Professional Documents
Culture Documents
قصص وروايات
قصص وروايات
التجؤوا إلى ظل خيام صارت أشبه ش يء بزرائب الحيوانات من كثرة من ينطوي تحت
سقوفها .وملا خرجت األمة إلى الصحاري افترشوا الغبراء فكان غالبهم األرض فراشهم
والسماء غطاؤهم بعد التقلب على األرائك األثيرة ،وأصبحوا ً
جياعا بعد التلذذ
ً ً
قصورا شامخة ،وانقطعت بصنوف املأكوالت ،وأصبحت منازلهم أطالال بعدما كانت
بهم السبل فال السيارات تصلهم وال الطائرات تهبط عليهم ،هذا وقد تهدمت
ّ
مساكنهم على أموالهم وأثاثهم وأرزاقهم ،وأصبحوا معدمين إال من رحمة هللا ،ثم
عطف حكومتهم وبني جنسهم ممن لم ُيصابوا بمثل مصيبتهم". ِ
الغبـراء
عية من أعظم مدن الجزيرة العربية لكونها احتوت على عدة مميزات ،فقد تعد ّ
الد ْر ّ
ِ
َ
ومركز االقتصاد ،وأهم محطات طريق القوافل، كانت مدينة السياسة واملكتبات،
كما كانت ً
مركزا من املراكز الزراعيةًّ ،
ومقرا من مقرات األعمال الخيرية واألوقاف.
َّ ً
مهيأ لقيام دولة قوية ،حيث هذه املدينة التي تعد أبرز آللئ وادي حنيفة وكان موقعها
كانت تحتوي على عدد من املواقع القديمة التي نشأت في العصر اإلسالمي أو ما
َ
قبله ،وأبرزها موقع الغ ْبراء التي تدل على الخضرة وانتشار الغطاء النباتي.ورد اسم
الغ ْبراء عند بعض الجغرافيين الذين حددوا موقعها على وادي َحنيفة بين َ َ
الع ّمارّية
وع ْرقة .ومما يدل على ذلك أن أحد روافد وادي حنيفة الواقع وسط الدرعية اسمه ِ
ُ
ش ِع ْيب غ َبيراء .وعند حديثهم عن بني حنيفة ذكروا أهل َح ْجر اليمامة وذكروا منهم
َ َ َ ُ َ
أهل غ َبيراء املعروفة في الدرعية .وقد ذكرها الشاعر الجاهلي ط َرفة بن بني غ ْبراء
الع ْبد في معلقته ،حيث قال: َ
ُ
عير امل َع َّب ِد ُوأ ْفر ْد ُت ْإفر َاد َ
الب
َ ُ ُّ
العشيرة كلها حام ْتني إلى أن َت َ
ِ ِ
ُ َ ّ َ َ ُ
اف امل َم َّد ِد أهل هذاك ِ ِ
ر الط أيت بني غ ْبر َاء ال ُي ْن ِكرونني
وال ُ ر
الد ْرعية الحالي موقع َّ
مفضل لالستيطان ،وقد نشأت فيه مستوطنات لهذا فموقع ّ
ِ
ُ ُ َ
قديمة ،منها الغ ْبراء أو غ َبيراء التي على أنقاضها نشأت مدينة الدرعية.
