "كلٌلتتة‬
‫ودِمنتتتة"؛ فتتتاآلداب الستتتلطانٌّة ظهتتترت فتتتً الدولتتتة العرب ٌّتتتة اإلستتتالمٌّة بفعتتتل التحتتتوّ ل‬
‫السٌاسًّ الحادث فً انتقال الخالفة إلى مؤسسة المُلك وبفعل التأثر بتاآلداب الستلطانٌّة‬
‫الساستتانٌّة والٌونانٌة(الهٌلنستتتٌّة) إلتتى جانتتب الصتتبؽة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة لتلتتك اآلداب‪.‬‬
‫كمتتا أن َ َ موقتتع المثقتتؾ الستتتلطانًّ أو كاتتتب التتدٌوان تتتتأثر أٌضً تتا بهتتذه التحتتتو ت‬
‫الجارٌة فً العصر العباّسًّ ‪ ،‬وتذبذبت مكانته بتٌن ا رتقتاء وا نخفتاض لٌصتبم عتٌن‬
‫السلطان وٌده التً تتبطف متن ختالل منصتب التوزارة وبتٌن اإلقصتاء والتؽٌٌب(القتتل‬
‫والمصادرة)‪.‬‬
‫تنتتتظم هتتذه الدراستتة فتتً محتتورٌن رئٌستتٌٌن؛ المحتتور األول محتتور تأسٌستتًّ‬
‫ٌتتؤرخ ألولٌتتات الكتابتتة الستتلطانٌّة فتتً الثقافتتة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة متمثلتتة فتتً أصتتولها‬
‫العربٌّة األولى مثل (رسالة إلى الكتاب) لعبدالحمٌد بن ٌحٌتى الكاتتب( ‪084‬هتـ ) التتً‬
‫أنشأها فً نهاٌات العصر األمويّ وعهد مروان بن محمد بنته عبٌتد ‪ ،‬ولتً عهتده‪،‬‬
‫ثم ظهور "مراٌا األمراء" ممثلة فً تفسٌر ابن المقفتع لكتاب"كلٌلتة ودِمنتة"‪ .‬والمحتور‬
‫الثانً ٌتضمن مقاربة تأوٌلٌّة ثقافٌّة لكتاب "كلٌلتة ودِمنتة" متن ختالل تفكٌتك الخطتاب‬
‫الستترديّ الستتلطانًّ متتن جدلٌتتة القتتوة والعقتتل وللٌاتهمتتا الستتردٌة مثتتل الحِجتتاج الستترديّ‬
‫والحٌلة فً مدونة الدرس‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫عتزام لكتاب"كلٌلتة ودِمنتة"‬‫وقد اعتمتدنا فتً هتذه الدراستة تحقٌتق عبتدالوهاب ّ‬
‫لكون الكتاب المح ّقق ٌعود إلى أقدم نسخة مخطوطة من كتاب "كلٌلة ودمنة" مؤرختة‬
‫بتتالقرن الستتابع الهجتتري(‪801‬هتتـ)‪ .‬وقتتد عثتتر علٌهتتا المحقتتق فتتً مكتبتتة أٌتتا صتتوفٌا‬
‫بأستتتطنبول‪ ،‬وهتتتً نستتتخة كمتتتا ٌقتتتول " أقتتتدم متتتن كتتتل المخطوطتتتات التتتتً وصتتتفها‬
‫المستشتترقون‪ ،‬وأقتتدم متتن نستتخة شتتٌخو المكتوبتتة ستتنة ‪887‬هتتـ"(‪ .)7‬واإلشتتارة الوحٌتتدة‬
‫التً عدنا فٌها إلى تحقٌق األب لوٌس شٌخو هً حتدٌثنا عتن "بتاب الناستك والضتٌؾ"‬
‫كمتتا استتتفدنا متتن تحقٌتتق فتتوزي عطتتوي لبٌتتان الحكاٌتتة اإلطارٌتتة (قصتتة الملتتك دبشتتلٌم‬
‫والفٌلسوؾ بٌدبا)‪ ،‬التً لم ترد فً نسخة عبدالوهّاب ّ‬
‫عزام‪.‬‬

‫‪ -‬الدراسات السابقة للموضوع‪:‬‬


‫االنطباعي الذاتي‬
‫ّ‬ ‫والتلقي‬
‫ّ‬ ‫ابن المقفع‬
‫كان ابن المقفتع موضتوعً ا جاذبًتا لمقاربتات منهجٌتة حدٌثتة تناولتته‪ .‬وقتد أفترد‬
‫بعض الباحثٌن كتبًا كاملة للحدٌث عن هذا الكاتب المخضرم الذي توزعت حٌاتته بتٌن‬
‫عصرٌن؛ األمويّ والعبّاسًّ ‪ .‬و تخلو بعض المقاربات العربٌّتة التارٌخٌّتة التتً دارت‬
‫تتتق انطبتتتتاعً كمتتتتا هتتتتو حتتتتال دراستتتتة محمتتتتد ؼفرانتتتتً الخراستتتتانًّ‬
‫حولتتتته متتتتن تلت ٍ‬
‫ً‬
‫الموستومة"عبد ابتن المقفتع"؛ فقتتد تعصتب الباحتث بتن المقفتتع تعصتبًا شتدٌدا ونفتتى‬
‫عنه تهمتً الزندقة والشعوبٌة وجعله ضحٌة لتجاذبات األهتواء السٌاستٌّة العبّاستٌة فتً‬
‫عصره‪ ،‬كما نجد التلقً المتعاطؾ فً كتابة أحمد أمٌن عن ابن المقفع فً كتابته"ظهر‬
‫اإلسالم"‪ .‬أمّا قتراءة طته حستٌن بتن المقفتع فتً كتابته"من حتدٌث الشتعر والنثر"فقتد‬
‫عدته"مستشر ًقا كؽٌره من المستشرقٌن‪ٌ ،‬حسن اللؽة العربٌّة فهمًا‪ ،‬وربمتا أعٌتاه األداء‬
‫فٌهتتا"(‪ .)8‬وتمثتتل قتتراءة عبتتداللطٌؾ حمتتزة بتتن المقفتتع فتتً كتابتته"ابن المقفتتع" قتتراءة‬
‫النقٌض لتلقً الخراسانً وأحمد أمٌن؛ فقد تعصب عبد اللطٌؾ حمزة ضد ابتن المقفتع‬
‫فً الكتاب إلى درجة جعلت أحمد أمٌن فً تصتدٌره لكتتاب حمتزة ٌشتٌر إلتى اختالفته‬
‫مع الباحث فً منظوره‪.‬‬

‫‪ -‬المقاربات االستشراق ّية البن المقفع‬


‫ّ‬
‫مثلتتت المقاربتتات ا ستشتتراقٌّة مصتتدرً ا مهمًتتا للحتتدٌث عتتن الفكتتر السٌاستتًّ‬
‫اإلسالمًّ ‪ .‬ومن أهم الدراسات فً هذا الموضوع دراستة المستشترقة إ‪.‬ك‪.‬س مبتتون‬
‫‪ A.K.S.Lambton‬وعنوانها" ‪Theory and Practice in Medieval Persian‬‬
‫‪ ""Government‬النظرٌة والتطبٌق فتً نظتام الحكتم الفارستً فتً العصتر الوستٌط"‬
‫الصتتادرة عتتام ‪0711‬م‪ .‬تناولتتت مبتتتون فتتً مقاربتهتتا التارٌخٌتتة مقدمتتة عتتن الفكتتر‬
‫السٌاسًّ اإلسالمًّ كما تناولت مفاهٌم الملك الوراثًّ الفارسًّ ونظتام الخالفتة العربٌّتة‬
‫اإلستتالمٌّة منتتذ نشتتأتها إلتتى ظهتتور دولتتة الستتالجقة ‪ .‬وقتتد ر ّكتتزت مبتتتون فتتً هتتذه‬
‫المقاربتتة كتتذلك علتتتى "أدب مراٌتتا األمتتراء اإلستتتالمٌّة ‪Islamic Mirrors for‬‬
‫‪15‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫‪ ،Princes‬وأ ّكدت علتى تدشتٌن ابتن المقفتع لهتذا النتوع متن األدب فتً الثقافتة العربٌّتة‬
‫اإلسالمٌّة فً العصر العبّاسًّ األول لترسٌخ أنموذج الحكم المثتالًّ للخالفتة العبّاستٌة‬
‫على ؼرار أنظمة الحكم الملكٌة الساسانٌّة‪ .‬ورؼم حدٌث مبتون عن وجتود متؤثرات‬
‫تأثر بها "أدب مراٌا األمراء اإلستالمٌّة"‪ ،‬ورؼتم حتدٌثها كتذلك عتن‬ ‫ٌونانٌة وبٌزنطٌّة ّ‬
‫تمثلتت فتً نظرٌتة الحكتم عنتد الختوارج لصمامتة بصتٌؽتٌه‬ ‫خصوصٌة عربٌّة إستالمٌّة ّ‬
‫المعتدلتتة والمتطرفتتة وكتتذلك نظرٌتتة اإلمامتتة الشتتٌعٌّة والستتلطة النقلٌتتة ال ُستتنٌة إ أنهتتا‬
‫قصتترت التتتأثٌر األكبتتر فتتً هتتتذه اآلداب الستتلطانٌّة العربٌّتتة علتتى التتتأثٌر الساستتتانًّ‬
‫الفارسًّ وناقله إلى العربٌّة عبد بن المقفع‪.‬‬
‫قت ّدم المستشترق أنطتونً بتالك ‪ Antony Black‬فتً كتابته" ‪The History‬‬
‫"‪ of Islamic Political Thought‬الصتادر عتام ‪4110‬م مقاربتة تارٌخٌتة ثقافٌّتة‬
‫بانورامٌتتة شتتاملة ستقصتتاء تتتارٌخ الفكتتر السٌاستتًّ اإلستتالمًّ منتتذ عصتتور اإلستتالم‬
‫البتتاكرة إلتتى العصتتر الحاضتتر التتذي أسماه"األصتتولٌة اإلستتالمٌّة"‪ ،‬وٌتتؤرخ لتته بعتتام‬
‫‪0744‬م‪ .‬وقتتد أراد بتتالك فتتً مقاربتتته هتتذه تجتتاوز القصتتور التتذي وجتتده فتتً مقاربتتات‬
‫المستشتتترقٌن التتتذٌن ستتتبقوه فتتتً الكتابتتتة عتتتن هتتتذا الموضتتتوع مثتتتل متتتونتؽمري وات‬
‫و مبتون؛ فقد وصؾ مقارباتهم بالستطحٌة التتً لتم تتعمتق فتً دراستة بنٌتة المجتمتع‬
‫اإلستتالمًّ التتتً ٌتشتتابك فٌهتتا الفكتتر السٌاستتًّ بالشتترٌعة واألختتالق والفلستتفة وبالؼتتة‬
‫الخطتتاب الستتلطا ّنً وبالؼتتة الخطابتتات الشتتعبٌّة‪ .‬كمتتا هتتدفت مقاربتتة بتتالك إلتتى إجتتراء‬
‫وحتدٌثا كتً نصتل‬‫ً‬ ‫دراسة مقارنة بٌن الفكر السٌاستًّ اإلستالمًّ والفكتر الؽربتًّ قتدٌمًا‬
‫ّ‬
‫إلى فهم أعمق لصسالم المعاصر‪ ،‬ولهذا امتدت مقاربته منذ مراحل التشكل اإلسالمًّ‬
‫البتتتاكر ممتتتثالً فتتتً دعتتتوة النبتتتً محمتتتد صتتتلى علٌتتته وستتتلم إلتتتى مرحلتتتة ظهتتتور‬
‫اإلمبراطورٌتتات اإلستتالمٌّة الحدٌثتتة ممثلتتة فتتً اإلمبراطورٌتتة العثمانٌّتتة‪ ،‬كمتتا أطلتتق‬
‫علٌها‪ ،‬وإمبراطورٌة المؽول اإلسالمٌّة فً دلهً متن ‪0441‬م‪0511‬م‪ ،‬ثتم انتقتل إلتى‬
‫مرحلة التأثر الؽربًّ (اإلسالم وأوروبا) من الربع األول من القترن التاستع عشتر إلتى‬
‫العصتتر الحاضتتر‪ .‬ومتتا ٌمٌتتز مقاربتتة بتتالك استتتخدامه المصتتطلحات العرب ٌّتتة الخاصتتة‬
‫بتتالفكر السٌاستتًّ مكتوبتتة كتابتتة صتتوتٌة كمتتا أن المنحتتى المقتتارن فتتً دراستتته ٌجعتتل‬
‫دراسته ذات طبٌعة بنٌوٌة وثقافٌّة عمٌقة فً فهم تشكالت الفكر السٌاسًّ اإلسالمًّ ‪.‬‬
‫تندرج قراءة المستعرب الفرنستًّ المعاصتر دومٌنٌتك أورفتوا بتن المقفتع فتً ستٌاق‬
‫بحثه عن المفكرٌن التنوٌرٌٌن فً اإلسالم‪ .‬ولقد جمتع كتابته" المفكترون األحترار فتً‬
‫اإلسالم" الصادر عام ‪4118‬م(‪ )9‬بعض المفكرٌن الذٌن ٌنتمون إلى مرجعٌتات فكرٌتة‬
‫وعقائدٌة مختلفة مثل ابن المقفع وحُنٌن ابتن استحق وابتن الراونتديّ والبلختًّ وأبتوبكر‬
‫التترازيّ والمعتتريّ وابتتن كمّونتتة‪ .‬وقتتد اشتتتؽل أورفتتوا فتتً مبحتتث ابتتن المقفتتع اشتتتؽا ً‬
‫تأوٌل ًٌتتا ثقاف ًٌتتا لمستتاءلة قضتتٌة كبتترا فتتً مصتتنفات ابتتن المقفتتع وهتتً التعتتارض بتتٌن‬
‫الروحتتتًّ والزمنتتتًّ ‪ .‬ونظتتتر المؤلتتتؾ إلتتتى "رستتتالة الصتتتحابة" بتتتن المقفتتتع علتتتى أن‬
‫المقصتتود منهتتا "كتتان إستتماع صتتوت الكاتتتب لستتلطة كبٌتترة وصتتول إلٌهتتا إ عبتتر‬
‫‪18‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫مراسم معٌنة‪ ،‬تؤلؾ زخرفة األدب الكبٌر جزءًا منها (على منوال األسلوب التعبٌتريّ‬
‫لكتاب الدواوٌن)"(‪.)10‬‬

‫الثقافي‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬مقاربات عرب ّية البن المقفع في سياق التاريخ‬
‫للناقتد و المحقتتق إحستتان عبّتاس فضتتل كبٌتتر فتتً تدشتٌن ا شتتتؽال النقتتديّ فتتً‬
‫مجتتال اآلداب الستتلطانٌّة وذلتتك فتتً أكثتتر متتن كتتتاب مثتتل تحقٌقتته لعهتتد أردشتتٌر بتتن‬
‫بابتتك‪0788،‬م وكتتتاب"مالمم ٌونانٌّتتة فتتً األدب العربتتًّ "‪0788 ،‬م و"ابتتن رضتتوان‬
‫وكتابته فتتً السٌاستتة"‪0710،‬م‪ ،‬و"عبدالحمٌتتد بتتن ٌحٌتتى الكاتتتب ومتتا تبقتتى متتن رستتائله‬
‫ورسائل سالم أبً العالء"‪0711 ،‬م‪ .‬لقد اجتهد إحسان عبّاس فتً استقصتائه التتارٌخًّ‬
‫جتدا فتً عالقتة األدب بالسٌاستة بترزت منتذ العصتر‬ ‫الدقٌق للبحث فً مناطق إشكالٌة ً‬
‫األمتتويّ ‪ ،‬كمتتا أنتته اجتهتتد فتتً بٌتتان طبٌعتتة المتتؤثرات اإلؼرٌق ٌّتتة (الٌونان ٌّتتة) والفارستٌّة‬
‫الساسانٌّة فً اآلداب السلطانٌّة العربٌّة مخال ًفا بذلك بعض المستشترقٌن التذٌن اعتمتدوا‬
‫المؤثر الفارسًّ الساسانًّ وحده‪ .‬وعبّاس لم ٌقتصر علتى اآلداب الستلطانٌة المشترقٌة‬
‫وإنما تخطاها إلى اآلداب الستلطانٌة فتً الؽترب اإلستالمًّ فتً تناولته لكتتاب" الشتهب‬
‫الالمعة فً السٌاستة النافعتة" بتن رضتوان األندلستًّ (ت ‪818‬هتـ)‪ .‬وفتً هتذا الستٌاق‬
‫نفستته تتتأتً مقاربتتات وداد القاضتتً التتتً ركتتزت علتتى الفكتتر السٌاستتًّ فتتً الؽتترب‬
‫اإلسالمًّ من زاوٌة التارٌخ الثقافًّ ‪ ،‬وذلك فتً تناولهتا ل"جوانتب متن الفكتر السٌاستًّ‬
‫للسان التدٌن بتن الخطٌتب" وكتذلك فتً تناولهتا "للنظرٌتة السٌاستٌّة للستلطان أبتً حمتو‬
‫الزٌانًّ الثانًّ "‪.‬‬
‫ومتتتن المقاربتتتات التتتتً اهتمتتتت بقضتتتٌة تشتتتكالت اآلداب الستتتلطانٌّة العرب ٌّتتتة‬
‫دراستتة"الكاتب والستتلطان‪ ،‬دراستتة فتتً ظهتتور كاتتتب التتدٌوان فتتً الدولتتة اإلستتالمٌّة"‬
‫للباحتتث اإلستتالمًّ رضتتوان الستتٌد وذلتتك ضتتمن كتابه"الجماعتتة والمجتمتتع والدولتتة‪،‬‬
‫سلطة اإلٌدٌولوجٌا فً المجال السٌاسًّ العربًّ "‪ .‬وتنتدرج مقاربتة رضتوان الستٌد فتً‬
‫إطار متا أطلتق علٌته"التارٌخ الثقتافًّ " العربتًّ اإلستالمًّ التذي بتدأ كمتا ٌحتدده بالجٌتل‬
‫الثالث من كتاب التارٌخ العربًّ اإلسالمًّ ممثالً فً(عبد العروي‪ ،‬وإحستان عبّتاس‬
‫وهشتتام جعتتٌط ومحمتتد عابتتد الجتتابري وعلتتً أوملٌتتل)‪ .‬ومتتن المفتتاهٌم المفتتاتٌم التتتً‬
‫وظفها السٌد فً مقاربته الوحدة والجماعة واألمتة والستلطة‪ .‬ومقاربتته لكاتتب التدٌوان‬ ‫ّ‬
‫هتتً مقاربتتة تفكٌكٌّتتة ثقافٌتتة بنٌوٌتتة لظهتتور هتتذا الكاتتتب فتتً دولتتة الخالفتتة العربٌّتتة‬
‫اإلسالمٌّة ممثالً بسالم أبً العالء وعبدالحمٌد بن ٌحٌتى الكاتتب اللتذٌن ٌمتثالن مرحلتة‬
‫"تكوٌنٌة" فً مجتال نشتأة كاتتب التدٌوان فتً الدولتة اإلستالمٌّة ثتم ظهتور "أدب مراٌتا‬
‫األمراء اإلسالمٌّة" مع كتاب"كلٌلتة ودمنتة" بتن المقفتع و"النمتر والثعلتب" لستهل بتن‬
‫هارون واألسد والؽوّ ا " لكاتب مجهول من القرن الخامس للهجترة‪ ،‬وانتهتاء كاتتب‬
‫التتتدٌوان اإلستتتالمًّ إلتتتى أنمتتتوذج كاتتتتب التتتتدبٌر الساستتتانًّ بعتتتد ظهتتتور فئتتتة"أرباب‬
‫الستتٌوؾ" وفئتتة "أربتتاب القلتتم" فتتً عصتتر الستتالجقة‪ ،‬وانكستتار مشتتارٌع الشتتراكة بتتٌن‬

‫‪18‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫المثقتؾ ودولتة القتتوة منتذ العصتر العبّاستتً األول‪ .‬ومتا ٌمٌتز مقاربتتات رضتوان الستتٌد‬
‫أنهتتتا عُضتتتدت بتحقٌقاتتتته فتتتً هتتتذا المجتتتال‪ ،‬ومثتتتال علتتتى ذلتتتك تحقٌقتتته لكتاب"األستتتد‬
‫والؽوّ ا "‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫تشتتتؽل مقاربتتة مهنتتد مبٌضتتٌن فتتً "أنتتس الطاعتتة‪ ،‬السٌاستتة والستتلطة فتتً‬
‫اإلستتالم" الصتتادرة عتتام ‪4104‬م علتتى مستتألة الستتلطة السٌاستتٌة فتتً اإلستتالم‪ .‬وقتتد‬
‫تث ّ ل استتتقراء الخبتتر التتتارٌخً(خبر ستتقٌفة بنتتً ستتاعدة) الحتتدث السٌاستتًّ األكبتتر‬ ‫مت ّ‬
‫المحرك لتفاعالت اإلسالم السٌاسًّ وإشكالٌاته فً العصتور التالٌتة‪ ،‬وبخاصتة العالقتة‬
‫الشائكة الرابطة بٌن المثقؾ والسلطان فً الوعً الثقافًّ العربًّ الباكر‪ .‬وكان وقتوؾ‬
‫الكاتب فً الفصل األخٌر من الكتاب عند كاتبٌن هما عبدالحمٌد الكاتب وابن المقفع‪.‬‬

‫‪ -‬دراسات عربية تحمل اسم "اآلداب السلطانية"‪:‬‬


‫ظهرت دراستان عربٌتان حدٌثتان تحمتالن استم "اآلداب الستلطانٌّة"؛ األولتى‬
‫تارٌخًٌا‪ ،‬مقاربتة الباحتث المؽربتًّ كمتال عبتداللطٌؾ "فتً تشترٌم أصتول ا ستتبداد‪،‬‬
‫قتتراءة فتتً نظتتام اآلداب الستتلطانٌة‪ ،0777،‬وقتتد كتتان طمتتوح الباحتتث كبٌتترً ا ٌتتروم‬
‫اإلحاطة بمجال السٌاسًّ فً اإلستالم متن ختالل مختلتؾ تجلٌاتته وتمظهراتته النظرٌتة‬
‫المتنوعة‪ .‬ولكن بسبب ضخامة المشروع واحتٌاجه إلى جهود بحثٌتة مؤسستٌة اقتصتر‬
‫تناولتته علتتى "قتتراءة اآلداب الستتلطانٌّة العرب ٌّتتة" لتشتتكل خطتتوة فتتً مخطتتط أكبتتر فتتً‬
‫البحث ٌتخص فً "الكتابة السٌاستٌّة فتً اإلستالم"‪ .‬وقتد شتملت دراستته بٌتان حتدود‬
‫اآلداب السلطانٌّة ونظام اآلداب السلطانٌّة ومحدودٌة هذه اآلداب‪.‬‬
‫العتالم"اآلداب الستلطانٌّة‪ ،‬دراستة‬‫ّ‬ ‫وتندرج مقاربة الباحث المؽربتًّ عزالتدٌن‬
‫فتً بنٌتتة وثوابتت الخطتتاب السٌاستًّ "‪4118،‬م فتتً المجتال نفستته‪ .‬وقتد جتتاءت مقاربتتته‬
‫البنٌوٌة المورفولوجٌة فً قسمٌن كبٌرٌن؛ األول تناول فٌته محتددات الكتابتة السٌاستٌّة‬
‫الستتلطانٌّة متتن مورفولوجٌتتة األدب الستتلطانًّ وأدبٌتتة التتن الستتلطانًّ بتتٌن المؤلتتؾ‬
‫والنتوع‪ ،‬والقستتم الثتانً تنتتاول فٌتته مفهتوم الستتلطان ومفهتتوم الرتبتة الستتلطانٌّة ومفهتتوم‬
‫الرعٌة‪ .‬وقد اشتملت مدوّ نتة البحتث علتى خمستٌن أنموذجً تا ستلطانًٌا عربًٌتا ٌنتمتً إلتى‬
‫اآلداب الستتلطانٌّة المشتترقٌّة والمؽرب ٌّتتة‪ .‬وتتتأتً هتتذه ا لتفاتتتة متتن الباحتتث إلتتى اآلداب‬
‫السلطانٌة التً ظهرت فً الؽترب اإلستالمً (المؽترب واألنتدلس) فتً وقتت تركتزت‬
‫فٌه معظم دراسات الباحثٌن العرب على اآلداب السلطانٌّة المشرقٌّة باستثناء دراستات‬
‫إحس تان ع ّبتتاس ووداد القاضتتًّ ‪ .‬وقتتد خل ت الباح تث إلتتى نتٌجتتة مفادهتتا وحتتدة اآلداب‬
‫السلطانٌّة العربٌّة وانتظامها فً نوع واحد رؼم اختالؾ مرجعٌاتها ومنظوماتهتا التتً‬
‫صدرت عنها‪.‬‬

‫الدراسات التأويل ّية لكتاب "كليلة ودِمنة"‪:‬‬


‫ً‬
‫واحتدا وذلتك‬ ‫عد الناقد خلٌل أحمد خلٌل كتاب"كلٌلة ودمنة" مرجعتا أستطورًٌا‬

‫‪11‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫فتتً دراستتته"رموز التتوعً السٌاستتًّ فتتً كلٌلتتة ودمنتتة"‪ ،‬وقتتد أراد الناقتتد فتتً مقاربتتته‬
‫التحلٌلٌة الرمزٌة األسطورٌة الكشؾ عن جتذور التوعً اإلنستانًّ المتحكمتة بأوالٌتات‬
‫وجتتدلٌات الصتتراع بتتٌن القتتوا التتتً تتنتتازع البقتتاء كمتتا تتنتتازع الستتلطة ذاتهتتا‪ .‬وتقتتوم‬
‫مقاربتتته علتتى تحلٌتتل مقتتارن لبٌتتان خطتتابٌن فتتً الكتتتاب همتتا الخطتتاب األستتطوريّ‬
‫والخطاب السٌاسًّ ‪ .‬ونحن نتحفظ على جعل الناقد كتاب"كلٌلتة ودمنتة" ذي مرجعٌتات‬
‫أسطورٌة ؛ فالكتاب ٌأتً فً سٌاق الحكاٌة الرمزٌة (األلٌجورٌة)‪.‬‬
‫تتتتأتً مقاربتتتة الناقتتتد ستتتامً ستتتوٌدان التأوٌلٌتتتة لكتتتتاب "كلٌلتتتة ودِمنتتتة" فتتتً‬
‫دراستتته" الحتتسّ العقلتتًّ فتتً التتن الخرافتتًّ ‪ ،‬إصتتالحٌة المثقتتؾ الحكتتٌم فتتً مواجهتتة‬
‫السلطة المستبدة دراسة ن قصصًّ فً كلٌلة ودمنة" من كتابه"فً د لٌة القصت‬
‫وشعرٌة السرد"‪0770،‬م‪ .‬وقد انطلق سوٌدان متن منهجٌتة تأوٌلٌّتة تستعى إلتى تحقٌتق‬
‫علتتم د لتتة عربتتًّ ٌتتزاوج المتتوروث النقتتديّ والبالؼتتً العربتتًّ بمعطٌتتات المنهجٌتتات‬
‫الحدٌثة اإلنسانٌّة وبخاصة علم النفس التحلٌلًّ وعلتم اإلناستة (األنثروبولوجٌتا) وعلتم‬
‫ا جتماع(السوسٌولوجٌا)(‪.)11‬‬

‫أوالً‪:‬مقدمات تأسيسية‪:‬أوليات الكتابة السلطانية في الثقافة العرب ّية اإلسالم ّية‬

