You are on page 1of 857

‫الكتاب غير مهذب‬

‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةُ الفا ِت َح ِة‬


‫س َ‬‫ُ‬

‫اجح‬
‫الر ِ‬ ‫ي َم ِ ّكيَّةٌ َ‬
‫على ّ‬ ‫‪.‬و ِه َ‬
‫َ‬

‫﴿بِ ۡس ِم ٱللَّ ِه ٱ َّ‬


‫لر ۡح َم ٰـ ِن ٱ َّ‬
‫لر ِحي ِم﴾‬
‫الر ِح ِيم﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َّ :‬‬
‫﴿الرحْ َم ِن َّ‬
‫املَ ِة ِل َج ِميعِ الخَال ِئ ِ‬
‫ق في‬ ‫الرحْ َم ِة ال ّش ِ‬ ‫فان ِللَّ ِه ت َعالى‪َّ ،‬‬
‫فالرحْ َم ُن هو ذُو َّ‬ ‫ص ِ‬ ‫ُهما و ْ‬
‫ص ِة ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ ‪ ،‬قا َل اللَّهُ ت َعالى‪﴿ :‬وكانَ‬ ‫الر ِحي ُم ذُو َّ‬
‫الرحْ َم ِة الخَا ّ‬ ‫ال ُّد ْنيا‪ ،‬و َّ‬
‫ِبال ُمؤْ ِمنِينَ َر ِحي ًما﴾‬

‫‪1‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِعي ِد‬ ‫وهي أعظم سورة في القرآن‪ :‬كما في صحيح البخاري من حديث أَ ِبي َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ ،‬فَ َل ْم‬ ‫عانِي َر ُ‬ ‫ص ِلّي فَ َد َ‬‫ع ْنهُ‪َ ،‬قا َل‪ُ :‬ك ْنتُ أ ُ َ‬‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ب ِْن ال ُم َعلَّى‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬
‫أ ُ ِج ْبهُ َحتَّى صلَّيت َوأَت َ ْيتُهُ‪ ،‬فَقَا َل‪َ " :‬ما َم َن َع َك أ َ ْن ت َأ ْ ِت َي ِني؟ "‪ .‬قَا َل‪ :‬قُ ْلتُ ‪َ :‬يا‬
‫اللهُ‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا‬
‫ص ِلّي‪ .‬قَا َل‪ " :‬أَلَ ْم يَقُ ِل َّ‬‫سو َل اللَّ ِه‪ِ ،‬إنِّي ُك ْنتُ أ ُ َ‬‫َر ُ‬
‫ظ َم‬ ‫عا ُك ْم ِل َما يُحْ يِي ُك ْم﴾ ث ُ َّم قَا َل‪ََ " :‬ل ُ َ‬
‫ع ِلّ َمنَّ َك أ َ ْع َ‬ ‫سو ِل إِذَا َد َ‬ ‫ا ْست َِجيبُوا ِللَّ ِه َو ِل َّ‬
‫لر ُ‬
‫آن َق ْب َل أ َ ْن ت َْخ ُر َج ِمنَ ْال َمس ِْج ِد "‪َ .‬قا َل‪َ :‬فأ َ َخ َذ ِب َيدِي‪َ ،‬ف َل َّما أ َ َرا َد أ َ ْن‬ ‫ورةٍ ِفي ْالقُ ْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ُ‬
‫ورةٍ فِي‬
‫س َ‬ ‫ظ َم ُ‬ ‫ع ِلّ َمنَّ َك أ َ ْع َ‬ ‫ت‪ََ " :‬ل ُ َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه ِإ َّن َك قُ ْل َ‬
‫يَ ْخ ُر َج ِمنَ ْال َمس ِْج ِد قُ ْلتُ ‪ :‬يَا َر ُ‬
‫س ْب ُع ْال َمثَانِي َو ْالقُ ْر ُ‬
‫آن‬ ‫ي‪ :‬ال َّ‬ ‫آن "‪َ .‬قا َل‪ " :‬نَعَ ْم‪ْ ،‬ال َح ْم ُد ِللَّ ِه َربّ ِ ْال َعالَ ِمينَ ِه َ‬ ‫ْالقُ ْر ِ‬
‫‪ْ ".‬ال َع ِظي ُم الَّذِي أُوتِيتُهُ‬

‫وال تصح الصالة بدون قراءة الفاتحة‪ ،‬كما في الصحيحين من حديث عبادة‬
‫ص َالة َ ِل َمن َل ْم يَ ْق َرأْ بفَا ِت َح ِة ال ِكت َا ِ‬
‫ب‬ ‫"بن الصامت "ال َ‬

‫﴿ال َح ْم ُد ِللَّ ِه َربّ ِ ْال َعالَ ِمينَ ﴾ دليل على كمال صفات الله عز وجل‬
‫وقوله‪ْ :‬‬
‫وعلى كمال نعمه على عباده‪َ ،‬لن الحمد المطلق ال يستحقه إال من كان‬
‫﴿و َما بِ ُك ْم ِم ْن نِ ْع َم ٍة فَ ِمنَ اللَّ ِه﴾‬
‫كامال في وصفه‪ ،‬كامال في فعله‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬

‫‪2‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عالَ ٍم‪َ ،‬و ُه َو ُك ُّل َم ْو ُجو ٍد ِس َوى اللَّ ِه َ‬


‫ع َّز َو َج َّل‪ ،‬و َبيَّنَ َذ ِل َك‬ ‫َو ْ‬
‫"ال َعالَ ِمينَ "‪َ :‬ج ْم ُع َ‬
‫ت‬
‫س َم َاوا ِ‬‫ع ْو ُن َو َما َربُّ ْال َعالَ ِمينَ ‪َ ،‬قا َل َربُّ ال َّ‬ ‫ضعٍ آخ ََر بِقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬قَا َل فِ ْر َ‬
‫في َم ْو ِ‬
‫ض َو َما َب ْينَ ُه َما ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم ُمو ِق ِنينَ ﴾‬
‫اَلر ِ‬
‫َو ْ‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ما ِل ِك يَ ْو ِم ال ّد ِ‬


‫ِين﴾‬
‫ِين﴾ ﴿ث ُ َّم ما أ ْد َ‬
‫راك ما َي ْو ُم‬ ‫﴿وما أ ْد َ‬
‫راك ما َي ْو ُم ال ّد ِ‬ ‫لَ ْم يُ َب ِيّ ْنهُ ُهنا‪ ،‬و َبيَّنَهُ في قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫س ِلنَ ْف ٍس َ‬
‫ش ْيئًا﴾‬ ‫ِين﴾ ﴿يَ ْو َم ال ت َْم ِلكُ نَ ْف ٌ‬
‫ال ّد ِ‬
‫ش ْيئًا‪َ ،‬وفِي ْالقُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫ِين َِلَنَّهُ َال يَ َّد ِعي أ َ َح ٌد ُهنَا ِل َك َ‬ ‫يف إِلَى يَ ْو ِم ال ّد ِ‬ ‫ض َ‬ ‫َوإِنَّ َما أ ُ ِ‬
‫ار﴾‬ ‫اح ِد ْال َق َّه ِ‬
‫ْال َع ِظ ِيم‪ِ ﴿ :‬ل َم ِن ْال ُم ْلكُ ْال َي ْو َم ِللَّ ِه ْال َو ِ‬

‫َّاك‪َ ،‬و َال نَت ََو َّك ُل ِإ َّال َ‬


‫ع َلي َْك‪،‬‬ ‫ين﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬ال نَ ْعبُ ُد ِإ َّال ِإي َ‬ ‫َّاك نَ ْست َ ِع ُ‬
‫َّاك نَ ْعبُ ُد َو ِإي َ‬
‫﴿ ِإي َ‬
‫ش ْر ِك‪َ ،‬والثَّانِي تَبَ ُّر ٌؤ ِمنَ ْال َح ْو ِل والقوة‪ ،‬والتفويض ِإلَى اللَّ ِه‬ ‫فَ ْاَل َ َّو ُل تَبَ ُّر ٌؤ ِمنَ ال ِ ّ‬
‫علَ ْي ِه َو َما َرب َُّك بِغَا ِف ٍل‬ ‫ع َّز َو َج َّل‪َ .‬و َهذَا ْال َم ْعنَى َكقَو ٍل ِه تَعَالَى‪َ ﴿ :‬فا ْعبُ ْدهُ َوت ََو َّك ْل َ‬ ‫َ‬
‫ق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬
‫ب َال ِإلَ َه ِإال ُه َو فَات َّ ِخ ْذهُ َو ِكيال﴾‪.‬‬ ‫﴿ربَّ ْال َم ْش ِر ِ‬
‫ع َّما ت َ ْع َملُونَ ﴾ وقوله‪َ :‬‬
‫َ‬
‫أشار َم ْعنى ال إلَهَ ّإال اللَّهُ‬ ‫َ‬ ‫‪.‬وقَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إي َ‬
‫ّاك نَ ْعبُدُ﴾‬

‫ط ٱ ۡل ُم ۡست َ ِقي َم﴾ ْال ِه َدا َيةُ قِس َمان‪ :‬هداية ْ ِ‬


‫اْل ْرشَا ِد َوالد ََّاللَ ِة‬ ‫وقوله‪﴿ :‬ٱ ۡه ِدنَا ٱل ِ ّ‬
‫ص َر ⁠ٰ َ‬
‫صراطٍ ُم ْست َ ِق ٍيم﴾‬ ‫كقوله‪﴿ :‬وإنَّ َك َلت َ ْهدِي إلى ِ‬
‫‪.‬وهداية الت َّ ْوفِيق‬
‫َ‬
‫‪3‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الزيا َد ِة‪ ،‬قال ت َعالى‪َّ :‬‬


‫﴿والذِينَ ا ْهت َ َد ْوا زا َدهم ُهدًى﴾ أو طلب‬ ‫ب ِّ‬‫طلَ ُ‬
‫وهي هنا َ‬
‫‪.‬الثبات‬
‫‪.‬وفي الحديث "فالصرا ُ‬
‫ط اْلسال ُم" صححه اَللباني في صحيح الجامع‬

‫ع َل ْي ِه ْم﴾‬
‫ت َ‬ ‫ط الَّذِينَ أ ْن َع ْم َ‬‫﴿صرا َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ :‬‬
‫ضعٍ آخ ََر بِقَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫الء الَّذِينَ أ ْن َع َم َعلَ ْي ِه ْم‪ .‬وبَيَّنَ ذَ ِل َك في َم ْو ِ‬‫لَ ْم يُ َبيِّ ْن ُهنا َمن َه ُؤ ِ‬
‫داء‬ ‫علَ ْي ِه ْم ِمنَ ال َّنبِيِّينَ وال ِ ّ‬
‫ص ّدِيقِينَ وال ُّ‬
‫ش َه ِ‬ ‫﴿فَأُو َلئِ َك َم َع الَّذِينَ أ ْنعَ َم اللَّهُ َ‬
‫سنَ أُولَئِ َك َر ِفيقًا﴾‬ ‫صا ِل ِحينَ و َح ُ‬ ‫وال ّ‬

‫ع َل ْي ِه ْم﴾ ال َي ُهو ُد كما‬


‫ب َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم وال الضّالِّينَ ﴾ ﴿ال َم ْغ ُ‬
‫ضو ِ‬ ‫ب َ‬
‫ضو ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬‬
‫غي ِْر ال َم ْغ ُ‬
‫ب﴾‬
‫ض ٍ‬
‫على َغ َ‬
‫ب َ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬فبا ُءوا ِبغَ َ‬
‫ض ٍ‬
‫ضلُّوا ِمن‬ ‫و ”الضّالُّونَ “ النَّصارى‪ .‬كما قال تعالى‪َ :‬‬
‫﴿وال تَتَّبِعُوا أ ْهوا َء قَ ْو ٍم قَ ْد َ‬
‫س ِبي ِل﴾‬
‫واء ال َّ‬
‫س ِ‬ ‫ضلُّوا َ‬
‫ع ْن َ‬ ‫ضلُّوا َك ِث ً‬
‫يرا و َ‬ ‫قَ ْب ُل وأ َ‬
‫وإن الضّالِّينَ ال َّنصارى»‬
‫علَ ْي ِه ْم ُه ُم اليَ ُهودُ‪َّ ،‬‬
‫وب َ‬
‫ض َ‬‫إن ال َم ْغ ُ‬
‫وفي الحديث « َّ‬
‫‪.‬صححه اَللباني وغيره‬

‫فاليهود ضلوا على علم فغضب الله عليهم‪ .‬والنصارى عبدوا الله على جهل‬
‫‪.‬فضلوا سواء السبيل‬
‫‪4‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يقول سفيان بن عيينة‪" :‬من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود‪ ،‬ومن فسد‬
‫‪".‬من عبادنا ففيه شبه من النصارى‬

‫ففي سورة الفاتحة أقسام التوحيد الثالثة وكذا في سورة الناس وهذا دليل‬
‫‪.‬على أن التوحيد هو محور القرآن‬

‫‪.‬تمت سورة الفاتحة والحمد لله‬

‫ور ِة ا ْلبَقَ َر ِة‬


‫س َ‬‫ُ‬

‫‪.‬وهي َم َدنِيَّةٌ‬

‫الر ِح ِيم‬ ‫ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬


‫الرحْ َم ِن َّ‬

‫‪:‬من فضائل السورة‬

‫سو َل َّ‬
‫الل ِه ﷺ قَا َل‪َ " :‬ال تَجْ َعلُوا بُيُوت َ ُك ْم‬ ‫ع ْن أَبِي ُه َري َْرةَ‪ :‬أ َ َّن َر ُ‬‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم َ‬ ‫فِي َ‬
‫ورة ُ ْال َبقَ َر ِة َال يدخله الشيطان‬
‫س َ‬ ‫ْت الَّذِي يُ ْق َرأ ُ ِفي ِه ُ‬
‫ورا‪ ،‬فَإ ِ َّن ْال َبي َ‬
‫" قُبُ ً‬
‫‪5‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفيه أيضا من حديث أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫صحا ِب ِه‪ ،‬ا ْق َرؤُوا‬ ‫ش ِفي ًعا َل َ ْ‬ ‫ْ‬
‫قال‪" :‬ا ْق َرؤُوا القُ ْرآنَ فإنَّه َيأتي َي َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة َكأ َّن ُهما‬ ‫ورة َ آ ِل ِع ْمرانَ ‪ ،‬فإ َّن ُهما ت َأ ْ ِت ِ‬
‫يان يَ َ‬ ‫س َ‬ ‫َّ‬
‫الز ْه َ‬
‫راوي ِْن البَ َق َرةَ‪ ،‬و ُ‬
‫واف‪ ،‬تُحا َّج ِ‬
‫ان‬ ‫ص َّ‬ ‫طي ٍْر َ‬‫قان ِمن َ‬ ‫تان‪ْ ،‬أو َكأنَّ ُهما فِ ْر ِ‬‫تان‪ْ ،‬أو َكأنَّ ُهما غَيايَ ِ‬
‫غَما َم ِ‬
‫أخ َذها َب َر َكةٌ‪ ،‬وت َْر َكها َحس َْرةٌ‪ ،‬وال‬
‫فإن ْ‬
‫ورة َ ال َب َق َر ِة‪َّ ،‬‬
‫س َ‬‫صحا ِب ِهما‪ ،‬ا ْق َرؤُوا ُ‬‫عن أ ْ‬
‫طلَةَ‪ :‬ال َّ‬
‫س َح َرة ُ‬ ‫طلَةُ‪ .‬قا َل ُمعا ِويَةُ‪َ :‬بلَغَنِي َّ‬
‫أن البَ َ‬ ‫‪.‬ت َ ْست َِطيعُها ال َب َ‬

‫س َو ِر ِمنَ ال ُمت َشا ِب ِه الَّذِي ال‬ ‫وف ال ُمقَ َّ‬


‫ط َع ِة في أوائِ ِل ال ُّ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬الـم﴾ وسائِر ال ُح ُر ِ‬
‫‪.‬يَ ْعلَ ُمهُ ّإال اللَّهُ‬
‫‪.‬وقيل من فوائده‪ :‬أنّها إظهار ْلعجاز القرآن‬
‫ۡ‬ ‫ࣰ‬
‫َاب‪.‬‬
‫ِ ُ‬ ‫ت‬‫ك‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫أي‬ ‫"‬‫َاب‬ ‫ت‬‫ك‬ ‫ْ‬
‫ال‬
‫ِ َ ِ ُ‬ ‫ك‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫نَ‬ ‫ي‬‫ق‬ ‫َّ‬ ‫ت‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ّ‬
‫ب ِفي ِه ُه ِ ُ ِ‬
‫ل‬ ‫ى‬ ‫د‬ ‫﴿ذَ ٰ⁠ ِل َك ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ُ‬
‫ب َال َر ۡي َ‬
‫‪.‬وقَا َل اَل ْكثَرونَ أ َ َّن ذَ ِل َك ِب َم ْعنَى َهذَا‬
‫َ‬

‫ب‬
‫الر ْي ِ‬ ‫ت أُخ ََر ما َي ُد ُّل َ‬
‫على ُو ُجو ِد َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال َري َ‬
‫ْب ِفي ِه﴾ وقَ ْد جا َء في آيا ٍ‬
‫إن ُك ْنت ُ ْم في َر ْي ٍ‬
‫ب ِم ّما‬ ‫﴿و ْ‬‫شا ّكِينَ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫ار ال ّ‬ ‫اس‪ ،‬كال ُكفّ ِ‬
‫ض ِمنَ النّ ِ‬
‫فِي ِه ِلبَ ْع ٍ‬
‫ار فِي ِه إنَّما هو ِلعَمى َبصائِ ِر ِه ْم‬ ‫ْب ال ُكفّ ِ‬ ‫وري ُ‬
‫ع ْبدِنا﴾ َ‬‫على َ‬‫‪.‬ن ََّز ْلنا َ‬

‫‪.‬قَ ْوله‪﴿ :‬يُؤْ ِمنُونَ ِب ْالغَ ْي ِ‬


‫ب﴾ كأركان اْليمان‬
‫‪6‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت‬ ‫ت ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪َ ،‬وآيَت ِ‬


‫َان فِي نَ ْع ِ‬ ‫ورةِ ْالبَقَ َر ِة فِي نَ ْع ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت ِم ْن أ َ َّو ِل ُ‬‫فأ َ ْربَ ُع آيَا ٍ‬
‫ع ْش َرة َ ِفي ْال ُمنَا ِفقِينَ‬
‫ث َ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال َكا ِف ِرينَ ‪َ ،‬وث َ َال َ‬

‫﴿و ِم ّما َرزَ ْقناهم يُ ْن ِفقُونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬يَسْألُون ََك ماذا يُ ْن ِفقُونَ قُ ْل العَ ْف َو﴾‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬

‫ٌ‬
‫إيمان تفصيلي‬ ‫﴿والَّذِينَ يُؤْ ِمنُونَ بِ َما أُنز َل ِإلَي َْك﴾‬‫‪.‬قوله‪َ :‬‬
‫إيمان إجمالي‬ ‫ٌ‬ ‫﴿و َما أُنز َل ِم ْن قَ ْب ِل َك﴾‬
‫‪َ .‬‬

‫س َو ۤا ٌء َ‬
‫علَ ۡي ِه ۡم َءأَن َذ ۡرت َ ُه ۡم أ َ ۡم لَ ۡم تُنذ ِۡر ُه ۡم َال يُ ۡؤ ِمنُونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن ٱلَّ ِذينَ َكفَ ُر ۟‬
‫وا َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َك ِل َمةُ‬
‫ت َ‬ ‫ع َل ْي ِه ْم ذَ ِل َك‪َ .‬ك َما قَا َل تَ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذِينَ َح َّق ْ‬
‫َب اللَّهُ ت َ َعالَى َ‬
‫قَ ْد َكت َ‬
‫يم﴾‬
‫اب اَل ِل َ‬‫َربِّ َك َال يُؤْ ِمنُونَ * َولَ ْو َجا َءتْ ُه ْم ُك ُّل آيَ ٍة َحتَّى يَ َر ُوا ْالعَ َذ َ‬
‫غ اللَّهُ‬
‫غوا أَزَ ا َ‬ ‫ط َب َع اللَّهُ َ‬
‫علَ ْي َها ِب ُك ْف ِر ِه ْم﴾ وقال‪﴿ :‬فَلَ َّما زَ ا ُ‬ ‫قَا َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬ب ْل َ‬
‫قُلُوبَ ُه ْم﴾‬
‫ع َل ْي ِه ْم‬ ‫علَى ذَ ِل َك فَإ ِ َّن اللَّهَ َح ِكي ٌم فِي َق َد ِر ِه‪﴿ ،‬فَال تَ ْذهَبْ نَ ْف ُ‬
‫س َك َ‬ ‫فال ت َأ ْ َس ْ‬
‫ف َ‬ ‫َ‬
‫س َراتٍ﴾‬
‫َح َ‬

‫‪7‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪:‬‬ ‫اس َم ْن َيقُو ُل آ َمنَّا ِباللَّ ِه َو ِب ْال َي ْو ِم ِ‬


‫اآلخ ِر َو َما ُه ْم ِب ُمؤْ ِمنِينَ ﴾ أ َ ْ‬ ‫﴿و ِمنَ النَّ ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫َي ٌء آ َخ ُر‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إذَا َجا َء َك‬ ‫ْس َو َرا َءهُ ش ْ‬ ‫يَقُولُونَ ذَ ِل َك قَ ْو ًال لَي َ‬
‫ْال ُمنَا ِفقُونَ قَالُوا َن ْش َه ُد ِإنَّ َك لَ َر ُ‬
‫سو ُل اللَّ ِه﴾‬
‫والنفاق نوعان‪ :‬عقدي‪ ،‬وعملي‪ ،‬أما العقدى فهو أن يظهر اْلنسان اْليمان‬
‫ويبطن خالف ذلك‪ ،‬وهو الذى يقول فى شأن أصحابه رب العزة سبحانه‪:‬‬
‫﴿ ِإ َّن ْال ُمنَا ِفقِينَ ِفي الد َّْر ِك اَل ْسفَ ِل ِمنَ النَّ ِ‬
‫ار﴾‬
‫وأما النفاق العملى فمن أهم عالماته‪ :‬الكذب فى الحديث‪ ،‬وخلف الوعد‬
‫‪.‬والعهد‪ ،‬وخيانة اَلمانة‬

‫ار ِه ْم َما أ َ ْ‬
‫ظ َه ُروهُ‬ ‫ي‪ِ :‬بإ ِ ْ‬
‫ظ َه ِ‬ ‫قوله‪َ :‬وقَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬يُخَا ِدعُونَ اللَّهَ َوالَّذِينَ آ َمنُوا﴾ أ َ ْ‬
‫ان َم َع ِإس َْر ِار ِه ُم ْال ُك ْف َر‪َ ،‬ي ْعت َ ِقدُونَ ِب َج ْه ِل ِه ْم أَنَّ ُه ْم َي ْخ َدعُونَ اللَّهَ ِب َذ ِل َك‪،‬‬ ‫ِمنَ ْ ِ‬
‫اْلي َم ِ‬
‫اللهُ َج ِمي ًعا َفيَحْ ِلفُونَ َلهُ‬‫َوأ َ َّن ذَ ِل َك نَافِعُ ُه ْم ِع ْن َدهُ‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَ ْو َم يَ ْب َعث ُ ُه ُم َّ‬
‫علَى َش ْيءٍ أَال إِنَّ ُه ْم ُه ُم ْال َكا ِذبُونَ ﴾‬ ‫سبُونَ أَنَّ ُه ْم َ‬
‫َك َما يَحْ ِلفُونَ لَ ُك ْم َويَحْ َ‬

‫قوله‪﴿ :‬فِي قُلُوبِ ِه ْم َم َر ٌ‬


‫ض﴾ فمرض المنافقين‪ :‬مرض شبهة وشك وريب‪،‬‬
‫‪.‬ومرض العصاة شهوة‬
‫ضا﴾ كما قَا َل تعالى‪﴿ :‬فَأ َ َّما الَّذِينَ آ َمنُوا فَزَ ا َدتْ ُه ْم ِإي َمانًا َو ُه ْم‬ ‫﴿فَزَ ا َد ُه ُم اللَّهُ َم َر ً‬
‫سا ِإ َلى ِرجْ ِس ِه ْم﴾‬ ‫َي ْست َ ْب ِش ُرونَ * َوأ َ َّما الَّذِينَ ِفي قُلُو ِب ِه ْم َم َر ٌ‬
‫ض فَزَ ا َدتْ ُه ْم ِرجْ ً‬
‫‪8‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض قَالُوا ِإنَّ َما نَحْ ُن ُم ْ‬


‫ص ِل ُحونَ ﴾ َفإ ِ َّن ِمنَ‬ ‫اَلر ِ‬ ‫﴿و ِإذَا ِقي َل لَ ُه ْم َال ت ُ ْف ِسدُوا ِفي ْ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ض ا ِت ّ َخا َذ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ْال َكا ِف ِرينَ أ َ ْو ِليَا َء‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿والَّذِينَ‬ ‫ْالفَ َ‬
‫سا ِد فِي ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض َوفَ َ‬
‫سا ٌد َكبِ ٌ‬
‫ير﴾‬ ‫ض ِإال ت َ ْفعَلُوهُ تَ ُك ْن فِتْنَةٌ فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ض ُه ْم أ َ ْو ِليَا ُء بَ ْع ٍ‬
‫َكفَ ُروا بَ ْع ُ‬
‫ت أ َ ْيدِي النَّ ِ‬
‫اس﴾‬ ‫سا ُد ِفي ْال َب ِ ّر َو ْال َبحْ ِر ِب َما َك َ‬
‫س َب ْ‬ ‫ظ َه َر ْال َف َ‬
‫و َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬‬

‫استدراج‬
‫َ‬ ‫على ا ْستِ ْهزائِ ِه ْم‪ ،‬وهَذا‬
‫جازي ِه ْم َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬اللَّهُ َي ْست َ ْه ِز ُ‬
‫ئ ِب ِه ْم﴾ أي يُ ِ‬
‫ورةِ ال َحدِي ِد في قَ ْو ِل ِه‪ِ ﴿ :‬قي َل ْ‬
‫ار ِجعُوا ورا َءكم‬ ‫س َ‬‫اآلخرة كما في ُ‬
‫َ‬ ‫في الدنيَا‪ ،‬وفي‬
‫سوا نُ ً‬
‫ورا﴾‬ ‫فالت َِم ُ‬

‫قوله‪﴿ :‬أُو َلئِ َك الَّذِينَ ا ْشت ََر ُوا الضَّاللَةَ بِ ْال ُه َدى‪ ﴾...‬إلى قَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬مثَلُ ُه ْم َك َمثَ ِل الَّذِي‬
‫علَى أَنَّ ُه ْم آ َمنُوا ث ُ َّم‬ ‫َارا‪ ﴾...‬قال ابن كثير‪َ :‬و ِفي َهذَا ْال َمث َ ِل َد َاللَةٌ َ‬ ‫ا ْست َْوقَ َد ن ً‬
‫ضع‪َ ،‬و َّ‬
‫اللهُ أ َ ْعلَ ُم‬ ‫ْ‬ ‫‪َ .‬كفَ ُروا‪َ ،‬ك َما أ َ ْخبَ َر َ‬
‫ع ْن ُه ْم ت َ َعالَى فِي َغي ِْر َهذَا ال َم ْو ِ ِ‬
‫ور ِه ْم» ولم يقل‪ :‬بنارهم فإن النار فيها اْلحراق‬ ‫َب اللَّهُ بِنُ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ « :‬ذه َ‬
‫واْلشراق‪ .‬فذهب بما فيها من اْلضاءة واْلشراق‪ ،‬وأبقى عليهم ما فيها من‬
‫‪.‬اَلذى واْلحراق‬
‫ت ال ُم َر َّك َب ِة دُونَ ال ُمفَ َّرقَ ِة‬
‫أن الت َّ ْم ِثيلَي ِْن َج ِمي ًعا ِمن ِج َه ِة التَّ ْم ِثيال ِ‬
‫‪.‬واَلولى‪َّ :‬‬
‫‪9‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬ ‫ُُ ࣱ‬


‫ق‬
‫َ ِ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ص‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫نَ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫آ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ص‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ونَ‬ ‫ل‬‫ع‬
‫َ‬ ‫جْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ر‬‫ۡ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫ع‬‫ۡ‬ ‫ر‬
‫قوله‪﴿ :‬فِي ِه ظل َم ٰـ َ َ‬
‫و‬ ‫ت‬
‫ف‪َ ،‬فإ ِ َّن‬ ‫وب ِمنَ ْالخ َْو ِ‬ ‫ط ِب ْال َكا ِف ِرينَ ﴾ َو ُه َو َما يُ ْز ِع ُج ْالقُلُ َ‬ ‫َحذَ َر ْال َم ْو ِ‬
‫ت َواللَّهُ ُم ِحي ٌ‬
‫سبُونَ ُك َّل‬ ‫ع‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَحْ َ‬ ‫شدِي َد َو ْالفَزَ َ‬‫ف ال َّ‬ ‫ِم ْن شَأ ْ ِن ْال ُمنَافِقِينَ ْالخ َْو َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم﴾‬
‫ص ْي َح ٍة َ‬
‫َ‬

‫اس ا ْعبُدُوا َربَّ ُك ُم الَّذِي َخلَقَكم والَّذِينَ ِمن قَ ْب ِلكم لَ َعلَّكم‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ياأيُّها النّ ُ‬
‫ّاك نَ ْعبُدُ﴾‬‫ان َوحْ َدانِيَّ ِة أُلُو ِهيَّتِ ِه‪ .‬وهذا مبدأ ﴿إي َ‬ ‫ار َك َوتَعَالَى فِي بَيَ ِ‬ ‫تَتَّقُونَ ﴾ ش ََر َ‬
‫ع تَبَ َ‬

‫ع ِن اب ِْن َم ْسعُودٍ‪،‬‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَال تَجْ َعلُوا ِللَّ ِه أَ ْن َدادًا َوأ َ ْنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ ﴾ َو ِفي ال َّ‬
‫ص ِحي َحي ِْن َ‬
‫ظ ُم؟ قَا َل‪" :‬أ َ ْن تَجْ َع َل ِل َّل ِه نِدًّا‪ ،‬وهو‬
‫ب أ َ ْع َ‬ ‫قَا َل‪ :‬قُ ْلتُ ‪ :‬يَا َر ُ‬
‫سو َل اللَّ ِه‪ ،‬أ َ ُّ‬
‫ي الذَّ ْن ِ‬
‫‪.‬خلقك" الحديث‬

‫ارة ُ أ ُ ِعد ْ‬
‫َّت ِل ْل َكافِ ِرينَ ﴾‬ ‫اس َو ْال ِح َج َ‬
‫ار الَّتِي َوقُو ُدهَا النَّ ُ‬
‫َوقَ ْو ِل ِه تَعَا َلى‪﴿ :‬فَاتَّقُوا النَّ َ‬
‫ت ْال َع ِظي َمةُ‬
‫ارة ُ ْال ِكب ِْري ِ‬ ‫‪.‬قال العلماء‪ْ :‬ال ُم َرا ُد ِب ْال ِح َج َ‬
‫ارةِ هَا ُهنَا‪ِ :‬ه َ‬
‫ي ِح َج َ‬

‫‪10‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َلى أ َ َّن النَّ َ‬


‫ار قد ُخ ْ‬
‫لقت من قبل وأنها‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬أ ُ ِعد ْ‬
‫َّت ِل ْل َكافِ ِرينَ ﴾ دليل َ‬
‫‪َ .‬م ْو ُجو َدة ٌ ْاآلنَ ‪ ،‬وهذا مذهب أهل السنة والجماعة‬

‫صا ِل َحاتِ﴾ قال الحسن البصري‪:‬‬ ‫ش ِر َّالذِينَ آ َمنُوا َو َ‬


‫ع ِملُوا ال َّ‬ ‫قوله ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿وبَ ِ ّ‬
‫»«ليس اْليمان بالتمني وال بالتحلي‪ ،‬ولكن ما وقر في القلب وصدَّقه العمل‬

‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪ُ ﴿ :‬كلَّ َما ُر ِزقُوا ِم ْن َها ِم ْن ث َ َم َرةٍ ِر ْزقًا قَالُوا َه َذا الَّذِي ُر ِز ْقنَا ِم ْن‬
‫ار ْال َج َّن ِة ِم ْن قَ ْب ِل َهذَا‬
‫‪.‬قَ ْبلُ﴾ أي َهذَا الَّذِي ُر ِز ْقنَا ِم ْن ثِ َم ِ‬
‫‪.‬أو هَذا الَّذِي ُر ِز ْقنا ِمن قَ ْب ُل في ال ُّد ْنيا‬

‫ضةً فَ َما فَ ْوقَ َها﴾ ِإ َّن اللَّهَ‬


‫ب َمثَال َما بَعُو َ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ َال يَ ْستَحْ ِيي أ َ ْن يَض ِْر َ‬
‫اب َو ْالعَ ْن َكبُ َ‬
‫وت قَا َل أ َ ْه ُل الض ََّاللَ ِة‪َ :‬ما أ َ َرا َد اللَّهُ ِم ْن‬ ‫ِحينَ ذَ َك َر فِي ِكت َا ِب ِه ال ُّذبَ َ‬
‫‪ِ .‬ذ ْك ِر َهذَا؟ فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ هذه اآلية‬

‫ْف ت َ ْكفُ ُرونَ ِب َّ‬


‫الل ِه َو ُك ْنت ُ ْم أ َ ْم َواتًا َفأَحْ َيا ُك ْم ث ُ َّم يُ ِميت ُ ُك ْم ث ُ َّم يُحْ ِيي ُك ْم﴾ قال‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬كي َ‬
‫ان َما غ ََّر َك بِ َربِّ َك ْال َك ِر ِيم﴾‬ ‫س ُ‬‫تعالى‪﴿ :‬يَاأَيُّ َها اْل ْن َ‬

‫‪11‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اء﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ض َج ِمي ًعا ث ُ َّم ا ْست ََوى ِإلَى ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫قوله‪ُ ﴿ :‬ه َو الَّذِي َخلَقَ لَ ُك ْم َما فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫ورةِ حم السَّجْ َد ِة‬
‫س َ‬‫صي ُل َه ِذ ِه ْاآليَ ِة فِي ُ‬
‫اء‪َ ،‬وت َ ْف ِ‬ ‫ص َد ِإلَى ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫‪.‬قَ َ‬

‫ضا َك َما َقا َل‬


‫ض ُه ْم بَ ْع ً‬ ‫ي‪ :‬قَ ْو ًما يَ ْخلُ ُ‬
‫ف بَ ْع ُ‬ ‫ض َخ ِليفَةً﴾ أَ ْ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إنِّي َجا ِع ٌل فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫ض﴾‬‫اَلر ِ‬
‫ف ْ‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي َجعَلَ ُك ْم خَال ِئ َ‬
‫تَعَالَى‪َ :‬‬

‫قَ ْو ُل ْال َم َالئِ َك ِة‪﴿ :‬أَتَجْ َع ُل ِفي َها َم ْن يُ ْف ِس ُد فِي َها َويَ ْس ِفكُ ال ِ ّد َما َء﴾ ُه َو ُ‬
‫س َؤا ُل ا ْستِ ْع َال ٍم‬
‫صونَ اللَّهَ َما أ َ َم َر ُه ْم َويَ ْفعَلُونَ َما‬‫﴿ال يَ ْع ُ‬‫ع ِن ْال ِح ْك َم ِة فِي ذَ ِل َك‪ ،‬فهم َ‬ ‫َوا ْستِ ْكشَافٍ َ‬
‫‪.‬يُؤْ َم ُرونَ ﴾‬
‫الط ِبي َع ِة ْالبَش َِريَّ ِة وقيل غير‬ ‫ع ِل ُموا ذَ ِل َك بِ ِع ْل ٍم خ ٍ ّ‬
‫َاص‪ ،‬أ َ ْو بِ َما َف ِه ُموهُ ِمنَ َّ‬ ‫َو َكأَنَّ ُه ْم َ‬
‫‪.‬ذلك‬

‫اء ُك ِلّ َها‪ .‬ال‬


‫علَّ َمهُ أَ ْس َما َء ْاَل َ ْشيَ ِ‬ ‫علَّ َم آ َد َم اَل ْس َما َء ُكلَّ َها﴾ ال َّ‬
‫ص ِحي ُح أَنَّهُ َ‬ ‫﴿و َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ذريَّته وأسما ُء المالئكة‬
‫‪.‬كما قال بعض أهل العلم‪ :‬أنها أسما ُء ِ ّ‬

‫ض‬
‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫ْب ال َّ‬
‫غي َ‬‫الل ِه تَعَالَى ِل ْل َم َالئِ َك ِة‪﴿ :‬أَلَ ْم أَقُ ْل لَ ُك ْم ِإ ِّني أ َ ْعلَ ُم َ‬
‫قول َّ‬
‫َوأ َ ْعلَ ُم َما ت ُ ْبدُونَ َو َما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْكت ُ ُمونَ ﴾ كقوله ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل ال َي ْع َل ُم َمن في‬
‫ْب ّإال اللَّهُ وما َي ْشعُ ُرونَ أيّانَ يُ ْب َعثُونَ ﴾‬
‫ض الغَي َ‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬
‫ال َّ‬

‫‪12‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س أَبَ ٰى َوٱ ۡست َۡكبَ َر َو َكانَ‬ ‫﴿و ِإ ۡذ قُ ۡلنَا ِل ۡل َملَ ٰۤـ ِٕى َك ِة ٱ ۡس ُجد ۟‬
‫ُوا ِلـَٔا َد َم فَ َس َجد ُۤو ۟ا ِإ َّ ۤال ِإ ۡب ِلي َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ِمنَ ٱ ۡل َك ٰـ ِف ِرينَ ﴾‬
‫يس فِي‬
‫وإكر ًما ِآل َد َم و َد َخ َل ِإ ْب ِل ُ‬
‫َ‬ ‫أ َ َم َر الله ت َ َعالَى ْال َم َالئِ َكةَ ِبال ُّ‬
‫س ُجو ِد ع َبادة ً لل ِه‬
‫ع ْنصرهم ‪-‬إِ َّال أ َ َّنهُ َكانَ َم َع ْال َم َالئِ َك ِة‬ ‫طابِ ِه ْم؛ َِل َ َّنهُ ‪َ -‬وإِ ْن لَ ْم يَ ُك ْن ِم ْن ُ‬
‫‪ِ .‬خ َ‬

‫س إلَ ْي ِه‬
‫أخ َر َج ُهما ِم ّما كانا فِي ِه﴾ كقوله‪﴿ :‬فَ َوس َْو َ‬ ‫ع ْنها فَ ْ‬ ‫شي ُ‬
‫ْطان َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَأزَ لَّ ُهما ال َّ‬
‫ش َج َرةِ ال ُخ ْل ِد و ُم ْلكٍ ال يَبْلى﴾‬
‫على َ‬‫ْطان قا َل يا آ َد ُم ه َْل أدُلُّ َك َ‬ ‫شي ُ‬ ‫‪.‬ال َّ‬
‫س َم ُهما إنِّي لَ ُكما لَ ِمنَ النّ ِ‬
‫اص ِحينَ ﴾‬ ‫﴿وقا َ‬
‫اج ُح أنَّها َجنَّةُ ال ُخ ْل ِد الَّتِي و َ‬
‫ع َد‬ ‫ف العُلَما ُء في ت َ ْع ِي ِ‬
‫ين َه ِذ ِه ال َجنَّ ِة ّ‬
‫والر ِ‬ ‫اختَلَ َ‬
‫وقَ ِد ْ‬
‫‪.‬اللَّهُ ال ُمؤْ ِمنِينَ‬

‫ض ُم ْستَقَ ٌّر َو َمت َاعٌ ِإلَى‬ ‫عد ٌُّو َولَ ُك ْم ِفي ْ‬


‫اَلر ِ‬ ‫ض ُك ْم ِل َب ْع ٍ‬
‫ض َ‬ ‫﴿وقُ ْلنَا ا ْه ِب ُ‬
‫طوا َب ْع ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫صلَّى الله عليه وسلم‪َ " :‬خي ُْر‬ ‫سو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫ع ْن أَبِي ُه َري َْرة َ‪ ،‬قَا َل‪َ :‬قا َل َر ُ‬ ‫ين﴾ َ‬ ‫ِح ٍ‬
‫س يَ ْو ُم ْال ُج ُمعَ ِة‪ ،‬فِي ِه ُخ ِلقَ آ َد ُم‪َ ،‬وفِي ِه أ ُ ْد ِخ َل ْال َجنَّةَ‪َ ،‬و ِفي ِه‬ ‫طلَ َع ْ‬
‫ت فِي ِه ال َّ‬
‫ش ْم ُ‬ ‫يَ ْو ٍم َ‬
‫‪.‬أ ُ ْخ ِر َج ِم ْن َها" َر َواهُ ُم ْس ِل ٌم‬

‫‪13‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَتَلَقّى آ َد ُم ِمن َر ِبّ ِه َك ِل ٌ‬


‫مات﴾ لَ ْم يُ َب ِيّ ْن ُهنا ما َه ِذ ِه ال َك ِلماتُ ‪ ،‬ولَ ِكنَّهُ‬
‫وإن لَ ْم ت َ ْغ ِف ْر َلنا‬ ‫ظلَ ْمنا أ ْنفُ َ‬
‫سنا ْ‬ ‫ْراف“‪ ،‬بِقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬قاال َربَّنا َ‬
‫ورةِ ”اَلع ِ‬
‫س َ‬‫بَيَّنَها في ُ‬
‫صى آ َد ُم َربَّهُ فَغ ََوى ث ُ َّم‬
‫ع َ‬ ‫وت َْر َح ْمنا لَنَ ُكون ََّن ِمنَ الخا ِس ِرينَ ﴾ قال تعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬
‫علَ ْي ِه َو َه َدى﴾‬ ‫اجْ تَبَاهُ َربُّهُ فَت َ‬
‫َاب َ‬

‫ورةِ‬‫س َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم َوال ُه ْم يَحْ زَ نُونَ ﴾‪َ ،‬ك َما قَا َل فِي ُ‬ ‫ف َ‬‫اي فَال خ َْو ٌ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ َم ْن ت َ ِب َع ُه َد َ‬
‫عد ٌُّو فَإ ِ َّما يَأْتِ َينَّ ُك ْم ِم ِنّي ُهدًى فَ َم ِن‬ ‫ض ُك ْم ِلبَ ْع ٍ‬
‫ض َ‬ ‫طه‪﴿ :‬قَا َل ا ْه ِب َ‬
‫طا ِم ْن َها َج ِميعًا بَ ْع ُ‬
‫ض ُّل َوال َي ْشقَى﴾‬ ‫ات َّ َب َع ُه َد َ‬
‫اي فَال َي ِ‬

‫ومن فوائد هذه القصة بيان عداوة إبليس عليه لعنة الله‪ ،‬قال الله تعالى‪ِ ﴿ :‬إ َّن‬
‫عد ٌُّو فَات َّ ِخذُوهُ َ‬
‫عد ًُّوا﴾‬ ‫طانَ لَ ُك ْم َ‬
‫ش ْي َ‬
‫ال َّ‬

‫ي الَّ ِتي أ ْن َع ْمتُ َ‬


‫ع َل ْي ُك ْم﴾ فَإِس َْرا ِئي ُل‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يا َب ِني إسْرا ِئي َل ا ْذ ُك ُروا ِن ْع َم ِت َ‬
‫س َال ُم كما في الحديث عن عبد الله بن عباس قال‪:‬‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬ ‫ُه َو يَ ْعقُ ُ‬
‫وب َ‬
‫الل ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم ‪ ،‬فقا َل لَ ُهم هل‬
‫ي َّ‬‫ت عصابةٌ منَ اليَهو ِد نب َّ‬
‫حضر ْ‬
‫َ‬
‫ي صلَّى اللَّهُ علي ِه‬ ‫يعقوب ؟ قالوا ‪َّ :‬‬
‫الله َّم نعم ‪ ،‬فقا َل النَّب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫تعلمونَ َّ‬
‫أن إسرائي َل‬
‫‪.‬وسلَّ َم ‪ :‬اللَّه َّم اشه ْد" صححه أحمد شاكر‬

‫‪14‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿و ْأوفُوا بِ َع ْهدِي أ ُ ِ‬


‫وف بِ َع ْه ِد ُك ْم﴾ أي ْأوفُوا بِ َع ْهدِي الَّذِي أ َخ ْذتُ‬ ‫قَ ْوله ت َعالى‪َ :‬‬
‫ص ِ ّدقُوا ُر ُ‬
‫س ِلي‬ ‫ع َليْكم في الت َّ ْورا ِة‪ْ ،‬‬
‫وأن تُؤْ ِمنُوا ِبي وت ُ َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫الرا ِكعِينَ ﴾‬ ‫﴿وٱ ۡر َكعُ ۟‬


‫وا َم َع ّ‬ ‫وقَ ْولُهُ َ‬
‫الرا ِكعِينَ ِم ْن أ ُ َّم ِة ُم َح َّم ٍد ﷺ‬
‫‪.‬أ َ َم َر ُه ْم أ َ ْن يَ ْر َكعُوا َم َع َّ‬
‫صالتِ ِه ْم‬ ‫ع بِال ِذّ ْك ِر ُهنا‪َِ ،‬ل َّن اليَ ُهو َد ال ُر ُكو َ‬
‫ع في َ‬ ‫لر ُكو َ‬ ‫‪.‬وقيل‪ :‬إنَّما خ َّ‬
‫َص ا ُّ‬

‫صالةِ﴾ كانَ رسو ُل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم‬ ‫﴿وا ْست َ ِعينُوا بِال َّ‬
‫صب ِْر َوال َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫صال ِة" صححه أحمد شاكر وشيعب اَلرناؤوط‬ ‫ع إلى ال َّ‬ ‫أمر فز َ‬‫‪.‬إذا حز َبهُ ٌ‬

‫وقال صلى الله عليه وسلم‪" :‬وجع َل ْ‬


‫ت قرة ُ َ‬
‫عيني في الصال ِة" صححه‬
‫‪.‬اَللباني وغيره‬

‫‪15‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ی ٱ َّل ِت ۤی أَ ۡن َع ۡمتُ‬ ‫۟‬ ‫ۡ‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى ِل َب ِني إسْرا ِئي َل‪َ ﴿ :‬ي ٰـ َب ِن ۤی ِإ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل ٱذ ُك ُروا ِنعۡ َم ِت َ‬
‫على العا َل ِمينَ ﴾ ال ُمرا ُد ِبالعا َل ِمينَ عالَ ُمو زَ مانِ ِه ْم ِب َد ِلي ِل‬ ‫ع َل ۡي ُك ۡم َوأ ّنِي َفض َّْلتُكم َ‬ ‫َ‬
‫اس ت َأ ْ ُم ُرونَ‬ ‫طابًا ِل َه ِذ ِه ْاَل ُ َّم ِة‪ُ ﴿ :‬ك ْنت ُ ْم َخي َْر أ ُ َّم ٍة أ ُ ْخ ِر َج ْ‬
‫ت ِللنَّ ِ‬ ‫ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى ِخ َ‬
‫ع ِن ْال ُم ْن َك ِر َوتُؤْ ِمنُونَ ِباللَّ ِه﴾‬ ‫ِب ْال َم ْع ُر ِ‬
‫وف َوتَ ْن َه ْونَ َ‬

‫ع ْونَ ‪-‬لَ َعنَهُ‬‫سا َء ُك ْم﴾ قيل‪َ :‬وذَ ِل َك أ َ َّن فِ ْر َ‬


‫قوله‪﴿ :‬يُذَ ِّب ُحونَ أ َ ْبنَا َء ُك ْم َو َي ْستَحْ يُونَ نِ َ‬
‫ت‬‫ت ْال َم ْقد ِِس فَ َد َخ َل ْ‬
‫ت ِم ْن َب ْي ِ‬ ‫اللَّهُ‪َ -‬كانَ قَ ْد َرأَى ُرؤْ َيا هَالَتْهُ‪َ ،‬رأَى ن ً‬
‫َارا خ ََر َج ْ‬
‫ض ُمونُ َها أ َ َّن زَ َوا َل ُم ْل ِك ِه‬‫وت َبنِي ِإس َْرائِي َل‪َ ،‬م ْ‬ ‫ُور ْال ِقب ِْط ِب ِب َال ِد ِم ْ‬
‫ص َر‪ِ ،‬إ َّال بُيُ َ‬ ‫د َ‬
‫ع ْو ُن ‪-‬لَعَنَهُ اللَّهُ‪-‬‬ ‫ي َر ُج ٍل ِم ْن بَنِي إِس َْرائِي َل‪ ،‬فَ ِع ْن َد ذَ ِل َك أ َ ْم َر فِ ْر َ‬‫علَى يَ َد ْ‬ ‫ون َ‬ ‫يَ ُك ُ‬
‫‪ِ .‬بقَتْ ِل ُك ِّل ذَكر يُو َل ُد َب ْع َد َذ ِل َك ِم ْن َبنِي ِإس َْرائِي َل‪َ ،‬وأ َ ْن تُتْ َر َك ْال َبنَاتُ‬

‫﴿و ِإ ْذ فَ َر ْقنَا ِب ُك ُم ْال َبحْ َر َفأ َ ْن َج ْينَا ُك ْم َوأ َ ْغ َر ْقنَا آ َل ِف ْر َ‬


‫ع ْونَ َوأ َ ْنت ُ ْم‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ظ ُرونَ ﴾‬ ‫ت َ ْن ُ‬

‫اك ْالبَحْ َر﴾ فَ َ‬


‫ض َربَهُ ﴿ َفا ْنفَلَقَ فَ َكانَ ُك ُّل‬ ‫ص َ‬‫سى‪﴿ :‬أ َ ِن اض ِْربْ بِ َع َ‬
‫اللهُ ِإلَى ُمو َ‬ ‫أ َ ْو َحى َّ‬
‫الط ْو ِد ْال َع ِظ ِيم﴾‬
‫ق َك َّ‬
‫ِف ْر ٍ‬

‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ورة ُ فِي اَلع َْر ِ‬
‫اف‪ ،‬فِي‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫س ٰۤى أ َ ۡربَ ِعينَ لَ ۡيلَة﴾‪َ ،‬و ِه َ‬
‫ي ال َمذك َ‬ ‫﴿و ِإ ۡذ َو ٰ⁠ َ‬
‫ع ۡدنَا ُمو َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سى ثَالثِينَ لَ ْي َلةً َوأَتْ َم ْمنَاهَا بِ َع ْش ٍر﴾‬
‫ع ْدنَا ُمو َ‬ ‫قَ ْو ِل ِه ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫﴿و َوا َ‬

‫‪16‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سى لَ ْن نُؤْ ِمنَ لَ َك َحتَّى ن ََرى اللَّهَ َج ْه َرةً﴾ ْال ُم َرا ُد ال َّس ْبعُونَ‬ ‫﴿و ِإ ْذ قُ ْلت ُ ْم َيا ُمو َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫سى قَ ْو َمهُ َس ْبعِينَ َر ُجال‬ ‫َار ُمو َ‬ ‫﴿و ْ‬
‫اخت َ‬ ‫َارونَ ِم ْن ُه ْم‪ .‬وذَ ِل َك قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫ْال ُم ْخت ُ‬
‫ِلّ ِميقَ ٰـ ِتنَا﴾‬
‫ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات الرؤية في اآلخرة ال في الدنيا لحديث‪:‬‬
‫‪".‬وإنكم لن تروا ربَّكم حتى تموتوا" صححه اَللباني‬

‫س ِرينَ فِي ْال َم ِّن‪َ :‬ما ُه َو؟‬


‫اراتُ ْال ُمفَ ِ ّ‬
‫ت ِعبَ َ‬ ‫علَ ْي ُك ُم ْال َم َّن﴾ ْ‬
‫اختَلَ َف ْ‬ ‫﴿وأ َ ْ‬
‫نزلنَا َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫علَ ْي ِه ْم‪ ...‬والصحيح ما قاله ابن كثير‪:‬‬ ‫فَقَا َل بعضهم‪ْ :‬ال َم ُّن‪ :‬ش ْ‬
‫َي ٌء أ َ ْنزَ َلهُ اللَّهُ َ‬
‫غي ِْر ذَ ِل َك‬
‫ب ‪َ ،‬و َ‬
‫ط َع ٍام َوش ََرا ٍ‬‫علَ ْي ِه ْم ِم ْن َ‬ ‫‪.‬أَنَّهُ ُك ُّل َما ْامت ََّن َّ‬
‫اللهُ ِب ِه َ‬
‫عز وج َّل علَى‬
‫اللهُ َّ‬ ‫علَى ذَ ِل َك حديث‪ْ " :‬ال َك ْمأَة ُ ِمنَ ال َم ِّن الذي أ ْنزَ َل َّ‬ ‫َوال َّد ِلي ُل َ‬
‫‪َ .‬ب ِني إسْرا ِئي َل‪ ،‬وماؤُها ِشفا ٌء ِل ْل َعي ِْن" أخرجه البخاري مختصراً‪ ،‬ومسلم‬

‫إن َه ِذ ِه ْالبَ ْل َدة َ‬


‫﴿وإِ ْذ قُ ْلنَا ا ْد ُخلُوا ه ِذ ِه ْالقَ ْريَةَ﴾ قال أكثر المفسرين‪َّ :‬‬
‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫ي َبيْتُ ْال َم ْقد ِِس‬
‫‪ِ .‬ه َ‬

‫س َّجدًا﴾ أي‪ُ :‬ر َّكعًا‪ِ ،‬لتَعَذُّ ِر َح ْم ِل ِه َ‬


‫علَى َح ِقيقَتِ ِه‬ ‫﴿وا ْد ُخلُوا ْالبَ َ‬
‫اب ُ‬ ‫‪.‬قوله‪َ :‬‬

‫‪17‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سنزي ُد ْال ُمحْ ِسنِينَ ﴾ اْلحسان أعلى درجات اْليمان كما في الحديث‪:‬‬
‫﴿و َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫فإن لَ ْم ت َ ُك ْن ت ََراهُ فإ َّنه يَ َر َ‬
‫اك‪ "..،‬رواه‬ ‫أن ت َ ْعبُ َد َّ‬
‫اللهَ َكأنَّ َك ت ََراهُ‪ْ ،‬‬ ‫ان ْ‬
‫س ُ‬
‫" اْلحْ َ‬
‫‪.‬البخاري ومسلم‬

‫ي في‬ ‫ظلَ ُموا قَ ْوال َغي َْر الَّذِي ِقي َل لَ ُه ْم﴾ روى ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬فَبَ َّد َل الَّذِينَ َ‬

‫ع ِن النَّ ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ َقا َل‪ِ " :‬قي َل ِل َب ِني‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة َ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫صحيحه َ‬
‫طةٌ﴾ فَ َد َخلُوا يَ ْز َحفُونَ َ‬
‫علَى ا ْست َا ِه ِه ْم‪،‬‬ ‫س َّجدًا َوقُولُوا ِح َّ‬ ‫ِإس َْرائِي َل‪﴿ :‬ا ْد ُخلُوا ْالبَ َ‬
‫اب ُ‬
‫طةٌ‪َ :‬حبَّةٌ فِي َ‬
‫ش ْع َر ٍة‬ ‫"فَبَ َّدلُوا َوقَالُوا‪ِ :‬ح َّ‬

‫اء ِب َما َكانُوا َي ْف ُ‬


‫سقُونَ ﴾‬ ‫ع َلى الَّذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا ِرجْ ًزا ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬فأ َ ْ‬
‫نزلنَا َ‬
‫ع ُ‬
‫ون‬ ‫اب‪ .‬وقيل‪ُ :‬ه َو َّ‬
‫الطا ُ‬ ‫‪".‬الرجْ ز" يَ ْعنِي ِب ِه ْال َع َذ َ‬
‫ِّ‬

‫ون‪ ،‬فَقا َل‬‫ع ِ‬ ‫ع ِن َّ‬


‫الطا ُ‬ ‫اص َ‬ ‫س ْع َد بنَ أ َ ِبي َوقَّ ٍ‬
‫سأ َ َل َ‬
‫أن َر ُج ًال َ‬
‫في صحيح مسلم‪َّ :‬‬
‫بن زَ ْيدٍ‪ :‬أَنَا أ ُ ْخبِ ُر َك ع ْنه‪ ،‬قا َل َرسو ُل الل ِه َ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم‪ :‬هو‬ ‫أُ َ‬
‫سا َمةُ ُ‬
‫َاس َكانُوا‬ ‫سلَهُ اللَّهُ علَى َ‬
‫طائِفَ ٍة ِمن بَنِي إس َْرا ِئي َل‪ ،‬أ َ ْو ن ٍ‬ ‫اب‪ ،‬أ َ ْو ِرجْ ٌز أ َ ْر َ‬
‫عذَ ٌ‬
‫َ‬
‫س ِم ْعت ُ ْم به بأ َ ْر ٍ‬
‫ض‪ ،‬فال ت َ ْد ُخلُوهَا عليه‪ ،‬وإذَا َد َخلَ َها علَ ْي ُكم‪ ،‬فال‬ ‫قَ ْبلَ ُك ْم‪ ،‬فَإِذَا َ‬
‫‪.‬ت َْخ ُر ُجوا منها فِ َر ً‬
‫ارا‬

‫‪18‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفي هذه اآليات درس عظيم َلمتنا وتسلية لنبيّنا فقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫سى‪ ،‬لقَ ْد أُوذ َ‬
‫ِي بأ َ ْكث َ َر ِمن هذا‬ ‫"ر ِح َم َّ‬
‫اللهُ ُمو َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬فَ َ‬
‫ص َب َر‪ ".‬أخرجه البخاري ومسلم‬

‫واب أ َ ْن‬
‫ص ُ‬ ‫اك ٱ ۡل َح َج َر} ال ّ‬
‫ص َ‬ ‫س ٰى ِلقَ ۡو ِم ِهۦ فَقُ ۡلنَا ٱ ۡ‬
‫ض ِرب بِّعَ َ‬ ‫﴿۞ َوإِ ِذ ٱ ۡست َۡسقَ ٰى ُمو َ‬
‫ش ْي َء الَّذِي يُقَا ُل َلهُ ْال َح َج ُر‬
‫ب ال َّ‬ ‫الال ُم ِل ْل ِج ْن ِس َال ِل ْل َع ْهدِ‪ ،‬أَي ِ ا ْ‬
‫ض ِر ِ‬ ‫‪.‬ت َ ُكونَ َّ‬
‫‪.‬قيل وكانت في وقت التيه‬

‫اح ٍد فَا ْدعُ لَنَا َرب ََّك يُ ْخ ِرجْ َلنَا ِم َّما‬


‫ط َع ٍام َو ِ‬‫علَى َ‬ ‫ص ِب َر َ‬ ‫سى لَ ْن َن ْ‬ ‫فَقَالُوا‪َ ﴿ :‬يا ُمو َ‬
‫ص ِل َها﴾ َو ُه ْم يَأ ْ ُكلُونَ ْال َم َّن‬
‫ع َد ِس َها َوبَ َ‬‫وم َها َو َ‬‫ض ِم ْن بَ ْق ِل َها َو ِقثَّائِ َها َوفُ ِ‬ ‫ت ُ ْنبِتُ ْ‬
‫اَلر ُ‬
‫س ْل َوى‪َِ ،‬لَنَّهُ َال َيت َ َب َّد ُل َو َال َيتَغَي َُّر ُك َّل َي ْو ٍم فَ ُه َو َكأ َ ْك ٍل َو ِ‬
‫اح ٍد‬ ‫‪َ .‬وال َّ‬

‫ش َج ُر‪ :‬ما َلهُ ٌ‬


‫ساق‬ ‫ْس لَهُ ٌ‬
‫ساق‪ ،‬وال َّ‬ ‫ت لَي َ‬ ‫‪.‬وقَ ْولُهُ‪ِ :‬‬
‫﴿من بَ ْق ِلها﴾ البَ ْقلُ‪ُ :‬ك ُّل نَبا ٍ‬

‫ار‬
‫ص ِ‬‫ص ًرا ِمنَ ْاَل َ ْم َ‬
‫صواب أن المعنى أي‪ِ :‬م ْ‬
‫ص ًرا﴾ ال ّ‬ ‫‪.‬قوله‪﴿ :‬ا ْهبِ ُ‬
‫طوا ِم ْ‬

‫ع َل ْي ِه ُم ال ّذِلَّةُ‬
‫ت َ‬ ‫علَ ْي ِه ُم الذِّلَّةُ َو ْال َم ْس َك َنةُ﴾ كما قَا َل ت َ َعالَى‪ُ ﴿ :‬‬
‫ض ِربَ ْ‬ ‫ض ِر َب ْ‬
‫ت َ‬ ‫﴿و ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫أَيْنَ َما ث ُ ِقفُوا ِإال ِب َح ْب ٍل ِمنَ اللَّ ِه َو َح ْب ٍل ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس﴾‬
‫‪19‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صابِئِينَ َم ْن آ َمنَ بِاللَّ ِه‬‫ارى َوال َّ‬ ‫ص َ‬‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذِينَ آ َمنُوا َوالَّذِينَ هَادُوا َوال َّن َ‬
‫ط ِريقَةً َو َال َ‬
‫ع َم ًال ِإ َّال َما‬ ‫وال َي ْق َب ُل اللهُ ِم ْن أ َ َح ٍد َ‬
‫صا ِل ًحا﴾ َ‬
‫ع ِم َل َ‬ ‫َو ْال َي ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر َو َ‬
‫َكانَ ُم َوافِقًا ِلش َِري َع ِة ُم َح َّم ٍد ﷺ بَ ْع َد أ َ ْن بَ َعثَهُ اللَّهُ ِب َما بَ َعثَهُ ِب ِه‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َم ْن‬
‫اآلخ َرةِ ِمنَ ْالخَا ِس ِرينَ ﴾‬
‫ْالم دِينًا فَلَ ْن يُ ْقبَ َل ِم ْنهُ َو ُه َو فِي ِ‬ ‫غي َْر اْلس ِ‬ ‫يَ ْبتَغِ َ‬

‫ف فِي ِه ْم‪ ،‬فقال ابن كثير‪َ :‬وأ َ ْ‬


‫ظ َه ُر ْاَل َ ْق َوا ِل‪َ ،‬واللَّهُ أ َ ْع َل ُم‪،‬‬ ‫صابِئُونَ فَقَ ِد ْ‬
‫اخت ُ ِل َ‬ ‫َوأ َ َّما ال َّ‬
‫ِين ْاليَ ُهو ِد َو َال‬
‫علَى د ِ‬ ‫سوا َ‬ ‫ب ب ِْن ُمنَبِّهٍ‪ :‬أَنَّ ُه ْم قَ ْو ٌم َل ْي ُ‬
‫قَ ْو ُل ُم َجا ِه ٍد َو ُمت َابِ ِعي ِه‪َ ،‬و َو ْه ِ‬
‫علَى ِف ْ‬
‫ط َرتِ ِه ْم‬ ‫وس َو َال ْال ُم ْش ِركِينَ ‪َ ،‬و ِإنَّ َما ُه ْم قَ ْو ٌم َباقُونَ َ‬ ‫ارى َو َال ْال َم ُج ِ‬ ‫النَّ َ‬
‫ص َ‬
‫ِين ُمقَ َّر ٌر لَ ُه ْم يَتْبَعُونَهُ َويَ ْقتَفُونَهُ‬
‫‪َ .‬و َال د ٌ‬

‫وا َم ۤا َءاتَ ۡينَ ٰـ ُكم ِبقُ َّوةࣲ َوٱ ۡذ ُك ُر ۟‬


‫وا‬ ‫ور ُخذُ ۟‬‫لط َ‬ ‫﴿و ِإ ۡذ أَخ َۡذنَا ِميث َ ٰـقَ ُك ۡم َو َرفَعۡ نَا فَ ۡوقَ ُك ُم ٱ ُّ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ظنُّوا‬‫ظلَّةٌ َو َ‬ ‫﴿و ِإ ْذ نَت َ ْقنَا ْال َج َب َل فَ ْوقَ ُه ْم َكأَنَّهُ ُ‬
‫َما فِي ِه لَعَلَّ ُك ۡم تَتَّقُونَ } َك َما قَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬
‫أَنَّهُ َوا ِق ٌع ِب ِه ْم ُخذُوا َما آت َ ْينَا ُك ْم ِبقُ َّوةٍ َوا ْذ ُك ُروا َما ِفي ِه لَ َعلَّ ُك ْم تَتَّقُونَ ﴾‬

‫‪20‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت فَقُ ۡلنَا لَ ُه ۡم ُكونُ ۟‬


‫وا قِ َر َدة ً‬ ‫ع ِل ْمت ُ ُم ٱلَّ ِذينَ ٱ ۡعت َ َد ۡو ۟ا ِمن ُك ۡم فِی ٱل َّس ۡب ِ‬
‫﴿ولَقَ ْد َ‬‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ْث يَقُو ُل ت َ َعالَى‪:‬‬
‫اف‪َ ،‬حي ُ‬ ‫ورةِ ْاَلَع َْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫طةٌ فِي ُ‬ ‫سو َ‬ ‫صةُ َم ْب ُ‬ ‫َخ ٰـ ِسـ ِينَ ﴾ َو َه ِذ ِه ْال ِق َّ‬
‫ت ِإ ْذ ت َأ ْ ِتي ِه ْم‬ ‫اض َرةَ ْال َبحْ ِر ِإ ْذ َي ْعدُونَ ِفي ال َّ‬
‫س ْب ِ‬ ‫ت َح ِ‬ ‫ع ِن ْالقَ ْر َي ِة الَّ ِتي َكا َن ْ‬
‫﴿وا ْسأ َ ْل ُه ْم َ‬
‫َ‬
‫عا َويَ ْو َم َال يَ ْس ِبتُونَ َال ت َأ ْ ِتي ِه ْم َكذَ ِل َك َن ْبلُو ُه ْم ِب َما َكانُوا‬
‫ش َّر ً‬‫ِحيت َانُ ُه ْم يَ ْو َم َس ْبتِ ِه ْم ُ‬
‫يَ ْف ُ‬
‫سقُونَ ﴾‬

‫ࣰ‬ ‫س ٰى ِلقَ ۡو ِم ِهۦۤ ِإ َّن ٱ َّللهَ يَ ۡأ ُم ُر ُك ۡم أَن ت َۡذبَ ُح ۟‬


‫وا بَقَ َرة قَالُ ۤو ۟ا أَتَت َّ ِخذنَاُ‬ ‫﴿و ِإ ۡذ َقا َل ُمو َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫ضوا‬ ‫َّاس‪َ :‬فلَ ِو ا ْعت ََر ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫عوذُ بِٱللَّ ِه أ َ ۡن أ َ ُكونَ ِمنَ ٱ ۡل َج ٰـ ِه ِلينَ ﴾ قَا َل اب ُْن َ‬ ‫ُه ُزوا قَا َل أ َ ُ‬
‫ش َّد َد اللَّهُ‬ ‫علَى ُمو َ‬
‫سى فَ َ‬ ‫ع ْن ُه ْم‪َ ،‬ولَ ِكنَّ ُه ْم َش َّددُوا َوت َ َعنَّتُوا َ‬ ‫َبقَ َرة ً فَذَ َب ُحوهَا ََلَجْ زَ أ َ ْ‬
‫ت َ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬
‫‪َ .‬‬

‫صة إسرائيلية‬
‫‪.‬وفيه ق ّ‬

‫ين أَ َبدًا‪َ .‬و ِل َهذَا‬


‫ار ِة﴾ ال ِتي َال ت َ ِل ُ‬‫ي َك ْال ِح َج َ‬ ‫ت قُلُوبُ ُك ْم ِم ْن َب ْع ِد ذَ ِل َك فَ ِه َ‬
‫س ْ‬‫قوله‪﴿ :‬ث ُ َّم قَ َ‬
‫ع ْن ِمثْ ِل َحا ِل ِه ْم فَقَا َل‪﴿ :‬أَلَ ْم يَأ ْ ِن ِللَّذِينَ آ َمنُوا أ َ ْن ت َْخ َش َع قُلُوبُ ُه ْم‬ ‫نَ َهى اللَّهُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ َ‬
‫ق َوال يَ ُكونُوا َكالَّذِينَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬
‫َاب ِم ْن َق ْب ُل َف َ‬
‫طا َل‬ ‫ِل ِذ ْك ِر اللَّ ِه َو َما نز َل ِمنَ ْال َح ّ ِ‬
‫ت قُلُوبُ ُه ْم َو َك ِث ٌ‬
‫ير ِم ْن ُه ْم فَا ِسقُونَ ﴾‬ ‫علَ ْي ِه ُم اَل َم ُد فَقَ َ‬
‫س ْ‬ ‫َ‬

‫‪21‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ط ِم ْن َخ ْش َي ِة َّ‬
‫الل ِه﴾ وهذه الخشية حقيقية َك َما قَا َل‪:‬‬ ‫﴿و ِإ َّن ِم ْن َها لَ َما َي ْه ِب ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ض َو َم ْن فِي ِه َّن َو ِإ ْن ِم ْن َ‬
‫ش ْيءٍ ِإال يُ َسبِّ ُح‬ ‫اَلر ُ‬‫س َم َاواتُ ال َّس ْب ُع َو ْ‬ ‫سبِّ ُح لَهُ ال َّ‬ ‫﴿ت ُ َ‬
‫ورا﴾‬‫غف ُ ً‬ ‫ِب َح ْم ِد ِه َولَ ِك ْن َال ت َ ْفقَ ُهونَ ت َ ْس ِبي َح ُه ْم ِإ َّنهُ َكانَ َح ِلي ًما َ‬

‫نزلنَا َه َذا ْالقُ ْرآنَ َ‬


‫علَى َجبَ ٍل﴾‬ ‫وقال تعالى‪﴿ :‬لَ ْو أ َ ْ‬

‫ف‬ ‫"إن أ ُ ُحدًا َج َب ٌل يُ ِحبُّنَا َونُ ِحبُّهُ"‪َ ،‬وفِي ِه أي ً‬


‫ضا‪ِ " :‬إ ِنّي ََلَع ِْر ُ‬ ‫ص ِحيحِ مسلم‪َّ :‬‬ ‫َوفِي َ‬
‫ي َق ْب َل أ َ ْن أ ُ ْبعَ َ‬
‫ث إِ ِنّي ََلَع ِْرفُهُ ْاآلنَ‬ ‫" َح َج ًرا بِ َم َّكةَ َكانَ يُ َس ِلّ ُم َ‬
‫ع ِل َّ‬

‫علَ ْي ُك ْم﴾ َي ْع ِني‪ِ :‬ب َما أَ ْنزَ َل اللَّهُ َ‬


‫علَ ْي ُك ْم ِفي ِكت َا ِب ُك ْم‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَت ُ َح ِ ّدثُونَ ُه ْم ِب َما فَت َ َح اللَّهُ َ‬
‫ت ُم َح َّم ٍد ﷺ‪ .‬أو ِبما فَت َ َح اللَّهُ َعلَيْكم‪ِ .‬منَ ال َعذا ِ‬
‫ب‬ ‫‪ِ .‬م ْن نَ ْع ِ‬

‫ي﴾ كقولهم‪﴿ :‬لَ ْن ت َ َم َّسنَا‬ ‫﴿و ِم ْن ُه ْم أ ُ ِّميُّونَ َال َي ْعلَ ُمونَ ْال ِكت َ‬
‫َاب ِإال أ َ َما ِن َّ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ار ِإال أَيَّا ًما َم ْعدُو َدةً﴾ وقولهم‪ :‬نحن أبناء الله‪ ،‬وقولهم‪ :‬لن يدخل الجنة إال‬ ‫النَّ ُ‬
‫‪.‬من كان هودًا أو نصارى‬

‫‪22‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َو ْي ٌل ِللَّذِينَ َي ْكتُبُونَ ْال ِكت َ‬


‫َاب ِبأ َ ْيدِي ِه ْم ث ُ َّم َيقُولُونَ َهذَا ِم ْن ِع ْن ِد اللَّ ِه‬
‫ي‪ :‬الث َّ َم ُن ْالقَ ِليلُ‪:‬‬ ‫س ِن ْالبَ َ‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫س ُن ب ُْن أ َ ِبي ْال َح َ‬ ‫ِليَ ْشت َُروا بِ ِه ث َ َمنًا قَ ِليال﴾ قَا َل ْال َح َ‬
‫‪.‬ال ُّد ْن َيا ِب َحذَا ِف ِ‬
‫يرهَا‬
‫سنَنَ َمن‬ ‫وواقع اَلمة اليوم يشبه هذا فقد قال صلى الله عليه وسلم‪ " :‬لَتَتْبَعُ َّن َ‬
‫عا بذِراعٍ‪ ،‬حتَّى لو َد َخلُوا ُجحْ َر َ‬
‫ضبّ ٍ تَبِ ْعت ُ ُمو ُه ْم‪،‬‬ ‫كانَ قَ ْبلَ ُك ْم‪ِ ،‬شب ًْرا ِشب ًْرا وذِرا ً‬
‫‪.‬قُ ْلنا‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬ال َي ُهو ُد والنَّ َ‬
‫صارى؟ قا َل‪ :‬فَ َم ْن" رواه البخاري‬

‫ار ِإال أَيَّا ًما َم ْعدُو َدةً﴾ قيل‪ُ :‬م َّدة ُ ِع َبا َدتِ ِه ُم‬ ‫﴿وقَالُوا لَ ْن ت َ َم َّ‬
‫سنَا النَّ ُ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال َع َج َل‪ ،‬والله أعلم‬
‫ص ٰـ َر ٰٰۗى ِت ۡل َك‬
‫وا لَن َي ۡد ُخ َل ٱ ۡل َج َّنةَ ِإ َّال َمن َكانَ ُهودًا أ َ ۡو َن َ‬
‫﴿و َقالُ ۟‬
‫وقال تعالى‪َ :‬‬
‫}أ َ َمانِيُّ ُه ٰۡۗم‬

‫‪23‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َخ ْي َب ُر‪ ،‬أ ُ ْه ِد َي ْ‬
‫ت ِل َرسو ِل‬ ‫وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة لَ َّما فُ ِت َح ْ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫س ٌّم‪ ،‬فَقا َل َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم شَاة ٌ فِي َها َ‬ ‫اللَّ ِه َ‬
‫وسلَّ َم‪ :‬اجْ َمعُوا لي َمن كانَ هَا ُهنَا ِمنَ ال َي ُهو ِد فَ ُج ِمعُوا له‪ ،‬فَقا َل له ْم َرسو ُل اللَّ ِه‬
‫ي ع ْنه‪ .‬فَقالوا‪:‬‬ ‫سا ِئلُ ُك ْم عن شيءٍ ‪ ،‬فَ ْ‬
‫هل أنت ُ ْم َ‬
‫صا ِدقِ َّ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ :‬إ ّنِي َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪َ :‬من أبُو ُك ْم قالوا‪:‬‬ ‫نَعَ ْم يا أبَا القَا ِس ِم‪ ،‬فَقا َل له ْم َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪َ :‬كذَ ْبت ُ ْم‪َ ،‬ب ْل أبُو ُك ْم فُ َال ٌن‬
‫أبُونَا فُ َال ٌن‪ ،‬فَقا َل َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُك ْم ع ْنه‬ ‫ي عن شيءٍ ْ‬
‫إن َ‬ ‫هل أنت ُ ْم َ‬
‫صا ِدقِ َّ‬ ‫ت‪ ،‬فَقا َل‪ْ :‬‬ ‫ص َد ْق َ‬
‫ت وبَ ِر ْر َ‬ ‫فَقالوا‪َ :‬‬
‫ع َر ْفتَهُ في أ ِبينَا‪ ،‬قا َل‬
‫ت َك ِذ َبنَا كما َ‬‫ع َر ْف َ‬ ‫وإن َكذَ ْبن َ‬
‫َاك َ‬ ‫فَقالوا‪ :‬نَعَ ْم يا أبَا القَا ِس ِم‪ْ ،‬‬
‫يرا‪،‬‬
‫ون ِفي َها َي ِس ً‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪َ :‬من أ ْه ُل النَّ ِ‬
‫ار فَقالوا‪ :‬نَ ُك ُ‬ ‫له ْم َرسو ُل َّ‬
‫الل ِه َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ْ :‬‬
‫اخ َسئُوا ِفي َها‪،‬‬ ‫ث ُ َّم ت َْخلُفُونَنَا فِي َها‪ ،‬فَقا َل له ْم َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُك ْم‬ ‫ي عن شيءٍ ْ‬
‫إن َ‬ ‫هل أنت ُ ْم َ‬
‫صا ِد ِق َّ‬ ‫واللَّ ِه ال ن َْخلُفُ ُك ْم ِفي َها أ َبدًا‪ .‬ث ُ َّم قا َل له ْم‪ :‬فَ ْ‬
‫س ًّما؟ فَقالوا‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬فَقا َل‪ :‬ما‬ ‫شاةِ َ‬ ‫هل َج َع ْلت ُ ْم في هذِه ال َّ‬‫ع ْنه قالوا‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬فَقا َل‪ْ :‬‬
‫ت نَ ِبيًّا لَ ْم‬ ‫ت َكذَّابًا نَ ْست َِري ُح ِم ْن َك‪ْ ،‬‬
‫وإن ُك ْن َ‬ ‫إن ُك ْن َ‬
‫أر ْدنَا‪ْ :‬‬ ‫َح َملَ ُك ْم علَى َ‬
‫ذلك فَقالوا‪َ :‬‬
‫ض َّر َك‬
‫‪َ .‬ي ُ‬

‫‪24‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ۤ‬ ‫ُ‬
‫َط ۤيـَٔتُهُۥ فَأ ۟ولَ ٰـ ِٕى َك أصۡ َح ٰـ ُ‬
‫ب‬ ‫طت ِب ِهۦ خ ِ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫س ِيّئَة َوأ َح ٰـ َ‬
‫ب َ‬ ‫س َ‬ ‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬بلَ ٰٰۚى َمن َك َ‬
‫ت أ ُ ۟و َل ٰۤـ ِٕى َك أَصۡ َح ٰـ ُ‬
‫ب‬ ‫ص ٰـ ِل َح ٰـ ِ‬ ‫ع ِملُ ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫وا َو َ‬ ‫ار ُه ۡم فِي َها َخ ٰـ ِلدُونَ ‪َ ،‬وٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫ٱلنَّ ِ‬
‫ْس ِبأ َ َما ِن ِيّ ُك ْم َوال‬ ‫ٱ ۡل َجنَّ ِة ُه ۡم ِفي َها َخ ٰـ ِلدُونَ ﴾ َهذَا ْال َمقَا ُم َ‬
‫ش ِبيهٌ ِبقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬لي َ‬
‫ُون اللَّ ِه َو ِليًّا َوال‬
‫سو ًءا يُجْ زَ ِب ِه َوال يَ ِج ْد لَهُ ِم ْن د ِ‬ ‫ي ِ أ َ ْه ِل ْال ِكتَا ِ‬
‫ب َم ْن يَ ْع َم ْل ُ‬ ‫أ َ َمانِ ّ‬
‫ت ِم ْن َذ َك ٍر أ َ ْو أ ُ ْنثَى َو ُه َو ُمؤْ ِم ٌن فَأُو َلئِ َك‬ ‫يرا‪َ ،‬و َم ْن يَ ْع َم ْل ِمنَ ال َّ‬
‫صا ِل َحا ِ‬ ‫َص ً‬ ‫ن ِ‬
‫َي ْد ُخلُونَ ْال َجنَّةَ َوال يُ ْ‬
‫ظلَ ُمونَ نَ ِق ً‬
‫يرا﴾‬

‫﴿و ِإ ۡذ أَخ َۡذنَا ِميث َ ٰـقَ بَنِ ۤی ِإ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل َال ت َ ْعبُدُونَ ِإال اللَّهَ﴾ وفي الصحيحين‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم "يا ُمعاذُ أت َ ْد ِري ما َح ُّق اللَّ ِه علَى ال ِعبا ِد؟‪ ،‬قا َل‪ :‬اللَّهُ‬
‫ورسولُهُ أ ْعلَ ُم‪ ،‬قا َل‪ْ :‬‬
‫أن َي ْعبُدُوهُ وال يُ ْش ِر ُكوا به شيئًا‪ ،‬أت َ ْد ِري ما َحقُّ ُه ْم عليه؟‪،‬‬ ‫َ‬
‫"‪.‬قا َل‪ :‬اللَّهُ َ‬
‫ورسولُهُ أ ْعلَ ُم‪ ،‬قا َل‪ْ :‬‬
‫أن ال يُ َع ِذّ َب ُه ْم‬
‫وكذلك أمرنا معاشر المسلمين كما قال تعالى‪﴿ :‬قُ ْل ت َ َعالَ ْوا أَتْ ُل َما َح َّر َم َر ُّب ُك ْم‬
‫ضى َرب َُّك أَال ت َ ْعبُدُوا ِإال ِإيَّاهُ‬ ‫علَ ْي ُك ْم أَال ت ُ ْش ِر ُكوا ِب ِه َ‬
‫ش ْيئًا﴾ و َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و َق َ‬ ‫َ‬
‫َوبِ ْال َوا ِل َدي ِْن ِإحْ َ‬
‫سانًا﴾‬

‫‪25‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ُك ْم ِم ْن‬ ‫﴿و ِإ ْذ أ َ َخ ْذنَا ِميثَاقَ ُك ْم َال ت َ ْس ِف ُكونَ ِد َما َء ُك ْم َوال ت ُ ْخ ِر ُجونَ أ َ ْنفُ َ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫علَ ْي ِه‬
‫اح َد ِة‪َ ،‬ك َما قَا َل َ‬ ‫اح َد ِة بِ َم ْن ِزلَ ِة النَّ ْف ِس ْال َو ِ‬
‫ار ُك ْم﴾ َوذَ ِل َك أ َ َّن أَ ْه َل ْال ِم َّل ِة ْال َو ِ‬
‫ِديَ ِ‬
‫س َال ُم‪َ " :‬مث َ ُل ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِفي ت ََوا ِ ّد ِه ْم َوت ََرا ُح ِم ِه ْم َوت ََوا ُ‬
‫ص ِل ِه ْم ِب َم ْن ِز َل ِة‬ ‫ص َالة ُ َوال َّ‬‫ال َّ‬
‫س ِد ِب ْال ُح َّمى‬
‫سائِ ُر ْال َج َ‬
‫عى لَهُ َ‬ ‫عض ٌْو ت َ َدا َ‬‫احدِ‪ِ ،‬إذَا ا ْشت َ َكى ِم ْنهُ ُ‬ ‫س ِد ْال َو ِ‬
‫ْال َج َ‬
‫س َه ِر‬
‫‪".‬وال َّ‬
‫َ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِفي َها ف َداء‬ ‫س ْف َك ِد َما ِئ ِه ْم َوا ْفت ََر َ‬
‫ض َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم ِفي الت َّ ْو َرا ِة َ‬
‫َوقَ ْد َح َّر َم الله َ‬
‫ع َو ُه ْم ُحلَفَا ُء ْالخ َْز َرجِ‪،‬‬
‫طائِ َفةٌ ِم ْن ُه ْم َبنُو قَ ْينُقَا َ‬
‫أَس َْرا ُه ْم‪ ،‬فَ َكانُوا فَ ِريقَي ِْن‪َ :‬‬
‫ْ‬ ‫ظةُ ُحلَفَا ُء ْاَل َ ْو ِس‪ ،‬فَ َكانُوا إِذَا َكان ْ‬
‫َت بَيْنَ ْاَل َ ْو ِس َوالخ َْز َرجِ‬ ‫ير‪َ ،‬وقُ َر ْي َ‬
‫ض ُ‬ ‫َوالنَّ ِ‬
‫ظةُ َم َع‬
‫ير َوقُ َر ْي َ‬
‫ض ُ‬ ‫ع َم َع ْالخ َْز َرجِ‪َ ،‬وخ ََر َج ِ‬
‫ت ال َّن ِ‬ ‫ت َبنُو َق ْينُقَا َ‬
‫ب خ ََر َج ْ‬
‫َح ْر ٌ‬
‫صة‬ ‫‪.‬اَل َ ْو ِس‪ ...‬الق ّ‬
‫ْ‬

‫َّاس‪:‬‬
‫عب ٍ‬ ‫ي‪ْ :‬ال ُم ْع ِجزَ اتُ ‪ .‬قَا َل اب ُْن َ‬ ‫ت} َو ِه َ‬ ‫سى ٱ ۡبنَ َم ۡر َي َم ٱ ۡل َب ِيّ َن ٰـ ِ‬
‫﴿و َءات َ ۡينَا ِعي َ‬‫قوله‪َ :‬‬
‫طي ًْرا‬‫ون َ‬ ‫ين َك َه ْيئ َ ِة َّ‬
‫الطي ِْر َفيَ ْنفُ ُخ فِي َها فَت َ ُك ُ‬ ‫الط ِ‬ ‫اء ْال َم ْوت َى‪َ ،‬وخ َْل ِق ِه ِمنَ ِ ّ‬ ‫ِم ْن ِإحْ يَ ِ‬
‫ار ِه بِ ْالغُيُو ِ‬
‫ب‬ ‫‪..‬بِإ ِ ْذ ِن َّ‬
‫الل ِه‪َ ،‬وإِب َْرائِ ِه ْاَل َ ْسقَ َ‬
‫ام‪َ ،‬و ِإ ْخبَ ِ‬

‫سو ُۢ ُل بِ َما َال تَهۡ َو ٰۤى أَنفُ ُ‬


‫س ُك ُم ٱ ۡست َۡكبَ ۡرت ُ ۡم} ففي صحيح‬ ‫قوله‪{ :‬أَفَ ُكلَّ َما َج ۤا َء ُك ۡم َر ُ‬
‫ق‪ ،‬وغ َْم ُ‬
‫ط ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫"‪.‬مسلم‪" :‬ال ِكب ُْر َب َ‬
‫ط ُر ال َح ّ ِ‬
‫‪26‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{وفَ ِريقًا ت َ ْقتُلُونَ ﴾ كزكريا ويحي‬


‫‪.‬قوله‪﴿ :‬فَفَ ِريقًا َك َّذ ْبت ُ ْم} كعيسى ومحمد َ‬

‫﴿وقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أ َ ِكنَّ ٍة ِم َّما ت َ ْد ُ‬


‫عونَا‬ ‫غ ْل ٌ‬
‫ف﴾ ُه َو َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫﴿وقَالُوا قُلُوبُنَا ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫إِلَ ْي ِه﴾‬

‫ص ُر‬ ‫ت ْاليَ ُهو ُد ت َ ْست َ ْن ِ‬ ‫علَى َّالذِينَ َكفَ ُروا﴾ َكا َن ِ‬ ‫﴿و َكانُوا ِم ْن َق ْب ُل َي ْست َ ْفتِ ُحونَ َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ث‬‫اء يُ ْبعَ ُ‬ ‫علَى ُم ْش ِر ِكي ْالعَ َر ِ‬
‫ب‪ ،‬فَ َكانُوا يَقُولُونَ ‪ :‬إِ َّن َنبِيًّا ِم ْن ْاَل َ ْن ِبيَ ِ‬ ‫بِ ُم َح َّم ٍد ﷺ َ‬
‫سولَهُ‬ ‫ث َّ‬
‫اللهُ َر ُ‬ ‫عا ٍد َو ِإ َر َم‪ .‬فَلَ َّما َب َع َ‬ ‫ْاآلنَ نَتْ َبعُهُ‪ ،‬قَ ْد أَ َ‬
‫ظ َّل زَ َمانُهُ‪ ،‬نَ ْقتُلُ ُك ْم َم َعهُ َقتْ َل َ‬
‫‪.‬م ْن قُ َري ٍْش َكفَ ُروا بِ ِه‬
‫ِ‬
‫واالستنصار بجاه النبي ووج ِه ِه فبدعة بعيدة‬
‫ُ‬ ‫‪.‬أما االستفتا ُح‬

‫س ُه ْم أ َ ْن َي ْكفُ ُروا ِب َما أَنز َل اللَّهُ َب ْغيًا أ َ ْن يُنز َل اللَّهُ‬


‫س َما ا ْشت ََر ْوا ِب ِه أ َ ْنفُ َ‬
‫قوله‪ِ ﴿ :‬بئْ َ‬
‫ي َو ْال َح َ‬
‫س ُد‬ ‫علَى ذَ ِل َك ْالبَ ْغ ُ‬
‫علَى َم ْن يَشَا ُء ِم ْن ِع َبا ِد ِه﴾ َو ِإ َّن َما َح َملَ ُه ْم َ‬ ‫ِم ْن فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َ‬
‫‪َ .‬و ْال َك َرا ِهيَةُ‪ ،‬وكذا حسد إبليس وحسد قريش‬

‫‪27‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪ُّ :‬‬
‫الطوفَ ُ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ت َو ِه َ‬ ‫ت ْال َو ِ‬
‫اض َحا ِ‬ ‫سى ِب ْال َب ِّينَاتِ﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ِ :‬ب ْاآل َيا ِ‬ ‫﴿ولَقَ ْد َجا َء ُك ْم ُمو َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫صا‪َ ،‬و ْاليَدُ‪ ،‬وفَ ْلق ْالبَحْ ِر‪َ ،‬وت َْظ ِليلُ ُه ْم‬‫ضفَا ِدعُ‪َ ،‬وال َّد ُم‪َ ،‬و ْال َع َ‬
‫َو ْال َج َرادُ‪َ ،‬و ْالقُ َّملُ‪َ ،‬وال َّ‬
‫ت ال ِتي شَا َهدُوهَا‬ ‫‪ِ .‬ب ْالغَ َم ِام‪َ ،‬و ْال َم ُّن َوال َّس َل َوى‪َ ،‬و ْال َح َج ُر‪َ ،‬و َ‬
‫غي ُْر ذَ ِل َك ِمنَ ْاآل َيا ِ‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ُ ﴿ :‬خذُوا ما آتَيْناكم ِبقُ َّو ٍة وا ْس َمعُوا﴾ اآل َيةَ‪ :‬هو ِمنَ ال َّ‬
‫س ْمعِ ِب َم ْعنى‬
‫أجاب دُعا َء َمن‬ ‫َ‬ ‫أي‪:‬‬
‫صالةِ ‪ْ -‬‬ ‫اللهُ ِل َمن َح ِم َدهُ ‪ -‬في ال َّ‬ ‫س ِم َع َّ‬
‫ومنهُ‪َ :‬‬
‫اْلجابَ ِة‪ِ ،‬‬
‫عوا إلى اللَّ ِه‬
‫َح ِم َدهُ‪ ،‬ويَ ْش َه ُد ِل َهذا ال َم ْعنى قَ ْولُهُ‪﴿ :‬إنَّما كانَ قَ ْو َل ال ُمؤْ ِمنِينَ إذا ُد ُ‬
‫ط ْعنا﴾‬ ‫أن َيقُولُوا َ‬
‫س ِم ْعنا وأ َ‬ ‫سو ِل ِه ِل َيحْ ُك َم َب ْينَهم ْ‬
‫ور ُ‬
‫َ‬

‫﴿وأ ُ ْش ِربُوا ِفي قُلُو ِب ِه ُم ْالعِجْ َل ِب ُك ْف ِر ِه ْم﴾ أ ُ ْش ِربُوا ُح َّبهُ‪َ ،‬حتَّى َخلُ َ‬
‫ص ذَ ِل َك‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪ِ .‬إلَى قُلُو ِب ِه ْم‬
‫أن رسو َل الل ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‬ ‫وهذا يشبه ما وقع في عهد النبي وهو‪َّ :‬‬
‫بشجرةٍ ْللمشركينَ ‪ ،‬يقا ُل لها ‪ :‬ذاتُ أ ْنواطٍ ‪ ،‬يُ َع ِلّقُونَ‬
‫َ‬ ‫مر‬
‫َين ‪َّ ،‬‬
‫لما خرج إلى ُحن ٍ‬
‫اجعل لَّنا َ‬
‫ذات‬ ‫ْ‬ ‫عليْها أ ْس ِل َحت َ ُه ْم ‪ ،‬وي ْع ُكفونَ حولَها ؛ قالوا ‪ :‬يا رسو َل الل ِه !‬
‫وسل َم ‪" :‬سبحانَ الل ِه‬ ‫ي صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫أ ْنواطٍ كما لهم ذاتُ أ ْنواطٍ ‪ ،‬فقا َل النب ُّ‬
‫أكبر ! هذا كما قال قو ُم موسى ‪ :‬اجْ َعل لَّنَا ِإلَ ًها َك َما لَ ُه ْم‬ ‫وفي روا َي ٍة ‪ :‬اللهُ ُ‬
‫آ ِل َهةً ‪ ،‬والذي ن ْفسي بي ِد ِه ؛ َلت َْر َكبُ َّن سنَّةَ َم ْن كان قبلَكم س َّنةً س َّنةً" قال اَللباني‬
‫‪.‬إسناده على شرط الشيخين‬
‫‪28‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس فَت َ َمنَّ ُوا‬


‫ُون النَّ ِ‬ ‫اآلخ َرة ُ ِع ْن َد اللَّ ِه خَا ِل َ‬
‫صةً ِم ْن د ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل ِإ ْن َكان ْ‬
‫َت لَ ُك ُم الد ُ‬
‫َّار ِ‬
‫علَى أ َ ّ‬
‫يِ‬ ‫ت َ‬ ‫عوا ِب ْال َم ْو ِ‬
‫صا ِدقِينَ ﴾ قال ابن عباس أَيِ‪ :‬ا ْد ُ‬ ‫ْال َم ْو َ‬
‫ت ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬
‫َّاس ْاآليَةَ ُه َو‬ ‫ب‪ .‬وقال ابن كثير‪ :‬ث ُ َّم َهذَا الذِي فَ َّ‬
‫س َر ِب ِه اب ُْن َعب ٍ‬ ‫ْالفَ ِريقَي ِْن أ َ ْكذَ َ‬
‫ب ِم ْن ُه ْم أ َ ْو ِمنَ ْال ُم ْس ِل ِمينَ َ‬
‫علَى‬ ‫ي ِ ْالفَ ِري َقي ِْن أَ ْكذَ َ‬
‫علَى أ َ ّ‬ ‫ْال ُمت َ َعي َُّن‪َ ،‬و ُه َو ال ُّد َ‬
‫عا ُء َ‬
‫‪َ .‬وجْ ِه ْال ُمبَا َهلَ ِة‬

‫ارى َب ْع َد قِ َي ِام ْال ُح َّج ِة َ‬


‫علَ ْي ِه ْم فِي‬ ‫ص َ‬‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َو ْف َد نَجْ َرانَ ِمنَ النَّ َ‬ ‫عا َر ُ‬ ‫َك َما َد َ‬
‫عت ُ ّ ِو ِه ْم َو ِعنَا ِد ِه ْم ِإلَى ْال ُمبَا َه َل ِة‬
‫ظ َر ِة‪َ ،‬و ُ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال ُمنَا َ‬

‫ي اللَّهُ ع ْنه قال‪:‬‬


‫ض َ‬
‫َس َر ِ‬
‫َلن تمني الموت منهي عنه‪ ،‬ففي الصحيحين عن أن ٌ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم يقولُ‪" :‬ال تَت َ َمنَّ ُوا ال َم ْو َ‬
‫ت"‬ ‫لَ ْو َال أ ِنّي َ‬
‫س ِم ْعتُ النب َّ‬
‫ي َ‬
‫‪.‬لَت َ َمنَّيْتُ‬
‫سنَ عملُه"‬
‫مره و َح ُ‬
‫ع ُ‬ ‫"خير النَّ ِ‬
‫اس َمن طا َل ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫‪29‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿ال يُقَاتِلُونَ ُك ْم‬


‫علَى َح َياةٍ﴾ كما قال تعالى‪َ :‬‬ ‫اس َ‬ ‫ص النَّ ِ‬ ‫﴿ولَت َِج َدنَّ ُه ْم أَحْ َر َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫صنَ ٍة أ َ ْو ِم ْن َو َر ِ‬
‫اء ُجد ٍُر﴾‬ ‫َج ِميعًا ِإال فِي قُ ًرى ُم َح َّ‬

‫عد ًُّوا ِل ِجب ِْري َل فإنَّه ن ََّزلَهُ علَى قَ ْل ِب َك بإ ْذ ِن اللَّ ِه}‬


‫قوله‪َ { :‬من كانَ َ‬
‫صلَّى اللهُ‬ ‫ُوم َرسو ِل اللَّ ِه َ‬ ‫س َال ٍم‪ ،‬بقُد ِ‬ ‫الل ِه ُ‬
‫بن َ‬ ‫س ِم َع عب ُد َّ‬ ‫وفي صحيح البخاري َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم فَقا َل‪:‬‬ ‫ي َ‬ ‫ف‪ ،‬فأتَى النب َّ‬ ‫ض َي ْخت َِر ُ‬
‫أر ٍ‬ ‫عليه وسلَّ َم‪ ،‬و ْه َو في ْ‬
‫ع ِة؟ وما َّأو ُل‬ ‫سا َ‬ ‫ي‪ :‬فَما َّأو ُل أ ْش َر ِ‬
‫اط ال َّ‬ ‫سا ِئلُ َك عن ث َ َال ٍ‬
‫ث ال يَ ْعلَ ُم ُه َّن َّإال َنبِ ٌّ‬ ‫إ ِنّي َ‬
‫طعَ ِام أ ْه ِل ال َجنَّ ِة؟ وما َي ْن ِزعُ ا َلولَ ُد إلى أبِي ِه ْأو إلى أ ُ ِّم ِه؟ قا َل‪ْ :‬‬
‫أخبَ َرنِي ب ِه َّن‬ ‫َ‬
‫عد ُُّو ال َي ُهو ِد ِمنَ ال َم َالئِ َك ِة‪ ،‬فَقَ َرأ َ‬ ‫ِجب ِْري ُل آنِفًا قا َل‪ِ :‬جب ِْريلُ؟‪ :‬قا َل‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬قا َل‪ :‬ذَ َ‬
‫اك َ‬
‫عد ًُّوا ِل ِجب ِْري َل فإنَّه ن ََّزلَهُ علَى قَ ْل ِب َك بإ ْذ ِن اللَّ ِه}‪ .‬الحديث‬
‫‪.‬هذِه اآليَةَ‪َ { :‬من كانَ َ‬

‫ف َم ْن عادى جبريل فإنه عدو لله؛ َِل َ َّن ِجب ِْري َل َال َي ْن ِز ُل ِب ْاَل َ ْم ِر ِم ْن ِت ْلقَ ِ‬
‫اء نَ ْف ِس ِه‪،‬‬
‫ع ْن أَبِي ُه َري َْرةَ‪،‬‬
‫يح ِه‪َ ،‬‬
‫ص ِح ِ‬
‫ي فِي َ‬ ‫َوإِنَّ َما يَ ْن ِز ُل بِأ َ ْم ِر َربِّ ِه‪َ ،‬وقَ ْد َر َوى ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬
‫"إن اللَّهَ قا َل‪َ :‬من عا َدى لي َو ِليًّا فقَ ْد آ َذ ْنتُهُ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َّ :‬‬
‫قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫ب‪،‬‬
‫"بال َح ْر ِ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬ ‫ي هو من آمن بالله واتقى قال تعالى‪﴿ :‬أَال إِ َّن أ َ ْو ِليَا َء اللَّ ِه َال خ َْو ٌ‬
‫ف َ‬ ‫والول ُّ‬
‫وا َو َكانُ ۟‬
‫وا َيتَّقُونَ ﴾‬ ‫َوال ُه ْم َيحْ زَ نُونَ ‪ ،‬ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬

‫‪30‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب‬ ‫عد ًُّوا ِل َّل ِه َو َمالئِ َكتِ ِه َو ُر ُ‬


‫س ِل ِه َو ِجب ِْري َل َو ِمي َكا َل﴾ َو َهذَا ِم ْن َبا ِ‬ ‫﴿ َم ْن َكانَ َ‬
‫صا بِال ِذّ ْك ِر َلهميتها وفي الحديث كانَ صلى الله‬ ‫ص َ‬ ‫ع َلى ْال َعا ِ ّم و ُخ ِ ّ‬‫َاص َ‬‫ْالخ ِ ّ‬
‫ص َالتَهُ‪ :‬اللَّ ُه َّم َربَّ ِجب َْرا ِئي َل‪َ ،‬و ِمي َكا ِئي َل‪،‬‬
‫ام ِمنَ اللَّ ْي ِل ا ْفتَت َ َح َ‬
‫عليه وسلم إذَا قَ َ‬
‫ب َوال َّ‬
‫ش َها َدةِ‪..‬الحديث‪ .‬رواه‬ ‫عا ِل َم الغَ ْي ِ‬
‫ض‪َ ،‬‬
‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫وإس َْرافِي َل‪ ،‬فَ ِ‬
‫اط َر ال َّ‬
‫‪.‬مسلم‬

‫ت َب ِيّنَاتٍ﴾ وفي الصحيحين من حديث أبي‬ ‫﴿ولَقَ ْد أ َ ْ‬


‫نزلنَا ِإ َلي َْك آ َيا ٍ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه "ما ِمنَ اَل ْن ِبي ِ‬
‫اء‬
‫ت ما ِمثْلُهُ آ َمنَ عليه ال َبش َُر‪ ،‬وإنَّما كانَ الذي‬ ‫ي ِمنَ اآليا ِ‬ ‫ي ٍ َّإال ق ْد أُع ِ‬
‫ْط َ‬ ‫ِمن نَ ِب ّ‬
‫أن أ ُكونَ أ ْكث َ َر ُه ْم تا ِب ًعا يَ َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‬ ‫فأر ُجو ْ‬
‫ي‪ْ ،‬‬ ‫"‪.‬أ ُوتِيتُ وحْ يًا ْأو َحى اللَّهُ إ َل َّ‬

‫ࣱ‬
‫ي ْالعُ ُهو ُد َّال ِتي َكان ْ‬
‫َت‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫﴾‬‫م‬ ‫ه‬ ‫ۡ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ق‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬أ َ َو ُكلَّما عا َهدُوا َ‬
‫ع ْهدا ً َّن َبذَهُۥ فَ ِري ِّ ُ ٰۚ‬
‫ير‪ ،‬وقَينُقاع‬
‫ض ِ‬‫ظةَ َوال َّن ِ‬ ‫ي ِ ﷺ َو َبيْنَ ْاليَ ُهو ِد فَنَ َق ُ‬
‫ضوهَا َك ِف ْع ِل قُ َر ْي َ‬ ‫‪.‬بَيْنَ ال َّنبِ ّ‬

‫الن‪ .‬أ َح ُد ُهما‪ :‬القُ ْرآ َ ُن‪ .‬والثّانِي‪ :‬أنَّهُ الت َّ ْوراة ُ‬ ‫تاب َّ‬
‫الل ِه﴾ قَ ْو ِ‬ ‫‪َ .‬وفِي قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪ِ ﴿ :‬ك َ‬

‫‪31‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وت﴾‬
‫ار َ‬
‫وت َو َم ُ‬
‫َار َ‬ ‫﴿و َما أُنز َل َ‬
‫علَى ْال َملَ َكي ِْن ِب َبا ِب َل ه ُ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫اختلف أهل العلم في تأويل"ما" التي في قوله‪﴿ :‬وما أنزل على الملكين﴾‪.‬‬
‫قال أبو جعفر ابن جرير الطبري‪ :‬والصواب من القول في ذلك عندي‪ ،‬قول‬
‫من وجه"ما" التي في قوله‪﴿ :‬وما أنزل على الملكين﴾ إلى معنى"الذي"‪ ،‬دون‬
‫ان أ َ ْنزَ لَ ُه َما‬
‫وت َملَ َك ِ‬
‫ار َ‬
‫وت َو َم ُ‬ ‫معنى"ما" التي هي بمعنى الجحد‪ .‬وذكر أ َ َّن ه ُ‬
‫َار َ‬
‫ارا ِل ِع َبا ِد ِه َو ْام ِت َحانًا‪ ،‬فَ ُهما‬ ‫سِحْ ِر ْ‬
‫اخ ِت َب ً‬ ‫اللَّهُ ِإ َلى ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‪َ ،‬وأَذِنَ لَ ُه َما ِفي ت َ ْع ِل ِيم ال ّ‬
‫ان فِي ت َ ْع ِل ِيم ذَ ِل َك؛ َِل َنَّ ُه َما ْامتَث َ َال َما أ ُ ِم َرا بِ ِه‪ .‬كما أمر إبراهيم بذبح ولده‪،‬‬ ‫ُم ِطي َع ِ‬
‫صونَ اللَّهَ َما أ َ َم َر ُه ْم‬ ‫وأمر المالئكة بسجود آدم عليه السالم قال تعالى‪َ :‬‬
‫﴿ال يَ ْع ُ‬
‫َو َي ْف َعلُونَ َما يُؤْ َم ُرونَ ﴾‬

‫ض ُّر ُه ْم َوال يَ ْنفَعُ ُه ْم﴾ يدل على أن السحر أشد‬ ‫﴿ويَت َ َعلَّ ُمونَ َما َي ُ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫من الخمر والميسر فإن الله تعالى قال في شأنهما ﴿قُ ْل ِفي ِه َما إِثْ ٌم َكبِ ٌ‬
‫ير َو َمنَا ِف ُع‬
‫ِللنَّ ِ‬
‫اس﴾‬
‫اطينَ َكفَ ُروا‬ ‫﴿ولَ ِك َّن ال َّ‬
‫شيَ ِ‬ ‫وهذه اآلية تدل على أن الساحر كافر لقوله فيها َ‬
‫ان ِم ْن أ َ َح ٍد َحتَّى يَقُوال إِنَّ َما نَحْ ُن ِفتْنَةٌ‬
‫﴿و َما يُعَ ِلّ َم ِ‬ ‫يُعَ ِلّ ُمونَ النَّ َ‬
‫اس ال ّسِحْ َر﴾ وقوله‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ْد َ‬
‫ع ِل ُموا‬ ‫﴿و َيت َ َعلَّ ُمونَ َما َي ُ‬
‫ض ُّر ُه ْم َوال َي ْنفَعُ ُه ْم﴾ قوله‪َ :‬‬ ‫فَال ت َ ْكفُ ْر﴾ وقوله‪َ :‬‬
‫ق﴾ وإن كان الشافعي أدخل في المسألة‬ ‫لَ َم ِن ا ْشت ََراهُ َما لَهُ فِي ِ‬
‫اآلخ َرةِ ِم ْن خَال ٍ‬
‫ً‬
‫‪.‬تفصيال‬
‫‪32‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله‬
‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬وما ُه َّن؟ قا َل‪:‬‬ ‫س ْب َع ال ُموبِقَا ِ‬
‫ت قالوا‪ :‬يا َر ُ‬ ‫صلى الله عليه "اجْ تَنِبُوا ال َّ‬
‫سِحْ ُر‪َ ،‬و َقتْ ُل النَّ ْف ِس الَّتي َح َّر َم اللَّهُ ِإ َّال بال َح ّ ِ‬
‫ق‪َ ،‬وأ َ ْك ُل ِ ّ‬
‫الر َبا‪،‬‬ ‫ش ْركُ باللَّ ِه‪َ ،‬وال ّ‬ ‫ال ِ ّ‬
‫ت ال ُمؤْ ِمنَا ِ‬
‫ت‬ ‫صنَا ِ‬
‫ف ال ُمحْ َ‬ ‫ف‪َ ،‬وقَ ْذ ُ‬ ‫وم َّ‬
‫الزحْ ِ‬ ‫َوأ َ ْك ُل َما ِل اليَتِ ِيم‪َ ،‬والت َّ َو ِلّي يَ َ‬
‫"‪.‬الغَافِ َال ِ‬
‫ت‬
‫‪.‬وذكر في هذه اآلية قصص إسرائيلية‬

‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ال تَقُولُوا َرا ِعنَا﴾ َوجْ هُ النَّ ْهي ِ َ‬
‫ع ْن ذَ ِل َك َّ‬
‫أن هَذا‬
‫سان اليَ ُهو ِد َسبًّا‪ ،‬وهو بمعنى الرعونة والجهل والخطأ‬ ‫‪.‬اللَّ ْف َ‬
‫ظ كانَ بِ ِل ِ‬
‫ط َل ًبا ِمنهُ ْ‬
‫أن يُرا ِع َيهم ِمنَ ال ُمراعا ِة‬ ‫‪.‬وكان ال ُم ْسلِمونَ َيقُولُونَ ِللنَّ ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ‪ :‬را ِعنا‪َ ،‬‬
‫بقوم فهو من ُهم" صححه اَللباني‬
‫‪.‬وفي الحديث‪َ " :‬من تشبَّه ٍ‬

‫س ْخ ِم ْن آيَ ٍة أ َ ۡو نُن ِس َها ن َۡأ ِ‬


‫ت بِ َخ ۡي ࣲر ِّم ۡن َه ۤا أ َ ۡو ِم ۡث ِل َه ۤا ٰۗۤ﴾‬ ‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬ما نَ ْن َ‬
‫ي ِ هو‪َ :‬ر ْف ُع ْال ُح ْك ِم بِ َد ِلي ٍل ش َْر ِع ّ‬
‫ي ٍ ُمتَأ َ ِ ّخ ٍر‬ ‫‪َ .‬م ْعنَى النَّسْخِ ال َّ‬
‫ش ْر ِع ّ‬

‫‪:‬وله أنواع‬
‫‪.‬فمنها ما رفع حكمه وبقيت تالوته وهو كثير‬
‫‪33‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وبقي حكمه كآية الرجم ولفظها‪ :‬الشي ُخ والشيخة إذا‬


‫َ‬ ‫ومنها ما نسخت تالوته‬
‫ٌ‬
‫عزيز حكيم‬ ‫‪.‬زنيا فارجموهما البتة نكاالً من الله والله‬

‫ولما كانت شريعة اْلسالم آخر الشرائع‪ ،‬وصالحة لكل زمان ومكان؛ إذ ال‬
‫‪.‬شريعة بعدها‪ ،‬فقد نسخ الله بها ما شاء من الشرائع الماضية‬
‫‪.‬وهذه اآلية جواب لمن أنكر النسخ في الشريعة االسالمية‬

‫‪:‬والنَّسخ ثابت في الكتاب والسنة‬


‫فإما أن يكون هذا الحكم البديل مساويًا لألول‪ :‬كتحويل القبلة من بيت‬
‫‪.‬المقدس إلى الكعبة‬
‫أجرا‪ :‬مثاله‪ :‬ما يتعلق بحد الزنا‬
‫‪.‬أو أثقل منه ولكنه أعظم ً‬
‫أو أخف وأيسر منه‪ :‬وهذا كثير في شريعتنا كنسخ تحريم اَلكل والشرب‬
‫‪.‬والجماع بعد النوم في ليالي رمضان‬

‫سى ِم ْن قَ ْبلُ﴾ َك َما‬ ‫سولَ ُك ْم َك َما ُ‬


‫سئِ َل ُمو َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬أ َ ْم ت ُ ِريدُونَ أ َ ْن ت َ ْسأَلُوا َر ُ‬
‫سأَلُوا‬
‫اء فَقَ ْد َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم ِكت َابًا ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬يَ ْسأَلُ َك أ َ ْه ُل ْال ِكت َا ِ‬
‫ب أ َ ْن تُنز َل َ‬
‫ظ ْل ِم ِه ْم﴾‬ ‫سى أ َ ْك َب َر ِم ْن ذَ ِل َك فَقَالُوا أ َ ِرنَا اللَّهَ َج ْه َرة ً فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫صا ِعقَةُ ِب ُ‬ ‫ُمو َ‬
‫وقَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َال ت َ ْسأَلُوا َ‬
‫ع ْن أ َ ْشيَا َء ِإ ْن ت ُ ْب َد لَ ُك ْم ت َ ُ‬
‫سؤْ ُك ْم َو ِإ ْن‬
‫ع ْن َها ِحينَ ُينز ُل ْالقُ ْر ُ‬
‫آن ت ُ ْب َد لَ ُك ْم﴾‬ ‫ت َ ْسأَلُوا َ‬
‫‪34‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َيءٍ َل ْم‬
‫ع ْن ش ْ‬ ‫ظ َم ْال ُم ْس ِل ِمينَ ُج ْر ًما َم ْن َ‬
‫سأ َ َل َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن‪ِ " :‬إ َّن أ َ ْع َ‬ ‫ت فِي ال َّ‬ ‫َو ِل َهذَا ث َ َب َ‬
‫"يُ َح َّر ْم‪َ ،‬ف ُح ِ ّر َم ِم ْن أَجْ ِل َم ْسأ َ َلتِ ِه‬
‫ْش ُم َح َّمدًا ﷺ أ َ ْن َيجْ َع َل لَ ُه ُم ال َّ‬
‫صفَا ذَ َه ًبا‬ ‫سأ َ َل ْ‬
‫ت قُ َري ٌ‬ ‫‪.‬وقد َ‬

‫ي اللَّهُ ِب ْ‬ ‫ْ‬
‫أم ِر ِه في‬
‫أم ِر ِه﴾ وهو اَلمر بالجهاد‪ .‬أو بِ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬حتّى يَأتِ َ‬
‫اجهم ِمن ال َمدينَة‬
‫وإخر ِ‬
‫َ‬ ‫الء والنَّ ْفيِ‪،‬‬
‫‪.‬اليهو ِد ِبال َج ِ‬

‫ت ُك ُّل َ‬
‫طائِفَ ٍة‬ ‫ع ْ‬ ‫وا لَن يَ ۡد ُخ َل ٱ ۡل َجنَّةَ إِ َّال َمن َكانَ ُهودًا أ َ ۡو نَ َ‬
‫ص ٰـ َر ٰٰۗى} ا َّد َ‬ ‫﴿وقَالُ ۟‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫علَى ِملَّتِ َها‪َ ،‬فإنَّهُ قَ ْد‬ ‫ارى أَنَّهُ لَ ْن َي ْد ُخ َل ْال َج َّنةَ ِإ َّال َم ْن َكانَ َ‬
‫ص َ‬‫ِمنَ ْال َي ُهو ِد َوالنَّ َ‬
‫على َش ْيءٍ ‪ ،‬وقا َل ِ‬
‫ت‬ ‫ت النَّصارى َ‬ ‫ت‪َ :‬ل ْي َ‬
‫س ِ‬ ‫َحكى اللَّهُ َ‬
‫ع ِن اليَ ُهو ِد أنَّها قا َل ْ‬
‫َيءٍ‬
‫على ش ْ‬ ‫‪.‬النَّصارى‪ :‬لَ ْي َس ِ‬
‫ت ال َي ُهو ُد َ‬

‫ص ٰـ ِدقِينَ ﴾ في الصحيحين "لَ ْو‬ ‫وقوله‪﴿ :‬تِ ۡل َك أ َ َمانِيُّ ُه ٰۡۗم قُ ۡل هَات ُ ۟‬


‫وا بُ ۡر َه ٰـنَ ُك ۡم ِإن ُكنت ُ ۡم َ‬
‫ناس دِما َء ِرجا ٍل وأ َ ْموالَ ُه ْم‪ ،‬ولَ ِك َّن ال َي ِمينَ علَى‬ ‫عى ٌ‬ ‫اس ب َدعْوا ُه ْم‪ ،‬ال َّد َ‬ ‫طى النَّ ُ‬ ‫يُ ْع َ‬
‫"‪.‬ال ُم َّد َ‬
‫عى عليه‬

‫‪35‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪ُ :‬متَّ ِب ٌع‬‫﴿و ُه َو ُمحْ ِس ٌن﴾ أ َ ْ‬


‫﴿وجْ َههُ﴾ َقا َل‪ :‬دِي َنهُ‪َ ،‬‬ ‫ص‪َ ،‬‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬بلَى َم ْن أَ ْسلَ َم﴾ أ َ ْخ َل َ‬
‫صا ِللَّ ِه‬ ‫سو َل ﷺ‪ .‬فَإ ِ َّن ِل ْل َع َم ِل ْال ُمتَقَبَّ ِل ش َْر َ‬
‫طي ِْن‪ ،‬أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬أ َ ْن يَ ُكونَ خَا ِل ً‬ ‫الر ُ‬‫فِي ِه َّ‬
‫سو ُل اللَّ ِه‬
‫ش ِري َع ِة‪ .‬فَ َمت َى َكما قَا َل َر ُ‬ ‫ص َوا ًبا ُم َوا ِفقًا ِلل َّ‬ ‫َوحْ َدهُ َو ْاآلخ َُر‪ :‬أ َ ْن َي ُكونَ َ‬
‫علَ ْي ِه أ َ ْم ُرنَا فَ ُه َو َردٌّ"‪َ .‬ر َواهُ ُم ْس ِل ٌم‬ ‫ع َم ًال لَي َ‬
‫ْس َ‬ ‫‪.‬ﷺ‪َ " :‬م ْن َ‬
‫ع ِم َل َ‬

‫علَى َ‬
‫ش ْيءٍ‬ ‫ارى َ‬
‫ص َ‬‫ت ال َّن َ‬ ‫ت ْاليَ ُهو ُد َل ْي َ‬
‫س ِ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬وقَا َل ِ‬
‫َيءٍ ﴾‬ ‫ت ْاليَ ُهو ُد َ‬
‫علَى ش ْ‬ ‫ارى لَ ْي َ‬
‫س ِ‬ ‫ص َ‬ ‫َوقَالَ ِ‬
‫ت ال َّن َ‬
‫قال ابن تيمية ‪" :‬فأخبر أن كل واحد من اَلمتين تجحد كل ما اَلخرى عليه‪.‬‬
‫وأنت تجد كثيرا من المتفقهة إذا رأى المتصوفة والمتعبدة‪ ،‬ال يراهم شيئا‪،‬‬
‫وال يعدهم إال جهاال ضالال‪ ،‬وال يعتقد في طريقهم من العلم والهدى شيئا‪.‬‬
‫وترى كثيرا من المتصوفة والمتفقرة ال يرى الشريعة والعلم شيئا‪ ،‬بل يرى‬
‫‪.‬أن المتمسك بها منقطع عن الله وأنه ليس عند أهلها شيء مما بنفع عند الله‬

‫وإنما الصواب أن ما جاء به الكتاب والسنة من هذا وهذا حق‪ ،‬وما خالف‬
‫الكتاب والسنة من هذا وهذا باطل‪《 ".‬اقتضاء الصراط المستقيم》‬

‫‪36‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سعى في‬ ‫ساج َد اللَّ ِه ْ‬


‫أن يُ ْذ َك َر فِيها ا ْس ُمهُ و َ‬ ‫﴿و َمن ْ‬
‫أظلَ ُم ِم َّم ْن َم َن َع َم ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ي‬
‫س ّ‬
‫الح ِ ّ‬
‫َراب ِ‬
‫ي والخ َ‬ ‫َراب ال َم ْعنَ ِو ّ‬
‫‪َ .‬خرابِها﴾ يشمل الخ َ‬
‫أن َي ْد ُخلُوها ّإال خا ِئفِينَ ﴾ ال يجوز لكافر أن يدخل المسجد‬‫وقوله‪﴿ :‬ما كانَ َلهم ْ‬
‫الحرام‪ ،‬أما ما عداها من المساجد فجائز للحاجة َلحاديث تدل على أنهم‬
‫‪.‬كانوا يدخلون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم‬

‫سو ُل‬ ‫﴿و ِللَّ ِه ْال َم ْش ِر ُق َو ْال َم ْغ ِر ُ‬


‫ب فَأ َ ْينَ َما ت ُ َولُّوا فَث َ َّم َوجْ هُ اللَّ ِه﴾ َكانَ َر ُ‬ ‫قوله تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫ت ْال َم ْقد ِِس والكعبةُ َبيْنَ َي َد ْي ِه‪ .‬فَلَ َّما قَد َِم ْال َمدِينَةَ ُوجه‬ ‫ص ِلّي بمكةَ ِإلَى َب ْي ِ‬ ‫اللَّ ِه ﷺ يُ َ‬
‫ص َر َفهُ اللَّهُ ِإلَى‬
‫ش ْه ًرا‪ ،‬ث ُ َّم َ‬ ‫ش ْه ًرا‪ ،‬أ َ ْو َس ْب َعةَ َ‬
‫عش ََر َ‬ ‫ت ْال َم ْقد ِِس ِستَّةَ َ‬
‫عش ََر َ‬ ‫ِإلَى بَ ْي ِ‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال َك ْع َب ِة بع ُد‬
‫ع َل ْي َها‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل‬
‫ع ْن قِ ْبلَتِ ِه ُم التِي َكانُوا َ‬ ‫َاب ِم ْن ذَ ِل َك ْاليَ ُهودُ‪َ ،‬و َقالُوا‪َ :‬ما َو َّال ُه ْم َ‬ ‫ارت َ‬‫فَ ْ‬
‫اللَّهُ‪﴿ :‬قُ ْل ِللَّ ِه ْال َم ْش ِر ُق َو ْال َم ْغ ِر ُ‬
‫ب﴾ َوقَا َل‪﴿ :‬فَأ َ ْينَ َما ت ُ َولُّوا فَثَ َّم َوجْ هُ اللَّ ِه﴾‬

‫قوله‪﴿ :‬فَأ ْينَما ت ََولُّوا فَثَ َّم وجْ هُ اللَّ ِه﴾ قال بعض المفسرين‪ :‬أي قِ ْبلَةٌ ِللَّ ِه أ ْينَما‬
‫ت ش َْرقًا ْأو غ َْربًا‪ .‬ولم ينكروا وجه الله الذاتي‪َ ،‬لن الوجه قد يقصد‬
‫ت ََو َّج ْه َ‬
‫‪.‬بالقبلة والجهة‬

‫ش َّد ِة ْالخ َْو ِ‬


‫ف‪،‬‬ ‫ض ويستثنى من ذلك َحال ْال ُم َ‬
‫سا َيفَ ِة َو َ‬ ‫َوالت َّ َو ُّجهُ ِإلَى ْال َك ْع َب ِة َ‬
‫فر ٌ‬
‫‪37‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى‬ ‫باس ِج َه ِة ال ِق ْبلَ ِة الَّتِي أمرنا ِبالتَّ َو ُّج ِه إلَيْها‪ ،‬وعند التَّ َ‬
‫ط ُّوعِ َ‬ ‫و ِع ْن َد اال ِت ِ‬
‫احلَ ِة‬
‫‪.‬الر ِ‬
‫َّ‬

‫ࣱ‬ ‫ࣰ‬
‫َّ‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ض ُك ّل لهُۥ‬ ‫س ۡب َح ٰـنَهُۥ بَل لَّهُۥ َما فِی ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ٰ⁠ ِ‬ ‫﴿وقَالُ ۟‬
‫وا ٱت َّ َخذَ ٱ َّللهُ َولَد ٰۗا ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫}قَ ٰـنِتُونَ‬
‫عزَ ي ٌْر اب ُْن اللَّ ِه﴾ والنَّصارى‪ْ ،‬‬
‫أي قالُوا‪﴿ :‬ال َم ِسي ُح اب ُْن‬ ‫أي قالُوا‪ُ ﴿ :‬‬
‫هم ال َي ُهودُ‪ْ ،‬‬
‫أي قالُوا‪ :‬ال َمالئِ َكةُ َبناتُ اللَّ ِه‬
‫ب‪ْ ،‬‬ ‫‪.‬اللَّ ِه﴾ و ُكفّ ُ‬
‫ار ال َع َر ِ‬

‫ت‬ ‫ون َلهُ َولَدٌ! قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬بدِي ُع ال َّ‬


‫س َم َاوا ِ‬ ‫ْال َج ِمي ُع َع ِبي ٌد َلهُ َو ِم ْل ٌك َلهُ‪ ،‬فَ َكي َ‬
‫ْف َي ُك ُ‬
‫احبَةٌ َو َخلَقَ ُك َّل َ‬
‫ش ْيءٍ َو ُه َو بِ ُك ِّل‬ ‫ص ِ‬ ‫ض أَنَّى يَ ُك ُ‬
‫ون لَهُ َولَ ٌد َولَ ْم ت َ ُك ْن لَهُ َ‬ ‫اَلر ِ‬
‫َو ْ‬
‫ع ِلي ٌم﴾‬
‫ش ْيءٍ َ‬
‫َ‬

‫﴿وقَا َل الَّذِينَ َال َي ْعلَ ُمونَ لَ ْوال يُ َك ِلّ ُمنَا اللَّهُ أ َ ْو ت َأْ ِتينَا آ َيةٌ﴾ رجح ابن كثير أن‬‫قَ ْوله‪َ :‬‬
‫ار ْال َع َر ِ‬
‫ب‬ ‫‪َ .‬هذَا قَ ْو ُل ُكفَّ ِ‬

‫‪38‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وب َم ْن تَقَ َّد َم ُه ْم‬ ‫ب قُلُ َ‬‫ت قُلُوب ُم ْش ِر ِكي ْال َع َر ِ‬ ‫ي‪ :‬أ َ ْش َب َه ْ‬
‫ت قُلُوبُ ُه ْم﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬تَشَا َب َه ْ‬
‫فِي ْال ُك ْف ِر َو ْال ِعنَا ِد َو ْالعُت ُ ّ ِو‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬كذَ ِل َك َما أَت َى الَّذِينَ ِم ْن َق ْب ِل ِه ْم ِم ْن‬
‫طا ُ‬
‫غونَ ﴾‬ ‫ون‪ ،‬أَت ََوا َ‬
‫ص ْوا ِب ِه َب ْل ُه ْم قَ ْو ٌم َ‬ ‫اح ٌر أ َ ْو َمجْ نُ ٌ‬
‫س ِ‬‫سو ٍل ِإال قَالُوا َ‬
‫َر ُ‬

‫ت أ َ ْه َوا َء ُه ْم َب ْع َد الَّذِي َجا َء َك ِمنَ ْال ِع ْل ِم َما لَ َك ِمنَ اللَّ ِه ِم ْن َو ِل ّ‬


‫يٍ‬ ‫﴿ولَ ِئ ِن ات َّ َب ْع َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫فهو م ْنهم" صححه اَللباني‬ ‫بقوم َ‬ ‫ير﴾ وفي الحديث‪َ " :‬م ْن ت َ َشبَّهَ ٍ‬ ‫َص ٍ‬ ‫‪.‬وال ن ِ‬
‫َ‬

‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬الَّذِينَ آت َ ْينَا ُه ُم ْال ِكت َ‬


‫َاب َيتْلُو َنهُ َح َّق ِت َ‬
‫الوتِ ِه﴾‬
‫هم علماء بني إسرائيل‪ ،‬الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله‪ ،‬فأقروا بحكم‬
‫التوراة‪ .‬فعملوا بما أمر الله فيها من اتباع محمد ﷺ‪ ،‬واْليمان به‪ ،‬والتصديق‬
‫َارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‬ ‫‪.‬بما جاء به من عند الله‪َ .‬و ْ‬
‫اخت َ‬

‫ع َل ۡي ُك ۡم َوأ َ ِّنی فَض َّۡلت ُ ُك ۡم َ‬


‫علَى‬ ‫ی ٱ َّلتِ ۤی أ َ ۡن َع ۡمتُ َ‬ ‫۟‬ ‫ۡ‬
‫قوله‪َ ﴿ :‬ي ٰـ َبنِ ۤی ِإ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل ٱذ ُك ُروا نِعۡ َمتِ َ‬
‫ور ِة‬
‫س َ‬‫ص ْد ِر ال ُّ‬ ‫ير َه ِذ ِه ْاآليَ ِة فِي َ‬ ‫‪.‬ٱ ۡل َع ٰـلَ ِمينَ } قَ ْد تَقَد ََّم ن َِظ ُ‬

‫‪39‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ارهُ َلهُ ِب َما َكلَّفَهُ ِب ِه ِمنَ‬ ‫يم َر ُّبهُ ِب َك ِل َماتٍ﴾ أَيِ‪ْ :‬‬
‫اخ ِت َب ُ‬ ‫﴿و ِإ ِذ ا ْبتَلَى ِإب َْرا ِه َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫يم‬ ‫ام بِ ِه َّن ُك ِلّ ِه َّن‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و ِإب َْرا ِه َ‬ ‫ي‪ :‬قَ َ‬ ‫ْاَل َ َو ِام ِر َوالنَّ َوا ِهي‪﴿ .‬فَأَت َ َّم ُه َّن﴾ أ َ ْ‬
‫الَّذِي َوفَّى﴾‬
‫يم َكانَ أ ُ َّمةً قَا ِنتًا ِللَّ ِه َحنِيفًا َولَ ْم يَكُ ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ‬ ‫} َوقَا َل ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ َّن ِإب َْرا ِه َ‬

‫ع ْهدِي َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَا َل َو ِم ْن ذُ ِ ّر َّيتِي قَا َل َال َينَا ُل َ‬
‫ش ْرعِ ظا ِل ًما‬ ‫أن ال يُ َولُّوا أ ُ ُم َ‬
‫ور ال َّ‬ ‫اَلم ِر ِل ِعبا ِد ِه ْ‬
‫إن هَذا ال َخبَ َر في َم ْعنى ْ‬ ‫‪َّ .‬‬

‫يم‪ْ :‬ال َح َر ُم ُكلُّهُ‬


‫صلًّى﴾ قيل‪َ :‬مقَا ُم ِإب َْرا ِه َ‬ ‫﴿وات َّ ِخذُوا ِم ْن َمقَ ِام ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم ُم َ‬ ‫‪.‬قوله‪َ :‬‬
‫ي ِ اللَّ ِه ِإب َْرا ِهيم َويُنَا ِولُهُ ِإ ْس َما ِعي ُل‬
‫جر الذي َكانَ يَقُو ُم َعلَ ْي ِه َن ِب ّ‬
‫والصواب أنه ال َح ُ‬
‫ارةَ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال ِح َج َ‬
‫ب‬‫وف ْال َي ْو َم ِإلَى َجا ِن ِ‬ ‫صقًا ِب ِج َد ِار ْال َك ْع َب ِة قَدِي ًما‪َ ،‬و َم َكانُهُ َم ْع ُر ٌ‬
‫َوقَ ْد َكانَ ْال َمقَا ُم ُم ْل َ‬
‫ب فِي ْالبُ ْق َع ِة ْال ُم ْست َ ِقلَّ ِة ُهن َ‬
‫َاك‪َ ،‬و ِإنَّ َما‬ ‫َّاخ ِل ِمنَ ْالبَا ِ‬
‫ب ِم َّما يَ ِلي ْال َح َج َر يُ ْم َنةَ الد ِ‬ ‫ْالبَا ِ‬
‫ي اللَّهُ َع ْنهُ إلى‬
‫ض َ‬
‫ب َر ِ‬ ‫ع َم ُر ب ُْن ْالخ َّ‬
‫َطا ِ‬ ‫ير ْال ُمؤْ ِمنِينَ ُ‬
‫ع ْن ِج َد ِار ْال َك ْع َب ِة أ َ ِم ُ‬
‫أ َ َّخ َرهُ َ‬
‫‪.‬موضعه اآلن‬

‫‪40‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪ِ ﴿ :‬ل َّ‬


‫لطائِفِينَ ﴾‬
‫على َم َّكةَ‬
‫ئ َ‬
‫ار ُ‬ ‫يب ّ‬
‫الط ِ‬ ‫وف ِب ِه‪ ،‬وقِي َل‪ :‬الغ َِر ُ‬
‫ط ُ‬‫ف‪ :‬الَّذِي يَ ُ‬ ‫‪ّ .‬‬
‫الطا ِئ ُ‬

‫ار ُز ْق أ َ ْه َلهُ ِمنَ‬


‫﴿وإِ ْذ قَا َل إِب َْرا ِهي ُم َربّ ِ اجْ َع ْل َهذَا بَلَدًا ِآمنًا َو ْ‬‫َوقَ ْولُهُ ت َعَا َلى‪َ :‬‬
‫اآلخ ِر﴾ قد تكون هذه الدعوة قبل بناء‬ ‫الل ِه َو ْال َي ْو ِم ِ‬
‫ت َم ْن آ َمنَ ِم ْن ُه ْم ِب َّ‬
‫الث َّ َم َرا ِ‬
‫الكعبة‪،‬‬
‫﴿ربَّنَا إِ ِنّي أ َ ْس َك ْنتُ ِم ْن ذُ ِ ّريَّتِي بِ َوا ٍد َغي ِْر ذِي زَ ْرعٍ ِع ْن َد بَ ْيتِ َك‬ ‫قال تعالى عنه‪َ :‬‬
‫ار ُز ْق ُه ْم ِمنَ‬ ‫اس ت َ ْه ِوي ِإ َل ْي ِه ْم َو ْ‬ ‫ْال ُم َح َّر ِم َربَّنَا ِليُ ِقي ُموا ال َّ‬
‫صالة َ فَاجْ َع ْل أ َ ْفئِ َدةً ِمنَ النَّ ِ‬
‫ت لَ َعلَّ ُه ْم يَ ْش ُك ُرونَ ﴾‬
‫الث َّ َم َرا ِ‬
‫وم َفتْحِ َم َّكةَ كما في الصحيحين‪َّ :‬‬
‫"إن هذا ال َبلَ َد‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم َي َ‬
‫ض‪ ،‬فَهو َح َرا ٌم ب ُح ْر َم ِة اللَّ ِه إلى يَ ِ‬
‫وم‬ ‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫َح َّر َمهُ اللَّهُ يَ َ‬
‫وم َخ َلقَ ال َّ‬
‫‪.‬ال ِقيَا َم ِة‪ "،‬الحديث‬
‫ب إلَ ْي ِه أ َّنهُ َح َّر َمها‪ ،‬كما قال‬
‫وأعلن إبراهيم عليه السالم هذه الحرمة فَنُ ِس َ‬
‫يم َح َّر َم َم َّكةَ و َدعا لَها‪ ،‬و َح َّر ْمتُ ال َمدِينَةَ كما‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪َّ :‬‬
‫"إن إبْرا ِه َ‬
‫ع ْوتُ لها في ُم ّدِها وصا ِعها ِمثْ َل ما َدعا إبْرا ِهي ُم عليه‬
‫َح َّر َم إبْرا ِهي ُم َم َّكةَ‪ ،‬و َد َ‬
‫سال ُم ِل َم َّكةَ‪ ".‬رواه البخاري‬
‫‪.‬ال َّ‬

‫‪41‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الء ِم ْن‬ ‫﴿و َم ْن َكفَ َر فَأ ُ َم ِت ّعُهُ قَ ِليال﴾ كما قال تعالى‪ُ ﴿ :‬كال نُ ِم ُّد َه ُؤ ِ‬
‫الء َوهَؤُ ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ورا﴾ َلن الدنيا دار حقارة كما ثبت في‬
‫ظ ً‬‫طا ُء َربِّ َك َمحْ ُ‬
‫اء َربِّ َك َو َما َكانَ َع َ‬
‫ط ِ‬‫ع َ‬
‫َ‬
‫‪.‬اَلحاديث‬

‫يم َو ْاليَ ُهو ُد‬


‫ْث إِ َّن َح َّج ْال َك ْعبَ ِة َكانَ ِملَّةَ ِإب َْرا ِه َ‬
‫وفي هذه اآليات دليل ِم ْن َحي ُ‬
‫علَى ِملَّ ِة‬
‫عمهم أَنَّ ُهم َ‬
‫علَى َك ِذ ِب ِه ْم ِفي زَ ِ‬
‫ارى َال َي ُحجُّونَ ‪َ ،‬ف َي ُد ُّل َهذَا َ‬
‫ص َ‬‫َوالنَّ َ‬
‫يم‪ ،‬فهم ليسوا ً‬
‫اهال للكعبة والحج‬ ‫‪ِ .‬إب َْرا ِه َ‬
‫وقد صح أن نبي الله موسى عليه السالم حج البيت‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم َم َّر بوادِي‬ ‫كما ثبت في صحيح مسلم َّ‬
‫أن َرسو َل الل ِه َ‬
‫ق‪ ،‬قا َل‪َ :‬كأ َ ِنّي أ ْن ُ‬
‫ظ ُر إلى‬ ‫ي وا ٍد هذا؟ فقالوا‪ :‬هذا وادِي ْ‬
‫اَلز َر ِ‬ ‫ق‪ ،‬فقا َل‪ :‬أ ُّ‬ ‫ْ‬
‫اَلز َر ِ‬
‫ؤار إلى الل ِه بالت َّ ْل ِب َي ِة‪ "..‬الحديث‬
‫طا ِمنَ الثَّ ِنيَّ ِة‪ ،‬وله ُج ٌ‬
‫سال ُم ها ِب ً‬
‫سى عليه ال َّ‬
‫‪ُ .‬مو َ‬

‫َت قَ َوا ِع ُد ْال َب ْي ِ‬


‫ت َم ْب ِن َّيةً‬ ‫﴿و ِإ ْذ َي ْرفَ ُع ِإب َْرا ِهي ُم ْالقَ َوا ِع َد ِمنَ ْال َب ْيتِ﴾ قيل‪َ :‬كان ْ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬قَ ْب َل ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم‪ .‬والصحيح أنه هو الذي رفعها‬

‫‪42‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قريش حتى‬
‫ٍ‬ ‫علَى ِبنَاء‬ ‫علَى ِبنَائه حتى هدمتها قُ َري ٌ‬
‫ْش ثم لَ ْم ت َزَ ْل َ‬ ‫َولَ ْم ت َزَ ْل َ‬
‫س َال ُم‪َ ،‬ولَ ْم‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫يم‪َ ،‬‬‫ض َوبَنَاهَا َعلَى قَ َوا ِع ِد ِإب َْرا ِه َ‬ ‫الزبَي ِْر ِإلَى ْاَل َ ْر ِ‬
‫نقضها اب ُْن ُّ‬
‫ع َل ْي ِه ِبأ َ ْم ِر َ‬
‫ع ْب ِد‬ ‫َت َ‬ ‫ار ِت ِه َحتَّى قَتَ َلهُ ْال َح َّجا ُج‪ ،‬فَ َر َّدهَا ِإ َلى َما َكان ْ‬
‫ت َزَ ْل َكذَ ِل َك ُمدَّة ِإ َم َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال َم ِل ِك ب ِْن َم ْروان لَهُ ِبذَ ِل َك‬
‫ع ْنهُ؛ َِلَنَّهُ ُه َو‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْب ُد َّ‬
‫الل ِه ب ُْن ُّ‬
‫الزبَي ِْر‪َ ،‬ر ِ‬ ‫َوقَ ْد كانَت ال ُّسنَّةُ إِ ْق َر َ‬
‫ار َما فَعَلَهُ َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‬ ‫‪.‬الذِي َودَّه َر ُ‬

‫شةَ أَنَّ َها‬ ‫ع ْب ِد ْال َم ِل ِك؛ َو ِل َهذَا لَ َّما ت َ َح َّققَ ذَ ِل َك َ‬


‫ع ْن َ‬
‫عائِ َ‬ ‫سنةُ َ‬
‫علَى َ‬ ‫ت َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫َولَ ِك ْن َخ ِفيَ ْ‬
‫س ِم ْعتُهُ قَ ْب َل أ َ ْن أهد َمه لتركته‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪ ،‬قَا َل‪َ :‬ل ْو كنتُ َ‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫ت ذَ ِل َك َ‬ ‫َر َو ْ‬
‫‪.‬على ما بنى ابن الزبير‬

‫ض ْالعُلَ َم ِ‬
‫اء أ َ ْن يُغَي ََّر َ‬
‫ع ْن‬ ‫َولَ ِك ْن بَ ْع َد َما َر َج َع ْاَل َ ْم ُر ِإلَى َهذَا ْال َحا ِل‪ ،‬فَقَ ْد َك ِره بَ ْع ُ‬
‫سأ َ َل‬ ‫الر ِشي ِد ‪-‬أ َ ْو أَبِي ِه ْال َم ْه ِد ّ‬
‫ي ِ ‪-‬أ َ َّنهُ َ‬ ‫ير ْال ُمؤْ ِمنِينَ ه ُ‬
‫َارونَ َّ‬ ‫ع ْن أ َ ِم ِ‬‫َحا ِل ِه‪َ ،‬ك َما ذُ ِك َر َ‬
‫الز َبي ِْر‪ .‬فَقَا َل لَهُ َما ِل ٌك‪َ :‬يا‬ ‫ع ْن َه ْد ِم ْال َك ْع َب ِة ور ّدِها ِإلَى َما فَ َعلَهُ اب ُْن ُّ‬
‫ام َما ِل ًكا َ‬
‫اْل َم َ‬‫ِْ‬
‫ير ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪َ ،‬ال تَجْ َع ْل َك ْعبَةَ اللَّ ِه َم ْل َعبَة ِل ْل ُملُ ِ‬
‫وك‪َ ،‬ال َيشَا ُء أَ َح ٌد أ َ ْن يَ ْه ِد َم َها ِإ َّال‬ ‫أ َ ِم َ‬
‫‪َ .‬ه َد َم َها‪ .‬فَت ََر َك َذ ِل َك َّ‬
‫الر ِشي ُد‬

‫وفي هذه اآليات قصة إبراهيم وهاجر وإسماعيل وبناء الكعبة‪ ،‬كما في‬
‫‪.‬حديث الطويل الذي اخرجه البخاري‬
‫‪43‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صا ِلحٍ‪َ ،‬و ُه َما‬ ‫س ِمي ُع ْال َع ِلي ُم﴾ فَ ُه َما ِفي َ‬
‫ع َم ٍل َ‬ ‫﴿ربَّنَا تَقَب َّْل ِم َّنا ِإنَّ َك أ َ ْن َ‬
‫ت ال َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ع ْن َحا ِل ْال ُمؤْ ِمنِينَ‬ ‫يَ ْسأ َ َال ِن اللَّهَ ت َ َعالَى أ َ ْن َيتَقَبَّ َل ِم ْن ُه َما‪َ ،‬ك َما َح َكى اللَّهُ ت َ َعالَى َ‬
‫طونَ َما أ َ ْع َ‬
‫ط ْوا‬ ‫﴿والَّذِينَ يُؤْ تُونَ َما آت َْوا﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬يُ ْع ُ‬ ‫صينَ فِي قَ ْو ِل ِه تَعَا َلى‪َ :‬‬ ‫ْال ُم ْخ ِل ِ‬
‫ي‪ :‬خَا ِئفَةٌ أَ َّال يُتَقَبَّ َل ِم ْن ُه ْم‬
‫﴿وقُلُوبُ ُه ْم َو ِجلَةٌ﴾ أ َ ْ‬
‫ت َ‬‫ت َو ْالقُ ُر َبا ِ‬
‫ت َوالنَّفَقَا ِ‬
‫ص َدقَا ِ‬
‫‪ِ .‬منَ ال َّ‬

‫علَ ْي ِه ْم آيَاتِ َك َويُعَ ِلّ ُم ُه ُم ْال ِكت َ‬


‫َاب‬ ‫سوال ِم ْن ُه ْم َيتْلُو َ‬ ‫﴿ربَّنَا َوا ْبعَ ْ‬
‫ث فِي ِه ْم َر ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ث ِفي ِه ْم َك َما قَا َل‬‫َو ْال ِح ْك َمةَ َويُزَ ِ ّكي ِه ْم﴾ ْاآل َيةَ‪َ ،‬و ْال ُم َرا ُد ِبذَ ِل َك مح َّمد ﷺ‪َ ،‬وقَ ْد بُ ِع َ‬

‫‪.‬صلى الله عليه وسلم‪" :‬أنا َدع َْوة ُ أَبِي ِإ ْب َرا ِه َ‬


‫يم" السلسلة الصحيحة‬

‫س ِفهَ ن َۡف َ‬
‫سهُۥٰۚ} قال ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬ما َكانَ‬ ‫عن ِّملَّ ِة ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِه ۧـ َم ِإ َّال َمن َ‬ ‫﴿و َمن َي ۡرغ ُ‬
‫َب َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ص َرا ِنيًّا َولَ ِك ْن َكانَ َحنِيفًا ُم ْس ِل ًما َو َما َكانَ ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ ﴾‬
‫ِإب َْرا ِهي ُم َي ُهو ِديًّا َوال َن ْ‬

‫صى ِب َها ِإب َْرا ِهي ُم بَ ِني ِه﴾ أي إسماعيل وإسحاق وابنه يعقوب‪ ،‬قال‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َو َّ‬
‫وب فِي َح َياةِ ْال َخ ِلي ِل‬
‫الظا ِه ُر‪َ ،‬واللَّهُ أ َ ْعلَ ُم‪ ،‬أ َ َّن إِ ْس َحاقَ ُو ِل َد َلهُ يَ ْعقُ ُ‬
‫ابن كثير‪َ :‬و َّ‬
‫ت ِب ِه َما‬ ‫ارةُ؛ َِل َ َّن ْال ِبش َ‬
‫َارة َ َوقَ َع ْ‬ ‫س َّ‬
‫‪َ .‬و َ‬

‫‪44‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ّما كانُوا يَ ْع َملُونَ ﴾ ِمثْلُهُ‬


‫س ْبت ُ ْم وال تُسْألُونَ َ‬
‫ت ولَكم ما َك َ‬ ‫وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬لَها ما َك َسبَ ْ‬
‫سعى﴾‬ ‫ْس ِل ْْل ْن ِ‬
‫سان ّإال ما َ‬ ‫﴿وأن لَي َ‬
‫ْ‬ ‫واز َرة ٌ ِو ْز َر أ ُ ْخرى﴾‪،‬‬
‫﴿وال ت َِز ُر ِ‬

‫﴿و ِإن ت ََولَّ ۡو ۟ا فَإِنَّ َما ُه ْم ِفي ِشقَا ٍ‬


‫ق﴾ يستدل هذه اآلية على أن من خالف‬ ‫قوله‪َّ :‬‬
‫‪.‬السلف الصالح كان في شقاق‬

‫ي‪ :‬نَحْ ُن بُ َرآ ُء ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬وأ َ ْنت ُ ْم بُ َرآء ِمنَّا‪َ ،‬ك َما‬
‫﴿ولَنَا أ َ ْع َمالُنَا َولَ ُك ْم أ َ ْع َمالُ ُك ْم﴾ أ َ ْ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ع َملُ ُك ْم أَ ْنت ُ ْم َب ِريئُونَ‬
‫ع َم ِلي َولَ ُك ْم َ‬ ‫﴿و ِإ ْن َك َّذبُ َ‬
‫وك فَقُ ْل ِلي َ‬ ‫قَا َل ِفي ْاآل َي ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪َ :‬‬
‫ِم َّما أ َ ْع َم ُل َوأَنَا بَ ِري ٌء ِم َّما ت َ ْع َملُونَ ﴾‬

‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل أَأ َ ْنت ُ ْم أ َ ْعلَ ُم أ َ ِم اللَّهُ﴾ يَ ْعنِي‪ :‬بَ ِل اللَّهُ أ َ ْعلَ ُم‪َ ،‬وقَ ْد أ َ ْخبَ َر أَنَّ ُه ْم لَ ْم يَ ُكونُوا‬
‫ارى‪َ ،‬ك َما قَا َل تَعَالَى‪َ ﴿ :‬ما َكانَ إِب َْرا ِهي ُم يَ ُهو ِديًّا َوال َن ْ‬
‫ص َرا ِنيًّا‬ ‫ص َ‬ ‫ُهودًا َو َال نَ َ‬
‫َولَ ِك ْن َكانَ َحنِيفًا ُم ْس ِل ًما َو َما َكانَ ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ ﴾‬

‫‪45‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪ :‬وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬و َمن ْ‬


‫أظلَ ُم ِم َّم ْن َكت ََم شَها َدة ً ِع ْن َدهُ ِمنَ اللَّ ِه﴾ وهَذه ال ّ‬
‫ش َهادة ُ هي‪:‬‬
‫الء اَل ْنبِيا َء ما كانُوا ُهودًا وال نَصارى‪َ ،‬ب ْل كانُوا َعلى‬ ‫أن َه ُؤ ِ‬ ‫أنَّهم يَ ْعلَ ُمونَ َّ‬
‫صفَ ِة ُم َح َّم ٍد ﷺ‬ ‫الملَّ ِة اْلس ِ‬
‫ْالميَّ ِة‪ .‬و ِقي َل‪ :‬ال ُمرا ُد ُهنا ما َكتَ ُموهُ ِمن ِ‬ ‫‪ِ .‬‬

‫علَ ۡي َه ٰۚا﴾‬ ‫وا َ‬ ‫عن قِ ۡبلَتِ ِه ُم ٱ َّلتِی َكانُ ۟‬ ‫اس َما َولَّ ٰى ُه ۡم َ‬ ‫سفَ َها ُء ِمنَ النَّ ِ‬ ‫س َيقُو ُل ال ُّ‬‫قوله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫صلَّى ِإلَى‬ ‫يﷺ َ‬ ‫ع ْنهُ؛ أ َ َّن ال َّن ِب َّ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫اء‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ع ِن ْال َب َر ِ‬ ‫في صحيح البخاري َ‬
‫ش ْه ًرا‪َ ،‬و َكانَ يُ ْع ِجبُهُ أ َ ْن ت َ ُكونَ‬ ‫عش ََر َ‬ ‫س ْبعَةَ َ‬ ‫ش ْه ًرا أ َ ْو َ‬ ‫عش ََر َ‬ ‫ت ْال َم ْقد ِِس ستَّة َ‬ ‫بَ ْي ِ‬
‫صلَّى َم َعهُ‬ ‫ص ِر‪َ ،‬و َ‬ ‫ص َالة َ ْال َع ْ‬ ‫ص َالهَا‪َ ،‬‬ ‫ص َالةٍ َ‬ ‫صلَّى أ َ َّو َل َ‬ ‫قِ ْبلَتُهُ قِبَ َل ْال َب ْيتِ‪َ ،‬وأَنَّهُ َ‬
‫علَى أ َ ْه ِل ْال َمس ِْج ِد َو ُه ْم‬ ‫ص َّلى َم َعهُ‪ ،‬فَ َم َّر َ‬ ‫قَ ْو ٌم‪ .‬فَخ ََر َج َر ُج ٌل ِم َّم ْن َكانَ َ‬
‫فداروا َك َما ُه ْم‬ ‫ي ِ ﷺ ق َبل َم َّكةَ‪ُ ،‬‬ ‫الل ِه لَقَ ْد صليتُ َم َع النَّ ِب ّ‬ ‫َرا ِكعُونَ ‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬أ َ ْش َه ُد ِب َّ‬
‫اال ُق ِتلُوا‬ ‫ت ِر َج ً‬ ‫علَى ْال ِق ْبلَ ِة َق ْب َل أ َ ْن ت ُ َح ّول ِق َب َل ْال َب ْي ِ‬ ‫ات َ‬‫قَ ِب َل ْال َب ْيتِ‪َ .‬و َكانَ الذِي َم َ‬
‫ضي َع ِإي َمانَ ُك ْم إِ َّن‬ ‫﴿و َما َكانَ اللَّهُ ِليُ ِ‬ ‫ع َّز َو َج َّل َ‬ ‫اللهُ َ‬‫لَ ْم نَ ْد ِر َما نَقُو ُل فِي ِه ْم‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل َّ‬
‫وف َر ِحي ٌم﴾‬ ‫اس لَ َر ُء ٌ‬ ‫اللَّهَ ِبالنَّ ِ‬

‫ص َراطٍ ُم ْست َ ِق ٍيم﴾ كما‬ ‫ب َي ْهدِي َم ْن َيشَا ُء ِإلَى ِ‬ ‫وقوله‪﴿ :‬قُ ْل ِللَّ ِه ْال َم ْش ِر ُق َو ْال َم ْغ ِر ُ‬
‫ب َولَ ِك َّن ْال ِب َّر‬
‫ق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬
‫ْس ْال ِب َّر أ َ ْن ت ُ َولُّوا ُو ُجو َه ُك ْم ِق َب َل ْال َم ْش ِر ِ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬لَي َ‬
‫َم ْن آ َمنَ بِاللَّ ِه﴾‬

‫‪46‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس َو َي ُكونَ‬ ‫علَى ال َّن ِ‬ ‫طا ِلت َ ُكونُوا ُ‬


‫ش َه َدا َء َ‬ ‫﴿و َك َذ ِل َك َج َع ْلنَا ُك ْم أ ُ َّمةً َو َس ً‬‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ش ِهيدًا﴾ في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري‬ ‫علَ ْي ُك ْم َ‬
‫سو ُل َ‬ ‫الر ُ‬‫َّ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪،‬‬ ‫رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يُجا ُء بنُوحٍ يَ َ‬
‫هل بَلَّغَ ُك ْم؟ فيَقولونَ ‪:‬‬ ‫ت؟ فيَقولُ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬يا َربّ ِ ‪ ،‬فَت ُ ْسأ َ ُل أ ُ َّمتُهُ‪ْ :‬‬ ‫هل بَلَّ ْغ َ‬
‫فيُقا ُل له‪ْ :‬‬
‫ش ُهود َُك؟ فيَقولُ‪ُ :‬م َح َّم ٌد وأ ُ َّمتُهُ‪ ،‬فيُجا ُء ب ُك ْم‪،‬‬ ‫ِير‪ ،‬فيَقولُ‪َ :‬من ُ‬ ‫ما جا َءنا ِمن َنذ ٍ‬
‫ذلك َج َع ْلنا ُك ْم أ ُ َّمةً‬
‫{و َك َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َ‬ ‫الل ِه َ‬ ‫فَت َ ْش َهدُونَ ‪ ،‬ث ُ َّم قَ َرأ َ َرسو ُل َّ‬
‫سو ُل ع َل ْي ُكم‬ ‫الر ُ‬‫اس‪ ،‬و َيكونَ َّ‬ ‫ش َهدا َء علَى النَّ ِ‬ ‫ع ْد ًال ‪ِ { -‬لت َ ُكونُوا ُ‬ ‫طا} ‪ -‬قا َل‪َ :‬‬ ‫س ً‬ ‫و َ‬
‫ش ِهيدًا}‬ ‫" َ‬
‫عى بِ ُم َح َّم ٍد َوأ ُ َّمتِ ِه‪ ،‬فَيُقَا ُل لَ ُه ْم‪ :‬ه َْل بَ َّل َغ َهذَا قَ ْو َمهُ؟ فَيَقُولُونَ ‪:‬‬
‫وفي رواية "‪َ ..‬فيُ ْد َ‬
‫س َل قَ ْد بَلَّغُوا"‬ ‫نَ َع ْم‪ .‬فَيُقَالُ‪َ :‬و َما ِع ْل ُم ُك ْم؟ فَيَقُولُونَ ‪َ :‬جا َءنَا نَبِيُّنَا ﷺ فَأ َ ْخبَ َرنَا أ َ َّن ُّ‬
‫الر ُ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك‪َ " :‬م ُّروا ب َجنَازَ ةٍ‪ ،‬فأثْن َْوا َ‬
‫ع َل ْي َها‬
‫ت ث ُ َّم َم ُّروا بأ ُ ْخ َرى فأثْن َْوا َ‬
‫علَ ْي َها‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ :‬و َجبَ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫َخي ًْرا‪ ،‬فَقَا َل النب ُّ‬
‫ت؟ قَا َل‪:‬‬ ‫ي اللَّهُ ع ْنه‪ :‬ما و َج َب ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ب َر ِ‬‫َطا ِ‬‫بن الخ َّ‬
‫ع َم ُر ُ‬‫ت فَقَا َل ُ‬ ‫ش ًَّرا‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬و َج َب ْ‬
‫ت له‬‫ت له ال َجنَّةُ‪ ،‬وهذا أثْنَ ْيت ُ ْم عليه ش ًَّرا‪ ،‬فَ َو َج َب ْ‬ ‫هذا أثْنَ ْيت ُ ْم عليه َخي ًْرا‪ ،‬فَ َو َجبَ ْ‬
‫ض‬‫اَلر ِ‬
‫الل ِه في ْ‬ ‫ش َه َدا ُء َّ‬‫ار‪ ،‬أنت ُ ْم ُ‬‫"النَّ ُ‬

‫سو َل‬ ‫علَ ْي َها ِإال ِلنَ ْع َل َم َم ْن يَتَّبِ ُع َّ‬


‫الر ُ‬ ‫﴿و َما َج َع ْلنَا ْال ِق ْب َلةَ َّالتِي ُك ْن َ‬
‫ت َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫علَى الَّذِينَ َه َدى اللَّهُ﴾‬ ‫يرةً ِإال َ‬ ‫َت لَ َك ِب َ‬
‫ع ِق َب ْي ِه َو ِإ ْن َكان ْ‬ ‫علَى َ‬ ‫ِم َّم ْن يَ ْنقَ ِل ُ‬
‫ب َ‬
‫‪47‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس بقُ َباءٍ في‬ ‫كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر قال‪" :‬ب ْينَا النَّ ُ‬
‫وسل َم ق ْد أ ُ ْن ِز َل‬
‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫ي َ‬ ‫إن النب َّ‬ ‫صبْحِ‪ ،‬إ ْذ َجا َء ُه ْم آتٍ‪ ،‬فَقا َل‪َّ :‬‬ ‫ص َال ِة ال ُّ‬ ‫َ‬
‫َت ُو ُجو ُه ُه ْم إلى‬ ‫أن َي ْست َ ْقبِ َل ال َك ْعبَةَ فَا ْست َ ْقبِلُوهَا‪ ،‬و َكان ْ‬‫آن‪ ،‬وق ْد أ ُ ِم َر ْ‬
‫عليه اللَّ ْيلَةَ قُ ْر ٌ‬
‫شأ ْ ِم‪ ،‬فَا ْست َ َد ُ‬
‫اروا إلى ال َك ْع َب ِة‬ ‫"ال َّ‬

‫ت ْال َم ْقد ِِس‪َ ،‬و ِفي‬ ‫ص َالت ُك ْم ِإلَى َب ْي ِ‬


‫ي‪َ :‬‬ ‫ضي َع ِإي َمانَ ُك ْم﴾ أَ ْ‬ ‫﴿و َما َكانَ َّ‬
‫اللهُ ِليُ ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ت ْال َم ْقد ِِس فَقَا َل‬
‫صلُّونَ نَحْ َو َب ْي ِ‬ ‫ات قَ ْو ٌم َكانُوا يُ َ‬‫اء‪ ،‬قَا َل‪َ :‬م َ‬ ‫ع ِن ْال َب َر ِ‬
‫ص ِحيحِ َ‬‫ال َّ‬
‫﴿و َما َكانَ اللَّهُ ِليُ ِ‬
‫ضي َع ِإي َمانَ ُك ْم﴾‬ ‫اس‪َ :‬ما َحالُ ُه ْم فِي ذَ ِل َك؟ َفأ َ ْنزَ َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫النَّ ُ‬

‫اس لَ َر ُء ٌ‬
‫وف َر ِحي ٌم﴾‬ ‫وقوله تعالى‪ِ ﴿ :‬إ َّن َّ‬
‫اللهَ ِبالنَّ ِ‬
‫سبْي ِ قَ ْد فُ ِ ّرقَ بَ ْينَ َها َو َبيْنَ‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َرأَى ْام َرأَة ً ِمنَ ال َّ‬ ‫ين أ َ َّن َر ُ‬
‫ص ِحي َح ِ‬ ‫فِي ال َّ‬
‫ص ْد ِرهَا‪َ ،‬و ِه َ‬
‫ي‬ ‫صقَتْهُ ِب َ‬ ‫سبْي ِ أ َ َخ َذتْهُ فَأ َ ْل َ‬ ‫صبِيًّا ِمنَ ال َّ‬ ‫ت َ‬ ‫ت ُكلَّما َو َج َد ْ‬ ‫َولَ ِدهَا‪ ،‬فَ َج َع َل ْ‬
‫سو ُل اللَّ ِه‬ ‫ض َّمتْهُ ِإ َل ْي َها َوأ َ ْلقَ َمتْهُ ث َ ْديَ َها‪ .‬فَقَا َل َر ُ‬‫علَى‪َ ،‬و َل ِدهَا‪ ،‬فَلَ َّما َو َج َدتْهُ َ‬ ‫تَدُور َ‬
‫علَى أ َ َّال ت َْط َر َحهُ؟ "‬ ‫ي ت َ ْقد ُِر َ‬ ‫ار‪َ ،‬و ِه َ‬ ‫ار َحةً َو َل َدهَا فِي النَّ ِ‬ ‫ﷺ‪" :‬أَت ََر ْونَ َه ِذ ِه َ‬
‫ط ِ‬
‫الل ِه‪ ،‬لَلَّهُ أ َ ْر َح ُم ِب ِع َبا ِد ِه ِم ْن َه ِذ ِه ِب َولَ ِدهَا‬
‫الل ِه‪ .‬قَا َل‪" :‬فَ َو َّ‬
‫سو َل َّ‬ ‫"قَالُوا‪َ :‬ال َيا َر ُ‬

‫‪48‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على‬ ‫َط َر ْال َمس ِْج ِد ْال َح َر ِام﴾ فَا ْستِ ْقبا ُل َعي ِْن ال َك ْع َب ِة فَ ْر ٌ‬
‫ض َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ َو ِّل َوجْ َه َك ش ْ‬
‫ب‬
‫ق والمغر ِ‬ ‫اح َيةَ‪ ،‬لحديث "ما بينَ المشر ِ‬ ‫غي ُْر ال ُمعا ِي ِن َي ْست َ ْق ِب ُل النّ ِ‬
‫ال ُمعا ِي ِن‪ ،‬و َ‬
‫‪.‬قبلةٌ" صححه اَللباني وغيره‬

‫شيء‪،‬‬‫َط َرهُ﴾ َو َال يُ ْستَثْنَى ِم ْن َهذَا َ‬ ‫﴿و َح ْيث ُ َما ُك ْنت ُ ْم فَ َولُّوا ُو ُجو َه ُك ْم ش ْ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫سا َيفَ ِة فِي ْال ِقت َا ِل يُ َ‬
‫ص ِلّي َ‬
‫علَى ُك ِّل‬ ‫الراحلة‪َ ،‬و َكذَا فِي َحا ِل ْال ُم َ‬ ‫ِس َوى ال َّنافِلَ ِة على ّ‬
‫‪َ .‬حا ٍل‪َ ،‬و َكذَا َم ْن َج ِه َل ِج َهةَ ْال ِق ْبلَ ِة يُ َ‬
‫ص ِلّي ِباجْ ِت َها ِد ِه‬

‫ْت الَّذِينَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬


‫َاب بِ ُك ِّل آيَ ٍة َما تَبِعُوا قِ ْب َلت ََك﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫﴿ولَئِ ْن أَتَي َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ع َل ْي ِه ْم َك ِل َمةُ َر ِبّ َك َال يُؤْ ِمنُونَ ‪َ ،‬ولَ ْو َجا َءتْ ُه ْم ُك ُّل آيَ ٍة َحتَّى يَ َر ُوا‬
‫ت َ‬‫﴿ ِإ َّن الَّذِينَ َحقَّ ْ‬
‫يم﴾‬ ‫ْال َعذَ َ‬
‫اب اَل ِل َ‬

‫ب يَعۡ ِرفُونَهُۥ َك َما يَعۡ ِرفُونَ أ َ ۡبن َۤا َء ُه ۡم﴾ َويُ ْر َوى أ َ َّن ُ‬
‫ع َم َر‬ ‫قوله‪﴿ :‬ٱلَّ ِذينَ َءات َ ۡينَ ٰـ ُه ُم ٱ ۡل ِكتَ ٰـ َ‬
‫ف َولَ َد َك ا ْبن ََك‪َ ،‬قا َل‪ :‬نَ َع ْم‬ ‫ف ُم َح َّمدًا ﷺ َك َما ت َ ْع ِر ُ‬ ‫س َال ٍم‪ :‬أَت َ ْع ِر ُ‬ ‫قَا َل ِل َع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َ‬
‫ض ِبنَ ْعتِ ِه فَ َع َر ْفتُهُ‪َ ،‬و ِإنِّي‬‫ين‪ ،‬فِي ْاَل َ ْر ِ‬ ‫علَى ْاَل َ ِم ِ‬
‫اء َ‬
‫س َم ِ‬‫ين ِمنَ ال َّ‬ ‫َوأ َ ْكث َ َر‪ ،‬نَزَ َل ْاَل َ ِم ُ‬
‫‪.‬ال أ َ ْد ِري َما َكانَ ِم ْن أ َ ْم ِر ِه‬ ‫َ‬

‫‪49‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َط َر ْال َمس ِْج ِد ْال َح َر ِام﴾ َوقَ ِد ْ‬


‫اختَلَفُوا ِفي‬ ‫ت فَ َو ِّل َوجْ َه َك ش ْ‬ ‫ْث خ ََرجْ َ‬ ‫﴿و ِم ْن َحي ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ث َم َّراتٍ‪ ،‬فَ ِقي َل‪ :‬تَأ ْ ِكي ٌد َِلَنَّهُ أ َ َّو ُل نَا ِسخٍ َو َق َع‪ ،‬فِي ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم‬ ‫ِح ْك َم ِة َهذَا الت َّ ْك َر ِار ث َ َال َ‬
‫َّاس‬
‫عب ٍ‬ ‫ع َل ْي ِه اب ُْن َ‬
‫َص َ‬ ‫علَى َما ن َّ‬ ‫‪َ .‬‬
‫علَى أَحْ َوا ِل‪َ ،‬لن اآلية قد تفيد معنى جديدا نظرا‬
‫َوقِي َل‪ :‬بَ ْل ُه َو ُمن ََّز ٌل َ‬
‫‪.‬بالسياق واللحاق‬

‫ع َل ْي ُك ْم ُح َّجةٌ﴾ وهم اليهود قَالُوا‪ :‬ا ْشتَاقَ َّ‬


‫الر ُج ُل ِإلَى‬ ‫اس َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬لئ َال يَ ُكونَ ِلل َّن ِ‬
‫ت ْال َح َر ِام‬‫ص َرافَهُ ِإلَى ْالبَ ْي ِ‬
‫ي ِ ﷺ ا ْن ِ‬ ‫علَى النَّبِ ّ‬ ‫ت أَبِي ِه َود ِ‬
‫ِين قَ ْو ِم ِه‪َ .‬و َكانَ ُح َّجت ُ ُه ْم َ‬ ‫بَ ْي ِ‬
‫‪.‬أ َ ْن قَالُوا‪َ :‬‬
‫س َي ْر ِج ُع ِإلَى دِينِنَا َك َما َر َج َع ِإ َلى قِ ْبلَ ِتنَا‬
‫يم‪:‬‬ ‫علَى د ِ‬
‫ِين ِإب َْرا ِه َ‬ ‫الر ُج ُل يزع ُم أ َ َّنهُ َ‬ ‫وقيل‪ :‬هم ُم ْش ِر ُكوا ال َع َرب قَالُوا‪ِ :‬إ َّن َهذَا َّ‬
‫ع ْنهُ؟‬
‫يم‪ ،‬فَ ِل َم َر َج َع َ‬ ‫ت ْال َم ْقد ِِس َ‬
‫علَى ِملَّ ِة ِإب َْرا ِه َ‬ ‫فَإ ِ ْن َكانَ ت ََو ُّج ُههُ ِإلَى َب ْي ِ‬

‫قوله‪﴿ :‬فَا ْذ ُك ُرونِي أ َ ْذ ُك ْر ُك ْم﴾ وفي الصحيحين‪" :‬يقو ُل َّ‬


‫اللهُ ت َعالَى‪ :‬أنا ِع ْن َد َ‬
‫ظ ِّن‬
‫فإن ذَ َك َرنِي في نَ ْف ِس ِه ذَ َك ْرتُهُ في نَ ْف ِسي‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ع ْبدِي بي‪ ،‬وأنا معهُ إذا ذَ َك َرنِي‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫ْل َذ َك ْرتُهُ في َم َ ٍ‬
‫ْل َخي ٍْر منه ْم‬ ‫" َذ َك َرنِي في َم َ ٍ‬

‫‪50‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ۡي ُك ۡم َءا َي ٰـتِنَا َويُزَ ِ ّكي ُك ۡم َويُ َع ِلّ ُم ُك ُم‬ ‫سوال ِم ْن ُك ْم َي ۡتلُ ۟‬
‫وا َ‬ ‫س ْلنَا فِي ُك ْم َر ُ‬
‫قوله‪َ ﴿ :‬ك َما أ َ ْر َ‬
‫الكتاب‬
‫َ‬ ‫ب َوٱ ۡل ِح ۡك َمةَ﴾ الحكمة‪ :‬السنة‪ ،‬كما في الحديث " أال إ ِنّي أوتيتُ‬ ‫ٱ ۡل ِكت َ ٰـ َ‬
‫‪.‬ومثلَهُ معهُ" صححه اَللباني وغيره‬

‫علَى ْالخَا ِشعِينَ ﴾ وفي‬ ‫صال ِة َو ِإنَّ َها لَ َكبِ َ‬


‫يرة ٌ ِإال َ‬ ‫﴿وا ْست َ ِعينُوا بِال َّ‬
‫صب ِْر َوال َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫الحديث "كان َرسو ُل الل ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا حزَ َبه ْأم ٌر‪ ،‬فَ ِز َ‬
‫ع إلى‬
‫صال ِة" صححه شعيب اَلرناؤوط‬ ‫‪.‬ال َّ‬

‫سبِي ِل اللَّ ِه أ َ ْم َو ٌ‬
‫ات بَ ْل أَحْ يَا ٌء﴾ يُ ْخبِ ُر‬ ‫﴿وال تَقُولُوا ِل َم ْن يُ ْقتَ ُل فِي َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪:‬‬ ‫ش َه َدا َء فِي بَ ْرزَ ِخهم أَحْ يَا ٌء يُ ْرزَ قُونَ ‪َ ،‬ك َما َجا َء فِي َ‬ ‫ت َ َعالَى أ َ َّن ال ُّ‬
‫ت ث ُ َّم‬
‫ْث شَا َء ْ‬ ‫ط ْي ٍر ُخض ٍْر تَس َْر ُح فِي ْال َجنَّ ِة َحي ُ‬ ‫اص ِل َ‬ ‫اء فِي َح َو ِ‬ ‫" ِإ َّن أ َ ْر َوا َح ال ُّ‬
‫ش َه َد ِ‬
‫ت ْال َع ْر ِش‪ "..‬الحديث‬ ‫‪.‬ت َأ ْ ِوي ِإلَى قَنَادِي َل ُم َعلَّقة تَحْ َ‬
‫س ِبي ِل اللَّ ِه ْأمواتًا بَ ْل‬
‫سبَ َّن الَّذِينَ قُتِلُوا في َ‬
‫ومثْ ُل َه ِذ ِه اآليَ ِة قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وال تَحْ َ‬
‫ِ‬
‫أحْ يا ٌء ِع ْن َد َربِّ ِه ْم يُ ْرزَ قُونَ ﴾‬

‫اَلموا ِل واَل ْنفُ ِس‬ ‫ف وال ُجوعِ ونَ ْق ٍ‬


‫ص ِمنَ ْ‬ ‫ش ْيءٍ ِمنَ الخ َْو ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬و َل َن ْبلُ َونَّكم ِب َ‬
‫ش ِ ّر َو ْال َخي ِْر فِتْنَةً﴾‬ ‫والث َّ َمراتِ﴾ كقوله‪َ :‬‬
‫﴿و َن ْبلُو ُك ْم بِال َّ‬

‫‪51‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صابِ ِرينَ ﴾ الشكر أعلى من الرضا والرضا أعلى من الصبر‬ ‫﴿وبَ ِ ّ‬


‫ش ِر ال َّ‬ ‫‪.‬قوله‪َ :‬‬

‫صي َبةٌ قَالُوا ِإ َّنا ِللَّ ِه َو ِإنَّا ِإلَ ْي ِه َر ِ‬


‫اجعُونَ ﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬الَّذِينَ ِإذَا أ َ َ‬
‫صا َبتْ ُه ْم ُم ِ‬
‫ب ِاال ْس ِت ْر َجاعِ حديث أ َ ِبي َسلَ َمةَ "اللَّ ُه َّم أ ُجرني ِفي ُم ِ‬
‫صي َب ِتي‬ ‫َو َر َد ِفي ث َ َوا ِ‬
‫‪.‬واخلُف ِلي َخي ًْرا ِم ْن َها" القصة‬

‫صلَ َو ٌ‬
‫ات ِم ْن َر ِبّ ِه ْم﴾ قال بعض السلف صالة الله‪ :‬ثناؤه‬ ‫قوله‪﴿ :‬أُو َلئِ َك َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َ‬
‫‪.‬عليه عند المالئكة‪ ،‬وصالة المخلوق الدعاء‬

‫ش َعائِ ِر اللَّ ِه فَ َم ْن َح َّج ْال َبي َ‬


‫ْت أ َ ِو ا ْعت َ َم َر فَال ُجنَا َح‬ ‫صفَا َو ْال َم ْر َوة َ ِم ْن َ‬‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن ال َّ‬
‫ب نُ ُزو ِلها ورد حديث كما في صحيح‬ ‫ف ِب ِه َما﴾ وفِي َس َب ِ‬ ‫علَ ْي ِه أ َ ْن َي َّ‬
‫ط َّو َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫يِ َ‬ ‫شةَ زَ ْوجِ النب ّ‬ ‫البخاري من عروة بن الزبير قال قُلتُ ِل َعا ِئ َ‬
‫صفَا‬ ‫ار َك وتَعَالَى‪َّ :‬‬
‫{إن ال َّ‬ ‫ت َق ْو َل اللَّ ِه تَبَ َ‬ ‫أرأَ ْي ِ‬
‫س ِّن‪َ :‬‬ ‫وسلَّ َم‪ ،‬وأَنَا يَو َمئ ٍذ َح ُ‬
‫ديث ال ِ ّ‬
‫‪52‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف‬ ‫أن َي َّ‬


‫ط َّو َ‬ ‫ْت أ ِو ا ْعت َ َم َر فال ُجنَا َح عليه ْ‬ ‫ش َعائِ ِر اللَّ ِه ف َمن َح َّج ال َبي َ‬ ‫ْ‬
‫وال َم ْر َوة َ ِمن َ‬
‫عا ِئ َشةُ‪َ :‬ك َّال‪ ،‬لو‬ ‫ت َ‬ ‫ف ب ِه َما؟ فَقا َل ْ‬ ‫أن ال َي َّ‬
‫ط َّو َ‬ ‫ب ِه َما} فَما أ ُ َرى علَى أ َح ٍد شيئًا ْ‬
‫ت هذِه‬ ‫ف ب ِه َما‪ ،‬إنَّما أ ُ ْن ِز َل ْ‬ ‫أن ال يَ َّ‬
‫ط َّو َ‬ ‫َت‪ :‬فال ُجنَا َح عليه ْ‬ ‫َت كما تَقُولُ‪َ ،‬كان ْ‬ ‫َكان ْ‬
‫َت َمنَاة ُ َح ْذ َو قُ َد ْيدٍ‪ ،‬و َكانُوا‬ ‫ار‪َ ،‬كانُوا يُ ِهلُّونَ ِل َمنَاة َ‪ ،‬و َكان ْ‬ ‫ص ِ‬‫اآليَةُ في اَل ْن َ‬
‫سأَلُوا َرسو َل‬ ‫صفَا وال َم ْر َوةِ‪ ،‬فَلَ َّما َجا َء اْلس َْال ُم َ‬ ‫طوفُوا بيْنَ ال َّ‬ ‫أن َي ُ‬
‫يَت َ َح َّر ُجونَ ْ‬
‫صفَا وال َم ْر َوةَ ِمن‬ ‫{إن ال َّ‬ ‫ذلك‪ ،‬فأ ْنزَ َل اللَّهُ‪َّ :‬‬ ‫وسل َم عن َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫اللَّ ِه َ‬
‫ف ب ِه َما}‬ ‫أن َي َّ‬
‫ط َّو َ‬ ‫ْت أ ِو ا ْعت َ َم َر فال ُجنَا َح عليه ْ‬ ‫ش َعا ِئ ِر اللَّ ِه ف َمن َح َّج ال َبي َ‬‫َ‬

‫على‬ ‫صفا وال َم ْر َوة َ‪َِ ،‬لنَّهُ كانَ َ‬ ‫أن ال ُم ْس ِل ِمينَ كانُوا ال يَ ُ‬
‫طوفُونَ بَيْنَ ال َّ‬ ‫وقيل‪َّ :‬‬
‫ت َه ِذ ِه اآلَيَةُ‪ .‬والصحيح اَلول َلنه قد ص ّح‬ ‫صنا ٌم؛ فَنَزَ َل ْ‬
‫صفا ت َماثِي ٌل وأ ْ‬
‫ال َّ‬
‫‪.‬الحديث عليه‬

‫ي" صححه اَللباني‬


‫س ْع َ‬ ‫‪.‬وفي الحديث "ا ْس َع ُوا ‪ ،‬فإ ِ َّن اللهَ ق ْد َكت َ‬
‫َب عليْك ْم ال َّ‬

‫ت َو ْال ُه َدى﴾ ْاآل َيةَ‬


‫نزلنَا ِمنَ ْال َب ِيّنَا ِ‬
‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذِينَ َي ْكت ُ ُمونَ َما أَ ْ‬

‫ص َفةَ ُم َح َّم ٍد ﷺ ث ُ َّم أ َ ْخ َب َر أَنَّهُ َي ْل َعنُ ُه ْم ُك ُّل‬ ‫ب‪ ،‬كت ُموا ِ‬ ‫ت ِفي أ َ ْه ِل ْال ِكت َا ِ‬
‫قيل‪ :‬نَزَ َل ْ‬
‫ش ْيءٍ ‪َ ،‬حتَّى ْال ُحوتُ‬ ‫صنِي ِع ِه ْم َذ ِل َك‪ ،‬فَ َك َما أ َ َّن ْالعَا ِل َم يَ ْست َ ْغ ِف ُر لَهُ ُك ُّل َ‬
‫علَى َ‬ ‫ش ْيءٍ َ‬
‫َ‬

‫‪53‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اء َف َي ْل َعنُ ُه ُم اللَّهُ َو َي ْل َعنُ ُه ُم‬


‫ف ْالعُلَ َم ِ‬ ‫الطي ُْر فِي ْال َه َو ِ‬
‫اء‪ ،‬فَ َه ُؤ َال ِء ِب ِخ َال ِ‬ ‫فِي ْال َم ِ‬
‫اء َو َّ‬
‫‪.‬الال ِعنُونَ ‪ .‬الصواب أن اآلية عامة‬ ‫َّ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪َ " :‬م ْن‬
‫غي ِْر ِه‪ :‬أ َ َّن َر ُ‬
‫ع ْن أَبِي ُه َري َْرةَ‪َ ،‬و َ‬ ‫ث َ‬ ‫َوقَ ْد َو َر َد فِي ْال َحدِي ِ‬
‫َار" صححه اَللباني‬ ‫ع ْن ِع ْل ٍم فَ َكت َ َمهُ‪ ،‬أ ُ ْل ِج َم يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة ِب ِل َج ٍام ِم ْن ن ٍ‬‫سئِل َ‬
‫ُ‬
‫‪.‬وغيره‬
‫الل ِه َما‬‫ب َّ‬
‫ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة َ أَنَّهُ قَا َل‪ :‬لَ ْو َال آ َيةٌ فِي ِكت َا ِ‬
‫ص ِحي َحين َ‬ ‫َوالذِي فِي ال َّ‬
‫ت َو ْال ُه َدى﴾ ْاآل َيةَ‬
‫نزلنَا ِمنَ ْال َب ِيّنَا ِ‬
‫حدثتُ أَ َحدًا َش ْيئًا‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذِينَ َي ْكت ُ ُمونَ َما أَ ْ‬

‫ࣰ‬
‫ُون ٱ َّلل ِه أَن َدادا يُ ِحبُّونَ ُه ۡم َك ُحبّ ِ ٱ َّلل ِه} َوفِي‬
‫اس َمن َيتَّ ِخذُ ِمن د ِ‬ ‫﴿و ِمنَ ٱل َّن ِ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ب‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ ،‬أَ ُّ‬
‫ي ال َّذ ْن ِ‬ ‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُو ٍد قَا َل‪ :‬قُ ْلتُ ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬
‫ال َّ‬
‫ظ ُم؟ قَا َل‪" :‬أ َ ْن تَجْ َع َل ِل َّل ِه ِندًّا َو ُه َو خلَ َقك‬
‫"أ َ ْع َ‬

‫صةٌ لل ِه في ّ‬
‫الرخاء‬ ‫ش ُّد ُحبًّا ِل َّل ِه﴾ فَ َّ‬
‫إن َم َحبَّةَ ال ُمؤْ ِمنِينَ خا ِل َ‬ ‫﴿والَّذِينَ آ َمنُوا أ َ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫‪.‬وال ّ‬
‫شدة‬

‫‪54‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ِب ِه ُم‬‫ط َع ْ‬ ‫اب َوت َ َق َّ‬‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ ْذ ت َ َب َّرأ َ َّالذِينَ اتُّ ِبعُوا ِمنَ الَّذِينَ اتَّ َبعُوا َو َرأ َ ُوا ْال َعذَ َ‬
‫ُون اللَّ ِه أ َ ْوثَانًا َم َو َّدة َ َب ْينِ ُك ْم فِي‬
‫اب﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬إِنَّ َما ات َّ َخ ْذت ُ ْم ِم ْن د ِ‬ ‫اَل ْسبَ ُ‬
‫ض ُك ْم بَ ْع ً‬
‫ضا‬ ‫ض َويَ ْل َع ُن بَ ْع ُ‬ ‫ْال َحيَاةِ ال ُّد ْنيَا ث ُ َّم يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة يَ ْكفُ ُر بَ ْع ُ‬
‫ض ُك ْم بِبَ ْع ٍ‬
‫َاص ِرينَ ﴾‬‫ار َو َما لَ ُك ْم ِم ْن ن ِ‬ ‫َو َمأ ْ َوا ُك ُم النَّ ُ‬

‫اللهُ قالُوا َب ْل نَتَّ ِب ُع ما ْألفَيْنا َ‬


‫علَ ْي ِه آبا َءنا﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬وإذا ِقي َل لَ ُه ُم اتَّ ِبعُوا ما أ ْنزَ َل َّ‬
‫آثار ِه ْم ُم ْقتَدُونَ ﴾‬
‫على ِ‬ ‫على أ ُ َّم ٍة وإنّا َ‬
‫َكما قالُوا ﴿إنّا و َج ْدنا آبا َءنا َ‬

‫ي فَهم ال َي ْع ِقلُونَ ﴾ كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬خت ََم اللَّهُ َ‬


‫علَى قُلُو ِب ِه ْم‬ ‫ص ٌّم بُ ْك ٌم ُ‬
‫ع ْم ٌ‬ ‫قوله‪ُ ﴿ :‬‬
‫َاوةٌ﴾‬
‫ار ِه ْم ِغش َ‬ ‫علَى أ َ ْب َ‬
‫ص ِ‬ ‫علَى َ‬
‫س ْم ِع ِه ْم َو َ‬ ‫َو َ‬

‫ت َما َرزَ ۡقنَ ٰـ ُك ۡم َوٱ ۡش ُك ُر ۟‬


‫وا ِللَّ ِه ِإن ُكنت ُ ۡم‬ ‫وا ِمن َ‬
‫ط ِيّ َب ٰـ ِ‬ ‫وا ُكلُ ۟‬‫قوله‪﴿ :‬يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫اس‪ِ ،‬إ َّن َّ‬
‫اللهَ‬ ‫الل ِه ﷺ‪" :‬أَيُّ َها النَّ ُ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي هريرة قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ِإيَّاهُ ت َعۡ بُدُونَ } َ‬
‫سلِينَ ‪ ،‬فَقَا َل‪:‬‬‫اللهَ أ َ َم َر ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِب َما أ َ َم َر ِب ِه ْال ُم ْر َ‬
‫ط َّي ًبا‪َ ،‬و ِإ َّن َّ‬
‫ب َال َي ْق َب ُل ِإ َّال َ‬ ‫َ‬
‫ط ِيّ ٌ‬
‫صا ِل ًحا إِ ِنّي بِ َما ت َ ْع َملُونَ َ‬
‫ع ِلي ٌم﴾‬ ‫ت َوا ْع َملُوا َ‬ ‫س ُل ُكلُوا ِمنَ َّ‬
‫الط ِّيبَا ِ‬ ‫الر ُ‬‫﴿يَا أَيُّ َها ُّ‬

‫‪55‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الر ُج َل يطي ُل‬‫ت َما َرزَ ْقنَا ُك ْم﴾ ث ُ َّم ذَ َك َر َّ‬ ‫َوقَا َل‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ُكلُوا ِم ْن َ‬
‫ط ِيّ َبا ِ‬
‫اء‪َ :‬يا َربّ ِ ‪َ ،‬يا َربّ ِ‪َ ،‬و َم ْ‬
‫ط َع ُمهُ َح َرا ٌم‬ ‫س َم ِ‬ ‫ث أ َ ْغ َب َر‪ ،‬يم ُّد َي َد ْي ِه ِإلَى ال َّ‬ ‫سفَ َر أ َ ْش َع َ‬
‫ال َّ‬
‫اب ِلذَ ِل َك"‪ .‬رواه‬ ‫غذي بِ ْال َح َر ِام‪ ،‬فَأَنَّى يُ ْست َ َج ُ‬ ‫سهُ َح َرا ٌم و ُ‬ ‫َو َم ْش َربُهُ َح َرا ٌم‪َ ،‬و َم ْلبَ ُ‬
‫‪.‬مسلم‬

‫غي ِْر اللَّ ِه وإن‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬وما أ ُ ِه َّل ِب ِه ِلغَي ِْر اللَّ ِه﴾ وال ُمرا ُد ُهنا‪ :‬ما ذُ ِك َر َ‬
‫علَ ْي ِه ا ْس ُم َ‬
‫‪.‬ذبح لله‬

‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذِينَ َي ْكت ُ ُمونَ َما أَنز َل اللَّهُ ِمنَ ْال ِكت َا ِ‬
‫ب َو َي ْشت َُرونَ ِب ِه ث َ َمنًا قَ ِليال‬
‫ي‪ِ :‬إنَّ َما َيأ ْ ُكلُونَ َما َيأ ْ ُكلُونَهُ ِفي ُمقَا َبلَ ِة‬ ‫ار﴾ أَ ْ‬
‫طو ِن ِه ْم ِإال النَّ َ‬‫أُولَ ِئ َك َما َيأ ْ ُكلُونَ ِفي بُ ُ‬
‫طونِ ِه ْم يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة‪َ .‬ك َما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬إِ َّن الَّذِينَ‬
‫َارا تَأ َ َّج ُج فِي بُ ُ‬
‫قن ً‬ ‫ان ْال َح ّ ِ‬‫ِكتْ َم ِ‬
‫يرا﴾‬ ‫س ِع ً‬‫صلَ ْونَ َ‬ ‫سيَ ْ‬ ‫َارا َو َ‬
‫طونِ ِه ْم ن ً‬‫ظ ْل ًما ِإنَّ َما يَأ ْ ُكلُونَ فِي بُ ُ‬
‫يَأ ْ ُكلُونَ أ َ ْم َوا َل ْاليَت َا َمى ُ‬

‫ب ولَ ِك َّن ال ِب َّر‬


‫ق وال َم ْغ ِر ِ‬‫أن ت ُ َولُّوا ُو ُجوهَكم ِق َب َل ال َم ْش ِر ِ‬ ‫قوله تعالى‪﴿ :‬لَي َ‬
‫ْس ال ِب َّر ْ‬
‫علَى جميع‬ ‫ت َه ِذ ِه ْاآليَةُ ْال َك ِري َمةُ‪َ ،‬‬ ‫َمن آ َمنَ بِاللَّ ِه واليَ ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر ‪ .﴾...‬ا ْشت َ َم َل ْ‬

‫‪56‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أقسام الدين حقائقه وشرائعه واَلعمال المتعلقة بالجوارح والقلب وأصول‬


‫‪.‬اْليمان‬

‫ق إلى قِ ْب َل ِة‬ ‫س ْبحا َنهُ ِب ِذ ْك ِر ال َم ْش ِر ِ‬


‫أشار ُ‬
‫َ‬ ‫ب﴾ قِي َل‪:‬‬ ‫ق وال َم ْغ ِر ِ‬ ‫وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قِ َب َل ال َم ْش ِر ِ‬
‫ب إلى ِق ْب َل ِة‬ ‫وأشار ِب ِذ ْك ِر ال َم ْغ ِر ِ‬
‫َ‬ ‫النَّصارى َِلنَّهم َي ْست َ ْق ِبلُونَ َم ْ‬
‫ط َل َع ال َّ‬
‫ش ْم ِس‪،‬‬
‫ب ِمنهم إ ْذ َ‬
‫ذاك‬ ‫ْت ال َم ْقد ِِس وهو في ِج َه ِة الغ َْر ِ‬ ‫‪.‬اليَ ُهودِ‪َِ ،‬لنَّهم يَ ْست َ ْق ِبلُونَ بَي َ‬

‫علَى ُح ِبّ ِه﴾ كما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬لَ ْن تَنَالُوا ْال ِب َّر َحتَّى ت ُ ْن ِفقُوا‬ ‫﴿وآت َى ْال َما َل َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫عا‪:‬‬ ‫ث أَ ِبي ُه َريرة َم ْرفُو ً‬ ‫ص ِحي َحي ِْن ِم ْن َحدِي ِ‬‫ت فِي ال َّ‬ ‫ِم َّما ت ُ ِحبُّونَ ﴾ و َك َما ث َ َب َ‬
‫ص ِحي ٌح ش َِحي ٌح‪ ،‬ت َأ ْ ُم ُل ْال ِغنَى‪َ ،‬وت َْخشَى‬ ‫ت َ‬ ‫ص َّدقَ َوأ َ ْن َ‬
‫ص َد َق ِة أ َ ْن تَ َ‬
‫ض ُل ال َّ‬ ‫"أ َ ْف َ‬
‫ْ‬
‫‪".‬الفَ ْق َر‬

‫ص َد َقةٌ َ‬
‫غيْر زَ كاةِ‬ ‫أن اْليتا َء ال ُمتَقَ ّد َِم هو َ‬
‫على َّ‬ ‫وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬وآتى َّ‬
‫الزكاةَ﴾ فِي ِه َد ِلي ٌل َ‬
‫"إن في الما ِل َل َحقًّا ِس َوى َّ‬
‫الزكا ِة‬ ‫ض ِة‪ ،‬وفي الحديث‪َّ :‬‬ ‫"الفَ ِري َ‬

‫‪57‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َد َقةٌ‪،‬‬
‫سكين َ‬
‫ِ‬ ‫ص َدقَةُ َعلَى ْال ِم‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ذَ ِوي ْالقُ ْر َبى﴾ َك َما ثبت في ْال َحدِيثِ‪" :‬ال َّ‬
‫صلَةٌ"‪ .‬صححه اَللباني‬ ‫ص َدقَةٌ َو ِ‬ ‫علَى ذَ ِوي َّ‬
‫الر ِح ِم ثِ ْنت ِ‬
‫َان‪َ :‬‬ ‫‪.‬و َ‬ ‫َ‬

‫الرقَا ِ‬
‫ب﴾ وكذا اَلسارى‬ ‫﴿وفِي ِ ّ‬
‫‪.‬وقوله‪َ :‬‬

‫اص فِي ْالقَتْلَى﴾ ذُ ِك ِر فِي‬ ‫ص ُ‬ ‫ع َل ْي ُك ُم ْال ِق َ‬ ‫قوله تعالى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ُكتِ َ‬
‫ب َ‬
‫ب ا ْقتَتَلُوا فِي ْال َجا ِه ِل َّي ِة َق ْب َل ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم بِقَ ِلي ٍل‪،‬‬ ‫ب نُ ُزولَ َها أ َ َّن ح َّيي ِْن ِمنَ ْال َع َر ِ‬‫سبَ ِ‬ ‫َ‬
‫ض ُه ْم ِم ْن‬‫سا َء‪َ ،‬فلَ ْم يَأْ ُخ ْذ بَ ْع ُ‬ ‫ات‪َ ،‬حت َّى قَتَلُوا ْال َع ِبي َد َوالنِّ َ‬ ‫فَ َكانَ بَ ْينَ ُه ْم قَتْ ٌل َو ِج َرا َح ٌ‬
‫ض َحتَّى أ َ ْسلَ ُموا‪...‬القصة‬ ‫‪َ .‬ب ْع ٍ‬

‫﴿ال ُح ُّر بِ ْال ُح ِ ّر﴾ إال أن يكون المقتول كافرا فال يُ ْقت َ ُل ال ُم ْس ِل ُم بِالكافِ ِر‪ ،‬لما‬
‫قوله‪ْ :‬‬
‫ي ِ ﷺ «ال يُ ْقت َ ُل ُم ْس ِل ٌم ِبكافِ ٍر‪ »،‬رواه البخاري‬
‫ع ِن النَّ ِب ّ‬
‫‪.‬ثبت َ‬

‫﴿و ْال َع ْب ُد ِب ْال َع ْبدِ﴾ فإن كان المقتول ُحرا يقتل العبد باالتفاق‪ ،‬وإن كان‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫‪.‬القاتل حرا ففي قتله خالف‪ ،‬والجمهور على أنه يقتل‬
‫‪58‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿واَل ْنثَى ِباَل ْنثَى﴾ فإن كان المقتول رجال تقتل المرأة قوال واحدا‪،‬‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫ع َل ْي ِه ْم فِيها َّ‬
‫أن‬ ‫وإن كان القاتل رجال يقتل على الراجح لعموم اآلية ﴿و َكتَبْنا َ‬
‫س بِالنَّ ْف ِس﴾ ولحديث «ال ُم ْس ِل ُمونَ تَت َكافَأ ُ دِماؤُهم» صححه اَللباني‬
‫‪.‬النَّ ْف َ‬
‫ضاحٍ لَ َها‪،‬‬ ‫اريَةً علَى أ َ ْو َ‬ ‫أن َي ُهو ِديًّا قَت َ َل َج ِ‬ ‫وفي الصحيحين عن أنس بن مالك َّ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪َ ،‬و ِب َها َر َم ٌق‪،‬‬ ‫يِ َ‬ ‫فَقَتَلَ َها ب َح َج ٍر‪ ،‬قا َل‪ :‬فَ ِجي َء ب َها إلى النب ّ‬
‫ت‬ ‫برأْ ِس َها أَ ْن َال‪ ،‬ث ُ َّم قا َل لَ َها الثَّانِ َيةَ‪ ،‬فأش َ‬
‫َار ْ‬ ‫ت َ‬ ‫فَقا َل لَ َها‪ :‬أَقَتَلَ ِك فُ َال ٌن؟ فأش َ‬
‫َار ْ‬
‫برأْ ِس َها‪ ،‬فَقَتَلَهُ َرسو ُل‬‫ت َ‬ ‫ت‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬وأَش َ‬
‫َار ْ‬ ‫برأْ ِس َها أ َ ْن َال‪ ،‬ث ُ َّم َ‬
‫سأَلَ َها الثَّا ِلثَةَ‪ ،‬فَقا َل ْ‬ ‫َ‬
‫وسل َم بيْنَ َح َج َري ِْن‬ ‫صلَّى اللَّهُ عليه َّ‬ ‫‪.‬الل ِه َ‬

‫يف ِم ْن َر ِبّ ُك ْم َو َرحْ َمةٌ﴾ َيقُو ُل ت َ َعالَى‪ِ :‬إنَّ َما ش ََر َ‬


‫ع لَ ُك ْم أ َ ْخ َذ ال ِ ّد َي ِة‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ذَ ِل َك ت َْخ ِف ٌ‬
‫علَى ْاَل ُ َم ِم‬ ‫علَ ْي ُك ْم َو َرحْ َمةً ِب ُك ْم‪ِ ،‬م َّما َكانَ َمحْ تُو ًما َ‬ ‫فِي ْالعَ ْم ِد ت َْخ ِفيفًا ِمنَ َّ‬
‫الل ِه َ‬
‫‪.‬قَ ْبلَ ُك ْم ِمنَ ْال َقتْ ِل أ َ ِو ْال َع ْف ِو‪َ ،‬ك َما َقا َل بعض أهل العلم‬

‫صيَّةُ ِل ۡل َو ٰ⁠ ِل َد ۡي ِن‬
‫ض َر أَ َح َد ُك ُم ٱ ۡل َم ۡوتُ إِن ت ََر َك َخ ۡي ًرا ٱ ۡل َو ِ‬
‫ع َل ۡي ُك ۡم إِ َذا َح َ‬ ‫قوله‪ُ ﴿ :‬كتِ َ‬
‫ب َ‬
‫علَى ٱ ۡل ُمت َّ ِقينَ } قال أكثر أهل العلم‪َ :‬كانَ ذَ ِل َك َو ِ‬
‫اج ًبا‬ ‫َوٱ َۡل َ ۡق َربِينَ بِٱ ۡل َمعۡ ُر ِ‬
‫وف َحقًّا َ‬
‫سخ ْ‬
‫َت َه ِذ ِه‬ ‫ت آ َيةُ ْالفَ َرائِ ِ‬
‫ض نَ َ‬ ‫‪.‬قَ ْب َل نُ ُزو ِل آيَ ِة ْال َم َو ِاريثِ‪َ ،‬فلَ َّما نَزَ َل ْ‬

‫‪59‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اث ْال َوارثين‪َ ،‬وأَقَ َّر َو ِ‬


‫صيَّةَ غير الوارثين فِي‬ ‫ير َ‬
‫ث فبيَّن ِم َ‬ ‫فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ آ َيةَ ْال ِم َ‬
‫يرا ِ‬
‫ث َما ِل ْال َم ِّي ِ‬
‫ت‬ ‫‪.‬ثُلُ ِ‬
‫َّ‬
‫"إن اللهَ تعالى قد أعطى ك َّل ذي‬ ‫غي ِْرهَا‬ ‫َو ِل َهذَا َجا َء ْال َحد ُ‬
‫ِيث فِي ال ُّسن َِن َو َ‬
‫‪.‬حق حقَّه ‪ ،‬فال وصيةَ لوارثٍ" صححه اَللباني‬ ‫ٍّ‬

‫ع َلى الَّذِينَ ِم ْن َق ْب ِل ُك ْم لَعَلَّ ُك ْم تَتَّقُونَ ﴾ ثبت‬


‫ب َ‬ ‫صيَا ُم َك َما ُكتِ َ‬‫ع َل ْي ُك ُم ال ِ ّ‬ ‫قوله‪ُ ﴿ :‬كتِ َ‬
‫ب َ‬
‫فليس ِل َّل ِه َحا َجةٌ في‬
‫َ‬ ‫ور وال َع َم َل به‪،‬‬ ‫الز ِ‬ ‫في صحيح البخاري " َمن لَ ْم يَ َد ْ‬
‫ع قَ ْو َل ُّ‬
‫ط َعا َمهُ وش ََرا َبهُ‬ ‫ع َ‬ ‫ْ‬
‫"أن َي َد َ‬

‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َقد َِم ْال َمدِينَةَ‪ ،‬فَ َجعَ َل يصو ُم ِم ْن ُك ِّل‬ ‫َوأ َ َّما أَحْ َوا ُل ال ِ ّ‬
‫صيَ ِام َفإ ِ َّن َر ُ‬
‫ورا َء واجبا على‬ ‫ش َ‬ ‫عا ُ‬‫ورا َء‪ ،‬وكان صوم َ‬ ‫ش َ‬‫عا ُ‬ ‫ام َ‬‫ص َ‬ ‫ش ْه ٍر ث َ َالثَةَ أَي ٍَّام‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬
‫‪.‬الراجح‬

‫ام‪َ ،‬وأ َ ْنزَ َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ُك ِت َ‬
‫ب‬ ‫علَ ْي ِه ال ِ ّ‬
‫ص َي َ‬ ‫ض َ‬ ‫ث ُ َّم ِإ َّن اللَّهَ فَ َر َ‬
‫علَى الَّذِينَ ِم ْن َق ْب ِل ُك ْم﴾‬ ‫ب َ‬ ‫علَ ْي ُك ُم ال ِ ّ‬
‫صيَا ُم َك َما ُك ِت َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫‪60‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ام‪،‬‬ ‫ص َ‬‫ين﴾ َف َكانَ َم ْن شَا َء َ‬ ‫ع َلى الَّذِينَ يُ ِطيقُونَهُ فِ ْد َيةٌ َ‬


‫ط َعا ُم ِم ْس ِك ٍ‬ ‫﴿و َ‬ ‫ِإ َلى َق ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫اختَلَفُوا في ِم ْق ِ‬
‫دار ال ِفدية فَ ِقي َل‪:‬‬ ‫ع ْنهُ‪ .‬وقَ ِد ْ‬ ‫َو َم ْن شَا َء أ َ ْ‬
‫ط َع َم ِم ْس ِكينًا‪ ،‬فَأَجْ زَ أَ ذَ ِل َك َ‬
‫صاع‪ ،‬و ِقي َل‪ُ :‬م ٌّد‬
‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ص ُ‬ ‫‪ُ .‬ك ُّل يَ ْو ٍم ِن ْ‬

‫ضانَ الَّذِي أُنز َل فِي ِه‬ ‫ش ْه ُر َر َم َ‬ ‫ع َّز َو َج َّل أَ ْنزَ َل ْاآليَةَ ْاَل ُ ْخ َرى‪َ ﴿ :‬‬ ‫ث ُ َّم ِإ َّن اللَّهَ َ‬
‫علَى‬
‫ت اللهُ صيا َمه َ‬ ‫ص ْمهُ﴾ فَأَثْ َب َ‬ ‫ش ْه َر فَ ْل َي ُ‬ ‫ْالقُ ْر ُ‬
‫آن﴾ ِإلَى قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَ َم ْن َ‬
‫ش ِه َد ِم ْن ُك ُم ال َّ‬
‫ير الذِي‬‫ت اْلطعا ُم ِل ْل َك ِب ِ‬ ‫سافِ ِر‪َ ،‬وث َ َب َ‬ ‫يض َو ْال ُم َ‬ ‫ص فِي ِه ِل ْل َم ِر ِ‬‫ص ِحيحِ ور َّخ َ‬ ‫ْال ُم ِق ِيم ال َّ‬
‫لحق ِب َهذَا ْال َم ْعنَى‪:‬‬
‫ام‪ ،‬والمريض الذي ال يرجى برأه‪ ،‬ويُ ُ‬ ‫ص َي َ‬‫َال َي ْست َِطي ُع ال ِ ّ‬
‫علَى أ َ ْنفُ ِس ِه َما أ َ ْو َولَ َد ْي ِه َما‬‫ض ُع‪ِ ،‬إذَا خَافَتَا َ‬ ‫ام ُل َو ْال ُم ْر ِ‬
‫‪.‬ال َح ِ‬‫ْ‬

‫سا ُء‪.‬‬ ‫اب َوال ِّن َ‬


‫ش َر ُ‬ ‫علَ ْي ِه َّ‬
‫الط َعا ُم َوال َّ‬ ‫َام َحرم َ‬ ‫صلَّى أ َ َح ُد ُه ُم ْال ِعشا َء أو ن َ‬ ‫وكان ِإذَا َ‬
‫سائِ ُك ْم﴾ ِإلَى قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ث ُ َّم‬
‫ث ِإلَى نِ َ‬ ‫الر َف ُ‬ ‫ع َّز َو َج َّل‪﴿ :‬أ ُ ِح َّل لَ ُك ْم َل ْيلَةَ ال ِ ّ‬
‫ص َي ِام َّ‬ ‫فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ َ‬
‫ام ِإلَى اللَّ ْي ِل﴾‬ ‫أ َ ِت ُّموا ال ِ ّ‬
‫ص َي َ‬

‫‪61‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ّاس‪ :‬أ ْنزَ َل‬‫عب ٍ‬‫آن﴾ قا َل اب ُْن َ‬ ‫ضانَ الَّذِي أ ُ ْن ِز َل ِفي ِه القُ ْر ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬شَهۡ ُر َر َم َ‬
‫ماء‬
‫س ِ‬ ‫ت ال ِع َّز ِة ِمنَ ال َّ‬‫واح َدةً‪ ،‬وذَ ِل َك في لَ ْيلَ ِة القَ ْد ِر إلى َب ْي ِ‬ ‫القُ ْرآَنَ ِفي ِه ُج ْملَةً ِ‬
‫يِ ﷺ‬ ‫على النَّبِ ّ‬ ‫ئ ِبنُ ُزو ِل ِه ِفي ِه َ‬‫إن القُ ْرآَنَ ا ْبت ُ ِد َ‬
‫‪.‬ال ُّد ْنيا‪ . .‬وقيل‪َّ :‬‬

‫مشروعي ِة‬
‫ُ‬ ‫ط منهُ العلَما ُء إلى‬ ‫﴿و ِلت ُ ْك ِملُوا ال ِع َّدة َ و ِلت ُ َكبِّ ُروا َّ‬
‫اللهَ﴾ استنب َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ير في عيد ال ِف ْ‬
‫ط ِر‬ ‫هار الت َّ ْك ِب ِ‬ ‫‪ْ .‬‬
‫إظ ِ‬

‫ان﴾ سبب‬ ‫ع ِ‬ ‫يب َدع َْوةَ الدَّاعِ إِذَا َد َ‬ ‫يب أ ُ ِج ُ‬


‫ع ِنّي فَإ ِ ِنّي قَ ِر ٌ‬ ‫سأَلَ َك ِع َبادِي َ‬ ‫﴿وإِذَا َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫َاجي ِه أ َ ْم‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ ،‬أَقَ ِر ٌ‬
‫يب َر ُّبنَا َفنُن ِ‬ ‫نزول هذه اآلية هو‪ :‬أن أَع َْرا ِبيًّا قَا َل‪ :‬يَا َر ُ‬
‫سأ َ َل َك ِعبَادِي َعنِّي فَإِنِّي‬ ‫﴿و ِإ َذا َ‬ ‫ي ﷺ‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل َّ‬
‫اللهُ‪َ :‬‬ ‫ت ال َّن ِب ُّ‬ ‫بَ ِعي ٌد فَنُنَادِي ِه؟ فَ َ‬
‫س َك َ‬
‫ان﴾‬
‫ع ِ‬ ‫يب َدع َْوة َ الدَّاعِ ِإذَا َد َ‬ ‫يب أ ُ ِج ُ‬ ‫قَ ِر ٌ‬

‫اء‪ُ ،‬متَخ َِلّ َلةً َبيْنَ أَحْ َك ِام ال ِ ّ‬


‫ص َي ِام‪،‬‬ ‫ع ِ‬ ‫علَى ال ُّد َ‬ ‫َوفِي ِذ ْك ِر ِه تَعَالَى َه ِذ ِه ْاآليَةَ ْالبَا ِعثَةَ َ‬
‫اء فيه‪َ ،‬ك َما في‬ ‫ع ِ‬‫اء‪ ،‬و ِإ ْرشَا ٌد ِإلَى ِاالجْ تِ َها ِد فِي ال ُّد َ‬ ‫ع ِ‬‫شهر ال ُّد َ‬ ‫ُ‬ ‫داللةٌ على أنه‬
‫علَ ْي ِه وسلم‬ ‫صلَّى اللَّهُ َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه َ‬ ‫س ِم ْعتُ َر ُ‬ ‫ع ْم ٍرو‪َ ،‬قا َل‪َ :‬‬ ‫الل ِه ب ِْن َ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬
‫حديث َ‬
‫ار ِه َدع َْوة ٌ ُم ْست َ َجا َبةٌ‬
‫ط ِ‬‫صائِ ِم ِع ْن َد ِإ ْف َ‬
‫‪".‬يقول‪ِ " :‬لل َّ‬

‫وفي الصحيحين من حديث أبي موسى اَلشعري رضي الله عنه قال ُك َّنا مع‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬فَ ُكنَّا إذَا أ ْش َر ْفنَا علَى وادٍ‪ ،‬هَلَّ ْلنَا و َكب َّْرنَا‬
‫َرسو ِل اللَّ ِه َ‬
‫‪62‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار َبعُوا‬
‫اس ْ‬‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪" :‬يا أيُّها ال َّن ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ص َواتُنَا‪ ،‬فَقا َل النب ُّ‬‫تأ ْ‬ ‫ارتَفَ َع ْ‬
‫ْ‬
‫وال غَا ِئ ًبا‪ ،‬إنَّه مع ُك ْم إنَّه َ‬
‫س ِمي ٌع قَ ِر ٌ‬
‫يب‪،‬‬ ‫علَى أ ْنفُ ِس ُك ْم‪ ،‬فإنَّ ُك ْم ال ت َ ْدعُونَ أ َ‬
‫ص َّم َ‬
‫ار َك ا ْس ُمهُ وتَعَالَى َج ُّدهُ‬ ‫تَبَ َ‬
‫من هنا فترة الى سورة المائدة‬

‫ور ِة ا ْل َمائِ َد ِة‬


‫س َ‬‫ُ‬

‫ي َم َد ِنيَّةٌ‬
‫َو ِه َ‬

‫﷽‬

‫ع ُهو ُد اللَّ ِه الَّتِي‬ ‫قَ ْولُهُ‪ْ :‬‬


‫﴿أوفُوا ِبالعُقُودِ﴾ والعُقُو ُد‪ :‬العُ ُهودُ‪َ .‬وال ُمرا ُد ِبالعُقُو ِد هي‪ُ :‬‬
‫على ِعبا ِد ِه ِفيما أ َح َّل و َح َّر َم‪ ،‬و َكذَا العُقُو ُد الَّ ِتي َي ْع ِقدُونَها َب ْينَهم ِمن‬
‫أ َخذَها َ‬
‫عقُو ِد ال ُمعا َمالت‬
‫ُ‬

‫عام ّإال ما يُتْلى َ‬


‫ع َل ْي ُك ْم﴾‪ ،‬لَ ْم يُ َب ِيّ ْن ُهنا ما هَذا‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أ ُ ِحلَّ ْ‬
‫ت لَكم َب ِهي َمةُ اَل ْن ِ‬
‫علَ ْي ِه ُم ال ُم ْستَثْنى ِمن ِح ِلّيَّ ِة بَ ِهي َم ِة اَل ْن ِ‬
‫عام؛ ولَ ِكنَّهُ َبيَّنَهُ ِبقَ ْو ِل ِه‪ُ ﴿ :‬ح ِ ّر َم ْ‬
‫ت‬ ‫الَّذِي يُتْلى َ‬
‫ير﴾ اآلية‬ ‫علَ ْي ُك ُم ال َم ْيتَةُ وال َّد ُم ولَحْ ُم ِ‬
‫الخ ْن ِز ِ‬ ‫‪َ .‬‬
‫‪63‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َّاس‪ :‬يَ ْعنِي بِذَ ِل َك‬


‫عب ٍ‬ ‫ش َعا ِئ َر اللَّ ِه﴾ قَا َل اب ُْن َ‬
‫قوله‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها َّالذِينَ آ َمنُوا َال ت ُ ِحلُّوا َ‬
‫ج‬ ‫ْ‬
‫‪َ .‬منَا ِس َك ال َح ّ ِ‬

‫ش ْه َر ْال َح َر َام﴾ يَ ْعنِي‪َ :‬ال ت َ ْست َِحلُّوا ِقت ًَاال فِي ِه‬
‫﴿وال ال َّ‬ ‫‪.‬قوله تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫وز ا ْب ِت َدا ُء ْال ِقت َا ِل ِفي ْاَل َ ْش ُه ِر ْال ُح ُر ِم‪َ ،‬واحْ ت َ ُّجوا‬
‫سو ٌخ‪َ ،‬وأَنَّهُ َي ُج ُ‬ ‫إن َذ ِل َك َم ْن ُ‬
‫وقيل‪َّ :‬‬
‫ْث َو َج ْدت ُ ُمو ُه ْم﴾‬‫بِقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَإِذَا ا ْن َسلَ َخ اَل ْش ُه ُر ْال ُح ُر ُم فَا ْقتُلُوا ْال ُم ْش ِركِينَ َحي ُ‬
‫َارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‬ ‫‪.‬و ْ‬
‫اخت َ‬ ‫َ‬

‫ي‪َ :‬و َال‬‫ْت ْال َح َر َام يَ ْبتَغُونَ َفضْال ِم ْن َربِّ ِه ْم َو ِرض َْوانًا﴾ أ َ ْ‬‫﴿وال آ ِّمينَ ْال َبي َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ت اللَّ ِه ْال َح َر ِام‪َّ ،‬الذِي َم ْن َد َخلَهُ َكانَ ِآمنًا‬
‫اصدِينَ ِإلَى َب ْي ِ‬ ‫‪.‬ت َ ْست َِحلُّوا ِقت َا َل ْالقَ ِ‬
‫ع َعلَى أ َ َّن ْال ُم ْش ِر َك يَ ُج ُ‬
‫وز قَتْلُهُ‪ِ ،‬إذَا لَ ْم يَ ُك ْن لَهُ‬ ‫ير ْ ِ‬
‫اْلجْ َما َ‬ ‫َوقَ ْد َح َكى اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ْت ْال َم ْقد ِِس؛ َفإ ِ َّن َهذَا ْال ُح ْك َم َم ْن ُ‬
‫سو ٌخ فِي‬ ‫ْت ْال َح َر َام أ َ ِو بَي َ‬
‫ان‪َ ،‬وإِ ْن أ َّم ْال َبي َ‬
‫أ َ َم ٌ‬
‫َح ِقّ ِه ْم‪ .‬كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ِإنَّ َما ْال ُم ْش ِر ُكونَ نَ َج ٌ‬
‫س فَال َي ْق َربُوا‬
‫ام ِه ْم َهذَا﴾‬ ‫ْال َمس ِْج َد ْال َح َر َام بَ ْع َد َ‬
‫ع ِ‬

‫‪.‬وقوله‪َ ﴿ :‬ي ْبتَغُونَ فَضْال ِم ْن َر ِبّ ِه ْم﴾ َي ْعنِي ِبذَ ِل َك‪ :‬ال ِت ّ َج َ‬
‫ارةَ‬
‫علَ ْي ُك ْم ُجنَا ٌح أ َ ْن ت َ ْبتَغُوا فَضْال ِم ْن َربِّ ُك ْم﴾‬
‫ْس َ‬ ‫َو َهذَا َك َما تَقَد ََّم فِي قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬لَي َ‬

‫‪64‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ان﴾ في‬ ‫علَى اْلثْ ِم َو ْالعُ ْد َو ِ‬


‫علَى ْال ِب ِ ّر َوالت َّ ْق َوى َوال ت َ َع َاونُوا َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وت َ َع َاونُوا َ‬
‫ظلُو ًما فقا َل َر ُج ٌل‪ :‬يا َرسو َل َّ‬
‫الل ِه‪،‬‬ ‫أخاك ظا ِل ًما ْأو َم ْ‬ ‫َ‬ ‫ص ْر‬‫صحيح البخاري "ا ْن ُ‬
‫كيف أ ْن ُ‬
‫ص ُرهُ؟ قا َل‪ :‬تَحْ ُج ُزهُ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْت إذا كانَ ظا ِل ًما‬ ‫ظلُو ًما‪ ،‬أفَ َرأَي َ‬ ‫ص ُرهُ إذا كانَ َم ْ‬
‫أ ْن ُ‬
‫ص ُرهُ‬
‫ذلك َن ْ‬
‫فإن َ‬ ‫الظ ْل ِم َّ‬
‫"‪.‬أو ت َْمنَعُهُ‪ِ ،‬منَ ُّ‬
‫ْ‬

‫علَ ۡي ُك ُم ٱ ۡل َم ۡيتَةُ} َو َي ْست َثْ ِني ِمنَ ْال َم ْيت َ ِة ال َّ‬


‫س َمكُ وال َجرا ُد‬ ‫‪.‬قوله‪ُ ﴿ :‬ح ِ ّر َم ۡت َ‬

‫﴿وال َّد ُم﴾ يَ ْعنِي بِ ِه ْال َم ْسفُو َح؛ ِلقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬أ َ ْو َد ًما َم ْسفُو ًحا﴾‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬

‫ت ْال َع َر ُ‬
‫ب فِي َجا ِه ِليَّتِ َها‬ ‫الم﴾ َوقَ ْد َكانَ ِ‬ ‫﴿وأ َ ْن ت َ ْست َ ْق ِس ُموا بِ ْ‬
‫اَلز ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫وب‪" :‬أَ ْف َعلُ"‬
‫علَى أ َ َح ِدهَا َم ْكت ُ ٌ‬‫ع ْن ِق َداحٍ ثَ َالثَةٍ‪َ ،‬‬ ‫ارة ٌ َ‬ ‫ي ِع َب َ‬ ‫َيت َ َعا َ‬
‫ط ْونَ ذَ ِل َك‪َ ،‬و ِه َ‬
‫علَ ْي ِه َ‬
‫ش ْي ٌء‬ ‫غ ْفل َلي َ‬
‫ْس َ‬ ‫ث" ُ‬ ‫"ال ت َ ْف َع ْل" َوالثَّا ِل ُ‬
‫علَى ْاآلخ َِر‪َ :‬‬ ‫‪َ .‬و َ‬

‫يروهُ ِبأ َ ْن َي ْعبُدُوهُ‪ ،‬ث ُ َّم‬ ‫اللهُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِإذَا ت ََر َّددُوا ِفي أ ُ ُم ِ‬
‫ور ِه ْم أ َ ْن َي ْست َِخ ُ‬ ‫َوقَ ْد أ َ َم َر َّ‬

‫‪.‬يَ ْسأَلُوهُ الخيَ َرة فِي ْاَل َ ْم ِر الَّذِي يُ ِريدُونَهُ‪ ،‬كما في حديث ِاال ْستِخ َ‬
‫َارةَ‬

‫ضيتُ لَ ُك ُم اْلس َ‬
‫ْالم‬ ‫﴿ال َي ْو َم أ َ ْك َم ْلتُ َل ُك ْم دِينَ ُك ْم َوأَتْ َم ْمتُ َ‬
‫علَ ْي ُك ْم نِ ْع َمتِي َو َر ِ‬ ‫َو َق ْولُهُ‪ْ :‬‬
‫ع َرفَة‪ ،‬فِي َح َّج ِة ْال َو َداعِ‪َ ،‬و َكانَ يَ ْو َم ُج ُم َعةٍ‪ ،‬وعاش‬ ‫ت َه ِذ ِه ْاآليَةُ يَ ْو َم َ‬ ‫دِينًا﴾ نَزَ لَ ْ‬
‫‪.‬رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها ثمانين يوما فمات‬
‫‪65‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ير ال ُمؤْ ِمنِينَ ‪ ،‬آيَةٌ في‬


‫أن َر ُج ًال‪ِ ،‬منَ اليَ ُهو ِد قا َل له‪ :‬يا ِأم َ‬
‫وفي الصحيحين‪َّ :‬‬
‫اليوم ِعيدًا‪ .‬قا َل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ت‪َ ،‬الت َّ َخ ْذنَا َ‬
‫ذلك‬ ‫ِكت َا ِب ُك ْم ت َ ْق َرؤُونَ َها‪ ،‬لو َ‬
‫ع َل ْينَا َم ْعش ََر ال َي ُهو ِد نَزَ لَ ْ‬
‫ضيتُ لَ ُك ُم‬‫ور ِ‬ ‫{اليوم أ ْك َم ْلتُ لَ ُك ْم دِينَ ُك ْم وأَتْ َم ْمتُ علَ ْي ُكم نِ ْع َمتي َ‬
‫َ‬ ‫ي آيَةٍ؟ قا َل‪:‬‬ ‫أ ُّ‬
‫ت فيه علَى‬ ‫وم‪ ،‬وال َمكانَ الذي نَزَ لَ ْ‬ ‫ذلك اليَ َ‬ ‫ع َر ْفنَا َ‬ ‫ع َم ُر‪ :‬ق ْد َ‬ ‫اْلس َْال َم دِينًا} قا َل ُ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬وهو قَا ِئ ٌم ب َع َرفَةَ َي َ‬
‫وم ُج ُم َع ٍة‬ ‫يِ َ‬
‫"النب ّ‬

‫وقال اْلمام مالك بن أنس رحمة الله عليه‪ :‬من قال إن في اْلسالم بدعة‬
‫{ال َي ْو َم أ َ ْك َم ْلتُ‬
‫حسنة فقد زعم أن محمدا ً خان الرسالة؛ َلن الله تعالى يقول‪ْ :‬‬

‫لَ ُك ْم دِينَ ُك ْم َوأَتْ َم ْمتُ َ‬


‫ع َل ْي ُك ْم نِ ْع َمتِي}‬

‫قوله‪﴿ :‬يَ ْسأَلُون ََك َماذَا أ ُ ِح َّل لَ ُه ْم قُ ْل أ ُ ِح َّل لَ ُك ُم َّ‬


‫الط ِيّبَاتُ ﴾ سأل بعضهم النبي صلى‬
‫‪.‬الله عليه وسلم‪َ :‬ماذَا يَ ِح ُّل َلنَا ِم ْن َها؟ َفنَزَ َل ْ‬
‫ت هذه اآلية‬

‫الطيِّباتُ وأ ُ ِح َّل لَكم‬


‫أي‪ :‬أ ُ ِح َّل لَ ُك ُم َّ‬
‫وارحِ ُم َك ِلّبِينَ ﴾ ْ‬
‫علَّ ْمت ُ ْم ِمنَ ال َج ِ‬
‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬وما َ‬
‫ومنهُ‬
‫الطي ِْر‪ِ .‬‬ ‫ع َّ‬ ‫ب و ِسبا ُ‬‫وارحِ أيِ‪ :‬ال َكوا ِسب ِمنَ ال ِكال ِ‬ ‫علَّ ْمت ُ ْم ِمنَ ال َج ِ‬
‫ص ْي ُد ما َ‬
‫َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬و َي ْعلَ ُم ما َج َرحْ ت ُ ْم ِبالنَّ ِ‬
‫هار﴾‬

‫‪66‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ْي ُك ْم َوا ْذ ُك ُروا اس َْم اللَّ ِه‬ ‫علَّ َم ُك ُم اللَّهُ فَ ُكلُوا ِم َّما أ َ ْم َ‬
‫س ْكنَ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ت ُ َع ِلّ ُمونَ ُه َّن ِم َّما َ‬
‫اح ِب ِه‪َ ،‬و َكانَ قَ ْد ذَ َك َر اس َْم َّ‬
‫الل ِه‬ ‫علَى َ‬
‫ص ِ‬ ‫س َك َ‬ ‫ار َحةُ ُم َعلَّ ًما َوأ َ ْم َ‬ ‫علَ ْي ِه﴾ فَ َمت َى َكانَ ْال َج ِ‬ ‫َ‬
‫ص ْيدُ‪َ ،‬و ِإ ْن قَتَلَهُ‬ ‫‪ِ .‬ع ْن َد ِإ ْر َ‬
‫سا ِل ِه َح َّل ال َّ‬

‫ت فِي‬ ‫ع َل ْي ِه َه ِذ ِه ْاآليَةُ ْال َك ِري َمةُ‪َ ،‬ك َما ث َ َب َ‬


‫ت َ‬‫سنَّةُ بِ ِمثْ ِل َما َدلَّ ْ‬
‫ت ال ُّ‬ ‫َوقَ ْد َو َر َد ِ‬
‫سو َل اللَّ ِه‪ِ ،‬إ ِنّي أ ُ ْر ِس ُل ْال ِك َال َ‬
‫ب‬ ‫ي ب ِْن َحا ِت ٍم َقا َل‪ :‬قُ ْلتُ ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫ع ْن َ‬
‫ع ِد ّ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫ال َّ‬
‫ت اس َْم اللَّ ِه‪،‬‬ ‫ت َك ْلبَ َك المعلَّم َوذَ َك ْر َ‬ ‫س ْل َ‬
‫المعلَّمة َوأ َ ْذ ُك ُر اس َْم اللَّ ِه‪ .‬فَقَا َل‪ِ " :‬إذَا أ َ ْر َ‬
‫"وإِ ْن قَت َْلنَ َما لَ ْم يُ ْش ِر ْك َها َك ْل ٌ‬
‫ب‬ ‫ع َلي َْك"‪ .‬قُ ْلتُ ‪َ :‬وإِ ْن َقت َْلنَ ؟ َقا َل‪َ :‬‬‫س َك َ‬ ‫فَ ُك ْل َما أ َ ْم َ‬
‫ع َلى َ‬
‫غي ِْر ِه‬ ‫علَى َك ْل ِب َك َولَ ْم ت ُ َ‬
‫س ِ ّم َ‬ ‫ْت َ‬ ‫ْس ِم ْن َها‪ ،‬فَإِنَّ َك ِإنَّ َما َ‬
‫س َّمي َ‬ ‫‪".‬لَي َ‬

‫ط َعا ُم الَّذِينَ أ ُوتُوا ْال ِكت َ‬


‫َب ِح ٌّل لَ ُك ْم﴾ َي ْع ِني ذَ َبا ِئ َح ُه ْم‪َ .‬و َهذَا أ َ ْم ٌر ُمجْ َم ٌع‬ ‫﴿و َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫على ذَبائِ ِح ِهم اس َْم َّ‬
‫الل ِه‬ ‫اء‪ .‬قال بعض السلف‪ :‬كانُوا يَ ْذ ُك ُرونَ َ‬ ‫علَ ْي ِه بَيْنَ ْالعُلَ َم ِ‬
‫‪َ .‬‬
‫‪َ .‬وال يُؤ َك ُل ِم ّما لَ ْم يُ ْذ َك ِر ا ْس ُم اللَّ ِه َ‬
‫علَ ْي ِه‬

‫صةٌ ِل ْْل َي ِة‬ ‫صنَاتُ ِمنَ الَّذِينَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬


‫َاب ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم﴾ َه ِذ ِه ُم َخ َّ‬
‫ص َ‬ ‫﴿و ْال ُمحْ َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ت َحتَّى يُؤْ ِم َّن﴾‬ ‫﴿وال ت َ ْن ِك ُحوا ْال ُم ْش ِر َكا ِ‬
‫الَّتِي في ْال َبقَ َر ِة‪َ :‬‬

‫‪:‬ويجوز الزواج من الكتابية بشروط‬


‫‪67‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪.‬أولها‪ :‬أن يستوثق من كتابيتها‬


‫‪.‬الشرط الثاني‪ :‬أن تكون محصنة أي عفيفة ال تبيع جسدها لمن يريد‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أال يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أوالده منها بعد‬
‫‪.‬موته‬

‫غي َْر ُمجا ِه ِرينَ ِب ِ ّ‬


‫الزنا‬ ‫أي‪َ :‬‬ ‫سا ِف ِحينَ ﴾ ْ‬ ‫غي َْر ُم َ‬ ‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬محْ ِ‬
‫صنِينَ َ‬
‫أي‪ :‬وال ُم ِس ِ ّرينَ بِ ِه‬‫دان﴾ ْ‬ ‫‪﴿.‬وال ُمت َّ ِخذِي ْ‬
‫أخ ٍ‬
‫ص ُّح نِ َكا ُح ْال َم ْرأ َ ِة‬
‫اْل َما ُم أَحْ َم ُد ب ُْن َح ْنبَ ٍل‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪ِ ،‬إلَى أ َ َّنهُ َال يَ ِ‬
‫َب ْ ِ‬
‫َو ِل َهذَا ذَه َ‬
‫ص ُّح ت َْز ِوي ُج َها ِم ْن َر ُج ٍل َ‬
‫ع ِفيفٍ ‪،‬‬ ‫ت َكذَ ِل َك َال َي ِ‬ ‫ال َبغي َحتَّى تَت ُ َ‬
‫وب‪َ ،‬و َما َدا َم ْ‬
‫وب َويُ ْق ِل َع َ‬
‫ع َّما‬ ‫علَى َ‬
‫ع ِفيفَ ٍة َحتَّى يَت ُ َ‬ ‫الر ُج ِل ْالفَ ِ‬
‫اج ِر َ‬ ‫ع ْق ُد َّ‬
‫ص ُّح ِع ْن َدهُ َ‬
‫َو َكذَ ِل َك َال َي ِ‬
‫الزا ِني ْال َمجْ لُو ُد ِإ َّال‬ ‫الزنَا؛ ِل َه ِذ ِه ْاآل َي ِة َو ِل ْل َحدِي ِ‬
‫ث ْاآلخ َِر‪َ :‬‬
‫"ال َي ْن ِك ُح َّ‬ ‫ُه َو ِفي ِه ِمنَ ِ ّ‬
‫‪.‬مثْلَهُ‪ ".‬صححه اَللباني‬ ‫ِ‬
‫الر ِجلَةُ من ال ِنّسا ِء ‪ ،‬و‬ ‫وحديث‪" :‬ثالثةٌ ال يَدخلُونَ الجنةَ أبدًا ‪ :‬ال َّدي ُ‬
‫ُّوث ‪ ،‬و َّ‬
‫الخم ِر" صححه اَللباني‬
‫ْ‬ ‫دم ُن‬
‫ُم ِ‬

‫ان أ َ ْو‬
‫الزانِيَةُ َال َي ْن ِك ُح َها إِال زَ ٍ‬
‫﴿الزا ِني َال َي ْن ِك ُح َّإال زَ انِيَةً أ َ ْو ُم ْش ِر َكةً َو َّ‬
‫وقَ ْو ِل ِه‪َّ :‬‬
‫علَى ْال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬ ‫ُم ْش ِر ٌك َو ُح ِ ّر َم ذَ ِل َك َ‬

‫‪68‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ان ْال ُم ْ‬
‫ط َمئِ ُّن ِمنَ‬ ‫ط‪ُ :‬ه َو ْال َم َك ُ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو َجا َء أ َ َح ٌد ِم ْن ُك ْم ِمنَ ْالغَا ِئ ِط﴾ ْالغَائِ ُ‬
‫ع ِن التَّغ َُّو ِط‬
‫ض‪َ ،‬كنَّى بِ َذ ِل َك َ‬ ‫‪.‬اَل َ ْر ِ‬
‫ْ‬

‫قوله‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها َّالذِينَ آ َمنُوا ِإذَا قُ ْمت ُ ْم ِإلَى ال َّ‬
‫صال ِة﴾ ْاآليَةَ‪ .‬فقد بيّن صلى الله عليه‬
‫‪.‬وآله وسلم َلمته كيفية الوضوء في أحاديثه الصحيحة‬

‫صحابة‬ ‫ف ْال ُمفَ ِ ّ‬


‫س ُرونَ َو ْاَلَئِ َّمةُ من لّدُن ال َّ‬ ‫فاخت َ َل َ‬ ‫َوأ َ َّما قَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو ال َم ْست ُ ُم ال ِّن َ‬
‫سا َء﴾ ْ‬
‫علَى قَ ْولَي ِْن‬
‫‪:‬فِي َم ْعنَى ذَ ِل َك‪َ ،‬‬
‫اع‬ ‫‪.‬أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬أ َ َّن َذ ِل َك ِكنَا َيةً َ ْ‬
‫ع ِن ال ِج َم ِ‬
‫اء ْ ِ‬
‫اْل ْن َس ِ‬
‫ان‬ ‫ض ِ‬ ‫‪.‬ثانيهما‪ :‬أ َ َّن اللَّهُ َ‬
‫عنَى بِ َذ ِل َك ُك َّل لَ ْم ٍس بِيَ ٍد َكانَ أ َ ْو بِغَي ِْرهَا ِم ْن أ َ ْع َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أنه‬ ‫ص َّح ِة ْال َخ َبر َ‬
‫ع ْن َر ُ‬ ‫اَلقرب إلى الدليل اَلولُ‪ِ ،‬ل ِ‬ ‫ُ‬ ‫والصواب‬
‫ُ‬
‫صلَّى َولَ ْم يَت ََوضَّأْ‬
‫سائِ ِه ث ُ َّم َ‬ ‫‪.‬قَبّل بَ ْع َ‬
‫ض نِ َ‬

‫ص ِعيدًا َ‬
‫ط ِيّبًا﴾‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪﴿ :‬فَلَ ْم ت َِجدُوا َما ًء فَتَ َي َّم ُموا َ‬
‫علَى َوجْ ِه ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‬ ‫ص ِعي ُد‪ :‬اَلصل في لغة العرب‪ُ :‬ه َو ُك ُّل َما َ‬
‫ص ِع َد َ‬ ‫‪َ .‬وال َّ‬

‫وء فِي الت َّ َ‬


‫ط ُّه ِر ِب ِه‪.‬‬ ‫ض ِ‬‫ع ِن ْال ُو ُ‬
‫س ُحوا ِب ُو ُجو ِه ُك ْم َوأ َ ْيدِي ُك ْم﴾ التَّ َي ُّم ُم َب َد ٌل َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫ام َ‬
‫اح َدةٍ‪ ،‬كما بينه النبي صلى الله عليه‬ ‫َويَ ْك ِفي َم ْس ُح ْال َوجْ ِه َو ْال َكفَّي ِْن ِب َ‬
‫ض ْربَ ٍة َو ِ‬
‫‪.‬وسلم‬
‫‪69‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪.‬أما الضربتان ومسح اليدين إلى المرفقين فغير ثابت‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬ما يُ ِري ُد اللَّهُ ِل َيجْ َع َل َعلَ ْي ُك ْم ِم ْن َح َرجٍ﴾ وفي الحديث َّ‬
‫"إن الل َه يحبُّ ْ‬
‫أن‬
‫أن تؤت َى عزائ ُمه" صححه اَللباني‬ ‫صه كما يحبُّ ْ‬ ‫‪.‬تؤت َى رخ ُ‬

‫علَ ْي ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم ت َ ْش ُك ُرونَ ﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬


‫﴿ولَ ِك ْن يُ ِري ُد ِليُ َ‬
‫ط ِ ّه َر ُك ْم َو ِليُ ِت َّم ِن ْع َمتَهُ َ‬
‫س َل َوجْ َههُ خ ََر َج‬‫ضأ َ ال َع ْب ُد ال ُم ْس ِل ُم‪ ،‬أ َ ِو ال ُمؤْ ِم ُن‪ ،‬فَغَ َ‬
‫وفي صحيح مسلم " ِإذَا ت ََو َّ‬
‫اء‪ ،‬فَإِذَا‬ ‫آخ ِر قَ ْ‬
‫ط ِر ال َم ِ‬ ‫اء‪ ،‬أ َ ْو مع ِ‬ ‫ظ َر إِ َل ْي َها بعَ ْي َن ْي ِه مع ال َم ِ‬ ‫َطيئ َ ٍة َن َ‬
‫ِمن َوجْ ِه ِه ُك ُّل خ ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫اء‪ ،‬أ َ ْو مع ِ‬
‫شتْ َها َي َداهُ مع ال َم ِ‬ ‫ط َ‬‫َطيئ َ ٍة كانَ َب َ‬
‫س َل َي َد ْي ِه خ ََر َج ِمن َي َد ْي ِه ُك ُّل خ ِ‬
‫غ َ‬‫َ‬
‫اء‪ ،‬أ َ ْو‬
‫شتْ َها ِرجْ َالهُ مع ال َم ِ‬ ‫س َل ِرجْ لَ ْي ِه خ ََر َج ْ‬
‫ت ُك ُّل خ ِ‬
‫َطيئ َ ٍة َم َ‬ ‫اء‪َ ،‬فإِذَا َ‬
‫غ َ‬ ‫ط ِر ال َم ِ‬ ‫قَ ْ‬

‫اء‪ ،‬حتَّى َي ْخ ُر َج نَ ِقيًّا ِمنَ الذُّنُو ِ‬


‫ب‬ ‫"‪.‬مع آ ِخ ِر َق ْ‬
‫ط ِر ال َم ِ‬

‫علَ ْي ُك ْم َو ِميثَاقَهُ الَّذِي َواثَقَ ُك ْم بِ ِه إِ ْذ قُ ْلت ُ ْم َ‬


‫س ِم ْعنَا‬ ‫﴿وا ْذ ُك ُروا نِ ْع َمةَ اللَّ ِه َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ع َل ْي َها ِع ْن َد‬ ‫ي ْال َب ْي َعةُ الَّ ِتي َكانُوا يُ َبا ِيعُونَ َر ُ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َ‬ ‫ط ْعنَا﴾ َو َه ِذ ِه ِه َ‬ ‫َوأ َ َ‬
‫س ْمع َو َّ‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َ‬ ‫ِإس َْال ِم ِه ْم‪َ ،‬ك َما قَالُوا‪" :‬بَايَ ْعنَا َر ُ‬
‫ع ِة‪ ،‬فِي َم ْنش ِ‬
‫َطنَا‬ ‫الطا َ‬ ‫علَى ال َّ ِ‬
‫ع ْاَل َ ْم َر أ َ ْهلَهُ‬ ‫علَ ْينَا‪َ ،‬وأ َ َّال نُن ِ‬
‫َاز َ‬ ‫"و َم ْك َر ِهنَا‪َ ،‬وأَث َ َرةٍ َ‬
‫َ‬
‫ش َج َر ِة‪َ ،‬وأَ َ‬
‫ضافَهُ ت َ َعالَى ِإلَى نَ ْف ِس ِه َك َما قَا َل‬ ‫َك َما َج َرى لَ ْيلَةَ ْال َعقَ َب ِة َوتَحْ َ‬
‫ت ال َّ‬
‫"تعالى‪ِ " :‬إنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ‬
‫وابن َك ٍ‬
‫ثير‬ ‫ُ‬ ‫َارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‪،‬‬ ‫‪َ .‬و ْ‬
‫اخت َ‬
‫‪70‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْط﴾ كما تعالى‪:‬‬ ‫ش َه َدا َء بِ ْال ِقس ِ‬


‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ُكونُوا َق َّو ِامينَ ِللَّ ِه ُ‬
‫على أ ْنفُ ِسكم أ ِو‬ ‫ش َهدا َء ِللَّ ِه ولَ ْو َ‬‫ْط ُ‬ ‫﴿يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ُكونُوا َق ّو ِامينَ ِبال ِقس ِ‬
‫يرا فاللَّهُ ْأولى ِب ِهما﴾‬ ‫الوا ِل َدي ِْن واَل ْق َر ِبينَ ْ‬
‫إن يَ ُك ْن َ‬
‫غ ِنيًّا ْأو فَ ِق ً‬

‫س ُ‬
‫طوا‬ ‫ت اللَّ ِه َ‬
‫ع َليْكم إ ْذ َه َّم قَ ْو ٌم ْ‬
‫أن َي ْب ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يا أيُّها َّالذِينَ آ َمنُوا ا ْذ ُك ُروا ِن ْع َم َ‬
‫ع ْنكم﴾‬ ‫إلَيْكم أ ْي ِديَهم فَ َك َّ‬
‫ف أ ْي ِديَهم َ‬
‫على‬ ‫الرقاعِ ِمنَ ال َح ْم ِل َ‬‫ت ِّ‬ ‫ب وبَنُو ث َ ْعلَ َبةَ يَ ْو َم ذا ِ‬‫حار ٍ‬‫ت بِ ِه بَنُو ُم ِ‬
‫منها‪ :‬ما َه َّم ْ‬
‫صالة ُ الخ َْو ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ت َ‬ ‫سولَهُ ِبذَ ِل َك‪ ،‬ونَزَ َل ْ‬
‫اللهُ َر ُ‬ ‫ص ِر فَأ ْش َع َر َّ‬
‫صال ِة ال َع ْ‬
‫ال ُم ْس ِل ِمينَ في َ‬
‫ع ِن ال ُمؤْ ِمنِينَ‬ ‫ف َّ‬
‫اللهُ أ ْي ِديَهم َ‬ ‫‪.‬و َك َّ‬

‫ع ْز ِم أ ْه ِل َم َّكةَ َ‬
‫على الغَ ْد ِر ِبال ُم ْس ِل ِمينَ ِحينَ نُ ُزو ِل ال ُم ْس ِل ِمينَ‬ ‫ومنها‪ :‬ما كانَ ِمن َ‬
‫ص ْلحِ ال ُح َد ْيبِيَ ِة‬
‫عام ُ‬
‫‪.‬بِال ُح َد ْيبِيَ ِة َ‬

‫ير ِمن قَتْ ِل النَّ ِب ِ‬


‫يء ﷺ ِحينَ جا َءهم يَ ْست َ ِعينُهم َ‬
‫على‬ ‫ض ِ‬‫ومنها‪ :‬ما َه َّم بِ ِه َبنُو النَّ ِ‬
‫أن يَ ْقتُلُوهُ‪َ ،‬ف ْأوحى اللَّهُ إلَ ْي ِه بِ َذ ِل َك فَخ ََر َج هو‬
‫على ْ‬
‫العام ِر َّيي ِْن فَت َآ َم ُروا َ‬
‫ِ‬ ‫ِديَ ِة‬
‫صحابُهُ‬
‫‪.‬وأ ْ‬

‫‪71‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ وهو قائِ ٌل في‬


‫ْف َر ُ‬
‫سي َ‬
‫ط َ‬ ‫ي ِ الَّذِي ْ‬
‫اخت ََر َ‬ ‫صةُ اَلعْرا ِب ّ‬
‫ومنها‪ :‬قِ َّ‬
‫‪ُ .‬م ْن َ‬
‫ص َرفِ ِه ِمن إحْ دى غَزَ واتِ ِه‬

‫عش ََر نَ ِقيبًا﴾‬ ‫اللهُ ِميثَاقَ َبنِي ِإس َْرائِي َل َوبَعَثْنَا ِم ْن ُه ُم اثْنَ ْي َ‬ ‫﴿ولَقَ ْد أ َ َخ َذ َّ‬
‫قوله‪ :‬تَعَالَى‪َ :‬‬
‫ع ِة ِللَّ ِه َو ِل َر ُ‬
‫سو ِل ِه َو ِل ِكت َا ِب ِه‬ ‫علَى قَ َبا ِئ ِل ِه ْم ِب ْال ُم َبا َي َع ِة َوال َّس ْمع‪َ ،‬و َّ‬
‫الطا َ‬ ‫ع َرفاء َ‬
‫‪َ .‬ي ْع ِني‪ُ :‬‬
‫ِ‬

‫ار َل ْيلَةَ ْالعَ َقبَ ِة‪َ ،‬كانَ فِي ِه ُم اثْنَا َ‬


‫عش ََر نَ ِقيبًا‪،‬‬ ‫ص َ‬‫سو َل اللَّ ِه ﷺ ْاَل َ ْن َ‬
‫َو َه َكذَا لَ َّما بَا َي َع َر ُ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْن ُه ْم‬ ‫ض َ‬ ‫‪.‬ث َ َالثَةٌ ِمنَ ْاَل َ ْو ِس‪َ ،‬وتِ ْس َعةٌ ِمنَ ْالخ َْز َرجِ‪َ ،‬ر ِ‬

‫سوخَةٌ ِبقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬قَا ِتلُوا َّالذِينَ َال‬‫صفَحْ ﴾ َه ِذ ِه ْاآل َيةُ َم ْن ُ‬


‫ع ْن ُه ْم َوا ْ‬
‫ْف َ‬‫قوله‪﴿ :‬فَاع ُ‬
‫سولُهُ َوال يَدِينُونَ‬ ‫اآلخر َوال يُ َح ِ ّر ُمونَ َما َح َّر َم اللَّهُ َو َر ُ‬ ‫الل ِه َوال ِب ْاليَ ْو ِم ِ‬
‫يُؤْ ِمنُونَ ِب َّ‬

‫طوا ْال ِج ْز َيةَ َ‬


‫ع ْن يَ ٍد َو ُه ْم‬ ‫اب َحتَّى يُ ْع ُ‬ ‫ق ِمنَ الَّذِينَ أُوتُوا ْال ِكت َ َ‬ ‫دِينَ ْال َح ّ ِ‬
‫صا ِغ ُرونَ ﴾‬
‫َ‬

‫ع ْوا‬ ‫ي‪َ :‬و ِمنَ الَّذِينَ ا َّد َ‬ ‫ارى أ َ َخ ْذنَا ِميثَاقَ ُه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ص َ‬ ‫﴿و ِمنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫سوا َكذَ ِل َك‪.‬‬ ‫س َال ُم‪َ ،‬ولَ ْي ُ‬ ‫ارى يُت َا ِبعُونَ ْال َم ِسي َح ابْنَ َم ْر َي َم َ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫َِل َ ْنفُ ِس ِه ْم أَنَّ ُه ْم نَ َ‬
‫ص َ‬
‫صار اللَّ ِه﴾‬
‫واريُّونَ نَحْ ُن أ ْن ُ‬
‫وإنما أتباعه وأنصاره الحواريون ﴿قا َل ال َح ِ‬

‫‪72‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش َر ِب ِه‬ ‫سوا َح ًّ‬


‫ظا ِم َّما ذُ ِ ّك ُروا ِب ِه﴾ من أخذ اْلنجيل‪ ،‬و ُمت َا َب َع ِة النَّ ِبي َء ال ُم َب َّ‬ ‫﴿فَنَ ُ‬
‫ص َرتِ ِه‬
‫‪.‬و ُمنَا َ‬
‫َ‬

‫ي‪ :‬فَأ َ ْلقَ ْينَا َب ْينَ ُه ُم‬


‫ضا َء ِإلَى يَ ْو ِم ْال ِقيَا َم ِة﴾ أ َ ْ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَأ َ ْغ َر ْينَا بَ ْينَ ُه ُم ْال َع َد َاوة َ َو ْالبَ ْغ َ‬
‫ضينَ ُمتَعَادِينَ ‪ ،‬يُ َك ِفّ ُر‬ ‫وال يَزَ الُونَ ُمتَبَا ِغ ِ‬ ‫ضا‪َ ،‬‬ ‫ض ِه ْم بَ ْع ً‬ ‫ض ِلبَ ْع ِ‬ ‫غ َ‬‫ْالعَ َد َاوة َ َوالتَّبَا ُ‬
‫ࣱ‬
‫ش ِدي ٰۚد ت َۡح َسبُ ُه ۡم‬ ‫س ُهم َب ۡينَ ُه ۡم َ‬ ‫ضا‪ .‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬ب ۡأ ُ‬ ‫ض ُه ْم َب ْع ً‬ ‫ضا‪َ ،‬و َي ْل َع ُن َب ْع ُ‬ ‫ض ُه ْم َب ْع ً‬ ‫َب ْع ُ‬
‫ࣰ‬
‫شت َّ ٰٰۚى ذَ ٰ⁠ ِل َك ِبأَنَّ ُه ۡم قَ ۡو ࣱم َّال َيعۡ ِقلُونَ ﴾‬
‫َج ِميعا َوقُلُوبُ ُه ۡم َ‬
‫ع َّز و َج َّل و َيت َ َخي َُّروا فيما أَ ْنزَ َل‬ ‫وفي الحديث "وما لم تَحْ ُك ْم أئمتُهم بكتا ِ‬
‫ب الل ِه َ‬
‫سهم بينَهم" صححه اَللباني‬
‫‪.‬اللهُ إال جعل اللهُ بأ َ‬

‫ي‪ :‬نَحْ ُن ُم ْنت َ ِسبُونَ‬ ‫ارى نَحْ ُن أ َ ْبنَا ُء َّ‬


‫الل ِه َوأ َ ِحبَّا ُؤهُ﴾ أ َ ْ‬ ‫ص َ‬‫ت ْاليَ ُهو ُد َوالنَّ َ‬
‫﴿وقَا َل ِ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ِإلَى أ َ ْن ِب َيا ِئ ِه َو ُه ْم َبنُوهُ َولَهُ ِب ِه ْم ِعنَا َيةٌ‪َ ،‬و ُه َو يُ ِح ُّبنَا‪َ ...‬و َم ْعلُو ٌم أَنَّ ُه ْم لَ ْم َي َّد ُ‬
‫عوا‬
‫س َال ُم‪َ ،‬و ِإنَّ َما أ َ َرادُوا ِبذَ ِل َك‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫سى‪َ ،‬‬
‫ع ْوهَا فِي ِعي َ‬ ‫َِل َ ْنفُ ِس ِه ْم ِمنَ ْالبُنُ َّو ِة َما ا َّد َ‬
‫وحظوتهم ِع ْن َدهُ‪ .‬قاله ابن كثير‬ ‫ْ‬ ‫‪َ .‬م َع َّزت َ ُه ْم لَ َد ْي ِه‬
‫‪:‬وفيه قَ ْولُ ُه ْم‬

‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل فَ ِل َم يُعَ ِ ّذبُكم بِذُنُوبِ ُك ْم بَ ْل أ ْنت ُ ْم َبش ٌَر ِم َّم ْن َخلَقَ ﴾ أي‪َ :‬كما ت َ ْعت َِرفُونَ بِذَ ِل َك‬
‫ار ِإال أَيَّا ًما َم ْعدُو َداتٍ﴾‬ ‫ِلقَ ْو ِلكم‪﴿ :‬لَ ْن ت َ َم َّ‬
‫سنَا النَّ ُ‬

‫‪73‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض وما‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ِب َمن َيشا ُء و ِللَّ ِه ُم ْلكُ ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬ي ْغ ِف ُر ِل َمن َيشا ُء ويُ َع ّذ ُ‬
‫ور فَال أ ْن َ‬
‫ساب بَ ْينَهم يَ ْو َمئِ ٍذ وال‬ ‫ص ِ‬‫بَ ْينَ ُهما﴾ كما قال ت َعالى‪﴿ :‬فَإذا نُ ِف َخ في ال ُّ‬
‫َيت َسا َءلُونَ ﴾‬

‫س ِل﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫الر ُ‬ ‫سولُنَا يُبَيِّ ُن لَ ُك ۡم َ‬
‫علَى فَتْ َرةٍ ِمنَ ُّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ٰۤـأ َ ۡه َل ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ِ‬
‫ب قَ ۡد َج ۤا َء ُك ۡم َر ُ‬
‫طا ِولَ ٍة َما َبيْنَ ِإ ْر َسا ِل ِه َو ِعي َ‬
‫سى اب ِْن َم ْر َي َم‬ ‫‪َ .‬ب ْع َد ُم َّدةٍ ُمتَ َ‬
‫اس باب ِْن َم ْريَ َم‪َ ،‬واَل ْنبِيَا ُء أ َ ْو َال ُد َ‬
‫ع َّال ٍ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت فِي الصحيحن "أَنَا أ َ ْولَى النَّ ِ‬ ‫َك َما ثَبَ َ‬
‫ي‬
‫"ليس بَ ْينِي وب ْي َنهُ نَ ِب ٌّ‬
‫َ‬
‫ض‪ ،‬فَ َمقَت َ ُه ْم َ‬
‫ع َر َب ُه ْم‬ ‫ظ َر إلى أَ ْه ِل ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫"وإن اللَّهَ َن َ‬
‫َّ‬ ‫وفي صحيح مسلم‬
‫بك‬
‫ي َ‬‫ب‪َ ،‬وقا َل‪ :‬إنَّما بَ َعثْت ُ َك َل َ ْبتَ ِليَ َك َوأَ ْبت َ ِل َ‬
‫ع َج َم ُه ْم‪َّ ،‬إال بَقَايَا ِمن أَ ْه ِل ال ِكت َا ِ‬
‫"و َ‬
‫َ‬

‫علَ ْي ُك ْم ِإ ْذ َج َع َل ِفي ُك ْم‬ ‫سى ِلقَ ْو ِم ِه يَا قَ ْو ِم ا ْذ ُك ُروا نِ ْع َمةَ َّ‬


‫الل ِه َ‬ ‫﴿و ِإ ْذ َقا َل ُمو َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫س ُه ُم اَل ْنبِيا ُء‪ُ ،‬كلَّما َهلَ َك نَبِ ٌّ‬
‫ي‬ ‫سو ُ‬ ‫َت بَنُو إسْرائِي َل ت َ ُ‬ ‫أ َ ْنبِيَا َء﴾ في الصحيحين "كان ْ‬
‫" َخلَفَهُ نَ ِب ٌّ‬
‫ي‪ ،‬وإنَّه ال نَ ِب َّ‬
‫ي َب ْعدِي‬

‫﴿و َجعَلَ ُك ْم ُملُو ًكا﴾‬


‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س ْلطانَ‬
‫أن َج َع َل لَ ُه ُم ال ُم ْل َك وال ُّ‬
‫‪.‬قيل‪ِ :‬ب ْ‬
‫ت‬ ‫‪.‬وقيل‪ِ :‬ب َّ‬
‫الز ْو َج ِة والخاد ِِم والبَ ْي ِ‬

‫‪74‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت أ َحدًا ِمنَ العالَ ِمينَ ﴾‬ ‫﴿وآتاكم ما لَ ْم يُؤْ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ض َل أَ ْه ِل زَ َمانِ ِه ْم‪َ ،‬و ِإ َّال فَ َه ِذ ِه ْاَل ُ َّمةُ أ َ ْش َر ُ‬
‫ف ِم ْن ُه ْم‪،‬‬ ‫صودُ‪ :‬أَنَّ ُه ْم َكانُوا أ َ ْف َ‬ ‫قيل‪ْ :‬ال َم ْق ُ‬
‫اس﴾ َوقَا َل‬ ‫ت ِللنَّ ِ‬ ‫ع َّز َو َج َّل ﴿ ُك ْنت ُ ْم َخي َْر أ ُ َّم ٍة أ ُ ْخ ِر َج ْ‬
‫ض ُل ِع ْن َد اللَّ ِه‪َ .‬قا َل اللَّهُ َ‬ ‫َوأ َ ْف َ‬
‫اس﴾‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫ش َه َدا َء َ‬ ‫طا ِلت َ ُكونُوا ُ‬ ‫س ً‬‫﴿و َكذَ ِل َك َج َع ْلنَا ُك ْم أ ُ َّمةً َو َ‬ ‫َ‬
‫س ْل َوى‬
‫ع َل ْي ِه ْم ِمنَ ْال َم ِّن َوال َّ‬
‫‪َ ..‬وقِي َل‪ْ :‬ال ُم َرادُ‪َ :‬ما َكانَ تَعَالَى ن ََّزلَهُ َ‬

‫سةَ﴾ إي‪ :‬بَيْت ْال َم ْقد ِِس‪ ،‬الَّذِي َكانَ بِأ َ ْيدِي ِه ْم‬ ‫ض ْال ُمقَ َّد َ‬ ‫اَلر َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَا قَ ْو ِم ا ْد ُخلُوا ْ‬
‫ص َر أَي َ‬
‫َّام‬ ‫ارت َ َح َل ُه َو َو َبنُوهُ َوأ َ ْهلُهُ ِإلَى ِب َال ِد ِم ْ‬ ‫ان أ َ ِبي ِه ْم َي ْعقُ َ‬
‫وب‪ ،‬لَ َّما ْ‬ ‫فِي زَ َم ِ‬
‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‬ ‫س َال ُم‪ ،‬ث ُ َّم لَ ْم يَزَ الُوا بِ َها َحتَّى خ ََر ُجوا َم َع ُمو َ‬
‫سى َ‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫ف َ‬
‫س َ‬
‫يُو ُ‬
‫‪َ ...‬ف َو َجدُوا ِفي َها َق ْو ًما ِمنَ ْال َع َما ِل َق ِة ْال َجب ِ‬
‫َّارينَ‬

‫ت َو َرب َُّك‬‫سى إِنَّا لَ ْن نَ ْد ُخلَ َها أَبَدًا َما َدا ُموا فِي َها فَا ْذهَبْ أَ ْن َ‬
‫قوله‪﴿ :‬قَالُوا يَا ُمو َ‬
‫ع ْن ُه ْم‬
‫اللهُ َ‬ ‫ي َّ‬‫ض َ‬ ‫ص َحا َبةُ‪َ ،‬ر ِ‬
‫اب ِب ِه ال َّ‬‫سنَ َما أَ َج َ‬ ‫فَقَا ِتال ِإ َّنا هَا ُهنَا قَا ِعدُون﴾ َو َما أَحْ َ‬
‫ير‪ .‬قَالُوا‪ :‬نَ َع ْم‪َ ،‬و َال نَقُو ُل‬
‫ار ُه ْم فِي قِت َا ِل النَّ ِف ِ‬
‫ش َ‬‫سو َل اللَّ ِه ﷺ ِحينَ ا ْست َ َ‬
‫يَ ْو َم بَ ْد ٍر َر ُ‬
‫سى‪﴿ :‬فَا ْذهَبْ أ َ ْن َ‬
‫ت َو َرب َُّك فَقَاتِال إِنَّا هَا ُهنَا قَا ِعدُونَ ﴾‬ ‫َك َما قَالَ ْ‬
‫ت بَنُو إِس َْرائِي َل ِل ُمو َ‬
‫‪.‬ولَ ِك ْن ا ْذهَبْ أ َ ْن َ‬
‫ت َو َرب َُّك فَقَاتِ َال ِإ َّنا َم َع ُك َما ُمقَاتِلُونَ‬ ‫َ‬

‫‪75‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قَا َل َربّ ِ ِإنِّي َال أ َ ْم ِلكُ ِإال نَ ْف ِسي َوأ َ ِخي فَا ْف ُر ْق َب ْينَنَا َو َبيْنَ ْالقَ ْو ِم‬
‫﴿ربّ ِ َال تَذَ ْر‬ ‫ض ِمنَ ْال َكافِ ِرينَ ‪ ،‬فَقَا َل َ‬ ‫علَى أَ ْه ِل ْاَل َ ْر ِ‬
‫عا نُو ٌح َ‬ ‫ْالفَا ِسقِينَ ﴾ وقد َد َ‬
‫ض ِمنَ ْال َكا ِف ِرينَ َدي ً‬
‫َّارا﴾‬ ‫علَى ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َ‬

‫ض فَال‬ ‫اَلر ِ‬ ‫سنَةً يَتِي ُهونَ فِي ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬قَا َل َفإِنَّ َها ُم َح َّر َمةٌ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم أَ ْربَعِينَ َ‬
‫ِ‬ ‫يرونَ َدا ِئ ًما َال َي ْهتَدُونَ ِل ْل ُخ ُروج‬
‫علَى ْالقَ ْو ِم ْالفَا ِسقِينَ ﴾ فَ َوقَعُوا ِفي ال ِت ّي ِه َي ِس ُ‬ ‫س َ‬ ‫ت َأ ْ َ‬
‫‪.‬م ْنهُ‬
‫ِ‬
‫يرةٌ‪ِ ،‬م ْن ت َْظ ِلي ِل ِه ْم بالغَمام َو ِإ ْنزَ ا ِل‬ ‫ع ِجيبَةٌ‪َ ،‬وخ ََو ِار ُق َكثِ َ‬‫ور َ‬ ‫َت أ ُ ُم ٌ‬ ‫قيل‪َ :‬و ِفي ِه َكان ْ‬
‫س َال ُم‪ ،‬ث ُ َّم َب ْع َدهُ َم َ‬
‫ات‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬ ‫َت َوفَاة ُ ه ُ‬
‫َارونَ ‪َ ،‬‬ ‫س ْل َوى َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم‪ ،‬ث ُ َّم َكان ْ‬ ‫ْال َم ِّن َوال َّ‬
‫س َال ُم‪ ،‬نَ ِبيًّا‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬ ‫ام اللَّهُ فِي ِه ْم "يُو َش َع بْنَ نُ ٍ‬
‫ون" َ‬ ‫س َال ُم‪َ ،‬وأَقَ َ‬ ‫سى ْال ِك ِلي ُم‪َ ،‬‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫ُمو َ‬
‫ع َل ْي ِه‬
‫ون" َ‬ ‫سى‪ ،‬فلما انقضت ْال ُم َّدة ُ َخ َر َج ِب ِه ْم "يُو َش ُع ب ُْن نُ ٍ‬ ‫ع ْن ُمو َ‬ ‫َخ ِليفَةً َ‬
‫ْت ْال َم ْقد ِِس‪ ،‬أ َ ْن يَ ْد ُخلُوا بَابَ َها ُ‬
‫س ّجدا‪َ ،‬و ُه ْم‬ ‫س َال ُم‪ ،‬وأمرهم ِحينَ يَ ْد ُخلُونَ بَي َ‬ ‫ال َّ‬
‫عنَّا ذُنُوبَنَا‪َ ،‬فبَ َّدلُوا َما أ ُ ِم ُروا بِ ِه‪ ،‬فَ َد َخلُوا يَ ْز َحفُونَ‬ ‫ي‪ُ :‬ح َّ‬
‫ط َ‬ ‫طةٌ‪ ،‬أَ ْ‬
‫يَقُولُونَ ‪ِ :‬ح َّ‬
‫علَى أ َ ْست َا ِه ِه ْم‪َ ،‬و ُه ْم َيقُولُونَ ‪َ :‬حبَّة ِفي َ‬
‫ش ْعرة‬ ‫‪َ .‬‬

‫﴿واتْ ُل َعلَ ْي ِه ْم َنبَأ َ ا ْبنَ ْي آ َد َم بِ ْال َح ّ ِ‬


‫ق﴾ اآلية ‪ .‬لم يثبت من هذه القصة‬ ‫قوله‪ :‬تَعَالَى‪َ :‬‬
‫إال ما ذكره القرآن ولكن ذكرت في كتب المفسرين القصة المشهورة التي‬
‫‪:‬هي من اْلسرائيليات‪ ،‬وهي‬

‫‪76‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةِ‬ ‫س َال ُم‪ ،‬أ َ ْن يُزَ ّ ِو َج َبنَات ِه ِم ْن َبنِي ِه ِل َ‬


‫ض ُر َ‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬ ‫أ َ َّن اللَّهَ ت َ َعالَى قَ ْد ش ََر َ‬
‫ع ِآل َد َم‪َ ،‬‬
‫ط ِن ذَ َك ٌر َوأ ُ ْنثَى‪ ،‬فَ َكانَ يُزَ ّ ِو ُج أ ُ ْنثَى َهذَا‬
‫ْال َحا ِل‪َ ،‬وأنه َكانَ يُولَد آلدم فِي ُك ِّل َب ْ‬
‫ضيئَةً‪،‬‬ ‫َت أ ُ ْختُ هَا ِبي َل َدميمةً‪َ ،‬وأ ُ ْختُ قَا ِبي َل َو ِ‬ ‫ط ِن ْاآل َخ ِر‪َ ،‬و َكان ْ‬‫ط ِن ِل ِذ ْك ِر ْال َب ْ‬ ‫ْال َب ْ‬

‫فَأ َ َرا َد أ َ ْن يَ ْست َأْثِ َر ِب َها َ‬


‫علَى أ َ ِخي ِه‪ ،‬فَأَبَى آ َد ُم ذَ ِل َك ِإ َّال أ َ ْن يُقَ ِ ّربَا قُ ْربَا ًنا‪َ ،‬ف َم ْن تُقُ ِبّ َل‬
‫ي لَهُ‪ ،‬فَقَ َّربَا فَتُقُ ِّبل ِم ْن هَابِي َل َولَ ْم يتَقَبَّل ِم ْن قَا ِبي َل‪ ،‬فَ َكانَ ِم ْن أ َ ْم ِر ِه َما َما‬
‫ِم ْنهُ فَ ِه َ‬
‫ص اللَّهُ ِفي ِكت َا ِب ِه‬
‫‪.‬قَ َّ‬

‫ي َي َد َك ِلت َ ْقت ُ َلنِي َما أَنَا ِب َبا ِسطٍ َيد َ‬


‫ِي ِإلَي َْك َل ْقتُلَ َك ِإنِّي‬ ‫ت ِإلَ َّ‬ ‫س ْ‬
‫ط َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬لَئِ ْن َب َ‬
‫َاف اللَّهَ َربَّ ْال َعالَ ِمينَ ﴾ وفي الحديث "ستكون فتنةٌ القاع ُد فيها ٌ‬
‫خير من‬ ‫أَخ ُ‬
‫ساعي ‪.‬‬
‫خير من ال َّ‬
‫خير من الماشي ‪ ،‬و الماشي فيها ٌ‬
‫القائم ‪ ،‬و القائ ُم فيها ٌ‬
‫ِ‬
‫ي ي َده ليقت َلني ؟‬
‫ي بيتي ‪ ،‬و بسط إل َّ‬
‫أفرأيت يا رسو َل الل ِه ‪ ،‬إن دخل عل َّ‬
‫َ‬ ‫قيل ‪:‬‬
‫آدم" صححه اَللباني‬
‫كابن َ‬
‫ِ‬ ‫‪.‬قال ‪ُ :‬كن‬

‫صبَ َح ِمنَ ْالخَا ِس ِرينَ ﴾ وفي‬


‫سهُ َقتْ َل أ َ ِخي ِه فَقَتَلَهُ فَأ َ ْ‬
‫ت لَهُ نَ ْف ُ‬
‫ع ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬فَ َ‬
‫ط َّو َ‬
‫"ال تُقتَل نَ ْف ٌ‬
‫س‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ :‬‬ ‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُو ٍد قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ع ْن َ‬
‫الصحيحين َ‬
‫س َّن‬ ‫ظ ْل ًما‪ِ ،‬إ َّال َكانَ َ‬
‫علَى اب ِْن آ َد َم ْاَل َ َّو ِل ِك ْف ٌل ِم ْن َد ِم َها‪َِ ،‬لَنَّهُ َكانَ أ َ َّو َل َم ْن َ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬
‫"القَتْ َل‬

‫‪77‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َب َح ِمنَ النَّاد ِِمينَ ﴾ وفي صحيح البخاري "لَ ْن َيزَ ا َل ال ُمؤْ ِم ُن في‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَأ َ ْ‬
‫"فُ ْس َح ٍة ِمن دِينِ ِه‪ ،‬ما لَ ْم يُ ِ‬
‫صبْ َد ًما َح َرا ًما‬

‫ظ ْل ًما َو ُ‬
‫ع ْد َوانًا‬ ‫ذلك﴾ أي من أجل قَتْل اب ِْن آ َد َم أَخَاهُ ُ‬
‫﴿م ْن أَجْ ِل َ‬
‫‪.‬يَقُو ُل ت َ َعالَى‪ِ :‬‬

‫ض فَ َكأَنَّ َما قَت َ َل النَّ َ‬


‫اس‬ ‫اَلر ِ‬‫سا ِب َغي ِْر نَ ْف ٍس أ َ ْو فَ َسا ٍد ِفي ْ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَنَّهُ َم ْن قَت َ َل نَ ْف ً‬
‫ب َف َكأَنَّ َما ا ْست َ َح َّل‬
‫حق َوا ْستَ َح َّل َقتْلَ َها بِ َال َسبَ ٍ‬
‫سا بِغَي ِْر ّ‬‫ي‪َ :‬م ْن َقت َ َل نَ ْف ً‬ ‫َج ِميعًا﴾ أ َ ْ‬
‫‪ِ .‬د َما َء ال َّن ِ‬
‫اس َج ِميعًا‬
‫اح ِد َو ْال َج َما َ‬
‫ع ِة‬ ‫اص‪ ،‬فَ َال فَ ْرقَ َبيْنَ ْال َو ِ‬
‫ص ُ‬‫علَ ْي ِه ْالقَ َّ‬ ‫‪.‬أو‪ :‬فَقَ ْد َو َج َ‬
‫ب َ‬
‫اس ُكلَّ ُه ْم‬
‫ار‪ ،‬فَ ُه َو َك َما لَ ْو قَت َ َل النَّ َ‬
‫حق َفلَهُ النَّ ُ‬ ‫‪.‬أو‪َ :‬م ْن قَت َ َل نَ ْف ً‬
‫سا بِ َغي ِْر ّ ٍ‬

‫اس َج ِمي ًعا﴾ أَ ْ‬


‫ي‪َ :‬ح َّر َم قَتَلَ َها َوا ْعتَقَ َد َذ ِل َك‪ ،‬فَقَ ْد َ‬
‫س ِل َم‬ ‫﴿و َم ْن أَحْ يَاهَا فَ َكأَنَّ َما أَحْ َيا النَّ َ‬
‫َ‬
‫اس ُكلُّ ُه ْم ِم ْنهُ‬
‫‪.‬النَّ ُ‬
‫‪.‬أو‪ :‬من أ َ ْن َجاهَا ِم ْن غَرق أ َ ْو َحرق أ َ ْو هَلكة فَ َكأَنَّ َما أَحْ َيا النَّ َ‬
‫اس َج ِمي ًعا‬

‫‪78‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض‬ ‫سو َلهُ َو َي ْس َع ْونَ فِي ْ‬


‫اَلر ِ‬ ‫اربُونَ اللَّهَ َو َر ُ‬ ‫َو َق ْولُهُ ت َ َعا َلى‪ِ ﴿ :‬إ َّن َما َجزَ ا ُء الَّذِينَ يُ َح ِ‬
‫صلَّبُوا أ َ ْو تُقَ َّ‬
‫ط َع أ َ ْيدِي ِه ْم َوأ َ ْر ُجلُ ُه ْم ِم ْن ِخالفٍ أ َ ْو يُ ْنفَ ْوا ِمنَ‬ ‫سادًا أ َ ْن يُقَتَّلُوا أ َ ْو يُ َ‬
‫فَ َ‬
‫علَى ْال ُك ْف ِر‪،‬‬
‫صا ِد َقةٌ َ‬ ‫ضا َّدة ُ َو ْال ُمخَا ِلفَةُ‪َ ،‬و ِه َ‬
‫ي َ‬ ‫ي ْال ُم َ‬ ‫ض﴾ ْاآل َيةَ‪ْ .‬ال ُم َح ِ‬
‫ار َبةُ‪ِ :‬ه َ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ْ‬
‫إن اللَّهَ قا َل‪َ " :‬من عا َدى لي‬ ‫طع َّ‬‫ْ‬
‫ق َو ِإخَافَ ِة ال َّس ِبي ِل‪ ،‬لحديث‪َّ :‬‬
‫الط ِري ِ‬ ‫علَى قَ ِ‬
‫َو َ‬
‫و ِليًّا فقَ ْد آذَ ْنتُهُ بال َح ْر ِ‬
‫ب‪ "..‬رواه البخاري‪ .‬والولي هو من آمن بالله واتقى‪.‬‬
‫علَ ْي ِه ْم وال هم َيحْ زَ نُونَ ﴾ ﴿الَّذِينَ آ َمنُوا‬
‫ف َ‬ ‫إن ْأو ِليا َء َّ‬
‫الل ِه ال خ َْو ٌ‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬أال َّ‬
‫وكانُوا يَتَّقُونَ ﴾‬

‫صلَّى‬ ‫ع ْك ٍل‪ ،‬ث َ َمانِ َيةً‪ ،‬قَ ِد ُموا علَى النب ّ‬


‫يِ َ‬ ‫وفي صحيح البخاري‪ :‬أ َّن َر ْه ً‬
‫طا ِمن ُ‬
‫وسل َم‪ ،‬فَاجْ ت ََو ْوا ال َمدِينَةَ‪ ،‬فَقالوا‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه ا ْب ِغنَا ِرس ًْال‪ ،‬قَا َل‪ :‬ما‬
‫اللهُ عليه َّ‬
‫طلَقُوا‪ ،‬فَش َِربُوا ِمن أب َْوا ِل َها وأ َ ْل َبا ِن َها‪ ،‬حتَّى‬
‫أن ت َْل َحقُوا بالذَّ ْودِ‪ ،‬فَا ْن َ‬
‫أج ُد لَ ُك ْم َّإال ْ‬
‫ِ‬
‫ي وا ْست َاقُوا الذَّ ْو َد‪ ،‬و َكفَ ُروا بَ ْع َد إس َْال ِم ِه ْم‪ ،‬فأت َى‬ ‫س ِمنُوا‪ ،‬وقَتَلُوا َّ‬
‫الرا ِع َ‬ ‫ص ُّحوا و َ‬
‫َ‬
‫ار حتَّى‬ ‫ب‪ ،‬فَما ت ََر َّج َل النَّ َه ُ‬ ‫ث َّ‬
‫الطلَ َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬فَ َبعَ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ص ِري ُخ النب َّ‬ ‫ال َّ‬
‫ت فَ َك َحلَ ُه ْم ب َها‪،‬‬ ‫ير فَأُحْ ِم َي ْ‬
‫ام َ‬ ‫ط َع أ ْي ِد َي ُه ْم وأ َ ْر ُجلَ ُه ْم‪ ،‬ث ُ َّم أ َم َر ب َم َ‬
‫س ِ‬ ‫ي ب ِه ْم‪ ،‬فَقَ َّ‬ ‫ُ‬
‫أ ِت َ‬
‫ط َر َح ُه ْم بال َح َّرةِ‪ ،‬يَ ْست َ ْسقُونَ فَما يُ ْسقَ ْونَ ‪ ،‬حتَّى َماتُوا‪ .‬قَا َل أبو قِ َالبَةَ‪ :‬قَتَلُوا‬ ‫و َ‬
‫ض‬
‫اَلر ِ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬و َ‬
‫سعَ ْوا في ْ‬ ‫اربُوا اللَّهَ َ‬
‫ورسوله َ‬ ‫س َرقُوا و َح َ‬
‫و َ‬
‫‪.‬فَ َ‬
‫سادًا‬

‫‪79‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّبُوا أ َ ْو تُقَ َّ‬


‫ط َع أَ ْيدِي ِه ْم َوأ َ ْر ُجلُ ُه ْم ِم ْن ِخالفٍ أ َ ْو يُ ْنفَ ْوا ِمنَ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْن يُقَتَّلُوا أ َ ْو يُ َ‬
‫ار‪ِ :‬إ ْن شَا َء َقتَلَ ُهم‪َ ،‬و ِإ ْن شَا َء‬‫أن ِْل َم ِام ْال ُم ْس ِل ِمينَ ِفي ِهم بِ ْال ِخيَ ِ‬‫صحي ُح ّ‬ ‫ض﴾ فال َّ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ْ‬
‫ط َع أيدِي ُهم َوأر ُجلَ ُهم‪ .‬وهذا قو ُل َما ِل ِك ب ِْن أَن ٍَس‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‬
‫صلَ َب ُهم‪َ ،‬و ِإ ْن شَا َء َق َ‬
‫‪.‬وغيره‬

‫طاع َّ‬ ‫َّ‬ ‫ي َر ِح َمهُ اللَّهُ‪ :‬قَا َل‪ :‬اب ُْن َعب ٍ‬ ‫ع ْب ِد اللَّ ِه ال َّ‬
‫وقَا َل أَبُو َ‬
‫ق‪:‬‬ ‫الط ِري ِ‬ ‫َّاس ِفي قُ ِ‬ ‫شا ِف ِع ُّ‬
‫ص ِلبُوا‪َ ،‬و ِإذَا قَت َلوا َولَ ْم يَأ ْ ُخذُوا ْال َما َل قُتلوا َولَ ْم‬
‫ِإذَا قَتَلوا َوأ َ َخذُوا ْال َما َل قُتلوا َو ُ‬
‫صلَبُوا‪َ ،‬وإِذَا أَ َخذُوا ْال َما َل َولَ ْم يَ ْقتُلُوا قُطعت أ َ ْيدِي ِه ْم َوأ َ ْر ُجلُ ُه ْم ِم ْن ِخ َالفٍ ‪َ ،‬وإِذَا‬
‫يُ ْ‬
‫ض‬ ‫س ِبي َل َولَ ْم َيأ ْ ُخذُوا َم ً‬
‫اال نُفُوا ِمنَ ْاَل َ ْر ِ‬ ‫‪.‬أَخَافُوا ال َّ‬

‫سِجْ ُن‬
‫ض﴾ ومنه ال ّ‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬أ َ ْو يُ ْنفَ ْوا ِمنَ ْ‬
‫اَلر ِ‬

‫غف ُ ٌ‬
‫ور‬ ‫علَ ْي ِه ْم فَا ْعلَ ُموا أ َ َّن اللَّهَ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إال الَّذِينَ ت َابُوا ِم ْن قَ ْب ِل أ َ ْن ت َ ْقد ُِروا َ‬
‫ع ِل َم َّ‬
‫أن‬ ‫ب بِ ِحرابَ ِت ِه ُ‬‫حار ُ‬ ‫غ ْر ِم ما أتْلَفَهُ ال ُم ِ‬ ‫ض اآليَةُ إلى ُ‬ ‫َر ِحي ٌم﴾ لَ ّما لَ ْم تَتَعَ َّر ِ‬
‫وط ما كانَ قَ ِد ا ْعت َ َلقَ ِب ِه ِمن ُحقُو ِ‬
‫ق النّ ِ‬
‫اس ِمن ما ٍل ْأو‬ ‫الت َّ ْو َبةَ ال ت ُ َؤ ِث ّ ُر في ُ‬
‫سق ُ ِ‬
‫‪َ .‬د ٍم‬

‫‪80‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي تَقَ َّربُوا ِإلَ ْي ِه‬‫وا ٱللَّهَ َوٱ ۡبتَغُ ۤو ۟ا ِإلَ ۡي ِه ٱ ۡل َو ِسيلَةَ} أ َ ْ‬


‫وا ٱتَّقُ ۟‬
‫قوله‪َ ﴿ :‬ي ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫ب إلى‬ ‫يق َّالتِي تُقَ ِ ّر ُ‬‫الط ِر ُ‬ ‫الو ِسيلَ ِة‪َّ :‬‬ ‫ص ُل َ‬ ‫ضي ِه‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫عتِ ِه َو ْال َع َم ِل بِ َما يُ ْر ِ‬ ‫بِ َ‬
‫طا َ‬
‫ص ُل إلَ ْي ِه وهي ال َع َم ُل ال ّ‬
‫صا ِل ُح‬ ‫ش ْي ِء‪ ،‬وت ُ َو ِ ّ‬
‫‪.‬ال َّ‬

‫ض َج ِميعًا َو ِمثْلَهُ َمعَهُ ِليَ ْفتَدُوا بِ ِه‬ ‫قوله‪﴿ :‬إِ َّن الَّذِينَ َكفَ ُروا لَ ْو أ َ َّن لَ ُه ْم َما فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫اب أ َ ِلي ٌم﴾ في الصحيحين "يقو ُل‬ ‫ب َي ْو ِم ْال ِق َيا َم ِة َما تُقُ ِبّ َل ِم ْن ُه ْم َو َل ُه ْم َ‬
‫عذَ ٌ‬ ‫عذَا ِ‬
‫ِم ْن َ‬
‫ض ِمن‬
‫اَلر ِ‬
‫لك ما في ْ‬ ‫وم ال ِقيا َم ِة‪ :‬لو َّ‬
‫أن َ‬ ‫عذابًا يَ َ‬ ‫اللَّهُ ت َعالَى َل ْه َو ِن أ ْه ِل النَّ ِ‬
‫ار َ‬
‫أردْتُ ِم ْن َك أ ْه َونَ ِمن هذا‪ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫ت‬ ‫ت ت َ ْفتَدِي ب ِه؟ فيَقولُ‪ :‬نَعَ ْم‪ ،‬فيَقولُ‪َ :‬‬
‫شيءٍ أ ُك ْن َ‬
‫ْت َّإال ْ‬
‫أن ت ُ ْش ِر َك بي‬ ‫أن ال ت ُ ْش ِر َك بي شيئًا‪ ،‬فأ َبي َ‬
‫ب آ َد َم‪ْ :‬‬‫ص ْل ِ‬
‫"‪.‬في ُ‬

‫ع َذ ٌ‬
‫اب‬ ‫َار ِجينَ ِم ْن َها َولَ ُه ْم َ‬
‫ار َو َما ُه ْم ِبخ ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يُ ِريدُونَ أ َ ْن َي ْخ ُر ُجوا ِمنَ النَّ ِ‬
‫غ ٍ ّم أ ُ ِعيدُوا فِي َها﴾‬
‫ُم ِقي ٌم﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪ُ ﴿ :‬كلَّ َما أ َ َرادُوا أ َ ْن َي ْخ ُر ُجوا ِم ْن َها ِم ْن َ‬

‫طعُوا أ َ ْي ِديَ ُه َما﴾‬


‫ارقَةُ َفا ْق َ‬
‫س ِ‬‫ار ُق َوال َّ‬
‫﴿وال َّس ِ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫أن ت َ ُكونَ ِمن ِح ْر ٍز َكما‬ ‫س ِرقَةُ ال بُ َّد ْ‬
‫أن ت َ ُكونَ ُر ْب َع د ٍ‬
‫ِينار َفصا ِعدًا‪ ،‬وال بُ َّد ْ‬ ‫ال َّ‬
‫ص ِحي َحةُ‪ .‬قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬ت ُ ْق َ‬
‫ط ُع َي ُد‬ ‫ت ِبذَ ِل َك اَلحاد ُ‬
‫ِيث ال َّ‬ ‫ور َد ْ‬
‫َ‬
‫َار َف َ‬
‫صا ِعدًا" رواه البخاري ومسلم‬ ‫ق فِي ُربْعِ دِين ٍ‬
‫ار ِ‬
‫س ِ‬‫‪.‬ال َّ‬
‫َار اثْنَ ْي َ‬
‫عش ََر د ِْر َه ًما‬ ‫َار َي ْوم ِئ ٍذ ث َ َالثَةَ َد َرا ِه َم‪َ ،‬وال ّدِين ُ‬
‫‪َ .‬و َكانَ ُر ْب ُع ال ّدِين ِ‬
‫‪81‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الر ْدعِ َّ‬


‫والزجْ ِر َِل ْمثا ِل ِه ِمنَ ال ُجنا ِة‬ ‫ص ُل ِبذلك َم ْق ُ‬
‫صو ُد ال َح ِ ّد ِمنَ َّ‬ ‫‪.‬فَ َيحْ ُ‬
‫اس من أن يُم َ‬
‫طروا ثالثينَ أو‬ ‫خير للنَّ ِ‬
‫اَلرض ٌ‬
‫ِ‬ ‫كما في الحديث "ح ٌّد يُقا ُم في‬
‫صبا ًحا" حسنه اَللباني وصححه غيره‬
‫‪.‬أر َبعينَ َ‬

‫قوله‪﴿ :‬يُ َح ِ ّرفُونَ ْال َك ِل َم ِم ْن َب ْع ِد َم َو ِ‬


‫اض ِع ِه﴾ أي يغيّرون المعاني‪ ،‬أو يبدّلون‬
‫‪.‬الحروف والحركات‬

‫ت فِي‬‫قوله‪﴿ :‬يَقُولُونَ ِإ ْن أُوتِيت ُ ْم َهذَا فَ ُخذُوهُ َو ِإ ْن لَ ْم تُؤْ ت َْوهُ فَاحْ ذَ ُروا﴾ نَزَ لَ ْ‬
‫َاب اللَّ ِه الَّذِي ِبأ َ ْيدِي ِه ْم‪ .‬كما في‬
‫اليهوديَّيْن اللَّ َذي ِْن زَ نَ َيا‪َ ،‬و َكانُوا قَ ْد َب َّدلُوا ِكت َ‬
‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه‬ ‫ع َم َر أَنَّهُ َقا َل‪ِ :‬إ َّن ْاليَ ُهو َد ُجا ُءوا ِإلَى َر ُ‬‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن ُ‬
‫ع ْن َ‬ ‫الصحيحين َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ " :‬ما‬
‫ﷺ‪ ،‬فَذَ َك ُروا َلهُ أ َ َّن َر ُج ًال ِم ْن ُه ْم َو ْام َرأَة ً زَ َنيَا‪ ،‬فَقَا َل لَ ُه ْم َر ُ‬
‫ض ُح ُه ْم ويُجْ لَدون‪ .‬قَا َل َ‬
‫ع ْب ُد‬ ‫الرجْ ِم؟ " فَ َقالُوا‪ :‬نَ ْف َ‬ ‫ت َِجدُونَ ِفي الت َّ ْو َرا ِة ِفي شَأ ْ ِن َّ‬
‫ض َع أ َ َح ُد ُه ْم‬
‫الرجْ َم‪ .‬فَأَت َْوا بِالت َّ ْو َراةِ َفنَش َُروهَا‪ ،‬فَ َو َ‬ ‫اللَّ ِه ب ُْن َ‬
‫س َال ٍم‪َ :‬كذَ ْبت ُ ْم‪ِ ،‬إ َّن ِفي َها َّ‬
‫ارفَ ْع‬ ‫ع ْب ُد اللَّ ِه ب ُْن َ‬
‫س َال ٍم‪ْ :‬‬ ‫الرجْ ِم‪ ،‬فَقَ َرأ َ َما َق ْبلَ َها َو َما بَ ْع َدهَا‪ ،‬فَقَا َل َلهُ َ‬
‫علَى آيَ ِة َّ‬ ‫يَ َدهُ َ‬
‫ص َدقَ يا محمد‪ ،‬فيها آ َيةُ َّ‬
‫الرجْ ِم!‬ ‫الرجْ ِم‪ ،‬فَقَالُوا َ‬ ‫َي َد َك‪ .‬فَ َر َف َع َي َدهُ فَإ ِ َذا فِي َها آ َيةُ َّ‬
‫علَى ْال َم ْرأَةِ يَ ِقيَ َها‬ ‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ فَ ُر ِج َما فَ َرأَيْتُ َّ‬
‫الر ُج َل يَحْ ني َ‬ ‫فَأ َ َم َر بِ ِه َما َر ُ‬
‫ارةَ‬
‫‪.‬ال ِح َج َ‬ ‫ْ‬
‫‪82‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫"ال َما ِئ َد ِة"‪ ،‬قَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَإِن َج ۤا ُء َ‬


‫وك فَاحْ ُك ْم بَ ْينَ ُه ْم أ َ ْو‬ ‫ت فِي ْ‬ ‫َّاس؛ أ َ َّن ْاآليَا ِ‬
‫عب ٍ‬ ‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫َ‬
‫ت ِفي ال ِ ّد َي ِة ِفي َب ِني النَّضير َو َب ِني‬ ‫﴿ال ُم ْق ِس ِطينَ ﴾ ِإنَّ َما أ ُ ْن ِزلَ ْ‬
‫ع ْن ُه ْم﴾ ِإلَى ْ‬
‫ض َ‬‫أَع ِْر ْ‬
‫املَةً‪َ ،‬وأ َ ْن‬
‫ف‪ ،‬تُؤ َدى ال ِ ّد َيةُ َك ِ‬
‫ير‪َ ،‬كانَ لَ ُه ْم ش ََر ٌ‬
‫ض ِ‬‫ظة‪َ ،‬وذَ ِل َك أ َ َّن قَتْلَى بَنِي ال َّن ِ‬
‫قُ َر ْي َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪،‬‬
‫ف ال ِ ّديَ ِة فَت َ َحا َك ُموا فِي ذَ ِل َك إِلَى َر ُ‬ ‫ظةَ َكانُوا يُو َد ْون نِ ْ‬
‫ص َ‬ ‫قُ َر ْي َ‬

‫علَى ْال َح ّ ِ‬
‫ق ِفي َذ ِل َك‪ ،‬فَ َج َع َل ال ِ ّد َيةَ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َ‬
‫فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ ذَ ِل َك ِفي ِه ْم‪ ،‬فَ َح َملَ ُه ْم َر ُ‬
‫‪.‬فِي ذَ ِل َك َ‬
‫س َوا ًء‬
‫ت فِي ْال َي ُهو ِديَّي ِْن اللَّ َذي ِْن زَ نَيَا‪َ ،‬ك َما تَقَ َّد َم ِ‬
‫ت‬ ‫عنه أيضا‪ :‬أ َ َّن َه ِذ ِه ْاآل َيا ِ‬
‫ت نَزَ لَ ْ‬ ‫و َ‬
‫‪.‬اَل َ َحاد ُ‬
‫ِيث ِب َذ ِل َك‬ ‫ْ‬
‫احدٍ‪ ،‬فَنَزَ َل ْ‬
‫ت َه ِذ ِه‬ ‫ان فِي َو ْق ٍ‬
‫ت َو ِ‬ ‫سبَبَ ِ‬
‫ان ال َّ‬ ‫قال ابن كثير‪َ :‬وقَ ْد يَ ُك ُ‬
‫ون اجْ ت َ َم َع َه َذ ِ‬
‫‪.‬اآل َياتُ ِفي ذَ ِل َك ُك ِلّ ِه‬
‫ْ‬

‫ب اللَّ ِه﴾ فَ َو َك َل ِ‬
‫الح ْف َ‬
‫ظ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى في أ ْه ِل الت َّ ْوراةِ ﴿بِما ا ْستُحْ ِف ُ‬
‫ظوا ِمن ِكتا ِ‬
‫اللهُ‬ ‫آن ﴿إنّا نَحْ ُن ن ََّز ْلنا ال ِ ّذ ْك َر وإنّا لَهُ َلحا ِف ُ‬
‫ظونَ ﴾ َفت َ َع َّه َد َّ‬ ‫إلَ ْي ِه ْم‪ .‬وقا َل في القُ ْر ِ‬
‫‪.‬بِ ِح ْف ِظ ِه فَلَ ْم َي ُج ِز التَّ ْبدِي ُل َ‬
‫على أ ْه ِل القُ ْر ِ‬
‫آن‬

‫ارة ٌ لَهُ﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َم ْن تَ َ‬


‫ص َّدقَ بِ ِه فَ ُه َو َكفَّ َ‬

‫‪83‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ما من رج ٍل‬
‫فيتصدق بها ‪ ،‬اال كفَّ َر اللهُ عنه مث َل ما تص َّدقَ‬
‫ُ‬ ‫يُجْ َر ُح فى جسدِه جراحةٌ ‪،‬‬
‫‪.‬به" صححه اَللباني‬
‫والتصدق يكون إعفاء الدم والدية معا وهو اَلحسن‪ .‬ويكون إعفاء الدم‬
‫‪.‬وأخذ الدية‬

‫ص ِ ّدقًا ِل َما بَيْنَ يَ َد ْي ِه ِمنَ الت َّ ْو َرا ِة﴾‬ ‫﴿وآتَ ْينَاهُ اْل ْن ِجي َل فِي ِه ُهدًى َونُ ٌ‬
‫ور َو ُم َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ض أَحْ َك ِام الت َّ ْو َرا ِة‬
‫س ُخ بَ ْع َ‬
‫‪.‬كانت اْلنجيل تتمة للتوراة‪ ،‬وت َن َ‬
‫َلح َّل لَ ُك ْم َب ْع َ‬
‫ض‬ ‫﴿و ِ‬‫ع ِن ْال َم ِسيحِ أَنَّهُ قَا َل ِل َبنِي ِإس َْرا ِئي َل‪َ :‬‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى ِإ ْخ َب ً‬
‫ارا َ‬
‫الَّذِي ُح ِ ّر َم َ‬
‫ع َل ْي ُك ْم﴾‬

‫اللهُ فَأُو َلئِ َك ُه ُم ْال َكافِ ُرونَ ﴾‬


‫﴿و َم ْن لَ ْم َيحْ ُك ْم ِب َما أَنز َل َّ‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اللهُ فَأُو َلئِ َك ُه ُم َّ‬
‫الظا ِل ُمونَ ﴾‬ ‫﴿و َم ْن لَ ْم َيحْ ُك ْم بِ َما أَنز َل َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫َّاس‪،‬‬
‫عب ٍ‬ ‫اللهُ فَأُو َل ِئ َك ُه ُم ْالفَا ِسقُونَ ﴾ َ‬
‫ع ِن اب ِْن َ‬ ‫﴿و َم ْن لَ ْم َيحْ ُك ْم ِب َما أَنز َل َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ظ ْل ٌم دون ظلم‪ ،‬وفسق دون‬
‫طاءٍ أَنَّ ُهم قَالوا‪ُ :‬ك ْفر دُونَ ُك ْف ٍر‪َ ،‬و ُ‬
‫ع َ‬
‫او ٍس َو َ‬
‫ط ُ‬‫َو َ‬
‫‪.‬فسق‬
‫ولكن للعلماء تفاصيل في هذه المسألة‪ ،‬وهذه التفاصيل متوسطة بين رأي‬
‫‪:‬الخوارج والمرجئة‬

‫‪84‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ور ّدِها‬ ‫كام َّ‬


‫الل ِه َ‬ ‫فَ َمن لَ ْم َيحْ كم ِبما أ ْنزَ َل اللَّهُ ُم ْست َِح ًّال َلهُ‪ْ ،‬أو ِ‬
‫قاصدًا ِب ِه َجحْ َد أحْ ِ‬
‫الملَّة‬ ‫ظ ْل ُمهُ وفِ ْسقُهُ و ُك ْف ُرهُ ُكلُّها ُك ْف ٌر ُم ْخ ِر ٌج َ‬
‫ع ِن ِ‬ ‫‪َ .‬م َع ال ِع ْل ِم بِها‪ ،‬فَ ُ‬
‫و َمن لَ ْم َيحْ كم ِبما أ ْنزَ َل اللَّهُ ُم ْعت َ ِقدًا أنَّهُ ُم ْرت َ ِك ٌ‬
‫ب َحرا ًما فا ِع ٌل قَ ِبي ًحا فَ ُك ْف ُرهُ‬
‫عصاةِ ال ُم ْس ِل ِمينَ‬ ‫بل ُهو ِمن سائِ ِر ُ‬ ‫الملَّ ِة‪ْ ،‬‬‫ع ِن ِ‬ ‫غي ُْر ُم ْخ ِرجٍ َ‬ ‫ظ ْل ُمهُ وفِ ْسقُهُ َ‬
‫‪.‬و ُ‬

‫ع ال ُمحكم‪ ،‬ال ُمنزل على محمد بن‬


‫وقال ابن كثير رحمه الله‪" :‬ف َمن ترك الشر َ‬
‫عبد الله خاتم اَلنبياء‪ ،‬وتحا َكم إلى غيره‪ ،‬من الشرائع المنسوخة؛ كفَر ‪..‬‬
‫فكيف ب َمن تحا َكم إلى (الياسق) وقدَّمها عليه؟! من فعل ذلك؛ كفر بإجماع‬
‫‪.‬المسلمين" وكذا أورد ابن تيمية رحمه الله‬
‫‪.‬وفي المسألة تفصيل أطول من هذا ذكره العلماء من المتقدمين والمتأخرين‬

‫على ما قَ ْبلَهُ ِمنَ ال ُكت ُ ِ‬


‫ب‪.‬‬ ‫أن القُ ْرآنَ ُمؤْ ت َ َم ٌن َ‬
‫ع َل ْي ِه﴾ ال َم ْعنى‪َّ :‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ُم َهي ِْمنًا َ‬
‫‪.‬وبه قال الجمهور‬
‫علَى َما قَ ْبلَهُ ِمنَ ْال ُكت ُ ِ‬
‫ب‬ ‫ش ِهيدًا َحا ِك ًما َ‬ ‫‪.‬وقيل‪ :‬أَ ْ‬
‫ي‪َ :‬‬

‫عهُ اللَّهُ ِل ِعبا ِد ِه ِمن أحْ ِ‬


‫كام ال ِ ّد ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬ل ُك ٍّل َجعَ ْلنَا ِم ْن ُك ْم ِش ْر َ‬
‫عةً﴾ ِفيما ش ََر َ‬
‫‪﴿.‬و ِم ْن َها ًجا﴾ من أصول التوحيد والعقيدة‬
‫َ‬
‫ت دينُنا واح ٌد‬ ‫اَلنبياء أوال ُد َّ‬
‫عال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫معاشر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫"نحن‬ ‫"كما في الحديث‬

‫‪85‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿و َمن َيت ََولَّهم ِمنكم فَإ َّنهُ ِمن ُه ْم﴾‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ونصرهم على المؤمنين‪ ،‬فهو من‬
‫َ‬ ‫قال ابن جرير الطبري "فإن من توالهم‬
‫أهل دينهم وملتهم‪ ،‬فإنه ال يتولى متو ًل أحدًا إال وهو به وبدينه وما هو عليه‬
‫س ِخطه‪ ،‬وصار‬
‫راض‪ .‬وإذا رضيه ورضي دينَه‪ ،‬فقد عادى ما خالفه و َ‬
‫ٍ‬
‫"ح ُكمه ُحك َمه" وفي الصحيحين "ال َم ْر ُء مع َمن أ َحبَّ‬
‫وفيه تفصيل أيضا فقد يكون المرء كافرا بسبب هذا الفعل تارة‪ ،‬وتارة‬
‫‪.‬يكون فاسقا ارتكب كبيرة‬

‫ف َيأْتِي اللَّهُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا َمن َي ْرت َ َّد ِمنكم َ‬
‫ع ْن دِينِ ِه فَ َ‬
‫س ْو َ‬
‫بِقَ ْو ٍم يُ ِحبُّهم ويُ ِحبُّونَهُ﴾‬
‫﴿و ِإ ْن تَت ََولَّ ْوا َي ْست َ ْبد ِْل قَ ْو ًما َ‬
‫غي َْر ُك ْم ث ُ َّم َال َي ُكونُوا أ َ ْمثَالَ ُك ْم﴾ َوقَا َل‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ت ِبآخ َِرينَ ﴾‬ ‫اس َويَأ ْ ِ‬‫ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ ْن يَشَأ ْ يُ ْذ ِه ْب ُك ْم أَيُّ َها ال َّن ُ‬

‫علَى ْال َكا ِف ِرينَ ﴾‬


‫علَى ْال ُمؤْ ِمنِينَ أ َ ِع َّزةٍ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬أَذِلَّ ٍة َ‬
‫ش َّدةِ َ‬
‫على الكافِ ِرينَ ‪ِ ،‬من‬ ‫ين ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ ‪ ،‬وال ِ ّ‬
‫اللّ ِ‬
‫ور ِمنَ ِ‬ ‫أن ذَ ِل َك ال َم ْذ ُك َ‬
‫ص َّر َح بِ َّ‬‫َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه‬
‫ع ْنهم‪ ،‬بِقَ ْو ِل ِه‪ُ ﴿ :‬م َح َّم ٌد َر ُ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ي َّ‬ ‫ض َ‬ ‫صحا ِب ِه َر ِ‬‫سو ِل ﷺ وأ ْ‬ ‫الر ُ‬
‫ت َّ‬ ‫صفا ِ‬ ‫ِ‬
‫ار ُر َحما ُء َب ْينَ ُه ْم﴾‬ ‫والَّذِينَ َم َعهُ أ ِشدّا ُء َ‬
‫على ال ُكفّ ِ‬

‫‪86‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الر ُكوعِ‪:‬‬ ‫َو َق ْولُهُ‪﴿ :‬الَّذِينَ يُ ِقي ُمونَ ال َّ‬


‫صالة َ َويُؤْ تُونَ َّ‬
‫الز َكاة َ َو ُه ْم َرا ِكعُونَ ﴾ ال ُمرا ُد ِب ُّ‬
‫وع‬ ‫الزكاة ُ في حالَ ِة ُّ‬
‫الر ُك ِ‬ ‫ضوعُ‪ ،‬إ ْذ ال تُؤْ تى َّ‬ ‫شوعُ وال ُخ ُ‬ ‫‪.‬ال ُخ ُ‬

‫ب اللَّ ِه ُه ُم ْالغَا ِلبُونَ ﴾ كما‬‫سولَهُ َوالَّذِينَ آ َمنُوا فَإ ِ َّن ِح ْز َ‬


‫﴿و َم ْن يَت ََو َّل اللَّهَ َو َر ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫سلَنا والَّذِينَ آ َمنُوا في ال َحيا ِة ال ُّد ْنيا ويَ ْو َم يَقُو ُم‬ ‫ص ُر ُر ُ‬‫قال ت َعالى‪﴿ :‬إنّا َلنَ ْن ُ‬
‫اَل ْشهادُ﴾‬

‫صالةِ اتَّ َخذُوهَا ُه ُز ًوا ول ِعبًا َذ ِل َك ِبأَنَّ ُه ْم قَ ْو ٌم َال‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫﴿و ِإذَا نَا َد ْيت ُ ْم ِإلَى ال َّ‬
‫س ِم َع ْاَل َذَانَ‬ ‫ان الَّذِي " ِإذَا َ‬ ‫ط ِ‬ ‫صفَاتُ ال َّش ْي َ‬ ‫يَ ْع ِقلُونَ ﴾ فهم شياطين اْلنس َلن َه ِذ ِه ِ‬
‫ي التَّأْذ ُ‬
‫ِين‬ ‫ض َ‬ ‫ط َحتَّى َال َي ْس َم َع التَّأْذِينَ ‪َ ،‬فإِذَا قُ ِ‬ ‫ض َرا ٌ‬‫ي‪ُ :‬‬ ‫صاص‪ ،‬أَ ْ‬ ‫أ َ ْد َب َر َولَهُ ُح َ‬
‫ط َر َبيْنَ‬‫يب أ َ ْقبَ َل َحتَّى يَ ْخ ُ‬‫ي التَّثْ ِو ُ‬‫ض َ‬ ‫ص َال ِة أ َ ْدبَ َر‪ ،‬فَإِذَا قُ ِ‬
‫أ َ ْقبَ َل‪ ،‬فَإ ِ َذا ث ُ ّ ِوب ِبال َّ‬
‫ْال َم ْر ِء َوقَ ْل ِب ِه‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬ا ْذ ُك ْر َكذَا‪ ،‬ا ْذ ُك ْر َكذَا‪ِ ،‬ل َما لَ ْم يَ ُك ْن يَ ْذ ُك ُر‪َ ،‬حتَّى َي َ‬
‫ظ َّل‬
‫الر ُج ُل ِإ ْن َي ْد ِري َك ْم صلَّى‪ ،‬فَإِذَا َو َج َد أ َ َح ُد ُك ْم ذَ ِل َك‪ ،‬فَ ْل َي ْس ُج ْد َ‬
‫سجْ َدتَي ِْن َق ْب َل‬ ‫َّ‬
‫س َال ِم"‪ .‬البخاري ومسلم‬
‫‪.‬ال َّ‬

‫قوله تعالى‪﴿ :‬ه َْل ت َ ْن ِق ُمونَ ِمنَّا ِإال أ َ ْن آ َم َّنا ِباللَّ ِه َو َما أُنز َل ِإلَ ْينَا َو َما أُنز َل ِم ْن‬
‫يز ْال َح ِميدِ﴾‬
‫﴿و َما نَقَ ُموا ِم ْن ُه ْم ِإال أ َ ْن يُؤْ ِمنُوا بِاللَّ ِه ْال َع ِز ِ‬
‫قَ ْبلُ﴾ َك َما فِي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬

‫‪87‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةِ ا ْل َبقَ َرةِ‪.‬‬


‫س َ‬‫ير﴾ َك َما تَقَد ََّم فِي ُ‬ ‫﴿و َج َع َل ِم ْن ُه ُم ْال ِق َر َدة َ َو ْال َخن ِ‬
‫َاز َ‬ ‫قوله‪َ :‬ب ْع َدهُ أَ َبدًا‪َ ،‬‬
‫ورةِ ْاَلَع َْر ِ‬
‫اف‬ ‫س َ‬ ‫سيَأْتِي فِي ُ‬ ‫‪.‬و َك َما َ‬
‫َ‬
‫ير‪ ،‬هي م َّما‬ ‫سو َل الل ِه‪ ،‬ال ِق َر َدة ُ َو ْال َخن ِ‬
‫َاز ُ‬ ‫في صحيح مسلم قا َل َر ُج ٌل‪ :‬يا َر ُ‬
‫ع َّز َو َج َّل لَ ْم يُ ْه ِل ْك قَ ْو ًما‪ ،‬أ َ ْو‬‫"إن اللَّهَ َ‬
‫سلَّ َم‪َّ :‬‬ ‫صلَّى َّ‬
‫اللهُ عليه َو َ‬ ‫ي َ‬ ‫ُم ِس َخ؟ فَقا َل النب ُّ‬
‫ير َكانُوا قَ ْب َل َ‬
‫ذلك‬ ‫َاز َ‬‫وإن ال ِق َر َدة َ َوا ْل َخن ِ‬
‫"‪.‬يُعَذِّبْ قَ ْو ًما‪ ،‬فَ َيجْ عَ َل له ْم نَس ًْال‪َّ ،‬‬

‫﴿و ِإذَا َجا ُءو ُك ْم قَالُوا آ َمنَّا َوقَ ْد َد َخلُوا بِ ْال ُك ْف ِر َو ُه ْم قَ ْد خ ََر ُجوا بِ ِه﴾ َو َه ِذ ِه‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫‪.‬صفَةُ ْال ُمنَافِقِينَ ِم ْن ُه ْم‬
‫ِ‬

‫ت﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ان َوأ َ ْك ِل ِه ُم السُّحْ َ‬‫ارعُونَ فِي اْلثْ ِم َو ْالعُ ْد َو ِ‬ ‫يرا ِم ْن ُه ْم يُ َ‬
‫س ِ‬ ‫﴿وت ََرى َك ِث ً‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع َلى ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫اء َ‬ ‫اطي ْال َمآ ِث ِم َو ْال َم َح ِ‬
‫ار ِم َو ِاال ْع ِت َد ِ‬ ‫‪.‬يُ َباد ُِرونَ ِإلَى َذ ِل َك ِم ْن ت َ َع ِ‬

‫ت لَ ِبئْ َ‬
‫س‬ ‫ع ْن قَ ْو ِل ِه ُم اْلثْ َم َوأ َ ْك ِل ِه ُم السُّحْ َ‬
‫ار َ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬لَ ْوال يَ ْن َها ُه ُم َّ‬
‫الربَّانِيُّونَ َواَلحْ بَ ُ‬
‫ع َل ْي ِه ْم‪،‬‬
‫ت َ‬‫اب ْال ِو َال َيا ِ‬‫الربَّا ِنيُّونَ َو ُه ُم‪ْ :‬ال ُع َل َما ُء ْالعُ َّما ُل أ َ ْر َب ُ‬
‫صنَعُونَ ﴾ َو َّ‬ ‫َما َكانُوا َي ْ‬
‫ار‪َ :‬و ُه ُم ْالعُلَ َما ُء فَ َق ْ‬
‫ط‬ ‫‪َ .‬و ْاَلَحْ بَ ُ‬
‫ض ال ِع ْل َم ا ْنتِزَ ا ً‬
‫عا‬ ‫"إن اللَّهَ ال يَ ْقبِ ُ‬
‫وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر َّ‬
‫عا ِل ًما‬
‫ق َ‬‫اء‪ ،‬حتَّى إ َذا لَ ْم يُ ْب ِ‬ ‫ض ال ِع ْل َم بقَب ِ‬
‫ْض العُلَ َم ِ‬ ‫عهُ ِمنَ ال ِع َبادِ‪ ،‬ولَ ِك ْن َي ْق ِب ُ‬‫َي ْنت َِز ُ‬
‫ضلُّوا‬‫ضلُّوا وأَ َ‬ ‫بغير ِع ْل ٍم‪ ،‬فَ َ‬
‫سئِلُوا فأ ْفت َْوا ِ‬ ‫اال‪ ،‬فَ ُ‬‫سا ُج َّه ً‬ ‫اس ُرؤُو ً‬ ‫"‪.‬ات َّ َخذَ النَّ ُ‬

‫‪88‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ُّد وأبلغ ذ ًّما من جملة ﴿لَ ِبئْ َ‬


‫س َما َكانُوا‬ ‫وجملة ﴿لَ ِبئْ َ‬
‫س ما كانُوا َي ْ‬
‫صنَعُونَ ﴾ أ َ‬
‫يَ ْع َملُونَ ﴾‬

‫ت ْاليَ ُهو ُد يَ ُد اللَّ ِه َم ْغلُولَةٌ﴾ يَقُولُونَ ‪ :‬بَ ِخي ٌل أ َ ْم َ‬


‫س َك َما ِع ْن َدهُ‪ ،‬ت َ َعالَى‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وقَا َل ِ‬
‫علُ ًّوا َك ِب ً‬
‫يرا‬ ‫ع َّما يَقُولُونَ ُ‬ ‫‪.‬اللَّهُ َ‬
‫على ال ُجودِ‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وال‬ ‫طها َ‬ ‫على البُ ْخ ِل و َب ْس ُ‬ ‫غ ُّل ال َي ِد َ‬ ‫ب تُ ْ‬
‫طلَ ُق ُ‬ ‫وال َع َر ُ‬
‫ورا﴾‬
‫س ً‬ ‫ط َها ُك َّل ْال َبس ِ‬
‫ْط َفت َ ْقعُ َد َملُو ًما َمحْ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫تَجْ َع ْل يَ َد َك َم ْغلُولَةً ِإلَى ُ‬
‫عنُ ِق َك َوال ت َ ْب ُ‬
‫َوقَ ْد تَقَد ََّم أَنَّ ُهم قَالوا‪﴿ :‬إِ َّن اللَّهَ فَ ِق ٌ‬
‫ير َونَحْ ُن أ َ ْغنِيَا ُء﴾‬

‫َان يُ ْن ِف ُق َكي َ‬
‫ْف يَشَا ُء﴾ اليد من صفات الله‬ ‫طت ِ‬‫سو َ‬
‫قوله ت َ َعا َلى‪﴿ :‬بَ ْل َي َداهُ َم ْب ُ‬
‫الوار َد ِة ُك ِلّها في القُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫صفا ِ‬ ‫رار ِبال ِ ّ‬‫على اْل ْق ِ‬ ‫الذاتية‪ ،‬أ ْه ُل ال ُّسنَّ ِة ُمجْ ِمعُونَ َ‬
‫على ال َح ِقي َق ِة‪ّ .‬إال أ َّنهم ال يُ َك ِيّفُونَ َش ْيئًا من‬
‫واْليمان ِبها‪ ،‬و َح ْم ِلها َ‬
‫ِ‬ ‫سنَّ ِة‪،‬‬
‫وال ُّ‬
‫ير﴾‬
‫ص ُ‬‫س ِمي ُع البَ ِ‬ ‫ْس َك ِمثْ ِل ِه ش ْ‬
‫َي ٌء وهو ال َّ‬ ‫ذلك‪ ،‬قال ت َعالى‪﴿ :‬لَي َ‬

‫َار ْال ُم َح َ‬
‫اربَ ِة بينَ‬ ‫ب أَ ْ‬
‫طفَأَهَا اللَّهُ﴾ كما أ َ ْوقَدُوا ن َ‬ ‫َارا ِل ْل َح ْر ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬كلَّ َما أ َ ْو َقدُوا ن ً‬
‫َزرج‬
‫‪.‬اَلوس والخ َ‬
‫ِ‬

‫‪89‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِيّئ َاتِ ِه ْم َو ََل َ ْدخ َْلنَا ُه ْم‬ ‫﴿ولَ ْو أ َ َّن أ َ ْه َل ْال ِكت َا ِ‬
‫ب آ َمنُوا َواتَّقَ ْوا َل َكفَّ ْرنَا َ‬
‫ع ْن ُه ْم َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫﴿ولَ ْو أَ َّن أ َ ْه َل ْالقُ َرى آ َمنُوا َواتَّقَ ْوا لَ َفتَحْ نَا‬ ‫يرهُ قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ت النَّ ِع ِيم﴾ ن َِظ ُ‬ ‫َجنَّا ِ‬
‫اء َو ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض﴾‬ ‫س َم ِ‬ ‫علَ ْي ِه ْم َب َر َكا ٍ‬
‫ت ِمنَ ال َّ‬ ‫َ‬

‫﴿و َما أ ُ ْن ِز َل إِلَ ْي ِه ْم ِم ْن َربِّ ِه ْم﴾ يَ ْع ِني‪ْ :‬القُ ْرآنَ‬


‫‪.‬قوله‪َ :‬‬

‫ع ْن‬‫سو ُل بَ ِّل ْغ َما أُنز َل ِإ َلي َْك ِم ْن َربِّ َك﴾ ْاآل َيةَ‪ .‬في الصحيحين َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها َّ‬
‫الر ُ‬
‫ب‪ ،‬اللَّهُ‬ ‫ش ْيئًا ِم َّما أُنزل َ‬
‫علَ ْي ِه فَقَ ْد َك َذ َ‬ ‫ت‪َ :‬م ْن َح ّدثَك أ َ َّن ُم َح َّمدًا ﷺ َكت ََم َ‬‫شةَ قَالَ ْ‬‫عائِ َ‬
‫َ‬
‫سو ُل َب ِلّ ْغ َما أُنز َل ِإلَي َْك ِم ْن َر ِبّ َك﴾ ْاآل َيةَ‬ ‫‪َ .‬يقُولُ‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها َّ‬
‫الر ُ‬
‫ت‪ :‬لَ ْو َكانَ ُم َح َّم ٌد ﷺ َكاتِ ًما ِمنَ ْالقُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫ضا أَنَّ َها قَالَ ْ‬
‫ع ْن َها أ َ ْي ً‬
‫ص ِحي َحي ِْن َ‬
‫َوفِي ال َّ‬
‫اس َو َّ‬
‫اللهُ‬ ‫﴿وت ُ ْخ ِفي ِفي نَ ْف ِس َك َما اللَّهُ ُم ْبدِي ِه َوت َْخشَى النَّ َ‬ ‫ش ْيئًا لَ َكت ََم َه ِذ ِه ْاآل َيةَ‪َ :‬‬
‫َ‬
‫أ َ َح ُّق أ َ ْن ت َْخشَاهُ﴾‬
‫طقَ ُه ْم بِذَ ِل َك فِي أ َ ْع َ‬
‫ظ ِم‬ ‫اء ْاَل َ َمانَ ِة‪َ ،‬وا ْست َ ْن َ‬ ‫ت لَهُ أ ُ َّمتُهُ بِ َب َالغِ ِ ّ‬
‫الر َسالَ ِة َوأَ َد ِ‬ ‫َوقَ ْد َ‬
‫ش ِه َد ْ‬
‫اع‪ .‬وقال‪" :‬اللَّ ُه َّم ه َْل َبلَّ ْغتُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫"ال َم َحا ِف ِل‪ِ ،‬في ُخط َب ِت ِه َي ْو َم َح َّج ِة ال َو َد ِ‬

‫ي ﷺ قَ ْب َل نُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‬ ‫اس﴾ قيل‪َ :‬كانَ النَّبِ ُّ‬ ‫ص ُم َك ِمنَ النَّ ِ‬ ‫﴿و َّ‬
‫اللهُ يَ ْع ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ب‪ ،‬كما في الصحيحين‬ ‫سالَ ِة ِب َع ِّم ِه أ َ ِبي َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫الر َ‬
‫اء ِ ّ‬ ‫صانَهُ فِي ا ْبتِ َد ِ‬
‫يُحْ َرس‪ .‬فاللهُ َ‬
‫من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫""وإن اللَّهَ َليُ َؤ ِيّ ُد هذا ال ّدِينَ َّ‬
‫بالر ُج ِل الفَ ِ‬
‫اج ِر‬ ‫َّ‬
‫‪90‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم‬ ‫ار فَ َبا َيعُوهُ َ‬
‫ص َ‬‫َّض اللَّهُ لَهُ ْاَل َ ْن َ‬
‫عه ِد ال َمدين ِة قَي َ‬ ‫‪.‬ث ُ َّم في َ‬
‫س ّم والقتل َكا َدهُ‬
‫سحر وال ّ‬ ‫سوءٍ كال ّ‬ ‫ب بِ ُ‬‫َو ُكلَّ َما َه َّم أ َ َح ٌد ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ َوأَ ْه ِل ْال ِكت َا ِ‬
‫سو ِل اللَّ ِه‬
‫ْف َر ُ‬
‫سي َ‬
‫ط َ‬ ‫ي ِ الَّذِي ْ‬
‫اخت ََر َ‬ ‫اللَّهُ َو َر َّد َك ْي َدهُ َ‬
‫علَ ْي ِه‪ .‬كما في ِق َّ‬
‫ص ِة اَلعْرا ِب ّ‬
‫‪...‬ﷺ وهو قائِ ٌل في ُم ْن َ‬
‫ص َرفِ ِه ِمن إحْ دى غَزَ واتِ ِه‬

‫َيءٍ َحتَّى ت ُ ِقي ُموا الت َّ ْو َراة َ َواْل ْن ِجي َل﴾ أَ ْ‬


‫ي‪:‬‬ ‫علَى ش ْ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬يا أ َ ْه َل ْال ِكت َا ِ‬
‫ب لَ ْست ُ ْم َ‬
‫ان‬ ‫َحتَّى تُؤْ ِمنُوا َوت َ ْع َملُوا بِ َما فِي َها َو ِم َّما فِي َها ْاَل َ ْم ُر باتباع بمحمد ﷺ َو ْ ِ‬
‫اْلي َم ِ‬
‫﴿و َما أُنز َل إِ َل ْي ُك ْم ِم ْن َربِّ ُك ْم﴾ قال بعض‬ ‫بِ َم ْبعَثِ ِه‪َ ،‬و ِاال ْقتِ َد ِ‬
‫اء بشريعته؛ وفِي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫‪.‬السلف َي ْعنِي‪ْ :‬القُ ْرآنَ ْال َع ِظ َ‬
‫يم‬

‫ْس لَ ُه ْم د ٌ‬
‫ِين‪.‬‬ ‫ارى َو ْال َم ُج ِ‬
‫وس‪ ،‬لَي َ‬ ‫ص َ‬‫طا ِئفَةٌ َبيْنَ النَّ َ‬
‫صا ِبئُونَ ﴾ قيل‪ :‬وهم َ‬ ‫﴿وال َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬وقيل‪ُ :‬ه ْم قَ ْو ٌم يَ ْعبُدُونَ ْال َم َالئِ َكةَ‬
‫ت لَ ُه ْم ش َِريعَةٌ يَ ْع َملُونَ‬ ‫َوقَا َل َو ْهب ب ُْن ُم َنبّه‪ُ :‬ه ْم قَ ْو ٌم يَ ْع ِرفُونَ َّ‬
‫اللهَ َوحْ َدهُ‪َ ،‬ولَ ْي َ‬
‫س ْ‬
‫‪ِ .‬ب َها‪َ ،‬ولَ ْم يُحْ ِدثُوا ُك ْف ًرا‬

‫ࣰ‬
‫صال ًحا‬ ‫ص ٰـ ِلحا} َو َال يَ ُك ُ‬
‫ون العَمل َ‬ ‫ع ِم َل َ‬
‫اخ ِر َو َ‬ ‫قوله‪َ { :‬م ۡن َءا َمنَ ِبٱللَّ ِه َوٱ ۡليَ ۡو ِم ٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫ش ِري َع ِة ْال ُم َح َّم ِديَّ ِة‬ ‫‪َ .‬حتَّى َي ُكونَ ُم َوافِقًا ِلل َّ‬

‫‪91‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وقَا َل ْال َم ِسيح ُ َيا َبنِي ِإس َْرا ِئي َل ا ْعبُدُوا َّ‬
‫اللهَ َر ِبّي َو َربَّ ُك ْم﴾ َوقَ ْد تَقَد ََّم‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ير‬
‫ص ِغ ٌ‬ ‫طقَ بِ َها َو ُه َو َ‬ ‫ِإلَ ْي ِه ُم ْال َم ِسي ُح بِأَنَّهُ َ‬
‫ع ْب ُد اللَّ ِه َو َر ُ‬
‫سولُهُ‪َ ،‬و َكانَ أ َ َّو َل َك ِل َم ٍة َن َ‬
‫ي ْال ِكت َ‬
‫َاب َو َج َعلَ ِني نَ ِبيًّا﴾‬ ‫ِفي ْال َم ْه ِد أ َ ْن َقا َل‪ِ ﴿ :‬إ ِنّي َع ْب ُد اللَّ ِه آتَا ِن َ‬

‫ث ثَالثَةٍ﴾ قِي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد بِذَ ِل َك ُكفَّ ُ‬


‫ار ُه ْم فِي‬ ‫َوقَ ْولُهُ ﴿لَقَ ْد َكفَ َر الَّذِينَ قَالُوا إِ َّن َّ‬
‫اللهَ ثَا ِل ُ‬
‫الث فيه‬‫سبْحا َنهُ‪ ،‬و ِعيسى‪ ،‬والث ّ ُ‬ ‫قَ ْو ِل ِه ْم ِب ْاَلَقَا ِن ِيم الث َّ َالث َ ِة‪ .‬وال ُمرا ُد ِبالثَّالث َ ِة‪ :‬اللَّهُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ت قُ ْل َ‬‫علَ ْي ِه قَ ْولُهُ‪﴿ :‬أأ ْن َ‬
‫اس ات َّ ِخذُونِي وأ ِّم َ‬
‫ي‬ ‫ت ِللنّ ِ‬ ‫الف وقيل‪َ :‬م ْريَ ُم َكما يَ ُد ُّل َ‬ ‫ِخ ٌ‬
‫إلَ َهي ِْن﴾‬

‫ص ّدِيقَةٌ﴾ هذه درجة بعد النبوة كما قال تعالى‪﴿ :‬و َمن يُ ِطعِ اللَّهَ‬ ‫﴿وأ ُ ُّمهُ ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫داء‬
‫ش َه ِ‬ ‫سو َل فَأ ُو َل ِئ َك َم َع الَّذِينَ أ ْن َع َم اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم ِمنَ النَّ ِبيئِينَ وال ِ ّ‬
‫ص ّدِيقِينَ وال ُّ‬ ‫والر ُ‬
‫َّ‬
‫ع َمهُ اب ُْن َح ْز ٍم‪ .‬وكذا قال ابن‬‫ت ِب َن ِبيَّةٍ‪َ ،‬ك َما زَ َ‬ ‫علَى أَنَّ َها َل ْي َ‬
‫س ْ‬ ‫صا ِل ِحينَ ﴾ فَ َد َّل َ‬
‫وال ّ‬
‫ص ّدِي َقةٌ﴾ ر ّد على ابن َح ْز ٍم‬‫﴿وأ ُ ُّمهُ ِ‬
‫‪.‬تيمية وابن القيم رحمها الله في قوله‪َ :‬‬

‫ُون اللَّ ِه َما َال يَ ْم ِلكُ لَ ُك ْم َ‬


‫ض ًّرا َوال نَ ْفعًا﴾ تَحْ ِق ٌ‬
‫يق‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل أَت َ ْعبُدُونَ ِم ْن د ِ‬
‫ِْلبْطا ِل ِعبا َدتِ ِه ْم ِعيسى و َم ْريَ َم‪ .‬وكما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله‬
‫ار‪ ،‬فإنِّي ال ْأم ِلكُ لَ ُك ْم ِمنَ الل ِه‬ ‫فاط َمةُ‪ ،‬أ ْن ِقذِي نَ ْف َ‬
‫س ِك ِمنَ النَّ ِ‬ ‫عليه وسلم قال‪" :‬يا ِ‬
‫"شيئًا‬

‫‪92‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سى اب ِْن‬ ‫ان َد ُاو َد َو ِعي َ‬


‫س ِ‬‫علَى ِل َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬لُعِنَ الَّذِينَ َكفَ ُروا ِم ْن َبنِي ِإس َْرائِي َل َ‬
‫عن ُّمن َك ࣲر فَ َعلُو ٰۚهُ﴾‬ ‫وا َيعۡ تَدُونَ َكانُ ۟‬
‫وا َال َيتَنَاه َۡونَ َ‬ ‫وا َّو َكانُ ۟‬
‫ص ۟‬ ‫َم ْر َي َم ⁠ ِل َك ِب َما َ‬
‫ع َ‬

‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ِمنَ النَّ ْو ِم ُمحْ َم ًّرا وجْ ُههُ‬ ‫ي َ‬‫ظ النب ُّ‬ ‫وفي الصحيحين‪ :‬ا ْستَ ْيقَ َ‬
‫اليوم ِمن َر ْد ِم‬
‫َ‬ ‫ب‪ُ ،‬فتِ َح‬ ‫يقولُ‪ :‬ال إلَهَ َّإال اللَّهُ‪ ،‬و ْي ٌل ِل ْل َع َر ِ‬
‫ب ِمن ش ٍ َّر قَ ِد ا ْقت ََر َ‬
‫ان ِت ْسعِينَ ْأو ِمئَةً قي َل‪ :‬أنَ ْه ِلكُ وفينَا‬
‫س ْفيَ ُ‬ ‫يَأ ْ ُجو َج و َمأ ْ ُجو َج ِمثْ ُل هذِه و َ‬
‫عقَ َد ُ‬
‫صا ِل ُحونَ ؟ قا َل‪" :‬نَ َع ْم‪ ،‬إذَا َكث ُ َر ال َخ َب ُ‬
‫ث‬ ‫"ال َّ‬
‫وال َيتْلُو‬
‫س ً‬‫ث في أ ُ ِّمها َر ُ‬
‫وقال تعالى‪﴿ :‬وما كانَ َرب َُّك ُم ْه ِل َك القُرى َحتّى َي ْب َع َ‬
‫علَ ْي ِه ْم آياتِنا وما ُك ّنا ُم ْه ِل ِكي القُرى ّإال وأ ْهلُها ظا ِل ُمونَ ﴾‬
‫َ‬

‫يرا ِم ْن ُه ْم َيت ََولَّ ْونَ َّالذِينَ َكفَ ُروا﴾ قيل‪ :‬اليهود والنصارى‪،‬‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ت ََرى َك ِث ً‬
‫‪.‬والذين كفروا هم كفار العرب‬
‫‪.‬وقيل‪ :‬منافقوا أهل الكتاب‪ ،‬والذين كفروا هم اليهود والنصارى‬

‫ي ِ َو َما أُنز َل ِإلَ ْي ِه َما ات َّ َخذُو ُه ْم‬


‫﴿ولَ ْو َكانُوا يُؤْ ِمنُونَ ِباللَّ ِه َوالنَّ ِب ّ‬
‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫اآلخ ِر يُوا ُّدونَ َمن‬ ‫أ َ ْو ِليَا َء﴾ كما قال ت َعالى‪﴿ :‬ال ت َِج ُد قَ ْو ًما يُؤْ ِمنُونَ ِباللَّ ِه واليَ ْو ِم ِ‬
‫يرت َ ُه ْم﴾‬
‫ع ِش َ‬ ‫إخوانَهم ْأو َ‬ ‫سولَهُ ولَ ْو كانُوا آبا َءهم أ ْو أبْنا َءهم ْأو ْ‬ ‫ور ُ‬
‫اللهَ َ‬ ‫حا َّد َّ‬

‫‪93‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ارى﴾ أَيِ‪ :‬الَّذِينَ‬ ‫﴿ولَت َِج َد َّن أ َ ْق َر َب ُه ْم َم َو َّدة ً ِللَّذِينَ آ َمنُوا الَّذِينَ قَالُوا ِإنَّا نَ َ‬
‫ص َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ارى ِم ْن أَتْبَاعِ ْال َم ِسيحِ‪ .‬وليسوا الذين قالوا ﴿نَحْ ُن أ ْن ُ‬
‫صار اللَّ ِه﴾‬ ‫ص َ‬ ‫ع ُموا أَنَّ ُه ْم نَ َ‬ ‫زَ َ‬
‫ِين ال َّن ْ‬
‫صرا ِنيَّ ِة‬ ‫قس وهو عا ِل ُم د ِ‬ ‫سونَ َج ْم ُع ٍ ّ‬ ‫سي ُ‬
‫‪.‬وال ِق ِ ّ‬
‫وام ِع‬
‫ص ِ‬ ‫باب ال َّ‬
‫أر ُ‬ ‫والر ْه ُ‬
‫بان‪ُ :‬ه ُم العُبّا ُد ْ‬ ‫‪ُّ .‬‬
‫‪.‬قوله‪﴿ :‬وأنَّهم ال يَ ْست َ ْكبِ ُرونَ ﴾ ولكن ضلوا بسبب الجهل‬

‫ي‪َ :‬م َع ُم َح َّم ٍد ﷺ‪َ ،‬وأ َ َّمتِ ِه ُه ُم ال َّ‬


‫شا ِهدُونَ ‪،‬‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَا ْكت ُ ْبنَا َم َع ال َّشا ِهدِينَ ﴾ أ َ ْ‬
‫س ِل أَنَّ ُه ْم قَ ْد بَلَّغُوا‪ .‬كما قال تعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َكذَ ِل َك‬ ‫لر ُ‬ ‫يَ ْش َهدُونَ ِلنَ ِبيِّ ِه ْم أ َ َّنهُ قَ ْد بَ َّلغَ‪َ ،‬و ِل ُّ‬
‫ࣰ‬
‫ش ِهيد ٰۗا﴾‬ ‫سو ُل َعلَ ۡي ُك ۡم َ‬ ‫ش َه َد ۤا َء َ‬
‫علَى ٱلنَّ ِ‬
‫اس َو َي ُكونَ ٱ َّ‬
‫لر ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫طا ِّلت َ ُكونُ ۟‬‫س ً‬ ‫َج َع ْلناكم أ ُ َّمةً و َ‬

‫ت َما أ َ َح َّل اللَّهُ لَ ُك ْم﴾ أي بالحلف‪ ،‬أو‬ ‫﴿ َيا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َال ت ُ َح ِ ّر ُموا َ‬
‫ط ِّي َبا ِ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْن َها؛ أ َ َّن‬ ‫شةَ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ع ْن َ‬
‫عائِ َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن‪َ ،‬‬
‫بالزهد المنهي عنه كما َوفِي ال َّ‬
‫س ِ ّر‪،‬‬ ‫ع ْن َ‬
‫ع َم ِل ِه فِي ال ِ ّ‬ ‫سأَلُوا أَ ْز َوا َج النَّبِ ّ‬
‫يِ ﷺ َ‬ ‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ َ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫سا ِم ْن أَ ْ‬
‫ص َحا ِ‬ ‫نَا ً‬
‫سا َء‪َ .‬و َقا َل َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم‪:‬‬ ‫ض ُه ْم‪َ :‬ال آ ُك ُل اللَّحْ َم‪َ .‬وقَا َل َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم‪َ :‬ال أَت َزَ َّو ُج ال ِنّ َ‬ ‫فَقَا َل َب ْع ُ‬
‫ي ﷺ فَقَا َل‪َ " :‬ما بَا ُل أَ ْق َو ٍام يَقُو ُل أ َ َح ُد ُه ْم َكذَا‬ ‫َال أَنَا ُم َعلَى فِ َر ٍ‬
‫اش‪ .‬فَ َبلَ َغ َذ ِل َك النَّبِ َّ‬
‫سا َء‪ ،‬فَ َم ْن‬ ‫صو ُم َوأ ُ ْف ِط ُر‪َ ،‬وأَنَا ُم َوأَقُو ُم‪َ ،‬وآ ُك ُل اللَّحْ َم‪َ ،‬وأَت َزَ َّو ُج ال ِنّ َ‬ ‫َو َكذَا‪ ،‬لَ ِك ِنّي أ َ ُ‬
‫سنَّتِي َفلَي َ‬
‫ْس ِمنِّي‬ ‫ع ْن ُ‬
‫ب َ‬
‫"ر ِغ َ‬
‫َ‬
‫الر ْز ِ‬
‫ق﴾‬ ‫ت ِمنَ ِ ّ‬ ‫َّ‬
‫والطيِّبا ِ‬ ‫الل ِه َّال ِتي ْ‬
‫أخ َر َج ِل ِعبا ِد ِه‬ ‫وقال ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل َمن َح َّر َم ِزينَةَ َّ‬

‫‪94‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عقَّ ْدت ُ ُم‬ ‫ؤاخذُ ُك ُم اللَّهُ ِباللَّ ْغ ِو في أيْمانِكم ولَ ِك ْن يُ ِ‬


‫ؤاخذُكم ِبما َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال يُ ِ‬
‫ورةِ البَقَ َر ِة‬
‫س َ‬‫‪.‬اَليْمانَ ﴾ كما في ُ‬
‫ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها كفّر عن يمينه وأتى الذي هو‬
‫‪َ .‬خي ٌْر‬
‫غي َْرهَا َخي ًْرا منها‪َّ ،‬إال أتَيْتُ‬
‫فأرى َ‬ ‫ف علَى يَ ِم ٍ‬
‫ين‪َ ،‬‬ ‫كما في الصحيحين "ال أحْ ِل ُ‬
‫"‪.‬الذي هو َخي ٌْر‪ ،‬وت َ َح َّل ْلت ُ َها‬

‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو ِكس َْوت ُ ُه ْم﴾ فيه خالف والحسن‪ :‬ما يستر العورة‬

‫الف‬‫صيَا ُم ثَلَ ٰـث َ ِة أَيَّ ࣲ ٰۚام﴾ وفي ت َتابُعِ الثَّالثَ ِة أي ٍّام ِخ ٌ‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَ َمن لَ ْم َي ِج ْد َف ِ‬
‫صيام ثَالث َ ِة أيّام ُمتَتا ِبعات‬
‫ط‪ ،‬كما في رواية اب ُْن َم ْسعُودٍ‪ ( :‬فَ ِ‬ ‫والراج ُح أنَّهُ ش َْر ٌ‬
‫ّ‬
‫)‬

‫اب َوٱ َۡل َ ۡزلَ ٰـ ُم‬


‫ص ُ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا إنَّما الخ َْم ُر وال َم ْي ِس ُر َوٱ َۡلَن َ‬
‫ࣱ‬
‫ش ۡي َ‬
‫ط ٰـ ِن َفٱ ۡجت َ ِنبُوهُ﴾‬ ‫ِر ۡجس ِّم ۡن َ‬
‫ع َم ِل ٱل َّ‬

‫‪95‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الث َم ّراتٍ‪ :‬اَلُولى ِحينَ نَزَ لَ ْ‬


‫ت آ َيةُ‬ ‫ع ِن الخ َْم ِر و َق َع ُم َد َّر ًجا ث َ َ‬ ‫والنَّ ْه ُ‬
‫ي َ‬
‫اس وإثْ ُم ُهما أ ْكبَ ُر‬ ‫ير و َمنافِ ُع ِلل ّن ِ‬ ‫ع ِن الخ َْم ِر وال َم ْي ِس ِر قُ ْل فِي ِهما إثْ ٌم َكبِ ٌ‬
‫﴿يَسْألُون ََك َ‬
‫ع َم ُر‪ :‬اللَّ ُه َّم َب ِيّ ْن َلنا في الخ َْم ِر َبيا ًنا شا ِف ًيا‪ .‬ث ُ َّم نَزَ َل ْ‬
‫ت آ َيةُ‬ ‫ِمن نَ ْف ِع ِهما﴾ فَقا َل ُ‬
‫سكارى َحتّى ت َ ْعلَ ُموا‬ ‫ساء ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ال ت َ ْق َربُوا ال َّ‬
‫صالة َ وأ ْنت ُ ْم ُ‬ ‫ورةِ ال ِّن ِ‬
‫س َ‬‫ُ‬
‫ع َم ُر‪ :‬اللَّ ُه َّم بَيِّ ْن َلنا في الخ َْم ِر بَيا ًنا شا ِفيًا‪ .‬ث ُ َّم نَزَ َل ِ‬
‫ت اآليَةُ‬ ‫ما تَقُولُونَ ﴾ فَقا َل ُ‬
‫" َه ِذ ِه‪ .‬فَقا َل ُ‬
‫ع َم ُر‪" :‬انتهينا انتهينا‬

‫َمر ُك ُّل َما خَا َم َر ْالعَ ْق َل‬


‫‪.‬والخ ُ‬
‫ي بْنَ‬ ‫اح‪َ ،‬وأ ُ َب َّ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْن أَن ٍَس قَا َل‪ُ :‬ك ْنتُ أَ ْس ِقي أ َ َبا ُ‬
‫ع َب ْي َدة َ بْنَ ال َج َّر ِ‬ ‫وفي الصحيحين َ‬
‫ط ْل َحةَ َوأَنَا أ َ ْس ِقي ِه ْم‪،‬‬
‫ص َحابِ ِه ِع ْن َد أَبِي َ‬ ‫ضا َء‪َ ،‬ونَفَ ًرا ِم ْن أ َ ْ‬ ‫َك ْعب‪ ،‬و ُ‬
‫س َهيْل بْنَ َب ْي َ‬
‫ش َع ْرت ُ ْم أ َ َّن‬ ‫اب َيأ ْ ُخذُ ِم ْن ُه ْم‪ ،‬فَأَت َى آ ٍ‬
‫ت ِمنَ ْال ُم ْس ِل ِمينَ فَقَا َل‪ :‬أ َ َما َ‬ ‫ش َر ُ‬ ‫َحتَّى َكا َد ال َّ‬
‫ي‬
‫ف َما بَ ِق َ‬ ‫ظ َر َونَ ْسأ َ َل‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬يَا أَن ُ‬
‫َس ا ْك ِ‬ ‫ت؟ فَ َما قَالُوا‪َ :‬حتَّى نَ ْن ُ‬ ‫ْالخ َْم َر قَ ْد ُح ِ ّر َم ْ‬

‫ي إِ َّال الت َّ ْم ُر َو ْالبُس ُْر‪َ ،‬و ِه َ‬


‫ي خ َْم ُر ُه ْم‬ ‫عادُوا فِي َها‪َ ،‬و َما ِه َ‬ ‫فِي إِنَائِ َك‪ ،‬فَ َو َّ‬
‫الل ِه َما َ‬
‫‪َ .‬ي ْو َم ِئ ٍذ‬

‫والميسر وهو القمار‪ ،‬وهي المغالبة‪ ،‬المغالبات التي تكون على المال كلها‬
‫‪.‬من القمار‪ ،‬إال ما استثناه الشارع من المسابقة في اْلبل والخيل والرمي‬

‫‪96‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َها ‪،‬‬
‫وشار َبها ‪ ،‬وسا ِق َيها ‪ ،‬وبائِ َعها ‪ ،‬و ُم ْبت َا َ‬
‫ِ‬ ‫الخمر ‪،‬‬
‫َ‬ ‫وفي الحديث " لعن اللهُ‬
‫وحاملَها ‪ ،‬و المحمولَةَ إلي ِه ‪ ،‬وآ ِك َل ث َ َمنِها‬
‫ِ‬ ‫َص َرها ‪،‬‬
‫وعاصرهَا ‪ ،‬و ُم ْعت ِ‬
‫َ‬ ‫"‬

‫شرب فاج ِلدوهُ ‪ ،‬ث َّم‬


‫َ‬ ‫الخمر فاج ِلدوهُ ‪ ،‬ث َّم إن‬
‫َ‬ ‫شرب‬
‫َ‬ ‫وفي حديث ابن عمر " َمن‬
‫ب فاقتُلوهُ" صححه اَللباني‬
‫شر َ‬
‫ب فاج ِلدوهُ ‪ ،‬ث َّم إن ِ‬
‫شر َ‬
‫‪.‬إن ِ‬
‫وفي الحديث اآلخر "فإن عاد الرابعةَ كان حقًّا على الل ِه أن َيس ِق َيه من طين ِة‬
‫‪.‬الخَبا ِل ؛ صدي ِد أه ِل النَّ ِ‬
‫ار‪ "..‬صححه اَللباني‬

‫ت ُجنَا ٌح فِي َما َ‬


‫ط ِع ُموا﴾‬ ‫صا ِل َحا ِ‬ ‫علَى الَّذِينَ آ َمنُوا َو َ‬
‫ع ِملُوا ال َّ‬ ‫قوله تعالى‪﴿ :‬لَي َ‬
‫ْس َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬اآليَة‬
‫طو ِن ِه ْم‪ ،‬فأ ْنزَ َل اللَّهُ هذ ِه اآلية كما في‬
‫ي في بُ ُ‬
‫ض القَ ْو ِم‪ :‬قُ ِت َل قَ ْو ٌم و ْه َ‬
‫فَقا َل َب ْع ُ‬
‫‪.‬الصحيحين‬
‫قبل صالتُه أربعينَ‬ ‫َمر أ ُ ُّم الخبا ِئ ِ‬
‫ث ‪ ،‬فَمن ش َِربَها لم ت ُ ْ‬ ‫َلن في الحديث "الخ ُ‬
‫مات ِميتةً جا ِهليةٍ" حسنه اَللباني‬
‫مات و هي في َبط ِنه َ‬ ‫‪.‬يو ًما ‪ْ ،‬‬
‫فإن َ‬

‫ت ث ُ َّم اتَّقَ ْوا وآ َمنُوا ث ُ َّم اتَّقَ ْوا‬ ‫ع ِملُوا ال ّ‬


‫صا ِلحا ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬إذا ما اتَّقَ ْوا وآ َمنُوا و َ‬
‫سنُوا واللَّهُ يُ ِحبُّ ال ُمحْ ِسنِينَ ﴾ فيه أن اْليمان يزيد حتى يصل إلى درجة‬
‫وأحْ َ‬
‫‪.‬اْلحسان‬

‫‪97‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن ت َ ْعبُ َد اللَّهَ َكأنَّ َك ت َراهُ فَ ْ‬


‫إن لَ ْم ت َ ُك ْن ت َراهُ‬ ‫س َر النَّ ِبي ُء ﷺ اْلحْ سانَ ِبقَ ْو ِل ِه « ْ‬
‫وقَ ْد فَ َّ‬
‫»فَإنَّهُ يَ َ‬
‫راك‬

‫ص ْي ِد ت َنالُهُ أ ْيدِيكم‬ ‫قوله‪﴿ :‬يا أيُّها َّالذِينَ آ َمنُوا لَ َي ْبلُ َونَّ ُك ُم اللَّهُ ِب َ‬
‫ش ْيءٍ ِمنَ ال َّ‬
‫ذاب أ ِلي ٌم﴾‬
‫ع ٌ‬ ‫ورما ُحكم ِل َي ْعلَ َم اللَّهُ َمن َيخافُهُ ِبالغَ ْي ِ‬
‫ب فَ َم ِن ا ْعت َدى َب ْع َد َذ ِل َك فَ َلهُ َ‬ ‫ِ‬
‫غي َْر ُم ِح ِلّي ال َّ‬
‫ص ْي ِد وأ ْنت ُ ْم ُح ُر ٌم﴾‬ ‫ور ِة ﴿ َ‬
‫س َ‬ ‫هذه اآلية كما في قَ ْو ِل ِه في َ‬
‫ص ْد ِر ال ُّ‬
‫اْلحْ َر ِام َو ْال َح َر ِم‪َ ،‬ك َما ا ْبتَلَى بَنِي إِس َْرائِي َل فِي أ َ َّال يَ ْعتَدُوا‬
‫فَا ْبت ََال ُه ُم اللَّهُ ِفي ِه َم َع ْ ِ‬
‫ت‬
‫‪.‬فِي ال َّس ْب ِ‬

‫اح ُك ْم﴾ َي ْع ِني‪ِ :‬ك َب َ‬


‫ارهُ‬ ‫﴿و ِر َم ِ‬
‫ص ْي ِد َو ِف َرا َخهُ َ‬
‫َار ال َّ‬
‫صغ َ‬‫‪.‬وقوله‪﴿ :‬تَنَالُهُ أَ ْيدِي ُك ْم﴾ َي ْع ِني‪ِ :‬‬

‫ص ْي َد َوأ َ ْنت ُ ْم ُح ُر ٌم﴾ وكذا السباع وما‬ ‫قوله تَعَا َلى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َال ت َ ْقتُلُوا ال َّ‬
‫شةَ أ ُ ِ ّم ْال ُمؤْ ِمنِينَ ؛ أ َ َّن َر ُ‬
‫سو َل‬ ‫ع ْن َ‬
‫عا ِئ َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫ت ِفي ال َّ‬ ‫ال يؤكل لحمه ِإ َّال َما ث َ َب َ‬
‫الح ِّل وال َح َرم الغُراب َو ْال ِح َدأَةُ‪،‬‬
‫س فَوا ِسق يُ ْقت َْلنَ فِي ِ‬ ‫اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪" :‬خ َْم ُ‬
‫ب العَقُور‬ ‫‪".‬والعَ ْقرب‪َ ،‬و ْالفَأ ْ َرةُ‪َ ،‬و ْال َك ْل ُ‬

‫ساكِينَ أ َ ْو َ‬
‫ع ْد ُل ذَ ِل َك ِ‬
‫صيَا ًما﴾ قال جمهور الفقهاء‬ ‫ط َعا ُم َم َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو َكفَّ َ‬
‫ارة ٌ َ‬

‫‪".‬أ َ ْو" ِللتَّ ْخ ِي ِ‬


‫ير‬
‫‪98‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪.‬قيل‪ :‬يُط ِعم ُك ُّل ِمسْكين ُم َّديْن‬


‫‪.‬وقيل‪ِ :‬ل ُك ِّل ِم ْس ِك ٍ‬
‫ين ُم ٌد‬

‫قوله‪﴿ :‬أ ُ ِح َّل لَ ُك ْم َ‬


‫ص ْي ُد ْالبَحْ ِر َو َ‬
‫ط َعا ُمهُ﴾‬
‫طعَا ُمهُ﴾ َما لَفَ َ‬
‫ظهُ َميِّتًا‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم‬ ‫﴿و َ‬‫ص ْي ُدهُ َما أ ُ ِخذَ ِم ْنهُ َحيًّا َ‬
‫َ‬
‫هور ما ُؤهُ ‪ ،‬الحال ُل ميتتُهُ" صححه اَللباني‬ ‫"هو َّ‬
‫الط ُ‬ ‫البحر‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ماء‬
‫‪.‬في ِ‬

‫ص ْي ُد ْالبَ ِ ّر َما د ُْمت ُ ْم ُح ُر ًما﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ :‬فِي َحا ِل إِحْ َر ِام ُك ْم يَحْ ُر ُم‬ ‫علَ ْي ُك ْم َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ُح ِ ّر َم َ‬
‫صطادُوا﴾‬ ‫﴿وإذا َح َل ْلت ُ ْم فا ْ‬ ‫ص ِط َيادُ‪َ .‬‬ ‫ع َل ْي ُك ُم ِاال ْ‬
‫َ‬
‫صي َد َِلجْ ِل ال ُمحْ ِر ِم؛ فَال يَ ِح ُّل لَهُ‬
‫‪َ .‬وما ِ‬

‫يٍ‬ ‫ع ْن َ‬
‫ع ِل ّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها َّالذِينَ آ َمنُوا َال ت َ ْسأَلُوا َ‬
‫ع ْن أ َ ْشيَا َء إِ ْن ت ُ ْب َد لَ ُك ْم تَ ُ‬
‫سؤْ ُك ْم﴾ َ‬
‫ع ِإ َل ْي ِه‬ ‫ت َم ِن ا ْستَ َ‬
‫طا َ‬ ‫اس ِح ُّج ْال َب ْي ِ‬ ‫﴿و ِللَّ ِه َ‬
‫ع َلى ال َّن ِ‬ ‫ت َه ِذ ِه ْاآل َيةُ‪َ :‬‬
‫قَا َل‪ :‬لَ َّما نَزَ لَ ْ‬
‫س َك َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت‪ .‬فَقَالُوا‪ :‬أَفِي ُك ِّل َ‬
‫ع ٍام؟ فَ َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ُ ،‬ك َّل َ‬
‫ع ٍام؟ َف َ‬
‫س َك َ‬ ‫سبِيال﴾ قَالُوا‪ :‬يَا َر ُ‬
‫َ‬
‫"ال َو َل ْو قُ ْلتُ ‪ :‬نَعَ ْم لَ َو َجبَ ْ‬
‫ت"‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ‪َ ﴿ :‬يا‬ ‫قَا َل‪ :‬ث ُ َّم قَالُوا‪ :‬أَفِي ُك ِّل َ‬
‫ع ٍام؟ فَقَا َل‪َ :‬‬
‫‪.‬أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َال ت َ ْسأَلُوا َ‬
‫ع ْن أَ ْش َيا َء ِإ ْن ت ُ ْب َد لَ ُك ْم ت َ ُ‬
‫سؤْ ُك ْم﴾ ِإلَى آخ َِر ْاآل َي ِة‬
‫َطيبًا فَقَا َل‪َ " :‬سلُونِي‪،‬‬ ‫ام خ ِ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ يَ ْو ًما ِمنَ ْاَلَي َِّام‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫َض َ‬‫وقيل‪ :‬غ ِ‬
‫ش ْيءٍ ِإ َّال أَ ْن َبأَت ُ ُك ْم ِب ِه‬ ‫‪"...‬فَإِنَّ ُك ْم َال ت َ ْسأَلُو ِني َ‬
‫ع ْن َ‬
‫‪99‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬قَ ْد َسأَلَ َها قَ ْو ٌم ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم ث ُ َّم أَ ْ‬


‫ص َب ُحوا ِب َها َكا ِف ِرينَ ﴾‬
‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪" :‬ذَ ُرونِي َما ت ُ ِر ْكتُم؛ فَإِنَّ َما‬ ‫ع ْن َر ُ‬
‫صحيحِ مسلم‪َ ،‬‬
‫َوفِي ِ‬
‫علَى أ َ ْنبِيَائِ ِه ْم‬ ‫"أ َ ْهلَ َك َم ْن َكانَ َق ْبلَ ُك ْم َكثْ َرة ُ ُ‬
‫س َؤا ِل ِه ْم َو ْ‬
‫اختِ َالفِ ِه ْم َ‬

‫حام ولَ ِك َّن الَّذِينَ‬


‫وصيلَ ٍة وال ٍ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ما َج َع َل اللَّهُ ِمن بَ ِح َ‬
‫يرةٍ وال سا ِئبَ ٍة وال ِ‬
‫ِب وأ ْكث َ ُرهم ال يَ ْع ِقلُونَ ﴾‬ ‫على اللَّ ِه ال َكذ َ‬‫َكفَ ُروا يَ ْفت َُرونَ َ‬
‫ظ ُروا ِإلَى ْالخ ِ‬
‫َام ِس‪،‬‬ ‫طن نَ َ‬ ‫سةَ أ ْب ُ‬ ‫ت خ َْم َ‬ ‫ي النَّاقَةُ ِإذَا َنت َ َج ْ‬ ‫يرةُ‪ ،‬فقيل‪ِ :‬ه َ‬ ‫فَأ َ َّما ْال َب ِح َ‬
‫عوا‬‫اء‪َ .‬و ِإ ْن َكانَ أ ُ ْنثَى َج َد ُ‬ ‫س ِ‬ ‫الر َجا ُل دُونَ ال ِنّ َ‬‫فَإ ِ ْن َكانَ ذَ َك ًرا ذَبَ ُحوهُ‪َ ،‬فأ َ َكلَهُ ِ ّ‬
‫‪.‬آذَانَ َها‪ ،‬فَقَالُوا‪َ :‬ه ِذ ِه َب ِح َ‬
‫يرة ٌ‬

‫ت‬ ‫س َر ِمنَ ْالبَ ِح َ‬


‫ير ِة‪ ،‬إِ َّال أَنَّ َها َما ُو ِل َد ْ‬ ‫ي ِمنَ ْالغَن َِم نَحْ َو َما فُ ِ ّ‬ ‫سائِبَةُ‪ ،‬فَقيل‪ِ :‬ه َ‬ ‫َوأ َ َّما ال َّ‬
‫سا ِب َع ذَ َك ًرا‬
‫ت ال َّ‬‫علَى َه ْيئَ ِت َها‪ ،‬فَإِذَا َولَ َد ِ‬ ‫ِم ْن َولَ ٍد َكانَ َب ْينَ َها َو َبيْنَ ِست َّ ِة أ َ ْو َال ٍد َكانَ َ‬
‫‪.‬أ َ ْو ذَ َك َري ِْن‪ ،‬ذَ َب ُحوهُ‪ ،‬فَأ َ َك َلهُ ِر َجالُ ُه ْم دُونَ ِن َ‬
‫سائِ ِه ْم‬
‫ث ِمنَ ْال َولَ ِد لَي َ‬
‫ْس بَ ْينَ ُه َّن ذَ َك ٌر‪،‬‬ ‫ع ْش َر إِنَا ٍ‬ ‫ت َ‬‫ي النَّاقَةُ إِذَا َولَ َد ْ‬ ‫سا ِئبَةُ‪ِ :‬ه َ‬‫َوقيل‪ :‬ال َّ‬
‫ْف‬‫ضي ُ‬ ‫سيّبت َف َل ْم ت ُ ْر َكبْ ‪َ ،‬و َل ْم يُ َج ّز َو َب ُرهَا‪َ ،‬و َل ْم َيحْ ِلبْ َل َبنَ َها ِإ َّال ال َّ‬‫‪ُ .‬‬
‫الر ُج ُل ِإذَا خ ََر َج فَقُضيت َحا َجتُهُ‪َ ،‬سيَّب ِم ْن َما ِل ِه نَا َقةً أ َ ْو‬
‫سا ِئبَةُ‪َ :‬كانَ َّ‬ ‫َوقيل‪ :‬ال َّ‬
‫ت‬ ‫غي َْرهَا‪ ،‬فَ َج َعلَ َها ِل َّ‬
‫لط َوا ِغي ِ‬ ‫‪َ .‬‬
‫‪100‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظ ُروا ِإلَى ال َّ‬