سبالة موض ي
ّ َ ً ُ ٌ ّ َ
ي ي
السبالة :وقف خير للمجتمع ،وسبالة موض ي مبنى أنش ئ من طابقين أرض ٍي وعلو ،
يقوم مقام املسكن ّ
املجاني ،ينزل فيه التجار والزوار القادمون إلى مدينة الدرعية،
ً
واملحتاجون ،وطالب العلم .تضم السبالة غرفا للتدريس ،وللنوم ،ولإلطعام،
َ
وللتخزين ،وإسطبالت إليواء دواب قوافل التجار.تقع سبالة موض ي شرق قصر
ُّ
سلوى ،وعلى الضفة الجنوبية الشرقية لحي الط َرْيف ،جنوب بيت املال حيث تطل
ُ
اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن على الطريق الرئيس ّ
املؤدي إليه .أسس هذه السبالة
وقفا باسم والدته موض ي بنت سلطان أبو وهطان ،التي ُعرفت سعود وجعلها ً
برجاحة عقلها ومتانة دينها ،وبمساندتها لزوجها اإلمام محمد بن سعود مؤسس
مستو نتيجة لألجزاء املتهدمة
ٍ الدولة السعودية األولى.ومنسوب الطابق األرض ي غير
من جدران منطقة الفناء الداخلي ،وواجهة اإليواء الشرقي ،وأجزاء من جدران
ُ
الحافة الغربية للفناء وبعض الخ َرز واألعمدة.
وتتألف املنطقة الشرقية من السبالة من عدة غرف مستطيلة الشكل تختلف في
َّ
مساحتها ،وتفصل بينها جدران من الل ِبن ،ويمر في وسط هذا الجانب صف من
فتحات ُوك ّو ٌ
ات ٌ األعمدة الحجرية الدائرية بقطر 40سم ،ويزين الجدر َان من الداخل
مثلثة.
داحس والغبراء
داحس والغبراء :حرب من حروب الجاهلية املشهورة ،وقد اندلعت بين َ
قبيلتي َع ْبس
بعين سنة .وقعت هذه الحرب في نجد وبالتحديد بمنطقةوذ ْبيان ،ويقال إنها دامت أ َ
ر ِ
رب ُبعاث من أطول وحرب الف َجار َ
وح ُ وحرب َ
ُ ِ البسوس ُ ُ
الحرب القصيم ،وتعد هذه
الحروب التي عاشها وخاضها العرب قبل اإلسالم.
َ ً
حصانا ال ُيشق له وداحس والغبراء هما اسمان لخيول عربية ،وقد كان (داحس)
فرسا اليشق لها غبار ،فاألول لقيس بن ُزهير َ
الع ْبس ي غبار وكانت (الغبراء) ً
َ َ
الغطفاني ،والثاني لحذيفة بن بدر الذبياني الغطفاني.
ُ
للن ْعمان بن امل ْن ِذر ُسلبت وكانت تحت حماية كان سبب الحرب أن قافلة ُح ّجاج ُّ
َ
قبيلة بني ِذ ْبيان .هذا األمر أدى إلى نقل النعمان الحماية من بني ِذ ْبيان إلى بني َع ْبس.
ُ ُ
وح َم ُل ابنا بدر الذبيانيان ملقابلة قيس بن ذيفة َ َح ِن َق الذبيانيون من ذلك وأتى ح
ُزهير العبس ي واتفقوا على إقامة سباق للخيول ومن يفوز بالسباق يحصل على ّ
حق
الحماية.
ً
بدأ السباق بين الفرسين ،وجرى االتفاق على خط سير السباق وكان طويال ،ولكن
بني ذبيان اتفقوا على الفوز بهذا السباق بالحيلة فأوعزوا إلى بعض األشخاص
ً
متقدما على ً
داحسا باالختباء بأحد الشعاب ،وقال لهم َح َم ُل بن بدر :إذا وجدتم
َ
الغ ْبراء في السباق فردوا وجهه كي تسبقه الغبراء.
فكان الذي قال؛ فقد تقدمت داحس فخرج لها القوم ووقعت في ٍ
واد وتأخرت عن
ً
داحسا وصلت قبله ،فلما وصل الغالم قائد السباق وفاز فرس حذيفة بن بدر؛ ألن
ّ
داحس حكى ما حصل له في الطريق ،فكذبه حذيفة ،ثم مض ى قيس وأصحابه.
ً
داحسا اعترف بما جرى فبدأ الخالف لكن الذي جرى أن الرجل الذي أوقع الحصان
بين الرجلين؛ ألن حذيفة يطالب بحقه في السباق وأرسل ابنه للمطالبة بذلك ،فقتله
زهير وارتحل بقومه.