‫الديواني في مقابل الشاعر المادح‪:‬‬


‫ّ‬ ‫_صعود الكاتب‬
‫أسفرت التحو ت والتؽٌترات الكبٌترة التتً حلّتت بتنظٌمتات المجتمتع العربتًّ‬
‫اإلستتتالمًّ وتكوٌناتتتته الطبق ٌّتتتة وتراتباتتتته ا جتماع ٌّتتتة ونظمتتته السٌاستتتٌّة وا قتصتتتادٌة‬
‫وعوالمتته الثقاف ٌّتتة منتتذ نهاٌتتات العصتتر األمتتويّ وبتتداٌات تأستتٌس الدولتتة العبّاستتٌة عتتن‬
‫تؽٌٌر كبٌتر حتادث فتً بنٌتة األدب العربتًّ القتدٌم شتعرً ا ونثترً ا‪ ،‬ومتا تأستس علتى هتذا‬
‫التؽٌٌر من عوامل متصلة بمكانة الشاعر ومكانة الناثر‪ ،‬وبمركزٌتة الشتعر فتً مقابتل‬
‫مركزٌتتة مؤسستتة النثتتر الستتلطانًّ ‪ ،‬وبخطتتاب البالؼتتة الستتلطانٌة الرستتمٌّة فتتً مقابتتل‬
‫خطاب بالؼًّ لخر مضاد تشكل بمكوناته البنٌوٌة النقٌضة والمخاتِلتة كمتا ستنبٌن ذلتك‬
‫ك أن َ التحتتوّ ل األول التتذي جتترا فتتً انتقتتال مؤسستتة الخالفتتة إلتتى ملتتك‬ ‫ح ًقتتا‪ .‬و شت ّ‬
‫وراثًّ مع عصر بنتً أمٌتة وتحتوّ ل نظتام الحكتم األمتويّ إلتى استتٌراد نظتام التدواوٌن‬
‫الستتتلطانٌّة البٌزنطٌّتتتة والفارستتتٌّة ثتتتم تعرٌبهتتتا متتتع الخلٌفتتتة األمتتتويّ عبتتتدالملك بتتتن‬
‫متتروان(ت‪ 18‬هتتـ ) ٌعتتد أبتترز التحتتو ت التتتً كتتان لهتتا الٌتتد الطتتولى فتتً ا نتقتتال متتن‬
‫مجتمتتع بتتدويّ أعرابتتًّ ؼتتارق فتتً بداوتتته ومتتن دولتتة أموٌتتة عربٌتتة كمتتا وصتتفها‬
‫الجتتاحظ(‪ )12‬إلتتى نظتتام سٌاستتًّ محتتدث ولٌتتد فتتً بنتتاء اإلمبراطورٌتتة الجدٌتتدة الشاستتعة‬
‫المترامٌتتة األطتتراؾ علتتى ؼتترار مشتتابه لصمبراطورٌتتات الستتابقة التتتً ورثتهتتا الدولتتة‬
‫العربٌّة اإلسالمٌّة الجدٌدة ومع خصوصٌة فرضها نظام الخالفة اإلسالمٌّة‪.‬‬
‫كتتان لتعقٌتتدات التحتتو ت السٌاستتٌّة وا جتماعٌّتتة والثقافٌتتة التتتً بتتدأت منتتذ‬
‫العصر األمويّ أثرها الكبٌر فً زحزحة المكانة الكبٌرة التتً كتان ٌستتند إلٌهتا شتاعر‬
‫القبٌلة بوصف ه لسانها المدافع عن حماها بٌن القبائل والنتاطق عتن وجتدانها وضتمٌرها‬
‫‪17‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫الجمعًّ ‪ .‬فقد انتقل النموذج األصلًّ للشاعر القبلًّ "ببنٌة السلطة من هٌكل القبٌلتة إلتى‬
‫هٌكل الدولة وما صتحب ذلتك وتبعته متن تؽٌترات اقتصتادٌة واجتماعٌّتة ودٌموجرافٌتة‬
‫وجٌمورفولوجٌّة على السواء"(‪.)13‬‬
‫مثتتتل شتتتعراء األحتتتزاب السٌاستتتٌّة وخطباؤهتتتا المعارضتتتون متتتن الختتتوارج‬ ‫ّ‬
‫مضادا للسلطة الحاكمة األموٌّتة‬ ‫ً‬ ‫والزبٌرٌٌن والشٌعة والمرجئة خطابًا سٌاسًٌا وعقائدًٌا‬
‫مما أوجد تنوٌعات وتباٌنات كبٌرة فً المشتهد األدبتًّ والثقتافًّ والسٌاستًّ حالتت دون‬
‫هٌمنة خطاب واحد متسٌد سلطوًٌا‪ .‬وفتً المقابتل أوجتدت الستلطة األموٌتة لنفستها منتذ‬
‫تمثتتل فتتً جمهترة متتن الخطبتتاء والشتتعراء‬ ‫معضتدا لستتلطتها ّ‬
‫ً‬ ‫بتدء تأسٌستتها خطا ًبتتا أدب ًٌتتا‬
‫المتحالفٌن معهتا؛ فالخطبتاء مثتل زٌتاد بتن أبٌته والحجّ تاج بتن ٌوستؾ الثقفتًّ وؼٌرهمتا‬
‫والشعراء مثل جرٌر والفرزدق واألخطل والمتوكل اللٌثًّ وعبد بتن همتام الستلولًّ‬
‫وأبوعطاء السنديّ وعبد بتن الزبٌتر األستديّ (‪ )14‬والراعتً النمٌتريّ وأعشتى ربٌعتة‬
‫وعدي بن الرقاع العاملًّ وؼٌرهم‪ .‬وقد تمٌّز خطاب هؤ ء الشتعراء المتدحًّ بتالو ء‬
‫السٌاسً المطلق للخلفتاء األمتوٌٌن لتثبٌتت أحقٌتتهم فتً الخالفتة كمتا فتً قتول الراعتً‬
‫النمٌري فً خطابه لعبدالملك بن مروان‬
‫لك إ الواح ُد الصّم ُد‬ ‫لم ٌُصفِها َ‬ ‫حباك بها‬ ‫َ‬ ‫إن َ الخالف َة من ربًّ‬
‫(‪)15‬‬
‫فً فتن ِة ال ّناس ْإذ أهواؤُ هم قِدَ ُد‬ ‫الباسط الهادِي لطاعتِه‬ ‫ُ‬ ‫القابضُ‬
‫وقول الشاعر عديّ بن الرقاع العاملًّ للولٌد بن عبدالملك‬
‫والمؤمنون إذا ما جمّعوا ال ُج َ َم َعا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الطٌبات له‬ ‫صلّى الذي الص ُ‬
‫ّلوات‬
‫صاحباه َم َعا‬ ‫َ‬ ‫باألجر والحم ِد حتى‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫على الذي سبق األقوا َم صاحٌة‬
‫على ٌدٌ ِه وكانوا قبله شِ ٌَعا‬ ‫جمع الرحمنُ أمْ َت ُه‬ ‫َ‬ ‫هو الذي‬
‫(‪)16‬‬
‫فارتفعا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫علٌ‬ ‫أعان‬
‫َ‬ ‫ك‬‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ُل‬‫م‬ ‫له‬ ‫المؤمنٌن‬
‫َ‬ ‫أمٌر‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫د‬ ‫إن الولٌ‬
‫كما أسهمت السلطة األموٌة بقوة فً التحوّ ل الكبٌر الذي حل َ بشاعر القبٌلتة‬
‫وتحوّ لتته إلتتى شتتاعر التتبالط فتتً منزلتتة" تتتتراوح بتتٌن موضتتع النتتدٌم التتذي ٌزختترؾ‬
‫أمسٌات المستامرة بمتا ٌستري متن الهمتوم‪ ،‬وٌجمتع التنفس بتبعض الباطتل حتتى تقتوا‬
‫على الحق‪ ،‬ومنزلة الداعٌة الذي ٌدافع عن السلطة التً ترعاه وتدفع له"(‪ ".)17‬وٌعنً‬
‫هذا التحوّ ل تقلٌ الحرٌة اإلبداعٌّتة لهتذا الشتاعر‪ ،‬وتحتوّ ل شتاعر التبالط إلتى "لستان‬
‫للسلطة األموٌة" الصاعدة ٌنطق بمعتقداتها وٌرسخ أحقٌتهتا التتً تزعمهتا فتً الخالفتة‬
‫القرشتٌّة ثتم ٌستاند شتاعر التبالط الستلطة العبّاستٌّة الناشتئة وٌعضتد أنمتوذج (خلٌفتة‬
‫على األرض) التذي بتدأ متع الخلٌفتة العبّاستً أبتً جعفتر المنصتور فتً مقابتل صتعود‬
‫أنموذج الوزٌرمالكاتب الذي أخذ ٌمثل العقل الناصتم المشتٌر‪ ،‬صتاحب الحٌتل‪ ،‬أمٌتر‬
‫الدهاء‪ ،‬مدبر المكائد‪ ،‬حالّل المشاكل"(‪ )18‬فً العصر العبّاسً األول‪.‬‬
‫إن ا نتقال الحاصل فً بنٌة المجتمع العربًّ اإلسالمًّ الولٌد من دولتة قائمتة‬
‫على تنظٌم قبلًّ مستند علتى العصتبوٌة والتو ء القبلتًّ فتً دولتة عربٌّتة أعرابٌّتة هتً‬
‫الدولتتة األموٌتتة إلتتى كٌتتان سٌاستتًّ ٌرستتخ صتتورة الملتتك الساستتانًّ والبٌزنطتتً أواختتر‬
‫‪71‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫(‪)19‬‬
‫وملكهتم هتو انتقتال خطٌتر كتان‬ ‫عصر هذه الدولة وبداٌة تأسٌس دولة بنً العبّتاس‬
‫له أثره على العالقة الرابطة بٌن األدب والسٌاسة‪.‬‬
‫كانت نشأة دٌوان الرسائل فً الدولة العربٌّة اإلسالمٌّة نشتأة عربٌّتة خالصتة؛‬
‫فكتاب الرسائل منذ عهد الرسول (صلى علٌه وسلم) إلى منتصؾ العصر األمتويّ‬
‫كانوا متن العترب األقحتاح‪ ،‬ودخلتت العناصتر ؼٌتر العربٌّتة متع نشتأة الدولتة األموٌتة‬
‫وتوسعها فاحتٌج إلى كتاب الخراج من العناصر الرومٌّة والفارسٌّة مثتل سترجون بتن‬
‫تت التتدواوٌن‬ ‫منصتتور الرومتتًّ وزاذان َفتترخ وخ وإستتطفانوس وؼٌتترهم(‪.)20‬إلتتى أن عُربت ْ‬
‫فً عهد الخلٌفة األمويّ عبدالملك بن مروان‪ .‬وهذا ٌؤشر على بالؼة الترسل العربٌّتة‬
‫التً ظهرت منذ عهد الرسول صلى علٌه وسلم إلى العصر األمتويّ ‪ ،‬وهتً بالؼتة‬
‫عربٌّة أصٌلة لم تخالطها أٌة مؤثرات أجنبٌّة شأنها فً ذلتك شتأن الخطابتة ونشتأة علتم‬
‫الكالم العربًّ فً العصر األمويّ ‪.‬‬
‫إن بروز وظٌفة الكاتتب الستلطانً التتً بزؼتت منتذ منتصتؾ الدولتة األموٌتة‬
‫مع بعض الكتتاب متن المتوالً مثتل ستالم أبتً العتالء وعبدالحمٌتد بتن ٌحٌتى الكاتتب‬
‫وسواهما تحوّ ل كبٌر لخر جرا فً المكونات البنٌوٌة للنثر العربًّ القدٌم‪ ،‬وصب هتو‬
‫وشتتاعر التتبالط فتتً قنتتاة واحتتدة هتتً تأستتٌس اآلداب الستتلطانٌّة فتتً الثقافتتة العربٌّتتة‬
‫اإلسالمٌّة‪ .‬وٌخطئ بعض الباحثٌن عندما ٌؤرخون لدداب الستلطانٌّة العربٌّتة ببتداٌات‬
‫العصر العباّسً متناسٌن ماكان لتبعض الكتتاب مثتل عبدالحمٌتد بتن ٌحٌتى الكاتتب فتً‬
‫رسالته إلى جماعة الكتاب من ترسٌخ لدستور تعامل الكتاب مع الخلفاء والملوك ومتع‬
‫جماعة الكتاب فٌما بٌنهم‪ ،‬إلى جانب عهد مروان بن محمد لخر خلفاء بنتً أمٌتة بنته‬
‫عبٌد كما سنبٌن ح ًقا‪.‬‬
‫تمثلتتت فتتً‬‫كتتان العصتتر العبّاستتً األول عصتتر هجنتتة عرقٌتتة وثقاف ٌّتتة كبتترا ّ‬
‫بتتروز دور المتتوالً المستتتعربٌن المنتمتتٌن إلتتى إثنٌتتات متنوعتتة متتن أبنتتاء الشتتعوب‬
‫المفتوحتتة‪ .‬فقتتد بتترزت المتتدن الكبتترا فتتً العصتتر العبّاستتً وكانتتت البصتترة وبؽتتداد‬
‫ممثلتٌن لها بما تحمالنه من"أفق المدٌنة الكبرا بخصائصها المتعددة جؽرافًٌا وبشترًٌا‬
‫واقتصتتادًٌا وصتتناعًٌا وثقافًٌتتا‪ .‬وستتواء كنتتا نتحتتدث عن"حاضتترة" الخالفتتة المترامٌتتة‬
‫األطتتراؾ أو حاضتترة الو ٌتتة أو اإلقلتتٌم فتتنن َ األفتتق المتتدٌنًّ واح تد متتن حٌتتث تعقتتد‬
‫العالقتتات ا جتماع ٌّتتة‪ ،‬وتؽٌتتر أدوات اإلنتتتاج وتعتتدد األصتتوات الفكرٌتتة‪ ،‬وا تجاهتتات‬
‫الثقافٌّة الموازي لتعدد اللؽات واألجناس والمعتقدات والمصالم واألهداؾ"(‪.)21‬‬
‫لقتد أستتفرت مركزٌتتة الدولتتة العرب ٌّتتة اإلستالمٌّة عتتن صتتعود "صتتناعة الكتابتتة‬
‫الدٌوانٌّتة"(‪ ،)22‬وعتتن انحستار فتتً وظٌفتتتً الشتتاعر والخطٌتتب‪ .‬كمتتا ستتاهمت الكتاب ٌّتتة‬
‫وعصر التدوٌن فً إنتاج أنواع خاصة من المتلقتٌن لتدكاكٌن التورّاقٌن التتً ازدهترت‬
‫أسواقها جنبًا إلى جنب ازدهار المناظرات العقائدٌة والكالمٌّة فً مستائل جدلٌتة بالؽتة‬
‫الدقتتة والتعقٌتتد والخطتتورة األمتتر التتذي ستتٌتمخض عتتن صتتراعات دائتترة بتتٌن الستتلطة‬
‫ومعارضٌها من الخصوم المتباٌنً الخلفٌات اإلٌدٌولوجٌّة والفكرٌة‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫انتقلت الدولة العبّاسٌة الناشئة إلى تكوٌنتات بالؽتة التعقٌتد فتً كافتة مفاصتلها؛‬
‫إذ لم ٌقتصر التعقٌد على أدوات اإلنتاج الماديّ وا قتصاديّ التً حوّ لت بعتض المتدن‬
‫مثتتل البصتترة ثتتم بؽتتداد إلتتى حواضتتر اقتصتتادٌة كون ٌّتتة‪ ،‬وإنمتتا طتتال التعقٌتتد أٌضً تتا بنٌتتة‬
‫المجتمع العبّاسًّ الثقافٌّة التتً صتارت بٌئتة حاضتنة للمنتاظرات والمستاجالت الفقهٌّتة‬
‫والمذهبٌّة والعقائدٌّة والفكرٌّة والسٌاسٌّة ولعالقات المثاقفة المتأتٌة من الترجمات عتن‬
‫اآلختتر مالفتترس والٌونتتان والهنتتود وؼٌتترهم ماألمتتر التتذي ٌشتتً بتتا ختالؾ الفكتتريّ‬
‫الخالق ألفق حاضرة دار اإلسالم الكونٌّة"بؽداد"‪.‬‬
‫مثل عصر التدوٌن الكتابًّ ( األكبر) الذي بدأ مع الخلٌفة العبّاسً أبتً جعفتر‬ ‫ّ‬
‫المنصور(ت ‪051‬هـ) عنصرً ا رئٌسً تا لتأستٌس (صتناعة الكتابتة) التتً أرّ خ ابتن النتدٌم‬
‫فً كتابه"الفهرست" جان ًبا كبٌرً ا منها ٌبدأ من أولٌات عصر التدوٌن إلى عصتره؛ أي‬
‫القرن الرابتع للهجترة‪".‬وإذا كانتت أجهتزة الدولتة اإلستالمٌة تنقستم إلتى وظتائؾ(القلم)‪،‬‬
‫مثل دٌوان المراسالت والمالٌة‪ ،‬ووظائؾ(السٌؾ) مثتل تتدبٌر شتئون الجتٌف وقٌادتته‪،‬‬
‫والو ٌتتتتتتات فتتتتتتنن نفتتتتتتوذ بعتتتتتتض الكتتتتتتتاب وصتتتتتتل أحٌا ًنتتتتتتا إلتتتتتتى الجمتتتتتتع بتتتتتتٌن‬
‫وظائؾ(الستتتتتٌؾ)و(القلم)‪ ،‬وهتتتتتو متتتتتا كتتتتتان ٌعبتتتتتر عنتتتتته لقتتتتتب( ذي التتتتتوزارتٌن أو‬
‫الرئاستٌن)(‪ )23‬الذي حظً به الفضل بن سهل وزٌر المأمون‪.‬‬
‫كان صعود طبقة الكتاب الدٌوانٌٌن فً العصر العبّاسً األول وتولً بعضهم‬
‫مناصب الوزارة مؤذ ًنا بصعود بالؼة الترسل وظهور المفاضالت بتٌن النظم(الشتعر)‬
‫والنثتتر علتتى نحتتو ه ت ّدد مركزٌتتة الشتتعر القدٌمتتة(‪)24‬؛ "فقتتد أصتتبم النثتتر لؽتتة المدٌنتتة‬
‫المعقدة مناظراتها‪ ،‬مكاتباتها‪ ،‬اختالفاتهتا ا عتقادٌّتة‪ ،‬خصتوماتها السٌاستٌّة‪ ،‬قصصتها‬
‫التتواقعًّ وقصصتتها الرمتتزيّ ‪ ،‬رستتائلها الدٌوانٌّتتة وؼٌتتر الدٌوانٌّتتة‪ ،‬مؤلفاتهتتا وكتبهتتتا‬
‫ترجماتهتتا وستتٌرها"(‪ .)25‬وتؤشتتر المفاضتتالت والمنتتاظرات األدب ٌّتتة التتتً ظهتترت منتتذ‬
‫القتترن الثالتتث للهجتترة بتتٌن بالؼتتة النثتتر و بالؼتتة الشتتعر إلتتى تح ٌّتتز بعتتض البالؼٌتتٌن‬
‫العرب القدامى لبالؼتة النثتر ومتنهم أبتوهالل العستكريّ (ت‪875‬هتـ ) والمرزوقتًّ (ت‬
‫‪240‬هـ )؛ ٌقول العسكريّ " ومما ٌُعرؾ أٌضً ا من الخطابة والكتابتة أنهمتا مختصتتان‬
‫بأمر الدٌن والسلطان‪ ،‬وعلٌهما مدار الدار‪ ،‬ولٌس للشعر بهما اختصتا ‪ ،‬أمّتا الكتابتة‬
‫فعلٌها مدار السلطان‪ ،‬والخطابتة لهتا الحتظ األوفتر متن أمتر التدٌن؛ ألن الخطبتة شتطر‬
‫الصالة التً هً عماد التدٌن فتً األعٌتاد والجمعتات والجماعتات‪ ،‬وتشتتمل علتى ذكتر‬
‫المواعظ التً ٌجب أن ٌتعهد بها اإلمام رعٌته‪ ،‬لئال ُتدرس متن قلتوبهم لثتار متا أنتزل‬
‫عز وجل من ذلك فً كتابه إلى ؼٌر ذلك من منافع الخطب و ٌقع الشعر من هتذه‬
‫األشٌاء موقعً ا"(‪ .)26‬وقد تحٌّز المرزوقً للنثر رؼم كونته أحتد نقتاد الشتعر؛ فقتد جعتل‬
‫للنثر(ممثالً فً الخطابة) أفضلٌة علتى الشتعر؛ ذلتك أن الخطابتة ٌختت بهتا الزعمتاء‬
‫والرؤساء فقط‪ .‬وهتو أمتر ٌتحقتق بالنستبة للشتعر‪ ،‬وٌحتتج لهتذا بمكانتة الخطبتاء فتً‬
‫تتأخر الشتعراء عتن رتبتة البلؽتاء‪ ،‬مُو ِجبُتة خ‬
‫تتأخر‬ ‫العصتر الجتاهلًّ ‪ ،‬إذ ٌقتول " اعلتم أن خ‬
‫المنظوم عن رتبة المنثور عند العرب ألمرٌن أحدهما أن ملوكهم قبل اإلستالم وبعتده‬
‫‪74‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫كتتانوا ٌتبجحتتون بالخطابتتة وا فتنتتان فٌهتتا‪ ،‬وٌعتتدونها أكم ت َل أستتباب الرٌاستتة‪ ،‬وأفضتتل‬
‫لحصول تنافُ ٍر أو تضتا ُؼ ٍن أو تظتالم أو‬
‫ِ‬ ‫ل ت الزعامة‪ .‬فنذا وقؾ أحدهم بٌن السماطٌن‬
‫فأحسن ا قتضاب عند البُداهة‪ ،‬وأنجع فً اإلسهاب وقت اإلطالة أو اعتلى فتً‬ ‫َ‬ ‫تشاجر‬
‫ذِرْ وة مِنبت ٍتر فتصتترّؾ فتتً ضتتروب متتن تخشتتٌن القتتول وتلٌٌنتته‪ ،‬داع ًٌتتا إلتتى طاعتتة أو‬
‫مستصلحً ا لرعٌةٍ‪ ،‬أو ؼٌر ذلك مما تدعو الحاجة إلٌه‪ ،‬كان ذلك أبلػ عنتدهم متن إنفتاق‬
‫متتال عظتتٌم وتجهٌتتز جتتٌف كبٌتتر‪ .‬وكتتانوا ٌتتأنفون متتن ا شتتتهار بقتترض الشتتعر و ٌَ ُعت خده‬
‫ملتتتوكهم دنتتتاءة"‪ )27(.‬وفتتتً المقابتتتل بقتتتً الشتتتاعر المتتتادح ٌستتتتجدي أعطٌتتتات الخلفتتتاء‬
‫والسالطٌن‪.‬‬
‫حلّتتت المنتتاظرات والمستتاجالت الكتابٌّتتة محتتل الخطتتب الشتتفاهٌّة والنقتتائض‬
‫والمنتتافرات الشتتعرٌة التتتً كانتتت ستتائدة قبتتل العصتتر العباّستتً وخاصتتة فتتً العصتتر‬
‫األمتتويّ ‪ .‬وقتتد بتترزت فتتً العصتتر العبّاستتً (اآلداب الستتلطانٌّة) علتتى شتتاكلة (مراٌتتا‬
‫األمراء) الهٌلٌنستٌّة والفارسٌّة مع خصوصٌة عربٌتة إستالمٌة‪ .‬وإن كانتت إرهاصتات‬
‫هذا النوع من األدب قد بدأت منذ أواخر العصر األمويّ كما سنبٌن‪ ،‬وهو ما ستنتناوله‬
‫فً المحور اآلتً‪.‬‬

‫‪ -‬اآلداب السللللطان ّية‪ :‬المصلللطلي وأوليلللات النشلللأ فلللي الثقافلللة العرب ّيلللة‬
‫اإلسالم ّية‪:‬‬
‫تعتتددت تستتمٌات (اآلداب الستتلطانٌّة) عنتتد البتتاحثٌن متتن عتترب ومستشتترقٌن‬
‫ومستعربٌن من قبٌل"الكتابة الدٌوانٌّة‪ ،‬نصائم الملتوك‪ ،‬كتابتة التتدبٌر السٌاستًّ ‪ ،‬مراٌتا‬
‫األمراء‪ ،‬األدب السٌاسًّ وؼٌرها"(‪.)28‬‬
‫إن تستمٌة (مراٌتا األمتراء) أو ‪The Mirrors of Princes‬تستمٌة نجتدها‬
‫تتتتردد فتتً القتتراءة ا ستشتتراقٌّة لهتتذا النتتوع متتن األدب‪ ،‬وهتتً قتتراءة متتتأثرة بمراٌتتا‬
‫األمتتراء الٌونانٌّتتة والفارستتٌّة‪ .‬فقتتد صتتنفت لن مبتتتون ‪ A.K.S Lambton‬الفكتتر‬
‫السٌاسً اإلسالمً إلى ثالث صتٌػ رئٌستٌة هتً صتٌؽة الفقهتاء المستتمدة متن القترلن‬
‫الكتترٌم وستتنة الرستتول والتفستتٌر‪ ،‬والصتتٌؽة الثانٌتتة للحكتتم هتتً التتتً وضتتعها رجتتال‬
‫اإلدارة وأصتتتحاب كتتتتب المتتتواعظ والتوجٌهتتتات للحكتتتام والتتتو ة‪ ،‬والتتتتً تقابتتتل فتتتً‬
‫التوالٌتتؾ الؽرب ٌّتتة فتتً هتتذا البتتاب المؤلفتتات التتتً ُتعتترؾ باستتم (مراٌتتا األمتتراء) ‪The‬‬
‫‪ .Mirrors of Princes‬وهذه الصٌؽة تؤكتد الحتق اإللهتًّ للملتوك فتً الحكتم‪ ،‬وتهتتم‬
‫بالناحٌة ال عملٌة فٌه أكثر مما تهتم بجانبه النظري‪ .‬وهً تحاول إلى حتد متا أن تمتزج‬
‫قواعد الحكتم اإلستالمًّ بتقالٌتد الفترس الساستانٌّة فتً الملتك‪ .‬أمّتا قاعتدتها فهتً تحقٌتق‬
‫العدالتتة أكثتتر متتن ا لتتتزام بالتتدٌن القتتوٌم‪ .‬والصتتٌؽة الثالثتتة هتتً الصتتٌػ التتتً وضتتعها‬
‫الفالستتفة المستتلمون‪ ،‬وهتتً صتتٌؽة تتتدٌن بتتالكثٌر للفلستتفة الٌونان ٌّتتة وتوحتتد بتتٌن اإلمتتام‬
‫والملتتتتتتك الفٌلستتتتتتوؾ(‪ .)29‬و هتتتتتتذه التستتتتتتمٌة تحٌتتتتتتل علتتتتتتى األدبٌتتتتتتات السٌاستتتتتتٌّة‬
‫اإلؼرٌقٌة(الهلٌنٌستتتتتٌة) والفارستتتتٌّة التتتتتً استتتتتوعبتها وهضتتتتمتها اآلداب السٌاستتتتٌّة‬
‫‪78‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫الستتلطا ّنٌة العربٌتتة متتع النظتتر إلتتى الخصوصتتٌة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة التتتً م ٌّتتزت ذلتتك‬
‫النتتتاج السٌاستتًّ الستتلطانًّ الضتتخم المنتتتج فتتً محتتٌط الثقافتتة أو الحضتتارة العربٌّتتة‬
‫اإلسالمٌّة على مدا قترون طوٌلتة متعاقبتة متن المشترق إلتى الؽترب اإلستالمًّ ‪ .‬إن َ‬
‫(مراٌتتا األمتتراء العرب ٌّتتة اإلستتالمًّ ّ ة) كانتتت تتوستتل بفلٌتتات الترمٌتتز لبٌتتان األوجتته‬
‫المتعددة الممكنة من تأوٌل حكاٌات رمزٌتة"تكتب علتى لستان الحٌتوان‪ ،‬وتترتبط بتأدب‬
‫(‪)30‬‬
‫النصائم والحٌل"‪.‬‬
‫ٌحٌتل مصتتطلم (الكتابتة الدٌوان ٌّتتة) و(كاتتب التتدٌوان) أو (كاتتب التتتدبٌر) عنتتد‬
‫بعض الباحثٌن العرب إلى إنشاء الدواوٌن فً العصر األمتويّ بعتد تعرٌبهتا فتً عهتد‬
‫الخلٌفة األموي عبدالملك بتن متروان(ت‪18‬هتـ)‪ .‬وقتد تحت ّددت وظٌفتة الكاتتب التدٌوانً‬
‫متتع بتتروز ستتالم أبتتً العتتالء وعبدالحمٌتتد بتتن ٌحٌتتى الكاتتتب(‪084‬هتتـ )(‪ .)31‬وذلتتك فتتً‬
‫النصؾ الثانً من العصر األموي فً عهتدي الخلٌفتتٌن األمتوٌٌن هشتام بتن عبتدالملك‬
‫ومروان بن محمد‪ .‬لقد كانت مهمة الكاتب الدٌوانًّ " تحرٌر كل متا ٌحتاجته الستلطان‪،‬‬
‫وما ٌقتضٌه وٌتطلبه التدبٌر السٌاسًّ الٌتومً‪ .‬ومتن المعتروؾ تارٌخًٌتا أن هتذا التقلٌتد‬
‫(‪)32‬‬
‫لم تعرفه السلطة فً اإلسالم إ فً النصؾ الثانً من العصر األمويّ "‪.‬‬
‫أمّا تسمٌة (نصائم الملتوك) فقتد ظهترت بستبب تصتنٌؾ مصتنفات كثٌترة فتً‬
‫التراث السٌاسًّ العربًّ اإلسالمًّ حملتت هتذا ا ستم مثتل "التتاج فتً أختالق الملتوك"‬
‫للثعلبً( من علماء القرن الثالث للهجرة ) و"نصتٌحة الملتوك" للمتاورديّ ( ت‪251‬هتـ)‬
‫و"التتذهب المستتبوك فتتً وعتتظ الملتتوك" للحُمٌتتدي (ت‪211‬هتتـ)‪،‬و"التبر المستتبوك فتتً‬
‫نصتتتٌحة الملتتتوك" للؽزالتتتً( ت‪515‬هتتتـ)‪ ،‬و"المتتتنهج المستتتلوك فتتتً سٌاستتتة الملتتتوك"‬
‫للشتتتٌزري( ت‪571‬هتتتـ)‪ .‬و"الشتتتفاء فتتتً متتتواعظ الملتتتوك والخلفتتتاء" بتتتن الجتتتوزي‬
‫(ت‪578‬هـ ) وؼٌرها‪.‬‬
‫إن مصطلم( اآلداب السلطانٌة) مصطلم شامل دال على تنوع هذا النوع متن‬
‫الكتابتتة السٌاسٌّة(النصتتحٌّة الستتلطانٌّة) العربٌّتتة اإلستتالمٌّة التتتً ظهتترت منتتذ أواختتر‬
‫العصر األمويّ ‪ ،‬وازدهرت ازدهارً ا كبٌرً ا فً العصر العبّاسً وما تاله متن عصتور؛‬
‫" فكتابة اآلداب السلطانٌّة تحولت إلتى تجربتة فتً الثقافتة السٌاستٌّة اإلستالمٌّة تتجتاوز‬
‫اإلطار الدٌوانًّ ذا المهام والوظائؾ المرسومة سل ًفا أي كاتب الدٌوان وكاتب التتدبٌر‪،‬‬
‫لتقدم تجتارب فتً الممارستة السٌاستٌة"(‪ .)33‬كمتا "أن كثٌترً ا متن نصتو هتذه اآلداب‬
‫أنجزهتتتا مؤرختتتون وقضتتتاة وفقهتتتاء وفالستتتفة‪ ،‬كمتتتا أنجتتتز بعضتتتها األدبتتتاء والملتتتوك‬
‫والوزراء ورجال الدولة"(‪.)34‬‬
‫سنستتتتتتخدم مصطلم(الستتتتتردٌات الستتتتتلطانٌة العربٌتتتتتة)‪ ،‬ونعنتتتتتً بتتتتته اآلداب‬
‫الستتلطانٌّة التتتً أُنتجتتت فتتً ستتٌاقات الحضتتارة العرب ٌّتتة اإلستتالمٌّة وتم ٌّتتزت بطبٌعتهتتا‬
‫التمثٌلٌّة األلٌجورٌة (الرمزٌة) على ألسنة الحٌوان؛ وهً ستردٌات تعتالق فٌهتا األدبتًّ‬
‫بالثقتتافًّ والسٌاستتًّ ‪ ،‬وهتتو حتتال النصتتو العرب ٌّتتة الصتتادرة عتتن المحضتتن الثقتتافً‬
‫العربً اإلسالمً‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫‪ -‬عبدالحميللد بللن يحيللت الكاتللب وأوليللات الكتابللة السلللطانية فللي الثقافللة‬
‫العربيلللة اإلسالمية(رسلللالتل للللت الكتلللاب) و(عإلللد ملللروان للللت ابنلللل‬
‫عبيدهللا)‪:‬‬
‫أنشأ عبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتب(ت ‪ 084‬هـ) بكتابتته عهتد متروان بتن محمتد‬
‫إلى ابنته عبٌتد وبرستالته إلتى جماعتة الكتتاب دستتورً ا أولًٌتا مؤسسً تا للكتابتة العربٌّتة‬
‫الستتلطانٌّة أو متتا تعتتارؾ علٌتته البتتاحثون بتستتمٌة(اآلداب الستتلطانٌّة)فً الثقافتتة العرب ٌّتتة‬
‫اإلستتالمٌّة‪ .‬كمتتا رستتخت كتابتتته الدٌوان ٌّتتة األستتاس األول لهتتذه الكتابتتة الستتلطانٌّة التتتً‬
‫ستحول الكاتب فً العصر العبّاسً لدا المثقفٌن ُاألول مثتل أبتً ستلمة الخالّل(وزٌتر‬
‫لل محمد)(‪ )35‬وابن المقفع وٌعقوب بن داود وسهل بن هتارون إلتى كاتتب دٌتوانًّ ٌعتد‬
‫نفسه شرٌ ًكا فتً مشتروع البنٌتة السٌاستٌّة التكوٌنٌّتة الناشتئة لمؤسستة الستلطة العبّاستٌة‬
‫فً القرنٌن الثانً والثالث للهجرة‪ .‬ولكن بسبب التصادم الحادث بٌن المثقتؾ والستلطة‬
‫العبّاس تٌّة لتتم ٌُستتمم لهتتذه الشتتراكة السٌاس تٌّة أن تقتتوم أص تالً(‪ )36‬فتتً العصتتر العبّاستتً‬
‫األول‪ ،‬وانتهتتى الحتتال بكثٌتتر متتن الكتتتاب إلتتى القتتتل ألستتباب سٌاستتٌة خصوصً تتا متتع‬
‫الكتاب التوزراء متن أمثتال ابتن الزٌتاّت وابتن مقلتة وستواهما ومتن نجتا متنهم فقتد لثتر‬
‫السالمة ووظؾ التقٌة السٌاسٌّة كما فعل سهل بن هارون(‪ )37‬على سبٌل المثال؛ وهتذا‬
‫ٌعنتتً تنبتته مؤسستتة الحكتتم العبّاستتٌة ومراقبتهتتا لهتتؤ ء الكتتتاب التتذٌن كتتان جلّهتتم متتن‬
‫الفرس‪ .‬فتً حتٌن لتم ٌستجل التتارٌخ المتدون أي قتل(اؼتٌتال) لكاتتب دٌتوانً فتً عهتد‬
‫الدولة األموٌة(‪ .)38‬والسبب فً ذلك عائد إلتى أن الكاتتب التدٌوانًّ فتً النصتؾ الثتانً‬
‫من الدولة األموٌتة مثتل ستالم أبتً العتالء وعبدالحمٌتد بتن ٌحٌتى الكاتتب لتم ٌكتن ٌمثتل‬
‫تهدٌدا للدولة؛ فقتد تمتاهى متع خطتاب الستلطة الحاكمتة فكتان "موقتع أستماع" الملتوك‬ ‫ً‬
‫التً بها تسمع‪ ،‬و"أبصارها" التً بها تبصر و"ألسنتها" التً بها تنطق و"أٌدٌها" التتً‬
‫بهتتتا تتتتبطف‪ .‬أي أن هتتتؤ ء الكتتتتاب التتتدٌوانٌٌن اضتتتطلعوا بكتابتتتة وظٌفٌتتتة تنظٌرٌتتتة‬
‫لصمبراطورٌة اإلسالمٌّة الصاعدة لنذاك‪ ،‬ولتم ٌتجتاوزوا مرتبتة (الختدٌم)‪ ،‬وفتق تعبٌتر‬
‫عبدالحمٌد بتن ٌحٌتى الكاتتب‪ ،‬فتً حتٌن أنّ طمتوح بعتض الكتتاب فتً أوائتل عهتد بنتً‬
‫العبّتتاس للشتتراكة متتع الستتلطة السٌاستتٌّة وتوجٌتته مؤسستتة الخالفتتة العباّستتٌة الناشتتئة‬
‫وتحتتدٌها أحٌا ًنتتا كتتان ستتببًا لمقتتتلهم‪ ،‬وٌمثتتل ابتتن المقفتتع أنموذجً تتا ممتتثالً لهتتذه الفئتتة متتن‬
‫الكتاب الدٌوانٌٌن‪.‬‬
‫لقتتد صتتار أقصتتى طمتتوح الكاتتتب التتدٌوانً العبّاستتً بعتتد هتتذه ا نكستتارات‬
‫الكبرا اقتداء أنموذج كاتتب التتدبٌر الساستانًّ ‪ ،‬وذلتك بتحوٌتل (الكتابتة الدٌوانٌّتة) إلتى‬
‫"صتتتتناعة" احتراف ٌّتتتتة ٌخضتتتتع فٌهتتتتا الكاتتتتتب وجستتتتده إلتتتتى عالقتتتتة تبعٌتتتتة للخلٌفتتتتة‬
‫العبّاستتً(‪".)39‬وصتتارت الوزراة"رئاستتة اإلدارة" أستتمى متتا ٌطمتتم إلٌتته الكاتتتب‪ ،‬التتذي‬
‫راح ٌعتتزي جانتتب بتتالمثقؾ فٌتته بالحكاٌتتات علتتى ألستتنة الحٌوانتتات‪ ،‬ومراٌتتا األمتتراء‪،‬‬
‫ونصائم الملوك‪ ،‬التتً تصتوره باعتباره"عقتل الستلطة" البتاطن فتً حتٌن أن الستلطان‬
‫(‪)40‬‬
‫هو "جسد السلطة" الظاهر!"‬
‫‪75‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫كانت كتابة عبدالحمٌد الكاتب الدٌوانٌّة إرثا ستلطانٌاً" تخلّتق طتوال عقتود متن‬
‫الزمن‪ ،‬وبخاصة مع حدث (تعرٌب الدواوٌن) فتً عهتد الخلٌفتة األمتوي عبتدالملك بتن‬
‫مروان(ت‪ 18‬هـ )‪ .‬وقدع ُِر َفت أسماء بعض الكتاب الذٌن تأثرت بهم كتابة عبدالحمٌد‬
‫وخ َتنتتته(أي والتتتد زوجتتتته أو أخاهتتتا) ستتتالم بتتتن‬
‫الكاتتتتب‪ ،‬وفتتتً مقتتتدمتهم ٌتتتأتً أستتتتاذه َ‬
‫عبتتدالرحمن أبتتً العتتالء التتذي تتتولى دٌتتوان الرستتائل أٌتتام الخلٌفتتة األمتتوي هشتتام بتتن‬
‫عبتتدالملك(ت ‪045‬هتتـ )‪ ،‬واستتتمر إلتتى عهتتد الولٌتتد بتتن ٌزٌتتد(‪ ()41‬ت ‪ 048‬هتتـ)‪".‬وقد‬
‫ؾ سالم بالفصاحة‪ ،‬كما ٌُعزا إلٌه نقل رسائل أرسطاطالٌس لصستكندر إلتى اللؽتة‬ ‫وُ صِ َ‬
‫(‪)42‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫العربٌّتة‪ ،‬أو أنهتا ن ِقلتت لتته وقتام هتو بتنقتٌم التتن وإصتالحه "‪ .‬وبتذلك ٌكتون ستتالم‬
‫المنتمً إلى طبقة الموالً والمنحدر من أصول فارستٌة متن أوائتل التذٌن ترجمتوا متن‬
‫اللسان الٌونانًّ ‪ ،‬وعت ّده إحستان عبّتاس متن أنصتار التقالٌتد اإلؼرٌقٌّتة فتً الكتابتة رؼتم‬
‫انتصار التقالٌد الفارس ٌّة فتً مجتال الكتابتة السٌاستٌّة العربٌتة بتدءًا متن النصتؾ الثتانً‬
‫من العصر األموي(‪.)43‬‬
‫تعود رٌادة كل من سالم أبً العتالء وعبدالحمٌتد بتن ٌحٌتى الكاتتب فتً مجتال‬
‫الكتابة الدٌوانٌّتة العربٌّتة إلتى تلتك النقلتة الكبٌترة التتً حتدثت فتً تتارٌخ النثتر العربتًّ‬
‫القدٌم المكتوب الذي أصبحت له سمة التأثٌر ا نفعالًّ فً المتلقٌن‪ ،‬وهً ستمة انتقلتت‬
‫إلى الكتابة الدٌوانٌّة من الشعر والخطابة‪ .‬وقد بدت هذه السمة فتً البتروز فتً رستائل‬
‫ستتالم أبتتً العتتالء وعبدالحمٌتتد الكاتتتب ابتتتدا ًء متتن عهتتد هشتتام بتتن عبتتدالملك‪ .‬كمتتا كتتان‬
‫حدث"تعرٌب الدواوٌن" نقلة كبرا وتحو ً عمٌ ًقا أبرز أهمٌة اللؽة العربٌّة الفصتحى‪،‬‬
‫وفتتم أبتواب المنافستتة لتدا الكتتتاب التذٌن ٌنتمتون إلتتى طبقتة المتتوالً؛ أي إلتى أصتتول‬
‫ؼٌر عربٌة مثل سالم وؼٌالن الدمشقً وعبدالحمٌد الكاتب وابتن المقفتع وؼٌترهم(‪.)44‬‬
‫وهؤ ء جمٌعً ا ارتقتوا فتً كتتابتهم وخاصتة عبدالحمٌتد وابتن المقفتع إلتى العمتل بشتكل‬
‫اع علتتى إرستتاء تقالٌتتد كتابٌتتة ستتلطانٌّة فتتً الشتتكل والمضتتمون تستتتمد أصتتولها أو‬ ‫و ٍ‬
‫(‪)45‬‬
‫نموذجها من مصادر إؼرٌقٌة وفارسٌة قدٌمة‪.‬‬
‫نستطٌع إؼفال المرجعٌات العربٌّة فتً هتذه اآلداب الستلطانٌّة المتخلقتة عنتد‬
‫عبدالحمٌتد الكاتتتب علتتى وجتته الخصتتو ؛ فقتد كانتتت خطتتب الفصتتحاء العتترب أساسً تتا‬
‫تكوٌنًٌا لبالؼته‪ ،‬وإن كان الثعتالبًّ قتد قصتر إفادتته علتى خطتب علتً بتن أبتً طالتب‬
‫‪،‬كتترم وجهتته‪ ،‬فعنتتدما ُس ت ِئ َل عبدالحمٌتتد الكاتتتب عتتن التتذي خرّجتته فتتً البالؼتتة ر ّد‬
‫قائالً حفظ كالم األصلع(ٌعنً علتًّ بتن أبتً طالتب)(‪ ،)46‬ونترا أن هتذا القصتر لتٌس‬
‫منطقًٌا و ٌعدو هذا الخبر أن ٌكون منحو ً؛ فالبلؽاء العرب كتانوا ٌمتحتون متن معتٌن‬
‫البالؼة القرلنٌة والنبوٌة إلى جانب موروثهم األدبًّ ‪ ،‬وإلى جانب بالؼة علتًّ بتن أبتً‬
‫طالتتب كانتتت هنتتاك بالؼتتة الخلفتتاء الراشتتدٌن والخلفتتاء األمتتوٌٌن مثتتل معاوٌتتة بتتن أبتتً‬
‫سفٌان وعبدالملك بن مروان وقوادهم وعمالهم مثتل زٌتاد بتن أبٌته والحجّ تاج وستواهم‪،‬‬
‫وهً جمٌعها مؤثرات واضحة فً بالؼة عبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتتب‪ .‬وٌتذكر إحستان‬
‫عبّاس أن المؤثر الثقافًّ الثانً الذي أثر فً كتابته هو سالم أبً العالء التذي تترجم أو‬
‫‪78‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫ت له رسائل أرسطاطالٌس المنحولة‪ .‬كما أفاد من طرٌقة سالم فً الكتابة‪ ،‬وهتذا‬ ‫ُتر ِج َم ْ‬
‫(‪)47‬‬
‫أمر ٌتبٌن عند دراسة رسائله ‪.‬‬
‫بتتدأت الكتابتتة الدٌوان ٌّتتة تتحتتول إلتتى (ثقافتتة ستتلطانٌّة) متتع األحتتداث التارٌخ ٌّتتة‬
‫السٌاسٌّة الكبرا التً مٌّزت نهاٌات العصتر األمتوي وبتداٌات التأستٌس إلمبراطورٌتة‬
‫إستتالمٌّة جدٌتتدة هتتً الدولتتة العبّاستتٌة التتتً كتتان ج ت ّل وزرائهتتا فتتً عهتتدها األول متتن‬
‫الفتترس‪ ،‬وكثٌتتر متتنهم متتن فئتتة الكتتتاب الستتلطانٌٌن ممتتن ٌمتلكتتون الثقافتتة الستتلطانٌّة‬
‫السٌاسٌّة الكافٌتة التتً جعلتتهم ٌتبتوأون مراكتزهم العلٌتا فتً الدولتة‪ ،‬وٌتأتً فتً مقدمتة‬
‫هؤ ء أسرة البرامكة الفارسٌّة‪ .‬ونستطٌع القول إذن إن نشأة اآلداب السلطانٌّة العربٌّتة‬
‫ارتبطتتت بهٌمنتتة العنصتتر الفارستتًّ التتتً ابتتتدأت منتتذ نهاٌتتة الدولتتة األموٌتتة وبتترزت‬
‫بصورة جلٌة فً العصتر العباّستً األول(‪084‬م‪484‬هتـ) متع تتولٌهم مناصتب رفٌعتة‬
‫فً الدولة‪.‬‬
‫نتؤرخ لتتدداب الستلطانٌّة العرب ٌّتتة بظهتور كتابتتة عبدالحمٌتد بتتن ٌحٌتى الكاتتتب‬
‫ورسائله منذ عهد هشام بن عبتدالملك(ت ‪045‬هتـ ) وانتهتا ًء برستائله فتً عهتد متروان‬
‫بن محمد(ت‪ 084‬هـ )لختر خلفتاء بنتً أمٌتة‪ .‬وقتد أسّستت كتابتة عبدالحمٌتد هتذا النتوع‬
‫الناشئ من األدب العربًّ القتدٌم‪ .‬وهتذا ٌعنتً أن تأستٌس الكتابتة الستلطانٌّة العربٌّتة لتم‬
‫ٌتأخر إلى أوائل حكم بنً العبّاس كما درج على ذلك بعض الباحثٌن‪ ،‬وإنمّا ٌعتود هتذا‬
‫التأستٌس إلتى فتترة أبكتر متن ذلتك هتً نهاٌتات العصتر األمتويّ وبالتحدٌتد متع رستائل‬
‫عبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتب‪ ،‬وأخ بالتذكر عهتد متروان بتن محمتد إلتى ابنته عبٌتد‬
‫ورسالة عبدالحمٌد الكاتب إلى جماعة الكتاب‪.‬‬
‫ظل عبدالحمٌد كاتبًا دٌوانًٌا لمدة تقارب سبعة وعشرٌن عامًا‪ .‬وكان نتاج هتذا‬
‫العمل الرسمًّ "مائة كراسة" كما ٌقول الذهبًّ ؛(‪ )48‬أي قرابة ألؾ ورقة‪ .‬أي أن نتتاج‬
‫عبدالحمٌد فاق نتاج أستاذه أبتً العتالء التذي لتم تتزد رستائله علتى مائتة ورقتة‪ .‬ورؼتم‬
‫هذا العدد ٌرجم إحسان عبّاس ضتٌاع رستائل عبدالحمٌتد األخترا بستبب عتدم حفظهتا‬
‫متتن قبتتل كتتتاب العصتتر العباّس تًّ التتذٌن اقتصتتروا علتتى بعتتض الرستتائل المهمتتة لهتتم‬
‫بوصفها نماذج كتابٌة ُتقتدا وأهملوا رسائله األخرا(‪.)49‬‬
‫كتتان عبدالحمٌتتد الكاتتتب مجتتا ً خصتتبا ً لتخلتتق مجموعتتة كبٌتترة متتن األخبتتار‬
‫والحكاٌتتتتات الستتتتردٌة التتتتتً هتتتتدفت إلتتتتى بٌتتتتان و ئتتتته المطلتتتتق لستتتتٌده متتتتروان بتتتتن‬
‫محمتتد(ت‪084‬هتتـ ) لختتر خلفتتاء بنتتً أمٌتتة ‪ .‬وقتتد اجتهتتدت الحكاٌتتة الستتردٌة األكثتتر‬
‫انتشتتارً ا فتتً بٌتتان وفتتاء عبدالحمٌتتد لستتٌده متتروان؛ ففتتً كتتتب األدب أن متتروان عنتتدما‬
‫انهزم‪ ،‬واتجه هاربًا نحو مصر نصم لعبدالحمٌد با ستسالم للعبّاسٌٌن فٌنجو لحتاجتهم‬
‫إلتتى فنتته ومعلوماتتته ولكنتته أبتتى وفتتا ًء منتته لرئٌستته؛ إذ تجعتتل هتتذه الرواٌتتة متتروان بتتن‬
‫محمد عار ًفا بما فً كتب المالحم إذ ٌقول لعبدالحمٌد"إ ّنا نجد فً الكتتب أن هتذا األمتر‬
‫زائل عنا محالة‪ ،‬وسٌضطر إلٌك هؤ ء القوم" فٌرد علٌه عبدالحمٌد وكٌؾ لً بتأن‬
‫ٌعلم الناس جمٌعً ا أن هذا عن رأٌتك‪ ،‬وكلهتم ٌقتول إنتً ؼتدرت وصترت إلتى عتدوك‪،‬‬
‫‪78‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫وأنشد‬
‫الناس ظاهرُه‬
‫َ‬ ‫بعذر ٌوس ُع‬ ‫لً‬ ‫فمن‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫ؼدر‬ ‫ُ‬
‫ر‬ ‫ظه‬ ‫أُسِ رخ َوفا ًء ثم أ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وأنشد أٌضً ا‬
‫عٌب فٌه لالئم ٍة وعُذري بال َمؽٌ ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫فذنبً ظاه ٌر‬
‫فلما ستمع ذلتك متروان علتم أنته ٌفعتل‪ .‬ثتم قتال عبدالحمٌتد التذي أمرتنتً بته‬
‫أنفع األمرٌن لك وأقبحهما بً‪ ،‬ولك علًّ الصبر معتك إلتى أن ٌفتتم علٌتك أو أُقتتل‬
‫معك"(‪ . )50‬وٌجتهد خبتر لختر فتً بٌتان و ء عبدالحمٌتد الكاتتب لستٌده إذ تقتول رواٌتة‬
‫ِب عبدالحمٌد بن ٌَحٌتى الكاتتب‪ ،‬وكتان صتدٌ ًقا بتن ال ُم َقفتع‪ ،‬ففاجأهمتا‬ ‫الجهشٌاريّ " ُ‬
‫طل َ‬
‫الطلتتب وهمتتا فتتً بٌتتٍ‪ ،‬فقتتال التتذٌن دخلتتوا علٌهمتتا أٌكمتتا عبدالحمٌتتدا فقتتال كت خل واحتتد‬
‫منهما أنا؛ خو ًفا من أن ٌُنال صاحبه بمكروه‪ .‬وخاؾ عبدالحمٌد أن ٌسترعوا إلتى ابتن‬
‫ال ُم َقفع‪ ،‬فقال ترفقوا‪ ،‬فنن فً عالمات‪ ،‬ووكلوا بنا بعضكم‪ ،‬وٌمضً بعضٌ ٌتذكر تلتك‬
‫العالمات لمن وجّ ه بكم‪َ ،‬ففُعِت َل ذلتك‪ ،‬وأُخ َِتذ عبدالحمٌتد"(‪ .)51‬وٌترا رضتوان الستٌد أن‬
‫ت عتن مقتتل عبدالحمٌتد الكاتتب متن اصتطناع كتتاب العصتر‬ ‫ُتردَ ْ‬
‫هذه الحكاٌات التتً س ِ‬
‫العبّاستتً لبٌتتان "و ء ا صتتطناع الجدٌتتد" التتذي ٌتتربطهم بالستتلطة"؛ فهتتم جتتز ٌء متتن‬
‫"البنٌتتة التنظٌم ٌّتتة" للستتلطة أو "لستتان" لهتتا‪ ،‬ولٌستتوا متتوظفٌن عتتادٌٌن‪ .‬علتتى أن هتتذا‬
‫ٌعنً أن سالمًا و عبدالحمٌد أو ابن المقفع لم ٌكن لهم"لٌٌن أخالقً" كتأفراد؛ فالصتورة‬
‫لٌست اصطناعً ا فً فراغ‪ ،‬بل هً نمتوذج لمتا كتانوا ٌطلبتون متن أنفستهم‪ ،‬ولمتا كتانوا‬
‫ٌرٌدون أن تتراه الستلطةمالتً ٌعملتون لهتامفٌهم"(‪ .)52‬ونتفتق متع رضتوان الستٌد فتً‬
‫بٌانتتته لتتتو ء ا صتتتطناع الجدٌتتتد وصتتتورة الكاتتتتب الستتتلطانً التتتتً بتتترزت مالمحهتتتا‬
‫بوضوح فً العصر العبّاسً األول فً صعود عدد كبٌر من هؤ ء الكتتاب إلتى رتبتة‬
‫جدا فً ذلك العصر‪.‬‬ ‫الوزارة‪ ،‬وهً رتبة خطٌرة ً‬