‫سا ِبعِ‪ ،‬فَإ ِ ْن‬ ‫ط ٍن نَ َ‬‫س ْب َعةَ أ ُ ْب ُ‬‫ت َ‬‫شاة ُ ِإ َذا َنت َ َج ْ‬
‫ي ال َّ‬ ‫صيلَةُ‪ ،‬فَقيل‪ِ :‬ه َ‬ ‫َوأ َ َّما ْال َو ِ‬
‫اء‪َ ،‬و ِإ ْن َكانَ أ ُ ْنثَى‬
‫س ِ‬‫الر َجا ُل دُونَ ال ِّن َ‬ ‫ت ا ْشت ََر َك ِفي ِه ِ ّ‬ ‫َكانَ َذ َك ًرا أ َ ْو أ ُ ْنثَى َو ُه َو َم ِّي ٌ‬
‫صلَتْهُ أ ُ ْختُهُ‬ ‫ا ْستَحْ يَ ْوهَا‪َ ،‬و ِإ ْن َكانَ ذَ َك ًرا َوأ ُ ْنثَى فِي بَ ْ‬
‫ط ٍن ا ْستَحْ يَ ْو ُه َما َوقَالُوا‪َ :‬و َ‬
‫علَ ْينَا‬
‫‪.‬فَ َح َّر َمتْهُ َ‬
‫ت ال َّناقَةُ ت َ ْبت َ ِك ُر ِبأ ُ ْنثَى‪ ،‬ث ُ َّم تُثَنَّى ِبأ ُ ْنثَى‪ ،‬فَ َ‬
‫س َّم ْوهَا‬ ‫صيلَةُ ِمنَ ْ ِ‬
‫اْل ِب ِل‪َ ،‬كانَ ِ‬ ‫وقيل‪ْ :‬ال َو ِ‬
‫ْس بَ ْينَ ُه َما ذَ َك ٌر‪ ،‬فَ َكانُوا يَجْ َد ُ‬
‫عونَ َها‬ ‫ت أ ُ ْنثَيَي ِْن َلي َ‬ ‫صيلَةَ‪َ ،‬ويَقُولُونَ ‪َ :‬و َ‬
‫صلَ ْ‬ ‫ْال َو ِ‬
‫‪ِ .‬ل َ‬
‫ط َوا ِغيتِ ِه ْم‬

‫َوأ َ َّما ْال َح ِام فَ ْالفَحْ ُل ِمنَ ْ ِ‬


‫اْلبِ ِل‪ِ ،‬إ َذا ولد عشرا قَالُوا‪َ :‬حمى َهذَا َ‬
‫ظ ْه َرهُ‪ ،‬فَ َال‬
‫‪َ .‬يحْ ِملُونَ َ‬
‫علَ ْي ِه َ‬
‫ش ْيئًا‬

‫ض َّل إِذَا ٱ ۡهت َ َد ۡيت ُ ٰۡۚم﴾‬


‫ض ُّر ُكم َّمن َ‬
‫س ُك ۡم َال يَ ُ‬ ‫علَ ۡي ُك ۡم أَنفُ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا َ‬
‫ع ِن ْال ُم ْن َك ِر‪ِ ،‬إذَا‬ ‫علَى ت َْر ِك ْاَل َ ْم ِر ِب ْال َم ْع ُر ِ‬
‫وف َوالنَّ ْهي ِ َ‬ ‫ْس ِفي ْاآل َي ِة م ْست َد ٌّل َ‬ ‫َولَي َ‬
‫‪َ .‬كانَ فِ ْع ُل ذَ ِل َك ُم ْم ِكنًا‬

‫‪101‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس‪،‬‬ ‫اللهَ َوأَثْنَى َ‬


‫علَ ْي ِه‪َ ،‬وقَا َل‪ :‬أَيُّ َها النَّ ُ‬ ‫ع ْنهُ‪ ،‬فَ َح ِم َد َّ‬
‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ام أَبُو َب ْك ٍر‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫وقَ َ‬
‫ض ُّر ُك ْم َم ْن‬‫س ُك ْم َال يَ ُ‬ ‫ِإنَّ ُك ْم ت َ ْق َرؤُونَ َه ِذ ِه ْاآليَةَ‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َ‬
‫علَ ْي ُك ْم أ َ ْنفُ َ‬
‫ض ِع َها‪َ ،‬و ِإ ِّني‬ ‫ع َلى َ‬
‫غي ِْر َم ْو ِ‬ ‫ضعُونَ َها َ‬ ‫ض َّل ِإذَا ا ْهت َ َد ْيت ُ ْم﴾ ِإ َلى آخ َِر ْاآل َي ِة‪َ ،‬و ِإ َّن ُك ْم تَ َ‬
‫َ‬
‫اس ِإذَا َرأ َ ُوا ْال ُم ْن َك َر َو َال يُغَ ِيّ ُرو َنهُ أ َ ْوش ََك‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪ِ " :‬إ َّن النَّ َ‬ ‫س ِم ْعتُ َر ُ‬‫َ‬
‫"اللَّهُ‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل‪ ،‬أ َ ْن يَعُ َّم ُه ْم ب ِعقَابه‬

‫ع ْن قَ ْو ِل ِه ﴿يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َ‬


‫ع َل ْي ُك ْم‬ ‫سأَلَهُ َر ُج ٌل َ‬ ‫ع ِن ْال َح َ‬
‫س ِن أ َ َّن ابْنَ َم ْسعُو ٍد َ‬ ‫و َ‬
‫ض َّل إِذَا ا ْهت َ َد ْيت ُ ْم﴾ فَقَا َل‪ :‬إِ َّن َهذَا َلي َ‬
‫ْس بِزَ َمانِ َها‪ِ ،‬إنَّ َها‬ ‫ض ُّر ُك ْم َم ْن َ‬ ‫أ َ ْنفُ َ‬
‫س ُك ْم َال يَ ُ‬
‫ي زَ َمانُ َها‪ ،‬ت َأ ْ ُم ُرونَ َفيُ ْ‬
‫ص َن ُع ِب ُك ْم َكذَا َو َكذَا‬ ‫ْ‬
‫ْال َي ْو َم َم ْقبُو َلةٌ‪َ .‬ولَ ِك َّنهُ قَ ْد أ َ ْوش ََك أ َ ْن َيأتِ َ‬
‫ض َّل﴾‬ ‫ض ُّر ُك ْم َم ْن َ‬
‫س ُك ْم َال َي ُ‬ ‫علَ ْي ُك ْم أَ ْنفُ َ‬
‫‪-‬أ َ ْو قَا َل‪ :‬فَ َال يُ ْقبَ ُل ِم ْن ُك ْم‪-‬فَ ِحي َنئِ ٍذ ﴿ َ‬

‫عجاب ك ِّل‬
‫َ‬ ‫عا وه ًَوى ُمتَّب ًعا ودُنيا ُمؤثِرةً و ِإ‬ ‫رأيت ُ‬
‫ش ًّحا ُمطا ً‬ ‫َ‬ ‫وفي الحديث "إذا‬
‫ص ِة نف ِس َك‬
‫"ذي رأي ٍ برأ ِي ِه فعليك بخا َّ‬
‫"‪.‬وال تزر وازرة وزر أخرى"‬

‫ض َر أ َ َح َد ُك ُم ال َم ْوتُ } اآلية‬ ‫‪.‬قوله‪{ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َ‬


‫ش َها َدة ُ َب ْينِ ُك ْم إ َذا َح َ‬

‫‪102‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وسبب نزولها كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس قال‪ :‬خ ََر َج‬
‫ي بأ َ ْر ٍ‬
‫ض‬ ‫س ْه ِم ُّ‬ ‫بن بَ َّداءٍ ‪ ،‬فَ َم َ‬
‫ات ال َّ‬ ‫يِ ِ‬
‫يِ‪ ،‬و َع ِد ّ‬
‫َّار ّ‬ ‫َر ُج ٌل ِمن بَنِي َ‬
‫س ْه ٍم مع ت َِم ٍيم الد ِ‬
‫صا ِمن َذ َه ٍ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ليس ب َها ُم ْس ِل ٌم‪ ،‬فَلَ َّما قَدِما بت َِر َك ِت ِه‪ ،‬فَقَدُوا َجا ًما ِمن ِف َّ‬
‫ض ٍة ُمخ ََّو ً‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬ث ُ َّم ُو ِج َد ال َجا ُم ب َم َّكةَ‪ ،‬فَقالوا‪:‬‬
‫فأحْ لَفَ ُهما َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫ش َها َدتُنَا أ َ َح ُّق ِمن‬
‫ام َر ُج َال ِن ِمن أ َ ْو ِليَا ِئ ِه‪ ،‬فَ َحلَفَا لَ َ‬
‫يٍ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ا ْبت َ ْعنَاهُ ِمن ت َِم ٍيم و َ‬
‫ع ِد ّ‬
‫ت هذِه اآل َيةُ‪َ { :‬يا أَيُّ َها الَّذِينَ‬
‫اح ِب ِه ْم‪ ،‬قا َل‪ :‬وفيهم نَزَ لَ ْ‬
‫ص ِ‬‫ام ِل َ‬ ‫ش َها َد ِت ِه َما‪َّ ،‬‬
‫وإن ال َج َ‬ ‫َ‬
‫ض َر أَ َح َد ُك ُم ال َم ْوتُ }‬
‫ش َها َدة ُ بَ ْينِ ُك ْم إ َذا َح َ‬
‫آ َمنُوا َ‬

‫غي ِْر ْال ُم ْس ِل ِمينَ ‪ِ .‬ع ْن َد فَ ْق ِد ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪،‬‬


‫غي ِْر ُك ْم﴾ أي ِم ْن َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو آخ ََر ِ‬
‫ان ِم ْن َ‬
‫سفَ ٍر‪َ ،‬وأ َ ْن يَ ُكونَ فِي َو ِ‬
‫صيَّ ٍة‬ ‫‪.‬ومن الشروط أ َ ْن يَ ُكونَ َذ ِل َك فِي َ‬

‫صالةِ﴾ قَا َل ْاَلكثَرون‪ :‬يَ ْعنِي َ‬


‫ص َالةَ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬تَحْ ِب ُ‬
‫سونَ ُه َما ِم ْن بَ ْع ِد ال َّ‬
‫ص ِر‬ ‫ْ‬
‫‪.‬العَ ْ‬

‫س َل فَيَقُو ُل َماذَا أ ُ ِج ْبت ُ ْم﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬فلَنَ ْسأَلَ َّن‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ْو َم يَجْ َم ُع اللَّهُ ُّ‬
‫الر ُ‬
‫الَّذِينَ أ ُ ْر ِس َل إِلَ ْي ِه ْم َولَنَ ْسأَلَ َّن ْال ُم ْر َ‬
‫سلِينَ ﴾‬

‫أظ َه ُر‬‫ي ْ‬ ‫س َّ‬ ‫إن ال َّد ِلي َل ِ‬


‫الح ِ ّ‬ ‫وقوله‪﴿ :‬وت َْط َمئِ َّن قُلُوبُنا﴾ ْ‬
‫أي بِ ُمشا َه َدةِ َه ِذ ِه ال ُم ْع ِجزَ ةِ فَ َّ‬
‫في النَّ ْف ِس‪ .‬قال تعالى عن إبراهيم عليه السالم {قَا َل َبلَ ٰى َو َل ٰـ ِكن ِلّ َي ۡط َم ِٕى َّن قَ ۡل ِبی}‬
‫‪103‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف العُلَما ُء‪ :‬ه َْل نَزَ َل ْ‬


‫ت‪ ،‬أ ْم ال؟‬ ‫اخت َ َل َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل اللَّهُ إ ِنّي ُمن ِ َّزلُها َ‬
‫ع َل ْي ُك ْم﴾ ْ‬
‫على قَ ْولَي ِْن‬ ‫‪َ .‬‬
‫‪.‬أ َح ُد ُهما‪ :‬أ َّنها نَزَ َل ْ‬
‫ت‬
‫ض َعلَ ْي ِه ُم ْالعَذَ ُ‬
‫اب إِ ْن َكفَ ُروا‪ ،‬فَأَبَ ْوا أ َ ْن‬ ‫والقَ ْو ُل الثّانِي‪ :‬أنَّها لَ ْم ت َ ْن ِز ْل‪ .‬و ُ‬
‫ع ِر َ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬
‫‪.‬ت َنزل َ‬

‫ُ‬ ‫ت قُ ْل َ‬ ‫سى ابْنَ َم ْريَ َم أَأ َ ْن َ‬ ‫﴿وإِ ْذ َقا َل اللَّهُ َيا ِعي َ‬
‫ي إِلَ َهي ِْن‬‫اس اتَّ ِخذُونِي َوأ ِّم َ‬ ‫ت ِللنَّ ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ارى‬ ‫ص َ‬ ‫اج ُح أ َ َّن َذ ِل َك َكائِ ٌن َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة‪ِ ،‬ل َي ُد َّل َ‬
‫ع َلى ت َ ْهدِي ِد ال َّن َ‬ ‫ُون اللَّ ِه﴾ ّ‬
‫الر ِ‬ ‫ِم ْن د ِ‬
‫ُوس ْاَل َ ْش َها ِد يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة‬
‫علَى ُرؤ ِ‬ ‫‪َ .‬وت َ ْق ِري ِع ِه ْم َوت َْوبِ ِ‬
‫يخ ِه ْم َ‬

‫‪104‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ِهيدٌ﴾ في‬‫ش ْيءٍ َ‬ ‫علَى ُك ِّل َ‬ ‫ت َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم َوأ َ ْن َ‬


‫يب َ‬
‫الرقِ َ‬
‫ت َّ‬ ‫ت أ َ ْن َ‬‫قوله‪﴿ :‬فَلَ َّما ت ََوفَّ ْيتَنِي ُك ْن َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ بِ َم ْو ِع َ‬
‫ظةٍ‪ ،‬فَقَا َل‪" :‬يَا‬ ‫َّاس َقا َل‪ :‬قَا َم فِينَا َر ُ‬‫عب ٍ‬ ‫ع ِن اب ِْن َ‬ ‫الصحيحين َ‬
‫غ ْرال َك َما َب َدأْنَا‬
‫ع َراة ً ُ‬ ‫ورونَ ِإلَى اللَّ ِه‪َ ،‬ع َّز َو َج َّل‪ُ ،‬حفَاة ً ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫اس‪ِ ،‬إنَّ ُك ْم َمحْ ُ‬ ‫أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫ق نُ ِعي ُدهُ‪َ ،‬و ِإ َّن أ َ َّو َل ْالخ ََال ِئ ِ‬
‫ق يُ ْكسى ِإب َْرا ِهي ُم‪ ،‬أ َ َال َو ِإنَّهُ يُ َجا ُء ِب ِر َجا ٍل ِم ْن‬ ‫أ َ َّو َل خ َْل ٍ‬
‫ش َما ِل فَأَقُولُ‪ :‬أ َ ْ‬
‫ص َحابِي‪َ .‬فيُقَالُ‪ِ :‬إنَّ َك َال ت َ ْد ِري َما‬ ‫أ ُ َّمتِي فَيُؤْ َخذُ بِ ِه ْم ذَ َ‬
‫ات ال ِ ّ‬
‫ش ِهيدًا َما د ُْمتُ‬ ‫علَ ْي ِه ْم َ‬
‫﴿و ُك ْنتُ َ‬
‫صا ِل ُح‪َ :‬‬ ‫أَحْ َدثُوا َب ْع َد َك‪ .‬فَأَقُو ُل َك َما قَا َل ْال َع ْب ُد ال َّ‬
‫ش ِهي ٌد ِإ ْن‬
‫ش ْيءٍ َ‬‫علَى ُك ِّل َ‬ ‫ت َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم َوأ َ ْن َ‬
‫يب َ‬
‫الرقِ َ‬ ‫ت َّ‬ ‫ت أَ ْن َ‬ ‫فِي ِه ْم فَلَ َّما ت ََوفَّ ْيتَنِي ُك ْن َ‬
‫يز ْال َح ِكي ُم﴾ َفيُقَالُ‪ :‬إِ َّن َه ُؤ َال ِء‬
‫ت ْالعَ ِز ُ‬ ‫تُعَ ِذّ ْب ُه ْم فَإِنَّ ُه ْم ِعبَاد َُك َوإِ ْن ت َ ْغ ِف ْر لَ ُه ْم فَإِنَّ َك أ َ ْن َ‬
‫ار ْقتَ ُه ْم‬‫علَى أ َ ْعقَا ِب ِه ْم ُم ْنذُ فَ َ‬ ‫‪".‬لَ ْم َيزَ الُوا ُم ْرت َ ّدِينَ َ‬

‫يز ْال َح ِكي ُم﴾‬


‫ت ْال َع ِز ُ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ْن ت ُ َع ِ ّذ ْب ُه ْم فَإِنَّ ُه ْم ِع َباد َُك َو ِإ ْن ت َ ْغ ِف ْر لَ ُه ْم فَإِنَّ َك أَ ْن َ‬
‫ام ِب َها لَ ْيلَةً َحتَّى ال َّ‬
‫صبَاحِ يُ َر ِ ّد ُدهَا‬ ‫‪َ .‬وقَ ْد َو َر َد فِي ْال َحدِيثِ‪ :‬أ َ َّن َر ُ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَ َ‬
‫عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال‪ :‬صلَّى رسو ُل الل ِه صلَّى اللهُ عليه‬
‫وسلم ليلةً فقرأ بآي ٍة حتَّى أصب َح يرك ُع بها ويسج ُد بها { ِإ ْن ت ُ َع ِ ّذ ْب ُه ْم فَإِنَّ ُه ْم‬
‫زلت تقرأ ُ هذه اآليةَ‬ ‫َ‬ ‫ِعبَاد َُك ‪ } . . .‬اآلية ‪ ،‬فل َّما أصبح قلتُ ‪ :‬يا رسو َل الل ِه ما‬
‫ربي الشفاعةَ َلمتي‬
‫َ‬ ‫أصبحت ترك ُع بها وتسج ُد بها ‪ .‬قال ‪ :‬إني سألتُ‬
‫َ‬ ‫حتَّى‬
‫فأعطانيها وهي نائلةٌ ْ‬
‫إن شاء اللهُ لمن ال يشركُ بالل ِه شيئًا" قال اَللباني‬
‫‪.‬حسن أو صحيح‬

‫‪105‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار خَا ِلدِينَ فِي َها أ َ َبدًا﴾ َك َما َقا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَ ُه ْم َجنَّ ٌ‬
‫ات تَجْ ِري ِم ْن تَحْ تِ َها اَل ْن َه ُ‬
‫ان ِمنَ اللَّ ِه أ َ ْكبَ ُر﴾‬
‫﴿و ِرض َْو ٌ‬
‫َ‬

‫وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي‬
‫‪:‬صلى الله عليه وسلم قال‬
‫إن اللَّهَ ت َ‬
‫َبار َك وت َعالَى يقو ُل َل ْه ِل ال َجنَّ ِة‪ :‬يا أ ْه َل ال َجنَّ ِة؟ ف َيقولونَ ‪َ :‬لبَّي َْك َربَّنا "‬ ‫َّ‬
‫ط ْيت َنا ما لَ ْم‬
‫ضى وق ْد أ ْع َ‬
‫ضيت ُ ْم؟ فيَقولونَ ‪ :‬وما لنا ال ن َْر َ‬ ‫س ْع َدي َْك‪ ،‬فيَقولُ‪ْ :‬‬
‫هل َر ِ‬ ‫و َ‬
‫ذلك‪ ،‬قالوا‪ :‬يا َربّ ِ ‪ ،‬وأ َ ُّ‬
‫ي‬ ‫ض َل ِمن َ‬ ‫ت ُ ْع ِط أ َحدًا ِمن خ َْل ِق َك‪ ،‬فيَقولُ‪ :‬أنا أُع ِ‬
‫ْطي ُك ْم أ ْف َ‬
‫ذلك؟ ف َيقولُ‪ :‬أ ُ ِح ُّل علَ ْي ُكم ِرضْوانِي‪ ،‬فال أ ْس َخ ُ‬
‫ط علَ ْي ُكم َب ْع َدهُ‬ ‫شيءٍ أ ْف َ‬
‫ض ُل ِمن َ‬
‫"‪.‬أبَدًا‬

‫تمت سورة المائدة بحمد الله‬

‫‪106‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةُ األ ْنعام‬


‫س َ‬‫ُ‬

‫ي َم ِ ّكيَّةٌ‬
‫َو ِه َ‬

‫الر ِح ِيم‬ ‫ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬


‫الرحْ َم ِن َّ‬

‫ور﴾‬ ‫ض و َجعَ َل ُّ‬


‫الظلُما ِ‬
‫ت والنُّ َ‬ ‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫قوله‪﴿ :‬ال َح ْم ُد ِللَّ ِه الَّذِي َخلَقَ ال َّ‬
‫سماوا ِ‬
‫َج َع َل ُهنا ِب َم ْعنى َخ َلقَ ‪ .‬وهذا ر ّد على من قال‪ :‬إن الظلم خلق كل شر‪ ،‬والنور‬
‫‪.‬خلق كل خير‬
‫"الظلُ َماتِ" ِل َكثْ َر ِة أسْبا ِبه وت َ َع ُّد ِد أ ْنوا ِعه الحسيّة والمعنويّة‬
‫ُّ‬ ‫‪.‬و َج َم َع سبحانه لَ ْف َ‬
‫ظ‬ ‫َ‬
‫اطي ُم ْست َ ِقي ًما فَات َّ ِبعُوهُ َوال تَت َّ ِبعُوا‬ ‫﴿وأ َ َّن َه َذا ِ‬
‫ص َر ِ‬ ‫ور" َك َما قَا َل َ‬ ‫ظ "النُّ َ‬ ‫وو َّحد لَ ْف َ‬
‫سبِي ِل ِه﴾‬ ‫سبُ َل فَتَفَ َّرقَ بِ ُك ْم َ‬
‫ع ْن َ‬ ‫ال ُّ‬

‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬ث ُ َّم قَضى أ َج ًال وأ َج ٌل ُم َ‬


‫س ًّمى ِع ْن َدهُ﴾ َقضى أ َج ًال يَ ْعنِي ال َم ْو َ‬
‫ت ﴿وأ َج ٌل‬
‫س ًّمى ِع ْن َدهُ﴾ يَ ْعنِي ال ِقيا َمةَ‬
‫‪ُ .‬م َ‬
‫ي‪َ :‬ال َي ْعلَ ُمهُ ِإ َّال ُه َو‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إنَّ َما ِع ْل ُم َها ِع ْن َد‬ ‫َو َم ْعنَى قَ ْو ِل ِه‪ِ ﴿ :‬ع ْن َدهُ﴾ أ َ ْ‬
‫َربِّي َال يُ َج ِّلي َها ِل َو ْقتِ َها ِإال ُه َو﴾‬

‫‪107‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض َي ْعلَ ُم ِس َّر ُك ْم َو َج ْه َر ُك ْم َو َي ْع َل ُم َما‬


‫اَلر ِ‬
‫ت َوفِي ْ‬ ‫﴿و ُه َو اللَّهُ فِي ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اَلرض َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫ت َو َم ْن فِي‬ ‫ي‪ :‬يَ ْعبُ ُدهُ َم ْن فِي ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫ت َ ْك ِسبُونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ض ِإ َلهٌ﴾ وهذا ر ّد على الجهميّة‬ ‫اَلر ِ‬‫اء ِإ َلهٌ َو ِفي ْ‬ ‫‪.‬الَّذِي ِفي ال َّ‬
‫س َم ِ‬
‫﴿وفِي‬ ‫ف ت َا ٌّم‪ ،‬ث ُ َّم ا ْست َأْن َ‬
‫َف ْال َخبَ َر فَقَا َل‪َ :‬‬ ‫﴿و ُه َو اللَّهُ فِي ال َّ‬
‫س َم َاواتِ﴾ َو ْق ٌ‬ ‫أن قَ ْولَهُ َ‬
‫أو َّ‬
‫ض يَ ْع َل ُم ِس َّر ُك ْم َو َج ْه َر ُك ْم َويَ ْعلَ ُم َما تَ ْك ِسبُونَ ﴾‬
‫اَلر ِ‬
‫ْ‬

‫سوهُ بِأ َ ْيدِي ِه ْم لَقَا َل الَّذِينَ َكفَ ُروا إِ ْن‬


‫اس فَلَ َم ُ‬ ‫علَي َْك ِكت َابًا فِي قِ ْر َ‬
‫ط ٍ‬ ‫﴿ولَ ْو ْ‬
‫نزلنَا َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫اء‬ ‫علَ ْي ِه ْم َبابًا ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫﴿ولَ ْو فَتَحْ نَا َ‬
‫ين﴾ َو َهذَا َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫َهذَا ِإال سِحْ ٌر ُم ِب ٌ‬
‫ورونَ ﴾‬ ‫ارنَا بَ ْل نَحْ ُن قَ ْو ٌم َم ْس ُح ُ‬ ‫ت أ َ ْب َ‬
‫ص ُ‬ ‫ظلُّوا فِي ِه يَ ْع ُر ُجونَ لَقَالُوا ِإنَّ َما ُ‬
‫س ِ ّك َر ْ‬ ‫فَ َ‬

‫سونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬لَ ْو‬ ‫علَ ْي ِه ْم َما يَ ْل ِب ُ‬
‫﴿ولَ ْو َج َع ْلنَاهُ َملَ ًكا لَ َج َع ْلنَاهُ َر ُجال َولَلَبَ ْسنَا َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ط َبتُهُ‪ .‬ولهذا كان‬ ‫علَى َه ْيئ َ ِة َر ُج ٍل لت ُ ْف َهم ُمخَا َ‬ ‫وال َملَ ِكيًّا لَ َكانَ َ‬ ‫س ً‬‫بَعَثْنَا ِإلَى ْالبَش َِر َر ُ‬
‫علَى َه ْيئَ ِة َر ُج ٍل‬
‫‪.‬جبريل عليه السالم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم َ‬
‫س ًال‬
‫ص ْنفٍ ِمنَ الخالئق ُر ُ‬ ‫فَ ِم ْن َرحْ َم ِة اللَّ ِه ت َ َعالَى ِبخ َْل ِق ِه أَنَّهُ يُ ْر ِس ُل ِإ َلى ُك ِّل ِ‬
‫ط َمئِ ّنِينَ لَ ْ‬
‫نزلنَا‬ ‫شونَ ُم ْ‬
‫ض َمالئِ َكةٌ يَ ْم ُ‬ ‫ِم ْن ُه ْم‪ .‬قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬قُ ْل لَ ْو َكانَ فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫اء َملَ ًكا َر ُ‬
‫سوال﴾‬ ‫س َم ِ‬‫علَ ْي ِه ْم ِمنَ ال َّ‬ ‫َ‬
‫سوال ِم ْن أ َ ْنفُ ِس ِه ْم يَتْلُو‬ ‫علَى ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِإ ْذ َب َع َ‬
‫ث فِي ِه ْم َر ُ‬ ‫َوقَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬لَقَ ْد َم َّن اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم آ َيا ِت ِه َويُزَ ِ ّكي ِه ْم﴾‬ ‫َ‬
‫‪108‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫لر ۡح َم ٰۚةَ }‬
‫علَ ٰى ن َۡف ِس ِه ٱ َّ‬ ‫قوله‪َ { :‬كت َ‬
‫َب َ‬
‫يﷺ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل النَّ ِب ُّ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرةَ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫َك َما ثَبَ َ‬
‫ت فِي ال َّ‬
‫َب ِكت َابًا ِع ْن َدهُ فَ ْوقَ ْالعَ ْر ِش‪ ،‬إِ َّن َرحْ َمتِي ت َ ْغ ِل ُ‬
‫ب‬ ‫"إِ َّن اللَّهَ لَ َّما َخلَقَ الخ َْلق َكت َ‬
‫ض ِبي‬
‫غ َ‬
‫" َ‬

‫ض﴾ َك َما قَا َل ﴿قُ ْل أَفَغَي َْر‬


‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬
‫اط ِر ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫غي َْر َّ‬
‫الل ِه أَت َّ ِخذُ َو ِليًّا فَ ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل أ َ َ‬
‫اللَّ ِه تَأ ْ ُم ُرو ّنِي أ َ ْعبُ ُد أَيُّ َها ْال َجا ِهلُونَ ﴾‬

‫اق ِلخ َْل ِق ِه ِم ْن َ‬


‫غي ِْر احْ ِت َياجٍ ِإلَ ْي ِه ْم‪،‬‬ ‫الر َّز ُ‬
‫ي‪َ :‬و ُه َو َّ‬ ‫ط ِع ُم َوال ُي ْ‬
‫ط َع ُم﴾ أَ ْ‬ ‫﴿و ُه َو يُ ْ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ُون َما أ ُ ِري ُد ِم ْن ُه ْم ِم ْن ِر ْز ٍ‬
‫ق‬ ‫س ِإال ِليَ ْعبُد ِ‬ ‫﴿و َما َخلَ ْقتُ ْال ِج َّن َواْل ْن َ‬
‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫اق ذُو ْالقُ َّوةِ ْال َمتِ ُ‬
‫ين﴾‬ ‫ون إِ َّن ا َّللهَ ُه َو َّ‬
‫الر َّز ُ‬ ‫َو َما أ ُ ِري ُد أ َ ْن يُ ْ‬
‫ط ِع ُم ِ‬

‫ع ْنهُ﴾ يَ ْعنِي‪ْ :‬ال َع َذ َ‬


‫اب ﴿يَ ْو َمئِ ٍذ فَقَ ْد َر ِح َمهُ﴾ يَ ْعنِي‪ :‬فَقَ ْد َر ِح َمهُ‬ ‫ف َ‬ ‫ص َر ْ‬‫قوله‪َ ﴿ :‬م ْن يُ ْ‬
‫ار َوأ ُ ْد ِخ َل ْال َجنَّةَ فَقَ ْد‬
‫ع ِن النَّ ِ‬
‫ين﴾ َك َما قَا َل‪﴿ :‬فَ َم ْن ُزحْ ِز َح َ‬‫﴿وذَ ِل َك ْالفَ ْو ُز ْال ُم ِب ُ‬
‫اللَّهُ َ‬
‫فَازَ ﴾‬

‫‪109‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف لَهُ ِإال ُه َو َو ِإ ْن َي ْم َسس َ‬


‫ْك ِب َخي ٍْر فَ ُه َو‬ ‫ض ٍ ّر فَال َكا ِش َ‬ ‫اللهُ ِب ُ‬‫ْك َّ‬
‫﴿و ِإ ْن َي ْم َسس َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫اس ِم ْن َرحْ َم ٍة فَال‬ ‫ِير﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬ما يَ ْفت َحِ َّ‬
‫اللهُ ِللنَّ ِ‬ ‫ش ْيءٍ َقد ٌ‬ ‫علَى ُك ِّل َ‬
‫َ‬
‫سو َل‬ ‫ين أ َ َّن َر ُ‬ ‫ُم ْم ِس َك لَ َها َو َما يُ ْم ِس ْك َفال ُم ْر ِس َل لَهُ ِم ْن َب ْع ِد ِه﴾ َو ِفي ال َّ‬
‫ص ِحي َح ِ‬
‫ت‪َ ،‬و َال‬‫ي ِل َما َمنَ ْع َ‬
‫معط َ‬
‫ِ‬ ‫طيْت‪َ ،‬و َال‬ ‫اللَّ ِه ﷺ َكانَ يَقُولُ‪" :‬اللَّ ُه َّم َال َما ِن َع ِلما أ َ ْع َ‬
‫‪.‬يَ ْنفَ ُع َذا ال َج ّد ِم ْن َك ال َجدّ" وعلم النبي الصحابة أن ال يستعينوا إال بالله‬

‫ع ْن‬
‫ي َ‬‫تاب يَ ْع ِرفُونَهُ َكما يَ ْع ِرفُونَ أبْنا َء ُه ُم﴾ و َق ْد ُر ِو َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬الَّذِينَ آتَيْنا ُه ُم ال ِك َ‬
‫ف ولَ َد َك ؟ قا َل‪ :‬نَعَ ْم‬ ‫ف ُم َح َّمدًا َكما ت َ ْع ِر ُ‬‫الم‪ :‬أت َ ْع ِر ُ‬
‫س ٍ‬ ‫ع ْم َر أنَّهُ قا َل ِلعَ ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َ‬
‫ُ‬
‫ض ِبنَ ْعتِ ِه فَ َع َر ْفتُهُ‪ ،‬وإ ّنِي‬‫اَلر ِ‬ ‫ين في ْ‬ ‫على اَل ِم ِ‬ ‫ماء َ‬
‫س ِ‬ ‫ين ِمنَ ال َّ‬ ‫وأ ْكث َ ُر؛ نَزَ َل ِ‬
‫اَلم ُ‬
‫ع َم ُر َرأْ َ‬
‫سهُ‬ ‫‪.‬ال أ ْد ِري ما كانَ ِمن أ ُ ِّم ِه‪ .‬فَقَبَّ َل ُ‬

‫الل ِه َربِّنَا َما ُكنَّا ُم ْش ِركِينَ ﴾ فَإِنَّ ُه ْم َرأ َ ْوا أَنَّهُ َال يَ ْد ُخ ُل ْال َجنَّةَ إِ َّال أَ ْه ُل‬
‫﴿و َّ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ص َال ِة‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬ت َ َعالَ ْوا فَ ْلنَجْ َح ْد‪ ،‬فَ َيجْ َحدُونَ ‪ ،‬فَ َي ْخ ِت ُم اللَّهُ َ‬
‫علَى أ َ ْف َوا ِه ِه ْم‪َ ،‬وت َ ْش َه ُد‬ ‫ال َّ‬
‫‪.‬أ َ ْيدِي ِه ْم َوأ َ ْر ُجلُ ُه ْم َو َال يَ ْكت ُ ُمونَ اللَّهَ َحدِيثًا‬

‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬


‫﴿و ِإ ْن َي َر ْوا ُك َّل آ َي ٍة َال يُؤْ ِمنُوا ِب َها﴾ كما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و ِإ ْن َي َر ْوا ِك ْسفًا ِمنَ‬
‫اب َم ْر ُكو ٌم﴾‬ ‫طا يَقُولُوا َ‬
‫س َح ٌ‬ ‫اء َساقِ ً‬
‫س َم ِ‬
‫ال َّ‬

‫‪110‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْس َهذَا‬ ‫ي‪ :‬أُوقِفُوا َبيْنَ َي َد ْي ِه َقا َل‪﴿ :‬أَلَي َ‬


‫علَى َر ِبّ ِه ْم﴾ أَ ْ‬
‫﴿ولَ ْو ت ََرى ِإ ْذ ُوقِفُوا َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫سيُ َك ِلّ ُمهُ َربُّهُ‪،‬‬
‫ي‪ :‬البعث‪ .‬وفي الصحيحين "ما ِمن ُكم ِمن أ َح ٍد َّإال َ‬ ‫بِ ْال َح ّ ِ‬
‫ق﴾ أ َ ْ‬
‫جاب َيحْ ُجبُهُ‬ ‫"ليس ب ْينَهُ وب ْينَهُ ت ُ ْر ُج ٌ‬
‫مان‪ ،‬وال ِح ٌ‬ ‫َ‬

‫علَى َما ُك ِذّبُوا َوأُوذُوا َحتَّى أَتَا ُه ْم‬ ‫صبَ ُروا َ‬ ‫س ٌل ِم ْن َق ْب ِل َك َف َ‬


‫ت ُر ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ َ‬
‫﴿ولَقَ ْد ُك ِذّ َب ْ‬
‫ت اللَّ ِه﴾ أَيِ‪ :‬الَّ ِتي َكت َ َب َها ِبالنَّ ْ‬
‫ص ِر ِفي ال ُّد ْن َيا َو ْاآل ِخ َر ِة‬ ‫ص ُرنَا َوال ُم َب ِ ّد َل ِل َك ِل َما ِ‬
‫نَ ْ‬
‫سلَنا والَّذِينَ آ َمنُوا﴾‬ ‫ِل ِعبَا ِد ِه ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪َ ،‬ك َما قَا َل‪﴿ :‬إنّا َلنَ ْن ُ‬
‫ص ُر ُر ُ‬

‫ي‪ :‬سماع قبول وانتفاع َكقَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫يب الَّذِينَ َي ْس َمعُونَ ﴾ أَ ْ‬‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إنَّ َما َي ْست َِج ُ‬
‫﴿أو َمن كانَ‬ ‫علَى ْال َكافِ ِرينَ ﴾ و َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬‫﴿ ِليُ ْنذ َِر َم ْن َكانَ َحيًّا َويَ ِح َّق ْالقَ ْو ُل َ‬
‫َم ْيتًا فَأحْ َييْناهُ﴾‬

‫ار؛ َِلَنَّ ُه ْم َم ْوت َى ْالقُلُو ِ‬


‫ب‬ ‫اللهُ﴾ يَ ْعنِي‪ِ :‬بذَ ِل َك ْال َكفَّ َ‬
‫﴿و ْال َم ْوت َى يَ ْبعَث ُ ُه ُم َّ‬
‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ َ‬

‫علَى ُم ْقتَ َ‬
‫ضى َما َكانُوا‬ ‫َار ٌق َ‬ ‫علَ ْي ِه آ َيةٌ ِم ْن َربِّ ِه﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬خ ِ‬ ‫﴿وقَالُ ۟‬
‫وا لَ ْوال نُ ِ ّز َل َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ض‬ ‫يُ ِريدُونَ ‪َ ،‬و ِم َّما َيتَعَنَّتُونَ َك َما َقالُوا‪﴿ :‬لَ ْن نُؤْ ِمنَ لَ َك َحتَّى ت َ ْف ُج َر َلنَا ِمنَ ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫َي ْنبُو ً‬
‫عا﴾‬

‫ش ْيءٍ ﴾‬
‫ب ِمن َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ما فَ َّر ْ‬
‫طنا في ال ِكتا ِ‬
‫‪111‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أي ما ت ََر ْكنا‬ ‫إن ال ُمرا َد ِب ِه القُ ْر ُ‬


‫آن‪ْ :‬‬ ‫ب‪ :‬اللَّ ْو ُح ال َمحْ فُو ُ‬
‫ظ‪ ،‬وقِي َل‪َّ :‬‬ ‫وال ُمرا ُد ِبال ِكتا ِ‬
‫يال ْأو إجْ ً‬
‫ماال‬ ‫ص ً‬‫ِين إ ّما تَ ْف ِ‬
‫ش ْيءٍ ِمن ْأم ِر ال ّد ِ‬ ‫‪.‬في القُ ْر ِ‬
‫آن ِمن َ‬

‫َوقَ ْولُهُ ﴿ث ُ َّم ِإلَى َر ِبّ ِه ْم يُحْ ش َُرونَ ﴾ يَ ْعنِي اَل ُ َم َم ال َم ْذ ُك َ‬


‫ورة َ‪ ،‬وفِي ِه َداللَةٌ َعلى َّ‬
‫أن‬
‫﴿وإِذَا ْال ُو ُح ُ‬
‫وش‬ ‫ت تُحْ ش َُر َكما يُحْ ش َُر بَنُو آ َد َم‪َ .‬ك َما قَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬
‫ال َحيَوانَا ِ‬
‫ُح ِش َر ْ‬
‫ت﴾‬
‫ط َّه َرةِ قوله صلى الله عليه وسلم‪« :‬لَت ُ َؤد َُّّن ال ُحقُوقَ إلى‬
‫سنَّ ِة ال ُم َ‬
‫ص َّح في ال ُّ‬
‫و َ‬
‫شاةِ القَ ْر ِ‬
‫ناء‪ ».‬رواه مسلم‬ ‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬حتَّى يُقا َد ِلل ّشاةِ ال َج ْل ِ‬
‫حاء‪ِ ،‬منَ ال َّ‬ ‫‪.‬أ ْه ِلها يَ َ‬

‫غي َْر اللَّ ِه‬ ‫ذاب اللَّ ِه ْأو أتَتْ ُك ُم ال ّسا َ‬


‫عةُ أ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫إن أتاكم َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل َ‬
‫أرأ ْيت َكم ْ‬
‫إن ُك ْنت ُ ْم صا ِدقِينَ َب ْل إيّاهُ ت َ ْدعُونَ ﴾ كما قال تعالى‪﴿ :‬فَإذا َر ِكبُوا في‬‫ت َ ْدعُونَ ْ‬
‫صينَ لَهُ ال ّدِينَ ﴾‬ ‫الفُ ْل ِك َد َ‬
‫ع ُوا اللَّهَ ُم ْخ ِل ِ‬

‫ش ْيءٍ َحتَّى ِإذَا فَ ِر ُحوا‬ ‫علَ ْي ِه ْم أَب َْو َ‬


‫اب ُك ِّل َ‬ ‫سوا َما ذُ ِ ّك ُروا ِب ِه َفتَحْ نَا َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَلَ َّما نَ ُ‬
‫رأيت اللهَ تعالى‬ ‫َ‬ ‫سونَ ﴾ وفي الحديث‪" :‬إذا‬ ‫بِ َما أُوتُوا أ َ َخ ْذنَا ُه ْم بَ ْغتَةً َفإِذَا ُه ْم ُم ْب ِل ُ‬
‫معاصيه ؛ فإنَّما ذلك منه‬
‫ِ‬ ‫يُعطي العب َد من الدنيا ما يُحبُّ ‪ ،‬و هو مقي ٌم على‬
‫‪.‬استدرا ٌج" صححه اَللباني‪ .‬وفي رواية أنه تال هذه اآلية‬

‫‪112‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬حتَّى ِإذَا فَ ِر ُحوا ِب َما أُوتُوا أ َ َخ ْذنَا ُه ْم َب ْغتَةً فَإِذَا ُه ْم ُم ْب ِل ُ‬


‫سونَ ﴾ كما في‬
‫"إن اللَّهَ َليُ ْم ِلي ِل ّ‬
‫لظا ِل ِم‪ ،‬حتَّى إذا أ َخذَهُ لَ ْم يُ ْف ِلتْهُ‪ .‬قا َل‪ :‬ث ُ َّم قَ َرأ َ‬ ‫صحيح البخاري َّ‬
‫ظا ِل َمةٌ ِإ َّن أ َ ْخذَهُ أ َ ِلي ٌم َ‬
‫شدِيدٌ}‬ ‫{و َكذَ ِل َك أ َ ْخذُ َر ِبّ َك ِإذَا أ َ َخ َذ ْالقُ َرى َو ِه َ‬
‫ي َ‬ ‫" َ‬

‫علَ ٰى قُلُوبِ ُكم﴾‬


‫ص ٰـ َر ُك ۡم َو َخت ََم َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ۡل أ َ َر َء ۡيت ُ ۡم إِ ۡن أ َ َخذَ ٱللَّهُ َ‬
‫س ۡمعَ ُك ۡم َوأ َ ۡب َ‬
‫أخذُ‬
‫اع ِبها‪ْ ،‬أو ْ‬ ‫أخذُ ال َمعا ِني القا ِئ َم ِة ِب َه ِذ ِه ال َج ِ‬
‫وارحِ َو َم ْنعِ ِاال ْن ِتفَ ِ‬ ‫ال ُمرا ُد‪ْ :‬‬
‫وارحِ نَ ْف ِسها‬
‫‪.‬ال َج ِ‬

‫ي ِ يُ ِريدُونَ وجْ َههُ﴾‬ ‫َط ُر ِد الَّذِينَ َي ْدعُونَ َربَّهم ِبالغَداةِ وال َع ِش ّ‬ ‫﴿وال ت ْ‬ ‫َق ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫س َك َم َع الَّذِينَ يَ ْدعُونَ َربَّ ُه ْم بِ ْالغَ َداةِ َو ْال َع ِش ّ‬
‫ي ِ يُ ِريدُونَ‬ ‫صبِ ْر نَ ْف َ‬ ‫َك َما قَا َل‪َ :‬‬
‫﴿وا ْ‬
‫َوجْ َههُ﴾ فكان صلى الله عليه وسلم يحب المساكين ويقول‪" :‬الله َّم أحْ يني‬
‫اكين" صححه اَللباني‬
‫س ِ‬ ‫‪.‬مسكينًا وأ َ ِمتني ِمسكينًا واح ُ‬
‫ش ْرني في ُزمرةِ الم َ‬ ‫ِ‬

‫الء َم َّن اللَّهُ َ‬


‫علَ ْي ِه ْم ِمن بَ ْي ِننا﴾‬ ‫ض ِليَقُولُوا أ َه ُؤ ِ‬ ‫﴿و َكذَ ِل َك َفتَنّا بَ ْع َ‬
‫ضهم ِببَ ْع ٍ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫﴿وقا َل الَّذِينَ َكفَ ُروا ِللَّذِينَ آ َمنُوا لَ ْو كانَ َخي ًْرا ما َ‬
‫سبَقُونا إ َل ْي ِه﴾‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬

‫‪:‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ما ِع ْندِي ما ت َ ْست َ ْع ِجلُونَ بِ ِه﴾ اآليَةَ‪ .‬كما قال تعالى‬

‫‪113‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَيْنا ِح َ‬
‫جارة ً ِمنَ‬ ‫ِك فَ ْ‬
‫أم ِط ْر َ‬ ‫﴿وإ ْذ قالُوا اللَّ ُه َّم ْ‬
‫إن كانَ هَذا هو ال َح َّق ِمن ِع ْند َ‬ ‫َ‬
‫إن ُك ْنت ُ ْم‬ ‫ب أ ِل ٍيم﴾ وقال‪﴿ :‬ويَقُولُونَ َمتى هَذا َ‬
‫الو ْع ُد ْ‬ ‫ماء أ ِو ائْتِنا بِ َعذا ٍ‬
‫س ِ‬ ‫ال َّ‬
‫صا ِدقِينَ ﴾‬

‫ي‬ ‫أن ِع ْندِي ما تَ ْست َ ْع ِجلُونَ ِب ِه لَقُ ِ‬


‫ض َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪﴿ :‬قُ ْل َل ْو َّ‬
‫علَ ْي ِه ْم لَ َع َّجلَهُ‬ ‫ص ِري ٌح في أ َّنهُ ﷺ لَ ْو كانَ بِيَ ِد ِه ت َ ْع ِجي ُل ال َعذا ِ‬
‫ب َ‬ ‫اَلم ُر﴾ اآليَةَ‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫ي اللَّهُ َع ْنها‪:‬‬ ‫شةَ ‪َ -‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ث عا ِئ َ‬
‫ص ِحي َحي ِْن“ ِمن َحدِي ِ‬ ‫علَ ْي ِه ْم‪َ ،‬م َع أنَّهُ ث َ َب َ‬
‫ت في ”ال َّ‬ ‫َ‬
‫ت ْ‬
‫أط َب ْقتُ َ‬
‫ع َل ْي ِه ُم‬ ‫إن ِش ْئ َ‬
‫الجبا ِل‪ ،‬وقا َل َلهُ‪ْ :‬‬ ‫س َل َّ‬
‫اللهُ إ َل ْي ِه َم َل َك ِ‬ ‫أر َ‬
‫يﷺ ْ‬ ‫أن ال َّن ِب َّ‬‫« َّ‬
‫أن يُ ْخ َر َج‬ ‫أر ُجو ْ‬ ‫ش َبي ِْن‪ ،‬و ُهما َجبَال َم َّكةَ اللَّ ِ‬
‫ذان يَ ْكتَنِفا ِنها‪ ،‬فَقا َل ‪ -‬ﷺ‪” :‬بَ ْل ْ‬ ‫ْ‬
‫اَلخ َ‬
‫اب ‪َ -‬و َّ‬
‫اللهُ أ َ ْعلَ ُم ‪:-‬‬ ‫ش ْيئًا“» َف ْال َج َو ُ‬ ‫صال ِب ِه ْم َمن َي ْعبُ ُد اللَّهَ ال يُ ْش ِركُ ِب ِه َ‬
‫اللَّهُ ِمن أ ْ‬
‫طلُبُونَهُ حا َل‬ ‫ب الَّذِي َي ْ‬ ‫علَى أَنَّهُ لَ ْو َكانَ ِإلَ ْي ِه وقوعُ ْال َع َذا ِ‬‫أ َ َّن َه ِذ ِه ْاآل َيةَ َد َّلت َ‬
‫ع ْالعَذَا ِ‬
‫ب‬ ‫سأَلُوهُ ُوقُو َ‬
‫ْس فِي ِه أَنَّ ُه ْم َ‬ ‫طلبهم َلهُ‪ََ ،‬ل َ ْوقَعَهُ بِ ِه ْم‪َ .‬وأ َ َّما ْال َح ِد ُ‬
‫يث‪ ،‬فَلَي َ‬ ‫َ‬
‫ع َد َم إ ْهال ِك ِه ْم‬
‫تار َ‬ ‫علَ ْي ِه ال َملَكُ إ ْهال َكهم ْ‬
‫فاخ َ‬ ‫ض َ‬ ‫‪ِ .‬ب ِه ْم‪َ ،‬ب ْل َ‬
‫ع َر َ‬

‫‪114‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب ال يُ ْع ِل ُمها ّإال ُه َو﴾ اآل َيةَ‪َ .‬بيَّنَ ت َعالى ال ُمرا َد‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ِع ْن َدهُ َمفاتِ ُح الغَ ْي ِ‬
‫ْث ويَ ْعلَ ُم ما في‬
‫ع ِة ويُن ِ َّز ُل الغَي َ‬ ‫اللهَ ِع ْن َدهُ ِع ْل ُم ال ّ‬
‫سا َ‬ ‫﴿إن َّ‬
‫ب بِقَ ْو ِل ِه‪َّ :‬‬‫بِ َمفاتِحِ الغَ ْي ِ‬
‫ض ت َ ُموتُ‬
‫أر ٍ‬
‫يِ ْ‬ ‫غدًا وما ت َ ْد ِري نَ ْف ٌ‬
‫س ِبأ ّ‬ ‫س ماذا ت َ ْك ِس ُ‬
‫ب َ‬ ‫حام وما ت َ ْد ِري نَ ْف ٌ‬
‫اَلر ِ‬
‫ْ‬
‫غي ُْر ُهما َ‬
‫ع ِن‬ ‫ي‪ ،‬وأحْ َمدُ‪ ،‬و َ‬ ‫خار ُّ‬
‫أخ َر َج البُ ِ‬‫ير﴾ [لقمان‪ ،]٤٣ :‬فَقَ ْد ْ‬ ‫إن اللَّهَ َ‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِب ٌ‬ ‫َّ‬
‫ورةِ في‬ ‫ب الخ َْم ِس ال َم ْذ ُك َ‬
‫أن ال ُمرا َد بِ َمفاتِحِ الغَ ْي ِ‬ ‫ع ِن ال َّنبِ ّ‬
‫ي ِ ‪ -‬ﷺ‪َّ :‬‬ ‫ع َم َر‪َ ،‬‬
‫اب ِْن ُ‬
‫اآل َي ِة ال َم ْذ ُكو َر ِة‪ ،‬وال َمفا ِت ُح الخَزا ِئ ُن‪َ ،‬ج ْم ُع َم ْفت َحٍ ِبفَتْحِ ِ‬
‫الم ِيم ِب َم ْعنى ال َم ْخزَ ِن‪،‬‬
‫الم ْفتا ُح‬ ‫‪.‬وقِي َل‪ :‬هي ال َمفا ِتي ُح‪َ ،‬ج ْم ُع ِم ْفت َحٍ بِ َكس ِْر ِ‬
‫الم ِيم‪ ،‬وهو ِ‬

‫سو َل اللَّ ِه ﷺ يُ ْخ ِب ُر‬ ‫ع َم َّ‬


‫أن َر ُ‬ ‫ت‪َ ” :‬من زَ َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنها ‪ -‬قالَ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫شةَ ‪َ -‬ر ِ‬
‫ع ْن عائِ َ‬ ‫َو َ‬
‫على اللَّ ِه ال ِف ْريَةَ“‪ ،‬واللَّهُ يَقُولُ‪﴿ :‬قُ ْل ال يَ ْعلَ ُم َمن‬ ‫غدٍ‪ ،‬فَقَ ْد أ ْع َ‬
‫ظ َم َ‬ ‫ون في َ‬ ‫بِما يَ ُك ُ‬
‫ْب ّإال اللَّهُ﴾ ْ‬
‫أخ َر َجهُ ُم ْس ِل ٌم‬ ‫ض ال َغي َ‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬
‫‪.‬في ال َّ‬

‫‪115‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫هار﴾ اآل َيةَ‪ ،‬ذَ َك َر‬ ‫﴿وهو الَّذِي َيت ََوفّاكم ِب َّ‬
‫الل ْي ِّل و َي ْعلَ ُم ما َج َرحْ ت ُ ْم ِبالنَّ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ضعٍ آخ ََر إلى أنَّهُ وفاة ٌ‬ ‫وأشار في َم ْو ِ‬
‫َ‬ ‫في َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة أ َّن النَّ ْو َم وفاةٌ‪،‬‬
‫ت َح ِقيقَةً‪ ،‬وأنَّهُ ت َعالى يُ ْر ِس ُل ُرو َحهُ إلى َب َد ِن ِه‬ ‫صاح َبها لَ ْم َي ُم ْ‬
‫ِ‬ ‫ص ْغرى‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ُ‬
‫صاحبُها‪ ،‬و ِلذا‬ ‫ِ‬ ‫ت َّال ِتي هي ال ُكبْرى قَ ْد َ‬
‫مات‬ ‫وأن وفاة َ ال َم ْو ِ‬ ‫ي أجْ لُهُ‪َّ ،‬‬ ‫ض َ‬‫َحتّى يَ ْن َق ِ‬
‫س ِحينَ َم ْوتِها‬ ‫يُ ْم ِسكُ ُرو َحهُ ِع ْن َدهُ‪ ،‬وذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬اللَّهُ َيت ََوفّى اَل ْنفُ َ‬
‫ت ويُ ْر ِس ُل اَل ُ ْخرى‬ ‫نامها َفيُ ْم ِسكُ َّال ِتي َقضى َ‬
‫علَيْها ال َم ْو َ‬ ‫والَّ ِتي لَ ْم ت َ ُم ْ‬
‫ت في َم ِ‬
‫ت ِلقَ ْو ٍم يَتَفَ َّك ُرونَ ﴾‬
‫إن في َذ ِل َك َآليا ٍ‬
‫س ًّمى َّ‬
‫إلى أ َج ٍل ُم َ‬

‫﴿و ُه َو ْالقَا ِه ُر فَ ْوقَ ِع َبا ِد ِه﴾ ال ُمرا ُد فَ ْوقِيَّةُ القُ ْد َرةِ ُّ‬
‫والرتْ َب ِة‪ ،‬وهذا ر ّد على‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫‪.‬القائلين‪ :‬الله موجود فى كل مكان‬

‫ي‪ِ :‬منَ ْال َم َالئِ َك ِة يَحْ َف ُ‬


‫ظونَ بَ َدنَ‬ ‫ظةً﴾ اآليَةَ‪ .‬أ َ ْ‬
‫علَيْكم َحفَ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ويُ ْر ِس ُل َ‬
‫ع َليْكم لَحا ِف ِظينَ ﴾ وقال‪﴿ :‬ما‬ ‫ع َملَهُ‪ .‬كما قال تعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َّ‬
‫إن َ‬ ‫ظونَ َ‬ ‫ان‪َ ،‬ويَحْ َف ُ‬‫س ِ‬ ‫ِْ‬
‫اْل ْن َ‬
‫ع ِتيدٌ﴾‬ ‫ظ ِمن قَ ْو ٍل ّإال َل َد ْي ِه َر ِق ٌ‬
‫يب َ‬ ‫َي ْل ِف ُ‬

‫ي‪َ :‬ملَكُ ْال َم ْو ِ‬


‫ت ََوأَع َْوانُهُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬حتَّى إِذَا َجا َء أ َ َح َد ُك ُم ْال َم ْوتُ ت ََوفَّتْهُ ُر ُ‬
‫سلُنَا﴾ أ َ ْ‬
‫ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة ال ُم َو َّكلينَ ِبذَ ِل َك‪ .‬كما في حديث براء ابن عازب في مسند اْلمام‬
‫‪.‬أحمد‬

‫‪116‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عذَابًا ِم ْن فَ ْوقِ ُك ْم أ َ ْو ِم ْن تَحْ ِ‬


‫ت‬ ‫علَ ْي ُك ْم َ‬
‫ث َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قُ ْل ُه َو ْالقَاد ُِر َ‬
‫علَى أ َ ْن َي ْب َع َ‬
‫ت َه ِذ ِه ْاآليَةُ‪﴿ :‬قُ ْل ُه َو‬ ‫ع ْب ِد َّ‬
‫الل ِه قَا َل‪ :‬لَ َّما نَزَ َل ْ‬ ‫ع ْن َجابِ ِر ب ِْن َ‬ ‫أ َ ْر ُج ِل ُك ْم﴾ اآلية‪َ .‬‬
‫ع وذ ُ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪" :‬أ َ ُ‬ ‫ع َل ْي ُك ْم َ‬
‫ع َذا ًبا ِم ْن َف ْو ِق ُك ْم﴾ َقا َل َر ُ‬ ‫ث َ‬ ‫ْال َقاد ُِر َ‬
‫ع َلى أ َ ْن َي ْب َع َ‬
‫ع ُوذُ ِب َوجْ ِه َك"‪﴿ .‬أ َ ْو يَ ْل ِب َ‬
‫س ُك ْم ِشيَ ًعا‬ ‫ت أ َ ْر ُج ِل ُك ْم﴾ َقا َل‪" :‬أَ ُ‬
‫ِب َوجْ ِه َك"‪﴿ .‬أ َ ْو ِم ْن تَحْ ِ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ " :‬ه ِذ ِه أَ ْه َو ُن ‪-‬أ َ ْو قَا َل‪َ :‬ه َذا‬ ‫ض﴾ قَا َل َر ُ‬ ‫ض ُك ْم بَأ ْ َ‬
‫س بَ ْع ٍ‬ ‫َويُذِيقَ بَ ْع َ‬
‫‪.‬أ َ ْي َ‬
‫س ُر" رواه البخاري‬
‫وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪َ " :‬سأ َ ْلتُ َربِّي‬
‫اح َدةً‪َ ،‬سأ َ ْلتُ َربِّي‪ :‬أ َ ْن ال يُ ْه ِل َك أ ُ َّمتي بال َّسنَ ِة‬ ‫ث َ َالثًا‪ ،‬فأ ْع َ‬
‫طانِي ِث ْنتَي ِْن َو َمنَ َعنِي َو ِ‬
‫سأ َ ْلتُهُ أ َ ْن ال َيجْ َع َل‬ ‫طانِي َها‪َ ،‬و َسأ َ ْلتُهُ أ َ ْن ال يُ ْه ِل َك أ ُ َّمتي بالغ ََر ِ‬
‫ق فأ ْع َ‬
‫طا ِني َها‪َ ،‬و َ‬ ‫فأ ْع َ‬
‫"بَأ ْ َ‬
‫س ُه ْم ب ْينَ ُه ْم فَ َمنَ َعنِي َها‬

‫ع ْنهم َحتّى‬ ‫ض َ‬ ‫ْت الَّذِينَ يَ ُخوضُونَ في آيا ِتنا َفأع ِْر ْ‬ ‫﴿وإذا َرأي َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وقَ ْد نز َل‬ ‫ي ْال ُمش ُ‬
‫َار ِإ َل ْي َها ِفي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫غي ِْر ِه﴾ َو َه ِذ ِه ْاآل َيةُ ِه َ‬‫ث َ‬ ‫ضوا في َحدِي ٍ‬‫َي ُخو ُ‬
‫ت اللَّ ِه يُ ْكفَ ُر بِ َها َويُ ْست َ ْهزَ أ ُ بِ َها فَال ت َ ْقعُدُوا‬ ‫علَ ْي ُك ْم فِي ْال ِكت َا ِ‬
‫ب أ َ ْن ِإذَا َ‬
‫س ِم ْعت ُ ْم آ َيا ِ‬ ‫َ‬
‫غي ِْر ِه ِإ َّن ُك ْم إِذًا ِمثْلُ ُه ْم﴾‬ ‫َمعَ ُه ْم َحتَّى يَ ُخو ُ‬
‫ضوا فِي َح ِدي ٍ‬
‫ث َ‬

‫‪117‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ُك َّل َم ْبذُو ٍل َما قُ ِب َل‬ ‫ي‪َ :‬ولَ ْو َب َذلَ ْ‬ ‫ع ْد ٍل َال يُؤْ َخ ْذ ِم ْن َها﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِإ ْن ت َ ْعد ِْل ُك َّل َ‬
‫ِم ْن َها َك َما قَا َل‪ِ ﴿ :‬إ َّن َّالذِينَ َكفَ ُروا َو َماتُوا َو ُه ْم ُكفَّ ٌ‬
‫ار فَلَ ْن يُ ْقبَ َل ِم ْن أ َ َح ِد ِه ْم ِم ْل ُء‬
‫َاص ِرينَ ﴾‬ ‫ض َذ َه ًبا َولَ ِو ا ْفتَ َدى ِب ِه أُولَ ِئ َك لَ ُه ْم َعذَ ٌ‬
‫اب أ َ ِلي ٌم َو َما لَ ُه ْم ِم ْن ن ِ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ْ‬

‫ض بِ ْال َح ّ ِ‬
‫ق َويَ ْو َم يَقُو ُل ُك ْن فَيَ ُك ُ‬
‫ون﴾ يَ ْعنِي‪:‬‬ ‫اَلر َ‬
‫ت َو ْ‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي َخلَقَ ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫َ‬
‫ون‪ .‬فَذَ َك َر َب ْد َء ْالخ َْل ِ‬
‫ق‬ ‫َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة‪ .‬قال ابن كثير‪ :‬أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬و َخلَقَ َي ْو َم َيقُو ُل ُك ْن فَ َي ُك ُ‬
‫عا َدتِ ِه‬
‫‪.‬و ِإ َ‬
‫َ‬
‫ون ُج ْملَ ِة ﴿ َق ْولُهُ ال َح ُّق﴾‬
‫ض ُم ِ‬
‫ف ِل َم ْ‬ ‫إن يَ ْو َم َ‬
‫ظ ْر ٌ‬ ‫وقِي َل‪َّ :‬‬

‫ع َل ْي ِه اللَّيَ ُّل َرأى َك ْو َكبًا قا َل هَذا َربِّي﴾‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَلَ ّما َج َّن َ‬
‫س َال ُم‪َ ،‬كانَ ِفي َهذَا ْال َمقَ ِام ُمن ِ‬
‫َاظ ًرا ِلقَ ْو ِم ِه‪،‬‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫ص َالة ُ َوال َّ‬ ‫ْال َح ُّق أ َ َّن ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم‪َ ،‬‬
‫َاظ ًرا‬
‫يكون ن ِ‬ ‫ُ‬ ‫صن َِام‪ .‬وال‬ ‫ع َل ْي ِه ِم ْن ِعبَا َد ِة ْال َهيَا ِك ِل َو ْاَل َ ْ‬‫ط َالنَ َما َكانُوا َ‬‫ُمبَ ِيّنًا لَ ُه ْم بُ ْ‬

‫فِي َهذَا ْال َمقَ ِام‪َ ،‬لنه ُه َو الَّذِي قَا َل اللَّهُ ِفي َح ِقّ ِه‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ْد آتَ ْينَا إِب َْرا ِه َ‬
‫يم ُر ْش َدهُ ِم ْن‬
‫يم في قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿وما‬ ‫ع ْن إبْرا ِه َ‬
‫الماضي َ‬
‫ِ‬ ‫ش ْر ِك‬ ‫قَ ْب ُل َو ُكنَّا ِب ِه َ‬
‫عا ِل ِمينَ ﴾ َونَفى َك ْونَ ال ِ ّ‬
‫كانَ ِمنَ ال ُم ْش ِركِينَ ﴾‬

‫‪118‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظ ْل ٍم أُولَئِ َك لَ ُه ُم ْ‬
‫اَلم ُن َو ُه ْم ُم ْهتَدُونَ ﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬الَّذِينَ آ َمنُوا َولَ ْم َي ْل ِب ُ‬
‫سوا ِإي َمانَ ُه ْم ِب ُ‬
‫ت هذِه اآليَةُ‪{ :‬الَّذِينَ‬ ‫ي اللَّهُ ع ْنه‪ ،‬قا َل‪ :‬لَ َّما نَزَ َل ْ‬ ‫ع ْن عب ِد اللَّ ِه بن مسعود َر ِ‬
‫ض َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫يِ َ‬ ‫ب النب ّ‬‫صحا ِ‬ ‫ذلك علَى أ ْ‬ ‫ظ ْل ٍم} ش ََّق َ‬ ‫آ َمنُوا ولَ ْم َي ْل ِب ُ‬
‫سوا إيمانَ ُه ْم ب ُ‬

‫ظ ْل ٍم؟ فقا َل َرسو ُل اللَّ ِه َ‬


‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫وسلَّ َم‪ ،‬وقالوا‪ :‬أيُّنا لَ ْم يَ ْل ِب ْ‬
‫س إيمانَهُ ب ُ‬

‫ظ ْل ٌم َ‬
‫ع ِظي ٌم}‬ ‫ش ْر َك لَ ُ‬ ‫بذاك‪ ،‬أال ت َ ْس َمعُونَ إلى َق ْو ِل لُ ْقمانَ ‪َّ :‬‬
‫{إن ال ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫وسلَّ َم‪ :‬إنَّه َ‬
‫ليس‬
‫‪.‬رواه البخاري‬

‫وب ُكال َه َد ْينَا﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬فَلَ َّما ا ْعت َزَ لَ ُه ْم‬
‫﴿و َو َه ْبنَا َلهُ إِ ْس َحاقَ َويَ ْعقُ َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫وب َو ُكال َج َع ْلنَا َن ِبيًّا﴾ وقال‬ ‫ُون َّ‬
‫الل ِه َو َه ْبنَا َلهُ ِإ ْس َحاقَ َو َي ْعقُ َ‬ ‫َو َما َي ْعبُدُونَ ِم ْن د ِ‬
‫اء ِإ ْس َحاقَ يَ ْعقُ َ‬
‫وب﴾‬ ‫ش ْرنَاهَا بِإ ِ ْس َحاقَ َو ِم ْن َو َر ِ‬
‫تعالى‪﴿ :‬فَبَ َّ‬

‫َوقَ ْولُهُ فِي َه ِذ ِه ْاآليَ ِة ْال َك ِري َم ِة‪َ :‬‬


‫﴿و ِم ْن ذُ ِ ّر َّي ِت ِه﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬و َه َد ْينَا ِم ْن ذُ ِ ّر َّيتِ ِه ﴿ َد ُاو َد‬
‫ب‬‫وح"؛ َِلَنَّهُ أ َ ْق َر ُ‬ ‫ير إِلَى "نُ ٍ‬ ‫ع ْو ُد الض َِّم ِ‬ ‫سلَ ْي َمانَ ﴾ ْاآليَةَ‪ ،‬قال ابن كثير‪ُ :‬و َ‬ ‫َو ُ‬
‫ار اب ِْن جرير‪ ،‬وال إشكال عليه‪ .‬وعوده ِإلَى‬ ‫ْال َم ْذ ُك ِ‬
‫ورينَ ‪َ ،‬‬
‫ظا ِه ٌر‪َ .‬و ُه َو ْ‬
‫اخ ِت َي ُ‬
‫علَى ذَ ِل َك‬ ‫سبَقَ ْال َك َال ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه َح َ‬
‫س ٌن‪ ،‬لَ ِك ْن يُ ْش ِك ُل َ‬ ‫يم"؛ َِلَنَّهُ الَّذِي َ‬
‫" ِإب َْرا ِه َ‬
‫ْس ِم ْن ذُ ِ ّريَّ ِة "إِب َْرا ِه َ‬
‫يم‬ ‫‪"".‬لُو ٌ‬
‫ط"‪ ،‬فَإ ِ َّنهُ لَي َ‬

‫﴿ولَقَ ْد‬
‫يم‪َ .‬وقَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫﴿ونُو ًحا َه َد ْينَا ِم ْن َق ْبلُ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬م ْن قَ ْب ِل ِإب َْرا ِه َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫يم َو َج َع ْلنَا ِفي ذُ ِ ّريَّ ِت ِه َما النُّبُ َّوة َ َو ْال ِكت َ‬
‫َاب﴾‬ ‫س ْلنَا نُو ًحا َو ِإب َْرا ِه َ‬
‫أ َ ْر َ‬
‫‪119‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى ْالقَ ْو ِل‬ ‫يم" أ َ ْو "نُوحٍ"‪َ ،‬‬ ‫س َال ُم‪ ،‬فِي ذُ ِ ّريَّ ِة " ِإب َْرا ِه َ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫سى"‪َ ،‬‬‫َوفِي ِذ ْك ِر " ِعي َ‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫الر َجا ِل؛ َِل َ َّن " ِعي َ‬
‫سى"‪َ ،‬‬ ‫ت ِفي ذُ ِ ّريَّ ِة ِ ّ‬ ‫علَى ُد ُخو ِل َولَ ِد ْال َبنَا ِ‬
‫ْاآلخ َِر َد َال َلةٌ َ‬
‫س َال ُم‪،‬‬ ‫س َال ُم‪ِ ،‬بأ ُ ِّم ِه " َم ْريَ َم" َ‬
‫علَ ْي َها ال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫ب ِإلَى " ِإب َْرا ِهي َم"‪َ ،‬‬
‫س َال ُم‪ِ ،‬إنَّ َما يُ ْن َس ُ‬
‫ال َّ‬
‫‪.‬فَإِنَّهُ َال أ َ َ‬
‫ب لَهُ‬
‫س ِن‬‫اللهُ عليه وسلم قَا َل ِل ْل َح َ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫سو َل اللَّ ِه َ‬ ‫يِ‪ ،‬أ َ َّن َر ُ‬‫َار ّ‬‫ص ِحيحِ ْالبُخ ِ‬ ‫ت ِفي َ‬ ‫وث َ َب َ‬
‫ع ِظي َمتَي ِْن ِمنَ‬ ‫سيِّدٌ‪َ ،‬ولَ َع َّل اللَّهَ أَ ْن يُ ْ‬
‫ص ِل َح ِب ِه بَيْنَ فِئَتَي ِْن َ‬ ‫يٍ‪ِ " :‬إ َّن ا ْبنِي َهذَا َ‬
‫ع ِل ّ‬
‫ب ِْن َ‬
‫ْ‬
‫"ال ُم ْس ِل ِمينَ‬

‫ي ِإلَي َ‬
‫ْك‬ ‫﴿ولَقَ ْد أ ُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫ع ْن ُه ْم َما َكانُوا َي ْع َملُونَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ط َ‬ ‫﴿ولَ ْو أ َ ْش َر ُكوا لَ َح ِب َ‬
‫َ‬
‫ش ْر ُ‬
‫ط‬ ‫ع َملُ َك﴾ ْاآليَةَ‪َ .‬و َهذَا ش َْر ٌ‬
‫ط‪َ ،‬وال َّ‬ ‫َو ِإلَى الَّذِينَ ِم ْن قَ ْب ِل َك لَئِ ْن أَ ْش َر ْك َ‬
‫ت لَيَحْ بَ َ‬
‫ط َّن َ‬
‫لرحْ َم ِن َولَ ٌد فَأَنَا أ َ َّو ُل‬
‫وع‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه تَعَالَى‪﴿ :‬قُ ْل إِ ْن َكانَ ِل َّ‬ ‫ْ‬ ‫َال يَ ْقت ِ‬
‫َضي َج َوازَ ال ُوقُ ِ‬
‫س َدتا﴾ وهذا كثير في القرآن‬ ‫‪ْ .‬ال َعا ِب ِدينَ ﴾ وقوله‪َ ﴿ :‬ل ْو كانَ ِفي ِهما آ ِل َهةٌ ّإال اللَّهُ َل َف َ‬

‫سوا ِب َها ِب َكافِ ِرينَ ﴾ َي ْعنِي‪ْ :‬ال ُم َه ِ‬


‫اج ِرينَ‬ ‫﴿فَإ ِ ْن َي ْكفُ ْر ِب َها فَقَ ْد َو َّك ْلنَا ِب َها قَ ْو ًما لَ ْي ُ‬
‫ع ُه ْم ِإلَى يَ ْو ِم ْال ِق َيا َم ِة‬
‫ار َوأَتْبَا َ‬‫ص َ‬ ‫‪.‬و ْاَل َ ْن َ‬‫َ‬

‫‪120‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬أُو َلئِ َك الَّذِينَ هَدى َّ‬


‫اللهُ فَ ِب ُهدا ُه ُم ا ْقتَ ِد ْه﴾‬
‫َّاس‪ :‬أَنَ ْس ُج ُد في (ص)؟ فَقَ َرأَ‪َ :‬‬
‫{و ِم ْن ذُ ِ ّريَّتِ ِه َد ُاوو َد‬ ‫عب ٍ‬ ‫قال مجاهد‪ :‬قُلتُ ِالب ِْن َ‬
‫ي اللَّهُ ع ْنه َما‪:‬‬ ‫ض َ‬ ‫َّاس َر ِ‬
‫عب ٍ‬ ‫سلَ ْي َمانَ }‪ ،‬حتَّى أَت َى‪{ :‬فَ ِب ُه َدا ُه ُم ا ْقت َ ِد ْه} فَقا َل ُ‬
‫ابن َ‬ ‫َو ُ‬
‫‪.‬نَ ِبيُّ ُك ْم صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ِم َّم ْن أ ُ ِم َر أ َ ْن يَ ْقت َد َ‬
‫ِي ب ِه ْم‪ ".‬رواه البخاري‬

‫ش ْيءٍ ﴾‬ ‫﴿و َما قَ َد ُروا اللَّهَ َح َّق َق ْد ِر ِه ِإ ْذ قَالُوا َما أَنز َل اللَّهُ َ‬
‫علَى َبش ٍَر ِم ْن َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ير‪ ،‬وابن كثير‪َ .‬وقِي َل‪ :‬نَزَ لَ ْ‬
‫ت فِي‬ ‫َارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫ت فِي قُ َري ٍْش‪َ .‬و ْ‬
‫اخت َ‬ ‫قِي َل‪ :‬نَزَ َل ْ‬
‫طائِفَ ٍة ِمنَ ْاليَ ُهو ِد ويدل عليه آخر اآلية‬
‫‪َ .‬‬

‫ِق الَّذِي بَيْنَ يَ َد ْي ِه﴾‬


‫ص ّد ُ‬
‫ار ٌك ُم َ‬ ‫َاب﴾ يَ ْعنِي‪ْ :‬القُ ْرآنَ ﴿أ َ ْ‬
‫نزلنَاهُ ُمبَ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َه َذا ِكت ٌ‬
‫ب الل ِه فله به حسنةٌ ‪،‬‬ ‫"من قرأ َ حرفًا من كتا ِ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم ْ‬
‫حرف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫حرف‪ ،‬وال ٌم‬
‫ٌ‬ ‫حرف ‪ ،‬ولَ ِكن أ ِل ٌ‬
‫ف‬ ‫ٌ‬ ‫بعشر أمثا ِلها ال أقو ُل آلم‬
‫ِ‬ ‫والحسنةُ‬
‫حرف" صححه اَللباني‬
‫ٌ‬ ‫‪.‬ومي ٌم‬

‫ض َما‬ ‫عى أَنَّهُ يُ َع ِ‬


‫ار ُ‬ ‫﴿و َم ْن قَا َل َسأُنز ُل ِمثْ َل َما أَنز َل َّ‬
‫اللهُ﴾ يَ ْع ِني‪َ :‬و َم ِن ا َّد َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫َجا َء ِم ْن ِع ْن ِد اللَّ ِه ِمنَ ْال َوحْ ي ِ ِم َّما يَ ْفت َِري ِه ِمنَ ْالقَ ْو ِل‪َ ،‬ك َما قَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬
‫﴿و ِإذَا‬
‫ير‬
‫اط ُ‬ ‫س ِم ْعنَا لَ ْو نَشَا ُء لَقُ ْلنَا ِمثْ َل َه َذا ِإ ْن َهذَا ِإال أ َ َ‬
‫س ِ‬ ‫ع َل ْي ِه ْم آ َياتُنَا قَالُوا قَ ْد َ‬
‫تُتْلَى َ‬
‫اَلولِينَ ﴾‬
‫َّ‬

‫‪121‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َو ْال َمالئِ َكةُ َبا ِس ُ‬


‫طو أ َ ْيدِي ِه ْم﴾‬ ‫ت ْال َم ْو ِ‬
‫غ َم َرا ِ‬ ‫﴿ولَ ْو ت ََرى ِإ ِذ َّ‬
‫الظا ِل ُمونَ فِي َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫﴿ولَ ْو ت ََرى ِإ ْذ يَت ََوفَّى الَّذِينَ َكفَ ُروا ْال َمالئِ َكةُ يَض ِْربُونَ ُو ُجو َه ُه ْم‬
‫َك َما قَا َل‪َ :‬‬
‫فس الخبيثَةُ‪ ،‬كانَت في الجس ِد‬
‫"اخرجي أيَّتُها النَّ ُ‬
‫ُ‬ ‫َوأ َ ْد َب َ‬
‫ار ُه ْم﴾ وفي الحديث‬
‫‪.‬الخبيثِ" صححه اَللباني‬

‫﴿وت ََر ْكت ُ ْم َما خ ََّو ْلنَا ُك ْم﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ِ :‬منَ ال ِّن َع ِم َو ْاَل َ ْم َوا ِل الَّتِي ا ْقت َ َن ْيت ُ ُموهَا فِي‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ور ُك ْم﴾‬ ‫﴿و َرا َء ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫َّار ال ُّد ْنيَا َ‬
‫الد ِ‬
‫هل لَ َك‪ ،‬يا ابْنَ آ َد َم‬
‫ابن آ َد َم‪َ :‬ما ِلي‪َ ،‬ما ِلي‪ ،‬قا َل‪َ :‬و ْ‬ ‫وفي صحيح مسلم " يقو ُل ُ‬
‫ْت؟‬‫ضي َ‬‫فأم َ‬
‫ت ْ‬ ‫ْت‪ ،‬أ َ ْو تَ َ‬
‫ص َّد ْق َ‬ ‫ْت‪ ،‬أ َ ْو َلبِس َ‬
‫ْت فأ ْبلَي َ‬ ‫" ِمن َما ِل َك َّإال ما أ َ َك ْل َ‬
‫ت فأ ْفنَي َ‬

‫ع ُمونَ ﴾ كما قَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬


‫ع ْن ُك ْم َما ُك ْنت ُ ْم ت َْز ُ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪﴿ :‬لَقَ ْد تَقَ َّ‬
‫ط َع َب ْينَ ُك ْم َو َ‬
‫ض َّل َ‬
‫سا َءلُونَ ﴾‬
‫اب َب ْينَ ُه ْم َي ْو َمئِ ٍذ َوال َيت َ َ‬
‫س َ‬‫ور فَال أ َ ْن َ‬
‫ص ِ‬‫﴿فَإِذَا نُ ِف َخ فِي ال ُّ‬

‫ت ِمنَ ْال َح ّ‬
‫يِ﴾ يُ ْخ ِر ُج ال َّد َجا َجةَ‬ ‫ت َو ُم ْخ ِر ُج ْال َميِّ ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬يُ ْخ ِر ُج ال َح َّ‬
‫ي ِمنَ ال َم ِّي ِ‬
‫صا ِل َح ِمنَ ْال َكافِ ِر‪،‬‬
‫ضةَ ِمنَ ال َّد َجا َج ِة‪ ،‬ويُ ْخ ِر ُج ْال َولَ َد ال َّ‬ ‫ض ِة‪َ ،‬و ْال َب ْي َ‬
‫ِمنَ ْالبَ ْي َ‬
‫‪.‬و ْال َكافِ َر ِمنَ ال َّ‬
‫صا ِلحِ‪.. ،‬الخ‬ ‫َ‬

‫‪122‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ْال َب ِ ّر َو ْال َبحْ ِر﴾ قَا َل‬


‫ظلُ َما ِ‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي َج َع َل لَ ُك ُم النُّ ُج َ‬
‫وم ِلت َ ْهتَدُوا ِب َها فِي ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اء‪،‬‬‫س َم ِ‬ ‫صا ٍل‪َ :‬خلَقَ َها اللَّهُ ِزينَةً ِلل َّ‬
‫ث ِخ َ‬ ‫ت َه ِذ ِه ال ُّن ُجو ُم ِلث َ َال ِ‬
‫قَت َا َدةُ‪ِ :‬إنَّ َما ُخ ِلقَ ْ‬
‫ت يُ ْهتَ َدى ِب َها‪ ،‬فَ َم ْن تَأ َ َّو َل ِفي َها َغي َْر ذَ ِل َك فَقَ ْد قَا َل‬
‫ع َال َما ٍ‬
‫ين‪َ ،‬و َ‬‫اط ِ‬
‫ش َي ِ‬‫َو ُر ُجو ًما ِلل َّ‬
‫ف َما َال ِع ْل َم لَهُ ِب ِه‬ ‫َصيبَهُ‪َ ،‬وتَ َكلَّ َ‬
‫عن ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫طأ َ َح َّ‬
‫ظهُ‪َ ،‬وأ َ َ‬ ‫‪ِ .‬ب َرأْ ِي ِه َوأ َ ْخ َ‬

‫اح َدةٍ﴾ قال أكثر المفسرين في‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي أَ ْن َ‬


‫شأ َ ُك ْم ِم ْن نَ ْف ٍس َو ِ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ص َال ِ‬
‫ب‪ .‬وقيل‬ ‫﴿و ُم ْست َْو َدعٌ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬فِي ْاَل َ ْ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ ُم ْست َقَ ٌر﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬فِي ْاَل َ ْر َح ِام‪َ ،‬‬
‫‪.‬بالعكس‬

‫اء َما ًء فَأ َ ْخ َرجْ نَا بِ ِه َنبَ َ‬


‫ات ُك ِّل َ‬
‫ش ْيءٍ ﴾ َك َما قَا َل‬ ‫س َم ِ‬‫﴿و ُه َو الَّذِي أَنز َل ِمنَ ال َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫يٍ﴾‬ ‫ش ْيءٍ َح ّ‬ ‫﴿و َج َع ْلنَا ِمنَ ْال َم ِ‬
‫اء ُك َّل َ‬ ‫َ‬

‫ش َر َكا َء ْال ِج َّن َو َخلَقَ ُه ْم﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬إِ ْن َي ْدعُونَ ِم ْن‬
‫﴿و َجعَلُوا ِللَّ ِه ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫طانًا َم ِريدًا لَ َع َنهُ اللَّهُ﴾ َوقَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬أَلَ ْم أ َ ْع َه ْد‬ ‫دُو ِن ِه ِإال ِإنَاثًا َو ِإ ْن َي ْدعُونَ ِإال َش ْي َ‬
‫ين َوأ َ ِن ا ْعبُدُونِي َهذَا‬ ‫طانَ ِإ َّنهُ لَ ُك ْم َ‬
‫عد ٌُّو ُمبِ ٌ‬ ‫ِإلَ ْي ُك ْم يَا بَنِي آ َد َم أ َ ْن َال ت َ ْعبُدُوا ال َّ‬
‫ش ْي َ‬
‫ص َرا ٌ‬
‫ط ُم ْست َ ِقي ٌم﴾‬ ‫ِ‬

‫‪123‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوتَقُو ُل ْال َم َالئِ َكةُ َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة‪ُ ﴿ :‬‬


‫س ْب َحان ََك أ َ ْن َ‬
‫ت َو ِل ُّينَا ِم ْن دُونِ ِه ْم َب ْل َكانُوا َي ْعبُدُونَ‬
‫ْال ِج َّن أ َ ْكث َ ُر ُه ْم بِ ِه ْم ُمؤْ ِمنُونَ ﴾ وكان الرجل من العرب في الجاهلية كان إذا‬
‫سافر فأمسى في أرض قفر ‪ ،‬قال ‪" :‬أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء‬
‫"قومه‬

‫ت ِبغَي ِْر ِع ْل ٍم﴾ َك َما َي ْز ُ‬


‫ع ُم َم ْن قَالَهُ ِمنَ‬ ‫﴿وخ ََرقُوا لَهُ َبنِينَ َو َبنَا ٍ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ارى فِي ْال َم ِسيحِ َو َك َما قَا َل ْال ُم ْش ِر ُكونَ‬ ‫ص َ‬‫ْاليَ ُهو ِد فِي ْالعُزَ ي ِْر‪َ ،‬و َم ْن قَا َل ِمنَ ال َّن َ‬
‫علُ ًّوا َكبِ ً‬
‫يرا‬ ‫ع َّما يَقُولُونَ ُ‬ ‫ب فِي ْال َم َالئِ َك ِة‪ِ :‬إنَّ َها بَنَاتُ اللَّ ِه‪ ،‬تَعَالَى َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫‪ِ .‬منَ ْالعَ َر ِ‬

‫ف‬ ‫ار﴾ ِفي ِه أ َ ْق َوا ٌل ِل ْأل َ ِئ َّم ِة ِمنَ ال َّ‬


‫س َل ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫‪َ :‬وقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫﴿ال ت ُ ْد ِر ُكهُ اَل ْب َ‬
‫ع َد ِم ْ ِ‬
‫اْل َحا َ‬
‫ط ِة‬ ‫طةُ‪َ .‬و َال يَ ْلزَ ُم ِم ْن َ‬ ‫اْل َحا َ‬ ‫اك ْ ِ‬ ‫أن ْال ُم َراد ِب ْ ِ‬
‫اْل ْد َر ِ‬ ‫وأقربها للصواب ّ‬
‫ع َد ُم ْال ِع ْل ِم‪ ،‬قَا َل اللَّهُ تَعَالَى‪َ :‬‬
‫﴿وال‬ ‫ط ِة ْال ِع ْل ِم َ‬ ‫ع َد ِم ِإ َحا َ‬‫الرؤْ يَ ِة َك َما َال يَ ْلزَ ُم ِم ْن َ‬
‫ع َد ُم ُّ‬‫َ‬
‫طونَ ِب ِه ِع ْل ًما﴾‬
‫يُ ِحي ُ‬
‫سو ِل اللَّ ِه‬‫ع ْن َر ُ‬ ‫ت بِ ِه ْاَل َ ْخبَ ُ‬
‫ار َ‬ ‫والمؤمنون يرون ربهم فِي ْاآل ِخ َر ِة‪َ ،‬ك َما ت ََوات ََر ْ‬
‫سن َِن‪ ،‬ودل عليه كتاب‬ ‫اح َو ْال َم َ‬
‫سا ِني ِد َوال ُّ‬ ‫ص َح ِ‬ ‫ت فِي ال ِ ّ‬ ‫ق ثَابِ ٍ‬ ‫غي ِْر َما َ‬
‫ط ِري ٍ‬ ‫ﷺ ِم ْن َ‬
‫َاظ َرة ٌ﴾ وقال‪ِ ﴿ :‬ل َّلذِينَ‬ ‫َاض َرةٌ‪ِ .‬إلَى َر ِبّ َها ن ِ‬ ‫الله فقال ت َ َعالَى‪ُ :‬‬
‫﴿و ُجوهٌ َي ْو َمئِ ٍذ ن ِ‬
‫وزيا َدةٌ﴾ َوقَا َل ت َ َعالَى َع ِن ْال َكافِ ِرينَ ‪َ ﴿ :‬كال ِإنَّ ُه ْم َ‬
‫ع ْن َربِّ ِه ْم‬ ‫سنُوا ال ُحسْنى ِ‬ ‫أحْ َ‬
‫َي ْو َم ِئ ٍذ َل َمحْ ُجوبُونَ ﴾‬
‫‪124‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار َك‬ ‫علَى أ َ َّن ْال ُمؤْ ِمنِينَ َال يُحْ َجبُون َ‬
‫ع ْنهُ ت َ َب َ‬ ‫ي‪ :‬فَ َد َّل َهذَا َ‬ ‫قَا َل ْ ِ‬
‫اْل َما ُم ال َّ‬
‫شافِ ِع ُّ‬
‫‪َ .‬وت َ َعالَى‬

‫﴿ولَقَ ْد نَ ْعلَ ُم أنَّهم يَقُولُونَ إنَّما‬


‫ْت﴾ اآليَةَ‪َ .‬ك َق ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫﴿و ِليَقُولُوا َد َرس َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ين﴾‬‫ي ُمبِ ٌ‬
‫ع َربِ ٌّ‬ ‫ي وهَذا ِل ٌ‬
‫سان َ‬ ‫سان الَّذِي يُ ْل ِحدُونَ إلَ ْي ِه أ ْع َج ِم ٌّ‬
‫يُعَ ِلّ ُمهُ بَش ٌَر ِل ُ‬

‫ع ْد ًوا بِغَي ِْر ِع ْل ٍم﴾‬


‫اللهَ َ‬ ‫سبُّوا َّ‬ ‫ُون اللَّ ِه َفيَ ُ‬
‫سبُّوا الَّذِينَ يَ ْدعُونَ ِمن د ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وال تَ ُ‬
‫شتْ ِم آ ِل َهتِنَا‪ ،‬أ َ ْو لَنَ ْشت ُ َمنَّ َك َونَ ْشت ُ َم َم ْن َيأ ْ ُم ُر َك‬ ‫‪.‬قَالُوا‪َ :‬لت َ ُكفَّ َّن َ‬
‫ع ْن َ‬
‫"وفيه القاعدة‪" :‬درء المفاسد مقدم على جلب المصالح‬
‫ْ‬
‫وهل‬ ‫شتْ ُم َّ‬
‫الر ُج ِل وا ِل َد ْي ِه قالوا‪ :‬يا َرسو َل الل ِه‪،‬‬ ‫"منَ ال َكبا ِئ ِر َ‬‫وفي الصحيحين ِ‬
‫سبُّ‬ ‫سبُّ أ ُ َّمهُ فَيَ ُ‬ ‫الر ُج ِل فَيَ ُ‬
‫سبُّ أباهُ‪ ،‬ويَ ُ‬ ‫سبُّ أبا َّ‬ ‫يَ ْشتِ ُم َّ‬
‫الر ُج ُل وا ِل َد ْي ِه؟ قا َل‪ :‬نَ َع ْم يَ ُ‬
‫"أ ُ َّمهُ‬

‫ي‪َ :‬و َما يُ ْد ِري ُك ْم أَيُّ َها‬ ‫﴿و َما يُ ْش ِع ُر ُك ْم أَنَّ َها ِإذَا َجا َء ْ‬
‫ت َال يُؤْ ِمنُونَ ﴾ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال ُمؤْ ِمنُونَ ‪ ،‬وقيل غير ذلك‬
‫ض ُه ْم‪" :‬أَنَّ َها" ِب َم ْعنَى لَ َعلَّ َها‪ .‬واختاره ابن جرير خليل بن أحمد‬
‫‪َ .‬وقَا َل َب ْع ُ‬

‫‪125‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ْد ًال فِي‬ ‫ص ْدقًا فِي ْاَل َ ْخ َب ِ‬


‫ار َو َ‬ ‫ع ْدال﴾ أي ِ‬ ‫ت َك ِل َمةُ َر ِبّ َك ِ‬
‫ص ْدقًا َو َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وت َ َّم ْ‬
‫‪.‬اَلحكام‬

‫س ِبي ِل ٱللَّ ٰۚ ِه﴾ كما قَا َل‬


‫عن َ‬ ‫ضلُّ َ‬
‫وك َ‬ ‫﴿و ِإن ت ُ ِط ۡع أ َ ۡكث َ َر َمن فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ض يُ ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ت ِب ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬
‫ص َ‬ ‫﴿و َما أ َ ْكث َ ُر النَّ ِ‬
‫اس َولَ ْو َح َر ْ‬ ‫تَعَالَى‪َ :‬‬

‫ص َل لَ ُك ْم َما َح َّر َم‬ ‫﴿و َما لَ ُك ْم أَال ت َأ ْ ُكلُوا ِم َّما ذُ ِك َر ا ْس ُم اللَّ ِه َ‬


‫علَ ْي ِه َوقَ ْد فَ َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫على ال ُم ْس ِل ِمينَ في‬ ‫ض َّمنَ إبْطا َل ما ْألقاهُ ال ُم ْش ِر ُكونَ ِمنَ ال ُّ‬
‫ش ْب َه ِة َ‬ ‫علَ ْي ُك ْم﴾ تَ َ‬
‫َ‬
‫صحابُ َك وما قَت َ َل‬ ‫ت أ ْن َ‬
‫ت وأ ْ‬ ‫أن ما قَت َْل َ‬
‫ع ُم َّ‬ ‫تَحْ ِر ِيم ال َم ْيت َ ِة‪ ،‬إ ْذ قالُوا ِلل َّن ِب ِ‬
‫يء ﷺ ت َْز ُ‬
‫وأن ما َقت َ َل اللَّهُ َحرا ٌم‬ ‫ص ْق ُر َحال ٌل أ ْكلُهُ‪َّ ،‬‬ ‫ب وال َّ‬ ‫‪.‬ال َك ْل ُ‬

‫ض َحهُ‬
‫وو َّ‬ ‫علَ ْي ُك ْم﴾ ْ‬
‫أي‪ :‬بَ َّينَهُ َ‬ ‫ص َل لَكم ما َح َّر َم َ‬
‫‪﴿.‬وقَ ْد َف َّ‬
‫علَ ْي ُك ُم‬
‫ت َ‬ ‫س ِرينَ ‪ :‬يَ ْعنِي في آيَ ِة الما ِئ َدةِ في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪ُ ﴿ :‬ح ِ ّر َم ْ‬‫ض ال ُمفَ ِ ّ‬
‫قا َل بَ ْع ُ‬
‫آخ ِر ما نَزَ َل ِبال َمدِينَ ِة‪ ،‬واَل ْنعا ُم َم ِ ّكيَّةٌ‪.‬‬ ‫ال َم ْيتَةُ﴾ اآل َيةَ‪ُ ..‬‬
‫ور َّد ِب َّ‬
‫أن الما ِئ َدةَ ِمن ِ‬
‫صي َل إ ّما فِي قَ ْو ِل ِه ت َعالى بَ ْع َد َه ِذ ِه اآليَ ِة‪﴿ :‬قُ ْل ال ِ‬
‫أج ُد في ما‬ ‫أن الت َّ ْف ِ‬
‫واب َّ‬‫ص ُ‬ ‫فال َّ‬
‫ي ُم َح َّر ًما﴾ اآليَةَ‬ ‫ي إلَ َّ‬
‫وح َ‬‫‪.‬أ ُ ِ‬

‫‪126‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫إن َّالذِينَ َي ْك ِسبُونَ اْلثْ َم َسيُجْ زَ ْونَ ِبما كانُوا‬


‫وباط َنهُ َّ‬
‫ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وذَ ُروا ظا ِه َر اْلثْ ِم‬
‫"يَ ْقت َِرفُونَ ﴾ وفي الصحيحين " ُك ُّل أ ُ َّمتي ُمعافًى َّإال ال ُمجا ِه ِرينَ‬

‫﴿و ِإ ْن أ َ َ‬
‫ط ْعت ُ ُمو ُه ْم ِإنَّ ُك ْم لَ ُم ْش ِر ُكونَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬ات َّ َخذُوا‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ُون اللَّ ِه َو ْال َم ِسي َح ابْنَ َم ْريَ َم َو َما أ ُ ِم ُروا ِإال‬
‫ار ُه ْم َو ُر ْهبَانَ ُه ْم أ َ ْربَابًا ِم ْن د ِ‬
‫أَحْ بَ َ‬
‫ي ُ‬
‫بن حا ِت ٍم‬ ‫ع َّما يُ ْش ِر ُكونَ ﴾ وجاء ع ِد ُّ‬ ‫احدًا َال ِإلَهَ ِإال ُه َو ُ‬
‫س ْب َحانَهُ َ‬ ‫ِل َي ْعبُدُوا ِإلَ ًها َو ِ‬
‫ي يقرأ ُ هذه‬ ‫سم َع النب َّ‬
‫اْلسالم فلما ِ‬
‫ِ‬ ‫ي ِ و كان قد دان بالنصرانِيَّ ِة قب َل‬ ‫إلى النب ّ‬
‫اآليةَ قال ‪ :‬يا رسو َل الل ِه إِنَّهم لم يعبدوهم فقال "بلى إِنَّهم َّ‬
‫حرموا عليهم‬
‫الحرام فات َّبعوهم فذ ِل َك عبادتُهم إيَّاهم" حسنه اَللباني‬ ‫َ‬ ‫‪.‬الحال َل وأحلُّوا لهم‬
‫ِين ما لَ ْم يَأْذَ ْن ِب ِه اللَّهُ﴾‬
‫عوا لَهم ِمنَ ال ّد ِ‬ ‫وقال تعالى‪﴿ :‬أ ْم لَهم ُ‬
‫ش َركا ُء ش ََر ُ‬

‫ف ْاَلَئِ َّمةُ‪َ ،‬ر ِح َم ُه ُم اللَّهُ‪ ،‬فِي َم ْسأَلَ ِة ال َّذ ِبي َحةُ الَّتِي لَ ْم يُ ْذ َك ِر ا ْس ُم اللَّ ِه‬
‫اختَلَ َ‬
‫َوقَ ِد ْ‬
‫ع َل ْي َها‪َ ،‬ولَ ْو َكانَ‬‫واب أَنَّهُ َال ت َِح ُّل الذَّبِي َحةُ َّالتِي لَ ْم يُ ْذ َك ِر ا ْس ُم اللَّ ِه َ‬
‫ص ُ‬ ‫علَ ْي َها‪ .‬وال ّ‬‫َ‬
‫ع ْمدًا أ َ ْو َ‬
‫س ْه ًوا‪ .‬بدليل هذه اآلية وحديث‬ ‫وك التَّس ِْم َيةُ َ‬ ‫الذَّا ِب ُح ُم ْس ِل ًما‪َ .‬و َ‬
‫س َوا ٌء َمتْ ُر ٌ‬
‫‪".‬فَقا َل‪ :‬ما أ ْن َه َر الد ََّم وذُ ِك َر ا ْس ُم اللَّ ِه فَ ُك ْل" أخرجاه‬

‫ي‬ ‫يِ‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ وغيره‪َ :‬ال يُ ْشت ََر ُ‬


‫ط التَّس ِْم َيةُ‪َ ،‬ب ْل ِه َ‬ ‫شافِ ِع ّ‬ ‫وقال ْ ِ‬
‫اْل َما ُم ال َّ‬
‫ض َّر‪ .‬واحتجوا بأحاديث لم تصح بل‬ ‫ع ْمدًا أ َ ْو نِ ْسيَانًا لَ ْم تَ ُ‬
‫ت َ‬‫ُم ْست َ َحبَّةٌ‪ ،‬فَإ ِ ْن ت ُ ِر َك ْ‬
‫‪.‬ضعفها اَللباني في إرواء الغليل‪ ،‬إال أثرا عن ابن عباس وهو موقوف‬
‫‪127‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪.‬ومن الشروط كذلك أن يكون حالال‬

‫ۡ َ ُ ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫َ‬
‫اس ك َمن‬ ‫قوله‪﴿ :‬أ َ َو َمن َكانَ َم ۡيتا فأح َيينَ ٰـهُ َو َجعَلنَا لهُۥ نورا يَ ۡم ِشی بِ ِهۦ فِی ٱلن ِ‬
‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َار ࣲج ِّم ۡن َه ٰۚا﴾ وفي الحديث "إن اللهَ خلقَ خل َقه في‬ ‫س ِبخ ِ‬ ‫َّمثَلُهُۥ ِفی ٱل ُّ‬
‫ظلُ َم ٰـ ِ‬
‫ت لَ ۡي َ‬
‫ور اهت َدى‪ ،‬و َمن أخطأ َ‬
‫نوره‪ ،‬ف َمن أصابَهُ ذلك النُّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ظلمةٍ‪ ،‬ث َّم ألقَى علي ِهم ِمن ِ‬
‫‪.‬ض َّل" صححه اَللباني‬

‫﴿و َكذَ ٰ⁠ ِل َك َج َع ۡلنَا فِی ُك ِّل قَ ۡر َي ٍة أ َ َك ٰـ ِب َر ُم ۡج ِر ِمي َها ِل َي ۡم ُك ُر ۟‬


‫وا فِي َها} َك َما قَا َل‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ع َل ْي َها ْالقَ ْو ُل‬ ‫﴿و ِإذَا أ َ َر ْدنَا أ َ ْن نُ ْه ِل َك قَ ْريَةً أ َ َم ْرنَا ُمتْ َرفِي َها فَفَ َ‬
‫سقُوا فِي َها َف َح َّق َ‬ ‫ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫فَ َد َّم ْرنَاهَا ت َ ْد ِم ً‬
‫يرا﴾‬

‫س ُل اللَّ ِه﴾‬ ‫ُ‬


‫ي ُر ُ‬ ‫﴿و ِإذَا َجا َءتْ ُه ْم آيَةٌ قَالُوا لَ ْن نُؤْ ِمنَ َحتَّى نُؤْ ت َى ِمثْ َل َما أوتِ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫علَى َر ُج ٍل ِمنَ ْالقَ ْر َيتَي ِْن َع ِظ ٍيم‬ ‫﴿و َقالُوا لَ ْوال نز َل َهذَا ْالقُ ْر ُ‬
‫آن َ‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫أ َ ُه ْم يَ ْق ِس ُمونَ َرحْ َمةَ َر ِبّك﴾ أو كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬ب ْل يُ ِري ُد ُك ُّل ْام ِر ٍ‬
‫ئ ِمنهم ْ‬
‫أن‬
‫ص ُحفًا ُمنَ َّ‬
‫ش َرةً﴾‬ ‫يُؤْ تى ُ‬

‫‪128‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض ِيّقًا َح َر ًجا َكأَنَّ َما َي َّ‬


‫ص َّع ُد فِي‬ ‫ضلَّهُ َيجْ َع ْل َ‬
‫ص ْد َرهُ َ‬ ‫﴿و َم ْن يُ ِر ْد أ َ ْن يُ ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬ر ُج ًال ِمنَ ْاَلَع َْرا ِ‬
‫ب‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬‫ب‪َ ،‬ر ِ‬ ‫َطا ِ‬ ‫ع َم ُر ب ُْن ْالخ َّ‬
‫سأ َ َل ُ‬
‫اء﴾ َوقَ ْد َ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ون َبيْنَ ْاَل َ ْش َج ِ‬
‫ار‬ ‫ش َج َرة ُ ت َ ُك ُ‬ ‫ِم ْن أ َ ْه ِل ْال َبا ِد َي ِة ِم ْن ُم ْدلج‪َ :‬ما ْال َح َر َجةُ؟ َقا َل ِه َ‬
‫ي ال َّ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪:‬‬ ‫ض َ‬ ‫َص ُل ِإلَ ْي َها َرا ِعيَةٌ‪َ ،‬و َال َوحْ ِشيَّةٌ‪َ ،‬و َال َ‬
‫ش ْي ٌء‪ .‬فَقَا َل ُ‬
‫ع ْم ُر‪َ ،‬ر ِ‬ ‫َال ت ِ‬
‫َي ٌء ِمنَ ْال َخي ِْر‬
‫ص ُل إِ َل ْي ِه ش ْ‬ ‫ب ْال ُمنَافِ ِ‬
‫ق َال َي ِ‬ ‫‪َ .‬كذَ ِل َك قَ ْل ُ‬

‫وفي اآلية حقيقة علمية أثبتها العلم في العصر الحديث‪ ،‬وتكشف أن االرتفاع‬
‫إلى عنان السماء عادة ما يصحبه ضيق في الصدر‪ ،‬وضعف في التنفس‪،‬‬
‫‪.‬والشعور باالختناق بسبب نقص الضغط الجوي وقلة اَلكسجين‬

‫ص ْلنا اآليا ِ‬
‫ت ِلقَ ْو ٍم يَذَّ َّك ُرونَ ﴾ ﴿ا ْهدِنا‬ ‫صرا ُ‬
‫ط َر ِبّ َك ُم ْست َ ِقي ًما قَ ْد َف َّ‬ ‫وقوله‪﴿ :‬وهَذا ِ‬
‫يم﴾‬ ‫صرا َ‬
‫ط ال ُم ْست َ ِق َ‬ ‫ال ِ ّ‬

‫ض﴾ أ ّما ا ْستِ ْمتاعُ‬ ‫﴿وقَا َل أ َ ْو ِليَاؤُ ُه ْم ِمنَ اْل ْن ِس َربَّنَا ا ْست َْمت َ َع بَ ْع ُ‬
‫ضنَا بِبَ ْع ٍ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫الر ُج ُل فِي ْال َجا ِه ِليَّ ِة‬
‫الج ِّن بِاْل ْن ِس فَهو ما تَقَد ََّم ِمن تَلَذُّ ِذ ِه ْم بِا ِت ّبا ِع ِه ْم لَهم‪َ ،‬كانَ َّ‬ ‫ِ‬
‫َي ْن ِز ُل ْاَل َ ْر َ‬
‫ض‪ ،‬فَ َيقُولُ‪ :‬أعوذ بسيدهذا الوادي من سفهاء قومه‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿وإنَّهُ كانَ ِرجا ٌل ِمنَ اْل ْن ِس يَعُوذُونَ بِ ِرجا ٍل ِمنَ ِ‬
‫الج ِّن فَزادُوهم َر َهقًا﴾‬

‫‪129‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْث قَ ِبلُوا ِمنهم تَحْ سِينَ ال َم ِ‬


‫عاصي فَ َوقَعُوا ِفيها‬ ‫الج ِّن فَ َحي ُ‬
‫وأ ّما ا ْستِ ْمتاعُ اْل ْن ِس ِب ِ‬
‫‪.‬وتَلَذَّذُوا بِها‬

‫َو َم ْعنَى قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬قَ ِد ا ْست َ ْكث َ ْرت ُ ْم ِمنَ اْل ْن ِس﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ِ :‬م ْن إِض َْال ِل ِه ْم َوإِ ْغ َوائِ ِه ْم‪َ ،‬ك َما قَا َل‬
‫عد ٌُّو ُم ِب ٌ‬
‫ين‬ ‫ت َ َعالَى ﴿أَلَ ْم أ َ ْع َه ْد ِإلَ ْي ُك ْم َيا َب ِني آ َد َم أ َ ْن َال تَ ْعبُدُوا ال َّش ْي َ‬
‫طانَ ِإنَّهُ لَ ُك ْم َ‬
‫يرا أَفَلَ ْم ت َ ُكونُوا‬ ‫ط ُم ْست َ ِقي ٌم َولَقَ ْد أَ َ‬
‫ض َّل ِم ْن ُك ْم ِجبِال َكثِ ً‬ ‫ص َرا ٌ‬ ‫َوأ َ ِن ا ْعبُدُونِي َهذَا ِ‬
‫ت َ ْع ِقلُونَ ﴾‬

‫ار َمثْواكم خا ِلدِينَ فِيها ّإال ما شا َء اللَّهُ﴾ اآل َيةَ‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل النّ ُ‬
‫‪.‬قيل‪َ :‬م ْعناهُ ّإال َمن شا َء اللَّهُ َ‬
‫ع َد َم ُخلُو ِد ِه ِفيها ِمن أ ْه ِل ال َكبا ِئ ِر ِمنَ ال ُم َو ِ ّحدِينَ‬
‫‪.‬وقيل‪ :‬يَ ْر ِج ُع َم ْعنَى َهذَا ِاال ْس ِتثْنَا ُء ِإلَى ْال َب ْرزَ خِ‪َ .‬وقيل‪َ :‬ه َذا َر ٌّد ِإلَى ُم َّدةِ ال ُّد ْنيَا‬

‫ض‬ ‫ضا﴾ أي نَجْ َع ُل َب ْع َ‬


‫ضهم ْأو ِليا َء َب ْع ٍ‬ ‫ض َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ َب ْع ً‬ ‫﴿و َكذَ ِل َك نُ َو ِلّي َب ْع َ‬
‫‪.‬قوله‪َ :‬‬
‫ع ْن ِذ ْك ِر َّ‬
‫الرحْ َم ِن‬ ‫ش َ‬ ‫﴿و َم ْن يَ ْع ُ‬
‫ض كما قال تعالى‪َ :‬‬ ‫على بَ ْع ٍ‬
‫ضهم َ‬ ‫ط بَ ْع َ‬ ‫س َّل ُ‬
‫أو نُ َ‬
‫طانًا فَ ُه َو لَهُ قَ ِر ٌ‬
‫ين﴾‬ ‫ش ْي َ‬
‫ض َلهُ َ‬
‫نُقَيِّ ْ‬

‫‪130‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الج ِّن واْل ْن ِس أ َل ْم َيأْتِكم ُر ُ‬


‫س ٌل ِمن ُك ْم﴾ اآل َيةَ ْ‬
‫أي‪ِ :‬من‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يا َم ْعش ََر ِ‬
‫الج ِّن‬ ‫وص اْل ْن ِس؛ َِلنَّهُ ال ُر ُ‬
‫س َل ِمنَ ِ‬ ‫ص ِ‬‫‪ُ .‬ج ْملَتِ ُك ْم‪ ،‬بِ ُخ ُ‬

‫ظ ْل ٍم وأ ْهلُها غافِلُونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪:‬‬


‫أن َل ْم يَ ُك ْن َرب َُّك ُم ْه ِل َك القُرى بِ ُ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬ذ ِل َك ْ‬
‫س ً‬
‫وال﴾‬ ‫﴿وما ُكنّا ُم َع ِذّ ِبينَ َحتّى نَ ْب َع َ‬
‫ث َر ُ‬ ‫َ‬

‫ع ِة َّ‬
‫الل ِه أ َ ْو‬ ‫ام ٍل ِم ْن َ‬
‫طا َ‬ ‫ع ِ‬‫ي‪َ :‬و ِل ُك ِّل َ‬‫ع ِملُوا﴾ أ َ ْ‬ ‫ات ِم َّما َ‬ ‫َوقَا َل‪َ :‬وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِل ُك ٍّل َد َر َج ٌ‬
‫ع َم ِل ِه يُ َب ِلّغُهُ اللَّهُ ِإيَّاهَا‪َ ،‬ويُثِيبُهُ ِب َها‪ِ ،‬إ ْن َخي ًْرا‬
‫ب ِم ْن َ‬
‫َاز ُل َو َم َراتِ ُ‬
‫ص َيتِ ِه َمن ِ‬
‫َم ْع ِ‬
‫‪.‬فَ َخي ٌْر‪َ ،‬و ِإ ْن ش ًَرا فَش ٌَّر‬
‫س ِب ِه‬
‫ار ِب َح َ‬ ‫ي‪َ :‬و ِل ُك ٍّل ِم ْن َكا ِف ِري ْال ِج ِّن َو ْ ِ‬
‫اْل ْن ِس‪َ ،‬د َر َجةٌ ِفي النَّ ِ‬ ‫‪.‬أو أن المعنى‪ :‬أ َ ْ‬

‫لر ۡح َم ٰۚ ِة ِإن َيش َۡأ يُ ۡذ ِه ۡب ُك ۡم َو َي ۡست َۡخ ِل ۡف ِم ُۢن َبعۡ ِد ُكم َّما َيش َۤا ُء‬
‫ی ذُو ٱ َّ‬ ‫﴿و َرب َُّك ٱ ۡل َغ ِن ُّ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫شأ َ ُكم ِّمن ذُ ِ ّريَّ ِة قَ ۡو ٍم َءاخ َِرينَ ﴾‬ ‫َك َم ۤا أَن َ‬
‫ي ْال َح ِمي ُد إِ ْن‬
‫اس أَ ْنت ُ ُم ْالفُقَ َرا ُء إِلَى اللَّ ِه َواللَّهُ ُه َو ْالغَنِ ُّ‬
‫كما قَا َل تَعَالَى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫﴿واللَّهُ‬‫يز﴾ َوقَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫علَى اللَّ ِه ِب َع ِز ٍ‬
‫ق َجدِي ٍد َو َما ذَ ِل َك َ‬ ‫ت ِبخ َْل ٍ‬ ‫َيشَأ ْ يُ ْذ ِه ْب ُك ْم َو َيأ ْ ِ‬
‫ي َوأ َ ْنت ُ ُم ْالفُقَ َرا ُء َو ِإ ْن تَت ََولَّ ْوا يَ ْستَ ْبد ِْل َق ْو ًما َ‬
‫غي َْر ُك ْم ث ُ َّم َال يَ ُكونُوا أ َ ْمثَالَ ُك ْم﴾‬ ‫ْالغَنِ ُّ‬

‫‪131‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َصيبًا فَقالُوا هَذا ِل َّل ِه ِبزَ ع ِْم ِه ْم‬ ‫ث واَل ْن ِ‬


‫عام ن ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬و َج َعلُوا ِللَّ ِه ِم ّما ذَ َرأ ِمنَ ال َح ْر ِ‬
‫ص ُل‬ ‫الل ِه وما كانَ ِللَّ ِه فَ ْه َو َي ِ‬
‫ص ُل إلى َّ‬ ‫ش َركائِ ِه ْم فَال َي ِ‬
‫ش َركائِنا فَما كانَ ِل ُ‬ ‫وهَذا ِل ُ‬
‫ش َركا ِئ ِه ْم سا َء ما َيحْ ُك ُمونَ ﴾‬
‫إلى ُ‬
‫ب‪ ،‬فَا ْق َرأْ ما فَ ْوقَ الث َّ َالثِينَ‬‫أن ت َ ْعلَ َم َج ْه َل ال َع َر ِ‬‫س َّر َك ْ‬ ‫عن ابن عباس قال‪" :‬إذَا َ‬
‫سفَ ًها بِ َغي ِْر ِع ْل ٍم} إلى‬‫ورةِ اَل ْنعَ ِام‪{ :‬قَ ْد َخ ِس َر الَّذِينَ قَتَلُوا أ َ ْو َال َد ُه ْم َ‬
‫س َ‬‫ومئ َ ٍة في ُ‬
‫ِ‬
‫ضلُّوا َو َما َكانُوا ُم ْهتَدِينَ " رواه البخاري‬
‫‪.‬قَ ْو ِل ِه‪{ :‬قَ ْد َ‬

‫ير َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‪ :‬إِ َّن أ َ ْع َدا َء اللَّ ِه َكانُوا ِإذَا َح َرثُوا‬
‫وعنه أيضا أَنَّهُ قَا َل فِي ت َ ْف ِس ِ‬
‫َت لَ ُه ْم ث َ َم َرةٌ‪َ ،‬ج َعلُوا ِللَّ ِه ِم ْنهُ ُج ْز ًءا َو ِل ْل َوث َ ِن ُج ْز ًءا‪ ...‬ث ُ َّم لَ َّما قَ َّ‬
‫س ُموا‬ ‫َح ْرثًا‪ ،‬أ َ ْو َكان ْ‬
‫اروا ِفي َها" قَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫ظوا ْال ِق ْس َمةَ الَّتِي ِه َ‬
‫ي فَا ِس َدةٌ‪َ ،‬ب ْل َج ُ‬ ‫ع ُموا لَ ْم َيحْ فَ ُ‬
‫فِي َما زَ َ‬
‫﴿ ِت ْل َك ِإذًا ِق ْس َمةٌ ِ‬
‫ضيزَ ى﴾‬

‫ش َر َك ۤا ُؤ ُه ۡم ِليُ ۡردُو ُه ۡم‬‫﴿و َكذَ ٰ⁠ ِل َك زَ يَّنَ ِل َكثِي ࣲر ِّمنَ ٱ ۡل ُم ۡش ِر ِكينَ قَ ۡت َل أ َ ۡولَ ٰـ ِد ِه ۡم ُ‬


‫قوله‪َ :‬‬
‫ب قُ ِتلَ ْ‬
‫ت﴾‬ ‫ي ِ ذَ ْن ٍ‬ ‫ت ِبأ َ ّ‬ ‫﴿و ِإ َذا ْال َم ْو ُءو َدة ُ ُ‬
‫س ِئ َل ْ‬ ‫علَ ۡي ِه ۡم ِدينَ ُه ۡم﴾ قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫وا َ‬ ‫َو ِل َي ۡل ِب ُ‬
‫س ۟‬

‫ي‪ُ :‬ك ُّل َهذَا َوا ِق ٌع بِ َم ِشيئَتِ ِه تَعَالَى‬ ‫﴿ولَ ْو شَا َء َّ‬
‫اللهُ َما فَعَلُوهُ﴾ أ َ ْ‬ ‫قوله تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫ار ِه ِلذَ ِل َك َك ْونًا‪َ ،‬ولَهُ ْال ِح ْك َمةُ التَّا َّمةُ فِي ذَ ِل َك‪ ،‬فَ َال يُ ْسأ َ ُل َ‬
‫ع َّما َي ْف َع ُل‬ ‫َو ِإ َرا َدتِ ِه َو ْ‬
‫اختِ َي ِ‬
‫‪.‬و ُه ْم يُسألون‬
‫َ‬
‫‪132‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ث ِحجْ ٌر﴾ ْاآل َيةَ‪َ .‬كقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬ما َج َع َل اللَّهُ ِم ْن‬


‫﴿وقَالُوا َه ِذ ِه أَ ْن َعا ٌم َو َح ْر ٌ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫علَى اللَّ ِه‬
‫صيلَ ٍة َوال َح ٍام َو َل ِك َّن الَّذِينَ َكفَ ُروا يَ ْفت َُرونَ َ‬ ‫سا ِئبَ ٍة َوال َو ِ‬ ‫يرةٍ َوال َ‬ ‫بَ ِح َ‬
‫ْال َكذ َ‬
‫ِب َوأ َ ْكث َ ُر ُه ْم َال يَ ْع ِقلُونَ ﴾‬

‫نام‬
‫ص ِ‬ ‫﴿ال َي ْ‬
‫ط َع ُم َها ِإال َم ْن نَشَا ُء بِزَ ع ِْم ِه ْم﴾ وهم ُخدّا ُم اَل ْ‬ ‫‪.‬قوله‪َ :‬‬

‫يرة َوال َّسائِ َبة َو ْال َحام‬ ‫ورهَا﴾ ْ‬


‫كال َب ِح َ‬ ‫﴿وأ َ ْن َعا ٌم ُح ِ ّر َم ْ‬
‫ت ُ‬
‫ظ ُه ُ‬ ‫‪.‬قوله‪َ :‬‬

‫طا ِئفَةٌ‬
‫علَ ْي َها﴾ َوقَا َل ُم َجا ِهدٌ‪َ :‬كانَ ِم ْن ِإ ِب ِل ِه ْم َ‬ ‫﴿وأ َ ْن َعا ٌم َال َي ْذ ُك ُرونَ اس َْم َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ش ْيءٍ ِم ْن شَأْنِ َها‪َ ،‬ال ِإ ْن َر ِكبُوا‪َ ،‬و َال ِإ ْن‬ ‫َال يَ ْذ ُك ُرونَ اس َْم اللَّ ِه َ‬
‫ع َل ْي َها َو َال فِي َ‬
‫ع ِملُوا َش ْيئًا‬ ‫‪َ .‬حلَبُوا‪َ ،‬و َال إِ ْن َح َملُوا‪َ ،‬و َال إِ ْن َ‬
‫س َحبُوا َو َال إِ ْن َ‬

‫يرةُ" َال‬ ‫ورنَا﴾ قيل‪ْ :‬‬


‫"البَ ِح َ‬ ‫صةٌ ِلذُ ُك ِ‬ ‫ون َه ِذ ِه اَل ْن َع ِام خَا ِل َ‬
‫ط ِ‬‫﴿وقَالُوا َما فِي بُ ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ش ْي ٌء أ َ َكلَهُ ِ ّ‬
‫الر َجا ُل َوال ِنّ َسا ُء‪ .‬قال‬ ‫ات ِم ْن َها َ‬‫الر َجالُ‪َ ،‬وإِ ْن َم َ‬ ‫يَأ ْ ُك ُل ِم ْن لَبَنِ َها إِ َّال ِ ّ‬
‫ف أ َ ْل ِسنَت ُ ُك ُم ْال َكذ َ‬
‫ِب َهذَا َحال ٌل َو َهذَا َح َرا ٌم ِلت َ ْفت َُروا‬ ‫﴿وال تَقُولُوا ِل َما ت ِ‬
‫َص ُ‬ ‫ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫علَى اللَّ ِه ْال َكذ َ‬
‫ِب َال يُ ْف ِل ُحونَ ﴾‬ ‫علَى اللَّ ِه ْال َكذ َ‬
‫ِب ِإ َّن الَّذِينَ يَ ْفت َُرونَ َ‬ ‫َ‬

‫‪133‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬


‫﴿وآتُوا َحقَّهُ يَ ْو َم َحصا ِد ِه﴾ اآليَةَ‬
‫بعض العُلَ ِ‬
‫ماء‪ :‬هَذا‬ ‫ُ‬ ‫ق ال َم ْذ ُك ِ‬
‫ور ُهنا‪ ،‬فَقا َل‬ ‫ف العُلَما ُء في ال ُمرا ِد ِب َهذا ال َح ّ ِ‬
‫اخت َ َل َ‬
‫ْ‬
‫نصف‬
‫ُ‬ ‫العشر وفيما سقى بآل ٍة‬
‫ُ‬ ‫ضةُ‪ .‬ففيما سق ِ‬
‫ت السما ُء‬ ‫الزكاة ُ ال َم ْف ُرو َ‬
‫ال َح ُّق هو َّ‬
‫‪.‬العشر‬
‫ِ‬
‫ض َر ِمنَ الفُقَ ِ‬
‫راء َي ْو َم ال َحصا ِد‬ ‫‪.‬وقيل‪ :‬إنَّهُ ْ‬
‫إطعا ُم َمن َح َ‬

‫اْل ِب ُل َو ْالبَقَ ُر‪َ ،‬و ْالفَ ْر ُ‬


‫ش‪:‬‬ ‫ْ‬
‫قيل‪:‬ال َح ُمولَةُ‪ِ ْ :‬‬ ‫عام َح ُمولَةً وفَ ْر ً‬
‫شا﴾‬ ‫قَ ْولُهُ‪ِ :‬‬
‫﴿ومنَ اَل ْن ِ‬
‫ْ‬
‫‪.‬الغَنَ ُم‬

‫وقال بعضهم‪ :‬كل مركوب حمول‪ ،‬واعتُرض بأن اَل ْنعام‪َ :‬‬
‫هي اْلبِ ُل والبَقَ ُر‬
‫‪.‬وال ّ‬
‫شا ُء وال َم ْع ُز‬

‫أن‬ ‫على طا ِع ٍم َي ْ‬
‫ط َع ُمهُ ّإال ْ‬ ‫ي إ َل َّ‬
‫ي ُم َح َّر ًما َ‬ ‫أج ُد في ما أ ُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل ال ِ‬
‫‪.‬يَ ُكونَ َم ْيتَةً ْأو َد ًما َم ْسفُو ًحا﴾ اآليَةَ‬
‫ب و ْق ِ‬
‫ت نُ ُزو ِل َه ِذ ِه اآليَ ِة‪،‬‬ ‫ي بِ َح َس ِ‬ ‫واال ْستِثْ ِ‬
‫ناء َح ِقي ِق ٌّ‬ ‫يِ ِ‬‫ص ُر ال ُم ْست َفا ُد ِمنَ ال َمن ِف ّ‬
‫ال َح ْ‬
‫غي َْر َه ِذ ِه ال َم ْذ ُكوراتِ؛ َِل َّن اآل َيةَ َم ِ ّكيَّةٌ ث ُ َّم‬
‫ت اَل ْك ِل َ‬
‫فَلَ ْم َي ُك ْن َي ْو َمئِ ٍذ ِمن ُم َح َّرما ِ‬
‫ت‬‫ورة ُ المائِ َدةِ ِبال َمدِي َن ِة فَ ِزي َد في ال ُم َح َّرما ِ‬
‫س َ‬ ‫ت ُ‬ ‫‪.‬نَزَ لَ ْ‬

‫‪134‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪.‬قوله‪﴿ :‬أ َ ْو َد ًما َم ْسفُو ًحا﴾ ْ‬


‫أي‪ :‬سائِ ًال ال َك ِبدًا ْأو ِط ً‬
‫حاال‪ ،‬أو اليسير منه‬

‫س﴾ وكذا شحمه‬ ‫﴿أو لَحْ َم ِخ ْن ِـز ٍ‬


‫ير فَإنَّهُ ِرجْ ٌ‬ ‫‪ْ .‬‬

‫ومنَ ال َبقَ ِر والغَن َِم َح َّر ْمنا‬ ‫على َّالذِينَ هادُوا َح َّر ْمنا ُك َّل ذِي ُ‬
‫ظفُ ٍر ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬و َ‬
‫ط بِ َع ْ‬
‫ظ ٍم ﴾ وفي‬ ‫اختَلَ َ‬‫ور ُهما أ ِو ال َحوايا ْأو ما ْ‬
‫ظ ُه ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ش ُحو َم ُهما ّإال ما َح َملَ ْ‬
‫علَ ْي ِه ْم ُ‬
‫َ‬
‫إن اللَّهَ َ‬
‫ع َّز َو َج َّل لَ َّما َح َّر َم عليهم ُ‬
‫ش ُحو َم َها‬ ‫الصحيحين "قَات َ َل َّ‬
‫اللهُ اليَ ُهو َد‪َّ ،‬‬
‫"أَجْ َملُوهُ‪ ،‬ث ُ َّم َبا ُ‬
‫عوهُ فأ َكلُوا ث َ َمنَهُ‬

‫قوله‪ُ ﴿ :‬ك َّل ذِي ُ‬


‫ظفُ ٍر﴾ َك ْ ِ‬
‫اْل ِب ِل َوالنَّ َع ِام‬

‫يق ِإنَّ َما فَ َع ْلنَاهُ ِب ِه ْم‬ ‫ي‪َ :‬هذَا التَّ ْ‬


‫ض ِي ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ ﴿ :‬ذ ِل َك َجزَ ْينَا ُه ْم ِب َب ْغ ِي ِه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫علَى بَ ْغيِ ِه ْم َو ُمخَالَفَتِ ِه ْم أ َ َو ِام َرنَا‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫َوأ َ ْلزَ ْمنَا ُه ْم بِ ِه‪ُ ،‬م َجازَ اة ً لَ ُه ْم َ‬
‫ع ْن َسبِي ِل‬
‫ص ِ ّد ِه ْم َ‬ ‫ت أ ُ ِحلَّ ْ‬
‫ت لَ ُه ْم َو ِب َ‬ ‫ظ ْل ٍم ِمنَ الَّذِينَ هَادُوا َح َّر ْمنَا َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم َ‬
‫ط ِّيبَا ٍ‬ ‫﴿فَ ِب ُ‬
‫يرا﴾‬‫اللَّ ِه َك ِث ً‬

‫‪135‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن اللَّهَ َح َّر َم‬ ‫ق َّ‬ ‫و ُج ْملَةُ ﴿وإنّا َلصا ِدقُونَ ﴾ ت َ ْذ ِيي ٌل ِل ْل ُج ْملَ ِة الَّ ِتي قَ ْبلَها َق ْ‬
‫صدًا ِلتَحْ ِقي ِ‬
‫إن اللَّهَ لَ ْم يُ َح ِ ّر ْم َ‬
‫علَيْنا َش ْيئًا وإنَّما َح َّر ْمنا َذ ِل َك‬ ‫علَ ْي ِه ْم ذَ ِل َك‪ ،‬وإب ً‬
‫ْطاال ِلقَ ْو ِل ِه ْم‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫وأشار إ َل ْي ِه قَ ْولُهُ ت َعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫على أ ْنفُ ِسنا ا ْق ِتدا ًء ِب َي ْعقُ َ‬
‫وب ِفيما َح َّر َمهُ َعلى نَ ْف ِس ِه‪.‬‬ ‫َ‬
‫عام كانَ ِح ًّال ِلبَنِي إسْرائِي َل ّإال ما َح َّر َم إسْرا ِئي ُل َ‬
‫على نَ ْف ِس ِه ِمن قَ ْب ِل‬ ‫﴿ ُك ُّل َّ‬
‫الط ِ‬
‫أن تُن ََّز َل الت َّ ْوراةُ﴾‬
‫ْ‬

‫اللهُ ما أ ْش َر ْكنا وال آباؤُنا وال‬ ‫سيَقُو ُل الَّذِينَ أ ْش َر ُكوا لَ ْو شا َء َّ‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ق أ ُ ِري َد ِب ِه ِ‬
‫باط ٌل‪،‬‬ ‫ش ْيءٍ ﴾ اآل َيةَ‪ .‬هَذا ال َكال ُم الَّذِي قالَهُ ال ُكفّ ُ‬
‫ار َكال ُم َح ّ ٍ‬ ‫َح َّر ْمنا ِمن َ‬
‫باط ٌل بَ ِل اللَّهُ‬ ‫أن اْلرا َدة َ ال َك ْو ِنيَّةَ َي ْلزَ ُمها ِ ّ‬
‫الرضا‪ ،‬وهو زَ ْع ٌم ِ‬ ‫ع ُموا َّ‬ ‫فال ُكفّ ُ‬
‫ار زَ َ‬
‫‪.‬يُ ِري ُد ِبإرا َد ِت ِه ال َك ْو ِنيَّ ِة ما ال َي ْرضاهُ‬
‫‪.‬فإما المقادير فيحتج بها على المصائب ال على المعايب‬

‫علَ ْي ُك ْم أَال ت ُ ْش ِر ُكوا ِب ِه َ‬


‫ش ْيئًا﴾ َو ِفي‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل ت َ َعالَ ْوا أَتْ ُل َما َح َّر َم َربُّ ُك ْم َ‬
‫الل ِه ﷺ‪:‬‬‫سو ُل َّ‬ ‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬‫ض َ‬ ‫ث أَبِي ذَ ٍ ّر‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن ِم ْن َحدِي ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ش ْيئًا ِم ْن أ ُ َّمتِ َك‪َ ،‬د َخ َل‬
‫ات َال يُ ْش ِركُ بِاللَّ ِه َ‬
‫ش َرنِي أ َ َّنهُ َم ْن َم َ‬
‫"أَت َانِي ِجب ِْري ُل فَ َب َّ‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال َجنَّةَ‪ "..‬الحديث‬

‫‪136‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضى َرب َُّك أَال ت َ ْعبُدُوا‬ ‫﴿و َق َ‬ ‫سانًا﴾ َك َما َقا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫﴿و ِب ْال َوا ِل َدي ِْن ِإحْ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ير﴾‬
‫ص ُ‬ ‫ي ْال َم ِ‬‫سانًا﴾ و َك َما قَا َل‪﴿ :‬أَ ِن ا ْش ُك ْر ِلي َو ِل َوا ِل َدي َْك ِإلَ َّ‬ ‫ِإال ِإيَّاهُ َو ِب ْال َوا ِل َدي ِْن ِإحْ َ‬

‫ق نَحْ ُن ن َْر ُزقُ ُك ْم َو ِإيَّا ُه ْم﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪َ :‬و َال‬ ‫﴿وال ت َ ْقتُلُوا أ َ ْوال َد ُك ْم ِم ْن ِإ ْمال ٍ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿وال ت َ ْقتُلُوا أ َ ْوال َد ُك ْم‬
‫س ْب َحانَ "‪َ :‬‬
‫ورةِ " ُ‬
‫س َ‬ ‫اص ِل‪َ .‬وقَا َل فِي ُ‬‫ت َ ْقتُلُو ُه ْم ِم ْن فَ ْق ِر ُك ُم ْال َح ِ‬
‫صو ِل فَ ْق ٍر‪ِ ،‬في ْاآل ِج ِل‬
‫ي‪َ :‬خ ْش َيةَ ُح ُ‬‫ق﴾ أ َ ْ‬ ‫‪َ .‬خ ْش َيةَ ِإ ْمال ٍ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪،‬‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬
‫الل ِه اب ِْن َم ْسعُودٍ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن‪ِ ،‬م ْن حديث َ‬
‫َو َجا َء فِي ال َّ‬
‫ظ ُم؟ قَا َل‪" :‬أ َ ْن تَجْ عَ َل لله ندا وهو خلَقَ َك"‪.‬‬
‫ب أ َ ْع َ‬
‫ي الذَّ ْن ِ‬ ‫قُ ْلتُ ‪ :‬يَا َر ُ‬
‫سو َل اللَّ ِه‪ ،‬أ َ ُّ‬
‫ي؟ َقا َل‪" :‬أ َ ْن ت َ ْقت ُ َل َولَ َد َك َخ ْش َيةَ أ َ ْن َي ْ‬
‫ط َعم َم َع َك" الحديث‬ ‫‪.‬قُ ْلتُ ‪ :‬ث ُ َّم أ َ ُّ‬
‫"تزوجوا الودو َد الولو َد ؛ فإني ُمكاثِ ٌر‬
‫َّ‬ ‫بل حث النبي على إكثار اَلوالد فقال‪:‬‬
‫‪.‬بكم" صححه اَللباني‬

‫‪137‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‬‫﴿وال ت َ ْق َربُوا َما َل ْال َي ِت ِيم ِإال ِب َّالتِي ِه َ‬


‫َّاس َقا َل‪ :‬لَ َّما أ َ ْنزَ َل اللَّهُ‪َ :‬‬‫عب ٍ‬ ‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫َ‬
‫ط َلقَ َم ْن َكانَ ِع ْن َدهُ‬‫ظ ْل ًما﴾ ْاآلية‪ .‬فَا ْن َ‬ ‫س ُن﴾ َو ﴿ ِإ َّن الَّذِينَ يَأ ْ ُكلُونَ أ َ ْم َوا َل ْاليَت َا َمى ُ‬
‫أَحْ َ‬
‫ض ُل ال َّ‬
‫ش ْي َء‬ ‫ط َعا ِم ِه َوش ََرا َبهُ ِم ْن ش ََرا ِب ِه‪ ،‬فَ َج َع َل يُ ْف ِ‬ ‫ط َعا َمهُ ِم ْن َ‬
‫َي ِتي ٌم فَ َعزَ َل َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪،‬‬ ‫علَ ْي ِه ْم‪َ ،‬ف َذ َك ُروا َذ ِل َك ِل َر ُ‬ ‫س لَهُ حتى يأكله َويَ ْف ُ‬
‫سدُ‪َ .‬فا ْشت َ َّد َذ ِل َك َ‬ ‫َفيُحْ َب ُ‬
‫ع ِن ْاليَت َا َمى قُ ْل ِإ ْ‬
‫صال ٌح لَ ُه ْم َخي ٌْر َوإِ ْن تُخَا ِل ُ‬
‫طو ُه ْم‬ ‫﴿ويَ ْسأَلُون ََك َ‬ ‫فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ‪َ :‬‬
‫ام ِه ْم‪َ ،‬وش ََرا َب ُه ْم ِبش ََرا ِب ِه ْم‪ ".‬حسنه‬ ‫ط َعا َم ُه ْم ِب َ‬
‫ط َع ِ‬ ‫طوا َ‬ ‫فَإ ِ ْخ َوانُ ُك ْم﴾ قَا َل‪ :‬فَ َخ َل ُ‬
‫‪.‬اَللباني‬

‫ْط﴾ يَأ ْ ُم ُر ت َ َعالَى بِإِقَا َم ِة ْال َع ْد ِل فِي ْاَل َ ْخ ِذ‬


‫﴿وأ َ ْوفُوا ْال َك ْي َل َو ْال ِميزَ انَ بِ ْال ِقس ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ط ِفّفِينَ الَّذِينَ ِإذَا‬‫﴿و ْي ٌل ِل ْل ُم َ‬
‫ع َلى ت َْر ِك ِه ِفي قَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫ع َد َ‬‫اء‪َ ،‬ك َما ت ََو َّ‬ ‫َو ْ ِ‬
‫اْل ْع َ‬
‫ط ِ‬
‫اس َي ْست َْوفُونَ َو ِإذَا َكالُو ُه ْم أ َ ْو َوزَ نُو ُه ْم يُ ْخ ِس ُرونَ ﴾‬ ‫ا ْكت َالُوا َ‬
‫علَى النَّ ِ‬

‫ع ْن‬ ‫اطي ُم ْست َ ِقي ًما فَاتَّ ِبعُوهُ َوال تَت َّ ِبعُوا ال ُّ‬
‫سبُ َل فَتَفَ َّرقَ ِب ُك ْم َ‬ ‫﴿وأ َ َّن َهذَا ِ‬
‫ص َر ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ي ِ صلَّى َّ‬
‫اللهُ‬ ‫سبِي ِل ِه﴾ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال كنَّا عن َد ال َّنب ّ‬ ‫َ‬
‫يسار ِه ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ين عن‬ ‫َط َّ‬
‫خط ِ‬ ‫ين عن يمينِ ِه ‪ ،‬وخ َّ‬ ‫وخط َّ‬
‫خط ِ‬ ‫َّ‬ ‫َط ًّ‬
‫خطا ‪،‬‬ ‫علي ِه وسلَّ َم فخ َّ‬
‫الخط اَلو َس ِط ‪ ،‬فقا َل‪ :‬هذا سبي ُل اللَّه ث َّم تال ه ِذ ِه اآليةَ‪َ ( :‬وأ َ َّن‬
‫ِّ‬ ‫ث َّم وض َع ي َدهُ في‬
‫ع ْن َ‬
‫س ِبي ِل ِه)‬ ‫اطي ُم ْست َ ِقي ًما فَاتَّبِعُوهُ َو َال تَتَّبِعُوا ال ُّ‬
‫سبُ َل فَتَفَ َّرقَ بِ ُك ْم َ‬ ‫َهذَا ِ‬
‫ص َر ِ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬
‫‪138‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى الَّذِي‬ ‫ع َلى الَّذِي أَحْ َ‬


‫سنَ ﴾ قيل‪َ ﴿ :‬‬ ‫سى ْال ِكت َ‬
‫َاب ت َ َما ًما َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ث ُ َّم آت َ ْينَا ُمو َ‬
‫‪.‬أَحْ َ‬
‫سنَ ﴾ يعني موسى‬
‫علَى‬ ‫سى ْال ِكت َ‬
‫َاب ت َ َما ًما﴾ َ‬ ‫واختار ابن جرير أن تقديره ْال َك َال ِم‪﴿ :‬ث ُ َّم آت َ ْينَا ُمو َ‬
‫سا ِن ِه‬
‫‪ِ .‬إحْ َ‬

‫ي‪ :‬لَ ْم‬ ‫ف َع ْن َها﴾ قال ابن كثير أ َ ْ‬ ‫ص َد َ‬ ‫الل ِه َو َ‬‫ت َّ‬‫ب بِآيَا ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َم ْن أ َ ْ‬
‫ظلَ ُم ِم َّم ْن َكذَّ َ‬
‫ف‬ ‫سولُ‪َ ،‬و َال ات َّ َب َع َما أ ُ ْر ِس َل ِب ِه‪َ ،‬و َال ت ََر َك َغي َْرهُ‪َ ،‬ب ْل َ‬
‫ص َد َ‬ ‫الر ُ‬‫َي ْنت َ ِف ْع ِب َما َجا َء ِب ِه َّ‬
‫ت َّ‬
‫الل ِه‬ ‫ع ِن ا ِت ّبَاعِ آيَا ِ‬
‫‪َ .‬‬
‫ع ْن َها‬ ‫ف َع ْن َها﴾ أَع َْر َ‬
‫ض َ‬ ‫ص َد َ‬
‫﴿و َ‬
‫َّاس‪َ :‬‬
‫عب ٍ‬‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫‪َ .‬و َ‬

‫يان َّ‬
‫الل ِه و َم ِجيئُهُ يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة ِلفَ ْ‬
‫ص ِل ال َق ِ‬
‫ضاء َبيْنَ‬ ‫ي َرب َُّك﴾ هو إتْ ُ‬ ‫قوله‪ْ ْ :‬‬
‫﴿أو َيأتِ َ‬
‫صفًّا﴾ إتْيانًا كما يليق بجالله ﴿ َلي َ‬
‫ْس‬ ‫صفًّا َ‬ ‫خ َْل ِق ِه َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬وجا َء َرب َُّك وال َم َلكُ َ‬
‫ير﴾‬
‫ص ُ‬‫س ِمي ُع ال َب ِ‬ ‫َك ِمثْ ِل ِه َ‬
‫ش ْي ٌء وهو ال َّ‬

‫ت َر ِبّ َك﴾ وفي‬ ‫ت َر ِبّ َك َي ْو َم َيأْتِي َب ْع ُ‬


‫ض آ َيا ِ‬ ‫ض آ َيا ِ‬
‫ي َب ْع ُ‬ ‫ْ‬
‫قوله‪﴿ . :‬أ َ ْو َيأتِ َ‬
‫س ِمن َم ْغ ِربِها‪ ،‬فإذا َرآها النَّ ُ‬
‫اس‬ ‫ش ْم ُ‬ ‫عةُ حتَّى ت َْطلُ َع ال َّ‬ ‫الصحيحين "ال تَقُو ُم ال َّ‬
‫سا َ‬
‫{ال َي ْن َف ُع نَ ْف ًسا ِإي َمانُ َها َل ْم ت َ ُك ْن آ َمن ْ‬
‫َت ِم ْن قَ ْبلُ}‬ ‫ذاك ِحينَ ‪َ :‬‬‫"آ َمنَ َمن عليها‪ ،‬فَ َ‬
‫‪139‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َت ِم ْن‬ ‫﴿ال َي ْنفَ ُع نَ ْف ً‬


‫سا ِإي َمانُ َها لَ ْم ت َ ُك ْن آ َمن ْ‬ ‫وفي رواية لمسلم "ث َ َال ٌ‬
‫ث ِإذَا خ ََرجْ نَ َ‬
‫ش ْم ِس من مغربها‪ ،‬والدجال‪ ،‬ودابة‬ ‫طلُوعُ ال َّ‬ ‫قَ ْب ُل أ َ ْو َك َسبَ ْ‬
‫ت فِي ِإي َمانِ َها َخي ًْرا﴾ ُ‬
‫"اَلرض‬

‫قَ ْوله‪﴿ :‬إِ َّن الَّذِينَ فَ َّرقُوا دِينَ ُه ْم َو َكانُوا ِشيَ ًعا﴾ وقُرأ َ‬
‫"فارقُوا دِينَهم" ْ‬
‫أي ت ََر ُكوا‬
‫دِينَهم وخ ََر ُجوا َع ْنهُ‪ِ .‬قي َل‪ :‬ال ُمرا ُد ِب ِه ُم ال َي ُهو ُد والنَّصارى‪ .‬وفي الحديث‬
‫ت النَّصا َرى علَى‬
‫وتفر َق ِ‬
‫َّ‬ ‫نتين وسبعينَ فِرقةً ‪،‬‬
‫ت اليهو ُد على إحدى أو ثِ ِ‬
‫"افترق ِ‬
‫سبعين فِرقةً"‬‫ثو َ‬ ‫وتفترق أ ُ َّمتي على ثال ٍ‬
‫ُ‬ ‫نتين وسبعين فرقةً ‪،‬‬
‫إحدى أو ثِ ِ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫سنَ ٍة فَلَ ْم َي ْع َم ْل َها‬ ‫وفي الحديث الصحيح ""إن َربَّ ُك ْم َ‬


‫ع َّز َو َج َّل َر ِحي ٌم‪َ ،‬م ْن َه َّم ِب َح َ‬
‫ض َعافٍ َكثِ َ‬
‫يرةٍ‪.‬‬ ‫س ْب ِع ِمائَةٍ‪ِ ،‬إلَى أَ ْ‬ ‫ع ْش ًرا ِإلَى َ‬ ‫ت لَهُ َ‬ ‫س َنةً‪ ،‬فَإ ِ ْن َ‬
‫ع ِملَ َها ُكتِ َب ْ‬ ‫ُكتبت َلهُ َح َ‬
‫اح َدةً‪ ،‬أ َ ْو‬
‫ت َلهُ َو ِ‬ ‫سنَةً‪ ،‬فَإ ِ ْن َ‬
‫ع ِملَ َها ُك ِتبَ ْ‬ ‫ت لَهُ َح َ‬‫َو َم ْن ُه َّم بِ َسيِّئ َ ٍة فَلَ ْم يَ ْع َم ْل َها ُكتِبَ ْ‬
‫علَى اللَّ ِه ِإ َّال هَالَ ٌك‬ ‫" َي ْم ُحوهَا اللَّهُ‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل‪َ ،‬و َال َي ْه َلكُ َ‬

‫يم َح ِنيفًا َو َما َكانَ ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ث ُ َّم أ َ ْو َح ْينَا إِلَي َْك أ َ ِن‬ ‫﴿ملَّةَ ِإب َْرا ِه َ‬
‫قوله‪ِ :‬‬
‫يم َح ِنيفًا َو َما َكانَ ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ ﴾‬ ‫ات َّ ِب ْع ِملَّةَ ِإب َْرا ِه َ‬

‫‪140‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض َد َر َجاتٍ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬نَحْ ُن قَ َ‬


‫س ْمنَا َب ْينَ ُه ْم‬ ‫ض ُك ْم َف ْوقَ َب ْع ٍ‬ ‫﴿و َر َف َع َب ْع َ‬‫َو َق ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ت ِليَتَّ ِخذَ بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫ض َد َر َجا ٍ‬ ‫شت َ ُه ْم فِي ْال َحيَاةِ ال ُّد ْنيَا َو َرفَ ْعنَا بَ ْع َ‬
‫ض ُه ْم فَ ْوقَ بَ ْع ٍ‬ ‫َم ِعي َ‬
‫س ْخ ِريًّا﴾‬
‫ضا ُ‬ ‫َب ْع ً‬

‫يب‪ .‬وفي‬
‫يب َوت َْر ِغ ٌ‬
‫ور َر ِحي ٌم﴾ ت َْر ِه ٌ‬ ‫س ِري ُع ْال ِعقَا ِ‬
‫ب َو ِإنَّهُ لَغَفُ ٌ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬إِ َّن َرب ََّك َ‬
‫ط ِم َع ِب َجنَّ ِت ِه أ َ َحدٌ‪،‬‬ ‫صحيح مسلم "لَ ْو َي ْعلَ ُم ال ُمؤْ ِم ُن ما ِع ْن َد الل ِه ِمنَ العُقُو َب ِة‪ ،‬ما َ‬
‫ط ِمن َجنَّتِ ِه أ َ َح ٌد‬
‫الرحْ َم ِة‪ ،‬ما قَنَ َ‬
‫"ولو يَ ْعلَ ُم ال َكافِ ُر ما ِع ْن َد الل ِه ِمنَ َّ‬

‫تمت سورة اَلنعام والحمد لله‬

‫‪141‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةُ ْاألَع َْر ِ‬


‫اف‬ ‫س َ‬‫ُ‬

‫وهي مكية‬

‫الر ِح ِيم‬ ‫ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬


‫الرحْ َم ِن َّ‬

‫ص ْد ِر َك َح َر ٌج ِم ْنهُ﴾ قيل أي‪ :‬ش ٌَّك ِم ْنهُ‬


‫‪.‬قوله‪﴿ :‬فَال يَ ُك ْن فِي َ‬
‫‪َ .‬وقِي َل‪َ :‬ال ت َت َ َح َّرجْ ِب ِه فِي ِإب َْال ِغ ِه َو ْ ِ‬
‫اْل ْن َذ ِار ِب ِه‬

‫سنَا بَيَاتًا أ َ ْو ُه ْم قَائِلُونَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى﴿أَفَأ َ ِمنَ أَ ْه ُل ْالقُ َرى‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َجا َءهَا بَأ ْ ُ‬
‫ض ًحى‬‫سنَا ُ‬ ‫سنَا بَ َياتًا َو ُه ْم نَائِ ُمون أ َ َوأ َ ِمنَ أ َ ْه ُل ْالقُ َرى أ َ ْن يَأْتِيَ ُه ْم بَأْ ُ‬
‫أ َ ْن يَأْتِيَ ُه ْم بَأ ْ ُ‬
‫َو ُه ْم َي ْل َعبُونَ ﴾‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َلنَ ْسأَلَ َّن الَّذِينَ أ ُ ْر ِس َل ِإلَ ْي ِه ْم﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى َ‬
‫﴿و َي ْو َم يُنَادِي ِه ْم َف َيقُو ُل َماذَا‬
‫سلِينَ ﴾‬ ‫أ َ َج ْبت ُ ُم ْال ُم ْر َ‬

‫‪142‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س َل َف َيقُو ُل َماذَا أ ُ ِج ْبت ُ ْم‬ ‫سلِينَ ﴾ كقَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬ي ْو َم َيجْ َم ُع اللَّهُ ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫﴿ولَنَ ْسأَلَ َّن ْال ُم ْر َ‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫ب﴾‬ ‫عال ُم ْالغُيُو ِ‬ ‫ت َ‬ ‫قَالُوا َال ِع ْل َم َلنَا ِإنَّ َك أ َ ْن َ‬

‫ٰۚ‬
‫ان يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة‪ْ :‬اَل َ ْع َمالُ‪،‬‬ ‫﴿و ْال َو ْزن يَ ۡو َم ِٕى ٍذ ٱ ۡل َح ُّق﴾ يُو َ‬
‫ض ُع فِي ْال ِميزَ ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ب ْالعَ َم ِل‬
‫اح ُ‬
‫ص ِ‬‫َاب ْاَل َ ْع َما ِل‪َ ،‬‬
‫‪َ .‬و ِكت ُ‬

‫س َجد ُۤو ۟ا ِإ َّ ۤال‬ ‫ص َّو ۡر َن ٰـ ُك ۡم ث ُ َّم قُ ۡلنَا ِل ۡل َملَ ٰۤـ ِٕى َك ِة ٱ ۡس ُجد ۟‬
‫ُوا ِلـَٔا َد َم فَ َ‬ ‫﴿ولَقَ ۡد َخلَ ۡقنَ ٰـ ُك ۡم ث ُ َّم َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ت ال َمالئِ َكةُ ِمن نُ ٍ‬
‫ور‪،‬‬ ‫س لَ ۡم يَ ُكن ِّمنَ ٱل َّ‬
‫س ٰـ ِج ِدينَ ﴾ وفي صحيح مسلم " ُخ ِلقَ ِ‬ ‫إِ ۡب ِلي َ‬
‫ف لَ ُك ْم‬ ‫نار‪ ،‬و ُخ ِلقَ آ َد ُم م َّما ُو ِ‬
‫ص َ‬ ‫مارجٍ ِمن ٍ‬ ‫ُّ‬
‫الجان ِمن ِ‬ ‫"و ُخ ِلقَ‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل ما َمنَ َع َك ّأال ت َ ْس ُج َد إ ْذ أ َم ْرت ُ َك﴾ َم ْعناهُ‪ :‬ما َمنَ َع َك ْ‬
‫أن ت َ ْس ُج َد‪ ،‬و‬
‫يس ما َمنَ َع َك‬
‫ورةِ ”ص“ ﴿قا َل ياإ ْب ِل ُ‬
‫س َ‬‫صلَةٌ‪ ،‬ويَ ْش َه ُد ِل َهذا قَ ْولُهُ ت َعالى‪ :‬في ُ‬
‫”ال“ ِ‬
‫أن ت َ ْس ُج َد ِلما َخلَ ْقتُ بِيَ َد َّ‬
‫ي﴾‬ ‫ْ‬

‫ض َّمنَ َم ْعنَى فِ ْع ٍل آخ ََر ت َ ْقد ُ‬


‫ِيرهُ‪َ :‬ما‬ ‫َار ابن جرير وابن كثير أ َ َّن " َمنَ َع َك" تَ َ‬ ‫اخت َ‬ ‫َو ْ‬
‫ط َّر َك أَ َّال تَ ْس ُج َد إِ ْذ أ َ َم ْرت ُ َك‪َ ،‬ونَحْ ُو ذَ ِل َك‬ ‫‪.‬أَحْ َو َج َك َوأ َ ْلزَ َم َك َوا ْ‬
‫ض َ‬

‫‪143‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يس لَ َعنَهُ اللَّهُ‪﴿ :‬أَنَا َخي ٌْر ِم ْنهُ َخلَ ۡقتَنِی ِمن نَّ ࣲار َو َخلَ ۡقتَهُۥ ِمن ِطي ࣲن﴾ أ َ ْخ َ‬
‫طأ َ‬ ‫َوقَ ْو ُل ِإ ْب ِل َ‬
‫الطينَ ِم ْن‬ ‫ضا‪ ،‬فَإ ِ َّن ِ ّ‬ ‫ين أ َ ْي ً‬
‫الط ِ‬‫ف ِمنَ ِ ّ‬ ‫قَبَّحه اللَّهُ فِي قِ َيا ِس ِه َو َدع َْواهُ أ َ َّن النَّ َ‬
‫ار أَ ْش َر ُ‬
‫ت َوالنُّ ُم ّ ِو َو ِ ّ‬
‫الز َيا َد ِة‬ ‫ين َم َح ُّل ال َّن َبا ِ‬
‫الط ُ‬ ‫شَأ ْ ِن ِه َّ‬
‫الرزَ انَةُ َو ْال ِح ْل ُم َو ْاَلَنَاة ُ َوالتَّث َ ُّبتُ ‪َ ،‬و ِ ّ‬

‫عةُ؛ َو ِل َه َذا خَانَ ِإ ْب ِل َ‬


‫يس‬ ‫س ْر َ‬
‫ْش َوال ُّ‬ ‫الطي ُ‬‫اق َو َّ‬ ‫ار ِم ْن شَأْنِ َها ْ ِ‬
‫اْلحْ َر ُ‬ ‫ص َالحِ‪َ .‬والنَّ ُ‬ ‫َو ْ ِ‬
‫اْل ْ‬
‫وع َو ْ ِ‬
‫اْلنَابَ ِة‬ ‫الر ُج ِ‬
‫ص ُرهُ فِي ُّ‬ ‫ع ْن ُ‬
‫ص ُرهُ‪َ ،‬ونَفَ َع آ َد َم ُ‬‫ع ْن ُ‬
‫‪ُ .‬‬

‫عائِ ٌد‬ ‫ون َل َك ْ‬


‫أن تَت َ َكب ََّر ِفيها﴾ قيل‪ :‬الض َِّم ُ‬
‫ير َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل فا ْه ِب ْ‬
‫ط ِمنها فَما يَ ُك ُ‬
‫عائِدًا ِإلَى ْال َم ْن ِز َل ِة َّالتِي ُه َو فِي َها فِي‬
‫ِإلَى ْال َجنَّ ِة‪َ ،‬وقيل‪ :‬يُحْ ت َ َم ُل أ َ ْن َي ُكونَ َ‬
‫ت ْاَل َ ْعلَى‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال َملَ ُكو ِ‬

‫ظ ِرينَ ) قيل‪ :‬أ َ َرا َد ِب ِه النَّ ْف َخةَ ْاَلُولَى‪ ،‬أ َ ْ‬


‫ي ِحينَ ت َ ُموتُ‬ ‫قوله‪( :‬قا َل ِإنَّ َك ِمنَ ْال ُم ْن َ‬
‫يس ث ُ َّم يُ ْب َع ُ‬
‫ث‬ ‫ْ‬
‫‪.‬الخ ََالئِ ُق‪َ ،‬فيَ ُموتُ إِ ْب ِل ُ‬

‫﴿ولَقَ ْد‬ ‫ط َك ْال ُم ْست َ ِق َ‬


‫يم﴾ َك َما َقا َل تَعَالَى‪َ :‬‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَبِ َما أ َ ْغ َو ْيت َ ِني َل ْقعُ َد َّن لَ ُه ْم ِ‬
‫ص َرا َ‬
‫ظ َّنهُ فَاتَّ َبعُوهُ ِإال فَ ِري ًقا ِمنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬
‫يس َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم ِإ ْب ِل ُ‬
‫ص َّدقَ َ‬
‫َ‬

‫‪144‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وم ْن خ َْل ِف ِه ْم﴾ ِم ْن‬


‫ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ث ُم َۤ آل ِت َينَّ ُه ْم ِم ْن َبي ِْن أ َ ْيدِي ِه ْم﴾ أي‪ِ :‬م ْن قِ َب ِل ِ‬
‫آخ َرتِ ِه ْم‪،‬‬
‫ش َمائِ ِل ِه ْم﴾ ِم ْن ِقبَ ِل‬
‫ع ْن َ‬ ‫ع ْن أ َ ْي َمانِ ِه ْم﴾ ِم ْن ِقبَل َح َسنَاتِ ِه ْم‪﴿ ،‬و َ‬ ‫قِبَ ِل ُد ْنيَا ُه ْم‪﴿ ،‬و َ‬
‫س ِيّئ َا ِت ِه ْم‬
‫‪َ .‬‬

‫اْلسالم‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫ط ِري ِ‬ ‫آدم بِأ َ ْ‬
‫ط ُرقِ ِه ‪ ،‬فَقَعَ َد لهُ ِب َ‬ ‫وفي الحديث "إِ َّن الشيطانَ قَعَ َد ِال ِ‬
‫بن َ‬
‫أسلم ‪ ،‬ث ُ َّم قَ َع َد لهُ‬
‫وآباء آبا ِئ َك ؟ ! فَ َعصاهُ فَ َ‬ ‫ِ‬ ‫فقال ‪ :‬ت ُ ْس ِل ُم وتَذَ ُر دِين ََك ودِينَ آبا ِئ َك‬
‫سما َء َك و ِإنَّما َمثَ ُل ال ُم ِ‬
‫هاج ِر‬ ‫ض َك و َ‬ ‫هاج ُر وت َ َدعُ أ َ ْر َ‬
‫ق ال ِهجْ َرةِ ‪ :‬فقال ‪ :‬ت ُ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ط ِري ِ‬
‫الجها ِد فقال ‪:‬‬
‫ق ِ‬ ‫ط ِري ِ‬ ‫َك َمث َ ِل الفَ َر ِس في ِ ّ‬
‫الط َو ِل ! فَعَصاهُ فَها َج َر ‪ ،‬ث ُ َّم قَعَ َد لهُ بِ َ‬
‫فهو َج ْه ُد النَّ ْف ِس والما ِل ‪ ،‬فَتُقَاتِ ُل َفت ُ ْقت َ ُل َفت ُ ْن َك ُح المرأة ُ ويُ ْق َ‬
‫س ُم الما ُل ؟ !‬ ‫ت ُ َجا ِه ُد َ‬
‫ذلك كان َحقًّا على الل ِه ْ‬
‫أن يُ ْد ِخلهُ الجنةَ ‪ ،‬و َم ْن قُ ِت َل‬ ‫فَ َعصاهُ فَ َجا َه َد ‪ ،‬ف َم ْن فع َل َ‬
‫وإن غ َِرقَ كان َحقًّا على الل ِه ْ‬
‫أن ُي ْد ِخلهُ‬ ‫أن يُ ْد ِخلهُ الجنةَ ‪ْ ،‬‬ ‫كان َحقًّا على الل ِه ْ‬
‫صتْهُ َدابَّتُهُ كان َحقًّا على الل ِه ْ‬
‫أن يُ ْد ِخلهُ ال َجنَةَ" صححه‬ ‫الجنةَ ‪ْ ،‬‬
‫وإن وقَ َ‬
‫‪.‬اَللباني‬

‫ش َج َرةِ إِ َّ ۤال أَن ت َ ُكونَا َملَ َك ۡي ِن أ َ ۡو ت َ ُكونَا‬


‫ع ۡن َه ٰـ ِذ ِه ٱل َّ‬
‫﴿وقَا َل َما نَ َه ٰى ُك َما َربُّ ُك َما َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ش َج َرةِ ْال ُخ ْل ِد َو ُم ْلكٍ َال َي ْبلَى﴾‬ ‫علَى َ‬ ‫ِمنَ ٱ ۡل َخ ٰـ ِل ِدينَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬قا َل َيا آ َد ُم ه َْل أَد ُُّل َك َ‬

‫‪145‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف لَ ُه َما ِباللَّ ِه‪ِ ﴿ :‬إنِّي لَ ُك َما لَ ِمنَ ال َّن ِ‬


‫اص ِحينَ ﴾ َو َكانَ‬ ‫س َم ُه َما﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬حلَ َ‬ ‫﴿وقَا َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫عنَا بِاللَّ ِه ُخدعنا لَهُ‬ ‫ض أَ ْه ِل ْال ِع ْل ِم يَقُولُ‪َ " :‬م ْن خَا َد َ‬‫"بَ ْع ُ‬

‫ط ِفقَا يَ ۡخ ِ‬
‫ص َف ِ‬
‫ان‬ ‫ش َج َرة َ بَ َد ۡت لَ ُه َما َ‬
‫س ۡو َء ٰ⁠ ت ُ ُه َما َو َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ َد َّل ٰى ُه َما ِبغُ ُر ࣲ ٰۚ‬
‫ور فَلَ َّما ذَاقَا ٱل َّ‬
‫ع ِه ْدنا إلى آ َد َم ِمن قَ ْبلُ﴾ ْ‬
‫أي‪:‬‬ ‫﴿و َلقَ ْد َ‬‫ق ٱ ۡل َج َّن ِة﴾ قال تعالى‪َ :‬‬ ‫علَ ۡي ِه َما ِمن َو َر ِ‬ ‫َ‬
‫ي ولَ ْم ن َِج ْد لَهُ َ‬
‫ع ْز ًما﴾‬ ‫ب ِت ْل َك ال َّ‬
‫ش َج َرةَ‪﴿ .‬فَنَ ِس َ‬ ‫صيْناهُ ّأال َي ْق َر َ‬
‫ْأو َ‬

‫ظلَ ْمنَا أ َ ْنفُ َسنَا َوإِ ْن َل ْم تَ ْغ ِف ْر لَنَا َوت َْر َح ْمنَا َلنَ ُكون ََّن ِمنَ‬
‫﴿ربَّنَا َ‬
‫قوله‪ :‬قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ي ْال َك ِل َماتُ الَّتِي تَلَقَّاهَا آ َد ُم ِم ْن َر ِبّ ِه كما في سورة البقرة‬ ‫ْ‬
‫‪.‬الخَا ِس ِرينَ ﴾ ِه َ‬

‫آدم خطا ٌء ‪،‬‬


‫ابن َ‬ ‫ّ‬
‫الحث على التوبة اقتداء باَلبوين‪ ،‬وفي الحديث "ك ُّل ِ‬ ‫وفيه‬
‫َّ‬
‫الخطائينَ التَّوابونَ " حسنه اَللباني‬ ‫‪.‬وخير‬
‫ُ‬

‫باس الت َّ ْقوى ذَ ِل َك َخي ٌْر﴾‬


‫قوله‪﴿ :‬و ِل ُ‬
‫ُ‬
‫اْليمان وال َع َم ُل ال ّ‬
‫صا ِل ُح‬ ‫باس الت َّ ْقوى‬
‫‪.‬قال السلف‪ِ :‬ل ُ‬

‫‪146‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عةٌ ِمن أ ْه ِل‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬إنَّهُ َيراكم هو وقَ ِبيلُهُ ِمن َحي ُ‬
‫ْث ال ت ََر ْونَهم﴾ َق ِد ا ْستَ َد َّل َجما َ‬
‫ورتِها‬
‫ص َ‬‫غي ُْر ُم ْم ِكنَةٍ‪ ،‬وهذا في ُ‬ ‫ان َ‬ ‫أن ُرؤْ يَةَ ال َّ‬
‫شيْط ِ‬ ‫ال ِع ْل ِم بِ َه ِذ ِه اآليَ ِة َ‬
‫على َّ‬
‫غي ِْر‬
‫ورةٍ َ‬
‫ص َ‬‫ش ِ ّكلَةً في ُ‬
‫الج ِّن ُمت َ َ‬
‫ين أ ِو ِ‬
‫ياط ِ‬
‫ش ِ‬‫ال َح ِقي ِقيَّ ِة‪ .‬ولكن يمكن ُرؤْ َية ال َّ‬
‫ورتِها ال َح ِقي ِقيَّ ِة‬
‫ص َ‬‫‪ُ .‬‬

‫وقوله‪َ ﴿ :‬ك َما بَ َدأ َ ُك ْم تَعُودُونَ ﴾ أي‪َ :‬ك َما بَ َدأَ ُك ْم أ َ َّو ًال َكذَ ِل َك يُ ِعي ُد ُك ْم ِ‬
‫آخ ًرا‪ .‬وفي‬
‫غ ْر ًال‬
‫عراة ً ُ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة ُحفاة ً ُ‬ ‫"الصحيحين "يُحْ ش َُر النَّ ُ‬
‫اس يَ َ‬

‫ع َل ْي ِه ُم الضَّاللَةُ﴾ وكان من دعاء النبي‬


‫قوله‪ :‬ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَ ِريقًا َه َدى َوفَ ِريقًا َح َّق َ‬
‫ي‪ ،‬ومن خلفي‪ ،‬وعن‬ ‫بين يَ َد َّ‬
‫ظنِي من ِ‬ ‫صلى الله عليه وسلم "اللهم ! احْ فَ ْ‬
‫ظ َمتِ َك أن أ ُ ْغتا َل من تحتي"‬‫يميني‪ ،‬وعن شمالي‪ ،‬ومن فوقي‪ ،‬وأعوذ بعَ َ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫﴿و ُكلُوا َوا ْش َربُوا َوال تُس ِْرفُوا ِإنَّهُ َال يُ ِحبُّ ْال ُمس ِْرفِينَ ﴾ ْاآل َيةَ‪ .‬قَا َل‬‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫﴿و ُكلُوا َوا ْش َربُوا َوال‬ ‫ف آيَةٍ‪َ :‬‬ ‫ص ِ‬ ‫الطبَّ ُكلَّهُ فِي ِن ْ‬
‫ف‪َ :‬ج َم َع اللَّهُ ِ ّ‬
‫سلَ ِ‬‫ض ال َّ‬ ‫بَ ْع ُ‬
‫تُس ِْرفُوا﴾‬
‫‪147‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫طأَتْ َك‬
‫ت‪َ ،‬ما أ َ ْخ َ‬ ‫ت‪َ ،‬و ْال َب ْ‬
‫س َما ِشئْ َ‬ ‫َّاس‪ُ " :‬ك ْل َما ِشئْ َ‬
‫ي‪ :‬قَا َل اب ُْن َعب ٍ‬ ‫َوقَا َل ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬
‫سرف و َم ِخيلة"‪ .‬وصححه اَللباني‬ ‫صلَت ِ‬
‫َان‪َ :‬‬ ‫‪َ .‬خ ْ‬
‫آدم أ ُ َكيال ٍ‬
‫ت‬ ‫ابن َ‬
‫ب ِ‬
‫بطن ‪ ،‬بح ْس ِ‬
‫ٍ‬ ‫شرا من‬
‫ي وعا ًء ًّ‬
‫وفي الحديث "ما مأل آدم ٌّ‬
‫ث لشرا ِبه ‪ ،‬وثُلُ ٌ‬
‫ث‬ ‫لطعامه ‪ ،‬وثُلُ ٌ‬
‫ِ‬ ‫صلبَه ‪ ،‬فإن كان ال محالةَ ؛ فثُلُ ٌ‬
‫ث‬ ‫يُ ِق ْمنَ ُ‬
‫‪.‬لنف ِسه" صححه اَللباني‬

‫ق﴾‬ ‫الر ْز ِ‬ ‫ت ِمنَ ِ ّ‬ ‫َّ‬


‫والطيِّبا ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل َمن َح َّر َم ِزي َنةَ اللَّ ِه َّالتِي ْ‬
‫أخ َر َج ِل ِعبا ِد ِه‬
‫ت ْال َم ْرأَة ُ‬
‫ص ِفّ ُرونَ ويُص ِفّقون‪َ ،‬كانَ ِ‬ ‫ع َراةٌ‪ ،‬يُ َ‬
‫ت َو ُه ْم ُ‬ ‫طوفُونَ بِ ْالبَ ْي ِ‬
‫ْش َي ُ‬
‫َت قُ َري ٌ‬
‫َكان ْ‬
‫ع ْر َيانَةٌ َفتَقُو ُل‬
‫ي ُ‬ ‫وف ِب ْال َب ْي ِ‬
‫ت َو ِه َ‬ ‫ط ُ‬‫‪:‬ت َ ُ‬
‫ضهُ أ َ ْو ُكلُّهُ * فَ َما بَ َدا ِم ْنهُ َفالَ أ ُ ِحلُّهُ‬
‫‪ْ .‬اليَ ْو َم َي ْبدُو بَ ْع ُ‬
‫‪.‬ف ُح ّرم عليهم ذلك في سورة التوبة‬

‫ۡ ۡ‬ ‫ی ٱ ۡلفَ َو ⁠ٰ ِح َ‬
‫طنَ َوٱ ۡ ِْلث َم َوٱل َب ۡغ َ‬
‫ی‬ ‫ظ َه َر ِم ۡن َها َو َما َب َ‬
‫ش َما َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ۡل ِإنَّ َما َح َّر َم َر ِبّ َ‬
‫ۡ ࣰ‬
‫علَى ٱللَّ ِه َما‬ ‫َ‬ ‫۟‬
‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫و‬‫ط ٰـ َ‬
‫ا‬ ‫ن‬ ‫وا ِبٱ َّلل ِه َما لَ ۡم يُن ِ َّز ۡل ِب ِهۦ ُ‬
‫سل َ‬ ‫ق َوأَن ت ُ ۡش ِر ُك ۟‬ ‫ِبغَ ۡي ِر ٱ ۡل َح ّ ِ‬
‫‪َ :‬ال ت َعۡ لَ ُمونَ ﴾ قال ابن القيم رحمه الله‬

‫‪148‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش‪ ،‬ث ُ َّم ثَنّى ِبما هو‬ ‫ب‪ ،‬و َب َدأ ِبأ ْس َه ِلها وهو الفَ ِ‬
‫واح ُ‬ ‫أر َب َع َمراتِ َ‬
‫ت ْ‬ ‫فَ َرت َّ َ‬
‫ب ال ُم َح َّرما ِ‬
‫والظ ْل ُم‪ ،‬ث ُ َّم ث َ َّل َ‬
‫ث بِما هو أ ْع َ‬
‫ظ ُم تَحْ ِري ًما ِمن ُهما وهو‬ ‫ُّ‬ ‫ش ُّد تَحْ ِري ًما ِمنهُ وهو اْلثْ ُم‬
‫أ َ‬
‫علَ ْي ِه‬‫سبْحانَهُ‪ ،‬ث ُ َّم َر َّب َع ِبما هو أ َش ُّد تَحْ ِري ًما ِمن ذَ ِل َك ُك ِلّ ِه وهو القَ ْو ُل َ‬
‫ش ْركُ ِب ِه ُ‬‫ال ِ ّ‬
‫سبْحانَهُ ِبال ِع ْل ٍم في أسْمائِ ِه ِ‬
‫وصفاتِ ِه وأ ْفعا ِل ِه‬ ‫ِبال ِع ْل ٍم‪ ،‬وهَذا يَعُ ُّم القَ ْو َل َ‬
‫علَ ْي ِه ُ‬
‫ف ْأل ِسنَت ُ ُك ُم ال َكذ َ‬
‫ِب هَذا‬ ‫﴿وال تَقُولُوا ِلما ت ِ‬
‫َص ُ‬ ‫وفي دِي ِن ِه وش َْر ِع ِه وقا َل ت َعالى‪َ :‬‬
‫على اللَّ ِه ال َكذ َ‬
‫ِب‬ ‫إن الَّذِينَ َي ْفت َُرونَ َ‬ ‫على اللَّ ِه ال َكذ َ‬
‫ِب َّ‬ ‫َحال ٌل وهَذا َحرا ٌم ِلت َ ْفت َُروا َ‬
‫ال يُ ْف ِل ُحونَ ﴾‬
‫عبَا َدة َ رضي الله عنه‪ :‬لو َرأَيْتُ َر ُج ًال مع ْام َرأَتي َل َ‬
‫ض َر ْبتُهُ‬ ‫س ْع ُد ُ‬
‫بن ُ‬ ‫وقا َل َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم فَقا َل‪:‬‬
‫ذلك َرسو َل اللَّ ِه َ‬
‫صفَحٍ‪َ ،‬ف َبلَ َغ َ‬
‫غير ُم ْ‬
‫ْف َ‬‫سي ِ‬
‫بال َّ‬
‫وم ْن أجْ ِل‬ ‫والل ِه ََلَنَا أ ْغ َي ُر منه‪ ،‬واللَّهُ أ ْغيَ ُر ِم ِنّي‪ِ ،‬‬
‫س ْعدٍ‪َّ ،‬‬ ‫"أت َ ْع َجبُونَ ِمن َ‬
‫غي َْرةِ َ‬
‫وال أ َح َد أ َحبُّ إ َل ْي ِه العُ ْذ ُر‬ ‫ظ َه َر منها وما َب َ‬
‫طنَ ‪َ ،‬‬ ‫ش ما َ‬ ‫اح َ‬ ‫غي َْر ِة َّ‬
‫الل ِه َح َّر َم الفَ َو ِ‬ ‫َ‬
‫وال أ َح َد أ َحبُّ إلَ ْي ِه‬
‫ش ِرينَ وال ُم ْنذ ِِرينَ ‪َ ،‬‬‫ث ال ُمبَ ِ ّ‬ ‫وم ْن أجْ ِل َ‬
‫ذلك بَ َع َ‬ ‫ِمنَ اللَّ ِه‪ِ ،‬‬
‫اللهُ ال َجنَّةَ‪ ".‬رواه البخاري‬ ‫ع َد َّ‬
‫ذلك و َ‬ ‫وم ْن أجْ ِل َ‬‫الم ْد َحةُ ِمنَ اللَّ ِه‪ِ ،‬‬
‫‪ِ .‬‬

‫ب لَهم في لوح المحفوظ‬


‫ب﴾ أي ما ُكتِ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أُو َلئِ َك يَنَالُ ُه ْم ن ِ‬
‫َصيبُ ُه ْم ِمنَ ْال ِكت َا ِ‬
‫والر ْز ِ‬
‫ق والعَ َم ِل‪ ،‬ونحو ذلك‬ ‫‪ِ .‬منَ العُ ْم ِر ِ ّ‬

‫‪149‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َت أ ُ ْخت َ َها﴾ أي ال ُمماثِلَة لَها في ال ّد ِ‬


‫ِين الَّذِي ْأو َج َ‬
‫ب‬ ‫ت أ ُ َّمةٌ لَ َعن ْ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬كلَّ َما َد َخ َل ْ‬
‫‪.‬لَها ال ُّد ُخو َل في النّ ِ‬
‫ار‬

‫وال‪ ،‬وقِي َل‪:‬‬ ‫أي أ ُ ْخراهم ُد ُخ ً‬


‫وال َِلُوالهم ُد ُخ ً‬ ‫ت أ ُ ْخراهم َِلُوالهم﴾ ِقي َل‪ْ :‬‬ ‫قوله‪﴿ :‬قا َل ْ‬
‫﴿و َقا َل َّالذِينَ‬ ‫عهم َِلُوالهم ِل ُر َؤسا ِئ ِه ْم و ِك ِ‬
‫بار ِه ْم‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫أ ُ ْخراهم‪ْ :‬‬
‫أي أتْبا ُ‬
‫ار ِإ ْذ ت َأ ْ ُم ُرونَنَا أ َ ْن نَ ْكفُ َر بِ َّ‬
‫الل ِه‬ ‫ض ِعفُوا ِللَّذِينَ ا ْست َ ْكبَ ُروا بَ ْل َم ْك ُر َّ‬
‫الل ْي ِل َوالنَّ َه ِ‬ ‫ا ْست ُ ْ‬
‫َونَجْ عَ َل لَهُ أ َ ْن َدادًا﴾‬

‫ي‪ :‬قَ ْد فَ َع ْلنَا ذَ ِل َك َو َجازَ ْينَا ُك ًّال‬


‫ف َولَ ِك ْن َال ت َ ْعلَ ُمونَ ﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قَا َل ِل ُك ٍّل ِ‬
‫ض ْع ٌ‬
‫عذَابًا‬‫س ِبي ِل اللَّ ِه ِز ْدنَا ُه ْم َ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ِب َح ْس ِب ِه‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬الَّذِينَ َكفَ ُروا َو َ‬
‫صدُّوا َ‬
‫﴿ولَيَحْ ِملُ َّن أَثْقَالَ ُه ْم َوأَثْقَاال َم َع‬ ‫فَ ْوقَ ْالعَ َذا ِ‬
‫ب بِ َما َكانُوا يُ ْف ِسدُونَ ﴾ َوقَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬
‫أَثْقَا ِل ِه ْم َو َليُ ْسأَلُ َّن َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة َ‬
‫ع َّما َكانُوا َي ْفت َُرونَ ﴾‬

‫اح ِه ْم أَب َْو ُ‬


‫اب‬ ‫اء﴾ اآلية‪ .‬أي‪َ :‬ال ت ُ ْفت َ ُح َِل َ ْر َو ِ‬
‫س َم ِ‬‫اب ال َّ‬ ‫﴿ال ت ُ َفت َّ ُح لَ ُه ْم أَب َْو ُ‬
‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع ْنهُ في مسند ْ ِ‬
‫اْل َمام‬ ‫اللهُ َ‬‫ي َّ‬ ‫ض َ‬ ‫ب َر ِ‬
‫از ٍ‬
‫ع ِ‬‫اء ب ِْن َ‬‫سرهُ حديث ْالبَ َر ِ‬ ‫اء‪ ،‬وفَ َّ‬ ‫س َم ِ‬
‫ال َّ‬
‫‪.‬أَحْ َمد‪ .‬ثم قرأ صلى الله عليه وسلم هذه اآلية والتي في سورة الحج‬
‫‪150‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صا ِل ٌح َو َال ُد َ‬
‫عا ٌء‬ ‫‪.‬وقِي َل‪ْ :‬ال ُم َرادُ‪َ :‬ال يُ ْرفَ ُع لَ ُه ْم ِم ْن َها َ‬
‫ع َم ٌل َ‬

‫ضا َء‪َ ،‬ك َما َجا َء‬‫س ٍد َوبَ ْغ َ‬ ‫ي‪ِ :‬م ْن َح َ‬ ‫ُور ِه ْم ِم ْن ِغ ٍّل﴾ أ َ ْ‬
‫صد ِ‬ ‫﴿ونز ْعنَا َما فِي ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ِ " :‬إذَا‬ ‫ي ِ قَا َل‪َ :‬قا َل َر ُ‬ ‫س ِعي ٍد ْال ُخ ْد ِر ّ‬
‫ع ْن أَبِي َ‬
‫يِ‪َ ،‬‬ ‫ص ِحيحِ ِل ْلبُخ ِ‬
‫َار ّ‬ ‫فِي ال َّ‬
‫َص لَ ُه ْم‬ ‫ط َرةٍ َبيْنَ ْال َجنَّ ِة َوالنَّ ِ‬
‫ار‪ ،‬فَا ْقت َّ‬ ‫علَى َق ْن َ‬ ‫ار ُح ِبسوا َ‬ ‫ص ْال ُمؤْ ِمنُونَ ِمنَ النَّ ِ‬ ‫َخلَ َ‬
‫َت َب ْينَ ُه ْم فِي ال ُّد ْنيَا‪َ ،‬حتَّى ِإذَا ُهذبوا َونُقُّوا‪ ،‬أُذِنَ لَ ُه ْم فِي ُد ُخو ِل ْال َجنَّ ِة؛‬ ‫َم َ‬
‫ظا ِل ُم َكان ْ‬
‫فَ َوالَّذِي نَ ْف ِسي ِبيَ ِد ِه‪ ،‬إِ َّن أ َ َح َد ُه ْم بِ َم ْن ِز ِل ِه فِي ْال َجنَّ ِة أ َ ُد ُّل ِم ْنهُ بِ َم ْس َك ِن ِه َكانَ فِي‬
‫"ال ُّد ْن َيا‬

‫ی لَ ۡو َ ۤال أ َ ۡن َه َد ٰىنَا ٱ َّللهُ}‬ ‫{وقَالُ ۟ ۡ‬


‫وا ٱل َح ۡم ُد ِللَّ ِه ٱلَّ ِذی َه َد ٰىنَا ِل َه ٰـ َذا َو َما ُكنَّا ِلنَهۡ ت َ ِد َ‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫إن اللهَ قسم بينكم أخالقَكم كما قسم بينكم أرزاقَكم ‪َّ ،‬‬
‫وإن اللهَ‬ ‫وفي الحديث " َّ‬
‫يُعطي الدُّنيا من يُحبُّ ومن ال يُحبُّ ‪ ،‬وال يُعطي اْليمانَ َّإال من أحبَّ "‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫ار َفيَقُولُ‪ :‬لَ ْو َال‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم " ُك ُّل أَ ْه ِل ْال َجنَّ ِة يَ َرى َم ْقعَ َدهُ ِمنَ النَّ ِ‬
‫ار َي َرى َم ْق َع َدهُ ِمنَ ْال َجنَّ ِة َف َيقُولُ‪:‬‬
‫ش ْك ًرا‪َ .‬و ُك ُّل أَ ْه ِل النَّ ِ‬ ‫أ َ َّن اللَّهَ َه َدانِي‪ ،‬فَ َي ُك ُ‬
‫ون لَهُ ُ‬
‫ون لَهُ َحس َْرةً" حسنه اَللباني‬ ‫‪.‬لَ ْو أ َ َّن َّ‬
‫اللهَ َه َدانِي َفيَ ُك ُ‬

‫‪151‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب أ َ ْع َما ِل ُك ْم نَالَتْ ُك ُم‬


‫س َب ِ‬
‫ي‪ِ :‬ب َ‬‫ورثْت ُ ُموهَا ِب َما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ ﴾ أ َ ْ‬ ‫وقوله‪﴿ :‬أ َ ْن تِ ْل ُك ُم ْال َجنَّةُ أ ُ ِ‬
‫ب ْال َح ْم ُل‬ ‫ب أ َ ْع َما ِل ُك ْم‪َ .‬و ِإنَّ َما َو َج َ‬ ‫َازلَ ُك ْم ِب َح َ‬
‫س ِ‬ ‫الرحْ َمةُ فَ َدخ َْلت ُ ُم ْال َجنَّةَ‪َ ،‬وتَبَ َّوأْت ُ ْم َمن ِ‬
‫َّ‬
‫ع َملُهُ‬ ‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪" :‬لَ ْن يُ ْد ِخ َل أ َحدًا َ‬ ‫ع ْن َر ُ‬
‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫علَى َهذَا ِل َما ث َ َب َ‬
‫ت ِفي ال َّ‬ ‫َ‬
‫أن يَتَغَ َّم َدنِي اللَّهُ‬
‫ت يا َرسو َل اللَّ ِه؟ قا َل‪ :‬ال‪ ،‬وال أنا‪َّ ،‬إال ْ‬
‫ال َجنَّةَ‪ .‬قالوا‪ :‬وال أ ْن َ‬
‫ورحْ َم ٍة‬ ‫"بفَ ْ‬
‫ض ٍل َ‬

‫ع َد َربُّ ُك ْم َحقًّا﴾ في‬ ‫قوله‪﴿ :‬أ َ ْن قَ ْد َو َج ْدنَا َما َو َ‬


‫ع َدنَا َربُّنَا َحقًّا َف َه ْل َو َج ْدت ُ ْم َما َو َ‬
‫ع َقتْلَى ْالقَ ِلي ِ‬
‫ب يَ ْو َم بَ ْد ٍر‪ ،‬فَنَا َدى‪" :‬يَا أ َ َبا َج ْه ِل‬ ‫أن رسو َل اللَّ ِه ﷺ قَ َّر َ‬ ‫الصحيحين ّ‬
‫س ُه ْم‪ :-‬ه َْل‬ ‫ش ْي َبةَ بْنَ َر ِبي َعةَ ‪َ -‬و َ‬
‫س َّمى ُر ُءو َ‬ ‫عتْ َبةَ بْنَ َر ِبي َعةَ‪َ ،‬و َيا َ‬
‫بْنَ ِهش ٍَام‪َ ،‬و َيا ُ‬
‫ع َم ُر‪ :‬يَا‬ ‫ع َدنِي َربِّي َحقًّا"‪َ .‬وقَا َل ُ‬ ‫ع َد َربُّ ُك ْم َحقًّا؟ فَإ ِ ِنّي َو َجدْتُ َما َو َ‬
‫َو َج ْدت ُ ْم َما َو َ‬
‫"والَّذِي نَ ْف ِسي ِب َي ِد ِه‪َ ،‬ما أ َ ْنت ُ ْم ِبأ َ ْس َم َع‬
‫ب قَ ْو ًما قَ ْد َجيفوا؟ فَقَا َل‪َ :‬‬ ‫َاط ُ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ ،‬تُخ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫" ِل َما أَقُو ُل ِم ْن ُه ْم‪َ ،‬ولَ ِك ْن َال يَ ْست َِطيعُونَ أ َ ْن يُ ِجيبُوا‬

‫ور الَّذِي قَا َل اللَّهُ ت َ َعالَى‬


‫س ُ‬‫اب﴾ قال أكثر المفسرين‪ُ :‬ه َو ال ُّ‬
‫﴿و َب ْينَ ُه َما ِح َج ٌ‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫ظا ِه ُرهُ‬ ‫الرحْ َمةُ َو َ‬
‫اطنُهُ فِي ِه َّ‬ ‫ور لَهُ بَ ٌ‬
‫اب بَ ِ‬ ‫س ٍ‬ ‫ب بَ ْينَ ُه ْم بِ ُ‬ ‫ورةِ ال َحدِيدِ‪َ ﴿ :‬ف ُ‬
‫ض ِر َ‬ ‫س َ‬ ‫في ُ‬
‫اب ْاَلَع َْر ِ‬
‫اف ُه ْم قَ ْو ٌم‬ ‫ص َح ُ‬‫سور‪ .‬وأ َ ْ‬ ‫اب﴾ واَلعراف أعلى ال ُّ‬ ‫ِم ْن قِبَ ِل ِه ْالعَذَ ُ‬
‫س ِّيئ َات ُ ُه ْم‬
‫سنَات ُ ُه ْم َو َ‬ ‫‪.‬ا ْست ََو ْ‬
‫ت َح َ‬

‫‪152‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار ِب ِسيماهم‪،‬‬ ‫ْراف‪َ ،‬ي ْع ِرفُونَ ُك ًّال ِمن أ ْه ِل ال َجنَّ ِة‪ ،‬وأ ْه ِل النّ ِ‬
‫حاب اَلع ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫وأ ْ‬
‫وز ْرقَةُ العُيُ ِ‬
‫ون‬ ‫سوادُها وقُ ْب ُحها ُ‬ ‫الو ُجو ِه و ُح ْسنُها ِسيما أ ْه ِل ال َجنَّ ِة‪ ،‬و َ‬ ‫فَبَ ُ‬
‫ياض ُ‬
‫‪ِ .‬سيما أ ْه ِل ال ّن ِ‬
‫ار‬

‫سوا ِلقَا َء َي ْو ِم ِه ْم َهذَا﴾ َو ِفي صحيح مسلم أ َ َّن اللَّهَ‬ ‫سا ُه ْم َك َما نَ ُ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ ْال َي ْو َم َن ْن َ‬
‫ت َ َعالَى يَقُو ُل ِل ْل َع ْب ِد يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة‪" :‬أَلَ ْم أُزَ ّ ِوجْ َك؟ أَلَ ْم أ ُ ْك ِر ْم َك؟ أَلَ ْم أ ُ َ‬
‫س ِ ّخ ْر لَ َك ْال َخ ْي َل‬
‫ت أَنَّ َك ُم َالقِ َّ‬
‫ي؟‬ ‫س وت َْر َبع؟ فَيَقُولُ‪ :‬بَ َلى‪ .‬فَيَقُولُ‪ :‬أ َ َ‬
‫ظ َن ْن َ‬ ‫اْلبِ َل‪ ،‬وأذَ ْرك ت َْرأَ ُ‬
‫َو ْ ِ‬
‫"فَ َيقُولُ‪َ :‬ال‪ .‬فَ َيقُو ُل اللَّهُ‪ :‬فاليوم أنساك كما نسيتني‬

‫ص ْلنَاهُ ِب ِه‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬


‫علَى ِع ْل ٍم ِمنَّا ِب َما َف َّ‬ ‫علَى ِع ْل ٍم﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬‬ ‫ص ْلنَاهُ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َّ‬
‫﴿أَنزلَهُ ِب ِع ْل ِم ِه﴾‬

‫س ُل َر ِّبنا‬
‫ت ُر ُ‬‫سوهُ ِمن َق ْب ُل َق ْد جا َء ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬ي ْو َم َيأْ ِتي ت َأ ْ ِويلُهُ َيقُو ُل الَّذِينَ نَ ُ‬
‫غي َْر َّالذِي ُكنّا نَ ْع َملُ﴾ قال‬‫شفَعا َء َفيَ ْشفَعُوا َلنا ْأو نُ َر ُّد فَنَ ْع َم َل َ‬ ‫ق فَ َه ْل َلنا ِمن ُ‬ ‫بِال َح ّ ِ‬
‫ع ْنهُ وإنَّهم لَكا ِذبُونَ ﴾‬
‫﴿ولَ ْو ُردُّوا لَعادُوا ِلما نُ ُهوا َ‬
‫تعالى‪َ :‬‬

‫على ال َع ْر ِش يُ ْغ ِشي اللَّ ْي َل النَّ َ‬


‫هار﴾ اآليَةَ‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ث ُ َّم ا ْست َوى َ‬

‫‪153‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عال في‬ ‫ف نَ ْف َسهُ ِب ِاال ْستِ ِ‬


‫واء َعلى ال َع ْر ِش‪َ ،‬وت َ َم َّد َح َج َّل و َ‬ ‫ص َ‬ ‫اللهُ َج َّل و َ‬
‫عال و َ‬
‫ع ْر ِش ِه ا ْستِوا ًء الئِقًا بِ َكما ِل ِه و َجال ِل ِه‬
‫على َ‬ ‫سبْعِ آيا ٍ‬
‫ت ِمن ِكتابِ ِه بِا ْستِوائِ ِه َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫ولقد جاء تعريف االستواء في لغة العرب على أربعة معان‪ ،‬وهي‪ :‬عال‪،‬‬
‫‪.‬وارتفع‪ ،‬وصعد‪ ،‬واستقر‬
‫صا ِلحِ‪ :‬أن الله مستو‬ ‫س َل ِ‬
‫ف ال َّ‬ ‫وأما استواء الله تعالى على عرشه ف َم ْذه ُ‬
‫َب ال َّ‬
‫على عرشه استواء حقيقيا يليق بجالله وعظمته‪ ،‬د ّل عليه الكتاب والسنة‬
‫وإجماع السلف والفطرة السليمة‪ .‬دون تشبيه أو تعطيل أو تمثيل‪ ،‬خالفًا عن‬
‫س َمة والحلوليّة‪ ،‬واَل ْش َع ِريَّة‪ ،‬وال ُم ْعت َِزلَة‪ ،‬وال َج ْه ِميَّ ِة أو ال ُم َع ِ ّ‬
‫طلَ ِة‬ ‫‪.‬ال ُم َج ِ ّ‬
‫صفاتِ‪،‬‬ ‫أما أهل السنة والجماعة َفيُثْ ِبتُونَ ما أثْبَتَهُ ِلنَ ْف ِس ِه ِمنَ اَلس ِ‬
‫ْماء وال ِ ّ‬
‫ع ْنهُ نَ ْف َسهُ ِمن ُمماثَلَ ِة ال َم ْخلُوقاتِ‪ ،‬إثْ ٌ‬
‫بات ِبال ت َْم ِثي ٍل‪،‬‬ ‫ع ّما ن ََّزهَ َ‬
‫ويُن ِ َّز ُهو َنهُ َ‬
‫ير﴾‬
‫ص ُ‬‫س ِمي ُع البَ ِ‬ ‫ش ْي ٌء وهو ال َّ‬ ‫شأْنُهُ‪﴿ :‬لَي َ‬
‫ْس َك ِمثْ ِل ِه َ‬ ‫وت َ ْن ِزيهٌ ِبال ت َ ْع ِطي ٍل‪ .‬قا َل َ‬
‫ع َّز َ‬
‫صعَ ُد إلَ ْي ِه‬
‫ير﴾ ت ُ ْر َف ُع إلَ ْي ِه اَل ْيدِي‪ ،‬ويَ ْ‬
‫﴿و ُه َو القا ِه ُر فَ ْوقَ ِعبا ِد ِه وهو ال َح ِكي ُم ال َخبِ ُ‬
‫سو ِل ِه ُم َح َّم ٍد ﷺ " إ َل ْي ِه " وت َ ْع ُر ُج ال َمال ِئ َكةُ ُّ‬
‫والرو ُح‬ ‫ع ِر َج ِب َر ُ‬
‫ب‪ ،‬و ُ‬ ‫ال َك ِل ُم َّ‬
‫الط ِّي ُ‬
‫ّ‬
‫وينزل المالئكة‪ ،‬وأنزل الكتاب‬ ‫‪.‬إلَ ْي ِه‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ماء ‪ ،‬قا َل‬


‫س ِ‬ ‫ْالم اَل َم ِة لَ ّما قا َل لَها‪ :‬أينَ َّ‬
‫اللهُ ؟ قا َلت ‪ :‬في ال َّ‬ ‫والنَّ ِب ُّ‬
‫ي ﷺ َح َك َم ِبإس ِ‬
‫أنت رسو ُل اللَّ ِه ‪ ،‬قا َل ‪ :‬أعتِقها فإنَّها ُمؤْ ِمنَةٌ» صححه‬ ‫‪َ :‬من أَنا ؟ قالت ‪َ :‬‬
‫‪.‬اَللباني‬
‫ض﴾‬ ‫ف ِب ُك ُم ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫أن َي ْخ ِس َ‬
‫ماء ْ‬
‫س ِ‬‫﴿أأمنت ُ ْم َمن في ال َّ‬
‫وقال تعالى‪ِ :‬‬

‫فمعنى االستواء معلوم وكيفيته في حق الله تعالى مجهولة‪ ،‬سئل اْلمام مالك‬
‫رحمه الله تعالى عن قوله تعالى‪( :‬الرحمن على العرش استوى) كيف‬
‫استوى؟ فأجاب رحمه الله تعالى بجواب مشهور تناقله أهل السنة‪ِ :‬اال ْستِوا ُء‬
‫عةٌ‬
‫ع ْنهُ ِب ْد َ‬
‫سؤا ُل َ‬
‫واجب‪ ،‬وال ُّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫واْليمان به‬ ‫والكيف مجهو ٌل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪.‬معلو ٌم‪،‬‬

‫ومن ال ِفرق من تأول االستواء على العرش باالستيالء‪ ،‬وأ ْش َكلَ ْ‬


‫ت هذه ال ّشبهة‬
‫ّ‬
‫ولكن اْلمام‬ ‫ض َّل ِب َسبَ ِب ِه خ َْل ٌق ال يُحْ صى َكثْ َرةً‪،‬‬ ‫اس إ ْش ً‬
‫كاال َ‬ ‫ير ِمنَ النّ ِ‬
‫على َكثِ ٍ‬
‫َ‬
‫ابن القيم رحمه الله جعلها حصيدا ً كأن لم تغن باَلمس‪ ،‬ورد عليهم وأبطل‬
‫‪.‬شبهتهم أكثر من أربعين وجها‬
‫ومعنى استولى عليه أي غلب عليه وتمكن منه وقهره وصار تحت‬
‫‪.‬تصرفه بعد حرب وقتال‬

‫‪155‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿و ُه َو َم َعكم أيْنَ‬ ‫ماء‪ ،‬و ِع ْل ُمهُ في ُك ِّل َم ٍ‬


‫كان‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫س ِ‬ ‫فاللَّهُ سبحانه في ال َّ‬
‫س ٍة ّإال هو‬
‫ون ِمن نَجْ وى ثَالثَ ٍة ّإال هو رابِعُهم وال خ َْم َ‬
‫ما ُك ْنت ُ ْم﴾ وقال‪﴿ :‬ما يَ ُك ُ‬
‫سهم وال أ ْدنى ِمن ذَ ِل َك وال أ ْكث َ َر ّإال هو َم َع ُه ْم﴾‬
‫سا ِد ُ‬
‫ع ْر ِش ِه َكما‬ ‫عال ‪ُ -‬م ْست َ ٍو َ‬
‫على َ‬ ‫ث ّ‬
‫أن اللهَ ‪َ -‬ج َّل و َ‬ ‫فَت َ َح َّ‬
‫ص َل ِمن َج ِميعِ هَذا البَحْ ِ‬
‫ط بِخ َْل ِق ِه‪ ،‬و ِع ْل ُمهُ في ُك ِّل‬
‫على ال َك ْي ِف َّي ِة ال ّالئِقَ ِة بِ َكما ِل ِه و َجال ِل ِه‪ ،‬وهو ُم ِحي ٌ‬
‫قا َل‪َ ،‬‬
‫كان‬
‫‪َ .‬م ٍ‬

‫ع ْن أَبِي ُمو َ‬
‫سى‬ ‫عا َو ُخ ْف َيةً﴾ َوفِي ال َّ‬
‫ص ِحي َحي ِْن‪َ ،‬‬ ‫عوا َربَّ ُك ْم ت َ َ‬
‫ض ُّر ً‬ ‫قوله‪﴿ :‬ا ْد ُ‬
‫عا ِء‪ ،‬فَقَا َل َر ُ‬
‫سو ُل‬ ‫اس أ َ ْ‬
‫ص َوات َ ُه ْم ِبال ُّد َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ قَا َل‪َ :‬رفَ َع النَّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ْاَل َ ْش َع ِر ّ‬
‫ي ِ َر ِ‬
‫علَى أ َ ْنفُ ِس ُك ْم؛ فَإِنَّ ُك ْم َال ت َ ْدعُونَ أص َّم َو َال غَا ِئبًا‪،‬‬
‫اربَعُوا َ‬‫اس‪ْ ،‬‬ ‫اللَّ ِه ﷺ‪" :‬أَيُّ َها ال َّن ُ‬
‫يب" ْال َحد َ‬
‫ِيث‬ ‫س ِمي ٌع قَ ِر ٌ‬
‫عونَهُ َ‬ ‫‪ِ .‬إ َّن الَّذِي تَ ْد ُ‬
‫ع ْن‬
‫ض َ‬ ‫س ِم َع ا ْبنَهُ يَقُولُ‪ :‬اللَّ ُه َّم‪ِ ،‬إنِّي أ َ ْسأَلُ َك ْالقَ ْ‬
‫ص َر ْاَل َ ْب َي َ‬ ‫ع ْب َد َّ‬
‫الل ِه بْنَ ُمغَفَّ ٍل َ‬ ‫وأ َ َّن َ‬
‫ع ْذ بِ ِه ِمنَ النَّ ِ‬
‫ار؛ فَإ ِ ِنّي‬ ‫ي‪َ ،‬س ِل اللَّهَ ْال َج َّنةَ‪َ ،‬و ُ‬ ‫ين ْال َج َّن ِة إِذَا َدخ َْلت ُ َها‪ .‬فَقَا َل‪ :‬يَا بُنَ َّ‬
‫يَ ِم ِ‬
‫س ُ‬
‫يكون في ه ِذ ِه اَل َّم ِة‬ ‫صلَّى اللَّهُ َ‬
‫علَ ْي ِه وسلم يقول‪" :‬إنَّه َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه َ‬
‫س ِم ْعتُ َر ُ‬
‫َ‬
‫ُّعاء"‪ .‬صححه اَللباني‬‫هور والد ِ‬ ‫الط ِ‬‫‪.‬قو ٌم يعتَدونَ في َّ‬

‫‪156‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب َي ْخ ُر ُج نَ َباتُهُ ِبإ ِ ْذ ِن َر ِبّ ِه﴾ اآلية‪ .‬في الصحيحين قَا َل‬ ‫﴿و ْال َبلَ ُد َّ‬
‫الط ِّي ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ث ْال َك ِث ِ‬
‫ير‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ " :‬مثَ ُل َما بَ َعثَنِي اللَّهُ ِب ِه ِمنَ ْال ُه َدى َو ْال ِع ْل ِم‪َ ،‬ك َمث َ ِل ْالغَ ْي ِ‬ ‫َر ُ‬
‫ير‪.‬‬ ‫ب ْال َك ِث َ‬‫ت ْال َك َأل َ َو ْالعُ ْش َ‬ ‫ت ْال َما َء‪ ،‬فَأ َ ْن َبت َ ِ‬
‫َت ِم ْن َها نَ ِقيَّةٌ َق ِب َل ِ‬
‫ضا‪ ،‬فَ َكان ْ‬‫اب أ َ ْر ً‬
‫ص َ‬ ‫أَ َ‬
‫سقَ ْوا‬
‫اس‪ ،‬فَش َِربُوا َو َ‬ ‫ت ْال َما َء‪ ،‬فَنَ َف َع اللَّهُ ِب َها ال َّن َ‬ ‫س َك ِ‬‫ِب أ َ ْم َ‬
‫َت ِم ْن َها أَ َجاد َ‬ ‫َو َكان ْ‬
‫ُ‬
‫ان َال ت ُ ْم ِسكُ َما ًء َو َال ت َ ْنبُتُ‬‫ي قِيعَ ٌ‬ ‫طائِ َفةً أ ْخ َرى‪ ،‬إِ َّن َما ِه َ‬ ‫اب ِم ْن َها َ‬ ‫ص َ‬‫عوا‪َ .‬وأ َ َ‬ ‫َوزَ َر ُ‬
‫علَّم‪َ ،‬و َمث َ ُل َم ْن‬‫الل ِه َونَفَ َعهُ َما َب َعث َ ِني اللَّهُ ِب ِه‪ ،‬فَ َعلم َو َ‬ ‫ِين َّ‬‫فَذَ ِل َك َمث َ ُل َم ْن فَقُه ِفي د ِ‬
‫الل ِه الَّذِي أ ُ ْر ِس ْلتُ بِ ِه‬‫سا‪َ .‬و َل ْم يَ ْقبَل ُه َدى َّ‬ ‫‪".‬لَ ْم يَ ْرفَ ْع بِذَ ِل َك َرأْ ً‬

‫َّاس فِي ْاآل َي ِة‪ :‬هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر‬
‫عب ٍ‬‫‪َ .‬وقَا َل اب ُْن َ‬

‫قوله‪﴿ :‬لَقَ ۡد أ َ ۡر َس ۡلنَا نُو ًحا ِإلَ ٰى قَ ۡو ِم ِهۦ فَقَا َل َي ٰـقَ ۡو ِم ٱ ۡعبُد ۟‬
‫ُوا ٱ َّللهَ َما لَ ُكم ِّم ۡن ِإلَ ٰـ ٍه‬
‫علَ ْي ِه َما ال َّ‬
‫س َال ُم‪،‬‬ ‫َّاس‪َ :‬كانَ بَيْنَ آ َد َم ِإلَى زَ َم ِن نُ ٍ‬
‫وح‪َ ،‬‬ ‫عب ٍ‬‫غ ۡي ُرهُۥۤ} قال عبد الله ابن َ‬
‫َ‬
‫ون‪ُ ،‬كلُّ ُه ْم َ‬
‫علَى اْلسالم‬ ‫عش ََرة ُ قُ ُر ٍ‬
‫‪َ .‬‬
‫علَ ْي ِه ْم‬
‫صا ِل ِحينَ َماتُوا‪ ،‬فَ َبنَى قَ ْو ُم ُه ْم َ‬ ‫صنَا ُم‪ ،‬أ َ َّن َق ْو ًما َ‬ ‫ت ْاَل َ ْ‬ ‫َو َكانَ أ َ َّو ُل َما ُ‬
‫ع ِب َد ِ‬
‫ص َو َر أُولَ ِئ َك فِي َها‪ِ ،‬ليَت َ َذ َّك ُروا َحالَ ُه ْم َو ِعبَا َدت َ ُه ْم‪َ ،‬فيَت َ َشبَّ ُهوا‬
‫ص َّو ُروا ُ‬ ‫مساج َد َو َ‬
‫علَى تِ ْل َك ال ُّ‬
‫ص َو ِر‪ .‬فَلَ َّما‬ ‫سادًا َ‬ ‫ص َو َر أَجْ َ‬ ‫ان‪َ ،‬جعَلُوا تِ ْل َك ال ُّ‬ ‫الز َم ُ‬ ‫بِ ِه ْم‪ .‬فَلَ َّما َ‬
‫طا َل َّ‬
‫"ودًّا‬‫صا ِل ِحينَ َ‬ ‫اء أُو َلئِ َك ال َّ‬
‫س َّم ْوهَا ِبأ َ ْس َم ِ‬‫َام َو َ‬
‫صن َ‬ ‫ع َبدُوا تِ ْل َك ْاَل َ ْ‬
‫ان َ‬ ‫ت َ َما َدى َّ‬
‫الز َم ُ‬
‫عا ويَغُوث َويَعُوق َو َنس َْرا‬
‫س َوا ً‬
‫‪".‬و ُ‬
‫َ‬

‫‪157‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿ولَقَ ْد َب َعثْنا في‬ ‫وقَ ْولُهُ لَ ُه ُم ﴿ا ْعبُدُوا اللَّهَ ما لَكم ِمن إلَ ٍه َ‬
‫غي ُْرهُ﴾ كما قال تعالى‪َ :‬‬
‫وت﴾‬
‫غ َ‬ ‫أن ا ْعبُدُوا اللَّهَ واجْ ت َ ِنبُوا ّ‬
‫الطا ُ‬ ‫وال ِ‬ ‫ُك ِّل أ ُ َّم ٍة َر ُ‬
‫س ً‬

‫‪.‬قَا َل اللَّهُ تَعَالَى‪﴿ :‬فَ َكذَّبُوهُ﴾ أَ ْ‬


‫ي‪َ :‬و َما آ َم ُن َمعَهُ ِم ْن ُه ْم إِ َّال َق ِلي ٌل‬

‫ࣰ‬
‫عا ٌد ْاَلُولَى‪ ،‬الَّذِينَ ذَ َك َر ُه ُم اللَّهُ‬
‫عا ٍد أَخَا ُه ۡم ُهود ٰۚا} َوهَؤُ َال ِء ُه ْم َ‬
‫﴿و ِإلَ ٰى َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫عا ِد ب ِْن إِ َر َم الَّذِينَ َكانُوا يَأ ْ ُوونَ إِلَى العَ َمد فِي ْالبَ ِ ّر‪َ ،‬ك َما قَا َل‬
‫تَعَالَى َو ُه ْم أ َ ْو َال ُد َ‬
‫ت ْال ِع َما ِد الَّتِي لَ ْم يُ ْخلَ ْق ِمثْلُ َها فِي‬
‫ْف فَ َع َل َربُّ َك ِب َعا ٍد ِإ َر َم ذَا ِ‬ ‫ت َ َعالَى‪﴿ :‬أَلَ ْم ت ََر َكي َ‬
‫ْالبِالدِ﴾ َوذَ ِل َك ِل ِش َّدةِ بَأ ْ ِس ِه ْم َوقُ َّوتِ ِه ْم‪َ ،‬ك َما َقا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَأ َ َّما َ‬
‫عا ٌد فَا ْست َ ْكبَ ُروا فِي‬
‫ش ُّد ِمنَّا قُ َّوة ً أ َ َولَ ْم َي َر ْوا أ َ َّن اللَّهَ الَّذِي َخلَقَ ُه ْم ُه َو‬ ‫ض ِبغَي ِْر ْال َح ّ ِ‬
‫ق َوقَالُوا َم ْن أ َ َ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ْ‬
‫أَ َ‬
‫ش ُّد ِم ْن ُه ْم قُ َّوة ً َو َكانُوا ِبآيَاتِنَا يَجْ َحدُونَ ﴾‬

‫قوله‪﴿ :‬قَالُوا أ َ ِجئْتَنَا ِلنَ ْعبُ َد اللَّ َه َوحْ َدهُ َونَذَ َر َما َكانَ َي ْعبُ ُد آ َبا ُؤنَا فَأ ْ ِتنَا ِب َما ت َ ِع ُدنَا ِإ ْن‬
‫واحدًا َّ‬
‫إن‬ ‫ار ِم ْن قُ َري ٍْش‪﴿ :‬أ َج َع َل اآل ِل َهةَ إلَ ًها ِ‬ ‫صا ِدقِينَ ﴾ َك َما قَا َل ْال ُكفَّ ُ‬ ‫ت ِمنَ ال َّ‬ ‫ُك ْن َ‬
‫جاب﴾‬
‫ع ٌ‬ ‫هَذا لَ َش ْي ٌء ُ‬

‫ط ْعنا دابِ َر الَّذِينَ َكذَّبُوا بِآياتِنا﴾ اآليَةَ‪ .‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫قوله‪ :‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وقَ َ‬
‫ظلَ ُموا وال َح ْم ُد ِل َّل ِه َربّ ِ العالَ ِمينَ ﴾‬
‫‪﴿.‬فَقُ ِط ُع دا ِب ُر القَ ْو ِم الَّذِينَ َ‬
‫‪158‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬وإلى ث َ ُمو َد أخاهم صا ِل ًحا قا َل يا َق ْو ِم ا ْعبُدُوا اللَّهَ ما لَكم ِمن إلَ ٍه َ‬
‫غي ُْرهُ﴾‬
‫‪.‬اَلية‬
‫ش ِام ِإلَى َوادِي‬‫از َوال َّ‬ ‫ورة ٌ فِي َما َبيْنَ ْال ِح َج ِ‬
‫سا ِكنُ ُه ْم َم ْش ُه َ‬
‫عادٍ‪َ ،‬و َم َ‬ ‫َت ث َ ُمو ُد بَ ْع َد َ‬
‫َو َكان ْ‬
‫سا ِكنِ ِه ْم‪َ ،‬و ُه َو َذا ِه ٌ‬
‫ب‬ ‫علَى قُ َرا ُه ْم َو َم َ‬‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َ‬ ‫ْالقُ َرى َو َما َح ْولَهُ‪َ ،‬وقَ ْد َم َّر َر ُ‬
‫سنَةَ ِتس ٍ‬
‫ْع‬ ‫‪ِ .‬إلَى تَبُ َ‬
‫وك َ‬
‫وك‪ ،‬نَزَ َل بِ ِه ُم ْال ِحجْ َر ِع ْن َد بُيُو ِ‬
‫ت‬ ‫علَى تَبُ َ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ بِالنَّ ِ‬
‫اس َ‬ ‫ولَ َّما نَزَ َل َر ُ‬
‫ب ِم ْن َها ث َ ُمودُ‪ ،‬فَعَ َجنُوا ِم ْن َها‬ ‫ار الَّتِي َكان ْ‬
‫َت ت َ ْش َر ُ‬ ‫اس ِمنَ ْاآلبَ ِ‬ ‫ث َ ُمو َد‪ ،‬فَا ْست َ ْسقَى النَّ ُ‬
‫ي ﷺ َفأ َ ْه َرقُوا ْالقُد َ‬
‫ُور‬ ‫صبُوا ِم ْن َها ْالقُد َ‬
‫ُور‪ .‬فَأ َ َم َر ُه ُم النَّ ِب ُّ‬ ‫‪َ .‬ونَ َ‬
‫س ُه ْم‪َّ ،‬إال ْ‬
‫أن‬ ‫وقال كما في صحيح البخاري "ال ت َ ْد ُخلُوا َمساكِنَ الَّذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا أ ْنفُ َ‬
‫صي َب ُك ْم ِمثْ ُل ما أصا َب ُه ْم‬ ‫"ت َ ُكونُوا باكِينَ ‪ْ ،‬‬
‫أن يُ ِ‬

‫ص ٰـ ِل ُح ٱ ۡئتِنَا بِ َما ت َ ِع ُدن َۤا إِن‬ ‫ع ۡن أ َ ۡم ِر َربِّ ِه ۡم َوقَالُ ۟‬


‫وا يَ ٰـ َ‬ ‫عت َۡو ۟ا َ‬ ‫قوله‪{ :‬فَعَقَ ُر ۟‬
‫وا ٱلنَّا َقةَ َو َ‬
‫﴿و ِإ ْذ َقالُوا اللَّ ُه َّم ِإ ْن َكانَ َهذَا‬ ‫ار ِم ْن قُ َري ٍْش‪َ :‬‬ ‫س ِلينَ } َك َما َقا َل ْال ُكفَّ ُ‬ ‫نت ِمنَ ٱ ۡل ُم ۡر َ‬
‫ُك َ‬
‫ب أَ ِل ٍيم﴾‬
‫اء أ َ ِو ائْ ِتنَا بِ َع َذا ٍ‬ ‫ارةً ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫ُه َو ْال َح َّق ِم ْن ِع ْند َ‬
‫ِك فَأ َ ْم ِط ْر َ‬
‫علَ ْينَا ِح َج َ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪َ ،‬و ُه ُم‬ ‫ع َلى قَتْ ِل َ‬
‫صا ِلحٍ َ‬ ‫عزَ ُموا َ‬
‫والذين عقروا الناقة هم الذين َ‬
‫ض َوال‬ ‫﴿و َكانَ فِي ْال َمدِينَ ِة تِ ْس َعةُ َر ْهطٍ يُ ْف ِسدُونَ فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫الَّذِينَ َقا َل َّ‬
‫اللهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ص ِل ُحونَ ﴾‬
‫يُ ْ‬
‫فَقَا َل لهم‪﴿ :‬ت َ َمتَّعُوا ِفي َد ِار ُك ْم ثَالثَةَ أَي ٍَّام َذ ِل َك َو ْع ٌد َ‬
‫غي ُْر َم ْكذُو ٍ‬
‫ب﴾‬
‫‪159‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أخ ِر ُجوهم ِمن قَ ْر َيتِكم إنَّهم أ ُ ٌ‬


‫ناس‬ ‫أن قالُوا ْ‬
‫واب قَ ْو ِم ِه ّإال ْ‬
‫قوله‪﴿ :‬وما كانَ َج َ‬
‫ط َّه ُرونَ ﴾ من غلبت شهوته عقله التحق بالحيوانات‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬أُولَ ِئ َك‬ ‫َيت َ َ‬
‫كاَل ْن ِ‬
‫عام بَ ْل هم أ َ‬
‫ض ُّل﴾‬
‫علَ ْي ِه ْم َم َ‬
‫ط ًرا﴾‬ ‫﴿وأ َ ْم َ‬
‫ط ْرنَا َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ط يُ ْلقَى ِم ْن شَا ِه ٍ‬
‫ق‪َ ،‬ويُتْ َب ُع‬ ‫اْل َما ُم أَبُو َح ِنيفَةَ‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪ِ ،‬إ َلى أ َ َّن َّ‬
‫الال ِئ َ‬ ‫َب ْ ِ‬‫قَ ْد ذَه َ‬
‫‪.‬بِ ْال ِح َج َ‬
‫ار ِة َك َما فُ ِع َل بِقَ ْو ِم لُوطٍ‬
‫ص ٍن‪.‬‬ ‫صنًا أ َ ْو َ‬
‫غي َْر ُمحْ َ‬ ‫س َوا ًء َكانَ ُمحْ َ‬ ‫َب آخ َُرونَ ِمنَ ْالعُلَ َم ِ‬
‫اء ِإلَى أ َ َّنهُ يُ ْر َج ُم َ‬ ‫َوذَه َ‬
‫يِ‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪َ ،‬و ْال ُح َّجةُ َما َر َواهُ ْ ِ‬
‫اْل َما ُم أَحْ َمدُ‪ ،‬من‬ ‫شافِ ِع ّ‬‫َو ُه َو أ َ َح ُد قَ ْولَي ِ ال َّ‬
‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪َ " :‬م ْن َو َج ْدت ُ ُموهُ يَ َع َم ُل َ‬
‫ع َم َل قَ ْو ِم‬ ‫َّاس قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫عب ٍ‬‫حديث اب ِْن َ‬
‫‪.‬لُوطٍ ‪ ،‬فَا ْقتُلُوا ْالفَا ِع َل َو ْال َم ْفعُو َل ِب ِه" صححه اَللباني‬

‫شعَ ْيبًا قا َل يا َق ْو ِم ا ْعبُدُوا اللَّهَ ما لَكم ِمن إلَ ٍه َ‬


‫غي ُْرهُ﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬وإلى َم ْديَنَ أخاهم ُ‬
‫‪ .‬اآلية‬
‫اب ْاَل َ ْي َك ِة‪ ،‬قال تعالى‬ ‫ع َلى ْال َمدِينَ ِة‪َ ،‬و ُه ْم أ َ ْ‬
‫ص َح ُ‬ ‫علَى ْالقَبِي َل ِة‪َ ،‬و َ‬ ‫َوت ُ ْ‬
‫ط َل ُق َمد ُ‬
‫ِين َ‬
‫حاب اَل ْي َك ِة ال ُم ْر َ‬
‫سلِينَ ﴾‬ ‫ص ُ‬ ‫في سورة الشعراء‪َ ﴿ :‬كذَّ َ‬
‫بأ ْ‬
‫ارتِ ِه‪َ ،‬و َجزَ ا َل ِة‬ ‫يب ْاَل َ ْن ِب َي ِ‬
‫اء"‪ِ ،‬لفَ َ‬
‫صا َح ِة ِع َب َ‬ ‫ْب‪ُ ،‬هو الَّذِي يُ َقا ُل لَهُ‪" :‬خ ِ‬
‫َط ُ‬ ‫و ُ‬
‫ش َعي ٌ‬
‫‪َ .‬م ْو ِع َ‬
‫ظتِ ِه‬

‫‪160‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ْدنا في ِملَّتِكم َب ْع َد إ ْذ نَ ّجانا اللهُ ِم ْن َها﴾‬ ‫على اللَّ ِه َك ِذ ًبا ْ‬


‫إن ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَ ِد ا ْفت ََريْنا َ‬
‫أن يَكونَ اللَّهُ‬ ‫ان‪ْ :‬‬ ‫ث َمن ُك َّن فيه و َج َد َح َال َوة َ اْلي َم ِ‬ ‫وفي الصحيحين "ث َ َال ٌ‬
‫ورسولُهُ أ َحبَّ إلَ ْي ِه م َّما ِس َوا ُه َما‪ ،‬وأ َ ْن يُ ِحبَّ ال َم ْر َء ال يُ ِح ُّبهُ َّإال ِللَّ ِه‪ ،‬وأ َ ْن َي ْك َرهَ‬
‫َ‬
‫أن يُ ْق َذ َ‬
‫ف في ال َّن ِ‬
‫ار‬ ‫"‪.‬أن يَعُو َد في ال ُك ْف ِر كما يَ ْك َرهُ ْ‬
‫ْ‬

‫علَ ْي ِه ْم َ‬
‫عذَ ُ‬
‫اب‬ ‫الرجْ فَةُ فَأ َ ْ‬
‫ص َب ُحوا ِفي َدا ِر ِه ْم َجا ِث ِمينَ ﴾ َوقَ ِد اجْ ت َ َم َع َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَأ َ َخ َذتْ ُه ُم َّ‬
‫ورةِ‬ ‫ض‪ .‬فَقَا َل تعالى فِي ُ‬
‫س َ‬ ‫اء َو َرجْ فَةٌ ِمنَ ْاَل َ ْر ِ‬
‫س َم ِ‬ ‫ص ْي َحةٌ ِمنَ ال َّ‬
‫الظلَّ ِة‪َ ،‬و َ‬ ‫يَ ْو ِم ُّ‬
‫شعَ ْيبًا َوالَّذِينَ آ َمنُوا َمعَهُ بِ َرحْ َم ٍة ِمنَّا َوأ َ َخذَ ِ‬
‫ت‬ ‫﴿ولَ َّما َجا َء أ َ ْم ُرنَا نَ َّج ْينَا ُ‬
‫" ُهودٍ" ‪َ :‬‬
‫ار ِه ْم َجاثِ ِمينَ ﴾‬ ‫ص ْي َحةُ فَأ َ ْ‬
‫ص َب ُحوا فِي ِد َي ِ‬ ‫الَّذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا ال َّ‬
‫اب‬ ‫الظلَّ ِة ِإنَّهُ َكانَ َ‬
‫عذَ َ‬ ‫اب يَ ْو ِم ُّ‬ ‫اء‪﴿ :‬فَ َكذَّبُوهُ فَأ َ َخذَ ُه ْم َ‬
‫عذَ ُ‬ ‫ورةِ ال ُّ‬
‫ش َع َر ِ‬ ‫س َ‬‫َوقَا َل فِي ُ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬
‫َي ْو ٍم َ‬

‫س َءابَ ۤا َءنَا ٱلض ََّّر ۤا ُء‬ ‫وا َّوقَالُ ۟‬


‫وا قَ ۡد َم َّ‬ ‫عفَ ۟‬ ‫س ِّيئ َ ِة ٱ ۡل َح َ‬
‫س َنةَ َحت َّ ٰى َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ث ُ َّم بَد َّۡلنَا َم َكانَ ٱل َّ‬
‫ࣰ‬
‫ور ِة اَل ْن ِ‬
‫عام‪َ .‬و َه َذا‬ ‫س َ‬ ‫س َّر ۤا ُء فَأَخ َۡذنَ ٰـ ُهم َب ۡغت َة َو ُه ۡم َال َي ۡشعُ ُرونَ ﴾ َكما تَقَد ََّم في ُ‬ ‫َوٱل َّ‬
‫علَى‬‫صبِ ُرونَ َ‬ ‫اء‪َ ،‬ويَ ْ‬ ‫علَى ال َّ‬
‫س َّر ِ‬ ‫ف َحا ِل ْال ُمؤْ ِمنِينَ الَّذِينَ يَ ْش ُك ُرونَ َّ‬
‫اللهَ َ‬ ‫بِ ِخ َال ِ‬
‫ضي اللَّهُ لَهُ قَ َ‬
‫ضا ًء‬ ‫ت فِي صحيح مسلم‪َ " :‬ع َجبًا ِل ْل ُمؤْ ِم ِن‪َ ،‬ال يَ ْق ِ‬ ‫اء‪َ ،‬ك َما ثَبَ َ‬‫الض ََّّر ِ‬
‫ض َّراء‬ ‫ش َك َر فَ َكانَ َخي ًْرا لَهُ‪َ ،‬و ِإ ْن أَ َ‬
‫صا َبتْهُ َ‬ ‫ِإ َّال َكانَ َخي ًْرا َلهُ‪َ ،‬و ِإ ْن أ َ َ‬
‫صا َبتْهُ َ‬
‫سراء َ‬
‫صبَر فَ َكانَ َخي ًْرا لَهُ‬
‫" َ‬

‫‪161‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ِمنَ‬ ‫﴿ولَ ْو أ َ َّن أَ ْه َل ْالقُ َرى آ َمنُوا َواتَّقَ ْوا لَفَتَحْ نَا َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم بَ َر َكا ٍ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫على َّ‬
‫الط ِري َق ِة ََل ْس َقيْناهم‬ ‫﴿و َّأل ِو ا ْست َقا ُموا َ‬ ‫ض﴾ كما قا َل ت َعالى‪َ :‬‬ ‫اَلر ِ‬
‫اء َو ْ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ال َّ‬
‫غ َدقًا ‪ِ -‬لنَ ْفتِنَهم ِفي ِه﴾‬
‫ما ًء َ‬

‫﴿ولَ ِك ْن َكذَّبُوا فَأ َ َخ ْذنَا ُه ْم ِب َما َكانُوا َي ْك ِسبُونَ ﴾ كما قال تعالى‪﴿ :‬وما‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ير﴾‬ ‫ت أ ْيدِيكم و َي ْعفُو َ‬
‫ع ْن َكثِ ٍ‬ ‫س َب ْ‬
‫صيبَ ٍة بِما َك َ‬
‫أصابَكم ِمن ُم ِ‬

‫ض ًحى وهم َي ْل َعبُونَ ﴾ ْ‬


‫أي َي ْشت َ ِغلُونَ‬ ‫أن َيأْتِ َيهم َبأ ْ ُ‬
‫سنا ُ‬ ‫﴿أو ِأمنَ أ ْه ُل القُرى ْ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ب ولَ ْه ٌو﴾‬
‫ع َل ْي ِه ْم بِفائِ َدةٍ‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬إ َّنما ال َحياة ُ ال ُّد ْنيا لَ ِع ٌ‬
‫بِما ال يَعُو ُد َ‬

‫وا َم ۡك َر ٱللَّ ٰۚ ِه فَ َال َي ۡأ َم ُن َم ۡك َر ٱ َّلل ِه ِإ َّال ٱ ۡلقَ ۡو ُم ٱ ۡل َخ ٰـ ِس ُرونَ ﴾ َم ْك ُر َّ‬


‫الل ِه ُهنا‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَفَأ َ ِمنُ ۟‬
‫ص َّح ِة‪ ،‬قال تعالى‪َّ :‬‬
‫﴿والذِينَ َكذَّبُوا بِآياتِنا‬ ‫هو ا ْس ِت ْدرا ُجهُ ِبال ِنّ ْع َم ِة وال ِ ّ‬
‫ْث ال َي ْعلَ ُمونَ ﴾‬
‫سنَ ْست َ ْد ِر ُجهم ِمن َحي ُ‬
‫َ‬

‫‪:‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَما كانُوا ِليُؤْ ِمنُوا بِما َكذَّبُوا ِمن قَ ْبلُ﴾ فيه تفسيران‬

‫‪162‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب‬ ‫س ُل ِب َ‬
‫س َب ِ‬ ‫أن َم ْعنى اآل َي ِة‪ :‬فَما كانُوا ِليُؤْ ِمنُوا ِبما جا َءتْهم ِب ِه ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫أحدهما‪ّ :‬‬
‫غ اللَّهُ‬ ‫ع َل ْي ِه ْم‪ .‬كما قال تعالى‪﴿ :‬فَلَ ّما زا ُ‬
‫غوا أزا َ‬ ‫ور َد َ‬ ‫ت َ ْكذِيبِ ِه ْم ِبال َح ّ ِ‬
‫ق َّأو َل ما َ‬
‫ار ُه ْم َك َما لَ ْم يُؤْ ِمنُوا ِب ِه أ َ َّو َل َم َّرةٍ‬
‫ص َ‬ ‫﴿ونُقَ ِّل ُ‬
‫ب أ َ ْف ِئ َدت َ ُه ْم َوأَ ْب َ‬ ‫قُلُو َب ُه ْم﴾ وكقوله‪َ :‬‬
‫َونَذَ ُر ُه ْم فِي ُ‬
‫ط ْغيَانِ ِه ْم يَ ْع َم ُهونَ ﴾‬

‫س َبقَ في ِع ْل ِم اللَّ ِه َي ْو َم أ َخذَ ِ‬


‫الميثاقَ‬ ‫أن ال َم ْعنى فَما كانُوا ِليُؤْ ِمنُوا ِبما َ‬ ‫الثاني‪َّ :‬‬
‫‪.‬أنَّهم يُ َك ِذّبُونَ بِ ِه‪ ،‬ولَ ْم يُؤْ ِمنُوا ِب ِه‬

‫ي‪َِ :‬ل َ ْكث َ ِر ْاَل ُ َم ِم ْال َم ِ‬


‫اض َي ِة‪ ،‬وهذا العهد‬ ‫ع ْهدٍ﴾ أَ ْ‬
‫قوله‪﴿ :‬وما و َج ْدنا َِل ْكث َ ِر ِه ْم ِمن َ‬
‫على أ ْنفُ ِس ِه ْم ألَ ْستُ‬
‫﴿وأ ْش َه َدهم َ‬
‫ق‪ .‬في قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫الميثا ِ‬ ‫ذاك ال َع ْهد يَ ْو َم ْ‬
‫أخ ِذ ِ‬ ‫هو َ‬
‫ِب َر ِبّكم قالُوا َبلى﴾ وفي الصحيحين "ما أنت ُ ْم َيو َمئ ٍذ في النَّ ِ‬
‫اس َّإال كال َّ‬
‫ش ْع َر ِة‬
‫داء في الث َّ ْو ِر اَل ْبيَ ِ‬
‫ض‬ ‫س ْو ِ‬ ‫ْضاء في الث َّ ْو ِر اَلس َْودِ‪ْ ،‬أو كال َّ‬
‫ش ْع َرةِ ال َّ‬ ‫"البَي ِ‬

‫قوله‪﴿ :‬فَ ْألقى َعصاهُ فَإذا هي ث ُ ْع ٌ‬


‫بان ُم ِب ٌ‬
‫ين﴾ وقد أخذ موسى عليه السالم‬
‫‪.‬التدريب الرباني سابقا كما في سورة طه‬

‫﴿وأَ ْد ِخ ْل‬
‫اظ ِرينَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ع َي َدهُ فَإذا هي َبيْضا ُء ِللنّ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ونَزَ َ‬
‫سوءٍ ﴾‬
‫غي ِْر ُ‬ ‫يَ َد َك فِي َج ْيبِ َك ت َْخ ُرجْ بَ ْي َ‬
‫ضا َء ِم ْن َ‬

‫‪163‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫راء“‬
‫ش َع ِ‬ ‫ع ِلي ٌم﴾ وفي ”ال ُّ‬
‫ساح ٌر َ‬‫إن هَذا َل ِ‬ ‫ع ْونَ َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل ال َم َأل ُ ِمن قَ ْو ِم فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ قا َل ِمثْ َل ما قا َل ال َم َأل ُ ِمن قَ ْو ِم ِه‪ ،‬وذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬قا َل ِل ْل َم َْل‬ ‫َّ‬
‫أن فِ ْر َ‬
‫ع ِلي ٌم﴾‬ ‫إن هَذا َل ِ‬
‫ساح ٌر َ‬ ‫َح ْولَهُ َّ‬

‫قوله‪﴿ :‬قَالُ ۤو ۟ا أ َ ۡر ِج ۡه َوأَخَاهُ َوأ َ ۡر ِس ۡل فِی ٱ ۡل َم َد ۤا ِٕى ِن َح ٰـ ِش ِرينَ يَ ۡأت ُ َ‬


‫وك بِ ُك ِّل َ‬
‫س ٰـ ِح ٍر‬
‫ض ًحى}‬ ‫اس ُ‬ ‫الزينَ ِة َوأ َ ْن يُحْ ش ََر ال َّن ُ‬ ‫ع ِلي ࣲم﴾ وقال تعالى‪{ :‬قَا َل َم ْو ِع ُد ُك ْم َي ْو ُم ِ ّ‬ ‫َ‬

‫اس وا ْست َْر َهبُوهم وجا ُءوا بِسِحْ ٍر‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَلَ ّما ْألقَ ْوا َ‬
‫س َح ُروا أ ْعيُنَ النّ ِ‬
‫صيُّهم يُ َخيَّ ُل إ َل ْي ِه ِمن سِحْ ِر ِه ْم أنَّها‬‫ع ِظ ٍيم﴾ كما قال تعالى‪﴿ :‬فَإذا ِحبالُهم و ِع ِ‬ ‫َ‬
‫ق ما‬ ‫ت اَلعْلى ْ‬
‫وأل ِ‬ ‫س في نَ ْف ِس ِه ِخيفَةً ُموسى قُ ْلنا ال تَخ ْ‬
‫َف إنَّ َك أ ْن َ‬ ‫تَسْعى فَ ْأو َج َ‬
‫ْث‬ ‫ساح ٍر وال يُ ْف ِل ُح ال ّس ِ‬
‫اح ُر َحي ُ‬ ‫صنَعُوا إنَّما َ‬
‫صنَعُوا َك ْي ُد ِ‬ ‫في َي ِمي ِن َك ت َْل َق ْ‬
‫ف ما َ‬
‫أتى﴾ وفيه الحديث ان السحر من الكبائر‬

‫قَ ْوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن َه َذا لَ َم ْك ٌر َم َك ْرت ُ ُموهُ ِفي ْال َمدِينَ ِة ِلت ُ ْخ ِر ُجوا ِم ْن َها أ َ ْهلَ َها﴾ َكقَ ْو ِل ِه ِفي‬
‫سِحْ َر﴾‬‫علَّ َم ُك ُم ال ّ‬ ‫ْاآليَ ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪ِ ﴿ :‬إ َّنهُ لَ َك ِب ُ‬
‫ير ُك ُم الَّذِي َ‬
‫ص ِلّ َبنَّكم أجْ َمعِينَ ﴾‬
‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ث ُ َّم ََل ُ‬
‫صلُبُهم فِي ِه‪ ،‬ولَ ِك َّنهُ َب َّينَهُ في َم ْو ِ‬
‫ض ٍع‬ ‫ع َدهم ِبأنَّهم َي ْ‬‫ش ْي َء َّالذِي ت ََو َّ‬
‫لَ ْم يُ َب ِيّ ْن ُهنا ال َّ‬
‫﴿و ََل ُ َ‬
‫ص ِلّبَنَّكم في ُجذُوعِ النَّ ْخ ِل﴾‬ ‫طهَ“ َ‬ ‫آخ ََر‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه في ” َ‬

‫‪164‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َربِّنَا لَ َّما َج ۤا َء ۡتن َٰۚا َربَّن َۤا أ َ ۡف ِر ۡغ َ‬


‫علَ ۡينَا‬ ‫﴿و َما ت َن ِق ُم ِمنَّ ۤا ِإ َّ ۤال أ َ ۡن َءا َمنَّا ِبـَٔايَ ٰـ ِ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫اض ِإ َّن َما ت َ ْق ِ‬
‫ضي‬ ‫ت َق ٍ‬ ‫ض َما أَ ْن َ‬ ‫ع ْونَ ‪َ ﴿ :‬فا ْق ِ‬‫ص ۡبرا َوت ََو َّفنَا ُم ۡس ِل ِمينَ ﴾ كما َقالُوا ِل ِف ْر َ‬ ‫َ‬
‫طايَانَا َو َما أ َ ْك َر ْهتَنَا َ‬
‫ع َل ْي ِه ِمنَ‬ ‫َه ِذ ِه ْال َحيَاة َ ال ُّد ْنيَا ِإنَّا آ َمنَّا ِب َر ِبّنَا ِليَ ْغ ِف َر لَنَا َخ َ‬
‫سِحْ ِر َو َّ‬
‫اللهُ َخي ٌْر َوأَ ْبقَى﴾‬ ‫ال ّ‬

‫ض‬
‫اَلر ِ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬وقا َل ال َم َأل ُ ِمن قَ ْو ِم فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ أتَذَ ُر ُموسى وقَ ْو َمهُ ِليُ ْف ِسدُوا في ْ‬
‫ويَذَ َر َك وآ ِل َهت ََك﴾‬
‫الربُو ِب َّيةَ َكما‬ ‫س ُرونَ في َم ْعنى وآ ِل َهت ََك ِل َك ْو ِن فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ كانَ َي َّد ِعي ُّ‬ ‫اخت َ َل َ‬
‫ف ال ُمفَ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫ع ِل ْمتُ لَكم ِمن إلَ ٍه َ‬
‫غي ِْري‪ ،‬وقَ ْو ِل ِه‪ :‬أنا َربُّ ُك ُم فَ ِقي َل‪َ :‬م ْعنى وآ ِل َهت ََك‪:‬‬ ‫في قَ ْو ِل ِه‪ :‬ما َ‬
‫ت إ َل ْي ِه‪ .‬كما‬
‫صنا ٌم َي ْعبُدُها قَ ْو ُمهُ تَقَ ُّر ًبا إ َل ْي ِه َفنُ ِس َب ْ‬
‫أي و ِعبا َدت ََك‪ ،‬و ِقي َل‪ :‬كانَ لَهُ أ ْ‬
‫قال كفار قريش‪﴿ :‬ما نَ ْعبُدُهم ّإال ِليُقَ ِ ّربُونا إلى اللَّ ِه﴾‬

‫ع ْونَ ِبقَتْ ِل‬ ‫سا َء ُه ْم﴾ َو َهذَا أ َ ْم ٌر ثَ ٍ‬


‫ان ِم ْن ِف ْر َ‬ ‫سنُقَ ِتّ ُل أ َ ْبنَا َء ُه ْم َو َن ْستَحْ ِيي ِن َ‬
‫قوله‪َ ﴿ :‬‬
‫سى‪،‬‬ ‫ور بَنِي ِإس َْرا ِئي َل‪ .‬أ َ َّما ْاَل َ َّولُ‪ :‬فَ َكانَ َِلَجْ ِل ِاالحْ تِ َر ِاز ِم ْن ُو ُجو ِد ُمو َ‬ ‫ذُ ُك ِ‬
‫ب‪َ ،‬و ِل َك ْي يَتَشَا َء ُموا‬
‫ش ْع ِ‬ ‫ب‪َ .‬وأ َ َّما الثَّانِي‪ :‬فَ ِ ِ‬
‫ْلهَا َن ِة َهذَا ال َّ‬ ‫وْل ْذ َال ِل َهذَا ال َّ‬
‫ش ْع ِ‬ ‫ِِ‬
‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‬ ‫سى‪َ ،‬‬
‫‪ِ .‬ب ُمو َ‬

‫‪165‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب َخي ِْر ِه ْم وش ِ َّر ِه ْم هو ِمن ِع ْن ِد اللَّ ِه‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬أال إنَّما طائِ ُرهم ِع ْن َد اللَّ ِه﴾ ْ‬
‫أي َس َب ُ‬
‫ب ُموسى و َمن َم َعهُ‪ .‬أو أن المعنى‪ :‬نتيجة ذنوبهم عند الله ويجازيهم‬
‫س َب ِ‬ ‫لَي َ‬
‫ْس بِ َ‬
‫‪.‬عليها‬
‫ث « ِّ‬
‫الطيَ َرة ُ ِش ْر ٌك» صححه اَللباني‬ ‫‪.‬وفِي ال َحدِي ِ‬

‫الطوفَانَ ﴾ اآلية‬ ‫س ْلنَا َ‬


‫علَ ْي ِه ُم ُّ‬ ‫‪ .‬قوله‪﴿ :‬فَأ َ ْر َ‬
‫الطوفَانَ ‪ ،‬ث ُ َّم ْال َج َرا َد‪،‬‬
‫ع َل ْي ِهم ُّ‬ ‫سنِينَ ‪ ،‬فَأ َ ْر َ‬
‫س َل َ‬ ‫فَت َا َب َع اللَّهُ َ‬
‫علَ ْي ِهم ْاآليَاتِ‪َ ،‬وأ َ َخ َذ ُهم بِال ِ ّ‬
‫ص َال ٍ‬
‫ت‬ ‫ع‪ ،‬ث ُ َّم الد ََّم‪ ،‬آ َيا ٍ‬
‫ت ُم َف َّ‬ ‫‪.‬ث ُ َّم ْالقُ َّم َل‪ ،‬ث ُ َّم ال َّ‬
‫ضفَا ِد َ‬

‫الرجْ ُز قالُوا يا ُموسى ا ْدعُ َلنا َرب ََّك ِبما َ‬


‫ع ِه َد ِع ْن َد َك‬ ‫علَ ْي ِه ُم ِ ّ‬
‫قوله‪﴿ :‬ولَ ّما و َق َع َ‬
‫الرجْ زَ ِلنُؤْ ِمن ََّن لَ َك و َلنُ ْر ِسلَ َّن َم َع َك بَنِي إسْرائِي َل﴾ وهذا كما‬
‫عنّا ِ ّ‬ ‫ش ْف َ‬
‫ت َ‬ ‫لَئِ ْن َك َ‬
‫وقع لقريش حين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬جاء أبو سفيانَ ُ‬
‫بن‬
‫ب إلى رسو ِل الل ِه صلَّى اللهُ عل ْي ِه وسلَّ َم فقال ‪ :‬يا محم ُد ! أنشد َُك اللهَ‬ ‫حر ٍ‬
‫والدم ‪ ،‬فأنز َل اللهُ ‪َ :‬ولَقَ ْد‬
‫َ‬ ‫الوبر –‬
‫َ‬ ‫أكلنا ال ِع ْل ِهزَ – يعني ‪:‬‬
‫والرح َم ‪ ،‬فقد ْ‬
‫ِ‬
‫‪.‬أ َ َخ ْذنَا ُه ْم بِ ْالعَ َذا ِ‬
‫ب فَ َما ا ْست َ َكانُوا ِل َربِّ ِه ْم َو َما يَت َ َ‬
‫ض َّرعُونَ " صححه اَللباني‬

‫ض‬
‫اَلر ِ‬
‫شارقَ ْ‬ ‫﴿و ْأو َرثْنا القَ ْو َم الَّذِينَ كانُوا يُ ْست َ ْ‬
‫ض َعفُونَ َم ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫غاربها‪ ،‬وقيل مصر‬ ‫ش ِام و َم ِ‬‫شارق ال ّ‬ ‫غار َبها﴾ اآل َيةَ‪ .‬أي َم ِ‬ ‫‪.‬و َم ِ‬
‫‪166‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َك ِل َمةُ َربِّ َك ال ُحسْنى َ‬


‫على بَنِي إسْرائِي َل﴾ اآليَةَ‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وت َ َّم ْ‬
‫ض‬ ‫ض ِعفُوا في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫على الَّذِينَ ا ْست ُ ْ‬
‫أن نَ ُم َّن َ‬‫﴿ونُ ِري ُد ْ‬ ‫ي قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫َو ِه َ‬
‫ض﴾‬
‫اَلر ِ‬‫الوارثِينَ َونُ َم ّكِنَ لَهم في ْ‬ ‫ِ‬ ‫ونَجْ َعلَهم أئِ َّمةً ونَجْ َعلَ ُه ُم‬

‫ت َك ِل َمةُ َربِّ َك ْال ُح ْسنَى َ‬


‫ع َلى بَنِي ِإس َْرائِي َل بِ َما َ‬
‫صبَ ُروا﴾ ولقد قال‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وت َ َّم ْ‬
‫لهم موسى من قبل‪﴿ :‬ا ْست َ ِعينُوا بِاللَّ ِه َوا ْ‬
‫صبِ ُروا﴾‬

‫ومنهُ قَ ْولُهُ‬
‫شونَهُ ِمنَ ال َجنّاتِ‪ِ ،‬‬‫أي ما كانُوا يَ ْع ِر ُ‬ ‫شونَ ﴾ ْ‬ ‫﴿وما كانُوا يَ ْع ِر ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫غي َْر َم ْع ُروشاتٍ} و ِقي َل‪َ :‬م ْعنى‬
‫تو َ‬ ‫ت َم ْع ُروشا ٍ‬‫ت َعالى‪{ :‬وهو الَّذِي أ ْنشَأ َجنّا ٍ‬
‫شونَ يَ ْبنُونَ‬
‫‪.‬يَ ْع ِر ُ‬

‫‪167‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫نام لَهم‬
‫ص ٍ‬ ‫على قَ ْو ٍم َي ْع ُكفُونَ َ‬
‫على أ ْ‬ ‫﴿وجاو ْزنا ِب َبنِي إسْرا ِئي َل ال َبحْ َر فَأت َْوا َ‬
‫َ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫قالُوا يا ُموسى اجْ َع ْل لَنا إلَ ًها َكما لَهم آ ِل َهةٌ قا َل إنَّكم قَ ْو ٌم تَجْ َهلُونَ ﴾ وفي‬
‫مر بش َجرةٍ‬ ‫أن رسو َل الل ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ل َّما َ‬
‫خر َج إلى َخيْب َر َّ‬ ‫الحديث َّ‬
‫للمشركينَ يُقا ُل لها‪ :‬ذاتُ أ َ ْنواطٍ ‪ ،‬يعلِّقونَ عليها أس ِلحت َهم‪ .‬فقالوا‪ :‬يا رسو َل‬
‫ي صلَّى اللهُ عليه‬
‫ذات أَ ْنواطٍ ‪ ،‬كما لهم ذاتُ أ َ ْنواطٍ ‪ .‬فقال النب ُّ‬
‫الل ِه‪ ،‬اجعَ ْل لنا َ‬
‫سبْحانَ الل ِه‪ ،‬هذا كما قال قو ُم موسى‪{ :‬اجْ َع ْل َلنَا ِإلَ ًها َك َما لَ ُه ْم آ ِل َهةٌ}‬
‫وسلَّ َم‪ُ " :‬‬
‫سنَّةَ َمن كان قبلَكم" صححه اَللباني‬
‫‪.‬والذي نَ ْفسي بيَدِه‪ ،‬لتر َكبُ َّن ُ‬

‫﴿و َك َّل َم اللَّهُ ُمو َ‬


‫سى ت َ ْك ِلي ًما﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬و َكلَّ َمهُ َربُّهُ﴾ كما قال تعالى‪َ :‬‬

‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَ َرأ قَ ْو َلهُ ‪ -‬ت َعالى ‪-‬‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَلَ ّما ت َ َجلّى َر ُّبهُ﴾ َ‬
‫ع ْن أن ٍَس‪َّ « :‬‬
‫أن َر ُ‬
‫ص ِر ِه يُقَ ِلّ ُل ِم ْق َ‬
‫دار‬ ‫ف ِخ ْن َ‬
‫ط َر ِ‬ ‫﴿فَلَ ّما ت َ َجلّى َربُّهُ﴾ فَ َو َ‬
‫ض َع إبْها َمهُ قَ ِريبًا ِمن َ‬
‫»الت َّ َج ِلّي‬
‫سبُحاتُ وجْ ِه ِه ما ا ْنت َ َهى‬ ‫شفَهُ َلَحْ َرقَ ْ‬
‫ت ُ‬ ‫"حجابُهُ النُّ ُ‬
‫ور‪ ،‬لو َك َ‬ ‫وفي صحيح مسلم ِ‬
‫ص ُرهُ ِمن خ َْل ِق ِه‬
‫"‪.‬إلَ ْي ِه بَ َ‬

‫ش ْيءٍ ﴾ في ما ِه َي ِة ْ‬
‫اَللواحِ أ ْقوا ٌل‬ ‫﴿و َكتَبْنا لَهُ في ْ‬
‫اَللواحِ ِمن ُك ِّل َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫‪.‬والله أعلم بالصواب‬

‫‪168‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سأ ُ ِريكم َ‬
‫دار الفا ِسقِينَ ﴾ فِيها أ ْقوال‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫‪.‬أ َحدُها‪ :‬أنَّها َج َه َّن ُم‬
‫ع ْونَ وقَ ْو ِم ِه‬‫دار ِف ْر َ‬‫‪.‬والثّا ِني‪ :‬أ َّنها ُ‬
‫صارعُ الفا ِسقِينَ‬‫ث‪ :‬أنَّها َم ِ‬ ‫‪.‬والثّا ِل ُ‬

‫ض ِل ِل ٱللَّهُ فَ َال‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬


‫﴿و ِإ ْن َي َر ْوا ُك َّل آ َي ٍة َال يُؤْ ِمنُوا ِب َها﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ { :‬من يُ ۡ‬
‫ی َلهُۥٰۚ}‬
‫هَا ِد َ‬

‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ار﴾‬ ‫ٰۚ‬ ‫َّ‬
‫سدا لهُۥ ُخ َو ٌ‬ ‫س ٰى ِم ُۢن َبعۡ ِد ِهۦ ِم ۡن ُح ِل ِيّ ِه ۡم ِع ۡجال َج َ‬
‫﴿وٱت َّ َخذَ قَ ۡو ُم ُمو َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ار؟ أ َ ِو ا ْست َ َم َّر‬
‫ار لَحْ ًما َو َد ًما َلهُ ُخ َو ٌ‬
‫ص َ‬ ‫س ُرونَ فِي َهذَا ْالعِجْ ِل‪ :‬ه َْل َ‬ ‫ف ْال ُمفَ ِ ّ‬‫اخت َ َل َ‬
‫ْ‬
‫علَى َك ْو ِن ِه َم ْن ذَ َه ٍ‬
‫ب‪ .‬وسيأتي تفصيل ذلك في سورة طه‬ ‫‪َ .‬‬

‫علَى َما فَعَلُوا‬ ‫ط فِي أَ ْيدِي ِه ْم﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ :‬نَ ِد ُموا َ‬ ‫س ِق َ‬ ‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿ولَ َّما ُ‬

‫ع ِج ْلت ُ ْم أ َ ْم َر َربِّ ُك ْم﴾ ؟ يَقُولُ‪ :‬ا ْستَ ْع َج ْلت ُ ْم َم ِجيئِي ِإ َل ْي ُك ْم‪ ،‬أو إعْطاء‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ َ‬
‫‪.‬الت َّ ْورا ِة‬

‫اَلل َوا َح َوأ َ َخذَ بِ َرأْ ِس أ َ ِخي ِه يَ ُج ُّرهُ ِإلَ ْي ِه﴾ َوفِي َهذَا َد َاللَةٌ َ‬
‫علَى َما‬ ‫﴿وأ َ ْلقَى ْ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ْس ْال َخ َب ُر َك ْال ُم َعا َي َن ِة" صححه اَللباني‬
‫‪َ .‬جا َء ِفي ْال َحدِيثِ‪" :‬لَي َ‬
‫‪169‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صر فِي نَ ْهيِ ِه ْم‪َ ،‬ك َما‬ ‫﴿وأ َ َخذَ بِ َرأْ ِس أَ ِخي ِه يَ ُج ُّرهُ ِإلَ ْي ِه﴾ خ َْوفًا أ َ ْن يَ ُكونَ قَ ْد قَ َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ضلُّوا أَال تَتَّ ِب َع ِن‬
‫ون َما َمنَ َع َك ِإ ْذ َرأ َ ْيت َ ُه ْم َ‬ ‫قَا َل ِفي ْاآل َي ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪﴿ :‬قَا َل َيا ه ُ‬
‫َار ُ‬
‫ْت أ َ ْم ِري‪َ .‬قا َل يَا ا ْبنَ أ ُ َّم َال ت َأْ ُخ ْذ ِبلِحْ يَتِي َوال ِب َرأْ ِسي ِإنِّي َخ ِشيتُ أ َ ْن‬ ‫أَفَ َع َ‬
‫صي َ‬
‫ص َّر َح َّ‬
‫اللهُ ت َعالى بِبَرا َءتِ ِه‬ ‫ت َقُو َل فَ َّر ْق َ‬
‫ت بَيْنَ َبنِي إِس َْرائِي َل َولَ ْم ت َْرقُبْ قَ ْو ِلي﴾ و َ‬
‫‪ِ :‬بقَ ْو ِل ِه‬
‫الرحْ َم ُن فاتَّبِعُونِي‬ ‫ون ِمن قَ ْب ُل ياقَ ْو ِم إنَّما فُتِ ْنت ُ ْم بِ ِه َّ‬
‫وإن َربَّ ُك ُم َّ‬ ‫﴿ولَقَ ْد قا َل لَهم ُ‬
‫هار ُ‬ ‫َ‬
‫وأطيعُوا ْأم ِري﴾‬
‫ِ‬

‫ب ِمن َر ِبّ ِه ْم وذ َِّلةٌ في ال َحيا ِة ال ُّد ْنيا‬‫ض ٌ‬ ‫غ َ‬ ‫إن الَّذِينَ اتَّ َخذُوا العِجْ َل َ‬
‫س َينالُهم َ‬ ‫قوله‪َّ ﴿ :‬‬
‫ب َّالذِي نَا َل َبنِي ِإس َْرائِي َل فِي ِعبَا َدةِ‬ ‫و َكذَ ِل َك نَجْ ِزي ال ُم ْفت َِرينَ ﴾ أ َ َّما ْالغَ َ‬
‫ض ُ‬
‫ضا‪َ ،‬ك َما‬ ‫ْالعِجْ ِل‪ ،‬فَ ُه َو أ َ َّن اللَّهَ تَعَالَى لَ ْم يَ ْقبَ ْل لَ ُه ْم ت َْوبَةً‪َ ،‬حتَّى َقت َل بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم بَ ْع ً‬
‫س ُك ْم ذَ ِل ُك ْم َخي ٌْر لَ ُك ْم ِع ْن َد‬ ‫ور ِة ْال َبقَ َر ِة‪﴿ :‬فَتُوبُوا ِإلَى َب ِ‬
‫ار ِئ ُك ْم فَا ْقتُلُوا أَ ْنفُ َ‬ ‫س َ‬‫تَقَد ََّم ِفي ُ‬
‫الر ِحي ُم﴾‬ ‫علَ ْي ُك ْم ِإنَّهُ ُه َو الت َّ َّو ُ‬
‫اب َّ‬ ‫ارئِ ُك ْم فَت َ‬
‫َاب َ‬ ‫بَ ِ‬

‫‪170‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۤ‬ ‫ّ‬
‫س ۡب ِعينَ َر ُجال ِل ِميقَ ٰـتِنَا فَلَ َّما أ َخذَت ُه ُم ٱ َّ‬
‫لر ۡجفَة قَا َل‬ ‫س ٰى قَ ۡو َمهُۥ َ‬‫َار ُمو َ‬ ‫﴿وٱ ۡخت َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سفَ َه ۤا ُء ِمنَّ ۤاۤ﴾ قيل‪َ :‬فلَ َّما‬ ‫ت أَ ۡهلَ ۡكت َ ُهم ِّمن َق ۡب ُل َو ِإيَّ ٰـ َ‬
‫ی أَتُهۡ ِل ُكنَا بِ َما فَ َع َل ٱل ُّ‬ ‫َربّ ِ لَ ۡو ِش ۡئ َ‬
‫أَت َْوا ذَ ِل َك ْال َم َكانَ قَالُوا‪ :‬لَ ْن نُؤْ ِمنَ لَ َك َيا ُمو َ‬
‫سى َحتَّى ن ََرى اللَّ َه َج ْه َرةً‪ ،‬فَإِنَّ َك قَ ْد‬
‫‪َ .‬كلَّ ْمتَهُ‪ ،‬فأرناه‪ .‬فأخذتهم ال َّ‬
‫صا ِعقَةُ فَ َماتُوا‬
‫الرجْ فَةُ َِلَنَّ ُه ْم لَ ْم‬
‫َّاس َو ُم َجا ِه ٌد َو َقت َا َدة ُ َواب ُْن ُج َريْج‪ :‬إِنَّ َما أ َ َخ َذتْ ُه ُم َّ‬‫عب ٍ‬ ‫َوقَا َل اب ُْن َ‬
‫‪.‬يُزَ ا ِيلُوا قَ ْو َم ُه ْم ِفي ِع َبا َد ِت ِه ُم ْالعِجْ َل‪َ ،‬و َال َن ْه َو ُه ْم‬

‫ش ُمو ِل َو ْالعُ ُم ِ‬
‫وم‪،‬‬ ‫َيءٍ ﴾ آيَةٌ َ‬
‫ع ِظي َمةُ ال ُّ‬ ‫ت ُك َّل ش ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫﴿و َرحْ َمتِي َو ِسعَ ْ‬
‫ت ُك َّل‬ ‫ع ْن َح َملة ْال َع ْر ِش َو َم ْن َح ْولَهُ أَنَّ ُه ْم َيقُولُونَ ‪َ :‬‬
‫﴿ربَّنَا َو ِس ْع َ‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه ِإ ْخ َب ً‬
‫ارا َ‬
‫ش ْيءٍ َرحْ َمةً َو ِع ْل ًما﴾‬
‫َ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪ِ ،‬مائَةَ َرحْ َمةٍ‪ ،‬فَ ِم ْن َها َرحْ َمةٌ‬
‫ي ِ ﷺ قَا َل‪ِ " :‬إ ْن ِللَّ ِه َ‬
‫ع ِن النَّ ِب ّ‬
‫وفي الحديث َ‬
‫علَى أ َ ْو َال ِدهَا‪َ ،‬وأ َ َّخ َر ِت ْس ًعا َوتِ ْسعِينَ‬ ‫ف ْال ُو ُح ُ‬
‫وش َ‬ ‫يتراح ُم ِب َها ْالخ َْل ُق‪َ ،‬و ِب َها ت َ ْع ِط ُ‬
‫‪.‬إِلَى يَ ْو ِم ْال ِقيَا َم ِة" رواه مسلم‬

‫علَ ْي ِه ْم﴾ فشبهها باَلغالل‬ ‫ص َر ُه ْم َواَل ْغال َل الَّتِي َكان ْ‬


‫َت َ‬ ‫ع ْن ُه ْم ِإ ْ‬
‫ض ُع َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َي َ‬
‫لشدتها وصعوبتها وهي الشدائد التي كانت في العبادة كقطع أثر البول وقتل‬
‫‪.‬النفس في التوبة وقطع اَلعضاء الخاطئة‪ ،‬ووجوب الصالة في المعابد‬

‫‪171‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ِ َو ْال َع َج ِم ّ‬
‫يِ‪،‬‬ ‫اب ِل ْألَحْ َم ِر َو ْاَلَس َْودِ‪َ ،‬و ْال َع َر ِب ّ‬
‫ط ٌ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل َيا أَيُّ َها ال َّن ُ‬
‫اس﴾ َو َه َذا ِخ َ‬
‫ش ِهي ٌد بَ ْينِي َوبَ ْينَ ُك ْم‬ ‫الل ِه ِإ َل ْي ُك ْم َج ِميعًا﴾ َك َما قَا َل تَ َعالَى‪﴿ :‬قُ ِل َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫﴿ ِإ ِنّي َر ُ‬
‫َبار َك َّالذِي ن ََّز َل‬ ‫ي َهذَا ْالقُ ْر ُ‬
‫آن َل ْنذ َِر ُك ْم ِب ِه َو َم ْن َبلَغَ﴾ وقال ت َعالى‪﴿ :‬ت َ‬ ‫ي ِإلَ َّ‬ ‫َوأ ُ ِ‬
‫وح َ‬
‫ع ْب ِد ِه ِليَ ُكونَ ِل ْلعالَ ِمينَ نَذ ً‬
‫ِيرا﴾‬ ‫على َ‬ ‫الفُ ْرقانَ َ‬
‫صةً وبُ ِعثْتُ إلى ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫ي يُ ْبعَ ُ‬
‫ث إلى قَ ْو ِم ِه خَا َّ‬ ‫وفي الصحيحين "وكانَ النب ُّ‬
‫عا َّمةً‬
‫"‪َ .‬‬

‫طا أ ُ َم ࣰم‬ ‫طعۡ نَ ٰـ ُه ُم ٱ ۡثنَت َ ۡی َ‬


‫ع ۡش َرة َ أ َ ۡسبَا ً‬ ‫﴿وقَ َّ‬
‫}قوله‪َ :‬‬
‫واح ٍد ِمنهم ِمنَ ْ‬
‫اَلوال ِد‬ ‫وب و ُه ُم اثْنا َ‬
‫عش ََر ولَدًا‪ ،‬و ِل ُك ِّل ِ‬ ‫واَلسْبا ُ‬
‫ط‪ْ :‬أوال ُد َي ْعقُ َ‬
‫عةٌ‬
‫‪َ .‬جما َ‬

‫اك ٱ ۡل َح َج َر‬
‫ص َ‬‫ض ِرب ِبّ َع َ‬ ‫{وأ َ ۡو َح ۡين َۤا ِإلَ ٰى ُمو َ‬
‫س ٰۤى ِإ ِذ ٱ ۡست َۡسقَ ٰىهُ َق ۡو ُمهُۥۤ أ َ ِن ٱ ۡ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫ع ۡين}‬ ‫فَٱ ُۢنبَ َج َس ۡت ِم ۡنهُ ٱ ۡثنَت َا َ‬
‫ع ۡش َرةَ َ‬
‫ور ِة ْال َبقَ َرة ُ و ِه َ‬
‫ي َم َد ِنيَّةٌ‪ ،‬و َه ِذ ِه‬ ‫س َ‬ ‫ص ِة ْال َم ْذ ُك َ‬
‫ور ِة ِفي ُ‬ ‫ش ِبي َهةٌ ِب ْال ِق َّ‬
‫صةُ َ‬ ‫َو َه ِذ ِه ْال ِق َّ‬
‫ورة ُ َم ِ ّكيَّةٌ‬ ‫س َ‬ ‫‪.‬ال ُّ‬
‫ع ْينًا﴾ َو ُه َو أ َ َّو ُل ِاال ْن ِف َج ِ‬
‫ار‪،‬‬ ‫ت ِم ْنهُ اثْنَت َا َ‬
‫ع ْش َرة َ َ‬ ‫فأ َ ْخبَ َر هَا ُهنَا ﴿ َفا ْنبَ َج َ‬
‫س ْ‬
‫ار بُقُو ِل ِه‪﴿ :‬فَٱنفَ َج َر ۡت ِم ۡنهُ ٱ ۡث َنت َا‬ ‫َوأ َ ْخ َب َر ُهن َ‬
‫َاك ِب َما آ َل ِإ َل ْي ِه ْاَل َ ْم ُر ِ‬
‫آخ ًرا َو ُه َو ِاال ْن ِف َج ُ‬
‫ࣰ‬
‫اك ُهن َ‬
‫َاك‬ ‫َ‬
‫اس هَا ُهنَا‪َ ،‬وذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ب ِذك َر ِاالنبِ َج ِ‬ ‫س َ‬ ‫ع ۡش َرة َ َ‬
‫ع ۡينا﴾ َفنَا َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫‪172‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ۡي ِه ُم ٱ ۡل َم َّن َوٱل َّس ۡل َو ٰى}‬


‫ظلَّ ۡلنَا َعلَ ۡي ِه ُم ٱ ۡلغَ َم ٰـ َم َوأَنزَ ۡلنَا َ‬
‫{و َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ط َع ٍام‬ ‫علَ ْي ِه ْم ِم ْن َ‬
‫اللهُ بِ ِه َ‬‫اللهُ أ َ ْعلَ ُم‪ ،‬أَنَّهُ ُك ُّل َما ْامت ََّن َّ‬
‫الظا ِه ُر‪َ ،‬و َّ‬
‫قال ابن كثير َو َّ‬

‫ع َم ٌل َو َال َكدٌّ‪َ ،‬ف ْال َم ُّن ْال َم ْش ُه ُ‬


‫ور ِإ ْن‬ ‫ْس َل ُه ْم ِفي ِه َ‬ ‫غي ِْر َذ ِل َك‪ِ ،‬م َّما َلي َ‬
‫ب ‪َ ،‬و َ‬
‫َوش ََرا ٍ‬
‫ار ش ََرابًا َ‬
‫ط ِيّبًا‪َ ،‬و ِإ ْن‬ ‫ص َ‬‫اء َ‬ ‫أ ُ ِك َل َوحْ َدهُ َكانَ َ‬
‫ط َعا ًما َو َح َال َوةً‪َ ،‬و ِإ ْن ُم ِز َج َم َع ْال َم ِ‬
‫ْس ُه َو ْال ُم َرا َد ِمنَ ْاآليَ ِة َوحْ َدهُ؛‬ ‫عا آخ ََر‪َ ،‬ولَ ِك ْن َلي َ‬ ‫ار ن َْو ً‬
‫ص َ‬ ‫غي ِْر ِه َ‬ ‫ُر ِ ّك َ‬
‫ب َم َع َ‬
‫"ال َك ْمأَة ُ ِمنَ ْال َم ِّن‪َ ،‬و َما ُؤهَا‬
‫ي ﷺ‪ْ :‬‬
‫يِ‪ :‬عن النَّ ِب ّ‬ ‫علَى ذَ ِل َك قَ ْو ُل ْالبُخ ِ‬
‫َار ّ‬ ‫َوال َّد ِلي ُل َ‬
‫‪ِ ".‬شفَا ٌء ِل ْل َعي ِْن‬

‫ࣱ‬
‫طة‬ ‫ث ِش ۡئت ُ ۡم َوقُولُ ۟‬
‫وا ِح َّ‬ ‫وا َه ٰـ ِذ ِه ٱ ۡلقَ ۡر َيةَ َو ُكلُ ۟‬
‫وا ِم ۡن َها َح ۡي ُ‬ ‫{و ِإ ۡذ قِي َل لَ ُه ُم ٱ ۡس ُكنُ ۟‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫س َّجدا نَّ ۡغ ِف ۡر لَ ُك ۡم خ ِ‬
‫َط ۤيـَٔ ٰـتِ ُك ٰۡۚم}‬ ‫اب ُ‬‫وا ٱ ۡلبَ َ‬‫َوٱ ۡد ُخلُ ۟‬
‫طةٌ}‪.‬‬‫س َّجدًا وقُولوا ِح َّ‬ ‫الباب ُ‬
‫َ‬ ‫وفي الصحيحين "قي َل ِل َب ِني إسْرا ِئي َل‪{ :‬ا ْد ُخلُوا‬
‫طةٌ‪َ ،‬حبَّةٌ في َ‬
‫ش َع َر ٍة‬ ‫"فَ َد َخلُوا يَ ْز َحفُونَ علَى أسْتا ِه ِه ْم‪ ،‬فَبَ َّدلُوا‪ ،‬وقالوا‪ِ :‬ح َّ‬

‫حاض َرة َ البَحْ ِر﴾ اآلية ‪ .‬ابتالهم الله‬


‫ِ‬ ‫َت‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬واس ْْألهم َ‬
‫ع ِن القَ ْريَ ِة الَّتِي كان ْ‬
‫بالسبت كما ابتلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالصيد في قوله‪﴿ :‬يا‬
‫ص ْي ِد ت َنالُهُ أ ْيدِيكم ِ‬
‫ورما ُحكم ِل َي ْع َل َم‬ ‫ش ْيءٍ ِمنَ ال َّ‬‫أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا لَ َي ْبلُ َونَّ ُك ُم اللَّهُ ِب َ‬
‫ذاب أ ِلي ٌم﴾‬
‫ع ٌ‬ ‫ب فَ َم ِن ا ْعت َدى بَ ْع َد ذَ ِل َك َفلَهُ َ‬ ‫اللَّهُ َمن يَخافُهُ بِالغَ ْي ِ‬

‫‪173‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن َيتَّقُوا َف َيتُوبُوا فَ َي ْن ُجوا ِمنَ اْل ْه ِ‬


‫الك‬ ‫ورجا ًء في ْ‬ ‫‪.‬قوله‪﴿ :‬ولَ َعلَّهم َيتَّقُونَ ﴾ ْ‬
‫أي َ‬
‫كما قال تعالى في فرعون‪﴿ :‬فَقُوال َلهُ قَ ْو ًال لَيِّ ًنا لَ َعلَّهُ يَتَذَ َّك ُر ْأو يَ ْخشى﴾‬

‫ع ْن ما نُ ُهوا َع ْنهُ قُ ْلنا َلهم ُكونُوا قِ َر َدةً خا ِسئِينَ ﴾ وفي‬


‫قوله‪﴿ :‬فَلَ ّما َعت َْوا َ‬
‫ير‪ ،‬هي م َّما ُم ِس َخ؟ فَقا َل‬ ‫َاز ُ‬‫سو َل الل ِه‪ ،‬ال ِق َر َدة ُ َو ْال َخن ِ‬
‫الحديث فَقا َل َر ُج ٌل‪ :‬يا َر ُ‬
‫"إن اللَّهَ َع َّز َو َج َّل لَ ْم يُ ْه ِل ْك قَ ْو ًما‪ ،‬أ َ ْو يُ َع ّذِبْ قَ ْو ًما‪،‬‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه َو َسلَّ َم‪َّ :‬‬
‫ي َ‬
‫النب ُّ‬
‫ير َكانُوا قَ ْب َل َ‬
‫ذلك‪ ".‬رواه مسلم‬ ‫وإن ال ِق َر َدة َ َو ْال َخن ِ‬
‫َاز َ‬ ‫‪.‬فَيَجْ َع َل له ْم نَس ًْال‪َّ ،‬‬

‫ط َّن َكقَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬ب َعثْنا َعلَيْكم ِعبادًا‬


‫س ِلّ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم ويُ َ‬
‫أي لَيُ ْر ِسلَ َّن َ‬
‫علَ ْي ِه ْم﴾ ْ‬
‫قوله‪﴿ :‬لَ َي ْب َعث َ َّن َ‬
‫ب ِم َّم ْن َي ْب َعثُهُ‬
‫سو َء ال َعذا ِ‬ ‫شدِيدٍ﴾ إلى يَ ْو ِم ال ِقيا َم ِة غايَةً ِل َ‬
‫س ْو ِم ِه ْم ُ‬ ‫لَنا أُو ِلي بَأ ْ ٍس َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم‪ ،‬وقَ ْد كانُوا أ ْقما ُه ُم اللَّهُ َه َكذا أذ ِّال َء ُم ْستَ ْ‬
‫ض َعفِينَ ُم َع َّذ ِبينَ ِبأ ْيدِي أ ْه ِل‬ ‫اللَّهُ َ‬
‫ع ْدت ُ ْم ُ‬
‫ع ْدنا﴾‬ ‫إن ُ‬ ‫الملَ ِل‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬ ‫ِ‬

‫ض‪ ،‬بعد‬
‫اَلر ِ‬ ‫ض أ ُ َم ًما﴾ ْ‬
‫أي فَ َّر ْقنا َب ِني إسْرا ِئي َل في ْ‬ ‫اَلر ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وقَ َّ‬
‫ط ْعناهم في ْ‬
‫عدوا‬
‫‪.‬أن سلطنا عليهم ّ‬

‫‪174‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َل ٰۤى أَنفُ ِس ِه ۡم‬


‫ور ِه ْم ذُ ِ ّريَّت َ ُه ْم َوأَ ۡش َه َد ُه ۡم َ‬ ‫﴿و ِإ ْذ أَ َخذَ َرب َُّك ِم ْن َبنِي آ َد َم ِم ْن ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ظهره ث َّم‬
‫ِ‬ ‫آدم من‬ ‫"إن اللهَ أخذ ذُ ِ ّريَّةَ َ‬ ‫أَلَ ْستُ بِ َربِّ ُك ْم قَالُوا َبلَى﴾ وفي الحديث َّ‬
‫أفاض بهم في كفَّيه فقال ‪:‬‬
‫َ‬ ‫علَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم أَلَ ْستُ ِب َر ِبّ ُك ْم َقالُوا َبلَى ث َّم‬
‫أ َ ْش َه َد ُه ْم َ‬
‫ار ‪ ،‬فأه ُل الجنَّ ِة ُميسَّرونَ لع َم ِل أه ِل الج َّن ِة‬
‫وهؤالء في النَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫هؤالء في الجنَّ ِة ‪،‬‬
‫ِ‬
‫ار ُميسَّرونَ لع َم ِل أه ِل النَّ ِ‬
‫ار" صححه اَللباني‬ ‫‪ ،.‬وأه ُل النَّ ِ‬
‫ِين َح ِنيفًا ِف ْ‬
‫ط َرة َ‬ ‫علَ ْي ِه‪ ،‬قَا َل ت َ َعا َلى‪﴿ :‬فَأ َ ِق ْم َوجْ َه َك ِلل ّد ِ‬
‫علَى ذَ ِل َك َو َج َبلَ ُه ْم َ‬ ‫فَ َ‬
‫ط َر ُه ْم َ‬
‫ق َّ‬
‫الل ِه﴾‬ ‫ع َل ْي َها َال ت َ ْبدِي َل ِلخ َْل ِ‬ ‫اللَّ ِه الَّتِي َف َ‬
‫ط َر النَّ َ‬
‫اس َ‬
‫ص َرانِ ِه‪،‬‬ ‫وفي الصحيحين " ُك ُّل َم ْولُو ٍد يُولَ ُد علَى ال ِف ْ‬
‫ط َرةِ‪ ،‬فأبَ َواهُ يُ َه ّ ِو َدانِ ِه‪ْ ،‬أو يُ َن ِ ّ‬
‫عا َء" وفي‬ ‫سا ِن ِه‪َ ،‬ك َمثَ ِل ال َب ِهي َم ِة ت ُ ْنت َ ُج ال َب ِهي َمةَ ْ‬
‫هل ت ََرى فِي َها َج ْد َ‬ ‫ْأو يُ َم ِ ّج َ‬
‫لك‬
‫ْت لو كانَ َ‬ ‫أرأَي َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬فيُقا ُل له‪َ :‬‬
‫الصحيحين أيضا "يُجا ُء بالكافِ ِر يَ َ‬
‫س ِئ ْل َ‬
‫ت ما‬ ‫ت ت َ ْفت َدِي ب ِه؟ ف َيقولُ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬فيُقا ُل له‪ :‬ق ْد ُك ْن َ‬
‫ت ُ‬ ‫ض ذَ َه ًبا‪ ،‬أ ُك ْن َ‬ ‫ِم ْل ُء ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫ذلك‬
‫س ُر ِمن َ‬
‫"هو أ ْي َ‬

‫ع َل ْي ِه ْم َن َبأ َ الَّذِي آتَ ْينَاهُ آ َيا ِتنَا فَا ْن َ‬


‫سلَ َخ ِم ْن َها﴾ قيل‪ :‬إ َّنهُ َر ُج ٌل ِمن‬ ‫﴿واتْ ُل َ‬
‫قَ ْوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ّ‬
‫ولكن اآلية عا ّمة‬ ‫‪.‬بَنِي إسْرائِي َل يُقا ُل َلهُ‪ :‬بُ ْلعُ ُم ب ُْن با ُ‬
‫عورا َء‪،‬‬

‫ض َوات َّ َب َع ه ََواهُ﴾ كما‬ ‫﴿ولَ ْو ِشئْنَا لَ َرفَ ْعنَاهُ ِب َها َولَ ِك َّنهُ أ َ ْخلَ َد ِإلَى ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫"إن اللَّهَ يَ ْر َف ُع بهذا ال ِكتَا ِ‬
‫ب‬ ‫في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب َّ‬
‫"‪.‬أ َ ْق َوا ًما‪َ ،‬و َي َ‬
‫ض ُع به آخ َِرينَ‬
‫‪175‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿ولَقَ ْد ذَ َرأْنَا ِل َج َهنَّ َم َكثِ ً‬


‫يرا ِمنَ ْال ِج ِّن َواْل ْن ِس﴾‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ظهره ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫آدم ‪ ،‬ث َّم أخذ الخَلقَ من‬ ‫"إن اللهَ َّ‬
‫عز وج َّل خلق َ‬ ‫وفي الحديث َّ‬
‫ار وال أُبالي" صححه اَللباني‬
‫‪.‬هؤالء إلى الجنَّ ِة وال أُبالي ‪ ،‬وهؤالء إلى النَّ ِ‬

‫وب َال َي ْفقَ ُهونَ ِب َها َولَ ُه ْم أ َ ْعيُ ٌن َال يُب ِ‬


‫ْص ُرونَ ِب َها َولَ ُه ْم آ َذ ٌ‬
‫ان‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬لَ ُه ْم قُلُ ٌ‬
‫َال يَ ْس َمعُونَ بِ َها﴾ قال تعالى‪﴿ :‬يَ ْعلَ ُمونَ ظا ِه ًرا ِمنَ ال َحياةِ ال ُّد ْنيا وهم َ‬
‫ع ِن‬
‫اآلخ َرةِ هم غافِلُونَ ﴾‬
‫ِ‬

‫﴿و ِللَّ ِه ٱ َۡل َ ۡس َم ۤا ُء ٱ ۡل ُح ۡسن َٰى فَٱ ۡد ُ‬


‫عوهُ بِ َها﴾‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪:‬‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪َ :‬قا َل َر ُ‬ ‫ع ْن أَ ِبي ُه َري َْرة َ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫في الصحيحين َ‬
‫صاهَا َد َخ َل ْال َجنَّةَ‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫" ِإ َّن ِل َّل ِه تِ ْس ًعا َوتِ ْسعِينَ ا ْس ًما ِمائ َةٌ ِإ َّال َو ِ‬
‫احدًا‪َ ،‬م ْن أَحْ َ‬
‫" ِوتْ ٌر يُ ِحبُّ ْال ِوتْ َر‬

‫‪176‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َرة ً فِي ال ِت ّ ْس َع ِة َوال ِتّ ْسعِينَ ِب َد ِلي ِل َما‬ ‫ث ُ َّم ِليُ ْعلَ ْم أ َ َّن ْاَل َ ْس َما َء ْال ُح ْسنَى لَ ْي َس ْ‬
‫ت ُم ْن َح ِ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬‬
‫ع ْن‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬
‫الل ِه ب ِْن َم ْسعُودٍ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫اْل َما ُم أَحْ َم ُد فِي ُم ْسنَ ِد ِه‪َ ،‬‬
‫ع ْن َ‬ ‫َر َواهُ ْ ِ‬
‫ط َه ٌّم َو َال ُح ْز ٌن فَقَا َل‪ :‬اللَّ ُه َّم ِإ ِنّي‬
‫اب أ َ َحدًا قَ ُّ‬
‫ص َ‬‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪َ " :‬ما أَ َ‬
‫َر ُ‬
‫ي ُح ْك ُم َك‪َ ،‬‬
‫ع ْد ٌل ِف َّ‬
‫ي‬ ‫اض فِ َّ‬ ‫ِك‪َ ،‬م ٍ‬ ‫َاصيَتِي ِبيَد َ‬‫ِك‪ ،‬اب ُْن أ َ َمتِ ِك‪ ،‬ن ِ‬ ‫ع ْبد ِ‬ ‫ع ْبد َُك‪ ،‬اب ُْن َ‬ ‫َ‬
‫س َك‪ ،‬أ َ ْو أ َ ْعلَ ْمت َهُ أ َ َحدًا َم ْن خ َْل ِق َك‪،‬‬ ‫ْت بِ ِه نَ ْف َ‬ ‫ضا ُؤ َك‪ ،‬أ َ ْسأَلُ َك بِ ُك ِّل اس ٍْم ُه َو لَ َك َ‬
‫س َّمي َ‬ ‫قَ َ‬
‫ب ِع ْن َد َك‪ "،‬الحديث صححه‬ ‫ت ِب ِه ِفي ِع ْل ِم ْالغَ ْي ِ‬‫أ َ ْو أ َ ْنزَ ْلتَهُ ِفي ِكت َا ِب َك‪ ،‬أ َ ِو ا ْست َأْث َ ْر َ‬
‫‪.‬اَللباني‬

‫سيُجْ زَ ْونَ ما كانُوا َي ْع َملُونَ ﴾‬‫﴿وذَ ُروا الَّذِينَ يُ ْل ِحدُونَ في أسْمائِ ِه َ‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ت ِم ِن اس ِْم اللَّ ِه‪ ،‬واس َْم‬ ‫و َم ْعنى ْإلحا ِد ِه ْم في أسْمائِ ِه هو كا ْشتِقاقِ ِه ُم اس َْم ّ‬
‫الال ِ‬
‫ان‪ ،‬ونَحْ َو ذَ ِل َك‬
‫يز‪ ،‬واس َْم َمناةَ ِمنَ ال َمنّ ِ‬
‫‪.‬العُ ّزى ِم ِن اس ِْم ال َع ِز ِ‬

‫ْث َال يَ ْعلَ ُمونَ ﴾ َو َم ْعنَاهُ‪:‬‬‫﴿والَّذِينَ َك َّذبُوا ِبآيَا ِتنَا َسنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم ِم ْن َحي ُ‬
‫قوله‪ :‬تَعَالَى‪َ :‬‬
‫اش ِفي ال ُّد ْن َيا‪َ ،‬حتَّى َي ْغت َُّروا ِب َما ُه ْم‬‫ق َو ُو ُجوهَ ْال َم َع ِ‬ ‫الر ْز ِ‬ ‫أَنَّهُ َي ْفت َ ُح لَ ُه ْم أَب َْو َ‬
‫اب ِ ّ‬
‫علَ ْي ِه ْم أَب َْو َ‬
‫اب ُك ِّل َ‬
‫ش ْيءٍ‬ ‫سوا َما ذُ ِ ّك ُروا بِ ِه َفتَحْ نَا َ‬ ‫فِي ِه‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَلَ َّما نَ ُ‬
‫سونَ ﴾‬ ‫َحتَّى إِذَا فَ ِر ُحوا بِ َما أُوتُوا أ َ َخ ْذنَا ُه ْم بَ ْغتَةً َفإِذَا ُه ْم ُم ْب ِل ُ‬

‫‪177‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣱ‬
‫اح ِب ِهم ِّمن ِجنَّ ٰۚ ٍة ِإ ۡن ُه َو ِإ َّال نَ ِذير ُّم ِبي ٌن﴾ َك َما َقا َل‬
‫ص ِ‬ ‫وا ٰۗۤ َما ِب َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أ َ َولَ ۡم َيتَفَ َّك ُر ۟‬
‫اح َدةٍ أ َ ْن تَقُو ُموا ِللَّ ِه َمثْنَى َوفُ َرا َدى ث ُ َّم تَتَفَ َّك ُروا َما‬ ‫ت َ َعالَى‪﴿ :‬قُ ْل ِإنَّ َما أ َ ِع ُ‬
‫ظ ُك ْم بِ َو ِ‬
‫شدِيدٍ﴾‬ ‫عذَا ٍ‬
‫ب َ‬ ‫ِير لَ ُك ْم َبيْنَ َي َد ْ‬
‫ي َ‬ ‫اح ِب ُك ْم ِم ْن ِجنَّ ٍة ِإ ْن ُه َو ِإال نَذ ٌ‬
‫ص ِ‬‫ِب َ‬

‫ع ِة‪ ،‬ا ْستِ ْبعَادًا‬


‫سا َ‬
‫ت ال َّ‬ ‫ع ِة﴾ َكانُوا َي ْسأَلُونَ َ‬
‫ع ْن َو ْق ِ‬ ‫سا َ‬
‫ع ِن ال َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ْسأَلُ َك النَّ ُ‬
‫اس َ‬
‫‪ِ .‬ل ُوقُو ِع َها‬

‫ض﴾‬
‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ثَقُ َل ْ‬
‫ت فِي ال َّ‬
‫ت‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫ير‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪ :‬أ َ َّن ْال ُم َرا َد‪ :‬ثَقُ َل ِع ْل ُم َو ْقتِ َها َ‬
‫علَى أَ ْه ِل ال َّ‬ ‫َار اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫ْ‬
‫اخت َ‬
‫‪.‬و ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‬ ‫َ‬

‫سو ُل اللَّ ِه‬


‫عةُ؟ قَا َل لَهُ َر ُ‬
‫سا َ‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪ ،‬وقَا َل‪َ :‬مت َى ال َّ‬ ‫َو ِل َهذَا لَ َّما َجا َء ِجب ِْريلُ‪َ ،‬‬
‫سائِ ِل" رواه مسلم‬ ‫‪.‬ﷺ‪َ " :‬ما ْال َم ْسئُو ُل َ‬
‫ع ْن َها بِأ َ ْعلَ َم ِمنَ ال َّ‬

‫ࣰ‬
‫ض ًّرا إِ َّال َما ش َۤا َء ٱللَّ ٰۚهُ‬
‫}قوله‪﴿ :‬قُل َّ ۤال أ َ ۡم ِلكُ ِلن َۡف ِسی ن َۡفعا َو َال َ‬
‫ت ال أ ُ ْغنِي َ‬
‫ع ْن ِك‬ ‫س ِلينِي بما ِشئْ ِ‬ ‫ت َرسو ِل الل ِه‪َ ،‬‬ ‫فاط َمةُ ب ْن َ‬
‫وفي الصحيحين "يا ِ‬
‫"‪.‬منَ الل ِه شيئًا‬
‫ِ‬

‫‪178‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْب ال ْست َ ْكث َ ْرتُ ِمنَ ْال َخي ِْر﴾ قال بعض المفسرين‪:‬‬
‫﴿ولَ ْو ُك ْنتُ أ َ ْعلَ ُم ْالغَي َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ي‪ِ :‬منَ ْال َما ِل‪ .‬وقيل‪ :‬أي لَ ْو ُك ْنتُ أ َ ْعلَ ُم َمت َى أ َ ُموتُ‬ ‫‪.‬أ َ ْ‬

‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬


‫﴿و َج َع َل ِمنها زَ ْو َجها ِليَ ْس ُكنَ إلَيْها﴾ اآليَةَ‬
‫ذَ َك َر في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة أنَّهُ َخلَقَ َح ّوا َء ِمن آ َد َم ِليَ ْس ُكنَ إلَيْها‪ ،‬كما قال‬
‫أزوا ًجا ِلتَ ْس ُكنُوا إ َليْها و َج َع َل َب ْينَكم‬
‫أن َخ َلقَ لَكم ِمن أ ْنفُ ِسكم ْ‬ ‫﴿و ِمن آيا ِت ِه ْ‬ ‫تعالى‪َ :‬‬
‫ورحْ َمةً﴾‬
‫َم َو َّدة ً َ‬

‫ع ّما‬ ‫ش َركا َء فِيما آتا ُهما فَت َعالى َّ‬


‫اللهُ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَلَ ّما آتا ُهما صا ِل ًحا َج َعال لَهُ ُ‬
‫يس ‪َ -‬و َكانَ َال يَ ِع ُ‬
‫يش‬ ‫اف بِ َها ِإ ْب ِل ُ‬
‫ط َ‬‫ت َح َّوا ُء َ‬ ‫"ولَ َّما َولَ َد ْ‬
‫يُ ْش ِر ُكونَ ﴾ في الحديث َ‬
‫ارثِ‪َ ،‬ف َع َ‬
‫اش‬ ‫ع ْب َد ْال َح ِ‬
‫س َّمتْهُ َ‬ ‫ارثِ؛ فَإِنَّهُ َي ِع ُ‬
‫يش‪ ،‬فَ َ‬ ‫ع ْب َد ْال َح ِ‬ ‫لَ َها َولَ ٌد ‪-‬فَقَا َل‪َ :‬‬
‫س ِّمي ِه َ‬
‫ان َوأ َ ْم ِر ِه" جعله بعض المحدثين َم ْرفُو ً‬
‫عا‪ ،‬ولكنّه‬ ‫ط ِ‬‫َو َكانَ ذلك من وحي ال َّش ْي َ‬
‫‪.‬ضعيف ضعفه اَللباني‬
‫أن َم ْعنى اآل َي ِة أنَّهُ لَ ّما آتى آ َد َم و َح ّوا َء صالَ ًحا َكفَ َر ِب ِه‬ ‫وأ ّما تفسير المحققين‪َّ :‬‬
‫ص ٌل‬ ‫ير ِمن ذُ ِ ّريَّتِ ِهما‪ ،‬وأ ْسنَ َد فِ ْع َل الذُّ ِ ّريَّ ِة إلى آ َد َم و َح ّوا َء؛ َِلنَّ ُهما أ ْ‬
‫بَ ْع َد ذَ ِل َك َك ِث ٌ‬
‫َب إ َل ْي ِه‬ ‫علَ ْي ِه‪ِ ،‬‬
‫وم َّم ْن ذَه َ‬ ‫واح ٍد ِل َداللَ ِة القُ ْر ِ‬
‫آن َ‬ ‫غي ُْر ِ‬
‫الوجْ هَ َ‬
‫تار هَذا َ‬ ‫ِلذُ ِ ّريَّتِ ِهما‪ْ .‬‬
‫واخ َ‬
‫تارهُ اب ُْن َكثِ ٍ‬
‫ير‪ ،‬والشوكاني‪ ،‬واْلمام الشنقيطي‬ ‫ي‪ْ ،‬‬
‫واخ َ‬ ‫س ُن ال َب ْ‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫‪.‬ال َح َ‬

‫‪179‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫ش ْيئًا َو ُه ْم يُ ْخلَقُونَ َو َال َي ۡست َِطيعُونَ لَ ُه ۡم نَصۡ را َو َ ۤال‬
‫قوله‪﴿ :‬أَيُ ْش ِر ُكونَ َما َال َي ْخلُ ُق َ‬
‫ب َمث َ ٌل فَا ْست َِمعُوا َلهُ ِإ َّن‬
‫ض ِر َ‬
‫اس ُ‬ ‫ص ُرونَ ﴾ أ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَا أ َ ُّي َها النَّ ُ‬ ‫أَنفُ َ‬
‫س ُه ۡم َين ُ‬
‫ُون اللَّ ِه لَ ْن َي ْخلُقُوا ذُ َبا ًبا َولَ ِو اجْ ت َ َمعُوا لَهُ﴾ اآلية‬ ‫‪.‬الَّذِينَ ت َ ْدعُونَ ِم ْن د ِ‬
‫سوءٍ ‪َ ،‬ك َما َكانَ ْال َخ ِليلُ‪َ ،‬‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫ص َالة ُ‬ ‫ص ُرونَ ِم َّم ْن أ َ َرا َد ُه ْم ِب ُ‬
‫َو َال َِل َ ْنفُ ِس ِه ْم يَ ْن ُ‬
‫َام قَ ْو ِم ِه ويهينُها غَا َيةَ ْ ِ‬
‫اْلهَانَ ِة‪ ،‬قَا َل تَعَالَى‪َ ﴿ :‬ف َجعَلَ ُه ْم ُجذَا ًذا‬ ‫س َال ُم‪ ،‬يَ ْك ِس ُر أَ ْ‬
‫صن َ‬ ‫َوال َّ‬
‫يرا لَ ُه ْم لَ َعلَّ ُه ْم ِإلَ ْي ِه َي ْر ِجعُونَ ﴾‬
‫ِإال َك ِب ً‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْن ُه َما ‪-‬‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْم ِرو ب ِْن ْال َج ُموحِ َو ُم َعاذُ ب ُْن َجبَ ٍل‪َ ،‬ر ِ‬ ‫َو َك َما َكانَ ُم َعاذُ ب ُْن َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ ْال َمدِي َنةَ ‪-‬فَ َكانَا يَ ْعد َُو ِ‬
‫ان فِي اللَّ ْي ِل‬ ‫َو َكانَا شَا َّبي ِْن قَ ْد أَ ْسلَ َما لَ َّما قَد َِم َر ُ‬
‫صن َِام ْال ُم ْش ِركِينَ َي ْك ِس َرانِ َها‪ ...‬القصة‬
‫علَى أ َ ْ‬
‫‪َ .‬‬

‫عو ُه ْم ِإلَى ٱ ۡل ُه َد ٰى َال يَت َّ ِبعُو ُك ٰۡۚم﴾ فِي ِه قَ ْو ِ‬


‫الن‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬
‫إن ت َ ْد ُ‬
‫ع ْوت ُ ْم أيُّها ال ُم ْش ِر ُكونَ‬ ‫نام‪ ،‬فال َم ْعنى‪ْ :‬‬
‫وإن َد َ‬ ‫أ َح ُد ُهما‪ :‬أنَّها ت َْر ِج ُع إلى اَل ْ‬
‫ص ِ‬
‫س ِبي ِل َرشا ٍد ال َيت َّ ِبعُوكم‪َِ ،‬لنَّهم ال َي ْع ِقلُونَ‬
‫صنا َمكم إلى َ‬
‫‪.‬أ ْ‬
‫ع ْوت ُ ْم أيُّها المسلمون َه ُؤ ِ‬
‫الء‬ ‫والثّانِي‪ :‬أنَّها ت َْر ِج ُع إلى ال ُكفّ ِ‬
‫ار‪ ،‬فال َم ْعنى‪ْ :‬‬
‫وإن َد َ‬
‫‪.‬ال ُم ْش ِركِينَ إلى ال ُهدى‪ ،‬ال َيتَّبِعُوكم‬

‫ي اللَّهُ﴾ أَيِ‪ :‬اللَّهُ‬ ‫ش َركا َءكم ث ُ َّم ِكيد ِ‬


‫ُون َفال ت ُ ْن ِظ ُر ِ‬
‫ون ِإ َّن َو ِليِّ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ُل ا ْد ُ‬
‫عوا ُ‬
‫ْس اللَّهُ ِبكافٍ َ‬
‫ع ْب َدهُ﴾‬ ‫علَ ْي ِه ُمت َّ َك ِلي‪﴿ ،‬ألَي َ‬
‫يري َو َ‬ ‫ي‪َ ،‬و ُه َو ن ِ‬
‫َص ِ‬ ‫َح ْس ِبي َو َكا ِف َّ‬
‫‪180‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عو ُه ْم ِإلَى ْال ُه َدى َال يَ ْس َمعُوا َوت ََرا ُه ْم يَ ْن ُ‬


‫ظ ُرونَ ِإلَي َْك َو ُه ْم َال‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِإ ْن ت َ ْد ُ‬
‫عا َء ُك ْم َولَ ْو َ‬
‫س ِمعُوا َما‬ ‫ْص ُرونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ ْن ت َ ْد ُ‬
‫عو ُه ْم َال َي ْس َمعُوا ُد َ‬ ‫يُب ِ‬
‫ا ْست َ َجابُوا لَ ُك ْم َويَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة يَ ْكفُ ُرونَ ِب ِش ْر ِك ُك ْم َوال يُنَ ِّبئ ُ َك ِمثْ ُل َخ ِب ٍ‬
‫ير﴾‬

‫ع ِن الجا ِهلِينَ ﴾ أي أ ْق َبل‬


‫ض َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ُ ﴿ :‬خ ِذ ال َع ْف َو وأْ ُم ْر ِبالعُ ْر ِ‬
‫ف وأع ِْر ْ‬
‫أن ال ُمرا َد بِ ِه‪ُ :‬مسا َهلَةُ ال ُم ْش ِركِينَ وال َع ْف ُو َ‬
‫ع ْنهم‪ ،‬ث ُ َّم نُ ِس َخ‬ ‫سهل‪ ،‬أو َّ‬
‫ور وال ّ‬‫س َ‬‫ال َم ْي ُ‬
‫ْف‬ ‫‪.‬بِآَيَ ِة ال َّ‬
‫سي ِ‬

‫ع ِلي ٌم﴾ وبَيَّنَ‬ ‫ْطان ن َْزغٌ فا ْست َ ِع ْذ بِاللَّ ِه إنَّهُ َ‬


‫س ِمي ٌع َ‬ ‫﴿وإ ّما َي ْنزَ َ‬
‫غنَّ َك ِمنَ ال َّشي ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ض َع ْي ِن آخ ََري ِْن‪ .‬في سورة ْ‬
‫"ال ُمؤْ ِمنُونَ " َو "حم‬ ‫سبحانه هَذا المعنى في َم ْو ِ‬
‫اْل ْن ِس ِب ْال َم ْع ُر ِ‬
‫وف‬ ‫اصي ِمنَ ْ ِ‬ ‫السَّجْ َد ِة" فَإِنَّهُ ت َ َعالَى يُ ْر ِش ُد فِي ِه َّن ِإلَى ُم َعا َملَ ِة ْال َع ِ‬
‫ع ْن َك‬ ‫ان ْال َج ِّ‬
‫ان‪ ،‬فَإ ِ َّنهُ َال يَ ُكفُّهُ َ‬ ‫ط ِ‬‫ش ْي َ‬
‫س ُن‪َ ،‬وإِلَى ِاال ْستِعَاذَةِ بِ ِه ِم ْن َ‬ ‫ي أَحْ َ‬ ‫َوالَّتِي ِه َ‬
‫س ُ‬
‫ان‬ ‫ِْ‬
‫‪.‬اْلحْ َ‬

‫‪181‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ِلي ٌم﴾ وفي صحيح‬ ‫ان نزغٌ فَا ْست َ ِع ْذ ِباللَّ ِه ِإنَّهُ َ‬
‫س ِمي ٌع َ‬ ‫ط ِ‬‫غنَّ َك ِمنَ ال َّش ْي َ‬
‫﴿و ِإ َّما َينز َ‬
‫َ‬
‫صلَّى‬
‫يِ َ‬ ‫البخاري من حديث سليمان بن صرد قال‪ :‬ا ْستَبَّ َر ُج َال ِن ِع ْن َد النب ّ‬
‫اح َبهُ‪ُ ،‬م ْغ َ‬
‫ض ًبا قَ ِد احْ َم َّر‬ ‫ص ِ‬ ‫سبُّ َ‬ ‫وس‪ ،‬وأ َ َح ُد ُهما َي ُ‬ ‫اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم ونَحْ ُن ِع ْن َدهُ ُجلُ ٌ‬
‫َب‬‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪" :‬إنِّي ََل َ ْعلَ ُم َك ِل َمةً‪ ،‬لو قالَ َها َلذَه َ‬ ‫ي َ‬ ‫وجْ ُههُ‪ ،‬فَقا َل النب ُّ‬
‫لر ُج ِل‪َ :‬أال تَ ْس َم ُع‬
‫الر ِج ِيم فَقالوا ِل َّ‬ ‫ان َّ‬
‫ط ِ‬ ‫عوذُ باللَّ ِه ِمنَ ال َّش ْي َ‬
‫ع ْنه ما يَ ِجدُ‪ ،‬لو قا َل‪ :‬أ ُ‬
‫وسل َم؟ قا َل‪ :‬إ ِنّي َل ْستُ ب َمجْ نُ ٍ‬
‫ون‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫ي َ‬ ‫"‪.‬ما يقو ُل النب ُّ‬

‫اْل ْن ِس‪﴿ ،‬يَ ُمدُّونَ ُه ْم فِي ْالغَ ّ‬


‫ي ِ ث ُ َّم‬ ‫ين ِمنَ ْ ِ‬ ‫اط ِ‬ ‫ان ال َّ‬
‫شيَ ِ‬ ‫﴿وإِ ْخ َوانِ ِه ْم﴾ أ‪ :‬ي َو ِإ ْخ َو ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اْل ْن ِس َو َال ت َ ْسأ َ ُم ِم ْن‬
‫اطينَ َي ُم ُّدونَ أ َ ْو ِل َيا َء ُه ْم ِمنَ ْ ِ‬‫ش َي ِ‬ ‫َال يُ ْق ِ‬
‫ص ُرونَ ﴾ َي ْعنِي ِإ َّن ال َّ‬
‫علَى ْال َكافِ ِرينَ‬
‫اطينَ َ‬ ‫س ْلنَا ال َّ‬
‫شيَ ِ‬ ‫ش ِ ّر؛ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬أَلَ ْم ت ََر أَنَّا أ َ ْر َ‬
‫ِإ ْم َدا ِد ِه ْم فِي ال َّ‬
‫ت َ ُؤ ُّز ُه ْم أ َ ًّزا﴾‬

‫س ْأل َ‬
‫ت‬ ‫ت آيَةً و َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وإذا لَ ْم ت َأْتِ ِه ْم بِآيَ ٍة قالُوا لَ ْوال اجْ تَبَ ْيت َها﴾ أي‪ :‬ه َّال ْ‬
‫اخت َْر َ‬
‫أن يُ ْع ِط َي َكها‪ ،‬أو ه َّال ا ْفت َ َع ْلت َها وأَحْ َدثْت َ َها ِمن ِت ْل ِ‬
‫قاء نَ ْف ِس َك‬ ‫‪.‬رب ََّك ْ‬
‫َ‬

‫نصت ُ ۟‬
‫وا لَعَلَّ ُك ۡم ت ُ ۡر َح ُمونَ ﴾ أ َ َم َر تَعَالَى‬ ‫وا لَهُۥ َوأ َ ِ‬ ‫ئ ٱ ۡلقُ ۡر َء ُ‬
‫ان فَٱ ۡست َِمعُ ۟‬ ‫﴿وإِذَا قُ ِر َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ظا ًما لَهُ َواحْ تِ َرا ًما‪َ ،‬ال َك َما َكانَ َي ْعت َِم ُدهُ ُك َّف ُ‬
‫ار‬ ‫القرآن ِإ ْع َ‬
‫ِ‬ ‫ت ِع ْن َد تِ َال َو ِ‬
‫ت‬ ‫ِب ْ ِ‬
‫اْل ْن َ‬
‫صا ِ‬
‫آن َو ْالغ َْوا فِي ِه لَ َعلَّ ُك ْم‬
‫﴿ال ت َ ْس َمعُوا ِل َهذَا ْالقُ ْر ِ‬
‫قُ َري ٍْش ْال ُم ْش ِر ُكونَ فِي قَ ْو ِل ِه ْم‪َ :‬‬
‫ت َ ْغ ِلبُونَ ﴾‬
‫‪182‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اْل َما ُم ِب ْال ِق َرا َءةِ َك َما َو َر َد‬


‫ص َالةِ ْال َم ْكتُو َب ِة ِإ َذا َج َه َر ْ ِ‬
‫َولَ ِك ْن َيتَأ َ َّك ُد ذَ ِل َك فِي ال َّ‬
‫سى ْاَل َ ْش َع ِر ّ‬
‫يِ‪،‬‬ ‫ث أَبِي ُمو َ‬ ‫يح ِه‪ِ ،‬م ْن َحدِي ِ‬ ‫ص ِح ِ‬ ‫ِيث الذِي َر َواهُ ُم ْس ِل ٌم فِي َ‬ ‫ْال َحد ُ‬
‫اْل َما ُم ِليُؤْ ت َ َّم ِب ِه‪َ ،‬فإِذَا‬ ‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪ِ " :‬إنَّ َما ُج ِع َل ْ ِ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ض َ‬
‫َر ِ‬
‫" َكب ََّر فَ َك ِبّ ُروا‪َ ،‬و ِإذَا قَ َرأ َ فَأ َ ْن ِ‬
‫صتُوا‬
‫ص َالةِ ْال َج ْه ِر َّي ِة‬ ‫ْ‬
‫علَ ْي ِه فِي ال َّ‬ ‫ب َ‬ ‫اء‪ :‬أ َ َّن ْال َمأ ُم َ‬
‫وم َال يَ ِج ُ‬ ‫طائِفَ ٍة ِمنَ ْالعُلَ َم ِ‬‫َب َ‬ ‫و َهذَا َم ْذه ُ‬
‫يِ‪،‬‬‫غي ُْرهَا‪َ ،‬و ُه َو أ َ َح ُد قَ ْولَي ِ ال َّشا ِف ِع ّ‬ ‫اْل َما ُم َال ْالفَا ِت َحةُ َو َال َ‬
‫ِق َرا َءة ٌ ِفي َما َج َه َر ِفي ِه ْ ِ‬
‫ع ْن أَحْ َم َد ب ِْن َح ْن َب ٍل‪ ،‬لحديث " َم ْن َكانَ لَهُ‬ ‫َو ُه َو ْالقَدِي ُم َك َم ْذ َه ِ‬
‫ب َما ِلكٍ ‪َ ،‬و ِر َوايَةٌ َ‬
‫طةٌ فِي َ‬
‫غي ِْر َهذَا‬ ‫إِ َما ٌم فَ ِق َرا َءتُهُ لَهُ قِ َرا َءةٌ" حسنه اَللباني‪َ .‬و َه ِذ ِه ْال َم ْسأَلَةُ َم ْب ُ‬
‫سو َ‬
‫ض ِع‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال َم ْو ِ‬

‫صا ِل َوال ت َ ُك ْن ِمنَ ْالغَا ِفلِينَ ﴾‬


‫﴿ودُونَ ْال َج ْه ِر ِمنَ ْالقَ ْو ِل ِب ْالغُد ّ ُِو َواآل َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫اء‬
‫ع ِ‬ ‫اس أ َ ْ‬
‫ص َوات َ ُه ْم ِبال ُّد َ‬ ‫سى ْاَل َ ْش َع ِر ّ‬
‫ي ِ قَا َل‪َ :‬ر َف َع النَّ ُ‬ ‫ع ْن أَ ِبي ُمو َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫َوفِي ال َّ‬
‫علَى أ َ ْنفُ ِس ُك ْم‪،‬‬‫اربَعُوا َ‬ ‫اس‪ْ ،‬‬ ‫ي ﷺ‪" :‬أَيُّ َها النَّ ُ‬ ‫ض ْاَل َ ْسفَ ِ‬
‫ار‪ ،‬فَقَا َل لَ ُه ُم ال َّنبِ ُّ‬ ‫فِي بَ ْع ِ‬
‫س ِمي ٌع قَ ِر ٌ‬
‫يب‬ ‫"فَإِنَّ ُك ْم َال تدعون أص َّم َو َال غَا ِئبًا؛ ِإ َّن الَّذِي ت َ ْد ُ‬
‫عونَهُ َ‬

‫ع ْن ِعبَا َدتِ ِه َويُ َسبِّ ُحو َنهُ َولَهُ يَ ْس ُجدُونَ ﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬إِ َّن الَّذِينَ ِع ْن َد َربِّ َك َال َي ْست َ ْكبِ ُرونَ َ‬
‫ف ْال َم َالئِ َكةُ ِع ْن َد َر ِبّ َها‪،‬‬ ‫َك َما َجا َء فِي صحيح مسلم‪" :‬أ َ َال ت ُ َ‬
‫صفُّونَ َك َما ت ُ َ‬
‫ص ُّ‬
‫ف‬
‫ص ِّ‬
‫صون فِي ال َّ‬
‫اَلول‪ ،‬ويت َرا ُّ‬
‫وف َ‬ ‫صف ُ َ‬
‫"يُتِ ُّمونَ ال ُّ‬

‫‪183‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سجْ َدةٍ فِي ْالقُ ْر ِ‬


‫آن‪ِ ،‬م َّما يُ ْش َرعُ ِلت َا ِلي َها َو ُم ْست َِم ِع َها‬ ‫قال ابن كثير‪َ :‬و َه ِذ ِه أ َ َّو ُل َ‬
‫ث َر َواهُ اب ُْن َما َج ْه‪ ،‬ولكنّه ضعيف‬ ‫س ُجو ُد ِب ْ ِ‬
‫اْلجْ َماعِ‪َ .‬وقَ ْد َو َر َد ِفي َحدِي ٍ‬ ‫‪.‬ال ُّ‬

‫تمت سورة اَلعراف ولله الحمد والمنة‬

‫‪184‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةُ األ ْنفا ِل‬


‫س َ‬‫ُ‬

‫ي َم َدنِيَّةٌ‬
‫َو ِه َ‬

‫الر ِح ِيم‬ ‫ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬


‫الرحْ َم ِن َّ‬

‫سو ِل﴾ اآليَةَ‬ ‫ع ِن اَل ْنفا ِل قُ ِل اَل ْنفا ُل ِللَّ ِه َّ‬


‫والر ُ‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يَسْألُون ََك َ‬
‫‪ْ .‬اَل َ ْنفَالُ‪ْ :‬الغَنَائِ ُم‬
‫‪.‬وذُكر هنا سببان ثابتتان فِي نُ ُزو ِل ْاآل َي ِة‬
‫صنَ َع َكذَا َو َكذَا فَلَهُ َكذَا‬ ‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪َ " :‬م ْن َ‬ ‫أحدهما‪ :‬لَ َّما َكانَ َي ْو ُم َب ْد ٍر قَا َل َر ُ‬
‫ت‪ ،‬فَلَ َّما‬
‫الرا َيا ِ‬‫ت َّ‬‫شيُو ُخ تَحْ َ‬ ‫ي ال ُّ‬ ‫الر َجا ِل‪َ ،‬وبَ ِق َ‬ ‫شب ُ‬
‫َّان ِ ّ‬ ‫ع فِي ذَ ِل َك ُ‬‫ار َ‬‫س َ‬ ‫َو َكذَا‪َ ،‬فت َ َ‬
‫طلُبُونَ الَّذِي ُج ِع َل لَ ُه ْم‪ ،‬فَقَا َل ال ُّشيُوخُ‪َ :‬ال ت َ ْستَأْثِ ُروا‬
‫ت ْال َمغَانِ ُم‪َ ،‬جا ُءوا يَ ْ‬‫َكانَ ِ‬
‫عوا فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪:‬‬
‫ش ْفت ُ ْم لَ ِفئْت ُ ْم ِإلَ ْينَا‪َ .‬فتَنَازَ ُ‬
‫علَ ْينَا‪ ،‬فَإِنَّا ُكنَّا ِر ْد ًءا لَ ُك ْم‪ ،‬لَ ِو ا ْن َك َ‬
‫َ‬
‫﴿وأَ ِطيعُوااللَّهَ َو َر ُ‬
‫سو َلهُ ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬ ‫﴿يَ ْسأَلُون ََك َ‬
‫ع ِن اَل ْنفَا ِل﴾ ِإلَى قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬

‫‪185‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ِهدْتُ َم َعهُ َب ْد ًرا‪،‬‬ ‫ي ِ ﷺ‪ ،‬فَ َ‬‫ت قَا َل‪ :‬خ ََرجْ نَا َم َع النَّ ِب ّ‬ ‫ام ِ‬
‫ص ِ‬ ‫ع َبا َدةَ ب ِْن ال َّ‬ ‫ع ْن ُ‬
‫الثاني‪َ :‬‬
‫طائِفَةٌ فِي آثَ ِ‬
‫ار ِه ْم يَ ْه ِز ُمونَ‬ ‫ت َ‬ ‫اس‪ ،‬فَ َهزَ َم اللَّهُ ت َ َعالَى ْال َعد َُّو‪ ،‬فَا ْن َ‬
‫طلَقَ ْ‬ ‫فَ ْالتَقَى النَّ ُ‬
‫طا ِئفَةٌ‬ ‫علَى ْال َع ْس َك ِر َيحْ ُوونَهُ َو َيجْ َمعُونَهُ‪َ .‬وأَحْ َدقَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫طا ِئفَةٌ َ‬ ‫َو َي ْقتُلُونَ ‪َ ،‬وأ َ َكب ْ‬
‫َّت َ‬
‫اس‬ ‫يب ْال َعد ُُّو ِم ْنهُ ِغ َّرةً‪َ ،‬حتَّى ِإذَا َكانَ َّ‬
‫الل ْيلُ‪َ ،‬وفَا َء النَّ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ َال يُ ِ‬ ‫ِب َر ُ‬
‫ض‪ ،‬قَا َل الَّذِينَ َج َمعُوا ْال َغنَائِ َم‪ :‬نَحْ ُن َح َو ْينَاهَا‪َ ،‬فلَي َ‬
‫ْس َِل َ َح ٍد ِفي َها‬ ‫ض ُه ْم إِلَى بَ ْع ٍ‬
‫بَ ْع ُ‬
‫ب ْال َعد ّ ُِو‪ :‬لَ ْست ُ ْم ِبأ َ َح َّق ِب ِه ِم َّنا‪ ،‬نَحْ ُن َمنَ ْعنَا‬ ‫يب‪َ .‬وقَا َل الَّذِينَ خ ََر ُجوا ِفي َ‬
‫ط َل ِ‬ ‫َص ٌ‬ ‫ن ِ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪ :‬لَ ْست ُ ْم بِأ َ َح َّق ِمنَّا‪،‬‬ ‫ع ْن َها ْال َعد َُّو َوهَزَ ْمنَا ُه ْم‪َ .‬وقَا َل الَّذِينَ أَحْ َدقُوا بِ َر ُ‬
‫َ‬
‫يب ْالعَد ُُّو ِم ْنهُ ِغ َّرةً‪ ،‬فَا ْشتَغ َْلنَا ِب ِه‪،‬‬
‫ص َ‬‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬و ِخ ْفنَا أ َ ْن يُ ِ‬
‫نَحْ ُن أَحْ َد ْقنَا بِ َر ُ‬
‫سو ِل فَاتَّقُوا اللَّهَ َوأَ ْ‬
‫ص ِل ُحوا‬ ‫ع ِن اَل ْنفَا ِل قُ ِل اَل ْنفَا ُل ِللَّ ِه َو َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ت‪َ ﴿ :‬ي ْسأَلُون ََك َ‬
‫فَنَزَ لَ ْ‬
‫ات َب ْينِ ُك ْم﴾‬
‫ذَ َ‬

‫علَى قَس ِْم ِه ْم‪َ .‬ويَ ْش َه ُد ِل َذ ِل َك‬


‫ض ال َّس َرايَا ِزيَا َدةً َ‬ ‫وقيل‪ْ :‬اَل َ ْنفَا ُل َما يَ ْنفُلُهُ ْ ِ‬
‫اْل َما ُم ِلبَ ْع ِ‬
‫س ْع ِد ب ِْن أَبِي َوقَّ ٍ‬
‫اص في المسند‬ ‫‪.‬حديث َ‬

‫علَ ْي ِه ْم آيَاتُهُ زَ ا َدتْ ُه ْم ِإي َمانًا﴾ َق ِد ا ْست َ َد َّل العلماء بِ َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‬
‫ت َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِإذَا ت ُ ِل َي ْ‬
‫َب أهل‬ ‫ب‪َ ،‬ك َما ُه َو َم ْذه ُ‬ ‫ض ِل ِه فِي ْالقُلُو ِ‬ ‫ان َوتَفَا ُ‬ ‫علَى ِز َيا َدةِ ْ ِ‬
‫اْلي َم ِ‬ ‫َوأ َ ْشبَا ِه َها‪َ ،‬‬
‫‪.‬السنة والجماعة‬

‫‪186‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ات فِي ْال َجنَّا ِ‬


‫ت‬ ‫َاز ُل َو َمقَا َم ٌ‬
‫ات َو َد َر َج ٌ‬ ‫ات ِع ْن َد َر ِبّ ِه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬من ِ‬ ‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬لَ ُه ْم َد َر َج ٌ‬
‫الل ِه ﷺ قَا َل‪ِ " :‬إ َّن أَ ْه َل ِّ‬
‫عليين َليَ َرا ُه ْم َم ْن‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن أ َ َّن َر ُ‬
‫َو ِل َهذَا َجا َء فِي ال َّ‬
‫اء"‪ ،‬قَالُوا َيا‬ ‫س َم ِ‬ ‫ق ِم ْن آفَا ِ‬
‫ق ال َّ‬ ‫ب ْالغَا ِب َر ِفي أُفُ ٍ‬
‫أ َ ْسفَ ُل ِم ْن ُه ْم َك َما ت ََر ْونَ ْال َك ْو َك َ‬
‫غي ُْر ُه ْم؟ فَقَا َل‪َ " :‬بلَى‪َ ،‬والَّذِي نَ ْف ِسي‬
‫اء‪َ ،‬ال يَنَالُ َها َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ِ ،‬ت ْل َك َمن ِ‬
‫َاز ُل ْاَل َ ْن ِبيَ ِ‬ ‫َر ُ‬
‫ص َّدقُوا ْال ُم ْر َ‬
‫سلِينَ‬ ‫"بِيَ ِد ِه ِر َجا ٌل آ َمنُوا بِاللَّ ِه َو َ‬

‫الكاف أ ْقوا ٍل‬


‫ِ‬ ‫أخ َر َج َك َرب َُّك﴾ في ُمت َ َع ِلّ ٍ‬
‫ق َه ِذ ِه‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬كما ْ‬

‫أخ َر َج َك َرب َُّك ِمن َب ْيتِ َك ِبال َح ّ ِ‬


‫ق‬ ‫أن اَل ْنفا َل ثا ِبت َةٌ لَ َك َكما ْ‬
‫‪.‬أ َحدُها‪َّ :‬‬

‫والثّا ِني‪ :‬أنَّها ُمت َ َع ِلّقَةٌ ِبقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬يُجا ِدلُون ََك﴾‬

‫سو َل اللَّ ِه‪،‬‬ ‫ام ْال ِم ْق َدا ُد ب ُْن َ‬


‫ع ْم ٍرو فَقَا َل‪ :‬يَا َر ُ‬ ‫وذكر هنا قصة بدر‪ .‬وفيها‪ ...‬ث ُ َّم قَ َ‬
‫ت َبنُو ِإس َْرا ِئي َل‬ ‫ض ِل َما أ َ َم َر َك اللَّهُ ِب ِه‪ ،‬فَنَحْ ُن َم َع َك‪َ ،‬واللَّ ِه َال نَقُو ُل لَ َك َك َما َقالَ ْ‬ ‫ْام ِ‬
‫ت‬‫ت َو َرب َُّك فَقَاتِال ِإنَّا هَا ُهنَا قَا ِعدُونَ ﴾ َولَ ِك ِن ا ْذهَبْ أ َ ْن َ‬‫سى‪َ ﴿ :‬فا ْذهَبْ أ َ ْن َ‬ ‫ِل ُمو َ‬
‫"‪..‬و َرب َُّك فَقَاتِ َال ِإنَّا َمعَ ُك َما ُمقَاتِلُونَ‬
‫َ‬

‫‪187‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وقَ ْولُهُ ﴿ويُ ِري ُد اللَّهُ ْ‬


‫أن يُ ِح َّق ال َح َّق ِب َك ِلماتِ ِه﴾ أي بكلماته الكونية والشرعية‬
‫‪.‬وكلمات المالئكة‬

‫﴿ويَ ْق َ‬
‫ط َع دابِ َر الكافِ ِرينَ ﴾‬
‫كما قال تعالى‪﴿ :‬فَقُ ِط َع دا ِب ُر القَ ْو ِم الَّذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا﴾‬

‫سبِي ُل ْال ُمجْ ِر ِمينَ ﴾‬


‫كقوله‪﴿:‬و ِلتَ ْست َ ِبينَ َ‬
‫َ‬ ‫الباط َل﴾‬
‫ِ‬ ‫قَ ْوله ﴿ ِليُ ِح َّق ال َح َّق ويُب ِْط َل‬

‫اب لَ ُك ْم أ َ ِنّي ُم ِم ُّد ُك ْم ِبأ َ ْلفٍ ِمنَ ْال َمال ِئ َك ِة‬


‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ ْذ ت َ ْست َ ِغيثُونَ َربَّ ُك ْم فَا ْست َ َج َ‬
‫ُم ْر ِدفِينَ ﴾‬
‫ظ َر إِلَى‬ ‫ص َحابِ ِه‪َ ،‬و ُه ْم ث َ َالث ُ ِمائَ ٍة ونَيّف‪َ ،‬و َن َ‬ ‫ي ﷺ إِلَى أَ ْ‬ ‫لَ َّما َكانَ يَ ْو ُم بَ ْد ٍر نَ َ‬
‫ظ َر النَّبِ ُّ‬
‫ي ﷺ ْال ِق ْبلَةَ‪ ،‬ث ُ َّم َم َّد َي َد ْي ِه‪َ ،‬و َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫ف َو ِز َيا َدةٌ‪ ،‬فَا ْست َ ْق َب َل النَّ ِب ُّ‬ ‫ْال ُم ْش ِركِينَ فَإِذَا ُه ْم أَ ْل ٌ‬
‫ع ْدتَنِي‪ ،‬اللَّ ُه َّم أَ ْن ِج ْز ِلي َما َو َ‬
‫ع ْدتَنِي‪،‬‬ ‫ارهُ‪ ،‬ث ُ َّم قَا َل‪ " :‬اللَّ ُه َّم أَيْنَ َما َو َ‬
‫ِر َدا ُؤهُ َو ِإزَ ُ‬
‫ض أَبَدًا"‪ ،‬قَا َل‪:‬‬ ‫اْلس َْال ِم فَ َال ت ُ ْعبَ ْد فِي ْاَل َ ْر ِ‬ ‫اللَّ ُه َّم إِ ْن ت ُ ْه ِل ْك َه ِذ ِه ْال ِع َ‬
‫صا َبةَ ِم ْن أ َ ْه ِل ْ ِ‬
‫ط ِر َداؤُ هُ‪ ،‬فَأَتَاهُ أَبُو َب ْك ٍر فَأ َ َخذَ‬
‫سقَ َ‬
‫عوهُ َحتَّى َ‬
‫ع َّز َو َج َّل َو َي ْد ُ‬ ‫فَ َما زَ ا َل َي ْست َ ِغ ُ‬
‫يث َر َّبهُ َ‬
‫ش َدت ُ َك‬
‫اك ُمنَا َ‬ ‫ِر َدا َءهُ فَ َردَّاهُ‪ ،‬ث ُ َّم ْالت َزَ َمهُ ِم ْن َو َرا ِئ ِه‪ ،‬ث ُ َّم قَا َل‪ :‬يَا َر ُ‬
‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬كفَ َ‬
‫‪.‬رب ََّك‪ ،‬فَإِنَّهُ َسيُ ْن ِج ُز لَ َك َما َو َ‬
‫ع َد َك‬ ‫َ‬
‫‪188‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت لَ ْم‬ ‫عهدك َو َو ْع َد َك‪ ،‬اللَّ ُه َّم ِإ ْن ِشئْ َ‬ ‫شد َُك َ‬‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ يَ ْو َم بَ ْد ٍر‪" :‬اللَّ ُه َّم أ َ ْن ُ‬
‫وقَا َل َر ُ‬
‫سيُ ْهزَ ُم ْال َج ْم ُع‬ ‫ت ُ ْع َبد"‪ ،‬فَأ َ َخذَ أَبُو َب ْك ٍر ِب َي ِد ِه‪ ،‬فَقَا َل‪َ :‬ح ْسبُ َك! فَخ ََر َج َو ُه َو َيقُولُ‪َ ﴿ :‬‬
‫َويُ َولُّونَ ال ُّدبُ َر﴾‬

‫َّاس َقا َل‪َ :‬ب ْينَا َر ُج ٌل ِمنَ ْال ُم ْس ِل ِمينَ يَ ْشت َ ُّد فِي أَث َ ِر َر ُج ٍل ِمنَ‬
‫عب ٍ‬ ‫وعن ابْن َ‬
‫ار ِس يَقُولُ‪" :‬أ َ ْق ِد ْم‬ ‫وصوت ْالفَ ِ‬
‫َ‬ ‫س ْو ِط فَ ْوقَهُ‪،‬‬‫ض ْربَةً بِال َّ‬
‫س ِم َع َ‬ ‫ْال ُم ْش ِركِينَ أ َ َما َمهُ‪ ،‬إِ ْذ َ‬
‫ظ َر ِإلَى ْال ُم ْش ِر ِك أ َ َما َمهُ‪ ،‬فَ َخ َّر ُم ْست َْل ِقيًا قَا َل‪َ :‬فنَ َ‬
‫ظ َر ِإلَ ْي ِه‪ ،‬فَإ ِ َذا ُه َو قَ ْد‬ ‫َحي ُْزوم ِإ ْذ َن َ‬
‫ض َّر ذَ ِل َك أَجْ َم ُع‪َ ،‬ف َجا َء‬ ‫س ْو ِط‪ ،‬فَ ْ‬
‫اخ َ‬ ‫ش َّق َوجْ ُههُ َك َ‬
‫ض ْربَ ِة ال َّ‬ ‫ُخ ِطم أ َ ْنفُهُ‪ ،‬و ُ‬
‫اء‬ ‫"صدقت‪َ ،‬ذ ِل َك ِم ْن َم َدد ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫َ‬ ‫سو َل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪َ ،‬ف َقا َل‪:‬‬ ‫َّث َذ ِل َك َر ُ‬
‫ي َف َحد َ‬
‫ار ُّ‬
‫ص ِ‬ ‫ْاَل َ ْن َ‬
‫"الثَّا ِلث َ ِة‬

‫ع ْن أ َ ِبي ِه ‪َ -‬و َكانَ أَبُوهُ ِم ْن أَ ْه ِل َب ْد ٍر ‪-‬‬ ‫ع ْن ُم َعا ِذ ب ِْن ِرفاعة ب ِْن َرا ِفعٍ ُّ‬
‫الز َرقي‪َ ،‬‬ ‫و َ‬
‫ي ِ ﷺ فَقَا َل‪َ :‬ما تَعُ ُّدونَ أ َ ْه َل بَ ْد ٍر فِي ُك ْم؟ َقا َل‪ِ " :‬م ْن‬‫قَا َل‪َ :‬جا َء جبريل ِإلَى النَّبِ ّ‬
‫ش ِه َد بَ ْد ًرا ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة"‬ ‫ض ِل ْال ُم ْس ِل ِمينَ " ‪-‬أ َ ْو َك ِل َمةً نَحْ َوهَا ‪-‬قَا َل‪َ :‬‬
‫"و َكذَ ِل َك َم ْن َ‬ ‫أ َ ْف َ‬
‫‪.‬رواه البخاري‬

‫‪189‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عاس أ َمنَةً ِمنهُ﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬إ ْذ يُ ْغ ِشي ُك ُم النُّ َ‬


‫َو َكذَ ِل َك فَ َع َل ت َ َعالَى بِ ِه ْم يَ ْو َم أ ُ ُحد‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬ث ُ َّم أَنز َل َ‬
‫علَ ْي ُك ْم ِم ْن بَ ْع ِد ْالغَ ِ ّم‬
‫طا ِئفَةٌ قَ ْد أ َ َه َّمتْ ُه ْم أَ ْنفُ ُ‬
‫س ُه ْم﴾‬ ‫طا ِئفَةً ِم ْن ُك ْم َو َ‬ ‫أ َ َمنَةً نُ َعا ً‬
‫سا َي ْغشَى َ‬

‫ي‪ِ :‬م ْن‬ ‫ط ِ ّه َر ُك ْم بِ ِه﴾ قال ابن كثير أَ ْ‬ ‫اء َما ًء ِليُ َ‬
‫س َم ِ‬ ‫ع َل ْي ُك ْم ِمنَ ال َّ‬
‫﴿ويُنز ُل َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ان﴾‬‫ط ِ‬ ‫ع ْن ُك ْم ِرجْ زَ ال َّش ْي َ‬ ‫﴿ويُ ْذ ِه َ‬
‫ب َ‬ ‫ير َّ‬
‫الظا ِه ِر َ‬ ‫صغ ََر أ َ ْو أ َ ْك َب َر‪َ ،‬و ُه َو ت َْط ِه ُ‬‫ث أَ ْ‬
‫َح َد ٍ‬
‫ير ْالبَ ِ‬
‫اط ِن‪،‬‬ ‫سيِّ ٍئ‪َ ،‬و ُه َو ت ْ‬
‫َط ِه ُ‬ ‫س ٍة أ َ ْو خ ِ‬
‫َاط ٍر َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ي‪ِ :‬م ْن َوس َْو َ‬
‫اء‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫علَى ُم َجالَ َدةِ ْاَل َ ْع َد ِ‬
‫اْل ْق َد ِام َ‬
‫صب ِْر َو ْ ِ‬
‫ي‪ :‬بِال َّ‬ ‫علَى قُلُوبِ ُك ْم﴾ أ َ ْ‬‫ط َ‬ ‫﴿و ِليَ ْر ِب َ‬
‫َ‬
‫الظا ِه ِر‪ ،‬واللَّهُ أ َ ْع َل ُم‬ ‫عةُ َّ‬ ‫ت ِب ِه اَل ْق َد َام﴾ َو ُه َو َ‬
‫ش َجا َ‬ ‫﴿ويُث َ ِّب َ‬
‫اط ِن‪َ ،‬‬ ‫عةُ ْال َب ِ‬
‫ش َجا َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫على ْال ِقت َا ِل ِب ْال ِقت َا ِل‬


‫ص ِر َوث َ ِبّتُوهم َ‬ ‫و َم ْعنى ﴿فَثَ ِبّتُوا الَّذِينَ آ َمنُوا﴾ َب ِ ّ‬
‫ش ُروهم ِبال َّن ْ‬
‫سوا ِد ِه ْم‬ ‫ور َم َعهم وت َ ْك ِث ِ‬
‫ير َ‬ ‫ض ِ‬ ‫‪َ .‬م َع ُه ْم َو ِبال ُح ُ‬

‫ْب﴾ وفي الصحيحين "نُ ِ‬


‫ص ْرتُ‬ ‫الرع َ‬ ‫سأ ُ ْل ِقي ِفي قُلُو ِ‬
‫ب َّالذِينَ َكفَ ُروا ُّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬‬
‫ش ْه ٍر‪،‬‬
‫يرةَ َ‬
‫ب َم ِس َ‬
‫"بالر ْع ِ‬
‫ُّ‬

‫الر ِبي ُع ب ُْن‬ ‫ق َواض ِْربُوا ِم ْن ُه ْم ُك َّل َبن ٍ‬


‫َان﴾ َوقَا َل َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَاض ِْربُوا فَ ْوقَ اَل ْعنَا ِ‬
‫ب فَ ْوقَ‬ ‫اس يَ ْو َم بَ ْد ٍر يَ ْع ِرفُونَ َقتْلَى ْال َم َالئِ َك ِة ِم َّم ْن قَتَلُوا ُه ْم ِب َ‬
‫ض ْر ٍ‬ ‫أَن ٍَس‪َ :‬كانَ النَّ ُ‬
‫ار قَ ِد أُحْ ِرقَ ِب ِه‬ ‫علَى ْال َبن ِ‬
‫َان ِمثْ َل ِس َم ِة النَّ ِ‬ ‫ق‪َ ،‬و َ‬ ‫‪ْ .‬اَل َ ْعنَا ِ‬
‫‪190‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َه ِذ ِه ْاآل َيةُ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إذَا لَ ِقيت ُ ُم الَّذِينَ َكفَ ُروا زَ حْ فًا فَال ت ُ َولُّو ُه ُم اَل ْد َب َ‬
‫ار﴾ قيل‪ :‬نَزَ َل ْ‬
‫‪.‬فِي يَ ْو ِم َب ْد ٍر‪ ،‬والصواب أنها عامة ومحكمة‬
‫يرة ٌ ِمنَ‬ ‫ب ِم ْن َه ِذ ِه ْاَل َ ْسبَا ِ‬
‫ب‪ ،‬فَإ ِ َّنهُ َح َرا ٌم َو َك ِب َ‬ ‫ع ْن َسبَ ٍ‬
‫ار َال َ‬ ‫فَأ َ َّما إِ ْن َكانَ ْال ِف َر ُ‬
‫ي َّ‬
‫اللهُ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرةَ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫يح ِه َما َ‬
‫ص ِح ِ‬ ‫ي َو ُم ْس ِل ٌم ِفي َ‬ ‫ْال َك َبا ِئ ِر‪ِ ،‬ل َما َر َواهُ ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬
‫سو َل‬ ‫س ْب َع ْال ُموبِقَاتِ"‪ .‬قِي َل‪ :‬يَا َر ُ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪" :‬اجْ تَنِبُوا ال َّ‬ ‫ع ْنهُ‪َ ،‬قا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫َ‬
‫ش ْركُ ِباللَّ ِه‪َ ،‬وال ّسِحْ ُر‪َ ،‬وقَتْ ُل النَّ ْف ِس َّالتِي َح َّر َم اللَّهُ ِإ َّال‬
‫اللَّ ِه‪َ ،‬و َما ُه َّن؟ قَا َل‪" :‬ال ِ ّ‬
‫ف‪ ،‬وقَ ْذ ِ‬
‫ف‬ ‫الر َبا‪َ ،‬وأ َ ْك ُل َما ِل ْال َيتِ ِيم‪ ،‬والت َّ َو ِلّي َي ْو َم َّ‬
‫الزحْ ِ‬ ‫ِب ْال َح ّ ِ‬
‫ق‪َ ،‬وأ َ ْك ُل ِ ّ‬
‫ت‬ ‫ت ْال ُمؤْ ِمنَا ِ‬
‫ت ْالغَافِ َال ِ‬
‫صنَا ِ‬ ‫ْ‬
‫"ال ُمحْ َ‬

‫ي‪ :‬فَ َّر ِم ْن هَا ُهنَا ِإلَى ِفئ َ ٍة أ ُ ْخ َرى ِمنَ‬


‫قوله‪﴿ :‬أ َ ْو ُمت َ َح ِيّ ًزا ِإلَى فِئَةٍ﴾ قال العلماء أَ ْ‬
‫ْال ُم ْس ِل ِمينَ ‪ ،‬يُعَا ِونُ ُه ْم َويُعَا ِونُوهُ فَيَ ُج ُ‬
‫وز لَهُ َذ ِل َك‪َ ،‬حتَّى َولَ ْو َكانَ فِي َ‬
‫س ِريَّ ٍة فَفَ َّر‬
‫الر ْخ َ‬
‫ص ِة‬ ‫ظ ِم‪َ ،‬د َخ َل ِفي َه ِذ ِه ُّ‬ ‫ير ِه أ َ ْو ِإلَى ْ ِ‬
‫اْل َم ِام ْاَل َ ْع َ‬ ‫‪ِ .‬إلَى أ َ ِم ِ‬

‫﴿إن يَ ُك ْن ِمنكم ِع ْش ُرونَ‬ ‫أي آيَ ِة ” ْ‬ ‫ف ْ‬ ‫ض ْع ِ‬


‫وص بِآ َي ِة ال ّ‬
‫ص ٌ‬‫ع ُمو ُم َه ِذ ِه اآليَ ِة َم ْخ ُ‬‫َو ُ‬
‫وإن ت َ ُك ْن ِمنكم ِمائَةً َي ْغ ِلبُوا ْألفًا﴾ إلى قَ ْو ِل ِه ” ِبإ ْذ ِن اللَّ ِه‬
‫“صا ِب ُرونَ َي ْغ ِلبُوا ِمائَتَي ِْن ْ‬

‫‪191‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْس ِب َح ْو ِل ُك ْم َوقُ َّوتِ ُك ْم‪َ ،‬ب ْل ُه َو الَّذِي‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَلَ ْم ت َ ْقتُلُو ُه ْم َولَ ِك َّن اللَّهَ قَتَلَ ُه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬لَي َ‬
‫ص َر ُك ُم اللَّهُ بِبَ ْد ٍر َوأَ ْنت ُ ْم‬
‫﴿ولَقَ ْد نَ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َك َما َقا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ص َر ُك ْم َ‬
‫ظفَ َر ُك ْم بِ ِه ْم َو َن َ‬‫أَ ْ‬
‫أَذِلَّةٌ﴾‬

‫ي‪ُ :‬ه َو الَّذِي بَلَّ َغ ذَ ِل َك ِإلَ ْي ِه ْم‪َ ،‬و َكبَت َ ُه ْم بِ َها َال أ َ ْن َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ْت﴾ أ َ ْ‬
‫ْت إِ ْذ َر َمي َ‬
‫ار َمي َ‬
‫﴿و َم َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ب‪ ،‬فَ َر َمى ِب َها ِفي ُو ُجو ِه ِه ْم‪ ،‬فَ َما ِمنَ‬ ‫ضةً ِمنَ الت ُّ َرا ِ‬
‫"فَأ َ َخذَ النبي ﷺ قَ ْب َ‬
‫ع ْينَ ْي ِه‬
‫اب َ‬‫ص َ‬ ‫ْ‬
‫"‪..‬ال ُم ْش ِركِينَ أ َ َح ٌد ِإ َّال أَ َ‬

‫﴿واللَّهُ َخلَقَ ُك ْم َو َما‬


‫واآلية رد على الفريقين القدرية والجبرية‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫ت َ ْع َملُونَ ﴾‬

‫قوله‪﴿ :‬إِ ْن ت َ ْست َ ْفتِ ُحوا فَقَ ْد َجا َء ُك ُم ْال َفتْ ُح﴾ قَا َل أبو َج ْه ٍل يَ ْو َم بَ ْد ٍر‪ :‬اللَّ ُه َّم‪ ،‬أ َ ْق َ‬
‫طعُنَا‬
‫ف‪ ،‬فَأَحْ ِن ِه ْالغَ َداةَ‪ ،‬فَ َكانَ ْال ُم ْست َ ْف ِت َح‬
‫لر ِح ِم‪َ ،‬وآت َانَا ِب َما َال نَ ْع ِر ُ‬
‫‪ِ .‬ل َّ‬

‫و َكانَ ْال ُم ْش ِر ُكونَ ِحينَ خ ََر ُجوا ِم ْن َم َّكةَ ِإلَى بَ ْدر‪ ،‬أ َ َخذُوا بِأ َ ْست َِار ْال َك ْعبَ ِة‬
‫ص ْر أ َ ْع َلى ْال ُج ْن َدي ِْن‪َ ،‬وأ َ ْك َر َم ْال ِفئَتَي ِْن‪َ ،‬و َخي َْر‬
‫ص ُروا اللَّهَ َو َقالُوا‪ :‬اللَّ ُه َّم ا ْن ُ‬
‫فَا ْست َ ْن َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬القَبِي َلتَي ِْن‬

‫‪192‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِم ْعنَا َو ُه ْم َال َي ْس َمعُونَ ﴾ ِقي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد‬


‫﴿وال ت َ ُكونُوا َكالَّذِينَ قَالُوا َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫َارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‬ ‫اخت َ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال ُم ْش ِر ُكونَ ‪َ .‬و ْ‬
‫أي ال يسمعون سماع قبول وانتفاع‬
‫‪َ:‬لن السماع نوعان‬
‫"سماع إجابة كما في "سمع الله لمن حمده‬
‫‪.‬وسماع اَلذن المجرد‬

‫سو ِل إذا َدعاكم ِلما يُحْ يِي ُك ْم﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ياأيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ا ْست َِجيبُوا ِللَّ ِه و ِل َّ‬
‫لر ُ‬
‫‪.‬اآل َيةَ‬
‫‪:‬الحياة نوعان‬
‫حياة اَلبدان‬
‫‪.‬وحياة اَلرواح والقلوب‪ ،‬وهذه هي الحياة الحقيقية‬

‫الل ِه ﷺ‪ ،‬فَ َد َ‬
‫عا ِني‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ص ِّلي‪ ،‬فَ َم َّر ِبي َر ُ‬ ‫س ِعي ِد ب ِْن ْال ُم َعلَّى َقا َل‪ُ :‬ك ْنتُ أ ُ َ‬‫ع ْن أ َ ِبي َ‬ ‫َ‬
‫ص َّليْتُ ‪ ،‬ث ُ َّم أَت َ ْيتُهُ فَقَا َل‪َ " :‬ما َمنَ َع َك أ َ ْن ت َأ ْ ِتيَنِي؟ " أَلَ ْم يَقُ ِل اللَّهُ‪﴿ :‬يَا‬
‫فَلَ ْم آ ِت ِه َحتَّى َ‬
‫عا ُك ْم ِل َما يُحْ يِي ُك ْم﴾‪..‬الحديث‪ .‬رواه‬
‫سو ِل ِإذَا َد َ‬ ‫أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ا ْست َِجيبُوا ِللَّ ِه َو ِل َّ‬
‫لر ُ‬
‫‪.‬البخاري‬

‫‪193‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وا ْعلَ ُموا أ َ َّن اللَّهَ َي ُحو ُل َبيْنَ ْال َم ْر ِء َوقَ ْل ِب ِه﴾‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫الرحْ َم ِن‪،‬‬ ‫صبَ َعي ِْن ِمن أَ َ‬
‫صا ِبعِ َّ‬ ‫وب َبنِي آ َد َم ُكلَّ َها بيْنَ ِإ ْ‬ ‫"إن قُلُ َ‬ ‫في صحيح مسلم َّ‬
‫سلَّ َم‪:‬‬
‫اللهُ عليه َو َ‬‫صلَّى َّ‬
‫سو ُل الل ِه َ‬ ‫ْث َيشَا ُء‪ ،‬ث ُ َّم قا َل َر ُ‬ ‫ص ِ ّرفُهُ َحي ُ‬‫احدٍ‪ُ ،‬ي َ‬
‫ب َو ِ‬ ‫َكقَ ْل ٍ‬
‫عتِ َك‬ ‫ف قُلُوبَنَا ع َلى َ‬
‫طا َ‬ ‫ص ِ ّر ْ‬
‫ب َ‬‫ف القُلُو ِ‬ ‫"اللَّ ُه َّم ُم َ‬
‫ص ِ ّر َ‬
‫ب ثبِّت قَلبي على دينِ َك" صححه اَللباني‬ ‫ب القلو ِ‬ ‫‪.‬وفي الحديث "يا ُم ِّقل َ‬

‫وقيل‪َ :‬ي ُحو ُل َبيْنَ ال َم ْر ِء و َق ْلبِ ِه بِ َعلم ِه‪ ،‬فَال يُض ِْم ُر ال َع ْب ُد َ‬
‫ش ْيئًا في نَ ْف ِس ِه ّإال واللَّهُ‬
‫‪.‬عا ِل ٌم بِ ِه‬

‫صةً﴾ في صحيح‬ ‫صي َب َّن الَّذِينَ َ‬


‫ظلَ ُموا ِم ْن ُك ْم خَا َّ‬ ‫﴿واتَّقُوا ِفتْنَةً َال ت ُ ِ‬
‫قَ ْولهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫البخاري " َمث َ ُل القائِ ِم علَى ُحدُو ِد اللَّ ِه والواقِعِ فيها‪َ ،‬ك َمث َ ِل قَ ْو ٍم ا ْست َ َه ُموا علَى‬
‫ض ُه ْم أ ْسفَلَها‪ ،‬فَكانَ الَّذِينَ في أ ْسفَ ِلها إذا‬
‫ض ُه ْم أعْالها وبَ ْع ُ‬
‫فأصاب بَ ْع ُ‬
‫َ‬ ‫س ِفينَةٍ‪،‬‬
‫َ‬
‫الماء َم ُّروا علَى َمن فَ ْوقَ ُه ْم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو أنَّا خ ََر ْقنا في ن ِ‬
‫َصي ِبنا خ َْرقًا‬ ‫ِ‬ ‫ا ْستَقَ ْوا ِمنَ‬
‫وإن أ َخذُوا علَى‬
‫فإن َيتْ ُر ُكو ُه ْم وما أرادُوا َهلَ ُكوا َج ِميعًا‪ْ ،‬‬
‫ولَ ْم نُؤْ ِذ َمن فَ ْوقَنا‪ْ ،‬‬
‫"‪.‬أ ْيدِي ِه ْم نَ َج ْوا‪ ،‬ونَ َج ْوا َج ِميعًا‬

‫‪194‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو َل وت َ ُخونُوا أماناتِكم وأ ْنت ُ ْم‬ ‫قوله‪﴿ :‬يا أيُّها َّالذِينَ آ َمنُوا ال ت َ ُخونُوا اللَّهَ َّ‬
‫والر ُ‬
‫ت َ ْعلَ ُمونَ ﴾ اَلمانات هي التكاليف الشرعية والمعامالت التي بين العباد قال‬
‫والجبا ِل فَأ َبيْنَ ْ‬
‫أن‬ ‫ض ِ‬ ‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬‫سماوا ِ‬ ‫ع َرضْنا اَلمانَةَ َ‬
‫على ال َّ‬ ‫تعالى‪﴿ :‬إنّا َ‬
‫ظلُو ًما َج ُه ً‬
‫وال﴾‬ ‫يَحْ ِم ْلنَها وأ ْشفَ ْقنَ ِمنها و َح َملَها اْل ْن ُ‬
‫سان إ َّنهُ كانَ َ‬

‫﴿وا ْعلَ ُموا أَنَّ َما أ َ ْم َوالُ ُك ْم َوأ َ ْوال ُد ُك ْم ِفتْنَةٌ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِه َو َم ْن يَ ْف َع ْل ذَ ِل َك فَأُو َلئِ َك‬
‫الَّذِينَ آ َمنُوا َال ت ُ ْل ِه ُك ْم أ َ ْم َوالُ ُك ْم َوال أ َ ْوال ُد ُك ْم َ‬
‫ُه ُم ْالخَا ِس ُرونَ ﴾‬

‫إن تَتَّقُوا اللَّهَ َيجْ َع ْل لَكم فُ ْرقانًا ويُ َك ِفّ ْر َ‬


‫ع ْنكم‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ْ‬
‫س ِيّئاتِكم ويَ ْغ ِف ْر لَكم واللَّهُ ذُو الفَ ْ‬
‫ض ِل ال َع ِظ ِيم﴾ قال ابن كثير ومحمد اَلمين‬ ‫َ‬
‫والباط ِل‪ ،‬كما قال‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫قان ُهنا‪ :‬ال ِع ْل ُم ِ‬
‫الفار ُق بَ ْينَ ال َح ّ ِ‬ ‫الشنقيطي‪ :‬ال ُمرا ُد بِالفُ ْر ِ‬
‫سو ِل ِه يُؤْ ِتكم ِك ْفلَي ِْن ِمن َرحْ َم ِت ِه‬ ‫ت َعالى‪﴿ :‬ياأيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ِ‬
‫وآمنُوا ِب َر ُ‬
‫شونَ بِ ِه ويَ ْغ ِف ْر لَ ُك ْم﴾‬ ‫ويَجْ َع ْل لَكم نُ ً‬
‫ورا ت َْم ُ‬

‫‪195‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وك و َي ْم ُك ُرونَ‬
‫وك ْأو يُ ْخ ِر ُج َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وإ ْذ َي ْم ُك ُر ِب َك الَّذِينَ َكفَ ُروا ِليُثْ ِبت ُ َ‬
‫وك ْأو َي ْقتُلُ َ‬
‫اع قُ َري ٍْش ِللتَّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫شاو ِر في‬ ‫ويَ ْم ُك ُر اللهُ واللهُ َخي ُْر الما ِك ِرينَ ﴾ ذكر هنا قصة اجْ ت َ َم ِ‬
‫اَلخي َر ِة ُق َب ْي َل هِجْ َر ِت ِه‬
‫دار ال َّن ْد َو ِة في اَلي ِّام ِ‬ ‫‪ْ .‬أم ِر ال َّن ِب ِ‬
‫يء ﷺ ِب ِ‬

‫س ِم ْعنَا لَ ْو نَشَا ُء لَقُ ْلنَا ِمثْ َل َهذَا﴾ قِي َل‪ :‬إِ َّن ْالقَائِ َل ِل َذ ِل َك ُه َو ال َّنض ُْر‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَالُ ۟‬
‫وا قَ ْد َ‬
‫ار‬ ‫س‪َ ،‬وت َ َعلَّ َم ِم ْن أ َ ْخ َب ِ‬
‫ار َ‬ ‫ث ‪-‬لَ َعنَهُ اللَّهُ ‪ -‬فَإِنَّهُ َكانَ قَ ْد ذَه َ‬
‫َب ِإلَى ِب َال ِد فَ ِ‬ ‫ار ِ‬‫ب ُْن ْال َح ِ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَ ْد بَ َعثَهُ اللَّهُ‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫ُملُو ِك ِه ْم ُرسْتم َوا ْسفَ ْن ِديَ َ‬
‫ار‪َ ،‬ولَ َّما قَد َِم َو َج َد َر ُ‬
‫س فِي ِه ال َّنض ُْر‬ ‫ام ﷺ ِم ْن َمجْ ِل ٍس‪َ ،‬جلَ َ‬ ‫اس ْالقُ ْرآنَ ‪ ،‬فَ َكانَ إِ َذا قَ َ‬ ‫يَتْلُو َ‬
‫علَى النَّ ِ‬
‫صا؟ أَنَا أ َ ْو ُم َح َّمدٌ؟‬ ‫ار أُو َلئِ َك‪ ،‬ث ُ َّم َيقُولُ‪ِ :‬باللَّ ِه أَيُّ ُه َما أ َحْ َ‬
‫س ُن قَ َ‬
‫ص ً‬ ‫فَيُ َح ِ ّدث ُ ُه ْم ِم ْن أَ ْخ َب ِ‬

‫ت ِفي ِه ْم وما كانَ اللَّهُ ُم َع ِذّ َبهم وهم‬


‫﴿وما كانَ اللَّهُ ِليُ َع ِذّ َبهم وأ ْن َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ار َم َّكةَ أمانَيْنَ َي ْدفَ ُع اللَّهُ َ‬
‫ع ْن ُه ُم‬ ‫أن ِل ُكفّ ِ‬ ‫يَ ْست َ ْغ ِف ُرونَ ﴾ َه ِذ ِه اآليَةُ ال َك ِري َمةُ تَ ُد ُّل َ‬
‫على َّ‬
‫س َببِ ِهما‬
‫ذاب بِ َ‬
‫‪:‬العَ َ‬
‫‪.‬أ َح ُد ُهما‪َ :‬ك ْونُهُ ﷺ ِفي ِه ْم َِل َّن اللَّهَ َل ْم يُ ْه ِل ْك أ ُ َّمةً ونَ ِبيُّهم ِفي ِه ْم‬
‫غ ْفران ََك‬‫فار ُه ُم اللَّهَ‪ ،‬قيل‪ :‬كانُوا يُلَبُّونَ ويَقُولُونَ ‪ُ :‬‬ ‫‪.‬والثّانِي‪ :‬ا ْستِ ْغ ُ‬
‫وقيل‪ :‬وما كانَ اللَّهُ ُمعَ ِذّبَهم‪ ،‬يَ ْعنِي ال ُم ْش ِركِينَ ‪ ،‬و ُه ْم‪ -‬يَ ْعنِي ال ُمؤْ ِمنِينَ الَّذِينَ‬
‫‪َ .‬ب ْينَ ُه ْم‪َ -‬ي ْست َ ْغ ِف ُرونَ ‪ .‬ورجحه ابن جرير‬

‫‪196‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫رام﴾ قِي َل‪:‬‬


‫ع ِن ال َمس ِْج ِد ال َح ِ‬ ‫ص ُّدونَ َ‬ ‫﴿وما لَهم ّأال يُ َع ِذّ َب ُه ُم اللَّهُ وهم َي ُ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ت فِي ِه ْم َو َما َكانَ اللَّهُ‬ ‫﴿و َما َكانَ َّ‬
‫اللهُ ِليُ َع ِذّبَ ُه ْم َوأ َ ْن َ‬ ‫ِإ َّن َه ِذ ِه ْاآل َيةَ نَا ِسخَةٌ ِلقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ُم َع ِذّ َب ُه ْم َو ُه ْم َي ْست َ ْغ ِف ُرونَ ﴾‬

‫إن ْأو ِليا ُؤهُ ّإال ال ُمتَّقُونَ ﴾ كما قال تعالى‪﴿ :‬إنَّما يَ ْع ُم ُر‬
‫وقوله‪﴿ :‬وما كانُوا ْأو ِليا َءهُ ْ‬
‫ش‬ ‫الزكاة َ ولَ ْم َي ْخ َ‬
‫صالة َ وآتى َّ‬
‫وأقام ال َّ‬
‫َ‬ ‫الل ِه َمن آ َمنَ ِباللَّ ِه وال َي ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‬ ‫ساج َد َّ‬
‫َم ِ‬
‫اللهَ فَ َعسى أُولَئِ َك ْ‬
‫أن يَ ُكونُوا ِمنَ ال ُم ْهتَ ِدينَ ﴾‬ ‫ّإال َّ‬

‫ص ِد َيةً﴾‬
‫ت ِإال ُم َكا ًء َوت َ ْ‬‫صالت ُ ُه ْم ِع ْن َد ْال َب ْي ِ‬ ‫قَ ْوله‪َ :‬‬
‫﴿و َما َكانَ َ‬
‫ص ِف ُ‬
‫يق‬ ‫ص ِد َيةُ‪ :‬الت َّ ْ‬ ‫ير‪َ ،‬والتَّ ْ‬ ‫‪ْ .‬ال ُم َكا ُء‪ :‬ال َّ‬
‫ص ِف ُ‬
‫‪.‬قيل‪ :‬يعني أعمالهم‬
‫ص َالتَهُ‬ ‫علَى ال َّن ِب ّ‬
‫يِ ﷺ ِ‬ ‫صنَعُونَ ذَ ِل َك ِليَ ْخ ِل ُ‬
‫طوا ِبذَ ِل َك َ‬ ‫‪.‬وقيل‪َ :‬كانُوا َي ْ‬