علم حذيفة بمقتل ابنه فلحق بعبس ولكنهم فاتوه .وبدأت االستعدادات للحرب بين
الطرفين وبدأ االحتشاد وقتل بنو ذبيان مالك بن زهير أخا قيس ،مع أنه لم يتدخل
في ذلك الخالف .جرى عدد من املعارك بين الطرفين مثل معركة العذق التي انهزمت
ً
قومه؛ فتجددت الحرب مرة حذيفة ثم ُأطلق سراحه ،ولكن َذ َّم ُه ُُ ُ
فيها ِذ ْبيان وأ ِس َر
أخرى .واستمرت الحرب أربعين سنة ،حتى قام رجالن هما الحارث بن َع ْوف َ
وه ِر ُم بن
فأد َ ّ
الذ ْبيانيان َّ ّ ّ ُ
يات القتلى الذين فضلوا بعد إحصاء قتلى د
ِ ِ ِهمامال من ا ي ِ ان ي ر
ِسنان امل ِ
ْ
هير بن أبي ُسلمى في معلقته.
نار الحرب ،وقد مدحهما ز ُ الحيين ،وأطفآ بذلك َ
طسم وجديس
َ ْ َ
طسم وجديس :قبيلتان عربيتان استوطنتا وسط الجزيرة العربية وسيطرتا عليها ثم
جد واحد هو سام بن نوح عليه السالم . بادت حضا تاهما .والقبيلتان ترجعان إلى ّ
ٍ ر
ْ َ ْ َ ْ َ
و
سكنت قبيلة (طسم) في مدينة حجر املعر فة بحجر اليمامة ،الواقعة بين وادي
حاليا بوادي البطحاء ويخترق مدينة الرياض -ووادي حنيفة. الو ْتر -وهو املعروف ًّ
ِ
(ج ّواسمها َ ضرمة) ليصبح ُ أيضا (الخ ْ
سمى ً (ج ّو) ُوت ّ(جديس) منطقة َ وسكنت قبيلة َ
ِ ِ
إقليم اليمامةوج ِديس َ وع ّمرت قبيلتا َط ْسم َ َ
بالخ ْرجَ . ض ِر َمة) ،وهو ما يعرف اليوم الخ ْ
ِ
َ
وأفضلها في عمارته وزراعته.كانت ط ْسم أقوى ِ وأصبح هذا اإلقليم من أخصب البالد
لط ْسم على َجديس ،وكان لطسم ٌ َ
ملك من َجديس فكانت القوة والسيطرة والغلبة
َ َ ً
(ع ْم ِل ْيق) ،وكان هذا امللك ظاملا.واستمر هذا الظلم إلى أن أ ِنف منه رجل من اسمه ِ
وأصحابه للملك يصنع أن له باطنة مع واتفق غفار، بن األسود له: يقال ديس ج َ
ِ ٍ
َ ً
طعاما ،ويدفنوا سيوفهم في الرمل ،فإذا جلسوا لألكل ثاروا بهم ووضعوا فيهم
السيوف ،فتم لهم ذلك .وفي ذلك قيل:
َ
لياليك ف ِه ْي ِس ْي ِه ْي ِس ي إحدى َ
س يا َط ْس ُم ما لقيت من َجد ْ
ي
ِ ِ ِ
ُ َّ َ
بعد هذه املقتلة ،هرب رجل من ط ْسم وهو ِرياح بن ُم ّرة الط ْسمي إلى حسان بن ت َّبع
ُ
ملك اليمن ،واستنصر به ،فانتصر ت ّبع لطسم وخرج في جيش إلى اليمامة. بن أسعد ِ
أختا مز َّوجة في َجديس، قريبا منها على ثالث مراحل ،قال له ياح :إن لي ً فلما كان ً
ر
َ
القوم اكب من مسيرة ثالث ،وإني أخاف أن َ
تنذر يقال لها :اليمامة ،وإنها َل ُت ْبص ُر الر َ
