You are on page 1of 17

‫علي بن أبي طالب‬

‫علي بن أبي طالب‬

‫تخطيط اسم علي بن أبي طالب بالخط العربي‬


‫أبو الحسن‪ ،‬أبو تراب‪ ،‬حيدر وحيدرة‪ ،‬أسد هللا‪ ،‬المرتضى‪ ،‬باب مدينة العلم‬
‫(كَّر م هللا‬ ‫في الخطاب العام‪ :‬سِّيُدنا علّي ‪ ،‬أو اإلمام علّي ‪ ،‬ملحوقة بعبارة‬
‫(رضي هللا عنُه)‬ ‫(عليه السالم) أو‬ ‫وجهه) أو‬
‫‪ 13‬رجب ‪ 23‬ق هـ‪ ،‬الموافق ‪ 17‬مارس ‪599‬م‬ ‫الوالدة‬
‫مكة المكرمة‪ ،‬تهامة‪ ،‬شبه الجزيرة العربية‬
‫‪ 21‬رمضان ‪ 40‬هـ‪ ،‬الموافق ‪ 27‬يناير ‪661‬م‬ ‫الوفاة‬
‫دولة الِخ الفة الَّراشدة‬ ‫الكوفة‪ ،‬العراق‪،‬‬

‫المقام الرئيسي‬

‫العراق‬ ‫قصر اإلمارة‪ ،‬الكوفة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫[ ‪]3 []2 []1‬‬


‫(عند السَّنة)‪.‬‬

‫العراق(عند الشيعة)‬ ‫الروضة الحيدرية‪ ،‬النجف‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫(ُم حتمل)‬ ‫أفغانستان‬ ‫المسجد األزرق‪ ،‬مزار شريف‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫النسب‬

‫األب‪ :‬أبو طالب بن عبد المطلب‬ ‫‪‬‬

‫األم‪ :‬فاطمة بنت أسد‬ ‫‪‬‬

‫األشَّقاء‪ :‬طالب بن أبي طالب‬ ‫‪‬‬


‫عقيل بن أبي طالب‬

‫‪1‬‬
‫جعفر بن أبي طالب‬

‫الزوجات‪ :‬فاطمة الزهراء‬ ‫‪‬‬


‫أم البنين‬
‫خولة بنت جعفر الحنفية‬
‫أمامة بنت أبي العاص بن الربيع‬
‫أسماء بنت عميس‬
‫محياة بنت امرئ القيس‬
‫ليلى بنت مسعود‬
‫أم حبيبة بنت ربيعة التغلبية‬
‫أم سعيد بنت عروة الثقفية‬

‫األبناء‪ :‬الحسن بن علي بن أبي طالب‬ ‫‪‬‬


‫الحسين بن علي بن أبي طالب‬
‫المحسن بن علي بن أبي طالب‬
‫العباس بن علي بن أبي طالب‬
‫هالل بن علي بن أبي طالب‬
‫عبد هللا بن علي بن أبي طالب‬
‫جعفر بن علي بن أبي طالب‬
‫عثمان بن علي بن أبي طالب‬
‫عبيد هللا بن علي بن أبي طالب‬
‫أبو بكر بن علي بن أبي طالب‬
‫محمد بن الحنفية‬
‫عمر بن علي بن أبي طالب‬
‫محمد بن أبي بكر (ربيبه)‬

‫البنات‪ :‬زينب بنت علي بن أبي طالب‬ ‫‪‬‬


‫أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب‬
‫رقية بنت علي بن أبي طالب‬
‫رملة بنت علي بن أبي طالب‬

‫أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي الُقرشي (‪ 13‬رجب ‪ 23‬ق هـ‪ 17/‬مارس ‪599‬م ‪ 21 -‬رمضان ‪ 40‬هـ‪27 /‬‬
‫يناير ‪ 661‬م) ابن عم الرسول محمد بن عبد هللا وصهره‪ ،‬من آل بيته‪ ،‬وأحد أصحابه‪ ،‬هو رابع الخلفاء الراشدين عند السنة‬
‫وأحد العشرة المبشرين بالجنة وأّو ل األئّمة عند الشيعة‪.‬‬

‫ولد في مكة وتشير مصادر التاريخ بأن والدته كانت في جوف الكعبة‪ ]4[،‬وُأّمه فاطمة بنت أسد الهاشمّية‪ .‬أسلم قبل الهجرة النبوّية‪،‬‬
‫وهو ثاني أو ثالث الناس دخوال في اإلسالم‪ ،‬وأّو ل من أسلم من الصبيان‪ .‬هاجر إلى المدينة المنورة بعد هجرة الرسول بثالثة أّيام‬
‫وآخاه النبي محمد مع نفسه حين آخى بين المسلمين‪ ،‬وزوجه ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫شارك علي في كل غزوات الرسول عدا غزوة تبوك حيث خّلفه فيها النبي محمد على المدينة‪ ]5[.‬وُعرف بشّدته وبراعته في القتال‬
‫فكان عامًال مهمًا في نصر المسلمين في مختلف المعارك وابرزها غزوة الخندق ومعركة خيبر‪ .‬لقد كان علي موضع ثقة الرسول‬
‫محمد فكان أحد كتاب الوحي وأحد أهمسفرائه ووزرائه‪.‬‬

‫تعد مكانة علي بن أبي طالب وعالقته بأصحاب الرسول موضع خالف تاريخي وعقائدي بين الفرق اإلسالمية المختلفة‪ ،‬فيرى‬
‫بعضهم أن هللا اختاره وصّيًا وإمامًا وخليفًة للمسلمين‪ ،‬وأّن محمدًا قد أعلن ذلك في خطبة الغدير‪ ،‬لذا اعتبروا أّن اختيار أبي‬
‫بكر لخالفة المسلمين كان مخالفًا لتعاليم النبي محمد‪ ،‬كما يرون أّن عالقة بعض الصحابة به كانت متوّت رة‪ .‬وعلى العكس من ذلك‬
‫ينكر بعضهم حدوث مثل هذا التنصيب‪ ،‬ويرون أّن عالقة أصحاب الرسول به كانت جيدة ومستقّر ة‪ .‬وُيعّد اختالف االعتقاد حول‬
‫علي هو السبب األصلي للنزاع بين السنة والشيعة على مدى العصور‪.‬‬

‫بويع بالخالفة سنة ‪ 35‬هـ (‪ 656‬م) بالمدينة المنورة ‪ ،‬وحكم خمس سنوات وثالث أشهر وصفت بعدم االستقرار السياسي‪ ،‬لكنها‬
‫تميزت بتقدم حضاري ملموس خاصة في عاصمة الخالفة الجديدة الكوفة‪ .‬وقعت الكثير من المعارك بسبب الفتن التي تعد‬
‫امتدادا لفتنة مقتل عثمان ‪ ،‬مما أدى لتشتت صف المسلمين وانقسامهم لشيعة علي الخليفة الشرعي‪ ،‬وشيعة عثمان المطالبين بدمه‬
‫على رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي قاتله في صفين‪ ،‬وعائشة بنت أبي بكر ومعها طلحة بن عبيد هللا والزبير بن العوام الذين‬
‫قاتلوه في يوم الجمل بفعل فتنة أحدثها البعض حتى يتحاربوا؛ كما خرج على علي جماعة عرفوا بالخوارج وهزمهم في النهروان‪،‬‬
‫وظهرت جماعات تعاديه وتتبرأ من حكمه وسياسيته سموا بالنواصب ولعل أبرزهم الخوارج‪ .‬واستشهد على يد عبد الرحمن بن‬
‫ملجم في رمضان سنة ‪ 40‬هـ ‪ 661‬م‪.‬‬

‫اشتهر علي عند المسلمين بالفصاحة والحكمة‪ ،‬فينسب له الكثير من األشعار واألقوال المأثورة‪ .‬كما ُيعّد رمزًا للشجاعة والقّو ة‬
‫ويّتصف بالعدل والُز هد حسب الروايات الواردة في كتب الحديث والتاريخ‪ .‬كما ُيعتبر من أكبر علماء في عصره علمًا وفقهًا إْن لم‬
‫يكن أكبرهم على اإلطالق كما يعتقد الشيعة وبعض السنة‪ ،‬بما فيه عدد من الفرق الصوفّية‪.‬‬