‫ع ْن َسبِي ِل اللَّ ِه﴾ قيل‪ :‬لَ َّما‬


‫صدُّوا َ‬ ‫﴿إن الَّذِينَ َكفَ ُروا يُ ْن ِفقُونَ ْأموالَهم ِل َي ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َّ :‬‬
‫س ْفيَانَ بِ ِع ِ‬
‫يره‪.. ،‬‬ ‫ْش يَ ْو َم بَ ْد ٍر‪َ ،‬و َر َج َع َفلُّهم إِلَى َم َّكةَ‪َ ،‬و َر َج َع أَبُو ُ‬
‫ت قُ َري ٌ‬ ‫أُ ِ‬
‫صي َب ْ‬
‫ار ُك ْم‪ ،‬فَأ َ ِعينُونَا ِب َهذَا‬
‫قَالُوا‪َ :‬يا َم ْعش ََر قُ َري ٍْش‪ِ ،‬إ َّن ُم َح َّمدًا قَ ْد َوت ََركم َوقَت َ َل ِخ َي َ‬
‫يب ِمنَّا! فَفَ َعلُوا‬‫ص َ‬ ‫علَى َح ْربِ ِه‪ ،‬لَ َعلَّنَا أ َ ْن نُ ْد ِر َك ِم ْنهُ ثَأْ ًرا بِ َم ْن أ ُ ِ‬
‫‪ْ .‬ال َما ِل َ‬

‫‪197‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل ِللَّذِينَ َكفَ ُروا ِإ ْن َي ْنت َ ُهوا يُ ۡغفَ ۡر َل ُهم َّما قَ ۡد َ‬
‫س َل َ‬
‫ف﴾ وفي الحديث‬
‫‪".‬اْلسال ُم يجبُّ ما َقبلَهُ" صححه اَللباني‬

‫﴿وقَا ِتلُو ُه ْم َحتَّى َال ت َ ُكونَ فِتْنَةٌ﴾ كما في سورة البقرة‪ .‬أي‪ :‬يَ ُك ُ‬
‫ون َم َع‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫‪.‬دِينِ ُك ْم ُك ْف ٌر‪ ،‬أو َحتَّى َال يُ ْفتَنَ ُم ْس ِل ٌم َ‬
‫ع ْن دِينِ ِه‬

‫ير﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَإ ِ ْن تَابُوا‬


‫ص ٌ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَإ ِ ِن ا ْنت َ َه ْوا فَإ ِ َّن اللهَ بِ َما يَ ْع َملُونَ بَ ِ‬
‫‪،‬وفِي ْاآليَ ِة‬ ‫ور َر ِحي ٌم﴾ َ‬ ‫غف ُ ٌ‬‫سبِي َل ُه ْم إِ َّن اللَّهَ َ‬
‫الز َكاة َ فَخَلُّوا َ‬
‫صالةَ َوآت َُوا َّ‬ ‫َوأَقَا ُموا ال َّ‬
‫ْاَل ُ ْخ َرى‪﴿ :‬فَإ ِ ْخ َوانُ ُك ْم فِي ال ّد ِ‬
‫ِين﴾‬
‫فمن مقاصد الشريعة إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله‪ ،‬والطائفة‬
‫‪.‬المنصورة قائمة على ذلك‬

‫سو ِل و ِلذِي‬
‫لر ُ‬ ‫أن ِل َّل ِه ُخ ُم َ‬
‫سهُ و ِل َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وا ْعلَ ُموا أنَّما َ‬
‫غنِ ْمت ُ ْم ِمن َش ْيءٍ فَ َّ‬
‫س ِبي ِل﴾‬ ‫القُ ْربى وال َيتامى وال َمسا ِك ِ‬
‫ين واب ِْن ال َّ‬
‫ار بِالغَلَبَ ِة والقَ ْه ِر‬‫عهُ ال ُم ْس ِل ُمونَ ِمنَ ال َكفّ ِ‬ ‫‪.‬الغَنِي َمةُ‪ :‬فَهي ما ا ْنت َزَ َ‬
‫غي ِْر ا ْنتِزا ِع ِه ِمنهم‬
‫ار ِمن َ‬ ‫س َرهُ اللَّهُ ِل ْل ُم ْس ِل ِمينَ ِمن ْأموا ِل ال ُكفّ ِ‬ ‫والفَ ْي ُء‪ :‬هو ما يَ َّ‬
‫ير‪ .‬كما في سورة الحشر‬
‫ض ِ‬‫‪ِ .‬بالقَ ْه ِر‪َ ،‬كفَ ْي ِء َبنِي النَّ ِ‬
‫أخ َماس الغَ ِني َم ِة ِل ْلغُزاةِ الَّذِينَ َ‬
‫غنِ ُموها‬ ‫فأربَ َعة ْ‬
‫‪ْ .‬‬

‫‪198‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صارف ال ُخ ُم ِس الَّذِي يُؤْ َخذُ ِمنَ ال َغنِي َم ِة َق ْب َل ال ِق ْس َم ِة؛ فَظا ِه ُر اآل َي ِة‬ ‫أما َم ِ‬
‫سو ِل ﷺ‪،‬‬ ‫لر ُ‬‫ب ِل َّ‬
‫َصي ٍ‬‫عال‪ ،‬ون ِ‬ ‫ب ِللَّ ِه َج َّل و َ‬ ‫صي ٍ‬ ‫صبا َء‪ :‬نُ ِ‬ ‫ال َك ِري َم ِة أنَّهُ يُجْ َع ُل ِستَّةَ أ ْن ِ‬
‫ب ِالب ِْن‬
‫َصي ٍ‬ ‫ب ِل ْل َمسا ِك ِ‬
‫ين‪ ،‬ون ِ‬ ‫ب ِل ْل َيتامى‪ ،‬ون ِ‬
‫َصي ٍ‬ ‫ب ِلذِي القُ ْربى‪ ،‬ون ِ‬
‫َصي ٍ‬ ‫َصي ٍ‬
‫ون ِ‬
‫س ِبي ِل‬
‫‪.‬ال َّ‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَأ َ َّن ِللَّ ِه ُخ ُم َ‬


‫سهُ﴾‬
‫‪.‬قيل‪ِ :‬ذ ْك ُر اللَّ ِه هَا ُهنَا ا ْستِ ْفت َا ُح كالم للتبرك‬
‫يب ِمنَ ْال ُخ ُم ِس يُجْ عَ ُل فِي ْال َك ْعبَ ِة‬ ‫َص ٌ‬ ‫‪.‬وقيل‪ِ :‬للَّ ِه ن ِ‬
‫ف فِي ْال ُخ ُم ِس الَّذِي َج َعلَهُ َّ‬
‫اللهُ لَهُ ِب َما شَا َء‪َ ،‬و َي ُر ُّدهُ فِي‬ ‫سو ُل ﷺ َيت َ َ‬
‫ص َّر ُ‬ ‫والر ُ‬
‫َّ‬
‫ْف شَا َء‬ ‫‪.‬أ ُ َّمتِ ِه َكي َ‬
‫س‬ ‫وفي الحديث "ال َي ِح ُّل لي من غنا ِئ ِمك ْم ِمث ُل هذا ‪َّ ،‬إال الخ ُم ُ‬
‫س ‪ ،‬والخ ُم ُ‬
‫‪.‬مردو ٌد فيك ْم" صححه اَللباني‬

‫ع ْب ِدنَا﴾ أَي‪ْ :‬امت َ ِثلُوا َما ش ََر ْعنَا لَ ُك ْم‬


‫نزلنَا َعلَى َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ْن ُك ْنت ُ ْم آ َم ْنت ُ ْم ِباللَّ ِه َو َما أَ ْ‬
‫﴿و َما أ َ ْ‬
‫نزلنَا‬ ‫ِمنَ ْال ُخ ُم ِس فِي ْالغَنَا ِئ ِم‪ِ ،‬إ ْن ُك ْنت ُ ْم تُؤْ ِمنُونَ بِاللَّ ِه َو ْاليَ ْو ِم ْاآل ِخ ِر ‪َ ،‬‬
‫غ َّل‬ ‫﴿و َم ْن يَ ْغلُ ْل َيأ ْ ِ‬
‫ت بِ َما َ‬ ‫ي‪ :‬فِي ْال ِق ْس َم ِة‪ .‬قَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬ ‫ع ْب ِدنَا يَ ْو َم ْالفُ ْرقَ ِ‬
‫ان﴾ أ َ ْ‬ ‫علَى َ‬
‫َ‬
‫َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة﴾‬

‫‪199‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُودٍ‪،‬‬ ‫﴿و ِإ ْذ يُ ِري ُك ُمو ُه ْم ِإ ِذ ْالت َ َق ْيت ُ ْم فِي أ َ ْعيُنِ ُك ْم قَ ِليال﴾ َ‬
‫ع ْن َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬لَقَ ْد قُ ِلّلُوا فِي أ َ ْعيُ ِننَا يَ ْو َم بَ ْد ٍر‪َ ،‬حتَّى قُ ْلتُ ِل َر ُج ٍل ِإلَى‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ض َ‬
‫َر ِ‬
‫سأ َ ْلنَاهُ‪،‬‬
‫س ْبعِينَ ؟ قَا َل‪َ :‬ال َب ْل ُه ْم ِمائ َةٌ‪َ ،‬حتَّى أ َ َخ ْذنَا َر ُج ًال ِم ْن ُه ْم فَ َ‬
‫َجا ِن ِبي‪ :‬ت ََرا ُه ْم َ‬
‫‪.‬قَا َل ُكنَّا أَ ْلفًا‬

‫﴿و ِإ ْذ يُ ِري ُك ُمو ُه ْم ِإ ِذ ْالت َ َق ْيت ُ ْم ِفي أ َ ْعيُ ِن ُك ْم قَ ِليال َويُقَ ِلّلُ ُك ْم ِفي أ َ ْعيُ ِن ِه ْم﴾‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫َوذَ ِل َك ِع ْن َد ْال ُم َوا َج َه ِة‪َ .‬فلَ َّما ْالت َ َح َم ْال ِقت َا ُل َوأَيَّ َد اللَّهُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ بِأ َ ْلفٍ ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة‬
‫ض ْعفَ ْي ِه‪َ ،‬ك َما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬قَ ْد‬ ‫ان ِ‬ ‫اْلي َم ِ‬ ‫ب ِْ‬ ‫ار يَ َرى ِح ْز َ‬ ‫ب ْال ُكفَّ ِ‬‫ي ِح ْز ُ‬ ‫ُم ْر َدفِينَ ‪ ،‬بَ ِق َ‬
‫س ِبي ِل اللَّ ِه َوأ ُ ْخ َرى َكافِ َرة ٌ َي َر ْونَ ُه ْم‬
‫َكانَ لَ ُك ْم آ َيةٌ فِي فِئَت َي ِْن ْالتَقَت َا فِئ َةٌ تُقَاتِ ُل فِي َ‬
‫ي ْال َعي ِْن َواللَّهُ يُ َؤيِّ ُد ِبنَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ص ِر ِه َم ْن يَشَا ُء ِإنَّ ِفي ذَ ِل َك لَ ِعب َْرة ً َلو ِلي‬ ‫ِمثْلَ ْي ِه ْم َرأ َ‬
‫ار﴾‬
‫ص ِ‬‫اَل ْب َ‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها َّالذِينَ آ َمنُوا ِإذَا لَ ِقيت ُ ْم ِفئَةً فَاثْبُتُوا﴾‬
‫اس‪َ ،‬ال تَت َ َمنَّ ْوا ِلقَا َء ْال َعد ّ ُِو‪َ ،‬وا ْسأَلُوا اللَّهَ‬
‫ص ِحي َحي ِْن‪" ،‬يَا أَيُّ َها النَّ ُ‬ ‫ت فِي ال َّ‬ ‫ثَبَ َ‬
‫ت ِظ َال ِل ال ُّسيُ ِ‬
‫وف‬ ‫صبِ ُروا َوا ْعلَ ُموا أ َ َّن ْال َج َّنةَ تَحْ َ‬ ‫‪ْ ".‬العَافِيَةَ‪ ،‬فَإِذَا لَ ِقيت ُ ُمو ُه ْم فَا ْ‬

‫عوا فَت َ ْف َشلُوا وت َ ْذه َ‬


‫َب ِري ُح ُك ْم﴾ اآل َيةَ‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وال تَنازَ ُ‬

‫‪200‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع‪ُ ،‬م َب ِيّنًا أنَّهُ‬ ‫ع ِن الت َّ ُ‬


‫ناز ِ‬ ‫نَهى اللَّهُ َج َّل و َ‬
‫عال ال ُمؤْ ِمنِينَ في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة َ‬
‫ورةِ آ ِل ِع ْمرانَ ﴿ َحتّى إذا فَ ِش ْلت ُ ْم‬ ‫س َ‬ ‫هاب القُ َّوةِ‪َ ،‬كما قا َل في ُ‬ ‫ش ِل‪ ،‬وذَ ُ‬ ‫ب الفَ َ‬ ‫سبَ ُ‬
‫َ‬
‫ص ْيت ُ ْم﴾‬
‫ع َ‬ ‫وت َنازَ ْعت ُ ْم في ْ‬
‫اَلم ِر و َ‬

‫ص ُّدونَ‬ ‫اس َو َي ُ‬ ‫﴿وال ت َ ُكونُوا َكالَّذِينَ خ ََر ُجوا ِم ْن ِد َي ِ‬


‫ار ِه ْم َب َ‬
‫ط ًرا َو ِرئ َا َء النَّ ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ط﴾ َك َما قَا َل أَبُو َج ْه ٍل ‪-‬لَ َّما قِي َل لَهُ‪ِ :‬إ َّن‬ ‫سبِي ِل اللَّ ِه َواللَّهُ بِ َما يَ ْع َملُونَ ُم ِحي ٌ‬
‫ع ْن َ‬
‫َ‬
‫ار ِجعُوا ‪-‬فَقَا َل‪َ :‬ال َواللَّ ِه َال ن َْر ِج ُع َحتَّى ن َِر َد َما َء بَ ْد ٍر‪َ ،‬ونَ ْن َح َر‬ ‫ْال ِع َ‬
‫ير قَ ْد َن َجا فَ ْ‬
‫ب ِب َم َكانِنَا فِي َها‬ ‫َّث ْال َع َر ُ‬ ‫ع َل ْينَا ْال ِق َي ُ‬
‫ان‪َ ،‬وتَت َ َحد َ‬ ‫ب ْالخ َْم َر‪َ ،‬وت َ ْع ِز َ‬
‫ف َ‬ ‫ال ُج ُزر‪َ ،‬ونَ ْش َر َ‬
‫علَ ْي ِه أَجْ َم ُع‬ ‫‪.‬يَ ْو َمنَا أَبَدًا‪ ،‬فَا ْن َع َك َ‬
‫س ذَ ِل َك َ‬

‫ب لَ ُك ُم ْاليَ ْو َم ِمنَ النَّ ِ‬


‫اس‬ ‫ان أ َ ْع َمالَ ُه ْم َوقَا َل َال غَا ِل َ‬
‫ط ُ‬‫﴿و ِإ ْذ زَ يَّنَ لَ ُه ُم ال َّش ْي َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫سن لَ ُه ْم ‪-‬لعنه الله ‪-‬ما جاؤوا لَهُ َو َما َه ُّموا بِ ِه‪،‬‬ ‫ار لَ ُك ْم﴾ ْاآليَةَ‪ :‬ح َّ‬ ‫َوإِ ِنّي َج ٌ‬
‫ع ْن ُه ُم ْال َخ ْش َيةَ ِم ْن أ َ ْن يُؤْ تُوا‬
‫اس‪َ ،‬ونَفَى َ‬‫ب لَ ُه ُم ْال َي ْو َم ِمنَ النَّ ِ‬ ‫َوأ َ ْ‬
‫ط َم َع ُه ْم أَنَّهُ َال غَا ِل َ‬
‫ار لَ ُك ْم‪َ ،‬و َذ ِل َك أَنَّهُ تَبَدَّى لَ ُه ْم فِي‬
‫عد ّ ُِو ُه ْم َبنِي بَ ْك ٍر فَقَا َل‪ :‬أَنَا َج ٌ‬
‫ار ِه ْم ِم ْن َ‬ ‫فِي ِديَ ِ‬
‫ير ِت ْل َك النَّ ِ‬
‫احيَ ِة‬ ‫س ِّي ِد بَنِي ُم ْدلج‪َ ،‬كبِ ِ‬ ‫س َراقة ب ِْن َما ِل ِك ب ِْن ُج ْع ُ‬
‫شم‪َ ،‬‬ ‫ورةِ ُ‬
‫ص َ‬‫‪ُ .‬‬

‫‪201‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى َ‬
‫ع ِق َب ْي ِه‪،‬‬ ‫سولَهُ َو ْال ُمؤْ ِمنِينَ ا ْنت َ َك َ‬
‫ص َ‬ ‫الل ِه‪ ،‬قَ ْد أَيَّ َد اللَّهُ ِب ِه ْم َر ُ‬
‫فل ّما رأى ُجنُو َد َّ‬
‫ان‬
‫ط ِ‬ ‫َوقَا َل‪ِ ﴿ :‬إ ِنّي بَ ِري ٌء ِم ْن ُك ْم ِإ ِنّي أ َ َرى َما َال ت ََر ْونَ ﴾ َو َ‬
‫ص َدقَ اللهُ ﴿ َك َمثَ ِل ال َّش ْي َ‬
‫ص ِر ِخكم وما‬ ‫ان ا ْكفُ ْر َف َل َّما َكفَ َر َقا َل ِإ ِّني َب ِري ٌء ِم ْن َك﴾ ﴿ما أنا ِب ُم ْ‬
‫س ِ‬‫ِإ ْذ َقا َل ِلْل ْن َ‬
‫ي﴾‬ ‫أ ْنت ُ ْم ِب ُم ْ‬
‫ص ِر ِخ َّ‬

‫ار ُه ْم﴾‬ ‫﴿ولَ ْو ت ََرى ِإ ْذ َيت ََوفَّى الَّذِينَ َكفَ ُروا ْال َمال ِئ َكةُ َيض ِْربُونَ ُو ُجو َه ُه ْم َوأ َ ْد َب َ‬
‫َ‬
‫طو أ َ ْيدِي ِه ْم‬‫ت َو ْال َمالئِ َكةُ بَا ِس ُ‬ ‫ت ْال َم ْو ِ‬
‫غ َم َرا ِ‬
‫الظا ِل ُمونَ فِي َ‬‫﴿ولَ ْو ت ََرى ِإ ِذ َّ‬ ‫كقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫أ َ ْخ ِر ُجوا أ َ ْنفُ َ‬
‫س ُك ُم﴾‬

‫ص ِحيحِ ِع ْن َد ُم ْس ِل ٍم‪َ ،‬ر ِح َمهُ‬ ‫الم ِل ْل َع ِبيدِ﴾ َوفي ْال َحدِي ِ‬


‫ث ال َّ‬ ‫ظ ٍ‬ ‫﴿وأ َ َّن اللَّهَ َلي َ‬
‫ْس ِب َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪ِ " :‬إ َّن اللَّهَ ت َ َعالَى‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬‬
‫ع ْن َر ُ‬ ‫اللَّهُ‪ِ ،‬م ْن ِر َوايَ ِة أَ ِبي ذَ ٍ ّر‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬
‫علَى نَ ْف ِسي‪َ ،‬و َجعَ ْلتُهُ َب ْينَ ُك ْم ُم َح َّر ًما فَ َال‬
‫الظ ْل َم َ‬
‫يَقُولُ‪ :‬يَا ِع َبادِي ِإ ِنّي َح َّر ْمتُ ُّ‬
‫ظالَ ُموا‪ ".‬الحديث‬
‫‪.‬ت َ َ‬

‫‪202‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ٰى قَ ۡو ٍم َحت َّ ٰى يُغَ ِّي ُر ۟‬ ‫ࣰ‬


‫وا َما‬ ‫قوله‪﴿ :‬ذَ ٰ⁠ ِل َك ِبأ َ َّن ٱ َّللهَ لَ ۡم َيكُ ُمغَ ِّيرا ِنّعۡ َمةً أَ ۡن َع َم َها َ‬
‫س ِمي ٌع َع ِلي ࣱم﴾ َك َما قَا َل تَ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ َال يُغَ ِيّ ُر َما ِبقَ ْو ٍم َحتَّى‬ ‫ِبأَنفُ ِس ِه ۡم َوأ َ َّن ٱللَّهَ َ‬
‫سو ًءا فَال َم َر َّد َلهُ َو َما لَ ُه ْم ِم ْن دُو ِن ِه‬ ‫يُغَيِّ ُروا َما بِأ َ ْنفُ ِس ِه ْم َو ِإذَا أ َ َرا َد اللَّهُ بِقَ ْو ٍم ُ‬
‫ت أ ْيدِيكم و َي ْعفُو َ‬
‫ع ْن‬ ‫صي َب ٍة فَ ِبما َك َس َب ْ‬ ‫ِم ْن َوا ٍل﴾ وكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿وما أصا َبكم ِمن ُم ِ‬
‫َكثِ ٍ‬
‫ير﴾‬

‫﴿إن ش ََّر ال َّدوابّ ِ ِع ْن َد اللَّ ِه َّالذِينَ َك َف ُروا فَهم ال يُؤْ ِمنُونَ ﴾ وتَقَد ََّم ن َِظ ُ‬
‫يرهُ في‬ ‫قوله‪َّ :‬‬
‫﴿إن ش ََّر ال َّدوابّ ِ ِع ْن َد اللَّ ِه ال ُّ‬
‫ص ُّم البُ ْك ُم﴾‬ ‫قَ ْو ِل ِه‪َّ :‬‬

‫‪.‬قَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَش ِ َّر ْد بِ ِه ْم َمن خ َْلفَ ُه ْم﴾ وهم منافقوا اليهود واَلعراب‬

‫ي‪ :‬أ َ ْع ِل ْم ُه ْم بِأَنَّ َك قَ ْد‬


‫س َواءٍ ﴾ أ َ ْ‬ ‫﴿و ِإ َّما تَخَافَ َّن ِم ْن قَ ْو ٍم ِخيَانَةً فَا ْنبِ ْذ ِإ َل ْي ِه ْم َ‬
‫علَى َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ب لَ َك‪،‬‬ ‫ع ْه َد ُه ْم َحتَّى َي ْبقَى ِع ْل ُم َك َو ِع ْل ُم ُه ْم ِبأَنَّ َك َح ْر ٌ‬
‫ب لَ ُه ْم‪َ ،‬و ُه ْم َح ْر ٌ‬ ‫نَقَض َ‬
‫ْت َ‬
‫‪.‬وهذا يدل على سماحة اْلسالم‬

‫‪203‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وم‪َ ،‬و َكانَ َب ْينَهُ‬


‫الر ِ‬‫ض ُّ‬ ‫ير فِي أ َ ْر ِ‬ ‫ام ٍر‪َ ،‬قا َل‪َ :‬كانَ ُم َعا ِو َيةُ َي ِس ُ‬ ‫ع ِ‬‫س َلي ِْم ب ِْن َ‬ ‫ع ْن ُ‬ ‫َ‬
‫علَى‬
‫ش ْي ٌخ َ‬ ‫ضى ْاَل َ َم ُد غَزَ ا ُه ْم‪ ،‬فَإِذَا َ‬‫َوبَ ْينَ ُه ْم أ َ َمدٌ‪ ،‬فَأ َ َرا َد أ َ ْن يَ ْدنُ َو ِم ْن ُه ْم‪ ،‬فَإ ِ َذا ا ْن َق َ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪َ :‬‬
‫"و َم ْن‬ ‫َدابَّ ٍة َيقُولُ‪ :‬اللَّهُ أ َ ْك َب ُر اللَّهُ أ َ ْك َب ُر َوفَا ًء َال َغ ْد ًرا‪ِ ،‬إ َّن َر ُ‬
‫ي أ َ َم ُدهَا‪ ،‬أ َ ْو‬
‫ض َ‬ ‫ش َّدهَا َحتَّى يَ ْن َق ِ‬ ‫ع ْه ٌد فَ َال يحلَّ َّن ُ‬
‫ع ْق َدة ً َو َال يَ ُ‬ ‫َكانَ بَ ْينَهُ َوبَيْنَ قَ ْو ٍم َ‬
‫ع ْم ُرو ب ُْن‬‫س َواءٍ " َقا َل‪َ :‬فبَلَ َغ ذَ ِل َك ُمعَا ِويَةَ‪ ،‬فَ َر َج َع‪َ ،‬وإِذَا ال َّش ْي ُخ َ‬ ‫علَى َ‬ ‫يَ ْنبِذَ إِلَ ْي ِه ْم َ‬
‫ع ْنهُ‪ ".‬صححه اَللباني‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫سةَ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ع َب َ‬
‫‪َ .‬‬

‫س ِم ْعتُ‬ ‫ام ٍر قال‪َ :‬‬ ‫ع ْقبَةَ بْنَ َ‬


‫ع ِ‬ ‫﴿وأ َ ِعدُّوا لَ ُه ْم َما ا ْست َ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن قُ َّوةٍ﴾ عن ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫علَى ْال ِم ْن َب ِر‪َ :‬‬
‫﴿وأ َ ِعدُّوا لَ ُه ْم َما‬ ‫علَ ْي ِه وسلم َيقُو ُل َو ُه َو َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه َ‬
‫َر ُ‬
‫ي أَ َال ِإ َّن ْالقُ َّوة َ‬ ‫ي‪ ،‬أَ َال ِإ َّن ْالقُ َّوة َ َّ‬
‫الر ْم ُ‬ ‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن قُ َّوةٍ﴾ أَ َال ِإ َّن ْالقُ َّوة َ َّ‬
‫الر ْم ُ‬ ‫ا ْست َ َ‬
‫ي" َر َواهُ ُم ْس ِل ٌم‬
‫‪.‬الر ْم ُ‬
‫َّ‬

‫عد َُّو اللَّ ِه و َ‬


‫عد َُّوكم وآخ َِرينَ ِمن دُونِ ِه ْم ال ت َ ْعلَ ُمونَ ُه ُم﴾‬ ‫قوله‪﴿ :‬ت ُ ْر ِهبُونَ بِ ِه َ‬
‫عد ّ ُِو ِه‬
‫إن ال َعد َُّو إذا َع ِل َم ا ْس ِت ْعدا َد َ‬‫أي‪ :‬خا ِئفًا‪ ،‬فَ َّ‬ ‫هاب َج ْع ُل ال َغي ِْر را ِهبًا‪ْ ،‬‬ ‫واْلر ُ‬
‫ْ‬
‫أن يَ ْغ ُز َوهم‬ ‫وأمنًا ِمن ْ‬ ‫ِل ِقتا ِل ِه خافَهُ‪ ،‬ولَ ْم يَجْ َرأْ َ‬
‫علَ ْي ِه‪ ،‬فَكانَ ذَ ِل َك هَنا ًء ِل ْل ُم ْس ِل ِمينَ ْ‬
‫‪.‬أعْداؤُهم‬

‫‪204‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أما تخويف المسلمين وإرهابهم فمن أعظم الجرائم على اْلطالق‪ ،‬وأوجب‬
‫فى هذه الجريمة أشد العقوبات لتكون رادعة عن اْلقدام على الفعل‪« ،‬إنما‬
‫جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى اَلرض فسادا أن يقتلوا أو‬
‫يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خالف أو ينفوا من اَلرض ذلك لهم‬
‫»خزي فى الدنيا ولهم فى اآلخرة عذاب عظيم‬

‫س ۡل ِم َفٱ ۡجن َۡح لَ َها َوت ََو َّك ۡل َ‬


‫علَى ٱ َّلل ٰۚ ِه﴾ وهذا ليس واجبا بل‬ ‫﴿وإِ ْن َج َن ُحوا ِلل َّ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬يكون على ما يراه اْلمام من مصلحة‬

‫ت َبيْنَ قُلُو ِب ِه ْم َولَ ِك َّن اللَّهَ أ َ َّل َ‬


‫ف‬ ‫ض َج ِمي ًعا َما أَلَّ ْف َ‬
‫اَلر ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَ ْو أَ ْنفَ ْق َ‬
‫ت َما ِفي ْ‬
‫‪.‬بَ ْينَ ُه ْم﴾ َلن الله يحول بين المرء وقلبه‬

‫ار ِفي‬ ‫ص َ‬ ‫ب ْاَل َ ْن َ‬ ‫ط َ‬ ‫علَ ْي ِه وسلم لما َخ َ‬ ‫صلَّى َّ‬


‫اللهُ َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه َ‬‫ص ِحي َحي ِْن أ َ َّن َر ُ‬ ‫َو ِفي ال َّ‬
‫ض َّال ًال فَ َه َدا ُك ُم اللَّهُ‬
‫ار‪ ،‬أَلَ ْم أ َ ِج ْد ُك ْم ُ‬
‫ص ِ‬ ‫شَأ ْ ِن َ‬
‫غنَائِ ِم ُحنَي ٍْن قَا َل لَ ُه ْم‪" :‬يَا َم ْعش ََر ْاَل َ ْن َ‬
‫عا َلةً فَأ َ ْغنَا ُك ُم اللَّهُ بِي‪َ ،‬و ُك ْنت ُ ْم ُمتَفَ ِ ّرقِينَ فَأَلَّفَ ُك ُم اللَّهُ ِبي" ُكلَّ َما قَا َل َش ْيئًا‬
‫بِي‪َ ،‬و َ‬
‫‪.‬قَالُوا‪ :‬اللَّهُ َو َر ُ‬
‫سولُهُ أ َ َم َّن‬

‫‪205‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َلى ْال ِقت َا ِل﴾ كما قال تعالى‪﴿ :‬فَقاتِ ْل في‬


‫ض ْال ُمؤْ ِمنِينَ َ‬‫ي َح ِ ّر ِ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها النَّ ِب ُّ‬
‫س‬‫ف بَأْ َ‬
‫أن يَ ُك َّ‬ ‫عسى َّ‬
‫اللهُ ْ‬ ‫ض ال ُمؤْ ِمنِينَ َ‬ ‫س َك و َح ِ ّر ِ‬‫ف ّإال نَ ْف َ‬ ‫سبِي ِل اللَّ ِه ال ت ُ َك َّل ُ‬
‫َ‬
‫ش ُّد ت َ ْن ِكي ًال﴾‬ ‫الَّذِينَ َكفَ ُروا واللَّهُ أ َش ُّد َبأ ْ ً‬
‫سا وأ َ‬
‫ص ِفّ ِه ْم َو ُم َوا َج َه ِة ْال َعد ّ ُِو‪َ ،‬ك َما قَا َل‬
‫علَى ْال ِقت َا ِل ِع ْن َد َ‬ ‫ض َ‬‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ يُ َح ِ ّر ُ‬ ‫َكانَ َر ُ‬
‫ع َددهم‪" :‬قُو ُموا إلى‬ ‫ص َحا ِب ِه يَ ْو َم بَ ْد ٍر‪ِ ،‬حينَ أ َ ْقبَ َل ْال ُم ْش ِر ُكونَ فِي َ‬
‫ع َددهم و ُ‬ ‫َِل َ ْ‬
‫جنة عرضها السموات واَلرض"‪ .‬فقال عمير بن ال ُحمام‪ :‬عرضها السموات‬
‫علَى‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪" :‬نَ َع ْم" َفقَا َل‪ :‬بَخٍ بَ ٍ‬
‫خ‪ ،‬فَقَا َل‪َ " :‬ما َيحْ ِملُ َك َ‬ ‫َو ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض؟! فَقَا َل َر ُ‬
‫قَ ْو ِل َك بَخٍ بَخٍ؟ " قَا َل َر َجا َء أ َ ْن أ َ ُكونَ ِم ْن أ َ ْه ِل َها! قَا َل‪" :‬فَإ ِ َّن َك ِم ْن أ َ ْه ِل َها" فَتَقَد ََّم‬
‫ت َف َج َع َل َيأ ْ ُك ُل ِم ْن ُه َّن‪ ،‬ث ُ َّم أَ ْل َقى َب ِقيَّت َ ُه َّن‬
‫س ْي ِف ِه‪َ ،‬وأ َ ْخ َر َج ت َ َم َرا ٍ‬
‫س َر َج ْفنَ َ‬
‫الر ُج ُل فَ َك َ‬
‫َّ‬
‫ط ِوي َلةٌ! ث ُ َّم تَقَد ََّم فَقَات َ َل‬
‫ِم ْن يَ ِد ِه‪َ ،‬وقَا َل‪ :‬لَئِ ْن أَنَا َح ِييتُ َحتَّى آ ُكلَ ُه َّن ِإنَّ َها لَ َحيَاة ٌ َ‬
‫‪.‬حتى قتل‪ ،‬رضي الله عنه‪ .‬رواه مسلم‬

‫علَى‬
‫شق َذ ِل َك َ‬ ‫صا ِب ُرونَ يَ ْغ ِلبُوا ِمائَتَي ِْن﴾ َّ‬ ‫ت‪﴿ :‬إِ ْن يَ ُك ْن ِم ْن ُك ْم ِع ْش ُرونَ َ‬ ‫لَ َّما نَزَ لَ ْ‬
‫عش ََرةٍ‪ ،‬ث ُ َّم َجا َء الت َّ ْخ ِف ُ‬
‫يف‪،‬‬ ‫اح ٌد ِم ْن َ‬ ‫ْال ُم ْس ِل ِمينَ ِحينَ فَ َر َ‬
‫ض اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم أ َ َّال َي ِف َّر َو ِ‬
‫ف اللَّهُ َ‬
‫ع ْن ُك ْم﴾ ِإلَى قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬يَ ْغ ِلبُوا ِمائَتَي ِْن﴾ وهذه اآلية قيّدت‬ ‫فَقَا َل‪﴿ :‬اآلنَ َخ َّف َ‬
‫إطالق آية ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا إذا لَ ِقيت ُ ُم الَّذِينَ َكفَ ُروا زَ حْ فًا فَال ت ُ َولُّو ُه ُم‬
‫اَل ْدبا َر﴾‬

‫‪206‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض ت ُ ِريدُونَ‬ ‫أن َي ُكونَ لَهُ أسْرى َحتّى يُثْ ِخنَ في ْ‬


‫اَلر ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ما كانَ ِل َن ِبيءٍ ْ‬
‫أن «ال ُم ْس ِل ِمينَ لَ ّما‬ ‫اآلخ َرة َ َّ‬
‫واللهُ َع ِز ٌ‬
‫يز َح ِكي ٌم﴾ فيه َّ‬ ‫ض ال ُّد ْنيا واللَّهُ يُ ِري ُد ِ‬
‫ع َر َ‬
‫َ‬
‫سو َل‬ ‫سأ َل ال ُم ْش ِر ُكونَ َر ُ‬ ‫س ُروا اَلُسارى َي ْو َم َب ْد ٍر و ِفي ِه ْم َ‬
‫صنادِي ُد ال ُم ْش ِركِينَ َ‬ ‫أ َ‬
‫سو ُل‬ ‫أن ال يَعُودُوا إلى َح ْر ِب ِه فَقا َل َر ُ‬ ‫على ْ‬ ‫أن يُفا ِديَهم ِبالما ِل وعا َهدُوا َ‬ ‫اللَّ ِه ﷺ ْ‬
‫الء اَلُسارى ؟ قا َل أبُو بَ ْك ٍر‪ :‬يا َنبِي َء اللَّ ِه‪،‬‬ ‫اللَّ ِه ﷺ ِل ْل ُم ْس ِل ِمينَ ‪ :‬ما ت ََر ْونَ في هَؤُ ِ‬
‫ار‪،‬‬ ‫ير ِة أرى أ ْن تَأ ْ ُخذَ ِمنهم ِف ْد َيةً فَت َ ُكونَ لَنا قُ َّوة ً َ‬
‫على ال ُكفّ ِ‬ ‫هم َبنُو ال َع ِ ّم وال َع ِش َ‬
‫أن ت ُ َم ِ ّكنَنا فَ َنض ِْر َ‬
‫ب أعْناقَهم‬ ‫ع َم ُر‪ :‬أرى ْ‬ ‫أن يَ ْه ِديَهم ِل ْْلس ِ‬
‫ْالم‪ .‬وقا َل ُ‬ ‫فَ َعسى َّ‬
‫اللهُ ْ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ما قا َل أبُو بَ ْك ٍر فَأ َخذَ‬
‫ي َر ُ‬ ‫الء أئِ َّمةُ ال ُك ْف ِر و َ‬
‫صنادِيدُها فَ َه ِو َ‬ ‫فَ َّ‬
‫إن َه ُؤ ِ‬
‫»من ُه ُم ال ِفدا َء‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫ولكن الله يصححها على الفور‬ ‫‪.‬وفيه أن اجتهادات النبي قد تخطئ‬

‫ب ْاَل َ َّو ِل أ َ َّن ْال َمغَا ِن َم‬‫َاب ِمنَ اللَّ ِه َسبَقَ ﴾ يَ ْعنِي‪ِ :‬في أ ُ ِ ّم ْال ِكتَا ِ‬ ‫قَ ْوله‪﴿ :‬لَ ْوال ِكت ٌ‬
‫ع ِظي ٌم﴾‬ ‫اب َ‬ ‫ع َذ ٌ‬ ‫ارى ﴿ َ‬ ‫س ُك ْم ِفي َما أَ َخ ْذت ُ ْم﴾ ِمنَ ْاَل ُ َس َ‬
‫ارى َح َال ٌل لَ ُك ْم‪َ ﴿ ،‬ل َم َّ‬
‫س َ‬‫َو ْاَل ُ َ‬
‫سو ُل‬ ‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْب ِد اللَّ ِه‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ع ْن َجابِ ِر ب ِْن َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن‪َ ،‬‬
‫فِي ال َّ‬
‫ب‬ ‫ص ْرتُ بِ ُّ‬
‫الر ْع ِ‬ ‫ط ُه َّن أ َ َح ٌد ِمنَ ْاَل َ ْن ِبيَ ِ‬
‫اء َق ْب ِلي‪ :‬نُ ِ‬ ‫سا‪ ،‬لَ ْم يُ ْع َ‬
‫ْطيتُ خ َْم ً‬ ‫اللَّ ِه ﷺ‪" :‬أُع ِ‬
‫ي ْالغَنَائِ ُم َو َل ْم‬ ‫ورا‪َ ،‬وأ ُ ِحلَّ ْ‬
‫ت ِل َ‬ ‫ط ُه ً‬‫ض َمس ِْجدًا َو َ‬ ‫ت ِلي ْاَل َ ْر ُ‬‫ش ْه ٍر‪َ ،‬و ُج ِعلَ ْ‬
‫يرة َ َ‬ ‫َم ِس َ‬
‫ث ِإلَى قَ ْو ِم ِه َوبُ ِعثْتُ ِإلَى‬ ‫عةَ‪َ ،‬و َكانَ النَّبِ ُّ‬
‫ي يُ ْب َع ُ‬ ‫ْطيتُ ال َّ‬
‫شفَا َ‬ ‫ت َِح َّل َِل َ َح ٍد قَ ْب ِلي‪َ ،‬وأُع ِ‬
‫عا َّمةً‬ ‫"النَّ ِ‬
‫اس َ‬
‫‪207‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وص ْدقًا ﴿يُؤْ ِتكم َخي ًْرا ِم ّما‬ ‫﴿إن َي ْعلَ ِم َّ‬
‫اللهُ في قُلُو ِبكم َخي ًْرا﴾ أي‪ :‬إسْال ًما ِ‬ ‫قوله‪ْ :‬‬
‫داء‪ .‬كما في قصة عباس بن عبد المطلب‬ ‫‪.‬أ ُ ِخذَ ِمن ُك ْم﴾ ِمنَ ال ِف ِ‬

‫ص َل َحةً ِل ْل ُم ْس ِل ِمينَ ِمن َم ٍّن و ِفداءٍ وقَتْ ٍل‬


‫أن َي ْف َع َل ما َرآهُ َم ْ‬
‫واْلما ُم ُم َخي ٌَّر‪ ،‬ولَهُ ْ‬
‫ق‬
‫‪.‬وا ْستِ ْرقا ٍ‬

‫سبِي ِل ٱ َّلل ِه‬ ‫وا َو َج ٰـ َهد ۟‬


‫ُوا بِأ َ ۡم َو ٰ⁠ ِل ِه ۡم َوأَنفُ ِس ِه ۡم فِی َ‬ ‫وا َوهَا َج ُر ۟‬ ‫قوله‪﴿ :‬إِ َّن ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬

‫ي‪ُ :‬ك ٌّل ِم ْن ُه ْم أ َ َح ُّق‬ ‫ض ُه ۡم أَ ۡو ِل َي ۤا ُء َبعۡ ࣲ ٰۚ‬


‫ض﴾ أ َ ْ‬ ‫ص ُر ۤو ۟ا أ ُ ۟و َل ٰۤـ ِٕى َك َبعۡ ُ‬ ‫َوٱلَّ ِذينَ َء َاو ۟‬
‫وا َّو َن َ‬
‫ار‪،‬‬
‫ص ِ‬ ‫اج ِرينَ َو ْاَل َ ْن َ‬‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َبيْنَ ْال ُم َه ِ‬ ‫بِ ْاآلخ َِر ِم ْن ُك ِّل أ َ َحدٍ؛ َو ِل َهذَا آخَى َر ُ‬
‫علَى ْالقَ َرا َب ِة‪َ ،‬حتَّى َن َ‬
‫س َخ‬ ‫ُك ُّل اثْنَي ِْن أخ ََوان‪ ،‬فَ َكانُوا َيت ََو َ‬
‫ارثُونَ ِبذَ ِل َك ِإ ْرثًا ُمقَ َّد ًما َ‬
‫‪.‬اللَّهُ ت َ َعالَى ذَ ِل َك ِب ْال َم َو ِاري ِ‬
‫ث‬

‫َيءٍ َحتَّى‬‫﴿والَّذِينَ آ َمنُوا َولَ ْم يُ َها ِج ُروا َما لَ ُك ْم ِم ْن َواليَتِ ِه ْم ِم ْن ش ْ‬


‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫يب‪َ ،‬و َال فِي ُخمسها‬
‫َص ٌ‬ ‫ْس لَ ُه ْم فِي ْال َمغَا ِن ِم ن ِ‬‫اج ُروا﴾ قال ابن كثير‪ :‬فَ َه ُؤ َال ِء َلي َ‬ ‫يُ َه ِ‬
‫ث ْ‬
‫أخ َر َجهُ اْلما ُم أحْ َم ُد و ُم ْس ِل ٌم‬ ‫ض ُروا فِي ِه ْال ِقت َا َل‪ .‬كما في َحدِي ٍ‬
‫‪ِ .‬إ َّال َما َح َ‬

‫‪208‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض‬ ‫ض ِإال ت َ ْف َعلُوهُ ت َ ُك ْن فِتْنَةٌ فِي ْ‬


‫اَلر ِ‬ ‫﴿والَّذِينَ َكفَ ُروا بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم أ َ ْو ِليَا ُء بَ ْع ٍ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سكنَ م َعهُ فإنَّهُ مثلُهُ" صححه‬ ‫المشر َك و َ‬ ‫ِ‬ ‫ير﴾ وفي الحديث "من جام َع‬ ‫َوفَ َ‬
‫سا ٌد َك ِب ٌ‬
‫‪.‬اَللباني‬

‫س ِبي ِل ٱللَّ ِه َوٱلَّ ِذينَ َء َاو ۟‬


‫وا‬ ‫وا َو َج ٰـ َهد ۟‬
‫ُوا ِفی َ‬ ‫وا َوهَا َج ُر ۟‬‫﴿وٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫اَلولُونَ ِمنَ‬
‫سابِقُونَ َّ‬ ‫ص ُر ۤو ۟ا أ ُ ۟و َل ٰۤـ ِٕى َك ُه ُم ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنُونَ َحقّ ٰۚا﴾ وقال َ‬
‫﴿وال َّ‬ ‫َّونَ َ‬
‫ع ْنهُ‬
‫ضوا َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْن ُه ْم َو َر ُ‬ ‫ض َ‬
‫ان َر ِ‬
‫س ٍ‬‫ار َوالَّذِينَ اتَّبَعُو ُه ْم بِإِحْ َ‬
‫ص ِ‬ ‫ْال ُم َه ِ‬
‫اج ِرينَ َواَل ْن َ‬
‫ت تَجْ ِري تَحْ ت َ َها اَل ْن َه ُ‬
‫ار﴾‬ ‫َوأ َ َ‬
‫ع َّد لَ ُه ْم َجنَّا ٍ‬

‫ب الل ِه﴾ هذه اآلية‬ ‫ض ُه ْم أ َ ْو َلى ِببَ ْع ٍ‬


‫ض فِي ِكت َا ِ‬ ‫﴿وأ ُ ْولُوا ْ‬
‫اَلر َح ِام بَ ْع ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫َاء اللَّذَي ِْن َكانُوا يَت ََو َ‬
‫ارثُونَ بِ ِه َما‬ ‫ث بِ ْال ِح ْل ِ‬
‫ف َو ْ ِ‬
‫اْلخ ِ‬ ‫‪.‬نَا ِسخَةٌ ِل ْ ِ‬
‫ْل ْر ِ‬

‫تمت سورة اَلنفال بحمد الله‬

‫‪209‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةُ الت َّ ْوبَ ِة‬


‫س َ‬‫ُ‬

‫الر ِح ِيم‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬
‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‬ ‫علَى َر ُ‬ ‫ورة ُ ْال َك ِري َمةُ ِم ْن أ َ َو ِ‬
‫اخ ِر َما نَزَ َل َ‬ ‫س َ‬
‫‪َ .‬ه ِذ ِه ال ُّ‬
‫على أ ْقوا ٍل‬
‫وط ال َب ْس َملَ ِة ِمن َّأو ِلها َ‬
‫سق ُ ِ‬
‫ب ُ‬ ‫ف العُلَما ُء في َ‬
‫س َب ِ‬ ‫اختَلَ َ‬
‫‪:‬وقَ ِد ْ‬
‫ت اَل ْنفا ُل ِمن أوائِ ِل ما نَزَ ْل‬
‫منها‪ :‬ما في حديث عثمان بن عفان "وكانَ ِ‬
‫شبِي َهةً‬
‫صتُها َ‬ ‫آن نُ ُز ً‬
‫وال‪ ،‬وكان ْ‬
‫َت قِ َّ‬ ‫آخ ِر القُ ْر ِ‬
‫َت " بَرا َءة ٌ " ِمن ِ‬
‫بِال َمدِي َن ِة‪ ،‬وكان ْ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ ولَ ْم يُ َب ِيّ ْن َلنا أنَّها ِمنها‪ ،‬فَ ِمن‬ ‫ظ َن ْنتُ أنَّها ِمنها‪ ،‬وقُ ِب َ‬
‫ض َر ُ‬ ‫صتِها َف َ‬
‫ِب ِق َّ‬
‫الر ِح ِيم "‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫س ْ‬
‫ط َر " بِس ِْم اللَّ ِه َّ‬ ‫أجْ ِل ذَ ِل َك قَ َر ْنتُ بَ ْينَ ُهما و َل ْم أ ْكتُبْ بَ ْينَ ُهما َ‬
‫سبْع ِ ّ‬
‫الطوا ِل‬ ‫ض ْعتُها في ال َّ ِ‬ ‫»وو َ‬ ‫َ‬
‫ع ْهدٌ‪ ،‬فَإذا أرادُوا‬‫ب إذا كانَ بَ ْينَهم وبَيْنَ قَ ْو ٍم َ‬ ‫َو ِمنها‪ :‬أنَّهُ كانَ ِمن شَأ ْ ِن ال َع َر ِ‬
‫ض العَ ْه ِد‬ ‫ضهُ َكتَبُوا إلَ ْي ِه ْم ِكتابًا ولَ ْم يَ ْكتُبُوا فِي ِه َب ْس َملَةً‪ ،‬فَلَ ّما نَزَ َل ْ‬
‫ت بَرا َءة ٌ بِنَ ْق ِ‬ ‫نَ ْق َ‬
‫ب‬
‫ي بْنَ أ ِبي طا ِل ٍ‬‫ي ﷺ َع ِل َّ‬ ‫ث ِبها النَّ ِب ُّ‬
‫ي ِ ﷺ وال ُم ْش ِر ِكينَ ‪َ ،‬ب َع َ‬‫الَّذِي كانَ َبيْنَ ال َّن ِب ّ‬
‫ت بِ ِه عا َدة ُ ال َع َر ِ‬
‫ب‬ ‫على ما َج َر ْ‬ ‫علَ ْي ِه ْم ولَ ْم يُبَس ِْم ْل في ذَ ِل َك َ‬
‫‪.‬فَقَ َرأها َ‬

‫‪210‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪ ،‬لَ َّما َر َج َع ِم ْن غ َْز َوةِ‬ ‫ورةِ ْال َك ِري َم ِة نَزَ َل َ‬
‫علَى َر ُ‬ ‫س َ‬‫َوأ َ َّو ُل َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫يم لَل ّن ِ‬
‫اس ال َح َّج في‬ ‫على ال َم ْو ِس ِم لَيُ ِق َ‬ ‫ث أبا بَ ْك ٍر ِأم ً‬
‫يرا َ‬ ‫وك‪ ،‬في َسنَ ِة‪ ،‬تِسْعٍ فَبَ َع َ‬
‫تَبُ َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه‬ ‫ب ِل َي ُكونَ ُم َب ِلّغًا َ‬
‫ع ْن َر ُ‬ ‫ي ِ ب ِْن أ َ ِبي َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫ِت ْل َك ال َّ‬
‫سنَ ِة فَلَ َّما قَفَ َل أَتْ َبعُهُ ِب َع ِل ّ‬
‫صبَة لَهُ‬
‫‪.‬ﷺ‪ِ ،‬ل َك ْونِ ِه َع َ‬

‫عا َه ْدت ُ ْم ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ فَ ِسي ُحوا ِفي‬


‫سو ِل ِه ِإ َلى الَّذِينَ َ‬
‫َق ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ب َرا َءة ٌ ِمنَ اللَّ ِه َو َر ُ‬
‫ض أ َ ْربَ َعةَ أ َ ْش ُه ٍر﴾ َّأولُها يَ ْو ُم ال َح ّجِ اَل ْكبَ ِر‪ ،‬وهو يَ ْو ُم النَّحْ ِر‪ ،‬وآ َ ِخ ُرها‬ ‫اَلر ِ‬
‫ْ‬
‫‪.‬العا ِش ُر ِمن َربِيعٍ اآلَ ِخ ِر‬
‫أر َب َع ِة أ ْش ُه ٍر‪ ،‬و ِلذَ ِوي ْالعُ ُهو ِد‬ ‫ع ْه ِد ِه ال ُم َو َّق ِ‬
‫ت أ َق َّل ِمن ْ‬ ‫َت ُم َّدة ُ َ‬ ‫وهي ِل َمن كان ْ‬
‫غي ِْر ْال ُم َؤقَّتَ ِة‬ ‫‪.‬ال ُم ْ‬
‫طلَقَ ِة َ‬ ‫ْ‬
‫أر َب َع ِة أ ْش ُه ٍر‪ ،‬فَأ َ َجلُهُ‬‫ع ْه ٌد مؤقَّت البا ِقي ِمن ُم َّد ِته أ ْكث َ ُر ِمن ْ‬ ‫فَأ َ َّما َم ْن َكانَ لَهُ َ‬
‫ع ْه َد ُه ْم ِإلَى ُم َّدتِ ِه ْم ِإ َّن اللَّهَ‬
‫ِإلَى ُم َّدتِ ِه‪َ ،‬م ْه َما َكانَ ؛ ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَأَتِ ُّموا ِإلَ ْي ِه ْم َ‬
‫يُ ِحبُّ ْال ُمتَّقِينَ ﴾‬

‫اس يَ ْو َم ال َح ّجِ اَل ْكبَ ِر﴾ َو ُه َو يَ ْو ُم النَّحْ ِر‬


‫سو ِل ِه إلى النّ ِ‬ ‫﴿وأذان ِمنَ اللَّ ِه َ‬
‫ور ُ‬ ‫ٌ‬ ‫قَ ْولُهُ‪:‬‬
‫الَّذِي ُه َو عيد اَلضحى‪ ،‬وكان مما بعث النبي به أبا بكر‪ :‬أ َ َّال يَ ْد ُخ َل ْال َجنَّةَ إِ َّال‬
‫ْت َب ْع َد ْال َع ِام ُم ْش ِر ٌك‬
‫ان‪َ ،‬و َال َي ُح ُّج َهذَا ْال َبي َ‬
‫ع ْر َي ٌ‬ ‫وف ِب ْال َب ْي ِ‬
‫ت ُ‬ ‫ط َ‬‫‪ُ .‬مؤْ ِم ٌن‪َ ،‬و َال َي ُ‬

‫‪211‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن ال ُمرا َد ِبها أ ْش ُه ُر‬ ‫واب َّ‬


‫ص ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَإذا ا ْن َ‬
‫سلَ َخ اَل ْش ُه ُر ال ُح ُر ُم﴾ اآل َيةَ‪ .‬ال ّ‬
‫أربَ َعةَ أ ْش ُه ٍر﴾‬
‫ض ْ‬ ‫ورة ُ في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَ ِسي ُحوا في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫اْلمها ِل ال َم ْذ ُك َ‬
‫ْ‬

‫ور‬ ‫غف ُ ٌ‬‫س ِبيلَ ُه ْم ِإ َّن اللَّهَ َ‬


‫الز َكاة َ فَخَلُّوا َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَإ ِ ْن تَابُوا َوأَقَا ُموا ال َّ‬
‫صالة َ َوآت َُوا َّ‬
‫اس حتَّى يقولوا‪ :‬ال إ َلهَ َّإال‬ ‫أن أُقاتِ َل النَّ َ‬‫َر ِحي ٌم﴾ كما في الصحيحين "أ ُ ِم ْرتُ ْ‬
‫سهُ وما َلهُ‪َّ ،‬إال ب َح ِقّ ِه ِ‬
‫وحسابُهُ‬ ‫ص َم ِم ِنّي نَ ْف َ‬ ‫اللَّهُ‪ ،‬ف َمن قا َل‪ :‬ال إلَهَ َّإال اللَّهُ‪ ،‬فقَ ْد َ‬
‫ع َ‬
‫‪.‬علَى اللَّ ِه" رواه البخاري ومسلم‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إال الَّذِينَ عا َه ْدت ُ ْم ِع ْن َد ال َمس ِْج ِد ال َح ِ‬


‫رام﴾‬
‫فإن قيل‪ :‬إنما نزلت هذه اآليات في سنة تسع من الهجرة‪ ،‬وذلك بعد فتح مكة‬
‫كافر!! يقال‬
‫ٌ‬ ‫‪:‬بسنة‪ ،‬وكانت مكة في يد النبي‪ ،‬ولم يكن بمكة من قريش‬
‫فر منهم في سنة ثمان من الهجرة‬
‫‪.‬يعني من ّ‬
‫‪.‬أو أن اآلية عا ّمة‬

‫صلَ ٰوة َ َو َءات َُو ۟ا ٱ َّ‬


‫لز َك ٰوة َ فَإ ِ ۡخ َو ٰ⁠نُ ُك ۡم فِی ٱل ِ ّدي ٰۗ ِن﴾‬ ‫إن تابُوا َوأَقَا ُم ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫﴿فَ ْ‬
‫ع َلى َه ِذ ِه‬ ‫ي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬فِي ِقت َا ِل َمانِ ِعي َّ‬
‫الز َكاةِ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ص ّد ُ‬
‫ِيق‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ا ْعت َ َم َد أَبُو بَ ْك ٍر ال ِ ّ‬
‫الز َكا ِة‬ ‫"واللَّ ِه ََلُقَاتِلَ َّن َم ْن فَ َّرقَ َبيْنَ ال َّ‬
‫ص َال ِة َو َّ‬ ‫"‪ْ ..‬اآل َي ِة ْال َك ِري َم ِة َوأ َ ْمثَا ِل َها‪َ ،‬وقَا َل‪َ :‬‬

‫‪212‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ث رسول الله َب ْعثًا ِمنَ ال ُم ْس ِل ِمينَ إلى قَ ْو ٍم ِمنَ ال ُم ْش ِركِينَ ‪ ،‬فحمل رجل من‬
‫َو َب َع َ‬
‫ْف قا َل‪ :‬ال إلَهَ َّإال اللَّهُ‪،‬‬
‫المسلمين على رجل من المشركين‪َ ،‬فلَ َّما َرأَى ال َّسي َ‬
‫اللهُ عليه وسلَّ َم‪" :‬أقَت َْلتَهُ؟ قا َل‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬قا َل‪ :‬فَ َ‬
‫كيف‬ ‫صلَّى َّ‬
‫فقتله‪ ،‬فقا َل َرسو ُل الل ِه َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة؟" الحديث رواه مسلم‬ ‫ص َن ُع بال إلَهَ َّإال اللَّهُ إذا جا َء ْ‬
‫ت يَ َ‬ ‫‪.‬ت َ ْ‬

‫وا ِفی ِدي ِن ُك ۡم فَقَ ٰـ ِتلُ ۤو ۟ا أَ ِٕى َّمةَ‬


‫ط َعنُ ۟‬ ‫﴿و ِإن نَّ َكث ُ ۤو ۟ا أ َ ۡي َم ٰـنَ ُهم ِّم ُۢن َبعۡ ِد َ‬
‫عهۡ ِد ِه ۡم َو َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ب نُ ُزو ِل َها ُم ْش ِر ِكي قُ َري ٍْش فَ ِه َ‬
‫ي‬ ‫عا َّمةٌ‪َ ،‬و ِإ ْن َكانَ َ‬
‫سبَ ُ‬ ‫ص ِحي ُح أ َ َّن ْاآليَةَ َ‬ ‫ٱ ۡل ُك ۡف ِر﴾ ال َّ‬
‫عا َّمةٌ لَ ُه ْم َو ِلغَي ِْر ِه ْم‬
‫‪َ .‬‬

‫﴿و ُه ْم بَ َد ُءو ُك ْم أ َ َّو َل َم َّرةٍ﴾ قِي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد بِذَ ِل َك يَ ْو ُم بَ ْد ٍر‪ِ ،‬حينَ خ ََر ُجوا‬
‫َوقَ ْولُهُ َ‬
‫ط َل ًبا ِل ْل ِقت َا ِل‪،‬‬
‫علَى ُو ُجو ِه ِه ْم َ‬
‫ع ِل ُموا ِبذَ ِل َك ا ْست َ َم ُّروا َ‬ ‫ير ِه ْم فَلَ َّما نَ َج ْ‬
‫ت َو َ‬ ‫ص ِر ِع ِ‬
‫ِلنَ ْ‬
‫ط ذَ ِل َك‬ ‫‪.‬بَ ْغيًا َوت َ َكب ًُّرا‪َ ،‬ك َما تَقَد ََّم بَ ْس ُ‬

‫ض ُه ُم ْالعَ ْه َد َو ِقت َالُ ُه ْم َم َع ُحلَفَائِ ِه ْم َبنِي بَ ْك ٍر ِل ُخزَ ا َ‬


‫عةَ أَحْ َال ِ‬
‫ف‬ ‫َوقِي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد نَ ْق ُ‬
‫ام ْال َفتْحِ‪،‬‬
‫ع َ‬‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َ‬
‫ار ِإلَ ْي ِه ْم َر ُ‬
‫س َ‬‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حتى َ‬
‫‪.‬و َكانَ َما َكانَ ‪َ ،‬و ِللَّ ِه ْال َح ْم ُد‬
‫َ‬

‫ُور قَ ْو ٍم‬
‫صد َ‬‫ف ُ‬ ‫علَ ْي ِه ْم َويَ ْش ِ‬ ‫﴿قَا ِتلُو ُه ْم يُ َع ِذّ ْب ُه ُم اللَّهُ بِأ َ ْيدِي ُك ْم َويُ ْخ ِز ِه ْم َويَ ْن ُ‬
‫ص ْر ُك ْم َ‬
‫عا ٌّم ِفي ْال ُمؤْ ِمنِينَ ُك ِلّ ِه ْم‬
‫عةَ‪َ ،‬ولكن َه َذا َ‬ ‫‪ُ .‬مؤْ ِمنِينَ ﴾ قيل َي ْع ِني‪ُ :‬خزَ ا َ‬
‫‪213‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وا ِمن‬‫ُوا ِمن ُك ۡم َولَ ۡم َيت َّ ِخذُ ۟‬


‫وا َولَ َّما َيعۡ لَ ِم ٱ َّللهُ ٱلَّ ِذينَ َج ٰـ َهد ۟‬
‫قوله‪﴿ :‬أ َ ۡم َح ِس ۡبت ُ ۡم أَن ت ُ ۡت َر ُك ۟‬
‫ٰۚ‬ ‫ࣰ‬
‫سو ِل ِهۦ َو َال ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ َو ِلي َجة َوٱللهُ َخ ِبي ُر ِب َما ت َعۡ َملونَ ﴾ كما قَا َل‬
‫ُ‬ ‫ُۢ‬ ‫َّ‬ ‫ُون ٱللَّ ِه َو َال َر ُ‬ ‫د ِ‬
‫ع َل ْي ِه َحتَّى يَ ِميزَ ْال َخ ِب َ‬
‫يث ِمنَ‬ ‫علَى َما أ َ ْنت ُ ْم َ‬ ‫تَعَالَى‪َ ﴿ :‬ما َكانَ اللَّهُ ِليَذَ َر ْال ُمؤْ ِمنِينَ َ‬
‫ب﴾‬‫علَى ْالغَ ْي ِ‬ ‫ب َو َما َكانَ اللَّهُ ِليُ ْ‬
‫ط ِل َع ُك ْم َ‬ ‫َّ‬
‫الط ِّي ِ‬

‫﴿ال تَت َّ ِخذُوا بِطانَةً ِم ْن‬


‫والو ِلي َجةُ ال ِبطا َنةُ ِمنَ ال ُم ْش ِركِينَ ‪ ،‬كما قال تعالى‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ْراركم وت ُ ْع ِل ُمونَهم أ ُ ُم َ‬
‫وركم‬ ‫‪.‬دُونِ ُك ْم﴾ ت ُ ْف ُ‬
‫شونَ إلَ ْي ِه ْم ِبأس ِ‬

‫ساج َد اللَّ ِه﴾ كما قال تعالى‪:‬‬ ‫َق ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ ﴿ :‬ما كانَ ِل ْل ُم ْش ِركِينَ أ َ ْن َي ْع ُم ُروا َم ِ‬
‫ساج َد ِللَّ ِه َفال ت َ ْد ُ‬
‫عوا‬ ‫إن ْأو ِليا ُؤهُ ّإال ال ُمتَّقُونَ ﴾ وقال‪َ :‬‬
‫﴿و َّ‬
‫أن ال َم ِ‬ ‫﴿وما كانُوا ْأو ِليا َءهُ ْ‬
‫َم َع اللَّ ِه أ َحدًا﴾‬

‫على‬ ‫على أ ْنفُ ِس ِه ْم بِال ُك ْف ِر﴾ و ِقي َل‪ :‬ال ُمرا ُد بِ َه ِذ ِه ال َّ‬
‫شها َدةِ شَها َدتُهم َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬شا ِهدِينَ َ‬
‫يك لَ َك ّإال ش َِري ًكا هو لَ َك‬ ‫أ ْنفُ ِس ِه ْم بِال ُك ْف ِر‪ .‬كقَ ْو ِلهم في َ‬
‫طوافِ ِه ْم‪َ :‬لبَّي َْك ال ش َِر َ‬
‫‪.‬ت َْم ِل ُكهُ وما َملَ َك‬
‫ثان‬
‫اَلو ِ‬
‫ب ْ‬ ‫هار ما هو ُك ْف ٌر ِمن نَ ْ‬
‫ص ِ‬ ‫إظ ٍ‬‫على أ ْنفُ ِس ِه ْم بِال ُك ْف ِر أي‪ِ :‬ب ْ‬ ‫وقِي َل‪ :‬شا ِهدِينَ َ‬
‫‪.‬وال ِعبا َد ِة لَها و َج ْع ِلها آ ِل َهةً‬
‫‪214‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ساج َد اللَّ ِه َمن آ َمنَ بِاللَّ ِه واليَ ْو ِم ِ‬


‫اآلخ ِر﴾ وفي‪ :‬الحديث‬ ‫قوله‪﴿ :‬إنَّما يَ ْع ُم ُر َم ِ‬
‫"إن للمساج ِد أوتادًا ؛ المالئكةُ جلساؤهم ‪ ،‬إن غابوا يفتقدونهم ‪ ،‬وإن ِ‬
‫مرضوا‬ ‫َّ‬
‫‪.‬عادوهم ‪ ،‬وإن كانوا في حاج ٍة أعانوهم" قال اَللباني حسن صحيح‬

‫رام﴾ اآلية‬ ‫‪.‬قوله‪﴿ :‬أ َج َع ْلت ُ ْم ِسقا َيةَ الحا ّجِ و ِع َ‬


‫مارة َ ال َمس ِْج ِد ال َح ِ‬
‫سلَّ َم‪،‬‬
‫اللهُ عليه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫عن نعمان بن بشير قال‪ُ :‬ك ْنتُ ِع ْن َد ِم ْنبَ ِر َرسو ِل الل ِه َ‬
‫ُ‬ ‫فَقا َل َر ُج ٌل‪ :‬ما أ ُ َبا ِلي أ َ ْن ال أ َ ْع َم َل َ‬
‫ي ال َحا َّج‪َ ،‬وقا َل‬ ‫ع َم ًال َب ْع َد اْلس َْال ِم َّإال أ َ ْن أ ْس ِق َ‬
‫آخ َُر‪ :‬ما أُبَا ِلي أ َ ْن ال أ َ ْع َم َل َ‬
‫ع َم ًال بَ ْع َد اْلس َْال ِم َّإال أ َ ْن أ َ ْع ُم َر ال َمس ِْج َد ال َح َر َام‪،‬‬
‫ع َم ُر‪َ ،‬وقا َل‪ :‬ال‬ ‫سبي ِل الل ِه أ َ ْف َ‬
‫ض ُل م َّما قُلت ُ ْم‪ ،‬فَزَ َج َر ُه ْم ُ‬ ‫الج َها ُد في َ‬
‫َوقا َل آخ َُر‪ِ :‬‬
‫س َّل َم َوهو يَ ْو ُم‬ ‫صلَّى اللَّهُ عليه َو َ‬ ‫ت َْرفَعُوا أ َ ْ‬
‫ص َوات َ ُك ْم ِع ْن َد ِم ْنبَ ِر َرسو ِل الل ِه َ‬
‫صلَّيْتُ ال ُج ُمعَةَ َدخ َْلتُ فَا ْست َ ْفتَ ْيتُهُ فِيما ْ‬
‫اختَلَ ْفت ُ ْم فِي ِه‪ ،‬فأ ْنزَ َل‬ ‫ال ُج ُمعَ ِة‪َ ،‬ولَ ِك ْن إذَا َ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪{ :‬أ َ َج َع ْلت ُ ْم ِسقَا َيةَ ال َحا ّجِ َو ِع َم َ‬
‫ارة َ ال َمس ِْج ِد ال َح َر ِام َك َمن آ َمنَ باللَّ ِه‬ ‫اللَّهُ َ‬
‫آخ ِرهَا‪ .‬رواه مسلم‬ ‫اآلخ ِر} اآليَةَ إلى ِ‬ ‫وم ِ‬ ‫‪َ .‬و ْاليَ ِ‬

‫‪215‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫إن‬
‫وإخوانَكم ْأو ِليا َء ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ال تَت َّ ِخذُوا آبا َءكم ْ‬
‫ان ِإلَى ْال َكفَ َرةِ الَّذِينَ َال‬
‫س ِ‬ ‫ع ِن ْ ِ‬
‫اْلحْ َ‬ ‫اْليمان﴾ َو َال َي ْن َها ُك ْم َ‬
‫ِ‬ ‫على‬ ‫ا ْست َ َحبُّوا ال ُك ْف َر َ‬
‫ع ِن الَّذِينَ لَ ْم يُقا ِتلُوكم في‬
‫ِين‪ ،‬كما قال تعالى‪﴿ :‬ال َي ْنها ُك ُم اللَّهُ َ‬
‫يُقَا ِتلُونَ ُك ْم ِفي ال ّد ِ‬
‫إن اللَّهَ يُ ِحبُّ‬ ‫أن تَبَ ُّروهم وت ُ ْق ِس ُ‬
‫طوا إلَ ْي ِه ْم َّ‬ ‫ِين ولَ ْم يُ ْخ ِر ُجوكم ِمن د ِ‬
‫ِياركم ْ‬ ‫ال ّد ِ‬
‫ال ُم ْق ِس ِطينَ ﴾‬

‫﴿و َمن َيت ََولَّهم‬ ‫وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬و َمن يَت ََولَّهم ِمنكم فَأُولَئِ َك ُه ُم ّ‬
‫الظا ِل ُمونَ ﴾ كما قال تعالى‪َ :‬‬
‫ِمنكم فَإنَّهُ ِمن ُه ْم﴾‬

‫يرت ُ ُك ْم َوأ َ ْم َوا ٌل‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل ِإ ْن َكانَ آبَا ُؤ ُك ْم َوأ َ ْبنَا ُؤ ُك ْم َو ِإ ْخ َوانُ ُك ْم َوأ َ ْز َوا ُج ُك ْم َو َ‬
‫ع ِش َ‬
‫ض ْونَ َها﴾ اآلية‬ ‫سا ِك ُن ت َْر َ‬ ‫سا َدهَا َو َم َ‬ ‫ارة ٌ ت َْخش َْونَ َك َ‬ ‫‪.‬ا ْقت ََر ْفت ُ ُموهَا َو ِت َج َ‬
‫َت َه ِذ ِه ْاَل َ ْشيَا ُء (أ َ َحبَّ ِإلَ ْي ُك ْم ِمنَ اللَّ ِه َو َر ُ‬
‫سو ِل ِه َو ِج َها ٍد فِي َ‬
‫س ِبي ِل ِه‬ ‫ي‪ِ :‬إ ْن َكان ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫صوا) أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬فَا ْنت َِظ ُروا َماذَا يَ ِح ُّل بِ ُك ْم ِم ْن ِعقَابِ ِه َونَ َكا ِل ِه بِ ُك ْم؛ َو ِل َهذَا قَا َل‪:‬‬ ‫فَت ََربَّ ُ‬
‫ي اللَّهُ ِبأ َ ْم ِر ِه) وكما في الحديث‪" :‬إذا تبايعتُم بالعين ِة وأخذتم‬ ‫ْ‬
‫أذناب‬
‫َ‬ ‫( َحتَّى َيأ ِت َ‬
‫عهُ حتَّى‬ ‫ط اللَّهُ عليْكم ذالًّ الَ ينز ُ‬ ‫الجها َد سلَّ َ‬‫وتركت ُم ِ‬ ‫بالزرعِ َ‬ ‫البقر ‪ ،‬ورضيتُم َّ‬ ‫ِ‬
‫‪.‬ترجعوا إلى دينِ ُكم" صححه اَللباني‬
‫"ال يُؤْ ِم ُن أ َح ُد ُك ْم‪ ،‬حتَّى أ ُكونَ‬
‫وفيه وجوب محبة الرسول كما في الحديث‪َ :‬‬
‫وولَ ِد ِه والنَّ ِ‬
‫اس أجْ َمعِينَ " رواه البخاري ومسلم‬ ‫‪.‬أ َحبَّ إ َل ْي ِه ِمن وا ِل ِد ِه َ‬

‫‪216‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ِمن ُك ِّل‬ ‫ع َم ُر‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه‪ََ ،‬ل َ ْن َ‬


‫ت أ َحبُّ إلَ َّ‬ ‫وفي صحيح البخاري " َفقا َل له ُ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪َ :‬ال‪ ،‬والذي نَ ْف ِسي ب َي ِد ِه‪،‬‬ ‫ي َ‬‫شيءٍ َّإال ِمن نَ ْف ِسي‪ ،‬فَقا َل النب ُّ‬
‫ع َم ُر‪ :‬فإنَّه اآلنَ ‪ ،‬واللَّ ِه‪ََ ،‬ل َ ْن َ‬
‫ت أ َحبُّ‬ ‫حتَّى أ ُكونَ أ َحبَّ إ َلي َْك ِمن نَ ْف ِس َك فَقا َل له ُ‬
‫ع َم ُر‬‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ :‬اآلنَ يا ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ي ِمن نَ ْف ِسي‪ ،‬فَقا َل النب ُّ‬ ‫"‪.‬إلَ َّ‬

‫ص َر ُك ُم ٱللَّهُ ِفی َم َو ِ‬
‫اطنَ َك ِثي َرةࣲ َو َي ْو َم ُحنَي ٍْن إ ْذ أ ْع َج َبتْكم‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬لَقَ ۡد َن َ‬
‫ت ث ُ َّم ُو َّل ْيت ُ ْم‬
‫ض بِما َر ُحبَ ْ‬ ‫ع َل ْي ُك ُم ْ‬
‫اَلر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ش ْيئًا وضاقَ ْ‬ ‫ع ْنكم َ‬ ‫َكثْ َرتُكم فَلَ ْم ت ُ ْغ ِن َ‬
‫سانَهُ لَ َد ْي ِه ْم فِي نَ ْ‬
‫ص ِر ِه إِيَّا ُه ْم‬ ‫ع َل ْي ِه ْم َوإِحْ َ‬ ‫ُم ْدبِ ِرينَ ﴾ يَ ْذ ُك ُر تَعَالَى ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ فَ ْ‬
‫ضلَهُ َ‬
‫يرةٍ منها بدر‪ ،‬وخيبر‪ ،‬واَلحزاب‬ ‫اطنَ َكثِ َ‬ ‫‪ .‬فِي َم َو ِ‬
‫ان ِمنَ ْال ِهجْ َرةِ‪،‬‬ ‫َت َو ْق َعةُ‪ُ " :‬حنين" بَ ْع َد فَتْحِ َم َّكةَ ِفي ش ََّوا ٍل َسنَةَ ث َ َم ٍ‬ ‫َوقَ ْد َكان ْ‬
‫عا َّمةُ‬
‫ورهَا‪َ ،‬وأ َ ْسلَ َم َ‬ ‫ت أ ُ ُم ُ‬ ‫س َال ُم ِم ْن َفتْحِ َم َّكةَ‪َ ،‬وت َ َم َّه َد ْ‬
‫غ َعلَ ْي ِه ال َّ‬‫َوذَ ِل َك لَ َّما فَ َر َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ ،‬فبلغه أن ه ََو ِازنَ َج َمعُوا لَهُ ِليُقَا ِتلُوهُ‪ ،‬فَخ ََر َج‬ ‫أ َ ْه ِل َها‪َ ،‬وأ َ ْ‬
‫طلَقَ ُه ْم َر ُ‬
‫عش ََرة ُ َآالفٍ ِمنَ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ فِي َج ْي ِش ِه الَّذِي َجا َء َمعَهُ ِل ْلفَتْحِ‪َ ،‬و ُه َو َ‬ ‫إِلَ ْي ِه ْم َر ُ‬
‫ب‪َ ،‬و َم َعهُ الَّذِينَ أ َ ْسلَ ُموا ِم ْن أ َ ْه ِل َم َّكةَ‪َ ،‬و ُه ُم‬ ‫ار َو َق َبا ِئ ِل ْال َع َر ِ‬ ‫اج ِرينَ َو ْاَل َ ْن َ‬
‫ص ِ‬ ‫ْال ُم َه ِ‬
‫ف‬ ‫ار بِ ِه ْم ِإلَى ْال َعد ّ ُِو‪َ ،‬ف ْالت َ َق ْوا بِ َوا ٍد َبيْنَ َم َّكةَ َو َّ‬
‫الطا ِئ ِ‬ ‫س َ‬‫ضا‪َ ،‬ف َ‬ ‫الطلَ َقا ُء فِي أَ ْلفَي ِْن أ َ ْي ً‬
‫ُّ‬
‫‪.‬يُقَا ُل لَهُ " ُح َني ٌْن"‪ ...‬القصة‬

‫‪217‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬يا أيُّها َّالذِينَ آ َمنُوا إنَّما ال ُم ْش ِر ُكونَ نَ َج ٌ‬


‫س فَال َي ْق َربُوا ال َمس ِْج َد ال َح َ‬
‫رام‬
‫ع ِقي َدةِ‬ ‫سة ال َم ْعنَ ِويَّة‪ ،‬فال ُم ْش ِركُ نَ َج ٌ‬
‫س َِلجْ ِل َ‬ ‫عام ِه ْم هَذا﴾ يعني‪ :‬النَّجا َ‬ ‫بَ ْع َد ِ‬
‫سةً ذا ِت َّيةً‬ ‫‪.‬إ ْشرا ِك ِه‪ .‬ولَ ْي َ‬
‫س ْ‬
‫ت نَجا َ‬

‫قوله‪﴿ :‬قَا ِتلُوا الَّذِينَ َال يُؤْ ِمنُونَ بِاللَّ ِه َوال ِب ْاليَ ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر َوال يُ َح ِ ّر ُمونَ َما َح َّر َم‬
‫َاب﴾ قال ابن كثير‪:‬‬ ‫ق ِمنَ الَّذِينَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬
‫سولُهُ َوال َيدِينُونَ دِينَ ْال َح ّ ِ‬ ‫اللَّهُ َو َر ُ‬
‫ت أ ُ ُم ُ‬
‫ور‬ ‫ب‪ ،‬بَ ْع َد َما ت َ َم َّه َد ْ‬‫ت أ َ َّو َل ْاَل َ ْم ِر بِ ِقت َا ِل أ َ ْه ِل ْال ِكت َا ِ‬
‫َو َه ِذ ِه ْاآليَةُ ْال َك ِري َمةُ نَزَ لَ ْ‬
‫ب‬‫يرة ُ ْالعَ َر ِ‬ ‫ت َج ِز َ‬ ‫ِين اللَّ ِه أ َ ْف َوا ًجا‪َ ،‬فلَ َّما ا ْستَقَا َم ْ‬ ‫اس فِي د ِ‬ ‫ْال ُم ْش ِركِينَ َو َد َخ َل النَّ ُ‬
‫ارى‬
‫ص َ‬‫سولُهُ ِب ِقت َا ِل أ َ ْه ِل ْال ِكت َا َبي ِْن ْال َي ُهو ِد َوال َّن َ‬
‫‪.‬أ َ َم َر اللَّهُ َو َر ُ‬

‫ار‬ ‫غلَ َبةٍ‪ ،‬أو َ‬


‫عن ِخ َي ٍ‬ ‫ع ْن قَ ْه ٍر لَ ُه ْم َو َ‬
‫ي‪َ :‬‬ ‫طوا ْال ِج ْز َيةَ َ‬
‫ع ْن َيدٍ﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬حتَّى يُ ْع ُ‬
‫‪.‬وا ْعتِرافٍ َل ْل ُم ْس ِل ِمينَ ِب َّ‬
‫أن أ ْي ِديَهم فَ ْوقَ أ ْيدِي ِه ْم‬
‫يع ْال ُكفَّ ِ‬
‫ار‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬قال العلماء‪ :‬وتُؤْ َخذُ ال ِج ْز َية ِم ْن َج ِم ِ‬
‫ي‪ :‬يا َرسو َل‬ ‫ع ِل ٌّ‬
‫وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي‪ :‬قا َل َ‬
‫اللَّ ِه‪ ،‬أُقَاتِلُ ُه ْم حتَّى يَكونُوا ِمثْلَنَا؟ فَقا َل‪" :‬ا ْنفُ ْذ علَى ِر ْس ِل َك حتَّى ت َ ْن ِز َل ب َ‬
‫سا َحتِ ِه ْم‪،‬‬
‫الل ِه فِي ِه؛ فَ َو َّ‬
‫الل ِه ََل َ ْن‬ ‫ق َّ‬ ‫ع ُه ْم إلى اْلس َْال ِم‪ ،‬وأ َ ْخبِ ْر ُه ْم بما َي ِج ُ‬
‫ب عليهم ِمن َح ّ ِ‬ ‫ث ُ َّم ا ْد ُ‬
‫لك ُح ْم ُر النَّ َع ِم‬ ‫لك ِمن ْ‬
‫أن َيكونَ َ‬ ‫بك َر ُج ًال ِ‬
‫واحدًا‪َ ،‬خي ٌْر َ‬ ‫ِي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫" َي ْهد َ‬

‫‪.‬قَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬يضا ِهئُونَ قَ ْو َل الَّذِينَ َكفَ ُروا﴾ ال ُمضاهاةُ‪ :‬ال ُمشا ِب َهةُ‬
‫‪218‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ثان‪ ،‬الذين قالُوا‪ :‬ال َمالئِ َكةُ َبناتُ َّ‬


‫الل ِه‬ ‫ع َب َدة ُ ْ‬
‫اَلو ِ‬ ‫‪.‬والمعني‪ :‬أنَّهم َ‬
‫وأن ال َم ِسي َح اب ُْن اللَّ ِه‬ ‫عزَ ي ًْرا اب ُْن َّ‬
‫الل ِه َّ‬ ‫‪.‬أو أنَّهم شابَ ُهوا أسْالفَ ُه ُم القائِلِينَ بِ َّ‬
‫أن ُ‬

‫ُون اللَّ ِه﴾ في الحديث جاء ع ِد ُّ‬


‫ي‬ ‫ور ْهبانَهم ْ‬
‫أربابًا ِمن د ِ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬ات َّ َخذُوا أحْ َ‬
‫بارهم ُ‬
‫سم َع‬
‫اْلسالم فلما ِ‬
‫ِ‬ ‫ي ِ و كان قد دان بالنصرانِ َّي ِة قب َل‬
‫بن حاتِ ٍم الطائي إلى النب ّ‬‫ُ‬
‫ي يقرأ ُ هذه اآليةَ قال ‪ :‬يا رسو َل الل ِه ِإ َّنهم لم يعبدوهم فقال بلى ِإ َّنهم‬‫النب َّ‬
‫الحرام فاتَّبعوهم فذ ِل َك عبادتُهم إيَّاهم" حسنه‬
‫َ‬ ‫حرموا عليهم الحال َل وأحلُّوا لهم‬
‫َّ‬
‫‪.‬اَللباني‬

‫علَما ُء‬
‫بار ُ‬ ‫علَ َما ُؤ ُه ْم‪َ ،‬كما َّ‬
‫أن اَلحْ َ‬ ‫سونَ ‪ُ :‬‬ ‫ارى‪َ ،‬و ْال ِق ِ ّ‬
‫سي ُ‬ ‫ص َ‬‫عبَّا ُد النَّ َ‬ ‫الر ْهبَ ُ‬
‫ان‪ُ :‬‬ ‫َو ُّ‬
‫‪.‬ال َي ُهو ِد‬

‫وء‬
‫س ِ‬ ‫علَ َم ِ‬
‫اء ال ُّ‬ ‫صودُ‪ :‬التَّحْ ذ ُ‬
‫ِير ِم ْن ُ‬ ‫بان﴾ ْال َم ْق ُ‬ ‫والر ْه ِ‬
‫بار ُّ‬ ‫يرا ِمنَ اَلحْ ِ‬ ‫قوله‪َّ :‬‬
‫﴿إن َكثِ ً‬
‫عبَّاد الض ََّال ِل‪َ ،‬و ِمنَ الت َّ َشبُّ ِه ِب ِه ْم ِفي أَحْ َوا ِل ِه ْم َوأ َ ْق َوا ِل ِهم‬
‫‪.‬و ُ‬
‫ِراع‪ ،‬حتَّى‬
‫عا بذ ٍ‬ ‫سنَنَ َمن كانَ َق ْبلَ ُك ْم‪ِ ،‬شب ًْرا ِشب ًْرا وذِرا ً‬ ‫وفي الحديث "لَتَتْبَعُ َّن َ‬
‫صارى؟ قا َل‪:‬‬‫ضبّ ٍ تَبِ ْعت ُ ُمو ُه ْم‪ ،‬قُ ْلنا‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬اليَ ُهو ُد والنَّ َ‬
‫لو َد َخلُوا ُجحْ َر َ‬
‫‪.‬فَ َم ْن‪ ".‬رواه البخاري‬

‫‪219‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِبي ِل اللَّ ِه﴾‬


‫ضةَ وال يُ ْن ِفقُونَها في َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِينَ َي ْكنِ ُزونَ ال َّذه َ‬
‫َب وال ِف َّ‬
‫‪.‬هو الما ُل الَّذِي ال ت ُ َؤدّى زَ كاتُهُ‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله "ما ِمن َر ُج ٍل ال يُ َؤ ّدِي‬
‫نار‪ ،‬يُكوى ِبها َجنبُه و َجب َهتُه‬
‫صفائِ َح ِمن ٍ‬ ‫زَ كاة َ ما ِله َّإال ُج ِع َل يَ َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة َ‬
‫ضى َبينَ ال َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬ثم‬ ‫س َنةٍ‪ ،‬حتى يُق َ‬ ‫قداره خَمسينَ أ َ ْل َ‬
‫ف َ‬ ‫وم كان ِم ُ‬
‫هره‪ ،‬في يَ ٍ‬
‫ظ ُ‬‫و َ‬
‫سبيلَه‪ "،‬الحديث‬
‫‪.‬يُرى َ‬
‫اال‪ ،‬فَلَ ْم يُ َؤ ِ ّد زَ َكاتَهُ ُم ِث ّ َل له َمالُهُ يَ َ‬
‫وم‬ ‫في صحيح البخاري " َمن آت َاهُ اللَّهُ َم ً‬
‫وم ال ِقيَا َم ِة‪ ،‬ث ُ َّم يَأ ْ ُخذُ ب ِل ْه ِز َمت َ ْي ِه ‪ -‬يَ ْعنِي‬
‫ط َّوقُهُ َي َ‬
‫َان يُ َ‬ ‫عا أ ْق َر َ‬
‫ع له زَ بِيبَت ِ‬ ‫ال ِقيَا َم ِة ُ‬
‫ش َجا ً‬
‫"ب ِش ْدقَ ْي ِه ‪ -‬ث ُ َّم يقو ُل أنَا َمالُ َك أنَا َك ْن ُز َك‪،‬‬

‫ب اللَّ ِه َي ْو َم‬‫ش ْهرا ً ِفي ِكتا ِ‬ ‫عش ََر َ‬ ‫ور ِع ْن َد اللَّ ِه اثْنا َ‬‫ش ُه ِ‬‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪ِ ﴿ :‬إ َّن ِع َّدة َ ال ُّ‬
‫َظ ِل ُموا فِي ِه َّن‬ ‫ِين ْال َق ِيّ ُم َفال ت ْ‬
‫ض ِم ْنها أ َ ْربَ َعةٌ ُح ُر ٌم ذ ِل َك ال ّد ُ‬ ‫ت َو ْاَل َ ْر َ‬ ‫سماوا ِ‬ ‫َخلَقَ ال َّ‬
‫وم َخ َلقَ اللَّهُ‬ ‫س ُك ْم‪ ﴾.‬في الصحيحين َّ‬
‫"إن َّ‬
‫الزمانَ قَ ِد ا ْست َ‬
‫َدار َك َه ْيئَتِ ِه يَ َ‬ ‫أ َ ْنفُ َ‬
‫أر َب َعةٌ ُح ُر ٌم‪ ،‬ث َ ٌ‬
‫الث‬ ‫ش ْه ًرا‪ِ ،‬م ْنها ْ‬‫عش ََر َ‬‫سنَةُ اثْنا َ‬
‫ض‪ ،‬ال َّ‬
‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫س َموا ِ‬‫ال َّ‬
‫ض َر الذي بيْنَ‬
‫ب‪ُ ،‬م َ‬
‫ور َج ُ‬ ‫يات‪ :‬ذُو القَ ْع َد ِة‪ ،‬وذُو ِ‬
‫الح َّج ِة‪ ،‬وال ُم َح َّر ُم‪َ ،‬‬ ‫ُمت َوا ِل ٌ‬
‫ش ْعبانَ‬
‫" ُجما َدى‪ ،‬و َ‬

‫‪220‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وقَا ِتلُوا ْال ُم ْش ِركِينَ َكافَّةً َك َما يُقَاتِلُونَ ُك ْم َكافَّةً َوا ْعلَ ُموا أ َ َّن اللَّهَ َم َع‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ش ْه ِر ْال َح َر ِام‪ :‬ه َْل‬‫اء ْال ِقت َا ِل فِي ال َّ‬‫ف ْالعُلَ َما ُء فِي تَحْ ِر ِيم ا ْبتِ َد ِ‬ ‫ْال ُمتَّقِينَ ﴾ َوقَ ِد ْ‬
‫اخت َ َل َ‬
‫علَى قَ ْولَي ِْن‬‫سو ٌخ أ َ ْو ُمحْ َك ٌم؟ َ‬ ‫‪ُ :‬ه َو َم ْن ُ‬
‫سو ٌخ؛ َِلَنَّهُ ت َ َعالَى قَا َل هَا ُهنَا‪﴿ :‬فَال ت َْظ ِل ُموا فِي ِه َّن‬ ‫أ َ َح ُد ُه َما ‪َ -‬و ُه َو ْاَل َ ْش َه ُر‪ :‬أَ َّنهُ َم ْن ُ‬
‫ق ُم ْش ِع ٌر ِبأَنَّهُ أ َ َم َر بِذَ ِل َك أ َ ْم ًرا‬
‫سيَا ِ‬ ‫س ُك ْم﴾ َوأ َ َم َر بِ ِقت َا ِل ْال ُم ْش ِركِينَ َو َ‬
‫ظا ِه ُر ال ِ ّ‬ ‫أ َ ْنفُ َ‬
‫عا ًّما‪ .‬انظر تفسير ابن كثير‬
‫‪َ .‬‬

‫قوله‪﴿ :‬فَ َما َمت َاعُ ْال َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا فِي ِ‬
‫اآلخ َرةِ ِإال قَ ِلي ٌل﴾ كما في صحيح مسلم‬
‫اآلخ َرةِ َّإال ِمثْ ُل ما َيجْ َع ُل أ َح ُد ُك ْم إ ْ‬
‫صبَ َعهُ هذِه‪ ،‬وأَ َ‬
‫شار يَحْ يَى‬ ‫َّ‬
‫"والل ِه ما ال ُّد ْنيا في ِ‬
‫بم ت َْر ِج ُع؟‬ ‫سبَّا َب ِة‪ ،‬في ال َي ِ ّم‪ ،‬فَ ْل َي ْن ُ‬
‫ظ ْر َ‬ ‫"بال َّ‬

‫غي َْر ُك ْم﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪:‬‬ ‫عذَابًا أ َ ِلي ًما َويَ ْست َ ْبد ِْل قَ ْو ًما َ‬
‫قوله‪﴿ :‬إِال ت َ ْن ِف ُروا يُعَ ِ ّذ ْب ُك ْم َ‬
‫أم ِر ِه َّ‬ ‫ي اللَّهُ ِب ْ‬ ‫ْ‬
‫واللهُ ال َي ْهدِي القَ ْو َم الفا ِسقِينَ ﴾‬ ‫صوا َحتّى َيأ ِت َ‬ ‫﴿فَت ََر َّب ُ‬
‫غي َْر ُك ْم ث ُ َّم َال يَ ُكونُوا أ َ ْمثَالَ ُك ْم﴾ وقال‪﴿ :‬يا أيُّها‬ ‫وقال‪ِ ﴿ :‬إ ْن تَت ََولَّ ْوا َي ْست َ ْبد ِْل قَ ْو ًما َ‬
‫ف يَأْتِي اللَّهُ بِقَ ْو ٍم يُ ِحبُّهم ويُ ِحبُّونَهُ‬‫س ْو َ‬ ‫ع ْن دِينِ ِه فَ َ‬ ‫الَّذِينَ آ َمنُوا َمن يَ ْرت َ َّد ِمنكم َ‬
‫على الكافِ ِرينَ ﴾ اآل َيةَ‬ ‫‪.‬أذِلَّ ٍة َ‬
‫على ال ُمؤْ ِمنِينَ أ ِع َّز ٍة َ‬

‫‪221‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِير﴾ وفي صحيح مسلم يقول‬ ‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬ ‫على ُك ِّل َ‬ ‫ش ْيئًا َّ‬
‫واللهُ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وال تَ ُ‬
‫ض ُّروهُ َ‬
‫ض ُّرونِي َولَ ْن‬ ‫الله في الحديث القدسي "يا ِعبَادِي إنَّ ُك ْم لَ ْن ت َ ْبلُغُوا َ‬
‫ض ِ ّري َفت َ ُ‬
‫س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم َكانُوا‬ ‫أن أ َ َّولَ ُك ْم َو ِ‬
‫آخ َر ُك ْم وإ ْن َ‬ ‫ت َ ْبلُغُوا نَ ْف ِعي‪َ ،‬فت َ ْنفَعُو ِني‪ ،‬يا ِع َبادِي لو َّ‬
‫ذلك في ُم ْل ِكي شيئًا‪ ،‬يا ِعبَادِي لو َّ‬
‫أن‬ ‫اح ٍد ِمن ُك ْم‪ ،‬ما زَ ا َد َ‬ ‫علَى أَتْقَى قَ ْل ِ‬
‫ب َر ُج ٍل َو ِ‬
‫احدٍ‪ ،‬ما نَقَ َ‬
‫ص‬ ‫س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم َكانُوا علَى أ َ ْف َج ِر قَ ْل ِ‬
‫ب َر ُج ٍل َو ِ‬ ‫أ َ َّولَ ُك ْم َو ِ‬
‫آخ َر ُك ْم وإ ْن َ‬
‫ذلك ِمن ُم ْل ِكي شيئًا" الحديث‬ ‫‪َ .‬‬

‫ی ٱ ۡثنَ ۡي ِن‬ ‫۟‬ ‫ۡ‬


‫ص َرهُ ٱللَّهُ إِذ أ َ ۡخ َر َجهُ ٱلَّ ِذينَ َكفَ ُروا ثَانِ َ‬ ‫قوله تَعَا َلى‪﴿ :‬إِال تَ ْن ُ‬
‫ص ُروهُ فَقَ ۡد َن َ‬
‫ص ٰـ ِح ِب ِهۦ َال ت َۡحزَ ۡن ِإ َّن ٱللَّهَ َم َعنَا﴾ كما في‬ ‫ِإ ۡذ ُه َما فِی ٱ ۡلغ ِ‬
‫َار ِإ ۡذ َيقُو ُل ِل َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫الصحيحين قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه "قُلتُ لل َّنب ّ‬
‫يِ َ‬
‫ظنُّ َك‬ ‫ت قَ َد َم ْي ِه ََل َ ْب َ‬
‫ص َرنَا‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬ما َ‬ ‫أن أ َح َد ُه ْم نَ َ‬
‫ظ َر تَحْ َ‬ ‫َار‪ :‬لو َّ‬ ‫وسلَّ َم وأَنَا في الغ ِ‬
‫"!يا أبَا بَ ْك ٍر باثْنَي ِْن اللَّهُ ثَا ِلث ُ ُه َما؟‬

‫سراقَةَ ب ِْن‬ ‫﴿وأَيَّ َدهُ ِب ُجنُو ٍد َل ْم ت ََر ْوهَا﴾ أَيِ‪ْ :‬ال َم َال ِئ َك ِة‪َ ،‬كما جا َء في َحدِي ِ‬
‫ث ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪ُ .‬ج ْع ُ‬
‫ش ٍم‬

‫‪222‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورة َ َب َرا َءةَ‪ ،‬فَأَت َى َ‬


‫علَى َه ِذ ِه ْاآل َي ِة‪:‬‬ ‫س َ‬‫ط ْل َحةَ ُ‬
‫قوله‪﴿ :‬ا ْن ِف ُروا ِخفَافًا َوثِقَاال﴾ قَ َرأ َ أَبُو َ‬
‫سبِي ِل َّ‬
‫الل ِه﴾ فَقَا َل‪ :‬أ َ َرى‬ ‫﴿ا ْن ِف ُروا ِخفَافًا َوثِقَاال َو َجا ِهدُوا بِأ َ ْم َوا ِل ُك ْم َوأ َ ْنفُ ِس ُك ْم فِي َ‬
‫ي‪ .‬فَقَا َل َبنُوهُ‪َ :‬ي ْر َح ُم َك َّ‬
‫اللهُ‪ ،‬قَ ْد‬ ‫َربَّنَا َي ْست َ ْن ِف ُرنَا ُ‬
‫شيُو ًخا و َش َبا ًبا َج ِ ّه ُزو ِني َيا َب ِن َّ‬
‫ع َم َر َحتَّى‬
‫ات‪َ ،‬و َم َع ُ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه َحتَّى َم َ‬
‫ات‪َ ،‬و َم َع أ َ ِبي بَ ْك ٍر َحتَّى َم َ‬ ‫ت َم َع َر ُ‬
‫غَزَ ْو َ‬
‫يرةً‬ ‫ب ْال َبحْ َر فَ َم َ‬
‫ات‪ ،‬فَلَ ْم يَ ِجدُوا لَهُ َج ِز َ‬ ‫ع ْن َك‪ .‬فَأَبَى‪ ،‬فَ َر ِك َ‬
‫ات‪َ ،‬فنَحْ ُن نَ ْغ ُزو َ‬
‫َم َ‬
‫‪َ .‬ي ْد ِفنُوهُ ِفي َها ِإ َّال َب ْع َد ِت ْس َع ِة أَي ٍَّام‪َ ،‬فلَ ْم َيتَغَي َّْر‪ ،‬فَ َدفَنُوهُ ِب َها‬

‫﴿و َجا ِهدُوا بِأ َ ْم َوا ِل ُك ْم َوأ َ ْنفُ ِس ُك ْم فِي َسبِي ِل اللَّ ِه َذ ِل ُك ْم َخي ٌْر لَ ُك ْم إِ ْن ُك ْنت ُ ْم‬‫قوله‪َ :‬‬
‫ي ﷺ‪" :‬وت َكفَّل َّ‬
‫اللهُ‬ ‫ي‪َ :‬هذَا َخي ٌْر َل ُك ْم فِي ال ُّد ْن َيا َو ْاآل ِخ َرةِ‪َ ،‬ك َما قَا َل النَّ ِب ُّ‬ ‫ت َ ْع َل ُمونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫س ِبي ِل ِه ِإ ْن ت ََوفَّاهُ أ َ ْن يُ ْد ِخلَهُ ْال َجنَّةَ‪ ،‬أ َ ْو يَ ُر َّدهُ ِإلَى َم ْن ِز ِل ِه نَائِ ًال َما نَا َل‬‫ِل ْل ُم َجا ِه ِد فِي َ‬
‫غ ِني َمةٍ" أخرجه البخاري ومسلم‬ ‫‪ِ .‬م ْن أَجْ ٍر أ َ ْو َ‬

‫ت َه ِذ ِه ْاآليَةُ فِي أُن ٍ‬


‫َاس قَالُوا‪:‬‬ ‫ت لَهم﴾ قيل‪ :‬نَزَ لَ ْ‬ ‫ع ْن َك ِل َم أ ِذ ْن َ‬ ‫عفا َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬‬
‫سو َل اللَّ ِه فَإ ِ ْن أَذِنَ لَ ُك ْم فَا ْقعُدُوا‪َ ،‬و ِإ ْن لَ ْم َيأْذَ ْن لَ ُك ْم فَا ْقعُدُوا‬ ‫‪.‬استأ ِذنُوا َر ُ‬
‫ور‪ ،‬فر َّخص لَهُ فِي أ َ ْن َيأْذَنَ‬ ‫ورةِ النُّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫وقيل‪ :‬أَ ْنزَ َل الله بعد ذلك اآلية الَّتِي فِي ُ‬
‫ض شَأ ْ ِن ِه ْم فَأْذَ ْن ِل َم ْن ِشئْ َ‬
‫ت ِم ْن ُه ْم﴾‬ ‫لَ ُه ْم إِ ْن شَا َء‪َ ﴿ :‬فإِذَا ا ْست َأ ْ َذنُ َ‬
‫وك ِلبَ ْع ِ‬

‫أن يُجا ِهدُوا﴾ معنى ْ‬


‫أن‬ ‫قوله‪﴿ :‬ال َي ْست َأ ْ ِذنُ َك الَّذِينَ يُؤْ ِمنُونَ بِاللَّ ِه واليَ ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر ْ‬
‫أي في ْ‬
‫أن يُجا ِهدُوا‬ ‫ْمار في‪ْ :‬‬
‫ب ِبإض ِ‬
‫ص ٍ‬
‫ضعِ َن ْ‬
‫‪.‬يُجا ِهدُوا في َم ْو ِ‬
‫‪223‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف النَّ ْفي ِ‬ ‫على َح ْذ ِ‬


‫ف َح ْر ِ‬ ‫أن ال يُجا ِهدُوا َ‬ ‫‪.‬أو‪ْ :‬‬
‫الجها ِد بَ ْل َدأْبُهم ْ‬
‫أن يُباد ُِروا إلَ ْي ِه ِمن‬ ‫و َم ْعنى اآليَ ِة‪ :‬ال َي ْست َأ ْ ِذنُ َك ال ُمؤْ ِمنُونَ في ِ‬
‫وك في‬‫أن َي ْست َأ ْ ِذنُ َ‬ ‫نك فَض ًْال َ‬
‫ع ْن ْ‬ ‫ب ِمنهم ِل ُوقُوعِ اْل ْذ ِن ِم َ‬‫ار ِتقا ٍ‬ ‫غي ِْر ت ََوقُّفٍ وال ْ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫‪.‬التَّخ َُّل ِ‬

‫ط ۟‬
‫وا ٰۗۤ َو ِإ َّن َج َه َّن َم‬ ‫﴿و ِم ۡن ُهم َّمن َيقُو ُل ٱ ۡئذَن ِلّی َو َال ت َۡف ِت ِّن ۤی ٰۚۤ أ َ َال ِفی ٱ ۡل ِف ۡتنَ ِة َ‬
‫سقَ ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫له‬ ‫قال‬ ‫‪.‬‬‫ْس‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ْن‬ ‫ب‬ ‫ّ‬
‫د‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫اآلية‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َزَ‬ ‫ن‬ ‫قيل‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫ي‬‫ر‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ل‬‫ۡ‬ ‫ٱ‬‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ط ُۢ‬
‫ة‬ ‫لَ ُم ِحي َ‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬
‫العام فِي ِج َال ِد بَنِي ْاَل َ ْ‬
‫صفَ ِر؟ " فَقَا َل‪ :‬يَا رسول الله‪ ،‬أو تأذن‬ ‫َ‬ ‫"ه َْل لَ َك يَا َج ُّد‬
‫اء ِمنِّي‪َ ،‬و ِإنِّي‬
‫س ِ‬‫ع َج ًبا ِبالنِّ َ‬ ‫ف قَ ْو ِمي َما َر ُج ٌل أ َ َ‬
‫ش ُّد َ‬ ‫ِلي َو َال ت َ ْف ِتنِّي‪ ،‬فَ َواللَّ ِه لَقَ ْد َ‬
‫ع َر َ‬
‫ع ْن ُه َّن‪ .‬فَأَع َْر َ‬
‫ض َع ْنهُ َر ُ‬
‫سو ُل‬ ‫صفَ ِر َال أَ ْ‬
‫صبِ ُر َ‬ ‫أ َ ْخشَى ِإ ْن َرأَيْتُ نِ َسا َء َبنِي ْاَل َ ْ‬
‫"اللَّ ِه ﷺ َوقَا َل‪َ " :‬ق ْد أ َ ِذ ْنتُ َل َك‬

‫سلَ َمةَ‪ ،‬قَا َل لَ ُه ْم النبي‪" :‬من سيِّدُكم‬ ‫َوقَ ْد َكانَ ْال َج ُّد ب ُْن قَي ٍْس َهذَا ِم ْن أ َ ْش َر ِ‬
‫اف َبنِي َ‬
‫ي داءٍ أ َ ْد َوى من‬
‫قيس على أ َّنا نُب ِ ّخلُه‪ ،‬قال ‪ :‬و أ ُّ‬ ‫يا بني سلمةَ ؟ قلنا ‪ :‬ج ُّد ُ‬
‫بن ٍ‬
‫‪.‬البخ ِل ؟ بل س ِّيدُكم عمرو ُ‬
‫بن الجموحِ"‪ .‬صححه اَللباني‬

‫وم‪.‬‬
‫الر ِ‬ ‫ب ْال َج َو ِاري ِم ْن نِ َس ِ‬
‫اء ُّ‬ ‫﴿وال ت َ ْفتِنِّي﴾ اي‪ِ :‬ب ْال ُخ ُروجِ َم َع َك‪ِ ،‬ب َ‬
‫س َب ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫س ٌر ِلي‪َ ،‬فآَث َ ُم‬
‫ّاي بِال ُخ ُروجِ وهو َغي ُْر ُمتَيَ ِ ّ‬ ‫وقيل‪ :‬أي‪ :‬ال ت ُ ْك ِس ْبنِي اْلثْ َم بِ ْ‬
‫أم ِر َك إي َ‬
‫‪ِ .‬بال ُمخا َلفَ ِة‬
‫‪224‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ِل ِه﴾ ْال َمانِ ُع‬


‫أن ت ُ ْقبَ َل ِمنهم نَفَقاتُهم ّإال أنَّهم َكفَ ُروا ِباللَّ ِه وبِ َر ُ‬
‫قوله‪﴿ :‬وما َمنَ َعهم ْ‬
‫ِم ْن قَبُو ِل نَفَقَا ِت ِه ْم ُك ْف ُر ُه ْم‪ ،‬أما المؤمن فتُقبل أعماله الصالحة بسبب إيمانه قال‬
‫ع ِم َل صا ِل ًحا ِمن ذَ َك ٍر ْأو أ ُ ْنثى وهو ُمؤْ ِم ٌن فَلَنُحْ ِي َينَّهُ َحياة ً َ‬
‫ط ِيّ َبةً‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬من َ‬
‫س ِن ما كانُوا يَ ْع َملُونَ ﴾‬
‫ولَنَجْ ِزيَنَّهم أجْ َرهم بِأحْ َ‬

‫قوله‪﴿ :‬وال َيأْتُونَ ال َّ‬


‫صالةَ ّإال وهم ُكسالى وال يُ ْن ِفقُونَ ّإال وهم ِ‬
‫كار ُهونَ ﴾‬
‫س حتَّى إ َذا َكان ْ‬
‫َت‬ ‫ش ْم َ‬ ‫س يَ ْرقُ ُ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ص َالة ُ ال ُمنَافِ ِ‬
‫ق‪ ،‬يَجْ ِل ُ‬ ‫لك َ‬
‫وفي صحيح مسلم "تِ َ‬
‫يال‬ ‫ام َفنَقَ َرهَا أ َ ْر َب ًعا‪ ،‬ال َي ْذ ُك ُر َّ‬
‫اللهَ فِي َها َّإال قَ ِل ً‬ ‫ان‪ ،‬قَ َ‬
‫ط ِ‬‫ش ْي َ‬
‫"بيْنَ قَ ْرنَي ِ ال َّ‬

‫قوله‪﴿ :‬فَال ت ُ ْع ِجب َْك أ َ ْم َوالُ ُه ْم َوال أ َ ْوال ُد ُه ْم﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿وال ت َ ُمد ََّّن َ‬
‫ع ْي َني َْك‬
‫ِإلَى َما َمت َّ ْعنَا ِب ِه أ َ ْز َوا ًجا ِم ْن ُه ْم زَ ْه َرة َ ْال َح َياةِ ال ُّد ْنيَا ِلنَ ْف ِتنَ ُه ْم فِي ِه َو ِر ْز ُق َر ِبّ َك َخي ٌْر‬
‫َوأ َ ْبقَى﴾‬
‫رأيت الل َه تعالى يُعطي العب َد من الدنيا ما يُحبُّ ‪ ،‬و هو‬
‫َ‬ ‫وفي الحديث "إذا‬
‫معاصيه ؛ فإنَّما ذلك منه استدرا ٌج" صححه اَللباني‬
‫ِ‬ ‫‪.‬مقي ٌم على‬

‫ي‪:‬‬ ‫س ُن ْال َب ْ‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إنَّ َما يُ ِري ُد اللَّهُ ِليُ َع ِذّ َب ُه ْم ِب َها فِي ْال َح َياةِ ال ُّد ْن َيا﴾ قَا َل ْال َح َ‬
‫اَلموا ِل‬ ‫س ِبي ِل اللَّ ِه‪ .‬وقيل‪ :‬بِال َمصائِ ِ‬
‫ب والمشقّة في ْ‬ ‫بِزَ َكاتِ َها‪َ ،‬والنَّفَقَ ِة ِم ْن َها فِي َ‬
‫‪.‬واَلوال ِد‬
‫ْ‬
‫‪225‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ْن أَبِي َ‬
‫س ِعي ٍد فِي‬ ‫﴿و ِم ْن ُه ْم َم ْن يَ ْل ِم ُز َك فِي ال َّ‬
‫ص َدقَاتِ﴾ في الصحيحين َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫علَى النَّ ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ ِحينَ‬ ‫ص ِة ذِي ال ُخ َويصرة ‪َ -‬وا ْس ُمهُ ُح ْرقوص ‪-‬لَ َّما ا ْعت ََر َ‬
‫ض َ‬ ‫ِق َّ‬
‫غنَا ِئ َم ُح َني ٍْن‪ ،‬فَقَا َل لَهُ‪ :‬ا ْعد ِْل‪ ،‬فَإِنَّ َك َل ْم ت َ ْعد ِْل‪ .‬فَقَا َل‪" :‬لَقَ ْد ِخبتُ وخسرتُ‬ ‫قَ َ‬
‫س َم َ‬
‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ َوقَ ْد َرآهُ ُمقَ ِفّيًا إِنَّهُ يَ ْخ ُر ُج ِم ْن‬ ‫إِ ْن لَ ْم أ َ ُك ْن أ َ ْع ِدلُ"‪ .‬ث ُ َّم قَا َل َر ُ‬
‫ام ِه ْم‪،‬‬
‫ص َي ِ‬ ‫ص َال ِت ِه ْم‪َ ،‬و ِ‬
‫ص َيا َم ِه َم َع ِ‬ ‫يحقر أ َ َح ُد ُك ْم َ‬
‫ص َالتَهُ َم َع َ‬ ‫ُ‬ ‫ضئْ ِ‬
‫ضئ َهذَا قَ ْو ٌم‬ ‫ِ‬
‫الر ِميَّة‪ ،‬فَأ َ ْينَ َما لَ ِقيت ُ ُمو ُه ْم فَا ْقتُلُو ُه ْم‪ ،‬فَإِنَّ ُه ْم‬
‫س ْه ِم ِمنَ َّ‬ ‫ِين ُم ُروق ال َّ‬ ‫يَ ْم ُرقُونَ ِمنَ ال ّد ِ‬
‫ث‬‫اء" َوذَ َك َر بَ ِق َّيةَ ْال َحدِي ِ‬‫س َم ِ‬ ‫ت أَد ِ‬
‫ِيم ال َّ‬ ‫‪.‬ش َُّر قَتْلَى تَحْ َ‬

‫ط ْوا ِم ْن َها ِإ َذا ُه ْم يَ ْس َخ ُ‬


‫طونَ ﴾ كما في‬ ‫ضوا َو ِإ ْن لَ ْم يُ ْع َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَإ ِ ۡن أ ُ ْع ُ‬
‫طوا ِم ْن َها َر ُ‬
‫ص ِة‪ْ ،‬‬
‫إن‬ ‫َار‪ ،‬وال ّد ِْره َِم‪ ،‬والقَ ِطي َف ِة‪ ،‬والخ َِمي َ‬
‫س عب ُد ال ّدِين ِ‬ ‫صحيح البخاري "ت َ ِع َ‬
‫ط َل ْم يَ ْر َ‬
‫ض‬ ‫وإن لَ ْم يُ ْع َ‬
‫ي‪ْ ،‬‬ ‫ض َ‬
‫ي َر ِ‬ ‫"أُع ِ‬
‫ْط َ‬

‫سيُؤْ ِتينَا اللَّهُ‬


‫سولُهُ َوقَالُوا َح ْسبُنَا اللَّهُ َ‬
‫ضوا َما آت َا ُه ُم اللَّهُ َو َر ُ‬
‫﴿ولَ ْو أَنَّ ُه ْم َر ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫َت َه ِذ ِه ْاآليَةُ ْال َك ِري َمةُ أ َ َدبًا‬
‫ض َّمن ْ‬ ‫سولُهُ إِ َّنا إِلَى اللَّ ِه َرا ِغبُونَ ﴾ فَت َ َ‬ ‫ِم ْن فَ ْ‬
‫ض ِل ِه َو َر ُ‬
‫سولُهُ َوالت َّ َو ُّك َل َ‬
‫علَى‬ ‫ضا ِب َما آت َاهُ اللَّهُ َو َر ُ‬‫الر َ‬
‫ْث َج َع َل ِ ّ‬ ‫ع ِظي ًما َو ِس ًّرا ش َِريفًا‪َ ،‬حي ُ‬ ‫َ‬
‫﴿وقَالُوا َح ْسبُنَا َّ‬
‫اللهُ﴾‬ ‫اللَّ ِه َوحْ َدهُ‪َ ،‬و ُه َو قَ ْولُهُ‪َ :‬‬

‫‪226‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ين﴾ في الصحيحين "واللَّهُ ال ُم ْع ِطي‬ ‫ص َدقاتُ ِل ْلفُقَ ِ‬


‫راء وال َمسا ِك ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬إنَّما ال َّ‬
‫"وأَنَا القَا ِس ُم‬
‫س ِفي َنةُ فَكان ْ‬
‫َت ِل َمساكِينَ َي ْع َملُونَ‬ ‫ين‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬أ ّما ال َّ‬ ‫ْالفُقَ َرا ُء أَحْ َو ُج ِمنَ ْال َم َ‬
‫سا ِك ِ‬
‫في البَحْ ِر﴾‬
‫فكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الفقر ويسأل الله أن يحييه مسكينا كما‬
‫في الحديث "الله َّم أحْ يني ِمسكي ًنا وأ َ ِمتني ِمسكينًا واح ُ‬
‫ش ْرني في ُزمر ِة‬
‫اكين" صححه اَللباني‬
‫س ِ‬ ‫‪.‬الم َ‬
‫اس ت َُر ُّدهُ اللُّ ْق َمةُ‬
‫وف علَى ال َّن ِ‬
‫ط ُ‬‫ين الذي َي ُ‬
‫الم ْس ِك ُ‬
‫"ليس ِ‬
‫َ‬ ‫وفي الصحيحين‬
‫ين الذي ال َي ِج ُد ِغنًى يُ ْغ ِني ِه‪َ ،‬‬
‫وال‬ ‫َان‪ ،‬ولَ ِك ِن ِ‬
‫الم ْس ِك ُ‬ ‫واللُّ ْق َمت ِ‬
‫َان‪ ،‬والت َّ ْم َرة ُ والت َّ ْم َرت ِ‬
‫وال يَقُو ُم َفيَ ْسأ َ ُل النَّ َ‬
‫اس‬ ‫َّق عليه َ‬
‫صد ُ‬ ‫"‪.‬يُ ْف َ‬
‫ط ُن به‪ ،‬فيُت َ َ‬

‫علَى ذَ ِل َك‪َ ،‬و َال‬ ‫طا َ‬ ‫علَ ْي َها‪ :‬فَ ُه ُم ْال ُجبَاة ُ َوال ُّ‬
‫س َعاة ُ يَ ْست َِحقُّونَ ِم ْن َها قِ ْس ً‬ ‫َوأ َ َّما ْال َع ِ‬
‫املُونَ َ‬
‫ص َد َقةُ‪ِ ،‬ل َما‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ الَّذِينَ تَحْ ُر ُم َ‬
‫علَ ْي ِه ُم ال َّ‬ ‫اء َر ُ‬ ‫وز أ َ ْن يَ ُكونُوا ِم ْن أ َ ْق ِربَ ِ‬
‫يَ ُج ُ‬
‫طلَقَ ُه َو‬‫ارثِ‪ :‬أَنَّهُ ا ْن َ‬ ‫ب ب ِْن َر ِبي َعةَ ب ِْن ْال َح ِ‬‫ط ِل ِ‬‫ع ْب ِد ْال ُم َّ‬
‫ع ْن َ‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم َ‬
‫ت ِفي َ‬ ‫ث َ َب َ‬
‫علَى ال َّ‬
‫ص َد َق ِة‪َ ،‬ف َقا َل‪:‬‬ ‫سو َل َّ‬
‫الل ِه ﷺ ِليَ ْست َ ْع ِملَ ُه َما َ‬ ‫َّاس يَ ْسأ َ َال ِن َر ُ‬ ‫َو ْال َف ْ‬
‫ض ُل ب ُْن َ‬
‫عب ٍ‬
‫ي أ َ ْو َ‬
‫سا ُخ النَّ ِ‬
‫اس‬ ‫ص َدقَةَ َال ت َِح ُّل ِل ُم َح َّم ٍد َو َال ِآل ِل ُم َح َّمدٍ‪ ،‬إِنَّ َما ِه َ‬
‫""إِ َّن ال َّ‬

‫‪227‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يﷺ‬ ‫طى النَّ ِب ُّ‬ ‫طى ليُسلم‪َ ،‬ك َما أ َ ْع َ‬ ‫َوأ َ َّما ْال ُم َؤلَّفَةُ قُلُوبُ ُه ْم‪ :‬فَأ َ ْق َ‬
‫سا ٌم‪ِ :‬م ْن ُه ْم َم ْن يُ ْع َ‬
‫ش ِه َدهَا ُم ْش ِر ًكا‪ .‬قَا َل‪ :‬فَ َل ْم يَزَ ْل‬
‫غنَائِ ِم ُحنَي ٍْن‪َ ،‬وقَ ْد َكانَ َ‬ ‫ص ْف َوانَ بْنَ أ ُ َم َّيةَ ِم ْن َ‬ ‫َ‬
‫اس ِإلَ َّ‬
‫ي‬ ‫ي َب ْع َد أ َ ْن َكانَ أ َ ْبغ َ‬
‫َض النَّ ِ‬ ‫ار أحبَّ ال َّن ِ‬
‫اس إل َّ‬ ‫ص َ‬‫‪.‬يُ ْع ِطي ِني َحتَّى َ‬

‫ضا‬ ‫ت قَ ْلبُهُ‪َ ،‬ك َما أ َ ْع َ‬


‫طى يَ ْو َم ُحنَي ٍْن أَ ْي ً‬ ‫سن إِس َْال ُمهُ‪َ ،‬و َيثْبُ َ‬ ‫َو ِم ْن ُه ْم َم ْن يُ ْع َ‬
‫طى ليح ُ‬
‫اْل ِب ِل‪ِ ،‬مائَةً ِمنَ ْ ِ‬
‫اْل ِب ِل َوقَا َل‪:‬‬ ‫اء َوأ َ ْش َرا ِف ِه ْم‪ِ :‬مائَةً ِمنَ ْ ِ‬ ‫صنَادِي ِد ُّ‬
‫الطلَقَ ِ‬ ‫عةً ِم ْن َ‬
‫َج َما َ‬
‫علَى َوجْ ِه ِه‬ ‫ي ِم ْنهُ‪َ ،‬مخَافَةَ أ َ ْن يَ ُكبَّه اللَّهُ َ‬
‫غي ُْرهُ أ َ َحبُّ ِإلَ َّ‬
‫الر ُج َل َو َ‬ ‫" ِإ ِنّي ََلُع ِ‬
‫ْطي َّ‬
‫َار َج َهنَّ َم‬
‫"فِي ن ِ‬

‫طى ِل َما يُ ْر َجى ِم ْن ِإس َْال ِم نُ َ‬


‫ظ َرائِ ِه‬ ‫‪َ .‬و ِم ْن ُه ْم َم ْن يُع َ‬

‫اب‪ :‬فهم المكات َبون وغيرهم من الرقاب‪َ .‬وقَ ْد َو َر َد فِي ث َ َوا ِ‬


‫ب‬ ‫َوأ َ َّما ِ ّ‬
‫الرقَ ُ‬
‫ض ٍو ِم ْن َها ُ‬
‫عض ًْوا‬ ‫ع ْ‬‫يرةٌ‪َ ،‬وأ َ َّن اللَّهَ يُ ْعتِ ُق بِ ُك ِّل ُ‬ ‫الرقَبَ ِة أَ َحاد ُ‬
‫ِيث َكثِ َ‬ ‫ق َوفَ ِّك َّ‬ ‫ِْ‬
‫اْل ْعت َا ِ‬
‫ْ‬
‫‪.‬م ْن ُمعتقها َحتَّى الفَ ْرج ِبالفَ ْر ِ‬
‫ج‬ ‫ِ‬

‫سا ٌم‪ :‬فَ ِم ْن ُه ْم َم ْن ت َ َح َّم َل َح َمالَةً أ َ ْو َ‬


‫ض ِمنَ َد ْي ًنا فَلَ ِز َمهُ‬ ‫َوأ َ َّما ْالغ ِ‬
‫َار ُمونَ ‪ :‬فَ ُه ْم أ َ ْق َ‬
‫وم ْن ُه ْم َم ْن غ َِر َم فِي أ َ َد ِ‬
‫اء َد ْينِ ِه‬ ‫‪.‬فَأَجْ َح َ‬
‫ف ِب َما ِل ِه‪ِ ،‬‬

‫‪228‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف ِمنَ‬
‫ص َر َ‬
‫أن يُ ْ‬ ‫س ِبي ِل اللَّ ِه‪ :‬فَ ُه ُم ْالغُزَ اة ُ وال ُمرا ِب ِطينَ ‪ ،‬وه َْل َي ُج ُ‬
‫وز ْ‬ ‫َوأ َ َّما فِي َ‬
‫َّ‬
‫‪.‬الزكاةِ إلى ما سواه؟ ففيه خالف‬
‫َّ‬
‫"فإن الح َّج في سبي ِل‬ ‫الل ِه‪ِ ،‬ل ْل َحدِيثِ‪.‬‬ ‫اْل َم ِام أَحْ َم َد‪َ :‬و ْال َح ُّج ِم ْن َ‬
‫س ِبي ِل َّ‬ ‫َو ِع ْن َد ْ ِ‬
‫‪.‬اللَّ ِه" صححه اَللباني‬

‫ناف‬
‫ص ِ‬ ‫يعاب اَل ْ‬
‫ب ا ْس ِت ُ‬
‫‪.‬وال َي ِج ُ‬
‫وال تحل الزكاة لغني‬
‫يٍ" صححه اَللباني‬
‫س ِو ّ‬ ‫صدقةُ لغن ّ‬
‫ي ٍ وال لذي ِم َّرةٍ َ‬ ‫‪.‬لحديث "ال تح ُّل ال َّ‬

‫﴿ومن ُه ُم الَّذِينَ يُؤْ ذُونَ النَّبِي َء ويَقُولُونَ هو أ ُ ْذ ٌن قُ ْل أ ُ ْذ ُن َخي ٍْر لَكم﴾ كما قال‬ ‫ِ‬
‫وك َحي َّْو َك ِب َما َل ْم يُ َح ِيّ َك ِب ِه اللَّهُ َو َيقُولُونَ ِفي أَ ْنفُ ِس ِه ْم لَ ْوال‬
‫﴿و ِإذَا َجا ُء َ‬
‫تعالى‪َ :‬‬
‫يُ َع ِذّبُنَا اللَّهُ ِب َما نَقُولُ﴾‬
‫ؤاخذُكم؛ ويَ ْس َم ُع َمعاذ َ‬
‫ِيركم‬ ‫و َم ْعنى ﴿أ ُ ْذ ُن َخي ٍْر﴾ أنَّهُ َي ْس َم ُع ما َي ْبلُغُهُ َ‬
‫ع ْنكم وال يُ ِ‬
‫و َي ْق َبلُها ِمنكم‪ ،‬أما من الفاسق فال يقبل منه حتى يتبين خبره ﴿يا أيُّها الَّذِينَ‬
‫آ َمنُوا ْ‬
‫إن جا َءكم فا ِس ٌق ِبنَبَ ٍأ فَت َ َبيَّنُوا﴾‬

‫ص ّد ُ‬
‫ِق‬ ‫قوله‪﴿ :‬يُؤْ ِم ُن ِباللَّ ِه ويُؤْ ِم ُن ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ ﴾ أي يؤمن ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ ال ّ‬
‫صادقين‪ .‬أو يُ َ‬
‫‪.‬ال ُمنافقينَ الذين ظاهروا اْليمان فِيما يُ ْخ ِب ُرونَهُ بِ ِه‬

‫‪229‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورة ٌ تُنَ ِّبئ ُ ُهم بِ َما فِی قُلُوبِ ِه ٰۡۚم﴾‬


‫س َ‬‫علَ ْي ِه ْم ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يَحْ ذَ ُر ال ُمنافِقُونَ ْ‬
‫أن تُن ََّز َل َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم﴾‬ ‫سبُونَ ُك َّل َ‬
‫ص ْي َح ٍة َ‬ ‫كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬يحْ َ‬

‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن ُ‬
‫ع َم َر‬ ‫ع ْن َ‬
‫ب﴾ َ‬‫وض َون َْل َع ُ‬
‫﴿ولَئِ ْن َسأ َ ْلت َ ُه ْم لَيَقُولُ َّن ِإنَّ َما ُكنَّا َن ُخ ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُج ٌل في غزوة تبوك في مجلس َما َرأَيْتُ ِمثْ َل قُرائنا َه ُؤ َال ِء‪،‬‬
‫اء‪ .‬فَقَا َل َر ُج ٌل فِي ْال َمس ِْجدِ‪:‬‬‫اللّقَ ِ‬
‫سنًا‪َ ،‬و َال أَجْ َبنَ ِع ْن َد ِ‬‫أكذب أ َ ْل ُ‬
‫َ‬ ‫طونًا‪َ ،‬و َال‬ ‫أرغب بُ ُ‬
‫َ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َونَزَ َل‬ ‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪َ ،‬فبَلَ َغ ذَ ِل َك َر ُ‬ ‫كذبت‪َ ،‬ولَ ِكنَّ َك ُمنَافِ ٌق‪ََ .‬ل ُ ْخبِ َر َّن َر ُ‬
‫َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‬
‫ع َم َر‪َ :‬وأَنَا َرأ َ ْيتُهُ ُمت َ َع ِلّقًا ب َح َقب نَاقَ ِة َر ُ‬ ‫ع ْب ُد َّ‬
‫الل ِه ب ُْن ُ‬ ‫ْالقُ ْر ُ‬
‫آن‪ .‬قَا َل َ‬
‫سو ُل‬ ‫وض َون َْل َع ُ‬
‫ب‪َ .‬و َر ُ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ِ ،‬إنَّ َما ُكنَّا نَ ُخ ُ‬ ‫ت َن ُكبُه ْال ِح َج َ‬
‫ارة ُ َو ُه َو يَقُولُ‪ :‬يَا َر ُ‬
‫اللَّ ِه ﷺ َيقُولُ‪﴿ :‬أ َ ِباللَّ ِه َوآ َيا ِت ِه َو َر ُ‬
‫سو ِل ِه ُك ْنت ُ ْم ت َ ْست َ ْه ِزئُونَ َال ت َ ْعتَذ ُِروا قَ ْد َكفَ ْرت ُ ْم َب ْع َد‬
‫‪ِ .‬إي َمانِ ُك ْم﴾‬

‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ َو ُه َو ُم ْن َ‬
‫ط ِل ٌق ِإلَى‬ ‫يرونَ ِإلَى َر ُ‬‫عةٌ ِمنَ ْال ُمنَا ِفقِينَ يُ ِش ُ‬ ‫وقيل‪َ :‬كانَ َج َما َ‬
‫صفَ ِر َك ِقت َا ِل ْال َع َر ِ‬
‫ب‬ ‫سبُونَ ِجال َد بَنِي ْاَل َ ْ‬‫ض‪ :‬أَتَحْ َ‬ ‫وك‪ ،‬فَقَا َل بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫تَبُ َ‬
‫غدًا ُمقَ ّرنين فِي ْال ِحبَا ِل‪ ،‬إِ ْر َجافًا َوت َْر ِهيبًا‬
‫ضا؟ َواللَّ ِه لَ َكأَنَّا بِ ُك ْم َ‬
‫ض ِه ْم بَ ْع ً‬‫بَ ْع ِ‬
‫‪ِ .‬ل ْل ُمؤْ ِمنِينَ‬

‫‪230‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫هار ُك ُم اْليمانَ َم َع َك ْونِكم‬


‫إظ ِ‬‫أي َب ْع ِد ْ‬ ‫﴿ال ت َعۡ تَذ ُِر ۟‬
‫وا قَ ۡد َكفَ ۡرتُم َب ْع َد إيمانِ ُك ْم﴾ ْ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬تُب ِْطنُونَ ال ُك ْف َر‬
‫‪.‬االستهزاء بالدين من نواقض اْلسالم‬

‫ض﴾ فَ َال ُه ْم َم َع ْال ُمؤْ ِمنِينَ‬ ‫﴿ال ُمنَا ِفقُونَ َو ْال ُمنَا ِفقَاتُ َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِم ْن َب ْع ٍ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪ْ :‬‬
‫اطنًا كما قال تعالى‪ُ ﴿ :‬مذَ ْبذَ ِبينَ بَيْنَ‬ ‫ظا ِه ًرا َوبَ ِ‬‫اط ًنا‪َ ،‬و َال َم َع ْال َكافِ ِرينَ َ‬ ‫ظا ِه ًرا َوبَ ِ‬‫َ‬
‫ان‬ ‫الء َوال إِلَى َهؤُال ِء﴾ يَ ْعنِي‪ْ :‬ال ُمنَافِقِينَ ُم َحي َِّرينَ َبيْنَ ْ ِ‬
‫اْلي َم ِ‬ ‫ذَ ِل َك َال ِإلَى هَؤُ ِ‬
‫‪.‬و ْال ُك ْف ِر‬
‫َ‬

‫عةَ اللَّ ِه‪ ،‬فَت ََر َك ُه ُم َّ‬


‫اللهُ من رحمته‪ .‬قال‬ ‫طا َ‬ ‫سوا َّ‬
‫اللهَ فَ َن ِس َي ُه ْم﴾ ت ََر ُكوا َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬نَ ُ‬
‫سوا اللَّهَ فَأ َ ْن َ‬
‫سا ُه ْم أَ ْنفُ َ‬
‫س ُه ْم﴾‬ ‫﴿وال ت َ ُكونُوا َكالَّذِينَ نَ ُ‬
‫تعالى‪َ :‬‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬كالَّذِينَ ِم ْن َق ْب ِل ُك ْم َكانُوا أ َ َ‬


‫ش َّد ِم ْن ُك ْم قُ َّوة ً َوأ َ ْكث َ َر أ َ ْم َواال َوأ َ ْوالدًا َفا ْست َْمتَعُوا‬
‫بِخَالقِ ِه ْم فَا ْست َْمت َ ْعت ُ ْم بِخَالقِ ُك ْم َك َما ا ْست َْمتَ َع الَّذِينَ ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم بِخَالقِ ِه ْم﴾ قال صلى‬
‫ِراع‪ ،‬حتَّى‬
‫عا بذ ٍ‬‫سنَنَ َمن كانَ قَ ْب َل ُك ْم‪ِ ،‬شب ًْرا ِشب ًْرا وذِرا ً‬ ‫الله عليه وسلم "لَتَتْبَعُ َّن َ‬
‫ضبّ ٍ ت َ ِب ْعت ُ ُمو ُه ْم‪ ،‬قُ ْلنا‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬ال َي ُهو ُد والنَّ َ‬
‫صارى؟ قا َل‪:‬‬ ‫لو َد َخلُوا ُجحْ َر َ‬
‫‪.‬فَ َم ْن‪ ".‬رواه البخاري‬

‫‪231‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬يتَنَا َ‬
‫ص ُرونَ‬ ‫﴿وٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنُونَ َوٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنَ ٰـتُ َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم أَ ْو ِل َيا ُء َب ْع ٍ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ضهُ‬ ‫ضدُونَ ‪َ ،‬ك َما َجا َء فِي الصحيحين‪" :‬المؤمن للمؤمن كالبنان يَ ُ‬
‫ش ُّد بَ ْع ُ‬ ‫َويَت َ َعا َ‬
‫شب ََّك َبيْنَ أَ َ‬
‫صا ِب ِع ِه‬ ‫ضا" َو َ‬
‫" َب ْع ً‬

‫طيِّ َبةَ ْالقَ َر ِار‪َ ،‬ك َما َجا َء فِي‬ ‫سنَةَ ْال ِبن ِ‬
‫َاء‪َ ،‬‬ ‫ط ِّيبَةً﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬ح َ‬ ‫ساكِنَ َ‬
‫﴿و َم َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ب آ ِن َيت ُ ُه َما َو َما ِفي ِه َما‪َ ،‬و َجنَّت َ ِ‬
‫ان‬ ‫َان ِم ْن ذَ َه ٍ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ " :‬ج َّنت ِ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن قَا َل َر ُ‬ ‫ال َّ‬
‫ض ٍة آنِيَت ُ ُه َما َو َما فِي ِه َما‪َ ،‬و َما بَيْنَ ْال َق ْو ِم َوبَيْنَ أ َ ْن يَ ْن ُ‬
‫ظ ُروا ِإلَى َربِّ ِه ْم ِإ َّال‬ ‫ِم ْن فِ َّ‬
‫علَى َوجْ ِه ِه فِي َجنَّ ِة َ‬
‫ع ْد ٍن‬ ‫"ر َدا ُء ْال ِكب ِْريَ ِ‬
‫اء َ‬ ‫ِ‬

‫ضا اللَّ ِه َع ْن ُه ْم أ َ ْك َب ُر َوأ َ َج ُّل‬


‫ي‪ِ :‬ر َ‬ ‫ان ِمنَ َّ‬
‫الل ِه أ َ ْك َب ُر﴾ أ َ ْ‬ ‫﴿و ِرض َْو ٌ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ع ْنهُ‪ ،‬أ َ َّن‬‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫س ِعي ٍد ال ُخ ْدري‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ع ْن أَ ِبي َ‬ ‫َوأ َ ْع َ‬
‫ظ ُم ِم َّما ُه ْم فِي ِه ِمنَ النَّ ِع ِيم‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل‪ ،‬يَقُو ُل َِل َ ْه ِل ْال َجنَّ ِة‪ :‬يَا أَ ْه َل ْال َجنَّ ِة‪،‬‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪" :‬إِ َّن اللَّهَ‪َ ،‬‬
‫َر ُ‬
‫س ْع َدي َْك‪َ ،‬و ْال َخي ُْر ِفي َيد َ‬
‫ِك‪ .‬فَ َيقُولُ‪ :‬ه َْل َر ِ‬
‫ضيت ُ ْم؟‬ ‫فَ َيقُولُونَ ‪ :‬لَ َّبي َْك َيا َربَّنَا َو َ‬
‫ط ْيتَنَا َما لَ ْم تُعط أ َ َحدًا ِم ْن خ َْل ِق َك‪.‬‬
‫ضى َيا َربّ ِ ‪َ ،‬وقَ ْد أ َ ْع َ‬‫فَيَقُولُونَ ‪َ :‬و َما َلنَا َال ن َْر َ‬
‫ض ُل ِم ْن‬ ‫ش ْيءٍ أَ ْف َ‬
‫ي َ‬ ‫ض َل ِم ْن ذَ ِل َك؟ فَيَقُولُونَ ‪ :‬يَا َربّ ِ ‪َ ،‬وأ َ ُّ‬ ‫فَيَقُولُ‪ :‬أَ َال أُع ِ‬
‫ْطي ُك ْم أ َ ْف َ‬
‫علَ ْي ُك ْم َب ْع َدهُ أ َ َبدًا" أخرجه‬ ‫ذَ ِل َك؟ فَ َيقُولُ‪ :‬أ ُ ِح ُّل َ‬
‫علَ ْي ُك ْم ِرض َْوانِي فَ َال أَ ْس َخ ُ‬
‫ط َ‬
‫‪.‬البخاري ومسلم‬

‫‪232‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار َو ْال ُمنَافِقِينَ ﴾ قيل‪ِ :‬ب ِ‬


‫اللّ ِ‬
‫سان والح َجج وال َبراهين‬ ‫‪.‬قوله‪َ ﴿ :‬ي ٰۤـأ َيُّ َها ٱلنَّ ِب ُّ‬
‫ی َجا ِه ِد ْال ُكفَّ َ‬
‫ير ْال ُمؤْ ِمنِينَ‬
‫ع ْن أ َ ِم ِ‬
‫ظ َه ُروا ال ِنّفَاقَ ‪َ .‬‬ ‫وف ِإ َذا أَ ْ‬
‫سيُ ِ‬ ‫صواب أَنَّ ُه ْم يُ َجا َهدُونَ بِال ُّ‬ ‫وال ّ‬
‫سيْفٍ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ ِبأ َ ْر َب َع ِة أَ ْس َيافٍ ‪َ ،‬‬ ‫ب أ َ َّنهُ قَا َل‪َ :‬ب َع َ‬
‫ث َر ُ‬ ‫ي ِ ب ِْن أ َ ِبي َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫ع ِل ّ‬
‫َ‬
‫ار أَ ْه ِل‬‫سيْفٍ ِل ْل ُكفَّ ِ‬
‫سلَ َخ اَل ْش ُه ُر ْال ُح ُر ُم فَا ْقتُلُوا ْال ُم ْش ِركِينَ ﴾ َو َ‬
‫ِل ْل ُم ْش ِركِينَ ‪َ ﴿ :‬فإِذَا ا ْن َ‬
‫الل ِه َوال بِ ْاليَ ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر َوال يُ َح ِ ّر ُمونَ َما َح َّر َم‬ ‫ب‪َ ﴿ :‬قاتِلُوا الَّذِينَ َال يُؤْ ِمنُونَ بِ َّ‬ ‫ْال ِكت َا ِ‬
‫طوا‬ ‫َاب َحتَّى يُ ْع ُ‬ ‫ق ِمنَ الَّذِينَ أُوتُوا ْال ِكت َ‬ ‫سولُهُ َوال َيدِينُونَ دِينَ ْال َح ّ ِ‬ ‫اللَّهُ َو َر ُ‬
‫ار َو ْال ُمنَافِقِينَ ﴾‬
‫صا ِغ ُرونَ ﴾ َو َسيْفٍ ِل ْل ُمنَافِقِينَ ‪َ ﴿ :‬جا ِه ِد ْال ُكفَّ َ‬ ‫ْال ِج ْزيَةَ َ‬
‫ع ْن يَ ٍد َو ُه ْم َ‬
‫سيْفٍ ِل ْلبُغَاةِ‪﴿ :‬فَقَاتِلُوا َّالتِي تَ ْب ِغي َحتَّى ت َ ِفي َء إِلَى أ َ ْم ِر اللَّ ِه﴾‬
‫َو َ‬

‫الل ِه والَّذِينَ َم َعهُ أ ِشدّا ُء َ‬


‫على ال ُكفّ ِ‬
‫ار ُر َحما ُء بَ ْينَ ُه ْم﴾‬ ‫سو ُل َّ‬
‫وقال تعالى‪ُ ﴿ :‬م َح َّم ٌد َر ُ‬

‫صحا ِب ِه فَلَ ْم يَ ْقت ُ ْل ُه ْم‪ ،‬لما في‬


‫أظ ُه ِر أ ْ‬ ‫وت ََر َكهم صلى الله عليه وسلم َبيْنَ ْ‬
‫ص َحا َبهُ‬‫أن ُم َح َّمدًا يَ ْقت ُ ُل أَ ْ‬ ‫"الصحيحين "ال َيت َ َحد ُ‬
‫َّث النَّ ُ‬
‫اس َّ‬
‫جاف فيؤخذون ويقتلون كما في سورة‬ ‫واْلر ِ‬ ‫ْ‬ ‫على ال ِنّفا ِ‬
‫ق‬ ‫يمينَ َ‬ ‫أما إذا كانُوا ُم ِق ِ‬
‫اَلحزاب‪َ ﴿ .‬م ْلعُونِينَ أ ْينَما ث ُ ِقفُوا أ ُ ِخذُوا وقُ ِت ّلُوا ت َ ْقتِ ً‬
‫يال﴾‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬يحْ ِلفُونَ ِباللَّ ِه َما قَالُوا َولَقَ ْد َقالُوا َك ِل َمةَ ْال ُك ْف ِر َو َكفَ ُروا َب ْع َد ِإس ِ‬
‫ْالم ِه ْم﴾ في‬
‫ب نُ ُزو ِلها أ ْقوا ٌل‪ .‬والصحيح أنها نزلت في المنافقين الذين هموا قتل النبي‬
‫سبَ ِ‬
‫‪َ :‬‬

‫‪233‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس فِي َب ْ‬
‫ط ِن‬ ‫ي النَّ ُ‬ ‫وك‪ ،‬أ َ َم َر أ َ ْن َي ْم ِش َ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ من غ َْز َوةِ تَبُ َ‬ ‫لَ َّما أ َ ْق َب َل َر ُ‬
‫ار ْال َعقَ َبةَ‪َ ،‬فتَبِ َع ُه ْم هَؤُ َال ِء النَّفَ ُر ا َْل َ ْر َذلُونَ ‪،‬‬ ‫ْال َوادِي‪َ ،‬و َ‬
‫ص َع َد ُه َو َو ُح َذ ْيفَةُ َو َ‬
‫ع َّم ٌ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ‪،‬‬
‫علَى ُم َرا ِد ِه ْم َر ُ‬ ‫وك ْال َعقَ َب ِة‪َ ،‬فأ َ ْ‬
‫طلَ َع اللَّهُ َ‬ ‫َو ُه ْم ُمت َ َل ِث ّ ُمونَ ‪ ،‬فَأ َ َرادُوا ُ‬
‫سلُ َ‬
‫اح ِل ِه ْم‪ ،‬فَفَ ِز ُ‬
‫عوا َو َر َجعُوا‬ ‫ب ُو ُجوهَ َر َو ِ‬ ‫فَأ َ َم َر حذيفة فرجع ِإ َل ْي ِه ْم‪ ،‬فَ َ‬
‫ض َر َ‬
‫‪َ .‬م ْقبُ ِ‬
‫وحينَ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‬ ‫ض َ‬ ‫فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم ُحذَ ْيفَةَ ب ِْن ْال َي َم ِ‬
‫ان‪َ ،‬ر ِ‬
‫‪.‬صاحب سر رسول الله كما في صحيح مسلم‬

‫سو ِل‬
‫لر ُ‬ ‫ض ِل ِه﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬و َما ِل َّ‬ ‫سولُهُ ِم ْن فَ ْ‬
‫اللهُ َو َر ُ‬ ‫﴿و َما نَقَ ُموا ِإال أ َ ْن أ َ ْغنَا ُه ُم َّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ب ِإ َّال أ َ َّن اللَّهَ أ َ ْغنَا ُه ْم ِب َب َر َك ِت ِه‬
‫‪ِ .‬ع ْن َد ُه ْم َذ ْن ٌ‬

‫ص َّدقَ َّن ولَنَ ُكون ََّن ِمنَ‬


‫ض ِل ِه لَ َن َّ‬
‫اللهَ لَئِ ْن آتانا ِمن فَ ْ‬ ‫﴿ومنهم َمن عا َه َد َّ‬ ‫قوله‪ِ :‬‬
‫ب نُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآل َي ِة ْال َك ِري َم ِة‬ ‫س َب َ‬ ‫ير ِمنَ ْال ُمفَ ِ ّ‬
‫س ِرينَ ‪ :‬أ َ َّن َ‬ ‫صا ِل ِحينَ ﴾ قَ ْد ذَ َك َر َك ِث ٌ‬
‫ال ّ‬
‫ي ِ" ولم يثبت وضعفه اَللباني وغيره‬
‫ار ّ‬
‫ص ِ‬‫ب ْاَل َ ْن َ‬ ‫‪.‬فِي "ث َ ْع َلبَةَ ب ِْن َح ِ‬
‫اط ٍ‬

‫‪234‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عدُوهُ و ِبما‬
‫اللهَ ما و َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَأ ْعقَ َبهم نِفاقًا في قُلُو ِب ِه ْم إلى َي ْو ِم َي ْلقَ ْونَهُ ِبما ْ‬
‫أخلَفُوا َّ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪" :‬آيَةُ‬
‫ع ْن َر ُ‬ ‫كانُوا يَ ْك ِذبُونَ ﴾ َك َما َجا َء فِي ال َّ‬
‫ص ِحيحين‪َ ،‬‬
‫ع َد أ َ ْخلَ َ‬
‫ف‪َ ،‬و ِإذَا اؤْ ت ُ ِمنَ خَانَ‬ ‫ب‪َ ،‬و ِإذَا َو َ‬
‫َّث َك َذ َ‬
‫ث‪ِ :‬إذَا َحد َ‬ ‫" ْال ُمنَا ِف ِ‬
‫ق ث َ َال ٌ‬

‫ت َوالَّذِينَ َال يَ ِجدُونَ‬ ‫ط ّ ِوعِينَ ِمنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ فِي ال َّ‬
‫ص َدقَا ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬الَّذِينَ يَ ْل ِم ُزونَ ْال ُم َّ‬
‫‪ِ .‬إال ُج ْه َد ُه ْم﴾ ْاآل َي َة‬
‫ورنَا‪ ،‬فَ َجا َء‬ ‫علَى ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫ت آ َيةُ ال َّ‬
‫ص َدقَ ِة ُكنَّا نَت َ َحا َم ُل َ‬ ‫ع ْن أَبِي َم ْسعُو ٍد قَا َل‪ :‬لَ َّما نَزَ َل ْ‬ ‫َ‬
‫اع‪،‬‬
‫ص ٍ‬ ‫ير‪ ،‬فَقَالُوا‪ُ :‬م َرا ِئي‪َ .‬و َجا َء َر ُج ٌل فَت َ َ‬
‫ص َّدقَ بِ َ‬ ‫ش ْيءٍ َك ِث ٍ‬ ‫َر ُج ٌل فَت َ َ‬
‫ص َّدقَ ِب َ‬
‫ت ﴿الَّذِينَ َي ْل ِم ُزونَ ْال ُم َّ‬
‫ط ّ ِوعِينَ ِمنَ‬ ‫ص َدقَ ِة َهذَا‪ .‬فَنَزَ لَ ْ‬
‫ع ْن َ‬
‫ي َ‬ ‫فَقَالُوا‪ِ :‬إ َّن اللَّهَ لَغَنِ ٌّ‬
‫ت َوالَّذِينَ َال يَ ِجدُونَ ِإال ُج ْه َد ُه ْم﴾ ْاآليَةَ‪ .‬البخاري ومسلم‬ ‫ص َدقَا ِ‬ ‫‪.‬ال ُمؤْ ِمنِينَ فِي ال َّ‬ ‫ْ‬

‫ࣰ‬
‫قوله‪﴿ :‬ٱ ۡست َۡغ ِف ۡر لَ ُه ۡم أ َ ۡو َال ت َۡست َۡغ ِف ۡر لَ ُه ۡم ِإن ت َۡست َۡغ ِف ۡر لَ ُه ۡم َ‬
‫س ۡب ِعينَ َم َّرة فَلَن يَ ۡغ ِف َر‬
‫ٱللَّهُ لَ ُه ٰۡۚم﴾‬

‫‪235‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سلُو َل‪،‬‬ ‫يٍ ُ‬


‫ابن َ‬ ‫بن أ ُ َب ّ‬
‫ات عب ُد اللَّ ِه ُ‬
‫قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪َ :‬ل َّما َم َ‬
‫ام َرسو ُل اللَّ ِه‬ ‫ي عليه‪َ ،‬فلَ َّما قَ َ‬ ‫ص ِلّ َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم ِليُ َ‬ ‫ي له َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫ُد ِع َ‬
‫يٍ‪،‬‬‫ص ِلّي علَى اب ِْن أ ُ َب ّ‬ ‫وسل َم وثَبْتُ إ َل ْي ِه‪ ،‬فَقُلتُ ‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه أت ُ َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫َ‬
‫صلَّى‬
‫س َم َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫وم َكذَا‪َ :‬ك َذا و َكذَا‪ ،‬قا َل‪ :‬أ ُ َ‬
‫ع ِ ّد ُد عليه قَ ْو َلهُ‪ ،‬فَت َ َب َّ‬ ‫وق ْد قا َل يَ َ‬
‫ع َم ُر فَلَ َّما أ ْكث َ ْرتُ عليه قا َل‪ :‬إ ِنّي ُخيِّ ْرتُ‬
‫ع ِنّي يا ُ‬ ‫اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم وقا َل‪ :‬أ ِ ّخ ْر َ‬
‫علَ ْي َها قا َل‪:‬‬‫اخت َْرتُ ‪ ،‬لو أ ْع َل ُم أ ِّني إ ْن ِزدْتُ ع َلى ال َّس ْبعِينَ يُ ْغفَ ْر له لَ ِزدْتُ َ‬
‫َف ْ‬
‫ث َّإال‬ ‫ف‪ ،‬فَلَ ْم يَ ْم ُك ْ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬ث ُ َّم ا ْن َ‬
‫ص َر َ‬ ‫صلَّى عليه َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫فَ َ‬
‫ص ِّل علَى أ َح ٍد منه ْم َم َ‬
‫ات أبَدًا}‬ ‫{و َال ت ُ َ‬
‫َان ِمن بَ َرا َءة َ‪َ :‬‬ ‫يرا‪ ،‬حتَّى نَزَ لَ ِ‬
‫ت اآليَت ِ‬ ‫يَ ِس ً‬
‫صلَّى‬
‫{و ُه ْم فَا ِسقُونَ } قا َل‪ :‬فَ َع ِجبْتُ َب ْع ُد ِمن ُج ْرأَتي علَى َرسو ِل اللَّ ِه َ‬
‫إلى قَ ْو ِل ِه َ‬
‫ورسولُهُ أ ْعلَ ُم‪ .‬رواه البخاري‬ ‫وسل َم َّ‬
‫واللهُ َ‬ ‫‪.‬اللهُ عليه َّ‬

‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫۟‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ٰۚ‬ ‫وا فِی ٱ ۡل َح ٰۗ ِ ّر قُ ۡل ن ُ‬
‫َار َج َهنَّ َم أ َ َ‬
‫ش ُّد َح ّرا ل ۡو كانوا يَفق ُهونَ ﴾‬ ‫وا َال ت َن ِف ُر ۟‬
‫﴿وقَالُ ۟‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫َار َب ِني آ َد َم الَّ ِتي يُو ِقدُونَ ِب َها جز ٌء‬ ‫الل ِه ﷺ َقا َل‪" :‬ن ُ‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرةَ‪ ،‬أ َ َّن َر ُ‬
‫َ‬
‫َت لَ َكا ِفيَةٌ‪َ .‬قا َل‬
‫سو َل اللَّ ِه‪ِ ،‬إ ْن َكان ْ‬
‫َار َج َهنَّ َم" فَقَالُوا‪ :‬يَا َر ُ‬
‫س ْبعِينَ ُج ْز ًءا ِم ْن ن ِ‬ ‫ِم ْن َ‬
‫ع َل ْي َها ِبتِ ْسعَ ٍة َو ِستِّينَ ُج ْز ًءا‪ ".‬أخرجه البخاري ومسلم‬ ‫ضلَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫‪.‬إِنَّ َها فُ ِ ّ‬
‫ذلك ما ج َعل اللهُ فيها َمنفعةً َل َحدٍ"‬
‫َين ولَوال َ‬
‫مرت ِ‬
‫حر َّ‬ ‫ض ِر َب ْ‬
‫ت بال َب ِ‬ ‫وقال‪" :‬و ُ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫‪236‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬ ‫ۡ‬ ‫ࣰ‬


‫ۡ‬ ‫۟‬ ‫ۤ‬ ‫۟‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ ۡل َي ۡ‬
‫ض َح ُك ۟‬
‫وا قَ ِليال َول َي ۡب ُكوا َكثِيرا َجزَ ا ُۢ َء ِب َما َكانُوا َيك ِسبُونَ ﴾‬
‫ع ُه ْم فِي ُو ُجو ِه ِه ْم َكأَنَّ َها‬
‫ار َي ْب ُكونَ َحتَّى ت َ ِسي َل ُد ُمو ُ‬ ‫وفي الحديث "فَإ ِ َّن أَ ْه َل النَّ ِ‬
‫" َج َدا ِولُ‪َ ،‬حتَّى تَ ْنقَ ِط َع ال ُّد ُموعُ فَتَ ِسي َل ال ِ ّد َما ُء فَتَقَ َّر ُح ْال ُعيُ ُ‬
‫ون‬

‫اللهُ إلى طائِ َف ٍة ِمنهم فا ْست َأْذَنُ َ‬


‫وك ِل ْل ُخ ُروجِ فَقُ ْل لَ ْن‬ ‫إن َر َجعَ َك َّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫ي أ َبدًا﴾ قال تعالى‪﴿ :‬لَ ْو خ ََر ُجوا ِفي ُك ْم َما زَ ادُو ُك ْم ِإال َخ َباال‬ ‫ت َْخ ُر ُجوا َم ِع َ‬
‫عونَ لَ ُه ْم َواللَّهُ َع ِلي ٌم بِ َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ﴾‬ ‫ضعُوا ِخاللَ ُك ْم يَ ْبغُونَ ُك ُم ْال ِفتْنَةَ َو ِفي ُك ْم َ‬
‫س َّما ُ‬ ‫َوَل َ ْو َ‬

‫ات أَ َبدًا َوال تَقُ ْم َ‬


‫علَى قَب ِْر ِه﴾ فيه حديث عمر‬ ‫علَى أ َ َح ٍد ِم ْن ُه ْم َم َ‬ ‫﴿وال ت ُ َ‬
‫ص ِّل َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬المذكور آنفا‬
‫‪.‬وزار النبي ﷺ قبر أمه وسأل ربه أن يستغفر لها فلم يأذن له‬

‫وا ٱللَّهَ‬ ‫﴿و َج ۤا َء ٱ ۡل ُمعَذّ ُِرونَ ِمنَ ٱ َۡل َ ۡع َرا ِ‬


‫ب ِليُ ۡؤذَنَ لَ ُه ۡم َوقَعَ َد ٱلَّ ِذينَ َكذَبُ ۟‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سولَهُۥٰۚ﴾ ُه ْم أ َ ْه ُل ْالعُ ْذ ِر‪ .‬ورجحه ابن كثير‪ ،‬وعن جماعة من السلف‪:‬‬ ‫َو َر ُ‬
‫‪.‬يعني‪ :‬المنافقين‬

‫‪237‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار َّالتِي‬
‫ضى﴾ ْاآل َيةَ‪َ ،‬بيَّنَ ت َ َعالَى ْاَل َ ْعذَ َ‬ ‫علَى ْال َم ْر َ‬ ‫اء َوال َ‬ ‫علَى ال ُّ‬
‫ض َعفَ ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَي َ‬
‫ْس َ‬
‫ص‪ ،‬و َما‬ ‫ش ْخ ِ‬ ‫ع ِن ْال ِقت َا ِل‪َ ،‬فذَ َك َر ِم ْن َها َما ُه َو َال ِز ٌم ِلل َّ‬
‫علَى َم ْن قَ َع َد فِي َها َ‬‫َال َح َرج َ‬
‫ب فَ ْق ِر ِۤ‬‫ض‪ ،‬أ َ ْو ِب َس َب ِ‬
‫ب َم َر ٍ‬
‫س َب ِ‬
‫ض ِب َ‬
‫ار ٌ‬
‫ع ِ‬‫‪ُ .‬ه َو َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َر َج َع ِمن غ َْز َوةِ‬ ‫أن َرسو َل اللَّ ِه َ‬ ‫وعن أنس بن مالك َّ‬
‫يرا‪ ،‬وال َق َ‬
‫ط ْعت ُ ْم‬ ‫إن بال َمدِينَ ِة أ ْقوا ًما‪ ،‬ما ِس ْرت ُ ْم َم ِس ً‬
‫وك فَ َدنا ِمنَ ال َمدِينَ ِة‪ ،‬فقا َل‪َّ :‬‬
‫تَبُ َ‬
‫وا ِديًا َّإال كانُوا مع ُك ْم‪ ،‬قالوا‪ :‬يا َرسو َل َّ‬
‫الل ِه‪ ،‬و ُه ْم بال َمدِينَ ِة؟ قا َل‪ :‬و ُه ْم بال َمدِي َن ِة‪،‬‬
‫س ُه ُم العُ ْذ ُر‪ ".‬رواه البخاري‬
‫‪َ .‬حبَ َ‬
‫سا ّإال ُو ْسعَها﴾ وقال‪﴿ :‬فاتَّقُوا اللَّهَ ما ا ْستَ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم﴾‬ ‫ف اللَّهُ نَ ْف ً‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ال يُ َك ِّل ُ‬

‫ع َل ْي ِه﴾‬ ‫علَى الَّذِينَ ِإذَا َما أَت َْو َك ِلتَحْ ِم َل ُه ْم قُ ْل َ‬


‫ت َال أ َ ِج ُد َما أَحْ ِملُ ُك ْم َ‬ ‫﴿وال َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ار‬
‫ص ِ‬‫اال ِمنَ ْاَل َ ْن َ‬
‫‪.‬كانوا ِر َج ً‬

‫ع ِن ْالقَ ْو ِم ْالفَا ِسقِينَ ﴾ وفي‬ ‫اللهَ َال يَ ْر َ‬


‫ضى َ‬ ‫ض ۡو ۟ا َ‬
‫ع ۡن ُه ۡم فَإ ِ َّن َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَإِن ت َۡر َ‬
‫ع ْبدًا‬ ‫"إن َّ‬
‫اللهَ إذا أ َحبَّ َ‬ ‫الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه َّ‬
‫َدعا ِجب ِْري َل فقا َل‪ :‬إ ِنّي أ ُ ِحبُّ فُالنًا ِ‬
‫فأح َّبهُ‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ِحبُّهُ ِجب ِْريلُ‪ ،‬ث ُ َّم يُنادِي في‬
‫ماء‪ ،‬قا َل ث ُ َّم يُو َ‬
‫ض ُع‬ ‫س ِ‬ ‫إن اللَّهَ يُ ِحبُّ فُالنًا ِ‬
‫فأحبُّوهُ‪ ،‬فيُ ِحبُّهُ أ ْه ُل ال َّ‬ ‫ماء فيَقولُ‪َّ :‬‬
‫س ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ع ْبدًا َدعا ِجب ِْري َل ف َيقولُ‪ :‬إنِّي أ ُ ْب ِغ ُ‬
‫ض فُالنًا‬ ‫َض َ‬
‫ض‪ ،‬وإذا أ ْبغ َ‬ ‫له القَبُو ُل في ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫إن اللَّهَ يُ ْب ِغ ُ‬
‫ض فُالنًا‬ ‫ماء َّ‬
‫س ِ‬ ‫ضهُ ِجب ِْريلُ‪ ،‬ث ُ َّم يُنادِي في أ ْه ِل ال َّ‬
‫ضهُ‪ ،‬قا َل فيُ ْب ِغ ُ‬
‫فأ ْب ِغ ْ‬
‫ض‬
‫اَلر ِ‬ ‫ضونَهُ‪ ،‬ث ُ َّم تُو َ‬
‫ض ُع له ال َب ْغضا ُء في ْ‬ ‫ضوهُ‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ْب ِغ ُ‬
‫"‪.‬فأ ْب ِغ ُ‬
‫‪238‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الناس ‪ ،‬و من أسخط‬


‫َ‬ ‫الناس ‪ ،‬كفاه اللهُ‬
‫ِ‬ ‫َط‬
‫أرضى اللهَ بسخ ِ‬
‫وفي الحديث "من ْ‬
‫الناس" صححه اَللباني‬
‫ِ‬ ‫الناس ‪ ،‬وكلَه اللهُ إلى‬
‫ِ‬ ‫‪.‬اللهَ بِرضى‬

‫ش ُّد ُك ْف ًرا َونِفَاقًا َوأَجْ َد ُر أَال يَ ْعلَ ُموا ُحدُو َد َما أَنز َل اللَّهُ َ‬
‫علَى‬ ‫اب أ َ َ‬
‫قوله‪﴿ :‬اَلع َْر ُ‬
‫س ً‬
‫وال‬ ‫ث َّ‬
‫اللهُ ِم ْن ُه ْم َر ُ‬ ‫ظةُ َو ْال َجفَا ُء فِي أ َ ْه ِل ْالبَ َوادِي لَ ْم يَ ْبعَ ِ‬
‫ت ْال ِغ ْل َ‬
‫سو ِل ِه﴾ لَ َّما َكانَ ِ‬
‫َر ُ‬
‫س ْلنَا ِم ْن قَ ْب ِل َك ِإال‬ ‫ت ْال َب ْعثَةُ ِم ْن أَ ْه ِل ْالقُ َرى‪َ ،‬ك َما َقا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و َما أ َ ْر َ‬ ‫َو ِإنَّ َما َكانَ ِ‬
‫وحي ِإلَ ْي ِه ْم ِم ْن أَ ْه ِل ْالقُ َرى﴾‬
‫ِر َجاال نُ ِ‬
‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ فَقَالُوا‪ :‬أتقبِّلون‬ ‫علَى َر ُ‬ ‫َاس ِمنَ ْاَلَع َْرا ِ‬
‫ب َ‬ ‫شةَ قَا َل ْ‬
‫ت‪ :‬قَد َِم ن ٌ‬ ‫ع ْن َ‬
‫عائِ َ‬ ‫َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ :‬‬
‫"و ْأملكُ‬ ‫ص ْب َيانَ ُك ْم؟ قَالُوا‪ :‬نَ َع ْم‪ .‬قَالُوا‪َ :‬ولَ ِكنَّا َواللَّ ِه َما نق ِبّل‪ .‬فَقَا َل َر ُ‬
‫ِ‬
‫"م ْن قَ ْلبِ َك َّ‬
‫الرحْ َمةَ" رواه‬ ‫الرحْ َمةَ؟ "‪َ .‬وقَا َل اب ُْن نُ َمي ٍْر‪ِ :‬‬ ‫ع ِم ْن ُك ُم َّ‬‫أ َ ْن َكانَ اللَّهُ نَزَ َ‬
‫‪.‬مسلم‬

‫وال ُخيَال ُء في أ ْه ِل‬‫والفَ ْخ ُر ْ‬


‫ق‪ْ ،‬‬ ‫"رأْ ُ‬
‫س ال ُك ْف ِر نَحْ َو ال َم ْش ِر ِ‬ ‫وفي صحيح مسلم َ‬
‫الو َب ِر‪ ،‬وال َّس ِكينَةُ في أ ْه ِل الغَن َِم‬
‫واْل ِب ِل الفَدّادِينَ ؛ أ ْه ِل َ‬
‫"‪.‬ال َخ ْي ِل ِ‬

‫الل ِه َو ْاليَ ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر َويَتَّ ِخذُ َما يُ ْن ِف ُق قُ ُر َبا ٍ‬
‫ت‬ ‫ب َم ْن يُؤْ ِم ُن بِ َّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِمنَ اَلع َْرا ِ‬
‫سو ِل لَ ُه ْم‬
‫الر ُ‬
‫عا َء َّ‬ ‫سو ِل﴾ َو َي ْبتَغُونَ ِب َذ ِل َك ُد َ‬‫الر ُ‬
‫ت َّ‬ ‫صلَ َوا ِ‬ ‫‪ِ .‬ع ْن َد اللَّ ِه َو َ‬
‫صلَّى َعلَ ْي ِه ْم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ص َدقَ ِة قَ ْو ٍم َ‬
‫ي بِ َ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ ِإذَا أتِ َ‬ ‫وفي الصحيحين " َكانَ َر ُ‬
‫علَى آ ِل أ َ ِبي أ َ ْوفَى‬ ‫صل َ‬ ‫ص َدقَ ِت ِه فَقَا َل‪" :‬اللَّ ُه َّم َ‬
‫"فَأَت َاهُ أ َ ِبي ِب َ‬
‫‪239‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار﴾‬
‫ص ِ‬‫اج ِرينَ َواَل ْن َ‬ ‫اَلولُونَ ِمنَ ْال ُم َه ِ‬
‫﴿وال َّسا ِبقُونَ َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ان‪ ،‬وهي ال ُح َد ْي ِبيَةُ‬
‫الرضْو ِ‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ بَ ْي َعةَ ِ ّ‬ ‫‪.‬قيل‪ُ :‬ه ُم َّالذِينَ بايَعُوا َر ُ‬
‫الل ِه ﷺ‬ ‫صلَّ ْوا ِإلَى ْال ِق ْبلَتَي ِْن َم َع َر ُ‬
‫سو ِل َّ‬ ‫‪.‬وقيل‪ُ :‬ه ُم َّالذِينَ َ‬
‫‪.‬وقيل‪ :‬هم أ ْه ُل َب ْد ٍر‬
‫هاج ِرينَ الَّذِينَ أ ُ ْخ ِر ُجوا ِمن د ِ‬
‫ِيار ِه ْم‬ ‫راء ال ُم ِ‬‫كما قال تعالى‪ :‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬ل ْلفُقَ ِ‬
‫وأموا ِل ِه ْم﴾ إلى قوله‪﴿ :‬والَّذِينَ جا ُءوا ِمن بَ ْع ِد ِه ْم يَقُولُونَ َربَّنا ا ْغ ِف ْر َلنا‬ ‫ْ‬
‫‪.‬وْل ْخوانِنا﴾ اآل َيةَ‬
‫ِ‬

‫وهذه هي اآليات المستدلة على أن الرافضة كفار َلنهم ليسوا من الثالثة‬


‫‪.‬المذكورين‬

‫ق َال ت َ ْعلَ ُم ُه ْم نَحْ ُن نَ ْعلَ ُم ُه ْم﴾ َوقَ ْد َكانَ‬


‫علَى ٱل ِنّفَا ِ‬ ‫﴿و ِم ۡن أ َ ۡه ِل ٱ ۡل َم ِدينَ ِة َم َرد ۟‬
‫ُوا َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫طهُ ِم ْن أ َ ْه ِل ْال َمدِينَ ِة نِفَاقًا‪ ،‬لقوله صلى الله عليه‬ ‫ض َم ْن يُخَا ِل ُ‬ ‫يَ ْعلَ ُم أ َ َّن فِي بَ ْع ِ‬
‫‪.‬وسلم‬
‫صلَّى اللهُ َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫ي َ‬ ‫ع ْن حذيفة رضي الله عنه قَا َل‪ :‬قَا َل ال َّن ِب ُّ‬ ‫وقد روى مسلم َ‬
‫عش ََر ُمنَافِقًا‪ ،‬فِي ِه ْم ث َ َما ِنيَةٌ َال يَ ْد ُخلُونَ ْال َج َّنةَ َحتَّى‬
‫ص َحابِي اثْنَا َ‬
‫سلَّ َم‪" :‬فِي أ َ ْ‬
‫َو َ‬
‫س ِ ّم ْال ِخ َي ِ‬
‫اط‬ ‫"‪َ .‬ي ِل َج ْال َج َم ُل ِفي َ‬
‫‪240‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اب ال ُّد ْن َيا ْ‬


‫بالقَتْ ِل‬ ‫عذَ ُ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾ قيل‪َ :‬‬
‫ب َ‬‫سنُ َع ِ ّذبُ ُه ْم َم َّرتَي ِْن ث ُ َّم يُ َر ُّدونَ ِإلَى َعذَا ٍ‬
‫قوله‪َ ﴿ :‬‬
‫ب النَّ ِ‬
‫ار‬ ‫اب ْالقَب ِْر‪ ،‬ث ُ َّم يَ ُر ُّدونَ ِإلَى َ‬
‫عذَا ِ‬ ‫عذَ ُ‬ ‫سبَاء‪َ ،‬و َ‬ ‫‪َ .‬وال ِ ّ‬
‫ب النَّ ِ‬
‫ار‬ ‫ذاب القَب ِْر‪ ،‬ث ُ َّم يَ ُر ُّدونَ إِلَى َ‬
‫عذَا ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ضي َحتُهم بِال ِنّفا ِ‬
‫ق‪ ،‬و َ‬ ‫‪.‬وقيل‪َ :‬ف ِ‬

‫﴿وآخ َُرونَ ا ْعت ََرفُوا بِذُنُوبِ ِه ْم﴾ قال ابن كثير‪َ :‬و َه ِذ ِه ْاآليَةُ ‪َ -‬و ِإ ْن َكان ْ‬
‫َت‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫عا َّمةٌ ِفي كل المذنبين الخاطئين المخلصين‬ ‫ت فِي أُن ٍ‬
‫َاس ُمعَيَّنِينَ ‪ِ -‬إ َّال أَنَّ َها َ‬ ‫نَزَ لَ ْ‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال ُمتَلَ ّ ِوثِينَ‬

‫إن اللَّهَ‬
‫علَ ْي ِه ْم َّ‬ ‫عسى اللَّهُ ْ‬
‫أن َيت ُ َ‬
‫وب َ‬ ‫ع َم ًال صا ِل ًحا وآخ ََر َ‬
‫س ِيّئًا َ‬ ‫وقوله‪َ ﴿ :‬خ َل ُ‬
‫طوا َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َلنَا‪:‬‬ ‫س ُم َرة ب ِْن ُج ْن َدب قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫ور َر ِحي ٌم﴾ كما في حديث َ‬ ‫غف ُ ٌ‬
‫َ‬
‫ب ولَبِن ِف َّ‬
‫ضةٍ‪،‬‬ ‫"أَت َانِي اللَّ ْيلَةَ آتِ َي ِ‬
‫ان فَا ْبتَعَثَانِي فَا ْنت َ َه ْينَا إِلَى َمدِينَ ٍة َم ْبنِيَّ ٍة بِلَبِ ٍن َذ َه ٍ‬
‫ت َراء‪َ ،‬وش ْ‬
‫َط ٌر َكأ َ ْق َبحِ َما أ َ ْن َ‬
‫ت‬ ‫َطر ِم ْن خ َْل ِق ِه ْم َكأَحْ َ‬
‫س ِن َما أ َ ْن َ‬ ‫فَتَلَقَّانَا ِر َجا ٌل ش ْ‬
‫اال لَ ُه ْم‪ :‬ا ْذ َهبُوا فَقَعُوا فِي ذَ ِل َك النَّ ْه ِر‪ .‬فَ َوقَعُوا فِي ِه‪ ،‬ث ُ َّم َر َجعُوا ِإلَ ْينَا قَ ْد‬
‫َراءٍ ‪ ،‬قَ َ‬
‫اال ِلي‪َ :‬ه ِذ ِه َجنَّةُ َ‬
‫ع ْد ٍن‪،‬‬ ‫ورةٍ‪ ،‬قَ َ‬
‫ص َ‬ ‫اروا فِي أَحْ َ‬
‫س ِن ُ‬ ‫ص ُ‬‫ع ْن ُه ْم‪َ ،‬ف َ‬ ‫َب َذ ِل َك ال ُّ‬
‫سو ُء َ‬ ‫ذَه َ‬
‫سن َوش ْ‬
‫َط ٌر ِم ْن ُه ْم َق ِبي ٌح‪،‬‬ ‫اال أ َ َّما ْالقَ ْو ُم الَّذِينَ َكانُوا شَطر ِم ْن ُه ْم َح َ‬
‫َو َهذَا َم ْن ِزلُ َك‪ .‬قَ َ‬
‫ع ْن ُه ْم" رواه البخاري‬ ‫سيِّئًا‪َ ،‬فت َ َج َاوزَ اللَّهُ َ‬ ‫ع َم ًال َ‬
‫صا ِل ًحا َوآخ ََر َ‬ ‫طوا َ‬ ‫‪.‬فَإِنَّ ُه ْم َخ َل ُ‬

‫‪241‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صالت ََك‬ ‫علَ ْي ِه ْم ِإ َّن َ‬ ‫ص َد َقةً ت ُ َ‬


‫ط ِ ّه ُر ُه ْم َوتُزَ ِ ّكي ِه ْم بِ َها َو َ‬
‫ص ِّل َ‬ ‫قوله‪ُ ﴿ :‬خ ْذ ِم ْن أ َ ْم َوا ِل ِه ْم َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه‬
‫س َك ٌن لَ ُه ْم﴾ تطهرهم من الذنوب والبخل‪ .‬وفي صحيح مسلم " َكانَ َر ُ‬ ‫َ‬
‫صلَّى َ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬ ‫ُ‬
‫ص َدقَ ِة قَ ْو ٍم َ‬
‫ي ِب َ‬‫"ﷺ ِإذَا أتِ َ‬
‫الز َكاةِ إِلَى ْ ِ‬
‫اْل َم ِام َال‬ ‫ب أ َ َّن َد ْفع َّ‬‫اء ْالعَ َر ِ‬
‫الز َكا ِة ِم ْن أَحْ يَ ِ‬
‫ض َمانِ ِعي َّ‬ ‫وا ْعتَقَ َد بَ ْع ُ‬
‫ع َل ْي ِه ْم َهذَا التَّأ ْ ِوي َل‬‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ؛ َوقَ ْد َر َّد َ‬ ‫ون‪َ ،‬و ِإنَّ َما َكانَ َهذَا خَا ًّ‬
‫صا ِب َر ُ‬ ‫َي ُك ُ‬
‫ص َحابَ ِة‪َ ،‬وقَاتَلُو ُه ْم َحتَّى أَد َُّوا َّ‬
‫الز َكاة َ‬ ‫ِيق أَبُو بَ ْك ٍر َو َ‬
‫سائِ ُر ال َّ‬ ‫صد ُ‬‫َو ْالفَ ْه َم ْالفَا ِس َد ال َّ‬
‫ِيق‪َ :‬واللَّ ِه‬ ‫ص ّد ُ‬ ‫إِلَى ْال َخ ِليفَ ِة‪َ ،‬ك َما َكانُوا يُؤدونها إِلَى َر ُ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬حتَّى قَا َل ال ِ ّ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ ََلُقَاتِ َلنَّ ُه ْم‬ ‫عناقًا ‪-‬يُؤدُّونه ِإلَى َر ُ‬
‫لَ ْو َمنَعُونِي ِعقاال ‪َ -‬وفِي ِر َوا َيةٍ‪َ :‬‬
‫علَى َم ْن ِع ِه‪ .‬أخرجه البخاري‬
‫‪َ .‬‬

‫ع ْن ِعبَا ِد ِه َويَأْ ُخذُ ال َّ‬


‫ص َدقَاتِ﴾ في‬ ‫ق له‪﴿ :‬أ َ َل ْم يَ ْعلَ ُموا أ َ َّن َّ‬
‫اللهَ ُه َو يَ ْقبَ ُل الت َّ ْوبَةَ َ‬
‫ب‪َّ ،‬إال‬ ‫ب‪ ،‬وال َي ْق َب ُل اللَّهُ َّإال َّ‬
‫الط ِّي َ‬ ‫ص َدقَ ٍة ِمن َ‬
‫ط ِيّ ٍ‬ ‫ص َّدقَ أ َح ٌد ب َ‬
‫الصحيحين "ما ت َ َ‬
‫الرحْ َم ِن حتَّى ت َ ُكونَ‬‫ف َّ‬ ‫َت ت َْم َرة ً فَت َْربُو في َك ّ ِ‬
‫وإن كان ْ‬ ‫أ َخذَها َّ‬
‫الرحْ َم ُن بيَ ِمينِ ِه ْ‬
‫ظ َم ِمنَ ال َجبَ ِل كما يُ َربِّي أ َح ُد ُك ْم َفلُ َّوهُ‪ْ ،‬أو فَ ِ‬
‫صيلَهُ‬ ‫"أ ْع َ‬

‫‪242‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َل ۡي ِه ٰۡۗم َوٱللَّهُ َ‬
‫ع ِلي ٌم‬ ‫﴿و َءاخ َُرونَ ُم ۡر َج ۡونَ َِل َ ۡم ِر ٱللَّ ِه ِإ َّما يُ َع ِذّبُ ُه ۡم َو ِإ َّما َيت ُ ُ‬
‫وب َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫َح ِكي ࣱم﴾‬
‫ع ِن الت َّ ْو َب ِة‪َ ،‬و ُه ْم‪َ :‬م َر َ‬
‫ارة ُ ب ُْن‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫احدٍ‪ُ :‬ه ُم الث َّ َالثَةُ الَّذِينَ ُخ ِلّفُوا‪ ،‬أ َ ْ‬ ‫قَا َل َ‬
‫غي ُْر َو ِ‬
‫ب ب ُْن َما ِلكٍ ‪َ ،‬و ِه َال ُل ب ُْن أ ُ َم َّيةَ‬
‫يع‪َ ،‬و َك ْع ُ‬
‫‪.‬الر ِب ِ‬
‫َّ‬

‫ارا َو ُك ْف ًرا َوت َ ْف ِريقًا بَيْنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬ ‫﴿والَّذِينَ ات َّ َخذُوا َمس ِْجدًا ِ‬
‫ض َر ً‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‬ ‫ت ْال َك ِري َماتِ‪ :‬أَنَّهُ َكانَ بِ ْال َمدِي َن ِة قَ ْب َل َمق َدم َر ُ‬‫ب نُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآليَا ِ‬
‫سبَ ُ‬‫َ‬
‫صر فِي‬ ‫الراهب"‪َ ،‬و َكانَ قَ ْد تَنَ َّ‬
‫ُ‬ ‫ام ٍر‬
‫ع ِ‬ ‫ِإلَ ْي َها َر ُج ٌل ِمنَ ْالخ َْز َرجِ يُقَا ُل لَهُ‪" :‬أَبُو َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال َجا ِه ِليَّ ِة‪ ...‬القصة‬

‫س َي ُ‬
‫اق ُه َو‬ ‫ع َلى الت َّ ْق َوى ِم ْن أ َ َّو ِل يَ ْو ٍم أ َ َح ُّق أ َ ْن تَقُ َ‬
‫وم فِي ِه﴾ ال ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَ َمس ِْج ٌد أ ُ ِ ّ‬
‫س َ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ‬ ‫ص ِحيحِ أ َ َّن َر ُ‬‫ث ال َّ‬ ‫ض مسجد قباء؛ ولهذا جاء ِفي ْال َحدِي ِ‬ ‫ِفي َم ْع ِر ِ‬
‫ص ِحيحِ‪ :‬أ َ َّن‬
‫ص َالة ٌ فِي َمس ِْج ِد قُباء كعُمرة" صححه اَللباني‪َ .‬وفِي ال َّ‬ ‫قَا َل‪َ " :‬‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َكانَ يَأْتي َمس ِْج َد قُباءٍ ُك َّل َ‬
‫س ْبتٍ‪ ،‬ما ِش ًيا ورا ِكبًا" رواه‬ ‫َر ُ‬
‫‪.‬البخاري‬
‫س على التَّقوى مسجدي‬ ‫ص ِحيحِ‪" :‬المسج ُد الذي أ ُ ِ ّ‬
‫س َ‬ ‫َوقَ ْد َو َر َد فِي ْال َحدِي ِ‬
‫ث ال َّ‬
‫‪.‬هذا" صححه اَللباني‪ ،‬وروى مسلم نحوه‬
‫‪243‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪َ .‬و َال ُمنَافَاة َ َبيْنَ ْاآل َي ِة َو َبيْنَ َهذَا‬

‫قوله‪﴿ :‬فِي ِه ِر َجا ٌل يُ ِحبُّونَ أ َ ْن َيت َ َ‬


‫ط َّه ُروا﴾ عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫َّ‬
‫المط ِ ّهرين‬ ‫طهروا واللَّهُ يحبُّ‬
‫"نزلت في أه ِل قباءٍ في ِه رجا ٌل يحبُّونَ أن يت َ‬
‫بالماء فنزلت فيهم هذِه اآليةُ" صححه اَللباني‬ ‫ِ‬ ‫‪.‬قا َل كانوا يستَنجونَ‬
‫اللهُ علي ِه َّ‬
‫وسل َم فقالوا ‪" :‬إنَّا نُت ِب ُع الحجارة َ‬ ‫ي صلَّى َّ‬
‫وفي رواية ل ّما سألَ ُهم النب ُّ‬
‫‪.‬الما َء" وهذا ضعيف ضعفه اَللباني وغيره‬

‫أن يَ ْست َ ْغ ِف ُروا ِل ْل ُم ْش ِركِينَ } اآلية‬ ‫ي ِ والذينَ آ َمنُوا ْ‬


‫‪.‬قوله‪{ :‬ما كانَ للنب ّ‬
‫صلَّى اللهُ‬‫ي َ‬ ‫الو َفاة ُ َد َخ َل عليه النب ُّ‬‫ب َ‬ ‫طا ِل ٍ‬ ‫ت أ َبا َ‬‫ض َر ْ‬‫في الصحيحين "لَ َّما َح َ‬
‫صلَّى اللهُ‬‫ي َ‬ ‫بن أ ِبي أ ُ َميَّةَ‪ ،‬فَقا َل النب ُّ‬ ‫الل ِه ُ‬ ‫ع ْب ُد َّ‬
‫عليه وسلَّ َم‪ ،‬و ِع ْن َدهُ أبو َج ْه ٍل و َ‬
‫الل ِه‪ ،‬فَقا َل أبو َج ْه ٍل‪،‬‬ ‫ع ِ ّم‪ ،‬قُ ْل‪ :‬ال إلَهَ َّإال اللَّهُ أ ُ َحا ُّج َ‬
‫لك ب َها ِع ْن َد َّ‬ ‫أي َ‬‫عليه وسلَّ َم‪ْ :‬‬
‫ب‪ ،‬فَقا َل النب ُّ‬
‫ي‬ ‫َب عن ِملَّ ِة عب ِد ال ُم َّ‬
‫ط ِل ِ‬ ‫ب أت َْرغ ُ‬ ‫طا ِل ٍ‬ ‫بن أ ِبي أ ُ َميَّةَ‪ :‬يا أ َبا َ‬
‫ع ْب ُد اللَّ ِه ُ‬
‫و َ‬
‫يِ‬
‫ت‪{ :‬ما كانَ للنب ّ‬ ‫لك ما لَ ْم أ ُ ْنهَ َ‬
‫ع ْن َك‪ ،‬فَنَزَ َل ْ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ََ :‬ل َ ْست َ ْغ ِف َر َّن َ‬ ‫َ‬
‫أن َي ْست َ ْغ ِف ُروا ِل ْل ُم ْش ِركِينَ ولو َكانُوا أُو ِلي قُ ْربَى‪ِ ،‬من بَ ْع ِد ما تَبَيَّنَ‬ ‫والذينَ آ َمنُوا ْ‬
‫اب ال َج ِح ِيم}‬ ‫"له ْم أنَّ ُه ْم أ ْ‬
‫ص َح ُ‬

‫‪.‬وقيل‪ :‬نزلت في ا ْست َأْذَ ِ‬


‫ان النبي ربَّه ِفي ِاال ْس ِت ْغفَ ِ‬
‫ار َلمه‬
‫‪244‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َدهَا ِإيَّاهُ فَلَ َّما تَبَيَّنَ لَهُ‬


‫ع ْن َم ْو ِع َدةٍ َو َ‬
‫يم َلبِي ِه ِإال َ‬ ‫﴿و َما َكانَ ا ْستِ ْغفَ ُ‬
‫ار ِإب َْرا ِه َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫عد ٌُّو ِللَّ ِه تَ َب َّرأ َ ِم ْنهُ﴾‬
‫أَنَّهُ َ‬
‫ِئ َدع َْوتِ ِه ِحينَما قا َل لَهُ أبُوهُ‪:‬‬ ‫تِ ْل َك ال َم ْو ِع َدة ُ َّالتِي كان ْ‬
‫َت لَهُ َعلَ ْي ِه في باد ِ‬
‫ع ْن آ ِل َهتِي ياإبْرا ِهي ُم َلئِ ْن لَ ْم ت َ ْنت َ ِه ََل ْر ُج َمنَّ َك وا ْه ُج ْرنِي َم ِليًّا﴾ ﴿قا َل‬ ‫ب أ ْن َ‬
‫ت َ‬ ‫﴿أرا ِغ ٌ‬
‫علَي َْك َسأ ْست َ ْغ ِف ُر لَ َك َر ِبّي إنَّهُ كانَ ِبي َح ِفيًّا﴾ وقال‪َ :‬‬
‫﴿وا ْغ ِف ْر َل ِبي ِإ َّنهُ‬ ‫سال ٌم َ‬
‫َ‬
‫َكانَ ِمنَ الضَّالِّينَ ﴾‬
‫يم َِلبِي ِه ََل ْست َ ْغ ِف َر َّن لَ َك﴾ أي هَذا القَ ْو ُل ِمن إبْرا ِه َ‬
‫يم‬ ‫﴿إال قَ ْو َل إبْرا ِه َ‬‫قال تعالى‪ّ :‬‬
‫سي‬ ‫ض َع التَّأ ِ ّ‬ ‫‪َ .‬لي َ‬
‫ْس َم ْو ِ‬

‫ض َّل قَ ْو ًما َب ْع َد ِإ ْذ َه َدا ُه ْم َحتَّى يُبَ ِيّنَ لَ ُه ْم َما يَتَّقُونَ ﴾‬ ‫﴿و َما َكانَ اللَّهُ ِليُ ِ‬‫قَ ْوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫علَ ْي ِه ُم‬ ‫سالَ ِة إِلَ ْي ِه ْم‪َ ،‬حتَّى يَ ُكونُوا قَ ْد قَا َم ْ‬
‫ت َ‬ ‫ض ُّل قَ ْو ًما بَ ْع َد بَ َالغِ ِ ّ‬
‫الر َ‬ ‫أي‪َ :‬ال يُ ِ‬
‫سوال﴾‬
‫ث َر ُ‬ ‫ْال ُح َّجةُ‪َ .‬و َك َذا قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و َما ُكنَّا ُم َع ِذّ ِبينَ َحتَّى نَ ْب َع َ‬
‫‪.‬وإن كان من أهل العذر يُمتحن يوم القيامة‬
‫‪.‬واآلية رد على التكفير والمكفرة‬

‫‪245‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ِة‬
‫سا َ‬ ‫ار الَّذِينَ اتَّ َبعُوهُ فِي َ‬ ‫ص ِ‬‫اج ِرينَ َواَل ْن َ‬ ‫ي ِ َو ْال ُم َه ِ‬ ‫َاب اللَّهُ َ‬
‫علَى ال َّن ِب ّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَقَ ْد ت َ‬
‫الزا ِد َو ْال َم ِ‬
‫اء‪َ .‬و َكانَ النَّفَ ُر يَت َ َد َاولُونَ الت َّ ْم َرة َ‬ ‫الظ ْه ِر َو َّ‬‫ي‪ِ :‬منَ النَّفَقَ ِة َو َّ‬ ‫ْالعُس َْرةِ﴾ أ َ ْ‬
‫علَ ْي َها‪َ ،‬حتَّى‬ ‫ص َها َه َذا‪ ،‬ث ُ َّم َي ْش َر ُ‬
‫ب َ‬ ‫علَ ْي َها‪ ،‬ث ُ َّم َي ُم ُّ‬ ‫ص َها َهذَا‪ ،‬ث ُ َّم َي ْش َر ُ‬
‫ب َ‬ ‫َب ْينَ ُه ْم‪َ ،‬ي ُم ُّ‬
‫ص ُر فَ ْرثه فَ َي ْش َربُهُ‬ ‫الر ُج َل َليَ ْن َح ُر بَ ِع َ‬
‫يرهُ فَيَ ْع ِ‬ ‫‪ِ .‬إ َّن َّ‬

‫علَ ۡي ِه ُم ٱ َۡل َ ۡر ُ‬
‫ض ِب َما َر ُح َب ۡت‬ ‫ضا َق ۡت َ‬ ‫علَى ٱلثَّلَ ٰـث َ ِة ٱ َّل ِذينَ ُخ ِلّفُ ۟‬
‫وا َحت َّ ٰۤى ِإذَا َ‬ ‫﴿و َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫س ُه ۡم﴾اآلية‬ ‫علَ ۡي ِه ۡم أَنفُ ُ‬‫ضاقَ ۡت َ‬
‫‪َ .‬و َ‬
‫ب ب ُْن‬
‫الربِيعِ‪َ ،‬و َك ْع ُ‬ ‫ارة ُ ب ُْن َّ‬ ‫ع ِن الت َّ ْو َب ِة‪َ ،‬و ُه ْم‪َ :‬م َر َ‬ ‫ُه ُم الث َّ َالثَةُ الَّذِينَ ُخ ِلّفُوا‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬‬
‫﴿و َءاخ َُرونَ ُم ۡر َج ۡونَ َِل َ ۡم ِر ٱللَّ ِه ِإ َّما يُ َع ِذّبُ ُه ۡم َو ِإ َّما َيت ُ ُ‬
‫وب‬ ‫َما ِلكٍ ‪َ ،‬و ِه َال ُل ب ُْن أ ُ َميَّةَ‪َ .‬‬
‫علَ ۡي ِه ٰۡۗم ﴾‬
‫َ‬
‫‪.‬و ِفيه َحدِيث َك ْع ِ‬
‫ب ب ِْن َما ِلكٍ في الصحيحين‬

‫ص ِحيحِ‬ ‫صا ِدقِينَ ﴾ فَفي َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها َّالذِينَ آ َمنُوا اتَّقُوا َّ‬
‫اللهَ َو ُكونُوا ِمنَ ال َّ‬
‫ع ْن غ َْز َو ِة تَبُ َ‬
‫وك أنَّهُ قا َل "‬ ‫ف َ‬‫ب ب ِْن ما ِلكٍ ِحينَ تَخَلَّ َ‬
‫ث َك ْع ِ‬ ‫ي ِ ِمن « َحدِي ِ‬ ‫خار ّ‬
‫البُ ِ‬
‫سنَ ِم ّما أبْالنِي ما‬ ‫ث أحْ َ‬ ‫ق ال َحدِي ِ‬ ‫فَواللَّ ِه ما أ ْعلَ ُم أ َحدًا‪ . .‬أبْالهُ اللَّهُ في ِ‬
‫ص ْد ِ‬
‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ إلى يَ ْو ِمي هَذا َك ِذبًا‬ ‫"تَعَ َّمدْتُ ُم ْنذُ ذَ َك ْرتُ ذَ ِل َك ِل َر ُ‬
‫ص ْدقَ َي ْهدِي إلى ال ِب ِ ّر‪َّ ،‬‬
‫وإن ال ِب َّر‬ ‫ق‪َّ ،‬‬
‫فإن ال ِ ّ‬ ‫ص ْد ِ‬ ‫وفي الصحيحين "علَ ْي ُكم بال ِ ّ‬
‫َب ِع ْن َد‬ ‫ص ْدقَ حتَّى يُ ْكت َ‬
‫ُق ويَت َ َح َّرى ال ِ ّ‬ ‫صد ُ‬ ‫يَ ْهدِي إلى ال َج َّن ِة‪ ،‬وما يَزا ُل َّ‬
‫الر ُج ُل َي ْ‬
‫ص ّدِيقًا‬
‫"الل ِه ِ‬
‫‪246‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬


‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ِغي َرة َوال َكبِي َرة َوال يَقطعُونَ َوا ِديًا ِإال كتِ َ‬
‫ب ل ُه ۡم‬ ‫﴿و َال يُن ِفقُونَ نَفَقَة َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سنَ َما َكانُ ۟‬
‫وا َيعۡ َملُونَ ﴾‬ ‫ِل َي ۡج ِز َي ُه ُم ٱللَّهُ أ َ ۡح َ‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪َ " :‬م ِن‬
‫وريَّهُ‬ ‫بو ْع ِد ِه‪َّ ،‬‬
‫فإن ِشبَعَهُ ِ‬ ‫سبي ِل اللَّ ِه إيمانًا باللَّ ِه وت َ ْ‬
‫صدِيقًا َ‬ ‫س فَ َر ً‬
‫سا في َ‬ ‫احْ ت َ َب َ‬
‫ور ْوثَهُ و َب ْولَهُ في ِميزا ِن ِه َي َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة"‪ .‬رواه البخاري‬ ‫‪َ .‬‬
‫علَى َجي ِْش ْالعُس َْر ِة‪ ،‬فَقَا َل عثمان بن‬
‫ث َ‬ ‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ فَ َح َّ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫وفي الحديث َخ َ‬
‫ط َ‬
‫ث‪،‬‬‫ير بِأَحْ َال ِس َها َوأَ ْقت َابِ َها‪ .‬قَا َل‪ :‬ث ُ َّم َح َّ‬‫ي ِمائَةُ بَ ِع ٍ‬
‫عفان‪ ،‬رضي الله عنه‪ :‬عل َّ‬
‫مرقاة ِمنَ‬ ‫ي ِمائَةٌ أ ُ ْخ َرى ِبأَحْ َال ِس َها َوأ َ ْقت َا ِب َها‪ .‬قَا َل‪ :‬ث ُ َّم نَزَ َل ْ‬ ‫عثْ َم ُ‬
‫ان‪ :‬عل َّ‬ ‫فَقَا َل ُ‬
‫ى ِمائ َةٌ أ ُ ْخ َرى بِأَحْ َال ِس َها َوأ َ ْقتَابِ َها‪.‬‬
‫عفَّانَ ‪ :‬عل َّ‬ ‫عثْ َم ُ‬
‫ان ب ُْن َ‬ ‫ْال ِم ْنبَ ِر ث ُ َّم َح َّ‬
‫ث‪ ،‬فَقَا َل ُ‬
‫ص َم ِد َي َدهُ‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َيقُو ُل ِب َي ِد ِه َه َكذَا ‪-‬يُ َح ِ ّر ُك َها‪َ .‬وأ َ ْخ َر َج َ‬
‫ع ْب ُد ال َّ‬ ‫قَا َل‪ :‬فَ َرأَيْتُ َر ُ‬
‫ع ِم َل بَ ْع َد َهذَا‬‫عثْ َمانَ َما َ‬
‫علَى ُ‬ ‫" َك ْال ُمت َ َع ِ ّج ِ‬
‫ب‪َ " :‬ما َ‬
‫ي‬‫َار فِي ث َ ْوبِ ِه ِحينَ َج َّهز ال َّنبِ ُّ‬ ‫ف دِين ٍ‬ ‫ي ِ ﷺ بِأ َ ْل ِ‬ ‫عثْ َم ُ‬
‫ان ِإلَى النَّبِ ّ‬ ‫وفي رواية‪َ :‬جا َء ُ‬
‫ي ﷺ يُ َق ِّلبُ َها ِب َي ِد ِه‬
‫ي ِ ﷺ‪ ،‬فَ َج َع َل ال َّن ِب ُّ‬ ‫صبَّ َها ِفي ِحجْ ِر النَّ ِب ّ‬‫ْش ْالعُس َْر ِة َقا َل‪َ :‬ف َ‬
‫ﷺ َجي َ‬
‫ع ِم َل بَ ْع َد ْاليَ ْو ِم"‪ .‬يُ َر ِ ّد ُدهَا ِم َر ً‬
‫ارا‬ ‫عفَّانَ َما َ‬ ‫‪َ .‬ويَقُولُ‪َ " :‬ما َ‬
‫ض ّر ابْنَ َ‬

‫ࣱ‬ ‫ٰۚ‬ ‫ࣰ‬


‫ۤ‬
‫طا ِٕىفَة‬‫وا َك ۤا َّفة َفلَ ۡو َال نَفَ َر ِمن ُك ِّل فِ ۡرقَةࣲ ِّمن ُه ۡم َ‬
‫ۡ‬ ‫﴿و َما َكانَ ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنُونَ ِل َين ِف ُر ۟‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫وا قَ ۡو َم ُه ۡم ِإذَا َر َجعُ ۤو ۟ا ِإلَ ۡي ِه ۡم لَ َعلَّ ُه ۡم يَ ۡحذَ ُرونَ ﴾ فيه‬
‫وا فِی ٱل ِ ّدي ِن َو ِليُنذ ُِر ۟‬
‫ِلّيَتَفَقَّ ُه ۟‬
‫‪:‬قوالن‬
‫‪247‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ؛ لقوله‬ ‫علَى ُك ِّل ُم ْس ِل ٍم ِإذَا خ ََر َج َر ُ‬ ‫أحدهما‪ :‬أَنَّهُ َكانَ َي ِج ُ‬
‫ب النَّ ِف ُ‬
‫ير َ‬
‫ت َ َعالَى‪﴿ :‬ا ْن ِف ُروا ِخفَا ًفا َوثِقَاال﴾ َوقَا َل‪َ ﴿ :‬ما َكانَ َل ْه ِل ْال َمدِينَ ِة َو َم ْن َح ْولَ ُه ْم ِمنَ‬
‫الل ِه﴾ ثم نزلت هذه اآلية‪ ،‬والحكمة‪ِ :‬ل َيتَفَقَّهَ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫ب أ َ ْن َيتَخَلَّفُوا َ‬
‫اَلع َْرا ِ‬
‫سو ِل ِب َما يَ ْن ِز ُل ِمنَ ْال َوحْ ي ِ َ‬
‫علَ ْي ِه‪َ ،‬ويُ ْنذ ُِروا قَ ْو َم ُه ْم ِإذَا َر َجعُوا‬ ‫الر ُ‬
‫َار ُجونَ َم َع َّ‬ ‫ْالخ ِ‬
‫‪.‬إِلَ ْي ِه ْم‬

‫أن َي ْن ِف ُروا بِأجْ َم ِع ِه ْم‪ ،‬بَ ْل ت َ ْن ِف ُر طائِفَةٌ‪ ،‬وتَبْقى َم َع النَّبِ ّ‬


‫يِ‬ ‫الثاني‪ :‬أي‪ :‬ما كانَ لَهم ْ‬
‫سرايا‪،‬‬ ‫ِين) يَ ْعنِي ال ِف ْرقَةَ القا ِعدِينَ ‪ .‬فَإذا َر َجعَ ِ‬
‫ت ال َّ‬ ‫ﷺ طائِفَةٌ‪ِ ( .‬ليَتَفَقَّ ُهوا في ال ّد ِ‬
‫وقَ ْد نَزَ َل ِب َع َدهم قُ ْرآ َ ٌن ْأو ت َ َج َّد َد ْأم ٌر‪ ،‬أ ْع َل ُموهم ِب ِه وأ ْنذَ ُروهم ِب ِه إذا َر َجعُوا‬
‫‪.‬إلَ ْي ِه ْم‬

‫ي َجا ِه ِد ْال ُكفَّ َ‬


‫ار‬ ‫﴿و ْليَ ِجدُوا ِفي ُك ْم ِغ ْل َ‬
‫ظةً﴾ كما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها ال َّنبِ ُّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ع َل ْي ِه ْم﴾‬ ‫َو ْال ُمنَا ِفقِينَ َوا ْغلُ ْ‬
‫ظ َ‬

‫‪.‬قوله‪﴿ :‬فَأ َ َّما الَّذِينَ آ َمنُوا فَزَ ا َدتْ ُه ْم إِي َمانًا َو ُه ْم يَ ْست َ ْب ِش ُرونَ ﴾‬
‫علَى أ َ َّن ْ ِ‬
‫اْلي َمانَ َي ِزي ُد َو َي ْنقُ ُ‬
‫ص‬ ‫‪َ .‬و َه ِذ ِه ْاآل َيةُ َدلي ٌل َ‬

‫‪248‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض‬ ‫أي َن َ‬
‫ظ َر َب ْع ُ‬ ‫ض﴾ ْ‬
‫ضهم إلى َب ْع ٍ‬ ‫ورة ٌ نَ َ‬
‫ظ َر َب ْع ُ‬ ‫س َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وإذا ما أ ُ ْن ِز َل ْ‬
‫ت ُ‬
‫ض اآلخ َِر قائِلِينَ ﴿ه َْل يَراكم ِمن أ َحدٍ﴾ ِمنَ ال ُمؤْ ِمنِينَ‬ ‫ال ُمنافِقِينَ إلى البَ ْع ِ‬
‫ي‪ ،‬و ِل َنت َ َكلَّ َم ِبما نُ ِري ُد ِمنَ َّ‬
‫الط ْع ِن‬ ‫قام الَّذِي َي ْن ِز ُل ِفي ِه َ‬
‫الوحْ ُ‬ ‫ع ِن ال َم ِ‬
‫ف َ‬ ‫ص ِر َ‬‫ِلنَ ْن َ‬
‫ورة ٌ ذَ َك َر اللَّهُ فِيها َفضائِ َح‬‫س َ‬‫ت ُ‬ ‫س ْخ ِريَ ِة والض َِّح ِك‪ ،‬وقِي َل‪ :‬ال َم ْعنى‪ :‬وإذا أ ْنزَ َل ْ‬
‫وال ُّ‬
‫ض اآلخ َِر‬‫سو ِل اللَّ ِه ِل ْلبَ ْع ِ‬
‫س َر ُ‬‫ض ُر َمجْ ِل َ‬ ‫ض َمن يَحْ ُ‬ ‫ال ُمنافِقِينَ و ُمخازَ يَهم‪ ،‬قا َل بَ ْع ُ‬
‫‪ِ .‬منهم‪ :‬ه َْل َيراكم ِمن أ َح ٍد ؟ ث ُ َّم ا ْن َ‬
‫ص َرفُوا خوفا على أنفسهم‬

‫ف اللَّهُ قُلُو َب ُه ْم﴾ كما قال‪َ ﴿ :‬فلَ ّما زا ُ‬


‫غوا أزا َ‬
‫غ‬ ‫ص َر َ‬ ‫قوله سبحانه‪﴿ :‬ث ُ َّم ا ْن َ‬
‫ص َرفُوا َ‬
‫اللَّهُ قُلُوبَ ُه ْم﴾‬

‫سو ٌل ِم ْن أ َ ْنفُ ِس ُك ْم﴾ كما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬لَقَ ْد َم َّن اللَّهُ َ‬


‫علَى‬ ‫قَ ْولهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َر ُ‬
‫سوال ِم ْن أَ ْنفُ ِس ِه ْم﴾‬ ‫ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِإ ْذ َب َع َ‬
‫ث ِفي ِه ْم َر ُ‬

‫ص ِحيحِ‪ِ " :‬إ َّن َهذَا ال ّدِينَ يُس ٌْر‬ ‫علَ ْي ِه َما َ‬
‫ع ِنت ُّ ْم﴾ َوفِي ال َّ‬ ‫" َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬‬
‫ع ِز ٌ‬
‫يز َ‬

‫‪249‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫فإن كانَ إثْ ًما كانَ أ ْب َع َد ال َّن ِ‬


‫اس‬ ‫س َر ُه َما‪ ،‬ما َل ْم َي ُك ْن إثْ ًما‪ْ ،‬‬
‫وفي الصحيحين " َخذَ أ ْي َ‬
‫منه‪ "،‬وفي حديث اْلسراء والمعراج وحديث قيام رمضان شفقة النبي ‪-‬‬
‫‪.‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬على أُمته‬
‫وفي الحديث "إنَّما َمث َلي و َمثَلُكم ك َمث َ ِل ر ُج ٍل استوقَد ً‬
‫نارا فج َعلَ ْ‬
‫ت هذه ال َّدوابُّ‬
‫ويقتح ْمنَ فيها وإ ِنّي آ ُخذٌ ب ُح َج ِزكم هلُ ُّموا‬
‫ِ‬ ‫ع َّ‬
‫هن عنها‬ ‫راش يقَ ْعنَ فيه ويزَ ُ‬
‫والفَ ُ‬
‫ار فتغ ِلبوني فتقت َِحمونَ فيها‬ ‫ار هلُ ُّموا ِ‬
‫عن النَّ ِ‬ ‫عن النَّ ِ‬
‫ِ‬
‫"المزيد‬

‫ض َجنَا َح َك ِل َم ِن‬
‫اخ ِف ْ‬ ‫﴿و ْ‬ ‫وف َر ِحي ٌم﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬ب ْال ُمؤْ ِمنِينَ َر ُء ٌ‬
‫ص ْو َك فَقُ ْل ِإ ِّني بَ ِري ٌء ِم َّما ت َ ْع َملُونَ ‪َ .‬وت ََو َّك ْل َ‬
‫علَى‬ ‫ع َ‬‫اتَّبَ َع َك ِمنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪ .‬فَإ ِ ْن َ‬
‫الر ِح ِيم﴾‬ ‫ْال َع ِز ِ‬
‫يز َّ‬

‫ع َل ۡي ِه ت ََو َّك ۡلتُ َو ُه َو َربُّ ٱ ۡل َع ۡر ِش‬


‫ی ٱللَّهُ َ ۤال ِإلَ ٰـهَ ِإ َّال ُه َو َ‬ ‫۟‬
‫قوله‪﴿ :‬فَإِن ت ََولَّ ۡوا فَقُ ۡل َح ۡس ِب َ‬
‫ع ْب َدهُ﴾‬
‫اللهُ بِكافٍ َ‬ ‫ْس َّ‬ ‫ٱ ۡل َع ِظي ِم﴾ قال تعالى‪﴿ :‬ألَي َ‬
‫ي أبو بَ ْك ٍر فَتَتَبَّ ْعتُ القُ ْرآنَ ‪ ،‬حتَّى و َجدْتُ‬
‫س َل إلَ َّ‬
‫أر َ‬ ‫وعن زَ يْد بن ثَا ِب ٍ‬
‫ت قال‪ْ :‬‬
‫غير ِه‪{ ،‬لقَ ْد‬ ‫يِ‪ ،‬لَ ْم ِ‬
‫أج ْدهَا مع أ َح ٍد ِ‬ ‫ار ّ‬
‫ص ِ‬‫ورةِ الت َّ ْو َب ِة مع أ ِبي ُخزَ ْي َمةَ اَل ْن َ‬
‫س َ‬‫آخ َر ُ‬
‫ِ‬
‫‪َ .‬جا َء ُك ْم َرسو ٌل ِمن أ ْنفُ ِس ُك ْم} حتَّى خَاتِ َم ِة بَ َرا َءة َ‪ ".‬رواه البخاري‬

‫‪250‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةِ " َب َرا َءةٌ"‪َ ،‬و ْال َح ْم ُد ِللَّ ِه وحده‬


‫س َ‬‫آخ ُر ُ‬
‫‪ِ .‬‬

‫‪251‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة يونس بن متى عليه السالم‬


‫ي َم ِ ّكيَّةٌ‬
‫َو ِه َ‬
‫الر ِح ِيم‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬
‫ير قَ ْو َل‬
‫َار اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫اختَلَفُوا ِفي ِه‪َ ،‬و ْ‬
‫اخت َ‬ ‫ق ِع ْن َد َربِّ ِه ْم﴾ ْ‬
‫ص ْد ٍ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ َّن لَ ُه ْم قَ َد َم ِ‬
‫صا ِل َحةُ َّال ِتي قَ َّد ُموهَا‬
‫‪ُ .‬م َجا ِه ٍد ‪-‬أَنَّ َها ْاَل َ ْع َما ُل ال َّ‬

‫ض في ِست َّ ِة أي ٍّام﴾ قَ ْد تَقَد ََّم‬


‫واَلر َ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬ ‫﴿إن َربَّ ُك ُم اللَّهُ الَّذِي َخلَقَ ال َّ‬
‫قوله‪َّ :‬‬
‫ت‬
‫سماوا ِ‬ ‫﴿إن َربَّ ُك ُم اللَّهُ الَّذِي َخ َلقَ ال َّ‬
‫ْراف في َق ْو ِل ِه‪َّ :‬‬‫ير َه ِذ ِه اآل َي ِة في اَلع ِ‬ ‫ت َ ْف ِس ُ‬
‫ض في ِست َّ ِة أي ٍّام ث ُ َّم ا ْست َوى َ‬
‫على ال َع ْر ِش﴾ وأما تفصيل خلق السموات‬ ‫واَلر َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬واَلرض فسيأتي في سورة فصلت‬

‫اَلم َر﴾ كقوله‪ُ ﴿ :‬ك َّل َي ۡو ٍم ُه َو ِفی ش َۡأ ࣲن﴾‬


‫قوله‪﴿ :‬يُ َد ِبّ ُر ْ‬

‫يع إِال ِم ْن بَ ْع ِد إِ ْذنِ ِه﴾ َك َق ْو ِل ِه تَعَالَى‪َ ﴿ :‬م ْن ذَا الَّذِي يَ ْشفَ ُع ِع ْن َدهُ‬
‫ش ِف ٍ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ﴿ َما ِم ْن َ‬
‫شفَا َعةُ‬ ‫ࣰ‬ ‫ِإال ِبإ ِ ْذنِ ِه﴾ َو َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬قُل ِّللَّ ِه ٱل َّ‬
‫شفَ ٰـ َعةُ َج ِميعا﴾ وقو ِله‪َ :‬‬
‫﴿وال ت َ ْن َف ُع ال َّ‬
‫ِع ْن َدهُ ِإال ِل َم ْن أَذِنَ َلهُ﴾‬

‫‪252‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ال َمسافَةُ الَّتِي يَ ْق َ‬
‫طعُها في يَ ْو ٍم ولَ ْيلَ ٍة‬ ‫ناز ُل القَ َم ِر‪ِ :‬ه َ‬ ‫﴿وقَد ََّرهُ َمن ِ‬
‫َاز َل﴾ و َم ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ص ِة ِب ِه‪ ،‬و ُج ْملَتُها ثَما ِن َيةٌ و ِع ْش ُرونَ ‪ ،‬وتقطع الشمس هذه المسافة‬
‫ِب َح َر َك ِت ِه الخا َّ‬
‫ور َو ْاَلَع َْوا ُم‪َ .‬ك َما‬ ‫ف ْاَلَيَّا ُم‪َ ،‬و ِب َسي ِْر ْالقَ َم ِر ت ُ ْع َر ُ‬
‫ف ال ُّ‬
‫ش ُه ُ‬ ‫ش ْم ِس ت ُ ْع َر ُ‬
‫في سنة‪ .‬فَ ِبال َّ‬
‫ون ْالقَد ِ‬
‫ِيم﴾‬ ‫عا َد َك ْالعُ ْر ُج ِ‬ ‫﴿و ْالقَ َم َر قَد َّْرنَاهُ َمن ِ‬
‫َاز َل َحتَّى َ‬ ‫قَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬

‫ب‬
‫وحسا ِ‬ ‫إن في ال ِع ْل ِم بِ َع َد ِد ال ِ ّ‬
‫سنِينَ ِ‬ ‫ساب﴾ فَ َّ‬‫والح َ‬‫ِ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬لت َ ْعلَ ُموا َ‬
‫ع َد َد ال ِ ّسنِينَ‬
‫اَل ْش ُه ِر واَلي ِّام واللَّيا ِلي ِمنَ ال َمصا ِلحِ ال ّدِينِيَّ ِة وال ُّد ْنيَ ِويَّ ِة ما ال يُحْ صى‪ ،‬ومنها‬
‫‪.‬العبادات والمعامالت‬

‫ع ِظي َمةٌ‬
‫ع َبثًا َب ْل َلهُ ِح ْك َمةٌ َ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬ما َخ َلقَ اللَّهُ ذَ ِل َك ِإال ِب ْال َح ّ ِ‬
‫ق﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ :‬لَ ْم َي ْخلُ ْقهُ َ‬
‫ض َو َما‬
‫اَلر َ‬
‫س َما َء َو ْ‬ ‫فِي ذَ ِل َك‪َ ،‬و ُح َّجةٌ بَا ِلغَةٌ‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و َما َخلَ ْقنَا ال َّ‬
‫ظ ُّن الَّذِينَ َكفَ ُروا فَ َو ْي ٌل ِللَّذِينَ َكفَ ُروا ِمنَ النَّ ِ‬
‫ار﴾‬ ‫اطال ذَ ِل َك َ‬
‫بَ ْينَ ُه َما بَ ِ‬

‫ض‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫هار وما َخلَقَ اللَّهُ في ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫الف اللَّ ْي ِل والنَّ ِ‬ ‫﴿إن في ْ‬
‫اختِ ِ‬ ‫قوله‪َّ :‬‬
‫ت ِلقَ ْو ٍم َيتَّقُونَ ﴾ وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد‬ ‫َ‬
‫‪.‬آليا ٍ‬

‫‪253‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫آخ ُر َدع َْوا ُه ْم أ َ ِن‬


‫سال ٌم َو ِ‬ ‫س ْب َحان ََك اللَّ ُه َّم َوت َِحيَّت ُ ُه ْم فِي َها َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬دع َْوا ُه ْم فِي َها ُ‬
‫ْال َح ْم ُد ِللَّ ِه َربّ ِ ا ْل َعالَ ِمينَ ﴾ كما فِي ْال َحدِيثِ‪ِ " :‬إ َّن أَ ْه َل ْال َجنَّ ِة يُ ْل َه ُمونَ الت َّ ْس ِبي َح‬
‫‪َ .‬والتَّحْ ِمي َد َك َما يُ ْل َه ُمونَ النَّ َفس" رواه مسلم‬

‫ع َّد لَ ُه ْم أ َجْ ًرا‬ ‫سال ٌم﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ت َِح َّيت ُ ُه ْم يَ ْو َم َي ْلقَ ْونَهُ َ‬
‫سال ٌم َوأ َ َ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وت َِح َّيت ُ ُه ْم ِفي َها َ‬
‫علَ ْي ُك ْم ِب َما‬
‫سال ٌم َ‬
‫ب َ‬ ‫﴿و ْال َمال ِئ َكةُ َي ْد ُخلُونَ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِم ْن ُك ِّل َبا ٍ‬ ‫َك ِري ًما﴾ َوقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ع ْقبَى ال َّد ِار﴾‬
‫صبَ ْرت ُ ْم فَنِ ْع َم ُ‬
‫َ‬
‫س ِّل ْم‬
‫عا‪ ،‬ث ُ َّم قا َل‪ :‬ا ْذهَبْ فَ َ‬ ‫طولُهُ ِستُّونَ ذِرا ً‬ ‫وفي الحديث أيضا " َخ َلقَ اللَّهُ آ َد َم و ُ‬
‫علَى أُولَئِ َك ِمنَ ال َمالئِ َك ِة‪ ،‬فا ْست َِم ْع ما يُ َحيُّون ََك‪ ،‬ت َِحيَّت ُ َك وت َِح َّيةُ ذُ ِ ّريَّتِ َك‪ ،‬فقا َل‬
‫ورحْ َمةُ اللَّ ِه‪ ،‬فَ ُك ُّل‬
‫ورحْ َمةُ اللَّ ِه‪ ،‬فَزادُوهُ‪َ :‬‬
‫ع َلي َْك َ‬ ‫سال ُم علَ ْي ُكم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال َّ‬
‫سال ُم َ‬ ‫ال َّ‬
‫ور ِة آ َد َم‪ ،‬فَلَ ْم َيزَ ِل ال َخ ْل ُق َي ْنقُ ُ‬
‫ص حتَّى اآلنَ ‪ ".‬أخرجه‬ ‫ص َ‬‫َمن َي ْد ُخ ُل ال َجنَّةَ علَى ُ‬
‫‪.‬البخاري ومسلم‬

‫{وقَالُ ۟‬
‫وا‬ ‫آخ ُر َدع َْوا ُه ْم أ َ ِن ْال َح ْم ُد ِل َّل ِه َربّ ِ ْال َعالَ ِمينَ ﴾ كما قال تعالى‪َ :‬‬ ‫﴿و ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ی لَ ۡو َ ۤال أ َ ۡن َه َد ٰىنَا ٱللَّهُ لَقَ ۡد َج ۤا َء ۡت ُر ُ‬ ‫ۡ‬
‫س ُل‬ ‫ٱل َح ۡم ُد ِللَّ ِه ٱلَّ ِذی َه َد ٰىنَا ِل َه ٰـذَا َو َما ُكنَّا ِلنَهۡ ت َ ِد َ‬
‫َربِّنَا بِٱ ۡل َح ّ ِ‬
‫ق} وفيه أن الحمد من الدعاء كما في الحديث "أفض ُل الذّ ِ‬
‫ِكر ال إلهَ‬
‫ض ُل الد ِ‬
‫ُّعاء الحم ُد لل ِه" حسنه اَللباني‬ ‫َّ‬
‫‪.‬إال اللهُ وأف َ‬

‫‪254‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ِإلَ ْي ِه ْم أ َ َجلُ ُه ْم﴾‬ ‫ش َّر ا ْستِ ْع َجالَ ُه ْم ِب ْال َخي ِْر لَقُ ِ‬
‫ض َ‬ ‫﴿ولَ ْو يُ َع ِ ّج ُل َّ‬
‫اللهُ ِللنَّ ِ‬
‫اس ال َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫علَى‬ ‫يب لَ ُه ْم ِإ َذا َد َ‬
‫ع ْوا َ‬ ‫ع ْن ِح ْل ِم ِه َولُ ْ‬
‫ط ِف ِه بِ ِعبَا ِد ِه‪ :‬أَنَّهُ َال يَ ْست َِج ُ‬ ‫يُ ْخبِ ُر ت َ َعالَى َ‬
‫ض ِب ِه ْم‪َ .‬كقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫أ َ ْنفُ ِس ِه ْم أ َ ْو أ َ ْم َوا ِل ِه ْم أ َ ْو أ َ ْو َال ِد ِه ْم ِفي َحا ِل َ‬
‫ض َج ِر ِه ْم َو َغ َ‬
‫ع ُجوال﴾‬ ‫ان َ‬‫س ُ‬ ‫عا َءهُ ِب ْال َخي ِْر َو َكانَ اْل ْن َ‬ ‫ان ِبال َّ‬
‫ش ِ ّر ُد َ‬ ‫س ُ‬ ‫﴿ويَ ْدعُ اْل ْن َ‬ ‫َ‬
‫علَى أ َ ْو َال ِد ُك ْم‪َ ،‬ال تَ ْد ُ‬
‫عوا‬ ‫علَى أَ ْنفُ ِس ُك ْم‪َ ،‬ال ت َ ْد ُ‬
‫عوا َ‬ ‫وفي صحيح مسلم َ‬
‫"ال تَ ْد ُ‬
‫ع َوا َ‬
‫سا َعةً ِفي َها ِإ َجا َبةٌ فَ َي ْست َِج ُ‬
‫يب لَ ُك ْم‬ ‫علَى أ َ ْم َوا ِل ُك ْم‪َ ،‬ال ت ُ َوا ِفقُوا ِمنَ اللَّ ِه َ‬
‫‪َ ".‬‬

‫عاصي َكما َيتَعَ َّجلُونَ بِالثَّوا ِ‬


‫ب‬ ‫سبَب ال َم ِ‬ ‫ع َّج َل اللَّهُ ِلل ّن ِ‬
‫اس العُقُوبَةَ ب َ‬ ‫وقيل‪ :‬أي لَو َ‬
‫أي ماتُوا‬ ‫ي إلَ ْي ِه ْم أ َجلُ ُه ْم﴾ ْ‬
‫ض َ‬ ‫‪.‬وال َخي ِْر ﴿لَقُ ِ‬

‫ࣰ‬
‫عانَا ِل َج ُۢن ِب ِهۦۤ أ َ ۡو قَا ِعدًا أ َ ۡو قَ ۤا ِٕىما فَلَ َّما َكش َۡفنَا‬
‫س ٰـنَ ٱلض ُُّّر َد َ‬ ‫س ٱ ۡ ِْلن َ‬
‫﴿و ِإذَا َم َّ‬‫قوله‪َ :‬‬
‫سهُۥٰۚ﴾ كما في سورة المعارج‬ ‫ض ࣲّر َّم َّ‬ ‫عن َۤا ِإلَ ٰى ُ‬‫ض َّرهُۥ َم َّر َكأَن لَّ ۡم يَ ۡد ُ‬
‫ع ۡنهُ ُ‬
‫‪َ .‬‬
‫الرشَا َد‪ ،‬فَإ ِ َّنهُ ُم ْستَثْنَى ِم ْن ذَ ِل َك‪،‬‬ ‫فَأ َ َّما َم ْن َرزَ قَهُ اللَّهُ ْال ِه َدايَةَ َوال َّ‬
‫س َدا َد َوالت َّ ْوفِيقَ َو َّ‬
‫سو ِل اللَّ ِه‬
‫ت﴾‪َ ،‬و َكقَ ْو ِل َر ُ‬ ‫ع ِملُوا ال َّ‬
‫صا ِل َحا ِ‬ ‫ص َب ُروا َو َ‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إال الَّذِينَ َ‬
‫ضا ًء ِإ َّال َكانَ َخي ًْرا َلهُ‪ِ :‬إ ْن أَ َ‬
‫صا َبتْهُ‬ ‫ع َجبًا َِل َ ْم ِر ْال ُمؤْ ِم ِن َال يَ ْق ِ‬
‫ضي اللَّهُ َلهُ قَ َ‬ ‫ﷺ‪َ " :‬‬
‫ش َك َر فَ َكانَ َخي ًْرا لَهُ"‪َ ،‬ولَي َ‬
‫ْس‬ ‫س َّرا ُء َ‬ ‫صبَ َر فَ َكانَ َخي ًْرا لَهُ‪َ ،‬وإِ ْن أَ َ‬
‫صا َبتْهُ َ‬ ‫ض َّرا ُء َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬ذَ ِل َك َِل َ َح ٍد ِإ َّال ِل ْل ُمؤْ ِم ِن‪ .‬رواه مسلم‬

‫‪255‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْف ت َ ْع َملُونَ ﴾ َوفِي‬ ‫ض ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم ِلنَ ْن ُ‬


‫ظ َر َكي َ‬ ‫اَلر ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ث ُ َّم َج َع ْلنَا ُك ْم خَالئِ َ‬
‫ف فِي ْ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ِ " :‬إ َّن ال ُّد ْنيَا ُح ْل َوة ٌ‬ ‫ث أَبِي َ‬
‫س ِعي ٍد قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم ِم ْن َحدِي ِ‬
‫َ‬
‫َضرة‪َ ،‬و ِإ َّن اللَّهَ ُم ْست َْخ ِلفُ ُك ْم ِفي َها فَنَ ِ‬
‫اظ ٌر َماذَا ت َ ْع َملُونَ ‪ ،‬فَاتَّقُوا ال ُّد ْن َيا َواتَّقُوا‬ ‫خ ِ‬
‫اء‬
‫س ِ‬ ‫سا َء؛ فَإ ِ َّن أ َ َّو َل فِتْنَ ِة بَنِي ِإس َْرا ِئي َل َكان ْ‬
‫َت فِي ال ِّن َ‬ ‫"النِّ َ‬

‫غي ِْر هَذا ْأو َب ّد ِْلهُ﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ُ :‬ر َّد َهذَا َو ِجئْنَا ِبغَي ِْر ِه ِم ْن نَ َمطٍ‬ ‫ت ِبقُ ْر ٍ‬
‫آن َ‬ ‫قوله عنهم‪﴿ :‬ائْ ِ‬
‫ضهم‬ ‫هو ِم ّما يُطا ِب ُق إرا َدت َهم ويُال ِئ ُم غ ََر َ‬ ‫‪.‬آخ ََر‪ ،‬أ َ ْو بَدّله ِإلَى َوضْعٍ آخ ََر‪َ ،‬و َ‬
‫أي ما يَ ْنبَ ِغي ِلي وال يَ ِح ُّل ِلي‬ ‫ون ِلي﴾ ْ‬ ‫أن يَقُو َل في َجوابِ ِه ْم ﴿ما يَ ُك ُ‬ ‫فَأ َم َرهُ َّ‬
‫اللهُ ْ‬
‫ع ْن نَ ْف ِس ِه أ َح َد ال ِق ْس َمي ِْن‪ ،‬وهو الت َّ ْبدِيلُ؛ َِلنَّهُ‬ ‫أن أ ُ َب ِ ّدلَهُ ِمن تِ ْل ِ‬
‫قاء نَ ْف ِسي‪ ،‬فَنَفى َ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬الَّذِي يُ ْم ِكنُهُ لَ ْو كانَ ذَ ِل َك جائِ ًزا‬

‫عقُو ٌل ت َ ْع ِرفُونَ ِب َها‬ ‫ي‪ :‬أَفَلَي َ‬


‫ْس لَ ُك ْم ُ‬ ‫﴿فَقَ ْد َل ِبثْتُ فِي ُك ْم ُ‬
‫ع ُم ًرا ِم ْن َق ْب ِل ِه أَفَال ت َ ْع ِقلُونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫س ْفيَانَ َو َم ْن َمعَهُ‪ ،‬فِي َما‬‫سأ َ َل ِه َر ْق ُل َم ِلكُ الروم أ َ َبا ُ‬ ‫اط ِل؛ َو ِل َهذَا لَ َّما َ‬‫ْال َح َّق ِمنَ ْالبَ ِ‬
‫ي ِ ﷺ‪ ،‬قَا َل‪ :‬ه َْل ُك ْنت ُ ْم تَت َّ ِه ُمونَهُ ِب ْال َك ِذ ِ‬
‫ب َق ْب َل أ َ ْن َيقُو َل َما قَا َل؟‬ ‫سأَلَهُ ِم ْن ِ‬
‫صفَ ِة ال َّن ِب ّ‬ ‫َ‬
‫س ْال َكفَ َرةِ َوزَ ِع َ‬
‫يم‬ ‫اك َرأْ َ‬ ‫س ْفيَانَ ِإ ْذ ذَ َ‬ ‫س ْفيَانَ ‪ :‬فَقُ ْلتُ ‪َ :‬ال ‪َ -‬وقَ ْد َكانَ أَبُو ُ‬ ‫قَا َل أَبُو ُ‬
‫ق‬‫ف بِ ْال َح ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال ُم ْش ِركِينَ ‪َ ،‬و َم َع َهذَا ا ْعت ََر َ‬

‫‪256‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض ُّر ُه ۡم َو َال َينفَعُ ُه ۡم َو َيقُولُونَ َه ٰۤـؤ َ ۤ‬


‫ُال ِء‬ ‫ُون ٱللَّ ِه َما َال َي ُ‬
‫﴿و َيعۡ بُدُونَ ِمن د ِ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ت‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫شفَ َع ٰۤـ ُؤنَا ِعن َد ٱللَّ ٰۚ ِه ﴾ فردّهم بقوله‪﴿ :‬قُ ْل أَت ُ َنبِّئُونَ َّ‬
‫اللهَ بِ َما َال يَ ْعلَ ُم فِي ال َّ‬ ‫ُ‬
‫ࣰ‬
‫ض﴾ قال تعالى‪﴿ :‬قُل ِلّلَّ ِه ٱل َّش َف ٰـ َعةُ َج ِميعا﴾‬ ‫اَلر ِ‬‫َوال ِفي ْ‬

‫ع َّما يُ ْش ِر ُكونَ ﴾ وفي الحديث القدسي قا َل اللَّهُ ت َ‬


‫َبار َك‬ ‫س ْب َحانَهُ َوتَعَالَى َ‬
‫وقوله‪ُ ﴿ :‬‬
‫ع َم ًال أ ْش َر َك فيه َم ِعي‬
‫ع ِم َل َ‬ ‫ع ِن ال ِ ّ‬
‫ش ْر ِك‪َ ،‬من َ‬ ‫كاء َ‬ ‫وت َعالَى‪" :‬أنا أ ْغنَى ال ُّ‬
‫ش َر ِ‬
‫‪.‬غيري‪ ،‬ت ََر ْكتُهُ و ِش ْر َكهُ‪ ".‬رواه مسلم‬
‫ِ‬

‫َّاس‪ ،‬قَا َل‪:‬‬


‫عب ٍ‬‫ع ِن اب ِْن َ‬ ‫فاختَلَفُوا﴾ َ‬ ‫اس إال أ ُ َّمةً ِ‬
‫واح َدة ً ْ‬ ‫﴿وما كانَ النّ ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫علَى ش َِري َع ٍة ِمنَ ْال َح ّ ِ‬
‫ق‬ ‫ون‪ُ ،‬كلُّ ُه ْم َ‬
‫عش ََرة ُ قُ ُر ٍ‬
‫‪َ .‬كانَ بَيْنَ نُوحٍ َوآ َد َم َ‬

‫ي بَ ْينَ ُه ْم فِي َما ِفي ِه َي ْخت َ ِلفُونَ ﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ :‬لَ ْو َال‬ ‫ت ِم ْن َربِّ َك لَقُ ِ‬
‫ض َ‬ ‫﴿ولَ ْوال َك ِل َمةٌ َ‬
‫سبَ َق ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ِب أ َ َحدًا ِإ َّال َب ْع َد ِق َي ِام ْال ُح َّج ِة َ‬
‫ع َل ْي ِه؛ َوأ َ َّنهُ قَ ْد‬ ‫َما تَقَد ََّم ِمنَ َّ‬
‫الل ِه ت َ َعالَى أَنَّهُ َال يُ َع ّذ ُ‬
‫اختَلَفُوا‬ ‫ضى بَ ْينَ ُه ْم فِي َما ِفي ِه ْ‬ ‫‪.‬أ َ َّج َل ْالخ َْلقَ ِإلَى أ َ َج ٍل َم ْعدُو ٍد لَقَ َ‬

‫‪257‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣱ‬
‫نز َل َعلَ ۡي ِه َءا َية ِّمن َّر ِبّ ِهۦ ﴾ طلبوا منه أن يُ َح ّ ِو َل لَ ُه ُم‬ ‫﴿و َيقُولُونَ لَ ۡو َ ۤال أ ُ ِ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ارا‪َ ،‬ونَحْ َو‬ ‫ساتِينَ َوأ َ ْن َه ً‬
‫ع ْن ُه ْم ِجبَا َل َم َّكةَ َو َيجْ َع َل َم َكانَ َها بَ َ‬‫صفَا َذ َهبَا‪ ،‬أ َ ْو يُ ِزي َح َ‬
‫ال َّ‬
‫اَلولُونَ‬ ‫ت ِإال أ َ ْن َكذَّ َ‬
‫ب ِب َها َّ‬ ‫﴿و َما َمنَ َع َنا أ َ ْن نُ ْر ِس َل ِباآل َيا ِ‬
‫ذَ ِل َك‪ .‬فَقَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ظلَ ُموا ِب َها َو َما نُ ْر ِس ُل ِباآليَا ِ‬
‫ت ِإال ت َْخ ِويفًا﴾‬ ‫َوآت َ ْينَا ث َ ُمو َد النَّاقَةَ ُمب ِ‬
‫ْص َرة ً فَ َ‬

‫ظ َّن َّ‬
‫الظ َّ‬
‫ان‬ ‫اال َحتَّى َي ُ‬
‫ش ُّد ا ْس ِت ْد َرا ًجا َو ِإ ْم َه ً‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قُ ِل اللَّهُ أَس َْرعُ َم ْك ًرا﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬أَ َ‬
‫ب‪َ ،‬و ِإنَّ َما ُه َو فِي ُم ْهلَةٍ‪ ،‬ث ُ َّم يُؤْ َخذُ َ‬
‫علَى ِغ َّرةٍ ِم ْنهُ‬ ‫‪ِ .‬منَ ْال ُمجْ ِر ِمينَ أَنَّهُ َلي َ‬
‫ْس بِ ُم َعذَّ ٍ‬

‫ع ُوا اللَّهَ ُم ْخ ِل ِ‬
‫صينَ َلهُ ال ّدِينَ لَئِ ْن أ َ ْن َج ْيتَنَا ِم ْن َه ِذ ِه َلنَ ُكون ََّن ِمنَ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬د َ‬
‫رضي اللَّهُ‬
‫َ‬ ‫َلف ال ُخزاعي‬‫صين بنَ عبي ِد بن خ ِ‬ ‫شا ِك ِرينَ ﴾ كما في حديث ُح َ‬ ‫ال َّ‬
‫ي صلَّى اللَّهُ عل ْي ِه وسلَّ َم "كم تعبُ ُد إل ًها قا َل سبعةً ستَّةً في‬
‫ع ْنهُ قا َل له النَّب ُّ‬
‫ورهبتِك» قا َل الَّذي في‬
‫ماء‪ .‬قا َل «فأيُّهم تُع ُّد لرغبتِ َك َ‬
‫س ِ‬ ‫اَلرض وواحدًا في ال َّ‬
‫ِ‬
‫سماء‬
‫"ال َّ‬

‫وق َوبَا َل َهذَا ْالبَ ْغي ِ‬ ‫علَى أَ ْنفُ ِس ُك ْم﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ :‬إِنَّ َما يَذُ ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫اس إِنَّ َما بَ ْغيُ ُك ْم َ‬
‫غي َْر ُك ْم‪َ ،‬ك َما َجا َء فِي ْال َحدِيثِ‪َ " :‬ما ِم ْن َذ ْن ٍ‬
‫ب‬ ‫ض ُّرونَ ِب ِه أ َ َحدًا َ‬ ‫أ َ ْنت ُ ْم أَ ْنفُ ُ‬
‫س ُك ْم َو َال ت َ ُ‬
‫احبِ ِه فِي ْاآل ِخ َرةِ‪،‬‬
‫ص ِ‬‫عقُو َبتَهُ فِي ال ُّد ْنيَا‪َ ،‬م َع َما يَدخر اللَّهُ ِل َ‬ ‫أَجْ َد َر أ َ ْن يُ َع ِ ّج َل اللَّهُ ُ‬
‫الر ِح ِم" صححه اَللباني‬ ‫‪ِ .‬منَ ْال َب ْغي ِ َوقَ ِطي َع ِة َّ‬
‫‪258‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪َ :‬كأَنَّ َها َل ْم ت َ ُك ْن‪ .‬وفي الحديث "يُؤْ ت َى بأ َ ْن َع ِم‬‫اَلم ِس﴾ أ َ ْ‬


‫قوله‪َ ﴿ :‬كأ َ ْن لَ ْم ت َ ْغنَ بِ ْ‬
‫ص ْبغَةً‪ ،‬ث ُ َّم يُقالُ‪ :‬يا ابْنَ‬
‫ار َ‬‫ص َب ُغ في ال َّن ِ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬ف ُي ْ‬ ‫أ ْه ِل ال ُّد ْنيا ِمن أ ْه ِل ال َّن ِ‬
‫ار َي َ‬
‫ط؟ فيَقولُ‪ :‬ال‪ ،‬واللَّ ِه يا َربّ ِ "‬
‫بك نَ ِعي ٌم قَ ُّ‬ ‫ْت َخي ًْرا َق ُّ‬
‫ط؟ ْ‬
‫هل َم َّر َ‬ ‫هل َرأَي َ‬
‫آ َد َم ْ‬
‫‪.‬الحديث‪ .‬رواه مسلم‬

‫ص َراطٍ ُم ْست َ ِق ٍيم﴾‬‫الم َويَ ْهدِي َم ْن يَشَا ُء ِإلَى ِ‬


‫س ِ‬ ‫عو ِإلَى َد ِار ال َّ‬ ‫﴿و َّ‬
‫اللهُ يَ ْد ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫المنام كأنَ‬ ‫ِ‬ ‫الدعوة عامة والهداية خاصة‪ .‬وفي الحديث "إِنَّي رأيْتُ في‬
‫لصاح ِب ِه ‪ :‬اضربْ‬
‫ِ‬ ‫جبري َل عند رأ ِسي ‪ ،‬وميكائي َل عن َد ِرجْ َل َّ‬
‫ي ‪ ،‬يقو ُل أحدُهما‬
‫واعقل ع ِق َل قلبُ َك ؛ ِإنَّما َمثَلُ َك و َمث ُل‬
‫ْ‬ ‫ت أذنُ َك ‪،‬‬
‫اسمع سم َع ْ‬
‫ْ‬ ‫لَهُ َمث َ ًال ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫دارا ‪ ،‬ث ُ َّم بنى فيها بيتًا ‪ ،‬ث ُ َّم جعل فيها مائدة ً ‪ ،‬ث ُ َّم َ‬
‫بعث‬ ‫أم ِت َك ك َمث َ ِل َم ِلكٍ اتخذَ ً‬
‫أجاب الرسو َل ‪ ،‬ومنهم َم ْن ت ََر َكهُ‬
‫َ‬ ‫طعام ِه ‪ ،‬فمنهم َم ْن‬
‫ِ‬ ‫الناس إلى‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫رسوال يدعو‬
‫وأنت يا محم ُد رسو ٌل ‪،‬‬
‫َ‬ ‫والدار اْلسال ُم ‪ ،‬والبيتُ الجنةَ ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬فاللهُ ُه َو الم ِلكُ ‪،‬‬
‫اْلسالم دخ َل الجنةَ ‪ ،‬و َم ْن دخ َل الجنةَ‬
‫َ‬ ‫ْالم ‪َ ،‬و َم ْن دخ َل‬
‫َم ْن أجا َب َك َد َخ َل اْلس َ‬
‫‪.‬أك َل ما فيها" أخرجه البخاري معلقا‪ ،‬وصححه اَللباني‬

‫ࣱ‬
‫ان‬‫س‬
‫َ ِ‬ ‫اْلحْ‬ ‫ء‬‫ا‬
‫َ ُ‬‫زَ‬ ‫ج‬ ‫ْ‬
‫َل‬‫ه‬‫﴿‬ ‫ى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫﴾‬‫ة‬ ‫وا ٱ ۡل ُح ۡسن َٰى َو ِز َيا َد‬
‫قوله‪﴿ِ :‬لّلَّ ِذينَ أ َ ۡح َسنُ ۟‬
‫س ُ‬
‫ان﴾‬ ‫ِإال اْلحْ َ‬

‫‪259‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سنُوا ْال ُح ْسنَى‬‫سو َل اللَّ ِه ﷺ ت ََال َه ِذ ِه ْاآل َيةَ‪ِ ﴿ :‬للَّذِينَ أَحْ َ‬ ‫ب؛ أ َ َّن َر ُ‬ ‫ع ْن ُ‬
‫ص َه ْي ٍ‬ ‫و َ‬
‫ار‪ ،‬نَا َدى ُمنَادٍ‪ :‬يَا‬ ‫َو ِزيَا َدةٌ﴾ َوقَا َل‪ِ " :‬إ َذا َد َخ َل أ َ ْه ُل ْال َج َّن ِة ْال َج َّنةَ‪َ ،‬وأَ ْه ُل النَّ ِ‬
‫ار النَّ َ‬
‫أ َ ْه َل ْال َجنَّ ِة‪ِ ،‬إ َّن لَ ُك ْم ِع ْن َد اللَّ ِه َم ْو ِعدًا يُ ِري ُد أ َ ْن يُ ْن ِجزَ ُك ُموه‪ .‬فَ َيقُولُونَ ‪َ :‬و َما ُه َو؟ أ َ َل ْم‬
‫ار؟ "‪.‬‬ ‫ض ُو ُجو َهنَا‪َ ،‬ويُ ْد ِخ ْلنَا ْال َجنَّةَ‪َ ،‬ويُزَ حْ ِزحْ نَا ِمنَ النَّ ِ‬ ‫يُث ِقّل َم َو ِازي َننَا‪َ ،‬ويُ ِب ِيّ ْ‬
‫طا ُه ُم اللَّهُ َ‬
‫ش ْيئًا أ َ َحبَّ‬ ‫ظ ُرونَ إِ َل ْي ِه‪ ،‬فَ َو َّ‬
‫الل ِه َما أ َ ْع َ‬ ‫ف لَ ُه ُم ْال ِح َج َ‬
‫اب‪ ،‬فَيَ ْن ُ‬ ‫قَا َل‪" :‬فَيَ ْك ِش ُ‬
‫ظ ِر ِإ َل ْي ِه‪َ ،‬و َال أَقَ َّر َِل َ ْعيُ ِن ِه ْم"‪ .‬رواه مسلم‬
‫‪ِ .‬إلَ ْي ِه ْم ِمنَ النَّ َ‬
‫َاض َرة ٌ ِإلَى َربِّ َها ن ِ‬
‫َاظ َرةٌ﴾‬ ‫﴿و ُجوهٌ يَ ْو َمئِ ٍذ ن ِ‬
‫وقال تعالى‪ُ :‬‬
‫ع ْن َربِّ ِه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ لَ َمحْ ُجوبُونَ ﴾‪ ،‬قَا َل‬‫أما الكفار فعنهم قال الله تَعَالَى‪َ ﴿ :‬كال إِ َّن ُه ْم َ‬
‫ع َّز‬ ‫علم أ َ َّن ْاَلَب َْر َ‬
‫ار َي َر ْونَهُ َ‬ ‫ار ِإ َّال َوقَ ْد َ‬‫ي‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪َ :‬ما َح َجب ْالفُ َّج َ‬ ‫ال َّ‬
‫شافِ ِع ُّ‬
‫‪.‬و َج َّل‬
‫َ‬

‫ي‪ْ :‬الزَ ُموا أَ ْنت ُ ْم َوه ََم‬ ‫قوله‪﴿ :‬ث ُ َّم نَقُو ُل ِللَّذِينَ أ َ ْش َر ُكوا َم َكانَ ُك ْم أ َ ْنت ُ ْم َو ُ‬
‫ش َر َكا ُؤ ُك ْم﴾ أ َ ْ‬
‫َازوا ْال َي ْو َم‬
‫﴿و ْامت ُ‬ ‫ع ْن َم َق ِام ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪َ ،‬ك َما َقا َل ت َ َعا َلى‪َ :‬‬ ‫َازوا ِفي ِه َ‬ ‫َم َكانًا ُم َعيَّنًا‪ْ ،‬امت ُ‬
‫أَيُّ َها ْال ُمجْ ِر ُمونَ ﴾‬

‫‪260‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬فَزَ ي َّْلنَا َب ْينَ ُه ْم َوقَا َل ُ‬


‫ش َر َكا ُؤ ُه ْم َما ُك ْنت ُ ْم ِإيَّانَا ت َ ْعبُدُونَ ﴾ أَ ْن َك ُروا ِع َبا َدت َ ُه ْم‪،‬‬
‫س َي ْكفُ ُرونَ بِ ِعبَا َدتِ ِه ْم َويَ ُكونُونَ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم‬ ‫َوتَبَ َّر ُءوا ِم ْن ُه ْم‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬كال َ‬
‫ضدًّا﴾ ْاآل َيةَ‪َ .‬و َقا َل‪ِ ﴿ :‬إ ْذ ت َ َب َّرأ َ َّالذِينَ اتُّ ِبعُوا ِمنَ الَّذِينَ ات َّ َبعُوا﴾‬
‫ِ‬

‫ع ْن ِعبَا َدتِ ُك ْم لَغَافِلِينَ ﴾ كما قال‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ َكفَى بِاللَّ ِه َ‬


‫ش ِهيدًا َب ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ْم إِ ْن ُكنَّا َ‬
‫ق}‬ ‫ون ِل ۤی أ َ ۡن أَقُو َل َما لَ ۡي َ‬
‫س ِلی ِب َح ٰۚ ّ ٍ‬ ‫س ۡب َح ٰـن ََك َما َي ُك ُ‬
‫عيسى عليه السالم { ُ‬

‫س ْم َع‬ ‫ض أ َّم ْن يَ ْم ِلكُ ال َّ‬ ‫واَلر ِ‬


‫ْ‬ ‫ماء‬
‫س ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل َمن يَ ْر ُزقُكم ِمنَ ال َّ‬
‫ت﴾ إلى قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَقُ ْل أفَال تَتَّقُونَ ﴾ َيحْ ت َ ُّج‬ ‫ي ِمنَ ال َم ِيّ ِ‬ ‫ْصار و َمن يُ ْخ ِر ُج ال َح َّ‬
‫واَلب َ‬
‫علَى َوحْ َدا ِنيَّ ِة ْ ِ‬
‫اْللَ ِه‬ ‫علَى ْال ُم ْش ِركِينَ بِا ْعتِ َرافِ ِه ْم بِ َوحْ َدانِ َّيتِ ِه َو ُربُوبِ َّيتِ ِه َ‬
‫‪.‬ت َ َعالَى َ‬
‫عال‪ ،‬فَإنَّهُ ت َجا ُه ُل ِ‬
‫عارفٍ ‪،‬‬ ‫ع ْونَ ‪ -‬لَ َعنَهُ اللَّهُ ‪ِ -‬ل ُربُو ِبيَّ ِت ِه َج َّل و َ‬
‫أ ّما ت َجا ُه ُل ِف ْر َ‬
‫ظ ْل ًما و ُ‬
‫علُ ًّوا﴾‬ ‫سهم ُ‬
‫﴿و َج َحدُوا ِبها وا ْست َ ْيقَ َنتْها أ ْنفُ ُ‬ ‫علَ ْي ِه قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬‫َكما َد َّل َ‬

‫عوا َم ِن ا ْست َ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ‬
‫ُون‬ ‫ورةٍ ِمثْ ِل ِه َوا ْد ُ‬
‫س َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْم يَقُولُونَ ا ْفت ََراهُ قُ ْل فَأْتُوا ِب ُ‬
‫ث فِي الت َّ َح ّدِي‬ ‫صا ِدقِينَ ﴾ َو َهذَا ُه َو ْال َمقَا ُم الثَّا ِل ُ‬‫‪.‬اللَّ ِه إِ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬
‫علَى أ َ ْن َيأْتُوا ِب ِمثْ ِل‬‫س َو ْال ِج ُّن َ‬ ‫ت اْل ْن ُ‬ ‫فقال في المقام اَلول‪﴿ :‬قُ ْل َلئِ ِن اجْ ت َ َم َع ِ‬
‫يرا﴾‬
‫ظ ِه ً‬‫ض َ‬ ‫آن َال يَأْتُونَ بِ ِمثْ ِل ِه َولَ ْو َكانَ بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫َهذَا ْالقُ ْر ِ‬

‫‪261‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةِ ُهودٍ‪﴿ :‬أ َ ْم َيقُولُونَ‬ ‫س َ‬‫س َو ٍر ِم ْنهُ‪ ،‬فَقَا َل فِي أ َ َّو ِل ُ‬ ‫ص َر َم َع ُه ْم ِإلَى َ‬
‫ع ْش ِر ُ‬ ‫ث ُ َّم تَقَا َ‬
‫ُون َّ‬
‫الل ِه‬ ‫ط ْعت ُ ْم ِم ْن د ِ‬‫عوا َم ِن ا ْست َ َ‬ ‫ت َوا ْد ُ‬ ‫ا ْفت ََراهُ قُ ْل َفأْتُوا بِ َع ْش ِر ُ‬
‫س َو ٍر ِمثْ ِل ِه ُم ْفت ََريَا ٍ‬
‫ور ِة‬
‫س َ‬‫ورةٍ‪ ،‬كما ِفي َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫س َ‬‫صا ِدقِينَ ﴾ ث ُ َّم تَنَازَ َل ِإلَى ُ‬
‫‪ِ .‬إ ْن ُك ْنت ُ ْم َ‬

‫ار ِه ْم َو ُمعَلَّقَاتِ ِه ْم إِ َل ْي َها ْال ُم ْنت َ َهى فِي َهذَا‬


‫س َجايَا ُه ْم‪َ ،‬وأَ ْشعَ ِ‬ ‫ت ْالفَ َ‬
‫صا َحةُ ِم ْن َ‬ ‫َوقَ ْد َكانَ ِ‬
‫ص ِحيحين‪،‬‬ ‫ب‪َ ،‬ولَ ِك ْن َجا َء ُه ْم ِمنَ اللَّ ِه َما َال ِق َب َل َِل َ َح ٍد ِب ِه‪َ .‬و ِل َهذَا َجا َء ِفي ال َّ‬ ‫ْال َبا ِ‬
‫ي ِمنَ ْاآليَا ِ‬ ‫ُ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪َ " :‬ما ِم ْن نَبِ ّ‬
‫ي ٍ ِمنَ ْاَل َ ْن ِبيَ ِ‬
‫ت‬ ‫اء ِإ َّال َوقَ ْد أوتِ َ‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫َ‬
‫علَى ِمثْ ِل ِه ْالبَش َُر‪َ ،‬وإِنَّ َما َكانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ َوحْ يًا أ َ ْو َحاهُ اللَّهُ إِلَ َّ‬
‫ي‪َ ،‬فأ َ ْر ُجو‬ ‫َما آ َمنَ َ‬
‫"أ َ ْن أ َ ُكونَ أ َ ْكث َ َر ُه ْم ت َا ِب ًعا‬

‫ع َملُ ُك ْم أَنتُم َب ِر ۤيـُٔونَ ِم َّم ۤا أ َ ۡع َم ُل َوأَن َ۠ا بَ ِر ۤی ࣱء ِّم َّما‬‫ع َم ِلي َولَ ُك ْم َ‬
‫قوله‪﴿ :‬فَقُ ْل ِلي َ‬
‫ورة ُ ْال َكافِ ُرونَ‬ ‫س َ‬‫دلت عليه ُ‬ ‫‪.‬ت َعۡ َملُونَ ﴾ كما ّ‬

‫ار﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪:‬‬ ‫عةً ِمنَ النَّ َه ِ‬ ‫ش ُر ُه ۡم َكأَن لَّ ۡم يَ ۡل َبث ُ ۤو ۟ا ِإال َ‬
‫سا َ‬ ‫﴿ويَ ۡو َم يَ ۡح ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ض َحاهَا﴾‪َ ،‬وقَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬ي ْو َم يُ ْنفَ ُخ‬ ‫﴿ َكأَنَّ ُه ْم َي ْو َم َي َر ْونَ َها َل ْم َي ْل َبثُوا ِإال َ‬
‫ع ِش َّيةً أ َ ْو ُ‬
‫ش ُر ْال ُمجْ ِر ِمينَ يَ ْو َمئِ ٍذ ُز ْرقًا * َيتَخَا َفتُونَ بَ ْينَ ُه ْم ِإ ْن َلبِثْت ُ ْم ِإال‬ ‫ور َونَحْ ُ‬ ‫ص ِ‬‫فِي ال ُّ‬
‫ط ِريقَةً ِإ ْن َل ِبثْت ُ ْم ِإال َي ْو ًما﴾‬ ‫ع ْش ًرا * نَحْ ُن أ َ ْعلَ ُم ِب َما َيقُولُونَ ِإ ْذ َيقُو ُل أَ ْمثَلُ ُه ْم َ‬
‫َ‬
‫‪262‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي بَ ْينَ ُه ْم بِ ْال ِقس ِ‬


‫ْط َو ُه ْم َال‬ ‫سولُ ُه ْم قُ ِ‬
‫ض َ‬ ‫﴿و ِل ُك ِّل أ ُ َّم ٍة َر ُ‬
‫سو ٌل فَإ ِ َذا َجا َء َر ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ض َع ْال ِكت ُ‬
‫َاب‬ ‫ض ِبنُ ِ‬
‫ور َر ِبّ َها َو ُو ِ‬ ‫اَلر ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫﴿وأ َ ْش َرقَ ِ‬
‫ظلَ ُمونَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫يُ ْ‬
‫ظلَ ُمونَ ﴾‬‫ق َو ُه ْم َال يُ ْ‬‫ي بَ ْينَ ُه ْم ِب ْال َح ّ ِ‬
‫ض َ‬ ‫اء َوقُ ِ‬ ‫َو ِجي َء ِبالنَّ ِب ِّيينَ َوال ُّ‬
‫ش َه َد ِ‬

‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل ِإي َو َر ِبّي ِإنَّهُ لَ َح ٌّق َو َما أَ ْنت ُ ْم ِب ُم ْع ِج ِزينَ ﴾‬


‫ان‪َ ،‬يأ ْ ُم ُر اللَّهُ ت َ َعالَى‬
‫َان أ ُ ْخ َر َي ِ‬
‫آن ِإ َّال آيَت ِ‬ ‫ير فِي ْالقُ ْر ِ‬ ‫ْس لَ َها ن َِظ ٌ‬ ‫َو َه ِذ ِه ْاآليَةُ لَي َ‬
‫﴿وقَا َل الَّذِينَ َكفَ ُروا‬ ‫ورةِ َسبَ ٍأ‪َ :‬‬ ‫س َ‬ ‫علَى َم ْن أ َ ْن َك َر ْال َمعَا َد فِي ُ‬ ‫سولَهُ أ َ ْن يُ ْق ِس َم بِ ِه َ‬ ‫َر ُ‬
‫ع َم الَّذِينَ َكفَ ُروا أ َ ْن‬‫عةُ قُ ْل َبلَى َو َر ِبّي َلت َأْتِ َينَّ ُك ْم﴾ َوفِي التَّغَابُ ِن‪﴿ :‬زَ َ‬ ‫سا َ‬ ‫َال ت َأ ْ ِتينَا ال َّ‬
‫ير﴾‬ ‫ع ِم ْلت ُ ْم َوذَ ِل َك َ‬
‫علَى اللَّ ِه يَ ِس ٌ‬ ‫لَ ْن يُ ْب َعثُوا قُ ْل َبلَى َو َربِّي َلت ُ ْب َعث ُ َّن ث ُ َّم لَتُنَبَّؤُ َّن بِ َما َ‬

‫﴿إن َّالذِينَ‬
‫ت ِب ِه﴾ كقوله‪َّ :‬‬ ‫ض ال ْفت َ َد ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫ت ما في ْ‬ ‫ظلَ َم ْ‬ ‫أن ِل ُك ِّل نَ ْف ٍس َ‬
‫قوله‪﴿ :‬ولَ ْو َّ‬
‫ض ذَ َه ًبا َولَ ِو ٱ ۡفت َ َد ٰى‬ ‫ار َفلَ ْن يُ ْقبَ َل ِمن أ َح ِد ِه ْم ِم ْل ُء ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َكفَ ُروا وماتُوا وهم ُكفّ ٌ‬
‫ِب ِهۦ ٰۗۤۤ﴾‬

‫ُور﴾‬
‫صد ِ‬‫ظةٌ ِم ْن َربِّ ُك ْم َو ِشفَا ٌء ِل َما فِي ال ُّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫اس قَ ْد َجا َءتْ ُك ْم َم ْو ِع َ‬
‫آن َما ُه َو ِشفَا ٌء َو َرحْ َمةٌ ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ َوال َي ِزي ُد‬
‫﴿ونُنز ُل ِمنَ ْالقُ ْر ِ‬
‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ارا﴾‪َ ،‬وقَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬قُ ْل ُه َو ِللَّذِينَ آ َمنُوا ُهدًى َو ِشفَا ٌء﴾ وثبت‬
‫س ً‬ ‫َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ِإال َخ َ‬
‫‪.‬في اَلحاديث أن القرآن شفاء‬
‫‪263‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫آن‪،‬‬ ‫ض ِل اللَّ ِه وبِ َرحْ َمتِ ِه فَبِذَ ِل َك فَ ْل َي ْف َر ُحوا﴾ قيل‪َ :‬ف ْ‬


‫ض ُل اللَّ ِه‪ :‬القُ ْر ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ْل بِفَ ْ‬
‫على‬
‫والرحْ َم ِة َ‬ ‫واَلولى َح ْم ُل الفَ ْ‬
‫ض ِل َّ‬ ‫ْ‬ ‫ورحْ َمتُهُ‪ :‬اْلسْال ُم‪ .‬وقيل بالعكس‪.‬‬
‫َ‬
‫وم‬
‫‪.‬العُ ُم ِ‬
‫‪.‬فآية بمعناها خير من الدنيا وما فيها‬
‫"ر ْك َعت َا الفَجْ ِر َخي ٌْر ِمنَ ال ُّد ْن َيا َوما ِفي َها" رواه مسلم‬
‫‪.‬وفي الحديث َ‬
‫فالفرح بالله ورسوله وباْليمان والسنة وبالعلم والقرآن من عالمات‬
‫ورة ٌ فَ ِمنهم َمن يَقُو ُل أيُّكم زا َدتْهُ‬
‫س َ‬ ‫﴿وإذا ما أ ُ ْن ِز َل ْ‬
‫ت ُ‬ ‫العارفين‪ .‬قال الله تعالى‪َ :‬‬
‫ه ِذ ِه إيمانًا فَأ ّما َّالذِينَ آ َمنُوا فَزا َدتْهم إيما ًنا وهم َي ْست َ ْب ِش ُرونَ ﴾‬
‫تاب يَ ْف َر ُحونَ بِما أ ُ ْن ِز َل إ َلي َْك﴾‬
‫وقال ﴿والَّذِينَ آتَيْنا ُه ُم ال ِك َ‬
‫أما مسألة مولد النبي فال عالقة لها باآلية قطعا‪ ،‬ومن زعم أن هذا الفرح هو‬
‫‪.‬الفَ َر ُح بمولدِه صلَّى الله عليه وسلَّم فَقَ ْد َقا َل ِب َرأْ ِي ِه َوأ َ ْخ َ‬
‫طأ َ‬
‫أرض ت ُ ِقلُّني إن قلتُ‬
‫ٍ‬ ‫ق قال "أي سماءٍ تظلني ؟ وأي‬
‫بكر الصدي ِ‬
‫وعن أبي ٍ‬
‫ب الل ِه برأي ٍ‬
‫"في كتا ِ‬

‫ق فَ َجعَ ْلت ُ ْم ِم ْنهُ َحراما ً‬


‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬قُ ْل أ َ َرأَ ْيت ُ ْم َما أ َ ْنزَ َل اللَّهُ لَ ُك ْم ِم ْن ِر ْز ٍ‬
‫ع َلى ْال ُم ْش ِركِينَ فِي َما َكانُوا يُ َح ِ ّر ُمونَ َويُ ِحلُّونَ‬ ‫الال﴾ أنكر سبحانه وتعالى َ‬ ‫َو َح ً‬
‫﴿و َج َعلُوا ِللَّ ِه ِم َّما ذَ َرأ َ ِمنَ‬ ‫ب َو ْال َو َ‬
‫صايَا‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫ِمنَ ْالبَ َحائِ ِر َوال َّ‬
‫س َوا ِئ ِ‬
‫َصي ًبا﴾ ْاآل َيا ِ‬
‫ت‬ ‫ث َواَل ْن َع ِام ن ِ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال َح ْر ِ‬
‫‪264‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عوا لَ ُه ْم‬ ‫على اللَّ ِه ت َ ْفت َُرونَ ﴾ كقوله‪﴿ :‬أَ ْم لَ ُه ْم ُ‬


‫ش َر َكا ُء ش ََر ُ‬ ‫﴿آللهُ أذِنَ لَكم أ ْم َ‬ ‫قوله‪َّ :‬‬
‫ِين َما لَ ْم َيأْذَ ْن ِب ِه َّ‬
‫اللهُ﴾‬ ‫ِمنَ ال ّد ِ‬

‫اس﴾ ِفي ت َْر ِك ِه ُمعَا َجلَت َ ُه ْم ِب ْالعُقُوبَ ِة فِي‬


‫علَى النَّ ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬إِ َّن اللَّهَ لَذُو فَ ْ‬
‫ض ٍل َ‬
‫ال ُّد ْن َيا‪ ،‬و ِفي َما أَ َبا َح لَ ُه ْم ِم َّما َخلَقَهُ ِمنَ ْال َمنَا ِفعِ ِفي ال ُّد ْن َيا‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬قُ ْل َمن‬
‫ق﴾‬‫الر ْز ِ‬ ‫ت ِمنَ ِ ّ‬ ‫َّ‬
‫والطيِّبا ِ‬ ‫َح َّر َم ِزينَةَ اللَّ ِه الَّتِي ْ‬
‫أخ َر َج ِل ِعبا ِد ِه‬

‫علَ ْي ِه ْم َوال ُه ْم َيحْ زَ نُونَ ﴾ أ َ ْو ِل َيا ُءهُ ُه ُم الَّذِينَ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَال ِإ َّن أ َ ْو ِل َيا َء اللَّ ِه َال خ َْو ٌ‬
‫ف َ‬
‫‪.‬آ َمنُوا َو َكانُوا يَتَّقُونَ‬
‫وذكر هنا قصة ابن صياد التى جاءت مفصلة في صحيح البخاري‪ ،‬الصفحة‬
‫‪.‬أو الرقم‪3716 :‬‬
‫ي الصادق هو الذي امتثل أوامر الله واجتنب نواهيه حتى الموت‪ .‬قال‬ ‫فالول ّ‬
‫﴿وا ْعبُ ْد َرب ََّك َحتَّى َيأ ْ ِت َي َك ْال َي ِق ُ‬
‫ين﴾‬ ‫تعالى‪َ :‬‬
‫وقال اْلمام الشافعي‪" :‬إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء‬
‫"‪.‬فال تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب‬

‫‪265‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صا ِل َحةُ َي َراهَا‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَ ُه ُم ْالبُ ْش َرى فِي ْال َح َياةِ ال ُّد ْن َيا َوفِي ِ‬
‫اآلخ َر ِة﴾ أي ال ُّرؤْ َيا ال َّ‬
‫ْال ُم ْس ِل ُم‪ ،‬أ َ ْو تُرى لَهُ كما في الحديث "الرؤيا الح َسنَةُ هي البُ ْش َرى يراها‬
‫‪.‬المؤم ُن ْأو ت ُ َرى لَهُ" صححه اَللباني‬
‫ِ‬
‫الر ُج َل يَ ْع َم ُل ال َع َم َل ِمنَ‬ ‫سلَّ َم‪ :‬أ َ َرأَي َ‬
‫ْت َّ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫اللهُ عليه َو َ‬ ‫سو ِل الل ِه َ‬
‫وقِي َل ِل َر ُ‬
‫اج ُل بُ ْش َرى ال ُمؤْ ِم ِن" رواه مسلم‬
‫ع ِ‬‫لك َ‬ ‫‪.‬ال َخي ِْر‪َ ،‬ويَحْ َم ُدهُ النَّ ُ‬
‫اس عليه؟ قا َل‪ِ " :‬ت َ‬
‫ار ِه ِب ْال َجنَّ ِة َو ْال َم ْغ ِف َر ِة‬
‫ض ِ‬‫َو ِقي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد ِبذَ ِل َك بُ ْش َرى ْال َم َال ِئ َك ِة ِل ْل ُمؤْ ِم ِن ِع ْن َد احْ ِت َ‬
‫‪َ .‬ك َما فِي سورة ف ّ‬
‫صلت‬

‫إن ال ِع َّزةَ ِللَّ ِه َج ِمي ًعا هو ال َّ‬


‫س ِمي ُع ال َع ِلي ُم﴾ كما قال‬ ‫قوله‪﴿ :‬وال يُحْ ِز ْن َك قَ ْولُهم َّ‬
‫سو ِل ِه و ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬‫سبْحانَهُ‪﴿ :‬و ِللَّ ِه ال ِع َّزة ُ و ِل َر ُ‬
‫ُ‬

‫ع َليْكم ُم ْكثِي َبيْنَ‬


‫أي‪ :‬ش ََّق َ‬‫قامي﴾ ْ‬ ‫ع َليْكم َم ِ‬ ‫إن كانَ َكبُ َر َ‬ ‫قوله عن نوح‪﴿ :‬ياقَ ْو ِم ْ‬
‫عا ًما﴾‬ ‫س َن ٍة إِال خ َْمسِينَ َ‬ ‫ث ِفي ِه ْم أ َ ْل َ‬
‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫أظ ُه ِركم‪ .‬كما قال تعالى‪﴿ :‬فَ َلبِ َ‬

‫قوله‪﴿ :‬فَعَلَى ٱللَّ ِه ت ََو َّك ۡلتُ فَأ َ ۡج ِمعُ ۤو ۟ا أ َ ۡم َر ُك ۡم َو ُ‬


‫ش َر َك ۤا َء ُك ۡم ث ُ َّم َال يَ ُك ۡن أ َ ۡم ُر ُك ۡم َ‬
‫علَ ۡي ُك ۡم‬
‫ࣰ‬
‫ُ‬
‫ون﴾ َكما قا َل ُهو ٌد ِلقَ ْو ِم ِه ﴿فَ ِكيدُونِي َج ِمي ًعا ث َّم ال‬ ‫نظ ُر ِ‬ ‫ی َو َال ت ُ ِ‬ ‫۟‬
‫ض ۤوا ِإلَ َّ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫غ َّمة ث َّم ٱق ُ‬
‫وربِّ ُك ْم﴾‬ ‫ت ُ ْن ِظ ُرونِي﴾ ﴿إ ِنّي ت ََو َّك ْلتُ َعلى َّ‬
‫الل ِه َربِّي َ‬

‫‪266‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ِة‬ ‫ع ِن َّ‬
‫الطا َ‬ ‫سأ َ ْلت ُ ُك ْم ِم ْن أَجْ ٍر﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ :‬إن َكذَّ ْبت ُ ْم َوأ َ ْدبَ ْرت ُ ْم َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَإ ِ ْن ت ََولَّ ْيت ُ ْم فَ َما َ‬
‫ط في واجب حق الله عليكم‪ ،‬ال بسبب من قبلي‪ .‬فإني َل ْم‬ ‫فتضي ٌع منكم وتفري ٌ‬
‫علَى نُ ْ‬
‫ص ِحي ِإيَّا ُك ْم َش ْيئًا‬ ‫‪.‬أ َ ْ‬
‫طلُبْ ِم ْن ُك ْم َ‬

‫ِين َج ِميعِ‬ ‫﴿وأ ُ ِم ْرتُ أ َ ْن أ َ ُكونَ ِمنَ ْال ُم ْس ِل ِمينَ ﴾ فَ ْ ِ‬


‫اْلس َْال ُم ُه َو د ُ‬ ‫َهذَا نُو ٌح َيقُولُ‪َ :‬‬
‫ت ش ََرائِعُ ُه ْم‪ .‬قَا َل ت َ َعالَى َ‬
‫ع ْن ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم‬ ‫اء ِم ْن أ َ َّو ِل ِه ْم ِإلَى ِ‬
‫آخ ِر ِه ْم‪َ ،‬و ِإ ْن تَن ََّو َع ْ‬ ‫ْاَل َ ْن ِبيَ ِ‬
‫ف‪﴿ :‬ت ََوفَّنِي‬ ‫س ُ‬ ‫ْال َخ ِلي ِل‪﴿ :‬إِ ْذ قَا َل لَهُ َر ُّبهُ أ َ ْس ِل ْم قَا َل أ َ ْسلَ ْمتُ ِل َربّ ِ ْالعَالَ ِمينَ ﴾ َو َقا َل يُو ُ‬
‫صا ِل ِحينَ ﴾ َوقَا َل ُمو َسى ﴿ َيا قَ ْو ِم ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم آ َم ْنت ُ ْم ِباللَّ ِه فَ َعلَ ْي ِه‬ ‫ُم ْس ِل ًما َوأ َ ْل ِح ْقنِي ِبال َّ‬
‫ظلَ ْمتُ نَ ْف ِسي َوأ َ ْسلَ ْمتُ َم َع‬‫﴿ربّ ِ ِإ ِنّي َ‬ ‫ت ْبلقيس‪َ :‬‬ ‫ت ََو َّكلُوا ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم ُم ْس ِل ِمينَ ﴾ َوقَالَ ْ‬
‫سلَ ْي َمانَ ِللَّ ِه َربّ ِ ْال َعالَ ِمينَ ﴾ َوقَا َل ت َ َعالَى عن ْال َح َو ِار ِيّينَ ‪َ :‬‬
‫﴿و ِإ ْذ أ َ ْو َحيْتُ ِإ َلى‬ ‫ُ‬
‫ْال َح َو ِار ِيّينَ أ َ ْن ِآمنُوا ِبي َو ِب َر ُ‬
‫سو ِلي قَالُوا آ َمنَّا َوا ْش َه ْد ِبأَنَّنَا ُم ْس ِل ُمونَ ﴾‬

‫قوله‪﴿ :‬فَ َما َكانُوا ِليُؤْ ِمنُوا ِب َما َك َّذبُوا ِب ِه ِم ْن قَ ْبلُ﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ :‬فَما كانُوا ِليُؤْ ِمنُوا ِبما‬
‫علَ ْي ِه ْم‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬
‫ور َد َ‬ ‫ب ت َ ْكذِيبِ ِه ْم بِال َح ّ ِ‬
‫ق َّأو َل ما َ‬ ‫س ُل بِ َسبَ ِ‬ ‫جا َءتْهم ِب ِه ُّ‬
‫الر ُ‬
‫ار ُه ْم َك َما لَ ْم يُؤْ ِمنُوا بِ ِه أ َ َّو َل َم َّرةٍ﴾‬
‫ص َ‬ ‫﴿ونُقَ ِلّ ُ‬
‫ب أ َ ْفئِ َدت َ ُه ْم َوأَ ْب َ‬ ‫َ‬
‫س َبقَ في ِع ْل ِم اللَّ ِه َي ْو َم أ َخ َذ ِ‬
‫الميثاقَ‬ ‫أن َم ْعنى اآل َي ِة‪ :‬فَما كانُوا ِليُؤْ ِمنُوا ِبما َ‬ ‫أو َّ‬
‫‪..‬أنَّهم يُ َك ِذّبُونَ بِ ِه‪ ،‬ولَ ْم يُؤْ ِمنُوا ِب ِه‬

‫‪267‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬فَلَ َّما َجا َء ُه ُم ْال َح ُّق ِم ْن ِع ْن ِدنَا قَالُوا ِإ َّن َهذَا َلسِحْ ٌر ُم ِب ٌ‬
‫ين﴾ َكأَنَّ ُه ْم ‪-‬قبَّحهم‬
‫َان‪َ ،‬ك َما قَا َل‬
‫ِب َوبُ ْهت ٌ‬‫علَى ذَ ِل َك‪َ ،‬و ُه ْم يَ ْعلَ ُمونَ أ َ َّن َما قَالُوهُ َكذ ٌ‬ ‫س ُموا َ‬ ‫اللَّهُ ‪-‬أ َ ْق َ‬
‫عا ِق َبةُ‬‫ْف َكانَ َ‬ ‫ظ ْر َكي َ‬ ‫ظ ْل ًما َو ُ‬
‫علُ ًّوا فَا ْن ُ‬ ‫﴿و َج َحدُوا ِب َها َوا ْست َ ْيقَنَتْ َها أ َ ْنفُ ُ‬
‫س ُه ْم ُ‬ ‫ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ْال ُم ْف ِسدِينَ ﴾‬

‫ع ْونَ َو َملَ ِئ ِه ْم أ َ ْن‬‫علَى خ َْوفٍ ِم ْن ِف ْر َ‬ ‫سى ِإال ذُ ِ ّريَّةٌ ِم ْن قَ ْو ِم ِه َ‬‫قوله‪﴿ :‬فَ َما آ َمنَ ِل ُمو َ‬
‫علَى َو ِج ٍل‬ ‫اب ‪َ -‬‬‫ع ْونَ ‪ِ ،‬منَ الذُّ ِ ّريَّ ِة ‪َ -‬و ُه ُم ال َّشبَ ُ‬ ‫يَ ْفتِنَ ُه ْم﴾ أي‪ِ :‬إ َّال قَ ِلي ٌل ِم ْن قَ ْو ِم فِ ْر َ‬
‫علَ ْي ِه ِمنَ ْال ُك ْف ِر‬
‫‪َ .‬وخ َْوفٍ ِم ْنهُ َو ِم ْن َملَئه‪ ،‬أ َ ْن يَ ُر ُّدو ُه ْم إِلَى َما َكانُوا َ‬
‫وف أ َ َّن َبنِي ِإس َْرائِي َل ُكلَّ ُه ْم آ َمنُوا‬ ‫إن ْال َم ْع ُر ُ‬
‫َاس َغيْر َبنِي ِإس َْرائِي َل‪ ،‬فَ ّ‬ ‫َوالذُّ ِ ّريَّةُ أُن ٌ‬
‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪َ ،‬وا ْستَ ْبش َُروا ِب ِه‪ .‬انظر تفسير ابن كثير‬ ‫سى‪َ ،‬‬
‫‪.‬بِ ُمو َ‬

‫﴿ر َّبنَا ال تَجْ َع ْلنا فِتْ َنةً ِل ْلقَ ْو ِم َّ‬


‫الظا ِل ِمينَ ﴾ قوالن‬ ‫‪َ :‬وفِي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ع َليْنا َفيَ ْفتِنُونا‬ ‫‪.‬أحدهما‪ :‬ال ت ُ َس ِلّ ْ‬
‫طهم َ‬
‫ق‬ ‫علَيْنا فَ َي ْفتَ ِتنُوا ِبنا‪ِ ،‬ل َ‬
‫ظ ِنّ ِه ْم أنَّهم َ‬
‫على َح ّ ٍ‬ ‫س ِلّ ْ‬
‫طهم َ‬ ‫‪.‬والثّاني‪ :‬ال ت ُ َ‬

‫‪:‬وفي قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬واجْ عَلُوا بُيُوت َكم ِق ْبلَةً﴾ أ ْقوال‬


‫‪.‬منها‪ :‬اجْ َعلُوها َم ِ‬
‫ساج َد‬
‫‪.‬ومنها‪ :‬واجْ َعلُوا بُيُوت َ ُك ُم الَّتِي بِال ّش ِام قِ ْبلَةً َلكم في ال َّ‬
‫صال ِة‬

‫‪268‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضلُّوا " أقوال‬


‫الم " ِليُ ِ‬ ‫ضلُّوا َ‬
‫ع ْن َ‬
‫س ِبي ِل َك﴾ وفي ِ‬ ‫‪:‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬ليُ ِ‬
‫ضلُّوا‬
‫أ َحدُها‪ :‬أنَّها ال ُم " َك ْي " وال َم ْعنى‪ :‬آت َ ْيت َهم ذَ ِل َك َك ْي يُ ِ‬
‫أصارهم إلى الضَّال ِل‬
‫َ‬ ‫‪.‬والثّا ِني‪ :‬أنَّها ال ُم العا ِق َب ِة‪ ،‬وال َم ْعنى‪ :‬إ َّن َك آت َ ْيت َهم ذَ ِل َك فَ‬

‫قوله‪﴿ :‬قا َل قَ ْد أ ُ ِجيبَ ْ‬


‫ت َدع َْوت ُ ُكما فا ْست َ ِقيما﴾ َجعَ َل ال َّدع َْوةَ ها ُهنا ُمضافَةً إلى‬
‫هارونَ ‪-‬كما‬ ‫وهارونَ ‪ ،‬و ِفيما تَقَد ََّم أضافَها إلى ُموسى وحْ َدهُ‪َّ ،‬‬
‫َلن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُموسى‬
‫ُعاء ُموسى‬ ‫‪.‬يُف َهم منَ اآلي ِة‪ -‬كانَ يُ َؤ ِّم ُن َ‬
‫على د ِ‬

‫س ِبي َل الَّذِينَ َال َي ْعلَ ُمونَ ﴾ كما قال تعالى‪َ :‬‬


‫﴿وٱ ۡست َ ِق ۡم‬ ‫ان َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَا ْست َ ِقي َما َوال تَت َّ ِب َع ِّ‬
‫ت َو َال تَتَّبِ ۡع أ َ ۡه َو ۤا َء ُه ۡم﴾‬
‫َك َم ۤا أ ُ ِم ۡر َ‬
‫الل ِه قُ ْل ِلي في اْلس ِ‬
‫ْالم‬ ‫سو َل َّ‬ ‫ي ِ قا َل‪« :‬قُ ْلتُ ‪ :‬يا َر ُ‬
‫ع ْم َرة َ الثَّقَ ِف ّ‬
‫ث أ ِبي َ‬‫و ِفي َحدِي ِ‬
‫غي َْر َك‪ .‬قا َل‪ :‬قُ ْل‪ :‬آ َمنَتُ ِباللَّ ِه ث ُ َّم ا ْست َ ِق ْم» رواه مسلم‬‫ع ْنهُ أ َحدًا َ‬ ‫‪.‬قَ ْو ًال ال أسْأ ُل َ‬

‫ࣰ‬
‫﴿و َج ٰـ َو ۡزنَا ِب َبنِ ۤی ِإ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل ٱ ۡل َب ۡح َر َفأ َ ۡت َب َع ُه ۡم فِ ۡر َ‬
‫ع ۡو ُن َو ُجنُو ُدهُۥ َب ۡغيا‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ع ۡد ًوا﴾‬
‫َو َ‬
‫سى إِنَّا‬
‫اب ُمو َ‬
‫ص َح ُ‬ ‫ش ْم ِس‪َ ﴿ ،‬فلَ َّما ت ََرا َءى ْال َج ْمعَ ِ‬
‫ان َقا َل أَ ْ‬ ‫ق ال َّ‬ ‫فَلَ ِحقُو ُه ْم َو ْق َ‬
‫ت ُ‬
‫ش ُرو ِ‬
‫‪.‬لَ ُم ْد َر ُكونَ ﴾ القصة كما في سورة الشعراء‬

‫‪269‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬آ َم ْنتُ أ َ َّنهُ َال ِإلَهَ ِإال الَّذِي آ َمن ْ‬


‫َت ِب ِه َبنُو ِإس َْرائِي َل﴾ عن ابن عباس "لما‬
‫ْ‬
‫آمنت به بنو إسرائي َل ‪،‬‬ ‫أ ْغ َرقَ اللهُ فرعونَ قال ‪ :‬آمنتُ أنه ال إلهَ َّإال الذي‬
‫سه في فيه ‪،‬‬
‫البحر فأ ُد ُّ‬
‫ِ‬ ‫قال جبري ُل ‪ :‬يا محم ُد ! فلو رأ ْيت َ ِني وأنا آ ُخذُ من حا ِل‬
‫‪.‬مخافَةَ أن ت ُ ْد ِر َكه الرح َمةُ" أخرجه الترمذي وصححه اَللباني‬

‫َلن التوبة ال تقبل في وقتين هما‪ :‬عند االحتضار وعند خروج الشمس من‬
‫‪.‬مغربها‬

‫ت ِمنَ ال ُم ْف ِسدِينَ ﴾ كما في صحيح البخاري‬ ‫ْت َق ْب ُل و ُك ْن َ‬


‫صي َ‬ ‫﴿آآلنَ و َق ْد َ‬
‫ع َ‬ ‫قَ ْولُهُ‪ْ :‬‬
‫{و َكذَ ِل َك أ َ ْخذُ َر ِبّ َك‬ ‫"إن اللَّهَ َليُ ْم ِلي ِل ّ‬
‫لظا ِل ِم‪ ،‬حتَّى إذا أ َخذَهُ لَ ْم يُ ْف ِلتْهُ‪ .‬قا َل‪ :‬ث ُ َّم قَ َرأ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ظا ِل َمةٌ ِإ َّن أ َ ْخ َذهُ أ َ ِلي ٌم َ‬
‫شدِيدٌ}‬ ‫" ِإذَا أ َ َخذَ ْالقُ َرى َو ِه َ‬
‫ي َ‬

‫يك بِبَ َدنِ َك ِلت َ ُكونَ ِل َم ْن خ َْل َف َك آيَةً﴾ أي‪ِ :‬لت َ ُكونَ ِلبَنِي إسْرا ِئي َل‬ ‫َو َق ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ف ْاليَ ْو َم ُننَ ِ ّج َ‬
‫ع ْونَ ‪ ،‬فَأ َ َم َر اللَّهُ تَعَالَى ْالبَحْ َر أ َ ْن يُ ْل ِقيَهُ‪ ،‬و ِلت َ ُكونَ‬ ‫آيَةً َلنهم ش ُّكوا فِي َم ْو ِ‬
‫ت فِ ْر َ‬
‫‪ِ .‬ل َمن َب ْع َد َك في النَّكا ِل آ َيةً و ِع َ‬
‫برةً‬

‫‪270‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفي قَ ْو ِل ِه‪ِ ﴿ :‬ب َب َدنِ َك﴾ أقوال‪ .‬منها أن بدنه بقي في شاطئ البحر إلى مدة‪ ،‬والله‬
‫‪.‬أعلم‬

‫ورا َء‪َ ،‬ك َما في صحيح البخاري َ‬


‫ع ِن‬ ‫ش َ‬ ‫ع ْونَ َو َملَئِ ِه يَ ْو َم َ‬
‫عا ُ‬ ‫َوقَ ْد َكانَ ِإ ْه َالكُ فِ ْر َ‬
‫ورا َء فَقَالُوا‪:‬‬
‫ش َ‬‫عا ُ‬ ‫ي ﷺ المدينَة‪َ ،‬و ْاليَ ُهو ُد تَ ُ‬
‫صو ُم يَ ْو َم َ‬ ‫َّاس قَا َل‪ :‬قَد َِم النَّبِ ُّ‬
‫عب ٍ‬‫اب ِْن َ‬
‫ص َحا ِب ِه‪" :‬أ َ ْنت ُ ْم أ َ َح ُّق‬
‫ي ﷺ َِل َ ْ‬ ‫علَى ِف ْر َ‬
‫ع ْونَ ‪ .‬فَقَا َل ال َّن ِب ُّ‬ ‫سى َ‬ ‫َهذَا َي ْو ٌم َ‬
‫ظ َه َر ِفي ِه ُمو َ‬
‫سى ِم ْن ُه ْم‪ ،‬فَ ُ‬
‫صو ُموهُ" رواه البخاري‬ ‫‪.‬بِ ُمو َ‬
‫َلن أهل التوحيد حزب واحد في النصرة والمواالت‪ ،‬كما أن أهل الزيغ‬
‫النار لم يكن في‬
‫لقي في ِ‬ ‫ُ‬ ‫حزب واحد‪ .‬وفي الحديث‪َّ :‬‬
‫إبراهيم لما أ َ‬
‫َ‬ ‫"إن‬
‫ْ‬
‫كانت تنف ُخ عليه"‬ ‫ير الوزَ غِ ‪ ،‬فإنَّها‬
‫النار عنه ‪ ،‬غ َ‬
‫َ‬ ‫اَلرض دابةٌ إال أطفأ ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫ق﴾ أي‪ :‬مكانا حسنا‪ ،‬و ُه َو ِب َال ُد‬ ‫﴿ولَقَ ۡد بَ َّو ۡأنَا بَنِ ۤی ِإ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل ُمبَ َّوأ َ ِ‬
‫ص ْد ٍ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫﴿وأ َ ْو َرثْنَا ْالقَ ْو َم الَّذِينَ َكانُوا يُ ْست َ ْ‬
‫ض َعفُونَ‬ ‫ش ِام‪َ .‬ك َما قَا َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬‫ص َر َوال َّ‬‫ِم ْ‬
‫ار ْكنَا ِفي َها﴾ َو َقا َل ِفي ْاآل َي ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪َ ﴿ :‬كذَ ِل َك‬ ‫َار َب َها الَّ ِتي َب َ‬
‫ض َو َمغ ِ‬ ‫اَلر ِ‬
‫َارقَ ْ‬ ‫َمش ِ‬
‫طا ِل ِبينَ ِإلَى ِب َال ِد‬
‫س َال ُم‪َ ،‬‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬ ‫َوأ َ ْو َرثْنَاهَا بَنِي ِإس َْرا ِئي َل﴾ وا ْست َ َم ُّروا َم َع ُمو َ‬
‫سى‪َ ،‬‬
‫ت ْال َم ْقد ِِس‬
‫بَ ْي ِ‬
‫‪.‬كما تقدم في سورة المائدة‬

‫‪271‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اختَلَفُوا َحتَّى َجا َء ُه ُم ْال ِع ْل ُم﴾ َي ْعنِي‪ :‬القُ ْرآنَ في عهد النبي‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َما ْ‬
‫‪.‬التوراة في عهدهم‬

‫ت النَّ َ‬
‫صارى‬ ‫سبعينَ فِرقةً و َّ‬
‫تفر َق ِ‬ ‫ت اليهو ُد على إح َدى و َ‬ ‫وفي الحديث "افترقَ ِ‬
‫سبعينَ فِرقةً"‬‫ثو َ‬ ‫تفرقَت أ ُ َّم ِتي على ثَال ٍ‬
‫َتين و َسبعينَ فِرقةً و َّ‬
‫على اثن ِ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫ب ِمن‬ ‫َك ِّم َّم ۤا أَنزَ ۡلن َۤا إِ َل ۡي َك فَ ۡسـَٔ ِل ٱلَّ ِذينَ يَ ۡق َر ُءونَ ٱ ۡل ِكت َ ٰـ َ‬
‫نت فِی ش ࣲ ّ‬‫قوله‪﴿ :‬فَإِن ُك َ‬
‫ش ْر َ‬
‫ط‬ ‫إن ال َّ‬‫ص ًال‪ ،‬فَ َّ‬ ‫سؤا ُل أ ْ‬ ‫ش ِّك وال ال ُّ‬ ‫على ُوقُ ِ‬
‫وع ال َّ‬ ‫قَ ۡب ِل ٰۚ َك﴾ لَي َ‬
‫ْس في اآل َي ِة ما َي ُد ُّل َ‬
‫على ْإمكانِ ِه َكما قا َل ت َعالى‪﴿ :‬لَ ْو كانَ‬ ‫وط بَ ْل وال َ‬ ‫على ُوقُوعِ ال َم ْش ُر ِ‬ ‫ال يَ ُد ُّل َ‬
‫لرحْ َم ِن ولَ ٌد فَأنا َّأو ُل‬
‫إن كانَ ِل َّ‬ ‫ِفي ِهما آ ِل َهةٌ ّإال اللَّهُ لَ َف َ‬
‫س َدتا﴾ وقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬قُ ْل ْ‬
‫العا ِبدِينَ ﴾‬
‫غي ُْرهُ؛ َِل َّن القُ ْرآنَ‬
‫ي ِ ﷺ وال ُمرا ُد َ‬ ‫طاب ِللنَّبِ ّ‬
‫الخ ُ‬ ‫ير ِمنَ ال ُمفَ ِ ّ‬
‫س ِرينَ ‪ :‬هَذا ِ‬ ‫َوقا َل َكثِ ٌ‬
‫غي َْرهُ‪.‬‬
‫ش ْي ِء ويُ ِريدُونَ َ‬ ‫الر ُج َل ِبال َّ‬
‫خاطبُونَ َّ‬ ‫علَ ْي ِه ِبلُغَ ِة ال َع َر ِ‬
‫ب‪ ،‬وهم قَ ْد يُ ِ‬ ‫نَزَ َل َ‬
‫‪.‬انظر تفسير ابن القيم رحمه الله‬

‫‪272‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س لَ َّم ۤا َءا َمنُ ۟‬


‫وا َكش َۡفنَا‬ ‫قوله‪﴿:‬فَلَ ۡو َال َكان َۡت قَ ۡر َيةٌ َءا َمن َۡت فَنَفَ َع َه ۤا ِإي َم ٰـنُ َه ۤا ِإ َّال قَ ۡو َم يُونُ َ‬
‫اب‬ ‫ی فِی ٱ ۡل َحيَ ٰوةِ ٱلد ُّۡنيَا َو َمتَّعۡ نَ ٰـ ُه ۡم ِإلَ ٰى ِحي ࣲن﴾ ل َّما َ‬
‫عا َينُوا أ َ ْسبَ َ‬ ‫اب ٱ ۡل ِخ ۡز ِ‬
‫عذَ َ‬ ‫ع ۡن ُه ۡم َ‬
‫َ‬
‫سولُ ُه ْم ِم ْن َبي ِْن أ َ ْ‬
‫ظ ُه ِر ِه ْم‪ ،‬فَ ِع ْن َدهَا َجأ َ ُروا ِإلَى اللَّ ِه َوا ْستَغَاثُوا‬ ‫ْال َعذَا ِ‬
‫ب‪َ ،‬وخ ََر َج َر ُ‬
‫س ْلنَاهُ ِإلَى ِمائ َ ِة أ َ ْلفٍ أ َ ْو يَ ِزيدُونَ فَآ َمنُوا‬
‫﴿وأ َ ْر َ‬
‫عوا لَ َد ْي ِه‪ .‬قال ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫ِب ِه‪َ ،‬وت َ َ‬
‫ض َّر ُ‬
‫ين﴾‬ ‫فَ َمت َّ ْعنَا ُه ْم إِلَى ِح ٍ‬

‫ض﴾ اآل َيةَ‪ .‬كما قال تعالى‪:‬‬


‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ِل ا ْن ُ‬
‫ظ ُروا ماذا في ال َّ‬
‫﴿وفِي أَ ْنفُ ِس ُك ْم أَفَال تُب ِ‬
‫ْص ُرونَ ﴾‬ ‫َ‬

‫ض ٍ ّر﴾ اآل َيةَ‪ .‬وفي الصحيحين "اللَّ ُه َّم ال َما ِن َع ِلما‬ ‫ْك َّ‬
‫اللهُ ِب ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِإ ْن َي ْم َسس َ‬
‫وال يَ ْن َف ُع ذَا ال َج ِ ّد ِم ْن َك ال َج ُّد‬
‫ت‪َ ،‬‬
‫ي ِلما َمنَ ْع َ‬ ‫ْت‪َ ،‬‬
‫وال ُم ْع ِط َ‬ ‫"‪.‬أ ْع َ‬
‫طي َ‬

‫ص ِب ْر َحتّى َيحْ ُك َم َّ‬


‫اللهُ وهو َخي ُْر الحا ِك ِمينَ ﴾ وكل من عدا الله‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وا ْ‬
‫قد يخطئ في الحكم وقد يصيب‪ .‬ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى‬
‫ض ُك ْم ْ‬
‫أن‬ ‫ي‪ ،‬ولَعَ َّل بَ ْع َ‬
‫َص ُمونَ إلَ َّ‬
‫الله عليه وسلم قال‪" :‬إنَّما أنا بَش ٌَر‪ ،‬وإ َّن ُك ْم ت َْخت ِ‬
‫ضيْتُ له‬ ‫ي له علَى نَحْ ِو ما أ ْس َم ُع‪ ،‬ف َمن َق َ‬ ‫ض َ‬ ‫َيكونَ أ ْل َحنَ ب ُح َّجتِ ِه ِمن َب ْع ٍ‬
‫ض‪ ،‬وأ َ ْق ِ‬
‫ار‪ ".‬رواه البخاري‬ ‫أخي ِه شيئًا فال يَأ ْ ُخ ْذ‪ ،‬فإنَّما أ ْق َ‬
‫ط ُع له قِ ْ‬
‫ط َعةً ِمنَ النَّ ِ‬ ‫ق ِ‬‫‪.‬من َح ّ ِ‬
‫ِ‬

‫‪273‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫تمت بحمد الله‬

‫‪274‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة هود عليه السالم‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫ي َم ِ ّكيَّةٌ‬
‫َو ِه َ‬
‫رضي اللَّهُ عنهُ‪ :‬يا رسو َل اللَّ ِه قد ِش َ‬
‫بت‪ ،‬قا َل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وفي الحديث قا َل أبو َب ْك ٍر‬
‫س ُك ّ ِو َر ْ‬
‫ت"‬ ‫ش ْم ُ‬ ‫"شيَّبتني هودٌ‪ ،‬والواقعةُ‪ ،‬والمرسالتُ ‪ ،‬وع َّم يت َ َ‬
‫سا َءلُونَ ‪ ،‬و ِإذَا ال َّ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬

‫سنًا ِإلَى أ َ َج ٍل‬ ‫﴿وأ َ ِن ا ْست َ ْغ ِف ُروا َربَّ ُك ْم ث ُ َّم تُوبُوا ِإلَ ْي ِه يُ َم ِت ّ ْع ُك ْم َمت َا ً‬
‫عا َح َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع ْن ”نُوحٍ“‪﴿ :‬فَقُ ْلتُ‬ ‫ضلَهُ﴾ كقَ ْوله ت َعالى َ‬ ‫ض ٍل َف ْ‬ ‫ت ُك َّل ذِي فَ ْ‬ ‫س ًّمى َويُؤْ ِ‬ ‫ُم َ‬
‫علَيْكم ِم ْد ً‬
‫رارا ويُ ْم ِد ْدكم‬ ‫سما َء َ‬ ‫غفّ ً‬
‫ارا﴾ ﴿يُ ْر ِس ِل ال َّ‬ ‫ا ْست َ ْغ ِف ُروا َربَّكم إ َّنهُ كانَ َ‬
‫ت و َيجْ عَ ْل لَكم أ ْن ً‬
‫هارا﴾‬ ‫أموا ٍل و َبنِينَ ويَجْ عَ ْل لَكم َج ّنا ٍ‬
‫بِ ْ‬

‫ُورهم‬
‫صد َ‬‫وا ِم ۡن ٰۚهُ﴾ أي يَ ْع ِطفُونَ ُ‬
‫ُور ُه ْم ِل َي ۡست َۡخفُ ۟‬
‫صد َ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أال إنَّهم َيثْنُونَ ُ‬
‫ع ِن ال َح ّ ِ‬
‫ق‬ ‫على ما فِيها ِمنَ ال ُك ْف ِر واْلع ِ‬
‫ْراض َ‬ ‫‪َ .‬‬
‫ماء‬
‫س ِ‬ ‫أن يُ ْف ُ‬
‫ضوا إلى ال َّ‬ ‫ناس كا ُنوا َي ْستَحْ يُونَ ْ‬
‫ت في ٍ‬‫ّاس أ َّنها نَزَ َل ْ‬
‫عب ٍ‬
‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫و َ‬
‫ت فِي ِه ْم َه ِذ ِه اآل َيةُ‬
‫ساء‪َ ،‬فنَزَ لَ ْ‬
‫َالء و ُمجا َم َع ِة ال ِنّ ِ‬
‫‪.‬في الخ ِ‬

‫‪275‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َها﴾ يعني‪ُ ﴿ :‬م ْستَقَ َّرهَا﴾ فِي َّ‬


‫الر ِح ِم‪،‬‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬ي ْعلَ ُم ُم ْستَقَ َّرهَا َو ُم ْست َْو َد َ‬
‫ب‪َ ،‬كالَّتِي فِي ْاَل َ ْن َع ِام‬ ‫ص ْل ِ‬ ‫ع َها﴾ فِي ال ُّ‬ ‫‪﴿.‬و ُم ْست َْو َد َ‬
‫َ‬
‫شهُ‬ ‫ع ْر ُ‬‫ض في ِست َّ ِة أي ٍّام وكانَ َ‬
‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫﴿وهو الَّذِي َخ َلقَ ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ع َم ًال﴾ عن عمران بن الحصين قال إنِّي ِع ْن َد‬ ‫س ُن َ‬‫الماء ِليَ ْبلُ َوكم أيُّكم أحْ َ‬
‫ِ‬ ‫على‬
‫َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم إ ْذ َجا َءهُ قَ ْو ٌم ِمن بَنِي ت َِم ٍيم‪ ،‬فَقا َل‪ :‬ا ْقبَلُوا البُ ْش َرى يا‬
‫يِ َ‬
‫النب ّ‬
‫َاس ِمن أ ْه ِل ال َي َم ِن‪ ،‬فَقا َل‪ :‬ا ْق َبلُوا‬
‫ْطنَا‪ ،‬فَ َد َخ َل ن ٌ‬ ‫َب ِني ت َِم ٍيم‪ ،‬قالوا‪َ :‬ب َّ‬
‫ش ْرتَنَا فأع ِ‬
‫البُ ْش َرى يا أ ْه َل اليَ َم ِن‪ ،‬إ ْذ لَ ْم يَ ْقبَ ْل َها َبنُو ت َِم ٍيم‪ ،‬قالوا‪ :‬قَبِ ْلنَا‪ِ ،‬جئْن َ‬
‫َاك ِلنَتَفَقَّهَ في‬
‫اَلم ِر ما َكانَ ‪ ،‬قا َل‪ :‬كانَ اللَّهُ ولَ ْم يَ ُك ْن شي ٌء‬ ‫ِين‪ ،‬و ِلنَ ْسأَلَ َك عن َّأو ِل هذا ْ‬
‫ال ّد ِ‬
‫َب في ال ِذّ ْك ِر‬‫ض‪ ،‬و َكت َ‬ ‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫اء‪ ،‬ث ُ َّم َخلَقَ ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫شهُ علَى ال َم ِ‬ ‫قَ ْبلَهُ‪ ،‬وكانَ َ‬
‫ع ْر ُ‬
‫" ُك َّل شيءٍ‬

‫ذاب إلى أ ُ َّم ٍة َم ْعدُو َدةٍ﴾‬


‫ع ْن ُه ُم ال َع َ‬ ‫﴿ولَئِ ْن أ َّخ ْرنا َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ان ُمتَعَ ِ ّد َدةٍ‪ ،‬فَيُ َرا ُد بِ َها‪ْ :‬اَل َ َمدُ‪،‬‬
‫آن َوال ُّسنَّ ِة فِي َمعَ ٍ‬ ‫"اَل ُ َّمةُ" ت ُ ْست َ ْع َم ُل فِي ْالقُ ْر ِ‬
‫َو ْ‬

‫َكقَ ْو ِل ِه ِفي َه ِذ ِه ْاآل َي ِة‪ِ ﴿ :‬إلَى أ ُ َّم ٍة َم ْعدُو َدةٍ﴾ َوت ُ ْست َ ْع َم ُل ِفي ْ ِ‬
‫اْل َم ِام ْال ُم ْقت َ َدى ِب ِه‪،‬‬
‫يم َكانَ أ ُ َّمةً قَا ِنتًا ِل َّل ِه َح ِنيفًا َولَ ْم يَكُ ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ ﴾ َوت ُ ْست َ ْع َم ُل‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه‪ِ ﴿ :‬إ َّن ِإب َْرا ِه َ‬
‫ع ِن ْال ُم ْش ِركِينَ أَنَّ ُه ْم قَالُوا‪﴿ :‬إِنَّا َو َج ْدنَا آبَا َءنَا‬ ‫فِي ْال ِملَّ ِة َوال ّد ِ‬
‫ِين‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه إِ ْخبَ ً‬
‫ارا َ‬
‫ار ِه ْم ُم ْقتَدُونَ ﴾ َوت ُ ْست َ ْع َم ُل فِي ْال َج َما َ‬
‫ع ِة‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬ولَ َّما‬ ‫علَى آثَ ِ‬ ‫علَى أ ُ َّم ٍة َو ِإنَّا َ‬
‫َ‬
‫ع َل ْي ِه أ ُ َّمةً ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس يَ ْسقُونَ ﴾‬ ‫‪.‬و َر َد َما َء َم ْديَنَ َو َج َد َ‬
‫َ‬

‫‪276‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت أُو َلئِ َك لَ ُه ْم َم ْغ ِف َرة ٌ َوأَجْ ٌر َك ِب ٌ‬


‫ير﴾‬ ‫صا ِل َحا ِ‬ ‫ع ِملُوا ال َّ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إال الَّذِينَ َ‬
‫ص َب ُروا َو َ‬
‫يب ْال ُمؤْ ِمنَ َه ٌّم َو َال َ‬
‫غ ٌّم‪َ ،‬و َال‬ ‫ص ُ‬ ‫َك َما َجا َء فِي ْال َحدِيثِ‪َ :‬‬
‫"والَّذِي نَ ْف ِسي بِيَ ِد ِه‪َ ،‬ال يُ ِ‬
‫ش ْو َكةُ يُشَا ُك َها‪ِ ،‬إ َّال َكفَّ َر اللهُ َ‬
‫ع ْنهُ ِب َها ِم ْن‬ ‫صب‪َ ،‬و َال َحزَ ن َحتَّى ال َّ‬
‫صب َو َال َو َ‬
‫نَ َ‬
‫‪َ .‬خ َ‬
‫طايَاهُ"‪ ،‬رواه مسلم‬
‫ضي اللَّهُ ِل ْل ُمؤْ ِم ِن قَ َ‬
‫ضا ًء ِإ َّال َكانَ‬ ‫"والَّذِي نَ ْف ِسي بِيَ ِد ِه‪َ ،‬ال يَ ْق ِ‬
‫َوفِي صحيح مسلم َ‬
‫ض َّرا ُء َف َ‬
‫ص َب َر‬ ‫ش َك َر َكانَ َخي ًْرا لَهُ‪َ ،‬و ِإ ْن أَ َ‬
‫صا َبتْهُ َ‬ ‫س َّرا ُء فَ َ‬ ‫َخي ًْرا لَهُ‪ِ ،‬إ ْن أَ َ‬
‫صا َبتْهُ َ‬
‫غي ِْر ْال ُمؤْ ِم ِن" رواه مسلم‬ ‫ْس ذَ ِل َك َِل َ َح ٍد َ‬
‫‪َ .‬كانَ َخي ًْرا لَهُ‪َ ،‬ولَي َ‬

‫ض ما يُوحى إلَي َْك‪ ﴾..‬والت َّ َو ُّق ُع ال ُم ْست َفا ُد ِمن لَ َع َّل‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَلَ َعلَّ َك ِ‬
‫تار ٌك َب ْع َ‬
‫ُم ْست َ ْع َم ٌل في التحذير وهو كالشرط ال يلزم منه الوقوع لذلك لم يكن من النبي‬
‫أن يُقَد ََّر ا ْس ِت ْفها ٌم ُح ِذ َف ْ‬
‫ت أداتُهُ‬ ‫وز ْ‬
‫‪.‬صلى الله عليه وسلم ذلك شيء‪ .‬و َي ُج ُ‬

‫ص ْد ُر َك أ َ ْن يَقُولُوا لَ ۡو َ ۤال‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَلَعَلَّ َك ت َِار ٌك بَ ْع َ‬


‫ض َما يُو َحى إِلَي َْك َو َ‬
‫ضا ِئ ٌق بِ ِه َ‬
‫ع َّما َكانَ َيت َ َع َّنتُ ِب ِه‬ ‫نز أ َ ۡو َج ۤا َء َم َعهُۥ َملَ ٰۚ ٌك﴾ تسلية لرسوله الله ﷺ‪َ ،‬‬ ‫علَ ۡي ِه َك ٌ‬ ‫أُ ِ‬
‫نز َل َ‬
‫سو ِل ‪َ -‬ك َما أ َ ْخبَ َر ت َ َعالَى َع ْن ُه ْم ‪:-‬‬ ‫ع ِن ال َّر ُ‬‫ْال ُم ْش ِر ُكونَ ‪ ،‬فِي َما َكانُوا يَقُولُونَهُ َ‬
‫ق لَ ْوال أُنز َل إِ َل ْي ِه‬ ‫ام َو َي ْم ِشي فِي اَلس َْوا ِ‬ ‫سو ِل يَأ ْ ُك ُل َّ‬
‫الطعَ َ‬ ‫﴿وقَالُوا َما ِل َهذَا َّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫ون َلهُ َج َّنةٌ َيأ ْ ُك ُل ِم ْن َها َو َقا َل‬
‫ِيرا أ َ ْو يُ ْل َقى ِإ َل ْي ِه َكنز أَ ْو ت َ ُك ُ‬
‫َم َل ٌك َف َي ُكونَ َم َعهُ نَذ ً‬
‫َّ‬
‫الظا ِل ُمونَ ِإ ْن تَتَّبِعُونَ ِإال َر ُجال َم ْس ُح ً‬
‫ورا﴾‬

‫‪277‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عوا َم ِن‬ ‫ت وا ْد ُ‬ ‫س َو ٍر ِمثْ ِل ِه ُم ْفت ََريا ٍ‬‫قوله‪﴿ :‬أ ْم َيقُولُونَ ا ْفت َراهُ قُ ْل فَأْتُوا ِب َع ْش ِر ُ‬
‫ض ِة‬
‫عار َ‬‫ار بِ ُم َ‬ ‫ف التَّ َح ّدِي ِل ْل ُكفّ ِ‬ ‫اختَلَ َ‬‫إن ُك ْنت ُ ْم صا ِدقِينَ ﴾ قَ ِد ْ‬ ‫ُون َّ‬
‫الل ِه ْ‬ ‫ط ْعت ُ ْم ِمن د ِ‬‫ا ْست َ َ‬
‫والج ُّن‬
‫س ِ‬ ‫ت اْل ْن ُ‬ ‫آن َكقَ ْو ِل ِه‪ُ ﴿ :‬ق ْل َل ِئ ِن اجْ ت َ َم َع ِ‬
‫وع القُ ْر ِ‬
‫تارة ً و َق َع ِب َمجْ ُم ِ‬
‫آن‪َ ،‬ف َ‬ ‫القُ ْر ِ‬
‫آن ال يَأْتُونَ ِب ِمثْ ِل ِه﴾ و ِب َع ْش ِر ُ‬
‫س َو ٍر َكما في َه ِذ ِه‬ ‫أن يَأْتُوا ِب ِمثْ ِل هَذا القُ ْر ِ‬
‫على ْ‬
‫َ‬
‫ورةٍ ِمنهُ َكما تَقَد ََّم‬
‫س َ‬‫‪.‬اآليَ ِة‪ ،‬وبِ ُ‬

‫إن لَ ْم يَ ْست َِجيبُوا لَ َك﴾‬


‫قوله‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫سلَّ َم و ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ ‪ْ .‬‬
‫أي‬ ‫صلّى اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْي ِه وآ ِل ِه و َ‬ ‫الل ِه َ‬‫سو ِل َّ‬
‫ير في لَكم ِل َر ُ‬ ‫قيل‪ :‬الض َِّم ُ‬
‫س َو ٍر ِمثْ ِل ِه‬
‫يان ِب َع ْش ِر ُ‬ ‫إن لَ ْم َي ْف َعلُوا ما َ‬
‫ط َل ْبتَهُ ِمنهم وت َ َح َّد ْيت َهم ِب ِه ِمنَ اْلتْ ِ‬ ‫‪.‬فَ ْ‬
‫إن لَ ْم يَ ْست َِجيبُوا﴾ ِل ْل َم ْو ُ‬
‫صو ِل في َم ِن ا ْستَ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم‪،‬‬ ‫ير في ﴿فَ ْ‬ ‫وقِي َل َّ‬
‫إن الض َِّم َ‬
‫ير فا ْعلَ ُموا‬ ‫سو ُل اللَّ ِه‪ ،‬و َكذَ ِل َك َ‬
‫ض ِم ُ‬ ‫ير لَكم ِل ْل ُكفّ ِ‬
‫ار الَّذِينَ تَ َحدّاهم َر ُ‬ ‫ض ِم ُ‬
‫‪.‬و َ‬
‫على اْلتْ ِ‬
‫يان ِب َع ْش ِر‬ ‫ع ْوت ُ ُموهم ِل ْل ُمنا َ‬
‫ص َر ِة َ‬ ‫إن َل ْم يَ ْست َِجبْ لَكم َمن َد َ‬ ‫وال َم ْعنى‪ :‬فَ ْ‬
‫س َو ٍر ‪..‬فا ْعلَ ُموا‬
‫‪ُ .‬‬

‫قوله‪َ ﴿ :‬من َكانَ يُ ِري ُد ٱ ۡل َحيَ ٰوة َ ٱلد ُّۡنيَا َو ِزينَتَ َها نُ َو ّ ِ‬
‫ف ِإلَ ۡي ِه ۡم أ َ ۡع َم ٰـلَ ُه ۡم فِي َها َو ُه ۡم فِي َها‬
‫سنَا ِت ِه‬ ‫ت ال ُّد ْنيَا َه َّمهُ َونِ َّيتَهُ‪ ،‬و َجازَ اهُ َّ‬
‫اللهُ بِ َح َ‬ ‫سونَ ﴾ قيل‪ :‬نزلت في َم ْن َكانَ ِ‬ ‫َال يُ ۡب َخ ُ‬
‫سنَةٌ يُ ْع َ‬
‫طى ِب َها َجزَ ا ًء‬ ‫ْس َلهُ َح َ‬ ‫‪.‬فِي ال ُّد ْن َيا‪ ،‬ث ُ َّم يُ ْف ِ‬
‫ضي ِإلَى ْاآل ِخ َرةِ َو َلي َ‬

‫‪278‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سنَاتِ ِه ْم فِي ال ُّد ْن َيا كما في حديث أبي‬ ‫اء‪ ،‬يُ ْع َ‬


‫ط ْونَ ِب َح َ‬ ‫وقيل‪ :‬نزلت في أ َ ْهل ِ ّ‬
‫الر َي ِ‬
‫النار ثالثةٌ‪َ :‬ر ُج ٌل ا ْست ُ ْش ِه َد‪َ ،‬‬
‫ور ُج ٌل‬ ‫ُ‬ ‫هريرة عند مسلم أن أو َل َمن تُسعَّ ُر بهم‬
‫ناف‬
‫ص ِ‬ ‫س َع اللَّهُ عليه‪ ،‬وأَعْطاهُ ِمن أ ْ‬
‫ور ُج ٌل و َّ‬ ‫ت َ َعلَّ َم ال ِع ْل َم‪ ،‬و َ‬
‫علَّ َمهُ وقَ َرأ َ القُ ْرآنَ ‪َ ،‬‬
‫‪.‬الما ِل ُك ِلّ ِه‪ .‬فكل هؤالء عملوا لغير الله رياء وسمعة‪.‬‬
‫ع َّج ْلنَا لَهُ فِي َها َما نَشَا ُء ِل َم ْن نُ ِري ُد ث ُ َّم َجعَ ْلنَا‬ ‫قَا َل تَعَالَى‪َ ﴿ :‬م ْن َكانَ يُ ِري ُد ْالعَ ِ‬
‫اج َلةَ َ‬
‫صالهَا َم ْذ ُمو ًما َم ْد ُح ً‬
‫ورا﴾‬ ‫لَهُ َج َهنَّ َم َي ْ‬

‫علَى ِف ْ‬
‫ط َرةِ اللَّ ِه تَعَالَى َّالتِي‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أفَ َمن كانَ َ‬
‫على َبيِّنَ ٍة ِمن َر ِّب ِه﴾ أي َ‬
‫علَ ْي َها ِع َبا َدهُ‬ ‫‪.‬فَ َ‬
‫ط َر َ‬
‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ " ُك ُّل َم ْولُو ٍد يُولَ ُد‬ ‫ع ْن أَبِي ُه َري َْرة َ قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫ص ِحي َحي ِْن َ‬
‫َوفِي ال َّ‬
‫صرانه ويُ َم ِ ّجسانه‪َ ،‬ك َما تُو َل ُد ْال َب ِهي َمةُ َب ِهي َمةً‬ ‫علَى ْال ِف ْ‬
‫ط َر ِة‪ ،‬فَأ َ َب َواهُ يُ َه ّ ِودانه و ُينَ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫" َج ْمعاء‪ ،‬ه َْل ت ُ ِح ُّ‬
‫سون فِي َها ِم ْن َج ْد َ‬
‫عا َء؟‬
‫﴿ويَتْلُوهُ شَا ِه ٌد ِم ْنهُ﴾ َو ُه َو ْالقُ ْر ُ‬
‫آن‬ ‫‪.‬وقوله‪َ :‬‬
‫َاب‬ ‫ي‪َ :‬و ِم ْن قَ ْب ِل َهذَا ْالقُ ْر ِ‬
‫آن ِكت ُ‬ ‫سى﴾ أ َ ْ‬ ‫ث ُ َّم قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و ِم ْن قَ ْب ِل ِه ِكت ُ‬
‫َاب ُمو َ‬
‫سى‪َ ،‬و ُه َو الت َّ ْو َراة ُ‪ .‬وهذا التفسير رجحه ابن كثير‬
‫‪ُ .‬مو َ‬
‫وقيل‪ :‬البينة أي القرآن‪ ،‬والشاهد اَلول هو الحجج والبراهين القرآنية‪،‬‬
‫‪.‬والشاهد الثاني هو التوراة‬

‫‪279‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى‬ ‫علَى َر ِبّ ِه ْم أَال لَ ْعنَةُ اللَّ ِه َ‬‫ُالء الَّذِينَ َكذَبُوا َ‬ ‫﴿و َيقُو ُل اَل ْش َها ُد َهؤ ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫َّار ْاآل ِخ َرةِ َعلَى‬
‫ضي َحت َ ُه ْم فِي الد ِ‬ ‫الظا ِل ِمينَ ﴾ يُبَيِّ ُن ت َ َعالَى َحا َل ْال ُم ْفت َِرينَ َ‬
‫علَ ْي ِه َوفَ ِ‬ ‫َّ‬
‫ع َّز َو َج َّل يُ ْد ِني ْال ُمؤْ ِمنَ ‪،‬‬ ‫وس ْالخ ََال ِئ ِ‬
‫ق‪ .‬كما في حديث النجوى " ِإ َّن اللَّهَ َ‬ ‫ُر ُء ِ‬
‫ف‬‫اس‪َ ،‬ويُقَ ِ ّر ُرهُ ِبذُنُو ِب ِه‪َ ،‬ويَقُو ُل لَهُ‪ :‬أَت َ ْع ِر ُ‬ ‫علَ ْي ِه كنَفَه‪َ ،‬ويَ ْست ُ ُرهُ ِمنَ النَّ ِ‬‫ض ُع َ‬‫فَيَ َ‬
‫ب َكذَا؟ َحتَّى إِذَا قَ َّرره بِذُنُوبِ ِه‪َ ،‬و َرأ َى‬ ‫ب َكذَا؟ أَت َ ْع ِر ُ‬
‫ف َذ ْن َ‬ ‫ب َكذَا؟ أَت َ ْع ِر ُ‬
‫ف َذ ْن َ‬ ‫ذَ ْن َ‬
‫علَي َْك ِفي ال ُّد ْن َيا‪َ ،‬و ِإ ِنّي أ َ ْغ ِف ُرهَا لَ َك‬
‫ِفي نَ ْف ِس ِه أَنَّهُ قَ ْد َهلَ َك قَا َل‪ :‬فَإِ ِنّي قَ ْد َست َْرت ُ َها َ‬
‫ار َو ْال ُمنَافِقُونَ َفيَقُولُ‪﴿ :‬اَل ْش َها ُد‬ ‫سنَاتِ ِه‪َ ،‬وأ َ َّما ْال ُكفَّ ُ‬
‫َاب َح َ‬
‫طى ِكت َ‬ ‫ْاليَ ْو َم‪ .‬ث ُ َّم يُ ْع َ‬
‫علَى َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ﴾ أخرجه البخاري‬ ‫علَى َربِّ ِه ْم أَال لَ ْعنَةُ اللَّ ِه َ‬
‫ُالء الَّذِينَ َك َذبُوا َ‬
‫َهؤ ِ‬
‫‪.‬ومسلم‬

‫ف‬
‫ع ُ‬‫ضا َ‬ ‫س ِبي ِل َّ‬
‫الل ِه َو َي ْبغُونَ َها ِع َو ًجا﴾ إلى قوله‪ُ ﴿ :‬ي َ‬ ‫ع ْن َ‬
‫ص ُّدونَ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬الَّذِينَ َي ُ‬
‫ْص ُرونَ ﴾ كقوله تعالى‪:‬‬‫س ْم َع َو َما َكانُوا يُب ِ‬ ‫لَ ُه ُم ْال َعذَ ُ‬
‫اب َما َكانُوا يَ ْست َِطيعُونَ ال َّ‬
‫ش ۡیءٍ إِ ۡذ َكانُ ۟‬
‫وا‬ ‫ص ٰـ ُر ُه ۡم َو َ ۤال أ َ ۡفـ ِ َدت ُ ُهم ِّمن َ‬
‫س ۡمعُ ُه ۡم َو َ ۤال أ َ ۡب َ‬ ‫{فَ َم ۤا أ َ ۡغن َٰى َ‬
‫ع ۡن ُه ۡم َ‬
‫ت ٱ َّلل ِه }‬
‫َي ۡج َحدُونَ ِبـَٔا َي ٰـ ِ‬
‫ࣰ‬
‫عذَابا فَ ۡوقَ ٱ ۡل َعذَا ِ‬
‫ب بِ َما‬ ‫سبِي ِل ٱللَّ ِه ِز ۡد َن ٰـ ُه ۡم َ‬
‫عن َ‬ ‫صد ۟‬
‫ُّوا َ‬ ‫وقوله‪{ :‬ٱ َّل ِذينَ َكفَ ُر ۟‬
‫وا َو َ‬
‫وا يُ ۡف ِسدُونَ }‬ ‫َكانُ ۟‬

‫‪280‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ط ُر َد ْال ُمؤْ ِمنِينَ َ‬


‫ع ْنهُ‪،‬‬ ‫طلَبُوا ِم ْنهُ أ َ ْن َي ْ‬
‫ار ِد الَّذِينَ آ َمنُوا﴾ َكأَنَّ ُه ْم َ‬
‫ط ِ‬‫﴿و َما أَنَا ِب َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫س ِل ﷺ أ َ ْن‬ ‫سأ َ َل أ َ ْمثَالُ ُه ْم خَات ََم ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫سةً ِم ْن ُه ْم أ َ ْن يَجْ ِل ُ‬
‫سوا َم َع ُه ْم‪َ ،‬ك َما َ‬ ‫احْ تِشَا ًما َونَفَا َ‬
‫صا‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل َّ‬
‫اللهُ‬ ‫سا خَا ًّ‬‫س َم َع ُه ْم َمجْ ِل ً‬ ‫اء َو َيجْ ِل َ‬ ‫عةً ِمنَ ال ُّ‬
‫ض َعفَ ِ‬ ‫ع ْن ُه ْم َج َما َ‬ ‫َي ْ‬
‫ط ُر َد َ‬
‫ط ُر ِد الَّذِينَ يَ ْدعُونَ َربَّ ُه ْم ِب ْالغَ َداةِ َو ْال َع ِش ّ‬
‫يِ﴾‬ ‫﴿وال تَ ْ‬ ‫ت َ َعالَى‪َ :‬‬

‫رامي وأنا َب ِري ٌء ِم ّما‬ ‫ي إجْ ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أ ْم َيقُولُونَ ا ْفت َراهُ قُ ْل ِ‬
‫إن ا ْفت ََر ْيتُهُ َف َعلَ َّ‬
‫ع ْن نُوحٍ وما‬ ‫س ُرونَ في َه ِذ ِه اآليَ ِة‪ ،‬فَ ِقي َل‪ :‬إنَّها ِحكايَةٌ َ‬ ‫اخت َ َل َ‬
‫ف ال ُمفَ ِ ّ‬ ‫تُجْ ِر ُمونَ ﴾ قَ ِد ْ‬
‫صلّى اللَّهُ‬
‫حاو َرةِ الواقِ َع ِة بَيْنَ نَبِ ِّينا ُم َح َّم ٍد َ‬ ‫قالَهُ ِلقَ ْو ِم ِه‪ ،‬و ِقي َل‪ :‬هي ِحكايَةٌ َ‬
‫ع ِن ال ُم َ‬
‫سلَّ َم و ُكفّ ِ‬
‫ار َم َّكةَ‬ ‫علَ ْي ِه وآ ِل ِه و َ‬
‫‪َ .‬‬

‫أمرنا﴾‬
‫وقوله‪﴿ :‬حتى إذا جاء ُ‬
‫عيُونًا‬ ‫ض ُ‬‫اَلر َ‬‫اء ِب َماءٍ ُم ْن َه ِم ٍر َوفَ َّج ْرنَا ْ‬
‫س َم ِ‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَ َفتَحْ نَا أَب َْو َ‬
‫اب ال َّ‬
‫ت أ َ ْل َواحٍ َو ُد ُ‬
‫س ٍر تَجْ ِري بِأ َ ْعيُنِنَا‬ ‫علَى أ َ ْم ٍر قَ ْد قُد َِر َو َح َم ْلنَاهُ َعلَى ذَا ِ‬
‫فَ ْالتَقَى ْال َما ُء َ‬
‫َجزَ ا ًء ِل َم ْن َكانَ ُك ِف َر﴾‬

‫ت‬
‫ار ِ‬
‫ص َ‬‫ي‪َ :‬‬ ‫ض‪ ،‬أَ ْ‬ ‫ور‪َ :‬وجْ هُ ْاَل َ ْر ِ‬ ‫َّاس‪ :‬الت َّ ُّن ُ‬
‫عب ٍ‬ ‫ار التَّنُّ ُ‬
‫ور﴾ فَعَ ِن اب ِْن َ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وفَ َ‬
‫ان النَّ ِ‬
‫ار‪،‬‬ ‫ير الَّتِي ِه َ‬
‫ي َم َك ُ‬ ‫ار ْال َما ُء ِمنَ التَّنَانِ ِ‬‫ور‪َ ،‬حتَّى فَ َ‬‫عيُو ًنا تَفُ ُ‬
‫ض ُ‬‫ْاَل َ ْر ُ‬
‫اء ْال َخلَ ِ‬
‫ف‪ .‬قاله ابن كثير‪.‬‬ ‫علَ َم ِ‬ ‫سلَ ِ‬
‫ف َو ُ‬ ‫ور ال َّ‬ ‫ت تَفُ ُ‬
‫ور َما ًء‪َ ،‬و َهذَا قَ ْو ُل ُج ْم ُه ِ‬ ‫ار ْ‬
‫ص َ‬‫َ‬
‫‪.‬وفيه أقوال غير ذلك‬
‫‪281‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫"واحْ ِم ْل فِي َها أ َ ْهلَ َك‪َ ،‬و ُه ْم أَ ْه ُل‬‫ي‪َ :‬‬ ‫علَ ْي ِه ْالقَ ْولُ﴾ أ َ ْ‬ ‫س َبقَ َ‬ ‫﴿وأَ ْهلَ َك ِإال َم ْن َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫علَ ْي ِه ْالقَ ْو ُل ِم ْن ُه ْم‪ِ ،‬م َّم ْن لَ َّم يُؤْ ِم ْن ِب َّ‬
‫الل ِه‪ ،‬فَ َكانَ ِم ْن ُه ُم‬ ‫َب ْي ِت ِه َوقَ َرا َب ِت ِه" ِإ َّال َم ْن َ‬
‫س َبقَ َ‬
‫‪.‬ا ْبنُهُ‪َ ،‬وا ِْم َرأَة ُ نُوحٍ َو َكان ْ‬
‫َت َكافِ َرةً كما في سورة التحريم‬

‫﴿و َما آمن َم َعه ِإ َّال قَ ِليل﴾ أى ‪ :‬وما آمن معه إال عدد قليل من قومه‬
‫َوقَوله‪َ :‬‬
‫بعد أن لبث فيهم قرونا متطاولة يدعوهم إلى الدين الحق ليال ونهارا ‪ ،‬وسرا‬
‫‪.‬وعالنية‪ ،‬وفيه درس للدعاة‬

‫ي‬
‫الر ُجلُ‪ ،‬والنب ُّ‬
‫ي معهُ َّ‬ ‫ي اَل ُ َم ُم‪ ،‬فَ َج َع َل يَ ُم ُّر النب ُّ‬
‫علَ َّ‬ ‫ض ْ‬
‫ت َ‬ ‫ع ِر َ‬‫وفي الصحيحين " ُ‬
‫ورأَيْتُ َ‬
‫س َوادًا‬ ‫ليس معهُ أ َحدٌ‪َ ،‬‬ ‫ي َ‬ ‫ط‪ ،‬والنب ُّ‬ ‫الر ْه ُ‬
‫ي معهُ َّ‬‫الر ُج َال ِن‪ ،‬والنب ُّ‬
‫معهُ َّ‬
‫أن ت َ ُكونَ أ ُ َّمتِي‪ ،‬ف ِقي َل‪ :‬هذا ُمو َ‬
‫سى وقَ ْو ُمهُ‪ ،‬ث ُ َّم قي َل‬ ‫س َّد اَلُفُقَ ‪ ،‬فَ َر َج ْوتُ ْ‬‫يرا َ‬‫َكثِ ً‬
‫س َّد اَلُفُقَ ‪ ،‬ف ِقي َل ِلي‪ :‬ا ْن ُ‬
‫ظ ْر َه َكذَا و َه َك َذا‪،‬‬ ‫ظ ْر‪ ،‬فَ َرأَيْتُ َ‬
‫س َوادًا َك ِث ً‬
‫يرا َ‬ ‫ِلي‪ :‬ا ْن ُ‬

‫س َّد اَلُفُقَ ‪ ،‬ف ِقي َل‪ :‬هَؤُ َال ِء أ ُ َّمت ُ َك‪ ،‬ومع َه ُؤ َال ِء َ‬
‫س ْبعُونَ ْأل ًفا‬ ‫فَ َرأَيْتُ َ‬
‫س َوادًا َك ِث ً‬
‫يرا َ‬
‫ب" الحديث‬ ‫سا ٍ‬ ‫‪.‬يَ ْد ُخلُونَ ال َجنَّةَ ِ‬
‫بغير ِح َ‬

‫‪282‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬ونادى نُو ٌح ا ْبنَهُ﴾ وكانَ كافِ ًرا‪ ،‬وا ْست ُ ْب ِع َد َك ْو ُن نُوحٍ يُنادِي َمن كانَ‬
‫ّارا﴾ وأ ُ ِج ُ‬
‫يب بِأنَّهُ‬ ‫ض ِمنَ الكافِ ِرينَ َدي ً‬ ‫اَلر ِ‬
‫على ْ‬ ‫﴿ربّ ِ ال تَذَ ْر َ‬ ‫كافِ ًرا َم َع قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫على َذ ِل َك‪ ،‬و ِقي َل‪:‬‬‫شفَقَةُ اَلُبُ َّو ِة َ‬
‫ظ َّن نُو ٌح أ َّنهُ ُمؤْ ِم ٌن‪ ،‬و ِقي َل‪َ :‬ح َملَتْهُ َ‬
‫كانَ ُمنا ِفقًا فَ َ‬
‫أن قَ ْولَهُ‪﴿ :‬ونادى نُو ٌح ا ْب َنهُ﴾‪ ،‬وقَ ْو َلهُ‪:‬‬ ‫إنَّهُ كانَ اب ُْن ْام َرأتِ ِه ولَ ْم يَ ُك ْن ِبا ْبنِ ِه‪ُ ،‬‬
‫ور َّد ِب َّ‬
‫ب ال ُّنبُ َّو ِة‬
‫نص ِ‬
‫صيانَ ِة َم ِ‬ ‫‪﴿.‬إن ا ْبنِي ِمن أ ْه ِلي﴾ يَ ْد َف ُع ذَ ِل َك َعلى ما فِي ِه ِمن َ‬
‫ع َد ِم ِ‬ ‫َّ‬

‫﴿إن ا ْبنِي ِمن أ ْه ِلي﴾ هذا سؤال استعالم‪ ،‬أي‪ :‬أليس ابني ِمنَ اَل ْه ِل‬ ‫قوله‪َّ :‬‬
‫ت أَحْ َك ُم ْال َحا ِك ِمينَ ؟‬
‫ْف غ َِرقَ َوأَ ْن َ‬
‫ع ْدتَنِي بِتَ ْن ِج َيتِ ِه ْم بِقَ ْو ِل َك‪ :‬وأ ْهلَ َك‪َ ،‬ف َكي َ‬ ‫الَّذِينَ و َ‬

‫يوم القيا َم ِة ‪َّ ،‬إال سبَبَي ون ِسبي"‬


‫منقط ٍع َ‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وفي الحديث "‪ -‬ك ُّل سب ٍ‬
‫ب ونس ٍ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬
‫س ۤا َءلُونَ }وقال‬
‫اب َب ۡينَ ُه ۡم يَ ۡو َم ِٕى ࣲذ َو َال يَت َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ور فَ َ ۤال أَن َ‬
‫ص ِ‬ ‫وقال تعالى {فَإِذَا نُ ِف َخ فِی ٱل ُّ‬
‫ࣱ‬
‫ع َّما َكانُوا۟‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫سبت ۡم َوال تسـَٔلونَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫{تِ ۡل َك أ ُ َّمة قد َخلت ل َها َما ك َسبَت َولكم َّما ك َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َيعۡ َملُونَ }‬

‫ع َل ْي ُك ْم‬ ‫﴿ويَا قَ ْو ِم ا ْست َ ْغ ِف ُروا َربَّ ُك ْم ث ُ َّم تُوبُوا ِإلَ ْي ِه يُ ْر ِس ِل ال َّ‬


‫س َما َء َ‬ ‫قوله تعالى‪َ :‬‬
‫ارا َو َي ِز ْد ُك ْم قُ َّوة ً ِإ َلى قُ َّوتِ ُك ْم َوال تَت ََولَّ ْوا ُمجْ ِر ِمينَ ﴾ التوبة واالستغفار مفتاح‬ ‫ِم ْد َر ً‬
‫‪.‬بركات السماء واَلرض كما في سورة اَلعراف‬

‫‪283‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله‪﴿ :‬قالُوا يا ُهو ُد ما ِجئْت َنا ِب َب ِيّنَةٍ﴾ قَ ْولُهم ﴿ما ِجئْت َنا ِب َب ِّينَةٍ﴾ بُ ْه ٌ‬
‫تان وكذب َِلنَّهُ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قا َل‪« :‬ما‬
‫أن َر ُ‬ ‫ص ِحيحِ َّ‬
‫ث ال َّ‬ ‫ت وحجج كما فِي ال َحدِي ِ‬ ‫أتاهم بِ ُم ْع ِجزا ٍ‬
‫ت ما ِمثْلُهُ آ َمنَ َ‬ ‫ُ‬
‫علَ ْي ِه ال َبش َُر» ال َحد َ‬
‫ِيث‬ ‫ي ِمنَ اآليا ِ‬‫ي ّإال أو ِت َ‬ ‫‪ِ .‬منَ اَل ْن ِب ِ‬
‫ياء َن ِب ٌّ‬

‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ࣰ‬


‫الريحِ العَ ِق ِيم‪،‬‬ ‫َ‬
‫عل ْي ِه ْم ِمنَ ِ ّ‬ ‫س َل اللهُ َ‬ ‫﴿ولَ َّما َجا َء أ َ ْم ُرنَا َن َّج ۡينَا ُهودا‪َ ﴾..‬وه َو َما أ ْر َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫س ْب َع لَيا ٍل‬
‫علَ ْي ِه ْم َ‬
‫س َّخ َرها َ‬ ‫ص ٍر عا ِت َيةٍ﴾ ﴿ َ‬ ‫ص ْر َ‬ ‫﴿وأ ّما عا ٌد فَأ ُ ْه ِل ُكوا ِب ِريحٍ َ‬‫كقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫سو ًما﴾‬ ‫وثَمانِيَةَ أي ٍّام ُح ُ‬

‫ࣰ‬
‫ص ٰـ ِلح ٰۚا﴾ َو ْه ُم الَّذِينَ َكانُوا يَ ْس ُكنُونَ َم َدائِنَ ْال ِحجْ ِر‬
‫﴿و ِإلَ ٰى ث َ ُمو َد أَخَا ُه ۡم َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ومر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر في غزوة تبوك‬ ‫وك َو ْال َمدِينَ ِة‪ّ ،‬‬ ‫َبيْنَ تَبُ َ‬
‫وقال َلصحابه كما في الصحيحين‪" :‬ال ت َ ْد ُخلُوا َمساكِنَ الَّذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا أ ْنفُ َ‬
‫س ُه ْم‪،‬‬
‫صيبَ ُك ْم ِمثْ ُل ما أصابَ ُه ْم‬ ‫" َّإال ْ‬
‫أن ت َ ُكونُوا باكِينَ ‪ْ ،‬‬
‫أن يُ ِ‬

‫يم‬ ‫يم﴾ َو ُه ُم ْال َم َالئِ َكةُ‪َ ،‬جا َء ْ‬


‫ت ِإب َْرا ِه َ‬ ‫سلُنَا ِإب َْرا ِه َ‬ ‫﴿ولَ َّما َجا َء ْ‬
‫ت ُر ُ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ش ُرهُ بِإ ِ ْس َحاقَ ‪َ ،‬وبِ َه َال ِك قَ ْو ِم لُوطٍ ‪ .‬وكان لوط من أقرباء إبراهيم‬ ‫بِ ْالبُ ْش َرى‪ :‬تُبَ ِ ّ‬
‫عليهما السالم وآمن به ﴿فَآ َمنَ لَهُ لُو ٌ‬
‫ط﴾‬

‫‪284‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سال ٌم‪،‬‬
‫أي قا َل إبْرا ِهي ُم َ‬
‫سال ٌم﴾ ْ‬
‫سال ًما ﴿قا َل َ‬ ‫س ِلّ ُم َ‬
‫ع َلي َْك َ‬ ‫أي نُ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قالُوا َ‬
‫سال ًما﴾ ْ‬
‫الم ال َمالئِ َك ِة َلنها ُج ْملَةٌ اس ِْميَّةٌ‬
‫س ِ‬ ‫يم أ ْبلَ ُغ ِمن َ‬ ‫علَيْكم َسال ٌم‪ ،‬ف َ‬
‫سال ُم إبْرا ِه َ‬ ‫‪.‬أي‪َ :‬‬
‫ْ‬

‫َارا ِم ْن َها‬
‫ارة ُ ا ْستِ ْبش ً‬
‫س َّ‬ ‫ض ِح َك ْ‬
‫ت َ‬ ‫ت﴾ فَ َ‬ ‫﴿و ْام َرأَتُهُ َقائِ َمةٌ َف َ‬
‫ض ِح َك ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫يم وكيف تحول‬
‫الر ْوعِ ِبإِب َْرا ِه َ‬ ‫ت ِل َما َرأَ ْ‬
‫ت ِمنَ َّ‬ ‫بِ َه َال ِك ِه ْم‪ .‬وقيل‪ :‬إِنَّ َها ِإنَّ َما َ‬
‫ض ِح َك ْ‬
‫‪.‬الحال‬

‫ت ْام َرأَتُهُ‬
‫وز﴾ َوفِي الذَّ ِاريَاتِ‪﴿ :‬فَأ َ ْق َبلَ ِ‬ ‫ت يَا َو ْيلَت َى أَأ َ ِل ُد َوأَنَا َ‬
‫ع ُج ٌ‬ ‫قوله تعالى ﴿قَالَ ْ‬
‫ع ِقي ٌم﴾‬ ‫ع ُج ٌ‬
‫وز َ‬ ‫ت َوجْ َه َها َوقَا َل ْ‬
‫ت َ‬ ‫ص َّك ْ‬
‫ص َّرةٍ فَ َ‬
‫ِفي َ‬

‫الر ْوعُ َو َج ۤا َء ۡتهُ ٱ ۡلبُ ۡش َر ٰى يُ َج ٰـ ِدلُنَا فِی قَ ۡو ِم‬


‫يم َّ‬ ‫ع ْن ِإبْرا ِه َ‬ ‫َب َ‬‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬فَلَ َّما َذه َ‬
‫س َلنَا‪َ ،‬وذَ ِل َك أَنَّ ُه ْم لَ َّما َقالُوا‪ِ ":‬إنَّا ُم ْه ِل ُكوا أ َ ْه ِل ه ِذ ِه ْالقَ ْر َي ِة"‬ ‫لُوطٍ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي يُ َجا ِد ُل ُر ُ‬
‫"قال‪ِ " :‬إ َّن فِيها لُوطا ً قالُوا نَحْ ُن أ َ ْعلَ ُم بِ َم ْن فِيها‬

‫ط َه ُر لَ ُك ْم﴾ قال أكثر المفسرين‪ :‬يقصد‬ ‫الء َبنَاتِي ُه َّن أ َ ْ‬‫وقوله‪﴿ :‬قَا َل َيا قَ ْو ِم َه ُؤ ِ‬
‫ي ِل ْأل ُ َّم ِة بِ َم ْن ِزلَ ِة ْال َوا ِل ِد‬ ‫‪.‬بذلك َبنات قَومه‪ ،‬ويُ ْر ِش ُد ُه ْم ِإلَى نِ َ‬
‫سائِ ِه ْم‪ ،‬فَإ ِ َّن ال َّنبِ َّ‬

‫‪285‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الر ْك ِن‬ ‫أن ِلي ِبكم قُ َّوةً ْأو آ ِوي إلى ُر ْك ٍن َ‬


‫شدِيدٍ﴾ و ُمرا ُدهُ ِب ُّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل لَ ْو َّ‬
‫ع ْنهم هو و َمن َم َعهُ‪َ ،‬لنه كان غريبا في‬ ‫يرةُ‪ ،‬وما يَ ْمت َ ِن ُع ِب ِه َ‬ ‫ال َّ‬
‫شدِيدِ‪ :‬ال َع ِش َ‬
‫طا لقَ ْد كانَ َيأ ْ ِوي إلى ُر ْك ٍن َ‬
‫شدِيدٍ‪،‬‬ ‫"قومه‪ .‬وفي الصحيحين " َي ْر َح ُم اللَّهُ لُو ً‬

‫صيبُ َها َم ۤا أَ َ‬
‫صا َبهُ﴾‬ ‫قوله ﴿إِ َّال ٱ ۡم َرأَت ََك إِ َّنهُۥ ُم ِ‬
‫َاح ِه‪،‬‬‫ب ُو ُجو َه ُه ْم ِب َجن ِ‬ ‫ض َر َ‬‫علَ ْي ِه ْم ‪َ ،‬ف َ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪ ،‬خ ََر َج َ‬ ‫قيل إن ِجب ِْريل َ‬
‫ط َم ْسنَا أ َ ْعيُنَ ُه ْم﴾‬
‫ض ْي ِف ِه فَ َ‬
‫ع ْن َ‬ ‫س أ َ ْعيُنَ ُه ْم‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ْد َر َاودُوهُ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ط َم َ‬

‫جارةِ أقوال‪،‬‬
‫الح َ‬‫طار ِ‬ ‫ع َليْها ِح َ‬
‫جارةً ِمن ِس ِ ّجي ٍل﴾ وفِي ْإم ِ‬ ‫ط ْرنا َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ْأم َ‬
‫على ال ُمد ُِن حين ارسلها ِجب ِْري ُل مقلوبة‪ ،‬ومنها‪ :‬أنَّها‬
‫ت َ‬ ‫منها‪ :‬أنَّها أ ُ ْم ِط َر ْ‬
‫عليهم بعد ذلك‬ ‫ت َ‬ ‫‪.‬أ ُ ْم ِط َر ْ‬
‫ع ْنها‬ ‫على َمن لَ ْم يَ ُك ْن في ال ُمد ُِن ِمن أ ْه ِلها وكانَ ِ‬
‫خار ًجا َ‬ ‫‪.‬ومنها‪ :‬أنَّها أ ُ ْم ِط َر ْ‬
‫ت َ‬

‫وكما أن هذه الفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين‪ ،‬كما في قوله‪﴿ :‬ما‬
‫عذّبوا عذابا لم يسلف قبلهم‬
‫سبَقَكم بِها ِمن أ َح ٍد ِمنَ العالَ ِمينَ ﴾ فإنهم ُ‬
‫‪َ .‬‬
‫وحكم اللواط في شرعنا كما قال صلى الله عليه وسلم " ْ‬
‫من وجدت ُموهُ يعمل‬
‫قوم لوطٍ ؛ فاقتلوا الفاع َل والمفعو َل ب ِه" صححه اَللباني‬
‫‪.‬عم َل ِ‬
‫"وقال أبو حنيفة "يرمى به من أعلى شاهق ‪ ،‬ويتبع بالحجارة‬

‫‪286‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس أ َ ۡش َي ۤا َء ُه ۡم َو َال‬ ‫س ۟‬
‫وا ٱلنَّ َ‬ ‫وا ٱ ۡل ِم ۡك َيا َل َوٱ ۡل ِميزَ انَ ِبٱ ۡل ِق ۡس ِط َو َال ت َۡب َخ ُ‬
‫﴿و َي ٰـقَ ۡو ِم أ َ ۡوفُ ۟‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ينقص قو ٌم المكيا َل والميزانَ‬ ‫ْ‬ ‫ض ُم ۡف ِس ِدينَ ﴾ وفي الحديث " لم‬ ‫ت َعۡ ث َ ۡو ۟ا فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫السلطان علي ِهم‪ ،‬ولم َيمنعوا زكاة َ‬
‫ِ‬ ‫وجور‬
‫ِ‬ ‫إال أ ُ ِخذوا بالسنينَ وشد ِة المؤن ِة‬
‫طروا‬ ‫السماء‪ ،‬ولوال البهائ ُم لم يُم َ‬
‫ِ‬ ‫"أموا ِلهم إال ُمنِعوا ال َق ْ‬
‫ط َر منَ‬

‫اء ْال َك ْي ِل‬ ‫ضل لَ ُك ْم ِمنَ ِ ّ‬


‫الربْحِ بَ ْع َد َوفَ ِ‬ ‫ي‪َ :‬ما يف ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬بَ ِقيَّةُ َّ‬
‫الل ِه َخي ٌْر لَ ُك ْم﴾ أَ ْ‬
‫اس َويُ ْشبِهُ قَ ْولَهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬قُ ْل َال‬ ‫ي‪ِ :‬م ْن أ َ ْخ ِذ أ َ ْم َوا ِل النَّ ِ‬‫ان ﴿ َخي ٌْر لَ ُك ْم﴾ أ َ ْ‬ ‫َو ْال ِميزَ ِ‬
‫ب َولَ ْو أ َ ْع َج َب َك َكثْ َرة ُ ْال َخ ِبيثِ﴾‬ ‫َي ْست َ ِوي ْال َخ ِب ُ‬
‫يث َو َّ‬
‫الط ِّي ُ‬

‫الر ْزقَ ْال َح َال َل‪ ،‬وكانَ ذا َما ٍل‬


‫سنًا﴾ ِقي َل‪ :‬أَ َرا َد ِ ّ‬
‫﴿و َرزَ قَ ِني ِم ْنهُ ِر ْزقًا َح َ‬
‫‪.‬قوله‪َ :‬‬

‫ض ِعيفًا‬
‫َراك فِينا َ‬ ‫ْب ما نَ ْف َقهُ َكثِ ً‬
‫يرا ِم ّما تَقُو ُل وإنّا لَن َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قالُوا يا ُ‬
‫شعَي ُ‬
‫يرتُهُ الَّذِي‬
‫ع ِش َ‬
‫الر ُج ِل َ‬
‫ط َّ‬‫يز﴾ َو َر ْه ُ‬
‫علَيْنا ِب َع ِز ٍ‬ ‫ناك وما أ ْن َ‬
‫ت َ‬ ‫ولَ ْوال َر ْه ُ‬
‫ط َك لَ َر َج ْم َ‬
‫ع ِّم ِه‬
‫ض َّمهُ إلى َ‬ ‫يَ ْستَنِ ُد ِإلَ ْي ِه ْم َويَتَقَ َّوى بِ ِه ْم‪ ،‬وقَ ْد آوى تبارك وت َعالى َنبِيَّنا ﷺ بِ ْ‬
‫أن َ‬
‫ب‬
‫‪.‬أبِي طا ِل ٍ‬

‫‪287‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش َع ْيبًا َوالَّذِينَ آ َمنُوا َم َعهُ ِب َرحْ َم ٍة ِمنَّا‬


‫﴿ولَ َّما َجا َء أ َ ْم ُرنَا َن َّج ْينَا ُ‬
‫قوله‪ :‬ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫اثميِنَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ار ِه ْم َجاثِ ِمينَ َج ِ‬ ‫صبَ ُحوا فِي ِديَ ِ‬ ‫ص ْي َحةُ فَأ َ ْ‬ ‫ظلَ ُموا ال َّ‬ ‫ت الَّذِينَ َ‬
‫َوأ َ َخذَ ِ‬
‫اف َرجْ فَةٌ‪،‬‬
‫ص ْي َحةٌ‪َ ،‬و ِفي ْاَلَع َْر ِ‬ ‫َام َدي ِْن َال ِح َراك ِب ِه ْم‪َ .‬وذَ َك َر هَا ُهنَا أ َ َّنهُ أَتَتْ ُه ْم َ‬
‫ه ِ‬
‫الظلَّ ِة‪َ ،‬و ُه ْم أ ُ َّمةٌ َو ِ‬
‫اح َدة ٌ‬ ‫اب يَ ْو ِم ُّ‬ ‫عذَ ُ‬ ‫اء َ‬ ‫‪.‬وفِي ال ُّ‬
‫ش َع َر ِ‬ ‫َ‬

‫س ْلنا ُموسى ِبآيا ِتنا﴾ و ِقي َل‪ :‬ال ُمرا ُد ِباآليا ِ‬


‫ت هي ال ِت ّ ْس ُع‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ْد ْ‬
‫أر َ‬
‫وإن كان ْ‬
‫َت‬ ‫ين‪ :‬ال َعصا وهي ْ‬ ‫س ْل ُ‬
‫طان ال ُمبِ ُ‬ ‫ضعِ‪ ،‬وال ُّ‬ ‫ال َم ْذ ُك َ‬
‫ورة ُ في َ‬
‫غي ِْر هَذا ال َم ْو ِ‬
‫َت أ ْب َه َرها أ ُ ْف ِر َد ْ‬
‫ت بِال ِذّ ْك ِر‬ ‫ْع لَ ِكنَّها لَ ّما كان ْ‬
‫‪.‬منَ ال ِت ّس ِ‬
‫ِ‬

‫ير ُمتَقَ ِ ّد ًما لَهم يَ ْو َم‬


‫ص ُ‬‫أي َي ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ْق ُد ُم قَ ْو َمهُ يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة فَ ْأو َر َد ُه ُم النّ َ‬
‫ار ﴾ ْ‬
‫ار َكما كانَ َيتَقَ َّد ُمهم في ال ُّد ْنيا‪ .‬وفي الحديث ْ‬
‫"ام ُر ُؤ‬ ‫ب النّ ِ‬ ‫عذا ِ‬ ‫ال ِقيا َم ِة سا ِبقًا إلى َ‬
‫اء ْال َجا ِه ِليَّ ِة ِإلَى ال َّن ِ‬
‫ار‬ ‫اء ُ‬
‫ش َع َر ِ‬ ‫" ْالقَي ِْس َح ِ‬
‫ام ُل ِل َو ِ‬

‫ش ۡی ࣲء لَّ َّما َج ۤا َء‬


‫ُون ٱللَّ ِه ِمن َ‬
‫ع ْن ُه ْم آ ِل َهت ُ ُه ُم ٱلَّ ِتی َي ۡدعُونَ ِمن د ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ َما أ َ ْغن ْ‬
‫َت َ‬
‫ض ُّرهُ أ َ ْق َر ُ‬
‫ب‬ ‫عو لَ َم ْن َ‬
‫ب﴾ كما قال تعالى‪﴿ :‬يَ ْد ُ‬ ‫غ ۡي َر ت َ ۡت ِبي ࣲ‬ ‫أ َ ۡم ُر َربِّ َك َو َما زَ ادُو ُه ۡم َ‬
‫ِم ْن نَ ْف ِع ِه﴾‬

‫‪288‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿و َكذَ ٰ⁠لك أ َ ۡخذُ ربك إ َذ ۤا أ َ َخذَ ٱ ۡلقُرى وهی َ ٰۚ‬


‫ظ ٰـ ِل َمةٌ ِإ َّن أ َ ۡخذَهُۥۤ أ َ ِلي ࣱم َ‬
‫ش ِدي ٌد﴾ َو ِفي‬ ‫َ ٰ َ ِ َ‬ ‫َ ِّ َ ِ‬ ‫َ ِ َ‬
‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه‬ ‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ض َ‬‫يِ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ُمو َ‬
‫سى ْاَل َ ْش َع ِر ّ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫ال َّ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪:‬‬ ‫ﷺ‪ِ " :‬إ َّن اللَّهَ ليُملي ِل َّ‬
‫لظا ِل ِم‪َ ،‬حت َّى ِإذَا أ َ َخ َذهُ لَ ْم يُفلته"‪ ،‬ث ُ َّم قَ َرأ َ َر ُ‬
‫ظا ِل َمةٌ ِإ َّن أ َ ْخذَهُ أ َ ِلي ٌم َ‬
‫شدِيدٌ﴾‬ ‫﴿و َكذَ ِل َك أ َ ْخذُ َر ِّب َك ِإ َذا أ َ َخذَ ْالقُ َرى َو ِه َ‬
‫ي َ‬ ‫َ‬

‫ي‪ :‬أ َ َّولُ ُه ْم َو ِ‬


‫آخ ُر ُه ْم‪ ،‬فَ َال يَ ْبقَى ِم ْن ُه ْم‬ ‫اس﴾ أ َ ْ‬ ‫قوله ت َ َعا َلى‪َ ﴿ :‬ذ ِل َك يَ ْو ٌم َمجْ ُموعٌ لَهُ ال َّن ُ‬
‫﴿و َحش َْرنَا ُه ْم َف َل ْم نُغَاد ِْر ِم ْن ُه ْم أ َ َحدًا﴾‬
‫أ َ َحدٌ‪َ ،‬ك َما َقا َل‪َ :‬‬

‫س إِال ِبإ ِ ْذنِ ِه﴾( َك َما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬يَ ْو َم يَقُو ُم ُّ‬
‫الرو ُح‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ْو َم يَأ ْ ِ‬
‫ت َال ت َ َكلَّ ُم نَ ْف ٌ‬
‫ص َوا ًبا﴾‬‫الرحْ َم ُن َوقَا َل َ‬‫صفًّا َال َيت َ َكلَّ ُمونَ ِإال َم ْن أَذِنَ َلهُ َّ‬ ‫َو ْال َمالئِ َكةُ َ‬
‫"و َال َيت َ َكلَّ ُم‬ ‫ع ِة َّ‬
‫الط ِوي ِل‪َ :‬‬ ‫شفَا َ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ فِي َحدِي ِ‬
‫ث ال َّ‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬‫َوفِي ال َّ‬
‫س ِّل ْم‬
‫س ِل َي ْو َم ِئذٍ‪ :‬الل ُهم َسلّم َ‬
‫الر ُ‬
‫سلُ‪َ ،‬و َدع َْوى ُّ‬
‫الر ُ‬‫" َي ْو َم ِئ ٍذ ِإ َّال ُّ‬

‫عا َدةِ ْال َع َر ِ‬


‫ب ِإذَا‬ ‫ض﴾ ِم ْن َ‬ ‫اَلر ُ‬ ‫س َم َاواتُ َو ْ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬خَا ِلدِينَ فِي َها َما َدا َم ِ‬
‫ت‬‫س َم َوا ِ‬‫دوام ال َّ‬
‫َ‬ ‫ش ْي َء ِبالد ََّو ِام أ َ َبدًا َقا َل ْ‬
‫ت‪َ " :‬ه َذا َدا ِئ ٌم‬ ‫ف ال َّ‬
‫َص َ‬ ‫ت أ َ ْن ت ِ‬
‫أ َ َرا َد ْ‬
‫ت َوأ َ ْر ٍ‬
‫ض‪َ ،‬ك َما قَا َل‬ ‫عالَ ِم ْاآل ِخ َرةِ ِم ْن َ‬
‫س َم َوا ٍ‬ ‫َو ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض" قيل‪ :‬والمراد به ما فِي َ‬
‫س َم َاواتُ ﴾‬
‫ض َوال َّ‬
‫اَلر ِ‬
‫غي َْر ْ‬
‫ض َ‬ ‫تَعَالَى‪﴿ :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل ْ‬
‫اَلر ُ‬

‫‪289‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ُرونَ فِي‬ ‫ف ْال ُمفَ ِ ّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إال َما شَا َء َرب َُّك ِإ َّن َرب ََّك فَ َّعا ٌل ِل َما يُ ِريدُ﴾ قَ ِد ْ‬
‫اخت َ َل َ‬
‫يرةٍ‪ ،‬واَلَولى‪ :‬أ َ َّن ِاال ْس ِتثْنَا َء َ‬
‫عائِ ٌد‬ ‫ع َلى أ َ ْق َوا ٍل َكثِ َ‬‫َاء‪َ ،‬‬ ‫ْال ُم َرا ِد ِم ْن َهذَا ِاال ْستِثْن ِ‬
‫شفَا َ‬
‫ع ِة الشافعين‬ ‫علَى العُصاة ِم ْن أ َ ْه ِل الت َّ ْو ِحيدِ‪ِ ،‬م َّم ْن يُ ْخ ِر ُج ُه ُم اللَّهُ ِمنَ النَّ ِ‬
‫ار ِب َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫س َم ٰـ َو ⁠ٰتُ َوٱ َۡل َ ۡر ُ‬


‫ض‬ ‫ُوا فَ ِفی ٱ ۡل َجنَّ ِة َخ ٰـ ِل ِدينَ فِي َها َما َدا َم ِ‬
‫ت ٱل َّ‬ ‫س ِعد ۟‬
‫﴿وأ َ َّما ٱلَّ ِذينَ ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫َاء هَا ُهنَا‪ :‬أ َ ْن َد َوا َم ُه ْم ِفي َما ُه ْم فِي ِه ِمنَ‬‫ِإ َّال َما ش َۤا َء َرب َُّك﴾ قيل‪َ :‬م ْعنَى ِاال ْستِثْن ِ‬
‫اج ًبا ِبذَا ِت ِه‪َ ،‬ب ْل ُه َو َم ْو ُكو ٌل ِإلَى َم ِشيئ َ ِة اللَّ ِه ت َ َعالَى‬
‫ْس أ َ ْم ًرا َو ِ‬
‫‪.‬النَّ ِع ِيم‪ ،‬لَي َ‬
‫ار‪ ،‬ث ُ َّم أ ُ ْخ ِر ُجوا ِم ْن َها‬
‫صاةِ ْال ُم َو ِ ّحدِينَ الَّذِينَ َكانُوا فِي النَّ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ي فِي َح ّ ِ‬ ‫‪.‬وقيل‪ِ :‬ه َ‬