ِ
أصحابك فليقطع كل رجل منهم شجرة فيجعلها أمامه؛ ففعلوا ذلك. َ بكُ ،
فم ْر
ً ّ وأبصرْت ُه ْم وقالت َ
لجديس :هللا أكبر! لقد سارت ِح ْم َير! فكذبوها ،قالت :إني أرى رجال َ
َ ْ ْ َ َ ٌ َّ ُ
يتعرقها أو ن ْع ٌل َيخ ِص ُفها .فقالوا :خرف ِت! ولم يلتفتوا في شجرة ،ومعه ك ِتف
ْ َ َ ّ
اإلث ِمد،
إليها.فصبحهم حسان فأبادهم ،وفقأ عين زرقاء اليمامة املذكورة ،فوجد فيها ِ
ُْ وهو الذي كان ُيعينها على ح ّدة النظر مع ما َّرك َب ُ
هللا فيها من قوة البصر .وصار املل ُك ِ ِ
غل َب ْت عليها بنو حنيفة من العرب ،ولم َ َ َ
يبق منهم باقية .وانقرضت إلى ط ْسم ،ثم
ن ُّ ُ َ ْ َ ْ َ
و
قبيلتا طسم وج ِديس ولم يبق من آثارهم إال ما ذكره املؤرخو والر اة األوائل من
َّ َُ
والشموس َ
وح ْجر منازلهم وآثارهم .اليمامة :اسمها القديم َج ّو ،واملش ّقر ُوم ْع ِنق
وج ْع َدة وخضراء َح ْجر وباب القريتين. والقرية َ
غصيبة
َ
تقع غ ِص ْي َبة في الطرف الشمالي لحدود الدرعية القديمة في زاوية التقاء ش ِع ْيب
َ
قل ْي ِقل بوادي حنيفة ،وهي على قمة هضبة محاطة بالوادي من ثالث جهات،
عال يصل ُس ْمكه إلى أربعة أمتار ،تتوسطه ُ ّ
وحصنت الجهة الشمالية بسور قوي ٍ
َ
الجمال .تعد غ ِص ْيبة هي أساس الدرعية إلى أن بوابة كبيرة تسمح بدخول قوافل ِ
هرة َس ْمحان في عهد اإلمام محمد بن سعود ثم إلى انتقل مقر الحكم منها إلى َظ َ
ُّ
الط َرْيف في عهد اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود.وبعد انتقال مقر الحكم من
ّ ً غصيبة لم ُ
واستمر تخل من السكان وما زالت أجزاء قليلة من معاملها باقية إلى اليوم
حضورها إلى جانب بقية أحياء الدرعية ،بل ّإن اإلمام سعود بن عبدالعزيز بنى فيها
ً ً ً
صامدا حتى اآلن برغم القصف املدفعي العنيف قصرا شامخا ما زال أحد أبراجه
الذي أصابه إبان معارك تدمير الدرعية.
ٌ ّ
مشرف في حماية البوابة الشمالية للدرعية ضد هجمات قوات
كان لغصيبة أثر ِ
إبراهيم باشا عليها عام 1٢٣٣هـ (1818م) ،وتحصن بها األمير سعد بن عبدهللا بن
جده في معارك الحصار ،وقاوم هو ومن معه مدافع القوات سعود في قصر ّ
ِ
العثمانية املعتدية التي أمطرت غصيبة والقصر بوابل من القذائف التي هدمت
رؤوس البروج والجدران ،وانتهى األمر بجنوح األمير سعد والذين معه إلى املصالحة
بعد استسالم والده اإلمام عبدهللا بن سعود ً
حقنا للدماء.