‫السلطاني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬دستور الكاتب‬
‫تعود رسالة عبدالحمٌد بن ٌحٌتى الكاتتب إلتى جماعتة الكتتاب إلتى عهتد هشتام‬
‫بن عبدالملك(ت ‪045‬هـ)؛ فقد سمحت فتترة حكتم هتذا الخلٌفتة األمتويّ الطوٌلتة بننشتاء‬
‫رسالة طوٌلتة ٌتمٌتز خطابهتا بالشتمول لكتتاب الدولتة األموٌتة جمتٌعهم فتً امتتداد تلتك‬
‫الدولة "اإلمبراطورٌة" من أقاصً الشرق إلى أقاصً الؽرب اإلستالمًّ ‪ ،‬فتً مستاحة‬
‫ً‬
‫خلٌطتتا متباٌ ًنتتا متتن األعتتراق واألجنتتاس لستتكان الفتوحتتات‬ ‫مترامٌتتة األطتتراؾ ضتتمت‬
‫العربٌّة اإلسالمٌّة‪ .‬ولهذا توجّ ته عبدالحمٌتد برستالته إلتى جماعتة كتتاب الدولتة األموٌتة‬
‫ستتتٌعاب (األنمتتوذج) التتذي ٌجتتب أن ٌكتتون علٌتته الكاتتتب التتدٌوانًّ ‪ .‬ولتتم ٌستتمم عهتتد‬
‫متتروان بتتن محمتتد لختتر الخلفتتاء األمتتوٌٌن بننشتتاء رستتائل أختترا فتتً الموضتتوع نفستته‬
‫لكثرة الفتن والثورات والحروب التً اشتعلت فً عهد هذا الخلٌفتة‪ ،‬ولتذلك كتان طتابع‬
‫الرسائل فً عهده ذي طبٌعتة عستكرٌة تحتمتل الطتول؛ فقتد كتان متروان بتن محمتد‬
‫ٌؤثر بالؼة اإلٌجاز‪ .‬ولئن كان عهد مروان إلى ابنه عبٌد أطول رسالة أُنشِ تئت فتً‬

‫‪71‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫العصر األمويّ فقد كان السبب فً تطوٌلها ٌعود إلى طبٌعة الظترؾ السٌاستًّ الحترج‬
‫الذي مٌّتز نهاٌتة الدولتة األموٌتة ومتاجرا فتً تلتك النهاٌتات متن أحتداث دامٌتة شتائكة‬
‫جعلت التركٌز األكبر علتى الناحٌتة التنظٌمٌّتة العستكرٌة أو ً وأخٌترً ا(‪ .)53‬ونتفتق متع‬
‫إحستان عبتاّس فتً تحدٌتده زمتن رستتالة عبدالحمٌتد إلتى جماعتة الكتتاب بعهتد الخلٌفتتة‬
‫هشام بن عبدالملك بن مروان؛ إذ لم تسمم أحوال الدولة األموٌة المضتطربة فتً عهتد‬
‫لخر الخلفاء األموٌٌن مروان بن محمد بهذا التطوٌل فً الرسائل‪.‬‬
‫إن َ رستتتالة بهتتتذه األهمٌتتتة تهتتتدؾ إلتتتتى إٌجتتتاد كاتتتتب التتتدٌوان النمتتتتوذجًّ‬
‫لصمبراطورٌة العربٌّة اإلسالم ٌّ ّة ٌمكن أن ُتصنؾ بوصفها (رسالة إخوانٌّة)‪ ،‬ولتذلك‬
‫نتفق مع إحسان عباّس الذي ص ّنؾ هذه الرسالة بأنها (رسالة دٌوانٌة)؛ ذلتك أن حتدود‬
‫الكاتب التً ح ّدها عبدالحمٌد بأنه "خدٌم" وأن معشر الكتاب هم فً النهاٌة مهما بلؽتوا‬
‫ووصلوا إنمّتا هتم "ختدم ٌُحتملتون" ٌمكتن أن تكتون صتادرة إ عتن ستلطة الخلٌفتة‬
‫نفسه إلى أهل "صناعة الكتابة"؛ أي فئتة الكتتاب التدٌوانٌٌن الستلطانٌٌن المشتتؽلٌن فتً‬
‫دواوٌن الخالفة "فاألقرب إلى المعقول أن هذه الرستالة دٌوانٌتة؛ ألن عبدالحمٌتد مهمتا‬
‫بداع من نفسه‪ ،‬أو حافز متن ؼٌرتته الذاتٌتة‬ ‫ٌكن مقامه فً الدولة ٌستطٌع أن ٌنشئها ٍ‬
‫ُ‬
‫على الطبقة التً ٌنتمً إلٌها‪ ،‬ذلك أن هتذه الرستالة ستتقرأ فتً كتل قطترأو مدٌنتة علتى‬
‫الجماعة التً وجّ ه إلٌها الخطاب‪ ،‬وفٌها ما ٌتجاوز النصائم "األخوٌتة" إلتى تحتذٌرات‬
‫ت فتتً صتتٌؽة نصتتائم‪ ،‬والمتتراد بهتتا أن تكتتون موضتتعً ا للتطبٌتتق‪ ،‬وهتتذا‬ ‫وأوامتتر وُ ضِ تتعً ْ‬
‫ٌعنً علتى المستتوا الرستمً أن اإلختالل بهتا ٌعترض المختل إلتى إخراجته متن "فئتة‬
‫الكتاب"‪ .‬وذلك شًء ٌستطٌع عبدالحمٌد أن ٌطبقه بمبادرة ذاتٌة‪ ،‬بل بد متن تتدخل‬
‫ت بشتتكل دقٌتتق‬ ‫الدولتتة وستتلطانها‪ ،‬ومتتن هنتتا كانتتت الرستتالة دٌوانٌتتة‪ ،‬ؼٌتتر أنهتتا وُ ضِ تتعً ْ‬
‫مرهتتؾ‪ٌ ،‬كشتتؾ عتتن تقتتدٌر لتلتتك الفئتتة ودورهتتا الخطٌتتر‪ ،‬ولتتذلك تجتتاوزت مستتتوا‬
‫الرسالة الدٌوانٌّة إلى "عصبٌة ا نتماء" التً ٌمثلها عبدالحمٌد"(‪.)54‬‬
‫ٌقول عبدالحمٌد موجهًا خطابه إلى جماعة الكتاب"بكم ٌنتتظم الملتك‪ ،‬وتستتقٌم‬
‫للملتتوك أمتتورهم‪ ،‬وبتتتدبٌركم وسٌاستتتكم ٌصتتلم ستتلطانهم‪ ،‬وٌجتمتتع فٌتتئهم‪ ،‬وتعمتتر‬
‫بالدهتتم‪ٌ ،‬حتتتاج إلتتٌكم الملتتك فتتً عظتتٌم ملكتته‪ ،‬والتتوالً فتتً القتتدر الستتنً والتتدنً متتن‬
‫و ٌتتته‪ٌ ،‬ستتتؽنً عتتنكم متتنهم أحتتد‪ ،‬و ٌوجتتد كتتاؾٍ إ متتنكم‪ ،‬فمتتوقعكم متتنهم موقتتع‬
‫أستتماعهم التتتً بهتتا ٌستتمعون‪ ،‬وأبصتتارهم التتتً بهتتا ٌبصتترون‪ ،‬وألستتنتهم التتتً بهتتا‬
‫ٌنطقون‪ ،‬وأٌدٌهم التً بها ٌبطشون"(‪ .)55‬تحّ ول الكاتب الدٌوا ّنً فً رستالة عبدالحمٌتد‬
‫الكاتب إلتى أداة تنظٌمٌتة متن أدوات الستلطة السٌاستٌّة األموٌتة ٌتمتاهى متع مشتروعها‬
‫السٌاسًّ وٌؤمن به وٌدافع عنته؛ فهتذا العتالم الجدٌتد المتحتوّ ل الناشتئ تحتل فٌته بالؼتة‬
‫الترسل الدٌوانٌة التً تؤسس سلطة الدولة محل بالؼة الشعر والخطابة‪.‬‬
‫تناولتتت رستتالة عبدالحمٌتتد إلتتى "معشتتر أو جماعتتة الكتتتاب قستتمٌن رئٌستتٌٌن‬
‫هما بٌان أهمٌة هذه الصناعة السلطانٌة الناشئة فً مشتروع الدولتة الستلطويّ والقستم‬
‫اآلختتر ترستتٌخ األنمتتوذج التتذي ٌجتتب أن ٌكتتون علٌتته كاتتتب الدولتتة األنمتتوذجً خل ًقتتا‬
‫‪77‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫وثقافتتة‪ .‬وأمّتتا فٌمتتا ٌختت مكانتتة هتتؤ ء الكتتتاب فتتً الدولتتة فهتتم ٌمثلتتون للخلٌفتتة أو‬
‫السلطان أو الملك حواسه األربعة؛ السمع والبصر واللسان والٌد‪" ،‬وتلك مكانتة رفٌعتة‬
‫ألن تعطتتتتل أٌتتتتة حاستتتتة متتتتن هتتتتذه الحتتتتواس ٌعطتتتتل "فعالٌتتتتة" ضتتتترورٌة للدولتتتتة أو‬
‫السلطان"(‪.)56‬‬
‫وفً بٌان طبٌعة العالقة النموذجٌة المفترضة بٌن الكاتب وصاحبه الخلٌفة أو‬
‫السلطان ٌستحضر عبدالحمٌد صورة "سائس البهٌمة" فهتو" إن كتان حاذ ًقتا بسٌاستتها‬
‫التمس معرفة أخالقها‪ ،‬فنن كانت رموحا ً اتقاها من قبل رجلها‪ ،‬وإن كانتت جموحً تا لتم‬
‫ٌهجها إذا ركبها‪ ،‬وإذا كانت شموسً ا توقاها من ناحٌة ٌتدها‪ ،‬وإن ختاؾ منهتا عضاضً تا‬
‫توقاها من ناحٌة رأسها‪ ،‬وإن كانت حرو ًنتا لتم ٌالحهتا وتتبتع هواهتا فتً طرٌقهتا‪ ،‬وإن‬
‫استتتمرت عطفهتتا فٌستتلس لتته قٌادهتتا"(‪.)57‬وهتتً صتتورة تمثٌل ٌّتتة مجازٌتتة تهتتدؾ إلتتى‬
‫ضرورة تكٌؾ الكاتب متع صتاحبه وتحاشتً ا صتطدام بته متن ختالل حستن السٌاستة‬
‫والحٌلة والمداراة فً معاشرته‪ .‬ولتذلك ٌحتر الكاتتب دائمًتا علتى التتدبٌر وا عتتدال‬
‫وا قتصتتاد فتتً" هٌئتتة مجلستته وملبستته ومركبتته‪ ،‬ومطعمتته ومشتتربه‪ ،‬وبنائتته وخدمتته‪،‬‬
‫وؼٌتتر ذلتتك متتن فنتتون أمتتره‪ ،‬قتتدر صتتناعته(‪ ")58‬؛ فهتتم رؼتتم شتترؾ صتتناعتهم كمتتا‬
‫وختتزان وحفظتتة‬‫ّ‬ ‫ٌختتاطبهم عبدالحمٌد"ختتدم تحتملتتون فتتً ختتدمتكم علتتى التقصتتٌر‪،‬‬
‫ٌحتمل منكم التضٌٌع والتبذٌر"(‪.)59‬‬
‫ولعتتل ً عبدالحمٌتتد الكاتتتب ٌستحضتتر فتتً هتتذا التحتتذٌر لجماعتتة الكتتتاب متتن‬
‫ضرورة عدم تجاوزهم مرتبةالخدٌم" ما حدث لسالم أبتً العتالء الكاتتب متع هشتام بتن‬
‫عبدالملك الذي بلػ دالة عظٌمة عند هشتام جعلتت النتاس ٌحفتون بته فتً ذهابته وإٌابته‪،‬‬
‫وكأنه ٌسٌر فً موكب طلبًا منهم لوستاطته فتً رفتع قضتاٌاهم وحتوائجهم إلتى الخلٌفتة‬
‫هشام‪ ،‬وكما تقول رواٌتة الطبتري استتفز هتذا األمتر الخلٌفتة هشتامًا التذي زجتر ستالمًا‬
‫سرت فً موكب‪ ،‬فكؾ عن ذلك‪ ،‬وأختذ كلمتا اقتترب منته رجتل‬ ‫َ‬ ‫قائالً له" ألعلمن متى‬
‫لٌسٌر معه‪ ،‬أوقفه وطلتب إلٌته أن ٌتذكر حاجتته و َم َنعته متن مرافقتته"‪ .‬وٌعلتق الطبتريّ‬
‫ّتر هشتامًا"(‪ .)60‬ولعتل عبدالحمٌتد أٌضً تا‬ ‫على هذا الخبر قتائال" وكتان ستالم كأنته هتو أم َ‬
‫ٌستبق بهذا التحذٌر النهاٌات المؤلمة لبعض الوزراءمالكتاب فً العصر العبّاسً بعتد‬
‫أن تجاوزوا مراتبهم فوجبت العقوبة علٌهم(‪.)61‬‬
‫إن (كاتتب التتدٌوان األنمتتوذج) التتذي ٌتتدعو إلٌتته عبدالحمٌتتد بتتد أن ٌحتتذر متتن‬
‫أخطر اآلفات المضرة بدٌنه وعقله وأدبته وهتً لفتة"العُجب" بنفسته وبصتناعته‪ .‬وهتً‬
‫لفة إن تحقق وجودهتا فتً كاتتب التدٌوان فننهتا تعنتً نهاٌتته فتً صتناعته واضتطراب‬
‫عالئقه بنخوته فتً هتذه الصتناعة‪ .‬وتحتذٌر عبدالحمٌتد متن هتذه اآلفتة ٌعتود أٌضً تا إلتى‬
‫سبب رئتٌس نجتده ٌتخلتل رستالته‪ ،‬وهتو أن الكاتتب مهمتا ارتفعتت منزلتته وعتال شتأنه‬
‫ٌظل خادمًا للخلٌفة أو السلطان‪ .‬ولذا ٌحتافظ عبدالحمٌتد علتى نظرٌتة (المقامتات) التتً‬
‫نجدها فً األدبٌات السٌاسٌة السلطانٌّة الفارسٌّة التً ستعرفها الثقافة العربٌّة بعتد ذلتك‬
‫مع ترجمة لداب الملوك الفارسٌّة إلى العربٌّة وفٌها ما ٌرسخ هذه النظرٌة‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫إن ً خاتمة هذه الرسالة تقوم على محور رئٌس هو جوهر الكتاب كمتا ٌقتول‬
‫عبدالحمٌتتد‪ ،‬ومحتتور الرستتالة قولتته"من ٌلتتزم النصتتٌحة ٌلزمتته العمتتل" ‪ ،‬وهتتو محتتور‬
‫رئتتٌس ستتنجده ٌتكتترر متتع ابتتن المقفتتع خاصتتة فتتً خطابتته التصتتدٌري لكتتتاب "كلٌلتتة‬
‫ودِمنة"‪ .‬ومعنى هذا أن الكاتب نفسه سٌلتزم بالنصٌحة هذه‪ .‬ولعل هذا ما ٌفسر بطتف‬
‫الدولة العبّاسٌة بعبدالحمٌد الكاتب لتفطنها إلتى خطتورة العمتل التذي قتام بته فتً خدمتة‬
‫الدولتتة األموٌتتة وترستتٌخ لدابهتتا الستتلطانٌة العربٌتتة‪ .‬وهتتذا متتا ٌفستتر أٌضً تتا ؼلبتتة مفتتردة‬
‫"الطاعتتة" عنتتد الحمٌتتد الكاتتتب فتتً مقابتتل طؽٌتتان مفردتتتً (الحٌلتتة و(العقتتل) عنتتد ابتتن‬
‫المقفع‪ .‬وهذا هو الفارق بتٌن كتاتبٌن األول لتم ٌتجتاوز رتبتة الختدٌم الستلطانًّ واآلختر‬
‫وهتتو ابتتن المقفتتع تجتتاوز هتتذه المرتبتتة إلتتى الرؼبتتة فتتً الشتتراكة متتع الستتلطة الحاكمتتة‬
‫العبّاسٌة فكانت نهاٌته القتل‪.‬‬

‫عإد مروان البنل عبيدهللا النوع المؤسس لنشأ "مرايا األمراء العرب ّية"‪:‬‬
‫وهو عه ٌد جدٌ ٌر بتالتوقؾ نظترً ا لطولته التذي فتاق العهتود والوصتاٌا القصتٌرة‬
‫لسابقٌه من الخلفاء‪ ،‬وهتو العهتد التذي كتبته عبدالحمٌتد الكاتتب علتى لستان لختر خلفتاء‬
‫بنتتً أمٌتتة ممتتا ٌشتتً بتتالمؤثرات العربٌّتتة اإلستتالمٌّة فٌتته التتتً امتزجتتت بتتالمؤثرات‬
‫األجنبٌتتة مثتتل المتتؤثر الفارستتًّ الساستتانًّ (عهد أردشتتٌر ) والمتتؤثر الٌونانًّ (رستتائل‬
‫أرسطوطالٌس المنحولة إلى اإلسكندر)(‪.)62‬‬
‫تضمن عهد مروان بن محمد إلى ابنته عبٌتد (‪ )63‬ولتً العهتد بٌتان الجوانتب‬
‫األخالقٌّة والسٌاسٌّة والحربٌّة‪ .‬وهو ما ٌمكتن تستمٌته "عهتد متروان"‪ ،‬أو وصتٌته إلتى‬
‫ابنه حٌن وجهه لمحاربة الضحّ اك بن قٌس الشٌبانًّ الخارجًّ ‪ .‬وٌعد هتذا العهتد أطتول‬
‫رسالة تبقت من إرث عبدالحمٌد الكاتب(‪ .)64‬وٌرجم إحسان عبتاّس التذي ح ّقتق بعتض‬
‫ت فتتً كتابتتة هتتذا العهتتد أولهتتا‬ ‫رستتائل عبدالحمٌتتد أن هنتتاك أربعتتة مصتتادر اع ُتمِتتدَ ْ‬
‫زادا للمثقتتؾ المستتلم كوصتتٌة عمتتر إلتتى ستتعد بتتن أبتتً‬ ‫المعتتارؾ العامتتة التتتً أصتتبحت ً‬
‫وقتتا وفٌهتتا ٌوصتتٌه بكثٌتتر ممتتا جتتاء فتتً رستتالة عبدالحمٌتتد‪ ،‬متتن إذكتتاء العٌتتون‪،‬‬
‫واإلكثار من الطالئتع والستراٌا عنتد التدنو متن أرض العتدو‪ ،‬واتقتاء أهتل الطالئتع متن‬
‫ذوي التترأي والبتتأس‪ ،‬وتزوٌتتدهم بستتوابق الخٌتتل‪ ،‬وعتتدم الهجتتوم قبتتل معرفتتة األرض‬
‫كمعرفة أهلها بها‪ ،‬ثتم إذكتاء األحتراس علتى العستكر والتتٌقظ متن البٌتات‪ .‬وثتانً هتذه‬
‫المصادر توجٌهات مروان المستمدة من خبرته الطوٌلة فً الحترب‪ .‬وثالثهتا رستائل‬
‫ؾ بالستتماع أو‬ ‫إلتتى اإلستتكندر المنستتوبة إلتتى أرستتطوطالٌس‪ .‬ورابعهتتا بعتتض متتا ُعت ِتر َ‬
‫ُتر ِج َم عن الفارستٌّة فتً ذلتك الموضتوع(‪ .)65‬وٌعتد إحستان عبّتاس هتذا العهتد بأنته متن‬
‫قبٌل"مراٌا الملوك"‪ ،‬ولٌس لهذا العهد ما ٌسبقه إ كتاب منسوب لعلًّ بن أبً طالتب‬
‫أرسل به إلى األشتر(‪ .)67(" .)66‬وقد عد رضوان السٌد هذا العهد نصائم عامتة لفنتون‬
‫الحرب رؼم جوانبه التقنٌة‪ ،‬ولذا صار "نوعً ا أدبًٌا أو"مرلة أمتراء" نستج علتى منوالته‬
‫كتاب"مراٌا األمراء" فٌما بعد استلهامًا أو اقتباسً ا "(‪.)68‬‬
‫وممتتا جتتاء فتتً هتتذا العهتتد الحتتدٌث عتتن البطانتتة الستتلطانٌة "ثتتم لتتتكن بطانتتتك‬
‫‪010‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫وجلساؤك فً َخ َلواتك‪ ،‬ودخالؤُ ك فً سرك‪ ،‬أه َل الفق ِه والورع من خاصة أهتل بٌتتك‪،‬‬
‫وعامة قوادك ممن قد حنكتته الستن بتصتارٌؾ األمتور‪ ،‬وخبطتته فصتالها بتٌن فراسِ تن‬
‫البزل‪ ،‬وقلبته األمور فً فنونها‪ ،‬وركب أطوارهتا عار ًفتا بمحاستن األمتور‪ ،‬ومواضتع‬ ‫ّ‬
‫الرأي وعٌن المشورة‪ ،‬مأمون النصٌحة‪ ،‬مطتوي الضتمٌر علتى الطاعتة ثتم أحضترهم‬
‫متتن نفستتك وقتتارً ا ٌستتتدعً لتتك متتنهم الهٌبتتة‪ ،‬واستئناسً تتا ٌعطتتؾُ إلٌتتك متتنهم المتتودة‪،‬‬
‫تٌاع‬
‫ترأي وضت ِ‬ ‫وإنصتتا ًفا ٌف ت ّل إفاضتتتهم عنتتدك بمتتا تكتتره أن ٌنتشتتر عنتتك متتن ستتخاف ِة الت‬
‫(‪)69‬‬
‫علٌك هواك فٌصرفك عن الرأي وٌقطعك دون الفكر" ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الحزم‪ ،‬و ٌؽلبن‬

‫السياسي و مامإم‬
‫ّ‬ ‫الخرمي‪ :‬معتمد الفرس‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬عإد أردشير بن بابك‬
‫ٌذكر المسعوديّ (ت‪828‬هتـ) أنته رأا بمدٌنتة إصتطخر متن أرض فتارس فتً‬
‫سنة ‪818‬هـ عند بعض أهل البٌوتتات المشترفة متن الفترس كتابًتا عظٌمًتا ٌشتتمل علتى‬
‫علوم كثٌرة من علومهم وأخبار ملوكهم وأبنٌتهم وسٌاساتهم لم ٌجدها فً كتب الفترس‬
‫المعروفة فً عصره مثل خداي نامه ولٌٌن نامه وكهنامته‪ ،‬وكتان تتأرٌخ الكتتاب التذي‬
‫عثر علٌه المسعودي"أنه كتب مما وُ ِجدَ فً خزائن ملتوك فتارس للنصتؾ متن جمتادا‬
‫اآلختتترة ستتتنة ‪008‬هتتتـ‪ ،‬و ُن ِقتتت َل لهشتتتام بتتتن عبتتتدالملك بتتتن متتتروان متتتن الفارستتتٌّة إلتتتى‬
‫العربٌتتتة"(‪ .)70‬وإذا صتتت ّم َ هتتتذا الخبتتتر فتتتنن هتتتذا ٌعنتتتً أن ترجمتتتة اآلداب الستتتلطانٌّة‬
‫الفارستتتٌّة إلتتتى العرب ٌّتتتة بتتتدأت قبتتتل مجتتتًء العصتتتر العبّاستتتً األول؛ أي ٌُتتتؤرخ لهتتتذه‬
‫الترجمات بعهد هشام بن عبدالملك‪ ،‬وتكون هذه الترجمتة ستابقة لترجمتات ابتن المقفتع‬
‫لكتب اآلٌٌن الفارسٌة التً ذكرها ابن الندٌم وسنشٌر إلٌها‪.‬‬
‫مثتل "عهتد أردشتتٌر" مصتدرً ا رئٌسً تتا للخطتاب الستتلطانًّ عنتد ابتتن المقفتع فتتً‬ ‫ّ‬
‫تفسٌره لكتاب"كلٌلة ودِمنة"؛ أي فً اإلضافات التً ضمّنها ابتن المقفتع ترجمتته لهتذا‬
‫الكتاب‪ ،‬رؼتم أن ابتن المقفتع أؼمتض عتن ذكتر أردشتٌر فتً أقوالته الكثٌترة المؤسستة‬
‫لكتابات ابن المقفع مثل "األدب الصؽٌر" و"األدب الكبٌر"و"رسالة الصحابة"‪ .‬ونفستر‬
‫هذا السكوت واإلؼمتاض برؼبتة ابتن المقفتع فتً أن تكتون اآلداب الستلطانٌّة الفارستٌّة‬
‫خطابًا مطل ًقا متعالًٌا ٌؤسس دستتور الدولتة العبّاستٌة الولٌتدة؛ أي أنته فضّتل اإلحتا ت‬
‫المضمنة المسكوت عن مصدرها دون توثٌقها بنسبتها إلى أصحابها من ملوك الفترس‬
‫وحكمائها‪ ،‬وذلك فً عه ٍد كانت فٌه العناصتر العربٌّتة متن الخلٌفتة والقتادة العترب لهتم‬
‫الؽلبة والسٌطرة فتً عهتد التأستٌس فتً خالفتتً أبتً العبّتاس الست ّفاح والمنصتور‪ .‬فتً‬
‫حتتتٌن أن بعتتتض كتتتتب اآلداب الستتتلطانٌة مثتتتل "التتتتاج فتتتً أختتتالق الملتتتوك " للثعلبتتتً‬
‫جتتاهرت بتتذكر المرجعٌتتات الفارس تٌّة متتن أردشتتٌر وكستترا أنوشتتروان و ُب ُزرْ ِجمِهتتر‬
‫وستتواهم فتتً عصتتر استتتعرت فٌتته الخصتتومة بتتٌن الشتتعوبٌٌن الفتترس ومنتتاوئٌهم متتن‬
‫المثقفٌن والكتاب ذوي النزعة العربٌّة‪.‬‬
‫ترً‬ ‫ً‬
‫اعتمتتد (عهتتد أردشتتٌر) اعتمتتادا كبٌت ا ف تً مضتتامٌنه علتتى كتتتاب زرادشتتت‬
‫المعتتروؾ باألبستتتاق)‪.(Avesta‬وقتتد جمتتع الفتترس علتتى قتتراءة ستتورة منتته ٌُقتتال لهتتا‬
‫‪014‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫(إسناد)‪ ،‬فلم ٌعد المجوس من عهدئ ٍذ ٌقرأون ؼٌرها"(‪.)71‬وقد لجتأ أردشتٌر فتً حركتته‬
‫السٌاستٌّة اإلصتتالحٌّة إلتتى الشتتراكة متتع رجتتال الدٌن(الموابتتذة الزرادشتتتٌٌن) متتن أجتتل‬
‫توأمة السٌاسة مع الدٌن؛ إذ أعلن فً عهده "واعلموا أن المُلك والدٌن أختوان توأمتان‪،‬‬
‫َقوام ألحدهما إ بصاحبه‪ ،‬ألن الدٌن أسخ الملُك وعماده‪ ،‬ثم صار المُلك بعتد حتارس‬
‫الدٌن‪ ،‬فالبد للمُلك من أسه‪ ،‬و بد للدٌن من حارسه‪ ،‬ألن متا حتارس لته ضتائع ومتا‬
‫أس له مهدوم"(‪.)72‬‬
‫رسّخ أردشٌر بن بابك الخرمًّ (نظرٌتة الطبقتات الفارستٌّة)؛ فقتد عتد الرعٌتة‬
‫أربتتتع طبقتتتات هتتتً األستتتاورة والنستتتاك وستتتدنة بٌتتتوت النٌتتتران والتتت ُزراع والمهتتتان‬
‫وأضرابهم‪ ،‬وهً الطبقات التً ذكرها فً عهده‪ ،‬وأراد أن ٌحافظ وارثتو مملكتته متن‬
‫أكاسرة الفرس بعده علتى هتذا التصتنٌؾ الطبقتًّ فهتو ٌرٌتد الحفتاظ علتى صترامة هتذا‬
‫ً‬
‫راستخا قوًٌتا إذ ٌقتول " فمتن‬ ‫التصنٌؾ وعدم تخطٌه وتجاوزه حتى ٌحافظ علتى الملتك‬
‫ألفتتى الرعٌتة متتنكم بعتتدي وهتتً علتتى حتتال أقستتامها األربعتتة(التً هتتً أصتتحاب التتدٌن‬
‫والحتترب والتتتدبٌر والخدمتتة) متتن ذلتتك األستتاورة صتتنؾ‪ ،‬والعُبتتاد وال ُنستتاك وستتدنة‬
‫النٌتتران ص تنؾ‪ ،‬والكتتتاب والمنجمتتون واألطبتتاء صتتنؾ‪ ،‬والتتزرّاع وال ُم ّهتتان والتجتتار‬
‫صنؾ‪ ،‬فالٌكونن بنصالح جسده أشد اهتمامًا منه إلحٌاء تلك الحال وتفتٌف متا ٌحتدث‬
‫فٌها من الدخالت‪ ،‬و ٌكتون نتقالته عتن المُلتك بتأجزع منته نتقتال صتنؾ متن هتذه‬
‫األصناؾ إلى ؼٌتر رتبتته‪ ،‬ألن تنقتل النتاس(عن متراتبهم) سترٌع فتً تنقتل الملتك عتن‬
‫ملكه إمّا إلى خلع وإمّا إلى قتل‪ ،‬فالٌكونن لشتًء متن األشتٌاء بتأوحف منته متن رأس‬
‫ب صار رأسً ا"(‪.)73‬‬ ‫صار ذنبًا وذن ٍ‬
‫ً‬
‫إن عهد أردشٌر كتان عهتدا مؤسسً تا وبخاصتة أن صتاحبه هتو مؤستس الدولتة‬
‫الساسانٌّة‪ ،‬وهذا ما ٌفسر األهمٌة الكبرا التً كانت لهذا العهتد عنتد الفترس حتتى بعتد‬
‫بوصفه"معتمدا سٌاسًٌا فارسًٌا" أو "إماماً" حسب تعبٌترهم‪ .‬وجتاء‬‫ً‬ ‫دخولهم إلى اإلسالم‬
‫فتتتً رستتتالة "ذم أختتتالق الكتتتتاب" للجتتتاحظ استتتتهزاءه متتتن هتتتذه الفئتتتة بقولتتته"وروا‬
‫مهتترْ أمثالتته‪ ،‬وألردشتتٌر عهتتده"(‪ .)74‬وقتتد تضتتمن العهتتد عالقتتة الملتتك ببطانتتته‬ ‫لبُزرْ ِج ِ‬
‫والعالقة بٌن الملك والدٌن وعالقة الملك برعٌته وعامل الفراغ وأثره فً حٌتاة الدولتة‬
‫ثم مشكلة و ٌة العهد(‪.)75‬‬