‫ميالده ونشأته‬

‫مخطوطة تناظرَّية السم الرسول ُمحَّمد (يمينًا) واإلمام علّي (يسارًا)‪.‬‬

‫هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد‬


‫مناف بن قصي بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة‬
‫بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان‪ .‬ال يعرف يقينا متى ُو لد علي بن أبي طالب‪ ،‬لكن بحسب بعض مصادر التراث مثل‬
‫ما ورد في العمدة‪ 24:‬فإنه ولد بمكة يوم الجمعة الثالث عشر من رجب بعد ثالثين عاًما من عام الفيل‪ ،‬أي الموافق ‪17‬‬
‫مارس ‪ 599‬م أو ‪ 600‬وفقا للموسوعة البريطانية‪ ]6[،‬وتقول مصادر أخرى ‪ 23‬أكتوبر ‪ 598‬م أو ‪ 600‬م‪ ]7[.‬وهو أصغر ولد‬
‫أبيه أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أحد سادات قريش والمسؤول عن السقاية فيها‪ .‬ويرجع نسبه إلى النبي إسماعيل بن إبراهيم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وأمه فاطمة بنت أسد بنهاشم بن عبد مناف‪ ،‬التي قيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي‪ ]8[،‬وكان والدا علي قد كفال محمًد ا حين توفي‬
‫والداه وجده وهو صغير فتربى ونشأ في بيتهما‪.‬‬

‫تضاربت الروايات بأن عليا بن أبي طالب ولد داخل الكعبة‪ ،‬حيث يؤكد الشيعة أنه المولود الوحيد داخل الكعبة وفًقا لروايات تقول‬
‫أن موضًع ا بأحد جدران الكعبة يسمى المستجار قبل الركن اليماني قد انشق لفاطمة بنت أسد حين ضربها الطلق‬
‫فدخلت الكعبة وولدت علي‪ .‬وُذ كر ذلك في المصادر السنية ومنها المستدرك للحاكم النيسابوري فجاء فيه‪:‬‬

‫في جوف الكعبة[‪»]13‬‬ ‫«تواترت األخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‬

‫الكعبة‪ ،‬حيث ولد علي بن أبي طالب وفًقا لبعض الروايات‪.‬‬

‫وتضيف كتب الشيعة أنه عندما وصل خبر دخول فاطمة بنت أسد‬ ‫[‪]14‬‬
‫وورد هذا الخبر في مواضع أخرى من كتب السنة والشيعة‬
‫الكعبة‪ ،‬إلى أبي طالب أقبل هو وجماعة وحاولوا فتح باب الكعبة‪ ،‬حتى تصل النساء إلى فاطمة ليساعدنها على أمر الوالدة‪ ،‬ولكنهم‬
‫لم يستطيعوا فتح الباب‪ ]15[،‬بينما ينكر بعض علماء الدين والمؤرخين السنة هذه الروايات الشيعية‪ ،‬حيث ضعف السيوطي سند رواية‬
‫الحاكم‪ ]16[،‬وضعفها صاحب تهذيب األسماء‪ ]17[،‬والثابت عند بعض أهل السنة هو أن حكيًما بن حزام هو الذي ُو لد في‬
‫جوف الكعبة كما أورد ذلك الحاكم والذهبي وابن حجر وغيرهم‪ ]18[.‬تذكر بعض المصادر أن فاطمة أرادت أن تسميه أسدا أو حيدرة‬
‫تيمنا بأبيها‪ ،‬بينما أراد أبو طالب أن يسميه زيدا‪ ،‬لكن محمدا سماه عليا‪ ]19[،‬وفي مصادر أخرى أن أمه جاءها هاتف يأمرها بتسميته‬
‫[‪]21‬‬
‫وروي أيضا أن والده وجد لوحا مكتوب عليه أبياتا من الشعر في مدح ابنه وتسميه علي‪.‬‬ ‫[‪]20‬‬
‫علي‪.‬‬

‫حين كان علي ما بين الخامسة والسادسة من عمره مرت بمكة سنين عسرة وضيق أّث رت على األحوال االقتصادية في مكة وما‬
‫حولها‪ ،‬وكان ألبي طالب ثالثة أبناء‪ :‬علي وعقيل وجعفر‪ ،‬فذهب إليه الرسول محمد وعمه العباس بن عبد المطلبوعرضا عليه أن‬
‫يأخذ كل منهما ولدا من أبنائه يربيه ويكفله تخفيفا للعبء الذي عليه‪ ،‬فأخذ العباس جعفر وأخذ محمد عليا‪ ،‬فتربى في بيته وكان‬
‫مالزما له أينما ذهب‪ ]23[]22[]6[،‬وتذكر بعض المصادر أنه كان يذهب معه إلى غار حراء للتعبدوالصالة‪ ]25[]24[]22[،‬كما ُيذكر أنه كان‬
‫قبل اإلسالم حنفيا ولم يسجد لصنم قط طيلة حياته‪ ،‬ولهذا يقول المسلمون "كرم هللا وجهه" بعد ذكر اسمه‪ ،‬وقيل ألنه لم ينظر لعورة‬
‫[‪]26‬‬
‫أحد قط‪.‬‬
‫إسالمه‬
‫أسلم علي وهو صغير‪ ،‬بعد أن عرض النبي محمد‪ ،‬اإلسالم على أقاربه من بني هاشم‪ ،‬تنفيذا لما جاء في القرآن‪ .‬وقد ورد في بعض‬
‫المصادر أن محمدا قد جمع أهله وأقاربه على وليمة‪ ،‬وعرض عليهم اإلسالم‪ ،‬وقال أن من يؤمن به سيكون وليه ووصيه وخليفته‬
‫من بعده‪ ،‬فلم يجبه أحد إال عليا‪ .‬سمي هذا الحديث "حديث يوم الدار " أو "إنذار يوم الدار" أو "حديث دعوة العشيرة"‪ ]27[،‬وقد ذكر في‬
‫العديد من الكتب بروايات مختلفة منها ما أورده الطبري في تاريخه‪:‬‬

‫‪َ﴿ :‬و َأنِذ ْر َع ِش يَر َتَك اَأْلْقَر ِبيَن ﴾‪ ،‬دعاني رسول‬ ‫لما نزلت هذه اآلية على رسول هللا‬

‫‪4‬‬
‫فقال لي‪« :‬يا علُّي ‪ ،‬إَّن هللا أَم َر ِني أْن ُأْنِذ ْر َع ِش يَر ِتي األْقَر ِب »‪ ،‬فضقت بذلك‬ ‫هللا‬
‫ذرعا‪ ،‬وعرفت أنى متى أباديهم بهذا األمر أرى منهم ما أكره‪ ،‬فصمُّت حتى جاء جبرئيل‬
‫فقال‪« :‬يا محمد‪ ،‬إنك إال تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك‪ ،‬فاصنع لنا صاعا من طعام‪،‬‬
‫واجعل عليه رجل شاة‪ ،‬وامأل لنا عسا من لبن؛ ثم اجمع لي بنى عبد المطلب حتى‬
‫أكلمهم‪ ،‬وأبلغهم ما أمرت به»‪ ،‬ففعلت ما أمرني به‪ .‬ثم دعوتهم له؛ وهم يومئذ أربعون‬
‫رجال‪ ،‬يزيدون رجال أو ينقصونه؛ فيهم أعمامه‪:‬أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب؛ فلما‬
‫اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم‪ ،‬فجئت به‪ ،‬فلما وضعته تناول رسول هللا‬
‫حذية من اللحم‪ ،‬فشقها بأسنانه‪ ،‬ثم ألقاها في نواحي الصفحة‪ .‬ثم قال‪« :‬خذوا بسم هللا»‪ ،‬فأكل‬
‫القوم حتى ما لهم بشيء حاجة وما أرى إال موضع أيديهم‪ ،‬وايم هللا الذي نفس علي بيده؛ وإن‬
‫كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم‪ .‬ثم قال‪« :‬اسق القوم»‪ ،‬فجئتهم بذلك العس‪،‬‬
‫فشربوا منه حتى رووا منه جميعا‪ ،‬وايم هللا إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله‪ ،‬فلما أراد‬
‫أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكالم‪ ،‬فقال‪« :‬لهد ما سحركم صاحبكم!»‬ ‫رسول هللا‬
‫فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول هللا ‪ ،‬فقال‪« :‬الغد يا علي؛ إن هذا الرجل سبقني إلى‬
‫ما قد سمعت من القول‪ ،‬فتفرق القوم قبل أن أكلمهم‪ ،‬فعد لنا من الطعام بمثل ما‬
‫صنعت‪ ،‬ثم اجمعهم لي »‪ .‬قال‪ :‬ففعلت‪ ،‬ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم‪ ،‬ففعل كما‬
‫فعل باألمس‪ ،‬فأكلوا حتى مالهم بشيء حاجة‪ .‬ثم قال‪« :‬اسقهم»‪ ،‬فجئتهم بذلك العس‪ ،‬فشربوا‬
‫حتى رووا منه جميعا‪ ،‬ثم تكلم رسول هللا ‪ ،‬فقال‪« :‬يا بني عبد المطلب؛ إنى وهللا ما‬
‫أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به؛ إنى قد جئتكم بخير الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬وقد أمرني هللا تعالى أن أدعوكم إليه‪ ،‬فأيكم يؤازرني على هذا األمر على‬
‫أن يكون أخي ووصيتي وخلفتي فيكم؟» قال‪ :‬فأحجم القوم عنها جميعا‪ ،‬وقلت‪« :‬وإني‬
‫ألحدثهم سنا‪ ،‬وأرمصهم عينا‪ ،‬وأعظمهم بطنا‪ ،‬وأحمشهم ساقا؛ أنا يا نبي هللا‪ ،‬أكون‬
‫وزيرك عليه‪ .‬فأخذ برقبتي»‪ ،‬ثم قال‪« :‬إن هذا أخي ووصي ووخليفتي فيكم‪ ،‬فاسمعوا‬
‫له وأطيعوا»‪ .‬قال‪« :‬فقام القوم يضحكون‪ ،‬ويقولون ألبي طالب‪ :‬قد أمرك أن تسمع‬
‫البنك وتطيع»‪.‬‬
‫[ ‪]29 []28‬‬