مجلس اإلمام
يعد الجلوس الستقبال الناس وقضاء حاجاتهم من أبرز سمات الحكم في الدولة
السعودية .وقد بدأت الدولة السعودية األولى تطبق هذا التقليد منذ عهد اإلمام
محمد بن سعود .كان املجلس يتضمن عدة جلسات ،فبعضها كانت جلسة علمية
ً
وأحيانا تكون اجتماعية لتداول الرأي في بعض القضايا لتدارس العلوم بأنواعها،
ً
وأخيرا تكون الجلسة الستقبال الشعب وقضاء حاجاتهم. االجتماعية،
جزءا ر ً
ئيسا في صغيرا ،ولكن بعد ذلك خصصت الدولة له ً
ً في أول األمر كان املجلس
قصر سلوى ،وفي عهد اإلمام سعود بن عبدالعزيز ُبنيت توسعة خاصة للمجلس
فبلغت مساحته خمسين سارية ،وشغل ثالثة طوابق ،وهذا األمر يعكس العناية التي
كانت توليها الدولة هذا الجانب.
ً
من تقاليد مجلس اإلمام أن يحضر إخوانه وأبناء عمومته وأقاربه وخاصته أوال
ويحض ُر ُ
أحد ُ فيأخذوا أماكنهم ،ثم يأتي اإلمام فيجلس في مكانه املخصص له،
ّ
العلماء للقراءة في أحد التفاسير ،حتى إذا انتهى من قراءته علق اإلمام عليها وشرح ما
يحتاج منها إلى تفسير .وإذا انتهى من هذا الد س املختصرّ ،
تقدم إليه أهل ر
ُ
اإلمام الحاجات ،سواء كانوا من الحاضرة أو البادية ،وجلس ُ
كاتبه عن يساره ،فيبت
أمورهم ويقض ي حاجاتهم ،ثم ينصرف إلى قصره فيصعد إليه ُ
كاتبه ليكتب الردود َ
على ما ُرفع إليه إلى أن يصلي العصر .ثم بعد ذلك يعود بعد املغرب فيجلس الناس
عنده لالستماع إلى الدرس ،بحضور إخوانه وأقاربه وأهل الدرعية واملناطق املجاورة.
خادم الحرمين الشريفين
أعلن امللك فهد بن عبدالعزيز في الثامن والعشرين من شهر صفر من عام 1407هـ،
األول من نوفمبر من عام 1986م قراره بتغيير لقب (صاحب الجاللة) إلى لقب
عما يتشرف به من خدمة الحرمينتعبيرا ّ
(خادم الحرمين الشريفين) ،وذلك ً
َ
العمل لخدمة الحرمين الشريفين ،حيث سخر امللك الشريفين ،ويعكس هذا القرار
ً
فهد نفسه لخدمتهما؛ فاستحق هذا اللقب الذي أصبح متوارثا ألي ملك يتولى الحكم
في اململكة .شهد عهد امللك فهد بن عبدالعزيز أكبر توسعة للحرمين ،ففي إحدى
دائما ً ً
قائال" :إن من دواعي الشكر والحمد ً
وأبدا هلل وحده املناسبات أعلن امللك فهد
َ
ْأن وفقنا بفضله وأكرمنا بعونه؛ إذ مكننا من إنجاز هذه املشروعات العمالقة
العظيمة التي تجري اآلن في كل من مكة املكرمة واملدينة املنورة مواصلة الليل بالنهار
الستكمال جميع مراحلها في أقرب وقت ممكن إن شاء هللا ،ولقد كانت هذه
ثت بها ظن البعض أنها حد ُ
حلما يراودني منذ سنوات عديدة ،وعندما ّ
اإلنجازات ً
ض ْر ٌب من ضروب الخيال ،ولكن هللا -جلت قدرته وسبقت إرادته -أراد لحكومة هذه َ
البالد وأهلها أن يحظوا بشرف هذا العمل العظيم ،وإال فمن كان يصدق أن يتسع
قديما ،لكي يستوعب مئات األلوف من زوار املسجد النبوي ليشمل مساحة املدينة ً
املدينة وبهذه الجودة وهذا اإلتقان املعماري الذي نراه ً
قائما في كل زاوية من زوايا
الحرم النبوي والحرم املكي" .