‫‪ -‬خطبة أبي جعفر المنصور(الخليفة سلطان هللا علت أرضل)‬


‫أورد الطبري فً تارٌخه خطبة الخلٌفة العبّاسً أبتً جعفتر المنصتور ببؽتداد‬
‫ٌوم عرفة "أٌها الناس‪ ،‬إنمّا أنا سلطان فً أرضه‪ ،‬أسوسكم بتوفٌقه وتسدٌده‪ ،‬وأنتا‬
‫خازنه على فٌئه؛ أعمل بمشٌئته‪ ،‬وأقسمه بنرادته‪ ،‬وأعطٌه بنذنته‪ .‬قتد جعلنتً علٌته‬
‫قُفالً‪ ،‬إذا شاء أن ٌفتحنً ألعطٌاتكم و ًقسْ م فٌئكم وأرزاقكم فتحنتً‪ ،‬وإذا شتاء أن ٌُقفلنتً‬
‫أقفلنً؛ فارؼبوا إلى أٌها الناس‪ ،‬وسلوه فً هذا الٌوم الشرٌؾ التذي وهتب لكتم فٌته‬
‫أك َم ْل ُ‬
‫تت لَ ُكت ْم دٌِت َن ُك ْم‬ ‫من فضتله متا أعلمكتم بته فتً كتابته؛ إذ ٌقتول تبتارك وتعتالى" الٌتو َم ْ‬
‫تٌت لً ُك ت ُم اإلستتال َم دٌنتتا" أن ٌتتوفقنً للصتتواب وٌستتددنً‬ ‫َوأَت َممْ ت ُ‬
‫تت َعلً ت ٌْ ُكم نِعْ متتتً َو َرضِ ت ُ‬
‫‪018‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫للرشتتاد‪ ،‬وٌلهمنتتً الرأفتتة بكتتم واإلحستتان إلتتٌكم ‪ ،‬وٌفتحنتتً ألعطٌتتاتكم وقستتم أرزاقكتتم‬
‫بالعدل علٌكم ‪ ،‬إنه سمٌع قرٌب"(‪.)76‬‬
‫تمثل خطبة أبً جعفر المنصور تحو ً خطٌرً ا فتً طبٌعتة الخطتاب الستلطانًّ العربتًّ‬
‫وذلتتك با نتقتتال متتن عقٌتتدة الجبتتر األموٌتتة المستتتندة إلتتى القضتتاء والقتتدر إلتتى خطتتاب‬
‫ٌشتترع للخلٌفتتة (ظتتل علتتى أرضتته) با ستتتناد إلتتى قرابتتة الرستتول متتن جهتتة اآلبتتاء‬
‫بخالؾ العلوٌٌن المنتسبٌن إلى قرابة امرأة هتً فاطمتة‪ .‬وٌتحتول الخلٌفتة وف ًقتا لمشتٌئة‬
‫المطلقة فً اختٌاره إلى "قفل" ٌفتم وٌؽلق بمشٌئة فً تحاٌل للمنصتور للقضتاء‬
‫على منطق الثورة العبّاسٌة التً جاءت بشركاء لخرٌن فً الحكم(العلتوٌٌن والفترس)‪.‬‬
‫وتأسٌسً ا على ما تقدم تصبم مكانة الخلٌفة تنضوي فً إطار طبقة (الخاصة)‪ ،‬وإنمّتا‬
‫هتتو فتتً منزلتتة المقدس(ستتلطان علتتى أرضتته) ٌتحتترك وف ًقتتا للمشتتٌئة اإللهٌتتة التتتً‬
‫تسٌره‪ .‬وقد أفرز هذا الخطاب الستلطانًّ المقتدس معارضتات كتان للكتتاب الستلطانٌٌن‬
‫الٌد الطولى فٌها‪ ،‬وٌأتً فً مقدمتهم ابن المقفع‪.‬‬

‫السللللطاني أم تفكيكلللل ل (مرحللللة‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬ابلللن المقفلللع‪ :‬الترسللليخ لالسلللتبداد‬
‫التحول)‪:‬‬
‫ّ‬
‫لم ٌكن ابن المقفع كاتبًتا دٌوانًٌتا للخلٌفتة العباّستًّ أبتً جعفتر المنصتور؛ وإنمتا‬
‫كتان كات ًبتتا لعتتم الخلٌفتتة الطتتامع فتتً الحكتتم عٌستتى بتتن علتتً‪ ،‬وقبتتل ذلتتك كتتان كات ًبتتا فتتً‬
‫أواخر عهد بنً أمٌة للم َُسبم بن الحواريّ عامل نٌسابور من قبل عبد بتن عمتر بتن‬
‫عبدالعزٌز‪ .‬وٌذكر الجهشتٌاريّ أن ابتن المقفتع كتان ستببًا فتً تألٌتب ابتن المستبم علتى‬
‫ستفٌان بتن معاوٌتتة(‪ )77‬التذي ستتٌتولى بعتد ذلتتك و ٌتة البصتترة فتً عهتتد المنصتور‪ .‬ثتتم‬
‫أصبم ابن المقفع فً عهد الدولة الع ّباسٌة الجدٌدة كاتبًا لتداود بتن عمترو بتن هبٌترة ثتم‬
‫كتب لعٌسى بن علً على كرمان(‪.)78‬‬
‫اشتتتؽل ابتتن المقفتتع علتتى ترجمتتة كتتتب اآلٌتتٌن الفارستتٌة منتتذ أواختتر العصتتر‬
‫األموي؛ فقد قال ابن الندٌم عنه"إنته كتان أحتد النقلتة متن اللستان الفارستًّ إلتى العربتًّ‬
‫مضتتطلعً ا بتتاللؽتٌن فصتتٌحً ا بهمتتا‪ ،‬وقتتد نقتتل عتتدة كتتتب متتن كتتتب الفتترس؛ منهتتا كتتتاب‬
‫"خداٌنامتته" فتتً الستتٌر‪ .‬كتتتاب "لئتتٌن نامتته" فتتً اآلٌتتٌن كتتتاب "كلٌلتتة ودِمنتتة"‪" ،‬كتتتاب‬
‫متتتزدك"‪ ،‬كتتتتاب "التتتتاج فتتتً ستتتٌرة أنوشتتتروان"‪" ،‬كتتتتاب األدب الكبٌتتتر"‪ ،‬وٌعتتترؾ‬
‫بماقراجسنس‪ ،‬كتاب "األدب الصؽٌر"‪" ،‬كتاب الٌتٌمة فً الرسائل "(‪.)79‬‬
‫ورؼتتتم تحتتتذٌر ابتتتن المقفتتتع المتكتتترر فتتتً مصتتتنفاته مثتتتل "األدب الصتتتؽٌر"‬
‫و"األدب الكبٌتتر" و"كتتتاب كلٌلتتة ودِمنتتة" متتن صتتحبة الستتلطان وتنبٌهتته علتتى ضتترورة‬
‫مداراته واتقاء شره إ أنه لم ٌنصع لتلك المداراة وفضّل خلع قناع التقٌة عندما امتثتل‬
‫ألمر سٌده عٌستى بتن علتً فكتتب عهتد األمتان(‪ )80‬لعبتد بتن علتً‪ ،‬وتشت ّدد فتً ذلتك‬
‫العهتد بصتورة متقنتة اإلحكتام ولتم ٌتتترك للخلٌفتة المنصتور ستبٌالً إلتى التحاٌتل علٌتته ‪.‬‬
‫"وكان ابن المقفع ٌكتب لعٌستى بتن علتًّ ‪ ،‬فتأمره عٌستى بعمتل نستخة لبمتان لعبتد ‪،‬‬
‫‪012‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫فعملها وو ّكدها‪ ،‬واحترس من كل تأوٌتل ٌجتوز أن ٌقتع علٌته فٌهتا‪ ،‬وتتر ّددت بتٌن أبتً‬
‫جعفتتر وبٌتتنهم فتتً النستتخة كتتتب‪ ،‬إلتتى أن استتتقرت علتتى متتا أرادوا متتن ا حتٌتتاط‪ ،‬ولتتم‬
‫ٌتهٌأ ألبً جعفر إٌقاع حٌلة فٌها لفرط احتٌاط ابتن المقفتع‪ .‬وكتان التذي شتق علتى أبتً‬
‫تت عبتد بتتن‬ ‫جعفتر‪ ،‬أن قتال فتتً النستخة ٌوقتع بخطتته فتً أستتفل األمتان " وإن أنتا نلت ُ‬
‫أحدا ممن أقدمه معه بصؽٌر من المكروه أو كبٌر‪ ،‬أو أوصلت إلى أحد منهم‬ ‫علً‪ ،‬أو ً‬
‫ضررً ا سرً ا أو عالنٌة‪ ،‬على الوجوه واألسباب كلهتا‪ ،‬تصترٌحً ا أو كناٌتة أو بحٌلتة متن‬
‫الحٌل؛ فأنا نفً من محمد بن علً بن عبد ومولود لؽٌر َرشدَ ةٍ‪ .‬وقتد حتل َ َ لجمٌتع‬
‫أمة محمد خلعً وحربً والبتراءة منتً‪ ،‬و بٌعتة لتً فتً رقتاب المستلمٌن‪ ،‬و عهتد‬
‫و ذمة‪ ،‬وقد وجب علٌهم الخروج من طاعتً‪ ،‬وإعانتة متن نتاوأنً متن جمٌتع الخلتق‪،‬‬
‫ومتدع‪ ،‬وإن‬
‫ٍ‬ ‫و موا ة بٌنً وبٌن أحد من المسلمٌن‪ .‬وهتو متبتر ٌ متن الحتول والقتوة‪،‬‬
‫كان‪ ،‬أنته كتافر بجمٌتع األدٌتان‪ ،‬ولقتً ربته علتى ؼٌتر دٌتن و شترٌعة‪ ،‬مُحترم المأكتل‬
‫والمشرب والمناكم والمركب والترق والمِلتك والملتبس علتى الوجتوه واألستباب كلهتا‪.‬‬
‫وكتبت ُ‬
‫تتت بخطتتتً‪ ،‬و ن ٌّتتتة لتتتً ستتتواه‪ ،‬و ٌقبتتتل منتتتً إ إٌتتتاه‪ ،‬والوفتتتاء بتتته"‪ .‬فقتتتال‬
‫أبوجعفر إذا وقعت عٌنً علٌه‪ ،‬فهذا األمتان لته صتحٌم ألنتً لمتن أن أعطٌته إٌتاه‬
‫قبل رؤٌتً له‪ ،‬فٌسٌر فً البالد‪ ،‬وٌسعى علً بالفساد‪ ،‬وتهٌّأت له الحٌلة علٌه من هذه‬
‫الجهة‪ .‬فقال من ٌكتب له هذا األمانا فقٌل ابن المقفع‪ ،‬كاتتب عٌستى بتن علتً؛ فقتال‬
‫أبوجعفر فما أحد ٌكفنٌها"(‪.)81‬‬
‫كان عهد األمان الذي كتبه ابن المقفع بهذه الصتورة المحكمتة ستببًا فتً إٌؽتار‬
‫صتتدر الخلٌفتتة المنصتتور علتتى هتتذا الكاتتتب التتذي تجتتاوز حتتدوده وانضتتم إلتتى معستتكر‬
‫خصتتومه وأعدائتته‪ .‬ولتتذا كتتان تحتترٌض الخلٌفتتة لعمالتته بقتتتل ابتتن المقفتتع واضتتحً ا فتتً‬
‫ستتؤاله فما أحتتد ٌكفنٌتتها"‪ .‬والمنصتتور التتذي كتتان ٌتمتتتع بتتدهاء سٌاستتً شتتدٌد لتتم ٌتترد‬
‫مواجهة مباشرة بٌن وبٌن عمه وبخاصة لعلمه بمكانتة ابتن المقفتع األثٌترة لدٌته‪ ،‬وإنمتا‬
‫اكتفتتى بتتالتحرٌض علتتى قتتتل ابتتن المقفتتع‪ .‬واستتتجاب ستتفٌان بتتن معاوٌتتة بتتن ٌزٌتتد بتتن‬
‫المهلب عامتل المنصتور علتى البصترة لهتذا التحترٌض بستبب الخصتومات الشخصتٌة‬
‫والكراهٌة العمٌقة بٌنهما فقد"كان سفٌان بن معاوٌة بن ٌزٌد بن المهلب ٌضطؽن علتى‬
‫ابن المقفع أشٌاء كثٌرة"(‪ .)82‬وكان ؼضب المنصور وتحرٌضه علتى قتتل ابتن المقفتع‬
‫بسبب تجرؤه فً عهد األمان مناسبة لسفٌان للتخل من خصٌمه وعدوه ابتن المقفتع‬
‫عضوا وإحراقه فً التنتور(‪.)83‬وألقتى المنصتور بالالئمتة علتى ستفٌان‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عضوا‬ ‫بتقطٌعه‬
‫بتتن معاوٌتتة فتتً قتتتل ابتتن المقفتتع وأعلتتن تبتترؤه ممتتا حتتدث وعتتزل ستتفٌان عتتن و ٌتتة‬
‫البصرة وذلك بعد أن قدم علٌه عٌسى بن علً"(‪.)84‬‬
‫قبل أن ٌكتب ابن المقفع عهتد األمتان كتتب رستالة أستماها (رستالة الصتحابة)‬
‫وجهها إلى الخلٌفة أبً جعفر المنصور‪ .‬وبختالؾ عهتد األمتان التذي كتبته ابتن المقفتع‬
‫بأمر من عٌسى بتن علتً فتنن (رستالة الصتحابة) لتم ٌتأمره أحتد بكتابتهتا‪ ،‬وإنمتا كتبهتا‬
‫تتدواع متتتن نفستتته مثلمتتتا فعتتتل فتتتً تفستتتٌره لكتتتتاب "كلٌلتتتة ودمنتتتة" فتتتً رمزٌتهتتتا‬
‫ٍ‬ ‫لت‬
‫‪015‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫الستتتردٌة(األلٌجورٌّة) وفتتتً كتابٌتتته"األدب الصتتتؽٌر"و"األدب الكبٌتتتر" فتتتً نصتتتٌهما‬
‫األخالقًّ ومنطقٌتهما العقالنٌّة‪ .‬وهذا كله ٌدلنا على أن ابن المقفع لم ٌكن كاتبًتا عادًٌتا‪،‬‬
‫وإنما كان كاتبًا ذا طموح كبٌر إلى تأسٌس مشروع سلطويّ ثقافًّ ٌطمم إلى الشتراكة‬
‫متتع الستتلطة الناشتتئة العبّاستتٌّة‪ ،‬وإن لتتم ٌواتتته الحتتظ فتتً أن ٌحظتتى بوظٌفتتة الكاتتتب‬
‫السلطانًّ فً عهد مروان بن محمتد و فتً عهتدي الست ّفاح وأبتً جعفتر المنصتور‬
‫رؼم مؤهالته وبالؼته السلطانٌّة وإجادته لصنعته‪.‬‬
‫أراد ابتتتن المقفتتتع فتتتً تألٌفتتته لرستتتالة الصتتتحابة أن ٌشتتتكل مؤسستتتة الخالفتتتة‬
‫اإلستتالمٌّة العبّاستتٌة علتتى شتتاكلة اإلمبراطورٌتتة الفارستٌّة الساستتانٌّة متتن ختتالل إرستتاء‬
‫معالم الدولة السلطانٌّة الناشئة(‪ .)85‬إن أؼلب الكتاب فً العصر العبّاستً التذٌن وردت‬
‫أستتماؤهم فتتً مؤلتتؾ الجهشتتٌاريّ "الوزراء والكتتتاب" كتتانوا متتن أصتتول ؼٌتتر عربٌتتة‪،‬‬
‫توال فتترس‪ .‬وهتتذا ٌعنتتً أن مؤسستتة التتوزارة العبّاس تٌّة ودٌتتوان‬ ‫وفتتً األؼلتتب كتتانوا مت ٍ‬
‫التدبٌر السلطانًّ كانت ُتؤسس من خاللهم‪ ،‬وهنا تبترز خطتورة العمتل التذي قتاموا بته‬
‫بخاصة فً النصؾ األول من العصر العبّاسً‪ .‬ورؼتم كتون ابتن المقفتع لتم ٌكتن كاتبتا ً‬
‫سلطانٌا ً للخلٌفة العبّاسً أبً جعفر المنصتور ورؼتم كونته شتاهد عٌتان علتى المصتٌر‬
‫الفاجع الذي للت إلٌه نهاٌة صدٌقه عبدالحمٌتد الكاتتب علتى ٌتد الستلطة العبّاستٌة إ أن‬
‫ذلك لم ٌثنه عن إنشاء (رسالة الصحابة)‪ ،‬وهً الرستالة التتً تتأتً زمنًٌتا بعتد تفستٌره‬
‫لكتاب "كلٌة ودِمنة" الذي بتدأه أواختر العصتر األمتوي متع كتتب اآلٌتٌن الفارستٌّة كمتا‬
‫بٌّنا‪.‬‬
‫رسّخ ابن المقفع فً هتذه الرستالة طاعتة الخلٌفتة المطلقتة‪ ،‬وذلتك "بوضتع حتد‬
‫ستقالل الشرٌعة‪ ،‬وتعدد ا جتهاد الفقهًّ ‪ ،‬وذلك بوضع مدوّ نة فقهٌّتة رستمٌّة ٌلتزمهتا‬
‫الفقهاء فً فتاوٌهم‪ ،‬والقضاة فً أحكامهم وهكذا ٌوضع القاضتً تحتت ستلطة التوالً‪،‬‬
‫و ُتضتتبط الشتترٌعة بضتترورات السٌاستتة‪ ،‬ولتتٌس العكتتس كمتتا طمتتم إلتتى ذلتتك الفقهتتاء‪،‬‬
‫وتنتفً أن تكون الشرٌعة مرجعً ا للمعارضة‪ ،‬وملجأ لبفراد والجماعات ٌواجهون بهتا‬
‫جتتور الستتلطان‪ .‬لقتتد دخلتتت الشتترٌعة متتع تطتتور الدولتتة اإلستتالمٌّة كطتترؾ فتتً اللعبتتة‬
‫السٌاستتٌة‪ .‬وكلمتتا أرستتت هتتذه الدولتتة قواعتتدها عملتتت علتتى إخضتتاع الشتترٌعة للستتلطة‬
‫السٌاسٌّة وأن تصبم الخطط(الوظائؾ) الشرعٌّة من قضاء وإمامتة وفتتوا جتزءًا متن‬
‫مؤسسة الدولة(‪.)86‬‬
‫وٌقصد ابن المقفع بالصحابة بطانتة الخلٌفتة وحاشتٌته والتحتذٌر ممتا للتت إلٌته‬
‫هتذه البطانتة فتً عهتتد الخلٌفتة أبتً جعفتتر المنصتور متن انحطتتاط‪ٌ .‬قتول ابتن المقفتتع "‬
‫ومما ٌذكر به أمٌر المؤمنٌن أمر أصحابه فنن متن أولتى أمتر التوالً بالتثبتت والتخٌّتر‬
‫أمر أصتحابه التذٌن هتم فنتاؤه‪ ،‬وزٌنتة مجلسته‪ ،‬وألستنة رعٌتته‪ ،‬واألعتوان علتى رأٌته‪،‬‬
‫ومواضع كرامته‪ ،‬والخاصة من عامته‪ ،‬فنن أمر هذه الصتحابة قتد َعمِت َل فٌته متن كتان‬
‫ً‬
‫مفستدا‬ ‫ولٌه من الوزراء والكتاب قبل خالفة أمٌر المتؤمنٌن عمتالً قبٌحً تا مفترط القتبم‪،‬‬
‫تاردا لبخٌتتار‪ ،‬فصتتارت صتتحبة‬ ‫للحستتب واألدب والسٌاستتة‪ ،‬داع ًٌتتا إلتتى األشتترار‪ ،‬طت ً‬
‫‪018‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫الخلٌفة أمرً ا سخٌ ًفا‪ ،‬فطمع فٌه األوؼاد‪ ،‬وتزهد إلٌه من كان ٌرؼب فٌما دونه" ‪.‬‬
‫(‪)87‬‬

‫وكأنته بهتتذه الرستالة أراد أن ٌصتتبم هتو متتن البطانتة الصتتالحة التتً ٌجتتب أن‬
‫تكون‪ .‬وعندما نتأمل مفتتم الرسالة نجتد ابتن المقفتع ٌؤكتد فتً أكثتر متن موضتع علتى‬
‫حسن استماع المنصتور للنصتائم؛ فهتو ٌقول"فتنن أمٌتر المؤمنٌنمحفظته م ٌجمتع‬
‫متتع علمتته‪ ،‬المستتألة وا ستتتماع‪ ،‬كمتتا كتتان و ة الشتتر ٌجمعتتون متتع جهلهتتم‪ ،‬العُجتتب‬
‫وا ستؽناء"(‪ .)88‬وبعد ذكر تلك المفارقة بٌن و ة الخٌر وو ة الشتر ٌؤكتد ابتن المقفتع‬
‫حسن استماع المنصور مرة أخرا"وفً الذي قد عرفنا من طرٌقة أمٌتر المتؤمنٌن متا‬
‫ٌشجع ذا الرأي على مبادرته بالخبر فٌما ظن أنه لم ٌبلؽه إٌاه ؼٌره‪ ،‬وبالتذكٌر بمتا قتد‬
‫انتهى إلٌه‪ .‬و ٌزٌد صاحب الرأي على أن ٌكون مخبرً ا أو مذكرً ا"(‪.)89‬‬
‫إن ابن المقفع فً هذه الرسالة ٌصتدر عتن مرجعٌتة ستلطة رمزٌتة علٌتا تنتقتد‬
‫سلبٌات السلطة السٌاسٌة العباسٌة السائدة لنذاك (الخلٌفة أبً جعفتر المنصتور) لتقرٌتر‬
‫ما ٌجب أن ٌكون فً الدولة الجدٌدة الناشئة‪ ،‬وهو خطتاب جدٌتد فتً جرأتته متن كاتتب‬
‫لم ٌكن كاتبًا سلطانًٌا للخلٌفة(سلطان علتى أرضته)‪ ،‬وهتو خطتاب جدٌتد أٌضً تا ألنته‬
‫خطتتاب مؽتتاٌر للخطتتاب الستتلطانًّ أواختتر عصتتر بنتتً أمٌتتة متتع ستتالم أبتتً العتتتالء‬
‫وعبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتب الذي رسّخ صورة الخدٌم السلطانًّ ‪.‬‬
‫لم تنق الخلٌفة أباجعفر المنصور بالؼتة الخطتاب الستلطانً شتأنه فتً ذلتك‬
‫شأن عدد كبٌر من الخلفاء األوائل الذٌن جمعوا بٌن بالؼة الكلمة وسطوة الستٌؾ؛ فقتد‬
‫دافع الخلٌفة عن شرعٌته بخطابات سجالٌة فً خطبه ورسائله موجهة إلى الجمٌع من‬
‫رعٌته ومعارضٌه فً حٌن تأرجم خطاب ابتن المقفتع الستلطانًّ بتٌن خطتاب مباشتر(‬
‫رستتالة الصتتحابة) وخطتتاب رمتتزيّ ألٌجوريّ (تفستتٌره لكتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة"‪ ،‬وهتتو متتا‬
‫سنبحثه فً المحور اآلتً‪.‬‬

‫العربي‬
‫ّ‬ ‫ثان ًيا_ابن المقفع والتأسيس للحكاية الوعظ ّية (األليجور ّية) في األدب‬
‫القديم‬
‫إلتتى جانتتب بالؼتتة الترستتل الرستتمٌّة ظهتتر القت الرمتتزيّ التتذي أنتجتته كتتتاب‬
‫مثقفون ظهروا فتً العصتر العبّاستً علتى وجته الخصتو أرادوا متلقًٌتا ذكًٌتا ٌلتفتت‬
‫إلى أنساق خطاباتهم الباطنة؛ مستتخدمٌن بالؼتة (مخاتِلتة) هتً بالؼتة التقٌتة المتوستلة‬
‫بالرمز واإلٌحتاء والتعترٌض‪ .‬أي أننتا أصتبحنا إزاء الكاتتب الستلطانً المخاتِتل؛ التذي‬
‫ٌعمل متع الستلطان وٌرستخ هٌمنتته واستتبداده بوصتؾ الخلٌفتة"ظل علتى األرض"‬
‫فتتً حتتٌن أن خطابتته اآلخر(ؼٌتتر المعلتتن) أو المضتتمر قتتائ ٌم علتتى معارضتتة الستتلطان‬
‫ببالؼة رمزٌة‪ .‬وبدأ هذا الخطاب المخاتِل مع ابن المقفع واستمر مع سهل بتن هتارون‬
‫وبعض البالؼٌٌن وكتاب اآلداب السلطانٌّة (مراٌا األمراء العربٌّة) ‪.‬‬
‫إن َ ظهتتتور الخطتتتاب الرمتتتزيّ الستتترديّ بحمو تتتته السٌاستتتٌّة فتتتً العصتتتر‬
‫العبّاستً األول مؤشتر علتى " اتستاع المجتا ت الكتابٌّتة التتً استتبدلت بمحاجتة التتنظم‬

‫‪018‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫الشعريّ ومناقضاته مناظرات الكتاب ورسائلهم جنبًا إلى جنب تصتاعد أشتكال القت‬
‫الرمزيّ التً انطوت على معارضة السلطة المركزٌّة للدولة فضالً عن أشكال القت‬
‫الموازٌة الذي فرضته الحاجات الروحٌة والذهنٌة الجدٌتدة للتجمعتات والطوائتؾ التتً‬
‫أبرزتهتتتا عملٌتتتات الحتتتراك ا جتمتتتاعًّ فتتتً المتتتدن الكبتتترا التتتتً أصتتتبحت حواضتتتر‬
‫الخالفة اإلسالمٌة الممتدة"(‪.)90‬‬
‫استفادت سردٌات اآلداب السلطانٌّة فً العصر العبّاسًّ إذن من ذلك التشتابك‬
‫العمٌتتق الحاصتتل بتتٌن رؤا متع تددة العتتوالم للستتلطويّ السٌاستتًّ والمعرفتتًّ والثقتتافًّ‬
‫بتحالفاتهما وتضاداتهما وتعارضاتهما األمر الذي ٌؤشتر علتى مجتمتع عبّاستً صتاعد‬
‫شتتتدٌد التعقٌتتتد بمكوناتتتته البنٌو ٌّتتتة‪ .‬و نستتتتطٌع الحتتتدٌث عتتتن نشتتتأة ستتتردٌات اآلداب‬
‫الستتلطانٌّة فتتً األدب العربتتًّ القتتدٌم دون الحتتدٌث عتتن أثتتر تلتتك العتتوالم الناشتتئة متتن‬
‫الستتٌاقات السٌاس تٌّة والثقاف ٌّتتة المعرف ٌّتتة بالؽتتة التعقٌتتد فتتً إنتتتاج بالؼتتة جدٌتتدة‪ .‬ونعنتتً‬
‫بالبالؼتتة الجدٌتتدة البالؼتتة القائمتتة علتتى الرمتتز والتعتترٌض والتتوحً والتورٌتتة والتقٌتتة‬
‫وبٌتتان الصتتمت واألمثتتال واأللؽتتاز فتتً مقابتتل البالؼتتة الرستتمٌّة التتتً حظٌتتت بعناٌتتة‬
‫مؤسستتة الحك تم فتتً العصتتر العبّاستتً‪ .‬وقتتد لجتتأت بعتتض جماعتتات المعارضتتة للحكتتم‬
‫العبّاسً لنذاك كالشتٌعة بفرقهتا المختلفتة وكتذلك جماعتات الصتوفٌة إلتى جانتب بعتض‬
‫الجماعتتات اإلثنٌتتة مثتتل الكتتتاب الفتترس إلتتى هتتذه البالؼتتة الجدٌتتدة التتتً أستتماها جتتابر‬
‫عصفور (بالؼةالمقموعٌن) ومنها بالؼة التقٌة التً كتان ابتن وهتب الكاتتب( المتتوفً‬
‫بعد سنة ‪885‬هـ) أبرز منظرٌها فً كتابه"البرهان فً وجوه البٌان"(‪.)91‬‬

‫ابن وهب الكاتب والتنظير لبالغة التقية‪:‬‬


‫أراد ابتتن وهتتب الكاتتتب الشتتٌعًّ بكتابتته"البرهان فتتً وجتتوه البٌتتان" معارضتتة‬
‫كتاب "البٌان والتبٌٌن" للجاحظ المعتزلًّ (ت ‪455‬هـ) معارضتة بالؼٌتة وبٌتان التنق‬
‫الذي اعترا كتاب الجاحظ كما ٌقول ابن وهب؛ فقد ص ّدر هذا البالؼً خطبتة كتابته‬
‫ترت لتتً وقوفتتك علتتى كتتتاب الجتتاحظ التتذي ستتماه‬ ‫بقولتته "أمّا بعتتد فننتتك كنتتت قتتد ذكت َ‬
‫كتاب"البٌان والتبٌٌن"‪ ،‬وإنك وجدته إنما ذكر فٌه أخبارً ا منتخلة‪ ،‬وخطبًتا منتخبتة‪ ،‬ولتم‬
‫ت فٌه بوظائؾ البٌان‪ ،‬و أتى على أقسامه فتً هتذا اللستان‪ ،‬فكتان عنتدك متا وقفتت‬ ‫ٌأ ِ‬
‫ب إلٌه"(‪ .)92‬ولما كان بٌان الجتاحظ مكمتا ٌترا‬ ‫َ‬ ‫سِ‬‫ن‬‫ُ‬ ‫الذي‬ ‫سم‬ ‫ا‬ ‫لهذا‬ ‫مستحق‬ ‫ؼٌر‬ ‫علٌه‬
‫ابتن وهتب الكاتتتبم قاصترً ا عتن مفهتتوم بٌتان العتترب وبالؼتهتا فننته اقتتترح فتً كتابتته‬
‫وجوهًا أخرا للبٌان ومنها (بٌان الصمت)؛ فالبٌان عند ابن وهب الكاتتب علتى أربعتة‬
‫أوجتته فمنتته بٌتتان األشتتٌاء بتتذواتها وإن لتتم ُتت َ‬
‫تبن بلؽاتتته‪ ،‬ومنتته البٌتتان التتذي ٌحصتتل فتتً‬
‫القلب عند إعمال الفكر واللب‪ ،‬ومنته البٌتان باللستان‪ ،‬ومنته البٌتان بالكتتاب وهتو التذي‬
‫ٌبلػ من بعد وؼاب"(‪ .)93‬وٌقول ابن وهب عن دالة"الصمت" " وللستكوت أوقتات هتو‬
‫فٌها أمثل من الكالم وأصوب‪ ،‬فمنها السكوت عن جواب األحمق والهتازل والمتعنتت‪.‬‬
‫(‪)94‬‬
‫وفً ذلك ٌقول الشاعر‬

‫‪011‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫ت أبل ُػ فً الجوا ِ‬
‫ب‬ ‫الجهل جهدي وبعضُ الصم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫وأصمت عن جوا ِ‬‫ُ‬
‫"وقتتد قتتتال رستتتول صتتلى علٌتتته وستتتلم"رأس العقتتتل بعتتد اإلٌمتتتان بتتتا متتتداراة‬
‫النتاس"(‪ )...‬فلتٌكن وكتذلك متداراة خواصتهم وأهتتل العقتل متنهم فتنن لكتل قتوم رؤستتاء‬
‫(‪)95‬‬
‫وأفاضل‪ .‬والمرؤوسون أتباع الرؤساء والنظراء"‪.‬‬
‫إن َ ّ َ الجاحظ المعتزلً لم ٌؽفل عن بالؼة الصمت ولكن كان له كمتا بتٌّن‬
‫ح ّمتتادي صتتمود موقفتتان متتن القضتتٌة موقتتؾ مبتتدئً عتتام ٌتتدخل فتتً نطتتاق مقارعتتة‬
‫الخائفٌن والمتهٌبٌن التذٌن ٌقتدمون الستالمة علتى المنفعتة‪ ،‬وٌتدعون إلتى الصتمت تقٌتة‬
‫وتجنبًا للمكاره‪ ،‬وموقؾ بالؼً فنًّ ٌكتسب فٌه الصمت د لته متن الموضتع والمقتام‪،‬‬
‫وبذلك استطاع أن ٌوقتؾ بتٌن موقفته الصتارم متن األولتٌن واستتؽالل قٌمتته فتً إطتار‬
‫نظرٌتتته البالؼٌتتة العامتتة‪ .‬ولعتتل أحستتن متتا ٌمثتتل هتتذه النزعتتة التوفٌقٌتتة قولتته" ولتتٌس‬
‫الصمت كلّه أفضتل متن الكتالم كلّته‪ ،‬و الكتالم كلته أفضتل متن الستكوت كلّته‪ ،‬بتل قتد‬
‫علمنا أن عامة الكالم أفضل من عامة السكوت"(‪.)96‬‬
‫لم تشكل بالؼة الصمت محورً ا لكتابات الجاحظ فً حٌن أسست هتذه البالؼتة‬
‫الباطنة أساس بالؼة ابن وهب الكاتب فً كتابه"البرهان فتً وجتوه البٌتان"‪ .‬وقتد كتان‬
‫انتماء ابن وهب العقائديّ إلتى الشتٌعة اإلمامٌّتة وراء إلحاحته وتأكٌتده علتى هتذا النتوع‬
‫من البالؼة المستترة وراء التقٌة خو ًفا‪ ،‬ربّما من قمع السلطة العباّسٌة له ولمثقفً فئته‬
‫لكون بالؼتهم"تتناقض مع مصالم المجموعات الحاكمة(‪")97‬؛ وهو ما قتد ٌفستر تأكٌتد‬
‫ابتتن وهتتب الكاتتتب علتتى الفصتتل بتتٌن (بالؼتتة الستتخٌؾ) وهتتو كتتالم العامتتة والرعتتاع‬
‫والستتوقة‪ ،‬و(بالؼتتة الجتتزل) المتمثلتتة فتتً كتتالم الخاصتتة والعلمتتاء والعتترب الفصتتحاء‬
‫والكتاب واألدباء؛ أي(بالؼة الصمت)؛ وهً بالؼة التقٌة‪.‬‬