‫يوم االثنين‪ ،‬وأسلم علي يوم الثالثاء»‪.]30[]24[.‬‬ ‫وفي رواية عن أنس بن مالك‪« :‬بعث النبي‬

‫وبهذا أصبح علي أول من أسلم من الصبيان‪ ،‬وذهب البعض مثل ابن اسحاق إلى أنه أول الذكور إسالما‪ ،‬وإن اعتبر آخرون من‬
‫أهل السنة مثل الطبري أن أبا بكر هو أول الذكور إسالما مستندين إلى روايات تقول أن عليا لم يكن راشدا حين أسلم‪ ]31[،‬فالروايات‬
‫وفي رواية أوردها الذهبي في تاريخه‪« :‬أول رجلين‬ ‫[‪]32[]8‬‬
‫تشير إلى أن عمره حين أسلم يتراوح بين تسعة أعوام وثمانية عشر عام؛‬
‫أسلما أبو بكر وعلي وإن أبا بكر أول من أظهر اإلسالم وكان علي يكتم اإلسالم فرقا من أبيه»‪ ]33[.‬كما كان علي أول من‬
‫[‪]32‬‬
‫صلى مع محمد وزوجته خديجة بعد اإلسالم‪ ]34[،‬في حين نقل ابن سعد رواية يقول فيها علي أنه أول من أسلم‪.‬‬

‫لم يهاجر علي إلى الحبشة في الهجرة األولى حين سمح الرسول لبعض من آمن به بالهجرة إلى هناك هربًا من اضطهاد قريش‪.‬‬
‫وقاسى معه مقاطعة قريش لبني هاشم وحصارهم في شعب أبي طالب‪ ]35[.‬كما رافق محمدا في ذهابه للطائف لنشر دعوته هناك بعد‬
‫أن اشتد ايذاء قريش له‪ ]36[.‬مكث علي مع محمد في مكة حتى هاجر إلى المدينة‪.‬‬
‫ليلة الهجرة النبوية‬
‫في اليوم الذي عزم فيه الرسول على الهجرة إلى يثرب‪ ،‬اجتمع سادات قريش في دار الندوة واتفقوا على قتله‪ ،‬فجمعوا من كل قبيلة‬
‫شاب قوي وأمروهم بانتظاره أمام باب بيته ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل‪ .‬حسب اعتقاد كافة المسلمين‬
‫جاء الَم َلك جبريل إلى محمد وحذره من تآمر القريشيين لقتله‪ ،‬فطلب النبي محمد من علي بن أبي طالب أن يبيت في فراشه بدال منه‬

‫‪5‬‬
‫ويتغطى ببرده األخضر ليظن الناس أن النائم هو محمد وبهذا غطي على هجرة النبي وأحبط مؤامرة أهل قريش‪ ]37[.‬وفي بعض‬
‫الروايات أنه سأل أصحابه من يبيت على فراشه فلم يجبه إال عليا ثالثًا‪ ]38[،‬ويعتبر علي أول فدائي في اإلسالم بموقفه في تلك الليلة‬
‫َو ِمَن الَّن اِس َم ن َي ْش ِر ي َن ْف َس ُه اْبِتَغ اء‬ ‫التي عرفت فيما بعد "بليلة المبيت"؛ ويروى المفسرين الشيعة في تفسير اآلية القرآنية‪:‬‬
‫سورة البقرة أنها نزلت في علي بن أبي طالب حين نام في فراش الرسول‪ ]40[]39[.‬كان‬ ‫َم ْر َض اِت ِهّللا َو ُهّللا َر ُؤ وٌف ِباْلِعَباِد‬
‫محمدا قد أمره أن يؤدي األمانات إلى أهلها ففعل‪ ،‬حيث كان أهل قريش يضعون أماناتهم عند محمد‪ .‬وكانوا في مكة يعلمون أن عليا‬
‫يتبع محمدا أينما ذهب‪ ،‬لذا فإن بقاءه في مكة بمثابة تمويه لجعل الناس يشكون في هجرة النبي العتقادهم بأنه لو هاجر ألخذ عليا‬
‫[‪]42[]41‬‬
‫معه‪ .‬بقي علي فيمكة ثالثة أيام حتى وصلته رسالة محمد عبر رسوله أبي واقد الليثي يأمره فيها بالهجرة للمدينة‪.‬‬

‫حياته في المدينة‬
‫هجرته‬

‫مسار الهجرة إلى يثرب؛ وأهم غزوات محمدوفتوحات الخلفاء الراشدين‪.‬‬

‫خرج علي للهجرة إلى المدينة وهو في الثانية والعشرين من عمره‪ ،‬وحسب رواية ابن األثير في أسد الغابة فقد خرج علي وحيدا‬
‫يمشي الليل ويكمن النهار‪ ]43[]24[.‬بينما تذكر مصادر أخرى أنه اصطحب ركبا من النساء هن‪ :‬أمه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت‬
‫محمد وفاطمة بنت الزبير وزاد البعض فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب أو ما سمي بـركب الفواطم‪ .‬ولم تمض غير أيام قليلة حتى‬
‫وصل علي إلى قباء حيث انتظره الرسول بها ورفض الرحيل قبل أن يصل علي الذي كان قد أنهكه السفر وتورمت قدماه حتى‬
‫نزف منهما الدم‪ .‬وبعد وصوله بيومين نزل علي مع الرسول إلى المدينة‪ ]42[]41[.‬حين وصل الرسول إلى المدينة قام بما عرف بمؤاخاة‬
‫[‪]45[]44‬‬
‫المهاجرين واألنصار وآخى بين علي وبين نفسه وقال له‪« :‬أنت أخي في الدنيا واآلخرة»‪.‬‬
‫زواجه‬

‫رسم ُت ركي ُعثماني للرسول ُمحَّمد وهو ُيزّو ج ابنته فاطمة بابن عّمه علّي ‪ ،‬وقد ُغ طي وجه فاطمة وُمحَّمد باللون األبيض احتراًما لهما‪.‬‬

‫في شهر صفر من السنة الثانية من الهجرة زوجه محمد ابنته فاطمة ولم يتزوج بأخرى في حياتها‪ ،‬وقد روي أن تزويج فاطمة من‬
‫[‬
‫علي كان بأمر من هللا‪ ،‬حيث توالى الصحابة على محمد لخطبتها إال أنه ردهم جميعا حتى أتى األمر بتزويج فاطمة من علي‪،‬‬
‫‪ ]46‬فأصدقها علي درعه الحطمية ويقال أنه باع بعيرا له وأصدقها ثمنه الذي بلغ ‪ 480‬درهما على أغلب األقوال‪ ]47[.‬وأنجب منها‬
‫الحسن والحسين في السنتين الثالثة والرابعة من الهجرة على التوالي‪ ]48[،‬كما أنجب زينب وأم كلثوم والمحسن‪ ،‬واألخير حوله خالف‬
‫تاريخي حيث يروى أنه قتل وهو جنين يوم حرق الدار‪ ،‬وفي روايات أخرى أنه ولد ومات في حياة النبي‪ ،‬في حين ينكر بعض‬
‫السنة وجوده من األساس‪ .‬في أكثر من مناسبة صرح محمد أن علي وفاطمة والحسن والحسين هم أهل بيته مثلما في حديث‬
‫[‪]51[]50‬‬
‫ويروى أنه كان يمر بدار علي إليقاظهم آلداء صالة الفجر ويتلو آية التطهير‪.‬‬ ‫[‪]49‬‬
‫المباهلة وحديث الكساء‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫أعماله في عهد النبي‬
‫كان عليا موضع ثقة الرسول محمد‪ ،‬فكان أحد كتاب القرآن أو كتاب الوحي الذين يدونون القرآن في حياة النبي محمد‪ .‬وكان أحد‬
‫سفرائه الذين يحملون الرسائل ويدعون القبائل لإلسالم‪ ،‬واستشاره محمد في الكثير من األمور مثلما استشاره في ما يعرف بحادثة‬
‫اإلفك‪ ]48[.‬شهد بيعة الرضوان وأمره محمد حينها بتدوين وثيقة صلح الحديبية وأشهده عليه‪ ]53[]52[.‬يروى في االستيعاب أن محمد‬
‫بعث خالد بن الوليد إلى اليمن ليدعوهم فبقي هناك ستة أشهر فلم يجبه أحد فبعث محمد بعلي إلى اليمن فأسلمت على يديه‬
‫قبيلة همدان كلها‪ ،‬وتتابع بعدها أهل اليمن في الدخول إلى اإلسالم؛[‪ ]8‬ولم تكن هذة المرة األخيرة التي يذهب فيها علي إلى اليمن‬
‫حيث واله محمد قضاء اليمن لما عرف عنه من عدل وحكمة في القضاء‪ ،‬فنصحه ودعا له‪ ،‬ثم أرسله إلى هناك سنة ‪ 8‬هـ ومكث به‬
‫عام واحد‪ ]55[]54[.‬كما ساهم في فض النزاعات وتسوية الصراعات بين بعض القبائل‪ ]6[.‬ورد في الكامل أنه عند فتح مكة أراد سعد بن‬
‫عبادة دخول مكة مقاتًال عكس ما أمر به محمد حيث أنه أراد دخول مكة بال قتال‪ ،‬فحين سمع محمد ذلك أرسل علي خلف سعد‬
‫[‪]56‬‬
‫فلحقه وأخذ الراية منه ودخل بها مكة‪ ،‬بعدها أمره محمد بكسر األصنام التي كانت حول الكعبة‪.‬‬
‫غزواته مع النبي محمد‬