‫وذ﴾ َوفِي صحيح مسلم‪" :‬فَيُقَا ُل َيا أَ ْه َل ْال َجنَّ ِة‪ِ ،‬إ ْن لَ ُك ْم‬ ‫ط ۤا ًء َ‬
‫غ ۡي َر َم ۡجذُ ࣲ‬ ‫ع َ‬‫وقوله‪َ ﴿ :‬‬
‫شوا فَ َال ت َ ُموتُوا أَبَدًا‪َ ،‬و ِإ َّن لَ ُك ْم أن تشبوا فال ت ْه َرموا أبدا‪ ،‬وإن لَ ُك ْم أ َ ْن‬‫أ َ ْن ت َ ِعي ُ‬
‫َص ُّحوا فَ َال ت َ ْسقَ ُموا أ َ َبدًا‪َ ،‬و ِإ َّن لَ ُك ْم أن تنعموا فال ت َبأسوا أبدا‬
‫"ت ِ‬
‫ت َك َه ْيئ َ ِة َكب ٍْش ْأملَ َح‪ ،‬فيُنادِي ُمنادٍ‪ :‬يا أ ْه َل‬
‫وفي الصحيحين " يُؤْ ت َى بال َم ْو ِ‬
‫هل ت َ ْع ِرفُونَ هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬هذا‬ ‫ال َجنَّ ِة‪َ ،‬فيَ ْش َرئِبُّونَ ويَ ْن ُ‬
‫ظ ُرونَ ‪ ،‬فيَقولُ‪ْ :‬‬
‫ظ ُرونَ ‪ ،‬ف َيقولُ‪:‬‬ ‫ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد َرآهُ‪ ،‬ث ُ َّم ُينادِي‪ :‬يا أ ْه َل النَّ ِ‬
‫ار‪ ،‬فَ َي ْش َر ِئبُّونَ و َي ْن ُ‬
‫وهل ت َ ْع ِرفُونَ هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬هذا ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد َرآهُ‪ ،‬فيُ ْذبَ ُح‪ ،‬ث ُ َّم‬ ‫ْ‬
‫ار‪ُ ،‬خلُو ٌد فال َم ْو َ‬
‫ت‬ ‫"يقولُ‪ :‬يا أ ْه َل ال َج َّن ِة‪ُ ،‬خلُو ٌد فال َم ْو َ‬
‫ت‪ ،‬ويا أ ْه َل النَّ ِ‬

‫﴿وإن ُكال لَ ّما لَيُ َو ِفّ َينَّهم َرب َُّك أعْمالَهم إنَّهُ بِما يَ ْع َملُونَ َخ ِب ٌ‬
‫ير﴾‬ ‫َّ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫‪290‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أي َل ّما يُ َوفُّوا أعْمالَهم إلى ِ‬


‫اآلن‪،‬‬ ‫جاز َمةٌ و َمجْ ُزو ُمها َمحْ ذُ ٌ‬
‫وف‪ْ ،‬‬ ‫(لَ ّما) ِ‬
‫سيُ َوفَّ ْونَها‪ .‬وفيها غير ذلك من اْلعراب‬
‫‪.‬و َ‬

‫ير﴾‬
‫ص ٌ‬‫تاب َم َع َك وال ت َْطغ َْوا إنَّهُ ِبما ت َ ْع َملُونَ بَ ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فا ْست َ ِق ْم َكما أ ُ ِم ْر َ‬
‫ت و َمن َ‬
‫قيل هذه اآلية من اآليات التي من أجلها قال صلى الله عليه وسلم "شيَّبَتني‬
‫"هو ٌد وأخواتُها‬

‫ار َو ُزلَفًا ِمنَ اللَّ ْي ِل﴾ قيل‪ :‬هي الصلوات‬ ‫﴿وأَقِ ِم ال َّ‬
‫صالة َ َ‬
‫ط َرفَي ِ النَّ َه ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬الخمس‬

‫ع ِن‬
‫س ِيّئَاتِ﴾ سبب نزولها كما في صحيح مسلم َ‬ ‫ت يُ ْذ ِهبْنَ ال َّ‬ ‫َو َق ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ َّن ْال َح َ‬
‫سنَا ِ‬
‫سو َل اللَّ ِه‪ِ ،‬إ ّنِي َو َجدْتُ‬ ‫اب ِْن َم ْسعُو ٍد قَا َل‪َ :‬جا َء َر ُج ٌل ِإلَى ال َّن ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ َف َقا َل‪ :‬يَا َر ُ‬
‫غي َْر أ َ ِنّي لَ ْم أ ُ َج ِ‬
‫ام ْع َها‪َ ،‬قبَّلتها َولَ ِز ْمت ُ َها‪،‬‬ ‫َان‪ ،‬فَفَعَ ْلتُ بِ َها ُك َّل ش ْ‬
‫َيءٍ ‪َ ،‬‬ ‫ْام َرأَة ً فِي بُ ْست ٍ‬
‫الل ِه ﷺ َش ْيئًا‪ ،‬فَ َذه َ‬
‫َب‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫غي َْر َذ ِل َك‪ ،‬فَا ْف َع ْل ِبي َما ِشئْ َ‬
‫ت‪ .‬فَلَ ْم َيقُ ْل َر ُ‬ ‫َولَ ْم أ َ ْف َع ْل َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه‬‫علَى نَ ْف ِس ِه‪ .‬فَأَتْبَعُهُ َر ُ‬‫ست ََر َ‬ ‫ع َم ُر‪ :‬لَقَ ْد َست ََر اللَّهُ َ‬
‫علَ ْي ِه‪َ ،‬ل ْو َ‬ ‫الر ُجلُ‪ ،‬فَقَا َل ُ‬ ‫َّ‬
‫﴿وأَقِ ِم ال َّ‬
‫صالة َ‬ ‫علَ ْي ِه‪ ،‬فَقَ َرأ َ َ‬
‫علَ ْي ِه‪َ :‬‬ ‫علَ َّ‬
‫ي"‪ .‬فَ َردُّوهُ َ‬ ‫بصره ث ُ َّم قَا َل‪ُ :‬‬
‫"ردُّوهُ َ‬ ‫َ‬ ‫ﷺ‬
‫ت ذَ ِل َك ِذ ْك َرى‬ ‫ت يُ ْذ ِهبْنَ ال َّ‬
‫س ِيّئ َا ِ‬ ‫ار َو ُزلَفًا ِمنَ اللَّ ْي ِل ِإ َّن ْال َح َ‬
‫سنَا ِ‬ ‫َ‬
‫ط َرفَي ِ النَّ َه ِ‬
‫سو َل اللَّ ِه‪ ،‬أَلَهُ َوحْ َدهُ‪ ،‬أ َ ْم ِلل َّن ِ‬
‫اس‬ ‫ِللذَّا ِك ِرينَ ﴾ فَقَا َل ُم َعاذٌ ‪َ -‬وفِي ِر َوايَ ِة ُ‬
‫ع َم َر ‪ :-‬يَا َر ُ‬
‫اس َكا َّفةً‬
‫" َكا َّفةً؟ فَقَا َل‪َ " :‬ب ْل ِللنَّ ِ‬
‫‪291‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سا ِلفَةَ‪ .‬وفي الحديث " وأتبِ ِع‬


‫وب ال َّ‬ ‫أن فِ ْع َل ْال َخي َْرا ِ‬
‫ت يُ َك ِفّ ُر ال ُّذنُ َ‬ ‫ومعنى اآلية‪َّ :‬‬
‫سنةَ ت َْم ُح َها" حسنه اَللباني‬
‫س ِيّئةَ الح َ‬
‫‪.‬ال َّ‬

‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ أ َ َّنهُ‬ ‫ع ِن َر ُ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬‬ ‫ع ْن أَبِي ُه َر ْي َرة َ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ين َ‬
‫ص ِحي َح ِ‬
‫َوفِي ال َّ‬
‫ب أ َ َح ِد ُك ْم نَ ْه ًرا غ َْم ًرا َي ْغت َ ِس ُل ِفي ِه ُك َّل َي ْو ٍم خ َْم َ‬
‫س َم َّراتٍ‪،‬‬ ‫قَا َل‪" :‬أ َ َرأ َ ْيت ُ ْم لَ ْو أن ِب َبا ِ‬
‫صلَ َواتُ‬
‫"و َك َذ ِل َك ال َّ‬ ‫سو َل َّ‬
‫الل ِه‪ :‬قَا َل‪َ :‬‬ ‫ه َْل يُبقي ِم ْن َد َرنِ ِه َش ْيئًا؟ " قَالُوا‪َ :‬ال يَا َر ُ‬
‫وب َو ْال َخ َ‬
‫طا َيا‬ ‫س‪ ،‬يَ ْم ُحو اللَّهُ بِ ِه َّن الذُّنُ َ‬ ‫ْ‬
‫"الخ َْم ُ‬
‫ضأ َ لَ ُه ْم كو ُ‬
‫ضوء‬ ‫عفَّانَ ‪ :‬أَنَّهُ ت ََو َّ‬ ‫ير ْال ُمؤْ ِمنِينَ ُ‬
‫عثْ َمانَ ب ِْن َ‬ ‫ع ْن أ َ ِم ِ‬
‫ص ِحي َحي ِْن َ‬
‫َوفِي ال َّ‬
‫سو َل اللَّ ِه يَت ََوضَّأ ُ‪َ ،‬وقَا َل‪َ " :‬م ْن ت ََو َّ‬
‫ضأ َ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪ ،‬ث ُ َّم قَا َل‪َ :‬ه َكذَا رأيتُ َر ُ‬‫َر ُ‬
‫غ ِف َر لَهُ َما تَقَد ََّم‬ ‫صلَّى َر ْك َعتَي ِْن َال يُ َح ّدِث ِف ْي ِه َما نَ ْف َ‬
‫سهُ‪ُ ،‬‬ ‫ضو ِئي َه َذا‪ ،‬ث ُ َّم َ‬‫نَحْ َو ُو ُ‬
‫"م ْن َذ ْن ِب ِه‬
‫ِ‬

‫سا ِد فِي‬ ‫ون ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم أُولُو بَ ِقيَّ ٍة يَ ْن َه ْونَ َ‬


‫ع ِن ْالفَ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَلَ ْوال َكانَ ِمنَ ْالقُ ُر ِ‬
‫ض ِإال قَ ِليال ِم َّم ْن أ َ ْن َج ْينَا ِم ْن ُه ْم﴾‬
‫َلر ِ‬
‫ا ْ‬
‫﴿و ْلت َ ُك ْن ِم ْن ُك ْم أ ُ َّمةٌ َي ْدعُونَ ِإلَى ْال َخي ِْر َو َيأ ْ ُم ُرونَ ِب ْال َم ْع ُر ِ‬
‫وف‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ع ِن ْال ُم ْن َك ِر َوأُو َلئِ َك ُه ُم ْال ُم ْف ِل ُحونَ ﴾‬
‫َويَ ْن َه ْونَ َ‬

‫‪292‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظ ْل ٍم وأ ْهلُها ُم ْ‬
‫ص ِل ُحونَ ﴾ ولَ ِكنَّهم َج ُّروا‬ ‫قوله‪﴿ :‬وما كانَ َرب َُّك ِليُ ْه ِل َك القُرى ِب ُ‬
‫َّ‬
‫والطالح كما في الحديث "أَنَ ْه ِلكُ وفِينَا‬ ‫صالح‬ ‫َِل ْنفُ ِس ِه ُم ال َه َ‬
‫الك‪ ،‬ف َع َّم ال َّ‬
‫‪.‬الصالحونَ ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬إذا َكث ُ َر ال َخ َب ُ‬
‫ث" صححه اَللباني‬

‫﴿وال يَزالُونَ ُم ْخت َ ِلفِينَ ﴾ كما في الحديث " افترقَ ِ‬


‫ت اليهو ُد على‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫سبعينَ ِفرقةً و‬
‫َتين و َ‬ ‫ت ال َّن َ‬
‫صارى على اثن ِ‬ ‫إح َدى و َسبعينَ ِفرقةً و َّ‬
‫تفرقَ ِ‬
‫سبعينَ فِرقةً" صححه اَللباني‬
‫ثو َ‬ ‫‪.‬تفرقَت أ ُ َّمتِي على ثَال ٍ‬
‫َّ‬
‫﴿إال َمن َر ِح َم َرب َُّك و ِلذَ ِل َك َخلَقَ ُه ْم﴾ كما في الصحيحين "ال ت َزا ُل طائِفَةٌ‬
‫وقوله‪ّ :‬‬
‫ْ‬ ‫ِمن أ ُ َّمتي قائِ َمةً بأ َ ْم ِر الل ِه‪ ،‬ال َي ُ‬
‫ض ُّر ُه ْم َمن َخذَلَ ُه ْم‪ْ ،‬أو خالَفَ ُه ْم‪ ،‬حتَّى َيأتِ َ‬
‫ي ْأم ُر‬
‫‪.‬الل ِه و ُه ْم ظا ِه ُرونَ علَى النَّ ِ‬
‫اس" واللفظ لمسلم‬

‫ألن َج َهنَّ َم ِمنَ ْال ِجنَّ ِة َوالنَّ ِ‬


‫اس أَجْ َمعِينَ ﴾‬ ‫ت َك ِل َمةُ َربِّ َك ْ‬
‫َلم َّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وت َ َّم ْ‬

‫‪293‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪:‬‬ ‫ي اللَّهُ َ‬


‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ع ْن أَ ِبي ُه َري َْرة َ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬
‫َوفِي ال َّ‬
‫اس‬ ‫ت ْال َجنَّةُ‪َ :‬ما ِلي َال يَ ْد ُخلُنِي ِإ َّال َ‬
‫ض َعفَةُ النَّ ِ‬ ‫ت ْال َجنَّةُ َوال َّن ُ‬
‫ار‪ ،‬فَقَالَ ِ‬ ‫ص َم ِ‬ ‫ْ‬
‫"اختَ َ‬
‫ار‪ :‬أُو ِث ْرتُ ِب ْال ُمت َ َك ِبّ ِرينَ َو ْال ُمت َ َج ِبّ ِرينَ ‪ .‬فَقَا َل اللَّهُ َ‬
‫ع َّز َو َج َّل‬ ‫ت النَّ َ‬ ‫طهم؟ َوقَا َل ِ‬ ‫سق ُ‬ ‫و َ‬
‫عذَا ِبي‪ ،‬أَ ْنت َ ِق ُم ِب ِك‬
‫ت َ‬ ‫ار‪ :‬أ َ ْن َ‬‫ت َرحْ َمتِي أ َ ْر َح ُم ِب ِك َم ْن أَشَا ُء‪َ .‬وقَا َل ِللنَّ ِ‬ ‫ِل ْل َجنَّ ِة‪ ،‬أَ ْن ِ‬
‫ض ٌل‪َ ،‬حتَّى‬ ‫اح َدةٍ ِم ْن ُك َما ِم ْلؤُ هَا‪ .‬فَأ َ َّما ْال َجنَّةُ فَ َال يَزَ ا ُل فِي َها فَ ْ‬
‫ِم َّم ْن أَشَا ُء‪َ ،‬و ِل ُك ِّل َو ِ‬
‫ض َل ْال َجنَّ ِة‪َ ،‬وأ َ َّما النَّ ُ‬
‫ار َف َال ت َزَ ا ُل تَقُولُ‪ :‬ه َْل ِم ْن‬ ‫ئ اللَّهُ لَ َها خ َْلقًا َي ْس ُك ُن فَ ْ‬
‫يُ ْن ِش َ‬
‫ع َّزتِكُ‬ ‫علَ ْي ِه َربُّ ْال ِع َّزةِ قَدمه‪ ،‬فَتَقُولُ‪َ :‬ق ْ‬
‫ط َقطٍ ‪َ ،‬و َ‬ ‫" َم ِزيدٍ؟ َحتَّى يَ َ‬
‫ض َع َ‬

‫تمت بحمد الله‬

‫‪294‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة يوسف عليه السالم‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ࣰ‬
‫س َوٱ ۡلقَ َم َر‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬
‫ش‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫ا‬‫ب‬ ‫ت ِإنِّی َرأَ ۡيتُ أ َ َح َد َ‬
‫عش ََر َك ۡو َك َ‬ ‫ف َِل َ ِبي ِه يَ ٰۤـأَبَ ِ‬‫س ُ‬‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ ۡذ َقا َل يُو ُ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪ْ :‬‬
‫"ال َك ِري ُم‪ ،‬ا ْب ُن‬ ‫ع َم َر؛ أ َ َّن َر ُ‬
‫ع ِن اب ِْن ُ‬ ‫َرأ َ ۡيت ُ ُه ۡم ِلی َس ٰـ ِج ِدينَ ﴾ َ‬
‫يم"‪.‬‬ ‫وب ب ِْن ِإ ْس َحاقَ ب ِْن ِإب َْرا ِه َ‬ ‫ف ب ُْن َي ْعقُ َ‬ ‫ْال َك ِر ِيم‪ ،‬اب ِْن ْال َك ِر ِيم‪ ،‬اب ِْن ْال َك ِر ِيم‪ ،‬يُو ُ‬
‫س ُ‬
‫‪.‬رواه البخاري‬

‫علَى ِإ ْخ َوتِ َك َف َي ِكيدُوا لَ َك َك ْيدًا﴾‬ ‫ص ُرؤْ َي َ‬


‫اك َ‬ ‫﴿ال ت َ ْق ُ‬
‫ص ْ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ت َوقَ َع ْ‬
‫ت ‪ ،‬وال‬ ‫طائر ما لم ت ُ َعب َّْر ‪ ،‬فإذا ُ‬
‫عبِّ َر ْ‬ ‫ٍ‬ ‫وفي الحديث "الرؤيا على ِرج ِل‬
‫اء‬
‫ض ِ‬‫علَى َق َ‬
‫علَى وا ٍ ّد ْأو ذِي رأي" صححه اَللباني‪" .‬ا ْست َ ِعينُوا َ‬ ‫صها َّإال َ‬ ‫تَقُ َّ‬
‫ْ‬
‫"ال َح َوائِجِ ِب ِكتْ َمانِ َها‪ ،‬فَإ ِ َّن ُك َّل ذِي نِ ْع َم ٍة َمحْ ُ‬
‫سو ٌد‬

‫﴿وش ََر ْوهُ ِبث َ َم ٍن َب ْخ ٍس َد َرا ِه َم َم ْعدُو َدةٍ َو َكانُوا ِفي ِه ِمنَ َّ‬
‫الزا ِهدِينَ ﴾ ِإنَّ َما‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ضا َعةً‪،‬‬ ‫َّارة َ ا ْستَ ْبش َُروا بِ ِه َوأ َ َ‬
‫س ُّروهُ بِ َ‬ ‫سي َ‬ ‫أ َ َرا َد ِإ ْخ َوتَهُ‪َ ،‬ال أُو َلئِ َك ال َّسي َ‬
‫َّارةَ؛ َِل َ َّن ال َّ‬
‫﴿وش ََر ْوهُ﴾‬ ‫َولَ ْو َكانُوا ِفي ِه زَ ا ِهدِينَ لَ َّما ا ْشت ََر ْوهُ‪َ ،‬فيُ َر َّج ُح ِم ْن َهذَا أ َ َّن الض َِّم َ‬
‫ير فِي َ‬
‫‪ِ .‬إنَّ َما ُه َو ِ ِْل ْخ َوتِ ِه‪ .‬قاله ابن كثير في تفسيره‬

‫‪295‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اي﴾ أي ِإ َّن َب ْعلَ ِك َ‬


‫س ِيّدِي وقيل‬ ‫سنَ َمثْ َو َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَا َل َم َعاذَ اللَّ ِه ِإنَّهُ َر ِبّي أَحْ َ‬
‫ب َما َح َّر َمهُ‬ ‫اللهَ َربِّي ت ََو َّالنِي بِلُ ْ‬
‫ط ِف ِه‪ ،‬فَ َال أ َ ْرت َ ِك ُ‬ ‫ي ِإ َّن َّ‬ ‫‪.‬المعنى‪ :‬أ َ ْ‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬ولَقَ ْد َه َّم ْ‬


‫ت ِب ِه و َه َّم ِبها لَ ْوال ْ‬
‫أن َرأى بُ ْرهانَ َر ِّب ِه﴾‬
‫ت بِ ُمخالَ َ‬
‫طتِ ِه وما َل ُك ُّل‬ ‫فيه تفاسير منها‪ :‬أن ال َم ْعنى‪ :‬أنَّهُ َه َّم بِ ُمخالَ َ‬
‫طتِها َكما َه َّم ْ‬
‫علَ ْي ِه‬
‫يم َبيَّنَ َبرا َءتَهُ َ‬ ‫َلن القُ ْرآنَ ال َع ِظ َ‬
‫واح ٍد ِمن ُهما إلى اآلخ َِر‪ ،‬وهذا لم يثتب ّ‬ ‫ِ‬
‫ْث بَيَّنَ شَها َدة َ ُك ِّل َمن لَهُ ت َ َعلُّ ٌق‬
‫الوقُوعِ فِيما ال َي ْنبَ ِغي َحي ُ‬ ‫صالة ُ وال َّ‬
‫سال ُم ِمنَ ُ‬ ‫ال َّ‬
‫‪.‬بِال َمسْألَ ِة بِبَرا َءتِ ِه‬
‫أي لَ ْوال ْ‬
‫أن َرآهُ َه َّم‬ ‫أن َرأى بُ ْرهانَ َر ِبّ ِه‪ْ ،‬‬‫واَلولى أن يقال‪ :‬أي و َه َّم ِبها لَ ْوال ْ‬
‫وف‪ .‬وقيل في هذا المعنى نظر َلن‬ ‫ب ال َمحْ ذُ ِ‬
‫بِها‪ ،‬فَما قَ ْب َل لَ ْوال هو َد ِلي ُل ال َجوا ِ‬
‫‪.‬جواب لوال ال يتقدم‪ .‬انظر اَلحكام البن حيان‪ ،‬وأضواء البيان للشنقيطي‬
‫ث النَّ ْف ِس‪ .‬واختاره ابن‬ ‫أو أن المعنى‪ :‬أن ْال ُم َراد ِب َه ِّم ِه ِب َها َه ّم َخ َ‬
‫طرات َحدِي ِ‬
‫‪.‬كثير وابن تيمية وابن القيم‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ " :‬يقُو ُل اللَّهُ ت َ َعالَى‪ِ :‬إذَا َه ّم َ‬
‫ع ْبدِي ِب َح َسنَ ٍة‬ ‫وفي الصحيحين قَا َل َر ُ‬
‫ع ِملَ َها فَا ْكتُبُوهَا َلهُ بِ َع ْش ِر أ َ ْمثَا ِل َها‪َ ،‬و ِإ ْن َه َّم بِ َ‬
‫سيِّئَ ٍة فَ َل ْم‬ ‫سنَةً‪ ،‬فَإ ِ َّن َ‬
‫فَا ْكتُبُوهَا لَهُ َح َ‬
‫ع َم ِل َها فَا ْكتُبُوهَا بِ ِمثْ ِل َها‬‫"يَ ْع َم ْل َها فَا ْكتُبُوهَا َح َسنَةً‪ ،‬فَإِنَّ َما ت ََر َك َها ِم ْن َج ّرائي‪َ ،‬فإ ِ ْن َ‬

‫‪َ .‬وأ َ َّما ْالبُ ْره ُ‬


‫َان الَّذِي َرآهُ فَ ِفي ِه أَ ْق َوا ٌل أَ ْي ً‬
‫ضا‪ ،‬والله أعلم بالصواب‬

‫‪296‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص ِبيًّا فِي ْال َم ْهدِ‪ .‬وحديث‬‫ش ِه َد شَا ِه ٌد ِم ْن أَ ْه ِل َها﴾ قَا َل أكثر المفسرين‪َ :‬كانَ َ‬ ‫﴿و َ‬
‫َ‬
‫ف‪ .‬فيه ضعف‬ ‫س َ‬ ‫َار"‪َ ،‬ف َذ َك َر فِي ِه ْم شَا ِه َد يُو ُ‬
‫صغ ٌ‬‫‪.‬إمام أحمد "ت َ َكلَّ َم أ َ ْربَ َعةٌ َو ُه ْم ِ‬
‫ساء أ ْع َ‬
‫ظ ُم ِمن َك ْي ِد‬ ‫أن َك ْي َد ال ِّن ِ‬
‫يان َّ‬
‫ع ِظي ٌم﴾ فيه َب ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َّ :‬‬
‫﴿إن َك ْي َد ُك َّن َ‬
‫ض ِعيفًا﴾‬ ‫﴿إن َك ْي َد ال َّشي ِ‬
‫ْطان كانَ َ‬ ‫ْطان‪َّ ،‬‬
‫شي ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ب ِلذِي لُبّ ٍ ِم ْن ُك َّن"‬ ‫ع ْق ٍل ود ٍ‬
‫ِين أ ْغ َل َ‬ ‫وفي الصحيحين "وما َرأ َ ْيتُ ِمن ناقِصا ِ‬
‫ت َ‬
‫‪.‬واللفظ لمسلم‬

‫ࣱ‬
‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪َ ﴿ :‬ما َهذَا بَشَرا ً إِ ۡن َه ٰـ َذ ۤا إِ َّال َم َلك َك ِري ࣱم﴾ أي‪ :‬فِي ْال ُحس ِْن َكأ َ َّنهُ َملَك‪ٌ،‬‬
‫ظ ٍّن فِي أ َ َّن‬
‫علَى َ‬ ‫اس َال َي َر ْونَ ْال َم َالئِ َكةَ‪ ،‬فَ ُه َو ِبنَا ٌء َ‬
‫ي لَ ْم يُ َر ِمثْلُهُ‪َِ ،‬ل َ َّن النَّ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ط ٌ‬
‫ان‪.‬‬ ‫ف قَ ْد يَقُولُونَ فِي ْالقَبِيحِ َكأَنَّهُ َش ْي َ‬ ‫ضا أَ ْه ُل ْالعُ ْر ِ‬ ‫ورة َ ْال َم َل ِك أَحْ َ‬
‫س ُن‪َ .‬وأ َ ْي ً‬ ‫ص َ‬ ‫ُ‬
‫ش َي ٰـ ِطي ِن}‬ ‫ط ۡلعُ َها َكأَنَّهُۥ ُر ُء ُ‬
‫وس ٱل َّ‬ ‫وفي التنزيل { َ‬
‫ي يوسف عليه وعلى نبينا الصالة والسالم‬
‫وفي صحيح مسلم لما رأى النب ُّ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬‫ف َ‬ ‫س َ‬
‫في السماء الثالثة ليلة اْلسراء والمعراج قال‪" :‬فإذا أنا بيُو ُ‬
‫ب و َدعا لي ب َخي ٍْر‬ ‫يش ْ‬
‫َط َر ال ُحس ِْن‪ ،‬فَ َر َّح َ‬ ‫"عليه وسلَّ َم‪ ،‬إذا هو ق ْد أُع ِ‬
‫ْط َ‬

‫ت‬ ‫عونَ ِني إِلَ ْي ِه﴾ َو َهذَا فِي َ‬


‫غايَ ِة َمقَا َما ِ‬ ‫ي ِم َّما يَ ْد ُ‬‫سِجْ ُن أ َ َحبُّ إِلَ َّ‬ ‫﴿ربّ ِ ال ّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫صلَّى الله عليه وسلم قَا َل‪:‬‬ ‫سو َل َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن أ َ َّن َر ُ‬ ‫ت فِي ال َّ‬ ‫ْال َك َما ِل‪َ :‬و ِل َهذَا ث َ َب َ‬
‫اللهُ فِي ِظ ِلّ ِه يَ ْو َم َال ِظ َّل ِإ َّال ِظلُّهُ‪ :‬وذكر َ‬
‫"و َر ُج ٌل َد َعتْهُ ْام َرأَة ٌ‬ ‫س ْب َعةٌ يُ ِظلُّ ُه ُم َّ‬
‫" َ‬
‫َاف اللَّ َه‬
‫ب‪ ،‬فَقَا َل‪ِ :‬إ ِنّي أَخ ُ‬ ‫"ذَاتُ َج َما ٍل َو َم ْن ِ‬
‫ص ٍ‬
‫‪297‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َال َما ِ‬
‫ت‬ ‫ي َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ث ُ َّم َب َدا لَ ُهم ِّم ُۢن َبعۡ ِد َما َرأ َ ُو ۟ا ٱ ۡلـَٔا َي ٰـ ِ‬
‫ت لَ َي ۡس ُجنُنَّهُۥ َحت َّ ٰى ِحي ࣲن﴾ أ َ ْ‬
‫ع ْن نَ ْف ِسي﴾ وقول ال َم ْرأةِ ا‬
‫راو َدتْنِي َ‬
‫ي َ‬ ‫ف‪ ،‬كما في قَ ْو ِل ِه‪ِ ﴿ :‬ه َ‬
‫س َ‬
‫بَ َرا َءةِ يُو ُ‬
‫ع ْن نَ ْف ِس ِه فا ْست َ ْع َ‬
‫ص َم﴾‬ ‫﴿ولَقَ ْد َ‬
‫راو ْدتُهُ َ‬ ‫ِلل ِنّس َْوةِ‪َ :‬‬
‫ض َع ْن هَذا وا ْست َ ْغ ِف ِري ِلذَ ْن ِب ِك إ َّن ِك ُك ْن ِ‬
‫ت ِمنَ‬ ‫ف أع ِْر ْ‬
‫س ُ‬
‫َوقول زَ ْوجِ ال َم ْرأ ِة‪﴿ :‬يُو ُ‬
‫الخاطئِينَ ﴾‬
‫ِ‬
‫صهُ قُ َّد ِمن قُبُ ٍل‬
‫إن كانَ قَ ِمي ُ‬
‫ش ِه َد شا ِه ٌد ِمن أ ْه ِلها ْ‬ ‫ش ُهو ِد ِبذَ ِلك‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬ ‫َوا ْعتِراف ال ُّ‬
‫ص َد َق ْ‬
‫ت وهو ِمنَ الكا ِذ ِبينَ ﴾‬ ‫فَ َ‬

‫اَلم ُر َّالذِي ِفي ِه ت َ ْست َ ْف ِت َي ِ‬


‫ان﴾ أَ ْعلَ َم ُه َما أ َ َّن َهذَا قَ ْد فُرغ ِم ْنهُ‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫ي ْ‬ ‫ض َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قُ ِ‬
‫ع ِبّ َرت َو َقعت‪،‬‬ ‫طائِ ٍر َما لَ ْم ت ُ َعبر‪َ ،‬فإ ِ َذا ُ‬ ‫علَى ِرجْ ِل َ‬ ‫َواقِ ٌع َال َم َحالَةَ؛ َِل َ َّن ُّ‬
‫الرؤْ يَا َ‬
‫مر في الحديث‬
‫‪.‬كما ّ‬

‫ط ْعنَ أ َ ْي ِديَ ُه َّن ِإ َّن َربِّي‬‫ار ِج ْع ِإلَى َربِّ َك َفا ْسأ َ ْلهُ َما بَا ُل ال ِّنس َْوةِ الالتِي َق َّ‬
‫قوله‪ْ ﴿ :‬‬
‫ي‬ ‫اس برائت َه‪ ،‬ولَقَ ْد أُع ِ‬
‫ْط َ‬ ‫ع إلى إجا َب ِة ال َم ِل ِك‪ِ ،‬ليُ ْ‬
‫ظ ِه َر ِلل ّن ِ‬ ‫ع ِلي ٌم﴾ ولَ ْم يُ ِ‬
‫سار ْ‬ ‫بِ َك ْي ِد ِه َّن َ‬
‫ع ْن تَ َ‬
‫ص ُّو ِر ِه‪ ،‬و ِل َهذا‬ ‫يق اَل ْذ ُ‬
‫هان َ‬ ‫َض ُ‬ ‫صب ِْر واَلناةِ ما ت ِ‬ ‫الح ْل ِم وال َّ‬
‫سال ُم ِمنَ ِ‬‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫َ‬
‫سِجْ ِن‬‫سلَّ َم‪« :‬ولَ ْو لَبِثْتُ في ال ّ‬ ‫صلّى اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْي ِه وآ ِل ِه و َ‬ ‫ص ِحيحِ ِمن قَ ْو ِل ِه َ‬
‫ت في ال َّ‬ ‫ثَبَ َ‬
‫سو َل الَّذِي جا َء َي ْد ُ‬
‫عوهُ إلى ال َم ِل ِك‬ ‫الر ُ‬ ‫ف ََل َجبْتُ الدّا ِع َ‬
‫ي»‪َ ،‬ي ْع ِني َّ‬ ‫س ُ‬ ‫‪.‬ما لَ ِب َ‬
‫ث يُو ُ‬
‫‪298‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب َوأَ َّن اللَّهَ َال يَ ْهدِي َك ْي َد ْالخَائِنِينَ َو َما‬ ‫قوله‪﴿ :‬ذَ ِل َك ِليَ ْعلَ َم أَ ِنّي لَ ْم أ َ ُخ ْنهُ بِ ْال َغ ْي ِ‬
‫يز َِل َ َّن ِس َياقَ ْال َك َال ِم ُك ِّل ِه ِم ْن َك َال ِمها‬
‫ئ نَ ْف ِسي﴾ هذا من قول ْام َرأ َ ِة ْال َع ِز ِ‬ ‫أ ُ َب ِ ّر ُ‬
‫ف‪َ ،‬علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪ِ ،‬ع ْن َد ُه ْم‬ ‫‪ِ .‬ب َحض َْرةِ ْال َم ِل ِك‪َ ،‬ولَ ْم يَ ُك ْن يُو ُ‬
‫س ُ‬
‫َّاس اب ُْن تَيميَّة‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪ ،‬فَأ َ ْف َر َدهُ‬ ‫اْل َما ُم ْالعَ َّال َمةُ أَبُو ْالعَب ِ‬
‫ص ِر ِه ْ ِ‬
‫ب ِل َن ْ‬ ‫َوا ْنت َ َد َ‬
‫علَى ِح َدةٍ‪ ،‬واختاره ابن القيم وابن كثير‬ ‫‪ِ .‬بت َ ْ‬
‫ص ِنيفٍ َ‬
‫فإن قيل‪ :‬إن امرأة العزيز كانت مشركة فكيف تقول‪ّ :‬‬
‫﴿إال ما َر ِح َم َربِّي َّ‬
‫إن‬
‫غف ُ ٌ‬
‫ور َر ِحي ٌم﴾‬ ‫َربِّي َ‬
‫يقرون وجود الله‬ ‫فالجواب‪ :‬أنه ال يُنافِي أنَّهم كانُوا ُم ْش ِركِينَ َلنهم كانوا ّ‬
‫أن ال ُم ْش ِركِينَ ِمنَ ال َع َر ِ‬
‫ب كانُوا‬ ‫ويعرفون بعض شرائعه ومقدساته كما َّ‬
‫يقرون ذالك كما في قول هند بنت عتبة‪ :‬أ َ َو تزني ال ُح َّرة ُ ؟‬
‫ّ‬

‫وء﴾ والنفوس ثالثة أنواع‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫س ِ‬‫ارة ٌ ِبال ُّ‬ ‫﴿إن النَّ ْف َ‬
‫س ََل ّم َ‬ ‫قوله‪َّ :‬‬
‫النفس اَلمارة بالسوء‪ ،‬والنفس اللوامة‪ ،‬والنفس المطمئنة‪.‬‬

‫ع ِلي ٌم﴾ وقد ورد في السنة‬ ‫ض ِإنِّي َح ِفي ٌ‬


‫ظ َ‬ ‫اَلر ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬اجْ َع ْلنِي َ‬
‫علَى خَزَ ائِ ِن ْ‬
‫‪:‬النهي عن سؤال اْلمارة‬

‫‪299‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى‬
‫ففي الصحيحين عن عبد الرحمن بن سمرة قال قا َل لي َرسو ُل الل ِه َ‬
‫إن أُع ِ‬
‫ْطيت َ َها عن‬ ‫الرحْ َم ِن‪ ،‬ال ت َ ْسأ َ ِل اْل َم َ‬
‫ارةَ‪ ،‬فإنَّ َك ْ‬ ‫س َّل َم‪" :‬يا َ‬
‫ع ْب َد َّ‬ ‫اللَّهُ عليه َو َ‬
‫علَ ْي َها‬ ‫غير َم ْسأَلَ ٍة أ ُ ِع ْن َ‬
‫ت َ‬ ‫وإن أُع ِ‬
‫ْطيت َ َها عن ِ‬ ‫"‪َ .‬م ْسأَلَ ٍة ُو ِك ْل َ‬
‫ت إلَ ْي َها‪ْ ،‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "إنَّ ُك ْم‬
‫ضعَةُ‬ ‫ون نَدا َمةً يَ َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬فَنِ ْع َم ال ُم ْر ِ‬ ‫ست َ ُك ُ‬
‫اْلمارةِ‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫صونَ علَى‬
‫ستَحْ ِر ُ‬
‫َ‬
‫الفاط َمةُ‪ ".‬رواه البخاري‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫‪.‬و ِبئْ َ‬
‫س ِ‬
‫سأ َ َل ْال َع َم َل ِل ِع ْل ِم ِه بِقُ ْد َرتِ ِه َ‬
‫ع َل ْي ِه‪َ ،‬و ِل َما فِي َذ ِل َك ِمنَ‬ ‫أما يوسف عليه السالم فقد َ‬
‫اس‪ ،‬وأنه لم يوجد من هو أولى منه‬ ‫صا ِلحِ ِللنَّ ِ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال َم َ‬

‫علَ ْي ِه ُم ْال َعيْنَ ‪َ ،‬لن العين‬ ‫﴿وا ْد ُخلُوا ِم ْن أَب َْوا ٍ‬


‫ب ُمتَفَ ِ ّرقَةٍ﴾ قيل‪ِ :‬إنَّهُ َخ ِش َ‬
‫ي َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬حق‬
‫ش ْيءٍ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬هذَا ا ِالحْ تِ َر ُ‬
‫از َال يَ ُر ُّد قَ َد َر‬ ‫الل ِه ِم ْن َ‬ ‫﴿و َما أ ُ ْغ ِني َ‬
‫ع ْن ُك ْم ِمنَ َّ‬ ‫َوقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ضا َءهُ‪َ ،‬لن الحذر ال ينجي من القدر‬ ‫‪.‬اللَّ ِه َو َق َ‬
‫ب ِع ْل ٍم َِلجْ ِل ت َ ْع ِل ِيم‬ ‫وب لَ ِ‬
‫صاح ُ‬ ‫وإن َي ْعقُ َ‬
‫أي َّ‬ ‫وقوله‪﴿ :‬وإ َّنهُ لَذُو ِع ْل ٍم ِلما َ‬
‫علَّ ْمناهُ﴾ ْ‬
‫أن ال َحذَ َر ال َي ْدفَ ُع القَ ْد َر‪ ،‬فتوكل على الله مع أخذ‬ ‫اللَّ ِه إيّاهُ بِما ْأوحاهُ اللَّهُ ِمن َّ‬
‫‪.‬اَلسباب‬

‫ب فِي ِه‪َ ،‬ويَ ِكي ُل ِللنَّ ِ‬


‫اس بِ ِه‬ ‫ض ٍة َكانَ الم ِلك َي ْش َر ُ‬ ‫سقَايَةَ"‪ ،‬قيل ِه َ‬
‫ي‪ِ :‬إنَا ٌء ِم ْن ِف َّ‬ ‫‪.‬و"ال ِ ّ‬

‫‪300‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س َرقَ أ َ ٌخ َلهُ ِم ْن قَ ْبلُ﴾ َوفِي ما َعن َْوا ِب َه ِذ ِه ال َّ‬


‫س ِرقَ ِة ق َ‬
‫صص‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ ْن َيس ِْر ْق فَقَ ْد َ‬
‫‪.‬إسرائي ِليات‬
‫ف ِفي نَ ْف ِس ِه﴾ َي ْع ِني‪ْ :‬ال َك ِل َمةَ َّال ِتي َب ْع َدهَا‪َ ،‬و ِه َ‬
‫ي قَ ْولُهُ‪﴿ :‬أَ ْنت ُ ْم‬ ‫س ُ‬ ‫س َّرهَا يُو ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَأ َ َ‬
‫َصفُونَ ﴾ قاله ابن كثير‪ .‬قيل‪ :‬أي ما كان في قلبه‬ ‫ش ٌَّر َم َكانًا َواللَّهُ أ َ ْعلَ ُم ِب َما ت ِ‬
‫‪.‬من الشعور‬

‫علَ ْي ِه ْم بِإ ِ ْلقَائِ ِه فِي ْال ِبئْ ِر ِع ْن َد َما ه ّموا‬ ‫ير ُه ْم﴾ ِقي َل‪ُ :‬ه َو الَّذِي أَش َ‬
‫َار َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَا َل َكبِ ُ‬
‫‪.‬بِقَتْ ِل ِه‬

‫ْناك‬
‫طي َ‬ ‫ْب ِحينَ أ ْع َ‬
‫ب حافِ ِظينَ ﴾ فال َم ْعنى‪ :‬لَ ْم نَ ْعلَ ِم الغَي َ‬ ‫﴿وما ُكنّا ِل ْلغَ ْي ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬ال َم ْو ِثقَ لَنَأ ْ ِت َينَّ َك ِب ِه أنَّهُ َيس ِْر ُق َفيُؤْ َخذُ‬

‫ب‬ ‫ف﴾ قد ث َ َب َ‬
‫ت فِي ش َِريعَتِنا ِاال ْستِ ْرجاعُ عند ال َمصائِ ِ‬ ‫علَى يُو ُ‬
‫س َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَا أ َ َ‬
‫سفَى َ‬
‫فيقو ُل المصاب‪" :‬إنا لل ِه وإنا إليه راجعونَ ‪ ،‬الله َّم ْ‬
‫أجر ِني في مصيب ِتي‬
‫خيرا منها‬
‫"واخلف لي ً‬
‫ْ‬

‫‪301‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضا‬
‫ع ْينَ ْي ِه َبيا ً‬
‫سوا ُد َ‬ ‫ب َ‬ ‫ع ْينَاهُ ِمنَ ْال ُح ْز ِن فَ ُه َو َك ِظي ٌم﴾ أي ِ ا ْنقَلَ َ‬ ‫﴿وا ْب َيض ْ‬
‫َّت َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫علَ ْي ِه وآ ِل ِه و َسلَّ َم ِع ْن َد َم ْو ِ‬
‫ت ولَ ِد ِه‬ ‫صلّى َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ِمن َكثْ َرةِ البُ ِ‬
‫كاء‪ .‬وقَ ْد قا َل النَّبِ ُّ‬
‫وال نَقُو ُل َّإال ما َي ْر َ‬
‫ضى َر ُّبنَا‪ ،‬وإنَّا‬ ‫إن ال َعيْنَ تَ ْد َم ُع‪ ،‬والقَ ْل َ‬
‫ب َيحْ زَ ُن‪َ ،‬‬ ‫يم‪َّ « :‬‬
‫إبْرا ِه َ‬
‫‪.‬ب ِف َراقِ َك يا إب َْرا ِهي ُم لَ َمحْ ُزونُونَ ‪ ».‬أخرجه البخاري ومسلم‬

‫قوله‪﴿ :‬قا َل إنَّما أ ْش ُكو َب ِث ّي و ُح ْز ِني إلى اللَّ ِه﴾ قيل‪َّ :‬‬
‫إن اْل ْنسانَ إذا قَ َد َر َ‬
‫على‬
‫وإن َل ْم يَ ْقد ِْر َ‬
‫على َكتْ ِم ِه كانَ‬ ‫َكتْ ِم ما نَزَ َل ِب ِه ِمنَ ال َمصائِ ِ‬
‫ب كانَ َذ ِل َك ُح ْزنًا‪ْ ،‬‬
‫‪.‬ذَ ِل َك بَثًّا‬
‫أما عرض الحاجات والمشكالت إلى الناس فمنهي عنه كما في الحديث " ال‬
‫فقر‪،‬‬ ‫باب مسأل ٍة َّإال فتَح اللهُ عليه َ‬
‫باب ٍ‬ ‫ٌ‬
‫إنسان على نف ِسه َ‬ ‫"يفت َ ُح‬

‫َس ِمن َر ْوحِ َّ‬


‫الل ِه ّإال القَ ْو ُم‬ ‫سوا ِمن َر ْوحِ اللَّ ِه إنَّهُ ال يَ ْيئ ُ‬
‫قوله‪﴿ :‬وال تَيْأ ُ‬
‫ط ِمن َّر ۡح َم ِة َربِّ ِهۦۤ إِ َّال ٱلض َّۤالُّونَ }‬ ‫الكافِ ُرونَ ﴾ كقوله‪{ :‬قَا َل َو َمن يَ ۡقنَ ُ‬

‫ع َل ْينَا بِ َقب ِ‬
‫ْض َه ِذ ِه‬ ‫بر ِ ّد أَ ِخينَا إِلَ ْينَا‪ ،‬وقيل‪:‬أي ت َ َ‬
‫صد َّْق َ‬ ‫ع َل ْينَا﴾ َ‬
‫صد َّْق َ‬ ‫﴿وتَ َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ضا َع ِة ْال ُم ْز َجاةِ‪َ ،‬وت َ َج َّو ُز فِي َها‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال ِب َ‬

‫‪302‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب َو ْالقَحْ ِط‬
‫سنَا َوأَ ْهلَنَا الض ُُّّر﴾ َي ْعنُونَ ِمنَ ْال َج ْد ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَالُوا َيا أَيُّ َها ْال َع ِز ُ‬
‫يز َم َّ‬
‫مس أباهم ِمنَ ْال ُح ْز ِن ِلفَ ْق ِد َولَ َد ْي ِه‬ ‫الط َع ِام‪ ،‬وما ّ‬ ‫‪.‬وقِلَّ ِة َّ‬
‫َ‬
‫ف َوأ َ ِخي ِه ِإ ْذ أ َ ْنت ُ ْم َجا ِهلُونَ ﴾ َك َما قَا َل َب ْع ُ‬
‫ض‬ ‫س َ‬‫ع ِل ْمت ُ ْم َما فَ َع ْلت ُ ْم ِبيُو ُ‬
‫قوله‪﴿ :‬ه َْل َ‬
‫صى اللَّهَ فَ ُه َو َجا ِه ٌل‬ ‫ع َ‬ ‫ف‪ُ :‬ك ُّل َم ْن َ‬ ‫س َل ِ‬
‫‪.‬ال َّ‬

‫ف َو َهذَا أَ ِخي﴾ قال ابن كثير‪َ :‬و َّ‬


‫الظا ِه ُر‬ ‫ف قَا َل أَنَا يُو ُ‬
‫س ُ‬ ‫س ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أ َ ِئنَّ َك َل ْن َ‬
‫ت ي ُو ُ‬
‫ف ِإ َل ْي ِه ْم ِبنَ ْف ِس ِه‪ ،‬بِإ ِ ْذ ِن اللَّ ِه لَهُ‬ ‫ف‪َ ،‬علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪ِ ،‬إ َّن َما ت َ َع َّر َ‬ ‫س َ‬‫‪َ -‬واللَّهُ أ َ ْعلَ ُم ‪-‬أ َ َّن يُو ُ‬
‫فِي ذَ ِل َك‪َ ،‬ك َما أَنَّهُ إِنَّ َما أَ ْخفَى ِم ْن ُه ْم نَ ْف َسهُ ِفي ْال َم َّرتَي ِْن ْاَلُولَيَي ِْن بِأ َ ْم ِر َّ‬
‫الل ِه تَعَالَى‬
‫‪.‬لَهُ فِي ذَ ِل َك‬

‫بال ُم ْل ِك‬
‫ي‪ِ :‬ب َج ْم ِع ِه َب ْينَنَا َب ْع َد الت َّ ْف ِرقَ ِة َو َب ْع َد ْال ُم َّد ِة‪َ .‬و ْ‬ ‫‪.‬قوله‪﴿ :‬قَ ْد َم َّن اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْينَا﴾ أ َ ْ‬
‫ضي ُع أَجْ َر ْال ُمحْ ِسنِينَ ﴾ أي‪ :‬إنما نال‬ ‫ص ِب ْر فَإ ِ َّن اللَّهَ َال يُ ِ‬
‫ق َو َي ْ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إنَّهُ َم ْن يَتَّ ِ‬
‫يوسف عليه السالم هذا كله بالصبر والتقوى وهما ركنان لكل فضيلة‬
‫‪.‬ودرجة‪ ،‬كما في سورة آل عمران‬

‫َاطئِينَ ﴾ َيقُولُونَ ُم ْعت َِرفِينَ لَهُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَالُوا ت َاللَّ ِه لَقَ ْد آث َ َر َك اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْينَا َو ِإ ْن ُكنَّا لَخ ِ‬
‫ف‬‫ص ُّر ِ‬ ‫س َع ِة َو ْال ُم ْل ِك‪َ ،‬والتَّ َ‬ ‫ق َو ْال ُخلُ ِ‬
‫ق‪َ ،‬وال َّ‬ ‫علَ ْي ِه ْم فِي ْالخ َْل ِ‬
‫ض ِل َو ْاَلَثْ َرةِ َ‬‫بِ ْالفَ ْ‬
‫‪.‬والنُّبُ َّو ِة‬
‫َ‬
‫‪303‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اح ِمينَ ﴾ كما‬ ‫ع َل ْي ُك ُم ْاليَ ْو َم يَ ْغ ِف ُر اللَّهُ لَ ُك ْم َو ُه َو أ َ ْر َح ُم َّ‬


‫الر ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَا َل َال تَثْ ِر َ‬
‫يب َ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬أَ َال ت ُ ِحبُّونَ أَن َي ۡغ ِف َر ٱللَّهُ لَ ُك ٰۡۚم﴾‬

‫الر ِحي ُم﴾ قيل‪ :‬أ َ ْر َجأ َ ُه ْم ِإلَى‬ ‫ف أ َ ْست َ ْغ ِف ُر لَ ُك ْم َربِّي إِنَّهُ ُه َو ْالغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قَا َل َ‬
‫س ْو َ‬
‫س َحر الذي فيه ساعة اْلجابة كما ثبت في اَلحاديث‪ .‬ويؤخذ من‬ ‫َو ْق ِ‬
‫ت ال َّ‬
‫‪.‬اآلية التو ّسل الشرعي‬

‫الن‬ ‫﴿آوى ِإلَ ْي ِه أ َ َب َو ْي ِه َوقَا َل ا ْد ُخلُوا ِم ْ‬


‫ص َر﴾ َوفِي هَذا ال ُّد ُخو ِل قَ ْو ِ‬ ‫‪:‬قوله‪َ :‬‬
‫ص َر‪ ،‬وأنّه َقابلهم في الخَارج ث ُ َّم قا َل لَهم‪﴿ :‬ا ْد ُخلُوا‬ ‫ض ِم ْ‬ ‫أر ِ‬ ‫أ َح ُد ُهما‪ :‬أنَّهُ ُد ُخو ُل ْ‬
‫ص َر﴾ َي ْع ِني ال َبلَ َد‬
‫‪.‬م ْ‬
‫ِ‬
‫‪.‬والثّانِي‪ :‬أنَّهُ ُد ُخو ُل ِم ْ‬
‫ص َر‪ ،‬ث ُ َّم قا َل لَهم‪﴿ :‬ا ْد ُخلُوا ِم ْ‬
‫ص َر﴾ أيِ‪ :‬ا ْست َْو ِطنُوها‬

‫علَى ْال َع ْر ِش﴾ أي أباه وأمه والقول في خالته لم يثتب‬


‫﴿و َرفَ َع أ َ َب َو ْي ِه َ‬
‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬

‫‪304‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى ْال َك ِب ِ‬
‫ير‬ ‫سائِغًا ِفي ش ََرائِ ِع ِه ْم ِإذَا سلَّموا َ‬ ‫س َّجدًا﴾ َوقَ ْد َكانَ َهذَا َ‬ ‫﴿وخ َُّروا لَهُ ُ‬‫َ‬
‫علَ ْي ِه‬
‫سى‪َ ،‬‬‫يَ ْس ُجدُونَ لَهُ‪َ ،‬ولَ ْم يَزَ ْل َهذَا َجائِ ًزا ِم ْن لَد ُْن آ َد َم ِإلَى ش َِري َع ِة ِعي َ‬
‫ام‪ ،‬فَ َو َج َد ُه ْم‬
‫ش َ‬‫ث أ َ َّن ُم َعا ًذا قَد َِم ال َّ‬‫س َال ُم‪ ،‬فَ ُح ِ ّر َم َهذَا ِفي َه ِذ ِه ْال ِم َّل ِة‪َ .‬و ِفي ْال َحدِي ِ‬
‫ال َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪ ،‬فَقَا َل‪َ " :‬ما َه َذا يَا ُم َعاذُ؟‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫يَ ْس ُجدُونَ َِل َ َ‬
‫ساقِفَتِ ِه ْم‪ ،‬فَلَ َّما َر َج َع َ‬
‫س َج َد ِل َر ُ‬
‫سو َل‬ ‫ت أَ َح ُّق أ َ ْن يُ ْس َج َد لَ َك يَا َر ُ‬
‫" فَقَا َل‪ :‬إِ ِنّي َرأَ ْيت ُ ُه ْم َي ْس ُجدُونَ َِل َ َساقِفَتِ ِه ْم‪َ ،‬وأ َ ْن َ‬
‫اللَّ ِه فَقَا َل‪" :‬لَ ْو ُك ْنتُ ِآم ًرا أ َ َحدًا أ َ ْن َي ْس ُج َد َِل َ َحدٍ‪ََ ،‬ل َ َم ْرتُ َّ‬
‫الز ْو َجةَ أ َ ْن ت َ ْس ُج َد‬
‫‪ِ .‬لزَ ْو ِج َها ِم ْن ِعظم َح ِقّ ِه َ‬
‫علَ ْي َها" صححه اَللباني‬

‫سِجْ ِن َو َجا َء ِب ُك ْم ِمنَ ْال َب ْد ِو﴾ أَيِ‪ْ :‬ال َبا ِد َي ِة‪.‬‬


‫سنَ ِبي ِإ ْذ أ َ ْخ َر َجنِي ِمنَ ال ّ‬
‫﴿وقَ ْد أَحْ َ‬
‫َ‬
‫ض َك ْن َعانَ ‪ ،‬و َكانُوا أَ ْه َل َبا ِديَ ٍة َو َما ِشيَةٍ‪َ .‬و َكانُوا يَ ْس ُكنُونَ بال َعربَات‬ ‫َكانوا بِأ َ ْر ِ‬
‫ش ِام‪ ،‬فاستوطنوا مصر حتى جاءهم موسى‬ ‫ْطينَ ‪ِ ،‬م ْن غ َْو ِر ال َّ‬ ‫ِم ْن أ َ ْر ِ‬
‫ض ِفلَس ِ‬
‫ض ٱ ۡل ُمقَ َّد َسةَ‬ ‫ْطينَ وقال لهم {يَ ٰـقَ ۡو ِم ٱ ۡد ُخلُ ۟‬
‫وا ٱ َۡل َ ۡر َ‬ ‫عليه السالم وردّهم إلى ِفلَس ِ‬
‫َب ٱللَّهُ لكم}‬
‫ٱلَّتِی َكت َ‬

‫ࣰ‬
‫ع َّز َو َج َّل أ َ ْن يُ ْل ِحقَهُ‬
‫سأ َ َل َر َّبهُ َ‬ ‫قوله‪{ :‬ت ََوفَّنِی ُم ۡس ِلما َوأ َ ۡل ِح ۡقنِی ِبٱل َّ‬
‫ص ٰـ ِل ِحينَ ﴾ َ‬
‫ع َل ْي ِه‬
‫س َال ُمهُ َ‬ ‫صلَ َواتُ َّ‬
‫الل ِه َو َ‬ ‫صا ِل ِحينَ ‪َ ،‬و ُه ْم ِإ ْخ َوانُهُ ِمنَ ال َّنبِيِّينَ َو ْال ُم ْر َ‬
‫سلِينَ ‪َ ،‬‬ ‫بِال َّ‬
‫ع َل ْي ِه ْم أَجْ َمعِينَ‬
‫‪.‬و َ‬
‫‪305‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو َل اللَّ ِه ﷺ‬ ‫ع ْن َها؛ أ َ َّن َر ُ‬ ‫ي َّ‬


‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫شةَ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ع ْن َ‬
‫عائِ َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫ت فِي ال َّ‬ ‫َك َما ث َ َب َ‬
‫ق ْاَل َ ْعلَى‪ ،‬اللَّ ُه َّم فِي‬
‫الر ِفي ِ‬ ‫َج َع َل يَ ْرفَ ُع أ ُ ْ‬
‫صبُ َعهُ ِع ْن َد ْال َم ْوتِ‪َ ،‬ويَقُولُ‪" :‬اللَّ ُه َّم فِي َّ‬
‫ق ا َْل َ ْعلَى‬ ‫ق ْاَل َ ْعلَى‪ ،‬اللَّ ُه َّم ِفي َّ‬
‫الر ِفي ِ‬ ‫الر ِفي ِ‬
‫" َّ‬
‫‪.‬وكذا قال سليمان عليه السالم كما في سورة النمل‬

‫﴿و ِإ ْن ت ُ ِط ْع أ َ ْكث َ َر َم ْن‬


‫ت ِب ُمؤْ ِمنِينَ ﴾ كما قَا َل َ‬
‫ص َ‬ ‫﴿و َما أ َ ْكث َ ُر النَّ ِ‬
‫اس َولَ ْو َح َر ْ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سبِي ِل اللَّ ِه﴾‬
‫ع ْن َ‬ ‫ضلُّ َ‬
‫وك َ‬ ‫ض يُ ِ‬
‫اَلر ِ‬
‫فِي ْ‬

‫﴿و َما يُؤْ ِم ُن أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِباللَّ ِه ِإال َو ُه ْم ُم ْش ِر ُكونَ ﴾ لبسوا إيمانهم بشرك‬
‫َوقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ص ِحي َحي ِْن أ َ َّن‬
‫يقرون الربوبية لله ويعبدون اَلصنام‪َ .‬و َه َكذَا فِي ال َّ‬
‫فكانوا ّ‬
‫يك َل َك‪ِ ،‬إ َّال ش َِري ًكا ُه َو لَ َك‪،‬‬ ‫ْال ُم ْش ِركِينَ َكانُوا َيقُولُونَ ِفي ت َْل ِب َي ِت ِه ْم‪َ :‬لبَّي َ‬
‫ْك َال ش َِر َ‬
‫صحيحِ مسلم‪ :‬أَنَّ ُه ْم َكانُوا ِإذَا قَالُوا‪" :‬لَبَّي َْك َال ش َِر َ‬
‫يك لَ َك"‬ ‫ت َْم ِل ُكهُ َو َما َملَ َك‪َ .‬وفِي ِ‬
‫علَى َهذَا‬
‫ْب‪َ ،‬ال ت َِزيدُوا َ‬
‫ْب َحس ُ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪" :‬قَ ْد قَ ْد"‪ ،‬أَ ْ‬
‫ي َحس ُ‬ ‫‪.‬يَقُو ُل َر ُ‬

‫عةُ بَ ْغتَةً َو ُه ْم َال‬


‫سا َ‬ ‫الل ِه أ َ ْو تَأْتِيَ ُه ُم ال َّ‬
‫ب َّ‬
‫عذَا ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أَفَأ َ ِمنُوا أ َ ْن تَأْتِيَ ُه ْم غَا ِشيَةٌ ِم ْن َ‬
‫سنَا َب َياتًا َو ُه ْم‬‫َي ْشعُ ُرونَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬أَفَأ َ ِمنَ أَ ْه ُل ْالقُ َرى أ َ ْن َيأْتِ َي ُه ْم َبأ ْ ُ‬
‫ض ًحى َو ُه ْم يَ ْل َعبُونَ أَفَأ َ ِمنُوا َم ْك َر‬
‫سنَا ُ‬‫نَائِ ُمونَ أ َ َوأ َ ِمنَ أَ ْه ُل ْالقُ َرى أ َ ْن يَأ ْ ِتيَ ُه ْم بَأْ ُ‬
‫اللَّ ِه فَال َيأ ْ َم ُن َم ْك َر اللَّ ِه ِإال ْال َق ْو ُم ْالخَا ِس ُرونَ ﴾‬
‫‪306‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يرةٍ أَنَا َو َم ِن ات َّ َب َع ِني﴾ قال ابن‬


‫ص َ‬ ‫ع ۤو ۟ا ِإلَى ٱللَّ ٰۚ ِه َ‬
‫علَى َب ِ‬ ‫س ِبي ِل ۤی أ َ ۡد ُ‬
‫قوله‪﴿ :‬قُ ۡل َه ٰـ ِذ ِهۦ َ‬
‫القيم رحمه الله "فال يكون الرجل من أتباعه حقا حتى يدعو إلى ما دعا إليه‬
‫"‪.‬ويكون على بصيرة‬

‫وحي ِإلَ ْي ِه ْم ِم ْن أَ ْه ِل ْالقُ َرى﴾ أي ِإنَّ َما‬


‫س ْلنَا ِم ْن قَ ْب ِل َك ِإال ِر َجاال نُ ِ‬
‫﴿و َما أ َ ْر َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫اء‪َ ،‬ك َما َد َّل‬ ‫ور ْالعُلَ َم ِ‬
‫اء‪َ .‬و َهذَا قَ ْو ُل ُج ْم ُه ِ‬
‫س ِ‬ ‫الر َجا ِل َال ِمنَ ال ِنّ َ‬ ‫سلَه ِمنَ ِ ّ‬ ‫أرس َل ر ُ‬
‫سبْحانَهُ لَ ْم َي ْب َع ْ‬
‫ث نَ ِبيًّا‬ ‫أن اللَّهَ ُ‬‫على َّ‬ ‫اق َه ِذ ِه ْاآل َي ِة ْال َك ِري َم ِة‪ .‬وت َ ُد ُّل اآل َيةُ َ‬
‫علَ ْي ِه ِس َي ُ‬
‫َ‬
‫‪.‬منَ ال ِنّ ِ‬
‫ساء كما قال ابن حزم‬ ‫ِ‬

‫س ُل و َ‬
‫ظنُّوا أ َّنهم قَ ْد ُك ِذبُوا﴾‬ ‫الر ُ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬حتّى إذا ا ْستَي َ‬
‫ْأس ُّ‬
‫س َل قَ ْد َكذَبُوهم ِفيما ْ‬
‫أخبَ ُروا بِ ِه ِمنَ‬ ‫الر ُ‬ ‫يف‪ :‬أي َ‬
‫ظ َّن القَ ْو ُم َّ‬
‫أن ُّ‬ ‫( ُك ِذبُوا ) بِالت َّ ْخ ِف ِ‬
‫َّاس‪َ ،‬وقَ ْد أ َ ْن َك َر ْ‬
‫ت ذَ ِل َك‬ ‫عب ٍ‬‫ص ُدقُوا‪ .‬وهذا تفسير اب ِْن َم ْسعُو ٍد َواب ِْن َ‬ ‫ب ولَ ْم َي ْ‬
‫ال َعذا ِ‬
‫علَى َم ْن فَ َّ‬
‫س َرهَا بِ َذ ِل َك‬ ‫شةُ َ‬
‫عائِ َ‬
‫‪َ .‬‬
‫وقُرئ ( ُك ِذّبُوا ) بِالت َّ ْشدِيدِ‪ ،‬وهي قراءة متواترة‪ ،‬وهي قراءة عائشة‪،‬‬
‫أن قَ ْو َمهم قَ ْد َك َّذبُوهم فِيما و َ‬
‫عدُوهم‬ ‫س ُل ِب َّ‬ ‫أي‪َ :‬‬
‫ظ َّن ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫علَيْها ِ‬
‫واض ٌح‪ْ ،‬‬ ‫وال َم ْعنى َ‬
‫ب‬
‫‪.‬بِ ِه ِمنَ ال َعذا ِ‬

‫‪307‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿و ُز ْل ِزلُوا َحتَّى‬


‫ي َم ْن نَشَا ُء﴾ َك َما فِي قَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫ۤ‬
‫قوله‪َ ﴿ :‬جا َء ُه ۡم نَصۡ ُرنَا فَنُ ِ ّج َ‬
‫ص َر اللَّ ِه قَ ِر ٌ‬
‫يب﴾‬ ‫ص ُر اللَّ ِه أَال ِإ َّن نَ ْ‬
‫سو ُل َوالَّذِينَ آ َمنُوا َم َعهُ َمت َى َن ْ‬ ‫يَقُو َل َّ‬
‫الر ُ‬
‫ࣰ‬
‫وقوله‪ِ { :‬إ َّن َم َع ٱ ۡلعُ ۡس ِر يُ ۡسرا}‬

‫تمت بحمد الله‬

‫‪308‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة الرعد‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الف ه َْل هي َم ِ ّكيَّةٌ ْأو َم َدنِيَّةٌ ؟ وهي مكية على قول الجمهور‬ ‫‪.‬قَ ْد وقَ َع ِ‬
‫الخ ُ‬

‫ت‬ ‫﴿و َما أ َ ْكث َ ُر ال َّن ِ‬


‫اس َولَ ْو َح َر ْ‬
‫ص َ‬ ‫﴿ولَ ِك َّن أ َ ْكث َ َر النَّ ِ‬
‫اس َال يُؤْ ِمنُونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫بِ ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬

‫س َما َء أ َ ْن ت َ َق َع َ‬
‫علَى‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬بغَي ِْر َ‬
‫ع َم ٍد ت ََر ْونَ َها﴾ كما قال ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫﴿ويُ ْم ِسكُ ال َّ‬
‫ض ِإال بِإ ِ ْذنِ ِه﴾‬
‫اَلر ِ‬
‫ْ‬

‫اف" َوأَنَّهُ‬
‫"اَلَع َْر ِ‬
‫ورةِ ْ‬
‫س َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ث ُ َّم ا ْست ََوى َعلَى ْال َع ْر ِش﴾ تَقَد ََّم ت َ ْف ِس ُ‬
‫ير ذَ ِل َك فِي ُ‬
‫غي ِْر ت َ ْكيِيفٍ ‪َ ،‬و َال تَ ْش ِبيهٍ‪َ ،‬و َال ت َ ْع ِطي ٍل‪َ ،‬و َال ت َْمثِي ٍل‪ ،‬تَعَالَى‬
‫يُ َم َّرر َك َما َجا َء ِم ْن َ‬
‫‪.‬اللَّهُ ُ‬
‫علُ ًّوا َك ِب ً‬
‫يرا‬

‫س ًّمى﴾ قِي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد أَنَّ ُه َما‬


‫س َو ْالقَ َم َر ُك ٌّل يَجْ ِري َل َج ٍل ُم َ‬ ‫س َّخ َر ال َّ‬
‫ش ْم َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬
‫س تَجْ ِري‬
‫ش ْم ُ‬ ‫ع ِة‪َ ،‬ك َما فِي قَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿وال َّ‬ ‫سا َ‬ ‫ان ِإلَى ا ْن ِق َ‬
‫طا ِع ِه َما ِب ِق َي ِام ال َّ‬ ‫َيجْ ِر َي ِ‬
‫يز ْال َع ِل ِيم﴾ َو ِقي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد ِإلَى ُم ْستَقَ ِ ّر ِه َما‪َ ،‬و ُه َو تَحْ َ‬
‫ت‬ ‫ِير ْال َع ِز ِ‬
‫ِل ُم ْستَقَ ٍ ّر لَ َها ذَ ِل َك ت َ ْقد ُ‬
‫ب ْاآل َخ ِر‬‫ض ِمنَ ْال َجا ِن ِ‬ ‫طنَ ْاَل َ ْر ِ‬‫‪ْ .‬ال َع ْر ِش ِم َّما َي ِلي َب ْ‬
‫‪309‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الظا ِه ُر ِل ْلبَ َ‬
‫ص ِر ال يُنافِي ُك ِ ّريَّت َها في‬ ‫ض﴾ وهَذا ال َم ُّد ّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬و ُه َو الَّذِي َم َّد ْ‬
‫اَلر َ‬
‫ت‪ .‬كقوله‪ْ :‬‬
‫﴿وألقى‬ ‫أي ِج ً‬
‫باال ثَوا ِب َ‬ ‫ي﴾ ْ‬ ‫ع ِد ْ‬
‫أطرا ِفها ﴿و َج َع َل ِفيها َروا ِس َ‬ ‫نَ ْف ِسها ِلت َبا ُ‬
‫ي﴾‬
‫ض َروا ِس َ‬
‫اَلر ِ‬
‫في ْ‬

‫ان‪،‬‬
‫ع ِ‬‫ت َج َع َل ِفيها زَ ْو َجي ِْن اثْ َني ِْن) و َم ْعنَى "زَ ْو َجي ِْن" ن َْو َ‬
‫(و ِم ْن ُك ِّل الث َّ َمرا ِ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ير‬
‫ص ِغ ِ‬ ‫ب َو ْاليَا ِب ِس‪َ ،‬و ْاَل َ ْب َي ِ‬
‫ض َو ْاَلَس َْودِ‪َ ،‬وال َّ‬ ‫الر ْ‬
‫ط ِ‬ ‫ض‪َ ،‬و َّ‬ ‫َك ْال ُح ْل ِو َو ْال َح ِ‬
‫ام ِ‬
‫‪.‬و ْال َكبِ ِ‬
‫ير‬ ‫َ‬

‫ضا‪،‬‬ ‫أراض ت ُ َجا ِو ُر بَ ْع ُ‬


‫ض َها بَ ْع ً‬ ‫ٍ‬ ‫ات﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ض ِق َ‬
‫ط ٌع ُمت َ َجا ِو َر ٌ‬ ‫اَلر ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وفِي ْ‬
‫اس‪َ ،‬و َه ِذ ِه َس َبخة َما ِل َحةٌ َال ت ُ ْن ِبتُ َ‬
‫ش ْيئًا‪،‬‬ ‫ط ِيّ َبةٌ ت ُ ْن ِبتُ َما َي ْنت َ ِف ُع ِب ِه ال َّن ُ‬‫َم َع أ َ َّن َه ِذ ِه َ‬
‫ض‬ ‫اع ْاَل َ ْر ِ‬ ‫ف أ َ ْل َو ِ‬
‫ان ِبقَ ِ‬ ‫اختِ َال ُ‬ ‫‪.‬و َكذا ْ‬

‫ت‬ ‫ي ْاَل ُ ُ‬
‫صو ُل ْال ُمجْ ت َِم َعةُ ِفي َم ْن َب ٍ‬ ‫ص ْن َو ُ‬
‫ان‪ِ :‬ه َ‬ ‫ص ْن َو ٍ‬
‫ان﴾ ال ِ ّ‬ ‫غي ُْر ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ :‬‬
‫﴿ص ْن َو ٌ‬
‫ان َو َ‬
‫ص ْن َو ِ‬
‫ان‪َ :‬ما َكانَ‬ ‫ض النَّ ِخي ِل‪َ ،‬ونَحْ ِو ذَ ِل َك‪َ .‬و َغي ُْر ال ِ ّ‬ ‫ان َوال ِت ّ ِ‬
‫ين َوبَ ْع ِ‬ ‫احدٍ‪َ ،‬ك ُّ‬
‫الر َّم ِ‬ ‫َو ِ‬
‫ص ْن ُو أَبِي ِه‪َ ،‬ك َما‬
‫الر ُج ِل ِ‬
‫ع ُّم َّ‬
‫س ِّمي َ‬ ‫سائِ ِر ْاَل َ ْش َج ِ‬
‫ار‪َ ،‬و ِم ْنهُ ُ‬ ‫احدٍ‪َ ،‬ك َ‬ ‫علَى أ َ ْ‬
‫ص ٍل َو ِ‬ ‫َ‬
‫ت أ َ َّن َ‬
‫ع َّم‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل ِلعُ َم َر‪" :‬أ َ َّما َ‬
‫ش َع ْر َ‬ ‫َجا َء فِي صحيح مسلم‪ :‬أ َ َّن َر ُ‬
‫ص ْن ُو أ َ ِبي ِه؟‬
‫الر ُج ِل ِ‬
‫" َّ‬

‫‪310‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب قَ ْولُ ُه ْم أإذَ ُكنّا تُرابًا أإ ّنا لَفي خ َْل ٍ‬


‫ق َجدِيدٍ﴾ كما‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫﴿و ِإ ْن ت َ ْع َجبْ فَ َع َج ٌ‬
‫‪.‬قالوا‪ :‬إن هي إال حياتنا الدنيا‬

‫ش ِدي ُد ٱ ۡل ِعقَا ِ‬
‫ب﴾ َك َما‬ ‫ظ ْل ِم ِه ْم َو ِإ َّن َرب ََّك َل َ‬
‫علَى ُ‬ ‫﴿و ِإ َّن َرب ََّك َلذُو َم ْغ ِف َرةٍ ِلل َّن ِ‬
‫اس َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫عذَابِي ُه َو ْالعَذَ ُ‬
‫اب اَل ِلي ُم﴾‬ ‫الر ِحي ُم َوأ َ َّن َ‬ ‫قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬نَبِّ ْئ ِعبَادِي أ َ ِنّي أَنَا ْالغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬

‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫نت ُمنذِر‬‫َ‬ ‫ۤ‬
‫ع َل ۡي ِه َءايَة ِّمن َّربِّ ِهۦۤۤ ِإن َما أ َ‬
‫َّ‬ ‫ٰۗ‬ ‫وا لَ ۡو َ ۤال أ ُ ِ‬
‫نز َل َ‬ ‫﴿ويَقُو ُل ٱلَّ ِذينَ َكفَ ُر ۟‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫صفَا ذَ َه َبا‪َ ،‬وأ َ ْن يُ ِزي َل َ‬
‫ع ْن ُه ُم‬ ‫علَ ْي ِه أ َ ْن يَجْ عَ َل لَ ُه ُم ال َّ‬
‫َو ِل ُك ِّل قَ ۡو ٍم هَادٍ﴾ تعتنوا َ‬
‫﴿و َما َمنَ َعنَا أ َ ْن نُ ْر ِس َل‬‫ارا‪َ ،‬قا َل اللَّهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬ ‫ْال ِج َبا َل‪َ ،‬و َيجْ َع َل َم َكانَ َها ُم ُرو ًجا َوأ َ ْن َه ً‬
‫ظلَ ُموا بِ َها َو َما‬ ‫اَلولُونَ َوآت َ ْينَا ثَ ُمو َد النَّا َقةَ ُمب ِ‬
‫ْص َرة ً َف َ‬ ‫ب بِ َها َّ‬ ‫ت ِإال أ َ ْن َكذَّ َ‬‫بِاآليَا ِ‬
‫ت ِإال ت َْخ ِويفًا﴾‬
‫نُ ْر ِس ُل ِباآل َيا ِ‬

‫اَلرحا ُم وما ت َْزدادُ﴾ ف َه ِذ ِه‬


‫يض ْ‬ ‫﴿اللهُ يَ ْعلَ ُم ما تَحْ ِم ُل ُك ُّل أ ُ ْنثى وما تَ ِغ ُ‬
‫قوله‪َّ :‬‬
‫وم ِع ْل ِم ِه ت َعالى‪ ،‬أما ما يذكره علم الحديث في ذلك‬ ‫ع ُم َ‬‫َت ُ‬‫ضيَّةٌ ُك ِلّيَّةٌ أثْ َبت ْ‬
‫قَ ِ‬
‫‪.‬ف ُج ْزئِي ٌ‬
‫ّات ال غير‬

‫س َّر ْالقَ ْو َل َو َم ْن َج َه َر ِب ِه﴾ َك َما قَا َل‪َ :‬‬


‫﴿و ِإ ْن تَجْ َه ْر‬ ‫سوا ٌء ِم ْن ُك ْم َم ْن أ َ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ ﴿ :‬‬
‫س َّر َوأ َ ْخفَى﴾‬ ‫بِ ْالقَ ْو ِل فَإِنَّهُ يَ ْعلَ ُم ال ِ ّ‬

‫‪311‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الل ِه﴾ َيقُو ُل اللَّهُ‪:‬‬ ‫ات ِم ْن َبي ِْن َي َد ْي ِه َو ِم ْن خ َْل ِف ِه َيحْ فَ ُ‬


‫ظونَهُ ِم ْن أ َ ْم ِر َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَهُ ُم َع ِقّ َب ٌ‬
‫عتِيدٌ﴾‬
‫يب َ‬ ‫﴿ َما يَ ْل ِف ُ‬
‫ظ ِم ْن قَ ْو ٍل ِإال لَ َد ْي ِه َرقِ ٌ‬

‫الر ْع ُد ِب َح ْم ِد ِه﴾ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم‬


‫﴿ويُ َس ِبّ ُح َّ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫نار ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫خاريق من ٍ‬ ‫ب ‪ ،‬معه َم‬ ‫"الرع ُد ملَ ٌك من مالئك ِة الل ِه ‪ُ ،‬مو َّك ٌل بال َّ‬
‫سحا ِ‬ ‫قال‪َّ :‬‬
‫السحاب حيث شاء اللهُ" أخرجه الترمذي وغيره وحسنه اَللباني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يسوق بها‬
‫ق ‪ ،‬و يَض َحكُ‬ ‫سنَ النُّط ِ‬ ‫نط ُق أح َ‬ ‫حاب ‪ ،‬فيَ ِ‬‫س َ‬ ‫وفي الحديث َّ‬
‫"إن اللهَ يُن ِشي ُء ال َّ‬
‫ض ِح ُكهُ ْالبَ ْر ُق‪َ ،‬و َم ْن ِطقُهُ َّ‬
‫الر ْع ُد‬ ‫سنَ الض َِّح ِك" صححه اَللباني‪ .‬فَ َ‬ ‫‪.‬أح َ‬

‫يب بِ َها َم ْن يَشَا ُء َو ُه ْم يُ َجا ِدلُونَ فِي اللَّ ِه َو ُه َو‬


‫ص ُ‬‫ص َوا ِعقَ َفيُ ِ‬
‫﴿ويُ ْر ِس ُل ال َّ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ث‬ ‫شدِي ُد ْال ِم َحا ِل﴾ قال بعض السلف‪َ :‬ف َب ْينَا أ َحد الكفَّار يُ َجا ِد ُل في الله‪ِ ،‬إ ْذ َب َع َ‬ ‫َ‬
‫صا ِعقَةً‬
‫علَ ْي ِه َ‬ ‫ت فَأ َ ْر َ‬
‫س َل َ‬ ‫‪.‬اللَّهُ َس َحابَةً فَ َر َ‬
‫ع َد ْ‬

‫وظاللُهم‬
‫عا و َك ْر ًها ِ‬ ‫ض َ‬
‫ط ْو ً‬ ‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫﴿و ِللَّ ِه َي ْس ُج ُد َمن في ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰتُ ٱل َّس ۡب ُع َوٱ َۡل َ ۡر ُ‬
‫ض‬ ‫س ِبّ ُح لَهُ ٱل َّ‬
‫ِبالغُد ّ ُِو واآلصا ِل﴾ سجودا حقيقيا َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ت ُ َ‬
‫َو َمن فِي ِه ٰۚ َّن َو ِإ ْن ِم ْن َ‬
‫ش ْيءٍ ِإ َّال يُ َس ِبّ ُح ِب َح ْم ِد ِه﴾‬

‫﴿قُ ْل أَفَات َّ َخ ْذت ُ ْم ِم ْن دُو ِن ِه أ َ ْو ِل َيا َء َال َي ْم ِل ُكونَ َِل َ ْنفُ ِس ِه ْم نَ ْف ًعا َو َال َ‬
‫ض ًّرا﴾ كما قال‬
‫ش ْيئًا َال يَ ْستَ ْن ِقذُوهُ ِم ْنهُ﴾‬ ‫اب َ‬ ‫﴿و ِإ ْن يَ ْسلُ ْب ُه ُم الذُّبَ ُ‬ ‫تعالى‪َ :‬‬
‫‪312‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب اللَّهُ ْ‬
‫اَلمثَا َل﴾‬ ‫ض َكذَ ِل َك َيض ِْر ُ‬
‫اَلر ِ‬
‫ث فِي ْ‬ ‫﴿وأ َ َّما َما َي ْنفَ ُع النَّ َ‬
‫اس َفيَ ْم ُك ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫اس َو َما َي ْع ِقلُ َها ِإال ْال َعا ِل ُمونَ ﴾‬
‫﴿و ِت ْل َك اَل ْمثَا ُل َنض ِْربُ َها ِللنَّ ِ‬
‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬

‫ࣰ‬
‫ض َج ِميعا َو ِم ۡثلَهُۥ َمعَهُۥ‬ ‫﴿وٱلَّ ِذينَ لَ ۡم َي ۡست َِجيبُ ۟‬
‫وا لَهُۥ لَ ۡو أ َ َّن لَ ُهم َّما فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫اللهَ يقو ُل‬‫"إن َّ‬ ‫َلَ ۡفت َ َد ۡو ۟ا ِب ِهۦ ٰۚۤۤ﴾ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪َّ :‬‬
‫ت ت َ ْفتَدِي ب ِه؟‬
‫ض ِمن شيءٍ ُك ْن َ‬
‫اَلر ِ‬
‫لك ما في ْ‬ ‫عذابًا‪ :‬لو َّ‬
‫أن َ‬ ‫َل ْه َو ِن أ ْه ِل النَّ ِ‬
‫ار َ‬
‫أن ال‬ ‫ص ْل ِ‬
‫ب آ َد َم‪ْ ،‬‬ ‫سأ َ ْلت ُ َك ما هو أ ْه َو ُن ِمن هذا وأَ ْن َ‬
‫ت في ُ‬ ‫قا َل‪ :‬نَعَ ْم‪ ،‬قا َل‪ :‬فقَ ْد َ‬
‫ْت َّإال ال ِ ّ‬
‫ش ْر َك" رواه البخاري‬ ‫‪.‬ت ُ ْش ِر َك بي‪ ،‬فأ َبي َ‬

‫﴿والَّذِينَ‬
‫اج ِه ْم َوذُ ِ ّريَّا ِت ِه ْم﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫صلَ َح ِم ْن آ َبا ِئ ِه ْم َوأ َ ْز َو ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬و َم ْن َ‬
‫ان أ َ ْل َح ْقنَا ِب ِه ْم ذُ ِ ّريَّت َ ُه ْم َو َما أ َ َلتْنَا ُه ْم ِم ْن َ‬
‫ع َم ِل ِه ْم ِم ْن‬ ‫آ َمنُوا َواتَّبَ َعتْ ُه ْم ذُ ِ ّر َّيت ُ ُه ْم ِبإِي َم ٍ‬
‫ب َر ِه ٌ‬
‫ين﴾‬ ‫ِش ْيءٍ ُك ُّل ْام ِر ٍ‬
‫ئ بِ َما َك َ‬
‫س َ‬

‫﴿و َما ْال َحيَاة ُ ال ُّد ْنيَا فِي ِ‬


‫اآلخ َرةِ إِال َمت َاعٌ﴾‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ " :‬ما ال ُّد ْن َيا فِي ْاآل ِخ َر ِة ِإ َّال َك َمث َ ِل َما َيجْ َع ُل أ َ َح ُد ُك ْم ِإ ْ‬
‫ص َب َعهُ‬ ‫قَا َل َر ُ‬
‫يح ِه‬
‫ص ِح ِ‬
‫سبَّا َبة‪َ .‬ر َواهُ ُم ْس ِل ٌم فِي َ‬
‫َار بِال َّ‬ ‫‪َ .‬ه ِذ ِه فِي ْاليَ ِ ّم‪ ،‬فَ ْل َي ْن ُ‬
‫ظ ْر ِب َم ت َْر ِج ُع" َوأَش َ‬

‫‪313‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫"و ُج ِع َلت قُ َّرة ُ‬ ‫الل ِه ت َْط َمئِ ُّن ْالقُلُ ُ‬


‫وب﴾ وفي الحديث الصحيح‪َ :‬‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَال ِب ِذ ْك ِر َّ‬
‫"أرحْ نا بها يا بال ُل‬
‫عيني في الصالةِ" ِ‬
‫" َ‬

‫ت ُ‬
‫طوبَى لَ ُه ْم َو ُحس ُْن َمآ ٍ‬
‫ب﴾ عن أبي سعيد‬ ‫صا ِل َحا ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬الَّذِينَ آ َمنُوا َو َ‬
‫ع ِملُوا ال َّ‬
‫الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬طوبى‬
‫ثياب أه ِل الجن ِة تخر ُج ِم ْن أ ْك ِ‬
‫مامها"‬ ‫ُ‬ ‫شجرة ٌ في الجنَّ ِة ‪ ،‬مسيرة ُ مائَ ِة ٍ‬
‫عام ‪،‬‬
‫‪.‬حسنه اَللباني‬

‫ب َوٱ ۡل ِح ۡك َمةَ‬
‫﴿ويُ َع ِلّ ُم ُه ُم ٱ ۡل ِكتَ ٰـ َ‬
‫علَ ْي ِه ُم الَّذِي أ َ ْو َح ْينَا ِإ َلي َْك﴾ كقوله‪َ :‬‬
‫قوله‪ِ ﴿ :‬لتَتْلُ َو َ‬
‫َويُزَ ِ ّكي ِه ۡم﴾‬

‫من) كانوا ينكرون اسم الله الرحمن كما في قصة ُ ْ‬ ‫(و ُه ْم يَ ْكفُ ُرونَ ِب َّ‬
‫صلحِ‬ ‫الرحْ ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫الر ِح ِيم" قال ْال ُم ْش ِر ُكونَ ‪َ :‬ما نَ ْع ِر ُ‬ ‫ْال ُح َد ْي ِبيَ ِة‪ :‬لما ُكتب " ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬
‫عوا‬ ‫ب ْال َي َما َم ِة‪َ ،‬ي ْعنُونَ ُم َس ْي ِل َمةَ ْال َكذَّ َ‬
‫اب‪َ .‬ونَزَ َل قوله‪﴿ :‬قُ ِل ا ْد ُ‬ ‫اح َ‬
‫ص ِ‬‫الرحْ َمنَ ِإ َّال َ‬
‫َّ‬
‫الرحْ منَ ﴾‬ ‫اللَّهَ أ َ ِو ا ْد ُ‬
‫عوا َّ‬

‫َاب‬
‫اض َي ِة ِكت ٌ‬ ‫ب ْال َم ِ‬ ‫ي‪ :‬لَ ْو َكانَ فِي ْال ُكت ُ ِ‬ ‫ت ِب ِه ْال ِج َبالُ﴾ أَ ْ‬ ‫﴿ولَ ْو أ َ َّن قُ ْرآنًا ُ‬
‫س ِيّ َر ْ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ض َوتَ ْنش َُّق أ َ ْو ت ُ َك َّل ُم بِ ِه ْال َم ْوت َى‬ ‫ير بِ ِه ْال ِجبَا ُل َ‬
‫ع ْن أ َ َما ِكنِ َها‪ ،‬أ َ ْو تُقَ َّ‬
‫ط ُع بِ ِه ْاَل َ ْر ُ‬ ‫ت َ ِس ُ‬
‫ف ِب َذ ِل َك دُونَ َ‬
‫غي ِْر ِه‬ ‫آن ُه َو ْال ُمتَّ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ورهَا‪ ،‬لَ َكانَ َهذَا ْالقُ ْر ُ‬
‫‪ِ .‬في قُبُ ِ‬
‫‪314‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب ْال ُمتَقَ ِ ّد َم ِة؛ َِلَنَّهُ ُم ْشت ٌَّق ِمنَ ْال َج ِميعِ‪.‬‬


‫علَى ُك ٍّل ِمنَ ْال ُكت ُ ِ‬ ‫آن َ‬‫طلَ ُق ا ْس ُم ْالقُ ْر ِ‬
‫َوقَ ْد يُ ْ‬
‫علَى َد ُاو َد ْال ِق َرا َءةُ‪ ،‬فَ َكانَ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ُ " :‬خ ِفّفَت َ‬ ‫عن أبي ُه َري َْرةَ قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫َيأ ْ ُم ُر ِب َدا َّب ِت ِه أ َ ْن تُس َْر َج‪ ،‬فَ َكانَ َي ْق َرأ ُ ْالقُ ْرآنَ ِم ْن قَ ْب ِل أ َ ْن تُسرج َدا َّبتُهُ‪َ ،‬و َكانَ َال‬
‫ي‬ ‫اج ِه ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬ ‫‪.‬يَأ ْ ُك ُل ِإ َّال َم ْن َ‬
‫ع َم ِل َي َد ْي ِه"‪ .‬ا ْنفَ َر َد ِبإ ِ ْخ َر ِ‬
‫ور‬ ‫آن ُهنَا َّ‬
‫الزبُ ُ‬ ‫‪َ .‬و ْال ُم َرا ُد بِ ْالقُ ْر ِ‬

‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ص ّدِعا ِّم ۡن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬
‫ُّ‬ ‫ا‬‫ع‬ ‫قال تعالى‪{ :‬لَ ۡو أَنزَ ۡلنَا َه ٰـذَا ٱ ۡلقُ ۡر َءانَ َ‬
‫علَ ٰى َجبَ ࣲل لَّ َرأَ ۡيتَهُۥ َخ ٰـ ِش‬
‫خ َۡشيَ ِة ٱللَّ ٰۚ ِه} وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال‬
‫ي ما ِمثْلُهُ آ َمنَ‬ ‫ي َّإال أُع ِ‬
‫ْط َ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ِمنَ اَل ْن ِب ِ‬
‫ياء نَ ِب ٌّ‬
‫أن أ ُكونَ‬ ‫فأر ُجو ْ‬
‫ي‪ْ ،‬‬ ‫عليه البَش َُر‪ ،‬وإنَّما كانَ الذي أُو ِتيتُ َوحْ ًيا ْأوحاهُ اللَّهُ إلَ َّ‬
‫"أ ْكث َ َر ُه ْم تا ِب ًعا َي َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‬

‫ص َالةِ‬ ‫َّاس فِي َ‬ ‫ث اب ِْن َعب ٍ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن‪ِ ،‬م ْن َحدِي ِ‬‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ ُ ُكلُ َها َدائِ ٌم َو ِظلُّ َها﴾ َوفِي ال َّ‬
‫ام َك َهذَا‪ ،‬ث ُ َّم‬
‫ش ْيئًا ِفي َمقَ ِ‬
‫ت َ‬ ‫َاو ْل َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬رأ َ ْين َ‬
‫َاك تَن َ‬ ‫وف‪َ ،‬و ِفي ِه قَالُوا‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ْال ُك ُ‬
‫َاك ت َك ْعكعت فَقَا َل‪ِ " :‬إ ِنّي َرأَيْتُ ْال َج َّنةَ ‪-‬أ َ ْو‪ :‬أ ُ ِريتُ ْال َج َّنةَ ‪-‬فَتَن َ‬
‫َاو ْلتُ ِم ْن َها‬ ‫َرأ َ ْين َ‬
‫ع ْنقُودًا‪َ ،‬ولَ ْو أ َ َخ ْذتُهُ ََل َ َك ْلت ُ ْم ِم ْنهُ َما بَ ِق َي ِ‬
‫ت ال ُّد ْنيَا‬ ‫" ُ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪ِ " :‬إ َّن فِي ْال َجنَّ ِة َ‬
‫ش َج َرةً‪،‬‬ ‫غي ِْر َوجْ ٍه أ َ َّن َر ُ‬
‫ص ِحي َحي ِْن ِم ْن َ‬
‫وفِي ال َّ‬
‫طعُ َها"‪،‬‬ ‫ب ْال ُم ِج ُّد ْال َج َوا َد ْال ُم َ‬
‫ض َّم َر ال َّس ِري َع فِي ِظ ِلّ َها ِمائَةَ َ‬
‫ع ٍام َال يَ ْق َ‬ ‫الرا ِك ُ‬
‫ير َّ‬
‫يَ ِس ُ‬
‫ث ُ َّم قَ َرأَ‪َ :‬‬
‫﴿و ِظ ٍّل َم ْمدُودٍ﴾‬
‫‪315‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫تاب يَ ْف َر ُحونَ بِما أ ُ ْن ِز َل إلَي َْك﴾ اآليَةَ‪ .‬الصواب‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِينَ آتَيْنا ُه ُم ال ِك َ‬
‫ب‪ .‬كما َقا َل ت َ َعا َلى‪﴿ :‬قُ ْل ِآمنُوا‬
‫وص ال ُمؤْ ِمنِينَ ِمن أ ْه ِل ال ِكتا ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫أن اآلية في ُخ ُ‬
‫ِب ِه أ َ ْو َال تُؤْ ِمنُوا ِإ َّن الَّذِينَ أُوتُوا ْال ِع ْل َم ِم ْن قَ ْب ِل ِه ِإذَا يُتْلَى َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم يَ ِخ ُّرونَ ِلأل ْذ َق ِ‬
‫ان‬
‫س ْب َحانَ َر ِّبنَا إِ ْن َكانَ َو ْع ُد َربِّنَا لَ َم ْفعُوال﴾‬ ‫س َّجدًا َويَقُولُونَ ُ‬ ‫ُ‬

‫أزوا ًجا وذُ ِ ّريَّةً﴾ اآليَةَ‪.‬‬ ‫س ًال ِمن قَ ْب ِل َك و َجعَ ْلنا لَهم ْ‬ ‫س ْلنا ُر ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ْد ْ‬
‫أر َ‬
‫صو ُم َوأ ُ ْف ِط ُر‪َ ،‬وأَقُو ُم َوأَنَا ُم‪،‬‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪" :‬أ َ َّما أَنَا فَأ َ ُ‬
‫ص ِحي َحي ِْن‪ :‬أ َ َّن َر ُ‬
‫فِي ال َّ‬
‫سنَّتِي فَ َلي َ‬
‫ْس ِم ِنّي‬ ‫ع ْن ُ‬ ‫س َم َوأَت َزَ َّو ُج ال ِنّ َ‬
‫سا َء‪ ،‬فَ َم ْن َر ِغ َ‬
‫ب َ‬ ‫" َوآ ُك ُل ال َّد َ‬

‫ماء أ َج ٌل‪ .‬وقيل‪:‬‬


‫س ِ‬ ‫ب َي ْن ِز ُل ِمنَ ال َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬ل ُك ِّل أ َج ٍل ِك ٌ‬
‫تاب﴾ قيل‪ِ :‬ل ُك ِّل ِكتا ٍ‬
‫‪ِ .‬ل ُك ِّل مدة مقادير‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يَ ْم ُحو اللَّهُ ما َيشا ُء ويُثْ ِبتُ ﴾ قيل‪ :‬يَ ْم ُحو الله ِمن ذَ ِل َك ال ِكتا ِ‬
‫ب‬
‫ويُثْبِتُ ما يَشا ُء ِمنهُ‪،‬‬
‫وقال ابن تيمية وابن القيم‪ :‬يمحوا الله ما يشاء من المقادير في صحف‬
‫‪.‬المالئكة ويثبت ما يشاء منها‬

‫‪316‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ط َرافِ َها﴾ هذا النقصان ُه َو‬ ‫ص َها ِم ْن أ َ ْ‬


‫ض نَ ْنقُ ُ‬‫اَلر َ‬‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ َولَ ْم َي َر ْوا أَنَّا نَأْتِي ْ‬
‫ار اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‪ ،‬وابن‬ ‫ش ْر ِك قَ ْريَةً بَ ْع َد قَ ْريَةٍ‪َ ،‬و َهذَا ْ‬
‫اختِ َي ُ‬ ‫علَى ال ِ ّ‬
‫اْلس َْال ِم َ‬ ‫ور ْ ِ‬
‫ظ ُه ُ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬كثير‬

‫ب﴾ أي أ ْه ُل ال ِع ْل ِم بِالت َّ ْوراةِ واْل ْن ِجي ِل من أهل‬


‫﴿و َم ْن ِع ْن َدهُ ِع ْل ُم ْال ِكتَا ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫‪.‬الكتاب‪ ،‬وفيه أقوال غير هذا‬

‫تمت بحمد الله‬

‫‪317‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة إبراهيم عليه السالم‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫ض َج ِمي ًعا فَإ ِ َّن َّ‬


‫اللهَ‬ ‫سى ِإ ْن ت َ ْكفُ ُروا أ َ ْنت ُ ْم َو َم ْن ِفي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫﴿وقَا َل ُمو َ‬
‫لَغَنِ ٌّ‬
‫ي َح ِميدٌ﴾‬
‫ع َّز‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ فيما يَ ْر ِوي ِه َ‬
‫ع ْن َربِّ ِه‪َ ،‬‬ ‫ع ْن أَبِي ذَ ٍر‪َ ،‬‬
‫ع ْن َر ُ‬ ‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪َ ،‬‬
‫فِي َ‬
‫علَى‬
‫س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم‪َ ،‬كانُوا َ‬ ‫َو َج َّل‪ ،‬أَنَّهُ قَا َل‪َ " :‬يا ِع َبادِي‪ ،‬لَ ْو أ َ َّن أ َ َّولَ ُك ْم َو ِ‬
‫آخ َر ُك ْم‪َ ،‬و ِإ ْن َ‬
‫ب َر ُج ٍل ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬ما زَ ا َد َذ ِل َك فِي ُم ْل ِكي َ‬
‫ش ْيئًا‪ .‬يَا ِعبَادِي‪ ،‬لَ ْو أ َ َّن أ َ َّولَ ُك ْم‬ ‫أَتْقَى قَ ْل ِ‬
‫ص َذ ِل َك ِفي‬ ‫ب َر ُج ٍل ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬ما نَقَ َ‬‫ع َلى أ َ ْف َج ِر قَ ْل ِ‬
‫س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم‪َ ،‬كانُوا َ‬
‫آخ َر ُك ْم‪َ ،‬و ِإ ْن َ‬
‫َو ِ‬
‫ُم ْل ِكي َ‬
‫ش ْيئًا‪ .‬يَا ِعبَادِي‪ ،‬لَ ْو أن أولكم وآخركم‪ ،‬وإنسكم وجنكم‪ ،‬قاموا فِي‬
‫ص ذَ ِل َك ِم ْن ُم ْل ِكي‬
‫ان َم ْسأَلَتَهُ‪َ ،‬ما نَ َق َ‬
‫س ٍ‬ ‫سأَلُونِي‪َ ،‬فأ َ ْع َ‬
‫طيْتُ ُك َّل ِإ ْن َ‬ ‫احدٍ‪َ ،‬ف َ‬
‫ص ِعي ٍد َو ِ‬
‫َ‬
‫س ْب َحانَهُ َوت َ َعالَى ْالغَ ِن ُّ‬
‫ي‬ ‫المخ َيط إذا أدخل في ْال َبحْ ِر"‪ .‬فَ ُ‬
‫ْ‬ ‫ش ْيئًا‪ ،‬إال كما ينقُص‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬ال َح ِمي ُد‬

‫ۡ‬
‫ع ࣲاد َوث َ ُمو َد} قيل َهذَا ِم ْن ت َ َم ِام‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَلَ ۡم َيأتِ ُك ۡم نَ َبؤ ُ۟ا ٱلَّ ِذينَ ِمن َق ۡب ِل ُك ۡم قَ ۡو ِم نُ ࣲ‬
‫وح َو َ‬
‫‪.‬قِي ِل موسى لقومه‪ .‬وقيل من كالم محمد صلى الله عليه وسلم‬

‫‪318‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َردُّوا أَ ْي ِديَ ُه ْم فِي أ َ ْف َوا ِه ِه ْم﴾‬


‫س ِل َيأ ْ ُم ُرونَ ُه ْم ِبال ُّ‬
‫س ُكو ِ‬
‫ت‬ ‫َاروا ِإلَى أ َ ْف َوا ِه ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫ظا‪ .‬وقيل‪ :‬أَش ُ‬
‫علَ ْي َها َغ ْي ً‬
‫عضُّوا َ‬
‫قيل‪َ :‬‬
‫ع ْن ُه ْم‬
‫‪َ .‬‬

‫قوله‪﴿ :‬أ َ ِفي اللَّ ِه ش ٌَّك﴾‬


‫ش ْيئَي ِْن‪ ،‬أ َ َح ِد ِه َما‪ :‬أَفِي ُو ُجو ِد ِه ش ٌَّك‪ ،‬فَإ ِ َّن ْال ِف َ‬
‫ط َر شَا ِه َدة ٌ‬ ‫﴿أَفِي اللَّ ِه ش ٌَّك﴾ يَحْ ت َِم ُل َ‬
‫‪.‬بِ ُو ُجو ِد ِه‬
‫ي‪ :‬أَفِي ِإلَ ِهيَّتِ ِه َوتَفَ ُّر ِد ِه ِب ُو ُجو ِ‬
‫ب‬ ‫َو ْال َم ْعنَى الثَّانِي فِي قَ ْو ِل ِه ْم‪﴿ :‬أَفِي َّ‬
‫الل ِه ش ٌَّك﴾ أ َ ْ‬
‫َك‪َ ،‬و ُه َو ْالخَا ِل ُق ِل َج ِميعِ ْال َم ْو ُجو َدا ِ‬
‫ت‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال ِعبَا َد ِة لَهُ ش ٌّ‬
‫ع ْن أ َ ِبي َح ِنيفَةَ َر ِح َمهُ اللَّهُ‪ :‬أ َ َّن َق ْو ًما ِم ْن أ َ ْه ِل ْال َك َال ِم أ َ َرادُوا ْال َبحْ َ‬
‫ث‬ ‫َويُحْ َكى َ‬
‫الربُو ِبيَّ ِة‪ .‬فَقَا َل لَ ُه ْم‪ :‬أ َ ْخ ِب ُرونِي قَ ْب َل أ َ ْن نَت َ َكلَّ َم فِي َه ِذ ِه‬
‫ير ت َْو ِحي ِد ُّ‬ ‫َم َعهُ فِي ت َ ْق ِر ِ‬
‫الطعَ ِام َو ْال َمتَاعِ َو َ‬
‫غي ِْر ِه‬ ‫ئ ِمنَ َّ‬ ‫س ِفينَ ٍة فِي دِجْ َلةَ‪ ،‬ت َ ْذه ُ‬
‫َب‪ ،‬فَت َْمت َ ِل ُ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ْال َم ْسأَلَ ِة َ‬
‫غي ِْر أ َ ْن‬ ‫سو ِبنَ ْف ِس َها‪َ ،‬وت ُ ْف ِرغُ َوت َْر ِج ُع‪ُ ،‬ك ُّل ذَ ِل َك ِم ْن َ‬ ‫ِبنَ ْف ِس َها‪َ ،‬وتَعُو ُد ِبنَ ْف ِس َها‪ ،‬فَت َْر ُ‬
‫يُ َدبِّ َرهَا أ َ َحدٌ؟! فَقَالُوا‪َ :‬هذَا ُم َحا ٌل َال يُ ْم ِك ُن أَبَدًا! فَقَا َل لَ ُه ْم‪ِ :‬إذَا َكانَ َهذَا ُم َح ً‬
‫اال‬
‫ع ْل ِو ِه َو ُ‬
‫س ْف ِل ِه‬ ‫ْف فِي َهذَا ْالعَالَ ِم ُك ِلّ ِه ُ‬
‫س ِفي َنةٍ‪ ،‬فَ َكي َ‬
‫!!فِي َ‬

‫على اللَّ ِه وقَ ْد هَدانا ُ‬


‫سبُلَنا﴾ قال العلماء‪ :‬الهداية‬ ‫قوله‪﴿ :‬وما لَنا ّأال نَت ََو َّك َل َ‬
‫‪.‬والتوكل متالزمان‪ .‬والتوكل ركن التوحيد‬
‫‪319‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى اللَّ ِه َف ْل َيت ََو َّك ِل ْال ُمت ََو ِ ّكلُونَ ﴾ وفي الحديث " لو أنكم تتوكلون على‬
‫﴿و َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫صا وتروح بطانًا"‬
‫الطير ‪ :‬تغدوا خما ً‬
‫َ‬ ‫حق تو ُّكله ؛ لرزقكم كما يرزق‬
‫الله َّ‬
‫‪.‬صححه اَللباني‬
‫وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس " يَ ْد ُخ ُل ال َج َّنةَ ِمن أ ُ َّمتي َس ْبعُونَ‬
‫طي َُّرونَ ‪ ،‬وعلَى َربِّ ِه ْم‬ ‫ب‪ُ ،‬ه ُم الَّذِينَ ال يَ ْست َْرقُونَ ‪ ،‬وال يَتَ َ‬ ‫ْألفًا ِ‬
‫بغير ِحسا ٍ‬
‫"‪َ .‬يت ََو َّكلُونَ‬

‫ضنا ْأو لَتَعُود َُّن في‬ ‫﴿وقا َل الَّذِينَ َكفَ ُروا ِل ُر ُ‬


‫س ِل ِه ْم لَنُ ْخ ِر َجنَّكم ِمن ْ‬
‫أر ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ْب والَّذِينَ آ َمنُوا َم َع َك ِمن‬ ‫ب‪َ ﴿ :‬لنُ ْخ ِر َجنَّ َك يا ُ‬
‫ش َعي ُ‬ ‫ِملَّتِنا﴾ َكقَ ْو ِل ِه َ‬
‫ع ْن قَ ْو ِم ُ‬
‫ش َع ْي ٍ‬
‫ع ْن قَ ْو ِم لُوطٍ ‪﴿ :‬فَما‬ ‫قَ ْريَتِنا ْأو لَتَعُود َُّن في ِملَّتِنا قا َل َأولَ ْو ُكنّا ِ‬
‫كارهِينَ ﴾ وقَ ْو ِل ِه َ‬
‫أخ ِر ُجوا آ َل لُوطٍ ِمن قَ ْر َي ِتكم إنَّهم أ ُ ٌ‬
‫ناس‬ ‫أن قالُوا ْ‬ ‫واب قَ ْو ِم ِه ّإال ْ‬
‫كانَ َج َ‬
‫﴿وإ ْذ يَ ْم ُك ُر ِب َك َّالذِينَ َكفَ ُروا ِليُثْ ِبت ُ َ‬
‫وك ْأو‬ ‫ع ْن ُم ْش ِر ِكي قُ َري ٍْش‪َ :‬‬ ‫يَت َ َ‬
‫ط َّه ُرونَ ﴾ وقَ ْو ِل ِه َ‬
‫واللهُ َخي ُْر الما ِك ِرينَ ﴾‬‫وك ويَ ْم ُك ُرونَ ويَ ْم ُك ُر اللَّهُ َّ‬
‫وك ْأو يُ ْخ ِر ُج َ‬‫يَ ْقتُلُ َ‬

‫س ُل َربَّ َها‬
‫ت ال ُّر ُ‬ ‫﴿وا ْست َ ْفت َ ُحوا﴾ وهو طلب النصر أو الحكم أَيِ‪ :‬ا ْستَ ْن َ‬
‫ص َر ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ت ْاَل ُ َم ُم َ‬
‫علَى أ َ ْنفُ ِس َها‬ ‫علَى قَ ْو ِم َها‪ .‬وقيل‪ :‬ا ْست َ ْفت َ َح ِ‬
‫‪َ .‬‬

‫﴿م ْن َو َرائِ ِه َج َهنَّ ُم﴾ َو"وراء" ها هنا‬ ‫﴿من ورا ِئ ِه َج َهنَّ ُم﴾ َوقَ ْولُهُ‪ِ :‬‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ :‬‬
‫ص ًبا﴾‬
‫غ ْ‬ ‫﴿و َكانَ َو َرا َء ُه ْم َم ِل ٌك َيأ ْ ُخذُ ُك َّل َ‬
‫س ِفي َن ٍة َ‬ ‫ِب َم ْعنَى "أ َ َما ُم"‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫‪320‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الري ُح في يَ ْو ٍم‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬مث َ ُل َّالذِينَ َكفَ ُروا بِ َربِّ ِه ْم أعْمالُهم َك َرما ٍد ا ْشتَد ْ‬
‫َّت بِ ِه ِ ّ‬
‫ب ِب ِقي َع ٍة َيحْ َسبُهُ َّ‬
‫الظ ْم ُ‬
‫آن ما ًء‬ ‫﴿والذِينَ َكفَ ُروا أعْمالُهم َك َ‬
‫سرا ٍ‬ ‫عاصفٍ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫ش ْيئًا﴾ وقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ياأيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ال تُب ِْطلُوا َ‬
‫ص َدقاتِكم‬ ‫َحتّى إذا جا َءهُ لَ ْم يَ ِج ْدهُ َ‬
‫اس وال يُؤْ ِم ُن بِاللَّ ِه واليَ ْو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‬ ‫بِال َم ِّن واَلذى كالَّذِي يُ ْن ِف ُق مالَهُ ِرئا َء ال ّن ِ‬
‫ص ْلدًا ال َي ْقد ُِرونَ َ‬
‫على‬ ‫راب فَأصا َبهُ وا ِب ٌل َفت ََر َكهُ َ‬‫ع َل ْي ِه ت ُ ٌ‬ ‫ص ْف ٍ‬
‫وان َ‬ ‫فَ َمثَلُهُ َك َمث َ ِل َ‬
‫ع ِملُوا‬
‫﴿وقَد ِْمنا إلى ما َ‬ ‫سبُوا َّ‬
‫واللهُ ال يَ ْهدِي القَ ْو َم الكافِ ِرينَ ﴾ وقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫ش ْيءٍ ِم ّما َك َ‬
‫َ‬
‫ع َم ٍل فَ َجعَ ْلناهُ هَبا ًء َمنث ُ ً‬
‫ورا﴾‬ ‫ِمن َ‬

‫س ٰۤــ ۟‬
‫وا‬‫ی ٱلَّ ِذينَ أ َ َ ُٔ‬ ‫ض ِبٱ ۡل َح ٰۚ ّ ِ‬
‫ق} { ِل َي ۡج ِز َ‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر َ‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬‫قوله‪﴿ :‬أَلَ ۡم ت ََر أ َ َّن ٱللَّهَ َخ َلقَ ٱل َّ‬
‫وا بِٱ ۡل ُح ۡسنَى‬‫سنُ ۟‬ ‫ی ٱلَّ ِذينَ أَ ۡح َ‬
‫وا َويَ ۡج ِز َ‬ ‫ع ِملُ ۟‬ ‫}بِ َما َ‬

‫علَى اللَّ ِه ِب َع ِز ٍ‬
‫يز﴾ كقوله‪:‬‬ ‫ق َجدِي ٍد َو َما ذَ ِل َك َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ْن َيشَأ ْ يُ ْذ ِه ْب ُك ْم َو َيأ ْ ِ‬
‫ت ِبخ َْل ٍ‬
‫﴿و ِإ ْن تَت ََولَّ ْوا َي ْست َ ْبد ِْل قَ ْو ًما َ‬
‫غي َْر ُك ْم ث ُ َّم َال َي ُكونُوا أ َ ْمثَالَ ُك ْم﴾‬ ‫َ‬

‫‪321‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يص﴾ قيل‪ِ :‬إ َّن أ َ ْه َل ال َّن ِ‬


‫ار‬ ‫ص َب ْرنَا َما لَنَا ِم ْن َم ِح ٍ‬ ‫علَ ْينَا أ َ َج ِز ْعنَا أَ ْم َ‬
‫س َوا ٌء َ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬‬
‫ض‪ :‬ت َ َعالَ ْوا‪ ،‬فَإِنَّ َما أَ ْد َر َك أ َ ْه ُل ْال َجنَّ ِة ْال َج َّنةَ ِببُ َكائِ ِه ْم َوتَ َ‬
‫ض ُّر ِع ِه ْم‬ ‫قَا َل بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬
‫عوا‪ ،‬فَلَّ َما‬ ‫ض َّرعُ ِإلَى اللَّ ِه فَ َب َك ْوا َوت َ َ‬
‫ض َّر ُ‬ ‫ع َّز َو َج َّل‪ ،‬ت َ َعالَ ْوا َنب ِْك َو َنت َ َ‬ ‫ِإلَى َّ‬
‫الل ِه‪َ ،‬‬
‫َرأ َ ْوا ذَ ِل َك َال يَ ْنفَعُ ُه ْم قَالُوا‪ :‬ت َ َعالَ ْوا‪ ،‬فَإِنَّ َما أَ ْد َر َك أ َ ْه ُل ْال َجنَّ ِة ْال َجنَّةَ ِبال َّ‬
‫صب ِْر‪،‬‬
‫صب ًْرا لَ ْم يُ َر ِمثْلُهُ‪ ،‬فَلَ ْم يَ ْنفَ ْع ُه ْم ذَ ِل َك‪ ،‬فَ ِع ْن َد ذَ ِل َك‬ ‫تَعَالَ ْوا َحتَّى نَ ْ‬
‫صبِ َر فَ َ‬
‫صبَ ُروا َ‬
‫علَ ْينَا أ َ َج ِز ْعنَا أَ ْم َ‬
‫ص َب ْرنَا َما لَنَا ِم ْن َم ِح ٍ‬
‫يص﴾‬ ‫قَالُوا ﴿ َ‬
‫س َوا ٌء َ‬

‫ق‬‫ع َد ال َح ّ ِ‬
‫ع َدكم و َ‬ ‫إن اللَّهَ و َ‬
‫اَلم ُر َّ‬
‫ي ْ‬ ‫ض َ‬‫ْطان لَ ّما قُ ِ‬
‫شي ُ‬ ‫﴿وقا َل ال َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ْطان‪َ ﴿ :‬ي ِعدُهم ويُ َم ّنِي ِه ْم وما َي ِع ُد ُه ُم‬
‫شي ِ‬ ‫أخ َل ْفت ُ ُك ْم﴾ ك َق ْو ِل ِه في و ْع ِد ال َّ‬
‫ع ْدتُكم َف ْ‬
‫وو َ‬
‫َ‬
‫ورا﴾‬ ‫ْطان ّإال ُ‬
‫غ ُر ً‬ ‫شي ُ‬ ‫ال َّ‬

‫‪.‬يخذل الشيطان صاحبه في الدنيا واآلخرة بعد إنجاز وعده فيه‬


‫"في الدنيا‪" :‬نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم‬
‫"وفي اآلخرة‪" :‬ما أنا بمصرخكم‬

‫ت أَب َْوابُ َها َوقَا َل‬ ‫سال ٌم﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪َ ﴿ :‬حتَّى إِذَا َجا ُءوهَا َوفُتِ َح ْ‬ ‫﴿ت َِح َّيت ُ ُه ْم ِفي َها َ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِم ْن ُك ِّل‬‫﴿و ْال َمالئِ َكةُ َي ْد ُخلُونَ َ‬
‫علَ ْي ُك ْم﴾‪َ ،‬وقَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫لَ ُه ْم خَزَ نَت ُ َها َ‬
‫سال ٌم َ‬
‫علَ ْي ُك ْم﴾‬
‫سال ٌم َ‬
‫ب َ‬
‫بَا ٍ‬

‫‪322‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣱ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ش َج َرةࣲ َ‬
‫ط ِّي َب ٍة أصۡ ل َها ثَا ِبت‬ ‫ط ِّي َبة َك َ‬‫ب ٱ َّللهُ َمثَال َك ِل َمة َ‬ ‫ض َر َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَلَ ۡم ت ََر َك ۡي َ‬
‫ف َ‬
‫ب ٱ َّللهُ‬
‫ض ِر ُ‬ ‫س َم ۤا ِء ۝‪ ٤٢‬ت ُ ۡؤتِ ۤی أ ُ ُكلَ َها ُك َّل ِحي ِن بِإ ِ ۡذ ِن َربِّ َه ٰۗا َويَ ۡ‬
‫ع َها فِی ٱل َّ‬ ‫َوفَ ۡر ُ‬
‫ٱ َۡل َ ۡمثَا َل ِللنَّ ِ‬
‫اس لَ َعلَّ ُه ۡم َيتَذَ َّك ُرونَ ۝‪َ ٤٢‬و َمثَ ُل َك ِل َم ٍة َخ ِبيثَةࣲ َك َ‬
‫ش َج َرةٍ َخ ِبيث َ ٍة ٱ ۡجتُثَّ ۡت‬
‫ض َما لَ َها ِمن قَ َر ࣲار ۝‪﴾٤٢‬‬ ‫ق ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ِمن فَ ۡو ِ‬
‫ت﴾ أي فِي قَ ْل ِ‬
‫ب‬ ‫صلُ َها ثَابِ ٌ‬ ‫ش َها َدة ُ أ َ ْن َال ِإلَهَ ِإ َّال َّ‬
‫اللهُ‪ .‬و﴿أَ ْ‬ ‫الكلمة الطيبة هي َ‬
‫اء﴾ أي أعمال الجوارح من اَلقوال واَلفعال‪.‬‬ ‫س َم ِ‬‫ع َها ِفي ال َّ‬ ‫ْال ُمؤْ ِم ِن‪َ ،‬‬
‫﴿وفَ ْر ُ‬
‫ع َم َر قَا َل‪:‬‬ ‫طيِّ َبةٍ﴾ َو ُه َو ْال ُمؤْ ِم ُن‪ ،‬كما في صحيح البخاري َ‬
‫ع ِن اب ِْن ُ‬ ‫ش َج َرةٍ َ‬
‫﴿ َك َ‬
‫ش َج َرةٍ ت ُ ْش ِبهُ ‪-‬أ َ ْو‪َ :‬ك َّ‬
‫الر ُج ِل ‪-‬‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ فَقَا َل‪" :‬أ َ ْخبِ ُرونِي َ‬
‫ع ْن َ‬ ‫ُكنَّا ِع ْن َد َر ُ‬
‫ين"‪ .‬قَا َل اب ُْن ُ‬
‫ع َم َر‪:‬‬ ‫[و َال َو َال َو َال] تُؤْ تِي أ ُ ُكلَ َها ُك َّل ِح ٍ‬ ‫ا َ ْل ُم ْس ِل ِم‪َ ،‬ال َيت َ َح ُّ‬
‫ات َو َرقُ َها َ‬
‫ع َم َر َال يَت َ َكلَّ َم ِ‬
‫ان‪ ،‬فَ َك ِر ْهتُ أ َ ْن‬ ‫فَ َوقَ َع فِي نَ ْف ِسي أَنَّ َها النَّ ْخ َلةُ‪َ ،‬و َرأَيْتُ أَبَا َب ْك ٍر َو ُ‬
‫ي ال َّن ْخ َلةُ‬‫الل ِه ﷺ‪ِ " :‬ه َ‬ ‫سو ُل َّ‬ ‫ش ْيئًا‪ ،‬قَا َل َر ُ‬ ‫"أَت َ َكلَّ َم‪ ،‬فَلَ َّما َل ْم َيقُولُوا َ‬
‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬تُؤْ تِي أ ُ ُكلَ َها ُك َّل ِح ٍ‬
‫ين﴾ أي الثواب‬
‫ش َج َر ٍة َخبِيثَةٍ﴾ َه َذا َمث َ ُل ُك ْف ِر ْال َكافِ ِر‪َ ،‬ال أ َ ْ‬
‫ص َل لَهُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َمث َ ُل َك ِل َم ٍة َخبِيث َ ٍة َك َ‬
‫"و َال ث َ َب َ‬
‫ات‪" .‬فأما الزبد فيذهب جفاء‬ ‫َ‬

‫‪323‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت فِي ْال َح َياةِ ال ُّد ْن َيا َوفِي ِ‬


‫اآلخ َرةِ﴾‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬يُثَ ِبّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آ َمنُوا ِب ْالقَ ْو ِل الثَّا ِب ِ‬
‫القول الثابت هو التوحيد كما في الصحيحين من حديث براء بن عازب "‬
‫وأن ُم َح َّمدًا َرسو ُل اللَّ ِه‪،‬‬
‫أن ال إ َلهَ َّإال اللَّهُ َّ‬
‫س ِئ َل في القَب ِْر‪َ ،‬ي ْش َه ُد ْ‬
‫ال ُم ْس ِل ُم إذا ُ‬
‫ت فِي ْال َحيَاةِ ال ُّد ْنيَا َوفِي‬
‫ذلك قَ ْولُهُ‪{ :‬يُثَ ِبّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آ َمنُوا ِب ْالقَ ْو ِل الثَّا ِب ِ‬
‫فَ َ‬
‫ْ‬
‫"اآل ِخ َرةِ}‬

‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬أَلَ ْم ت ََر ِإلَى الَّذِينَ بَ َّدلُوا نِ ْع َمةَ اللَّ ِه ُك ْف ًرا﴾ قال أكثر المفسرين‪ُ :‬ه ْم ُكفَّ ُ‬
‫ار‬
‫ار ْالبَ َو ِار﴾ اَلولى أن قال دار اآلخرة كما دل‬ ‫﴿وأ َ َحلُّوا قَ ْو َم ُه ْم َد َ‬
‫أ َ ْه ِل َم َّكةَ‪َ .‬‬
‫‪.‬عليه السياق‬

‫عال ِن َيةً﴾ باختالف اَلوقات كقوله‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ويُ ْن ِفقُوا ِم ّما َرزَ ْقناهم ِس ًّرا و َ‬
‫ࣱ‬
‫ی َو ِإن ت ُ ۡخفُوهَا َوت ُ ۡؤتُوهَا ٱ ۡلفُقَ َر ۤا َء فَ ُه َو َخ ۡير لَّ ُك ٰۡۚم}‬
‫ت فَنِ ِع َّما ِه َ‬‫ص َدقَ ٰـ ِ‬ ‫{ ِإن ت ُ ۡبد ۟‬
‫ُوا ٱل َّ‬
‫ي يَ ْو ٌم ال بَ ْي ٌع ِفي ِه﴾ أي فدية كقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فاليَ ْو َم ال يُؤْ َخذُ‬ ‫وقوله﴿من قَ ْب ِل ْ ْ‬
‫أن يَأتِ َ‬ ‫ِ‬
‫ِمنكم ِف ْد َيةٌ وال ِمنَ الَّذِينَ َكفَ ُروا﴾‬
‫َاك ُمخَالَّة َخ ِلي ٍل‪ .‬قال تعالى‬
‫ْس ُهن َ‬ ‫ير‪ :‬يَقُولُ‪ :‬لَي َ‬ ‫﴿وال ِخال ٌل﴾ قَا َل اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫عد ٌُّو ِإ َّال ٱ ۡل ُمت َّ ِقينَ }‬
‫ض َ‬ ‫‪{ :‬ٱ َۡل َ ِخ َّ ۤال ُء يَ ۡو َم ِٕى ِذ بَعۡ ُ‬
‫ض ُه ۡم ِلبَعۡ ٍ‬

‫‪324‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وار ُز ْقهم ِمنَ الث َّ َمراتِ﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فاجْ َع ْل أ ْفئِ َدة ً ِمنَ ال ّن ِ‬
‫اس ت َ ْه ِوي إلَ ْي ِه ْم ْ‬
‫اب َّ‬
‫اللهُ ذَ ِل َك‪َ ،‬ك َما قَا َل‪﴿ :‬أ َ َولَ ْم نُ َم ِ ّك ْن لَ ُه ْم َح َر ًما ِآمنًا يُجْ بَى ِإ َل ْي ِه‬ ‫اآليَةَ‪َ .‬وقَ ِد ا ْست َ َج َ‬
‫َيءٍ ِر ْزقًا ِم ْن لَ ُدنَّا﴾‬
‫ث َ َم َراتُ ُك ِّل ش ْ‬

‫علَى ْال ِكبَ ِر إِ ْس َما ِعي َل َو ِإ ْس َحاقَ إِ َّن َربِّي لَ َ‬


‫س ِمي ُع‬ ‫َب ِلي َ‬ ‫قوله‪ْ :‬‬
‫﴿ال َح ْم ُد ِللَّ ِه الَّذِي َوه َ‬
‫ࣱ‬
‫ع ُجوز َو َه ٰـذَا َبعۡ ِلی َ‬
‫ش ۡي ًخا ِإ َّن}‬ ‫اء﴾ كما قالت امرأته { َءأ َ ِل ُد َوأَن َ۠ا َ‬ ‫ال ُّد َ‬
‫ع ِ‬

‫ي﴾ فيه أقوال‪ ،‬و قيل‪َ :‬كانَ َهذَا قَ ْب َل أ َ ْن‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ربَّنا ا ْغ ِف ْر ِلي و ِلوا ِل َد َّ‬
‫‪َ .‬يت َ َب َّرأ َ ِم ْن أَ ِبي ِه كما جاء في القرءان‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ُ ﴿ :‬م ْه ِطعِينَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ ﴿ :‬ي ْخ ُر ُجونَ ِمنَ اَلجْ دا ِ‬
‫ث َكأنَّهم َجرا ٌد‬
‫ُم ْنت َ ِش ٌر﴾ ﴿ ُم ْه ِطعِينَ إلى الدّاعِ﴾‬

‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬م ْق ِن ِعي ُر ُءو ِس ِه ْم﴾ قَا َل أي‪َ :‬را ِف ِعي ُر ُءو ِس ِه ْم‬

‫صةٌ‪ ،‬يُدِي ُمونَ ال َّن َ‬


‫ظ َر َال‬ ‫ار ُه ْم َ‬
‫طائِ َرة ٌ ش ِ‬
‫َاخ َ‬ ‫ص ُ‬‫ي‪ :‬أ َ ْب َ‬
‫ط ْرفُ ُه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫﴿ال يَ ْرتَ ُّد إِ َل ْي ِه ْم َ‬
‫َ‬
‫ظةً‬
‫ط ِرفُونَ لَحْ َ‬ ‫‪َ .‬ي ْ‬

‫‪325‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪َ :‬وقُلُوبُ ُه ْم خَا ِو َيةٌ خَا ِل َيةٌ عن الفكر والفهم‪ ،‬لَي َ‬


‫ْس ِفي َها َخي ٌْر‬ ‫﴿وأ َ ْف ِئ َدت ُ ُه ْم ه ََوا ٌء﴾ أ َ ْ‬
‫َ‬
‫وب لَ َدى ْال َحن ِ‬
‫َاج ِر قَ ْد خ ََر َج ْ‬
‫ت‬ ‫ع ْق ٌل‪ .‬وقيل‪ِ :‬إ َّن أ َ ْم ِك َنةَ أ َ ْفئِ َدتِ ِه ْم خَا ِليَةٌ َِل َ َّن ْالقُلُ َ‬ ‫َو َال َ‬
‫‪ِ .‬م ْن أ َ َما ِك ِن َها ِم ْن ِش َّد ِة ْالخ َْو ِ‬
‫ف‬

‫أي‪ْ :‬أم ِه ْلنا ُم َّدة ً‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَيَقُو ُل الَّذِينَ َ‬


‫ظلَ ُموا َربَّنا أ ِ ّخ ْرنا إلى أ َج ٍل قَ ِري ٍ‬
‫ب﴾ ْ‬
‫ع إلى ال ُّد ْنيا َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬حتَّى ِإذَا َجا َء أ َ َح َد ُه ُم‬ ‫سألُوا ُّ‬
‫الر ُجو َ‬ ‫يرةً‪ .‬وقيل‪َ :‬‬ ‫َي ِس َ‬
‫ون لَ َع ِلّي أ َ ْع َم ُل َ‬
‫صا ِل ًحا فِي َما ت ََر ْكتُ ﴾‬ ‫ْ‬
‫‪.‬ال َم ْوتُ َقا َل َربّ ِ ْ‬
‫ار ِجعُ ِ‬
‫اآلخ َرةِ ﴿ولَ ْو‬
‫ظ َه َر لَ ُه ُم ال َح ُّق في ِ‬
‫لر ُجوعِ إلى ال ُّد ْنيا لَ ّما َ‬
‫سؤا ٌل ِل ُّ‬
‫وهَذا ِمنهم ُ‬
‫ُردُّوا لَعادُوا ِلما نُ ُهوا َ‬
‫ع ْنهُ﴾‬

‫قوله‪﴿ :‬أ َ َولَ ْم ت َ ُكونُوا أ َ ْق َ‬


‫س ْمت ُ ْم ِم ْن قَ ْب ُل َما لَ ُك ْم ِم ْن زَ َوا ٍل﴾ أي‪ :‬أو لم ت َ ُكونُوا‬
‫تَحْ ِلفُونَ ِم ْن قَ ْب ِل َه ِذ ِه ْال َحا ِل‪ :‬أ َ َّنهُ َال زَ َوا َل لَ ُك ْم َ‬
‫ع َّما أ َ ْنت ُ ْم فِي ِه‪ ،‬أو أ َ َّنهُ َال َم َعا َد َو َال‬
‫‪َ .‬جزَ ا َء‬

‫﴿وإن كانَ َم ْك ُرهم ِلت َُزو َل ِمنهُ ِ‬


‫الجبالُ﴾ أي‪ :‬ما كان مكرهم‪ ،‬وهذا اختيار‬ ‫ْ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫إن " هي ال ُم َخفَّفَةُ ِمنَ الث َّ ِقيلَ ِة‬
‫‪.‬الشيخ‪ .‬وقيل‪ْ " :‬‬

‫ص َرتِ ِه ْم فِي ْال َحيَاةِ ال ُّد ْنيَا َويَ ْو َم‬ ‫سلَهُ﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪ِ :‬م ْن نُ ْ‬ ‫ف َو ْع ِد ِه ُر ُ‬‫سبَ َّن اللَّهَ ُم ْخ ِل َ‬
‫﴿فَال تَحْ َ‬
‫سلَنا﴾‬
‫ص ُر ُر ُ‬ ‫َيقُو ُم ْاَل َ ْش َهادُ‪﴿ .‬إنّا َلنَ ْن ُ‬
‫‪326‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س َم َاواتُ ﴾ كما في الصحيحين‬


‫ض َوال َّ‬
‫اَلر ِ‬
‫ض َغي َْر ْ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل ْ‬
‫اَلر ُ‬
‫س ْه ٌل‬
‫ي ٍ قا َل َ‬ ‫ع ْفرا َء‪َ ،‬كقُ ْر َ‬
‫ص ِة نَ ِق ّ‬ ‫ض َبيْضا َء َ‬ ‫وم ال ِقيا َم ِة ع َلى ْ‬
‫أر ٍ‬ ‫"يُحْ ش َُر النَّ ُ‬
‫اس َي َ‬
‫ليس فيها َم ْعلَ ٌم َل َح ٍد‬
‫غي ُْرهُ‪َ :‬‬
‫"‪.‬أو َ‬
‫ْ‬

‫س َم َاواتُ ﴾ كما قال تَعَالَى‪:‬‬


‫ض َوال َّ‬
‫اَلر ِ‬
‫ض َغي َْر ْ‬ ‫قوله‪﴿ :‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل ْ‬
‫اَلر ُ‬
‫َّات ِب َي ِمينِ ِه﴾‬ ‫ماواتُ َم ْ‬
‫ط ِوي ٌ‬ ‫س َ‬ ‫ضتُهُ َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة َوال َّ‬
‫ض َج ِمي ًعا َق ْب َ‬
‫اَلر ُ‬
‫﴿و ْ‬ ‫َ‬

‫سو َل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‬ ‫سأ َ َل َر ُ‬ ‫ت‪ :‬أَنَا أ َ َّو ُل النَّ ِ‬
‫اس َ‬ ‫شةَ أَنَّ َها قَا َل ْ‬ ‫ع ْن َ‬
‫عا ِئ َ‬ ‫وفي صحيح مسلم " َ‬
‫س َم َاواتُ َوبَ َر ُزوا ِللَّ ِه‬‫ض َوال َّ‬‫اَلر ِ‬‫غي َْر ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْن َه ِذ ِه ْاآليَ ِة‪﴿ :‬يَ ْو َم ت ُ َب َّد ُل ْ‬
‫اَلر ُ‬ ‫َ‬
‫علَى‬ ‫سو َل اللَّ ِه؟ َقا َل‪َ " :‬‬ ‫ت‪ :‬قُ ْلتُ ‪ :‬أَيْنَ النَّ ُ‬
‫اس يَ ْو َمئِ ٍذ يَا َر ُ‬ ‫ار﴾ قَالَ ْ‬ ‫اح ِد ْالقَ َّه ِ‬
‫ْال َو ِ‬
‫اط‬
‫ص َر ِ‬
‫"‪".‬ال ِ ّ‬

‫وس‬ ‫﴿وت ََرى ٱ ۡل ُم ۡج ِر ِمينَ يَ ۡو َم ِٕى ࣲذ ُّمقَ َّرنِينَ ِفی ٱ َۡلَصۡ فَا ِد} َك َما قَا َل‪َ :‬‬
‫﴿وإِذَا النُّفُ ُ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ُز ّ ِو َج ْ‬
‫ت﴾‬

‫‪327‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب ِللنَّ ِ‬
‫اس‬ ‫ب﴾ يُحْ ت َ َم ُل أَ ْن َي ُكونَ َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬ا ْقت ََر َ‬ ‫س ِري ُع ْال ِح َ‬
‫سا ِ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ َ‬
‫س ِري ُع‬ ‫غ ْفلَ ٍة ُم ْع ِرضُونَ ﴾ َويُحْ تَ َم ُل أَنَّهُ فِي َحا ِل ُم َحا َ‬
‫سبَتِ ِه ِل َع ْب ِد ِه َ‬ ‫سابُ ُه ْم َو ُه ْم فِي َ‬‫ِح َ‬
‫‪.‬النَّجاز‬

‫تمت بحمد الله‬

‫‪328‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة الحجر مكية‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫﴿ربَ َما يَ َو ُّد الَّذِينَ َكفَ ُروا لَ ْو َكانُوا ُم ْس ِل ِمينَ ﴾‬
‫قَ ْولُهُ‪ُ :‬‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪" :‬إِذَا اجْ ت َ َم َع أ َ ْه ُل‬
‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪َ :‬قا َل َر ُ‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْن أَبِي ُمو َ‬
‫سى‪َ ،‬ر ِ‬ ‫َ‬
‫ار ِل ْل ُم ْس ِل ِمينَ ‪ :‬أَ َل ْم‬
‫ار‪َ ،‬و َم َع ُه ْم َم ْن شَا َء اللَّهُ ِم ْن أ َ ْه ِل ْال ِق ْبلَ ِة‪ ،‬قَا َل ْال ُكفَّ ُ‬
‫ار ِفي النَّ ِ‬
‫النَّ ِ‬
‫ص ْرت ُ ْم َم َعنَا‬ ‫اْلس َْال ُم! فَقَ ْد ِ‬ ‫ع ْن ُك ُم ْ ِ‬ ‫ت َ ُكونُوا ُم ْس ِل ِمينَ ؟ قَالُوا‪ :‬بَلَى‪َ .‬قالُوا‪ :‬فَ َما أَ ْغنَى َ‬
‫س ِم َع اللَّهُ َما قَالُوا‪َ ،‬فأ َ َم َر بِ َم ْن‬ ‫وب فَأ ُ ِخ ْذنَا ِب َها‪ .‬فَ َ‬
‫َت َلنَا ذُنُ ٌ‬ ‫ار؟ قَالُوا‪َ :‬كان ْ‬ ‫فِي النَّ ِ‬
‫ي ِمنَ ْال ُكفَّ ِ‬ ‫ُ‬
‫ار‬ ‫ار ِم ْن أَ ْه ِل ْال ِق ْبلَ ِة فَأ ْخ ِر ُجوا‪َ ،‬فلَ َّما َرأَى ذَ ِل َك َم ْن َب ِق َ‬
‫َكانَ فِي النَّ ِ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪:‬‬ ‫قَالُوا‪ :‬يَا لَ ْيتَنَا ُكنَّا ُم ْس ِل ِمينَ فَن َْخ ُر َج َك َما َخ َر ُجوا"‪ .‬قَا َل‪ :‬ث ُ َّم قَ َرأ َ َر ُ‬
‫آن ُم ِبين ُر َب َما َي َو ُّد‬ ‫الر ِج ِيم‪﴿ ،‬الر ِت ْل َك آ َياتُ ْال ِكت َا ِ‬
‫ب َوقُ ْر ٍ‬ ‫ان َّ‬ ‫عوذُ ِب َّ‬
‫الل ِه ِمنَ ال َّش ْي َ‬
‫ط ِ‬ ‫أَ ُ‬
‫‪.‬الَّذِينَ َكفَ ُروا لَ ْو َكانُوا ُم ْس ِل ِمينَ ﴾ صححه اَللباني‬

‫ف َي ْعلَ ُمونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ذَ ْرهم َيأ ْ ُكلُوا و َيت َ َمتَّعُوا ويُ ْل ِه ِه ُم اَل َم ُل فَ َ‬
‫س ْو َ‬
‫﴿ ُكلُوا وت َ َمتَّعُوا قَ ِل ً‬
‫يال إنَّكم ُمجْ ِر ُمونَ ﴾‬

‫ف َي ْعلَ ُمونَ ﴾ في الصحيح من حديث أبي هريرة‬ ‫﴿ويُ ْل ِه ِه ُم اَل َم ُل فَ َ‬


‫س ْو َ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه " ال يَزا ُل َق ْل ُ‬
‫ب ال َك ِب ِ‬
‫ير‬
‫شابًّا في اثْ َنتَي ِْن‪ :‬في ُحبّ ِ ال ُّد ْنيا و ُ‬
‫طو ِل اَل َم ِل‪ ".‬رواه البخاري‬
‫‪329‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سالَ ِة َو ْال َعذَا ِ‬


‫ب‬ ‫الر َ‬ ‫‪.‬قوله‪َ ﴿ :‬ما نُنز ُل ْال َمال ِئ َكةَ ِإال ِب ْال َح ّ ِ‬
‫ق﴾ أي‪ِ :‬ب ِ ّ‬

‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬إِنَّا نَحْ ُن ن ََّز ْلنَا ال ِذّ ْك َر﴾ يَ ْعنِي ْالقُ ْرآنَ والسنة‪َ .‬فت ََولَّى ُ‬
‫س ْب َحا َنهُ ِح ْف َ‬
‫ظهُ‬
‫غي ِْر ِه‪ِ ":‬ب َما ا ْستُحْ ِف ُ‬
‫ظوا"‪ ،‬فَ َو َك َل ِح ْف َ‬
‫ظهُ ِإلَ ْي ِه ْم‬ ‫فَلَ ْم َيزَ ْلء َمحْ فُو ً‬
‫ظا‪َ ،‬وقَا َل ِفي َ‬
‫‪.‬فَبَ َّدلُوا َو َغي َُّروا‬

‫ظلُّوا ِفي ِه َي ْع ُر ُجون ‪ .‬لَقالُوا إنَّما‬


‫ماء َف َ‬
‫س ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ولَ ْو َفتَحْ نا َعلَ ْي ِه ْم بابًا ِمنَ ال َّ‬
‫س َما ِءۤ‬ ‫۟ ࣰ‬
‫{و ِإن يَ َر ۡوا ِك ۡسفا ِّمنَ ٱل َّ‬
‫ورونَ ﴾ كقوله َ‬ ‫ْصارنا بَ ْل نَحْ ُن قَ ْو ٌم َم ْس ُح ُ‬
‫ت أب ُ‬ ‫س ِ ّك َر ْ‬
‫ُ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬ ‫ࣰ‬
‫۟‬ ‫ُ‬
‫سا ِقطا َيقُولوا َس َحاب َّم ۡر ُكوم}‬ ‫َ‬

‫﴿ولَقَ ْد زَ يَّ ّنا ال َّ‬


‫سما َء ال ُّد ْنيا بِ َمصابِي َح﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وزَ َّينّاها ِللنّ ِ‬
‫اظ ِرينَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬

‫هاب‬ ‫ْطان َر ِج ٍيم ‪ّ .‬إال َم ِن ا ْست ََرقَ ال َّ‬


‫س ْم َع َفأتْبَ َعهُ ِش ٌ‬ ‫شي ٍ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬و َح ِف ْ‬
‫ظناها ِمن ُك ِّل َ‬
‫ُمبِ ٌ‬
‫ين﴾ كما ثبت في القرآن واَلحاديث الصحاح كانت الجن تتراكم نحو‬
‫ص َمةَ َ‬
‫الوحْ ي ِ‬ ‫المساء فتقعد منها مقاعد الستراق السمع‪ ،‬فَلَ ّما أرا َد اللَّهُ ِع ْ‬
‫الج ِّن َداللَةٌ َ‬
‫على أنَّهُ ُم ِن َع بَ ْع َد البِ ْعثَ ِة‪ ،‬ونُ ُزو ِل‬ ‫ورةِ ِ‬
‫س َ‬‫َمنَ َعهم ِمن ذَ ِل َك بَتاتًا‪ .‬وفِي ُ‬
‫‪.‬القُ ْر ِ‬
‫آن‬
‫‪330‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الرياحِ‬‫ف ِّ‬ ‫ص ُ‬‫وو ْ‬‫الريا َح لَواقِ َح﴾ اللَّواقِ ُح َج ْم ُع القِحٍ‪َ ،‬‬ ‫س ْلنا ِ ّ‬
‫أر َ‬
‫﴿و ْ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ماء‪ :‬اللَّوا ِق ُح‬
‫ض العُلَ ِ‬ ‫ط َر‪ .‬وقا َل َب ْع ُ‬ ‫وام ُل تَحْ ِم ُل ال َم َ‬
‫ِب َك ْو ِنها لَوا ِق َح؛ َِلنَّها َح ِ‬
‫ب وال َّش َج ِر‬‫سحا ِ‬ ‫غي َْرها ِمنَ ال َّ‬ ‫أي الَّتِي تُلَ ِقّ ُح َ‬
‫ح‪ْ ،‬‬ ‫‪ِ .‬ب َم ْعنى ال َمالقِ ِ‬

‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬


‫﴿وما أ ْنت ُ ْم لَهُ ِب ِ‬
‫خازنِينَ ﴾‬
‫هان ِمنَ الت َّ ْف ِس ِ‬
‫ير‬ ‫ماء وجْ ِ‬ ‫‪:‬فِي ِه ِل ْلعُلَ ِ‬
‫الخازنُونَ لَهُ‪ ،‬نُن ِ َّزلُهُ َمتى ِشئْنا‬
‫ِ‬ ‫ت خَزا ِئنُهُ ِع ْن َدكم بَ ْل نَحْ ُن‬‫أي لَ ْي َس ْ‬
‫اَلو ِل‪ْ :‬‬ ‫‪َّ .‬‬
‫أن أ ْنزَ ْلناهُ َ‬
‫ع َليْكم‪ - ،‬ال ت َ ْقد ُِرونَ َ‬
‫على ِح ْف ِظ ِه في‬ ‫الثّانِي‪َّ :‬‬
‫أن َم ْعنى أي ‪َ -‬ب ْع َد ْ‬
‫ظونَ لَهُ ِفيها‬ ‫ران‪ ،‬بَ ْل نَحْ ُن الحا ِف ُ‬‫ون والغُ ْد ِ‬
‫‪.‬اآلبار والعُيُ ِ‬
‫ِ‬

‫ش ۡیءٍ هَا ِل ٌك ِإ َّال‬


‫﴿وإنّا َلنَحْ ُن نُحْ ي ِ ونُ ِميتُ ﴾ كما قال تعالى { ُك ُّل َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫َو ۡج َههُۥٰۚ لَهُ ٱ ۡل ُح ۡك ُم َوإِ َل ۡي ِه ت ُ ۡر َجعُونَ }‬

‫ع ِل ْمنَا ْال ُم ْست َأ ْ ِخ ِرينَ ﴾ فيه حديث على‬


‫ع ِل ْمنَا ْال ُم ْست َ ْقد ِِمينَ ِم ْن ُك ْم َولَقَ ْد َ‬
‫﴿ولَقَ ْد َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫أنها نزلت في صفوف الصالة ولكن اآلية عامة تشمل اَلمم المتقدمة‬
‫‪.‬والمتأخرة‬

‫‪331‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص ْلصا ٍل ِمن َح َمإ ٍ َم ْسنُ ٍ‬


‫ون﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪:‬‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ْد َخلَ ْقنا اْل ْنسانَ ِمن َ‬
‫ص ْلصا ٍل كالفَ ّخ ِ‬
‫ار﴾‬ ‫﴿ َخلَقَ اْل ْنسانَ ِمن َ‬
‫ورةَ‬
‫ص َ‬ ‫أي أ ُ ْف ِر َ‬
‫غ ُ‬ ‫وب ال ُم ْف َرغُ ْ‬
‫صبُ ُ‬ ‫ص َّو ُر‪َ ،‬و ِقي َل ال َم ْسنُ ُ‬
‫ون ال َم ْ‬ ‫وال َم ْسنُ ُ‬
‫ون ِقي َل‪ :‬ال ُم َ‬
‫ون ال ُم ْنتِ ُن‬ ‫‪.‬إ ْن ٍ‬
‫سان‪ ،‬وقِي َل‪ :‬ال َم ْسنُ ُ‬

‫وم﴾‬
‫س ُم ِ‬ ‫﴿م ْن ن ِ‬
‫َار ال َّ‬ ‫ان ِ‬
‫س ِ‬ ‫ي‪ِ :‬م ْن قَ ْب ِل ْ ِ‬
‫اْل ْن َ‬ ‫﴿و ْال َج َّ‬
‫ان َخلَ ْقنَاهُ ِم ْن قَ ْبلُ﴾ أَ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ارجٍ ِم ْن‬ ‫في صحيح مسلم " ُخلقت المالئكة من نور‪ ،‬و ُخلقت ْال َج ُّ‬
‫ان ِم ْن َم ِ‬
‫وصف لَ ُك ْم‬
‫َار‪ ،‬و ُخلق َبنُو آ َد َم ِم َّما ِ‬
‫"ن ٍ‬

‫اجدِينَ ﴾ كقوله‪ِ { :‬إ َّ ۤال ِإ ۡب ِلي َ‬


‫س َكانَ ِمنَ‬ ‫س ِ‬‫أن يَ ُكونَ َم َع ال ّ‬ ‫يس أبى ْ‬ ‫وقَ ْولُهُ ّ‬
‫﴿إال إ ْب ِل َ‬
‫ع ۡن أ َ ۡم ِر َر ِبّ ِهۦ ٰۗۤۤ}‬
‫سقَ َ‬ ‫ٱ ۡل ِج ِّن َففَ َ‬

‫ص ْلصا ٍل ِمن َح َم ٍأ َم ْسنُ ٍ‬


‫ون﴾ كقوله ﴿أنا‬ ‫وقَ ْولُهُ ﴿لَ ْم أ ُك ْن َِل ْس ُج َد ِل َبش ٍَر َخلَ ْقتَهُ ِمن َ‬
‫نار و َخلَ ْقتَهُ ِمن ِط ٍ‬
‫ين﴾‬ ‫َخي ٌْر ِمنهُ َخلَ ْقتَنِي ِمن ٍ‬

‫‪332‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن ت َ ُكونَ‬
‫وز ْ‬
‫صل إلي‪ ،‬و َي ُج ُ‬ ‫علَ َّ‬
‫ي ُم ْست َ ِقي ٌم﴾ أي مو ّ‬ ‫صرا ٌ‬
‫ط َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قا َل هَذا ِ‬
‫يس ِمن قَ ْو ِل ِه ّإال ِعبا َد َك‬ ‫سبَقَ في ِحكايَ ِة َك ِ‬
‫الم إ ْب ِل َ‬ ‫ناء الَّذِي َ‬ ‫اْلشارة ُ إلى ِاال ْستِثْ ِ‬
‫َ‬
‫ص ُه ُم اللَّهُ‬ ‫ض ُّم ِن ِه أنَّهُ ال َي ْست َِطي ُع غَوا َيةَ ال ِعبا ِد الَّذِينَ ْ‬
‫أخ َل َ‬ ‫صينَ ِلتَ َ‬ ‫ِمن ُه ُم ال ُم ْخ َل ِ‬
‫‪ِ .‬ل ْل َخي ِْر‬

‫علَى ُ‬
‫س ُر ٍر ُمتَقَا ِبلِينَ ﴾ في‬ ‫ُور ِه ْم ِم ْن ِغ ٍّل ِإ ْخ َوانًا َ‬
‫صد ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿ونز ْعنَا َما ِفي ُ‬
‫ار‪ ،‬فيُحبسون‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪" :‬يَ ْخلُص ْال ُمؤْ ِمنُونَ ِمنَ النَّ ِ‬ ‫الصحيح أ َ َّن َر ُ‬
‫ض ِه ْم‪َ ،‬م َ‬
‫ظا ِل ُم َكان ْ‬
‫َت‬ ‫ض ِه ْم ِم ْن بَ ْع ِ‬ ‫ط َرةٍ بَيْنَ ْال َج َّن ِة َوالنَّ ِ‬
‫ار‪ ،‬فيُقتص ِل َب ْع ِ‬ ‫علَى قَ ْن َ‬
‫َ‬
‫َب ْينَ ُه ْم فِي ال ُّد ْن َيا‪َ ،‬حتَّى ِإذَا ُهذِّبوا ونُقّوا‪ ،‬أُذِنَ لَ ُه ْم فِي ُد ُخو ِل ْال َج َّن ِة" رواه‬
‫‪.‬البخاري‬

‫عذَا ِبي ُه َو ْال َعذَ ُ‬


‫اب اَل ِلي ُم﴾ في‬ ‫الر ِحي ُم َوأ َ َّن َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬نَ ِبّئْ ِعبَادِي أَنِّي أَنَا ْالغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬
‫صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله‬
‫ط ِم َع ِب َج َّن ِت ِه‬ ‫عليه وسلم قال " لَ ْو َي ْعلَ ُم ال ُمؤْ ِم ُن ما ِع ْن َد الل ِه ِمنَ العُقُو َب ِة‪ ،‬ما َ‬
‫ط ِمن َجنَّتِ ِه أ َ َح ٌد‬ ‫"‪.‬أ َ َحدٌ‪ ،‬ولو يَ ْعلَ ُم ال َكافِ ُر ما ِع ْن َد الل ِه ِمنَ َّ‬
‫الرحْ َم ِة‪ ،‬ما َقنَ َ‬

‫قوله‪﴿ :‬قَا َل ِإنَّا ِم ْن ُك ْم َو ِجلُونَ ﴾ كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬فلَ َّما َرأَى أَ ْي ِد َي ُه ْم َال ت ِ‬
‫َص ُل ِإ َل ْي ِه‬
‫س ِم ْن ُه ْم ِخي َفةً﴾‬‫نَ ِك َر ُه ْم َوأ َ ْو َج َ‬

‫‪333‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ِل ٍيم﴾ وهَذا الغُال ُم َبيَّنَ ت َعالى‬ ‫ش ُر َك ِبغُ ٍ‬


‫الم َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قالُوا ال ت َْو َج ْل إنّا نُ َب ِ ّ‬
‫ش ْرناها بِإسْحاقَ‬ ‫ت َفبَ َّ‬ ‫﴿وام َرأتُهُ قائِ َمةٌ فَ َ‬
‫ض ِح َك ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْحاق َكما في قوله‪:‬‬ ‫أنَّهُ هو إس ُ‬
‫وف‬
‫ص ُ‬ ‫وب﴾ وأ ّما الغُال ُم الَّذِي بُ ِ ّ‬
‫ش َر ِب ِه إبْرا ِهي ُم ال َم ْو ُ‬ ‫وراء إسْحاقَ َي ْعقُ َ‬
‫ِ‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫الح ْل ِم فَهو إسْما ِعي ُل‬
‫‪ِ .‬ب ِ‬

‫ط ِمن َرحْ َم ِة َر ِبّ ِه ّإال الضّالُّونَ ﴾ َوهَذا ال َم ْعنى قا َلهُ‬


‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل و َمن َي ْقنَ ُ‬
‫سوا ِمن َر ْوحِ اللَّ ِه‬
‫يم ِل َبنِي ِه في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬وال تَيْأ ُ‬
‫وب ب ُْن إسْحاقَ ب ِْن إبْرا ِه َ‬ ‫ضا يَ ْعقُ ُ‬
‫أ ْي ً‬
‫َس ِمن َر ْوحِ َّ‬
‫الل ِه ّإال القَ ْو ُم الكا ِف ُرونَ ﴾‬ ‫إنَّهُ ال يَ ْيئ ُ‬

‫ع ْنهُ َّ‬
‫الر ْوعُ‪َ ،‬و ُه َو َما ْأو َجس‬ ‫سلُونَ ﴾ َل َّما ذَه َ‬
‫َب َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬قا َل فَما خ ْ‬
‫َطبُكم أيُّها ال ُم ْر َ‬
‫ع ۡن ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهي َم‬ ‫ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة ِخيفَةً‪ ،‬أخذ يجادل ال َمالئِ َكةَ في قَ ْو ِم لُوطٍ {فَلَ َّما ذَه َ‬
‫َب َ‬
‫ع َو َج ۤا َء ۡتهُ ٱ ۡلبُ ۡش َر ٰى يُ َج ٰـ ِد ُلنَا ِفی َق ۡو ِم ُلوطٍ }‬
‫لر ۡو ُ‬
‫ٱ َّ‬

‫ص ْي َحةَ بِ ْالقَ ْو ِم فَ َال تلتفتوا إليهم‪،‬‬ ‫﴿وال َي ْلت َ ِف ْ‬


‫ت ِم ْن ُك ْم أ َ َحدٌ﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ِ :‬إذَا َس ِم ْعت ُ ُم ال َّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ْث تُؤْ َم ُرونَ ﴾ َكأ َ َّنهُ‬ ‫ضوا َحي ُ‬ ‫وذروهم فيما َح َّل ِب ِه ْم ِمنَ ْال َعذَا ِ‬
‫ب َوالنَّ َكا ِل‪َ ،‬‬
‫﴿و ْام ُ‬
‫س ِبي َل‪ .‬قاله ابن كثير‪َ .‬وقِي َل‪ْ :‬ال َم ْعنَى َال َيتَخ ََّل ُ‬
‫ف‬ ‫‪َ .‬كانَ َم َع ُه ْم َم ْن يَ ْهدِي ِه ُم ال َّ‬

‫‪334‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪ :‬تَقَ َّد َمنَا ِإلَ ْي ِه في هذا ﴿أ َ َّن َدا ِب َر َه ُؤ ِ‬


‫الء‬ ‫اَلم َر﴾ أَ ْ‬
‫ض ْينَا ِإلَ ْي ِه ذَ ِل َك ْ‬‫﴿وقَ َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ص َباحِ َك َما قَا َل فِي ْاآليَ ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪ِ ﴿ :‬إ َّن‬ ‫ت‪ :‬ال َّ‬ ‫صبِ ِحينَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬و ْق َ‬ ‫َم ْق ُ‬
‫طوعٌ ُم ْ‬
‫ص ْب ُح ِبقَ ِري ٍ‬
‫ب﴾‬ ‫ص ْب ُح أ َ َلي َ‬
‫ْس ال ُّ‬ ‫َم ْو ِع َد ُه ُم ال ُّ‬

‫﴿وجا َءهُ قَ ْو ُمهُ يُ ْه َرعُونَ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬


‫﴿وجا َء أ ْه ُل ال َمدِي َن ِة يَ ْست َ ْب ِش ُرونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ومن َق ْب ُل كانُوا َي ْع َملُونَ ال َّ‬
‫س ِيّئاتِ﴾‬ ‫إلَ ْي ِه ِ‬

‫إن ُك ْنت ُ ْم فا ِعلِينَ ﴾ أي ت َزَ َّو ُجو ُه َّن َح ً‬


‫الال وال ت َْر َكبُوا‬ ‫الء بَناتِي ْ‬
‫قوله‪﴿ :‬قا َل َه ُؤ ِ‬
‫نزلَ ِة اَل ِ‬
‫ب‬ ‫رام‪ ،‬والصواب أنه أرا َد ِب َبنا ِت ِه نِسا َء قَ ْو ِم ِه‪ِ ،‬ل َك ْو ِن النَّ ِب ّ‬
‫ي ِ ِب َم ِ‬ ‫ال َح َ‬
‫‪ِ .‬لقَ ْو ِم ِه‪ ،‬ولذلك نقول أزواج النبي أمهات المؤمنين‬

‫س ْك َرتِ ِه ْم يَ ْع َم ُهونَ ﴾ أي لحياتك وبقاءك والصحيح أنَّهُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَ َع ْم ُركُ إنَّهم لَفي َ‬
‫صلَ َواتُ اللَّ ِه َو َ‬
‫س َال ُمهُ َعلَ ْي ِه‪َ ،‬وفِي َهذَا‬ ‫س ٌم ِمنَ َّ‬
‫الل ِه َج َّل َجاللُهُ ِب َحيَاةِ نَ ِبيِّ ِه‪َ ،‬‬ ‫قَ َ‬
‫‪.‬ت َ ْش ِر ٌ‬
‫يف َع ِظي ٌم‬

‫علَ ْي ِهم ُّم ْ‬


‫صبِ ِحينَ‬ ‫﴿وإِنَّ ُك ْم لَت َ ُم ُّرونَ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وإِنَّ َها لَبِ َسبِي ٍل ُم ِق ٍيم﴾ َك َما قَا َل تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫َو ِبالَّل ْي ِل أَفَال ت َ ْع ِقلُونَ ﴾‬

‫‪335‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اب‬
‫ص َح ُ‬ ‫حاب اَل ْي َك ِة َلظا ِل ِمينَ ﴾ ‪ .‬فا ْنتَقَ ْمنا ِمن ُه ْم﴾ أَ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫إن كانَ أ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬
‫الرجْ فَ ِة‬ ‫ب‪ .‬فَا ْنتَقَ َم اللَّهُ ِم ْن ُه ْم بِال َّ‬
‫ص ْي َح ِة َو َّ‬ ‫ْاَل َ ْي َك ِة‪ُ :‬ه ْم أصحاب مدين‪ ،‬قَ ْوم ُ‬
‫ش َع ْي ٍ‬
‫الظلَّ ِة‬
‫ب َي ْو ِم ُّ‬
‫عذَا ِ‬
‫‪.‬و َ‬
‫َ‬

‫صا ِل ًحا‬ ‫ب ٱ ۡل ِح ۡج ِر ٱ ۡل ُم ۡر َ‬
‫س ِلينَ } ُه ْم‪ :‬ث َ ُمو ُد الَّذِينَ َكذَّبُوا َ‬ ‫ب أَصۡ َح ٰـ ُ‬
‫﴿ولَقَ ۡد َك َّذ َ‬
‫قوله ‪َ :‬‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َو ُه َو ذَا ِه ٌ‬
‫ب‬ ‫نَ ِبيَّ ُه ْم‪ .‬وكانت بُيُوت ُه ْم ِب َوادِي ْال ِحجْ ِر‪ ،‬الَّذِي َم َّر ِب ِه َر ُ‬
‫وت ْالقَ ْو ِم‬
‫"ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُ َ‬ ‫ص َحابِ ِه‪َ :‬‬‫ع َدابَّتَهُ‪َ ،‬وقَا َل َِل َ ْ‬ ‫وك فَقَ َّنع َرأْ َ‬
‫سهُ َوأَس َْر َ‬ ‫ِإلَى تَبُ َ‬
‫ْال ُمعَذَّبِينَ إِ َّال أ َ ْن ت َ ُكونُوا بَاكِينَ ‪ ،‬فَإ ِ ْن لَ ْم تَ ْب ُكوا فَتَبَا ُكوا َخ ْش َيةَ أ َ ْن يُ ِ‬
‫صيبَ ُك ْم َما‬
‫‪.‬أ َ َ‬
‫صا َب ُه ْم" أصله في الصحيحين‬

‫ص ۡف َح ٱ ۡل َج ِمي َل} قَا َل ُم َجا ِه ٌد َوقَتَا َدةُ‪َ :‬كانَ َهذَا قَ ْب َل ْال ِقت َا ِل‬
‫‪.‬قوله‪{ :‬فَٱصۡ فَحِ ٱل َّ‬

‫‪336‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي في‬ ‫خار ُّ‬


‫يم﴾ قا َل البُ ِ‬ ‫س ْب ًعا ِمنَ ال َمثا ِني والقُ ْرآنَ ال َع ِظ َ‬ ‫﴿ولَقَ ْد آتَي َ‬
‫ْناك َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫س ِعي ِد ب ِْن ال ُم َعلّى‪ ،‬قا َل‪:‬‬
‫ع ْن أبِي َ‬ ‫يح ِه في ت َ ْف ِس ِ‬
‫ير َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة‪َ «.. :‬‬ ‫ص ِح ِ‬
‫َ‬
‫صلَّيْتُ ‪ ،‬ث ُ َّم أتَيْتُ فَقا َل‪” :‬ما‬
‫ص ِلّي‪ ،‬فَ َدعا ِني َفلَ ْم آ ِت ِه َحتّى َ‬‫ي ﷺ وأنا أ ُ َ‬ ‫ي النَّ ِب ُّ‬
‫َم َّر ِب َ‬
‫اللهُ‪﴿ :‬ياأيُّها الَّذِينَ‬ ‫أن ت َأ ْ ِتيَنِي ؟“ فَقُ ْلتُ ‪ُ :‬ك ْنتُ أ ُ َ‬
‫ص ِلّي‪َ .‬فقا َل‪” :‬ألَ ْم يَقُ ِل َّ‬ ‫َمنَ َع َك ْ‬
‫ورةٍ في القُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫س َ‬‫ظ َم ُ‬ ‫سو ِل﴾ [‪ ،‬ث ُ َّم قا َل‪ :‬أال أ ُ َ‬
‫ع ِلّ ُم َك أ ْع َ‬ ‫لر ُ‬‫آ َمنُوا ا ْست َِجيبُوا ِل َّل ِه و ِل َّ‬
‫ي ﷺ ِل َي ْخ ُر َج‪َ ،‬ف َذ َّك ْرتُهُ‪َ ،‬فقا َل‪﴿ :‬ال َح ْم ُد‬‫َب ال َّن ِب ُّ‬
‫أخ ُر َج ِمنَ ال َمس ِْجدِ‪َ ،‬ف َذه َ‬ ‫أن ْ‬ ‫َق ْب َل ْ‬
‫آن ال َع ِظي ُم الَّذِي أُو ِتيتُهُ‬ ‫»“ ِللَّ ِه َربّ ِ العالَ ِمينَ ﴾‪ ،‬هي ال َّ‬
‫س ْب ُع ال َمثانِي‪ ،‬والقُ ْر ُ‬

‫ين‬
‫ضعِ و ِل ِ‬ ‫ع ِن التَّوا ُ‬ ‫ض ال َجناحِ ِكنا َيةٌ َ‬ ‫ض َجنا َح َك ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ ﴾ و َخ ْف ُ‬ ‫ْ‬
‫﴿واخ ِف ْ‬ ‫قوله‪:‬‬
‫ضهُ‬‫ط َجنا َحهُ‪ ،‬ث ُ َّم قَ َب َ‬‫ض َّم فَ ْر َخهُ إلى نَ ْف ِس ِه بَ َس َ‬
‫الطائِ َر إذا َ‬‫أن ّ‬ ‫صلُهُ َّ‬
‫ب‪ ،‬وأ ْ‬
‫الجا ِن ِ‬
‫على الفَ ْرخِ‬
‫‪َ ..‬‬
‫ظ القَ ْل ِ‬
‫ب‬ ‫غ ِلي َ‬ ‫ت فَ ًّ‬
‫ظا َ‬ ‫وهذه اآلية َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَ ِبما َرحْ َم ٍة ِمنَ اللَّ ِه ِل ْن َ‬
‫ت لَهم ولَ ْو ُك ْن َ‬
‫ع ْنهم وا ْست َ ْغ ِف ْر لَهم وشا ِو ْرهم في ْ‬
‫اَلم ِر﴾‬ ‫ْف َ‬‫ال ْنفَضُّوا ِمن َح ْو ِل َك فاع ُ‬
‫ࣱ‬
‫علَ ۡي ُكم‬ ‫ص‬ ‫ي‬‫ر‬ ‫ح‬ ‫م‬‫ُّ‬ ‫ت‬
‫َ ِ َ َِ ۡ َ ِ ٌ َ‬‫ن‬‫ع‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ه‬‫ي‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ٌ‬
‫ز‬ ‫ي‬‫ز‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬
‫ِ ۡ َِ‬ ‫س‬‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ۡ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ِّ‬ ‫ول‬ ‫وقوله‪{ :‬لَقَ ۡد َج ۤا َء ُك ۡم َر ُ‬
‫س‬
‫ࣱ‬
‫بِٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ َر ُءوف َّر ِحي ࣱم}‬

‫قوله‪﴿ :‬وقُ ْل إنِّي أنا النَّذ ُ‬


‫ِير ال ُم ِب ُ‬
‫ين﴾ فيه حديث ابن عباس في صحيح البخاري‬
‫‪.‬بأن النبي صعد الصفا وقال يا صباحاه‬

‫‪337‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الكاف قَ ْو ِ‬
‫الن‬ ‫ِ‬ ‫‪:‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬كما أ ْنزَ ْلنا َعلى ال ُم ْقتَ ِس ِمينَ ﴾ في َه ِذ ِه‬
‫س ْبعًا ِمنَ ال َمثانِي﴾‬ ‫﴿ولَقَ ْد آتَي َ‬
‫ْناك َ‬ ‫أ َح ُد ُهما‪ :‬أنَّها ُمت َ َع ِلّقَةٌ بِقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ِير‪ ،‬أ ْنذَ ْرتُكم‬ ‫والثّا ِني‪ :‬أنَّها ُمت َ َع ِلّقَةٌ ِبقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬إ ِنّي أنا النَّذ ُ‬
‫ِير﴾ وال َم ْعنى‪ :‬إ ِنّي أنا النَّذ ُ‬
‫على ال ُم ْقت َ ِس ِمينَ‬ ‫‪ِ .‬مثْ َل الَّذِي أ ُ ْن ِز َل َ‬
‫‪:‬وفِي ال ُمرا ِد ِبال ُم ْقت َ ِس ِمينَ أ ْقوا ٌل ِل ْلعُلَ ِ‬
‫ماء‬
‫أن ال ُمرا َد ِبال ُم ْقت َ ِس ِمينَ ‪ :‬ال َي ُهو ُد والنَّصارى‪ .‬وإنَّما ُو ِ‬
‫صفُوا ِبأنَّهم‬ ‫أحدها‪َّ :‬‬
‫ضها و َكفَ ُروا ِببَ ْع ِ‬
‫ضها‬ ‫‪ُ .‬م ْقت َ ِس ُمونَ ؛ َِلنَّ ُه ُم ا ْقتَ َ‬
‫س ُموا القرآن أو ُكت ُ َبهم فَآ َمنُوا ِببَ ْع ِ‬
‫س ُموا القُ ْرآنَ بِأ ْقوا ِل ِه ُم‬ ‫عةٌ ِمن ُكفّ ِ‬
‫ار َم َّكةَ ا ْقت َ َ‬ ‫أن ال ُمرا َد بِال ُم ْقت َ ِس ِمينَ ‪َ :‬جما َ‬
‫ثانيها‪َّ :‬‬
‫ضهم‪:‬‬
‫ضهم‪ :‬هو سِحْ ٌر‪ .‬وقا َل َب ْع ُ‬ ‫الكا ِذ َب ِة؛ فَقا َل َب ْع ُ‬
‫ضهم‪ :‬هو ِش ْع ٌر‪ .‬وقا َل َب ْع ُ‬
‫اَلولِينَ ‪ .‬وهذا الذي رجحه بعض المفسرين‬
‫ير َّ‬‫أساط ُ‬
‫ِ‬ ‫‪َ .‬كهانَةٌ‪ .‬وقا َل بَ ْع ُ‬
‫ضهم‪:‬‬

‫ع ِن ال ُم ْش ِركِينَ ﴾‬
‫ض َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وأع ِْر ْ‬
‫أي‪ :‬ال تُبا ِل بِت َ ْكذِيبِ ِه ْم‬
‫أن ال َم ْعنى‪ْ :‬‬‫ماء‪ :‬أ َح ُد ُهما‪َّ :‬‬‫وفان ِل ْلعُلَ ِ‬
‫الن َم ْع ُر ِ‬ ‫فِيه قَ ْو ِ‬
‫ع َلي َْك ذَ ِل َك‪َّ .‬‬
‫فاللهُ حا ِف ُ‬
‫ظ َك ِمنهم‬ ‫ب َ‬ ‫صع ُ ُ‬‫‪.‬وا ْس ِت ْهزا ِئ ِه ْم‪ ،‬وال َي ْ‬
‫ع ِن‬
‫ْراض َ‬ ‫اَلم ِر َمأ ْ ُم ً‬
‫ورا بِاْلع ِ‬ ‫والثّانِي أن َم ْعنى اآليَ ِة‪ :‬أنَّهُ كانَ في َّأو ِل ْ‬
‫ْف‬
‫سي ِ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫‪.‬ال ُم ْش ِركِينَ ‪ ،‬ث ُ َّم نَ َ‬
‫س َخ َذ ِل َك بِآيا ِ‬

‫‪338‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َاك ْال ُم ْست َ ْه ِزئِينَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬يا‬ ‫ع ِن ْال ُم ْش ِركِينَ ِإنَّا َكفَ ْين َ‬
‫ض َ‬ ‫﴿وأَع ِْر ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫سالَتَهُ َو َّ‬
‫اللهُ‬ ‫ت ِر َ‬ ‫سو ُل بَ ِّل ْغ َما أُنز َل ِإلَي َْك ِم ْن َربِّ َك َو ِإ ْن لَ ْم ت َ ْف َع ْل فَ َما بَلَّ ْغ َ‬ ‫أَيُّ َها َّ‬
‫الر ُ‬
‫ص ُم َك ِمنَ ال َّن ِ‬
‫اس﴾‬ ‫َي ْع ِ‬
‫﴿وٱ ۡعبُ ۡد َرب ََّك َحت َّ ٰى يَ ۡأتِ َي َك ٱ ۡليَ ِقي ُن﴾ اتفق السلف والخلف على أن المراد‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫سو َل َّ‬
‫الل ِه ﷺ لَ ّما‬ ‫باليقين هو الموت‪ .‬ويشهد لهذا ما أخرجه البخاري َّ‬
‫"أن َر ُ‬
‫ين‬ ‫ون وقَ ْد َ‬
‫مات‪... ،‬قا َل‪” :‬أ ّما هو فَقَ ْد جا َءهُ ال َي ِق ُ‬ ‫عثْمانَ ب ِْن َم ْ‬
‫ظع ُ ٍ‬ ‫على ُ‬
‫" َد َخ َل َ‬
‫واآلية رد على غالة الصوفية‬

‫تمت بحمد الله‬

‫‪339‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سُو َر ُة ال َّن ْح ِل‬


‫الر ِح ِيم‬ ‫ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬
‫ورة ُ ال َّنحْ ِل مكية‬
‫س َ‬‫ُ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أتى ْأم ُر اللَّ ِه﴾‬

‫الوقُ ِ‬
‫وع‬ ‫نزلَةَ ُ‬
‫الوقُوعِ َم ِ‬
‫ق ُ‬ ‫يال ِلت َ َحقُّ ِ‬
‫الماضي؛ تَ ْن ِز ً‬
‫ِ‬ ‫صيغَ ِة‬
‫عب ََّر ِب ِ‬
‫‪َ .‬‬

‫على َمن َيشا ُء ِمن ِعبا ِد ِه﴾ ♤‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يُن ِ َّز ُل ال َمال ِئ َكةَ ِب ُّ‬
‫الروحِ ِمن ْأم ِر ِه َ‬
‫واح‪َ ،‬كما َّ‬
‫أن ال ِغذا َء ِب ِه‬ ‫ي ِب ِه َحياة ُ ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ي؛ َِل َّن َ‬
‫الوحْ َ‬ ‫الوحْ ُ‬
‫ال ُمرا ُد ِبالروح هنا َ‬
‫‪َ .‬حياة ُ اَلجْ ِ‬
‫سام‬

‫﴿و ْال َخ ْي َل َو ْال ِبغَا َل َو ْال َح ِم َ‬


‫ير ِلت َْر َكبُوهَا﴾ فلحوم الخيل مباح أكلها كما ♤‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫ع ْن ُه َما‪ ،‬قَا َل ْ‬
‫ت‪ :‬نَ َح ْرنَا‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ت أ َ ِبي َب ْك ٍر‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫ع ْن أ َ ْس َما َء ِب ْن ِ‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪َ ،‬‬
‫ِفي َ‬
‫سا َفأ َ َك ْلنَاهُ َونَحْ ُن ِب ْال َمدِي َن ِة‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ فَ َر ً‬ ‫علَى َ‬
‫ع ْه ِد َر ُ‬ ‫" َ‬
‫َت بِ ِه ال ُّسنَّةُ النَّبَ ِويَّةُ‬‫ي َح َرا ٌم‪َ ،‬ك َما ث َ َبت ْ‬
‫ير‪ ،‬فَ ِه َ‬ ‫‪.‬أما لحوم ْال َح ِم ِ‬

‫‪340‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عام اللَّ ِه َ‬
‫على ♤‬ ‫﴿ويَ ْخلُ ُق ما ال ت َ ْعلَ ُمونَ ﴾ وقَ ْد ُ‬
‫شو ِه َد ذَ ِل َك في إ ْن ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ّ‬
‫كالطائِراتِ‪ ،‬وال ِقطاراتِ‪،‬‬ ‫ت لَ ْم ت َ ُك ْن َم ْعلُو َمةً و ْق َ‬
‫ت نُ ُزو ِل اآل َي ِة‪:‬‬ ‫ِعبا ِد ِه ِب َم ْر ُكوبا ٍ‬
‫سيّاراتِ‪ ،‬وقد يأتي ما ال نعلم‬
‫‪.‬وال َّ‬

‫ق ♤‬ ‫أن َ‬
‫ط ِريقَ ال َح ّ ِ‬ ‫ومنها جائِ ٌر﴾ أي‪َّ :‬‬ ‫سبِي ِل ِ‬ ‫على اللَّ ِه َق ْ‬
‫ص ُد ال َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬
‫أن هَذا‬ ‫صلَةٌ‪ ،‬كما قال ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َّ‬ ‫أي‪ُ :‬م َو ِ ّ‬ ‫على َّ‬
‫الل ِه‪ْ ،‬‬ ‫الَّتِي هي قَ ْ‬
‫ص ُد ال َّس ِبي ِل َ‬
‫س ِبي ِل ِه﴾‬ ‫راطي ُم ْست َ ِقي ًما فاتَّبِعُوهُ وال تَتَّبِعُوا ال ُّسبُ َل فَتَفَ َّرقَ بِكم َ‬
‫ع ْن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫أن يُ َب ِيّنَ لَكم َ‬
‫ط ِريقَ‬ ‫أي‪َ :‬علَ ْي ِه َج َّل و َ‬
‫عال ْ‬ ‫س ِبي ِل﴾‪ْ ،‬‬
‫ص ُد ال َّ‬ ‫على اللَّ ِه َق ْ‬ ‫﴿و َ‬
‫وقيل‪َ :‬‬
‫على ْأل ِسنَ ِة ُر ُ‬
‫س ِل ِه‬ ‫‪.‬ال َح ّ ِ‬
‫ق َ‬

‫ت َه ِذ ِه النُّ ُجو ُم ♤‬ ‫{وٱلنُّ ُجو ُم ُم َس َّخ َر ٰ⁠ ُۢتُ بِأ َ ۡم ِر ِهۦ ٰۚۤۤ} قَا َل قَتَا َدةُ‪ِ :‬إنَّ َما ُخ ِلقَ ْ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ع َال َما ٍ‬
‫ت يُ ْهتَ َدى‬ ‫ين‪َ ،‬و َ‬‫اط ِ‬‫ش َي ِ‬ ‫اء‪َ ،‬و ُر ُجو ًما ِلل َّ‬ ‫صا ٍل‪َ :‬خلَقَ َها اللَّهُ ِزي َنةً ِلل َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫ث ِخ َ‬ ‫ِلث َ َال ِ‬
‫‪.‬بِ َها‬

‫س ُن ♤‬
‫يِ؛ َِل َّنهُ أحْ َ‬
‫الط ِر ّ‬ ‫﴿و ِمن ُك ٍّل ت َأ ْ ُكلُونَ لَحْ ًما َ‬
‫ط ِريًّا﴾ فَإنَّهُ إنَّما َقيَّ َد بِ َّ‬ ‫وقَ ْوله‪َ :‬‬
‫فاال ْم ِت ُ‬
‫نان ِب ِه أت َ ُّم‬ ‫غي ِْر ِه ِ‬
‫‪.‬من َ‬
‫ِ‬

‫‪341‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صوهَا﴾ فضال عن شكرها‪َ .‬ولَ ِك َّنهُ ♤‬ ‫﴿و ِإ ْن تَعُدُّوا نِ ْع َمةَ اللَّ ِه َال تُحْ ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ع َلى ْال َي ِس ِ‬
‫ير‬ ‫ازي َ‬ ‫ور َر ِحي ٌم" َي ْغ ِف ُر ْال َكثِ َ‬
‫ير‪َ ،‬ويُ َج ِ‬ ‫غف ُ ٌ‬
‫‪َ ".‬‬

‫ࣰ‬
‫ُون ٱللَّ ِه َال َي ۡخلُقُونَ َش ۡيـا َو ُه ۡم يُ ۡخلَقُونَ } َك َما ♤‬
‫{وٱلَّ ِذينَ َي ۡدعُونَ ِمن د ِ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫قَا َل ْال َخ ِليلُ‪﴿ :‬أَت َ ْعبُدُونَ َما تَ ْن ِحتُونَ َواللَّهُ َخلَقَ ُك ْم َو َما ت َ ْع َملُونَ ﴾‬

‫ࣱ‬
‫قوله‪َ { :‬فٱلَّ ِذينَ َال يُ ۡؤ ِمنُونَ ِبٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫اخ َر ِة قُلُوبُ ُهم ُّمن ِك َرة َو ُهم ُّم ۡست َۡك ِب ُرونَ } كما ♤‬
‫وب الَّذِينَ َال يُؤْ ِمنُونَ بِ ِ‬
‫اآلخ َرةِ‬ ‫﴿و ِإذَا ذُ ِك َر اللَّهُ َوحْ َدهُ ا ْش َمأ َ َّز ْ‬
‫ت قُلُ ُ‬ ‫قَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬
‫َو ِإذَا ذُ ِك َر الَّذِينَ ِم ْن دُونِ ِه ِإذَا ُه ْم َي ْست َ ْب ِش ُرونَ ﴾‬

‫قوله ‪ِ ﴿ :‬إنَّهُ َال يُ ِحبُّ ْال ُم ْست َ ْك ِب ِرينَ ﴾ في صحيح مسلم من حديث عبد الله ♤‬
‫ق‪ ،‬وغ َْم ُ‬
‫ط ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫"بن مسعود قال صلى الله عليه وسلم "ال ِكب ُْر َب َ‬
‫ط ُر ال َح ّ ِ‬

‫املَةً َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة َو ِم ْن أ َ ْوزَ ا ِر الَّذِينَ ♤‬ ‫قوله ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬ل َيحْ ِملُوا أ َ ْوزَ َ‬
‫ار ُه ْم َك ِ‬
‫ار ُه ْم‬‫علَ ْي ِه ْم أ َ ْن يَقُولُوا ذَ ِل َك َفيَت َ َح َّملُوا أ َ ْوزَ َ‬ ‫ضلُّونَ ُه ْم بِغَي ِْر ِع ْل ٍم﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬إنَّ َما قَد َّْرنَا َ‬ ‫يُ ِ‬
‫﴿و َل َيحْ ِملُ َّن أَثْ َقا َل ُه ْم‬
‫َو ِم ْن أ َ ْوزَ ِار الَّذِينَ َيتْ َبعُونَ ُه ْم َويُ َوا ِفقُونَ ُه ْم‪ .‬كما قال ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫َوأَثْقَاال َم َع أَثْقَا ِل ِه ْم َولَيُ ْسأَلُ َّن يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة َع َّما َكانُوا يَ ْفت َُرونَ ﴾‬

‫‪342‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وس ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ث ُ َّم يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة يُ ْخ ِزي ِه ْم﴾‪ْ ،‬‬
‫أي‪ :‬يَ ْف َ‬
‫ض ُحهم َعلى ُر ُء ِ‬
‫هار َفضائِ َحهم‪ .‬كقوله‪َ ﴿ :‬ي ْو َم تُبْلى ال َّ‬
‫سرائِ ُر﴾‬ ‫إظ ِ‬‫اَل ْشها ِد ويُ ِهينُهم ِب ْ‬

‫إن اللَّهَ َ‬
‫ع ِلي ٌم ِبما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ ﴾ ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ما ُكنّا نَ ْع َم ُل ِمن ُ‬
‫سوءٍ َبلى َّ‬
‫عاصي‬
‫س ِل وال َم ِ‬ ‫الر ُ‬
‫ِيب ُّ‬ ‫وء‪ ،‬وهو ال ُك ْف ُر وت َ ْكذ ُ‬ ‫س ِ‬‫‪.‬يُ ْن ِك ُرونَ ما كانُوا َي ْع َملُونَ ِمنَ ال ُّ‬
‫أن قالُوا واللَّ ِه َر ِبّنا ما ُكنّا ُم ْش ِركِينَ ﴾ وقَ ْو ِل ِه‪:‬‬‫َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ث ُ َّم لَ ْم ت َ ُك ْن فِتْنَتُهم ّإال ْ‬
‫﴿يَ ْو َم يَ ْبعَث ُ ُه ُم اللَّهُ َج ِميعًا فَ َيحْ ِلفُونَ لَهُ َكما َيحْ ِلفُونَ لَكم ويَحْ َسبُونَ أنَّهم َ‬
‫على‬
‫ش ْيءٍ أال إنَّهم ُه ُم الكا ِذبُونَ ﴾‬
‫َ‬

‫اآلخ َر ِة َخي ٌْر﴾ َك َما ♤‬ ‫ار ِ‬ ‫سنُوا في َه ِذ ِه ال ُّد ْنيا َح َسنَةٌ َو َل َد ُ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬للَّذِينَ أحْ َ‬
‫صا ِل ًحا ِم ْن ذَ َك ٍر أَ ْو أ ُ ْنثَى َو ُه َو ُمؤْ ِم ٌن فَلَنُحْ ِي َينَّهُ َح َياة ً‬ ‫قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬م ْن َ‬
‫ع ِم َل َ‬
‫ط ِيّ َبةً َولَنَجْ ِز َينَّ ُه ْم أَجْ َر ُه ْم ِبأَحْ َ‬
‫س ِن َما َكانُوا َي ْع َملُونَ ﴾‬ ‫َ‬

‫س ♤‬ ‫قوله‪﴿ :‬لَ ُه ْم فِي َها َما َيشَا ُءونَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿وفِي َها َما ت َ ْشت َ ِهي ِه اَل ْنفُ ُ‬
‫َوتَلَذُّ اَل ْعيُ ُن َوأ َ ْنت ُ ْم ِفي َها خَا ِلدُونَ ﴾‬

‫‪343‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سال ٌم َعلَ ْي ُك ُم ا ْد ُخلُوا ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬الَّذِينَ تَت ََو ّفا ُه ُم ال َمالئِ َكةُ َ‬
‫ط ِي ِبينَ يَقُولُونَ َ‬
‫ال َجنَّةَ ِبما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذِينَ قَالُوا َربُّنَا اللَّهُ ث ُ َّم ا ْستَقَا ُموا‬
‫علَ ْي ِه ُم ْال َمالئِ َكةُ أَال تَخَافُوا َوال تَحْ زَ نُوا َوأ َ ْب ِش ُروا بِ ْال َجنَّ ِة الَّتِي ُك ْنت ُ ْم‬
‫تَت َنز ُل َ‬
‫عدُونَ نَحْ ُن أ َ ْو ِل َيا ُؤ ُك ْم ِفي ْال َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو ِفي ِ‬
‫اآلخ َر ِة َولَ ُك ْم ِفي َها َما ت َ ْشت َ ِهي‬ ‫تُو َ‬
‫ور َر ِح ٍيم﴾ وفي حديث براء بن‬ ‫س ُك ْم َولَ ُك ْم فِي َها َما تَ َّدعُونَ نُ ُز ًال ِم ْن َ‬
‫غف ُ ٍ‬ ‫أ َ ْنفُ ُ‬
‫س عن َد رأ ِسه فيَقو ُل ‪:‬‬ ‫عازب في المحتضر "ث ُ َّم َي ِجي ُء َملَكُ ال َم ْو ِ‬
‫ت حتى يَج ِل َ‬
‫ان‪ْ ،‬‬
‫فتخ ُر ُج ت َ ِسي ُل كما‬ ‫اخ ُر ِجي إلى م ْغ ِفرةٍ من اللَّ ِه ِ‬
‫ورض َْو ٍ‬ ‫س َّ‬
‫الط ِيّ َبةُ ْ‬ ‫أيَّت ُ َها النَّ ْف ُ‬
‫سقَ ِ‬
‫اء " صححه اَللباني‬ ‫‪ .‬ت ِسي ُل القَ ْ‬
‫ط َرة ُ من فِي ال ِ ّ‬

‫ش ْيءٍ نَحْ ُن ♤‬
‫عبَ ْدنَا ِم ْن دُونِ ِه ِم ْن َ‬
‫اللهُ َما َ‬ ‫﴿وقَا َل ٱلَّ ِذينَ أ َ ۡش َر ُك ۟‬
‫وا لَ ْو شَا َء َّ‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪َ .‬وال آ َباؤُ نَا َوال َح َّر ْمنَا ِم ْن دُونِ ِه ِم ْن ش ْ‬
‫َيءٍ ﴾ كما في سورة اَلنعام‬
‫احتجوا على محبته لشرمكهم ورضاه به بكونه أقرهم عليه وأنه لوال محبته‬
‫له ورضاه به لما شاءه منهم‪ .‬فكذبهم سبحانه في ذلك وأخبر أن هذا تكذيب‬
‫منهم لرسله وأن رسله متفقون على أنه سبحانه يكره شركهم ويبغضه‪َ .‬لن‬
‫{و َال‬
‫مشيئته الكونية قد تكون مرضية وقد تكون غير مرضية‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫ض ٰى ِل ِع َبا ِد ِه ٱ ۡل ُك ۡف َر} وال يُسأل عما يفعل‬
‫‪َ .‬ي ۡر َ‬
‫واستدالل المشيئة في سخط الله كلمة حق أري َد بها الباطل‬

‫‪344‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن ا ْعبُدُوا اللَّهَ واجْ تَنِبُوا ♤‬ ‫س ً‬


‫وال ِ‬ ‫﴿ولَقَ ْد بَ َعثْنا في ُك ِّل أ ُ َّم ٍة َر ُ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫اللهُ“؛ َِلنَّها ُم َر َّك َبةٌ ِمن نَ ْفي ٍ وإثْباتٍ‪،‬‬
‫وت﴾ َوهَذا هو َم ْعنى ”ال إلَهَ ّإال َّ‬
‫غ َ‬ ‫ا ّ‬
‫لطا ُ‬
‫ت ويُؤْ ِمن بِاللَّ ِه فَقَ ِد ا ْست َْم َ‬
‫س َك‬ ‫َكما بَيَّنَهُ ت َعالى بِقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَ َمن يَ ْكفُ ْر بِ ّ‬
‫الطا ُ‬
‫غو ِ‬
‫الوثْقى﴾‬
‫ِبالعُ ْر َو ِة ُ‬
‫فالطاغوت كما قال ابن القيم رحمه الله‪" :‬كل ما تجاوز به العبد حده‪ ،‬من‬
‫"متبوع أو معبود أو ُمطاع‬
‫‪.‬وقيل‪ :‬هو الشيطان‬

‫ون﴾ كما قال ♤‬


‫أن نَقُو َل لَهُ ُك ْن فَ َي ُك ُ‬‫أر ْدناهُ َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إنَّما قَ ْولُنا ِل َ‬
‫ش ْيءٍ إذا َ‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬ما خ َْلقُكم وال َب ْعثُكم ّإال َكنَ ْف ٍس ِ‬
‫واح َدةٍ﴾‬

‫ض ْأو ♤‬ ‫ف اللَّهُ ِب ِه ُم ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫أن َي ْخ ِس َ‬
‫ت ْ‬ ‫أمنَ الَّذِينَ َم َك ُروا ال َّس ِّيئا ِ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أفَ ِ‬
‫ماء ْ‬
‫أن‬ ‫س ِ‬‫﴿أأمنت ُ ْم َمن في ال َّ‬
‫ْث ال يَ ْشعُ ُرونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪ِ :‬‬‫ذاب ِمن َحي ُ‬ ‫يَأْتِيَ ُه ُم ال َع ُ‬
‫ماء﴾ اآل َيةَ‬
‫س ِ‬ ‫ور أ ْم ِأمنت ُ ْم َمن في ال َّ‬
‫ض فَإذا هي ت َ ُم ُ‬ ‫ف ِب ُك ُم ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫‪َ .‬ي ْخ ِس َ‬

‫ي‪ :‬أ َ ْو َيأ ْ ُخ َذ ُه ُم اللَّهُ ِفي َحا ِل خ َْو ِف ِه ْم ِم ْن ♤‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو َيأ ْ ُخذَ ُه ْم َ‬
‫علَى تَخ َُّوفٍ ﴾ أ َ ْ‬
‫ون أ َ ْب َل َغ َوأ َ َش َّد َحالَةَ ْاَل َ ْخذِ؛ فَإ ِ َّن ُح ُ‬
‫صو َل َما يُت ََو َّق ُع َم َع‬ ‫أ َ ْخ ِذ ِه لَ ُه ْم‪َ ،‬فإِنَّهُ يَ ُك ُ‬
‫شدِي ٌد‬ ‫ف َ‬ ‫‪.‬الخ َْو ِ‬ ‫ْ‬

‫‪345‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص ِمنَ ْاَل َ ْم َوا ِل َو ْاَل َ ْنفُ ِس َوالث َّ َم َرا ِ‬


‫ت‬ ‫علَى تَنَقُّ ٍ‬
‫‪.‬وقيل‪َ :‬‬

‫‪.‬قوله‪َ ﴿ :‬يخافُونَ َربَّهم ِمن فَ ْوقِ ِه ْم﴾ فيه صفة ذاتية لله عز وجل ♤‬

‫صونَ ٱللَّهَ َم ۤا أ َ َم َر ُه ۡم َويَ ۡف َعلُونَ ♤‬ ‫قوله‪﴿ :‬ويَ ْف َعلُونَ ما يُؤْ َم ُرونَ ﴾ كقوله‪َّ :‬‬
‫{ال يَعۡ ُ‬
‫َما يُ ۡؤ َم ُرونَ }‬
‫عةُ واالنقياد ♤‬ ‫ِين ُهنا‪ّ :‬‬
‫الطا َ‬ ‫واص ًبا﴾‪ ،‬ال ّد ُ‬ ‫‪.‬قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ولَهُ ال ّد ُ‬
‫ِين ِ‬

‫الال ُم" ُهنَا َال ُم ْال َعاقِبَ ِة أي ♤‬


‫ف ت َعۡ لَ ُمونَ ﴾ َّ‬ ‫وا ِب َم ۤا َءات َ ۡي َن ٰـ ُه ٰۡۚم فَت َ َمتَّعُ ۟‬
‫وا فَ َ‬
‫س ۡو َ‬ ‫﴿ ِليَ ۡكفُ ُر ۟‬

‫‪.‬نتيجة فعلهم‬

‫صيبًا ِّم ّما َرزَ ْقناهم تاللَّ ِه لَتُسْألُ َّن ♤‬ ‫﴿و َيجْ َعلُونَ ِلما ال َي ْعلَ ُمونَ نَ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫َصي ًبا‬ ‫ث واَل ْن ِ‬
‫عام ن ِ‬ ‫﴿و َج َعلُوا ِللَّ ِه ِم ّما ذَ َرأ ِمنَ ال َح ْر ِ‬
‫ع ّما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْفت َُرونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫َ‬
‫ص ُل إلى اللَّ ِه‬
‫ش َركائِ ِه ْم فَال َي ِ‬
‫ش َركا ِئنا فَما كانَ ِل ُ‬‫فَقالُوا هَذا ِل َّل ِه ِبزَ ع ِْم ِه ْم وهَذا ِل ُ‬
‫ش َركائِ ِه ْم سا َء ما يَحْ ُك ُمونَ ﴾‬
‫ص ُل إلى ُ‬ ‫وما كانَ ِللَّ ِه فَهو يَ ِ‬

‫سبْحانَهُ ولَهم ما يَ ْشت َ ُهونَ ﴾ كانُوا ♤‬ ‫﴿ويَجْ َعلُونَ ِللَّ ِه البَنا ِ‬


‫ت ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫‪.‬يَقُولُونَ ‪ :‬ال َمالئِ َكةُ بَناتُ اللَّ ِه من سروات الجن‬
‫‪346‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على ♤‬ ‫ش َر أ َحدُهم بِاَل ُ ْنثى َ‬


‫ظ َّل وجْ ُههُ ُمس َْودًّا‪...‬إلى قوله‪...‬أيُ ْم ِس ُكهُ َ‬ ‫﴿وإذا بُ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ور الَّذِي هو اَل ُ ْنثى َحيًّا في‬ ‫أي‪ :‬يَ ْدفِ ُن ال َم ْذ ُك َ‬
‫ب﴾ ْ‬ ‫سهُ في التُّرا ِ‬ ‫ُه ٍ‬
‫ون أ ْم يَ ُد ُّ‬
‫الوأْ ِد وهو َد ْف ُن ال ِب ْن ِ‬
‫ت َحيَّةً‪َ ،‬كما‬ ‫ت ِمنَ َ‬ ‫ب‪َ ،‬ي ْع ِني‪ :‬ما كانُوا َي ْف َعلُونَ ِبال َبنا ِ‬ ‫التُّرا ِ‬
‫ب قُتِلَ ْ‬
‫ت﴾‬ ‫ي ِ ذَ ْن ٍ‬ ‫سئِ َل ْ‬
‫ت﴾ ﴿ ِبأ ّ‬ ‫قا َل ت َعالى‪َ ﴿ :‬وإذا ال َم ْو ُءو َدة ُ ُ‬
‫س َما قَالُوا‪َ ،‬وبِئْ َ‬
‫س َما َق َ‬
‫س ُموا‪ ،‬قال تعالى‬ ‫سا َء َما يَحْ ُك ُمونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬بِئْ َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَال َ‬
‫ࣰ‬
‫ُّ‬ ‫ۤ‬
‫ب ِل َمن َيشَا ُء ٱلذ ُك َ‬
‫ور}‬ ‫ب ِل َمن َيش َۤا ُء ِإ َن ٰـثا َو َي َه ُ‬
‫{ َي َه ُ‬

‫اء ♤‬ ‫ي‪ِ :‬منَ ْال َبنَا ِ‬


‫ت َو ِمنَ ال ُّ‬
‫ش َر َك ِ‬ ‫﴿و َيجْ َعلُونَ ِللَّ ِه َما َي ْك َر ُهونَ ﴾ أَ ْ‬
‫‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬

‫طونَ ﴾ أي‪َ :‬م ْن ِسيُّونَ ِفي َها ♤‬ ‫ار َوأَنَّ ُه ْم ُم ْف َر ُ‬


‫﴿ال َج َر َم أ َ َّن لَ ُه ُم النَّ َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫سا ِب ُق ِإلَى ال ِو ْرد‬
‫ار‪ِ ،‬منَ ال َف َرط َو ُه َو ال َّ‬ ‫ضيَّعُونَ ‪ .‬أو ُم َع َّجلُونَ ِإلَى النَّ ِ‬ ‫‪ُ .‬م َ‬

‫ور ْزقًا َح َسنًا﴾ ♤‬ ‫ب تَت َّ ِخذُونَ ِم ْنهُ َ‬


‫س َك ًرا ِ‬ ‫قوله‪َ ﴿ :‬و ِم ْن ث َ َم َرا ِ‬
‫ت النَّ ِخي ِل َواَل ْعنَا ِ‬
‫ت قَ ْب َل تَحْ ِر ِيم ْالخ َْم ِر‬
‫يم ِه َلن َه ِذ ِه ْاآل َيةُ نَزَ لَ ْ‬ ‫علَى ِإ َبا َح ِت ِه ش َْر ً‬
‫عا قَ ْب َل تَحْ ِر ِ‬ ‫َد َّل َ‬
‫‪.‬وفيه إشارة بأنها ليست حسنا‬

‫‪347‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وأوحى َربك إلى النَّحْ ل أن اتخذي من الجبال بُيُوتًا﴾ وقد ذكر ابن ♤‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬القيم رحمه الله‪ ،‬أحوال النَّحْ ل وما فِيها من العبر واآليات‬

‫ࣱ‬
‫ف أَ ۡل َو ٰ⁠نُهُۥ فِي ِه ِشفَ ۤا ࣱء ِّللنَّ ِ ٰۚ‬
‫اس} عن ♤‬ ‫ٌ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ۡ‬
‫خ‬ ‫م‬
‫ُّ‬ ‫اب‬ ‫قوله‪َ { :‬ي ۡخ ُر ُج ِم ُۢن بُ ُ‬
‫طونِ َها ش ََر‬
‫عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‬
‫بنار‪ ،‬وأنا أ ْن َهى‬
‫س ٍل‪ْ ،‬أو َك َّي ٍة ٍ‬
‫ع َ‬ ‫شفا ُء في ثَالثَةٍ‪ :‬في ش َْر َ‬
‫ط ِة ِمحْ َج ٍم‪ْ ،‬أو ش َْربَ ِة َ‬ ‫"ال ِ ّ‬
‫يِ" رواه البخاري‬ ‫‪.‬أ ُ َّمتي َ‬
‫ع ِن ال َك ّ‬
‫أن َر ُج ًال‬
‫وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه " َّ‬
‫س ًال‬
‫ع َ‬ ‫أخي يَ ْشت َ ِكي َب ْ‬
‫طنَهُ‪ ،‬فقا َل‪ :‬ا ْس ِق ِه َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم فقا َل‪ِ :‬‬ ‫ي َ‬
‫أت َى النب َّ‬
‫س ًال ث ُ َّم أتاهُ فقا َل‪:‬‬ ‫س ًال ث ُ َّم أتاهُ الثَّا ِلثَةَ فقا َل‪ :‬ا ْس ِق ِه َ‬
‫ع َ‬ ‫ث ُ َّم أت َى الثَّا ِن َيةَ‪ ،‬فقا َل‪ :‬ا ْس ِق ِه َ‬
‫ع َ‬
‫سقاهُ فَ َب َرأَ‬
‫ع َس ًال فَ َ‬
‫يك‪ ،‬ا ْس ِق ِه َ‬‫أخ َ‬ ‫ط ُن ِ‬ ‫ب َب ْ‬
‫ص َدقَ اللَّهُ‪ ،‬و َكذَ َ‬ ‫"‪.‬ق ْد فَ َع ْلتُ ؟ فقا َل‪َ :‬‬
‫﴿وٱللَّهُ َخلَقَ ُك ۡم ث ُ َّم َيت ََوفَّ ٰى ُك ٰۡۚم َو ِمن ُكم َّمن يُ َر ُّد ِإلَ ٰۤى أ َ ۡرذَ ِل ٱ ۡلعُ ُم ِر ِل َك ۡی َال ♤‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫ࣱ‬
‫ع ِلي ࣱم قَ ِدير﴾ وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم "‬ ‫يَعۡ لَ َم بَعۡ َد ِع ۡل ࣲم َ‬
‫ش ۡيـًٔ ٰۚا ِإ َّن ٱللَّهَ َ‬
‫أن أ ُ َر َّد إلى ْ‬
‫أرذَ ِل العُ ُم ِر‪ "،‬رواه البخاري‬ ‫بك ِمن ْ‬ ‫ع وذ ُ َ‬ ‫‪.‬وأ َ ُ‬

‫‪348‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫واجكم ♤‬
‫أز ِ‬‫أزوا ًجا و َج َع َل لَكم ِمن ْ‬ ‫َّ‬
‫﴿واللهُ َج َع َل لَكم ِمن أ ْنفُ ِسكم ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪:‬‬
‫ف العُلَما ُء في ال ُمرا ِد ِبال َحفَ َدةِ في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة؛ فَقا َل‬ ‫اخت َ َل َ‬
‫َبنِينَ و َحفَ َدةً﴾ ْ‬
‫ض العُلَ ِ‬
‫ماء‪ :‬ال َحفَ َدة ُ‬ ‫اَلوالدِ‪ ،‬وقا َل بَ ْع ُ‬ ‫عةٌ ِمنَ العُلَ ِ‬
‫ماء‪ :‬ال َحفَ َدة ُ‪ْ :‬أوال ُد ْ‬ ‫َجما َ‬
‫ْوان وال َخ َد ُم وهو ِمنَ ال َح ْف ِد وهو اْلسْراعُ في ِ‬
‫الخ ْد َم ِة وال َع َم ِل‬ ‫‪.‬اَلع ُ‬

‫ࣰ‬
‫ش ۡی ࣲء} ْال ُم َرا ُد ♤‬
‫علَ ٰى َ‬ ‫ِر‬
‫د‬ ‫ۡ‬
‫ق‬
‫ُ َ ُ َ‬‫ي‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫م‬‫ك‬‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ۤ‬
‫ا‬ ‫ب ٱ َّللهُ َمث َ َّ ُ ِ َ َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ۡ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ج‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ض َر َ‬
‫﴿و َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬بِ ِه ْال َوث َ ُن َو ْال َح ُّق تَعَالَى‪ .‬وقيل‪ُ :‬ه َو َمث َ ٌل ِل ْل َكافِ ِر َو ْال ُمؤْ ِم ِن‬

‫اللهَ إذا أرا َد ♤‬ ‫أن َّ‬ ‫ص ِر﴾ أي َّ‬ ‫سا َع ِة ّإال َكلَ ْمحِ البَ َ‬
‫﴿وما ْأم ُر ال ّ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ص ِر‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫ي بِها في أس َْرعِ ِمن لَ ْمحِ البَ َ‬ ‫على ْ ْ‬ ‫اْلتْيانَ بِها فَهو قاد ٌِر َ‬
‫أن يَأتِ َ‬
‫َت َب ِعيدًا ِع ْن َدكم‬ ‫ص ِر ْ‬
‫وإن كان ْ‬ ‫يب ِع ْن َدهُ ت َعالى َكلَ ْمحِ ال َب َ‬‫‪.‬ال َم ْعنى هي قَ ِر ٌ‬

‫واف ِل ْلغَن َِم‪♤ ،‬‬


‫ص ُ‬ ‫عارها أثاثًا﴾ اَل ْ‬
‫بارها وأ ْش ِ‬
‫وأو ِ‬
‫صوا ِفها ْ‬
‫﴿ومن أ ْ‬
‫قوله‪ِ :‬‬
‫عار ِل ْل َم ْع ِز‬
‫بار ِل ْْلبِ ِل‪ ،‬واَل ْش ُ‬
‫‪.‬واَلو ُ‬
‫ْ‬

‫َص ♤‬ ‫ع ْنكم َ‬
‫ض َر َر ال َح ِ ّر‪ ،‬وخ َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬و َج َع َل لَكم َ‬
‫سرابِي َل ت َ ِقي ُك ُم ال َح َّر﴾ ت َ ْد َف ُع َ‬
‫ع ْن ِذ ْك ِر اآل َخ ِر‪َِ ،‬ل َّن ما وقى‬ ‫ال َح َّر ولَ ْم َي ْذ ُك ِر البَ ْر َد ا ْكتِفا ًء بِ ِذ ْك ِر أ َح ِد ال ِ ّ‬
‫ض َّدي ِْن َ‬
‫‪.‬منَ ال َح ِ ّر وقى ِمنَ البَ ْر ِد‬
‫ِ‬
‫‪349‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على ♤‬ ‫سلَ َم﴾ وال ينفعهم ذلك َلن الله قد ن َّ‬


‫َص َ‬ ‫قوله‪ْ :‬‬
‫﴿وألقَ ْوا إلى اللَّ ِه يَ ْو َمئِ ٍذ ال َّ‬
‫ُون اللَّ ِه في النّ ِ‬
‫ار َج ِميعًا في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬إنَّكم وما ت َ ْعبُدُونَ‬ ‫أنَّهم وما يَ ْعبُدُونَهُ ِمن د ِ‬
‫ب َج َهنَّ َم﴾‬ ‫ُون اللَّ ِه َح َ‬
‫ص ُ‬ ‫ِمن د ِ‬

‫س ِبي ِل اللَّ ِه ِز ْدناهم َ‬


‫عذا ًبا فَ ْوقَ ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬الَّذِينَ َكفَ ُروا و َ‬
‫صدُّوا َع ْن َ‬
‫على ُك ْف ِر ِه ْم في‬ ‫ب بِما كانُوا يُ ْف ِسدُونَ ﴾ والعَ ُ‬
‫ذاب ال َم ِزي ُد فَ ْوقَهُ‪ :‬هو َ‬
‫عذابُهم َ‬ ‫العَذا ِ‬
‫غي َْرهم‪ِ ﴿ :‬ل َيحْ ِملُوا ْأو َ‬
‫زارهم‬ ‫ضلُّوا َ‬
‫ض ّلِينَ الَّذِينَ أ َ‬‫أ ْنفُ ِس ِه ْم؛ ِب َد ِلي ِل قَ ْو ِل ِه في ال ُم ِ‬
‫ض ُّلونَهم بِغَي ِْر ِع ْل ٍم﴾‬
‫زار الَّذِينَ يُ ِ‬
‫ومن ْأو ِ‬ ‫كاملَةً يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة ِ‬ ‫ِ‬

‫وجئْنا بِ َك ♤‬
‫علَ ْي ِه ْم ِّم ْن أ ْنفُ ِس ِه ْم ِ‬ ‫ث في ُك ِّل أ ُ َّم ٍة َ‬
‫ش ِهيدًا َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ويَ ْو َم نَ ْب َع ُ‬

‫وجئْنا ِب َك َ‬
‫على‬ ‫ْف إذا ِجئْنا ِمن ُك ِّل أ ُ َّم ٍة ِب َ‬
‫ش ِهي ٍد ِ‬ ‫ُالء﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَ َكي َ‬
‫على َهؤ ِ‬
‫ش ِهيدًا َ‬
‫َ‬
‫ش ِهيدًا﴾‬
‫ُالء َ‬
‫َهؤ ِ‬

‫يان ُك ِّل ♤‬ ‫َيءٍ ﴾ القُ ْر ُ‬


‫آن فِي ِه بَ ُ‬ ‫﴿ون ََّز ْلنا َعلَي َْك ال ِك َ‬
‫تاب تِبْيانًا ِلّ ُك ِّل ش ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما آتا ُك ُم‬ ‫سنَّةُ ُكلُّها ت َ ْد ُخ ُل في آيَ ٍة ِ‬
‫واح َدةٍ ِمنهُ؛ وهي قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬ ‫ش ْيءٍ ‪ .‬وال ُّ‬ ‫َ‬
‫سو ُل فَ ُخذُوهُ وما نَهاكم َ‬
‫ع ْنهُ فا ْنت َ ُهوا﴾‬ ‫الر ُ‬
‫َّ‬

‫‪350‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةِ النَّحْ ِل‪ِ ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ ♤‬


‫س َ‬ ‫قال بعض السلف‪ِ :‬إ َّن أَجْ َم َع آ َي ٍة فِي ْالقُ ْر ِ‬
‫آن فِي ُ‬
‫ت الَّتِي َج َم َع فِيها َبيْنَ ْ‬
‫اَلم ِر ِبال َع ْد ِل‬ ‫ان﴾ ْاآل َيةَ‪َ .‬و ِمنَ اآليا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫َيأ ْ ُم ُر ِب ْال َع ْد ِل َواْلحْ َ‬
‫إن عا َق ْبت ُ ْم فَعاقِبُوا بِ ِمثْ ِل ما ُ‬
‫عو ِق ْبت ُ ْم بِ ِه﴾ اآلية‬ ‫سان‪ ،‬قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬ ‫‪.‬والتَّفَ ُّ‬
‫ض ِل بِاْلحْ ِ‬
‫"إن ال ُم ْق ِس ِطينَ ِع ْن َد الل ِه‬ ‫وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو َّ‬
‫ين‪ ،‬الَّذِينَ‬ ‫عز وج َّل‪ ،‬و ِك ْلتا يَ َد ْي ِه يَ ِم ٌ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬
‫ين َّ‬ ‫علَى َمنا ِب َر ِمن نُ ٍ‬
‫ور‪ ،‬عن يَ ِم ِ‬
‫"‪.‬يَ ْع ِدلُونَ في ُح ْك ِم ِه ْم وأَ ْه ِلي ِه ْم وما ولوا‬

‫﴿و ْأوفُوا بِ َع ْه ِد اللَّ ِه إذا عا َه ْدت ُ ْم﴾ وهذا اَلمر ِ‬


‫شام ٌل ِل َج ِميعِ ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫وربِّ ِه‪ ،‬وفِيما بَ ْينَهُ وبَيْنَ ال ّن ِ‬
‫اس‬ ‫‪.‬العُ ُهو ِد فِيما بَيْنَ ال َع ْب ِد َ‬

‫ت غ َْزلَ َها ِم ْن بَ ْع ِد قُ َّوةٍ أ َ ْن َكاثًا﴾ قيل‪َ :‬ه ِذ ِه ♤‬ ‫﴿وال ت َ ُكونُوا َك َّالتِي نَ َق َ‬


‫ض ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ضتْهُ َب ْع َد إبرامه‬
‫ت َش ْيئًا نَ َق َ‬ ‫‪.‬ام َرأَة ٌ خ َْرقَا ُء َكان ْ‬
‫َت ِب َم َّكةَ‪ُ ،‬كلَ َّما غَزَ لَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ع ْه َدهُ بَ ْع َد ت َْو ِكي ِد ِه‬ ‫‪.‬وقيل‪َ :‬هذَا َمثَ ٌل ِل َم ْن نَقَ َ‬
‫ض َ‬

‫﴿وال تَت َّ ِخذُوا أَيْمانَ ُك ْم َدخ ًَال بَ ْينَ ُك ْم فَت َِز َّل قَ َد ٌم بَ ْع َد ث ُبُوتِها﴾ ♤‬
‫قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ارة ٌ ِل ْل ُم ْست َ ِق ِيم ْال َحا ِل يَقَ ُع فِي‬ ‫ان بَ ْع َد ْال َم ْع ِرفَ ِة ِب َّ‬
‫الل ِه‪َ .‬و َه ِذ ِه ا ْستِ َع َ‬ ‫ع ِن ْاَل َ ْي َم ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫ي َ‬
‫سانَ ِم ْن َحا ِل َخي ٍْر إِلَى‬ ‫ت ِْ‬
‫اْل ْن َ‬ ‫ط ِفي ِه‪َِ ،‬ل َ َّن ْالقَ َد َم إِذَا زَ لَّ ْ‬
‫ت نَقَ َل ِ‬ ‫ع ِظ ٍيم َو َي ْسقُ ُ‬
‫ش ٍ َّر َ‬
‫‪َ .‬حا ِل ش ٍ َّر‬

‫‪351‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ق‬
‫ط ِري ِ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫علَى ِاال ْس ِتقَا َم ِة فَ َحا َد َ‬
‫ع ْن َها َوزَ َّل َ‬ ‫وقال ابن كيثر‪َ :‬مث َ ٌل ِل َم ْن َكانَ َ‬
‫الل ِه‪َِ ،‬ل َ َّن ْال َكافِ َر‬
‫سبِي ِل َّ‬
‫ع ْن َ‬ ‫علَى ال َّ‬
‫ص ِ ّد َ‬ ‫ان ْال َحانِث َ ِة ْال ُم ْشت َِم َل ِة َ‬
‫ب ْاَل َ ْي َم ِ‬ ‫ْال ُه َدى‪ ،‬بِ َ‬
‫س َب ِ‬
‫ِين‪ ،‬فَا ْن َ‬
‫ص َّد‬ ‫غ َد َر ِب ِه‪ ،‬لَ ْم َيبْقَ لَهُ ُوث ُ ٌ‬
‫وق ِبال ّد ِ‬ ‫عا َه َدهُ ث ُ َّم َ‬‫ِإ َذا َرأَى أ َ َّن ْال ُمؤْ ِمنَ قَ ْد َ‬
‫ص َد ْدت ُ ْم َ‬
‫ع ْن‬ ‫﴿وتَذُوقُوا ال ُّ‬
‫سو َء ِب َما َ‬ ‫اْلس َْال ِم؛ َو ِل َهذَا قَا َل‪َ :‬‬ ‫ع ِن ال ُّد ُخو ِل فِي ْ ِ‬ ‫سبَ ِب ِه َ‬
‫ِب َ‬
‫ع ِظي ٌم﴾‬
‫اب َ‬ ‫سبِي ِل اللَّ ِه َولَ ُك ْم َ‬
‫عذَ ٌ‬ ‫َ‬

‫ࣰ‬ ‫ࣱ‬ ‫ࣰ‬


‫ص ٰـ ِلحا ِّمن ذَ َك ٍر أ َ ۡو أُنث َ ٰى َو ُه َو ُم ۡؤ ِمن فلنحيِيَنهُۥ َحيَ ٰوة ♤‬
‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع ِم َل َ‬‫قوله‪َ ﴿ :‬م ۡن َ‬
‫ࣰ‬
‫ع ِة وغير ذلك‬ ‫ْ‬
‫ب وبِال َقنَا َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ق ال َح َال ِل الطيِّ ِ‬ ‫ْ‬
‫الرز ِ‬
‫سر بِ ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ .‬‬
‫طيِّبَة﴾ ف ّ‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو " َق ْد أ َ ْف َل َح َمن أ َ ْس َل َم‪َ ،‬و ُر ِزقَ‬
‫"‪َ .‬كفَافًا‪َ ،‬و َقنَّ َعهُ اللَّهُ بما آت َاهُ‬
‫ليس ال ِغنَى عن َكثْ َرةِ ال َع َر ِ‬
‫ض‪،‬‬ ‫وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة " َ‬
‫"‪.‬ولَ ِك َّن ال ِغنَى ِغنَى النَّ ْف ِس‬

‫أي‪♤ :‬‬
‫الر ِج ِيم﴾‪ْ ،‬‬
‫ْطان َّ‬
‫شي ِ‬‫ت القُ ْرآنَ فا ْست َ ِع ْذ ِباللَّ ِه ِمنَ ال َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَإذا قَ َرأْ َ‬
‫الل ِه‪ . .‬اآليَةَ‪ .‬وقال ابن جرير وغيره‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫آن فا ْست َ ِع ْذ بِ َّ‬
‫ت قِرا َءة َ القُ ْر ِ‬ ‫فَإذا َ‬
‫أر ْد َ‬
‫ب‬‫واال ْستِحْ با ِ‬‫ب ِ‬ ‫‪.‬اَلم َر في اآل َي ِة ِللنَّ ْد ِ‬
‫ْ‬
‫عوذُ بِاللَّ ِه ال َّ‬
‫س ِميعِ‬ ‫الر ِج ِيم» "أ ُ‬
‫ْطان َّ‬
‫شي ِ‬‫عوذُ بِاللَّ ِه ِمنَ ال َّ‬
‫وصيغة االستعاذة‪« :‬أ ُ‬
‫الر ِج ِيم‬
‫ْطان َّ‬
‫شي ِ‬‫"‪..‬العَ ِل ِيم ِمنَ ال َّ‬

‫‪352‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على الَّذِينَ آ َمنُوا و َ‬


‫على َربِّ ِه ْم يَت ََو َّكلُونَ ﴾ ♤‬ ‫س ْل ٌ‬
‫طان َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إنَّهُ لَي َ‬
‫ْس لَهُ ُ‬
‫ب ال ت َْوبَةَ‬
‫أن يُوقِ َعهم في ذَ ْن ٍ‬
‫على ْ‬ ‫س ُّل ٌ‬
‫ط وقُ ْد َرة ٌ َ‬ ‫ع َل ْي ِه ْم‪ْ ،‬‬
‫أي‪ :‬ت َ َ‬ ‫س ْل ٌ‬
‫طان َ‬ ‫ْس لَهُ ُ‬
‫أي لَي َ‬
‫‪.‬منهُ‬
‫ِ‬

‫قوله‪﴿ :‬وإذا َبد َّْلنا آ َيةً َمكانَ آ َيةٍ﴾ قال الشيخ حفظه الله‪ :‬النسخ ال يكون في ♤‬
‫‪.‬أصول الدين من التوحيد‪ ،‬واَلخالقيات‪ ...‬كما قدمنا في سورة البقرة‬

‫﴿ولَقَ ْد نَ ْع َل ُم أنَّهم يَقُولُونَ إنَّما يُعَ ِلّ ُمهُ َبش ٌَر﴾ قال أهل التفسير‪♤ :‬‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫‪.‬كان في مكة رجل أعجمي فقال الكافرون‪ :‬علّمه ذاك الرجل‬

‫ان﴾ فَ ُه َو ا ْستِثْنَا ٌء ِم َّم ْن َكفَ َر ♤‬ ‫َوأ َ َّما قَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إال َم ْن أ ُ ْك ِرهَ َو َق ْلبُهُ ُم ْ‬
‫ط َم ِئ ٌّن بِاْلي َم ِ‬
‫ب َوأَذًى‪،‬‬
‫ض ْر ٍ‬ ‫سا ِن ِه َو َوا َفقَ ْال ُم ْش ِركِينَ ِبلَ ْف ِظ ِه أو فِ ْع ِل ِه ُم ْك َر ًها ِل َما نَالَهُ ِم ْن َ‬ ‫ِب ِل َ‬
‫ان بِاللَّ ِه َو َر ُ‬
‫سو ِل ِه‪ .‬وسبب نزول هذه‬ ‫َوقَ ْلبُهُ يَأْبَى َما يَقُولُ‪َ ،‬و ُه َو ُم َ‬
‫ط ْمئِ ٌن بِ ْ ِ‬
‫اْلي َم ِ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ ِم ْن أ َ ْه ِل َم َّكةَ‪ ،‬آ َمنُوا بالل ِه‪ ،‬فأ َ ْك َر َه ُه ُم‬
‫ب َر ُ‬ ‫بعض أ َ ْ‬
‫ص َحا ِ‬ ‫َ‬ ‫اآلية ّ‬
‫أن‬
‫علَى ْال ُك ْف ِر فسألوا النبي عن ذلك فنزلت هذه اآلية‬ ‫‪.‬المشركون َ‬

‫‪353‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َه ِذ ِه اَل ُ َّم ِة؛ كما في قوله‬


‫قال بعض العلماء‪ :‬العُ ْذ ُر ِباْل ْكرا ِه ِمن خَصائِ ِ‬
‫علَيْكم يَ ْر ُج ُموكم ْأو‬ ‫إن يَ ْ‬
‫ظ َه ُروا َ‬ ‫تعالى في قصة أصحاب الكهف‪﴿ :‬إنَّهم ْ‬
‫يُ ِعيدُوكم في ِم َّل ِت ِه ْم ولَ ْن ت ُ ْف ِل ُحوا إ ًذا أ َبدًا﴾‬
‫عن أ َّمتي الخطأ َ‬ ‫وفي حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه َّ‬
‫"إن اللهَ تجاوزَ َ‬
‫كرهوا علَي ِه" صححه اَللباني‬
‫سيان وما است ُ ِ‬
‫‪.‬وال ِنّ ِ‬
‫ت ْال ُم ْس ِل ُم َ‬
‫علَى دِي ِن ِه‪َ ،‬ولَ ْو أَ ْف َ‬
‫ضى ِإلَى َقتْ ِل ِه‪َ ،‬ك َما ِفي‬ ‫ض ُل َو ْاَل َ ْولَى أ َ ْن َيثْبُ َ‬
‫َو ْاَل َ ْف َ‬
‫ي ِ رضي الله عنه‬ ‫س ْه ِم ّ‬ ‫الل ِه ب ِْن ُح َذافة ال َّ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬
‫صة َ‬ ‫‪.‬ق ّ‬
‫س ْي ِل َمةُ ْال َكذَّ ُ‬
‫اب‪ :‬أَت َ ْش َه ُد أ َ َّن ُم َح َّمدًا‬ ‫ي لَ َّما قَا َل لَهُ ُم َ‬
‫ار ُّ‬
‫ص ِ‬‫يب ب ُْن زَ ْي ٍد ْاَل َ ْن َ‬
‫َو َكذَ ِل َك َحبِ ُ‬
‫سو ُل اللَّ ِه؟ فَ َيقُولُ‪َ :‬ال أَ ْس َم ُع‪ .‬فَ َل ْم‬
‫سو ُل اللَّ ِه؟ َف َيقُولُ‪ :‬نَ َع ْم‪ .‬فَ َيقُولُ‪ :‬أَتَ ْش َه ُد أَنِّي َر ُ‬ ‫َر ُ‬
‫علَى ذَ ِل َك‬ ‫ت َ‬ ‫إربًا َو ُه َو ثَابِ ٌ‬‫إربًا ْ‬
‫طعُهُ ْ‬ ‫‪.‬يَزَ ْل يُقَ ِ ّ‬

‫أن ♤‬ ‫سهُ ْ‬
‫واط َم َّ‬ ‫ت بِ ِه نَ ْف ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬ولَ ِك ْن َمن ش ََر َح بِال ُك ْف ِر َ‬
‫ص ْد ًر﴾ أي ِ ا ْعتَقَ َدهُ وطابَ ْ‬
‫ص َّلى اللهُ عليه‬‫ي َ‬ ‫إلَ ْي ِه‪ ،‬وهذا مرتد يستتاب فإن تاب وإال قتل كما قا َل النب ُّ‬
‫‪.‬وسلَّ َم‪َ " :‬من بَ َّد َل دِينَهُ فَا ْقتُلُوهُ" رواه البخاري من حديث ابن عباس‬

‫صبَ ُر ۤو ۟ا ِإ َّن ♤‬
‫ُوا َو َ‬‫وا ث ُ َّم َج ٰـ َهد ۟‬‫وا ِم ُۢن بَعۡ ِد َما فُ ِتنُ ۟‬ ‫قوله‪﴿ :‬ث ُ َّم ِإ َّن َرب ََّك ِللَّ ِذينَ هَا َج ُر ۟‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫ض َعفِينَ بِ َم َّكةَ‪،‬‬
‫ف آخ َُر َكانُوا ُم ْستَ ْ‬ ‫ص ْن ٌ‬ ‫َرب ََّك ِم ُۢن بَعۡ ِدهَا لَغَفُور َّر ِحيم} َه ُؤ َال ِء ِ‬
‫ص ِب ْال ِهجْ َر ِة‬ ‫علَى ْال ِفتْنَ ِة‪ ،‬ث ُ َّم إِنَّ ُه ْم أ َ ْم َكنَ ُه ُم ْالخ ََال ُ‬
‫‪ُ .‬م َهانِينَ فِي قَ ْو ِم ِه ْم فوافقوهم َ‬

‫‪354‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ط َم ِئنَّةً يَأْتِيها ِر ْزقُها ♤‬


‫َت ِآم َنةً ُم ْ‬
‫ب اللَّهُ َمث َ ًال قَ ْر َيةً كان ْ‬
‫ض َر َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬
‫ف بِما‬
‫باس ال ُجوعِ والخ َْو ِ‬ ‫ت بِأ ْنعُ ِم اللَّ ِه َفأذاقَها َّ‬
‫اللهُ ِل َ‬ ‫غدًا ِمن ُك ِّل َم ٍ‬
‫كان فَ َكفَ َر ْ‬ ‫َر َ‬
‫ض َر َبهُ اللَّهُ َِل ْه ِل َم َّكةَ“‬ ‫ض أ ْه ِل ال ِع ْل ِم‪َّ ” :‬‬
‫إن هَذا َمث َ ٌل َ‬ ‫كانُوا َي ْ‬
‫صنَعُونَ ﴾‪ ،‬قا َل َب ْع ُ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬ ‫يرهُ َق ْ‬
‫طعًا َِل ْه ِل َم َّكةَ؛ لَ ّما لَ ُّجوا في ال ُك ْف ِر وال ِعنادِ‪ ،‬و َدعا َ‬ ‫وقد وقَ َع ن َِظ ُ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِسنِينَ‬‫ض َر‪ ،‬واجْ عَ ْلها َ‬
‫على ُم َ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ ،‬وقا َل‪« :‬اللَّ ُه َّم ا ْش ُد ْد و َ‬
‫طأت ََك َ‬ ‫َر ُ‬
‫ف» ولكن المثل عام‬ ‫‪َ .‬ك ِسنِينَ يُو ُ‬
‫س َ‬

‫ط ِيّبًا وا ْش ُك ُروا نِ ْع َمةَ اللَّ ِه ْ‬


‫إن ُك ْنت ُ ْم إيّاهُ ♤‬ ‫قوله‪﴿ :‬فَ ُكلُوا ِم ّما َرزَ قَ ُك ُم اللَّهُ َح ً‬
‫الال َ‬
‫ت َ ْعبُدُونَ ﴾‬
‫الشكر مبني على ثالثة أركان ‪ :‬االعتراف بالنعمة باطنا ً ‪ ،‬والتحدث بها‬
‫‪.‬ظاهرا ً ‪ ،‬وتصريفها في مرضات الله‬
‫ع ِن ال َع ْب ِد أ َ ْن‬ ‫إن اللَّ َه لَ َي ْر َ‬
‫ضى َ‬ ‫وفي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك " َّ‬
‫ش ْربَةَ فَيَحْ َم َدهُ َ‬
‫علَ ْي َها‬ ‫ب ال َّ‬ ‫"يَأ ْ ُك َل اَل ْك َلةَ فَيَحْ َم َدهُ َ‬
‫علَ ْي َها‪ ،‬أ َ ْو يَ ْش َر َ‬

‫عةٌ ِل ْل َح ْ‬
‫ص ِر َوقَ ْد ♤‬ ‫علَ ْي ُك ُم ال َم ْيتَةَ﴾ ِإنَّ َما " َك ِل َمةٌ َم ْو ُ‬
‫ضو َ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬إنَّما َح َّر َم َ‬
‫ت هَا ُهنَا التَّحْ ِر َ‬
‫يم‬ ‫ص َر ْ‬
‫‪َ .‬ح َ‬
‫{وٱلد ََّم} أي المسفوح فخرج من ذلك ْال َكبِ ُد َو ِ ّ‬
‫الط َحا ُل واليسير منه‬ ‫‪َ .‬‬

‫‪355‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن‬ ‫على طا ِع ٍم َي ْ‬
‫ط َع ُمهُ ّإال ْ‬ ‫ي إلَ َّ‬
‫ي ُم َح َّر ًما َ‬ ‫أج ُد في ما أ ُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫قال ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل ال ِ‬
‫ير﴾ وكذا شحمه َلن َّ‬
‫اللحْ َم يَ ْد ُخ ُل تَحْ تَهُ‬ ‫يَ ُكونَ َم ْيتَةً ْأو َد ًما َم ْسفُو ًحا ْأو لَحْ َم ِخ ْن ِز ٍ‬
‫‪.‬ال َّ‬
‫شحْ ُم‬
‫على ال ُم ْس ِل ِمينَ ‪﴿ .‬وال عادٍ﴾ أي‪ :‬في {‬
‫غي َْر باغٍ َ‬
‫غي َْر باغٍ وال عادٍ﴾ أي‪َ :‬‬
‫َ‬
‫‪.‬استعماله وأكله َلن الضرورة تقدر بقدرها‬

‫ف ْأل ِسنَت ُ ُك ُم ال َكذ َ‬


‫ِب هَذا َحال ٌل وهَذا َحرا ٌم﴾ ♤‬ ‫﴿وال تَقُولُوا ِلما ت َ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫َلن هذا من كبائر الذنوب ومن نواقص اْلسالم ومن الشرك‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬أ َ ْم‬
‫ِين َما َل ْم َيأْذَ ْن ِب ِه اللَّهُ﴾‬
‫عوا َل ُه ْم ِمنَ ال ّد ِ‬ ‫َل ُه ْم ُ‬
‫ش َر َكا ُء ش ََر ُ‬
‫علَى ٱللَّ ِه َما َال‬ ‫{وأَن تَقُولُ ۟‬
‫وا َ‬ ‫على اللَّ ِه ال َكذ َ‬
‫ِب} كما قال تعالى‪َ :‬‬ ‫قوله‪ِ { :‬لت َ ْفت َُروا َ‬
‫ت َعۡ لَ ُمونَ }‪ .‬واعتبر اْلمام أبو عبد الله ابن القيم المفتي مو ِقّعا عن الله تعالى‬
‫فيما يفتي به‪ ،‬وألف في ذلك كتابه القيم المشهور "إعالم الموقعين عن رب‬
‫العالمين" الذي قال في فاتحته‪" :‬إذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل‬
‫الذي ال ينكر فضله‪ ،‬وال يجهل قدره‪ ،‬وهو من أعلى المراتب السنيات‪،‬‬
‫‪!".‬فكيف بمنصب التوقيع عن رب اَلرض والسموات؟‬

‫‪356‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صةً دُونَ َ‬
‫غي ِْر ِه ْم ♤‬ ‫علَ ْي ِه ْم خا َّ‬ ‫على الَّذِينَ هادُوا َح َّر ْمنا﴾ ْ‬
‫أي َح َّر ْمنا َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬و َ‬
‫ومنَ ال َبقَ ِر وال َغن َِم َح َّر ْمنا‬ ‫علَي َْك﴾ ِبقَ ْو ِلنا‪َ ﴿ :‬ح َّر ْمنا ُك َّل ذِي ُ‬
‫ظفُ ٍر ِ‬ ‫صنا َ‬ ‫﴿ما قَ َ‬
‫ص ْ‬
‫علَ ْي ِه ْم ُ‬
‫ش ُحو َم ُهما﴾‬ ‫َ‬
‫سهم‬ ‫ظلَ ْمنا ُه ْم﴾ ِبذَ ِل َك التَّحْ ِر ِيم َب ْل َجزَ يْناهم ِب َب ْغ ِي ِه ْم ﴿ولَ ِك ْن كانُوا أ ْنفُ َ‬
‫قوله‪﴿ :‬وما َ‬
‫ت أ ُ ِحلَّ ۡت‬ ‫ع َل ۡي ِه ۡم َ‬
‫ط ِيّبَ ٰـ ٍ‬ ‫ظ ۡل ࣲم ِّمنَ ٱلَّ ِذينَ هَاد ۟‬
‫ُوا َح َّر ۡمنَا َ‬ ‫ظ ِل ُمونَ ﴾ كما قال تعالى‪{ :‬فَ ِب ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ࣰ‬
‫عن َسبِي ِل ٱللَّ ِه َكثِيرا}‬ ‫‪.‬لَ ُه ۡم َوبِ َ‬
‫ص ِ ّد ِه ۡم َ‬

‫﴿ث ُ َّم ِإ َّن َرب ََّك ِل َّلذِينَ َ‬


‫ع ِملُوا ال ُّ‬
‫سو َء بِ َج َها َلةٍ﴾ ال عن حكم الذنب ولكن ُك ُّل َم ْن ♤‬
‫صى اللَّهَ فَ ُه َو َجا ِه ٌل َلنه جهل عن نتيجة ذنبه‬ ‫ع َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫يم كانَ أ ُ َّمةً قانِتًا ِللَّ ِه َحنِيفًا و َل ْم يَكُ ِمنَ ال ُم ْش ِركِينَ ﴾ ♤‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إ َّن إبْرا ِه َ‬
‫سال ُم ‪ِ :-‬بأ َّنهُ أ ُ َّمةٌ؛‬
‫صالة ُ وال َّ‬ ‫علَ ْي ِه و َ‬
‫على نَ ِب ِّينا ال َّ‬ ‫يم ‪َ -‬‬ ‫أثْنى اللَّهُ َ‬
‫على نَ ِب ِيّ ِه إبْرا ِه َ‬
‫أي‪ :‬إما ٌم ُم ْقتَدًى بِ ِه‪ ،‬يَ ْع َل ُم النّ َ‬
‫اس ال َخي َْر‪ .‬وكان إمام الدعوة والنبوة‪ .‬ويذكر‬ ‫ْ‬
‫قصة إبراهيم للرد على الطوائف التي تزعم أنها على دين إبراهيم‪ .‬وأن‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهيم َما َكانَ َي ُهو ِديّا َو َال نَصۡ َرا ِنيّا َولَ ٰـ ِكن َكانَ َح ِنيفا ُّم ۡس ِلما َو َما َكانَ ِمنَ‬
‫‪.‬ٱ ۡل ُم ۡش ِر ِكينَ‬

‫يم كانَ أ ُ َّمةً قا ِنتًا ِللَّ ِه َح ِني ًفا﴾‬ ‫قوله‪َّ :‬‬


‫﴿إن إبْرا ِه َ‬

‫‪357‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قال العالمة ابن القيم ‪ ":‬الحنيف ‪ :‬المقبل على الله ‪ ,‬المعرض عن كل ما‬
‫سواه‬
‫س َنةُ َّالتِي آتاهُ اللَّهُ في ال ُّد ْنيا‪♤ :‬‬
‫س َنةً﴾ وال َح َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وآتَيْناهُ في ال ُّد ْنيا َح َ‬
‫‪.‬النبوة‪ ،‬والذُّ ِ ّريَّةُ َّ‬
‫الط ِيّ َبةُ‪ ،‬والمال ولسان صدق في اآلخرين‬
‫سو ِل‬‫وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه "قِي َل ِل َر ُ‬
‫الر ُج َل يَ ْع َم ُل العَ َم َل ِمنَ ال َخي ِْر‪َ ،‬ويَحْ َم ُدهُ‬ ‫س َّل َم‪ :‬أ َ َرأَي َ‬
‫ْت َّ‬ ‫صلَّى اللَّهُ عليه َو َ‬
‫الل ِه َ‬
‫اج ُل بُ ْش َرى ال ُمؤْ ِم ِن‬
‫ع ِ‬‫لك َ‬ ‫"النَّ ُ‬
‫اس عليه؟ قا َل‪ِ :‬ت َ‬

‫ف العُلَما ُء في ♤‬
‫اخت َ َل َ‬ ‫علَى الَّذِينَ ْ‬
‫اختَلَفُوا ِفي ِه﴾ قَ ِد ْ‬ ‫قوله‪ِ ﴿ :‬إنَّ َما ُج ِع َل ال َّ‬
‫سبْتُ َ‬
‫سبْحانَهُ أ َم َرهم ِبت َ ْع ِظ ِيم‬‫إن اللَّ َه ُ‬‫س ْبتِ‪ِ ،‬قي َل‪َّ :‬‬ ‫َك ْي ِف َّي ِة ِاال ْخ ِت ِ‬
‫الف الكا ِئ ِن َب ْينَهم في ال َّ‬
‫ْت‬
‫ت ال َي ُهو ُد ال َّسب َ‬ ‫ف اجْ تِهادُهم ِفي ِه‪ ،‬فَ َعيَّنَ ِ‬ ‫‪َ .‬ي ْو ٍم في اَل ُ ْسبُوعِ‪ْ ،‬‬
‫فاخت َ َل َ‬

‫ضيلَ ِت ِه َ‬
‫على‬ ‫إن ُموسى أ َم َرهم ِب َي ْو ِم ال ُج ُم َع ِة و َعيَّنَهُ لَهم ْ‬
‫وأخ َب َرهم ِبفَ ِ‬ ‫وقيل‪َّ :‬‬
‫ْت أ ْف َ‬
‫ض ُل‬ ‫غي ِْر ِه‪َ ،‬فخالَفُوهُ وقالُوا َّ‬
‫إن ال َّسب َ‬ ‫‪َ .‬‬

‫‪358‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو َل اللَّ ِه‬ ‫س ِم َع َر ُ‬ ‫ع ْنهُ‪ ،‬أَنَّهُ َ‬


‫اللهُ َ‬‫ي َّ‬ ‫ع ْن أَ ِبي ُه َري َْرة َ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫كما في الصحيحين َ‬
‫سابِقُونَ يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة‪ِ ،‬ب ْي َد أَنَّ ُه ْم‬ ‫صلَّى اللَّهُ َ‬
‫علَ ْي ِه وسلم يَقُولُ‪" :‬نَحْ ُن ْاآل ِخ ُرونَ ال َّ‬ ‫َ‬
‫اختَلَفُوا ِفي ِه‪،‬‬ ‫ض اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم فَ ْ‬ ‫أُوتُوا ْال ِكت َ‬
‫َاب ِم ْن َق ْب ِلنَا‪ ،‬ث ُ َّم َهذَا َي ْو ُم ُه ُم الَّذِي فَ َر َ‬
‫غدٍ"‪ .‬لَ ْف ُ‬
‫ظ‬ ‫ارى بَ ْع َد َ‬
‫ص َ‬ ‫اس َلنَا ِفي ِه تَبَ ٌع‪ْ ،‬اليَ ُهو ُد َ‬
‫غدًا‪َ ،‬والنَّ َ‬ ‫فَ َه َدانَا اللَّهُ َلهُ‪ ،‬فَال َّن ُ‬
‫يِ‬
‫َار ّ‬ ‫ْ‬
‫‪.‬البُخ ِ‬

‫سنَ ِة َو َج ٰـد ِۡل ُهم بِٱ َّلتِی ♤‬


‫ظ ِة ٱ ۡل َح َ‬
‫سبِي ِل َربِّ َك بِٱ ۡل ِح ۡك َم ِة َوٱ ۡل َم ۡو ِع َ‬
‫قوله‪﴿ :‬ٱ ۡدعُ إِلَ ٰى َ‬
‫س ٰۚ ُن﴾‬
‫ی أ َ ۡح َ‬
‫ِه َ‬
‫قال ابن القيم رحمه الله جعل الله سبحانه مراتب الدعوة بحسب مراتب‬
‫‪.‬الخلق‬
‫فالمستجيب القابل الذكي الذي ال يعاند الحق وال يأباه‪ :‬يدعى بطريق‬
‫‪.‬الحكمة‬
‫والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر‪ :‬يدعى بالموعظة الحسنة‪ .‬وهي اَلمر‬
‫‪.‬والنهي المقرون بالترغيب والترهيب‬
‫والمعاند الجاحد‪ :‬يجادل بالتي هي أحسن‪ .‬هذا هو الصحيح في معنى هذه‬
‫‪.‬اآلية‪ .‬انتهى‬
‫سنَّ ِة كما قال تعالى‪{ :‬قُ ۡل َه ٰـ ِذ ِهۦ‬ ‫علَ ْي ِه ِمنَ ْال ِكت َا ِ‬
‫ب َوال ُّ‬ ‫﴿ ِب ْال ِح ْك َم ِة﴾ ُه َو َما أ َ ْنزَ َلهُ َ‬
‫ع ۤو ۟ا ِإلَى ٱ َّلل ٰۚ ِه }‬
‫س ِبي ِل ۤی أ َ ۡد ُ‬
‫َ‬

‫‪359‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب ّإال ِبالَّتِي‬
‫﴿وال تُجا ِدلُوا أ ْه َل ال ِكتا ِ‬ ‫﴿وجاد ِْلهم ِبالَّتِي هي أحْ َ‬
‫س ُن﴾ كما في قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫س ُن ّإال َّالذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا ِمن ُه ْم﴾‬ ‫‪.‬هي أحْ َ‬

‫﴿و َجزَ ا ُء ♤‬ ‫عا َق ْبت ُ ْم فَ َعاقِبُوا بِ ِمثْ ِل َما ُ‬


‫عوقِ ْبت ُ ْم بِ ِه} َك َما فِي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫﴿و ِإ ْن َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫س ِيّئ َةٌ ِمثْلُ َها﴾ فهذه درجة ْال َع ْد ِل‬
‫س ِيّئ َ ٍة َ‬
‫‪َ .‬‬

‫صلَ َح فَأَجْ ُرهُ‬‫عفَا َوأَ ْ‬ ‫صا ِب ِرينَ ﴾ كقوله‪﴿ :‬فَ َم ْن َ‬ ‫ص َب ْرت ُ ْم لَ ُه َو َخي ٌْر ِلل َّ‬
‫قوله‪{:‬و َلئِ ْن َ‬
‫َ‬
‫اص﴾ ث ُ َّم قَا َل ﴿فَ َم ْن تَ َ‬
‫ص َّدقَ بِ ِه فَ ُه َو َكفَّ َ‬
‫ارة ٌ‬ ‫ص ٌ‬‫﴿و ْال ُج ُرو َح ِق َ‬ ‫علَى اللَّ ِه﴾ َوقوله‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫لَهُ﴾ وهذه درجة اْلحسان‪ .‬وقال تعالى‪ِ { :‬إ َّن ٱللَّهَ َي ۡأ ُم ُر ِبٱ ۡل َع ۡد ِل َوٱ ۡ ِْل ۡح َس ٰـ ِن‬
‫ى ِذی ٱ ۡلقُ ۡر َب ٰى‬
‫} َو ِإيت َۤا ِٕ‬
‫‪.‬أما درجة الظلم فحرام‬

‫تمت سورة النحل والحمد لله‬

‫‪360‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة اإلسراء‬

‫هذه السورة مكية وتشير قصة اْلسراء والمعراج الثابتة في الصحيحين‪.‬‬


‫‪.‬وكذلك ذكرت القصة في سورة النجم‬
‫ظةً ال‬
‫س ِد ِه ﷺ َيقَ َ‬
‫وح ِه و َج َ‬
‫والم ْعرا َج ِب ُر ِ‬ ‫وظا ِه ُر القُ ْر ِ‬
‫آن َي ُد ُّل على َّ‬
‫أن اْلسْرا َء ِ‬
‫‪َ .‬منا ًما‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬الَّذِي َ‬
‫بار ْكنا َح ْو َلهُ﴾‬
‫هار‪َ .‬و َّ‬
‫أن الله َب َع َ‬
‫ث‬ ‫جار وال ِث ّ ِ‬
‫مار واَل ْن ِ‬ ‫أي أ ْكث َ ْرنا َح ْولَهُ ال َخي َْر وال َب َر َكةَ ِباَل ْش ِ‬
‫‪.‬اَل ْن ِبيا َء ِمنها‬

‫ورا﴾ أي ت َ َشبَّ ُهوا بِأ َ ِبي ُك ْم‪ ،‬فَا ْذ ُك ُروا أ َ ْنت ُ ْم نِ ْع َمتِي ♤‬
‫ش ُك ً‬ ‫قوله ﴿ ِإ َّنهُ َكانَ َ‬
‫ع ْبدًا َ‬
‫علَ ْي ُك ْم‪ .‬أو كان شكره سببا لنجاته‬
‫‪َ .‬‬

‫ض َم َّرت َ ۡي ِن ♤‬ ‫ض ۡين َۤا ِإلَ ٰى َبنِ ۤی ِإ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل فِی ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ِ‬


‫ب لَت ُ ۡف ِسد َُّن فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫﴿و َق َ‬
‫قوله َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫علُ ّوا َك ِبيرا﴾ تحديد نوع الفساد في المرتين ونوع العقاب غير ثابت‬ ‫َولَت َعۡ لُ َّن ُ‬
‫‪.‬والعلم عند الله‪ ،‬والصواب أن ذلك قد مضى وكان قبل نزول القرآن‬

‫‪361‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ۡدن َٰۚا َو َج َع ۡلنَا َج َه َّن َم ِل ۡل َك ٰـ ِف ِرينَ ♤‬ ‫س ٰى َربُّ ُك ۡم أَن يَ ۡر َح َم ُك ٰۡۚم َو ِإ ۡن ُ‬


‫عدت ُّ ۡم ُ‬ ‫ع َ‬
‫قوله ﴿ َ‬
‫صي ًرا﴾‬
‫َح ِ‬
‫عةُ حتَّى يُقاتِ َل‬ ‫فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم "ال تَقُو ُم ال َّ‬
‫سا َ‬
‫وراء ال َح َج ِر‬
‫ِ‬ ‫ي ِمن‬ ‫ال ُم ْس ِل ُمونَ ال َي ُهو َد‪َ ،‬ف َي ْقتُلُ ُه ُم ال ُم ْس ِل ُمونَ حتَّى َي ْخت َ ِب َ‬
‫ئ ال َي ُهو ِد ُّ‬
‫ي خ َْل ِفي‪،‬‬‫ش َج ُر‪ :‬يا ُم ْس ِل ُم يا َع ْب َد الل ِه هذا يَ ُهو ِد ٌّ‬ ‫ش َج ِر‪ ،‬فيَقو ُل ال َح َج ُر أ ِو ال َّ‬ ‫وال َّ‬
‫"‪.‬فَت َعا َل فا ْقت ُ ْلهُ‪َّ ،‬إال الغ َْرقَ َد‪ ،‬فإنَّه ِمن َ‬
‫ش َج ِر اليَ ُهو ِد‬

‫الط ِريقَةُ الَّتِي هي ♤‬


‫﴿إن هَذا القُ ْرآنَ يِ ْهدِي ِل َّل ِتي هي أ ْق َو ُم﴾ أي ِ َّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َّ :‬‬
‫ب‪ .‬وللشيخ محمد الشنقيطي بحث قيم في مدلول اآلية‬ ‫س ُّد وأ ْع َد ُل وأ ْ‬
‫ص َو ُ‬ ‫‪.‬أ َ‬

‫وال﴾ ♤‬
‫ع ُج ً‬ ‫ش ِ ّر دُعا َءهُ بِال َخي ِْر وكانَ اْل ْن ُ‬
‫سان َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ويَ ْدعُ اْل ْن ُ‬
‫سان بِال َّ‬

‫ع َجلَتُهُ َوقَلَقُهُ؛ َو ِل َهذَا قَا َل ت َ َعالَى َ‬


‫﴿و َكانَ‬ ‫علَى ذَ ِل َك َ‬ ‫َو ِإنَّ َما َيحْ ِم ُل ابْنَ آ َد َم َ‬
‫س ٰـ ُن ِم ۡن َ‬
‫ع َج ࣲٰۚل}‬ ‫ع ُجوال﴾ وقال { ُخ ِلقَ ٱ ۡ ِْلن َ‬ ‫ان َ‬ ‫س ُ‬‫اْل ْن َ‬
‫﴿ولَ ْو‬ ‫َجاب اللَّهُ دُعا َءهُ ِبال َّ‬
‫ش ِ ّر لَ َه َل َك‪ ،‬و َي ُد ُّل ِل َهذا ال َم ْعنى قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬ ‫َولَ ِو ا ْست َ‬
‫ي إ َل ْي ِه ْم أ َجلُ ُه ْم﴾‬ ‫ش َّر ا ْستِ ْعجالَهم ِبال َخي ِْر لَقُ ِ‬
‫ض َ‬ ‫اس ال َّ‬ ‫يُ َع ِ ّج ُل َّ‬
‫اللهُ ِللنّ ِ‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم "ال‬
‫ت ْدعوا على أنف ِسكم ‪ ،‬وال ت ْدعوا على أوالدِكم ‪ ،‬وال ت ْدعوا على َخ َد ِمكم ‪ ،‬وال‬
‫ستجاب لكم‬
‫َ‬ ‫"ت ْدعوا على أموا ِلكم ‪ ،‬ال تُوافقوا من الل ِه ساعةَ ن ْي ٍل فيها عطا ٌء فيُ‬

‫‪362‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫هار ♤‬‫َوقَ ْولُهُ ت َعالى في َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة‪﴿ :‬فَ َم َح ْونا آ َيةَ اللَّ ْي ِل و َج َع ْلنا آيَةَ النَّ ِ‬
‫ظ ِل ًما ُمنا ِسبًا ِل ْل ُهد ِ‬
‫ُوء‬ ‫الل ْي َل ُم ْ‬
‫ْص َرة ً ِلت َ ْبتَغُوا فَض ًْال ِمن َربِّكم﴾ يَ ْعنِي أ َّنهُ َج َع َل َّ‬‫ُمب ِ‬
‫عاش في‬ ‫ضيئ ًا ُمنا ِس ًبا ِل ْل َح َر َك ِة ِ‬
‫واال ْش ِتغا ِل ِبال َم ِ‬ ‫والرا َح ِة‪ ،‬ليسكنوا فيه‪ .‬والنَّ َ‬
‫هار ُم ِ‬ ‫ّ‬
‫‪.‬ال ُّد ْنيا‬
‫سوا ُد الَّذِي يُرى في القَ َم ِر وأن ضوءه‬
‫وقِي َل آية الليل القمر والمحو هنا ال َّ‬
‫‪.‬ضعيف وأية النهار هي الشمس‬

‫ساب} الحساب هي الشهور واَليام ♤‬


‫والح َ‬
‫ِ‬ ‫سنِينَ‬ ‫وقوله {و ِلت َ ْعلَ ُموا َ‬
‫ع َد َد ال ِ ّ‬
‫والساعات والدقائق‬

‫سان ْألزَ ْمناهُ طا ِئ َرهُ﴾ ♤‬


‫﴿و ُك َّل إ ْن ٍ‬ ‫ِفي قَ ْو ِل ِه َج َّل و َ‬
‫عال في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪َ :‬‬
‫هان‬
‫‪:‬وجْ ِ‬
‫ع ْنهُ ِم ْن َ‬
‫ع َم ِل ِه‬ ‫ار َ‬‫ط َ‬ ‫أن ال ُمرا َد ِب ّ‬
‫الطا ِئ ِر‪ :‬ال َع َملُ‪ ،‬و ُه َو َما َ‬ ‫اَلو ُل‪َّ :‬‬
‫‪َّ .‬‬
‫سعا َد ٍة‬
‫َقاوةٍ ْأو َ‬ ‫الل ِه ِمن ش َ‬‫الطائِ ِر ما َسبَقَ َلهُ في ِع ْل ِم َّ‬
‫أن ال ُمرا َد ِب ّ‬
‫‪.‬الثّانِي‪َّ :‬‬

‫سوال﴾ ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬


‫﴿و َما ُكنَّا ُم َع ِذّ ِبينَ َحتَّى نَ ْب َع َ‬
‫ث َر ُ‬

‫‪363‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار‪َ ،‬ماذَا ُح ْك ُم ُه ْم؟ َو َكذَا‬ ‫َار َوآ َبا ُؤ ُه ْم ُكفَّ ٌ‬


‫صغ ٌ‬‫ان الَّذِينَ َماتُوا َو ُه ْم ِ‬ ‫أما ْال ِو ْل َد ُ‬
‫ات فِي الفَتْرة َولَ ْم تَ ْبلُ ْغهُ ال َّدع َْوة ُ‬ ‫ف‪َ ،‬و َم ْن َم َ‬ ‫ش ْي ُخ ْالخ َِر ُ‬ ‫ون َو ْاَل َ َ‬
‫ص ُّم َوال َّ‬ ‫ْال َمجْ نُ ُ‬
‫َف ِع ْل ُم اللَّ ِه‬
‫ع َد َخ َل ْال َجنَّةَ َوا ْن َكش َ‬ ‫يُ ْمت َ َحنُونَ َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة ِفي ال َع َر َ‬
‫صات‪ ،‬فَ َم ْن أ َ َ‬
‫طا َ‬
‫اخ ًرا‪ ،‬وانكشف علم الله فيه‬ ‫صى َد َخ َل النَّ َ‬
‫ار َد ِ‬ ‫س َعا َدةِ‪َ ،‬و َم ْن َع َ‬
‫ق ال َّ‬
‫سا ِب ِ‬
‫فِي ِه ْم ِب َ‬
‫‪.‬بسابق الشقاوة‪ .‬كما ثبت في اَلحاديث‬

‫علَ ۡي َها ٱ ۡلقَ ۡو ُل ♤‬


‫وا ِفي َها فَ َح َّق َ‬‫سق ُ ۟‬‫﴿وإِذَ ۤا أ َ َر ۡدن َۤا أَن نُّهۡ ِل َك قَ ۡر َيةً أ َ َم ۡرنَا ُم ۡت َر ِفي َها فَفَ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ ࣰ‬
‫ش‬‫َ‬ ‫اح‬
‫ِ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫ل‬‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ا‬‫الط‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫َا‬ ‫ن‬‫ر‬‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫أرجحها‪:‬‬ ‫أقوال‬ ‫فيها‬ ‫ا﴾‬ ‫ر‬ ‫َف َد َّم ۡرنَ ٰـ َها ت َد ِمي‬
‫‪َ .‬فا ْست َ َح ُّقوا ْالعُقُو َب َة‬

‫ب ِعبَا ِد ِهۦ ♤‬ ‫وح َو َكفَ ٰى بِ َربِّ َك ِبذُنُو ِ‬ ‫﴿و َك ۡم أَ ۡهلَ ۡكنَا ِمنَ ٱ ۡلقُ ُر ِ‬
‫ون ِم ُۢن بَعۡ ِد نُ ٰۗ ࣲ‬ ‫قوله َ‬
‫علَى أ َ َّن ْالقُ ُرونَ َّالتِي َكان ْ‬ ‫ࣰ‬
‫علَى ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم‪،‬‬ ‫َت َبيْنَ آ َد َم َونُوحٍ َ‬ ‫صيرا﴾ َد َّل َ‬ ‫َخبِي ُۢ َرا َب ِ‬
‫ع َلى ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم‬ ‫ون ُكلُّ ُه ْم َ‬
‫عش ََرة ُ قُ ُر ٍ‬‫َّاس‪َ :‬كانَ َبيْنَ آ َد َم َونُوحٍ َ‬ ‫عب ٍ‬‫‪َ .‬ك َما َقا َلهُ اب ُْن َ‬

‫ࣰ‬
‫ورا ♤‬ ‫ُ‬ ‫ۤ‬
‫طا ُء َر ِبّ َك َم ۡحظ ً‬‫ع َ‬ ‫ٰۚ‬ ‫ۤ‬
‫طا ِء َر ِبّ َك َو َما َكانَ َ‬ ‫ۤ‬ ‫ۤ‬ ‫ۤ‬ ‫ۤ‬
‫}﴿ ُك ّال نُّ ِم ُّد َه ٰـ ُؤ َال ِء َو َه ٰـؤ َُال ِء ِم ۡن َع َ‬
‫ت الدُّنيا تعد ُل عن َد الل ِه جنا َح بعوض ٍة‬
‫حديث سهل بن سعد الساعدي "لو كان ِ‬
‫كافرا منها شربةَ ماءٍ " صححه اَللباني‬
‫ً‬ ‫‪.‬ما سقى‬

‫‪364‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َوأ َ ۡك َب ُر {‬ ‫ض َولَ ۡلـَٔ ِ‬


‫اخ َرة ُ أ َ ۡك َب ُر َد َر َج ٰـ ࣲ‬ ‫علَ ٰى َبعۡ ࣲ ٰۚ‬ ‫ف َفض َّۡلنَا َبعۡ َ‬
‫ض ُه ۡم َ‬ ‫ظ ۡر َك ۡي َ‬‫ٱن ُ‬
‫ࣰ‬
‫ضيال﴾‬ ‫ت َۡف ِ‬
‫إن في الجن ِة ِمائةَ درج ٍة أع َّدهَا اللهُ‬
‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه " َّ‬
‫اَلرض ‪ ،‬فإذا‬
‫ِ‬ ‫السماء و‬
‫ِ‬ ‫للمجاهدِينَ في سبي ِل الل ِه ‪ ،‬ما بين الدَّرجتي ِْن ك َما بين‬
‫عرش‬
‫ُ‬ ‫فوقَهُ‬ ‫س ُ‬
‫ط الجن ِة وأعلى الجن ِة ‪ ،‬و ْ‬ ‫س ‪ ،‬فإنَّهُ أو َ‬ ‫سلُوهُ ال ِف ْ‬
‫ردو َ‬ ‫سألت ُ ُم اللهَ ف َ‬
‫الرحمن ‪ ،‬و ِمنهُ تفَ َّج ُر أ ْن ُ‬
‫هار الجن ِة" صححه اَللباني‬ ‫ِ‬ ‫‪.‬‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬


‫﴿وقَضى َرب َُّك ّأال ت َ ْعبُدُوا ّإال إيّاهُ و ِبالوا ِل َدي ِْن إحْ سانًا﴾ ♤‬
‫وفي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل قال صلى الله عليه وسلم " يا ُمعاذُ‬
‫ورسولُهُ أ ْعلَ ُم‪ ،‬قا َل‪ْ :‬‬
‫أن َي ْعبُدُوهُ وال‬ ‫الل ِه علَى ال ِعبادِ؟‪ ،‬قا َل‪َّ :‬‬
‫اللهُ َ‬ ‫أت َ ْد ِري ما َح ُّق َّ‬
‫"يُ ْش ِر ُكوا به شيئًا‬
‫الص ال ِعبا َد ِة َلهُ وحْ َدهُ‪ ،‬وقَ َرنَ ِبذَ ِل َك‬
‫إخ ِ‬‫عال في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة ِب ْ‬
‫أ َم َر َج َّل و َ‬
‫اللهَ وال‬ ‫ساء“‪﴿ :‬وا ْعبُدُوا َّ‬ ‫ورةِ ”ال ِّن ِ‬ ‫س َ‬‫سان إلى الوا ِل َدي ِْن‪َ .‬كقَ ْو ِل ِه في ُ‬ ‫اَلم ِر ِباْلحْ ِ‬
‫ْ‬
‫ورةِ لُ ْقمانَ ‪ِ :‬‬
‫﴿أن ا ْش ُك ْر ِلي‬ ‫س َ‬‫ت ُ ْش ِر ُكوا بِ ِه َش ْيئًا وبِالوا ِل َدي ِْن إحْ سانًا﴾ وقَ ْو ِل ِه في ُ‬
‫ير﴾‬
‫ص ُ‬ ‫و ِلوا ِل َدي َْك إلَ َّ‬
‫ي ال َم ِ‬
‫برهما ‪ ،‬فمات ؛ فدخل النَّ َ‬
‫ار‬ ‫أبويه أو أح َدهما فلم َي َّ‬
‫وفي الحديث "ومن أدرك َ‬
‫فأبع َده اللهُ ‪ .‬قل ‪ ( :‬آمينَ ) ‪ ،‬فقلتُ ‪ ( :‬آمين )" قال اَللباني حسن صحيح‬

‫‪365‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله‬
‫الر ُج ِل أ َ ْه َل ُو ِ ّد أ َ ِبي ِه‬ ‫إن ِمن أَبَ ِ ّر البِ ِ ّر ِ‬
‫صلَةَ َّ‬ ‫"عليه وسلم قال " َّ‬

‫ين ♤‬ ‫ضعِ و ِل ِ‬‫ع ِن التَّوا ُ‬ ‫ض لَ ُهما َجنا َح ال ُّذ ِّل﴾ ِكنايَةٌ َ‬ ‫ْ‬
‫﴿واخ ِف ْ‬ ‫سبْحا َنهُ‬‫قَ ْولُهُ ُ‬
‫ط َجنا َحهُ‪ ،‬ث ُ َّم َق َب َ‬
‫ضهُ‬ ‫ض َّم فَ ْر َخهُ إلى نَ ْف ِس ِه بَ َس َ‬ ‫أن ّ‬
‫الطائِ َر إذا َ‬ ‫صلُهُ َّ‬
‫ب‪ .‬وأ ْ‬ ‫الجا ِن ِ‬
‫ض‬ ‫سان َِلتْبا ِع ِه‪ ،‬ويُقالُ‪ :‬فُ ٌ‬
‫الن خافِ ُ‬ ‫ضعِ اْل ْن ِ‬
‫صفًا ِلت َوا ُ‬
‫على الفَ ْرخِ فَ ُج ِع َل ذَ ِل َك و ْ‬
‫َ‬
‫أي‪ :‬وقُ ٌ‬
‫ور سا ِك ٌن‬ ‫ناح‪ْ ،‬‬
‫‪.‬ال َج ِ‬

‫ت ذَا ْالقُ ْر َبى َحقَّهُ﴾ ♤‬


‫﴿وآ ِ‬
‫قوله َ‬
‫في الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال صلى الله عليه وسلم " َمن أ َحبَّ‬
‫ط له في ِر ْزقِ ِه‪ ،‬ويُ ْن َسأ َ له في أث َ ِر ِه‪ ،‬فَ ْل َي ِ‬
‫ص ْل َر ِح َمهُ‬ ‫أن يُ ْب َس َ‬
‫"‪ْ .‬‬
‫وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه "‬
‫حم محبَّةٌ في اَله ِل‬ ‫فإن صلةَ َّ‬
‫الر ِ‬ ‫تعلَّموا ِمن أنسا ِبكم ما ِ‬
‫تصلونَ ب ِه أرحا َمكم َّ‬
‫‪َ .‬مثراة ٌ في الما ِل َمن َسأة ٌ في اَلث َ ِر" صححه اَللباني‬
‫وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه‬
‫الر ِح ُم‪ :‬هذا َمقا ُم‬
‫ت َّ‬‫غ ِمن خ َْل ِق ِه‪ ،‬قال ِ‬‫اللهَ َخ َلقَ الخ َْلقَ ‪ ،‬حتَّى إذا فَ َر َ‬ ‫"إن َّ‬
‫وسلم َّ‬
‫ط َع‬ ‫صلَ ِك‪ ،‬وأ َ ْق َ‬
‫أص َل َمن و َ‬
‫أن ِ‬ ‫ضيْنَ ْ‬ ‫بك ِمنَ القَ ِطي َع ِة‪ ،‬قا َل‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬أما ت َْر َ‬‫العائِ ِذ َ‬
‫ت‪ :‬بَلَى يا َربّ ِ ‪ ،‬قا َل‪ :‬فَهو لَ ِك‬
‫طعَ ِك؟ قالَ ْ‬
‫" َمن قَ َ‬

‫‪366‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫رحم" رواه البخاري ومسلم‬


‫ٍ‬ ‫‪.‬وفي الحديث "ال يدخ ُل الجنَّةَ ِ‬
‫قاط ُع‬

‫ِير‪ :‬النَّفَقَةُ ِفي ♤‬ ‫قَ ْولُهُ [ت َ َعالَى] َ‬


‫﴿وال ت ُ َبذّ ِْر تَ ْبذ ً‬
‫ِيرا﴾ قال أكثر المفسرين التَّ ْبذ ُ‬
‫ق َو ِفي ْالفَ َ‬
‫سا ِد‬ ‫غي ِْر ْال َح ّ ِ‬
‫ص َي ِة اللَّ ِه ت َ َعالَى‪َ ،‬و ِفي َ‬
‫‪َ .‬م ْع ِ‬

‫ࣰ‬
‫س ۡط َها ُك َّل ٱ ۡل َب ۡس ِط فَت َۡقعُ َد َملُوما ♤‬ ‫﴿و َال ت َۡج َع ۡل َي َد َك َم ۡغلُولَةً ِإلَ ٰى ُ‬
‫عنُ ِق َك َو َال ت َۡب ُ‬ ‫َ‬
‫ورا} َك َما قَا َل فِي ْاآليَ ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪َ :‬‬
‫﴿والَّذِينَ إِ َذا أ َ ْنفَقُوا لَ ْم يُس ِْرفُوا َولَ ْم يَ ْقت ُ ُروا‬ ‫س ً‬ ‫َّم ۡح ُ‬
‫َو َكانَ َب ْينَ َذ ِل َك َق َوا ًما﴾‬

‫الر ْزقَ ِل َم ْن َيشَا ُء َو َي ْقد ُِر ِإنَّهُ َكانَ ِب ِع َبا ِد ِه ♤‬


‫ط ِّ‬‫س ُ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعالَى ﴿ ِإ َّن َرب ََّك َي ْب ُ‬
‫ير ِب َم ْن َي ْست َِح ُّق ْال ِغنَى َو َم ْن َي ْست َِح ُّق ْالفَ ْق َر‪َ ،‬ك َما‬
‫ص ٌ‬‫ير َب ِ‬ ‫يرا﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬خ ِب ٌ‬ ‫ص ً‬‫يرا َب ِ‬
‫َخ ِب ً‬
‫ص ِل ُحهُ ِإ َّال ْالفَ ْق ُر‪َ ،‬ولَ ْو أ َ ْغنَ ْيتُهُ‬
‫َجا َء فِي ْال َحدِيثِ‪ِ " :‬إ َّن ِم ْن ِع َبادِي َم ْن َال يُ ْ‬
‫ص ِل ُحهُ ِإ َّال ْال ِغنَى‪َ ،‬ولَ ْو أ َ ْفقَ ْرتُهُ‬
‫علَ ْي ِه دِينَهُ‪َ ،‬و ِإ َّن ِم ْن ِعبَادِي لَ َم ْن َال يُ ْ‬ ‫ََل َ ْف َ‬
‫سدْتُ َ‬
‫علَ ْي ِه دِينَهُ‬ ‫‪َ".‬ل َ ْف َ‬
‫سدْتُ َ‬ ‫َ‬

‫﴿وال ت َ ْقتُلُوا أ َ ْوال َد ُك ْم َخ ْش َيةَ ِإ ْمال ٍ‬


‫ق نَحْ ُن ن َْر ُزقُ ُه ْم َو ِإيَّا ُك ْم﴾ َو ِفي ♤‬ ‫قوله تعالى َ‬
‫﴿وال ت َ ْقتُلُوا أ َ ْوال َد ُك ْم ِم ْن إِ ْمال ٍ‬
‫ق نَحْ ُن ن َْر ُزقُ ُك ْم َوإِيَّا ُه ْم﴾‬ ‫ْاَل َ ْنعَ ِام َ‬

‫‪367‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ال َّذ ْن ِ‬
‫ب‬ ‫سو َل َّ‬
‫الل ِه‪ ،‬أ َ ُّ‬ ‫الل ِه ب ِْن َم ْسعُودٍ‪ :‬قُ ْلتُ ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬‫َوفِي ال َّ‬
‫ي؟ قَا َل‪" :‬أ َ ْن ت َ ْقت ُ َل َولَ َد َك‬‫ظ ُم؟ قَا َل‪" :‬أ َ ْن تَجْ َع َل ِل َّل ِه نِدًّا َو ُه َو َخلَ َق َك"‪ .‬قُ ْلتُ ‪:‬ث ُ َّم أ َ ُّ‬
‫أ َ ْع َ‬
‫ط َع َم َم َع َك"‪ .‬قُ ْلتُ ‪ :‬ث ُ َّم أ َ ُّ‬
‫ي؟ قَا َل‪" :‬أ َ ْن تُزَ ا ِن َ‬
‫ي ِب َح ِليلَ ِة َج ِ‬
‫ار َك‬ ‫" َخ ْش َيةَ أ َ ْن َي ْ‬

‫اح َشةً﴾ نهى عن أسبابه ودواعيه َلن من ♤‬ ‫﴿وال ت َ ْق َربُوا ِ ّ‬


‫الزنَا ِإ َّنهُ َكانَ فَ ِ‬ ‫قوله َ‬
‫‪.‬حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه‬

‫س ُن﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬إال ♤‬ ‫﴿وال ت َ ْق َربُوا َما َل ْاليَتِ ِيم ِإال بِ َّالتِي ِه َ‬
‫ي أَحْ َ‬ ‫يَقُو ُل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و َم ْن َكانَ فَ ِق ً‬
‫يرا‬ ‫بمصالحهم أو بأكل الفقير من حاجته بمعروف قال تعالى َ‬
‫"فَ ْل َيأ ْ ُك ْل ِب ْال َم ْع ُر ِ‬
‫وف﴾ وعند البلوغ "فادفعوا إليهم أموالهم‬

‫ص َر َوٱ ۡلفُ َؤا َد ُك ُّل أ ُ ۟و َل ٰۤـ ِٕى َك َكانَ ♤‬


‫س لَ َك ِب ِهۦ ِع ۡل ٰۚ ٌم ِإ َّن ٱل َّس ۡم َع َوٱ ۡل َب َ‬
‫ف َما لَ ۡي َ‬ ‫﴿و َال ت َۡق ُ‬
‫َ‬
‫ࣰ‬
‫ع ۡنهُ َم ۡسـُٔوال﴾‬ ‫َ‬
‫عموا" صححه اَللباني‬ ‫"بئس مطيَّةُ الرج ِل ز َ‬ ‫َ‬ ‫‪.‬وفي الحديث‬
‫ص ِحيحِ‪َ " :‬م ْن ت َ َحلَّ َم ُح ْل ًما ُكلف يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة أ َ ْن يَ ْع ِق َد بَيْنَ شَعيرتين‪،‬‬
‫َوفِي ال َّ‬
‫"ولَي َ‬
‫ْس بِعَاقِ ٍد‬ ‫َ‬
‫وجاء في اَلحاديث ما يتوقع في آخر الزمان من ظهور الشياطين للناس‬
‫‪.‬يتصورون في صور اْلنسان ويتحدثون ويفتنون‬

‫‪368‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪ :‬بِت َ َمايُ ِل َك َوفَ ْخ ِر َك َوإِ ْع َجابِ َك ♤‬ ‫﴿ولَ ْن ت َ ْبلُ َغ ْال ِجبَا َل ُ‬
‫طوال﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ [تَعَالَى] ‪َ :‬‬
‫ص ِحيحِ‪:‬‬ ‫ت فِي ال َّ‬ ‫ص ِد ِه‪َ .‬ك َما ث َ َب َ‬ ‫يض قَ ْ‬ ‫بنفسك‪ ،‬بل قد يُ َجازَ ى فَا ِع ُل ذَ ِل َك بِنَ ِق ِ‬
‫ع َل ْي ِه بُ ْر َدان َيت َ َب ْخت َُر ِفي ِه َما‪ِ ،‬إ ْذ ُخ ِسف ِب ِه‬‫" َب ْينَ َما َر ُج ٌل َي ْم ِشي ِفي َم ْن َكانَ قَ ْبلَ ُك ْم‪َ ،‬و َ‬
‫ض‪ ،‬فَ ُه َو يَتَ َج ْل َج ُل فِي َها ِإلَى يَ ْو ِم ْال ِقيَا َم ِة‬
‫"اَل َ ْر َ‬
‫‪ْ .‬‬
‫علَى قَ ْو ِم ِه فِي ِزينَتِ ِه‪َ ،‬وأ َ َّن اللَّهَ‬
‫ارونَ أَنَّهُ خ ََر َج َ‬
‫ع ْن قَ ُ‬‫َو َكذَ ِل َك أ َ ْخبَ َر اللَّهُ [تَعَالَى] َ‬
‫ض‬‫ف ِب ِه َو ِب َد ِار ِه ْاَل َ ْر َ‬
‫‪.‬ت َ َعالَى َخ َس َ‬

‫ي‪ :‬فِي زَ ع ِْم ُك ْم ِللَّ ِه َو َلدًا‪ .‬كما ♤‬ ‫ع ِظي ًما﴾ أ َ ْ‬


‫قوله تعالى‪ِ ﴿ :‬إنَّ ُك ْم لَتَقُولُونَ قَ ْوال َ‬
‫س َم َاواتُ‬ ‫﴿وقَالُوا ات َّ َخ َذ َّ‬
‫الرحْ َم ُن َولَدًا * لَقَ ْد ِجئْت ُ ْم َش ْيئًا ِإدًّا* ت َ َكا ُد ال َّ‬ ‫ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫لرحْ َم ِن َولَدًا‬ ‫ض َوت َِخ ُّر ا ْل ِج َبا ُل َهدًّا* أ َ ْن َد َ‬
‫ع ْوا ِل َّ‬ ‫} َيتَفَ َّ‬
‫ط ْرنَ ِم ْنهُ َوت َ ْنش َُّق ْ‬
‫اَلر ُ‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل لَ ْو كانَ َم َعهُ آ ِل َهةٌ َكما َيقُولُونَ إذًا ال ْبتَغ َْوا إلى ذِي ال َع ْر ِش ♤‬
‫هان‬ ‫س ِب ً‬
‫يال﴾ ِفيه وجْ ِ‬ ‫‪َ .‬‬

‫‪369‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار ال ْبتَغ َْوا (أي ِ اآل ِل َهةُ‬ ‫اَلو ُل‪ :‬لَ ْو كانَ َم َع اللَّ ِه آ ِل َهةٌ أ ُ ْخرى َكما َي ْز ُ‬
‫ع ُم ال ُكفّ ُ‬ ‫َّ‬
‫أي إلى ُمغالَ َبتِ ِه‬ ‫(أي إلى اللَّ ِه) َسبِ ً‬
‫يال؛ ْ‬ ‫ط َلبُوا إلى ذِي ال َع ْر ِش ْ‬ ‫عو َمةُ) ْ‬
‫أي لَ َ‬ ‫ال َم ْز ُ‬
‫ض‪.‬‬ ‫ضهم َم َع َب ْع ٍ‬ ‫وإزالَ ِة ُم ْل ِك ِه‪َِ ،‬لنَّهم إذًا َي ُكونُونَ ُ‬
‫ش َركا َءهُ َكما َي ْف َع ُل ال ُملُوكُ َب ْع ُ‬
‫شا ِه َد ِة ِل َهذا ال َم ْعنى قَ ْولُهُ تَعالى‪﴿ :‬ما ات َّ َخذَ اللَّهُ ِمن ولَ ٍد وما كانَ‬
‫ت ال ّ‬
‫ومنَ اآليا ِ‬ ‫ِ‬
‫سبْحانَ اللَّ ِه‬
‫ض ُ‬
‫على بَ ْع ٍ‬
‫ضهم َ‬ ‫َمعَهُ ِمن إلَ ٍه إذًا لَذَه َ‬
‫َب ُك ُّل إلَ ٍه بِما َخلَقَ ولَعَال بَ ْع ُ‬
‫ع ّما يُ ْش ِر ُكونَ ﴾‬
‫شها َد ِة َفت َعالى َ‬ ‫صفُونَ ﴾ ﴿عا ِل ِم الغَ ْي ِ‬
‫ب وال َّ‬ ‫ع ّما َي ِ‬
‫َ‬
‫وو ِسيلَةً‬
‫ط ِريقًا َ‬
‫أي‪َ :‬‬ ‫أن ال َم ْعنى ﴿ال ْبتَغ َْوا إلى ذِي ال َع ْر ِش َسبِ ً‬
‫يال﴾ ْ‬ ‫الوجْ هُ الثاني‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫ض ِل ِه‪ ،‬ويَ ُد ُّل ِل َهذا ال َم ْعنى قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أُولَئِ َك الَّذِينَ‬
‫تُقَ ِ ّربُهم إلَ ْي ِه ِال ْعتِرافِ ِه ْم بِفَ ْ‬
‫الو ِسي َلةَ أيُّهم أ ْق َر ُ‬
‫ب و َي ْر ُجونَ َرحْ َمتَهُ و َيخافُونَ‬ ‫َي ْدعُونَ َي ْبتَغُونَ إلى َر ِبّ ِه ُم َ‬
‫عذابَهُ﴾ وهذا تفسير ابن تيمية وابن كثير‬
‫‪َ .‬‬

‫ش ۡیءٍ ِإ َّال ♤‬ ‫ض َو َمن فِي ِه ٰۚ َّن َو ِإن ِّمن َ‬ ‫س َم ٰـ َو ⁠ٰتُ ٱل َّس ۡب ُع َوٱ َۡل َ ۡر ُ‬
‫قوله ﴿ت ُ َسبِّ ُح لَهُ ٱل َّ‬
‫ࣰ‬
‫غفُورا﴾‬ ‫س ِبّ ُح ِب َح ۡم ِد ِهۦ َولَ ٰـ ِكن َّال ت َۡف َق ُهونَ ت َۡس ِبي َح ُه ٰۡۚم ِإ َّنهُۥ َكانَ َح ِلي ًما َ‬
‫يُ َ‬
‫ض‬ ‫ت َو َمن فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫كما قال تعالى{أَلَ ۡم ت ََر أ َ َّن ٱللَّهَ يَ ۡس ُج ُد لَهُۥ َمن فِی ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ٰ⁠ ِ‬
‫ࣱ‬
‫اس }‬ ‫س َوٱ ۡلقَ َم ُر َوٱلنُّ ُجو ُم َوٱ ۡل ِجبَا ُل َوٱل َّش َج ُر َوٱلد ََّو ۤابُّ َو َكثِير ِّمنَ ٱلنَّ ِ‬ ‫ش ۡم ُ‬‫َوٱل َّ‬
‫ع ِن اب ِْن َم ْس ُعو ٍد أ َ َّنهُ َقا َل‪ُ :‬ك َّنا نَ ْس َم ُع ت َ ْس ِبي َح َّ‬
‫الط َع ِام‬ ‫يِ‪َ ،‬‬ ‫َار ّ‬‫ص ِحيحِ ْالبُخ ِ‬ ‫ت ِفي َ‬ ‫ث َ َب َ‬
‫"و ُه َو يُؤكل‬
‫َ‬

‫‪370‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِّل ُم‬
‫ف َح َج ًرا كانَ يُ َ‬‫ي ﷺ قا َل‪« :‬إنِّي ََلع ِْر ُ‬ ‫أن النَّ ِب َّ‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪َّ :‬‬‫ت في َ‬ ‫َوث َ َب َ‬
‫ب‬
‫ط ُ‬ ‫الج ْذعِ الَّذِي كانَ يَ ْخ ُ‬
‫ين ِ‬ ‫ي ِ ِمن َحنِ ِ‬
‫خار ّ‬
‫ص ِحيحِ البُ ِ‬ ‫ت في َ‬ ‫ي بِ َم َّكةَ» وثَبَ َ‬
‫علَ َّ‬ ‫َ‬
‫علَ ْي ِه ﷺ َجزَ ً‬
‫عا ِل ِفرا ِق ِه‬ ‫" َ‬

‫﴿وإذا قَ َرأْ َ‬
‫ت القُ ْرآنَ َج َع ْلنا َب ْين ََك و َبيْنَ الَّذِينَ ال يُؤْ ِمنُونَ ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫أي حا ِئ ًال وساتِ ًرا‬ ‫اآلخ َرةِ ِحجابًا َم ْست ُ ً‬
‫ورا﴾ قول الجمهور على َّ‬
‫أن ال َم ْعنى‪ْ :‬‬ ‫بِ ِ‬
‫على هَذا القَ ْو ِل‬ ‫آن وإ ْدرا ِك ِه ِلئ َّال َي ْفقَ ُهوهُ فَ َي ْنت َ ِفعُوا ِب ِه‪ ،‬و َ‬
‫َي ْمنَعُهم ِمن تَفَ ُّه ِم القُ ْر ِ‬
‫فاع بِ ِكتابِ ِه‪ .‬ويدل‬ ‫ع ِن ِاال ْنتِ ِ‬‫ب اللَّهُ بِ ِه قُلُوبَهم َ‬ ‫ور هو ما َح َج َ‬ ‫جاب ال َم ْست ُ ُ‬
‫فالح ُ‬ ‫ِ‬
‫ش ۟‬
‫وا‬ ‫طلَقَ ٱ ۡل َم َأل ُ ِم ۡن ُه ۡم أ َ ِن ٱ ۡم ُ‬
‫{وٱن َ‬
‫على هذا المعنى اآلية التي بعدها وقوله تعالى َ‬
‫َوٱصۡ ِب ُرو ۟ا َ‬
‫علَ ٰۤى َءا ِل َهتِ ُك ۡم}‬

‫قوله تعالى ﴿نَّ ۡح ُن أ َ ۡعلَ ُم ِب َما َي ۡست َِمعُونَ ِب ِهۦۤ ِإ ۡذ َي ۡست َِمعُونَ ِإلَ ۡي َك َو ِإ ۡذ ُه ۡم ♤‬
‫ن َۡج َو ٰۤى} فيه القصة المشهورة التي ذكرها ُم َح َّم ُد ب ُْن ِإ ْس َحاقَ ِفي ال ِ ّس َ‬
‫ير ِة‪ ،‬وذاك‬
‫ص ِلّي‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬و ُه َو يُ َ‬
‫أن سناديد قريش خ ََر ُجوا َل ْيلَةً ِليَ ْست َِمعُوا ِم ْن َر ُ‬
‫بِاللَّ ْي ِل فِي َب ْيتِ ِه‪ ،‬فأخذ كل واحد ِم ْن ُه ْم َمجْ ِل ً‬
‫سا يَ ْست َِم ُع ِفي ِه‪ ،‬وك ُّل َال يَ ْعلَ ُم بِ َم َك ِ‬
‫ان‬
‫اح ِب ِه‪ ...‬القصة‬
‫ص ِ‬‫" َ‬

‫ُور ُك ْم﴾ قال المفسرون ُه َو ْال َم ْوتُ ♤‬


‫صد ِ‬‫‪.‬قوله ﴿أ َ ْو خ َْل ًقا ِم َّما َي ْكبُ ُر ِفي ُ‬

‫‪371‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظنُّونَ إِ ْن َلبِثْت ُ ْم إِال قَ ِليال﴾ َك َما قَا َل‪َ ﴿ :‬كأَنَّ ُه ْم يَ ْو َم يَ َر ْونَ َها لَ ْم ♤‬‫﴿وتَ ُ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ض َحاهَا﴾‬ ‫ع ِشيَّةً أ َ ْو ُ‬‫يَ ْلبَثُوا ِإال َ‬

‫س ٰۚ ُن} وفي حديث معاذ بن جبل قال ♤‬ ‫۟‬


‫﴿وقُل ِلّ ِعبَا ِدی يَقُولُوا ٱلَّتِی ِه َ‬
‫ی أَ ۡح َ‬ ‫قوله َ‬
‫ي الل ِه !‬
‫ف عليك هذا وأشار إلى لسانِه قال ‪ :‬يا نب َّ‬ ‫صلى الله عليه وسلم " ُك َّ‬
‫الناس‬
‫َ‬ ‫وإنا لَ ُمؤاخذونَ بما نتكلَّم به ؟ قال ‪ :‬ث َ ِكلَتْك أ ُ ُّمك يا معاذُ ! وهل يَكبُّ‬
‫‪.‬في النَّا ِر على وجو ِههم إال حصائ ُد ألسن ِتهم" صححه اَللباني‬

‫ف أ َ َّن أُو ِلي ْال َع ْز ِم ِم ْن ُه ْم أ َ ْف َ‬


‫ضلُ ُه ْم‪♤ ،‬‬ ‫﴿ولَقَ ْد َفض َّْلنَا َب ْع َ‬
‫ض ال َّن ِب ِيّينَ ﴾ َال ِخ َال َ‬ ‫قوله َ‬
‫ور ِة ْاَلَحْ زَ ا ِ‬
‫ب‪َ ،‬و ِفي‬ ‫س َ‬ ‫آن ِفي ُ‬ ‫صا ِفي آ َيتَي ِْن ِمنَ ْالقُ ْر ِ‬
‫ورونَ َن ًّ‬ ‫سةُ ْال َم ْذ ُك ُ‬‫َو ُه ُم ْالخ َْم َ‬
‫ف أ َ َّن ُم َح َّمدًا ﷺ أَ ْف َ‬
‫ضلُ ُه ْم‬ ‫ورى‪َ .‬و َال ِخ َال َ‬
‫ش َ‬‫‪.‬ال ُّ‬

‫ي ♤‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرةَ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ض ِل ِه‪َ .‬‬ ‫ع َلى فَ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وآتَ ْينَا َد ُاو َد زَ بُو ًرا﴾ ت َ ْن ِبيهٌ َ‬
‫ع َلى َد ُاو َد ْالقُ ْرآنَ ‪ ،‬فَ َكانَ َيأ ْ ُم ُر ِب َدابَّ ِت ِه‬
‫ي ِ ﷺ قَا َل‪ُ " :‬خفف َ‬ ‫اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬‬
‫ع ِن ال َّن ِب ّ‬
‫لتُسْرج‪ ،‬فَ َكانَ يَ ْق َرأ ُ قَ ْب َل أ َ ْن يَ ْفرغ"‪ .‬يَ ْعنِي ْالقُ ْرآنَ‬
‫‪.‬رواه البخاري‬

‫‪372‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أُو َلئِ َك َّالذِينَ يَ ْدعُونَ َي ْبتَغُونَ ِإلَى َر ِبّ ِه ُم ْال َو ِسيلَةَ أَيُّ ُه ْم أَ ْق َر ُ‬
‫ب﴾ ♤‬
‫ع ْب ِد اللَّ ِه فِي قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬أُولَئِ َك الَّذِينَ َي ْدعُونَ َي ْبتَغُونَ ِإلَى َر ِبّ ِه ُم ْال َو ِسيلَةَ﴾ قَا َل‪:‬‬
‫ع ْن َ‬
‫َ‬
‫َاس ِمنَ‬‫َاس ِمنَ ْال ِج ِّن‪َ ،‬كانُوا يُ ْعبَدُونَ ‪ ،‬فَأ َ ْسلَ ُموا‪َ .‬وفِي ِر َوايَ ٍة َقا َل‪َ :‬كانَ ن ٌ‬ ‫ن ٌ‬
‫سا ِمنَ ْال ِج ِّن‪ ،‬فَأ َ ْس َل َم ْال ِج ُّن َوت َ َم َّ‬
‫س َك هَؤُ َال ِء ِبدِي ِن ِه ْم" رواه‬ ‫ِْ‬
‫اْل ْن ِس‪َ ،‬ي ْعبُدُونَ نَا ً‬
‫‪.‬البخاري‬

‫ع ِن اب ِْن ♤‬ ‫ب ِب َها ٱ َۡل َ َّولُو ٰۚنَ } َ‬ ‫﴿و َما َمنَ َعن َۤا أَن نُّ ۡر ِس َل ِبٱ ۡلـَٔا َي ٰـ ِ‬
‫ت ِإ َّ ۤال أَن َكذَّ َ‬ ‫قوله َ‬
‫صفَا ذَ َهبًا‪َ ،‬وأ َ ْن يُنَ ِ ّح َ‬
‫ي‬ ‫ي ﷺ أ َ ْن َيجْ َع َل لَ ُه ُم ال َّ‬ ‫سأ َ َل أ َ ْه ُل َم َّكةَ ال َّن ِب َّ‬‫َّاس قَا َل‪َ :‬‬
‫عب ٍ‬
‫َ‬
‫ت أ َ ْن‬ ‫ْ‬ ‫ْال ِجبَا َل َع ْن ُه ْم فَيَ ْز َر ُ‬
‫ي بِ ِه ْم‪َ ،‬و ِإ ْن ِشئْ َ‬ ‫ت أ َ ْن نَ ْست َأنِ َ‬
‫عوا‪ ،‬فَ ِقي َل لَهُ‪ِ :‬إ ْن ِشئْ َ‬
‫سأَلُوا‪ ،‬فَإ ِ ْن َكفَ ُروا أ ُ ْه ِل ُكوا َك َما أهلكتُ َم ْن َكانَ قَ ْبلَ ُه ْم ِمنَ ْاَل ُ َم ِم‪:‬‬ ‫نُؤتيهم الَّذِي َ‬
‫ت ِإال أ َ ْن‬ ‫﴿و َما َمنَ َعنَا أ َ ْن نُ ْر ِس َل ِباآل َيا ِ‬ ‫"ال َب ِل ا ْستَأ ْ ِن ِب ِه ْم"‪َ .‬وأ َ ْنزَ َل اللَّهُ‪َ :‬‬ ‫قَا َل‪َ :‬‬
‫اَلولُونَ َوآتَ ْينَا ث َ ُمو َد النَّاقَةَ ُمب ِ‬
‫ْص َرةً﴾‬ ‫َكذَّ َ‬
‫ب بِ َها َّ‬
‫س َّنتُ الله ِفي ِه ْم َو ِفي أ َ ْمثَا ِل ِه ْم أَ َّن ُه ْم َال يُ َؤ َّخ ُرونَ ِإذَا َكذَّبُوا ِب َها َب ْع َد‬ ‫َو َج َر ْ‬
‫ت ُ‬
‫اللهُ ت َ َعالَى فِي ْال َمائِ َد ِة‪﴿ ::‬قَا َل اللَّهُ ِإنِّي ُمنزلُ َها َعلَ ْي ُك ْم فَ َم ْن‬ ‫نُ ُزو ِل َها‪َ ،‬ك َما قَا َل َّ‬

‫عذَابًا َال أ ُ َ‬
‫ع ِذّبُهُ أ َ َحدًا ِمنَ ْالعَالَ ِمينَ ﴾‬ ‫يَ ْكفُ ْر بَ ْع ُد ِم ْن ُك ْم فَإ ِ ِنّي أ ُ َ‬
‫ع ِذّبُهُ َ‬

‫َاك إِال ِفتْنَةً ِللنَّ ِ‬


‫اس﴾ قال تعالى ﴿لَقَ ْد ♤‬ ‫﴿و َما َجعَ ْلنَا ُّ‬
‫الرؤْ يَا الَّ ِتي أ َ َر ْين َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ت َر ِّب ِه ال ُكبْرى﴾ وقال { ِلنُ ِر َيهُۥ ِم ۡن َءايَ ٰـتِن َۤا ٰۚۤ}‬
‫َرأى ِمن آيا ِ‬

‫‪373‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس﴾ قَا َل‪ِ :‬ه َ‬


‫ي‬ ‫َاك ِإال ِفتْنَةً ِللنَّ ِ‬ ‫﴿و َما َج َع ْلنَا ُّ‬
‫الرؤْ َيا َّالتِي أ َ َر ْين َ‬ ‫َّاس‪َ :‬‬‫عب ٍ‬ ‫ع ِن اب ِْن َ‬‫َ‬
‫ش َج َرة َ ْال َم ْلعُونَةَ فِي ْالقُ ْر ِ‬
‫آن﴾‬ ‫﴿وال َّ‬
‫ي بِ ِه َ‬‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ لَ ْيلَةَ أُس ِْر َ‬‫عي ٍْن أ ُ ِري َها َر ُ‬
‫ُرؤْ يَا َ‬
‫الزقُّ ِ‬
‫وم" رواه البخاري‬ ‫ش َج َرة َ َّ‬
‫‪َ .‬‬
‫أن اللَّهَ َج َّل و َ‬
‫عال َج َع َل ما أراهُ نَ ِب َّيهُ ﷺ ِمنَ‬ ‫و َم ْعنى َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪َّ :‬‬
‫عقُو َل بَ ْع ِ‬
‫ض ِه ْم‬ ‫والم ْعراجِ فِتْنَةً ِللنّ ِ‬
‫اس؛ َِل َّن ُ‬ ‫ب لَ ْيلَةَ اْلس ِ‬
‫ْراء ِ‬ ‫ب والعَجا ِئ ِ‬
‫الغَرائِ ِ‬
‫ع ْن قَبُو ِل َذ ِل َك‬ ‫‪.‬ضاقَ ْ‬
‫ت َ‬
‫وم فِتْنَةً‬
‫الزقُّ ِ‬ ‫ش َج َرة َ ال َم ْلعُونَةَ في القُ ْر ِ‬
‫آن الَّتِي هي َش َج َرة ُ َّ‬ ‫وأنَّهُ َج َّل و َ‬
‫عال َج َع َل ال َّ‬
‫س ِمعُوهُ ﷺ يَ ْق َرأُ‪﴿ :‬إنَّها َ‬
‫ش َج َرة ٌ ت َْخ ُر ُج في أ ْ‬
‫ص ِل ال َج ِح ِيم﴾‬ ‫اس‪َِ ،‬لنَّهم لَ ّما َ‬
‫ِللنّ ِ‬
‫ْف َي ْنبُتُ في‬
‫س ِة‪ ،‬فَ َكي َ‬
‫ض اليا ِب َ‬ ‫ش َج َر ال َي ْنبُتُ في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫قالُوا‪َ :‬‬
‫ظ َه َر َك ِذبُهُ؛ َِل َّن ال َّ‬
‫صار ذَ ِل َك ِفتْنَةً‬
‫ار ؟ َف َ‬ ‫ص ِل النّ ِ‬
‫‪.‬أ ْ‬
‫قال أبو جهل‪ :‬هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة‪ ،‬ثم يقول ينبت فيها‬
‫الشجر‪ .‬وما نعرف الزقوم إال بالتمر والزبد‪ ،‬ثم أمر جارية له فأحضرت‬
‫‪.‬تمرا وزبدا‪ ،‬وقال َلصحابه‪ :‬تزقموا‬
‫ص ُل النّ ِ‬
‫ار َب ِعي ٌد ِمن‬ ‫ار‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ش َج َرة َ ِباللَّ ْع ِن َِلنَّها في أ ْ‬
‫ص ِل النّ ِ‬ ‫ف ال َّ‬ ‫وإنَّما و َ‬
‫ص َ‬
‫‪.‬رحْ َم ِة اللَّ ِه‪ْ ،‬أو ِللَ ْع ِن الَّذِينَ يَ ْ‬
‫ط َع ُمونَها‬ ‫َ‬
‫‪.‬قال أكثر المفسرين الشجرة الملعونة هي الشجرة الزقوم‬

‫‪374‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أي ♤‬
‫ض‪ْ :‬‬ ‫اَلر َ‬ ‫ب‪ :‬احْ تَن ََك ال َجرا ُد ْ‬ ‫وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿َلحْ تَنِ َك َّن ذُ ِ ّريَّتَهُ﴾ من قَ ْول ال َع َر ِ‬
‫علَيْها‪ِ .‬من َهذا القَ ِبي ِل؛ َِلنَّهُ َيأ ْ ُك ُل ِبأ ْفوا ِه ِه‪ ،‬وال َحنَكُ َح ْو َل الفَ ِم‬‫‪.‬أ َك َل ما َ‬
‫ْث ِشئْ َ‬
‫ت‬ ‫الر َسنَ فِي َحنَ ِك ِه ِلتَقُو َدهُ َحي ُ‬
‫ت َّ‬‫س‪ :‬إذا َج َع ْل َ‬
‫‪.‬وقولهم احْ تَنَ ْكتُ الفَ َر َ‬

‫واَلوال ِد ♤‬
‫ْ‬ ‫شار َكتُهُ لَهم في ْ‬
‫اَلموا ِل‬ ‫شار ْكهم في ْ‬
‫اَلموا ِل واَلوالدِ﴾ ُم َ‬ ‫﴿و ِ‬‫قوله َ‬
‫صنافٍ‬
‫على أ ْ‬
‫‪َ .‬‬
‫سو ِل اللَّ ِه‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫ع ْن ُهما َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬‫ض َ‬ ‫ّاس َر ِ‬ ‫عب ٍ‬‫ث اب ِْن َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن ِمن َحدِي ِ‬ ‫ت في ال َّ‬ ‫ثَبَ َ‬
‫ي أ ْهلَهُ فَقا َل ِبس ِْم اللَّ ِه‪ ،‬اللَّ ُه َّم َجنِّبْنا‬ ‫أن أ َح َدكم إذا أرا َد ْ ْ‬ ‫ﷺ أنَّهُ قا َل‪« :‬لَ ْو َّ‬
‫أن َيأتِ َ‬
‫إن يُقَد َّْر بَ ْينَ ُهما ولَ ٌد في ذَ ِل َك لَ ْم‬ ‫شيْطانَ ما َرزَ ْقت َنا‪ ،‬فَإنَّهُ ْ‬‫ب ال َّ‬ ‫شيْطانَ ‪ ،‬و َجنِّ ِ‬‫ال َّ‬
‫ض ُّرهُ َشي ٌ‬
‫ْطان‬ ‫‪َ ».‬ي ُ‬

‫ض َّل َمن ت َ ْدعُونَ ّإال إيّاهُ َفلَ ّما ♤‬


‫س ُك ُم الض ُُّّر في ال َبحْ ِر َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وإذا َم َّ‬
‫ورا﴾ َك َما ات ُّ ِفقَ ِل ِع ْك ِر َمةَ ب ِْن أَبِي‬
‫سان َكفُ ً‬
‫ضت ُ ْم وكانَ اْل ْن ُ‬
‫نَ ّجاكم إلى البَ ِ ّر أع َْر ْ‬
‫َار ًبا‪ ،‬فَ َر ِك َ‬
‫ب‬ ‫َب ه ِ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ ِحينَ فَت َ َح َم َّكةَ‪ ،‬فَ َذه َ‬ ‫ارا ِم ْن َر ُ‬ ‫َج ْه ٍل َل َّما َذه َ‬
‫َب َف ًّ‬
‫ض‪:‬‬ ‫ف‪ ،‬فَقَا َل ْالقَ ْو ُم بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫اص ٌ‬ ‫ع ِ‬ ‫فِي ْالبَحْ ِر ِليَ ْد ُخ َل ْال َح َب َ‬
‫شةَ‪ ،‬فَ َجا َءتْ ُه ْم ِري ٌح َ‬
‫ع َو اللَّهَ َوحْ َدهُ‪ .‬فَقَا َل ِع ْك ِر َمةُ فِي نَ ْف ِس ِه‪َ :‬واللَّ ِه َلئِ ْن‬
‫ع ْن ُك ْم إِ َّال أ َ ْن ت َ ْد ُ‬
‫إِنَّهُ َال يُ ْغنِي َ‬
‫ع ْهدٌ‪،‬‬ ‫علَ َّ‬
‫ي َ‬ ‫غي ُْرهُ‪ ،‬فَإِنَّهُ َال َي ْن َف ُع فِي ْال َب ِ ّر َ‬
‫غي ُْرهُ‪ ،‬اللَّ ُه َّم لَ َك َ‬ ‫َكانَ َال َي ْنفَ ُع فِي ْال َبحْ ِر َ‬
‫"‪..‬لَئِ ْن أ َ ْخ َرجْ ت َ ِني ِم ْنهُ ََل َ ْذ َهبَ َّن فَأضعن يَدِي فِي يَ َد ْي ِه‬

‫‪375‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫إمام ِه ْم﴾ اختلفت أهل التأويل في ♤‬ ‫عو ُك َّل أ ُ ٍ‬


‫ناس ِب ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يَ ْو َم نَ ْد ُ‬
‫معنى اْلمام الذي ذكر الله ج ّل ثناؤه أنه يدعو ك ّل أناس به‪ ،‬فقال بعضهم‪:‬‬
‫‪.‬هو نبيّهم‪ .‬وقيل بكتابهم الذي أنزل عليهم‬
‫إمام ِه ْم“ ُهنا ِك ُ‬
‫تاب أعْما ِل ِه ْم‬ ‫‪.‬والصواب ّ‬
‫أن ال ُمرا َد ” ِب ِ‬
‫ين﴾‬
‫إمام ُم ِب ٍ‬
‫صيْناهُ في ٍ‬
‫ش ْيءٍ أحْ َ‬ ‫َويَ ُد ُّل عليه ما بعده‪ ،‬وقَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ُك َّل َ‬

‫ع َليْنا ♤‬ ‫ع ِن الَّذِي ْأو َحيْنا إلَي َْك ِلت َ ْفت َِر َ‬


‫ي َ‬ ‫إن كادُوا لَيَ ْفتِنُون ََك َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬
‫يال﴾‬ ‫غي َْرهُ وإذًا الت َّ َخذُ َ‬
‫وك َخ ِل ً‬ ‫َ‬
‫ي إلَ ْي ِه‪ ،‬وذَ ِل َك في‬
‫وح َ‬ ‫طلَبُوا ِمنهُ اْلتْيانَ ِب َغي ِْر ما أ ُ ِ‬‫ضعٍ آخ ََر‪ :‬أنَّهم َ‬ ‫َو َبيَّنَ في َم ْو ِ‬
‫غي ِْر هَذا ْأو َب ّد ِْلهُ قُ ْل ما َي ُك ُ‬
‫ون‬ ‫آن َ‬ ‫قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬قا َل الَّذِينَ ال َي ْر ُجونَ ِلقا َءنا ائْ ِ‬
‫ت ِبقُ ْر ٍ‬
‫ت ٱ َّلل ِه‬ ‫أن أُبَ ِ ّدلَهُ} و كقوله تعالى{فَإِنَّ ُه ۡم َال يُ َك ِ ّذبُون ََك َولَ ٰـ ِك َّن ٱ َّ‬
‫لظ ٰـ ِل ِمينَ بِـَٔايَ ٰـ ِ‬ ‫ِلي ْ‬
‫} َي ۡج َحدُونَ‬

‫‪376‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ♤‬ ‫ف ْال َمماتِ} أَ ْ‬
‫ي لَ ْو َر َك ْن َ‬ ‫ض ْع َ‬ ‫ف ْال َحياةِ َو ِ‬ ‫ض ْع َ‬
‫ناك ِ‬‫وقوله ت َ َعالَى‪ِ { :‬إذاً ََلَذَ ْق َ‬
‫ت فِي ْاآل ِخ َر ِة‪َ ،‬و َهذَا‬ ‫ب ْال َم َما ِ‬
‫عذَا ِ‬ ‫ب ْال َح َيا ِة فِي ال ُّد ْن َيا َو ِمثْلَ ْي َ‬
‫عذَا ِ‬‫َاك ِمثْلَ ْي َ‬
‫ََلَذَ ْقن َ‬
‫اب عند المخالقة أعظم‪ .‬قال‬ ‫ت الد ََّر َجةُ أ َ ْعلَى َكانَ ْال َعذَ ُ‬ ‫غَايَةُ ْال َو ِعيدِ‪َ .‬و ُكلَّ َما َكا َن ِ‬
‫ف لَ َها ْال َع ُ‬
‫ذاب‬ ‫ش ٍة ُم َب ِيّنَ ٍة يُضا َع ْ‬ ‫ي ِ َم ْن َيأْ ِ‬
‫ت ِم ْن ُك َّن ِب ِ‬
‫فاح َ‬ ‫الله ت َ َعالَى‪َ { :‬يا ِنسا َء النَّ ِب ّ‬
‫ض ْعفَي ِْن}‬
‫ِ‬

‫ص ُر ♤‬ ‫ق اللَّ ْي ِل﴾‪ ،‬أ ُ ِخذَ ِم ْنهُ ُّ‬


‫الظ ْه ُر َو ْال َع ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ش ْم ِس ِإلَى َ‬
‫غ َ‬ ‫وك ال َّ‬‫قَ ْوله‪ِ ﴿ :‬ل ُدلُ ِ‬
‫ص َالة َ ْالفَجْ ِر‬
‫﴿وقُ ْرآنَ ْالفَجْ ِر﴾ َي ْعنِي‪َ :‬‬ ‫ب َو ْال َعشَا ُء‪َ ،‬وقَ ْولُهُ ت َ َعالَى ‪َ :‬‬
‫‪.‬و ْال َم ْغ ِر ُ‬
‫َ‬
‫ث أَبِي ُه َري َْرةَ‪،‬‬ ‫ص ِحي َحي ِْن‪ِ ،‬م ْن َحدِي ِ‬ ‫قَ ْوله‪ِ ﴿ :‬إ َّن قُ ْرآنَ ْالفَجْ ِر َكانَ َم ْش ُهودًا﴾ فِي ال َّ‬
‫ار‪َ ،‬و َيجْ ت َِمعُونَ‬‫ي ِ ﷺ قَا َل‪َ " :‬يت َ َعاقَبُونَ ِفي ُك ْم َم َال ِئ َكةُ اللَّ ْي ِل َو َم َال ِئ َكةُ ال َّن َه ِ‬
‫ع ِن النَّ ِب ّ‬
‫َ‬
‫ص ِر‪َ ،‬ف َي ْع ُر ُج الَّذِينَ َباتُوا فِي ُك ْم فَ َي ْسأَلُ ُه ْم ‪َ -‬و ُه َو‬ ‫ص َالةِ ْال َع ْ‬
‫صبْحِ َوفِي َ‬ ‫ص َالةِ ال ُّ‬‫فِي َ‬
‫صلُّونَ ‪َ ،‬وت ََر ْكنَا ُه ْم َو ُه ْم‬ ‫ْف ت ََر ْكت ُ ْم ِعبَادِي؟ فَيَقُولُونَ ‪ :‬أَت َ ْينَا ُه ْم َو ُه ْم يُ َ‬
‫أ َ ْعلَ ُم بِ ُك ْم ‪َ -‬كي َ‬
‫صلُّونَ‬
‫"يُ َ‬
‫الل ْي ِل َفت َ َه َّج ْد ِب ِه نَا ِفلَةً لَ َك﴾ أَ ْم ٌر لَهُ ِب ِقيَ ِام اللَّ ْي ِل بَ ْع َد ْال َم ْكتُوبَ ِة‪،‬‬
‫﴿و ِمنَ َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ي‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أَنَّهُ ُ‬
‫سئِ َل‪ :‬أ َ ُّ‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫ع ْن أَبِي ُه َري َْرة َ‪َ ،‬‬ ‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪َ ،‬‬ ‫َك َما َو َر َد فِي َ‬
‫الل ْي ِل‬ ‫ض ُل َب ْع َد ْال َم ْكتُو َب ِة؟ قَا َل‪َ " :‬‬
‫ص َالة ُ َّ‬ ‫ص َال ِة أ َ ْف َ‬
‫"ال َّ‬
‫‪َ .‬والت َّ َه ُّج ُد‪َ :‬ما َكانَ بَ ْع َد ن َْو ٍم‬

‫‪377‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ِ ﷺ ِبال ِذّ ْك ِر دُونَ‬


‫يص النَّ ِب ّ‬
‫ص ِ‬ ‫ف ْالعُلَ َما ُء ِفي ت َْخ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬نافِ َلةً لَ َك﴾ ْ‬
‫اخت َ َل َ‬
‫ار ِقيَا ُم اللَّ ْي ِل‬
‫ص َ‬ ‫ضةٌ َعلَ ْي ِه ث ُ َّم نُ ِس َخ ْال ُو ُج ُ‬
‫وب فَ َ‬ ‫ص َالة ُ َّ‬
‫الل ْي ِل فَ ِري َ‬ ‫أ ُ َّمتِ ِه‪ ،‬فَ ِقي َل‪َ :‬كان ْ‬
‫َت َ‬
‫ور ِة" ْال ُم َّز ِّم ِل‬
‫س َ‬‫ضةٍ‪َ ،‬ك َما َيأ ْ ِتي ُم َبيَّنًا ِفي ُ‬ ‫عا َب ْع َد فَ ِري َ‬ ‫"ت َ َ‬
‫ط ُّو ً‬
‫وص؛ َِل َ َّنهُ قَ ْد ُ‬
‫غ ِف َر لَهُ َما‬ ‫ص ِ‬ ‫علَى ْال ُخ ُ‬ ‫َوقِي َل‪ِ :‬إنَّ َما ُج ِع َل ِقيَا ُم اللَّ ْي َل فِي َح ِقّ ِه نَا ِفلَةً َ‬
‫علَ ْي ِه َكانَ َذ ِل َك ِزيَا َدة ٌ‬
‫ب َ‬
‫اج ٍ‬ ‫ع ِب َما لَي َ‬
‫ْس بِ َو ِ‬ ‫تَقَد ََّم ِم ْن ذَ ْنبِ ِه َو َما تَأ َ َّخ َر‪ ،‬فَ ُه َو إِ َذا تَ َ‬
‫ط َّو َ‬
‫ت‬
‫‪ِ .‬في الد ََّر َجا ِ‬

‫سى أ َ ْن َي ْب َعث َ َك َرب َُّك َمقَا ًما َمحْ ُمودًا﴾ قال أكثر السلف‪َ :‬هذَا ♤‬
‫ع َ‬
‫قوله تعالى ﴿ َ‬
‫ظ َمى َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة كما هو مفصل في حديث‬
‫ع ِة ْالعُ ْ‬ ‫ْال َمقَا ُم ْال َمحْ ُمو ُد َمقَا ُم ال َّ‬
‫شفَا َ‬
‫"‪.‬الشفاعة وفي الدعاء بعد اَلذان "وابعثْهُ مقا ًما َمحمودًا الَّذي وعدتَهُ‬

‫ق﴾ قيل ِإ َّن ♤‬ ‫ص ْد ٍ‬‫ق َوأ َ ْخ ِرجْ نِي ُم ْخ َر َج ِ‬ ‫﴿وقُ ْل َربّ ِ أ َ ْد ِخ ْلنِي ُم ْد َخ َل ِ‬
‫ص ْد ٍ‬ ‫قوله َ‬
‫الل ِه ﷺ ِل َي ْقتُلُوهُ أ َ ْو َي ْ‬
‫ط ُردُوهُ أ َ ْو يُو ِثقُوهُ‪،‬‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ار أ َ ْه ِل َم َّكةَ لَ َّما ائْت َ َم ُروا ِب َر ُ‬
‫ُكفَّ َ‬
‫ار اب ِْن‬ ‫َوأ َ َرا َد اللَّهُ قِت َا َل أ َ ْه ِل َم َّكةَ‪ ،‬فَأ َ َم َرهُ أ َ ْن يَ ْخ ُر َج ِإلَى ْال َمدِينَ ِة‪َ ،‬و ُه َو ْ‬
‫اخ ِتيَ ُ‬
‫ير‪ .‬وابن كثير والصواب أن اآلية عامة‬
‫‪َ .‬ج ِر ٍ‬

‫‪378‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يرا﴾ أي قوة القهر والسالح ♤‬ ‫س ْل َ‬


‫طانًا ن ِ‬
‫َص ً‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿واجْ َع ْل ِلي ِم ْن لَ ُد ْن َك ُ‬
‫شدِي ٌد َو َمنَا ِف ُع ِلل َّن ِ‬
‫اس‬ ‫س َ‬ ‫نزلنَا ْال َحدِي َد فِي ِه َبأْ ٌ‬
‫﴿وأ َ ْ‬ ‫ولهذا قال سبحانه وت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ث‪ِ " :‬إ َّن اللَّهَ َليَزَ ع‬‫ب﴾ َوفِي ْال َحدِي ِ‬ ‫سلَهُ ِب ْالغَ ْي ِ‬ ‫َو ِليَ ْعلَ َم اللَّهُ َم ْن َي ْن ُ‬
‫ص ُرهُ َو ُر ُ‬
‫ان َما َال َيزَ عُ ِب ْالقُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫ط ِ‬‫س ْل َ‬
‫" ِبال ُّ‬

‫اط ُل ِإ َّن ْال َب ِ‬


‫اط َل َكانَ زَ ُهوقًا﴾ في ♤‬ ‫﴿وقُ ْل َجا َء ْال َح ُّق َوزَ هَقَ ْال َب ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ي ﷺ َم َّكةَ َو َح ْو َل ْالبَ ْي ِ‬
‫ت‬ ‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُو ٍد قَا َل‪َ :‬د َخ َل النَّبِ ُّ‬
‫ع ْن َ‬
‫الصحيحين َ‬
‫ط َعنُ َها ِبعُو ٍد فِي َي ِد ِه‪َ ،‬و َيقُولُ‪َ ﴿ :‬جا َء ْال َح ُّق‬
‫ب‪ ،‬فَ َج َع َل َي ْ‬ ‫ص ٍ‬‫ِستُّونَ َوث َ َالث ُ ِمائ َ ِة نُ ُ‬
‫ئ ْالبَ ِ‬
‫اط ُل َو َما‬ ‫اط َل َكانَ زَ ُهوقًا﴾ ‪َ ،‬جا َء ْال َح ُّق َو َما يُ ْب ِد ُ‬
‫اط ُل ِإ َّن ْالبَ ِ‬
‫َوزَ هَقَ ْالبَ ِ‬
‫"يُ ِعي ُد‬

‫على شا ِك َل ِته﴾ قال ابن القيم رحمه الله ♤‬


‫‪:‬قَ ْوله ت َعالى ﴿قُ ْل ُك ٌّل َي ْع َم ُل َ‬
‫ط ِريقَته الَّتِي تناسب أخالقه‬
‫أي على ما يشاكله ويناسبه فَهو ي ْعمل على َ‬
‫ط ِريقَته ومذهبه وعادته الَّ ِتي ألفها وجبل‬
‫وطبيعته وكل إ ْنسان يجْ ِري على َ‬
‫ط ِريقَته من ُمقابلَة النعم ِبال َم ِ‬
‫عاصي واْلعراض‬ ‫علَيْها فالفاجر ي ْعمل ِبما يشبه َ‬
‫َ‬
‫علَ ْي ِه‬
‫عن النعم وال ُمؤمن ي ْعمل بِما يشاكله من شكر النعم ومحبته والثناء َ‬
‫َ‬
‫‪.‬والتودد إلَ ْي ِه والحياء ِمنهُ والمراقبة َلهُ وتعظيمه وإجالله‬

‫‪379‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الرو ُح ِم ْن أ َ ْم ِر َر ِبّي﴾ ♤‬
‫الروحِ قُ ِل ُّ‬ ‫﴿ويَ ْسأَلُون ََك َ‬
‫ع ِن ُّ‬ ‫قوله َ‬
‫علَى أَ ْق َوا ٍل‬
‫الروحِ هَا ُهنَا َ‬ ‫س ُرونَ فِي ْال ُم َرا ِد ِب ُّ‬ ‫ف ْال ُمفَ ِ ّ‬
‫اختَلَ َ‬
‫‪:‬قَ ِد ْ‬
‫الروحِ ‪ :‬أ َ ْر َوا ُح بَ ِني آ َد َم‬ ‫‪.‬والصواب أ َ َّن ْال ُم َرا َد بِ ُّ‬
‫‪.‬أما اَلحاديث التي وردت في أنه ملك عظيم فضعيفة‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ ‪-‬قَا َل‪ُ :‬ك ْنتُ أ َ ْم ِشي َم َع‬ ‫ض َ‬‫وفي الصحيحين من حديث اب ُْن َم ْسعُو ٍد َر ِ‬
‫علَى َ‬
‫ع ِسيب‪ ،‬فَ َم َّر بِقَ ْو ٍم ِمنَ‬ ‫ئ َ‬‫ث فِي ْال َمدِينَ ِة‪َ ،‬و ُه َو ُمت ََو ِ ّك ٌ‬ ‫النَّبِ ّ‬
‫ي ِ ﷺ فِي َح ْر ٍ‬
‫ض ُه ْم‪َ :‬ال ت َ ْسأَلُوهُ‪ .‬قَا َل‪:‬‬
‫الروحِ‪ .‬فَقَا َل َب ْع ُ‬ ‫ض‪َ :‬سلُوهُ َ‬
‫ع ِن ُّ‬ ‫ْال َي ُهودِ‪ ،‬فَقَا َل َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِل َب ْع ٍ‬
‫علَى ْال َع ِسي ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫الروحِ فَقَالُوا يَا ُم َح َّمدُ‪َ ،‬ما ُّ‬
‫الرو ُح؟ فَ َما زَ ا َل ُمت ََو ِ ّكئًا َ‬ ‫سأَلُوهُ َ‬
‫ع ِن ُّ‬ ‫فَ َ‬
‫الرو ُح ِم ْن أ َ ْم ِر‬
‫الروحِ قُ ِل ُّ‬ ‫﴿و َي ْسأَلُون ََك َ‬
‫ع ِن ُّ‬ ‫ظنَ ْنتُ أَنَّهُ يُو َحى ِإلَ ْي ِه‪ ،‬فَقَا َل‪َ :‬‬ ‫َقا َل‪َ :‬ف َ‬
‫َر ِبّي َو َما أُوتِيت ُ ْم ِمنَ ْال ِع ْل ِم ِإال قَ ِليال﴾‬

‫علَى ♤‬ ‫طلَ َع ُك ْم ِم ْن ِع ْل ِم ِه ِإ َّال َ‬


‫ي‪َ :‬و َما أ َ ْ‬‫﴿و َما أُو ِتيت ُ ْم ِمنَ ْال ِع ْل ِم ِإال قَ ِليال﴾ أَ ْ‬
‫قوله َ‬
‫ظ َر ِإلَى‬
‫َض َر َن َ‬ ‫َض ِر‪ :‬أ َ َّن ْالخ ِ‬ ‫سى َو ْالخ ِ‬ ‫ص ِة ُمو َ‬‫س َيأ ْ ِتي ِإ ْن شَا َء اللَّهُ ِفي ِق َّ‬ ‫ْالقَ ِلي ِل‪َ ،‬و َ‬
‫ارهُ في البَحْ ِر‪ ،‬فَقا َل الخ ِ‬
‫َض ُر‬ ‫س ِم ْنقَ َ‬‫س ِفي َن ِة فَغَ َم َ‬ ‫ور َوقَ َع علَى َح ْر ِ‬
‫ف ال َّ‬ ‫صف ُ ٍ‬‫ع ْ‬‫ُ‬
‫س هذا‬ ‫غ َم َ‬ ‫ق في ِع ْل ِم اللَّ ِه َّإال ِم ْق َد ُ‬
‫ار ما َ‬ ‫سى‪ :‬ما ِع ْل ُم َك و ِع ْل ِمي و ِع ْل ُم الخ ََال ِئ ِ‬ ‫ِل ُمو َ‬
‫ور ِم ْنقَ َ‬
‫ارهُ‬ ‫صف ُ ُ‬
‫‪.‬العُ ْ‬

‫‪380‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عا} أي ♤‬
‫ض يَ ُۢنبُو ً‬ ‫﴿وقَالُ ۟‬
‫وا لَن نُّ ۡؤ ِمنَ لَ َك َحت َّ ٰى ت َ ۡف ُج َر لَنَا ِمنَ ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫قوله َ‬
‫كفارقريش‬
‫ت أ َ َّنهُ لَي َ‬
‫ْس‬ ‫علَي َْك‪ ،‬فَقَ ْد َ‬
‫ع ِل ْم َ‬ ‫ضنَا َ‬‫ع َر ْ‬ ‫غي َْر قَا ِب ٍل ِمنَّا َما َ‬ ‫ت َ‬ ‫قَالُوا‪ :‬يَا ُم َح َّمدُ‪ ،‬فَإ ِ ْن ُك ْن َ‬
‫شا ِم َّنا‪ ،‬فَا ْسأ َ ْل َلنَا‬ ‫ع ْي ً‬ ‫اال َو َال أَ َ‬
‫ش َّد َ‬ ‫ض َيقَ ِم َّنا ِب َالدًا‪َ ،‬و َال أَ َق َّل َم ً‬
‫اس أَ ْ‬ ‫أ َ َح ٌد ِمنَ ال َّن ِ‬
‫علَ ْينَا‪،‬‬ ‫ع َّنا َه ِذ ِه ْال ِجبَا َل الَّتِي قَ ْد َ‬
‫ضيَّقت َ‬ ‫َرب ََّك الَّذِي بَ َعث َ َك ِب َما بَ َعث َ َك ِب ِه‪ ،‬فَ ْليُ َ‬
‫س ِيّ ْر َ‬
‫ش ِام َو ْال ِع َرا ِ‬
‫ق‬ ‫سط لَنَا بِ َال َدنَا‪َ ،‬و ْليُفَجر فِي َها أ َ ْن َه ً‬
‫ارا َكأ َ ْن َه ِ‬
‫ار ال َّ‬ ‫‪.‬و ْليب ُ‬
‫َ‬

‫ي ♤‬ ‫ع َل ْينَا ِكت َابًا نَ ْق َر ُؤهُ﴾ أ َ ْ‬


‫قوله تعالى عنهم ﴿ َولَ ْن نُؤْ ِمنَ ِل ُر ِقيِّ َك َحتَّى تُنز َل َ‬
‫َاب ِمنَ َّ‬
‫الل ِه ِلفُ َال ِن ب ِْن فُ َال ٍن‪َ { ،‬ب ۡل‬ ‫ص ِحيفَة‪َ :‬هذَا ِكت ٌ‬ ‫اح ٍد َ‬ ‫وب فِي ِه ِإلَى ُك ٍّل َو ِ‬ ‫َم ْكت ُ ٌ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫يُ ِري ُد ُك ُّل ٱ ۡم ِر ࣲئ ِّم ۡن ُه ۡم أَن يُ ۡؤت َٰى ُ‬
‫ص ُحفا ُّم َن َّ‬
‫ش َرة}‬

‫ش ُر ُه ْم َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة َ‬
‫علَى ُو ُجو ِه ِه ْم) في الصحيحين من حديث ♤‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫(ونَحْ ُ‬
‫علَى ُو ُجو ِه ِه ْم؟‬ ‫اس َ‬ ‫ْف يُحْ ش َُر ال َّن ُ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬كي َ‬ ‫أَنَس بْن َما ِلكٍ قال‪ :‬قِي َل‪ :‬يَا َر ُ‬
‫"قَا َل‪" :‬الَّذِي أ َ ْمشَا ُه ْم َ‬
‫ع َلى أ َ ْر ُج ِل ِه ْم َقاد ٌِر َع َلى أ َ ْن يُ ْم ِش َي ُه ْم َ‬
‫ع َلى ُو ُجو ِه ِه ْم‬

‫علَ ٰۤى أَن ♤‬


‫ض قَاد ٌِر َ‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر َ‬ ‫قوله {أ َ َو َل ۡم َي َر ۡو ۟ا أ َ َّن ٱللَّ َه ٱلَّ ِذی َخلَقَ ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬

‫ض أ َ ْكبَ ُر ِم ْن خ َْل ِ‬
‫ق النَّ ِ‬
‫اس﴾‬ ‫ت َواَل َ ْر ِ‬ ‫يَ ۡخلُقَ ِم ۡثلَ ُه ۡم} َك َما قَا َل‪َ ﴿ :‬لخ َْل ُق ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬

‫‪381‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صا‪َ ،‬و ْاليَدُ‪♤ ،‬‬


‫ي‪ْ :‬ال َع َ‬
‫ت} َو ِه َ‬ ‫{ولَقَ ۡد َءاتَ ۡينَا ُمو َ‬
‫س ٰى تِ ۡس َع َءايَ ٰـ ِ‬
‫ت َب ِيّنَ ٰـ ࣲ‬ ‫قوله َ‬
‫ان‪َ ،‬و ْال َج َرادُ‪َ ،‬و ْالقُ َّملُ‪َ ،‬وال َّ‬
‫ضفَا ِدعُ‪َ ،‬وال َّد ُم‪ ،‬آ َيا ٍ‬
‫ت‬ ‫سنِينَ ‪َ ،‬و ْال َبحْ ُر‪َ ،‬و ُّ‬
‫الطوفَ ُ‬ ‫َوال ِ ّ‬
‫َّاس‬
‫عب ٍ‬ ‫ص َالتٍ‪ .‬قَالَهُ اب ُْن َ‬ ‫‪ُ .‬مفَ َّ‬
‫يرةً‪ِ ،‬م ْن َها ضربُه ْال َح َج َر‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬ ‫ُ‬
‫أخر َك ِث َ‬‫ت َ‬ ‫س َال ُم‪ ،‬آ َيا ٍ‬ ‫سى‪َ ،‬‬ ‫ي ُمو َ‬ ‫َوقَ ْد أو ِت َ‬
‫َظ ِليلُ ُه ْم ِب ْالغَ َم ِام‪َ ،‬و ِإ ْنزَ ا ُل ْال َم ِّن‬
‫ار ِم ْنهُ‪َ ،‬و ِم ْن َها ت ْ‬‫صا‪َ ،‬و ُخ ُرو ُج ْاَل َ ْن َه ِ‬ ‫ِب ْال َع َ‬
‫ص َر‪َ ،‬ولَ ِك ْن‬ ‫ارقَتِ ِه ْم بِ َال َد ِم ْ‬ ‫غي ُْر ذَ ِل َك ِم َّما أُوتُوهُ بَنُو إِس َْرائِي َل بَ ْع َد ُمفَ َ‬ ‫س ْل َوى‪َ ،‬و َ‬ ‫َوال َّ‬
‫َت‬‫ص َر‪َ ،‬و َكان ْ‬ ‫ع ْو ُن َوقَ ْو ُمهُ ِم ْن أ َ ْه ِل ِم ْ‬ ‫ت َّالتِي شَا َه َدهَا ِف ْر َ‬ ‫َذ َك َر هَا ُهنَا ال ِتّ ْس َع ْاآل َيا ِ‬
‫عانَدُوهَا ُك ْف ًرا َو ُج ُحودًا‪ .‬تفسير ابن كثير‬ ‫‪ُ .‬ح َّجةً َ‬
‫علَ ْي ِه ْم فَخَالَفُوهَا َو َ‬

‫أي بَيَّنّاهُ ♤‬
‫على ُم ْكثٍ﴾ ْ‬ ‫﴿وقُ ْرآنا ً فَ َر ْقناهُ ِلت َ ْق َرأَهُ َ‬
‫ع َلى النَّ ِ‬
‫اس َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ب‬ ‫والباط ِل‪ ،‬أو أ ْنزَ ْلناهُ ُمفَ َّرقًا ِب َح َ‬
‫س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ْلناهُ وفَ َّر ْقنا ِب ِه َبيْنَ ال َح ّ ِ‬
‫ق‬ ‫ضحْ ناهُ‪ ،‬وفَ َّ‬
‫وأو َ‬ ‫ْ‬
‫سنَةً‬
‫ث و ِع ْش ِرينَ َ‬ ‫‪.‬الوقا ِئعِ في ثَال ٍ‬
‫َ‬

‫‪382‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ب َها} في الصحيحين من ♤‬
‫وال تُخَافِ ْ‬
‫ص َال ِت َك َ‬
‫تعالى{و َال تَجْ َه ْر ب َ‬
‫َ‬ ‫قوله‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫ورسو ُل َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫ت َ‬‫ي اللَّهُ ع ْنه َما‪ ،‬قا َل‪ :‬نَزَ لَ ْ‬
‫ض َ‬
‫َّاس َر ِ‬
‫عب ٍ‬‫حديث اب ِْن َ‬
‫ص ْوتَهُ بالقُ ْر ِ‬
‫آن‪ ،‬فَإ ِ َذا َ‬
‫س ِم َعهُ‬ ‫صلَّى بأ َ ْ‬
‫ص َحابِ ِه َرفَ َع َ‬ ‫وسلَّ َم ُم ْختَفٍ ب َم َّكةَ‪ ،‬كانَ إذَا َ‬
‫صلَّى‬ ‫سبُّوا القُ ْرآنَ و َمن أ ْنزَ لَهُ و َمن َجا َء به‪ ،‬فَقا َل اللَّهُ ت َ َعالَى ِل َن ِب ِيّ ِه َ‬ ‫ال ُم ْش ِر ُكونَ َ‬
‫أي ب ِق َرا َءتِ َك‪َ ،‬فيَسْمع ال ُم ْش ِر ُكونَ فَيَ ُ‬
‫سبُّوا‬ ‫ص َالتِ َك} ْ‬‫{و َال تَجْ َه ْر ب َ‬ ‫اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪َ :‬‬
‫س ِب ً‬
‫يال}‬ ‫ذلك َ‬ ‫ص َحابِ َك فال تُس ِْم ْع ُه ْم‪َ ،‬‬
‫{وا ْبت َِغ بيْنَ َ‬ ‫ت ب َها} عن أ ْ‬ ‫القُ ْرآنَ َ‬
‫{و َال تُخَافِ ْ‬
‫تمت سورة اْلسراء والحمد لله‬

‫‪383‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة الكهف‬

‫ي َم ِ ّكيَّةٌ‬
‫‪.‬و ِه َ‬
‫َ‬

‫ص َمةٌ ِمنَ‬
‫آخ ِرهَا‪َ ،‬وأَنَّ َها ِع ْ‬ ‫ض ِل َها‪َ ،‬و ْال َعش َِر ْاآل َيا ِ‬
‫ت ِم ْن أ َ َّو ِل َها َو ِ‬ ‫ِذ ْك ُر َما َو َر َد ِفي فَ ْ‬
‫‪:‬ال َّد َّجا ِل‬
‫َّار‬
‫ف‪ ،‬وفي الد ِ‬ ‫في الصحيحين عن البراء بن عازب قال‪ :‬قَ َرأ َ َر ُج ٌل ال َك ْه َ‬
‫صلَّى‬ ‫غ ِش َي ْتهُ‪ ،‬فَ َذ َك َرهُ للنب ّ‬
‫يِ َ‬ ‫س َحا َبةٌ َ‬‫ض َبا َبةٌ‪ْ ،‬أو َ‬ ‫سلَّ َم‪ ،‬فَإ ِ َذا َ‬ ‫الدَّابَّةُ‪َ ،‬ف َج َع َل ْ‬
‫ت ت َ ْن ِف ُر‪ ،‬فَ َ‬
‫ت‬‫آن‪ْ ،‬أو تَن ََّزلَ ْ‬‫ت ِل ْلقُ ْر ِ‬ ‫وسل َم فَقَا َل‪ :‬ا ْق َرأْ فُ َال ُن‪ ،‬فإنَّ َها ال َّ‬
‫س ِكينَةُ نَزَ َل ْ‬ ‫اللهُ عليه َّ‬

‫‪ِ .‬ل ْلقُ ْر ِ‬


‫آن‬
‫ع ْش َر‬‫ظ َ‬ ‫ي َّ‬
‫الل ِه ﷺ قَا َل‪َ " :‬م ْن َح ِف َ‬ ‫اء أ َ َّن َن ِب َّ‬
‫ع ْن أ َ ِبي الد َّْر َد ِ‬‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم َ‬ ‫َوفِي َ‬
‫"م ْن ِ‬
‫آخ ِر‬ ‫ص َم ِمنَ ال َّد َّجا ِل"‪َ .‬وفِي ِر َوايَ ٍة ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ورةِ ْال َك ْه ِ‬
‫س َ‬ ‫ت ِم ْن أ َ َّو ِل ُ‬
‫آيَا ٍ‬
‫ْ‬
‫‪".‬ال َك ْه ِ‬
‫ف‬
‫‪.‬وكان صلى الله عليه وسلم يقرأها يوم الجمعة وسن قراءتها‬

‫‪384‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يء ﷺ ♤‬
‫تاب﴾ فَ ِذ ْك ُر ال َّن ِب ِ‬
‫ع ْب ِد ِه ال ِك َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال َح ْم ُد ِللَّ ِه الَّذِي أ ْنزَ َل َ‬
‫على َ‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫نزلَ ِت ِه‪ ،‬وت َ ْن ِويهٌ ِب ِه ِبما في إ ْنزا ِل ال ِكتا ِ‬
‫ب َ‬ ‫يب ِل َم ِ‬ ‫ف العُبُو ِديَّ ِة ِللَّ ِه؛ ت َ ْق ِر ٌ‬
‫ص ِ‬
‫ِب َو ْ‬
‫ࣰ‬
‫س ۡب َح ٰـنَ ٱلَّ ِذ ۤی أَ ۡس َر ٰى بِ َع ۡب ِد ِهۦ لَ ۡيال‬
‫﴾‪ِ ..‬من ِر ْف َع ِة قَ ْد ِر ِه َكما في قَ ْو ِل ِه ت َعالى ﴿ ُ‬

‫َوقَ ْولُهُ ت َعالى في َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة‪َ :‬‬


‫﴿ولَ ْم يَجْ َع ْل َلهُ ِع َوجا﴾ {قَيِّ ًما} ♤‬
‫﴿إن هَذا القُ ْرآنَ يَ ْهدِي ِللَّ ِتي هي أ ْق َو ُم﴾‬ ‫كما قال تعالى َّ‬

‫﴿ويُ ْنذ َِر الَّذِينَ قَالُوا ات َّ َخذَ اللَّهُ َولَدًا﴾ قالت اليهود عزير ابن الله‪♤ ،‬‬
‫قوله َ‬
‫وقالت النصارى المسيح ابن الله‪ ،‬وقال مشركوا العرب المالئكة البنات‬
‫‪.‬الله‪ ،‬تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا‬
‫ت َك ِل َمةً ت َْخ ُر ُج ِم ْن أ َ ْف َوا ِه ِه ْم} كما قال تعالى ﴿ت َ َكا ُد ال َّ‬
‫س َم َاواتُ‬ ‫وقوله ﴿ َكبُ َر ْ‬
‫لرحْ َم ِن َولَدًا﴾‬ ‫ض َوت َِخ ُّر ْال ِج َبا ُل َهدًّا * أ َ ْن َد َ‬
‫ع ْوا ِل َّ‬ ‫َيتَفَ َّ‬
‫ط ْرنَ ِم ْنهُ َوت َ ْنش َُّق ْ‬
‫اَلر ُ‬

‫ار ِه ْم ِإ ْن لَ ْم يُؤْ ِمنُوا ِب َهذَا ْال َحدِيثِ﴾ َي ْعنِي‪♤ :‬‬


‫علَى آث َ ِ‬ ‫قوله ﴿فَلَ َعلَّ َك َب ِ‬
‫اخ ٌع نَ ْف َ‬
‫س َك َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم َح َ‬
‫س َراتٍ﴾ [فَ ِ‬
‫اط ٍر‪، ]٨:‬‬ ‫س َك َ‬ ‫ْالقُ ْرآنَ ﴿أ َ َ‬
‫سفًا﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَال ت َ ْذهَبْ نَ ْف ُ‬
‫علَ ْي ِه ْم﴾ [النَّحْ ِل‪]٧٢١:‬‬
‫﴿وال تَحْ زَ ْن َ‬
‫َوقَا َل َ‬

‫ع َجبًا﴾ ♤‬ ‫لرقِي ِم َكانُ ۟‬


‫وا ِم ۡن َءايَ ٰـ ِتنَا َ‬ ‫ب ٱ ۡل َكهۡ ِ‬
‫ف َوٱ َّ‬ ‫ت أ َ َّن أَصۡ َح ٰـ َ‬
‫قوله {أ َ ۡم َح ِس ۡب َ‬
‫‪385‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ُه ُم الَّذِي ت َ َم َّ‬
‫س ُكوا ِب ِه‬ ‫يم لَ ْو ٌح ُك ِت َب ْ‬
‫ت فِي ِه أسْماؤُهم أو ش َْر ُ‬ ‫الر ِق َ‬ ‫صحيح َّ‬
‫أن َّ‬ ‫‪.‬ال ّ‬
‫‪.‬وقصة أصحاب الكهف ذكرت في هذه السورة فقط وكانت قبل النبي‬
‫وفي كتب السير أ َ َّن ْال ُم ْش ِركِينَ َ‬
‫سأَلُوا النبي صلى الله عليه وسلم َ‬
‫ع ْن ِفتْ َي ٍة‬

‫الروحِ‬
‫ع ِن ُّ‬‫ع ْن ذِي ْالقَ ْرنَي ِْن َو َ‬
‫‪.‬فُ ِقدُوا‪َ ،‬و َ‬
‫ض‬ ‫ي ِ َم ِح ٍّل ِمنَ ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ف وأسْما َءهم‪ ،‬وفي أ ّ‬ ‫ب ال َك ْه ِ‬
‫صحا ِ‬ ‫صةَ أ ْ‬ ‫أن ِق َّ‬ ‫وا ْعلَ ْم َّ‬
‫على ما في القُ ْر ِ‬
‫آن‪،‬‬ ‫ش ْي ٌء زا ِئ ٌد َ‬ ‫ع ِن النَّ ِب ّ‬
‫يِ ﷺ َ‬ ‫ت ِفي ِه َ‬‫كانُوا‪ُ ،‬ك ُّل ذَ ِل َك لَ ْم َيثْبُ ْ‬
‫يرة ٌ إسْرائِي ِليَّةٌ‬
‫بار َك ِث َ‬
‫أخ ٌ‬ ‫‪.‬و ِل ْل ُمفَ ِ ّ‬
‫س ِرينَ في ذَ ِل َك ْ‬

‫ق إنَّهم ِفتْيَةٌ آ َمنُوا ِب َر ِبّ ِه ْم ♤‬


‫علَي َْك نَبَأهم ِبال َح ّ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬نَحْ ُن نَقُ ُّ‬
‫ص َ‬
‫وز ْدناهم ُهدًى﴾ فيه مذهب أهل السنة والجماعة من أن اْليمان يزيد بالطاعة‬
‫ِ‬
‫وينقص بالمعاصي قال تعالى ﴿ ُه َو الَّذِي أ ْنزَ َل ال َّ‬
‫س ِكينَةَ في قُلُو ِ‬
‫ب ال ُمؤْ ِمنِينَ‬
‫ِل َي ْزدادُوا إيمانًا َم َع إيما ِن ِه ْم﴾‬

‫ش ْر لَ ُك ْم ♤‬ ‫﴿و ِإ ِذ ا ْعت َزَ ْلت ُ ُمو ُه ْم َو َما َي ْعبُدُونَ ِإال اللَّ َه فَأ ْ ُووا ِإلَى ْال َك ْه ِ‬
‫ف َي ْن ُ‬ ‫قوله َ‬
‫َربُّ ُك ْم ِم ْن َرحْ َمتِ ِه﴾‬

‫‪386‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس‪ ،‬أ َ ْن َي ِف َّر ْال َع ْب ُد ِم ْن ُه ْم خ َْوفًا َ‬


‫علَى‬ ‫فَ َهذَا ُه َو ْال َم ْش ُروعُ ِع ْن َد ُوقُوعِ ْال ِفت َِن فِي النَّ ِ‬
‫دينه‪ ،‬كما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله‬
‫خير َما ِل أ َ َح ِد ُك ْم‬
‫ُ‬ ‫عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬يُو ِشكُ أ َ ْن َي ُكونَ‬
‫طر‪ ،‬يَ ِف ُّر ِبدِينِ ِه ِمنَ ْال ِفت َِن‬
‫َف ْال ِجبَا ِل َو َم َوا ِق َع ال َق ْ‬ ‫غنَ ًما يَتْ َب ُع ِب َها َ‬
‫شغ َ‬ ‫" َ‬
‫ومن ترك شيأ لله عوضه خيرا منه‬
‫س ِبي ِل ٱللَّ ِه َي ِج ۡد ِفی‬
‫اج ۡر ِفی َ‬ ‫﴿ويُ َه ِيّ ْئ لَ ُك ْم ِم ْن أ َ ْم ِر ُك ْم ِمرفَقًا﴾ كقوله َ‬
‫{و َمن يُ َه ِ‬ ‫قوله َ‬
‫ٱ َۡل َ ۡرض مر ٰ⁠غ ࣰَما َكثِي ࣰرا وسع ࣰة}ٰۚ‬
‫َ َ َ‬ ‫ِ ُ َ‬

‫ض َي ْو ٍم﴾ قيل َكانَ ُد ُخولُ ُه ْم ِإلَى ْال َك ْه ِ‬


‫ف ِفي أ َ َّو ِل ♤‬ ‫قوله ﴿قَالُوا لَ ِبثْنَا َي ْو ًما أ َ ْو َب ْع َ‬
‫ار؛ َو ِل َهذَا ا ْستَ ْد َر ُكوا فَقَالُوا‪﴿ :‬أ َ ْو بَ ْع َ‬
‫ض يَ ْو ٍم‬ ‫ظ ُه ْم َكانَ فِي ِ‬
‫آخ ِر نَ َه ٍ‬ ‫ار‪َ ،‬وا ْستِيقَا ُ‬ ‫نَ َه ٍ‬
‫قَالُوا َربُّ ُك ْم أ َ ْعلَ ُم ِب َما لَ ِبثْت ُ ْم﴾‬

‫قوله‪﴿ :‬فَ ْل َي ْن ُ‬
‫ظ ْر أَيُّ َها أ َ ْز َكى َ‬
‫ط َعا ًما﴾ قيل معناه فلينظر أي أهل المدينة أكثر ♤‬
‫‪.‬طعاما‬
‫ب وأح ّل طعاما‪ .‬ورجحه ابن جرير وابن كثير‬ ‫وقيل‪ :‬بل معناه‪ :‬أيها أ َ ْ‬
‫ط َي ُ‬

‫ع َليْكم َي ْر ُج ُموكم ْأو يُ ِعيدُوكم في ِملَّتِ ِه ْم ولَ ْن ♤‬ ‫إن َي ْ‬


‫ظ َه ُروا َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إنَّهم ْ‬
‫ت ُ ْف ِل ُحوا إ ًذا أ َبدًا﴾‬

‫‪387‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص‬‫أن العُ ْذ َر ِباْل ْكرا ِه ِمن خَصا ِئ ِ‬


‫ماء ِمن َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة َّ‬ ‫ض العُلَ ِ‬ ‫أ َخذَ َب ْع ُ‬
‫علَيْكم يَ ْر ُج ُموكم ْأو‬ ‫﴿إن َي ْ‬
‫ظ َه ُروا َ‬ ‫ف‪ْ :‬‬ ‫ب ال َك ْه ِ‬ ‫صحا ِ‬ ‫ع ْن أ ْ‬ ‫َه ِذ ِه اَل ُ َّم ِة؛ َِل َّن قَ ْو َلهُ َ‬
‫ع َد ِم َ‬
‫طوا ِع َي ِت ِه ْم‪ ،‬و َم َع هَذا‬ ‫يُ ِعيدُوكم في ِم َّل ِت ِه ْم﴾ ظا ِه ٌر في إ ْكرا ِه ِه ْم َ‬
‫على ذَ ِل َك و َ‬
‫ْس ِبعُ ْذ ٍر‬
‫أن ذَ ِل َك اْل ْكراهَ لَي َ‬
‫على َّ‬ ‫﴿ولَ ْن ت ُ ْف ِل ُحوا إ ًذا أبَدًا﴾‪ ،‬فَ َد َّل ذَ ِل َك َ‬
‫ع ْنهم‪َ :‬‬ ‫‪.‬قا َل َ‬
‫﴿إال َمن أ ُ ْك ِرهَ‬ ‫أ ّما َه ِذ ِه اَل ُ َّمةُ فَقَ ْد َ‬
‫ص َّر َح اللَّهُ ت َعالى بِعُ ْذ ِر ِه ْم بِاْل ْكرا ِه في قَ ْو ِل ِه‪ّ :‬‬
‫اْليمان﴾ ‪#‬اضواء البيان‬
‫ِ‬ ‫وقَ ْلبُهُ ُم ْ‬
‫ط َم ِئ ٌّن ِب‬

‫علَى أ َ ْم ِر ِه ْم َلنَتَّ ِخذَ َّن َ‬


‫علَ ْي ِه ْم َمس ِْجدًا﴾ وكان ذلك ♤‬ ‫قوله ﴿قَا َل الَّذِينَ َ‬
‫غ َلبُوا َ‬
‫محرما في شرعهم‪ .‬كما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس وعائشة‬
‫صةً علَى‬ ‫ط ِفقَ َي ْ‬
‫ط َر ُح خ َِمي َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪َ ،‬‬
‫برسو ِل اللَّ ِه َ‬
‫لَ َّما نَزَ َل َ‬
‫ذلك‪" :‬لَ ْعنَةُ اللَّ ِه علَى اليَ ُهودِ‪،‬‬ ‫وجْ ِه ِه‪ ،‬فإذا ا ْغت َ َّم َك َ‬
‫شفَها عن وجْ ِه ِه‪ ،‬فقا َل‪ :‬وهو َك َ‬
‫ساج َد" يُ َحذّ ُِر ما َ‬
‫صنَعُوا‬ ‫صارى ات َّ َخذُوا قُبُ َ‬
‫ور أ ْن ِبيا ِئ ِه ْم َم ِ‬ ‫‪.‬والنَّ َ‬

‫وثامنُهم َك ْلبُ ُه ْم﴾‪َ :‬فاللهُ أقَ َّرهُ‪ ،‬ولَ ْم ♤‬


‫س ْب َعةٌ ِ‬
‫﴿و َيقُولُونَ َ‬
‫قال العلماء في قوله‪َ :‬‬
‫ص ِحي ُح‪ ،‬وقَ ْولُـهُ‪﴿ :‬ما يَ ْعلَ ُمهم‬
‫على أنَّهُ ال َّ‬ ‫يَ ْذ ُك ْر بَ ْع َدهُ َّ‬
‫أن َذ ِل َك َرجْ ٌم ِبالغَ ْي ِ‬
‫ب‪َ ،‬ف َد َّل َ‬
‫ّاس‪ :‬أنا ِمن ذَ ِل َك القَ ِلي ِل الَّذِي َي ْعلَ ُمهم‪ ،‬كانُوا َ‬
‫س ْب َعةً‬ ‫‪ّ .‬إال قَ ِلي ٌل﴾‪ ،‬قا َل اب ُْن َعب ٍ‬

‫أن َيشا َء اللَّهُ﴾ ♤‬ ‫غدًا﴾ ّ‬


‫﴿إال ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وال تَقُولَ َّن ِل َ‬
‫ش ْيءٍ إ ِنّي فا ِع ٌل ذَ ِل َك َ‬

‫‪388‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سلُوا ُم َح َّمدًا‬
‫أن ال َي ُهو َد قالُوا ِلقُ َري ٍْش‪َ :‬‬
‫ب نُ ُزو ِل َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪َّ « :‬‬
‫قيل َو َس َب ُ‬
‫ع ْن‬
‫ض‪ ) ،‬يَ ْعنُونَ ذا القَ ْرنَي ِْن (‪ ،‬و َ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ع ْن َر ُج ٍل َ‬
‫ط ّوافٍ في ْ‬ ‫الروحِ‪ ،‬و َ‬
‫ع ِن ُّ‬
‫ﷺ َ‬
‫ف‪ ،‬فَقا َل لَهم‬
‫حاب ال َك ْه ِ‬
‫ص َ‬ ‫الماضي‪َ ،‬ي ْعنُونَ أ ْ‬
‫ِ‬ ‫مان‬
‫الز ِ‬‫ع ِجي َبةٌ في َّ‬
‫صةٌ َ‬
‫ِفتْ َي ٍة لَهم ِق َّ‬
‫إن شا َء اللَّهُ‬ ‫س ْألت ُ ْم َ‬
‫ع ْنهُ“‪ ،‬و َل ْم يَقُ ْل ْ‬ ‫ع ّما َ‬ ‫سأ ُ ْخ ِب ُركم َ‬
‫غدًا َ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ ” :‬‬
‫‪َ ...‬ر ُ‬
‫ع َد ِم‬ ‫سلَيْمانَ َ‬
‫على َ‬ ‫على ذَ ِل َك فقد عات َ‬
‫َب َنبِيَّهُ ُ‬ ‫و َكما عات َ‬
‫َب الله َنبِيَّهُ في َه ِذ ِه اآليَ ِة َ‬
‫إن شا َء اللَّهُ‪ ،‬كما ثبت في الصحيحين‬ ‫‪.‬قَ ْو ِل ِه ْ‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وا ْذ ُك ْر َرب ََّك إذا نَ ِس َ‬


‫يت﴾ ♤‬
‫ماء الت َّ ْف ِس ِ‬
‫ير‬ ‫وفان ِلعُلَ ِ‬
‫الن َم ْع ُر ِ‬ ‫‪ِ :‬في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة قَ ْو ِ‬
‫سأ ْف َع ُل‬ ‫إن قُ ْل َ‬
‫ت َ‬ ‫أن َه ِذ ِه اآل َيةَ ال َك ِري َمةَ ُمت َ َع ِلّقَةٌ ِبما قَ ْب َلها‪ ،‬وال َم ْعنى‪ :‬أنَّ َك ْ‬
‫اَلو ُل‪َّ :‬‬
‫َّ‬
‫إن شا َء َّ‬
‫اللهُ‪..‬‬ ‫إن شا َء اللَّهُ‪ ،‬ث ُ َّم تَذَ َّك ْر َ‬
‫ت بَ ْع َد َذ ِل َك فَقُ ْل ْ‬ ‫أن تَقُو َل ْ‬
‫ت ْ‬‫غدًا َكذا ونَ ِسي َ‬
‫َ‬
‫‪.‬ورجحه الشنقيطي‬
‫نك النِّس ُ‬
‫ْيان‬ ‫أن اآل َيةَ ال ت َ َعلُّقَ لَها ِبما َق ْبلَها‪َّ ،‬‬
‫أن ال َم ْعنى‪ :‬إذا و َق َع ِم َ‬ ‫القَ ْو ُل الثّانِي‪َّ :‬‬
‫ش ْيءٍ فا ْذ ُك ِر اللَّهَ؛ َِل َّن ال ِنّ ْسيانَ ِمنَ ال َّشي ِ‬
‫ْطان‬ ‫‪ِ .‬ل َ‬

‫شار إ َل ْي ِه ♤‬
‫شدًا﴾ ال ُم ُ‬ ‫أن يَ ْه ِديَنِي َربِّي َِل ْق َر َ‬
‫ب ِمن هَذا َر َ‬ ‫قوله‪﴿ :‬وقُ ْل َعسى ْ‬
‫أن يُ َو ِفّقَنِي‬ ‫أي‪ :‬قُ ْل يا ُم َح َّم ُد َ‬
‫عسى ْ‬ ‫ف ْ‬‫ب ال َك ْه ِ‬ ‫بِقَ ْو ِل ِه ( ِمن هَذا ) هو َنبَأ ُ أ ْ‬
‫صحا ِ‬
‫ت والدَّالئِ ِل ال ّد َّال ِة َ‬
‫على نُبُ َّوتِي‬ ‫ش ْيءٍ أ ْق َر َ‬
‫ب ِمن هَذا النَّبَ ِأ ِمنَ اآليا ِ‬ ‫‪َ .‬ربِّي ِل َ‬

‫‪389‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫إن ال ُمرا َد ♤‬ ‫﴿ولَ ِبثُوا ِفي َك ْه ِف ِه ْم ث َ َ‬


‫الث ِمائ َ ٍة ِسنِينَ َو ْ‬
‫از َدادُوا تِ ْسعًا﴾ قيل‪َّ :‬‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫سنَ ٍة ش َْم ِسيَّ ٍة وثَالث َ ِمائَ ٍة وتِ ْس ُع ِسنِينَ قَ َم ِريَّ ٍة‬ ‫‪.‬ث َ ِ‬
‫الثمائ َ ِة َ‬

‫ع ْد ٌل‪♤ .‬‬
‫ص ْد ٌق وأحْ كا َمها َ‬
‫بارها ِ‬
‫أخ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال ُمبَ ِ ّد َل ِل َك ِلما ِت ِه﴾ ْ‬
‫أي‪َِ :‬ل َّن ْ‬
‫س ِمي ُع‬ ‫ت َك ِل َمةُ َر ِبّ َك ِ‬
‫ص ْد ًقا و َ‬
‫ع ْد ًال ال ُمبَ ِ ّد َل ِل َك ِلما ِت ِه وهو ال َّ‬ ‫﴿وت َ َّم ْ‬
‫َكما قال ت َعالى‪َ :‬‬
‫العَ ِلي ُم﴾‬

‫س َك َم َع الَّذِينَ يَ ْدعُونَ َربَّهم بِالغَداةِ والعَ ِش ّ‬


‫يِ ♤‬ ‫صبِ ْر نَ ْف َ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وا ْ‬
‫هاج ِرينَ‬ ‫ت َه ِذ ِه اآليَةُ ال َك ِري َمةُ في فُقَ ِ‬
‫راء ال ُم ِ‬ ‫‪.‬يُ ِريدُونَ وجْ َههُ﴾‪ .‬نَزَ لَ ْ‬
‫صلَّى‬ ‫كما في صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص قال‪ُ :‬كنَّا مع النب ّ‬
‫يِ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه َو َسلَّ َم‪ْ :‬‬
‫اط ُر ْد‬ ‫يِ َ‬ ‫س َّل َم ِستَّةَ نَفَ ٍر‪ ،‬فَقا َل ال ُم ْش ِر ُكونَ للنب ّ‬
‫اللَّهُ عليه َو َ‬
‫علَ ْينَا‪ .‬قا َل َو ُك ْنتُ أَنَا َو ُ‬
‫ابن َم ْسعُودٍ‪َ ،‬و َر ُج ٌل ِمن ُهذَ ْي ٍل‪،‬‬ ‫َهؤ َُال ِء ال يَجْ ت َِرئُونَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه‬ ‫َو ِب َال ٌل‪َ ،‬و َر ُج َال ِن َل ْستُ أ ُ َ‬
‫س ِّمي ِه َما‪ ،‬فَ َوقَ َع في نَ ْف ِس َرسو ِل الل ِه َ‬
‫{و َال ت ْ‬
‫َط ُر ِد الَّذِينَ‬ ‫سهُ فأ ْنزَ َل اللَّهُ َ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪َ :‬‬ ‫سلَّ َم ما شَا َء اللَّهُ أ َ ْن يَ َق َع فَ َحد َ‬
‫َّث نَ ْف َ‬ ‫َو َ‬
‫﴿وإذا جا َء َك‬ ‫ي ِ يُ ِريدُونَ َوجْ َههُ}"‪ .‬وقال تعالى‪َ :‬‬ ‫يَ ْدعُونَ َربَّ ُه ْم بالغَ َداةِ َو ْالعَ ِش ّ‬
‫س وت ََولّى ْ‬
‫أن جا َءهُ اَلعْمى‬ ‫ع َل ْي ُك ْم﴾ ﴿ َ‬
‫ع َب َ‬ ‫‪}.‬الَّذِينَ يُؤْ ِمنُونَ ِبآياتِنا فَقُ ْل َ‬
‫سال ٌم َ‬
‫ط ُر َدهم‬‫سهُ َم َعهم وأن ّأال يَ ْ‬ ‫صبِ َر نَ ْف َ‬
‫أن يَ ْ‬‫‪.‬فأ َم َرهُ اللهُ بِ ْ‬