ومن جانب تاريخي للقب خادم الحرمين الشريفين ،نجد أن أول من اتخذ هذا اللقب
هو صالح الدين األيوبي عندما حرر بيت املقدس ،حيث ُوجد نقش على قبة يوسف
ُ
قرب قبة الصخرة في القدس الشريف كتب عليها" :بسم هللا الرحمن الرحيم
وصلواته على محمد النبي وآله ،أمر بعمارته وحفر الخندق موالنا صالح الدنيا
والدين سلطان اإلسالم واملسلمين خادم الحرمين الشريفين".
عثمان املضايفي
من أشهر قادة الدولة السعودية األولى عثمان بن عبدالرحمن املضايفي ،الذي كان
يعمل لدى الشريف غالب بن مساعد أمير مكة املكرمة ،وتعود تسميته باملضايفي
إلى أنه كان ً
وزيرا للشؤون الخاصة لغالب .زار عثمان املضايفي الدرعية عام 1٢17هـ
ً
(180٢م) حامال رسالة من الشريف غالب إلى اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود
لتجديد الصلح والعهود .وألن عثمان وجد الدولة السعودية دولة قوية يتمتع حاكمها
بالقوة عرض على اإلمام أن يكون أحد رجاله ً
وتابعا للدولة السعودية ،فوجد
الترحيب من اإلمام كما أسند له اإلمام إمارة الطائف وما حولها حيث كتب إلى
مشايخ القبائل يخبرهم بأنه عين عثمان ً
أميرا عليهم ويطلب منهم طاعته ومساندته.
نزل بعدها عثمان في ُ
الع َب ْيالء وانضم له كثير من قبائل الحجاز ،كما واجه قوات
الشريف غالب وتمكن من هزيمتها في معركة العبيالء ،ثم توجه إلى الطائف وتمكن
من ضمها بعد هزيمة الشريف غالب .كما كان لعثمان املضايفي أثر كبير في تثبيت
حكم الدولة السعودية األولى ومواجهة أعدائها ،من ذلك مواجهته لحمالت محمد
علي وهزيمتها في مواقع كثيرة.
تميزت شخصية عثمان املضايفي بالشجاعة والبسالة والقدرة على استمالة اآلخرين
وإقناعهم؛ لذلك نجد أن حمالت محمد علي قد ركزت عليه بعد وصولها إلى الحجاز
حيث وضع الشريف غالب جائزة تقدر بخمسة آالف فرس ملن يقبض على عثمان
املضايفي ،وهذا أدى إلى غدر بعض ضعاف النفوس به وتسليمه للشريف .حاول
اإلمام سعود بن عبدالعزيز فك أسره حيث أرسل مبعوثين إلى جدة ملقابلة طوسون
باشا والشريف غالب للمطالبة باإلفراج عن عثمان مقابل فدية مقدارها مئة ألف
ُ
فرس إال أن طوسون رفض وأرسله إلى مصر ،ومنها إلى إسطنبول حيث قتل بها عام
1٢٢8هـ (181٣م).
الور اقة
هي مهنة َ
الو ّراقين ،وهم أناس امتهنوا نسخ الكتب فجعلوا ذلك حرفتهم التي
ألن الناس ً
قديما قبل زمن الطباعة كانوا يكتبون الكتب املؤلفة يتكسبون منها؛ ّ
ً ً
أعدادا من النسخ ،إما رغبة في نشر العلم بين بأيديهم ،فاحتاجوا إلى من ينسخ لهم
الناس ،وإما للمحافظة على الكتب من االندثار والفقدان.