‫مخطوطة لمقولة "ال فتى إاَّل علي‪ ،‬ال سيف إاَّل ذو الفقار"‪ ،‬التي قيل بأَّن الرسول ُمحَّمد قالها لعلّي ‪.‬‬

‫رسم تخُّيلي لعلٍّي وهو ُيقاتل عمرو بن ود خاللغزوة الخندق‪.‬‬

‫شهد علي جميع المعارك مع الرسول محمد إال غزوة تبوك‪ ،‬التي خلفه فيها على المدينة وعلى عياله بعده وقال له‪:‬‬

‫«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إال أنه ال نبي بعدي»‬

‫عرف علي بن أبي طالب ببراعته وقوته في القتال‪ ،‬وقد تجلى هذا في غزوات‬ ‫[‪]24[]8‬‬
‫‪ ،‬وسلم له الراية في الكثير من المعارك‪.‬‬
‫الرسول؛ ففي غزوة بدر‪ ،‬هزم علي الوليد بن عتبة‪ ،‬وقتل ما يزيد عن ‪ 20‬من المشركين‪ .‬وفي غزوة أحد قتل طلحة بن عبد‬
‫[‪]57‬‬

‫العزى حامل لواء قريش في المعركة‪ ،‬وأرسله محمد إلى فدك فأخذها في سنة ‪ 6‬هـ‪ ]58[،‬وفي غزوة األحزاب قتل عمرو بن ود‬
‫العامري أحد فرسان العرب‪ ،‬وفي غزوة خيبر ‪ ،‬هزم فارس اليهود مرحب‪ ،‬وبعد أن عجز جيش المسلمين مرتين عن اقتحام‬
‫حصن اليهود‪ ،‬قال محمد‪ « :‬ألدفعن الراية إلى رجل يحب هللا ورسوله ويحبه هللا ورسوله ويفتح عليه» فأعطاها لعلي ليقود‬
‫الجيش‪ ،‬وفتح الحصن وتحقق النصر للمسلمين‪ ]60[]59[.‬وقيل إنه اقتحم حصن خيبر متخذّا الباب درعا له لشدة قوته في القتال‪ .‬وكان‬

‫‪7‬‬
‫ممن ثبت مع محمد في غزوة حنين‪ ]61[.‬وكان لعلي سيف شهير أعطاه له محمد في غزوة أحد عرف باسم ذو الفقار‪ ]48[،‬كما أهداه‬
‫محمد درعا عرفت بالحطمية ويقال أنها سميت بهذا االسم لكثرة السيوف التي تحطمت عليها‪.‬‬
‫غدير خم‬
‫في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عام العاشر هجريًا بعد أن أتم النبي محمد مناسك حجة الوداع وخرج المسلمون عائدين‬
‫لديارهم‪ ،‬توقف عند مكان يقال له غدير خم وخطب في المسلمين خطبة اختلفت الروايات حولها ولكن يجمع المؤرخون أنه جاء‬
‫فيها«من كنت مواله فعلي مواله»‪ .‬تقول المصادر الشيعية أن في هذا اليوم نزلت اآلية ﴿اْلَي ْو َم َأْك َم ْلُت َلُك ْم ِد يَن ُك ْم َو َأْت َم ْم ُت َع َلْي ُك ْم‬
‫ِنْع َم ِتي َو َر ِض يُت َلُك ُم اِإْلْس َالَم ِدينًا﴾ ويفسرونها بأن إتمام الدين هو اإليمان باإلمام والولي علي بن أبي طالب من بعد الرسول‬
‫وتقول مصادرهم أن جميع المسلمين والمسلمات قد بايعوه في هذا اليوم على السمع والطاعة‪ ]64[.‬من وجهة النظر السنية‬ ‫[‪]63[]62‬‬
‫محمد‪.‬‬
‫وصية النبي محمد في علي ال تدل على استخالفه من بعده وإنما تدل على مكانته‪ ،‬كما ينكر السنة حدوث المبايعة أو نزول اآلية في‬
‫[‪]65‬‬
‫هذا اليوم‪.‬‬

‫خالفته‬
‫المسلمون يبايعون علًيا بالخالفة‪.‬‬

‫الدولة اإلسالمية خالل عهد الخليفة علي بن أبي طالب‪ ،‬اللون األخضر الباهت يظهر المناطق التي لم تكن خاضعة لسيطرة الخليفة بالكامل‪.‬‬

‫[‬
‫لما قتل عثمان‪ ،‬بويع علي بن أبي طالب للخالفة بالمدينة المنورة في اليوم التالي من الحادثة (الجمعة ‪ 25‬ذي الحجة سنة ‪ 35‬هـ‬
‫‪ )]123‬فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابة والتابعين والثوار‪ .‬يروى إنه كان كارها للخالفة في البداية واقترح أن يكون‬
‫وزيرا أو مستشارا إال أن بعض الصحابة حاولوا إقناعه فضال عن تأييد الثوار له‪ ]125[]124[،‬ويروي ابن خلدون والطبري أنه ارتضى‬
‫تولي الخالفة خشية حدوث شقاق بين المسلمين‪ ]126[]123[.‬يروى أن أول من بايع كان طلحة والزبير وفي تاريخ الطبري أول من بايع‬
‫مالك األشتر النخعي‪ ،‬وتقول بعض المصادر أن أقارب عثمان واألمويين لم يبايعوا عليا‪ ،‬وتوجهوا إلى الشام‪ ،‬كما تقول أن بعض‬
‫الصحابة مثل سعد بن أبي وقاص وعبد هللا بن عمر وغيرهم لم يبايعوا بالوالء ولكن تعهدوا بعدم االنقالب ضده‪ ]129[]128[]127[.‬وحول‬
‫صالته على عثمان يختلف المؤرخون أيضا فتذكر بعض المصادر التاريخية أن جماعة من الصحابة استأذنوا عليا لدفنه ولكن من‬
‫المؤرخين من ذكره ضمن من شاركوا في تشييعه والصالة عليه ومراسم دفنه ولكن البعض اآلخر لم يذكره ضمنهم بل حتى أن‬
‫[‪]130‬‬
‫بعض الروايات ال تذكر استئذان علي في دفنه‪.‬‬

‫وهكذا استلم علي الحكم خلفا لعثمان ‪ ،‬في وقت كانت الدولة اإلسالمية حين إذ تمتد من المرتفعات اإليرانية شرقا إلى مصر غربا‬
‫باإلضافة لشبه الجزيرة العربية بالكامل وبعض المناطق غير المستقرة على األطراف‪ .‬ومنذ اللحظة األولى في خالفته أعلن علي‬
‫أنه سيطبق مبادئ اإلسالم وترسيخ العدل والمساواة بين الجميع بال تفضيل أو تمييز‪ ،‬كما صرح بأنه سيسترجع كل األموال التي‬
‫اقتطعها عثمان ألقاربه والمقربين له من بيت المال‪ ]129[.‬في سنة ‪ 36‬هـ أمر علي بعزل الوالة الذين عينهم عثمان وتعيين والة‬
‫آخرين يثق بهم‪ ،‬مخالفا بذلك نصيحة بعض الصحابة مثل ابن عباس والمغيرة بن شعبة الذين نصحوه بالتروي في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫[‬

‫‪ ]126‬أرسل علي عثمان بن حنيف األنصاري بدًال عن عبد هللا بن عامر إلى البصرة بحسب الطبري وابن األثير‪ ،‬وفي البداية والنهاية‬