‫‪ -‬تمثٌالت السرد الرمزٌة عند جماعة "إخوان الصفاء وخالن الوفاء"‬


‫ستتتعت جماعتتتة إختتتوان الصتتتفاء وختتتالن الوفتتتاء برمزٌتهتتتا الفلستتتفٌة الباطنٌتتتة‬
‫العمٌقة إلى تشكٌل العالم المثال الذي تصبو إلٌه‪ ،‬وفً الوقت نفسه تمثٌل بالؼتة التقٌتة‬
‫الستتاعٌة إلتتى نقتتد مؤسستتة الحكتتم العبّاستتً(‪ .)98‬وقتتد تأسستتت هتتذه الجماعتتة الباطن ٌّتتة‬
‫الؽامضة فً القرن الرابع للهجرة(القرن العاشر للمٌالد) وكان موطنها البصترة‪ ،‬ولهتا‬
‫فتترع فتتً بؽتتداد‪ ،‬ولتتم ٌُعتترؾ متتن أشخاصتتها ستتوا خمستتة(‪ .)99‬قتتال عتتنهم أبوح ٌّتتان‬
‫التوحٌتتدي" وكانتتت هتتذه العصتتابة قتتد تفلفتتت بالعشتترة‪ ،‬وتصتتافت بالصتتداقة‪ ،‬واجتمعتتت‬
‫على القدس والطهارة والنصٌحة‪ ،‬فوضعوا بٌنهم مذهبًا زعموا أنهم قرّبوا بته الطرٌتق‬
‫إلتتى الفتتوز برضتتوان والمصتتٌر إلتتى جنتتته‪ ،‬وذلتتك أنهتتم قتتالوا الشتترٌعة قتتد ُدن َست ْ‬
‫تت‬
‫بالجها ت‪ ،‬واختلطت بالضال ت‪ ،‬ولتسبٌل إلى ؼستلها وتطهٌرهتا إ بالفلستفة‪ ،‬ألنهتا‬
‫حاوٌتة للحكمتتة ا عتقادٌّتة والمصتتلحة ا جتهادٌتة‪ .‬وزعمتتوا أنته متتتى انتظمتت الفلستتفة‬
‫ا جتهادٌتتة الٌونانٌّتتة‪ ،‬والشتتترٌعة العربٌّتتة فقتتد حصتتتل الكمتتال(‪ .")100‬وقتتد ُخصِ صتتتت‬
‫الرستتالة الخامستتة واألربعتتون متتن رستتائل هتتذه الجماعتتة لبٌتتان كٌفٌتتة معاشتترة إختتوان‬
‫الصتتتفاء وتعتتتاون بعضتتتهم متتتع بعتتتض وصتتتدق الشتتتفقة والمتتتودة فتتتً التتتدٌن والتتتدنٌا‬
‫‪017‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫جمٌعا ً(‪ .)101‬وقد نسبهم ابن تٌمٌة فً فتواه عتن طائفتة النصتٌرٌة إلتى أن اإلختوان متن‬
‫أئمتهم(‪ .)102‬كمتا قتال عتنهم المستشترق دي بتور"إن لراء إختوان الصتفاء ظهترت فتً‬
‫جملتهتتتا متتتن جدٌتتتد عنتتتد فتتترق كثٌتتترة فتتتً العتتتالم العربتتتً كالباطنٌتتتة واإلستتتماعٌلٌة‬
‫والحشاشٌن والدروز‪ ،‬وقد أفلحت الحكمة الٌونانٌة فً أن تستتوطن الشترق وذلتك عتن‬
‫طرٌتتق إختتوان الصتتفاء"(‪ .)103‬ورأا محمتتد عابتتد الجتتابريّ أن الرستتائل المنستتوبة إلتتى‬
‫هذه الجماعة التً ظهرت زمن المقابسات العباسٌّة منسوخة فً دكاكٌن الورّاقٌن أقتدم‬
‫من عصرهم‪ ،‬وأنها تعود إلى طائفتة متن الفالستفة اإلستماعٌلٌٌن‪ ،‬ولٌستت إلتى جماعتة‬
‫إخوان الصفاء وخالن الوفاء(‪.)104‬‬
‫"لقداستتتخدم إختتوان الصتتفاء كلمتتات الستتر والحتتروؾ التتتً ترمتتز إلتتى بعتتض‬
‫القضاٌا التً ٌخت بهتا تنظتٌمهم‪ .‬وقتد حٌّترت هتذه الحتروؾ وهتذه الرمتوز البتاحثٌن‬
‫ولتتم ٌوضتتم اإلختتوان معانٌهتتا إلتتى أتبتتاعهم فظلتتت عصتتٌة عتتن الفهتتم"‪)105( .‬وأشتتار‬
‫اإلخوان إلى ذلتك فتً الرستالة الجامعتة حٌتث قالوا "لمّتا تح ّقتق عنتدنا أنته بتد أن تقتع‬
‫رستتالتنا هتتذه فتتً ٌتتد ؼٌتتر أهلهتتا أو متتن عستتاه ٌرفضتتها وٌجحتتدها وٌعكرهتتا بجهلتته إذا‬
‫خفٌت علٌه معانٌها و ٌعلم الؽرض الذي قصدنا إلٌه فٌها متن توحٌتد وإقامتة عدلته‬
‫فً خلقه وجب علٌنا أن نخفً ما نرٌد أن نكشفه ونستر ما نرٌد بتأن نوضتم بعالمتات‬
‫ٌنؽلق معناها وٌعتا حلها وٌعسر فتحها إ على من هو أهلهتا‪ .‬ورأٌنتا أن نكتتب متا‬
‫نرٌد أن ٌشرك إخواننا فتً الوقتوؾ علٌته بحتروؾ ركبناهتا وكلمتات نظمناهتا وهتذه‬
‫صورة الحروؾ"(‪.)106‬‬
‫و ٌبدو أن هذه الجماعتة السترٌة التتً ظهترت فتً القترن الختامس للهجترة قتد‬
‫استتتعارت تستتمٌة "إختتوان الصتتفاء وختتالن الوفتتاء" متتن باب"الحمامتتة المطوّ قتتة" متتن‬
‫تت مثتل المتحتتابٌن‬‫كتاب"كلٌلتة ودِمنتة" إذ ٌقتتول الملتك دبشتتلٌم للفٌلستوؾ بٌتتدبا قتد فهمت ُ‬
‫بقطع بٌنهما الكذوب الخائن النمّام‪ ،‬وما ٌصٌر إلٌه أمره؛ فأخبرنً عن إخوان الصتفاء‬
‫كٌتتؾ ٌبتتدأ تواصتتلهم‪ ،‬وٌستتتمتع بعضتتهم بتتبعض"(‪ .)107‬وقتتد جتتاء فتتً رستتائل إختتوان‬
‫الصفاء " اعلموا أن دولة الخٌر ٌبدأ أولها من أقوام أخٌار فضالء ٌجتمعتون فتً بلتد‪،‬‬
‫وٌتفقون على رأي واحد ودٌن واحد ومذهب واحد‪ ،‬وٌعقدون بٌنهم عهدا ومٌثا ًقا بتأنهم‬
‫ٌتناصرون و ٌتخاذلون وٌتعاونون و ٌتقاعدون عن نصرة بعضهم بعضً ا‪ ،‬وٌكونتون‬
‫كرجل واحد فً جمٌع أمورهم‪ ،‬وكنفس واحدة فً جمٌع تدابٌرهم وفٌما ٌقصتدون متن‬
‫نصرة الدٌن وطلب اآلخرة‪ٌ ،‬عتقدون سوا رحمتة ورضتوانه عوضً تا‪ .‬فابشتروا‬
‫أٌها اإلخوان بما أخبرناكم‪ ،‬وثقوا با فً نصرته لكتم‪ ،‬إذا بتذلتم مجهتودكم‪ ،‬كمتا وعتد‬
‫تعالى" والذٌن جاهدوا فٌنا لنهدٌهم سبلنا"و"لٌنصرن من ٌنصتره""أ إن حتزب‬
‫هم الؽالبون"(‪.)108‬‬
‫وقد وظفت هذه الجماعة تمثٌالت السرد الرمزٌة القائمة علتى األلٌجورٌتا فتً‬
‫"رسالة الحٌوان"‪ ،‬وهً تمثٌالت رمزٌة على درجة كبٌرة متن الخطتورة إذا ُنظِ َتر فتً‬
‫مرامٌهتتا التأوٌلٌتتة فتتً أبعادهتتا السٌاس تٌّة والعقائدٌتتة إذ "توزعتتت الشخصتتٌات الرامتتزة‬
‫‪001‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫ببٌن قطبٌن متنافرٌن أشرار وأخٌار‪ .‬األشرار ٌمثلهم جتنس اإلنستان التذي ٌرمتز إلتى‬
‫حكام دولة الشر(العبّاستٌٌن) التذٌن اؼتصتبوا الخالفتة متن أهلهتا مكمتا ٌترا الشتٌعةم‬
‫فصاروا أعداء لبنبٌاء‪ ،‬وقتلة لبئمة‪ .‬واألخٌار جنس الحٌوان المظلوم المقموع التذي‬
‫ٌلعب دور الرمز لطوائؾ الشتٌعة فتً كتل متا وقتع علتٌهم‪ ،‬وفتوق كائنتات هتذا الجتنس‬
‫األخٌتتر ٌرفتترؾ الٌعستتوب" ‪ ،‬أمٌتتر النحتتل وزعٌمهتتا‪ٌ ،‬حتترك جناحٌتته حركتتة خفٌفتتة‪،‬‬
‫ٌسمع لها نؽم مثل الزٌر من أوتار العتود‪ ،‬وٌشتٌر إلتى متا اختصته بته ربته متن جزٌتل‬
‫مواهبه ولطٌؾ أنعامه بمتا ٌحصتٌه‪ ،‬وٌتحتدث عتن متا أنعتم علٌته بته وعلتى لبائته‬
‫وأجداده(‪ .")109‬وجاء فً الرسالة كذلك"لتانا( ) الملك والنبوة التً لتم تكتن متن بعتدنا‬
‫لحٌوانتتتات أ ُ َختتتر‪ ،‬وجعلهتتتا وراثتتتة متتتن لبائنتتتا وأجتتتدادنا‪ ،‬وذخٌتتترة ألو دنتتتا وذرٌاتنتتتا‪،‬‬
‫ٌتوارثونها خل ًفا عن سلؾ إلتى ٌتوم القٌامتة(‪ .")110‬وٌتأتً فتً هتذه الرستالة" اعلتم أٌهتا‬
‫األخ إنا قد بٌّنا فتً هتذه الرستالة متا هتو الؽترض المطلتوب‪ ،‬و تظتن بنتا ظتن الستوء‪،‬‬
‫و تعد هذه الرسالة متن مالعبتة الصتبٌان‪ ،‬ومخارفتة اإلختوان‪ ،‬إذ عادتنتا جارٌتة علتى‬
‫ت وإشارات‪ ،‬كٌال ٌخرج بنا عما نحتن فٌته‪ ،‬وفقكتم‬ ‫ألفاظا وعبارا ٍ‬‫ً‬ ‫أن نكسو الحقائق‬
‫لقراءتهتتا واستتتماعها وفهتتم معانٌهتتا‪ ،‬وفتتتم قلتتوبكم وشتترح صتتدوركم ونتتور بصتتائركم‬
‫لمعرفة أسرارها‪ ،‬وٌسر لكم العمل بها"(‪.)111‬‬
‫كتتان بٌاننتتا لتشتتكالت الحكاٌتتة الرمزٌتتة األلٌجورٌتتة فتتً الستترد العربتتً القتتدٌم‬
‫رؼبت ًتة منتتا فتتً بٌتتان األنستتاق الثقاف ٌّتتة الخطٌتترة التتتً ش ت ّكلت هتتذا النتتوع الرمتتزيّ متتن‬
‫حكاٌات الحٌوان المتوسل ببالؼة البتاطن‪ .‬وستنتخذ متن كتتاب" كلٌلتة ودِمنتة" أنموذجً تا‬
‫لهتذه البالؼتة الباطنتتة التتً شتكلت" أدب مراٌتتا األمتراء العربٌّتة" بعتتد ابتن المقفتع مثتتل‬
‫"كتاب النمر والثعلب" لسهل بتن هتارون و"حكاٌتة األستد والؽتوّ ا " لمؤلتؾ مجهتول‬
‫ب شاه الحنفتًّ‬ ‫من القرن الخامس للهجرة و"فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء" بن َع َر َ‬
‫فً القرن التاسع للهجرة وؼٌرها‪.‬‬

‫لتللق مثلاير‪ :‬ثنا يلة‬


‫ر‬ ‫‪ -‬خطاب المقلدمات فلي "كليللة ودِمنلة" والتأسليس‬
‫الظاهر والباطن‬
‫ن ّبتتته عبتتتدالوهّاب عت ّ‬
‫تتزام محقتتتق أقتتتدم نستتتخة عربٌتتتة معروفتتتة إلتتتى اآلن متتتن‬
‫كتاب"كلٌلة ودمنة" إلى أن تعدد نسخ الكتاب العربٌة بسبب تعدد ترجماته؛ فقد ترجمته‬
‫"عبد بن المقفتع‪ ،‬ثتم ترجمته عبتد بتن هتالل األهتوازيّ ‪ّ ،‬‬
‫ونظمته أبتان الالحقتًّ ثتم‬
‫سهل بن نوبخت ثم ابن الهبّارٌة من بعتد"(‪.)112‬وكتذلك ُتتر ِج َم الكتتاب متن العربٌّتة إلتى‬
‫الفارسٌة أٌام السامانٌٌن‪ ،‬ثتم ترجمته نصتر بتن عبدالحمٌتد فتً عهتد الؽزنتوٌٌن‪ ،‬ثتم‬
‫ترجمه الكاشفًّ فً القرن العاشر‪ ،‬و ُنظِ َم بالفارسٌة أكثر من مرة(‪.)113‬‬
‫إن التباٌنات الكبٌرة بٌن نسخ هذا الكتاب عائدة أٌضً ا‪ ،‬كمتا ٌعلتل عبتدالوهاب‬
‫عتتزام‪ ،‬إلتتى رؼبتتة بعتتض النستتاخ والمتتترجمٌن والكتتتاب فتتً تٌستتٌره علتتى المتلقتتٌن‬ ‫ّ‬
‫(‪)114‬‬
‫‪.‬‬ ‫الشعبٌٌن من خالل فك استؽالق أسلوب ابن المقفتع المعقتد فتً بعتض الستٌاقات‬

‫‪000‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫وهتتذا ٌعنتتً أن الكتتتاب انتقتتل فتتً مجتتال تداولتته متتن البالؼتتة الرستتمٌة إلتتى البالؼتتة‬
‫الشعبٌّة فش ّكل بهتذا ا نتقتال مستاحات كبٌترة للتتأوٌالت الثقافٌتة المشتتبكة متع تأوٌالتته‬
‫السٌاستتٌة وا جتماع ٌّتتة المعرفٌتتة لموضتتوع "إصتتالحٌة المثقتتؾ الحكتتٌم فتتً مواجهتتة‬
‫السلطة المستبدة"‪.‬ورؼم تفك الكتاب وتبعثره الظاهر بسبب اختالؾ نستخه(‪ )115‬إ أن‬
‫التأوٌل الد لً ٌسمم لنا بالكشتؾ عتن األنستاق الثقافٌتة ‪cultural paradigmatics‬‬
‫التً ٌشتؽل علٌها خطاب"كلٌلة ودِمنة" بوصفه كتابًا مؤسسً ا لبالؼتة اآلداب الستلطانٌة‬
‫العربٌة؛ ٌشتمل على نسقٌن أحتدهما ظتاهر معلتن واآلختر نستق مضتمر ٌفككته النستق‬
‫الظاهر وٌنقضه(‪.)116‬‬
‫بٌّن ابن المقفع فً باب عرضه لكتاب"كلٌلة ودِمنة" خطابً الظتاهر والبتاطن‬
‫لهتوا وحكمتة‪ ،‬فاجتبتاه‬ ‫اللذٌن اشتمل علٌهما الكتتاب فتً قولته" فأمّتا هتذا الكتتاب فجمتع ً‬
‫الحكمتاء لحكمتتته‪ ،‬والستتخفاء للهتتوه‪ )117(.‬إن هتتذا البٌتتان التصتتدٌريّ بتتن المقفتتع ٌعنتتً‬
‫وجتتود نتتوعٌن متتن المتلقتتٌن؛ المتلقتتً األول هتتو المتلقتتً التتذي ستتٌكتفً بقتتراءة خطتتاب‬
‫الظاهر ولن تتجاوز قراءته حدود تزاوٌق الكتاب للتسلٌة والمتعتة الستطحٌة‪ ،‬والمتلقتً‬
‫اآلخر هو الذي لن ٌكتفً بالخطاب الظاهر وإ ّنما سٌتؽلؽل إلى معانٌه العمٌقة الباطنتة‬
‫ومتتا فٌهتتا متتن تأوٌتتل‪ .‬وهتتذا المتلقتتً هتتو التتذي ٌرٌتتده ابتتن المقفتتع وٌشتتترط وجتتوده كتتً‬
‫خ‬
‫التمثتتل بمعانٌتته الباطنتتة والتتتدبخر بهتتا‬ ‫ٌتحقتتق الؽتترض متتن وضتتع الكتتتاب متتن ختتالل‬
‫واستبار أؼوارها والعمل بها‪.‬‬
‫ً‬
‫ح ّدد ابن المقفع شروطا ومواصفات ومعاٌٌر لمتلقً الكتاب أهمهتا التتدبخر فتً‬
‫قراءته والعمل بما جاء فٌه‪ٌ .‬قول " فأول ما ٌنبؽً لمتن طلتب هتذا الكتتاب أن ٌبتتداء‬
‫فٌه بجودة قراءته والتثبت فٌه‪ ،‬و تكون ؼاٌته من بلوغ لخره قبل اإلحكتام لته‪ ،‬فلتٌس‬
‫ٌنتفع بقراءته و ٌفٌد منه شٌ ًئا"‪ )118(.‬وتتكرر اإلشارة إلى مواضتع التتدبخر فتً الكتتاب‬
‫مثتتل"فلٌس ٌنبؽتتً أن ٌجتتاوز شتتٌ ًئا إلتتى ؼٌتتره حتتتى ٌحكمتته وٌتثبتتت فٌتته وفتتً قراءتتته‬
‫وإحكامه‪ .‬فعلٌه بالفهم لما ٌقرأ أو المعرفة حتى ٌضع كتل شتًء موضتعه وٌنستبه إلتى‬
‫معناه‪ ،‬و ٌعرض فً نفسه أنه إذا أحكم القراءة له وعرؾ ظاهر القول‪ ،‬فقد فرغ ممتا‬
‫ٌنبؽً له أن ٌعرؾ منه‪ .‬كما أن رجتالً لتو أتتً بجتوز صِ تحاح متن قشتور لتم ٌنتفتع بته‬
‫حتى ٌكسره وٌستخرج مافٌه‪ .‬فعلٌه أن ٌعلم أن له خبٌ ًئا وأن ٌلتمس علتم ذلتك"(‪)119‬و"‬
‫من قرأ هذا الكتاب فلٌقت ِد بما فً هذا الباب‪ ،‬فنننً أرجو أن ٌزٌده بصرً ا ومعرفتة فتنذا‬
‫عرفه اكتفى واستؽنى عن ؼٌره‪ ،‬وإن لم ٌعرفته لتم ٌنتفتع بته‪ ،‬فٌكتون مثلته كمثتل التذي‬
‫رمى بحجر فً ظلمة اللٌل‪ ،‬فال ٌدري أٌن وقع الحجر و متاذا صتنع‪ .‬وأ ّنتا لمتا رأٌنتا‬
‫أهتتل فتتارس قتتد فستتروا هتتذا الكتتتاب وأخرجتتوه متتن الهندٌتتة إلتتى الفارستتٌة ألحقنتتا با ًبتتا‬
‫بالعربٌة لٌكون له أسً ا لٌستبٌن فٌه أمر هذا الكتاب لمن أراد قراءته‪ ،‬وفهمه‪ ،‬واإلخبتار‬
‫منه"‪ )120( .‬وتعضتد الحكاٌتات المثلٌتة فتً هتذا البتاب معتانً الكتتاب ومطالبته الباطنتة‬
‫القائمتتة علتتى التأوٌتتل متتن ختتالل للٌتتة تتتداخل الستترد الحكتتائً وبخاصتتة باب(األستتد‬
‫والثور) الذي ٌعد أكبر أبواب الكتاب‪.‬‬
‫‪004‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫ثتتالث صتتور للمتلقتتً فتتً كتاب"كلٌلتتة ودمنتتة" كمتتا ٌقتترر‬ ‫ٌمكتتن استتتخال‬
‫عبتتدالفتاح كٌلٌطتتو التتذي وقتتؾ عنتتد مجتتاز(الجوز الصِ تتحاح والقشتترة)؛ إن متلقتتً هتتذا‬
‫الكتاب ٌخرجون عن‬
‫مالمتلقتتً الستتخٌؾ التتذي ٌتوقتتؾ عنتتد الستترد‪ ،‬عنتتد الهتتزل واللهتتو أي عنتتد األحتتداث‬
‫السردٌة فً حد ذاتها‪.‬‬
‫مالمتلقً الفطن الذي ٌجتتاز مرحلتة " اللهتو" لٌصتل إلتى الحكمتة‪ ،‬ولكنته ٌتوقتؾ عنتد‬
‫هذا الشوط‪.‬‬
‫ً‬
‫مالمتلقتتتً العاقتتتل التتتذي ٌستتتتوعب الحكمتتتة وٌخضتتتع ستتتلوكه ألوامرهتتتا وفقتتتا لقتتتراءة‬
‫التدبخر(‪.)121‬‬
‫لتم ٌلتتتزم ابتتن المقفتتع بمتتا دعتتا إلٌته فتتً تصتتدٌره لكتابتته متتن ا لتتتزام بخطتتاب‬
‫الباطن المقصورة معرفته على األلباب ذوي الحكمتة الباطنتة؛ فقتد أستفر عتن مقاصتده‬
‫الباطنة(الخبٌئة) إسفارً ا معل ًنا وذلك فً أمرٌن؛ األول "رستالة الصتحابة" التتً وجّ ههتا‬
‫إلى الخلٌفة أبً جعفر المنصور‪ ،‬وكأنه ٌعلمه كٌؾ ٌكون الحكتم وكٌتؾ تكتون البطانتة‬
‫الصالحة للملك‪ ،‬وذلك فً جرأة منقطعة النظٌر ٌ ُتوقع صدورها لنذاك من كاتب إنمّا‬
‫منزلته منزلة الخدٌم السلطانًّ ‪ .‬واآلخر فً كتابتته (عهتد األمتان) لعتم الخلٌفتة عبتد‬
‫بن علً الذي مثل سلطة معارضة للخلٌفة؛ أي لجوء ابتن المقفتع إلتى ستلطة معارضتة‬
‫للملك‪ .‬فابن المقفع لم ٌكتؾِ بالخطاب المجازيّ التمثٌلًّ األلٌجوريّ وإنمّتا أضتاؾ إلٌته‬
‫خطابًا ترسلًٌا مباشرً ا ؼٌر مستتر ببالؼة التقٌتة‪" .‬وهتو متا ٌعنتً اختتالل التتوازن بتٌن‬
‫الظتتتاهر والبتتتاطن‪ .‬وانتتتدفع المضتتتمر إلتتتى إعتتتالن نفستتته علتتتى نحتتتو متتتا فعتتتل ابتتتن‬
‫المقفع(الكاتب‪ /‬الضحٌة) الذي لم ٌطق صبرً ا علتى الكتمتان ففشتل فتً تحقٌتق التتوازن‬
‫بٌن فعل التقٌة وفعل التوصٌل‪ ،‬وهما الفعالن اللذان تقوم بهما حكاٌة الحٌوان الرمزٌتة‬
‫(‪)122‬‬
‫(األلٌجورٌة)‪".‬‬
‫إن الحكاٌة اإلطارٌة التً جاءت فً ترجمة علً بن الشاه الفارسًّ "بهنود بن‬
‫ستتحوان" بٌّنتتت الستتبب التتذي متتن أجلتته عمتتل بٌتتدبا الفٌلستتوؾ الهنتتديّ رأس البراهمتتة‬
‫لدبشتتلٌم كتابتته التتذي ستتماه "كلٌلتتة ودِمنتتة" وجعلتته علتتى ألستتن الطٌتتر والبهتتائم والطٌتتر‬
‫صت ً‬
‫تٌانة لؽرضتته فٌتته متتن العتتوام‪ .‬وضتتنً ً ا بمتتا ضتتمنه عتتن الطؽتتام وتنزٌ ًهتتا للحكمتتة‬
‫وفنونهتتا ومحاستتنها وعٌوبهتتا إذ هتتً للفٌلستتوؾ مندوحتتة ولختتاطره مفتوحتتة ولمحبٌهتتا‬
‫تثقٌؾ ولطالبٌها تشرٌؾ"‪ )123(.‬وقد جاء فً مقدمة ابتن الشتاه الفارستًّ ذكتر للحكاٌتة‬
‫اإلطارٌة لكتاب "كلٌلة ودمنة" ممثلة فً حكاٌة الملك دبشتلٌم واستتبداده وطؽٌانته بعتد‬
‫أن ملّكه الهنود علٌهم‪ ،‬وتصدي الفٌلسوؾ بٌدبا لمخاطبة الملتك دبشتلٌم ومتا حتدث متن‬
‫سجنه ثم عفو الملك عنه وأمره بتألٌؾ كتاب"كلٌلة ودِمنة"(‪.)124‬‬

‫النسق والنسق الناقض‪:‬‬


‫تشتتتمل طبعتتة عبتتدالوهّاب عت ّ‬
‫تزام علتتى قصتتة انتستتاخ الكتتتاب وتوجٌتته كستترا‬
‫أنوشروان طبٌبه برزوٌه للعثور علٌه"فبٌنما هو فتً عتز ملكته وبهتاء ستلطانه إذ بلؽته‬
‫‪008‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫أن بالهنتد كتا ًبتتا متن تتتألٌؾ العلمتتاء‪ ،‬وترصتٌؾ الحكمتتاء‪ ،‬وتتتدبٌر الفقهتاء‪ ،‬قتتد مٌُتتزت‬
‫أبوابه وأثبتتت عجائبته علتى أفتواه الطٌتر والبهتائم والتوحف والستباع والهتوام وستائر‬
‫حشرات األرض‪ ،‬مما ٌحتاج إلٌه الملوك فً سٌاسة رعٌتهتا وإقامتة أودهتا وإنصتافها‪.‬‬
‫فال قوام للرعٌة إ بحسن سٌاسة الملتوك‪ ،‬وستعة أخالقهتا‪ ،‬ورأفتهتا ورحمتهتا‪ .‬ولتذلك‬
‫لم ٌدع كسرا أنوشروان اقتنتاء ذلتك الكتتاب التذي بلؽته عنته أنته بتبالد الهنتد‪ ،‬وضتمه‬
‫إلى نفسه وا ستعانة بته علتى سٌاستته‪ ،‬والعمتل بحستن تتدبٌره"(‪ )125‬ثتم إن الملتك أمتر‬
‫بأن ُتفتم خزائن الذهب والفضة لبرزوٌه وأمره أن ٌأخذ منها ما أحب فسجد برزوٌته‬
‫مخلتدا‪ .‬إنتا بحمتد قتد أفادنتا ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حمٌتدا‬ ‫للملك‪ ،‬ورفع رأسه وقال عشتت أٌهتا الملتك‬
‫فً دولة الملك وبهاء ملكه وعز سلطانه‪ ،‬ما لم نأمله‪ .‬وكتل متا أنعتم علٌنتا بته‪ ،‬متن‬
‫ومتتن الملتتك‪ .‬و حاجتتة لتتً إلتتى شتتًء متتن ذلتتك‪ .‬لكنتتً أرٌتتد أن أستتأل الملتتك حاجتتة‬
‫ٌسٌرة ٌكون لً فً قضائها ذكر وفخر‪ .‬قال الملك وما تلك الحاجةا قال برزوٌته إن‬
‫جم ِ هر بن البختكتان أن ٌضتع لتً فتً رأس هتذا الكتتاب بابًتا‬ ‫رأا الملك أن ٌأمر ُب ُزرْ ِ‬
‫باسمً‪ ،‬وٌنسب إلٌه شأنً وفعلً لٌكون لمن بعدي عبرة وتأدٌباً‪ ،‬وٌحٌتا بته ذكتري متا‬
‫حٌٌت فً الدنٌا‪ ،‬وبعد وفاتً"(‪ ".)126‬فمن قرأ هذا الكتاب فلٌعرؾ السبب التذي وضتع‬
‫علٌه كتتاب كلٌلتة ودمنتة‪ ،‬وحتول متن أرض الهنتد إلتى أرض فتارس‪ ،‬ولٌعترؾ فضتل‬
‫الملتتوك وطتتاعتهم‪ ،‬وٌؤثرهتتا علتتى ستتائر األعمتتال‪ ،‬ولتتٌعلم أن الشتترٌؾ متتن شتترفته‬
‫الملوك‪ ،‬ورفعته فً دولتها"(‪.)127‬‬
‫ٌمثتتل كتتتاب "كلٌلتتة ودمنتتة" الكتتتاب النتتادر التتذي تقطتتع دون الوصتتول إلٌتته‬
‫األعناق لنفاسته فً موضوعه السلطانًّ من لداب الملوك‪ .‬وقد أوشك الطبٌب برزوٌته‬
‫أن ٌلقتتتى حتفتتته لتتتو افتضتتتم أمتتتره ولكتتتن توستتتله بالحٌلتتتة وكتمتتتان صتتتدٌقه الحكتتتٌم‬
‫الهنديّ "أزوٌه" لسره م ّكنه أخٌرً ا من الوصول إلتى الكتاب"فشتفعه الهنتديّ فٌمتا طلتب‪،‬‬
‫وأعطتتاه حاجتتته متتن الكت تب‪ ،‬ودفتتع إلٌتته كتتتاب "كلٌلتتة ودِمنتتة"‪ .‬فلمتتا وقتتع برزوٌتته فتتً‬
‫تفسٌر الكتب ونسخها‪ ،‬أقام على ذلتك زما ًنتا عظمتت فٌته مئونتته ونفقتته‪ ،‬وأنصتب فٌته‬
‫بدنه‪ ،‬وسهر فٌه لٌله‪ ،‬ودأب فٌه نهاره من الخوؾ على نفسه"(‪.)128‬‬
‫إن البتتتاب التتتذي مثتتتل مكافتتتأة الطبٌتتتب الفارستتتً برزوٌتتته هو"بتتتاب برزوٌتتته‬
‫الطبٌب من كالم ُب ُزرْ ِجمِهر بن البختكان"‪ ،‬وهو الباب الذي استعاض بته برزوٌته عتن‬
‫بحثتا عتن كتتاب "كلٌلتة ودِمنتة" العصتً علتى الوصتول‪.‬‬ ‫سنوات شقائه فتً بتالد الهنتد ً‬
‫ٌسرد برزوٌه فً هذا الباب سٌرته الذاتٌة المعرفٌة فً بحثه عن الحقٌقة وانتهائته إلتى‬
‫الشتتك فتتً األدٌتتان الموروثتتة وتعظتتٌم ستتلطة العقتتل رؼتتم انتمائتته إلتتى ا رستتتقراطٌة‬
‫الفارستتٌة ؛ فوالتتده كتتان متتن المقاتلتتة وأمتته كانتتت متتن عظمتتاء الزمازمتتة وفقهتتائهم فتتً‬
‫دٌنهم‪.‬‬
‫ٌنتهً األمر ببرزوٌه إلى اإلعتالء متن قٌمتة العقتل وذلتك فتً الحكاٌتة المثلٌتة‬
‫الرمزٌة التً أوردها فً نهاٌة هذا الباب الرجل التذي ألجتأه الختوؾ إلتى بئتر تتدلّى‬
‫أفتاع‪ ،‬ونظتر إلتى‬
‫ٍ‬ ‫شتفرها فوقعتت رجتاله علتى أربعتة‬ ‫فٌها وتعلق بؽصنٌن نابتٌن على ُ‬