عدد من الوراقين اشتهروا وكان في الدرعية عاصمة الدولة السعودية وعموم نجد ٌ
ٍ
ً ً
تطويرا وتحديثا ،ومن أبرز بهذه الحرفة ،وهو ما جعل للدرعية سمات مميزة في الخط
َ َ
وراقي الدرعية :سليمان بن مش َّرف ،وأحمد امل ْرشدي ،وعبدهللا بن غانم،
الوراقة ثالثة أشياء :األوراق، عة صْ
ن وعبدالرحمن بن عيس ى ،وغيرهم .وعمدة َ
ِ
واألقالم ،واألحبار .فأما األوراق فكانت لها أنواع تتفاوت من حيث النقاء واملتانة
ّ
والليونة وحسن الصقل وتناسق أطرافها .وكانت تلك األوراق تأتيهم غير مسطرة،
فيعمد الو ّراقون إلى تسطيرها بالضغط على شبكة من الخيوط املستقيمة التي تترك
والنقس،والزاج ّ بارزا على صفحات األوراق .وأما األحبار فتسمى كذلك املداد َّ أثرا ً
ً
ِ ِ
يصنعونه بأنفسهم من مواد مختلفة، عموما ّ ً وقد كان الوراقون في الدرعية ونجد
ِ
َ َ
صنع من ال ِع ْفص والصمغ والزاج واملاء ،وأدنى أنواعه ما صنع من األ ْرطى وأجوده ما ُ
مع الصمغ والزاج واملاء ،وله عدة ألوان أشهرها األسود القاتم ،واألسود املائل إلى
الخضرة ،واألحمر ،واألصفر.
ُ
محل عناية من الوراقين والك ّتاب ونحوهم ،وكانت
كما كانت الدواة التي تحفظ الحبر ّ
ّ ُ
تصنع في الدرعية ونجد عمو ًما من خشب األشجار ِ
املحلية وال سيما األثل الذي يكثر
َ
القصب املحلي الذي ينبت في في تلك األماكن.واعتمد ّ
الوراقون إلعداد األقالم على
املزارع والوديان وجداول املياه .واألقالم أنواع من حيث الصالبة واللين فيختار
املناسب منها بحسب الورق الذي سيكتب عليه ،فالورقة اللينة يكتب عليها بقلم
لين ..وهكذا.
ويتميز كل وراق عن غيره في طريقة َ
الب ْري ،وربما أخفى بعضهم طريقة بريه كيال يقلده
فيها غيره ،ولكي ينفرد بها عمن سواه ،وال بد للقلم أال يطول عن الشبر ،وأن يناسب
حجم اليد.
وتتعدد أنواع الخطوط التي يكتب بها الوراقون؛ فمنها النسخ والرقعة والرقاع ،وهما
ً
أكثرها استعماال في نجد عن بقية الخطوط األخرى مثل الكوفي والثلث.
واعتنى الوراقون وتنافسوا إلظهار الكتاب في أبهى حلة ،ومن ذلك غالف الكتاب الذي
ُ
يحوي عنوانه ومؤلفه ،فكانوا يكتبونه في مثلث مقلوب قاعدته إلى األعلى وهو األكثر،
ّ
أو في دائرة في أعلى الغالف ،وقد يحلى الغالف ببعض الرسوم أو الزخارف أو األشكال
الهندسية.
ً
كما اعتنوا كذلك بتجليد الكتاب حفاظا عليه من التلف ،مع ضعف اإلمكانات
املتاحة لهم ،فمنهم من كان يضعه في كيس مصنوع من الجلد ،أو يلفه في الجلد دون
الكتب بذكر أسمائهم ومنطقتهم وقد يذكرون مذهبهم خياطة .ويختم الوراقون ُ
ّ
ويؤرخون لختم كتابتهم ،ويذكرون أشياء أخرى في عبارة معتادة ،مثل" :بقلم العبد
ِ
الفقير ّ
املقر ملواله بالتقصير ،راجي عفو ربه السميع البصير ."..ويذكر الناسخ اسمه
ولقبه وقبيلته ومذهبه ومدينته ،وهكذا ،وقد يدعو لنفسه وجماعته وللمسلمين
أجمعين.