‫‪8‬‬
‫أنه أرسل سمرة بن جندب‪ ،‬وعلى الكوفة أرسل عمارة بن شهاب بدًال عن أبي موسى األشعري‪ ،‬وعلى اليمن عبيد هللا بن‬
‫عباس بدًال عن يعلى بن منبه‪ ،‬وعلى مصر قيس بن سعد بن عبادة بدًال عن عبد هللا بن سعد‪ ،‬وعلى الشام سهل بن حنيف بدًال عن‬
‫[‪]131[]129‬‬
‫معاوية بن أبي سفيان‪.‬‬
‫معركة الجمل‬

‫رسم ُتركي ُعثماني لموقعة الجمل‪ ،‬وقد ُغ طي وجه كاًل من عائشة وعلّي باللون األبيض‪.‬‬

‫بعد استالمه الحكم ببضعة أشهر‪ ،‬وقعت معركة الجمل (‪ 36‬هـ) التي كان خصومه فيها طلحة والزبير ومعهما عائشة بنت أبي‬
‫بكر زوجة محمد الذين طالبوا بالقصاص من قتلة عثمان‪ ،‬رغم تشكيك البعض في مصداقية هذا االدعاء حيث تقول روايات أنهما‬
‫حرضا على قتله‪ ،‬لذلك يعتقد البعض أن أغراضهما من وراء مقاتلة علي هو تحقيق أطماع سياسية‪ ،‬خاصة مع ادعائهما المبايعة‬
‫مكرهين وهروبهما إلى مكة‪ ،‬باإلضافة إلى تصريح أسامة بن زيد بأنهما بايعا كارهين‪ ،‬ويقال كذلك ألن عليا رفض توليتهما‬
‫البصرة والكوفة‪ ،‬حيث طلبا منه الوالية لكنه أبقاهما معه كمستشارين‪ .‬بعدها طلبوا السماح لهم بالذهاب إلى مكة ألداء العمرة فسمح‬
‫لهما وحين ذهبا التقيا عائشة وقرروا المسير إلى البصرة رافعين شعار االنتقام لعثمان‪ ]132[]126[،‬فسارو من مكة إلى البصرة بعشرة‬
‫آالف مقاتل وتحرك إليهم علي ولقيهم على مشارف البصرة‪ ،‬ويذكر ابن كثير[‪ ]133‬أنهم انطلقوا إلى البصرة وكان علي بالمدينة عازما‬
‫على الذهاب إلى الشام لقتال معاوية‪ ،‬فغير وجهته إلى البصرة واستخلف على المدينة تمام بن عباس وعلى مكة قثم بن العباس‪،‬‬
‫وحين وصل أرسل عمار بن ياسر إلى أهل الكوفة يستنفرهم للقتال فانضم منهم الكثير إلى جيش علي وفقا للطبري‪ .‬تختلف‬
‫الروايات حول وقائع المعركة لكنها انتهت بمقتل طلحة والزبير وانتصار علي‪ ،‬وعودة عائشة إلى المدينة‪ .‬وحول سبب عدم قيام‬
‫علي باالقتصاص من قتلة عثمان‪ ،‬فالبعض يرى أنه كان صعبا الختالط القتلة بجيش ومؤيدي علي الذي لم يكن لديه ما يكفي من‬
‫القوة والسيطرة الكافية لتطبيق الحد فانتظر حتى تهدأ الفتنة وهذا ما قاله علي لطلحة والزبير في بعض الروايات‪ .‬قام علي بعد‬
‫معركة الجمل بنقل عاصمة الخالفة من المدينة إلى الكوفة نظرا لموقعها االستراتيجي الذي يتوسط أراضي الدولة اإلسالمية أنذاك‪،‬‬
‫[‪]134‬‬
‫ولكثرة مؤيديه هناك‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫دولة الِخالفة الراشدة بعد التحكيم بين علّي وُمعاوية‪:‬‬
‫األقاليم الخاضعة لعلّي‬
‫األقاليم الخاضعة لُمعاوية‬
‫األقاليم الخاضعة لعمرو بن العاص‬

‫كان معاوية بن أبي سفيان ‪-‬والي الشام في عهد عثمان‪ -‬قد أعلن رفضه تنفيذ قرار العزل‪ ]56[،‬كما امتنع عن تقديم البيعة لعلي‪،‬‬
‫[‬
‫وطالب بالثأر البن عمه عثمان‪ ]129[،‬ويشكك أيضا الكثيرين في أهداف معاوية المعلنة حيث يرون معارضته كانت ألطماع سياسية‪.‬‬
‫‪ ]135‬حين انتهى علي من معركة الجمل توجه إلى الكوفة فدخلها في الثاني عشر من رجب ‪ 36‬هـ ثم أرسل جرير بن عبد هللا إلى‬
‫معاوية يدعوه للمبايعة والطاعة لكن معاوية رفض المبايعة إال بعد االقتصاص من قتلة عثمان‪]136[.‬عاد الرسول إلى علي برفض‬
‫معاوية‪ ،‬فتوجه علي بجيشه إلى الشام وعسكر الجيشان حين التقيا بموقع يسمى صفين‪ ،‬ثم بدأت مفاوضات بين الطرفين عبر‬
‫الرسائل‪ ،‬واستمرت لمدة مائة يوم لكنها لم تأت بنتيجة‪ ،‬فبدأت مناوشات بين الجيشين أسفرت عن قتال استمر لمدة أسبوع فيما‬
‫يعرف بمعركة صفين (‪ 37 - 36‬هـ ‪657 /‬م)‪ .‬بدا جيش علي على مشارف االنتصار وجيش معاوية على وشك الهزيمة‪،‬‬
‫فاقترح عمرو بن العاص ‪-‬وكان في جيش معاوية‪ -‬عمل حيلة وهي أن يقوم الجنود برفع المصاحف على أسنة الرماح‪ ،‬مطالبين‬
‫بالتحكيم وفقا للشريعة اإلسالمية‪ .‬يقول ابن خلدون أن عليا حذر المسلمين من الخديعة إال أن جماعة ممن صاروا فيما بعد من‬
‫الخوارج أصروا على القبول بالتحكيم وهددوه بالقتل ووافق بعد إلحاح منهم‪ ،‬وعندما أرادوا حكما اختاروا أبي موسى األشعري لكن‬
‫علي رفضه لعدم ثقته به وتخليه عنه فيما سبق ورشح األشتر النخعي إال أنهم رفضوه واستقر األمر على األشعري‪ ،‬رفض جنود‬
‫علي من الخوارج التحكيم معتبرين أن معاوية كافر بخروجه عن طاعة الخليفة الشرعي وبهذا يجب قتله‪ ،‬واعتبروا التحكيم خروج‬
‫عن حكم هللا واالحتكام بحكم البشر ‪-‬رغم أن تأكيد بعض المؤرخين على أنهم من رشحوه‪ -‬فذهبوا لعلي يستتيبوه ويحثوه على قتال‬
‫معاوية ونقض اتفاق التحكيم لكنه رفض‪ ،‬مما أدى إلى انسحاب الخوارج من جيش علي‪ .‬وأورد ابن كثير في[‪ ]137‬رواية تقول أن‬
‫علي وافق على التحكيم وعارضه بعض الناس‪ .‬في هذه األثناء اختار معاوية عمرو بن العاص حكما من طرفه وكان الحكم من‬
‫طرف علي هو أبو موسى األشعري‪ ،‬واجتمع الحكمان إليجاد حل للنزاع‪ ،‬فدار بينهما جدال طويل‪ ،‬واتفقا في النهاية على خلع‬
‫معاوية وعلي وترك األمر للمسلمين الختيار خليفة غيرهما‪ ،‬فخرج الحكمان للناس إلعالن النتيجة التي توصال إليها‪ ،‬فأعلن أبو‬
‫موسى األشعري خلع علي ومعاوية‪ ،‬فقام عمرو بن العاص وقال‪" :‬إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه‪ ،‬وأنا أخلع صاحبه كما‬
‫خلعه‪ .‬وأثبت صاحبي معاوية" فقال له أبو موسى األشعري‪" :‬غدرت وفجرت" ودار ِع راك بينهم‪ ]139[]138[]126[.‬بعد حادثة التحكيم عاد‬
‫القتال من جديد واستطاع معاوية أن يحقق بعض االنتصارات وضم عمرو بن العاص مصر باإلضافة إلى الشام وقتل واليها محمد‬
‫بن أبي بكر‪.‬‬
‫معركة النهروان‬
‫وأخيرا قاتل علي الخوارج وهزمهم في معركة النهروان (‪ 39‬هـ ‪659 /‬م)‪ ،‬حيث انسحبوا من جيشه ثم قاموا يقطعون الطرق‬
‫[‪]141[]140‬‬
‫ويسألون الناس حول ارائهم في الخلفاء األربعة فيقتلون من يخالفهم في الرأي بشكل بشع‪.‬‬
‫حكمه‬
‫مقالة مفصلة‪ :‬خالفة علي بن أبي طالب‬ ‫‪‬‬