‫‪002‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫فاؼر فاه نحوه‪ .‬ورفع بصره إلى الؽصنٌن فنذا فً أصتولهما‬ ‫ٍ‬ ‫بتنٌن‬
‫ٍ‬ ‫أسفل البئر فنذا هو‬
‫جرذان أبٌض وأسود ٌقرضتانهما دائبتٌن ٌفتتران‪ .‬فبٌنمتا هتو علتى ذلتك ٌهتتم بالحٌلتة‬
‫لنفسه إذ نظر فنذا قرٌب منته كتوارة نحتل فٌهتا شتًء متن عستل‪ ،‬فتتطعم منته واشتتؽل‬
‫بحالوته عن التف ّكر فً أمره‪ ،‬ونسى الحٌات األربع التً رجتاله علٌهتا و ٌتدري متتى‬
‫ٌثتترن بتته أو إحتتداهن‪ .‬ولتتم ٌتتذكر أن الجتترذٌن دائبتتان فتتً قطتتع الؽصتتنٌن‪ ،‬وأنهمتتا إذا‬
‫قطعاهما وقع فً فم التنٌن فهلك‪ .‬فلم ٌزل هًٌا ساهًٌا حتى هلك"(‪.)129‬‬
‫لقد أتبع ابن المقفع هذه الحكاٌة المثلٌة الرمزٌة(األلٌجورٌة) بخطتاب تفستٌري‬
‫ت وشترورً ا‬ ‫ُ‬
‫برزوٌه"فشتبهت البئتر بالتدنٌا المملتوءة لفتا ٍ‬ ‫لمعانً المرموزات على لستان‬
‫ّت الحٌتات األربتع بتاألخالط األربعتة التتً تعمّتدت اإلنستان‪،‬‬ ‫ومخاوؾ ومتالؾ‪ ،‬وشتبه ُ‬
‫ّهت الؽصتتنٌن‬ ‫ومتتتى ٌَ ِهتتج منتته شتتًء فهتتو كال ُح َمتتة متتن األفعتتى والستتم الممٌتتت‪ .‬وش تب ُ‬
‫ّت الجرذٌن باللٌل والنهار‪ ،‬وقرضهما دأبهما فتً إنفتاذ اآلجتال التتً هتً‬ ‫بالحٌاة‪ .‬وشبه ُ‬
‫ُ‬
‫حصتون الحٌتتاة‪ .‬وشتبّهت التنتتٌن بتالموت التتذي بتتد منتته‪ .‬والعستل هتتذه الحتتالوة القلٌلتتة‬
‫التتتً ٌصتتٌبها اإلنستتان فتشتتؽله عتتن نفستته‪ ،‬و ُتلهٌتته عتتن التح ٌّتتل لخالصتته‪ ،‬وتصتتده عتتن‬
‫ستتبٌل نجاتتته‪ .‬فصتتار أمتتري إلتتى الرضتتا بحتتالً‪ ،‬وإصتتالح متتا استتتطعت متتن عملتتً‬
‫لمعادي؛ لعلًّ أصادؾ فٌما أمامً زمانا فٌه دلٌتل علتى هتداي‪ ،‬وستلطان علتى نفستً‪،‬‬
‫وانصترفت متن أرض الهنتد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وصتفت متن حتالً‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فأقمت علتى متا‬ ‫وأعوان على أمري‪.‬‬
‫(‪)130‬‬
‫‪.‬‬ ‫خت من كتبهم كتبًا كثٌرة‪ ،‬ومنها هذا الكتاب"‬ ‫إلى بالدي‪ ،‬وانتس ُ‬
‫تأتً سٌرة الطبٌب الفارسً (برزوٌه) نس ًقا ناقضً ا للنسق الذي اشتملت علٌته‬
‫قصة انتساخ الكتاب فً بالد الهند؛ فبرزوٌه فً نهاٌتة هتذا البتاب ٌعتدو كونته خادمًتا‬
‫أمٌ ًنا مطٌعً ا ألوامر كسرا أنوشروان‪ ،‬وٌنتهً هذا الباب بتأكٌد ابتن المقفتع" فمتن قترأ‬
‫هذا الكتتاب فلٌعترؾ الستبب التذي وضتع علٌته كتتاب كلٌلتة ودمنتة‪ ،‬وحُتول متن أرض‬
‫الهنتتد إلتتى أرض فتتارس‪ ،‬ولٌعتترؾ فضتتل الملتتوك وطتتاعتهم‪ ،‬وٌؤثرهتتا علتتى ستتائر‬
‫األعمتتال‪ ،‬ولتتٌعلم أن الشتترٌؾ متتن شتترّ ْفته الملتتوك‪ ،‬ورفعتتته فتتً دولتهتتا"(‪ .)131‬إن هتتذا‬
‫الخطتتتاب التفستتتٌري ٌحتفتتتً بالبالؼتتتة الستتتلطانٌة القامعتتتة وٌؤكتتتد المراتبٌتتتة الطبقٌتتتة‬
‫الساسانٌة(عهد أردشٌر) فً حٌن تأتً سٌرة الطبٌب الفارسً برزوٌته لتحتفتً بستلطة‬
‫العقتتل الناقضتتة ألٌتتة ستتلطة أختترا ستتواها بمتتا فتتً ذلتتك الستتطوة الرمزٌتتة لبدٌتتان‬
‫الموروثة التً تحرّ ر منهتا الطبٌتب الفارستً(‪ ،)132‬وذلتك ٌعنتً تحتررً ا متن ستلطة أي‬
‫قٌد (ستلطة دٌنٌتة أو ستلطة سٌاستٌة)‪ٌ .‬شتتمل كتتاب "كلٌلتة ودِمنتة" إذن علتى نستقٌن؛‬
‫نستتق ظتتاهر ٌحتفتتً با ستتتبداد الستتلطانًّ ‪ ،‬ونستتق لختتر مضتتاد (نتتاقض) ٌفكتتك النستتق‬
‫الظتتاهر‪ ،‬وهتتو النستتق التتذي ٌحتفتتً بقتتوة العقل(الحٌلتتة) التتتً تنتصتتر دائ ًمتتا علتتى القتتوة‬
‫البحتة‪ .‬وٌمثتل الكتتاب بخطاباتته التفستٌرٌة وبرمزٌتته األلٌجورٌتة الصتراع القتائم بتٌن‬
‫هذٌن النسقٌن المتعارضٌن‪.‬‬
‫مجازات التمثٌل الرمزيّ (األلٌجوريّ ) فً "كلٌلة ودِمنة"‬
‫تن ّبتته بعتتض البالؼٌتتٌن العتترب القتتدامى إلتتى المنحتتى المجتتازيّ التتتأوٌلًّ فتتً‬
‫‪005‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة"؛ فقتتدجعل ابتتن األثٌتتر (ت ‪ 888‬هتتـ )كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" بنوعتته‬
‫السردي الرمزي فً دائرة المجاز بمتا ٌقتضتٌه متن التجتوّ ز فتً الد لتة الخفٌتة "كقتول‬
‫القائل فً كلٌلة ودمنة قال األسد‪ ،‬وقال الثعلب‪ ،‬فنن القول وٌ صتلة بٌنته وبتٌن هتذٌن‬
‫بحال متن األحتوال‪ ،‬وإ ّنمتا أُجتري علٌهمتا اتستاعً ا محضً تا ؼٌتر"(‪ .)133‬و"عتدو ً عتن‬ ‫ٍ‬
‫(‪)134‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحقٌقة إلى المجاز"لؽٌر مشاركة بٌن المنقول والمنقول إلٌه"‬
‫شترّاح أرستطو كتتاب "كلٌلتة ودِمنتة"‬ ‫لقد جعل الفالسفة النقتاد المستلمون متن ُ‬
‫بوصتتفه أنموذجً تتا دا ً علتتى المقابلتتة بتتٌن المحاكتتاة الشتتعرٌة والقتت ‪ ،‬ونتٌجتتة هتتذه‬
‫اختز َل كتاب" كلٌلة ودمنة" فً الحكاٌة الوعظٌة ذات المؽتزا‬ ‫ِ‬ ‫المقاٌسة التً قاموا بها‬
‫فتً مقابتل التخٌٌتل ؼٌتر المحتدود والممكنتتات التأوٌلٌتة التتً ٌتمٌتز بهتا الشتعر العربتتًّ‬
‫القدٌم‪ٌ .‬قول ابن سٌنا(ت‪241‬هـ) "ولٌس الفرق بٌن كتابٌن موزونٌن لهتم؛ أحتدهما فٌته‬
‫شعر‪ ،‬واآلخر فٌه مثل ما فً "كلٌلة ودمنة" ولٌس بشعر بسبب الوزن فقتط حتتى ولتو‬
‫لم ٌكن ٌشاكل كلٌلة ودِمنتة وزن‪ ،‬صتار ناقصً تا ٌفعتل فعلته‪ ،‬بتل هتو ٌفعتل فعلته متن‬
‫إفادة اآلراء التً هً نتائج وتجارب أحتوال ُتنستب إلتى أمتور لتٌس لهتا وجتود وإن لتم‬
‫ٌوزن‪ ،‬وذلك ألن الشعر إنما المراد فٌه التخٌٌل إفادة اآلراء‪ ،‬فنن فات الوزن نقت‬
‫التخٌٌل‪ .‬وأمّا اآلخر لؽرض فٌه إفادة نتٌجة التجربة"(‪.)135‬‬
‫شترّاح أرستطو‬ ‫فً مقابل محدودٌة التأوٌل لكتاب "كلٌلة ودِمنة" التذي قتام بته ُ‬
‫من الفالسفة المسلمٌن لكتاب"كلٌلة ودِمنة" نجد التفتات اللؽتوٌٌن والمتؤرخٌن ومعبتري‬
‫المنامتتات والمصتتنفٌن إلتتى الممكنتتات التأوٌلٌتتة لرمتتوز الحٌوانتتات فتتً الثقافتتة العربٌتتة‬
‫اإلسالمٌة‪ ،‬وقد سبق أن أوردنا فً حدٌثنا عن جماعة "إخوان الصفاء وخالن الوفتاء"‬
‫تمثٌالتهم الرمزٌة فً رسائلهم وبخاصتة رستالتهم المسماة"رستالة الحٌتوان"‪ .‬وستننظر‬
‫إلتتى مراتبٌتتات الحٌوانتتات التتواردة فتتً كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" بتفستتٌر ابتتن المقفتتع التتذي‬
‫أضفى على هذا الكتاب أبعا ًدا تأوٌلٌة ُتفهم إ من خالل ربطها بالستٌاقات السٌاستٌّة‬
‫والتارٌخٌّتة والثقافٌّتة لعالقة(المفستر ابتن المقفتع) بمؤسستة الستلطة السٌاستٌة العبّاستٌة‬
‫من خالل صراع األنساق الظاهرة والمضمرة‪ .‬ومن أبرز الحٌوانتات فتً هتذا الكتتاب‬
‫رمزٌتتة (األستتد)و رمزٌتتة ابتتن لوا (الثعلتتب) إل تى جانتتب ورود حٌوانتتات أختترا فتتً‬
‫أبواب الكتاب المتعددة مثل النمر والذئب واألستود والعلجتوم والبتوم والؽربتان والقترد‬
‫والؽتتٌلم والثتتور والحمتتار والحمامتتة المطوقتتة والؽتتراب والستتلحفاة والظبتتً والجتترذ‬
‫والسنور وؼٌرها‪.‬‬
‫أورد بعتتض المتتؤرخٌن العتترب القتتدامى رؤٌتتا أم الخلٌفتتة العبّاستتً أبتتً جعفتتر‬
‫ً‬
‫أستدا‬ ‫حملت بأبً جعفر المنصور كتأن َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قالت"رأٌت لما‬ ‫المنصور؛ فقد ُذك َِر عنها أنها‬
‫خرج من قبلً فتأقعى وزأر وضترب بذنبته‪ ،‬فأقبلتت إلٌته األُسْ ت ُد متن كتل ناحٌتة‪ ،‬فكلمتا‬
‫تجد لته"(‪ .)136‬ود لتة األستد فتً المنتام كمتا عبّرهتا ابتن ستٌرٌن‬ ‫انتهى إلٌه أسد منهتا َس َ‬
‫وستتواه متتن المفسرٌن"ستتلطان شتتدٌد التتبطف ظتتالم مجتتاهر متستتلط بجرأتتته ٌأمنتته‬
‫صدٌق و عدو(‪ )...‬ومن رأا أنه أخذ جرو أسد فتً حجتره فتنن امرأتته تضتع ؼالمًتا‬
‫‪008‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫إن كانت حامالً وإ فننه ٌحمل ولد أمٌر فً حجره"(‪.)137‬‬
‫إن ستتتٌمٌائٌة" األستتتد" فتتتً الثقافتتتة العرب ٌّتتتة اإلستتتالمٌّة ُتحٌتتتل علتتتى "المُلتتتك"‬
‫و"القوة"و"الجبروت"و"البطف"؛ فقد ع ّدد ابتن خالوٌته لبستد خمستمائة استم وصتفة‪.‬‬
‫وزاد علٌه علًّ بن قاسم بن جعفتر اللؽتويّ مائتة وثالثتٌن استمًا‪ ،‬فمتن أشتهرها أستامة‬
‫والبتتٌهس والنتتفج والجختتدب والحتتارث وحٌتتدرة والتتدوّ اس والرئبتتال وؼٌرهتتا‪" .‬وكثتترة‬
‫األسماء ‪ ،‬كما ٌقول ال ُدمٌريّ ‪ ،‬تدل على شرؾ المسمّى"(‪ .)138‬وقد بتدأ الت ُدمٌريّ بتذكر‬
‫"األسد" فً كتابته"حٌاة الحٌتوان الكبترا" ألنته أشترؾ الحٌتوان المتتوحف؛ إذ منزلتته‬
‫منها منزلة الملك المهاب لقوته وشجاعته وقساوته وشهامته وجهامته وشراستة خلقته‪،‬‬
‫ولذلك ٌُضرب به المثتل فتً القتوة والنجتدة والبستالة وشتدة اإلقتدام والجترأة والصتولة‪.‬‬
‫عنته أستد ‪ ،‬وٌقُتال متن نبتل األستد أنته‬ ‫ومنه قٌل لحمزة بن عبدالمطلب رضً‬
‫(‪)139‬‬
‫‪.‬‬ ‫اشتق لحمزة بن عبدالمطلب من اسمه"‬
‫مثتل األستد شخصتٌة ستردٌة رئٌستة فتً "كلٌلتة ودِمنتة"‪ ،‬وجتاء استمه فتً أطتول‬ ‫لقد ّ‬
‫أبواب "كلٌلة ودمنة" وهو "باب األستد والثتور" وباب"األستد وابتن لوا" فتً حتٌن أن‬
‫مصتتتنفات أدبٌتتتة ستتتلطانٌة حقتتتة ظهتتترت فتتتً العصتتتر العبّاستتتًّ حملتتتت اسم"األستتتد"‬
‫ومنها"األستتد والتتذئب"‪ ،‬وهتتو مصتتنؾ للجتتاحظ ذكتتره ابتتن النتتدٌم ولتتم ٌصتتل إلٌنتتا(‪،)140‬‬
‫وكذلك"األستتد والؽتتوّ ا " لمؤلتتؾ مجهتتول ٌنتمتتً إلتتى القتترن الختتامس للهجتترة‪ .‬إلتتى‬
‫جانتتتب ورود أستتتماء حٌوانتتتات أختتترا مثتتتل "النمتتتر والثعلتتتب" لستتتهل بتتتن هتتتارون‬
‫و"الصاهل والشاحج" ألبً العالء المعري(‪ )141‬وؼٌرها‪.‬‬
‫ٌتأستتس كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" رمزًٌتتا بواستتطة ألٌجورٌتتا الحٌتتوان‪ ،‬ومراتبٌتتة‬
‫الحٌوانات فً الكتاب لها تأوٌل ثقتافًّ بتاطن ذو عالقتة بتالخبًء الكتامن التذي لمتم لته‬
‫ابن المقفع فً باب"عرضه للكتاب" و متخٌّل السلطة الرمتزي التذي ستعى ابتن المقفتع‬
‫إلى تحقٌقه فً تحالؾ أبدي بٌن "القوة"و"العقل"(‪ .)142‬وخطاب ابن المقفع فتً تفستٌره‬
‫لكلٌة ودمنتة خطتاب سترديّ مخاتتل؛ ففتً حتٌن ٌُفهتم متن التلقتً الظتاهر للكتتاب أنته‬
‫كتاب ٌرسخ البالؼتة القامعتة الستلطانٌة فتً تثبٌتت المراتتب واإلبقتاء علٌهتا ٌفكتك ابتن‬
‫المقفع رموز القوة والبطف وٌحٌلهتا إلتى نهاٌتات منتدحرة حتٌن تنتصتر رمتوز العقتل‬
‫والحكمة(ابن لوا‪ ،‬الحمامة المطوقة) علتى رمتوز القوة(األستد‪ ،‬الفٌتل)‪ .‬أي أن تفستٌر‬
‫ابن المقفع لهذا الكتاب ٌحوي خطابٌن متعارضٌن مما ٌشكل مفارقة كبرا قصتد إلٌهتا‬
‫ابن المقفع وٌفهمها المتلقتً المتتدبر لمطالتب الكتتاب ومقاصتده كمتا جتاء فتً "عترض‬
‫الكتاب لعبد بن المقفع"‪.‬‬
‫إن رمزٌة األسد فً "كلٌلتة ودمنتة" لٌستت رمزٌتة القتوة والتبطف وا نتصتار‬
‫فقتد كانتتت متتف ت األستتد جمٌعهتتا فتتً الكتتتاب تنتهتتً إلتتى الهزٌمتتة وا نتتدحار والوقتتوع‬
‫فرٌستتة الخدٌعتتة والمخاتلتتة والمتتوت متتن قبتتل حٌوانتتات ضتتعٌفة استتتعملت عقلهتتا التتذي‬
‫قادها إلى "الظفر" والنجاة‪ .‬وقد احتفتت الحكاٌتات جمٌعهتا بالحٌلتة(العقل) فتً ستٌاقات‬
‫الكتتتاب‪ٌ .‬قتتول الفٌلستتوؾ بٌتتدبا للملتتك دبشتتلٌم فتتً نهاٌتتة بتتاب "مهراٌتتز ملتتك الجتترذان"‬
‫‪008‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫"فتتنذا كتتان هتتذا الحٌتتوان الضتتعٌؾ المهتتٌن احتتتال بمثتتل هتتذه الحٌلتتة حتتتى تخلّت متتن‬
‫عدوه‪ ،‬ودفع الضرر عن نفسه‪ ،‬فما ٌجب أن تقطع الرجاء من اإلنسان الذي هو أكٌس‬
‫الحٌوان وأكمله وأحكمه‪ ،‬أن ٌدرك من عدوه ما أراد بحٌلته وتدبٌره"(‪.)143‬‬
‫تمث ُ ل لبسد فً الكتاب ٌبدأ فً "باب األسد والثور" بظهتور األستد‬ ‫خ‬ ‫إن أول‬
‫(‪)144‬‬
‫‪ .‬وٌنتهتً بته األمتر إلتى أن‬ ‫ً‬
‫ا منفتردا مكتفًٌتا برأٌته"‬ ‫متكبرً‬ ‫ً‬
‫"بنِكلة"الذي كان"مزهوا‬
‫ٌحتتتال علٌتته ابتتن لوا(الثعلتتب) وٌحرضتته علتتى قتتتل صتتدٌقه الثتتور (شتتنزبة)‪ .‬وٌنتهتتً‬
‫األسد إلى الندم على ا ستماع لمقالة الواشً المحتتال المتاهر بالخِالبتة( الثعلتب دِمنتة)‬
‫التتذي أفستتد بتشتتبٌهه وتلبٌستته التتود الثابتتت بتتٌن المتحابٌن(األستتد والثتتور)‪ .‬وفتتً بتتاب‬
‫"األستتد وابتتن لوا" ٌستتتمع الملتتك األستتد أٌضً تتا إلتتى أقتتوال البطانتتة الفاستتدة فٌبعتتد عنتته‬
‫التتوزٌر الحكتتٌم (ابتتن لوا)‪ ،‬وابتتن لوا فتتً هتتذا البتتاب هتتو نقتتٌض رمزٌتتة الثعلتتب فتتً‬
‫ؾ بأنه" سبع جبان‪ ،‬مستضعؾ ذو مكر‬ ‫الموروث الثقافًّ العربًّ اإلسالمًّ الذي وُ صِ َ‬
‫وخدٌعة‪ ،‬لكنه لفرط الخبث والخدٌعتة ٌجتري متع كبتار الستباع‪ ،‬ومتن حٌلتته فتً طلتب‬
‫الرزق أن ٌتماوت وٌنفخ بطنه وٌرفع قوائمه حتى ٌُظن أنه مات فنذا قرب منه حٌوان‬
‫وثب علٌه وصاده"(‪ .)145‬والثعلب (ابن لوا) فتً "بتاب األستد وابتن لوا" هتو نقتٌض‬
‫الثعلتب (دِمنتة) فتً "بتتابً األستد والثتور"و"الفح عتن أمتتر دمنتة"؛ فالثعلتب "دمنتتة"‬
‫طمتتوح ٌقنتتع بمكانتتته وٌتترا أن" المنتتازل متنازعتتة مشتتتركة‪ ،‬فتتذو المتتروءة ترفعتته‬
‫ُتط نفسته متن‬ ‫مروءته من المنزلة الوضٌعة إلى المنزل الرفٌعة‪ ،‬والذي مروءة لته ٌَح ّ‬
‫المنزلة الرفٌعة إلى المنزلة الوضٌعة‪ ،‬وا رتفا ُع متن ضتعة المنزلتة إلتى شترفها شتدٌد‬
‫مؤنة‪ ،‬وا نحطاط منها إلى الضعة هٌن ٌسٌر"(‪.)146‬‬ ‫ال ْ‬
‫إن َ بتتداٌات األبتتواب التتتً ٌتتتألؾ منهتتا الكتتتاب تقتتوم علتتى طلتتب متتن الملتتك‬
‫وإجابتتة متتن الفٌلستتوؾ تبتتٌن أنّ ّ َ الخطتتاب الستتردي بٌنهمتتا كتتان "شتتراكة ستتردٌة"‬
‫تحتتول الملتتك متتن موقتتع القتتوة إلتتى موقتتع المتلقتتً لمقالتتة بٌتتدبا التتذي ٌتالعتتب بالستترد‬
‫و ٌجتتترد الملتتتك متتتن قوتتتته الظتتتاهرة فتتتً بداٌتتتة كتتتل باب"اضتتترب لتتتً مثتتتل‪ ."...‬إن‬
‫السارد(بٌدبا) الحكٌم‪ ،‬فً هذا التمثٌل الرمزيّ ‪ ،‬صورة أخترا متن دمنة"داهٌتة أرٌتب"‬
‫ٌقتتوم بتتتدمٌر أستتطورة القتتوة بأستتطورة الق ت ‪ ،‬وٌخلتتع عتتن القمتتع براثنتته وٌعرٌتته فتتً‬
‫مواجهة العقل‪ .‬فتبدو القوة القمعٌة أعجز من األسد الذي ٌتالعب بته دمنتة كالدمٌتة‪،‬‬
‫ٌستطٌع أن ٌفعل شٌ ًئا إزاء تكتاتؾ إختوان الصتفاء وتتفلفهم‪ .‬وٌقتوم هتذا القتا ‪ ،‬ثانًٌتا‪،‬‬
‫بتأكٌتتد فاعلٌتتة الق ت عنتتدما ٌستتتبدل بستتطوة القتتوة قتتدرة الق ت علتتى تؽٌٌتتر مصتتائر‬
‫الملوك والرعٌة"(‪.)147‬‬
‫تشتتتمل بتتداٌات األبواب(مقتتدمات أبتتواب الكتتتاب) علتتى ثنائٌتات ضتتدٌة كبتترا‬
‫تشتتتكل محتتتور البتتتاب نفستتته؛ ففتتتً باب(األستتتد والثتتتور) ٌتحتتتدث البتتتاب عتتتن التتترجلٌن‬
‫المتحتتتابٌن ٌقطتتتع بٌنهمتتتا الكتتتذوب الخئتتتون‪ ،‬وٌحملهمتتتا علتتتى العتتتداوة والشتتتنفن‪ .‬وفتتتً‬
‫بتتاب(الفح عتتن أمتتر دِمنتتة) ٌتحتتدث عتتن خبتتر الواشتتً المحتتتال المتتاهر كٌتتؾ ٌفستتد‬
‫بتشبٌهه وتلبٌسه الود الثابت بٌن المتحابٌن‪ ،‬وإ م لل أمتره وكٌتؾ كانتت عاقبتته‪ .‬وفتً‬
‫‪001‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫باب(الحمامتتة المطوّ قتتة) ٌتحتتدث عتتن إختتوان الصتتفاء كٌتتؾ ٌبتتدأ تواصتتلهم‪ ،‬وٌستتتمتع‬
‫بعضهم ببعض‪ .‬وفً (باب البوم والؽربان) مثل المؽتر بالعدو المبدي التصرٌم"‪.‬‬

‫الحجاج السردي في كتاب "كليلة ودِمنة"‬

‫‪ -‬حجاج القو في مقابلل حجلاج العقلل والحيللة‪ :‬عقلل الكاتلب (المثقل‬


‫السلطاني) في مواجإة السلطة الباطشة‬
‫(‪)148‬‬
‫الح ٌْتتل القتتوة‪ .‬ومتتا لتته َح ٌْتتل أي قتتوة‪،‬‬
‫بتتأن" َ‬ ‫عتترؾ ابتتن منظتتور (الحٌلتتة)‬
‫والحٌِلتتة بالكستتر ا ستتم متتن ا حتٌتتال(‪ .)...‬وٌُقتتال حٌلتتة لتته و احتٌتتال و َمحالتتة‬
‫و َمحٌلة؛ قال ذو الرّ مة‬
‫احتٌالهاا‬
‫ِ‬ ‫وطال‬ ‫بعدي‪،‬‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫س‬ ‫أٌادي‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫أه‬ ‫البٌنُ‬ ‫أمِنْ أجل دا ٍر صٌر‬
‫قوله طال احتٌالها‪ٌُ ،‬قال احتالت من أهلها أي لم ٌنزل بها حو ‪ً.‬‬
‫َحٌْلته! ٌرٌتد حٌلتته وقوتته‪ .‬وٌقتال هتو أحٌتل منتك وأحتول‬ ‫ابن األعرابً مله شد‬
‫منك أي أكثر حٌلة‪." ...‬‬
‫حظٌت الحٌلة بعناٌة اختصاصات معرفٌة كثٌرة كالفقه وبخاصة الفقه الحنفتً‬
‫والقضتتاء والسٌاستتة والهندستتة المٌكانٌكٌتتة والتجهٌتتزات الهٌدرولٌكٌتتة والطب(الحٌتتل‬
‫الطبٌتتتة) والفلستتتفة وعلتتتم ا جتمتتتاع وا ستتتتراتٌجٌات الحربٌتتتة والمباحتتتث التارٌخ ٌّتتتة‬
‫وشتتعرٌة الخطابتتات والتحلٌتتل القصصتتًّ ‪ .‬ورؼتتم أن الحٌلتتة اقترنتتت فتتً كتتتب التتتراث‬
‫العربًّ بالعلم كعلم الحٌل الشرعٌة أو علم الحٌل الساسانٌة فتنن هتذا اللفظ(علتم الحٌتل)‬
‫هتتتو فتتتً األصتتتل الترجمتتتة القدٌمتتتة المقترحتتتة لتعرٌتتتب اللفتتتظ اإلؼرٌقتتتًّ مٌكانٌكتتتا‬
‫‪ .Mechania‬فمقولة الحٌلة تقرٌبا ً توافق مقولة اإلؼرٌقٌة التً تعنً ذكاء(‪.)149‬‬
‫أورد ابن الندٌم مصنفات عدة تحمتل استم كتتاب "الحٌتل" ألبتً بكتر الترازيّ‬
‫و"كتتتاب الحٌل"ألحمتتد بتتن موستتى"‪ ،‬كتتتاب الحٌتتل الروحانٌتتة" إلٌتترن‪" ،‬كتتتاب الحٌتتل"‬
‫لبنتً موستى بتن شتاكر‪" ،‬كتتاب الحٌتتل" للخصّتاؾ‪" ،‬كتتاب الحٌتل" لمحمتد بتن الحستتن‬
‫الشتتتتٌبانً‪ ،‬كتاب"الحٌتتتتل" لمحمتتتتد بتتتتن ستتتتعد‪"،‬كتاب الحٌتتتتل" للهرثمتتتتًّ الشتتتتعرانًّ ‪،‬‬
‫كتاب"حٌلة محالة"ألبً زٌد األنصاري(‪.)150‬‬
‫أثنى صاحب كتاب"السٌاسة والحٌلة عند العرب" علتى الحٌلتة وحترّ ض علتى‬
‫استعمالها؛ إذ ٌقول فً بٌانه ل"فضل العقتل ومتا قٌتل فٌته" إن الحٌلتة لمتا كانتت ثمترة‬
‫العقل ومستخرجة بقوانٌن‪ ،‬وطرقه فتً استتخراجها ؼتوامض العلتوم ومحاستن الفنتون‬
‫المختلفتتتة األصتتتول والمنتتتافع وجتتتب أن تكتتتون لصنستتتان خاصتتتة متتتن دون ؼٌتتتره متتتن‬
‫الحٌوان(‪.")151‬‬
‫أورد صاحب هذا الكتاب أستماء عتدد متن المؤلفتات الخاصتة بالحٌتل والحٌلتة‬
‫التتتتتتً راجتتتتتت رواجً تتتتتا كبٌتتتتترً ا فتتتتتً الثقافتتتتتة العرب ٌّتتتتتة اإلستتتتتالمٌّة‪ ،‬وهتتتتتً كتتتتتتاب‬
‫المداٌنً(المتتتتدائنً) المستتتتمى بالمكاٌتتتتد والحٌتتتتل‪ ،‬وكتتتتتاب(الهفوات والنتتتتادرة) عتتتتن‬
‫األصمعً‪ ،‬وكتتاب(ابن الخطٌتب المشتهور بلطتؾ التتدبٌر)‪ .‬وقتد جعتل المؤلتؾ الحٌتل‬
‫‪007‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫أنواعً ا وأقسامًا هً حٌل المالئكة والجن‪ ،‬وحٌل األنبٌتاء‪ ،‬وحٌتل الخلفتاء والستالطٌن‪،‬‬
‫وحٌتتل التتوزراء والعمتتتال والمتصتترفٌن‪ ،‬وحٌتتتل القضتتاة والعتتتدول والتتوكالء‪ ،‬وحٌتتتل‬
‫الفقهتتاء‪ ،‬وحٌتتل العبتتتاد والمتعبتتدٌن والمتزهتتتدٌن‪ ،‬وحٌتتل القتتتواد واألمتتراء وأصتتتحاب‬
‫الشرط‪ ،‬وحٌل األطبتاء‪ ،‬وحٌتل الشتعراء‪ ،‬وحٌتل التجتار والستوقة‪ ،‬وحٌتل بنتً ساستان‬
‫وهم الطرقٌة‪ ،‬وحٌل اللصتو والعٌّتارٌن‪ ،‬وحٌتل النستاء والصتبٌان‪ ،‬وحٌتل الحٌتوان‬
‫فٌمن احتال وانعكست علٌته حٌلتته‪ .‬وقتد بتٌّن ابتن مستكوٌه أن"الحٌلتة خٌتر متن الشتدة‪،‬‬
‫والتتتأنً أفضتتل متتن العجلتتة‪ ،‬والجهتتل فتتً الحتترب خٌتتر متتن العقتتل‪ ،‬والفكتتر هنتتاك فتتً‬
‫العاقبة مادة الجزع‪...‬أضعؾ الحٌلة أنفع من أقوا الشدة‪ ،‬وأقل التأنً أجدا متن أكثتر‬
‫العجلة"(‪.)152‬‬
‫إن كتاب" كلٌلة ودِمنة"‪ ،‬الذي فسّره ابن المقفع‪ ،‬قائم فتً بنٌتته التكوٌنٌتة علتى‬
‫توالد الحٌل السردٌة بدءًا من الحٌلة السردٌة الكبرا‪ ،‬وهً توسل ابن المقفتع بالحكاٌتة‬
‫المثلٌة األلٌجورٌة الرمزٌة التً عرّبها من الفهلوٌة إلى العربٌة لتوجٌه رستالة رمزٌتة‬
‫إلتتتى الخلٌفتتتة أبتتتً جعفتتتر المنصتتتور فتتتً حستتتن سٌاستتتة الرعٌتتتة وضتتترورة تحتتتالؾ‬
‫المثقؾ(العقل)‪ ،‬وهو فً الكتاب الفٌلسوؾ بٌدبا متع (القتوة) التتً ٌمثلهتا الملتك دبشتلٌم‬
‫وانتهاء هذا التحالؾ أو عدم قٌامه أصالً سٌؤدي محالة إلتى انهٌتار تراتبٌتات الملتك‬
‫السلطانًّ وتالشٌه بظهور دولة"العقل"‪.‬‬
‫لقد بٌّنت مقدمة الكتتاب التتً وضتعها بهنتود بتن ستحوان المعتروؾ بعلتًّ بتن‬
‫الشتتاه الفارستتًّ الستتبب التتذي م تن أجلتته عمتتل بٌتتدبا الفٌلستتوؾ الهنتتديّ رأس البراهمتتة‬
‫لدبشلٌم ملك الهند كتابه الذي سماه "كلٌلتة ودِمنتة"‪ ،‬وجعلته علتى ألستن البهتائم والطٌتر‬
‫صٌانة لؽرضه فٌه من العوام‪ ،‬وض ًنا بما ضتمّنه عتن الطؽتام"(‪ .)153‬إن استتبداد الملتك‬ ‫ً‬
‫دبشلٌم وطؽٌانه على الرعٌة دفع الفٌلسوؾ بٌدبا إلى مناصحته فً مقالة طوٌلة دبجهتا‬
‫بتتالحكم والقصتت واألمثتتال‪ .‬وقتتد دفعتتت هتتذه المناصتتحة الملتتك دبشتتلٌم إلتتى وضتتع‬
‫الفٌلسوؾ بٌدبا فتً الستجن بضتعة أٌتام‪ .‬وعنتدما تبتٌّن للملتك ستوء صتنٌعه بالفٌلستوؾ‬
‫استدعاه واتخذه وزٌرً ا‪ ،‬وطلتب منته بعتد زمتن أن ٌؤلتؾ لته كتابًتا فتً سٌاستة الملتوك‪.‬‬
‫وبعد أن أنجز الفٌلسوؾ المهمة كاملة وأسمى كتابه"كلٌلة ودِمنة" سأل الملك أن ٌتدون‬
‫كتابه‪ ،‬وٌحتاط علٌه كً ٌخرج من بالد الهند إلى بالد فارس(‪.)154‬‬
‫لقتتد خلتتق ابتتن المقفتتع متتن تعرٌبتته لكتاب"كلٌلتتة ودمنتتة" (حٌلتتة ستتردٌة) كبتترا‬
‫لضمان إصؽاء الخلٌفة أبً جعفتر المنصتور لهتذا الخطتاب السترديّ الرمتزيّ الختا‬
‫بسٌاسة الملوك مع الرعٌة‪ ،‬ومثلما اشتملت الحكاٌة اإلطارٌة الكبرا لهذا الكتاب على‬
‫تحالؾ العقل متع القتوة وتنصتٌب بٌتدبا وزٌترً ا للملتك المستتبد دبشتلٌم‪ ،‬أراد ابتن المقفتع‬
‫تروٌض قوة أبً جعفر المنصور‪ ،‬وكان طموحه الباطن التذي لتم ٌعلنته أن ٌصتل إلتى‬
‫منصب الوزٌر الكاتب‪ ،‬وهناك شواهد قوٌة على هذا الطموح؛ فقد بتدأ ابتن المقفتع فتً‬
‫تعرٌب كتابه فً المرحلة ا نتقالٌة بتٌن نهاٌتات الدولتة األموٌتة وبتداٌات تأستٌس دولتة‬
‫بنً العبّاس فتً حتٌن أن "رستالة الصتحابة" و"عهتد األمتان" كتبهمتا فتً أواختر ستنً‬
‫‪041‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫حٌاتته؛ قبٌتتل مقتلتته ؛ أي فتتً العصتتر العبّاستتً‪ .‬لقتد كتتان خطتتأ ابتتن المقفتتع القاتتتل التتذي‬
‫أودا بحٌاتتته فتتً تلتتك القتلتتة الشتتنٌعة التتتً لتتم ٌستتتحقها أن لتتم ٌكتتتؾِ برمزٌتتة "كلٌلتتة‬
‫تدخل فتتً سٌاستتة الدولتتة‬ ‫ودِمنتتة" وخطابهتتا التتذي ٌجمتتع بتتٌن الظتتاهر والبتتاطن‪ ،‬وإنمتتا تت ّ‬
‫العلٌتا وتنظٌراتهتتا عنتتدما خاطتب المنصتتور خطا ًبتتا مباشتترً ا ٌنطلتق متتن مرتكتتزات قتتوة‬
‫ربّما استمدها ابن المقفع من انتصار العبّاسٌٌن بجٌتوف الخراستانٌٌن بقٌتادة أبتً مستلم‬
‫ٌحظ َ َ ابن المقفع بمطلبه تحالؾ مع سلطة معارضة هً عتم‬ ‫َ‬ ‫الخراسا ّنً‪ ،‬وعندما لم‬
‫الخلٌفة الطامع فً انتزاع الحكم منته‪ ،‬ووجّ ته إلتى الخلٌفتة أبتً جعفتر المنصتور كالمًتا‬
‫شدٌدا قاسًٌا ذعً ا على لسان عمه عبد بن علًّ ‪.‬‬ ‫ً‬
‫تتترد لفظتا(الحٌلتتة) و(الحٌتتل) بوصتتفهما متتن المصتتطلحات المفتاحٌتتة الكبتترا‬
‫لكتاب"كلٌلة ودمنة"؛ فقد جاء فً باب(عرض الكتتاب بتن المقفتع)" هتذا كتتاب كلٌلتة‬
‫ودمنة‪ .‬وهو مما وضعته علماء الهند من األمثال واألحادٌث التً التمسوا بهتا أبلتػ متا‬
‫ٌجتتدون متتن القتتول‪ ،‬فتتً النحتتو التتذي أرادوا‪ .‬ولتتم ٌتتزل العقتتالء متتن أهتتل كتتل زمتتان‬
‫ٌلتمسون أن ٌُعقل عنهم‪ ،‬وٌحتالون لذلك بصنوؾ الحٌتل‪ ،‬وٌطلبتون إختراج متا عنتدهم‬
‫متتن العلتتل‪ .‬فتتدعاهم ذلتتك إلتتى أن وضتتعوا هتتذا الكتتتاب‪ ،‬ولخصتتوا فٌتته متتن بلٌتتػ الكتتالم‬
‫ومتقنه على أفواه الطٌر والبهائم والسباع‪ ،‬فاجتمع لهم من ذلك أمران أمّا هم فوجتدوا‬
‫لهوا وحكمة فاجتبتاه الحكمتاء‬ ‫متصر ًفا فً القول‪ ،‬وشعابًا ٌأخذون فٌها‪ .‬وأمّا هو فجمع ً‬
‫لحكمته‪ ،‬والسخفاء للهوه"(‪.)155‬‬
‫وقد بدأ الكتاب بباب توجٌه كسرا أنوشتروان برزوٌته إلتى بتالد الهنتد لطلتب‬
‫الكتاب‪ ،‬وفً هذا الباب ذكتر للحٌلتة التتً احتالهتا الطبٌتب الفارستًّ برزوٌته للحصتول‬
‫تنفٌتذا وامتثتا ً ألمتر كسترا أنوشتروان‪ .‬فقتد‬ ‫ً‬ ‫على كتاب "كلٌلة ودِمنة" من بتالد الهنتد‬
‫أقام برزوٌه فتً بتالد الهنتد متدة متن التزمن وختالط األشتراؾ متن العلمتاء والفالستفة‪،‬‬
‫وخالط السوقة مدعًٌا أنه "قدم بالدهم لطلتب العلتم واألدب‪ ،‬وأنته محتتاج إلتى معتونتهم‬
‫على ماطلب من ذلك‪ ،‬وٌسألهم إرشاده إلى حاجته"(‪.)156‬‬
‫ٌقتول ابتن المقفتع "فلمتا عتزم علتى متا أراد متن أمتره‪ ،‬وهتم بالبعثتة فتً طلتب‬
‫كتاب "كلٌلة ودمنة" وانتساخه قال فً نفسه من لهذا األمر العظتٌم ‪ ،‬واألدب النفتٌس‪،‬‬
‫والخطب الجلٌل الذي ٌزٌن به ملتوك الهنتد دون ملتوك فتارسا وقتد هممنتا أ نتدعم‬
‫متتع بعتتد الستتفر‪ ،‬وصتتعوبة األمتتر‪ ،‬مختتاطر الطرٌتتق‪ ،‬وكثتترة النفقتتةمطلب هتتذا الكتتتاب‬
‫حتى نصل إلى نسخه ونقؾ علتى إتقانته ورصتانة أبوابته وعجائبته‪ .‬و بتد لنتا متن أن‬
‫ننتخب من نرٌد إرساله فتً ذلتك متن هتذٌن الصتنفٌن متن الكتتاب واألطبتاء؛ فتنن أهتل‬
‫هذٌن ٌجتمع عندهم جوامع من بحتور األدب وكنتوز الحكمتة فتً إنتاة وتتؤدة‪ ،‬وتجربتة‬
‫ونفاذ حٌلة‪ ،‬وتحفظ وتحرز وكمال مروءة ودهاء وفطنة وحلم وتصتنع ولطتؾ سٌاستة‬
‫وكتمان سر"(‪.)157‬‬
‫وعندما ٌفضً الطبٌب الفارسًّ بسره إلى صدٌقه الحكٌم الهنديّ أزوٌته ٌقتول‬
‫له أزوٌه "فننك قدمت بالدنا لتسلبنا علومنتا الرفٌعتة وكنوزنتا النفٌستة فتتذهب بهتا إلتى‬
‫‪040‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫بالدك لتسر بها ملكك وكان قدومك بالمكر‪ ،‬و ومصادقتك بالخدٌعتة؛ ولكتن لمتا رأٌتت‬
‫صبرك‪ ،‬وطول مواظبتك على طلب حاجتك‪ ،‬وتحفظك من أن تستقط فتً الكتالمم فتً‬
‫طول لبثك عندنا‪.)158("...‬‬
‫عندما ٌفطن اإلنسان إلى توظٌؾ الحٌلتة بمهتارة ٌكتون فتً ذلتك هالكته متن‬
‫ختتالل هتتذه الحكاٌتتة الرمزٌتتة الدالتتة علتتى األختتالط األربعتتة فتتً اإلنستتان‪ ،‬و"ؼرٌتتزة‬
‫الشتهوة" عنتده التتتً تعمٌته عتتن رؤٌتة الحقٌقتتة فٌنشتؽل بتتالوهم التذي ٌقتتوده إلتى الفنتتاء‬
‫وذلك فً حكاٌة الرجل والبئر التً بٌ ّناها‪.‬‬
‫ٌبتترر دمنتتة رؼبتتته فتتً ا نضتتمام إلتتى بطانتتة الملتتك األستتد بتتأن "ذا المتتروءة‬
‫والعقل والحكمة ترفعه مروءته إلى المنتازل الرفٌعتة "إن المنتازل متنازعتة مشتتركة‪،‬‬
‫فتتذو المتتروءة ترفعتته مروءتتته متتن المنزلتتة الوضتتٌعة إلتتى المنزلتتة الرفٌعتتة‪ ،‬والتتذي‬
‫مروءة له ٌحط نفسه من المنزلة الرفٌعة إلى المنزلتة الوضتٌعة‪ ،‬وا رتفتاع متن ضتعة‬
‫المنزلة إلى شرفها شدٌد الم ؤنتة وا نحطتاط منهتا إلتى الضتعة هتٌن ٌستٌر‪ .‬وإنمتا مثتل‬
‫ذلك كالحجر الثقٌل‪ .)159("..‬ولذلك بدأت حٌلة دِمنة للتقرب متن الملتك ببٌتان فائتدة ذي‬
‫المروءة لصحبة السلطان؛ إذ أراد أن تكون مروءتته هتً الستبب ولتٌس معرفتة األستد‬
‫أباه"‪ ،‬وأحب دِمنة أن ٌصٌب الكرامة من األسد‪ ،‬والمنزلة عنتده وعنتد جنتده‪ ،‬وٌعلمهتم‬
‫أن ذلك لٌس لمعرفة أبٌه فقط ولكن لرأي دِمنة ومروءته"(‪ ،)160‬رؼتم تحتذٌر أخٌته لته‬
‫متتن صتتحبة الستتلطان فتتً قولتته " أ ّمتتا إذا كتتان هتتذا متتن رأٌتتك فتتننً أحتتذرك صتتحبة‬
‫الستتلطان؛ فتتنن فتتً صتتحبة الستتلطان خطتترً ا عظٌ ًمتتا‪ .‬وقتتد قالتتت العلمتتاء أمتتور ثالثتتة‬
‫ٌجتتتراء علٌهتتا إ األهتتوج‪ ،‬و ٌستتلم منهتتا إ القلٌتتل صتتحبة الستتلطان‪ ،‬وائتمتتان‬
‫النساء على األسرار‪ ،‬وشرب السم للتجربة‪ .‬وإ ّنما شبه العلماء السلطان بالجبتل التوعر‬
‫الذي فٌه الثمار الطٌبة‪ ،‬وهو معدن السباع المخوفة؛ فا رتقاء إلٌته شتدٌد‪ ،‬والمقتام فٌته‬
‫أشد وأهول"(‪.)161‬‬
‫وقاض علٌه وذلتك‬ ‫ٍ‬ ‫إذا كانت الحٌلة منجاة لصاحبها فنن بعض الحٌل مدمر له‬
‫عندما تنقلب الحٌلة لعالقتها بعالم الشر والوهم‪ ،‬ولذا فنن "مؤسستة األدب تتوستل بهتذه‬
‫القص لترسخ فً الضمائر تصورً ا مخصوصً ا لبعض العوالم العرفانٌّة حتى تحافظ‬
‫بطرٌقتها على عقد األمة ا جتماعًّ ‪ ،‬فعوالم الحٌلة العرفانٌّتة هبتً عتوالم "الخطتأ" أو‬
‫"الؽتتتف" أو "الخدٌعتتتة" و"الكٌتتتد" و"المكتتتر" و"الروؼان"و"النفتتتاق"؛أي العتتتوالم التتتتً‬
‫تضطرب فٌها أسس الحقٌقة وا عتقاد"(‪.)162‬‬
‫ٌحتتتال دِمنتتة علتتى الثتتور شتتنزبة إلحضتتاره إلتتى األستتد‪ ،‬وبعتتد تقرٌتتب األستتد‬
‫لشنزبة واتخاذه مستشارً ا وأمٌ ًنا على أسراره انقلبتت الحٌلتة علتى دِمنتة‪ ،‬وأصتبم تابعً تا‬
‫عادًٌا من األتبتاع الكثتر فتً حاشتٌة الملتك بعتد أن استتأثر الثتور بمكانتته ‪ٌ .‬قتول دمنتة‬
‫ألخٌتته كلٌلتتة ٌشتتكو لتته انقتتالب األحتتوال "أ تعجتتب لعجتتز رأٌتتً وصتتنٌعً بنفستتً‬
‫ونظري فٌما ٌنفع األسد‪ ،‬وإؼفالً أمتر نفستً حتتى جلبتت ثتورً ا ؼلبنتً علتى منزلتتًا‬
‫قال كلٌلة أصابك ما أصاب الناسكا قال دِمنة وكٌؾ كان ذلكا قال كلٌلة"(‪.)163‬‬
‫‪044‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫(‪)164‬‬
‫‪ٌ .‬قتتتول‬ ‫ٌستشتتتهد كلٌلتتتة بحٌتتتل متداخلتتتة تولتتتدت عتتتن حكاٌتتتة "الناستتتك"‬
‫دِمنة"وإنً لما نظرت فً أمري الذي أرجو أن ٌعود لً منه ما ؼلبتت ممتا كنتت فٌته‪،‬‬
‫لتتم أجتتد شتتٌ ًئا ؼٌتتر ا حتٌتتال لشتتنزبة حتتتى ٌفتتارق الحٌتتاة"(‪.)165‬وٌحفتتل كتتتاب "كلٌلتتة‬
‫ودِمنة" بمواضع كثٌر تحذر من الحٌلة الشرٌرة التً تدمر صاحبها فً مقابل مواضع‬
‫أخرا تحتفً بالحٌلة فً سٌاقها اإلٌجابً(ؼٌر المدمر)‪ ،‬من مثل‬
‫م"زعموا أنه كان وكر لؽراب فً شتجرة فتً جبتل‪ .‬وكتان بقربته حجتر أستود‪ .‬وكتان‬
‫الؽراب كلما فرّ خ عمتد األستود إلتى فراخته فأكلهتا‪ .‬فاشتت ّد ذلتك علٌته‪ ،‬وبلتػ منته مبلؽتا ً‬
‫تدٌدا‪ .‬فشتتكا ذلتتك إلتتى صتتدٌق لتته متتن بنتتات لوا وقتتال أردت أن أستتتأذنك فتتً شتتًء‬ ‫شت ً‬
‫هممت به إن أنت وافقتنً علٌه‪ .‬قتال ومتا هتوا قتال أن لتتً األستود وهتو نتائم فتانقر‬
‫عٌنٌه لعلً أفقأهما‪ .‬فقال ابن لوا بئست الحٌلة هممت بها! فالتمس أمترً ا تصتٌب منته‬
‫حاجتكا و ٌصل فٌه مكروه إلٌك‪ .‬وإٌاك أن ٌكون مثلك مثل العلجوم التذي أراد قتتل‬
‫السرطان فقتل نفسه(‪.)166‬‬
‫ُ‬
‫ضربت لك هذا المثل لتتعلم أن بعتض الحٌتل متدمر علتى صتاحبه‪ ،‬مهلتك لته‪.‬‬ ‫م"وإ ّنما‬
‫‪.‬‬‫(‪)167‬‬
‫ولكن انطلق فالتمس ملٌاً‪ ،،‬فنذا ظفرت به فاخطفه‪"...‬‬