‫‪390‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وال ت ُ ِط ْع َمن أ ْغفَ ْلنا َق ْلبَهُ َ‬


‫ع ْن ِذ ْك ِرنا وات َّ َب َع هَواهُ وكانَ ْأم ُرهُ ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫}فُ ُر ً‬
‫طا} َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪{:‬وال ت ُ ِط ْع ُك َّل َح ّالفٍ َم ِه ٍ‬
‫ين‬
‫ير‪ ،‬وت َ ْقدِي ُم‬
‫ص ُ‬‫يط الَّذِي هو الت َّ ْق ِ‬
‫طا﴾‪ِ ،‬قي َل‪ :‬هو ِمنَ الت َّ ْف ِر ِ‬ ‫﴿وكانَ ْأم ُرهُ فُ ُر ً‬‫َوقَ ْولُـهُ‪َ :‬‬
‫اْليمان‬
‫ِ‬ ‫‪.‬ال َعجْ ِز ِبت َْر ِك‬
‫راط الَّذِي هو ُم َ‬
‫جاوزَ ة ُ ال َح ِ ّد‬ ‫‪.‬وقِي َل‪ِ :‬منَ اْل ْف ِ‬
‫أي‪ :‬قِ َد ًما في ال َّ‬
‫ش ِ ّر‬ ‫‪.‬وقِي َل ”فُ ُر ً‬
‫طا“ ْ‬
‫ب‪ ،‬نابِ ًذا لَهُ‬
‫صوا ِ‬ ‫أي‪ُ :‬متَقَ ِ ّد ًما ِل ْل َح ّ ِ‬
‫ق وال َّ‬ ‫ورجح الشنقيطي رحمه الله أن معناه ْ‬
‫‪.‬ورا َء َ‬
‫ظ ْه ِر ِه‬

‫ورهَا‪َ .‬كما قا َل ♤‬
‫س ُ‬ ‫س َرا ِدقُ َها﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ُ :‬‬ ‫َارا أ َ َحا َ‬
‫ط بِ ِه ْم ُ‬ ‫قوله ‪﴿:‬إِ َّنا أ َ ْعت َ ْدنَا ِل َّ‬
‫لظا ِل ِمينَ ن ً‬
‫ت َعالى‪﴿ :‬لَهم ِمن َج َهنَّ َم ِمها ٌد ِ‬
‫ومن فَ ْوقِ ِه ْم غ ٍ‬
‫َواش﴾‬
‫وقوله ت َعالى‪﴿ :‬يُغاثُوا ِبماءٍ كال ُم ْه ِل﴾ قال الشنقيطي‪ :‬وال ُم ْه ُل في اللُّغَ ِة‪ :‬يُ ْ‬
‫ط َل ُق‬
‫صاص‬
‫ِ‬ ‫والر‬
‫حاس‪َّ ،‬‬ ‫ب ال َحدِي ِد والنُّ ِ‬
‫ض‪َ ،‬كذا ِئ ِ‬
‫اَلر ِ‬
‫ِيب ِمن َجوا ِه ِر ْ‬ ‫على ما أُذ َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬ونَحْ ِو ذَ ِل َك‬
‫ت وهو َع َك ُرهُ‪ .‬وال ُمرا ُد ِبال ُم ْه ِل في اآل َي ِة‪ :‬ما‬ ‫ي ِ َّ‬
‫الز ْي ِ‬ ‫على د ُْر ِد ّ‬ ‫ط َل ُق أ ْي ً‬
‫ضا َ‬ ‫َويُ ْ‬
‫ض‬‫اَلر ِ‬
‫يب ِمن َجوا ِه ِر ْ‬ ‫‪.‬أ ُ ِذ ُ‬

‫‪391‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضي ُع أجْ َر َمن ♤‬


‫ت إنّا ال نُ ِ‬
‫صا ِلحا ِ‬ ‫﴿إن الَّذِينَ آ َمنُوا و َ‬
‫ع ِملُوا ال ّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َّ :‬‬
‫سان ّإال اْلحْ ُ‬
‫سان﴾‬ ‫ع َم ًال﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬ه َْل َجزا ُء اْلحْ ِ‬
‫سنَ َ‬
‫أحْ َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أُولَئِ َك لَهم َجنّاتُ َ‬
‫ع ْد ٍن تَجْ ِري ِمن ت َحْ تِ ِه ُم اَل ْن ُ‬
‫هار﴾ أي اَلنهار‬
‫‪.‬اَلربعة التي ذكرت في سورة محمد صلى الله عليه وسلم‬

‫﴿و َكانَ لَهُ ث َ َم ٌر﴾ ِقي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد ِب ِه‪ْ :‬ال َمالُ‪َ .‬و ِقي َل‪ :‬ال ِث ّ َم ُ‬
‫ار َو ُه َو اختيار ♤‬ ‫قوله‪َ :‬‬
‫‪.‬ابن كثير‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ولَئِ ْن ُر ِددْتُ إلى َربِّي ََل ِج َد َّن َخي ًْرا ِمنها ُم ْنقَلَبًا﴾ قال تعالى ♤‬
‫سبُونَ أنَّما نُ ِمدُّهم بِ ِه ِمن ما ٍل وبَنِينَ ﴾‬ ‫ُمبَيِّنًا َك ِذبَهم وا ْغتِ َ‬
‫رارهم فِيما ا َّد َ‬
‫ع ْوهُ‪﴿ :‬أ َيحْ َ‬
‫﴿وما ْأموالُكم وال ْأوالدُكم‬ ‫ع لَهم في ال َخيْرا ِ‬
‫ت َبل ال َي ْشعُ ُرونَ ﴾ وقَال‪َ :‬‬ ‫﴿نُ ِ‬
‫سار ُ‬
‫ِبالَّتِي تُقَ ِ ّربُكم ِع ْن َدنا ُز ْلفى﴾‬

‫ت ِبالَّذِي َخلَقَ َك ِمن تُرا ٍ‬


‫ب ♤‬ ‫صاحبُهُ وهو يُحا ِو ُرهُ أ َكفَ ْر َ‬
‫ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل لَهُ‬
‫ْف ت َ ْكفُ ُرونَ ِباللَّ ِه و ُك ْنت ُ ْم ْأمواتًا‬
‫اك َر ُج ًال﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ ﴿ :‬كي َ‬ ‫ث ُ َّم ِمن نُ ْ‬
‫طفَ ٍة ث ُ َّم َ‬
‫س ّو َ‬
‫سان ما‬ ‫فَأحْ ياكم ث ُ َّم يُ ِميتُكم ث ُ َّم يُحْ ِييكم ث ُ َّم إلَ ْي ِه ت ُ ْر َجعُونَ ﴾ وقوله ‪﴿:‬ياأيُّها اْل ْن ُ‬
‫غ ََّر َك بِ َربِّ َك ال َك ِر ِيم﴾‬

‫‪392‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوقَ ْولُـهُ ت َعالى‪﴿ :‬لَ ِكنّا هو اللَّهُ َر ِبّي﴾ لَ ِك ّنا أ ْ‬


‫صلُهُ ”لَ ِك ْن أنا“ َف ُح ِذفَ ْ‬
‫ت ه َْمزَ ة ُ ♤‬
‫ف ال َه ْمزَ ِة‬‫ون ”أنا“ َب ْع َد َح ْذ ِ‬ ‫ون ”لَ ِك ْن“ في نُ ِ‬ ‫ت نُ ُ‬‫‪”.‬أنا“ وأ ُ ْد ِغ َم ْ‬
‫ور في ”يس“ في قَ ْو ِل ِه‬ ‫الر ُج ِل ال ُمؤْ ِم ِن ال َم ْذ ُك ِ‬
‫ير قَ ْو ِل هَذا ال ُمؤْ ِم ِن قَو ُل َّ‬ ‫َون َِظ ُ‬
‫ط َر ِني﴾‬‫ي ال أ ْعبُ ُد الَّذِي َف َ‬
‫﴿وما ِل َ‬ ‫ت َعالى‪َ :‬‬

‫ت َجنَّت ََك قُ ْل َ‬
‫ت َما شَا َء اللَّهُ َال قُ َّوة َ ِإال ِباللَّ ِه﴾ كما في ♤‬ ‫﴿ولَ ْوال ِإ ْذ َدخ َْل َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫حديث أنس بن مالك " َمن رأى شيئًا فأ ْع َجبَه‪ ،‬فقال‪ :‬ما شا ُء اللهُ‪ ،‬ال قُ َّوة َ َّإال‬
‫عي ٌْن‬
‫ض َّرهُ َ‬
‫"بالل ِه؛ لم ي ُ‬

‫عرشه ♤‬ ‫س ْق ُ‬
‫ف وهو ما ّ‬ ‫وش‪ :‬ال َّ‬
‫ع ُرو ِشها﴾ والعُ ُر ِ‬ ‫قوله‪﴿:‬وهي خا ِو َيةٌ َ‬
‫على ُ‬
‫‪.‬الناس‬
‫غي َْر َم ْع ُروشَاتٍ﴾‬
‫ت َو َ‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي أ َ ْن َ‬
‫شأ َ َجنَّا ٍ‬
‫ت َم ْع ُروشَا ٍ‬ ‫كما قال تعالى‪َ :‬‬

‫الوال َيةُ ♤‬
‫ون َ‬‫قام‪ ،‬وتِ ْل َك الحا ِل ت َ ُك ُ‬ ‫الوال َيةُ ِل َّل ِه﴾‪ْ ،‬‬
‫أي‪ :‬في ذَ ِل َك ال َم ِ‬ ‫قوله‪ُ ﴿ :‬هنا ِل َك َ‬
‫على هَذا‬‫ذاب َر َج َع إلى اللَّ ِه‪ ،‬و َ‬
‫ِمن ُك ِّل أ َح ٍد ِللَّ ِه؛ َِل َّن الكا ِف َر إذا َرأى ال َع َ‬
‫ال َم ْعنى فاآليَةُ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬فَلَ ّما َر ْأوا بَأْ َ‬
‫سنا قالُوا آ َمنّا ِباللَّ ِه وحْ َدهُ و َكفَ ْرنا ِبما‬
‫ع ْونَ ‪َ ﴿ :‬حتّى إذا أ ْد َر َكهُ الغ ََر ُق قا َل آ َمنتُ أنَّهُ‬ ‫ُكنّا بِ ِه ُم ْش ِركِينَ ﴾ وقَ ْو ِلـ ِه في فِ ْر َ‬
‫َت ِب ِه َبنُو إسْرا ِئي َل وأنا ِمنَ ال ُم ْس ِل ِمينَ ﴾‬ ‫ال إ َلهَ ّإال الَّذِي آ َمن ْ‬

‫‪393‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪.‬وفيه تفسير آخر‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬الما ُل وال َبنُونَ ِزينَةُ ال َحياةِ ال ُّد ْنيا والباقِياتُ ال ّ‬
‫صا ِلحاتُ َخي ٌْر ♤‬
‫ت ِمنَ‬ ‫ش َهوا ِ‬ ‫اس ُحبُّ ال َّ‬ ‫ِع ْن َد َر ِبّ َك ثَوا ًبا و َخي ٌْر أ َم ًال﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪ُ :‬‬
‫﴿ز ِيّنَ ِللنّ ِ‬
‫س َّو َم ِة‬
‫ض ِة وال َخ ْي ِل ال ُم َ‬‫ب وال ِف َّ‬ ‫ط َرةِ ِمنَ الذَّ َه ِ‬
‫ير ال ُمقَ ْن َ‬ ‫ساء والبَنِينَ والقَ ِ‬
‫ناط ِ‬ ‫النِّ ِ‬
‫ث ذَ ِل َك َمتاعُ ال َحياةِ ال ُّد ْنيا واللَّهُ ِع ْن َدهُ ُحس ُْن ال َمآ ِ‬
‫ب﴾ ﴿قُ ْل‬ ‫واَل ْن ِ‬
‫عام وال َح ْر ِ‬
‫ات تَجْ ِري ِمن تَحْ تِها اَل ْن ُ‬
‫هار‬ ‫أ ُؤنَ ِبّئُكم ِب َخي ٍْر ِمن َذ ِلكم ِللَّذِينَ اتَّقَ ْوا ِع ْن َد َر ِبّ ِه ْم َجنّ ٌ‬
‫ص ِحيحِ‪" :‬ال ُّد ْنيَا ُح ْل َوة ٌ خ ِ‬
‫َض َرة ٌ‬ ‫ث ال َّ‬ ‫ط َّه َرةٌ﴾ َوفِي ْال َحدِي ِ‬ ‫وأزوا ٌج ُم َ‬ ‫"خا ِلدِينَ ِفيها ْ‬
‫ي ْاَل َ ْع َما ُل‬
‫س‪ .‬وقيل‪ِ :‬ه َ‬ ‫صلَواتُ الخ َْم ُ‬ ‫صا ِلحاتُ قيل‪ :‬إنَّها ال َّ‬ ‫والبا ِقياتُ ال ّ‬
‫َارهُ اب ُْن َج ِرير وابن كثير‪ .‬وقيل غير ذلك وثبت في‬ ‫اخت َ‬‫صا ِل َحةُ ُكلُّ َها‪َ .‬و ْ‬
‫ال َّ‬
‫ت‬ ‫اللهُ واللَّهُ أ َ ْك ُ‬
‫بر منَ الباقيا ِ‬ ‫وال إلَهَ َّإال َّ‬
‫الحديث "سبحانَ اللَّ ِه والحم ُد َّلل ِه َ‬
‫صالحاتِ" صححه اَللباني‬
‫‪.‬ال َّ‬

‫بارزَ ة ً و َحش َْرناهم فَ َل ْم ♤‬


‫ض ِ‬ ‫اَلر َ‬
‫الجبا َل وت َرى ْ‬
‫س ِيّ ُر ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َي ْو َم نُ َ‬
‫سرابًا﴾‬ ‫الجبا ُل فَكان ْ‬
‫َت َ‬ ‫ت ِ‬ ‫سيِّ َر ِ‬ ‫نُغاد ِْر ِمنهم أ َحدًا﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿و ُ‬

‫بارزَ ةً﴾ كما قال تعالى‪♤ :‬‬


‫ض ِ‬ ‫اَلر َ‬ ‫َوقَ ْولُـهُ في َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة‪َ :‬‬
‫﴿وت َرى ْ‬
‫ص ْف َ‬
‫صفًا ال ت َرى فِيها ِع َو ًجا وال ْأمتًا﴾‬ ‫﴿فَيَذَ ُرها قا ً‬
‫عا َ‬

‫‪394‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وجا َء َرب َُّك ♤‬


‫صفًّا﴾ َكقَ ْو ِل ِه في ال َمالئِ َك ِة‪َ :‬‬
‫على َربِّ َك َ‬
‫ضوا َ‬
‫ع ِر ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ُ‬
‫صفًّا﴾‬
‫صفًّا َ‬ ‫وال َملَكُ َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬لقَ ْد ِجئْت ُ ُمونا َكما َخلَ ْقناكم َّأو َل َم َّرةٍ﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ْد ِجئْت ُ ُمونا فُرادى‬
‫وركم‬ ‫} َكما َخلَ ْقناكم َّأو َل َم َّر ٍة وت ََر ْكت ُ ْم ما خ ََّو ْلناكم ورا َء ُ‬
‫ظ ُه ِ‬

‫يرة ً ِإال أَحْ َ‬


‫صاهَا﴾ كما ♤‬ ‫يرة ً َوال َك ِب َ‬ ‫قوله ‪َ ﴿ :‬ما ِل َهذَا ْال ِكت َا ِ‬
‫ب َال يُغَاد ُِر َ‬
‫ص ِغ َ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬فَ َم ْن َي ْع َم ْل ِمثْقَا َل ذَ َّر ٍة َخي ًْرا َي َرهُ َو َم ْن َي ْع َم ْل ِمثْقَا َل ذَ َّرةٍ ش ًَّرا َي َرهُ﴾‬

‫ع ْن ْأم ِر َر ِبّ ِه﴾ ظا ِه ٌر في ♤‬‫سقَ َ‬‫يس َكانَ ِمنَ ْال ِج ِّن فَفَ َ‬ ‫س َجدُوا ِإال ِإ ْب ِل َ‬ ‫َوقَ ْو ِل ِه ﴿فَ َ‬
‫وف الدّالَّ ِة‬
‫َلن الفا َء ِمنَ ال ُح ُر ِ‬ ‫ع ْن ْأم ِر َر ِّب ِه َك ْونُهُ ِمنَ ِ‬
‫الج ِّن َّ‬ ‫ب ِف ْس ِق ِه َ‬‫س َب َ‬
‫أن َ‬ ‫َّ‬
‫َار‪- ،‬والراجح أنه ليس‬ ‫ارجٍ ِم ْن ن ٍ‬ ‫صلُهُ؛ فَإِنَّهُ ُخ ِلقَ ِم ْن َم ِ‬ ‫على الت َّ ْع ِلي ِل‪َ ،‬وخَانَهُ أ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ع ْن‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم َ‬ ‫ت فِي َ‬ ‫ور‪َ ،‬ك َما ث َ َب َ‬ ‫ق ْال َم َالئِ َك ِة ِم ْن نُ ٍ‬‫ص ُل خ َْل ِ‬‫من المالئكة‪َ -‬وأ َ ْ‬
‫اللهُ عليه وسلم‪ ،‬أنه قَا َل‪ُ " :‬خ ِلقت ْال َم َال ِئ َكةُ ِم ْن‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫الل ِه َ‬‫سو ِل َّ‬ ‫شةَ‪َ ،‬‬
‫ع ْن َر ُ‬ ‫عا ِئ َ‬
‫َ‬
‫ف لَ ُك ْم‬ ‫ص َ‬ ‫يس ِم ْن مارج من نار‪ُ ،‬خلق آ َد ُم ِم َّما ُو ِ‬‫ور‪ ،‬و ُخلق ِإ ْب ِل ُ‬
‫"نُ ٍ‬
‫يس‪َ .‬كما قا َل‬ ‫ب ال ُك ْف ِر الَّذِي ْ‬
‫ارت َ َكبَهُ إ ْب ِل ُ‬ ‫أما ال َمالئِ َكةُ فإنهم معصومون ِم ِن ا ْرتِكا ِ‬
‫صونَ اللَّهَ ما أ َم َرهم و َي ْف َعلُونَ ما يُؤْ َم ُرونَ ﴾‬
‫ع ْنهم‪﴿ :‬ال َي ْع ُ‬
‫ت َعالى َ‬

‫‪395‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْطان ذُ ِ ّريَّةً‪.‬‬
‫شي ِ‬ ‫أن ِلل َّ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أ َفتَت َّ ِخذُو َنهُ وذُ ِ ّريَّتَهُ ْأو ِليا َء ِمن دُو ِني﴾ َد ِلي ٌل َ‬
‫على َّ‬
‫علَيْها ِمن‬ ‫ط ِريقَةُ ُو ُجو ِد نَ ْس ِل ِه ه َْل هي َ‬
‫ع ْن ت َْز ِويجٍ ْأو َ‬
‫غي ِْر ِه‪ ،‬ال َد ِلي َل َ‬ ‫ولَ ِك ْن َ‬

‫ص ِريحٍ‬ ‫َص َ‬ ‫‪.‬ن ٍ ّ‬


‫س لَ ْم‬
‫ع ْر ٌ‬ ‫يس زَ ْو َجةٌ ؟ فَقُ ْلتُ ‪َّ :‬‬
‫إن ذَ ِل َك ُ‬ ‫سألَنِي َّ‬
‫الر ُجلُ‪ :‬ه َْل ِْل ْب ِل َ‬ ‫ي‪َ :‬‬‫ش ْع ِب ُّ‬‫وقا َل ال َّ‬
‫أ ْش َه ْدهُ ث ُ َّم ذَ َك ْرتُ قَ ْولَهُ ت َعالى‪﴿ :‬أفَتَت َّ ِخذُونَهُ وذُ ِ ّريَّتَهُ ْأو ِليا َء ِمن دُونِي﴾ فَعَ ِل ْمتُ‬
‫ون ذُ ِ ّريَّةٌ ّإال ِمن زَ ْو َج ٍة فَقُ ْلتُ ‪َ :‬ن َع ْم‬
‫‪.‬أنَّهُ ال ت َ ُك ُ‬
‫﴿و َك ٰذَ ِل َك َج َع ْلنَا ِل ُك ِّل‬
‫ومن اْلنس شياطين كما أن من الجن شياطين قال تعالى َ‬
‫ُ ࣰ‬
‫غ ُرور ٰۚا﴾‬ ‫ف ٱ ۡلقَ ۡو ِل‬‫ض ُز ۡخ ُر َ‬
‫ض ُه ۡم إِلَ ٰى بَعۡ ࣲ‬ ‫عد ُّوا ً َش ٰيَ ِطينَ ٱ ِْل ْن ِس يُ ِ‬
‫وحی بَعۡ ُ‬ ‫يٍ َ‬
‫نِبِ ّ‬

‫ع ْوهم َفلَ ْم ♤‬ ‫ي الَّذِينَ زَ َ‬


‫ع ْمت ُ ْم َف َد َ‬ ‫﴿ويَ ْو َم يَقُو ُل نادُوا ُ‬
‫ش َركا ِئ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫يَ ْست َِجيبُوا لَهم و َج َع ْلنا بَ ْينَهم َم ْوبِقًا﴾‬
‫ط ِب ِه ْم‪ .‬أو أن العذاب بينهم‬‫ص ُل َبيْنَ العا ِبدِينَ وال َم ْعبُودِينَ ويُ ِحي ُ‬ ‫أي‪ُ :‬م ْه ِل ًكا َي ْف ِ‬
‫ْ‬
‫ب‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬إنَّكم وما‬ ‫ط ِب ِه ُم ال َهالكُ ِمن ُك ِّل جانِ ٍ‬‫سواء‪َِ ،‬ل َّن ال َج ِمي َع يُ ِحي ُ‬
‫ب َج َهنَّ َم﴾ وهؤالء المعبودون من دون الله كانوا‬ ‫ُون اللَّ ِه َح َ‬
‫ص ُ‬ ‫ت َ ْعبُدُونَ ِمن د ِ‬
‫‪.‬من جمادات أو من رضي لنفسه أن يعبد أما الصالحون فال‬
‫ِ‬

‫ش ْيءٍ َج َد ًال﴾ ♤‬
‫سان أ ْكث َ َر َ‬
‫﴿وكانَ اْل ْن ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬

‫‪396‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‬‫الل ِه َ‬ ‫أن َرسو َل َّ‬ ‫عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه َّ‬
‫ص ِلّيَ ِ‬
‫ان؟ فَقُلتُ ‪ :‬يا‬ ‫س َال ُم لَ ْي َلةً‪ ،‬فَقا َل‪ :‬أ َ َال ت ُ َ‬
‫ي ِ عليه ال َّ‬ ‫اط َمةَ ب ْن َ‬
‫ت النب ّ‬ ‫َ‬
‫ط َرقَهُ وفَ ِ‬
‫ف ِحينَ قُ ْلنَا َ‬
‫ذلك‬ ‫سنَا ب َي ِد اللَّ ِه‪ ،‬فَإِذَا شَا َء أ َ ْن َي ْب َعثَنَا َب َعثَنَا‪ ،‬فَا ْن َ‬
‫ص َر َ‬ ‫َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬أَ ْنفُ ُ‬
‫ب فَ ِخ َذهُ‪ ،‬وهو يقولُ‪َ :‬‬
‫{وكانَ‬ ‫ي شيئًا‪ ،‬ث ُ َّم َ‬
‫س ِم ْعتُهُ وهو ُم َو ٍّل يَض ِْر ُ‬ ‫ولَ ْم يَ ْر ِج ْع إلَ َّ‬
‫ان أ َ ْكث َ َر شيءٍ َج َد ًال} رواه البخاري ومسلم‬
‫س ُ‬‫اْل ْن َ‬

‫أن يُؤْ ِمنُوا إ ْذ جا َء ُه ُم ال ُهدى و َي ْست َ ْغ ِف ُروا َربَّهم ♤‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما َمنَ َع النّ َ‬
‫اس ْ‬
‫اَلولِينَ ْأو يَأْتِيَ ُه ُم ال َع ُ‬
‫ذاب قُبُ ًال﴾‬ ‫أن ت َأْتِيَهم ُ‬
‫سنَّةُ َّ‬ ‫ّإال ْ‬
‫هان ِمنَ الت َّ ْف ِس ِ‬
‫ير‬ ‫‪ِ :‬في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة وجْ ِ‬
‫فار إ ْذ‬
‫واال ْستِ ْغ ِ‬
‫اْليمان ِ‬
‫ِ‬ ‫أن َم ْعنى اآل َي ِة‪ :‬وما َم َن َع ال ّن َ‬
‫اس ِمنَ‬ ‫اَلو ُل ِمن ُهما َّ‬‫َّ‬
‫سبَقَ في ِع ْل ِمنا‪ِ :‬من أنَّهم ال‬ ‫الواضحاتِ‪ّ ،‬إال ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫س ُل بِالبَ ِّينا ِ‬ ‫جا َءتْ ُه ُم ُّ‬
‫الر ُ‬
‫ار‪،‬‬ ‫على ُك ْف ِر ِه ْم َحتّى ت َأ ْ ِت َيهم ُ‬
‫سنَّةُ اَل َّولِينَ ِمنَ ال ُكفّ ِ‬ ‫يُؤْ ِمنُونَ ‪َ ،‬ب ْل َي ْست َِم ُّرونَ َ‬
‫ب إيّاهم يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة قُبُ ًال‪ .‬ورجحه الشنقيطي رحمه الله‬ ‫‪.‬وإتْ ُ‬
‫يان ال َعذا ِ‬
‫ِيرهُ‪ :‬وما َم َن َع النّ َ‬
‫اس‬ ‫أن في اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة ُمضافًا َمحْ ذُوفًا‪ ،‬ت َ ْقد ُ‬ ‫القَ ْو ُل الثّانِي‪َّ :‬‬
‫اَلولِينَ ‪ْ ،‬أو َيأ ْ ِت َي ُه ُم ال َع ُ‬
‫ذاب‬ ‫أن ت َأ ْ ِت َيهم ُ‬
‫س َّنةُ َّ‬ ‫فار ّإال َ‬
‫ط َلبُهم ْ‬ ‫واال ْس ِت ْغ ِ‬
‫اْليمان ِ‬
‫ِ‬ ‫ِمنَ‬
‫‪.‬قُبُ ًال‬

‫‪397‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عهم ♤‬ ‫أن يَ ْفقَ ُهوهُ وفي آذانِ ِه ْم و ْق ًرا ْ‬


‫وإن ت َ ْد ُ‬ ‫قوله‪﴿ :‬إ ّنا َج َع ْلنا َ‬
‫على قُلُو ِب ِه ْم أ ِكنَّةً ْ‬
‫إلى ال ُهدى فَلَ ْن َي ْهتَدُوا إ ًذا أ َبدًا﴾‬
‫غ اللَّهُ‬
‫يار ِه ْم‪َ ،‬فأزا َ‬ ‫س ِل بِ ْ‬
‫اختِ ِ‬ ‫الر ُ‬
‫ب ُّ‬‫َجزا ًء ِوفاقًا ِلما با َد ُروا إ َل ْي ِه ِمنَ ال ُك ْف ِر وتَ ْكذِي ِ‬
‫غ اللَّهُ قُلُو َب ُه ْم﴾‬ ‫قُلُو َبهم ﴿فَلَ ّما زا ُ‬
‫غوا أزا َ‬

‫أن َرحْ َمتَهُ ♤‬


‫الرحْ َم ِة﴾ كما بين سبحانه َّ‬ ‫ور ذُو َّ‬
‫﴿و َرب َُّك الغَفُ ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ت ُك َّل ش ْ‬
‫َيءٍ‬ ‫وا ِسعَةٌ‪ ،‬وأنَّهُ َسيَ ْكتُبُها ِل ْل ُمتَّقِينَ ‪ ،‬وهو قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َرحْ َمتِي و ِس َع ْ‬
‫سأ ْكتُبُها ِللَّذِينَ َيتَّقُونَ ويُؤْ تُونَ َّ‬
‫الزكاةَ﴾‬ ‫فَ َ‬

‫‪398‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫ی ُحقُبا}‬ ‫س ٰى ِل َفت َٰىهُ َ ۤال أ َ ۡب َر ُح َحت َّ ٰۤى أ َ ۡبلُ َغ َم ۡج َم َع ۡٱل َب ۡح َر ۡي ِن أ َ ۡو أ َ ۡم ِ‬
‫ض َ‬ ‫﴿و ِإ ۡذ قَا َل ُمو َ‬
‫َ‬
‫س َال ُم خ ِ‬
‫َطيبًا في َبنِي‬ ‫سى عليه ال َّ‬ ‫حديث ابن عباس في الصحيحين "قَ َ‬
‫ام ُمو َ‬
‫َب اللَّهُ عليه إ ْذ لَ ْم يَ ُر َّد‬
‫اس أ َ ْعلَ ُم؟ فَقا َل‪ :‬أَنَا أ َ ْعلَ ُم‪ ،‬قا َل فَ َعت َ‬ ‫س ِئ َل‪ :‬أ َ ُّ‬
‫ي النَّ ِ‬ ‫إس َْرائِي َل فَ ُ‬
‫ع ْبدًا ِمن ِع َبادِي ب َمجْ َم ِع ال َبحْ َري ِْن هو أ َ ْع َل ُم‬
‫أن َ‬ ‫ال ِع ْل َم إ َل ْي ِه‪ْ ،‬‬
‫فأو َحى اللَّهُ إلَ ْي ِه‪َّ :‬‬
‫كيف لي ب ِه؟ ف ِقي َل له‪ :‬احْ ِم ْل ُحوتًا في ِم ْكتَ ٍل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ي َربّ ِ‬ ‫سى‪ :‬أَ ْ‬ ‫ِم ْن َك‪ ،‬قا َل ُمو َ‬
‫طلَقَ معهُ َفت َاهُ‪َ ،‬وهو يُو َش ُع ُ‬
‫بن نُ ٍ‬
‫ون‪،‬‬ ‫طلَقَ َوا ْن َ‬ ‫ْث ت َ ْف ِق ُد ال ُح َ‬
‫وت فَهو ث َ َّم‪ ،‬فَا ْن َ‬ ‫فَ َحي ُ‬
‫ان حتَّى‬ ‫س َال ُم‪ُ ،‬حوتًا في ِم ْكتَ ٍل َوا ْن َ‬
‫طلَقَ هو َو َفت َاهُ َي ْم ِش َي ِ‬ ‫فَ َح َم َل ُمو َ‬
‫سى عليه ال َّ‬
‫الم ْكت َ ِل‪،‬‬
‫ب ال ُحوتُ في ِ‬ ‫ض َ‬
‫ط َر َ‬ ‫س َال ُم َوفَت َاهُ‪ ،‬فَا ْ‬
‫سى عليه ال َّ‬ ‫أَتَيَا ال َّ‬
‫ص ْخ َرة َ‪ ،‬فَ َرقَ َد ُمو َ‬
‫س َك اللَّهُ ع ْنه ِج ْريَةَ ال َم ِ‬
‫اء‬ ‫ط في البَحْ ِر‪ ،‬قا َل َوأ َ ْم َ‬ ‫الم ْكت َ ِل‪ ،‬فَ َ‬
‫س َق َ‬ ‫حتَّى خ ََر َج ِمنَ ِ‬
‫طلَقَا‬
‫ع َجبًا‪ ،‬فَا ْن َ‬
‫سى َوفَت َاهُ َ‬‫س َر ًبا‪َ ،‬وكانَ ِل ُمو َ‬ ‫ت َ‬ ‫ق‪ ،‬فَكانَ ِل ْل ُحو ِ‬ ‫الطا ِ‬‫حتَّى كانَ ِمثْ َل َّ‬
‫سى أ َ ْن يُ ْخبِ َرهُ‪ ،‬فَلَ َّما‬
‫ب ُمو َ‬
‫اح ُ‬
‫ص ِ‬‫ي َ‬ ‫بَ ِقيَّةَ يَ ِ‬
‫وم ِهما َو َل ْيلَتِ ِه َما‪َ ،‬ونَ ِس َ‬

‫‪399‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سفَ ِرنَا هذا‬‫غ َدا َءنَا لقَ ْد لَ ِقينَا ِمن َ‬


‫س َال ُم‪ ،‬قا َل ِلفَت َاهُ‪ :‬آ ِتنَا َ‬
‫سى عليه ال َّ‬ ‫ص َب َح ُمو َ‬‫أَ ْ‬
‫صبْ حتَّى َج َاوزَ ال َمكانَ الذي أ ُ ِم َر به‪ ،‬قا َل‪ :‬أ َ َرأَي َ‬
‫ْت إ ْذ أ َ َو ْينَا‬ ‫صبًا‪ ،‬قا َل َولَ ْم يَ ْن َ‬ ‫نَ َ‬
‫ان أ َ ْن أ َ ْذ ُك َرهُ َوات َّ َخ َذ‬
‫ط ُ‬‫ش ْي َ‬ ‫وت َوما أ َ ْن َ‬
‫سا ِنيهُ َّإال ال َّ‬ ‫ص ْخ َر ِة‪ ،‬فإ ِنّي نَ ِسيتُ ال ُح َ‬
‫إلى ال َّ‬
‫ارتَدَّا علَى آث َ ِ‬
‫ار ِهما‬ ‫{ذلك ما ُكنَّا نَبْغِ َف ْ‬
‫َ‬ ‫سى‪:‬‬ ‫س ِبيلَهُ في البَحْ ِر َ‬
‫ع َجبًا‪ ،‬قا َل ُمو َ‬ ‫َ‬
‫ص ْخ َرة َ‪ ،‬فَ َرأَى َر ُج ًال ُم َ‬
‫س ًّجى عليه‬ ‫ار ُه َما‪ ،‬حتَّى أَتَيَا ال َّ‬
‫ان آث َ َ‬
‫ص ِ‬‫صا}‪ ،‬قا َل يَقُ َّ‬ ‫قَ َ‬
‫ص ً‬
‫س َال ُم؟ قا َل‪ :‬أَنَا‬ ‫ض ُر‪ :‬أنَّى بأ َ ْر ِ‬
‫ض َك ال َّ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َسلَّ َم عليه ُمو َ‬
‫سى‪ ،‬فَقا َل له ال َخ ِ‬ ‫بث َ ْو ٍ‬
‫سى َبنِي إس َْرائِي َل؟ قا َل‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬قا َل‪ :‬إنَّ َك علَى ِع ْل ٍم ِمن ِع ْل ِم الل ِه‬ ‫سى‪ ،‬قا َل‪ُ :‬مو َ‬ ‫ُمو َ‬
‫علَّ َم َكهُ اللَّهُ ال أ َ ْعلَ ُمهُ‪َ ،‬وأَنَا علَى ِع ْل ٍم ِمن ِع ْل ِم الل ِه َ‬
‫علَّ َمنِي ِه ال ت َ ْعلَ ُمهُ‪"..،‬‬ ‫َ‬
‫ٱست َۡط َع َم ۤا أ َ ۡهلَ َها فَأ َ َب ۡو ۟ا أَن يُ َ‬
‫ض ِيّفُو ُه َما}‬ ‫طلَقَا َحت َّ ٰۤى ِإ َذ ۤا أَتَ َي ۤا أَ ۡه َل قَ ۡر َي ٍة ۡ‬
‫قوله {فَٱن َ‬

‫في شرعنا‪ :‬الضيف إن أصبح محروما‪ ،‬فله أن يأخذ بقدر قراه‪.‬‬


‫كما في حديث عقبة بن عامر عند البخاري قال "قُ ْلنَا‪ :‬يا َرسو َل َّ‬
‫الل ِه‪ ،‬إنَّ َك‬
‫صلَّى اللهُ‬ ‫ت َ ْبعَثُنَا‪َ ،‬فنَ ْن ِز ُل بقَ ْو ٍم فال يَ ْق ُرو َننَا‪ ،‬فَما ت ََرى؟ فَقا َل لَنَا َرسو ُل َّ‬
‫الل ِه َ‬
‫ْف فَا ْق َبلُوا‪ْ ،‬‬
‫فإن َل ْم‬ ‫إن نَزَ ْلت ُ ْم بقَ ْو ٍم فأ َم ُروا لَ ُك ْم بما َي ْن َب ِغي ِلل َّ‬
‫ضي ِ‬ ‫عليه وسلَّ َم‪ْ :‬‬
‫ْف الذي يَ ْنبَ ِغي له ْم"‬ ‫ضي ِ‬ ‫يَ ْف َعلُوا‪ ،‬فَ ُخذُوا منه ْم َح َّق ال َّ‬
‫أن يَ ْن َق َّ‬
‫ض‬ ‫قال الشيخ محمد الشنقيطي قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَ َو َجدا فِيها ِج ً‬
‫دارا يُ ِري ُد ْ‬
‫فَأقا َمهُ﴾‬

‫‪400‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن ال َمجازَ في‬ ‫َه ِذ ِه اآل َيةُ ال َك ِري َمةُ ِمن أ ْك َب ِر اَلدِلَّ ِة الَّ ِتي َي ْست َ ِد ُّل ِبها القا ِئلُونَ ‪ِ :‬ب َّ‬
‫أن ت َ ُكونَ َح ِقيقَةً‪ ،‬وإنَّما‬
‫ضاض ال يُ ْم ِك ُن ْ‬ ‫َ‬ ‫دار ِاال ْن ِق‬ ‫الج ِ‬
‫أن إرا َدة َ ِ‬ ‫آن زا ِع ِمينَ َّ‬ ‫القُ ْر ِ‬
‫على أنَّهُ ال ما ِن َع ِمن َك ْو ِن إرا َد ِة‬ ‫ب َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫ٌ‬
‫آيات ِمن ِكتا ِ‬ ‫جاز‪ ،‬وقَ ْد َد َّل ْ‬
‫ت‬ ‫هي َم ٌ‬
‫دار َح ِقيقَةً‪ .‬وذكر منها تسبيح الجمادات‪ ،‬وت َ ْس ِلي ُم ذَ ِل َك ال َح َج ِر‪ ،‬و َحنِ ُ‬
‫ين َذ ِل َك‬ ‫الج ِ‬
‫ِ‬
‫الج ْذعِ َجزَ ً‬
‫عا ِل ِفراقِ ِه صلى الله عليه وسلم‬ ‫ِ‬

‫َت ِل َمساكِينَ يَ ْع َملُونَ فِي ْالبَحْ ِر﴾ فيه دليل على‪:‬‬‫س ِفينَةُ فَكان ْ‬
‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬أ َ َّما ال َّ‬
‫ير‪ .‬وفيه أيضا القاعدة‪ :‬ارتكاب أخف‬ ‫اال ِمنَ ْالفَ ِق ِ‬
‫سن َح ً‬ ‫أن ْال ِم ْسكِينَ أَحْ َ‬ ‫َّ‬
‫الضررين‪.‬‬

‫قوله {فَكانَ أبَ َواهُ ُمؤْ ِمنَي ِْن} وكان الغالم كافرا في علم الله‪ .‬وفي حديث ابن‬
‫أن يُ ْر ِهقَ ُهما ُ‬
‫ط ْغ َيا ًنا‪،‬‬ ‫عباس السابق "{كانَ أ َب َواهُ ُمؤْ ِم َني ِْن} وكانَ َكا ِف ًرا {فَ َخ ِشينَا ْ‬
‫أن يُتَابِ َعاهُ علَى دِينِ ِه‪"..‬‬ ‫و ُك ْف ًرا} ْ‬
‫أن يَحْ ِملَ ُهما ُحبُّهُ علَى ْ‬
‫ي‪ .‬والصواب أنه نبي‪.‬‬
‫ي قيل و ِل ٌّ‬ ‫َض ٍر أ ْه ُل العُقُو ِل ِقي َل َنبِ ٌّ‬
‫ت في خ ِ‬ ‫واختَلَفَ ْ‬
‫ْ‬
‫إطالقُها َ‬
‫على ال ُّنبُ َّوةِ في القُ ْرآن‬ ‫الرحْ َمةَ ت َ َك َّر َر ْ‬
‫َلن َّ‬ ‫َّ‬

‫‪401‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على‬ ‫الرحْ َمةَ وال ِع ْل َم اللَّ ُدنِّ َّ‬


‫ي اللَّ َذي ِْن ْامت ََّن اللَّهُ ِب ِهما َ‬ ‫ومن ْ‬
‫أظ َه ِر اَلدِلَّ ِة في َّ‬
‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫﴿وما فَ َع ْلتُهُ َ‬
‫ع ْن‬ ‫والوحْ ي ِ قَ ْولُهُ ت َعالى َ‬
‫ع ْنهُ‪َ :‬‬ ‫ق النُّبُ َّوةِ َ‬ ‫ع ْن َ‬
‫ط ِري ِ‬ ‫َض ِر َ‬
‫ع ْب ِد ِه الخ ِ‬
‫َ‬
‫ْأم ِري﴾ وَلن موسى عليه السالم ‪-‬من أولى العزم‪ -‬ال يمكن أن يتعلم من‬
‫ي‪.‬‬
‫ول ّ‬
‫اآلن‪ ،‬أم ال‪ .‬والصواب أنه قد مات‪.‬‬ ‫واخت َلَفُوا في الخ ِ‬
‫َض ِر‪ :‬ه َْل هو َح ٌّ‬
‫ي إلى ِ‬ ‫ْ‬
‫ت فَ ُه ُم الخا ِلدُونَ ﴾‬ ‫إن ِم َّ‬ ‫﴿وما َج َع ْلنا ِل َبش ٍَر ِمن قَ ْب ِل َك ال ُخ ْل َد أ َف ْ‬ ‫لقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫على َرأْ ِس ِمائ َ ِة َسنَ ٍة ِمنَ اللَّ ْي َل ِة َّالتِي ت َ َكلَّ َم فِيها بِال َحدِي ِ‬
‫ث لَ ْم‬ ‫وإخباره ﷺ بِأنَّهُ َ‬‫ْ‬
‫علَيْها تِ ْل َك اللَّ ْي َل‪.‬‬‫ض أ َح ٌد ِم َّم ْن هو َ‬ ‫اَلر ِ‬
‫على وجْ ِه ْ‬ ‫يَبْقَ َ‬
‫ص َرهُ وقات َ َل‬ ‫ي ِ ﷺ لَكانَ ِمن أتْبا ِع ِه‪ ،‬و َلنَ َ‬
‫َض َر لَ ْو كانَ َحيًّا إلى زَ َم ِن ال َّن ِب ّ‬
‫وأن الخ ِ‬ ‫َّ‬
‫وث إلى َج ِميعِ الثَّقَلَي ِْن اْل ْن ِس ِ‬
‫والج ِّن‪،‬‬ ‫َم َعهُ؛ َِل َّنهُ َم ْبعُ ٌ‬
‫أن ُموسى كانَ َحيًّا ما و ِس َعهُ ّإال ْ‬
‫أن َيتَّ ِب َع ِني"‬ ‫ولقوله صلى الله عليه وسلم "لَ ْو َّ‬
‫الميثاقَ ال ُم َؤ َّك َد أنَّهم ْ‬
‫إن جا َءهم نَ ِبيُّنا ﷺ‬ ‫على َج ِميعِ النَّ ِب ِيّينَ ِ‬
‫َلن الله أ َخذَ َ‬
‫ص ُرونَهُ‪ ،‬كما في سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ص ِ ّدقًا ِلما َمعَهم ْ‬
‫أن يُؤْ ِمنُوا بِ ِه و َي ْن ُ‬ ‫ُم َ‬

‫‪402‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ۡي ُكم ِّم ۡنهُ ذ ِۡك ًرا}‬


‫وا َ‬ ‫عن ذِی ۡٱلقَ ۡرن َۡي ِن قُ ۡل َ‬
‫سأ َ ۡتلُ ۟‬ ‫{ويَ ۡسـَٔلُون ََك َ‬
‫قوله َ‬
‫َين أَنَ ِبيًّا كانَ أ ْم ال "‬
‫أدري ذُو القَ ْرن ِ‬
‫حديث ابي هريرة رضي الله عنه "وما ِ‬
‫قال ابن حزم في المحلي صحيح السند‪.‬‬
‫علَى ُك ْف ِر ِه َو ِش ْر ِك ِه بِ َربِّ ِه {إن الشرك‬ ‫ظلَ َم﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬م ِن ا ْست َ َم َّر َ‬ ‫فِي قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬أ َ َّما َم ْن َ‬
‫لظلم عظيم }‬
‫س فِي َم ْن َ‬
‫ظ ِر ِه ت َ ْغ ُر ُ‬
‫ب‬ ‫ي‪َ :‬رأَى ال َّ‬
‫ش ْم َ‬ ‫عي ٍْن َح ِمئَةٍ﴾ أَ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َج َدهَا ت َ ْغ ُر ُ‬
‫ب ِفي َ‬
‫يط‪.‬‬‫فِي ْالبَحْ ِر ْال ُم ِح ِ‬
‫قوله ﴿فَلَهُ َجزَ ا ًء ْال ُح ْسنَى﴾ كقوله‬
‫س ٰـ ِن ِإ َّال ۡ ِ‬
‫ٱْل ۡح َ‬
‫س ٰـن}‬ ‫﴿ه َۡل َجزَ ۤا ُء ۡ ِ‬
‫ٱْل ۡح َ‬

‫ض فَ َه ْل نَجْ َع ُل‬ ‫قوله ﴿قَالُوا يَا َذا ْالقَ ْرنَي ِْن ِإ َّن يَأ ْ ُجو َج َو َمأْ ُجو َج ُم ْف ِسدُونَ فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫لَ َك خ َْر ًجا﴾ هم بنو آدم وأهل فساد وكفر‪ ،‬وهم في اَلرض واختلف في‬
‫مكانهم والعلم عند الله‪.‬‬

‫‪403‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫حديث النواس بن سمعان اَلنصاري عند مسلم في قصة الدجال‪" .‬فَب ْينَما هو‬
‫سى‪ :‬إ ِنّي ق ْد أَ ْخ َرجْ تُ ِعبَادًا ِلي‪ ،‬ال يَ َد ِ‬
‫ان َل َ َح ٍد‬ ‫ذلك ِإ ْذ أ َ ْو َحى َّ‬
‫اللهُ إلى ِعي َ‬ ‫َك َ‬
‫اللهُ َيأ ْ ُجو َج َو َمأ ْ ُجو َج‪َ ،‬و ُه ْم ِمن ُك ِّل‬
‫ث َّ‬‫ور َو َي ْب َع ُ‬ ‫ب ِقت َا ِل ِه ْم‪ ،‬فَ َح ِ ّر ْز ِع َبادِي إلى ُّ‬
‫الط ِ‬
‫طبَ ِريَّةَ َفيَ ْش َربُونَ ما فِي َها‪َ ،‬ويَ ُم ُّر‬ ‫ب َي ْن ِسلُونَ ‪ ،‬فَيَ ُم ُّر أ َ َوائِلُ ُه ْم علَى بُ َحي َْر ِة َ‬
‫َح َد ٍ‬
‫ص َحابُهُ‪،‬‬ ‫سى َوأ َ ْ‬ ‫ي الل ِه ِعي َ‬ ‫آخ ُر ُه ْم فيَقولونَ ‪ :‬لقَ ْد كانَ بهذِه َم َّرة ً َما ٌء‪َ ،‬ويُحْ َ‬
‫ص ُر َنبِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫وم‪ ،‬فَ َي ْرغ ُ‬
‫َب‬ ‫َار َل َ َح ِد ُك ُم ال َي َ‬ ‫س الث َّ ْو ِر َل َ َح ِد ِه ْم َخي ًْرا ِمن ِمئ َ ِة دِين ٍ‬ ‫حتَّى َيكونَ َرأْ ُ‬
‫صبِ ُحونَ‬ ‫َف في ِرقَابِ ِه ْم‪ ،‬فيُ ْ‬ ‫ص َحابُهُ‪ ،‬فيُ ْر ِس ُل اللَّهُ عليه ُم النَّغ َ‬ ‫سى َوأ َ ْ‬ ‫ي الل ِه ِعي َ‬ ‫نَبِ ُّ‬
‫ض‪،‬‬
‫اَلر ِ‬ ‫سى َوأَ ْ‬
‫ص َحابُهُ إلى ْ‬ ‫ي الل ِه ِعي َ‬ ‫اح َدةٍ‪ ،‬ث ُ َّم يَ ْه ِب ُ‬
‫ط َنبِ ُّ‬ ‫ت نَ ْف ٍس َو ِ‬ ‫فَ ْر َ‬
‫سى َك َم ْو ِ‬
‫ي‬
‫َب نَ ِب ُّ‬ ‫ض َع ِشب ٍْر ِإ َّال َمألَهُ زَ َه ُم ُه ْم َونَتْنُ ُه ْم‪ ،‬فَ َي ْرغ ُ‬
‫ض َم ْو ِ‬
‫اَلر ِ‬
‫فال َي ِجدُونَ في ْ‬
‫ت َفتَحْ ِملُ ُه ْم‬
‫ق البُ ْخ ِ‬ ‫طي ًْرا َكأ َ ْعنَا ِ‬‫ص َحابُهُ إلى الل ِه‪ ،‬فيُ ْر ِس ُل اللَّهُ َ‬
‫سى َوأ َ ْ‬
‫الل ِه ِعي َ‬
‫فَت َْط َر ُح ُه ْم َحي ُ‬
‫ْث شَا َء اللَّهُ‪ ،‬ث ُ َّم يُ ْر ِس ُل اللَّهُ َم َ‬
‫ط ًرا ال َي ُك ُّن منه َبيْتُ َم َد ٍر َو َال َو َب ٍر‪،‬‬
‫الزلَفَ ِة"‬
‫ض حتَّى يَتْ ُر َك َها َك َّ‬ ‫فَيَ ْغ ِس ُل ْ‬
‫اَلر َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ِ :‬من يَأْ ُجو َج و َمأ ْ ُجو َج‬
‫ي َ‬
‫وحديث بعث النار "فقا َل النب ُّ‬
‫واحدٌ" رواه البخاري‪.‬‬ ‫ومن ُكم ِ‬‫ِت ْس َع ِمئَ ٍة و ِت ْس َعةً و ِت ْسعِينَ ‪ِ ،‬‬
‫وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه "إن يأجوج ومأجوج يحفرون‬
‫السد حتى إذا أمسوا قالوا غداً نفتحه فيصبحون من الغد وقد أعاده الله كما‬
‫كان حتى إذا أراد الله فتحه قالوا نحن غدا ً نفتحه إن شاء الله فيصبحون من‬
‫الغد فيفتحونه ويتحصن الناس في حصونهم وآكامهم"‬

‫‪404‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫فر ْغنا منهم ب ِقي‬


‫اَلرض قد َ‬
‫ِ‬ ‫وفي صحيح ابن حبان "قال قائلُهم ه ِ‬
‫ؤالء أه ُل‬
‫فترج ُع إليهم‬
‫ِ‬ ‫ماء‬
‫س ِ‬ ‫ماء قال ‪ :‬ث َّم ي ُه ُّز أ َحدُهم حربت َه ث َّم يرمي بها إلى ال َّ‬
‫س ِ‬ ‫أه ُل ال َّ‬
‫ُمخضَّبةً د ًما لل َب ِ‬
‫الء والفتن ِة ف َبيْنما هم على ذلك يب َع ُ‬
‫ث اللهُ دُودًا في أعنا ِقهم"‬

‫العرب‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ويافث فول َد سا ٌم‬ ‫"ولَ َد نو ٌح ثالثةً حا ٌم وسا ٌم‬
‫وفي حديث أبي هريرة َ‬
‫صقا ِلبةَ‬
‫رك وال َّ‬ ‫ٌ‬
‫يافث يأجو َج ومأجو َج والت ُّ َ‬ ‫والخير فيهم وول َد‬
‫ُ‬ ‫والروم‬
‫َ‬ ‫وفارس‬
‫َ‬
‫وبربر والسُّودانَ "‬
‫َ‬ ‫خير فيهم وول َد حا ٌم ال ِقب َ‬
‫ط‬ ‫وال َ‬

‫ض ِه ْم )‬‫ير في ( بَ ْع ِ‬ ‫ض﴾ قيل الض َِّم ُ‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬وت ََر ْكنا بَ ْع َ‬
‫ضهم يَ ْو َمئِ ٍذ يَ ُمو ُج في َب ْع ٍ‬
‫ق‪ ،‬وهو الصواب‪ .‬وال َي ْو ُم َي ْو ُم ال ِقيا َم ِة‬ ‫ِل َيأ ْ ُجو َج و َمأ ْ ُجو َج وقيل الض َِّم ُ‬
‫ير ِل ْلخ َْل ِ‬
‫ض‪ .‬وهذا عند النَّ ْفخَة اَلُولى‪ ،‬رجحه‬ ‫ض الخ َْل ِ‬
‫ق يَ ُمو ُج في بَ ْع ٍ‬ ‫أي‪ :‬و َج َع ْلنا بَ ْع َ‬
‫ْ‬
‫‪.‬الشيخ‬
‫ور﴾‪ :‬هي النَّ ْف َخةُ الثّا ِن َيةُ‪.‬‬
‫ص ِ‬‫﴿ونُ ِف َخ في ال ُّ‬

‫سبُونَ‬ ‫ب الَّذِينَ َكفَ ُروا ْ‬


‫أن َيت َّ ِخذُوا ِعبادِي ِمن دُونِي أولياء}‪ :‬ال َم ْعنى أيَحْ َ‬ ‫﴿أفَ َح ِس َ‬
‫أن َي ْنفَ َعهم ذَ ِل َك؟‬
‫ْ‬

‫‪405‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وا َيعۡ َملُونَ } َ‬


‫{ولَقَ ۡد‬ ‫ع ۡن ُهم َّما َكانُ ۟‬‫ط َ‬‫وا َل َح ِب َ‬‫{ولَ ۡو أ َ ۡش َر ُك ۟‬ ‫قال تعالى عن اَلنبياء َ‬
‫ع َملُ َك َولَت َ ُكون ََّن ِمنَ‬
‫ط َّن َ‬‫ت لَيَ ۡح َب َ‬‫ی ِإلَ ۡي َك َو ِإلَى ٱلَّذِينَ ِمن َق ۡب ِل َك َل ِٕى ۡن أ َ ۡش َر ۡك َ‬ ‫أُ ِ‬
‫وح َ‬
‫ۡٱل َخ ٰـ ِس ِرينَ }‬
‫﴿فَال نُ ِقي ُم لَ ُه ْم يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة َو ْزنًا﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬ال نُثْ ِق ُل َم َو ِازينَ ُه ْم؛ َِلَنَّ َها خَا ِليَةٌ َ‬
‫ع ِن‬
‫الخير‪ .‬أو بمعنى ال قيمة لهم تحقيرا لشأنهم‪.‬‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪ِ " :‬إنَّهُ َل َيأ ْ ِتي‬ ‫حديث أَ ِبي ُه َري َْرة َ‪ ،‬في الصحيحين َ‬
‫ع ْن َر ُ‬
‫ين يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة‪َ ،‬ال يزن عند الله جناح بعوضة" وقال‪:‬‬ ‫الر ُج ُل ْال َع ِظي ُم ال َّ‬
‫س ِم ُ‬ ‫َّ‬
‫"اقرؤوا إِ ْن ِشئْت ُ ْم‪﴿ :‬فَال نُ ِقي ُم لَ ُه ْم يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة َو ْزنًا﴾‬
‫اقين ‪،‬‬
‫س ِ‬ ‫اَلراك ‪َ ،‬وكانَ َدقيقَ ال َّ‬
‫ِ‬ ‫ابن مسعو ٍد ‪ ،‬أ َّنهُ كانَ يجت َني سوا ًكا منَ‬ ‫ع ِن ِ‬ ‫و َ‬
‫ض ِح َك القو ُم منهُ ‪ ،‬فقا َل رسو ُل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه‬
‫الري ُح ت َ ْكف ُؤهُ ‪ ،‬ف َ‬
‫ت ِّ‬‫ف َج َعل ِ‬
‫ي َّ‬
‫الل ِه ‪ِ ،‬من د َّق ِة ساقي ِه ‪ ،‬فقا َل ‪:‬‬ ‫وسلَّ َم ‪ِ :‬م َّم تض َحكونَ ؟ قالوا ‪ :‬يا نب َّ‬

‫الميزان ِمن أ ُ ُحدٍ" صححه أحمد شاكر‬


‫ِ‬ ‫والَّذي نَفسي بي ِد ِه ‪ ،‬لَ ُهما أثق ُل في‬
‫وغيره‪.‬‬
‫ت َكان َۡت لَ ُه ۡم َج َّن ٰـتُ ۡٱل ِف ۡر َد ۡو ِس نُ ُز ًال}‬
‫ص ٰـ ِل َح ٰـ ِ‬ ‫ع ِملُ ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫قوله ﴿إِ َّن ٱلَّذِينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا َو َ‬
‫سأ َ ْلت ُ ُم َّ‬
‫اللهَ فَ َسلُوهُ‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري "فإذا َ‬
‫وم ْنهُ‬
‫الرحْ َم ِن‪ِ ،‬‬
‫ش َّ‬ ‫ط ال َجنَّ ِة‪ ،‬وأ َ ْعلَى ال َجنَّ ِة‪ ،‬وفَ ْوقَهُ َ‬
‫ع ْر ُ‬ ‫س ُ‬
‫س‪ ،‬فإنَّه ْأو َ‬
‫ال ِف ْر َد ْو َ‬
‫تَفَ َّج ُر أ ْن ُ‬
‫هار ال َجنَّ ِة"‬
‫‪406‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫ت َر ِبّی لَنَ ِف َد ۡٱل َب ۡح ُر َق ۡب َل أَن ت َنفَ َد َك ِل َم ٰـتُ َر ِبّی َولَ ۡو‬
‫﴿قُل لَّ ۡو َكانَ ۡٱل َب ۡح ُر ِم َدادا ِلّ َك ِل َم ٰـ ِ‬
‫ࣰ‬
‫ش َج َرةٍ أ َ ْقال ٌم‬
‫ض ِم ْن َ‬ ‫﴿ولَ ْو أَنَّ َما فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َ‬ ‫ى‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ا﴾‬ ‫د‬ ‫ِج ۡئنَا بِ ِم ۡث ِل ِهۦ َم َد‬
‫ع ِز ٌ‬
‫يز َح ِكي ٌم﴾‬ ‫ت َك ِل َماتُ اللَّ ِه ِإ َّن َّ‬
‫اللهَ َ‬ ‫َو ْال َبحْ ُر َي ُم ُّدهُ ِم ْن َب ْع ِد ِه َ‬
‫س ْب َعةُ أ َ ْب ُح ٍر َما نَ ِف َد ْ‬
‫أي‪ :‬ال‬ ‫ي أ َّنما إلَ ُهكم إلَهٌ ِ‬
‫واحدٌ﴾ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل إنَّما أنا بَش ٌَر ِمثْلُكم يُوحى إلَ َّ‬
‫غي ُْر بِش ٍَر‪ ،‬بَ ْل أنا بَش ٌَر ِمثْلُكم‪ْ ،‬‬
‫أي‪ :‬بَش ٌَر ِمن ِج ْن ِس‬ ‫أقُو ُل لَكم إ ِنّي َملَ ٌك وال َ‬
‫ال َبش َِر‪ ،‬كما في حديث ابن‬

‫مسعود في الصحيحين "إنَّما أنَا َبش ٌَر ِمثْلُ ُك ْم‪ ،‬أ ْذ ُك ُر كما ت َ ْذ ُك ُرونَ وأ َ ْن َ‬
‫سى كما‬
‫ت َ ْن َ‬
‫س ْونَ "‬
‫صا ِل ًحا} وشروطه اْليمان‬ ‫﴿فَ َم ْن َكانَ َي ْر ُجو ِلقَا َء َر ِبّ ِه َف ْل َي ْع َم ْل َ‬
‫ع َمال َ‬
‫واْلخالص واالتباع‪.‬‬

‫َوقَ ْولُـهُ‪َ :‬‬


‫﴿وال يُ ْش ِر ْك ِب ِعبا َد ِة َر ِّب ِه أ َحدًا﴾‪ ،‬وكان كفر قريش بالشرك كما هو‬
‫َّاس عند مسلم وغيره قال كان يُلبِّي أه ُل‬
‫ابن عب ٍ‬
‫مقرر في عقائدهم حديث ِ‬
‫لك َّإال شري ًكا هو َ‬
‫لك تم ِل ُكه وما ملَك"‬ ‫شريك َ‬
‫َ‬ ‫رك "لبَّي َْك اللَّه َّم لبَّي َْك لبَّي َْك ال‬
‫ش ِ‬‫ال ِ ّ‬

‫‪407‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفي حديث عمران بن الحصين سأل النبي صلى الله عليه وسلم "يا‬
‫ماء ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫س ِ‬ ‫اَلرض‪ ،‬وإلهٌ في ال َّ‬
‫ِ‬ ‫صين ‪ :‬كم إل ًها تعب ُد ؟ قال ‪ :‬سبعةٌ في‬
‫ُ‬ ‫ُح‬
‫ماء ‪ ،‬قال ‪ :‬فإذا هلك الما ُل‬
‫س ِ‬ ‫ضر من تدعو ؟ قال‪ :‬الَّذي في ال َّ‬
‫فإذا أصابك ٌّ‬
‫وتشر ُكهم‬
‫ِ‬ ‫فيستجيب لك وح َده‬
‫ُ‬ ‫ماء ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫س ِ‬ ‫من تدعو ؟ قال ‪ :‬الَّذي في ال َّ‬
‫معه"‬

‫المحدث ‪ :‬ابن خزيمة أشار في المقدمة أنه صح وثبت باْلسناد الثابت‬


‫الصحيح‪.‬‬
‫ومنه الرياء كما في حديث أبي هريرة عند مسلم أن أو َل َمن تُسعَّ ُر بهم‬
‫ور ُج ٌل‬ ‫ور ُج ٌل ت َ َعلَّ َم ال ِع ْل َم‪ ،‬و َ‬
‫علَّ َمهُ وقَ َرأ َ القُ ْرآنَ ‪َ ،‬‬ ‫النار ثالثةٌ‪َ :‬ر ُج ٌل ا ْست ُ ْش ِه َد‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ناف الما ِل ُك ِلّ ِه‪ .‬فكل هؤالء عملوا لغير الله‬
‫ص ِ‬ ‫س َع اللَّهُ عليه‪ ،‬وأَعْطاهُ ِمن أ ْ‬
‫و َّ‬
‫رياء وسمعة‪.‬‬

‫سورة مريم مكية‬

‫ُ‬
‫"نحن‬ ‫وب﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬فِي ال ُّنبُ َّو ِة؛ وفي الحديث‬ ‫قوله ﴿ َي ِرثُنِي َو َي ِر ُ‬
‫ث ِم ْن آ ِل َي ْعقُ َ‬
‫ث ما تركناهُ صدقةٌ" أصله في صحيح البخاري‪.‬‬
‫اَلنبياء ال نُ َو َر ُ‬
‫ِ‬ ‫معا ِش َر‬

‫‪408‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف َكانَ ِو َراثَتُهُ ِع ْل ًما َو َكانَ زَ َك ِريَّا ِم ْن ذُ ِ ّريَّ ِة َي ْعقُ َ‬


‫وب‪ .‬ولم يخلف يعقوب ماال‬
‫يورث‪.‬‬
‫عا زَ َك ِريَّا َربَّهُۥ قَا َل َربّ ِ ه َۡب‬
‫ضيًّا﴾ كما قال تعالى { ُهنَا ِل َك َد َ‬ ‫﴿واجْ َع ْلهُ َربّ ِ َر ِ‬
‫َ‬
‫ࣰ‬
‫عا ِء}‬‫ۤ‬ ‫ً‬ ‫ِلی ِمن لَّد َ‬
‫ُنك ذُ ِ ّر َّية ط ِيّبَة ِإ َّن َك َ‬
‫س ِمي ُع ٱل ُّد َ‬ ‫َ‬
‫الم ا ْس ُمهُ يَحْ يَى﴾ ‪َ ،‬ك َما قَا َل تَعَالَى‪{ :‬فَنَا َدتْهُ ْال َمالئِ َكةُ‬ ‫﴿يَا زَ َك ِريَّا ِإنَّا نُبَ ِ ّ‬
‫ش ُر َك بِغُ ٍ‬
‫اللهَ يُ َب ِ ّ‬
‫ش ُر َك ِب َيحْ َيى}‬ ‫ص ِلّي ِفي ْال ِمحْ َرا ِ‬
‫ب أ َ َّن َّ‬ ‫َو ُه َو قَا ِئ ٌم يُ َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫عاقِرا َو َق ۡد بَلَ ۡغتُ ِمنَ ٱ ۡل ِكبَ ِر ِع ِتيّا‬ ‫ت ٱ ۡم َرأَتِی َ‬ ‫غلَ ٰـ ࣱم َو َكانَ ِ‬
‫ون ِلی ُ‬ ‫}﴿قَا َل َربّ ِ أَنَّ ٰى يَ ُك ُ‬
‫س َال ُم عن كمال قدرة الله أو استخبار‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫ب ِم ْن زَ َك ِريَّا‪َ ،‬‬ ‫َهذَا تَعَ ُّج ٌ‬
‫واستعالم‪.‬‬
‫ࣰ‬
‫{وأَصۡ لَ ۡحنَا لَهُۥ زَ ۡو َجهُۥ ٰۚۤۤ}‬
‫َ‬ ‫الله‬ ‫يقول‬ ‫ا}‬‫ر‬ ‫ت ٱ ۡم َرأَتِی َ‬
‫عاقِ‬ ‫{و َكا َن ِ‬
‫قوله َ‬
‫علَى ُو ُجو ِد َما َو َ‬
‫ع ْدت َ ِني‪ِ ،‬لت َ ْست َ ِق َّر‬ ‫ع َال َمةً َو َد ِل ً‬
‫يال َ‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫﴿قَا َل َربّ ِ اجْ َع ْل ِلي آ َيةً﴾ أَ ْ‬
‫ط َمئِ َّن قَ ْل ِبي ِب َما َو َ‬
‫ع ْدتَنِي‪.‬‬ ‫نَ ْف ِسي َويَ ْ‬

‫س ِويًّا﴾ َكانَ يَ ْق َرأ ُ َويُ َ‬


‫سبِّ ُح َو َال يَ ْست َِطي ُع أ َ ْن‬ ‫الث لَيَا ٍل َ‬ ‫﴿قَا َل آيَت ُ َك أَال ت ُ َك ِلّ َم النَّ َ‬
‫اس ث َ َ‬
‫ض َو َال ِعلَّ ٍة‪.‬‬
‫غي ِْر َم َر ٍ‬ ‫ي ِم ْن َ‬‫س ِو ٌّ‬ ‫ص ِحي ٌح َ‬ ‫َارةً‪ .‬وهو َ‬ ‫يُ َك ِلّ َم قَ ْو َمهُ ِإ َّال ِإش َ‬
‫﴿قَا َل َربّ ِ اجْ َع ْل ِلي آيَةً َقا َل آيَت ُ َك أَال ت ُ َك ِلّ َم النَّ َ‬
‫اس ثَالثَةَ أَي ٍَّام ِإال َر ْم ًزا َوا ْذ ُك ْر‬
‫ار﴾‬ ‫يرا َو َسبِّحْ بِ ْالعَ ِش ّ‬
‫ي ِ َواْل ْب َك ِ‬ ‫َرب ََّك َكثِ ً‬
‫َارة ً أو كتب لهم كتابة‪.‬‬ ‫ي‪ :‬أَش َ‬
‫َار ِإش َ‬ ‫﴿فَأ َ ْو َحى ِإلَ ْي ِه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ص ِبيًّا﴾ أَيِ‪ْ :‬الفَ ْه َم َو ْال ِع ْل َم أو النبوة {يُ ۡؤتِی ٱ ۡل ِح ۡك َمةَ َمن يَش َۤا ٰۚ ُء َو َمن‬‫﴿وآتَ ْينَاهُ ْال ُح ْك َم َ‬
‫َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ُ‬ ‫يُ ۡؤ َ ۡ‬
‫ی َخ ۡيرا َك ِثير ٰۗا}‬ ‫ت ٱل ِح ۡك َمةَ فَقَ ۡد أو ِت َ‬
‫‪409‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ِإلَى‬
‫ع ْن ُه ْم‪َ ،‬وذَ َه َب ْ‬ ‫ت ِم ْن أ َ ْه ِل َها َم َكانًا ش َْرقِيًّا﴾ أَيِ‪ :‬ا ْعتَزَ لَتْ ُه ْم َوتَنَ َّح ْ‬
‫ت َ‬ ‫﴿ا ْنت َ َبذَ ْ‬
‫ق ْال َمس ِْج ِد ْال ُمقَد َِّس‪.‬‬
‫ش َْر ِ‬
‫أي‪َِ :‬ل ُكونَ َس َب ًبا في ِه َب ِة‬ ‫َب َل ِك ُ‬
‫غال ًما زَ ِكيًّا﴾‪ْ ،‬‬ ‫﴿قا َل إ َّنما أنا َر ُ‬
‫سو ُل َر ِبّ ِك َِله َ‬
‫س َب ِب ِه َح ْملُها ِعيسى‪،‬‬ ‫ص َل إلى الفَ ْرجِ‪َ ،‬ف َ‬
‫صار ِب َ‬ ‫الم ِبالنَّ ْفخِ في ال ّد ِْرعِ الَّذِي و َ‬
‫الغُ ِ‬
‫أن هَذا النَّ ْف َخ في فَ ْر ِجها في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪:‬‬
‫ورةِ ”التَّحْ ِر ِيم“ َّ‬
‫س َ‬‫وبَيَّنَ ت َعالى في ُ‬
‫وحنا﴾‬‫َت فَ ْر َجها فَنَفَ ْخنا ِفي ِه ِمن ُر ِ‬ ‫َت ِع ْمرانَ َّال ِتي أحْ َ‬
‫صن ْ‬ ‫﴿و َم ْر َي َم ا ْبن َ‬‫َ‬
‫ص َّو ُر ِمنِّي‬ ‫س ْسنِي بَش ٌَر َولَ ْم أَكُ بَ ِغيًّا﴾ أي َو َل ْستُ بِ َذا ِ‬
‫ت زَ ْوجٍ‪َ ،‬و َال يُت َ َ‬ ‫﴿ولَ ْم يَ ْم َ‬
‫َ‬
‫الزا ِنيَةُ‪.‬‬
‫ي َّ‬ ‫ور؛ َو ْالبَ ِغ ُّ‬
‫ي‪ِ :‬ه َ‬ ‫ْالفُ ُج ُ‬
‫قال ابن عباس رضي الله عنهما‪" :‬إن الله حيي كريم يكني بما شاء عما‬
‫شاء"‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَناداها ِمن تَحْ تِها ّأال تَحْ زَ ِني قَ ْد َج َع َل َرب ُِّك تَحْ ت َِك َ‬
‫س ِريًّا﴾‬
‫العُلَما ُء ُم ْختَ ِلفُونَ في هَذا ال ُمنادِي الَّذِي ناداها َمن هو ؟ فَقا َل بَ ْع ُ‬
‫ض العُلَ ِ‬
‫ماء‪:‬‬
‫ض العُلَ ِ‬
‫ماء‪ :‬هو ِجب ِْري ُل‬ ‫هو ِعيسى‪ ،‬وقا َل َب ْع ُ‬
‫ّ‬
‫والظا ِه ُر أنه عيسى عليه السالم َلنه أقرب مذكور ولقوله {فأشارت إليه}‬
‫وتاء ”تَحْ ت َها“ فيه احتمال كبير‬ ‫على قِرا َء ِة ”فَناداها َمن تَحْ ت َها“ بِفَتْحِ ِ‬
‫الم ِيم ِ‬ ‫و َ‬
‫الولَ َد َكما ت َ ْق َبلُهُ القا ِبلَةُ‪.‬‬
‫على أنه ِجب ِْري ُل َي ْق َب ُل َ‬
‫ي هو‬ ‫ض أ ْه ِل ال ِع ْل ِم‪ :‬ال َّ‬
‫س ِر ُّ‬ ‫ي ِ ُهنا‪ ،‬فقا َل بَ ْع ُ‬ ‫واختَلَفو كذلك في ال ُمرا ِد بِال َّ‬
‫س ِر ّ‬ ‫ْ‬
‫الر ُج ُل الَّذِي َلهُ ش ََر ٌ‬
‫ف و ُم ُرو َءة ٌ‪.‬‬ ‫ي هو َّ‬
‫س ِر ُّ‬
‫ِعيسى‪ ،‬وال َّ‬
‫‪410‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ير وتدل عليه القَ ِرينَةُ ِمنَ‬ ‫ض العُلَ ِ‬


‫ماء‪ :‬هو ال َج ْد َو ُل وهو ال َّن ْه ُر ال َّ‬
‫ص ِغ ُ‬ ‫وقا َل َب ْع ُ‬
‫أن َذ ِل َك ال َمأ ْ ُكو َل‬
‫على َّ‬ ‫آن‪ ،‬فَقَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَ ُك ِلي وا ْش َربِي﴾‪َ ،‬ق ِرينَةٌ َ‬
‫القُ ْر ِ‬
‫نان ِب ِه‪ ،‬و َك َذ ِل َك قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َآويْنا ُهما إلى َرب َْوةٍ‬ ‫وال َم ْش ُر َ‬
‫وب هو ما تَقَد ََّم ِاال ْم ِت ُ‬
‫الجاري‪ ،‬وال ّ‬
‫ظا ِه ُر أنَّهُ ال َج ْد َو ُل ال ُم َعب َُّر‬ ‫ِ‬ ‫ين﴾ َِل َّن ال َمعِينَ الما ُء‬ ‫ت قَ ٍ‬
‫رار و َم ِع ٍ‬ ‫ذا ِ‬
‫ي ِ في َه ِذ ِه اآليَ ِة‪ .‬وهذا هو الصواب‪.‬‬ ‫ع ْنهُ بِال َّ‬
‫س ِر ّ‬ ‫َ‬
‫ي“ فَ ِعي ٌل ِمنَ‬ ‫أي‪ُ :‬م ْن َك ًرا َ‬
‫ع ِظي ًما؛ َِل َّن ”الفَ ِر َّ‬ ‫ش ْيئًا فَ ِريًّا﴾‪ْ ،‬‬ ‫قوله ْم ﴿لَقَ ْد ِجئْ ِ‬
‫ت َ‬ ‫ْ‬
‫ش ْي ِء ال ُم ْفت َرى ال ُم ْختَلَ ِ‬
‫ق؛ َِل َّن‬ ‫الزنى كال َّ‬ ‫الزنى؛ َِل َّن و َل َد ِ ّ‬
‫ال ِف ْريَ ِة‪ ،‬يَ ْعنُونَ بِ ِه ِ ّ‬
‫ش ْي ِء‬‫الزنى كال َّ‬ ‫أن ولَ َد ِ ّ‬
‫على َّ‬ ‫وم ّما يَ ُد ُّل َ‬
‫ْس أباهُ‪ِ .‬‬ ‫الزانِيَةَ ت َ َّد ِعي ْإلحاقَهُ بِ َمن لَي َ‬
‫ّ‬
‫﴿وال َيأْتِينَ ِببُ ْه ٍ‬
‫تان َي ْفت َِرينَهُ َبيْنَ أ ْيدِي ِه َّن ْ‬
‫وأر ُج ِل ِه َّن﴾‬ ‫ال ُم ْفت َرى قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫هارونَ‬
‫ْس ال ُمرا ُد ِب ِه ُ‬ ‫هارونَ ﴾‪َ ،‬لي َ‬ ‫ت ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َعالى في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪﴿ :‬ياأ ُ ْخ َ‬
‫ض ال َج َهلَ ِة‪ ،‬وإنَّما هو َر ُج ٌل آخ َُر صا ِل ٌح‬ ‫بْنَ ِع ْمرانَ أخا ُموسى‪َ ،‬كما َي ُ‬
‫ظ ُّنهُ َب ْع ُ‬
‫هارونَ أخا ُموسى ما‬
‫ْس ُ‬‫على أنَّهُ لَي َ‬
‫هارونَ ‪ ،‬وال َّد ِلي ُل َ‬
‫س ّمى ُ‬
‫ِمن بَنِي إسْرا ِئي َل يُ َ‬
‫ش ْع َبةَ قا َل‪ :‬لَ ّما‬
‫ير ِة ب ِْن ُ‬
‫ع ِن ال ُم ِغ َ‬ ‫يح ِه‪َ « :‬‬
‫ص ِح ِ‬ ‫َرواهُ ُم ْس ِل ٌم َر ِح َمهُ اللَّهُ ت َعالى في َ‬
‫هارونَ ﴾‪ ،‬و ُموسى قَ ْب ُل‬ ‫ت ُ‬ ‫قَد ِْمتُ نَجْ رانَ َسألُو ِني فَقالُوا‪ :‬إنَّكم ت َ ْق َر ُءونَ ‪﴿ :‬ياأ ُ ْخ َ‬
‫س ْألتُهُ َ‬
‫ع ْن ذَ ِل َك فَقا َل‪” :‬إنَّهم‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ َ‬ ‫ِعيسى بِ َكذا و َكذا‪َ ،‬فلَ ّما قَد ِْمتُ َ‬
‫على َر ُ‬
‫صا ِل ِحينَ َق ْبلَهم"‬
‫س ُّمونَ ِبأ ْن ِبيائِ ِه ْم وال ّ‬
‫كانُوا يُ َ‬
‫تاب‬
‫ي ال ِك َ‬ ‫قال الشيخ محمد الشنقيطي َوقَ ْولُهُ في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪﴿ :‬آتانِ َ‬
‫سيَقَ ُع في‬
‫ع ّما َ‬
‫الماضي َ‬
‫ِ‬ ‫إن شا َء اللَّهُ‪ :‬أنَّهُ َ‬
‫عب ََّر بِ‬ ‫و َج َعلَنِي نَ ِبيًّا﴾‪ ،‬التَّحْ ِق ُ‬
‫يق ِفي ِه ْ‬
‫يرةٌ‪،‬‬ ‫الوقُوعِ‪ ،‬ونَظا ِئ ُرهُ في القُ ْر ِ‬
‫آن َك ِث َ‬ ‫نزلَةَ ُ‬
‫الوقُوعِ َم ِ‬
‫ق ُ‬ ‫ال ُم ْست َ ْق َب ِل ت َ ْن ِز ً‬
‫يال ِلت َ َحقُّ ِ‬
‫‪411‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬أتى ْأم ُر اللَّ ِه فَال ت َ ْست َ ْع ِجلُوهُ﴾‬


‫ق الَّذِي ِفي ِه يَ ْمت َُرونَ ﴾ َكما َ‬
‫س ّماهُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬ذ ِل َك ِعيسى اب ُْن َم ْريَ َم قَ ْو َل ال َح ّ ِ‬
‫﴿و َك ِل َمتُهُ ْألقاها إلى َم ْر َي َم﴾‬ ‫اللَّهُ َك ِل َمةً في َق ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ط ُم ْست َ ِقي ٌم﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وقا َل‬ ‫صرا ٌ‬
‫وربُّكم فا ْعبُدُوهُ هَذا ِ‬ ‫إن اللَّهَ َر ِبّي َ‬
‫﴿و َّ‬
‫َ‬
‫ال َم ِسي ُح يابَنِي إسْرائِي َل ا ْعبُدُوا َّ‬
‫اللهَ َربِّي و َربَّ ُك ْم﴾‬
‫ت أ َ ْق َوا ُل أَ ْه ِل ْال ِكت َا ِ‬
‫ب ِفي‬ ‫اب ِم ْن َب ْي ِن ِه ْم﴾ أَيِ‪ْ :‬‬
‫اختَلَ َف ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫اخت َ َل َ‬
‫ف اَلحْ زَ ُ‬
‫سولُهُ َو َك ِل َمتُهُ أ َ ْلقَاهَا ِإلَى‬ ‫ضوحِ َحا ِل ِه‪َ ،‬وأَنَّهُ َ‬
‫ع ْب ُدهُ َو َر ُ‬ ‫ان أ َ ْم ِر ِه َو ُو ُ‬
‫سى بَ ْع َد َبيَ ِ‬
‫ِعي َ‬
‫َم ْريَ َم َو ُرو ٌح ِم ْنهُ‪:‬‬
‫ور ْال َي ُهودِ‪َ ،‬علَ ْي ِه ْم ِل َعائِ ُن اللَّ ِه ‪َ -‬‬
‫علَى أَنَّهُ َولَ ُد ز ْن َية‪،‬‬ ‫طائِفَةٌ ‪َ -‬و ُه ْم ُج ْم ُه ُ‬
‫ص َّم َمت َ‬
‫ف َ‬
‫ع ِظي ًما﴾‬ ‫﴿وبِ ُك ْف ِر ِه ْم وقَ ْو ِل ِه ْم َ‬
‫على َم ْريَ َم بُ ْهتانًا َ‬ ‫َ‬
‫طا ِئفَةٌ أ ُ ْخ َرى‪ِ :‬إنَّ َما هو إلهٌ‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫َوقَالَ ْ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫علُ ّوا َك ِبيرا}‬ ‫ع َّما يَقُولُونَ ُ‬ ‫َوقَا َل آخ َُرونَ ‪ُ :‬ه َو اب ُْن اللَّ ِه‪ُ { ،‬‬
‫س ۡب َح ٰـنَهُۥ َوتَ َع ٰـلَ ٰى َ‬
‫ث ث َ َل ٰـثَةࣲ ۘ }‬ ‫ث ث َ َالثَةٍ‪{ .‬لَّقَ ۡد َكفَ َر ٱلَّ ِذينَ قَالُ ۤو ۟ا إِ َّن ٱللَّهَ ثَا ِل ُ‬
‫َوقَا َل آخ َُرونَ ‪ :‬ثَا ِل ُ‬
‫اللهُ‬ ‫سولُهُ‪َ .‬و َهذَا ُه َو قَ ْو ُل ْال َح ّ ِ‬
‫ق‪ ،‬الَّذِي أ َ ْر َش َد َّ‬ ‫ع ْب ُد اللَّ ِه َو َر ُ‬
‫َوقَا َل آخ َُرونَ ‪َ :‬ب ْل ُه َو َ‬
‫ِإلَ ْي ِه ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪.‬‬
‫غ ْفلَةٍ}‪ ،‬وفي الصحيحين من‬
‫اَلم ُر و ُه ْم في َ‬
‫ي ْ‬ ‫ض َ‬ ‫{وأ َ ْنذ ِْر ُه ْم يَ َ‬
‫وم ال َحس َْرةِ إ ْذ قُ ِ‬ ‫َ‬
‫حديث أبي سعيد الخدري رضى الله عنه‪ :‬قال قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪:‬‬

‫‪412‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َك َه ْيئ َ ِة َكب ٍْش ْأملَ َح‪ ،‬فيُنادِي ُمنادٍ‪ :‬يا أ ْه َل ال َجنَّ ِة‪ ،‬فَ َي ْش َر ِئبُّونَ‬
‫"يُؤْ ت َى بال َم ْو ِ‬
‫هل ت َ ْع ِرفُونَ هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬هذا ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد‬ ‫ظ ُرونَ ‪ ،‬فيَقولُ‪ْ :‬‬ ‫ويَ ْن ُ‬
‫وهل ت َ ْع ِرفُونَ‬
‫ْ‬ ‫ظ ُرونَ ‪ ،‬ف َيقولُ‪:‬‬ ‫ار‪ ،‬فَ َي ْش َر ِئبُّونَ و َي ْن ُ‬
‫َرآهُ‪ ،‬ث ُ َّم ُينادِي‪ :‬يا أ ْه َل النَّ ِ‬
‫هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬هذا ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد َرآهُ‪ ،‬فيُ ْذبَ ُح ث ُ َّم يقولُ‪ :‬يا أ ْه َل ال َج َّن ِة‬
‫{وأَ ْنذ ِْر ُه ْم يَ َ‬
‫وم‬ ‫ت‪ ،‬ث ُ َّم قَ َرأَ‪َ :‬‬
‫ار ُخلُو ٌد فال َم ْو َ‬ ‫ت‪ ،‬ويا أ ْه َل النَّ ِ‬ ‫ُخلُو ٌد فال َم ْو َ‬
‫غ ْفلَ ٍة أ ْه ُل ال ُّد ْنيا َ‬
‫{و ُه ْم ال‬ ‫غ ْفلَةٍ}‪ ،‬و َهؤ ِ‬
‫ُالء في َ‬ ‫اَلم ُر و ُه ْم في َ‬
‫ي ْ‬ ‫ال َحس َْر ِة إ ْذ قُ ِ‬
‫ض َ‬
‫يُؤْ ِمنُونَ }‬
‫ص ّدِيقًا﴾ في أقواله وأفعاله‬
‫يم إنَّهُ كانَ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وا ْذ ُك ْر في ال ِكتا ِ‬
‫ب إبْرا ِه َ‬
‫عهُ ِبال ِف ْع ِل في ذَ ِل َك‬ ‫أن َي ْذ َب َح ولَ َدهُ‪ ،‬و ُ‬
‫ش ُرو ُ‬ ‫ص ْدقِ ِه في ُمعا َملَتِ ِه َربَّهُ‪ِ :‬رضاهُ ِب ْ‬ ‫َو ِمن ِ‬
‫الولَ َد فِ ْل َذة ٌ ِمنَ ال َكبِ ِد‪.‬‬
‫أن َ‬‫عةً ِل َربِّ ِه‪َ ،‬م َع َّ‬
‫طا َ‬
‫قاء في النّ ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫على ْ‬
‫اْلل ِ‬ ‫ص ْد ِق ِه في ُمعا َملَ ِت ِه َم َع َر ِبّ ِه‪َ :‬‬
‫صب ُْرهُ َ‬ ‫َو ِمن ِ‬
‫وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة "لَ ْم يَ ْكذِبْ ِإب َْرا ِهي ُم النب ُّ‬
‫ي عليه‬
‫س ِقي ٌم‪َ ،‬وقَ ْولُهُ‪ :‬بَ ْل‬
‫ت الل ِه‪ ،‬قَ ْولُهُ‪ :‬إ ِنّي َ‬
‫ث َك َذبَاتٍ‪ ،‬ثِ ْنتَي ِْن في َذا ِ‬ ‫س َال ُم‪ ،‬قَ ُّ‬
‫ط إِ َّال ث َ َال َ‬ ‫ال َّ‬
‫ارةَ"‬ ‫اح َدة ٌ في شَأ ْ ِن َ‬
‫س َ‬ ‫ير ُه ْم هذا‪َ ،‬و َو ِ‬ ‫فَ َعلَهُ َك ِب ُ‬
‫﴿وإ ْذ قا َل إبْرا ِهي ُم‬
‫ْص ُر﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ت ِل َم ت َ ْعبُ ُد ما ال يَ ْس َم ُع وال يُب ِ‬‫﴿إ ْذ قا َل َِل ِبي ِه ياأ َب ِ‬
‫ين﴾ وكان أبوه‬ ‫ضال ٍل ُمبِ ٍ‬ ‫أراك وقَ ْو َم َك في َ‬
‫َ‬ ‫صنا ًما آ ِل َهةً إ ِنّي‬‫َِلبِي ِه آزَ َر أتَت َّ ِخذُ أ ْ‬
‫يصنع اَلصنام‪.‬‬
‫س ِويًّا﴾ كما‬ ‫طا َ‬‫ص َرا ً‬‫ِك ِ‬ ‫ت ِإ ِنّي َق ْد َجا َءنِي ِمنَ ْال ِع ْل ِم َما لَ ْم يَأ ْ ِت َك فَاتَّبِ ْعنِي أ َ ْهد َ‬
‫﴿يَا أَبَ ِ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫ص َر ٰ⁠ط ُّم ۡست َ ِقيم}‬‫{و ِإ َّن ٱللَّهَ َربِّی َو َربُّ ُك ۡم فَٱ ۡعبُدُو ٰۚهُ َه ٰـ َذا ِ‬ ‫قال عيسى عليه السالم َ‬
‫‪413‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سأ َ ْست َ ْغ ِف ُر لَ َك َر ِبّي﴾ َكما قا َل ت َعالى َ‬


‫ع ْنهُ‪﴿ :‬وا ْغ ِف ْر َِل ِبي إنَّهُ كانَ ِمنَ‬ ‫قوله ﴿ َ‬
‫عد ٌُّو ِللَّ ِه تَبَ َّرأ ِمنهُ‪ ،‬ولَ ْم يَ ْست َ ْغ ِف ْر لَهُ بَ ْع َد‬‫الض ّّالِينَ ﴾ َولَ ِك َّن اللَّهَ لَ ّما بَيَّنَ لَهُ أنَّهُ َ‬
‫يم ََل ّواهٌ‬ ‫إن إبْرا ِه َ‬ ‫عد ٌُّو ِللَّ ِه ت َ َب َّرأ ِمنهُ َّ‬
‫ذَ ِل َك‪َ ،‬كما قا َل ت َعالى‪﴿ :‬فَلَ ّما تَ َبيَّنَ لَهُ أنَّهُ َ‬
‫َح ِلي ٌم﴾‬
‫فار ِل ْل ُم ْش ِركِينَ ُم ْست َثْنًى ِمنَ اَلُس َْوةِ‬
‫أن ِاال ْستِ ْغ َ‬
‫ورةِ ”ال ُم ْمت َِح َن ِة“ َّ‬
‫س َ‬‫وبَيَّنَ في ُ‬
‫َت لَكم أُس َْوة ٌ َح َسنَةٌ‬
‫يم‪ ،‬واَلُس َْوة ُ ِاال ْق ِتدا ُء‪ ،‬وذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬قَ ْد كان ْ‬‫ِبإبْرا ِه َ‬
‫ُون‬ ‫يم والَّذِينَ َم َعهُ إ ْذ قالُوا ِل َق ْو ِم ِه ْم إنّا بُ َرآ ُء ِمنكم ِ‬
‫وم ّما ت َ ْعبُدُونَ ِمن د ِ‬ ‫في إبْرا ِه َ‬
‫أي‪ :‬فَال أُس َْوة َ لَكم‬
‫يم َِل ِبي ِه ََل ْست َ ْغ ِف َر َّن لَ َك﴾‪ْ ،‬‬ ‫اللَّ ِه﴾ ‪ -‬إلى قَ ْو ِل ِه ‪ّ -‬‬
‫﴿إال قَ ْو َل إبْرا ِه َ‬
‫يم في ذَ ِل َك‪.‬‬
‫في إبْرا ِه َ‬
‫ُون ٱللَّ ِه } وذَ ِل َك بِال ُمها َج َر ِة إلى ال ّ‬
‫ش ِام من‬ ‫﴿فَلَ َّما ٱ ۡعت َزَ لَ ُه ۡم َو َما يَعۡ بُدُونَ ِمن د ِ‬
‫اج ٌر ِإلَ ٰى َر ِبّ ۤیۤ)‬
‫{وقَا َل ِإ ِنّی ُم َه ِ‬
‫العراق َ‬
‫َب َلهُ ِإ ْس َحاقَ َويَ ْعقُ َ‬
‫وب‪ ،‬يَ ْعنِي ا ْبنَهُ َوابْنَ‬ ‫وب} َوه َ‬ ‫{وه َۡبنَا لَهُۥۤ ِإ ۡس َح ٰـقَ َويَعۡ قُ َ‬
‫َ‬
‫اء إِ ْس َحاقَ يَ ْعقُ َ‬
‫وب﴾‬ ‫﴿و ِم ْن َو َر ِ‬
‫إِ ْس َحاقَ ‪َ ،‬ك َما قَا َل َ‬
‫س ً‬
‫وال َّن ِبيًّا} قيل الفرق‬ ‫صا َو َكانَ َر ُ‬‫س ٰى ٰۚ ِإ َّنهُ َكانَ ُم ْخ َل ً‬ ‫(وا ْذ ُك ْر ِفي ْال ِكت َا ِ‬
‫ب ُمو َ‬ ‫َ‬
‫مأمور بالتّبليغ أ ّما النب ّ‬
‫ي فال‪ ،‬وقيل وهو‬ ‫ٌ‬ ‫الرسول‬ ‫أن ّ‬ ‫بين الرسول والنبي هو‪َّ :‬‬
‫ي فلم يُو َحى له‬
‫ي إليه بشرعٍ جديد‪ .‬أ َّما النب ّ‬ ‫الرسول من أ ُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫أن ّ‬‫الصواب‪َّ :‬‬
‫بشرعٍ جديدٍ‪ ،‬وإنَّما بُعث لتقرير شرع من قبله من ّ‬
‫الرسل‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬


‫﴿و َو َهبْنا لَهُ ِمن َرحْ َم ِتنا أخاهُ ُ‬
‫هارونَ نَ ِبيًّا﴾‪َ ،‬م ْعنى اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪:‬‬
‫سؤْ لَهُ ﴿قا َل قَ ْد‬ ‫سألَهُ َذ ِل َك فَآتاهُ ُ‬‫هارونَ ‪ ،‬وال َم ْعنى أنَّهُ َ‬
‫َب ِل ُموسى نُبُ َّوة َ ُ‬‫أن اللَّهَ وه َ‬
‫َّ‬
‫سؤْ لَ َك يا ُموسى﴾‬ ‫أُو ِت َ‬
‫يت ُ‬
‫وو َهبْنا‪ ،‬هي في ال َح ِقيقَ ِة واقِ َعةٌ َ‬
‫على ِرسالَ ِت ِه ال‬ ‫أن ال ِه َبةَ في قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫وذَ ِل َك يُ َب ِيّ ُن َّ‬
‫هارونَ أ ْكبَ ُر ِمن ُموسى‪َ ،‬كما قالَهُ أ ْه ُل الت ّ ِ‬
‫اريخِ‬ ‫على نَ ْف ِس ُ‬
‫هارونَ ؛ َِل َّن ُ‬ ‫َ‬
‫وال َجم ُهور‪.‬‬
‫س ً‬
‫وال‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وا ْذ ُك ْر في ال ِكتا ِ‬
‫ب إسْما ِعي َل إنَّهُ كانَ صادِقَ َ‬
‫الو ْع ِد وكانَ َر ُ‬
‫صب ِْر ِه لَهُ‬ ‫ص ْدقِ ِه في و ْع ِد ِه‪ :‬أنَّهُ و َ‬
‫ع َد أباهُ بِ َ‬ ‫وم ّما يُ َبيِّ ُن ِمنَ القُ ْر ِ‬
‫آن ِش َّدة َ ِ‬ ‫نَبِيًّا﴾ ِ‬
‫الو ْعدِ‪ ،‬و َمن و ّفى ِب َو ْع ِد ِه في ت َ ْس ِل ِيم نَ ْف ِس ِه ِلل َّذبْحِ فَ َّ‬
‫إن‬ ‫على ذَب ِْح ِه ث ُ َّم وفّى ِب َهذا َ‬
‫َ‬
‫ص ْدقِ ِه في و ْع ِد ِه‪ ،‬قا َل ت َعالى‪﴿ :‬فَلَ ّما بَ َل َغ َم َعهُ‬
‫ع ِظ ِيم ِ‬ ‫ظ ِم اَلدِلَّ ِة َ‬
‫على َ‬ ‫ذَ ِل َك ِمن أ ْع َ‬
‫ت‬ ‫نام أ ِّني أ ْذ َب ُح َك فا ْن ُ‬
‫ظ ْر ماذا ت َرى قا َل ياأ َب ِ‬ ‫ي إ ِنّي أرى في ال َم ِ‬
‫ي قا َل يا ُبنَ َّ‬
‫س ْع َ‬
‫ال َّ‬
‫صا ِب ِرينَ ﴾ فَ َهذا و ْع ُدهُ‪.‬‬ ‫إن شا َء اللَّهُ ِمنَ ال ّ‬ ‫ست َِج ُدنِي ْ‬ ‫ا ْف َع ْل ما تُؤْ َم ُر َ‬
‫َوقَ ْد بَيَّنَ ت َعالى وفا َءهُ بِ ِه في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَلَ ّما أ ْسلَما وت َلَّهُ ِل ْل َجبِ ِ‬
‫ين﴾‬
‫ضيًّا﴾ ‪َ :‬هذَا‬ ‫الز َكا ِة َو َكانَ ِع ْن َد َر ِبّ ِه َم ْر ِ‬ ‫صال ِة َو َّ‬ ‫﴿و َكانَ َيأ ْ ُم ُر أَ ْهلَهُ ِبال َّ‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ْث َكانَ ُمثَابِ ًرا‬ ‫سدِي َد ِة‪َ ،‬حي ُ‬ ‫صفَ ِة ْال َح ِمي َدةِ‪َ ،‬و ْال ِخلَّ ِة ال َّ‬
‫َاء ْال َج ِمي ِل‪َ ،‬وال ِ ّ‬ ‫ضا ِمنَ الثَّن ِ‬‫أ َ ْي ً‬
‫صالةِ‬ ‫﴿وأْ ُم ْر أ َ ْهلَ َك بِال َّ‬
‫سو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫ع ِة َربِّ ِه ِآم ًرا بِ َها َِل َ ْه ِل ِه َك َما قَا َل تَعَالَى ِل َر ُ‬ ‫علَى َ‬
‫طا َ‬ ‫َ‬
‫علَ ْي َها َال نَ ْسأَلُ َك ِر ْزقًا نَحْ ُن ن َْر ُزقُ َك َو ْال َعاقِ َبةُ ِللت َّ ْق َوى﴾‪َ ،‬وقَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫ص َ‬
‫ط ِب ْر َ‬ ‫َوا ْ‬
‫ع َل ْي َها‬ ‫اس َو ْال ِح َج َ‬
‫ارة ُ َ‬ ‫َارا َوقُو ُدهَا النَّ ُ‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا قُوا أ َ ْنفُ َ‬
‫س ُك ْم َوأَ ْه ِلي ُك ْم ن ً‬
‫َمال ِئ َكةٌ ِغال ٌ‬
‫ظ ِش َدادٌ﴾‬
‫‪415‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ ࣰ‬
‫ص ِ ّديقا نَّ ِبيّا ☆ َو َرفَعۡ نَ ٰـهُ َم َكانًا َ‬
‫ع ِليًّا}‪ .‬أي‬ ‫س ِإنَّهُۥ َكانَ ِ‬ ‫﴿وٱ ۡذ ُك ۡر فِی ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ِ‬
‫ب ِإ ۡد ِري ٰۚ َ‬ ‫َ‬
‫ص َّلى‬ ‫سو َل َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫مكانة علية أو في ْال َجنَّةُ وفي اَلنبياء‪َ .‬وفِي ال َّ‬
‫ص ِحيحِ‪ :‬أ َ َّن َر ُ‬
‫الرابِ َع ِة‪.‬‬
‫اء َّ‬ ‫س َم ِ‬ ‫اء َو ُه َو فِي ال َّ‬ ‫اْلس َْر ِ‬ ‫اللَّهُ عليه وسلم َم َّر بِ ِه فِي لَ ْي َل ِة ْ ِ‬
‫ۡ‬ ‫﴿أ ُ ۟ولَ ٰۤـ ِٕى َك ٱ َّل ِذينَ أ َ ۡن َع َم ٱ َّللهُ َ‬
‫علَ ۡي ِهم ِّمنَ ٱلنَّ ِب ِيّ ۧـنَ ِمن ذُ ِ ّريَّ ِة َءا َد َم َو ِم َّم ۡن َح َملنَا َم َع نُ ࣲ‬
‫وح‬
‫} َو ِمن ذُ ِ ّريَّ ِة ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهي َم َو ِإ ۡس َر ٰ⁠ ِءي َل)‬
‫يس‪،‬‬ ‫ير‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪[ :‬فَالَّذِي َ‬
‫عنَى ِب ِه ِم ْن ذُ ِ ّريَّ ِة آ َد َم‪ِ :‬إ ْد ِر َ‬ ‫ي َواب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫قَا َل ال ُّ‬
‫س ِ ّد ُّ‬
‫عنَى بِ ِه ِم ْن‬ ‫عنَى بِ ِه ِم ْن ذُ ِ ّريَّ ِة َم ْن َح َم ْلنَا َم َع نُوحٍ‪ِ :‬إب َْرا ِه َ‬
‫يم] َوالَّذِي َ‬ ‫َوالَّذِي َ‬
‫وب َو ِإ ْس َما ِعي َل‪َ ،‬و َّالذِي َ‬
‫عنَى ِب ِه ِم ْن ذُ ِ ّر َّي ِة‬ ‫ذُ ِ ّريَّ ِة ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم‪ِ :‬إ ْس َحاقَ َو َي ْعقُ َ‬
‫َارونَ ‪َ ،‬وزَ َك ِريَّا َو َيحْ يَى َو ِعي َ‬
‫سى ابْنَ َم ْريَ َم‪ .‬وقيل كل‬ ‫سى‪َ ،‬وه ُ‬
‫ِإس َْرائِي َل‪ُ :‬مو َ‬
‫مذكور يشمل ما بعده من اَلنبياء‪.‬‬
‫على‬‫ضهم َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال َي ْس َمعُونَ ِفيها لَ ْغ ًوا ّإال َسال ًما} َِلنَّهم يُ َس ِلّ ُم َب ْع ُ‬
‫سال ٌم‬ ‫ع َل ْي ِه ْم ِمن ُك ِّل با ٍ‬
‫ب﴾ ﴿ َ‬ ‫س ِلّ ُم َ‬
‫علَ ْي ِه ُم ال َمالئِ َكةُ‪﴿ ،‬وال َمالئِ َكةُ يَ ْد ُخلُونَ َ‬ ‫ض‪ ،‬وت ُ َ‬
‫بَ ْع ٍ‬
‫ع َليْكم ِبما َ‬
‫ص َب ْرت ُ ْم﴾‬ ‫َ‬
‫وف‪ ،‬وهو ْ‬
‫أن يُقا َل‪:‬‬ ‫سؤا ٌل َم ْع ُر ٌ‬
‫ع ِشيًّا﴾‪ ،‬فِي ِه ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ َ‬
‫﴿ولَهم ِر ْزقُهم فِيها بُ ْك َرة ً و َ‬
‫ضيا ٌء دائِ ٌم وال لَ ْي َل فِيها‪ ،‬و ِل ْلعُلَ ِ‬
‫ماء‬ ‫أن ال َجنَّةَ ِ‬ ‫ما وجْ هُ ِذ ْك ِر البُ ْك َر ِة وال َع ِش ّ‬
‫يِ‪َ ،‬م َع َّ‬
‫سؤا ِل أجْ ِو َبةٌ‪ :‬منها‪:‬‬ ‫ع ْن هَذا ال ُّ‬‫َ‬
‫الز َم ِن‬ ‫أن ال ُمرا َد ِبالبُ ْك َرةِ وال َع ِش ّ‬
‫ي ِ قَ ْد ُر ذَ ِل َك ِمنَ َّ‬ ‫‪َّ :7‬‬

‫‪416‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صباحِ‪َ ،‬كما‬
‫ساء وال َّ‬ ‫َّوام ِبالبُ ْك َرةِ وال َع ِش ّ‬
‫يِ‪ ،‬وال َم ِ‬ ‫ب ت ُ َع ِبّ ُر َ‬
‫ع ِن الد ِ‬ ‫‪َّ :2‬‬
‫أن ال َع َر َ‬
‫صبا ًحا و َمسا ًء‪ ،‬وبُ ْك َرة ً و َ‬
‫ع ِشيًّا‪.‬‬ ‫الر ُجلُ‪ :‬أنا ِع ْن َد فُ ٍ‬
‫الن َ‬ ‫يَقُو ُل َّ‬
‫{وما نَتَن ََّز ُل َّإال بأ َ ْم ِر َر ِبّ َك له ما بيْنَ أ ْيدِينَا وما خ َْلفَنَا}‬
‫َ‬
‫سبب نزولها كما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ِل ِجب ِْري َل‪َ :‬أال ت َُز ُ‬
‫ورنَا أ ْكث َ َر م َّما‬ ‫قال‪ :‬قا َل َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫{وما َنتَن ََّز ُل َّإال بأ َ ْم ِر َر ِبّ َك له ما بيْنَ أ ْيدِينَا وما خ َْلفَنَا}‬‫ت‪َ :‬‬ ‫ورنَا؟‪ ،‬قا َل‪ :‬فَنَزَ َل ْ‬
‫ت َُز ُ‬
‫ف أ ُ ْخ َر ُج َحيًّا﴾ قيل نزلت على أبي بن‬ ‫س ْو َ‬ ‫ت لَ َ‬‫سان أئِذا ما ِم ُّ‬ ‫﴿ويَقُو ُل اْل ْن ُ‬
‫خلف‪.‬‬
‫ضيًّا﴾ ﴿ث ُ َّم نُ َن ِ ّجي‬
‫على َر ِبّ َك َحتْ ًما َم ْق ِ‬ ‫إن ِمنكم ّإال ِ‬
‫واردُها كانَ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬
‫الَّذِينَ اتَّقَ ْوا ونَذَ ُر ّ‬
‫الظا ِل ِمينَ فِيها ِجثِيًّا﴾‬
‫على أ ْقوا ٍل‪:‬‬ ‫ف العُلَما ُء في ال ُمرا ِد ِب ُو ُرو ِد النّ ِ‬
‫ار في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة َ‬ ‫اخت َ َل َ‬
‫ْ‬
‫ع ْن ِعبا ِد ِه‬
‫ف أذاها َ‬ ‫الو ُرو ِد ال ُّد ُخولُ‪ ،‬ولَ ِك َّن اللَّهَ َي ْ‬
‫ص ِر ُ‬ ‫اَلولُ‪َّ :‬‬
‫أن ال ُمرا َد ِب ُ‬ ‫َّ‬
‫ال ُمتَّقِينَ ِع ْن َد َذ ِل َك ال ُّد ُخو ِل‪.‬‬
‫راط؛ َِلنَّهُ ِجس ٌْر‬
‫ص ِ‬ ‫على ال ِ ّ‬ ‫ار ال َم ْذ ُك ِ‬
‫ور‪ :‬ال َج ُ‬
‫واز َ‬ ‫الثّا ِني‪َّ :‬‬
‫أن ال ُمرا َد ِب ُو ُرو ِد النّ ِ‬
‫على َمتْ ِن َج َهنَّ َم‪.‬‬
‫وب َ‬
‫ص ٌ‬‫َمن ُ‬
‫علَيْها والقُ ْر ُ‬
‫ب ِمنها‪.‬‬ ‫راف َ‬ ‫الو ُرو َد ال َم ْذ ُك َ‬
‫ور هو اْل ْش ُ‬ ‫أن ُ‬ ‫الثّا ِل ُ‬
‫ث‪َّ :‬‬

‫‪417‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الو ُرو َد في اآل َي ِة َم ْعناهُ ال ُّد ُخو ُل‬


‫أن ُ‬‫على َّ‬ ‫قال الشيخ محمد الشنقيطي‪ :‬قَ ْد َدلَّ ْ‬
‫ت َ‬
‫ع ْن ُهما ِمن َّ‬
‫أن َج ِمي َع ما في‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬
‫ّاس َر ِ‬
‫عب ٍ‬ ‫أدِلَّةٌ‪َّ ،‬‬
‫اَلولُ‪ :‬هو ما ذَ َك َرهُ اب ُْن َ‬
‫على َّ‬
‫أن‬ ‫ار َم ْعناهُ ُد ُخولُها َغي َْر َم ِح ِّل ال ِنّ ِ‬
‫زاع‪ ،‬فَ َد َّل ذَ ِل َك َ‬ ‫القُ ْر ِ‬
‫آن ِمن ُو ُرو ِد النّ ِ‬
‫آن القُ ْر ُ‬
‫آن‪.‬‬ ‫س ُر ِب ِه القُ ْر ُ‬
‫زاع َكذَ ِل َك‪ ،‬و َخي ُْر ما يُ َف َّ‬
‫َم ِح َّل النِّ ِ‬
‫أن في نَ ْف ِس اآليَ ِة قَ ِري َنةً دالَّةً َ‬
‫على ذَ ِل َك‪ ،‬وهي أنَّهُ ت َعالى لَ ّما‬ ‫ال َّد ِلي ُل الثّانِي‪ :‬هو َّ‬
‫إن ِمنكم‬ ‫﴿و ْ‬ ‫وفاج ُرهم ِبقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫س َي ِردُونَ النّ َ‬
‫ار َب ُّرهم‬ ‫اس ِبأنَّهم َ‬
‫ب َج ِمي َع النّ ِ‬ ‫خا َ‬
‫ط َ‬
‫يرهم و َمآلَهم بَ ْع َد ذَ ِل َك‬ ‫ص َ‬ ‫على َربِّ َك َحتْ ًما َم ْق ِ‬
‫ضيًّا﴾ بَيَّنَ َم ِ‬ ‫واردُها كانَ َ‬ ‫ّإال ِ‬
‫ور بِقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ث ُ َّم نُنَ ِ ّجي الَّذِينَ اتَّقَ ْوا ونَذَ ُر ّ‬
‫الظا ِل ِمينَ فِيها﴾‬ ‫الو ُرو ِد ال َم ْذ ُك ِ‬ ‫ُ‬
‫ب الد ِ ُّّر ال َمنث ُ ِ‬
‫ور في‬ ‫صاح ُ‬
‫ِ‬ ‫ي ِ ﷺ‪ ،‬قا َل‬ ‫ع ِن النَّ ِب ّ‬
‫ي ِمن ذَ ِل َك َ‬ ‫ث‪ :‬ما ُر ِو َ‬ ‫ال َّد ِلي ُل الثّا ِل ُ‬
‫ع ْب ُد ب ُْن ُح َم ْيدٍ‪ ،‬وال َح ِكي ُم‬ ‫على َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة‪ْ :‬‬
‫أخ َر َج أحْ َم ُد و َ‬ ‫الم َ‬ ‫ال َك ِ‬
‫ص َّح َحهُ‪ ،‬واب ُْن َم ْر َد َو ْي ِه‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬واب ُْن ال ُم ْنذ ِِر‪ ،‬واب ُْن أ ِبي حا ِت ٍم‪ ،‬والحا ِك ُم و َ‬ ‫ال ِت ّ ْر ِم ِذ ُّ‬
‫اختَلَ ْفنا في ُ‬
‫الو ُرو ِد فَقا َل بَ ْع ُ‬
‫ضنا‪ :‬ال‬ ‫س َم َّيةَ قا َل‪ْ :‬‬
‫ع ْن أ ِبي ُ‬
‫ي في البَ ْعثِ‪َ ،‬‬
‫والبَ ْي َه ِق ُّ‬
‫ضهم‪ :‬يَ ْد ُخلُونَها َج ِميعًا ث ُ َّم يُ ْن ِجي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَ ْوا‪،‬‬
‫يَ ْد ُخلُها ُمؤْ ِم ٌن‪ ،‬وقا َل بَ ْع ُ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْن ُهما فَذَ َك ْرتُ لَهُ َذ ِل َك فَقا َل وأ ْهوى‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬
‫الل ِه َر ِ‬ ‫َف َل ِقيتُ جا ِب َر بْنَ َ‬
‫الل ِه ﷺ يَقُولُ‪« :‬ال يَبْقى‬ ‫سو َل َّ‬
‫س ِم ْعتُ َر ُ‬ ‫إن لَ ْم أ ُك ْن َ‬
‫ص َّمتا ْ‬ ‫صبُ َع ْي ِه إلى أُذُ َن ْي ِه‪ُ :‬‬
‫بِأ ُ ْ‬
‫على‬ ‫َت َ‬‫سال ًما َكما كان ْ‬ ‫على ال ُمؤْ ِمنِينَ بَ ْردًا و َ‬ ‫ون َ‬ ‫فاج ٌر ّإال َد َخلَها‪َ ،‬فت َ ُك ُ‬
‫بَ ٌّر وال ِ‬
‫ض ِجي ًجا ِمن َب ْر ِد ِه ْم‪ ،‬ث ُ َّم يُنَ ِ ّجي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَ ْوا و َيذَ ُر‬ ‫إن ِللنّ ِ‬
‫ار َ‬ ‫يم‪َ ،‬حتّى َّ‬‫إبْرا ِه َ‬
‫ّ‬
‫الظا ِل ِمينَ فِيها ِجثِيًّا"‬

‫‪418‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وكان بعض السلف يبكي ويقول ُ"ا ْخ ِب ْرنَا أَنَّا َو ِاردُوهَا‪َ ،‬ولَ ْم نُ ْخ َب ْر أ َ َّنا‬
‫ع ْن َها"‬
‫صاد ُِرونَ َ‬
‫َ‬
‫عذا ًبا فَ ْوقَ‬
‫أي‪ :‬ن َِزي ُدهُ َ‬
‫ب َمدًّا﴾ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫سنَ ْكت ُ ُ‬
‫ب ما َيقُو ُل ونَ ُم ُّد لَهُ ِمنَ ال َعذا ِ‬
‫ب‪.‬‬
‫عذا ٍ‬
‫َ‬
‫ب بِما كانُوا يُ ْف ِسدُونَ ﴾‬
‫عذابًا فَ ْوقَ العَذا ِ‬
‫﴿ز ْدناهم َ‬
‫ِ‬
‫أي‪ :‬أ ْن ً‬
‫صارا‬ ‫ُون َّ‬
‫الل ِه آ ِل َهةً ِل َي ُكونُوا لَهم ِع ًّزا﴾ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬وات َّ َخذُوا ِمن د ِ‬
‫ب اللَّ ِه‪َ ،‬كما ْأو َ‬
‫ض َح ت َعالى ُمرا َدهم ذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫شفَعا َء يُ ْن ِقذُونَهم ِمن َ‬
‫عذا ِ‬ ‫و ُ‬
‫﴿والَّذِينَ ات َّ َخذُوا ِمن دُونِ ِه ْأو ِليا َء ما نَ ْعبُدُهم ّإال ِليُقَ ِ ّربُونا إلى اللَّ ِه ُز ْلفى﴾ [‬
‫فَت َ ْق ِريبُهم إيّاهم إلى اللَّ ِه ُز ْلفى في زَ ع ِْم ِه ْم هو ِع ُّز ُه ُم الَّذِي أ َّملُوهُ ِب ِه ْم‪ ،‬و َكقَ ْو ِل ِه‬
‫شفَعاؤُنا ِع ْن َد اللَّ ِه﴾‬ ‫﴿ويَقُولُونَ َهؤ ِ‬
‫ُالء ُ‬ ‫ع ْنهم‪َ :‬‬
‫ت َعالى َ‬
‫اس كانُوا لَهم‬ ‫{وإذا ُح ِش َر ال ّن ُ‬
‫ضدًّا﴾ َ‬ ‫ع َل ْي ِه ْم ِ‬ ‫﴿ َك ّال َ‬
‫س َي ْكفُ ُرونَ ِب ِعبا َد ِت ِه ْم و َي ُكونُونَ َ‬
‫أعْدا ًء وكانُوا ِب ِعبا َدتِ ِه ْم كافِ ِرينَ ﴾ و كقوله ﴿تَبَ َّرأْنا إ َلي َْك ما كانُوا إيّانا يَ ْعبُدُونَ ﴾‬
‫وا يَعۡ بُدُونَ ٱ ۡل ِج َّن)‬
‫وقوله {بَ ۡل َكانُ ۟‬
‫أزا﴾‬ ‫على الكا ِف ِرينَ ت َ ُؤ ُّزهم ًّ‬ ‫ياطينَ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫س ْلنا ال َّ‬
‫أر َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ألَ ْم ت ََر أنّا ْ‬
‫﴿وقَ َّيضْنا لَهم قُ َرنا َء فَزَ َّينُوا لَهم ما بَيْنَ أ ْيدِي ِه ْم وما خ َْلفَ ُه ْم﴾ أما‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫صينَ }‬‫المؤمنون فعنهم قال إبليس {إِ َّال ِعبَا َد َك ِم ۡن ُه ُم ٱ ۡل ُم ۡخ َل ِ‬
‫ّام الَّتِي دُونَ و ْق ِ‬
‫ت‬ ‫ور واَلي َ‬ ‫ْوام وال ُّ‬
‫ش ُه َ‬ ‫أي‪ :‬نَعُ ُّد اَلع َ‬ ‫فَقَ ْولُهُ‪﴿ :‬إنَّما نَعُ ُّد لَهم َ‬
‫عدًّا﴾‪ْ ،‬‬
‫علَيْها‪.‬‬
‫جازيَهم َ‬ ‫أي‪َ :‬نعُ ُّد أعْمالَهم ِلنُ ِ‬ ‫عدًّا﴾ ْ‬ ‫هَال ِك ِه ْم‪ ،‬وقيل ﴿إنَّما نَعُ ُّد لَهم َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰۡ‬
‫وق ٱ ۡل ُم ۡج ِر ِمينَ ِإلَ ٰى َج َهنَّ َم ِو ۡردا‬
‫س ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ش ُر ٱ ۡل ُمت َّ ِقينَ ِإلَى ٱ َّ‬
‫لر ۡح َم ٰـ ِن َوف‬ ‫}﴿ َي ۡو َم ن َۡح ُ‬
‫‪419‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫}فَ ِريق فِی ٱ ۡل َجنَّ ِة َوفَ ِريق فِی ٱل َّ‬
‫س ِعي ِر{‬
‫ع ْهدًا﴾ َكقَ ْو ِل ِه‬ ‫عةَ ّإال َم ِن ات َّ َخذَ ِع ْن َد َّ‬
‫الرحْ َم ِن َ‬ ‫شفا َ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال يَ ْم ِل ُكونَ ال َّ‬
‫ࣰ‬ ‫شا ِفعِينَ ﴾ {قُل ِلّلَّ ِه ٱل َّ‬
‫شفَ ٰـ َعةُ َج ِميعا} بشروطها‪.‬‬ ‫عةُ ال ّ‬‫ت َعالى‪﴿ :‬فَما تَ ْنفَعُهم شَفا َ‬
‫من َولَداً﴾ يَ ْعنِي ْاليَ ُهو َد‪ :‬قالوا عزير ابن الله‪،‬‬ ‫﴿وقالُوا ات َّ َخذَ َّ‬
‫الرحْ ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ع َم أ َ َّن ْال َم َالئِ َكةَ َبنَاتُ َّ‬
‫الل ِه‪.‬‬ ‫ارى‪ :‬قالوا المسيح ابن الله‪َ ،‬و َم ْن زَ َ‬ ‫ص َ‬‫َوالنَّ َ‬
‫ࣰ‬
‫س َي ۡج َع ُل لَ ُه ُم ٱ َّ‬
‫لر ۡح َم ٰـ ُن ُو ّدا﴾‬ ‫ت َ‬‫ص ٰـ ِل َح ٰـ ِ‬ ‫ع ِملُ ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫﴿ ِإ َّن ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا َو َ‬
‫"إن اللَّهَ إذا أ َحبَّ َ‬
‫ع ْبدًا َدعا‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم َّ‬
‫ماء‬
‫س ِ‬ ‫ِجب ِْري َل فقا َل‪ :‬إ ِنّي أ ُ ِحبُّ فُالنًا ِ‬
‫فأح َّبهُ‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ِح ُّبهُ ِجب ِْريلُ‪ ،‬ث ُ َّم يُنادِي في ال َّ‬
‫ماء‪ ،‬قا َل ث ُ َّم يُو َ‬
‫ض ُع له‬ ‫س ِ‬ ‫إن اللَّهَ يُ ِحبُّ فُالنًا ِ‬
‫فأحبُّوهُ‪ ،‬فيُ ِحبُّهُ أ ْه ُل ال َّ‬ ‫ف َيقولُ‪َّ :‬‬
‫ع ْبدًا َدعا ِجب ِْري َل فيَقولُ‪ :‬إ ِنّي أ ُ ْب ِغ ُ‬
‫ض فُالنًا‬ ‫َض َ‬
‫ض‪ ،‬وإذا أ ْبغ َ‬ ‫القَبُو ُل في ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫إن اللَّهَ يُ ْب ِغ ُ‬
‫ض فُالنًا‬ ‫ماء َّ‬
‫س ِ‬ ‫ضهُ ِجب ِْريلُ‪ ،‬ث ُ َّم يُنادِي في أ ْه ِل ال َّ‬
‫ضهُ‪ ،‬قا َل ف ُي ْب ِغ ُ‬
‫فأ ْب ِغ ْ‬
‫ض"‬
‫اَلر ِ‬ ‫ضونَهُ‪ ،‬ث ُ َّم تُو َ‬
‫ض ُع له البَ ْغضا ُء في ْ‬ ‫ضوهُ‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ْب ِغ ُ‬
‫فأ ْب ِغ ُ‬
‫وفي حديث سهل بن سعد الساعدي جا َء رج ٌل‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسو َل الل ِه ! دُلَّني‬
‫عملتُه أحبَّني اللهُ وأحبَّني النَّ ُ‬
‫اس ؟ قال‪ :‬ازهَد في الدُّنيا‬ ‫عم ٍل ؛ إذا أنا ِ‬
‫على َ‬
‫‪.‬يحب ََّك اللهُ‪ ،‬واز َه ْد في ما عن َد النَّا ِس يحب ََّك النَّ ُ‬
‫اس " صححه اَللباني‬
‫ش َر بِ ِه ال ُمتَّقِينَ وت ُ ْنذ َِر بِ ِه قَ ْو ًما لُدًّا﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَإنَّما يَ َّ‬
‫س ْرناهُ بِ ِلسانِ َك ِلتُبَ ِ ّ‬
‫َّ‬
‫إن ال ّدِينَ يُس ٌْر" البخاري"‬

‫‪420‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة طه مكية‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬طه﴾‬
‫س َو ِر‪ ،‬ولم يثبت أنه‬ ‫وف ال ُم َق َّ‬
‫ط َع ِة في أوا ِئ ِل ال ُّ‬ ‫ْ‬
‫أظ َه ُر اَل ْقوا ِل ِفي ِه أ َّنهُ ِمنَ ال ُح ُر ِ‬
‫من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِش ا ْست ََوى﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ َّ‬
‫﴿الرحْ َم ُن َ‬
‫أي عال وارتفع‪ ،‬اتفقت عليه جميع الدالالت من الكتاب والسنة وإجماع‬
‫السلف والفطرة والعقل‪.‬‬
‫قال اْلمام مالك رحمه الله االستواء معلوم والكيف مجهول واْليمان به‬
‫واجب والسؤال عنه بدعة‪ .‬أما قولهم استولى أو الله موجود فى كل مكان ثم‬
‫موجود بال مكان فهذه عقيدة صفوان وجعد بن درهم كانت من اليهود ثم‬
‫ورثتها المعتزلة ثم اَلشاعرة‪ .‬وقد بين الشيخ حفظه الله تفاصيلها في أماكن‬
‫أخر‪.‬‬
‫باخ ٌع نَ ْف َ‬
‫س َك‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ما أ ْنزَ ْلنا َ‬
‫علَي َْك القُ ْرآنَ ِلت َ ْشقى﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬فَلَعَلَّ َك ِ‬
‫سفًا﴾‬ ‫إن لَ ْم يُؤْ ِمنُوا ِب َهذا ال َحدِي ِ‬
‫ثأ َ‬ ‫آثار ِه ْم ْ‬ ‫على ِ‬ ‫َ‬
‫﴿ٱ َّللهُ َ ۤال ِإلَ ٰـهَ ِإ َّال ُه َو لَهُ ٱ َۡل َ ۡس َم ۤا ُء ٱ ۡل ُح ۡسن َٰى﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ِل َّل ِه اَلسْما ُء ال ُحسْنى‬
‫فا ْد ُ‬
‫عوهُ بِها﴾‬
‫"إن ِل َّل ِه تِ ْس َعةً‬
‫وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه َّ‬
‫صاهَا َد َخ َل ال َج َّنةَ"‬‫واحدًا‪َ ،‬من أحْ َ‬ ‫وتِ ْسعِينَ ا ْس ًما ِمئَةً َّإال ِ‬
‫﴿و ِإن ت َۡج َه ۡر ِبٱ ۡلقَ ۡو ِل فَإِنَّهُۥ َيعۡ لَ ُم ٱل ِ ّ‬
‫س َّر َوأ َ ۡخ َفى﴾‬ ‫َ‬
‫‪421‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أي ما‬ ‫ض أ ْه ِل ال ِع ْل ِم ﴿ َي ْعلَ ُم ال ِ ّ‬


‫س َّر﴾‪ْ :‬‬ ‫َوفِي ال ُمرا ِد ِبقَ ْو ِل ِه في َه ِذ ِه اآل َي ِة‪ ،‬قا َل َب ْع ُ‬
‫س‬‫س ِ ّر‪ ،‬وهو ما ت ُ َو ْس ِو ُ‬ ‫أخفى ِمنَ ال ِ ّ‬ ‫أي ويَ ْعلَ ُم ما هو ْ‬ ‫أخفى﴾ ْ‬ ‫قالَهُ ال َع ْب ُد ِس ًّرا َ‬
‫﴿و ْ‬
‫س ِب ِه نَ ْف ُ‬
‫سهُ‬ ‫أي ما ت ُ َو ْس ِو ُ‬ ‫ض أ ْه ِل ال ِع ْل ِم‪﴿ :‬فَإنَّهُ َي ْعلَ ُم ال ِ ّ‬
‫س َّر﴾‪ْ :‬‬ ‫سهُ‪ .‬وقا َل َب ْع ُ‬ ‫ِب ِه نَ ْف ُ‬
‫سان‬ ‫أن اْل ْنسانَ َسيَ ْف َعلُهُ َق ْب َل ْ‬
‫أن يَ ْعلَ َم اْل ْن ُ‬ ‫ع ِل َم َّ‬
‫اللهُ َّ‬ ‫﴿و ْ‬
‫أخفى﴾ ِمن ذَ ِل َك‪ ،‬وهو ما َ‬ ‫َ‬
‫أنَّهُ فا ِعلُهُ‪.‬‬
‫فَال حا َجةَ لَ َك إلى ال َج ْه ِر ِبالد ِ‬
‫ُّعاء ونَحْ ِو ِه‪َ ،‬كما قا َل ت َعالى‪﴿ :‬ا ْد ُ‬
‫عوا َربَّكم‬
‫عا و ُخ ْفيَةً﴾‬ ‫تَ َ‬
‫ض ُّر ً‬
‫"اربَعُوا‬
‫وفي الصحيحين من حديث أبي موسى اَلشعري رضي الله عنه ْ‬
‫وال غَائِبًا‪ ،‬إنَّ ُك ْم ت َ ْدعُونَ َ‬
‫س ِمي ًعا قَ ِريبًا وهو‬ ‫علَى أ ْنفُ ِس ُك ْم‪ ،‬إنَّ ُك ْم ال ت َ ْدعُونَ أ َ‬
‫ص َّم َ‬
‫مع ُك ْم"‬
‫علَى ُو ُجو ِد‬
‫ب ِم ْن نَا ٍر‪َ .‬د َّل َ‬ ‫َارا لَ َع ِلّي آ ِتي ُك ْم ِم ْن َها ِبقَ َب ٍس﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬ش َها ٍ‬ ‫﴿ ِإ ِنّي آنَ ْستُ ن ً‬
‫َّ‬
‫الظ َال ِم‪.‬‬
‫علَى ُو ُجو ِد ْالبَ ْر ِد‪.‬‬
‫طلُونَ ﴾ َد َّل َ‬ ‫وقوله في سورة آخر ﴿لَعَلَّ ُك ْم ت َ ْ‬
‫ص َ‬
‫علَى أَنَّهُ قَ ْد‬ ‫ي‪َ :‬م ْن َي ْهدِي ِني َّ‬
‫الط ِريقَ ‪َ ،‬د َّل َ‬ ‫ار ُهدًى﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو أ َ ِج ُد َ‬
‫علَى النَّ ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ع ِن َّ‬
‫الط ِري ِ‬ ‫ت َاهَ َ‬

‫‪422‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يقول الله تعالى مخاطبا ً نبيه موسى عليه السالم ‪ِ ( :‬إنِّي أَنَا َرب َُّك فَ ْ‬
‫اخ َل ْع نَ ْع َلي َْك‬
‫ط ًوى) واستدل هذه اآلية بعض الناس على أن الصالة‬ ‫ِإنَّ َك بِ ْال َوادِي ْال ُمقَد َِّس ُ‬
‫في النعال ال تجوز وهذا غير صواب‪َ .‬لن هذا شيء يتعلق بشريعة موسى‬
‫حين أمره الله أن يخلع نعليه‪ .‬فشريعة موسى تخصه وليست شريعة لنا‪،‬‬
‫أما شريعتنا فإنها تبيح لنا الصالة في النعلين والخفين ‪ ،‬كما صلى فيهما‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬بل ذلك سنة لقوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫(خَا ِلفُوا ْاليَ ُهو َد فَإِنَّ ُه ْم َال يُ َ‬
‫صلُّونَ فِي نِ َعا ِل ِه ْم) ‪ ،‬فالسنة لنا أن نخالف اليهود في‬
‫ذلك وأن نتبع محمدا ً صلى الله عليه وسلم في ذلك ‪ ،‬وكان يصلي في نعليه‬
‫‪ ،‬ولهذا يشرع لنا أن نصلي في نعالنا‪.‬‬
‫وقال بعض أهل العلم في شريعة موسى عليه السالم كانوا ال يصلون في‬
‫اخ َل ْع نَ ْع َلي َْك}‬
‫نعالهم لقوله {فَ ْ‬
‫{وأَقِ ِم ال َّ‬
‫ص َالة َ ِل ِذ ْك ِري}‬ ‫َ‬
‫وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فإن اللهَ "‬ ‫غفَ َل عنها‪ْ ،‬فليُ َ‬
‫ص ِلّها إذا ذَ َك َرها؛ َّ‬ ‫إذا َرقَ َد أح ُد ُكم عن ال َّ‬
‫صالةِ‪ ،‬أو َ‬
‫يقولُ‪{ :‬أَقِ ِم ال َّ‬
‫ص َالة َ ِل ِذ ْك ِري} " واللفظ لمسم‪.‬‬
‫ب لَهُ م ْنها َّإال‬ ‫يصلّي ال َّ‬
‫صالةَ ما يُكت ُ ُ‬ ‫"إن العب َد لَ ِ‬
‫وفي حديث عمار بن ياسر َّ‬
‫سها‪ ،‬ربعُها‪ ،‬ثلثُها نصفُها"‬
‫سها‪ ،‬خم ُ‬
‫سد ُ‬ ‫شرها‪ ،‬تُسعُها‪ ،‬ثمنُها‪ُ ،‬‬
‫سبعُها‪ُ ،‬‬ ‫ع ُ‬‫ُ‬
‫صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫‪423‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬واحْ لُ ْل ُ‬


‫ع ْق َدة ً ِمن ِلسانِي﴾ ﴿ َي ْفقَ ُهوا قَ ْو ِلي﴾‬
‫ير‪ ،‬واْل ْفرادِ‪ ،‬وإتْبا ُ‬
‫عهُ‬ ‫ماء‪َ :‬د َّل قَ ْولُهُ ﴿ ُ‬
‫ع ْق َدة ً ِمن ِلسانِي﴾ بِالتَّ ْن ِك ِ‬ ‫ض العُلَ ِ‬
‫قا َل بَ ْع ُ‬
‫ْأل إزالَةَ َج ِميعِ ما ِب ِلسا ِن ِه ِمنَ العُقَدِ‪،‬‬‫على أنَّهُ َل ْم َيس ْ‬ ‫ِلذَ ِل َك ِبقَ ْو ِل ِه ﴿ َي ْفقَ ُهوا قَ ْو ِلي﴾ َ‬
‫ضها‪ .‬وهَذا‬ ‫قاء بَ ْع ِ‬
‫الم ِه َم َع بَ ِ‬ ‫ضها الَّذِي يَحْ ُ‬
‫ص ُل ِبإزا َلتِ ِه فَ ْه ُم َك ِ‬ ‫سأ َل إزالَةَ بَ ْع ِ‬ ‫بَ ْل َ‬
‫آيات أُخ َُر‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َعالى َ‬
‫ع ْن فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ ﴿أ ْم أنا َخي ٌْر ِمن هَذا‬ ‫ٌ‬ ‫ع َل ْي ِه‬ ‫ال َم ْف ُهو ُم َدلَّ ْ‬
‫ت َ‬
‫ين﴾‬ ‫الَّذِي هو َم ِه ٌ‬
‫ين وال َيكا ُد يُ ِب ُ‬
‫صو ِل في قَ ْو ِل ِه ﴿ما يُوحى﴾‬ ‫﴿إ ْذ ْأو َحيْنا إلى أ ُ ِّم َك ما يُوحى﴾ والت َّ ْعبِ ُ‬
‫ير بِال َم ْو ُ‬
‫ور‪.‬‬ ‫على ت َ ْع ِظ ِيم شَأ ْ ِن ْ‬
‫اَلم ِر ال َم ْذ ُك ِ‬ ‫ِللدَّاللَ ِة َ‬
‫َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَغَ ِش َيهم ِمنَ ال َي ِ ّم ما َ‬
‫غ ِش َي ُه ْم﴾‬
‫وقَ ْو ِل ِه ﴿فَ ْأوحى إلى َع ْب ِد ِه ما ْأوحى﴾‬
‫هام لَها ْأو‬ ‫اْليحاء إلَيْها إ ّما ُم َج َّر ُد ْ‬
‫اْلل ِ‬ ‫ِ‬ ‫{إ ْذ ْأو َحيْنا إلى أ ُ ِّم َك ما يُوحى} وال ُمرا ُد ِب‬
‫سان َملَكٍ ‪ .‬وال يترتب على ذلك أن تكون‬ ‫أن أراها ذَ ِل َك‪ْ ،‬أو َ‬
‫على ِل ِ‬ ‫في النَّ ْو ِم ِب ْ‬
‫رسوال‪ ،‬كما في قصة الثالثة في بني إسرائيل‪ :‬أبرص‪ ،‬وأعمى‪ ،‬وأقرع‪ ،‬بدا‬
‫الله أن يبتليهم‪ ،‬فبعث الله إليهم ملكا"‬
‫أي أ َحبَّهُ اللَّهُ و َحبَّبَهُ إلى خ َْل ِق ِه َ‬
‫‪﴿.‬وقالَ ِ‬
‫ت ْام َرأة ُ‬ ‫﴿و ْألقَيْتُ َ‬
‫علَي َْك َم َحبَّةً ِم ِنّي﴾‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫عي ٍْن ِلي ولَ َك ال ت َ ْقتُلُوهُ﴾‬
‫ع ْونَ قُ َّرة ُ َ‬
‫فِ ْر َ‬

‫‪424‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عد ٌُّو ِلي‬‫اح ِل َيأ ْ ُخ ْذهُ َ‬


‫س ِ‬‫ت فا ْق ِذفِي ِه في ال َي ِ ّم فَ ْليُ ْل ِق ِه ال َي ُّم ِبال ّ‬
‫﴿أن ا ْق ِذفِي ِه في التّابُو ِ‬‫ِ‬
‫ض ِعي ِه فَإذا‬‫أر ِ‬
‫أن ْ‬ ‫﴿و ْأو َحيْنا إلى أ ُ ِ ّم ُموسى ْ‬ ‫ص“‪َ :‬‬ ‫ص ِ‬ ‫عد ٌُّو لَهُ﴾ َكقَ ْو ِل ِه في ”ال َق َ‬
‫و َ‬
‫علَ ْي ِه فَ ْأل ِقي ِه في ال َي ِ ّم وال ت َخا ِفي وال تَحْ زَ ِني إ ّنا رادُّوهُ إلَي ِْك وجا ِعلُوهُ ِمنَ‬ ‫ِخ ْف ِ‬
‫ت َ‬
‫ع ْونَ ِليَ ُكونَ َلهم َ‬
‫عد ًُّوا و َحزَ نًا﴾‬ ‫طهُ آ ُل فِ ْر َ‬ ‫سلِينَ ﴾ ﴿فالتَقَ َ‬
‫ال ُم ْر َ‬
‫ورةِ‬
‫س َ‬‫اك فُتُو ًنا﴾ َوبَيَّنَ في ُ‬
‫ْناك ِمنَ الغَ ِ ّم وفَتَنّ َ‬
‫سا فَنَ َّجي َ‬ ‫﴿وقَت َْل َ‬
‫ت نَ ْف ً‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ين‬
‫على ِح ِ‬ ‫﴿و َد َخ َل ال َمدِي َنةَ َ‬
‫ور في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬ ‫ص“ َخ َب َر القَ ِتي ِل ال َم ْذ ُك ِ‬‫ص ِ‬‫”القَ َ‬
‫عد ّ ُِو ِه‬
‫الن هَذا ِمن ِشي َعتِ ِه وهَذا ِمن َ‬ ‫غ ْفلَ ٍة ِمن أ ْه ِلها َف َو َج َد ِفيها َر ُجلَي ِْن يَ ْقتَتِ ِ‬
‫َ‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫على الَّذِي ِمن َ‬
‫عد ّ ُِو ِه فَ َو َكزَ هُ ُموسى فَقَضى َ‬ ‫}‪..‬فا ْست َغاثَهُ الَّذِي ِمن ِشيعَتِ ِه َ‬
‫على َمن َي ْكفُلُهُ‬ ‫}قَ ْولُهُ ت َعالى ﴿إ ْذ ت َْم ِشي أ ُ ْخت ُ َك فَتَقُو ُل ه َْل أدُلُّكم َ‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫ب وهم ال يَ ْشعُ ُرونَ ﴾ َ‬
‫﴿و َح َّر ْمنا َ‬ ‫ع ْن ُجنُ ٍ‬
‫ت ِب ِه َ‬‫ص َر ْ‬ ‫ت َِل ُ ْختِ ِه قُ ِ ّ‬
‫صي ِه فَ َب ُ‬ ‫﴿وقا َل ْ‬
‫َ‬
‫ت َي ْكفُلُونَهُ لَكم وهم لَهُ‬
‫على أ ْه ِل َب ْي ٍ‬ ‫ت ه َْل أدُلُّكم َ‬‫راض َع ِمن قَ ْب ُل فَقالَ ْ‬ ‫ال َم ِ‬
‫ناص ُحونَ ﴾‬
‫ِ‬
‫ناك إلى أ ُ ِّم َك َك ْي تَقَ َّر َ‬
‫ع ْينُها وال تَحْ زَ نَ {‬ ‫(فَ َر َج ْع َ‬
‫﴿وال تَخا ِفي وال تَحْ زَ ِني إنّا رادُّوهُ إ َلي ِْك وجا ِعلُوهُ ِمنَ ال ُم ْر َ‬
‫سلِينَ ﴾‬ ‫َ‬
‫غا﴾‬ ‫صبَ َح فُؤا ُد أ ُ ِ ّم ُموسى ِ‬
‫فار ً‬ ‫﴿وأ ْ‬‫َ‬
‫على القَ َد ِر الَّذِي قَ َد ْرتُهُ و َ‬
‫سبَقَ في‬ ‫أي ِجئْ َ‬
‫ت َ‬ ‫على قَ َد ٍر يا ُموسى﴾ ْ‬ ‫﴿ث ُ َّم ِجئْ َ‬
‫ت َ‬
‫علَ ٰۤى أ َ ۡم ِر ِهۦ‬ ‫{وٱللَّهُ غَا ِل ٌ‬
‫ب َ‬ ‫ِع ْل ِمي أنَّ َك ت َِجي ُء ِفي ِه َفلَ ْم تَتَأ َّخ ْر َ‬
‫ع ْنهُ و َل ْم تَتَقَ َّد ْم‪َ .‬‬
‫َولَ ٰـ ِك َّن أ َ ۡكث َ َر ٱل َّن ِ‬
‫اس َال يَعۡ لَ ُمونَ }‬
‫على قَ َد ٍر﴾‬
‫ت َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَلَ ِبثْ َ‬
‫ت ِسنِينَ في أ ْه ِل َم ْد َينَ ث ُ َّم ِجئْ َ‬
‫‪425‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورة ُ في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬قا َل إنِّي أ ُ ِري ُد ْ‬


‫أن‬ ‫ين الَّتِي لَ ِبثَها في َم ْد َينَ هي ال َم ْذ ُك َ‬ ‫س ِن ُ‬
‫ال ِ ّ‬
‫إن أتْ َم ْم َ‬ ‫على ْ ْ‬ ‫أ ُ ْن ِك َح َك إحْ دى ا ْبنَت َ َّ‬
‫ع ْش ًرا‬
‫ت َ‬ ‫أن ت َأ ُج َرنِي ثَمانِ َ‬
‫ي ِح َججٍ فَ ْ‬ ‫ي هاتَي ِْن َ‬
‫أن اَل َج َل في قَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬فلَ ّما َقضى ُموسى‬ ‫ِك﴾ َوأنَّهُ أت َ َّم ال َع ْش َر‪ ،‬و ِب ِه ت َ ْعلَ ُم َّ‬‫فَ ِمن ِع ْند َ‬
‫ع ْش ُر ِسنِينَ ‪.‬‬
‫اَل َج َل﴾ أنَّهُ َ‬
‫ب الَّذِي َكتَبَهُ َر ُ‬
‫سو ُل‬ ‫على َم ِن اتَّبَ َع ال ُهدى﴾ و ِلذا كانَ في َّأو ِل ال ِكتا ِ‬
‫سال ُم َ‬
‫﴿وال َّ‬
‫وم‪:‬‬
‫الر ِ‬ ‫اللَّ ِه ﷺ إلى ِه َر ْق َل َ‬
‫ع ِظ ِيم ُّ‬
‫وم‪،‬‬
‫الر ِ‬ ‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ إلى ِه َر ْق َل َع ِظ ِيم ُّ‬ ‫الر ِح ِيم‪ِ .‬من ُم َح َّم ٍد َر ُ‬ ‫"بِس ِْم اللَّ ِه َّ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬
‫ْالم‪ ». . .‬إلى‬
‫وك بِدِعايَ ِة اْلس ِ‬
‫ع َ‬‫على َم ِن اتَّبَ َع ال ُهدى‪ .‬أ ّما بَ ْع ُد فَإ ِنّي أ ْد ُ‬
‫سال ٌم َ‬
‫َ‬
‫آخ َِر ِكتا ِب ِه ﷺ‪.‬‬
‫وك ِبـَٔايَ ٰـتِی َو َال تَنِ َيا فِی ذ ِۡك ِری} كما كان النبي صلى الله‬ ‫{ٱ ۡذه َۡب أ َ َ‬
‫نت َوأ َ ُخ َ‬
‫العدو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عليه وسلم يذكر الله كثيرا عند لقاء‬
‫طغى﴾‬ ‫ع ْونَ إنَّهُ َ‬ ‫﴿ا ْذهَبا إلى فِ ْر َ‬
‫ع ْنهُ‪﴿ :‬فَقا َل أنا‬
‫جاوزَ تَهُ ال َح َّد في قَ ْو ِل ِه َ‬
‫ع ْونَ و ُم َ‬
‫يان فِ ْر َ‬ ‫وقَ ْد بَيَّنَ ت َعالى ِش َّدة َ ُ‬
‫ط ْغ ِ‬
‫َربُّ ُك ُم اَلعْلى﴾‬
‫ع ِل ْمتُ لَكم ِمن إلَ ٍه َغي ِْري﴾ •‬ ‫ع ْنهُ ﴿ما َ‬ ‫وقَ ْو ِل ِه َ‬
‫صيُّ ُه ۡم يُ َخ َّي ُل إِلَ ۡي ِه ِمن ِس ۡح ِر ِه ۡم أَنَّ َها ت َۡسعَ ٰى﴾‬ ‫﴿قَا َل بَ ۡل أَ ۡلقُ ۟‬
‫وا فَإ ِ َذا ِحبَالُ ُه ۡم َو ِع ِ‬
‫ْراف“ ﴿قا َل ْألقُوا فَلَ ّما ْألقَ ْوا َس َح ُروا‬ ‫ضا ِبقَ ْو ِل ِه في ”اَلع ِ‬ ‫وذَ ِل َك هو ال ُمرا ُد أ ْي ً‬
‫أ ْعيُنَ النّ ِ‬
‫اس َوا ْست َْر َهبُو ُه ْم َو َجا ُءوا بِسِحْ ٍر َ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬

‫‪426‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى‬
‫َاف َ‬
‫يخ َ‬‫سى﴾ قال بعض العلماء أ َ ْ‬
‫س فِي نَ ْف ِس ِه ِخيفَةً ُمو َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَأ َ ْو َج َ‬
‫اللهُ‬ ‫اس أ َ ْن يَ ْفتَتِنوا بِسِحْ ِر ِه ْم َويَ ْغت َُّروا بِ ِه ْم َق ْب َل أ َ ْن يُ ْل ِق َ‬
‫ي َما فِي يَ ِمينِ ِه‪ ،‬فَأ َ ْو َحى َّ‬ ‫النَّ ِ‬
‫صاهُ‪.‬‬
‫ع َ‬ ‫ق َما ِفي َي ِمي ِن َك﴾ َي ْع ِني‪َ :‬‬‫الرا ِهنَ ِة أ َ ْن ﴿ َوأ َ ْل ِ‬
‫ع ِة َّ‬ ‫ت َ َعالَى ِإ َل ْي ِه ِفي ال َّ‬
‫سا َ‬
‫ب ْالبَحْ َر ِب َع َ‬
‫صاهُ‪َ ،‬وقَا َل‪" :‬ا ْنفَ ِل ْق‬ ‫ض َر َ‬‫سا﴾ َف َ‬ ‫ط ِريقًا فِي ْالبَحْ ِر يَبَ ً‬‫ض ِربْ لَ ُه ْم َ‬ ‫﴿فَا ْ‬
‫الط ْو ِد ْالعَ ِظ ِيم﴾‬
‫ق َك َّ‬ ‫بِإ ِ ْذ ِن َّ‬
‫الل ِه" ﴿فَا ْنفَلَقَ فَ َكانَ ُك ُّل فِ ْر ٍ‬
‫ور اَل ْي َمنَ ﴾ هو ال َم ْذ ُك ُ‬
‫ور في قَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫ب ُّ‬
‫الط ِ‬ ‫ع ْدناكم جا ِن َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ُهنا‪َ :‬‬
‫﴿ووا َ‬
‫ع ْدنا ُموسى‬ ‫ع ْدنا ُموسى ثَالثِينَ لَ ْي َلةً وأتْ َم ْمناها ِب َع ْش ٍر﴾ وقَ ْوله‪َ :‬‬
‫﴿وإ ْذ وا َ‬ ‫﴿ووا َ‬
‫َ‬
‫أربَعِينَ لَ ْي َلةً﴾‬
‫ْ‬
‫ُالء لَ ِش ْر ِذ َمةٌ َق ِليلُونَ َو ِإنَّ ُه ْم َلنَا‬ ‫{فَأ َ ۡت َب َع ُه ۡم فِ ۡر َ‬
‫ع ۡو ُن ِب ُجنُو ِد ِهۦ} وهو َيقُولُ‪ِ ﴿ :‬إ َّن َهؤ ِ‬
‫لَغَائِ ُ‬
‫ظونَ ﴾‬
‫ي﴾‬
‫ام ِر ُّ‬
‫س ِ‬‫ضلَّ ُه ُم ال ّ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وأ َ‬
‫ام َرةِ وهم‬ ‫ماء بَنِي إسْرائِي َل ِمن قَ ِبي َل ٍة ت ُ ْع َر ُ‬
‫ف ِبال ّس ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ع َ‬
‫ع ِظي ًما ِمن ُ‬
‫قِي َل‪ :‬كانَ َ‬
‫ش ِام‪.‬‬ ‫َم ْع ُروفُونَ بِال ّ‬
‫َي ٌء‬ ‫علَ ْي ُك ُم ال َم َّن وال َّس ْلوى﴾ قيل ال َم ُّن‪ :‬الت َّ َر ْن َج ِب ُ‬
‫ين‪ ،‬وهو ش ْ‬ ‫﴿ون ََّز ْلنا َ‬
‫َوقَ ْولُهُ ُهنا‪َ :‬‬
‫ض‪.‬‬ ‫ماء َكنُ ُزو ِل النَّدى ث ُ َّم َيت َ َج َّمدُ‪ ،‬وهو يُ ْش ِبهُ ال َع َ‬
‫س َل اَل ْبيَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫يَ ْن ِز ُل ِمنَ ال َّ‬
‫صواب في ال َم ِّن‪ :‬أنَّهُ ا ْس ٌم ِ‬
‫جام ٌع ِلما يَ ُم ُّن‬ ‫سمانى‪ .‬وال ّ‬ ‫س ْلوى‪ :‬طائِ ٌر يُ ْشبِهُ ال ُّ‬ ‫وال َّ‬
‫غي ِْر َك ّدٍ‪ ،‬وال ت َ َع ٍ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ع ْب ِد ِه ِمن َ‬ ‫اللَّهُ ِب ِه َ‬
‫على َ‬
‫﴿و ْألقى ْ‬
‫اَللوا َح وأ َخذَ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَ َر َج َع ُموسى إلى قَ ْو ِم ِه َ‬
‫غضْبانَ أ ِسفًا﴾ َ‬
‫ِب َرأْ ِس ِ‬
‫أخي ِه َي ُج ُّرهُ إ َل ْي ِه﴾‬
‫‪427‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يان‪َِ ،‬ل َّن اللَّهَ لَ ّما ْ‬


‫أخ َب َر‬ ‫ْس كال ِع ِ‬ ‫أن ال َخ َب َر لَي َ‬‫على َّ‬ ‫و َه ِذ ِه اآلياتُ ِفيها الدَّاللَةُ َ‬
‫ُموسى بِ ُك ْف ِر قَ ْو ِم ِه بِ ِعبا َدتِ ِه ُم العِجْ َل َكما بَ َّينَهُ في َق ْو ِل ِه‪﴿ :‬قَ ْد فَت َ ّنا قَ ْو َم َك ِمن بَ ْعد َ‬
‫ِك‬
‫اَللوا َح‪ ،‬ولَ ِكنَّهُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ين ال ش ََّك ِفي ِه لَ ْم يُ ْل ِ‬ ‫ي﴾ وهَذا َخ َب ٌر ِمنَ َّ‬
‫الل ِه َي ِق ٌ‬ ‫ام ِر ُّ‬
‫س ِ‬‫ضلَّ ُه ُم ال ّ‬
‫وأ َ‬
‫ت فِي ِه ُمعايَنَةُ ذَ ِل َك أث َ ًرا لَ ْم يُ َؤ ِث ّ ْرهُ فِي ِه‬
‫لَ ّما عايَنَ قَ ْو َمهُ َح ْو َل العِجْ ِل يَ ْعبُدُو َنهُ أث َّ َر ْ‬
‫ين بِ َذ ِل َك‪ ،‬فَ ْألقى ْ‬
‫اَللوا َح‪...‬‬ ‫ال َخبَ ُر اليَ ِق ُ‬
‫سدًا لَهُ ُخ ٌ‬
‫وار)‬ ‫أخ َر َج لَهم عِجْ ًال َج َ‬
‫﴿فَ ْ‬
‫ار؟ أ َ ِو‬
‫ار لَحْ ًما َو َد ًما لَهُ ُخ َو ٌ‬
‫ص َ‬ ‫س ُرونَ فِي َهذَا ْالعِجْ ِل‪ :‬ه َْل َ‬ ‫ف ْال ُمفَ ِ ّ‬
‫اختَلَ َ‬
‫َوقَ ِد ْ‬
‫ص ّ ِوتُ َك ْالبَقَ ِر؟ ور ّجح‬
‫ب‪ ،‬إِ َّال أَنَّهُ يَ ْد ُخ ُل فِي ِه ْال َه َوا ُء فَيُ َ‬
‫علَى َك ْونِ ِه َم ْن َذ َه ٍ‬ ‫ا ْست َ َم َّر َ‬
‫وار‪َ .‬لن الجسد‬ ‫أن اللَّهُ َج َعلَهُ عِجْ ًال َج َ‬
‫سدًا َح ِقي ِقيّا لَهُ ُخ ٌ‬ ‫الشيخ محمد الشنقيطي ّ‬
‫ماتكون من اللَّحْ م َوالدَّم‪.‬‬
‫ّ‬
‫وا ِفی قُلُو ِب ِه ُم ٱ ۡل ِع ۡج َل ِب ُك ۡف ِر ِه ٰۡۚم}‬
‫{وأ ُ ۡش ِربُ ۟‬
‫{فَقالُوا هَذا إلَ ُهكم وإلَهُ ُموسى فَنَ ِس َ‬
‫ي﴾ َ‬
‫وقيل كانوا يعبدون الثور في عهدهم مع فرعون‪.‬‬
‫ْت ْأم ِري﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أفَعَ َ‬
‫صي َ‬
‫ور في َه ِذ ِه اآل َي ِة هو ال َم ْذ ُك ُ‬
‫ور في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وقا َل‬ ‫أن ْأم َرهُ ال َم ْذ ُك َ‬ ‫ّ‬
‫الظا ِه ُر َّ‬
‫اخلُ ْفنِي في قَ ْو ِمي وأ ْ‬
‫صلِحْ وال تَت َّ ِب ْع َسبِي َل ال ُم ْف ِسدِينَ ﴾‬ ‫هارونَ ْ‬ ‫ُموسى َِل ِخي ِه ُ‬
‫﴿قا َل يا ابْنَ أ ُ َّم ال ت َأ ْ ُخ ْذ بِلِحْ َيتِي وال بِ َرأْ ِسي إ ِنّي َخ ِشيتُ ْ‬
‫أن تَقُو َل فَ َّر ْق َ‬
‫ت َبيْنَ‬
‫َبنِي إسْرائِي َل ولَ ْم ت َْرقُبْ قَ ْو ِلي﴾‬
‫ْراف“ أنَّهُ أ َخذَ ِب َرأْ ِس ِه يَ ُج ُّرهُ إلَ ْي ِه‪ .‬وذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه‪:‬‬
‫وقَ ْد بَيَّنَ ت َعالى في ”اَلع ِ‬
‫أخي ِه َي ُج ُّرهُ إلَ ْي ِه قا َل ابْنَ ﴾‬‫اَللوا َح وأ َخذَ ِب َرأْ ِس ِ‬
‫﴿و ْألقى ْ‬
‫َ‬
‫‪428‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ُوا َي ۡقتُلُونَنِی‬ ‫َض َعفُونِی َو َكاد ۟‬ ‫ون َِل ِخي ِه ﴿قا َل ياابْنَ أ ُ َّم ِإ َّن ٱ ۡلقَ ۡو َم ٱ ۡست ۡ‬ ‫هار ُ‬ ‫وإنَّما قا َل ُ‬
‫ش ُّد‬ ‫ی ٱ َۡل َ ۡع َد ۤا َء َو َال ت َۡج َع ۡلنِی َم َع ٱ ۡلقَ ۡو ِم ٱ َّ‬
‫لظ ٰـ ِل ِمينَ ﴾ َِل َّن قَرابَةَ اَل ُ ِ ّم أ َ‬ ‫فَ َال ت ُ ۡش ِم ۡت بِ َ‬
‫ب‪.‬‬‫طفًا و َحنا ًنا ِمن قَرا َب ِة اَل ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫{ربّ ِ ٱ ۡغ ِف ۡر ِلی َو َِل َ ِخی َوأَ ۡد ِخ ۡلنَا فِی َر ۡح َمتِ َك َوأ َ َ‬
‫نت أ َ ۡر َح ُم‬ ‫قَا َل موسى َ‬
‫لر ⁠ٰ ِح ِمينَ }‬
‫ٱ َّ‬
‫ࣰ‬
‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫سو ِل فنَبَذت َها}‬
‫لر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ضة ِّمن أث ِر ٱ َّ‬‫ضتُ قَ ۡب َ‬ ‫ص ُر ۟‬
‫وا ِب ِهۦ فَقَ َب ۡ‬ ‫ص ۡرتُ بِ َما َل ۡم يَ ۡب ُ‬
‫{قَا َل بَ ُ‬
‫قيل كان هذا من وحي الشيطان إليه‬
‫سهُ حافِ ُر تِ ْل َك‬
‫ي تُرابًا َم َّ‬ ‫ام ِر ُّ‬
‫س ِ‬‫على فَ َر ٍس‪ ،‬أ َخذَ ال ّ‬ ‫وقيل‪ :‬لَ ّما جا َء ِجب ِْري ُل وكانَ َ‬
‫أن اللَّهَ َجعَ َل فِيها‬ ‫س َّ‬ ‫ض َع أث َ ِرها يَ ْنبُتُ ِفي ِه النَّباتُ ‪َ ،‬فتَفَ َّر َ‬
‫الفَ َر ِس‪ ،‬وأنَّهُ عايَنَ َم ْو ِ‬
‫صيَّةَ ال َحيا ِة‪.‬‬
‫خا ِ ّ‬
‫اس النَّ َ‬
‫اس َو َال‬ ‫اس} أَ ْ‬
‫ي‪َ :‬ال ت َ َم ُّ‬ ‫س َ‬‫{قَا َل فَٱ ۡذه َۡب فَإ ِ َّن لَ َك فِی ٱ ۡل َحيَ ٰوةِ أَن تَقُو َل َال ِم َ‬
‫سون ََك‪.‬‬
‫َي َم ُّ‬
‫وفي الحديث "ال ِخ َال َ‬
‫ب"‬
‫﴿يَ ۡو َم يُنفَ ُخ فِی ٱل ُّ‬
‫ص ٰۚ ِ‬
‫ور)‬
‫س َال ُم‪َ .‬و َجا َء‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫ع ِظي ٌم‪َ ،‬ي ْنفُ ُخ ِفي ِه ِإس َْرا ِفيلُ‪َ ،‬‬‫َو َجا َء ِفي ْال َحدِيثِ‪ :‬أَنَّهُ قَ ْر ٌن َ‬
‫ب ال َق ْرن َق ِد ْالت َ َق َم ال َق ْرن‪َ ،‬و َحنَى َج ْب َهتَهُ‪،‬‬ ‫اح ُ‬‫ص ِ‬‫ْف أن َع ُم َو َ‬ ‫فِي ْال َحدِيثِ‪َ " :‬كي َ‬
‫ظ َر أ َ ْن يُؤْ ذَنَ لَهُ"‬
‫َوا ْنت َ َ‬
‫ࣰ‬
‫ط ِريقَةً ِإن لَّ ِب ۡثت ُ ۡم ِإ َّال َي ۡوما}‬
‫{نَّ ۡح ُن أ َ ۡعلَ ُم ِب َما َيقُولُونَ ِإ ۡذ َيقُو ُل أ َ ۡمثَلُ ُه ۡم َ‬

‫‪429‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫في حديث أنس بن مالك عند مسلم "يُؤْ تَى بأ َ ْن َع ِم أ ْه ِل ال ُّد ْنيا ِمن أ ْه ِل ال َّن ِ‬
‫ار‬
‫ْت َخي ًْرا َق ُّ‬
‫ط؟‬ ‫هل َرأَي َ‬
‫ص ْبغَةً‪ ،‬ث ُ َّم يُقالُ‪ :‬يا ابْنَ آ َد َم ْ‬ ‫ار َ‬‫صبَ ُغ في النَّ ِ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬فيُ ْ‬
‫يَ َ‬
‫ش ِ ّد النَّ ِ‬
‫اس بُؤْ ًسا في‬ ‫ط؟ ف َيقولُ‪ :‬ال‪َّ ،‬‬
‫والل ِه يا َربّ ِ ويُؤْ ت َى بأ َ َ‬ ‫بك نَ ِعي ٌم َق ُّ‬ ‫ْ‬
‫هل َم َّر َ‬
‫ص ْبغَةً في ال َج َّن ِة‪ ،‬فيُقا ُل له‪ :‬يا ابْنَ آ َد َم ْ‬
‫هل‬ ‫ال ُّد ْنيا‪ِ ،‬من أ ْه ِل ال َجنَّ ِة‪ ،‬فيُ ْ‬
‫ص َب ُغ َ‬
‫ط؟ ف َيقولُ‪ :‬ال‪ ،‬واللَّ ِه يا َربّ ِ ما َم َّر بي‬
‫بك ِش َّدة ٌ قَ ُّ‬ ‫هل َم َّر َ‬ ‫ط؟ ْ‬ ‫ْت بُؤْ ًسا قَ ُّ‬
‫َرأَي َ‬
‫ط‪ ،‬وال َرأَيْتُ ِش َّدة ً َق ُّ‬
‫ط‪.‬‬ ‫س َق ُّ‬‫بُؤْ ٌ‬
‫الجبا َل‬ ‫الجبا ِل فَقُ ْل يَ ْن ِسفُها َربِّي َن ْسفًا﴾ َ‬
‫﴿وت َرى ِ‬ ‫﴿ويَسْألُون ََك َ‬
‫ع ِن ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫الجبا ُل كال ِع ْه ِن﴾‬
‫ون ِ‬‫ب} {وت َ ُك ُ‬ ‫جام َدة ً وهي ت َ ُم ُّر َم َّر ال َّ‬
‫سحا ِ‬ ‫تَحْ َ‬
‫سبُها ِ‬
‫ظ ْل ًما﴾ وأكبر الظلم الشرك‬
‫خاب َمن َح َم َل ُ‬
‫َ‬ ‫﴿وقَ ْد‬
‫َ‬
‫ظ ْل ٌم َ‬
‫ع ِظي ٌم﴾‬ ‫ش ْر َك لَ ُ‬
‫﴿إن ال ِ ّ‬
‫قال تعالى ‪َّ :‬‬
‫وسلم يقو ُل 《اللهم‬ ‫{وقُل َّربّ ِ ِز ۡدنِی ِع ۡل ࣰما﴾ كان رسو ُل الل ِه صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫َ‬
‫وعلّ ْمني ما ينفَعُني ِ‬
‫وز ْدني ِعل ًما والحم ُد لل ِه على ك ِّل‬ ‫انفَ ْعني بما علَّمت َني ِ‬
‫حا ٍل》صححه اَللباني‬
‫ࣰ‬ ‫ُ‬ ‫} َو َمن يُ ۡؤ َ ۡ‬
‫ت ٱل ِح ۡك َمةَ فَقَ ۡد أو ِت َ‬
‫ی َخ ۡيرا{‬
‫أن يُ ْقضى إلَي َْك وحْ يُهُ وقُ ْل َربّ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وال ت َ ْع َج ْل ِبالقُ ْر ِ‬
‫آن ِمن قَ ْب ِل ْ‬
‫ِز ْدنِي ِع ْل ًما﴾‬

‫‪430‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الوحْ ي ِ ُكلَّما قا َل ِجب ِْري ُل آ َيةً قالَها َم َعهُ ﷺ ِمن‬ ‫كانَ النَّ ِب ُّ‬
‫ي ﷺ إذا جا َءهُ ِجب ِْري ُل ِب َ‬
‫ش َدهُ اللَّهُ في َه ِذ ِه اآليَ ِة إلى ما يَ ْنبَ ِغي‪َ .‬فنَهاهُ‬
‫أر َ‬ ‫على ِح ْف ِظ القُ ْر ِ‬
‫آن‪َ .‬ف ْ‬ ‫ِش َّدةِ ِح ْر ِ‬
‫ص ِه َ‬
‫ع ِن ال َع َجلَ ِة ِب ِقرا َء ِة القُ ْر ِ‬
‫آن َم َع ِجب ِْري َل‪.‬‬ ‫َ‬
‫ع َليْنا َج ْم َعهُ وقُ ْرآنَهُ فَإذا قَ َرأْناهُ فاتَّ ِب ْع قُ ْرآنَهُ‬ ‫﴿ال ت ُ َح ِ ّر ْك ِب ِه ِلسان ََك ِلت َ ْع َج َل ِب ِه َّ‬
‫إن َ‬
‫علَيْنا َبيانَهُ﴾‬ ‫ث ُ َّم َّ‬
‫إن َ‬
‫على َش َج َر ِة ال ُخ ْل ِد‬
‫ْطان قا َل يا آ َد ُم ه َْل أدُلُّ َك َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَ َوس َْو َ‬
‫س إلَ ْي ِه ال َّشي ُ‬
‫و ُم ْلكٍ ال يَبْلى﴾‬
‫{قَا َل َربّ ِ بِ َم ۤا أ َ ۡغ َو ۡيتَنِی ََلُزَ يِّن ََّن لَ ُه ۡم فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ض َو ََل ُ ۡغ ِو َينَّ ُه ۡم أ َ ۡج َم ِعينَ }‬
‫اص ِحينَ فَ َد ّال ُهما ِبغُ ُر ٍ‬
‫ور﴾‬ ‫س َم ُهما إنِّي لَ ُكما لَ ِمنَ النّ ِ‬
‫﴿وقا َ‬‫َ‬
‫صفُها‪ :‬إذا‬
‫ف النَّ ْع َل يَ ْخ ِ‬
‫ص َ‬‫قان‪ِ ،‬من َخ َ‬ ‫أي‪ :‬ش ََرعا يَ ْلزَ ِ‬ ‫فان﴾ ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫﴿و َ‬
‫ط ِفقا يَ ْخ ِ‬ ‫قَ ْو ِل ِه َ‬
‫ورقَةً‬
‫ور َقةً َ‬
‫علَ ْي ِه َ‬ ‫على َب َد ِن ِه‪ :‬إذا ْألزَ قَها ْ‬
‫وأط َبقَها َ‬ ‫الو َرقَ َ‬
‫ف َ‬ ‫ص َ‬ ‫خ ََّرزَ ها‪ :‬و َخ َ‬
‫ش َج َرة َ‬ ‫ع ْن ُهما لَ ّما ذاقا ال َّ‬ ‫ستْ َر الَّذِي كانَ َ‬
‫على آ َد َم و َح ّوا َء‪ ،‬وا ْن َكش َ‬
‫َف َ‬ ‫وا ْعلَ ْم َّ‬
‫أن ال ِ ّ‬
‫باس ِمن‬ ‫عةٌ ِمن أ ْه ِل ال ِع ْل ِم‪ :‬كانَ َ‬
‫علَ ْي ِهما ِل ٌ‬ ‫ف العُلَما ُء في ت َ ْعيِينِ ِه‪ ،‬فَقا َل ْ‬
‫ت َجما َ‬ ‫اخت َ َل َ‬
‫ْ‬
‫وس‬
‫على ُر ُء ِ‬ ‫ع ْن ُهما ّإال ما أبْقى َ‬ ‫الظفُ ِر‪ .‬فَلَ ّما أ َكال ِمنَ ال َّش َج َر ِة أزا َلهُ اللَّهُ َ‬
‫ِج ْن ِس ُّ‬

‫ورا يَ ْست ُ ُر اللَّهُ بِ ِه َ‬


‫س ْوءاتِ ِهما‪.‬‬ ‫س ُهما نُ ً‬‫ض أ ْه ِل ال ِع ْل ِم‪ :‬كانَ ِلبا ُ‬
‫اَلصابِعِ‪ .‬وقا َل بَ ْع ُ‬
‫الف الَّذِي ال طائِ َل تَحْ تَهُ‪.‬‬‫غي ِْر ذَ ِل َك ِمنَ اَل ْقوا ِل‪ .‬وهو ِمنَ ِاال ْختِ ِ‬ ‫إلى َ‬
‫علَ ْي ِه وهَدى﴾ وذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَتَلَقّى آ َد ُم ِمن‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ث ُ َّم اجْ ت َباهُ َربُّهُ فَ َ‬
‫تاب َ‬
‫ع َل ْي ِه﴾‬ ‫ت َف َ‬
‫تاب َ‬ ‫َربِّ ِه َك ِلما ٍ‬

‫‪431‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْراف“ في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬قاال َربَّنا‬


‫ورةِ ”اَلع ِ‬
‫س َ‬ ‫وال َك ِلماتُ هي ال َم ْذ ُك َ‬
‫ورة ُ في ُ‬
‫وإن لَ ْم ت َ ْغ ِف ْر لَنا وت َْر َح ْمنا لَ َن ُكون ََّن ِمنَ الخا ِس ِرينَ ﴾‬ ‫ظلَ ْمنا أ ْنفُ َ‬
‫سنا ْ‬ ‫َ‬
‫ومما يستفاد من هذه القصة‬
‫‪ :7‬عداوة إبليس‪.‬‬
‫‪ :2‬أن ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كما في الحديث‪.‬‬
‫‪ :6‬أن الدنيا دار فناء وليست دار بقاء‪ ،‬وأن اآلخرة خير وأبقى‪.‬‬
‫ْ‬
‫ض ُّل وال َي ْشقى﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَإ ّما يَأتِيَنَّكم ِم ِنّي ُهدًى فَ َم ِن ات َّ َب َع ُه َ‬
‫داي فَال يَ ِ‬
‫ف َعلَ ْي ِه ْم‬ ‫ْ‬
‫َكقَ ْو ِل ِه في ”البَقَ َرةِ“‪َ ﴿ :‬فإ ّما يَأ ِتيَنَّكم ِم ِّني ُهدًى فَ َمن ت َ ِب َع ُه َ‬
‫داي فَال خ َْو ٌ‬
‫وال هم َيحْ زَ نُونَ ﴾‬
‫" وكان بعض السلف يقول "لو يعلم الملوك ما نحن فيه لجالدونا بالسيوف‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ضنكا} قال بعض العلماء يضيق‬ ‫عن ذ ِۡك ِری فَإ ِ َّن لَهُۥ َم ِعيشَة َ‬ ‫ض َ‬ ‫{و َم ۡن أ َ ۡع َر َ‬ ‫َ‬
‫عليه طلب الدنيا‪{ .‬فَ َال تُعۡ ِج ۡب َك أ َ ۡم َو ٰ⁠لُ ُه ۡم َو َ ۤال أ َ ۡو َل ٰـ ُد ُه ٰۡۚم ِإنَّ َما يُ ِري ُد ٱ َّللهُ ِليُ َع ِ ّذ َب ُهم ِب َها‬
‫س ُه ۡم َو ُه ۡم َك ٰـ ِف ُرونَ }‬ ‫فِی ٱ ۡل َح َي ٰوةِ ٱلد ُّۡن َيا َوت َۡزهَقَ أَنفُ ُ‬
‫شا َه ِنيئًا‪َ ﴿ :‬من َع ِم َل صا ِل ًحا ِمن ذَ َك ٍر ْأو أ ُ ْنثى وهو‬
‫ع ْي ً‬ ‫وأما المؤمن فَيَ ِع ُ‬
‫يش َ‬
‫ط ِيّ َبةً﴾‬
‫ُمؤْ ِم ٌن فَلَنُحْ ِي َينَّهُ َحياة ً َ‬
‫س ٰـ ِكنِ ِه ٰۡۚم‬
‫شونَ فِی َم َ‬ ‫}﴿أَفَ َل ۡم يَهۡ ِد لَ ُه ۡم َك ۡم أ َ ۡهلَ ۡكنَا َق ۡبلَ ُهم ِّمنَ ٱ ۡلقُ ُر ِ‬
‫ون يَ ۡم ُ‬
‫صبِ ِحينَ َوبِ َّ‬
‫الل ْي ِل أَفَال ت َ ْع ِقلُونَ ﴾‬ ‫علَ ْي ِه ْم ُم ْ‬ ‫﴿وإِنَّ ُك ْم لَت َ ُم ُّرونَ َ‬ ‫َ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َعالى في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪َ ﴿ :‬ف َن ِسيت َها و َكذَ ِل َك ال َي ْو َم ت ُ ْنسى﴾ ِمنَ النِّس ِ‬
‫ْيان‬
‫بِ َم ْعنى الت َّ ْر ِك َ‬
‫ع ْمدًا‪.‬‬
‫‪432‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سوا ِلقَا َء َي ْو ِم ِه ْم َه َذا﴾‬ ‫﴿فَ ْال َي ْو َم َن ْن َ‬


‫سا ُه ْم َك َما نَ ُ‬
‫اب ٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫اخ َرةِ أ َ َش ُّد‬ ‫ت َر ِبّ ِهۦٰۚ َولَ َعذَ ُ‬ ‫﴿و َكذَ ٰ⁠ ِل َك نَ ۡج ِزی َم ۡن أ َ ۡس َر َ‬
‫ف َولَ ۡم يُ ۡؤ ِم ُۢن ِبـَٔا َي ٰـ ِ‬ ‫َ‬
‫اب ال ُّد ْن َيا أَ ْه َو ُن ِم ْن‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ ِل ْل ُمت ََال ِعنِينَ ‪ِ " :‬إ َّن َ‬
‫ع َذ َ‬ ‫َوأ َ ۡبقَ ٰۤى﴾ َو ِل َهذَا َقا َل َر ُ‬
‫عذاب اآلخرة"‪.‬‬
‫طلُوعِ ٱل َّ‬
‫ش ۡم ِس َوقَ ۡب َل ُ‬
‫غ ُرو ِب َها}‬ ‫س ِبّ ۡح ِب َح ۡم ِد َر ِّب َك قَ ۡب َل ُ‬
‫علَ ٰى َما َيقُولُونَ َو َ‬
‫{فَٱصۡ ِب ۡر َ‬
‫أن ال ت ُ ْغلَبُوا‬ ‫وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله "فَإ ِ ِن ا ْست َ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم ْ‬
‫س ِبّحْ ب َح ْم ِد‬ ‫غ ُرو ِب َها فَا ْف َعلُوا ث ُ َّم قَ َرأَ‪َ :‬‬
‫{و َ‬ ‫ش ْم ِس وقَ ْب َل ُ‬ ‫طلُ ِ‬
‫وع ال َّ‬ ‫ص َالةٍ قَ ْب َل ُ‬
‫علَى َ‬
‫ب}‬ ‫طلُوعِ ال َّ‬
‫ش ْم ِس وقَ ْب َل الغُ ُرو ِ‬ ‫َر ِبّ َك قَ ْب َل ُ‬
‫صلَّى قَ ْب َل ُ‬
‫طلُوعِ‬ ‫ار أَ َح ٌد َ‬
‫وفي حديث عمارة بن رويبة عند مسلم "لَ ْن يَ ِل َج النَّ َ‬
‫ص َر‬ ‫غ ُرو ِب َها‪َ "،‬ي ْعنِي الفَجْ َر َو ْال َع ْ‬‫ش ْم ِس‪َ ،‬وقَ ْب َل ُ‬ ‫ال َّ‬
‫ضى﴾‬ ‫يك َرب َُّك فَت َْر َ‬
‫ف يُ ْع ِط َ‬ ‫﴿ولَ َ‬
‫س ْو َ‬ ‫ضى﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫﴿لَ َعلَّ َك ت َْر َ‬
‫ص ِحيحِ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه " َيقُو ُل َّ‬
‫اللهُ‪َ :‬يا‬ ‫َو ِفي ال َّ‬
‫ضيت ُ ْم؟ َف َيقُولُونَ ‪َ :‬و َما‬ ‫أ َ ْه َل ْال َجنَّ ِة‪َ ،‬ف َيقُولُونَ ‪َ :‬لبَّي َْك َر َّبنَا َو َ‬
‫س ْع َدي َْك‪ .‬فَ َيقُولُ‪ :‬ه َْل َر ِ‬
‫ْطي ُك ْم‬ ‫ط ْيتَنَا َما َل ْم ت ُ ْع ِط أَ َحدًا ِم ْن خ َْل ِق َك؟ فَيَقُولُ‪ِ :‬إ ِنّي أُع ِ‬
‫ضى‪َ ،‬وقَ ْد أ َ ْع َ‬ ‫لَنَا َال ن َْر َ‬
‫ض ُل ِم ْن ذَ ِل َك؟ َف َيقُولُ‪ :‬أ ُ ِح ُّل َ‬
‫ع َل ْي ُك ْم‬ ‫ش ْيءٍ أَ ْف َ‬
‫ي َ‬ ‫ض َل ِم ْن َذ ِل َك‪َ .‬ف َيقُولُونَ ‪َ :‬وأ َ ُّ‬
‫أ َ ْف َ‬
‫ع َل ْي ُك ْم بَ ْع َدهُ أَبَدًا"‬ ‫ِرض َْوانِي‪ ،‬فَ َال أَ ْس َخ ُ‬
‫ط َ‬
‫ب اللَّ ِه‬ ‫علَ ْي َها﴾ أَيِ‪ :‬ا ْست َ ْن ِق ْذ ُه ْم ِم ْن َ‬
‫عذَا ِ‬ ‫ص َ‬
‫طبِ ْر َ‬ ‫صالةِ َوا ْ‬ ‫﴿وأْ ُم ْر أ َ ْهلَ َك بِال َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫علَى فِ ْع ِل َها َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا‬ ‫ط ِب ْر أ َ ْن َ‬
‫ت َ‬ ‫ص َ‬ ‫ِبإِقَ ِام ال َّ‬
‫ص َال ِة‪َ ،‬وا ْ‬
‫س ُك ْم َوأ َ ْه ِلي ُك ْم ن ً‬
‫َارا﴾‬ ‫قُوا أ َ ْنفُ َ‬
‫‪433‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ ࣰ‬
‫سوال نَّ ِبيّا * َو َكانَ‬ ‫صادِقَ ٱ ۡل َو ۡع ِد َو َكانَ َر ُ‬ ‫ب ِإ ۡس َم ٰـ ِعي ٰۚ َل ِإ َّنهُۥ َكانَ َ‬ ‫﴿وٱ ۡذ ُك ۡر فِی ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ِ‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬
‫ضيّا﴾‬ ‫لز َك ٰو ِة َو َكانَ ِعن َد َربِّ ِهۦ َم ۡر ِ‬ ‫يَ ۡأ ُم ُر أ َ ۡهلَهُۥ بِٱل َّ‬
‫صلَ ٰوةِ َوٱ َّ‬
‫ࣰ‬
‫ع ۡينَ ۡي َك ِإلَ ٰى َما َمتَّعۡ نَا بِ ِهۦۤ أ َ ۡز َو ٰ⁠جا ِّم ۡن ُه ۡم زَ ۡه َرة َ ٱ ۡل َحيَ ٰوةِ ٱلد ُّۡنيَا ِلن َۡف ِتنَ ُه ۡم‬‫﴿و َال ت َ ُمد ََّّن َ‬
‫َ‬
‫ع ْي َني َْك ِإلَى َما‬ ‫س ْب ًعا ِمنَ ْال َمثَا ِني َو ْالقُ ْرآنَ ْال َع ِظ َ‬
‫يم * َال ت َ ُمد ََّّن َ‬ ‫َاك َ‬ ‫﴿ولَقَ ْد آتَ ْين َ‬
‫ِفي ٰۚ ِه} َ‬
‫َمت َّ ْعنَا ِب ِه أ َ ْز َوا ًجا ِم ْن ُه ْم﴾‬
‫﴿ال َن ْسأَلُ َك ِر ْزقًا نَحْ ُن ن َْر ُزقُ َك﴾‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ُون * َما أ ُ ِري ُد ِم ْن ُه ْم ِم ْن ِر ْز ٍ‬
‫ق‬ ‫س ِإال ِل َي ْعبُد ِ‬ ‫﴿و َما َخلَ ْقتُ ْال ِج َّن َواْل ْن َ‬
‫َوقَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫اق ذُو ْالقُ َّوةِ ْال َمتِ ُ‬
‫ين﴾‬ ‫ون * ِإ َّن اللَّهَ ُه َو َّ‬
‫الر َّز ُ‬ ‫ط ِع ُم ِ‬‫َو َما أ ُ ِري ُد أ َ ْن يُ ْ‬
‫ف ٱ َۡلُولَ ٰى‬ ‫وا لَ ۡو َال يَ ۡأ ِتينَا ِبـَٔايَةࣲ ِّمن َّربِّ ِهۦ ٰۚۤۤ أ َ َولَ ۡم ت َۡأتِ ِهم َبيِّنَةُ َما فِی ٱل ُّ‬
‫ص ُح ِ‬ ‫﴿وقَالُ ۟‬ ‫} َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم ِإ َّن فِي َذ ِل َك َل َرحْ َمةً َو ِذ ْك َرى {‬ ‫علَي َْك ْال ِكت َ‬
‫َاب يُتْ َلى َ‬ ‫نزلنَا َ‬ ‫أ َ َولَ ْم َي ْك ِف ِه ْم أ َ َّنا أ َ ْ‬
‫ِلقَ ْو ٍم يُؤْ ِمنُونَ ﴾‬
‫وفي صحيح البخاري برقم (‪ )٣٨٨٧‬من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫علَى َمث َ ِل ِه ْال َبش َُر‪َ ،‬و ِإنَّ َما َكانَ‬ ‫ي ِمنَ ْاآل َيا ِ‬ ‫ُ‬
‫ت َما آ َمنَ َ‬ ‫ي ٍ ِإ َّال َوقَ ْد أوتِ َ‬
‫" َما ِم ْن نَ ِب ّ‬
‫ي‪َ ،‬و ِإنِّي ََل َ ْر ُجو أ َ ْن أ َ ُكونَ أ َ ْكث َ َر ُه ْم ت َابِعًا يَ ْو َم‬ ‫الَّذِي أُوتِيتُهُ َوحْ يًا أ َ ْو َحاهُ َّ‬
‫اللهُ ِإلَ َّ‬
‫ْال ِق َيا َم ِة"‬

‫سورة اَلنبياء عليهم السالم مكية‬

‫‪434‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظلَ ُموا ه َْل هَذا إال َبش ٌَر ِمثْلُ ُك ْم﴾ َكقَ ْو ِل ِه‬
‫س ُّروا النَّجْ وى الَّذِينَ َ‬ ‫﴿وأ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿فَقالُوا أبَش ٌَر يَ ْهدُونَنا فَ َكفَ ُروا وت ََولَّ ْوا وا ْست َ ْغنى َّ‬
‫اللهُ﴾‬
‫ع َل ْي ِه ْم‬ ‫َت قَ ْبلَ ُه ْم ِم ْن قَ ْر َي ٍة أَ ْهلَ ْكنَاهَا أَفَ ُه ْم يُؤْ ِمنُونَ ﴾ ﴿ ِإ َّن الَّذِينَ َحقَّ ْ‬
‫ت َ‬ ‫وقولُه ﴿ َما آ َمن ْ‬
‫يم﴾‬ ‫َك ِل َمةُ َر ِبّ َك َال يُؤْ ِمنُونَ َولَ ْو َجا َءتْ ُه ْم ُك ُّل آ َي ٍة َحتَّى يَ َر ُوا ْال َعذَ َ‬
‫اب اَل ِل َ‬
‫سادًا‬ ‫ي‪َ :‬ب ْل قَ ْد َكانُوا أَجْ َ‬ ‫ام﴾ أ َ ْ‬ ‫سدًا َال يَأ ْ ُكلُونَ َّ‬
‫الطعَ َ‬ ‫﴿و َما َجعَ ْلنَا ُه ْم َج َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ص ِم ْن ُه ْم َش ْيئًا‪َ ،‬ك َما ت ََو َّه َمهُ‬ ‫ار لَ ُه ْم َو َال نَا ِق ٍ‬ ‫ام‪َ .‬ولَي َ‬
‫ْس ذَ ِل َك ِب َ‬
‫ض ٍّ‬ ‫َيأ ْ ُكلُونَ َّ‬
‫الط َع َ‬
‫ق‬
‫ام َويَ ْم ِشي فِي اَلس َْوا ِ‬ ‫الط َع َ‬‫سو ِل يَأ ْ ُك ُل َّ‬ ‫الر ُ‬‫ْال ُم ْش ِر ُكونَ فِي قَ ْو ِل ِه ْم‪َ ﴿ :‬ما ِل َهذَا َّ‬
‫ࣱ‬
‫ض َم َل ٰۤـ ِٕى َكة يَ ۡم ُ‬
‫شونَ‬ ‫ِيرا} {قُل لَّ ۡو َكانَ فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫لَ ْوال أُنز َل إِلَ ْي ِه َملَ ٌك َفيَ ُكونَ َمعَهُ نَذ ً‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫سوال}‬ ‫س َم ۤا ِء َملَكا َّر ُ‬ ‫ُم ۡط َم ِٕىنِّينَ َلن ََّز ۡلنَا َ‬
‫ع َل ۡي ِهم ِّمنَ ٱل َّ‬
‫نزلنَا ِإلَ ْي ُك ْم ِكت َابًا ِفي ِه ِذ ْك ُر ُك ْم﴾ كما قَا َل تعالى‬ ‫﴿لَقَ ْد أَ ْ‬
‫ف ت ُ ْسأَلُونَ ﴾‬ ‫س ْو َ‬‫﴿و ِإنَّهُ لَ ِذ ْك ٌر لَ َك َو ِلقَ ْو ِم َك َو َ‬
‫َ‬
‫ض َو َما َب ۡينَ ُه َما َل ٰـ ِع ِبينَ } يخبر تعالى أنه خلق‬ ‫س َم ۤا َء َوٱ َۡل َ ۡر َ‬
‫﴿و َما َخلَ ۡقنَا ٱل َّ‬ ‫َ‬
‫ي الَّذِينَ أَ َ‬
‫سا ُءوا بِ َما‬ ‫ي‪ِ :‬ب ْالعَ ْد ِل َو ْال ِقس ِ‬
‫ْط‪ِ ﴿ ،‬ليَجْ ِز َ‬ ‫ض بِ ْال َح ّ ِ‬
‫ق‪ ،‬أ َ ْ‬ ‫السموات َو ْاَل َ ْر َ‬
‫ي الَّذِينَ أَحْ َسنُوا ِب ْال ُح ْسنَى﴾‬ ‫ع ِملُوا َو َيجْ ِز َ‬
‫َ‬
‫{لَ ۡو َكانَ فِي ِه َم ۤا َءا ِل َهةٌ ِإ َّال ٱ َّللهُ لَفَ َ‬
‫س َدت َٰۚا}‬
‫َكقَ ْو ِل ِه تَعَالَى‪َ ﴿ :‬ما اتَّ َخذَ اللَّهُ ِم ْن َولَ ٍد َو َما َكانَ َمعَهُ ِم ْن إِلَ ٍه إِذًا لَذَه َ‬
‫َب ُك ُّل ِإلَ ٍه بِ َما‬
‫صفُونَ ﴾‬ ‫ع َّما َي ِ‬ ‫س ْب َحانَ اللَّ ِه َ‬ ‫ض ُ‬ ‫علَى َب ْع ٍ‬‫ض ُه ْم َ‬ ‫َخلَقَ َولَ َعال َب ْع ُ‬
‫وح ۤی ِإلَ ۡي ِه أَنَّهُۥ َ ۤال ِإلَ ٰـهَ ِإ َّ ۤال أَن َ۠ا فَٱ ۡعبُد ِ‬
‫ُون﴾‬ ‫سو ٍل ِإ َّال نُ ِ‬‫س ۡلنَا ِمن قَ ۡب ِل َك ِمن َّر ُ‬ ‫{و َم ۤا أ َ ۡر َ‬
‫َ‬
‫وقول كل نبي { َي ٰـقَ ۡو ِم ٱ ۡعبُد ۟‬
‫ُوا ٱللَّهَ َما لَ ُكم ِّم ۡن ِإلَ ٰـ ٍه َ‬
‫غ ۡي ُرهُۥۤ}‬
‫‪435‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صونَ ٱللَّهَ َم ۤا أ َ َم َر ُه ۡم‬


‫{ال َيعۡ ُ‬‫{ال َي ۡس ِبقُو َنهُۥ ِبٱ ۡلقَ ۡو ِل َو ُهم ِبأ َ ۡم ِر ِهۦ َيعۡ َملُونَ } َّ‬
‫َ‬
‫َوا َّوقُلُوبُ ُه ۡم‬‫{وٱلَّ ِذينَ يُ ۡؤتُونَ َم ۤا َءات ۟‬
‫َويَ ۡف َعلُونَ َما يُ ۡؤ َم ُرونَ } وكذلك المؤمنون َ‬
‫َو ِجلَةٌ أَنَّ ُه ۡم ِإلَ ٰى َربِّ ِه ۡم َر ٰ⁠ ِجعُونَ }‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َمن َيقُ ْل ِمنهم إ ِنّي إ َلهٌ ِمن دُو ِن ِه فَ َذ ِل َك نَجْ ِزي ِه َج َهنَّ َم َكذَ ِل َك نَجْ ِزي‬
‫ّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ﴾‬
‫ِير الَّذِي ذَ َك َرهُ ‪َ -‬ج َّل‬
‫ض والت َّ ْقد ُ‬
‫ش ْر ِك‪ .‬وهَذا الفَ ْر ُ‬ ‫وال ُمرا ُد بِذَ ِل َك ت َ ْع ِظي ُم ْأم ِر ال ِ ّ‬

‫على ال َج ِميعِ‬
‫س ِل‪َ ،‬‬ ‫ضا في شَأ ْ ِن ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫عال ‪ُ -‬هنا في شَأ ْ ِن ال َمال ِئ َك ِة ذَ َك َرهُ أ ْي ً‬ ‫و َ‬
‫ي إلَي َْك وإلى الَّذِينَ ِمن َق ْب ِل َك َلئِ ْن‬ ‫﴿ولَقَ ْد أ ُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫سال ُمهُ‪ ،‬قا َل ت َعالى‪َ :‬‬ ‫الل ِه و َ‬‫صلَواتُ َّ‬ ‫َ‬
‫ع َملُ َك و َلت َ ُكون ََّن ِمنَ الخا ِس ِرينَ ﴾ ولَ ّما ذَ َك َر ‪َ -‬ج َّل و َ‬
‫عال ‪َ -‬من‬ ‫أ ْش َر ْك َ‬
‫ت لَيَحْ بَ َ‬
‫ط َّن َ‬
‫عام“ قال ﴿ذَ ِل َك ُهدى اللَّ ِه َي ْهدِي ِب ِه َمن َيشا ُء‬ ‫ور ِة ”اَل ْن ِ‬‫س َ‬ ‫ياء في ُ‬ ‫ذَ َك َر ِمنَ اَل ْن ِب ِ‬
‫ع ْنهم ما كانُوا يَ ْع َملُونَ ﴾‬
‫ط َ‬‫ِمن ِعبا ِد ِه ولَ ْو أ ْش َر ُكوا لَ َح ِب َ‬
‫ض كانَتا َرتْقًا فَ َفت َ ْقنا ُهما‬
‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬‫سماوا ِ‬ ‫أن ال َّ‬‫﴿أولَ ْم َي َر الَّذِينَ َكفَ ُروا َّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ق وال َفتْ ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫الرتْ ِ‬
‫ف العلماء في ال ُمرا ِد ِب َّ‬ ‫و َج َع ْلنا﴾ ْ‬
‫واخت َ َل َ‬
‫سما َء ال‬ ‫ولكن الصواب وعليه الجمهور هو َك ْونُ ُهما كانَتا َرتْقًا بِ َم ْعنى َّ‬
‫أن ال َّ‬
‫ط ِر‪،‬‬ ‫ش ْيئًا‪ ،‬فَفَتَقَ اللَّهُ ال َّ‬
‫سما َء ِبال َم َ‬ ‫ض ال ت ُ ْن ِبتُ َ‬‫واَلر َ‬‫ْ‬ ‫َي ْن ِز ُل ِمنها َم َ‬
‫ط ٌر‪،‬‬
‫ب َّ‬
‫الل ِه ت َعالى‪:‬‬ ‫ت َعلَ ْي ِه قَرائِ ُن ِمن ِكتا ِ‬ ‫ت ‪ -‬قَ ْد َدلَّ ْ‬
‫ض ِبالنَّبا ِ‬
‫واَلر َ‬
‫ْ‬

‫‪436‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على أنَّهم َر ْأوا ذَ ِل َك؛‬ ‫﴿أولَ ْم َي َر الَّذِينَ َكفَ ُروا َّ‬


‫أن﴾ َي ُد ُّل َ‬ ‫اَل ُولى‪َّ :‬‬
‫أن قَ ْولَهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫سما َء‬ ‫أن ال َّ‬‫ْصار ِه ْم هو َّ‬
‫والذِي يَ َر ْونَهُ بِأب ِ‬‫ص ِريَّةٌ‪َّ ،‬‬‫اَلظ َه َر في ” َرأى“ أنَّها َب َ‬‫ْ‬ ‫َِل َّن‬
‫َبات ِفيها‪ ،‬فَ ُيشا ِهدُونَ‬ ‫ض َم ِّيتَةٌ ه ِ‬
‫ام َدة ٌ ال ن َ‬ ‫واَلر ُ‬
‫ْ‬ ‫ون ال َي ْن ِز ُل ِمنها َم َ‬
‫ط ٌر‪،‬‬ ‫ت َ ُك ُ‬
‫ع النَّبا ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ْصار ِه ْم إ ْنزا َل اللَّ ِه ال َم َ‬
‫ط َر وإ ْنباتَهُ ِب ِه أ ْنوا َ‬ ‫ِبأب ِ‬
‫ي ٍ أفَال‬ ‫الماء ُك َّل َ‬
‫ش ْيءٍ َح ّ‬ ‫ِ‬ ‫﴿و َجعَ ْلنا ِمنَ‬
‫القَ ِرينَةُ الثّا ِنيَةُ‪ :‬أنَّهُ أتْ َب َع ذَ ِل َك بِقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫الماء الَّذِي‬
‫ِ‬ ‫أي‪ :‬و َج َع ْلنا ِمنَ‬
‫الم ِبما قَ ِبلَهُ‪ْ ،‬‬
‫والظا ِه ُر ا ِتّصا ُل َهذا ال َك ِ‬ ‫ّ‬ ‫يُؤْ ِمنُونَ ﴾‪.‬‬
‫ي ٍ‪.‬‬ ‫ض ‪ُ -‬ك َّل ش ْ‬
‫َيءٍ َح ّ‬ ‫ت بِ َفتِ ِقنا ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫ع ال َّنبا ِ‬‫سما َء‪ ،‬وأ ْن َبتْنا بِ ِه أ ْنوا َ‬ ‫أ ْنزَ ْلناهُ بِفَتِ ِقنا ال َّ‬
‫ي ٍ أفَال يُؤْ ِمنُونَ ﴾‬
‫َيءٍ َح ّ‬ ‫الماء ُك َّل ش ْ‬
‫ِ‬ ‫﴿و َجعَ ْلنا ِمنَ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫أن ” َج َع َل“ ُهنا ِب َم ْعنى َخلَقَ ؛ َِلنَّها ُمت َ َع ِ ّد َيةٌ ِل َم ْفعُو ٍل ِ‬
‫واح ٍد‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الظا ِه ُر َّ‬
‫ش ْيءٍ هو النُّ ْ‬
‫طفَةُ وقيل‪ :‬هو عنصر الماء ومنه‬ ‫قيل‪ :‬الما ُء الَّذِي ُخ ِلقَ ِمنهُ ُك ُّل َ‬
‫المني‪.‬‬
‫س ْقفًا َمحْ فُو ً‬
‫ظا﴾ من أن تقع على اَلرض ومن‬ ‫﴿و َج َع ْلنا ال َّ‬
‫سما َء َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ْطان َر ِج ٍيم﴾‬
‫شي ٍ‬ ‫﴿و َح ِف ْ‬
‫ظناها ِمن ُك ِّل َ‬ ‫البِال ومن الشياطين َ‬
‫ش ِ ّر وال َخي ِْر ِفتْنَةً وإلَيْنا ت ُ ْر َجعُونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪:‬‬
‫﴿ونَ ْبلُوكم ِبال َّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ت لَ َعلَّهم يَ ْر ِجعُونَ ﴾‬
‫ت وال َّسيِّئا ِ‬ ‫﴿وبَلَ ْوناهم بِال َح َ‬
‫سنا ِ‬ ‫َ‬
‫ض ُح‬
‫الرحْ َم ِن هو ال ُم َو َّ‬ ‫الرحْ َم ِن هم كافِ ُرونَ ﴾ َو َم ْعنى ُك ْف ِر ِه ْم بِ ِذ ْك ِر َّ‬ ‫{وهم بِ ِذ ْك ِر َّ‬ ‫َ‬
‫لرحْ َم ِن قالُوا وما َّ‬
‫الرحْ َم ُن أنَ ْس ُج ُد ِلما‬ ‫﴿وإذا قِي َل لَ ُه ُم ا ْس ُجدُوا ِل َّ‬
‫في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫ت َأ ْ ُم ُرنا وزا َدهم نُفُو ًرا﴾‬
‫الرحْ َمنَ ّإال َر ِح ْمنَ ال َيما َمةَ‪َ ،‬ي ْعنُونَ ُم َس ْي ِل َمةَ ال َك ّذ َ‬
‫اب‬ ‫ف َّ‬‫وقَ ْولُهم‪ :‬ما نَ ْع ِر ُ‬
‫‪437‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َج ٍل‬ ‫}قَ ْولُهُ ت َعالى‪ُ ﴿ :‬خ ِلقَ اْل ْن ُ‬


‫سان ِمن َ‬
‫صاف‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ب تَقُولُ‪ُ :‬خ ِلقَ ِمن َكذا‪ .‬يَ ْعنُونَ ِبذَ ِل َك ال ُمبا ِلغَةَ في اْل ْن‬
‫وال َع َر ُ‬
‫ت فُالنَةُ ِمنَ ال َجما ِل‪ .‬ويُ َو ِ ّ‬
‫ض ُح هَذا‬ ‫الن ِمن َك َر ٍم‪ ،‬و ُخ ِلقَ ْ‬
‫َكقَ ْو ِل ِه ْم‪ُ :‬خ ِلقَ فَ ٌ‬
‫ال َم ْعنى قَ ْولُهُ ت َعالى‪:‬‬
‫ع ُج ً‬
‫وال﴾‬ ‫{وكانَ اْل ْن ُ‬
‫سان َ‬
‫س ٍل ِمن َق ْب ِل َك فَحاقَ ِبالَّذِينَ َ‬
‫س ِخ ُروا ِمنهم ما‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ِد ا ْست ُ ْه ِز َ‬
‫ئ ِب ُر ُ‬
‫كانُوا بِ ِه يَ ْست َ ْه ِزئُونَ ﴾‬
‫رام ‪-‬‬
‫س ِل ال ِك ِ‬
‫الر ُ‬ ‫أن ْ‬
‫إخوانَهُ ِمنَ ُّ‬ ‫فِي َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة ت َ ْس ِليَةٌ ِللنَّبِ ّ‬
‫ي ِ ﷺ بِ َّ‬
‫ار‪َ ،‬كما ا ْست َ ْهزَ ُءوا ِب ِه ﷺ َي ْعنِي‪:‬‬ ‫ع َل ْي ِه ُم ‪ -‬ا ْست َ ْهزَ أ ِب ِه ُم ال ُكفّ ُ‬
‫سال ُمهُ َ‬ ‫صلَواتُ َّ‬
‫الل ِه و َ‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬
‫س ِل}‬
‫لر ُ‬‫صبَ ُروا‪{ .‬قُ ۡل َما ُكنتُ بِ ۡدعا ِّمنَ ٱ ُّ‬ ‫صبِ ْر َكما َ‬
‫فا ْ‬
‫أطرا ِفها أفَ ُه ُم‬‫صها ِمن ْ‬ ‫ض نَ ْن ُق ُ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أفَال َي َر ْونَ أ ّنا نَأْ ِتي اَل ْر َ‬
‫الغا ِلبُونَ ﴾‬
‫أطرافِها‪ .‬والصواب أن‬ ‫صها ِمن ْ‬
‫ض يَ ْنقُ ُ‬
‫اَلر َ‬ ‫يان اللَّ ِه ْ‬
‫ف في َم ْعنى إتْ ِ‬
‫اخت ُ ِل َ‬
‫ض‬ ‫سي َْرهم ﴿أنّا نَأ ْ ِتي ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫ار َم َّكةَ و َمن َ‬
‫سار َ‬ ‫الخطاب للعرب أي أفَال َيرى ُكفّ ُ‬
‫س َل َكما أ ْهلَ ْكنا قَ ْو َم صا ِلحٍ‬ ‫الك الَّذِينَ َكذَّبُوا ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫أي‪ :‬بِإ ْه ِ‬
‫أطرافِها﴾ ْ‬ ‫صها ِمن ْ‬ ‫نَ ْنقُ ُ‬
‫وقَ ْو َم لُوطٍ ‪ ،‬وهم يَ ُم ُّرونَ بِد ِ‬
‫ِيار ِه ْم‪ .‬و َكما أ ْهلَ ْكنا َق ْو َم ُهو ٍد وسبأ‪ .‬وقيل‬
‫الفتوحات ودخول الناس في دين الله‪ .‬وغير ذلك‪..‬‬

‫‪438‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ين} وهكذا‬ ‫قَا َل‪ :‬إبراهيم عليه السالم ﴿لَقَ ْد ُك ْنت ُ ْم أ َ ْنت ُ ْم َوآ َبا ُؤ ُك ْم فِي َ‬
‫ضال ٍل ُم ِب ٍ‬
‫{لّيَهۡ ِل َك َم ۡن َهلَ َك َ‬
‫ع ُۢن بَيِّنَةࣲ َويَ ۡحيَ ٰى‬ ‫ينبغي للداعي أن يقول الحق وإن كان ُم ّرا ِ‬
‫ع ُۢن َب ِيّنَةࣲ ٰۗ }‬ ‫َم ۡن َح َّ‬
‫ی َ‬
‫أن ت ُ َولُّوا ُم ْد ِب ِرينَ ﴾ قالها إبراهيم حين استتبعه‬ ‫﴿وتاللَّ ِه ََل ِكي َد َّن أ ْ‬
‫صنا َمكم بَ ْع َد ْ‬
‫قومه إلى عيد لهم فأبى وقال‪ :‬إني سقيم‪.‬‬
‫نطقُونَ ﴾‬ ‫{قَا َل َب ۡل فَ َعلَهُۥ َك ِبي ُر ُه ۡم َه ٰـذَا فَ ۡسـلُو ُه ۡم ِإن َكانُ ۟‬
‫وا َي ِ‬ ‫َٔ‬
‫وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة "لَ ْم يَ ْكذِبْ ِإب َْرا ِهي ُم النب ُّ‬
‫ي عليه‬
‫س ِقي ٌم‪َ ،‬وقَ ْولُهُ‪ :‬بَ ْل‬
‫ت الل ِه‪ ،‬قَ ْولُهُ‪ :‬إ ِنّي َ‬ ‫ث َك َذبَاتٍ‪ ،‬ثِ ْنتَي ِْن في َذا ِ‬ ‫ط إِ َّال ث َ َال َ‬ ‫س َال ُم‪ ،‬قَ ُّ‬ ‫ال َّ‬
‫ارةَ"‬‫س َ‬ ‫اح َدة ٌ في شَأ ْ ِن َ‬ ‫ير ُه ْم هذا‪َ ،‬و َو ِ‬ ‫فَ َعلَهُ َك ِب ُ‬
‫ࣰ‬
‫َار ُكونِی بَ ۡردا‬‫ص ُر ۤو ۟ا َءا ِل َهت َ ُك ۡم ِإن ُكنت ُ ۡم فَ ٰـ ِع ِلينَ * قُ ۡلنَا يَ ٰـن ُ‬‫وا َح ِ ّرقُوهُ َوٱن ُ‬ ‫﴿قَالُ ۟‬

‫علَ ٰۤى ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهي َم}‬


‫سلَ ٰـ ًما َ‬‫َو َ‬
‫ُ‬
‫ي‬‫س َال ُم ِحينَ أ ْل ِق َ‬ ‫َّاس‪َ ،‬ح ْس ُبنَا اللَّهُ و ِن ْع َم َ‬
‫الو ِكيلُ‪ ،‬قالَ َها إب َْرا ِهي ُم عليه ال َّ‬ ‫عب ٍ‬
‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫َ‬
‫اس ق ْد َج َمعُوا‬ ‫{إن النَّ َ‬‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ِحينَ قالوا‪َّ :‬‬ ‫ار‪ ،‬وقالَ َها ُم َح َّم ٌد َ‬
‫في النَّ ِ‬
‫اخش َْو ُه ْم فَزَ ا َد ُه ْم إي َمانًا‪ ،‬وقالوا‪َ :‬ح ْسبُنَا اللَّهُ ونِ ْع َم َ‬
‫الو ِكيلُ} رواه البخاري‬ ‫لَ ُك ْم فَ ْ‬
‫في صحيحه‪.‬‬
‫ض ْال ِع َرا ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ض ٱ َّلتِی َب ٰـ َر ۡكنَا فِي َها ِل ۡل َع ٰـلَ ِمينَ } َكانَ ِبأ َ ْر ِ‬
‫طا ِإلَى ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫﴿ونَ َّج ۡينَ ٰـهُ َولُو ً‬
‫َ‬
‫ش ِام‪ .‬وكان من أقربائه وممن آمن به {فَآ َمنَ لَهُ لُو ٌ‬
‫ط}‬ ‫فَأ َ ْن َجاهُ َّ‬
‫اللهُ إِلَى ال َّ‬
‫وب نَافِلَةً﴾ النَّافِلَةُ َولَ ُد ْال َولَدِ‪َ ،‬ي ْعنِي‪ :‬أ َ َّن َي ْعقُ َ‬
‫وب‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َو َه ْبنَا َلهُ ِإ ْس َحاقَ َو َي ْعقُ َ‬
‫وب﴾‬ ‫اء ِإ ْس َحاقَ يَ ْعقُ َ‬ ‫ش ْرنَاهَا بِإ ِ ْس َحاقَ َو ِم ْن َو َر ِ‬‫َولَ َد ِإ ْس َحاقَ ‪َ ،‬ك َما قَا َل‪﴿ :‬فَ َب َّ‬
‫‪439‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب ٱ ۡل َع ِظي ِم‬
‫﴿ونُو ًحا ِإ ۡذ نَا َد ٰى ِمن قَ ۡب ُل فَٱ ۡستَ َج ۡبنَا لَهُۥ فَ َن َّج ۡينَ ٰـهُ َوأ َ ۡه َلهُۥ ِمنَ ٱ ۡل َك ۡر ِ‬‫} َ‬
‫ض ِمنَ‬ ‫اَلر ِ‬‫علَى ْ‬ ‫﴿وقَا َل نُو ٌح َربّ ِ َال تَذَ ْر َ‬ ‫َص ْر﴾‪َ ،‬‬ ‫وب فَا ْنت ِ‬ ‫عا َربَّهُ أ َ ِنّي َم ْغلُ ٌ‬
‫﴿فَ َد َ‬
‫ضلُّوا ِع َبا َد َك َوال َي ِلدُوا ِإال َف ِ‬
‫اج ًرا َكفَّ ً‬
‫ارا﴾‬ ‫ْال َكا ِف ِرينَ َدي ً‬
‫َّارا‪ِ .‬إنَّ َك ِإ ْن تَذَ ْر ُه ْم ُي ِ‬

‫غنَ ُم ْالقَ ْو ِم﴾ قال‬


‫َت ِفي ِه َ‬ ‫ان فِي ْال َح ْر ِ‬
‫ث إِ ْذ نَفَش ْ‬ ‫سلَ ْي َمانَ إِ ْذ يَحْ ُك َم ِ‬
‫﴿و َد ُاو َد َو ُ‬
‫قوله َ‬
‫س َل ْي َم ُ‬
‫ان َد ُاو َد﴾‬ ‫﴿و َو ِر َ‬
‫ث ُ‬ ‫تعالى‪َ :‬‬
‫الرعاء َم َع ُه ُم ْال ِك َال ُ‬
‫ب‪ ،‬فَقَا َل لَ ُه ْم‬ ‫ب ْال َح ْرثِ‪ ،‬فَ َخ َر َج ِ ّ‬
‫ص َحا ِ‬ ‫فَ َح َك َم َد ُاو ُد بِ ْالغَن َِم َِل َ ْ‬
‫ضى َب ْينَ ُك ْم؟‬ ‫ْف َق َ‬ ‫ان‪َ :‬كي َ‬ ‫سلَ ْي َم ُ‬
‫ُ‬
‫فَأ َ ْخ َب ُروهُ‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬لَ ْو َو َليْتُ أ َ ْم َر ُك ْم لقضيتُ ِبغَي ِْر َهذَا! فَأ ُ ْخ ِب َر ِبذَ ِل َك َد ُاودُ‪ ،‬فَ َد َ‬
‫عاهُ‬
‫ب ْال َح ْرثِ‪ ،‬فَيَ ُك ُ‬
‫ون َلهُ‬ ‫اح ِ‬‫ص ِ‬ ‫ضي بَ ْينَ ُه ْم؟ قَا َل أ َ ْد َف ُع ْالغَن ََم ِإلَى َ‬
‫ْف ت َ ْق ِ‬
‫فَقَا َل‪َ :‬كي َ‬
‫ث مث َل‬ ‫اب ْالغَن َِم َِل َ ْه ِل ْال َح ْر ِ‬
‫ص َح ُ‬‫أ َ ْو َال ُدهَا َوأ َ ْل َبانُ َها َو ِس َالؤُ هَا َو َمنَا ِفعُ َها ويبذُر أ َ ْ‬
‫َ‬
‫الحرث َو َردُّوا‬ ‫اب ْال َح ْر ِ‬
‫ث‬ ‫ص َح ُ‬ ‫َح ْرثِ ِه ْم‪ ،‬فَإ ِ َذا بَ َل َغ ْال َح ْر ُ‬
‫ث الَّذِي َكانَ َ‬
‫علَ ْي ِه أ َ َخذَ أ َ ْ‬
‫ْالغَن ََم إِلَى أ َ ْ‬
‫ص َحابِ َها‪.‬‬
‫ور ِة ِفي ْالقُ ْر ِ‬
‫آن كما في الصحيحين من حديث‬ ‫ص ِة ْال َم ْذ ُك َ‬
‫يب ِم ْن َه ِذ ِه ْال ِق َّ‬
‫َوقَ ِر ٌ‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه‬

‫‪440‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت هذِه‬ ‫َب باب ِْن إحْ دا ُهما‪ ،‬فقالَ ْ‬


‫ب‪َ ،‬فذَه َ‬ ‫"ب ْينَما ْام َرأ َ ِ‬
‫تان مع ُهما ابْنا ُهما‪ ،‬جا َء ال ِ ّذئْ ُ‬
‫ت اَل ُ ْخ َرى‪ :‬إنَّما ذَه َ‬
‫َب با ْبنِ ِك‪َ ،‬فت َحا َك َمتا‬ ‫َب با ْبنِ ِك أ ْنتِ‪ ،‬وقال ِ‬ ‫صاح َبتِها‪ :‬إنَّما ذَه َ‬
‫ِل ِ‬
‫سال ُم‪،‬‬
‫داو َد عليهما ال َّ‬
‫بن ُ‬ ‫ضى به ِل ْل ُكب َْرى‪ ،‬فَخ ََر َجتا علَى ُ‬
‫س َليْمانَ ِ‬ ‫داو َد‪ ،‬فَ َق َ‬
‫إلى ُ‬
‫ص ْغ َرى‪ :‬ال يَ ْر َح ُم َك‬ ‫شقُّهُ ب ْي َن ُكما‪ ،‬فَقال ِ‬
‫ت ال ُّ‬ ‫س ِ ّك ِ‬
‫ين أ ُ‬ ‫فأخبَ َرتاهُ‪ ،‬فقا َل‪ :‬ائْتُونِي بال ِ ّ‬
‫ْ‬
‫ص ْغ َرى"‬‫ضى به ِلل ُّ‬ ‫اللَّهُ‪ ،‬هو ابنُها‪ ،‬فَ َق َ‬
‫س َال ُم‪ ،‬فَ ُكلُّ ُه ْم‬ ‫سلَ ْي َمانَ َولَ ْم َيذُ َّم َد ُاو َد‪َ ،‬و ْاَل َ ْن ِب َيا ُء‪َ ،‬‬
‫علَ ْي ِه ُم ال َّ‬ ‫ع َلى ُ‬ ‫فَأَثْنَى اللَّهُ َ‬
‫ف فِي ِه بَيْنَ ْالعُلَ َم ِ‬
‫اء‬ ‫ع َّز َو َج َّل‪َ .‬و َهذَا ِم َّما َال ِخ َال َ‬ ‫صو ُمونَ ُمؤيَّدون ِمنَ اللَّ ِه َ‬ ‫َم ْع ُ‬
‫يِ‪،‬‬ ‫ص ِحيحِ ْالبُخ ِ‬
‫َار ّ‬ ‫ت فِي َ‬ ‫ف‪َ ،‬وأ َ َّما َم ْن ِس َوا ُه ْم فَقَ ْد ث َ َب َ‬ ‫ف َو ْال َخ َل ِ‬ ‫ْال ُم َح ِقّقِينَ ِمنَ ال َّ‬
‫س َل ِ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ِ " :‬إ َذا اجْ ت َ َه َد ْال َحا ِك ُم‬ ‫اص أ َ َّنهُ َقا َل‪َ :‬قا َل َر ُ‬ ‫ع ْم ِرو ب ِْن ْال َع ِ‬
‫ع ْن َ‬ ‫َ‬
‫طأ َ َفلَهُ أَجْ ٌر"‬
‫اب فَلَهُ أجران‪َ ،‬و ِإذَا اجْ ت َ َه َد فَأ َ ْخ َ‬
‫ص َ‬‫فَأ َ َ‬
‫علَى أ َ ْه ِل َها‪ ،‬فَإ ِ ْن َكانَ‬
‫ام ٌن َ‬
‫ض ِ‬‫ت ْال َم َوا ِشي ِباللَّ ْي ِل فهو َ‬ ‫وأما في شرعنا‪ :‬فَ َما أ َ ْف َ‬
‫س َد ِ‬
‫احبُ َها‪.‬‬
‫ص ِ‬ ‫ارا فَقَ ْد بَ ِر َ‬
‫ئ َ‬ ‫نَ َه ً‬
‫س َّخ ْرنَا َم َع َد ُاو َد ْال ِج َبا َل يُ َسبِّحْ نَ َو َّ‬
‫الطي َْر َو ُكنَّا فَا ِعلِينَ ﴾ وفي‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬
‫الصحيحين من حديث أبي موسى اَلشعري رضي الله عنه قا َل َرسو ُل الل ِه‬
‫ار َحةَ‪،‬‬‫سى‪ :‬لو َرأ َ ْيتَنِي َوأَنَا أ َ ْست َِم ُع ِل ِق َرا َء ِت َك البَ ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ عليه َّ‬
‫وسل َم َل َبِي ُمو َ‬ ‫َ‬
‫ير آ ِل َد ُاو َد‪.‬‬
‫ارا ِمن َمزَ ِام ِ‬ ‫لقَ ْد أُوتِ َ‬
‫يت ِم ْز َم ً‬
‫صنَ ُك ْم ِم ْن َبأ ْ ِس ُك ْم﴾ َي ْعنِي َ‬
‫ص ْن َعةَ‬ ‫علَّ ْمنَاهُ َ‬
‫ص ْن َعةَ لَبُ ٍ‬
‫وس لَ ُك ْم ِليُحْ ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬
‫الد ُُّروعِ‪.‬‬
‫ت َوقَ ّد ِْر ِفي ال َّ‬
‫س ْردِ﴾‬ ‫﴿وأَلَنَّا لَهُ ْال َحدِي َد‪ .‬أ َ ِن ا ْع َم ْل َ‬
‫سا ِبغَا ٍ‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫‪441‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض الَّتِي َب َ‬
‫ار ْكنَا ِفي َها﴾‬ ‫اصفَةً تَجْ ِري ِبأ َ ْم ِر ِه ِإلَى ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫س َل ْي َمانَ ِ ّ‬
‫الري َح َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِل ُ‬
‫ب إلى‬ ‫ش ِام‪ .‬وهذا في حالَ ِة اْليا ِ‬ ‫شا ُم‪َ ،‬فت َُر ُّدهُ إلى ال ّ‬
‫َِل َّن َم ْس َكنَهُ ِفيها وهي ال ّ‬
‫ش ْه ٌر َو َر َوا ُح َها َش ْه ٌر﴾‬ ‫س ْكنى‪ُ ﴿ .‬‬
‫غد ُُّوهَا َ‬ ‫َم َح ِّل ال ُّ‬
‫ࣰۡ‬
‫نت‬‫َ‬ ‫ُۢ‬ ‫َ‬
‫{قَا َل َربّ ِ ٱ ۡغ ِف ۡر ِلی َوه َۡب ِلی ُملكا ال يَن َب ِغی َِل َح ࣲد ِّمن بَعۡ ِد ۤیۤ ِإنَّ َك أ َ‬
‫ُۢ‬ ‫َّ‬
‫اب﴾‬
‫ص َ‬‫ْث أ َ َ‬‫الري َح تَجْ ِري بِأ َ ْم ِر ِه ُرخَا ًء َحي ُ‬ ‫س َّخ ْرنَا لَهُ ِ ّ‬
‫اب * فَ َ‬‫ٱ ۡل َو َّه ُ‬
‫صفَها‬
‫وو َ‬ ‫شدِي َدة ُ ال ُهبُو ِ‬
‫ب‪َ ،‬‬ ‫عاصفَةٌ‪ْ ،‬‬
‫أي‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ور ِة ”اَل ْن ِب ِ‬
‫ياء“ ِبأنَّها‬ ‫س َ‬‫ذُكرت ُهنا في ُ‬
‫غي ُْر الَّتِي تَجْ ِري‬
‫والعاصفَةُ َ‬
‫ِ‬ ‫ورةِ ”ص“ بِأنَّها تَجْ ِري بِ ْ‬
‫أم ِر ِه ُرخا ًء‪،‬‬ ‫س َ‬‫في ُ‬
‫ف ويَ ْشت َ َّد ُهبُوبُها في َّأو ِل ْ‬
‫اَلم ِر‪ ،‬فَإذا‬ ‫اَلم َري ِْن‪ْ :‬‬
‫بأن ت َ ْع ِ‬
‫ص َ‬ ‫ُرخا ًء‪ .‬و ُجم َع بَيْنَ ْ‬
‫ب ما يُ ِري ُد‬
‫على َح َس ِ‬
‫أصاب‪ُ .‬أو أن هبو ِبها َ‬
‫َ‬ ‫ت ِب ِه ُرخا ًء َحي ُ‬
‫ْث‬ ‫سار ْ‬
‫ارتَفَ َع َ‬
‫ْ‬
‫ويَحْ ت َ ِك ُم‪.‬‬
‫صونَ لَهُ و َي ْع َملُونَ َ‬
‫ع َم ًال دُونَ ذَ ِل َك‬ ‫ين َمن َيغُو ُ‬
‫ياط ِ‬
‫ش ِ‬ ‫}قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ِمنَ ال َّ‬
‫اص﴾‬‫ياطينَ ُك َّل َب ّناءٍ وغ َّو ٍ‬
‫ش ِ‬‫َكقَ ْو ِل ِه ﴿وال َّ‬
‫ب وقُد ٍ‬
‫ُور‬ ‫فان كال َجوا ِ‬
‫وج ٍ‬‫يب وت َما ِثي َل ِ‬ ‫وقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬يَ ْع َملُونَ َلهُ ما يَشا ُء ِمن َم ِ‬
‫حار َ‬
‫را ِسيا ٍ‬
‫ت}‬
‫أن يؤذوا سليمان ومن الفرار‪َ { .‬و َمن يَ ِز ْ‬
‫غ ِمنهم‬ ‫﴿و ُكنّا لَهم حافِ ِظينَ ﴾ ْ‬
‫أي‪ِ :‬من ْ‬ ‫َ‬
‫ير﴾‬
‫س ِع ِ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ع ْن ْأم ِرنا نُ ِذ ْقهُ ِمن َ‬
‫عذا ِ‬ ‫َ‬

‫‪442‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اح ِمينَ ﴾‬
‫الر ِ‬
‫أر َح ُم ّ‬
‫ت ْ‬‫ي الض ُُّّر وأ ْن َ‬ ‫ُّوب إ ْذ نادى َربَّهُ أنِّي َم َّ‬
‫سنِ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وأي َ‬
‫عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قلتُ ‪ :‬يا رسو َل اللَّ ِه أ ُّ‬
‫ي النَّ ِ‬
‫اس‬
‫صالحونَ ث َّم اَلمث َ ُل فاَلمث َ ُل منَ النَّ ِ‬
‫اس ُيبت َلى‬ ‫أش ُّد بال ًء قا َل ‪ :‬اَلنبيا ُء ث َّم ال َّ‬
‫ب دينِ ِه فإن كانَ في دي ِن ِه صالبةٌ زي َد في بالئِ ِه وإن كانَ في‬ ‫الرج ُل على َحس ِ‬ ‫َّ‬
‫اَلرض‬
‫ِ‬ ‫يمشي على َ‬
‫ظ ْه ِر‬ ‫َ‬ ‫دينِ ِه رقَّةٌ ُخ ِفّ َ‬
‫ف عنهُ وما يزا ُل البال ُء بال َعب ِد حتَّى‬
‫ليس علي ِه خطيئةٌ" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬ ‫َ‬
‫ش ْفنا ما بِ ِه ِمن ُ‬
‫ض ٍ ّر} سيأتي تفاصيل ذلك في سورة ص‪.‬‬ ‫﴿فا ْست َ َجبْنا لَهُ فَ َك َ‬
‫ت لَهُ‬ ‫أن يَ ْر ُك َ‬
‫ض بِ ِرجْ ِل ِه فَفَعَ َل‪َ ،‬فنَبَعَ ْ‬ ‫ع ْنهُ أ َم َرهُ ْ‬ ‫وأنه لَ ّما أرا َد اللَّهُ إ ْذ َ‬
‫هاب الض ِ ُّّر َ‬
‫س َل ِمنها‪ ،‬فَزا َل ُك ُّل ما ِبظا ِه ِر َب َدنِ ِه ِمنَ الض ِ ُّّر‪ ،‬وش َِر َ‬
‫ب ِمنها‬ ‫عي ُْن ماءٍ ‪ ،‬فا ْغت َ َ‬
‫َ‬
‫﴿ار ُك ْ‬
‫ض بِ ِرجْ ِل َك هَذا‬ ‫أشار ت َعالى إلى ذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه‪ْ :‬‬
‫َ‬ ‫فَزا َل ُك ُّل ما ِب ِ‬
‫باط ِن ِه‪َ .‬كما‬
‫بار ٌد وش ٌ‬
‫َراب﴾‬ ‫ُم ْغت َ َ‬
‫س ٌل ِ‬
‫{وآتَ ْينَاهُ أَ ْهلَهُ َو ِمثْلَ ُه ْم َم َع ُه ْم﴾ قال بعض السلف‪ :‬أحيا الله أهله بأعيانهم‪،‬‬
‫وقوله َ‬
‫وزاده إليهم مثلهم‪.‬‬
‫ࣱ‬
‫س َوذَا ٱ ۡل ِك ۡف ِل ُك ّل ِّمنَ ٱل َّ‬
‫ص ٰـ ِب ِرينَ }‬ ‫﴿و ِإ ۡس َم ٰـ ِعي َل َو ِإ ۡد ِري َ‬
‫َ‬
‫ي أ َح ٌد َع َ‬
‫طا ًء َخي ًْرا‬ ‫وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري "وما أُع ِ‬
‫ْط َ‬
‫صب ِْر"‬ ‫وأ َ ْو َ‬
‫س َع ِمنَ ال َّ‬
‫ب ال ُحوتِ‪ .‬وهو نبي‬
‫صاح ُ‬
‫ِ‬ ‫غاضبًا} أي‬ ‫ون إ ْذ َذه َ‬
‫َب ُم ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وذا النُّ ِ‬
‫الله يونس بن متى‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ق‬ ‫ومن ْ‬
‫إطال ِ‬ ‫ط ِن ال ُحوتِ‪ِ .‬‬ ‫علَ ْي ِه في َب ْ‬
‫ض ِيّقَ َ‬ ‫أن لَ ْن نَ ْقد َِر َ‬
‫ع َل ْي ِه} أي لَ ْن نُ َ‬ ‫{ فَ َ‬
‫ظ َّن ْ‬
‫علَ ْي ِه ِر ْزقُهُ﴾ ْ‬
‫أي‪:‬‬ ‫َعالى‪﴿:‬و َمن قُد َِر َ‬
‫َ‬ ‫آن قَ ْولُهُ ت‬
‫ضيَّقَ “ في القُ ْر ِ‬‫”قَ َد َر“ بِ َم ْعنى ” َ‬
‫ع َل ْي ِه ِر ْزقُهُ‪.‬‬
‫ض ِيّقَ َ‬
‫و َمن ُ‬
‫سلِينَ ﴾ ﴿إ ْذ أ َبقَ إلى الفُ ْل ِك ال َم ْش ُح ِ‬
‫ون﴾ ﴿فَساه ََم فَكانَ ِمنَ‬ ‫س لَ ِمنَ ال ُم ْر َ‬ ‫إن يُونُ َ‬
‫﴿و َّ‬
‫َ‬
‫ضينَ ﴾ ﴿فالتَقَ َمهُ ال ُحوتُ وهو ُم ِلي ٌم﴾‬ ‫ال ُم ْد َح ِ‬
‫ُون﴾ وال ُمرا ُد ِباَل ُ َّم ِة‬ ‫﴿إن َه ِذ ِه أ ُ َّمتُكم أ ُ َّمةً ِ‬
‫واح َدة ً وأنا َربُّكم فا ْعبُد ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َّ :‬‬
‫ت دينُنا‬ ‫اَلنبياء أوال ُد َّ‬
‫عال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫معاشر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫"نحن‬ ‫والملَّةُ‪ .‬وفي الحديث‬
‫ش ِري َعةُ ِ‬
‫ُهنا‪ :‬ال َّ‬
‫واحدٌ" أصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة‪.‬‬
‫على قَ ْر َي ٍة أ ْهلَ ْكناها أنَّهم ال َي ْر ِجعُونَ ﴾ وال َم ْعنى‪ :‬أي و ُم ْمت َ ِن ٌع‬‫قوله ﴿و َحرا ٌم َ‬
‫إن ال في ال يَ ْر ِجعُونَ زائِ َدةٌ‪ْ :‬‬
‫أي‬ ‫ع َد ُم ُر ُجو ِع ِه ْم إلَيْنا ِل ْل َج ِ‬
‫زاء‪ ،‬وقِي َل‪َّ :‬‬ ‫ْألبَتَّةَ َ‬
‫الك إلى ال ُّد ْنيا‪.‬‬ ‫على قَ ْر َي ٍة أ ْهلَ ْكناها ْ‬
‫أن َي ْر ِجعُوا َب ْع َد ال َه ِ‬ ‫َحرا ٌم َ‬
‫قَا َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَا ْست َ َج ْبنَا لَهُ َو َو َه ْبنَا لَهُ َيحْ يَى َوأ َ ْ‬
‫صلَحْ نَا لَهُ زَ ْو َجهُ﴾ أَيِ‪:‬‬
‫ص َل َح َها اللَّهُ وهذا ال يصح‪ ،‬وإنما‬ ‫طو ٌل َفأ َ ْ‬ ‫سانِ َها ُ‬ ‫ْام َرأَتَهُ‪ .‬قيل َكانَ فِي ِل َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫عا ِق ًرا َال تَ ِلدُ‪ ،‬فَ َولَ َد ْ‬ ‫َت َ‬ ‫الصواب ما ذكره الله في سورة مريم بأنها َكان ْ‬
‫ࣰ‬
‫وحنَا َو َج َع ۡلنَ ٰـ َها َوٱ ۡبنَ َه ۤا َءا َية ِلل َع ٰـل ِمينَ ﴾‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ّ‬ ‫﴿وٱلَّتِ ۤی أ َ ۡح َ‬
‫صن َۡت فَ ۡر َج َها فَنَفَ ۡخنَا ِفي َها ِمن ُّر ِ‬ ‫َ‬
‫ص ِة زَ َك ِريَّا َوا ْبنِ ِه‬ ‫س َال ُم‪ ،‬بِ ِق َّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬‫صةَ َم ْريَ َم َوا ْبنِ َها ِعي َسى‪َ ،‬‬ ‫َه َكذَا قَ َرن تَعَالَى قِ َّ‬
‫ص ِة َم ْر َي َم؛ َِل َ َّن‬ ‫س َال ُم‪ ،‬فَ َي ْذ ُك ُر أ َ َّو ًال ِق َّ‬
‫صةَ زَ َك ِريَّا‪ ،‬ث ُ َّم يُتْ ِبعُ َها ِب ِق َّ‬ ‫علَ ْي ِه َما ال َّ‬
‫َيحْ َيى‪َ ،‬‬
‫تِ ْل َك ُم َو ّ‬
‫طئة ِل َه ِذ ِه‪ .‬والراحج أنها ليست نبيا‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ق الض ّّالِينَ ال ُم ْخت َ ِلفِينَ‬ ‫﴿وتَقَ َّ‬


‫طعُوا ْأم َرهم َب ْينَ ُه ْم﴾ َو ُك ُّل فِ ْر َق ٍة ِمن َهؤ ِ‬
‫ُالء ال ِف َر ِ‬ ‫َ‬
‫ب بِما لَ َد ْي ِه ْم فَ ِر ُحونَ ﴾‬
‫باط ِل ِه ْم { ُك ُّل ِح ْز ٍ‬ ‫طعِينَ دِينَهم ِق َ‬
‫طعًا فَ ِر ُحونَ ِب ِ‬ ‫ال ُمتَقَ ِ ّ‬
‫ُون اللَّ ِه}‬
‫﴿إنَّكم وما ت َ ْعبُدُونَ ِمن د ِ‬
‫من اَلوثان واَلصنام وكل من رضي عن عبادتكم إياه وأما غير الراضي‬
‫فال يدخل فيها‪.‬‬
‫جارةُ﴾‬
‫والح َ‬ ‫واردُونَ ﴾ ﴿وقُودُها النّ ُ‬
‫اس ِ‬ ‫ب َج َهنَّ َم أ ْنت ُ ْم لَها ِ‬
‫ص ُ‬
‫{ َح َ‬
‫ق‪ ،‬وأ ْق َربُها ما‬ ‫ير وال َّ‬
‫ش ِهي ِ‬ ‫الزفِ ِ‬ ‫ير﴾ َۤ ِل ْلعُلَ ِ‬
‫ماء أ ْقوا ٌل في َم ْعنى َّ‬ ‫قوله ﴿لَهم ِفيها زَ فِ ٌ‬
‫الحما ِر في نَ ِهي ِق ِه‪ ،‬فَ َّأولُهُ زَ فِ ٌ‬
‫ير‪،‬‬ ‫قاله المحققون‪ :‬أنَّ ُهما يُ َم ِثّلُ ُهما َمعًا َ‬
‫ص ْوتُ ِ‬
‫يق‪.‬‬‫ش ِه ٌ‬ ‫وآخ ُرهُ الَّذِي يُ َر ِ ّد ُدهُ في َ‬
‫ص ْد ِر ِه َ‬ ‫ِ‬
‫سى عليه السالم‬ ‫ع ْن َها ُم ْب َعدُونَ ﴾ َك ِعي َ‬ ‫ت لَ ُه ْم ِمنَّا ْال ُح ْسنَى أُو َلئِ َك َ‬ ‫﴿ ِإ َّن الَّذِينَ َ‬
‫سبَ َق ْ‬
‫ُ‬
‫اس ٱت َّ ِخذُو ِنی َوأ ِّم َ‬
‫ی ِإ َل ٰـ َه ۡي ِن ِمن‬ ‫ت ِلل َّن ِ‬‫نت قُ ۡل َ‬
‫سى ٱ ۡبنَ َم ۡر َي َم َءأ َ َ‬‫{و ِإ ۡذ قَا َل ٱللَّهُ َي ٰـ ِعي َ‬
‫َ‬
‫ق ِإن ُكنتُ قُ ۡلتُهُۥ‬ ‫ون ِل ۤی أ َ ۡن أَقُو َل َما لَ ۡي َ‬
‫س ِلی ِب َح ٰۚ ّ ٍ‬ ‫س ۡب َح ٰـن ََك َما يَ ُك ُ‬‫ُون ٱللَّ ِه َقا َل ُ‬
‫د ِ‬
‫ع ِل ۡمتَهُۥٰۚ ت َعۡ لَ ُم َما فِی ن َۡف ِسی َو َ ۤال أ َ ۡعلَ ُم َما فِی ن َۡف ِس ٰۚ َك}‪َ .‬و ْال َم َالئِ َكةُ‪{ .‬قَالُ ۟‬
‫وا‬ ‫فَقَ ۡد َ‬
‫س ۡب َح ٰـن ََك أ َ َ‬
‫نت َو ِل ُّينَا ِمن دُو ِن ِهم}‬ ‫ُ‬
‫﴿وتَتَلَقَّا ُه ُم ْال َمالئِ َكةُ َهذَا‬ ‫س ُه ْم خَا ِلدُونَ ﴾ َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬ ‫ت أ َ ْنفُ ُ‬
‫﴿و ُه ْم فِي َما ا ْشت َ َه ْ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫وا َربُّنَا ٱللَّهُ ث ُ َّم ٱ ۡستَقَ ٰـ ُم ۟‬
‫وا تَتَن ََّز ُل‬ ‫عدُونَ ﴾ كقوله {إِ َّن ٱ َّل ِذينَ قَالُ ۟‬ ‫يَ ْو ُم ُك ُم الَّذِي ُك ْنت ُ ْم تُو َ‬
‫عدُونَ ‪.‬‬ ‫وا ِبٱ ۡل َجنَّ ِة ٱ َّلتِی ُكنت ُ ۡم تُو َ‬‫وا َوأ َ ۡب ِش ُر ۟‬‫وا َو َال ت َۡحزَ نُ ۟‬ ‫علَ ۡي ِه ُم ٱ ۡل َملَ ٰۤـ ِٕى َكةُ أَ َّال تَخَافُ ۟‬
‫َ‬
‫ن َۡح ُن أ َ ۡو ِليَ ۤا ُؤ ُك ۡم فِی ٱ ۡل َحيَ ٰوةِ ٱلد ُّۡنيَا َوفِی ٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫اخ َرةِ َولَ ُك ۡم ِفي َها َما ت َۡشت َ ِه ۤی أ َنفُ ُ‬
‫س ُك ۡم َولَ ُك ۡم‬
‫ِفي َها َما ت َ َّدعُونَ }‬
‫‪445‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ور‬ ‫أن َّ‬


‫الزبُ َ‬ ‫صواب‪َّ :‬‬ ‫ور ِمن َب ْع ِد ال ِذّ ْك ِر ﴾ ‪ .‬ال َّ‬ ‫﴿ولَقَ ْد َكتَبْنا في َّ‬
‫الزبُ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ب ال ُمن ََّز َلةَ‪ ،‬كالت َّ ْورا ِة‪،‬‬
‫ب فَ َي ْش َم ُل ال ُكت ُ َ‬
‫س ال ِكتا ِ‬ ‫الَّذِي هو ال ِك ُ‬
‫تاب يُرا ُد بِ ِه ِج ْن ُ‬
‫وأن ال ُمرا َد ِبال ِذّ ْك ِر‪ :‬أ ُ ُّم ال ِكتا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫واْل ْن ِجي ِل‪ ،‬وزَ بُ ِ‬
‫ور دا ُو َد‪ ،‬و َغي ِْر ذَ ِل َك‪َّ .‬‬
‫هان‪:‬‬ ‫صا ِل ُحونَ } ِفي ِه ِل ْلعُلَ ِ‬
‫ماء وجْ ِ‬ ‫ض يَ ِرثُها ِعباد َ‬
‫ِي ال ّ‬ ‫اَلر َ‬
‫{أن ْ‬‫َّ‬
‫ورثُها اللَّهُ يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة ِعبا َدهُ ال ّ‬
‫صا ِل ِحينَ ‪ .‬وهَذا القَ ْو ُل‬ ‫ض ال َجنَّ ِة يُ ِ‬ ‫‪ :7‬أنَّها ْ‬
‫أر ُ‬
‫ض‬ ‫وأو َرثَنا ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫﴿وقالُوا ال َح ْم ُد ِللَّ ِه الَّذِي َ‬
‫ص َد َقنا و ْع َدهُ ْ‬ ‫َي ُد ُّل لَهُ قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫العاملِينَ ﴾‬
‫ِ‬ ‫نَتَبَ َّوأ ُ ِمنَ ال َجنَّ ِة َحي ُ‬
‫ْث نَشا ُء َفنِ ْع َم أجْ ُر‬
‫ورثُها اللَّهُ ال ُمؤْ ِمنِينَ في ال ُّد ْنيا‪ ،‬ويَ ُد ُّل‬
‫ض العَد ّ ُِو‪ ،‬يُ ِ‬
‫أر ُ‬
‫ض ْ‬‫اَلر ِ‬ ‫‪َّ :2‬‬
‫أن ال ُمرا َد بِ ْ‬
‫غار َبها﴾‬
‫ض و َم ِ‬‫اَلر ِ‬
‫شارقَ ْ‬ ‫﴿و ْأو َرثْنا ال َق ْو َم الَّذِينَ كانُوا يُ ْستَ ْ‬
‫ض َعفُونَ َم ِ‬ ‫ِل َهذا َق ْولُهُ َ‬
‫ف‬‫ناك ّإال َرحْ َمةً ِل ْلعالَ ِمينَ ﴾ مؤمنهم وكافرهم و َمن خا َل َ‬
‫س ْل َ‬‫أر َ‬ ‫﴿وما ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫الرحْ َم ِة ال ُع ْ‬
‫ظمى‪.‬‬ ‫َصي َبهُ ِمن ِت ْل َك َّ‬
‫على نَ ْف ِس ِه ن ِ‬ ‫ولَ ْم َيتَّ ِب ْع فَهو الَّذِي َ‬
‫ض َّي َع َ‬
‫يرة َ‬ ‫ع ْينًا ِل ْلخ َْل ِ‬
‫ق غ َِز َ‬ ‫ض أ ْه ِل ال ِع ْل ِم ِل َهذا َمث َ ًال‪ ،‬قا َل‪ :‬لَ ْو فَ َّج َر اللَّهُ َ‬
‫ب بَ ْع ُ‬
‫ض َر َ‬
‫و َ‬
‫علَ ْي ِه ُم‬
‫ت َ‬‫عهم و َموا ِشيَهم بِمائِها‪َ ،‬فت َتابَ َع ْ‬ ‫سقى النّ ُ‬
‫اس ُز ُرو َ‬ ‫س ْهلَةَ الت َّ ُ‬
‫ناو ِل‪ ،‬فَ َ‬ ‫الماء‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َصي َبهم ِمن‬ ‫ضيَّعُوا ن ِ‬ ‫طونَ ُكسالى َ‬
‫ع ِن ال َع َم ِل‪َ ،‬ف َ‬ ‫ي أُ ٌ‬
‫ناس ُمفَ ِ ّر ُ‬ ‫ال ِّن َع ُم ِب َذ ِل َك‪ ،‬و َب ِق َ‬
‫تِ ْل َك ال َعي ِْن‪.‬‬
‫وأمنُوا بِ ِه‬
‫سبَ ِب ِه‪ِ ،‬‬ ‫عقُوبَت َهم أ ُ ِ ّخ َر ْ‬
‫ت بِ َ‬ ‫ْث َّ‬
‫إن ُ‬ ‫وقِي َل‪َ :‬ك ْونُهُ َرحْ َمةً ِل ْل ُكفّ ِ‬
‫ار ِمن َحي ُ‬
‫ذاب ِاال ْستِ ْئصا ِل‪.‬‬
‫ع َ‬ ‫َ‬

‫‪446‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س َواءٍ ﴾ أي ِل َي ُك ْن ِع ْل ُم َك َو ِع ْل ُم ُه ْم ِبنَ ْب ِذ ْالعُ ُهو ِد َ‬


‫علَى‬ ‫﴿فَإ ِ ْن ت ََولَّ ْوا فَقُ ْل آذَ ْنت ُ ُك ْم َ‬
‫علَى َ‬
‫ب لَكم َكما أنَّكم َح ْر ٌ‬
‫ب ِلي‪ ،‬بَ ِري ٌء ِمنكم‬ ‫اء‪ .‬أو بمعنى أ ْعلَ ْمتُكم أ ِنّي َح ْر ٌ‬
‫س َو ِ‬
‫ال َّ‬
‫َكما أ ْنت ُ ْم َبرا ٌء ِم ِنّي‪.‬‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إنَّهُ يَ ْعلَ ُم ال َج ْه َر ِمنَ القَ ْو ِل ويَ ْعلَ ُم ما ت َ ْكت ُ ُمونَ ﴾ كقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬
‫إن تَجْ َه ْر‬
‫وأخفى﴾‬ ‫س َّر ْ‬ ‫بِالقَ ْو ِل فَإنَّهُ يَ ْعلَ ُم ال ِ ّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪:‬‬
‫﴿قا َل َربّ ِ احْ كم بِال َح ّ ِ‬
‫ق﴾‬

‫عاص ٍم قُ ْل َربّ ِ ِب َ‬
‫ض ِ ّم‬ ‫ِ‬ ‫ع ْن‬
‫ص َ‬‫غي َْر َح ْف ٍ‬ ‫ف عا َّمةُ القُ ّر ِ‬
‫اء ال َّس ْب َع ِة َ‬ ‫قَ َرأ هَذا ال َح ْر َ‬
‫القاف ّ‬
‫والال ِم‬ ‫ِ‬ ‫ص وحْ َدهُ قا َل ِب َفتْحِ‬‫اَلم ِر‪ .‬و َق َرأهُ َح ْف ٌ‬ ‫صي َغ ِة ْ‬ ‫ون ّ‬
‫الال ِم ِب ِ‬ ‫س ُك ِ‬‫القاف و ُ‬
‫ِ‬
‫أن يَقُو َل‬
‫على أنَّهُ ﷺ أ َم َر ْ‬ ‫الماضي‪ .‬وقِرا َءة ُ ال ُج ْم ُه ِ‬
‫ور ت َ ُد ُّل َ‬ ‫ِ‬ ‫صيغَ ِة‬
‫ف ِب ِ‬
‫بَ ْينَ ُهما أ ِل ٌ‬
‫أن يَقُو َلهُ ُهنا‬ ‫على أ َّنهُ ْامتَث َ َل ْ‬
‫اَلم َر بِال ِف ْع ِل‪ .‬وما أ َم َرهُ ْ‬ ‫ذَ ِل َك‪ .‬وقِرا َءة ُ َح ْف ٍ‬
‫ص ت َ ُد ُّل َ‬
‫ْب َكما ذَ َك َرهُ اللَّهُ َع ْنهُ في قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿ربَّنا ا ْفتَحْ َب ْينَنا و َبيْنَ قَ ْو ِمنا‬ ‫ي اللَّ ِه ُ‬
‫ش َعي ٌ‬ ‫قالَهُ َن ِب ُّ‬
‫ق وأ ْن َ‬
‫ت َخي ُْر الفاتِ ِحينَ ﴾‬ ‫بِال َح ّ ِ‬

‫ي‪.‬‬
‫ومنها َم َدنِ ٌّ‬ ‫طةٌ‪ِ :‬منها َم ِ ّك ٌّ‬
‫ي‪ِ ،‬‬ ‫سورة الحج قيل َم ِ ّكيَّةٌ وقيل َم َدنِيَّةٌ وقيل ُم ْخت َ ِل َ‬

‫‪447‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض ُع ُك ُّل ذا ِ‬
‫ت‬ ‫ض َع ْ‬
‫ت وت َ َ‬ ‫أر َ‬
‫ع ّما ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬ي ْو َم ت ََر ْونَها ت َ ْذ َه ُل ُك ُّل ُم ْر ِ‬
‫ض َع ٍة َ‬
‫شدِيدٌ﴾‬ ‫ذاب َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫ع َ‬ ‫سكارى ولَ ِك َّن َ‬‫سكارى وما هم بِ ُ‬ ‫اس ُ‬ ‫َح ْم ٍل َح ْملَها وت َرى النّ َ‬
‫اش ٱ ۡل َم ۡبثُو ِ‬
‫ث}‬ ‫اس َكٱ ۡلفَ َر ِ‬ ‫كقوله تعالى { َي ۡو َم َي ُك ُ‬
‫ون ٱلنَّ ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه‬
‫حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين قا َل َرسو ُل الل ِه َ‬
‫س ْع َدي َْك ْ‬
‫وال َخي ُْر في يَ َدي َْك‪،‬‬ ‫وسلَّ َم‪ :‬يقو ُل اللَّهُ َّ‬
‫عز وج َّل‪ :‬يا آ َد ُم فيَقولُ‪ :‬لَبَّي َْك و َ‬
‫ار قا َل‪ِ :‬من ُك ِّل ْألفٍ ِت ْس َع ِمئ َ ٍة‬‫ث ال َّن ِ‬ ‫ار قا َل‪ :‬وما َب ْع ُ‬ ‫ث النَّ ِ‬ ‫قا َل يقولُ‪ْ :‬‬
‫أخ ِرجْ َب ْع َ‬
‫ت َح ْم ٍل َح ْملَها‬ ‫ض ُع ُك ُّل ذا ِ‬
‫ير وت َ َ‬
‫ص ِغ ُ‬ ‫يب ال َّ‬ ‫وتِ ْس َعةً وتِ ْسعِينَ قا َل‪ :‬فَ َ‬
‫ذاك ِحينَ يَ ِش ُ‬
‫شدِي ٌد"‬
‫ذاب الل ِه َ‬
‫ع َ‬ ‫كارى ولَ ِك َّن َ‬
‫س َ‬ ‫كارى وما ُه ْم ب ُ‬
‫س َ‬ ‫وت ََرى النَّ َ‬
‫اس ُ‬
‫ُ‬
‫اْلناث‬ ‫يام ِمنَ القُبُ ِ‬
‫ور ال تَحْ ِم ُل‬ ‫ص ِفي ِه إ ْشكا ٌل‪َِ ،‬لنَّهُ َب ْع َد ال ِق ِ‬
‫إن قِي َل‪ :‬هَذا ال َّن ُّ‬
‫فَ ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ض َع ْ‬‫أر َ‬ ‫ض َع َحتّى ت َ ْذ َه َل َ‬
‫ع ّما ْ‬ ‫ض َع َح ْملَها ِمنَ الفَزَ عِ‪ ،‬وال ت ُ ْر ِ‬ ‫َحتّى تَ َ‬
‫ع ْن ذَ ِل َك ِمن وجْ َهي ِْن‪:‬‬
‫واب َ‬
‫فال َج ُ‬
‫ض ُع َح ْملَها ِمن ِش َّد ِة ال َه ْو ِل‬
‫حام ًال‪ ،‬فَتَ َ‬
‫ث ِ‬ ‫حام ًال ت ُ ْب َع ُ‬
‫َت ِ‬ ‫أن َمن مات ْ‬‫اَلو ُل‪َّ :‬‬
‫َّ‬
‫"يبعث المر ُء‬‫ُ‬ ‫ت َكذَ ِل َك‪ ،‬كما في الحديث‬ ‫ضعَةً بُ ِعث َ ْ‬ ‫والفَزَ عِ‪ ،‬و َمن مات ْ‬
‫َت ُم ْر ِ‬
‫على ما مات عليه"‬
‫أن ذَ ِل َك ِكنايَةً َ‬
‫ع ْن ِش َّدةِ ال َه ْو ِل‪.‬‬ ‫الوجْ هُ الثّانِي‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫ث فَإنّا َخلَ ْقناكم ِمن تُرا ٍ‬
‫ب﴾ َِل َّن اْلعا َدة َ‬ ‫إن ُك ْنت ُ ْم في َر ْي ٍ‬
‫ب ِمنَ البَ ْع ِ‬ ‫﴿ياأيُّها النّ ُ‬
‫اس ْ‬
‫داء ال ِف ْع ِل‪﴿ ،‬قُ ْل يُحْ ِييها الَّذِي أ ْنشَأها َّأو َل َم َّرةٍ‬
‫ب ِم ِن ا ْبتِ ِ‬ ‫أن ت َ ُكونَ أ ْ‬
‫ص َع َ‬ ‫ال يُ ْم ِك ُن ْ‬
‫ع ِلي ٌم﴾‬ ‫وهو بِ ُك ِّل خ َْل ٍ‬
‫ق َ‬

‫‪448‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫غي ِْر ُمخَلَّقَةٍ﴾ قال ابن جرير الطبري‪ :‬وأولى اَلقوال في ذلك‬
‫قوله ﴿ ُمخَلَّقَ ٍة َو َ‬
‫سقط‬
‫بالصواب قول من قال‪ :‬المخلقة المصورة خلقا تاما‪ ،‬وغير مخلقة‪ :‬ال ِ ّ‬
‫قبل تمام خلقه‪.‬‬
‫غي ِْر ُمخَلَّ َقةٍ) ْ‬
‫أي‪:‬‬ ‫أن َم ْعنى ( ُمخَلَّقَةٍ) تا َّمةٍ‪ ،‬و ( َ‬
‫وقال الشيخ محمد الشنقيطي‪َّ :‬‬
‫ض َغ‬ ‫أن اللَّهَ َج َّل و َ‬
‫عال يَ ْخلُ ُق ال ُم َ‬ ‫غي ِْر تا َّمةٍ‪ ،‬وال ُمرا ُد بِ َهذا القَ ْو ِل ِع ْن َد قا ِئ ِل ِه‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫على‬
‫ومنها ما هو َ‬ ‫ب‪ِ ،‬‬ ‫الخ ْلقَ ِة‪ ،‬سا ِل ٌم ِمنَ العُيُو ِ‬
‫كام ُل ِ‬‫ُمت َفا ِوتَةً‪ِ ،‬منها ما هو ِ‬
‫طو ِل ِه ْم‪،‬‬ ‫اس في خ َْل ِق ِه ْم‪ ،‬و ُ‬
‫ص َو ِر ِه ْم‪ ،‬و ُ‬ ‫َفاوتُ النّ ِ‬
‫تت ُ‬ ‫ع ْك ِس ذَ ِل َك‪ ،‬فَيَتْبَ ُع َذ ِل َك الت َّ ُ‬
‫فاو َ‬ ‫َ‬
‫َمام ِه ْم‪ ،‬ونُ ْقصانِ ِه ْم‪.‬‬
‫ص ِر ِه ْم‪ ،‬وت ِ‬
‫وقِ َ‬

‫ࣰ‬
‫{و ِمن ُكم َّمن يُ َر ُّد ِإلَ ٰۤى أ َ ۡرذَ ِل ٱ ۡلعُ ُم ِر ِل َك ۡي َال يَعۡ لَ َم ِم ُۢن بَعۡ ِد ِع ۡل ࣲم َ‬
‫ش ۡيـ ٰۚا}‬ ‫قوله تعالى َ‬
‫بك ِمن ْ‬
‫أن نُ َر َّد إلى‬ ‫وفي صحيح البخاري قوله صلى الله عليه وسلم "وأ َ ُ‬
‫ع وذ ُ َ‬
‫أرذَ ِل العُ ُم ِر‪"،‬‬
‫ْ‬
‫ت بِال َّنباتِ‪ .‬ولَ ّما كانَ النَّباتُ نا ِبتًا‬ ‫أي‪ :‬ت َ َح َّر َك ْ‬
‫ت﴾ ْ‬ ‫﴿فَإذا أ ْنزَ ْلنا َ‬
‫علَيْها الما َء ا ْهت ََّز ْ‬
‫علَيْها ِب َهذا ِاال ْع ِت ِ‬
‫بار‬ ‫زازها‪ ،‬فَأ ُ ْ‬
‫ط ِلقَ َ‬ ‫ص ًال ِبها‪ ،‬كانَ ا ْه ِت ُ‬
‫زازهُ َكأ َّنهُ ا ْه ِت ُ‬ ‫ِفيها ُمت َّ ِ‬
‫أنَّها ا ْهت ََّزتْبِالنَّبا ِ‬
‫ت‪.‬‬
‫سامها َِلجْ ِل ُخ ُروجِ النَّبا ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ض أجْ ِ‬
‫راب بَ ْع ِ‬
‫ْط ُ‬‫زازها‪ :‬تَخ َْل ُخلُها واض ِ‬
‫أو ا ْهتِ ُ‬

‫‪449‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس َمن يُجا ِد ُل في اللَّ ِه ِب َغي ِْر ِع ْل ٍم وال ُهدًى وال ِكتا ٍ‬
‫ب‬ ‫﴿و ِمنَ النّ ِ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫حاص ٍل لَهم بِما يُجا ِدلُونَ بِ ِه‬
‫ِ‬ ‫يٍ‪،‬‬‫ور ّ‬ ‫ُون ِع ْل ٍم َ‬
‫ض ُر ِ‬ ‫ير﴾ ﴿بِغَي ِْر ِع ْل ٍم﴾؛ ْ‬
‫أي‪ِ :‬بد ِ‬ ‫ُمنِ ٍ‬
‫ب‬
‫﴿وال ِكتا ٍ‬ ‫ب َ‬ ‫صوا ِ‬ ‫يٍ‪َ ،‬ي ْهتَدِي ِب ِه ال َع ْق ُل ِلل َّ‬
‫ع ْق ِل ّ‬ ‫أي ا ْس ِت ْدال ٍل ونَ َ‬
‫ظ ٍر َ‬ ‫﴿وال ُهدًى﴾؛ ْ‬
‫َ‬
‫ْس ِع ْن َدهُ ِع ْل ٌم‬‫واضحٍ‪ ،‬يَ ْعلَ ُم ِب ِه ما يُجا ِد ُل ِب ِه‪ ،‬فَ َلي َ‬
‫أي‪ :‬وحْ ي ٍ نَ ِيّ ٍر ِ‬
‫ير﴾؛ ْ‬‫ُمنِ ٍ‬
‫يِ‪ ،‬وال ِع ْل ٌم ِمن وحْ يٍ‪ ،‬فَهو‬
‫ص ِحيحِ العَ ْق ِل ّ‬
‫ظ ِر ال َّ‬ ‫ي وال ِع ْل ٌم ُم ْكت َ َس ٌ‬
‫ب بِالنَّ َ‬ ‫ور ٌّ‬
‫ض ُر ِ‬
‫َ‬
‫ت‪.‬‬
‫الجها ِ‬
‫يع ِ‬ ‫جا ِه ٌل َمحْ ٌ‬
‫ض ِمن َج ِم ِ‬
‫ي اللَّهُ‬
‫ض َ‬ ‫َّاس َر ِ‬ ‫علَى َح ْرفٍ ﴾ َ‬
‫ع ِن اب ِْن عب ٍ‬ ‫اس َم ْن يَ ْعبُ ُد اللَّهَ َ‬ ‫﴿و ِمنَ النَّ ِ‬
‫قوله َ‬
‫اس َمن يَ ْعبُ ُد اللَّهَ علَى َح ْرفٍ } قا َل‪ :‬كانَ َّ‬
‫الر ُج ُل يَ ْق َد ُم‬ ‫{و ِمنَ النَّ ِ‬‫ع ْنهما‪ ،‬قا َل‪َ :‬‬
‫ِين صا ِل ٌح‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ت َخ ْيلُهُ‪ ،‬قا َل‪ :‬هذا د ٌ‬
‫غال ًما‪ ،‬ونُ ِت َج ْ‬‫ت ْام َرأَت ُهُ ُ‬ ‫ال َمدِينَةَ‪ْ ،‬‬
‫فإن و َل َد ِ‬
‫سوءٍ ‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫لَ ْم ت َ ِل ِد ْام َرأَتُهُ و َل ْم ت ُ ْنتَجْ َخ ْيلُهُ‪ ،‬قا َل‪ :‬هذا د ُ‬
‫ِين ُ‬
‫إن ِقي َل‪ :‬ما وجْ هُ ال َج ْمعِ َبيْنَ نَ ْف ِي ِه ت َعالى النَّ ْف َع والض َُّّر َم ًعا َ‬
‫ع ْن ذَ ِل َك ال َم ْعبُو ِد‬ ‫فَ ْ‬
‫ض ُّرهُ وما ال يَ ْنفَعُهُ﴾ َم َع إثْباتِ ِهما في قَ ْو ِل ِه‪:‬‬‫ُون اللَّ ِه في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬ما ال َي ُ‬ ‫ِمن د ِ‬
‫ض ُّرهُ أ ْق َر ُ‬
‫ب ِمن نَ ْف ِع ِه﴾‬ ‫عو لَ َمن َ‬
‫﴿يَ ْد ُ‬
‫ع ْن ذَ ِل َك‪.‬‬ ‫أن ِل ْلعُلَ ِ‬
‫ماء أجْ ِو َبةً َ‬ ‫واب‪َّ :‬‬
‫فال َج ُ‬
‫نام ِمن ال َجما َدات‪ .‬أ ّما اآليَةُ‬
‫ص َ‬ ‫اَلولى في الَّذِينَ يَ ْعبُدُونَ اَل ْ‬
‫أن اآليَةَ ْ‬
‫ِمنها‪َّ :‬‬
‫ُون اللَّ ِه‪.‬‬ ‫ض ُّ‬
‫الطغاةِ ال َم ْعبُودِينَ ِمن د ِ‬ ‫اَل ُ ْخرى فَهي في َمن َ‬
‫عبَ َد بَ ْع َ‬
‫‪#‬أضواء البيان‬

‫‪450‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫واآلخ َرةِ فَ ْل َي ْم ُد ْد‬


‫ِ‬ ‫اللهُ في ال ُّد ْنيا‬‫ص َرهُ َّ‬ ‫أن لَ ْن َي ْن ُ‬ ‫ظ ُّن ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬من كانَ َي ُ‬
‫ظ﴾ ‪ .‬في َه ِذ ِه اآليَ ِة‬ ‫ط ْع فَ ْل َي ْن ُ‬
‫ظ ْر ه َْل يُ ْذ ِهبَ َّن َك ْي ُدهُ ما يَ ِغي ُ‬ ‫ماء ث ُ َّم ْليَ ْق َ‬
‫س ِ‬ ‫ب إلى ال َّ‬
‫سبَ ٍ‬
‫بِ َ‬
‫صواب أنها تتعلق بالنبي صلى الله عليه‬ ‫ير‪ .‬وال ّ‬ ‫ال َك ِري َم ِة ْأو ُجهٌ ِمنَ الت َّ ْف ِس ِ‬
‫ظنُّونَ َّ‬
‫أن‬ ‫اللهَ يَقُو ُل ِلحا ِسدِي ِه ﷺ الَّذِينَ يَت ََربَّ ُ‬
‫صونَ ِب ِه الدَّوائِ َر‪ ،‬ويَ ُ‬ ‫أن َّ‬‫وسلم‪ .‬أي َّ‬
‫على َر ْغ ِم أُنُوفِكم‪.‬‬
‫ناص ُرهُ ال َمحالَةَ َ‬ ‫ْظكم}‪ ،‬فَهو ِ‬ ‫ص َرهُ‪ُ { :‬موتُوا بِغَي ِ‬ ‫َربَّهُ لَ ْن يَ ْن ُ‬
‫س َلنا والَّذِينَ آ َمنُوا في ال َحيا ِة ال ُّد ْنيا و َي ْو َم َيقُو ُم‬ ‫َكما قا َل ت َعالى‪﴿ :‬إنّا َلنَ ْن ُ‬
‫ص ُر ُر ُ‬
‫اَل ْشهادُ﴾‬
‫علَى ِف ْ‬
‫ط َرتِ ِه ْم‪ ،‬وقيل قَ ْو ٌم‬ ‫ص ٰـ ِبـ ِينَ } قيل إِنَّ ُه ْم قَ ْو ٌم ُم َو ِ ّحدُونَ بَاقُونَ َ‬
‫{وٱل َّ‬
‫قوله َ‬
‫ارى‪.‬‬ ‫ب وقيل فريق من ال َّن َ‬
‫ص َ‬ ‫َي ْعبُدُونَ ْال َك َوا ِك َ‬
‫س َوٱ ۡلقَ َم ُر‬ ‫ت َو َمن فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ض َوٱل َّ‬
‫ش ۡم ُ‬ ‫﴿أَلَ ۡم ت ََر أ َ َّن ٱللَّهَ َي ۡس ُج ُد لَهُۥ َمن فِی ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ٰ⁠ ِ‬
‫َوٱلنُّ ُجو ُم َوٱ ۡل ِجبَا ُل َوٱل َّش َج ُر َوٱلد ََّو ۤابُّ } قيل يسجدون لله سجودا حقيقيا ال‬
‫س ِّب ُح ِب َح ْم ِد ِه َولَ ٰـ ِكن َّال ت َۡفقَ ُهونَ‬ ‫﴿و ِإ ْن ِم ْن ش ْ‬
‫َيءٍ ِإال يُ َ‬ ‫ندركه‪ ،‬وهو الصواب َ‬
‫ت َۡس ِبي َح ُه ٰۡۚم﴾ وكانت بعض الجمادات تسلم على النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫س ُجو ُد الذُّ ِّل والقَ ْه ِر وال ُخ ُ‬
‫ضوعِ‪.‬‬ ‫وقيل هو ُ‬
‫ع َل ۡي ِه ٱ ۡل َع َذ ٰۗ ُ‬
‫اب} على أن‬ ‫{و َك ِثي ٌر َح َّق َ‬
‫واستدل ابن القيم رحمه الله قوله تعالى َ‬
‫الراجح‪.‬‬
‫تارك الصالة كافر‪ ،‬وهو ّ‬
‫{و َمن يُ ِه ِن ٱ َّللهُ فَ َما لَهُۥ ِمن ُّم ۡك ِر ٍٰۚم} كما قال تعالى {إِنَّ َك َال تَهۡ ِدی َم ۡن‬ ‫قوله َ‬
‫ت َولَ ٰـ ِك َّن ٱللَّهَ َيهۡ ِدی َمن َيش َۤا ٰۚ ُء}‬‫أ َ ۡح َب ۡب َ‬

‫‪451‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‬
‫ض َ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫بن أ ِبي طا ِل ٍ‬
‫يِ ِ‬ ‫ع ِل ّ‬‫ع ْن َ‬ ‫ص ُموا في َر ِبّ ِه ْم} َ‬ ‫مان ْ‬
‫اختَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫{هذان َخ ْ‬
‫ِ‬ ‫قوله‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬قا َل‬ ‫الرحْ َم ِن ِل ْل ُخ ُ‬
‫صو َم ِة يَ َ‬ ‫اللَّهُ ع ْنه‪ ،‬قا َل‪ :‬أنا َّأو ُل َمن يَجْ ثُو بيْنَ َي َدي ِ َّ‬
‫ص ُموا في َر ِبّ ِه ْم} قا َل‪ُ :‬ه ُم َّالذِينَ‬ ‫مان ْ‬
‫اختَ َ‬ ‫ص ِ‬‫{هذان َخ ْ‬
‫ِ‬ ‫ْس‪ :‬وفيهم نَزَ َل ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫قَي ٌ‬
‫عتْ َبةُ ُ‬
‫بن َر ِبي َعةَ‪،‬‬ ‫ع َب ْي َدةُ‪ ،‬وشيبَةُ ُ‬
‫بن َر ِبي َعةَ‪ ،‬و ُ‬ ‫ي‪ ،‬و َح ْمزَ ةُ‪ ،‬و ُ‬ ‫بار ُزوا يَ َ‬
‫وم بَ ْد ٍر َ‬
‫ع ِل ٌّ‬ ‫َ‬
‫عتْبَةَ‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫والو ِلي ُد ُ‬
‫بن ُ‬ ‫َ‬
‫سرا ِبيلُهم‬
‫نار} َكقَ ْو ِل ِه ِفي ِه ْم‪َ ﴿ :‬‬ ‫ت لَهم ِث ٌ‬
‫ياب ِمن ٍ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فالَّذِينَ َكفَ ُروا قُ ِ ّ‬
‫ط َع ْ‬
‫ِمن قَ ِط ٍ‬
‫ران﴾‬
‫غ ٍ ّم أ ُ ِعيدُوا فِي َها﴾‬
‫﴿ ُكلَّ َما أ َ َرادُوا أ َ ْن يَ ْخ ُر ُجوا ِم ْن َها ِم ْن َ‬
‫ط ِمعُوا فِي ْال ُخ ُروجِ‪ِ ،‬إ َّن ْاَل َ ْر ُج َل لَ ُمقَيَّ َدةٌ‪،‬‬ ‫اض‪َ :‬و َّ‬
‫الل ِه َما َ‬ ‫قَا َل الفُضيل ب ُْن ِع َي ٍ‬
‫ِي لَ ُموثَقَةٌ‪َ ،‬ولَ ِك ْن يَ ْرفَعُ ُه ْم لَ َهبُ َها‪َ ،‬وت َُر ُّد ُه ْم َمقَ ِ‬
‫امعُ َها‪.‬‬ ‫َو ِإ َّن ْاَل َ ْيد َ‬
‫ب ِمنَ ْالقَ ْو ِل﴾ أي في الدنيا‪ ،‬فصالح القول صالح‬ ‫الط ِيّ ِ‬ ‫﴿و ُهدُوا ِإلَى َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫وا ٱللَّهَ َوقُولُ ۟‬
‫وا قَ ۡوال َ‬
‫س ِديدا *‬ ‫وا ٱتَّقُ ۟‬
‫العمل كما قال تعالى ﴿يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫يُصۡ ِل ۡح لَ ُك ۡم أ َ ۡع َم ٰـلَ ُك ۡم َويَ ۡغ ِف ۡر لَ ُك ۡم ذُنُوبَ ُك ٰۡۗم} وأن اَلعضا َء تستعيذُ ك ّل صباح من‬
‫اعوججت‬
‫َ‬ ‫استقمت استقمنا ‪ ،‬وإن‬
‫َ‬ ‫ق اللهَ فينا ‪ ،‬فإنَّك إن‬ ‫اللّ ِ‬
‫سان وتقو ُل ‪ :‬ات َّ ِ‬ ‫شر ِ‬
‫ِّ‬
‫اعوججنا‪.‬‬
‫وقيل هذا في الجنة وأنهم ال يسمعون فيها كالما ساقطا ً‪.‬‬
‫{وإِ ۡذ يَ ۡر َف ُع ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِه ۧـ ُم ٱ ۡلقَ َوا ِع َد ِمنَ‬
‫يم َمكانَ ال َب ْيتِ} َ‬ ‫ْ‬
‫﴿وإ ْذ بَ َّوأنا ِْلبْرا ِه َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫}ٱ ۡل َب ۡي ِ‬
‫ت‬
‫ࣰ‬
‫وا َم َع ٱللَّ ِه أ َ َحدا}‬ ‫ع ۟‬ ‫{وأ َ َّن ٱ ۡل َم َس ٰـ ِج َد ِللَّ ِه فَ َال ت َۡد ُ‬
‫ش ْيئًا} َ‬ ‫أن ال ت ُ ْش ِر ْك بِي َ‬
‫{ ْ‬
‫‪452‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س َّيةَ‬
‫الح ِ ّ‬
‫هارة َ ِ‬ ‫ط ِ ّه ُرهُ َّ‬
‫الط َ‬ ‫ي‪ ،‬فَيُ َ‬
‫س َّ‬
‫والح ِ ّ‬
‫ي ِ‬ ‫ير ال َم ْعنَ ِو َّ‬ ‫ي﴾ َي ْش َم ُل التَّ ْ‬
‫ط ِه َ‬ ‫{و َ‬
‫ط ِ ّه ْر َب ْيتِ َ‬
‫عاصي‪{ .‬يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱ َّل ِذينَ َءا َمنُ ۤو ۟ا ِإنَّ َما‬
‫ش ْر ِك وال َم ِ‬ ‫ِمنَ اَل ْق ِ‬
‫ذار‪ ،‬وال َم ْعنَ ِو َّيةَ ِمنَ ال ِ ّ‬
‫ٱ ۡل ُم ۡش ِر ُكونَ نَ َج ࣱس فَ َال َي ۡق َربُ ۟‬
‫وا ٱ ۡل َم ۡس ِج َد ٱ ۡل َح َر َام}‬
‫ع َليْكم ُجنا ٌح‬
‫ْس َ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬ليَ ْش َهدُوا َمنا ِف َع لَ ُه ْم} منافع ُد ْنيَ ِويَّة وأخروية ﴿ َلي َ‬
‫على الحا ّجِ إثْ ٌم وال َح َر ٌج‪ ،‬إذا ا ْبت َغى‬ ‫أن ت َ ْبتَغُوا فَض ًْال ِمن َربِّ ُك ْم﴾ أي لَي َ‬
‫ْس َ‬ ‫ْ‬
‫جارةٍ في أي ِّام ال َح ّجِ‪.‬‬
‫ِر ْب ًحا ِب ِت َ‬
‫عام﴾ قيل ال َم ْعلُوماتُ أيّا ُم‬
‫على ما َرزَ قَهم ِمن َب ِهي َم ِة اَل ْن ِ‬ ‫ت َ‬ ‫{في أي ٍّام َم ْعلُوما ٍ‬
‫ع َرفَةَ وال َّنحْ ِر ويَ ْو ِ‬
‫مان بَ ْع َدهُ‪،‬‬ ‫الت َّ ْش ِري ِ‬
‫ق يَ ْو ُم َ‬
‫الح َّج ِة إلى آخ َِر َي ْو ِم النَّحْ ِر‪َ .‬لحادِيث الد َّّالة‬
‫وقيل‪ :‬إنَّها ال َع ْش ُر اَلوا ِئ ُل ِمن ذِي ِ‬
‫ض ِل اَلي ِّام ال َعش ََرةِ اَل ُ َو ِل ِمن ذِي ِ‬
‫الح َّج ِة‪.‬‬ ‫على فَ ْ‬
‫َ‬
‫علَى َما َرزَ قَ ُه ْم ِم ْن َب ِهي َم ِة‬ ‫﴿و َي ْذ ُك ُروا اس َْم اللَّ ِه ِفي أَي ٍَّام َم ْعلُو َما ٍ‬
‫ت َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫أكبر‪،‬‬‫"بسم الل ِه واللهُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اَل ْن َع ِام﴾ قال صلى الله عليه وسلم عند ذبح أضحيته‬
‫اللَّه َّم هذا ع ِنّي وع َّمن لم يُض ّحِ ِمن أ ُ َّمتي" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ق﴾ ‪.‬أي القَدِي ُم‪َِ ،‬لنَّهُ أ ْق َد ُم َم ِ‬
‫واض ِع الت َّ َعبُّدِ‪.‬‬ ‫﴿و ْل َي َّ‬
‫ط َّوفُوا ِبال َب ْي ِ‬
‫ت ال َع ِتي ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫اس لَلَّذِي بِبَ َّكةَ ُم َ‬
‫بار ًكا﴾‬ ‫ض َع ِللنّ ِ‬ ‫ت ُو ِ‬ ‫َّ‬
‫﴿إن َّأو َل بَ ْي ٍ‬
‫أن َّ‬
‫اللهَ أ ْعتَقَهُ ِمنَ ال َجبابِ َرةِ‪.‬‬ ‫أو َّ‬
‫علَ ْي ُك ْم﴾‪ ،‬لَ ْم يُ َب ِيّ ْن ُهنا هَذا الَّذِي‬ ‫﴿وأ ُ ِحلَّ ْ‬
‫ت لَ ُك ُم اَل ْنعا ُم ّإال ما يُتْلى َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫عام‪ ،‬ولَ ِكنَّهُ َبيَّنَهُ في مكان آخر‬ ‫ع َل ْي ِه ُم ال ُم ْست َثْنى ِمن ِح ْليَ ِة اَل ْن ِ‬
‫يُتْلى َ‬
‫ور}‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬واجْ تَ ِنبُوا قَ ْو َل ُّ‬
‫الز ِ‬
‫‪453‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث في الصحيحين "أَال أ ُ َن ِبّئ ُ ُك ْم بأ َ ْك َب ِر ال َكبائِ ِر‬
‫وق الوا ِل َدي ِْن‪ ،‬وكانَ ُمت َّ ِكئًا‬ ‫قُ ْلنا‪ :‬بَلَى يا َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬قا َل‪ :‬اْل ْشراكُ باللَّ ِه‪ ،‬و ُ‬
‫عق ُ ُ‬
‫ور‪ ،‬وشَها َدة ُ‬ ‫ور‪ ،‬أال وقَ ْو ُل ُّ‬
‫الز ِ‬ ‫ور‪ ،‬وشَها َدة ُ ُّ‬
‫الز ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫فَ َجلَ َ‬
‫س فقا َل‪ :‬أال وقَ ْو ُل ُّ‬
‫ور فَما زا َل يقولُها‪ ،‬حتَّى قُلتُ ‪ :‬ال يَ ْس ُكتُ "‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫الز ِ‬
‫الري ُح‬ ‫طفُهُ َّ‬
‫الطي ُْر أ َ ْو ت َ ْه ِوي بِ ِه ِ ّ‬ ‫اء فَت َْخ َ‬ ‫{و َم ْن يُ ْش ِر ْك بِاللَّ ِه فَ َكأَنَّ َما خ ََّر ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫َ‬
‫ق}‬
‫س ِحي ٍ‬ ‫ِفي َم َك ٍ‬
‫ان َ‬
‫حديث براء ابن عازب في مسند اْلمام أحمد "فيقو ُل اللهُ َّ‬
‫عز وج َّل اكتبوا‬
‫سفلَى فت ُ َ‬
‫طر ُح رو ُحه طر ًحا ث َّم قرأ َو َم ْن يُ ْش ِر ْك‬ ‫اَلرض ال ُّ‬
‫ِ‬ ‫كتابَه في ِس ِ ّجين في‬
‫الري ُح فِي َم َك ٍ‬
‫ان‬ ‫طفُهُ َّ‬
‫الطي ُْر أ َ ْو ت َ ْه ِوي ِب ِه ِ ّ‬ ‫اء َفت َْخ َ‬ ‫ِباللَّ ِه فَ َكأَنَّ َما َخ َّر ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬
‫ق فتُعا ُد رو ُحه في جسدِه‪ "..‬صححه اَللباني‪.‬‬
‫س ِحي ٍ‬
‫َ‬
‫﴿لَ ُك ْم ِفي َها َمنَا ِف ُع ِإلَى أ َ َج ٍل ُم َ‬
‫س ًّمى﴾‬
‫َولَهُ أ َ ْن َي ْنت َ ِف َع ِب َها َو ِإ ْن َكان ْ‬
‫َت َه ْديًا‪ِ ،‬إذَا احْ ت َا َج ِإلَى َذ ِل َك‪ ،‬حديث أبي هريرة‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬
‫ي َ‬ ‫وأنس بن مالك رضي الله عنهما في الصحيحين َّ‬
‫أن النب َّ‬
‫ار َك ْب َها‪ ،‬فَقا َل‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬إنَّ َها‬
‫وق َب َدنَةً‪ ،‬فَقا َل له‪ْ :‬‬
‫س ُ‬‫وسلَّ َم َرأَى َر ُج ًال َي ُ‬
‫ار َك ْب َها و ْيلَ َك‪ ،‬أ َ ْو و ْي َح َك"‬ ‫بَ َدنَةٌ‪ ،‬قا َل في الثَّا ِلث َ ِة أ َ ْو في َّ‬
‫الرابِ َع ِة‪ْ :‬‬
‫ࣰ‬
‫علَ ٰى َما َرزَ قَ ُهم ِّمنُۢ‬ ‫َّ‬ ‫ۡ‬ ‫۟‬ ‫ُ‬
‫سكا ِليَذك ُروا ٱس َم ٱلل ِه َ‬‫ۡ‬ ‫ّ‬ ‫{و ِل ُك ِّل أ ُ َّمةࣲ َجعَ ۡلنَا َمن َ‬
‫قوله تعالى َ‬
‫ي الح ّجِ‬ ‫َب ِهي َم ِة ٱ َۡل َ ۡن َع ٰـ ِٰۗم } فيه َأن رسو َل الل ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم ُ‬
‫سئل ‪ :‬أ ُّ‬
‫أفض ُل ؟ قال ‪" :‬الع ُّج والث ُّج" صححه اَللباني‪.‬‬

‫‪454‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت قُلُوبُهم} كما وصفهم في‬


‫وجلَ ْ‬ ‫ش ِر ال ُم ْخ ِبتِينَ الَّذِينَ إذا ذُ ِك َر َّ‬
‫اللهُ ِ‬ ‫﴿و َب ِ ّ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫سورة اَلنفال‪.‬‬
‫ص َو ۤا َّ‬
‫ف}‬ ‫قوله {فَٱ ۡذ ُك ُر ۟‬
‫وا ٱ ۡس َم ٱللَّ ِه َ‬
‫ع َل ۡي َها َ‬
‫علَى َر ُج ٍل قَ ْد أَنَا َخ بَ َدنته َو ُه َو‬‫ع َم َر‪ :‬أَنَّهُ أَت َى َ‬ ‫ع ِن اب ِْن ُ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫َوفِي ال َّ‬
‫سنَّةُ أَ ِبي ْالقَا ِس ِم ﷺ‪.‬‬
‫يَ ْن َح ُرهَا‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬ا ْبعَثْ َها قِيَا ًما ُمقَ َّي َدة ً ُ‬
‫وا ٱ ۡلقَا ِن َع َوٱ ۡل ُمعۡ ت ٰۚ ََّر} فيه جواز اَلكل من‬
‫وا ِم ۡن َها َوأَ ۡط ِع ُم ۟‬
‫{فَإِذَا َو َج َب ۡت ُجنُوبُ َها فَ ُكلُ ۟‬
‫اَلضاحي والهدي‪.‬‬
‫﴿لَ ْن يَنَا َل اللَّهَ لُ ُحو ُم َها َوال ِد َما ُؤهَا﴾‬
‫اْل ِب ِل َو ِد َمائِ َها‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل َّ‬
‫اللهُ‪﴿ :‬لَ ْن َينَا َل‬ ‫وم ْ ِ‬ ‫ْت ِبلُ ُح ِ‬ ‫ض ُحونَ ْال َبي َ‬ ‫أ َ ْه ُل ْال َجا ِه ِليَّ ِة َي ْن َ‬
‫اللَّهَ لُ ُحو ُم َها َوال ِد َماؤُ هَا َولَ ِك ْن َينَالُهُ الت َّ ْق َوى ِم ْن ُك ْم﴾‬
‫َك َما َجا َء ِفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم ‪ِ " :‬إ َّن اللَّهَ َال َي ْن ُ‬
‫ظ ُر‬
‫ظ ُر ِإلَى قُلُو ِب ُك ْم َوأ َ ْع َما ِل ُك ْم‪".‬‬
‫ص َو ِر ُك ْم َو َال ِإلَى أ َ ْم َوا ِل ُك ْم‪َ ،‬ولَ ِك ْن يَ ْن ُ‬
‫ِإلَى ُ‬
‫قوله {أُذِنَ ِللَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهم ُ‬
‫ظ ِل ُموا﴾‬
‫الجمهور على أنها أول آية نزلت في الجهاد‪ ،‬قال بعض أهل العلم الجهاد‬
‫هو الركن السادس من أركان اْلسالم وقال بعضهم الركن السادس هو‬
‫اَلمر بالمعروف والنهى عن المنكر‬
‫وكان الجهاد مراحل‪:‬‬
‫مرحلة اْلذن ﴿أُذِنَ ِللَّذِينَ يُقاتَلُونَ ِبأنَّهم ُ‬
‫ظ ِل ُموا﴾‬
‫﴿وقا ِتلُوا في َس ِبي ِل اللَّ ِه الَّذِينَ يُقا ِتلُونَكم وال ت َ ْعتَدُوا﴾‬
‫ثم مرحلة الدفاع َ‬
‫‪455‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وقا ِتلُوا ال ُم ْش ِركِينَ كافَّةً َكما يُقاتِلُونَكم كا َّفةً﴾‬‫ثم اَلمر‪َ .‬‬


‫﴿ولَ ْو َيشَا ُء اللَّهُ ال ْنت َ َ‬
‫ص َر ِم ْن ُه ْم‬ ‫ص ِر ِه ْم لَقَد ٌ‬
‫ِير﴾ َك َما قَا َل‪َ :‬‬ ‫علَى نَ ْ‬‫﴿و ِإ َّن اللَّهَ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ض}‬ ‫َولَ ِك ْن ِل َي ْبلُ َو َب ْع َ‬
‫ض ُك ْم ِب َب ْع ٍ‬
‫{الَّذِينَ أ ُ ْخ ِر ُجوا ِم ْن ِديَ ِ‬
‫ار ِه ْم ِبغَي ِْر َح ّق ِإال أ َ ْن يَقُولُوا َر ُّبنَا اللَّهُ﴾ كما قال تعالى‬
‫يز ْال َح ِميدِ﴾‬
‫الل ِه ْالعَ ِز ِ‬
‫﴿و َما نَقَ ُموا ِم ْن ُه ْم إِال أ َ ْن يُؤْ ِمنُوا بِ َّ‬
‫َ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫صلَ َو ٰ⁠ت‬
‫ص َو ٰ⁠ ِم ُع َوبِ َيع َو َ‬‫ض َّل ُه ِ ّد َم ۡت َ‬
‫ض ُه ْم ِببَ ْع ٍ‬ ‫﴿ولَ ْوال َد ْف ُع َّ‬
‫الل ِه ال َّن َ‬
‫اس بَ ْع َ‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬
‫ض ُهم‬
‫اس َبعۡ َ‬ ‫س ٰـ ِج ُد يُ ۡذ َك ُر ِفي َها ٱ ۡس ُم ٱللَّ ِه َك ِثير ٰۗا﴾ كقوله َ‬
‫{ولَ ۡو َال َد ۡف ُع ٱللَّ ِه ٱلنَّ َ‬ ‫َو َم َ‬
‫ض لَ ُه ِ ّد َم ْ‬
‫ت‬ ‫ضهم ِببَ ْع ٍ‬ ‫أخبَ َر أنَّهُ لَ ْوال َد ْفعُهُ النّ َ‬
‫اس بَ ْع َ‬ ‫ت ٱ َۡل َ ۡر ُ‬
‫ض} ْ‬ ‫ض لَّ َف َ‬
‫س َد ِ‬ ‫ِببَعۡ ࣲ‬
‫ْالم وأقَ َّر ِمنها ما أقَ َّر بَ ْع َدهُ‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫اَلم ِكنَةُ الَّتِي كان ْ‬
‫َت َمحْ بُوبَةً َلهُ قَ ْب َل اْلس ِ‬ ‫َه ِذ ِه ْ‬
‫ضهم و َي ْمقُتُهم و َي ْد َف ُع‬ ‫طةً لَهُ َكما أقَ َّر أ ْه َل ال ِذّ َّم ِة‪ْ ،‬‬
‫وإن كانَ يُ ْب ِغ ُ‬ ‫َت َم ْس ُخو َ‬ ‫كان ْ‬
‫ض ِه لَهم‪.‬‬ ‫ع ْنهم بِال ُم ْس ِل ِمينَ َم َع بُ ْغ ِ‬
‫َ‬
‫س‬‫ي َكنَا ِئ ُ‬
‫﴿و ِب َي ٌع﴾ َو ِه َ‬ ‫الر ْه َب ِ‬
‫ان النصارى‪َ .‬‬ ‫ي َم َعا ِب ُد ُّ‬‫ص َو ِام ُع﴾ َو ِه َ‬ ‫{لَ ُه ِ ّد َم ْ‬
‫ت َ‬
‫ات﴾ ‪َ :‬م َعا ِب ُد ْال َي ُهودِ‪ .‬واآلية تدل على أن الجهاد‬ ‫صلَ َو ٌ‬ ‫﴿و َ‬ ‫ارى‪َ .‬وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ص َ‬‫النَّ َ‬
‫كان سابقا‬
‫ص ُرهُ﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ِإ ْن‬
‫ص َر َّن اللَّهُ َم ْن َي ْن ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿ولَ َي ْن ُ‬
‫ت أَ ْق َدا َم ُك ْم}‬ ‫ص ُروا اللَّهَ يَ ْن ُ‬
‫ص ْر ُك ْم َويُثَ ِبّ ْ‬ ‫ت َ ْن ُ‬
‫وف‬ ‫صالة َ وآت َُوا َّ‬
‫الزكاة َ وأ َم ُروا بِال َم ْع ُر ِ‬ ‫ض أقا ُموا ال َّ‬ ‫إن َم َّكنّاهم في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫﴿الَّذِينَ ْ‬
‫ع َد‬
‫﴿و َ‬
‫ص ِر ِه‪ .‬كما قال تعالى َ‬ ‫ت الَّذِينَ و َع َدهم ِبنَ ْ‬ ‫ع ِن ال ُم ْن َك ِر﴾ َبيَّنَ ِ‬
‫صفا ِ‬ ‫ونَ َه ْوا َ‬
‫ض‪} ..‬‬ ‫ت لَيَ ْست َْخ ِلفَنَّهم في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫صا ِلحا ِ‬ ‫اللَّهُ الَّذِينَ آ َمنُوا ِمنكم و َ‬
‫ع ِملُوا ال ّ‬
‫‪456‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿فَأ َ ْملَيْتُ ِل ْل َكافِ ِرينَ ث ُ َّم أ َ َخ ْذت ُ ُه ْم فَ َكي َ‬


‫ْف َكانَ نَ ِك ِ‬
‫ير﴾‬
‫"إن اللَّهَ لَيُ ْم ِلي ِل ّ‬
‫لظا ِل ِم حتَّى إذا‬ ‫َّ‬ ‫حديث أبي موسى اَلشعري في الصحيحين‬
‫أخذُ َر ِبّ َك إذا أ َخذَ القُ َرى وهي ظا ِل َمةٌ َّ‬
‫إن‬ ‫ذلك ْ‬ ‫أ َخذَهُ َل ْم يُ ْف ِلتْهُ قا َل‪ :‬ث ُ َّم قَ َرأَ‪َ :‬‬
‫{و َك َ‬
‫ْ‬
‫أخذَهُ أ ِلي ٌم َ‬
‫شدِيدٌ}‬
‫وطها وقَ ْولُهُ‪:‬‬
‫سق ُ ِ‬
‫على تَ َهد ُِّم أ ْب ِنيَ ِة أ ْه ِلها‪ ،‬و ُ‬
‫ع ُرو ِشها﴾ يَ ُد ُّل َ‬ ‫﴿فَهي خا ِو َيةٌ َ‬
‫على ُ‬
‫قاء أ ْب ِن َي ِتها قا ِئ َمةً ُم َ‬
‫شيَّ َدة ً‪.‬‬ ‫﴿وقَ ْ‬
‫ص ٍر َم ِشيدٍ﴾ َي ُد ُّل َ‬
‫على َب ِ‬ ‫َ‬
‫ور القُرى َّالتِي أ ْهلَ َكها اللَّهُ‪ ،‬و ْق َ‬
‫ت نُ ُزو ِل َه ِذ ِه اآل َي ِة ِمنها ما‬ ‫ص َ‬‫أن قُ ُ‬
‫واب‪َّ :‬‬
‫َوال َج ُ‬
‫ومنها ما هو قائِ ُم‬
‫ع ُرو ِشها﴾ ِ‬ ‫على ُ‬ ‫ي خا ِويَةٌ َ‬
‫هو ُمت َ َه ِ ّد ٌم َكما َد َّل َعلَ ْي ِه قَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ ِه َ‬
‫ص ٍر َم ِشيدٍ﴾ كما قال تعالى‬ ‫ع َل ْي ِه َق ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َق ْ‬ ‫على ِبنا ِئ ِه‪َ ،‬كما َد َّل َ‬ ‫ق َ‬ ‫با ٍ‬
‫صيدٌ﴾‬ ‫ع َلي َْك ِمنها قائِ ٌم و َح ِ‬‫صهُ َ‬ ‫باء القُرى نَقُ ُّ‬ ‫﴿ذَ ِل َك ِمن أ ْن ِ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫ض َفت َ ُكونَ لَ ُه ۡم قُلُوب َيعۡ ِقلُونَ ِب َه ۤا أ َ ۡو َءا َذان َي ۡس َمعُونَ‬ ‫﴿أَفَ َل ۡم َي ِسي ُر ۟‬
‫وا ِفی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ِب َها} َِلنَّهم إذا سافَ ُروا َم ُّروا ِبأما ِك ِن قَ ْو ِم صا ِلحٍ‪ ،‬وأما ِك ِن قَ ْو ِم لُوطٍ ‪ ،‬وأما ِك ِن‬
‫صبِ ِحينَ * َوبِاللَّ ْي ِل أفَال ت َ ْع ِقلُونَ ﴾‬
‫علَ ْي ِه ْم ُم ْ‬
‫﴿وإنَّكم لَت َ ُم ُّرونَ َ‬
‫قَ ْو ِم ُهودٍ‪َ ،‬‬
‫صلَّى اللهُ‬
‫أن َرسو َل اللَّ ِه َ‬
‫حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين َّ‬
‫الحجْ ِر‪ :‬ال ت َ ْد ُخلُوا علَى َهؤ َُال ِء القَ ْو ِم َّإال ْ‬
‫أن ت َ ُكونُوا‬ ‫ب ِ‬ ‫عليه وسلَّ َم قا َل َل ْ‬
‫ص َحا ِ‬
‫صيبَ ُك ْم ِمثْ ُل ما أ َ‬
‫صابَ ُه ْم"‬ ‫أن يُ ِ‬ ‫فإن لَ ْم ت َ ُكونُوا بَاكِينَ فال تَ ْد ُخلُوا عليهم‪ْ ،‬‬ ‫بَاكِينَ ‪ْ ،‬‬
‫سنَ ٍة ِم ّما تَعُ ُّدونَ ﴾‬ ‫إن َي ْو ًما ِع ْن َد َر ِبّ َك َك ْأل ِ‬
‫ف َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َّ‬
‫اَلغنياء‬
‫ِ‬ ‫وفي حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله "يدخل الفقرا ُء الجنةَ قب َل‬
‫يوم‪ ".‬صححه اَللباني‪.‬‬
‫نصف ٍ‬
‫َ‬ ‫عام ‪:‬‬
‫بخمس مائ ِة ٍ‬
‫ِ‬
‫‪457‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سنَةٍ﴾‬ ‫دارهُ خ َْمسِينَ ْأل َ‬


‫ف َ‬ ‫عارجِ ﴿في َي ْو ٍم كانَ ِم ْق ُ‬ ‫ورةِ ال َم ِ‬‫س َ‬‫وذَ َك َر في ُ‬
‫فَ ِل ْل َج ْمعِ بَ ْينَ ُهما وجْ َه ِ‬
‫ان‪:‬‬
‫الف زَ َم ِن ال َي ْو ِم إنَّما هو ِبا ْع ِت ِ‬
‫بار حا ِل ال ُمؤْ ِم ِن‪ ،‬وحا ِل الكا ِف ِر؛‬ ‫اخ ِت َ‬‫أن ْ‬ ‫‪َّ :7‬‬
‫على ال ُمؤْ ِم ِن ِمنهُ َ‬
‫على الكافِ ِر‪.‬‬ ‫َِل َّن يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة أخ ُّ‬
‫َف َ‬
‫‪ :2‬أن للقيامة خمسين موقفا ً كل منها ألف سنة‪.‬‬
‫ت‬ ‫ست َّ ِة َّال ِتي َخ َلقَ اللَّهُ ِفيها ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫وقال بعض أهل العلم‪ :‬هو أ َح ُد اَلي ِّام ال ِ ّ‬
‫ض‪ ،‬وكل يوم منها ألف سنة‪.‬‬
‫واَلر َ‬
‫ْ‬
‫ي ٍ ّإال إذا ت َ َمنّى} قيل‬ ‫س ْلنا ِمن قَ ْب ِل َك ِمن َر ُ‬
‫سو ٍل وال َنبِ ّ‬ ‫أر َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما ْ‬
‫ي فال‪،‬‬ ‫مأمور بالتّبليغ أ ّما النب ّ‬‫ٌ‬ ‫الرسول‬ ‫أن ّ‬ ‫الفرق بين الرسول والنبي هو‪َّ :‬‬
‫ي فلم‬ ‫ي إليه بشرعٍ جديد‪ .‬أ َّما النب ّ‬ ‫وح َ‬ ‫الرسول من أ ُ ِ‬ ‫أن ّ‬ ‫وقيل وهو الصواب‪َّ :‬‬
‫الرسل‪.‬‬ ‫يُو َحى له بشرعٍ جديدٍ‪ ،‬وإنَّما بُعث لتقرير شرع من قبله من ّ‬
‫ْطان ث ُ َّم يُحْ ِك ُم َّ‬
‫اللهُ آياتِ ِه‬ ‫شي ُ‬ ‫ْطان في أ ُ ْمنِ َّيتِ ِه َفيَ ْن َ‬
‫س ُخ اللَّهُ ما يُ ْل ِقي ال َّ‬ ‫{ ْألقى ال َّشي ُ‬
‫واللَّهُ َ‬
‫ع ِلي ٌم َح ِكي ٌم﴾‬
‫ص َّد‬
‫س ِل َي ُ‬
‫والوسا ِو َ‬ ‫سو ِل ﷺ أ ِو ال َّن ِب ّ‬
‫ي ِ ال ُّش َبهَ َ‬ ‫الر ُ‬ ‫شي ُ‬
‫ْطان في ِقرا َء ِة َّ‬ ‫أي ْألقى ال َّ‬
‫ي‪.‬‬‫سو ُل أ ِو النَّبِ ُّ‬ ‫ع ِن ا ِت ّباعِ ما يَ ْق َر ُؤهُ‪ ،‬و َيتْلُوهُ َّ‬
‫الر ُ‬ ‫النّ َ‬
‫اس َ‬
‫ْس ِمنها ِل َي ُ‬
‫ظ َّن ال ُكفّ ُ‬
‫ار أنَّهُ ِمنها‪.‬‬ ‫ْطان في أ ُ ْم ِنيَّتِ ِه ْ‬
‫أي قِرا َءتِ ِه ما لَي َ‬ ‫شي ُ‬ ‫أو ْألقى ال َّ‬

‫‪458‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب‬ ‫ق قالُوا‪َ :‬‬


‫س َب ُ‬ ‫صةَ الغَرا ِني ِ‬ ‫س ِرينَ في ت َ ْف ِس ِ‬
‫ير َه ِذ ِه اآل َي ِة قِ َّ‬ ‫ير ِمنَ ال ُمفَ ِ ّ‬ ‫َوقَ ْد ذَ َك َر َكثِ ٌ‬
‫ورة َ النَّجْ ِم بِ َم َّكةَ‪ ،‬فَلَ ّما َبلَغَ‪:‬‬
‫س َ‬‫ي ﷺ قَ َرأ ُ‬ ‫أن النَّبِ َّ‬
‫نُ ُزو ِل َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة َّ‬
‫على ِلسا ِن ِه‪ِ :‬ت ْل َك‬ ‫شي ُ‬
‫ْطان َ‬ ‫ت والعُ ّزى و َمناةَ الثّا ِلث َةَ اَل ُ ْخرى﴾ ْألقى ال َّ‬ ‫﴿أفَ َرأ ْيت ُ ُم ّ‬
‫الال َ‬
‫س َج َد‬
‫س َج َد و َ‬
‫ورةِ َ‬
‫س َ‬‫آخ َر ال ُّ‬‫عت َ ُه َّن لَت ُ ْرتَجى‪ ،‬فَلَ ّما بَ َل َغ ِ‬ ‫يق العُلى َّ‬
‫وإن شَفا َ‬ ‫الغَرانِ ُ‬
‫َك في بُ ْ‬
‫طالنِ ِه‪،‬‬ ‫َمعَهُ ال ُم ْش ِر ُكونَ وال ُم ْس ِل ُمونَ ‪ .‬وهذا ال ش َّ‬
‫س ِل‪،‬‬‫الر ُ‬ ‫ي ِ ﷺ‪ْ ،‬‬
‫وإخوا ِن ِه ِمنَ ُّ‬ ‫س ْلطانًا َ‬
‫على النَّ ِب ّ‬ ‫فإن اللَّ َه لَ ْم َيجْ َع ْل ِلل َّشي ِ‬
‫ْطان ُ‬ ‫َّ‬
‫على الَّذِينَ آ َمنُوا‬ ‫س ْل ٌ‬
‫طان َ‬ ‫ْس لَهُ ُ‬
‫صينَ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬إنَّهُ َلي َ‬
‫وأتْبا ِع ِه ُم ال ُم ْخ ِل ِ‬
‫على َربِّ ِه ْم يَت ََو َّكلُونَ ﴾ وقد كتب الشيخ اَللباني على رد هذه القصة رسالة‬
‫و َ‬
‫مستقلة سماها "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"‬
‫َارهُ‬ ‫اح ٍد ُه َو يَ ْو ُم بَ ْد ٍر‪َ ،‬و ْ‬
‫اخت َ‬ ‫غي ُْر َو ِ‬‫ع ِق ٍيم﴾ ‪َ :‬قا َل َ‬ ‫اب يَ ْو ٍم َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو َيأْتِيَ ُه ْم َ‬
‫ع َذ ُ‬
‫َارهُ ابن كثير وهو الصواب‬ ‫اخت َ‬‫ير‪ .‬وقال آخرون ُه َو َي ْو ُم ْال ِق َيا َم ِة َو ْ‬ ‫اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫﴿ال ُم ْلكُ يَ ْو َمئِ ٍذ ِللَّ ِه‬
‫َلنه ال يوم بعده وال خير فيه للكفار وما بعده دليل عليه ْ‬
‫عال ‪ -‬وحْ َدهُ‪.‬‬ ‫ون ِفي ِه ا ْس ُم ال َم ِل ِك ّإال ِللَّ ِه ‪َ -‬ج َّل و َ‬
‫يَحْ ُك ُم بَ ْينَ ُه ْم﴾ فَيَ ْو ُم ال ِقيا َم ِة ال يَ ُك ُ‬
‫الواح ِد القَ ّه ِ‬
‫ار﴾‬ ‫ِ‬ ‫﴿ ِل َم ِن ال ُم ْلكُ ال َي ْو َم ِللَّ ِه‬

‫‪459‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِبي ِل اللَّ ِه ث ُ َّم قُتِلُوا ْأو ماتُوا َل َي ْر ُزقَنَّ ُه ُم َّ‬


‫اللهُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِينَ ها َج ُروا في َ‬
‫سبَ َّن الَّذِينَ قُتِلُوا‬ ‫وإن اللَّهَ لَهو َخي ُْر ّ‬
‫الر ِازقِينَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى َ‬
‫﴿وال تَحْ َ‬ ‫سنًا َّ‬‫ِر ْزقًا َح َ‬
‫الل ِه ْأمواتًا َب ْل أحْ يا ٌء ِع ْن َد َر ِبّ ِه ْم يُ ْرزَ قُونَ ﴾ يرزقون في القبر وفي‬‫س ِبي ِل َّ‬
‫في َ‬
‫الجنة ويكتب لهم أعمالهم بعد موتهم كما في الحديث "ك ُّل م ِّي ٍ‬
‫ت يُخت َ ُم على‬
‫ع َملُه إلى ِ‬
‫يوم القيام ِة ‪،‬‬ ‫عم ِله َّإال ال ُم َرابِ َ‬
‫ط في سبي ِل الل ِه ؛ فإنَّه يُ َن َّمى له َ‬
‫القبر" صححه اَللباني‪ .‬وفي صحيح مسلم "أ َ ْر َوا ُح ُه ْم في‬
‫ويُؤْ َم ُن من فتن ِة ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ض ٍر‪ ،‬لَ َها َقنَادِي ُل ُم َعلَّقَةٌ بال َع ْر ِش‪ ،‬تَس َْر ُح ِمنَ ال َجنَّ ِة َحي ُ‬
‫ْث شَا َء ْ‬ ‫ف َ‬
‫طي ٍْر ُخ ْ‬ ‫َج ْو ِ‬
‫لك ال َقنَادِي ِل"‬‫ث ُ َّم ت َأ ْ ِوي إلى ِت َ‬
‫ص َرنَّهُ َّ‬
‫اللهُ﴾ ‪،‬‬ ‫علَ ْي ِه لَ َي ْن ُ‬ ‫ب ِب ِه ث ُ َّم بُ ِغ َ‬
‫ي َ‬ ‫ب ِب ِمثْ ِل َما ُ‬
‫عوقِ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ذَ ِل َك َو َم ْن َ‬
‫عا َق َ‬
‫ص َحابَ ِة‪ ،‬لَقُوا َج ْمعًا ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ فِي َ‬
‫ش ْه ِر‬ ‫س ِريَّ ٍة ِمنَ ال َّ‬ ‫ت فِي َ‬ ‫ذُ ِك َر أَنَّ َها نَزَ لَ ْ‬
‫ش ْه ِر ْال َح َر ِام‪ ،‬فَأ َ َبى ْال ُم ْش ِر ُكونَ‬
‫ش َد ُه ُم ْال ُم ْس ِل ُمونَ ِلئ ََّال يُقَا ِتلُو ُه ْم ِفي ال َّ‬
‫ُم َح َّر ٍم‪ ،‬فَنَا َ‬
‫ِإ َّال قِت َالَ ُه ْم َوبَغ َْوا َعلَ ْي ِه ْم‪ ،‬فَقَاتَلَ ُه ُم ْال ُم ْس ِل ُمونَ ‪ ،‬فَ َن َ‬
‫ص َر ُه ُم اللَّهُ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم‪ .‬وبالجملة هذا‬
‫هو اَلصل‬
‫س ِّيئ َ ٍة َس ِيّئ َةٌ ِمثْلُها﴾‬
‫﴿و َجزا ُء َ‬
‫كما قال ت َعالى‪َ :‬‬
‫فمرتبة العدل‪ ،‬جزاء السيئة بسيئة مثلها‪ ،‬ال زيادة وال نقص‪.‬‬
‫عفَا َوأ َ ْ‬
‫صلَ َح‬ ‫ومرتبة الفضل‪ :‬العفو واْلصالح عن المسيء‪ ،‬ولهذا قال‪﴿ :‬فَ َم ْن َ‬
‫ع َلى اللَّ ِه﴾ ﴿ ِإ َّن َّ‬
‫اللهَ َل َعفُ ٌّو َ‬
‫غف ُ ٌ‬
‫ور﴾‬ ‫فَأَجْ ُرهُ َ‬
‫وأما الظلم فال يجوز‪ِ ﴿ :‬إنَّهُ َال يُ ِحبُّ َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ﴾‬
‫الظ ْل ِم‪.‬‬
‫ض ِل‪َ ،‬ونَ َهى ِمنَ ُّ‬ ‫ب ِإلَى ْالفَ ْ‬ ‫فَأ َ َم َر ِب ْال َع ْد ِل َ‬
‫‪،‬ونَ َد َ‬
‫‪460‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض ُم ْخ َ‬
‫ض َّرةً﴾‬ ‫اَلر ُ‬ ‫ماء ما ًء َفت ُ ْ‬
‫ص ِب ُح ْ‬ ‫س ِ‬ ‫أن َّ‬
‫اللهَ أ ْنزَ َل ِمنَ ال َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ألَ ْم ت ََر َّ‬
‫ث‪.‬‬
‫على البَ ْع ِ‬ ‫و َه ِذ ِه آيَةٌ ِمن آياتِ ِه وبَرا ِه ِ‬
‫ين قُ ْد َرتِ ِه َ‬
‫الله ْال َم ْوت َى‪.‬‬
‫ِيث أَ ِبي هريرة في إحياء َّ‬
‫سيأ ِتي ِفي "سورة الروم" َحد ُ‬ ‫َ‬
‫ض والفُ ْل َك ت َجْ ِري في البَحْ ِر‬ ‫س َّخ َر لَكم ما في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫أن َّ‬
‫اللهَ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ألَ ْم ت ََر َّ‬
‫ض َج ِميعًا ِمنهُ﴾‬
‫اَلر ِ‬
‫ت وما في ْ‬ ‫س َّخ َر لَكم ما في ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫أم ِر ِه﴾‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬ ‫بِ ْ‬
‫ور﴾‬‫إن اْل ْنسانَ لَ َكفُ ٌ‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي أحْ ياكم ث ُ َّم يُ ِميتُكم ث ُ َّم يُحْ ِييكم َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ْف ت َ ْكفُ ُرونَ بِاللَّ ِه و ُك ْنت ُ ْم ْأمواتًا فَأحْ ياكم ث ُ َّم يُ ِميتُكم ث ُ َّم يُحْ ِييكم ث ُ َّم إلَ ْي ِه‬
‫َكقَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬كي َ‬
‫ت ُ ْر َجعُونَ ﴾ وقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬قالُوا َربَّنا أ َمتَّنا اثْنَتَي ِْن وأحْ َي ْيت َنا اثْنَتَي ِْن}‬
‫ير‪َ :‬ي ْعنِي‪ِ :‬ل ُك ِّل أ ُ َّم ِة نَ ِب ّ‬
‫يٍ‬ ‫س ًكا ُه ۡم نَا ِس ُكوهُ} قَا َل اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫ِ﴿لّ ُك ِّل أ ُ َّمةࣲ َج َع ۡلنَا َمن َ‬
‫ض ُع الَّذِي يَ ْعت َا ُدهُ‬ ‫ب‪ُ :‬ه َو ْال َم ْو ِ‬ ‫س ِك فِي َك َال ِم ْال َع َر ِ‬ ‫س ًكا‪ .‬قَا َل‪َ :‬وأَص ُل ْال َم ْن َ‬ ‫َم ْن َ‬
‫ان‪َ ،‬و َيت ََر َّد ُد ِإلَ ْي ِه‪ِ ،‬إ َّما ِل َخي ٍْر أ َ ْو ش ٍ َّر‪.‬‬
‫س ُ‬ ‫ِْ‬
‫اْل ْن َ‬
‫صة‪ ،‬ثم نسخ بالقرآن‪.‬‬
‫الماضيَ ِة ش َِري َعة خا َّ‬
‫ِ‬ ‫وقيل ِل ُك ِّل أمة من اَلمم‬
‫ق ُم ْست َ ِق ٍيم ال ا ْع ِوجا َج ِفي ِه‪ .‬كما قال تعالى‬ ‫ط ِري ٍ‬ ‫أي َ‬ ‫﴿إ َّن َك لَعَلى ُهدًى ُم ْست َ ِق ٍيم﴾ ْ‬
‫ࣰ‬
‫ص َر ٰ⁠ ِطی ُم ۡست َ ِقيما فَٱتَّبِعُوهُ}‬ ‫{وأ َ َّن َه ٰـذَا ِ‬ ‫َ‬
‫علَى‬
‫ب ِإ َّن ذَ ⁠ٰ ِل َك َ‬
‫ض ِإ َّن ذَ ٰ⁠ ِل َك فِی ِكت َ ٰـ ٰۚ ٍ‬ ‫س َم ۤا ِء َوٱ َۡل َ ۡر ِ ٰۚ‬
‫﴿أَلَ ۡم ت َعۡ لَ ۡم أ َ َّن ٱللَّهَ يَعۡ لَ ُم َما فِی ٱل َّ‬
‫َّ‬ ‫ࣱ‬
‫القلم فقا َل َلهُ اكتُب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫الل‬ ‫خلقَ‬ ‫ما‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫أو‬‫َّ‬ ‫َّ‬
‫"إن‬ ‫الصامت‬ ‫بن‬ ‫عبادة‬ ‫حديث‬ ‫﴾‬ ‫ر‬ ‫ٱللَّ ِه َي ِسي‬
‫كائن إلى اَلبدِ" صححه اَللباني‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫هو‬
‫فجرى بما َ‬
‫ۡ ࣰ‬
‫س لَ ُهم بِ ِهۦ ِع ۡل ࣱٰۗم} { َبلۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫ط ٰـنا َو َما لي َ‬ ‫سل َ‬ ‫ُون ٱللَّ ِه َما لَ ۡم يُن ِ َّز ۡل بِ ِهۦ ُ‬
‫﴿ويَعۡ بُدُونَ ِمن د ِ‬ ‫َ‬
‫علَ ٰۤى أ ُ َّمةࣲ َو ِإنَّا َع َل ٰۤى َءاث َ ٰـ ِر ِهم ُّمهۡ تَدُونَ }‬
‫قَالُ ۤو ۟ا ِإنَّا َو َج ۡدن َۤا َءا َب ۤا َءنَا َ‬
‫‪461‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وب‪:‬‬ ‫صنَ ُم‪َ ،‬و ْال َم ْ‬


‫طلُ ُ‬ ‫ب‪ :‬ال َّ‬ ‫َّاس‪َّ :‬‬
‫الطا ِل ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫ب َو ْال َم ْ‬
‫طلُ ُ‬
‫وب﴾ قَا َل اب ُْن َ‬ ‫ف َّ‬
‫الطا ِل ُ‬ ‫ض ُع َ‬
‫﴿ َ‬
‫َارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‪ ،‬وابن كثير وفيه تفاسير أخر‪.‬‬ ‫اخت َ‬ ‫الذُّبَ ُ‬
‫اب‪َ .‬و ْ‬
‫س ًال‬ ‫أي‪َ :‬ي ْخ ُ‬
‫تار ُر ُ‬ ‫س ًال ِ‬
‫ومنَ النّ ِ‬
‫اس﴾ ْ‬ ‫ط ِفي ِمنَ ال َمال ِئ َك ِة ُر ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬اللَّهُ َي ْ‬
‫ص َ‬
‫س ُل ال َمالئِ َك ِة ِلذَ ِل َك‬
‫ور ُ‬ ‫الوحْ يِ‪ُ ،‬‬ ‫اس ِْلبْالغِ َ‬ ‫س ُل النّ ِ‬
‫اس فَ ُر ُ‬ ‫ومنَ النّ ِ‬ ‫ِمنَ ال َمالئِ َك ِة‪ِ ،‬‬
‫س ِل ال َمالئِ َك ِة‪﴿ :‬ال َح ْم ُد ِللَّ ِه ِ‬
‫فاط ِر‬ ‫ضا‪ ،‬وقَ ْد يُ ْر ِسلُهم ِل َغي ِْر ِه‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه في ُر ُ‬
‫أ ْي ً‬
‫ع﴾‬
‫وربا َ‬ ‫س ًال أُو ِلي أجْ ِن َح ٍة َمثْنى وث ُ َ‬
‫الث ُ‬ ‫ض جا ِع ِل ال َمال ِئ َك ِة ُر ُ‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬
‫ال َّ‬
‫وأما الجن فرسلهم رسل البشر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من‬
‫الجن من آمن به‪.‬‬
‫وا ٱ ۡل َخ ۡي َر لَ َعلَّ ُك ۡم‬
‫ُوا َربَّ ُك ۡم َوٱ ۡف َعلُ ۟‬
‫ُوا َوٱ ۡعبُد ۟‬
‫وا َوٱ ۡس ُجد ۟‬
‫وا ٱ ۡر َكعُ ۟‬
‫﴿ َي ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫ور ِة‬
‫س َ‬‫ف ْاَلَئِ َّمةُ‪َ ،‬ر ِح َم ُه ُم اللَّهُ‪ ،‬فِي َه ِذ ِه السَّجْ َدةِ الثَّانيَ ِة ِم ْن ُ‬ ‫ت ُ ۡف ِل ُحونَ ۩ } ْ‬
‫اختَلَ َ‬
‫ع السجو ُد ِفي َها أ َ ْم َال؟ وقد ورد فيها حديث ضعيف‬ ‫ْال َح ّجِ‪ :‬ه َْل ِه َ‬
‫ي َم ْش ُرو ٌ‬
‫ع ِة َّ‬
‫الل ِه َو ُردُّوهَا‬ ‫س ُك ْم فِي َ‬
‫طا َ‬ ‫﴿و َج ٰـ ِهد ۟‬
‫ُوا فِی ٱللَّ ِه َح َّق ِج َها ِد ِهۦٰۚ} أَ ْ‬
‫ي َجا ِهدُوا أ َ ْنفُ َ‬ ‫َ‬
‫ستِ ِه‪َ ،‬و ْال َكافِ ِرينَ فِي َر ِ ّد ُك ْف ِر ِه ْم‪،‬‬ ‫ع ِن ْال َه َوى‪َ ،‬و َجا ِهدُوا ال َّ‬
‫ش ْي َ‬
‫طانَ فِي َر ِ ّد َوس َْو َ‬ ‫َ‬
‫والمنافقين في بعض اَلحيان كما سيأتي في سورة اَلحزاب‪.‬‬
‫س ّما ُك ُم ال ُم ْس ِل ِمينَ ِمن َق ْب ُل وفي هَذا﴾ الَّذِي َ‬
‫س ّما ُه ُم ال ُم ْس ِل ِمينَ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ُ ﴿ :‬ه َو َ‬
‫ِمن قَ ْب ُل وفي هَذا‪ :‬هو اللَّهُ‪ ،‬ال إبْرا ِهي ُم فإنه وإن سماهم المسلمين من قبل‬
‫آن‪ِ ،‬لنُ ُزو ِل ِه‬ ‫﴿و ِمن ذُ ِ ّريَّ ِتنا أ ُ َّمةً ُم ْس ِل َمةً لَ َك﴾ فَ َل ْم يُ َ‬
‫س ِّم ِه ُم ال ُم ْس ِل ِمينَ في القُ ْر ِ‬ ‫كقوله َ‬
‫ط ِويلَ ٍة‪.‬‬
‫مان َ‬
‫أز ٍ‬‫بَ ْع َد وفاتِ ِه بِ ْ‬

‫علَيْكم في ال ّد ِ‬
‫ِين ِمن َح َرجٍ﴾ وفي الحديث‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما َج َع َل َ‬
‫‪462‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫" َّ‬
‫إن ال ّدِينَ يُس ٌْر" البخاري‬
‫على النّ ِ‬
‫اس﴾‬ ‫ش ِهيدًا َعلَيْكم وت َ ُكونُوا ُ‬
‫ش َهدا َء َ‬ ‫سو ُل َ‬ ‫الر ُ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬ليَ ُكونَ َّ‬
‫سو ُل‬ ‫اس و َي ُكونَ َّ‬
‫الر ُ‬ ‫على ال ّن ِ‬‫ش َهدا َء َ‬ ‫س ً‬
‫طا ِلت َ ُكونُوا ُ‬ ‫﴿و َكذَ ِل َك َج َع ْلناكم أ ُ َّمةً و َ‬
‫كقوله َ‬
‫علَيْكم َ‬
‫ش ِهيدًا﴾‬ ‫َ‬

‫سورة المؤمنون مكية‬

‫﴿وإنَّها‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قَ ْد أ ْفلَ َح ال ُمؤْ ِمنُونَ ﴾ ﴿الَّذِينَ هم في َ‬


‫صالتِ ِه ْم خا ِشعُونَ ﴾ َ‬
‫يرة ٌ ّإال َ‬
‫على الخا ِشعِينَ ﴾‬ ‫لَ َك ِب َ‬
‫"أو ُل شيءٍ يُ ْر َف ُع ِم ْن ِه ِذ ِه ْاَل ُ َّم ِة‬
‫وفي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه َّ‬
‫الخشوعُ حتى ال ت ََرى فيها خا ِش ًعا" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ً‬
‫رجال خاش ًعا"‬ ‫"يو ِشكُ أن تد ُخ َل مسج َد جماع ٍة فال َ‬
‫ترى في ِه‬
‫اْلسالم عروة ً عروة ً ‪ ،‬فكلَّما‬
‫ِ‬ ‫وفي حديث أبي أمامة الباهلي "لت ُ ْن َق َ‬
‫ض َّن ُ‬
‫ع َرى‬
‫وأخ ُر ُه َّن‬ ‫فأولُ ُه َّن نق ً‬
‫ضا الحك ُم ‪ِ ،‬‬ ‫الناس بالتي تليها ‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫انتقضت عروة ٌ ‪ ،‬تشبث‬
‫ْ‬
‫الصالةُ" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫ب لَهُ م ْنها َّإال‬ ‫يصلّي ال َّ‬
‫صالةَ ما يُكت ُ ُ‬ ‫"إن العب َد لَ ِ‬
‫وفي حديث عمار بن ياسر َّ‬
‫سها‪ ،‬ربعُها‪ ،‬ثلثُها نصفُها"‬
‫سها‪ ،‬خم ُ‬
‫سد ُ‬ ‫شرها‪ ،‬تُسعُها‪ ،‬ثمنُها‪ُ ،‬‬
‫سبعُها‪ُ ،‬‬ ‫ع ُ‬‫ُ‬
‫صححه اَللباني وغيره‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫والطيب ‪ ،‬وجع َل ْ‬
‫ت قرة ُ َ‬
‫عيني‬ ‫ُ‬ ‫ي النسا ُء ‪،‬‬
‫ب إل َّ‬
‫وفي حديث أنس بن مالك " ُح ِبّ َ‬
‫في الصال ِة" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫﴿و ِإذَا َم ُّروا ِباللَّ ْغ ِو َم ُّروا‬
‫ع ِن اللَّ ْغ ِو ُم ْع ِرضُونَ ﴾ َك َما َقا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿والَّذِينَ ُه ْم َ‬
‫َ‬
‫ِك َرا ًما﴾‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِينَ هم ِل َّ‬
‫لزكاةِ فا ِعلُونَ ﴾‪ ،‬في ال ُمرا ِد بِ َّ‬
‫الزكاةِ ُهنا خالف بين‬
‫العلماء فقيل زكاة اَلموال وقيل زكاة اَلبدان وتطهير اَلنفس وهو الصواب‬
‫ࣰ‬
‫ط ِ ّه ُر ُه ۡم َوتُزَ ِ ّكي ِهم‬ ‫َلنه يشمل كال اَلمرين قال تعالى { ُخ ۡذ ِم ۡن أ َ ۡم َو ٰ⁠ ِل ِه ۡم َ‬
‫ص َدقَة ت ُ َ‬
‫ِب َها}‬
‫ت أ َ ْي َمانُ ُه ْم﴾ قال‬ ‫علَى أ َ ْز َو ِ‬
‫اج ِه ْم ْأو َما َملَ َك ْ‬ ‫ظونَ ‪ .‬إِال َ‬ ‫﴿والَّذِينَ ُه ْم ِلفُ ُر ِ‬
‫وج ِه ْم َحافِ ُ‬ ‫َ‬
‫الناس الجنةَ ت َ ْق َوى الل ِه و ُحس ُْن ال ُخلُ ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫"أكثر ما يُ ْد ِخ ُل‬
‫ُ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‬
‫النار الفَ ُم و الفَ ْرج" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫َ‬ ‫الناس‬
‫َ‬ ‫أكثر ما يُ ْد ِخ ُل‬
‫و ُ‬
‫ي‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪َ ،‬و َم ْن َوافَقَهُ َك َما ِلكٍ َ‬
‫علَى تَحْ ِر ِيم‬ ‫اْل َما ُم ال َّ‬
‫شا ِف ِع ُّ‬ ‫َوقَ ِد ا ْست َ َد َّل ْ ِ‬
‫َاء ِب ْال َي ِد ِب َه ِذ ِه ْاآل َي ِة ْال َك ِري َم ِة‪.‬‬
‫ِاال ْستِ ْمن ِ‬
‫ع ْه ِد ِه ْم َراعُونَ ﴾ اَلمانات هي التكاليف‬ ‫﴿والَّذِينَ ُه ْم َل َمانَاتِ ِه ْم َو َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫الشرعية والمعامالت التي بين العباد قال تعالى{ َي ٰۤـأ َيُّ َها ٱ َّل ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا َال‬
‫سو َل َوت َ ُخونُ ۤو ۟ا أ َ َم ٰـنَ ٰـتِ ُك ۡم َوأَنت ُ ۡم ت َعۡ لَ ُمونَ }‬ ‫لر ُ‬ ‫ت َ ُخونُ ۟‬
‫وا ٱللَّهَ َوٱ َّ‬
‫س ُه ۡم فِي َها َخ ٰـ ِلدُونَ ﴾‬ ‫{ٱلَّ ِذينَ يَ ِرث ُونَ ٱ ۡل ِف ۡر َد ۡو َ‬

‫‪464‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سأ َ ْلت ُ ُم َّ‬


‫اللهَ فَ َسلُوهُ‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري "فإذا َ‬
‫وم ْنهُ‬
‫الرحْ َم ِن‪ِ ،‬‬ ‫ش َّ‬ ‫ط ال َجنَّ ِة‪ ،‬وأ َ ْعلَى ال َجنَّ ِة‪ ،‬وفَ ْوقَهُ َ‬
‫ع ْر ُ‬ ‫س ُ‬
‫س‪ ،‬فإنَّه ْأو َ‬
‫ال ِف ْر َد ْو َ‬
‫تَفَ َّج ُر أ ْن ُ‬
‫هار ال َجنَّ ِة‪.‬‬
‫س َل ٰـلَةࣲ ِّمن ِطي ࣲن}‬ ‫﴿ولَقَ ۡد َخلَ ۡقنَا ٱ ۡ ِْلن َ‬
‫س ٰـنَ ِمن ُ‬ ‫َ‬
‫آدم ِمن‬ ‫حديث أبي موسى اَلشعري رضي الله عنه َّ‬
‫"إن اللهَ تعالى خلق َ‬
‫اَلرض ‪ ،‬جاء‬
‫ِ‬ ‫آدم على ق ْد ِر‬
‫اَلرض ‪ ،‬فجاء بنو َ‬
‫ِ‬ ‫جميع‬
‫ِ‬ ‫ضها من‬
‫قبض ٍة قب َ‬
‫ُ‬
‫الخبيث‬ ‫ْ‬
‫والحز ُن ‪ ،‬و‬ ‫سهلُ‪،‬‬
‫ض‪ ،‬واَلسودُ‪ ،‬وبينَ ذ ِل َك‪ ،‬وال َّ‬
‫اَلحمر ‪ ،‬واَلبيَ ُ‬
‫ُ‬ ‫منهم‬
‫ذلك ‪ ".‬صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫ب ‪ ،‬وبينَ َ‬
‫‪ ،‬والطيِّ ُ‬
‫على خ َْل ِ‬
‫ق‬ ‫أن َمن َق َد َر َ‬ ‫طرائِقَ ﴾ فيه َّ‬ ‫س ْب َع َ‬ ‫و َق ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َل َق ْد َخ َل ْقنا َف ْو َقكم َ‬
‫ق اْل ْن ِ‬
‫سان َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‬ ‫على خ َْل ِ‬‫َك أ َّنهُ قاد ٌِر َ‬
‫ظ ِمها فَال ش َّ‬ ‫سماواتِ‪َ ،‬م َع ِع َ‬ ‫ال َّ‬
‫ض أ ْك َب ُر ِمن خ َْل ِ‬
‫ق ال ّن ِ‬
‫اس﴾‬ ‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫﴿لَخ َْل ُق ال َّ‬
‫سماوا ِ‬
‫عام لَ ِعب َْرة ً نُ ْس ِقيكم ِم ّما في بُ ُ‬
‫طونِها ولَكم فِيها‬ ‫إن لَكم في اَل ْن ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َّ‬
‫إن لَكم في‬ ‫ور ِة النَّحْ ِل قَ ْوله ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َّ‬ ‫س َ‬ ‫ومنها ت َأ ْ ُكلُونَ ﴾ وفي ُ‬
‫يرة ٌ ِ‬
‫َمنافِ ُع َك ِث َ‬
‫عام لَ ِعب َْرة ً نُ ْس ِقيكم ِم ّما في بُ ُ‬
‫طو ِن ِه‪﴾..‬‬ ‫اَل ْن ِ‬
‫ࣱ‬
‫{وقَا َل نُوح‬
‫َص ْر﴾ َ‬ ‫عا َربَّهُ أَ ِنّي َم ْغلُ ٌ‬
‫وب فَا ْنت ِ‬ ‫ون﴾ ﴿ َف َد َ‬ ‫ص ْرنِي بِ َما َكذَّبُ ِ‬
‫﴿ َربّ ِ ا ْن ُ‬
‫ض ِمنَ ٱ ۡل َك ٰـ ِف ِرينَ َديَّ ً‬
‫ارا}‬ ‫علَى ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫َّربّ ِ َال تَذَ ۡر َ‬
‫علَ ْي ِه القَ ْو ُل ِمنهم} كزوجته وابنه قال تعالى‬ ‫س َبقَ َ‬ ‫{وأ ْه َل َك ّإال َمن َ‬
‫ࣰ‬
‫{ونَا َد ٰى نُو ٌح‬
‫وط} وقال َ‬ ‫تل ࣲ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت نُ ࣲ‬
‫وح َوٱ ۡم َرأ َ‬ ‫َ‬ ‫۟‬
‫ب ٱ َّللهُ َمثَال ِلل ِذينَ َكفَ ُروا ٱ ۡم َرأ َ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ض َر َ‬ ‫{ َ‬
‫ی ٱ ۡر َكب َّم َعنَا َو َال ت َ ُكن َّم َع ٱ ۡل َك ٰـ ِف ِرينَ }‬ ‫ٱ ۡبنَهُۥ َو َكانَ ِفی َمعۡ ِز ࣲل َي ٰـبُنَ َّ‬
‫‪465‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫سوال ِّم ۡن ُه ۡم أ ِنَ‬ ‫س ۡلنَا ِفي ِه ۡم َر ُ‬ ‫قوله تعالى ﴿ث ُ َّم أَنش َۡأنَا ِم ُۢن َبعۡ ِد ِه ۡم قَ ۡرنًا َءاخ َِرينَ * فَأ َ ۡر َ‬
‫شأ َ بَ ْع َد قَ ْو ِم‬ ‫ٱ ۡعبُد ۟‬
‫ُوا ٱللَّهَ َما لَ ُكم ِّم ۡن ِإلَ ٰـ ٍه َغ ۡي ُرهُۥ ٰۚۤۤ أَفَ َال تَتَّقُونَ } يُ ْخبِ ُر ت َ َعالَى أ َ َّنهُ أ َ ْن َ‬
‫عادٌ‪ ،‬فَإِنَّ ُه ْم َكانُوا ُم ْست َْخلَفِينَ َب ْع َد ُه ْم‪َ .‬و ِقي َل‪:‬‬ ‫نُوحٍ قَ ْرنًا آخ َِرينَ ‪ِ -‬قي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد ِب ِه ْم َ‬
‫ق﴾ قال ابن كثير َو َّ‬
‫الظا ِه ُر‬ ‫ص ْي َحةُ ِب ْال َح ّ ِ‬
‫ْال ُم َرا ُد ِب َهؤ َُال ِء ث َ ُمودُ؛ ِلقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬فأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫ي ِ ْال َب ِ‬
‫ار َدةِ‪.‬‬ ‫ف ْالقَ ِو ّ‬ ‫ص ْرصر ْالعَ ِ‬
‫اص ِ‬ ‫ص ْي َحةٌ َم َع ِ ّ‬
‫الريحِ ال َّ‬ ‫أَنَّهُ اجْ ت َ َم َع َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪ِ ﴿ :‬إ ْن ِه َ‬
‫ي ِإ َّال َحياتُنَا ال ُّد ْنيا نَ ُموتُ َونَحْ يا﴾‬
‫ْف قَالُوا نَ ُموتُ َونَحْ يَا َو ُه ْم َال يُ ِق ُّرونَ بِ ْالبَ ْعثِ؟ فَ ِفي َهذَا أَجْ ِوبَةٌ‪ِ ،‬م ْن َها‬ ‫يُقَالُ‪َ :‬كي َ‬
‫ي‬‫ير‪ ،‬أ َ ْ‬‫أ َ ْن يَ ُكونَ ْال َم ْعنَى‪ :‬يموت بعضنا ويحي بعضنا َو ِقي َل‪ِ :‬في ِه ت َ ْقدِي ٌم َوتَأ ْ ِخ ٌ‬
‫ي ِإ َّال َح َياتُنَا ال ُّد ْن َيا نَحْ َيا فِي َها ونموت‪.‬‬
‫ِإ ْن ِه َ‬
‫ع ۡو ُن فِی‬ ‫ع ْونَ و َملَئِ ِه فا ْست َ ْكبَ ُروا وكانُوا قَ ْو ًما عالِينَ ﴾ َ‬
‫{ونَا َد ٰى فِ ۡر َ‬ ‫﴿إلى فِ ْر َ‬
‫س ِلی ُم ۡلكُ ِمصۡ َر َو َه ٰـ ِذ ِه ٱ َۡل َ ۡن َه ٰـ ُر ت َۡج ِری ِمن ت َۡح ِت ۤی ٰۚۤ أَفَ َال‬
‫قَ ۡو ِم ِهۦ قَا َل َي ٰـقَ ۡو ِم أ َ َل ۡي َ‬
‫ت ُ ۡب ِ‬
‫ص ُرونَ }‬
‫ين ْال َما ُء ْال َج ِ‬
‫اري‪َ ،‬و ُه َو النَّ ْه ُر‬ ‫ين﴾‪ْ :‬ال َم ِع ُ‬
‫ت قَ َر ٍار َو َم ِع ٍ‬‫﴿و َآو ْينَا ُه َما ِإلَى َرب َْوةٍ ذَا ِ‬
‫َ‬
‫س ِريًّا﴾ وهو أحد المعنيين الذي‬ ‫الَّذِي قَا َل َّ‬
‫اللهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬قَ ْد َج َع َل َرب ُِّك تَحْ ت َِك َ‬
‫رجحه الشيخ حفظه الله‪.‬‬
‫ض‪ ،‬والمقصود َبيْتُ ْال َم ْقد ِِس‪ ،‬وعليه‬
‫ان ْال ُم ْرت َ ِف ُع ِمنَ ْاَل َ ْر ِ‬
‫الرب َْوةُ‪ْ :‬ال َم َك ُ‬
‫َّ‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫ت وا ْع َملُوا صا ِل ًحا}‬ ‫س ُل ُكلُوا ِمنَ َّ‬
‫الط ِّيبا ِ‬ ‫الر ُ‬
‫{يا أيُّها ُّ‬

‫‪466‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب‬ ‫إن اللَّهَ َ‬


‫ط ِّي ٌ‬ ‫في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم "أَيُّها النَّ ُ‬
‫اس‪َّ ،‬‬
‫وإن اللَّهَ أ َم َر ال ُمؤْ ِمنِينَ بما أ َم َر به ال ُم ْر َ‬
‫سلِينَ ‪ ،‬فقا َل‪{ :‬يا أيُّها‬ ‫ال يَ ْقبَ ُل َّإال َ‬
‫طيِّبًا‪َّ ،‬‬
‫ت وا ْع َملُوا صا ِل ًحا‪ ،‬إ ِنّي بما ت َ ْع َملُونَ َ‬
‫ع ِلي ٌم} وقا َل‪{ :‬يا‬ ‫س ُل ُكلُوا ِمنَ َّ‬
‫الط ِّيبا ِ‬ ‫الر ُ‬
‫ُّ‬
‫ت ما َرزَ ْقنا ُك ْم}‬ ‫أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ُكلُوا ِمن َ‬
‫ط ِيّبا ِ‬
‫﴿وإِ َّن َه ِذ ِه أ ُ َّمت ُ ُك ْم أ ُ َّمةً َو ِ‬
‫اح َدةً﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اح َدةٌ‪ .‬وهو {ٱ ۡعبُد ۟‬
‫ُوا ٱللَّ َه َما‬ ‫احدٌ‪َ ،‬و ِملَّةٌ َو ِ‬ ‫اء‪-‬د ٌ‬
‫ِين َو ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫ي‪ :‬دِينُ ُك ْم ‪َ -‬يا َم ْعش ََر ْاَل َ ْن ِب َي ِ‬
‫ت دينُنا‬ ‫اَلنبياء أوال ُد َّ‬
‫عال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫معاشر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫"نحن‬ ‫لَ ُكم ِّم ۡن ِإلَ ٰـ ٍه َ‬
‫غ ۡي ُرهُۥ ٰۚۤۤ} وفي الحديث‬
‫واح ٌد"‬
‫ع لَ ُه ْم فِي ْال َخي َْرا ِ‬
‫ت‬ ‫ار ُ‬‫س ِ‬ ‫سبُونَ أَنَّ َما نُ ِم ُّد ُه ْم ِب ِه ِم ْن َما ٍل َو َبنِينَ * نُ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ َيحْ َ‬
‫ع ُمونَ فِي قَ ْو ِل ِه ْم‪﴿ :‬نَحْ ُن أ َ ْكث َ ُر أ َ ْم َواال‬ ‫ْس ْاَل َ ْم ُر َك َما يَ ْز ُ‬ ‫بَل َال َي ْشعُ ُرونَ ﴾ َك َّال لَي َ‬
‫﴿و َما أ َ ْم َوالُ ُك ْم َوال أ َ ْوال ُد ُك ْم ِبالَّ ِتي‬
‫َوأ َ ْوالدًا َو َما نَحْ ُن ِب ُم َعذَّ ِبينَ ﴾ قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫صا ِل ًحا﴾ وقال تعالى { ُك ّال نُّ ِم ُّد َه ٰۤـؤُ َ ۤال ِء‬ ‫تُقَ ِ ّربُ ُك ْم ِع ْن َدنَا ُز ْلفَى ِإال َم ْن آ َمنَ َو َ‬
‫ع ِم َل َ‬
‫سم بينكم‬ ‫إن اللهَ ق َّ‬ ‫ط ۤا ِء َربِّ ٰۚ َك} وفي حديث عبد الله بن مسعود " َّ‬ ‫ع َ‬ ‫َو َه ٰۤـؤ َ ۤ‬
‫ُال ِء ِم ۡن َ‬
‫سم بينكم أرزاقَكم ‪َّ ،‬‬
‫وإن اللهَ يُعطي الدنيا من يُحبُّ ومن ال‬ ‫أخالقَكم كما ق َّ‬
‫يُحبُّ ‪ ،‬وال يُعطي اْليمانَ إال َمن أحبَّ " صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫ي‪ :‬إِ َّن ْال ُمؤْ ِمنَ‬ ‫س ُن ْال َب ْ‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫﴿إِ َّن الَّذِينَ ُه ْم ِم ْن َخ ْشيَ ِة َربِّ ِه ْم ُم ْش ِفقُونَ ﴾ قَا َل ْال َح َ‬
‫شفَقَةً‪َ ،‬و ِإ َّن ْال ُمنَا ِفقَ َج َم َع ِإ َ‬
‫سا َءة ً َوأ َ ْمنًا‪.‬‬ ‫سانًا َو َ‬
‫َج َم َع ِإحْ َ‬

‫‪467‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{والَّذِينَ يُؤْ تُونَ َما آت َْوا َوقُلُوبُ ُه ْم َو ِجلَةٌ} وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله‬ ‫َ‬
‫وسل َم عن ه ِذ ِه اآلي ِة َوالَّذِينَ‬
‫عنها قالت‪ :‬سألتُ رسو َل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ علَي ِه َّ‬
‫الخمر‬
‫َ‬ ‫يُؤْ تُونَ َما آت َْوا َوقُلُوبُ ُه ْم َو ِجلَةٌ قالت عائشةُ ‪ :‬أ َ ُه ُم الَّذينَ يشربونَ‬
‫ق ‪ ،‬ولَ ِك َّنه ُم الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ‬
‫ص ّدِي ِ‬
‫بنت ال ِ ّ‬
‫ويسرقونَ قا َل ال يا َ‬ ‫ِ‬
‫ارعُونَ فِي ْال َخي َْرا ِ‬
‫ت‬ ‫س ِ‬‫ويتص َّدقونَ ‪َ ،‬و ُهم يخافونَ أن ال تُقبَ َل من ُهم أُولَئِ َك يُ َ‬
‫َو ُه ْم لَ َها َسا ِبقُونَ " صححه اَللباني‪ .‬أما قول المرجئة‪ :‬ال يضر مع اْليمان‬
‫ی أ َ ۡه ِل ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ٰۗ ِ‬
‫ب َمن‬ ‫س بِأ َ َمانِيِّ ُك ۡم َو َ ۤال أ َ َمانِ ِّ‬
‫شيء‪ ،‬فباطل ال يصح قال تعالى {لَّ ۡي َ‬
‫ࣰ‬
‫يَعۡ َم ۡل ُ‬
‫س ۤوءا يُ ۡجزَ بِ ِهۦ }‬
‫سا ِبقُونَ }‬ ‫ت َو ُه ْم لَ َها َ‬ ‫ارعُونَ فِي ْال َخي َْرا ِ‬
‫س ِ‬‫قوله تعالى {أُولَئِ َك يُ َ‬
‫} َوفِی ذَ ٰ⁠ ِل َك فَ ۡل َيتَنَافَ ِس ٱ ۡل ُمت َ َن ٰـ ِف ُ‬
‫سونَ {‬
‫ول‬
‫س ࣲ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أفَلَ ْم يَ َّدب َُّروا القَ ْو َل﴾ الَّذِي هو القُ ْر ُ‬
‫آن ال َع ِظي ُم؛ { ِإنَّهُۥ لَقَ ۡو ُل َر ُ‬
‫َك ِري ࣲم}‬
‫ي‪ :‬أَفَ ُه ْم َال َي ْع ِرفُونَ ُم َح َّمدًا َو ِ‬
‫ص ْد َقهُ‬ ‫سولَ ُه ْم فَ ُه ْم َلهُ ُم ْن ِك ُرونَ ﴾ أ َ ْ‬ ‫﴿أ َ ْم َل ْم َي ْع ِرفُوا َر ُ‬
‫ار ذَ ِل َك َو ْال ُمبَا َهت َ ِة ِفي ِه؟‬ ‫صيَانَتَهُ الَّتِي نَ َ‬
‫شأ َ بِ َها فِي ِه ْم‪ ،‬أَفَيَ ْقد ُِرونَ َ‬
‫علَى ِإ ْن َك ِ‬ ‫َوأ َ َمانَتَهُ َو ِ‬
‫ش ِة‪ :‬أَيُّ َها‬‫ي ِ َم ِل ِك ْال َح َب َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنهُ‪ِ ،‬للنَّ َجا ِش ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ب‪َ ،‬ر ِ‬ ‫َو ِل َهذَا قَا َل َج ْعفَ َر بْنَ أ َ ِبي َ‬
‫طا ِل ٍ‬
‫ص ْدقَهُ َوأ َ َمانَتَهُ‪َ .‬و َه َك َذا قَا َل‬‫سبَهُ َو ِ‬‫ف َن َ‬ ‫س ً‬
‫وال نَ ْع ِر ُ‬ ‫ث ِإلَ ْينَا َر ُ‬ ‫ْال َم ِلكُ ‪ِ ،‬إ َّن َّ‬
‫اللهَ بَ َع َ‬
‫ص ْخ ُر ب ُْن‬ ‫ارزَ ُه ْم َو َكذَ ِل َك قَا َل أَبُو ُ‬
‫س ْف َيانَ َ‬ ‫ب ِكس َْرى ِحينَ بَ َ‬ ‫ش ْعبَةَ ِلنَائِ ِ‬ ‫ْال ُم ِغ َ‬
‫يرة ُ ب ُْن ُ‬
‫ت ال َّن ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ َونَ َس ِب ِه‬ ‫ع ْن ِ‬
‫صفَا ِ‬ ‫ص َحا َبهُ َ‬ ‫سأَلَهُ َوأَ ْ‬
‫وم ِه َر ْق َل‪ِ ،‬حينَ َ‬
‫الر ِ‬
‫ب ِل َم ِل ِك ُّ‬‫َح ْر ٍ‬
‫ص ْدقِ ِه َوأ َ َمانَتِ ِه‪َ ،‬و َكانُوا بَ ْع ُد َكفَّ ً‬
‫ارا لَ ْم يُ ْس ِل ُموا‪.‬‬ ‫َو ِ‬
‫‪468‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سماواتُ واَل ْر ُ‬
‫ض و َمن‬ ‫ت ال َّ‬
‫س َد ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ولَ ِو اتَّ َب َع ال َح ُّق أ ْهوا َءهم لَ َف َ‬
‫فِي ِه َّن﴾ َوال َح ُّق‪ :‬هو اللَّهُ ت َعالى‪.‬‬
‫صلُ ُح؛ َِل ْن ت َ ُكونَ ُمت َّ َب َعةً قَ ْولُهُ ت َعالى‪:‬‬
‫أن أ ْهوا َءهم ال تَ ْ‬
‫على َّ‬ ‫ت الدّالَّ ِة َ‬‫َو ِمنَ اآليا ِ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾ وقَ ْد َر َّد اللَّهُ‬ ‫على َر ُج ٍل ِمنَ القَ ْريَتَي ِْن َ‬
‫آن َ‬‫﴿وقالُوا لَ ْوال نُ ِ ّز َل هَذا القُ ْر ُ‬
‫َ‬
‫علَ ْي ِه ْم بِقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬قُ ْل لَ ْو أ ْنت ُ ْم ت َْم ِل ُكونَ خَزائِنَ َرحْ َم ِة َربِّي إذًا ََل ْم َ‬
‫س ْكت ُ ْم َخ ْشيَةَ‬ ‫َ‬
‫ورا﴾‬ ‫ق وكانَ اْل ْن ُ‬
‫سان قَت ُ ً‬ ‫اْل ْنفا ِ‬
‫علَ ْي ِه ِم ْن أَجْ ٍر َو َما‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْم ت َ ْسأَلُ ُه ْم خ َْر ًجا َفخ ََرا ُج َربِّ َك َخي ٌْر﴾ ﴿قُ ْل َما أَ ْسأَلُ ُك ْم َ‬
‫أ َنَا ِمنَ ْال ُمت َ َك ِلّفِينَ ﴾‬
‫وا ِل َر ِبّ ِه ۡم َو َما َيتَ َ‬
‫ض َّرعُونَ } وهذا العذاب كان‬ ‫﴿ولَقَ ۡد أَخ َۡذنَ ٰـ ُهم ِبٱ ۡل َعذَا ِ‬
‫ب فَ َما ٱ ۡست َ َكانُ ۟‬ ‫َ‬
‫"إن قُ َر ْي ً‬
‫شا‬ ‫في الدنيا كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال َّ‬
‫ص ْوا عليه‪ ،‬قا َل‪ :‬اللَّ ُه َّم أ ِع ِنّي‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم وا ْست َ ْع َ‬ ‫غلَبُوا النب َّ‬
‫ي َ‬ ‫لَ َّما َ‬
‫ام وال َم ْيتَةَ ِمنَ ال َج ْه ِد"‬
‫ظ َ‬‫سنَةٌ أ َكلُوا فِي َها ال ِع َ‬
‫ف فأ َخ َذتْ ُه ْم َ‬ ‫سبْعٍ َك َسبْعِ يُو ُ‬
‫س َ‬ ‫عليهم ب َ‬
‫ب إلى رسو ِل الل ِه‬ ‫وفي حديث عبد الله بن عباس جاء أبو سفيانَ ُ‬
‫بن حر ٍ‬
‫أكلنا ال ِع ْل ِهزَ‬
‫والرح َم ‪ ،‬فقد ْ‬
‫ِ‬ ‫صلَّى اللهُ عل ْي ِه َّ‬
‫وسل َم فقال ‪ :‬يا محم ُد ! أنشد َُك اللهَ‬
‫والدم ‪ ،‬فأنز َل اللهُ ‪َ :‬ولَقَ ْد أ َ َخ ْذنَا ُه ْم بِ ْال َعذَا ِ‬
‫ب فَ َما ا ْست َ َكانُوا‬ ‫َ‬ ‫الوبر –‬
‫َ‬ ‫– يعني‪:‬‬
‫ِل َربِّ ِه ْم َو َما يَتَ َ‬
‫ض َّرعُونَ " صححه اَللباني‬
‫ْصار واَل ْفئِ َدة َ قَ ِل ً‬
‫يال ما‬ ‫﴿وهو الَّذِي أ ْنشَأ لَ ُك ُم ال َّ‬
‫س ْم َع واَلب َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫علَ ٰى قُلُوبِ ُكم َّم ۡن‬
‫ص ٰـ َر ُك ۡم َو َخت ََم َ‬ ‫ت َ ْش ُك ُرونَ ﴾ {قُ ۡل أ َ َر َء ۡيت ُ ۡم ِإ ۡن أ َ َخذَ ٱللَّهُ َ‬
‫س ۡم َع ُك ۡم َوأ َ ۡب َ‬
‫غ ۡي ُر ٱللَّ ِه َي ۡأ ِتي ُكم ِب ٰۗ ِه}‬
‫ِإلَ ٰـهٌ َ‬
‫‪469‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ۡبعِ َو َربُّ ٱ ۡل َع ۡر ِش ٱ ۡل َع ِظي ِم} العرش أكبر الخلق‬ ‫{قُ ۡل َمن َّربُّ ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ٰ⁠ ِ‬
‫ت ٱل َّ‬
‫ي ِ إال ك َح ْلق ٍة ُملقاةٍ‬
‫حديث أبي ذر الغفاري "ما السمواتُ السب ُع في الكرس ّ‬
‫ي ِ كفض ِل تلك الفالةِ على تلك‬
‫العرش على الكرس ّ‬
‫ِ‬ ‫بأرض فالةٍ ‪ ،‬و فض ُل‬
‫ٍ‬
‫ْ‬
‫الحلق ِة" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫َب ُك ُّل ِإلَ ٍه ِب َما َخلَقَ َولَ َعال‬ ‫اللهُ ِم ْن َولَ ٍد َو َما َكانَ َم َعهُ ِم ْن ِإلَ ٍه ِإذًا لَذَه َ‬ ‫﴿ َما ات َّ َخذَ َّ‬
‫ض﴾ َو ْال ُمشَا َه ُد أ َ َّن ْال ُو ُجو َد ُم ْنت َِظ ٌم ُمت َّ ِس ٌق‪ُ ،‬ك ٌّل ِمنَ ْال َعالَ ِم‬
‫علَى بَ ْع ٍ‬
‫ض ُه ْم َ‬ ‫بَ ْع ُ‬
‫ض‪ِ ،‬في غَا َي ِة ْال َك َما ِل‪َ ﴿ ،‬ما ت ََرى ِفي خ َْل ِ‬
‫ق‬ ‫ضهُ ِب َب ْع ٍ‬ ‫ي ِ ُم ْرت َ ِب ٌ‬
‫ط َب ْع ُ‬ ‫س ْف ِل ّ‬ ‫ْالعُ ْل ِو ّ‬
‫ي ِ َوال ُّ‬
‫اوتٍ﴾‬ ‫الرحْ َم ِن ِم ْن تَفَ ُ‬ ‫َّ‬
‫ع ْنهُ بِ َد ِلي ِل الت َّ َمانُعِ‪.‬‬
‫عب َُّروا َ‬‫َو ْال ُمت َ َك ِلّ ُمونَ ذَ َك ُروا َه َذا ْال َم ْعنَى َو َ‬
‫﴿ربّ ِ فَال تَجْ َع ْلنِي في القَ ْو ِم‬ ‫عدُونَ ﴾ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل َربّ ِ إ ّما ت ُ ِر َينِّي ما يُو َ‬
‫ذاب‪ ،‬وهو‬ ‫اض َع أ ُ َخ َر‪ :‬أنَّهُ ال يَ ْن ِز ُل بِ ِه ُم ال َع ُ‬ ‫الظا ِل ِمينَ ﴾ وقَ ْد بَيَّنَ ت َعالى في َمو ِ‬ ‫ّ‬
‫ت ِفي ِه ْم﴾‬ ‫﴿وما كانَ َّ‬
‫اللهُ ِليُ َع ِذّ َبهم وأ ْن َ‬ ‫ِفي ِه ْم وذَ ِل َك في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫مفتون‪"،‬‬
‫ٍ‬ ‫غير‬ ‫أردت فتنةً في ٍ‬
‫قوم فتوفَّني َ‬ ‫َ‬ ‫وفي حديث معاذ بن جبل "وإذا‬
‫صححه اَللباني‪.‬‬
‫س ِّيئَةَ نَحْ ُن أ ْعلَ ُم ِبما َي ِ‬
‫صفُونَ ﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ا ْد َف ْع ِب َّال ِتي هي أحْ َ‬
‫س ُن ال َّ‬
‫س ُن فَإذا الَّذِي بَ ْين ََك‬
‫سنَةُ وال ال َّس ِيّئَةُ ا ْدفَ ْع ِبالَّتِي هي أحْ َ‬ ‫﴿وال ت َ ْست َ ِوي ال َح َ‬‫كقوله َ‬
‫صبَ ُروا وما يُلَقّاها ّإال ذُو‬ ‫﴿وما يُلَقّاها ّإال الَّذِينَ َ‬ ‫ي َح ِمي ٌم﴾ َ‬ ‫داوة ٌ َكأنَّهُ و ِل ٌّ‬
‫ع َ‬ ‫وبَ ْينَهُ َ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬ ‫َح ٍ ّ‬
‫ظ َ‬

‫‪470‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو َل اللَّ ِه ﷺ‬
‫ين﴾ ‪ :‬فيه أ َ َّن َر ُ‬
‫اط ِ‬
‫ش َي ِ‬ ‫عوذُ ِب َك ِم ْن َه َمزَ ا ِ‬
‫ت ال َّ‬ ‫﴿وقُ ْل َربّ ِ أ َ ُ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫الر ِج ِيم‪ِ ،‬م ْن ه َْمزه ونَ ْفخه‬
‫ان َّ‬
‫ط ِ‬ ‫س ِميعِ ْال َع ِل ِيم ِمنَ ال َّ‬
‫ش ْي َ‬ ‫عوذُ بِاللَّ ِه ال َّ‬ ‫َكانَ يَقُولُ‪" :‬أ َ ُ‬
‫ونَ ْفثه"‬
‫ون﴾‬‫ار ِجعُ ِ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل َربّ ِ ْ‬
‫ب‪ ،‬وهو َّ‬
‫اللهُ‪ .‬كما قال الشيخ‬ ‫الواو ِلت َ ْع ِظ ِيم ال ُمخا َ‬
‫ط ِ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫فيه أوجه ْ‬
‫أظ َه ُرها‪َّ ،‬‬
‫محمد اَلمين الشنقيطي‪.‬‬
‫﴿لَ َع ِلّي أ ْع َم ُل صا ِل ًحا فِيما ت ََر ْكتُ َكال إنَّها َك ِل َمةٌ هو قائِلُها﴾ فَجا َء بِ َك ِل َم ِة َّ‬
‫الر ْدعِ‬
‫أي َّ‬
‫إن َه ِذ ِه‬ ‫ون﴾ ْ‬ ‫ار ِجعُ ِ‬ ‫ير في إنَّها يَ ْر ِج ُع إلى َق ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿ربّ ِ ْ‬ ‫َّ‬
‫والزجْ ِر‪ ،‬والض َِّم ُ‬
‫ال َك ِل َمةَ هو قائِلُها ال َمحا َلةَ‪ ،‬أو قالها ع َبثا {ولَ ْو ُر ُّدوا لَعادُوا ِلما نُ ُهوا َ‬
‫ع ْنهُ‬
‫وإنَّهم لَكا ِذبُونَ ﴾‬
‫ويقولها‪ :‬عند الموت وفي القبر وعند الحساب‪.‬‬
‫ت َر ِّبنا ونَ ُكونَ‬ ‫ار فَقالُوا يا َل ْيت َنا نُ َر ُّد وال نُ َكذّ َ‬
‫ِب ِبآيا ِ‬ ‫﴿ولَ ْو ت َرى إ ْذ ُوقِفُوا َعلى النّ ِ‬
‫َ‬
‫أن َرسو َل‬ ‫ِمنَ ال ُمؤْ ِمنِينَ } كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر َّ‬
‫ض عليه َم ْق َع ُدهُ‬
‫ع ِر َ‬ ‫"إن أ َح َد ُك ْم إذَا َم َ‬
‫ات ُ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم قا َل‪َّ :‬‬ ‫اللَّ ِه َ‬
‫وإن كانَ ِمن أ ْه ِل‬ ‫إن كانَ ِمن أ ْه ِل ال َجنَّ ِة فَ ِم ْن أ ْه ِل ال َجنَّ ِة‪ْ ،‬‬
‫يِ‪ْ ،‬‬ ‫بالغَ َدا ِة وال َع ِش ّ‬
‫وم ال ِقيَا َم ِة‪.‬‬ ‫ار‪ ،‬فيُقَالُ‪ :‬هذا َم ْقعَد َُك حتَّى يَ ْب َعث َ َك َّ‬
‫اللهُ يَ َ‬ ‫ار فَ ِم ْن أ ْه ِل النَّ ِ‬
‫النَّ ِ‬
‫ساب َب ْينَهم َي ْو َمئِ ٍذ وال َيت َسا َءلُونَ ﴾ عن‬
‫ور فَال أ ْن َ‬
‫ص ِ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَإذا نُ ِف َخ في ال ُّ‬
‫ئ ِم ْن ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ شَأ ْ ٌن يُ ْغنِي ِه} أو عن منافعة‪.‬‬
‫أحوالهم { ِل ُك ِّل ْام ِر ٍ‬