‫‪10‬‬
‫مسجد الكوفة حيث كان مقر خالفة اإلمام علي وتظهر في الصورة (إلى اليسار) مرقد ابن أخيه مسلم بن عقيل‪.‬‬

‫ورغم أن علي لم يقم بأي فتوحات طوال فترة حكمه إال أنها اتصفت بالكثير من المنجزات المدنية والحضارية منها تنظيم‬
‫الشرطة وإنشاء مراكز متخصصة لخدمة العامة كدار المظالم ومربد الضوال وبناء السجون‪ ]143[]142[ ،‬وكان يدير حكمه انطالقا‬
‫من دار اإلمارة‪ ،‬كما ازدهرت الكوفة في عهده وبنيت بها مدارس الفقه والنحو وقد أمر اإلمام علي بن أبي طالب أبا األسود‬
‫الدؤلي بتشكيل حروف القرآن ألول مرة‪ ]145[]144[،‬ويعتقد بعض الباحثين أنه أول من سك الدرهم اإلسالمي الخالص‪]146[،‬مخالفين بهذا‬
‫[‪]147‬‬
‫المصادر التاريخية األخرى التي تقول أن عبد الملك بن مروان هو أول من ضرب الدراهم اإلسالمية الخالصة‪.‬‬

‫في عهده أيضا نشط عبد هللا بن سبأ وأتباعه الذين عرفوا بالسبئية والتي يعتقد البعض أنهم أصل حركة التشيع‪ ،‬والبعض اآلخر يقول‬
‫أنهم أول من قال بتأليه أئمة الشيعة ‪ ،‬وآخرون يشككون في وجود السبئية من األساس‪ .‬يروى أن علي بن أبي طالب جمعهم وأمر‬
‫[‪]148‬‬
‫بحفر األخاديد وأضرم فيها النيران وأعدمهم بالحرق ولم يبق منهم إال القليل‪.‬‬

‫يعتبر العديد من الكتاب الباحثين أن عليا لم يكن رجال سياسيا ناجحا أو لم يتمتع بالمرونة السياسية المناسبة‪ ]56[.‬قال عنه ويلفرد‬
‫[‪]149‬‬
‫مادلونغ أنه كان متمسكا بتعاليم دينه بشدة وغير مستعد للتنازل عن مبادئه من أجل المنفعة السياسية‪.‬‬

‫اغتياله‬

‫قبر اإلمام علي بالنجف حيث دفن علي بن أبي طالب حسب الرواية الشيعية‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫رسم ُعثماني لتابوت اإلمام علّي وهو ُينقل سرًا على دابته‪.‬‬

‫قبر اإلمام علي بالنجف من الداخل‪.‬‬

‫كان علي يؤم المسلمين في صالة الفجر في مسجد الكوفة‪ ،‬و في أثناء الصالة ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم على‬
‫رأسه‪ ،‬فقال علي جملته الشهيرة‪" :‬فزت ورب الكعبة"‪ ]152[]151[]150[،‬وتقول بعض الروايات أن علي بن أبي طالب كان في الطريق إلى‬
‫المسجد حين ضربه ابن ملجم؛[‪ ]154[]153‬ثم حمل على األكتاف إلى بيته وقال‪« :‬أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي‪ ،‬واسقوه من‬
‫شرابي‪ ،‬النفس بالنفس‪ ،‬إن هلكت‪ ،‬فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي» ونهى عن تكبيله باألصفاد وتعذيبه‪ .‬وجيء له‬
‫باألطباء الذين عجزوا عن معالجته فلما علم علي أنه ميت قام بكتابة وصيته كما ورد في مقاتل الطالبيين‪ .‬ظل السم يسري بجسده‬
‫إلى أن توفي بعدها بثالثة أيام‪ ،‬تحديدا ليلة ‪ 21‬رمضان سنة ‪ 40‬هـ عن عمر يناهز ‪ 64‬حسب بعض األقوال‪ ]153[.‬وبعد مماته‬
‫تولى عبد هللا بن جعفر والحسن والحسين غسل جثمانه وتجهيزه ودفنه‪ ،‬ثم اقتصوا من ابن ملجم بقتله‪ ]155[.‬ولقب الشيعة علي بن أبي‬
‫[‪]150‬‬
‫طالب بعدها بشهيد المحراب‪.‬‬

‫المسجد األزرق بمزار شريف‪ ،‬أفغانستان‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وعبدالرحمن بن ملجم أحد الخوارج كان قد نقع سيفه بسم زعاف لتلك المهمة‪ .‬وُيروى أن ابن ملجم كان اتفق مع اثنين من الخوارج‬
‫على قتل كل من معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب يوم ‪ 17‬رمضان‪ ،‬فنجح بن ملجم في قتل علي وفشل‬
‫[‪]154[]153‬‬
‫اآلخران‪.‬‬

‫تذكر العديد من كتب الحديث النبوي وكتب التاريخ أن محمد قد تنبأ بمقتل علي‪ ،‬وتعددت رواياتهم حول ذلك ومنها‪« :‬يا علي أبكي‬
‫لما ُيْس َت َح ُّل منك في هذا الشهر‪ ،‬كأني بك وأنت تريد أن ُتصِّلي وقد انبعث أشقى األولين واآلخرين‪ ،‬شقيق عاقر ناقة‬
‫[‪]157[]156‬‬
‫صالح‪ ،‬يضربك ضربة على رأسك فيخضب بها لحيتك»‬

‫وفقا للشيخ المفيد فإن علي بن أبي طالب طلب من ابنه الحسن أن يدفنه سرا وأن ال يعرف أحد مكان دفنه‪ ،‬لكي ال يتعرض قبره‬
‫للتدنيس من قبل أعدائه‪ .‬وظل مدفن علي مجهوال إلى أن أفصح عن مكانه جعفر الصادق في وقت الحق خالل الخالفة العباسية‪.‬‬
‫وبحسب الرواية األكثر قبوال عند الشيعة فإن علي بن أبي طالب دفن في النجف حيث بني مشهد ومسجد اإلمام علي الموجود حتى‬
‫اآلن‪ ]158[.‬ويعتقد بعض من المسلمين خاصة في أفغانستان أن جسد علي بن أبي طالب مدفون في المسجد األزرق في مدينة مزار‬
‫شريف األفغانية؛ مستندين إلى روايات تقول أن أبا مسلم الخراساني قام بنقل جثمان علي سرا بمساعدة بعض فرسانه إلى تل‬
‫حمران بقرية بلخ شمال أفغانستان‪ ،‬حتى جاء السلطان حسين بيقرة فبنى المرقد الحالي في ذلك المكان سنة ‪1480‬م حسب الروايات‬
‫األفغانية‪ ]160[]159[.‬وبالُمقابل‪ ،‬فإَّن بعض علماء أهل السنة قال ببطالن نسب القبر الكائن في النجف إلى علي بن أبي طالب وقالوا أَّن‬
‫جثمانه ُح مل على ناقته وأطلقت في الصحراء فال يعلم أحد أين قبره تحديدًا‪ ،‬وقال آخرون أنه دفن بمقر اإلمارة بالكوفة‪ ،‬وقيل بحائِط‬
‫جامِع الكوفِة‪ .‬وقد حكى الخطيُب البغدادي عن أبي نعيم الفضِل بِن دكين أن الحسَن والحسيَن حواله فنقالُه إلى المدينِة فدفناه بالبقيِع‬
‫[‪]162[]161‬‬
‫عند قبِر زوجتِه فاطمَة أمهما‪.‬‬

‫بعد مماته‬
‫رحل علي بن أبي طالب تاركا خلفه الفتنة مشتعلة بين المسلمين‪ ،‬واستلم الخالفة من بعده ابنه الحسن بن علي وبايعه الناس‬
‫في الكوفة‪ ،‬واستمرت خالفته ستة أشهر‪ ،‬وقيل ثمانية‪ ،‬وانتهت خالفته فيما عرف بعام الجماعة بصلح الحسن مع معاوية وتنازله‬
‫عن الحكم حقنا لدماء المسلمين‪ ]163[،‬ويقال أن قبوله للصلح يرجع لضعف موقفه حيث استطاع معاوية بسط نفوذه‬
‫على الشام ومصر وكانت جيوش الحسن ضعفت بعد قتال الخوارج‪ .‬كما تذكر بعض المصادر أن أحد بنود الصلح كانت أن يكون‬
‫األمر بعد موت معاوية للحسن ثم ألخيه الحسين‪ .‬يذكر ابن كثير وابن األثير أن الحسين بن علي كان رافضا صلح أخيه مع معاوية‪،‬‬
‫وأنه كان يريد السير على نهج أبيه والقتال حتى النهاية‪ ،‬ومع إصرار أخيه الحسن الشديد سلم الحسين باألمر‪ ]165[]164[،‬بعد وفاة الحسن‬
‫ثم معاوية أعلن الحسين ثورته ضد يزيد بن معاوية‪ ،‬وقتل في معركة كربالء في مواجهة جيش يزيد‪ .‬تقول بعض المصادر أن في‬
‫[‪]166‬‬
‫الفترة األموية استحدثت سنة سب علي على المنابر حتى ابطلها عمر بن عبد العزيز‪.‬‬