‫ضربت لك هذا المثل لتعلم أن ا حتٌال ربمّا أجزا ما ً ُتجزي القوة"(‪.)168‬‬ ‫ُ‬ ‫م"وإنما‬
‫إن توالد الحٌتل فتً كتتاب "كلٌلتة ودِمنتة" ظتاهر فتً هتذا البتاب؛ إذ تتوالتد الحٌتل فتً‬
‫(‪)169‬‬
‫الحكاٌات المثلٌّة لبٌان انتصار العقتل فتً مقابتل القتوة فمتن حٌلتة األرنتب واألستد‬
‫إلى حٌلة الثالث سمكات "زعموا أن ؼدٌرً ا كان فٌه ثالث سمكات" زعمتوا أن ؼتدٌرً ا‬
‫كان فٌه ثالث سمكات كٌسة وأكٌس منها وعاجزة‪ 170".‬كما تشكل الحٌلة محور بتاب‬
‫بأكمله مثل " باب الحمامة المطوقة" وبتاب" البتوم والؽربتان" وبتاب" القترد والؽتٌلم"‪،‬‬
‫كما قد ٌلجأ الملك إلى الحٌلتة مثتل حٌلتة مهراٌتز ملتك الجترذان‪ ،‬و"ٌتؤدي التضتاد بتٌن‬
‫الحقٌقة والوهم ومتضمنٌها إلى تناقض بٌن السذاجة وا حتٌال من جهة وبٌن المعرفتة‬
‫والجهل من جهة أخرا‪ ،‬لٌتكون بناء لذلك مجا ن د لٌان إٌجابً ستمته الخٌتر ٌضتم‬
‫المعرفة والحقٌقة والالوهم‪ .‬وسلبً سمته الشر ٌضم الوهم والالحقٌقة والجهتل‪ ،‬بٌنمتا‬
‫تتتتوزع الالحقٌقتتة والالوهتتم‪ .‬وقتتد ٌكتتون للخٌتتر كمتتا ٌكتتون للشتتر‪ .‬والستتذاجة هتتً التتتً‬
‫تجمع بٌن الوهم والحقٌقة وتكتون كتذلك خٌترً ا أو شترً ا‪ .‬فالحقٌقتة تؤستس بتضتادها متع‬
‫الوهم السذاجة بما هً تصدٌق والتباس‪ ،‬بٌنما ٌؤسس نفٌها مع ضده ا حتٌتال بمتا هتو‬
‫كتتذب وتلبتتٌس‪ ،‬وٌتمٌتتز األخٌتتر فتتً ذلتتك بوعٌتته للمعطٌتتات الجارٌتتة والتتتً هتتً متتن‬
‫صنعه"‪.171‬‬
‫إن الحٌلتتة قائمتتة علتتى استتتراتٌجٌة الختتداع؛ فأثنتتاء عملٌتتة التخاطتتب تتبتتارز‬
‫استراتٌجٌتان استراتٌجٌة الخداع واستراتٌجٌة محاولة اكتشتاؾ الختداع؛ فتالمتكلم " لتو‬
‫شاء أن ٌبطل ح ًقا أو ٌحق باطالً لفعل"‪ ،‬وهذه الخاصتٌة تجعلته كالحٌتة ذات اللستانٌن"‬
‫لكن الكالم أحٌا ًنا ٌفضم المتكلم وٌنبىء عما ٌجٌف فً صدره حتى وإن حاول التستتر‬
‫‪048‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫مثالً‪."172‬‬
‫ٌشؽل الحجاج مساحة كبٌرة من كتاب"كلٌلة ودمنتة" وبخاصتة بتاب(الفح‬
‫عن أمر دِمنة)‪ ،‬وهو الباب الذي نسبه البٌرونًّ و ابتن عمتر الٌمنتًّ إلتى ابتن المقفتع‪،‬‬
‫كما أثبت البحث األدبً المقارن خلو النستخة األصتلٌة للكتتاب (البتنج تتانترا) منته‪.173‬‬
‫وهتتذا البتتاب ٌتتأتً بعتتد بتتاب (األستتد والثتتور) وبعتتد قتتتل األستتد صتتدٌقه الثتتور (شتتنزبة)‬
‫استجابة منه لتحرٌض دمنة إٌاه‪ .‬إن هذا البتاب المؤستس علتى الحجتاج ٌُفتتتم كمتا هتو‬
‫ُ‬
‫ستمعت‬ ‫الحال فتً ستائر أبتواب الكتتاب بطلتب متن الملتك دبشتلٌم لبٌتدبا الفٌلستوؾ" قتد‬
‫خبر الواشً المحتال الماهر بالخِالبتة كٌتؾ ٌفستد‪ ،‬بتشتبٌهه وتلبٌسته‪ ،‬التود الثابتت بتٌن‬
‫المتحابٌن؛ فأخبرنً إ م لل أمره‪ ،‬ومتا كانتت عاقبتته"‪ٌ .174‬تدخل التوزٌر والمستشتار‬
‫دِمنة السجن بعد سماع النمر عتاب كلٌلة لدمنة على سوء رأٌه فً إٌؽار األسد‪.‬‬
‫لقتتد نجتتم دمنتتة فتتً خطابتته القضتتائًّ واستتتطاع التتدفاع عتتن نفستته أمتتام األستتد‬
‫والقضاة‪ ،‬واستخدم الحجتاج المؽتالط لصٌهتام بالحقٌقتة و"لجعتل الستامع ٌنستاق بسترعة‬
‫إلى نتٌجة معٌنة؛ ولعل فً هذا ما ٌقربه متن المتنهج السفستطائً‪ ،‬حٌتث ٌكتون اإلٌهتام‬
‫والمؽالطة هما المؤسستان للبنٌتة المنطقٌتة للحجتاج"‪ٌ .175‬متتاز الحجتاج القضتائًّ بأنته‬
‫"حجتتاج تبرٌتتري" فهتتو ٌنطلتتق متتن دعتتاوا وفرضتتٌات ٌلٌهتتا حشتتد متتن المبتتررات‬
‫والمسوؼات النصٌة والتفسٌرٌة قبل ا نتهاء إلتى القترارات واألحكتام النهائٌتة"‪ .‬ولعتل‬
‫خصوصتتٌة الحجتتاج القضتتائً هتتً التتتً جعلتتت ر‪.‬بالنشتتً ٌقتتول "إن أصتتالة تتتدخالت‬
‫القاضً والمحامً تكمن فً القٌاس وا ستتنباط بتل فتً إقامتة المقتدمات وتأوٌلهتا‪.‬‬
‫وٌتم هذا على صعٌد القضٌة الكبرا أو ً‪ ،‬ثم على صعٌد الوقائع والمعطٌات"‪.176‬‬
‫ٌبدأ حجاج دمنة القضائًّ عندما قرر الملك األسد أن ٌرفع أمره إلى القضتاء‬
‫كً ٌحكم فٌه" فلما سمع األسد قولته ارتتاب بته‪ ،‬فأخرجته وأمتر بتالفح عنته ورفعته‬
‫تت بحقٌتتق‬‫إلتتى القضتتاء لٌنظتتر فتتً أمتتره‪ .‬فستتجد دمنتتة للملتتك وقتتال أٌهتتا الملتتك‪ ،‬لست َ‬
‫بمعاجلتتة أحتتد بالعقوبتتة عتتن قتتول األشتترار دون الفح ت والتثبتتت‪ .‬وإنتتً لواثتتق عتتن‬
‫فحصك ببراءتً وتصدٌق مقالتً"‪.177‬‬
‫وٌستتتعٌن خطتتاب دمنتتة الحجتتاجًّ القضتتائًّ باألقٌستتة التمثٌلٌتتة للتتتدلٌل علتتى‬
‫صحة ما ٌقول(مثل المرأة وعبدها)‪( ،‬مثل الطبٌب الجاهتل المتكلتؾ)‪( ،‬مثتل الحترّاث‬
‫وامرأتٌه العارٌتٌن ومثل المرزبان وامرأته والبازٌار)‪ .‬وتنتهتً هتذه األقٌستة التمثٌلٌتة‬
‫بتعقٌبتتات متشتتابهة فتتً مرماهتتا" إنمتتا ضتتربت لتتك المثتتل لتتئال تعجتتل ألمتتر فٌتته تشتتبٌه‬
‫وكتذب فتتنن الكتتذب معنتتت لصتتاحبه‪ ،‬و" إنمتتا ضتتربت هتتذا المثتتل فتتً جمتتاعتكم كتتً‬
‫تتكلمتتوا بمتتا تعلمتتوا تلتمستتون بتته رضتتا ؼٌتتركم"‪ "،‬وأنتتت أٌضتتا أٌهتتا المتتتكلم أمتترك‬
‫عجٌب"‪"،‬وإنما ضربت لكم هذا المثل لتعلموا أن من عمل بمثتل متا عمتل بته البازٌتار‬
‫كان جزاؤه العقوبة فً العاجل واآلجل"‪ .‬وٌستتعٌن دمنتة كتذلك فتً حجاجته المؽتالطً‬
‫بالقٌاس التام من مثل ٌقول دمنة مخاطبًا األسد محاو إثبتات براءتته" لتو كنتت متذنبًا‬
‫هربت من األرض وكان لً فٌته متذهب ولكتن لثقتتً وبراءتتً ونصتٌحتً‪ ،‬لتم أبرحته‬
‫‪042‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫ولم أفارقه‪."178‬‬
‫ٌتكون هذا القٌاس من مقدمتٌن صؽرا وكبرا‬
‫المقدمة األولت المذنب ٌذهب من األرض‪.‬‬
‫المقدمة الثانية‪ :‬من ٌهرب فهو بريء‪.‬‬
‫النتيجة أنا لم أهرب‪ ،‬فأنا بريء‪.179‬‬
‫وٌنتهً الحجاج المؽتالطً إلتى النجتاح المؤقتت التذي سترعان متا ٌنتهتً إلتى‬
‫فشل دمنة بعد كشؾ أمتره بوستائل أخترا تختلتؾ عتن الحجتاج التذي تفتوق فٌته تفو ًقتا‬
‫كبٌرً ا‪ .‬فً حٌن أن حجاج الحٌلة (اإلٌجابٌة) ٌنتهً دائ ًما إلى النجاح‪.‬‬
‫لع ت ّل أهتتم متتا ٌمٌتتز كتاب"كلٌلتتة ودِمنتتة" أنتته نتتوع ستتردي ّ مؤستتس للبالؼتتة‬
‫الستتتلطانٌة المخاتلتتتة ذات الخطتتتابٌن الظتتتاهر والبتتتاطن‪ ،‬ولتتتذلك نتفتتتق متتتع فتتترج بتتتن‬
‫رمضان الذي وصؾ بنٌة الكتاب بأنها " بنٌة محافظة فً حد ذاتها ومناوئة ألي تؽٌر‬
‫جذري لنظام المعرفة ونظام الستلطة(‪ )...‬وقابلتة بكتل ستهولة للتحتوّ ل إلتى للٌتة أو أداة‬
‫إلعادة إنتتاج الواقتع القتائم وتتأمٌن بقائته"‪ 180‬إنّ كتاب"كلٌلتة ودِمنتة" ٌجتب أ ٌختتزل‬
‫فً سٌاقات القمع الظاهرة التً ٌنقضها العقل والحٌلة كما بٌّنا‪.‬‬

‫‪045‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫الخاتمة‬
‫كانتتت مقاربتنتتا لكتتتاب "كلٌلتتة ودمنتتة" مقاربتتة ثقافٌتتة تأوٌلٌتتة نظتترً ا لبهمٌتتة‬
‫المركزٌة الكبرا التً شكلها هذا الكتاب فٌمتا ٌتصتل بالستردٌات الستلطانٌة العربٌتة‪،‬‬
‫وبخاصتتتة العالقتتتة اإلشتتتكالٌة بتتتٌن المثقؾ(الكاتتتتب التتتدٌوانًّ الستتتلطانًّ ) والستتتلطة‬
‫السٌاسٌة‪ ،‬وهذه هً أهم النتائج التً توصلت إلٌها الدراسة‬
‫مثلت رسائل سالم أبً العالء وعبدالحمٌد بن ٌحٌى الكاتتب فتً عهتدي هشتام‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫بتتن عبتتدالملك ومتتروان بتتن محمتتد أواختتر العصتتر األمتتوي أولٌتتات الكتابتتة‬
‫الستتتتلطانٌة العربٌتتتتة أو (أدب مراٌتتتتا األمتتتتراء العربٌتتتتة)‪ ،‬وبخاصتتتتة رستتتتالة‬
‫عبدالحمٌتتد الكاتتتب إلتتى جماعتتة الكتتتاب وعهتتد متتروان بتتن محمتتد إلتتى ابنتته‬
‫عبٌتتد (ولً عهتتده) ممتتا ٌفنتتد ادعتتاء بعتتض البتتاحثٌن العتترب والمستشتترقٌن‬
‫إرجتتتاع اآلداب الستتتلطانٌة العربٌتتتة إلتتتى متتتؤثرات أجنبٌتتتة خالصة(فارستتتٌة‬
‫ساسانٌة أو ٌونانٌتة)‪ ،‬ونحتن ننفتً هتذه المتؤثرات ولكتن نرٌتد أن نثبتت أن‬
‫البالؼة العربٌة السلطانٌّة كانت بارزة فً العصتر األمتوي متع انتقتال الدولتة‬
‫متتن التنظٌمتتات القبلٌتتة إلتتى دولتتة كبتترا ممتتتدة علتتى ؼتترار اإلمبراطورٌتتات‬
‫لنذاك(البٌزنطٌة والفارسٌة) وبخصوصٌة فرضها نظام الخالفة اإلسالمٌة‪.‬‬
‫‪ -‬كانتتت الهجنتتة الثقافٌتتة الكبتترا التتتً حتتدثت فتتً العصتتر العبّاستتً واشتتتراك‬
‫العتترق الفارستتً فتتً الحكتتم ممتتثالً فتتً القتتواد العستتكرٌٌن والتتوزراء تحتتول‬
‫خطٌر جرا فتً العصتر العبّاستً األول‪ ،‬كمتا كانتت اإلٌتدٌولوجٌا الستلطانٌة‬
‫العبّاستتٌة المستتتندة إلتتى إرادة واختٌتتاره فتتً تنصتتٌب الخلٌفتتة أبتتً جعفتتر‬
‫المنصتتور (ستتلطان علتتى أرضتته) وتبرٌتتر شتترعٌة الخلٌفتتة تحتتول لختتر‬
‫خطٌر فً طبٌعة الخطاب السلطانًّ التذي أفترز خطابتات ستلطانٌة مراوؼتة‪.‬‬
‫وٌمثل كتاب"كلٌة ودمنة" التذي فسّتره ابتن المقفتع أنموذجً تا دا ً علتى البالؼتة‬
‫السلطانٌة الجدٌدة المخاتلة؛ فقد اشتمل تفسٌر ابتن المقفتع للكتتاب علتى نستقٌن‬
‫ثقتتافٌٌن متعارضتتٌن؛ النستتق الثقتتافً الظتتاهر التتذي ٌرستتخ القمتتع الستتلطانً‬
‫واحتتترام التراتبٌتتات الطبقٌتتة فتتً حتتٌن ٌفكتتك النستتق البتتاطن إٌدٌولوجٌتتة القتتوة‬
‫وٌحتفً بانتصار العقل الذي ٌمثلته المثقتؾ الستلطانً علتى القتوة التتً ٌمثلهتا‬
‫الحاكم‪ ،‬وذلك فً سٌاق مشروع تأسٌستً أراد متن خاللته ابتن المقفتع إحتداث‬
‫شراكة حقٌقٌة بٌن مؤسستة الستلطة العباّستٌة ممثلتة فتً الخلٌفتة العبّاستً أبتً‬
‫جعفر المنصور ومؤسسة الكتاب السلطانٌٌن بواسطة عقد اجتماعً قتائم بتٌن‬
‫الطتترفٌن؛ وأي ختتروج علتتى هتتذا العقتتد متتن قبتتل الستتلطة السٌاستتٌة ٌعنتتً‬
‫انهٌارها وإقامة (دولة العقل) على أنقاضها‪.‬‬
‫‪ -‬إن خطتتاب ابتتن المقفتتع فتتً تفستتٌره لكتتتاب "كلٌلتتة ودمنتتة" خطتتاب ستتردي‬
‫مخاتل؛ ففً حتٌن ٌفهتم متن التلقتً الظتاهر للكتتاب أنته كتتاب ٌرستخ البالؼتة‬
‫القامعة السلطانٌة فً تثبٌت المراتب واإلبقتاء علٌهتا ٌفكتك ابتن المقفتع رمتوز‬
‫‪048‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬
‫القتتتوة والتتتبطف وٌحٌلهتتتا إلتتتى نهاٌتتتات منتتتدحرة حتتتٌن تنتصتتتر رمتتتوز العقتتتل‬
‫والحكمتتتة(ابن لوا‪ ،‬الحمامتتتة المطوقتتتة‪ ،‬القتتترد) علتتتى رمتتتوز القوة(األستتتد‪،‬‬
‫الفٌل)؛ أي أن تفسٌر ابن المقفع لهذا الكتاب ٌحتوي خطتابٌن متعارضتٌن ممتا‬
‫ٌشتتكل مفارقتتة كبتترا ن ّبتته إلٌهتتا ابتتن المقفتتع عنتتدما أشتتار فتتً بتتاب( عتترض‬
‫الكتاب) إلى قتراءة الظتاهر وقتراءة الباطن(التتدبخر)‪ .‬وقتد عضتد حجتاج القتوة‬
‫والحٌلة فً "كلٌلة ودمنة" هذا الخطاب السردي المخاتل القائم علتى تعتارض‬
‫نسقٌن‪.‬‬
‫كتتان كتاب"كلٌلتتة ودمنتتة" ببالؼتتته المراوؼتتة نوعً تتا ستتردًٌا مؤسسً تتا للحكاٌتتة‬ ‫‪-‬‬
‫الوعظٌتتة (األلٌجورٌتتة) فتتً العصتتر العبّاستتً‪ .‬وقتتد لجتتأت بعتتض جماعتتات‬
‫المعارضة للحكم العبّاسً لنذاك كالشٌعة بفرقها المختلفة وجماعات الصتوفٌة‬
‫إلى جانب بعض الجماعتات اإلثنٌتة مثتل (الكتتاب الفترس) إلتى هتذا الخطتاب‬
‫نظ تر ابتتن وهتتب الكاتتتب‬ ‫الستترديّ الرمتتزيّ القتتائم علتتى بالؼتتة البتتاطن‪ .‬كمتتا ّ‬
‫الشتتٌعًّ بكتابتته"البرهان فتتً وجتتوه البٌتتان" لبالؼتتة التقٌتتة المتوستتلة بتتالرمز‬
‫واإلٌحتتاء والتعتترٌض‪ .‬واستتتثمرت جماعتتة (إختتوان الصتتفاء وختتالن الوفتتاء)‪،‬‬
‫الجماعة الفلسفٌة الباطنٌة السرٌة التً ظهرت فً القرن الخامس للهجرة هتذا‬
‫الخطاب فً رسائلها وبخاصة (رسالة الحٌوان)‪.‬‬
‫إن ابتتن المقفتتع التتذي عتتاف عهتتدٌن أواختتر عصتتر الدولتتة األموٌتتة وبتتداٌات‬ ‫‪-‬‬
‫تأسٌس دولة بنً العبّاس كان منتصرً ا للمؤثر الفارسًّ الساسانًّ وناقالً أمٌ ًنتا‬
‫لتقالٌتتده الكتابٌتتة واإلبداعٌتتة فتتً عصتتر الهجنتتة الثقافٌتتة الجدٌتتدة الحادثتتة فتتً‬
‫المجتمع العبّاسً الصاعد لنذاك‪ .‬وقد اهتمت نصتو ابتن المقفتع وترجماتته‬
‫بتركٌب النمتوذج السٌاستًّ الفارستًّ الساستانًّ وبنائته بوصتفه نموذجً تا كونًٌتا‬
‫صالحً ا لالقتداء‪ .‬وأؼفلت كتب ابن المقفتع ورستائله اإلشتارة إلتى المرجعٌتات‬
‫العربٌّة واإلسالمٌّة إؼفا ً مطل ًقا فً مقابل ذكره لبعض المرجعٌات الفارستٌة‬
‫من أقتوال حكمتاء الفترس وملتوكهم‪ ،‬وهتذا ٌجعتل ابتن المقفتع كمتا قتال محمتد‬
‫عابتتد الجتتابري "صتتاحب مشتتروع حضتتاريّ قوامتته إلبتتاس الدولتتة العبّاستتٌة‬
‫الناشتئة لبتاس الدولتة الساستتانٌة"‪ ،‬وهتذه الدولتة ٌجتتب أن ٌحظتى فٌهتا المثقتتؾ‬
‫الفارسًّ بالشراكة مع مؤسسة السلطة العبّاسٌة ممثلة فً الخلٌفة العبّاسً‪.‬‬

‫‪048‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬
‫الإوامش‬

‫ليم محدداتللل وتجلياتللل‪ ،‬ط‪ ،5‬مركتتز‬ ‫لي العربل ّ‬


‫‪ .1‬انظتتر محمتتد عابتتد الجتتابري‪ ،‬العقللل السياسل ّ‬
‫دراسات الوحدة العربٌّة‪ ،‬بٌروت‪.338 ،2004 ،‬‬
‫‪ .2‬أطلقت لن مبتون ‪ A.K.S Lambton‬علتى هتذه المؤلفتات استم (مرايلا األملراء) ‪The‬‬
‫السياسي عند المسلمين"‪،‬‬‫ّ‬ ‫‪ Mirrors of Princes‬انظر أ‪.‬ك‪.‬إس مبتون‪"،‬الفكر‬
‫‪ 102‬فتتً حستتٌن نافعتتة وكلٌفتتورد بتتوزورث فتتً تللراا اإلسللالم‪ ،‬ترجمتتة حستتٌن متتؤنس‬
‫وإحستتان صتتدقً العمتتد‪ ،‬مراجعتتة فتتؤاد زكرٌتتا‪ ،‬سلستتلة عتتالم المعرفتتة‪ ،‬الكوٌتتت‪1978 ،‬‬
‫‪.102‬‬ ‫‪،‬ج‪،2‬‬
‫‪ .218‬وجاء‬ ‫كليلة ودِمنة‪ ،‬تحقٌق فوزي عطوي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار صعب‪ ،‬بٌروت‪1980 ،‬م‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫فً تحقٌق لوٌس شٌخو لهذا الباب " قال الفٌلسوؾ للملك إن الو ة فً قلة تعاهدهم الرعٌة فً‬
‫هذا وأشباهه الٌوم أسوأ تدبٌرً ا نتقال الناس من بعض المنازل إلى بعض وتركهم منهتا متا قتد‬
‫لزموه وجرت لهم المعتاٌف فٌته متن قبتل الملتوك والتمتاس أهتل الطبقتة الستفلى مراتتب الطبقتة‬
‫العالٌة وانتشار األمور وفساد األدب ومنازعة اللئٌم للكرٌم ثتم األشتٌاء تجتري علتى مثتال ذلتك‬
‫حتى تنتهً إلى الخطر العظٌم الجسٌم من مزاحمة الملك فً ملكه ومضادته فٌه"‪ ،‬انظر كتاب‬
‫كليلللة ودمنللةم تحقٌتتق األب لتتوٌس شتتٌخو الٌستتوعً‪ ،‬المطبعتتة الكاثولٌكٌتتة‪ ،‬بٌتتروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪،‬‬
‫‪.248‬‬
‫‪ .4‬األليجوريللا )‪ )Allegory‬عرّفهتتا معجتتم أوكستتفورد بأنها"قصتتة رمزٌتتة تحمتتل فتتً ثناٌاهتتا‬
‫معنى أخالقًٌا ؼٌر معناها الظتاهر"‪ .‬انظتر معجتم أوكستفورد‪The Oxford English-‬‬
‫‪Arabic‬‬ ‫‪Dictionary‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪Current‬‬ ‫‪Usage,‬‬ ‫‪Edited‬‬ ‫‪by‬‬
‫‪N.S.Doniach,London Press,1983‬‬
‫إن بالؼتتة األلٌجورٌتتا قائمتتة علتتى التمثتتٌالت الرمزٌتتة‪ ،‬وهتتذا ٌعطٌهتتا قتتوة ترمٌزٌتتة كبٌتترة أكثتتر متتن‬
‫الخطاب السردي المباشر وبالؼتها قائمة فً األصل على ا ستعارات الرمزٌة ‪ metaphors‬لخلتق‬
‫المفارقات بٌن خطاب الظتاهر والبتاطن‪ .‬انظتر ‪http://en.wikipedia.org/wiki/Allegory‬‬
‫‪ .3/17/2013.‬وقتتد ع ّرفهتتا إحستتان عبّتتاس بأنتته "مهمتتا تتعتتدد معانٌهتتا فننهتتا تعنتتً تمثتتٌالً أدبًٌتتا أو‬
‫تصتتوٌرًٌا أو درام ًٌتتا ذا ظتتاهر ٌحمتتل معنتتى أعمتتق‪ ،‬وكثٌتترً ا متتا تكتتون أمثولتتة أخالقٌتتة‪ ،‬ومتتن أبستتط‬
‫صورها الخرافات المحكٌة على ألسنة الحٌوانات"‪ .‬انظر عبدالحميد بن يحيت الكاتب وما تبقت من‬
‫رسا لل ورسا ل سالم أبي العالء‪ ،‬دراسة وإعداد إحسان عبّاس‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الشروق‪ ،‬عمّان‪،1988 ،‬‬
‫‪.165‬‬
‫‪ .5‬انظر األسفار الخمسة أو البنجلاتنترا‪ ،‬ترجمتة عبدالحمٌتد ٌتونس‪ ،‬ط‪ ،1‬الهٌئتة المصترٌة‬
‫‪255‬م‪270‬؛ محمتتتد رجتتتب النجتتتار‪ ،‬التلللراا‬ ‫العامتتتة للكتتتتاب‪ ،‬القتتتاهرة‪،1980 ،‬‬
‫العربي(مقاربلات سوسيو_سلردية)م ط‪ ،1‬منشتورات ذات السالستل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫القصصي في األدب‬
‫ّ‬
‫‪111‬م‪(، 116‬عروبة الكتاب أو معضلة ا نتماء والتألٌؾ)‪.‬‬ ‫الكوٌت ‪، 1995 ،‬‬
‫‪ .6‬انظر مجدي محمد شتمس التدٌن إبتراهٌم‪ ،‬كليللة ودمنلة بلين األصلول القديملة والمحاكلا‬
‫الشرقية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر العربً‪ ،‬القاهرة‪1986 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬انظر كليلة ودمنةم نقلل ملن الفإلويلة عبلدهللا بلن المقفلعم تحقٌتق عبتدالوهاّب عت ّزام‪،‬‬
‫‪.21‬‬ ‫تعلٌق طه حسٌن‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المعارؾ‪ ،‬القاهرة‪،1941 ،‬‬
‫‪.49‬‬ ‫‪ .8‬من حديا الشعر والنثر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المعارؾ بمصر‪ ،‬القاهرة‪1969 ،‬م‪،‬‬

‫‪041‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬

‫صدرت النسخة الفرنسٌّة سنة ‪2003‬م أمّا الترجمة العربٌّة فقد صدرت عن دار الستاقً‪،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫بٌروت‪2008،‬م‪ ،‬ترجمة جمال شحٌّد ومراجعة مروان الداٌة‪.‬‬
‫‪.42‬‬ ‫المرجع السابق‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫انظر في داللية القصص وشعرية السرد‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اآلداب‪ ،‬بٌروت‪،1991 ،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫‪15‬م‪(81‬من أجل علم د لة عربًّ )‪.‬‬
‫ٌقول الجاحظ فً "البيان والتبيين" " وقد ٌجب أن نذكرَ بعض ما انتهى إلٌنا من كالم‬ ‫‪.12‬‬
‫ُخلفائنا من َولَد العبّاس‪ ،‬ولو أن دولتهم عجمٌّة ُخراسانٌة‪ ،‬ودولة بنً َم ْ روان عربٌّة‬
‫أعرابٌّة وفً أجناد شامٌّة"‪ ،‬انظر الجاحظ‪ ،‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقٌق وشرح عبدالسالم‬
‫محمد هارون‪ ،‬دار الجٌل‪ ،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪،‬ج‪.366 ،3‬‬
‫جابر عصفور‪" ،‬تحول النموذج األصلي للشاعر" ‪ ،‬مجلة العربً‪ ،‬الكوٌت‪ ،‬العدد ‪،231‬‬ ‫‪.13‬‬
‫‪.73‬‬ ‫أكتوبر ‪،1994‬‬
‫اإلسالميم ط‪ ،7‬دار المعارؾ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫انظر شوقً ضٌؾم العصر‬ ‫‪.14‬‬
‫ديوان الراعي النميريم تحقٌق فاٌبرت(‪ ،) weipert‬طبعة المعهد األلمانً لببحاث‬ ‫‪.15‬‬
‫الشرقٌة‪ ،‬بٌروت‪63 ، 1980،‬؛ نقال ًمن كتاب مبروك المناعًم الشعر والمالم بحث‬
‫فً للٌات اإلبداع الشعري عند العرب من الجاهلٌة إلى نهاٌة القرن الثالث للهجرة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫منشورات كلٌة اآلداب‪ ،‬م ّنوبة‪(،1998 ،‬سلسلة اآلداب)‪.101 ،‬‬
‫العاملي‪ ،‬تحقٌق حسن محمد نور الدٌن‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ديوان عدي بن الرقاع‬ ‫‪.16‬‬
‫‪ 82‬م‪. 83‬‬ ‫بٌروت‪، 1990 ،‬‬
‫‪73‬م‪. 74‬‬ ‫تحول النموذج األصلي للشاعر‪،‬‬‫جابر عصفورم ّ‬ ‫‪.17‬‬
‫المرجع السابق‪.75 ،‬‬ ‫‪.18‬‬
‫انظر عبدالعزٌز الدوري‪ ،‬العصر الع ّباسي األولم دراسة في التاريخ السياسي واإلداري‬ ‫‪.19‬‬
‫والماليم ط‪ ،3‬دار الطلٌعة ‪ ،‬بٌروت‪".1997،‬معنى ا نتقال من األموٌٌن إلى العبّاسٌٌن"‪،‬‬
‫‪36‬م‪.41‬‬
‫انظر الجهشٌاري‪ ،‬الوزراء والكتاب‪ ،‬تحقٌق إبراهٌم صالم‪ ،‬ط‪ ،1‬هٌئة أبوظبً للثقافة‬ ‫‪.20‬‬
‫والتراث‪ ،‬المجمع الثقافً ‪ ،‬أبوظبًم ‪1430‬هـ‪2009 /‬م‪ .‬تأمل أسماء الكتاب العرب‬
‫الواردة فٌه عبٌد بن أوس الؽسانً‪ ،‬عمرو بن سعٌد بن العا ‪ ،‬عبد الحمٌري‪،‬‬
‫قبٌصة بن ذؤٌب بن حلحلة الخزاعً‪ ،‬ربٌعة الجرشً‪ ،‬القعقاع بن ُخلٌد العبسً‪ ،‬سلٌمان‬
‫الحمٌري وؼٌرهم‪.‬‬
‫‪.74‬‬ ‫جابر عصفور‪ ،‬تحول النموذج األصلي للشاعر‪،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫تدفقت الكتب التً حملت اسم صناعة الكتابة وأدب الكاتب فً العصر العبّاسً وما تاله‬ ‫‪.22‬‬
‫من عصور انظر مثالً ابن قتٌبة(ت‪276‬هـ)‪ ،‬أدب الكاتب؛ ابن األثٌر(ت‪637‬هـ)‪ ،‬الجامع‬
‫الكبير في صناعة المنظوم من الكالم والمنثور؛ شهاب الدٌن محمود الحلبً(ت‪725‬هـ)‪،‬‬
‫حسن التوسل لت صناعة الترسل‪ ،‬عبدالرحمن بن ٌوسؾ بن الصاٌػ(ت‪845‬هـ)‪ ،‬تحفة‬
‫أولي األلباب في صناعة الخط والكتاب‪.‬‬
‫علً أوملٌل‪ ،‬السلطة السياسية والسلطة الثقافية‪ٌ .54 ،‬ذكر أن أول من تقلّد هذه‬ ‫‪.23‬‬
‫الجإشياريم الوزراء والكتاب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرتبة هو الفضل بن سهل وزٌر المأمون ؛انظر‬
‫‪.429‬‬
‫النقديم ط‪ ،1‬مركز البحوث‬‫ّ‬ ‫انظر ألفت كمال الروبًّ ‪ ،‬الموق من القص في تراثنا‬ ‫‪.24‬‬
‫‪42‬م‪.43‬‬ ‫العربٌة للدراسات والتوثٌق والنشر‪ ،‬القاهرة‪،1991 ،‬‬
‫‪047‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬

‫جابر عصفور‪ ،‬مجلة فصولم المجلد الثانً عشر‪ ،‬العدد ‪ ،3‬الهٌئة المصرٌة العامة‬ ‫‪.25‬‬
‫للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬خرٌؾ ‪(1993‬تراثنا النقدي)‪.1 ،‬‬
‫كتاب الصناعتين(الكتابة والشعر)م تحقٌق علً محمد البجاوي‪ ،‬محمد أبوالفضل إبراهٌم‪،‬‬ ‫‪.26‬‬
‫صٌدا‪ ،‬المكتبة العصرٌة بٌروت‪1406،‬هـ‪.136 ،1986/‬‬
‫شرح ديوان الحماسة‪ ،‬نشره أحمد أمٌن وعبدالسالم هارون‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الجٌل ‪،‬‬ ‫‪.27‬‬
‫بٌروت‪1411،‬هـ‪ ،1991/‬المجلد األول‪.16 ،‬‬
‫كمال عبداللطٌؾ‪ ،‬في تشريي أصول االستبدادم قراءة فً نظام اآلداب السلطانٌة‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.28‬‬
‫‪.52‬‬ ‫دار الطلٌعة‪ ،‬بٌروت‪،1999 ،‬‬
‫‪.101‬‬ ‫مبتون‪ ،‬الفكر السياسي عن المسلمين‪،‬‬ ‫‪.29‬‬
‫‪.53‬‬ ‫المرجع السابق‪،‬‬ ‫‪.30‬‬
‫انظر إحسان عبّاس ‪ ،‬عبدالحميد بن يحيت الكاتب وما تبقت من رسا لل ورسا ل سالم‬ ‫‪.31‬‬
‫أبي العالء‪.‬‬
‫كمال عبداللطٌؾ‪ ،‬في تشريي أصول االستبداد‪.53 ،‬‬ ‫‪.32‬‬
‫المرجع السابقم ‪. 54‬‬ ‫‪.33‬‬
‫المرجع السابقم الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫‪.34‬‬
‫بن‬ ‫هو أول وزٌر فً عصر الدعوة السرٌة للدولة العبّاسٌة‪ ،‬وهو أبو سَ َ لَمة حف‬ ‫‪.35‬‬
‫سلٌمان مولى بنً الحارث بن كعب‪ ،‬وٌُعرؾ بأبً َسلَمة الخالّل قتله أبو العبّاس السفّاح‬
‫بسبب مراسالته مع العلوٌٌن(ولد علً بن أبً طالب)‪ ،‬وكان قتله سنة اثنتٌن وثالثٌن‬
‫‪.148 ،139‬‬ ‫ومائة‪ .‬انظر الجهشٌاري‪ ،‬الوزراء والكتاب‪،‬‬
‫انظر رضوان السيدم الجماعة والمجتمع والدولة سلطة اإلٌدٌولوجٌات فً المجال‬ ‫‪.63‬‬
‫السٌاسًّ العربً اإلسالمًم ط‪2‬م دار الكتاب العربيم بيروتم ‪8221‬هـ‪2002/‬م" الكاتب‬
‫والسلطانم دراسة في ظإور كاتب الديوان في الدولة اإلسالم ّية"مص ص ‪.831_826‬‬
‫لم ٌكن سهل بن هارون وزٌرً ا‪ ،‬وإنما كان قٌمًا على بٌت الحكمة فً خالفة المأمون‬ ‫‪.37‬‬
‫العبّاسً‪.‬‬
‫نستثنً قتل صالم بن عبدالرحمن كاتب الخلٌفة األمويّ ٌزٌد بن عبدالملك عندما قتله‬ ‫‪.38‬‬
‫عمر بن هُبٌرة عامل الخلٌفة على العراق‪ ،‬وذلك خو ًفا من حظوته ومكانته الكبٌرة عند‬
‫الخلٌفة‪ ،‬وٌالحظ أن القاتل هو عامل الخلٌفة ؛ إذ لم ٌصدر أي خلٌفة أموي أمرً ا بقتل أي‬
‫كاتب دٌوانً بخالؾ ا ؼتٌا ت الكبرا فً عهد الدولة العبّاسٌة‪ .‬انظر كتاب الوزراء‬
‫‪103‬م‪.104‬‬ ‫والكتاب‪،‬‬
‫روٌدة رفقةم (الكاتب في حضر الخليفة)‪ ،‬مجلة الفكر العربي المعاصرم بيروتم العدد‬ ‫‪.63‬‬
‫األولم أيارم ‪ 8310‬م ص‪.808‬‬
‫رضوان السٌد‪ ،‬الجماعة والمجتمع والدولةم ص ‪.83‬‬ ‫‪.40‬‬
‫إحسان عبّاس‪ ،‬عبدالحميد بن يحيت الكاتب وماتبقت من رسا لل ورسا ل سالم أبي‬ ‫‪.41‬‬
‫‪28‬م‪.30‬‬ ‫العالء‪،‬‬
‫‪30‬م‪.31‬‬ ‫المصدر السابقم‬ ‫‪.42‬‬
‫إحسان عبّاس‪ ،‬مالمي يونانية في األدب العربي‪ ،‬ط‪ ،2‬المؤسسة العربٌة للدراسات‬ ‫‪.43‬‬
‫‪. 12‬‬ ‫والنشر‪ ،‬بٌروت‪،1993،‬‬
‫‪138‬م‪.139‬‬ ‫المرجع السابق‪،‬‬ ‫‪.44‬‬
‫‪128‬؛ شوقي ضي م الفن ومذاهبل في‬ ‫رضوان السٌد‪ ،‬الجماعة والمجتمع والدولة‪،‬‬ ‫‪.45‬‬
‫‪081‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬

‫النثر العربي‪ ،‬ط‪80‬م دار المعار م القاهر م د‪.‬ت‪.‬ن مص ‪.820‬‬


‫‪.179‬‬ ‫الثعالبً‪ ،‬ثمار القلوب‪ ،‬تحقٌق محمد أبوالفضل إبراهٌم‪ ،‬القاهرة‪.1965،‬‬ ‫‪.46‬‬
‫‪.55‬‬ ‫إحسان عبّاس‪ ،‬عبدالحميد بن يحيت الكاتب‪،‬‬ ‫‪.47‬‬
‫الذهبً‪ ،‬تاريخ اإلسالم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬نشر القدسً‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ن م‪.270 ،5‬‬ ‫‪.48‬‬
‫إحسان عباّس ‪ ،‬عبدالحميد الكاتب‪. 63 ،‬‬ ‫‪.49‬‬
‫انظر الحكاٌة فً الجإشياريم الوزراء والكتاب‪131 ،‬م‪.132‬‬ ‫‪.50‬‬
‫‪.132‬‬ ‫انظر الحكاٌة فً المصدر السابق‪،‬‬ ‫‪.51‬‬
‫رضوان السٌد‪ ،‬الجماعة والمجتمع والدولة‪.127 ،‬‬ ‫‪.52‬‬
‫‪.69‬‬ ‫انظر إحسان عبّاس‪ ،‬عبدالحميد بن يحيت الكاتبم‬ ‫‪.53‬‬
‫المصدر السابق‪.183 ،‬‬ ‫‪.54‬‬
‫‪181‬م‪.182‬‬ ‫انظر الرسالة فً المصدر السابق‪،‬‬ ‫‪.55‬‬
‫المصدر السابق‪.183 ،‬‬ ‫‪.56‬‬
‫‪.285‬‬ ‫المصدر السابقم‬ ‫‪.57‬‬
‫‪.286‬‬ ‫المصدر السابقم‬ ‫‪.58‬‬
‫‪.286‬‬ ‫المصدر السابقم‬ ‫‪.59‬‬
‫الطبري‪ ،‬تاريخ الطبري‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الكتب العلمٌة‪ ،‬بٌروت‪2005 ،‬م‪ ،‬المجلد الرابع‪،‬‬ ‫‪.60‬‬
‫‪.218‬‬
‫دفع ابن المقفع حٌاته ثمًنا لهذه المفارقة التً صنعت الكتابة ووضعٌة الكاتب فهً فً‬ ‫‪.61‬‬
‫درجة من درجاتها وظٌفة سٌاسٌة‪ ،‬ولكن صاحبها من جهة أخرا "خدٌم"‪ .‬وكثٌرً ا مانصم‬
‫ابن المقفع الكاتب بأ ٌنسى أن النفوذ السٌاسً الذي قد ٌصل إلٌه ٌنبؽً أ ٌنسٌه أنه‬
‫‪.69‬‬ ‫مهما بلػ مجرد خدٌم" انظر علً أوملٌل‪ ،‬السلطة الثقافٌة والسلطة السٌاسٌة‪،‬‬
‫تأثر العهد باآلداب‬ ‫‪ّ ،103‬‬ ‫بٌّنت إ‪.‬ك‪.‬س مبتون‪( ،‬الفكر السياسي عند المسلمين)‪،‬‬ ‫‪.62‬‬
‫الساسانٌّة واألخالق العربٌّة وبفكرة أرسطو فً الوسط(القصد)‪ ،‬وإن كنا نرا أن مفهوم‬
‫الوسطٌة والقصد مفهوم إسالمً أصٌل‪.‬‬
‫انظر العهد فً عإد أردشيرم تحقٌق وتقدٌم إحسان عبّاس‪ ،‬ط‪ ،1‬دار صادر‪ ،‬بٌروت‪،‬‬ ‫‪.63‬‬
‫‪215‬م‪.268‬‬ ‫‪1387‬هـ‪.1967/‬‬
‫إحسان عباّس‪ ،‬عبدالحميد الكاتب‪.92 ،‬‬ ‫‪.64‬‬
‫‪.93‬‬ ‫المصدر السابق‪،‬‬ ‫‪.65‬‬
‫‪ٌ .99‬را طه حسٌن أن عبدالحمٌد الكاتب فً هذه الرسالة كان‬ ‫المصدر السابق‪،‬‬ ‫‪.66‬‬
‫متأثرً ا بالنثر الٌونانً‪ ،‬والدلٌل على ذلك أسلوبً وهو كثرة استعمال الحال على ما هو‬
‫مألوؾ فً اللسان الٌونانً‪ ،‬وأن المؤثر الٌونانً هو المؤثر الؽالب فً هذه‬
‫الرسالة(العهد)‪.‬انظر من حديا الشعر والنثر‪ .44 ،‬ونرا أن العهد لم ٌكن متأثرً ا‬
‫فقط بالمؤثر الٌونانً السٌاسًّ‪ ،‬وإ ّنما امتزجت فٌه مصادر عربٌة ومصادر فارسٌّة‬
‫وٌونانٌّة كما بٌّن إحسان عبّاس‪ ،‬ونتفق معه فٌما أورده‪.‬‬
‫‪.116‬‬ ‫شوقً ضٌؾ‪ ،‬الفن ومذاهبل في النثر العربي‪،‬‬ ‫‪.67‬‬
‫رضوان السٌد‪ "،‬الكاتب والسلطانم دراسة في ظإور كاتب الديوان في الدولة‬ ‫‪.68‬‬
‫اإلسالمية" في الجماعة والمجتمع والدولة‪.130 ،‬‬
‫‪(.222‬عهد مروان إلى ابنه عبٌد ‪ ،‬ولً العهد)‪.‬‬ ‫رسا ل عبدالحميد بن يحيت الكاتب‪،‬‬ ‫‪.69‬‬
‫كتاب التنبيل واإلشرا م ط‪ ،1‬مكتبة خٌّاط‪ ،‬بٌروت‪.179 ،106 ،1965 ،‬‬ ‫‪.70‬‬
‫‪080‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬

‫إحسان عبّاس‪ ،‬عإد أردشير‪. 10 ،‬‬ ‫‪.71‬‬


‫المصدر السابق‪ ،‬الفقرة ‪53 ،4‬‬ ‫‪.72‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬الفقرة ‪62 13‬م‪.63‬‬ ‫‪.73‬‬
‫رسالة ذم أخالق الكتاب فً رسا ل الجاحظ‪ ،‬تحقٌق وشرح عبدالسالم محمد هارون‪،‬‬ ‫‪.74‬‬
‫ط‪ ،1‬مكتبة الخانجً‪ ،‬القاهرة‪ 1399،‬هـ‪1979 /‬م‪ ،‬ج‪ .191 ،2‬وقد بٌّن إحسان عبّاس‬
‫أن مؤلؾ كتاب"الؽرة"‪ ،‬وهو مؤلؾ مجهول لم ٌتجاوز العقد الثانً من القرن الرابع‬
‫‪.36‬‬ ‫للهجرة أورد العهد فً صورته الكاملة فً كتابه‪ٌُ ،‬نظر عهد أردشٌر‪،‬‬
‫انظر عإد أردشير‪.‬‬ ‫‪.21‬‬
‫‪.533‬‬ ‫تاريخ الطبري‪ ،‬المجلد الرابع‪،‬‬ ‫‪.76‬‬
‫انظر ‪:‬الجإشياريم الوزراء والكتاب‪ ،‬ص ‪.831‬‬ ‫‪.22‬‬
‫ابن النديمم الفإرستم تحقيق‪ :‬يوس علي طويلم ط‪6‬م دار الكتب العلميةم بيروتم‬ ‫‪.21‬‬
‫‪2080‬م ص‪.830‬‬
‫‪ .190‬معنى اآلٌٌن النظم والعادات والعرؾ والشرائع‪ ،‬فالكتاب‬ ‫كتاب الفإرست‪،‬‬ ‫‪.79‬‬
‫وصؾ لنظم الفرس وتقالٌدهم وعرفهم‪ .‬وقد ذكر المسعودي أنه كتاب كبٌر ٌقع فً ل ؾ‬
‫الصفحات‪ .‬انظر أحمد أمٌن‪ ،‬ضحت اإلسالم‪ ،‬ج‪ ،1‬المكتبة العصرٌة‪ ،‬بٌروت‪،‬‬
‫صٌدا‪1429،،‬هـ‪ ،2008‬ج‪.143 ،1‬‬
‫عن كتب األمان فً العصر العباّسً األول ٌُنظر حسٌن بٌوض‪ ،‬الرسا ل السياس ّية في‬ ‫‪.80‬‬
‫‪101‬م‪.122‬‬ ‫العصر الع ّباسي األول‪ ،‬ط‪ ،1‬وزارة الثقافة السورٌة‪،‬دمشق‪،1996 ،‬‬
‫‪166‬م‪.167‬‬ ‫الوزراء والكتابم‬ ‫‪.81‬‬
‫‪.168‬‬ ‫المصدر السابق‪،‬‬ ‫‪.82‬‬
‫‪.170‬‬ ‫المصدر السابقم‬ ‫‪.83‬‬
‫المصدر السابق‪.170 ،‬‬ ‫‪.84‬‬
‫أكدت أ‪.‬ك‪.‬إس مبتون أن النموذج المثالً الذي أراد ابن المقفع ترسٌخه للحكومة‬ ‫‪.85‬‬
‫اإلسالمٌة العباسٌة الجدٌدة هو أنموذج الملكٌة الساسانٌة الذي ٌضمن استقرار الحكم‬
‫وضمان بقاء المراتب والطبقات كما هً دون تؽٌٌر‪ ،‬انظر ‪Theory and practice‬‬
‫‪in Medieval Persian Government,Variorum,London,1980,p422.‬‬
‫‪.42‬‬ ‫أوملٌل‪ ،‬السلطة الثقافية والسلطة السياسية‪،‬‬ ‫‪.86‬‬
‫األدب الصثير واألدب الكبير ورسالة الصحابةم تحقٌق ٌوسؾ أبوحلقة‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات‬ ‫‪.87‬‬
‫‪.213‬‬ ‫مكتبة البٌان‪ ،‬بٌروت‪،1964 ،‬‬
‫‪.189‬‬ ‫المصدر السابقم‬ ‫‪.88‬‬
‫‪190‬م‪.191‬‬ ‫المصدر السابق‪،‬‬ ‫‪.89‬‬
‫جابر عصفورم (تحول النموذج األصلي للشاعر)‪.75 ،‬‬ ‫‪.90‬‬
‫ُنسِ بَ هذا الكتاب خطأ إلى قدامة بن جعفر تحت اسم "نقد النثر"‪ .‬وقد بٌن محققا الكتاب‬ ‫‪.91‬‬
‫أحمد مطلوب وخدٌجة الحدٌثً أن الكتاب لٌس لقدامة بن جعفر‪ ،‬وإنما لوهب الكاتب‬
‫الشٌعً واسمه"البرهان في وجوه البيان"‪ ،‬انظر البرهان في وجوه البيان‪ ،‬تحقٌق‬
‫أحمد مطلوب وخدٌجة الحدٌثً‪ ،‬ط‪ ،1‬جامعة بؽداد‪1387 ،‬هـ‪1967/‬م‪ ،‬مقدمة التحقٌق‪.‬‬
‫‪51‬م‪.52‬‬ ‫البرهان في وجوه البيان‪،‬‬ ‫‪.92‬‬
‫المصدر السابق‪.60 ،‬‬ ‫‪.93‬‬
‫‪256‬‬ ‫المصدر السابق‪،‬‬ ‫‪.94‬‬
‫‪084‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬

‫‪. 264‬‬ ‫‪ .95‬المصدر السابق‪،‬‬


‫‪ .96‬حمادي صمود‪ ،‬التفكير البالغي عند العربم أسسل وتطوره لت القرن السادسم‬
‫مشروع قراء ‪ ،‬ط‪ ،2‬منشورات كلٌة اآلداب بم ّنوبة‪ ،‬تونس‪1994 ،‬م‪،‬‬
‫‪181‬م‪ .182‬للجاحظ رسالة اسمها" تفضيل النطق علت الصمت"‪ ،‬انظر رسا ل‬
‫الجاحظم تحقٌق وشرح عبدالسالم محمد هارون‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الخانجً بمصر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪229‬م‪.230‬‬ ‫‪1399‬هـ‪1979 /‬م‪ ،‬القسم الثانً‪،‬‬
‫‪ .97‬جابر عصفور‪ "،‬بالغة المقموعين"‪ ،‬مجلة ألؾ‪ ،‬الجامعة األمرٌكٌة ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد ‪،12‬‬
‫‪1993‬م‪( ،‬عدد خا عن المجاز والتمثٌل فً العصور الوسطى)‪ .14 ،‬انظر تنظٌر‬
‫الشرٌؾ المرتضى للتقٌة فً رسالته(مسألة في العمل مع السلطان)‪ .‬انظر "مسألة في‬
‫العمل مع السلطان"م الشرٌؾ الرضً‪ ،‬نشر وتقدٌم ولفرٌد مادلونػ‪ ،‬ترجمة رضوان‬
‫السٌد‪ ،‬مجلة‪ .‬الفكر العربًّ‪ ،‬تشرٌن األول‪ ،‬العدد ‪ ،23‬السنة الثالثة‪ ،‬بٌروت مجلة اإلنماء‬
‫العربً والعلوم اإلنسانٌة‪ ،‬تشرٌن األول(أكتوبر) تشرٌن الثانً(نوفمبر)‪.1981 ،‬‬
‫‪208‬م‪ .214‬وعن التقٌة عند الشٌعة انظر سامً مكارم‪ ،‬التقية في اإلسالم‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫مؤسسة التراث الدرزي‪ ،‬لندن‪2004 ،‬م ‪ ،‬وعن بالؼة الشٌعة العرفانٌة انظر محمد عابد‬
‫الجابري‪ ،‬بنية العقل العربيم ط‪ ،6‬مركز دراسات الوحدة العربٌة‪ ،‬بٌروت‪،2000،‬‬
‫‪251‬م‪( ، 371‬العرفان)‪.‬‬
‫‪ .98‬انظر على سبٌل المثال رسا ل خوان الصفاء وخالن الوفاء‪ ،‬تحقٌق بطرس البستانً‪،‬‬
‫‪189‬م‪( ،190‬فصل في‬ ‫ط‪ ،1‬دار صادر‪ ،‬بٌروت‪2008 ،‬م‪ ،‬المجلد الرابع‪،‬‬
‫مخاطبة الملوك والسالطين)‪.‬‬
‫‪ .99‬انظر مقدمة المحقق بطرس البستاني لكتاب رسا ل خوان الصفاء وخالن الوفاء‪،‬‬
‫المجلد األول‪.5 ،‬‬
‫‪ .100‬التوحٌدي‪ ،‬كتاب اإلمتاع والمؤانسة‪ ،‬تحقٌق أحمد أمٌن وأحمد الزٌن‪،‬ط‪ ،1‬منشورات‬
‫‪5‬‬ ‫الشرٌؾ الرضً‪ ،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪،‬ج‪،2‬‬
‫‪41‬م‪.60‬‬ ‫‪ .101‬رسا ل خوان الصفاء وخالن الوفاء‪ ،‬المجلد الرابع‪،‬‬
‫‪ .102‬محمد عابد الجابري‪ ،‬المثقفون في الحضار العربيةم محنة ابن حنبل ونكبة ابن‬
‫رشد‪ ،‬ط‪ ،3‬مركز دراسات الوحدة العربٌة‪ ،‬بٌروت‪2008 ،‬م‪.58 ،‬‬
‫‪ .103‬دي بور‪ ،‬تاريخ الفلسفة في اإلسالمم تحقٌق محمد عبدالهادي أبورٌدة‪ ،‬ط‪ ،5‬مكتبة‬
‫‪.113‬‬ ‫النهضة المصرٌة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪،‬‬
‫‪. 58‬‬ ‫‪ .104‬محمد عابد الجابري‪ ،‬المثقفون في الحضار العربيةم‬
‫‪ .105‬أحمد علً زهرة‪ ،‬رسا ل خوان الصفاء ‪ .110‬لقد استفاد إخوان الصفاء من كتاب‬
‫"كلٌلة ودمنة"؛ وهناك تعالق نصً فً رسالة الحٌوانات جاء فٌها ذكر كلٌلة أخ دمنة"وقام‬
‫بعد ذلك زعٌم السباع‪ ،‬وهو كلٌلة أخو دمنة"؛ انظر رسا ل خوان الصفاء وخالن‬
‫الوفاء‪ ،‬المجلد الثانً‪.330 ،‬‬
‫‪ .106‬رسا ل خوان الصفاء وخالن الوفاءم الرسالة الجامعة‪ .‬كان كتاب "كلٌلة ودمنة"‬
‫لتلق تشكٌلً جمالً "بصري" ش ّكلته عشرات المنمنمات اإلسالمٌة على شاكلة‬ ‫ٍ‬ ‫مجا ً‬
‫منمنمات الواسطً لمقامات الحرٌري وقد امت ّد هذا التصوٌر من العصر العبّاسً إلى‬
‫حقبة التصوٌر الفارسًّ فً عهد اإلٌلخانات المؽول من القرن الثالث عشر إلى القرن‬
‫الفارسي والتركي ّ ‪ ،‬المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫الرابع عشر المٌالديّ ‪ ،‬انظر ثروت عكاشة‪ ،‬التصوير‬
‫العربٌة للدراسات والنشر والتوزٌع‪ ،‬تارٌخ الفن‪ ،‬الطبعة األولى ‪Bernard .1983 ،‬‬
‫‪088‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬

‫‪OKane,Early Persian Painting,Kalila and Dimna Manuscripts of‬‬


‫‪the Late Fourteenth Century,The American University in Cairo‬‬
‫‪Pres,Egypt,2003,‬‬
‫‪.147‬‬ ‫‪ .107‬كليلة ودمنةم تحقٌق عبدالوهّاب عزام‪" ،‬باب الحمامة المطوّ قة"‪،‬‬
‫‪187‬م‪.188‬‬ ‫‪ .108‬رسا ل خوان الصفاء وخالن الوفاء‪ ،‬المجلد الرابع‪،‬‬
‫‪.301‬‬ ‫‪ .109‬المصدر السابقم المجلد الثانً‪،‬‬
‫‪ .110‬المصدر السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪.377‬‬ ‫‪ .111‬المصدر السابق‪ ،‬المجلد الثانً‪،‬‬
‫‪.41‬‬ ‫‪ .112‬كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام‪،‬‬
‫‪ .113‬المصدر السابق ‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ .114‬المصدر السابق‪.42 ،‬‬
‫‪ .115‬لم ٌح َظ كتاب "كليلة ودمنة" إلى اآلن بدراسة تقارن نسخه الكثٌرة المعروفة حتى‬
‫اآلن‪ ،‬وقد تمنى عبدالوهّاب ع ّزام فً مقدمة تحقٌقه للكتاب أن ُتتاح له فرصة مقاٌسة‬
‫مخطوطات لم ٌطلع علٌها‪ ،‬ولم ٌتمكن لبسؾ من تحقٌق أمنٌته فبقٌت الدراسة المقارنة‬
‫تنتظر من ٌنجزها‪.‬‬
‫‪ .116‬النسق الثقافي من الركائز التً تمٌز مشروع النقد الثقافً عند لٌتف ‪V.Leitch‬؛ إذ‬
‫ٌشتؽل النقد على أنظمة الخطاب الظاهرة والمضمرة فً خطاب واحد للكشؾ عن أنساقه‬
‫الثقافٌة‪ .‬وتشمل النصو على األدب الرسمً أو المعتمد ‪canon‬واألدب ؼٌر الرسمً‬
‫الشعبً)‪ .‬ومن مواصفات الوظٌفة النسقٌة نسقان ٌحدثان معًا وفً لن‪ ،‬فً ن واحد أو‬
‫فً ما هو بحكم الن الواحد‪ .‬وٌكون المضمر منهما نقٌضًا ومضا ًدا للعلنً‪ .‬و بد أن‬
‫ٌكون الن جمٌالً وٌستهلك بوصفه جمٌالً بوصؾ الجمالٌة التً هً أخطر حٌل الثقافة‬
‫جماهٌرًٌا وٌحظى بمقروئٌة عرٌضة‪.‬‬ ‫لتمرٌر أنساقها وإدامتها‪ .‬و بد أن ٌكون الن‬
‫انظر‬
‫‪V.B.Leitch, Cultural Criticism Literary Theory, Post Structuralism,‬‬
‫ّ‬
‫الؽذامً‪ ،‬النقد‬ ‫‪Colombia University Pres, New York, 1992,p3‬؛ انظر عبد‬
‫الثقافيم قراء في األنساق الثقافية العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز الثقافً العربً‪ ،‬بٌروت‪ ،‬الدار‬
‫‪77‬م‪.78‬‬ ‫البٌضاء‪2000،‬م‪،‬‬
‫‪.3‬‬ ‫‪ .117‬كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق عبدالوهاب ع ّزام‪،‬‬
‫‪ .118‬المصدر السابقم تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام‪.4 ،‬‬
‫‪5‬؛ انظر تأوٌل عبدالفتاح كٌلٌطو‬ ‫‪ .119‬المصدر السابقم تحقٌق عبدالوهاب ع ّزام‪،‬‬
‫لمجاز الجوز والكنز فً الحكاية والتأويلم دراسات في السرد العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫‪33‬م‪.34‬‬ ‫توبقال‪ ،‬الدار البٌضاء‪1988 ،‬م‪،‬‬
‫‪ .120‬كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق عبدالوهاّب ع ّزام‪.12 ،‬‬
‫‪ .121‬الحكاية والتأويل‪38 ،‬؛ عبدالفتاح كٌلٌطو فً (زعموا أن مالحظات حول كليلة‬
‫ودمنة بين الرواية والسرد الكالسيكي) فً دراسات فً القصة العربٌة‪ ،‬مؤسسة‬
‫‪.185‬‬ ‫األبحاث العربٌة‪ ،‬بٌروت‪،1986 ،‬‬
‫‪ .822‬محمد رجب النجّارم التراا القصصيم ص ‪.888_880‬‬
‫‪ .18‬وضع بهنود بن سحوان المعروؾ‬ ‫‪ .123‬كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق فوزي عطوي‪،‬‬
‫بعلً بن الشاه الفارسً مقدمة الحكاٌة اإلطارٌة لكتاب "كلٌلة ودِمنة" عن حكاٌة الملك‬
‫‪082‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬

‫الهندي (دبشلٌم) والفٌلسوؾ (بٌدبا)‪ .‬والمعروؾ أنه جاء بعد ابن المقفع فً حٌن نجد فً‬
‫مقدمة كتاب" كلٌلة ودِمنة" من تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام أٌة إشارة إلى هذه الحكاٌة‬
‫اإلطارٌة رؼم عودته إلى أقدم نسخة مخطوطة ع ٌِرفت حتى اآلن للكتاب‪ .‬أمّا مقدمة علً‬
‫بن الشاه الفارسً كما ٌقول عبدالوهاّب ع ّزام فً مقدمة تحقٌقه"فالرٌب أنها زٌدت على‬
‫خلت منها كثٌر من النسخ‬ ‫ْ‬ ‫بعض النسخ العربٌة بعد ابن المقفع بقرنٌن أو أكثر‪ ،‬وقد‬
‫العربٌة القدٌمة كنسختنا ونسخة شٌخو‪ ،‬كما خلت منها التراجم التً أخذت عن العربٌة‬
‫كلها‪ .‬وٌرا نلدكه أن كاتب هذه المقدمة هو علً بن محمد بن شاه الظاهري من نسل‬
‫الشاه ابن مٌكال المتوفى سنة ‪302‬هـ"‪ ،‬انظر مقدمة تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام لكتاب‬
‫‪.44‬‬ ‫"كلٌلة ودمنة"‪،‬‬
‫‪ .124‬انظر كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق فوزي عطوي‪.‬‬
‫‪.15‬‬ ‫‪ .125‬كليلة ودمنةم تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام‪،‬‬
‫‪ .126‬المصدر السابق ‪23 ،‬‬
‫‪.24‬‬ ‫‪ .127‬المصدر السابقم‬
‫‪.22‬‬ ‫‪ .128‬المصدر السابقم‬
‫‪ .129‬المصدر السابق‪.40 ،‬‬
‫‪ 41‬م‪.42‬‬ ‫‪ .130‬المصدر السابق‪،‬‬
‫‪ .131‬المصدر السابق ‪.24 ،‬‬
‫‪ .132‬المفارقة أن عد ًدا من القدامى قارنوا بٌن سٌرة الطٌبب الفارسً وسٌرة ابن المقفع‪.‬‬
‫‪ .133‬المثل السا ر‪ ،‬تحقٌق أحمد الحوفً وبدوي طبانة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار نهضة مصر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.85‬‬ ‫‪1959‬م‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫‪ .862‬المصدر السابق‪ ،‬الجزء‪ٌ .58 ،2‬قول ابن األثٌر فً المصدر السابق‪ ،‬الصفحة‬
‫نفسها " وأمّا القسم اآلخر الذي هو تشبٌه و استعارة فنن السبب فً استعماله هو طلب‬
‫التوسع ؼٌر‪ .‬وبٌان ذلك أنه قد ثبت أن المجاز فرع عن الحقٌقة‪ ،‬وأن الحقٌقة هً‬
‫األصل‪ ،‬وإنما ٌُعْ دل عن األصل إلى الفرع لسبب اقتضاه‪ ،‬وذلك السبب الذي ٌُعدل فٌه عن‬
‫الحقٌقة إلى المجاز إمّا أن ٌكون لمشاركة بٌن المنقول والمنقول إلٌه فً وصؾ من‬
‫األوصاؾ‪ ،‬وإمّا أن ٌكون لؽٌر مشاركة"‪.‬‬
‫‪ .135‬أرسطوطالٌس‪ ،‬فن الشعرم ترجمة وتحقٌق عبدالرحمن بدوي‪،‬ط‪ ،1‬مكتبة النهضة‬
‫‪.182‬‬ ‫المصرٌة‪ ،‬القاهرة‪،1952 ،‬‬
‫‪ .136‬مروج الذهب ومعادن الجوهر‪ ،‬تحقٌق عبداألمٌر علً مهنا‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات‬
‫األعلمً‪ ،‬بٌروت‪1411 ،‬هـ‪1991،‬م‪ ،‬المجلد الثالث‪.310 ،‬‬
‫محمد عبدالقادر الفاضلً‪ ،‬المكتبة‬ ‫‪ .137‬الدمٌري‪ ،‬حيا الحيوان الكبرى‪ ،‬تحقٌق‬
‫‪ .21‬وعن رؤا الحٌوانات فً‬ ‫العصرٌة‪ ،‬صٌدا‪ ،‬بٌروت‪1433/2012 ،‬هـ‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫المنام انظر أنا ّ ماري شٌمل‪ ،‬أحالم الخليفةم األحالم وتعبيرها في الثقافة اإلسالمية‪،‬‬
‫منشورات الجمل ‪ ،‬كولونٌا ألمانٌا‪ ،‬ترجمة حسام الدٌن جمال بدر‪ ،‬محًٌ الدٌن جمال‬
‫بدر‪ ،‬فارس فهمً شومان‪،‬محمد إسماعٌل السٌد‪ ،‬بؽداد ؛ ابن سٌرٌن‪ ،‬تفسير األحالم‬
‫الكبير المنسوب لإلمام محمد بن سيرين‪ ،‬اعتنى به صالم عثمان عبدالحمٌد اللحام‪،‬ط‪،1‬‬
‫دار النفائس‪ ،‬بٌروت‪1424 ،‬هـ‪2003/‬م‪.‬‬
‫‪ .138‬حيا الحيوان الكبرى ‪،‬ج‪.9 ،1‬‬

‫‪085‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬
‫الكعبي‬
‫ّ‬ ‫ضياء عبدهللا خميس‬

‫‪ .139‬المصدر السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪ ،‬ومن نبل األسد وشرفه أنه " ٌشرب من ماء ولػ‬
‫فٌه كلب" ولذلك أشار إلٌه الشاعر بقوله‬
‫وتجتنبُ األسو ُد ورو َد ما ٍء إذا كان الكالبُ ولؽن فٌه‬
‫من ديوان اإلمام الشافعي‪ ،‬تحقٌق سالم شمس الدٌن‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتبة العصرٌة‪ ،‬صٌدا‪ ،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪1430‬هـ‪2009 /‬م‪ ،150 ،‬انظر الدمٌري‪ ،‬حيا الحيوان الكبرى‪،‬ج‪.9 ،1‬‬
‫‪ .140‬ابن الندٌم‪ ،‬كتاب الفإرست‪.296 ،‬‬
‫‪ .141‬انظر رسالة الصاهل والشاحج ألبي العالء المعريم تحقٌق عائشة عبدالرحمن‬
‫(بنت الشاطىء)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المعارؾ‪ ،‬القاهرة‪،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪ .‬تشتمل الرسالة على نقد سٌاسً‬
‫ي‬
‫واجتماعًّ للسلطتٌن السٌاسٌة والدٌنٌة فً عهد أبً العالء المعري‪ .‬وقد تع ّمد المعر ّ‬
‫استخدام التعقٌد اللفظً من الحٌل اللؽوٌة والشعبذات اللفظٌة والتعقٌدات األسلوبٌة بخاصة‬
‫التورٌة وا ستطرادات العلمٌة عن طبائع الحٌوانات كما استخدم السخرٌة والتهكم‪ .‬انظر‬
‫‪.155‬‬ ‫العربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫محمد رجب النجّار‪ ،‬التراا القصصي في األدب‬
‫السياسي في كليلة‬
‫ّ‬ ‫‪ .142‬عن رمزٌة الكتاب ٌُنظر خلٌل أحمد خلٌل‪( ،‬رموز الوعي‬
‫‪11‬م‪ .35‬مجلة دراسات عربٌة‪ ،‬العدد ‪ ،1‬بٌروت‪ ،‬السنة الثامنة عشرة‪،‬‬ ‫ودمنة)م‬
‫‪11‬م‪.35‬‬ ‫تشرٌن الثانًم نوفمبر‪،1981 ،‬‬
‫‪ .143‬كلية ودمنة‪ ،‬تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام‪.228 ،‬‬
‫‪ .144‬المصدر نفسل‪.46 ،‬‬
‫‪ .145‬الدمٌري‪ ،‬حيا الحيوان الكبرى‪ ،‬ج‪.227 ،1‬‬
‫‪.48‬‬ ‫‪ .146‬كليلة ودمنةم تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام‪،‬‬
‫‪.44‬‬ ‫‪ .147‬جابر عصفور‪( ،‬بالغة المقموعين)م‬
‫‪ .148‬اللسان‪ ،‬مادة(حٌل)‪.‬‬
‫‪ .149‬العادل خضر‪ ( ،‬الحيلة في األدب العربي القديم‪:‬دراسة سيموطيقية في بعض العوالم‬
‫العرفانية)‪ ،‬الندوة الدولٌة (قضاٌا المنهج فً الدراسات اللؽوٌة واألدبٌة‪ ،‬النظرٌة‬
‫‪.787‬‬ ‫والتطبٌق)‪ ،‬بحوث محكمة‪21 ،‬م‪1431 3/24‬هـ‪7/‬م‪،2010 3/10‬‬
‫‪ .150‬انظر ابن الندٌم‪ ،‬كتاب الفهرست‪.‬‬
‫‪ .151‬السياسة والحيلة عند العربم رقا ق الحيل في دقا ق الحيل‪ ،‬تحقٌق رٌنٌه خوّ ام‪،‬‬
‫مراجعة نازك ساباٌارد‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الساقً ‪ ،‬بٌروت‪ ،‬لندن‪2010 ،‬م‪ .23 ،.‬وعن الحٌلة‬
‫عند العرب انظر ثابت عٌد‪ ،‬الحيلة في التراا العربي‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1419‬هـ‪.1998/‬‬
‫‪ .152‬ابن مسكوٌه‪ ،‬الحكمة الخالد ‪ ،‬تحقٌق عبدالرحمن بدوي‪ ،‬القاهرة‪.9 ،1952 ،‬‬
‫‪ .153‬انظر كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق فوزي عطوي‪.18 ،‬‬
‫‪18‬م‪.39‬‬ ‫‪ .154‬المصدر السابقم‬
‫‪.3‬‬ ‫‪ .155‬كليلة ودمنةم تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام‪،‬‬
‫‪.17‬‬ ‫‪ .156‬المصدر السابق‪،‬‬
‫‪.19‬‬ ‫‪ .157‬المصدر السابق‪،‬‬
‫‪ .158‬المصدر السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪.48‬‬ ‫‪ .159‬المصدر السابقم‬
‫‪ .160‬المصدر السابق‪.53 ،‬‬
‫‪.50‬‬ ‫‪ .161‬المصدر السابق‪،‬‬
‫‪088‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل ‪ -‬يونيه ‪)4102‬‬
‫السرديات السلطانيّة العربيّة مقاربة تأويليّة ثقافيّة لكتاب "كليلة و ِدمنة"‬

‫‪.814‬‬ ‫‪ .162‬العادل خضر‪ (،‬الحيلة في األدب العربي القديم)م‬


‫‪.58‬‬ ‫‪ .163‬كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق عبدالوهّاب ع ّزام‪،‬‬
‫‪58‬م‪.62‬‬ ‫‪ .164‬المصدر السابق‪،‬‬
‫‪.62‬‬ ‫‪ .165‬المصدر السابق‪،‬‬
‫‪ .166‬المصدر السابق‪.63 ،‬‬
‫‪ .167‬المصدر السابق‪.65 ،‬‬
‫‪.66‬‬ ‫‪ .168‬المصدر السابقم‬
‫‪66‬م‪.67‬‬ ‫‪ .169‬المصدر السابق‪،‬‬
‫‪ .170‬المصدر السابق‪.69 ،‬‬
‫‪.315‬‬ ‫‪ .171‬سامً سوٌدان‪ ،‬في داللية القصص وشعرية السرد‪،‬‬
‫‪ .172‬عبدالف ّتاح كٌلٌطو‪ ،‬الحكاية والتأويل‪.40 ،‬‬
‫‪ 173 .173‬انظر أسفار الحكمة الخمسة؛ محمد رجب النجّار‪ ،‬التراا القصصي(مقاربات‬
‫سوسيو سردية)‪ .‬وٌقول عبدالوهّاب ع ّزام فً مقدمة تحقٌقه لكتاب"كليلة ودمنة"‪،‬‬
‫‪ "48‬ولٌس فً خاتمة باب(األسد والثور) من نسختنا ونسخة شٌخو ما ٌدل على أن‬
‫وراءه بابًا للفح عن أمر دمنة‪ .‬والنسخ األخرا العربٌة المطبوعة والنسخة الفارسٌة‬
‫والسرٌانٌة الحدٌثة تختتم الباب بأن األسد اطلع على كذب دمنة فقتله‪ .‬والظاهر أنه باب‬
‫إسالمً من وضع ابن المقفع لئال ٌنجو دمنة الخائن من العقاب الجدٌر به‪ .‬وفً الباب‬
‫مسحة إسالمٌة و سٌما الكالم على البٌنة‪ .‬وقد جاءت كلمة (اإلسالم ) فً نسختنا"‪.‬‬
‫‪.99‬‬ ‫‪ .174‬كليلة ودمنة‪ ،‬تحقٌق عبدالوهاب ع ّزام‪،‬‬
‫‪ .175‬محمد الطلبة‪ ،‬الحجاج في البالغة المعاصر م بحا في بالغة النقد المعاصر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.197‬‬ ‫دار الكتاب الجدٌد المتحدة‪ ،‬بٌروت‪2008 ،‬م‪،‬‬
‫‪ .176‬حبٌب أعراب‪ ( ،‬الحجاج واالستدالل الحجاجيم عناصر استقصاء نظري)‪ ،‬مجلة‬
‫عالم الفكر‪ ،‬الكوٌت‪ ،‬المجلد الثالث‪ٌ ،‬ولٌو مسبتمبر ‪2001‬م‪.115 ،‬‬
‫‪ .177‬كلية ودمنة‪ ،‬تحقٌق عبدالوهّاب عزام‪.106 ،‬‬
‫‪ .178‬المصدر السابقم ‪.106‬‬
‫‪ .179‬انظر محمد القارصًم ( من مظاهر الحجاج في كليلة ودمنة)م حولٌات الجامعة‬
‫التونسٌة‪ ،‬جامعة اآلداب والعلوم اإلنسانٌة‪ ،‬تونس‪ ،‬العدد ‪.1997 ،41‬‬
‫‪ .810‬فرج بن رمضان‪ " ،‬مكان المعنت وصفاتل في الحكاية المثلية"م حولٌات الجامعة‬
‫التونسٌة(منوبة)‪ ،‬العدد ‪ ،46‬كلٌة اآلداب‪ ،‬تونس‪.309 ،2002 ،‬‬

‫‪088‬‬
‫حوليات آداب عين شمس ‪ -‬المجلد ‪( 24‬إبريل– يونيه ‪)4102‬‬

You might also like