‫‪471‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اح َبتِ ِه َو َبنِي ِه‪﴾ .‬‬


‫ص ِ‬‫قَا َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬ي ْو َم َي ِف ُّر ْال َم ْر ُء ِم ْن أ َ ِخي ِه‪َ .‬وأ ُ ِّم ِه َوأ َ ِبي ِه‪َ .‬و َ‬
‫عذَا ِ‬
‫ب َي ۡو ِم ِٕى ِذ بِبَ ِني ِه}‬ ‫وقال {يَ َو ُّد ٱ ۡل ُم ۡج ِر ُم لَ ۡو يَ ۡفت َ ِدی ِم ۡن َ‬
‫ع َملُهُ‪ ،‬لَ ْم يُس ِْر ْ‬
‫ع به نَ َسبُهُ"‬ ‫"و َمن َب َّ‬
‫طأ َ به َ‬ ‫وفي حديث أبي هريرة عند مسلم َ‬
‫وصهري"‬
‫سببي ِ‬
‫غير ن َسبي و َ‬
‫يوم القيام ِة تنقط ُع َ‬
‫اَلنساب َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫"وإن‬ ‫وفي الحديث‬
‫المصدر‪ :‬السلسلة الصحيحة‪.‬‬
‫ص ِني ِع ِه ْم َو ِع َبا َد ِت ِه ْم‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ َّن‬ ‫ض َح ُكونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬م ْن َ‬ ‫﴿و ُك ْنت ُ ْم ِم ْن ُه ْم تَ ْ‬
‫َ‬
‫}الَّذِينَ أَجْ َر ُموا َكانُوا ِمنَ الَّذِينَ آ َمنُوا يَ ْ‬
‫ض َح ُكونَ * َو ِإذَا َم ُّروا بِ ِه ْم يَتَغَا َم ُزونَ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قالُوا لَبِثْنا يَ ْو ًما ْأو بَ ْع َ‬
‫ض َي ْو ٍم فاسْأ ِل العا ّدِينَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪:‬‬
‫إن لَ ِبثْت ُ ْم ّإال َ‬
‫ع ْش ًرا * نَحْ ُن أ ْعلَ ُم ِبما َيقُولُونَ إ ْذ َيقُو ُل ْأمثَلُهم‬ ‫﴿ َيت َخافَتُونَ َب ْينَهم ْ‬
‫إن َلبِثْت ُ ْم ّإال يَ ْو ًما﴾‬
‫ط ِريقَةً ْ‬‫َ‬

‫سورة النور مدنية‬

‫واح ٍد ِمن ُهما ِمائَةَ َج ْل َدةٍ﴾‬ ‫﴿الزا ِن َيةُ ّ‬


‫والزا ِني فاجْ ِلدُوا ُك َّل ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ّ :‬‬
‫قوم قَ ُّ‬
‫ط ؛ حتى يُ ْع ِلنُوا بها ؛‬ ‫حديث عبد الله بن عمر "لم ت ْ‬
‫َظ َه ِر الفاحشةُ في ٍ‬
‫ت في أسالفِ ِهم الذين‬ ‫الطاعون واَلوجاعُ التي لم ت َ ُك ْن َم َ‬
‫ض ْ‬ ‫ُ‬ ‫إال فَشَا في ِه ُم‬
‫ض ْوا" صححه اَللباني‪.‬‬
‫َم َ‬

‫‪472‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عنِّي‪ُ ،‬خذُوا َعنِّي‪ ،‬ق ْد‬


‫وفي حديث عبادة بن الصامت في صحيح مسلم " ُخذُوا َ‬
‫ب َج ْل ُد‬
‫ب بالثَّيِّ ِ‬ ‫يال‪ ،‬البِ ْك ُر بالبِ ْك ِر َج ْل ُد ِمئ َ ٍة ونَ ْف ُ‬
‫ي َسنَةٍ‪ ،‬والثَّيِّ ُ‬ ‫سبِ ً‬ ‫َج َع َل اللَّهُ َّ‬
‫لهن َ‬
‫ِمئَةٍ‪َّ ،‬‬
‫والرجْ ُم‪ ".‬واختلف هل يُقتصر على الرجم فقط أم يُجمع له بينهما‪ ،‬فقال‬
‫ق‬ ‫ص َحاح ْال ُمت َ َع ِ ّد َدة ُّ‬
‫الط ُر ِ‬ ‫الجمهور حديث عبادة نسخ بما َو َر َد في ْاَل َ َحادِيث ال ِ ّ‬
‫ْس فِي َها ِذ ْك ُر ْال َج ْلدِ‪ .‬وقال أمير المؤمنين‬ ‫الرجْ ِم‪َ ،‬ولَي َ‬
‫علَى َّ‬
‫ار َ‬
‫ص ِ‬ ‫َو ْاَل َ ْلفَ ِ‬
‫اظ‪ ،‬بِ ِاال ْق ِت َ‬
‫عمر بن الخطاب كما في صحيح البخاري "فَكانَ ِم ّما أ ْنزَ َل َّ‬
‫اللهُ آ َيةَ َّ‬
‫الرجْ ِم‪،‬‬
‫أخشى‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬‬
‫ور َج ْمنا بَ ْع َدهُ‪ ،‬فَ ْ‬ ‫عيْناها‪َ ،‬ر َج َم َر ُ‬
‫وو َ‬ ‫فَقَ َرأْناها‪ ،‬و َ‬
‫عقَ ْلناها‪َ ،‬‬
‫ب اللَّ ِه‬ ‫أن يَقُو َل قائِ ٌل‪ :‬واللَّ ِه ما ن َِج ُد آيَةَ َّ‬
‫الرجْ ِم في ِكتا ِ‬ ‫مان ْ‬ ‫اس زَ ٌ‬ ‫إن طا َل ِبالنّ ِ‬ ‫ْ‬
‫ض ٍة أ ْنزَ لَها اللَّهُ"‬
‫ضلُّوا ِبت َْر ِك فَ ِري َ‬
‫فَ َي ِ‬
‫ف لَها زَ ْو ٌج‬
‫ام َرأةٍ‪ ،‬ال يُ ْع َر ُ‬
‫ور ال َح ْم ِل بِ ْ‬ ‫رار‪ ،‬أو ُ‬
‫ظ ُه ُ‬ ‫الزنا بِالبَيِّنَ ِة واْل ْق ِ‬
‫وتثبتُ ِ ّ‬
‫س ِيّدٌ‪ ،‬على خالف‪.‬‬
‫وال َ‬
‫والزانِ َيةُ ال يَ ْن ِك ُحها ّإال ٍ‬
‫زان‬ ‫﴿الزانِي ال َي ْن ِك ُح ّإال زا ِنيَةً ْأو ُم ْش ِر َكةً ّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ّ :‬‬
‫على ال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾ َه ِذ ِه اآليَةُ ال َك ِري َمةُ ت َ ُد ُّل َ‬
‫على تَحْ ِر ِيم‬ ‫ْأو ُم ْش ِر ٌك و ُح ِ ّر َم ذَ ِل َك َ‬
‫ف‪ ،‬و َي ُد ُّل ِلذَ ِل َك قَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬محْ َ‬
‫صنا ٍ‬
‫ت‬ ‫على اَل ِعفّ ِ‬
‫اء وال َعفا ِئ ِ‬ ‫الزوا ِني ُّ‬
‫والزنا ِة َ‬ ‫ِنكاحِ َّ‬
‫غي َْر ُمسافِ ِحينَ ﴾‬ ‫صنِينَ َ‬ ‫غي َْر ُمسافِحاتٍ﴾ اآليَةَ وقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬محْ ِ‬ ‫َ‬
‫والطيِّباتُ ِل َّ‬
‫لطيِّ ِبينَ‬ ‫َّ‬ ‫وقَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال َخ ِبيثاتُ ِل ْل َخبِيثِينَ وال َخبِيثُونَ ِل ْل َخبِيثا ِ‬
‫ت‬
‫والط ِّيبُونَ ِل َّ‬
‫لط ِيّباتِ﴾‬ ‫َّ‬

‫‪473‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي كانَ يحم ُل اَلسارى ب َم َّكةَ ‪،‬‬ ‫أن ِمرث َد بنَ أبي ِمرث ٍد الغنَو َّ‬‫وفي الحديث َّ‬
‫ناق َوكانت صديقتَهُ ‪ ،‬قا َل ‪ِ :‬جئتُ إلى النَّب ّ‬
‫يِ‬ ‫ع ُ‬ ‫َوكانَ ب َم َّكةَ بغ ٌّ‬
‫ي يقا ُل لَها ‪َ :‬‬
‫ت ع ِنّي ‪،‬‬
‫س َك َ‬ ‫وسل َم فقُلتُ ‪ :‬يا رسو َل اللَّ ِه ‪ ،‬أن ِك ُح َ‬
‫عناقَ ؟ قا َل ف َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ ع َلي ِه َّ‬
‫ي وقا َل ‪:‬‬‫ان أ َ ْو ُم ْش ِر ٌك) فدعاني فقرأَها عل َّ‬ ‫(والزانِ َيةُ َال يَ ْن ِك ُح َها ِإ َّال زَ ٍ‬
‫َّ‬ ‫فنزلت ‪:‬‬
‫ال تنكِحْ ها" قال اَللباني حسن صحيح‪.‬‬
‫الزاني المجلو ُد إال مثلَه"‬
‫وحديث أبي هريرة رضي الله عنه "ال َين ِك ُح َّ‬
‫صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫وحديث عمار بن ياسر "ثالثةٌ ال يَدخلُونَ الجنةَ أبدًا ‪ - :‬وذكر منهم ‪-‬‬
‫ال َّدي ُ‬
‫ُّوث" صححه اَللباني‪.‬‬
‫وقيل يجوز ذلك‪ ،‬وهذا مرجوح‪.‬‬
‫ف‬ ‫اختَ َل َ‬
‫ور َر ِحي ٌم﴾ ‪ْ ،‬‬ ‫غف ُ ٌ‬ ‫صلَ ُحوا َفإ ِ َّن اللَّهَ َ‬‫﴿ ِإال الَّذِينَ ت َابُوا ِم ْن َب ْع ِد ذَ ِل َك َوأَ ْ‬
‫ير ِة فَقَ ْ‬
‫ط فَت َْر َف ُع الت َّ ْوبَةُ‬ ‫َاء‪ :‬ه َْل يَعُو ُد ِإلَى ْال ُج ْملَ ِة ْاَل َ ِخ َ‬
‫ْالعُلَ َما ُء فِي َه َذا ِاال ْستِثْن ِ‬
‫َاب‪ ،‬أ َ ْو يَعُو ُد إِلَى ْال ُج ْملَتَي ِْن‬ ‫ش َها َدةِ َدائِ ًما َوإِ ْن ت َ‬ ‫ط‪َ ،‬ويَ ْبقَى َم ْردُو َد ال َّ‬ ‫ْال ِف ْسقَ فَقَ ْ‬

‫الثَّا ِن َي ِة َوالثَّا ِلث َ ِة؟ َوأ َ َّما ْال َج ْل ُد فَقَ ْد ذَه َ‬


‫َب َوا ْن َق َ‬
‫ضى ‪.‬‬
‫َيره ْم ِإلَى أَنَّهُ ِإذَا ت َ‬
‫َاب قُبِ َل ْ‬
‫ت‬ ‫ي َوأَحْ َم ُد ب ُْن َح ْنبَ ٍل َوغ ُ‬ ‫َب ْ ِ‬
‫اْل َما ُم َما ِل ٌك َوال َّشافِ ِع ُّ‬ ‫فَذَه َ‬
‫ارتَفَ َع َع ْنهُ ُح ْك ُم ْال ِف ْس ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ش َها َدتُهُ‪َ ،‬و ْ‬
‫َ‬
‫يرةِ فَ َق ْ‬
‫ط‪.‬‬ ‫اْل َما ُم أَبُو َحنِيفَةَ‪ِ :‬إنَّ َما َيعُو ُد ِاال ْستِثْنَا ُء ِإلَى ْال ُج ْملَ ِة ْاَل َ ِخ َ‬
‫َوقَا َل ْ ِ‬
‫قوله {والذينَ يَ ْر ُمونَ ْ‬
‫أزوا َج ُه ْم}‬

‫‪474‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف‬‫"أن ِهال َل بنَ أ ُ َم َّيةَ‪ ،‬قَذَ َ‬


‫جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس َّ‬
‫صلَّى‬
‫ي َ‬ ‫سحْ ما َء‪ ،‬فقا َل النب ُّ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم بش َِر ِ‬
‫يك اب ِْن َ‬ ‫ْام َرأَتَهُ ِع ْن َد النب ّ‬
‫يِ َ‬
‫ظ ْه ِر َك‪ ،‬فقا َل‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬إذا َرأَى أ َحدُنا‬ ‫اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ :‬ال َب ِيّ َنةَ ْأو َح ٌّد في َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‬ ‫ي َ‬ ‫ط ِل ُق َي ْلت َِم ُ‬
‫س ال َب ِيّنَةَ‪ ،‬فَ َج َع َل النب ُّ‬ ‫علَى ْام َرأَتِ ِه َر ُج ًال َي ْن َ‬
‫ق إ ِنّي لَصاد ٌ‬
‫ِق‪،‬‬ ‫ظ ْه ِر َك فقا َل ِهال ٌل‪ :‬والذي بَعَث َ َك بال َح ّ ِ‬ ‫وإال َح ٌّد في َ‬ ‫يقولُ‪ :‬البَيِّنَةَ َّ‬
‫ظ ْه ِري ِمنَ ال َح ّدِ‪َ ،‬فنَزَ َل ِجب ِْري ُل وأ َ ْنزَ َل عليه‪{ :‬والذينَ‬
‫ئ َ‬ ‫فَلَيُ ْن ِزلَ َّن اللَّهُ ما يُ َب ِ ّر ُ‬
‫ي‬
‫ف النب ُّ‬ ‫صا ِدقِينَ } فا ْن َ‬
‫ص َر َ‬ ‫{إن كانَ ِمنَ ال َّ‬ ‫أزوا َج ُه ْم} فَقَ َرأ َ حتَّى بَلَغَ‪ْ :‬‬ ‫يَ ْر ُمونَ ْ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬
‫ي َ‬ ‫س َل إلَيْها‪ ،‬فَجا َء ِهال ٌل َف َ‬
‫ش ِه َد‪ ،‬والنب ُّ‬ ‫فأر َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم ْ‬ ‫َ‬
‫ب ث ُ َّم قا َم ْ‬
‫ت‬ ‫هل ِم ْن ُكما تائِ ٌ‬ ‫أن أ َح َد ُكما كاذ ٌ‬
‫ِب‪ ،‬فَ ْ‬ ‫إن َّ‬
‫اللهَ َي ْعلَ ُم َّ‬ ‫وسلَّ َم يقولُ‪َّ :‬‬
‫وجبَةٌ‪ ،‬قا َل ُ‬
‫ابن‬ ‫الخام َس ِة وقَّفُوها‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنَّها ُم ِ‬
‫ِ‬ ‫ت‪ ،‬فَلَ َّما كان ْ‬
‫َت ِع ْن َد‬ ‫ش ِه َد ْ‬
‫فَ َ‬
‫ض ُح قَ ْو ِمي‬ ‫ظنَنَّا أنَّها ت َْر ِج ُع‪ ،‬ث ُ َّم قالَ ْ‬
‫ت‪ :‬ال أ ْف َ‬ ‫ت‪ ،‬حتَّى َ‬
‫ص ْ‬ ‫َّاس‪َ :‬فتَلَ َّكأ َ ْ‬
‫ت ونَ َك َ‬ ‫عب ٍ‬
‫فإن‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ :‬أب ِ‬
‫ْص ُروها‪ْ ،‬‬ ‫ي َ‬ ‫ض ْ‬
‫ت‪ ،‬فقا َل النب ُّ‬ ‫وم‪ ،‬فَ َم َ‬
‫سائِ َر اليَ ِ‬
‫ساقَي ِْن‪ ،‬فَهو ِلش َِر ِ‬
‫يك اب ِْن‬ ‫ت به أ ْك َح َل العَ ْينَي ِْن‪ ،‬سا ِب َغ ْ‬
‫اَلليَتَي ِْن‪َ ،‬خ َدلَّ َج ال َّ‬ ‫جا َء ْ‬
‫وسل َم‪َ :‬ل ْوال ما َم َ‬
‫ضى‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫ي َ‬ ‫ت به َك َ‬
‫ذلك‪ ،‬فقا َل النب ُّ‬ ‫سحْ ما َء‪َ ،‬فجا َء ْ‬ ‫َ‬
‫ي رضي‬ ‫الل ِه لَكانَ لي ولَها شَأ ْ ٌن‪ .‬وفيه أيضا قصة ُ‬
‫ع َوي ِْمر ال َعجْ َالنِ ّ‬ ‫ب َّ‬ ‫ِمن ِكتا ِ‬
‫الله عنه في الصحيحين‪.‬‬

‫‪475‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َبةٌ ِمن ُك ْم} في الصحيحين من حديث عائشة‬ ‫إن َّالذِينَ َجاؤُوا ِ‬


‫باْل ْف ِك ُ‬
‫ع ْ‬ ‫قوله { َّ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم إذَا َ‬
‫أرا َد‬ ‫أم المؤمنين رضي الله عنها‪" :‬كانَ َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫صلَّى اللهُ‬
‫اج ِه‪ ،‬فأيُّ ُه َّن خ ََر َج َس ْه ُم َها خ ََر َج ب َها َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫سفَ ًرا أ ْق َر َ‬
‫ع بيْنَ ْ‬
‫أز َو ِ‬ ‫َ‬
‫ع ب ْي َننَا في غ َْز َوةٍ غَزَ اهَا فَخ ََر َج ِفي َها‬‫شةُ‪ :‬فأ ْق َر َ‬ ‫عائِ َ‬‫ت َ‬‫عليه وسلَّ َم معهُ‪ ،‬قالَ ْ‬
‫اب‪،‬‬
‫الح َج ُ‬‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم بَ ْع َد ما أ ُ ْن ِز َل ِ‬ ‫س ْه ِمي‪ ،‬فَخ ََرجْ تُ مع َرسو ِل اللَّ ِه َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى‬
‫الل ِه َ‬‫غ َرسو ُل َّ‬ ‫فَ ُك ْنتُ أُحْ َم ُل في ه َْو َد ِجي وأ ُ ْنزَ ُل ِفي ِه‪ ،‬فَ ِس ْرنَا حت َّى إ َذا فَ َر َ‬
‫لك وقَفَ َل‪َ ،‬دن َْونَا ِمنَ ال َمدِينَ ِة قَافِلِينَ ‪ ،‬آذَنَ َل ْيلَةً‬ ‫اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم ِمن غ َْز َوتِ ِه تِ َ‬
‫ْش‪ ،‬فَلَ َّما‬ ‫بالر ِحي ِل‪ ،‬فَقُ ْمتُ ِحينَ آ َذنُوا َّ‬
‫بالر ِحي ِل‪ ،‬فَ َمشيتُ حتَّى َج َاو ْزتُ ال َجي َ‬ ‫َّ‬
‫ضيْتُ شَأْنِي أ ْق َب ْلتُ إلى َرحْ ِلي‪ ،‬فَلَ َم ْستُ َ‬
‫ص ْد ِري‪َ ،‬فإ ِ َذا ِع ْق ٌد لي ِمن َج ْزعِ‬ ‫قَ َ‬
‫ط َع‪ ،‬فَ َر َج ْعتُ فَ ْالت َ َم ْستُ ِع ْقدِي فَ َحبَ َسنِي ا ْبتِغَا ُؤهُ‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ت‪ :‬وأ َ ْقبَ َل‬ ‫ار قَ ِد ا ْن َق َ‬
‫ظفَ ِ‬ ‫َ‬
‫ط الَّذِينَ َكانُوا يُ َر ِ ّحلُو ِني‪َ ،‬فاحْ ت َ َملُوا ه َْو َد ِجي َف َر َحلُوهُ ع َلى َب ِعي ِري الذي‬ ‫الر ْه ُ‬
‫َّ‬
‫اك ِخفَافًا َل ْم‬ ‫سا ُء إ ْذ ذَ َ‬ ‫ب عليه‪ ،‬و ُه ْم يَحْ ِسبُونَ أنِّي ِفي ِه‪ ،‬وكانَ ال ِّن َ‬ ‫ُك ْنتُ ْ‬
‫أر َك ُ‬
‫الطعَ ِام‪ ،‬فَ َل ْم يَ ْست َ ْن ِك ِر القَ ْو ُم ِخ َّفةَ‬‫ش ُه َّن اللَّحْ ُم‪ ،‬إنَّما يَأ ْ ُك ْلنَ العُ ْلقَةَ ِمنَ َّ‬
‫يَ ْهبُ ْلنَ ‪ ،‬ولَ ْم يَ ْغ َ‬
‫ار َيةً َحدِيثَةَ ال ِ ّ‬
‫س ِّن‪َ ،‬ف َب َعثُوا ال َج َم َل‬ ‫ال َه ْو َدجِ ِحينَ َرفَعُوهُ و َح َملُوهُ‪ ،‬و ُك ْنتُ َج ِ‬
‫وليس ب َها‬
‫َ‬ ‫َازلَ ُه ْم‬
‫ْش‪ ،‬فَ ِجئْتُ َمن ِ‬ ‫وو َجدْتُ ِع ْقدِي بَ ْع َد ما ا ْست َ َم َّر ال َجي ُ‬
‫اروا‪َ ،‬‬
‫س ُ‬ ‫فَ َ‬
‫سيَ ْف ِقدُونِي‬ ‫يب‪َ ،‬فتَيَ َّم ْمتُ َم ْن ِز ِلي الذي ُك ْنتُ به‪ ،‬و َ‬
‫ظ َن ْنتُ أنَّ ُه ْم َ‬ ‫وال ُم ِج ٌ‬ ‫منه ْم َداعٍ َ‬
‫ع ْينِي فَنِ ْمتُ ‪ ،‬وكانَ‬ ‫سةٌ في َم ْن ِز ِلي‪َ ،‬‬
‫غلَ َبتْنِي َ‬ ‫فَ َي ْر ِجعُونَ إلَ َّ‬
‫ي‪ ،‬فَب ْينَا أنَا َجا ِل َ‬
‫صبَ َح ِع ْن َد‬ ‫اء ال َجي ِْش‪ ،‬فأ ْ‬
‫ور ِ‬
‫ي ِمن َ‬ ‫ي ث ُ َّم الذَّ ْك َوانِ ُّ‬
‫سلَ ِم ُّ‬‫ط ِل ال ُّ‬‫بن ال ُم َع َّ‬ ‫ص ْف َو ُ‬
‫ان ُ‬ ‫َ‬
‫ان نَا ِئ ٍم فَ َع َرفَ ِني ِحينَ َرآ ِني‪ ،‬وكانَ َرآ ِني َق ْب َل‬ ‫س ٍ‬ ‫َم ْن ِز ِلي‪ ،‬فَ َرأ َى َ‬
‫س َوا َد إ ْن َ‬
‫‪476‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫بج ْل َبا ِبي‪،‬‬


‫ظتُ با ْستِ ْر َجا ِع ِه ِحينَ َع َرفَنِي‪َ ،‬ف َخ َّم ْرتُ وجْ ِهي ِ‬ ‫ب‪ ،‬فَا ْست َ ْي َق ْ‬
‫الح َجا ِ‬ ‫ِ‬
‫س ِم ْعتُ منه َك ِل َمةً َ‬
‫غير ا ْستِ ْر َجا ِع ِه‪ ،‬وه ََوى حتَّى‬ ‫وال َ‬‫وواللَّ ِه ما ت َ َكلَّ ْمنَا ب َك ِل َمةٍ‪َ ،‬‬‫َ‬
‫احلَةَ‬ ‫ط َلقَ َيقُو ُد بي َّ‬
‫الر ِ‬ ‫ئ علَى َي ِدهَا‪ ،‬فَقُ ْمتُ إ َل ْي َها فَ َر ِك ْبت ُ َها‪ ،‬فَا ْن َ‬
‫احلَتَهُ‪ ،‬فَ َو ِط َ‬
‫أنَا َخ َر ِ‬
‫ت‪ :‬فَ َهلَ َك َمن‬
‫يرةِ و ُه ْم نُ ُزو ٌل‪ ،‬قالَ ْ‬ ‫الظ ِه َ‬ ‫ْش ُمو ِغ ِرينَ في نَحْ ِر َّ‬ ‫حتَّى أتَ ْينَا ال َجي َ‬
‫ابن َسلُو َل‪ ،‬قا َل ُ‬
‫ع ْر َوةُ‪:‬‬ ‫يٍ ُ‬ ‫بن أُبَ ّ‬
‫َهلَ َك‪ ،‬وكانَ الذي ت ََولَّى ِكب َْر اْل ْف ِك عب ُد اللَّ ِه ُ‬
‫أ ُ ْخ ِب ْرتُ أنَّه كانَ يُشَاعُ ويُت َ َحد ُ‬
‫َّث به ِع ْن َدهُ‪ ،‬فيُ ِق ُّرهُ و َي ْست َِمعُهُ و َي ْست َْو ِشي ِه‪ ،‬وقا َل‬
‫ط ُح ُ‬
‫بن‬ ‫وم ْس َ‬ ‫بن ثَابِتٍ‪ِ ،‬‬ ‫ان ُ‬‫س ُ‬ ‫س َّم ِمن أ ْه ِل اْل ْف ِك أي ً‬
‫ضا َّإال َح َّ‬ ‫ضا‪ :‬لَ ْم يُ َ‬
‫ع ْر َوة ُ أي ً‬
‫ُ‬
‫صبَةٌ‪،‬‬ ‫َاس آخ َِرينَ ال ِع ْل َم لي ب ِه ْم‪َ ،‬‬
‫غير أنَّ ُه ْم ُ‬
‫ع ْ‬ ‫أُث َاثَةَ‪ ،‬و َح ْم َنةُ ب ْنتُ َجحْ ٍش‪ ،‬في ن ٍ‬
‫سلُو َل‪ ،‬قا َل‬ ‫بن أ ُ َب ّ‬
‫يٍ ُ‬
‫ابن َ‬ ‫ذلك يُقَا ُل له‪ :‬عب ُد اللَّ ِه ُ‬
‫وإن ِكب َْر َ‬ ‫اللهُ ت َ َعالَى‪َّ ،‬‬ ‫كما قا َل َّ‬
‫ان‪ ،‬وتَقُولُ‪ :‬إنَّه الذي قا َل‪ :‬فَ َّ‬
‫إن‬ ‫س ُ‬ ‫شةُ ت َ ْك َرهُ ْ‬
‫أن يُ َسبَّ ِع ْن َدهَا َح َّ‬ ‫عائِ َ‬ ‫ع ْر َوةُ‪َ :‬كان ْ‬
‫َت َ‬ ‫ُ‬
‫شةُ‪ :‬فَقَد ِْمنَا ال َمدِي َنةَ‪،‬‬
‫عا ِئ َ‬ ‫ض ُم َح َّم ٍد ِمن ُكم ِوقَا ُء قالَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫ضي ِل ِع ْر ِ‬
‫ووا ِل َدهُ و ِع ْر ِ‬
‫أ ِبي َ‬
‫ب اْل ْف ِك‪ ،‬ال‬ ‫ش ْه ًرا‪ ،‬والنَّ ُ‬
‫اس يُ ِفيضُونَ في قَ ْو ِل أ ْ‬
‫ص َحا ِ‬ ‫فَا ْشت َ َكيْتُ ِحينَ َقد ِْمتُ َ‬
‫ف ِمن َرسو ِل اللَّ ِه‬ ‫ذلك‪ ،‬وهو يَ ِريبُنِي في و َج ِعي أ ِنّي ال أع ِْر ُ‬‫أ ْشعُ ُر بشيءٍ ِمن َ‬
‫أرى منه ِحينَ أ ْشت َ ِكي‪ ،‬إنَّما َي ْد ُخ ُل‬ ‫ف الذي ُك ْنتُ َ‬ ‫الل ْ‬
‫ط َ‬ ‫وسل َم ُّ‬
‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫َ‬
‫كيف تِي ُك ْم‪ ،‬ث ُ َّم‬
‫َ‬ ‫س ِلّ ُم‪ ،‬ث ُ َّم يقولُ‪:‬‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم فيُ َ‬ ‫الل ِه َ‬ ‫ي َرسو ُل َّ‬ ‫علَ َّ‬
‫َ‬
‫ش ِ ّر‪ ،‬حتَّى خ ََرجْ تُ ِحينَ نَقَ ْهتُ ‪ ،‬فَخ ََرجْ تُ‬ ‫وال أ ْشعُ ُر بال َّ‬
‫ذلك يَ ِريبُنِي َ‬ ‫ف‪ ،‬فَ َ‬ ‫ص ِر ُ‬ ‫يَ ْن َ‬
‫َاص ِع‪ ،‬وكانَ ُمت َ َب َّرزَ نَا‪ ،‬و ُك َّنا ال ن َْخ ُر ُج َّإال َلي ًْال إلى َل ْي ٍل‪،‬‬
‫طحٍ قِ َب َل ال َمن ِ‬ ‫مع أ ُ ِ ّم ِم ْس َ‬
‫ب اَل ُ َو ِل‬‫ت‪ :‬وأ َ ْم ُرنَا ْأم ُر ال َع َر ِ‬ ‫ف قَ ِريبًا ِمن بُيُو ِتنَا‪ ،‬قالَ ْ‬ ‫أن نَتَّ ِخذَ ال ُكنُ َ‬
‫وذلك قَ ْب َل ْ‬ ‫َ‬
‫ت‪:‬‬‫أن َنت َّ ِخ َذهَا ِع ْن َد بُيُو ِتنَا‪ ،‬قا َل ْ‬
‫ف ْ‬‫في ال َب ِ ّر َّي ِة ِق َب َل الغَا ِئ ِط‪ ،‬و ُكنَّا نَتَأ َ َّذى بال ُكنُ ِ‬
‫‪477‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫بن عب ِد َمنَافٍ ‪،‬‬ ‫ب ِ‬ ‫بن ال ُم َّ‬


‫ط ِل ِ‬ ‫طحٍ‪ ،‬وهي ا ْبنَةُ أ ِبي ُر ْه ِم ِ‬ ‫طلَ ْقتُ أنَا وأ ُ ُّم ِم ْس َ‬
‫فَا ْن َ‬
‫بن أُثَاثَةَ‬ ‫ط ُح ُ‬ ‫ق‪ ،‬وابنُ َها ِم ْس َ‬ ‫ص ّدِي ِ‬‫ام ٍر‪ ،‬خَالَةُ أبِي َب ْك ٍر ال ِ ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ص ْخ ِر ِ‬
‫بن َ‬ ‫وأ ُ ُّم َها ب ْنتُ َ‬
‫طحٍ ِق َب َل َبيْتي ِحينَ فَ َر ْغنَا ِمن شَأ ْ ِننَا‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬فأ ْق َب ْلتُ أنَا وأ ُ ُّم ِم ْس َ‬ ‫بن ال ُم َّ‬
‫ط ِل ِ‬ ‫عبَّا ِد ِ‬‫بن َ‬ ‫ِ‬
‫س ما قُ ْلتِ‪،‬‬ ‫ط ٌح‪ ،‬فَقُلتُ لَ َها‪ :‬بئْ َ‬ ‫س ِم ْس َ‬ ‫ت‪ :‬ت َ ِع َ‬‫طحٍ في ِم ْر ِط َها فَقالَ ْ‬ ‫ت أ ُ ُّم ِم ْس َ‬
‫فَ َعث َ َر ْ‬
‫ت‪ :‬وقُلتُ ‪:‬‬ ‫أي َه ْنت َا ْه ولَ ْم ت َ ْس َم ِعي ما قا َل؟ قالَ ْ‬
‫ت‪ْ :‬‬ ‫ش ِه َد بَ ْد ًرا؟ فَقالَ ْ‬
‫سبِّينَ َر ُج ًال َ‬
‫أت َ ُ‬
‫ضي‪،‬‬ ‫ضا ع َلى َم َر ِ‬ ‫از َددْتُ َم َر ً‬‫ت‪ :‬فَ ْ‬ ‫فأخ َب َرتْ ِني بقَ ْو ِل أ ْه ِل اْل ْف ِك‪ ،‬قا َل ْ‬
‫ما قا َل؟ ْ‬
‫وسل َم فَ َسلَّ َم‪ ،‬ث ُ َّم‬
‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫ي َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫علَ َّ‬
‫فَلَ َّما َر َج ْعتُ إلى بَيْتي َد َخ َل َ‬
‫ت‪ :‬وأ ُ ِري ُد ْ‬
‫أن أ ْست َ ْيقِنَ‬ ‫ي؟ قالَ ْ‬
‫ي أبَ َو َّ‬ ‫كيف ِتي ُك ْم‪ ،‬فَقُلتُ له‪ :‬أت َأْذَ ُن لي ْ‬
‫أن آتِ َ‬ ‫َ‬ ‫قا َل‪:‬‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬فَقُلتُ‬ ‫ت‪ :‬فأذِنَ لي َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫ال َخ َب َر ِمن قِ َب ِل ِه َما‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ع َلي ِْك‪ ،‬فَ َواللَّ ِه لَقَلَّما‬
‫ت‪ :‬يا بُنَ َّيةُ‪ ،‬ه ّ َِونِي َ‬
‫اس؟ قا َل ْ‬ ‫َِل ُ ِّمي‪ :‬يا أ ُ َّمت َاهُ‪َ ،‬ماذَا يَت َ َحد ُ‬
‫َّث النَّ ُ‬
‫ض َرا ِئ ُر‪َّ ،‬إال َكث َّ ْرنَ َ‬
‫علَ ْي َها‪،‬‬ ‫وضيئَةً ِع ْن َد َر ُج ٍل يُ ِحبُّ َها‪ ،‬لَ َها َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ت ْام َرأَة ٌ قَ ُّ‬
‫َكانَ ِ‬
‫لك اللَّ ْي َلةَ‬ ‫ت‪ :‬فَبَ َكيْتُ تِ َ‬ ‫اس بهذا؟ قا َل ْ‬ ‫س ْب َحانَ اللَّ ِه‪َ ،‬أولقَ ْد ت َ َحد َ‬
‫َّث النَّ ُ‬ ‫ت‪ :‬فَقُلتُ ‪ُ :‬‬ ‫قالَ ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫صبَحْ تُ أ ْب ِكي‪ ،‬قا َل ْ‬ ‫صبَحْ تُ ال يَ ْرقَأ ُ لي َد ْم ٌع َ‬
‫وال أ ْكت َِح ُل بن َْو ٍم‪ ،‬ث ُ َّم أ ْ‬ ‫حتَّى أ ْ‬
‫سا َم َة بنَ زَ ْي ٍد‬‫ب وأ ُ َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫ي بنَ أ ِبي َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َ‬
‫ع ِل َّ‬ ‫عا َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫و َد َ‬
‫سا َمةُ‬ ‫ت‪ :‬فأ َّما أ ُ َ‬
‫ق أ ْه ِل ِه‪ ،‬قا َل ْ‬
‫ير ُهما في فِ َرا ِ‬‫ي‪ ،‬يَ ْسأَلُ ُهما ويَ ْست َ ِش ُ‬‫الوحْ ُ‬
‫ث َ‬ ‫ِحينَ ا ْست َْلبَ َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َّ‬
‫بالذِي يَ ْع َل ُم ِمن بَ َرا َءةِ أ ْه ِل ِه‪،‬‬ ‫َار علَى َرسو ِل اللَّ ِه َ‬ ‫فأش َ‬
‫ي‬ ‫وال نَ ْع َل ُم َّإال َخي ًْرا‪ ،‬وأ َ َّما َ‬
‫ع ِل ٌّ‬ ‫و ِبالَّذِي َي ْعلَ ُم له ْم في نَ ْف ِس ِه‪ ،‬فَقا َل أ ُ َ‬
‫سا َمةُ‪ :‬أ ْهلَ َك‪َ ،‬‬
‫س ِل‬‫ير‪ ،‬و َ‬ ‫علَي َْك‪ ،‬وال ِنّ َ‬
‫سا ُء ِس َواهَا َكثِ ٌ‬ ‫ق َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض ِّي ِ‬ ‫فَقا َل‪ :‬يا َرسو َل َّ‬
‫الل ِه‪ ،‬لَ ْم يُ َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َب ِر َ‬
‫يرة َ‪ ،‬فَقا َل‪:‬‬ ‫عا َرسو ُل َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫ت‪ :‬فَ َد َ‬‫ص ُد ْق َك‪ ،‬قا َل ْ‬
‫ار َيةَ ت َ ْ‬
‫ال َج ِ‬
‫‪478‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يرةُ‪ :‬والذي َب َعثَ َك بال َح ّ ِ‬


‫ق‪،‬‬ ‫ت له َب ِر َ‬ ‫هل َرأ َ ْي ِ‬
‫ت ِمن شيءٍ َي ِريبُ ِك؟‪ .‬قالَ ْ‬ ‫يرةُ‪ْ ،‬‬
‫أي َب ِر َ‬
‫ْ‬
‫س ِّن‪ ،‬تَنَا ُم عن‬ ‫اريَةٌ َحدِيثَةُ ال ِ ّ‬
‫غير أ َّن َها َج ِ‬
‫صهُ َ‬ ‫ط أ ْغ ِم ُ‬ ‫علَ ْي َها ْأم ًرا قَ ُّ‬
‫ما َرأَيْتُ َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫ام َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫ت‪ :‬فَقَ َ‬ ‫َّاج ُن َفت َأ ْ ُكلُهُ‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ين أ ْه ِل َها‪َ ،‬فت َأْتي الد ِ‬
‫ع ِج ِ‬‫َ‬
‫الم ْنبَ ِر‪َ ،‬فقا َل‪ :‬يا‬‫يٍ‪ ،‬وهو علَى ِ‬ ‫بن أُبَ ّ‬
‫وم ِه َفا ْست َ ْع َذ َر ِمن عب ِد اللَّ ِه ِ‬ ‫وسلَّ َم ِمن يَ ِ‬
‫َم ْعش ََر ال ُم ْس ِل ِمينَ ‪َ ،‬من يَ ْعذ ُِرنِي ِمن َر ُج ٍل ق ْد بَلَغَنِي ع ْنه أ َذاهُ في أ ْه ِلي‪َّ ،‬‬
‫والل ِه ما‬
‫ع ِل ْمتُ عليه َّإال َخي ًْرا‪ ،‬وما‬
‫ع ِل ْمتُ علَى أ ْه ِلي َّإال َخي ًْرا‪ ،‬ولقَ ْد ذَ َك ُروا َر ُج ًال ما َ‬
‫َ‬
‫بن ُم َعا ٍذ أ ُخو َبنِي عب ِد اَل ْش َه ِل‪،‬‬ ‫يَ ْد ُخ ُل علَى أ ْه ِلي َّإال َم ِعي‪ .‬قالَ ْ‬
‫ت‪ :‬فَقَ َ‬
‫ام َس ْع ُد ُ‬
‫عنُقَهُ‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ض َربْتُ ُ‬‫اَلو ِس َ‬ ‫فإن كانَ ِمنَ ْ‬ ‫الل ِه أ ْعذ ُِر َك‪ْ ،‬‬ ‫فَقا َل ‪ :‬أنَا يا َرسو َل َّ‬
‫إخ َوانِنَا ِمنَ الخ َْز َرجِ أ َم ْرتَنَا فَفَ َع ْلنَا ْأم َر َك‪ ،‬قا َل ْ‬
‫ت‪ :‬فَقَ َ‬
‫ام َر ُج ٌل ِمنَ‬ ‫كانَ ِمن ْ‬
‫ع َبا َدةَ‪ ،‬وهو‬ ‫ع ِّم ِه ِمن فَ ِخ ِذ ِه‪ ،‬وهو َ‬
‫س ْع ُد ُ‬
‫بن ُ‬ ‫َت أ ُ ُّم َحسَّانَ ب ْن َ‬
‫ت َ‬ ‫الخ َْز َرجِ‪ ،‬و َكان ْ‬
‫صا ِل ًحا‪ ،‬ولَ ِك ِن احْ ت َ َملَتْهُ ال َح ِم َّيةُ‪،‬‬
‫ذلك َر ُج ًال َ‬ ‫س ِيّ ُد الخ َْز َرجِ‪ ،‬قا َل ْ‬
‫ت‪ :‬وكانَ َق ْب َل َ‬ ‫َ‬
‫ْت لَ َع ْم ُر اللَّ ِه ال ت َ ْقتُلُهُ‪َ ،‬‬
‫وال ت َ ْقد ُِر علَى َقتْ ِل ِه‪ ،‬ولو كانَ ِمن‬ ‫س ْعدٍ‪َ :‬ك َذب َ‬
‫فَقا َل ِل َ‬
‫س ْعدٍ‪ ،‬فَقا َل‬
‫ع ِ ّم َ‬ ‫ضي ٍْر‪ ،‬وهو ُ‬
‫ابن َ‬ ‫بن ُح َ‬ ‫ام أ ُ َ‬
‫س ْي ُد ُ‬ ‫أن يُ ْقتَ َل‪ .‬فَقَ َ‬‫ْت ْ‬ ‫َر ْه ِط َك ما أحْ بَب َ‬
‫ع ِن ال ُمنَا ِفقِينَ ‪،‬‬ ‫ْت لَ َع ْم ُر َّ‬
‫الل ِه لَنَ ْقتُلَ َّنهُ‪ ،‬فإنَّ َك ُمنَا ِف ٌق ت ُ َجا ِد ُل َ‬ ‫ع َبا َدة َ‪َ :‬كذَب َ‬
‫بن ُ‬
‫س ْع ِد ِ‬
‫ِل َ‬
‫ورسو ُل َّ‬
‫الل ِه‬ ‫أن يَ ْقتَتِلُوا‪َ ،‬‬
‫س‪ ،‬والخ َْز َر ُج حتَّى َه ُّموا ْ‬ ‫اَلو ُ‬ ‫َّان ْ‬ ‫قالَ ْ‬
‫ت‪ :‬فَث َ َ‬
‫ار ال َحي ِ‬
‫صلَّى اللهُ‬ ‫ت‪َ :‬فلَ ْم يَزَ ْل َرسو ُل َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫الم ْنبَ ِر‪ ،‬قالَ ْ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم قَا ِئ ٌم علَى ِ‬ ‫َ‬
‫ذلك ُكلَّهُ ال‬ ‫ومي َ‬ ‫ت‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ت‪ :‬فَ َب َكيْتُ َي ِ‬ ‫س َكتُوا و َ‬
‫س َك َ‬ ‫ض ُه ْم‪ ،‬حتَّى َ‬ ‫عليه وسلَّ َم يُ َخ ِفّ ُ‬
‫اي ِعندِي‪ ،‬وق ْد بَ َكيْتُ لَ ْيلَتَي ِْن‬ ‫ت‪ :‬وأَ ْ‬
‫صبَ َح أبَ َو َ‬ ‫يَ ْرقَأ ُ لي َد ْم ٌع َ‬
‫وال أ ْكت َِح ُل بن َْو ٍم‪ ،‬قا َل ْ‬
‫أن البُ َكا َء فَا ِل ٌق‬
‫ظ ُّن َّ‬ ‫و َي ْو ًما‪ ،‬ال َي ْرقَأ ُ لي َد ْم ٌع َ‬
‫وال أ ْكت َِح ُل بن َْو ٍم‪ ،‬حتَّى إ ِنّي ََل َ ُ‬
‫‪479‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ْام َرأَة ٌ ِمنَ‬


‫علَ َّ‬ ‫ان ِعندِي وأَنَا أ ْب ِكي‪ ،‬فَا ْست َأْذَن ْ‬
‫َت َ‬ ‫س ِ‬ ‫َك ِبدِي‪َ ،‬فب ْينَا أ َب َو َ‬
‫اي َجا ِل َ‬
‫ت‪َ :‬فب ْينَا نَحْ ُن علَى َ‬
‫ذلك َد َخ َل‬ ‫ت ت َ ْب ِكي َم ِعي‪ ،‬قا َل ْ‬ ‫ار فأ ِذ ْنتُ لَ َها‪ ،‬فَ َج َل َ‬
‫س ْ‬ ‫ص ِ‬‫اَل ْن َ‬
‫س‬ ‫ت‪ :‬ولَ ْم َيجْ ِل ْ‬ ‫سلَّ َم ث ُ َّم َجلَ َ‬
‫س‪ ،‬قالَ ْ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َ‬
‫علَ ْينَا َف َ‬ ‫َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫ث َش ْه ًرا ال يُو َحى إلَ ْي ِه في شَأ ْ ِني بشيءٍ ‪،‬‬ ‫ِعندِي ُم ْنذُ قي َل ما قي َل َق ْبلَ َها‪ ،‬وق ْد َل ِب َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ِحينَ َجلَ َ‬
‫س‪ ،‬ث ُ َّم قا َل‪ :‬أ َّما بَ ْعدُ‪،‬‬ ‫الل ِه َ‬ ‫ش َّه َد َرسو ُل َّ‬ ‫قالَ ْ‬
‫ت‪ :‬فَت َ َ‬
‫سيُ َب ِ ّرئ ُ ِك اللَّهُ‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫ت َب ِريئَةً‪ ،‬فَ َ‬
‫فإن ُك ْن ِ‬ ‫شةُ‪ ،‬إنَّه َبلَغَ ِني َ‬
‫ع ْن ِك َك َذا و َكذَا‪ْ ،‬‬ ‫عا ِئ َ‬
‫يا َ‬
‫ف ث ُ َّم ت َ‬
‫َاب‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬فَا ْست َ ْغ ِف ِري اللَّهَ وتُو ِبي إلَ ْي ِه‪َّ ،‬‬
‫فإن ال َع ْب َد إذَا ا ْعت ََر َ‬ ‫ت ْأل َم ْم ِ‬
‫ت بذَ ْن ٍ‬ ‫ُك ْن ِ‬
‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم َمقالَتَهُ‬ ‫ضى َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫َاب اللَّهُ عليه‪ ،‬قا َل ْ‬
‫ت‪َ :‬فلَ َّما قَ َ‬ ‫ت َ‬
‫صلَّى‬
‫أجبْ َرسو َل اللَّ ِه َ‬
‫ط َرةً‪ ،‬فَقُلتُ َل ِبي‪ِ :‬‬‫س منه قَ ْ‬‫ص َد ْم ِعي حتَّى ما أ ُ ِح ُّ‬ ‫قَلَ َ‬
‫ع ِنّي ِفيما قا َل‪ :‬فَقا َل أبِي‪ :‬واللَّ ِه ما أ ْد ِري ما أقُو ُل ِل َرسو ِل اللَّ ِه‬ ‫اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‬ ‫وسل َم‪ ،‬فَقُلتُ َِل ُ ِّمي‪ِ :‬‬
‫أجي ِبي َرسو َل اللَّ ِه َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬‫َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬‫ت أ ُ ِّمي‪ :‬واللَّ ِه ما أ ْد ِري ما أقُو ُل ِل َرسو ِل اللَّ ِه َ‬ ‫فِيما قا َل‪ :‬قا َل ْ‬
‫يرا‪ :‬إ ِنّي واللَّ ِه لقَ ْد‬ ‫س ِّن‪ :‬ال أ ْق َرأ ُ ِمنَ القُ ْر ِ‬
‫آن َكثِ ً‬ ‫اريَةٌ َحدِيثَةُ ال ِ ّ‬
‫وسلَّ َم‪ ،‬فَقُلتُ ‪ :‬وأَنَا َج ِ‬
‫ص َّد ْقت ُ ْم به‪ ،‬فَ َل ِئ ْن قُلتُ‬
‫ِيث حتَّى ا ْستَقَ َّر في أ ْنفُ ِس ُك ْم و َ‬
‫س ِم ْعت ُ ْم هذا ال َحد َ‬
‫ع ِل ْمتُ ‪ :‬لقَ ْد َ‬
‫َ‬
‫ص ِ ّدقُونِي‪ ،‬ولَئِ ِن ا ْعت ََر ْفتُ لَ ُك ْم بأ َ ْم ٍر‪َّ ،‬‬
‫واللهُ يَ ْعلَ ُم أ ِنّي منه‬ ‫لَ ُك ْم‪ :‬إ ِنّي بَ ِريئ َةٌ‪ ،‬ال ت ُ َ‬
‫ف ِحينَ قا َل‪:‬‬ ‫أج ُد لي ولَ ُك ْم َمث َ ًال َّإال أبَا يُو ُ‬
‫س َ‬ ‫الل ِه ال ِ‬ ‫ص ِ ّدقُ ِنّي‪ ،‬فَ َو َّ‬
‫بَ ِريئ َةٌ‪ ،‬لَت ُ َ‬
‫ط َج ْعتُ علَى‬ ‫َصفُونَ } ث ُ َّم ت َ َح َّو ْلتُ وا ْ‬
‫ض َ‬ ‫ان ع َلى ما ت ِ‬ ‫صب ٌْر َج ِمي ٌل واللَّهُ ال ُم ْست َ َع ُ‬‫{ َف َ‬
‫وأن اللَّهَ ُمبَ ِ ّرئِي ببَ َرا َءتِي‪ ،‬ولَ ِك ْن َّ‬
‫والل ِه ما‬ ‫فِ َرا ِشي‪ ،‬واللَّهُ يَ ْعلَ ُم أ ِنّي ِحينَئِ ٍذ بَ ِريئ َةٌ‪َّ ،‬‬
‫اللهَ ُم ْن ِز ٌل في شَأ ْ ِني وحْ ًيا يُتْلَى‪ ،‬لَشَأْ ِني في نَ ْف ِسي كانَ أحْ قَ َر ِمن‬
‫أن َّ‬ ‫ُك ْنتُ أ ُ‬
‫ظ ُّن َّ‬
‫‪480‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللهُ عليه‬


‫أن َي َرى َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫أن َيت َ َكلَّ َم اللَّهُ فِ َّ‬
‫ي بأ َ ْم ٍر‪ ،‬ولَ ِك ْن ُك ْنتُ ْ‬
‫أر ُجو ْ‬ ‫ْ‬
‫صلَّى اللهُ‬ ‫وسلَّ َم في النَّ ْو ِم ُرؤْ َيا يُبَ ِ ّرئُنِي اللَّهُ ب َها‪ ،‬فَ َواللَّ ِه ما َر َام َرسو ُل َّ‬
‫الل ِه َ‬
‫وال خ ََر َج أ َح ٌد ِمن أ ْه ِل ال َب ْيتِ‪ ،‬حتَّى أ ُ ْن ِز َل عليه‪ ،‬فأ َخذَهُ ما‬‫سهُ‪َ ،‬‬ ‫عليه وسلَّ َم َمجْ ِل َ‬
‫ان‪ ،‬وهو‬ ‫ق ِمثْ ُل ال ُج َم ِ‬ ‫كانَ يَأ ْ ُخذُهُ ِمنَ البُ َر َح ِ‬
‫اء‪ ،‬حتَّى إ َّنه لَ َيت َ َحد َُّر منه ِمنَ ال َع َر ِ‬
‫ي عن َرسو ِل اللَّ ِه‬ ‫ت‪ :‬فَ ُ‬
‫س ِ ّر َ‬ ‫ت ِمن ثِقَ ِل القَ ْو ِل الذي أ ُ ْن ِز َل عليه‪ ،‬قالَ ْ‬ ‫وم شَا ٍ‬ ‫في يَ ٍ‬
‫أن قا َل‪ :‬يا‬ ‫َت َّأو َل َك ِل َم ٍة ت َ َكلَّ َم ب َها ْ‬
‫ض َحكُ ‪ ،‬فَ َكان ْ‬‫وسل َم وهو َي ْ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫َ‬
‫ومي إ َل ْي ِه‪ ،‬فَقُلتُ ‪ :‬واللَّ ِه ال‬ ‫ت لي أ ُ ِّمي‪ :‬قُ ِ‬ ‫ت‪ :‬فَقالَ ْ‬‫شةُ‪ ،‬أ َّما اللَّهُ فقَ ْد بَ َّرأ َ ِك‪ .‬قالَ ْ‬
‫عائِ َ‬‫َ‬
‫ت‪ :‬وأ َ ْنزَ َل اللَّهُ تَعَالَى‪َّ :‬‬
‫{إن‬ ‫أقُو ُم إ َل ْي ِه‪ ،‬فإ ِنّي ال أحْ َم ُد َّإال اللَّهَ َّ‬
‫عز وج َّل‪ ،‬قالَ ْ‬
‫اللهُ هذا في‬ ‫ص َبةٌ ِمن ُك ْم} ال َع ْش َر اآل َياتِ‪ ،‬ث ُ َّم أ ْنزَ َل َّ‬
‫ع ْ‬ ‫الَّذِينَ َجاؤُوا ِ‬
‫باْل ْف ِك ُ‬
‫بن أُثَاثَةَ ِلقَ َرابَتِ ِه منه‬‫طح ِ ِ‬ ‫ِيق‪ :‬وكانَ يُ ْن ِف ُق علَى ِم ْس َ‬ ‫ص ّد ُ‬‫بَ َرا َءتِي‪ ،‬قا َل أبو بَ ْك ٍر ال ِ ّ‬
‫شةَ ما قا َل‪،‬‬ ‫طحٍ شيئًا أ َبدًا‪َ ،‬ب ْع َد الذي قا َل ِل َعا ِئ َ‬ ‫والل ِه ال أ ُ ْن ِف ُق ع َلى ِم ْس َ‬
‫وفَ ْق ِر ِه‪َّ :‬‬
‫ور َر ِحي ٌم}‪ ،‬قا َل‬ ‫غف ُ ٌ‬ ‫ض ِل ِمن ُك ْم} ‪ -‬إلى قَ ْو ِل ِه ‪َ { -‬‬ ‫{و َال يَأْت َ ِل أُولو الفَ ْ‬‫فأ ْنزَ َل اللَّهُ‪َ :‬‬
‫طح ٍ‬ ‫ِيق‪َ :‬بلَى واللَّ ِه إ ِنّي ََل ُ ِحبُّ ْ‬
‫أن يَ ْغ ِف َر اللَّهُ ِلي‪ ،‬فَ َر َج َع إلى ِم ْس َ‬ ‫أبو بَ ْك ٍر ال ِ ّ‬
‫ص ّد ُ‬
‫شةُ‪:‬‬
‫عا ِئ َ‬ ‫ع َها منه أ َبدًا‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُ ْن ِف ُق عليه‪ ،‬وقا َل‪ :‬واللَّ ِه ال أ ْن ِز ُ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َ‬
‫سأ َ َل زَ ْين َ‬
‫َب ب ْن َ‬
‫ت َجحْ ٍش عن ْأم ِري‪،‬‬ ‫وكانَ َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫س ْم ِعي‬ ‫ت‪ :‬يا َرسو َل َّ‬
‫الل ِه أحْ ِمي َ‬ ‫ع ِل ْمتِ‪ْ ،‬أو َرأ َ ْيتِ‪ .‬فَقا َل ْ‬
‫َب‪َ :‬ماذَا َ‬
‫فَقا َل ِلزَ ْين َ‬
‫امينِي‬
‫س ِ‬ ‫شةُ‪ :‬وهي الَّتي َكان ْ‬
‫َت ت ُ َ‬ ‫عائِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ص ِري‪ ،‬واللَّ ِه ما َ‬
‫ع ِل ْمتُ َّإال َخي ًْرا‪ ،‬قا َل ْ‬ ‫و َب َ‬
‫ص َم َها اللَّهُ َ‬
‫بالو َرعِ‪"..‬‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َف َع َ‬ ‫يِ َ‬ ‫ِمن ْ‬
‫أز َواجِ النب ّ‬

‫‪481‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الناس‬
‫ُ‬ ‫ي دارهُ‪ ،‬فقالت له زوجتُه‪ :‬أما تسم ُع ما يقو ُل‬ ‫دخل أبو أيوب اَلنصار ُّ‬
‫ت فاعلةً ذلك‪ ،‬يا أ ُ َّم أيُّوب؟‬
‫في عائشة؟! فقال‪ :‬ن َعم‪ ،‬وذلك ال َكذِب‪ ،‬ثم قال‪ :‬أكن ِ‬
‫يعني الوقوع في الفتنة‪ ،‬قالت‪ :‬ال والله‪ ،‬فقال‪ :‬فعائشة والل ِه خير من‬
‫وأطيب"‬
‫قال ابن عباس (وما بغت امرأة نبي قط)‬
‫ص ِحي َحي ِْن من حديث أبي‬ ‫﴿وتَحْ َسبُونَهُ َه ِّينًا َو ُه َو ِع ْن َد اللَّ ِه َ‬
‫ع ِظي ٌم﴾ ‪َ ،‬و ِفي ال َّ‬ ‫َ‬
‫الر ُج َل لَ َيت َ َكلَّ ُم بِ ْال َك ِل َم ِة ِم ْن َسخَط َّ‬
‫الل ِه‪َ ،‬ال يَ ْد ِري َما ت َ ْبلُغ‪ ،‬يَ ْه ِوي بِ َها‬ ‫هريرة‪ِ " :‬إ َّن َّ‬
‫اال"‬ ‫"ال يُ ْل ِقي لَ َها بَ ً‬
‫ض" َوفِي ِر َوايَةٍ‪َ :‬‬ ‫اء َو ْاَل َ ْر ِ‬ ‫س َم ِ‬‫ار أ ْبعَد َما َبيْنَ ال َّ‬ ‫فِي النَّ ِ‬
‫اب أ َ ِلي ࣱم فِی ٱلد ُّۡن َيا‬ ‫عذَ ٌ‬ ‫شةُ فِی ٱ َّل ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا لَ ُه ۡم َ‬ ‫ِإ َّن ٱلَّ ِذينَ يُ ِحبُّونَ أَن تَ ِشي َع ٱ ۡلفَ ٰـ ِح َ‬
‫علَ ۡي ِه ۡم َح ٰـ ِف ِظينَ } {يَ ٰۤـأ َيُّ َها‬
‫وا َ‬‫{و َم ۤا أ ُ ۡر ِسلُ ۟‬
‫اخ َر ٰۚةِ َوٱللَّهُ يَعۡ لَ ُم َوأَنت ُ ۡم َال ت َعۡ لَ ُمونَ ﴾ َ‬ ‫َوٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫وا قَ ۡو ُۢ َما ِب َج َه ٰـلَةࣲ َفتُصۡ ِب ُح ۟‬
‫وا‬ ‫صيبُ ۟‬ ‫ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۤو ۟ا ِإن َج ۤا َء ُك ۡم َفا ِس ُۢ ُق ِبنَ َب ࣲإ فَتَ َبيَّنُ ۤو ۟ا أَن ت ُ ِ‬
‫علَ ٰى َما فَ َع ۡلت ُ ۡم نَ ٰـد ِِمينَ } وفي حديث أبي برزة اَلسلمي "يا َم ْعش ََر َمن آمن‬ ‫َ‬
‫اْليمان قلبَه ‪ ،‬ال تغتابوا المسلمينَ ‪ ،‬وال تَتَّبِعُوا َ‬
‫ع ْو َراتِ ِهم ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بلسا ِنه ولم يَ ْد ُخ ِل‬
‫ع ْو َرت َه ‪ ،‬و َمن تَتَبَّ َع اللهُ َ‬
‫ع ْو َرت َه ‪،‬‬ ‫المسلم ‪ ،‬تَتَبَّ َع اللهُ َ‬
‫ِ‬ ‫ع ْو َرة َ أ َ ِخيه‬
‫فإنه َمن تَتَبَّ َع َ‬
‫جوف بيتِه" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يَ ْف َ‬
‫ضحْ هُ ولو في‬

‫‪482‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ْي ُك ْم َو َرحْ َمتُهُ َما زَ َكا ِم ْن ُك ْم ِم ْن أ َ َح ٍد أ َ َبدًا َولَ ِك َّن اللَّهَ يُزَ ِ ّكي‬
‫ض ُل اللَّ ِه َ‬
‫﴿ولَ ْوال فَ ْ‬
‫َ‬
‫ط َّهر َم ْن َ‬
‫ط َّهر‬ ‫ضيَّ ِة] و َ‬ ‫َاب ِإلَ ْي ِه ِم ْن َه ِذ ِه ْ‬
‫[القَ ِ‬ ‫علَى َم ْن ت َ‬
‫َاب الله َ‬ ‫َم ْن يَشَا ُء﴾ فَت َ‬
‫علَ ْي ِه منهم حسان بن ثابت ومسطح كما قالت عائشة‬ ‫يم َ‬‫ِم ْن ُه ْم ِب ْال َح ِ ّد الَّذِي أ ُ ِق َ‬
‫ي صلَّى اللَّهُ علَي ِه وسلَّ َم علَى المنبَ ِر ‪ ،‬فذَ َك َر َ‬
‫ذاك ‪،‬‬ ‫قام النَّب ُّ‬
‫عذري ‪َ ،‬‬
‫"لما نز َل ُ‬
‫بالر ُجلَي ِْن والمرأةِ ‪ ،‬ف ُ‬
‫ض ِربوا‬ ‫أمر َّ‬
‫المنبر َ‬
‫ِ‬ ‫وتال ‪ -‬ت َعني القُرآنَ ‪ -‬فل َّما نز َل منَ‬
‫حدَّهم" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫والحدود كفارات ومطهرات كما في الصحيحين من حديث عبادة بن‬
‫الصامت‪" :‬تُبَايِعُونِي علَى أ َ ْن ال ت ُ ْش ِر ُكوا باللَّ ِه شيئًا‪َ ،‬و َال ت َْزنُوا‪َ ،‬و َال تَس ِْرقُوا‪،‬‬
‫س الَّتي َح َّر َم اللَّهُ َّإال بال َح ّ ِ‬
‫ق‪ ،‬ف َمن َوفَى ِمن ُكم فأجْ ُرهُ علَى الل ِه‪،‬‬ ‫َو َال ت َ ْقتُلُوا النَّ ْف َ‬
‫ارة ٌ له؟ّ"‬ ‫ب به فَهو َكفَّ َ‬ ‫ذلك فَعُو ِق َ‬‫اب شيئًا ِمن َ‬ ‫ص َ‬ ‫َو َمن أ َ َ‬
‫س َع ِة أَن يُ ۡؤت ُ ۤو ۟ا أ ُ ۟و ِلی ٱ ۡلقُ ۡر َب ٰى َوٱ ۡل َم َ‬
‫س ٰـ ِكينَ‬ ‫ض ِل ِمن ُك ۡم َوٱل َّ‬ ‫﴿و َال َي ۡأت َ ِل أ ُ ۟ولُ ۟‬
‫وا ٱ ۡلفَ ۡ‬ ‫َ‬
‫وا َو ۡل َيصۡ فَ ُح ۤو ۟ا ٰۗۤ أ َ َال ت ُ ِحبُّونَ أَن يَ ۡغ ِف َر ٱللَّهُ لَ ُك ٰۡۚم‬ ‫َوٱ ۡل ُم َه ٰـ ِج ِرينَ فِی َس ِبي ِل ٱللَّ ِه َو ۡليَعۡ فُ ۟‬
‫ف أ َ َّال يَ ْنفَ َع ِم ْس َ‬ ‫ور َّر ِحي ٌم﴾ َو َه ِذ ِه ْاآليَةُ نَزَ لَ ْ‬ ‫َّ ُ ࣱ‬
‫طح‬ ‫ت فِي الص ّدِيق‪ِ ،‬حينَ َحلَ َ‬ ‫غف‬‫َوٱللهُ َ‬
‫ث‪.‬‬ ‫ش َة َما َقا َل‪َ ،‬ك َما ت َ َقد ََّم ِفي ْال َحدِي ِ‬ ‫بْنَ أُثَاثَةَ ِبنَا ِف َع ٍة َب ْع َد َما َقا َل ِفي َ‬
‫عا ِئ َ‬

‫‪483‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وا فِی ٱلد ُّۡن َيا َوٱ ۡلـَٔ ِ‬


‫اخ َرةِ‬ ‫ت لُ ِعنُ ۟‬ ‫ت ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنَ ٰـ ِ‬
‫ت ٱ ۡلغَ ٰـ ِف َل ٰـ ِ‬ ‫﴿ ِإ َّن ٱلَّ ِذينَ َي ۡر ُمونَ ٱ ۡل ُم ۡح َ‬
‫صنَ ٰـ ِ‬
‫ࣱ‬
‫ع ْن‬ ‫ع ِظيم} فقذف المحصنات من الكبائر كما في الصحيحين َ‬ ‫اب َ‬ ‫عذَ ٌ‬ ‫َولَ ُه ۡم َ‬
‫س ْب َع ْال ُمو ِب َقاتِ"‪ِ .‬قي َل‪َ :‬يا‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َقا َل‪" :‬اجْ ت َ ِنبُوا ال َّ‬ ‫أ َ ِبي ُه َري َْرة َ؛ أ َ َّن َر ُ‬
‫الل ِه‪َ ،‬وال ّسِحْ ُر‪َ ،‬و َقتْ ُل النَّ ْف ِس الَّتِي َح َّر َم‬ ‫ش ْركُ ِب َّ‬
‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬و َما ُه َّن؟ قَا َل‪" :‬ال ِ ّ‬ ‫َر ُ‬
‫ف‬‫ف‪َ ،‬وقَ ْذ ُ‬ ‫الزحْ ِ‬‫الربَا‪َ ،‬وأ َ ْك ُل َما ِل ْاليَتِ ِيم‪َ ،‬والت َّ َو ِلّي يَ ْو َم َّ‬ ‫اللَّهُ ِإ َّال بِ ْال َح ّ ِ‬
‫ق‪َ ،‬وأ َ ْك ُل ِ ّ‬
‫ت"‬‫ت ْال ُمؤْ ِمنَا ِ‬ ‫ت ْالغَا ِف َال ِ‬ ‫ْال ُمحْ َ‬
‫صنَا ِ‬
‫{ ِإ َّن ٱلَّ ِذينَ يُ ِحبُّونَ أَن تَ ِشي َع ٱ ۡلفَ ٰـ ِح َ‬
‫شةُ فِی ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا} الحب فقط‪ ،‬فضال عن‬
‫ذكرها‪.‬‬
‫علَ ْي ِه ْم أ َ ْل ِس َنت ُ ُه ْم َوأَ ْيدِي ِه ْم َوأ َ ْر ُجلُ ُه ْم ِب َما َكانُوا َي ْع َملُونَ ﴾‬
‫َوقَ ْولُهُ ﴿ َي ْو َم ت َ ْش َه ُد َ‬
‫حديث أنس عند مسلم في مخاطبة العبد ربه‬
‫الظ ْل ِم؟ قا َل‪ :‬يقولُ‪َ :‬بلَى‪ ،‬قا َل‪ :‬ف َيقولُ‪ :‬فإ ِنّي ال "‬‫يقولُ‪ :‬يا َربّ ِ أَلَ ْم ت ُ ِج ْر ِني ِمنَ ُّ‬
‫اليوم َعلَي َْك َ‬
‫ش ِهيدًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يز علَى نَ ْف ِسي َّإال شَا ِهدًا ِم ّنِي‪ ،‬قا َل‪ :‬ف َيقولُ‪َ :‬كفَى بنَ ْف ِس َك‬‫أ ُ ِج ُ‬
‫ش ُهودًا‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ْختَ ُم ع َلى فِي ِه‪ ،‬فيُقَا ُل َل َ ْر َكانِ ِه‪ :‬ا ْن ِط ِقي‪ ،‬قا َل‪:‬‬ ‫َوبِ ْال ِك َر ِام ال َكاتِبِينَ ُ‬
‫فَت َ ْن ِط ُق بأ َ ْع َما ِل ِه‪ ،‬قا َل‪ :‬ث ُ َّم يُخَلَّى ب ْينَهُ وبيْنَ ال َك َال ِم‪ ،‬قا َل ف َيقولُ‪ :‬بُ ْعدًا َل ُك َّن‬
‫سحْ قًا‪ ،‬فَ َع ْن ُك َّن ُك ْنتُ أُن ِ‬
‫َاض ُل"‬ ‫َو ُ‬
‫غي َْر بُيُوتِكم َحتّى ت َ ْستَأْنِ ُ‬
‫سوا‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتًا َ‬
‫س ِلّ ُموا َ‬
‫على أ ْه ِلها﴾‬ ‫وت ُ َ‬

‫‪484‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َّب اللَّهُ ِب َها ِع َبا َدهُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪َ .‬و َي ْن َب ِغي أ َ ْن َي ْست َأْذِنَ ث َ َالثًا‪،‬‬
‫اب ش َْر ِعيَّةٌ‪ ،‬أَد َ‬ ‫َه ِذ ِه آ َد ٌ‬
‫سى ِحينَ‬ ‫يحين‪ :‬أ َ َّن أَبَا ُمو َ‬ ‫ص ِح ِ‬‫ت فِي ال َّ‬ ‫ف‪َ ،‬ك َما ثَبَ َ‬ ‫فَإ ِ ْن أُذِنَ لَهُ‪َ ،‬و ِإ َّال ا ْن َ‬
‫ص َر َ‬
‫ع َم ُر‪ :‬أَلَ ْم أَ ْس َم ْع‬
‫ف‪ .‬ث ُ َّم قَا َل ُ‬‫ص َر َ‬‫ع َم َر ث َ َالثًا‪ ،‬فَلَ ْم يُؤْ ذَ ْن لَهُ‪ ،‬ا ْن َ‬
‫علَى ُ‬ ‫ا ْست َأْذَنَ َ‬
‫َب‪ ،‬فَلَ َّما‬ ‫طلَبُوهُ فَ َو َجدُوهُ قَ ْد ذَه َ‬ ‫الل ِه ب ِْن َقي ٍْس يَ ْست َأْذ ُِن؟ ائْذَنُوا لَهُ‪َ .‬ف َ‬‫ع ْب ِد َّ‬‫ت َ‬
‫ص ْو َ‬ ‫َ‬
‫َجا َء بَ ْع َد َذ ِل َك قَا َل‪َ :‬ما َر َجعَك؟ قَا َل‪ :‬إِ ِنّي ا ْست َأْذَ ْنتُ ث َ َالثًا َفلَ ْم يُؤْ ذَ ْن ِلي‪َ ،‬و ِإ ِنّي‬
‫علَ ْي ِه وسلم َيقُولُ‪ِ " :‬إذَا ا ْست َأْذَنَ أَ َح ُد ُك ْم ث َ َالثًا‪ ،‬فَ َل ْم‬ ‫صلَّى اللَّهُ َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه َ‬ ‫س ِم ْعتُ َر ُ‬ ‫َ‬
‫ض ْربًا‪.‬‬ ‫علَى َهذَا بِبَ ِّينَ ٍة َو ِإ َّال أ َ ْو َج ْعت ُ َك َ‬
‫ف"‪ .‬فَقَا َل‪ :‬لَت َأتِيَ َّن َ‬
‫ص ِر ْ‬ ‫يُؤْ ذَ ْن لَهُ‪ ،‬فَ ْليَ ْن َ‬
‫ع َم ُر‪ ،‬فَقَالُوا‪َ :‬ال يَ ْش َه ُد َل َك إِ َّال‬ ‫ار‪ ،‬فَذَ َك َر لَ ُه ْم َما قَا َل ُ‬‫ص ِ‬ ‫أل ِمنَ ْاَل َ ْن َ‬
‫َب إِلَى َم َ ٍ‬ ‫فَذَه َ‬
‫ع َم َر ِب َذ ِل َك‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬أَ ْل َهانِي َ‬
‫ع ْنهُ‬ ‫ي فَأ َ ْخ َب َر ُ‬
‫س ِعي ٍد ال ُخ ْدر ّ‬‫ام َم َعهُ أَبُو َ‬‫صغ َُرنَا‪ .‬فَقَ َ‬‫أَ ْ‬
‫ص ْفق بِ ْاَلَس َْوا ِ‬
‫ق"‬ ‫ال َّ‬
‫ف ِت ْلقَا َء ْال َبا ِ‬
‫ب ِب َوجْ ِه ِه‪ :‬وفي الحديث جاء رج ٌل ‪ -‬قال‬ ‫ومن اَلداب أ َ َّال َي ِق َ‬
‫ُ‬
‫يستأذن‪ ،‬فقام‬ ‫ي ِ صلى الله عليه وسلم‬ ‫عثمان ‪ :‬سع ٌد ‪ -‬فوقف على با ِ‬
‫ب النب ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ :‬هكذا – عنك‬
‫ب ‪ ،‬فقال له النب ُّ‬
‫ب مستقب َل البا ِ‬
‫على البا ِ‬
‫النظر‪ ".‬صححه اَللباني‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫االستئذان من‬ ‫– أو هكذا؛ فإنما‬
‫ومن اَلداب أن يقول اسمه عند الحاجة‪ :‬وفي الصحيحين من حديث جابر‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم في َدي ٍْن كانَ علَى أبِي‪،‬‬ ‫بن عبد الله قال "أَتَيْتُ النب َّ‬
‫ي َ‬
‫فَ َدقَ ْقتُ ال َب َ‬
‫اب‪ ،‬فَقا َل‪َ :‬من ذَا فَقُلتُ ‪ :‬أنَا‪ ،‬فَقا َل‪ :‬أنَا أنَا َكأنَّهُ َك ِر َه َها‪.‬‬

‫‪485‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يِ‬
‫ومن اَلداب أن يبدأ بالسالم‪ :‬فعن رجل من بني عامر أنه استأذن على النب ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫صلى الله عليه وسلم وهو في بي ٍ‬
‫ت فقال أ ِل ُج فقال النب ُّ‬
‫فعلّ ْمه االستئذانَ ‪ ،‬فقل له‪ْ :‬‬
‫قل‪ :‬السال ُم عليكم أأد ُخ ُل ؟‬ ‫اخرجْ إلى هذا ِ‬
‫لخادمه‪ُ :‬‬
‫ِ‬
‫س ِم َعه الرجلُ‪ ,‬فقال‪ :‬السال ُم عليكم ‪ ،‬أأد ُخ ُل ؟ فأذن له النب ُّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ف َ‬
‫وسلم ‪ ،‬فدخل" صححه اَللباني‪.‬‬
‫علَى أ ُ َّم َها ِت ُك ْم‪.‬‬
‫اْل ْذ ُن َ‬
‫علَ ْي ُك ُم ْ ِ‬
‫وقال اب ُْن َم ْسعُودٍ‪َ :‬‬
‫ت‪َ :‬كانَ َ‬
‫ع ْب ُد‬ ‫ي اللَّهُ َع ْن َها‪ ،‬قَالَ ْ‬
‫ض َ‬ ‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُو ٍد ‪َ -‬ر ِ‬
‫َب‪ْ ،‬ام َرأَة َ َ‬
‫ع ْن زَ ْين َ‬‫و َ‬
‫اللَّ ِه ِإذَا َجا َء ِم ْن َحا َج ٍة فَا ْنت َ َهى إِلَى ْالبَا ِ‬
‫ب‪ ،‬تَنَحْ نَ َح َوبَزَ قَ ؛ َك َرا ِهيَةَ أ َ ْن يه ُجم ِمنَّا‬
‫علَى أ َ ْم ٍر َي ْك َر ُههُ‪.‬‬
‫َ‬
‫فاالستئذان مرة يكون واجبا ومرة يكون مستحبا‪.‬‬
‫ع ِلي ٌم﴾‬ ‫ار ِجعُوا ُه َو أ َ ْز َكى لَ ُك ْم َو َّ‬
‫اللهُ ِب َما ت َ ْع َملُونَ َ‬ ‫﴿و ِإ ْن ِقي َل لَ ُك ُم ْ‬
‫ار ِجعُوا فَ ْ‬ ‫َ‬
‫ع ْم ِري كلَّه َه ِذ ِه ْاآليَةَ فَ َما‬ ‫اج ِرينَ ‪ :‬لَقَ ْد طلبتُ ُ‬ ‫ض ْال ُم َه ِ‬
‫َوقَا َل قَتَا َدةُ‪ :‬قَا َل بَ ْع ُ‬
‫"ار ِج ْع"‪ ،‬فَأ َ ْر ِج ُع َوأَنَا‬
‫ض إِ ْخ َوانِي‪ ،‬فَيَقُو ُل ِلي‪ْ :‬‬ ‫أ َ ْد َر ْكت ُ َها‪ :‬أ َ ْن أستأذنَ َ‬
‫علَى بَ ْع ِ‬
‫ُم ْغت َ ِب ٌ‬
‫ط‪.‬‬
‫غي َْر َم ْس ُكونَ ٍة فِي َها َمت َاعٌ لَ ُك ْم َواللَّهُ‬
‫علَ ْي ُك ْم ُجنَا ٌح أ َ ْن ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتًا َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬لَي َ‬
‫ْس َ‬
‫أخص ِمنَ َّالتِي َق ْبلَ َها‪َ ،‬وذَ ِل َك‬
‫ُّ‬ ‫يَ ْعلَ ُم َما ت ُ ْبدُونَ َو َما ت َ ْكت ُ ُمونَ ﴾ َه ِذ ِه ْاآليَةُ ْال َك ِري َمةُ‬

‫ت َّالتِي لَي َ‬
‫ْس فِي َها أ َ َحدٌ‪ِ ،‬إذَا َكانَ لَهُ ِفي َها‬ ‫َضي َج َوازَ ال ُّد ُخو ِل ِإلَى ْالبُيُو ِ‬ ‫أَنَّ َها ت َ ْقت ِ‬
‫ْف‪ِ ،‬إذَا أُذِنَ َلهُ ِفي ِه أ َ َّو َل َم َّرةٍ‪َ ،‬كفَى‪.‬‬ ‫ضي ِ‬ ‫ت ْال ُم َع ِ ّد ِلل َّ‬‫َمت َاعٌ‪ ،‬بِغَي ِْر ِإ ْذ ٍن‪َ ،‬ك ْال َب ْي ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫َاز ِل ْاَل َ ْسفَ ِ‬
‫ت َو َمن ِ‬ ‫ار‪َ ،‬ك ْالخَانَا ِ‬ ‫َوبُيُوتُ الت ُّ َّج ِ‬
‫‪486‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظ ۟‬
‫وا فُ ُرو َج ُه ٰۡۚم ذَ ٰ⁠ ِل َك أ َ ۡز َك ٰى لَ ُه ٰۡۚم ِإ َّن ٱللَّهَ‬ ‫﴿قُل ِّل ۡل ُم ۡؤ ِم ِنينَ َيغُض ۟‬
‫ُّوا ِم ۡن أ َ ۡب َ‬
‫ص ٰـ ِر ِه ۡم َو َي ۡحفَ ُ‬
‫أن ْام َرأ ً‬ ‫َخ ِبي ُۢ ُر ِب َما َيصۡ نَعُونَ ﴾ وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة "لَ ْو َّ‬
‫علَي َْك ُجنا ٌح‪.‬‬
‫ع ْينَهُ‪ ،‬لَ ْم يَ ُك ْن َ‬ ‫بغير إ ْذ ٍن فَ َخذَ ْفتَهُ ب َعصاةٍ فَفَقَأْ َ‬
‫ت َ‬ ‫علَي َْك ِ‬ ‫َّ‬
‫اطلَ َع َ‬
‫وعن جرير بن عبد الله قال سألتُ رسو َل اللَّ ِه عن ن َ‬
‫ظ ِر الفُجاء ِة فقال‬
‫بصر َك" صححه اَللباني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫"اصر ْ‬
‫ِ‬
‫ظر َّ‬
‫فإن اَلولى لك‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم لعلي "ال تُتْ ِبعِ النَّ َ‬
‫ظر النَّ َ‬
‫وليست لك اَلخيرةُ"صححه أحمد شاكر‪.‬‬
‫ْ‬
‫وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة "فَ ِزنا ال َعي ِْن النَّ َ‬
‫ظ ُر"‬
‫وهذا كله من باب سد الذريعة َلن العين رائد الزنا‪.‬‬
‫ومراحلها‪" :‬نظرة فابتسامة فكالم فموعد فلقاء"‬
‫ُور﴾‬
‫صد ُ‬‫قال تعالى ﴿يَ ْع َل ُم خَا ِئنَةَ اَل ْعيُ ِن َو َما ت ُ ْخ ِفي ال ُّ‬
‫{ذَ ٰ⁠ ِل َك أ َ ۡز َك ٰى لَ ُه ٰۡۚم} كما في الحديث َو َم ْن َ‬
‫ترك شيئًا لل ِه عوضهُ اللهُ ً‬
‫خيرا ِمنهُ‬
‫ع َّما َح َّرم َّ‬
‫اللهُ‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫ار ِه َّن﴾ أ َ ْ‬
‫ص ِ‬‫ضضْنَ ِم ْن أ َ ْب َ‬
‫ت يَ ْغ ُ‬ ‫﴿وقُ ْل ِل ْل ُمؤْ ِمنَا ِ‬
‫فَقَ ْولُهُ تَعَالَى‪َ :‬‬
‫وز ِل ْل َم ْرأ َ ِة أ َ ْن‬
‫اج ِه َّن‪َ .‬و ِل َهذَا قال العلماء‪َ :‬ال َي ُج ُ‬‫غي ِْر أ َ ْز َو ِ‬
‫ظ ِر ِإلَى َ‬ ‫علَ ْي ِه َّن ِمنَ النَّ َ‬
‫َ‬
‫ش ْه َوةٍ أ َ ْ‬
‫ص ًال‪.‬‬ ‫ش ْه َو ٍة َو َال بِ َغي ِْر َ‬ ‫ظ َر ِإلَى ْاَل َ َجانِ ِ‬
‫ب بِ َ‬ ‫ت َ ْن ُ‬
‫وأمرت جميع ما يعينها على أن ال تقع في مقدمات الزنى‪ .‬منها‪:‬‬
‫‪ :7‬غض البصر‬
‫‪ :2‬عدم الخلوة مع أجنبي‬
‫‪ :6‬عدم السفر بغير محرم‪.‬‬
‫‪487‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪ :4‬أن ال يمسها أجنبي‬


‫استعطرت ث ُ َّم‬
‫ْ‬ ‫‪ :5‬عدم خروجها معطرة لما في الحديث "أيُّما امرأ ٍة‬
‫ي زانيةٌ" حسنه اَللباني‪.‬‬ ‫ليجدُوا ر َيحها ف ِه َ‬ ‫ت ع َلى ٍ‬
‫قوم ِ‬ ‫فمر ْ‬ ‫خ ََر َج ْ‬
‫ت‪َّ ،‬‬
‫﴿وال يُ ْبدِينَ ِزي َنت َ ُه َّن ِإال َما َ‬
‫ظ َه َر ِم ْن َها﴾ اختلف المفسرون خلفا وسلفا في‬ ‫قوله َ‬
‫اء َوال ِث ّيَا ِ‬
‫ب‪ .‬وعن ابن عباس وأنس بن مالك‬ ‫المراد‪ .‬فَقَا َل اب ُْن َم ْسعُودٍ‪َ :‬ك ِ ّ‬
‫الر َد ِ‬
‫وعائشة‪َ :‬وجْ ُه َها َو َكفَّ ْي َها‪ .‬وهذا قول جمهور الصحابة والمفسرين‪.‬‬
‫وثبتت أحاديث عن كشف الوجه وأخرى عن تغطيته كما في حديث عائشة‬
‫السابق عن حادثة اْلفك‪.‬‬
‫واتفقوا على أفضلية تغطية الوجه‪.‬‬
‫ورجح الشيخ حفظه الله أن الوجه ليس بعورة ولكن اَلفضل تغطيته وكذلك‬
‫الكفين‪.‬‬
‫الخ ْل َق ِة‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ع ْن أ ْ‬
‫ص ِل ِ‬ ‫الزينَ ِة في القُ ْر ِ‬
‫آن ما يُت َزَ ي َُّن ِب ِه ِم ّما هو ِ‬
‫خار ٌج َ‬ ‫َوال ُمرا ُد ِب ِ ّ‬
‫ضهم‪ :‬هي ِزينَةٌ ال‬ ‫على قَ ْولَي ِْن‪ ،‬فَقا َل بَ ْع ُ‬ ‫اختَلَفُوا َ‬ ‫س ُروها ِمنَ العُلَ ِ‬
‫ماء بِ َهذا ْ‬ ‫َمن فَ َّ‬
‫ضهم‪:‬‬ ‫ش ْيءٍ ِمن َب َد ِن ال َم ْرأ ِة َكظا ِه ِر ال ِث ّيا ِ‬
‫ب‪ .‬وقا َل َب ْع ُ‬ ‫َي ْست َْل ِز ُم النَّ َ‬
‫ظ ُر إلَيْها ُرؤْ َيةَ َ‬
‫هي ِزينَةٌ يَ ْست َْل ِز ُم النَّ َ‬
‫ظ ُر إ َليْها ُرؤْ يَةَ َم ْو ِ‬
‫ض ِعها ِمن بَ َد ِن ال َم ْرأ ِة؛ كال ُكحْ ِل‬
‫ب‪ ،‬ونَحْ ِو ذَ ِل َك‪ .‬ورجح الشنقيطي القول اَلول‪.‬‬
‫والخضا ِ‬
‫ِ‬

‫‪488‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى ُجيُو ِب ِه َّن﴾ ثم الجلباب َك َما َقا َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫﴿و ْل َيض ِْربْنَ ِب ُخ ُم ِر ِه َّن َ‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اء ْال ُمؤْ ِمنِينَ يُ ْدنِينَ َعلَ ْي ِه َّن ِم ْن‬
‫اج َك َوبَنَاتِ َك َونِ َس ِ‬ ‫ي قُ ْل ْ‬
‫َلز َو ِ‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها النَّبِ ُّ‬
‫َجال ِبي ِب ِه َّن ذَ ِل َك أ َ ْدنَى أ َ ْن يُ ْع َر ْفنَ فَال يُؤْ ذَيْنَ ﴾ وهذا الذي عفى الله عن القواعد‬
‫ࣰ‬
‫ع َل ۡي ِه َّن ُجنَا ٌح أَن‬ ‫س‬
‫َ َ‬ ‫ي‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫اح‬ ‫"وٱ ۡلقَ َو ⁠ٰ ِع ُد ِمنَ ٱل ِنّ َ‬
‫س ۤا ِء ٱ َّل ٰـ ِتی َال َي ۡر ُجونَ ِن َك‬ ‫في قوله َ‬
‫غ ۡي َر ُمت َ َب ِ ّر َج ٰـ ِ‬
‫ت ِب ِزينَةࣲ "‬ ‫ضعۡ نَ ثِ َيا َب ُه َّن َ‬
‫َي َ‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪" :‬رحم الله تعالى نساء اَلنصار لما‬
‫فاعتجرنَ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫مروطهن‬ ‫نزلت َيا أَيُّ َها النَّ ِب ُّ‬
‫ي قُ ْل َِل َ ْز َو ِ‬
‫اج َك َو َبنَا ِت َك} اآلية‪ .‬شق ْقنَ‬
‫َّ‬
‫رؤوسهن‬ ‫بها‪ ،‬فصلينَ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كأنما على‬
‫"ال ِغربان‬
‫س ُه َّن‬ ‫يالت مائِ ٌ‬
‫الت‪ُ ،‬رؤُو ُ‬ ‫يات ُم ِم ٌ‬
‫عار ٌ‬ ‫وفي صحيح مسلم "‪..‬ونِسا ٌء كا ِس ٌ‬
‫يات ِ‬
‫ت المائِ َل ِة‪ ،‬ال يَ ْد ُخ ْلنَ ال َجنَّةَ‪ ،‬وال يَ ِج ْدنَ ِري َحها‪"،‬‬ ‫َكأ َ ْسنِ َم ِة البُ ْخ ِ‬
‫ت وهذا قول الجمهور‬ ‫ساء ْال ُم َ‬
‫س ِل َما ِ‬ ‫سا ِئ ِه َّن﴾ َي ْع ِني‪ِ :‬ن َ‬‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو ِن َ‬
‫الر َجا ِل﴾ َي ْعنِي‪ْ :‬ال ُمغَفَّ ُل الَّذِي َال‬ ‫غي ِْر أُو ِلي ْ‬
‫اْلر َب ِة ِمنَ ِ ّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ِو التَّا ِبعِينَ َ‬
‫ش ْه َوة َ لَهُ‪َ ،‬واَل ْبلَه‪َ ،‬والم َخنَّث الَّذِي َال يَقُو ُم ُزبُّه‪ ،‬والمجنون‪.‬‬ ‫َ‬
‫صا ِل ِحينَ ِم ْن ِع َبا ِد ُك ْم َو ِإ َما ِئ ُك ْم﴾‬‫﴿وأ َ ْن ِك ُحوا اَل َيا َمى ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ت ْال ُمؤْ ِمنَا ِ‬
‫ت فَ ِم ْن َما َملَ َك ْ‬ ‫صنَا ِ‬ ‫ط ْوال أ َ ْن يَ ْن ِك َح ْال ُمحْ َ‬
‫﴿و َم ْن لَ ْم يَ ْست َِط ْع ِم ْن ُك ْم َ‬
‫َ‬
‫ي ْالعَن َ‬
‫َت ِم ْن ُك ْم‬ ‫أ َ ْي َمانُ ُك ْم ِم ْن فَتَيَاتِ ُك ُم ْال ُمؤْ ِمنَاتِ﴾ ‪ ،‬إِلَى أ َ ْن قَا َل‪﴿ :‬ذَ ِل َك ِل َم ْن َخ ِش َ‬
‫اء َخي ٌْر‪.‬‬ ‫ص ْب ُر ُك ْم َع ْن ت َْز ِويجِ ْ ِ‬
‫اْل َم ِ‬ ‫ص ِب ُروا َخي ٌْر َل ُك ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ي َ‬ ‫َوأ َ ْن ت َ ْ‬

‫‪489‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عز وج َّل عونُهم ؛ المكا ِت ُ‬


‫ب الذي يري ُد‬ ‫وفي الحديث "ثالثةٌ ٌّ‬
‫حق على الل ِه َّ‬
‫العفاف والمجا ِه ُد في سبي ِل الل ِه" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫َ‬ ‫اَلدا َء ‪ ،‬والنَّاك ُح الذي يري ُد‬
‫ت ْام َرأَة ٌ إلى َرسو ِل‬ ‫وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي " َجا َء ِ‬
‫ط ِو ً‬
‫يال‪ ،‬فَقَا َل‬ ‫ت‪ :‬إنِّي و َهبْتُ ِمن نَ ْف ِسي‪ ،‬فَقَا َم ْ‬
‫ت َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ ،‬فَقَالَ ْ‬ ‫اللَّ ِه َ‬
‫ص ِدقُ َها؟‬ ‫لك ب َها َحا َجةٌ‪ ،‬قَا َل‪ْ :‬‬
‫هل ِع ْن َد َك ِمن شيءٍ ت ُ ْ‬ ‫إن َل ْم ت َ ُك ْن َ‬
‫َر ُج ٌل‪ :‬زَ ّ ِوجْ نِي َها ْ‬
‫ار لَ َك‪ ،‬فَ ْالت َِم ْ‬
‫س‬ ‫ط ْيت َ َها إيَّاهُ َجلَس َ‬
‫ْت ال إزَ َ‬ ‫قَا َل‪ :‬ما ِعندِي َّإال إزَ ِاري‪ ،‬فَقَا َل‪ْ :‬‬
‫إن أ ْع َ‬
‫س ولو خَات َ ًما ِمن َحدِي ٍد فَلَ ْم يَ ِج ْد‪ ،‬فَقَا َل‪:‬‬
‫أج ُد شيئًا‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬الت َِم ْ‬
‫شيئًا فَقَا َل‪ :‬ما ِ‬
‫س َّماهَا‪،‬‬ ‫ورة ُ َكذَا‪ِ ،‬ل ُ‬
‫س َو ٍر َ‬ ‫س َ‬‫ورة ُ َكذَا‪ ،‬و ُ‬
‫س َ‬ ‫أمعك ِمنَ القُ ْر ِ‬
‫آن شي ٌء؟ قَا َل‪ :‬نَعَ ْم‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫معك ِمنَ القُ ْر ِ‬
‫آن"‬ ‫َ‬ ‫فَقَا َل‪ :‬ق ْد زَ َّوجْ نَا َك َها بما‬

‫ف الَّذِينَ َال َي ِجدُونَ ِن َكا ًحا َحتَّى يُ ْغ ِن َي ُه ُم اللَّهُ ِم ْن فَ ْ‬


‫ض ِل ِه﴾‬ ‫﴿و ْل َي ْست َ ْع ِف ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫ع ِم ْن ُك ُم ْالبَا َءة َ‬
‫طا َ‬ ‫ب‪َ ،‬م ِن ا ْست َ َ‬
‫في الصحيحين قَ ْوله ﷺ‪" :‬يَا َم ْعش ََر ال َّش َبا ِ‬
‫ص ُن ِل ْلفَ ْرجِ‪َ ،‬و َم ْن لَ ْم يَ ْست َِط ْع فَعَ َل ْي ِه بِال َّ‬
‫ص ْو ِم‬ ‫َض ِل ْل َب َ‬
‫ص ِر‪َ ،‬وأَحْ َ‬ ‫فَ ْليَت َزَ َّوجْ ‪ ،‬فَإ ِ َّنهُ أَغ ُّ‬
‫فَإِنَّهُ َلهُ ِو َجا ٌء"‬
‫قد جاءت الشريعة اْلسالمية الستئصال االستعباد فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ :7‬تضييق أسبابها‪ ،‬فجعلت مصدر العبيد أسارى الحروب‬
‫‪ :2‬إكثار وجوه تحريرها‬
‫ع ِل ْمت ُ ْم ِفي ِه ْم َخي ًْرا﴾ أمر وجوب‪ ،‬قاله ابن جرير وغيره‪.‬‬
‫قوله ﴿فَ َكاتِبُو ُه ْم ِإ ْن َ‬
‫ع ِل ْمت ُ ْم ِفي ِه ْم َخي ًْرا﴾ أي‪ :‬قدرة وصدقا ووفاء وأداء وأمانة‪.‬‬
‫{ ِإ ْن َ‬
‫‪490‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله ﴿وآتُوهم ِمن ما ِل اللَّ ِه الَّذِي آتا ُك ْم﴾ قيل‪ُ :‬م َو َّجهٌ إلى سا َدةِ ال َع ِبي ِد وهو ْأم ٌر‬
‫ع ْنهم‬
‫يف َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم فَيَ ُك ُ‬
‫ون ذَ ِل َك بِالت َّ ْخ ِف ِ‬ ‫بِإعانَ ِة ُمكاتَبِي ِه ْم ِبالما ِل الَّذِي أ ْن َع َم َّ‬
‫اللهُ بِ ِه َ‬
‫طاب في‬
‫الخ ُ‬
‫س ِرينَ ‪ِ :‬‬ ‫ع َل ْي ِه‪ .‬وقا َل َب ْع ُ‬
‫ض ال ُمفَ ِ ّ‬ ‫دار الما ِل الَّذِي وقَ َع التَّكات ُ ُ‬
‫ب َ‬ ‫ِمن ِم ْق ِ‬
‫قَ ْو ِل ِه‪( :‬وآتُوهم) ِل ْل ُم ْس ِل ِمينَ ‪ ،‬أ َم َر ُه ُم اللَّهُ ِبإعانَ ِة ال ُمكاتَ ِبينَ ‪.‬‬

‫ض‬‫ع َر َ‬ ‫صنًا ِلتَ ْبتَغُوا َ‬ ‫ع َلى ْال ِبغ ِ‬


‫َاء ِإ ْن أ َ َر ْدنَ ت َ َح ُّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وال ت ُ ْك ِر ُهوا َفت َ َيا ِت ُك ْم َ‬
‫يِ‬ ‫ب نُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآل َي ِة ْال َك ِري َم ِة فِي شَأ ْ ِن َ‬
‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن أُبَ ّ‬ ‫س َب ُ‬ ‫ْال َحيَاةِ ال ُّد ْنيَا﴾ َو َكانَ َ‬
‫طلَ ًبا‬ ‫ق] َفإِنَّهُ َكانَ َلهُ إِ َما ٌء‪ ،‬فَ َكانَ يُ ْك ِر ْه ُه َّن َ‬
‫علَى البِغاء َ‬ ‫سلُو ٍل ْ‬
‫[ال ُمنَا ِف ِ‬ ‫ب ِْن َ‬
‫لخَراجهن‪"..‬‬
‫صنًا﴾ َهذَا خ ََر َج َم ْخ َر َج ْالغَا ِل ِ‬
‫ب وليس شرطا‪.‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ْن أ َ َر ْدنَ ت َ َح ُّ‬
‫يث" رواه مسلم‪.‬‬ ‫ي ِ َخ ِب ٌ‬
‫وفي الحديث "و َم ْه ُر ال َب ِغ ّ‬
‫ت و َمث َ ًال ِمنَ الَّذِينَ َخلَ ْوا ِمن قَ ْب ِلكم‬ ‫﴿ولَقَ ْد أ ْنزَ ْلنا إ َليْكم آيا ٍ‬
‫ت ُم َب ِيّنا ٍ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ورةِ ال َك ِري َم ِة‪ ،‬كما مر في‬ ‫س َ‬ ‫ع ِجي َبةً في َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫صةً َ‬ ‫ظةً ِل ْل ُمتَّقِينَ ﴾ أي قِ َّ‬
‫و َم ْو ِع َ‬
‫قصة حادثة اْلفك‪ .‬وقصة مريم وقصة يوسف عليه السالم‪.‬‬
‫ض﴾‬
‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫قوله‪﴿ :‬اللَّهُ نُ ُ‬
‫ور ال َّ‬
‫سلَّ َم إِ َذا‬
‫علَ ْي ِه َ‬‫صلَّى اللَّهُ َ‬‫سو ُل اللَّ ِه َ‬
‫َّاس‪َ :‬كانَ َر ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫ع ِن اب ِْن َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن‪َ ،‬‬ ‫َوفِي ال َّ‬
‫ض َو ِم ْن فِي ِه َّن‪،‬‬ ‫ت قَيّم السموات َو ْاَل َ ْر ِ‬ ‫الل ْي ِل َيقُولُ‪" :‬اللَّ ُه َّم لَ َك ْال َح ْمدُ‪ ،‬أَ ْن َ‬
‫ام ِمنَ َّ‬
‫قَ َ‬
‫ض َو ِم ْن فِي ِه َّن" ْال َحد َ‬
‫ِيث‬ ‫ور السموات َو ْاَل َ ْر ِ‬ ‫َولَ َك ْال َح ْمدُ‪ ،‬أ َ ْن َ‬
‫ت نُ ُ‬
‫ب ْال ُمؤْ ِم ِن‪ ،‬وهذا النور معنوي‪.‬‬
‫ور ِه﴾ ِفي َق ْل ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬مث َ ُل نُ ِ‬
‫‪491‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وضرب الله عز وجل لهذا النور ومحله وحامله ومادته ً‬


‫مثال بالمشكاة التى‬
‫ض ُع ْالفَ ِتيلَ ِة ِمنَ ْال ِق ْندِي ِل‪ ،‬وقيل ْال ُك َّوة ُ َّالتِي َال َم ْنفَذَ لَ َها‪ ،‬وهي مثل‬
‫هي َم ْو ِ‬
‫الصدر‪ ،‬وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج وحتى شبهت بالكوكب‬
‫الدري في بياضه وصفائه وهي مثل قلب المؤمن فيرى الحق والهدى‬
‫بصفائه‪ .‬وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن هو من شجرة‬
‫الوحي‪ ،‬فهذه مادة مصباح اْليمان في قلب المؤمن‪.‬‬

‫َ‬
‫﴿ال ش َْر ِقيَّ ٍة َوال غ َْر ِبيَّةٍ﴾‬
‫لم تنحرف انحراف النصرانية وال انحراف اليهودية‪ ،‬بل هي وسط بين‬
‫الطرفين المذمومين في كل شيء‪.‬‬

‫ضي ُء َولَ ْو لَ ْم ت َْم َس ْسهُ ن ٌ‬


‫َار﴾‬ ‫﴿يَ َكا ُد زَ ْيت ُ َها يُ ِ‬
‫وهكذا المؤمن قلبه مضيء يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله‪.‬‬

‫علَى نُ ٍ‬
‫ور﴾‬ ‫﴿نُ ٌ‬
‫ور َ‬
‫فاجتمع له نور الوحي إلى نور الفطرة‪ ،‬نور على نور‪ ،‬فيكاد ينطق بالحق‬
‫وإن لم يسمع فيه أثر‪.‬‬
‫ان ِحينَ اجْ ت َ َم َعا‪.‬‬ ‫ور ْ ِ‬
‫اْلي َم ِ‬ ‫ور ْالقُ ْر ِ‬
‫آن َونُ ُ‬ ‫و َكذَ ِل َك نُ ُ‬

‫‪492‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي أ َ َحبُّ ْال ِبقَاعِ ِإلَى اللَّ ِه‬ ‫ي ْال َم َس ِ‬


‫اجدُ‪ ،‬الَّتِي ِه َ‬ ‫ت أَذِنَ َّ‬
‫اللهُ أ َ ْن ت ُ ْر َف َع﴾ َو ِه َ‬ ‫﴿فِي بُيُو ٍ‬
‫ي بُيُوتُهُ في اَلرض‪ ،‬وأول عمل قام به النبي صلى‬ ‫ض‪َ ،‬و ِه َ‬ ‫ت َ َعالَى ِمنَ ْاَل َ ْر ِ‬
‫يرهَا ِمنَ‬ ‫ي‪ِ :‬بت ْ‬
‫َط ِه ِ‬ ‫الله عليه وسلم لما قدم المدينة‪ .‬أ َ َم َر َّ‬
‫اللهُ ت َ َعالَى ِب َر ْف ِع َها‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ص َبنِي‬‫ال َّدن َِس َواللَّ ْغ ِو‪ .‬عن السائب بن يزيد قال ُك ْنتُ قَائِ ًما في ال َمس ِْج ِد فَ َح َ‬
‫ب‪َ ،‬فقَا َل‪ :‬ا ْذهَبْ فَأْتِنِي ب َهذَي ِْن‪ ،‬فَ ِجئْتُهُ ب ِه َما‪،‬‬ ‫بن الخ َّ‬
‫َطا ِ‬ ‫َر ُج ٌل‪ ،‬فَ َن َ‬
‫ظ ْرتُ َفإِذَا ُ‬
‫ع َم ُر ُ‬
‫ف‪ ،‬قَا َل‪ :‬لو ُك ْنتُما ِمن‬ ‫اال‪ِ :‬من أ ْه ِل َّ‬
‫الطا ِئ ِ‬ ‫قَا َل‪َ :‬من أ ْنتُما ‪ْ -‬أو ِمن أيْنَ أ ْنت ُ َما؟ ‪ -‬قَ َ‬
‫صلَّى اللهُ‬‫ص َوات َ ُكما في َمس ِْج ِد َرسو ِل اللَّ ِه َ‬
‫ان أ ْ‬ ‫أ ْه ِل البَلَ ِد ََل َ ْو َج ْعت ُ ُك َما‪ ،‬ت َْرفَ َع ِ‬
‫عليه وسلَّ َم‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وزخرفتها من أمارات الساعة‪ ،‬وال يجوز‪ .‬وفي الحديث "ال ت َقو ُم ال َّساعةُ‬
‫المساجدِ" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ِ‬ ‫حتَّى يَتباهى النَّ ُ‬
‫اس في‬
‫ونهى عن البيع فيها وأن ينشد فيها ضالة‪ .‬فقال "إذا رأيتُم من يبي ُع أو يبتاعُ‬
‫َّ‬
‫ضالةً‪،‬‬ ‫المسجدِ‪ ،‬فقولوا‪ :‬ال أرب َح َّ‬
‫اللهُ تجارت ََك‪ ،‬وإذا رأيتُم من ينش ُد في ِه‬ ‫ِ‬ ‫في‬
‫فقولوا‪ :‬ال ردَّها اللَّهُ علي َْك" صححه اَللباني وقال على شرط مسلم‪.‬‬
‫ع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِه﴾ ‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ﴿ َيا أَيُّ َها الَّذِينَ‬ ‫ارة ٌ َوال َب ْي ٌع َ‬‫﴿ر َجا ٌل َال ت ُ ْل ِهي ِه ْم ِت َج َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ :‬‬
‫ع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِه َو َم ْن يَ ْف َع ْل َذ ِل َك فَأُو َلئِ َك ُه ُم‬‫آ َمنُوا َال ت ُ ْل ِه ُك ْم أ َ ْم َوالُ ُك ْم َوال أ َ ْوال ُد ُك ْم َ‬
‫ْالخَا ِس ُرونَ ﴾‬
‫س ْب َعةٌ يُ ِظلُّ ُه ُم اللَّهُ في ِظ ِّل ِه‪َ ،‬ي َ‬
‫وم ال ِظ َّل‬ ‫في الصحيحين من حديث أبي هريرة " َ‬
‫ور ُج ٌل قَ ْلبُهُ ُم َعلَّ ٌق في‬ ‫َّإال ِظ ُّلهُ‪ :‬اْل َما ُم ال َعا ِدلُ‪ ،‬وشَابٌّ نَ َ‬
‫شأ َ في ِعبَا َدةِ َربِّ ِه‪َ ،‬‬
‫اجدِ" الحديث‪.‬‬
‫س ِ‬‫ال َم َ‬
‫‪493‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وكذلك النساء‪ :‬كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين‬
‫ساج َد اللَّ ِه"‬ ‫"ال ت َْمنَعُوا إما َء َّ‬
‫الل ِه َم ِ‬
‫صالة ُ في ُبيُو ِت ِه َّن‪.‬‬ ‫ولكن اَل ْف َ‬
‫ض َل لهن ال َّ‬
‫خير لَ َّ‬
‫هن" صححه اَللباني‪.‬‬ ‫هن ٌ‬‫كما في رواية أخرى عن ابن عمر "وبيوت ُ َّ‬
‫ع ِملُوا ويَ ِزي َدهم ِمن فَ ْ‬
‫ض ِل ِه﴾ ِ ّ‬
‫الزيا َدة َ هي‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬ليَجْ ِزيَ ُه ُم اللَّهُ أحْ َ‬
‫سنَ ما َ‬
‫سنَ ِة فَلَهُ َ‬
‫ع ْش ُر‬ ‫عفَةُ ال َح َسناتِ‪َ ،‬كما َد َّل َ‬
‫ع َل ْي ِه قَ ْولُهُ تَعالى‪َ ﴿ :‬من جا َء ِبال َح َ‬ ‫ُمضا َ‬
‫ْأمثا ِلها﴾‬
‫اب﴾ {‬ ‫س ࣲ‬‫َوٱللَّهُ يَ ۡر ُز ُق َمن يَش َۤا ُء بِغَ ۡي ِر ِح َ‬
‫ࣰ‬
‫ٰۗ‬
‫علَ ۡي َها َال ن َۡسـَٔلُ َك ِر ۡزقا نَّ ۡح ُن ن َۡر ُزق َك{‬
‫ُ‬ ‫ط ِب ۡر َ‬‫ص َل ٰوةِ َوٱصۡ َ‬‫} َو ۡأ ُم ۡر أ َ ۡهلَ َك ِبٱل َّ‬
‫غ لعبادتي أمألْ‬ ‫تفر ْ‬ ‫آدم َّ‬ ‫وفي الحديث القدسي يقو ُل َّ‬
‫اللهُ سبحانَه "يا ابنَ َ‬
‫قر َك"‬ ‫ش ً‬
‫غال ولم أس َّد فَ َ‬ ‫صدرك ُ‬
‫َ‬ ‫فقرك وإن لَم تف َع ْل مألتُ‬
‫صدرك ِغنًى وأس َّد َ‬
‫َ‬
‫صححه اَللباني‪.‬‬
‫ان َم ۤا ًء َحت َّ ٰۤى إِذَا َج ۤا َءهُۥ لَ ۡم‬ ‫لظ ۡمـَٔ ُ‬ ‫سبُهُ ٱ َّ‬ ‫ب بِ ِقيعَةࣲ َي ۡح َ‬ ‫س َرا ِ‬ ‫﴿وٱلَّ ِذينَ َكفَ ُر ۤو ۟ا أ َ ۡع َم ٰـلُ ُه ۡم َك َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ࣰ‬
‫‪،‬و َهذَا‬ ‫م‬
‫ِ ُ َ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫ة‬‫ا‬
‫َ ِ ِ‬ ‫ع‬ ‫ُّ‬
‫د‬ ‫ال‬ ‫ار‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬
‫ك‬
‫ِ َ ِ َُ ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ْن‬‫ي‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫م‬ ‫ال‬ ‫ْن‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫اَل‬ ‫ا‬‫م‬‫َّ‬ ‫أ‬‫ف‬‫َ‬ ‫ا}‬ ‫ـ‬ ‫َي ِج ۡدهُ َش ۡي‬
‫يط‪َ ،‬و ُه ُم ‪..‬‬ ‫اب ْال َج ْه ِل ْالبَ ِس ِ‬ ‫ص َح ُ‬ ‫ب‪ .‬فَأ َ َّما أ َ ْ‬ ‫ْال ِمثَا ُل ِمثَا ٌل ِلذَ ِوي ْال َج ْه ِل ْال ُم َر َّك ِ‬
‫ص ِ ّم ْالبُ ْك ِم الَّذِينَ َال يَ ْع ِقلُونَ ‪ ،‬فَ َمثَلُ ُه ْم َك َما َقا َل تَعَالَى‪:‬‬
‫ْال ُمقَ ِلّدُونَ َِلَئِ َّم ِة ْال ُك ْف ِر‪ ،‬ال ُّ‬
‫ت فِي َبحْ ٍر لُ ِ ّج ّ‬
‫يٍ﴾ وهذا قول ابن كثير‪.‬‬ ‫﴿أ َ ْو َك ُ‬
‫ظلُ َما ٍ‬

‫‪494‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ق الثَّالثَ ِة‪ :‬ال ُم ْن َع ِم‬


‫صاف ال ِف َر ِ‬
‫َ‬ ‫ض َّمن ْ‬
‫َت اآلياتُ أ ْو‬ ‫وقال ابن القيم رحمه الله "ت َ َ‬
‫ور ِه َك ِم ْشكا ٍة فِيها‬ ‫ض َمث َ ُل نُ ِ‬ ‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬‫ور ال َّ‬ ‫ور‪َّ ،‬‬
‫{اللهُ نُ ُ‬ ‫علَ ْي ِه ْم وهم أ ْه ُل النُّ ِ‬
‫َ‬
‫علَ ْي ِه ْم وهم‬
‫ب َ‬ ‫ب‪ ،‬وال َم ْغ ُ‬
‫ضو ِ‬ ‫سرا ِ‬
‫حاب ال َّ‬
‫ص ُ‬ ‫صبا ُح﴾ والض ّّالِينَ وهم أ ْ‬
‫الم ْ‬
‫صبا ٌح ِ‬
‫ِم ْ‬
‫أ ْه ُل ُّ‬
‫الظلُما ِ‬
‫ت ال ُمت َرا ِك َم ِة‪.‬‬
‫كما تضمنت سورة الفاتحة أوصاف الفرقة الثالثة‪.‬‬
‫ث الت َّ َج ِلّي‬ ‫ع ْن النَّ ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ في َحدِي ِ‬ ‫س ِعي ٍد ال ُخ ْد ِر ّ‬
‫يِ َ‬ ‫ث أ ِبي َ‬
‫ص ِحيحِ ِمن َحدِي ِ‬
‫وفي ال َّ‬
‫راب‪َ ،‬فيُقا ُل ِل ْليَ ُهودِ‪ :‬ما ُك ْنت ُ ْم‬ ‫س ُ‬ ‫يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة «ث ُ َّم يُؤْ تى بِ َج َهنَّ َم ت ُ ْع َر ُ‬
‫ض َكأ َّنها ال َّ‬
‫صاح َبةٌ‬‫ِ‬ ‫الل ِه‪َ ،‬فيُقالُ‪َ :‬كذَ ْبت ُ ْم‪ ،‬لَ ْم يَ ُك ْن ِللَّ ِه‬
‫عزَ ي َْر بْنَ َّ‬
‫ت َ ْعبُ ُدونَ ؟ فَيَقُولُونَ ‪ُ :‬كنّا نَ ْعبُ ُد ُ‬
‫أن ت َ ْس ِق َينا‪ ،‬فَيُقالُ‪ :‬ا ْش َربُوا‪َ ،‬ف َيت َساقَ ُ‬
‫طونَ في‬ ‫وال ولَدٌ‪ ،‬فَما ت ُ ِريدُونَ ؟ قالُوا‪ :‬نُ ِري ُد ْ‬
‫َج َهنَّ َم‪ ،‬ث ُ َّم يُقا ُل ِلل َّنصارى‪ :‬ما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْعبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ ‪ُ :‬كنّا نَ ْعبُ ُد ال َم ِسي َح بْنَ‬
‫صاح َبةٌ وال ولَدٌ‪ ،‬فَما ت ُ ِريدُونَ ‪َ :‬ف َيقُولُونَ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اللَّ ِه‪ ،‬فَيُقا ُل لَ ُه ْم‪َ :‬ك َذ ْبت ُ ْم‪ ،‬لَ ْم َي ُك ْن ِللَّ ِه‬
‫ِيث‪،‬‬ ‫أن ت َ ْس ِقيَنا‪ ،‬فَيُقا ُل لَ ُه ْم‪ :‬ا ْش َربُوا‪َ ،‬فيَت َساقَ ُ‬
‫طونَ » وذَ َك َر ال َحد َ‬ ‫نُ ِري ُد ْ‬
‫ورا فَ َما َلهُ ِم ْن نُ ٍ‬
‫ور﴾ وفي الحديث َّ‬
‫"إن اللهَ‬ ‫﴿و َم ْن لَ ْم َيجْ عَ ِل َّ‬
‫اللهُ لَهُ نُ ً‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫النور‬
‫ِ‬ ‫ذلك‬ ‫خلق خلقهُ في ظلم ٍة وألقَى عليهم من ِ‬
‫نور ِه ‪ ،‬فمن أصابهُ من َ‬
‫اهت َدى به‪ ،‬ومن أخطأَهُ ض ّل" صححه اَللباني‪.‬‬
‫َّ‬
‫{والطي ُْر صافّاتٍ}‬
‫ت و َي ْق ِبضْنَ ما يُ ْم ِس ُك ُه َّن ّإال َّ‬
‫الرحْ َم ُن﴾‬ ‫﴿أولَ ْم َي َر ْوا إلى ال َّ‬
‫طي ِْر فَ ْوقَهم صافّا ٍ‬ ‫َ‬

‫‪495‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ْيءٍ ّإال يُ َس ِبّ ُح‬ ‫﴿و ْ‬


‫إن ِمن َ‬ ‫صالتَهُ َوت َ ْس ِبي َحهُ﴾ َكما قا َل ت َعالى‪َ :‬‬ ‫ع ِل َم َ‬ ‫وقوله ﴿ ُك ٌّل قَ ْد َ‬
‫بِ َح ْم ِد ِه ولَ ِك ْن ال ت َ ْفقَ ُهونَ ت َ ْس ِبي َح ُه ْم﴾‬
‫تعالى{و َج َع ۡلنَا ِمنَ ٱ ۡل َم ۤا ِء ُك َّل َ‬
‫ش ۡیءٍ‬ ‫َ‬ ‫{وٱللَّهُ َخ َلقَ ُك َّل َد ۤابَّةࣲ ِّمن َّم ۤا ࣲء} كما قال‬
‫قوله َ‬
‫ی}‬
‫َح ٰۚ ٍّ‬
‫ࣱ‬
‫طعۡ نَا ث ُ َّم يَت ََولَّ ٰى فَ ِريق ِّم ۡن ُهم ِّم ُۢن بَعۡ ِد ذَ ٰ⁠ ِل ٰۚ َك‬
‫سو ِل َوأ َ َ‬ ‫﴿ويَقُولُونَ َءا َمنَّا ِبٱللَّ ِه َو ِبٱ َّ‬
‫لر ُ‬ ‫َ‬
‫َو َم ۤا أ ُ ۟ولَ ٰۤـ ِٕى َك بِٱ ۡل ُم ۡؤ ِم ِنينَ ﴾‬
‫اس َمن َيقُو ُل َءا َمنَّا ِبٱ َّلل ِه َو ِبٱ ۡل َي ۡو ِم ٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫اخ ِر َو َما ُهم‬ ‫{و ِمنَ ٱلنَّ ِ‬
‫كما قال تعالى َ‬
‫بالتحلّي ‪ ،‬ولكن هو ما وقر‬ ‫ِ‬ ‫اْليمان بالت َّ َمنِّي وال‬
‫ُ‬ ‫ِب ُم ۡؤ ِمنِينَ } وفي الحديث "ليس‬
‫ب ‪ ،‬وصد َقهُ العم ُل"‬
‫في القل ِ‬
‫يق ِم ْن ُه ْم ُم ْع ِرضُونَ ﴾‬ ‫عوا ِإلَى اللَّ ِه َو َر ُ‬
‫سو ِل ِه ِل َيحْ ُك َم َب ْينَ ُه ْم ِإذَا فَ ِر ٌ‬ ‫﴿و ِإذَا ُد ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع ُمونَ أَنَّ ُه ْم آ َمنُوا بِ َما أُنز َل ِإ َلي َْك َو َما أُنز َل ِم ْن‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬أَلَ ْم ت ََر ِإلَى الَّذِينَ يَ ْز ُ‬
‫ت‬
‫غو ِ‬ ‫}قَ ْب ِل َك يُ ِريدُونَ أ َ ْن َيت َ َحا َك ُموا ِإلَى َّ‬
‫الطا ُ‬
‫ش َج َر َب ۡينَ ُه ۡم ث ُ َّم َال َي ِجد ۟‬
‫ُوا‬ ‫قال تعالى {فَ َال َو َر ِبّ َك َال يُ ۡؤ ِمنُونَ َحت َّ ٰى يُ َح ِ ّك ُم َ‬
‫وك فِي َما َ‬
‫ࣰ‬
‫ت}‬ ‫ض ۡي َ‬ ‫فِ ۤی أَنفُ ِس ِه ۡم َح َرجا ِّم َّما قَ َ‬
‫ُوا ٰۚۤ} وإن لم تطيعوه تضلوا كما في الصحيحين من‬ ‫{و ِإن ت ُ ِطيعُوهُ تَهۡ تَد ۟‬
‫قوله َ‬
‫ي أ ْقوا ٌم أع ِْرفُ ُه ْم ويَ ْع ِرفُونِي‪ ،‬ث ُ َّم يُحا ُل َب ْينِي‬
‫علَ َّ‬
‫ض قال "لَيَ ِر ُد َ‬
‫حديث ال َح ْو ِ‬
‫وب ْينَ ُه ْم" قا َل ‪ :‬إنَّ ُه ْم ِم ِنّي‪ ،‬فيُقالُ‪ :‬إنَّ َك ال تَ ْد ِري ما بَ َّدلُوا بَ ْع َد َك‪ ،‬فأقُولُ‪ُ :‬‬
‫سحْ قًا‬
‫سحْ قًا ِل َمن َب َّد َل َب ْعدِي"‬
‫ُ‬

‫‪496‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ُمذَ ِ ّك ٌر‬ ‫سو ِل ِإال ْال َبالغُ ْال ُم ِب ُ‬


‫ين﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَذَ ِ ّك ْر ِإنَّ َما أَ ْن َ‬ ‫علَى َّ‬
‫الر ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َما َ‬
‫ْط ٍر﴾‬ ‫علَ ْي ِه ْم بِ ُم َ‬
‫سي ِ‬ ‫لَس َ‬
‫ْت َ‬
‫ت َل َي ۡست َۡخ ِلفَنَّ ُه ۡم ِفی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ض‬ ‫ص ٰـ ِل َح ٰـ ِ‬ ‫ع ِملُ ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫ع َد ٱللَّهُ ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا ِمن ُك ۡم َو َ‬ ‫{﴿و َ‬
‫َ‬
‫عن الربيع بن أنس ‪ ،‬عن أبي العالية ‪ ،‬عن أبي بن كعب قال ‪ :‬قدم النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وأصحابه المدينة ‪ ،‬وآوتهم اَلنصار ‪ -‬رمتهم العرب‬
‫عن قوس واحدة ‪ :‬فكانوا ال يبيتون إال في السالح ‪ ،‬وال يصبحون إال فيه ‪،‬‬
‫فقالوا ‪ :‬أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين ال نخاف إال الله عز‬
‫وجل ؟ فأنزل الله تعالى لنبيه ‪ ( :‬وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا‬
‫الصالحات ) إلى قوله ‪ ( :‬ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) يعني‬
‫بالنعمة ‪ .‬رواه الحاكم [ أبو عبد الله ] في صحيحه‪ .‬فَأ َ ْ‬
‫ظ َه َر اللَّهُ نَ ِبيَّهُ َ‬
‫علَى‬
‫س َال َح‪ .‬ث ُ َّم ِإ َّن اللَّ َه‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل‪ ،‬قَ َب َ‬
‫ض َن ِبيَّهُ‬ ‫ضعُوا ال ِ ّ‬ ‫ير ِة ْال َع َر ِ‬
‫ب‪ ،‬فَأ َ ِمنُوا َو َو َ‬ ‫َج ِز َ‬
‫عثْ َمانَ ث ُ َّم لَ َّما َكا َن ِ‬
‫ت الد َّْولَةُ‬ ‫ارةِ أ َ ِبي بَ ْك ٍر َو ُ‬
‫ع َم َر َو ُ‬ ‫ﷺ فَ َكانُوا َكذَ ِل َك ِآمنِينَ فِي ِإ َم َ‬
‫َاربِ َها‪.‬‬
‫ض َو َمغ ِ‬ ‫ق ْاَل َ ْر ِ‬ ‫َار ِ‬
‫صى َمش ِ‬ ‫ت ْال َم َما ِليكُ ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِميَّةُ إِلَى أ َ ْق َ‬ ‫ْالعُثْ َمانِ َّيةُ‪ْ ،‬امت َ َّد ِ‬
‫اْلسالم بدأ غري ًبا وسيعو ُد غريبًا كما بدأ" وفي الحديث‬
‫َ‬ ‫وفي الصحيحين َّ‬
‫"إن‬
‫يضرهم من خذلُهم‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬
‫الحق ظاهرينَ ال‬ ‫الصحيح "ال تزا ُل طائفةٌ من أ َّمتي علَى‬
‫أمر َّ‬
‫الل ِه"‬ ‫يأتي ُ‬
‫َ‬ ‫حتَّى‬
‫ِين َّالذِي ْ‬
‫ارتَضاهُ‬ ‫ارت َضى لَ ُه ْم﴾ هَذا ال ّد ُ‬ ‫﴿ولَيُ َم ِ ّكن ََّن لَهم دِينَ ُه ُم الَّذِي ْ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ْالم بِ َد ِلي ِل قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬اليَ ْو َم أ ْك َم ْلتُ لَكم دِينَكم وأتْ َم ْمتُ‬
‫ِين اْلس ِ‬ ‫لَهم هو د ُ‬
‫ضيتُ لَ ُك ُم اْلس َ‬
‫ْالم دِينًا﴾‬ ‫علَيْكم ِن ْع َم ِتي َ‬
‫ور ِ‬ ‫َ‬
‫‪497‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫{ولَيُ َب ِ ّدلَنَّ ُهم ِّم ُۢن َبعۡ ِد خ َۡوفِ ِه ۡم أ َ ۡمن ٰۚا} َكما قال ت َعالى‪﴿ :‬وا ْذ ُك ُروا إ ْذ أ ْنت ُ ْم قَ ِلي ٌل‬
‫قوله َ‬
‫اس فَآواكم وأ َّي َدكم بِ َن ْ‬
‫ص ِر ِه﴾‬ ‫أن َيتَخ َّ‬
‫َطفَ ُك ُم النّ ُ‬ ‫ض ت َخافُونَ ْ‬ ‫ض َعفُونَ في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ُم ْست َ ْ‬
‫فالنصر آت ولكن البد من اْلمتحان قبله‪ .‬قال تعالى {أ َ ۡم َح ِس ۡبت ُ ۡم أَن ت َۡد ُخلُ ۟‬
‫وا‬
‫س ۤا ُء َوٱلض ََّّر ۤا ُء َو ُز ۡل ِزلُ ۟‬
‫وا‬ ‫س ۡت ُه ُم ٱ ۡلبَ ۡأ َ‬
‫ٱ ۡل َجنَّةَ َولَ َّما يَ ۡأتِ ُكم َّمث َ ُل ٱلَّ ِذينَ َخ َل ۡو ۟ا ِمن قَ ۡب ِل ُكم َّم َّ‬
‫سو ُل َوٱلَّ ِذينَ َءا َمنُو ۟ا َمعَهُۥ َمت َٰى نَصۡ ُر ٱللَّ ٰۗ ِه أَ َ ۤال إِ َّن نَصۡ َر ٱللَّ ِه‬ ‫لر ُ‬‫َحت َّ ٰى يَقُو َل ٱ َّ‬
‫ࣱ‬
‫َق ِريب}‬
‫سو َل لَ َعلَّكم ت ُ ْر َح ُمونَ ﴾‬
‫الر ُ‬
‫وأطيعُوا َّ‬ ‫صالة َ وآتُوا َّ‬
‫الزكاة َ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وأقِي ُموا ال َّ‬
‫وف‬ ‫صالة َ وآت َُوا َّ‬
‫الزكاة َ وأ َم ُروا بِال َم ْع ُر ِ‬ ‫ض أقا ُموا ال َّ‬ ‫اَلر ِ‬ ‫إن َم َّكنّاهم في ْ‬ ‫﴿الَّ ِذينَ ْ‬
‫ور﴾‬‫ع ِن ال ُم ْن َك ِر و ِللَّ ِه عاقِ َبةُ اَل ُ ُم ِ‬‫ونَ َه ْوا َ‬
‫فإن‬ ‫ضعُونَ ِثيَابَ ُكم ِّمنَ ٱ َّ‬
‫لظ ِهي َرةِ} حديث أنس بن مالك "قِيلُوا ‪َّ ،‬‬ ‫{و ِحينَ ت َ َ‬
‫َ‬
‫الشياطينَ ال ت ُ ِقيلُ" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫ي‪ :‬فِي ْال ِخ ْد َم ِة‬
‫علَ ْي ُك ْم﴾ أَ ْ‬‫ط َّوافُونَ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم ُجنَا ٌح بَ ْع َد ُه َّن َ‬
‫علَ ْي ُك ْم َوال َ‬ ‫قوله ﴿لَي َ‬
‫ْس َ‬
‫اْل َما ُم‬ ‫غي ِْر ِه ْم؛ َو ِل َهذَا َر َوى ْ ِ‬ ‫غي ِْر ذَ ِل َك‪َ ،‬ويُ ْغتَفَ ُر فِي َّ‬
‫الط َّوافِينَ َما َال يُ ْغتَفَ ُر فِي َ‬ ‫َو َ‬
‫سو َل َّ‬
‫الل ِه ﷺ قَا َل ِفي ال ِه َّرة‪ِ " :‬إنَّ َها‬ ‫َما ِل ٌك َوأَحْ َم ُد ب ُْن َح ْن َب ٍل َوأ َ ْه ُل ال ُّسن َِن أ َ َّن َر ُ‬
‫علَ ْي ُك ْم ‪-‬أ َ ْو ‪َ -‬و َّ‬
‫الط َّوافَاتِ" صححه اَللباني‬ ‫ت بن َجس؛ ِإنَّ َها ِمنَ َّ‬
‫الط َّوافِينَ َ‬ ‫لَ ْي َ‬
‫س ْ‬
‫وغيره‪.‬‬

‫‪498‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اء الالتِي َال َي ْر ُجونَ نِ َكا ًحا﴾ ُه َّن اللَّ َواتِي ا ْنقَ َ‬
‫ط َع‬ ‫س ِ‬ ‫﴿و ْالقَ َوا ِع ُد ِمنَ النِّ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫َشوف ِإلَى الت َّ ْز ِويجِ‪ .‬استثناء‬ ‫ْض َويَئِسْنَ ِمنَ ْال َولَ ِد َولَ ْم َيبْقَ لَ ُه َّن ت ُّ‬ ‫ع ْن ُه َّن ْال َحي ُ‬‫َ‬
‫س ۤا ِء ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ يُ ۡدنِينَ َ‬
‫ع َل ۡي ِه َّن ِمن‬ ‫من قوله {يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلنَّبِ ُّ‬
‫ی قُل ِ َّل َ ۡز َو ٰ⁠ ِج َك َو َبنَا ِت َك َونِ َ‬
‫ٰۚ‬
‫{و َال يُ ۡب ِدينَ ِزينَت َ ُه َّن‪}...‬‬ ‫َجلَ ٰـ ِبي ِب ِه َّن} َ‬
‫ار فَ َال‬‫ق ْال ِخ َم ِ‬
‫اب ِم ْن فَ ْو ِ‬ ‫ض ْعنَ ِث َيا َب ُه َّن﴾ َو ُه َو ْال ِج ْل َب ُ‬ ‫ع َل ْي ِه َّن ُجنَا ٌح أ َ ْن َي َ‬ ‫ْس َ‬‫{فَ َلي َ‬
‫صفيق‪.‬‬ ‫غي ِْر ِه‪ ،‬بَ ْع َد أ َ ْن يَ ُكونَ َ‬
‫علَ ْي َها ِخ َم ٌ‬
‫ار َ‬ ‫ب أ َ ْو َ‬
‫ض ْعنَ ِع ْن َد غ َِري ٍ‬ ‫بَأ ْ َ‬
‫س أ َ ْن يَ َ‬
‫غ ۡي َر ُمت َ َب ِ ّر َج ٰـ ِ‬
‫ت ِب ِزينَةࣲ }‬ ‫قوله { َ‬
‫{و َال تَبَ َّر ۡجنَ تَبَ ُّر َج ٱ ۡل َج ٰـ ِه ِل َّي ِة ٱ َۡلُولَ ٰى}‬
‫كما يفعلن في الجاهلية َ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫ض َح َرج}‬ ‫علَى ٱ ۡل َم ِري ِ‬ ‫علَى ٱ َۡل َ ۡع َرجِ َح َرج َو َال َ‬ ‫علَى ٱ َۡل َ ۡع َم ٰى َح َرج َو َال َ‬ ‫س َ‬ ‫﴿لَّ ۡي َ‬
‫ع ِن‬ ‫اللهُ ‪-‬فِي ْال َم ْعنَى الَّذِي َر َف َع ِم ْن أَجْ ِل ِه ْال َح َر َج َ‬ ‫ف ْال ُمفَ ِ ّ‬
‫س ُرونَ ‪َ -‬ر ِح َم ُه ُم َّ‬ ‫اخت َ َل َ‬
‫ْ‬
‫ْاَل َ ْع َمى َو ْاَلَع َْرجِ َو ْال َم ِر ِ‬
‫يض هَا ُهنَا‪.‬‬
‫ور ِة‬
‫س َ‬‫ت ِفي ْال ِج َهادِ‪َ ،‬و َج َعلُوا َه ِذ ِه ْاآل َيةَ هَا ُهنَا َكالَّ ِتي ِفي ُ‬
‫فقال بعضهم‪ :‬نَزَ لَ ْ‬
‫علَ ْي ِه ْم فِي ت َْر ِك ْال ِج َهادِ؛‬ ‫ْالفَتْحِ َوتِ ْل َك فِي ْال ِج َها ِد َال َم َحالَةَ‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬أَنَّ ُه ْم َال ِإثْ َم َ‬
‫عجْ ِز ِه ْم‪.‬‬
‫ض ْع ِف ِه ْم َو َ‬
‫ِل َ‬
‫النفير مع رسو ِل الل ِه‬
‫ِ‬ ‫غبُونَ في‬
‫وفي الحديث الصحيح "كان المسلمون َي ْر َ‬
‫ض َمنَائِهم ويقولون لهم ق ْد أحْ لَ ْلنَا‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسلم فيَ ْدفَعُونَ مفاتِي َحهم إلى ُ‬
‫أن ت َأ ْ ُكلُوا م َّما أَحْ َب ْبت ُ ْم فكانوا يقولونَ إنَّهُ ال يَ ِح ُّل لنَا إنَّهم أذِنوا عن ِ‬
‫غير‬ ‫لَ ُكم ْ‬

‫ليس على اَلعمى حر ٌج وال على اَلعرجِ‬ ‫عز وج َّل َ‬‫نفس فأنزل اللهُ َّ‬ ‫ب ٍ‬ ‫طي ِ‬
‫المريض حر"‬
‫ِ‬ ‫حر ٌج وال على‬
‫‪499‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وقال بعضهم‪َ :‬كانُوا قَ ْب َل ْال َم ْب َع ِ‬


‫ث َيت َ َح َّر ُجونَ ِمنَ ْاَل َ ْك ِل َم َع َهؤ َُال ِء تَقَذُّ ًرا‬
‫ع َل ْي ِه ْم‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل َّ‬
‫اللهُ َه ِذ ِه ْاآليَةَ‪.‬‬ ‫ضلُوا َ‬
‫وتَقَ ُّز ًزا‪َ ،‬و ِلئ ََّال يَت َ َف َّ‬
‫وقال بعض أهل العلم‪ْ :‬ال ُم َرا ُد [هَا ُهنَا] أ َ َّن ُه ْم‪ :‬أي الصحابة َكانُوا َيت َ َح َّر ُجونَ ِمنَ‬
‫سبَقَهُ‬ ‫ام َو َما فِي ِه ِمنَ َّ‬
‫الط ِّيبَاتِ‪ ،‬فَ ُربَّ َما َ‬ ‫ْاَل َ ْك ِل َم َع ْاَل َ ْع َمى؛ َِلَنَّهُ َال يَ َرى َّ‬
‫الط َع َ‬
‫علَ ْي ِه‬‫وس‪ ،‬فَيَ ْفت َاتُ َ‬ ‫غي ُْرهُ إِلَى َذ ِل َك‪َ .‬و َال َم َع ْاَلَع َْرجِ؛ َِل َ َّنهُ َال يَت َ َم َّك ُن ِمنَ ْال ُجلُ ِ‬
‫َ‬
‫يض َال َي ْست َْو ِفي ِمنَ َّ‬
‫الط َع ِام َكغَي ِْر ِه‪ ،‬فَ َك ِر ُهوا أ َ ْن يُ َؤا ِكلُو ُه ْم ِلئ ََّال‬ ‫سه‪َ ،‬و ْال َم ِر ُ‬ ‫جلي ُ‬
‫صةً فِي ذَ ِل َك‪ .‬وهو الصواب‬ ‫‪.‬يَ ْ‬
‫ظ ِل ُمو ُه ْم‪ ،‬فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ َه ِذ ِه ْاآل َيةَ ُر ْخ َ‬
‫علَى أَ ْنفُ ِس ُك ْم أ َ ْن تَأ ْ ُكلُوا ِم ْن بُيُوتِ ُك ْم﴾ ‪ ،‬إِنَّ َما ذَ َكر َهذَا ‪َ -‬و ُه َو‬ ‫َوقَ ْولُهُ تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫﴿وال َ‬
‫غي َْرهُ فِي اللفظ‪ ،‬وليستأديه َما َب ْع َدهُ فِي ْال ُح ْك ِم‪َ .‬وت َ َ‬
‫ض َّمنَ‬ ‫علَ ْي ِه َ‬ ‫ليعطف َ‬
‫َ‬ ‫َم ْعلُو ٌم ‪-‬‬
‫وَلن َما َل ْال َولَ ِد بِ َم ْن ِزلَ ِة َما ِل أ َ ِبي ِه لقوله‬
‫َّ‬ ‫علَ ْي ِه ْم‪.‬‬ ‫َاء؛ َِل َ َّنهُ لَ ْم يَنُ َّ‬
‫ص َ‬ ‫وت ْاَل َ ْبن ِ‬
‫َهذَا بُيُ َ‬
‫ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪" :‬أ َ ْن َ‬
‫ت َو َمالُ َك َِل َ ِب َ‬
‫يك" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫ع َل ْي ُك ْم فِي‬ ‫ص ِدقَا ِئ ُك ْم َوأ َ ْ‬
‫ص َحا ِب ُك ْم‪َ ،‬ف َال ُجنَا َح َ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫صدِي ِق ُك ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬بُيُو ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو َ‬
‫ع ِل ْمت ُ ْم أ َ َّن ذَ ِل َك َال يَ ُ‬
‫ش ُّق َعلَ ْي ِه ْم َو َال يَ ْك َر ُهونَ ذَ ِل َك‪ .‬كما أكل‬ ‫ْاَل َ ْك ِل ِم ْن َها‪ ،‬إِذَا َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما من بيت‬
‫الصحابي اَلنصاري وهو غائب‪.‬‬
‫علَ ْي ُك ْم ُجنَا ٌح أ َ ْن ت َأ ْ ُكلُوا َج ِميعًا أ َ ْو أ َ ْشت َاتًا﴾ وقال صلى الله عليه‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬لَي َ‬
‫ْس َ‬
‫تفرقُوا ‪ ،‬فإ ِ َّن البركةَ مع الجماع ِة" حسنه اَللباني‪.‬‬ ‫وسلم "كلوا جمي ًعا وال َّ‬
‫وفي الحديث "الجماعةُ رحمةٌ ‪ ،‬والفُرقةُ عذا ٌ‬
‫ب" قال اَللباني حسن صحيح‪.‬‬

‫‪500‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ط ِّي َبةً﴾ السالم عليكم ورحمة الله وبركاته‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ت َِح َّيةً ِم ْن ِع ْن ِد اللَّ ِه ُم َب َ‬
‫ار َكةً َ‬
‫يحصل المسلم فيها ثالثين أجرا‪.‬‬
‫طولُهُ‬ ‫ور ِت ِه‪ُ ،‬‬‫ص َ‬ ‫اللهُ آ َد َم علَى ُ‬ ‫وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة " َخلَقَ َّ‬
‫عا‪ ،‬فَلَ َّما َخلَقَهُ قا َل‪ :‬ا ْذهَبْ فَ َس ِّل ْم علَى أُولَئِ َك‪ ،‬النَّفَ ِر ِمنَ ال َمالئِ َك ِة‪،‬‬
‫ِستُّونَ ذِرا ً‬
‫وس‪ ،‬فا ْست َِم ْع ما يُ َحيُّون ََك‪ ،‬فإنَّها ت َِحيَّت ُ َك وت َِحيَّةُ ذُ ِ ّريَّتِ َك‪ ،‬فقا َل‪ :‬ال َّ‬
‫سال ُم علَ ْي ُكم‪،‬‬ ‫ُجلُ ٌ‬
‫ورحْ َمةُ اللَّ ِه"‬
‫ع َلي َْك َ‬ ‫سال ُم َ‬
‫فقالوا‪ :‬ال َّ‬
‫ࣱ ࣰ‬
‫ب َّر ِحي ࣲم}‬ ‫وهي تحية أهل الجنة { َسلَ ٰـم قَ ۡوال ِّمن َّر ࣲّ‬
‫ت ِمن ُه ْم﴾‬‫ض شَأْنِ ِه ْم فَأْذَ ْن ِل َمن ِشئْ َ‬ ‫وك ِلبَ ْع ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَإذا ا ْست َأ ْ َذنُ َ‬
‫جامعٍ‪ ،‬أما‬
‫على ْأم ٍر ِ‬ ‫صحا ِب ِه الَّذِينَ كانُوا َم َعهُ َ‬ ‫النبي ﷺ َلهُ اْل ْذ ُن ِل َمن شا َء ِمن أ ْ‬
‫ب‪ ،‬وذَ ِل َك‬ ‫ع ْذ ِر ِه ِمنَ الكا ِذ ِ‬
‫ِق في ُ‬ ‫الذي يستأذن فال إذن له َحتّى َيت َ َبيَّنَ لَهُ ال ّ‬
‫صاد ُ‬
‫ت َلهم َحتّى َيتَ َبيَّنَ لَ َك الَّذِينَ َ‬
‫ص َدقُوا‬ ‫عفا اللَّهُ َ‬
‫ع ْن َك ِل َم أ ِذ ْن َ‬ ‫في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫وت َ ْعلَ َم الكا ِذ ِبينَ ﴾‬
‫وأصل ديننا مبني على النظام كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه "إذا‬
‫سفر ْفليُؤ ِّمروا أح َدهم" صححه اَللباني‪.‬‬
‫كان ثالثةٌ في ٍ‬

‫‪501‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضا﴾ َوإيضا ُح‬ ‫ضكم َب ْع ً‬ ‫سو ِل َب ْينَكم َكد ِ‬


‫ُعاء َب ْع ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ال تَجْ َعلُوا دُعا َء َّ‬
‫الر ُ‬
‫أن ال َم ْعنى‪ :‬ال تَجْ َعلُوا‬
‫ضاف إلى َم ْفعُو ِل ِه‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫ص َد َر ُم‬ ‫َم ْعنى قَ ْو ِل َمن قا َل‪َّ :‬‬
‫إن ال َم ْ‬
‫ضا‪ ،‬فَال تَقُولُوا َلهُ‪ :‬يا‬
‫ضكم َب ْع ً‬ ‫ع ْوت ُ ُموهُ َكد ِ‬
‫ُعاء َب ْع ِ‬ ‫سو ِل إذا َد َ‬
‫دُعا َءكم إلى ال َّر ُ‬
‫ضكم َم َع‬‫صوات َكم ِع ْن َدهُ َكما يَ ْف َع ُل بَ ْع ُ‬ ‫ص ِ ّر ِحينَ ِباس ِْم ِه‪ ،‬وال ت َْرفَعُوا أ ْ‬
‫ُم َح َّم ُد ُم َ‬
‫ت احْ تِرا ًما‬
‫ص ْو ِ‬‫ض ال َّ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬م َع َخ ْف ِ‬
‫ي اللَّ ِه‪ ،‬يا َر ُ‬
‫ض‪ ،‬بَ ْل قُولُوا َلهُ‪ :‬يا نَبِ َّ‬‫بَ ْع ٍ‬
‫لَهُ ﷺ‬
‫ي ِ وال •‬ ‫ت ال َّنبِ ّ‬ ‫صوات َكم َف ْوقَ َ‬
‫ص ْو ِ‬ ‫َك َق ْو ِل ِه‪﴿ :‬ياأيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ال ت َْر َفعُوا أ ْ‬
‫ط أعْمالُكم وأ ْنت ُ ْم ال ت َ ْشعُ ُرونَ ﴾‬
‫أن تَحْ َب َ‬
‫ض ْ‬ ‫ضكم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫تَجْ َه ُروا لَهُ ِبالقَ ْو ِل َك َج ْه ِر بَ ْع ِ‬
‫‪#‬أضواء البيان‬
‫ض ْ﴾ ملكا وعبيدا‪ ،‬يتصرف‬ ‫ت َو ْاَل َ ْر ِ‬ ‫قوله تعالى‪﴿ :‬أ َ َال ِإ َّن ِللَّ ِه َما فِي ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬
‫فيهم بحكمه القدري‪ ،‬وحكمه الشرعي‪{ .‬أ َ َال لَهُ ٱ ۡلخ َۡل ُق َوٱ َۡل َ ۡم ٰۗ ُر}‬

‫سورة الفرقان مكية‬

‫ض ًّرا وال نَ ْفعًا﴾‬‫﴿وال يَ ْم ِل ُكونَ َِل ْنفُ ِس ِه ْم َ‬


‫َ‬
‫ض ًّرا وال نَ ْف ًعا ّإال ما شا َء اللَّهُ﴾‬
‫﴿قُ ْل ال ْأم ِلكُ ِلنَ ْف ِسي َ‬

‫‪502‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وقا َل َّالذِينَ َكفَ ُروا ْ‬


‫إن هَذا ّإال إ ْف ٌك ا ْفت َراهُ وأعا َنهُ َ‬
‫علَ ْي ِه قَ ْو ٌم‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى َ‬
‫على اْل ْف ِك َّالذِي ا ْفت َراهُ قَ ْو ٌم آخ َُرونَ ‪ ،‬قِي َل‪ :‬اليَ ُهو ُد‬‫ع َل ْي ِه َ‬
‫آخ َُرونَ ﴾ أي‪ :‬وأعانَهُ َ‬
‫﴿ولَقَ ْد نَ ْعلَ ُم أنَّهم َيقُولُونَ إنَّما يُ َع ِلّ ُمهُ َبش ٌَر﴾ وقَ ْو ِل ِه‬
‫والله أعلم ‪َ .‬كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ِليَقُولُوا َد َرس َ‬
‫ْت﴾‬ ‫ت َعالى‪َ :‬‬
‫ْص ُر‪ ،‬وتَت َ َكلَّ ُم‪ ،‬كما في‬
‫ار تُب ِ‬
‫أن النّ َ‬ ‫﴿إذا َرأتْهم ِمن َم ٍ‬
‫كان بَ ِعيدٍ﴾ الصواب َّ‬
‫النصوص‪.‬‬
‫﴿لَ ُه ْم ِفي َها َما يَشَا ُءونَ ﴾ َكما في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬و َلكم فِيها ما تَ ْشت َ ِهي أ ْنفُ ُ‬
‫س ُك ْم﴾ وفي‬
‫صلَّى اللهُ‬
‫ي َ‬
‫"أن النب َّ‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري َّ‬
‫أن َر ُج ًال ِمن أ ْه ِل‬ ‫عليه وسلَّ َم كانَ َي ْو ًما يُ َح ّد ُ‬
‫ِث‪ ،‬و ِع ْن َدهُ َر ُج ٌل ِمن أ ْه ِل ال َبا ِد َي ِة‪َّ :‬‬
‫ت؟ قَا َل‪ :‬بَلَى‪ ،‬ولَ ِك ِنّي‬ ‫ْت ِفيما ِشئْ َ‬ ‫الز ْرعِ‪ ،‬فَقَا َل له‪ :‬ألَس َ‬ ‫ال َجنَّ ِة ا ْست َأْذَنَ َر َّبهُ في َّ‬
‫ف َن َباتُهُ وا ْس ِت َواؤُ هُ وا ْستِحْ َ‬
‫صا ُدهُ‪ ،‬فَكانَ‬ ‫ع‪ ،‬قَا َل‪ :‬فَ َبذَ َر‪َ ،‬ف َبا َد َر َّ‬
‫الط ْر َ‬ ‫أن ْ‬
‫أز َر َ‬ ‫أ ُ ِحبُّ ْ‬
‫الجبَا ِل‪ ،‬فيَقو ُل اللَّهُ‪ :‬دُون ََك يا ابْنَ آ َد َم‪ ،‬فإنَّه ال يُ ْش ِبعُ َك شي ٌء‪ ،‬فَقَا َل‬ ‫ْأمثَا َل ِ‬
‫ع‪ ،‬وأ َ َّما‬
‫اب زَ ْر ٍ‬ ‫اريًّا‪ ،‬فإنَّ ُه ْم أ ْ‬
‫ص َح ُ‬ ‫ص ِ‬‫ي‪ :‬واللَّ ِه ال ت َِج ُدهُ َّإال قُ َر ِشيًّا‪ْ ،‬أو أ ْن َ‬
‫اَلع َْرابِ ُّ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم"‬
‫ي َ‬ ‫ب زَ ْرعٍ‪َ ،‬ف َ‬
‫ض ِح َك النب ُّ‬ ‫نَحْ ُن فَلَ ْسنَا بأ َ ْ‬
‫ص َحا ِ‬
‫فان‪.‬‬
‫هان َم ْع ُرو ِ‬
‫وال﴾ ِفي ِه وجْ ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬كانَ َ‬
‫على َربِّ َك و ْعدًا َم ْسئ ُ ً‬

‫أن ال ُمؤْ ِمنِينَ كانُوا يَسْألُو َنهُ‪َ ،‬‬


‫﴿ربَّنا وآ ِتنا ما‬ ‫أن َم ْعنى َك ْونِ ِه َم ْسئ ُ ً‬
‫وال َّ‬ ‫أ َح ُد ُهما‪َّ :‬‬
‫الميعا َد﴾‬
‫ف ِ‬ ‫س ِل َك وال ت ُ ْخ ِزنا َي ْو َم ال ِقيا َم ِة إنَّ َك ال ت ُ ْخ ِل ُ‬ ‫ع ْدت َنا َ‬
‫على ُر ُ‬ ‫و َ‬
‫ع ْد ٍن َّالتِي و َ‬
‫ع ْدت َ ُه ْم﴾‬ ‫﴿ربَّنا وأ ْد ِخ ْلهم َجنّا ِ‬
‫ت َ‬ ‫ت ال َمالئِ َكةُ أ ْي ً‬
‫ضا تَسْألُهُ لَهم َ‬ ‫وكانَ ِ‬

‫‪503‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب‬ ‫ع َد اللَّهُ ِب ِه ِ‬
‫واج ُ‬ ‫واجبًا؛ َِل َّن ما و َ‬
‫أي ِ‬ ‫ماء‪َ :‬م ْسئ ُ ً‬
‫وال‪ْ :‬‬ ‫ض العُلَ ِ‬
‫وقا َل َب ْع ُ‬
‫﴿وكانَ َحقًّا َعلَيْنا نَ ْ‬
‫ص ُر‬ ‫الميعا َد‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫ف ِ‬ ‫الوقُ ِ‬
‫وع‪َِ ،‬لنَّهُ ال يُ ْخ ِل ُ‬ ‫ُ‬
‫ال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬
‫ضلَ ْلت ُ ْم‬
‫ُون اللَّ ِه َفيَقُو ُل أأ ْنت ُ ْم أ ْ‬
‫ش ُرهم وما يَ ْعبُدُونَ ِمن د ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ويَ ْو َم َيحْ ُ‬
‫ف العُلَما ُء في ال َم ْعبُودِينَ ‪ .‬فَقا َل‬ ‫ضلُّوا ال َّسبِي َل﴾ ْ‬
‫اخت َ َل َ‬ ‫الء أ ْم هم َ‬ ‫ِعبادِي هَؤُ ِ‬
‫ض ُه ُم‪ :‬ال ُمرا ُد ِب ِه ُم العُقَال ُء َواَل ْ‬
‫صنا ُم‪.‬‬ ‫َب ْع ُ‬
‫نام‪ .‬إي ال َمالئِ َكةُ‬
‫ص ِ‬ ‫وص العُ َق ِ‬
‫الء‪ ،‬دُونَ اَل ْ‬ ‫ص ُ‬‫ض ُه ُم ال ُمرا ُد بِ ِهم ُخ ُ‬
‫َوقا َل بَ ْع ُ‬
‫عزَ ي ٌْر‪ ،‬والصالحون الذين عبدوا من دون الله وهم غا ِفلُونَ َ‬
‫ع ْن‬ ‫و ِعيسى و ُ‬
‫ت و ِليُّنا ِمن دُونِ ِه ْم‬ ‫ع َب َدهم‪َ .‬كما قا َل في ال َمالئِ َك ِة‪﴿ :‬قالُوا ُ‬
‫سبْحان ََك أ ْن َ‬ ‫ِعبا َدةِ َمن َ‬
‫على‬ ‫الج َّن أ ْكث َ ُرهم بِ ِه ْم ُمؤْ ِمنُونَ ﴾ وقا َل في ِعيسى َ‬
‫ع َل ْي ِه و َ‬ ‫بَ ْل كانُوا يَ ْعبُدُونَ ِ‬
‫اس‬ ‫ت قُ ْل َ‬
‫ت ِلل ّن ِ‬ ‫﴿وإ ْذ قا َل اللَّهُ يا ِعيسى ابْنَ َم ْر َي َم أأ ْن َ‬
‫سال ُم‪َ :‬‬‫صالة ُ وال َّ‬ ‫نَ ِب ِيّنا ال َّ‬
‫ُون اللَّ ِه قا َل ُ‬ ‫ُ‬
‫واب ال َمالئِ َك ِة و َج ُ‬
‫واب‬ ‫سبْحان ََك} و َج ُ‬ ‫ي إلَ َهي ِْن ِمن د ِ‬‫ات َّ ِخذُونِي وأ ِّم َ‬
‫قان َه ِذ ِه‪.‬‬‫ب ال َم ْعبُودِينَ في آيَ ِة الفُ ْر ِ‬ ‫ِعيسى ِكال ُهما َشبِيهٌ بِ َجوا ِ‬
‫أي يُ ْش ِر ْك‬
‫ظ ِل ْم ِمنكم ْ‬ ‫يرا﴾ و َمن َي ْ‬ ‫ظ ِل ْم ِمنكم نُ ِذ ْقهُ َ‬
‫عذا ًبا َك ِب ً‬ ‫﴿و َمن َي ْ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ظ ْل ٌم َع ِظي ٌم﴾‬
‫ش ْر َك لَ ُ‬ ‫بِاللَّ ِه‪ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َّ :‬‬
‫﴿إن ال ِ ّ‬

‫‪504‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪:‬‬ ‫﴿وقا َل الَّذِينَ ال َي ْر ُجونَ ِلقا َءنا لَ ْوال أُنز َل َ‬


‫علَ ْينَا ْال َمالئِ َكةُ﴾ أ َ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫اء‪َ ،‬ك َما أ َ ْخ َب َر َ‬
‫ع ْن ُه ْم ت َ َعالَى {بَ ۡل يُ ِري ُد ُك ُّل ٱ ۡم ِر ࣲئ‬ ‫علَى ْاَل َ ْن ِبيَ ِ‬ ‫سالَ ِة َك َما نُ ِ ّز َل َ‬
‫الر َ‬
‫بِ ِ ّ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ش َرة} َويُحْ ت َ َم ُل أَ ْن َي ُكونَ ُم َرا ُد ُه ْم هَا ُهنَا‪﴿ :‬لَ ْوال أُنز َل‬ ‫ِّم ۡن ُه ۡم أَن يُ ۡؤت َٰى ُ‬
‫ص ُحفا ُّم َن َّ‬
‫الل ِه‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِهم {لَ ۡو َ ۤال‬
‫سو ُل َّ‬ ‫علَ ْينَا ْال َمالئِ َكةُ﴾ فَن ََرا ُه ْم َ‬
‫عيَانًا‪ ،‬فَيُ ْخ ِب ُرونَا أَ َّن ُم َح َّمدًا َر ُ‬ ‫َ‬
‫ࣱ‬
‫نز َل إِلَ ۡي ِه َملَك فيَكونَ َمعَهُۥ نَ ِذي ًرا}‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أُ ِ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬ي ْو َم َي َر ْونَ ال َمال ِئ َكةَ ال بُ ْشرى َي ْو َم ِئ ٍذ ِل ْل ُمجْ ِر ِمينَ و َيقُولُونَ ِحجْ ًرا‬
‫ْف إذا‬‫ضار ِه ْم كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬فَ َكي َ‬ ‫ورؤْ يَتُهم ِل ْل َمالئِ َك ِة ت َ ُك ُ‬
‫ون ِع ْن َد احْ تِ ِ‬ ‫ورا﴾ ُ‬‫َمحْ ُج ً‬
‫ت ََوفَّتْ ُه ُم ال َمالئِ َكةُ َيض ِْربُونَ ُو ُجوهَهم وأ ْد َ‬
‫بار ُه ْم﴾ وت َ ُك ُ‬
‫ون يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة‪.‬‬
‫﴿إن الَّذِينَ قالُوا َربُّنا اللَّهُ ث ُ َّم ا ْست َقا ُموا تَتَن ََّز ُل‬
‫أما المؤمنون فعنهم قال الله َّ‬
‫علَ ْي ِه ُم ال َمالئِ َكةُ ّأال ت َخافُوا وال تَحْ زَ نُوا وأ ْب ِش ُروا بِال َجنَّ ِة الَّتِي ُك ْنت ُ ْم تُو َ‬
‫عدُونَ ﴾‬ ‫َ‬
‫أي َحرا ًما‬ ‫الم ال ُكفّ ِ‬
‫ار‪ْ ،‬‬ ‫﴿و َيقُولُونَ ِحجْ ًرا َمحْ ُج ً‬
‫ورا﴾ قيل إنَّهُ ِمن َك ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َعالى‪َ .‬‬
‫سوءٍ ‪.‬‬
‫سونا ِب ُ‬ ‫علَيْكم ْ‬
‫أن ت َ َم ُّ‬ ‫ُم َح َّر ًما َ‬
‫أن ت َ ُكونَ ِل ْل ُكفّ ِ‬
‫ار اليَ ْو َم بُ ْشرى‪،‬‬ ‫أي َحرا ًما ُم َح َّر ًما ْ‬
‫وقيل إنه من كالم المالئكة ْ‬
‫أن يُ ْغفَ َر لَهم‪ْ ،‬أو َي ْد ُخلُونَ ال َجنَّةَ‪.‬‬
‫ْأو ْ‬
‫ورا﴾ َلنهم‬ ‫ع ِملُوا ِمن َع َم ٍل فَ َج َع ْلناهُ هَبا ًء َمنث ُ ً‬ ‫﴿وقَد ِْمنا إلى ما َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ط َع ۡن ُهم َّما َكانُ ۟‬
‫وا‬ ‫{ولَ ۡو أ َ ۡش َر ُك ۟‬
‫وا لَ َحبِ َ‬ ‫أشركوا وهكذا كل عمل فيه شرك‪ .‬كقوله َ‬
‫ع َملُ َك َولَت َ ُكون ََّن ِمنَ ٱ ۡل َخ ٰـ ِس ِرينَ }‬ ‫َيعۡ َملُونَ } وقوله {لَ ِٕى ۡن أ َ ۡش َر ۡك َ‬
‫ت َل َي ۡح َب َ‬
‫ط َّن َ‬
‫س ُن َم ِق ً‬
‫يال﴾‬ ‫حاب ال َجنَّ ِة يَ ْو َمئِ ٍذ َخي ٌْر ُم ْستَقَ ًّرا وأحْ َ‬
‫ص ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أ ْ‬

‫‪505‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ساب أ ْه ِل ال َجنَّ ِة َي ِس ٌ‬
‫ير‪،‬‬ ‫ض ال ُعلَ ِ‬
‫ماء ِمن َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪َّ :‬‬
‫أن ِح َ‬ ‫ا ْست َ ْن َب َ‬
‫ط َب ْع ُ‬
‫أي َمكانَ َق ْيلُولَ ٍة‬ ‫يال‪ْ :‬‬ ‫أن قَ ْولَهُ‪َ :‬م ِق ً‬
‫ووجْ هُ ذَ ِل َك َّ‬
‫َهار‪َ ،‬‬ ‫فن ٍ‬ ‫وأنَّهُ َي ْنت َ ِهي في نِ ْ‬
‫ص ِ‬
‫هار‪ ،‬قالُوا‪ :‬وهَذا الَّذِي فُ ِه َم ِمن َه ِذ ِه اآل َي ِة‬ ‫ف ال َّن ِ‬
‫ص ِ‬‫وهي ِاال ْس ِترا َحةُ في ِن ْ‬
‫ُ‬
‫ف‬
‫س ْو َ‬ ‫ال َك ِري َم ِة‪ ،‬جا َء َبيانُهُ في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬فَأ ّما َمن أوتِ َ‬
‫ي ِكتا َبهُ ِبيَ ِمينِ ِه فَ َ‬
‫﴿ويَ ْن َق ِل ُ‬
‫ب إلى أ ْه ِل ِه َمس ُْر ً‬
‫ورا﴾‬ ‫يرا﴾ َ‬
‫ب ِحسابًا يَ ِس ً‬‫س ُ‬ ‫يُحا َ‬
‫} َال َي ۡح ُزنُ ُه ُم ٱ ۡلفَزَ ُ‬
‫ع ٱ َۡل َ ۡك َب ُر{‬
‫{لّ َم ِن ٱ ۡل ُم ۡلكُ ٱ ۡل َي ۡو َم ِللَّ ِه ٱ ۡل َو ⁠ٰ ِح ِد ٱ ۡلقَ َّه ِ‬
‫ار}‬ ‫قوله {ٱ ۡل ُم ۡلكُ َي ۡو َم ِٕى ٍذ ٱ ۡل َح ُّق ِل َّ‬
‫لر ۡح َم ٰـ ٰۚ ِن} كقوله ِ‬
‫س ِبيال يَا َو ْيلَت َى لَ ْيتَنِي َل ْم أَت َّ ِخ ْذ فُال ًنا َخ ِليال﴾‬ ‫سو ِل َ‬ ‫الر ُ‬ ‫﴿يَا َل ْيتَنِي ات َّ َخ ْذتُ َم َع َّ‬
‫دين خلي ِل ِه فلينظر أحدُكم من يخا ِل ْل"‬
‫قال صلى الله عليه وسلم "المر ُء على ِ‬
‫حسنه اَللباني‪.‬‬
‫ي‪ ".‬حسنه اَللباني‪.‬‬ ‫يأكل طعا َمك إال تق ٌّ‬ ‫ْ‬ ‫وقال "ال تصاحبْ إال مؤمنًا ‪ ،‬وال‬
‫وال﴾ كما قال تعالى عنه { َّم ۤا أَن َ۠ا ِب ُمصۡ ِر ِخ ُك ۡم‬ ‫سان َخذُ ً‬ ‫ْطان ِل ْْل ْن ِ‬
‫شي ُ‬ ‫قوله ﴿وكانَ ال َّ‬
‫ون ِمن قَ ۡب ٰۗ ُل ِإ َّن ٱ َّ‬
‫لظ ٰـ ِل ِمينَ } { َك َمث َ ِل‬ ‫ی ِإنِّی َكفَ ۡرتُ ِب َم ۤا أ َ ۡش َر ۡكت ُ ُم ِ‬‫َو َم ۤا أَنتُم ِب ُمصۡ ِر ِخ َّ‬
‫ࣱ‬
‫َاف ٱ َّللهَ‬
‫نك ِإنِّ ۤی أَخ ُ‬ ‫س ٰـ ِن ٱ ۡكفُ ۡر فَلَ َّما َكفَ َر قَا َل ِإنِّی بَ ِر ۤیء ِّم َ‬ ‫ْلن َ‬ ‫ط ٰـ ِن ِإ ۡذ قَا َل ِل ۡ ِ‬ ‫ش ۡي َ‬
‫ٱل َّ‬
‫َربَّ ٱ ۡل َع ٰـ َل ِمينَ }‬
‫ࣰ‬
‫وا َه ٰـ َذا ٱ ۡلقُ ۡر َءانَ َمهۡ ُجورا﴾‬ ‫سو ُل َي ٰـ َربّ ِ ِإ َّن َق ۡو ِمی ٱت َّ َخذُ ۟‬ ‫لر ُ‬ ‫﴿و َقا َل ٱ َّ‬ ‫َ‬
‫قال ابن القيم رحمه الله‪ :‬هجر القُ ْرآن أ ْنواع‪:‬‬
‫سماعه واْليمان ِب ِه واْلصغاء إلَيْه‪.‬‬
‫‪.‬أحدها هجر َ‬
‫والثّانِي هجر ال َع َمل بِ ِه ُ‬
‫والوقُوف عند َحالله و َحرامه وإن قَ َرأهُ وآمن بِ ِه‪.‬‬
‫‪506‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫والثّا ِلث هجر تحكيمه والتحاكم إلَ ْي ِه في أ ُ‬


‫صول الدّين وفروعه‪ ،‬واعتقاد أنه ال‬
‫صل العلم‪.‬‬
‫يُ ِفيد اليَ ِقين وأن أدلته لفظية ال تح ّ‬
‫والرا ِبع هجر تدبّره وتف ّهمه و َم ْع ِرفَة ما أرا َد ال ُمت َ َكلّم ِب ِه ِمنهُ‪.‬‬
‫ّ‬
‫والخامس هجر ِاال ْستِ ْشفاء والتداوي ِب ِه في َج ِميع أمراض القلب وأدوائها‬
‫ِ‬
‫فيطلب ِشفاء دائه من غَيره‪ ،‬ويهجر التَّدا ِوي بِ ِه وكل هَذا داخل في قَ ْوله‬
‫ورا﴾‬ ‫إن قَ ْو ِمي ات َّ َخذُوا هَذا القُ ْرآنَ َم ْه ُج ً‬ ‫سو ُل يا َربّ ِ َّ‬ ‫الر ُ‬‫﴿وقا َل َّ‬ ‫َ‬
‫ت بِ ِه فُ َؤا َد َك َو َرت َّ ْلنَاهُ ت َْرتِيال﴾ ‪ .‬قَا َل قَتَا َدةُ‪َ :‬وبَيَّ َّناهُ ت َ ْب ِيينًا‪.‬‬‫قوله ﴿ ِلنُثَبِّ َ‬
‫نزل أو َل ما أُنز َل جملةً واحدة ً ثم نزل‬
‫وقال ابن عباس أنه قال أن القرآنَ أ ُ ِ‬
‫بع َد ذلك ُمنَ َّج ًما‪.‬‬
‫ض ُّل َسبِيال﴾ ‪،‬‬ ‫علَى ُو ُجو ِه ِه ْم ِإلَى َج َه َّن َم أُولَئِ َك ش ٌَّر َم َكانًا َوأَ َ‬
‫﴿الَّذِينَ يُحْ ش َُرونَ َ‬
‫ْف يُحْ ش َُر ْال َكا ِف ُر‬
‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬كي َ‬ ‫ع ْن أَن ٍَس‪ :‬أ َ َّن َر ُج ًال قَا َل‪َ :‬يا َر ُ‬‫ص ِحيحين‪َ ،‬‬ ‫َو ِفي ال َّ‬
‫علَى َوجْ ِه ِه يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة؟ فَقَا َل‪ِ " :‬إ َّن الَّذِي أ َ ْمشَاهُ َ‬
‫علَى ِرجْ لَ ْي ِه قَاد ٌِر أ َ ْن يُم ِشيَه‬ ‫َ‬
‫علَى َوجْ ِه ِه يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة"‬
‫َ‬
‫﴿و َك ْم أ َ ْهلَ ْكنَا ِمنَ ْالقُ ُر ِ‬
‫ون ِم ْن َب ْع ِد‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وقُ ُرونًا َبيْنَ ذَ ِل َك َك ِث ً‬
‫يرا﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫نُوحٍ﴾‬
‫س ْو ِء﴾ يَ ْعنِي‪ :‬قَ ْو َم لُوطٍ ‪،‬‬ ‫علَى ْالقَ ْريَ ِة الَّتِي أ ُ ْم ِط َر ْ‬
‫ت َم َ‬
‫ط َر ال َّ‬ ‫﴿ولَقَ ْد أَت َْوا َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ص ِب ِحينَ * َو ِب َّ‬
‫الل ْي ِل أَفَال‬ ‫علَ ْي ِه ْم ُم ْ‬
‫﴿و ِإنَّ ُك ْم َلت َ ُم ُّرونَ َ‬
‫سدُو ُم كما قَا َل تعالى َ‬
‫ي َ‬ ‫َو ِه َ‬
‫ت َ ْع ِقلُونَ ﴾‬

‫‪507‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ً‬
‫وال *‬ ‫ث اللَّهُ َر ُ‬ ‫إن َيت َّ ِخذُون ََك ّإال ُه ُز ًوا أهَذا الَّذِي َب َع َ‬
‫﴿وإذا َر ْأو َك ْ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ط َلقَ ال َم َأل ُ ِمنهم‬
‫علَيْها﴾ كقوله ﴿وا ْن َ‬ ‫صبَ ْرنا َ‬
‫أن َ‬ ‫ضلُّنا َ‬
‫ع ْن آ ِل َهتِنا لَ ْوال ْ‬ ‫إن كا َد لَيُ ِ‬
‫ْ‬
‫على آ ِل َه ِت ُك ْم﴾‬
‫ص ِب ُروا َ‬ ‫أن ْام ُ‬
‫شوا وا ْ‬ ‫ِ‬
‫ش ْيءٍ َو َرآهُ َح َسنًا فِي‬ ‫سنَ ِم ْن َ‬ ‫ي‪َ :‬م ْه َما ا ْستَحْ َ‬‫ْت َم ِن ات َّ َخ َذ ِإلَ َههُ ه ََواهُ﴾ أَ ْ‬
‫﴿أ َ َرأَي َ‬
‫ع َم ِل ِه‬ ‫ه ََوى نَ ْف ِس ِه‪َ ،‬كانَ دينَه ومذهبَه‪َ ،‬ك َما قَا َل تَعَالَى‪﴿ :‬أَفَ َم ْن ُزيِّنَ لَهُ ُ‬
‫سو ُء َ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬
‫س َك َ‬ ‫فَ َرآهُ َح َسنًا فَإ ِ َّن اللَّهَ يُ ِ‬
‫ض ُّل َم ْن َيشَا ُء َو َي ْهدِي َم ْن َيشَا ُء فَال ت َ ْذهَبْ نَ ْف ُ‬
‫س َراتٍ﴾‬
‫َح َ‬
‫الر ُج ُل فِي ْال َجا ِه ِل َّي ِة يَ ْعبُ ُد ْال َح َج َر ْاَل َ ْبيَ َ‬
‫ض زَ َمانًا‪ ،‬فَإِذَا‬ ‫َّاس‪َ :‬كانَ َّ‬
‫عب ٍ‬‫قَا َل اب ُْن َ‬
‫ع َب َد الثَّانِي َوت ََر َك ْاَل َ َّو َل‪.‬‬ ‫غي َْرهُ أَحْ َ‬
‫سنَ ِم ْنهُ َ‬ ‫َرأَى َ‬
‫{وقَالُ ۟‬
‫وا لَ ۡو ُكنَّا‬ ‫أن أ ْكث َ َرهم يَ ْس َمعُونَ ْأو يَ ْع ِقلُونَ } كقوله َ‬ ‫ب َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أ ْم تَحْ َ‬
‫س ُ‬
‫س ِعي ِر}‬ ‫ن َۡس َم ُع أ َ ۡو نَعۡ ِق ُل َما ُكنَّا ِف ۤی أَصۡ َح ٰـ ِ‬
‫ب ٱل َّ‬
‫ْراف“‪:‬‬
‫ورةِ ”اَلع ِ‬ ‫س َ‬ ‫يال﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى في ُ‬ ‫ض ُّل َس ِب ً‬ ‫إن هم ّإال كاَل ْن ِ‬
‫عام بَ ْل هم أ َ‬ ‫{ ْ‬
‫الج ِّن واْل ْن ِس لَهم قُلُ ٌ‬
‫وب ال يَ ْفقَ ُهونَ بِها ولَهم‬ ‫﴿ولَقَ ْد ذَ َرأْنا ِل َج َهنَّ َم َكثِ ً‬
‫يرا ِمنَ ِ‬ ‫َ‬
‫آذان ال َي ْس َمعُونَ ِبها أُو َل ِئ َك كاَل ْن ِ‬
‫عام َب ْل هم أ َ‬
‫ض ُّل‬ ‫ْص ُرونَ ِبها و َلهم ٌ‬ ‫أ ْعيُ ٌن ال يُب ِ‬
‫أُولَئِ َك ُه ُم الغافِلُونَ ﴾‬
‫ࣰ‬
‫س َو ۤاء}‬ ‫ُّوا لَ ۡو ت َۡكفُ ُرونَ َك َما َكفَ ُر ۟‬
‫وا فَت َ ُكونُونَ َ‬ ‫{ود ۟‬‫فال تغتر بهم َ‬
‫طلُوعِ ْالفَجْ ِر ِإلَى‬
‫الظ َّل﴾ قال الجمهور " ُه َو َما َبيْنَ ُ‬ ‫ْف َم َّد ِ ّ‬‫﴿أ َ َل ْم ت ََر ِإ َلى َر ِبّ َك َكي َ‬
‫طلُوعِ ال َّ‬
‫ش ْم ِس"‬ ‫ُ‬

‫‪508‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورا﴾ َك َما فِي َ‬


‫ص ِحيحِ‬ ‫اس ِإال ُكفُ ً‬ ‫ص َّر ْفنَاهُ َب ْينَ ُه ْم ِل َيذَّ َّك ُروا فَأ َ َبى أ َ ْكث َ ُر النَّ ِ‬
‫﴿ولَقَ ْد َ‬
‫َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل َِل َ ْ‬
‫ص َحا ِب ِه‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫ُم ْس ِل ٍم‪ ،‬من حديث زيد بن خالد الجهني َ‬
‫صا َبتْ ُه ْم ِمنَ اللَّ ْي ِل‪" :‬أَت َ ْد ُرونَ َماذَا قَا َل َربُّ ُك ْم" َقالُوا‪ :‬اللَّهُ‬
‫س َماءٍ أ َ َ‬
‫علَى أَث َ ِر َ‬
‫يوماً‪َ ،‬‬
‫صبَ َح ِم ْن ِع َبادِي ُمؤْ ِم ٌن ِبي َو َكافِ ٌر‪ ،‬فَأ َ َّما َم ْن قَا َل‪:‬‬ ‫سولُهُ أ َ ْعلَ ُم‪ .‬قَا َل‪" :‬قَا َل‪ :‬أَ ْ‬
‫َو َر ُ‬
‫اك ُمؤْ ِم ٌن بِي َكافِ ٌر بِ ْال َك ْو َك ِ‬
‫ب‪َ .‬وأ َ َّما َم ْن قَا َل‪:‬‬ ‫ض ِل َّ‬
‫الل ِه َو َرحْ َمتِ ِه فَذَ َ‬ ‫ُم ِط ْرنَا بِفَ ْ‬
‫ب"‬ ‫اك َكا ِف ٌر ِبي‪ُ ،‬مؤْ ِم ٌن ِب ْال َك ْو َك ِ‬ ‫ُم ِط ْرنَا ِبن َْو ِء َكذَا َو َكذَا‪َ ،‬فذَ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ق َو ْال َمغ ِ‬
‫َار ِ‬ ‫ار ْال َم ْع ُروفَ ِة فِي ْال َمش ِ‬
‫َار ِ‬ ‫﴿و َه َذا ِم ْل ٌح أ ُ َجا ٌج﴾ َوذَ ِل َك َك ْالبِ َح ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س ْب َحانَهُ َوتَعَالَى َما ِل َحةَ ْال َم ِ‬
‫اء‪ِ ،‬لئ ََّال يَحْ ُ‬
‫ص َل‬ ‫ار ال َّسا ِكنَ ِة َخلَقَ َها َّ‬
‫اللهُ ُ‬ ‫فَ ُك ُّل َه ِذ ِه ْالبِ َح ِ‬
‫ض ِب َما َي ُموتُ فِي َها‬‫اء‪ ،‬فَ َي ْف َس ُد ْال ُو ُجو ُد ِبذَ ِل َك‪َ ،‬و ِلئ ََّال تَجْ َوى ْاَل َ ْر ُ‬
‫س َب ِب َها نَت َُن ْال َه َو ِ‬
‫ِب َ‬
‫ان‪َ .‬ولَ َّما َكانَ َما ُؤهَا ِم ْل ًحا َكانَ ه ََوا ُؤهَا َ‬
‫ص ِحي ًحا َو َم ْيتَت ُ َها َ‬
‫طيِّبَة‪.‬‬ ‫ِمنَ ْال َحيَ َو ِ‬
‫اج ًزا‪َ ،‬و ُه َو ال َي َبس ِمنَ ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‪ .‬وقيل‬ ‫﴿و َج َع َل َب ْينَ ُه َما َب ْرزَ ًخا﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬ح ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫حاج ٌز ِمن قُ ْد َرةِ اللَّ ِه ت َعالى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ض َو َما بَ ْينَ ُه َما فِي ِست َّ ِة أَي ٍَّام ث ُ َّم ا ْست ََوى‬
‫اَلر َ‬
‫ت َو ْ‬ ‫وقوله‪﴿ :‬الَّذِي َخلَقَ ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬
‫علَى ْال َع ْر ِش ا ْست ََوى﴾‬ ‫علَى ْال َع ْر ِش﴾ َوقَ ْولُهُ َّ‬
‫﴿الرحْ َم ُن َ‬ ‫َ‬
‫أي عال وارتفع‪ ،‬اتفقت عليه جميع الدالالت من الكتاب والسنة وإجماع‬
‫السلف والفطرة والعقل‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قال اْلمام مالك رحمه الله االستواء معلوم والكيف مجهول واْليمان به‬
‫واجب والسؤال عنه بدعة‪ .‬أما قولهم استولى أو الله موجود فى كل مكان ثم‬
‫موجود بال مكان فهذه عقيدة صفوان وجعد بن درهم كانت من اليهود ثم‬
‫ورثتها المعتزلة ثم اَلشاعرة‪ .‬وكان أبو الحسن اَلشعري معتزليا ثم تاب‬
‫كما بين ذلك في كتبه كاْلبانة‪.‬‬
‫سو َل ِم ُۢن َبعۡ ِد َما ت َ َبيَّنَ لَهُ ٱ ۡل ُه َد ٰى َو َيت َّ ِب ۡع‬
‫لر ُ‬‫ق ٱ َّ‬‫{و َمن يُشَا ِق ِ‬ ‫ش ْي ٌء﴾ َ‬ ‫ْس َك ِمثْ ِل ِه َ‬
‫﴿لَي َ‬
‫صي ًرا}‬ ‫س ۤا َء ۡت َم ِ‬ ‫سبِي ِل ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ نُ َو ِلّ ِهۦ َما ت ََولَّ ٰى َونُصۡ ِل ِهۦ َج َهنَّ َم َو َ‬
‫غ ۡي َر َ‬
‫َ‬
‫وقد بين الشيخ حفظه الله تفاصيلها في أماكن أخر‪.‬‬
‫﴿فَا ْسأ َ ْل ِب ِه َخ ِب ً‬
‫يرا﴾ الخبير هو الله ثم النبي صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة‬
‫رضوان الله عليهم ثم السلف الصالح‬
‫الرحْ َمنَ ‪.‬‬
‫ف َّ‬ ‫الرحْ َم ُن﴾ ؟ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬ال نَ ْع ِر ُ‬ ‫لرحْ َم ِن قَالُوا َو َما َّ‬
‫﴿و ِإذَا ِقي َل لَ ُه ُم ا ْس ُجدُوا ِل َّ‬
‫َ‬
‫الرحْ َم ِن‪َ ،‬ك َما أ َ ْن َك ُروا ذَ ِل َك يَ ْو َم ْال ُح َد ْي ِبيَ ِة‬ ‫س ّمى َّ‬
‫اللهُ ِباس ِْم ِه َّ‬ ‫َو َكانُوا يُ ْن ِك ُرونَ أ َ ْن يُ َ‬
‫الر ِح ِيم" فَقَالُوا‪َ :‬ال نَ ْع ِر ُ‬
‫ف‬ ‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫ي ﷺ ِل ْل َكا ِت ِ‬
‫ب‪" :‬ا ْكتُبْ بِس ِْم اللَّ ِه َّ‬ ‫ِحينَ قَا َل النَّبِ ُّ‬
‫ب‪ِ :‬باس ِْم َك اللَّ ُه َّم؛ َو ِل َهذَا أ َ ْنزَ َل‬‫ت ت َ ْكت ُ ُ‬
‫يم‪َ ،‬ولَ ِك ِن ا ْكتُبْ َك َما ُك ْن َ‬ ‫الرحْ َمنَ َو َال َّ‬
‫الر ِح َ‬ ‫َّ‬
‫عوا َفلَهُ اَل ْس َما ُء ْال ُح ْسنَى﴾‬ ‫الرحْ َمنَ أَيًّا َما ت َ ْد ُ‬
‫عوا َّ‬ ‫عوا اللَّهَ أ َ ِو ا ْد ُ‬‫اللَّهُ‪﴿ :‬قُ ِل ا ْد ُ‬
‫الرحْ َمنَ إِ َّال َرحْ َمانَ ْاليَ َما َمةَ‪ ،‬يَ ْعنُونَ ُم َس ْي ِل َمةَ ْال َكذَّ َ‬
‫اب‪.‬‬ ‫ف َّ‬ ‫وكانوا يقولون َما نَ ْع ِر ُ‬
‫لر ۡح َم ٰـ ُن أَن َۡس ُج ُد ِل َما ت َۡأ ُم ُرنَا َوزَ ا َد ُه ۡم‬ ‫لر ۡح َم ٰـ ِن قَالُ ۟‬
‫وا َو َما ٱ َّ‬ ‫{و ِإذَا قِي َل لَ ُه ُم ٱ ۡس ُجد ۟‬
‫ُوا ِل َّ‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬
‫نُفُورا ۩﴾‬

‫‪510‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قال ابن كثير رحمه الله َوقَ ِد اتَّفَقَ ْالعُلَ َما ُء ‪َ -‬ر ِح َم ُه ُم اللَّهُ ‪َ -‬‬
‫علَى أ َ َّن َه ِذ ِه السَّجْ َدة َ‬
‫ان َم ْش ُروعٌ السجو ُد ِع ْن َدهَا ِلقَ ِ‬
‫ارئِ َها َو ُم ْست َِم ِع َها‪َ ،‬ك َما ُه َو ُمقَ َّر ٌر‬ ‫الَّتِي فِي ْالفُ ْرقَ ِ‬
‫ض ِع ِه‪َ ،‬و َّ‬
‫اللهُ أ َ ْعلَ ُم‪.‬‬ ‫ِفي َم ْو ِ‬
‫ماء بُ ُرو ًجا و َج َع َل فِيها ِسرا ًجا وقَ َم ًرا‬
‫س ِ‬ ‫َبار َك الَّذِي َج َع َل في ال َّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ت َ‬
‫ف العُلَما ُء في ال ُمرا ِد ِبالبُ ُروجِ في اآل َي ِة‪ ،‬فَقا َل بَ ْع ُ‬
‫ضهم‪ :‬هي‬ ‫واخت َ َل َ‬
‫يرا﴾ ْ‬
‫ُّمنِ ً‬
‫ماء ِل ْل َح َر ِس‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫ور في ال َّ‬
‫ص ٌ‬‫ب ال ِعظا ُم وهذا قول الجمهور‪ .‬و ِقي َل هي قُ ُ‬
‫ال َكوا ِك ُ‬
‫ضهم‪ :‬هي منازل الشمس‪.‬‬
‫وقا َل بَ ْع ُ‬
‫ماء بُ ُرو ًجا و َجعَ َل فِيها ِسرا ًجا وقَ َم ًرا‬
‫س ِ‬ ‫َبار َك الَّذِي َجعَ َل في ال َّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ت َ‬
‫ف العُلَما ُء في ال ُمرا ِد ِبالبُ ُروجِ في اآل َي ِة‪ ،‬فَقا َل َب ْع ُ‬
‫ضهم‪ :‬هي‬ ‫واخت َ َل َ‬
‫يرا﴾ ْ‬
‫ُّمنِ ً‬
‫ماء ِل ْل َح َر ِس‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫ور في ال َّ‬
‫ص ٌ‬‫ب ال ِعظا ُم وهذا قول الجمهور‪ .‬و ِقي َل هي قُ ُ‬
‫ال َكوا ِك ُ‬
‫ضهم‪ :‬هي منازل الشمس وهي اثنتى عشرة منزلة وقسموها إلى‬
‫وقا َل َب ْع ُ‬
‫أربعة فصول‪ :‬الربيع والصيف والخريف والشتاء‪ ،‬وخصصوا لكل فصل‬
‫ثالثة بروج‪.‬‬
‫ࣰ‬
‫ْس ْال ُم َرا ُد أَنَّ ُه ْم َي ْم ُ‬
‫شونَ‬ ‫َ‬
‫ض ه َۡو َ َ‬
‫ي‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ا}‬‫ن‬ ‫علَى ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫شونَ َ‬ ‫لر ۡح َم ٰـ ِن ٱلَّ ِذينَ َي ۡم ُ‬
‫﴿و ِع َبا ُد ٱ َّ‬
‫َ‬
‫سيِّ ُد َولَ ِد آ َد َم ﷺ‬
‫صنُّعًا َو ِريَا ًء‪َ ،‬فقَ ْد َكانَ َ‬
‫صانُعِ تَ َ‬‫ضى ِمنَ التَّ َ‬ ‫َك ْال َم ْر َ‬
‫ب" صححه اَللباني"‬ ‫ط من صبَ ٍ‬ ‫إذا مشَى تكفَّأ تكفُّؤً ا كأنَّما ين َح ُّ‬

‫ط َب ُه ُم الجا ِهلُونَ قالُوا َ‬


‫سال ًما﴾‬ ‫﴿وإذا خا َ‬
‫َ‬
‫ع ْنهُ وقالُوا لَنا أعْمالُنا ولَكم أعْمالُكم‬ ‫س ِمعُوا اللَّ ْغ َو أع َْر ُ‬
‫ضوا َ‬ ‫﴿وإذا َ‬
‫كقوله‪َ :‬‬
‫علَ ْي ُك ْم﴾‬
‫سال ٌم َ‬
‫َ‬
‫‪511‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ولقد أمر على اللئيم يسبني * فمضيت ثمت قلت ال يعنيني‬


‫عتِ ِه‪َ ،‬ك َما قَا َل‬ ‫ي‪ :‬فِي ِعبَا َدتِ ِه َو َ‬
‫طا َ‬ ‫﴿والَّذِينَ يَ ِبيتُونَ ِل َربِّ ِه ْم ُ‬
‫س َّجدًا َوقِيَا ًما﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ار ُه ْم َي ْست َ ْغ ِف ُرونَ ﴾ َو َقا َل‬ ‫ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬كانُوا َق ِليال ِمنَ اللَّ ْي ِل َما َي ْه َجعُونَ َو ِباَل ْس َح ِ‬
‫ط َم ًعا َو ِم َّما َرزَ ْقنَا ُه ْم‬
‫اجعِ يَ ْدعُونَ َربَّ ُه ْم خ َْوفًا َو َ‬‫ض ِ‬ ‫ع ِن ْال َم َ‬ ‫﴿ت َت َ َجافَى ُجنُوبُ ُه ْم َ‬
‫يُ ْن ِفقُونَ ﴾‬
‫ص َال ِة‬
‫ص َال ِة‪َ ،‬ب ْع َد ال َّ‬ ‫وكما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة "أَ ْف َ‬
‫ض ُل ال َّ‬
‫ف اللَّ ْي ِل‪ "،‬الحديث‪.‬‬ ‫ال َم ْكتُوبَ ِة‪ ،‬ال َّ‬
‫ص َالة ُ في َج ْو ِ‬
‫{وٱلَّ ِذينَ يُ ۡؤتُونَ َم ۤا َءات ۟‬
‫َوا‬ ‫اب َج َهنَّ َم} َ‬
‫عذَ َ‬ ‫{وٱلَّ ِذينَ يَقُولُونَ َر َّبنَا ٱصۡ ِر ۡف َ‬
‫عنَّا َ‬ ‫َ‬
‫َّوقُلُوبُ ُه ۡم َو ِج َلةٌ أَنَّ ُه ۡم إِلَ ٰى َربِّ ِه ۡم َر ٰ⁠ ِجعُونَ }‬
‫ࣰ‬
‫س ۤا َء ۡت ُم ۡستَقَ ّرا َو ُمقَ ࣰام} قال بعض العلماء‪ :‬ال ُم ْستَقَ ُّر ِل ْلعُصا ِة ِمن‬ ‫قوله { ِإنَّ َها َ‬
‫اْليمان فَإنَّهم يَ ْست َ ِق ُّرونَ فِيها وال يُ ِقي ُمونَ ‪ ،‬واْلقا َمةُ ِل ْل ُكفّ ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أ ْه ِل‬
‫﴿والَّذِينَ ِإذَا أ َ ْنفَقُوا َل ْم يُس ِْرفُوا َولَ ْم َي ْقت ُ ُروا َو َكانَ َبيْنَ َذ ِل َك قَ َوا ًما﴾ َك َما‬
‫َو َق ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ط َها ُك َّل ْال َبس ِ‬
‫ْط فَت َ ْقعُ َد َملُو ًما‬ ‫س ْ‬ ‫﴿وال تَجْ َع ْل َي َد َك َم ْغلُو َلةً ِإلَى ُ‬
‫عنُ ِق َك َوال ت َ ْب ُ‬ ‫قَا َل‪َ :‬‬
‫ورا﴾‬
‫س ً‬‫َمحْ ُ‬
‫س الَّ ِتي َح َّر َم اللَّهُ ِإال‬
‫الل ِه ِإلَ ًها آخ ََر َوال َي ْقتُلُونَ النَّ ْف َ‬‫﴿والَّذِينَ َال َي ْدعُونَ َم َع َّ‬‫َ‬
‫ق َوال يَ ْزنُونَ َو َم ْن يَ ْف َع ْل َذ ِل َك َي ْلقَ أَثَا ًما﴾‬
‫ِب ْال َح ّ ِ‬
‫قوم ُّ‬
‫قط حتى يُع ِلنُوا بِها إال َفشَا ِفيه ُم‬ ‫الفاحشةُ في ٍ‬
‫ِ‬ ‫حديث ابن عمر "لم ت َْظ ِ‬
‫هر‬
‫تكن في أسالفِهم" أخرجه ابن ماجه وغيره‬ ‫الطاعون واَلَوجاعُ التِي لم ْ‬
‫ُ‬
‫وصححه اَللباني‪.‬‬
‫‪512‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وقد بين الشيخ ‪-‬حفظه الله‪ -‬حدود الزنى في سورة النور‪.‬‬


‫صا ِل ًحا﴾‬
‫ع َمال َ‬
‫ع ِم َل َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إال َم ْن ت َ‬
‫َاب َوآ َمنَ َو َ‬
‫ض‬ ‫ص َّح ِة ت َْو َب ِة ْالقَا ِت ِل‪َ ،‬و َال ت َ َع ُ‬
‫ار َ‬ ‫هذه اآلية هي من اآليات التي تستدل َع َلى ِ‬
‫اء‪َِ ،‬ل َ َّن َه ِذ ِه ُمقَيَّ َدة ٌ ِبالت َّ ْوبَ ِة‪ .‬وهذا مذهب أهل السنة‬
‫س ِ‬‫بَ ْينَها َو َبيْنَ آ َي ِة النِّ َ‬
‫والجماعة‪.‬‬
‫ورا َر ِحي ًما﴾ ‪ِ :‬في‬ ‫غف ُ ً‬ ‫ت َو َكانَ َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَأُو َل ِئ َك يُ َب ِ ّد ُل اللَّهُ َس ِيّئ َا ِت ِه ْم َح َ‬
‫سنَا ٍ‬
‫سنَاتٍ﴾ قَ ْو َال ِن‪:‬‬ ‫َم ْعنَى قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬يُبَ ِ ّد ُل اللَّهُ َسيِّئ َاتِ ِه ْم َح َ‬
‫ت‬ ‫ت بِعَ َم ِل ْال َح َسنَاتِ‪ .‬كقوله‪{ .‬إِ َّن ٱ ۡل َح َ‬
‫سنَ ٰـ ِ‬ ‫سيِّئ َا ِ‬
‫ع َم ِل ال َّ‬ ‫أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬أ َنَّ ُه ْم بُ ِ ّدلُوا َم َكانَ َ‬
‫ت } وفي الحديث "وأت ِب ِع الس ِيّئةَ الح َسنةَ‪ ،‬ت َْم ُحها" حسنه اَللباني‪.‬‬ ‫يُ ۡذ ِه ۡبنَ ٱل َّ‬
‫س ِّيـَٔا ٰۚ ِ‬

‫صوحِ‬ ‫ب بِنَ ْف ِس الت َّ ْوبَ ِة ال َّن ُ‬


‫اضيَةَ ت َ ْنقَ ِل ُ‬ ‫ت ْال َم ِ‬
‫س ِّيئ َا ِ‬‫َو ْالقَ ْو ُل الثَّانِي‪ :‬أ َ َّن تِ ْل َك ال َّ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ِ " :‬إ ِنّي‬ ‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ض َ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ذَ ٍ ّر‪َ ،‬ر ِ‬ ‫سنَاتٍ‪َ .‬‬ ‫َح َ‬
‫وال ِإلَى ْال َجنَّ ِة‪:‬‬‫آخ َر أ َ ْه ِل ْال َجنَّ ِة ُد ُخ ً‬ ‫ار‪َ ،‬و ِ‬ ‫ار ُخ ُرو ًجا ِمنَ النَّ ِ‬ ‫آخ َر أَ ْه ِل النَّ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ََلَع ِْر ُ‬
‫َارهَا‪ ،‬قَا َل‪ :‬فَيُقَا ُل لَهُ‪:‬‬
‫صغ ِ‬ ‫سلُوهُ َ‬
‫ع ْن ِ‬ ‫ار ذُنُو ِب ِه َو َ‬
‫يُؤْ ت َى بِ َر ُج ٍل فَيَقُولُ‪ :‬نَ ّحوا ِك َب َ‬
‫ع ِم ْل َ‬
‫ت َي ْو َم َكذَا َو َكذَا َكذَا؟ َف َيقُولُ‪ :‬نَ َع ْم ‪َ -‬ال يستطيع‬ ‫ع ِم ْل َ‬
‫ت َي ْو َم َكذَا َو َك َذا َكذَا‪َ ،‬و َ‬ ‫َ‬
‫سنَةً‪ .‬فَيَقُولُ‪ :‬يَا َربّ ِ‪،‬‬ ‫أن ينكر من ذلك شيئا ‪َ -‬فيُقَالُ‪َ :‬فإ ِ َّن لَ َك ِب ُك ِّل َ‬
‫سيِّئ َ ٍة َح َ‬
‫اجذُهُ‪.‬‬ ‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ َحتَّى بَ َد ْ‬
‫ت ن ََو ِ‬ ‫ع ِم ْلتُ أ َ ْشيَا َء َال أ َ َراهَا هَا ُهنَا"‪ .‬قَا َل‪َ :‬ف َ‬
‫ض ِح َك َر ُ‬ ‫َ‬
‫رواه ُم ْس ِل ٌم‪.‬‬

‫‪513‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َم ًال صا ِل ًحا﴾ يعني‬


‫ع ِم َل َ‬
‫تاب وآ َمنَ و َ‬
‫﴿إال َمن َ‬ ‫قال بعض العلماء في قوله ّ‬
‫صا ِل ًحا﴾ أي‪ :‬من المعاصي والذنوب‬ ‫ع ِم َل َ‬ ‫﴿و َم ْن ت َ‬
‫َاب َو َ‬ ‫من الشرك وفي قوله َ‬
‫التى دون الشرك والتي تقع من عصاة الموحدين‪ .‬أو يعني التوبة النصوحة‪.‬‬
‫وب ِإلَى الل ِه َمتَابًا﴾ قالوا َلن ال‬
‫صا ِل ًحا َفإِنَّهُ يَت ُ ُ‬
‫ع ِم َل َ‬ ‫﴿و َم ْن ت َ‬
‫َاب َو َ‬ ‫وفي قوله َ‬
‫يكون من باب اتحاد الشرط والجزاء يُستحسن أن يُجعل الجملة اَلخيرة أمرا‬
‫أي "فليتب إلى الله"‬
‫ش ْركُ‬‫وا ِك َر ࣰاما} قِي َل‪ُ :‬ه َو ال ِ ّ‬
‫وا بِٱللَّ ۡغ ِو َم ُّر ۟‬
‫ور َو ِإذَا َم ُّر ۟‬
‫لز َ‬‫﴿وٱلَّ ِذينَ َال َي ۡش َهدُونَ ٱ ُّ‬ ‫َ‬
‫ْق‪َ ،‬واللَّ ْغ ُو‪َ ،‬و ْالبَ ِ‬
‫اطلُ‪َ ،‬وقِي َل‪ :‬اللَّ ْه ُو‬ ‫ِب‪َ ،‬و ْال ِفس ُ‬
‫صن َِام‪َ .‬و ِقي َل‪ْ :‬ال َكذ ُ‬
‫َو ِعبَا َدة ُ ْاَل َ ْ‬
‫ي أ َ ْع َيا ُد ْال ُم ْش ِركِينَ ‪ .‬والصواب أنها عام‪.‬‬
‫َو ْال ِغنَا ُء‪َ ،‬و ِقي َل‪ِ :‬ه َ‬
‫ع ْميانًا﴾‬ ‫ع َليْها ُ‬
‫ص ًّما و ُ‬ ‫ت َر ِّب ِه ْم لَ ْم يَ ِخ ُّروا َ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِينَ إذا ذُ ِ ّك ُروا ِبآيا ِ‬
‫الر ِح َم ِن‪ ،‬أنَّهم إذا ذُ ِ ّك ُروا‬
‫ت ِعبا ِد َّ‬ ‫صفا ِ‬ ‫أن ِمن ِ‬ ‫على َّ‬ ‫طو ِقها َ‬ ‫فَقَ ْد َدلَّ ْ‬
‫ت اآلية ِب َمن ُ‬

‫سماعِ‬‫ع ْن َ‬
‫ص ًّما َ‬‫ع َليْها في حا ِل َك ْونِ ِه ْم ُ‬ ‫علَيْها‪ ،‬لَ ْم يَ ِكبُّوا َ‬
‫ت َر ِبّ ِه ْم لَ ْم يَ ِخ ُّروا َ‬ ‫ِبآيا ِ‬
‫ع َليْها ِ‬
‫سامعِينَ ما ِفيها‬ ‫ْصار ِه‪ ،‬بَ ْل هم يَ ُكبُّونَ َ‬ ‫ع ْن إب ِ‬ ‫ع ْميانًا َ‬
‫ق‪ ،‬و ُ‬ ‫ما فِيها ِمنَ ال َح ّ ِ‬
‫ࣰ‬
‫س َّجد}‬ ‫علَ ۡي ِه ۡم َي ِخ ُّرونَ ِل ۡأل َ ۡذ َق ِ‬
‫ان ُ‬ ‫ْص ِرينَ لَهُ‪ .‬كقوله { ِإذَا يُ ۡتلَ ٰى َ‬ ‫ق ُمب ِ‬ ‫ِمنَ ال َح ّ ِ‬
‫صبَ ُروا﴾ في حديث أبي سعيد‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أُولَئِ َك يُجْ زَ ْونَ الغُ ْرفَةَ بِما َ‬
‫طا ًء َخي ًْرا وأ َ ْو َس َع‬
‫ع َ‬
‫ي أ َح ٌد َ‬ ‫الخدري رضي الله عنه في الصحيحين "وما أُع ِ‬
‫ْط َ‬
‫صب ِْر"‬
‫ِمنَ ال َّ‬

‫‪514‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫علَ ْي ِه ُم ال َّ‬
‫س َال ُم‪،‬‬ ‫س َال ُم َو َ‬ ‫{ويُلَقَّ ۡونَ فِي َها ت َِحيَّة َو َسلَ ٰـ ًما} {ت َِحيَّت ُ ُه ۡم ِفي َها َ‬
‫سلَ ٰـ ٌم} َفلَ ُه ُم ال َّ‬ ‫َ‬
‫ع َل ْي ُك ْم بما صبرتم‪ ،‬فنعم‬ ‫س َال ٌم َ‬ ‫ب‪َ ،‬‬‫ع َل ْي ِه ْم ِم ْن ُك ِّل بَا ٍ‬ ‫فَإ ِ َّن ْال َم َالئِ َكةَ يَ ْد ُخلُونَ َ‬
‫َّار‪.‬‬
‫عقبى الد ِ‬
‫ࣱ ࣰ‬
‫سلَ ٰـم قَ ۡوال ِّمن َّر ࣲّ‬
‫ب َّر ِحي ࣲم}‬ ‫ويسمعون التحية من الله { َ‬
‫ض ُّد ما قِي َل في ال ُم ْش ِركِينَ ﴿إنَّها سا َء ْ‬
‫ت‬ ‫َت ُم ْستَقَ ًّرا و ُمقا ًما﴾ هو ِ‬ ‫وقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ح ُ‬
‫سن ْ‬
‫ُم ْستَقَ ًّرا و ُمقا ًما﴾‬
‫ف يَ ُك ُ‬
‫ون ِلزا ًما﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل ما يَ ْعبَأ ُ بِكم َربِّي لَ ْوال دُعاؤُكم فَقَ ْد َكذَّ ْبت ُ ْم فَ َ‬
‫س ْو َ‬
‫ضاف إلى‬
‫ٌ‬ ‫ص َد ِر في قَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬ل ْوال دُعا ُؤ ُك ْم﴾‪ ،‬ه َْل هو ُم‬
‫ف العُلَما ُء في ال َم ْ‬
‫اخت َ َل َ‬
‫ْ‬
‫ضاف إلى فا ِع ِل ِه فال ُمخا َ‬
‫طبُونَ ِباآل َي ِة‬ ‫ٌ‬ ‫على أنَّهُ ُم‬ ‫فا ِع ِل ِه‪ْ ،‬أو إلى َم ْفعُو ِل ِه‪ ،‬و َ‬
‫أي‪ِ :‬عبا َدتُكم لَهُ‪.‬‬‫أي‪﴿ :‬ما يَ ْع َبأ ُ بِكم َربِّي لَ ْوال دُعا ُؤ ُك ْم﴾‪ْ ،‬‬
‫ع ُّوونَ ‪ْ ،‬‬ ‫داعُونَ ‪ ،‬ال َم ْد ُ‬
‫طبُونَ ِباآل َي ِة َم ْد ُ‬
‫ع ُّوونَ ال‬ ‫ضاف إلى َم ْفعُو ِل ِه فال ُمخا َ‬
‫ٌ‬ ‫ص َد َر ُم‬ ‫على َّ‬
‫أن ال َم ْ‬ ‫وأ ّما َ‬
‫على ْأل ِسنَ ِة‬
‫أي‪ :‬ما يَ ْعبَؤُا ِبكم لَ ْوال دُعا ُؤهُ إيّاكم إلى ت َْو ِحي ِد ِه و ِعبا َدتِ ِه َ‬
‫عونَ ‪ْ ،‬‬
‫دا ُ‬
‫سال ُم‪ .‬وهذا قول قتادة ورجحه الشيخ محمد اَلمين‬ ‫علَ ْي ِه ُم ال َّ‬
‫صالة ُ وال َّ‬ ‫س ِل ِه َ‬
‫ُر ُ‬
‫الشنقيطي‪.‬‬
‫أربَ َع ِة أ ْقوا ٍل‪.‬‬
‫على ْ‬ ‫الم أ ْه ِل الت َّ ْف ِس ِ‬
‫ير في َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة يَد ُ‬
‫ُور َ‬ ‫َوا ْعلَ ْم َّ‬
‫أن َك َ‬
‫ص َد ِر فِيها ُمضافًا إلى فا ِع ِل ِه‪.‬‬ ‫وأن ثَالثَةً ِمنَها َم ْبنِيَّةٌ َ‬
‫على َك ْو ِن ال َم ْ‬

‫سورة الشعراء مكية‬


‫‪515‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س َك أ َ َّال يَ ُكونُ ۟‬ ‫ࣱ‬


‫علَى آث َِ‬
‫ار ِه ْم‬ ‫س َك َ‬ ‫وا ُم ۡؤ ِمنِينَ } كقوله ﴿ َفلَ َعلَّ َك بَ ِ‬
‫اخ ٌع نَ ْف َ‬ ‫{لَ َعلَّ َك بَ ٰـ ِخع نَّ ۡف َ‬
‫ِإ ْن َل ْم يُؤْ ِمنُوا ِب َهذَا ْال َحدِي ِ‬
‫ث أَ َ‬
‫س ًفا﴾‬
‫ظ َّل ْ‬
‫ت أ َ ْعنَاقُ ُه ْم لَ َها‬ ‫اء آيَةً فَ َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم ِمنَ ال َّس َم ِ‬ ‫قوله تعالى‪ِ ﴿ :‬إ ْن نَشَأ ْ نُ ْ‬
‫نزل َ‬
‫وا َم ۤا‬
‫ور ُخذُ ۟‬ ‫لط َ‬ ‫{و َرفَعۡ نَا فَ ۡوقَ ُك ُم ٱ ُّ‬‫َاض ِعينَ ﴾ كما قال تعالى عن بني إسرائيل َ‬ ‫خ ِ‬
‫وا َما ِفي ِه لَ َعلَّ ُك ۡم} ولكن أعطى الله عبده مشيئة بها يقدر‬ ‫َءات َ ۡينَ ٰـ ُكم ِبقُ َّوةࣲ َوٱ ۡذ ُك ُر ۟‬
‫على اْليمان والكفر‪ ،‬والخير والشر‪ ،‬فمن آمن فقد وفق للصواب‪ ،‬ومن كفر‬
‫فقد قامت عليه الحجة‪﴿ .‬فَ َم ْن شَا َء فَ ْليُؤْ ِم ْن َو َم ْن شَا َء فَ ْليَ ْكفُ ْر﴾‬
‫سانِي‬ ‫ص ْد ِري َوال َي ْن َ‬
‫ط ِل ُق ِل َ‬ ‫ض ُ‬
‫يق َ‬ ‫َاف أ َ ْن يُ َك ِ ّذبُ ِ‬
‫ون * َو َي ِ‬ ‫﴿ قَا َل َربّ ِ ِإنِّي أَخ ُ‬
‫سأ َ َل ِمنَ‬ ‫ون﴾ َه ِذ ِه أ َ ْعذَ ٌ‬
‫ار َ‬ ‫َاف أ َ ْن يَ ْقتُلُ ِ‬
‫ب فَأَخ ُ‬ ‫علَ َّ‬
‫ي ذَ ْن ٌ‬ ‫فَأ َ ْر ِس ْل ِإلَى ه ُ‬
‫َارونَ * َولَ ُه ْم َ‬
‫سى﴾‬ ‫سؤْ لَ َك َيا ُمو َ‬ ‫ع ْنهُ وقد أعطاه الله مسألته فقال {قَ ْد أُو ِت َ‬
‫يت ُ‬ ‫اللَّ ِه ِإزَ ا َحت َ َها َ‬
‫ع ُم ِر َك ِسنِينَ ‪ ﴾ .‬ت َْر ِبيَةُ فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ‬ ‫قوله‪﴿ :‬أَلَ ْم نُ َر ِبّ َك ِفينَا َو ِليدًا َولَ ِبثْ َ‬
‫ت ِفينَا ِم ْن ُ‬
‫ِل ُموسى َه ِذ ِه َّالتِي ذَ َك َرها َلهُ هي الَّتِي ذُ ِك َر َم ْب َدؤُها في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وقا َل ِ‬
‫ت‬
‫أن َي ْنفَ َعنا ْأو نَت َّ ِخ َذهُ ولَدًا وهم‬ ‫عي ٍْن ِلي ولَ َك ال ت َ ْقتُلُوهُ َ‬
‫عسى ْ‬ ‫ع ْونَ قُ َّرة ُ َ‬
‫ْام َرأة ُ ِف ْر َ‬
‫ال يَ ْشعُ ُرونَ ﴾‬
‫ي اللَّهُ إلَ َّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫وح َ‬
‫أن يُ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل فَ َع ْلتُها إ ًذا وأنا ِمنَ الضّالِّينَ ﴾ ْ‬
‫أي‪َ :‬ق ْب َل ْ‬
‫ع ْن ِع ْل ِم َح ِقيقَ ِة ال ُعلُ ِ‬
‫وم‪.‬‬ ‫وال‪ .‬أو ِمنَ الذّا ِه ِبينَ َ‬
‫س ً‬‫و َي ْب َعثَنِي َر ُ‬

‫‪516‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ َّ‬
‫ي‬ ‫ي ت َ ُم ُّن َ‬‫ت َبنِي ِإسْرائِي َل﴾ أ َ ْ‬ ‫ي أ َ ْن َ‬
‫عبَّ ْد َ‬ ‫﴿وتِ ْل َك نِ ْع َمةٌ ت َ ُمنُّها َ‬
‫علَ َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫س ْ‬
‫ت ِبنِ ْع َمةٍ؟‬ ‫ي لَ ْي َ‬ ‫ت بَنِي ِإس َْرائِي َل َوقَت َْلت َ ُه ْم! أ َ ْ‬ ‫بِأ َ ْن َربَّ ْيتَنِي َو ِليدًا َوأ َ ْن َ‬
‫ت قَ ِد ا ْست َ ْعبَ ْد َ‬
‫ب إ ْذال ِل َب ِني إسْرا ِئي َل إ ْذ أ َم َر ِف ْر َ‬
‫ع ْو ُن ِبا ْس ِتئْصا ِل‬ ‫َت ّإال ِب َ‬
‫س َب ِ‬ ‫أو يعني‪ :‬ما كان ْ‬
‫علَ ْي ِه ْإلقا ُء أ ُ ِ ّم ُموسى ِب ِط ْف ِلها في اليَ ِ ّم‪.‬‬
‫َّب َ‬
‫سب َ‬ ‫ْ‬
‫أطفا ِل َبنِي إسْرائِي َل الَّذِي ت َ َ‬
‫قولهم ﴿أَئِ َّن لَنَا َلجْ ًرا إِ ْن ُكنَّا نَحْ ُن ْالغَا ِل ِبينَ * قَا َل نَعَ ْم َوإِنَّ ُك ْم إِذًا لَ ِمنَ ْال ُمقَ َّربِينَ ﴾‬
‫َص ِم َّما ت َْطلُبُونَ أَجْ َعلُ ُك ْم ِمنَ ْال ُمقَ َّر ِبينَ ِع ْندِي وجلسائي‪ ،‬وكان‬ ‫ي‪َ :‬وأَخ ُّ‬ ‫أَ ْ‬
‫باَلمس يقول "أنا ربكم اَلعلى"‬
‫سى إِ َّما أ َ ْن‬
‫فعاد السحرة إلى مقام المناظرة كما في سورة طه ﴿قَالُوا َيا ُمو َ‬
‫ص َر َهذَا هَا ُهنَا فَقَا َل‬ ‫ي َو ِإ َّما أ َ ْن نَ ُكونَ أ َ َّو َل َم ْن أ َ ْلقَى قَا َل َب ْل أ َ ْلقُوا﴾ َوقَ ِد ْ‬
‫اخت ُ ِ‬ ‫ت ُ ْل ِق َ‬
‫سى‪﴿ :‬أ َ ْلقُوا َما أَ ْنت ُ ْم ُم ْلقُونَ }‬ ‫لَ ُه ْم ُمو َ‬
‫ع ْونَ ِإنَّا لَنَحْ ُن ْالغَا ِلبُونَ ﴾ كما قال‬ ‫{فَأ َ ْلقَ ْوا ِح َبالَ ُه ْم َو ِع ِ‬
‫صيَّ ُه ْم َوقَالُوا ِب ِع َّز ِة ِف ْر َ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬‫اس َوا ْست َْر َهبُو ُه ْم َو َجا ُءوا ِبسِحْ ٍر َ‬ ‫س َح ُروا أ َ ْعيُنَ النَّ ِ‬ ‫تعالى ﴿ َ‬
‫ف َو ََل ُ َ‬
‫ص ِلّ َبنَّ ُك ۡم أ َ ۡج َم ِعينَ } كما قال‬ ‫طعَ َّن أ َ ۡي ِديَ ُك ۡم َوأ َ ۡر ُجلَ ُكم ِّم ۡن ِخلَ ٰـ ࣲ‬ ‫{َل ُ َق ِ ّ‬
‫قوله َ‬
‫ص ِلّ َبنَّ ُك ۡم ِفی ُجذُوعِ ٱلنَّ ۡخ ِل}‬ ‫{و ََل ُ َ‬
‫َ‬
‫علَ ٰى َما‬ ‫وا لَن نُّ ۡؤثِ َر َك َ‬ ‫ض ۡي َر ِإنَّ ۤا ِإلَ ٰى َربِّنَا ُمن َق ِلبُونَ } وكما قالوا {قَالُ ۟‬ ‫وا َال َ‬ ‫{قَالُ ۟‬
‫ضی َه ٰـ ِذ ِه ٱ ۡل َحيَ ٰوة َ‬‫اض إِنَّ َما ت َۡق ِ‬‫نت قَ ٍ‬ ‫ض َم ۤا أ َ َ‬ ‫ط َرنَا فَٱ ۡق ِ‬
‫ت َوٱلَّ ِذی فَ َ‬ ‫َج ۤا َءنَا ِمنَ ٱ ۡلبَ ِّينَ ٰـ ِ‬
‫ٱلد ُّۡن َي ۤا } فمن قتل في سبيل الله ولو كان في بيته فهو شهيد كما ثبت عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ۤ‬
‫س َيهۡ ِدي ِن}‬ ‫{قَا َل َك َّالۤ ِإ َّن َم ِع َ‬
‫ی َر ِبّی َ‬
‫‪517‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفي الصحيحين من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال " ُك ْنتُ مع‬
‫ار ال ُم ْش ِركِينَ ‪ ،‬قُلتُ ‪ :‬يا َرسو َل‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم في الغ ِ‬
‫َار فَ َرأَيْتُ آث َ َ‬ ‫يِ َ‬
‫النب ّ‬
‫ظنُّ َك باثْ َني ِْن َّ‬
‫اللهُ ثَا ِلث ُ ُه َما‪.‬‬ ‫اللَّ ِه‪ ،‬لو َّ‬
‫أن أ َح َد ُه ْم َرفَ َع قَ َد َمهُ َرآنَا‪ ،‬قا َل‪ :‬ما َ‬

‫وقوله {ث ُ َّم أ َ ۡغ َر ۡقنَا ٱ ۡلـَٔاخ َِرينَ } { َحت َّ ٰۤى إِذَ ۤا أَ ۡد َر َكهُ ٱ ۡلغ ََر ُق قَا َل َءا َمنتُ أ َ َّنهُۥ َ ۤال إِلَ ٰـهَ‬
‫ص ۡي َ‬
‫ت‬ ‫إِ َّال ٱلَّ ِذ ۤی َءا َمن َۡت ِب ِهۦ بَنُ ۤو ۟ا إِ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل َوأَن َ۠ا ِمنَ ٱ ۡل ُم ۡس ِل ِمينَ * َء ۤا ۡلـَٔ ٰـنَ َوقَ ۡد َع َ‬
‫نت ِمنَ ٱ ۡل ُم ۡف ِس ِدينَ }‬ ‫قَ ۡب ُل َو ُك َ‬
‫﴿وٱ ۡت ُل َعلَ ۡي ِه ۡم َن َبأ َ ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهي َم * ِإ ۡذ قَا َل َِل َ ِبي ِه َوقَ ۡو ِم ِهۦ َما ت َعۡ بُدُونَ } كقوله { َما‬
‫قوله َ‬
‫َه ٰـ ِذ ِه ٱلت َّ َماثِي ُل ٱلَّتِ ۤی أَنت ُ ۡم لَ َها َ‬
‫ع ٰـ ِكفُونَ }‬
‫ي‪ :‬اجْ َع ْلنِي َم َع ال َّ‬
‫صا ِل ِحينَ فِي ال ُّد ْنيَا َو ْاآل ِخ َرةِ‪َ ،‬ك َما‬ ‫﴿وأ َ ْل ِح ْقنِي بِال َّ‬
‫صا ِل ِحينَ ﴾ أَ ْ‬ ‫َ‬
‫ار‪ " :‬اللَّ ُه َّم َّ‬
‫الر ِفيقَ ْاَل َ ْعلَى" قَالَ َها ث َ َالثًا" رواه‬ ‫ض ِ‬‫ي ﷺ ِع ْن َد ِاالحْ ِت َ‬
‫قَا َل النَّ ِب ُّ‬
‫البخاري ومسلم‬
‫صا ِل ِحينَ ﴾ حتى‬ ‫سنَةً َوإِنَّهُ ِفي ِ‬
‫اآلخ َرةِ لَ ِمنَ ال َّ‬ ‫﴿وآت َ ْينَاهُ فِي ال ُّد ْنيَا َح َ‬
‫َو َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫اليهود والنصارى كانوا يفتخرون به فقال الله { َما َكانَ إِ ۡب َر ٰ⁠ ِهي ُم يَ ُهو ِد ّيا َوالَ‬
‫ۡ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ۡ‬
‫نَصۡ َرا ِنيّا َولَ ٰـ ِكن َكانَ َح ِنيفا ُّم ۡس ِلما َو َما َكانَ ِمنَ ٱل ُمش ِر ِكينَ }‬
‫صلَّى َّ‬
‫اللهُ عليه‬ ‫سو ِل الل ِه َ‬
‫وفي حديث أبي ذر الغفاري عند مسلم "قِي َل ِل َر ُ‬
‫لك‬ ‫الر ُج َل يَ ْع َم ُل العَ َم َل ِمنَ ال َخي ِْر‪َ ،‬ويَحْ َم ُدهُ النَّ ُ‬
‫اس عليه؟ قا َل‪ِ :‬ت َ‬ ‫سلَّ َم‪ :‬أ َ َرأَي َ‬
‫ْت َّ‬ ‫َو َ‬
‫اج ُل بُ ْش َرى ال ُمؤْ ِم ِن"‬
‫ع ِ‬‫َ‬

‫‪518‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض"‬
‫اَلر ِ‬ ‫وفي الصحيحين "أَ ْنت ُ ْم ُ‬
‫ش َه َدا ُء الل ِه في ْ‬
‫﴿وا ْغ ِف ْر َلبِي ِإنَّهُ َكانَ ِمنَ الض َّّالِينَ ﴾ َو َهذَا ِم َّما ر َج َع َ‬
‫ع ْنهُ ِإب َْرا ِهي ُم‪،‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع ْن َم ْو ِع َدةٍ‬
‫يم َل ِبي ِه ِإال َ‬
‫ار ِإب َْرا ِه َ‬‫﴿و َما َكانَ ا ْس ِت ْغفَ ُ‬ ‫س َال ُم‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫َ‬
‫َلواهٌ َح ِلي ٌم﴾‬ ‫عد ٌُّو ِللَّ ِه تَبَ َّرأَ ِم ْنهُ ِإ َّن ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم َّ‬ ‫ع َد َها ِإيَّاهُ َفلَ َّما ت َ َبيَّنَ لَهُ أَنَّهُ َ‬‫َو َ‬
‫ار ِه َِل َ ِبي ِه‪ ،‬فَي قوله‪﴿ :‬قَ ْد َكان ْ‬
‫َت لَ ُك ْم‬ ‫اْل ْل َحاقَ فِي ا ْستِ ْغفَ ِ‬
‫ط َع اللَّهُ تَعَالَى ْ ِ‬‫َوقَ ْد قَ َ‬
‫يم َل ِبي ِه َل ْست َ ْغ ِف َر َّن َل َك﴾‬
‫يم } ثم قال{ ِإال قَ ْو َل ِإب َْرا ِه َ‬ ‫أُس َْوة ٌ َح َ‬
‫سنَةٌ ِفي ِإب َْرا ِه َ‬
‫وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه " َي ْلقَى إبْرا ِهي ُم‬
‫غبَ َرةٌ‪ ،‬فيَقو ُل له إبْرا ِهي ُم‪ :‬أ َل ْم أقُ ْل‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬وعلَى وجْ ِه آزَ َر قَت ََرة ٌ و َ‬
‫أباهُ آزَ َر يَ َ‬
‫يك‪ ،‬ف َيقو ُل إبْرا ِهي ُم‪ :‬يا َربّ ِ إنَّ َك‬
‫ْص َ‬
‫فاليوم ال أع ِ‬
‫َ‬ ‫صنِي‪ ،‬ف َيقو ُل أبُوهُ‪:‬‬ ‫لك ال ت َ ْع ِ‬‫َ‬
‫أخزَ ى ِمن أبِي اَل ْب َعدِ؟ فيَقو ُل‬ ‫ي ِخ ْزي ٍ ْ‬‫وم يُ ْب َعثُونَ ‪ ،‬فأ ُّ‬
‫أن ال ت ُ ْخ ِزيَنِي يَ َ‬
‫ع ْدتَنِي ْ‬ ‫و َ‬
‫اللَّهُ ت َعا َلى‪ :‬إ ِّني َح َّر ْمتُ ال َجنَّةَ علَى الكا ِف ِرينَ ‪ ،‬ث ُ َّم يُقالُ‪ :‬يا إبْرا ِهي ُم‪ ،‬ما تَحْ َ‬
‫ت‬
‫ار‪".‬‬ ‫خ‪ ،‬فيُؤْ َخذُ بقَوائِ ِم ِه فيُ ْلقَى في النَّ ِ‬‫ظ ُر‪ ،‬فإذا هو بذِيخٍ ُم ْلت َِط ٍ‬‫ِرجْ لَي َْك؟ فَيَ ْن ُ‬
‫ࣱ‬
‫ع َّما َكانُوا۟‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سبت ۡم َوال تسـَٔلونَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫{تِ ۡل َك أ ُ َّمة قد َخلت ل َها َما ك َسبَت َولكم َّما ك َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫َيعۡ َملُونَ }‬
‫﴿فَلَ ْو أ َ َّن لَنَا َك َّرةً فَنَ ُكونَ ِمنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬
‫ُوا ِل َما نُ ُه ۟‬
‫وا َع ۡنهُ َو ِإنَّ ُه ۡم َل َك ٰـ ِذبُونَ } ﴿أال يَ ْعلَ ُم َمن َخلَقَ وهو‬ ‫ُّوا لَعَاد ۟‬
‫{ َولَ ۡو ُرد ۟‬
‫ير﴾‬
‫يف ال َخ ِب ُ‬ ‫اللَّ ِط ُ‬
‫طار ِد ال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾ كما مر في اَلنعام‪.‬‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما أنا بِ ِ‬

‫‪519‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ومينَ * قَا َل َربّ ِ ِإ َّن قَ ۡو ِمی‬ ‫وا َل ِٕىن َّل ۡم ت َنت َ ِه َي ٰـنُو ُح َلت َ ُكون ََّن ِمنَ ٱ ۡل َم ۡر ُج ِ‬
‫وقوله ﴿ َقالُ ۟‬
‫ۡ ࣰ‬
‫ی ِمنَ ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ }‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ی‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ج‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ون * فَٱ ۡفت َۡح َب ۡينِی َو َب ۡينَ ُه ۡم فَت َ‬
‫و‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫َكذَّبُ ِ‬
‫ࣱ‬
‫{و َم ۤا َءا َمنَ َم َعهُۥۤ ِإ َّال قَ ِليل}‬
‫لبث فيهم ألف سنة إال خمسين عاما َ‬
‫ّارا﴾‬‫ض ِمنَ الكافِ ِرينَ َدي ً‬ ‫اَلر ِ‬
‫على ْ‬ ‫﴿وقا َل نُو ٌح َربّ ِ ال ت َ َذ ْر َ‬ ‫َ‬
‫صا ِن ُع‪ْ :‬البُ ُرو ُج ْال ُم َشيَّ َدةُ‪،‬‬
‫سلف ْال َم َ‬ ‫صا ِن َع لَعَلَّ ُك ْم ت َْخلُدُونَ ﴾ ‪َ .‬قا َل ال َّ‬ ‫﴿وتَت َّ ِخذُونَ َم َ‬ ‫َ‬
‫ان ْال ُمخَلَّدُ‪{ .‬ٱلَّ ِتی لَ ۡم يُ ۡخلَ ۡق ِم ۡثلُ َها ِفی ٱ ۡل ِبلَ ٰـ ِد}‬
‫َو ْالبُ ْن َي ُ‬
‫ش ُّد ِمنّا قُ َّوةً﴾‬ ‫ط ْشت ُ ْم َب َ‬
‫ط ْشت ُ ْم َجب ِ‬
‫ّارينَ ﴾ وقالوا ﴿ َمن أ َ‬ ‫﴿وإذا بَ َ‬
‫ِين ْاَل َ َّولِينَ ‪َ .‬وهذا تفسير كثير من السلف‬ ‫﴿إِ ْن َه َذا إِال ُخلُ ُق َّ‬
‫اَلولِينَ ﴾ أي‪ :‬د ُ‬
‫َارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير وابن كثير‪.‬‬ ‫َو ْ‬
‫اخت َ‬
‫َّاس‪ ،‬يَ ْعنِي‪َ :‬حا ِذقِينَ ‪.‬‬ ‫ارهِينَ ﴾ قَا َل اب ُْن َ‬
‫عب ٍ‬ ‫﴿وت َ ْن ِحتُونَ ِمنَ ْال ِجبَا ِل بُيُوتًا فَ ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ص ۡخ َر ِبٱ ۡل َوا ِد}‬ ‫{وث َ ُمو َد ٱلَّ ِذينَ َجابُ ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫ع ْنهُ‪ :‬ش َِرهِينَ أ َ ِش ِرينَ ‪َ .‬‬‫َو ِفي ِر َوا َي ٍة َ‬
‫ص ِل ُحونَ }‬
‫ض َوال يُ ْ‬ ‫﴿وال ت ُ ِطيعُوا أ َ ْم َر ْال ُمس ِْرفِينَ ☆ الَّذِينَ يُ ْف ِسدُونَ فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َ‬
‫وهم الرهط التسعة الذين كانوا يفسدون في اَلرض‪ ،‬وال يصلحون من ثمود‬
‫﴿و َكانَ فِي ْال َمدِينَ ِة ِت ْسعَةُ َر ْهطٍ يُ ْف ِسدُونَ‬
‫الذين وصفهم الله ج ّل ثناؤه بقوله‪َ :‬‬
‫ص ِل ُحونَ ﴾‬
‫ض َوال يُ ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫ِفي ْ‬
‫ب الَّذِي ت ََو َّ‬
‫ع َدهم ِب ِه‬ ‫صبَ ُحوا ناد ِِمينَ ﴾ أي‪ :‬لَ ّما َر ْأوا أ ْشرا َ‬
‫ط ال َعذا ِ‬ ‫﴿فَ َعقَ ُروها َفأ ْ‬
‫صا ِل ٌح و ِلذَ ِل َك َل ْم َي ْنفَ ْع ُه ُم النَّ َد ُم‪ .‬وفي الحديث الصحيح "النَّ َد ُم توبةٌ"‬

‫‪520‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِلينَ } لوط عليه السالم كان من أقرباء إبراهيم عليه‬ ‫﴿ َكذَّ َب ۡت قَ ۡو ُم لُوطٍ ٱ ۡل ُم ۡر َ‬
‫يم‪َ ،‬و َكانُوا‬ ‫السالم َو َكانَ اللَّهُ ت َ َعالَى قَ ْد بَ َعثَهُ ِإلَى أ ُ َّم ٍة َ‬
‫ع ِظي َم ٍة فِي َحيَا ِة ِإب َْرا ِه َ‬
‫ُوم" في أردن الَّ ِتي أَ ْهلَ َك َها اللَّهُ ِب َها‪َ ،‬و َج َع َل َم َكانَ َها بُ َحي َْرة ً ُم ْن ِتنَةً‬
‫سد َ‬‫َي ْس ُكنُونَ " َ‬
‫َخ ِبيثَةً‪.‬‬
‫ط لَت َ ُكون ََّن ِمنَ ْال ُم ْخ َر ِجينَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬نَ ْن ِف َ‬
‫يك ِم ْن بَي ِْن‬ ‫قَالُوا‪﴿ :‬لَئِ ْن لَ ْم تَ ْنت َ ِه يَا لُو ُ‬
‫اب َق ْو ِم ِه ِإال أ َ ْن َقالُوا أَ ْخ ِر ُجو ُه ْم ِم ْن‬
‫﴿و َما َكانَ َج َو َ‬ ‫ظ ُه ِرنَا‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫أَ ْ‬

‫قَ ْريَتِ ُك ْم ِإنَّ ُه ْم أُن ٌ‬


‫َاس َيت َ َ‬
‫ط َّه ُرونَ ﴾‬
‫وزا فِي ْالغَابِ ِرينَ ﴾ كقوله‬ ‫قَا َل اللَّهُ تَعَالَى ﴿ َفنَ َّج ْينَاهُ َوأ َ ْه َلهُ أَجْ َمعِينَ * إِال َ‬
‫ع ُج ً‬
‫{فَأَن َج ۡي َن ٰـهُ َوأَ ۡهلَهُ ۤۥ ِإ َّال ٱ ۡم َرأَتَهُۥ َكان َۡت ِمنَ ٱ ۡلغَ ٰـ ِب ِرينَ }‬
‫اْل َما ُم أَبُو َحنِيفَةَ‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ‪ ،‬وغيره‪،‬‬
‫َب ْ ِ‬ ‫ط ًرا﴾ َذه َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم َم َ‬
‫ط ْرنَا َ‬ ‫﴿وأ َ ْم َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ق‪َ ،‬و ُيتْ َب ُع ِب ْال ِح َج َ‬
‫ار ِة َك َما فُ ِع َل ِبقَ ْو ِم لُوطٍ ‪.‬‬ ‫ط يُ ْلقَى ِم ْن شَا ِه ٍ‬ ‫ِإلَى أ َ َّن َّ‬
‫الال ِئ َ‬
‫وعن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من‬
‫وجدتُموه يعم ُل عم َل لوطٍ ‪ ،‬فاقتلوا الفاع َل و المفعو َل به" صححه اَللباني‬
‫وغيره‪.‬‬
‫﴿ولَقَ ْد أَ َ‬
‫ض َّل‬ ‫﴿واتَّقُوا الَّذِي َخلَقَ ُك ْم َو ْال ِجبِلَّةَ َّ‬
‫اَلولِينَ ﴾ أي‪َ :‬خلَقَ ْاَل َ َّولِينَ ‪َ .‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ِم ْن ُك ْم ِجبِال َكثِ ً‬
‫يرا﴾‬
‫ض ُم ْف ِسدِينَ ﴾‬ ‫اس أ ْشيا َءهم وال ت َ ْعث َ ْوا في ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫سوا النّ َ‬ ‫﴿وال تَ ْب َخ ُ‬
‫ࣱ‬
‫اس يَ ۡست َۡوفُونَ * َو ِإ َذا َكالُو ُه ۡم أَو‬
‫علَى ٱلنَّ ِ‬
‫وا َ‬ ‫﴿و ۡيل ِلّ ۡل ُم َ‬
‫ط ِفّ ِفينَ * ٱلَّ ِذينَ ِإذَا ٱ ۡكت َالُ ۟‬ ‫َ‬
‫} َّوزَ نُو ُه ۡم يُ ۡخ ِس ُرونَ‬
‫‪521‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس الذي يُ ِحبُّ أ َ ْن يُؤْ ت َى إلَ ْي ِه"‬ ‫"و ْل َيأْ ِ‬


‫ت إلى ال َّن ِ‬ ‫وفي صحيح مسلم َ‬
‫علَ َما ُء بَنِي ِإس َْرائِي َل﴾ أي‪ :‬أو ليس يَ ْك ِفي ِه ْم ِمنَ‬ ‫﴿أ َ َولَ ْم يَ ُك ْن لَ ُه ْم آ َيةً أ َ ْن يَ ْعلَ َمهُ ُ‬
‫ق َعلَى ذَ ِل َك‪ :‬أ َ َّن ْالعُلَ َما َء ِم ْن َب ِني ِإس َْرا ِئي َل َي ِجدُونَ ِذ ْك َر َه َذا‬ ‫صا ِد ِ‬ ‫شا ِه ِد ال َّ‬ ‫ال َّ‬
‫ْالقُ ْر ِ‬
‫آن فِي ُكت ُ ِب ِه ُم الَّتِي يَ ْد ُر ُ‬
‫سونَ َها؟‬
‫ع ْن‬ ‫ورةِ َ‬ ‫ب ْاَل َ َّولِينَ ْال َمأْث ُ َ‬ ‫وإن ِذ ْكر َهذَا ْالقُ ْر ِ‬
‫آن َوالتَّ ْن ِويهَ بِ ِه لَ َم ْو ُجو ٌد فِي ُكت ُ ِ‬ ‫َّ‬
‫علَ ْي ِه ُم ْال ِميثَاقَ‬
‫ِيم ال َّد ْه ِر َو َحدِي ِث ِه‪َ ،‬ك َما أ َ َخذَ اللَّهُ َ‬
‫ش ُروا ِب ِه ِفي قَد ِ‬ ‫أ َ ْن ِب َيا ِئ ِه ُم‪ ،‬الَّذِينَ َب َّ‬
‫سى اب ُْن‬ ‫َطيبًا فِي َملَئِ ِه بِ ْالبِش َ‬
‫َارةِ بِأَحْ َم َد‪َ :‬‬
‫﴿و ِإ ْذ قَا َل ِعي َ‬ ‫آخ ُر ُه ْم خ ِ‬ ‫بِذَ ِل َك‪َ ،‬حتَّى َق َ‬
‫ام ِ‬
‫ي ِمنَ الت َّ ْو َراةِ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه إِلَ ْي ُك ْم ُم َ‬
‫ص ِ ّدقًا ِل َما بَيْنَ َي َد َّ‬ ‫َم ْريَ َم يَا بَ ِني إِس َْرا ِئي َل ِإ ِنّي َر ُ‬
‫سو ٍل َيأْتِي ِم ْن َب ْعدِي ا ْس ُمهُ أَحْ َمدُ﴾‬ ‫َو ُم َب ِ ّ‬
‫ش ًرا ِب َر ُ‬
‫ض اَل ْع َج ِمينَ ‪ .‬فَقَ َرأَهُ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َما َكانُوا بِ ِه ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬ ‫علَى بَ ْع ِ‬ ‫﴿ولَ ْو ْ‬
‫نزلنَاهُ َ‬ ‫قوله َ‬
‫اج ِم‪ِ ،‬م َّم ْن َال َي ْد ِري ِمنَ ْال َع َر ِب َّي ِة َك ِل َمةً‪،‬‬ ‫علَى َر ُج ٍل ِمنَ ْاَل َ َ‬
‫ع ِ‬ ‫أي‪ :‬لَ ْو أَ ْنزَ لَهُ َ‬
‫صا َحتِ ِه‪َ ،‬ال يُؤْ ِمنُونَ ِب ِه‪.‬‬
‫َاب ِببَيَا ِن ِه َو َف َ‬ ‫َوأ ُ ْن ِز َل َ‬
‫علَ ْي ِه َهذَا ْال ِكت ُ‬
‫نزل الله هذا القرآن على بعض اَلعجمين‪ ،‬إن كان بلغتهم فإنهم‬ ‫أو أنه لو َّ‬
‫ࣰ‬
‫{ولَ ۡو َج َع ۡل َن ٰـهُ قُ ۡر َءانًا أ َ ۡع َج ِميّا لَّقَالُوا۟‬
‫لن يؤمنوا به؛ َلنهم لم يفهموه بلغة العجم‪َ .‬‬
‫صلَ ۡت َءا َي ٰـتُهُۥۤۤ }‬
‫لَ ۡو َال فُ ِ ّ‬

‫‪522‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عدُونَ * َما أ َ ْغنَى َ‬


‫ع ْن ُه ْم َما‬ ‫﴿أَفَ َرأَي َ‬
‫ْت ِإ ْن َمت َّ ْعنَا ُه ْم ِسنِينَ * ث ُ َّم َجا َء ُه ْم َما َكانُوا يُو َ‬
‫َكانُوا يُ َمتَّعُونَ ﴾ كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عند مسلم "يُؤْ ت َى‬
‫ص ْبغَةً‪ ،‬ث ُ َّم يُقالُ‪:‬‬ ‫ص َب ُغ في ال َّن ِ‬
‫ار َ‬ ‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬فيُ ْ‬ ‫بأ َ ْن َع ِم أ ْه ِل ال ُّد ْنيا ِمن أ ْه ِل النَّ ِ‬
‫ار َي َ‬
‫والل ِه يا َربّ ِ‬ ‫ط؟ فيَقولُ‪ :‬ال‪َّ ،‬‬ ‫بك نَ ِعي ٌم َق ُّ‬ ‫ط؟ ْ‬
‫هل َم َّر َ‬ ‫ْت َخي ًْرا َق ُّ‬‫هل َرأَي َ‬
‫يا ابْنَ آ َد َم ْ‬
‫ص ْبغَةً في ال َج َّن ِة‪،‬‬ ‫سا في ال ُّد ْنيا‪ِ ،‬من أ ْه ِل ال َجنَّ ِة‪ ،‬فيُ ْ‬
‫ص َب ُغ َ‬ ‫اس بُؤْ ً‬ ‫ويُؤْ ت َى بأ َ َ‬
‫ش ِ ّد النَّ ِ‬
‫بك ِش َّدة ٌ قَ ُّ‬
‫ط؟ ف َيقولُ‪ :‬ال‪،‬‬ ‫هل َم َّر َ‬ ‫ط؟ ْ‬ ‫سا َق ُّ‬
‫ْت بُؤْ ً‬‫هل َرأَي َ‬
‫فيُقا ُل له‪ :‬يا ابْنَ آ َد َم ْ‬
‫ط‪ ،‬وال َرأَيْتُ ِش َّدة ً َق ُّ‬
‫ط‪".‬‬ ‫س قَ ُّ‬‫واللَّ ِه يا َربّ ِ ما َم َّر بي بُؤْ ٌ‬
‫َو َما أ َ ْهلَ ْكنَا ِم ْن قَ ْريَ ٍة ِإال لَ َها ُم ْنذ ُِرونَ ‪ِ .‬ذ ْك َرى َو َما ُكنَّا َ‬
‫ظا ِل ِمينَ ﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪:‬‬
‫سوال﴾‬ ‫﴿و َما ُكنَّا ُم َع ِذّ ِبينَ َحتَّى نَ ْب َع َ‬
‫ث َر ُ‬ ‫َ‬
‫س ْم ِع‬ ‫ين﴾ ﴿وما َي ْنبَ ِغي َلهم وما يَ ْست َِطيعُونَ ﴾ ﴿إنَّهم َ‬
‫ع ِن ال َّ‬ ‫ياط ُ‬ ‫ت ِب ِه ال َّش ِ‬ ‫﴿وما تَن ََّز َل ْ‬
‫لَ َم ْع ُزولُونَ ﴾‬
‫علَ ٰۤى أَن َي ۡأت ُ ۟‬
‫وا ِب ِم ۡث ِل َه ٰـذَا‬ ‫نس َوٱ ۡل ِج ُّن َ‬
‫ت ٱ ۡ ِْل ُ‬
‫كما قال تعالى{قُل لَّ ِٕى ِن ٱ ۡجت َ َم َع ِ‬
‫َ ࣰ‬
‫ظ ِهيرا}‬ ‫ض‬ ‫ان َال يَ ۡأتُونَ بِ ِم ۡث ِل ِهۦ َولَ ۡو َكانَ بَعۡ ُ‬
‫ض ُه ۡم ِلبَعۡ ࣲ‬ ‫ٱ ۡلقُ ۡر َء ِ‬
‫كان الجن قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم يسترقون أخبار السماء‪،‬‬
‫{وأَنَّا ُكنَّا‬
‫وهو ما يوحيه الله لمالئكته‪ ،‬وأصل ذلك قوله تعالى إخبارا ً عنهم‪َ :‬‬
‫نَ ْقعُ ُد ِم ْن َها َمقَا ِع َد ِلل َّ‬
‫س ْمعِ فَ َمن يَ ْست َِمعِ اآلنَ يَ ِج ْد لَهُ ِش َهابًا َّر َ‬
‫صدًا } ودلت على‬
‫ذلك أيضا اَلحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫يرت ََك اَل ْق َربِينَ }‬ ‫{وأ َ ْنذ ِْر َ‬
‫ع ِش َ‬ ‫قوله َ‬

‫‪523‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ِحينَ أ ْنزَ َل َّ‬


‫اللهُ‪:‬‬ ‫ام َرسو ُل اللَّ ِه َ‬‫وفي الصحيحين "قَ َ‬
‫يرت ََك اَل ْق َربِينَ } قا َل‪ :‬يا َم ْعش ََر قُ َري ٍْش ‪ْ -‬أو َك ِل َمةً نَحْ َوهَا ‪ -‬ا ْشت َُروا‬ ‫{وأ َ ْنذ ِْر َ‬
‫ع ِش َ‬ ‫َ‬
‫ع ْن ُك ْم ِمنَ اللَّ ِه شيئًا‪ ،‬يا َب ِني عب ِد َمنَافٍ ال أ ُ ْغ ِني َ‬
‫ع ْن ُك ْم ِمنَ اللَّ ِه‬ ‫س ُك ْم ال أ ُ ْغ ِني َ‬
‫أ ْنفُ َ‬
‫ص ِفيَّةُ َ‬
‫ع َّمةَ‬ ‫ب ال أ ُ ْغنِي َ‬
‫ع ْن َك ِمنَ اللَّ ِه شيئًا‪ ،‬ويَا َ‬ ‫ط ِل ِ‬‫َّاس بنَ عب ِد ال ُم َّ‬
‫شيئًا‪ ،‬يا َعب ُ‬
‫اط َمةُ ب ْن َ‬
‫ت ُم َح َّم ٍد َس ِلينِي ما ِشئْ ِ‬
‫ت‬ ‫َرسو ِل اللَّ ِه ال أ ُ ْغنِي َع ْن ِك ِمنَ َّ‬
‫الل ِه شيئًا‪ ،‬ويَا فَ ِ‬
‫ِمن َما ِلي ال أ ُ ْغ ِني َ‬
‫ع ْن ِك ِمنَ اللَّ ِه شيئًا"‬
‫علَ ٰى ُك ِّل أَفَّاكٍ أَثِي ࣲم * يُ ۡلقُونَ‬
‫علَ ٰى َمن تَن ََّز ُل ٱل َّشيَ ٰـ ِطي ُن * تَن ََّز ُل َ‬ ‫﴿ه َۡل أُنَ ِّبئ ُ ُك ۡم َ‬
‫س ۡم َع َوأ َ ۡكث َ ُر ُه ۡم َك ٰـ ِذبُونَ }‬
‫ٱل َّ‬
‫سأ َ َل أُن ٌ‬
‫َاس‬ ‫كما في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عند البخاري " َ‬
‫سوا بشيءٍ ‪ ،‬فَقالوا‪ :‬يا‬‫ان‪ ،‬فَقا َل‪ :‬إنَّ ُه ْم لَ ْي ُ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َ‬
‫ع ِن ال ُك َّه ِ‬ ‫ي َ‬
‫النب َّ‬
‫صلَّى اللهُ‬ ‫ي َ‬ ‫كون َحقًّا‪ ،‬قا َل‪ :‬فَقا َل النب ُّ‬
‫ش ْي ِء َي ُ‬ ‫َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬فإنَّ ُه ْم يُ َح ِ ّدثُونَ بال َّ‬
‫ي‪ ،‬فيُقَ ْرقِ ُرهَا في أُذُ ِن و ِل ِّي ِه‬ ‫لك ال َك ِل َمةُ ِمنَ ال َح ّ ِ‬
‫ق يَ ْخ َ‬
‫طفُ َها ِ‬
‫الجنِّ ُّ‬ ‫عليه وسلَّ َم‪ :‬تِ َ‬
‫طونَ فيه أ ْكث َ َر ِمن ِمئ َ ِة َك ْذبَ ٍة"‬
‫َكقَ ْرقَ َرةِ ال َّد َجا َج ِة‪َ ،‬فيَ ْخ ِل ُ‬
‫شعرها تَحْ ثُو‬
‫َ‬ ‫ع ْر َيانَةٌ ناشرة ٌ‬
‫وفي حديث هدم العزي "فأتاها خال ٌد ‪ ،‬فإذا امرأة ٌ ُ‬
‫ي ِ – صلى‬ ‫بالسيف حتى قتَلَها ث ّ ُم رج َع إلى النب ّ‬
‫ِ‬ ‫التراب على َرأْ ِس َها ‪ ،‬فع َم َمها‬
‫َ‬
‫تلك العُ َّزى"‬
‫فأخبره‪ .‬قا َل ‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫الله عليه وعلى آله وسلم –‬
‫ش َع َرا ُء َيتَّ ِبعُ ُه ُم ْالغ ُ‬
‫َاوونَ ‪ .‬أَلَ ْم ت ََر أَنَّ ُه ْم فِي ُك ِّل َوا ٍد َي ِهي ُمونَ ‪َ .‬وأَنَّ ُه ْم َيقُولُونَ َما‬ ‫﴿وال ُّ‬
‫َ‬
‫َال يَ ْف َعلُونَ ﴾‬

‫‪524‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف أ َح ِد ُك ْم َق ْي ًحا َخي ٌْر له ِمن ْ‬


‫أن يَ ْمت َ ِل َ‬
‫ئ ِش ْع ًرا》‪ .‬رواه‬ ‫《َل َ ْن يَ ْمت َ ِل َ‬
‫ئ َج ْو ُ‬
‫البخاري ومسلم‬
‫الناس ِفر َيةً ‪َ ،‬لر ُج ٌل هَجا ر ُج ًال ‪ ،‬ف َهجا القَبيلَةَ‬
‫ِ‬ ‫"إن أع َ‬
‫ظ َم‬ ‫وفي الحديث َّ‬
‫بأَس ِْرها‪ "...‬قال اَللباني إسناده صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬
‫﴿وأنَّهم يَقُولُونَ ما ال يَ ْف َعلُونَ ﴾ ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ِل َم تَقُولُونَ ما ال‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫أن تَقُولُوا ما ال ت َ ْف َعلُونَ ﴾‬ ‫ت َ ْف َعلُونَ * َكبُ َر َم ْقتًا ِع ْن َد َّ‬
‫الل ِه ْ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم قا َل ِل َحسَّانَ ‪ :‬ا ْه ُج ُه ْم ‪ْ -‬أو قا َل‪:‬‬ ‫ي َ‬ ‫في الصحيحين َّ‬
‫أن النب َّ‬
‫معك" وكان ممن يذب عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫َ‬ ‫وجب ِْري ُل‬
‫َاج ِه ْم ‪ِ -‬‬
‫ه ِ‬
‫ب ب ُْن َما ِلكٍ ‪.‬‬
‫حسان بن ثابت‪ ،‬وعبد الله بن َر َواحة‪َ ،‬و َك ْع ُ‬

‫الكالم ‪ ،‬و قبي ُحه كقبيحِ‬


‫ِ‬ ‫سنُه ك َح َ‬
‫س ِن‬ ‫الكالم ‪ ،‬ح َ‬
‫ِ‬ ‫عر بمنزل ِة‬
‫ش ُ‬‫حديث 《ال ِ ّ‬

‫الكالم》صححه اَللباني‪.‬‬
‫ِ‬

‫سورة النمل مكية‬

‫‪525‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار َو َم ْن َح ْولَ َها﴾ اختلف أهل‬ ‫ِي أ َ ْن بُ ِ‬


‫ور َك َم ْن ِفي النَّ ِ‬ ‫قوله ﴿فَلَ َّما َجا َءهَا نُود َ‬
‫التأويل في المع ِنّي بقوله ﴿ َم ْن فِي النَّ ِ‬
‫ار﴾ فقال بعضهم‪ :‬عنى ج ّل جالله بذلك‬
‫نفسه‪ ،‬وهو الذي كان في النار‪ ،‬وكانت النار نوره تعالى كما في حديث أبي‬
‫"حجابُهُ النُّ ُ‬
‫ور‪ ،‬وفي ِروايَ ِة أ ِبي‬ ‫موسى اَلشعري رضي الله عنه عند مسلم ِ‬
‫ص ُرهُ ِمن خ َْل ِق ِه‪.‬‬
‫سبُحاتُ وجْ ِه ِه ما ا ْنت َ َهى إلَ ْي ِه بَ َ‬ ‫شفَهُ َلَحْ َرقَ ْ‬
‫ت ُ‬ ‫بَ ْك ٍر‪ :‬النَّ ُ‬
‫ار‪ ،‬لو َك َ‬
‫وهذا قول عبد الله بن عباس‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬وسعيد بن جبير‪ ،‬وحسن‬
‫البصري‪ ،‬وقتادة‪ ،‬من السلف‪.‬‬
‫ورجحه بعض المتأخرين وقال الواحدي ذهب إليه أكثر المفسرين‪ .‬وهو‬
‫الصواب‪.‬‬
‫فالله جل جالله ينزل متى شاء ويستوي متى شاء‪ .‬ورحم الله من عرف قدر‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ب ِمنَ‬ ‫ض ْر ٌ‬
‫ان‪َ :‬‬‫الجان‪َ ،‬و ْال َج ُّ‬
‫ُّ‬ ‫﴿فَلَ ّما َرآها ت َ ْهت َُّز َكأنَّها ٌّ‬
‫جان﴾ تَت َ َح َّركُ َكما يَت َ َح َّركُ‬
‫الجان في ِخ َّف ِة‬
‫ِّ‬ ‫عهُ َح َر َكةً‪ .‬وقيل ال َحيَّةُ البَيْضا ُء‪ ،‬وإنَّما َ‬
‫شبَّ َهها بِ‬ ‫ْال َحيَّاتِ‪ ،‬أَس َْر ُ‬
‫ظ ِمها‪.‬‬ ‫ضعٍ آخ ََر ِبالث ُّ ْع ِ‬
‫بان ِل ِع َ‬ ‫َح َر َك ِتها‪ ،‬و َ‬
‫شبَّ َهها في َم ْو ِ‬
‫{وٱ ۡ‬
‫ض ُم ۡم‬ ‫سوءٍ ﴾ كقوله َ‬ ‫غي ِْر ُ‬ ‫ضا َء ِم ْن َ‬ ‫﴿وأ َ ْد ِخ ْل يَ َد َك ِفي َج ْي ِب َك ت َْخ ُرجْ َب ْي َ‬
‫َو َق ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س ۤوءٍ َءايَةً أ ُ ۡخ َر ٰى}‬
‫غ ۡي ِر ُ‬‫ض ۤا َء ِم ۡن َ‬
‫َاح َك ت َۡخ ُر ۡج بَ ۡي َ‬
‫يَ َد َك إِلَ ٰى َجن ِ‬
‫ْف كانَ عاقِ َبةُ‬
‫ظ ْر َكي َ‬ ‫ظ ْل ًما و ُ‬
‫علُ ًّوا فا ْن ُ‬ ‫سهم ُ‬
‫﴿و َج َحدُوا ِبها وا ْست َ ْيقَ َنتْها أ ْنفُ ُ‬
‫ال ُم ْف ِسدِينَ ﴾ كان فرعون عالما ببطالن قوله {أنا ربكم اَلعلى}‬

‫‪526‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ٰى َك ِثي ࣲر ِّم ۡن ِع َبا ِد ِه ٱ ۡل ُم ۡؤ ِم ِنينَ } ذكر ابن القيم‬ ‫اال ٱ ۡل َح ۡم ُد ِللَّ ِه ٱلَّ ِذی فَ َّ‬
‫ض َلنَا َ‬ ‫{وقَ َ‬
‫َ‬
‫رحمه الله أربعين وجها يفضل العلم على المال‪.‬‬
‫سلَيْمان ُ‬
‫داود﴾ فَهو ِميراث العلم والنبوة ال غير‪.‬‬ ‫﴿وورث ُ‬
‫وأما قوله ت َعالى‪َ :‬‬
‫تر ْكنا فهو صدقةٌ" وفي‬ ‫ُ‬
‫ورث ‪ ،‬ما َ‬ ‫اَلنبياء ال نُ‬
‫ِ‬ ‫معاشر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫"نحن‬ ‫وفي الحديث‬
‫دينارا ‪،‬‬
‫ً‬ ‫اَلنبياء ‪َّ ،‬‬
‫وإن اَلنبيا َء ‪ ،‬لم يُ َو ِ ّرثوا‬ ‫ِ‬ ‫"وإن العلما َء ورثةُ‬
‫َّ‬ ‫حديث آخر‬
‫وافر" صححه اَللباني‪.‬‬ ‫بحظ ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫العلم ‪ ،‬فمن أخذه أخذ‬ ‫َ‬ ‫وال دره ًما ‪ ،‬إنما َو ّرثوا‬
‫{وأ َ َّما بِنِعۡ َم ِة َربِّ َك فَ َح ّد ِۡثبن}‬ ‫الطي ِْر َوأُوتِينَا ِم ْن ُك ِّل ش ْ‬
‫َيءٍ ﴾ َ‬ ‫ع ِلّ ْمنَا َم ْن ِطقَ َّ‬
‫﴿ ُ‬
‫أن أ ْش ُك َر نِ ْع َمت ََك َّالتِي‬
‫﴿ربّ ِ ْأو ِز ْعنِي ْ‬
‫قوله تعالى عن سليمان عليهالسالم‪َ :‬‬
‫وأن أ ْع َم َل صا ِل ًحا ت َْرضاهُ﴾‬ ‫ي ْ‬ ‫على وا ِل َد َّ‬‫يو َ‬ ‫علَ َّ‬ ‫أ ْن َع ْم َ‬
‫ت َ‬
‫ࣰ‬
‫{ربّ ِ ه َۡب ِلی ُح ۡكما َوأَ ۡل ِح ۡقنِی ِبٱل َّ‬
‫ص ٰـ ِل ِحينَ }‬ ‫كقوله عن إبراهيم عليه السالم َ‬
‫ࣰ‬
‫وعن يوسف عليه السالم {ت ََو َّف ِنی ُم ۡس ِلما َوأ َ ۡل ِح ۡق ِنی ِبٱل َّ‬
‫ص ٰـ ِل ِحينَ }‬
‫ش ِام َلن ملك سليمان فيها‪.‬‬ ‫على وادِي ال َّن ْم ِل﴾ الصواب أنه ِبال ّ‬ ‫﴿ َحتّى إذا أت َْوا َ‬
‫واآلية تدل على أن الحيوانات تفهم‪.‬‬
‫س َبأ‪ :‬قيل ا ْس ٌم ِل َمدِي َن ٍة ِبال َي َم ِن كان ْ‬
‫َت ِفيها‬ ‫ين﴾ َو َ‬ ‫﴿و ِجئْت ُ َك ِم ْن َ‬
‫س َبإ ٍ ِبنَ َبإٍ َي ِق ٍ‬ ‫قوله َ‬
‫يس‪ .‬وقيل‪ُ :‬ه ْم‪ِ :‬ح ْمير‪َ ،‬و ُه ْم ُملُوكُ ْال َي َم ِن‪.‬‬ ‫بِ ْل ِق ُ‬
‫قوله ﴿إِ ِنّي َو َجدْتُ ْام َرأَة ً ت َْم ِل ُك ُه ْم﴾ تحقيرا لشأنها وفي الحديث "لَ ْن يُ ْف ِل َح قَ ْو ٌم‬
‫ولَّ ْوا ْأم َر ُه ُم ْام َرأَةً" رواه البخاري‪.‬‬

‫‪527‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضافَ ِة إلى عرش‬ ‫ع ْر ِش َها ِب ْال َع ِظ ِيم ت َ ْع ِظي ٌم لَهُ ِب ْ ِ‬


‫اْل َ‬ ‫ف َ‬
‫ص ُ‬
‫ع ِظي ٌم} َو ْ‬
‫ش َ‬ ‫{ولَها َ‬
‫ع ْر ٌ‬ ‫َ‬
‫ع ْر ِش اللَّ ِه بِ ْال َع ِظ ِيم ت َ ْع ِظي ٌم َلهُ بِال ِنّ ْس َب ِة ِإلَى‬
‫ف َ‬
‫ص ُ‬
‫وك‪َ ،‬و َو ْ‬ ‫َاء ِج ْن ِس َها ِمنَ ْال ُملُ ِ‬
‫أ َ ْبن ِ‬
‫ض‪ .‬وثبت في الحديث أن العرش أعظم‬ ‫ت َو ْاَل َ ْر ِ‬
‫س َم َاوا ِ‬‫َما َخلَقَ ِمنَ ال َّ‬
‫المخلوقات‪.‬‬
‫الر ِح ِيم﴾ وكانت السنة في ا ْفتِتاحِ ُكت ُ ِ‬
‫ب‬ ‫سلَ ْي َمانَ َو ِإنَّهُ ِبس ِْم اللَّ ِه َّ‬
‫الرحْ َم ِن َّ‬ ‫﴿إِنَّهُ ِم ْن ُ‬
‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه)‬ ‫(من ُم َح َّم ٍد َر ُ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ إلى ال ُملُ ِ‬
‫وك ِب ُج ْملَ ِة ِ‬ ‫َر ُ‬
‫يس‪ِ ﴿ :‬إ َّن ْال ُملُ َ‬
‫وك ِإذَا َد َخلُوا قَ ْر َيةً أ َ ْف َسدُوهَا َو َج َعلُوا‬ ‫ت بِ ْل ِق ُ‬
‫َّاس‪ :‬قَالَ ْ‬
‫عب ٍ‬‫قَا َل اب ُْن َ‬
‫﴿و َكذَ ِل َك يَ ْفعَلُونَ ﴾‬
‫ع َّز َو َج َّل َ‬ ‫أ َ ِع َّزة َ أ َ ْه ِل َها أَذِلَّةً﴾ َقا َل َّ‬
‫الربَّ ‪َ ،‬‬
‫َاظ َرة ٌ ِب َم َي ْر ِج ُع ْال ُم ْر َ‬
‫سلُونَ ﴾ قَا َل قَت َا َدةُ‪َ :‬ر ِح َم َها اللَّهُ‬ ‫﴿و ِإنِّي ُم ْر ِس َلةٌ ِإ َل ْي ِه ْم ِب َه ِد َّي ٍة فَن ِ‬
‫َ‬
‫ت أ َ َّن ْال َه ِديَّةَ تَقَ ُع‬ ‫ع ْن َها‪َ ،‬ما َكانَ أ َ ْعقَلَ َها فِي ِإس َْال ِم َها َوفِي ِش ْر ِك َها!! َ‬
‫ع ِل َم ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ض َ‬ ‫َو َر ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫َم ْو ِق ًعا ِمنَ ال َّن ِ‬
‫ي اللَّ ِه‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها ْال َمأل أَيُّ ُك ْم َيأْتِينِي ِب َع ْر ِش َها َق ْب َل أ َ ْن يَأْتُونِي ُم ْس ِل ِمينَ ﴾ قيل َ‬
‫ع ِل َم َن ِب ُّ‬
‫أَنَّ ُه ْم َمت َى أَ ْسلَ ُموا تَحْ ُر ُم أ َ ْم َوالُ ُه ْم َم َع ِد َمائِ ِه‪ .‬وقيل ليريها عجائب‪.‬‬
‫ين﴾ كما قال يوسف عليه السالم {قَا َل ٱ ۡج َع ۡل ِنی‬ ‫ي أ َ ِم ٌ‬
‫ع َل ْي ِه لَقَ ِو ٌّ‬
‫﴿و ِإ ِنّي َ‬‫وقوله َ‬
‫ع ِلي ࣱم}‬ ‫ض ِإ ِنّی َح ِفي ٌ‬
‫ظ َ‬ ‫علَ ٰى خَزَ ۤا ِٕى ِن ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫َ‬

‫﴿قَا َل الَّذِي ِع ْن َدهُ ِع ْل ٌم ِمنَ ْال ِكت َا ِ‬


‫ب﴾ هذا الذي عنده علم من الكتاب الصواب أن‬
‫يقال الله أعلم‪.‬‬
‫ض ِل َر ِبّی ِل َي ۡبلُ َو ِن ۤی َءأ َ ۡش ُك ُر أ َ ۡم أ َ ۡكفُ ُر} هذا المؤمن‪.‬‬
‫قوله {قَا َل َه ٰـ َذا ِمن فَ ۡ‬
‫‪528‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ٰى ِع ۡل ٍم ِعن ِد ۤی ٰۚۤ}‬


‫أما الكافر فيقول { ِإنَّ َم ۤا أُوتِيتُهُۥ َ‬
‫ي َك ِري ٌم﴾‬
‫غنِ ٌّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َم ْن َكفَ َر فَإ ِ َّن َربِّي َ‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪َ " :‬يقُو ُل اللَّهُ ت َ َعالَى‪َ :‬يا ِع َبادِي لَ ْو أ َ َّن أ َ َّولَ ُك ْم َو ِ‬
‫آخ َر ُك ْم‪،‬‬ ‫وفي َ‬
‫ب َر ُج ٍل ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬ما زَ ا َد ذَ ِل َك فِي ُم ْل ِكي َ‬
‫ش ْيئًا‪.‬‬ ‫علَى أَتْقَى َق ْل ِ‬
‫س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم َكانُوا َ‬
‫َو ِإ ْن َ‬
‫علَى أ َ ْف َج ِر قَ ْل ِ‬
‫ب َر ُج ٍل‬ ‫س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم‪َ ،‬كانُوا َ‬ ‫يَا ِعبَادِي‪ ،‬لَ ْو أ َ َّن أ َ َّولَ ُك ْم َو ِ‬
‫آخ َر ُك ْم‪َ ،‬و ِإ ْن َ‬
‫ش ْيئًا" الحديث‪.‬‬ ‫ص ذَ ِل َك ِم ْن ِم ْل ِكي َ‬ ‫ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬ما نَ َق َ‬
‫﴿وأُو ِتينَا ْال ِع ْل َم ِم ْن َق ْب ِل َها َو ُكنَّا ُم ْس ِل ِمينَ ﴾ ‪َ :‬هذَا ِم ْن َك َال ِم ُ‬
‫س َل ْي َمانَ كما قال‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ابن كثير وابن جرير وأكثر المفسرين‪ .‬وقيل من قول بلقيس‪.‬‬
‫َص ُمونَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعا َلى‪﴿ :‬قَا َل ْال َمأل الَّذِينَ ا ْست َ ْك َب ُروا ِم ْن‬
‫ان َي ْخت ِ‬
‫﴿فَإِذَا ُه ْم فَ ِريقَ ِ‬
‫س ٌل ِم ْن َربِّ ِه‬ ‫صا ِل ًحا ُم ْر َ‬ ‫قَ ْو ِم ِه ِللَّذِينَ ا ْست ُ ْ‬
‫ض ِعفُوا ِل َم ْن آ َمنَ ِم ْن ُه ْم أَت َ ْعلَ ُمونَ أ َ َّن َ‬
‫قَالُوا ِإنَّا ِب َما أ ُ ْر ِس َل ِب ِه ُمؤْ ِمنُونَ قَا َل الَّذِينَ ا ْست َ ْك َب ُروا ِإنَّا ِبالَّذِي آ َم ْنت ُ ْم ِب ِه‬
‫َكافِ ُرونَ ﴾‬
‫أي َسبَبُ ُك ُم الَّذِي َي ِجي ُء ِمنهُ َخي ُْركم وش َُّركم ِع ْن َد اللَّ ِه‪،‬‬
‫قا َل طائِ ُركم ِع ْن َد اللَّ ِه﴾ ْ‬
‫شؤْ ِم صا ِلحٍ‪ ،‬و َمن آ َمنَ ِب ِه ِمن قَ ْو ِم ِه‪.‬‬ ‫ش ُّر الَّذِي أصا َبكم ِبذُنُو ِبكم ال ِب ُ‬ ‫فال َّ‬
‫ي‪ :‬تِ ْس َعةُ نَفَ ٍر‪﴿ ،‬يُ ْف ِسدُونَ‬ ‫﴿و َكانَ فِي ْال َمدِينَ ِة﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬مدِي َن ِة ث َ ُمو َد‪ِ ﴿ ،‬ت ْس َعةُ َر ْهطٍ ﴾ أ َ ْ‬ ‫َ‬
‫علَى أ َ ْم ِر ث َ ُمو َد؛ َِلَنَّ ُه ْم َكانُوا‬
‫ب َهؤ َُال ِء َ‬ ‫غ َل َ‬
‫ص ِل ُحونَ ﴾ َوإِنَّ َما َ‬ ‫ض َوال يُ ْ‬ ‫اَلر ِ‬
‫فِي ْ‬
‫ُك َب َرا َء فِي ِه ْم َو ُر َؤ َسا َء ُه ْم‪.‬‬
‫ع ْن‬ ‫عقَ ُروا النَّا َقةَ‪ ،‬أَيِ‪َّ :‬الذِي َ‬
‫ص َد َر َذ ِل َك َ‬ ‫َّاس‪َ :‬ه ُؤ َال ِء ُه ُم الَّذِينَ َ‬ ‫عب ٍ‬‫ع ِن اب ِْن َ‬ ‫َ‬
‫ور ِت ِه ْم ‪-‬قَبَّ َح ُه ُم َّ‬
‫اللهُ َولَ َعنَ ُه ْم ‪َ -‬وقَ ْد فَ َع َل ذَ ِل َك‪.‬‬ ‫ش َ‬‫آرا ِئ ِه ْم َو َم ُ‬
‫َ‬
‫‪529‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{ولَ ۡو َال َر ۡه ُ‬
‫ط َك‬ ‫ش ِه ْدنا ُم ْهلَ َك} كما قال قوم شعيب َ‬
‫قوله { َلنَقُولَ َّن ِل َو ِل ِّي ِه ما َ‬
‫لَ َر َج ۡمنَ ٰـ َك}‬
‫اَلخذَ ِبثَأ ْ ِر ِه‪ .‬كما كان أبو طالب يحمي‬ ‫ي صا ِلحٍ هم أ ْق َر ُ‬
‫ب القَ ْو ِم إذا را ُموا ْ‬ ‫وو ِل ُّ‬
‫َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫{وت َأْتُونَ فِي‬ ‫ضا‪َ ،‬‬ ‫ض ُك ْم بَ ْع ً‬
‫ي‪َ :‬ي َرى بَ ْع ُ‬ ‫ْص ُرونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫شةَ َوأَ ْنت ُ ْم تُب ِ‬ ‫{أَت َأْتُونَ ْالفَ ِ‬
‫اح َ‬
‫نَادِي ُك ُم ْال ُم ْن َك َر} ؟‬
‫َ ۡ ُ َّ ُ ࣱ‬
‫َاس يَتَ َ‬ ‫قولهم {أ َ ۡخ ِر ُج ۤو ۟ا َءا َل لُ ࣲ‬
‫ط َّه ُرونَ } وهذه نتيجة‬ ‫وط ِّمن قريَتِك ۡم ِإن ُه ۡم أن‬

‫االنحراف كما قال مؤمن آل فرعون‪{ .‬أَت َۡقتُلُونَ َر ُج ًال أَن يَقُو َل َربِّ َ‬
‫ی ٱللَّهُ }‬
‫طفَ ٰۤى ٰۗۤ} َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪ُ ﴿ :‬‬
‫س ْب َحانَ‬ ‫علَ ٰى ِع َبا ِد ِه ٱلَّ ِذينَ ٱصۡ َ‬ ‫﴿قُ ِل ٱ ۡل َح ۡم ُد ِل َّل ِه َو َ‬
‫س َل ٰـ ٌم َ‬
‫سلِينَ * َو ْال َح ْم ُد ِللَّ ِه َربّ ِ‬
‫علَى ْال ُم ْر َ‬ ‫صفُونَ * َو َ‬
‫سال ٌم َ‬ ‫ع َّما يَ ِ‬ ‫َربِّ َك َربّ ِ ْال ِع َّزةِ َ‬
‫ْال َعالَ ِمينَ ﴾‬
‫ࣰ‬
‫س َم ۤا ِء َم ۤاء} َك َما قَا َل ت َ َعالَى ِفي‬
‫ض َوأَنزَ َل لَ ُكم ِّمنَ ٱل َّ‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر َ‬ ‫{أ َ َّم ۡن َخلَقَ ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬
‫سأ َ ْلت َ ُه ْم َم ْن نز َل‬ ‫سأ َ ْلت َ ُه ْم َم ْن َخلَقَ ُه ْم َل َيقُولُ َّن اللَّهُ﴾ َ‬
‫﴿ولَئِ ْن َ‬ ‫ْاآل َي ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪َ :‬‬
‫﴿ولَئِ ْن َ‬
‫ض ِم ْن بَ ْع ِد َم ْوتِ َها لَيَقُولُ َّن اللَّهُ﴾‬ ‫اء َما ًء فَأَحْ َيا بِ ِه ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫س َم ِ‬
‫ِمنَ ال َّ‬
‫َام َخةً ت ُ ْر ِسي ْاَل َ ْر َ‬
‫ض َوتُث َ ِبّت ُ َها؛ ِلئ ََّال ت َِمي َد ِب ُك ْم‬ ‫ي﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ِ :‬ج َب ً‬
‫اال ش ِ‬ ‫﴿و َج َع َل لَ َها َر َوا ِس َ‬
‫َ‬
‫كما في سورة النحل‪.‬‬
‫اج ًزا﴾ قيل الحاجز بينهما هو اَلرض و قيل قدرة‪.‬‬ ‫﴿و َجعَ َل َبيْنَ ْال َبحْ َري ِْن َح ِ‬
‫َ‬
‫ات َو َهذَا ِم ْل ٌح أ ُ َجا ٌج‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي َم َر َج ْال َبحْ َري ِْن َهذَا َ‬
‫ع ْذ ٌ‬
‫ب فُ َر ٌ‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫َو َج َع َل بَ ْينَ ُه َما بَ ْرزَ ًخا َو ِحجْ ًرا َمحْ ُج ً‬
‫ورا﴾‬
‫‪530‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يب ْال ُم ْ‬
‫ض َ‬
‫ط َّر ِإذَا َد َ‬
‫عاهُ﴾‬ ‫﴿أ َ َّم ْن يُ ِج ُ‬
‫صين ! ك ْم تعبُ ُد‬‫ُ‬ ‫كانوا يخلصون الدعاء لله في الشدة كما في الحديث يا ُح‬
‫السماء قال‪ :‬فأيَّ ُهم ت ُ ِع ُّد‬
‫ِ‬ ‫اَلرض وواح ٌد في‬
‫ِ‬ ‫اليوم إل ًها ؟ قال ‪ :‬سبعةً ستةٌ في‬
‫َ‬
‫َ‬
‫الحديث‬ ‫ماء‪. .‬‬
‫س ِ‬ ‫لرهبتِ َك ولرغبتِ َك؟ قال‪ :‬الَّذي في ال َّ‬
‫لك ‪ ،‬ت َم ِل ُكه‬
‫لك ‪ ،‬إال شري ًكا هو َ‬
‫شريك َ‬
‫َ‬ ‫َّيك ال‬
‫وكانوا في الجاهلي ِة يقولونَ ‪" :‬لب َ‬
‫وما ملَ َك"‬
‫صينَ لَهُ ٱل ِ ّدينَ َفلَ َّما نَ َّج ٰى ُه ۡم‬ ‫وا فِی ٱ ۡلفُ ۡل ِك َد َ‬
‫ع ُو ۟ا ٱللَّهَ ُم ۡخ ِل ِ‬ ‫قال الله تعالى﴿فَإِذَا َر ِكبُ ۟‬
‫إِلَى ٱ ۡلبَ ِ ّر إِذَا ُه ۡم يُ ۡش ِر ُكونَ ﴾‬
‫ْب ّإال َّ‬
‫اللهُ وما‬ ‫ض الغَي َ‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل ال َي ْعلَ ُم َمن في ال َّ‬
‫سماوا ِ‬
‫ب َال يَ ْعلَ ُم َها ِإال ُه َو﴾‬ ‫﴿و ِع ْن َدهُ َمفَاتِ ُح ْالغَ ْي ِ‬ ‫يَ ْشعُ ُرونَ أيّانَ يُ ْب َعثُونَ ﴾ َك َما َقا َل‪َ :‬‬
‫سو ٍل﴾‬‫ارتَضى ِمن َر ُ‬ ‫﴿إال َم ِن ْ‬ ‫غ ْي ِب ِه أ َحدًا﴾ ّ‬ ‫على َ‬ ‫ظ ِه ُر َ‬ ‫ب فَال ُي ْ‬
‫وقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬عا ِل ُم الغَ ْي ِ‬
‫ࣰۡ‬
‫ض ًّرا ِإ َّال َما ش َۤا َء ٱللَّ ٰۚهُ َولَ ۡو ُكنتُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫و‬‫وقال تعالى لنبيه {قُل َّ ۤال أ َ ۡم ِلكُ ِلن َۡف ِسی نَف َ‬
‫ا‬‫ع‬
‫س ۤو ٰۚ ُء}‬
‫ی ٱل ُّ‬ ‫ب َلَ ۡست َۡكث َ ۡرتُ ِمنَ ٱ ۡل َخ ۡي ِر َو َما َم َّ‬
‫سنِ َ‬ ‫أ َ ۡعلَ ُم ٱ ۡلغَ ۡي َ‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ يُ ْخ ِب ُر‬ ‫أن َر ُ‬‫ع َم َّ‬‫ت‪َ ” :‬من زَ َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْنها ‪ -‬قالَ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫شةَ ‪َ -‬ر ِ‬
‫ع ْن عا ِئ َ‬ ‫َو َ‬
‫ي‬ ‫ت عائِ َشةُ ‪َ -‬ر ِ‬
‫ض َ‬ ‫على اللَّ ِه ال ِف ْريَةَ“ َو ِلذا لَ ّما ُر ِم َي ْ‬ ‫غدٍ‪ ،‬فَقَ ْد أ ْع َ‬
‫ظ َم َ‬ ‫ون في َ‬ ‫بِما يَ ُك ُ‬
‫أخبَ َرهُ اللَّهُ ت َعالى بِقَ ْو ِل ِه‪:‬‬
‫ي بَ ِريئ َةٌ أ ْم ال‪َ ،‬حتّى ْ‬ ‫اللَّهُ َ‬
‫ع ْنها ‪ -‬بِاْل ْف ِك‪َ ،‬ل ْم يَ ْعلَ ْم‪ ،‬أ ِه َ‬
‫﴿أُولَئِ َك ُم َب َّر ُءونَ ِم ّما َيقُولُونَ ﴾‬
‫وزعم بعض الصوفية اَلولياء يعلمون الغيب كما في البردة‪ :‬قال‬
‫البوصيري‪:‬‬
‫‪531‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫فإن من جودك الدنيا وضرتها * ومن علومك علم اللوح والقلم‪.‬‬


‫وقال المحققون إن من نواقض اْلسالم‪ ،‬اْليمان بأن الغيب يعمله أحد غير‬
‫الله‪.‬‬
‫ّار َك ِع ْل ُمهم في ِ‬
‫اآلخ َرةِ بَ ْل هم في ش ٍَّك ِمنها َب ْل هم ِمنها‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬بَ ِل اد َ‬
‫أي‪ :‬يَ ْعلَ ُمونَ في ِ‬
‫اآلخ َرةِ‬ ‫اآلخ َرةِ ِحينَ يُعايِنُونَها‪ْ ،‬‬ ‫ع ُمونَ ﴾ ت َكا َم َل ِع ْل ُمهم في ِ‬ ‫َ‬
‫ْص ْر‬ ‫ِع ْل ًما ِ‬
‫كام ًال‪ ،‬ما كانُوا َيجْ َهلُو َنهُ في ال ُّد ْنيا‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬أس ِْم ْع ِب ِه ْم وأب ِ‬
‫ش ْفنا‬
‫ين﴾ و َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬فَ َك َ‬
‫ضال ٍل ُمبِ ٍ‬ ‫يَ ْو َم يَأْتُونَنا لَ ِك ِن ّ‬
‫الظا ِل ُمونَ اليَ ْو َم في َ‬
‫ع ْن َك ِغطا َء َك فَ َب َ‬
‫ص ُر َك اليَ ْو َم َحدِيدٌ﴾ وهذا القول رجحه الشيخ محمد اَلمين‬ ‫َ‬
‫الشنقيطي‪.‬‬
‫ص ِحيحِ ِل ُم ْس ِل ٍم‪ :‬أ َ َّن‬
‫ع ْن َم ْع ِرفَ ِة َو ْقتِ َها‪َ .‬ك َما فِي ال َّ‬ ‫وقيل‪ :‬ا ْنت َ َهى ِع ْل ُم ُه ْم َو َ‬
‫ع َجزَ َ‬
‫ع ِة ‪-‬‬
‫ت ال َّسا َ‬ ‫سأَلَهُ َ‬
‫ع ْن َو ْق ِ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ِل ِجب ِْري َل ‪َ -‬وقَ ْد َ‬
‫ع ْن َد ْرك ذَ ِل َك‬ ‫س َاوى فِي ْال َعجْ ِز َ‬ ‫ي‪ :‬ت َ َ‬‫سائِ ِل" أ َ ْ‬ ‫َما ْال َم ْسؤُو ُل َ‬
‫ع ْن َها ِبأ َ ْعلَ َم ِمنَ ال َّ‬
‫ِع ْل ُم ْال َم ْسؤُو ِل والسائل‪.‬‬
‫ق ِم ّما َي ْم ُك ُرونَ ﴾ كقوله {لَ َعلَّ َك َب ٰـ ِخ ࣱع‬ ‫ع َل ْي ِه ْم وال ت َكُ في َ‬
‫ض ْي ٍ‬ ‫قوله ﴿وال تَحْ زَ ْن َ‬
‫وا ُم ۡؤ ِم ِنينَ }‬ ‫س َك أ َ َّال يَ ُكونُ ۟‬
‫نَّ ۡف َ‬
‫ض الَّذِي ت َ ْست َ ْع ِجلُونَ ﴾ قال بعض العلماء‬
‫ِف لَكم بَ ْع ُ‬
‫أن يَ ُكونَ َرد َ‬ ‫﴿قُ ْل َ‬
‫عسى ْ‬
‫يعني بدر وقيل عذاب القبر‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َّم الدُّعا َء إذا ولَّ ْوا‬


‫في قَ ْول ِه ت َعالى‪﴿ :‬إ َّن َك ال تُس ِْم ُع ال َم ْوتى وال تُس ِْم ُع ال ُّ‬
‫أي‪ :‬ال تُس ِْم ُع‬
‫أن ال َم ْعنى‪﴿ :‬إنَّ َك ال ت ُ ْس ِم ُع ال َم ْوتى﴾‪ْ ،‬‬ ‫اَلولُ‪َّ :‬‬ ‫يران‪َّ :‬‬ ‫ُم ْدبِ ِرينَ ﴾ ت َ ْف ِس ِ‬
‫ع َل ْي ِه القَرا ِئ ُن القُ ْرآ ِنيَّةُ‪ .‬كقَ ْو ِل ِه‪ْ :‬‬
‫﴿إن‬ ‫أمات اللَّهُ ُقلُو َبهم‪ ،‬وقد َدلَّ ْ‬
‫ت َ‬ ‫َ‬ ‫ار الَّذِينَ‬
‫ال ُك ّف َ‬
‫تُس ِْم ُع ّإال َمن يُؤْ ِم ُن ِبآياتِنا﴾‬
‫اس‬ ‫﴿أو َمن كانَ َم ْيتًا فَأحْ َييْناهُ و َجعَ ْلنا لَهُ نُ ً‬
‫ورا يَ ْم ِشي بِ ِه في النّ ِ‬ ‫و َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫خارجٍ ِمنها َكذَ ِل َك ُز ِيّنَ ِل ْلكا ِف ِرينَ ما كانُوا‬
‫ْس ِب ِ‬ ‫َك َمن َمثَلُهُ في ُّ‬
‫الظلُما ِ‬
‫ت لَي َ‬
‫أي‪ :‬ال يَ ْست َ ِوي‬
‫اَلمواتُ ﴾ ْ‬ ‫يَ ْع َملُونَ ﴾ و َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما يَ ْست َ ِوي اَلحْ يا ُء وال ْ‬
‫ت ِب ُمس ِْمعٍ َمن في القُبُ ِ‬
‫ور﴾‪ ،‬أيِ‪ :‬ال َم ْوتى‪،‬‬ ‫﴿وما أ ْن َ‬
‫ال ُمؤْ ِمنُونَ والكافِ ُرونَ ‪ .‬وقوله َ‬
‫شقا ُء‪َ .‬لن اْليمان حياة القلوب كما قال تعالى‬ ‫ار َّالذِينَ َ‬
‫س َبقَ لَ ُه ُم ال َّ‬ ‫أيِ‪ :‬ال ُكفّ َ‬
‫عا ُك ۡم ِل َما يُ ۡح ِيي ُك ۡم} وهذا‬
‫سو ِل ِإذَا َد َ‬ ‫وا ِللَّ ِه َو ِل َّ‬
‫لر ُ‬ ‫وا ٱ ۡست َِجيبُ ۟‬ ‫{يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱ َّل ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫التفسير هو الراجح‪.‬‬

‫أن ال ُمرا َد بِال َم ْوتى َّالذِينَ ماتُوا ِبال ِف ْع ِل‪ ،‬ولَ ِك َّن ال ُمرا َد‬
‫ير الثّانِي‪ :‬هو َّ‬
‫الت َّ ْف ِس ُ‬
‫ي ِ في قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬إنَّ َك ال تُس ِْم ُع ال َم ْوتى﴾ سماع قبول وانتفاع‪َ .‬كما‬
‫سماعِ ال َمن ِف ّ‬
‫ِبال َّ‬
‫﴿و َمثَ ُل الَّذِينَ َكفَ ُروا َك َمث َ ِل الَّ ِذي يَ ْن ِع ُق بِما ال يَ ْس َم ُع ّإال دُعا ًء َونِدا ًء﴾‬
‫قا َل ت َعالى‪َ :‬‬
‫وبه قال ابن تيمية وابن القيم‪.‬‬
‫وهناك َمسْألَةٌ تَت َ َعلَّ ُق ِب َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة‪ .‬وهي َّ‬
‫أن ال َم ْوتى في قُبُ ِ‬
‫ور ِه ْم هل‬
‫الم َمن َكلَّ َمهم؟ أم ال؟‬
‫يَ ْس َمعُونَ َك َ‬

‫‪533‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سماع ال َم ْوتى في بعض الحاالت‬ ‫ص ِحي َحةُ َ‬


‫ع ِن النبي ﷺ َ‬ ‫وص ال َّ‬
‫ص ُ‬‫فقد دلت ال ُّن ُ‬
‫ض َع في َقب ِْر ِه وت ََولّى َ‬
‫ع ْنهُ‬ ‫كبعد دفن الميت كما في الحديث « َّ‬
‫إن ال َع ْب َد إذا ُو ِ‬
‫صحا ُبهُ‪ ،‬وإنَّهُ لَ َي ْس َم ُع قَ ْر َ‬
‫ع ِنعا ِل ِه ْم‪ "..‬الحديث رواه البخاري‬ ‫‪.‬أ ْ‬
‫علَيْكم أ ْه َل ال ّد ِ‬
‫ِيار ِمنَ ال ُمؤْ ِمنِينَ وال ُم ْس ِل ِمينَ ‪ ،‬وإنّا‬ ‫سال ُم َ‬‫وعند زيارة القبور «ال َّ‬
‫اللهَ لَنا ولَ ُك ُم العافِ َيةَ»‪ ،‬رواه ُم ْس ِلم‪ .‬فدل أنَّهم‬ ‫الحقُونَ ‪ ،‬نَسْأ ُل َّ‬
‫إن شا َء اللَّهُ بِكم لَ ِ‬
‫ْ‬
‫سال َمهُ و َكال َمهُ لَكانَ ِخطابُهُ لَهم‬
‫سال َمهُ َِلنَّهم لَ ْو كانُوا ال َي ْس َمعُونَ َ‬
‫َي ْس َمعُونَ َ‬
‫ُوم‪.‬‬
‫ب ال َم ْعد ِ‬ ‫ِمن ِج ْن ِس ِخطا ِ‬
‫أما مسألة هل يسمعون جميع الحاالت واَلوقات ففيها خالف بين أهل العلم‬
‫وال عالقة لهذا باآلية وإن استلدت بها عائشة رضي الله عنها‪.‬‬
‫ࣰ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ض ت َك ِل ُم ُه ۡم أن ٱلن َ‬
‫اس‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫﴿۞ َو ِإ َذا َو َق َع ٱ ۡلقَ ۡو ُل َ‬
‫علَ ۡي ِه ۡم أ َ ۡخ َر ۡجنَا لَ ُه ۡم َد ۤابَّة ِّمنَ ٱَل ۡر ِ‬
‫اس‬‫سا ِد النَّ ِ‬ ‫ان ِع ْن َد فَ َ‬ ‫وا ِبـَٔا َي ٰـ ِتنَا َال يُو ِقنُونَ ﴾ َه ِذ ِه الدَّا َّبةُ ت َْخ ُر ُج ِفي ِ‬
‫آخ ِر َّ‬
‫الز َم ِ‬ ‫َكانُ ۟‬
‫وت َْر ِكهم أ َ َو ِام َر اللَّ ِه َوت َ ْبدِي ِل ِه ُم ال ّدِينَ ْال َح َّق‪ .‬وفي صحيح مسلم من حديث أبي‬
‫َت‬ ‫الث إذا خ ََرجْ نَ ال يَ ْن َف ُع نَ ْف ً‬
‫سا إيمانُها لَ ْم ت َ ُك ْن آ َمن ْ‬ ‫هريرة رضي الله عنه "ث َ ٌ‬
‫طلُوعُ ال َّ‬
‫ش ْم ِس ِمن َم ْغ ِر ِبها‪ ،‬وال َّد َّجالُ‪،‬‬ ‫ت في إيما ِنها َخي ًْرا‪ُ :‬‬ ‫ِمن قَ ْبلُ‪ْ ،‬أو َك َ‬
‫س َب ْ‬
‫ض"‬ ‫ودابَّةُ ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫سال ُم‪َ ،‬وخات َ ُم‬ ‫سى علَي ِه ال َّ‬
‫صا مو َ‬ ‫ع َ‬ ‫وفي مسند اْلمام أحمد "خر ُج الدَّابَّةُ ومعها َ‬
‫ف الكافِ ِر ‪ -‬بالخات َِم‪َ ،‬وتَجْ لُو‬‫ان‪ :‬أ َ ْن َ‬
‫سال ُم‪َ ،‬فت َْخ ِط ُم الكافِ َر قال ع َّف ُ‬
‫س َليْمانَ علي ِه ال َّ‬
‫ُ‬
‫وان لَيَجْ ت َِمعُون على ِخوانِهم‪ ،‬فيقو ُل‬
‫الخ ِ‬ ‫من بِال َعصا‪ ،‬حتَّى َّ‬
‫إن أه َل ِ‬ ‫وجهَ المؤْ ِ‬
‫مؤم ُن‪ ،‬ويقو ُل هَذا‪ :‬يا كا ِف ُر" صححه أحمد شاكر‪.‬‬
‫هَذا‪ :‬يا ِ‬
‫‪534‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على أ ْقوا ٍل‪ ،‬فَ ِقي َل‪ :‬إنَّها َف ِ‬


‫صي ُل ناقَ ِة صا ِل ٍ‬
‫ح‪ ،‬وقيل هي‬ ‫ف في َه ِذ ِه الدّابَّ ِة َ‬ ‫ْ‬
‫واخت ُ ِل َ‬
‫سةُ المذكورة في حديث أبي تميم الداري‪ .‬وال دليل على ذلك كله‪.‬‬
‫سا َ‬
‫ال َج َّ‬
‫ومن الخوارق دابة تتكلم كهذه الدابة والنملة والهدهد‪..‬‬
‫أن ال ُكفّ َ‬
‫ار‬ ‫ظلَ ُموا فَهم ال يَ ْن ِطقُونَ ﴾ ظا ِه ُرهُ َّ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِبما َ‬
‫﴿و َوقَ َع القَ ْو ُل َ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ب َّ‬
‫الل ِه أنَّهم يَ ْن ِطقُونَ‬ ‫آيات أُخ َُر ِمن ِكتا ِ‬
‫ٌ‬ ‫ال يَ ْن ِطقُونَ يَ ْو َم ال ِقيا َم ِة‪َ ،‬م َع أنَّهُ بَيَّن ْ‬
‫َت‬
‫ع ْنهم‪﴿ :‬واللَّ ِه َر ِبّنا ما ُكنّا ُم ْش ِركِينَ ﴾ فَ ِمن‬
‫َي ْو َم ال ِقيا َم ِة و َي ْعتَذ ُِرونَ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى َ‬
‫ضها يَ ْن ِطقُونَ ‪ ،‬وفي‬ ‫واط ُن‪ ،‬فَفي بَ ْع ِ‬‫أن ال ِقيا َمةَ َم ِ‬ ‫ع ْن ذَ ِل َك َّ‬
‫ب َ‬ ‫ْأو ُج ِه ال َجوا ِ‬
‫ضها ال يَ ْن ِطقُونَ ‪.‬‬
‫بَ ْع ِ‬
‫ب﴾ استدل بعض علماء‬ ‫جام َدة ً وهي ت َ ُم ُّر َم َّر ال َّ‬
‫سحا ِ‬ ‫الجبا َل تَحْ َ‬
‫سبُها ِ‬ ‫﴿وت َرى ِ‬
‫َ‬
‫الجبا َل اآلنَ في‬
‫أن ِ‬‫على َّ‬
‫الجغرافية بهذه اآلية على دوران اَلرض وأنها ت َ ُد ُّل َ‬
‫أي‪ :‬وا ِقفَةً سا ِكنَةً َ‬
‫غي َْر ُمتَ َح ِ ّر َكةٍ‪ ،‬وهي ت َ ُم ُّر‬ ‫جام َدةً‪ْ ،‬‬ ‫دار ال ُّد ْنيا َيحْ َ‬
‫سبُها را ِئيها ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ .‬وهذا خطأ َلن اآلية تتعلق بيوم القيامة‪.‬‬
‫سحا ِ‬
‫َم َّر ال َّ‬
‫ض ّإال َمن شا َء اللَّهُ﴾ ِاال ْس ِتثْنا ُء‬
‫اَلر ِ‬
‫ت و َمن في ْ‬ ‫سماوا ِ‬ ‫ع َمن في ال َّ‬ ‫وقَ ْولُهُ ﴿فَفَ ِز َ‬
‫سنَ ِة فَ َلهُ َخي ٌْر ِمنها وهم ِمن فَزَ عِ‬‫ُمجْ َم ٌل يُ َب ِّينُهُ قَ ْولُهُ ت َعالى َب ْع ُد ”﴿ َمن جا َء ِبال َح َ‬
‫ت َلهم ِمنّا ال ُحسْنى﴾ إلى قَ ْو ِل ِه ﴿ال‬ ‫﴿إن الَّذِينَ َ‬
‫سبَقَ ْ‬ ‫يَ ْو َمئِ ٍذ ِآمنُونَ ﴾ وقَ ْولُهُ َّ‬
‫يَحْ ُزنُ ُه ُم الفَزَ عُ اَل ْكبَ ُر﴾‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬من جا َء ِبال َح َ‬
‫س َن ِة فَ َلهُ َخي ٌْر ِمنها﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ ﴿ :‬من جا َء‬
‫س َن ِة َف َلهُ َ‬
‫ع ْش ُر ْأمثا ِلها﴾‬ ‫بِال َح َ‬

‫‪535‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة القصص مكية‬

‫ض﴾ أي‪ :‬بغى في اَلرض‪{ .‬فَقَا َل أَن َ۠ا َربُّ ُك ُم ٱ َۡل َ ۡعلَ ٰى}‬
‫اَلر ِ‬
‫عال فِي ْ‬
‫ع ْونَ َ‬ ‫َّ‬
‫﴿إن فِ ْر َ‬
‫﴿و َجعَ َل أَ ْهلَ َها ِشيَعًا﴾ أي فرقًا يذبح طائفة منهم‪ ،‬ويستحيي طائفة‪،‬‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫ويعذب طائفة‪ ،‬ويستعبد طائفة‪ ،‬وهم بنو إسرائيل‪ .‬ويكرم بعضهم وهم‬
‫القبطيون‪.‬‬
‫ض ونَجْ عَلَهم أئِ َّمةً‬ ‫اَلر ِ‬‫ض ِعفُوا في ْ‬ ‫على الَّذِينَ ا ْست ُ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿ونُ ِري ُد ْ‬
‫أن نَ ُم َّن َ‬
‫علَ ٰۤى أَ ۡم ِر ِهۦ َولَ ٰـ ِك َّن أ َ ۡكث َ َر ٱل َّن ِ‬
‫اس َال َيعۡ لَ ُمونَ }‬ ‫{وٱللَّهُ غَا ِل ٌ‬
‫ب َ‬ ‫الوارثِينَ ﴾ َ‬
‫ِ‬ ‫ونَجْ َعلَ ُه ُم‬
‫عي ٍْن ِلي ولَ َك ال ت َ ْقتُلُوهُ﴾ اآل َيةَ‪ْ .‬ام َرأَتُهُ‬‫ع ْونَ قُ َّرة ُ َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وقالَ ِ‬
‫ت ْام َرأة ُ فِ ْر َ‬
‫ࣰ‬
‫ب ٱ َّللهُ َمثَال ِّللَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا‬ ‫ض َر َ‬
‫{و َ‬
‫اح ٍم وكانت مؤمنة صالحة َ‬ ‫آ ِس َيةُ ِب ْنتُ ُمزَ ِ‬
‫ۡ‬ ‫ࣰ‬
‫ع ۡونَ ِإ ۡذ قَالَ ۡت َربّ ِ ٱ ۡب ِن ِلی ِعن َد َك بَ ۡيتا فِی ٱل َجنَّ ِة} وفي الصحيحين‬ ‫ت فِ ۡر َ‬ ‫ٱ ۡم َرأ َ َ‬
‫ير‪ ،‬ولَ ْم‬ ‫الرجا ِل َكثِ ٌ‬‫من حديث أبي موسى اَلشعري رضي الله عنه " َك َم َل ِمنَ ِ ّ‬
‫شةَ‬ ‫ساء َّإال َم ْر َي ُم ب ْنتُ ِع ْمرانَ ‪ ،‬وآ ِس َيةُ ْام َرأَة ُ ِف ْر َ‬
‫ع ْونَ ‪ ،‬وفَ ْ‬
‫ض ُل عا ِئ َ‬ ‫َي ْك ُم ْل ِمنَ ال ِنّ ِ‬
‫عام"‬ ‫ض ِل الث َّ ِري ِد علَى سائِ ِر َّ‬
‫الط ِ‬ ‫علَى ال ِنّ ِ‬
‫ساء َكفَ ْ‬
‫س ِعي ُد َم ْن أ َ َحبَّهُ َ‬
‫ط ْبعًا‬ ‫س َال ُم‪َ ،‬ال يَ َراهُ أ َ َح ٌد إِ َّال أ َ َحبَّهُ‪ ،‬فَال َّ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫سى‪َ ،‬‬ ‫َو َكانَ ُمو َ‬
‫علَي َْك َم َحبَّةً ِمنِّي﴾‬ ‫﴿وأ َ ْلقَيْتُ َ‬
‫عا قَا َل اللَّهُ ت َ َعا َلى‪َ :‬‬
‫َوش َْر ً‬

‫‪536‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الر ِحي ُم﴾ في‬ ‫ظلَ ْمتُ نَ ْف ِسي فا ْغ ِف ْر ِلي فَ َغفَ َر لَهُ إنَّهُ هو الغَفُ ُ‬
‫ور َّ‬ ‫﴿قا َل َربّ ِ إنِّي َ‬
‫سى‪ ،‬فيَقولُ‪ :‬إ ِنّي لَ ْستُ ُهنا ُك ْم‪ ،‬ويَ ْذ ُك ُر‬ ‫الصحيح من حديث الشفاعة " َفيَأْتُونَ ُمو َ‬
‫س‪ "،‬الحديث‬ ‫أصاب قَتْ َلهُ النَّ ْف َ‬
‫َ‬ ‫َطيئَتَهُ الَّتي‬
‫خ ِ‬
‫ࣱ‬
‫صا ٱ ۡل َم ِدينَ ِة َي ۡس َع ٰى} قيل َهذَا َّ‬
‫الر ُج ُل ُه َو ُمؤْ ِم ُن آ ِل‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬‫ۡ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫﴿و َج ۤا َء َر ُج‬
‫قوله َ‬
‫ع ْونَ ‪ ،‬وقيل غير ذلك‪.‬‬
‫فِ ْر َ‬
‫ࣱ‬
‫ی ِم ۡن َخ ۡي ࣲر فَ ِقير *‬ ‫لظ ِّل فَقَا َل َربّ ِ ِإ ِنّی ِل َم ۤا أَنزَ ۡل َ‬
‫ت ِإلَ َّ‬ ‫سقَ ٰى لَ ُه َما ث ُ َّم ت ََولَّ ٰۤى ِإلَى ٱ ِ ّ‬
‫{فَ َ‬
‫علَى ٱ ۡستِ ۡحيَ ۤا ࣲء } {فَإ ِ َّن َم َع ٱ ۡلعُ ۡس ِر يُ ۡس ًرا}‬ ‫فَ َج ۤا َء ۡتهُ ِإ ۡح َد ٰى ُه َما ت َۡم ِشی َ‬
‫اء في ِخ ْد ِرهَا‪ ،‬فَإِذَا َرأَى‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم أ َ‬
‫ش َّد َحيَا ًء ِمنَ العَ ْذ َر ِ‬ ‫ي َ‬
‫"كانَ النب ُّ‬
‫ان‪".‬‬ ‫َّ‬
‫"فإن ال َح َيا َء ِمنَ اْلي َم ِ‬ ‫ع َر ْفنَاهُ في وجْ ِه ِه‪ ".‬رواه البخاري‬
‫شيئًا َي ْك َر ُههُ َ‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫ࣰ‬
‫ور ٱ َۡل َ ۡي َم ِن}‬‫لط ِ‬ ‫ب ٱ ُّ‬ ‫{من َجا ِن ِ‬ ‫ور نَارا} ِ‬ ‫لط ِ‬ ‫ب ٱ ُّ‬ ‫َس ِمن َجا ِن ِ‬ ‫قوله{ َءان َ‬
‫ی ِمن َش ٰـ ِط ِٕى ٱ ۡل َوا ِد ٱ َۡل َ ۡي َم ِن فِی ٱ ۡلبُ ۡق َع ِة ٱ ۡل ُمبَ ٰـ َر َك ِة ِمنَ ٱل َّ‬
‫ش َج َرةِ}‬ ‫{فَلَ َّم ۤا أَت َٰى َها نُو ِد َ‬
‫ار َو َم ۡن َح ۡولَ َها} وقد تقدم تفصيلها في‬ ‫ور َك َمن فِی ٱلنَّ ِ‬ ‫ی أ َ ُۢن بُ ِ‬ ‫{فَلَ َّما َج ۤا َءهَا نُو ِد َ‬
‫سورة النمل‪.‬‬
‫أخاف‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫أر ِس ْلهُ َم ِعي ِردًا يُ َ‬
‫ص ِ ّد ْقنِي إ ِنّ َ‬ ‫ص ُح ِم ِنّي ِلسا ًنا فَ ْ‬ ‫ون هو أ ْف َ‬‫هار ُ‬
‫﴿وأخي ُ‬ ‫ِ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪،‬‬ ‫سى‪َ ،‬‬ ‫سانًا﴾ ‪َ ،‬وذَ ِل َك أ َ َّن ُمو َ‬ ‫ون﴾ قوله ﴿ ُه َو أ َ ْف َ‬
‫ص ُح ِم ِنّي ِل َ‬ ‫أن يُ َك ِذّبُ ِ‬
‫ْ‬
‫ب طول مكثه بالمدين‪.‬‬ ‫سا ِن ِه لَثْغَةٌ‪ ،‬قال بعض العلماء ِب َ‬
‫س َب ِ‬ ‫َكانَ فِي ِل َ‬

‫‪537‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َدقَ ُموسى؛ َِل َّن َذ ِل َك‬‫أن َيقُو َل لَهم‪َ :‬‬ ‫ِيق ْ‬ ‫صد ُ‬ ‫ص ِ ّد ْقنِي} لَي َ‬
‫ْس التَّ ْ‬ ‫وقوله {يُ َ‬
‫هارونَ هو أن يقول‬ ‫ق إلى ُ‬ ‫صي ُح وذُو الفَها َه ِة‪َ .‬فإسْنا ُد الت َّ ْ‬
‫صدِي ِ‬ ‫يَ ْست َ ِوي فِي ِه الفَ ِ‬
‫بعده بفصاحة‪.‬‬
‫صلُونَ ِإلَ ْي ُك َما ِبآيَا ِتنَا﴾‬ ‫﴿فَ َال َي ِ‬
‫طانًا بِآيَاتِنَا‪ ،‬أي‪ :‬بسبب آياتنا نجعل لكما السلطان‪ ،‬فال‬ ‫س ْل َ‬ ‫َونَجْ عَ ُل لَ ُك َما ُ‬
‫يستطيعون الوصول إليكما وال إبطا َل دعو ِتكما‪ .‬ال بسبب العدد والعدة كما‬
‫قال تعالى عن المؤمنين‪{ :‬ويَ ْو َم ُح َني ٍْن إ ْذ أ ْع َجبَتْكم َكثْ َرتُكم فَلَ ْم ت ُ ْغ ِن عنكم َ‬
‫ش ْيئًا‬
‫ب‬ ‫ت ث ُ َّم َّ‬
‫ول ْيت ُ ْم ُم ْدبِ ِرينَ ﴾ بعد أن قالوا "لَ ْن نُ ْغلَ َ‬ ‫ض بِما َر ُحبَ ْ‬ ‫علَ ْي ُك ُم ْ‬
‫اَلر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫وضاقَ ْ‬
‫ال َي ْو َم ِمن قِ َّل ٍة"‬
‫ت قالُوا ما هَذا ّإال سِحْ ٌر ُم ْفت ًَرى وما َ‬
‫س ِم ْعنا‬ ‫﴿فَلَ ّما جا َءهم ُموسى بِآيا ِتنا بَ ِّينا ٍ‬
‫{و َما يُ ۡؤ ِم ُن أ َ ۡكث َ ُر ُهم ِبٱللَّ ِه ِإ َّال َو ُهم ُّم ۡش ِر ُكونَ }‬
‫اَلولِينَ ﴾ َ‬
‫ِب َهذا في آبا ِئنا َّ‬
‫س ِبي ِل ٱللَّ ٰۚ ِه{‬‫عن َ‬ ‫وك َ‬ ‫ضلُّ َ‬ ‫ض يُ ِ‬ ‫} َو ِإن ت ُ ِط ۡع أ َ ۡكث َ َر َمن فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫غ ۡي ِری} كقوله {فَقَا َل أَنَا‬ ‫ع ۡو ُن يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱ ۡل َم َأل ُ َما َ‬
‫ع ِل ۡمتُ لَ ُكم ِّم ۡن إِلَ ٰـ ٍه َ‬ ‫﴿وقَا َل فِ ۡر َ‬‫َ‬
‫س ُه ۡم‬‫ُوا ِب َها َوٱ ۡستَ ۡيقَنَ ۡت َه ۤا أَنفُ ُ‬ ‫{و َج َحد ۟‬ ‫َربُّ ُك ُم اَل ْعلَى} وهذا كله كبر منه والحقيقة َ‬
‫ࣰ‬ ‫ُ ࣰ‬
‫علُ ّو ٰۚا}‬‫ظ ۡلما َو ُ‬
‫ظنُّوا أَنَّ ُه ْم ِإلَ ْينَا َال‬ ‫ق َو َ‬ ‫ض بِغَي ِْر ْال َح ّ ِ‬ ‫﴿وا ْست َ ْكبَ َر ُه َو َو ُجنُو ُدهُ فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫يُ ْر َجعُونَ ﴾‬

‫‪538‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظ َمةُ ِإزَ ِاري َو ْال ِكب ِْر َيا ُء ِر َدائِي‪ ،‬فَ َم ْن نَازَ َ‬
‫عنِي‬ ‫حديث " َيقُو ُل اللَّهُ ت َ َعالَى ْال َع َ‬

‫احدًا ِم ْن ُه َما أ َ ْس َك ْنتُهُ ن ِ‬


‫َاري" أصله في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة‬ ‫َو ِ‬
‫وأبي سعيد الخدري‪.‬‬
‫﴿وأتْبَ ْعناهم في َه ِذ ِه ال ُّد ْنيا لَ ْع َنةً ويَ ْو َم ال ِقيا َم ِة هم ِمنَ ال َم ْقبُ ِ‬
‫وحينَ ﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى َ‬
‫الر ْف ُد ال َم ْرفُودُ﴾‬
‫س ِّ‬ ‫﴿وأُتْبِعُوا في َه ِذ ِه لَ ْع َنةً ويَ ْو َم ال ِقيا َم ِة بِئْ َ‬
‫كقوله َ‬
‫ب‪ ،‬فَ ُه ُم‬ ‫ِير ِمن َق ْب ِل َك} والقَ ْو ُم‪ :‬قُ َري ٌ‬
‫ْش وال َع َر ُ‬ ‫{ ِلت ُ ْنذ َِر قَ ْو ًما ما أتاهم ِمن نَذ ٍ‬
‫ير َق ْب َل ُم َح َّم ٍد ﷺ‪ ،‬وبعد موت‬ ‫خاطبُونَ الحاضرون أو ُكلُّهم لَ ْم يَأْتِ ِه ْم نَ ِذ ٌ‬ ‫ال ُم ِ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫سال ُم‪.‬‬ ‫إسْما ِعيل َ‬
‫ت أ َ ْيدِي ِه ْم فَ َيقُولُوا َربَّنَا لَ ْوال أ َ ْر َس ْل َ‬
‫ت ِإلَ ْينَا‬ ‫صي َبةٌ ِب َما قَ َّد َم ْ‬ ‫﴿ولَ ْوال أ َ ْن ت ُ ِ‬
‫صي َب ُه ْم ُم ِ‬ ‫َ‬
‫ش ِرينَ َو ُم ْنذ ِِرينَ ِلئ َال يَ ُكونَ‬
‫سال ُمبَ ِ ّ‬ ‫سوال فَنَتَّبِ َع آيَا ِت َك َونَ ُكونَ ِمنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾ ُ‬
‫﴿ر ُ‬ ‫َر ُ‬
‫س ِل﴾‬ ‫علَى اللَّ ِه ُح َّجةٌ َب ْع َد ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫اس َ‬‫ِللنَّ ِ‬
‫وا َويَ ۡد َر ُءونَ ِبٱ ۡل َح َ‬
‫س َن ِة ٱل َّس ِيّئَةَ َو ِم َّما‬ ‫صبَ ُر ۟‬
‫{أ ُ ۟ولَ ٰۤـ ِٕى َك يُ ۡؤت َۡونَ أ َ ۡج َر ُهم َّم َّرت َ ۡي ِن ِب َما َ‬
‫يِ‪،‬‬‫سى ْاَل َ ْشعَ ِر ّ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن من حديث أَبِي ُمو َ‬ ‫َرزَ ۡقنَ ٰـ ُه ۡم يُن ِفقُونَ } َوقَ ْد َو َر َد فِي ال َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪" :‬ث َ َالثَةٌ يُؤتَونَ أجْ رهم َم ّرت َين‪َ :‬ر ُج ٌل‬ ‫سو ُل َّ‬‫ع ْنهُ‪َ ،‬قا َل‪َ :‬قا َل َر ُ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫َر ِ‬
‫وك أَدَّى َح َّق اللَّ ِه َو َح َّق‬ ‫ع ْب ٌد َم ْملُ ٌ‬ ‫ِم ْن أ َ ْه ِل ْال ِكت َا ِ‬
‫ب آ َمنَ بِنَ ِبيِّ ِه ث ُ َّم آ َمنَ بِي‪َ ،‬و َ‬
‫فتزوجها"‬ ‫َّ‬ ‫َت لَهُ أ َمة فَأ َ َّدبَ َها فَأَحْ َسنَ ت َأْدِيبَ َها ث ُ َّم أ َ ْعتَقَ َها‬
‫َم َوا ِلي ِه‪ ،‬و َر ُجل َكان ْ‬
‫طونَ أَ ْهلَهُ َو َال‬ ‫ع ْنهُ﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬ال يُخَا ِل ُ‬ ‫س ِمعُوا اللَّ ْغ َو أَع َْر ُ‬
‫ضوا َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِإذَا َ‬
‫﴿و ِإ َذا َم ُّروا بِاللَّ ْغ ِو َم ُّروا ِك َرا ًما﴾‬
‫يُ َعا ِش ُرونَ ُه ْم‪ ،‬بَ ْل َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ْت َولَ ِك َّن اللَّهَ َي ْهدِي َمن َيشَا ُء َوهو أ َ ْعلَ ُم بال ُم ْهتَدِينَ }‬
‫{إنَّ َك ال ت َ ْهدِي َمن أَحْ َبب َ‬
‫‪539‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى َّ‬
‫اللهُ عليه‬ ‫سو ُل الل ِه َ‬ ‫الوفَاة ُ َجا َءهُ َر ُ‬
‫ب َ‬ ‫ت أ َ َبا َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫ض َر ْ‬ ‫في الصحيحين "ا َح َ‬
‫يرةِ‪ ،‬فَقا َل َر ُ‬
‫سو ُل‬ ‫ع ْب َد الل ِه بنَ أَبِي أ ُ َميَّةَ ِ‬
‫بن ال ُم ِغ َ‬ ‫سلَّ َم‪ ،‬فَ َو َج َد ِع ْن َدهُ أَبَا َج ْه ٍل‪َ ،‬و َ‬
‫َو َ‬
‫لك ب َها ِع ْن َد‬‫ع ِ ّم‪ ،‬قُ ْل‪ :‬ال ِإلَهَ ِإ َّال اللَّهُ‪َ ،‬ك ِل َمةً أ َ ْش َه ُد َ‬
‫س َّل َم‪ :‬يا َ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه َو َ‬
‫الل ِه َ‬
‫َب عن ِملَّ ِة‬
‫ب‪ ،‬أَت َْرغ ُ‬ ‫بن أ َ ِبي أ ُ َميَّةَ‪ :‬يا أَبَا َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫ع ْب ُد الل ِه ُ‬‫الل ِه‪ ،‬فَقا َل أَبُو َج ْه ٍل‪َ ،‬و َ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه َو َسلَّ َم يَ ْع ِر ُ‬
‫ض َها عليه‪،‬‬ ‫ب؟ فَلَ ْم يَزَ ْل َر ُ‬
‫سو ُل الل ِه َ‬ ‫عب ِد ال ُم َّ‬
‫ط ِل ِ‬
‫آخ َر ما َكلَّ َم ُه ْم‪ :‬هو علَى ِملَّ ِة عب ِد‬‫ب ِ‬ ‫طا ِل ٍ‬‫لك ال َمقالَةَ حتَّى قا َل أَبُو َ‬ ‫َويُ ِعي ُد له ِت َ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه‬
‫سو ُل الل ِه َ‬ ‫ب‪َ ،‬وأَبَى أ َ ْن يَقُو َل‪ :‬ال ِإلَهَ ِإ َّال اللَّهُ‪ ،‬فَقا َل َر ُ‬ ‫ال ُم َّ‬
‫ط ِل ِ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪{ :‬ما كانَ‬ ‫لك ما لَ ْم أ ُ ْنهَ َ‬
‫ع ْن َك‪ ،‬فأ ْنزَ َل اللَّهُ َ‬ ‫سلَّ َم‪ :‬أَما َواللَّ ِه َل َ ْست َ ْغ ِف َر َّن َ‬
‫َو َ‬
‫ي ِ َوالَّذِينَ آ َمنُوا أ َ ْن َي ْست َ ْغ ِف ُروا ِل ْل ُم ْش ِركِينَ ولو َكانُوا أ ُو ِلي قُ ْر َبى ِمن َب ْع ِد ما‬ ‫للنب ّ‬
‫ب‪ ،‬فَقا َل‬ ‫اب ال َج ِح ِيم} َوأَ ْنزَ َل اللَّهُ ت َ َعالَى في أَبِي َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫تَبَيَّنَ له ْم أنَّ ُه ْم أَ ْ‬
‫ص َح ُ‬
‫ْت َولَ ِك َّن َّ‬
‫اللهَ َي ْهدِي‬ ‫سلَّ َم‪{ :‬إنَّ َك ال ت َ ْهدِي َمن أَحْ َبب َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫اللهُ عليه َو َ‬ ‫سو ِل الل ِه َ‬ ‫ِل َر ُ‬
‫َمن يَشَا ُء َوهو أ َ ْعلَ ُم بال ُم ْهتَدِينَ }"‬
‫الخيَ َرةُ} أي يخلق ما يشاء ويختار‬ ‫﴿و َرب َُّك يَ ْخلُ ُق ما يَشا ُء ويَ ْخ ُ‬
‫تار ما كانَ لَ ُه ُم ِ‬ ‫َ‬
‫من خلقه ما يشاء كما قال ابن القيم رحمه الله‪.‬‬
‫ير ‪ -‬يَ ْعلَ ُم ما‬
‫ص ٌ‬ ‫إن اللَّهَ َ‬
‫س ِمي ٌع بَ ِ‬ ‫اس َّ‬‫ومنَ النّ ِ‬ ‫س ًال ِ‬ ‫ص َ‬
‫ط ِفي ِمنَ ال َمالئِ َك ِة ُر ُ‬ ‫َّ‬
‫﴿اللهُ َي ْ‬
‫بَيْنَ أ ْيدِي ِه ْم وما خ َْلفَهم وإلى اللَّ ِه ت ُ ْر َج ُع اَل ُ ُم ُ‬
‫ور﴾‬

‫‪540‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض ِل ِهۦ َولَ َعلَّ ُك ْم‬‫وا ِمن َف ۡ‬ ‫وا فِي ِه َو ِلت َۡبتَغُ ۟‬ ‫ار ِلت َۡس ُكنُ ۟‬ ‫﴿و ِمن َّر ۡح َمتِ ِهۦ َج َع َل لَ ُك ُم ٱلَّ ۡي َل َوٱلنَّ َه َ‬ ‫َ‬
‫ار‪َ ،‬و َم ْن فَاتَهُ‬‫الل ْي ِل َوالنَّ َه ِ‬ ‫ت فِي َّ‬ ‫ي‪ :‬ت َ ْش ُك ُرونَ اللَّهَ بِأ َ ْن َواعِ ْال ِعبَا َدا ِ‬ ‫ت َ ْش ُك ُرونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ار ا ْست َ ْد َر َكهُ ِباللَّ ْي ِل‪َ ،‬ك َما َقا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫ار‪ ،‬أ َ ْو ِبالنَّ َه ِ‬‫ش ْي ٌء ِباللَّ ْي ِل ا ْست َ ْد َر َكهُ ِبالنَّ َه ِ‬ ‫َ‬
‫ش ُك ً‬
‫ورا﴾‬ ‫ار ِخ ْلفَةً ِل َم ْن أ َ َرا َد أ َ ْن يَذَّ َّك َر أ َ ْو أ َ َرا َد ُ‬ ‫الل ْي َل َوالنَّ َه َ‬‫﴿و ُه َو الَّذِي َج َع َل َّ‬ ‫َ‬
‫سى﴾ َقا َل كثير من المفسرين‪َ :‬كانَ ابْنَ َ‬
‫ع ِّم ِه ‪،‬‬ ‫ارونَ َكانَ ِم ْن قَ ْو ِم ُمو َ‬
‫﴿إِ َّن قَ ُ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪.‬‬ ‫قيل َكانَ ع َّم ُمو َ‬
‫سى‪َ ،‬‬
‫{ ِإ ۡذ قَا َل َلهُۥ قَ ۡو ُمهُۥ َال ت َۡف َر ۡح} أي ال تأشر وال تبطر‪ ،‬وليس هذا الفرح فرح‬
‫القلب فإنه من اَلوصاف التي طبع عليها اْلنسان‪ .‬كما قال الشاطبي في‬
‫الموافقات‪.‬‬
‫عانَا‬
‫ض ٌّر َد َ‬
‫سانَ ُ‬ ‫علَى ِع ْل ٍم ِع ْندِي﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَإِذَا َم َّ‬
‫س اْل ْن َ‬ ‫﴿قَا َل ِإنَّ َما أُوتِيتُهُ َ‬
‫ث ُ َّم ِإذَا خ ََّو ْلنَاهُ ِن ْع َمةً ِمنَّا قَا َل ِإنَّ َما أُو ِتيتُهُ َعلَى ِع ْل ٍم﴾‬
‫ف ٱ ۡل ُم ۡج ِر ُمونَ‬
‫ع ْن ذُنُو ِب ِه ُم ْال ُمجْ ِر ُمونَ ﴾ كما قال تعالى{يُعۡ َر ُ‬
‫﴿وال يُ ْسأ َ ُل َ‬
‫و قوله َ‬
‫صی َوٱ َۡل َ ۡق َد ِام}‬
‫ِب ِسي َم ٰـ ُه ۡم َفيُ ۡؤ َخذُ ِبٱلنَّ َو ٰ⁠ ِ‬
‫ي‪َ :‬جزَ ا ُء اللَّ ِه ِل ِعبَا ِد ِه‬
‫صا ِل ًحا﴾ أ َ ْ‬ ‫اب اللَّ ِه َخي ٌْر ِل َم ْن آ َمنَ َو َ‬
‫ع ِم َل َ‬ ‫﴿و ْيلَ ُك ْم ث َ َو ُ‬
‫َ‬
‫َّار ْاآل ِخ َر ِة َخي ٌْر ِم َّما ت ََر ْونَ ‪َ .‬ك َما ِفي صحيح مسلم‪:‬‬ ‫صا ِل ِحينَ ِفي الد ِ‬ ‫ْال ُمؤْ ِمنِينَ ال َّ‬
‫ت‪َ ،‬و َال أُذُ ٌن‬
‫عي ٌْن َرأ َ ْ‬ ‫يَقُو ُل َّ‬
‫اللهُ ت َ َعالَى‪ :‬أ َ ْع َددْتُ ِل ِعبَادِي ال َّ‬
‫صا ِل ِحينَ َما َال َ‬
‫علَى قَ ْل ِ‬
‫ب بَش ٍَر"‬ ‫ت‪َ ،‬و َال خطر َ‬ ‫س ِمعَ ْ‬
‫َ‬

‫‪541‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صا ِب ُرونَ ﴾ في حديث أبي سعيد الخدري‬ ‫وقوله َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وال يُلَقَّاهَا ِإال ال َّ‬
‫طا ًء َخي ًْرا وأ َ ْو َس َع ِمنَ‬
‫ي أ َح ٌد َع َ‬ ‫رضي الله عنه في الصحيحين "وما أُع ِ‬
‫ْط َ‬
‫صب ِْر‪".‬‬
‫ال َّ‬
‫ُون ٱ َّلل ِه َو َما‬
‫ص ُرونَهُۥ ِمن د ِ‬ ‫ض فَ َما َكانَ لَهُۥ ِمن فِئ َةࣲ َين ُ‬‫س ۡفنَا ِب ِهۦ َو ِب َد ِار ِه ٱ َۡل َ ۡر َ‬
‫﴿فَ َخ َ‬
‫علَى‬ ‫ارونَ فِي ِزينَتِ ِه‪َ ،‬و َف ْخ َرهُ َ‬ ‫َص ِرينَ } لَ َّما ذَ َك َر تَعَالَى ْ‬
‫اخ ِتيَا َل قَ ُ‬ ‫َكانَ ِمنَ ٱ ۡل ُمنت ِ‬
‫ض‪َ ،‬ك َما ثَ َب َ‬
‫ت ِفي‬ ‫ب ذَ ِل َك ِبأَنَّهُ َخ َس َ‬
‫ف ِب ِه َو ِب َد ِار ِه ْاَل َ ْر َ‬ ‫عقَّ َ‬
‫قَ ْو ِم ِه َو َب ْغ َيهُ َعلَ ْي ِه ْم‪َ ،‬‬
‫سو َل اللَّ ِه ﷺ قَا َل‪" :‬بَ ْينَا َر ُج ٌل َي ُج ُّر ِإزَ َ‬
‫ارهُ ِإ ْذ‬ ‫ي ِ أ َ َّن َر ُ‬ ‫ص ِحيحِ ‪ِ -‬ع ْن َد ْالبُخ ِ‬
‫َار ّ‬ ‫ال َّ‬
‫ض إِلَى يَ ْو ِم ْال ِق َيا َم ِة" فقال بعض العلماء هذا‬
‫ف بِ ِه‪ ،‬فَ ُه َو يَتَ َج ْل َج ُل فِي ْاَل َ ْر ِ‬
‫ُخ ِس َ‬
‫الرجل هو قارون نفسه‪.‬‬
‫وقصة قارون تشبه قصة الثالثة في بني إسرائيل‪ :‬أبرص‪ ،‬وأعمى‪ ،‬وأقرع‪،‬‬
‫بدا الله أن يبتليهم‪ ،‬فبعث الله إليهم ملكا"‬
‫﴿و ْي َكأَنَّهُ َال يُ ْف ِل ُح ْال َكافِ ُرونَ ﴾ وقال العلماء "إذا أقبلت الفتنة عرفها العقالء وإذا‬
‫َ‬
‫أحرقت عرفها السفهاء"‬
‫﴿و ْي َكأ َ َّن﴾ ِقي َل‪َ :‬م ْعنَاهَا‪َ :‬و ْي َكأ َ َّن‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫اختَلَ َ‬
‫ف النُّ َحاة ُ في معنى قوله تعالى ‪َ :‬‬ ‫َوقَ ِد ْ‬
‫ي َكأ َ َّن"‪ ،‬فَ َف َ‬
‫صلَ َها َو َج َع َل‬ ‫"و ْ‬ ‫أَلَ ْم ت ََر أ َ َّن‪ .‬قَالَهُ قَت َا َدة ُ واب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‪َ .‬وقِي َل‪َ :‬م ْعنَاهَا َ‬
‫ب أ َ ْو ِللت َّ ْنبِي ِه‪.‬‬ ‫ي" ِللتَّعَ ُّج ِ‬ ‫"و ْ‬
‫ف َ‬ ‫َح ْر َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰُ‬
‫ساد ٰۚا} كما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫و‬
‫ِ َ‬‫ض‬ ‫ر‬‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫َل‬ ‫ٱ‬ ‫ی‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫عل ّ‬ ‫اخ َرة ُ ن َۡج َعلُ َها ِللَّ ِذينَ َال يُ ِريدُونَ ُ‬ ‫َّار ٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫﴿تِ ۡل َك ٱلد ُ‬
‫ضعُوا حتَّى ال يَ ْفخ ََر أ َ َح ٌد علَى‬ ‫"وإن اللَّهَ أ َ ْو َحى إلَ َّ‬
‫ي أَ ْن ت ََوا َ‬ ‫َّ‬ ‫في صحيح مسلم‬
‫أ َ َحدٍ‪َ ،‬و َال َي ْب ِغي أ َ َح ٌد علَى أ َ َح ٍد"‬
‫‪542‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ُّك إلى َمعا ٍد قُ ْل َر ِبّ َ‬


‫ي أ ْع َل ُم َمن جا َء ِبال ُهدى‬ ‫ع َلي َْك القُ ْرآنَ لَراد َ‬ ‫﴿إن الَّذِي فَ َر َ‬
‫ض َ‬ ‫َّ‬
‫ين﴾‬
‫ضال ٍل ُمبِ ٍ‬
‫و َمن هو في َ‬
‫وال َمعا ُد‪ :‬مصدر من ال َع ْو ِد وهو َي ْو ُم ال ِقيا َم ِة َِلنَّهُ َمعا ُد ال ُك ِّل‪ .‬أو من العادة‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬فيُرا ُد ُهنا بَلَ ُدهُ الَّذِي كانَ ِب ِه وهو َم َّكةُ‬‫غاب َ‬ ‫َ‬ ‫وهو ما يَعُو ُد إلَ ْي ِه ال َم ْر ُء ْ‬
‫إن‬
‫ت ت َْر ُجو أ َ ْن يُ ْلقَى إِ َلي َْك ْال ِكت ُ‬
‫َاب﴾ والدليل على ذلك ما كان له صلى‬ ‫﴿و َما ُك ْن َ‬
‫َ‬
‫الله عليه وسلم عند بدإ الوحي من الفزع والقلق‪.‬‬
‫﴿وا ْدعُ ِإلَى َربِّ َك﴾ وكان يقول "قولوا ال إله إال الله تفلحوا"‬
‫َ‬
‫علَ ْي َها فَ ٍ‬
‫ان *‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬ك ُّل َ‬
‫ش ْيءٍ هَا ِل ٌك إِال َوجْ َههُ﴾ َك َما َقا َل تَعَالَى‪ُ ﴿ :‬ك ُّل َم ْن َ‬
‫َو َي ْبقَى َوجْ هُ َر ِبّ َك ذُو ْال َجال ِل َواْل ْك َر ِام﴾ وجه حقيقي وهو من صفاته الذاتية‬
‫وليس كمثله شيء وقال بعض السلف أي ذاته َلن الوجه جزء من الذات‪،‬‬
‫أما المتأخرون المحرفون فال يلتفت إلى كالمهم {قُ ۡل َءأَنت ُ ۡم أ َ ۡع َل ُم أ َ ِم ٱلله}‬
‫ي‪ِ :‬إ َّال َما أ ُ ِري َد‬
‫ي فِي قَ ْو ِل ِه‪ُ ﴿ :‬ك ُّل َش ْيءٍ هَا ِل ٌك ِإال َوجْ َههُ﴾ أ َ ْ‬
‫َوقَا َل ُم َجا ِه ٌد َوالث َّ ْو ِر ُّ‬
‫بِ ِه َوجْ ُههُ‪.‬‬
‫ص َد ُق‬ ‫سو ُل َّ‬
‫الل ِه ﷺ‪" :‬أ َ ْ‬ ‫ع ْن أَ ِبي ُه َري َْرة َ َقا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫ص ِحيحِ‪َ ،‬‬ ‫َوقَ ْد ث َ َب َ‬
‫ت ِفي ال َّ‬
‫َك ِل َم ٍة قَالَ َها شَا ِع ٌر َك ِل َمةُ لَبِيَ ٍد‪:‬‬
‫اط ُل"‬ ‫"أ َ َال ك ُّل ش ْ‬
‫َيء َما خَال اللهَ بَ ِ‬

‫‪543‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة العنكوت مكية‬

‫اس أ َ ْن يُتْ َر ُكوا أ َ ْن َيقُولُوا آ َمنَّا َو ُه ْم َال يُ ْفتَنُونَ ﴾ َك َما َجا َء ِفي‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ َح ِس َ‬
‫ب النَّ ُ‬
‫صا ِل ُحونَ ‪ ،‬ث ُ َّم ْاَل َ ْمث َ ُل‬
‫اس َب َال ًء ْاَل َ ْن ِبيَا ُء ث ُ َّم ال َّ‬ ‫ص ِحيحِ‪" :‬أ َ َ‬
‫ش ُّد ال َّن ِ‬ ‫ْال َحدِي ِ‬
‫ث ال َّ‬
‫ص َالبَةٌ ِزي َد فِي‬
‫ب دِينِ ِه‪ ،‬فَإ ِ ْن َكانَ فِي دِينِ ِه َ‬
‫س ِ‬‫علَى َح َ‬ ‫فَ ْاَل َ ْمثَلُ‪ ،‬يُ ْبتَلَى َّ‬
‫الر ُج ُل َ‬
‫ْال َب َال ِء" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫ي على رسو ِل الل ِه‬ ‫وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه "دخل أعراب ٌّ‬
‫وسل َم‪ ،‬فقال لهُ رسو ُل الل ِه صلَّى اللهُ علي ِه وسلَّ َم‪ :‬أخذتْ َك أ ُ ُّم‬ ‫صلَّى اللهُ علي ِه َّ‬
‫يكون بينَ الجل ِد واللحْ م قال‪ :‬ما وجدتُ‬ ‫ُ‬ ‫ط قال‪َ :‬وما أ ُ ُّم ِم ْل َد ٍم قال‪َ :‬ح ٌّر‬
‫ِم ْل َد ٍم قَ ُّ‬
‫ب‬
‫تضر ُ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫عروق‬ ‫صداعُ قال‪:‬‬
‫ط قال‪ :‬وما ال ُّ‬‫صداعُ قَ ُّ‬ ‫هذا ُّ‬
‫قط‪ ،‬قا َل‪ :‬فهل أخذك ال ُّ‬
‫ط‪ ،‬قال‪ :‬فلما ولى‪ ،‬قال‪ :‬من‬‫نسان في رأس ِه» ‪ ،‬قا َل‪ :‬ما وجدتُ هذا قَ ُّ‬
‫اْل ِ‬ ‫على ِ‬
‫ار" صححه أحمد شاكر وغيره‪.‬‬ ‫ظ َر إلى ر ُج ٍل من أه ِل النَّ ِ‬ ‫أحبَّ أَن ين ُ‬
‫سنَ {‬‫سيِّـَٔاتِ ِه ۡم َولَن َۡج ِز َينَّ ُه ۡم أ َ ۡح َ‬
‫ع ۡن ُه ۡم َ‬
‫ت لَنُ َك ِفّ َر َّن َ‬
‫ص ٰـ ِل َح ٰـ ِ‬ ‫ع ِملُ ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫وا َو َ‬ ‫َوٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا َيعۡ َملُونَ ﴾ فال بد من اْلمتحان حتى يتضح الصالح من الطالح قال‬ ‫ٱلَّ ِذی َكانُ ۟‬

‫ث ِمنَ‬‫ع َل ۡي ِه َحت َّ ٰى يَ ِميزَ ٱ ۡل َخ ِبي َ‬ ‫علَ ٰى َم ۤا أَنت ُ ۡم َ‬ ‫تعالى { َّما َكانَ ٱ َّللهُ ِليَذَ َر ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ َ‬
‫ٱ َّ‬
‫لط ِّي ٰۗ ِ‬
‫ب}‬

‫‪544‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْس لَ َك ِب ِه ِع ْل ٌم‬
‫اك ِلت ُ ْش ِر َك ِبي َما لَي َ‬ ‫ص ْينَا اْل ْن َ‬
‫سانَ ِب َوا ِل َد ْي ِه ُح ْسنًا َو ِإ ْن َجا َه َد َ‬ ‫﴿و َو َّ‬
‫َ‬
‫فَال ت ُ ِط ْع ُه َم﴾ ْاآليَةَ‪ .‬وفي صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص أ َّنهُ‬
‫ت أ ُ ُّم َ‬
‫س ْع ٍد أ َ ْن ال ت ُ َك ِلّ َمهُ أ َ َبدًا حتَّى َي ْكفُ َر‬ ‫آن قا َل‪َ :‬حلَفَ ْ‬
‫ات ِمنَ القُ ْر ِ‬ ‫ت فيه آ َي ٌ‬ ‫نَزَ لَ ْ‬
‫بوا ِل َدي َْك‪َ ،‬وأَنَا‬
‫اك َ‬ ‫ص َ‬ ‫أن اللَّهَ َو َّ‬ ‫ت َّ‬ ‫ع ْم َ‬ ‫ت‪ :‬زَ َ‬ ‫بدِينِ ِه‪َ ،‬و َال ت َأ ْ ُك َل َو َال ت َ ْش َر َ‬
‫ب‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ام اب ٌْن‬‫علَ ْي َها ِمنَ ال َج ْه ِد‪ ،‬فَقَ َ‬
‫ي َ‬ ‫ت ث َ َالثًا حتَّى ُ‬
‫غ ِش َ‬ ‫أ ُ ُّم َك‪َ ،‬وأَنَا آ ُم ُر َك بهذا‪ ،‬قا َل‪َ :‬م َكث َ ْ‬
‫ع َّز َو َج َّل‬‫س ْعدٍ‪ ،‬فأ ْنزَ َل اللَّهُ َ‬
‫عو علَى َ‬‫ت ت َ ْد ُ‬ ‫سقَاهَا‪ ،‬فَ َج َعلَ ْ‬
‫ارةُ‪ ،‬فَ َ‬ ‫لَ َها يُقَا ُل له ُ‬
‫ع َم َ‬
‫اك علَى أ َ ْن‬ ‫بوا ِل َد ْي ِه ُح ْس ًنا ْ‬
‫وإن َجا َه َد َ‬ ‫ص ْينَا اْل ْن َ‬
‫سانَ َ‬ ‫آن هذِه اآليَةَ‪َ :‬‬
‫{و َو َّ‬ ‫في القُ ْر ِ‬
‫اح ْب ُهما في ال ُّد ْنيَا َم ْع ُروفًا}‬
‫ص ِ‬ ‫ت ُ ْش ِر َك بي} َو ِفي َها َ‬
‫{و َ‬
‫ص ٌر ِم ْن َر ِبّ َك لَ َيقُولُ َّن ِإنَّا ُكنَّا َم َع ُك ْم} يعني المنافقين كما قال‬
‫﴿ولَئِ ْن َجا َء َن ْ‬
‫قوله َ‬
‫صونَ بِ ُك ْم فَإ ِ ْن َكانَ لَ ُك ْم فَتْ ٌح ِمنَ َّ‬
‫الل ِه قَالُوا أَلَ ْم نَ ُك ْن َم َع ُك ْم‬ ‫تعالى ﴿الَّذِينَ يَت ََربَّ ُ‬
‫علَ ْي ُك ْم َون َْمنَ ْع ُك ْم ِمنَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ﴾‬
‫يب قَالُوا أَلَ ْم نَ ْستَحْ ِو ْذ َ‬
‫َص ٌ‬‫َو ِإ ْن َكانَ ِل ْل َكا ِف ِرينَ ن ِ‬
‫صا َبهُ َخي ٌْر ْ‬
‫اط َمأ َ َّن ِب ِه َو ِإ ْن‬ ‫علَى َح ْرفٍ فَإ ِ ْن أَ َ‬ ‫اس َم ْن يَ ْعبُ ُد اللَّهَ َ‬‫﴿و ِمنَ النَّ ِ‬ ‫وقال َ‬
‫ان ْال ُم ِب ُ‬
‫ين﴾‬ ‫اآلخ َرة َ ذَ ِل َك ُه َو ْال ُخس َْر ُ‬
‫علَى َوجْ ِه ِه َخ ِس َر ال ُّد ْنيَا َو ِ‬ ‫ب َ‬ ‫صا َبتْهُ ِفتْنَةٌ ا ْنقَلَ َ‬
‫أَ َ‬
‫﴿ولَ َي ْعلَ َم َّن اللَّهُ الَّذِينَ آ َمنُوا َو َل َي ْعلَ َم َّن ْال ُمنَا ِفقِينَ ﴾ كما قال تعالى ۡ‬
‫{م َح ِس ۡبت ُ ۡم‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س ۡت ُه ُم ٱ ۡلبَ ۡأ َ‬
‫س ۤا ُء‬ ‫وا ٱ ۡل َج َّنةَ َولَ َّما يَ ۡأتِ ُكم َّمثَ ُل ٱلَّ ِذينَ َخلَ ۡو ۟ا ِمن قَ ۡب ِل ُكم َّم َّ‬
‫أَن ت َۡد ُخلُ ۟‬
‫سو ُل َوٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫وا َمعَهُۥ َمت َٰى نَصۡ ُر ٱللَّ ٰۗ ِه}‬ ‫َوٱلض ََّّر ۤا ُء َو ُز ۡل ِزلُ ۟‬
‫وا َحت َّ ٰى يَقُو َل ٱ َّ‬
‫لر ُ‬
‫﴿و ِإ ْن ت َ ْدعُ ُمثْقَ َلةٌ‬
‫ش ْيءٍ ﴾ اآل َيةَ‪َ .‬‬
‫حاملِينَ ِمن خَطاياهم ِمن َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما هم ِب ِ‬
‫ش ْي ٌء َولَ ْو َكانَ ذَا قُ ْربَى﴾‬
‫ِإلَى ِح ْم ِل َها َال يُحْ َم ْل ِم ْنهُ َ‬

‫‪545‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عاةِ ِإلَى ْال ُك ْف ِر‬


‫ع ِن ال ُّد َ‬
‫ار َ‬ ‫﴿ولَ َيحْ ِملُ َّن أَثْقَالَ ُه ْم َوأَثْقَاال َم َع أَثْقَا ِل ِه ْم﴾ ‪ِ :‬إ ْخ َب ٌ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ب َم ْن‬ ‫سبَ ِ‬ ‫ارا أخَر ِب َ‬ ‫ض َال َل ِة‪ ،‬أَنَّ ُه ْم يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة يَحْ ِملُونَ أَ ْوزَ َ‬
‫ار أ َ ْنفُ ِس ِه ْم‪َ ،‬وأ َ ْوزَ ً‬ ‫َوال َّ‬
‫اس‪ .‬كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة "و َمن َدعا‬ ‫ضلُّوا ِمنَ النَّ ِ‬
‫أَ َ‬
‫آثام ِه ْم‬
‫ص ذل َك ِمن ِ‬ ‫ضال َلةٍ‪ ،‬كانَ عليه ِمنَ اْلثْ ِم ِمثْ ُل ِ‬
‫آثام َمن ت َ ِب َعهُ‪ ،‬ال َي ْنقُ ُ‬ ‫إلى َ‬
‫شيئًا‪".‬‬
‫ࣰ‬
‫عاما} ومع‬‫سنَ ٍة ِإ َّال خ َۡم ِسينَ َ‬ ‫ث ِفي ِه ۡم أ َ ۡل َ‬
‫ف َ‬ ‫س ۡلنَا نُو ًحا ِإلَ ٰى قَ ۡو ِم ِهۦ فَ َل ِب َ‬
‫﴿ولَقَ ۡد أ َ ۡر َ‬
‫َ‬
‫ذلك { َما آ َمن َم َعهُ ِإ َّال قَ ِلي ٌل}‬
‫ي‪َ :‬و َجعَ ْلنَا تِ ْل َك ال َّ‬
‫س ِفينَةَ بَاقِ َيةً‪ ،‬إِ َّما َ‬
‫ع ْينُ َها َك َما‬ ‫﴿و َجعَ ْلنَاهَا آيَةً ِل ْلعَالَ ِمينَ ﴾ أ َ ْ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع َلى َج َب ِل ْال ُجو ِد ّ‬
‫يِ‪،‬‬ ‫ت ِإلَى أ َ َّو ِل ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم َ‬ ‫قَا َل قَتَا َدةُ‪ِ :‬إنَّ َها َب ِق َي ْ‬

‫ُون اللَّ ِه ْأوثانًا وت َْخلُقُونَ إ ْف ًكا} كما قال تعالى { ِإ ۡن ِه َ‬


‫ی‬ ‫قوله إنَّما ت َ ْعبُدُونَ ِمن د ِ‬
‫س ۡل َ‬ ‫ࣱ‬
‫ط ٰـ ٰۚ ٍن}‬ ‫س َّم ۡيت ُ ُموه َۤا أَنت ُ ۡم َو َءا َب ۤا ُؤ ُكم َّم ۤا أَنزَ َل ٱللَّهُ ِب َها ِمن ُ‬
‫ِإ َّ ۤال أ َ ۡس َم ۤاء َ‬
‫ب أ ُ َم ٌم ِم ْن َق ْب ِل ُك ْم﴾ َقا َل‪ :‬يُعزي نَ ِبيَّهُ‬
‫﴿و ِإ ْن ت ُ َك ِذّبُوا فَقَ ْد َك َّذ َ‬
‫َو َقا َل َقتَا َدة ُ فِي َق ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ط َع ْال َك َال ُم ْاَل َ َّولُ‪َ ،‬وا ْعت ََر َ‬
‫ض بِ َه َذا إِلَى‬ ‫َضي أ َ َّنهُ قَ ِد ا ْنقَ َ‬
‫ﷺ‪َ .‬و َهذَا ِم ْن َقت َا َدةَ يَ ْقت ِ‬
‫ضا‪ .‬وقال‬ ‫ير أَ ْي ً‬‫علَى ذَ ِل َك اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫َص َ‬‫اب قَ ْو ِم ِه﴾ ‪َ .‬و َه َكذَا ن َّ‬ ‫قَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَ َما َكانَ َج َو َ‬
‫يم ْال َخ ِلي ِل‪َ ،‬‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫ق أ َ َّن ُك َّل َهذَا ِم ْن َك َال ِم ِإب َْرا ِه َ‬
‫س َيا ِ‬ ‫ابن كثير‪َ :‬و َّ‬
‫الظا ِه ُر ِمنَ ال ِ ّ‬
‫ت ْال َمعَادِ‪ِ ،‬لقَ ْو ِل ِه بَ ْع َد َهذَا ُك ِلّ ِه‪﴿ :‬فَ َما َكانَ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِ ِْلثْبَا ِ‬
‫س َال ُم [ ِلقَ ْو ِم ِه] يَحْ ت َ ُّج َ‬
‫ال َّ‬
‫اب قَ ْو ِم ِه﴾ ‪َ ،‬واللَّهُ أ َ ْعلَ ُم‪.‬‬
‫َج َو َ‬

‫‪546‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أن قالُوا ا ْقتُلُوهُ ْأو َح ِ ّرقُوهُ فَأ ْنجاهُ اللَّهُ ِمنَ النّ ِ‬
‫ار ﴾ كما‬ ‫واب قَ ْو ِم ِه ّإال ْ‬
‫﴿ َفما كانَ َج َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫علَ ٰۤى ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهي َم * َوأ َ َراد ۟‬
‫ُوا ِب ِهۦ َك ۡيدا‬ ‫م‬ ‫ـ‬‫َ‬
‫َار ُكونِی َب ۡر َ َ ٰ ً َ‬
‫ا‬ ‫ل‬‫س‬ ‫و‬ ‫ا‬‫د‬ ‫قال تعالى{قُ ۡلنَا َي ٰـن ُ‬
‫س ِرينَ ﴾‬ ‫فَ َج َع ۡلنَ ٰـ ُه ُم ٱ َۡل َ ۡخ َ‬
‫ضا َو َمأ ْ َوا ُك ُم النَّ ُ‬
‫ار َو َما‬ ‫ض َو َي ْل َع ُن َب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم َب ْع ً‬ ‫﴿ث ُ َّم َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة َي ْكفُ ُر َب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم ِب َب ْع ٍ‬
‫َت أ ُ ْخت َ َها﴾‬
‫ت أ ُ َّمةٌ لَ َعن ْ‬‫ص ِرينَ ﴾ ﴿ ُكلَّ َما َد َخلَ ْ‬ ‫لَ ُك ْم ِم ْن نَا ِ‬
‫عد ٌُّو ِإال ْال ُمتَّقِينَ ﴾‬
‫ض َ‬ ‫﴿اَلخال ُء يَ ْو َمئِ ٍذ بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َوقَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬
‫ط} لوط عليه السالم كان من أقرباء إبراهيم عليه السالم‬ ‫﴿۞ َفـَٔا َمنَ لَهُۥ لُو ٌ‬

‫َو َكانَ اللَّهُ ت َ َعالَى قَ ْد بَ َعث َهُ ِإلَى أ ُ َّم ٍة َع ِظي َم ٍة فِي َحيَاةِ ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم‪َ ،‬و َكانُوا يَ ْس ُكنُونَ‬
‫ُوم" في أردن الَّتِي أ َ ْهلَ َك َها اللَّهُ بِ َها‪َ ،‬و َجعَ َل َم َكانَ َها بُ َحي َْرة ً ُم ْن ِتنَةً َخ ِبيثَةً‪.‬‬
‫سد َ‬‫" َ‬
‫اج ٌر ِإ َلى َر ِبّي﴾ وكان صلى الله عليه وسلم يكره‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وقَا َل ِإنِّي ُم َه ِ‬
‫للمهاجر من مكة أن يعود فيقيم بها‪َ ،‬لنه كالرجوع فيما ترك‪ .‬فال يجوز أن‬
‫اج ُر ب َم َّكةَ َب ْع َد‬
‫يقيم فيها أكثر من ثالثة أيام كما في الصحيحين "يُ ِقي ُم ال ُم َه ِ‬
‫س ِك ِه ث َ َالثًا‪".‬‬
‫اء نُ ُ‬
‫ض ِ‬‫قَ َ‬
‫وب﴾ ‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬فلَ َّما ا ْعت َزَ لَ ُه ْم َو َما‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َو َه ْبنَا َلهُ ِإ ْس َحاقَ َويَ ْعقُ َ‬
‫وب َو ُكال َج َع ْلنَا نَ ِبيًّا﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬إ َّنهُ لَ َّما‬ ‫ُون اللَّ ِه َو َه ْبنَا َلهُ ِإ ْس َحاقَ َو َي ْعقُ َ‬
‫َي ْعبُدُونَ ِم ْن د ِ‬
‫صا ِل ٌح] فِي‬ ‫[و ُو ِل َد لَهُ َولَ ٌد َ‬ ‫يٍ َ‬ ‫ع ْي َنهُ ِب ُو ُجو ِد َولَ ٍد َ‬
‫صا ِلحٍ نَ ِب ّ‬ ‫ارقَ قو َمه أَقَ َّر َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫فَ َ‬
‫َحيَاةِ َج ِ ّد ِه‪.‬‬

‫‪547‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صا ِل ِحينَ ﴾ ‪َ ،‬ك َما َقا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫﴿وآتَ ْينَاهُ أَجْ َرهُ فِي ال ُّد ْن َيا َو ِإنَّهُ فِي ِ‬
‫اآلخ َرةِ لَ ِمنَ ال َّ‬ ‫َ‬
‫يم َكانَ أ ُ َّمةً قَانِتًا ِللَّ ِه َحنِيفًا َو َل ْم يَكُ ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ ‪ .‬شَا ِك ًرا َل ْنعُ ِم ِه‬
‫﴿ ِإ َّن ِإب َْرا ِه َ‬
‫سنَةً َو ِإنَّهُ ِفي ِ‬
‫اآلخ َر ِة لَ ِمنَ‬ ‫اجْ ت َ َباهُ َو َه َداهُ ِإلَى ِ‬
‫ص َراطٍ ُم ْست َ ِق ٍيم‪َ .‬وآت َ ْينَاهُ ِفي ال ُّد ْن َيا َح َ‬
‫صا ِل ِحينَ ﴾‬‫ال َّ‬
‫ض َش ْيئًا ِم ْن ذَ ِل َك‪،‬‬ ‫علَى بَ ْع ٍ‬ ‫ض ُه ْم َ‬‫ي‪َ :‬ال يُ ْن ِك ُر بَ ْع ُ‬ ‫﴿وت َأْتُونَ فِي نَادِي ُك ُم ْال ُم ْن َك َر﴾ أ َ ْ‬‫َ‬
‫شةُ‪َ :‬كانُوا‬ ‫عا ِئ َ‬‫ت َ‬ ‫ضا ِفي ْال َم َألِ‪َ .‬وقَالَ ْ‬ ‫ض ُه ْم َب ْع ً‬‫قَا َل ُم َجا ِهدٌ‪َ :‬كانُوا َيأْتُونَ َب ْع َ‬
‫َاط ُحونَ بَيْنَ‬‫ع ْن َها‪َ ،‬وقيل‪َ :‬كانُوا يُن ِ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ضا َح ُكونَ ؛ ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫طونَ َويَتَ َ‬ ‫ار ُ‬
‫ض َ‬ ‫يَت َ َ‬
‫ع ْن ُه ْم‪َ ،‬و َكانُوا َ‬
‫ش ًّرا ِم ْن‬ ‫وك‪َ ،‬و ُك ُّل َذ ِل َك َكانَ يَ ْ‬
‫صد ُُر َ‬ ‫ْال ِكبَ ِ‬
‫اش‪َ ،‬ويُنَاقِ ُرونَ بَيْنَ ال ُّديُ ِ‬
‫ذَ ِل َك‪.‬‬
‫ت ِمنَ‬ ‫ب اللَّ ِه ِإ ْن ُك ْن َ‬ ‫اب قَ ْو ِم ِه ِإال أ َ ْن قَالُوا ائْ ِتنَا بِ َعذَا ِ‬‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َما َكانَ َج َو َ‬
‫اب قَ ۡو ِم ِهۦۤ ِإ َّ ۤال أَن قَالُ ۤو ۟ا أ َ ۡخ ِر ُج ۤو ۟ا‬
‫صا ِدقِينَ ﴾ وفي آية أخرى {۞ فَ َما َكانَ َج َو َ‬ ‫ال َّ‬
‫َ ۡ ُ َّ ُ ࣱ‬
‫َاس يَتَ َ‬ ‫َءا َل لُ ࣲ‬
‫ط َّه ُرونَ }‬ ‫وط ِّمن قريَتِك ۡم ِإن ُه ۡم أن‬
‫إن أ ْهلَها‬ ‫يم بِالبُ ْشرى قالُوا إنّا ُم ْه ِل ُكو أ ْه ِل َه ِذ ِه القَ ْريَ ِة َّ‬ ‫سلُنا إبْرا ِه َ‬ ‫﴿ولَ ّما جا َء ْ‬
‫ت ُر ُ‬
‫كانُوا ظا ِل ِمينَ ﴾‬
‫جاءوا لمهمتين‪ :‬اَلولى‪ :‬تقديم البُ ْشرى ْلبْرا ِه َ‬
‫يم‪.‬‬
‫الك قَ ْو ِم لُوطٍ َلن إبْرا ِهيم كان ابا الدعوة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬إعْال ُمهُ بِإ ْه ِ‬
‫سقُونَ ﴾ كما‬‫ماء ِبما كانُوا َي ْف ُ‬
‫س ِ‬‫على أ ْه ِل َه ِذ ِه القَ ْر َي ِة ِرجْ ًزا ِمنَ ال َّ‬ ‫﴿إ ّنا ُم ْن ِزلُونَ َ‬
‫ࣰ‬
‫ارة ِّمن ِس ِ ّجي ٍل}‬‫علَ ۡي ِه ۡم ِح َج َ‬
‫ط ۡرنَا َ‬ ‫قال تعالى {فَ َج َع ۡلنَا َ‬
‫ع ٰـ ِليَ َها َسافِلَ َها َوأ َ ۡم َ‬

‫‪548‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اض َحةً‪ِ ﴿ ،‬لقَ ْو ٍم َي ْع ِقلُونَ ﴾ ‪َ ،‬ك َما قَا َل َ‬