‫مكانته‬
‫اختلف المسلمون عبر التاريخ اإلسالمي في مكانة علي بن أبي طالب‪ ،‬وقد ترواحت اعتقادات الطوائف اإلسالمية‪ ،‬فالسّنة يعدونه‬
‫أحد العشرة المبشرين بالجنة والخليفة الراشد الرابع للمسلمين ومن آل بيت الرسول‪ .‬وبعض الفرق يعتقدون بألوهيته واالعتقاد‬
‫بعصمته‪ .‬والشيعه يعتقدون بأنه أول إمام وبعصمته‪ .‬ولكن غالبية المسلمين أجمعوا على فضله ومكانته‪.‬‬
‫بعض ما ورد في فضله‬
‫مما أجمع المسلمون على وروده ما يلي‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ " :‬ألعطين الراية غدا رجال يحب هللا‬ ‫أنه أرسل لفتح خيبر مرتين أبو بكر وعمر فما استطاعا فتحها‪ ،‬فقال‬ ‫عن النبي‬ ‫‪‬‬
‫ورسوله ويحبه هللا ورسوله‪ ،‬يفتح هللا على يديه "‪ ،‬فلما كان الغد‪ ،‬دعا عليا فأعطاه الراية ففتح خيبر‪.‬‬
‫أنه قال لعلي حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك‪ " :‬أما ترضى أن تكون مني‬ ‫عن النبي‬ ‫‪‬‬
‫بمنزلة هارون من موسى إال أنه ال نبي بعدي"‪.‬‬
‫عن علي أنه قال‪ " :‬والذي فلق الحبة وبرأ النسمة‪ ،‬إنه لعهد النبي األمي إلي أن ال يحبني إال مؤمن وال يبغضني إال منافق "‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ِ " :‬إَّنُه َلْم َي ُك ْن َقْب ِلي َن ِبٌّي ِإاَّل َقْد ُأْع ِط َي َس ْبَع َة ُر َفَقاَء ُنَج َب اَء ُو َز َر اَء ‪َ ،‬و ِإِّن ي ُأْع ِط يُت َأْر َبَع َة‬ ‫َقاَل َر ُسوُل ِهَّللا‬ ‫‪‬‬
‫َع َش َر ‪َ :‬ح ْم َز ُة‪َ ،‬و َج ْع َف ٌر ‪َ ،‬و َع ِلٌّي ‪َ ،‬و َح َس ٌن ‪َ ،‬و ُحَس ْي ٌن ‪َ ،‬و َأُبو َب ْك ٍر ‪َ ،‬و ُعَمُر ‪َ ،‬و اْلِم ْق َد اُد ‪َ ،‬و َع ْب ُد ِهَّللا ْب ُن َمْس ُع وٍد ‪َ ،‬و َأُبو‬
‫[‪]167‬‬
‫َذ ٍّر ‪َ ،‬و ُح َذ ْي َفُة ‪َ ،‬و َس ْلَم اُن ‪َ ،‬و َع َّم اٌر ‪َ ،‬و ِباَل ٌل "‪.‬‬

‫علمه‬
‫ُع رف علي بن أبي طالب بعلمه الغزير سواء كانت علوم دينية أو دنيوية‪ ]189[.‬فقد عرف ببراعته في الرياضيات وسرعته في حل‬
‫[‬
‫المسائل الحسابية‪ ]190[،‬كما ُذ كر له وصف الذرة‪ ]191[.‬وكان متمكنا من علوم اللغة كالنحو والبالغة‪ ]192[،‬فكان معلم أبي األسود الدؤلي‪،‬‬
‫[‪[]196‬‬
‫‪ ]193‬ويقال أنه أول من صنف كتابا بالفقه‪ ]194[.‬وكان معلم ابن عباس‪ ]195[.‬وكان يحث الناس على سؤاله حرصا منه على نشر العلم‪.‬‬
‫[‪]198‬‬
‫‪ ]197‬بل تروى بعض المصادر الشيعية ان حتى خادمته فضة كانت تعلم علم الكيمياء‪.‬‬
‫تراثه‬

‫إحدى صفحات نسخة قديمة من نهج البالغة‪.‬‬

‫كتاب نهج البالغة‪ :‬يعد كتاب نهج البالغة من أهم الكتب الشيعية التي تحتوي على حكم وأقوال علي بن أبي طالب‪ ،‬وقد‬ ‫‪‬‬
‫جمعه الشريف الرضي بينما يرى بعض أهل السنة عدم صحة نسب هذا الكتاب لعلي بن أبي طالب‪ ]200[]199[.‬وهو من الكتب‬
‫المعتبرة لدى الشيعة والكثير من الصوفية حيث يعدونه من أحد أهم األعمال الفقهية والدينية والسياسية في اإلسالم‪ ]201[]6[.‬وقد تم‬
‫تأليف شروح وتعليقات على الكتاب من محتلف الكّت اب السنة والشيعة مثل شرح نهج البالغة البن أبي الحديد‪ ]202[.‬وشرح‬
‫األستاذ اإلمام الشيخ محمد عبدة مفتي الديار المصرية سابقًا‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫كتاب أنوار العقول من أشعار وصي الرسول‪ :‬كذلك منسوب لعلي بن أبي طالب ديوان شعر يعرف باسم "أنوار العقول من‬ ‫‪‬‬
‫أشعار وصي الرسول " وهو ديوان فيه أشعار بقوافي جميع أحرف الهجاء‪ ،‬وجدير بالذكر أن مؤلفه هو قطب الدين‬
‫[‪]203‬‬
‫الكيدري وهو عالم شيعي إثنا عشري توفي عام ‪ 610‬هـ‪.‬‬
‫كتاب غرر الحكم ودرر الكلم‪ :‬فيه حكم وأقوال قصيرة لعلي جمعه عبد الواحد اآلمدي التميمي المتوفى سنة ‪ 550‬هـ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كتاب نهج البردة‪ :‬وهناك مخطوط لكتاب "نهج البردة " ينسب لعلي بن أبي طالب محفوظ في مكتبة الروضة الحيدرية الشيعية‬ ‫‪‬‬
‫[‪]204‬‬
‫في النجف‪.‬‬
‫ثالثة مصاحف بخط يده‪ :‬علي من كتاب الوحي ويقال أنه أول من جمع القرآن‪ ،‬فينسب له ثالثة مصاحف مكتوبة بخط يده أولها‬ ‫‪‬‬
‫محفوظ بمتحف صنعاء‪ ]205[،‬والثاني محفوظ بمكتبة رضا رامبور بالهند‪ ]206[،‬أما المصحف الثالث فيمتلك المركز الوطني‬
‫[‪]207‬‬
‫للمخطوطات بالعراق إثنتي عشرة صفحة منه وباقي المصحف محفوظ في مكتبة أمير المؤمنين في النجف‪.‬‬
‫أحاديث‪ :‬ينسب له العديد من األحاديث المروية عن محمد ووردت في مختلف كتب الحديث لكافة الفرق اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫من أقواله‬
‫من أقواله‪« :‬أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به‪ ،‬أال وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب‬
‫المال‪ ،‬إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه‪ ،‬والعلم مخزون عند أهله قد أمرتم بطلبه من‬
‫[‪]208‬‬
‫أهله فاطلبوه»‪.‬‬
‫ومن الشعر المنسوب له‪:‬‬
‫[‪]209‬‬

‫وال تجـزع من الموت إذا حـل بواديك‬ ‫أشدد حيازيمك للموت فأن الموت القيك‬
‫كما أضحكك الدهر كذاك الدهر يبكيك‬ ‫فأن الدرع والبيضة يوم الروع تكفيك‬
‫[‬
‫وحسب مصادر الشيعة اإلثنا عشرية فإن له أدعية مأثورة منها دعاء كميل ودعاء الصباح ودعاء يستشير‪.‬‬
‫ويوجد الكثير من أخبار ومواقف وسيرة علي بن أبي طالب مقيدة في أحد أهم كتب الطائفة اإلثناعشرية‬ ‫‪]210‬‬