‫﴿و ِإنَّ ُك ْم‬ ‫ي‪َ :‬و ِ‬ ‫﴿ولَقَ ْد ت ََر ْكنَا ِم ْن َها آ َيةً َب ِّينَةً﴾ أ َ ْ‬
‫َ‬
‫صبِ ِحينَ * َوبِ َّ‬
‫الل ْي ِل أَفَال تَ ْع ِقلُونَ ﴾‬ ‫علَ ْي ِه ْم ُم ْ‬‫لَت َ ُم ُّرونَ َ‬
‫صةً؛ َكما َد َّل‬
‫ْص ِرينَ ﴾‪ ،‬أي ِبال ِنّ ْس َب ِة إلى ال َحيا ِة ال ُّد ْنيا خا َّ‬
‫﴿وكانُوا ُم ْستَب ِ‬
‫وقوله َ‬
‫اآلخ َر ِة هم‬ ‫علَ ْي ِه قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬يَ ْعلَ ُمونَ ظا ِه ًرا ِمنَ ال َحياةِ ال ُّد ْنيا وهم َ‬
‫ع ِن ِ‬ ‫َ‬
‫غافِلُونَ ﴾‬
‫اس َو َما َي ْع ِقلُ َها ِإال ْال َعا ِل ُمونَ ﴾ َ‬
‫ع ْن َ‬
‫ع ْم ِرو ب ِْن ُم َّرة َ‬ ‫ض ِربُ َها ِلل َّن ِ‬ ‫﴿و ِت ْل َك ْ‬
‫اَلمثَا ُل نَ ْ‬ ‫َ‬
‫س ِم ْعتُ َّ‬
‫اللهَ‬ ‫ب اللَّ ِه َال أَع ِْرفُ َها ِإ َّال أَحْ زَ َننِي‪َِ ،‬ل َ ِنّي َ‬
‫قَا َل‪َ :‬ما َم َر ْرتُ بِآيَ ٍة ِم ْن ِكت َا ِ‬
‫اس َو َما يَ ْع ِقلُ َها ِإال ْالعَا ِل ُمونَ ﴾‬ ‫﴿و ِت ْل َك ْ‬
‫اَلمثَا ُل َنض ِْربُ َها ِللنَّ ِ‬ ‫تَعَالَى يَقُولُ‪َ :‬‬
‫ض بِٱ ۡل َح ٰۚ ّ ِ‬
‫ق‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر َ‬ ‫}﴿ َخلَقَ ٱ َّللهُ ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬
‫سنُوا ِب ْال ُح ْسنَى﴾‬
‫ي الَّذِينَ أَحْ َ‬
‫ع ِملُوا َو َيجْ ِز َ‬ ‫سا ُءوا ِب َما َ‬ ‫ي الَّذِينَ أ َ َ‬ ‫﴿ ِل َيجْ ِز َ‬
‫س َب ۡت َو ُه ۡم َال يُ ۡظلَ ُمونَ {‬ ‫} َو ِلت ُ ۡجزَ ٰى ُك ُّل ن َۡف ِس بِ َما َك َ‬
‫ب} وفي الحديث "من قرأ حرفًا من كتا ِ‬
‫ب الل ِه‬ ‫ی ِإلَ ۡي َك ِمنَ ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ِ‬ ‫{ٱ ۡت ُل َم ۤا أ ُ ِ‬
‫وح َ‬
‫ألف‬
‫حرف ولكن ٌ‬‫ٌ‬ ‫بعشر أمثا ِلها ‪ ،‬ال أقو ُل { الم }‬‫ِ‬ ‫فلهُ به حسنةٌ والحسنةُ‬
‫حرف" قال اَللباني على شرط مسلم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫حرف ومي ٌم‬
‫ٌ‬ ‫حرف وال ٌم‬
‫ٌ‬
‫َاء َو ْال ُم ْن َك ِر﴾ حديث عب ِد الل ِه ِ‬
‫بن‬ ‫ع ِن ْالفَحْ ش ِ‬
‫صالة َ تَ ْن َهى َ‬ ‫﴿وأ َ ِق ِم ال َّ‬
‫صالة َ ِإ َّن ال َّ‬ ‫َ‬
‫المنكر لم‬
‫ِ‬ ‫عن‬
‫بالمعروف وتنهاه ِ‬
‫ِ‬ ‫مسعو ٍد وغيره‪ ،‬قال " َم ْن لَ ْم ت َأ ْ ُم ْرهُ صالتُهُ‬
‫يز َد ْد ِمنَ الل ِه َّإال بُ ْعدًا" ضعفه اَللباني مرفوعا‪ ،‬وصح موقوفا عن ابن‬
‫ْ‬
‫مسعود‪.‬‬

‫‪549‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وحديث أبي هريرة رضي الله عنه "جا َء رج ٌل إلى ال َّنبي ‪ -‬صلَّى اللهُ عل ْي ِه‬
‫يصلّي باللَّي ِل فإذا أصب َح سرقَ ‪ ،‬فقا َل ‪ :‬إنَّهُ سي ْنهاهُ ما‬
‫ِ‬ ‫وسلَّ َم ‪ -‬فقا َل ‪َّ :‬‬
‫إن فُالنًا‬
‫تقولُ" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ان اَلول‪ :‬أن يكون مصدرا مضافا لفاعله‪،‬‬ ‫﴿ولَ ِذ ْك ُر َّ‬
‫الل ِه أ َ ْكبَ ُر﴾ فيه َوجْ َه ِ‬ ‫َ‬
‫ومعناه أى ِذ ْك ُر اللَّ ِه إِيَّا ُك ْم أ َ ْع َ‬
‫ظ ُم ِم ْن ِذ ْك ِر ُك ْم إِيَّاهُ‪ .‬وهذا الوجه َ‬
‫ع ِن اب ِْن‬
‫يِ‪ ،‬وغيرهم‪ .‬واختاره ابن جرير‪.‬‬ ‫ار ِس ّ‬ ‫س ْل َمانَ ْالفَ ِ‬
‫اء‪َ ،‬و َ‬ ‫َم ْسعُودٍ‪َ ،‬وأ َ ِبي الد َّْر َد ِ‬
‫في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه "يقو ُل َّ‬
‫اللهُ ت َعالَى‪ :‬أنا‬
‫فإن ذَ َك َرنِي في نَ ْف ِس ِه ذَ َك ْرتُهُ في‬
‫ع ْبدِي بي‪ ،‬وأنا معهُ إذا ذَ َك َرنِي‪ْ ،‬‬ ‫ِع ْن َد َ‬
‫ظ ِّن َ‬
‫ْل ذَ َك ْرتُهُ في َم َ ٍ‬
‫ْل َخي ٍْر منه ْم‪"،‬‬ ‫نَ ْف ِسي‪ْ ،‬‬
‫وإن ذَ َك َرنِي في َم َ ٍ‬

‫الثاني‪ :‬أن يكون مصدرا مضافا لمفعوله‪ .‬والمعنى‪ :‬أي ِذ ْك ُر العب ِد اللَّه أ ْك َب ُر‬
‫ع َل ْي ِه‪ .‬وبه قال ابن‬ ‫شاء وال ُم ْن َك ِر َم َع ال ُم َ‬
‫داو َم ِة َ‬ ‫صال ِة في النَّ ْهي ِ َ‬
‫ع ِن الفَحْ ِ‬ ‫ِمنَ ال َّ‬
‫تيمية وابن القيم وابن كثير رحمهم الله‪.‬‬
‫بخير أعما ِلكم ‪ ،‬وأزكاها عند ملي ِككم ‪ ،‬وأرف ِعها في‬
‫ِ‬ ‫وفي الحديث "أال أُن ِّبئُكم‬
‫وخير لكم من أن تلقَوا‬
‫ٌ‬ ‫ق‪،‬‬
‫والور ِ‬
‫ِ‬ ‫ق الذَّه ِ‬
‫ب‬ ‫وخير لكم من إنفا ِ‬
‫ٌ‬ ‫درجاتِكم ‪،‬‬
‫عدوكم ؛ فتضربوا أعناقَهم ‪ ،‬ويضربوا أعناقَكم ؟ ‪ . .‬قالوا ‪ :‬بلى ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫َّ‬
‫ِكر الل ِه" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ذ ُ‬
‫ذكر الل ِه تعا َلى" صححه اَللباني‪.‬‬
‫"ال يزا ُل لسانُ َك َرط ًبا ِمن ِ‬

‫‪550‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ُن ِإ َّال ٱ َّل ِذينَ َ‬


‫ظلَ ُمو} اختلف‬ ‫{۞ َو َال ت ُ َج ٰـ ِدلُ ۤو ۟ا أ َ ۡه َل ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ِ‬
‫ب ِإ َّال ِبٱ َّلتِی ِه َ‬
‫ی أ َ ۡح َ‬
‫ْف أ َ ْو ُمحْ َك َمةٌ؟ والصواب‬
‫سوخَةٌ بِآيَ ِة ال َّسي ِ‬
‫المفسرون في هذه ْاآليَة هل هي َم ْن ُ‬
‫س ُن‪،‬‬ ‫ِين‪ ،‬فَيُ َجا ِد ُل ِبالَّ ِتي ِه َ‬
‫ي أَحْ َ‬ ‫ار ِم ْن ُه ْم ِفي ال ّد ِ‬
‫ص َ‬‫أنها محكمة ِل َم ْن أ َ َرا َد ِاال ْس ِت ْب َ‬
‫َارونَ ِحينَ بَ َعث َ ُه َما ِإلَى فِ ْر َ‬
‫ع ْونَ ‪:‬‬ ‫سى َوه ُ‬ ‫ِليَ ُكونَ أ َ ْن َج َع فِي ِه‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى ِل ُمو َ‬
‫َارهُ اب ُْن َج ِرير‪.‬‬‫اخت َ‬ ‫﴿فَقُوال َلهُ قَ ْوال لَ ِّينًا لَعَلَّهُ يَتَذَ َّك ُر أ َ ْو يَ ْخشَى}‪َ .‬و َهذَا ْالقَ ْو ُل ْ‬
‫عانَدُوا َو َكا َب ُروا‪ ،‬فَ ِحينَ ِئ ٍذ يُ ْنتَقَ ُل ِمنَ ْال ِج َدا ِل‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إال الَّذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا ِم ْن ُه ْم﴾ أَ ْ‬
‫ي َ‬
‫ِإلَى ْال ِج َالدِ‪،‬‬
‫﴿وقُولُوا آ َمنَّا بِالَّذِي أُنز َل ِإلَ ْينَا َوأُنز َل إِلَ ْي ُك ْم﴾ {قُ ۡل َي ٰۤـأ َ ۡه َل ٱ ۡل ِكتَ ٰـ ِ‬
‫ب تَعَالَ ۡو ۟ا‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س َو ۤا ِء َب ۡينَنَا َو َب ۡينَ ُك ۡم أ َ َّال نَعۡ بُ َد ِإ َّال ٱللَّهَ ‪}..‬‬
‫ِإلَ ٰى َك ِل َمةࣲ َ‬
‫ع ْنهُ قَا َل‪َ :‬كانَ أ َ ْه ُل الكتاب يقرؤون الت َّ ْو َراة َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْن أَبِي ُه َري َْرة َ َر ِ‬ ‫َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪" :‬ال‬ ‫س ُرونَ َها ِب ْال َع َر ِبيَّ ِة َِل َ ْه ِل ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم‪ ،‬فَقَا َل َر ُ‬ ‫ِب ْال ِعب َْرا ِنيَّ ِة‪َ ،‬ويُفَ ِ ّ‬
‫ب َو َال ت ُ َك ِذّبُو ُه ْم‪َ ،‬وقُولُوا‪ :‬آ َمنَّا ِباللَّ ِه َو َما أ ُ ْن ِز َل ِإلَ ْينَا َو َما أ ُ ْن ِز َل‬
‫ص ِ ّدقُوا أ َ ْه َل ْال ِكتَا ِ‬ ‫تُ َ‬
‫ي‬ ‫احدٌ‪َ ،‬ونَحْ ُن لَهُ ُم ْس ِل ُمونَ "‪ .‬رواه ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬ ‫إِلَ ْي ُك ْم‪َ ،‬وإِلَ ُهنَا َوإِلَ ُه ُك ْم َو ِ‬
‫س ْل َمانَ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَالَّ ِذينَ آتَ ْينَا ُه ُم ْال ِكت َ‬
‫َاب يُؤْ ِمنُونَ ِب ِه﴾ َك َع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َ‬
‫س َال ٍم‪َ ،‬و َ‬
‫يِ‪َ ،‬وأَ ْشبَا ِه ِه َما‪.‬‬ ‫ار ِس ّ‬‫ْالفَ ِ‬
‫الء َم ْن يُؤْ ِم ُن بِ ِه﴾ ‪ ،‬يَ ْع ِني ْالعَ َر َ‬
‫ب ِم ْن قُ َري ٍْش َو َ‬
‫غي ِْر ِه ْم‪.‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ِم ْن َه ُؤ ِ‬
‫ص َفتُهُ َك َما قَا َل‬ ‫ب َوال تَ ُخ ُّ‬
‫طهُ ِب َي ِمينِ َك﴾ َو َه َكذَا ِ‬ ‫ت تَتْلُو ِم ْن قَ ْب ِل ِه ِم ْن ِكت َا ٍ‬
‫﴿و َما ُك ْن َ‬
‫َ‬
‫ي الَّذِي َي ِجدُونَهُ َم ْكتُوبًا ِع ْن َد ُه ْم فِي‬ ‫سو َل النَّبِ َّ‬
‫ي اَل ِّم َّ‬ ‫ت َ َعالَى‪﴿ :‬الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ َّ‬
‫الر ُ‬
‫الت َّ ْو َرا ِة َواْل ْن ِجي ِل‪}..‬‬
‫‪551‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ُور َّالذِينَ أُوتُوا ْال ِع ْل َم﴾ َو ِل َه َذا َجا َء فِي ْال ُكت ُ ِ‬
‫ب‬ ‫صد ِ‬‫َات فِي ُ‬ ‫﴿ َب ْل ُه َو آ َي ٌ‬
‫ات َب ِيّن ٌ‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪:‬‬ ‫َاجيلُ ُه ْم فِي صدورهم"‪ .‬وفِي َ‬ ‫ص َف ِة َه ِذ ِه ْاَل ُ َّم ِة‪" :‬أَن ِ‬
‫ْال ُمتَقَ ِ ّد َم ِة‪ ،‬فِي ِ‬
‫علَي َْك ِكت َا ًبا َال َي ْغ ِسلُهُ ْال َما ُء‪،‬‬ ‫" َيقُو ُل اللَّهُ ت َ َعالَى‪ِ :‬إ ِنّي ُم ْبتَ ِل َ‬
‫يك َو ُم ْبت َ ٍل ِب َك‪َ ،‬و ُم ْن ِز ٌل َ‬
‫س ْرنَا ٱ ْلقُ ْر َءانَ ِلل ِذّ ْك ِر فَ َه ْل ِمن ُّم َّد ِك ُۢ ٍر‪}.‬‬
‫{ولَقَ ْد َي َّ‬
‫ظانَ " َ‬ ‫ت َ ْق َر ُؤهُ نَائِ ًما َويَ ْق َ‬
‫اللهُ‬ ‫ي َّ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرةَ‪َ ،‬ر ِ‬ ‫علَ ْي ِه ْم﴾ َ‬ ‫َاب يُتْلَى َ‬ ‫علَي َْك ْال ِكت َ‬ ‫﴿أ َ َولَ ْم يَ ْك ِف ِه ْم أَنَّا أ َ ْ‬
‫نزلنَا َ‬
‫ي ٍ ِإ َّال‬ ‫صلَّى اللَّهُ عليه وسلم‪" :‬ما من ْاَل َ ْن ِب َي ِ‬
‫اء ِم ْن َن ِب ّ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫ع ْنهُ‪َ ،‬قا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫َ‬
‫علَ ْي ِه ْالبَش َُر‪َ ،‬و ِإنَّ َما َكانَ الَّذِي أُو ِتيتُهُ َوحْ يًا‬
‫ت َما ِمثْلُهُ آ َمنَ َ‬ ‫ي ِمنَ ْاآليَا ِ‬ ‫ْط َ‬‫قَ ْد أُع ِ‬
‫ي‪ ،‬فَأ َ ْر ُجو أ َ ْن أ َ ُكونَ أ َ ْكث َ َر ُه ْم ت َابِعًا يَ ْو َم ْال ِق َيا َم ِة"‪ .‬رواه البخاري‬
‫أ َ ْو َحاهُ اللَّهُ إِلَ َّ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫س ًّمى لَ َجا َء ُه ُم ْال َع َذ ُ‬
‫اب﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫﴿ويَ ْست َ ْع ِجلُون ََك بِ ْال َعذَا ِ‬
‫ب َولَ ْوال أ َ َج ٌل ُم َ‬ ‫َ‬
‫علَ ْينَا ِح َج َ‬
‫ارة ً ِمنَ‬ ‫﴿و ِإ ْذ قَالُوا اللَّ ُه َّم ِإ ْن َكانَ َهذَا ُه َو ْال َح َّق ِم ْن ِع ْند َ‬
‫ِك فَأ َ ْم ِط ْر َ‬ ‫َ‬
‫ب أ َ ِل ٍيم﴾‬
‫اء أ َ ِو ائْتِنَا ِب َع َذا ٍ‬
‫س َم ِ‬
‫ال َّ‬
‫ُون﴾ َهذَا أ َ ْم ٌر ِمنَ اللَّ ِه‬ ‫ضي َوا ِسعَةٌ فَإِي َ‬
‫َّاي فَا ْعبُد ِ‬ ‫ِي َّالذِينَ آ َمنُوا إِ َّن أ َ ْر ِ‬‫﴿يَا ِعبَاد َ‬
‫ِين‪ِ ،‬إلَى‬ ‫ِل ِع َبا ِد ِه ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِب ْال ِهجْ َر ِة ِمنَ ْال َبلَ ِد الَّذِي َال َي ْقد ُِرونَ ِفي ِه َ‬
‫علَى ِإقَا َم ِة ال ّد ِ‬
‫علَى‬ ‫ِين‪َ ،‬و ِل َهذَا لَ َّما َ‬
‫ضاقَ َ‬ ‫الل ِه ْال َوا ِس َع ِة‪َ ،‬حي ُ‬
‫ْث يُ ْم ِك ُن ِإقَا َمةُ ال ّد ِ‬ ‫ض َّ‬‫أ َ ْر ِ‬
‫ض ْال َحبَ َش ِة‪.‬‬
‫اج ِرينَ إِلَى أ َ ْر ِ‬ ‫ْال ُم ْست َ ْ‬
‫ضعَفِينَ بِ َم َّكةَ ُمقَا َم ُه ْم بِ َها‪ ،‬خ ََر ُجوا ُم َه ِ‬

‫‪552‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ْنهُ‪ُ ﴿.‬ك ُّل نَ ْف ٍس َذائِقَةُ‬ ‫ومن خاف الموت فَإ ِ َّن ْال َم ْو َ‬
‫ت َال بُ َّد ِم ْنهُ‪َ ،‬و َال َم ِحي َد َ‬
‫َص بِبُ ْق َعةٍ‪َ ،‬ب ْل‬
‫الر ْزقَ َال يُ ْخت ُّ‬ ‫ت ث ُ َّم ِإلَ ْينَا ت ُ ْر َجعُونَ } ومن خاف الفقر َّ‬
‫فإن ِ ّ‬ ‫ْال َم ْو ِ‬
‫﴿و َكأ َ ِيّ ْن ِم ْن َدابَّ ٍة َال تَحْ ِم ُل ِر ْز َق َها﴾ قال صلى الله عليه‬
‫ق َ‬‫عا ٌّم ِلخ َْل ِ‬
‫ِر ْزقُهُ ت َ َعالَى َ‬
‫الطير ‪ ،‬ت َ ْغدو‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يرزق‬ ‫حق ت ََو ُّك ِله لرزقَكم كما‬
‫وسلم "لو أنكم تتو َّكلون على الل ِه َّ‬
‫صا ‪ ،‬و ترو ُح ِبطانًا‪".‬‬
‫ِخما ً‬
‫الراوي ‪ :‬عمر بن الخطاب‪.‬المحدث ‪ :‬اَللباني‪.‬المصدر ‪ :‬السلسلة الصحيحة‪.‬‬
‫الصفحة أو الرقم‪.673 :‬خالصة حكم المحدث ‪ :‬إسناده صحيح على شرط‬
‫مسلم‪.‬‬
‫ع ِلي ࣱم}‬ ‫لر ۡزقَ ِل َمن َيش َۤا ُء ِم ۡن ِع َبا ِد ِهۦ َو َي ۡقد ُِر لَهُۥ ٰۚۤۤ ِإ َّن ٱللَّهَ ِب ُك ِّل َ‬
‫ش ۡیءٍ َ‬ ‫{ٱللَّهُ َي ۡب ُ‬
‫س ُ‬
‫ط ٱ ِّ‬
‫"إن من عبادي من ال يصل ُح إيمانَه َّإال الغنى ولو‬ ‫كماةفي الحديث القدسي‪َّ .‬‬
‫ص َّحةُ ولو‬
‫وإن من عبادي من ال يصل ُح إيمانَه َّإال ال ِ ّ‬
‫أفقرتُه َلفس َده ذ ِلك َّ‬
‫وإن من عبادي من ال يصل ُح إيمانَه َّإال ال َّ‬
‫سقَ ُم ولو‬ ‫أسقمتُه َلفسدُه ذ ِلك َّ‬
‫أصححتُه َلفس َده ذ ِلك‪"..‬‬
‫َار{‬ ‫}و َرب َُّك َي ْخلُ ُق َما َي َ‬
‫شا ٓ ُء َو َي ْخت ُ‬ ‫َ‬
‫والخير فيما اختاره الله‬

‫‪553‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ُك ُم الض ُُّّر‬ ‫صينَ لَهُ ال ّدِينَ ﴾ َكقَ ْو ِل ِه َ‬


‫﴿و ِإ َذا َم َّ‬ ‫﴿فَإِذَا َر ِكبُوا فِي ْالفُ ْل ِك َد َ‬
‫ع ُوا اللَّهَ ُم ْخ ِل ِ‬
‫ع ْن‬ ‫ضت ُ ْم﴾ َ‬ ‫ض َّل َم ْن ت َ ْدعُونَ ِإال ِإيَّاهُ فَلَ َّما َن َّجا ُك ْم ِإلَى ْالبَ ِ ّر أَع َْر ْ‬
‫فِي ْالبَحْ ِر َ‬
‫ارا ِم ْن َها‪ ،‬فَلَ َّما‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َم َّكةَ ذَه َ‬
‫َب فَ ًّ‬ ‫ِع ْك ِر َمةَ ب ِْن أ َ ِبي َج ْه ٍل‪ :‬أَنَّهُ لَ َّما فَت َ َح َر ُ‬
‫س ِفينَةُ‪ ،‬فَقَا َل أ َ ْهلُ َها‪ :‬يَا‬ ‫ض َ‬
‫ط َربَ ْ‬
‫ت ِب ِه ُم ال َّ‬ ‫ش ِة‪ ،‬ا ْ‬‫َب ِإلَى ْال َحبَ َ‬ ‫ب فِي ا ْل َبحْ ِر ِليَ ْذه َ‬ ‫َر ِك َ‬
‫عا َء‪ ،‬فَإِنَّهُ َال يُ ْن ِجي هَا ُهنَا إِ َّال ُه َو‪ .‬فَقَا َل ِع ْك ِر َمةُ‪َ :‬واللَّ ِه‬
‫صوا ِل َربِّ ُك ُم ال ُّد َ‬‫قَ ْو ِم‪ ،‬أَ ْخ ِل ُ‬
‫غي ُْرهُ‪ ،‬فَإِنَّهُ َال يُنَ ّجي َغي ُْرهُ ِفي ْال َب ِ ّر أَ ْي ً‬
‫ضا‪ ،‬اللَّ ُه َّم‬ ‫ِإ ْن َكانَ َال يُ ْن ِجي ِفي ْال َبحْ ِر َ‬
‫ع ْه ٌد لَئِ ْن خرجتُ ََل َ ْذ َهبْنَ فألض َع ّن يَدِي فِي يَ ِد ُم َح َّم ٍد فألجدنه رؤوفًا‬ ‫ي َ‬ ‫لَ َك عل َّ‬
‫َر ِحي ًما‪َ ،‬و َكانَ َكذَ ِل َك‪.‬‬
‫الال ُم ِبال ِّن ْس َب ِة ِإلَ ْي ِه ْم فهي َال ُم‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬ل َي ْكفُ ُروا ِب َما آت َ ْينَا ُه ْم َو ِل َيت َ َمتَّعُوا﴾ ‪َ :‬ه ِذ ِه َّ‬
‫ي َال ُم الت َّ ْع ِلي ِل‪.‬‬‫علَ ْي ِه ْم ذَلك فَ ِه َ‬
‫الل ِه َ‬‫ِير َّ‬ ‫ْال َعاقِبَ ِة؛ َوأ َ َّما بِال ِّن ْسبَ ِة ِإلَى ت َ ْقد ِ‬
‫ࣰ‬
‫اس ِم ۡن َح ۡو ِل ِه ٰۡۚم } َك َما قَا َل‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫َط‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫{أ َ َولَ ۡم َي َر ۡو ۟ا أَنَّا َج َع ۡلنَا َح َر ًما َء ِام َ ُ‬
‫ي‬ ‫و‬ ‫ا‬‫ن‬
‫ْف‪َ .‬ف ْليَ ْعبُدُوا َربَّ َه َذا‬ ‫صي ِ‬‫﴿ْليالف قُ َري ٍْش ِإيالفِ ِه ْم ِرحْ لَةَ ال ِ ّشت َِاء َوال َّ‬ ‫ِ‬ ‫ت َ َعالَى‪:‬‬
‫ْالبَ ْيتِ‪َّ .‬الذِي أَ ْ‬
‫طعَ َم ُه ْم ِم ْن ُجوعٍ َوآ َمنَ ُه ْم ِم ْن خ َْوفٍ ﴾‬
‫سبُ َلنَا َو ِإ َّن اللَّهَ لَ َم َع ْال ُمحْ ِسنِينَ ﴾ قال صلى عليه‬
‫﴿والَّذِينَ َجا َهدُوا ِفينَا َلنَ ْه ِد َينَّ ُه ْم ُ‬
‫َ‬
‫سه في اللَّ ِه " صححه اَللباني وفي رواية في‬ ‫وسلم "المجا ِه ُد من جا َه َد نَف َ‬
‫سبي ِل اللَّه‪.‬‬

‫‪554‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة الروم مكية‬

‫غ َلبت قال ‪ :‬كان‬ ‫غ ِل ْ‬


‫بت و َ‬ ‫الرو ُم } قال ‪ُ :‬‬
‫ت ُّ‬‫غ ِل َب ْ‬
‫عباس في قو ِل ِه {الم ُ‬
‫ٍ‬ ‫ابن‬
‫عن ِ‬
‫أوثان وكان‬
‫ٍ‬ ‫روم َلنَّه ْم أه ُل‬
‫فارس على ال ِ‬
‫ٌ‬ ‫تظهر‬
‫َ‬ ‫المشركونَ يُحبُّونَ أن‬
‫فارس َلنَّهم أه ُل كتا ٍ‬
‫ب‪"..‬‬ ‫ٍ‬ ‫تظهر الرو ُم على‬
‫َ‬ ‫المسلمونَ يُحبونَ أن‬
‫وم إلى‬
‫الر ِ‬
‫ض ُّ‬
‫أر ِ‬
‫ب ْ‬‫يرة‪ ،‬أو أ ْق َر ُ‬
‫ض﴾ إلي ال َج ِز َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬في أ ْدنى ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫س‪،‬‬
‫فار َ‬
‫ِ‬
‫اس﴾‬‫ومن بَ ْعدُ﴾ َكما قا َل ت َعالى‪﴿ :‬وتِ ْل َك اَليّا ُم نُدا ِولُها بَيْنَ النّ ِ‬ ‫﴿ ِللَّ ِه ْ‬
‫اَلم ُر ِمن قَ ْب ُل ِ‬
‫وم أ َ ْه ُل ِكت َا ٍ‬
‫ب‬ ‫س فَ ِر َح ْال ُمؤْ ِمنُونَ ِبذَ ِل َك؛ َِل َ َّن ُّ‬
‫الر َ‬ ‫علَى َف ِ‬
‫ار َ‬ ‫الرو ُم َ‬
‫ت ُّ‬ ‫ص َر ِ‬‫فَلَ َّما ا ْنت َ َ‬
‫ب ِإلَى ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِمنَ ْال َم ُج ِ‬
‫وس‪.‬‬ ‫فِي ْال ُج ْملَ ِة‪ ،‬فَ ُه ْم أ َ ْق َر ُ‬
‫اآلخ َر ِة ُه ْم غَا ِفلُونَ } قال‬
‫ع ِن ِ‬‫ظا ِه ًرا ِمنَ ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو ُه ْم َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ي ْعلَ ُمونَ َ‬
‫ض ك َّل عا ِل ٍم بالد ْنيا ‪ ،‬جا ِه ٍل‬ ‫صلى الله عليه وسلم " َّ‬
‫إن اللهَ تعالى يُب ِغ ُ‬
‫باآلخ َر ِة" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ِ‬
‫ْص ُرونَ }‬ ‫ى أَنفُ ِس ُك ْم ٰۚ أَفَ َال تُب ِ‬
‫{و ِف ٓ‬‫﴿أ َ َولَ ْم َيتَفَ َّك ُروا ِفي أ َ ْنفُ ِس ِه ْم﴾ َ‬
‫ع ٰـ ِقبَةُ ٱلَّ ِذينَ ِمن قَ ۡب ِل ِه ٰۡۚم َكانُ ۤو ۟ا أَ َ‬
‫ش َّد‬ ‫ف َكانَ َ‬ ‫وا َك ۡي َ‬‫ظ ُر ۟‬‫ض َفيَن ُ‬‫وا فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫{أ َ َولَ ۡم يَ ِسي ُر ۟‬
‫ۡ‬ ‫ۤ‬ ‫ۡ‬ ‫۟‬ ‫ࣰ‬
‫ار‬ ‫ش َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫{و َما بَلغوا ِم ْع َ‬ ‫ع َم ُروهَا‪َ }..‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع َم ُروهَا أكث َر ِم َّما َ‬ ‫ض َو َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬
‫اروا ٱَلر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِم ۡن ُه ۡم قُ َّوة َوأث ُ‬
‫َما آت َ ْينَا ُه ْم }‬
‫س ِعير}‬ ‫يق فِي ْال َجنَّ ِة َوفَ ِر ٌ‬
‫يق فِي ال َّ‬ ‫عةُ يَ ْو َمئِ ٍذ يَتَفَ َّرقُونَ ﴾ { َف ِر ٌ‬
‫﴿ويَ ْو َم تَقُو ُم ال َّسا َ‬
‫َ‬
‫َازوا ْال َي ْو َم أَيُّ َها ْال ُمجْ ِر ُمونَ {‬
‫}و ْامت ُ‬
‫َ‬
‫‪555‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص ِب ُحونَ ‪َ ،‬ولَهُ ْال َح ْم ُد فِي‬


‫سونَ َو ِحينَ ت ُ ْ‬ ‫س ْب َحانَ اللَّ ِه ِحينَ ت ُ ْم ُ‬
‫قوله تعالى‪﴿ :‬فَ ُ‬
‫ظ ِه ُرونَ ﴾ قيل جمعت مواقيت الصالة‬ ‫ض َو َع ِشيًّا َو ِحينَ ت ُ ْ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬ ‫س َم َاوا ِ‬
‫ال َّ‬
‫﴿و ِحينَ ت ُ ْ‬
‫ص ِب ُحونَ ﴾ صالة‬ ‫سونَ ﴾ المغرب والعشاء َ‬ ‫س ْب َحانَ الل ِه ِحينَ ت ُ ْم ُ‬
‫﴿ َف ُ‬
‫صواب‬
‫ظ ِه ُرونَ ﴾ صالة الظهر‪ .‬وال َّ‬ ‫﴿و ِحينَ ت ُ ْ‬
‫ع ِشيًّا﴾ صالة العصر َ‬ ‫﴿و َ‬
‫الصبح َ‬
‫أنها عام‪.‬‬
‫ض َب ْع َد َم ْو ِت َها‬
‫اَلر َ‬
‫ي ِ َويُحْ ِيي ْ‬‫ت ِمنَ ْال َح ّ‬‫ت َويُ ْخ ِر ُج ْال َم ِيّ َ‬
‫ي ِمنَ ْال َم ِّي ِ‬
‫﴿يُ ْخ ِر ُج ْال َح َّ‬
‫صةً في النَّفخ ِة اَلُولى‪....‬ث َّم‬‫َو َكذَ ِل َك ت ُ ْخ َر ُجونَ ﴾ [عن أبي هريرة‪ ]:‬ذ َك َر ق َّ‬
‫أن ت ُ ِ‬
‫مط َر أربعينَ‬ ‫سما َء ْ‬ ‫العرش ك َم ْني ِ ِ ّ‬
‫الرجا ِل‪ ،‬ث َّم يأ ُم ُر ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫نز ُل ما ٌء ِمن تح ِ‬
‫ت‬ ‫يَ ِ‬
‫ت ال َب ْق ِل‪... ،‬الحديث‬ ‫ت َّ‬
‫الطراثِيثِ‪ ،‬أو كنَبا ِ‬ ‫أن تُن ِب َ‬
‫ت كنَبا ِ‬ ‫يو ًما‪ ،‬ويأ ُم ُر اَلجسا َد ْ‬
‫والصور كهيئ ِة القَ ِ‬
‫رن فيُص َع ُق من في‬ ‫ُ‬ ‫الصور‬
‫ِ‬ ‫عن أبي هريرة‪ .‬يُنف ُخ في‬
‫ويمط ُر اللهُ في تلك‬
‫ِ‬ ‫اَلرض وبين النفخت َين أربعينَ عا ًما‬
‫ِ‬ ‫ت ومن في‬
‫سماوا ِ‬
‫ال َّ‬
‫اَلرض كما ينبُتُ البَ ْقلُ‪..‬الحديث‬ ‫ِ‬ ‫مطرا فينبُتونَ من‬ ‫ً‬ ‫اَلربعينَ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫{و ِم ۡن َءايَ ٰـتِ ِهۦۤ أ َ ۡن َخلَقَ لَ ُكم ِّم ۡن أَن ُف ِس ُك ۡم أ َ ۡز َو ٰ⁠جا ِلّت َۡس ُكنُ ۤو ۟ا ِإ َل ۡي َها َو َج َع َل َب ۡينَ ُكم َّم َودَّة‬
‫َ‬
‫ٰۚ‬
‫اس لَ ُه َّن}‬ ‫اس لَ ُك ْم َوأَ ْنت ُ ْم ِلبَ ٌ‬
‫َو َر ۡح َمةً} { ُه َّن ِلبَ ٌ‬
‫َو ُه َو ٱلَّ ِذی َي ۡب َدؤُ ۟ا ٱ ۡلخ َۡلقَ ث ُ َّم يُ ِعي ُدهُۥ َو ُه َو أَ ۡه َو ُن َ‬
‫علَ ۡي ٰۚ ِه ﴿أ ْه َو ُن﴾ ِب َم ْعنى " َه ِيّ ٍن "‪،‬‬
‫ض ُع " أ ْف َع ُل " في َم ْو ِ‬
‫ضعِ " فا ِع ٍل " أو أنَّهُ‬ ‫علَ ْي ِه‪ ،‬وقَ ْد يُو َ‬
‫فال َم ْعنى‪ :‬وهو َه ِيّ ٌن َ‬
‫أن يَ ُكونَ ِع ْن َد ُه ُم البَ ْع ُ‬
‫ث‬ ‫ب ْ‬‫ب ال ِعبا َد بِما يَ ْع ِقلُونَ ‪ ،‬فَأ ْعلَ َمهم أنَّهُ َي ِج ُ‬ ‫سبحانه خا َ‬
‫ط َ‬
‫داء في ت َ ْقد ُ‬
‫ِيرهم و ُح ْك ِم ِه ْم‬ ‫أ ْس َه َل ِمنَ ِاال ْبتِ ِ‬

‫‪556‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َّاس قَا َل‪َ :‬كانَ يُ َل ِبّي أَ ْه ُل ال ِ ّ‬


‫ش ْر ِك‪:‬‬ ‫عب ٍ‬ ‫ب لَ ُك ْم َمثَال ِم ْن أَ ْنفُ ِس ُك ْم﴾ َ‬
‫ع ِن اب ِْن َ‬ ‫ض َر َ‬
‫﴿ َ‬
‫لَبَّي َْك اللَّ ُه َّم [ َلبَّي َْك]‪َ ،‬لبَّي َْك َال ش َِر َ‬
‫يك َل َك‪ِ ،‬إ َّال ش َِري ًكا ُه َو لَ َك‪ ،‬ت َْم ِل ُكهُ َو َما َملَ َك‪.‬‬
‫ش َر َكا َء ِفي َما َرزَ ْقنَا ُك ْم فَأ َ ْنت ُ ْم‬ ‫فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ‪﴿ :‬ه َْل لَ ُك ْم ِم ْن َما َملَ َك ْ‬
‫ت أ َ ْي َمانُ ُك ْم ِم ْن ُ‬
‫س ُك ْم﴾‬‫س َوا ٌء تَخَافُونَ ُه ْم َك ِخيفَتِ ُك ْم أَ ْنفُ َ‬
‫فِي ِه َ‬
‫ِب أ َ َّن لَ ُه ُم ٱ ۡل ُح ۡسن َٰٰۚى{‬
‫ف أ َ ۡل ِسنَت ُ ُه ُم ٱ ۡل َكذ َ‬
‫َص ُ‬ ‫} َويَ ۡجعَلُونَ ِللَّ ِه َما يَ ۡك َر ُه ٰۚ‬
‫ونَ َوت ِ‬
‫ق ٱللَّ ٰۚ ِه "‪ُ .‬ك ُّل َم ْولُو ٍد يُولَ ُد علَى‬ ‫ع َل ۡي َه ٰۚا َال ت َۡب ِدي َل ِلخ َۡل ِ‬
‫اس َ‬ ‫ت ٱللَّ ِه ٱلَّ ِتی فَ َ‬
‫ط َر ٱلنَّ َ‬ ‫ِف ۡط َر َ‬
‫سانِ ِه‪ "...‬رواه البخاري ومسلم‬
‫ص َرانِ ِه‪ْ ،‬أو يُ َم ِ ّج َ‬ ‫ال ِف ْ‬
‫ط َر ِة‪ ،‬فأبَ َواهُ يُ َه ّ ِو َدا ِن ِه‪ْ ،‬أو يُ َن ِ ّ‬
‫ور ِه ْم ذُ ِ ّريَّت َهم وأ ْش َه َدهم َ‬
‫على أ ْنفُ ِس ِه ْم ألَ ْستُ‬ ‫﴿وإ ْذ أ َخذَ َرب َُّك ِمن َبنِي آ َد َم ِمن ُ‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫َ‬
‫ع ْن دِينِ ِه ْم"‬ ‫اط ُ‬
‫ين َ‬ ‫ِب َر ِبّكم قالُوا َبلى﴾ "إني خلقت ِع َبادِي ُحنَفاء‪ ،‬فَاجْ ت َا َلتْ ُه ُم ال َّ‬
‫ش َي ِ‬
‫رواه مسلم‬
‫ض ُه ْم‪َ :‬م ْعنَاهُ َال ت ُ َب ِ ّدلُوا خ َْلقَ اللَّ ِه‪َ ،‬فتُغَ ِيّ ُروا‬ ‫﴿ال ت َ ْبدِي َل ِلخ َْل ِ‬
‫ق اللَّ ِه﴾ قَا َل َب ْع ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ون َخبَ ًرا ِب َم ْعنَى َّ‬
‫الطلَ ِ‬ ‫علَ ْي َها‪ .‬فَيَ ُك ُ‬ ‫ط َر ُه ُم َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ع ْن فِ ْ‬
‫ط َرتِ ِه ُم الَّتِي فَ َ‬ ‫النَّ َ‬
‫اس َ‬
‫ِين اللَّ ِه‪.‬‬
‫ي‪ِ :‬لد ِ‬ ‫﴿ال ت َ ْبدِي َل ِلخ َْل ِ‬
‫ق اللَّ ِه﴾ أ َ ْ‬ ‫علَى بَابِ ِه َ‬
‫َوقَا َل آخ َُرونَ ‪ُ :‬ه َو َخبَ ٌر َ‬
‫ي‪:‬‬ ‫﴿منَ الَّذِينَ فَ َّرقُوا دِينَ ُه ْم َو َكانُوا ِش َي ًعا ُك ُّل ِح ْز ٍ‬
‫ب ِب َما لَ َد ْي ِه ْم فَ ِر ُحونَ ﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ :‬‬
‫غي َُّروهُ َوآ َمنُوا‬ ‫َال ت َ ُكونُوا ِمنَ ْال ُم ْش ِركِينَ الَّذِينَ قَ ْد فَ َّرقُوا دِينَ ُه ْم أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬بَ َّدلُوهُ َو َ‬
‫ض َو َكفَ ُروا ِببَ ْع ٍ‬
‫ض‪.‬‬ ‫بِبَ ْع ٍ‬
‫ور ِه ْم‪،‬‬
‫ظ ُه ِ‬ ‫ارقُوا دِينَ ُه ْم" أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬ت ََر ُكوهُ َو َرا َء ُ‬ ‫َوقَ َرأ َ َب ْع ُ‬
‫ض ُه ْم‪" :‬فَ َ‬

‫‪557‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت اليهو ُد على إح َدى و‬ ‫عن أبى هريرة قال قال صلى الله عليه وسلم"افتر َق ِ‬
‫تفرقَت أ ُ َّمتِي‬
‫َتين و َسبعينَ فِرقةً و َّ‬ ‫ت ال َّن َ‬
‫صارى على اثن ِ‬ ‫سبعينَ فِرقةً و َّ‬
‫تفرقَ ِ‬ ‫َ‬
‫سبعينَ ِفرقةً" صححه اَللباني‪ .‬ويحصل االفتراق في كلية من‬ ‫على ثَال ٍ‬
‫ثو َ‬
‫كليات الدين أو جزئيات تكون كلية‪....‬ينظر كتاب موافقات واالعتصام‬
‫لْلمام الشاطبي‪.‬‬
‫س ِيّئ َةٌ ِب َما قَ َّد َم ْ‬
‫ت أ َ ْيدِي ِه ْم ِإ َذا ُه ْم‬ ‫اس َرحْ َمةً فَ ِر ُحوا ِب َها َو ِإ ْن ت ُ ِ‬
‫ص ْب ُه ْم َ‬ ‫﴿و ِإذَا أَذَ ْقنَا ال َّن َ‬
‫َ‬
‫اء‪،‬‬
‫صبَ ُروا فِي الض ََّّر ِ‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫صا ِل َحاتِ﴾ أ َ ْ‬ ‫ع ِملُوا ال َّ‬ ‫صبَ ُروا َو َ‬‫طونَ ﴾ ﴿ ِإال الَّذِينَ َ‬ ‫يَ ْقنَ ُ‬
‫ع َجبًا ِل ْل ُمؤْ ِم ِن‪َ ،‬ال‬
‫ص ِحيحِ‪َ " :‬‬ ‫َاء‪َ ،‬ك َما ث َ َب َ‬
‫ت فِي ال َّ‬ ‫الرخ ِ‬
‫ت فِي َّ‬ ‫ع ِملُوا ال َّ‬
‫صا ِل َحا ِ‬ ‫َو َ‬
‫س َّرا ُء شكر فكان َخي ًْرا لَهُ‪،‬‬
‫صا َبتْهُ َ‬ ‫ضي اللَّهُ َلهُ قَ َ‬
‫ضا ًء ِإ َّال َكانَ َخي ًْرا لَهُ‪ِ ،‬إ ْن أ َ َ‬ ‫َي ْق ِ‬
‫صبَ َر فَ َكانَ َخي ًْرا لَهُ‪ ".‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫صا َبتْهُ َ‬
‫ض َّراء َ‬ ‫َو ِإ ْن أ َ َ‬
‫قاط ُع َر ِح ٍم‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪َّ .‬‬
‫إن‬ ‫ت ذَا ٱ ۡلقُ ۡر َب ٰى َحقَّهُۥ} ال َيد ُخ ُل الجنَّةَ ِ‬‫﴿فَـَٔا ِ‬
‫بك ِمنَ‬
‫الر ِح ُم‪ :‬هذا َمقا ُم العائِ ِذ َ‬
‫ت َّ‬‫غ ِمن خ َْل ِق ِه‪ ،‬قال ِ‬
‫اللَّهَ َخلَقَ الخ َْلقَ ‪ ،‬حتَّى إذا فَ َر َ‬
‫طعَ ِك؟‬ ‫صلَ ِك‪ ،‬وأ َ ْق َ‬
‫ط َع َمن َق َ‬ ‫أص َل َمن و َ‬ ‫ضيْنَ ْ‬
‫أن ِ‬ ‫القَ ِطيعَ ِة‪ ،‬قا َل‪ :‬نَعَ ْم‪ ،‬أما ت َْر َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪:‬‬
‫ت‪َ :‬بلَى يا َربّ ِ ‪ ،‬قا َل‪ :‬فَهو لَ ِك قا َل َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫قالَ ْ‬
‫ض وتُقَ ِ ّ‬
‫طعُوا‬ ‫اَلر ِ‬ ‫إن ت ََولَّ ْيت ُ ْم ْ‬
‫أن ت ُ ْف ِسدُوا في ْ‬ ‫س ْيت ُ ْم ْ‬
‫ع َ‬
‫هل َ‬ ‫فا ْق َرؤُوا ْ‬
‫إن ِشئْت ُ ْم‪{ :‬فَ ْ‬
‫أرحا َم ُك ْم} رواه البخاري‪.‬‬
‫ْ‬
‫اس فَال َي ْربُو ِع ْن َد اللَّ ِه﴾‬
‫﴿و َما آتَ ْيت ُ ْم ِم ْن ِربًا ِل َي ْربُ َو ِفي أ َ ْم َوا ِل النَّ ِ‬
‫َ‬

‫‪558‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ْي ِه أ َ ْكث َ َر ِم َّما‬ ‫طى َع ِطيَّةً يُ ِري ُد أ َ ْن َي ُر َّد النَّ ُ‬


‫اس َ‬ ‫ان‪ .‬اَلول‪َ :‬م ْن أ َ ْع َ‬
‫الر َبا ِر َبا َء ِ‬
‫ِّ‬
‫اب لَهُ ِع ْن َد اللَّ ِه‪َ .‬‬
‫﴿وال ت َْمنُ ْن تَ ْست َ ْكثِ ُر﴾ إنَّما اَلعْما ُل‬ ‫أ َ ْه َدى لَ ُه ْم‪ ،‬فَ َه َذا َال ث َ َو َ‬
‫َت هِجْ َرتُهُ إلى ُد ْنيا ُي ِ‬
‫صيبُها‪ْ ،‬أو‬ ‫بال ِنّيّاتِ‪ ،‬وإنَّما ِل ُك ِّل ْام ِر ٍ‬
‫ئ ما ن ََوى‪ ،‬ف َمن كان ْ‬
‫إلى ا ْم َرأَةٍ يَ ْن ِك ُحها‪ ،‬فَ ِهجْ َرتُهُ إلى ما ها َج َر إلَ ْي ِه‪ .‬رواه البخاري‬
‫الثاني‪ِ :‬ربَا ْالبَيْعِ ويأثم صاحبها‪.‬‬
‫﴿و َما آتَ ْيت ُ ْم ِم ْن زَ َكاةٍ ت ُ ِريدُونَ‬ ‫اب ِع ْن َد اللَّ ِه ِفي َّ‬
‫الز َكا ِة؛ َو ِل َهذَا قَا َل‪َ :‬‬ ‫َو ِإنَّ َما الث َّ َو ُ‬
‫ص َّدقَ أ َ َح ٌد بِ َع ْدل ت َْم َرةٍ ِم ْن َك ْس ٍ‬
‫ب‬ ‫ض ِعفُونَ ﴾ َ‬
‫"و َما ت َ ْ‬ ‫الل ِه فَأُو َلئِ َك ُه ُم ْال ُم ْ‬
‫َوجْ هَ َّ‬
‫احبِ َها َك َما يُ َربِّي أ َ َح ُد ُك ْم فَلُ ّوه أ َ ْو‬
‫ص ِ‬‫الرحْ َم ُن بِيَ ِمينِ ِه‪ ،‬فَيُ َر ِّبيها ِل َ‬‫ب إِ َّال أ َ ْخذَهَا َّ‬ ‫َ‬
‫طيِّ ٍ‬
‫ظ َم ِم ْن أ ُ ُحد" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ير الت َّ ْم َرة ُ أ َ ْع َ‬
‫َص َ‬‫صي َله‪َ ،‬حتَّى ت ِ‬ ‫فَ ِ‬
‫حق ِسوى َّ‬
‫الزكا ِة"‬ ‫"في الما ِل ٌّ‬
‫الراوي ‪ :‬فاطمة بنت قيس‪ .‬المحدث ‪:‬الشوكاني‪ .‬المصدر ‪ :‬نيل اَلوطار‪.‬‬
‫الصفحة أو الرقم‪ .63/9 :‬خالصة حكم المحدث ‪ :‬ثابت‪.‬‬
‫سا ُد فِی ٱ ۡلبَ ِ ّر َوٱ ۡلبَ ۡح ِر } قال بعض أهل العلم ْال ُم َرا ُد بِ ْالبَ ِ ّر هَا ُهنَا‪:‬‬ ‫ظ َه َر ٱ ۡلفَ َ‬
‫﴿ َ‬
‫ار َو ْالقُ َرى‪.‬‬
‫ص ُ‬‫الفَ َيافي‪َ ،‬و ِب ْال َبحْ ِر‪ْ :‬اَل َ ْم َ‬
‫وف‪َ ،‬و ِب ْالبَحْ ِر‪ْ :‬البَحْ ُر‬
‫َوقَا َل آخ َُرونَ ‪َ :‬ب ِل ْال ُم َرا ُد بِ ْالبَ ِ ّر ُه َو ْالبَ ُّر ْال َم ْع ُر ُ‬
‫ْال َم ْع ُر ُ‬
‫وف‪.‬‬

‫‪559‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع َل ْي ِه ْاَل َ ْكث َ ُر‪ .‬وفي الحديث "لَ َح ٌّد يُقَا ُم ِفي‬ ‫قال ابن كثير َو ْالقَ ْو ُل ْاَل َ َّو ُل أ َ ْ‬
‫ظ َه ُر‪َ ،‬و َ‬
‫وأن َرسو َل اللَّ ِه‬
‫صبَا ًحا" َّ‬‫ط ُروا أ َ ْربَعِينَ َ‬ ‫ض أ َ َحبُّ ِإلَى أ َ ْه ِل َها ِم ْن أ َ ْن يُ ْم َ‬
‫ْاَل َ ْر ِ‬
‫بجنَازَ ةٍ‪َ ،‬فقا َل‪ُ :‬م ْست َِري ٌح و ُم ْست ََرا ٌح منه‪ "..‬رواه‬
‫وسل َم ُم َّر عليه ِ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫َ‬
‫البخاري‬
‫اس ‪-‬أ َ ْو أ َ ْكث َ ُر ُه ْم‪ ،‬أ َ ْو َك ِث ٌ‬
‫ير‬ ‫ف النَّ ُ‬ ‫ت‪ ،‬ا ْن َك َّ‬ ‫ب فِي َهذَا أ َ َّن ْال ُحدُو َد إِذَا أُقِي َم ْ‬ ‫س َب ُ‬
‫َوال َّ‬
‫ق‬
‫س َببًا ِفي ِم َحا ِ‬ ‫اصي َكانَ َ‬ ‫ت ْال َم َع ِ‬ ‫اطي ْال ُم َح َّر َماتِ‪َ ،‬و ِإ َذا ْ‬
‫ارت ُ ِك َب ِ‬ ‫ِم ْن ُه ْم ‪َ -‬‬
‫ع ْن ت َ َع ِ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪،‬‬ ‫سى [اب ُْن َم ْريَ َم] َ‬ ‫ض؛ َو ِل َهذَا ِإذَا نَزَ َل ِعي َ‬ ‫اء َو ْاَل َ ْر ِ‬ ‫س َم ِ‬
‫ت ِمنَ ال َّ‬‫ْالبَ َر َكا ِ‬
‫ط َّه َرةِ فِي َذ ِل َك ْال َو ْقتِ‪ِ ،‬م ْن قَتْ ِل‬
‫ش ِريعَ ِة ْال ُم َ‬
‫ان فَ َح َك َم بِ َه ِذ ِه ال َّ‬ ‫آخ ِر َّ‬
‫الز َم ِ‬ ‫فِي ِ‬
‫ب َو َوضْعِ ْال ِج ْز َي ِة‪َ ،‬و ُه َو ت َْر ُك َها ‪-‬فَ َال َي ْق َب ُل ِإ َّال ا ْ ِْلس َْال َم‬ ‫ص ِلي ِ‬ ‫ير َو َكس ِْر ال َّ‬ ‫ْال ِخ ْن ِز ِ‬
‫عهُ َويَأ ْ ُجو َج َو َمأْ ُجو َج‪ِ ،‬قي َل‬ ‫ْف‪ ،‬فَإ ِ َذا أَ ْهلَ َك اللَّهُ ِفي زَ َمانِ ِه ال َّد َّجا َل َوأَتْ َبا َ‬
‫سي َ‬‫أ َ ِو ال َّ‬
‫اس‪َ ،‬و َي ْست َِظلُّونَ‬ ‫الر َّمانَ ِة الفئ َام ِمنَ النَّ ِ‬ ‫ض‪ :‬أ َ ْخ ِر ِجي َب َر َكا ِت ِك‪َ .‬ف َيأ ْ ُك ُل ِمنَ ُّ‬ ‫ِل ْأل َ ْر ِ‬
‫اك ِإ َّال ِببَ َر َك ِة ت َ ْن ِفي ِذ‬ ‫اللّ ْق َح ِة الجماعةَ ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس‪َ .‬و َما ذَ َ‬ ‫بقَحْ فها‪َ ،‬ويَ ْك ِفي َلبَ ُن ِ‬
‫ت ْالبَ َركَاتُ َو ْال َخي ُْر‪.‬‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪ ،‬فَ ُكلَّ َما أُقِ َ‬
‫يم ْالعَ ْد ُل َكث ُ َر ِ‬ ‫ش َِريعَ ِة َر ُ‬
‫ب ْاَل َ ْع َما ِل‪ ،‬وقيل‪ :‬في ِع ْل ِم اللَّ ِه ال ُمث َ َّب ِ‬
‫ت‬ ‫ب اللَّ ِه﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬في ِكت َا ِ‬ ‫﴿لَقَ ْد َل ِبثْت ُ ْم ِفي ِكت َا ِ‬
‫في اللَّ ْوحِ ال َمحْ فُ ِ‬
‫وظ‪.‬‬

‫سورة لقمان مكية‬

‫‪560‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الل ِه‪ْ -‬ال ِغنَا ُء‪.‬‬


‫اس َم ْن َي ْشت َِري لَ ْه َو ْال َحدِيثِ﴾ َقا َل اب ُْن َم ْسعُودٍ‪ُ :‬ه َو ‪َ -‬و َّ‬ ‫﴿و ِمنَ النَّ ِ‬‫َ‬
‫َّاس‪َ ،‬و َجابِ ٌر‪ ،‬و ِع ْك ِرمة‪َ ،‬و َ‬
‫س ِعي ُد ب ُْن ُجبَيْر‪َ ،‬و ُم َجا ِهدٌ‪،‬‬ ‫عب ٍ‬ ‫َو َكذَا قَا َل اب ُْن َ‬
‫ي‪.‬‬ ‫س ُن ْال َب ْ‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫ي ب ُْن َبذيمة‪َ ،‬و ْال َح َ‬
‫ع ِل ُّ‬
‫ب َو َ‬
‫ش َع ْي ٍ‬ ‫َو َم ْك ُحو ٌل‪َ ،‬و َ‬
‫ع ْم ُرو ب ُْن ُ‬
‫َار اب ُْن‬
‫اخت َ‬ ‫الرحْ َم ِن ب ُْن زَ ْي ِد ب ِْن أ َ ْسلَ َم يَ ْعنِي‪ :‬ال ِ ّ‬
‫ش ْركُ ‪َ .‬و ْ‬ ‫َوقَا َل ال َّ‬
‫ض َّحاكُ َو َ‬
‫ع ْب ُد َّ‬
‫ع ْن آيَا ِ َّ‬ ‫ير أَنَّهُ ُك ُّل َك َال ٍم يَ ُ‬
‫سبِي ِل ِه‪ .‬قال صلى الله عليه‬ ‫ت الل ِه َوا ِت ّبَ ِ‬
‫اع َ‬ ‫ص ُّد َ‬ ‫َج ِر ٍ‬
‫خير في تجار ٍة‬ ‫موهن وال َ‬ ‫َّ‬ ‫تعلّ‬
‫َروهن وال ِ‬ ‫َّ‬ ‫ت وال تشت‬‫وسلم "ال تَبيعوا القينا ِ‬
‫فيهن وثمنُ ُه َّن حرا ٌم" وفي مث ِل هذا أ ُ ْن ِز َلت ه ِذ ِه اآليةُ ‪َ :‬و ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس َم ْن يَ ْشت َري‬ ‫َّ‬
‫آخر اآلي ِة ‪ .‬حسنه اَللباني‪.‬‬ ‫عن َسبي ِل اللَّ ِه إلى ِ‬ ‫ض َّل َ‬‫ث ِليُ ِ‬ ‫لَ ْه َو ْال َحدِي ِ‬
‫ف‪" ،‬‬‫عاز َ‬ ‫ير‪ ،‬والخ َْم َر وال َم ِ‬ ‫لَ َيكون ََّن ِمن أ ُ َّمتي أ ْقوا ٌم‪َ ،‬ي ْست َِحلُّونَ ِ‬
‫الح َر وال َح ِر َ‬
‫بسار َح ٍة له ْم‪ ،‬يَأْتِي ِه ْم ‪ -‬يَ ْعنِي الف ِق َ‬
‫ير‬ ‫ِ‬ ‫علَ ٍم‪ ،‬يَ ُرو ُح عليهم‬
‫ب َ‬ ‫ولَيَ ْن ِزلَ َّن أ ْقوا ٌم إلى َج ْن ِ‬
‫س ُخ آخ َِرينَ‬ ‫غدًا‪ ،‬فيُ َب ِّيت ُ ُه ُم اللَّهُ‪ ،‬و َي َ‬
‫ض ُع ال َعلَ َم‪ ،‬و َي ْم َ‬ ‫ار ِج ْع إلَيْنا َ‬
‫‪ِ -‬لحا َج ٍة ف َيقولونَ ‪ْ :‬‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ".‬رواه البخاري‪.‬‬
‫ير إلى يَ ِ‬ ‫قِ َر َدة ً وخ ِ‬
‫َناز َ‬
‫قال ابن مسعود "إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع"‬
‫اب أَنَّهُ َكانَ عبدا صالحا‬ ‫﴿ولَقَ ۡد َءات َ ۡينَا لُ ۡق َم ٰـنَ ٱ ۡل ِح ۡك َمةَ أ َ ِن ٱ ۡش ُك ۡر ِللَّ ٰۚ ِه } ال َّ‬
‫ص َو ُ‬ ‫َ‬
‫المؤمن ‪{.‬يُ ۡؤتِی ٱ ۡل ِح ۡك َمةَ َمن يَش َۤا ٰۚ ُء‬
‫ِ‬ ‫والحك َمةُ ضالَّةُ‬ ‫َح ِكي ًما بِ ِح ْك َم ِة اللَّ ِه ت َ َعالَى‪ِ .‬‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ُ‬ ‫َو َمن يُ ۡؤ َ ۡ‬
‫ی َخ ۡيرا َك ِثير ٰۗا}‬‫ت ٱل ِح ۡك َمةَ فَقَ ۡد أو ِت َ‬
‫﴿ولَقَ ْد آت َ ْينَا لُ ْق َمانَ ْال ِح ْك َمةَ﴾ أَيِ‪ْ :‬ال َف ْه َم َو ْال ِع ْل َم َوالت َّ ْع ِب َ‬
‫ير‪.‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع ِظي ࣱم}‬‫ظ ۡل ٌم َ‬ ‫ش ۡر َك لَ ُ‬‫{ ِإ َّن ٱل ِ ّ‬

‫‪561‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت هذِه اآل َيةُ‪{ :‬الَّذِينَ آ َمنُوا ولَ ْم َي ْل ِب ُ‬


‫سوا‬ ‫عن عبد الله بن مسعود قال‪ :‬لَ َّما نَزَ َل ْ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬وقالوا‪:‬‬ ‫يِ َ‬‫ب النب ّ‬‫صحا ِ‬ ‫ذلك علَى أ ْ‬ ‫ظ ْل ٍم} ش ََّق َ‬
‫إيمانَ ُه ْم ب ُ‬

‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ :‬إنَّه َ‬


‫ليس‬ ‫الل ِه َ‬ ‫ظ ْل ٍم؟ فقا َل َرسو ُل َّ‬ ‫س إيمانَهُ ب ُ‬ ‫أيُّنا َل ْم َي ْل ِب ْ‬
‫ع ِظي ٌم} رواه البخاري‬‫ظ ْل ٌم َ‬
‫ش ْر َك لَ ُ‬ ‫بذاك‪ ،‬أال ت َ ْس َمعُونَ إلى َق ْو ِل لُ ْقمانَ ‪َّ :‬‬
‫{إن ال ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫ص ٰـلُهُۥ ِفی َ‬
‫عا َم ۡي ِن}‬ ‫ص ۡينَا ٱ ۡ ِْلن َس ٰـنَ بِ َو ٰ⁠ ِل َد ۡي ِه َح َم َل ۡتهُ أ ُ ُّمهُۥ َو ۡهنًا َ‬
‫علَ ٰى َو ۡه ࣲن َوفِ َ‬ ‫{و َو َّ‬
‫َ‬
‫املَي ِْن ِل َم ْن أ َ َرا َد أ َ ْن يُ ِت َّم‬ ‫﴿و ْال َوا ِل َداتُ يُ ْر ِ‬
‫ض ْعنَ أ َ ْوال َد ُه َّن َح ْو َلي ِْن َك ِ‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه‬ ‫سو ِل الل ِه َ‬ ‫عةَ﴾ عن أبي هريرة قال َجا َء َر ُج ٌل إلى َر ُ‬ ‫ضا َ‬‫الر َ‬‫َّ‬
‫ص َحابَتِي؟ قا َل‪ :‬أ ُ ُّم َك قا َل‪ :‬ث ُ َّم َم ْن؟ قا َل‪ :‬ث ُ َّم‬
‫اس ب ُحس ِْن َ‬ ‫سلَّ َم‪ ،‬فَقا َل‪َ :‬من أ َ َح ُّق النَّ ِ‬ ‫َو َ‬
‫وك‪ .‬رواه البخاري‬ ‫أ ُ ُّم َك قا َل‪ :‬ث ُ َّم َم ْن؟ قا َل‪ :‬ث ُ َّم أ ُ ُّم َك قا َل‪ :‬ث ُ َّم َم ْن؟ قا َل‪ :‬ث ُ َّم أَبُ َ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫﴿وقُ ْل َربّ ِ‬
‫ير﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ص ُ‬‫ي ْال َم ِ‬
‫وقوله ﴿أ َ ِن ا ْش ُك ْر ِلي َو ِل َوا ِل َدي َْك ِإلَ َّ‬
‫يرا﴾‬ ‫ار َح ْم ُه َما َك َما َربَّ َيانِي َ‬
‫ص ِغ ً‬ ‫ْ‬

‫‪562‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على أ َ ْن ت ُ ْش ِر َك ِبي‬ ‫اك َ‬ ‫ي َه ِذ ِه ْاآل َيةُ‪َ :‬‬


‫﴿و ِإ ْن َجا َه َد َ‬ ‫س ْع َد بْنَ َما ِلكٍ قَا َل‪ :‬أ ُ ْن ِزلَ ْ‬
‫ت ف َّ‬ ‫ِإ َّن َ‬
‫ْس لَ َك بِ ِه ِع ْل ٌم فَال ت ُ ِط ْع ُه َما﴾ ْاآل َيةَ‪َ ،‬وقَا َل‪ُ :‬ك ْنتُ َر ُج ًال بَ ًّرا بِأ ُ ِّمي‪ ،‬فَلَ َّما‬
‫َما لَي َ‬
‫ع ّن دِين ََك َهذَا أ َ ْو َال‬ ‫ت؟ لَتَ َد َ‬ ‫اك قَ ْد أَحْ َدثْ َ‬
‫س ْعدُ‪َ ،‬ما َهذَا الَّذِي أ َ َر َ‬‫ت‪َ :‬يا َ‬ ‫أ َ ْسلَ ْمتُ َقالَ ْ‬
‫وت‪ ،‬فَت ُ َعيَّر ِبي‪ ،‬فَيُقَالُ‪" :‬يَا قَاتِ َل أ ُ ِّم ِه"‪ .‬فَقُ ْلتُ ‪َ :‬ال ت َ ْف َع ِلي‬ ‫ب َحتَّى أ َ ُم َ‬‫آ ُك ُل َو َال أ َ ْش َر ُ‬
‫ت قَ ْد‬
‫صبَ َح ْ‬ ‫فمكثت يَ ْو ًما َو َل ْيلَةً لَ ْم ت َأ ْ ُك ْل فَأ َ ْ‬
‫ْ‬ ‫َيءٍ ‪.‬‬‫يَا أ َمه‪ ،‬فَإ ِ ِنّي َال أ َ ْدعُ دِينِي َه َذا ِلش ْ‬
‫فأصبحت قَ ِد ا ْشت َ َّد ُج ْه ُدهَا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فمكثت َي ْو ًما [آخ ََر] َو َل ْيلَةً أ ُ ْخ َرى َال ت َأ ْ ُك ْل‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ت‪،‬‬‫َج ِه َد ْ‬
‫لك ِمائَةُ نَ ْف ٍس فخَرجت‬ ‫فَلَ َّما َرأَيْتُ ذَ ِل َك قُ ْلتُ ‪ :‬يَا أ ُ َّم ْه‪ ،‬ت َ ْعلَ ِمينَ َو َّ‬
‫الل ِه لَ ْو َكان ْ‬
‫َت ِ‬
‫ت فَ ُك ِلي‪ ،‬وإن شئت ال تأكلي‪.‬‬ ‫سا‪َ ،‬ما ت ََر ْكتُ دِينِي َهذَا ِل َ‬
‫ش ْيءٍ ‪َ ،‬فإِ ْن ِشئْ ِ‬ ‫نَ ْفسا نَ ْف ً‬
‫ْ‬
‫فأكلت‪.‬‬
‫ي ِإنَّ َها ِإ ْن ت َكُ ِمثْقَا َل َحبَّ ٍة ِم ْن خ َْر َد ٍل﴾ ﴿فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْقَا َل ذَ َّرةٍ َخي ًْرا يَ َرهُ *‬
‫﴿يَا بُنَ َّ‬
‫َو َم ْن َي ْع َم ْل ِمثْقَا َل ذَ َّرةٍ ش ًَّرا َي َرهُ﴾‬
‫صب ِْر﴾ والساكت‬
‫ص ْوا ِبال َّ‬ ‫ص ْوا ِبال َح ّ ِ‬
‫ق وت َوا َ‬ ‫على ما أصابَ َك﴾ ﴿وت َوا َ‬
‫ص ِب ْر َ‬
‫﴿وا ْ‬
‫عن الحق شيطان أخرس‪.‬‬
‫ض َم َر ًحا﴾ قال رسول الله "ال َي ْد ُخ ُل ال َجنَّةَ َمن‬
‫اَلر ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وال ت َْم ِش ِفي ْ‬
‫أن يَكونَ ث َ ْوبُهُ‬
‫الر ُج َل يُ ِحبُّ ْ‬ ‫كانَ في قَ ْل ِب ِه ِمثْقا ُل ذَ َّرةٍ ِمن ِك ْب ٍر قا َل َر ُج ٌل‪َّ :‬‬
‫إن َّ‬
‫ط ُر ال َح ّ ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫إن َّ‬
‫اللهَ َج ِمي ٌل يُ ِحبُّ ال َجما َل‪ ،‬ال ِكب ُْر َب َ‬ ‫سنًا ونَ ْعلُهُ َح َسنَةً‪ ،‬قا َل‪َّ :‬‬
‫َح َ‬
‫وغ َْم ُ‬
‫ط النَّ ِ‬
‫اس‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫ب يت َ َكفَّأ ُ في ِ‬
‫المشي ِة‪"..‬‬ ‫ي صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم ‪ ...‬يَمشي في َ‬
‫صب ٍ‬ ‫"كانَ النب ُّ‬
‫المحدث ‪ :‬أحمد شاكر‪ .‬خالصة حكم المحدث ‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫‪563‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِم ْعت ُ ْم ِ‬
‫ص َيا َح‬ ‫ير﴾ قال رسول الله " ِإذَا َ‬ ‫ص ْوتُ ْال َح ِم ِ‬ ‫ت َل َ‬ ‫﴿ ِإ َّن أ َ ْن َك َر اَل ْ‬
‫ص َوا ِ‬
‫س ِم ْعت ُ ْم نَ ِهيقَ ال ِح َم ِ‬
‫ار‬ ‫ض ِل ِه‪ ،‬فإنَّ َها َرأَ ْ‬
‫ت َملَ ًكا‪ ،‬وإ َذا َ‬ ‫ال ِ ّديَ َك ِة َفا ْسأَلُوا َّ‬
‫اللهَ ِمن فَ ْ‬
‫طانًا‪ .‬رواه البخاري ومسلم‬ ‫ان‪ ،‬فإنَّه َرأَى شي َ‬
‫ط ِ‬ ‫فَت َ َع َّوذُوا باللَّ ِه ِمنَ ال َّ‬
‫ش ْي َ‬
‫س َل‪ِ ﴿ :‬بغَي ِْر‬
‫الر ُ‬
‫وإرسا ِل ِه ُّ‬ ‫اس َمن يُجا ِد ُل في اللَّ ِه﴾ ْ‬
‫أي‪ :‬في ت َْو ِحي ِد ِه ْ‬ ‫﴿ومنَ النّ ِ‬
‫ِ‬
‫حاص ٍل لَهم بِما يُجا ِدلُونَ بِ ِه َ‬
‫﴿وال ُهدًى﴾؛ ْ‬
‫أي‬ ‫ِ‬ ‫يٍ‪،‬‬‫ور ّ‬
‫ض ُر ِ‬ ‫ُون ِع ْل ٍم َ‬
‫أي‪ :‬بِد ِ‬‫ِع ْل ٍم﴾ ْ‬
‫أي‪ :‬وحْ ي ٍ‬
‫ير﴾؛ ْ‬
‫ب ُم ِن ٍ‬
‫﴿وال ِكتا ٍ‬‫ب َ‬ ‫صوا ِ‬‫يٍ‪َ ،‬ي ْهتَدِي ِب ِه ال َع ْق ُل ِلل َّ‬
‫ع ْق ِل ّ‬ ‫ا ْس ِت ْدال ٍل ونَ َ‬
‫ظ ٍر َ‬
‫ب‬ ‫ي وال ِع ْل ٌم ُم ْكتَ َ‬
‫س ٌ‬ ‫ور ٌّ‬
‫ض ُر ِ‬‫ْس ِع ْن َدهُ ِع ْل ٌم َ‬
‫ح‪ ،‬يَ ْعلَ ُم بِ ِه ما يُجا ِد ُل بِ ِه‪ ،‬فَ َلي َ‬‫واض ٍ‬
‫نَيِّ ٍر ِ‬
‫ض ِمن َج ِميعِ‬ ‫يِ‪ ،‬وال ِع ْل ٌم ِمن وحْ يٍ‪ ،‬فَهو جا ِه ٌل َمحْ ٌ‬ ‫ص ِحيحِ العَ ْق ِل ّ‬ ‫بِال َّن َ‬
‫ظ ِر ال َّ‬
‫ت‪.‬‬
‫الجها ِ‬ ‫ِ‬
‫ير﴾ ﴿أ َ َولَ ْو َكانَ آبَا ُؤ ُه ْم َال يَ ْع ِقلُونَ‬
‫س ِع ِ‬ ‫عو ُه ْم ِإلَى َ‬
‫عذَا ِ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ان يَ ْد ُ‬
‫ط ُ‬ ‫﴿أ َ َولَ ْو َكانَ ال َّ‬
‫ش ْي َ‬
‫ش ْيئًا َوال َي ْهتَدُونَ ﴾‬
‫َ‬
‫ش َج َر ٍة أ َ ْقال ٌم َو ْالبَحْ ُر يَ ُم ُّدهُ ِم ْن بَ ْع ِد ِه َ‬
‫س ْب َعةُ أ َ ْب ُح ٍر َما‬ ‫ض ِم ْن َ‬ ‫﴿ولَ ْو أَنَّ َما فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫َ‬
‫ت َربِّي لَنَ ِف َد ْالبَحْ ُر قَ ْب َل أ َ ْن‬
‫الل ِه﴾ ﴿قُ ْل لَ ْو َكانَ ْالبَحْ ُر ِم َدادًا ِل َك ِل َما ِ‬
‫ت َك ِل َماتُ َّ‬
‫نَ ِف َد ْ‬
‫علَي َْك‬ ‫صي ثَنَا ًء َ‬ ‫ت َ ْنفَ َد َك ِل َماتُ َر ِبّي َولَ ْو ِجئْنَا ِب ِمثْ ِل ِه َم َددًا﴾ وفي الحديث "ال أُحْ ِ‬
‫ت كما أثْنَي َ‬
‫ْت علَى نَ ْف ِس َك‪ ".‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫أ ْن َ‬
‫ش ْيئًا أ َ ْن‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ما خ َْلقُ ُك ْم َوال بَ ْعث ُ ُك ْم إِال َكنَ ْف ٍس َو ِ‬
‫اح َدةٍ﴾ ﴿إِنَّ َما أ َ ْم ُرهُ إِذَا أ َ َرا َد َ‬
‫َيقُو َل لَهُ ُك ْن َف َي ُك ُ‬
‫ون}‬

‫‪564‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫هار في اللَّ ْي ِل﴾ ْ‬


‫أي‪ :‬يُ ْد ِخ ُل ُك َّل‬ ‫هار ويُو ِل ُج النَّ َ‬ ‫أن اللَّهَ يُو ِل ُج َّ‬
‫الل ْي َل في النَّ ِ‬ ‫﴿ألَ ْم ت ََر َّ‬
‫وزيا َدة أ َح ِد ِهما تَ ْست َْل ِز ُم نُ ْقصانَ اآل َخ ِر‪ ،‬كذا قال‬
‫واح ٍد ِمن ُهما في اآلخ َِر ِ‬
‫ِ‬
‫الجمهور‪ .‬وقيل بتبادلهما‪.‬‬
‫ش ُك ٌ‬
‫ور فِي‬ ‫اء‪َ ،‬‬
‫َّار فِي الض ََّّر ِ‬
‫صب ٌ‬ ‫ور﴾أَ ْ‬
‫ي‪َ :‬‬ ‫ش ُك ٍ‬
‫َّار َ‬
‫صب ٍ‬ ‫ت ِل ُك ِّل َ‬
‫﴿ ِإ َّن فِي َذ ِل َك آليَا ٍ‬
‫ذاك‬
‫وليس َ‬
‫َ‬ ‫إن ْأم َرهُ ُكلَّهُ َخي ٌْر‪،‬‬
‫ع َجبًا َل َ ْم ِر ال ُمؤْ ِم ِن‪َّ ،‬‬
‫َاء‪ .‬كما في الحديث " َ‬ ‫الرخ ِ‬ ‫َّ‬
‫وإن أصا َبتْهُ‬ ‫ش َك َر‪ ،‬فَكانَ َخي ًْرا له‪ْ ،‬‬ ‫س َّرا ُء َ‬ ‫َل َ َح ٍد َّإال ِل ْل ُمؤْ ِم ِن‪ْ ،‬‬
‫إن أصا َبتْهُ َ‬
‫صبَ َر َفكانَ َخي ًْرا له‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ض َّرا ُء‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫َص ُد هَا ُهنَا ُه َو‪ْ :‬ال ُمت ََو ِ ّس ُ‬
‫ط‬ ‫َصدٌ﴾ فَ ْال ُم ْقت ِ‬
‫وقوله ﴿فَلَ َّما نَ َّجا ُه ْم إِلَى ْالبَ ِ ّر فَ ِم ْن ُه ْم ُم ْقت ِ‬
‫علَى َم ْن شَا َه َد ِت ْل َك ْاَل َ ْه َوا َل َو ْاَل ُ ُم َ‬
‫ور‬ ‫ار َ‬ ‫ب ِْ‬
‫اْل ْن َك ِ‬ ‫فِي ْال َع َم ِل‪َ .‬وهَذا ِم ْن َبا ِ‬
‫ع َل ْي ِه ِمنَ ْالخ ََال ِ‬
‫ص‪َ ،‬كانَ‬ ‫ت فِي ْالبَحْ ِر‪ ،‬ث ُ َّم بَ ْع َد َما أ َ ْن َع َم َ‬‫ت ْالبَا ِه َرا ِ‬ ‫ام َو ْاآليَا ِ‬ ‫ْال ِع َ‬
‫ظ َ‬
‫ت‪.‬‬‫َي ْن َب ِغي أ َ ْن يُقَا ِب َل َذ ِل َك ِب ْال َع َم ِل التَّا ِ ّم َو ْال ُم َبا َد َر ِة ِإلَى ْال َخي َْرا ِ‬
‫ع ْن و َل ِد ِه﴾ {يَ ۡو َم َال ت َۡم ِلكُ‬‫واخش َْوا يَ ْو ًما ال يَجْ ِزي وا ِل ٌد َ‬ ‫اس اتَّقُوا َربَّكم ْ‬ ‫﴿ياأيُّها النّ ُ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ۡ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣱ‬
‫َ‬
‫ش ۡيـا َوٱَل ۡم ُر يَ ۡو َم ِٕىذ ِلل ِه}‬
‫ࣲ‬ ‫ن َۡفس ِلّن َۡف ࣲس َ‬
‫ع ِة َويُن ِ َّز ُل ٱ ۡلغَ ۡي َ‬
‫ث َو َيعۡ َل ُم َما ِفی ٱ َۡل َ ۡر َح ِام‪َ }..‬ه ِذ ِه َمفَا ِتي ُح‬ ‫سا َ‬‫﴿ ِإ َّن ٱللَّهَ ِعن َدهُۥ ِع ۡل ُم ٱل َّ‬
‫﴿ال يُ َج ِّلي َها ِل َو ْقتِ َها ِإال ُه َو﴾ وفي‬
‫ع ِة َال يعلمه إال الله َ‬
‫سا َ‬ ‫ب‪ .‬فَ ِع ْل ُم َو ْق ِ‬
‫ت ال َّ‬ ‫ْالغَ ْي ِ‬
‫الحديث " َما ْال َم ْسؤُو ُل َ‬
‫ع ْن َها بِأ َ ْعلَ َم ِمنَ ال َّ‬
‫سائِ ِل" رواه مسلم‪.‬‬

‫‪565‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س َال َي ْعلَ ُم ُه َّن ِإ َّال‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َمفَاتِي ُح ْالغَ ْي ِ‬


‫ب خ َْم ٌ‬ ‫ع َم َر قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫ع ِن اب ِْن ُ‬
‫َ‬
‫ع ِة َويُنز ُل ْالغَي َ‬
‫ْث َويَ ْعلَ ُم َما فِي ْ‬
‫اَلر َح ِام َو َما ت َ ْد ِري‬ ‫اللَّهُ‪ِ ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ ِع ْن َدهُ ِع ْل ُم ال َّ‬
‫سا َ‬
‫ير﴾‬ ‫ض ت َ ُموتُ ِإ َّن اللَّهَ َ‬
‫ع ِلي ٌم َخ ِب ٌ‬ ‫ي ِ أ َ ْر ٍ‬
‫س ِبأ َ ّ‬
‫غدًا َو َما ت َ ْد ِري نَ ْف ٌ‬ ‫س َماذَا ت َ ْك ِس ُ‬
‫ب َ‬ ‫نَ ْف ٌ‬
‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ي ِ أ َ ْر ٍ‬
‫ض ت َ ُموتُ ﴾ قال صلى الله عليه وسلم "إذا‬ ‫س بِأ َ ّ‬
‫﴿و َما ت َ ْد ِري نَ ْف ٌ‬
‫وقوله َ‬
‫بأرض جع َل َلهُ إليها حاجةً‪ ،‬أو قا َل ‪ِ :‬بها‬
‫ٍ‬ ‫يموت‬
‫َ‬ ‫قَضى اللَّهُ لعب ٍد أن‬
‫حاجةً"صححه اَللباني‪.‬‬

‫سورة السجدة مكية‬

‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم يَ ْق َرأ ُ في ال ُج ُم َع ِة في َ‬


‫ص َال ِة الفَجْ ِر الم ت َ ْن ِزي ُل‬ ‫ي َ‬
‫كانَ النب ُّ‬
‫ان‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫س ِ‬‫وهل أت َى علَى اْل ْن َ‬
‫ْ‬ ‫السَّجْ َدة ُ‬
‫شا‪َ ،‬كانُوا أ ُ َّمةً أ ُ ِّم َّيةً َل ْم‬
‫( َب ْل ُه َو ْال َح ُّق ِم ْن َر ِبّ َك ِلت ُ ْنذ َِر قَ ْوماً) قَا َل قَت َا َدةُ‪َ :‬ي ْع ِني قُ َر ْي ً‬
‫ِير ِم ْن قَ ْب ِل ُم َح َّم ٍد ﷺ‪.‬‬ ‫يَأْتِ ِه ْم نَذ ٌ‬
‫بن قمعةَ ِ‬
‫بن‬ ‫عن أبي هريرة أن رسول الله قال "رأيتُ عمرو بنَ لُ َح ّ‬
‫يٍ ِ‬
‫فنصب‬
‫َ‬ ‫يجر ُقص َبه في ال َّن ِ‬
‫ار‪ ...‬إنه كان أو َل من غي ََّر دينَ إسماعي َل ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫خندفٍ‬
‫َّب السائبةَ ‪ ،‬ووصل الوصيلةَ ‪ ،‬وحمى‬
‫وبحر البحيرةَ ‪ ،‬وسي َ‬
‫َ‬ ‫اَلوثانَ ‪،‬‬
‫ال َحامي" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫‪566‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض َوما َب ْينَ ُهما فِي ِست َّ ِة أَي ٍَّام﴾ قال اْلمام مالك‬
‫ت َو ْاَل َ ْر َ‬ ‫﴿اللهُ الَّذِي َخلَقَ ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫َّ‬
‫واجب‪ ،‬والسؤا ُل‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫واْليمان به‬ ‫والكيف مجهو ٌل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫رحمه الله [االستوا ُء معلو ٌم‪،‬‬
‫عةٌ]‬
‫عنه ِبد َ‬
‫ف‬ ‫دارهُ ْأل َ‬
‫ض ث ُ َّم َي ْع ُر ُج إلَ ْي ِه في يَ ْو ٍم كانَ ِم ْق ُ‬
‫اَلر ِ‬
‫ماء إلى ْ‬
‫س ِ‬ ‫اَلم َر ِمنَ ال َّ‬
‫﴿يُ َد ِبّ ُر ْ‬
‫سنَ ٍة ِم ّما تَعُ ُّدونَ ﴾ أي يوم القيامة وعليه الجمهور‪ .‬وقال تعالى ﴿اللَّهُ الَّذِي َخلَقَ‬ ‫َ‬
‫ض ِمثْلَ ُه َّن َيتَن ََّز ُل ْ‬
‫اَلم ُر َب ْينَ ُه َّن﴾‬ ‫اَلر ِ‬
‫ومنَ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫سماوا ٍ‬ ‫س ْب َع َ‬ ‫َ‬
‫س َن ٍة ِم ّما يَعُ ُّدهُ النّ ُ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ف َ‬‫واليَ ْو ُم ِع ْن َدهُ ت َعالى َك ْأل ِ‬
‫وفي سورة المعارج قوله ﴿ت َ ْع ُر ُج ال َمالئِ َكةُ ُّ‬
‫والرو ُح إ َل ْي ِه في يَ ْو ٍم كانَ ِم ْق ُ‬
‫دارهُ‬
‫ت أقوال منها‪:‬‬ ‫س َنةٍ﴾ وفي ال َج ْمعِ َبيْنَ َه ِذ ِه اآليا ِ‬ ‫خ َْمسِينَ ْأل َ‬
‫ف َ‬
‫‪ :7‬أن للقيامة مواقف خمسون وكل موقف منها ألف سنة‪.‬‬
‫بار حا ِل ال ُمؤْ ِم ِن والكا ِف ِر‪.‬‬
‫‪ :2‬أنه ِبا ْع ِت ِ‬
‫{ويَ ۡسـَٔلُون ََك َ‬
‫ع ِن‬ ‫وح ِه﴾ هذا إضافة خلق وتشريف‪َ .‬‬ ‫﴿ونَفَ َخ فِي ِه ِم ْن ُر ِ‬ ‫وقوله َ‬
‫ࣰ‬
‫لرو ُح ِم ۡن أ َ ۡم ِر َربِّی َو َم ۤا أُوتِيتُم ِّمنَ ٱ ۡل ِع ۡل ِم ِإ َّال قَ ِليال}‬
‫لروحِ قُ ِل ٱ ُّ‬
‫ٱ ُّ‬
‫ت الَّذِي ُو ِ ّك َل ِب ُك ْم﴾ ‪َّ ،‬‬
‫الظا ِه ُر ِم ْن َه ِذ ِه ْاآل َي ِة أ َ َّن َملَ َك‬ ‫﴿قُ ْل َيت ََوفَّا ُك ْم َملَكُ ْال َم ْو ِ‬
‫ث‬
‫ان كما في َحدِي ِ‬ ‫س ّمي بع َم ِله‪َ ،‬ولَهُ أَع َْو ٌ‬‫الموت شخص ُم َعي ٌَّن ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة‪ُ ،‬‬
‫ي ال دليل عليه‪.‬‬ ‫ض ْاآلثَ ِ‬
‫ار بِ ِع ْز َرائِي َل‪َ ،‬و ُه َو إسرائيل ّ‬ ‫ي فِي بَ ْع ِ‬ ‫ْالبَ َر ِ‬
‫اء‪َ .‬وقَ ْد ُ‬
‫س ِّم َ‬

‫‪567‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وا ُر ُءو ِس ِه ۡم ِعن َد َر ِبّ ِه ۡم َربَّن َۤا أ َ ۡب َ‬


‫ص ۡرنَا َو َ‬
‫س ِمعۡ نَا‬ ‫س ۟‬‫﴿ولَ ۡو ت ََر ٰۤى ِإ ِذ ٱ ۡل ُم ۡج ِر ُمونَ نَا ِك ُ‬
‫َ‬
‫ط َمعًا فِيما‬ ‫اْليقان اآلنَ َ‬
‫ِ‬ ‫سهم بِ‬ ‫صفُوا أ ْنفُ َ‬ ‫فَٱ ۡر ِجعۡ نَا نَعۡ َم ۡل َ‬
‫ص ٰـ ِل ًحا ِإنَّا ُمو ِقنُونَ } و َ‬
‫علَ ْي ِه ْم َك ِل َمةُ َّ‬
‫الل ِه فَإنَّهم‬ ‫إرجا ِع ِه ْم إلى ال ُّد ْنيا‪ ،‬وأنّى لَهم ذَ ِل َك فَقَ ْد َح َّق ْ‬
‫ت َ‬ ‫طلَبُوهُ ِمن ْ‬
‫َ‬
‫ع ْنهُ وإنَّهم لَكا ِذبُونَ ﴾‬
‫﴿ولَ ْو ُردُّوا لَعادُوا ِلما نُ ُهوا َ‬
‫﴿ َولَ ْو ِشئْنَا آلت َ ْينَا ُك َّل نَ ْف ٍس ُه َداهَا﴾ ‪َ ،‬ك َما َقا َل تَعَالَى َ‬
‫﴿ولَ ْو شَا َء َرب َُّك آل َمنَ َم ْن‬
‫ض ُكلُّ ُه ْم َج ِمي ًعا﴾‬
‫اَلر ِ‬
‫ِفي ْ‬
‫اس أَجْ َمعِينَ ﴾ قال رسول‬ ‫ألن َج َهنَّ َم ِمنَ ْال ِجنَّ ِة َوالنَّ ِ‬ ‫﴿ولَ ِك ْن َح َّق ْالقَ ْو ُل ِم ِنّي ْ‬
‫َلم َّ‬ ‫َ‬
‫ض َع َربُّ ال ِع َّزةِ فيها قَ َد َمهُ‪،‬‬ ‫هل ِمن َم ِزيدٍ‪ ،‬حتَّى َي َ‬ ‫الله ال ت َزا ُل َج َهنَّ ُم تَقُولُ‪ْ :‬‬
‫ض‪ ".‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ط َق ْ‬
‫ط و ِع َّزتِ َك‪ ،‬ويُ ْز َوى َب ْع ُ‬
‫ضها إلى َب ْع ٍ‬ ‫فَتَقُولُ‪َ :‬ق ْ‬

‫وقَ ْولُه‪ِ " :‬إنَّا نَ ِسينا ُك ْم" أي ت ََر ْكنَا ُك ْم فِي ْال َعذَا ِ‬
‫ب‪.‬‬
‫سبْحانَ اللَّ ِه و ِب َح ْم ِد ِه‪ْ ،‬أو‬ ‫سبَّ ُحوا ِب َح ْم ِد َر ِبّ ِه ْم﴾ وال َم ْعنى‪ :‬قالُوا في ُ‬
‫س ُجو ِد ِه ْم‪ُ :‬‬ ‫﴿و َ‬
‫ي اَلعْلى و ِب َح ْم ِد ِه‪.‬‬
‫سبْحانَ َر ِبّ َ‬
‫ُ‬
‫ع ِن ا ِت ّ َبا ِع َها َو ِاال ْن ِقيَا ِد لَ َها‪َ ،‬ك َما يَ ْفعَلُهُ ْال َج َهلَةُ ِمنَ‬‫ي َ‬‫﴿و ُه ْم َال يَ ْست َ ْكبِ ُرونَ ﴾ أَ ْ‬‫َ‬
‫ع ْن ِع َبا َد ِتي‬‫اللهُ ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذِينَ َي ْست َ ْك ِب ُرونَ َ‬ ‫ْال َكفَ َر ِة ْالفَ َج َر ِة‪َ ،‬‬
‫[وقَ ْد] قَا َل َّ‬
‫سيَ ْد ُخلُونَ َج َه َّن َم َد ِ‬
‫اخ ِرينَ ﴾‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫﴾{وٱلَّ ِذينَ يَبِيتُونَ ِل َربِّ ِه ۡم ُ‬
‫س َّجدا َوقِ َي ٰـما}‬ ‫اج ِع َ‬‫ض ِ‬‫ع ِن ْال َم َ‬ ‫﴿تَت َ َجافَى ُجنُوبُ ُه ْم َ‬
‫يال ِمنَ اللَّ ْي ِل َما َي ْه َجعُونَ {‬‫} َكانُوا قَ ِل ً‬

‫‪568‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صو ُم جنَّةٌ ‪،‬‬


‫الخير ؟ ال َّ‬
‫ِ‬ ‫قا َل رسول الله لماذا بن جبل "أال أدلُّ َك على أبوا ِ‬
‫ب‬
‫جوف‬
‫ِ‬ ‫الرج ِل ِمن‬‫ار الما ُء ‪ ،‬وصالة ُ َّ‬‫ئ ال َّن َ‬‫ئ الخطيئةَ كما يطف ُ‬ ‫صدقةُ تطف ُ‬ ‫وال َّ‬
‫اجعِ ) حتَّى بل َغ ( َجزَ ا ًء ِب َما َكانُوا‬
‫ض ِ‬‫ع ِن ْال َم َ‬‫اللَّي ِل ‪ ،‬ث َّم قرأ َ ( تَت َ َجافَى ُجنُوبُ ُه ْم َ‬
‫َي ْع َملُونَ )" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ب ربُّنا من َر ُجلَي ِْن‪ :‬رج ٌل ثار عن ِوطائِ ِه و ِلحافِ ِه من ِ‬
‫بين ِح ِّب ِه وأه ِل ِه "‬ ‫ع ِج َ‬
‫َ‬
‫ظروا إلى عبدي ؛ ثار عن فرا ِش ِه‬ ‫إلى صال ِت ِه‪ ،‬فيقو ُل اللهُ لمالئك ِت ِه‪ :‬ان ُ‬
‫شفَقًا مما‬‫بين ِحبِّ ِه وأه ِل ِه إلى صالتِ ِه‪ ،‬رغبةً فيما عندي‪ ،‬و َ‬
‫و ِوطائِ ِه من ِ‬
‫عندي‪ "..‬قال اَللباني حسن أو صحيح‪.‬‬
‫الل ْي ِل "‬‫ث َّ‬ ‫اء ال ُّد ْن َيا ِحينَ َي ْبقَى ثُلُ ُ‬ ‫ار َك وت َ َعالَى ُك َّل لَ ْي َل ٍة إلى ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫َي ْن ِز ُل َربُّنَا تَ َب َ‬
‫ْط َيهُ‪َ ،‬من َي ْست َ ْغ ِف ُرنِي‬ ‫يب له َمن يَ ْسأَلُنِي فَأُع ِ‬ ‫عونِي‪ ،‬فأ ْست َِج َ‬ ‫اآلخ ُر يقولُ‪َ :‬من َي ْد ُ‬ ‫ِ‬
‫فأ ْغ ِف َر له‪ ".‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫والناس نيا ٌم تدخلونَ "‬
‫ُ‬ ‫الطعام وصلُّوا‬
‫َ‬ ‫السالم وأطعموا‬
‫َ‬ ‫الناس أفشوا‬
‫ُ‬ ‫أيُّها‬
‫بسالم‪ ".‬صححه اَللباني‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الجنةَ‬
‫ت‪ ،‬وال أُذُ ٌن‬ ‫عي ٌْن َرأ َ ْ‬
‫صا ِل ِحينَ ‪ ،‬ما ال َ‬ ‫قا َل اللَّهُ ت َ‬
‫َبار َك وت َعالَى‪ :‬أ ْع َددْتُ ِل ِعبادِي ال َّ‬
‫ب بَش ٍَر قا َل أبو ُه َري َْرة َ‪ :‬ا ْق َرؤُوا ْ‬
‫إن ِشئْت ُ ْم‪{ :‬فَال ت َ ْعلَ ُم‬ ‫ط َر علَى قَ ْل ِ‬‫ت‪ ،‬وال َخ َ‬ ‫س ِم َع ْ‬
‫َ‬
‫ي له ْم ِمن قُ َّرةِ أ ْعيُ ٍن} رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نَ ْف ٌ‬
‫س ما أ ْخ ِف َ‬
‫﴿فَ َمأ ْ َوا ُه ُم النَّ ُ‬
‫ار ُكلَّ َما أ َ َرادُوا أ َ ْن َي ْخ ُر ُجوا ِم ْن َها أ ُ ِعيدُوا ِفي َها}‬
‫ِي لَ ُموثَقَةٌ‪َ ،‬و ِإ َّن ْاَل َ ْر ُج َل لَ ُمقَيَّ َدةٌ‪َ ،‬و ِإ َّن‬ ‫اض‪َ :‬و َّ‬
‫الل ِه ِإ َّن ْاَل َ ْيد َ‬ ‫قَا َل الفُ َ‬
‫ضيل ب ُْن ِعيَ ٍ‬
‫ب َل َي ْرفَعُ ُه ْم َو ْال َم َال ِئ َكةَ ت َ ْق َمعُ ُه ْم‪.‬‬
‫اللَّ َه َ‬
‫‪569‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب اَل ْدنَى دُونَ ْال َعذَا ِ‬


‫ب اَل ْك َب ِر لَ َعلَّ ُه ْم َي ْر ِجعُونَ‬ ‫﴿ولَنُذِيقَنَّ ُه ْم ِمنَ ْال َع َذا ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ب ال ُّد ْنيَا‬
‫صا ِئ َ‬ ‫ب ْاَل َ ْدنَى َم َ‬ ‫[لَ َعلَّ ُه ْم يَ ْر ِجعُونَ ] ﴾قال الجمهور‪ :‬يَ ْعنِي ِب ْال َعذَا ِ‬
‫َوأ َ ْسقَا َم َها َوآفَا ِت َها‪ .‬وقول ثان لعبدالله بن عباس أنه عذاب القبر‪ ،‬وقال ابن‬
‫القيم رحمه الله "فأخبر أنه يذيقهم بعض اَلدنى ليرجعوا ‪،‬فدل على أنه بقي‬
‫لهم من اَلدنى بقية يعذبون بها بعد عذاب الدنيا‪[ ،‬يعني عذاب القبر] ولهذا‬
‫قال ‪ :‬من العذاب اَلدنى ولم يقل ‪ :‬و لنذيقنهم العذا اَلدنى فتأمله‪".‬‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَال ت َ ُك ْن فِي ِم ْريَ ٍة ِم ْن ِلقَا ِئ ِه﴾ ‪ :‬قَا َل قَت َا َدة ُ وأبو العالية‪ :‬يَ ْعنِي بِ ِه لَ ْي َلةَ‬
‫ي بِ ِه‪َ .‬وع َليه‬ ‫سى‪َ ،‬ولَ ِق َيهُ لَ ْيلَةَ أ ُ َ‬
‫س ِر َ‬ ‫اء‪َ .‬وأَنَّهُ صلى الله وسلم قَ ْد َرأَى ُمو َ‬ ‫ِْ‬
‫اْلس َْر ِ‬
‫سى َر َّبهُ َع َّز َو َج َّل‪.‬‬ ‫الجم ُهور‪ .‬وقيل‪ِ :‬م ْن ِلقَ ِ‬
‫اء ُمو َ‬
‫صبَ ُروا﴾ ‪ ،‬أي‪ :‬لَ َّما أ َ َخذُوا بِ َرأْ ِس ْاَل َ ْم ِر‬ ‫﴿و َج َع ْلنَا ِم ْن ُه ْم أَئِ َّمةً يَ ْهدُونَ بِأ َ ْم ِرنَا لَ َّما َ‬‫َ‬
‫اْل َما َمةَ ِفي ال ّد ِ‬
‫ِين‪.‬‬ ‫ين تَنَا ُل ْ ِ‬ ‫صب ِْر َو ْال َي ِق ِ‬ ‫ض ْالعُ َل َم ِ‬
‫اء‪ِ :‬بال َّ‬ ‫سا‪َ .‬قا َل َب ْع ُ‬ ‫اروا ُر ُؤو ً‬ ‫ص ُ‬‫َ‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله "ففتنة الشبهات تدفع باليقين‪ ،‬وفتنة الشهوات تدفع‬
‫بالصبر‪".‬‬
‫(قُ ْل َي ْو َم ْالفَتْحِ َال َي ْنفَ ُع الَّذِينَ َكفَ ُروا ِإي َمانُ ُه ْم﴾ قولهم ربنا أبصرنا وسمعنا‪.‬‬

‫ِ‬ ‫صلُ‪ ،‬وهويَ ْو ُم ْال ِقيَا َم ِة‪ .‬وقيل يَ ْو ُم ْال َفتْح‬


‫ضا ُء َو ْالفَ ْ‬
‫َو ْال ُم َرادُ‪ْ :‬الفَتْ ُح الَّذِي ُه َو ْالقَ َ‬
‫يَ ْو ُم بَ ْد ٍر‪.‬‬
‫صونَ ِب ُك ُم‬
‫ت ُم ْنت َِظ ٌر‪َ ،‬و ُه ْم ُم ْنت َِظ ُرونَ ‪َ ،‬و َيت ََر َّب ُ‬ ‫ي‪ :‬أ َ ْن َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إنَّ ُه ْم ُم ْنت َِظ ُرونَ ﴾ أ َ ْ‬
‫ون﴾‬ ‫ْب ْال َمنُ ِ‬ ‫َّص بِ ِه َري َ‬ ‫الد ََّوائِ َر‪﴿ ،‬أَ ْم يَقُولُونَ شَا ِع ٌر نَت ََرب ُ‬

‫‪570‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة اَلحزاب مكية‬

‫س ٱللَّهُ ِب َكافٍ َ‬
‫ع ۡب َدهُۥ }‬ ‫﴿و َكفَى ِب َّ‬
‫الل ِه َو ِكيال﴾ {أَلَ ۡي َ‬ ‫َ‬
‫﴿ َّما َجعَ َل ٱللَّهُ ِل َر ُج ࣲل ِّمن قَ ۡل َب ۡي ِن فِی َج ۡو ِف ِهۦٰۚ} قال ابن كثير يَقُو ُل تَعَالَى ُم َو ِ ّ‬
‫طئًا‬
‫ص‬ ‫ش ْخ ِ‬
‫ون ِلل َّ‬ ‫صو ِد ْال َم ْعنَ ِو ّ‬
‫ي ِ أ َ ْم ًرا ِح ِ ّسيًّا َم ْع ُروفًا‪َ ،‬و ُه َو أ َ َّنهُ َك َما َال َي ُك ُ‬ ‫قَ ْب َل ْال َم ْق ُ‬
‫علَ َّ‬
‫ي‬ ‫ت َ‬ ‫ير زَ ْو َجتُهُ َّالتِي يُ َ‬
‫ظا ِه ُر ِم ْن َها بِقَ ْو ِل ِه‪ :‬أ َ ْن ِ‬ ‫َص ُ‬ ‫ان فِي َج ْوفِ ِه‪َ ،‬و َال ت ِ‬ ‫اح ِد َق ْلبَ ِ‬
‫ْال َو ِ‬
‫عاهُ ا ْبنًا لَهُ‪.‬‬ ‫ي َولَدًا ِل َّ‬
‫لر ُج ِل إِذَا تب َّناه فَ َد َ‬ ‫ير الدَّع ّ‬
‫ص ُ‬‫ظ ْه ِر أ ُ ِّمي أ ُ ًّما لَهُ‪َ ،‬كذَ ِل َك َال َي ِ‬
‫َك َ‬
‫ت فِي َر ُج ٍل ِم ْن قُ َري ٍْش‪َ ،‬كانَ يُ َقا ُل لَهُ‪" :‬ذُو ْالقَ ْل َبي ِْن"‪َ ،‬وأَنَّهُ َكانَ َي ْز ُ‬
‫ع ُم‬ ‫وقيل نَزَ َل ْ‬
‫أ َ َّن لَهُ قَ ْلبَي ِْن‪ُ ،‬ك ٌّل ِم ْن ُه َما بِ َع ْق ٍل َوافِ ٍر‪ .‬فَأ َ ْنزَ َل اللَّهُ َه ِذ ِه ْاآليَةَ َردًّا َ‬
‫ع َل ْي ِه‪.‬‬
‫وقوله ﴿ َما َج َع َل اللَّهُ ِل َر ُج ٍل ِم ْن قَ ْل َبي ِْن ِفي َج ْو ِف ِه َو َما َج َع َل أ َ ْز َوا َج ُك ُم الال ِئي‬
‫ظا ِه ُرونَ ِم ْن ُه َّن أ ُ َّم َهاتِ ُك ْم﴾ ‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬ما ُه َّن أ ُ َّم َهاتِ ِه ْم ِإ ْن أ ُ َّم َهات ُ ُه ْم ِإال الالئِي‬
‫تُ َ‬
‫َولَ ْدنَ ُه ْم َوإِنَّ ُه ْم لَيَقُولُونَ ُم ْن َك ًرا ِمنَ ْالقَ ْو ِل َو ُز ً‬
‫ورا﴾‬
‫صو ُد ِبالنَّ ْفيِ؛ فَإِنَّ َها نَزَ لَ ْ‬
‫ت‬ ‫﴿و َما َج َع َل أ َ ْد ِع َيا َء ُك ْم أَ ْبنَا َء ُك ْم﴾ ‪َ :‬هذَا ُه َو ْال َم ْق ُ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ي ﷺ قَ ْد تَبَنَّاهُ قَ ْب َل النُّبُ َّو ِة‪،‬‬ ‫ي ِ ﷺ‪َ ،‬كانَ النَّبِ ُّ‬ ‫ارثَةَ َم ْولَى ال َّنبِ ّ‬ ‫فِي شَأ ْ ِن زَ ْي ِد ب ِْن َح ِ‬
‫اْل ْل َحاقَ َو َه ِذ ِه‬
‫ط َع َه َذا ْ ِ‬ ‫َو َكانَ يُقَا ُل لَهُ‪" :‬زَ ْي ُد ب ُْن ُم َح َّمدٍ" فَأ َ َرا َد َّ‬
‫اللهُ تَعَالَى أ َ َّن يَ ْق َ‬
‫ورةِ‪َ ﴿ :‬ما‬
‫س َ‬ ‫َاء ال ُّ‬‫﴿و َما َج َع َل أ َ ْد ِع َيا َء ُك ْم أَ ْبنَا َء ُك ْم﴾ َك َما قَا َل فِي أَثْن ِ‬
‫النِّ ْس َبةَ ِبقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫سو َل اللَّ ِه َوخَات ََم ال َّنبِيِّينَ َو َكانَ اللَّهُ بِ ُك ِّل‬
‫َكانَ ُم َح َّم ٌد أَبَا أ َ َح ٍد ِم ْن ِر َجا ِل ُك ْم َولَ ِك ْن َر ُ‬
‫ع ِلي ًما﴾‬
‫ش ْيءٍ َ‬
‫َ‬
‫‪571‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَإ ِ ْن لَ ْم ت َ ْعلَ ُموا آ َبا َء ُه ْم َفإ ِ ْخ َوانُ ُك ْم ِفي ال ّد ِ‬


‫ِين َو َم َوا ِلي ُك ْم﴾ ‪" :‬فَخ ََر َج النب ُّ‬
‫ي‬
‫َناولَها َع ِل ٌّ‬
‫ي‬ ‫ع ِ ّم‪َ ،‬فت َ‬ ‫وسل َم‪ ،‬فَتَبِ َعتْهُ ا ْبنَةُ َح ْمزَ ةَ‪ ،‬تُنادِي يا َ‬
‫ع ِ ّم يا َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫َ‬
‫فاختَ َ‬
‫ص َم‬ ‫سال ُم‪ :‬دُون َِك ا ْبنَةَ َ‬
‫ع ِّم ِك َح َملَتْها‪ْ ،‬‬ ‫فاط َمةَ عليها ال َّ‬‫فأ َخذَ ب َيدِها‪ ،‬وقا َل ِل ِ‬
‫ي‪ :‬أنا أ َخ ْذتُها‪ ،‬وهي ب ْنتُ َ‬
‫ع ِّمي‪ ،‬وقا َل َج ْعفَ ٌر‪:‬‬ ‫ي وزَ ْي ٌد و َج ْع َف ٌر‪ ،‬قا َل َ‬
‫ع ِل ٌّ‬ ‫ع ِل ٌّ‬
‫فيها َ‬
‫صلَّى اللهُ‬‫ي َ‬ ‫ضى بها النب ُّ‬ ‫أخي‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ع ِّمي وخالَتُها تَحْ تِي‪ ،‬وقا َل زَ ْيدٌ‪ :‬ا ْب َنةُ ِ‬ ‫ا ْبنَةُ َ‬
‫ت ِم ِنّي وأنا ِم ْن َك‬ ‫عليه وسلَّ َم ِلخا َل ِتها‪ ،‬وقا َل‪ :‬الخا َلةُ ب َم ْن ِزلَ ِة اَل ُ ِ ّم وقا َل ِل َع ِل ّ‬
‫يٍ‪ :‬أ ْن َ‬
‫ت خ َْل ِقي و ُخلُ ِقي‪ ،‬وقا َل ِلزَ ْيدٍ‪ :‬أ ْن َ‬
‫ت أ ُخونا و َم ْوالنا‪ "..‬رواه‬ ‫وقا َل ِل َج ْعفَ ٍر‪ :‬أ ْشبَ ْه َ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫طأْنا}‬
‫أخ َ‬ ‫ؤاخ ْذنا ْ‬
‫إن نَ ِسينا‪ْ ،‬أو ْ‬ ‫"‪..‬ربَّنا ال ت ُ ِ‬
‫َ‬ ‫طأْت ُ ْم ِب ِه﴾‬
‫علَ ْي ُك ْم ُجنَا ٌح ِفي َما أ َ ْخ َ‬ ‫﴿ولَي َ‬
‫ْس َ‬ ‫َ‬
‫ص ًرا كما َح َم ْلتَهُ علَى الَّذِينَ ِمن َق ْب ِلنا}‬‫{ربَّنا وال تَحْ ِم ْل عليْنا إ ْ‬ ‫قا َل‪ :‬ق ْد فَ َع ْلتُ َ‬
‫ت َم ْوالنا} قا َل‪ :‬ق ْد فَ َع ْلتُ "رواه مسلم‬ ‫قا َل‪ :‬ق ْد َف َع ْلتُ {وا ْغ ِف ْر لنا ْ‬
‫وار َح ْمنا أ ْن َ‬
‫كرهوا ع َلي ِه" صححه "‬ ‫عن أ َّمتي الخطأ َ وال ّنِ ِ‬
‫سيان وما است ُ ِ‬ ‫إن اللهَ تجاوزَ َ‬ ‫َّ‬
‫اَللباني‪.‬‬
‫َير أبي ِه {‬ ‫غف ُ ً‬
‫ورا َر ِحي ًما﴾ " َم ِن ادَّعى إلى غ ِ‬ ‫ت قُلُوبُ ُك ْم َو َكانَ َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫َولَ ِك ْن َما ت َ َع َّم َد ْ‬
‫َير أبي ِه‪ ،‬فالج َّنةُ عليه َحرا ٌم" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫وهو يَعلَ ُم أنَّهُ غ ُ‬
‫عى ِل َغي ِْر أبِي ِه وهو يَ ْع َل ُمهُ َّإال َكفَ َر‪ ".‬رواه البخاري ونسلم"‬
‫ليس ِمن َر ُج ٍل ا َّد َ‬
‫َ‬
‫وهذا كفر النعمة وبه قال الجمهور‪.‬‬

‫‪572‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪َ :‬يا‬ ‫ي اللَّهُ َ‬‫ض َ‬‫ع َم َر‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ي أ َ ْولَى ِب ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِم ْن أ َ ْنفُ ِس ِه ْم﴾ عن ُ‬ ‫﴿ال َّن ِب ُّ‬
‫ش ْيءٍ ِإ َّال ِم ْن نَ ْف ِسي‪ .‬فَقَا َل‪َ :‬‬
‫"ال يَا‬ ‫ي ِم ْن ُك ِّل َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬واللَّ ِه ََل َ ْن َ‬
‫ت أ َ َحبُّ ِإلَ َّ‬ ‫َر ُ‬
‫ت أَ َحبُّ ِإلَ َّ‬
‫ي‬ ‫سو َل اللَّ ِه ََلَنَّ ْ‬
‫ع َم ُر‪َ ،‬حت َّى أ َ ُكونَ أ َ َحبُّ ِإ َلي َْك ِم ْن نَ ْف ِس َك"‪ .‬فَقَا َل‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫ُ‬
‫ع َم ُر" رواه البخاري‪ .‬وقال‬ ‫ش ْيءٍ َحتَّى ِم ْن نَ ْف ِسي‪ .‬فَقَا َل‪ْ :‬‬
‫"اآلنَ يَا ُ‬ ‫ِم ْن ُك ِّل َ‬
‫اآلخ َرةِ‪ ،‬ا ْق َرؤُوا‬ ‫رسول الله ما ِمن ُمؤْ ِم ٍن َّإال وأنا ْأولَى النَّ ِ‬
‫اس به في ال ُّد ْنيا و ِ‬
‫ي ْأولَى بال ُمؤْ ِمنِينَ ِمن أ ْنفُ ِس ِه ْم} رواه البخاري‪.‬‬ ‫إن ِشئْت ُ ْم‪{ :‬النب ُّ‬ ‫ْ‬
‫ي‪ :‬فِي ْال ُح ْر َم ِة َو ِاالحْ تِ َر ِام‪َ ،‬و ْ ِ‬
‫اْل ْك َر ِام َوالت َّ ْوقِ ِ‬
‫ير‬ ‫﴿وأ َ ْز َوا ُجهُ أ ُ َّم َهات ُ ُه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫وز ْالخ َْل َوة ُ بِ ِه َّن‪َ ،‬و َال يَ ْنت َ ِش ُر التَّحْ ِري ُم إِلَى بَنَاتِ ِه َّن‬ ‫ظ ِام‪َ ،‬ولَ ِك ْن َال ت َ ُج ُ‬ ‫َو ْ ِ‬
‫اْل ْع َ‬
‫اْلجْ َماعِ‪.‬‬‫َوأَخ ََواتِ ِه َّن ِب ْ ِ‬
‫ي‪ :‬فِي ُح ْك ِم اللَّ ِه‬ ‫ب اللَّ ِه﴾ أ َ ْ‬
‫ض فِي ِكت َا ِ‬ ‫ض ُه ْم أ َ ْولَى بِبَ ْع ٍ‬ ‫﴿وأُولُو ْ‬
‫اَلر َح ِام بَ ْع ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اج ِرينَ‬ ‫ث ِمنَ ْال ُم َه ِ‬ ‫ار ِ‬ ‫اج ِرينَ ﴾ أَيِ‪ْ :‬القُ َرا َباتُ أ َ ْولَى ِبالت َّ َو ُ‬ ‫﴿منَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ َو ْال ُم َه ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َو ْال ُم َؤاخَاةِ َّالتِي‬
‫ث ِب ْال َح ِل ِ‬ ‫ار‪َ .‬و َه ِذ ِه نَا ِسخَةٌ ِل َما َكانَ قَ ْبلَ َها ِم ْن الت َّ َو ُ‬
‫ار ِ‬ ‫ص ِ‬‫َو ْاَل َ ْن َ‬
‫َكان ْ‬
‫َت َب ْينَ ُه ْم‪.‬‬
‫ي ال َّن ْ‬
‫ص ُر‬ ‫اث‪َ ،‬و َب ِق َ‬ ‫َب ْال ِم َ‬
‫ير ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إال أ َ ْن ت َ ْف َعلُوا ِإلَى أ َ ْو ِل َيا ِئ ُك ْم َم ْع ُروفًا﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ :‬ذَه َ‬
‫صيَّةُ‪.‬‬‫ان َو ْال َو ِ‬ ‫س ُ‬ ‫اْلحْ َ‬‫صلَةُ َو ْ ِ‬ ‫َو ْالبِ ُّر َوال ِ ّ‬
‫سى اب ِْن‬ ‫سى َو ِعي َ‬ ‫﴿وإِ ْذ أ َ َخ ْذنَا ِمنَ النَّ ِبيِّينَ ِميثَاقَ ُه ْم َو ِم ْن َك َو ِم ْن نُوحٍ َوإِب َْرا ِه َ‬
‫يم َو ُمو َ‬ ‫َ‬
‫ص َواب‪.‬‬ ‫َم ْر َي َم﴾ َو ُه ْم أُولُو ْال َع ْز ِم‪َ ،‬و َخي ُْر ُه ْم ُم َح َّم ٌد ﷺ‪ .‬ث َّم إبْرا ِهي ُم على ال ّ‬
‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫غ ِليظا} وهو قوله في سورة الشورى {أن أقِي ُموا ال ّدِينَ‬ ‫{وأَخ َۡذنَا ِم ۡن ُهم ِّميث َ ٰـقًا َ‬‫َ‬
‫﴿و ِإ ْذ أ َ َخ َذ اللَّهُ ِميثَاقَ ال َّن ِب ِيّينَ }‬
‫َوال تَت َ َف َّرقُوا ِفي ِه﴾‪ .‬وفي سورة آل عمران َ‬
‫‪573‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص ْدقِ ِه ْم﴾﴿فَلَ َنسْألَ َّن الَّذِينَ أ ُ ْر ِس َل إلَ ْي ِه ْم ولَنَسْألَ َّن ال ُم ْر َ‬


‫سلِينَ ﴾‬ ‫ع ْن ِ‬
‫صا ِدقِينَ َ‬
‫﴿ ِل َيسْأ َل ال ّ‬
‫قال ابن القيم "فالصادقون هم الرسل‪ ،‬والمبلغون عنهم‪ ،‬فيسأل الرسل عن‬
‫تبليغ رساالته ويسأل المبلغين عنهم عن تبليغ ما بلغتهم الرسل‪ ،‬ثم يسأل‬
‫الذين بلغتهم الرسالة ماذا أجابوا المرسلين‪".‬‬
‫س ْلنَا َ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ا ْذ ُك ُروا نِ ْع َمةَ اللَّ ِه َعلَ ْي ُك ْم إِ ْذ َجا َءتْ ُك ْم ُجنُو ٌد فَأ َ ْر َ‬
‫ور"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪َ .‬وذَ ِل َك‬ ‫عا ٌد ِبال َّدبُ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ص َبا‪َ ،‬وأ ُ ْه ِل َك ْ‬
‫ص ْرتُ ِبال َّ‬ ‫ِري ًحا﴾"نُ ِ‬
‫سنَةَ خ َْم ٍس ِمنَ الهجرة على الصحيح ْال َم ْش ُه ِ‬
‫ور‪.‬‬ ‫فِي ش ََّوا ٍل َ‬
‫سنَةَ أ َ ْر َبعٍ‪.‬‬ ‫غي ُْرهُ َكان ْ‬
‫َت فِي َ‬ ‫ع ْقبة َو َ‬ ‫سى ب ُْن ُ‬‫َوقَا َل ُمو َ‬
‫ير‪ ،‬الَّذِينَ‬
‫ض ِ‬‫اف َي ُهو ِد َبنِي ال َّن ِ‬‫ب أ َ َّن نَفَ ًرا ِم ْن أَ ْش َر ِ‬
‫ُوم ْاَلَحْ زَ ا ِ‬
‫ب قُد ِ‬ ‫َو َكانَ َ‬
‫س َب ُ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ ِمنَ ْال َمدِينَ ِة ِإلَى َخ ْيبَ َر‪ِ ،‬م ْن ُه ْم‪َ :‬‬
‫س َّال ُم ب ُْن أَبِي‬ ‫َكانُوا قَ ْد أَجْ َال ُه ْم َر ُ‬
‫يع‪ ،‬خ ََر ُجوا ِإلَى َم َّكةَ َواجْ ت َ َمعُوا‬ ‫س َّال ُم ب ُْن ِم ْش َكم‪َ ،‬و ِكنَا َنةُ ب ُْن َّ‬
‫الر ِب ِ‬ ‫ال ُحقَيْق‪َ ،‬و َ‬
‫عدُو ُه ْم ِم ْن أ َ ْنفُ ِس ِه ُم‬ ‫سو ِل َّ‬
‫الل ِه ﷺ َو َو َ‬ ‫علَى َح ْر ِ‬
‫ب َر ُ‬ ‫اف قُ َري ٍْش‪ ،‬وأَلّبوهم َ‬ ‫ِبأ َ ْش َر ِ‬
‫طفَانَ فَ َد َ‬
‫ع ْو ُه ْم‬ ‫غ َ‬‫عانَةَ‪ .‬فَأ َ َجابُو ُه ْم إِلَى ذَ ِل َك‪ ،‬ث ُ َّم خ ََر ُجوا إِلَى َ‬ ‫اْل َ‬ ‫ص َر َو ْ ِ‬
‫النَّ ْ‬
‫ْش ِفي أ َ َحا ِبي ِش َها‪َ ،‬و َم ْن تَا َب َع َها‪َ ،‬وقَا ِئ ُد ُه ْم أَبُو‬
‫ت قُ َري ٌ‬‫ضا‪َ .‬وخ ََر َج ْ‬ ‫فَا ْست َ َجابُوا َل ُه ْم أ َ ْي ً‬
‫ص ِن ب ِْن بَ ْد ٍر‪َ ،‬و ْال َج ِمي ُع‬ ‫عيَينة ب ُْن ِح ْ‬ ‫طفَانَ ُ‬‫غ َ‬
‫علَى َ‬ ‫ب‪َ ،‬و َ‬ ‫س ْفيَانَ َ‬
‫ص ْخ ُر ب ُْن َح ْر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ير ِه ْم أ َ َم َر ْال ُم ْس ِل ِمينَ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ بِ َم ِس ِ‬ ‫ع ْش َرةِ َآالفٍ ‪َ ،‬فلَ َّما َ‬
‫س ِم َع َر ُ‬ ‫يب ِم ْن َ‬
‫قَ ِر ٌ‬
‫يِ‪،‬‬ ‫َارةِ َس ْل َمانَ ْالفَ ِ‬
‫ار ِس ّ‬ ‫ش ْرقَ ‪َ ،‬و َذ ِل َك ِبإِش َ‬ ‫ق َح ْو َل ْال َمدِينَ ِة ِم َّما َي ِلي ال َّ‬
‫ِب َح ْف ِر ْال َخ ْن َد ِ‬
‫اب وح َفر‪،‬‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ الت ُّ َر َ‬ ‫فَ َع ِم َل ْال ُم ْس ِل ُمونَ ِفي ِه َواجْ ت َ َهدُوا‪َ ،‬ونَقَ َل َم َع ُه ْم َر ُ‬
‫َات َو َد َال ِئ ُل َو ِ‬
‫اض َح ٌ‬
‫ات‪.‬‬ ‫َو َكانَ ِفي َح ْف ِر ِه ذَ ِل َك آ َي ٌ‬
‫ات َب ِّين ٌ‬
‫‪574‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫طائِفَةٌ ِم ْن ُه ْم فِي‬
‫ت َ‬ ‫ي ْال َمدِي َن ِة َق ِريبًا ِم ْن أ ُ ُحدٍ‪َ ،‬ونَزَ لَ ْ‬
‫َو َجا َء ْال ُم ْش ِر ُكونَ َفنَزَ لُوا ش َْرقِ َّ‬
‫ض ْال َمدِي َن ِة‪َ ،‬ك َما قَا َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إ ْذ َجا ُءو ُك ْم ِم ْن فَ ْوقِ ُك ْم َو ِم ْن أ َ ْسفَ َل‬
‫عا ِلي أ َ ْر ِ‬ ‫أَ َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬و َم ْن َم َعهُ ِمنَ ْال ُم ْس ِل ِمينَ ‪َ ،‬و ُه ْم نَحْ ُو ثَ َالث َ ِة‬ ‫ِم ْن ُك ْم﴾ ‪َ ،‬وخ ََر َج َر ُ‬
‫س ْلع َو ُو ُجو َه ُه ْم ِإلَى نَحْ ِو ْال َعد ّ ُِو‪،‬‬ ‫ور ُه ْم ِإلَى َ‬ ‫ظ ُه َ‬ ‫َآالفٍ ‪َ ،‬و ِقي َل‪َ :‬س ْبعُ ِمائَةٍ‪َ ،‬وأ َ ْسنَدُوا ُ‬
‫َص َل‬ ‫الر َّجالَةَ َو ْال َخيَّالَةَ أ َ ْن ت ِ‬
‫ب َّ‬ ‫ْس ِفي ِه َما ٌء بَ ْينَ ُه ْم َوبَ ْينَ ُه ْم يَحْ ُج ُ‬ ‫َو ْال َخ ْن َد ُق َح ِف ٌ‬
‫ير َلي َ‬
‫ظةَ ‪َ -‬و ُه ْم‬ ‫ط ِام ْال َمدِي َن ِة‪َ ،‬و َكان ْ‬
‫َت َبنُو قُ َر ْي َ‬ ‫ي ِفي آ َ‬ ‫سا َء َوالذَّ َر ِار َّ‬
‫ِإلَ ْي ِه ْم‪َ ،‬و َج َع َل ال ِنّ َ‬
‫ي ِ ﷺ َو ِذ َّمةٌ‪،‬‬ ‫ي ْال َمدِينَ ِة‪َ ،‬ولَ ُه ْم َ‬
‫ع ْه ٌد ِمنَ النَّبِ ّ‬ ‫ص ٌن ش َْرقِ َّ‬ ‫طائِفَةٌ ِمنَ ْاليَ ُهو ِد ‪-‬لَ ُه ْم ِح ْ‬ ‫َ‬
‫ب ال َّن َ‬
‫ضري‬ ‫ي ب ُْن أ َ ْخ َ‬
‫ط َ‬ ‫َب إِ َل ْي ِه ْم ُحيَ ّ‬
‫يب ِم ْن ث َ َمانِ ِمائَ ِة ُمقَاتِ ٍل فَذَه َ‬
‫َو ُه ْم قَ ِر ٌ‬
‫علَى َر ُ‬
‫سو ِل‬ ‫اب َ‬ ‫ضوا العهد‪ ،‬ومالؤوا ْاَلَحْ زَ َ‬ ‫ي]‪َ ،‬فلَ ْم َيزَ ْل ِب ِه ْم َحتَّى نَقَ ُ‬ ‫ْ‬
‫[ال َي ُهو ِد ُّ‬
‫ضاقَ ْال َحالُ‪َ ،‬ك َما قَا َل َّ‬
‫اللهُ ت َ َعالَى‪:‬‬ ‫ظم الخ ْ‬
‫َطب َوا ْشت َ َّد ْاَل َ ْم ُر‪َ ،‬و َ‬ ‫اللَّ ِه ﷺ‪ ،‬ف َع ُ‬
‫ي ْال ُمؤْ ِمنُونَ َو ُز ْل ِزلُوا ِز ْلزَ اال َ‬
‫شدِيدًا﴾‬ ‫﴿ ُهنَا ِل َك ا ْبت ُ ِل َ‬
‫ش ْه ٍر‪ِ ،‬إ َّال أَنَّ ُه ْم َال َي ِ‬
‫صلُونَ‬ ‫ي ِ ﷺ َوأ َ ْ‬
‫ص َحا ِب ِه َق ِريبًا ِم ْن َ‬ ‫َو َم َكثُوا ُم َح ِ‬
‫اص ِرينَ ِللنَّ ِب ّ‬
‫إِلَ ْي ِه ْم‪َ ،‬ولَ ْم يَ َق ْع َب ْينَ ُه ْم ِقت َا ٌل‪،‬‬
‫شدِي َدة َ ْال ُهبُو ِ‬
‫ب قَ ِويَّةً‪َ ،‬حتَّى َل ْم‬ ‫ب ِري ًحا َ‬ ‫علَى ْاَلَحْ زَ ا ِ‬‫ع َّز‪َ ،‬و َج َّل‪َ ،‬‬ ‫س َل اللَّهُ َ‬ ‫ث ُ َّم أ َ ْر َ‬
‫ارت َ َحلُوا‬
‫ار َحتَّى ْ‬ ‫َار‪َ ،‬و َال يَ ِق ُّر لَ ُه ْم قَ َر ٌ‬ ‫تُبْقَ لَ ُه ْم َخ ْي َمةٌ َو َال َ‬
‫ش ْي ٌء َو َال تُوقَد لَ ُه ْم ن ٌ‬
‫خَائِبِينَ خاسرين‪.‬‬
‫ع ْنهُ مع أبي سفيان‪.‬‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫وفيها قصة ُح َذ ْيفَةَ ب ِْن ْال َي َم ِ‬
‫ان‪َ ،‬ر ِ‬

‫‪575‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أي‪ََ :‬ل ْع َ‬
‫ط ْوها ِمن أ ْنفُ ِس ِه ْم‪،‬‬ ‫سئِلُوا ال ِفتْنَةَ﴾ قَ َرأ ال ُج ْم ُه ُ‬
‫ور " َآلت َْوها " ِبال َم ِ ّد ْ‬ ‫﴿ث ُ َّم ُ‬
‫أي‪:‬‬ ‫أي‪ :‬لَجا ُءوها ﴿وما تَلَ َّبثُوا بِها ّإال يَ ِس ً‬
‫يرا﴾ ْ‬ ‫ص ِر ْ‬ ‫وقَ َرأ نا ِف ٌع‪ ،‬واب ُْن َكثِ ٍ‬
‫ير بِالقَ ْ‬
‫س ُن‬ ‫أن أت َُوا ال ِفتْ َنةَ ّإال ت َْلبُثًّا َي ِس ً‬
‫يرا َحتّى َي ْه ِل ُكوا‪َ ،‬كذا قا َل ال َح َ‬ ‫ِبال َمدِي َن ِة َب ْع َد ْ‬
‫ي والفَ ّرا ُء والقُت َ ْي ِب ُّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫س ِ ّد ُّ‬
‫وال ُّ‬
‫ش ْر ِك ّإال َق ِل ً‬
‫يال‪.‬‬ ‫ع ْن فِتْنَ ِة ال ِ ّ‬‫سبُوا َ‬ ‫إن ال َم ْعنى‪ :‬وما احْ ت َ َ‬ ‫س ِرينَ ‪َّ :‬‬ ‫وقا َل أ ْكث َ ُر ال ُمفَ ِ ّ‬
‫ࣰ‬
‫۟‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ت أ َ ۡو ُم َّدخَال ل َول ۡوا إِلي ِه َوه ۡم يَج َم ُحونَ {‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫}لَ ۡو يَ ِجدُونَ َم ۡل َجـًٔا أ َ ۡو َمغَ ٰـ َر ٰ⁠ ٍ‬
‫ت أ َ ِو القتل}{ قُل لَّ ۡو ُكنت ُ ۡم ِفی بُيُو ِت ُك ۡم‬ ‫رار ِإ ْن فَ َر ْرت ُ ْم ِمنَ ْال َم ْو ِ‬ ‫﴿قُ ْل لَ ْن َي ْنفَ َع ُك ُم ْال ِف ُ‬
‫وا يُ ۡد ِرك ُّك ُم ٱ ۡل َم ۡوتُ‬ ‫اج ِع ِه ۡم} {أ َ ۡينَ َما ت َ ُكونُ ۟‬ ‫ض ِ‬‫علَ ۡي ِه ُم ٱ ۡلقَ ۡت ُل ِإلَ ٰى َم َ‬
‫ب َ‬ ‫لَبَ َرزَ ٱلَّ ِذينَ ُك ِت َ‬
‫شيَّ َد ࣲ ٰۗة}‬ ‫َولَ ۡو ُكنت ُ ۡم فِی بُ ُر ࣲ‬
‫وج ُّم َ‬
‫ࣱ‬
‫ص ۡب ُك ۡم‬
‫س ۡؤ ُه ۡم َو ِإن ت ُ ِ‬ ‫س ۡس ُك ۡم َح َ‬
‫سنَة ت َ ُ‬ ‫علَى ٱ ۡل َخ ۡي ٰۚ ِر} ﴿ ِإن ت َۡم َ‬
‫علَ ْي ُك ْم﴾ {أ َ ِش َّحةً َ‬
‫﴿أ َ ِش َّحةً َ‬
‫ࣱ‬
‫وا ِب َها} هم أخبث خلق الله وأشد من الكفار { ُّمذَ ۡبذَ ِبينَ َب ۡينَ ذَ ٰ⁠ ِل َك َالۤ‬ ‫س ِيّئ َة َي ۡف َر ُح ۟‬
‫َ‬
‫ِإلَ ٰى َه ٰۤـؤُ َ ۤال ِء َو َ ۤال ِإلَ ٰى َه ٰۤـؤُ َ ۤال ٰۚ ِء } لذلك قال الله { ِإ َّن ٱ ۡل ُمنَ ٰـ ِف ِقينَ فِی ٱلد َّۡر ِك ٱ َۡل َ ۡسفَ ِل‬
‫ار َولَن ت َِج َد لَ ُه ۡم ن ِ‬
‫َصي ًرا}‬ ‫ِمنَ ٱلنَّ ِ‬

‫‪576‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣱ‬
‫سو ِل ٱللَّ ِه أ ُ ۡس َوة ٌ َح َ‬
‫سنَة} أي في صبره وجوده وشجاعته‬ ‫{لَّقَ ۡد َكانَ لَ ُك ۡم فِی َر ُ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم أحْ َ‬
‫سنَ‬ ‫ي َ‬
‫وفي خلقه كله كما في الصحيحين‪ :‬كانَ النب ُّ‬
‫ات َل ْيلَةٍ‪،‬‬
‫ع أ ْه ُل ال َمدِينَ ِة َذ َ‬ ‫اس‪ ،‬وأ َ ْش َج َع النَّ ِ‬
‫اس‪ ،‬ولقَ ْد فَ ِز َ‬ ‫اس‪ ،‬وأَجْ َو َد النَّ ِ‬
‫النَّ ِ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ق ْد َسبَقَ‬ ‫ي َ‬ ‫ص ْوتِ‪ ،‬فَا ْست َ ْقبَلَ ُه ُم النب ُّ‬
‫اس قِبَ َل ال َّ‬‫ط َلقَ النَّ ُ‬
‫فَا ْن َ‬
‫عوا وهو علَى فَ َر ٍس َلبِي‬ ‫عوا لَ ْن ت ُ َرا ُ‬ ‫ص ْوتِ‪ ،‬وهو يقولُ‪ :‬لَ ْن ت ُ َرا ُ‬ ‫اس إلى ال َّ‬ ‫النَّ َ‬
‫ْف‪ ،‬فَقا َل‪ :‬لقَ ْد و َج ْدتُهُ َبحْ ًرا‪ْ .‬أو‪ :‬إنَّه‬ ‫عنُ ِق ِه َ‬
‫سي ٌ‬ ‫س ْر ٌج‪ ،‬في ُ‬ ‫ط ْل َحةَ ُ‬
‫ع ْري ٍ ما عليه َ‬ ‫َ‬
‫لَبَحْ ٌر‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫عرض لهم ح َج ٌر ال تأ ُخذُ في ِه المعاو ُل‪.‬‬
‫َ‬ ‫ق ل ّما‬
‫حفر الخند ِ‬
‫وكما في قصة ِ‬
‫اس‪ ،‬فاستق َب َلتْهم ه ِ‬
‫َواز ُن بال َّن ْب ِل‪ ،‬كان‬ ‫عان النَّ ِ‬
‫س َر ُ‬ ‫وكذلك في يوم حنين ل ّما َولَّى َ‬
‫آخذٌ‬
‫ث ِ‬‫بن الحار ِ‬ ‫س ْفيانَ ُ‬
‫يضاء‪ ،‬وأبو ُ‬‫ِ‬ ‫ي صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم على بَغلتِه البَ‬
‫النَّب ُّ‬
‫{لّ َمن َكانَ‬ ‫ابن عب ِد ال ُم َّ‬
‫ط ِلبْ ‪ِ .‬‬ ‫ي ال َكذِبْ ‪ ،‬أنا ُ‬ ‫جامها‪ ،‬وهو يقولُ‪ :‬أنا ال َّنب ُّ‬ ‫ب ِل ِ‬
‫ࣰ‬
‫{و َال يَ ۡذ ُك ُرونَ ٱ َّللهَ‬
‫َ‬ ‫المنافقون‬ ‫أما‬ ‫ا}‬ ‫ر‬ ‫اخ َر َوذَ َك َر ٱ َّللهَ َكثِي‬ ‫وا ٱ َّللهَ َوٱ ۡليَ ۡو َم ٱ ۡلـَٔ ِ‬‫يَ ۡر ُج ۟‬
‫ࣰ‬
‫إِ َّال قَ ِليال}‬
‫ص َدقَ اللَّهُ‬ ‫ع َدنَا اللَّهُ َو َر ُ‬
‫سولُهُ َو َ‬ ‫﴿ولَ َّما َرأَى ْال ُمؤْ ِمنُونَ اَلحْ زَ َ‬
‫اب قَالُوا َهذَا َما َو َ‬ ‫َ‬
‫سولُهُ﴾‬
‫َو َر ُ‬
‫ورةِ ْالبَقَ َرةِ" ﴿أ َ ْم َح ِس ْبت ُ ْم أ َ ْن‬ ‫س َ‬ ‫َّاس َو َقت َا َدةُ‪ :‬يَ ْعنُونَ قَ ْولَهُ تَعَا َلى فِي " ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫قَا َل اب ُْن َ‬
‫سا ُء َوالض ََّّرا ُء‬ ‫ستْ ُه ُم ْال َبأْ َ‬
‫ت َ ْد ُخلُوا ْال َجنَّةَ َولَ َّما َيأْتِ ُك ْم َمث َ ُل الَّذِينَ َخلَ ْوا ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم َم َّ‬
‫ص ُر َّ‬
‫الل ِه أَال ِإ َّن نَ ْ‬
‫ص َر‬ ‫سو ُل َوالَّ ِذينَ آ َمنُوا َم َعهُ َمت َى َن ْ‬ ‫َو ُز ْل ِزلُوا َحتَّى يَقُو َل َّ‬
‫الر ُ‬
‫اللَّ ِه َق ِر ٌ‬
‫يب﴾‬
‫‪577‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣱ‬
‫ضى نَحْ َبهُ}‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬‫ه‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬
‫َ ِ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ۡ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫َّ‬ ‫لل‬‫ٱ‬ ‫۟‬
‫ُوا‬
‫د‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ع‬
‫َ َٰ َ‬‫ا‬‫م‬ ‫۟‬
‫وا‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫د‬‫َ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ال‬‫قوله ﴿ ِّمنَ ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ ِر َج‬
‫س ِّميتُ ب ِه‬ ‫بن النَّ ِ‬
‫ضر ُ‬ ‫أنس ُ‬
‫أي أجله أو عهده أو نذره‪ ،‬قال أنس بن مالك ع ِّمي ُ‬
‫اللهُ علي ِه وسلَّ َم فَ َ‬
‫كبر علي ِه فقال َّأو ُل مشه ٍد‬ ‫الل ِه صلَّى َّ‬
‫بدرا م َع رسو ِل َّ‬
‫لم يشهد ً‬
‫وسل َم غبتُ عنهُ أما واللَّ ِه لئن أراني اللَّهُ‬
‫الل ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه َّ‬ ‫قد شَه َده رسو ُل َّ‬

‫ليرين اللَّهُ ما أصن ُع قال فَ َ‬


‫هاب‬ ‫َّ‬ ‫مشهدًا م َع رسو ِل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم‬
‫العام‬
‫ِ‬ ‫يوم أ ُ ُح ٍد منَ‬
‫ش ِه َد م َع رسو ِل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم َ‬
‫غيرها ف َ‬
‫أن يقو َل َ‬
‫عمرو أينَ قال وا ًها لريحِ الجنَّ ِة‬ ‫ٍ‬ ‫بن معا ٍذ فقال يا أبا‬‫القاب ِل فاستق َبلَه سع ُد ُ‬
‫أجدُها دونَ أح ٍد فقات َل حتَّى قُتِ َل فوج َد في جسدِه بض ٌع وثمانونَ من ِ‬
‫بين‬
‫عرفتُ أخي َّإال‬ ‫الرب ِّي ُع بنتُ ال َّن ِ‬
‫ضر فما َ‬ ‫ضرب ٍة وطعن ٍة ورمي ٍة فقالت ع َّمتي ُّ‬
‫عا َهدُوا اللَّهَ َ‬
‫ع َل ْي ِه فَ ِم ْن ُه ْم َم ْن قَ َ‬
‫ضى‬ ‫ص َدقُوا َما َ‬ ‫ببنا ِنه ونزلت هذِه اآليةَ ِ‬
‫{ر َجا ٌل َ‬
‫نَحْ َبهُ َو ِم ْن ُه ْم َم ْن َي ْنت َِظ ُر َو َما َب َّدلُوا تَ ْبد ً‬
‫ِيال} رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫طلحةُ ِم َّمن قضى نَحبَهُ" صححه اَللباني في‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم " َ‬
‫صحيح الجامع‪.‬‬

‫‪578‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰۚ‬ ‫ُ ۟ ࣰۡ‬ ‫﴿و َر َّد ٱ َّللهُ ٱلَّ ِذينَ َكفَ ُر ۟‬
‫يح‬
‫ِ ِ‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫نَ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫َ ِْ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫الله‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫}‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫وا ِبغَ ۡي ِظ ِه ۡم لَ ۡم َينَالوا َخي‬ ‫َ‬
‫اْللَ ِهيَّ ِة كما في قصة حذيفة اليمان مع أبي سفيان‪َ ،‬ولَ ْو َال أَن َج َع َل‬ ‫َو ْال ُجنُو ِد ْ ِ‬
‫﴿و َما َكانَ‬ ‫سو َلهُ َرحْ َمةً ِل ْل َعالَ ِمينَ ‪َ ،‬لهلكتهم الريح َولَ ِك ْن قال الله ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫اللَّهُ َر ُ‬
‫﴿و َكفَى اللَّهُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ْال ِقت َا َل﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬لَ ْم‬ ‫﴾وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬ ‫اللَّهُ ِليُ َع ِذّبَ ُه ْم َوأَ ْن َ‬
‫ت فِي ِه ْم‪َ ..‬‬
‫ع ْن بِ َال ِد ِه ْم‪ ،‬بَ ْل َكفَى اللَّهُ‬
‫ارزَ تِ ِه ْم َحتَّى يُجْ لُو ُه ْم َ‬
‫يَحْ ت َا ُجوا إِلَى ُمنَازَ َلتِ ِه ْم َو ُمبَ َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َال ِإلَ َه ِإ َّال اللَّهُ‬
‫وأعز ُج ْن َدهُ؛ َو ِل َهذَا قَا َل َر ُ‬
‫َّ‬ ‫ع ْب َدهُ‪،‬‬
‫ص َر َ‬
‫َوحْ َدهُ‪َ ،‬ونَ َ‬
‫وأعز ُج ْن َدهُ‪َ ،‬وهَزَ َم ْاَلَحْ زَ َ‬
‫اب َوحْ َدهُ‪ ،‬فَ َال‬ ‫َّ‬ ‫ع ْب َدهُ‪،‬‬
‫ص َر َ‬
‫ص َدقَ َو ْع َدهُ‪َ ،‬و َن َ‬
‫َوحْ َدهُ‪َ ،‬‬
‫ش ْي َء بَ ْع َدهُ"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫َ‬
‫َارة ٌ ِإلَى َوضْعِ ْال َح ْر ِ‬
‫ب َب ْينَ ُه ْم َو َبيْنَ‬ ‫﴿و َكفَى اللَّهُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ْال ِقت َا َل﴾ ‪ِ :‬إش َ‬ ‫وفي قوله َ‬
‫قُ َري ٍْش‪َ ،‬و َه َكذَا َوقَ َع بَ ْع َدهَا‪ ،‬لَ ْم يَغُ ْز ُه ُم ْال ُم ْش ِر ُكونَ ‪ ،‬بَ ْل غَزَ ا ُه ُم ْال ُم ْس ِل ُمونَ فِي‬
‫ِب َال ِد ِه ْم‪ .‬قال صلى الله عليه وسلم ِحينَ أجْ لَى اَلحْ زَ َ‬
‫اب ع ْنه‪" :‬اآلنَ نَ ْغ ُزو ُه ْم‬
‫وال يَ ْغ ُزونَنَا‪ ،‬نَحْ ُن نَ ِس ُ‬
‫ير إلي ِهم‪ ".‬أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫َ‬
‫ياصي ِه ْم﴾ يُ ْعنى بِ ِه‬
‫ص ِ‬ ‫ب ِمن َ‬ ‫﴿وأ ْنـزَ َل الَّذِينَ ظاه َُروهم ِمن أ ْه ِل ال ِكتا ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ف َّ‬
‫اللهُ في‬ ‫ي ِ ﷺ‪ ،‬فَقَ َذ َ‬
‫على ال َّن ِب ّ‬ ‫عاونُوهم َ‬ ‫ظةَ‪ ،‬و َم ْعنى ظاه َُرو ُه ْم‪َ ،‬‬ ‫َبنُو قُ َر ْي َ‬
‫أن يُ ْقتَ َل‬
‫س ْع ٌد َح َك َم فِي ِه ْم بِ ْ‬ ‫على ُح ْك ِم َ‬
‫س ْعدٍ‪ ،‬وكانَ َ‬ ‫ْب‪ ،‬وأ ْنزَ لَهم َ‬ ‫قُلُوبِ ِه ُم ُّ‬
‫الرع َ‬
‫صونُ ُه ْم‪.‬‬
‫اصي ِهم﴾ يَ ْعنِي‪ُ :‬ح ُ‬ ‫﴿م ْن َ‬
‫صيَ ِ‬ ‫ُمقاتِلُ ُه ْم‪ ،‬وتُسْبى ذَ ِ‬
‫راري ِه ْم‪ِ .‬‬
‫ش ْه ٍر" أخرجاه‪.‬‬ ‫يرة َ َ‬ ‫ب َم ِس َ‬ ‫ص ْرتُ ُّ‬
‫بالر ْع ِ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم "نُ ِ‬
‫الرو ُم‪.‬‬
‫س َو ُّ‬ ‫طؤوهَا﴾ ِقي َل‪َ :‬خ ْيبَ ُر‪َ .‬وقِي َل‪َ :‬م َّكةُ‪َ .‬وقِي َل‪ :‬فَ ِ‬
‫ار ُ‬ ‫﴿وأ َ ْر ً‬
‫ضا لَ ْم تَ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫َوقَا َل اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‪َ :‬ج ِمي ُع البالد التي فتحها الله بعد ذلك على المسلمين‪.‬‬
‫‪579‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قوله ﴿ َي ٰۤـأ َ ُّي َها ٱلنَّ ِب ُّ‬


‫ی قُل ِ َّل َ ۡز َو ٰ⁠ ِج َك ِإن ُكنت ُ َّن ت ُ ِر ۡدنَ ‪ }..‬عن جابر بن عبد الله قال‪:‬‬
‫اس ببا ِبه‬ ‫كر يستأذ ُِن على رسو ِل الل ِه صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ ،‬والنَّ ُ‬ ‫أق َب َل أبو َب ٍ‬
‫ع َم ُر فاستأذَنَ ‪ ،‬فلم يُؤذَ ْن له‪ ،‬ثُم أُذِنَ َلبي بَ ٍ‬
‫كر‪،‬‬ ‫وس‪ ،‬فلم يُؤذَ ْن له‪ ،‬ثُم أقبَ َل ُ‬
‫ُجل ٌ‬
‫ٌ‬
‫ساكت‪،‬‬ ‫جالس‪ ،‬وحولَه ِنساؤُه وهو‬ ‫ٌ‬ ‫ي صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‬ ‫ع َم َر ف َدخَال والنَّب ُّ‬‫و ُ‬
‫ي صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ل َع َّله َيض َحكُ ‪ ،‬فقال ُ‬
‫ع َم ُر‪ :‬يا‬ ‫ع َم ُر‪َ :‬ل ُ ِ‬
‫كلّ َم َّن ال َّنب َّ‬ ‫فقال ُ‬
‫ع َم َر‪ ،‬سألَتْني النَّفقةَ آنِ ًفا‪ ،‬فو َجأْتُ‬
‫بنت زَ ي ٍد امرأةَ ُ‬
‫ت َ‬ ‫رسو َل الل ِه‪ ،‬لو رأ ْي َ‬
‫ناج ُذه‪ ،‬قال‪ُ :‬ه َّن َح ْولي‬ ‫ي صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم حتى َبدا ِ‬ ‫ض ِح َك النَّب ُّ‬
‫عنُقَها‪ ،‬ف َ‬
‫ُ‬
‫ع َم ُر إلى‬
‫وقام ُ‬ ‫كر إلى عائشةَ ِل ِ‬
‫يضربَها‪َ ،‬‬ ‫فقام أبو بَ ٍ‬ ‫كما ت َرى يَ ْ‬
‫سألنَني النَّفقةَ‪َ ،‬‬
‫َسأالن رسو َل الل ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ما ليس‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يقوالن‪ :‬ت‬ ‫َحفصةَ ِكالهما‬
‫عنده؟! فنَها ُهما رسو ُل الل ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬ف ُق ْلنَ نِساؤُ ه‪ :‬والل ِه ال نَسأ ُل‬
‫رسو َل الل ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم بع َد هذا ال َمج ِل ِس ما ليس عنده‪ .‬قال‪ :‬وأنزَ َل‬
‫أمرا‪ ،‬ما أ ُ ِحبُّ ْ‬
‫أن‬ ‫لك ً‬‫ار‪ ،‬فب َدأ َ بعائشةَ‪ ،‬فقال‪ :‬إ ِنّي ذا ِك ٌر ِ‬ ‫اللهُ َّ‬
‫عز وج َّل الخي َ‬
‫ت َع َجلي فيه‪ ،‬حتى تَست َأ ْ ِمري أبوي ِْك‪ ،‬قالت‪ :‬ما هو؟ قال‪ :‬فت َال عليها‪َ { :‬يا أَيُّ َها‬
‫ي؟‬ ‫أفيك أَست َِأم ُر َ‬
‫أبو َّ‬ ‫اج َك} [اَلحزاب‪ ]22 :‬اآليةَ‪ ،‬قالت عائشةُ‪َ :‬‬
‫ي قُ ْل َِل َ ْز َو ِ‬
‫النَّبِ ُّ‬
‫أختار الل َه ورسولَه‪ ،‬وأَسألُ َك َّأال تذ ُك َر المرأةٍ من ِنسا ِئ َك ما اخت َْرتُ ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫بل‬
‫علّ ًما ُمي ِ ّ‬
‫س ًرا‪ ،‬ال ت َسألُني امرأة ٌ من ُه َّن‬ ‫ولكن ب َعثَني ُم ِ‬
‫ْ‬ ‫إن اللهَ لم َيب َعثْني ُمعنِّفًا‪،‬‬
‫َّ‬
‫ت َّإال أخبَ ْرتُها‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫ع َّما اخت َْر ِ‬

‫‪580‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ُء‬‫وز َو ُ‬ ‫ي النُّ ُ‬


‫ش ُ‬ ‫َّاس‪َ :‬و ِه َ‬ ‫عب ٍ‬ ‫اح َش ٍة ُم َب ِّينَةٍ} قَا َل اب ُْن َ‬
‫كن ِبفَ ِ‬ ‫قوله { َم ْن َيأ ْ ِ‬
‫ت ِم ْن َّ‬
‫َضي ْال ُوقُو َ‬
‫ع َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬لَئِ ْن‬ ‫ش ْر ُ‬
‫ط َال يَ ْقت ِ‬ ‫ط‪َ ،‬وال َّ‬‫ق‪َ .‬وقيل ُه َو ش َْر ٌ‬ ‫ْال ُخلُ ِ‬
‫ع َملُ َك﴾ وقوله {لَو َكانَ ِفي ِه َما ءا ِل َهةٌ‪}..‬‬ ‫ط َّن َ‬ ‫أ َ ْش َر ْك َ‬
‫ت لَ َيحْ َب َ‬
‫للمرار‬
‫ضاعف ِ‬
‫ُ‬ ‫ف مرتين ويُ‬ ‫ضعَّ ُ‬ ‫ض ْعفَي ِْن﴾‪ :‬يُ َ‬ ‫ف لَ َها ٱ ْل َعذَ ُ‬
‫اب ِ‬ ‫ضا َع ْ‬ ‫وقوله ﴿يُ َ‬
‫الكثيرة‪،‬‬
‫وقوله ﴿وأ ْعت َ ْدنا لَها ِر ْزقًا َك ِري ًما﴾‬
‫الر ْز ُق ال َك ِري ُم هو نَ ِعي ُم ال َجنَّ ِة ولهذا نهينا عن نكاح أزواجه‬ ‫قا َل ال ُمفَ ِ ّ‬
‫س ُرونَ ‪ّ ِ :‬‬
‫بعده َلنهن زوجاته في الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم "أيُّما امرأةٍ ت ُ ُو ِفّي‬
‫أزواجها" صححه اَللباني في‬
‫ِ‬ ‫آلخ ِر‬ ‫فتزو َج ْ‬
‫ت بع َدهُ ‪ ،‬فِ ِهي ِ‬ ‫َّ‬ ‫عنها زوجها ‪،‬‬
‫صحيح الجامع‪.‬‬
‫اللهُ ت َ َعالَى‬ ‫س ۤا ِء ِإ ِن ٱتَّقَ ۡيت ُ ٰۚ َّن‪َ }..‬ه ِذ ِه آ َد ٌ‬
‫اب أ َ َم َر َّ‬ ‫ی لَ ۡست ُ َّن َكأ َ َح ࣲد ِّمنَ ٱل ِنّ َ‬‫س ۤا َء ٱل َّن ِب ِّ‬
‫﴿ َي ٰـ ِن َ‬
‫سا ُء ْاَل ُ َّم ِة ت َ َب ٌع لَ ُه َّن فِي ذَ ِل َك‪.‬‬ ‫ي ِ ﷺ‪َ ،‬ونِ َ‬ ‫سا َء ال َّن ِب ّ‬ ‫ِب َها نِ َ‬
‫﴿وقَ ْرنَ فِي بُيُوتِ ُك َّن﴾ أَيِ‪ْ :‬الزَ ْمنَ بُيُوت َ ُك َّن فَ َال ت َْخ ُرجْ نَ ِلغَي ِْر َحا َج ٍة‪.‬‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫أن ت َْخ ُرجْ نَ ِل َحوا ِئ ِج ُك َّن" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫قالﷺ "ق ْد أذِنَ اللَّهُ َل ُك َّن ْ‬
‫ت‬ ‫ي ِ ﷺ قَا َل‪ِ " :‬إ ِن ْال َم ْرأَة َ َ‬
‫ع ْو َرةٌ‪ ،‬فَإِذَا خ ََر َج ِ‬ ‫ع ِن النَّبِ ّ‬ ‫ع ْب ِد َّ‬
‫الل ِه بن مسعود َ‬ ‫َ‬
‫ي فِي قَ ْعر َب ْيتِ َها"‪.‬‬
‫برو َحة َربِّ َها َو ِه َ‬
‫ون ْ‬ ‫ان‪َ ،‬وأ َ ْق َر ُ‬
‫ب َما ت َ ُك ُ‬ ‫ط ُ‬‫ش ْي َ‬
‫ا ْست َ ْش َرفَ َها ال َّ‬
‫صححه اَللباني‪.‬‬

‫‪581‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َالتِ َها فِي َب ْيتِ َها‪،‬‬ ‫ص َالة ُ ْال َم ْرأَةِ فِي َم ْخد ِعها أ َ ْف َ‬
‫ض ُل ِم ْن َ‬ ‫ع ِن ال َّن ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ‪َ " :‬‬ ‫وعنه َ‬
‫ص َالتِ َها ِفي ُحجْ َرتِ َها" قال اَللباني إسناده‬ ‫ص َالت ُ َها فِي بَ ْيتِ َها أ َ ْف َ‬
‫ض ُل ِم ْن َ‬ ‫َو َ‬
‫صحيح على شرط مسلم‪.‬‬
‫يِ ﷺ‬ ‫ساء النَّ ِب ّ‬ ‫س أ َ ْه َل ْالبَ ْيتِ﴾ أولهم نِ َ‬ ‫الرجْ َ‬ ‫ع ْن ُك ُم ِ ّ‬‫ب َ‬ ‫قوله ﴿ ِإنَّ َما يُ ِري ُد اللَّهُ ِليُ ْذ ِه َ‬
‫ْس ْال ُم َرا ُد بِ ْاَل َ ْه ِل ْاَل َ ْز َوا َج فَ َق ْ‬
‫ط‪،‬‬ ‫ع َل ۡي ُك ۡم أَ ۡه َل ٱ ۡلبَ ۡي ٰۚ ِ‬
‫ت} ولَي َ‬ ‫{ر ۡح َمتُ ٱللَّ ِه َوبَ َر َك ٰـتُهُۥ َ‬
‫َ‬
‫ي ِ صلَّى َّ‬
‫اللهُ‬ ‫َب ْل ُه ْم َم َع آ ِل ِه كما في الحديث "ل َّما نزلت ه ِذ ِه اآليةُ على ال َّنب ّ‬
‫س أ َ ْه َل ْالبَ ْي ِ‬
‫ت َويُ َ‬
‫ط ِ ّه َر ُك ْم‬ ‫ب َع ْن ُك ُم ِ ّ‬
‫الرجْ َ‬ ‫عل ْي ِه وسلَّ َم " ِإنَّ َما يُ ِري ُد َّ‬
‫اللهُ ِليُ ْذ ِه َ‬
‫ت أ ِ ّم سلمةَ فدعا فاطمةَ و َحسنًا و ُحسينًا فجلَّلَهم بِكساءٍ وعل ٌّ‬
‫ي‬ ‫يرا" في بي ِ‬ ‫ت َْط ِه ً‬
‫جس‬
‫الر َ‬ ‫هؤالء أَه ُل بيتي فأ ْذ ِهب ع ْنه ُم ِ ّ‬
‫ِ‬ ‫هر ِه فجلَّلَهُ ِبكساءٍ ث َّم قا َل اللَّه َّم‬
‫ظ ِ‬‫خلف َ‬
‫َ‬
‫ت على َمكانِ ِك‬ ‫ي اللَّ ِه قا َل أن ِ‬
‫هيرا قالت أ ُّم سلمةَ وأنا م َع ُهم يا نب َّ‬ ‫ط ِ ّه ْرهم ْ‬
‫تط ً‬ ‫و َ‬
‫خير" صححه اَللباني في صحيح الترمذي‪.‬‬
‫ت على ٍ‬
‫وأن ِ‬
‫س أ ْه َل البَ ْي ِ‬
‫ت‬ ‫الرجْ َ‬ ‫ع ْن ُك ُم ِ ّ‬ ‫سو َلهُ إنَّما يُ ِري ُد اللَّهُ ِليُ ْذ ِه َ‬
‫ب َ‬ ‫﴿وأط ْعنَ اللَّهَ َ‬
‫ور ُ‬ ‫ِ‬ ‫قوله‬
‫يٍ‬ ‫شاملَةٌ لنِساء ال َّنبِ ّ‬
‫ي ِ ﷺ و ِلعَ ِل ّ‬ ‫أن اآليَةَ ال َك ِري َمةَ ِ‬ ‫ط ِ ّه َركم ت َْط ِه ً‬
‫يرا﴾ ذَ َك ْرنا َّ‬ ‫ويُ َ‬
‫شي َعةَ الرافضة االثنى عشرية‪ ،‬ت َ َم َّ‬
‫س ُكوا‬ ‫وفاط َمةَ‪ .‬ثم َّ‬
‫إن ال ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫سي ِْن‬
‫س ِن وال ُح َ‬
‫وال َح َ‬
‫سي ِْن‪ ،‬وإما َمتِ ِه دُونَ‬
‫س ِن وال ُح َ‬ ‫ع ْنهُ‪ ،‬وال َح َ‬‫ي اللَّهُ َ‬
‫ض َ‬‫ي ٍ َر ِ‬
‫ص َم ِة َع ِل ّ‬
‫على ِع ْ‬ ‫بِاآليَ ِة َ‬
‫ص َمتِ ِه ْم وال‬
‫على ِع ْ‬ ‫ْس في هَذا َدال َلةٌ َ‬ ‫صو ٍم‪ .‬ولَي َ‬‫ْس بِ َم ْع ُ‬ ‫غي َْرهم لَي َ‬ ‫غي ِْر ِه ّ‬
‫وأن َ‬ ‫َ‬
‫يق ذَ ِل َك في َمقا َمي ِْن‪:‬‬
‫إما َمتِ ِه ْم‪ .‬وتَحْ ِق ُ‬

‫‪582‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫والو ْعدُ‪،‬‬
‫ي‪َ ،‬‬ ‫اَلم ُر‪ ،‬والنَّ ْه ُ‬ ‫الخطاب ُكلّهُ َِل ْزواجِ النَّ ِب ّ‬
‫ي ِ ﷺ‪ ،‬و َم َع ُه َّن ْ‬ ‫أن ِ‬‫اَلول‪ّ :‬‬
‫والو ِعيدُ‪ .‬وهن أولى الناس به َلنهن المقصودات‪ ،‬لَ ِك ْن لَ ّما تَبَيَّنَ ما في هَذا‬ ‫َ‬
‫ير ِب َهذا‬ ‫غي َْر ُه َّن ِمن أ ْه ِل ال َب ْيتِ‪ ،‬جا َء الت َّ ْ‬
‫ط ِه ُ‬ ‫ِمنَ ال َمنفَ َع ِة الَّ ِتي تَعُ ُّم ُه َّن وت ُ َع ِّم ُم َ‬
‫ت ُك ِلّ ِه ْم‪،‬‬
‫واج ِه‪ .‬بَ ْل هو ُمت َنا ِو ٌل َِل ْه ِل ال َب ْي ِ‬
‫أز ِ‬‫صا ِب ْ‬ ‫غي ِْر ِه لَي َ‬
‫ْس ُم ْخت َ ًّ‬ ‫بو َ‬
‫الخطا ِ‬
‫ِ‬
‫غي ِْر ِه ْم ِبذَ ِل َك‪.‬‬ ‫سي ُْن أخ ُّ‬
‫َص ِمن َ‬ ‫وفاط َمةُ‪ ،‬وال َح َ‬
‫س ُن‪ ،‬وال ُح َ‬ ‫ِ‬ ‫ي‪،‬‬
‫ع ِل ٌّ‬
‫و َ‬
‫ب ال يلزم منه العصمة َكما في قَ ْو ِل ِه‪ُ ﴿ :‬خ ْذ ِمن‬ ‫ط ُّهر ِمنَ ال ُّذنُو ِ‬ ‫أن الت َّ َ‬
‫الثاني‪ّ :‬‬
‫هارةِ ا ْبتِدا ًء‬
‫الط َ‬ ‫ط ِ ّه ُرهم وتُزَ ِ ّكي ِه ْم بِها} ما أ َم َر اللَّهُ بِ ِه ِمنَ َّ‬
‫ص َدقَةً ت ُ َ‬
‫ْأموا ِل ِه ْم َ‬
‫ض َّم ُن اْل ْذن ِفيها بِحا ٍل‪.‬‬ ‫الفاح َش ِة‪ ،‬ال يَتَ َ‬
‫ِ‬ ‫ع ِن‬ ‫وإرا َدةً‪ ،‬فَإ َّنهُ يَتَ َ‬
‫ض َّم ُن نَ ْهيَهُ َ‬
‫ت ٱللَّ ِه َوٱ ۡل ِح ۡك َم ٰۚ ِة﴾‬
‫{وٱ ۡذ ُك ۡرنَ َما يُ ۡتلَ ٰى فِی بُيُوتِ ُك َّن ِم ۡن َءا َي ٰـ ِ‬ ‫وقوله َ‬
‫ولما أمرهن بالعمل‪ ،‬الذي هو فعل وترك‪ ،‬أمرهن بالعلم‪ ،‬وبين لهن طريقه‪،‬‬
‫ت اللَّ ِه َو ْال ِح ْك َم ِة﴾ والمراد بآيات‬
‫﴿وا ْذ ُك ْرنَ َما يُتْلَى ِفي ُبيُو ِت ُك َّن ِم ْن آ َيا ِ‬
‫فقال‪َ :‬‬
‫اللّه‪ ،‬القرآن‪ .‬والحكمة‪ ،‬أسراره‪ .‬وسنة رسوله‪ .‬وفي هذا حكمة تعدد زوجات‬
‫النبي من إالعانة على إبالغ الرسالة‪.‬‬
‫ومثْلَهُ معه" صححه اَللباني‬ ‫والحكمة هنا السنة لقوله "أال ِإ ِنّي أُو ِتيتُ ال ِك َ‬
‫تاب ِ‬
‫في صحيح الجامع‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َو ْال ُمؤْ ِمنِينَ َو ْال ُمؤْ ِمنَاتِ} قالت أم سلمة أم‬


‫قوله { ِإ َّن ْال ُم ْس ِل ِمينَ َو ْال ُم ْس ِل َما ِ‬
‫رآن كما‬ ‫ي ِ صلَّى اللهُ علي ِه َّ‬
‫وسل َم‪ :‬ما لنا ال نُذ َك ُر في القُ ِ‬ ‫المؤمنين قلتُ للنَّب ّ‬
‫ْ‬
‫قالت‪:‬‬ ‫قالت‪ :‬فل ْم َي ُرعْني منه يو َمئ ٍذ َّإال وندا ُؤه على ِ‬
‫المن َب ِر‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫يُذ َك ُر ِ ّ‬
‫الرجالُ؟‬
‫ش ْعري‪ ،‬ث َّم خرجْ تُ إلى ُحجْ رةٍ من ُح َج ِر بيْتي‪،‬‬ ‫ش ْعري‪ ،‬فلفَ ْفتُ َ‬ ‫سر ُح َ‬‫وأنا أ ُ ِ ّ‬
‫إن اللهَ‬ ‫المنبَ ِر‪ :‬يا أيُّها النَّ ُ‬
‫اس‪َّ ،‬‬ ‫س ْمعي عن َد ال َجريدِ‪ ،‬فإذا هو يقو ُل عن َد ِ‬ ‫فجعلتُ َ‬
‫ت َو ْال ُمؤْ ِمنِينَ َو ْال ُمؤْ ِمنَاتِ} إلى ِ‬
‫آخر‬ ‫يقو ُل في ِكتا ِبه‪ِ { :‬إ َّن ْال ُم ْس ِل ِمينَ َو ْال ُم ْس ِل َما ِ‬
‫ع َّد اللَّهُ لَ ُه ْم َم ْغ ِف َرة ً َوأَجْ ًرا َ‬
‫ع ِظي ًما}‪ .‬أخرجه النسائي وأحمد‪.‬‬ ‫اآلي ِة‪{ ،‬أ َ َ‬
‫وصححه شعيب اَلرناؤوط‪.‬‬
‫وخطاب الرجل خطاب للمرأة إال بنص يخرجها‬
‫ضى ٱ َّللهُ َو َر ُ‬
‫سولُهُ ۤۥ أ َ ۡم ًرا أَن يَ ُكونَ لَ ُه ُم‬ ‫﴿و َما َكانَ ِل ُم ۡؤ ِم ࣲن َو َال ُم ۡؤ ِمنَ ٍة ِإذَا َق َ‬ ‫قوله َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ضلَ ٰـال ُّم ِبينا﴾ َوذَ ِل َك أ َ َّن‬ ‫ض َّل َ‬‫سولَهُۥ فَقَ ۡد َ‬‫ص ٱللَّ َه َو َر ُ‬ ‫ٱ ۡل ِخ َي َرة ُ ِم ۡن أ َ ۡم ِر ِه ٰۡۗم َو َمن َيعۡ ِ‬
‫زينب وهو يريدُها لزي ٍد فظنَّت أنَّه يريدُها لنف ِسه ‪ ،‬فل َّما‬
‫َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ خطب‬
‫َر ُ‬
‫ع ِلمت أنَّه يُريدُها لزي ٍد أبت ‪ ،‬فأنزل اللهُ ‪َ { :‬و َما َكانَ ِل ُمؤْ ِم ٍن َو َال ُمؤْ ِمنَ ٍة }‬
‫ض َيت وسلَّمت"‬ ‫اآليةُ ‪ِ .‬‬
‫فر ِ‬
‫الراوي ‪ :‬قتادة بن دعامة‪.‬‬
‫المحدث ‪ :‬السيوطي‪.‬‬
‫خالصة حكم المحدث ‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫وفي اآلية أيضا قصة جليبيب رضى الله عنه‪ .‬وهي شاملة للجميع قال‬
‫تعالى‪:‬‬
‫‪584‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ِل ِهۦ ِل َي ۡح ُك َم َب ۡينَ ُه ۡم أَن َيقُولُ ۟‬


‫وا‬ ‫{ ِإنَّ َما َكانَ قَ ۡو َل ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِينَ ِإ َذا ُد ُ‬
‫ع ۤو ۟ا ِإ َلى ٱ َّلل ِه َو َر ُ‬
‫طعۡ ن َٰۚا}‬
‫س ِمعۡ نَا َوأ َ َ‬
‫َ‬
‫ق ٱللَّهَ‬ ‫علَ ۡي ِه أ َ ۡم ِس ۡك َ‬
‫ع َل ۡي َك زَ ۡو َج َك َوٱت َّ ِ‬ ‫﴿و ِإ ۡذ تَقُو ُل ِللَّ ِذ ۤی أ َ ۡن َع َم ٱللَّهُ َعلَ ۡي ِه َوأ َ ۡن َع ۡم َ‬
‫ت َ‬ ‫َ‬
‫اس َوٱللَّهُ أ َ َح ُّق أَن ت َۡخش َٰىهُ } ل َّما‬ ‫َوت ُ ۡخ ِفی فِی ن َۡف ِس َك َما ٱللَّهُ ُم ۡب ِدي ِه َوت َۡخشَى ٱلنَّ َ‬
‫ص َّلى اللَّهُ عليه وسلَّ َم ِلزَ ْيدٍ‪ :‬فَا ْذ ُك ْرهَا‬ ‫ت ِع َّدة ُ زَ ْين َ‬
‫َب‪ ،‬قا َل َرسو ُل الل ِه َ‬ ‫ا ْنقَ َ‬
‫ض ْ‬
‫ع ِجينَ َها‪ ،‬قا َل‪ :‬فَلَ َّما َرأ َ ْيت ُ َها‬
‫ط َلقَ زَ ْي ٌد حتَّى أَت َاهَا َوهي ت ُ َخ ِّم ُر َ‬
‫ي‪ ،‬قا َل‪ :‬فَا ْن َ‬
‫علَ َّ‬
‫َ‬
‫صلَّى‬
‫أن َرسو َل الل ِه َ‬ ‫ص ْد ِري‪ ،‬حتَّى ما أَ ْست َِطي ُع أَ ْن أ َ ْن ُ‬
‫ظ َر إ َل ْي َها‪َّ ،‬‬ ‫ع ُ‬
‫ظ َم ْ‬
‫ت في َ‬ ‫َ‬
‫ع ِقبِي‪ ،‬فَقُلتُ ‪ :‬يا‬‫صتُ علَى َ‬ ‫وسل َم ذَ َك َرهَا‪ ،‬فَ َو َّل ْيت ُ َها َ‬
‫ظ ْه ِري‪َ ،‬ونَ َك ْ‬ ‫اللَّهُ عليه َّ‬

‫ت‪ :‬ما أَنَا ب َ‬


‫صانِ َع ٍة‬ ‫صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم َي ْذ ُك ُر ِك‪ ،‬قالَ ْ‬ ‫َب‪ :‬أ َ ْر َس َل َرسو ُل الل ِه َ‬ ‫زَ ْين ُ‬
‫آن‪َ ،‬و َجا َء َرسو ُل الل ِه‬ ‫ت إلى َمس ِْج ِدهَا‪َ ،‬ونَزَ َل القُ ْر ُ‬ ‫شيئًا حتَّى أ ُ َو ِام َر َربِّي‪ ،‬فَقَا َم ْ‬
‫بغير إ ْذ ٍن‪ "..‬رواه مسلم‪.‬‬
‫ع َل ْي َها ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ ،‬فَ َد َخ َل َ‬ ‫َ‬
‫ق َّ‬
‫اللهَ‪،‬‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم يقولُ‪ :‬ات َّ ِ‬ ‫ي َ‬‫ارث َةَ َي ْش ُكو‪ ،‬فَ َج َع َل النب ُّ‬ ‫َجا َء زَ ْي ُد ُ‬
‫بن َح ِ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‬ ‫َس‪ :‬لو كانَ َرسو ُل اللَّ ِه َ‬ ‫وأ َ ْم ِس ْك َ‬
‫علَي َْك زَ ْو َج َك‪ ،‬قا َل أن ٌ‬
‫صلَّى اللهُ‬
‫يِ َ‬ ‫َب ت َ ْفخ َُر علَى ْ‬
‫أز َواجِ النب ّ‬ ‫َكا ِت ًما شيئًا لَ َكت ََم هذِه‪ ،‬قا َل‪ :‬فَ َكان ْ‬
‫َت زَ ْين ُ‬
‫عليه وسلَّ َم تَقُولُ‪ :‬زَ َّو َج ُك َّن أهَا ِلي ُك َّن‪ ،‬وزَ َّو َجنِي َّ‬
‫اللهُ ت َ َعالَى ِمن فَ ْو ِ‬
‫ق َسبْعِ‬
‫س َم َواتٍ" رواه البخاري‪.‬‬ ‫َ‬
‫ي صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسلم كات ًما شيئًا من الوحي ِ لكتم‬ ‫وقالت عائشة لو كان النب ُّ‬
‫علَ ْي ِه" أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫هذه اآليةَ َو ِإ ْذ تَقُو ُل ِللَّذِي أ َ ْن َع َم اللهُ َعلَ ْي ِه َوأ َ ْن َع ْم َ‬
‫ت َ‬

‫‪585‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وت ُ ْخ ِفي في نَ ْف ِس َك ما اللَّهُ ُم ْبدِي ِه﴾ فَإنَّهُ ُهنا أ ْب َه َم هَذا الَّذِي ْ‬


‫أخفاهُ ﷺ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫َب ِب ْن َ‬
‫ت‬ ‫أشار إلى َّ‬
‫أن ال ُمرا َد بِ ِه زَ وا ُجهُ ﷺ زَ ْين َ‬ ‫َ‬ ‫في نَ ْف ِس ِه وأبْداهُ اللَّهُ‪ ،‬ولَ ِكنَّهُ‬
‫ت تَحْ َ‬
‫ت‬ ‫الو ْق ِ‬
‫ْث ْأوحى إلَ ْي ِه َذ ِل َك‪ ،‬وهي في ذَ ِل َك َ‬ ‫ع ْنها ‪َ -‬حي ُ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬‫ض َ‬ ‫َجحْ ٍش ‪َ -‬ر ِ‬
‫حارثَةَ؛ َِل َّن زَ وا َجهُ إيّاها هو الَّذِي أبْداهُ اللَّهُ ِبقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَلَ ّما قَضى زَ ْي ٌد‬
‫زَ ْي ِد ب ِْن ِ‬
‫يق في َم ْعنى اآليَ ِة الَّذِي َد َّل َعلَ ْي ِه‬ ‫ِمنها و َ‬
‫ط ًرا زَ َّوجْ نا َكها﴾ وهَذا هو التَّحْ ِق ُ‬
‫آن‪ ،‬وهو ّ‬
‫الال ِئ ُق ِب َجنا ِب ِه ‪ -‬ﷺ‪.‬‬ ‫القُ ْر ُ‬
‫أخفاهُ في نَ ْف ِس ِه ﷺ‬
‫أن ما ْ‬ ‫س ِرينَ ِمن َّ‬
‫ير ِمنَ ال ُمفَ ِ ّ‬ ‫أن ما يَقُولُهُ َكثِ ٌ‬
‫وبِ ِهذَا ت َ ْعلَ ُم َّ‬
‫س ِم َعتْهُ‬
‫ت زَ ْيدٍ‪ ،‬وأنَّها َ‬‫َب في َق ْلبِ ِه و َم َحبَّتُهُ لَها‪ ،‬وهي تَحْ َ‬ ‫ع زَ ْين َ‬ ‫وأبْداهُ َّ‬
‫اللهُ ُوقُو ُ‬
‫ص ِة‪ُ ،‬كلُّهُ ال ِ‬
‫ص َّحةَ لَهُ‪ ،‬وال َّد ِلي ُل‬ ‫آخ ِر ال ِق َّ‬
‫ب» إلى ِ‬ ‫سبْحانَ ُمقَ ِلّ َ‬
‫ب القُلُو ِ‬ ‫قا َل‪ُ « :‬‬
‫سو ُل‬
‫أخفاهُ َر ُ‬ ‫أن اللَّهَ َل ْم يُ ِب ِد ِمن ذَ ِل َك َش ْيئًا‪َ ،‬م َع أنَّهُ َ‬
‫ص َّر َح بِأنَّهُ ُم ْبدِي ما ْ‬ ‫علَ ْي ِه َّ‬
‫َ‬
‫اللَّ ِه ﷺ‪.‬‬
‫‪#‬أضواء البيان‬
‫علَى ْال ُمؤْ ِمنِينَ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَلَ َّما قَ َ‬
‫ضى زَ ْي ٌد ِم ْن َها َو َ‬
‫ط ًرا زَ َّوجْ نَا َك َها ِل َك ْي َال يَ ُكونَ َ‬
‫ط َع اللَّهُ َه ِذ ِه ال ِّن ْس َبةَ‬
‫ط ًرا﴾ َفلَ َّما َق َ‬ ‫َح َر ٌج ِفي أ َ ْز َواجِ أ َ ْد ِع َيا ِئ ِه ْم ِإذَا قَ َ‬
‫ض ْوا ِم ْن ُه َّن َو َ‬
‫﴿و َما َج َع َل أ َ ْد ِعيَا َء ُك ْم أ َ ْبنَا َء ُك ْم ذَ ِل ُك ْم قَ ْولُ ُك ْم بِأ َ ْف َوا ِه ُك ْم َواللَّهُ يَقُو ُل‬
‫بِقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫الل ِه﴾‪ .‬زَ ا َد هنا ت َأ ْ ِكيدًا‬
‫ط ِع ْن َد َّ‬ ‫س ُ‬ ‫عو ُه ْم آلبَائِ ِه ْم ُه َو أ َ ْق َ‬ ‫ْال َح َّق َو ُه َو يَ ْهدِي ال َّسبِي َل ا ْد ُ‬
‫طلَّقَ َها زَ ْي ُد ب ُْن‬
‫ت َجحْ ٍش لَ َّما َ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ ِبزَ ْين َ‬
‫َب ِب ْن ِ‬ ‫فعليّا ِب ُوقُوعِ ت َْز ِويجِ َر ُ‬
‫ارثَةَ‪.‬‬
‫َح ِ‬

‫‪586‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{ َّما َكانَ ُم َح َّم ٌد أ َ َب ۤا أ َ َح ࣲد ِّمن ِ ّر َجا ِل ُك ۡم} فَإِنَّهُ‪َ ،‬‬


‫صلَ َواتُ اللَّ ِه َعلَ ْي ِه َو َس َال ُمهُ‪َ ،‬ل ْم‬
‫ب‪َ ،‬و َّ‬
‫الطا ِه ُر‪ِ ،‬م ْن‬ ‫ش لَهُ َولَ ٌد ذَ َك ٌر َحتَّى بَلَ َغ ْال ُحلُ َم؛ فَإِنَّهُ ُو ِل َد لَهُ ْالقَا ِس ُم‪َ ،‬و َّ‬
‫الطيِّ ُ‬ ‫يَ ِع ْ‬
‫ضا‬ ‫ار َيةَ ْال ِقب ِْطيَّ ِة‪ ،‬فَ َم َ‬
‫ات أ َ ْي ً‬ ‫َارا‪َ ،‬و ُو ِل َد لَهُ ِإب َْرا ِهي ُم ِم ْن َم ِ‬ ‫صغ ً‬ ‫َخدِي َجةَ فَ َماتُوا ِ‬
‫ي ِ ﷺ قَا َل‪َ " :‬مث َ ِلي و َمث َ ُل‬ ‫سو َل ٱللَّ ِه َوخَات ََم ٱلنَّ ِب ِيّ ۧـ ٰۗنَ } َ‬
‫ع ِن النَّ ِب ّ‬ ‫{ولَ ٰـ ِكن َّر ُ‬
‫ضي ًعا‪َ .‬‬‫َر ِ‬
‫اس‬ ‫دارا فأت َ َّمها وأ َ ْك َملَها َّإال َم ْو ِ‬
‫ض َع لَ ِبنَةٍ‪ ،‬فَ َجعَ َل النَّ ُ‬ ‫ياء‪َ ،‬ك َمث َ ِل َر ُج ٍل بَنَى ً‬
‫اَل ْن ِب ِ‬
‫صلَّى‬‫الل ِبنَ ِة قا َل َرسو ُل الل ِه َ‬‫ض ُع َّ‬ ‫َي ْد ُخلُونَها و َيت َ َع َّجبُونَ ِم ْنها‪ ،‬ويقولونَ ‪ :‬لَ ْوال َم ْو ِ‬
‫ض ُع اللَّبِ َن ِة‪ِ ،‬جئْتُ فَ َخت َْمتُ اَل ْنبِيا َء‪ ".‬رواه البخاري‬ ‫اللَّهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ :‬فأنا َم ْو ِ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫سيكون في أ ُ َّمتِي كذَّابُونَ ثالثُونَ ‪ُ ،‬كلُّه ْم‬
‫ُ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم " وإنَّهُ‬
‫ي بعدِي" قال اَللباني إسناده صحيح‬ ‫ع ُم أنَّهُ نبِ ٌّ‬
‫ي ‪ ،‬وأنا خات َ ُم النبيِّينَ ‪ ،‬ال نَ ِب َّ‬ ‫يَز ُ‬
‫على شرط مسلم‪.‬‬
‫فمن ادعى النبوة بعده كفر ومن آمن بذلك كفر َلنه مما يعلم من الدين‬
‫بالضرورة‪ .‬وممن ادعى النبوة ميرزا غالم أحمد القاديانى‪.‬‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫وا ٱللَّهَ ذ ِۡكرا َك ِثيرا} وهكذا حال المؤمنين { َي ۡذ ُك ُرونَ‬
‫وا ٱ ۡذ ُك ُر ۟‬
‫﴿ َي ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫علَ ٰى ُجنُوبِ ِه ۡم}‬ ‫ٱللَّهَ ِقيَ ٰـما َوقُعُودا َو َ‬
‫يذكر اللهَ تعالى على ك ِّل أحيانِه" صححه اَللباني في‬ ‫ُ‬ ‫قالت عائشة "كان‬
‫صحيح الجامع‬

‫‪587‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪،‬‬ ‫علَ َّ‬


‫ت َ‬ ‫اْلسالم َق ْد َكث ُ َر ْ‬
‫ِ‬ ‫رجال قال ‪ :‬يا رسو َل الل ِه ! َّ‬
‫إن شرائ َع‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫وأن‬
‫ِكر الل ِه"‬ ‫طبًا ِم ْن ذ ِ‬ ‫َّث به ؟ قال ‪ :‬ال يزا ُل لسانَك َر ْ‬ ‫بشيء أَت َ َ‬
‫شب ُ‬ ‫ِ‬ ‫فأخبِ ْرني‬
‫صححه اَللباني‪.‬‬
‫بخير أعما ِل ُكم ‪ ،‬وأزكاها عن َد ملي ِك ُكم ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم "أال أن ِبّئ ُ ُكم‬
‫وخير لَ ُكم من أن‬
‫ٌ‬ ‫ق‪،‬‬
‫والور ِ‬
‫ِ‬ ‫ق ال َّذه ِ‬
‫ب‬ ‫وخير لَ ُكم ِمن إنفا ِ‬
‫ٌ‬ ‫وأرف ِعها في درجاتِ ُكم‬
‫فتضربوا أعناقَ ُهم ويضربوا أعناقَ ُكم ؟ قالوا ‪ :‬بلَى ‪ .‬قا َل ‪ِ :‬ذ ْك ُر‬‫ِ‬ ‫عدو ُكم‬
‫تلقَوا َّ‬
‫ب اللَّ ِه من ِذ ْك ِر اللَّ ِه"‬ ‫اللَّ ِه ت َعالى قا َل معاذُ ُ‬
‫بن جب ٍل ‪ :‬ما شَي ٌء أنجى ِمن عذا ِ‬
‫صححه اَللباني في صحيح الترمذي‪.‬‬
‫علَى ْال َع ْب ِد‬ ‫ص َالة ُ ِمنَ َّ‬
‫الل ِه ثَنَاؤُ هُ َ‬ ‫علَ ْي ُك ْم َو َمالئِ َكتُهُ﴾ [ال َّ‬‫ص ِلّي َ‬‫َوقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬ه َو الَّذِي يُ َ‬
‫ع ْن أَبِي ْال َعا ِليَ ِة‪.‬‬
‫ي َ‬ ‫ِع ْن َد ْال َم َالئِ َك ِة]‪َ ،‬ح َكاهُ ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬
‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬ت َِح َّيت ُ ُه ْم َي ْو َم َي ْلقَ ْو َنهُ َ‬
‫سال ٌم﴾ تحيتهم‪ :‬مبتدأ‪ ،‬والهاء مضاف إليه من‬
‫ي‪ِ :‬منَ اللَّ ِه ت َ َعالَى يَ ْو َم يَ ْلقَ ْونَهُ ﴿ َ‬
‫سال ٌم﴾‬ ‫إضافة المصدر إلى مفعوله‪﴿ .‬ت َِحيَّت ُ ُه ْم﴾ أَ ْ‬
‫س ِلّ ُم َعلَ ْي ِه ْم َك َما قَا َل تَعَالَى‪َ ﴿ :‬سال ٌم قَ ْوال ِم ْن َربّ ٍ َر ِح ٍيم﴾‬ ‫أَ ْ‬
‫ي‪ :‬يَ ْو َم يُ َ‬
‫﴿و َي ُكونَ‬
‫ِيرا﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫س ْلن َ‬
‫َاك شَا ِهدًا َو ُم َب ِ ّ‬
‫ش ًرا َونَذ ً‬ ‫ي ِإنَّا أ َ ْر َ‬
‫وقوله ﴿ َيا أَيُّ َها النَّ ِب ُّ‬
‫علَ ْي ُك ْم َ‬
‫ش ِهيدًا﴾‬ ‫سو ُل َ‬ ‫الر ُ‬
‫َّ‬
‫ع ْن‬
‫ض َ‬ ‫علَى ٱللَّ ٰۚ ِه } أَ ْ‬
‫ي أَع ِْر ْ‬ ‫{و َال ت ُ ِطعِ ٱ ۡل َك ٰـ ِف ِرينَ َوٱ ۡل ُمنَ ٰـ ِف ِقينَ َو َد ۡع أ َ َذ ٰى ُه ۡم َوت ََو َّك ۡل َ‬ ‫َ‬
‫اف ِإلَى‬ ‫علَى َهذَا التَّأ ْ ِوي ِل ُم َ‬
‫ض ٌ‬ ‫ص َد ُر َ‬ ‫أ َ ْق َوا ِل ِه ْم َو َما يُؤْ ذُون ََك‪َ ،‬و َال ت َ ْشت َ ِغ ْل ِب ِه‪ ،‬فَ ْال َم ْ‬
‫ْف‪.‬‬ ‫سوخَةٌ بِآ َي ِة ال َّسي ِ‬ ‫ْالفَا ِع ِل‪َ .‬و َه َذا ت َأ ْ ِوي ُل ُم َجا ِهدٍ‪َ ،‬و ْاآل َيةُ َم ْن ُ‬

‫‪588‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َّاك‪ .‬فَأ َ َم َرهُ تَ َب َ‬


‫ار َك َوت َ َعالَى ِبت َْر ِك‬ ‫علَى إذايتهم ِإي َ‬ ‫ع أ َ ْن تُؤْ ِذ َي ُه ْم ُم َجازَ اة ً َ‬ ‫أو َد ْ‬
‫اف ِإلَى ْال َم ْفعُو ِل‪.‬‬ ‫ض ٌ‬‫علَى َهذَا ُم َ‬ ‫ص َد ُر َ‬ ‫ع ْن زَ لَ ِل ِه ْم‪ ،‬فَ ْال َم ْ‬ ‫ص ْفحِ َ‬‫ُم َعاقَبَتِ ِه ْم‪َ ،‬وال َّ‬
‫ص ْال َكا ِف ِرينَ ‪.‬‬ ‫علَى َهذَا التَّأ ْ ِوي ِل َما َي ُخ ُّ‬ ‫َونُ ِس َخ ِمنَ ْاآل َي ِة َ‬
‫طلَّ ۡقت ُ ُمو ُه َّن ِمن قَ ۡب ِل أَن‬
‫ت ث ُ َّم َ‬ ‫وقوله ﴿يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۤو ۟ا ِإذَا نَ َك ۡحت ُ ُم ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنَ ٰـ ِ‬
‫علَ ۡي ِه َّن ِم ۡن ِعدَّةࣲ ت َعۡ تَدُّو َن َها } فهذا في الرجل يتزوج المرأة‪،‬‬
‫سو ُه َّن فَ َما لَ ُك ۡم َ‬
‫ت َ َم ُّ‬
‫ثم يطلقها من قبل أن يمسها‪ ،‬فإذا طلقها واحدة بانت منه‪ ،‬وال عدة عليها‬
‫تتزوج من شاءت‪ ،‬ثم قرأ ﴿فَ َم ِت ّعُو ُه َّن َو َ‬
‫س ِ ّر ُحو ُه َّن َ‬
‫س َرا ًحا َج ِميال﴾ يقول‪ :‬إن‬
‫كان سمى لها صداقا‪ ،‬فليس لها إال النصف‪ ،‬فإن لم يكن سمى لها صداقا‪،‬‬
‫متعها على قدر عسره ويسره‪ ،‬وهو السراح الجميل‪.‬‬
‫{ ِم ْن قَ ْب ِل أ َ ْن ت َ َم ُّ‬
‫سو ُه َّن﴾ يعني‪ :‬من قبل أن تجامعوهن وعليه الجمهور وعن‬
‫أحمد وغيره ّ‬
‫أن الخلوة كالجماع‪.‬‬
‫ي‪َ :‬وأَبَا َح لَ َك الت َّ َ‬
‫س ِ ّري ِم َّما‬ ‫ت يَ ِمينُ َك ِم َّما أَفَا َء اللَّهُ َ‬
‫علَي َْك﴾ أَ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َما َملَ َك ْ‬
‫ت ِمنَ ْال َمغَانِ ِم‪َ ،‬وقَ ْد َملَ َك َ‬
‫ص ِفيَّةَ َو ُج َوي ِْريَةَ فَأ َ ْعتَقَ ُه َما َوت َزَ َّو َج ُه َما‪َ .‬و َملَ َك‬ ‫أ َ َخ ْذ َ‬
‫س َر ِاري‪.‬‬ ‫ار َيةَ ْال ِقب ِْط َّيةَ َو َكا َنتَا ِمنَ ال َّ‬
‫َر ْي َحانَةَ النَّض ِْر َّيةَ‪َ ،‬و َم ِ‬
‫ت خَاالتِ َك الالتِي‬
‫ت خَا ِل َك َوبَنَا ِ‬
‫ع َّما ِت َك َوبَنَا ِ‬
‫ت َ‬
‫ع ِّم َك َو َبنَا ِ‬
‫ت َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وبَنَا ِ‬
‫هَا َج ْرنَ َمعَ َك﴾ وإنَّما لَ ْم يَجْ َمعِ العَ َّم والخا َل ا ْكتِفا ًء بِ ِج ْن ِسيَّتِ ِهما‪.‬‬
‫وقد يكون المراد من وجهين‪:‬‬
‫ت ْالخَا ِل ِم ْن بني زهرة‬ ‫اَلول‪ِ :‬م ْن قُ َريش َكبَنَا ِ‬
‫ت ال َع ِ ّم‪ ،‬من جهة اَلب‪َ ،‬و َبنَا ِ‬
‫من جهة االم‪.‬‬
‫‪589‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص هَؤُ َال ِء ِبال ِذّ ْك ِر‬


‫الثاني‪ :‬إن أحللنا لك هؤالء البنات فغيرهم أولى َو ِإنَّ َما ُخ َّ‬
‫جرةِ ت َ ْش ِري ًفا‪.‬‬
‫َوال ِه َ‬
‫ي أ َ ْن َي ْست َ ْن ِك َح َها﴾‬
‫ي ِ ِإ ْن أ َ َرا َد ال َّن ِب ُّ‬ ‫﴿و ْام َرأَة ً ُمؤْ ِم َنةً ِإ ْن َو َه َب ْ‬
‫ت نَ ْف َ‬
‫س َها ِللنَّ ِب ّ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س ُه َّن ِل َرسو ِل اللَّ ِه‬
‫الالتي و َهبْنَ أ ْنفُ َ‬ ‫َار ع َلى َّ‬ ‫قالت عائشة أم المؤمنين " ُك ْنتُ أغ ُ‬
‫س َها؟ َفلَ َّما أ ْنزَ َل اللَّهُ تَعَالَى‪:‬‬
‫ب ال َم ْرأَة ُ نَ ْف َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ ،‬وأَقُو ُل أت َ َه ُ‬ ‫َ‬
‫عزَ ْل َ‬
‫ت فال‬ ‫منهن وتُؤْ ِوي إ َلي َْك َمن تَشَا ُء و َم ِن ا ْبتَغَي َ‬
‫ْت ِم َّم ْن َ‬ ‫َّ‬ ‫ئ َمن تَشَا ُء‬‫(ت ُ ْر ِج ُ‬
‫اك" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ارعُ في ه ََو َ‬ ‫علَي َْك) قُلتُ ‪ :‬ما أ ُ َرى َرب ََّك َّإال يُ َ‬
‫س ِ‬ ‫ُجنَا َح َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬
‫ت ْام َرأَة ٌ إلى َرسو ِل اللَّ ِه َ‬
‫وعن سهل بن سعد الساعدي " َجا َء ِ‬
‫ط ِو ً‬
‫يال‪ ،‬فَقَا َل َر ُج ٌل‪ :‬زَ ّ ِوجْ ِني َها ْ‬
‫إن‬ ‫ت َ‬ ‫وسلَّ َم‪ ،‬فَقَالَ ْ‬
‫ت‪ :‬إنِّي و َهبْتُ ِمن نَ ْف ِسي‪ ،‬فَقَا َم ْ‬
‫ص ِدقُ َها؟ قَا َل‪ :‬ما ِعندِي َّإال‬ ‫لك ب َها َحا َجةٌ‪ ،‬قَا َل‪ْ :‬‬
‫هل ِع ْن َد َك ِمن شيءٍ ت ُ ْ‬ ‫لَ ْم ت َ ُك ْن َ‬
‫س شيئًا فَقَا َل‪ :‬ما ِ‬
‫أج ُد‬ ‫ار لَ َك‪ ،‬فَ ْالت َِم ْ‬ ‫ط ْيت َ َها إيَّاهُ َجلَس َ‬
‫ْت ال إزَ َ‬ ‫إن أ ْع َ‬
‫إزَ ِاري‪ ،‬فَقَا َل‪ْ :‬‬
‫أمعك ِمنَ القُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫َ‬ ‫س ولو خَات َ ًما ِمن َحدِي ٍد َفلَ ْم يَ ِج ْد‪ ،‬فَقَا َل‪:‬‬‫شيئًا‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬الت َِم ْ‬
‫س َّماهَا‪ ،‬فَقَا َل‪ :‬ق ْد زَ َّوجْ نَا َك َها‬
‫س َو ٍر َ‬ ‫ورة ُ َكذَا‪ِ ،‬ل ُ‬ ‫ورة ُ َكذَا‪ ،‬و ُ‬
‫س َ‬ ‫شي ٌء؟ قَا َل‪ :‬نَعَ ْم‪ُ ،‬‬
‫س َ‬
‫آن‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫معك ِمنَ القُ ْر ِ‬
‫َ‬ ‫بما‬
‫اج ِه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬م ْن َح ْ‬
‫ص ِرهم فِي‬ ‫علَ ْي ِه ْم فِي أ َ ْز َو ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬قَ ْد َ‬
‫ع ِل ْمنَا َما فَ َر ْ‬
‫ضنَا َ‬
‫ي ِ َو ْال َم ْه ِر َوال ُّ‬
‫ش ُهو ِد‬ ‫اط ْال َو ِل ّ‬
‫اء‪َ ،‬وا ْشتِ َر ِ‬ ‫أ َ ْربَعِ ِنس َْوةٍ َح َرائِ َر َو َما شَا ُءوا ِمنَ ْ ِ‬
‫اْل َم ِ‬
‫علَ ْي ِه ْم" قال صلى الله عليه وسلم‬
‫َ‬

‫‪590‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫" ال نِكا َح َّإال بول ّ‬


‫يٍ" "أيُّما امرأةٍ لم ين ِكحها‬ ‫لقوله صلى الله عليه وسلم‬
‫ي فنِكا ُحها باط ٌل فنِكا ُحها باط ٌل فنِكا ُحها باط ٌل‪ "..‬صححه اَللباني في‬
‫الول ُّ‬
‫صحيح ابن ماجه‪.‬‬
‫ير ُ‬
‫وبن‬ ‫َار اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫﴿۞ ت ُ ۡر ِجی َمن تَش َۤا ُء ِم ۡن ُه َّن َوت ُ ۡـ ِو ۤی ِإلَ ۡي َك َمن تَش َۤا ُء} ْ‬
‫اخت َ‬
‫الالتِي ِع ْن َدهُ‪ ،‬أ َ َّنهُ ُم َخي ٌَّر ِفي ِه َّن‬
‫اء َّ‬ ‫عا َّمةٌ فِي ْال َوا ِهبَا ِ‬
‫ت َوفِي ال ِنّ َ‬
‫س ِ‬ ‫ير أ َ َّن ْاآليَةَ َ‬
‫َكثِ ٍ‬
‫صلَّى اللهُ عليه‬ ‫أن َرسو َل اللَّ ِه َ‬ ‫س َم َو ِإ ْن شَا َء لَ ْم َي ْق ِس ْم‪ .‬عن عائشة َّ‬ ‫ِإ ْن شَا َء َق َ‬
‫ت هذِه اآليَةُ‪( :‬ت ُ ْر ِجى َمن‬ ‫أن أ ُ ْن ِزلَ ْ‬ ‫وسلَّ َم كانَ يَ ْست َأْذ ُِن في يَ ِ‬
‫وم ال َم ْرأَةِ ِمنَّا‪ ،‬بَ ْع َد ْ‬
‫ت فال ُجنَا َح‬ ‫عزَ ْل َ‬ ‫منهن‪ ،‬وتُؤْ ِوي إلَي َْك َمن تَشَا ُء‪ ،‬و َم ِن ا ْبتَغَي َ‬
‫ْت ِم َّم ْن َ‬ ‫َّ‬ ‫تَشَا ُء‬
‫ي فإنِّي‬‫اك إ َل َّ‬‫إن كانَ ذَ َ‬ ‫ت‪ُ :‬ك ْنتُ أقُو ُل له‪ْ :‬‬ ‫ت تَقُولِينَ ؟ قا َل ْ‬‫علَي َْك) فَقُلتُ لَ َها‪ :‬ما ُك ْن ِ‬
‫َ‬
‫ع َلي َْك أ َحدًا" رواه البخاري‪ .‬فَ َه َذا ْال َحد ُ‬
‫ِيث‬ ‫أن أُوثِ َر َ‬‫ال أ ُ ِري ُد يا َرسو َل اللَّ ِه‪ْ ،‬‬
‫ب ْالقَس ِْم‪.‬‬ ‫علَى أ َ َّن ْال ُم َرا َد ِم ْن ذَ ِل َك َ‬
‫ع َد ُم ُو ُجو ِ‬ ‫ع ْن َها َي ُد ُّل َ‬
‫َ‬
‫س ُه َّن ِل َرسو ِل اللَّ ِه‬
‫الالتي و َهبْنَ أ ْنفُ َ‬ ‫َار ع َلى َّ‬ ‫قالت عائشة أم المؤمنين " ُك ْنتُ أغ ُ‬
‫س َها؟ َفلَ َّما أ ْنزَ َل اللَّهُ تَعَالَى‪:‬‬
‫ب ال َم ْرأَة ُ نَ ْف َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم‪ ،‬وأَقُو ُل أت َ َه ُ‬ ‫َ‬
‫ت فال‬ ‫عزَ ْل َ‬ ‫منهن وتُؤْ ِوي إ َلي َْك َمن تَشَا ُء و َم ِن ا ْبتَغَي َ‬
‫ْت ِم َّم ْن َ‬ ‫َّ‬ ‫ئ َمن تَشَا ُء‬‫(ت ُ ْر ِج ُ‬
‫اك" رواه البخاري‪َ .‬و َهذَا‬ ‫ارعُ في ه ََو َ‬ ‫علَي َْك) قُلتُ ‪ :‬ما أ ُ َرى َرب ََّك َّإال يُ َ‬
‫س ِ‬ ‫ُجنَا َح َ‬
‫ت ِفي ْال َوا ِهبَا ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫علَى أ َ َّن ْاآليَةَ نَزَ لَ ْ‬
‫ع ْن َها يَ ُد ُّل َ‬ ‫ْال َحد ُ‬
‫ِيث َ‬

‫‪591‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سا ُء ِم ْن َب ْع ُد َوال أ َ ْن ت َ َب َّد َل ِب ِه َّن ِم ْن أ َ ْز َواجٍ َولَ ْو أ َ ْع َج َب َك‬


‫﴿ال َي ِح ُّل لَ َك النِّ َ‬
‫قوله َ‬
‫ُح ْسنُ ُه َّن ِإال َما َملَ َك ْ‬
‫ت يَ ِمينُ َك﴾ أي ال يحل لك يا محمد النساء من بعد اللواتي‬
‫أحللتهن لك في اآلية قبل‪ ،‬وال أن تطلق نساءك اللواتي اخترن الله ورسوله‬
‫والدار اآلخرة‪ ،‬فتبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسن من أردت أن تبدل‬
‫به منهن‪ ،‬إال ما ملكت يمينك‪.‬‬
‫ير‪.‬‬ ‫ير َو َوافَقَهُ ُ‬
‫ابن َك ِث ٍ‬ ‫ار اب ِْن َج ِر ٍ‬ ‫َو َهذَا ْ‬
‫اخ ِت َي ُ‬
‫وخرج من ذلك النساء غير المهاجرات‪ ،‬فأما اليهوديات والنصرانيات‬
‫والمشركات فحرام عليه‪.‬‬
‫ثم اختُلف هل بقي حكمها حتى مات أم نُسخت؟ والجمهور على أنها محكمة‬
‫ولم يتزوج بعدها‪ .‬وكالهما ممكن‪.‬‬
‫ت ُم َجازَ اة ً َِل َ ْز َواجِ ال َّن ِب ّ‬
‫يِ‬ ‫وروي عن عائشة وعلي وأم سلمة أ َ َّن َه ِذ ِه ْاآل َيةَ نَزَ لَ ْ‬ ‫ُ‬
‫سولَهُ َوالد َ‬
‫َّار‬ ‫اللهَ َو َر ُ‬‫ار ِه َّن َّ‬ ‫صنِي ِع ِه َّن ِفي ْ‬
‫اختِيَ ِ‬ ‫علَى ُحس ِْن َ‬
‫ع ْن ُه َّن‪َ ،‬‬
‫ضا َ‬
‫ﷺ َو ِر ً‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬ك َما تَقَ َّد َم فِي ْاآليَ ِة‪ .‬ث ُ َّم إِنَّهُ تَعَالَى َر َف َع‬‫ْاآل ِخ َرةَ‪ ،‬لَ َّما َخي ََّر ُه َّن َر ُ‬
‫ع ْنهُ ْال َحجْ َر ِفي َذ ِل َك َونَ َ‬
‫س َخ ُح ْك َم َه ِذ ِه ْاآل َيةَ‪ ،‬بالّ ِتي َقبلها َوأَ َبا َح َلهُ التَّزَ ُّو َج‪،‬‬ ‫َ‬
‫عائِ َشةَ‪،‬‬ ‫علَ ْي ِه َّن‪َ .‬‬
‫ع ِن َ‬ ‫سو ِل ﷺ َ‬ ‫َولَ ِك ْن لَ ْم يَقَ ْع ِم ْنهُ بَ ْع َد ذَ ِل َك ت َزَ ّوج ِلت َ ُكونَ ْال ِمنَّةُ ِل َّ‬
‫لر ُ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ حتى أَح َّل َّ‬
‫اللهُ لَهُ ال ِنّ َسا َء‪.‬‬ ‫ات َر ُ‬
‫ت‪َ :‬ما َم َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ع ْن َها‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ض َ‬
‫َر ِ‬
‫اْل َما ُم أَحْ َم ُد‪.‬‬
‫رواه ْ ِ‬
‫غ ۡي َر‬ ‫ی ِإ َّ ۤال أَن يُ ۡؤذَنَ لَ ُك ۡم ِإلَ ٰى َ‬
‫ط َع ٍام َ‬ ‫وت ٱلنَّ ِب ِّ‬ ‫وا َال ت َۡد ُخلُ ۟‬
‫وا بُيُ َ‬ ‫﴿يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫نَ ٰـ ِظ ِرينَ ِإن َٰىهُ‪"..‬‬
‫‪592‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اب ش َْر ِعيَّةٌ‪َ ،‬و ِه َ‬


‫ي ِم َّما َوافَقَ ت َ ْن ِزيلُ َها قَ ْو َل‬ ‫َه ِذ ِه آ َيةُ ْال ِح َجا ِ‬
‫ب‪َ ،‬وفِي َها أَحْ َكا ٌم َوآ َد ٌ‬
‫ع ْن أَن َِس‬‫ص ِحي َحي ِْن‪َ .‬‬ ‫ت ذَ ِل َك فِي ال َّ‬ ‫ع ْنهُ‪َ ،‬ك َما ثَبَ َ‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ب‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ع َم َر ب ِْن ْالخ َّ‬
‫َطا ِ‬ ‫ُ‬
‫علَي َْك ْال َب ُّر‬
‫سو َل اللَّ ِه‪َ ،‬ي ْد ُخ ُل َ‬
‫ب‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫طا ِ‬ ‫ع َم ُر ب ُْن ْال ِخ َ‬ ‫ب ِْن َما ِلكٍ قَا َل‪ :‬قَا َل ُ‬
‫اللهُ آيَةَ ْال ِح َجا ِ‬
‫ب"‬ ‫ب؟ فَأ َ ْنزَ َل َّ‬ ‫ت أ ُ َّم َها ِ‬
‫ت ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِب ْال ِح َجا ِ‬ ‫َو ْالفَ ِ‬
‫اج ُر‪َ ،‬فلَ ْو أ َ َم ْر َ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وسبب نزولها‪ :‬عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال َّما ت َزَ َّو َج َرسو ُل اللَّ ِه‬
‫ط ِع ُموا ث ُ َّم َجلَ ُ‬
‫سوا‬ ‫اس‪َ ،‬‬
‫عا النَّ َ‬ ‫َب ب ْن َ‬
‫ت َجحْ ٍش َد َ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم زَ ْين َ‬ ‫َ‬
‫ام‪ ،‬فَلَ َّما قَ َ‬
‫ام‬ ‫يَت َ َح َّدثُونَ قا َل‪ :‬فأ َخذَ َكأ َّنهُ يَت َ َهيَّأ ُ ِل ْل ِقيَ ِام فَ َل ْم يَقُو ُموا‪َ ،‬فلَ َّما َرأَى َ‬
‫ذلك قَ َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم َجا َء‬‫ي َ‬ ‫ي ث َ َالثَةٌ‪َّ ،‬‬
‫وإن النب َّ‬ ‫اس و َب ِق َ‬ ‫ام معهُ ِمنَ ال َّن ِ‬ ‫ام َمن قَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫طلَقُوا قا َل‪ :‬فَ ِجئْتُ ْ‬
‫فأخبَ ْرتُ النب َّ‬
‫ي‬ ‫ِليَ ْد ُخ َل َفإِذَا القَ ْو ُم ُجلُ ٌ‬
‫وس‪ ،‬ث ُ َّم إنَّ ُه ْم قَا ُموا َفا ْن َ‬
‫فأرخَى‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وس َّل َم أنَّ ُه ْم قَ ِد ا ْن َ‬
‫طلَقُوا‪َ ،‬ف َجا َء حتَّى َد َخ َل‪ ،‬فَ َذ َهبْتُ أ ْد ُخ ُل ْ‬ ‫َ‬
‫اب بَ ْينِي وب ْينَهُ وأَ ْنزَ َل اللَّهُ ت َ َعالَى‪{ :‬يَا أيُّها الَّذِينَ آ َمنُوا ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُ َ‬
‫وت‬ ‫الح َج َ‬
‫ِ‬
‫ع ِظي ًما}‬ ‫{إن ذَ ِل ُك ْم كانَ ِع ْن َد اللَّ ِه َ‬ ‫ي ِ َّإال ْ‬
‫أن يُؤْ ذَنَ لَ ُك ْم} إلى قَ ْو ِل ِه ‪َّ -‬‬ ‫النب ّ‬
‫علَ ْي ِه الصالة وال َّ‬
‫س َال ُم‪.‬‬ ‫وقوله {فَ َي ْستَحْ ِيي ِم ْن ُك ْم} ِم ْن ِش َّد ِة َح َيا ِئ ِه‪َ ،‬‬
‫ب﴾ وهذا عام في التأدب مع‬
‫اء ِح َجا ٍ‬ ‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن َمت َا ً‬
‫عا فَا ْسأَلُو ُه َّن ِم ْن َو َر ِ‬ ‫﴿و ِإذَا َ‬
‫َ‬
‫بيوت الناس‪َ .‬لن طهارة القلب يحتاجها الجميع‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم "إيَّا ُك ْم وال ُّد ُخو َل علَى ال ِّن ِ‬
‫ساء فقا َل َر ُج ٌل ِمنَ‬
‫صار‪ :‬يا َرسو َل اللَّ ِه‪ ،‬أفَ َرأَي َ‬
‫ْت ال َح ْم َو؟ قا َل‪ :‬ال َح ْم ُو ال َم ْوتُ ‪ .‬رواه البخاري‬ ‫اَل ْن ِ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫‪593‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو َل اللَّ ِه} وقد يؤدي ذلك إلى الكفر قال‬ ‫﴿و َما َكانَ لَ ُك ْم أ َ ْن تُؤْ ذُوا َر ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ی َو َال ت َۡج َه ُر ۟‬
‫وا‬ ‫ت ٱل َّن ِب ِّ‬ ‫وا َال ت َۡرفَعُ ۤو ۟ا أَصۡ َو ٰ⁠ت َ ُك ۡم فَ ۡوقَ َ‬
‫ص ۡو ِ‬ ‫تعالى { َي ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫ط أ َ ۡع َم ٰـلُ ُك ۡم َوأَنت ُ ۡم َال ت َۡشعُ ُرونَ }‬
‫ض أَن ت َۡح َب َ‬ ‫لَهُۥ بِٱ ۡلقَ ۡو ِل َك َجهۡ ِر بَعۡ ِ‬
‫ض ُك ۡم ِلبَعۡ ٍ‬
‫ع ِن‬
‫ع ِظي ًما﴾ َ‬ ‫{وال أ َ ْن ت َ ْن ِك ُحوا أ َ ْز َوا َجهُ ِم ْن َب ْع ِد ِه أَ َبدًا ِإ َّن ذَ ِل ُك ْم َكانَ ِع ْن َد َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫قوله َ‬
‫ي ِ ﷺ‪ .‬وذلك‬ ‫اء ال َّن ِب ّ‬
‫س ِ‬ ‫ت فِي َر ُجل َه ّم أ َ ْن َيت َزَ َّو َج َب ْع َ‬
‫ض ِن َ‬ ‫َّاس قَا َل‪ :‬نَزَ لَ ْ‬ ‫عب ٍ‬
‫اب ِْن َ‬
‫َِلَنَّ ُه َّن أ َ ْز َوا ُجهُ فِي ال ُّد ْنيَا َو ْاآل ِخ َرةِ َوأ ُ َّم َهاتُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ‪ .‬ويجوز ذلك في غيرهن‬
‫خطب أ َّم‬
‫َ‬ ‫ي صلَّى اللَّهُ ع َلي ِه وسلَّ َم‬
‫أن ال َّنب َّ‬
‫من النساء‪ .‬عن جابر بن عبدالله َّ‬
‫معرور فقالت ‪ :‬إ ِّني شرطتُ لزوجي أن ال َّ‬
‫أتزو َج‬ ‫ٍ‬ ‫بن‬ ‫البراء ِ‬
‫ِ‬ ‫نت‬ ‫مب ِ ّ‬
‫ش ٍر ِب َ‬
‫ي صلَّى اللَّهُ علَي ِه وسلَّ َم ‪َّ :‬‬
‫إن هذا ال َيصلُ ُح‪.‬‬ ‫بع َدهُ‪ ،‬فقا َل النَّب ُّ‬
‫المحدث ‪ :‬ابن حجر العسقالني‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬فتح الباري البن حجر‪.‬‬
‫خالصة حكم المحدث ‪ :‬إسناده حسن‪.‬‬

‫‪594‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ۡي ِه َّن ِف ۤی َءا َب ۤا ِٕى ِه َّن َو َ ۤال أَ ۡبن َۤا ِٕى ِه َّن َو َ ۤال ِإ ۡخ َو ٰ⁠ ِن ِه َّن َو َ ۤال أ َ ۡبن َۤا ِء ِإ ۡخ َو ٰ⁠ ِن ِه َّن َو َ ۤال‬
‫﴿ال ُجنَا َح َ‬ ‫َّ‬
‫ص َر‬‫سبْحانَهُ ‪ -‬ا ْقت َ َ‬ ‫س ۤا ِٕى ِه َّن َو َال َما َملَ َك ۡت أ َ ۡي َم ٰـنُ ُه ٰۗ َّن} إنَّهُ ‪ُ -‬‬ ‫أ َ ۡبن َۤا ِء أَخ ََو ٰ⁠تِ ِه َّن َو َال نِ َ‬
‫ور ا ْك ِتفا ًء ِبما تَقَد ََّم ﴿وال‬ ‫ور ِة ال ُّن ِ‬ ‫س َ‬ ‫حار ِم في ُ‬ ‫ض ما َذ َك َرهُ ِمنَ ال َم ِ‬ ‫على َب ْع ِ‬ ‫ها ُهنا َ‬
‫أن يَ ُكونَ ال ُمرا ُد بِال ِنّ ِ‬
‫ساء ال ُمؤْ ِمناتِ‪َِ ،‬ل َّن‬ ‫َضي ْ‬‫نِسائِ ِه َّن﴾ َه ِذ ِه اْلضافَةُ ت َ ْقت ِ‬
‫ف فَقَا َل‪ِ :‬لم لَ ْم‬
‫س َل ِ‬
‫ض ال َّ‬‫سأ َ َل بَ ْع ُ‬
‫على العَ ْوراتِ‪َ .‬وقَ ْد َ‬
‫ت َ‬ ‫غي ُْر َمأ ْ ُمونا ٍ‬
‫ت َ‬
‫الكافِرا ِ‬
‫ي‪ِ :‬بأَنَّ ُه َما َل ْم‬ ‫يُ ْذ َك ِر ْال َع ُّم َو ْالخَا ُل فِي هَاتَي ِْن ْاآل َيتَي ِْن؟ فَأ َ َج َ‬
‫اب ِع ْك ِر َمةُ َوال َّ‬
‫ش ْع ِب ُّ‬
‫ان ذَ ِل َك ِلبَ ِني ِه َما‪.‬‬ ‫يُ ْذ َك َرا؛ َِلَنَّ ُه َما قَ ْد َي ِ‬
‫صفَ ِ‬
‫س ِلّ ُم ۟‬
‫وا‬ ‫علَ ۡي ِه َو َ‬
‫وا َ‬ ‫صلُّ ۟‬
‫وا َ‬ ‫ی َي ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫علَى ٱل َّن ِب ٰۚ ِّ‬ ‫﴿ ِإ َّن ٱللَّهَ َو َملَ ٰۤـ ِٕى َكتَهُۥ يُ َ‬
‫صلُّونَ َ‬
‫س ْب َحانَهُ أ َ ْخ َب َر ِع َبا َدهُ ِب َم ْن ِزلَ ِة َ‬
‫ع ْب ِد ِه‬ ‫اللهَ ُ‬ ‫ت َۡس ِلي ًما﴾ َو ْال َم ْق ُ‬
‫صو ُد ِم ْن َه ِذ ِه ْاآل َي ِة‪ :‬أ َ َّن َّ‬

‫ص َالةِ‬ ‫أل ْاَل َ ْعلَى‪ .‬ث ُ َّم أ َ َم َر ت َ َعا َلى أ َ ْه َل ْال َعالَ ِم ال ُّ‬
‫س ْف ِل ّ‬
‫ي ِ بِال َّ‬ ‫َونَبِيِّ ِه ِع ْن َدهُ فِي ْال َم َ ِ‬
‫علَ ْي ِه‪.‬‬
‫َوالت َّ ْس ِل ِيم َ‬
‫ص َالة ُ ْال َم َالئِ َك ِة‪:‬‬
‫علَ ْي ِه ِع ْن َد ْال َم َالئِ َك ِة‪َ ،‬و َ‬ ‫قَا َل أَبُو ْال َعا ِليَ ِة‪َ :‬‬
‫ص َالة ُ اللَّ ِه‪ :‬ثَنَاؤُ هُ َ‬
‫ال ُّد َ‬
‫عا ُء‪.‬‬
‫علَ ْي ِه‪،‬‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ ِب ْاَل َ ْم ِر ِبال َّ‬
‫ص َال ِة َ‬ ‫ِيث ْال ُمت ََواتِ َرة ُ َ‬
‫ع ْن َر ُ‬ ‫ت ْاَل َ َحاد ُ‬
‫َوقَ ْد َجا َء ِ‬
‫علَ ْي ِهز‬
‫ص َال ِة َ‬
‫َو َك ْي ِفيَّ ِة ال َّ‬
‫ص َالة ُ؟ فَقَا َل‪:‬‬ ‫ع َر ْفنَاهُ‪ ،‬فَ َكي َ‬
‫ْف ال َّ‬ ‫ع َلي َْك فَقد َ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ ،‬أ َ َّما ال َّ‬
‫س َال ُم َ‬ ‫ِقي َل‪َ :‬يا َر ُ‬
‫علَى آ ِل‬ ‫ْت َ‬ ‫صلَّي َ‬
‫علَى آ ِل ُم َح َّمدٍ‪َ ،‬ك َما َ‬
‫علَى ُم َح َّمدٍ‪َ ،‬و َ‬ ‫ص ِّل َ‬ ‫"قُولُوا‪ :‬اللَّ ُه َّم‪ِ ،‬‬
‫علَى آ ِل ُم َح َّم ٍد َك َما‬
‫ار ْك َعلَى ُم َح َّم ٍد َو َ‬‫يم‪ِ ،‬إنَّ َك َح ِمي ٌد َم ِجيدٌ‪ .‬اللَّ ُه َّم‪ ،‬بَ ِ‬
‫ِإب َْرا ِه َ‬
‫علَى آ ِل ِإب َْرا ِه َ‬
‫يم‪ِ ،‬إنَّ َك َح ِمي ٌد َم ِجيدٌ" رواه البخاري‪.‬‬ ‫ار ْك َ‬
‫ت َ‬ ‫َب َ‬
‫‪595‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللَّهُ عليه بها‬


‫صالة ً َ‬
‫ي َ‬ ‫صلَّى َ‬
‫علَ َّ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم " َمن َ‬
‫ع ْش ًرا‪ "،‬رواه مسلم‬
‫َ‬
‫وفي حديث جبريل قال ‪" :‬بعُد من ذُ ِكرت عنده فلم يُص ِّل عليك ‪ ،‬فقلتُ ‪:‬‬
‫آمين‪ "..‬صححه اَللباني‪.‬‬
‫"إذا صلَّى أحدُكم فليب َدأْ بتحمي ِد اللَّ ِه والث َّ ِ‬
‫ناء علي ِه‪ ،‬ث َّم ليص ِّل‪ ،‬ث َّم ليدعُ بع ُد ما‬
‫شا َء" صححه اَللباني في صحيح الترمذي‪.‬‬
‫صلَّي علَى ال َّنبِ ّ‬
‫يِ" صححه اَللباني‬ ‫محجوب حتى يُ َ‬
‫ٌ‬ ‫"ك ُّل دعاءٍ‬
‫السالم"صححه‬
‫َ‬ ‫اَلرض‪ ،‬يُ ْب ِلغُونِي عن أمتي‬
‫ِ‬ ‫إن لل ِه مالئكةً سيَّاحينَ في‬
‫" َّ‬
‫اَللباني وغيره‪.‬‬
‫وقد تجب الصالة على النبي أحيانا‪ ،‬ويستحب إكثارها في يوم الجمعة‬
‫وليلتها‪.‬‬
‫﴿والَّذِينَ يُؤْ ذُونَ ْال ُمؤْ ِمنِينَ َو ْال ُمؤْ ِمنَا ِ‬
‫ت ِب َغي ِْر َما ا ْكت َ َسبُوا" يؤذون أولياء‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫علَ ۡي ِه ۡم َو َال ُه ۡم يَ ۡحزَ نُونَاولياء" وفي الحديث‬ ‫ف َ‬ ‫الله "أ َ َ ۤال إِ َّن أ َ ۡو ِليَ ۤا َء ٱللَّ ِه َال خ َۡو ٌ‬
‫ب" رواه البخاري‪.‬‬ ‫"إن َّ‬
‫اللهَ قا َل‪َ :‬من عا َدى لي و ِليًّا فقَ ْد آذَ ْنتُهُ بال َح ْر ِ‬ ‫القدسي َّ‬
‫نان و سبعونَ بابًا ‪ ،‬أ َ ْدناها مث ُل ِإتْ ِ‬
‫يان‬ ‫"الربا اث َ ِ‬‫ِّ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم‬
‫ض أَ ِخي ِه" صححه‬ ‫طالَةُ الرج ِل في ِع ْر ِ‬ ‫الرج ِل أ ُ َّمهُ ‪ ،‬و إِ َّن أ َ ْربَى ِ ّ‬
‫الربا ا ْس ِت َ‬
‫اَللباني‪.‬‬

‫‪596‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ۡي ِه َّن ِمن َج َل ٰـ ِبي ِب ِه ٰۚ َّن‬


‫س ۤا ِء ٱ ۡل ُم ۡؤ ِم ِنينَ يُ ۡد ِنينَ َ‬ ‫﴿ َي ٰۤـأ َ ُّي َها ٱلنَّ ِب ُّ‬
‫ی قُل ِ َّل َ ۡز َو ٰ⁠ ِج َك َو َبنَا ِت َك َو ِن َ‬
‫ار‪ .‬قَالَهُ اب ُْن‬‫الر َدا ُء فَ ْوقَ ْال ِخ َم ِ‬
‫اب ُه َو‪ّ ِ :‬‬‫ذَ ٰ⁠ ِل َك أ َ ۡدن َٰۤى أَن يُعۡ َر ۡفنَ فَ َال يُ ۡؤذَ ۡي ٰۗنَ } َو ْال ِج ْلبَ ُ‬
‫اء الال ِتي َال َي ْر ُجونَ ِن َكا ًحا فَ َلي َ‬
‫ْس‬ ‫﴿و ْالقَ َوا ِع ُد ِمنَ ال ِنّ َ‬
‫س ِ‬ ‫َم ْسعُودٍ‪ .‬وتل عليه اآلية َ‬
‫علَ ْي ِه َّن ُجنَا ٌح أ َ ْن َي َ‬
‫ض ْعنَ ثِ َيابَ ُه َّن﴾‬ ‫َ‬
‫أر ُهما‪ ،‬قَ ْو ٌم مع ُه ْم ِسيا ٌ‬
‫ط‬ ‫ار لَ ْم َ‬ ‫"ص ْن ِ‬
‫فان ِمن أ ْه ِل النَّ ِ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم ِ‬
‫يالت مائِ ٌ‬
‫الت‪،‬‬ ‫يات ُم ِم ٌ‬
‫عار ٌ‬ ‫يات ِ‬‫اس‪ ،‬ونِسا ٌء كا ِس ٌ‬ ‫ب ال َبقَ ِر َيض ِْربُونَ بها النَّ َ‬ ‫َكأ َ ْذنا ِ‬
‫ت المائِلَ ِة‪ ،‬ال يَ ْد ُخ ْلنَ ال َجنَّةَ‪ ،‬وال يَ ِج ْدنَ ِري َحها‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫س ُه َّن َكأ َ ْسنِ َم ِة البُ ْخ ِ‬
‫ُرؤُو ُ‬
‫ِري َحها لَيُو َج ُد ِمن َم ِس َ‬
‫ير ِة َكذا و َكذا‪ ".‬رواه مسلم وفي بعض اَلحاديث ِ‬
‫"من‬
‫مسيرةِ خَم ِسمائ ِة سن ٍة"‬
‫وشرط الحجاب الصحيح الشرعي ثمانية وهي‪:‬‬
‫‪ :7‬أن يكون ساترا لجميع البدن‪.‬‬
‫‪ :2‬أن يكون صفيقا ثخينا ال يشف عما تحته‪.‬‬
‫‪ :6‬أن يكون فضفاضا غير ضيق‪.‬‬
‫‪ :4‬أن ال يكون مزينا يستدعي أنظار الرجال‪.‬‬
‫‪ :5‬أن ال يكون مطيبا وال مبخرا عند خروجها‪ ،‬وقد ورد في نهيه حديث‪.‬‬
‫‪ :3‬أن ال يشبه لباس الكافرات‪.‬‬
‫‪ :1‬أن ال يشبه لباس الرجال وقد ورد فيه حديث اللعنة‪.‬‬
‫ثوب‬
‫َ‬ ‫ثوب شهر ٍة ألبسه اللهُ‬
‫َ‬ ‫‪ :2‬أن ال يكون لباس شهرة‪ .‬لحديث "من لبس‬
‫يوم القيام ِة" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫مذل ٍة َ‬
‫‪597‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿لَئِ ْن َل ْم َي ْنت َ ِه ْال ُمنَافِقُونَ َوالَّذِينَ فِي قُلُو ِب ِه ْم َم َر ٌ‬


‫ض} مرض الشك والشبهة أو‬
‫الشهوة‪.‬‬
‫اَلم ِر ِبقَتْ ِل ِه ْم ْ‬
‫وأخ ِذ ِه ْم‬ ‫{ َم ْلعُونِينَ أ ْينَما ث ُ ِقفُوا أ ُ ِخذُوا وقُ ِت ّلُوا ت َ ْق ِت ً‬
‫يال﴾ فَ َهذا ِفي ِه َم ْعنى ْ‬
‫جاف‪.‬‬
‫واْلر ِ‬
‫ْ‬ ‫على النِّفا ِ‬
‫ق‬ ‫يمينَ َ‬ ‫أي‪ :‬هَذا ُح ْك ُمهم إذا كانُوا ُم ِق ِ‬ ‫ْ‬
‫ار َوٱ ۡل ُمنَ ٰـ ِف ِقينَ َوٱ ۡغلُ ۡظ َ‬
‫علَ ۡي ِه ٰۡۚم{‬ ‫ی َج ٰـ ِه ِد ٱ ۡل ُكفَّ َ‬‫}يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلنَّبِ ُّ‬
‫ور ِة‬
‫س َ‬‫ع ِة قُ ۡل ِإنَّ َما ِع ۡل ُم َها ِعن َد ٱ َّلل ٰۚ ِه} َك َما قَا َل َلهُ ِفي ُ‬ ‫سا َ‬ ‫ع ِن ٱل َّ‬ ‫اس َ‬ ‫﴿ َي ۡسـَٔلُ َك ٱلنَّ ُ‬
‫ي َم ِ ّكيَّةٌ َو َه ِذ ِه َم َدنِيَّةٌ‪ ،‬فَا ْست َ َم َّر ْال َحا ُل فِي َر ّد ِع ْل ِم َها ِإلَى الَّذِي‬ ‫اف"‪َ ،‬و ِه َ‬ ‫"اَلَع َْر ِ‬ ‫ْ‬
‫عةُ َوا ْنش ََّق ْالقَ َمر﴾‬
‫سا َ‬ ‫يُ ِقي ُم َها‪ .‬لَ ِك ْن أ َ ْخبَ َرهُ أَنَّ َها قَ ِريبَةٌ َك َما قَا َل‪﴿ :‬ا ْقت ََربَ ِ‬
‫ت ال َّ‬
‫ومن تكلف إخبار وقت وقوعها أخطأ كالسيوطي رحمه الله‪.‬‬
‫س‪:‬‬
‫او ٌ‬
‫ط ُ‬‫ضلُّونَا ال َّسبِيال﴾ َوقَا َل َ‬
‫سا َدتَنَا َو ُكبَ َرا َءنَا َفأ َ َ‬ ‫{وقَالُوا َربَّنَا ِإنَّا أ َ َ‬
‫ط ْعنَا َ‬ ‫َ‬
‫اف‪َ ،‬و ُك َب َرا َءنَا‪َ :‬ي ْع ِني ْالعُلَ َما َء‪.‬‬
‫سا َدتَنَا‪َ :‬ي ْع ِني ْاَل َ ْش َر َ‬
‫َ‬
‫يرا﴾ يتبرأ منهم سادتهم‬ ‫ب َو ْال َع ْن ُه ْم لَ ْعنًا َك ِب ً‬
‫ض ْعفَي ِْن ِمنَ ْال َعذَا ِ‬ ‫{ربَّنَا آتِ ِه ْم ِ‬
‫قوله َ‬
‫وا َو َرأ َ ُو ۟ا ٱ ۡلعَذَ َ‬
‫اب َوتَقَ َّ‬
‫ط َع ۡت بِ ِه ُم‬ ‫وا ِمنَ ٱلَّ ِذينَ ٱتَّبَعُ ۟‬ ‫وكبراءهم "إِ ۡذ تَبَ َّرأ َ ٱلَّ ِذينَ ٱتُّبِعُ ۟‬
‫اب"‬ ‫ٱ َۡل َ ۡس َب ُ‬
‫س ٰى فَبَ َّرأَهُ ٱللَّهُ ِم َّما َقالُ ۟‬
‫وا ٰۚۤ‬ ‫وا َكٱ َّل ِذينَ َءاذَ ۡو ۟ا ُمو َ‬
‫وا َال ت َ ُكونُ ۟‬‫﴿يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫ࣰ‬
‫َو َكانَ ِعن َد ٱللَّ ِه َو ِجيها﴾‬

‫‪598‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يرا‪ ،‬ال يُ َرى ِمن ِج ْل ِد ِه شي ٌء ا ْستِحْ َيا ًء منه‪َ ،‬فآذَاهُ‬ ‫سى كانَ َر ُج ًال َح ِييًّا ِس ِت ّ ً‬ ‫َّ‬
‫إن ُمو َ‬
‫بج ْل ِد ِه‪:‬‬
‫ب ِ‬ ‫ست ُّ َر‪ِ ،‬إ َّال ِمن َ‬
‫ع ْي ٍ‬ ‫َمن آذَاهُ ِمن َبنِي ِإس َْرائِي َل فَقالوا‪ :‬ما يَ ْستَ ِت ُر هذا الت َّ َ‬
‫سى‪،‬‬ ‫ص وإ َّما أ ُ ْد َرةٌ‪ :‬وإ َّما آفَةٌ‪َّ ،‬‬
‫وإن اللَّ َه أ َ َرا َد أ َ ْن ُي َب ِ ّرئَهُ م َّما قالوا ِل ُمو َ‬ ‫ِإ َّما َب َر ٌ‬
‫غ أ َ ْقبَ َل إلى‬
‫س َل‪ ،‬فَلَ َّما فَ َر َ‬‫ض َع ِثيَابَهُ علَى ال َح َج ِر‪ ،‬ث ُ َّم ا ْغت َ َ‬
‫فَخ ََال يَ ْو ًما َوحْ َدهُ‪ ،‬فَ َو َ‬
‫ب ال َح َج َر‪،‬‬ ‫ط َل َ‬
‫صاهُ َو َ‬ ‫ع َ‬ ‫سى َ‬ ‫ع َدا بث َ ْوبِ ِه‪ ،‬فأ َخذَ ُمو َ‬ ‫ثِيَابِ ِه ِليَأ ْ ُخذَهَا‪َّ ،‬‬
‫وإن ال َح َج َر َ‬
‫فَ َج َع َل يقولُ‪ :‬ث َ ْو ِبي َح َج ُر‪ ،‬ث َ ْو ِبي َح َج ُر‪ ،‬حتَّى ا ْنت َ َهى إلى َم َ ٍ‬
‫ْل ِمن َب ِني ِإس َْرا ِئي َل‪،‬‬
‫سنَ ما َخلَقَ اللَّهُ‪َ ،‬وأَب َْرأَهُ م َّما يقولونَ ‪َ ،‬و َق َ‬
‫ام ال َح َج ُر‪ ،‬فأ َخذَ‬ ‫ع ْريَانًا أَحْ َ‬
‫فَ َرأ َ ْوهُ ُ‬
‫إن بال َح َج ِر لَنَ َدبًا ِمن أَث َ ِر‬ ‫صاهُ‪ ،‬فَ َو َّ‬
‫الل ِه َّ‬ ‫ض ْربًا بعَ َ‬‫ط ِفقَ بال َح َج ِر َ‬ ‫سهُ‪َ ،‬و َ‬ ‫ث َ ْوبَهُ َفلَبِ َ‬
‫ذلك َق ْولُهُ‪َ { :‬يا أَيُّ َها َّالذِينَ آ َمنُوا ال ت َ ُكونُوا‬
‫سا‪ ،‬فَ َ‬ ‫ض ْر ِب ِه‪ ،‬ث َ َالثًا أ َ ْو أ َ ْر َب ًعا أ َ ْو خ َْم ً‬‫َ‬
‫سى فَبَ َّرأَهُ اللَّهُ م َّما قالوا َوكانَ ِع ْن َد اللَّ ِه َو ِجي ًها" رواه البخاري‪.‬‬ ‫َكالَّذِينَ آذَ ْوا ُمو َ‬
‫صلى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم َق ْس ًما‪ ،‬قال‪ :‬فقال‬ ‫س َم رسو ُل الل ِه َّ‬ ‫وقال ابن مسعود قَ َ‬
‫عز وج َّل! قال عب ُد‬ ‫إن هذه ال ِقسمةَ ما أُري َد بها َوجهُ الل ِه َّ‬
‫اَلنصار‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫َر ُج ٌل ِمن‬
‫دو الل ِه! أ َما َلُخبِ َر َّن رسو َل الل ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم بما قُ َ‬
‫لت‪،‬‬ ‫ع َّ‬
‫الل ِه‪ :‬يا َ‬
‫ي ِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬فاح َم َّر َوج ُهه‪ ،‬وقال‪َ :‬رحمةُ‬
‫قال‪ :‬فذَكَرتُ ذلك للنب ّ‬
‫صبَ َر" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫بأكثر ِمن هذا ف َ‬‫َ‬ ‫الل ِه على موسى؛ قد أ ُ َ‬
‫وذي‬
‫ي‪َ :‬لهُ َو َجاهَةٌ َو َجاهٌ ِع ْن َد َربِّ ِه‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل‪.‬‬ ‫﴿و َكانَ ِع ْن َد اللَّ ِه َو ِجي ًها﴾ أ َ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س َل ِ‬
‫ف‪:‬‬ ‫مستجاب ال َّدع َْوةِ ِع ْن َد اللَّ ِه‪َ .‬و َقا َل َ‬
‫غي ُْرهُ ِمنَ ال َّ‬ ‫َ‬ ‫ي‪َ :‬كانَ‬ ‫ص ِر ُّ‬ ‫س ُن ْال َب ْ‬‫قَا َل ْال َح َ‬
‫الرؤْ يَةَ ِل َما َيشَا ُء اللَّهُ‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل‪.‬‬ ‫ش ْيئًا ِإ َّال أ َ ْع َ‬
‫طاهُ‪َ .‬ولَ ِك ْن ُم ِن َع ُّ‬ ‫لَ ْم يَ ْسأ َ ِل َّ‬
‫اللهَ َ‬

‫‪599‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ْ‬ ‫وا ٱ َّللهَ َوقُولُ ۟‬
‫وا قَ ۡوال َ‬
‫س ِديدا} وفي الحديث "التقوى‬ ‫وا ٱتَّقُ ۟‬
‫﴿ َي ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫صدره ثالثًا" أخرجاه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هاهنا‪ ،‬الت ْقوى هاهنا‪ ،‬الت ْقوى هاهنا‪ ،‬يُ ُ‬
‫شير إلى‬
‫اآلخ ِر فَ ْل َيقُ ْل َخي ًْرا ْأو ِل َي ْ‬
‫ص ُم ْ‬
‫ت"‪ .‬رواه البخاري‬ ‫وم ِ‬ ‫" َمن كانَ يُؤْ ِم ُن باللَّ ِه وال َي ِ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫اس الجنَّةَ ؟‬ ‫سئِ َل رسو ُل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ ع َلي ِه وسلَّ َم عن أ َ ْك ِ‬
‫ثر ما يُدخ ُل النَّ َ‬ ‫و ُ‬
‫اس ال َّن َ‬
‫ار ‪ ،‬قا َل ‪:‬‬ ‫دخ ُل النَّ َ‬ ‫س ِئ َل عن أ َ ْك ِ‬
‫ثر ما يُ ِ‬ ‫ق‪،‬و ُ‬ ‫فقا َل‪ :‬ت َقوى اللَّ ِه و ُح ُ‬
‫سن الخلُ ِ‬
‫الفَ ُم والفَر ُج" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫اللّسانَ فتقول ‪:‬‬
‫فإن اَلعضا َء كلَّها تُك ِفّ ُر ِ‬
‫آدم َّ‬ ‫وفي الحديث "إذا أصب َح ُ‬
‫ابن َ‬
‫جت‬ ‫َقمت استَقَمنا ‪ِ ،‬‬
‫وان اعو َج َ‬ ‫فإن است َ‬
‫بك ‪ِ ،‬‬
‫َحن َ‬ ‫ات َّ ِ‬
‫ق اللهَ فينا ‪ ،‬فإنَّما ن ُ‬
‫اعو َججْ نا" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫ض َمن له ال َجنَّةَ"‬
‫ض َمن لي ما بيْنَ لَحْ َي ْي ِه وما بيْنَ ِرجْ لَ ْي ِه أ ْ‬
‫وفي الحديث " َمن َي ْ‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫السكوت سالمة‬
‫ض َو ْال ِج َبا ِل فَأ َ َبيْنَ أ َ ْن َيحْ ِم ْلنَ َها‬
‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬ ‫علَى ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫ضنَا اَل َمانَةَ َ‬ ‫ع َر ْ‬‫﴿ ِإنَّا َ‬
‫ش ْر ِعيَّ ِة ومنها ال ُمعا َمالتُ بيَنَ ال ِع َباد‪.‬‬ ‫َوأ َ ْشفَ ْقنَ ِم ْن َها﴾ اَ َْلمانَةُ التَّكا ِل ُ‬
‫يف ال َّ‬
‫ظلُو ًما َج ُهوال﴾‬
‫ان ِإنَّهُ َكانَ َ‬
‫س ُ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َح َملَ َها اْل ْن َ‬
‫االصل في االنسان الجهل والظلم‪.‬‬
‫قال شيخ االسالم ابن تيمية عليه رحمة الله‪:‬‬

‫‪600‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اْلنسان ُخلقَ ظلو ًما جهوالً‪ ،‬فاَلصل فيه‪ :‬عدم العلم‪ ،‬وميلُه إلى ما يهواه "‬
‫ُ‬
‫من ال َّ‬
‫ش ِ ّر"‬
‫ورا َر ِحي ًما﴾‬ ‫﴿و َكانَ اللَّهُ َ‬
‫غف ُ ً‬ ‫َ‬
‫ض ِبي" رواه البخاري‪.‬‬
‫غ َ‬ ‫"إن َرحْ َمتي َسبَ َق ْ‬
‫ت َ‬ ‫وفي الحديث القدسي َّ‬

‫سورة سبأ مكية‬

‫﴿ولَهُ ْال َح ْم ُد فِي ْاآل ِخ َر ِة﴾ واخت ّ‬


‫َص هنا َلن في اآلخرة‪ ،‬يظهر من حمده‪،‬‬ ‫َ‬
‫اآلخ َرةِ َولَهُ}‬‫والثناء عليه‪ ،‬ما ال يكون في الدنيا‪ .‬وإال {لَهُ ْال َح ْم ُد فِي اَلولَى َو ِ‬
‫سا َعةُ قُ ْل َبلَى َو َربِّي َلت َأْتِ َينَّ ُك ْم﴾ ‪َ ،‬ه ِذ ِه‬
‫﴿وقَا َل الَّذِينَ َكفَ ُروا َال ت َأ ْ ِتينَا ال َّ‬
‫قوله َ‬
‫علَى ُوقُوعِ‬ ‫ث َّال ِتي أ َ َم َر اللَّهُ رسو َله ﷺ أ َ ْن يُ ْق ِس َم ِب َر ِبّ ِه َ‬
‫ت الث َّ َال ِ‬
‫ِإحْ َدى ْاآل َيا ِ‬
‫يونس﴿ويَ ْست َ ْن ِبئُون ََك أ َ َح ٌّق ُه َو قُ ْل ِإي َو َر ِبّي ِإنَّهُ لَ َح ٌّق}‬
‫َ‬ ‫ْال َم َعادِ‪ :‬واَلخريان في‬
‫ع َم َّال ِذينَ َكفَ ُروا أ َ ْن لَ ْن يُ ْبعَثُوا قُ ْل بَ َلى َو َربِّي لَت ُ ْبعَث ُ َّن ث ُ َّم‬
‫وفي والتغابن ﴿زَ َ‬
‫ير﴾‬‫علَى اللَّ ِه َي ِس ٌ‬‫ع ِم ْلت ُ ْم َو َذ ِل َك َ‬
‫لَتُنَبَّ ُؤ َّن ِب َما َ‬
‫يرةٍ‪.‬‬
‫ص ِغ َ‬ ‫﴿مثْقَا ُل ذَ َّرةٍ﴾‪ْ :‬‬
‫وز ُن ن َْم َل ٍة َ‬ ‫قوله ِ‬
‫واستقر في علم الحديث أنه أصغر شيء ال يتجزأ‪.‬‬
‫وب ِب َالم َك ْي‪َ ،‬والت َّ ْقد ُ‬
‫ِير‪:‬‬ ‫صا ِل َحاتِ﴾ َم ْن ُ‬
‫ص ٌ‬ ‫ي الَّذِينَ آ َمنُوا َو َ‬
‫ع ِملُوا ال َّ‬ ‫وقوله ﴿ ِل َيجْ ِز َ‬
‫ْ‬
‫ي‪ .‬أو أثبت ذلك في الكتاب المبين ليجزي‪.‬‬ ‫لَت َأتِ َينَّ ُك ْم ِل َيجْ ِز َ‬

‫‪601‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿و َي َرى َّالذِينَ أُوتُوا ْال ِع ْل َم الَّذِي أُنز َل ِإلَي َْك ِم ْن َر ِبّ َك ُه َو ْال َح َّق َو َي ْهدِي ِإلَى‬ ‫َ‬
‫ی أ َ ۡق َو ُم َويُبَ ِ ّ‬ ‫ۡ‬
‫ش ُر‬ ‫يز ْال َح ِميدِ﴾ { ِإ َّن َه ٰـذَا ٱلقُ ۡر َءانَ يَهۡ ِدی ِللَّتِی ِه َ‬ ‫اط ْال َع ِز ِ‬
‫ص َر ِ‬ ‫ِ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ت أ َ َّن َل ُه ۡم أ َ ۡجرا َك ِبيرا}‬ ‫ٱ ۡل ُم ۡؤ ِم ِنينَ ٱلَّ ِذينَ َيعۡ َملُونَ ٱل َّ‬
‫ص ٰـ ِل َح ٰـ ِ‬
‫ق إنَّكم لَفي‬ ‫على َر ُج ٍل يُنَ ِّبئُكم إذا ُم ِ ّز ْقت ُ ْم ُك َّل ُم َم َّز ٍ‬ ‫﴿وقا َل الَّذِينَ َكفَ ُروا ه َْل نَدُلُّكم َ‬
‫ق َجدِيدٍ﴾ هذه نتيجة البعد عن الحق من إنكار المعروف وإقرار المنكر‬ ‫خ َْل ٍ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣰ‬
‫ع َجاب}‬ ‫كقولهم {أ َ َجعَ َل ٱ ۡلـَٔا ِل َهةَ إِ َل ٰـها َو ⁠ٰ ِحدًا إِ َّن َه ٰـ َذا لَش َۡی ٌء ُ‬
‫ب﴾ أي بسبب أعمالهم كقوله { ِإ َّن‬ ‫اآلخ َر ِة في ال َعذا ِ‬ ‫قوله { َب ِل الَّذِينَ ال يُؤْ ِمنُونَ ِب ِ‬
‫ࣰ‬ ‫ظ ۡل ًما ِإنَّ َما َي ۡأ ُكلُونَ ِفی بُ ُ‬
‫ٱلَّ ِذينَ َي ۡأ ُكلُونَ أ َ ۡم َو ٰ⁠ َل ٱ ۡل َيت َ ٰـ َم ٰى ُ‬
‫س َيصۡ لَ ۡونَ‬ ‫طو ِن ِه ۡم نَارا َو َ‬
‫ࣰ‬
‫س ِعيرا}‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ضال} ِمن َها النبُ َّوة َوال ُملك ال ُمت َ َم ِك ِن‪َ ،‬وال ُجنود ذ ُوو‬ ‫ْ‬ ‫﴿۞ َولَقَ ۡد َءاتَ ۡينَا َد ُاوۥ َد ِمنَّا فَ ۡ‬
‫ص ْوت ْال َع ِظ ِيم‪.‬‬
‫ال َع َدد والعُ َدد وال َّ‬

‫صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم "َلَبِي ُمو َ‬


‫سى‪ :‬لو َرأَ ْيتَنِي َوأَنَا أَ ْست َِم ُع‬ ‫قا َل َرسو ُل الل ِه َ‬
‫ير آ ِل َد ُاو َد‪ ".‬أخرجه البخاري‬ ‫ارا ِمن َمزَ ِام ِ‬ ‫ار َح َة‪ ،‬لقَ ْد أُوتِ َ‬
‫يت ِم ْز َم ً‬ ‫ِل ِق َرا َءتِ َك ال َب ِ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫س ۡر ِد } قال صلى الله عليه وسلم "ما أ َك َل‬ ‫قوله {أ َ ِن ٱ ۡع َم ۡل َس ٰـ ِبغَ ٰـ ࣲ‬
‫ت َوقَ ّد ِۡر ِفی ٱل َّ‬
‫ي اللَّ ِه ُ‬
‫داو َد عليه‬ ‫أن َيأ ْ ُك َل ِمن َ‬
‫ع َم ِل َي ِد ِه‪َّ ،‬‬
‫وإن َن ِب َّ‬ ‫ط‪َ ،‬خي ًْرا ِمن ْ‬ ‫طعا ًما َق ُّ‬ ‫أ َح ٌد َ‬
‫سال ُم‪ ،‬كانَ يَأ ْ ُك ُل ِمن َ‬
‫ع َم ِل يَ ِد ِه" رواه البخاري‪.‬‬ ‫ال َّ‬

‫‪602‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫سلَ ۡي َم ٰـ ُن َد ُاوۥ َد} وكان‬ ‫{و َو ِر َ‬
‫ث ُ‬ ‫غد ُُّوهَا شَهۡ ر َو َر َوا ُح َها شَهۡ ر } َ‬ ‫س َل ۡي َم ٰـنَ ٱ ِ ّ‬
‫لري َح ُ‬ ‫﴿و ِل ُ‬
‫َ‬
‫ملكه أوسع من ملك أبيه‪.‬‬
‫ُور‬ ‫ان َك ْال َج َوا ِ‬
‫ب َوقُد ٍ‬ ‫يب َوت َ َما ِثي َل َو ِجفَ ٍ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ي ْع َملُونَ لَهُ َما َيشَا ُء ِم ْن َم َح ِ‬
‫ار َ‬
‫َرا ِسيَا ٍ‬
‫ت﴾‬
‫ور‪.‬‬
‫ص ُ‬ ‫اج ُد ْ‬
‫أوالقُ ُ‬ ‫س ِ‬‫س ُن‪ ،‬او ْال َم َ‬
‫ي ْالبِنَا ُء ْال َح َ‬
‫يب ِه َ‬ ‫ْال َم َح ِ‬
‫ار ُ‬
‫ير كانَ ُمبا ًحا في ش َْرعِ‬ ‫ص ِو َ‬ ‫أن التَّ ْ‬
‫على َّ‬ ‫َوالت َّ َما ِثيلُ‪ :‬ال ُّ‬
‫ص َو ُر وقَ ِد ا ْست ُ ِد َّل ِب َهذا َ‬
‫سلَّ َم‬ ‫صلّى اللَّهُ َ‬
‫علَ ْي ِه وآ ِل ِه و َ‬ ‫سلَيْمانَ ‪ ،‬ونُ ِس َخ ذَ ِل َك بِش َْرعِ نَبِ ِّينا ُم َح َّم ٍد ‪َ -‬‬‫‪ُ -‬‬
‫صعَةُ ال َكبِ َ‬
‫يرة ُ‪.‬‬ ‫فان ُج َم ُع َج ْفنَ ٍة وهي ال َق ْ‬
‫والج ُ‬
‫ِ‬
‫ي ْال َح ْو ُ‬
‫ض‪.‬‬ ‫ْال َج َو ُ‬
‫اب‪َ :‬ج ْم ُع َجا ِب َيةٍ‪َ ،‬و ِه َ‬
‫الرا ِس َياتُ ‪ :‬أَي ِ الثَّا ِبت َاتُ ‪ ،‬فِي أ َ َما ِكنِ َها َال تَتَ َح َّو ُل َو َال تَت َ َح َّركُ َ‬
‫ع ْن‬ ‫َو ْالقُد ُ‬
‫ُور َّ‬
‫أ َ َما ِك ِن َها ِل ِع َ‬
‫ظ ِم َها‪.‬‬
‫نس َوٱ َّ‬
‫لط ۡي ِر فَ ُه ۡم يُوزَ عُونَ "‬ ‫سلَ ۡي َم ٰـنَ ُجنُو ُدهُۥ ِمنَ ٱ ۡل ِج ِّن َوٱ ۡ ِْل ِ‬
‫" َو ُح ِش َر ِل ُ‬
‫ور﴾ { َقا َل َه ٰـذَا ِمن َف ۡ‬
‫ض ِل َربِّی‬ ‫ش ُك ُ‬ ‫ش ْك ًرا َوقَ ِلي ٌل ِم ْن ِعبَاد َ‬
‫ِي ال َّ‬ ‫﴿ا ْع َملُوا آ َل َد ُاو َد ُ‬
‫ِل َي ۡبلُ َو ِن ۤی َءأَ ۡش ُك ُر أ َ ۡم أ َ ۡكفُ ُر }‬
‫سأَتَهُۥ }‬ ‫ض ت َۡأ ُك ُل ِمن َ‬‫علَ ٰى َم ۡوتِ ِهۦۤ ِإ َّال َد ۤابَّةُ ٱ َۡل َ ۡر ِ‬‫ت َما َدلَّ ُه ۡم َ‬ ‫علَ ۡي ِه ٱ ۡل َم ۡو َ‬
‫ض ۡينَا َ‬ ‫﴿فَلَ َّما قَ َ‬
‫ب َّ‬
‫الطعَ ِام‪،‬‬ ‫طيَ ِ‬‫َاك بِأ َ ْ‬
‫ام أَت َ ْين ِ‬
‫الطعَ َ‬‫ت ت َأ ْ ُكلِينَ َّ‬ ‫ض ِة‪ :‬لَ ْو ُك ْن ِ‬ ‫اطينَ قَالُوا ِل ْأل َ َر َ‬ ‫شيَ ِ‬ ‫ث ُ َّم إِ َّن ال َّ‬
‫ب‪َ ،‬ولَ ُكنَّا َسنَ ْنقُ ُل ِإلَي ِْك ْال َما َء‬
‫ش َرا ِ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫َاك أ َ ْ‬
‫ط َي َ‬ ‫سقَ ْين ِ‬
‫اب َ‬ ‫ش َر َ‬‫ت ت َ ْش َر ِبينَ ال َّ‬ ‫َولَ ْو ُك ْن ِ‬
‫ين َّالذِي‬ ‫َت‪-‬قَا َل‪ :‬أ َ َل ْم ت ََر ِإ َلى ِ ّ‬
‫الط ِ‬ ‫ْث َكان ْ‬ ‫الطينَ ‪-‬قَا َل‪ :‬فَ ُه ْم يَ ْنقُلُونَ ِإلَ ْي َها ذَ ِل َك َحي ُ‬ ‫َو ِ ّ‬
‫ش ْك ًرا لَ َها‪.‬‬‫ين‪ُ ،‬‬ ‫اط ُ‬ ‫ب؟ فَ ُه َو َما تَأ ْ ِتي َها ِب ِه ال َّ‬
‫ش َي ِ‬ ‫ف ْال َخ َش ِ‬ ‫ون ِفي َج ْو ِ‬ ‫َي ُك ُ‬
‫‪603‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َو َهذَا ْاَلَث َ ُر إسرائيلي‪.‬‬


‫ب ٱ ۡل ُم ِهي ِن﴾‬
‫وا فِی ٱ ۡل َعذَا ِ‬ ‫وا يَعۡ لَ ُمونَ ٱ ۡلغَ ۡي َ‬
‫ب َما لَبِث ُ ۟‬ ‫ت ٱ ۡل ِج ُّن أَن لَّ ۡو َكانُ ۟‬ ‫{فَلَ َّما خ ََّر ت َ َبيَّنَ ِ‬
‫ْب‪َ ،‬ك َما َكانُوا َيت ََو َّه ُمونَ‬ ‫ضا أ َ َّن ْال ِج َّن َال َي ْع َل ُمونَ ْالغَي َ‬
‫س أَ ْي ً‬ ‫ت ْال ِج ُّن َو ْ ِ‬
‫اْل ْن ُ‬ ‫ت َ َبيَّ َن ِ‬
‫َويُو ِه ُمونَ النَّ َ‬
‫اس ذلك‪.‬‬
‫ࣱ‬
‫َّ‬
‫القوم ‪ :‬يا رسو َل الل ِه ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫﴿لَقَ ۡد َكانَ ِل َسبَ ࣲإ فِی َم ۡس َكنِ ِه ۡم َءايَة} فقا َل رجل منَ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫بأرض وال امرأ ٍة‪ ،‬ولَ ِكنَّهُ‬
‫ٍ‬ ‫أرض أ ُم امرأة ٌ ؟ فقا َل ‪َ :‬ل َ‬
‫يس‬ ‫ٌ‬ ‫عن سب ٍأ ما َ‬
‫هو‬ ‫أخ ِبرنا َ‬
‫وتشاءم أربَعةٌ" قال َللباني حسن‬
‫َ‬ ‫ب ] فتَيامنَ ستَّةٌ‬
‫رج ٌل ولَ َد عشرة ً [ منَ العر ِ‬
‫صحيح في صحيح الترمذي وفي صحيح أبي داود‪.‬‬
‫علَى َما أَ ْن َع َم ِب ِه‬
‫ش ْك ِر ِه َ‬ ‫ع ْن ت َْو ِحي ِد َّ‬
‫الل ِه َو ِع َبا َدتِ ِه َو ُ‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫ضوا﴾ أَ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَأَع َْر ُ‬
‫س َل ْي َمانَ ‪َ :‬‬
‫{و َج ْدت ُ َها َوقَ ْو َم َها‬ ‫ش ْم ِس‪َ ،‬ك َما َقا َل ُه ْد ُه ُد ُ‬ ‫ع َدلُوا ِإلَى ِعبَا َدةِ ال َّ‬
‫علَ ْي ِه ْم‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬
‫ُون اللَّ ِه}‬ ‫ش ْم ِس ِم ْن د ِ‬ ‫َي ْس ُج ُدونَ ِلل َّ‬
‫{وبَد َّۡلنَ ٰـ ُهم ِب َجنَّتَ ۡي ِه ۡم َج َّنت َ ۡي ِن ذَ َوات َ ۡی أ ُ ُك ٍل خ َۡم ࣲط َوأَ ۡث ࣲل َو َ‬
‫ش ۡی ࣲء ِّمن ِس ۡد ࣲر قَ ِلي ࣲل}‬ ‫قوله َ‬
‫ار ْال َج ِ‬
‫اريَ ِة‪،‬‬ ‫الظ َال ِل ْالعَ ِميقَ ِة َو ْاَل َ ْن َه ِ‬
‫َاظ ِر ْال َح َسنَ ِة‪َ ،‬و ِ ّ‬
‫ضي َج ِة َو ْال َمن ِ‬ ‫بَ ْع َد ال ِث ّ َم ِ‬
‫ار النَّ ِ‬
‫ير َوالث َّ َم ِر ْالقَ ِلي ِل‪.‬‬ ‫ش ْو ِك ْال َك ِث ِ‬‫س ْدر ذِي ال َّ‬ ‫اك َو َّ‬
‫الط ْرفَ ِ‬
‫اء وال ّ‬ ‫ش َج ِر ْاَل َ َر ِ‬ ‫ت ِإلَى َ‬ ‫ت َ َب َّدلَ ْ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ب ٱللَّهُ َمثَال قَ ۡريَة‬ ‫ض َر َ‬ ‫{و َ‬ ‫ور﴾ َ‬ ‫ازي ِإال ْال َكفُ َ‬ ‫﴿ذَ ِل َك َجزَ ْينَا ُه ْم بِ َما َكفَ ُروا َوه َْل نُ َج ِ‬
‫ࣰ‬ ‫ۡ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ان فَ َكفَ َر ۡت بِأ َ ۡنعُ ِم ٱللَّ ِه‬ ‫ۡ‬
‫َكان َۡت َء ِامنَة ُّمط َم ِٕىنَّة يَأتِي َها ِر ۡزقُ َها َرغَدا ِّمن ُك ِّل َم َك ࣲ‬
‫وا يَصۡ نَعُونَ }‬ ‫اس ٱ ۡل ُجوعِ َوٱ ۡلخ َۡو ِ‬
‫ف بِ َما َكانُ ۟‬ ‫فَأَذَ ⁠ٰقَ َها ٱللَّهُ ِلبَ َ‬

‫‪604‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ُه ْم﴾ َوذَ ِل َك أَنَّ ُه ْم َبطروا َه ِذ ِه النِّ ْع َمةَ‪.‬‬


‫ظلَ ُموا أ َ ْنفُ َ‬ ‫فَقَالُوا َربَّنَا َبا ِع ْد َبيْنَ أ َ ْسفَ ِ‬
‫ارنَا َو َ‬
‫سى بقولهم ﴿فَا ْدعُ لَنا َرب ََّك يُ ْخ ِرجْ َلنا ِم َّما ت ُ ْنبِتُ‬ ‫طلَ َ‬
‫ب بَنُو ِإس َْرائِي َل ِم ْن ُمو َ‬ ‫َك َما َ‬
‫ض ِم ْن َب ْق ِلها﴾ أو ليظهر القوي على الضعيف‪.‬‬ ‫ا َْل َ ْر ُ‬
‫ش ُكو ࣲر}‬ ‫ت ِلّ ُك ِّل َ‬
‫صب ࣲَّار َ‬ ‫{ ِإ َّن ِفی ذَ ٰ⁠ ِل َك َلـَٔا َي ٰـ ࣲ‬
‫ذاك َل َ َح ٍد َّإال ِل ْل ُمؤْ ِم ِن‪ْ ،‬‬
‫إن "‬ ‫وليس َ‬
‫َ‬ ‫إن ْأم َرهُ ُكلَّهُ َخي ٌْر‪،‬‬
‫ع َجبًا َل َ ْم ِر ال ُمؤْ ِم ِن‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫صبَ َر فَكانَ َخي ًْرا‬ ‫وإن أصا َبتْهُ َ‬
‫ض َّرا ُء‪َ ،‬‬ ‫ش َك َر‪ ،‬فَكانَ َخي ًْرا له‪ْ ،‬‬ ‫أصا َبتْهُ َ‬
‫س َّرا ُء َ‬
‫له‪ ".‬مسلم‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ࣰ‬
‫ظنَّهُۥ َفٱتَّبَعُوهُ ِإ َّال فَ ِريقا ِّمنَ ٱل ُم ۡؤ ِم ِنينَ } َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالى‬
‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ص َّدقَ َعلَ ۡي ِه ۡم ِإ ۡب ِلي ُ‬‫{ولَقَ ۡد َ‬
‫َ‬
‫س ُجو ِد ِآل َد َم‪ ،‬ث ُ َّم قَا َل‪﴿ :‬أ َ َرأ َ ْيت ََك َه َذا الَّذِي‬
‫يس ِحينَ ْامتَنَ َع ِمنَ ال ُّ‬ ‫ع ْن إِ ْب ِل ٍ‬ ‫إِ ْخبَ ً‬
‫ارا َ‬
‫ي لَئِ ْن أ َ َّخ ْرت َِن ِإلَى َي ْو ِم ْال ِق َيا َم ِة َلحْ تَنِ َك َّن ذُ ِ ّريَّتَهُ ِإال قَ ِليال﴾‬ ‫علَ َّ‬ ‫َك َّر ْم َ‬
‫ت َ‬
‫وقوله {قَا َل فَبِ ِع َّزتِ َك ََل ُ ۡغ ِويَنَّ ُه ۡم أ َ ۡج َم ِعينَ }‬
‫ان﴾‪ :‬أ َ ْ‬
‫ي ِم ْن ُح َّج ٍة أو قهر‬ ‫ط ٍ‬‫س ْل َ‬
‫ع َل ْي ِه ْم ِم ْن ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َما َكانَ لَهُ َ‬
‫قال ابن قيّم الجوزيّة ٍۤ رحمه الله‪ -:‬في قوله تعالى‪.‬‬
‫ُون ٱ َّلل ِه َال َي ۡم ِل ُكونَ ِم ۡثقَا َل ذَ َّرةࣲ فِی ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬
‫ت َو َال‬ ‫ع ۡمت ُم ِّمن د ِ‬ ‫ع ۟‬
‫وا ٱلَّ ِذينَ زَ َ‬ ‫﴿قُ ِل ٱ ۡد ُ‬
‫شفَ ٰـ َعةُ‬ ‫فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ض َو َما لَ ُه ۡم ِفي ِه َما ِمن ِش ۡر ࣲك َو َما لَهُۥ ِم ۡن ُهم ِّمن َ‬
‫ظ ِهي ࣲر َو َال تَنفَ ُع ٱل َّ‬
‫ِعن َدهُۥۤ ِإ َّال ِل َم ۡن أَذِنَ َلهُۥٰۚ}‬

‫‪605‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫فتأمل كيف أخذت هذه اآلية على المشركين مجامع الطرق التي دخلوا منها‬
‫إلى الشرك وسدت بها عليهم الباب أبلغ سد وأحكمه‪ ،‬فإن العابد إنما يتعلق‬
‫بالمعبود لما يرجو من نفعه‪ ،‬وإال فلو كان ال يرجو منفعة منه فال يتعلق قلبه‬
‫به أبدا‪ .‬وحينئذ فال بد أن يكون المعبود إما مالكا لألسباب التي ينتفع بها‬
‫عابده‪ ،‬أو شريكا لمالكها‪ ،‬أو ظهيرا أو وزيرا أو معاونا له‪ ،‬أو وجيها ذا‬
‫حرمة وقدر‪ ،‬يشفع عنده فإذا انتفت هذه اَلمور اَلربعة من كل وجه انتفت‬
‫أسباب الشرك وانقطعت مواده‪.‬‬
‫فنفى سبحانه عن آلهتهم أن تملك مثقال ذرة في السماوات واَلرض‪.‬‬
‫فقد يقول المشرك‪ :‬هي شريكة للمالك الحق‪ .‬فنفى شركها له‪.‬‬
‫﴿وما َلهُ ِمنهم‬
‫فيقول المشرك‪ :‬قد تكون ظهيرا أو وزيرا‪ ،‬أو معاونا‪ .‬فقال‪َ :‬‬
‫ير﴾‬ ‫ِمن َ‬
‫ظ ِه ٍ‬
‫ولم يبق إال الشفاعة فنفاها عن آلهتهم‪ ،‬وأخبر أنه ال يشفع أحد عنده إال‬
‫بإذنه‪.‬‬
‫اَلر َب َع نَ ْفيًا ُمت ََر ِت ّبًا‪ُ ،‬متَنَ ِقّ ًال ِمنَ اَلعْلى إلى ما دُونَهُ‪،‬‬
‫ب ْ‬ ‫سبْحانَهُ ال َمرا ِت َ‬‫فَنَفى ُ‬
‫ظنُّها ال ُم ْش ِركُ ‪ ،‬وأثْ َب َ‬
‫ت‬ ‫عةَ‪ ،‬الَّتِي َي ُ‬ ‫ش ْر َكةَ‪ ،‬وال ُمظاه ََرةَ‪ ،‬وال َّ‬
‫شفا َ‬ ‫الم ْل َك‪ ،‬وال ِ ّ‬
‫فَنَفى ِ‬
‫عةُ بِإ ْذنِ ِه‪.‬‬
‫يب فِيها ِل ُم ْش ِركٍ ‪ ،‬وهي ال َّشفا َ‬ ‫عةً ال ن ِ‬
‫َص َ‬ ‫شَفا َ‬

‫‪606‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يب فِيها ِل ُم ْش ِركٍ ‪،‬‬ ‫عةً ال ن ِ‬


‫َص َ‬ ‫عةُ ِع ْن َدهُ ِإال ِل َم ْن أَذِنَ َلهُ﴾ أثْ َب َ‬
‫ت شَفا َ‬ ‫﴿وال تَ ْنفَ ُع ال َّ‬
‫شفَا َ‬ ‫َ‬
‫عةُ بِإ ْذنِ ِه‪َ .‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬م ْن ذَا الَّذِي يَ ْشفَ ُع ِع ْن َدهُ ِإال بِإ ِ ْذنِ ِه﴾‪،‬‬ ‫وهي ال َّ‬
‫شفا َ‬
‫ش ْيئًا ِإال ِم ْن َب ْع ِد أ َ ْن َيأْذَنَ‬
‫عت ُ ُه ْم َ‬ ‫ت َال ت ُ ْغ ِني َ‬
‫شفَا َ‬ ‫﴿و َك ْم ِم ْن َملَكٍ ِفي ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫َوقَا َل‪َ :‬‬
‫ضى﴾‬ ‫اللَّهُ ِل َم ْن يَشَا ُء َويَ ْر َ‬
‫ࣰ‬ ‫}قُل ِلّلَّ ِه ٱل َّ‬
‫شفَ ٰـعَةُ َج ِميعا{‬
‫ماء‪،‬‬
‫س ِ‬ ‫ضى اللَّهُ ْ‬
‫اَلم َر في ال َّ‬ ‫عن أبي هريرة أن رسول الله قال "إذا قَ َ‬
‫وان ‪ -‬قا َل‬ ‫ت ال َمالئِ َكةُ بأَجْ نِ َحتِها ُخضْعانًا ِلقَ ْو ِل ِه‪ ،‬كال ِ ّس ْل ِسلَ ِة علَى َ‬
‫ص ْف ٍ‬ ‫ض َربَ ِ‬
‫َ‬
‫ع عن قُلُوبِ ِه ْم‪ ،‬قالوا‪ :‬ماذا‬ ‫وان يَ ْنفُذُ ُه ْم َ‬
‫ذلك ‪ -‬فإذا فُ ِ ّز َ‬ ‫ص ْف ٍ‬
‫غي ُْرهُ‪َ :‬‬
‫ي‪ :‬وقا َل َ‬
‫ع ِل ٌّ‬
‫َ‬
‫ير‪ "..‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ي ال َك ِب ُ‬‫قا َل َربُّ ُك ْم‪ ،‬قالُوا ِللَّذِي قا َل‪ :‬ال َح َّق‪ ،‬وهو ال َع ِل ُّ‬
‫ع َّم ۤا أ َ ۡج َر ۡمنَا َو َال نُ ۡسـَٔ ُل َع َّما ت َعۡ َملُونَ ﴾‬
‫﴿قُل َّال ت ُ ۡسـَٔلُونَ َ‬
‫كقوله {أَنتُم َب ِر ۤيـُٔونَ ِم َّم ۤا أ َ ۡع َم ُل َوأَن َ۠ا َب ِر ۤی ࣱء ِّم َّما ت َعۡ َملُونَ }‬
‫ق ِمنَ ْال ُم َكلَّفِينَ ‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه‬‫ي‪ِ :‬إ َّال ِإلَى َج ِميعِ ْالخ َْل ِ‬ ‫اس﴾ ‪ :‬أ َ ْ‬ ‫س ْلن َ‬
‫َاك ِإال َكافَّةً ِللنَّ ِ‬ ‫﴿و َما أ َ ْر َ‬‫َ‬
‫ی إِلَ َّ‬
‫ی‬ ‫{وأ ُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫علَى َع ْب ِد ِه ِليَ ُكونَ ِل ْلعَالَ ِمينَ نَذ ً‬
‫ِيرا﴾ َ‬ ‫ار َك الَّذِي نز َل ْالفُ ْرقَانَ َ‬ ‫﴿تَبَ َ‬
‫ان َِلُنذ َِر ُكم ِب ِهۦ َو َم ُۢن َبلَ ٰۚ َغ}‬‫َه ٰـذَا ٱ ۡلقُ ۡر َء ُ‬
‫صةً‪ ،‬وبُ ِعثْتُ إلى‬ ‫ث إلى قَ ْو ِم ِه خَا َّ‬ ‫ي يُ ْب َع ُ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم "وكانَ النب ُّ‬
‫عةَ‪ ".‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ْطيتُ ال َّ‬
‫شفَا َ‬ ‫اس َكافَّةً‪ ،‬وأُع ِ‬
‫النَّ ِ‬
‫اب﴾ أَيِ‪ْ :‬ال َج ِمي ُع ِمنَ ال َّ‬
‫سا َدةِ َو ْاَلَتْ َب ِ‬
‫اع‪،‬‬ ‫س ُّروا النَّ َدا َمةَ لَ َّما َرأ َ ُوا ْال َعذَ َ‬
‫﴿وأ َ َ‬
‫وقوله َ‬
‫علَى َما َسلَف ِم ْنهُ‪ .‬و الندامة توبة ولكن حين ال ينفع الندم‪.‬‬
‫ُك ٌّل نَدم َ‬

‫‪607‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي ٍ أ َ ْو َر ُ‬
‫سو ٍل ﴿ ِإال َقا َل ُمتْ َرفُوهَا﴾ ‪َ ،‬و ُه ْم‬ ‫ي‪ :‬نَ ِب ّ‬ ‫س ْلنَا فِي قَ ْر َي ٍة ِم ْن نَذ ٍ‬
‫ِير﴾ أ َ ْ‬ ‫﴿و َما أ َ ْر َ‬
‫َ‬
‫أُولُو ال ِنّ ْع َم ِة َو ْال ِح ْش َم ِة َوالث َّ ْر َوةِ والرياسة‪ .‬ونظائرها كثيرة في القرآن كقوله‬
‫{قَا َل الَّذِينَ ا ْست َ ْك َب ُروا} ﴿وقا َل ال َم َأل ُ ِمن َق ْو ِم ِه} َو َه َكذَا قَا َل ِه َر ْق ُل َِل َ ِبي ُ‬
‫س ْف َيانَ‬
‫سائِ َل‪ .‬كما في الصحيح‪.‬‬ ‫ع ْن تِ ْل َك ْال َم َ‬
‫سأَلَهُ َ‬
‫ِحينَ َ‬
‫ࣰ‬
‫ۤ‬ ‫ۤ‬ ‫ۤ‬ ‫ۤ‬
‫الر ْزقَ ِل َمن يَشا ُء ويَ ْقد ُِر﴾ ﴿ ُك ّال نُّ ِم ُّد َه ٰـؤُ َال ِء َو َه ٰـ ُؤ َال ِء ِم ۡن‬ ‫ط ِّ‬ ‫س ُ‬‫إن َر ِّبي يَ ْب ُ‬‫﴿قُ ْل َّ‬

‫ف فَض َّۡلنَا َبعۡ َ‬


‫ض ُه ۡم‬ ‫ظ ۡر َك ۡي َ‬ ‫ورا ☆ ٱن ُ‬ ‫ظ ً‬ ‫ط ۤا ُء َر ِبّ َك َم ۡح ُ‬
‫ط ۤا ِء َر ِبّ ٰۚ َك َو َما َكانَ َع َ‬
‫ع َ‬
‫َ‬
‫ض}‬ ‫علَ ٰى َبعۡ ࣲ ٰۚ‬ ‫َ‬
‫} َوتِ ۡل َك ٱ َۡل َيَّا ُم نُ َدا ِولُ َها بَ ۡينَ ٱلنَّ ِ‬
‫اس{‬
‫َّ‬
‫"إن اللهَ ق َّسم بينكم‬ ‫عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫سم بينكم أرزاقَكم ‪َّ ،‬‬
‫وإن اللهَ يُعطي الدنيا من يُحبُّ ومن ال‬ ‫أخالقَكم كما ق َّ‬
‫يُحبُّ ‪ ،‬وال يُعطي اْليمانَ إال َمن أحبَّ " صححه اَللباني وقال على شرط‬
‫مسلم‪.‬‬
‫{و َم ۤا أَنفَ ۡقتُم ِّمن َ‬
‫ش ۡی ࣲء فَ ُه َو يُ ۡخ ِلفُهُۥ}‬ ‫وقوله َ‬
‫صبِ ُح ال ِعبا ُد فِي ِه‪َّ ،‬إال َملَ ِ‬
‫كان‬ ‫وم يُ ْ‬
‫عن أبي هريرة أن رسول الله قال "ما ِمن يَ ٍ‬
‫ْط ُم ْن ِف ًقا َخ َل ًفا‪ ،‬ويقو ُل اآلخ َُر‪ :‬اللَّ ُه َّم أع ِ‬
‫ْط‬ ‫الن‪ ،‬ف َيقو ُل أ َح ُد ُهما‪ :‬اللَّ ُه َّم أع ِ‬
‫َي ْن ِز ِ‬
‫ُم ْم ِس ًكا تَلَفًا‪ ".‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وا َيعۡ بُدُونَ ☆ قَالُ ۟‬
‫وا‬ ‫ش ُر ُه ۡم َج ِمي ࣰعا ث ُ َّم َيقُو ُل ِل ۡل َم َل ٰۤـ ِٕى َك ِة أَ َه ٰۤـؤ َ ۤ‬
‫ُال ِء ِإيَّا ُك ۡم َكانُ ۟‬ ‫﴿و َي ۡو َم َي ۡح ُ‬‫َ‬
‫وا َيعۡ بُدُونَ ٱ ۡل ِج َّن}‬ ‫نت َو ِل ُّينَا ِمن دُونِ ِهم بَ ۡل َكانُ ۟‬ ‫س ۡب َح ٰـن ََك أ َ َ‬ ‫ُ‬

‫‪608‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َك َما َقا َل ت َ َعا َلى‪ِ ﴿ :‬إ ْن َي ْدعُونَ ِم ْن دُونِ ِه ِإال ِإنَاثًا َو ِإ ْن َي ْدعُونَ ِإال َ‬
‫ش ْي َ‬
‫طانًا َم ِريدًا﴾‬
‫ضلَ ْلت ُ ْم ِعبَادِي َه ُؤ ِ‬
‫الء‬ ‫وكذا يقول عباد الله الصالحين َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬أَأ َ ْنت ُ ْم أَ ْ‬
‫س ۡب َح ٰـن ََك}‬ ‫ضلُّوا ال َّس ِبي َل☆ قَالُ ۟‬
‫وا ُ‬ ‫أ َ ْم ُه ْم َ‬
‫ُون َّ‬ ‫ُ‬ ‫ت قُ ْل َ‬
‫سى‪﴿ :‬أَأ َ ْن َ‬
‫الل ِه‬ ‫اس اتَّ ِخذُو ِني َوأ ِّم َ‬
‫ي ِإلَ َهي ِْن ِم ْن د ِ‬ ‫ت ِللنَّ ِ‬ ‫َو َك َما َيقُو ُل ِل ِعي َ‬
‫قَا َل ُ‬
‫س ْب َحان ََك}‬
‫﴿ولَقَ ْد َم َّكنَّا ُه ْم فِي َما إِ ْن‬
‫َار َما آت َ ْينَا ُه ْم﴾ َك َما قَا َل تَعَالَى‪َ :‬‬
‫﴿و َما بَلَغُوا ِم ْعش َ‬
‫وقوله َ‬
‫َم َّكنَّا ُك ْم فِي ِه}‬
‫شدِيدٍ﴾‬
‫ب َ‬ ‫ع َذا ٍ‬
‫ي َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ْن ُه َو ِإال نَذ ٌ‬
‫ِير لَ ُك ْم بَيْنَ يَ َد ْ‬
‫ط َك‬ ‫يرت ََك اَل ْق َر ِبينَ } َ‬
‫ور ْه َ‬ ‫{وأ َ ْنذ ِْر َ‬
‫ع ِش َ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫عن عبد الله بن عباس قال "ل َّما نَزَ َل ْ‬
‫صفَا‬ ‫ص َّلى اللهُ عليه وسلَّ َم حتَّى َ‬
‫ص ِع َد ال َّ‬ ‫صينَ ‪ ،‬خ ََر َج َرسو ُل َّ‬
‫الل ِه َ‬ ‫منه ُم ال ُم ْخ َل ِ‬
‫أخبَ ْرت ُ ُك ْم‬
‫إن ْ‬ ‫أرأ َ ْيت ُ ْم ْ‬
‫صبَا َحا ْه فَقالوا‪َ :‬من هذا؟ فَاجْ تَ َمعُوا إلَ ْي ِه‪ ،‬فَقا َل‪َ :‬‬ ‫َف‪ :‬يا َ‬ ‫فَ َهت َ‬
‫ْك‬‫ع َلي َ‬‫ي؟ قالوا‪ :‬ما َج َّر ْبنَا َ‬ ‫س ْفحِ هذا ال َج َب ِل‪ ،‬أ ُك ْنت ُ ْم ُم َ‬
‫ص ِ ّد ِق َّ‬ ‫أن َخي ًْال ت َْخ ُر ُج ِمن َ‬‫َّ‬
‫ب‪ :‬تَبًّا لَ َك‪ ،‬ما‬
‫شدِي ٍد قا َل أبو لَ َه ٍ‬ ‫ع َذا ٍ‬
‫ب َ‬ ‫ي َ‬ ‫ِير لَ ُك ْم بيْنَ يَ َد ْ‬
‫َك ِذبًا‪ ،‬قا َل‪ :‬فإنِّي نَذ ٌ‬
‫ب وتَبَّ } وق ْد تَبَّ " رواه‬ ‫َّت َي َدا أبِي لَ َه ٍ‬
‫ت‪{ :‬تَب ْ‬ ‫َج َم ْعتَنَا َّإال ِلهذا؟ ث ُ َّم قَ َ‬
‫ام‪ ،‬فَنَزَ َل ْ‬
‫البخاري‪.‬‬

‫‪609‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي َمسْألَ ٍة ِل ْألجْ ِر‪،‬‬ ‫س ْألتُكم ِمن أجْ ٍر فَهو لَ ُك ْم﴾ َ‬


‫على َم ْعنَ َيي ِْن‪ :‬أ َح ُد ُهما‪ :‬نَ ْف ُ‬ ‫﴿قُ ْل ما َ‬
‫ش ْيئًا َف ُخ ْذهُ‪ ،‬وهو يَ ْعلَ ُم أنَّهُ لَ ْم يُ ْع ِط ِه‬ ‫إن أ ْع َ‬
‫ط ْيتَنِي َ‬ ‫صاحبِ ِه‪ْ :‬‬ ‫َكما يَقُو ُل ا َّ‬
‫لر ُج ُل ِل ِ‬
‫ي ّإال َ‬
‫على‬ ‫اَلخذَ ِبما لَ ْم َي ُك ْن‪ ،‬ويُ َؤ ِيّ ُدهُ ْ‬
‫﴿إن أجْ ِر َ‬ ‫ش ْيئًا‪ ،‬ولَ ِكنَّهُ أرا َد ال َب َّ‬
‫ت ِلت َ ْع ِلي ِق ِه ْ‬ ‫َ‬
‫على هَذا ش َْر ِطيَّةٌ‪ .‬و ُج ّ ِوزَ َك ْونُها َم ْو ُ‬
‫صولَةً‪ .‬والثّانِي‪ْ :‬‬
‫أن يُ ِري َد‬ ‫اللَّ ِه﴾ و "ما" َ‬
‫بِاَلجْ ِر ما في قَ ْو ِل ِه ﴿قُ ْل ما أسْألُكم َ‬
‫علَ ْي ِه ِمن أجْ ٍر ّإال َمن شا َء ْ‬
‫أن يَت َّ ِخذَ إلى‬
‫صيبُهم ما ِفي ِه نَ ْفعُهم و ُج ّ ِوزَ أ ْي ً‬
‫ضا‬ ‫يال﴾ َِل َّن ا ِت ّخاذَ ال َّس ِبي ِل إلى اللَّ ِه يُ ِ‬
‫س ِب ً‬
‫َر ِبّ ِه َ‬
‫أي‪ :‬فَإذا َل ْم أس ْْألكم َفهو‬‫واب ش َْرطٍ ُمقَد ٍَّر؛ ْ‬ ‫َك ْونُها نافِ َيةً‪ .‬وقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ ُه َو لَ ُك ْم﴾ َج ُ‬
‫لَ ُك ْم‪.‬‬
‫ئ ْال َب ِ‬
‫اط ُل َو َما يُ ِعيدُ﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قُ ْل َجا َء ْال َح ُّق َو َما يُ ْب ِد ُ‬
‫اط َل َكانَ زَ ُهوقًا﴾‬ ‫اط ُل ِإ َّن ْالبَ ِ‬ ‫﴿وقُ ْل َجا َء ْال َح ُّق َوزَ هَقَ ْالبَ ِ‬‫َ‬
‫سةً َو َال َك ِل َمةً‪.‬‬ ‫ي‪َ :‬ل ْم َيبْقَ ِل ْل َب ِ‬
‫اط ِل َمقَالَةً َو َال ِر َيا َ‬ ‫ع ِن اب ِْن َم ْسعُو ٍد أ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ع َج َم ُه ْم‪ِ ،‬إ َّال بقَايَا من أ ْه ِل "‬ ‫ِإ َّن اللهَ نظر إلى أ ْه ِل ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‪ ،‬فمقَت َ ُه ْم َ‬
‫ع َربَ ُه ْم و َ‬
‫ْال ِكت َا ِ‬
‫ب‪ ".‬صححه اَللباني في صحيح الجامع‪.‬‬
‫وحي ِإلَ َّ‬
‫ي‬ ‫ع َلى َن ْف ِسي َو ِإ ِن ا ْهت َ َديْتُ فَ ِب َما يُ ِ‬ ‫ض َل ْلتُ َفإ ِ َّن َما أَ ِ‬
‫ض ُّل َ‬ ‫َو َق ْولُهُ‪﴿ :‬قُ ْل ِإ ْن َ‬
‫ع ْن تِ ْل َك‬
‫س ِئ َل َ‬‫ع ْنهُ‪ ،‬لَ َّما ُ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬
‫ض َ‬ ‫َربِّي﴾ َك َما قَا َل َع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُودٍ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ص َوابًا فَ ِمنَ اللَّ ِه‪َ ،‬وإِ ْن يَ ُك ْن‬‫المفوضة‪ :‬أَقُو ُل ِفي َها بِ َرأْيِي‪ ،‬فَإ ِ ْن يَ ُك ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ْال َم ْسأَلَ ِة فِي‬
‫َان ِم ْنهُ‪.‬‬ ‫ان‪َ ،‬واللَّهُ َو َر ُ‬
‫سولُهُ َب ِريئ ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫طأ ً فَ ِمنِّي َو ِمنَ ال َّ‬
‫ش ْي َ‬ ‫َخ َ‬

‫‪610‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي‪َ :‬ف َال َمفَ َّر لَ ُه ْم‪ .‬كقوله { َي ٰـ َمعۡ ش ََر ٱ ۡل ِج ِّن َوٱ ۡ ِْل ِ‬
‫نس ِإ ِن‬ ‫ت﴾ أ َ ْ‬ ‫وقوله ﴿فَال فَ ْو َ‬
‫وا ٰۚۤ َال تَنفُذُونَ ِإ َّال‬ ‫ض فَٱنفُذُ ۟‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬
‫ار ٱل َّ‬
‫ط ِ‬‫وا ِم ۡن أ َ ۡق َ‬‫طعۡ ت ُ ۡم أَن تَنفُذُ ۟‬‫ٱ ۡست َ َ‬
‫ط ٰـ ࣲن}‬ ‫س ۡل َ‬‫بِ ُ‬
‫{و َما لَ ُهم ِب ِهۦ ِم ۡن ِع ۡل ٍم ِإن‬‫ان َب ِعيدٍ﴾ أي‪ :‬بالظن َ‬ ‫ب ِم ْن َم َك ٍ‬ ‫﴿و َي ْق ِذفُونَ ِب ْالغَ ْي ِ‬
‫َ‬
‫ࣰ‬
‫ق َش ۡيـا}‬‫لظ َّن َال يُ ۡغنِی ِمنَ ٱ ۡل َح ّ ِ‬
‫لظ َّن َو ِإ َّن ٱ َّ‬
‫َيت َّ ِبعُونَ ِإ َّال ٱ َّ‬
‫ان َوالت َّ ْوبَةُ أو ال ُّد ْن َيا‪.‬‬ ‫﴿و ِحي َل بَ ْينَ ُه ْم َوبَيْنَ َما يَ ْشت َ ُهونَ ﴾ َي ْعنِي‪ِ ْ :‬‬
‫اْلي َم ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫{فَلَ ْم َيكُ َي ْنفَعُ ُه ْم ِإي َمانُ ُه ْم لَ َّما َرأ َ ْوا َبأ ْ َسنَا}‬

‫سورة فاطر مكية‬

‫ࣰ‬
‫سال َو ِمنَ‬‫ط ِفی ِمنَ ٱ ۡل َم َل ٰۤـ ِٕى َك ِة ُر ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬جا ِع ِل ْال َمالئِ َك ِة ُر ُ‬
‫سال﴾ كقوله {ٱللَّهُ يَصۡ َ‬
‫ٱلنَّ ِ‬
‫اس}‬
‫ع َي ِزي ُد فِي ْالخ َْل ِ‬
‫ق َما َيشَا ُء ِإ َّن اللَّهَ َ‬
‫علَى ُك ِّل‬ ‫﴿أُو ِلي أَجْ نِ َح ٍة َمثْنَى َوث ُ َ‬
‫الث َو ُر َبا َ‬
‫ِير﴾ يَ ِزي ُد فِي ْاَلَجْ نِ َح ِة َوخ َْل ِق ِه ْم َما يَشَا ُء‪َ .‬ك َما َجا َء فِي ْال َحدِيثِ‪ :‬أ َ َّن‬
‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬‫َ‬
‫اء َو َلهُ ست َمائة َجنَاحٍ‪َ ،‬بيْنَ ُك ِّل َجنَا َحي ِْن‬ ‫اْل ْس َر ِ‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َرأ َى ِجب ِْري َل َل ْي َلةَ ْ ِ‬‫َر ُ‬
‫ق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫َك َما بَيْنَ ْال َم ْش ِر ِ‬
‫اس ِمن َّر ۡح َمةࣲ فَ َال ُم ۡم ِس َك لَ َها َو َما يُ ۡم ِس ۡك فَ َال ُم ۡر ِس َل لَهُۥ ِم ُۢن‬ ‫﴿ َّما يَ ۡفت َحِ ٱللَّهُ ِللنَّ ِ‬
‫َبعۡ ِد ِهۦٰۚ}‬

‫‪611‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وال َي ْنفَ ُع َذا ال َج ِ ّد ِم ْن َك‬


‫ت‪َ ،‬‬
‫ي ِلما َمنَ ْع َ‬ ‫ْت‪َ ،‬‬
‫وال ُم ْع ِط َ‬ ‫《اللَّ ُه َّم ال َمانِ َع ِلما أ ْع َ‬
‫طي َ‬
‫ال َجدُّ‪》.‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫س َّخ َر لَ ُكم َّما ِفی‬ ‫ع َل ۡي ُك ٰۡۚم} {أَلَ ۡم ت ََر ۡو ۟ا أ َ َّن ٱللَّهَ َ‬
‫ت ٱللَّ ِه َ‬ ‫اس ٱ ۡذ ُك ُر ۟‬
‫وا نِعۡ َم َ‬ ‫﴿يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلنَّ ُ‬
‫اطن ࣰَة}ٰۗ‬ ‫ࣰ‬
‫ظ ٰـ ِه َرة َوبَ ِ‬ ‫ع َل ۡي ُك ۡم نِعَ َمهُۥ َ‬ ‫ض َوأ َ ۡسبَ َغ َ‬ ‫ت َو َما فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬
‫ٱل َّ‬
‫وال تَفَ َّك ُروا في الل ِه》 حسنه اَللباني في صحيح‬ ‫《تَفَ َّك ُروا فِي ِ‬
‫آالء الل ِه ‪َ ،‬‬
‫الجامع‪.‬‬
‫عد ًُّوا﴾ {أَفَتَت َّ ِخذُونَهُ َوذُ ِ ّريَّتَهُ أ َ ْو ِليَا َء ِم ْن دُونِي‬
‫عد ٌُّو فَات َّ ِخذُوهُ َ‬
‫طانَ لَ ُك ْم َ‬
‫ش ْي َ‬
‫﴿إِ َّن ال َّ‬
‫س ِل َّ‬
‫لظا ِل ِمينَ َب َدال﴾‬ ‫عد ٌُّو ِبئْ َ‬
‫َو ُه ْم لَ ُك ْم َ‬
‫ض ُّل َم ْن َيشَا ُء َويَ ْهدِي َم ْن يَشَا ُء}‬ ‫﴿فَإ ِ َّن اللَّهَ يُ ِ‬
‫نور ِه‪ ،‬ف َمن أصابَهُ من ذ ِل َك‬ ‫إن اللَّهَ خلقَ خلقَهُ في ُ‬
‫ظلمةٍ‪ ،‬فألقَى علي ِهم من ِ‬ ‫《 َّ‬
‫علم‬ ‫ور اهت َدى‪ ،‬ومن أخطأَهُ ض َّل‪ ،‬فلذ ِلك أقول ‪َ :‬ج َّ‬
‫ف ال َقل ُم علَى ِ‬ ‫النُّ ِ‬
‫اللَّ ِه》صححه اَللباني والحاكم‪.‬‬
‫س َراتٍ﴾‬ ‫ع َل ْي ِه ْم َح َ‬
‫س َك َ‬ ‫﴿فَال تَ ْذهَبْ نَ ْف ُ‬
‫ࣱ‬
‫وا ِب َه ٰـذَا ٱ ۡل َح ِدي ِ‬
‫ث أَ َ‬
‫سفًا{‬ ‫علَ ٰۤى َءاث َ ٰـ ِر ِه ۡم ِإن لَّ ۡم يُ ۡؤ ِمنُ ۟‬
‫س َك َ‬ ‫}فَلَ َعلَّ َك َب ٰـ ِخع نَّ ۡف َ‬
‫ور﴾‬ ‫ش ُ‬‫وقوله ﴿ َكذَ ِل َك النُّ ُ‬
‫الله ْال َم ْوت َى‪.‬‬
‫ِيث أَبِي هريرة في إحياء َّ‬
‫تَقَد ََّم فِي "سورة الروم" َحد ُ‬

‫‪612‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿الذِينَ َيت َّ ِخذُونَ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬م ْن َكانَ يُ ِري ُد ْال ِع َّزة َ فَ ِللَّ ِه ْال ِع َّزة ُ َج ِمي ًعا﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َّ :‬‬
‫ُون ْال ُمؤْ ِمنِينَ أَيَ ْبتَغُونَ ِع ْن َد ُه ُم ْال ِع َّزة َ فَإ ِ َّن ْال ِع َّزة َ ِل َّل ِه‬
‫ْال َكافِ ِرينَ أ َ ْو ِليَا َء ِم ْن د ِ‬
‫سو ِل ِه َو ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ َولَ ِك َّن ْال ُمنَا ِفقِينَ َال َي ْعلَ ُمونَ ﴾‬‫﴿و ِللَّ ِه ْال ِع َّزة ُ َو ِل َر ُ‬
‫َج ِمي ًعا﴾ َو َقا َل‪َ :‬‬
‫ب‪ ،‬و َم ْفعُولَهُ‬ ‫إن فا ِع َل يَ ْرفَعُهُ هو ال َك ِل ُم َّ‬
‫الط ِّي ُ‬ ‫صا ِل ُح يَ ْرفَعُهُ﴾ َّ‬ ‫﴿و ْال َع َم ُل ال َّ‬
‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫واْليمان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫صا ِل َح ال يُ ْقبَ ُل ّإال َم َع الت َّ ْو ِحي ِد‬ ‫ووجْ ُههُ‪َّ :‬‬
‫أن العَ َم َل ال ّ‬ ‫العَ َم ُل ال ّ‬
‫صا ِل ُح‪َ ،‬‬
‫ص َع ُد ِب ِه ِإلَى اللَّ ِه‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل‪،‬‬ ‫ب‪ِ :‬ذ ْك ُر اللَّ ِه‪ ،‬يُ ْ‬ ‫َّاس‪ْ :‬ال َك ِل ُم َّ‬
‫الط ِيّ ُ‬ ‫عب ٍ‬‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫َ‬
‫َو ْال َع َم ُل ال َّ‬
‫صا ِل ُح‪ :‬أ َ َدا ُء فَ َرائِ ِ‬
‫ض ِه‪.‬‬
‫ۤ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫ور﴾ قا َل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ش ِديد َو َمك ُر أ ۟ول ٰـ ِٕى َك ه َو َيبُ ُ‬ ‫ت لَ ُه ۡم َ‬
‫عذَاب َ‬ ‫{وٱلَّ ِذينَ يَ ۡم ُك ُرونَ ٱل َّ‬
‫س ِّيـَٔا ِ‬ ‫وقوله َ‬
‫ِين‪َّ ،‬‬
‫إن‬ ‫ت ِب ِه ُم ال ِبغالُ‪ ،‬وه َْم َل َج ْ‬
‫ت ِب ِه ُم ال َبراذ ُ‬ ‫ط ْق َ‬
‫طقَ ْ‬ ‫وإن َ‬
‫ي‪ :‬إنَّهم ْ‬ ‫س ُن ال َب ْ‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫ال َح َ‬
‫أن يُ ِذ َّل َمن َعصاهُ‪.‬‬ ‫فار ُق قُلُوبَ ُه ْم‪ ،‬أبى اللَّهُ ّإال ْ‬ ‫ص َي ِة ال يُ ِ‬ ‫ذُ َّل ال َم ْع ِ‬
‫سونَ َها﴾ ‪َ ،‬ك َما قَا َل‬ ‫﴿و ِم ْن ُك ٍّل ت َأ ْ ُكلُونَ لَحْ ًما َ‬
‫ط ِريًّا َوت َ ْست َْخ ِر ُجونَ ِح ْل َيةً ت َْل َب ُ‬ ‫وقوله َ‬
‫آالء َر ِبّ ُك َما ت ُ َك ِذّبَ ِ‬
‫ان﴾‬ ‫يِ ِ‬ ‫ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَ ْخ ُر ُج ِم ْن ُه َما اللُّؤْ لُ ُؤ َو ْال َم ْر َج ُ‬
‫ان‪ .‬فَ ِبأ َ ّ‬
‫﴿ويَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة يَ ْكفُ ُرونَ بِ ِش ْر ِك ُك ْم﴾ ‪ ،‬أي‪ :‬يتبرؤون ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬ك َما َقا َل تَعَا َلى‪َ ﴿ :‬وإِذَا‬
‫َ‬
‫اس َكانُوا لَ ُه ْم أ َ ْع َدا ًء َو َكانُوا ِب ِع َبا َد ِت ِه ْم َكا ِف ِرينَ ﴾ ‪َ ،‬و َقا َل‪َ :‬‬
‫﴿وات َّ َخذُوا ِم ْن‬ ‫ُح ِش َر النَّ ُ‬
‫ع َل ْي ِه ْم ِ‬
‫ضدًّا﴾‬ ‫ُون اللَّ ِه آ ِل َهةً ِليَ ُكونُوا لَ ُه ْم ِع ًّزا َكال َ‬
‫سيَ ْكفُ ُرونَ بِ ِعبَا َدتِ ِه ْم َويَ ُكونُونَ َ‬ ‫د ِ‬
‫﴿وال يُنَ ِّبئ ُ َك ِمثْ ُل َخبِ ٍ‬
‫ير﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ار َك َوت َ َعالَى‪ ،‬فَإِ َّنهُ أ َ ْخ َب ُر ِب ْال َوا ِقعِ َال َم َحالَةَ‪.‬‬ ‫قَا َل قَتَا َدةُ‪َ :‬ي ْعنِي نَ ْف َ‬
‫سهُ تَ َب َ‬
‫ي ا ْل َح ِميدُ﴾‬
‫اللهُ ُه َو ْالغَنِ ُّ‬
‫﴿و َّ‬
‫َ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم 《كانَ َّ‬
‫اللهُ و َل ْم يَ ُك ْن شي ٌء قَ ْبلَهُ》رواه البخاري‪.‬‬
‫‪613‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ْي ٌء ولَ ْو كانَ ذا قُ ْربى﴾‬ ‫إن ت َ ْدعُ ُمثْقَلَةٌ إلى ِح ْم ِلها ال يُحْ َم ْل ِمنهُ َ‬ ‫﴿و ْ‬ ‫َ‬
‫قاال َم َع أثْقا ِل ِه ْم﴾ أي‪ :‬ما َح َملُوا ّإال ْأو َ‬
‫زار أ ْنفُ ِس ِه ْم‪َِ ،‬لنَّهم‬ ‫{ َولَيَحْ ِملُ َّن أثْقالَهم وأثْ ً‬
‫ت َ َح َّملُوا ِو ْز َر الضَّال ِل و ِو ْز َر اْلضْال ِل‪.‬‬
‫ࣰ‬ ‫ࣱ‬
‫﴿يَ ۡو َم َال ت َۡم ِلكُ ن َۡفس ِّلن َۡف ࣲس َش ۡيـا َوٱ َۡل َ ۡم ُر يَ ۡو َم ِٕى ࣲذ ِلّلَّ ِه﴾‬
‫ئ ِم ْن ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ شَأ ْ ٌن يُ ْغ ِني ِه﴾{‬
‫ِل ُك ِّل ْام ِر ٍ‬
‫ور ☆ َو َال ٱ ِ ّ‬
‫لظ ُّل َو َال‬ ‫لظلُ َم ٰـتُ َو َال ٱلنُّ ُ‬ ‫{و َما َي ۡست َ ِوی ٱ َۡل َ ۡع َم ٰى َوٱ ۡل َب ِ‬
‫صي ُر ☆ َو َال ٱ ُّ‬ ‫َ‬
‫ور}‬‫ٱ ۡل َح ُر ُ‬
‫صير‪ِ.‬‬ ‫شبَّهَ الكافِ َر بِاَلعْمى‪ ،‬و َشبَّهَ ال ُمؤْ ِمنَ بِال َب ِ‬‫فَ َ‬
‫الباط َل ِب ُّ‬
‫الظلُماتِ‪ ،‬و َش َّبهَ ال َح َّق ِبال ُّنور‪ِ.‬‬ ‫ِ‬ ‫ش َّبهَ‬
‫و َ‬
‫ون ِب َّ‬
‫الل ْي ِل‪ ،‬وقِي َل‪:‬‬ ‫وم َي ُك ُ‬
‫س ُم ِ‬ ‫ون ّإال َم َع ش َْم ِس النَّ ِ‬
‫هار‪ ،‬وال َّ‬ ‫ور ال َي ُك ُ‬
‫قيل ال َح ُر ُ‬
‫ع ْك ُ‬
‫سهُ‪.‬‬ ‫َ‬
‫صةً‪.‬‬ ‫صةً‪ ،‬وال َّس ُمو ُم َي ُك ُ‬
‫ون ِبالنَّ ِ‬
‫هار خا َّ‬ ‫ون ِب َّ‬
‫الل ْي ِل خا َّ‬ ‫ور َي ُك ُ‬
‫وقيل ال َح ُر ُ‬
‫ور يَ ُك ُ‬
‫ون فِي ِهما‪.‬‬ ‫هار‪ ،‬وال َح ُر ُ‬ ‫ون ّإال ِبالنَّ ِ‬ ‫س ُمو ُم ال يَ ُك ُ‬ ‫وقيل ال َّ‬
‫{و َما يَ ۡست َ ِوی ٱ َۡل َ ۡحيَ ۤا ُء َو َال ٱ َۡل َ ۡم َو ⁠ٰ ٰۚتُ }‬
‫َ‬
‫َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬أ َ َو َم ْن َكانَ َم ْيتًا فَأَحْ َي ْينَاهُ َو َج َع ْلنَا لَهُ نُ ً‬
‫ورا يَ ْم ِشي بِ ِه فِي النَّ ِ‬
‫اس‬
‫َارجٍ ِم ْن َها﴾‬ ‫ْس ِبخ ِ‬ ‫ت َلي َ‬ ‫َك َم ْن َمثَلُهُ ِفي ُّ‬
‫الظلُ َما ِ‬
‫س َماعِ ْال ُح َّج ِة َوقَبُو ِل َها‬ ‫قَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ يُس ِْم ُع َم ْن يَشَا ُء﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬يَ ْهدِي ِه ْم ِإلَى َ‬
‫َو ِاال ْن ِقيَا ِد لَ َها‪.‬‬

‫‪614‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َو َل ٰـ ِك َّن ٱللَّهَ َيهۡ ِدی َمن َيش َۤا ٰۚ ُء َو ُه َو أ َ ۡعلَ ُم ِبٱ ۡل ُمهۡ ت َ ِدينَ {‬
‫} ِإنَّ َك َال تَهۡ ِدی َم ۡن أ َ ۡح َب ۡب َ‬
‫ِير﴾‬‫﴿و ِإ ْن ِم ْن أ ُ َّم ٍة ِإال خَال ِفي َها نَذ ٌ‬ ‫َ‬
‫اللهَ َواجْ تَ ِنبُوا‬ ‫﴿ولَقَ ْد َب َعثْنَا ِفي ُك ِّل أ ُ َّم ٍة َر ُ‬
‫سوال أ َ ِن ا ُ ْعبُدُوا َّ‬ ‫َو َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫وت}‬
‫غ َ‬ ‫َّ‬
‫الطا ُ‬
‫لزبُ ِر‬ ‫سلُ ُهم بِٱ ۡلبَيِّنَ ٰـ ِ‬
‫ت َوبِٱ ُّ‬ ‫ب ٱ َّل ِذينَ ِمن قَ ۡب ِل ِه ۡم َج ۤا َء ۡت ُه ۡم ُر ُ‬
‫وك فَقَ ۡد َك َّذ َ‬
‫{وإِن يُ َك ِذّبُ َ‬ ‫َ‬
‫الواض َح ِة‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫أي‪ِ :‬بال ُم ْع ِجزا ِ‬ ‫ت ْ‬ ‫سلُهم ِبال َب ِّينا ِ‬ ‫ب ٱ ۡل ُم ِني ِر } جا َءتْهم ُر ُ‬ ‫َو ِبٱ ۡل ِكت َ ٰـ ِ‬
‫ب‬
‫يم و ِبال ِكتا ِ‬
‫ف إبْرا ِه َ‬ ‫ب ال َم ْكتُوبَ ِة َك ُ‬
‫ص ُح ِ‬ ‫الزبُ ِر أيِ‪ :‬ال ُكت ُ ِ‬ ‫ت ّ‬
‫الظا ِه َرةِ وبِ ُّ‬ ‫والدَّالال ِ‬
‫ت‬ ‫ت ُّ‬
‫الزبُ ِر وتَحْ َ‬ ‫داخ ٌل تَحْ َ‬ ‫ير ِ‬ ‫ير كالت َّ ْوراةِ واْل ْن ِجي ِل‪ ،‬قِي َل‪ :‬ال ِك ُ‬
‫تاب ال ُمنِ ُ‬ ‫ال ُمنِ ِ‬
‫واَلولى‬
‫ْ‬ ‫ق‪،‬‬ ‫َت ُمت َّ ِح َدة ً في ال ِ ّ‬
‫ص ْد ِ‬ ‫إن كان ْ‬ ‫ف ِلت َغايُ ِر ال َم ْف ُهوماتِ‪ ،‬و ْ‬ ‫ت وال َع ْ‬
‫ط ُ‬ ‫ال َب ِّينا ِ‬
‫تاب‬ ‫ب الَّتِي ِفيها َموا ِع ُ‬
‫ظ‪ ،‬وال ِك ُ‬ ‫والزبُ ِر ِبال ُكت ُ ِ‬
‫ت بِال ُم ْع ِجزاتِ‪ُّ ،‬‬
‫يص البَ ِّينا ِ‬
‫ص ُ‬‫ت َْخ ِ‬
‫ِبما ِفي ِه شَرا ِئ ُع وأحْ كا ٌم‪.‬‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫سود}‬ ‫ب ُ‬ ‫{و ِمنَ ٱ ۡل ِج َبا ِل ُج َد ُۢ ُد ِبيض َو ُح ۡمر ُّم ۡخت َ ِل ٌ‬
‫ف أَ ۡل َو ٰ⁠نُ َها َوغ ََرا ِبي ُ‬ ‫َ‬
‫سو ٌد و ُح ْم ٌر ِ‬
‫واحدُها‬ ‫يض و ُ‬‫ق ِب ٌ‬ ‫الجبا ِل كال ُع ُرو ِ‬ ‫ون في ِ‬ ‫ال ُجدُد‪ :‬هي ُّ‬
‫الط ُر ُق ت َ ُك ُ‬
‫ُج َّدة ٌ‪.‬‬
‫سوا ِد الَّذِي ُي ْش ِبهُ َل ْونُهُ لَ ْونَ الغُرا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫يب ال َّ‬
‫شدِي ُد ال َّ‬ ‫وال ِغ ْر ِب ُ‬
‫اللهَ ِم ْن ِعبا ِد ِه ْالعُلَما ُء" العلم والخشية متالزمان‪.‬‬ ‫وقوله ِإنَّما يَ ْخشَى َّ‬

‫‪615‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عا ِل ٌم ِباللَّ ِه َلي َ‬


‫ْس‬ ‫الل ِه‪َ ،‬و َ‬ ‫عا ِل ٌم ِبأ َ ْم ِر َّ‬ ‫قال بعض السلف‪ْ :‬العُلَ َما ُء ث َ َالثَةٌ‪َ :‬‬
‫عا ِل ٌم ِباللَّ ِه َ‬
‫ْس بِ َعا ِل ٍم بِاللَّ ِه‪ .‬فَ ْال َعا ِل ُم بِاللَّ ِه َوبِأ َ ْم ِر اللَّ ِه‪:‬‬
‫عا ِل ٍم بِأ َ ْم ِر اللَّ ِه لَي َ‬
‫بِ َعا ِل ٍم بِأ َ ْم ِر اللَّ ِه‪َ ،‬و َ‬
‫ض‪َ .‬و ْال َعا ِل ُم ِباللَّ ِه َلي َ‬
‫ْس ِب َعا ِل ٍم ِبأ َ ْم ِر اللَّ ِه‪:‬‬ ‫الَّذِي َي ْخشَى اللَّهَ َو َي ْع َل ُم ْال ُحدُو َد َو ْالفَ َرا ِئ َ‬
‫ض‪َ .‬و ْال َعا ِل ُم ِبأ َ ْم ِر اللَّ ِه لَي َ‬
‫ْس ِب َعا ِل ٍم‬ ‫الَّذِي يَ ْخشَى اللَّهَ َو َال يَ ْعلَ ُم ْال ُحدُو َد َو َال ْال َف َرائِ َ‬
‫ش‬ ‫ع َّز َو َج َّل و َمن لَ ْم يَ ْخ َ‬ ‫ض‪َ ،‬و َال يَ ْخشَى اللَّهَ َ‬ ‫بِاللَّ ِه‪ :‬الَّذِي يَ ْعلَ ُم ْال ُحدُو َد َو ْالفَ َرائِ َ‬
‫اللَّهَ َفلَي َ‬
‫ْس ِبعا ِل ٍم‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم "إنَّما أنا أعل ُم ُكم باللَّ ِه و أخشاكم له"‬
‫واَلصل العلم { َفٱ ۡعلَ ۡم أَنَّهُۥ َ ۤال إِلَ ٰـهَ إِ َّال الله}‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ع َال ِن َية‬ ‫و‬ ‫ا‬‫ر‬ ‫ص َل ٰوة َ َوأَنفَقُ ۟‬
‫وا ِم َّما َرزَ ۡق َن ٰـ ُه ۡم ِس ّ َ َ‬ ‫ب ٱ َّلل ِه َوأَقَا ُم ۟‬
‫وا ٱل َّ‬ ‫﴿ ِإ َّن ٱلَّ ِذينَ َي ۡتلُونَ ِكت َ ٰـ َ‬
‫َّ‬ ‫ࣰ‬
‫يَ ۡر ُجونَ تِ َج ٰـ َرة لن تَبُ َ‬
‫ور}‬
‫ب الل ِه فلهُ به حسنةٌ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم 《من قرأ حرفًا من كتا ِ‬
‫حرف‬
‫ٌ‬ ‫حرف وال ٌم‬
‫ٌ‬ ‫ألف‬
‫حرف ولكن ٌ‬
‫ٌ‬ ‫بعشر أمثا ِلها ‪ ،‬ال أقو ُل { الم }‬
‫ِ‬ ‫والحسنةُ‬

‫حرف》 قال اَللباني على شرط مسلم‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫ومي ٌم‬
‫ب ٱلَّ ِذينَ ٱصۡ َ‬
‫طفَ ۡينَا ِم ۡن ِع َبا ِدنَا}‬ ‫﴿ث ُ َّم أ َ ۡو َر ۡثنَا ٱ ۡل ِكت َ ٰـ َ‬
‫ض‬ ‫اج َباتِ‪ْ ،‬ال ُم ْرت َ ِك ُ‬
‫ب ِل َب ْع ِ‬ ‫ض ْال َو ِ‬
‫ط فِي فِ ْع ِل َب ْع ِ‬‫ظا ِل ٌم ِلنَ ْف ِس ِه﴾ َو ُه َو‪ْ :‬ال ُمفَ ِ ّر ُ‬
‫﴿فَ ِم ْن ُه ْم َ‬
‫ْال ُم َح َّر َما ِ‬
‫ت‪.‬‬

‫‪616‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اركُ ِل ْل ُم َح َّر َماتِ‪َ ،‬وقَ ْد َيتْ ُركُ‬ ‫َصدٌ﴾ َو ُه َو‪ْ :‬ال ُم َؤ ّدِي ِل ْل َو ِ‬
‫اج َباتِ‪ ،‬الت َّ ِ‬ ‫﴿و ِم ْن ُه ْم ُم ْقت ِ‬
‫َ‬
‫ت بِإ ِ ْذ ِن‬‫﴿و ِم ْن ُه ْم َسابِ ٌق بِ ْال َخي َْرا ِ‬
‫ض ْال َم ْك ُروهَاتِ‪َ .‬‬ ‫ض ْال ُم ْست َ َحبَّاتِ‪َ ،‬ويَ ْف َع ُل بَ ْع َ‬‫بَ ْع َ‬
‫ت َو ْال َم ْك ُروهَا ِ‬
‫ت‬ ‫اركُ ِل ْل ُم َح َّر َما ِ‬
‫ت َو ْال ُم ْست َ َحبَّاتِ‪ ،‬الت َّ ِ‬ ‫اللَّ ِه﴾ َو ُه َو‪ْ :‬الفَا ِع ُل ِل ْل َو ِ‬
‫اج َبا ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ض ْال ُم َبا َحا ِ‬ ‫َوبَ ْع ِ‬
‫دينارا وال دره ًما ‪،‬‬
‫ً‬ ‫ورثُوا‬ ‫اَلنبياء ‪َّ ،‬‬
‫وإن اَلنبيا َء لم يُ ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫وإن العلما َء ورثةُ‬
‫《 َّ‬

‫وافر》صححه اَللباني‪.‬‬
‫بحظ ٍ‬‫ٍّ‬ ‫ورثُوا ال ِع َلم فمن أخذَه أخذ‬
‫َّ‬
‫والصواب أن كال من هؤالء المذكورين في اآلية من أهل اْلمان والجنة‪.‬‬
‫وسل َم أ َّنهُ قا َل في هذ ِه اآلي ِة { ث ُ َّم أ َ ْو َرثْنَا ْال ِكت َ‬
‫َاب‬ ‫ي ِ صلَّى اللَّهُ علي ِه َّ‬ ‫عن النَّب ّ‬
‫ِ‬
‫َص ٌد َو ِم ْن ُه ْم َ‬
‫سا ِب ٌق‬ ‫ظا ِل ٌم ِلنَ ْف ِس ِه َو ِم ْن ُه ْم ُم ْقت ِ‬
‫طفَ ْينَا ِم ْن ِع َبا ِدنَا فَ ِم ْن ُه ْم َ‬ ‫الَّذِينَ ا ْ‬
‫ص َ‬
‫هؤالء كلُّهم بمنزل ٍة واحدةٍ وكلُّهم في الج َّن ِة‪ .‬صححه‬
‫ِ‬ ‫ِب ْال َخي َْرا ِ‬
‫ت } قا َل‬
‫اَللباني‪.‬‬
‫والبن القيم بحث قيم في هذه اآلية في كتابي طريق الهجرتين وبدائع‬
‫التفسير‪.‬‬
‫ع ْن أ َ ِبي‬
‫ص ِحيحِ َ‬ ‫ت ِفي ال َّ‬ ‫ب َولُؤْ لُؤً ا﴾ ‪َ ،‬ك َما ث َ َب َ‬ ‫﴿يُ َحلَّ ْونَ ِفي َها ِم ْن أ َ َ‬
‫سا ِو َر ِم ْن َذ َه ٍ‬
‫الل ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪" :‬ت َ ْبلُ ُغ ْال ِح ْل َيةُ ِمنَ ْال ُمؤْ ِم ِن‬
‫سو ِل َّ‬ ‫ع ِن َر ُ‬‫ع ْنهُ‪َ ،‬‬ ‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ُه َري َْرة َ َر ِ‬
‫ْث َي ْبلُ ُغ ْال ُو ُ‬
‫ضو ُء"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫َحي ُ‬

‫‪617‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫طانَا َه ِذ ِه ْال َم ْن ِزلَةَ‪،‬‬ ‫ار ْال ُمقَا َم ِة ِم ْن فَ ْ‬


‫ض ِل ِه﴾ ‪َ :‬يقُولُونَ ‪ :‬الَّذِي أ َ ْع َ‬ ‫﴿الَّذِي أ َ َحلَّنَا َد َ‬
‫سا ِوي َذ ِل َك‪َ .‬ك َما ثَ َب َ‬
‫ت‬ ‫ض ِل ِه َو َم ِنّه َو َرحْ َمتِ ِه‪ ،‬لَ ْم ت َ ُك ْن أ َ ْع َمالُنَا ت ُ َ‬ ‫َو َهذَا ْال َمقَ َ‬
‫ام ِم ْن فَ ْ‬
‫ع َملُهُ ْال َجنَّةَ"‪.‬‬ ‫سو َل اللَّ ِه ﷺ َقا َل‪" :‬لَ ْن يُ ْد ِخ َل أَ َحدًا ِم ْن ُك ْم َ‬ ‫ص ِحي َحين أ َ َّن َر ُ‬ ‫ِفي ال َّ‬
‫"و َال أَنَا‪ِ ،‬إ َّال أ َ ْن يَتَغَ َّم َدنِي اللَّهُ ِب َرحْ َم ٍة ِم ْنهُ‬
‫سو َل اللَّ ِه؟ قَا َل‪َ :‬‬ ‫قَالُوا‪َ :‬و َال أ َ ْن َ‬
‫ت يَا َر ُ‬
‫َوفَ ْ‬
‫ض ٍل"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫علَ ْي ِه ْم فَ َي ُموتُوا﴾ ‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿ال‬ ‫ضى َ‬ ‫﴿والَّذِينَ َكفَ ُروا لَ ُه ْم ن ُ‬
‫َار َج َه َّن َم َال يُ ْق َ‬ ‫َ‬
‫ت}‬ ‫{ويَ ۡأ ِتي ِه ٱ ۡل َم ۡوتُ ِمن ُك ِّل َم َك ࣲ‬
‫ان َو َما ُه َو بِ َم ِّي ࣲ‬ ‫يَ ُموتُ فِي َها َوال يَحْ يَا﴾ َ‬
‫صا ِل ًحا َغي َْر الَّذِي ُكنَّا‬ ‫ط ِر ُخونَ فِي َها َر َّبنَا أ َ ْخ ِرجْ نَا نَ ْع َم ْل َ‬‫ص َ‬ ‫﴿و ُه ْم يَ ْ‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫{ولَ ْو ُردُّو لَ َعادُوا ِل َما نُ ُهوا َ‬
‫ع ْنهُ}‬ ‫نَ ْع َملُ﴾ َ‬
‫سنَةً‪.‬‬ ‫﴿أ َ َولَ ْم نُ َع ِّم ْر ُك ْم َما يَتَذَ َّك ُر فِي ِه َم ْن تَذَ َّك َر﴾ الصواب أنها ِستُّونَ َ‬
‫عن أبي هريرة أن رسول الله قال 《أ َ ْعذَ َر اللَّهُ إلى ْام ِر ٍ‬
‫ئ أ َّخ َر أ َجلَهُ‪ ،‬حتَّى‬

‫بَلَّغَهُ ِستِّينَ َ‬
‫س َنةً‪》.‬رواه البخاري‪.‬‬
‫أعمار أمتي ما بينَ الستِّينَ إلى‬
‫ُ‬ ‫عن أبي هريرة أن رسول الله قال 《‬
‫ُ‬
‫يجوز ذ ِل َك》صححه اَللباني‪.‬‬ ‫السبعينَ وأقلُّهم من‬
‫سو َل ﷺ واختاره ابن جرير وابن‬
‫الر ُ‬
‫ِير﴾ ‪َ :‬ي ْع ِني ِب ِه َّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َجا َء ُك ُم النَّذ ُ‬
‫ْب‪.‬‬ ‫كثير‪ ،‬وقيل ال َّ‬
‫شي َ‬

‫‪618‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض أ َ ْن ت َُزوال} لعظم ما يأتي به العباد من‬


‫اَلر َ‬
‫ت َو ْ‬ ‫﴿ ِإ َّن اللَّهَ يُ ْم ِسكُ ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬
‫الذنوب‪﴿ .‬وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا تكاد السماوات يتفطرن‬
‫منه وتنشق اَلرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا﴾‬
‫سلَّ َم ُم َّر عليه ب َجنَازَ ةٍ‪ ،‬فَقا َل‪ُ 《 :‬م ْست َِري ٌح‬ ‫صلَّى َّ‬
‫اللهُ عليه َو َ‬ ‫َّ‬
‫وأن َرسو َل الل ِه َ‬
‫َو ُم ْست ََرا ٌح منه》البخاري ومسلم‪.‬‬
‫{ا ْس ِت ْكبارا ً ِفي ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض َو َم ْك َر ال َّ‬
‫س ِيّ ِئ} من إضافة الموصوف إلى صفته‬
‫يء أو أن هناك موصوفا محذوفا أي مكر العمل السيء‪.‬‬
‫واَلصل المكر الس ّ‬
‫ظ ْه ِرهَا ِم ْن َدابَّةٍ﴾ { َ‬
‫ظ َه َر‬ ‫علَى َ‬ ‫اس بِ َما َك َسبُوا َما ت ََر َك َ‬ ‫اخذُ اللَّهُ النَّ َ‬ ‫﴿ولَ ْو يُ َؤ ِ‬
‫َ‬
‫ع ِملُ ۟‬
‫وا‬ ‫ض ٱلَّ ِذی َ‬ ‫سا ُد ِفی ٱ ۡل َب ِ ّر َوٱ ۡل َب ۡح ِر ِب َما َك َ‬
‫س َب ۡت أ َ ۡي ِدی ٱل َّن ِ‬
‫اس ِليُ ِذيقَ ُهم َبعۡ َ‬ ‫ٱ ۡلفَ َ‬
‫عن‬ ‫صي َبةࣲ فَ ِب َما َك َسبَ ۡت أَ ۡي ِدي ُك ۡم َويَعۡ فُ ۟‬
‫وا َ‬ ‫{و َم ۤا أ َ َ‬
‫ص ٰـبَ ُكم ِّمن ُّم ِ‬ ‫لَ َعلَّ ُه ۡم يَ ۡر ِجعُونَ } َ‬
‫ماء ‪ ،‬و لوال‬
‫س ِ‬ ‫َكثِي ࣲر} 《ولم يَمنعُوا زكاة َ أموا ِلهم إال ُم ِنعُوا القَ ْ‬
‫ط َر من ال َّ‬
‫البهائِ ُم لم يُم َ‬
‫ط ُروا 》صححه اَللباني‪.‬‬

‫سورة يس مكية‬

‫يس‪ :‬الصواب أن يقال الله أعلم‪.‬‬


‫ب ْالقُ ْر ِ‬
‫آن يس‪".‬‬ ‫ش ْيءٍ َق ْلبًا‪َ ،‬وقَ ْل ُ‬
‫حديث "إِ َّن ِل ُك ِّل َ‬
‫ورا لَهُ"‬ ‫وحديث " َم ْن قَ َرأ َ يس فِي لَ ْيلَ ٍة أ َ ْ‬
‫ص َب َح َم ْغفُ ً‬

‫‪619‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى َم ْوت َا ُك ْم"‬


‫وحديث "اقرؤوها َ‬
‫واَلحاديث التي وردت في فضل يس كلها ضعيفة‪.‬‬
‫آن ْال َح ِك ِيم﴾ أَيِ‪ْ :‬ال ُمحْ َك ِم َّالذِي َال َيأْ ِتي ِه ْال َب ِ‬
‫اط ُل ِم ْن َبي ِْن َي َد ْي ِه َو َال ِم ْن‬ ‫﴿و ْالقُ ْر ِ‬
‫َ‬
‫خ َْل ِف ِه‪.‬‬
‫اس أَ ۡج َم ِعينَ }‬ ‫{َل َ ۡم َأل َ َّن َج َهنَّ َم ِمنَ ٱ ۡل ِج َّن ِة َوٱل َّن ِ‬
‫﴿لَقَ ْد َح َّق ْالقَ ْو ُل َعلَى أ َ ْكث َ ِر ِه ْم﴾ َ‬
‫غ ۤو ۟ا أَزَ ا َ‬
‫غ‬ ‫علَ ْي ِه ْم أَأ َ ْنذَ ْرت َ ُه ْم أ َ ْم لَ ْم ت ُ ْنذ ِْر ُه ْم َال يُؤْ ِمنُونَ ﴾ { َفلَ َّما زَ ا ُ‬
‫س َوا ٌء َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َ‬
‫ٱللَّهُ قُلُوبَ ُه ٰۡۚم}‬
‫ب َما قَ َّد ُموا﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ِ :‬منَ اَلعمال {إِنَّا ُكنَّا ن َۡستَن ِس ُخ َما ُكنت ُ ۡم ت َعۡ َملُونَ }‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿ونَ ْكت ُ ُ‬
‫﴿وآث َ َ‬
‫ار ُه ْم﴾ قَ ْو َال ِن‪:‬‬ ‫َوفِي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫ار َه ُم الَّتِي أَث َ ُروهَا ِم ْن‬
‫ب أ َ ْع َمالَ ُه ُم َّالتِي بَاش َُروهَا بِأ َ ْنفُ ِس ِه ْم‪َ ،‬وآثَ َ‬
‫أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬نَ ْكت ُ ُ‬
‫علَى ذَ ِل َك أ َ ْي ً‬
‫ضا‪ِ ،‬إ ْن َخي ًْرا فَ َخي ٌْر‪َ ،‬و ِإ َّن ش ًَّرا فَش ٌَّر‪.‬‬ ‫َب ْع ِد ِه ْم‪ ،‬فَنَجْ ِزي ِه ْم َ‬
‫ظ ْل ًما‪َّ ،‬إال كانَ علَى اب ِْن آ َد َم َّ‬
‫اَلو ِل ِك ْف ٌل ِمن َد ِمها‪َ ،‬لنَّهُ َّأو ُل ‪.‬‬ ‫س ُ‬
‫《ال ت ُ ْقت َ ُل نَ ْف ٌ‬
‫س َّن القَتْ َل‪》.‬رواه البخاري‪.‬‬
‫َمن َ‬
‫ع ِة أ َ ِو ْال َم ْع ِ‬
‫ص َي ِة‪َ " .‬يا َب ِني‬ ‫طا ُه ْم ِإلَى َّ‬
‫الطا َ‬ ‫َو ْالقَ ْو ُل الثَّا ِني‪ :‬أ َ َّن ْال ُم َرا َد ِبذَ ِل َك آث َ ُ‬
‫ار ُخ َ‬
‫ار ُك ْم ت ُ ْكتَبْ آث َ ُ‬
‫ار ُك ْم" رواه مسلم‪.‬‬ ‫ار ُك ْم ت ُ ْكتَبْ آثَ ُ‬
‫ار ُك ْم‪ِ ،‬د َي َ‬ ‫سلَ َمةَ‪ِ ،‬د َي َ‬
‫َ‬
‫يب النَّ َّج ُ‬
‫ار وال دليل على ذلك‪.‬‬ ‫ب يس َحبِ ٌ‬
‫اح ِ‬
‫ص ِ‬‫قيل ا ْس ُم َ‬
‫ون﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬فَا ْس َمعُوا قَ ْو ِلي‪ ،‬أو فَا ْش َهدُوا ِلي ِب َذ ِل َك‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ِنّي آ َم ْنتُ ِب َر ِبّ ُك ْم فَا ْس َمعُ ِ‬
‫ِع ْن َدهُ‪ .‬كما في سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪620‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫طا ِك َيةُ‪َ ،‬وأ َ َّن َه ُؤ َال ِء‬ ‫ف أ َ َّن َه ِذ ِه ْالقَ ْر َيةَ ِه َ‬


‫ي أ َ ْن َ‬ ‫س َل ِ‬
‫ير ِمنَ ال َّ‬ ‫قال ابن كثير ذهب َكثِ ٌ‬
‫ظ ٌر ِم ْن ُو ُجو ٍه‪:‬‬ ‫‪...‬وفِي َذ ِل َك َن َ‬ ‫س َال ُم َ‬ ‫س ًال ِم ْن ِع ْن ِد ْال َم ِسيحِ‪َ ،‬‬
‫ع َل ْي ِه ال َّ‬ ‫الث َّ َالثَةَ َكانُوا ُر ُ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪َ ،‬ال‬ ‫س َل اللَّ ِه‪َ ،‬‬ ‫علَى أ َ َّن َهؤ َُال ِء َكانُوا ُر ُ‬ ‫ظا ِه َر ْال ِق َّ‬
‫ص ِة َي ُد ُّل َ‬ ‫أ َ َح ُدهَا‪ :‬أ َ َّن َ‬
‫ِم ْن ِج َه ِة ْال َم ِسيحِ‪...‬‬
‫َت‬‫س ِل ْال َم ِسيحِ إِلَ ْي ِه ْم‪َ ،‬و َكانُوا أ َ َّو َل َمدِينَ ٍة آ َمن ْ‬ ‫طا ِك َيةَ آ َمنُوا بِ ُر ُ‬ ‫الثَّانِي‪ :‬أ َ َّن أَ ْه َل أَ ْن َ‬
‫ِب ْال َم ِسيحِ‪...‬‬
‫ب ْال َم ِسيحِ بَ ْع َد نُ ُزو ِل الت َّ ْو َراةِ‪،‬‬ ‫ص َحا ِ‬ ‫طا ِكيَةَ َم َع ا ْل َح َو ِاريِّينَ أ َ ْ‬ ‫صةَ أ َ ْن َ‬‫ث‪ :‬أ َ َّن ِق َّ‬ ‫الثَّا ِل ُ‬
‫ف‪ :‬أ َ َّن اللَّهَ تَعَالَى بَ ْع َد إِ ْنزَ ا ِل ِه‬‫سلَ ِ‬‫اح ٍد ِمنَ ال َّ‬ ‫غي ُْر َو ِ‬‫ي َو َ‬ ‫س ِعي ٍد ْال ُخ ْد ِر ُّ‬
‫َوقَ ْد ذَ َك َر أَبُو َ‬
‫﴿ولَقَ ْد آتَ ْينَا‬ ‫ب َي ْب َعثُهُ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم‪َ ...‬‬ ‫آخ ِر ِه ْم ِب َعذَا ٍ‬
‫ع ْن ِ‬ ‫الت َّ ْو َراة َ لَ ْم يُ ْه ِل ْك أ ُ َّمةً ِمنَ ْاَل ُ َم ِم َ‬
‫َاب ِم ْن بَ ْع ِد َما أَ ْهلَ ْكنَا ْالقُ ُرونَ اَلولَى﴾‬ ‫سى ْال ِكت َ‬‫ُمو َ‬
‫اك ُكلُّهُ ِإ َّال ِم ْن َرحْ َم ِة اللَّ ِه ِب ِه ْم‪َ ،‬ال ِب َ‬
‫س ْع ِي ِه ْم‬ ‫ع ِملَتْهُ أ َ ْيدِي ِه ْم﴾ أَ ْ‬
‫ي‪َ :‬و َما ذَ َ‬ ‫﴿و َما َ‬‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ير‪ .‬وقيل " َما" فِي قَ ْو ِل ِه‪:‬‬ ‫َاره اب ُْن َج ِر ٍ‬ ‫اخت َ‬ ‫َو َال َك ِ ّد ِه ْم‪َ ،‬و َال ِب َح ْو ِل ِه ْم َوقُ َّوتِ ِه ْم‪َ .‬و ْ‬
‫ِيرهُ‪ِ :‬ليَأ ْ ُكلُوا ِم ْن ث َ َم ِر ِه َو ِم َّما َ‬
‫ع ِملَتْهُ‬ ‫ع ِملَتْهُ أ َ ْيدِي ِه ْم﴾ بِ َم ْعنَى‪" :‬الَّذِي"‪ ،‬ت َ ْقد ُ‬ ‫﴿و َما َ‬ ‫َ‬
‫صبُوهُ‪.‬‬ ‫سوهُ َو َن َ‬
‫ي‪ :‬غ ََر ُ‬ ‫أ َ ْيدِي ِه ْم‪ ،‬أ َ ْ‬
‫يز ْال َع ِل ِيم﴾ ‪ ،‬فِي َم ْعنَى‬
‫ِير ْال َع ِز ِ‬
‫س تَجْ ِري ِل ُم ْستَقَ ٍ ّر لَ َها ذَ ِل َك ت َ ْقد ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وال َّ‬
‫ش ْم ُ‬
‫قَ ْو ِل ِه‪ِ ﴿ :‬ل ُم ْستَقَ ٍ ّر لَ َها﴾ قَ ْو َال ِن‪:‬‬

‫‪621‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ْال َع ْر ِش ِم َّما َي ِلي ْاَل َ ْر َ‬


‫ض‬ ‫أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬أ َ َّن ْال ُم َرا َد‪ُ :‬م ْستَقَ ُّرهَا ْال َم َكانِ ُّ‬
‫ي‪َ ،‬و ُه َو تَحْ َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‬ ‫يِ َ‬ ‫ب‪ .‬قال أبو ذر الغفاري ُك ْنتُ مع النب ّ‬ ‫فِي ذَ ِل َك ْال َجا ِن ِ‬
‫س؟‬
‫ش ْم ُ‬ ‫ش ْم ِس‪ ،‬فَقا َل‪ :‬يا أ َبا ذَ ٍ ّر أت َ ْد ِري أيْنَ ت َ ْغ ُر ُ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫في ال َمس ِْج ِد ِع ْن َد ُ‬
‫غ ُرو ِ‬
‫َب حتَّى ت َ ْس ُج َد تَحْ َ‬
‫ت ال َع ْر ِش‪ ،‬فَ َ‬
‫ذلك‬ ‫قُلتُ ‪ :‬اللَّهُ َ‬
‫ورسولُهُ أ ْعلَ ُم‪ ،‬قا َل‪ :‬فإنَّ َها ت َ ْذه ُ‬
‫يز العَ ِل ِيم" رواه‬ ‫ذلك ت َ ْقد ُ‬
‫ِير العَ ِز ِ‬ ‫س تَجْ ِري ِل ُم ْستَقَ ٍ ّر} َل َها َ‬ ‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪َ :‬‬
‫{وال َّ‬
‫ش ْم ُ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ت ْال َع ْر ِش َِل َ َّنهُ قُبَّةٌ ذَاتُ‬ ‫وهذا علم غيبي ثم إن الشمس أَ ْينَ َما َكان ْ‬
‫َت فَ ِه َ‬
‫ي تَحْ َ‬
‫قَ َوائِ َم تَحْ ِملُهُ ْال َم َالئِ َكةُ‪َ ،‬و ُه َو فوق العالم مما يلي رؤوس النَّ ِ‬
‫اس‪.‬‬
‫سي ِْرهَا‪َ ،‬و ُه َو َي ْو ُم ْال ِق َيا َم ِة‪،‬‬
‫َو ْالقَ ْو ُل الثَّانِي‪ :‬أ َ َّن ْال ُم َرا َد ِب ُم ْستَقَ ِ ّرهَا ُه َو‪ُ :‬م ْنت َ َهى َ‬
‫ي‪.‬‬ ‫َو َهذَا ُه َو ُم ْستَقَ ُّرهَا َّ‬
‫الز َمانِ ُّ‬
‫ناز َل﴾ هي ثَما ِن َيةٌ و ِع ْش ُرونَ َم ِ‬
‫نز ًال َي ْن ِزلُها القَ َم ُر في‬ ‫قوله ﴿والقَ َم َر قَد َّْرناهُ َم ِ‬
‫ُك ِّل َ‬
‫ش ْه ٍر‪.‬‬
‫ش ْم ِس ْ‬
‫أن‬ ‫ص ُّح وال يُ ْم ِك ْن ِلل َّ‬
‫أي‪ :‬ال َي ِ‬ ‫س يَ ْنبَ ِغي لَها ْ‬
‫أن ت ُ ْد ِر َك القَ َم َر﴾ ْ‬ ‫﴿ال ال َّ‬
‫ش ْم ُ‬
‫نز ِل الَّذِي ِفي ِه القَ َم ُر‪.‬‬
‫ع ٍة وتَ ْن ِز َل في ال َم ِ‬ ‫ت ُ ْد ِر َك القَ َم َر في ُ‬
‫س ْر َ‬
‫س لَ ْم يَ ُك ْن ِل ْلقَ َم ِر َ‬
‫ض ْو ٌء‪،‬‬ ‫طلَ َع ِ‬
‫ت ال َّ‬
‫ش ْم ُ‬ ‫وقيل َم ْعناهُ‪ :‬لكل منهما زمن يعمل فإذا َ‬
‫ض ْو ٌء‪.‬‬ ‫ط َل َع القَ َم ُر لَ ْم يَ ُك ْن ِلل َّ‬
‫ش ْم ِس َ‬ ‫وإذا َ‬
‫ار﴾ ‪َ :‬يقُولُ‪َ :‬ال َي ْن َب ِغي ِإذَا َكانَ اللي ُل أ َ ْن َي ُكونَ َل ْي ٌل‬ ‫﴿وال اللَّ ْي ُل َ‬
‫سا ِب ُق النَّ َه ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ان ْالقَ َم ِر بِاللَّ ْي ِل‪.‬‬
‫ط ُ‬‫س ْل َ‬ ‫ش ْم ِس بِالنَّ َه ِ‬
‫ار‪َ ،‬و ُ‬ ‫ان ال َّ‬
‫ط ُ‬‫س ْل َ‬‫ار‪ ،‬فَ ُ‬ ‫آخ َُر َحتَّى يَ ُكونَ النَّ َه ُ‬

‫‪622‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب ْاآلخ ََر ِب َال ُم ْهلَ ٍة َو َال‬


‫ار‪َ ،‬ب ْل ُك ٌّل ِم ْن ُه َما َي ْعقُ ُ‬ ‫أو أَنَّهُ َال َفتْ َرة َ َبيْنَ َّ‬
‫الل ْي ِل َوالنَّ َه ِ‬
‫طلَبًا حثِيثًا‪.‬‬ ‫ان َ‬ ‫طالَبَ ِ‬
‫ان َدا ِئبَي ِْن َيت َ َ‬ ‫ت ََراخٍ؛ َِلَنَّ ُه َما ُم َ‬
‫س َّخ َر ِ‬
‫﴿و َخلَ ْقنَا لَ ُه ْم ِم ْن ِمثْ ِل ِه َما َي ْر َكبُونَ ﴾ ‪ :‬الظاهر أنها ال ُّ‬
‫سفُنَ ‪.‬‬ ‫وقوله َ‬
‫سفُ ُن ْالبَ ِ ّر‪.‬‬ ‫وقيل ْ ِ‬
‫اْل ِبلُ‪ ،‬فَإِنَّ َها ُ‬
‫قوله ﴿ما بَيْنَ أ ْيدِي ُك ْم وما خ َْلفَ ُك ْم﴾‬
‫فيه تفسيران‪ :‬التفسير اَلول‪ :‬ما بين أيديكم أي ما بقي من ذنوبكم‬
‫وما خلفكم‪ :‬أي ما مضى من ذنوبكم‪.‬‬
‫التفسير الثاني‪ :‬ما بين أيديكم أي ما سيقع على اَلمم من بعدكم من العذاب‪.‬‬
‫الماضي‪.‬‬‫ِ‬ ‫ف يُرا ُد ِمنهُ‬ ‫وقيل ما َبيْنَ اَل ْيدِي يُرا ُد ِمنهُ ال ُم ْست َ ْق َبلُ‪ ،‬وما هو خ َْل ٌ‬
‫ور ِه ْم؛ َِلَنَّهُ‬ ‫﴿قَالُوا يَا َو ْيلَنَا َم ْن بَ َعثَنَا ِم ْن َم ْرقَ ِدنَا﴾ ‪َ ،‬و َهذَا َال يَ ْن ِفي َ‬
‫عذَابَ ُه ْم فِي قُبُ ِ‬
‫الرقَا ِد‪.‬‬ ‫ِبال ِنّ ْس َب ِة ِإلَى َما َب ْع َدهُ ِفي ال ِ ّ‬
‫ش َّد ِة َك ُّ‬
‫ص ْي َحةً َو ِ‬
‫اح َدة ً فَإِذَا ُه ْم َج ِمي ٌع لَ َد ْينَا ُمحْ َ‬
‫ض ُرونَ ﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ْن َكان ْ‬
‫َت ِإال َ‬
‫ور‪ ،‬فال َي ْس َمعُهُ أ َ َح ٌد َّإال أ َ ْ‬
‫صغَى ِليتًا َو َر َف َع ِليتًا》رواه‬ ‫ص ِ‬‫《ث ُ َّم يُ ْنفَ ُخ في ال ُّ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫صاحب‬
‫ُ‬ ‫حديث أبو سعيد الخدري رضي الله عنه 《كيف أن َع ُم وقد التقم‬
‫ينتظر أن يُؤ َم َر فينف ُخ 》صححه‬
‫ُ‬ ‫القرن القَرنَ وحنى جبهتَه وأصغَى سم َعه‬
‫ِ‬
‫اَللباني‪.‬‬

‫‪623‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫حاب ْال َجنَّ ِة ْال َي ْو َم ِفي ُ‬


‫شغُ ٍل فا ِك ُهونَ ﴾ َقا َل أكثر السلف‪:‬‬ ‫ص َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪ِ ﴿ :‬إ َّن أ َ ْ‬
‫اض ْال َعذَ َ‬
‫ارى‪.‬‬ ‫ض ُ‬‫شغُلُ ُه ُم ا ْف ِت َ‬
‫ُ‬
‫قَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬أَلَ ْم أ َ ْع َه ْد ِإلَ ْي ُك ْم َيا َب ِني آ َد َم أَ ْن َال ت َ ْعبُدُوا ال َّشيْطانَ ‪ }...‬كما في‬
‫سورة اَلعراف‪.‬‬

‫{ٱصۡ لَ ۡوهَا ٱ ۡل َي ۡو َم ِب َما ُكنت ُ ۡم ت َۡكفُ ُرونَ ☆ ٱ ۡل َي ۡو َم ن َۡخ ِت ُم َ‬


‫ع َل ٰۤى أ َ ۡف َو ٰ⁠ ِه ِه ۡم َوت ُ َك ِلّ ُمن َۤا أ َ ۡي ِدي ِه ۡم‬
‫َوت َۡش َه ُد أ َ ۡر ُجلُ ُهم بِ َما َكانُ ۟‬
‫وا يَ ۡك ِسبُونَ ﴾‬
‫﴿و َّ‬
‫الل ِه َر ِبّنا ما ُكنَّا ُم ْش ِركِينَ ﴾‬ ‫َِلَنَّ ُه ْم قَالُوا َ‬
‫س ۡمعُ ُه ۡم َوأ َ ۡب َ‬
‫ص ٰـ ُر ُه ۡم َو ُجلُو ُد ُهم‪}...‬حديث أنس‬ ‫علَ ۡي ِه ۡم َ‬ ‫{ َحت َّ ٰۤى ِإذَا َما َج ۤا ُءوهَا َ‬
‫ش ِه َد َ‬
‫ض ِح َك‪ ،‬فَقا َل‪ْ :‬‬
‫هل‬ ‫اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم َف َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫بن مالك " ُك َّنا ِع ْن َد َرسو ِل الل ِه َ‬
‫ض َحكُ ؟ قا َل قُ ْلنَا‪ :‬اللَّهُ َو َرسولُهُ أ َ ْعلَ ُم‪ ،‬قا َل‪ِ :‬من ُمخَا َ‬
‫ط َب ِة ال َع ْب ِد َربَّهُ‬ ‫ت َ ْد ُرونَ ِم َّم أ َ ْ‬
‫الظ ْل ِم؟ قا َل‪ :‬يقولُ‪َ :‬بلَى‪ ،‬قا َل‪ :‬فيَقولُ‪ :‬فإ ِنّي ال‬ ‫يقولُ‪ :‬يا َربّ ِ أَلَ ْم ت ُ ِج ْرنِي ِمنَ ُّ‬
‫اليوم َعلَي َْك َ‬
‫ش ِهيدًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أ ُ ِج ُ‬
‫يز علَى نَ ْف ِسي َّإال شَا ِهدًا ِم ِنّي‪ ،‬قا َل‪ :‬ف َيقولُ‪َ :‬كفَى بنَ ْف ِس َك‬
‫ش ُهودًا‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ْختَ ُم ع َلى فِي ِه‪ ،‬فيُقَا ُل َل َ ْر َكانِ ِه‪ :‬ا ْن ِط ِقي‪ ،‬قا َل‪:‬‬ ‫َو ِب ْال ِك َر ِام ال َكاتِ ِبينَ ُ‬
‫فَت َ ْن ِط ُق بأ َ ْع َما ِل ِه‪ ،‬قا َل‪ :‬ث ُ َّم يُخَلَّى ب ْينَهُ وبيْنَ ال َك َال ِم‪ ،‬قا َل فيَقولُ‪ :‬بُ ْعدًا لَ ُك َّن‬
‫َاضلُ‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫سحْ قًا‪ ،‬فَ َع ْن ُك َّن ُك ْنتُ أُن ِ‬ ‫َو ُ‬
‫﴿و َمن نُّ َع ِّم ۡرهُ نُنَ ِ ّك ۡسهُ فِی ٱ ۡلخ َۡل ٰۚ ِ‬
‫ق}‬ ‫َ‬
‫ض ْعفٍ قُ َّوة ً ث ُ َّم َج َع َل ِم ْن َب ْع ِد قُ َّو ٍة‬ ‫﴿اللهُ الَّذِي َخلَقَ ُك ْم ِم ْن َ‬
‫ض ْعفٍ ث ُ َّم َج َع َل ِم ْن َب ْع ِد َ‬ ‫َّ‬
‫ش ْي َبةً}‬
‫ض ْعفًا َو َ‬
‫َ‬

‫‪624‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ْع َر َو َما َي ْن َب ِغي لَهُ﴾ أ َ ْ‬


‫ي‪َ :‬و َما ُه َو فِي َ‬
‫ط ْب ِع ِه‪ ،‬فَ َال يُحْ ِسنُهُ‬ ‫علَّ ْمنَاهُ ال ِ ّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و َما َ‬
‫ش َع َر ۤا ُء يَتَّبِعُ ُه ُم ٱ ۡلغ ُ‬
‫َاوۥنَ }‬ ‫{وٱل ُّ‬
‫َو َال يُ ِح ُّبهُ‪َ .‬‬
‫ف أ َح ِد ُك ْم َق ْي ًحا َخي ٌْر له ِمن ْ‬
‫أن يَ ْمت َ ِل َ‬
‫ئ ِش ْع ًرا》‪ .‬رواه‬ ‫《َل َ ْن يَ ْمت َ ِل َ‬
‫ئ َج ْو ُ‬
‫البخاري ومسلم‬
‫ابن َرواحةَ ويتمث َّ ُل ويقو ُل و َي َ‬
‫أتيك‬ ‫بشعر ِ‬
‫ِ‬ ‫حديث عائشة قالَت‪《 :‬كانَ يتمث َّ ُل‬

‫باَلخبار من لم ت ُ ّ ِ‬
‫زو ِد》صححه اَللباني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الكالم ‪ ،‬و‬
‫ِ‬ ‫سنُه ك َح َ‬
‫س ِن‬ ‫الكالم ‪ ،‬ح َ‬
‫ِ‬ ‫عر بمنزل ِة‬
‫ش ُ‬‫حديث عبد الله بن عمر 《ال ِ ّ‬

‫الكالم》صححه اَللباني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قبي ُحه كقبيحِ‬


‫ࣰ‬
‫ُون‬ ‫۟‬
‫{وٱت َخذوا ِمن د ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ص ُرونَ } كقوله َ‬ ‫ُون ٱ َّلل ِه َءا ِل َهة ل َعل ُه ۡم يُن َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وا ِمن د ِ‬ ‫﴿وٱت َّ َخذُ ۟‬‫قوله َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫۟‬
‫ٱللَّ ِه َءا ِل َهة ِل َي ُكونُوا َل ُه ۡم ِع ّزا}‬
‫ّ‬
‫ࣰ‬
‫{و َال يَ ۡست َِطيعُونَ لَ ُه ۡم نَصۡ را َو َ ۤال أَنفُ َ‬
‫س ُه ۡم‬ ‫ص َر ُه ْم﴾ كقوله َ‬ ‫﴿ال َي ْست َِطيعُونَ نَ ْ‬ ‫وقوله َ‬
‫ص ُرونَ }‬
‫يَن ُ‬
‫وقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿و ُه ْم لَ ُه ْم ُج ْن ٌد ُمحْ َ‬
‫ض ُرونَ ﴾‬
‫ي‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫س ُن ْالبَ ْ‬
‫ص ِر ُّ‬ ‫ضبُونَ ِل ْْل ِل َه ِة فِي ال ُّد ْنيَا‪ .‬قَالَهُ ْال َح َ‬
‫أي َو ْال ُم ْش ِر ُكونَ يَ ْغ َ‬
‫ير‪ ،‬وابن كثير‪.‬‬ ‫ار اب ِْن َج ِر ٍ‬ ‫ْ‬
‫اخ ِت َي ُ‬
‫ع ِلي ٌم﴾‬‫ق َ‬ ‫شأَهَا أ َ َّو َل َم َّرةٍ َو ُه َو ِب ُك ِّل خ َْل ٍ‬
‫﴿قُ ْل يُحْ ِيي َها الَّذِي أ َ ْن َ‬
‫ظ{‬ ‫ب َح ِفي ُۢ ُ‬ ‫ص ٱ َۡل َ ۡر ُ‬
‫ض ِم ۡن ُه ۡم َو ِعن َدنَا ِكت َ ٰـ ٌ‬ ‫ع ِل ۡمنَا َما تَنقُ ُ‬ ‫}قَ ۡد َ‬

‫‪625‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِمنَ ال َحياةِ‬‫ض َرهُ ال َم ْوتُ ‪ ،‬لَ َّما أ ِي َ‬


‫"إن َر ُج ًال َح َ‬
‫حديث حذيفة بن اليمان َّ‬
‫نارا‪ ،‬حتَّى إذا أ َك َل ْ‬
‫ت‬ ‫يرا‪ ،‬ث ُ َّم ْأو ُروا ً‬ ‫ت فاجْ َمعُوا لي َح َ‬
‫طبًا َكثِ ً‬ ‫صى أ ْهلَهُ‪ :‬إذا ُم ُّ‬
‫ْأو َ‬
‫ظ ِمي‪ ،‬فَ ُخذُوها ْ‬
‫فاط َحنُوها فَذَ ُّرو ِني في ال َي ِ ّم في َي ٍ‬
‫وم‬ ‫ع ْ‬ ‫ت إلى َ‬ ‫لَحْ ِمي‪ ،‬و َخ َل َ‬
‫ص ْ‬
‫ت؟ قا َل‪َ :‬خ ْشيَت ََك‪ ،‬فَغَفَ َر له ‪ .‬رواه‬ ‫راح‪ ،‬فَ َجمعهُ اللَّهُ فقا َل؟ ِل َم فَ َع ْل َ‬
‫ٍ‬ ‫حار‪ْ ،‬أو‬
‫ٍّ‬
‫البخاري‪.‬‬
‫علَى أ َ ْن َي ْخلُقَ ِمثْلَ ُه ْم﴾ كما قال‬
‫ض ِبقَاد ٍِر َ‬ ‫اَلر َ‬ ‫ت َو ْ‬ ‫ْس َّالذِي َخ َلقَ ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫﴿أ َ َولَي َ‬
‫اس﴾‬ ‫ض أ َ ْكبَ ُر ِم ْن خ َْل ِ‬
‫ق النَّ ِ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬ ‫تعالى‪﴿ :‬لَخ َْل ُق ال َّ‬
‫س َم َوا ِ‬

‫سورة الصافات مكية‬

‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ت ذ ِۡك ًرا} أ ْكث َ ُر أ ْه ِل ال ِع ْل ِم‬
‫ت زَ ۡجرا ☆ فَٱلت َّ ٰـ ِل َي ٰـ ِ‬ ‫صفّا ☆ فَٱ َّ‬
‫لز ⁠ٰ ِج َر ٰ⁠ ِ‬ ‫ص ٰۤـفَّ ٰـ ِ‬
‫ت َ‬ ‫﴿وٱل َّ‬
‫َ‬
‫اجراتِ‪ ،‬و التّا ِلياتِ‪َ :‬جماعاتُ‬
‫الز ِ‬ ‫صافّا ِ‬
‫ت ُهنا‪ ،‬و ّ‬ ‫على َّ‬
‫أن ال ُمرا َد ِبـ‪ :‬ال ّ‬ ‫َ‬
‫ال َمالئِ َك ِة‪.‬‬
‫ف ال َم َالئِ َكةُ‬ ‫صفُّونَ كما تَ ُ‬
‫ص ُّ‬ ‫حديث جابر بن سمرة في صحيح مسلم‪َ 《 .‬أال ت َ ُ‬
‫ف ال َم َالئِ َكةُ ِع ْن َد َر ِبّ َها؟ قا َل‪ :‬يُتِ ُّمونَ‬ ‫وكيف تَ ُ‬
‫ص ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِع ْن َد َر ِبّ َها؟ فَقُ ْلنَا يا َرسو َل الل ِه‪،‬‬
‫ف ‪》.‬‬
‫ص ِّ‬ ‫وف اَل ُ َو َل و َيت ََرا ُّ‬
‫صونَ في ال َّ‬ ‫صف ُ َ‬
‫ال ُّ‬
‫صفُوفُنا َك ُ‬
‫صف ُ ِ‬
‫وف ال َمالئِ َك ِة‪》 ،‬‬ ‫وحديث حذيفة عند مسلم 《 ُج ِعلَ ْ‬
‫ت ُ‬