‫[‪]211‬‬
‫وهو كتاب كتاب سليم بن قيس لمؤلفه سليم بن قيس الهاللي الذي صحب علي وأخذ األخبار عنه‪.‬‬
‫وقد قال األمين العام السابق لألمم المتحدة كوفي عنان‪« :‬قول علي بن أبي طالب‪" :‬يا مالك‪ ،‬إن الناس إما‬
‫أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق"‪ ،‬هذه العبارة يجب أن تعَّلق على كّل المنظمات‪ ،‬وهي عبارة‬
‫يجب أن تنشدها البشرية » وبعد أشهر اقترح عنان أن تكون هناك مداولة قانونية حول كتاب علي إلى مالك‬
‫األشتر‪ .‬اللجنة القانونية في األمم المتحدة‪ ،‬بعد مدارسات طويلة‪ ،‬طرحت هل هذا يرشح للتصويت؟ وقد مّر ت‬
‫[‪]213[]212‬‬
‫عليه مراحل ثم ُر ِّش ح للتصويت‪ ،‬وصوتت عليه الدول بأنه أحد مصادر التشريع الدولي‪.‬‬

‫شخصه‬
‫ُذ كر في االستيعاب عن شكله نقال عن ابن إسحاق‪« :‬كان رجًال آدم شديد األدمة مقبل العينين عظيمهما ذا بطن أصلع ربعة‬
‫إلى القصر ال يخضب»‪ ]8[،‬في حين ذكر ابن سعد مجموعة من الروايات تفيد بأنه كان أبيض الرأس عريض اللحية والمنكبين‬
‫[‪]32‬‬
‫ضخم البطن والعضالت‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مخطوطة ترجع إلى زمن الخالفة العثمانيةفي القرن الثامن عشر‪ .‬مكتوب فيها "علي ولي هللا" بطريقة المرآة في كال االتجاهين‪.‬‬

‫يعد المسلمون علي بن أبي طالب أحد النماذج التي يحتذى بها في دينه وأخالقه وتعامالته فهو أحد أفضل الصحابة العدول عند‬
‫السنة وهو الشخص المعصوم المتكامل لدى الشيعة‪ ،‬ويتميز بالشجاعة والبالغة بشكل أساسي كما يوجد الكثير من األحاديث عن‬
‫كرمه وزهده وعدله وغيرها من الصفات في المصادر اإلسالمية‪.‬‬
‫شخصيته في الفن واألدب‬
‫اهتمت الكثير من األعمال الفنية واألدبية بعلي بن أبي طالب‪ ،‬وتناولت العديد من الكتب حياة علي بن أبي طالب لمؤلفين وكتاب من‬
‫المسلمين؛ منها مناقب األسد الغالب للجزري‪ ،‬وخصائص أمير المؤمنين للنسائي‪ ،‬وفي العصر الحديث هناك كتاب عبقرية اإلمام‬
‫علي لعباس محمود العقاد ضمن سلسلةالعبقريات اإلسالمية ‪ ،‬وتناول في الكتاب نشأته وثقافته ونبوغه األدبي‬
‫في الشعر والفصاحة والبالغة‪ ،‬كما يتحدث عن حياته كخليفة ورجل سياسة‪ ،‬وسماه الشهيد أبا الشهداء‪ ]214[.‬كما ألف الدكتور طه‬
‫حسين كتاب الفتنة الكبرى بجزأين‪ ،‬وكان الجزء الثاني منه بعنوان "علي وبنوه" جاء فيه‪« :‬كان الفرق بين علي ومعاوية عظيمًا‬
‫في السيرة والسياسة‪ ،‬فقد كان علي مؤمنًا بالخالفة ويرى أن من الحق عليه أن يقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس‪ ،‬أما‬
‫معاوية فإنه ال يجد في ذلك بأسًا وال جناحًا‪ ،‬فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون‪ ،‬وكان الزاهدون يجدون عند علي ما‬
‫يحبون»‪ ]215[]170[.‬وعبدالرسول زين الدين في كتابه "المنتخب من كالم اإلمام علي في مصادر التاريخ و األدب" جمع منتخب كلمات‬
‫[‪]216‬‬
‫علي بن أبي طالب و احاديثه المتناثرة في كتب التاريخ واألدب والفلسفة والنوادر اإلسالمية فيما دون سنة ‪ 900‬للهجرة‪.‬‬

‫ولعلي الكثير من التصاوير منها رسم يفترض أنه تم رسمه على جلد غزال من قبل شخص معاصر له‪ ،‬وهناك نسختان منها‪،‬‬
‫أحداها محفوظة في المتحف اإليطالي بروما‪ ،‬واألخرى باللوفر‪ ]217[،‬أما باقي التصاوير فتعتمد على صفاته المروية‪ ،‬وفي كثير من‬
‫الصور يظهر علي وبقربه أسد رابض كناية عن إحدى كراماته‪.‬‬

‫علي بن أبي طالب في السينما والتلفزيون‬


‫ظهرت شخصية علي بن أبي طالب على شاشة التلفاز ألول مرة بعد منع األزهر لتجسيد آل بيت الرسول‪ ،‬و ذلك عن‬
‫طريق مسلسل عمر الذي أثار جدال بين المسلمين لدى عرضه و قد كان من إخراج المخرج السوري حاتم علي و قد جّسد دور‬
‫اإلمام علي بن أبي طالب الممثل التونسي غانم الزرلي‪.‬‬

‫ألقابه‬
‫من ألقابه‪:‬‬

‫ولي هللا‪ :‬حيث يقول بعض المفسرين مثل الطوسي أنه نزلت فيه آية‪ِ﴿ :‬إَّن َم ا َو ِلُّي ُك ُم ُهَّللا َو َر ُسوُلُه َو اَّلِذيَن آَم ُنوا اَّلِذيَن ُيِقيُموَن‬ ‫‪‬‬
‫[‪]219[]218‬‬
‫الَّصالَة َو ُيْؤ ُتوَن الَّز َك اَة َو ُه ْم َر اِكُعوَن ﴾ (المائدة‪.)55:‬‬
‫[‪]221[]220‬‬
‫حيدرة‪ :‬وتعني األسد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫[‪]221‬‬
‫المرتضى‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أمير المؤمنين ‪ :‬تعده بعض الروايات الشيعية أول من لقب بأمير المؤمنين‪ ]223[]222[،‬بينما تشير الروايات السنية أن عمر بن‬ ‫‪‬‬
‫الخطاب أول من تسمى بأمير المؤمنين‪.‬‬
‫[‪]224[]220‬‬
‫يعسوب المؤمنين ويعسوب الدين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫[‪]224‬‬
‫الصديق األكبر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪16‬‬
‫[‪]224‬‬
‫الفاروق االعظم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫باب مدينة العلم‪ :‬وهي تسمية مستندة لحديث الرسول محمد بن عبد هللا يقول فيه‪« :‬أنا مدينة العلم وعلي بابها» وهو حديث‬ ‫‪‬‬
‫يقبله كل الشيعة وبعض أهل السنة كالسيوطي الذي ذكر في كتابه تاريخ الخلفاء أنه حسن‪ ]225[،‬أما السلفية يرفضون هذا الحديث‪.‬‬
‫[‪]228[]227[]226‬‬

‫وليد الكعبة‪ :‬لما ذكر بأنه ولد داخل الكعبة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫[‪]150‬‬
‫شهيد المحراب‪ :‬ألنه قتل أثناء الصالة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫[‪]221‬‬
‫وُيكَّن ى‪:‬‬

‫أبو الحسن‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫[‪]229‬‬
‫أبو تراب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أبو السبطين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أبو الحسنين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أبو الريحانتين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عائلته‬
‫[‪]230‬‬
‫نسبه‬

‫أبوه أبو طالب ‪ -‬واسمه عبد مناف ‪ -‬بن عبد المطلب ‪ -‬واسمه شيبة ‪ -‬بن هاشم ‪ -‬واسمه عمرو ‪ -‬بن عبد مناف ‪ -‬واسمه‬ ‫‪‬‬
‫المغيرة ‪ -‬بنقصي ‪ -‬واسمه زيد ‪ -‬بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ‪ -‬واسمه قيس ‪-‬‬
‫ولقبه قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ‪ -‬واسمه عامر ‪ -‬بن إلياس بن مضر بن نزار بنمعد بن عدنان‪.‬‬
‫أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ‪ -‬واسمه عمرو ‪ -‬بن عبد مناف ‪ -‬واسمه المغيرة ‪ -‬بن قصي ‪ -‬واسمه زيد ‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ‪ -‬واسمه قيس ‪-‬‬
‫ولقبه قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ‪ -‬واسمه عامر ‪ -‬بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان‪.‬‬
‫لدى علي ثالثة أشقاء وأختين‪ ،‬وهم‬

‫طالب بن أبي طالب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫جعفر بن أبي طالب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عقيل بن أبي طالب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أم هانئ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫جمانة بنت أبي طالب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫زوجات علي بن أبي طالب وأبناؤه منهن‬

‫تزوج نساء اخريات غير فاطمة‪ ،‬أشهرهن خولة من بني حنيفة‪ .‬وقد بلغ عدد أوالده من الذكور أحد وعشرين‪ ،‬ومن اإلناث ثماني‬
‫عشرة‪.‬‬

‫‪17‬‬

You might also like