‫‪626‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫احدٌ﴾ رد على قولهم {أ َ َج َع َل ٱ ۡلـَٔا ِل َهةَ ِإ َل ٰـها َو ٰ⁠ ِحدًا }‬
‫قَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ َّن ِإلَ َه ُك ْم لَ َو ِ‬
‫سبْحانَهُ ‪َ -‬خلَقَ ِلل َّ‬
‫ش ْم ِس‬ ‫إن َّ‬
‫اللهَ ‪ُ -‬‬ ‫شار ُق ال َّ‬
‫ش ْم ِس‪ .‬قِي َل‪َّ :‬‬ ‫ق﴾ َم ِ‬
‫شار ِ‬
‫﴿و َربُّال َم ِ‬
‫قوله َ‬
‫ُك َّل يَ ْو ٍم َم ْش ِرقًا و َم ْغ ِربًا بِ َع َد ِد أي ِّام ال َّسنَ ِة‪ .‬وقد يراد الجمع بمشرق الشمس‬
‫والقمر والنجوم‪.‬‬
‫َوقَا َل فِي ا ْآل َي ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪َ :‬‬
‫﴿ربُّ ْال َم ْش ِرقَي ِْن َو َربُّ ْال َم ْغ ِر َبي ِْن﴾ َي ْعنِي فِي ال ِ ّشت َِاء‬
‫ش ْم ِس َو ْالقَ َم ِر‪.‬‬
‫ْف‪ِ ،‬لل َّ‬
‫صي ِ‬
‫َوال َّ‬
‫ب﴾ َو َهذَا ْال ُم َرا ُد ِم ْنهُ ِج ْن ُ‬
‫س‬ ‫ق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬ ‫َوقَا َل ِفي ْاآل َي ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪َ :‬‬
‫﴿ربُّ ْال َم ْش ِر ِ‬
‫ب‪.‬‬‫َار ِ‬ ‫ق َو ْال َمغ ِ‬ ‫ْال َمش ِ‬
‫َار ِ‬
‫سما َء ال ُّد ْنيا بِ ِزي َن ٍة ْال َكوا ِك ِ‬
‫ب﴾ ذكر القرآن ثالث فوائد‬ ‫قَ ْولُهُ تَعَا َلى‪﴿ :‬إِنَّا زَ َّينَّا ال َّ‬
‫ِللنُّ ُجوم‪.‬‬
‫{ ِإنَّا َخلَ ۡق َن ٰـ ُهم ِّمن ِطي ࣲن َّال ِز ِ‬
‫ب}‬
‫ضها من‬
‫آدم ِمن قبض ٍة قب َ‬ ‫حديث أبي موسى اَلشعري 《 َّ‬
‫إن اللهَ تعالى خلق َ‬
‫اَلحمر ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اَلرض ‪ ،‬جاء منهم‬
‫ِ‬ ‫آدم على ق ْد ِر‬
‫اَلرض ‪ ،‬فجاء بنو َ‬
‫ِ‬ ‫جميعِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫والخبيث ‪ ،‬والطيِّ ُ‬ ‫ْ‬
‫والحز ُن ‪،‬‬ ‫سهلُ‪،‬‬
‫ض‪ ،‬واَلسودُ‪ ،‬وبينَ ذ ِل َك‪ ،‬وال َّ‬
‫واَلب َي ُ‬
‫ذلك ‪ 》.‬صححه اَللباني‪.‬‬
‫وبينَ َ‬
‫ع ِظي ࣱم}‬
‫ظ ۡل ٌم َ‬ ‫ش ُروا الَّذِينَ َ‬
‫ظلَ ُموا َوأ َ ْز َوا َج ُه ْم﴾ أي أشركوا { ِإ َّن ٱل ِ ّ‬
‫ش ۡر َك َل ُ‬ ‫﴿احْ ُ‬
‫﴿أ َ ْز َوا َج ُه ْم﴾ الصواب أن يقال أشباههم وأمثالهم‬
‫وس ُز ّ ِو َج ۡت{‬
‫} َو ِإذَا ٱلنُّفُ ُ‬

‫‪627‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب َج َهنَّ َم}‬ ‫ص ُ‬ ‫ُون ٱللَّ ِه َح َ‬ ‫{و َما َكانُ ۟‬


‫وا َيعۡ بُدُونَ } { ِإنَّ ُك ۡم َو َما ت َعۡ بُدُونَ ِمن د ِ‬ ‫َ‬
‫اط َل‪َ ،‬وتَ ُ‬
‫صدُّونَا‬ ‫ق‪ ،‬تُزَ ِّينُونَ لَنَا ْال َب ِ‬
‫أي‪:‬م ْن ِقبَ ِل ْال َح ّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ع ِن ْاليَ ِم ِ‬
‫ين﴾‬ ‫ِإنَّ ُك ْم ُك ْنت ُ ْم ت َأْتُونَنَا َ‬
‫ع ِن ْال َح ّ ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫َ‬
‫وقيل‪ُ :‬ك ْنت ُ ْم ت َ ْق َه ُرونَنَا ِب ْالقُ ْد َرةِ ِم ْن ُك ْم َ‬
‫ع َل ْينَا‪.‬‬
‫{وإِذَا ذُ ِك َر ٱللَّهُ َو ۡح َدهُ‬
‫﴿إِنَّ ُه ْم َكانُوا إِ َذا قِي َل لَ ُه ْم َال إِلَهَ إِال اللَّهُ يَ ْست َ ْكبِ ُرونَ ﴾ َ‬
‫اخ َر ِة}‬‫وب ٱلَّ ِذينَ َال يُ ۡؤ ِمنُونَ ِبٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫ٱ ۡش َمأ َ َّز ۡت قُلُ ُ‬
‫ص َّدقَ ٱ ۡل ُم ۡر َس ِلينَ }‬ ‫{بَ ۡل َج ۤا َء بِٱ ۡل َح ّ ِ‬
‫ق َو َ‬
‫من جهة إخبارهم بمجيئه ومبعثه‪ ،‬ومن جهة إخباره بمثل ما أخبروا به‪،‬‬
‫ومطابقة ما جاءوا به لما جاءوا به‪ .‬ولم يأت مكذبا لمن قبله من اَلنبياء‪،‬‬
‫مزريا عليهم‪ ،‬كما يفعل الملوك‪.‬‬
‫س ُر ࣲر‬ ‫ُور ِهم ِّم ۡن ِغ ٍّل ِإ ۡخ َو ٰ⁠نًا َ‬
‫علَ ٰى ُ‬ ‫صد ِ‬‫{ونَزَ ۡعنَا َما فِی ُ‬ ‫علَى ُ‬
‫س ُر ٍر ُمتَقَابِلِينَ ﴾ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ُّمتَقَ ٰـ ِب ِلينَ }‬
‫ࣱ‬ ‫علَ ۡي ِهم بِ َك ۡأ ࣲس ِّمن َّم ِعي ِن} {يَ ُ‬
‫علَ ۡي ِه ۡم ِو ۡل َد ٰ⁠ن ُّمخَلَّدُونَ ☆ بِأ َ ۡك َو ࣲ‬
‫اب‬ ‫وف َ‬
‫ط ُ‬ ‫اف َ‬ ‫ط ُ‬ ‫{يُ َ‬
‫اريقَ َو َك ۡأ ࣲس ِّمن َّم ِعي ࣲن}‬ ‫َوأ َ َب ِ‬
‫} َوأ َ ۡن َه ٰـ ࣱر ِّم ۡن خ َۡم ࣲر لَّذَّةࣲ ِّلل َّ‬
‫ش ٰـ ِربِينَ {‬
‫املُونَ ﴾ قَا َل َقت َا َدةُ‪َ :‬هذَا ِم ْن َك َال ِم أ َ ْه ِل ْال َج َّن ِة‪.‬‬
‫قَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬ل ِمثْ ِل َهذَا فَ ْل َي ْع َم ِل ْال َع ِ‬
‫ير‪ُ :‬ه َو ِم ْن َك َال ِم اللَّ ِه ت َ َعالَى‪.‬‬
‫َوقَا َل اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬إِنَّا َجعَ ْلنَاهَا ِفتْنَةً ِل َّ‬
‫لظا ِل ِمينَ ﴾‬

‫‪628‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اس َوال َّ‬


‫ش َج َرةَ‬ ‫﴿و َما َج َع ْلنَا ُّ‬
‫الرؤْ َيا الَّتِي أ َ َر ْين َ‬
‫َاك ِإال فِتْ َنةً ِللنَّ ِ‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫ْال َم ْلعُونَةَ فِي ْالقُ ْر ِ‬
‫آن}‬
‫علَ ْي َها لَش َْوبًا ِم ْن َح ِم ٍيم ☆ ث ُ َّم ِإ َّن َم ْر ِج َع ُه ْم ْللَى ْال َج ِح ِيم﴾‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ث ُ َّم ِإ َّن لَ ُه ْم َ‬
‫َك َما َقا َل ت َ َعا َلى‪َ ﴿ :‬ي ُ‬
‫طوفُونَ َب ْينَ َها َو َبيْنَ َح ِم ٍيم ٍ‬
‫آن﴾‬
‫ࣱ‬
‫علَى ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫ض ِمنَ‬ ‫﴿ولَقَ ْد نَا َدانَا نُو ٌح فَ َلنِ ْع َم ْال ُم ِجيبُونَ ﴾ َ‬
‫{و َقا َل نُوح َّربّ ِ َال تَذَ ۡر َ‬ ‫َ‬
‫ٱ ۡل َك ٰـ ِف ِرينَ َديَّ ً‬
‫ارا}‬
‫﴿و َج َع ْلنَا ذُ ِ ّريَّتَهُ ُه ُم ْال َباقِينَ ﴾‬
‫َ‬
‫ث‪َ ،‬و َولَ َد ُك ُّل َو ِ‬
‫اح ٍد ِم ْن َه ِذ ِه‬ ‫س َال ُم ث َ َالثَةٌ‪َ :‬سا ٌم َو َحا ٌم َويَا ِف ُ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫قيل‪َ :‬ولَ ُد نُوحٍ َ‬
‫صقَا ِل َبةَ‬
‫يافث الت ُّ ْر َك َوال َّ‬
‫ُ‬ ‫وم‪َ ،‬و َولَ َد‬ ‫الر َ‬
‫وفارس َو ُّ‬
‫َ‬ ‫العرب‬
‫َ‬ ‫الث َّ َالث َ ِة ث َ َالثَةً‪ ،‬فَ َولَ َد سا ُم‬
‫َو َيأ ْ ُجو َج َو َمأ ْ ُجو َج‪َ ،‬و َولَ َد حا ُم القب َ‬
‫ط َوال ُّسو َدانَ َو ْال َب ْر َب َر‪.‬‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إ ْذ َقا َل َل ِبي ِه َوقَ ْو ِم ِه َماذَا ت َ ْعبُدُونَ ﴾ {۞ َو ِإ ۡذ قَا َل ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهي ُم َِل َ ِبي ِه َءازَ َر‬
‫أَتَت َّ ِخذُ أَصۡ نَا ًما َءا ِل َهةً}‬
‫ط ْونَ ِع ْل َم‬ ‫ع َل ۡي ِه ٱلَّ ۡي ُل َر َءا َك ۡو َك ࣰبا} كانُوا َيت َعا َ‬
‫وم﴾ {فَ َل َّما َج َّن َ‬ ‫َظ َرة ً في النُّ ُج ِ‬ ‫ظ َر ن ْ‬
‫﴿فَ َن َ‬
‫وم فَعا َم َلهم ِب َذ ِل َك ِلئ َّال يُ ْن ِك ُروا َ‬
‫ع َل ْي ِه‪.‬‬ ‫ال ُّن ُج ِ‬

‫‪629‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ث‬ ‫س َال ُم‪ ،‬قَ ُّ‬


‫ط إِ َّال ث َ َال َ‬ ‫حديث أبي هريرة 《لَ ْم يَ ْكذِبْ إِب َْرا ِهي ُم النب ُّ‬
‫ي عليه ال َّ‬
‫ت الل ِه‪ ،‬قَ ْولُهُ‪ :‬إ ِنّي َس ِقي ٌم‪َ ،‬وقَ ْولُهُ‪ :‬بَ ْل فَ َعلَهُ َكبِ ُ‬
‫ير ُه ْم هذا‪،‬‬ ‫َكذَبَاتٍ‪ ،‬ثِ ْنتَي ِْن في َذا ِ‬
‫سنَ‬‫َت أَحْ َ‬
‫ارةُ‪َ ،‬و َكان ْ‬ ‫س َ‬ ‫َّار َومعهُ َ‬ ‫ض َجب ٍ‬ ‫ارة َ‪ ،‬فإنَّه قَد َِم أ َ ْر َ‬
‫س َ‬ ‫اح َدة ٌ في شَأ ْ ِن َ‬
‫َو َو ِ‬
‫ع َلي ِْك‪ْ ،‬‬
‫فإن‬ ‫إن َي ْع َل ْم أ َّن ِك ْام َرأَتي َي ْغ ِل ْبنِي َ‬
‫َّار‪ْ ،‬‬ ‫إن هذا ال َجب َ‬ ‫اس‪َ ،‬فقا َل َل َها‪َّ :‬‬ ‫ال َّن ِ‬
‫فأخ ِب ِري ِه أنَّ ِك أ ُ ْختِي‪ ،‬فإنَّ ِك أ ُ ْختي في اْلس َْال ِم‪ 》،‬رواه البخاري ومسلم‬
‫سأَلَ ِك ْ‬
‫‪َ .‬‬
‫يض ل َم ْندُو َحةً َ‬
‫ع ِن‬ ‫ار ِ‬ ‫وهو يُ ْن ِش ُد ِش ْع ًرا َّ‬
‫"إن في ال َم َع ِ‬ ‫ان ب ُْن ُح َ‬
‫صي ٍْن َ‬ ‫قال ِع ْم َر ُ‬
‫ب" صحيح موقوف‪ :‬اَللباني في صحيح أدب المفرد‪.‬‬ ‫ال َك ِذ ِ‬
‫ࣰ‬
‫ين﴾ { َف َج َعلَ ُه ۡم ُج َذ ٰ⁠ذًا ِإ َّال َك ِبيرا لَّ ُه ۡم}‬ ‫ع َل ْي ِه ْم َ‬
‫ض ْر ًبا ِبال َي ِم ِ‬ ‫غ َ‬‫﴿ َفرا َ‬
‫ص َد ِريَّةٌ‪ ،‬فَيَ ُك ُ‬
‫ون ت َ ْقد ُ‬
‫ِير‬ ‫اللهُ َخلَقَ ُك ْم َو َما ت َ ْع َملُونَ ﴾ يُحْ ت َ َم ُل أ َ ْن ت َ ُكونَ " َما" َم ْ‬ ‫﴿و َّ‬‫َ‬
‫ِيرهُ‪َ :‬واللَّهُ‬ ‫ْال َك َال ِم‪َ :‬واللَّهُ َخلَقَ ُك ْم َو َ‬
‫ع َملَ ُك ْم‪َ .‬ويُحْ ت َ َم ُل أ َ ْن ت َ ُكونَ ِب َم ْعنَى "الَّذِي" ت َ ْقد ُ‬
‫خ َْلقَ ُك ْم َوالَّذِي ت َ ْع َملُونَهُ‪َ .‬و ِك َال ْالقَ ْو َلي ِْن متالزم‪ ،‬واَلول أظهر؛ لما َر َواهُ‬
‫عا قَا َل‪" :‬إِ َّن اللَّهَ يَ ْ‬
‫صنَ ُع‬ ‫ب "أَ ْفعَا ِل ْال ِعبَادِ" َ‬
‫ع ْن ُحذَ ْيفَةَ َم ْرفُو ً‬ ‫ي فِي ِكت َا ِ‬ ‫ْالبُخ ِ‬
‫َار ُّ‬
‫ص ْن َعتَهُ"‬ ‫ُك َّل َ‬
‫صا ِنعٍ َو َ‬
‫‪#‬ابن كثير‬
‫ࣰ‬ ‫وا لَهُۥ بُ ۡن َي ٰـ ࣰنا َفأ َۡلقُوهُ ِفی ٱ ۡل َج ِحي ِم ☆ فَأ َ َراد ۟‬
‫ُوا ِب ِهۦ َك ۡيدا فَ َج َع ۡلنَ ٰـ ُه ُم ٱ َۡل َ ۡسفَ ِلينَ ﴾‬ ‫وا ٱ ۡبنُ ۟‬
‫قَالُ ۟‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ُوا ِب ِهۦ َك ۡيدا َف َج َع ۡلنَ ٰـ ُه ُم‬‫علَ ٰۤى ِإ ۡب َر ٰ⁠ ِهي َم ☆ َوأ َ َراد ۟‬ ‫م‬ ‫ـ‬‫ل‬‫َ‬
‫َار ُكو ِنی َب ۡر َ َ ٰ ً َ‬
‫ا‬ ‫س‬‫و‬ ‫ا‬‫د‬ ‫{قُ ۡلنَا َي ٰـن ُ‬
‫ٱ َۡل َ ۡخ َ‬
‫س ِرينَ ﴾‬
‫ي أ َ ْر ُ‬
‫ض ال َّ‬
‫ش ِام‬ ‫ض ْال ُمقَ َّد َ‬
‫س ِة َو ِه َ‬ ‫س َيهۡ ِدي ِن } ِإلَى ْاَل َ ْر ِ‬
‫ب ِإ َل ٰى َر ِبّی َ‬
‫‪َ .‬وقَا َل ِإنِّی ذَا ِه ٌ‬

‫‪630‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اج ٌر ِإلَ ٰى َر ِبّ ۤیۤ{‬


‫} َوقَا َل ِإنِّی ُم َه ِ‬
‫خيرا منه》صححه اَللباني‪.‬‬ ‫ترك شيئًا لل ِه ‪َّ ،‬‬
‫عوضهُ اللهُ ً‬ ‫《من َ‬

‫الم َح ِل ٍيم﴾‪ ،‬إلى قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬


‫﴿وفَ َديْناهُ ِب ِذبْحٍ َ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬ ‫ش ْرناهُ ِبغُ ٍ‬‫﴿فَ َب َّ‬
‫الم الَّذِي أ ُ ِم َر إبْرا ِهي ُم في ال َم ِ‬
‫نام‬ ‫اختَلَفُوا في هَذا الغُ ِ‬ ‫أن العُلَما َء ْ‬ ‫ا ْعلَ ْم َّأو ًال‪َّ :‬‬
‫ي‪ ...،‬ه َْل هو إسْما ِعي ُل ْأو إس ُ‬
‫ْحاق ؟‬ ‫أن ُرؤْ يا اَل ْنبِ ِ‬
‫ياء وحْ ٌ‬ ‫بِذَب ِْح ِه‪ ،‬و َم ْعلُو ٌم َّ‬
‫أن ال َّذ ِبي َح هو إسْما ِعي ُل ال إسْحاقَ ‪ .‬أ َح ِد ِهما‬
‫على َّ‬
‫ض َعي ِْن‪َ ،‬‬ ‫قَ ْد َد َّل القُ ْر ُ‬
‫آن في َم ْو ِ‬
‫ت“‪ ،‬والثّانِي في ” ُهو ٍد"‬
‫صافّا ِ‬
‫في ”ال ّ‬
‫ش ْرناهُ‬ ‫شارةِ اَلُولى‪َ :‬‬
‫﴿وبَ َّ‬ ‫على ال ِب َ‬‫عاطفًا َ‬
‫ِ‬ ‫الم َح ِل ٍيم﴾ قا َل بَ ْع َد ذَ ِل َك‬ ‫﴿فَبَ َّ‬
‫ش ْرناهُ بِغُ ٍ‬
‫غي ُْر‬
‫َي ٌء َ‬‫شارة َ اَلُولى ش ْ‬ ‫على َّ‬
‫أن ال ِب َ‬ ‫صا ِل ِحينَ ﴾‪ ،‬فَ َد َّل َذ ِل َك َ‬‫ِبإسْحاقَ نَ ِبيًّا ِمنَ ال ّ‬
‫ش ِر بِ ِه في الثّا ِنيَ ِة‪.‬‬
‫ال ُمبَ َّ‬
‫وراء إسْحاقَ يَ ْعقُ َ‬
‫وب﴾ َِل َّن‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬ ‫ت فَ َب َّ‬
‫ش ْرناها بِإسْحاقَ ِ‬ ‫﴿وام َرأتُهُ قائِ َمةٌ فَ َ‬
‫ض ِح َك ْ‬ ‫ْ‬
‫ْف يُ ْعقَ ُل‬ ‫وأن إسْحاقَ َي ِل ُد َي ْعقُ َ‬
‫وب‪ ،‬فَ َكي َ‬ ‫س َل اللَّ ِه ِمنَ ال َمالئِ َك ِة َب َّ‬
‫ش َرتْها ِبإسْحاقَ ‪َّ ،‬‬ ‫ُر ُ‬
‫يش َحتّى‬ ‫ير‪ ،‬وهو ِع ْن َدهُ ِع ْل ٌم يَ ِق ٌ‬
‫ين بِأ َّنهُ يَ ِع ُ‬ ‫أن يُؤْ َم َر إبْرا ِهي ُم بِ َذب ِْح ِه‪ ،‬وهو َ‬
‫ص ِغ ٌ‬ ‫ْ‬
‫َي ِل َد َي ْعقُ َ‬
‫وب‪.‬‬
‫ص َدقَ‬ ‫ت ا ْف َع ْل َما تُؤْ َم ُر َست َِج ُدنِي ِإ ْن شَا َء اللَّهُ ِمنَ ال َّ‬
‫صا ِب ِرينَ ﴾ َو َ‬ ‫﴿قَا َل َيا أَ َب ِ‬
‫ع َد؛ َو ِل َهذَا قَا َل اللَّهُ تَعَالَى‪َ :‬‬
‫﴿وا ْذ ُك ْر فِي‬ ‫ع َل ْي ِه‪ ،‬فِي َما َو َ‬
‫س َال ُمهُ َ‬ ‫صلَ َواتُ َّ‬
‫الل ِه َو َ‬ ‫َ‬
‫صادِقَ ْال َو ْعدِ﴾‬ ‫ْال ِكت َا ِ‬
‫ب ِإ ْس َما ِعي َل ِإنَّهُ َكانَ َ‬
‫﴿وفَ َديْناهُ بِ ِذبْحٍ َ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬ ‫َ‬

‫‪631‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ين ومنهُ س ّنةُ ْاَلُض ِْحيَّةَ‪ ،‬وأن النبي‬ ‫علَى أَنَّهُ فُد َ‬
‫ِي ِب َكب ٍْش َ‬
‫س ِم ٍ‬ ‫َوأ َ ْه ُل الت َّ ْف ِس ِ‬
‫ير َ‬
‫صلى الله عليه وسلم ابن الذبيحين‪.‬‬
‫علَ ٰى ُمو َ‬
‫س ٰى َو َه ٰـ ُرونَ }‬ ‫سلَ ٰـ ٌم َ‬
‫{ َ‬
‫حديث وائل بن حجر 《صلُّوا على النَّبيينَ إذا ذَ َك ْرت ُ ُمو ِني ‪ ،‬فإنَّ ُه ْم بُ ِعثُوا‬
‫كما بُ ِعثْتُ 》حسنه اَللباني‪.‬‬
‫علَى ِإ ْل َياسِينَ ﴾‬
‫سال ٌم َ‬
‫﴿ َ‬
‫علَى ْ‬
‫آل‬ ‫علَى ِإ ْد َراسِينَ " َوآخ َُرونَ ‪َ " :‬‬
‫سال ٌم َ‬ ‫ع ْب ُد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُودٍ‪َ " .‬‬
‫س َال ٌم َ‬ ‫َوقَ َرأ َ َ‬
‫يَاسِينَ "‬
‫كما يُقَالُ‪ِ :‬مي َكالُ‪َ ،‬و ِمي َكا ِئي ُل‪.‬‬
‫ت ُك ِلّها ْإل ُ‬
‫ياس‪.‬‬ ‫على َه ِذ ِه ال ِقراءا ِ‬
‫الجمهور‪ :‬ال ُمرا ُد َ‬
‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬إِ ْذ أَ َبقَ إِلَى ْالفُ ْل ِك ْال َم ْش ُح ِ‬
‫ون﴾‬
‫إنما ذُ ِ ّكرنا عنه أنه أذنب‪ ،‬وعاقبه اللّه مع كونه من الرسل الكرام‪ ،‬وأنه نجاه‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وأزال عنه المالم‪.‬‬
‫ظ ࣱ‬ ‫ب ٱ ۡل ُحو ِ‬
‫ت ِإ ۡذ نَا َد ٰى َو ُه َو َم ۡك ُ‬
‫وم{‬ ‫اح ِ‬
‫ص ِ‬‫}فَٱصۡ ِب ۡر ِل ُح ۡك ِم َر ِّب َك َو َال ت َ ُكن َك َ‬
‫بن َمتَّى‪ ".‬أخرجه البخاري "‬
‫س ِ‬‫ال َي ْن َب ِغي ِل َع ْب ٍد أ َ ْن َيقُو َل‪ :‬أَنَا َخي ٌْر ِمن يُونُ َ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَلَ ْوال أ َ َّنهُ َكانَ ِمنَ ْال ُم َ‬
‫س ِبّ ِحينَ }‬
‫سبْحان ََك ِإنِّي ُك ْنتُ ِمنَ َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ﴾‬ ‫ت ُ‬ ‫﴿ال ِإلهَ ِإ َّال أ َ ْن َ‬
‫َ‬

‫‪632‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َاء َي ْع ِر ْف َك فِي ال ِ ّش َّد ِة"‬ ‫َّاس‪ " :‬ت َ َعرف ِإ َلى اللَّ ِه فِي َّ‬
‫الرخ ِ‬ ‫عب ٍ‬‫ع ِن اب ِْن َ‬ ‫َوفِي َحدِي ٍ‬
‫ث َ‬
‫صححه اَللباني‪.‬‬
‫﴿وأ َ ْن َبتْنَا َعلَ ْي ِه َش َج َرة ً ِم ْن َي ْق ِط ٍ‬
‫ين﴾‬ ‫َ‬
‫عةُ نَبَاتِ ِه‪ ،‬وتظلي ُل َو َر ِق ِه ِل ِكبَ ِر ِه‪َ ،‬ونُعُو َمتِ ِه‪،‬‬ ‫ض ُه ْم فَ َوائِ َدهُ‪ِ ،‬م ْن َها‪ُ :‬‬
‫س ْر َ‬ ‫َوذَ َك َر بَ ْع ُ‬
‫اب‪َ ،‬و َج ْو َدة ُ أ َ ْغ ِذيَ ِة ث َ َم ِر ِه‪َ ،‬وأَنَّهُ يُؤْ َك ُل نَيِّئًّا َو َم ْ‬
‫طبُو ًخا بِلُ ِّب ِه‬ ‫َوأَنَّهُ َال يَ ْق َربُ َها ال ُّذبَ ُ‬
‫َو ِق ْش ِر ِه أَ ْي ً‬
‫ضا‪.‬‬
‫ت آ َجا ِل ِه ْم‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَلَ ْوال َكان ْ‬
‫َت‬ ‫ين﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ِ :‬إلَى َو ْق ِ‬ ‫َوقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬فَآ َمنُوا فَ َمت َّ ْعنَا ُه ْم ِإلَى ِح ٍ‬
‫َت فَنَفَعَ َها ِإي َمانُ َها ِإال قَ ْو َم يُونُ َ‬
‫س}‬ ‫قَ ْريَةٌ آ َمن ْ‬
‫{فَٱ ۡست َۡفتِ ِه ۡم أَ ِل َر ِبّ َك ٱ ۡل َبنَاتُ َولَ ُه ُم ٱ ۡل َبنُونَ }‬
‫ش َر أ َ َح ُد ُه ْم ِباَل ْنثَى َ‬
‫ظ َّل َوجْ ُههُ ُمس َْودًّا َو ُه َو َك ِظي ٌم﴾‬ ‫﴿ َو ِإذَا بُ ِ ّ‬
‫أَلَ ُك ُم الذَّ َك ُر َولَهُ اَل ْنثَى‪ِ .‬ت ْل َك ِإ ًذا ِق ْس َمةٌ ِ‬
‫ضيزَ ى﴾‬
‫من جهة جعلهم الولد للّه تعالى‪.‬‬
‫ومن جهة جعلهم أردأ القسمين وأخسهما له وهو البنات التي ال يرضونهن‬
‫َلنفسهم‪.‬‬
‫ومن جهة جعلهم المالئكة بنات اللّه‪ ،‬وحكمهم بذلك‪.‬‬
‫﴿و َجعَلُوا ْال َمالئِ َكةَ الَّذِينَ ُه ْم ِعبَا ُد َّ‬
‫الرحْ َم ِن إِنَاثًا}‬ ‫َ‬
‫﴿و َج َعلُوا َب ْي َنهُ َو َبيْنَ ْال ِج َّن ِة نَ َسبًا﴾ َقا َل ُم َجا ِهدٌ‪ :‬قَا َل ْال ُم ْش ِر ُكونَ ‪ :‬المالئكةُ‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ع ْنهُ‪ :‬فَ َم ْن أ ُ َّم َهات ُ ُه َّن؟ قَالُوا‪ :‬بَنَاتُ‬
‫ي اللَّهُ َ‬
‫ض َ‬ ‫سأ َ َل أَبُو بَ ْك ٍر‪َ ،‬ر ِ‬ ‫بناتُ اللَّ ِه‪ .‬فَ َ‬
‫س َروات ا ْل ِج ِّن‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪633‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اَلولِينَ ‪ .‬لَ ُكنَّا ِع َبا َد َّ‬


‫الل ِه‬ ‫﴿و ِإ ْن َكانُوا لَ َيقُولُونَ ‪ .‬لَ ْو أ َ َّن ِع ْن َدنَا ِذ ْك ًرا ِمنَ َّ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫س ُموا بِاللَّ ِه َج ْه َد أَ ْي َمانِ ِه ْم َلئِ ْن َجا َء ُه ْم نَذ ٌ‬
‫ِير‬ ‫﴿وأَ ْق َ‬
‫صينَ ﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬‫ْال ُم ْخلَ ِ‬
‫لَ َي ُكونُ َّن أ َ ْه َدى ِم ْن ِإحْ َدى اَل َم ِم}‬
‫﴿أَفَ ِب َع َذا ِبنَا يَ ْست َ ْع ِجلُونَ ﴾ بقولهم متى هذا الوعد؟‬
‫صبَا ُح ْال ُم ْنذَ ِرينَ ﴾‬ ‫﴿فَإِذَا نز َل بِ َسا َحتِ ِه ْم َف َ‬
‫سا َء َ‬
‫ص َبا ُح‬ ‫ت َخ ْي َب ُر ِإنَّا ِإذَا نَزَ ْلنَا ِب َ‬
‫سا َح ِة قَ ْو ٍم فَ َ‬
‫سا َء َ‬ ‫ي ﷺ‪" :‬اللَّهُ أ َ ْك َب ُر‪ ،‬خ َِر َب ْ‬
‫فَقَا َل ال َّن ِب ُّ‬
‫ْال ُم ْنذَ ِرينَ " البخاري ومسلم‬

‫سورة ص مكية‬

‫وف ت َ ْقد ُ‬
‫ِيرهُ‬ ‫س ِم َمحْ ذُ ٌ‬ ‫آن ذِي ال ِذّ ْك ِر﴾ قال الشيخ محمد الشنقيطي َج ُ‬
‫واب القَ َ‬ ‫﴿والقُ ْر ِ‬
‫اَلم ُر َكما يَقُولُهُ ال ُكفّ ُ‬
‫ار"‬ ‫"ما ْ‬
‫وقال ابن القيم إن الجواب محذوف تقديره "إن القرآن لحق"‬
‫﴿وإنَّهُ لَ ِذ ْك ٌر لَ َك و ِلقَ ْو ِم َك﴾‬
‫َ‬
‫واشتملت هذه السورة خصومات متعددة فأولها خصومة الكفار مع النبي ﷺ‬
‫﴿أجعل اآللهة إلها واحد﴾ إلى آخر كالمهم ثم اختصام الخصمين عند داود ثم‬
‫تخاصم أهل النار ثم اختصم المأل اَلعلى‪..‬‬

‫‪634‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى آ ِل َهتِ ُك ْم ِإ َّن َهذَا لَ َ‬


‫ش ْي ٌء يُ َرادُ﴾‬ ‫ص ِب ُروا َ‬ ‫طلَقَ ْال َمأل ِم ْن ُه ْم أ َ ِن ْام ُ‬
‫شوا َوا ْ‬ ‫﴿وا ْن َ‬
‫َ‬
‫ب َد َخ َل‬ ‫طا ِل ٍ‬‫ض أَبُو َ‬ ‫َّاس قال‪ :‬لما َم ِر َ‬ ‫ع ِن اب ِْن َعب ٍ‬ ‫ب نُ ُزو ِل َه ِذ ِه ْاآليَاتِ‪َ :‬‬ ‫سبَ ِ‬‫ِذ ْك ُر َ‬
‫ط ِم ْن قُ َري ٍْش ِفي ِه ْم أَبُو َج ْه ٍل فَقَالُوا‪ِ :‬إ َّن ابْنَ أ َ ِخ َ‬
‫يك َي ْشت ُ ُم آ ِل َهتَنَا َو َي ْف َع ُل‬ ‫علَ ْي ِه َر ْه ٌ‬
‫َ‬
‫ي ﷺ فَ َد َخ َل‬ ‫ث ِإلَ ْي ِه فَ َجا َء ال َّن ِب ُّ‬ ‫َويَ ْف َع ُل َويَقُو ُل َويَقُو ُل فَلَ ْو بَ َعثْ َ‬
‫ت ِإلَ ْي ِه فَنَ َه ْيتَهُ؟ فَبَ َع َ‬
‫ع ُمونَ أَنَّ َك‬ ‫ش ُكون ََك‪ ،‬يَ ْز ُ‬ ‫ب‪ :‬أَي ِ ابْنَ أ َ ِخي َما بَا ُل قَ ْو ِم َك يَ ُ‬ ‫طا ِل ٍ‬‫ْت‪...‬فَقَا َل لَهُ أَبُو َ‬ ‫ْالبَي َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه‬‫علَ ْي ِه ِمنَ ْالقَ ْو ِل َوت َ َكلَّ َم َر ُ‬
‫ت َ ْشت ُ ُم آ ِل َهت َ ُه ْم َوتَقُو ُل َوتَقُولُ؟ قَا َل‪َ :‬وأ َ ْكث َ ُروا َ‬
‫ِين لَ ُه ْم بِ َها ْال َع َر ُ‬
‫ب‬ ‫اح َدةٍ! يَقُولُونَ َها تَد ُ‬ ‫ع ِ ّم ِإ ِنّي أ ُ ِري ُد ُه ْم َ‬
‫علَى َك ِل َم ٍة َو ِ‬ ‫ﷺ فَقَا َل‪ " :‬يَا َ‬
‫َوت ُ َؤ ّدِي إِ َل ْي ِه ْم بِ َها ْالعَ َج ُم ْال ِج ْزيَةَ" فَفَ ِز ُ‬
‫عوا ِل َك ِل َمتِ ِه َو ِلقَ ْو ِل ِه َوقَالُوا َك ِل َمةً َو ِ‬
‫اح َدةً!‬
‫ب َوأَ ُّ‬
‫ي َك ِل َم ٍة ِه َ‬
‫ي َيا ابْنَ‬ ‫ي؟ َوقَا َل أَبُو َ‬
‫طا ِل ٍ‬ ‫ع ْش ًرا فَقَالُوا‪َ :‬و َما ِه َ‬ ‫نَ َع ْم َوأ َ ِب َ‬
‫يك َ‬
‫"ال ِإلَهَ ِإ َّال ال َّلهُ" فَقَا ُموا فَ ِزعِينَ يَ ْنفُضُونَ ِثيَابَ ُه ْم َو ُه ْم يَقُولُونَ ‪:‬‬
‫أ َ ِخي؟ فَقَا َل‪َ :‬‬
‫اب﴾‬
‫ع َج ٌ‬ ‫احدًا ِإ َّن َه َذا َلش ْ‬
‫َي ٌء ُ‬ ‫﴿أ َ َج َع َل اآل ِل َهةَ ِإ َل ًها َو ِ‬
‫س ِم ْعنَا ِب َه َذا فِي ْال ِملَّ ِة ِ‬
‫اآلخ َر ِة﴾ قيل يَ ْعنُونَ دِينَ قُ َري ٍْش‪ .‬وقيل‬ ‫َوقَ ْولُ ُه ْم‪َ ﴿ :‬ما َ‬
‫ص َرانِ َّيةَ‪.‬‬
‫يَ ْعنُونَ ال َّن ْ‬
‫علَ ْي ِه ال ِذّ ْك ُر ِم ْن َب ْي ِننَا﴾ َك َما قَالُوا ِفي ْاآل َي ِة ْاَل ُ ْخ َرى‪﴿ :‬لَ ْوال نز َل‬
‫قَ ْولُ ُه ْم‪﴿ :‬أَؤُنز َل َ‬
‫علَى َر ُج ٍل ِمنَ ْالقَ ْريَتَي ِْن َ‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬ ‫َهذَا ْالقُ ْر ُ‬
‫آن َ‬
‫{أ َ ۡم ِعن َد ُه ۡم خَزَ ۤا ِٕى ُن َر ۡح َم ِة َربِّ َك} ﴿أ َ ُه ْم يَ ْق ِس ُمونَ َرحْ َمةَ َربِّ َك}‬
‫ب﴾‬‫{ ُج ْن ٌد َما ُهنَا ِل َك َم ْه ُزو ٌم ِمنَ اَلحْ زَ ا ِ‬
‫سيُ ْهزَ ُم ْال َج ْم ُع َويُ َولُّونَ ال ُّدبُ َر﴾‬ ‫﴿أ َ ْم يَقُولُونَ نَحْ ُن َج ِمي ٌع ُم ْنت ِ‬
‫َص ٌر َ‬

‫‪635‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب﴾ َك َما قَالُوا‪﴿ :‬اللَّ ُه َّم ِإ ْن َكانَ‬ ‫سا ِ‬‫طنَا َق ْب َل َي ْو ِم ْال ِح َ‬


‫ع ِ ّج ْل لَنَا قِ َّ‬
‫﴿وقَالُوا َربَّنَا َ‬‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ب أ َ ِل ٍيم﴾‬
‫اء أ َ ِو ائْتِنَا بِ َعذَا ٍ‬ ‫علَ ْينَا ِح َج َ‬
‫ارة ً ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫َهذَا ُه َو ْال َح َّق ِم ْن ِع ْند َ‬
‫ِك فَأ َ ْم ِط ْر َ‬
‫علَ ٰى َما َيقُولُونَ َوٱ ۡذ ُك ۡر َ‬
‫ع ۡب َدنَا َد ُاوۥ َد ذَا ٱ َۡل َ ۡي ِد} َو ْاَل َ ْيدُ‪ْ :‬القُ َّوة ُ ِفي ْال ِع ْل ِم‬ ‫﴿ٱصۡ ِب ۡر َ‬
‫ص َال ِة ِإلَى اللَّ ِه‬ ‫الل ِه ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪" :‬أ َ َحبُّ ال َّ‬ ‫سو ِل َّ‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫َو ْال َع َم ِل‪َ .‬وفِي ال َّ‬
‫ص ِحي َحي ِْن َ‬
‫ف َّ‬
‫الل ْي ِل َويَقُو ُم‬ ‫ص َ‬ ‫صيَا ُم َد ُاو َد َكانَ َينَا ُم ِن ْ‬ ‫صيَ ِام إِلَى اللَّ ِه ِ‬‫ص َالة ُ َد ُاو َد َوأ َ َحبُّ ال ِ ّ‬
‫َ‬
‫صو ُم َي ْو ًما َويُ ْف ِط ُر َي ْو ًما َو َال َي ِف ُّر ِإ َذا َالقَى"‬
‫سهُ َو َكانَ َي ُ‬ ‫ثُلُثَهُ َو َينَا ُم ُ‬
‫س ُد َ‬
‫ق ☆ َو َّ‬
‫الطي َْر‬ ‫ي ِ َواْل ْش َرا ِ‬ ‫س َّخ ْرنَا ْال ِجبَا َل َمعَهُ يُ َسبِّحْ نَ ِب ْالعَ ِش ّ‬‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬إِنَّا َ‬
‫ور‪.‬‬ ‫يح ِه َوت ُ َر ِ ّج ُع بِت َْر ِجي ِع ِه َو ُه َو َيت ََرنَّ ُم بِ ِق َرا َءةِ َّ‬
‫الزبُ ِ‬ ‫ورةً﴾ أَ ْ‬
‫ي‪ :‬ت ُ َسبِّ ُح بِتَ ْسبِ ِ‬ ‫ش َ‬‫َمحْ ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم "َل َ ِبي ُمو َ‬
‫سى‪ :‬لو َرأَ ْيت َ ِني َوأَنَا أَ ْست َِم ُع‬ ‫قا َل َرسو ُل الل ِه َ‬
‫ير آ ِل َد ُاو َد‪ ".‬أخرجه البخاري‬ ‫ارا ِمن َمزَ ِام ِ‬ ‫ار َحةَ‪ ،‬لقَ ْد أُوتِ َ‬
‫يت ِم ْز َم ً‬ ‫ِل ِق َرا َءتِ َك ال َب ِ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫طنَةَ أو ْال ِح ْك َمةَ َو ْال َع ْد َل‪ :‬أو‬
‫﴿وآتَ ْينَاهُ ْال ِح ْك َمةَ﴾ َي ْع ِني‪ْ :‬الفَ ْه َم َو ْال َع ْق َل َو ْال ِف ْ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫النُّبُ َّوة ُ‪.‬‬
‫ص ُل فِي ْال َك َال ِم َوفِي ْال ُح ْك ِم‪.‬‬‫ب﴾ ُه َو ْال َف ْ‬ ‫ص َل ْال ِخ َ‬
‫طا ِ‬ ‫﴿وفَ ْ‬ ‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫َّاس أَنَّهُ قَا َل رأيتُ‬
‫عب ٍ‬ ‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫َاب ۩ } َ‬ ‫قوله { َفٱ ۡست َۡغ َف َر َربَّهُۥ َوخ ََّر َرا ِكعا َوأَن َ‬
‫عباس ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫رسو َل الل ِه صلَّى اللهُ علي ِه وسلَّ َم يسجد في ( ص ) ‪ .‬قال ُ‬
‫ابن‬
‫عزائم السجودِ" صححه اَللباني في صحيح الترمذي‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وليست من‬

‫‪636‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وعنه في قوله ﴿أُولَئِ َك الَّذِينَ َه َدى اللَّهُ فَ ِب ُه َدا ُه ُم ا ْقت َ ِد ِه﴾ فَ َكانَ َد ُاو ُد َ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‬
‫ِي ِب ِه" أصله في الصحيح‪.‬‬ ‫ِم َّم ْن أ ُ ِم َر نَبِيُّ ُك ْم ﷺ أ َ ْن يَ ْقتَد َ‬
‫ي صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم سج َد في ص وقا َل‪َ :‬سج َدها داو ُد‬
‫أن النَّب َّ‬
‫وعنه أيضا َّ‬
‫توبةً ‪ ،‬ونَسجدُها ُ‬
‫ش ْك ًرا" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫ب﴾ قال ابن القيم رحمه الله‪.‬‬ ‫إن لَهُ ِع ْن َدنا لَ ُز ْلفى و ُحسْنَ َمآ ٍ‬
‫﴿و َّ‬
‫قوله َ‬
‫زاء‪ ".‬بأن العبد "‬ ‫ب ُحس ُْن الثَّوا ِ‬
‫ب وال َج ِ‬ ‫ب‪ ،‬و ُحس ُْن ال َمآ ِ‬‫نزلَةُ القُ ْر ِ‬ ‫فالز ْلفى َم ِ‬
‫ُّ‬
‫ترتفع منزلته بعد التوبة‪.‬‬
‫ع ْن ِذ ْك ِر َربِّي} يَ ْعنِي بِ ْال َخي ِْر ْال َخ ْي َل‪.‬‬ ‫{إِ ِنّي أَحْ َببْتُ ُحبَّ ْال َخي ِْر َ‬
‫ض َها‬ ‫س ِرينَ أَنَّهُ ا ْشتَغَ َل ِب َع ْر ِ‬ ‫ف َو ْال ُمفَ ِ ّ‬‫س َل ِ‬‫اح ٍد ِمنَ ال َّ‬
‫غي ُْر َو ِ‬‫قال ابن كثير‪ :‬ذَ َك َر َ‬
‫ط ُع ِب ِه أ َ َّنهُ لَ ْم يَتْ ُر ْك َها َ‬
‫ع ْمدًا بَ ْل نِ ْس َيانًا‬ ‫ص ِر َوالَّذِي يُ ْق َ‬‫ص َالةِ ْال َع ْ‬
‫ات َو ْقتُ َ‬
‫َحتَّى فَ َ‬
‫ص َّالهَا َب ْع َد ْالغُ ُرو ِ‬
‫ب‬ ‫ص َال ِة ْال َع ْ‬
‫ص ِر َحتَّى َ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫ي ﷺ َي ْو َم ْال َخ ْن َد ِ‬
‫ق َ‬ ‫ش ِغ َل ال َّن ِب ُّ‬
‫َك َما ُ‬
‫ص ِحي َحي ِْن ‪ .‬ورجحه‪.‬‬ ‫َوذَ ِل َك ث َا ِب ٌ‬
‫ت فِي ال َّ‬
‫س"‬
‫ش ْم َ‬ ‫ت" أَي ِ ْال َخ ْي ُل فِي ْال ُم َ‬
‫سابَقَ ِة‪ .‬وقيل يَ ْع ِني ال َّ‬ ‫َحتَّى ت َ‬
‫َوار ْ‬
‫س ُح َها َم ْس ًحا"‬ ‫ي فَأ َ ْق َب َل َي ْم َ‬
‫ط ِفقَ َمسْحاً" أ َ ْ‬ ‫ي فَ َ‬ ‫علَ َّ‬
‫ُردُّوها َ‬
‫ط ُع أُذِنَ َلهُ ِفي قَتْ ِل َها‪.‬‬ ‫َوقِي َل‪ْ :‬ال َم ْس ُح ها هنا ُه َو ْالقَ ْ‬
‫ࣰ‬
‫َاب﴾‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سدا ث َّم أن َ‬ ‫علَ ٰى ُك ۡر ِسيِّ ِهۦ َج َ‬ ‫سلَ ۡي َم ٰـنَ َوأ َ ۡلقَ ۡينَا َ‬
‫{ َولَقَ ۡد فَتَنَّا ُ‬

‫‪637‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫طوفَ َّن اللَّ ْيلَةَ علَى‬‫سال ُم‪ََ :‬ل َ ُ‬‫داو َد عليهما ال َّ‬ ‫بن ُ‬ ‫سلَي ُ‬
‫ْمان ُ‬ ‫حديث أبي هريرة "قا َل ُ‬
‫الل ِه‪ ،‬فقا َل له‬‫سبي ِل َّ‬ ‫بفار ٍس يُجا ِه ُد في َ‬ ‫ِمئ َ ِة ْام َرأَةٍ‪ْ ،‬أو تِسْعٍ وتِ ْسعِينَ ُكلُّ ُه َّن‪ ،‬يَأْتي ِ‬
‫منهن َّإال ْام َرأَة ٌ ِ‬
‫واح َدةٌ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫إن شا َء اللَّهُ‪ ،‬فَلَ ْم َيحْ ِم ْل‬ ‫إن شا َء َّ‬
‫اللهُ‪ ،‬فَلَ ْم َيقُ ْل ْ‬ ‫صاحبُهُ‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫اللهُ‪ ،‬لَجا َهدُوا في‬ ‫إن شا َء َّ‬ ‫س ُم َح َّم ٍد ب َي ِد ِه‪ ،‬لو قا َل‪ْ :‬‬‫ق َر ُج ٍل‪ ،‬والذي نَ ْف ُ‬ ‫ت ب ِش ّ ِ‬‫جا َء ْ‬
‫سبي ِل اللَّ ِه‪ ،‬فُ ْرسانًا أجْ َمعُونَ " أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫َ‬
‫ت ْال َو َّه ُ‬
‫اب﴾‬ ‫﴿وهَبْ ِلي ُم ْل ًكا َال َي ْن َب ِغي َل َح ٍد ِم ْن َب ْعدِي ِإنَّ َك أ َ ْن َ‬
‫قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ار َحةَ ‪ْ -‬أو َك ِل َمةً نَحْ َوهَا‬ ‫ي البَ ِ‬ ‫علَ َّ‬ ‫الج ِّن تَ َفلَّ َ‬
‫ت َ‬ ‫إن ِع ْف ِريتًا ِمنَ ِ‬ ‫حديث أبى هريرة َّ‬
‫ار َي ٍة ِمن‬
‫س ِ‬‫طهُ إلى َ‬ ‫أربِ َ‬‫أن ْ‬ ‫فأردْتُ ْ‬ ‫فأم َك َننِي اللَّهُ منه‪َ ،‬‬ ‫ص َالةَ‪ْ ،‬‬ ‫ي ال َّ‬ ‫‪ِ -‬ليَ ْق َ‬
‫ط َع َعلَ َّ‬
‫أخي‬ ‫ظ ُروا إ َل ْي ِه ُكلُّ ُك ْم‪َ ،‬ف َذ َك ْرتُ قَ ْو َل ِ‬
‫ص ِب ُحوا وتَ ْن ُ‬‫س َو ِاري ال َمس ِْج ِد حتَّى ت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫سلَ ْي َمانَ ‪{ :‬قا َل َربّ ِ ا ْغ ِف ْر لي وهَبْ لي ُم ْل ًكا ال يَ ْنبَ ِغي َل َح ٍد ِمن بَ ْعدِي} في‬
‫ُ‬
‫الصحيحين‪.‬‬
‫اب﴾ قَا َل ْال َح َ‬
‫س ُن‬ ‫ص َ‬‫ْث أ َ َ‬
‫الري َح تَجْ ِري ِبأ َ ْم ِر ِه ُرخَا ًء َحي ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َ‬
‫س َّخ ْرنَا لَهُ ِ ّ‬
‫ضهُ‬ ‫ض ًبا ِل َّل ِه‪َ ،‬‬
‫ع َّز َو َج َّل َ‬
‫ع َّو َ‬ ‫ان ْال َخ ْي َل َ‬
‫غ َ‬ ‫س َل ْي َم ُ‬ ‫ي َر ِح َمهُ اللَّهُ‪ :‬لَ َّما َ‬
‫عقَ َر ُ‬ ‫ْالبَ ْ‬
‫ص ِر ُّ‬
‫ش ْه ٌر‪.‬‬
‫ش ْه ٌر َو َر َوا ُح َها َ‬ ‫لري ُح َّال ِتي ُ‬
‫غد ُُّوهَا َ‬ ‫اللَّهُ َما ُه َو َخي ٌْر ِم ْن َها َوأَس َْرعُ ا ِ ّ‬
‫خيرا منه》صححه اَللباني‪.‬‬ ‫ترك شيئًا لل ِه ‪َّ ،‬‬
‫عوضهُ اللهُ ً‬ ‫《من َ‬
‫سلَيْمانَ‬
‫﴿و ِل ُ‬
‫أصاب﴾ وقوله َ‬
‫َ‬ ‫أم ِر ِه ُرخا ًء َحي ُ‬
‫ْث‬ ‫س َّخ ْرنا لَهُ ِ ّ‬
‫الري َح تَجْ ِري بِ ْ‬ ‫قوله ﴿فَ َ‬
‫عاصفَةً تَجْ ِري ِب ْ‬
‫أم ِر ِه}‬ ‫ِ‬ ‫الري َح‬
‫ِّ‬

‫‪638‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف و َي ْشت َ َّد ُهبُوبُها في َّأو ِل ْ‬


‫اَلم ِر‪،‬‬ ‫ص َ‬ ‫اَلولُ‪ْ :‬‬
‫أن ت َ ْع ِ‬ ‫الجمع بينهما ِمن وجْ َهي ِْن‪َّ :‬‬
‫أصاب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ت بِ ِه ُرخا ًء َحي ُ‬
‫ْث‬ ‫سار ْ‬ ‫فَإذا ْ‬
‫ارت َ َف َع َ‬
‫ب ما يُ ِري ُد و َيحْ ت َ ِك ُم‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫الثّا ِني‪ :‬أن هبو ِبها َ‬
‫على َح َ‬
‫ع َذا ٍ‬
‫ب}‪ ،‬تأدبا مع الله كما في الحديث‬ ‫ب َو َ‬ ‫ان ِبنُ ْ‬
‫ص ٍ‬ ‫ط ُ‬‫ش ْي َ‬
‫ي ال َّ‬ ‫قوله { ِإنِّي َم َّ‬
‫سنِ َ‬
‫ب فِي َما ِلي َو َولَدِي‪.‬‬
‫عذَا ٍ‬
‫ب فِي بَ َد ِني َو َ‬ ‫"والشر ليس إليك" ِقي َل‪ِ :‬بنُ ْ‬
‫ص ٍ‬
‫ثماني عشرة َ سنةً ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُّوب لبث به بالؤُ ه‬
‫ي الل ِه أي َ‬ ‫َّ‬
‫"إن نب َّ‬ ‫حديث أنس بن مالك‬
‫القريب والبعي ُد ‪َّ ،‬إال َرجلَيْن من إخوانِه كانا يغدوان إليه ويروحان ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فرفضه‬
‫ُّوب ذنبًا ما أذنبه أح ٌد‬
‫يوم ‪ :‬تعل ُم والل ِه لقد أذنب أي ُ‬
‫ذات ٍ‬
‫فقال أحدُهما لصاحبِه َ‬
‫ثماني عشرة َ سنةً لم‬
‫َ‬ ‫من العالمين ‪ ،‬فقال له صاحبُه ‪ :‬وما ذاك ؟ قال ‪ :‬منذ‬
‫الرج ُل حتَّى ذكر‬
‫ُّوب لم يصبِ ِر َّ‬
‫ف ما به ‪ ،‬فل َّما راحا إلى أي َ‬
‫ير َح ْمه اللهُ فيك ِش َ‬
‫أن اللهَ تعالَى يعل ُم أ ِنّي كنتُ‬
‫ُّوب ‪ :‬ال أدري ما تقوالن غير َّ‬
‫ذلك له ‪ ،‬فقال أي ُ‬
‫فأرج ُع إلى بيتي فأُك ِفّ ُر عنهما كراهيةَ‬
‫ِ‬ ‫بالرجلَيْن يتنازعان ‪ ،‬فيذكران اللهَ‬
‫أمر َّ‬
‫ُّ‬
‫ضى حاجتَه‬
‫يخر ُج إلى حاج ِته فإذا ق َ‬
‫حق ‪ ،‬قال ‪ :‬وكان ُ‬ ‫أن يُذ َك َر اللهُ َّإال في ّ ٍ‬
‫يوم أبطأ عليها وأُوحي إلى‬
‫ذات ٍ‬ ‫أمسكته امرأتُه بيدِه حتَّى يبلُ َغ ‪ ،‬فل َّما كان َ‬
‫اب فاستبطأته ‪ ،‬فتل َّقته تن ُ‬
‫ظ ُر‬ ‫ض بِ ِرجْ ِل َك َهذَا ُم ْغت َ َ‬
‫س ٌل َبا ِر ٌد َوش ََر ٌ‬ ‫ار ُك ْ‬
‫ُّوب أن ْ‬
‫أي َ‬
‫ُ‬
‫أحسن ما كان ‪ ،‬فل َّما رأته‬ ‫البالء وهو‬
‫ِ‬ ‫وقد أقبل عليها قد أذهب اللهُ ما به من‬
‫ي الل ِه هذا ال ُمبتلَى ‪ ،‬والل ِه على ذلك‬
‫رأيت نب َّ‬
‫َ‬ ‫أي بارك اللهُ فيك ‪ ،‬هل‬
‫قالت ‪ْ :‬‬
‫ما رأيتُ أشبهَ منك إذ كان صحي ًحا ‪ ،‬فقال ‪ :‬فإ ِنّي أنا هو‪ "..‬صححه اَللباني‪.‬‬

‫‪639‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب﴾ قَا َل ْال َح َ‬


‫س ُن‬ ‫﴿و َو َه ْبنَا َلهُ أ َ ْهلَهُ َو ِمثْلَ ُه ْم َم َع ُه ْم َرحْ َمةً ِمنَّا َو ِذ ْك َرى َلو ِلي ْ‬
‫اَلل َبا ِ‬ ‫َ‬
‫َوقَت َا َدةُ‪ :‬أَحْ َيا ُه ُم اللَّهُ ت َ َعالَى َلهُ بِأ َ ْع َيانِ ِه ْم َوزَ ا َد ُه ْم ِمثْلَ ُه ْم َم َع ُه ْم‪.‬‬
‫َث﴾ َوذَ ِل َك أ َ َّن أَي َ‬
‫ُّوب َعلَ ْي ِه‬ ‫ض ْغثًا فَاض ِْربْ ِب ِه َوال تَحْ ن ْ‬ ‫ِك ِ‬‫﴿و ُخ ْذ ِب َيد َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫علَ ْي َها فِي أ َ ْم ٍر فَ َعلَتْهُ‪.‬‬
‫ب َعلَى زَ ْو َجتِ ِه َو َو َج َد َ‬ ‫س َال ُم َكانَ قَ ْد غ ِ‬
‫َض َ‬ ‫ال َّ‬
‫ص ٍة ِذ ْكرى الد ِ‬
‫ّار﴾ قال ابن القيم رحمه الله‬ ‫أخلَ ْ‬
‫صناهم بِخا ِل َ‬ ‫قوله تعالى‪﴿ :‬إنّا ْ‬
‫صةٍ‪ ،‬وهو ال ِذّ ْك ُر ال َج ِمي ُل الَّذِي يُ ْذ َك ُرونَ ِب ِه في َه ِذ ِه‬
‫صي َ‬
‫صناهم ِب ِخ ِ ّ‬
‫ص ْ‬
‫أي‪َ :‬خ َ‬
‫ْ‬
‫ّار‪.‬‬
‫الد ِ‬
‫وقول ثاني‪ :‬إنا أخلصناهم بأفضل ما في الدار اآلخرة واختصصناهم به عن‬
‫العالمين‪.‬‬
‫ار‬
‫ص ِ‬ ‫عن ابن عباس‪ ،‬قوله ﴿أُو ِلي اَل ْيدِي﴾ يقول‪ :‬أولي ّ‬
‫القوة والعبادة‪ ،‬واَل ْب َ‬
‫يقول‪ :‬الفقه في الدين‪.‬‬
‫اْلدراك وكمال التنفيذ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وهذا كمال‬
‫ْواب﴾ { َحت َّ ٰۤى ِإذَا َج ۤا ُءوهَا َوفُ ِت َح ۡت أَ ۡب َو ٰ⁠بُ َها }‬
‫ع ْد ٍن ُمفَت َّ َحةً لَ ُه ُم اَلب ُ‬ ‫قوله ﴿ َجنّا ِ‬
‫ت َ‬
‫قال ابن القيم "فإن في تفتيح اَلبواب لهم إشارة إلى تصرفهم وذهابهم‬
‫وإيابهم وتبوئهم في الجنة حيث شاؤوا‪ ،‬ودخول المالئكة عليهم كل وقت‬
‫بالتحف واَللطاف من ربهم‪ ،‬ودخول ما يسرهم عليهم كل وقت‪ .‬وأيضا فيه‬
‫ب}‬ ‫{وٱ ۡل َملَ ٰۤـ ِٕى َكةُ يَ ۡد ُخلُونَ َ‬
‫علَ ۡي ِهم ِّمن ُك ِّل بَا ࣲ‬ ‫إشارة إلى أنها دار أمن‪َ "..‬‬
‫ع َل ْي ِه ْم‬
‫وأما النار فإذا دخلها أهلها أغلقت عليهم أبوابها‪ .‬كما قال تعالى‪﴿ :‬إنَّها َ‬
‫ص َدةٌ﴾‬
‫ُمؤْ َ‬
‫‪640‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اق ما سا َل ِمن ُجلُو ِد أ ْه ِل النّ ِ‬


‫ار ِمنَ القَيْحِ‬ ‫س ُ‬ ‫س ٌ‬
‫اق﴾والغَ ّ‬ ‫غ ّ‬ ‫﴿هَذا فَ ْل َيذُوقُوهُ َح ِمي ٌم و َ‬
‫ير‪.‬‬ ‫صدِيدِ‪ .‬و ِقي َل‪ :‬هو َّ‬
‫الز ْم َه ِر ُ‬ ‫وال َّ‬
‫ع َّز َو َج َّل‬ ‫ض ْعفًا ِفي النَّ ِ‬
‫ار﴾ َك َما قَا َل َ‬ ‫عذَا ًبا ِ‬ ‫﴿قَالُوا َربَّنَا َم ْن َقد ََّم لَنَا َه َذا فَ ِز ْدهُ َ‬
‫ار قَا َل‬ ‫ض ْعفًا ِمنَ ال َّن ِ‬ ‫ض ُّلونَا فَآتِ ِه ْم َ‬
‫عذَابًا ِ‬ ‫ت أ ُ ْخ َرا ُه ْم َلوال ُه ْم َربَّنَا َهؤ ِ‬
‫ُالء أ َ َ‬ ‫﴿قَا َل ْ‬
‫ف َولَ ِك ْن َال ت َ ْعلَ ُمونَ ﴾‬ ‫ِل ُك ٍّل ِ‬
‫ض ْع ٌ‬
‫سو ُل َي ٰـ َربّ ِ ِإ َّن قَ ۡو ِمی‬ ‫ع ِظي ٌم ☆أَ ْنت ُ ْم َع ْنهُ ُم ْع ِرضُونَ ﴾ { َوقَا َل ٱ َّ‬
‫لر ُ‬ ‫﴿قُ ْل ُه َو َن َبأ ٌ َ‬
‫ࣰ‬
‫وا َه ٰـ َذا ٱ ۡلقُ ۡر َءانَ َمهۡ ُجورا}‬ ‫ٱت َّ َخذُ ۟‬
‫﴿و َما أَنَا ِمنَ ْال ُمت َ َك ِلّفِينَ ﴾‬ ‫َ‬
‫ع ِل َم َش ْيئًا‬ ‫ع ْب َد اللَّ ِه بْنَ َم ْسعُو ٍد قَا َل‪َ :‬يا أ َ ُّي َها النَّ ُ‬
‫اس َم ْن َ‬ ‫ق قَا َل‪ :‬أَت َ ْينَا َ‬
‫ع ْن َمس ُْرو ٍ‬
‫َ‬
‫فَ ْل َيقُ ْل ِب ِه َو َم ْن َال َي ْعلَ ُم فَ ْل َيقُ ْل‪ :‬اللَّهُ أ َ ْعلَ ُم فَإِ َّن من العلم أن يقول الرجل لما ال‬
‫يَ ْعلَ ُم‪ :‬اللَّهُ أ َ ْعلَ ُم فَإ ِ َّن اللَّهَ َقا َل ِلنَبِيِّ ُك ْم ﷺ‪﴿ :‬قُ ْل َما أ َ ْسأَلُ ُك ْم َ‬
‫ع َل ْي ِه ِم ْن أَجْ ٍر َو َما أَنَا‬
‫ِمنَ ْال ُمت َ َك ِلّفِينَ ﴾ أخرجاه‪.‬‬
‫سئل اْلمام مالك بن أنس عن أربعين مسألة في دين الله ‪ ،‬فقال في ست‬
‫وثالثين منها ‪ :‬ال أدري‪ ،‬قال له السائل ‪ :‬ماذا أقول لقومي إذا رجعت إليهم‪،‬‬
‫وكأنه استعظم هذا القول من االمام مالك‪"..‬‬
‫فقال له مالك ‪ :‬قل لهم ‪ :‬إن مالك بن أنس يقول ‪ :‬ال أدري!!!"‬
‫وله مقولة شهيرة في الفتوى‪" :‬ال يفتي ومالك في المدينة"‬

‫‪641‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة الزمر مكية‬

‫ِين ْالخَا ِل ُ‬
‫ص﴾ فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه 《قا َل اللَّهُ‬ ‫﴿أَال ِللَّ ِه ال ّد ُ‬
‫ع َم ًال أ ْش َر َك فيه‬
‫ع ِم َل َ‬ ‫ع ِن ال ِ ّ‬
‫ش ْر ِك‪َ ،‬من َ‬ ‫كاء َ‬ ‫َبار َك وت َعالَى‪ :‬أنا أ ْغنَى ال ُّ‬
‫ش َر ِ‬ ‫ت َ‬
‫غيري‪ ،‬ت َ َر ْكتُهُ و ِش ْر َكهُ‪ 》.‬رواه مسلم‪.‬‬
‫َم ِعي ِ‬
‫وفيه قول ابن القيم رحمه الله بأن العمل ال يسمى عبادة خالصة اذا كانت‬
‫فيه شائبة‪..‬‬
‫شفَ َع ٰۤـ ُؤنَا ِعن َد‬ ‫{ويَقُولُونَ َه ٰۤـؤ َ ۤ‬
‫ُال ِء ُ‬ ‫الل ِه ُز ْلفَى﴾ كقوله َ‬
‫﴿ َما نَ ْعبُ ُد ُه ْم ِإال ِليُقَ ِ ّربُونَا ِإ َلى َّ‬
‫ٱللَّ ٰۚ ِه} وهذا باطل َلن الله يقول‬
‫ان{‬
‫ع ِ‬‫َّاع ِإذَا َد َ‬ ‫ب أ ُ ِجي ُ‬
‫ب َد ۡع َوة َ ٱلد ِ‬ ‫سأَلَ َك ِعبَا ِدی َ‬
‫عنِّی فَإِنِّی قَ ِري ٌ‬ ‫} َو ِإذَا َ‬
‫علَى اللَّ ْي ِل﴾ ُك ٌّل ِم ْن ُه َما يَ ْ‬
‫طلُ ُ‬
‫ب ْاآلخ ََر‬ ‫ار َ‬ ‫علَى النَّ َه ِ‬
‫ار َويُ َك ّ ِو ُر النَّ َه َ‬ ‫﴿يُ َك ّ ِو ُر َّ‬
‫الل ْي َل َ‬
‫ار َي ْ‬
‫طلُبُهُ َحثِيثًا﴾‬ ‫ط َلبًا َحثِيثًا‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬يُ ْغ ِشي اللَّ ْي َل ال َّن َه َ‬ ‫َ‬
‫{وأ َ ْنزَ َل لَ ُك ْم ِمنَ ْاَل َ ْن ِ‬
‫عام} أي َخلَقَ َل ُك ْم‪ .‬وقيل إنزاال حقيقيا من الذكور‬ ‫قوله َ‬
‫إلى اْلناث عند التناسل‪.‬‬
‫﴿منَ الضَّأ ْ ِن اثْنَي ِْن ِ‬
‫ومنَ ال َم ْع ِز اثْنَي ِْن﴾‬ ‫والثَّمانِ َيةُ ْ‬
‫اَلزوا ُج هي ما في قَ ْو ِل ِه‪ِ :‬‬
‫ومنَ البَقَ ِر اثْ َني ِْن﴾‬
‫﴿ومنَ اْلبِ ِل اثْنَي ِْن ِ‬
‫ِ‬
‫ظ ْل َمةَ‬
‫ظ ْل َمةَ ْال َم ِشي َم ِة َو ُ‬ ‫ظ ْل َمةَ َّ‬
‫الر ِح ِم‪َ ،‬و ُ‬ ‫ت ثَالثٍ﴾ َي ْع ِني‪ُ :‬‬
‫ظلُ َما ٍ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬في ُ‬
‫ْالبَ ْ‬
‫ط ِن‪.‬‬

‫‪642‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض ٰى ِل ِع َبا ِد ِه ٱ ۡل ُك ۡف َر} َك َما قَا َل ُمو َ‬


‫سى‪:‬‬ ‫عن ُك ۡم َو َال َي ۡر َ‬
‫ی َ‬ ‫﴿ ِإن ت َۡكفُ ُر ۟‬
‫وا فَإ ِ َّن ٱللَّهَ َغنِ ٌّ‬
‫ض َج ِميعًا فَإ ِ َّن َّ‬
‫اللهَ لَغَنِ ٌّ‬
‫ي َح ِميدٌ﴾‬ ‫﴿ ِإ ْن ت َ ْكفُ ُروا أَ ْنت ُ ْم َو َم ْن فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬
‫س ُك ْم َو ِجنَّ ُك ْم‪َ ،‬كانُوا‬ ‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‪َ " :‬يا ِع َبادِي‪ ،‬لَ ْو أ َ َّن أ َ َّولَ ُك ْم َو ِ‬
‫آخ َر ُك ْم َو ِإ ْن َ‬ ‫َو ِفي َ‬
‫ص ذَ ِل َك ِم ْن ُم ْل ِكي َ‬
‫ش ْيئًا"‬ ‫علَى أ َ ْف َج ِر قَ ْل ِ‬
‫ب َر ُج ٍل ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬ما نَ َق َ‬ ‫َ‬
‫عا َربَّهُ ُمنِيبًا إِلَ ْي ِه﴾ يعني اْلنسان الخبيث‪.‬‬ ‫ض ٌّر َد َ‬
‫سانَ ُ‬ ‫س اْل ْن َ‬‫﴿وإِذَا َم َّ‬‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ࣰ‬
‫ش ُّر َج ُزوعا ☆ َو ِإذَا َم َّسهُ ٱ ۡل َخ ۡي ُر {‬
‫عا ☆ ِإذَا َم َّسهُ ٱل َّ‬ ‫۞ ِإ َّن ٱ ۡ ِْلن َ‬
‫س ٰـنَ ُخ ِلقَ َهلُو ً‬

‫عا ☆ ِإ َّال ٱ ۡل ُم َ‬
‫ص ِلّينَ }‬ ‫َمنُو ً‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫وا َر ۡح َمةَ َر ِّب ِهۦٰۗ}‬ ‫اجدا َوقَ ۤا ِٕىما َي ۡحذَ ُر ٱ ۡلـَٔ ِ‬
‫اخ َرةَ َو َي ۡر ُج ۟‬ ‫ت َءان َۤا َء ٱلَّ ۡي ِل َ‬
‫س ِ‬ ‫﴿أ َ َّم ۡن ُه َو قَ ٰـ ِن ٌ‬
‫الطعام‪،‬‬
‫َ‬ ‫السالم‪ ،‬وأَ ْ‬
‫ط ِع ُموا‬ ‫َ‬ ‫الناس أ َ ْف ُ‬
‫شوا‬ ‫ُ‬ ‫فيه حديث عبد الله بن سالم {أَيُّها‬
‫والناس ِن َيا ٌم‪ ،‬ت َ ْد ُخلوا الجنةَ ب َ‬
‫س َال ٍم} وأن الله ينزل في الثلث الخير من‬ ‫ُ‬ ‫صلُّوا‬
‫و َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال لشاب دخل‬ ‫الليل‪ .‬وحديث أنس بن مالك ّ‬
‫أن النب َّ‬
‫عليه وهو في الموت "كيف تجدك قال أرجو الله وأخاف ذنوبي قال رسول‬
‫الل ِه صلى الله عليه وسلم ال يجتمعان في قلب عبد في مثل هذه الحال إال‬
‫أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف" حسنه ابن العربي والمنذري‪.‬‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قُ ْل ه َْل َي ْست َ ِوي الَّذِينَ يَ ْعلَ ُمونَ َوالَّذِينَ َال يَ ْعلَ ُمونَ ﴾ فيه حديث أنس بن‬
‫مسلم" صححه اَللباني في صحيح‬ ‫ٍ‬ ‫العلم فريضةٌ على ك ِّل‬ ‫ِ‬ ‫"طلب‬
‫ُ‬ ‫مالك‬
‫الجامع‪.‬‬
‫سنُوا فِي َه ِذ ِه ال ُّد ْنيَا َح َسنَةٌ﴾‬
‫﴿قُ ْل يَا ِعبَا ِد الَّذِينَ آ َمنُوا اتَّقُوا َربَّ ُك ْم ِللَّذِينَ أَحْ َ‬

‫‪643‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ٰـ ُن﴾‬ ‫﴿ه َۡل َجزَ ۤا ُء ٱ ۡ ِْل ۡح َ‬


‫س ٰـ ِن ِإ َّال ٱ ۡ ِْل ۡح َ‬
‫وت أَن يَعۡ بُدُوهَا}‬ ‫لط ٰـغُ َ‬ ‫وا ٱ َّ‬ ‫﴿وٱلَّ ِذينَ ٱ ۡجتَنَبُ ۟‬‫َ‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله‪ :‬الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود‬
‫أو متبوع أو مط اع‪ ،‬فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله‪.‬‬
‫سنَهُ﴾ ‪ْ .‬‬
‫أظ َه ُر اَل ْقوا ِل في اآل َي ِة‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬الَّذِينَ يَ ْست َِمعُونَ القَ ْو َل فَ َيتَّبِعُونَ أحْ َ‬
‫سنَ ِة‪.‬‬
‫ب وال َّ‬ ‫أن ال ُمرا َد ِبالقَ ْو ِل‪ ،‬ما جا َء ِب ِه النَّ ِب ُّ‬
‫ي ﷺ‪ِ ،‬من وحْ ي ِ ال ِكتا ِ‬ ‫ال َك ِري َم ِة‪َّ ،‬‬
‫س ِن الَّذِي هو دُو َنهُ في‬ ‫سنَ ‪ ،‬الَّذِي هو أ َش ُّد ُح ْسنًا‪َ ،‬‬
‫على اَلحْ َ‬ ‫أي‪ :‬يُقَ ِ ّد ُمونَ اَلحْ َ‬
‫ْ‬
‫س ِن‪.‬‬
‫على ال َح َ‬ ‫سنَ ُم ْ‬
‫طلَقًا َ‬ ‫ال ُحس ِْن‪ ،‬ويُقَ ِ ّد ُمونَ اَلحْ َ‬
‫‪#‬اضواء البيان‬
‫ࣱ‬ ‫ُ ࣱ‬ ‫ُ ࣱ‬
‫غ َرف َّم ۡب ِنيَّة ت َۡج ِری ِمن ت َۡحتِ َها‬ ‫غ َرف ِّمن َف ۡوقِ َها‬ ‫﴿لَ ٰـ ِك ِن ٱلَّ ِذينَ ٱتَّقَ ۡو ۟ا َربَّ ُه ۡم لَ ُه ۡم‬
‫باطنُها‬
‫باط ِنها ‪ ،‬و ِ‬ ‫ظا ِه ُرها من ِ‬ ‫غ َرفًا يُ َرى َ‬ ‫ٱ َۡل َ ۡن َه ٰـ ُر } فيه حديث " ِإ َّن في الجن ِة ُ‬
‫هي يا رسو َل الل ِه ؟ قال ‪ِ :‬ل َم ْن‬ ‫ظا ِه ِرها ‪ .‬فقال أبو ما ِلكٍ اَل َ ْش َع ِر ُّ‬
‫ي ‪ِ :‬ل َم ْن َ‬ ‫من َ‬
‫الناس نِيا ٌم" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بات قائِ ًما و‬
‫ام ‪ ،‬و َ‬
‫الطعَ َ‬ ‫الم ‪ ،‬و أَ ْ‬
‫طعَ َم َّ‬ ‫اب ال َك َ‬
‫ط َ‬‫أَ َ‬
‫ور ِم ْن َر ِبّ ِه﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬ه َْل‬ ‫علَى نُ ٍ‬
‫ْالم فَ ُه َو َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أَفَ َم ْن ش ََر َح اللَّهُ َ‬
‫ص ْد َرهُ ِلْلس ِ‬
‫ب بِ ِعي ٌد ِمنَ ْال َح ّ ِ‬
‫ق؟‬ ‫يَ ْست َ ِوي َهذَا َو َم ْن ُه َو قَا ِسي ْالقَ ْل ِ‬
‫ص ۡد َرهُۥ ِل ۡ ِ‬
‫ْل ۡسلَ ٰـ ِم{‬ ‫}فَ َمن يُ ِر ِد ٱللَّهُ أَن يَهۡ ِديَهُۥ يَ ۡش َر ۡح َ‬
‫ش ِع ُّر ِم ْنهُ ُجلُو ُد الَّذِينَ َي ْخش َْونَ َربَّ ُه ْم ث ُ َّم تَ ِل ُ‬
‫ين ُجلُو ُد ُه ْم َوقُلُوبُ ُه ْم ِإلَى‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬ت َ ْق َ‬
‫ِذ ْك ِر اللَّ ِه﴾‬

‫‪644‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿ ِإنَّ َما ْال ُمؤْ ِمنُونَ الَّذِينَ ِإذَا ذُ ِك َر اللَّهُ َو ِجلَ ْ‬


‫ت قُلُوبُ ُه ْم َو ِإذَا ت ُ ِل َي ْ‬
‫ت َعلَ ْي ِه ْم آ َياتُهُ‬
‫}زَ ا َدتْ ُه ْم ِإي َما ًنا‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ص ّدِعا ِّم ۡن خ َۡش َي ِة ٱللَّ ٰۚ ِه‬ ‫{لَ ۡو أَنزَ ۡلنَا َه ٰـ َذا ٱ ۡلقُ ۡر َءانَ َ‬
‫علَ ٰى َج َب ࣲل لَّ َرأ َ ۡيتَهُۥ َخ ٰـ ِشعا ُّمتَ َ‬
‫اس لَ َعلَّ ُه ۡم يَتَفَ َّك ُرونَ }‬ ‫َوتِ ۡل َك ٱ َۡل َ ۡمث َ ٰـ ُل ن ۡ‬
‫َض ِربُ َها ِللنَّ ِ‬
‫سلَّ َم إ َذا‬
‫صلَّى اللَّهُ عليه َو َ‬
‫وفيه حديث جابر بن عبد الله كانَ َرسو ُل الل ِه َ‬
‫ضبُهُ‪ ،‬حتَّى َكأ َّنهُ ُم ْنذ ُِر َجي ٍْش‬ ‫غ َ‬ ‫ص ْوتُهُ‪َ ،‬وا ْشت َ َّد َ‬
‫ع َال َ‬
‫ع ْينَاهُ‪َ ،‬و َ‬
‫ت َ‬ ‫ب احْ َم َّر ْ‬ ‫َخ َ‬
‫ط َ‬
‫سا ُك ْم‪ ،‬ويقولُ‪ :‬بُ ِعثْتُ أَنَا َوال َّ‬
‫سا َعةُ َك َهات َ ْي ِن‪َ ،‬ويَ ْق ُر ُن بيْنَ‬ ‫صبَّ َح ُك ْم َو َم َّ‬
‫يقولُ‪َ :‬‬
‫َاب الل ِه‪،‬‬
‫ث ِكت ُ‬
‫فإن َخي َْر ال َحدي ِ‬ ‫صبَعَ ْي ِه ال َّسبَّابَ ِة‪َ ،‬و ْال ُو ْس َ‬
‫طى‪ ،‬ويقولُ‪ :‬أ َ َّما بَ ْعدُ‪َّ ،‬‬ ‫إ ْ‬
‫َو َخي ُْر ال ُه َدى ُه َدى ُم َح َّمدٍ‪ "...‬رواه مسلم‪.‬‬
‫ْس َهذَا ِمنَ‬‫قَ ْو ِل ِه‪ُ ﴿ :‬متَشَابِ ًها﴾ أي في اَلحكام والمعاني والبالغة واَلفاظ َولَي َ‬
‫ب َوأُخ َُر‬
‫ات ُه َّن أ ُ ُّم ْال ِكت َا ِ‬ ‫﴿م ْنهُ آ َي ٌ‬
‫ات ُمحْ َك َم ٌ‬ ‫ْال ُمتَشَا ِب ِه ْال َم ْذ ُك ِ‬
‫ور ِفي قَ ْو ِل ِه‪ِ :‬‬
‫ُمتَشَا ِب َه ٌ‬
‫ات﴾‬
‫ص َو ْال َم َوا ِع ُ‬
‫ظ َو ْاَلَحْ َكا ُم‪ ،‬واَلمثال والوعد‬ ‫ي" تُثَنَّى فِي ِه ْالقَ َ‬
‫ص ُ‬ ‫وقوله " َمثانِ َ‬
‫والوعيد‪.‬‬
‫صفَ ِة ْال َج َّن ِة‬
‫ض ِ ّد ِه‪َ ،‬ك ِذ ْك ِر ْال ُمؤْ ِمنِينَ ث ُ َّم ْال َكافِ ِرينَ ‪َ ،‬و َك ِ‬ ‫تكون بِ ِذ ْك ِر ال َّ‬
‫ش ْي ِء َو ِ‬ ‫ُ‬ ‫َارة ً‬
‫َوت َ‬
‫ار‪َ ،‬و َما أ َ ْشبَهَ َهذَا‪ ،‬فَ َهذَا ِمنَ ْال َمثَانِي‪.‬‬ ‫صفَ ِة النَّ ِ‬ ‫ث ُ َّم ِ‬
‫ش ِع ُّر ِم ْنهُ ُجلُو ُد ُه ْم ِمنَ‬ ‫ش ِع ُّر ِم ْنهُ ُجلُو ُد الَّذِينَ َي ْخش َْونَ َربَّ ُه ْم﴾ أ َ ْ‬
‫ي ت َ ْق َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ت َ ْق َ‬
‫ين ُجلُو ُد ُه ْم َوقُلُوبُ ُه ْم ِإلَى ِذ ْك ِر اللَّ ِه﴾ ِل َما يَ ْر ُجونَ‬ ‫ْال َخ ْشيَ ِة َو ْالخ َْو ِ‬
‫ف‪﴿ ،‬ث ُ َّم ت َ ِل ُ‬
‫ويُؤ ِّملون ِم ْن َرحْ َم ِت ِه َولُ ْ‬
‫ط ِف ِه‪.‬‬
‫‪645‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وعليه أكثر المفسرين كما نقله الواحدي‪.‬‬

‫ق﴾ قال الشيخ محمد الشنقيطي‪” :‬الَّذِي“ ت َأ ْ ِتي‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِي جا َء ِبال ِ ّ‬
‫ص ْد ِ‬
‫آن‪ ،‬قَ ْولُهُ‬
‫ب‪ ،‬فَ ِمن ْأمثِلَ ِة َذ ِل َك في القُ ْر ِ‬ ‫ِب َم ْعنى الَّذِينَ في القُ ْر ِ‬
‫آن وفي َك ِ‬
‫الم ال َع َر ِ‬
‫الز َم ِر َه ِذ ِه‪﴿ :‬والَّذِي جا َء بِال ِ ّ‬
‫ص ْد ِ‬
‫ق﴾‬ ‫ت َعالى في آيَ ِة ُّ‬
‫أن َي ُكونَ با ِقيًا َ‬
‫على‬ ‫وز ْ‬ ‫ع ِملُوا﴾ و(أس َْوأ) َي ُج ُ‬ ‫ع ْنهم أس َْوأ الَّذِي َ‬‫قَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬ليُ َك ِفّ َر اللَّهُ َ‬
‫علَ ْي ِه‪ ،‬فال ُمرا ُد ِبأس َْوأِ َ‬
‫ع َم ِل ِه ْم هو‬ ‫ضي ِل ِم ِن ا ْق ِت ِ‬
‫ضاء ُم َف َّ‬
‫ض ٍل َ‬ ‫ظا ِه ِر اس ِْم الت َّ ْف ِ‬
‫ع ْنهم ما دُونَهُ ِمن َسيِّ ِئ‬ ‫ع ْنهم أس َْوأ الَّذِي َ‬
‫ع ِملُوا َكفَّ َر َ‬ ‫سو ًءا‪ ،‬وإذا َكفَّ َر َ‬ ‫ظ ُمهُ ُ‬ ‫أ ْع َ‬
‫أعْما ِل ِه ْم ِب َدال َل ِة ال َفحْ وى‪.‬‬
‫ضلَ ِة‪.‬‬
‫وب ال ُمفا َ‬ ‫أن يَ ُكونَ أس َْوأ َم ْسلُ َ‬ ‫وز ْ‬ ‫ويَ ُج ُ‬
‫عدُونَهُ‬
‫سو َل َو َيت ََو َّ‬ ‫﴿ويُخ ّ َِوفُون ََك ِبالَّذِينَ ِم ْن دُو ِن ِه﴾ َي ْع ِني‪ْ :‬ال ُم ْش ِركِينَ يُخ ّ َِوفُونَ َّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫عونَ َها ِم ْن دُو ِن ِه‪ .‬كما في سورة اَلنعام‪ ،‬في قصة‬ ‫َام ِه ْم َوآ ِل َهتِ ِه ُم الَّتِي يَ ْد ُ‬
‫صن ِ‬‫ِبأ َ ْ‬
‫نبينا إبراهيم‪.‬‬
‫علَ ْي ِه ْم ِب َو ِكي ٍل}‬ ‫ت َ‬ ‫﴿و َما أ َ ْن َ‬
‫َ‬
‫علَ ۡي َك ِإ َّال ٱ ۡلبَ َل ٰـ ٰۗ ُغ{‬‫} ِإ ۡن َ‬
‫ضى‬ ‫َام َها فَيُ ْم ِسكُ الَّتِي قَ َ‬ ‫س ِحينَ َم ْوتِ َها َو َّالتِي لَ ْم ت َ ُم ْ‬
‫ت فِي َمن ِ‬ ‫َّ‬
‫﴿اللهُ يَت ََوفَّى اَل ْنفُ َ‬
‫﴿و ُه َو الَّذِي‬ ‫اَلخ َرى ِإلَى أ َ َج ٍل ُم َ‬
‫س ًّمى﴾ َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫ت َويُ ْر ِس ُل ْ‬‫علَ ْي َها ْال َم ْو َ‬
‫َ‬
‫ضى أ َ َج ٌل ُم َ‬
‫س ًّمى ث ُ َّم‬ ‫ار ث ُ َّم يَ ْب َعث ُ ُك ْم فِي ِه ِليُ ْق َ‬
‫الل ْي ِل َويَ ْعلَ ُم َما َج َرحْ ت ُ ْم بِالنَّ َه ِ‬ ‫يَت ََوفَّا ُك ْم بِ َّ‬
‫ِإ َل ْي ِه َم ْر ِجعُ ُك ْم ث ُ َّم يُ َن ِبّئ ُ ُك ْم‪}...‬‬
‫‪646‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضونَ َها ِمنَ‬ ‫س ْال َو َفاة َ ْال ُكب َْرى‪ِ ،‬ب َما يُ ْر ِس ُل ِمنَ ا ْل َحفَ َ‬
‫ظ ِة الَّذِينَ َي ْق ِب ُ‬ ‫اللهُ َيت ََوفَّى ْاَل َ ْنفُ َ‬
‫ص ْغ َرى ِع ْن َد ْال َمن َِام‪ .‬وهذا مما خالف ابن القيم شيخه ابن‬ ‫ان‪َ ،‬و ْال َوفَاة َ ال ُّ‬
‫ْاَل َ ْب َد ِ‬
‫تيمية رحمهما الله‪ .‬وعليه الجمهور‪.‬‬
‫عن ابن عباس في هذه اآلية قال‪ :‬بلغني أن أرواح اَلحياء واَلموات تلتقي‬
‫في المنام فيتساءلون بينهم فيمسك ّ‬
‫الله أرواح الموتى ويرسل أرواح اَلحياء‬
‫إلى أجسادها‪.‬‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪ِ " :‬إ َذا أ َ َوى أ َ َح ُد ُك ْم ِإ َلى فِ َرا ِش ِه ْفلي ْنفُضْه ِب َد ِ‬
‫اخلَ ِة ِإزَ ِار ِه‪ ،‬فَإ ِ َّنهُ‬ ‫قَا َل َر ُ‬
‫ض ْعتُ َج ْنبِي‪َ ،‬وبِ َك أ َ ْرفَعُهُ‪ ،‬إِ ْن‬ ‫علَ ْي ِه‪ ،‬ث ُ َّم ِليَقُ ْل‪ :‬بِاس ِْم َك َربِّي َو َ‬ ‫َال يَ ْد ِري َما َخلَ َفهُ َ‬
‫س ْلت َ َها فَاحْ فَ ْ‬
‫ظ َها ِب َما تَحْ فَ ُ‬
‫ظ ِب ِه ِع َبا َد َك‬ ‫ار َح ْم َها‪َ ،‬و ِإ ْن أ َ ْر َ‬
‫ت نَ ْف ِسي فَ ْ‬
‫س ْك َ‬‫أ َ ْم َ‬
‫صا ِل ِحينَ " رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ال َّ‬
‫ُون اللَّ ِه ُ‬
‫شفَعا َء}‬ ‫﴿أم ات َّ َخذُوا ِمن د ِ‬
‫ِ‬
‫ع ُموا أنَّها ت َ ْش َف ُع لَهم في حاجاتِ ِه ْم كما قالوا ﴿ما نَ ْعبُدُهم ّإال‬
‫صنام‪ ،‬زَ َ‬
‫يعني اَل ْ‬
‫ِليُقَ ِ ّربُونا إلى اللَّ ِه ُز ْلفى﴾‬
‫أو تشبيها بال َمال ِئ َكةُ‪.‬‬
‫عةُ َج ِميعًا﴾‬ ‫﴿قُ ْل ِللَّ ِه ال َّ‬
‫شفا َ‬
‫وشروطها‪ :‬إذن الله ورضاه عن الشافع والشفوع له‪.‬‬
‫وأقسامها‪ :‬مثبة ومنفية‪.‬‬
‫ش َها َدةِ أ َ ْن َ‬
‫ت تَحْ ُك ُم َبيْنَ‬ ‫عا ِل َم ْالغَ ْي ِ‬
‫ب َوال َّ‬ ‫ض َ‬
‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫﴿قُ ِل اللَّ ُه َّم فَ ِ‬
‫اط َر ال َّ‬
‫ِك ِفي َما َكانُوا ِفي ِه َي ْخت َ ِلفُونَ ﴾‬
‫ِع َباد َ‬
‫‪647‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َالتَهُ‪" :‬اللَّ ُه َّم رب جبريل‬ ‫ام ِمنَ َّ‬


‫الل ْي ِل ا ْفتَت َ َح َ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ت عائشة‪َ :‬كانَ ِإذَا قَ َ‬
‫ش َها َد ِة‪ ،‬أَ ْن َ‬
‫ت‬ ‫عا ِل َم ْالغَ ْي ِ‬
‫ب َوال َّ‬ ‫وميكائيل وإسرافيل‪ ،‬فاطر السموات َو ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‪َ ،‬‬
‫ف ِفي ِه ِمنَ ْال َح ّ ِ‬
‫ق‬ ‫ِك ِفي َما َكانُوا ِفي ِه َي ْخت َ ِلفُونَ ‪ ،‬ا ْه ِد ِني ِل َما ْ‬
‫اخت ُ ِل َ‬ ‫تَحْ ُك ُم َبيْنَ ِع َباد َ‬
‫ص َراطٍ ُم ْست َ ِق ٍيم" رواه مسلم‪.‬‬ ‫ِبإ ِ ْذنِ َك‪ِ ،‬إنَّ َك ت َ ْهدِي َم ْن تَشَا ُء ِإلَى ِ‬
‫ارونَ ‪{ .‬قَا َل ِإنَّ َما أُوتِيتُهُ‬ ‫﴿قَ ْد َقالَ َها َّالذِينَ ِم ْن قَ ْب ِل ِه ْم} َك َما قَا َل تَعَالَى ُم ْخبِ ًرا َ‬
‫ع ْن قَ ُ‬
‫علَى ِع ْل ٍم ِع ْندِي}‬ ‫َ‬
‫وا ِمن َّر ۡح َم ِة ٱللَّ ٰۚ ِه ِإ َّن ٱ َّللهَ‬ ‫ط ۟‬
‫علَ ٰۤى أَنفُ ِس ِه ۡم َال ت َۡق َن ُ‬ ‫ی ٱلَّ ِذينَ أ َ ۡس َرفُ ۟‬
‫وا َ‬ ‫﴿۞ قُ ۡل يَ ٰـ ِع َبا ِد َ‬
‫صاةِ ِمنَ ْال َكفَ َرةِ‬ ‫وب َج ِميعً ٰۚا} َه ِذ ِه ْاآليَةُ ْال َك ِري َمةُ َدع َْوة ٌ ِل َج ِميعِ ْالعُ َ‬ ‫يَ ۡغ ِف ُر ٱلذُّنُ َ‬
‫غي ِْر ِه ْم ِإلَى الت َّ ْو َب ِة َو ْ ِ‬
‫اْلنَا َب ِة‪.‬‬ ‫َو َ‬
‫سا ِم ْن أ َ ْه ِل ال ِ ّ‬
‫ش ْر ِك َكانُوا قَ ْد قَتَلُوا‬ ‫ع ْن ُه َما؛ أ َ َّن نَا ً‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬
‫عبَّاس َر ِ‬
‫ع ِن اب ِْن َ‬
‫َ‬
‫عو ِإلَ ْي ِه‬ ‫فَأ َ ْكث َ ُروا‪َ ،‬وزَ ن َْوا فَأ َ ْكث َ ُروا‪ .‬فَأَت َْوا ُم َح َّمدًا ﷺ فَقَالُوا‪ِ :‬إ َّن الَّذِي تَقُو ُل َوت َ ْد ُ‬
‫﴿والَّذِينَ َال يَ ْدعُونَ َم َع اللَّ ِه ِإلَ ًها‬ ‫ارةٌ‪ .‬فَنَزَ َل‪َ :‬‬ ‫ع ِم ْلنَا َكفَّ َ‬
‫س ٌن لَ ْو ت ُ ْخ ِب ُرنَا أ َ َّن ِل َما َ‬
‫لَ َح َ‬
‫س َّالتِي َح َّر َم اللَّهُ ِإال بِ ْال َح ّ ِ‬
‫ق َوال يَ ْزنُونَ ﴾ َونَزَ َل [قَ ْولُهُ] ‪:‬‬ ‫آخ ََر َوال يَ ْقتُلُونَ النَّ ْف َ‬
‫طوا ِم ْن َرحْ َم ِة اللَّ ِه﴾ رواه‬ ‫ِي الَّذِينَ أَس َْرفُوا َ‬
‫علَى أ َ ْنفُ ِس ِه ْم َال ت َ ْق َن ُ‬ ‫﴿قُ ْل َيا ِع َباد َ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ِيث الَّذِي قَت َ َل تِ ْسعًا‬‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬حد ُ‬ ‫ع ْن َر ُ‬‫س ِعيدٍ‪َ ،‬‬ ‫ع ْن أَبِي َ‬ ‫ص ِحي َحي ِْن َ‬ ‫َوفِي ال َّ‬
‫عبَّاد َبنِي ِإس َْرائِي َل‪ :‬ه َْل لَهُ ِم ْن ت َْو َبةٍ؟‬ ‫سأ َ َل َ‬
‫عا ِبدًا ِم ْن ُ‬ ‫سا ث ُ َّم َند َِم َو َ‬
‫َوتِ ْسعِينَ نَ ْف ً‬
‫علَ َمائِ ِه ْم‪ :‬ه َْل لَهُ ِم ْن ت َْوبَةٍ؟‬ ‫سأ َ َل َ‬
‫عا ِل ًما ِم ْن ُ‬ ‫فَقَا َل‪َ :‬ال‪ .‬فَقَتَلَهُ َوأ َ ْك َم َل بِ ِه ِمائَةً‪ .‬ث ُ َّم َ‬
‫فَقَا َل‪َ :‬و َم ْن َي ُحو ُل َب ْين ََك َو َبيْنَ الت َّ ْو َب ِة؟‪}..‬‬
‫‪648‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وحديث أبي هريرة رضي الله عنه والَّذي نَ ْفسي بي ِد ِه لَ ْو أنَّكم ال تُذنِبونَ ‪،‬‬
‫َب اللهُ ِبكم‪ ،‬ث ُ َّم جا َء ٍ‬
‫بقوم يُذنِبونَ‬ ‫فتستغفِرونَ اللهَ‪ ،‬فيغ ِف ُر ل ُك ْم‪ ،‬لذه َ‬
‫خطئونَ حتَّى تبلُ َغ خَطايا ُك ُم ال َّ‬
‫سما َء‪ ،‬ث ُ َّم‬ ‫فيستغفِرونَ ‪ ،‬فيغ ِف ُر ل ُه ْم‪ ،‬ولَ ْو ت ُ ِ‬
‫لتاب اللهُ عل ْي ُك ْم‪ .‬صححه شعيب اَلرناؤوط‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تتوبونَ ‪،‬‬
‫{أ َ ْو تَقُو َل لَ ْو أ َ َّن اللَّهَ َه َدانِي لَ ُك ْنتُ ِمنَ ْال ُمتَّقِينَ أ َ ْو تَقُو َل ِحينَ ت ََرى ْالعَذَ َ‬
‫اب لَ ْو‬
‫أ َ َّن ِلي َك َّرة ً فَأ َ ُكونَ ِمنَ ْال ُمحْ ِسنِينَ ﴾‬
‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫أن اللهَ هداني‪ .‬فيَ ُ‬
‫كون عليه "‬ ‫ُك ُّل أه ِل النَّ ِ‬
‫ار يَرى َمقعَ َدهُ ِمنَ الجنَّ ِة‪ ،‬ف َيقولُ‪ :‬لو َّ‬
‫َحسرةً‪ .‬قال‪ :‬و ُك ُّل أه ِل الجنَّ ِة َيرى َمق َع َدهُ ِمنَ النَّ ِ‬
‫ار‪ ،‬ف َيقولُ‪ :‬لوال َّ‬
‫أن اللهَ‬
‫كرا"‪ .‬حسنه اَللباني وصححه غيره‪.‬‬
‫ش ً‬‫كون له ُ‬
‫هداني‪ .‬قال‪ :‬فيَ ُ‬
‫{ٱللَّهُ َخ ٰـ ِل ُق ُك ِّل َ‬
‫ش ۡی ࣲء} من اَلعيان واَلفعال‪ ،‬وقد بوب البخاري في صحيحه‬
‫"باب خلق أفعال العباد"‪ ،‬وفي هذا رد على غالة القدرية بأن العبد يخلق‬
‫أفعاله‪.‬‬
‫ض وعليه‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬
‫ض﴾ وهي َمفا ِتي ُح ال َّ‬
‫واَلر ِ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫﴿لَهُ َمقا ِلي ُد ال َّ‬
‫سماوا ِ‬
‫الجمهور وقيل الخَزَ ائِ ُن‪.‬‬
‫ع َملُ َك َو َلت َ ُكون ََّن‬ ‫ي إِ َلي َْك َوإِلَى الَّذِينَ ِم ْن قَ ْب ِل َك لَ ِئ ْن أ َ ْش َر ْك َ‬
‫ت لَيَحْ بَ َ‬
‫ط َّن َ‬ ‫{ َولَقَ ْد أ ُ ِ‬
‫وح َ‬
‫ِمنَ ْالخَا ِس ِرينَ ﴾‬
‫ع ْن ُه ْم َما َكانُوا يَ ْع َملُونَ ﴾‬ ‫﴿ولَ ْو أ َ ْش َر ُكوا لَ َحبِ َ‬
‫ط َ‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬

‫‪649‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وفيه حديث ثوبان "ال تقو ُم الساعةُ حتى ْتلحقَ قبائ ُل من أ َّمتي بالمشركينَ ‪،‬‬
‫ُ‬
‫اَلوثان" صححه اَللباني‪.‬‬ ‫و حتى تُعب َد‬
‫أخوف عليكم عندي من المسيحِ الدجا ِل؟ قالوا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫أخبركم بما هو‬
‫ُ‬ ‫وحديث "أال‬
‫بلى‪ ،‬قال‪ :‬الشركُ الخف ُّ‬
‫ي‪ "..‬حسنه اَللباني‪.‬‬
‫﴿و َما قَ َد ُروا اللَّهَ َح َّق َق ْد ِر ِه﴾‬
‫َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ فَقَا َل‪:‬‬ ‫ع ْب ِد اللَّ ِه ب ِْن َم ْسعُو ٍد قَا َل‪َ :‬جا َء َحب ٌْر ِمنَ ْاَلَحْ َب ِ‬
‫ار ِإلَى َر ُ‬ ‫ع ْن َ‬
‫َ‬
‫ضينَ‬ ‫ص َبعٍ‪َ ،‬و ْاَل َ ْر ِ‬
‫علَى ِإ ْ‬
‫يَا ُم َح َّمدُ‪ِ :‬إ َّنا نجد أن الله عز وجل يجعل السموات َ‬
‫سائِ َر‬
‫صبَ ٍع‪َ ،‬و َ‬ ‫صبَ ٍع‪َ ،‬و ْال َما َء َوالث َّ َرى َ‬
‫ع َلى إِ ْ‬ ‫علَى إِ ْ‬‫ش َج َر َ‬ ‫علَى إِ ْ‬
‫ص َبعٍ‪َ ،‬وال َّ‬ ‫َ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َحتَّى َب َد ْ‬
‫ت‬ ‫ض ِح َك َر ُ‬‫ص َب ٍع‪ .‬فَ َيقُولُ‪ :‬أَنَا ْال َم ِلكُ ‪َ .‬ف َ‬ ‫ع َلى ِإ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ْالخ ََالئِ ِ‬
‫﴿و َما قَ َد ُروا اللَّهَ َح َّق‬ ‫صدِيقًا ِلقَ ْو ِل ْال َحب ِْر‪ ،‬ث ُ َّم قَ َرأَ َر ُ‬
‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ‪َ :‬‬ ‫اجذُهُ‪ ،‬تَ ْ‬
‫ن ََو ِ‬
‫ضتُهُ َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة﴾ رواه البخاري‪.‬‬ ‫ض َج ِمي ًعا َق ْب َ‬ ‫اَلر ُ‬ ‫قَ ْد ِر ِه َو ْ‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰتُ َم ۡط ِويَّ ٰـ ُۢتُ ِب َي ِمي ِن ِهۦٰۚ} فيه حديث "و ِك ْلتا َي َد ْي ِه َي ِم ٌ‬
‫ين‪ "،‬رواه‬ ‫{وٱل َّ‬
‫قوله َ‬
‫س َك ِم ۡث ِل ِهۦ َ‬
‫ش ۡی}‬ ‫مسلم‪ .‬وهو سبحانه وتعالى {لَ ۡي َ‬
‫وفيه قول ابن تيمية رحمه الله بأن الفرق الضالة وقعوا في أشد ما فروا منه‬
‫حتى جعلوا الله في عدم‪.‬‬
‫ض ّإال َمن شا َء‬
‫اَلر ِ‬
‫ت و َمن في ْ‬
‫سماوا ِ‬ ‫ور َف َ‬
‫ص ِعقَ َمن في ال َّ‬ ‫ص ِ‬‫﴿ونُ ِف َخ في ال ُّ‬
‫اللَّهُ﴾‬
‫فقد استثنى اللّه سبحانه بعض من في السماوات ومن في اَلرض من هذا‬
‫الصعق‪.‬‬
‫‪650‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫فقيل موسى عليه السالم‪ .‬لحديث أبي هريرة رضي الله عنه "فأ َ ُ‬
‫كون َّأو َل‬
‫العرش ‪ ،‬فال أدري‬
‫ِ‬ ‫سى آخذٌ بقائم ٍة ِمن قَ ِ‬
‫وائم‬ ‫سهُ ‪ ،‬فإذا أنا بمو َ‬
‫َمن رف َع رأ َ‬
‫سهُ قَبلي ‪ ،‬أو كانَ م َّم ِن استثنَى اللَّهُ َّ‬
‫عز وج َّل" صححه اَللباني‬ ‫أرف َع رأ َ‬
‫وغيره‪ .‬فإن كان لم يصعق معهم فيكون قد حوسب بصعقته يوم تجلى ربه‬
‫للجبل فجعله دكا‪.‬‬
‫وقيل هم المالئكة‬
‫قال ابن القيم رحمه الله وغيره ظاهر هذا الحديث أن هذه صعقة غشي‬
‫تكون يوم القيامة‪ ،‬ال صعقة الموت الحادثة عن نفخ الصور‪.‬‬
‫ض ّإال َمن شا َء‬
‫اَلر ِ‬
‫ت و َمن في ْ‬
‫سماوا ِ‬ ‫ور َف َ‬
‫ص ِعقَ َمن في ال َّ‬ ‫ص ِ‬‫﴿ونُ ِف َخ في ال ُّ‬
‫اللَّهُ﴾ ينفخه إسرافيل كما أخبر النبي‪.‬‬
‫فقد استثنى اللّه سبحانه بعض من في السماوات ومن في اَلرض من هذا‬
‫الصعق‪.‬‬
‫ض بِنُ ِ‬
‫ور َربِّ َها﴾ فيه حديث أبي موسى اَلشعري عند‬ ‫اَلر ُ‬
‫ت ْ‬ ‫﴿وأ َ ْش َر َق ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫سبُحاتُ وجْ ِه ِه ما ا ْنت َ َهى إ َل ْي ِه َب َ‬
‫ص ُرهُ‬ ‫شفَهُ َلَحْ َرقَ ْ‬
‫ت ُ‬ ‫"حجابُهُ النُّور ‪ ..‬لو َك َ‬ ‫مسلم ِ‬
‫ِمن خ َْل ِق ِه‪".‬‬
‫س ُك ّ ِو َر ۡت}‬ ‫وذهب نور الشمس لقوله { ِإذَا ٱل َّ‬
‫ش ۡم ُ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫س ۤا ِٕىق َو َ‬
‫ش ِهيد}‬ ‫{و َج ۤا َء ۡت ُك ُّل ن َۡف ࣲس َّم َع َها َ‬ ‫اء﴾ قيل هم المالئكة َ‬ ‫﴿وال ُّ‬
‫ش َه َد ِ‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫{و َكذَ ٰ⁠ ِل َك َج َع ۡلنَ ٰـ ُك ۡم أ ُ َّمة َو َسطا ِلّت َ ُكونُوا۟‬ ‫وقيل هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم َ‬
‫ࣰ‬
‫ش ِهيد ٰۗا }‬ ‫علَ ۡي ُك ۡم َ‬
‫سو ُل َ‬ ‫اس َويَ ُكونَ ٱ َّ‬
‫لر ُ‬ ‫ش َه َد ۤا َء َ‬
‫علَى ٱلنَّ ِ‬ ‫ُ‬
‫‪651‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫و قيل هم الشهداء والصواب اَلوالن‪.‬‬


‫ع ِملَ ْ‬
‫ت﴾‬ ‫﴿و ُو ِفّ َي ْ‬
‫ت ُك ُّل نَ ْف ٍس َما َ‬ ‫َ‬
‫أشير هنا حديث أنس عند مسلم في مخاطبة العبد ربه‬
‫الظ ْل ِم؟ قا َل‪ :‬يقولُ‪ :‬بَلَى‪ ،‬قا َل‪ :‬فيَقولُ‪ :‬فإنِّي ال "‬ ‫يقولُ‪ :‬يا َربّ ِ أَلَ ْم ت ُ ِج ْرنِي ِمنَ ُّ‬
‫اليوم َعلَي َْك َ‬
‫ش ِهيدًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أ ُ ِج ُ‬
‫يز علَى نَ ْف ِسي َّإال شَا ِهدًا ِم ِنّي‪ ،‬قا َل‪ :‬ف َيقولُ‪َ :‬كفَى بنَ ْف ِس َك‬
‫ش ُهودًا‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ْختَ ُم ع َلى ِفي ِه‪ ،‬فيُقَا ُل َل َ ْر َكا ِن ِه‪ :‬ا ْن ِط ِقي‪ ،‬قا َل‪:‬‬ ‫َو ِب ْال ِك َر ِام ال َكا ِت ِبينَ ُ‬
‫فَت َ ْن ِط ُق بأ َ ْع َما ِل ِه‪ ،‬قا َل‪ :‬ث ُ َّم يُخَلَّى ب ْينَهُ وبيْنَ ال َك َال ِم‪ ،‬قا َل فيَقولُ‪ :‬بُ ْعدًا لَ ُك َّن‬
‫سحْ قًا‪ ،‬فَ َع ْن ُك َّن ُك ْنتُ أُن ِ‬
‫َاض ُل"‬ ‫َو ُ‬
‫{َل َ ۡم َأل َ َّن َج َهنَّ َم ِمنَ ٱ ۡل ِج َّن ِة‬
‫علَى ْال َكافِ ِرينَ ﴾ هي قوله َ‬ ‫ب َ‬‫ت َك ِل َمةُ ْال َعذَا ِ‬
‫{ َولَ ِك ْن َحقَّ ْ‬
‫اس أ َ ۡج َم ِعينَ }‬‫َوٱلنَّ ِ‬
‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬
‫ع ۡد ࣲن ُّمفَت َّ َحة ل ُه ُم ٱَلب َو ٰ⁠ ُ‬
‫ب}‬ ‫ۡ‬ ‫ت َ‬‫ت أَب َْوابُ َها﴾ { َج َّن ٰـ ِ‬‫﴿وفُتِ َح ْ‬
‫َ‬
‫منزال من له مث ُل الدنيا وعشرة ُ‬ ‫ً‬ ‫عاملِينَ } َلن أدنى أه ِل الجن ِة‬ ‫{فَ ِن ْع َم أَجْ ُر ْال ِ‬
‫أمثالها‪.‬‬
‫ق َو ِقي َل ْال َح ْم ُد ِل َّل ِه َربّ ِ ْال َعالَ ِمينَ ﴾ وهذا القضاء اَلخير كما‬
‫ي بَ ْينَ ُه ْم بِ ْال َح ّ ِ‬ ‫﴿وقُ ِ‬
‫ض َ‬ ‫َ‬
‫في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري‬

‫‪652‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َك َه ْيئ َ ِة َكب ٍْش ْأملَ َح‪ ،‬فيُنادِي ُمنادٍ‪ :‬يا أ ْه َل ال َجنَّ ِة‪ ،‬فَ َي ْش َر ِئبُّونَ‬
‫"يُؤْ ت َى بال َم ْو ِ‬
‫هل ت َ ْع ِرفُونَ هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬هذا ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد‬ ‫ظ ُرونَ ‪ ،‬فيَقولُ‪ْ :‬‬ ‫ويَ ْن ُ‬
‫ظ ُرونَ ‪ ،‬ف َيقولُ‪ :‬وه ْل ت َ ْع ِرفُونَ‬ ‫ار‪ ،‬فَ َي ْش َر ِئبُّونَ و َي ْن ُ‬
‫َرآهُ‪ ،‬ث ُ َّم ُينادِي‪ :‬يا أ ْه َل النَّ ِ‬
‫هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬هذا ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد َرآهُ‪ ،‬فيُ ْذبَ ُح ث ُ َّم يقولُ‪ :‬يا أ ْه َل ال َج َّن ِة‬
‫{وأَ ْنذ ِْر ُه ْم يَ َ‬
‫وم‬ ‫ت‪ ،‬ث ُ َّم قَ َرأَ‪َ :‬‬
‫ار ُخلُو ٌد فال َم ْو َ‬ ‫ت‪ ،‬ويا أ ْه َل النَّ ِ‬ ‫ُخلُو ٌد فال َم ْو َ‬
‫غ ْفلَ ٍة أ ْه ُل ال ُّد ْنيا َ‬
‫{و ُه ْم ال‬ ‫غ ْفلَةٍ}‪ ،‬و َهؤ ِ‬
‫ُالء في َ‬ ‫ي اَل ْم ُر و ُه ْم في َ‬ ‫ال َحس َْر ِة إ ْذ قُ ِ‬
‫ض َ‬
‫يُؤْ ِمنُونَ }‬

‫سورة غافر مكية‬

‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬غَا ِف ِر ال َّذ ْن ِ‬


‫ب َوقَا ِب ِل الت َّ ْو ِ‬
‫ب﴾‬
‫} َو َر ۡح َمتِی َو ِس َع ۡت ُك َّل َ‬
‫ش ۡی ࣲ ٰۚء{‬
‫اللهَ َكت َ‬
‫َب ِكتابًا‬ ‫إن َّ‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري ومسلم " َّ‬
‫وب ِع ْن َدهُ فَ ْوقَ‬‫ض ِبي‪ ،‬فَهو َم ْكت ُ ٌ‬
‫غ َ‬ ‫س َبقَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫أن َي ْخلُقَ الخ َْلقَ ‪َّ :‬‬
‫إن َرحْ َمتي َ‬ ‫قَ ْب َل ْ‬
‫ال َع ْر ِش"‬
‫سعَةَ َو ْال ِغنَى‪.‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ذِي َّ‬
‫الط ْو ِل﴾ قيل‪ :‬يَ ْعنِي‪ :‬ال َّ‬
‫وقيل َي ْع ِني ذِي النِّ َع ِم َو ْالفَ َو ِ‬
‫اض ِل‬

‫‪653‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿ٱلَّ ِذينَ َي ۡح ِملُونَ ٱ ۡل َع ۡر َ‬


‫ش َو َم ۡن َح ۡولَهُۥ يُ َ‬
‫س ِّب ُحونَ ِب َح ۡم ِد َر ِبّ ِه ۡم َويُ ۡؤ ِمنُونَ‬
‫ش َربِّ َك فَ ْوقَ ُه ْم يَ ْو َمئِ ٍذ ثَ َمانِيَةٌ﴾ فيه حديث جابر بن عبد الله‬ ‫ع ْر َ‬ ‫}﴿ويَحْ ِم ُل َ‬
‫بِ ِهۦ َ‬
‫العرش ‪َّ :‬‬
‫إن ما بينَ‬ ‫ِ‬ ‫"أُذِن لي أن أُح ّدِث عن ملكٍ من مالئك ِة الل ِه‪ ،‬من حمل ِة‬
‫عام" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬ ‫شحم ِة أُذن ِه إلى عات ِقه‪ ،‬مسيرة ُ سبعمائ ِة ٍ‬
‫{ َويَ ۡست َۡغ ِف ُرونَ ِللَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬
‫واۤ} حديث عبد الله بن عمرو "لَزَ َوا ُل الدنيا أَ ْه َو ُن‬
‫مسلم" صححه اَللباني‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫على الل ِه من َقتْ ِل رج ٍل‬
‫وأعظم‬
‫َ‬ ‫عمر يو ًما ما إلى الكعب ِة فقال ‪" :‬ما أعظ َم ِك‬
‫َ‬ ‫وقد نظر عبدُالل ِه ُ‬
‫بن‬
‫لمؤمن أعظ ُم حرمةً منك" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حرمتِك ! وا‬
‫ت ِم ْنهُ‪.‬‬ ‫ي‪ :‬فِ ْعلَ َها أ َ ْو َوبالها ِم َّم ْن َوقَ َع ْ‬ ‫س ِيّئَاتِ﴾ أ َ ْ‬ ‫﴿وقِ ِه ُم ال َّ‬
‫َ‬
‫وا َربَّن َۤا أ َ َمتَّنَا ٱ ۡثنَت َ ۡي ِن َوأَ ۡحيَ ۡيتَنَا ٱ ۡث َنت َ ۡي ِن} َه ِذ ِه ْاآليَةُ َكقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬كي َ‬
‫ْف‬ ‫{قَالُ ۟‬
‫ت َ ْكفُ ُرونَ ِباللَّ ِه َو ُك ْنت ُ ْم أ َ ْم َواتًا فَأَحْ َيا ُك ْم ث ُ َّم يُ ِميت ُ ُك ْم ث ُ َّم يُحْ ِيي ُك ْم ث ُ َّم ِإلَ ْي ِه ت ُ ْر َجعُونَ ﴾‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ُ ﴿ :‬ه َو الَّذِي يُ ِري ُك ْم آ َياتِ ِه﴾‬
‫ق َوفِ ۤی أَنفُ ِس ِه ۡم َحت َّ ٰى يَتَبَيَّنَ لَ ُه ۡم أَنَّهُ ٱ ۡل َح ُّق{‬‫سنُ ِري ِه ۡم َءايَ ٰـتِنَا فِی ٱ ۡلـَٔا َفا ِ‬
‫} َ‬
‫عال في َه ِذ ِه اآل َي ِة‬ ‫أط َلقَ َج َّل و َ‬ ‫ماء ِر ْزقًا﴾ ‪ْ .‬‬ ‫س ِ‬ ‫﴿ويُن ِ َّز ُل لَكم ِمنَ ال َّ‬‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ب‬ ‫س ِّب ِ‬ ‫وإط ُ‬
‫الق ال ُم َ‬ ‫ق‪ْ ،‬‬ ‫الر ْز ِ‬‫ب ِّ‬ ‫سبَ ُ‬‫ط َر َ‬ ‫ط َر؛ َِل َّن ال َم َ‬ ‫الر ْزقَ وأرا َد ال َم َ‬ ‫ال َك ِري َم ِة ِ ّ‬
‫وف‪.‬‬
‫ي َم ْع ُر ٌ‬
‫ع َربِ ٌّ‬ ‫وإرا َدة ُ َسبَبِ ِه ِل ِش َّد ِة ال ُمالبَ َس ِة َب ْينَ ُهما‪ ،‬أ ُ ْسلُ ٌ‬
‫وب َ‬
‫صفَةٌ ُم َشبَّ َهةٌ من َرفُ َع‬ ‫َرفِي ُع الد ََّرجاتِ‪ِ :‬‬
‫أو اسم فعال من َر َف َع‪.‬‬

‫‪654‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ار﴾ حديث عبد الله بن عمر عند‬ ‫اح ِد ْال َق َّه ِ‬


‫َو َق ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬ل َم ِن ْال ُم ْلكُ ْال َي ْو َم ِللَّ ِه ْال َو ِ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ ،‬ث ُ َّم يَأ ْ ُخذُ ُه َّن ب َي ِد ِه اليُ ْمنَى‪ ،‬ث ُ َّم‬
‫ت يَ َ‬ ‫س َموا ِ‬ ‫عز وج َّل ال َّ‬ ‫ط ِوي اللَّهُ َّ‬ ‫مسلم "يَ ْ‬
‫ضينَ ب ِشما ِل ِه‪،‬‬ ‫اَلر ِ‬‫ط ِوي َ‬ ‫َّارونَ ؟ أيْنَ ال ُمتَ َك ِبّ ُرونَ ‪ .‬ث ُ َّم َي ْ‬ ‫يقولُ‪ :‬أنا ال َم ِلكُ ‪ ،‬أيْنَ ال َجب ُ‬
‫ث ُ َّم يقولُ‪ :‬أنا ال َم ِلكُ أيْنَ ال َجب ُ‬
‫َّارونَ ؟ أيْنَ ال ُمت َ َك ِبّ ُرونَ ؟"‬
‫وب فِي ْال َحن ِ‬
‫َاج ِر ِمنَ‬ ‫ت ْالقُلُ ُ‬
‫اظ ِمينَ ﴾ قيل َوقَفَ ِ‬ ‫وب لَ َدى ْال َحن ِ‬
‫َاج ِر َك ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬إِ ِذ ْالقُلُ ُ‬
‫ْالخ َْو ِ‬
‫ف‪ ،‬فَ َال ت َْخ ُر ُج َو َال تَعُو ُد ِإلَى أ َ َما ِك ِن َها‪ .‬وقيل‪ :‬كناية عن الهول والشدة‬
‫أي‪ :‬العصا من‬
‫ين ْ‬ ‫س ْل ٍ‬
‫طان ُمبِ ٍ‬ ‫س ْلنا ُموسى بِآياتِنا﴾ هي‪ :‬ال ِت ّ ْس ُع اآليات و ُ‬ ‫ولَقَ ْد ْ‬
‫أر َ‬
‫ذكر الخاص بعد العام أو الحجج الشرعية‪.‬‬
‫﴿قَالُوا ا ْقتُلُوا أَ ْبنَا َء الَّذِينَ آ َمنُوا َم َعهُ َوا ْستَحْ يُوا نِ َسا َء ُه ْم﴾ َو َهذَا أ َ ْم ٌر ث َ ٍ‬
‫ان ِم ْن‬
‫ور بَنِي ِإس َْرا ِئي َل‪ .‬أ َ َّما ْاَل َ َّولُ‪ :‬فَ َكانَ َِلَجْ ِل ِاالحْ تِ َر ِاز ِم ْن ُو ُجو ِد‬
‫ع ْونَ بِقَتْ ِل ذُ ُك ِ‬
‫فِ ْر َ‬
‫وع ْاَل َ ْم َري ِْن‪َ .‬وأ َ َّما‬ ‫َ‬ ‫ب َوت َ ْق ِلي ِل َ‬
‫ع َد ِد ِه ْم‪ ،‬أ ْو ِل َمجْ ُم ِ‬ ‫سى‪ ،‬أ َ ْو ِ ِْل ْذ َال ِل َهذَا ال َّ‬
‫ش ْع ِ‬ ‫ُمو َ‬
‫ب‪َ ،‬و ِل َك ْي يَتَشَا َء ُموا ِب ُمو َ‬
‫سى‪،‬‬ ‫ْاَل َ ْم ُر الثَّانِي‪ :‬فَ ِل ْل ِعلَّ ِة الثَّا ِنيَ ِة‪ِْ ِ ،‬لهَانَ ِة َهذَا ال َّ‬
‫ش ْع ِ‬
‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫س َال ُم‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪#‬ابن كثير‬
‫َاف أَ ْن يُبَ ِ ّد َل دِينَ ُك ْم أ َ ْو أ َ ْن يُ ْ‬
‫ظ ِه َر فِي‬ ‫َوقَ ْو ُل فرعون ‪-‬قَبَّ َحهُ اللَّهُ‪ِ ﴿ :-‬إ ِنّي أَخ ُ‬
‫ع ْو ُن ُمذَ ِ ّك ًرا" يَ ْعنِي‪َ :‬وا ِع ً‬
‫ظا‪،‬‬ ‫ار فِ ْر َ‬
‫ص َ‬‫سا َد﴾ َك َما يُقَا ُل فِي ْال َمث َ ِل‪َ " :‬‬
‫ض ْال َف َ‬
‫اَلر ِ‬
‫ْ‬
‫سى‪َ ،‬علَ ْي ِه ال َّس َال ُم‪.‬‬ ‫علَى النَّ ِ‬
‫اس ِم ْن ُمو َ‬ ‫يُ ْش ِف ُق َ‬
‫ب﴾‬ ‫ع ْذتُ بِ َربِّي َو َربِّ ُك ْم ِم ْن ُك ِّل ُمت َ َكبِّ ٍر َال يُؤْ ِم ُن ِبيَ ْو ِم ْال ِح َ‬
‫سا ِ‬ ‫سى‪ِ ﴿ :‬إ ِنّي ُ‬
‫َوقَا َل ُمو َ‬

‫‪655‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي صلَّى اللَّهُ ع َلي ِه َّ‬


‫وسل َم‬ ‫أن النَّب َّ‬
‫حيث أبي موسى اَلشعري رضي الله عنه َّ‬
‫نحور ِهم ‪ ،‬ونعوذُ بِ َك ِمن‬ ‫ِ‬ ‫خاف قَو ًما قا َل اللَّه َّم إ َّنا نجعلُ َك في‬
‫َ‬ ‫كانَ إذا‬
‫شرور ِهم" صححه اَللباني وغيره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ࣱ‬ ‫ࣱ‬
‫ی‬ ‫ب‬
‫ّ‬
‫َِ َ‬‫ر‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫ال‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ونَ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ت‬‫َق‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ۥ‬
‫ۤ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫ٰ‬ ‫م‬ ‫ي‬‫إ‬
‫ُ ِ َ‬‫م‬‫ُ‬ ‫ت‬‫ك‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫نَ‬ ‫و‬‫ۡ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ۡ‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫َ ِ‬‫ء‬ ‫ن‬‫ۡ‬ ‫م‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ؤ‬‫ۡ‬ ‫م‬
‫ُّ‬ ‫ل‬ ‫﴿وقَا َل َر ُج‬ ‫َ‬
‫ت ِمن َّربِّ ُك ۡم}‬ ‫ٱللَّهُ َو َق ۡد َج ۤا َء ُكم بِٱ ۡلبَيِّنَ ٰـ ِ‬
‫الر ُج َل ْال ُمؤْ ِمنَ َكانَ قبْط ًيا ِم ْن آ ِل ِف ْر َ‬
‫ع ْونَ ذا منصب بدليل‬ ‫الراج ُح أ َ َّن َه َذا َّ‬
‫ّ‬
‫السياق‪.‬‬
‫بن‬
‫ع ْم ِرو ِ‬
‫بن َ‬ ‫حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري‪ .‬قُلتُ ِلعَ ْب ِد اللَّ ِه ِ‬
‫ص َّلى اللهُ عليه‬
‫الل ِه َ‬‫برسو ِل َّ‬ ‫ص َن َع ال ُم ْش ِر ُكونَ َ‬ ‫أخ ِب ْرنِي بأ َ َ‬
‫ش ِ ّد ما َ‬ ‫اص‪ْ :‬‬
‫ال َع ِ‬
‫ص ِلّي ب ِفن ِ‬
‫َاء ال َك ْعبَ ِة‪ ،‬إ ْذ أ ْقبَ َل‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬
‫وسل َم يُ َ‬ ‫وسلَّ َم‪ ،‬قا َل‪ :‬ب ْينَا َرسو ُل اللَّ ِه َ‬
‫وسل َم‪ ،‬ولَ َوى‬ ‫صلَّى اللهُ عليه َّ‬ ‫ب َرسو ِل اللَّ ِه َ‬ ‫ع ْق َبةُ ُ‬
‫بن أ ِبي ُم َعيْطٍ فأ َخذَ ب َم ْن ِك ِ‬ ‫ُ‬
‫شدِيدًا‪ ،‬فأ ْق َب َل أبو بَ ْك ٍر فأ َخذَ ب َم ْن ِك ِب ِه و َد َف َع عن‬
‫عنُ ِق ِه فَ َخنَقَهُ به َخ ْنقًا َ‬
‫ث َ ْوبَهُ في ُ‬
‫ي اللَّهُ‬ ‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬وقا َل‪{ :‬أَت َ ْقتُلُونَ َر ُج ًال ْ‬
‫أن يَقُو َل َربِّ َ‬ ‫َرسو ِل اللَّ ِه َ‬
‫ت ِمن َر ِبّ ُك ْم}‬
‫وق ْد َجا َء ُك ْم بال َب ِيّنَا ِ‬
‫الجها ِد كلمةُ عد ٍل عن َد‬
‫ض ُل ِ‬
‫وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه "أف َ‬
‫جائر" صححه اَللباني‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لطان‬
‫س ٍ‬ ‫ُ‬
‫الرشادِ﴾‬ ‫ع ْو ُن ما أ ُ ِريكم ّإال ما أرى وما أ ْهدِيكم ّإال َ‬
‫س ِبي َل َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬قا َل فِ ْر َ‬
‫أن أرى في َه ِذ ِه اآليَ ِة ال َك ِري َم ِة ِع ْل ِميَّةٌ‬ ‫قال الشيخ محمد الشنقيطي‪ّ :‬‬
‫الظا ِه ُر َّ‬
‫ِع ْرفا ِنيَّةٌ‪ ،‬تَت َ َعدّى ِل َم ْفعُو ٍل ِ‬
‫واحدٍ‪ .‬ورجحه غيره كالشوكاني‪.‬‬
‫‪656‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫فَقَ ْولُهُ‪َ ﴿ :‬ما أ ُ ِري ُك ْم ِإال َما أ َ َرى﴾ َكذَ َ‬


‫ب فِي ِه َوا ْفت ََرى‪َ .‬‬
‫﴿و َج َحدُوا ِب َها َوا ْست َ ْيقَ َنتْ َها‬
‫ظ ْل ًما َو ُ‬
‫علُ ًّوا﴾‬ ‫أ َ ْنفُ ُ‬
‫س ُه ْم ُ‬
‫صا ِئ َر﴾‬
‫ض َب َ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬ ‫س َم َوا ِ‬ ‫ت َما أَنز َل هَؤُ ِ‬
‫الء ِإال َربُّ ال َّ‬ ‫﴿قَا َل لَقَ ْد َ‬
‫ع ِل ْم َ‬
‫ع ْو ُن قَ ْو َمهُ َو َما َه َدى﴾‬ ‫﴿وأ َ َ‬
‫ض َّل فِ ْر َ‬ ‫الرشَادِ﴾ َ‬ ‫﴿و َما أَ ْهدِي ُك ْم ِإال َس ِبي َل َّ‬‫َو َكذَا قَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫عو ٰۚهُ}‬
‫طا ُ‬ ‫َف قَ ۡو َمهُۥ فَأ َ َ‬ ‫والخالصة‪{ :‬فَٱ ۡستَخ َّ‬
‫ي ِبذَ ِل َك ّ‬
‫َلن‬ ‫علَ ْي ُك ْم َي ْو َم التَّنَادِ﴾ َي ْع ِني‪َ :‬ي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة‪َ ،‬و ُ‬
‫س ِّم َ‬ ‫﴿و َيا قَ ْو ِم ِإ ِنّي أَخ ُ‬
‫َاف َ‬ ‫َ‬
‫ضا‪.‬‬
‫ض ُه ْم بَ ْع ً‬
‫أهلها يُنَادِي بَ ْع ُ‬
‫ار‬
‫ط ِ‬ ‫يناديهم الله ﴿ َيا َم ْعش ََر ْال ِج ِّن َواْل ْن ِس إِ ِن ا ْست َ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم أ َ ْن ت َ ْنفُذُوا ِم ْن أ َ ْق َ‬
‫ان﴾‬ ‫ط ٍ‬ ‫س ْل َ‬
‫ض فَا ْنفُذُوا َال تَ ْنفُذُونَ ِإال ِب ُ‬ ‫اَلر ِ‬
‫ت َو ْ‬ ‫س َم َوا ِ‬
‫ال َّ‬
‫َوينادي أَ ْهل ْال َج َّن ِة أ َ ْه َل النَّ ِ‬
‫ار‪﴿ :‬أ َ ْن قَ ْد َو َج ْدنَا َما َو َ‬
‫ع َدنَا َر ُّبنَا َحقًّا فَ َه ْل َو َج ْدت ُ ْم َما‬
‫علَ ْينَا‬ ‫ار أ َ ْه َل ْال َجنَّ ِة‪﴿ :‬أ َ ْن أَ ِفي ُ‬
‫ضوا َ‬ ‫ع َد َربُّ ُك ْم َحقًّا قَالُوا نَ َع ْم﴾ َوينادي أَ ْهل النَّ ِ‬ ‫َو َ‬
‫علَى ْال َكافِ ِرينَ ﴾ َوينادي‬ ‫ِمنَ ْال َم ِ‬
‫اء أ َ ْو ِم َّما َرزَ قَ ُك ُم اللَّهُ َقالُوا ِإ َّن َّ‬
‫اللهَ َح َّر َم ُه َما َ‬
‫ورةِ‬
‫س َ‬‫ور فِي ُ‬ ‫اف أَ ْه َل ْال َجنَّ ِة َوأ َ ْه َل النَّ ِ‬
‫ار‪َ ،‬ك َما ُه َو َم ْذ ُك ٌ‬ ‫ص َحاب ْاَلَع َْر ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫ْاَلَع َْر ِ‬
‫اف‪.‬‬
‫ی ٱلَّ ِذينَ‬
‫ع ۡن َءايَ ٰـتِ َ‬ ‫سأَصۡ ِر ُ‬
‫ف َ‬ ‫ب ُمت َ َكبِّ ٍر َجب ٍ‬
‫َّار﴾ { َ‬ ‫علَى ُك ِّل قَ ْل ِ‬ ‫﴿ َكذَ ِل َك َي ْ‬
‫ط َب ُع اللَّهُ َ‬
‫ق}‬ ‫ض بِغَ ۡي ِر ٱ ۡل َح ّ ِ‬
‫يَت َ َكب َُّرونَ فِی ٱ َۡل َ ۡر ِ‬
‫عونَنِ ۤی ِإلَى ٱلنَّ ِ‬
‫ار﴾‬ ‫﴿۞ َو َي ٰـقَ ۡو ِم َما ِل ۤی أ َ ۡد ُ‬
‫عو ُك ۡم ِإلَى ٱلنَّ َج ٰوةِ َوت َۡد ُ‬
‫من دعاك إلى السبب فقد دعاك إلى المسبب‪.‬‬
‫ْس لَهُ َدع َْوة ٌ في ال ُّد ْنيا وال في ِ‬
‫اآلخ َر ِة﴾‬ ‫قَ ْولُهُ‪﴿ :‬أنَّما ت َ ْد ُ‬
‫عونَ ِني إلَ ْي ِه لَي َ‬
‫‪657‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب لَهُ‬ ‫ْس لَهُ ا ْس ِتجا َبةُ َدع َْوةٍ تَ ْنفَ ُع‪ ،‬وقِي َل‪َ :‬لي َ‬
‫ْس لَهُ َدع َْوة ٌ ت ُ ِ‬
‫وج ُ‬ ‫قيل َم ْعناهُ لَي َ‬
‫اَلُلُو ِهيَّةَ في ال ُّد ْنيا وال في ِ‬
‫اآلخ َرةِ‪.‬‬
‫ت ما َم َك ُروا﴾‬ ‫ير ِبال ِعبادِ﴾ ﴿فَ َوقاهُ اللَّهُ َ‬
‫س ِيّئا ِ‬ ‫ص ٌ‬‫إن اللَّهَ َب ِ‬
‫الل ِه َّ‬ ‫﴿وأُفَ ّ ِو ُ‬
‫ض ْأم ِري إلى َّ‬ ‫َ‬
‫س ٱللَّهُ ِب َكافٍ َ‬
‫ع ۡب َدهُۥ}‬ ‫﴿و َمن يَت ََو َّك ْل َعلى َّ‬
‫الل ِه فَهو َح ْسبُهُ﴾ {أ َ َل ۡي َ‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫ت ما َم َك ُروا﴾‬
‫سيِّئا ِ‬
‫وقوله ﴿ َ‬
‫أن َي ْم ُك ُروا ِب َهذا‬
‫ع ْونَ وقَ ْو َمهُ أرادُوا ْ‬ ‫على َّ‬
‫أن ِف ْر َ‬ ‫فَقَ ْد َدلَّ ْ‬
‫ت َه ِذ ِه اآل َيةُ ال َك ِري َمةُ‪َ ،‬‬
‫وأن اللَّهَ وقاهُ‪.‬‬
‫ال ُمؤْ ِم ِن ال َك ِر ِيم َّ‬
‫ع ِشيًّا﴾‬ ‫علَيْها ُ‬
‫غد ًُّوا و َ‬ ‫﴿ال ّن ُ‬
‫ار يُ ْع َرضُونَ َ‬
‫ض عليه‬
‫ع ِر َ‬ ‫"إن أ َح َد ُك ْم إذا َ‬
‫مات ُ‬ ‫حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين َّ‬
‫وإن كانَ ِمن‬ ‫إن كانَ ِمن أ ْه ِل ال َجنَّ ِة فَ ِم ْن أ ْه ِل ال َجنَّ ِة‪ْ ،‬‬ ‫يِ‪ْ ،‬‬ ‫َم ْق َع ُدهُ بالغَداةِ ْ‬
‫وال َع ِش ّ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪.‬‬ ‫ار‪ ،‬يُقالُ‪ :‬هذا َم ْق َعد َُك‪ ،‬حتَّى َي ْب َعثَ َك َّ‬
‫اللهُ إ َل ْي ِه َي َ‬ ‫ار فَ ِم ْن أ ْه ِل النَّ ِ‬
‫أ ْه ِل النَّ ِ‬
‫عنَّا يَ ْو ًما ِمنَ ْال َعذَا ِ‬
‫ب﴾‬ ‫ف َ‬ ‫عوا َربَّ ُك ْم يُ َخ ِفّ ْ‬ ‫﴿وقَا َل الَّذِينَ فِي النَّ ِ‬
‫ار ِلخَزَ نَ ِة َج َهنَّ َم ا ْد ُ‬ ‫َ‬
‫يب ِم ْن ُه ْم َو َال يَ ْست َِم ُع ِل ُد َ‬
‫عائِ ِه ْم‪ ،‬بَ ْل َق ْد قال‪:‬‬ ‫س ْب َحانَهُ‪َ ،‬ال يَ ْست َِج ُ‬ ‫ع ِل ُموا أ َ َّن اللَّهَ‪ُ ،‬‬
‫لَ َّما َ‬
‫سؤُوا ِفي َها َوال ت ُ َك ِلّ ُم ِ‬
‫ون﴾‬ ‫ْ‬
‫﴿اخ َ‬
‫و﴿يَ ْو َم ال يَ ْن َف ُع ّ‬
‫الظا ِل ِمينَ َم ْعذ َِرت ُ ُه ْم﴾ ال يُنافِي قَ ْولَهُ ت َعالى ﴿وال يُؤْ ذَ ُن لَهم‬
‫فَيَ ْعتَذ ُِرونَ ﴾ هم يعتذرون بمعذرة ولكنها ال تنفع َلنها باطلة‪.‬‬

‫‪658‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ير‪َ ،‬ر ِح َمهُ اللَّهُ ت َ َعالَى‪ِ ،‬ع ْن َد قَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إنَّا َلنَ ْن ُ‬


‫ص ُر‬ ‫قَ ْد أ َ ْو َر َد أَبُو َج ْعفَ ِر ب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ض ْاَل َ ْنبِيَ ِ‬
‫اء‪،‬‬ ‫ع ِلم أ َ َّن بَ ْع َ‬ ‫س َؤ ًاال فَقَا َل‪ :‬قَ ْد ُ‬ ‫سلَنَا َوالَّذِينَ آ َمنُوا فِي ْال َحيَاةِ ال ُّد ْنيَا﴾ ُ‬ ‫ُر ُ‬
‫ش ْع َيا َء‪َ ،‬و ِم ْن ُه ْم‬ ‫س َال ُم‪َ ،‬قتَلَهُ قَ ْو ُمهُ ِب ْال ُك ِّل َّي ِة َك َيحْ َيى َوزَ َك ِريَّا‪َ ،‬و َ‬ ‫علَ ْي ِه ُم ال َّ‬
‫ص َالة ُ َوال َّ‬ ‫َ‬
‫سى‪،‬‬ ‫اء َك ِعي َ‬ ‫س َم ِ‬ ‫يم‪َ ،‬و ِإ َّما ِإلَى ال َّ‬
‫اج ًرا َكإِب َْرا ِه َ‬ ‫َم ْن خ ََر َج ِم ْن بَي ِْن أ َ ْ‬
‫ظ ُه ِر ِه ْم ِإ َّما ُم َه ِ‬
‫ع ْن ذَ ِل َك بِ َج َوا َبي ِْن‪:‬‬‫اب َ‬ ‫ص َرة ُ فِي ال ُّد ْنيَا؟ ث ُ َّم أ َ َج َ‬
‫فَأَيْنَ النُّ ْ‬
‫عا ًّما‪َ ،‬و ْال ُم َرا ُد ِب ِه ْال َب ْع ُ‬
‫ض‪ ،‬قَا َل‪َ :‬و َهذَا َ‬
‫سا ِئ ٌغ‬ ‫أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬أ َ ْن َي ُكونَ ْال َخ َب ُر خ ََر َج َ‬
‫فِي اللُّغَ ِة‪.‬‬
‫ار لَ ُه ْم ِم َّم ْن آذَا ُه ْم‪َ ،‬و َ‬
‫س َوا ٌء َكانَ ذَ ِل َك‬ ‫ص ُ‬ ‫الثَّانِي‪ :‬أ َ ْن يَ ُكونَ ْال ُم َرا ُد بِالنَّ ْ‬
‫ص ِر ِاال ْن ِت َ‬
‫غ ْي َبتِ ِه ْم أ َ ْو َب ْع َد َم ْوتِ ِه ْم‪.‬‬
‫ِب َحض َْرتِ ِه ْم أ َ ْو فِي َ‬
‫‪#‬ابن كثير‬
‫علَ ۡينَا نَصۡ ُر ٱ ۡل ُم ۡؤ ِم ِنينَ {‬
‫} َو َكانَ َحقًّا َ‬
‫وأو َرثْنا بَنِي إسْرا ِئي َل ال ِك َ‬
‫تاب ُهدًى‬ ‫﴿ولَ َق ْد آتَيْنا ُموسى ال ُهدى ْ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ب﴾‬ ‫و ِذ ْكرى َِلُو ِلي ْ‬
‫اَللبا ِ‬
‫قال الشيخ محمد الشنقيطي‬
‫وأو َرثْنا‬
‫ض َّمنَهُ الت َّ ْوراة ُ ِمنَ ال ُهدى في ال َعقا ِئ ِد واَلعْما ِل‪ْ :‬‬
‫وال ُمرا ُد بِال ُهدى ما تَ َ‬
‫تاب وهو الت َّ َوراة ُ‪.‬‬
‫بَنِي إسْرائِي َل ال ِك َ‬

‫‪659‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ُور ِه ۡم ِإ َّال‬
‫صد ِ‬ ‫س ۡل َ‬
‫ط ٰـ ٍن أَت َٰى ُه ۡم ِإن فِی ُ‬ ‫ت ٱللَّ ِه ِبغَ ۡي ِر ُ‬
‫﴿ ِإ َّن ٱلَّ ِذينَ يُ َج ٰـ ِدلُونَ فِ ۤی َءا َي ٰـ ِ‬
‫ط ُر‬‫ِك ۡب ࣱر َّما ُهم ِب َب ٰـ ِل ِغي ٰۚ ِه} حديث عبد الله بن مسعود عند مسلم 《ال ِكب ُْر َب َ‬
‫اس"‬ ‫ق‪ ،‬وغ َْم ُ‬
‫ط النَّ ِ‬ ‫ال َح ّ ِ‬
‫اس َولَ ٰـ ِك َّن أ َ ۡكث َ َر ٱلنَّ ِ‬
‫اس َال َيعۡ لَ ُمونَ‬ ‫ض أ َ ۡك َب ُر ِم ۡن خ َۡل ِ‬
‫ق ٱلنَّ ِ‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر ِ‬ ‫}لَخ َۡل ُق ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ⁠ٰ ِ‬
‫علَ ٰۤى أَن يَ ۡخلُقَ ِم ۡثلَ ُه ٰۚم بَلَ ٰى َو ُه َو‬ ‫ت َوٱ َۡل َ ۡر َ‬
‫ض بِقَ ٰـد ٍِر َ‬ ‫س ٱلَّ ِذی َخلَقَ ٱل َّ‬
‫س َم ٰـ َو ٰ⁠ ِ‬ ‫أ َ َولَ ۡي َ‬
‫ٱ ۡلخَلَّ ٰـ ُق ٱ ۡل َع ِلي ُم}‬
‫ت َوال‬
‫صا ِل َحا ِ‬ ‫ير َوالَّذِينَ آ َمنُوا َو َ‬
‫ع ِملُوا ال َّ‬ ‫ص ُ‬‫﴿و َما يَ ْست َ ِوي اَل ْع َمى َو ْال َب ِ‬
‫َ‬
‫ْال ُم ِسي ُء﴾‬
‫ُور{‬
‫صد ِ‬ ‫ص ٰـ ُر َولَ ٰـ ِكن ت َعۡ َمى ٱ ۡلقُلُ ُ‬
‫وب ٱ َّلتِی فِی ٱل ُّ‬ ‫}فَإِنَّ َها َال ت َعۡ َمى ٱ َۡل َ ۡب َ‬
‫عونِ ۤی أَ ۡست َِج ۡب لَ ُك ٰۡۚم} الدعاء المستجاب هي التي استوفت‬
‫﴿وقَا َل َربُّ ُك ُم ٱ ۡد ُ‬
‫َ‬
‫الشروط وتكون اْلجابة بإحدى ثالث‪.‬‬
‫هو ال ِعبا َدةُ‪ ،‬ث َّم قرأَ‪َ :‬وقَا َل َر ُّب ُك ُم ا ْد ُ‬
‫عو ِني‬ ‫حديث النعمان بن بشير 《الدُّعا َء َ‬
‫أ َ ْست َِجبْ لَ ُك ْم‪ 》..‬صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫سيَ ْد ُخلُونَ َج َهنَّ َم َد ِ‬
‫اخ ِرينَ ﴾‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬إِ َّن الَّذِينَ يَ ْست َ ْكبِ ُرونَ َ‬
‫ع ْن ِعبَا َدتِي َ‬
‫صور النَّ ِ‬
‫اس ‪ ،‬يعلو ُهم ك ُّل‬ ‫ِ‬ ‫يوم القيام ِة أمثا َل الذَّ ِ ّر في‬
‫《يُحش َُر المت َ َكبِّرونَ َ‬
‫فتعلو ُهم‬
‫َ‬ ‫غار ‪ ،‬حتَّى يدخلوا سجنًا في َج َهنَّ َم ‪ ،‬يُقا ُل َلهُ ‪ :‬بولَ ُ‬
‫س‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫شيءٍ منَ ال َّ‬
‫عصارةِ أَ ْه ِل النَّ ِ‬
‫ار》صححه أحمد‬ ‫نار اَل َ ْن ِ‬
‫يار ‪ ،‬يُسقَونَ ِمن طين ِة الخبا ِل ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫شاكر وغيره‪.‬‬
‫‪660‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ی ٱ ۡل َب ِيّنَ ٰـتُ ِمن‬ ‫ۤ‬


‫ُون ٱللَّ ِه لَ َّما َجا َءنِ َ‬
‫۞ قُ ۡل ِإنِّی نُ ِهيتُ أ َ ۡن أ َ ۡعبُ َد ٱ َّل ِذينَ ت َۡدعُونَ ِمن د ِ‬
‫ِين آبَائِ ِه‪ ،‬فَأ ُ ِم َر أ َ ْن‬
‫ع ْوهُ ِإلَى د ِ‬ ‫َّربِّی َوأ ُ ِم ۡرتُ أ َ ۡن أ ُ ۡس ِل َم ِل َربّ ِ ٱ ۡل َع ٰـلَ ِمينَ } َو َكانُوا َد َ‬
‫يقول هذا‪.‬‬
‫} َود ۟‬
‫ُّوا لَ ۡو ت ُ ۡد ِه ُن فَيُ ۡد ِهنُونَ {‬
‫تاب‪ :‬القُ ْر ُ‬
‫آن‪ ،‬أو جنس‬ ‫س ۡلنَا بِ ِهۦ ُر ُ‬
‫سلَنَا } وال ِك ُ‬ ‫وا بِٱ ۡل ِكتَ ٰـ ِ‬
‫ب َوبِ َم ۤا أ َ ۡر َ‬ ‫{ٱلَّ ِذينَ َكذَّبُ ۟‬
‫الكتب‪.‬‬
‫س ْلنا ِب ِه ُر ُ‬
‫سلَنا﴾ الهدى‬ ‫أر َ‬
‫﴿وبِما ْ‬
‫ومثْلَهُ معه》‬ ‫حديث المقدام بن معدي كرب 《أال ِإ ِّني أُوتِيتُ ال ِك َ‬
‫تاب ِ‬
‫صححه اَللباني في صحيح الجامع‪.‬‬
‫راف‬
‫نام بَ ْع َد ِاال ْعتِ ِ‬
‫ص ِ‬ ‫ش ْيئًا﴾ إ ْن ٌ‬
‫كار ِل ِعبا َدةِ اَل ْ‬ ‫قَ ْولُهم ﴿بَ ْل لَ ْم نَ ُك ْن نَ ْد ُ‬
‫عو ِمن قَ ْب ُل َ‬
‫ون ِمن نَحْ ِو قَ ْو ِل ِه ت َعالى ﴿ث ُ َّم َل ْم ت َ ُك ْن فِتْنَتُهم ّإال‬
‫ب فَيَ ُك ُ‬ ‫الر ْع ِ‬ ‫ْطرابِ ِه ْم ِمنَ ُّ‬ ‫بِها ِالض ِ‬
‫أن قالُوا واللَّ ِه َر ِبّنا ما ُك ّنا ُم ْش ِركِينَ ﴾‬
‫ْ‬
‫َيءٍ ُهنا‬
‫ُعاء ش ْ‬
‫يد ِ‬ ‫عنّا‪ ،‬فَنَ ْف ُ‬ ‫أو أنهم يعنون‪ :‬لَ ْم نَ ُك ْن في ال ُّد ْنيا نَ ْد ُ‬
‫عو َش ْيئًا يُ ْغنِي َ‬
‫ش ْيءٍ يُ ْعت َ ُّد ِب ِه‪.‬‬ ‫راج ٌع إلى نَ ْفي ِ د ِ‬
‫ُعاء َ‬ ‫ِ‬
‫ط ُرونَ وت َأْش َُرونَ ‪.‬‬
‫أي‪ :‬ت َ ْب َ‬ ‫وقا َل ُمجا ِه ٌد و َ‬
‫غي ُْرهُ‪{ :‬ت َْم َر ُحونَ } ْ‬

‫‪661‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص‬ ‫علَي َْك َو ِم ْن ُه ْم َم ْن لَ ْم نَ ْق ُ‬


‫ص ْ‬ ‫صنَا َ‬
‫ص ْ‬ ‫س ْلنَا ُر ُ‬
‫سال ِم ْن َق ْب ِل َك ِم ْن ُه ْم َم ْن َق َ‬ ‫﴿ولَقَ ْد أ َ ْر َ‬
‫َ‬
‫اَلنبياء ؟‬
‫ِ‬ ‫علَي َْك﴾ حديث أبي أمامة الباهلي قلتُ ‪ :‬يا رسو َل الل ِه كم وفَّى عد ُد‬
‫َ‬
‫قال ‪《 :‬مائةُ ألفٍ وأربعةُ وعشرون أل ًفا ‪ ،‬الرس ُل من ذلك ثالثمائ ٍة وخمسةَ‬

‫غفيرا》 السلسلة الصحيحة‪.‬‬


‫ً‬ ‫عشر ج ًّما‬
‫َ‬
‫س ُر ٱ ۡل ُم ۡب ِطلُونَ }‬
‫عةُ يَ ۡو َم ِٕى ࣲذ يَ ۡخ َ‬ ‫﴿و َخ ِس َر ُهنَا ِل َك ْال ُمب ِْطلُونَ ﴾ َ‬
‫{ويَ ۡو َم تَقُو ُم ٱل َّ‬
‫سا َ‬ ‫َ‬
‫{ولَ ُك ْم ِفي َها َمنَا ِف ُع} منها الجمال كما في قوله‬
‫َ‬
‫} َولَ ُك ۡم فِي َها َج َما ٌل ِحينَ ت ُ ِري ُحونَ َو ِحينَ ت َۡس َر ُحونَ {‬
‫ت{‬ ‫۞ َولَقَ ۡد َك َّر ۡمنَا بَنِ ۤی َءا َد َم َو َح َم ۡلنَ ٰـ ُه ۡم فِی ٱ ۡلبَ ِ ّر َوٱ ۡلبَ ۡح ِر َو َرزَ ۡقنَ ٰـ ُهم ِّمنَ ٱ َّ‬
‫لط ِّيبَ ٰـ ِ‬
‫ࣰ‬
‫ضيال‬ ‫} َوفَض َّۡل َن ٰـ ُه ۡم َ‬
‫علَ ٰى َك ِثي ࣲر ِّم َّم ۡن َخلَ ۡقنَا ت َۡف ِ‬
‫ق َوفِ ۤی أَنفُ ِس ِه ۡم َحت َّ ٰى يَتَبَيَّنَ لَ ُه ۡم أَنَّهُ ٱ ۡل َح ٰۗ ُّق{‬ ‫سنُ ِري ِه ۡم َءايَ ٰـتِنَا فِی ٱ ۡلـَٔا َفا ِ‬ ‫} َ‬
‫ت ٱ َّلل ِه تُن ِك ُرونَ {‬ ‫} َويُ ِري ُك ۡم َءا َي ٰـتِ ِهۦ َفأ َ َّ‬
‫ی َءايَ ٰـ ِ‬
‫﴿فَ ِر ُحوا ِبما ِع ْن َدهم ِمنَ ال ِع ْل ِم﴾ العلم هنا‪:‬‬
‫الق ال ِع ْل ِم َ‬
‫على‬ ‫ع ْن أ ْه ِل الضَّال َل ِة ِمن أسْالفِ ِه ْم‪ْ .‬‬
‫وإط ُ‬ ‫هو ُم ْعتَقَدات ُ ُه ُم ال َم ْو ُروثَةُ َ‬
‫ب ُم ْعتَقَ ِد ِه ْم‪.‬‬ ‫على َح َس ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ا ْع ِتقا ِد ِه ْم ت َ َه ُّك ٌم و َج ْر ٌ‬
‫َ ࣰ‬
‫ظ ٰـ ِهرا ِّمنَ ٱ ۡل َح َي ٰو ِة ٱلد ُّۡن َيا}‬ ‫أو علم الدنيا { َيعۡ لَ ُمونَ‬
‫ت ٱ َّلل ِه ٱ َّلتِی قَ ۡد َخلَ ۡت فِی ِعبَا ِد ِهۦ}‬ ‫س َّن َ‬
‫سنَا ُ‬ ‫﴿فَلَ ۡم يَكُ َينفَعُ ُه ۡم ِإي َم ٰـنُ ُه ۡم لَ َّما َرأ َ ۡو ۟ا بَ ۡأ َ‬
‫َلن هذا إيمان االضراري وليس اختياري ولَ ْم َي ْست َثْ ِن ِمن ذَ ِل َك ّ‬
‫{إال قَ ْو َم‬
‫الخ ْزي ِ في ال َحيا ِة ال ُّد ْنيا﴾‬
‫ذاب ِ‬ ‫ش ْفنا َ‬
‫ع ْنهم َ‬
‫ع َ‬ ‫س لَ ّما آ َمنُوا َك َ‬
‫يُونُ َ‬

‫‪662‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة فصلت مكية‬

‫الر ِح ِيم﴾‬ ‫﴿حم تَنزي ٌل ِمنَ َّ‬


‫الرحْ َم ِن َّ‬
‫الر ِح ِيم} صفة الفعل‪.‬‬
‫الرحْ َم ِن} صفة الذات و { َّ‬
‫رجح ابن كثير على أن‪َّ { :‬‬
‫قـال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في قوله ‪-‬عز وجل‬
‫}فَا ْست َ ِقي ُموا إِلَ ْي ِه َوا ْست َ ْغ ِف ُروهُ{‬
‫تقصير في االستقامة المأمور بها‪ ،‬فيُج َب ُر ذلك‬
‫ٍ‬ ‫إشارة ٌ إلى أنَّه البُ َّد من‬
‫بـاالستغفار المقتضي للتَّوبة ُّ‬
‫والرجوع إلى االستقامة‪.‬‬
‫حديث عبد الله بن عمرو 《است َقيموا ولن تُحصوا واعلَموا َّ‬
‫أن ِمن أفض ِل‬
‫ٌ‬
‫مؤمن》 صححه اَللباني‪.‬‬ ‫الوضوء َّإال‬
‫ِ‬ ‫صالة َ وال يحاف ُ‬
‫ظ علَى‬ ‫أعما ِل ُك ُم ال َّ‬
‫ارة ُ‬ ‫الز َكاةَ﴾ َو ْال ُم َرا ُد بِال َّز َكاةِ هَا ُهنَا‪َ :‬‬
‫ط َه َ‬ ‫﴿و َو ْي ٌل ِل ْل ُم ْش ِركِينَ الَّذِينَ َال يُؤْ تُونَ َّ‬‫َ‬
‫ارة ُ ال َّن ْف ِس ِمنَ ال ِ ّ‬
‫ش ْر ِك‪.‬‬ ‫ط َه َ‬‫الرذِي َل ِة‪َ ،‬و ِم ْن أَ َه ِ ّم َذ ِل َك َ‬
‫ق َّ‬‫النَّ ْف ِس ِمنَ ْاَل َ ْخ َال ِ‬
‫َوعن بعض السلف‪َ :‬ي ْعنِي‪ :‬الَّذِينَ َال َي ْش َهدُونَ أ َ ْن َال ِإ َلهَ ِإ َّال اللَّهُ‪.‬‬
‫الزكاة َ في اآليَ ِة أهي زَ كاة ُ الما ِل ال َم ْع ُروفَةُ‪ْ ،‬أو زَ كاة ُ‬ ‫واختلف المفسرون َّ‬
‫عاصي‪.‬‬
‫ب ال َم ِ‬
‫ت واجْ ِتنا ِ‬ ‫ْدان ِب ِف ْع ِل ّ‬
‫الطاعا ِ‬ ‫اَلب ِ‬

‫‪663‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫از ِل ِب َم َّكةَ‬ ‫ت َه ِذ ِه ِمنَ القُ ْر ِ‬


‫آن النّ ِ‬ ‫صلَ ْ‬
‫ورة َ فُ ِ ّ‬
‫س َ‬‫ير؛ َِل َّن ُ‬ ‫ض ُه ُم القَ ْو َل ِ‬
‫اَلخ َ‬ ‫َو َر َّج َح َب ْع ُ‬
‫سنَةَ اثْ َنتَي ِْن‪.‬‬ ‫قَ ْب َل ال ِهجْ َرةِ‪ ،‬وزَ كاة ُ الما ِل ال َم ْع ُروفَةُ إنَّما فُ ِر َ‬
‫ض ْ‬
‫ت بَ ْع َد ال ِهجْ َر ِة َ‬
‫وبار َك ِفيها وقَد ََّر ِفيها أ ْقوات َها في‬
‫َ‬ ‫ي ِمن فَ ْو ِقها‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َج َع َل ِفيها َروا ِس َ‬
‫أربَ َع ِة أي ٍّام﴾‬
‫ْ‬
‫ض في يَ ْو َمي ِْن﴾ ث ُ َّم قا َل‪( :‬في ْ‬
‫أربَعَ ِة‬ ‫قا َل‪﴿ :‬قُ ْل أئِنَّكم لَت َ ْكفُ ُرونَ بِالَّذِي َخلَقَ ْ‬
‫اَلر َ‬
‫أي في ت َ ِت َّم ِة ْ‬
‫أر َب َع ِة أي ٍّام‪.‬‬ ‫أي ٍّام) ْ‬
‫اَلربَ َع ِة‬ ‫ت في يَ ْو َمي ِْن﴾ َفت َ ُ‬
‫ض ُّم اليَ ْو َمي ِْن إلى ْ‬ ‫سماوا ٍ‬ ‫ث ُ َّم قا َل‪﴿ :‬فَ َقضا ُه َّن َ‬
‫س ْب َع َ‬
‫ض وما بَ ْينَ ُهما‬ ‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫سماوا ِ‬ ‫ون َمجْ ُموعُ اَلي ِّام الَّتِي َخ َلقَ فِيها ال َّ‬ ‫سابِقَ ِة‪َ ،‬فيَ ُك ُ‬
‫ال ّ‬
‫‪ِ -‬ستَّةَ أي ٍّام‪.‬‬
‫غي ُْرهُ ِبحا ٍل؛ َِل َّن اللَّهَ ت َعالى‬ ‫ير الَّذِي ذَ َك ْرنا في اآليَ ِة ال َي ِ‬
‫ص ُّح َ‬ ‫َوهَذا الت َّ ْف ِس ُ‬
‫ض وما َب ْينَ ُهما‬
‫واَلر َ‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ت ُمت َ َع ِ ّد َدةٍ ِمن ِكتا ِب ِه ِبأنَّهُ َخلَقَ ال َّ‬
‫سماوا ِ‬ ‫ص َّر َح في آيا ٍ‬
‫َ‬
‫في ِست َّ ِة أي ٍّام‪.‬‬
‫أما الزيادة على الستة في صحيح مسلم فشاذ ضعفه أكثر الحفاظ‪.‬‬
‫ع ْن ُهما َ‬
‫ع ِن ال َج ْمعِ َبيْنَ آ َي ِة ”السَّجْ َد ِة“ وآ َي ِة‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬‫ّاس َر ِ‬
‫س ِئ َل ابْن َعب ٍ‬
‫ُ‬
‫غي َْر‬ ‫ماء َ‬‫س ِ‬ ‫ض َّأو ًال قَ ْب َل ال َّ‬ ‫أن اللَّهَ ت َعالى َخ َلقَ ْ‬
‫اَلر َ‬ ‫أجاب بِ َّ‬
‫َ‬ ‫ت“‪ ،‬فَ‬ ‫”النّ ِ‬
‫ازعا ِ‬
‫ض بَ ْع َد‬
‫اَلر َ‬‫س ْبعًا في يَ ْو َمي ِْن ث ُ َّم َدحا ْ‬
‫س ّوا ُه َّن َ‬
‫ماء َف َ‬
‫س ِ‬ ‫َم ْد ُح َّوةٍ‪ ،‬ث ُ َّم ا ْست َوى إلى ال َّ‬
‫ض قَ ْب َل خ َْل ِ‬
‫ق‬ ‫اَلر ِ‬
‫ق ْ‬ ‫ص ُل خ َْل ِ‬ ‫غي َْر ذَ ِل َك‪ ،‬فَأ ْ‬
‫هار و َ‬‫ي واَل ْن َ‬ ‫ذَ ِل َك و َج َع َل ِفيها َّ‬
‫الروا ِس َ‬
‫ماء‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫ال َّ‬
‫‪#‬أضواء البيان‬
‫‪664‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{ذَ ٰ⁠ ِل َك ت َۡقدِي ُر ٱ ۡل َع ِزي ِز ٱ ۡل َع ِلي ِم﴾ وما في اآليات التي قبلها من النعم‪َ { ...‬ي ٰۤـأ َ ُّي َها‬
‫س ٰـ ُن َما غ ََّر َك ِب َر ِبّ َك ٱ ۡل َك ِري ِم}‬‫ٱ ۡ ِْلن َ‬
‫ࣰ‬
‫َ‬
‫ع ࣲاد َوث ُمو َد{‬‫ص ٰـ ِعقَ ِة َ‬ ‫ۡ‬
‫ص ٰـ ِعقَة ِّمث َل َ‬ ‫وا فَقُ ۡل أَنذَ ۡرت ُ ُك ۡم َ‬ ‫ض ۟‬ ‫} فَإ ِ ۡن أ َ ۡع َر ُ‬
‫َيءٍ كانَ ‪.‬‬‫يِ ش ْ‬ ‫صا ِعقَةُ ا ْس ٌم ِلل َّ‬
‫ش ْي ِء ال ُم ْه ِل ِك َِل ّ‬ ‫قال الشوكاني ال ّ‬
‫ت ذَوا ِ‬
‫ت نُ ُح ٍ‬
‫وس‪.‬‬ ‫أي‪َ :‬م ْشؤُوما ٍ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فِي أَي ٍَّام ن َِح َ‬
‫ساتٍ﴾ ْ‬
‫س ْب َع َليَا ٍل َوث َ َما ِنيَةَ أَي ٍَّام ُح ُ‬
‫سو ًما﴾‬ ‫وعن ابن عباس أ َ ْ‬
‫ي‪ُ :‬متَت َابِ َعاتٍ‪َ ﴿ ،‬‬
‫عاء‪،‬‬
‫اَلر ِب ِ‬ ‫ض أ ْه ِل ال ِع ْل ِم أنَّها ِمن آخ َِر ش َّوا ٍل‪َّ ،‬‬
‫وأن َّأولَها َي ْو ُم ْ‬ ‫َو َي ْز ُ‬
‫ع ُم َب ْع ُ‬
‫على َش ْيءٍ ِمن ذَ ِل َك‪.‬‬ ‫عاء‪ ،‬وال َد ِلي َل َ‬ ‫اَلر ِب ِ‬ ‫وآخ َرها يَ ْو ُم ْ‬ ‫ِ‬
‫على أُولَئِ َك ال َكفَ َرةِ العُصاةِ الَّذِينَ‬ ‫شؤْ ُمهُ َ‬ ‫ص َّح َم ْعناهُ ِمنها فال ُمرا ُد بِنَحْ ِس ِه ُ‬ ‫وما َ‬
‫وا ٰۚۤ‬ ‫عاصي ِه ْم‪{ .‬فَقُ ِط َع َدا ِب ُر ٱ ۡلقَ ۡو ِم ٱلَّ ِذينَ َ‬
‫ظلَ ُم ۟‬ ‫ب ُك ْف ِر ِه ْم و َم ِ‬ ‫س َب ِ‬ ‫أ ْهلَ َك ُه ُم اللَّهُ ِفي ِه ِب َ‬
‫َوٱ ۡل َح ۡم ُد ِللَّ ِه َربّ ِ ٱ ۡل َع ٰـلَ ِمينَ }‬
‫أي َب َّينّا لَهم َ‬
‫ط ِريقَ ال َح ّ ِ‬
‫ق فهذه هداية البيان واْلرشاد‬ ‫َوأ ّما ث َ ُمو ُد فَ َه َديْنا ُه ْم﴾ ْ‬
‫أما هداية التوفيق فَقَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬إنَّ َك ال تَ ْهدِي َمن أحْ َبب َ‬
‫ْت﴾‬
‫ْصارهم و ُجلُودُهم‬ ‫علَ ْي ِه ْم َ‬
‫س ْمعُهم وأب ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬حتّى إذا ما جا ُءوها َ‬
‫ش ِه َد َ‬
‫على أ ْفوا ِه ِه ْم وت ُ َك ِلّ ُمنا أ ْيدِي ِه ْم﴾‬
‫ِبما كانُوا َي ْع َملُونَ ﴾ كما قال ت َعالى‪﴿ :‬ال َي ْو َم ن َْخ ِت ُم َ‬
‫ع ِملَ ْ‬
‫ت﴾‬ ‫﴿و ُو ِفّ َي ْ‬
‫ت ُك ُّل نَ ْف ٍس َما َ‬ ‫َ‬
‫حديث أنس عند مسلم في مخاطبة العبد ربه‬

‫‪665‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الظ ْل ِم؟ قا َل‪ :‬يقو ُل‪َ :‬بلَى‪ ،‬قا َل‪ :‬ف َيقولُ‪ :‬فإنِّي ال‬
‫"يقولُ‪ :‬يا َربّ ِ أَلَ ْم ت ُ ِج ْرنِي ِمنَ ُّ‬
‫اليوم َعلَي َْك َ‬
‫ش ِهيدًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أ ُ ِج ُ‬
‫يز علَى نَ ْف ِسي َّإال شَا ِهدًا ِم ِنّي‪ ،‬قا َل‪ :‬ف َيقولُ‪َ :‬كفَى بنَ ْف ِس َك‬
‫ش ُهودًا‪ ،‬قا َل‪ :‬فيُ ْختَ ُم ع َلى ِفي ِه‪ ،‬فيُقَا ُل َل َ ْر َكا ِن ِه‪ :‬ا ْن ِط ِقي‪ ،‬قا َل‪:‬‬ ‫َو ِب ْال ِك َر ِام ال َكا ِت ِبينَ ُ‬
‫فَت َ ْن ِط ُق بأ َ ْع َما ِل ِه‪ ،‬قا َل‪ :‬ث ُ َّم يُخَلَّى ب ْينَهُ وبيْنَ ال َك َال ِم‪ ،‬قا َل فيَقولُ‪ :‬بُ ْعدًا لَ ُك َّن‬
‫سحْ قًا‪ ،‬فَ َع ْن ُك َّن ُك ْنتُ أُن ِ‬
‫َاض ُل"‬ ‫َو ُ‬
‫ار ُك ْم َو َال ُجلُو ُد ُك ْم}‬
‫ص ُ‬‫س ْم ُع ُك ْم َو َال أ َ ْب َ‬ ‫{و َما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْست َ ِت ُرونَ أ َ ْن َي ْش َه َد َ‬
‫علَ ْي ُك ْم َ‬ ‫َ‬
‫ستار ال َكعب ِة‪،‬‬‫حديث عبد الله بن مسعود في الصحيحين قال كنتُ ُمستتِ ًرا بأ َ ِ‬
‫كثير شَح ُم‬
‫ٌ‬ ‫ي و َختَناه قُ َرشي ِ‬
‫َّان‪،‬‬ ‫َّان‪ ،‬أو ث َقَف ٌّ‬ ‫فجاء ثالثةُ نَفَ ٍر‪ :‬قُ َرش ٌّ‬
‫ي‪ ،‬و َخت َناه ثَقَفي ِ‬
‫أتر ْونَ اللهَ‬
‫بكالم لم أس َم ْعه‪ ،‬فقال أحدُهم‪َ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫بطونِهم‪ ،‬قلي ٌل فِقهُ قلو ِبهم‪ ،‬فت َكلَّموا‬
‫يس َم ُع كال َمنا هذا؟ فقال اآلخ َُر‪ :‬أُرانا إذا رفَ ْعنا أَصوات َنا ِ‬
‫سم َعه‪ ،‬وإذا لم‬
‫سم َعه كلَّه‪ ،‬قال‪ :‬فذ َك ْرتُ‬
‫سم َع منه شيئًا ِ‬ ‫نرفَ ْعها لم يس َم ْعه‪ ،‬فقال اآلخ َُر‪ْ :‬‬
‫إن ِ‬
‫{و َما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْستَتِ ُرونَ‬ ‫ي ِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪ ،‬فأنزَ َل اللهُ َّ‬
‫عز وج َّل‪َ :‬‬ ‫ذلك لل َّنب ّ‬
‫ار ُك ْم َو َال ُجلُو ُد ُك ْم} إلى قو ِله‪{ :‬ذَ ِل ُك ْم َ‬
‫ظنُّ ُك ُم‬ ‫ص ُ‬‫س ْمعُ ُك ْم َو َال أَ ْب َ‬ ‫علَ ْي ُك ْم َ‬ ‫أ َ ْن يَ ْش َه َد َ‬
‫ص َبحْ ت ُ ْم ِمنَ ْالخَا ِس ِرينَ }‬ ‫الَّذِي َ‬
‫ظنَ ْنت ُ ْم ِب َر ِبّ ُك ْم أ َ ْر َدا ُك ْم فَأ َ ْ‬
‫وا فَ َما ُهم ِّمنَ ٱ ۡل ُمعۡ تَبِينَ ﴾‬
‫{ َو ِإن يَ ۡست َعۡ تِبُ ۟‬
‫قال ابن القيم أي إن يطلبوا إعتابنا وإزالة عتبنا عليهم‬
‫*والعتب الغضب‬
‫ضوا‪.‬‬
‫وعن بعض المفسرين‪ :‬أي يَ ْست َْر َ‬

‫‪666‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وقَ َّيضْنا لَهم قُ َرنا َء فَزَ يَّنُوا لَهم ما َبيْنَ أ ْيدِي ِه ْم وما خ َْلفَ ُه ْم﴾ َكما قا َل ت َعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫شيْطا ًنا فَهو َلهُ قَ ِر ٌ‬
‫ين﴾‬ ‫ض َلهُ َ‬ ‫ع ْن ِذ ْك ِر َّ‬
‫الرحْ َم ِن نُقَ ِّي ْ‬ ‫ش َ‬‫﴿و َمن يَ ْع ُ‬ ‫َ‬
‫نس ن َۡج َع ۡل ُه َما ت َۡح َ‬
‫ت{‬ ‫ض َّالنَا ِمنَ ٱ ۡل ِج ِّن َوٱ ۡ ِْل ِ‬
‫وا َربَّن َۤا أ َ ِرنَا ٱلَّ َذ ۡي ِن أ َ َ‬
‫َوقَا َل ٱلَّ ِذينَ َكفَ ُر ۟‬
‫أ َ ۡق َد ِامنَا ِليَ ُكونَا ِمنَ ٱ َۡل َ ۡسفَ ِلينَ ﴾‬
‫ظلَ ۡمت ُ ۡم أَنَّ ُك ۡم فِی ٱ ۡل َعذَا ِ‬
‫ب ُم ۡشت َِر ُكونَ {‬ ‫} َولَن يَنفَعَ ُك ُم ٱ ۡليَ ۡو َم إِذ َّ‬
‫﴿ ِإ َّن الَّذِينَ قَالُوا َربُّنَا اللَّهُ ث ُ َّم ا ْستَقَا ُموا﴾ على التوحيد حتى أتاهم اليقين‪ .‬اْليمان‬
‫واْلستقامة هما مدار الشريعة‪.‬‬
‫حديث سفيان بن عبدالله الثقفي عند مسلم قال قُلتُ ‪ :‬يا َرسو َل الل ِه‪ ،‬قُ ْل لي في‬
‫ث أ ِبي أُسا َمةَ َ‬
‫غي َْر َك‪ ،‬قا َل‪:‬‬ ‫ْالم قَ ْو ًال ال أ ْسأ َ ُل ع ْنه أ َحدًا َب ْع َد َك‪ ،‬وفي َحدي ِ‬
‫اْلس ِ‬
‫قُ ْل‪ :‬آ َم ْنتُ باللَّ ِه‪ ،‬ثم ا ْست َ ِق ْم‪.‬‬
‫ع َل ْي ِه ُم ْال َمال ِئ َكةُ﴾ َي ْع ِني ِع ْن َد ْال َم ْو ِ‬
‫ت وفي القبور وعند البعث‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬تَتَنز ُل َ‬
‫ع ْنهُ‪" :‬أ َ َّن ْال َم َالئِ َكةَ تَقُو ُل ِل ُروحِ ْال ُمؤْ ِم ِن‪ :‬ا ْخ ُر ِجي‬
‫ي اللَّهُ َ‬ ‫َحدِيث ْالبَ َراء َر ِ‬
‫ض َ‬
‫اخ ُر ِجي إِلَى َر ْوحٍ‬
‫ت ت َ ْع ُم ِرينَهُ‪ْ ،‬‬
‫ب ُك ْن ِ‬ ‫س ِد َّ‬
‫الط ِّي ِ‬ ‫الطيِّبَةُ فِي ْال َج َ‬
‫الرو ُح َّ‬
‫أَيَّت ُ َها ُّ‬
‫ض َبانَ "‬
‫غي ِْر َغ ْ‬
‫ان‪َ ،‬و َربّ ٍ َ‬‫َو َر ْي َح ٍ‬
‫عا ِإلَى اللَّ ِه﴾‬ ‫﴿و َم ْن أَحْ َ‬
‫س ُن قَ ْوال ِم َّم ْن َد َ‬ ‫َ‬
‫قِي َل‪ْ :‬ال ُم َرا ُد بِ َها ْال ُم َؤ ِذّنُونَ‬
‫غي ِْر ِه ْم‪ ،‬فَأ َ َّما َحا ُل نُ ُزو ِل َه ِذ ِه‬ ‫عا َّمةٌ فِي ْال ُم َؤ ِذّنِينَ َوفِي َ‬ ‫ص ِحي ُح أ َ َّن ْاآل َيةَ َ‬ ‫َوال َّ‬
‫ع‬
‫ش ِر َ‬ ‫عا بِ ْال ُك ِلّيَّ ِة؛ َِلَنَّ َها َم ِ ّكيَّةٌ‪َ ،‬و ْاَلَذَ ُ‬
‫ان ِإنَّ َما ُ‬ ‫ْاآليَ ِة فَإِنَّهُ لَ ْم يَ ُك ِن ْاَلَذَ ُ‬
‫ان َم ْش ُرو ً‬
‫ِب ْال َمدِي َن ِة َب ْع َد ْال ِهجْ َر ِة‪.‬‬
‫‪667‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صا ِل ًحا َوقَا َل ِإنَّنِي ِمنَ ْال ُم ْس ِل ِمينَ ﴾‬


‫عا ِإلَى اللَّه َو َع ِم َل َ‬ ‫﴿و َم ْن أَحْ َ‬
‫س ُن قَ ْوال ِم َّم ْن َد َ‬ ‫َ‬
‫يِ‪ :‬أ َ َّنهُ قَا َل‪َ :‬هذَا َحبِ ُ‬
‫يب‬ ‫س ِن ْال َب ْ‬
‫ص ِر ّ‬ ‫ع ْن ْال َح َ‬
‫جمع بين العلم والعمل والدعوة َ‬
‫ص ْف َوة ُ اللَّ ِه‪َ ،‬ه َذا ِخ َي َرة اللَّ ِه‪َ ،‬هذَا أ َ َحبُّ أ َ ْه ِل ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‬ ‫ي اللَّ ِه‪َ ،‬ه َذا َ‬
‫اللَّ ِه‪َ ،‬ه َذا َو ِل ُّ‬
‫اللهُ فِي ِه ِم ْن‬‫اب َّ‬ ‫اس ِإلَى َما أ َ َج َ‬ ‫عا ال َّن َ‬ ‫اب اللَّهُ فِي َدع َْو ِت ِه‪َ ،‬و َد َ‬ ‫الل ِه‪ ،‬أ َ َج َ‬‫ِإلَى َّ‬
‫صا ِل ًحا فِي إِ َجابَتِ ِه‪ ،‬وقال‪ :‬إِنَّنِي ِمنَ ْال ُم ْس ِل ِمينَ ‪َ ،‬هذَا َخ ِليفَةُ َّ‬
‫الل ِه‪.‬‬ ‫ع ِم َل َ‬
‫َدع َْوتِ ِه‪َ ،‬و َ‬
‫حيث سهل بن سعد الساعدي في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم لعلي‬
‫لك ِمن ْ‬
‫أن‬ ‫واحدًا‪َ ،‬خي ٌْر َ‬ ‫ِي اللَّهُ َ‬
‫بك َر ُج ًال ِ‬ ‫رضي الله عنه "فَ َواللَّ ِه ََل َ ْن يَ ْهد َ‬
‫لك ُح ْم ُر النَّعَ ِم"‬
‫يَكونَ َ‬
‫غ ۡي َر ُك ۡم ث ُ َّم َال َي ُكونُ ۤو ۟ا أ َ ۡمث َ ٰـلَ ُكم}‬
‫{و ِإن تَت ََولَّ ۡو ۟ا َي ۡست َۡبد ِۡل قَ ۡو ًما َ‬
‫وإن تُرك الدعوة ‪َ ...‬‬
‫ان ِإ َل ْي ِه‪َ ،‬ك َما‬
‫س ِ‬ ‫ع ْن َك بِ ْ ِ‬
‫اْلحْ َ‬ ‫ي‪َ :‬م ْن أ َ َ‬
‫سا َء ِإلَي َ‬
‫ْك فَا ْدفَ ْعهُ َ‬ ‫س ُن﴾ أ َ ْ‬ ‫ا ْدفَ ْع بِالَّتِي ِه َ‬
‫ي أَحْ َ‬
‫يك ِب ِمثْ ِل أ َ ْن ت ُ ِطي َع اللَّ َه‬
‫صى اللَّ َه ِف َ‬ ‫ْت َم ْن َ‬
‫ع َ‬ ‫ع ْنهُ َما َ‬
‫عاقَب َ‬ ‫ي َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫قَا َل ُ‬
‫ع َم ُر َر ِ‬
‫فِي ِه‪.‬‬
‫طانَ ْ ِ‬
‫اْل ْن ِس‬ ‫ي‪ :‬إِ َّن َش ْي َ‬‫غ فَا ْست َ ِع ْذ بِاللَّ ِه﴾ أَ ْ‬
‫ان نز ٌ‬ ‫غنَّ َك ِمنَ ال َّش ْي َ‬
‫ط ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿وإِ َّما َينز َ‬
‫س ِإ َّال‬‫ان ْال ِج ِّن فَإِنَّهُ َال ِحيلَةَ ِفي ِه ِإذَا َوس َْو َ‬ ‫ان ِإ َل ْي ِه‪ ،‬فَأ َ َّما َش ْي َ‬
‫ط ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ِب ْ ِ‬
‫اْلحْ َ‬ ‫ُربَّ َما َي ْن َخ ِد ُ‬
‫ِاال ْستِ َعا َذة َ بالله‪.‬‬
‫الرجيم ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الشيطان‬
‫ِ‬ ‫العليم من‬
‫ِ‬ ‫السميع‬
‫ِ‬ ‫حديث أبي سعيد الخدري 《أعوذُ بالل ِه‬
‫من ه َْم ِز ِه ونَ ْف ِخ ِه ونَ ْفثِ ِه》 صححه اَللباني‬

‫‪668‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ِبّ ُحونَ لَهُۥ ِبٱلَّ ۡي ِل َوٱلنَّ َه ِ‬


‫ار َو ُه ۡم َال َي ۡسـَٔ ُمونَ‬ ‫{فَإ ِ ِن ٱ ۡست َۡك َب ُر ۟‬
‫وا فَٱلَّ ِذينَ ِعن َد َر ِبّ َك يُ َ‬
‫سوا بِ َها بِ َكافِ ِرينَ ﴾}‬ ‫الء فَقَ ْد َو َّك ْلنَا بِ َها قَ ْو ًما َل ْي ُ‬
‫۩} َكقَ ْو ِل ِه ﴿فَإ ِ ْن يَ ْكفُ ْر بِ َها هَؤُ ِ‬
‫ش ْيءٍ َقد ٌ‬
‫ِير﴾‬ ‫﴿ ِإ َّن الَّذِي أَحْ َياهَا لَ ُمحْ ِيي ْال َم ْوت َى ِإنَّهُ َ‬
‫علَى ُك ِّل َ‬
‫الله ُِۤ ْال َم ْوت َى‪.‬‬
‫ِيث أ َ ِبي هريرة في إحياء َّ‬ ‫تَقَد ََّم فِي "سورة الروم" َحد ُ‬
‫ْ‬
‫واْللحا ُد ال َم ْي ُل‬ ‫ع ِن ال َح ّ ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫﴿إن الَّذِينَ يُ ْل ِحدُونَ في آياتِنا﴾ ْ‬
‫أي‪ :‬يَ ِميلُونَ َ‬ ‫َّ‬
‫والعُدُولُ‪ ،‬وعن ابن عباس وضع الكالم في غير موضعه‪.‬‬
‫{وقُ ِل ٱ ۡل َح ُّق ِمن َّربِّ ُك ۡم فَ َمن‬
‫ير﴾ كقوله َ‬
‫ص ٌ‬‫﴿ا ْع َملُوا ما ِشئْت ُ ْم إنَّهُ بِما ت َ ْع َملُونَ َب ِ‬
‫ش َۤا َء فَ ۡليُ ۡؤ ِمن َو َمن ش َۤا َء فَ ۡليَ ۡكفُ ٰۡۚر}‬
‫وا ٱ ۡل َع ۡز ِم‬
‫ص َب َر أ ُ ۟ولُ ۟‬
‫س ِل ِمن قَ ْب ِل َك﴾ {فَٱصۡ ِب ۡر َك َما َ‬ ‫﴿ما يُقا ُل لَ َك ّإال ما قَ ْد قِي َل ِل ُّ‬
‫لر ُ‬
‫س ِل }‬ ‫لر ُ‬
‫ِمنَ ٱ ُّ‬
‫ࣱ‬
‫ع ًم ٰۚى أ ُ ۟ولَ ٰۤـ ِٕى َك ُينَا َد ۡونَ ِمن {‬ ‫َوٱلَّ ِذينَ َال يُ ۡؤ ِمنُونَ ِف ۤی َءاذَا ِن ِه ۡم َو ۡقر َو ُه َو َ‬
‫علَ ۡي ِه ۡم َ‬
‫ان بَ ِعي ࣲد﴾‬
‫َّم َك ِ‬
‫قال ابن عباس‪" :‬في آذانهم صمم عن استماع القرآن وهو عليهم عمى أعمى‬
‫الله قلوبهم فال يفقهون أولئك ينادون من مكان بعبد مثل البهيمة التي ال تفهم‬
‫إال دعاء ونداء"‬
‫‪#‬تفسير ابن القيم رحمه الله‪.‬‬

‫{أ ُ ۟ولَ ٰۤـ ِٕى َك يُنَا َد ۡونَ ِمن َّم َك ِ‬


‫ان بَ ِعي ࣲد﴾‬

‫‪669‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ان َب ِعيدٍ‪َ ،‬ال َي ْف َه ُمونَ‬ ‫ير‪َ :‬م ْعنَاهُ‪َ :‬كأ َ َّن َم ْن يُخ ِ‬
‫َاطبُ ُه ْم يُنَادِي ِه ْم ِم ْن َم َك ٍ‬ ‫قَا َل اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫َما يَقُو ُل‪.‬‬
‫ي‪َ :‬ال َي ْعلَ ُم ذَ ِل َك أ َ َح ٌد ِس َواهُ‪َ ،‬ك َما قَا َل ﷺ‪َ ،‬و ُه َو َ‬
‫س ِيّ ُد‬ ‫ع ِة﴾ أَ ْ‬ ‫﴿ ِإلَ ْي ِه يُ َر ُّد ِع ْل ُم ال َّ‬
‫سا َ‬
‫ع ِة‪ ،‬فَقَا َل‪َ " :‬ما‬
‫سا َ‬ ‫سأَلَهُ َ‬
‫ع ِن ال َّ‬ ‫ت ْال َم َالئِ َك ِة ‪ِ -‬حينَ َ‬
‫سا َدا ِ‬ ‫ْالبَش َِر ِل ِجب ِْري َل َو ُه َو ِم ْن َ‬
‫﴿ال يُ َج ِّلي َها ِل َو ْقتِ َها إِال ُه َو﴾‬ ‫ْال َم ْسئُو ُل َ‬
‫ع ْن َها بِأ َ ْعلَ َم ِمنَ ال َّ‬
‫سا ِئ ِل"‪ ،‬قَا َل َ‬
‫وس قَنُو ٌ‬
‫ط﴾ قال بعض العلماء يؤوس في قلبه قنوط في‬ ‫ش ُّر فَ َيئ ُ ٌ‬
‫سهُ ال َّ‬ ‫ْ‬
‫﴿وإن َم َّ‬
‫مظهره وقوله‪.‬‬
‫ف ٱ ۡل َخبِي ُر{‬
‫}أ َ َال يَعۡ لَ ُم َم ۡن َخ َلقَ َو ُه َو ٱ َّلل ِطي ُ‬
‫ي‪َِ :‬لَجْ ِل أَنَّهُ ُخ ّ ِول نِ ْع َمةً‬
‫ع ِة‪ ،‬أ َ ْ‬ ‫عةَ قَائِ َمةً﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬ي ْكفُ ُر ِب ِق َي ِام ال َّ‬
‫سا َ‬ ‫﴿و َما أ َ ُ‬
‫ظ ُّن ال َّ‬
‫سا َ‬ ‫َ‬
‫طغَى أ َ ْن َرآهُ ا ْست َ ْغنَى﴾‬‫سانَ َليَ ْ‬
‫ط ُر‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬كال ِإ َّن اْل ْن َ‬ ‫يَ ْفخ َُر‪َ ،‬و َي ْب َ‬
‫ِدت ِإلَ ٰى َر ِبّی ََل َ ِج َد َّن‬ ‫﴿ولَ ِئ ْن ُر ِج ْعتُ ِإلَى َر ِبّي ِإ َّن ِلي ِع ْن َدهُ لَ ْل ُح ْسنَى﴾ َ‬
‫{و َل ِٕىن ُّرد ُّ‬ ‫َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫َخ ۡيرا ِّم ۡن َها ُمن َق َلبا}‬
‫ي‪ :‬يُ ِطي ُل ْال َم ْسأَلَةَ‬ ‫يض﴾ أ َ ْ‬‫ع ِر ٍ‬ ‫ش َّدةُ‪﴿ ،‬فَذُو ُد َ‬
‫عاءٍ َ‬ ‫ش ُّر﴾ أَيِ‪ :‬ال ِ ّ‬
‫﴿وإِذَا َم َّسهُ ال َّ‬ ‫وقوله َ‬
‫ظهُ َوقَ َّل َم ْعنَاهُ‪َ ،‬و ْال َو ِج ُ‬
‫يز‪:‬‬ ‫طا َل لَ ْف ُ‬ ‫اح ِد فَ ْال َك َال ُم ْال َع ِر ُ‬
‫يض‪َ :‬ما َ‬ ‫ش ْي ِء ْال َو ِ‬
‫ِفي ال َّ‬
‫ع ْك ُ‬
‫سهُ‪َ ،‬و ُه َو‪َ :‬ما قَ َّل َو َد َّل‪ .‬قاله ابن كثير‪.‬‬ ‫َ‬
‫ْف ت ُ َرون َحالَ ُك ْم ِع ْن َد‬ ‫﴿قُ ۡل أ َ َر َء ۡيت ُ ۡم إِن َكانَ ِم ۡن ِعن ِد ٱللَّ ِه ث ُ َّم َكفَ ۡرتُم بِ ِهۦ} أ َ ْ‬
‫ي‪َ :‬كي َ‬
‫الله‬
‫ق َوفِي أ َ ْنفُ ِس ِه ْم﴾ قال كثير من المفسرين‪:‬‬
‫سنُ ِري ِه ْم آيَا ِتنَا فِي اآلفَا ِ‬
‫﴿ َ‬

‫‪670‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سو ِل ِه و ِل ْل ُخلَ ِ‬
‫فاء ِمن َب ْع ِد ِه‬ ‫س َر َّ‬
‫اللهُ فَتْ َحها ِل َر ُ‬ ‫ق‪ :‬فَتْ ُح القُرى الَّتِي َي َّ‬
‫في اآلفا ِ‬
‫ق ال ُّد ْنيا ش َْرقًا وغ َْر ًبا‪ ،‬وفي أ ْنفُ ِس ِه ْم‪ :‬كوقعة بدر و َفتْحِ‬ ‫وأ ْن ِ‬
‫صار دِينِ ِه في آفا ِ‬
‫َم َّكةَ‪.‬‬
‫ق َوفِي أ َ ْنفُ ِس ِه ْم﴾ عني الفتوحات وآيات الكون‪،‬‬
‫سنُ ِري ِه ْم آيَا ِتنَا فِي اآلفَا ِ‬
‫وقيل ﴿ َ‬
‫{وفِ ۤی أَنفُ ِس ُك ٰۡۚم أَفَ َال ت ُ ۡب ِ‬
‫ص ُرونَ }‬ ‫وفي اَلنفس َ‬
‫علَى ُك ِّل َ‬
‫ش ْيءٍ‬ ‫ف ِب َر ِبّ َك أَنَّهُ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعا َلى‪َ ﴿ :‬حتَّى َيت َ َبيَّنَ لَ ُه ْم أ َ َّنهُ ْال َح ُّق أَ َولَ ْم َي ْك ِ‬
‫اللهُ يَ ْش َه ُد بِ َما أَنز َل ِإلَي َْك أَنزلَهُ بِ ِع ْل ِم ِه َو ْال َمالئِ َكةُ‬ ‫ش ِهيدٌ﴾ َك َما َقا َل‪﴿ :‬لَ ِك ِن َّ‬ ‫َ‬
‫يَ ْش َهدُونَ ﴾‬

‫سورة الشورى مكية‬

‫ط ْرنَ ِمن فَ ْوقِ ِه َّن } أي خ َْوفًا ِمنَ اللَّ ِه‪ ،‬و ِهي َبةً‬
‫سماواتُ يَتَفَ َّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ت َكا ُد ال َّ‬
‫﴿وقالُوا ات َّ َخذَ‬
‫على الله َ‬ ‫ظ ِم ال ِف ْر َي ِة َّال ِتي ا ْفت َراها ال ُكفّ ُ‬
‫ار َ‬ ‫الال‪ .‬أو ِمن ِش َّد ِة ِع َ‬
‫وإجْ ً‬
‫سماواتُ يَت َ َف َّ‬
‫ط ْرنَ ِمنهُ وت َ ْنش َُّق‬ ‫الرحْ َم ُن ولَدًا﴾ ﴿لَقَ ْد ِجئْت ُ ْم َ‬
‫ش ْيئًا إدًّا﴾ ﴿ت َكا ُد ال َّ‬ ‫َّ‬
‫لرحْ َم ِن ولَدًا﴾‬
‫ع ْوا ِل َّ‬ ‫لجبا ُل َهدًّا﴾ ْ‬
‫﴿أن َد َ‬ ‫ض وت َِخ ُّر ا ِ‬
‫اَلر ُ‬
‫ْ‬
‫ض﴾ َكقَ ْو ِل ِه‪﴿ :‬الَّذِينَ‬ ‫س ِّب ُحونَ ِب َح ْم ِد َر ِبّ ِه ْم َو َي ْست َ ْغ ِف ُرونَ ِل َم ْن فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫﴿و ْال َمالئِ َكةُ يُ َ‬
‫َ‬
‫يَحْ ِملُونَ ْال َع ْر َ‬
‫ش َو َم ْن َح ْو َلهُ يُ َسبِّ ُحونَ بِ َح ْم ِد َربِّ ِه ْم َويُؤْ ِمنُونَ بِ ِه َويَ ْست َ ْغ ِف ُرونَ‬
‫َيءٍ َرحْ َمةً َو ِع ْل ًما﴾‬ ‫ِللَّذِينَ آ َمنُوا َربَّنَا َو ِس ْع َ‬
‫ت ُك َّل ش ْ‬
‫‪671‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَ ۡي َك ِإ َّال ٱ ۡل َبلَ ٰـ ٰۗ ُغ}‬‫علَ ْي ِه ْم ِب َو ِكي ٍل﴾ { ِإ ۡن َ‬ ‫﴿وما أ ْن َ‬


‫ت َ‬ ‫َ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ ﴿ :‬لتُنذ َِر أ ُ َّم القُرى و َمن َح ْولَها﴾ وال ُمرا ُد بِأ ُ ِ ّم القُرى َم َّكةُ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ض‪ .‬أو القريب منها َك َج ِز َ‬
‫ير ِة ال َع َر ِ‬ ‫اَلر ِ‬ ‫شام ٌل ِل َج ِميعِ ْ‬ ‫﴿و َمن َح ْو َلها﴾ ِ‬ ‫َ‬

‫ير﴾ الراجح في أصحاب‬


‫س ِع ِ‬
‫يق في ال َّ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬فَ ِر ٌ‬
‫يق في ال َجنَّ ِة وفَ ِر ٌ‬
‫اَلعراف أنهم يدخلون الجنة‪.‬‬
‫ش ْيءٍ َف ُح ْك ُمهُ إلى اللَّ ِه﴾ كقوله فَ ْ‬
‫إن ت َنازَ ْعت ُ ْم‬ ‫اختَلَ ْفت ُ ْم ِفي ِه ِمن َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وما ْ‬
‫اآلخ ِر} وقال‬ ‫إن ُك ْنت ُ ْم تُؤْ ِمنُونَ بِ َّ‬
‫الل ِه واليَ ْو ِم ِ‬ ‫سو ِل ْ‬
‫والر ُ‬
‫الل ِه َّ‬ ‫ش ْيءٍ فَ ُردُّوهُ إلى َّ‬
‫في َ‬
‫ياطينَ لَيُو ُحونَ إلى ْأو ِليائِ ِه ْم‬ ‫ش ِ‬‫إن ال َّ‬
‫﴿و َّ‬
‫الشيخ محمد الشنقيطي في قوله َ‬
‫أي بِقَ ْو ِل ِه ْم‪ :‬ما ذَبَحْ ت ُ ُموهُ َحال ٌل وما ذَبَ َحهُ اللَّهُ َحرا ٌم‪ ،‬فَأ ْنت ُ ْم إ ًذا‬
‫ِليُجا ِدلُو ُك ْم﴾‪ْ .‬‬
‫س ُن ِمنَ اللَّ ِه‪ ،‬وأ َح ُّل ت َ ْذ ِك َيةً‪ ،‬ث ُ َّم َبيَّنَ الفَتْوى ال َّ‬
‫سما ِو َّي ِة ِمن َربّ ِ العالَ ِمينَ ‪ ،‬في‬ ‫أحْ َ‬
‫ط ْعت ُ ُموهم إنَّكم لَ ُم ْش ِر ُكونَ ﴾ فَهي‬ ‫إن أ َ‬
‫﴿و ْ‬ ‫ال ُح ْك ِم بَيْنَ الفَ ِريقَي ِْن في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫ْطان‬
‫شي ِ‬ ‫أن ُمتَّبِ َع ت َ ْش ِريعِ ال َّ‬ ‫ص َّر َح فِيها بِ َّ‬
‫عال ‪َ -‬‬ ‫ق ‪َ -‬ج َّل و َ‬ ‫سما ِويَّةٌ ِمنَ الخا ِل ِ‬‫فَتْوى َ‬
‫الرحْ َم ِن ‪ُ -‬م ْش ِر ٌك ِبال َّل ِه‪.‬‬ ‫ف ِلتَ ْش ِريعِ َّ‬
‫ال ُمخا ِل ِ‬
‫والذِينَ هم بِ ِه ُم ْش ِر ُكونَ ﴾‬ ‫على الَّذِينَ يَت ََولَّ ْو َنهُ َّ‬‫س ْلطانُهُ َ‬ ‫﴿إنَّما ُ‬
‫شيْطانَ }‬ ‫﴿ألَ ْم أ ْع َه ْد إلَيْكم يا َبنِي آ َد َم ْ‬
‫أن ال ت َ ْعبُدُوا ال َّ‬
‫ِين ما لَ ْم َيأْذَ ْن ِب ِه اللَّهُ﴾‬
‫عوا لَهم ِمنَ ال ّد ِ‬ ‫ش َركا ُء ش ََر ُ‬‫﴿أ ْم لَهم ُ‬
‫{أ َ َال لَهُ ٱ ۡلخ َۡل ُق َوٱ َۡل َ ۡم ٰۗ ُر} وله السجود والحكم‪.‬‬

‫‪672‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ي صلَّى اللهُ علي ِه وسلَّ َم وفي ُ‬


‫عنقي‬ ‫عن عدي بن حاتم الطائي قال أتيتُ النب َّ‬
‫اطرح هذا الوثنَ وسمعتُه يقرأ في سورة‬
‫ي َ‬ ‫ب فقال يا عد ُّ‬
‫صليب من ذه ٍ‬
‫ٌ‬
‫ار ُه ْم َو ُر ْه َبانَ ُه ْم أ َ ْر َبا ًبا ِم ْن د ِ‬
‫ُون الل ِه } فقلتُ إنا لسنا نعبدُهم‬ ‫براءة َ { ات َّ َخذُوا أَحْ َب َ‬
‫قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلُّوهُ‬
‫حرموهُ فتلك عبادتُهم" في السلسلة الصحيحة‪.‬‬
‫حرموا عليهم شيئًا َّ‬
‫وإذا َّ‬
‫أن ال َحال َل هو ما أ َحلَّهُ اللَّهُ‪ ،‬وال َح َ‬
‫رام‬ ‫"و ِبذَ ِل َك ت َ ْعلَ ُم َّ‬
‫قال الشيخ محمد الشنقيطي َ‬
‫باط ٌل‪،‬‬ ‫عهُ اللَّهُ‪ ،‬فَ ُك ُّل ت َ ْش ِريعٍ َمن َ‬
‫غي ِْر ِه ِ‬ ‫هو ما َح َّر َمهُ اللَّهُ‪ ،‬وال ّدِينَ هو ما ش ََر َ‬
‫والعَ َم ُل بِ ِه بَ َد َل تَ ْش ِريعِ اللَّ ِه ِع ْن َد َمن يَ ْعت َ ِق ُد أنَّهُ ِمثْلُهُ ْأو َخي ٌْر ِمنهُ ‪ُ -‬ك ْف ُر بَواحٍ ال‬
‫ع فِي ِه"‬
‫نِزا َ‬
‫أزوا ًجا﴾ هي الثَّما ِنيَةُ ال َم ْذ ُك َ‬
‫ورة ُ في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪:‬‬ ‫عام ْ‬ ‫﴿و ِمنَ اَل ْن ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫ضأ ْ ِن اثْنَي ِْن﴾ اآل َيةَ‬
‫أزواجٍ ِمنَ ال َّ‬‫﴿ثَما ِن َيةَ ْ‬
‫ير﴾ فيه القاعدة‪ :‬إثبات‬ ‫ص ُ‬ ‫س ِمي ُع البَ ِ‬
‫َي ٌء وهو ال َّ‬ ‫ْس َك ِمثْ ِل ِه ش ْ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬لَي َ‬
‫الصفات ونفي التمثيل‪.‬‬
‫عن ابن تيمية‪:‬‬
‫ْس َك ِمثْ ِل ِه َ‬
‫ش ْي ٌء} رد على على المشبهة‬ ‫قوله ﴿لَي َ‬
‫ير﴾ رد على المعطلة‪.‬‬
‫ص ُ‬‫س ِمي ُع البَ ِ‬
‫وقوله {وهو ال َّ‬
‫صى ِب ِه نُو ًحا والَّذِي ْأو َحيْنا إلَي َْك وما‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ش ََر َ‬
‫ع لَكم ِمنَ ا ِلد ِ‬
‫ِين ما و ّ‬
‫يم و ُموسى و ِعيسى ْ‬
‫أن أقِي ُموا ال ّدِينَ ﴾‬ ‫صيْنا بِ ِه إبْرا ِه َ‬
‫و َّ‬

‫‪673‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ؛ أ ُ َّمهات ُ ُه ْم َ‬
‫شتَّى‪،‬‬ ‫ع َّال ٍ‬
‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه 《و اَل ْنبيا ُء ْأوال ُد َ‬
‫و دِينُ ُه ْم ِ‬
‫واح ٌد》صححه اَللباني‪.‬‬
‫راطي {‬
‫ص ِ‬ ‫أن هَذا ِ‬ ‫َص ُموا بِ َح ْب ِل اللَّ ِه َج ِميعًا وال تَفَ َّرقُوا﴾ وقَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َّ‬ ‫وا ْعت ِ‬
‫ع ْن َ‬
‫س ِبي ِل ِه}‬ ‫سبُ َل فَتَفَ َّرقَ ِبكم َ‬‫} ُم ْست َ ِقي ًما فاتَّ ِبعُوهُ وال تَتَّ ِبعُوا ال ُّ‬
‫واح َدة ً وأنا َربُّكم فاتَّقُ ِ‬
‫ون﴾‬ ‫إن َه ِذ ِه أ ُ َّمتُكم أ ُ َّمةً ِ‬
‫{و َّ‬
‫وقوله َ‬
‫عذاب》قال اَللباني‬
‫ٌ‬ ‫حديث النعمان بن بشير 《الجماعةُ رحمةٌ ‪ ،‬و الفُرقةُ‬

‫في صحيح الترغيب حسن صحيح‪.‬‬


‫ومن اسباب الخالف‪:‬‬
‫‪ :7‬مخالفة كلية من كليات الدين أو جزئيات تكون كلية‪.‬‬
‫‪ :2‬التعصب‪.‬‬
‫‪ :6‬البغي والحسد وهذا أكثر منبع الخالف كما بينه الشيخان ابن تيمية‬
‫ص ٰـ َر ٰى‬ ‫ش ۡی ࣲء َوقَالَ ِ‬
‫ت ٱل َّن َ‬ ‫علَ ٰى َ‬ ‫ت ٱل َّن َ‬
‫ص ٰـ َر ٰى َ‬ ‫ت ٱ ۡل َي ُهو ُد لَ ۡي َ‬
‫س ِ‬ ‫{وقَا َل ِ‬
‫وابن القيم‪َ .‬‬
‫ش ۡی ࣲء َو ُه ۡم يَ ۡتلُونَ ٱ ۡل ِكت َ ٰـ ٰۗ َ‬
‫ب}‬ ‫ت ٱ ۡليَ ُهو ُد َ‬
‫علَ ٰى َ‬ ‫لَ ۡي َ‬
‫س ِ‬
‫واالفتراق أشد من االختالف َلن االختالف في المسائل االجتهادية كان من‬
‫لدن الصحابة والصواب عدم قطعه بالحكم‪# .‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪.‬‬
‫َ ُ ۟ ࣰ‬ ‫} ِإ َّن ٱلَّ ِذينَ فَ َّرقُ ۟‬
‫ش ۡی ٰۚ ٍء{‬ ‫وا ِشيَعا لَّ ۡس َ‬
‫ت ِم ۡن ُه ۡم فِی َ‬ ‫وا ِدينَ ُه ۡم َوكان‬

‫‪674‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت اليهو ُد على إح َدى و‬ ‫عن أبى هريرة قال قال صلى الله عليه وسلم"افتر َق ِ‬
‫تفرقَت أ ُ َّمتِي‬
‫َتين و َسبعينَ فِرقةً و َّ‬ ‫ت ال َّن َ‬
‫صارى على اثن ِ‬ ‫سبعينَ فِرقةً و َّ‬
‫تفرقَ ِ‬ ‫َ‬
‫سبعينَ ِفرقةً" صححه اَللباني‪.‬‬ ‫ثو َ‬ ‫على ثَال ٍ‬
‫﴿وإذا تُتْلى‬
‫عوهم إلَ ْي ِه﴾ َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ ﴿ :‬كبُ َر َ‬
‫على ال ُم ْش ِركِينَ ما ت َ ْد ُ‬
‫ف في ُو ُجو ِه َّالذِينَ َكفَ ُروا ال ُم ْن َك َر}‬ ‫علَ ْي ِه ْم آياتُنا بَيِّنا ٍ‬
‫ت ت َ ْع ِر ُ‬ ‫َ‬
‫ت َو َال تَتَّبِ ۡع أ َ ۡه َو ۤا َء ُه ۡم َوقُ ۡل َءا َمنتُ بِ َم ۤا أَنزَ َل ٱللَّهُ‬ ‫{فَ ِلذَ ⁠ٰ ِل َك فَٱ ۡدعُ َوٱ ۡست َ ِق ۡم َك َم ۤا أ ُ ِم ۡر َ‬
‫ب َوأ ُ ِم ۡرتُ َِل َ ۡع ِد َل َب ۡينَ ُك ُم ٱللَّهُ َر ُّبنَا َو َربُّ ُك ۡم لَن َۤا أ َ ۡع َم ٰـلُنَا َو َل ُك ۡم أ َ ۡع َم ٰـلُ ُك ۡم َال‬
‫ِمن ِكت َ ٰـ ࣲ‬
‫ُح َّجةَ بَ ۡينَنَا َوبَ ۡينَ ُك ُم ٱللَّهُ يَ ۡج َم ُع بَ ۡينَنَا َو ِإلَ ۡي ِه ٱ ۡل َم ِ‬
‫صي ُر﴾‬
‫ص َلةٌ‬
‫ت ُم ْست َ ِق َّالتٍ‪ُ ،‬ك ٌّل ِم ْن َها ُم ْنفَ ِ‬ ‫ت َه ِذ ِه ْاآليَةُ ْال َك ِري َمةُ َ‬
‫علَى َ‬
‫ع ْش ِر َك ِل َما ٍ‬ ‫ا ْشت َ َملَ ْ‬
‫يِ‪،‬‬ ‫ع ِن الَّتِي قَ ْبلَ َها‪[ ،‬لَ َها] ُح ْك ٌم ِب َرأْ ِس ِه‪-‬قَالُوا‪َ :‬و َال ن َِظ َ‬
‫ير لَ َها ِس َوى آ َي ِة ْال ُك ْر ِس ّ‬ ‫َ‬
‫صو ٍل َك َه ِذ ِه‪.‬‬ ‫عش ََرة ُ فُ ُ‬
‫ضا َ‬ ‫َفإِنَّ َها أ َ ْي ً‬
‫‪#‬ابن كثير‬
‫} َوأ ُ ِم ۡرتُ َِل َ ۡع ِد َل َب ۡينَ ُك ُم ٱللَّهُ َر ُّبنَا َو َربُّ ُك ۡم{‬
‫"وهذا أيضا حال اَلمة فيما تفرقت فيه واختلفت في المقاالت والعبادات"‬
‫‪#‬ابن تيمية‬
‫﴿ال ُح َّجةَ بَ ْينَنَا َوبَ ْينَ ُك ُم﴾‬
‫الجدا َل‬
‫أن ِ‬‫يض بِ َّ‬
‫ض َح‪ ،‬وهم ُمكابِ ُرونَ فِي ِه وهَذا ت َ ْع ِر ٌ‬
‫وو َ‬ ‫َِل َّن ال َح َّق قَ ْد َ‬
‫ظ َه َر َ‬
‫ْس ِبذِي َج ْدوى‪َ .‬لن المقصود من الجدال‪ ،‬إنما هو بيان الحق من‬ ‫َم َعهم لَي َ‬
‫س ٰۚ ُن}‬ ‫الباطل‪ ،‬ليهتدي الراشد‪ۡ َ ،‬‬
‫{و َج ٰـدِل ُهم بِٱ َّلتِی ِه َ‬
‫ی أ َ ۡح َ‬
‫‪675‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يزان ُهنا‪ :‬ال َع ْد ُل‬


‫الم ُ‬‫والميزانَ ﴾ ِ‬
‫ق ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬اللَّهُ الَّذِي أ ْنزَ َل ال ِك َ‬
‫تاب ِبال َح ّ ِ‬
‫صاف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واْل ْن‬
‫سما ِويَّةَ ُكلُّها َ‬
‫ع ْد ٌل‬ ‫يزان؟ َِل َّن ال ُكت ُ َ‬
‫ب ال َّ‬ ‫والم ِ‬ ‫فإن قيل ما الفَ ْر ُق َبيْنَ ال ِكتا ِ‬
‫ب ِ‬
‫صاف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وإ ْن‬
‫واب ِمن وجْ َهي ِْن‪:‬‬
‫فال َج ُ‬
‫على‬ ‫صفَتَي ِْن ُم ْختَ ِلفَتَي ِْن جازَ َع ْ‬
‫طفُهُ َ‬ ‫ع ْنهُ ِب ِ‬
‫ع ِبّ َر َ‬
‫الواح َد إذا ُ‬
‫ِ‬ ‫أن ال َّ‬
‫ش ْي َء‬ ‫اَلولُ‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫نزلَةَ التَّغايُ ِر في الذَّوا ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت َم ِ‬ ‫صفا ِ‬ ‫نَ ْف ِس ِه تَ ْن ِز ً‬
‫يال ِللتَّغايُ ِر بَيْنَ ال ِ ّ‬

‫أشار إ َل ْي ِه ال َع ّال َمةُ اب ُْن ال َق ِيّ ِم ‪َ -‬ر ِح َمهُ اللَّهُ ‪ -‬في‬


‫َ‬ ‫الوجْ هُ الثّانِي‪ :‬فَهو ما‬
‫َوأ ّما َ‬
‫يزان‪.‬‬
‫والم ِ‬ ‫الم ال ُم َو ِقّعِينَ ‪ِ ،‬منَ ال ُمغايَ َر ِة في ال ُج ْملَ ِة بَيْنَ ال ِكتا ِ‬
‫ب ِ‬ ‫أ ْع ِ‬
‫ص َّر ُح ِب ِه في‬
‫صاف ال ُم َ‬
‫ُ‬ ‫ب هو ال َع ْد ُل واْل ْن‬ ‫َوإيضا ُح َذ ِل َك‪َّ :‬‬
‫أن ال ُمرا َد ِبال ِكتا ِ‬
‫سما ِو َّي ِة‪.‬‬ ‫ال ُكت ُ ِ‬
‫ب ال َّ‬
‫ب‬ ‫صاف الَّذِي لَ ْم يُ َ‬
‫ص َّرحْ ِب ِه في ال ُكت ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُق بِالعَ ْد ِل واْل ْن‬
‫صد ُ‬‫يزان‪َ :‬فيَ ْ‬ ‫الم ُ‬ ‫َوأ ّما ِ‬
‫سما ِويَّ ِة‪ ،‬ولَ ِك َّنهُ َم ْعلُو ٌم ِم ّما َ‬
‫ص َّر َح ِب ِه ِفيها‪.‬‬ ‫ال َّ‬
‫ب؛ َِلنَّهُ ُم َ‬
‫ص َّر ٌح بِ ِه في‬ ‫ف﴾ ِمنَ ال ِكتا ِ‬ ‫فالتَّأ ْ ِف ُ‬
‫يف في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬فَال تَقُ ْل لَ ُهما أ ُ ّ ٍ‬
‫يف ِمنَ‬ ‫على التَّأْفِ ِ‬ ‫ب الوا ِل َدي ِْن َمث َ ًال ال َم ْدلُو ُل َ‬
‫علَ ْي ِه ِبالنَّ ْهي ِ َ‬ ‫ض ْر ِ‬
‫ب‪ ،‬و َمن ُع َ‬
‫ال ِكتا ِ‬
‫صاف الَّذِي أ ْنزَ لَهُ اللَّهُ َم َع ُر ُ‬
‫س ِل ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أي ِمنَ ال َع ْد ِل واْل ْن‬ ‫يزان‪ْ ،‬‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿إن الَّذِينَ يَأ ْ ُكلُونَ ْأموا َل اليَتامى‬
‫ور في قَ ْو ِل ِه‪َّ :‬‬ ‫َوتَحْ ِري ُم أ ْك ِل ما ِل ال َيتِ ِيم ال َم ْذ ُك ُ‬
‫ب‪.‬‬‫نارا﴾‪ِ -‬منَ ال ِكتا ِ‬ ‫طو ِن ِه ْم ً‬‫ظ ْل ًما إنَّما َيأ ْ ُكلُونَ في بُ ُ‬ ‫ُ‬
‫‪676‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يزان الَّذِي‬
‫الم ِ‬‫وف ِمن ذَ ِل َك ‪ِ -‬منَ ِ‬ ‫َوتَحْ ِري ُم إ ْغرا ِ‬
‫ق ما ِل ال َيتِ ِيم وإحْ را ِق ِه ال َم ْع ُر ُ‬
‫أ ْنزَ لَهُ اللَّهُ َم َع ُر ُ‬
‫س ِل ِه‪.‬‬
‫* َلن كل مسألة في الدين فهي إما منصوصة أو مقيسة‪.‬‬
‫ي‪ :‬يَقُولُونَ ‪َ ﴿ :‬مت َى َهذَا ْال َو ْع ُد ِإ ْن‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬يَ ْست َ ْع ِج ُل ِب َها الَّذِينَ َال يُؤْ ِمنُونَ ِب َها﴾ أ َ ْ‬
‫ُك ْنت ُ ْم َ‬
‫صا ِدقِينَ ﴾‬
‫ب﴾‬‫َصي ٍ‬‫اآلخ َر ِة ِم ْن ن ِ‬ ‫ث ال ُّد ْن َيا نُؤْ ِت ِه ِم ْن َها َو َما لَهُ ِفي ِ‬ ‫﴿و َم ْن َكانَ يُ ِري ُد َح ْر َ‬ ‫َ‬
‫ع َّج ْلنَا َلهُ فِي َها َما نَشَا ُء ِل َم ْن نُ ِري ُد ث ُ َّم َج َع ْلنَا لَهُ َج َه َّن َم‬ ‫﴿ َم ْن َكانَ يُ ِري ُد ْال َع ِ‬
‫اجلَةَ َ‬
‫صالهَا َم ْذ ُمو ًما َم ْد ُح ً‬
‫ورا}‬ ‫يَ ْ‬
‫ِين َما لَ ْم َيأْذَ ْن ِب ِه اللَّهُ﴾‬
‫عوا لَ ُه ْم ِمنَ ال ّد ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْم لَ ُه ْم ُ‬
‫ش َر َكا ُء ش ََر ُ‬
‫بن قمعةَ ِ‬
‫بن‬ ‫يٍ ِ‬ ‫عن أبي هريرة أن رسول الله قال "رأيتُ عمرو بنَ لُ َح ّ‬
‫فنصب‬
‫َ‬ ‫يجر ُقص َبه في ال َّن ِ‬
‫ار‪ ...‬إنه كان أو َل من غي ََّر دينَ إسماعي َل ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫خندفٍ‬
‫َّب السائبةَ ‪ ،‬ووصل الوصيلةَ ‪ ،‬وحمى‬ ‫وبحر البحيرةَ ‪ ،‬وسي َ‬ ‫َ‬ ‫اَلوثانَ ‪،‬‬
‫ال َحامي" حسنه اَللباني‪.‬‬
‫أن في قَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬قُ ْل ال أسْألُكم َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫قال الشيخ محمد الشنقيطي ا ْعلَ ْم َّأو ًال َّ‬
‫أي ّإال ْ‬
‫أن ت ََودُّونِي في‬ ‫أربَ َعةَ أ ْقوا ٍل‪َّ :‬‬
‫اَلولُ‪ْ :‬‬ ‫أجْ ًرا ّإال ال َم َو َّدة َ في القُ ْربى﴾ ْ‬
‫قَرابَتِي الَّتِي َب ْينِي وبَ ْينَكم‪َ ،‬فت َ ُكفُّوا َ‬
‫ع ِنّي أذاكم وت َْمنَعُونِي ِمن أذى النّ ِ‬
‫اس‪َ ،‬كما‬
‫ت َْمنَعُونَ ُك َّل َمن َب ْينَكم و َب ْي َنهُ ِمثْ ُل قَرا َبتِي ِمنك‪.‬‬
‫َوإذا كانَ ال َيسْأ ُل أجْ ًرا ّإال هَذا الَّذِي لَي َ‬
‫ْس بِأجْ ٍر ‪ -‬ت َ َح َّققَ أنَّهُ ال يَسْأ ُل أجْ ًرا‪،‬‬
‫َكقَ ْو ِل النّا ِبغَ ِة‪:‬‬
‫‪677‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سيُوفَهم ☆ ِب ِه َّن فُلُو ٌل ِمن قِراعِ ال َكتائِ ِ‬


‫ب‪.‬‬ ‫غي َْر َّ‬
‫أن ُ‬ ‫ْب فِي ِه ْم َ‬
‫عي َ‬
‫َوال َ‬
‫س ِّمي ِه ال َبال ِغيُّونَ ت َأ ْ ِكي َد ال َم ْدحِ ِبما يُ ْش ِبهُ ال َّذ َّم‪.‬‬
‫َو ِمثْ ُل هَذا يُ َ‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫تارهُ اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫ير‪ .‬انتهى‪ .‬و َ‬ ‫ص ِحي ُح في اآل َي ِة‪ْ ،‬‬
‫واخ َ‬ ‫َوهَذا القَ ْو ُل هو ال َّ‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫ع ِة وال َع َم ِل‬ ‫أن تَت ََو َّددُوا إلى اللَّ ِه‪ ،‬وتَتَقَ َّربُوا إلَ ْي ِه ِب ّ‬
‫الطا َ‬ ‫أي ّإال ْ‬
‫وثاني االقوال‪ْ :‬‬
‫صا ِلحِ‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫ش ِأ اللَّهُ َي ْختِ ْم َعلَى قَ ْل ِب َك﴾ أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬لَ ِو‬ ‫علَى اللَّ ِه َك ِذبًا فَإ ِ ْن َي َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْم َيقُولُونَ ا ْفت ََرى َ‬
‫ض‬‫علَ ْينَا بَ ْع َ‬ ‫﴿ولَ ْو تَقَ َّو َل َ‬
‫ع ُم َهؤ َُال ِء‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪َ :‬‬ ‫علَ ْي ِه َك ِذبًا َك َما يَ ْز ُ‬
‫ْت َ‬ ‫ا ْفت ََري َ‬
‫ط ْعنَا ِم ْنهُ ْال َوتِينَ }‬ ‫اَلقَا ِوي ِل َل َخ ْذنَا ِم ْنهُ ِب ْال َي ِم ِ‬
‫ين ث ُ َّم لَقَ َ‬
‫علَى قَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬ي ْختِ ْم﴾ فَ َي ُكونَ َمجْ ُزو ًما‪،‬‬
‫طوفًا َ‬‫ْس َم ْع ُ‬ ‫اط َل﴾ لَي َ‬ ‫﴿و َي ْم ُح اللَّهُ ْال َب ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ف‬
‫ص َح ِ‬ ‫"ال َو ُاو" فِي َرس ِْم ْال ُم ْ‬ ‫ت ِم ْن ِكت َابَتِ ِه ْ‬‫اء‪َ ،‬و ُح ِذ َف ْ‬ ‫علَى ِاال ْبتِ َد ِ‬ ‫بَ ْل ُه َو َم ْرفُوعٌ َ‬
‫الز َبا ِن َيةَ﴾‬
‫سنَ ْدعُ َّ‬ ‫ت ِفي قَ ْو ِل ِه‪َ ﴿ :‬‬ ‫اْل َم ِام‪َ ،‬ك َما ُح ِذفَ ْ‬‫ِْ‬
‫ت َويَعۡ لَ ُم َما ت َۡف َعلُونَ }‬
‫س ِّيـَٔا ِ‬
‫ع ِن ٱل َّ‬
‫وا َ‬ ‫ع ۡن ِعبَا ِد ِهۦ َويَعۡ فُ ۟‬ ‫﴿و ُه َو ٱلَّ ِذی يَ ۡقبَ ُل ٱلت َّ ۡو َبةَ َ‬
‫َ‬
‫إن اللَّهَ َ‬
‫ع َّز َو َج َّل‬ ‫حديث أبي موسى اَلشعري رضي الله عنه عند مسلم 《 َّ‬

‫ار ِل َيت ُ َ‬
‫وب ُم ِسي ُء‬ ‫س ُ‬
‫ط َي َدهُ بالنَّ َه ِ‬ ‫وب ُم ِسي ُء النَّ َه ِ‬
‫ار‪َ ،‬و َي ْب ُ‬ ‫ط َي َدهُ باللَّ ْي ِل ِل َيت ُ َ‬
‫س ُ‬
‫َي ْب ُ‬
‫س ِمن َم ْغ ِر ِب َها‪》.‬‬ ‫اللَّ ْي ِل‪ ،‬حتَّى ت َْطلُ َع ال َّ‬
‫ش ْم ُ‬

‫‪678‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ث‬‫ض﴾ َك َما َجا َء فِي ْال َحدِي ِ‬ ‫الر ْزقَ ِل ِع َبا ِد ِه لَ َبغ َْوا فِي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ط اللَّهُ ِ ّ‬
‫س َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿ولَ ْو َب َ‬
‫ص ِل ُحهُ ِإ َّال ْال ِغنَى‪َ ،‬ولَ ْو أ َ ْفقَ ْرتُهُ ََل َ ْف َسدْتُ َ‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫ْال َم ْر ِو ّ‬
‫يِ‪ِ " :‬إ َّن ِم ْن ِعبَادِي لَ َم ْن َال يُ ْ‬
‫ع َل ْي ِه‬ ‫ص ِل ُحهُ ِإ َّال ْالفَ ْق ُر‪َ ،‬ولَ ْو أ َ ْغنَ ْيتُهُ ََل َ ْف َ‬
‫سدْتُ َ‬ ‫دِينَهُ‪َ ،‬و ِإ َّن ِم ْن ِع َبادِي لَ َم ْن َال ُي ْ‬
‫دِينَهُ"‬
‫فمن الحكم عدم البغي وليتخذ بعضهم بعضا سخريا‪..‬‬
‫ࣱ‬
‫صي َبة قَ ۡد‬ ‫ت أَ ْيدِي ُك ْم﴾ َولَ َّم ۤا أ َ َ‬
‫ص ٰـ َب ۡت ُكم ُّم ِ‬ ‫س َب ْ‬ ‫﴿و َما أَ َ‬
‫صا َب ُك ْم ِم ْن ُم ِ‬
‫صي َب ٍة فَ ِب َما َك َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ص ۡيتُم ِّم ُۢن بَعۡ ِد َم ۤا‬‫ع َ‬ ‫{و َ‬ ‫ص ۡبتُم ِّم ۡث َل ۡي َها قُ ۡلت ُ ۡم أَنَّ ٰى َه ٰـ َذا قُ ۡل ُه َو ِم ۡن ِعن ِد أَنفُ ِس ُك ٰۡۗم} َ‬
‫أَ َ‬
‫ُّونَ } والحل في قوله تعالى {إِ َّن ٱللَّهَ َال يُغَيِّ ُر َما بِقَ ۡو ٍم َحت َّ ٰى‬ ‫أ َ َر ٰى ُكم َّما ت ُ ِحب ٰۚ‬
‫وا َما ِبأَنفُ ِس ِه ٰۡۗم}‬ ‫يُغَ ِيّ ُر ۟‬
‫﴿ولَ ْو‬
‫علَ ْي َها بَ ْل يَ ْعفُو َع ْن َها‪َ ،‬‬
‫ازي ُك ْم َ‬
‫سيِّئَاتِ‪ ،‬فَ َال يُ َج ِ‬
‫ي‪ِ :‬منَ ال َّ‬‫ير﴾ أ َ ْ‬ ‫﴿ويَ ْعفُو َ‬
‫ع ْن َكثِ ٍ‬ ‫َ‬
‫ع َلى َ‬
‫ظ ْه ِرهَا ِم ْن َدا َّبةٍ﴾‬ ‫اخذُ اللَّهُ النَّ َ‬
‫اس ِب َما َك َسبُوا َما ت ََر َك َ‬ ‫يُ َؤ ِ‬
‫وفي المصائب حكم وفوائد منها ما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة‬
‫وال َه ٍ ّم َ‬
‫وال‬ ‫ب‪َ ،‬‬
‫ص ٍ‬ ‫ب َ‬
‫وال و َ‬ ‫ص ٍ‬
‫يب ال ُم ْس ِل َم‪ِ ،‬من نَ َ‬
‫ص ُ‬‫في الصحيحين 《ما يُ ِ‬
‫ش ْو َك ِة يُشَا ُك َها‪َّ ،‬إال َكفَّ َر اللَّهُ ب َها ِمن َخ َ‬
‫طا َياهُ‪》.‬‬ ‫غ ٍ ّم‪ ،‬حتَّى ال َّ‬ ‫وال َ‬ ‫وال أذًى َ‬‫ُح ْز ٍن َ‬
‫ࣱ‬
‫ش ۡی ࣲء َف َمت َ ٰـ ُع ٱ ۡل َح َي ٰو ِة ٱلد ُّۡن َي ٰۚا َو َما ِعن َد ٱ َّلل ِه َخ ۡير َوأَ ۡب َق ٰى} حديث‬
‫َف َم ۤا أُوتِيتُم ِّمن َ‬
‫عائشة عند مسلم 《 َر ْك َعت َا الفَجْ ِر َخي ٌْر ِمنَ ال ُّد ْن َيا َوما فِي َها"‬
‫س ْو ِط أ َ َح ِد ُك ْم ِمنَ‬
‫ض ُع َ‬
‫وحديث سهل بن سعد الساعدي في الصحيحين 《و َم ْو ِ‬
‫ع َل ْي َها》‬
‫ال َجنَّ ِة َخي ٌْر ِمنَ ال ُّد ْنيَا وما َ‬

‫‪679‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ٍة‬
‫فاح َ‬
‫ش َج ْم ُع ِ‬ ‫ش﴾ والفَ ِ‬
‫واح ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِينَ َيجْ ت َ ِنبُونَ َكبائِ َر اْلثْ ِم والفَ ِ‬
‫واح َ‬
‫(إال اللَّ َم َم) ال ُمرا ُد‬
‫أي ال ُمتَنا ِهيَةُ في القُبْحِ‪ .‬والذنوب على مراتب وقَ ْولهُ‪ّ :‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِباللَّ َم ِم َ‬
‫صغا ِئ ُر ال ُّذنُو ِ‬
‫قال الشيخ محمد الشنقيطي‪:‬‬
‫ب ا ْقت ََرنَ بِما يَ ُد ُّل َ‬
‫على أنَّهُ‬ ‫يرةِ أنَّها ُك ُّل ذَ ْن ٍ‬
‫واَلظ َه ُر ِع ْندِي في ضابِ ِط ال َكبِ َ‬‫ْ‬
‫ب ْأو‬‫ض ٍ‬ ‫غ َ‬
‫نار أ ْو َ‬ ‫ع َل ْي ِه ِب ٍ‬ ‫سوا ًء كانَ ذَ ِل َك َ‬
‫الو ِعي ُد َ‬ ‫ص َي ِة‪َ ،‬‬‫ق ال َم ْع ِ‬ ‫ظ ُم ِمن ُم ْ‬
‫ط َل ِ‬ ‫أ ْع َ‬
‫غي ُْر َذ ِل َك ِم ّما يَ ُد ُّل َعلى ت َ ْغ ِل ِ‬
‫يظ‬ ‫وب ال َح ِ ّد فِي ِه‪ْ ،‬أو َ‬
‫ب‪ْ ،‬أو كانَ ُو ُج ُ‬ ‫لَ ْعنَ ٍة ْأو َ‬
‫عذا ٍ‬
‫التَّحْ ِر ِيم وت َْو ِكي ِد ِه‪.‬‬
‫َضبُوا ُه ْم َي ْغ ِف ُرونَ ﴾ قال بعض السلف " َكانوا َي ْك َر ُهونَ أ َ ْن َي ْستَذِلُّوا‪،‬‬
‫﴿و ِإذَا َما غ ِ‬
‫َ‬
‫وكانوا إذا قدروا عفوا"‬
‫ع ِة‪،‬‬
‫ص َر َ‬ ‫ليس ال َّ‬
‫شدِي ُد بال ُّ‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين 《 َ‬
‫ب‪》.‬‬
‫ض ِ‬ ‫إنَّما ال َّشدِي ُد الذي يَ ْم ِلكُ نَ ْف َ‬
‫سهُ ِع ْن َد ال َغ َ‬
‫صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم‪:‬‬ ‫أن َر ُج ًال قا َل للنب ّ‬
‫يِ َ‬ ‫وحديثه أيضا عند البخاري 《 َّ‬

‫ارا‪ ،‬قا َل‪ :‬ال ت َ ْغ َ‬


‫ضبْ ‪》.‬‬ ‫صنِي‪ ،‬قا َل‪ :‬ال ت َ ْغ َ‬
‫ضبْ فَ َر َّد َد ِم َر ً‬ ‫ْأو ِ‬
‫ت‬ ‫اَلم ِر َفإِذَا َ‬
‫عزَ ْم َ‬ ‫ورى َب ْينَ ُه ْم﴾ َك َما َقا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿وشَا ِو ْر ُه ْم ِفي ْ‬ ‫ش َ‬‫﴿وأ َ ْم ُر ُه ْم ُ‬
‫َ‬
‫علَى اللَّ ِه﴾ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه‪.‬‬ ‫فَت ََو َّك ْل َ‬
‫والعلماء هم أهل الحل والعقد أهل الشورة‪{ .‬يَ ٰۤـأ َيُّ َها ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۤو ۟ا أ َ ِطيعُ ۟‬
‫وا ٱللَّهَ‬
‫سو َل َوأ ُ ۟و ِلی ٱ َۡل َ ۡم ِر ِمن ُك ۡم}‬
‫لر ُ‬ ‫َوأ َ ِطيعُ ۟‬
‫وا ٱ َّ‬

‫‪680‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وقولهم‪" :‬الديمقراطية اْلسالمية" جمع بين نقيضين كقولك الكفر اْليمان‪.‬‬


‫َلن الشورى في اْلسالم تقع على المسائل اْلجتهادية أما الديمقراطية‬
‫البرلمانية فهي أحكام وتشريعات مستقلة‪.‬‬
‫إن عا َق ْبت ُ ْم فَعاقِبُوا‬ ‫س ِيّئ َةٌ ِمثْلُها﴾ كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬ ‫قَ ْولُه ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿و َجزا ُء َس ِيّئ َ ٍة َ‬
‫بِ ِمثْ ِل ما ُ‬
‫عوقِ ْبت ُ ْم ِب ِه﴾‬
‫ذكر الله في هذه اآلية ثالث مراتب‪ :‬عدل وفضل وظلم‪.‬‬
‫فمرتبة العدل‪ ،‬جزاء السيئة بسيئة مثلها‪ ،‬ال زيادة وال نقص‪.‬‬
‫عفَا َوأ َ ْ‬
‫صلَ َح‬ ‫ومرتبة الفضل‪ :‬العفو واْلصالح عن المسيء‪ ،‬ولهذا قال‪﴿ :‬فَ َم ْن َ‬
‫ع َلى اللَّ ِه﴾‬
‫فَأَجْ ُرهُ َ‬
‫وأما مرتبة الظلم فقد ذكرها بقوله‪ِ ﴿ :‬إنَّهُ َال يُ ِحبُّ َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ ﴾‬
‫الظ ْل ِم‪.‬‬ ‫ب ِإلَى ْالفَ ْ‬
‫ض ِل‪َ ،‬ونَ َهى ِمنَ ُّ‬ ‫فَأ َ َم َر ِب ْال َع ْد ِل َ‬
‫‪،‬ونَ َد َ‬
‫ور﴾ ال صبر عاجز بل صبر قادر‬ ‫غفَ َر ِإ َّن ذَ ِل َك لَ ِم ْن َ‬
‫ع ْز ِم اَل ُم ِ‬ ‫﴿ولَ َم ْن َ‬
‫صبَ َر َو َ‬ ‫َ‬
‫ع َل ْي ُك ُم ْاليَ ْو َم يَ ْغ ِف ُر‬ ‫﴿ال تَثْ ِر َ‬
‫يب َ‬ ‫س َال ُم‪ ،‬يوم قال ِ ِْل ْخ َوتِ ِه‪َ :‬‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬
‫سف‪َ ،‬‬ ‫كصبر يُو ُ‬
‫علَى ُم َؤا َخ َذ ِت ِه ْم‪.‬‬ ‫اللَّهُ لَ ُك ْم} َم َع قُ ْد َر ِت ِه َ‬

‫‪681‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ط‬ ‫ع ْن الذي قال له من يمنعُ َك منِّي؟ قال‪َّ :‬‬


‫اللهُ‪ .‬فسق َ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ َ‬
‫عفَا َر ُ‬
‫َو َك َما َ‬
‫الل ِه صلَّى اللَّهُ عل ْي ِه وسلَّ َم ال َّس َ‬
‫يف فقال‪ :‬من‬ ‫يف من يدِه‪ ،‬فأخذَ رسو ُل َّ‬
‫س ُ‬‫ال َّ‬
‫آخذٍ‪ .‬قال‪ :‬ت ْشه ُد أن ال إلَهَ َّإال َّ‬
‫اللهُ؟ وأ ِنّي رسو ُل‬ ‫يمنعُ َك م ِنّي؟ فقال‪ُ :‬كن َ‬
‫خير ِ‬
‫اللَّ ِه قال‪ :‬ال‪ ،‬ولَكن أعاهد َُك على أن ال أقاتلَ َك وال أَكونَ م َع ٍ‬
‫قوم يقاتلون ََك‪.‬‬
‫فخلَّى سبيلَه‪ ،‬فأتى أصحا َبه‪ ،‬فقال‪ :‬جئت ُ ُكم من عن ِد ِ‬
‫خير النَّ ِ‬
‫اس" صححه‬
‫اَللباني‪.‬‬
‫لظ ٰـ ِل ِمينَ لَ َّما َرأ َ ُو ۟ا ٱ ۡل َعذَ َ‬
‫اب يَقُولُونَ ه َۡل ِإلَ ٰى َم َر ࣲّد ِّمن َسبِي ࣲل} وفي المثل‬ ‫{وت ََرى ٱ َّ‬
‫َ‬
‫الصيف ضيعت اللبن‪.‬‬
‫ُۢ‬ ‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬
‫س ِّيئَة ِب َما قَ َّد َمت أ ۡي ِدي ِه ۡم‬ ‫{ َو ِإنَّ ۤا ِإذَ ۤا أَذَ ۡقنَا ٱ ۡ ِْلن َ‬
‫س ٰـنَ ِمنَّا َر ۡح َمة فَ ِر َح ِب َها َو ِإن ت ُ ِ‬
‫ص ۡب ُه ۡم َ‬
‫ࣱ‬
‫س ٰـنَ َكفُور}‬ ‫فَإ ِ َّن ٱ ۡ ِْلن َ‬
‫ࣰ‬
‫ش ُّر َج ُزوعا ☆ َو ِإذَا َم َّسهُ ٱ ۡل َخ ۡي ُر‬ ‫عا ☆ ِإ َذا َم َّسهُ ٱل َّ‬ ‫﴿۞ ِإ َّن ٱ ۡ ِْلن َس ٰـنَ ُخ ِلقَ َهلُو ً‬

‫عا ☆ ِإ َّال ٱ ۡل ُم َ‬
‫ص ِلّينَ }‬ ‫َمنُو ً‬
‫ع َجبًا َل َ ْم ِر ال ُمؤْ ِم ِن‪َّ ،‬‬
‫إن ْأم َرهُ‬ ‫حديث صهيب بن سنان الرومي عند مسلم 《 َ‬
‫ش َك َر‪ ،‬فَكانَ َخي ًْرا‬
‫س َّرا ُء َ‬ ‫ذاك َل َ َح ٍد َّإال ِل ْل ُمؤْ ِم ِن‪ْ ،‬‬
‫إن أصا َبتْهُ َ‬ ‫وليس َ‬
‫َ‬ ‫ُكلَّهُ َخي ٌْر‪،‬‬
‫ص َب َر َفكانَ َخ ْي ًرا له‪》.‬‬‫ض َّرا ُء‪َ ،‬‬ ‫وإن أصا َبتْهُ َ‬ ‫له‪ْ ،‬‬
‫ࣰ‬
‫ۤ‬
‫ب ِل َمن َيشَا ُء ٱلذُّ ُك َ‬
‫ور{‬ ‫ب ِل َمن َيش َۤا ُء ِإ َن ٰـثا َو َي َه ُ‬
‫} َي َه ُ‬
‫وقدم اْلناث على الذكور‪ ،‬لتأكيد قدرة الله‪َ ،‬لن إرادة اْلنسان أن يكون‬
‫ذكورا‪ ،‬فقدم اْلناث إشارة إلى أن اَلمر إلى الله وحده‪.‬‬
‫ً‬ ‫أوالده‬

‫‪682‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أو أنه قدم ما كانَت تؤخره الجا ِه ِليَّة َلن التسخط باْلناث من ْ‬
‫أخالق‬
‫الجا ِه ِليَّة‪# .‬ابن القيم‬
‫ࣰ‬ ‫ۡ ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ور ☆ أ ۡو يُزَ ّ ِو ُج ُه ۡم ذك َرانا َو ِإ َن ٰـثا{‬ ‫ُّ‬ ‫ۤ‬ ‫ب ِل َمن َيش َۤا ُء ِإ َن ٰـثا َو َي َه ُ‬
‫ب ِل َمن َيشَا ُء ٱلذ ُك َ‬ ‫} َي َه ُ‬
‫حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬عند مسلم َجا َء ِحب ٌْر ِمن‬
‫ار اليَ ُهو ِد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله‪ :‬قا َل‪ِ :‬جئْتُ أ ْسأَلُ َك َ‬
‫ع ِن‬ ‫أحْ بَ ِ‬
‫ي‬ ‫ض‪ ،‬و َما ُء ال َم ْرأَةِ أ ْ‬
‫صفَ ُر‪ ،‬فَإِذَا اجْ ت َمعا‪ ،‬فَعَ َال َمنِ ُّ‬ ‫الولَدِ؟ قا َل‪َ :‬ما ُء َّ‬
‫الر ُج ِل أ ْبيَ ُ‬ ‫َ‬
‫الر ُج ِل‪ ،‬آنَثَا‬
‫ي َّ‬‫ي ال َم ْرأَ ِة َمنِ َّ‬ ‫ي ال َم ْرأ َ ِة‪ ،‬أ ْذ َك َرا بإ ْذ ِن الل ِه‪ ،‬وإ َذا َ‬
‫ع َال َمنِ ُّ‬ ‫الر ُج ِل َمنِ َّ‬
‫َّ‬
‫ف فَذَه َ‬
‫َب"‬ ‫ي‪ ،‬ث ُ َّم ا ْن َ‬
‫ص َر َ‬ ‫ص َد ْق َ‬
‫ت‪ ،‬وإ َّن َك لَنَ ِب ٌّ‬ ‫بإ ْذ ِن الل ِه‪ .‬قا َل ال َي ُهو ِد ُّ‬
‫ي‪ :‬لقَ ْد َ‬
‫ب أ َ ۡو يُ ۡر ِس َل‬
‫ى ِح َجا ٍ‬ ‫﴿۞ َو َما َكانَ ِلبَش ٍَر أَن يُ َك ِلّ َمهُ ٱ َّللهُ إِ َّال َو ۡحيًا أ َ ۡو ِمن َو َر ۤا ِٕ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣰ‬
‫ی َح ِكيم}‬ ‫ٰۚ‬ ‫ۤ‬ ‫ۡ‬
‫ی ِبإِذ ِن ِهۦ َما َيشَا ُء ِإ َّنهُۥ َ‬
‫ع ِل ٌّ‬ ‫سوال فَيُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫َر ُ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪َ ،‬و ُه َو أَنَّهُ ت َ َعالَى ت َ‬
‫َارة ً‬ ‫ب اللَّ ِه‪َ ،‬‬ ‫َه ِذ ِه َمقَا َماتُ ْال َوحْ ي ِ بِالنِّ ْسبَ ِة ِإلَى َجنَا ِ‬
‫ارى ِفي ِه أَنَّهُ ِمنَ اللَّ ِه َ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪َ ،‬ك َما َجا َء‬ ‫ش ْيئًا َال َيت َ َم َ‬ ‫َي ْقذ ُ‬
‫ِف ِفي َر ْوعِ النَّ ِب ّ‬
‫يِ ﷺ َ‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أَنَّهُ َقا َل‪ِ " :‬إ َّن ُروح القُدُس‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫في حديث عبد الله بن مسعود َ‬
‫وت َحتَّى ت َ ْست َ ْك ِم َل ِر ْزقَ َها َوأ َ َجلَ َها‪ ،‬فَاتَّقَ ُوا اللَّهَ‬ ‫ث فِي ُروعي‪ِ :‬إ َّن نَ ْف ً‬
‫سا لَ ْن ت َ ُم َ‬ ‫نَفَ َ‬
‫ب" صححه اَللباني‪.‬‬ ‫َوأَجْ ِملُوا ِفي َّ‬
‫الطلَ ِ‬
‫علَ ْي ِه ال َّس َال ُم‪.‬‬ ‫ب﴾ َك َما َكلَّ َم ُمو َ‬
‫سى‪َ ،‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو ِم ْن َو َرا ِء ِح َجا ٍ‬
‫ي ِبإ ِ ْذنِ ِه َما يَشَا ُء﴾ َك َما يُ ْن ِز ُل ِجب ِْري َل [ َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫سوال َفيُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬أ َ ْو يُ ْر ِس َل َر ُ‬
‫س َال ُم‪.‬‬‫ع َل ْي ِه ُم ال َّ‬ ‫علَى ْاَل َ ْن ِب َي ِ‬
‫اء‪َ ،‬‬ ‫غي َْرهُ ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة َ‬
‫س َال ُم] َو َ‬ ‫ال َّ‬

‫‪683‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿و َك َذ ِل َك ْأو َحيْنا إلَي َْك ُرو ًحا ِمن ْأم ِرنا﴾ أي روح القلب { َي ٰۤـأ َيُّ َها‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫عا ُك ۡم ِل َما يُ ۡح ِيي ُك ۡم }‬
‫سو ِل ِإذَا َد َ‬
‫لر ُ‬ ‫وا ٱ ۡست َِجيبُ ۟‬
‫وا ِللَّ ِه َو ِل َّ‬ ‫ٱلَّ ِذينَ َءا َمنُ ۟‬

‫فَقَ ْولُهُ‪﴿ :‬ما ُك ْن َ‬


‫ت ت َ ْد ِري ما ال ِك ُ‬
‫تاب﴾‬
‫ت ِمن قَ ْب ِل ِه لَ ِمنَ‬
‫إن ُك ْن َ‬ ‫علَّ َم َك ما َل ْم ت َ ُك ْن ت َ ْعلَ ُم﴾ قوله َ‬
‫﴿و ْ‬ ‫َكقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪ ﴿ :‬و َ‬
‫الغافِلِينَ ﴾‬
‫يِ‪َ ،‬حتّى‬
‫ْالم ّ‬ ‫اْليمان الَّذِي هو ت ِ‬
‫َفاصي ُل هَذا ال ّد ِ‬
‫ِين اْلس ِ‬ ‫ُ‬ ‫أي‪ :‬ما ُك ْن َ‬
‫ت ت َ ْد ِري ما‬
‫شام ٌل ِل ْلقَ ْو ِل وال َع َم ِل َم َع‬ ‫ع ِة ‪َّ -‬‬
‫أن اْليمانَ ِ‬ ‫علَّ ْمت ُ َكهُ‪َ .‬و َم ْذه ُ‬
‫َب أ ْه ِل ال ُّسنَّ ِة وال َجما َ‬ ‫َ‬
‫ِاال ْعتِقادِ‪# .‬أضواء البيان‪.‬‬
‫صراطٍ ُم ْست َ ِق ٍيم﴾ هذه هداية البيان واْلرشاد‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿وإنَّ َك َلت َ ْهدِي إلى ِ‬
‫ت َو َل ٰـ ِك َّن ٱللَّهَ‬
‫المثبتة‪ .‬أما المنفية فهي هداية التوفيق { ِإنَّ َك َال تَهۡ ِدی َم ۡن أ َ ۡح َب ۡب َ‬
‫َيهۡ ِدی َمن َيش َۤا ٰۚ ُء}‬

‫سورة الزخرف مكية‬

‫ࣰ‬
‫{وقَالُ ۟‬
‫وا لَ ۡو ُكناَّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫{ ِإنَّا َج َع ۡل َن ٰـهُ قُ ۡر َء ٰ⁠ نًا َ‬
‫ع َربِيّا ل َعلك ۡم ت َعۡ ِقلونَ } العقل هو فهم القرآن َ‬
‫س ِعي ِر}‬ ‫ن َۡس َم ُع أ َ ۡو نَعۡ ِق ُل َما ُكنَّا فِ ۤی أَصۡ َح ٰـ ِ‬
‫ب ٱل َّ‬
‫وإن القُ ْرآنَ في اللَّ ْوحِ ال َمحْ فُ ِ‬
‫وظ‪َ .‬كما قا َل‪َ ﴿ :‬ب ْل هو‬ ‫أي‪َّ :‬‬ ‫ب﴾ ْ‬ ‫﴿وإنَّهُ في أ ُ ِ ّم ال ِكتا ِ‬
‫آن َم ِجي ٌد في لَ ْوحٍ َمحْ فُوظٍ ﴾‬ ‫قُ ْر ٌ‬
‫‪684‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ۡلنَا ِمن َّن ِب ࣲّی فِی ٱ َۡل َ َّو ِلينَ {‬


‫} َو َك ۡم أ َ ۡر َ‬
‫اَلنبياء ؟ قال ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫حديث أبي أمامة الباهلي قلتُ ‪ :‬يا رسو َل الل ِه كم وفَّى عد ُد‬
‫عشر‬
‫َ‬ ‫《مائةُ ألفٍ وأربعةُ وعشرون ألفًا ‪ ،‬الرس ُل من ذلك ثالثمائ ٍة وخمسةَ‬

‫غفيرا》 السلسلة الصحيحة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ج ًّما‬


‫ࣰ ࣰ‬
‫《فَأَنش َۡرنَا ِب ِهۦ َب ۡل َدة َّم ۡيت ٰۚا َكذَ ٰ⁠ ِل َك ت ُ ۡخ َر ُجو》‬
‫الله ُِۤ ْال َم ْوت َى‪.‬‬
‫ِيث أَبِي هريرة في إحياء َّ‬
‫تَقَد ََّم فِي "سورة الروم" َحد ُ‬
‫اَلزوا َج ُكلَّها﴾ ‪.‬‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬والَّذِي َخلَقَ ْ‬
‫ص ْن ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫على ال ِ ّ‬
‫ب َ‬ ‫والز ْو ُج ت ُ ْ‬
‫ط ِلقُهُ ال َع َر ُ‬ ‫ناف‪َّ ،‬‬
‫ص ُ‬ ‫ْ‬
‫اَلزوا ُج اَل ْ‬
‫ناف النَّبا ِ‬
‫ت و َب ِني آ َد َم وما‬ ‫ص َ‬ ‫اَلزوا َج ال َم ْذ ُك َ‬
‫ورة َ ُهنا ت َ ْش َم ُل أ ْ‬ ‫أن ْ‬ ‫َوقَ ْد َبيَّنَ ت َعالى َّ‬
‫ال َي ْعلَ ُمهُ ّإال اللَّهُ‪.‬‬
‫ومن أ ْنفُ ِس ِه ْم‬
‫ض ِ‬ ‫اَلزوا َج ُكلَّها ِم ّما ت ُ ْن ِبتُ ا ْ‬
‫َلر ُ‬ ‫سبْحانَ َّالذِي َخ َلقَ ْ‬
‫قا َل ت َعالى‪ُ ﴿ :‬‬
‫وم ّما ال َي ْع َل ُمونَ ﴾ ‪#‬اضواء البيان‬
‫ِ‬
‫س َّخ َر لَنَا َه ٰـذَا َو َما ُكنَّا لَهُۥ ُم ۡق ِر ِنينَ ☆ َو ِإنَّا ِإلَى َربِّنَا {‬
‫س ۡب َح ٰـنَ ٱلَّ ِذی َ‬ ‫َوتَقُولُ ۟‬
‫وا ُ‬
‫علَى َسي ِْر ا ْآل ِخ َرةِ‪.‬‬ ‫لَ ُم ْنقَ ِلبُونَ ﴾ َو َهذَا ِم ْن بَا ِ‬
‫ب الت َّ ْن ِبي ِه ِب َ‬
‫سي ِْر ال ُّد ْنيَا َ‬

‫‪685‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم‬ ‫أن َرسو َل الل ِه َ‬ ‫حديث عبد الله بن عمر عند مسلم 《 َّ‬
‫سفَ ٍر‪َ ،‬كب ََّر ث َ َالثًا‪ ،‬ث ُ َّم قا َل‪ُ :‬‬
‫س ْب َحانَ الذي‬ ‫َار ًجا إلى َ‬ ‫كانَ إذَا ا ْست ََوى علَى بَ ِع ِ‬
‫ير ِه خ ِ‬
‫س َّخ َر لَنَا هذا‪َ ،‬وما ُكنَّا له ُم ْق ِرنِينَ ‪ ،‬وإنَّا إلى َر ِّبنَا لَ ُم ْنقَ ِلبُونَ ‪ ،‬اللَّ ُه َّم إنَّا َن ْسأَلُ َك في‬
‫َ‬
‫ضى‪ ،‬اللَّ ُه َّم ه ّ َِو ْن َ‬
‫علَ ْينَا َ‬
‫سفَ َرنَا‬ ‫سفَ ِرنَا هذا ال ِب َّر َوالت َّ ْق َوى‪َ ،‬و ِمنَ ال َع َم ِل ما ت َْر َ‬ ‫َ‬
‫س َف ِر‪َ ،‬و ْال َخ ِلي َفةُ في اَل ْه ِل‪،‬‬ ‫ب في ال َّ‬ ‫اح ُ‬
‫ص ِ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫هذا‪َ ،‬و ْ‬
‫اط ِو َعنَّا بُ ْع َدهُ‪ ،‬اللَّ ُه َّم أ َ ْن َ‬
‫وء ال ُم ْنقَلَ ِ‬
‫ب في‬ ‫س ِ‬ ‫سفَ ِر‪َ ،‬و َكآ َب ِة ال َم ْن َ‬
‫ظ ِر‪َ ،‬و ُ‬ ‫بك ِمن َو ْعث َ ِ‬
‫اء ال َّ‬ ‫اللَّ ُه َّم إ ِنّي أ َ ُ‬
‫ع وذ ُ َ‬
‫ال َما ِل َواَل ْه ِل‪ ،‬وإذَا َر َج َع قالَ ُه َّن َوزَ ا َد فِي ِه َّن‪ :‬آ ِيبُونَ ت َائِبُونَ َ‬
‫عا ِبدُونَ ِل َر ِبّنَا‬
‫امدُونَ ‪》.‬‬
‫َح ِ‬
‫﴿و َج َعلُ ۟‬
‫وا َلهُۥ ِم ۡن ِع َبا ِد ِهۦ ُج ۡز ًء ٰۚا}‬ ‫َ‬
‫الولَدُ‪ ،‬وأنَّهُ ْ‬
‫أط َلقَ‬ ‫أن ال ُمرا َد ِبال ُج ْز ِء في اآليَ ِة َ‬
‫رجح الشيخ محمد الشنقيطي َّ‬
‫ضعَةٌ ِمنَ‬
‫والولَ َد َكأنَّهُ بِ ْ‬ ‫علَ ْي ِه اس َْم ال ُج ْز ِء؛ َِل َّن الفَ ْر َ‬
‫ع َكأنَّهُ ُج ْز ٌء ِمن أ ْ‬
‫ص ِل ِه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫الوا ِلدِ‪َ ،‬كما ال َي ْخفى‪.‬‬
‫صفَا ُك ْم بِ ْالبَنِينَ ﴾ ﴿أَلَ ُك ُم الذَّ َك ُر َو َلهُ اَل ْنثَى‪ .‬تِ ْل َك ِإ ًذا‬
‫ت َوأَ ْ‬
‫﴿أ َ ِم ات َّ َخذَ ِم َّما َي ْخلُ ُق بَنَا ٍ‬
‫ِق ْس َمةٌ ِ‬
‫ضيزَ ى﴾‬
‫من جهة جعلهم الولد للّه تعالى‪.‬‬
‫ومن جهة جعلهم أردأ القسمين وأخسهما له وهو البنات التي ال يرضونهن‬
‫َلنفسهم‪.‬‬

‫‪686‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{و ِإ َذا‬
‫ظ َّل وجْ ُههُ ُمس َْودًّا وهو َك ِظي ٌم﴾ كما قال تعالى َ‬ ‫ش َر أ َحدُهم ِباَل ُ ْنثى َ‬ ‫﴿وإذا بُ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ࣱ‬ ‫ࣰ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ش َر أ َ َح ُد ُهم بِٱ َۡلُنث َ ٰى َ‬
‫ظ َّل َو ۡج ُههُۥ ُم ۡس َودا َوه َو ك ِظيم ☆ َيت ََو ⁠ٰ َر ٰى ِمنَ ٱلق ۡو ِم ِمن‬ ‫بُ ِ ّ‬
‫ش َر بِ ِهۦ ٰۚۤۤ}‬
‫س ۤو ِء َما بُ ِ ّ‬
‫ُ‬
‫ق أ ُ ِري َد ِبها‬
‫ع َب ْدناهم} فهذه َك ِل َمةُ َح ّ ٍ‬ ‫﴿وقالُوا لَ ْو شا َء َّ‬
‫الرحْ َم ُن ما َ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫الرضى‪ ،‬كما أخبر‬ ‫أن اْلرا َدة َ ال َك ْونِيَّةَ القَ َد ِريَّةَ تَ ْست َْل ِز ُم ِ ّ‬
‫ع ُموا َّ‬ ‫باط ٌل‪ .‬فال ُكفّ ُ‬
‫ار زَ َ‬ ‫ِ‬
‫سيَقُو ُل الَّذِينَ أ ْش َر ُكوا لَ ْو شا َء اللَّهُ ما أ ْش َر ْكنا وال آباؤُنا وال َح َّر ْمنا‬ ‫سبحانه { َ‬
‫باط ٌل‪ ،‬وهو الَّذِي َكذَّ َب ُه ُم اللَّهُ فِي ِه في القرآن َ‬
‫﴿وال‬ ‫ش ْيءٍ ﴾ وهو زَ ْع ٌم ِ‬
‫ِمن َ‬
‫يَ ْرضى ِل ِعبا ِد ِه ال ُك ْف َر﴾‬
‫علَ ٰۤى أ ُ َّمةࣲ َو ِإنَّا َ‬
‫ع َل ٰۤى َءاث َ ٰـ ِر ِهم ُّمهۡ تَدُونَ {‬ ‫}قَالُ ۤو ۟ا ِإ َّنا َو َج ۡدن َۤا َءا َب ۤا َءنَا َ‬
‫فمن أصول الشريعة اْلسالمية تحرير القلب عن التعلق بغير الله وتحرير‬
‫اَلمة عن ت َ ْق ِليد اآل ِ‬
‫باء اَلعْمى‪.‬‬
‫﴿إال الَّذِي فَ َ‬
‫ط َر ِني فَإنَّهُ‬ ‫وإ ْذ قا َل إبْرا ِهي ُم َِل ِبي ِه وقَ ْو ِم ِه إنَّ ِني َبرا ٌء ِم ّما ت َ ْعبُدُونَ ﴾ ّ‬
‫شبَّهَ حالَهم ِبحا ِل ِه ْم ساقَ لَهم ْأم ً‬
‫ثاال‬ ‫الماضيَ ِة و َ‬
‫ِ‬ ‫سيَ ْهدِينَ ﴾ لَ ّما ذَ َّك َر ُه ُم اللَّهُ ِباَل ُ َم ِم‬
‫َ‬
‫في ذَ ِل َك‪:‬‬
‫على أ ُ َّم ٍة‬ ‫وا ْبت َ َدأ ِب ِذ ْك ِر إبْرا ِه َ‬
‫يم وقَ ْو ِم ِه إب ً‬
‫ْطاال ِلقَ ْو ِل ال ُم ْش ِركِينَ ‪﴿ :‬إنّا و َج ْدنا آبا َءنا َ‬
‫أن يَ ْقتَدُوا ِب ِه هو أبُو ُه ُم الَّذِي‬
‫أن ْأولى آبا ِئ ِه ْم ِب ْ‬
‫آثار ِه ْم ُم ْهتَدُونَ ﴾ ِب َّ‬
‫على ِ‬‫وإنّا َ‬
‫َي ْفت َِخ ُرونَ ِب ِن ْس َب ِت ِه إبْرا ِهي ُم‪.‬‬

‫‪687‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ام‬
‫ص َ‬‫س َك ِبٱ ۡلعُ ۡر َوةِ ٱ ۡل ُو ۡثقَ ٰى َال ٱن ِف َ‬
‫ت َويُ ۡؤ ِم ُۢن ِبٱللَّ ِه فَقَ ِد ٱ ۡست َۡم َ‬ ‫{فَ َمن َي ۡكفُ ۡر ِبٱ َّ‬
‫لط ٰـغُو ِ‬
‫لَ َه ٰۗا}‬
‫ع ِظ ٍيم﴾‬ ‫على َر ُج ٍل ِمنَ القَ ْر َيتَي ِْن َ‬ ‫آن َ‬ ‫﴿وقالُوا لَ ْوال نُ ِ ّز َل هَذا القُ ْر ُ‬‫َ‬
‫ع ِظي ُم َم َّكةَ الَّذِي يُ ِريدُونَ هو َ‬
‫الو ِلي ُد ب ُْن ال ُم ِغ َ‬
‫يرةِ‪.‬‬ ‫ف‪ .‬و َ‬ ‫ّ‬
‫والطا ِئ ُ‬ ‫و ُهما َم َّكةُ‬
‫ع ْر َوة ُ ب ُْن َم ْسعُو ٍد‪.‬‬
‫ف هو ُ‬ ‫ع ِظي ُم ّ‬
‫الطا ِئ ِ‬ ‫َو َ‬
‫﴿أهم َي ْق ِس ُمونَ َرحْ َمةَ َر ِبّ َك﴾‬
‫وفي المثل السوداني‪ :‬من ال يملك قوته ال يملك قراره‪.‬‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬
‫سقفاُ‬
‫لر ۡح َم ٰـ ِن ِلبُيُوتِ ِه ۡم ُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫اس أ ُ َّمة َو ٰ⁠ ِح َدة ل َج َعلنَا ِل َمن يَكف ُر بِٱ َّ‬
‫َّ‬ ‫﴿ولَ ۡو َ ۤال أَن يَ ُكونَ ٱل َّن ُ‬
‫َ‬
‫علَ ۡي َها َي ۡظ َه ُرونَ ﴾ حديث سهل بن ساعد الساعدي 《لو‬ ‫ار َج َ‬ ‫ضةࣲ َو َم َع ِ‬
‫ِّمن فِ َّ‬
‫كافرا منها شربةَ‬
‫ً‬ ‫كانت الدنيا تع ِد ُل عند الل ِه َجنا َح بعوض ٍة ‪ ،‬ما سقَى‬
‫ماءٍ 》صححه اَللباني وغيره‪.‬‬
‫س ْالقَ ِري ُن{‬
‫ْت بَ ْينِي َوبَ ْين ََك بُ ْع َد ْال َم ْش ِرقَي ِْن فَبِئْ َ‬
‫{يَا لَي َ‬
‫ق َو ْال َم ْغ ِر ِ‬
‫ب‪َ .‬و ِإنَّ َما ا ْست ُ ْع ِم َل هَا ُهنَا‬ ‫َو ْال ُم َرا ُد ِب ْال َم ْش ِر َقي ِْن ُهنَا ُه َو َما َبيْنَ ْال َم ْش ِر ِ‬
‫ان‪..‬‬ ‫ان‪َ ،‬و ْالعُ َم َر ُ‬
‫ت َ ْغ ِليبًا‪َ ،‬ك َما يُقَال ْالقَ َم َر ِ‬
‫ف ت ُ ْسأَلُونَ ﴾ حديث أبي مالك اَلشعري عند‬ ‫﴿وإِنَّهُ لَ ِذ ْك ٌر لَ َك َو ِلقَ ْو ِم َك َو َ‬
‫س ْو َ‬ ‫َ‬
‫القرآن ُح َّجةٌ لك أو عليك》‬
‫ُ‬ ‫مسلم 《و‬
‫الرحْ َم ِن آ ِل َهةً‬ ‫س ِلنَا أ َ َج َع ْلنَا ِم ْن د ِ‬
‫ُون َّ‬ ‫س ْلنَا ِم ْن قَ ْب ِل َك ِم ْن ُر ُ‬
‫﴿وا ْسأ َ ْل َم ْن أ َ ْر َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫اء‪ ،‬فَإ ِ َّن ْاَل َ ْن ِبيَا َء ُج ِمعوا لَهُ‪.‬‬ ‫يُ ْعبَدُونَ ﴾ أي َوا ْسأ َ ْل ُه ْم لَ ْيلَةَ ْ ِ‬
‫اْلس َْر ِ‬

‫‪688‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وقال بعضهم أي اسأل من أرسلنا إليهم الرسل من قبلك‪ ،‬وهذا مرجوح‬


‫يحتاج إلى تقديرات‪...‬‬
‫الطوفَانَ َو ْال َج َرا َد‬
‫علَ ْي ِه ُم ُّ‬ ‫ي أ َ ْك َب ُر ِم ْن أ ُ ْخ ِت َها﴾ فَأ َ ْر َ‬
‫س ْلنَا َ‬ ‫﴿و َما نُ ِري ِه ْم ِم ْن آ َي ٍة ِإال ِه َ‬‫َ‬
‫ت}‬ ‫صال ٍ‬ ‫ت ُم َف َّ‬ ‫ضفَا ِد َ‬
‫ع َوالد ََّم آيَا ٍ‬ ‫} َو ْالقُ َّم َل َوال َّ‬
‫و َم ْعنى اَل ُ ُخ َّو ِة بَيْنَ اآلياتِ‪ :‬أنَّها ُمت َشا ِك َلةٌ ُمت َنا ِس َبةٌ في َداللَتِها‪ ..‬أي قَ ِرينَتِ َها‬
‫شيَ ٰـ ِطي ِن}‬‫احبَتِ َها {إِ َّن ٱ ۡل ُمبَذّ ِِرينَ َكانُ ۤو ۟ا ِإ ۡخ َو ٰ⁠نَ ٱل َّ‬
‫ص ِ‬‫َو َ‬
‫اح ُر ِفي ِه ْم َع ِظي ًما‬
‫س ِ‬‫اح ُر" أي َيا أَيُّ َها ْال َعا ِل ُم‪َ ،‬و َكانَ ال َّ‬
‫س ِ‬ ‫قولهم " َيا أَيُّ َها ال َّ‬
‫صفَةَ َذ ٍ ّم‪.‬‬ ‫يُ َو ِقّ ُرونَهُ‪َ ،‬ولَ ْم يَ ُك ِن ال ّ‬
‫سِحْ ُر ِ‬
‫س ِة‪.‬‬
‫ق ُموسى ِمنَ ال ُح ْب َ‬
‫نط ِ‬
‫ين﴾“ إلى ما كانَ في َم ِ‬ ‫وأشار بِقَ ْو ِل ِه ”﴿وال يَكا ُد يُ ِب ُ‬
‫َ‬
‫ع ْق َدة ً ِمن ِلسانِي َي ْفقَ ُهوا قَ ْو ِلي﴾ َي ْعنِي ْالعُجْ َمةَ عن الكالم قيل‪ :‬من {‬
‫واحْ لُ ْل ُ‬
‫إلقائه الجمرة إلى فيه يوم ه ّم فرعون بقتله‪ .‬وقيل من طول مكثه في المدين‪.‬‬
‫سؤْ لَ َك َيا‬ ‫ت ِب َد ِلي ِل قَ ْو ِل ِه" قَ ْد أُو ِت َ‬
‫يت ُ‬ ‫ت ِت ْل َك ُّ‬
‫الرتَّةُ‪ ،‬فَ ِقي َل‪ :‬زَ الَ ْ‬ ‫ف ه َْل زَ الَ ْ‬ ‫ث ُ َّم ْ‬
‫اخت ُ ِل َ‬
‫ُموسى َوقِي َل‪ :‬لَ ْم ت َُز ْل ُكلُّ َها‪.‬‬
‫َ َ َ ٰۚ َّ َ ُ ۟ ࣰ‬
‫وا قَ ۡوما فَ ٰـ ِس ِقينَ } وفي اَلثر "كما تكونونَ‬ ‫عوهُ ِإن ُه ۡم كان‬ ‫َف قَ ۡو َمهُۥ فأطا ُ‬ ‫{فَٱ ۡستَخ َّ‬
‫يولَّى عليكم"‬ ‫َ‬
‫ب اب ُْن َم ْريَ َم َمثَال﴾‬ ‫﴿ولَ َّما ُ‬
‫ض ِر َ‬ ‫وقوله‪َ :‬‬
‫ذكر الشيخ هنا قولين للمفسرين‪:‬‬

‫‪689‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ُون اللَّ ِه‬


‫القول اَلول‪ :‬لَ ّما نَزَ َل قَ ْولُهُ ‪ -‬ت َعالى ‪﴿ :-‬إنَّكم وما ت َ ْعبُدُونَ ِمن د ِ‬
‫وربّ ِ ال َك ْعبَ ِة‪ ،‬ألَ ْي َس ِ‬
‫ت النَّصارى‬ ‫ص ْمت ُ َك َ‬ ‫ب َج َهنَّ َم﴾ قا َل اب ُْن َّ‬
‫الزبَ ْعرى‪َ :‬خ َ‬ ‫ص ُ‬
‫َح َ‬
‫عزَ ي ًْرا و َبنُو َم ِليحٍ ال َمال ِئ َكةَ ؟ فَفَ ِر َح ِبذَ ِل َك ِمن قَ ْو ِل ِه‪،‬‬‫َي ْعبُدُونَ ال َم ِسي َح وال َي ُهو ُد ُ‬
‫ع ْنها ُم ْب َعدُونَ ﴾ [ونَزَ َل ْ‬
‫ت‬ ‫ت لَهم ِم ّنا ال ُحسْنى أُو َلئِ َك َ‬ ‫﴿إن َّالذِينَ َ‬
‫سبَ َق ْ‬ ‫فَأ ْنزَ َل اللَّهُ‪َّ :‬‬
‫َه ِذ ِه اآليَةُ ال َم ْذ ُك َ‬
‫ورة ُ ُهنا‪.‬‬
‫ي ﷺ َي ْذ ُك ُر ِعيسى‪ ،‬و َ‬
‫س ِمعُوا‬ ‫س ِمعُوا ال َّن ِب َّ‬ ‫ار قُ َري ٍْش لَ ّما َ‬
‫أن ُكفّ َ‬‫والقول الثاني‪َّ :‬‬
‫﴿إن َمث َ َل ِعيسى ِع ْن َد اللَّ ِه َك َمث َ ِل آ َد َم َخلَقَهُ ِمن تُرا ٍ‬
‫ب﴾ قالُوا‬ ‫قَ ْو َل َّ‬
‫الل ِه ت َعالى‪َّ :‬‬
‫عبَ َد النَّصارى ِعيسى‪.‬‬ ‫أن نَ ْعبُ َد َك َكما َ‬‫ي ِ ﷺ‪ :‬ما ت ُ ِري ُد بِ ِذ ْك ِر ِعيسى ّإال ْ‬ ‫ِللنَّبِ ّ‬
‫ࣰ‬
‫ع ۡب ٌد أ َ ۡنعَ ۡمنَا َعلَ ۡي ِه َو َجعَ ۡلنَ ٰـهُ َمثَال ِلبَنِ ۤی إِس َر ٰ⁠ۤ ِءي َل﴾ كما في ق ْو ِل ِه‬
‫َ‬ ‫ۤ‬ ‫ۡ‬ ‫ّ‬ ‫﴿إِ ۡن ُه َو إِ َّال َ‬
‫ت َعالى‪﴿ :‬إ ْذ قا َل َّ‬
‫اللهُ يا ِعيسى ابْنَ َم ْر َي َم ا ْذ ُك ْر نِ ْع َمتِي َ‬
‫علَ ْي َك‪}..‬‬
‫أن نُ ُزو َل ِعيسى في‬
‫ع ِة﴾ قال أكثر المفسرين‪ :‬يعني َّ‬ ‫سا َ‬‫﴿و ِإ َّنهُ لَ ِع ْل ٌم ِلل َّ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫عال َمةٌ ِلقُ ْر ِ‬
‫ب َم ِجي ِئها؛ َِلنَّهُ ِمن أ ْش ِ‬
‫راطها‬ ‫أي َ‬
‫ع ِة‪ْ ،‬‬ ‫مان َحيًّا ِع ْل ٌم ِلل ّ‬
‫سا َ‬ ‫آخ ِر َّ‬
‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫الدّالَّ ِة َ‬
‫على قُ ْر ِبها‪.‬‬
‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ أنه أ َ ْخبَ َر بِنُ ُزو ِل ِعي َ‬
‫سى [اب ِْن‬ ‫ع ْن َر ُ‬ ‫ِيث َ‬ ‫ت ْاَل َ َحاد ُ‬ ‫َوقَ ْد ت ََوات ََر ِ‬
‫طا‪.‬‬ ‫س َال ُم َق ْب َل َي ْو ِم ْال ِق َيا َم ِة ِإ َما ًما َ‬
‫عاد ًِال َو َح َك ًما ُم ْق ِس ً‬ ‫ع َل ْي ِه ال َّ‬
‫َم ْر َي َم]‪َ ،‬‬
‫﴿و ِإ ْن ِم ْن أَ ْه ِل ْال ِكت َا ِ‬
‫ب ِإال لَيُؤْ ِمن ََّن ِب ِه َق ْب َل َم ْوتِ ِه﴾ وأنكر‬ ‫ار َك َوت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫َك َما قَا َل تَبَ َ‬
‫ذلك المعتزلة‪.‬‬
‫ض الَّذِي ت َْخت َ ِلفُونَ فِي ِه﴾‬
‫﴿وَل َب ِيّنَ لَ ُك ْم َب ْع َ‬
‫َ‬
‫ير‪ :‬يَ ْعنِي ِمنَ ْاَل ُ ُم ِ‬
‫ور ال ّدِينِيَّ ِة َال ال ُّد ْنيَ ِويَّ ِة‪.‬‬ ‫قَا َل اب ُْن َج ِر ٍ‬
‫‪690‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ط ْال ُم ْست َ ِقي ُم‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫ي‪َ :‬هذَا َّالذِي ِجئْت ُ ُك ْم ِب ِه ُه َو ال ِ ّ‬
‫ص َرا ُ‬ ‫ط ُم ْست َ ِقي ٌم﴾ أَ ْ‬
‫ص َرا ٌ‬ ‫﴿ َهذَا ِ‬
‫ع َّز َو َج َّل‪َ ،‬وحْ َدهُ‪.‬‬ ‫ِعبَا َدة ُ َّ‬
‫الربّ ِ‪َ ،‬‬
‫ط ٱ ۡل ُم ۡست َ ِقي َم{‬ ‫}ٱ ۡه ِدنَا ٱل ِ ّ‬
‫ص َر ⁠ٰ َ‬
‫اروا ِش َي ًعا ِفي ِه‪،‬‬
‫ص ُ‬‫ت ْال ِف َر ُق َو َ‬ ‫اب ِم ْن َب ْي ِن ِه ْم﴾ أَيِ‪ْ :‬‬
‫اختَلَ َف ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫اخت َ َل َ‬
‫ف اَلحْ زَ ُ‬
‫سولُهُ ‪َ -‬و ُه َو ْال َح ُّق‪َ -‬و ِم ْن ُه ْم َم ْن َي َّد ِعي أ َ َّنهُ ُولَ ُد‬
‫ِم ْن ُه ْم َم ْن يُ ِق ُّر ِبأَنَّهُ َع ْب ُد اللَّ ِه َو َر ُ‬
‫الل ِه‪ ،‬ومنهم من قال ثالث ثالثة‪ .‬ت َ َعالَى اللَّهُ َ‬
‫ع ْن‬ ‫اللَّ ِه‪َ ،‬و ِم ْن ُه ْم َم ْن يَقُولُ‪ِ :‬إنَّهُ َّ‬

‫علُ ًّوا َك ِب ً‬
‫يرا‪.‬‬ ‫قَ ْو ِل ِه ْم ُ‬
‫ع َل ْي ُك ُم ْاليَ ْو َم َوال أ َ ْنت ُ ْم تَحْ زَ نُونَ ﴾ أشار الشيخ هنا‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬يَا ِع َبا ِد َال خ َْو ٌ‬
‫ف َ‬
‫إن اللَّهَ يقو ُل يَ َ‬
‫وم ال ِقيا َم ِة‪ :‬أيْنَ ال ُمت َحابُّونَ‬ ‫حديث أبي هريرة عندمسلم 《 َّ‬

‫اليوم أ ُ ِظلُّ ُه ْم في ِظ ِلّي يَ َ‬


‫وم ال ِظ َّل َّإال ِظ ِلّي‪》.‬‬ ‫َ‬ ‫ب َجال ِلي‪،‬‬
‫ع َل ۡي ِه ۡم َو َال‬ ‫﴿الَّذِينَ آ َمنُوا ِبآ َياتِنَا َو َكانُوا ُم ْس ِل ِمينَ ﴾ ﴿أ َ َ ۤال ِإ َّن أ َ ۡو ِل َي ۤا َء ٱ َّلل ِه َال خ َۡو ٌ‬
‫ف َ‬
‫وا َو َكانُ ۟‬
‫وا َيتَّقُونَ }‬ ‫ُه ۡم َي ۡحزَ نُونَ ☆ ٱ َّل ِذينَ َءا َمنُ ۟‬

‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬ا ْد ُخلُوا ال َجنَّةَ أ ْنت ُ ْم ْ‬


‫وأزوا ُجكم تُحْ بَ ُرونَ ﴾‬
‫هان‪ :‬أ َح ُد ُهما‪،‬‬ ‫ماء الت َّ ْف ِس ِ‬
‫ير وجْ ِ‬ ‫أزوا ُج ُك ْم﴾ ِفي ِه ِلعُلَ ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى في َه ِذ ِه اآل َي ِة‪َ :‬‬
‫﴿و ْ‬
‫ع ِة وت َ ْقوى اللَّ ِه‪ ،‬وا ْقتَ َ‬
‫ص َر‬ ‫ظراؤُ هم وأ ْشبا ُههم في ّ‬
‫الطا َ‬ ‫واج ِه ْم نُ َ‬
‫أز ِ‬‫أن ال ُمرا َد ِب ْ‬
‫َّ‬
‫على هَذا القَ ْو ِل اب ُْن َكثِ ٍ‬
‫ير‪ .‬وهو مرجوح‪.‬‬ ‫َ‬
‫ير أ ْب َل ُغ في‬ ‫واج ِه ْم ِنساؤُهم في ال َجنَّ ِة؛ َِل َّن هَذا ِ‬
‫اَلخ َ‬ ‫أز ِ‬ ‫والثّانِي‪َّ :‬‬
‫أن ال ُمرا َد ِب ْ‬
‫التَّنَعُّ ِم والت َّ َلذُّ ِذ ِمنَ َّ‬
‫اَلو ِل‪ .‬ورجحه الشنقيطي‪.‬‬

‫‪691‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫على َّ‬
‫أن ال َع َم َل‬ ‫﴿وتِ ۡل َك ٱ ۡل َج َّنةُ ٱ َّلتِ ۤی أ ُ ِ‬
‫ور ۡثت ُ ُموهَا ِب َما ُكنت ُ ۡم ت َعۡ َملُونَ ﴾ دلّت اآلية َ‬ ‫َ‬
‫ب ِل ُد ُخو ِل ال َجنَّ ِة‪.‬‬
‫سبَ ٌ‬
‫َ‬
‫ع َملُهُ ال َج َّنةَ ”‪.‬‬
‫وأ ّما حديث أبي هريرة في الصحيحين «لَ ْن يُ ْد ِخ َل أ َح َدكم َ‬
‫ي اللَّهُ ِب َرحْ َم ٍة ِمنهُ‬ ‫سو َل اللَّ ِه‪ .‬قا َل‪ “:‬وال أنا‪ّ ،‬إال ْ‬
‫أن يَتَغَ َّم َدنِ َ‬ ‫قالُوا‪ :‬وال أ ْن َ‬
‫ت يا َر ُ‬
‫ب ُد ُخو ِل ال َجنَّ ِة ‪ -‬هو‬ ‫أن العَ َم َل الَّذِي بَيَّ َن ِ‬
‫ت اآلية َك ْونَهُ َسبَ َ‬ ‫ض ٍل» فإنه يد ُّل َّ‬
‫وفَ ْ‬
‫ال َع َم ُل الَّذِي تَقَبَّ َلهُ َّ‬
‫اللهُ ِب َرحْ َم ٍة ِمنهُ و َف ْ‬
‫ض ٍل‪.‬‬
‫ْس عمل ال َعبْد وإن تناهى ُموجبا بِ ُم َج َّر ِد ِه ل ُد ُخول الج َّنة وال عوضا لَها‪،‬‬
‫فَلَي َ‬
‫ولكن بِ َرحْ َم ٍة ِمن الله وفَ ْ‬
‫ض ٍل‪.‬‬
‫الوجْ ه الَّذِي يُ ِحبهُ الله ويرضاه فَهي ال‬
‫فَإن أعماله وإن وقعت ِمنهُ على َ‬
‫تقاوم ن ْع َمة الله الَّتِي أ ْنعم بها َ‬
‫ع َل ْي ِه في دار ال ُّد ْنيا وال تعادلها‪.‬‬
‫ب َج َهنَّ َم خَا ِلدُونَ ‪َ .‬ال يُفَت َّ ُر َ‬
‫ع ْن ُه ْم﴾ كما قال تعالى َ‬
‫{ال‬ ‫﴿ ِإ َّن ْال ُمجْ ِر ِمينَ ِفي َ‬
‫عذَا ِ‬
‫ظ ُرونَ }‬ ‫ع ۡن ُه ُم ٱ ۡل َعذَ ُ‬
‫اب َو َال ُه ۡم يُن َ‬ ‫يُ َخفَّ ُ‬
‫ف َ‬
‫علَ ْينَا َرب َُّك﴾‬ ‫﴿ونَا َد ْوا يَا َما ِلكُ ِليَ ْق ِ‬
‫ض َ‬ ‫َ‬
‫ع ْن ُه ْم ِم ْن َ‬
‫عذَا ِب َها‬ ‫علَ ْي ِه ْم َف َي ُموتُوا َوال يُ َخ َّف ُ‬
‫ف َ‬ ‫﴿ال يُ ْق َ‬
‫ضى َ‬ ‫} َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿أ َ ْم أَب َْر ُموا أ َ ْم ًرا فَإِنَّا ُمب ِْر ُمونَ ﴾ َك َما َقا َل تَ َعالَى‪َ :‬‬
‫﴿و َم َك ُروا َم ْك ًرا َو َم َك ْرنَا َم ْك ًرا‬
‫َو ُه ْم َال يَ ْشعُ ُرونَ ﴾‬

‫‪692‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى‬‫ض هذا لعبدته َ‬ ‫ي‪ :‬لَ ْو فُ ِر َ‬ ‫لرحْ َم ِن َولَ ٌد فَأَنَا أ َ َّو ُل ْال َعا ِبدِينَ ﴾ أ َ ْ‬
‫﴿قُ ْل ِإ ْن َكانَ ِل َّ‬
‫ضا‪،‬‬ ‫ط َال يَ ْلزَ ُم ِم ْنهُ ْال ُوقُوعُ َو َال ْال َج َو ُ‬
‫از أَ ْي ً‬ ‫ش ْر ُ‬
‫عبِي ِد ِه‪َ ،‬وال َّ‬ ‫ذَ ِل َك َِل َ ِنّي َع ْب ٌد ِم ْن َ‬
‫طفَى ِم َّما َي ْخلُ ُق َما َيشَا ُء‬ ‫ص َ‬ ‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪﴿ :‬لَ ْو أ َ َرا َد اللَّهُ أ َ ْن َيت َّ ِخذَ َو َلدًا ال ْ‬
‫س ْب َحانَهُ } وكما قال تعالى {لَ ۡو َكانَ ِفي ِه َم ۤا َءا ِل َهةٌ ِإ َّال ٱللَّهُ لَفَ َس َدت َٰۚا}‬ ‫ُ‬
‫وهذا قول ابن كثير وابن جرير‪.‬‬
‫وقال الشيخ محمد الشنقيطي "الَّذِي َي ْ‬
‫ظ َه ُر ِلي في َم ْعنى َه ِذ ِه اآل َي ِة ال َك ِري َم ِة أنَّهُ‬
‫(إن) نا ِفيَةٌ" وله بحث قيم في هذا‪ ،‬وقال فيه‪...‬‬
‫أن ْ‬‫ير إلى القَ ْو ِل بِ َّ‬
‫ص ُ‬‫يَت َ َعي َُّن ال َم ِ‬
‫ير إلى ذَ ِل َك‬
‫ص َ‬ ‫ش ْر ِطيَّةُ‪ ،‬وقُ ْلنا‪َّ :‬‬
‫إن ال َم ِ‬ ‫إن هي النّافِ َيةُ ال ال َّ‬ ‫أن ْ‬ ‫َوإنَّما ْ‬
‫اخت َْرنا َّ‬
‫ور‪....‬فذكرها‪ .‬ورجحه شيخنا‪.‬‬ ‫ظ ِرنا ‪َِ -‬ل ْر َب َع ِة أ ُ ُم ٍ‬
‫ُمت َ َعي ٌَّن في َن َ‬
‫﴿ما ات َّ َخذَ َّ‬
‫اللهُ ِمن ولَدٍ﴾‬
‫ض ِإلَهٌ﴾‬ ‫اء ِإ َلهٌ َو ِفي ْ‬
‫اَلر ِ‬ ‫﴿و ُه َو الَّذِي ِفي ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫سبْحانَهُ‬
‫ض‪ُ ،‬‬
‫اَلر ِ‬ ‫ماء‪َ ،‬كما أنَّهُ ال َم ْعبُو ُد ِبال َح ّ ِ‬
‫ق في ْ‬ ‫س ِ‬ ‫أي َم ْعبُو ٌد وحْ َدهُ في ال َّ‬
‫ْ‬
‫ض‬
‫اَلر ِ‬ ‫﴿و ُه َو اللَّهُ فِي ال َّس َم َوا ِ‬
‫ت َوفِي ْ‬ ‫}وت َعالى‪َ .‬كقَ ْو ِل ِه تَعَالَى‪َ :‬‬
‫وأما تفسير اآلية بأن الله سبحانه في كل مكان وفي كل زمان‪ ،‬ليس له مكان‬
‫ٌ‬
‫زمان يحتويه‪ .‬فهذا مذهب الحلولية واْللحاد وغالة الصوفية كابن‬ ‫سعه وال‬
‫يَ َ‬
‫عربي‪.‬‬
‫﴿و ِع ْن َدهُ ِع ْل ُم ال ّسا َ‬
‫ع ِة﴾‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫﴿قُ ْل إنَّما ِع ْل ُمها ِع ْن َد َربِّي ال يُ َج ِلّيها ِل َو ْقتِها ّإال ُه َو﴾‬

‫‪693‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫شفَا َعةَ﴾ َلنهم { َيقُولُونَ َه ٰۤـ ُؤ َ ۤال ِء ُ‬


‫شفَ َع ٰۤـ ُؤنَا‬ ‫﴿وال َي ْم ِلكُ الَّذِينَ َي ْدعُونَ ِم ْن دُونِ ِه ال َّ‬ ‫َ‬
‫ِعن َد ٱللَّ ٰۚ ِه}‬
‫﴿و ِع ْن َدهُ ِع ْل ُم‬
‫علَى قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫بالجر َع ْ‬
‫طفا ً َ‬ ‫ّ‬ ‫﴿و ِقي ِل ِه} مصدر مضاف لفاعله‪.‬‬
‫َ‬
‫ع ِة﴾‬
‫سا َ‬
‫ال َّ‬
‫سو ُل يَا َربّ ِ إِ َّن قَ ْو ِمي {‬ ‫﴿وقَا َل َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ُالء قَ ْو ٌم َال يُؤْ ِمنُونَ ﴾ َ‬
‫يَا َربّ ِ إِ َّن َهؤ ِ‬
‫ات َّ َخذُوا َهذَا ْالقُ ْرآنَ َم ْه ُج ً‬
‫ورا﴾‬

‫سورة الدخان مكية‬

‫وال ِن‪ :‬أَحده َما‪ :‬أَنه‬ ‫َوقَوله‪ِ ﴿ :‬إنَّا أَنزَ ْلنَاهُ﴾ أَي‪ْ :‬القُ ْرآن‪َ ،‬و ِفي معنى َهذَا ْ ِ‬
‫اْل ْنزَ ال قَ َ‬
‫أنزل َج ِميع ْالقُ ْرآن فِي لَ ْي َلة ْالقدر ِإلَى ال َّس َماء ال ُّد ْنيَا‪ ،‬ث َّم َكانَ ِجب ِْريل َ‬
‫علَ ْي ِه‬
‫شيْئا فَ َش ْيئًا إِلَى أَن أنزل َج ِميعه‪.‬‬ ‫س َالم َيأْتِي ِب ِه َ‬
‫ال َّ‬
‫َو ْالقَ ْول الثَّا ِني‪ :‬أَن ال ُم َراد باْلنزال هَا ُهنَا ا ْب ِت َداء ْ ِ‬
‫اْل ْنزَ ال‪.‬‬
‫ي لَ ْي َلةُ ْالقَ ْد ِر‪َ ،‬ك َما قَا َل ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إنَّا أ َ ْ‬ ‫ٰۚ‬ ‫ۤ ۡ‬
‫نزلنَاهُ‬ ‫قوله { ِإنَّا أَنزَ لنَ ٰـهُ ِفی لَ ۡي َلةࣲ ُّمبَ ٰـ َر َك ٍة} ِه َ‬
‫ضانَ‬ ‫ش ْه ُر َر َم َ‬ ‫ضانَ ‪َ ،‬ك َما َقا َل‪ :‬تَعَالَى‪َ ﴿ :‬‬ ‫ش ْه ِر َر َم َ‬ ‫فِي لَ ْي َل ِة ْالقَ ْد ِر﴾ َو َكانَ ذَ ِل َك فِي َ‬
‫آن﴾‬ ‫الَّذِي أُنز َل فِي ِه ْالقُ ْر ُ‬
‫ف ِم ْن َ‬
‫ش ْعبَانَ ‪ ..‬فال دليل على ذلك‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫َو َم ْن قَا َل‪ِ :‬إنَّ َها لَ ْيلَةُ ال ِّن ْ‬
‫ش ْه ٍر﴾‬ ‫{ ِفی لَ ۡيلَةࣲ ُّم َب ٰـ َر َك ٰۚ ٍة} ﴿لَ ْيلَةُ القَ ْد ِر َخي ٌْر ِمن ْأل ِ‬
‫ف َ‬
‫‪694‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ࣰ‬
‫ٰۚ‬
‫} ِإنَّا ُكنَّا ُم ۡر ِس ِلينَ ☆ َر ۡح َمة ِّمن َّر ِبّ َك{‬
‫ࣰ‬
‫س ۡلنَ ٰـ َك ِإ َّال َر ۡح َمة ِلل َع ٰـل ِمينَ {‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ّ‬ ‫} َو َم ۤا أ َ ۡر َ‬
‫ين﴾‬
‫َان ُمبِ ٍ‬ ‫س َما ُء بِ ُدخ ٍ‬ ‫ارت َ ِقبْ يَ ْو َم ت َأْتِي ال َّ‬‫قوله ﴿فَ ْ‬
‫ع ِن مسروق قال‪ :‬دخلنا ْال َمس ِْج َد ‪َ -‬ي ْع ِني َمس ِْج َد ْال ُكوفَ ِة‪ِ -‬ع ْن َد أَب َْوا ِ‬
‫ب ِك ْن َدة َ‪ ،‬فَإِذَا‬ ‫َ‬
‫ين﴾ ت َ ْد ُرونَ َما ذَ ِل َك‬ ‫َان ُم ِب ٍ‬‫س َما ُء ِب ُدخ ٍ‬‫ص َحا ِب ِه‪﴿ :‬يَ ْو َم ت َأْتِي ال َّ‬ ‫علَى أ َ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫َر ُج ٌل يَقُ ُّ‬
‫اع ْال ُمنَافِقِينَ َوأ َ ْب َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َان؟ ذَ ِل َك ُدخ ٌ ْ‬
‫ار ِه ْم‪،‬‬‫ص ِ‬ ‫َان يَأتِي يَ ْو َم ال ِقيَا َم ِة‪ ،‬فَ َيأ ُخذُ بِأ ْس َم ِ‬ ‫ال ُّدخ ُ‬
‫الز َك ِام‪ .‬قَا َل‪ :‬فَأَت َ ْينَا ابْنَ َم ْسعُو ٍد فَذَ َك ْرنَا ذَ ِل َك َلهُ‪،‬‬ ‫َو َيأ ْ ُخذُ ْال ُمؤْ ِمنِينَ ِم ْنهُ ِش ْبهُ ُّ‬
‫ع َّز َو َج َّل قَا َل ِلنَ ِبيِّ ُك ْم ﷺ‪﴿ :‬قُ ْل َما‬ ‫ع فَقَ َع َد‪َ ،‬و َقال ِإ َّن َّ‬
‫اللهَ َ‬ ‫ض َ‬
‫ط ِجعًا فَفَ ِز َ‬ ‫َو َكانَ ُم ْ‬
‫ع َل ْي ِه ِم ْن أَجْ ٍر َو َما أَنَا ِمنَ ْال ُمت َ َك ِلّفِينَ ﴾ ِإ َّن ِمنَ العلم أن يقول الرجل لما‬ ‫أ َ ْسأَلُ ُك ْم َ‬
‫ع ِن ْ ِ‬
‫اْلس َْال ِم‬ ‫ت َ‬‫طأ َ ْ‬
‫شا لَ َّما أَ ْب َ‬ ‫ال يعلم‪" :‬اللَّهُ أ َ ْع َل ُم" َسأ ُ َح ِ ّدث ُ ُك ْم َ‬
‫ع ْن ذَ ِل َك‪ِ ،‬إ َّن قُ َر ْي ً‬
‫صابَ ُه ْم‬‫ف‪ ،‬فَأ َ َ‬ ‫س َ‬‫ع َل ْي ِه ْم بِ ِسنِينَ َك ِسنِي يُو ُ‬ ‫عا َ‬ ‫سو ِل اللَّ ِه ﷺ‪َ ،‬د َ‬ ‫علَى َر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ص ْ‬
‫َوا ْست َ ْع َ‬
‫ار ُه ْم ِإلَى‬ ‫ام َو ْال َم ْيتَةَ‪َ ،‬و َج َعلُوا َي ْرفَعُونَ أ َ ْب َ‬
‫ص َ‬ ‫ظ َ‬ ‫ِمنَ ْال َج ْه ِد َو ْال ُجوعِ َحتَّى أ َ َكلُوا ْال ِع َ‬
‫ير‪.‬‬‫ار اب ِْن َج ِر ٍ‬
‫اختِيَ ُ‬ ‫اء َف َال يَ َر ْونَ ِإ َّال ال ُّدخَانَ ‪َ ..‬‬
‫‪..‬و ُه َو ْ‬ ‫س َم ِ‬
‫ال َّ‬
‫ط َشةَ ْال ُكب َْرى﴾ ‪ ،‬قَا َل اب ُْن َم ْسعُودٍ‪ :‬يَ ْعنِي يَ ْو َم بَ ْد ٍر‪.‬‬‫ش ْالبَ ْ‬‫﴿يَ ْو َم نَب ِْط ُ‬
‫شةُ‪،‬‬ ‫الرو ُم‪َ ،‬و ْالقَ َم ُر‪َ ،‬و ْالبَ ْ‬
‫ط َ‬ ‫سةٌ‪ :‬ال ُّدخ ُ‬
‫َان‪َ ،‬و ُّ‬ ‫قَا َل اب ُْن َم ْسعُودٍ‪《 :‬فَقَ ْد َم َ‬
‫ضى خ َْم َ‬
‫واللّزام》‬
‫ِ‬

‫‪695‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ع ِة‪َ ،‬ك َما في‬


‫سا َ‬
‫ت ال َّ‬ ‫َان َب ْعدُ‪َ ،‬ب ْل ُه َو ِم ْن أ َ َم َ‬
‫ارا ِ‬ ‫َوقَا َل آخ َُرونَ ‪ :‬لَ ْم َي ْم ِ‬
‫ض ال ُّدخ ُ‬
‫ف‬‫ع ْنهُ‪ ،‬عند مسلم َقا َل‪ :‬أَ ْش َر َ‬ ‫ي اللَّهُ َ‬ ‫ض َ‬ ‫يِ‪َ ،‬ر ِ‬‫ار ّ‬ ‫ث ُح َذ ْيفَةَ ب ِْن أ َ ِسي ٍد ْال ِغفَ ِ‬ ‫َحدِي ِ‬
‫عةُ‬
‫سا َ‬ ‫عةَ‪ ،‬فَقَا َل‪َ :‬‬
‫"ال تَقُو ُم ال َّ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ﷺ ِم ْن ُ‬
‫غ ْرفَ ٍة َونَحْ ُن َنت َ َذا َك ُر ال َّ‬
‫سا َ‬ ‫علَ ْينَا َر ُ‬
‫َ‬
‫َان‪َ "...‬و َهذَا ت َ ْف ِس ُ‬
‫ير‬ ‫ش ْم ِس ِم ْن َم ْغ ِر ِب َها‪َ ،‬وال ُّدخ ُ‬ ‫طلُوعُ ال َّ‬ ‫ع ْش َر آيَاتٍ‪ُ :‬‬ ‫َحتَّى ت ََر ْوا َ‬
‫آن‪ .‬ورجحه ابن كثير‪.‬‬ ‫ان ْالقُ ْر ِ‬‫َّاس َحب ِْر ْاَل ُ َّم ِة َوت ُ ْر ُج َم ِ‬
‫عب ٍ‬ ‫اب ِْن َ‬
‫امعِ ْال َكا ِف ِر َو ْال ُمنَا ِف ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫َان َيأ ْ ُخذُ ْال ُمؤْ ِمنَ َك َه ْيئ َ ِة ُّ‬
‫الز َكا ِم‪َ ،‬و َي ْد ُخ ُل ِفي َم َ‬ ‫وهذا ال ُّدخ ُ‬
‫ع ْنهُ َوقَالُوا ُم َعلَّ ٌم َمجْ نُ ٌ‬
‫ون﴾‬ ‫﴿ث ُ َّم ت ََولَّ ْوا َ‬
‫ࣱ‬
‫كما قالوا {إِنَّ َما يُعَ ِلّ ُمهُۥ بَش َٰۗر}‬
‫ون‪ ،‬تَنَقُّ ًال في البُ ْهت ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫صفُوهُ َم َّرة ً ِبال ُجنُ ِ‬ ‫وو َ‬‫غي ُْرهُ‪َ ،‬‬ ‫صفُوهُ َم َّرة ً ِبأنَّهُ يُ َع ِلّ ُمهُ َ‬
‫و َ‬
‫ࣰ‬ ‫ࣰ‬ ‫غ ۡي ِر ٱللَّ ِه لَ َو َجد ۟‬
‫ُوا فِي ِه ٱ ۡختِلَ ٰـفا َكثِيرا{‬ ‫} َولَ ۡو َكانَ ِم ۡن ِعن ِد َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪ِ ﴿ :‬إنَّا َكا ِشفُوا ْال َع َذا ِ‬
‫ب قَ ِليال ِإنَّ ُك ْم َ‬
‫عا ِئدُونَ ﴾ َيحْ ت َِم ُل َم ْعنَ َيي ِْن‪:‬‬
‫ع ْن ُك ُم ْال َعذَ َ‬
‫اب َو َر َج ْعنَا ُك ْم ِإلَى الد ِ‬
‫َّار ال ُّد ْنيَا‪،‬‬ ‫ش ْفنَا َ‬‫أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬أَنَّهُ يَقُولُهُ ت َ َعالَى‪َ :‬ولَ ْو َك َ‬
‫ش ْفنَا َما‬ ‫﴿ولَ ْو َر ِح ْمنَا ُه ْم َو َك َ‬ ‫لَعُ ْدت ُ ْم إِلَى َما ُك ْنت ُ ْم فِي ِه ِمنَ ْال ُك ْف ِر َوالت َّ ْكذِي ِ‬
‫ب‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬
‫﴿ولَ ْو ُردُّوا لَ َعادُوا ِل َما‬ ‫ض ٍ ّر لَلَ ُّجوا ِفي ُ‬
‫ط ْغ َيا ِن ِه ْم َي ْع َم ُهونَ ﴾ َو َكقَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫ِب ِه ْم ِم ْن ُ‬
‫ع ْنهُ َو ِإنَّ ُه ْم لَ َكا ِذبُونَ ﴾ ‪.‬‬
‫نُ ُهوا َ‬
‫يال بَ ْع َد ا ْن ِعقَا ِد أ َ ْسبَابِ ِه‬
‫ع ْن ُك ْم َق ِل ً‬ ‫َوالثَّانِي‪ :‬أ َ ْن يَ ُكونَ ْال ُم َرادُ‪ :‬إِنَّا ُم َؤ ِ ّخ ُرو ْالعَذَا ِ‬
‫ب َ‬
‫ان َوالض ََّال ِل‪َ ،‬و َال‬ ‫صو ِل ِه ِإلَ ْي ُك ْم‪َ ،‬وأ َ ْنت ُ ْم ُم ْست َِم ُّرونَ ِفي َما أ َ ْنت ُ ْم فِي ِه ِمنَ ُّ‬
‫الط ْغ َي ِ‬ ‫َو ُو ُ‬
‫ع ْن ُه ْم أ َ ْن يَ ُكونَ بَاش ََر ُه ْم‪َ ،‬كقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪ِ ﴿ :‬إال قَ ْو َم يُونُ َ‬
‫س لَ َّما‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْلزَ ُم ِمنَ ْال َك ْش ِ‬
‫اب ْال ِخ ْزي ِ ِفي ْال َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو َمت َّ ْعنَا ُه ْم ِإلَى ِح ٍ‬
‫ين﴾‬ ‫عذَ َ‬ ‫ش ْفنَا َع ْن ُه ْم َ‬
‫آ َمنُوا َك َ‬
‫‪696‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫‪#‬ابن كثير‬
‫أر ِس ْل َم َعنا‬ ‫ي ِعبا َد اللَّ ِه﴾ ْ‬
‫﴿أن ْ‬ ‫﴿أن أدُّوا إلَ َّ‬
‫سو ٌل َك ِري ٌم﴾ ْ‬
‫﴿وجا َءهم َر ُ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪َ :‬‬
‫يمان ْ‬
‫وأن‬ ‫ع ْونَ ِل ْْل ِ‬
‫ُعاء ِف ْر َ‬
‫ث موسى عليه السالم إلى د ِ‬ ‫َب ِني إسْرا ِئي َل} بُ ِع َ‬
‫يُ ْر ِس َل بَنِي إسْرا ِئي َل َويَ َر ْفع ِاال ْستِ ْعباد َ‬
‫ع ْنهم‪.‬‬
‫ان َو ُه َو ال َّشتْ ُم‪ .‬أو َّ‬
‫الرجْ ُم‬ ‫س ِ‬‫اللّ َ‬
‫الرجْ ُم بِ ِ‬ ‫ع ْذتُ بِ َربِّي َو َربِّ ُك ْم أ َ ْن ت َْر ُج ُم ِ‬
‫ون﴾ َّ‬ ‫﴿وإِ ِنّي ُ‬
‫َ‬
‫ِب ْال ِح َج َ‬
‫ار ِة‪.‬‬
‫س ٰى َو ۡليَ ۡدعُ َربَّهُۥۤۤ{‬
‫ع ۡو ُن ذَ ُرونِ ۤی أ َ ۡقت ُ ۡل ُمو َ‬
‫} َوقَا َل فِ ۡر َ‬
‫عا َربَّهُ أ َ َّن َهؤ ِ‬
‫ُالء قَ ْو ٌم ُمجْ ِر ُمونَ ﴾‬ ‫فَ َد َ‬
‫ع ْونَ َو َمألهُ ِزينَةً َوأ َ ْم َواال فِي‬ ‫سى َر َّبنَا ِإنَّ َك آتَي َ‬
‫ْت فِ ْر َ‬ ‫﴿و َقا َل ُمو َ‬‫َك َما قَا َل ت َ َعالَى‪َ :‬‬
‫علَى أ َ ْم َوا ِل ِه ْم َوا ْش ُد ْد َ‬
‫علَى‬ ‫س َ‬ ‫سبِي ِل َك َربَّنَا ْ‬
‫اط ِم ْ‬ ‫ع ْن َ‬‫ضلُّوا َ‬‫ْال َحيَاةِ ال ُّد ْنيَا َر َّبنَا ِليُ ِ‬
‫يم}‬ ‫قُلُو ِب ِه ْم فَال يُؤْ ِمنُوا َحتَّى َي َر ُوا ْال َعذَ َ‬
‫اب اَل ِل َ‬
‫﴿وأ َ ْو َرثْنَا ْالقَ ْو َم الَّذِينَ َكانُوا‬
‫﴿ َكذَ ِل َك َوأ َ ْو َرثْنَاهَا قَ ْو ًما آخ َِرينَ ﴾ َو ُه ْم بَنُو ِإس َْرائِي َل‪َ ،‬‬
‫َاربَ َها الَّتِي بَ َ‬
‫ار ْكنَا فِي َها‬ ‫ض َو َمغ ِ‬
‫اَلر ِ‬ ‫ضعَفُونَ َمش ِ‬
‫َارقَ ْ‬ ‫}يُ ْست َ ْ‬
‫صا ِل َحةٌ‬
‫ي‪ :‬لَ ْم ت َ ُك ْن لَ ُه ْم أ َ ْع َما ٌل َ‬
‫ض﴾ أَ ْ‬
‫اَلر ُ‬ ‫علَ ْي ِه ُم ال َّ‬
‫س َما ُء َو ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬فَ َما َب َك ْ‬
‫ت َ‬
‫علَى فَ ْق ِد ِه ْم‪َ ،‬و َال لَ ُه ْم فِي ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض بِقَاعٌ َعبَدُوا‬ ‫اء َفت َ ْب ِكي َ‬
‫س َم ِ‬ ‫ص َع ُد فِي أَب َْوا ِ‬
‫ب ال َّ‬ ‫تَ ْ‬
‫اللَّهَ ِفي َها فَقَ َدتْ ُه ْم‪.‬‬
‫سلَّ َم ُم َّر عليه ب َجنَازَ ةٍ‪ ،‬فَقا َل‪ُ 《 :‬م ْست َِري ٌح‬ ‫صلَّى َّ‬
‫اللهُ عليه َو َ‬ ‫َّ‬
‫وأن َرسو َل الل ِه َ‬
‫َو ُم ْست ََرا ٌح منه》البخاري ومسلم‪.‬‬

‫‪697‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ماء‬
‫س ِ‬ ‫وحديث أنس بن مالك في مسند أبي يعلى "ما ِمن ع ْب ٍد َّإال ولَهُ في ال َّ‬
‫خر ُج فيه ع َملُه وكال ُمه‪ ،‬فإذا مات فُ ِق َد وبَ َكيَا‬ ‫وباب يَ ُ‬
‫ٌ‬ ‫باب َيد ُخ ُل ع َملُه‪،‬‬
‫بابان‪ٌ :‬‬
‫ِ‬
‫ض} ضعفه اَللباني‬ ‫س َما ُء َو ْاَل َ ْر ُ‬
‫علَ ْي ِه ُم ال َّ‬‫ت َ‬‫وتال هذه اآلي َة‪{ :‬فَ َما َب َك ْ‬ ‫عليه‪َ ،‬‬
‫وابن حجر العسقالني وغيرهم‪.‬‬
‫ع َلى ْالعَالَ ِمينَ ﴾ وال ُمرا ُد بِـ ”العالَ ِمينَ “ اَل ُ َم ُم‬
‫علَى ِع ْل ٍم َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫﴿ولَقَ ِد ْ‬
‫اخت َْرنَا ُه ْم َ‬
‫ميع اَل ُ َم ِم فَقا َل ﴿ ُك ْنت ُ ْم‬ ‫تار أمة ُم َح َّم ٍد ﷺ َ‬
‫على َج ِ‬ ‫َلن اللَّهُ ْ‬
‫اخ َ‬ ‫عاص َرة ُ َلهم‪ّ .‬‬ ‫ال ُم ِ‬
‫َخي َْر أ ُ َّم ٍة أ ُ ْخ ِر َج ْ‬
‫ت ِللنّ ِ‬
‫اس﴾‬
‫{أ َ ُه ۡم َخ ۡي ٌر أَ ۡم قَ ۡو ُم تُب ࣲَّع} قال أكثر المفسرين‪ :‬تبع رجل صالح مؤمن دعا قومه‬
‫إلى الله‪.‬‬
‫سبَأ ٌ‪ُ -‬كلَّ َما َملَ َك فِي ِه ْم َر ُج ٌل َ‬
‫س َّم ْوهُ تُبَّعًا‪َ ،‬ك َما يُقَالُ‪ِ :‬كس َْرى‬ ‫َو َكان ْ‬
‫َت ِح ْميَ ُر ‪َ -‬و ُه ْم َ‬
‫ع ْو ُن ِل َم ْن َملَ َك ِم ْ‬
‫ص َر َكا ِف ًرا‪،‬‬ ‫وم‪َ ،‬و ِف ْر َ‬ ‫ص ُر ِل َم ْن َملَ َك ُّ‬
‫الر َ‬ ‫ِل َم ْن َملَ َك ْالفُ ْر َ‬
‫س‪َ ،‬وقَ ْي َ‬
‫غي ُْر ذَ ِل َك ِم ْن أَع َْال ِم ْاَلَجْ ن ِ‬
‫َاس‪.‬‬ ‫ي ِل َم ْن َملَ َك ْال َحبَ َ‬
‫شةَ‪َ ،‬و َ‬ ‫َوالنَّ َجا ِش ُّ‬
‫ق}‬ ‫ثم أهلكوا {فَ َجعَ ۡلنَ ٰـ ُه ۡم أ َ َحا ِدي َ‬
‫ث َو َم َّز ۡقنَ ٰـ ُه ۡم ُك َّل ُم َم َّز ٰۚ ٍ‬
‫سبُّوا تُبَّعًا ‪ ،‬فإنَّهُ كان ق ْد‬
‫حديث سهل بن سعد الساعدي وابن عباس 《ال ت ُ‬
‫أسلَ َم》صححه اَللباني‪.‬‬
‫وحديث أبي هريرة «ما أدري تبّع نبيا كان أم غير نبي"‬
‫ب ْال َح ِم ِيم﴾ َكقَ ْو ِل ِه ﴿ ُي َ‬
‫صبُّ ِم ْن فَ ْو ِ‬
‫ق ُر ُءو ِس ِه ُم‬ ‫عذَا ِ‬ ‫صبُّوا فَ ْوقَ َرأْ ِس ِه ِم ْن َ‬
‫﴿ث ُ َّم ُ‬
‫طونِ ِه ْم َو ْال ُجلُودُ﴾‬ ‫ْال َح ِمي ُم‪ .‬يُ ْ‬
‫ص َه ُر ِب ِه َما فِي بُ ُ‬

‫‪698‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت ِإال ْال َم ْوتَةَ اَلولَى﴾‬


‫﴿ال َيذُوقُونَ فِي َها ْال َم ْو َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيحين "يُؤْ ت َى بال َم ْو ِ‬
‫ت‬
‫ظ ُرونَ ‪ ،‬ف َيقولُ‪:‬‬ ‫َك َه ْيئ َ ِة َكب ٍْش ْأملَ َح‪ ،‬فيُنادِي ُمنادٍ‪ :‬يا أ ْه َل ال َجنَّ ِة‪ ،‬فَ َي ْش َر ِئبُّونَ و َي ْن ُ‬
‫هل ت َ ْع ِرفُونَ هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬هذا ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد َرآهُ‪ ،‬ث ُ َّم يُنا ِدي‪ :‬يا أ ْه َل‬ ‫ْ‬
‫وهل ت َ ْع ِرفُونَ هذا؟ فيَقولونَ ‪ :‬نَعَ ْم‪ ،‬هذا‬
‫ْ‬ ‫ار‪ ،‬فَيَ ْش َر ِئبُّونَ ويَ ْن ُ‬
‫ظ ُرونَ ‪ ،‬فيَقولُ‪:‬‬ ‫النَّ ِ‬
‫ال َم ْوتُ ‪ ،‬و ُكلُّ ُه ْم ق ْد َرآهُ‪ ،‬فيُ ْذ َب ُح ث ُ َّم يقولُ‪ :‬يا أ ْه َل ال َجنَّ ِة ُخلُو ٌد فال َم ْو َ‬
‫ت‪ ،‬ويا أ ْه َل‬
‫ار ُخلُو ٌد فال َم ْو َ‬
‫ت"‬ ‫النَّ ِ‬

‫سورة الجاثية مكية‬

‫ث بَ ْع َدهُ يُؤْ ِمنُونَ ﴾‬ ‫ث بَ ْع َد اللَّ ِه وآياتِ ِه يُؤْ ِمنُونَ ﴾ ﴿فَ ِبأ ّ‬


‫ي ِ َحدِي ٍ‬ ‫﴿فَ ِبأ ّ‬
‫ي ِ َحدِي ٍ‬
‫﴿من ورائِ ِه ْم َج َهنَّ ُم} وراء‪ :‬من كلمات اَلضداد َ‬
‫﴿وكانَ ورا َءهم‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪ِ :‬‬
‫صبًا﴾‬
‫غ ْ‬ ‫َم ِل ٌك َيأ ْ ُخذُ ُك َّل َ‬
‫س ِفينَ ٍة َ‬
‫َّام اللَّ ِه﴾ قيل‪َ :‬هذَا َكانَ فِي‬
‫َوقَ ْولُهُ‪﴿ :‬قُ ْل ِللَّذِينَ آ َمنُوا يَ ْغ ِف ُروا ِللَّذِينَ َال يَ ْر ُجونَ أَي َ‬
‫اْلس َْال ِم‪ ،‬قبل نزول آيات الجهاد‪.‬‬ ‫اء ْ ِ‬
‫ا ْبتِ َد ِ‬
‫ووقائِ َعهُ ِبأعْدائِ ِه‪.‬‬‫الل ِه ونِقَ َمهُ‪َ ،‬‬‫س َّ‬ ‫أي‪ :‬ال َيخافُونَ َبأْ َ‬ ‫ّام اللَّ ِه﴾ ْ‬‫{ال َي ْر ُجونَ أي َ‬
‫َّام اللَّ ِه﴾ َال يُبَالُونَ نِ َع َم َّ‬
‫الل ِه‪.‬‬ ‫﴿ال يَ ْر ُجونَ أَي َ‬
‫َوقَا َل ُم َجا ِه ٌد فِي قَ ْو ِل ِه َ‬

‫‪699‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت‬ ‫ب َوٱ ۡل ُح ۡك َم َوٱلنُّبُ َّوة َ َو َرزَ ۡقنَ ٰـ ُهم ِّمنَ ٱ َّ‬


‫لط ِّي َب ٰـ ِ‬ ‫﴿ولَقَ ۡد َءات َ ۡينَا َب ِن ۤی ِإ ۡس َر ٰ⁠ ۤۤ ِءي َل ٱ ۡل ِكت َ ٰـ َ‬
‫َ‬
‫علَى ٱ ۡل َع ٰـلَ ِمينَ ﴾ على عالمي زمانهم‪ ،‬وخير اَلمم أمة محمد صلى‬ ‫َوفَض َّۡل َن ٰـ ُه ۡم َ‬
‫الله عليه وسلم قال ت َعالى‪ُ ﴿ :‬ك ْنت ُ ْم َخي َْر أ ُ َّم ٍة أ ُ ْخ ِر َج ْ‬
‫ت ِللنّ ِ‬
‫اس﴾ وقا َل ت َعالى‪:‬‬
‫اس﴾‬‫على النّ ِ‬ ‫ش َهدا َء َ‬ ‫طا ِلت َ ُكونُوا ُ‬ ‫﴿و َكذَ ِل َك َج َع ْلناكم أ ُ َّمةً و َ‬
‫س ً‬ ‫َ‬
‫علَى ش َِري َع ٍة ِمنَ ْ‬
‫اَلم ِر فَات َّ ِب ْع َها﴾‬ ‫﴿ث ُ َّم َج َع ْلن َ‬
‫َاك َ‬
‫ع َج َم ُه ْم‪ِ ،‬إ َّال بقَا َيا‬ ‫حديث " ِإ َّن اللهَ نظر إلى أ ْه ِل ْاَل َ ْر ِ‬
‫ض‪ ،‬فمقَت َ ُه ْم َ‬
‫ع َربَ ُه ْم و َ‬
‫من أ ْه ِل ْال ِكت َا ِ‬
‫ب‪ ".‬صححه اَللباني في صحيح الجامع‪.‬‬
‫ي الَّذِينَ آ َمنُوا يُ ْخ ِر ُجهم ِمنَ ُّ‬
‫الظلُما ِ‬
‫ت‬ ‫ي ال ُمتَّقِينَ ﴾﴿اللَّهُ و ِل ُّ‬
‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬واللَّهُ و ِل ُّ‬
‫إلى النُّ ِ‬
‫ور﴾‬
‫أن نَجْ َعلَهم كالَّذِينَ آ َمنُوا‬
‫ت ْ‬ ‫ب الَّذِينَ اجْ ت ََر ُحوا ال َّ‬
‫س ِيّئا ِ‬ ‫قَ ْولُهُ ت َعالى‪﴿ :‬أ ْم َح ِس َ‬
‫ع ِملُوا ال ّ‬
‫صا ِلحاتِ﴾‬ ‫و َ‬
‫ت كال ُم ْف ِسدِينَ في‬ ‫كقَ ْو ِل ِه ت َعالى‪﴿ :‬أ ْم نَجْ َع ُل الَّذِينَ آ َمنُوا و َع ِملُوا ال ّ‬
‫صا ِلحا ِ‬
‫ض أ ْم نَجْ َع ُل ال ُمتَّقِينَ كالفُ ّج ِ‬
‫ار﴾‬ ‫اَلر ِ‬
‫ْ‬
‫على ِع ْل ٍم﴾‬ ‫ضلَّهُ َّ‬
‫اللهُ َ‬ ‫ْت َم ِن ات َّ َخ َذ إلَ َههُ هَواهُ وأ َ‬
‫قوله تعالى‪﴿ :‬أفَ َرأي َ‬
‫ع ْب ُد ال ّد ِْره َِم‪َ ،‬و َ‬
‫ع ْب ُد‬ ‫س عب ُد ال ّدِين ِ‬
‫َار‪َ ،‬و َ‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه "ت َ ِع َ‬
‫ط‪ "...‬أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫س ِخ َ‬ ‫وإن لَ ْم يُ ْع َ‬
‫ط َ‬ ‫ي‪ْ ،‬‬‫ض َ‬‫ي َر ِ‬ ‫إن أُع ِ‬
‫ْط َ‬ ‫ص ِة‪ْ ،‬‬
‫الخ َِمي َ‬

‫على ِع ْل ٍم﴾‬
‫ضلَّهُ اللَّهُ َ‬
‫﴿وأ َ‬
‫قوله َ‬
‫"على علم" حال من الفاعل‪ # .‬ابن القيم‪.‬‬
‫‪700‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫﴿وقالُوا ما هي ّإال َحياتُنا ال ُّد ْنيا نَ ُموتُ ونَحْ يا وما يُ ْه ِل ُكنا ّإال ال َّد ْه ُر﴾‬
‫َ‬
‫عز وج َّل‪:‬‬ ‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين قا َل اللَّهُ َّ‬
‫هار》‬ ‫اَلم ُر أ ُ َق ِلّ ُ‬
‫ب اللَّ ْي َل والنَّ َ‬ ‫سبُّ ال َّد ْه َر وأنا ال َّد ْه ُر‪ ،‬بيَدِي ْ‬ ‫《يُؤْ ذِينِي ُ‬
‫ابن آ َد َم يَ ُ‬
‫ض َع ْال ِكت ُ‬
‫َاب فَت ََرى‬ ‫﴿و ُو ِ‬ ‫علَ ْي ُك ْم ِب ْال َح ّ ِ‬
‫ق﴾ َكقَ ْو ِل ِه تَ َعالَى‪َ :‬‬ ‫﴿ َهذَا ِكت َابُنَا َي ْن ِط ُق َ‬
‫ْال ُمجْ ِر ِمينَ ُم ْش ِفقِينَ ِم َّما فِي ِه َويَقُولُونَ يَا َو ْيلَتَنَا َما ِل َه َذا ْال ِكت َا ِ‬
‫ب َال يُغَاد ُِر‬
‫صاهَا}‬ ‫يرة ً ِإال أَحْ َ‬ ‫يرة ً َوال َك ِب َ‬‫ص ِغ َ‬
‫َ‬
‫ْيان هنا الت َّ ْركُ ‪.‬‬
‫﴿وقِي َل اليَ ْو َم َن ْنساكم َكما َن ِسيت ُ ْم ِلقا َء يَ ْو ِمكم} ال ُمرا ُد ِبالنِّس ِ‬
‫َ‬
‫ب تُ ْ‬
‫ط ِل ُق ال ِنّسْيانَ وت ُ ِري ُد بِ ِه الت َّ ْر َك حقيقةً ال مجازا ً‪.‬‬ ‫والعَ َر ُ‬
‫ص ِحيحِ ُم ْس ِل ٍم‬
‫ت في َ‬ ‫معفو عنه كما ث َ َب َ‬
‫ّ‬ ‫ض ُّد الذّكر فهذا‬ ‫أ ّما النِّسْيان الَّذِي هو ِ‬
‫ؤاخ ْذنا‬ ‫ي ﷺ لَ ّما قَ َرأ َ‬
‫﴿ربَّنا ال ت ُ ِ‬ ‫أن النَّبِ َّ‬
‫ّاس وأبِي ُه َري َْرة َ‪َّ « :‬‬ ‫عب ٍ‬ ‫ث اب ِْن َ‬
‫ِمن َحدِي ِ‬
‫طأْنا﴾‪ ،‬قا َل َّ‬
‫اللهُ نَعَ ْم قَ ْد فَعَ ْلتُ "‬ ‫أخ َ‬
‫إن نَ ِسينا ْأو ْ‬
‫» ْ‬
‫ت فِي صحيح مسلم برقم من حديث أبي هريرة‪ ،‬رضي الله عنه أ َ َّن َّ‬
‫اللهَ‬ ‫وث َ َب َ‬
‫ض ْال َعبِي ِد يَ ْو َم ْال ِقيَا َم ِة‪" :‬أَلَ ْم أُزَ ّ ِوجْ َك؟ أَلَ ْم أ ُ ْك ِر ْم َك؟ أ َلَ ْم أ ُ َ‬
‫س ِ ّخ ْر‬ ‫ت َ َعالَى يَقُو ُل ِلبَ ْع ِ‬
‫لَ َك ْال َخ ْي َل َو ْ ِ‬
‫اْل ِب َل‪َ ،‬وأَذَ ْر َك ت َْرأَ ُ‬
‫س وت َْر َبع؟ فَ َيقُولُ‪َ :‬بلَى‪َ ،‬يا َربّ ِ ‪ .‬فَ َيقُولُ‪:‬‬
‫اك َك َما نَ ِسيتَنِي"‬
‫س َ‬‫ي؟ َف َيقُولُ‪َ :‬ال‪ .‬فَ َيقُو ُل اللَّهُ ت َ َعالَى‪ :‬فَ ْال َي ْو َم أ َ ْن َ‬
‫ت أَنَّ َك ُمالق ّ‬ ‫أَفَ َ‬
‫ظ َن ْن َ‬
‫ض﴾‬
‫اَلر ِ‬ ‫﴿ولَهُ ْال ِكب ِْريَا ُء فِي السموا ِ‬
‫ت َو ْ‬ ‫َ‬

‫‪701‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ظ َمةُ ِإزَ ِاري َو ْال ِكب ِْر َيا ُء ِر َدائِي‪ ،‬فَ َم ْن‬
‫وفي الحديث " َيقُو ُل اللَّهُ ت َ َعالَى ْال َع َ‬

‫احدًا ِم ْن ُه َما أ َ ْس َك ْنتُهُ ن ِ‬


‫َاري" أصله في صحيح مسلم من حديث أبي‬ ‫عنِي َو ِ‬
‫نَازَ َ‬
‫هريرة وأبي سعيد الخدري‪.‬‬

‫سورة اَلحقاف‪ .‬مكية‪.‬‬


‫{أ َْم يَ ُقولُو َن افْ تَ َراهُ قُ ْل إِ ِن افْ تَ َريْ تُهُ فَ ََل تَ ْملِ ُكو َن لِي ِم َن اللَّ ِه َش ْي ئًا}‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫والتَّ ْق ِدير‪{ :‬إِ ِن افْ ت ري ته} َعاجلَنِي اللَّه بِع ُقوبتِ ِه َّ ِ‬
‫الش ِدي َدة‪َ ،‬وأَنْ تُ ْم ََل تَ ْمل ُكو َن لي م ْنهُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ َُُْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َش ْي ئًا‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل‪ِ ِ ِ َ .‬‬ ‫ض األقَا ِو ِ‬


‫ألخ ْذنَا م ْنهُ بالْيَمي ِن‪ .‬ثُ َّم لََقطَ ْعنَا م ْنهُ ال َْوت َ‬
‫ين}‬ ‫{ولَ ْو تَ َق َّو َل َعلَْي نَا بَ ْع َ‬
‫َ‬
‫الر ُس ِل}‪ :‬قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي‪ :‬ا ْألَظ َْه ُر فِي‬ ‫ت بِ ْد ًعا ِم َن ُّ‬ ‫{قُ ْل َما ُك ْن ُ‬
‫ع ُُ َو الَّ ِذ أَبْ َد َ‬
‫ع‬ ‫قَ ْولِ ِه‪ :‬بِ ْد ًعا أَنَّهُ فِ ْعل بِم ْعنَى الْم ْف ُع ِ‬
‫ول‪ ،‬فَ ُه َو بِ َم ْعنَى ُم ْب تَ ِد ٍع‪َ ،‬وال ُْم ْب تَ ِد ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ‬
‫ال َسابِ ٍق‪.‬‬‫َعلَى غَ ْي ِر ِمثَ ٍ‬
‫الدنْ يَا" واختاره ابن جرير ورجحه‬ ‫{وَما أَ ْد ِر َما يُ ْف َع ُل بِي َوَل بِ ُك ْم}‪ :‬أ "فِي ُّ‬ ‫َ‬
‫ضى}‪.‬‬ ‫ك فَ تَ ْر َ‬
‫يك َربُّ َ‬‫ف يُ ْع ِط َ‬ ‫س ْو َ‬ ‫الشيخ محمد األمين الشنقيطي‪ .‬لقوله تعالى‪َ { :‬ولَ َ‬
‫يث الَّ ِذ في الصحيح َع ْن أُِم ال َْع ََل ِء _في موت عثمان بْ ُن َمظ ُْعو ٍن_‬ ‫ْح ِد ُ‬ ‫فَأ ََّما ال َ‬

‫‪702‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫مرضناه‪َ ،‬حتَّى إِ َذا تُ ُوفِ َي أ ْد َرجناه فِي أَثْ َوابِِه‪ ،‬فَ َد َخ َل‬ ‫ت‪ :‬فَا ْشتَ َكى ُعثْ َما ُن ِع ْن َدنَا فَ َّ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ك‪ ،‬لََق ْد‬ ‫ادتِي َعلَْي َ‬‫ب‪َ ،‬ش َه َ‬ ‫السائِ ِ‬
‫ك أَبَا َّ‬ ‫ْت‪َ :‬ر ْح َمةُ اللَّ ِه َعلَْي َ‬ ‫ول اللَّ ِه فَ ُقل ُ‬
‫َعلَْي نَا َر ُس ُ‬
‫َن اللَّهَ أَ ْك َرَمهُ؟‬
‫يك أ َّ‬‫"وَما يُ ْد ِر َ‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫ك اللَّ ِه‪ .‬فَ َق َ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم‪َ :‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫أَ ْك َرَم َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬أ ََّما‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫ْت‪ََ :‬ل أَ ْد ِر بِأَبِي أَنْ َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ت َوأُمي! فَ َق َ َ ُ‬ ‫" فَ ُقل ُ‬
‫ين ِم ْن َربِِه‪َ ،‬وإِنِي َأل َْر ُجو لَهُ الْ َخ ْي َر‪َ ،‬واللَّ ِه َما أَ ْد ِر َوأَنَا َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫ِ‬
‫اءهُ الْيَق ُ‬‫ُُ َو فَ َق ْد َج َ‬
‫ك‪،‬‬‫َح َزنَنِي ذَلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْت‪َ :‬واللَّه ََل أُ َزكي أ َ‬
‫َح ًدا بَ ْع َدهُ أَبَ ًدا‪َ .‬وأ ْ‬ ‫ت‪ :‬فَ ُقل ُ‬ ‫اللَّ ِه َما يُ ْف َع ُل بِي! " قَالَ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ت إِلَى رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ت لِ ُعثْ َما َن َع ْي نًا تَ ْج ِر ‪ ،‬فَ ِج ْئ ُ‬ ‫فَنِ ْم ُ‬
‫ت فَ َرأَيْ ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬ذَ َ‬
‫اك َع َملُهُ"‪_ .‬لفظ ما‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫فَأَ ْخبَ ْرتُهُ بِ َذلِ َ‬
‫ك‪ ،‬فَ َق َ َ ُ‬
‫اج ِه الْبُ َخا ِر ُّ ُدو َن ُم ْسلِ ٍم‪َ ،‬وفِي لَ ْف ٍظ لَهُ‪َ " :‬ما أَ ْد ِر‬ ‫يفعل بي شاذ_ فَ َق ِد انْ َفر َد بِِإ ْخر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يل قَ ْولِ َها‪:‬‬
‫ظ‪ ،‬بِ َدلِ ِ‬ ‫ول اللَّ ِه َما يُ ْف َع ُل بِِه"‪َ .‬و َُ َذا أَ ْشبَهُ أَ ْن يَ ُكو َن ُُ َو ال َْم ْح ُفو ُ‬
‫َوأَنَا َر ُس ُ‬
‫ك"‪ .‬ابن كثير‪ .‬وقيل ُذا قبل أن أخبر به‪.‬‬ ‫َح َزنَنِي َذلِ َ‬
‫"فَأ ْ‬

‫{م ْن ِع ْن ِد اللَّ ِه َوَك َف ْرتُ ْم بِِه}‪ :‬أَ ْ ‪ :‬فَأَنْ تُ ْم ُ‬


‫ض ََّل ٌل‬ ‫{قُل أَرأَي تم إِ ْن َكا َن} ُ َذا الْ ُقرآ ُن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُْ ْ‬
‫صانِ ٌع بِ ُك ْم ‪.‬‬ ‫ظَالِ ُمو َن‪ ،‬وقيل َما ظَنُّ ُك ْم أ َّ‬
‫َن اللَّهَ َ‬
‫يل َعلَى ِمثْلِ ِه }‪ :‬قال الشيخ محمد األمين‬ ‫اُ ٌد ِمن بنِي إِسر ِ‬
‫اء‬ ‫{و َش ِه َد َش ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُسلُ ٍ‬ ‫يق ‪ -‬إِ ْن َشاء اللَّه ‪ -‬أ َّ ِ ِ‬ ‫َّح ِق ُ‬
‫و ٍ‬ ‫يمةَ َجا ِريَةٌ َعلَى أ ْ‬ ‫َن َُذه ْاْليَةَ الْ َك ِر َ‬ ‫َ ُ‬ ‫الشنقيطي‪ :‬الت ْ‬

‫‪703‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ك ََل يَ ْف َع ُل‬ ‫ات نَ ْف ِس َها‪َ ،‬ك َق ْولِ ِه ْم‪ِ :‬مثْ لُ َ‬


‫الذ ِ‬
‫وف‪َ ،‬و ُُ َو إِط ََْل ُق ال َْمثَ ِل َعلَى َّ‬ ‫َعربِ ٍي معر ٍ‬
‫َ َ ُْ‬
‫ت أَ ْن تَ ْف َعلَهُ‪.‬‬ ‫ك أَنْ َ‬ ‫َُ َذا‪ ،‬يَ ْعنُو َن ََل يَ ْن بَ ِغي لَ َ‬
‫ور‪،‬‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ْج‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫‪-‬‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ض‬‫اُ ُد فِي ْاْلي ِة ُُو َع ْب ُد اللَّ ِه بْن س ََلٍم ‪ -‬ر ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫َو َّ‬
‫ُْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ورةٍ َم ِكيَّ ٍة‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َو َعلَْيه فَ َهذه ْاْليَةُ َم َدنيَّةٌ في ُس َ‬
‫آمنُوا لَ ْو َكا َن َخ ْي ًرا َما َسبَ ُقونَا إِلَْي ِه}‪:‬‬ ‫ال الَّ ِذين َك َفروا لِلَّ ِ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ ُ‬ ‫قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪َ { :‬وقَ َ‬
‫اءُ ْم‪َ :‬كبِ ََل ٍل َو َع َّما ٍر‬ ‫ِِ‬ ‫ار َم َّكةَ‪َ ،‬وأ َّ‬
‫ض َع َف ُ‬ ‫ين َو ُ‬ ‫اد ُُ ْم فَ ُقراء ال ُْم ْسلم َ‬ ‫َن ُم َر َ‬ ‫األَظ َْه ُر أَنَّ ُه ْم ُك َّف ُ‬
‫ا ٍ َونَ ْح ِو ُِ ْم‪.‬‬
‫ب َو َخبَّ ٍ‬ ‫ص َه ْي ٍ‬‫َو ُ‬
‫وسى إِ َم ًاما َوَر ْح َمةً} كانت اإلنجيل تتمة للتوراة‪.‬‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ا ٍ ُم َ‬ ‫{ َوم ْن قَ ْبله كتَ ُ‬

‫ِ‬ ‫اإلنْسا َن بَِوالِ َديْ ِه إِ‬


‫صالُهُ‬‫ض َع ْتهُ ُك ْرًُا َو َح ْملُهُ َوف َ‬
‫سانًا َح َملَْتهُ أ ُُّمهُ ُك ْرًُا َوَو َ‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ص ْي نَا ِْ َ‬
‫{ َوَو َّ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه‬ ‫ال‪ :‬جاء رجل إِلَى رس ِ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫ثَََلثُو َن َش ْه ًرا} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‪ ،‬قَ َ َ َ َ ُ ٌ َ ُ‬
‫ال‪:‬‬
‫ال‪ :‬ثُ َّم َم ْن؟ قَ َ‬ ‫ك» قَ َ‬ ‫ال‪« :‬أ ُُّم َ‬ ‫ص َحابَتِي؟ قَ َ‬ ‫َّاس بِ ُح ْس ِن َ‬
‫َح ُّق الن ِ‬ ‫َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ال‪َ :‬م ْن أ َ‬
‫وك» رواه‬ ‫ال‪« :‬ثُ َّم أَبُ َ‬‫ال‪ :‬ثُ َّم َم ْن؟ قَ َ‬
‫ك» قَ َ‬ ‫ال‪« :‬ثُ َّم أ ُُّم َ‬ ‫ال‪ " :‬ثُ َّم َم ْن؟ قَ َ‬ ‫ك» قَ َ‬ ‫«ثُ َّم أ ُُّم َ‬
‫البخار ومسلم‪َ { .‬ح َملَْتهُ أ ُُّمهُ َو ُْنًا َعلَى َو ُْ ٍن }‬
‫صالُهُ ثَََلثُو َن َش ْه ًرا } َم َع الَّتِي فِي‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ َد َّل الفقهاء بِ َهذه ْاْليَة { َو َح ْملُهُ َوف َ‬ ‫َوقَد ْ‬
‫َلد ُُ َّن َح ْولَيْ ِن َك ِاملَْي ِن‬ ‫ات ي ر ِ‬
‫ض ْع َن أ َْو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالُهُ في َع َام ْي ِن} َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫{وال َْوال َد ُ ُ ْ‬
‫لُ ْقما َن‪ِ :‬‬
‫{وف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْح ْم ِل ِستَّةُ أَ ْش ُه ٍر ولحظتان بِ َدََللَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫اعةَ} َعلَى أ َّ‬ ‫لِ َم ْن أ ََر َ‬
‫اد أَ ْن يُتِ َّم ا َّلر َ‬
‫َن أَقَ َّل ُم َّدة ال َ‬ ‫ضَ‬
‫ارةِ‪.‬‬
‫اإل َش َ‬ ‫ِْ‬

‫‪704‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َعلَ َّي َو َعلى والِ َد َّ } كما أمر‬ ‫ك الَّتِي أَنْ َع ْم َ‬ ‫ ٍ أ َْوِز ْعنِي أَ ْن أَ ْش ُك َر نِ ْع َمتَ َ‬ ‫قال َر ِ‬
‫{ َ‬
‫ت َعلَْي ُك ْم } يُ َذكِ ُرُُ ْم تَ َعالَى‬ ‫يل اذْ ُك ُروا نِ ْع َمتِ َي الَّتِي أَنْ َع ْم ُ‬ ‫َ َ‬
‫بنو إسرائل‪ { .‬يا بنِي إِ ْسرائِ‬
‫َ َ‬
‫َس ََلفِ ِه ْم‪.‬‬ ‫س َ ِ‬
‫الف نَِع ِمه َعلَى آبَائِ ِه ْم َوأ ْ‬ ‫َ‬
‫ُف } ‪َ -‬و َُ َذا َعام فِي ُك ِل َم ْن‬ ‫ُف لَ ُكما} ‪ {-‬فَ ََل تَ ُقل لَهما أ ٍ‬ ‫ال لِوالِ َدي ِه أ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ َُ‬ ‫َ‬ ‫{والَّذ قَ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫يف غير‬ ‫ض ِع ٌ‬ ‫الر ْح َم ِن بْ ِن أَبِي بَ ْك ٍر فَ َق ْولُهُ َ‬ ‫ت فِي َع ْب ِد َّ‬ ‫ال َُ َذا‪َ ،‬وَم ْن َز َع َم أَنَّ َها نَ َزلَ ْ‬ ‫قَ َ‬
‫س َن إِ ْس ََل ُمهُ‪َ ،‬وَكا َن ِم ْن‬ ‫ك َو َح ُ‬ ‫َسلَ َم بَ ْع َد َذلِ َ‬ ‫الر ْح َم ِن بْ َن أَبِي بَ ْك ٍر أ ْ‬ ‫َن َع ْب َد َّ‬ ‫صوا ٍ؛ ِأل َّ‬
‫ِخيَا ِر أَ ُْ ِل َزَمانِِه‪.‬‬
‫َن ج َهنَّم ِمن ال ِ‬
‫ْجن َِّة‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫{ َح َّق َعلَْي ِه ُم الْ َق ْو ُل} َو ُُ َو قَ ْولُهُ‪َ { :‬ولَك ْن َح َّق الْ َق ْو ُل مني َأل َْم ََل َّ َ َ َ‬
‫ين}‬ ‫َّاس أ ْ ِ‬ ‫َوالن ِ‬
‫َج َمع َ‬
‫ا ٍ‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫ض ُمبَا َشرةُ ال َْع َذ ِ‬ ‫ين َك َف ُروا َعلَى النَّا ِر }‪ :‬ال ُْم َراد بِال َْع ْر ِ‬ ‫{ وي وم ي ْعر َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ض الذ َ‬ ‫ََ ْ َ ُ َ ُ‬
‫ف لَ ُه ْم َع ْن َها َحتَّى يَ َرْو َُا‪.‬‬ ‫ُُ َو تَ ْق ِريبُ ُه ْم ِم ْن َها‪َ ،‬والْ َك ْش ُ‬
‫الدنْ يَا } قيل‪ :‬إِنَّ َها تَ ُد ُّل َعلَى أَنَّهُ يَ ْن بَ ِغي‬ ‫قوله تعالى { أَ ْذ َُ ْب تُ ْم طَيِبَاتِ ُك ْم فِي َحيَاتِ ُك ُم ُّ‬
‫ك‪َ .‬وإِ َّن‬ ‫س‪َ ،‬ونَ ْح ِو َذلِ َ‬ ‫ ٍ َوال َْم ََلبِ ِ‬ ‫شا ِر ِ‬‫َّمتُّ ِع بِال َْمآكِ ِل َوال َْم َ‬ ‫ِ‬ ‫ف َو ِْ‬ ‫التَّ َق ُّ‬
‫اإلق ََْل ُل م َن الت َ‬ ‫ش ُ‬
‫ك َخ ْوفًا ِم ْنهُ أَ ْن يَ ْد ُخ َل فِي‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ ‪َ -‬كا َن يَ ْف َع ُل ذَلِ َ‬ ‫ا ٍ ‪ -‬ر ِ‬
‫ُع َم َر بْ َن الْ َخطَّ ِ َ‬
‫ال لَ ُه ْم يَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة‪ :‬أَ ْذ َُ ْب تُ ْم طَيِبَاتِ ُك ْم فِي َحيَاتِ ُك ُم ُّ‬
‫الدنْ يَا ا ْْليَةَ‪.‬‬ ‫وم َم ْن يُ َق ُ‬ ‫عم ِ‬
‫ُُ‬
‫از‬
‫َج َ‬ ‫الدنْ يَا‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ات فِي الْ َحيَاةِ ُّ‬ ‫ادهِ الطَّيِب ِ‬
‫َ‬
‫والصوا ٍ أَنَّها فِي الْ ُك َّفا ِر فإن اللَّه أَباح لِ ِعب ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ال ‪ -‬تَ َعالَى ‪:-‬‬ ‫اص ًة بِ ِه ْم فِي ْاْل ِخ َرةِ‪َ ،‬ك َما قَ َ‬ ‫ك َج َعلَ َها َخ َّ‬ ‫ُّع بِ َها‪َ ،‬وَم َع َذلِ َ‬ ‫َّمت َ‬
‫لَ ُه ُم الت َ‬
‫آمنُوا‬ ‫ِ َِّ ِ‬ ‫ات ِمن ِ ِ‬ ‫ادهِ والطَّيِب ِ‬ ‫{قُل من ح َّرم ِزينَةَ اللَّ ِه الَّتِي أَ ْخر ِ ِ ِ‬
‫ين َ‬ ‫الر ْزق قُ ْل ُ َي للذ َ‬ ‫َ‬ ‫ج لعبَ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ َْ َ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫صةً يَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة} وعن أَنَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْحيَاةِ ُّ‬ ‫ِ‬
‫َن النَّبِ َّي ‪َ -‬‬ ‫س أ َّ‬ ‫الدنْ يَا َخال َ‬ ‫في ال َ‬
‫‪705‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الدنْ يَا َويُ ْج َزى بِ َها‬ ‫ال‪« :‬إِ َّن اللَّهَ ََل يَظْلِ ُم ُم ْؤِمنًا َح َسنَةً‪ ،‬يُ ْعطَى بِ َها فِي ُّ‬ ‫َو َسلَّ َم ‪ -‬قَ َ‬
‫الدنْ يَا‪َ ،‬حتَّى إِ َذا‬ ‫سنَاتِِه َما َع ِم َل بِ َها لِلَّ ِه فِي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫في ْاْلخ َرة‪َ ،‬وأ ََّما الْ َكاف ُر فَ يُط َْع ُم ب َح َ‬
‫سنَةٌ يَ ْج ِز بِ َها» مسلم‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ضى إِلَى ْاْل ِخرةِ‬ ‫أَفْ َ‬
‫َ ْ ْ ََ‬‫ُ‬
‫قاف}‬ ‫ود عليه السَلم‪{ .‬إِ ْذ أَنْ َذر قَ ومه بِا ْألَح ِ‬ ‫عاد}‪َ :‬و ُُ َو ُُ ُ‬ ‫قَ ولُهُ‪{ :‬واذْ ُكر أَخا ٍ‬
‫َ َُْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ج‪ .‬يسمى اْلن‬ ‫يل ال ُْم ْع َو ُّ‬ ‫الرمل الْع ِظيم الْمست ِ‬
‫ط‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ف‬ ‫اد‪َ ،‬ج ْم ُع ِح ْق ٍ‬ ‫و ُِي ِديار َع ٍ‬
‫ُ ُْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َُ‬
‫بالربع الخالي بين السعود واليمن‪.‬‬
‫ص َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‪َ :‬كا َن رس ُ ِ‬ ‫َع ْن َعائِ َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫يح قَ َ‬ ‫الر ُ‬‫ت ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه وسلم إِذَا َع َ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫شةَ قَالَ ْ‬
‫ك ِم ْن‬ ‫َعوذُ بِ َ‬ ‫ت بِِه‪َ ،‬وأ ُ‬ ‫ك َخ ْي َرَُا‪َ ،‬و َخ ْي َر َما فِ َيها‪َ ،‬و َخ ْي َر َما أ ُْر ِسلَ ْ‬ ‫َسأَلُ َ‬‫"اللَّ ُه َّم‪ ،‬إِنِي أ ْ‬
‫الس َماءُ تَ غَيَّ َر لَ ْونُهُ‪،‬‬ ‫ت‪َ :‬وإِذَا تَ َخيَّلت َّ‬ ‫ت بِِه"‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫َش ِرَُا‪َ ،‬و َش ِر َما فِ َيها‪َ ،‬و َش ِر َما أ ُْر ِسلَ ْ‬
‫شةُ‪،‬‬ ‫ك َعائِ َ‬ ‫ت ذَلِ َ‬ ‫ت ُس ِر َ َع ْنهُ‪ ،‬فَ َع َرفَ ْ‬ ‫ج َو َد َخ َل‪َ ،‬وأَقْبَ َل َوأَ ْدبَ َر‪ ،‬فَِإذَا َمطََر ْ‬ ‫َو َخ َر َ‬
‫ضا ُم ْستَ ْقبِ َل‬ ‫اد‪{ :‬فَ لَ َّما َرأ َْوهُ َعا ِر ً‬ ‫ال قَ وم َع ٍ‬ ‫ال‪" :‬لَ َعلَّهُ يَا َعائِ َ‬
‫شةُ َك َما قَ َ ْ ُ‬ ‫سأَلَْتهُ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫فَ َ‬
‫ض ُم ْم ِط ُرنَا} مسلم‪.‬‬ ‫أ َْوِديَتِ ِه ْم قَالُوا َُ َذا َعا ِر ٌ‬
‫قوله‪{ :‬تُ َد ِم ُر ُك َّل َش ْي ٍء بِأ َْم ِر َربِها} عموم أريد بالخصوص‪.‬‬
‫اد بِ َما‬ ‫ا ٍ ِألَ ُْ ِل َم َّكةَ‪َ ،‬وال ُْم َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله‪َ { :‬ولََق ْد أَ ُْلَ ْكنا َما َح ْولَ ُك ْم م َن الْ ُقرى } الْخطَ ُ‬
‫َح ْولَ ُه ْم ِم َن الْ ُق َرى قرى ثمود‪ ،‬وقرى لوط‪ ،‬ونحوُما ِم َّما َكا َن ُم َجا ِوًرا لِبِ ََل ِد‬
‫ارُُ ْم ُمتَ َواتَِرةً ِع ْن َد ُُ ْم‪.‬‬
‫ت أَ ْخبَ ُ‬ ‫ْح َجا ِز‪َ ،‬وَكانَ ْ‬ ‫ال ِ‬
‫ضروهُ قَالُوا أَنْ ِ‬ ‫ْج ِن يَ ْستَ ِم ُعو َن الْ ُق ْرآ َن فَ لَ َّما َح َُ‬ ‫ك نَ َفرا ِمن ال ِ‬
‫صتُوا‬ ‫ص َرفْ نَا إِلَْي َ ً َ‬ ‫{وإِ ْذ َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ال‪:‬‬
‫اس قَ َ‬ ‫ين‪َ .‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ين} كانوا م ْن أَ ُْ ِل نَصيب َ‬ ‫فَ لَ َّما قُض َي َول ْوا إِلَى قَ ْوم ِه ْم ُم ْنذ ِر َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫آُ ْم‪ ،‬انْطَلَ َق َر ُس ُ‬ ‫ْج ِن َوََل َر ُ‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم َعلَى ال ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َما قَ َرأَ َر ُس ُ‬
‫‪706‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫َصحابِ ِه َعا ِم ِدين إِلَى س ِ‬ ‫ِ ٍِِ‬ ‫ِ‬


‫يل‬
‫ظ‪َ ،‬وقَ ْد ح َ‬ ‫وق ُع َكا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم في طَائ َفة م ْن أ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ين‬
‫شيَاط ُ‬
‫ت ال َّ ِ‬ ‫الش ُهب‪ ،‬فَ رجع ِ‬
‫ت َعلَْي ِه ُم ُّ ُ َ َ َ‬ ‫الس َم ِاء‪َ ،‬وأ ُْر ِسلَ ْ‬‫اطي ِن َوبَيْ َن َخبَ ِر َّ‬ ‫الشي ِ‬
‫بَ ْي َن َّ َ‬
‫ت َعلَْي نَا‬ ‫الس َم ِاء‪َ ،‬وأ ُْر ِسلَ ْ‬‫يل بَ ْي نَ نَا َوبَ ْي َن َخبَ ِر َّ‬‫َ‬ ‫ح‬‫إِلَى قَ وِم ِهم فَ َقالُوا‪ :‬ما لَ ُكم؟ فَ َقالُوا‪ِ :‬‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ض ِربُوا‬
‫ث‪ ،‬فَا ْ‬ ‫الس َم ِاء إََِّل َش ْيءٌ َح َد َ‬ ‫ال بَ ْي نَ ُك ْم َوبَيْ َن َخبَ ِر َّ‬ ‫ب‪ .‬قَالُوا‪َ :‬ما َح َ‬ ‫ُّ‬
‫الش ُه ُ‬
‫الس َم ِاء‪.‬‬ ‫ال بَ ْي نَ ُك ْم َوبَيْ َن َخبَ ِر َّ‬ ‫ض َوَمغَا ِربَ َها َوانْظُُروا َما َُ َذا الَّ ِذ َح َ‬ ‫شا ِر َق ْاأل َْر ِ‬ ‫َم َ‬
‫ال بَ ْي نَ ُه ْم َوبَ ْي َن‬ ‫ض َوَمغَا ِربَ َها يَ ْب تَ غُو َن َما َُ َذا الَّ ِذ َح َ‬ ‫شا ِر َق ْاأل َْر ِ‬ ‫ض ِربُو َن َم َ‬ ‫فَانْطَلَ ُقوا يَ ْ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫ك النَّ َفر الَّ ِذين تَ و َّج ُهوا نَ ْحو تِ َه َامةَ إِلَى ر ُس ِ‬ ‫ف أُولَئِ‬ ‫السم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫اء‬ ‫َخبَ ِر َّ َ‬
‫َص َحابِِه‬ ‫صلي بِأ ْ‬
‫ظ‪ ،‬وُو ي ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم‪ ،‬و ُُو بِنَ ْخلَةَ َع ِام ًدا إِلَى س ِ‬
‫وق ُع َكا َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫استَ َم ُعوا لَهُ‪ ،‬فَ َقالُوا‪َ َُ :‬ذا ‪َ -‬واللَّ ِه‪-‬الَّ ِذ َح َ‬
‫ال‬ ‫ص ََلةَ الْ َف ْج ِر‪ ،‬فَ لَ َّما َس ِم ُعوا الْ ُق ْرآ َن ْ‬ ‫َ‬
‫ين َر َج ُعوا إِلَى قَ ْوِم ِه ْم‪ ،‬قَالُوا‪ :‬يَا قَ ْوَمنَا‪ ،‬إِنَّا‬ ‫كِ‬ ‫السم ِاء‪ ،‬فَ هنَالِ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بَ ْي نَ ُك ْم َوبَيْ َن َخبَ ِر َّ َ‬
‫الر ْش ِد فَ ِ‬ ‫َس ِم ْعنَا قُ ْرآنًا َع َجبًا‪ ،‬يَ ْه ِد إِلَى ُّ‬
‫َح ًدا‪َ ،‬وأَنْ َز َل اللَّهُ‬ ‫آمنَّا بِه‪َ ،‬ولَ ْن نُ ْش ِر َك بَِربِنَا أ َ‬
‫َ‬
‫ْج ِن} وإِنَّما أ ِ‬
‫ُوح َي إِلَْي ِه قَ ْو ُل‬ ‫استَمع نَ َفر ِمن ال ِ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬‫َ‬‫أ‬ ‫ي‬‫َّ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ي‬ ‫َعلَى نَبِيِ ِه ‪{ :‬قُل أ ِ‬
‫ُوح‬
‫َ َ‬ ‫َ ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ْج ِن‪َ .‬رَواهُ الْبُ َخا ِر ُّ ‪.‬‬ ‫ال ِ‬
‫يسى؛‬ ‫ُنزل ِمن ب ع ِد موسى } ولَم ي ْذ ُكروا ِ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫اب‬‫ت‬ ‫قوله‪{ :‬قَالُوا يا قَ ومنَا إِنَّا س ِم ْعنَا كِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫َّوَراةِ‪ .‬أو كانوا أتباع موسى‪.‬‬ ‫اإلنْ ِجيل ُو فِي الْح ِقي َق ِة َكالْمت ِم ِم لِ َ ِ‬
‫ش ِر َيعة الت ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ِأل َّ‬
‫َن ِْ‬
‫آمنُوا بِِه يَغْ ِف ْر لَ ُك ْم ِم ْن ذُنُوبِ ُك ْم َويُ ِج ْرُك ْم ِم ْن‬ ‫اعي اللَّ ِه و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َجيبوا د ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوله‪{ :‬يا قَ ومنَا أ ِ‬
‫َ َْ‬
‫ا ٍ أَلِ ٍيم} قال صلى الله عليه وسلم‪« :‬بَلِغُوا َعنِي َولَ ْو آيَةً‪ »..‬البخار ‪.‬‬ ‫َع َذ ٍ‬
‫ِِ‬ ‫استَ َد َّل بِ َه ِذهِ ْاْلي ِة من َذ َُب ِمن الْعلَم ِاء إِلَى أ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ََل يَ ْد ُخلُو َن‬ ‫َن الْج َّن الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫َ َْ َ َ ُ َ‬ ‫َوقَد ْ‬
‫ْح ُّق أ َّ‬
‫َن‬ ‫ِ ِ‬
‫ا ٍ النَّا ِر يَ ْوَم الْقيَ َامة‪َ .‬وال ُ‬ ‫اروا ِم ْن َع َذ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ُ‬‫ي‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫ح‬‫الْجنَّةَ‪ ،‬وإِنَّما جزاء صالِ ِ‬
‫َ َ َ ََ ُ َ‬
‫‪707‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اف م َقام ربِِه جنَّتَ ِ‬ ‫س ي ْد ُخلُو َن الْجنَّ َة لقوله تعالى ِ‬ ‫ؤمنَهم َك ُم ْؤِمنِي ِْ‬ ‫مِ‬
‫ان‬ ‫{ول َم ْن َخ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإلنْ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ام َربِِه ِم ْن‬ ‫ْجنَّتَ يْ ِن لِ َم ْن َخ َ‬ ‫آَلء ربِ ُكما تُ َك ِذب ِ‬ ‫فَبِأَ ِ ِ‬
‫اف َم َق َ‬ ‫َن ال َْو ْع َد بِال َ‬
‫ان} فَ بَ يَّ َن أ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫س َوالْج ِن و ْامتَ َّن تَ َعالَى َعلَى الثَّ َقلَْي ِن بأَ ْن َج َع َل َج َز َ‬
‫اء‬ ‫اإلنْ ِ ِ‬ ‫آَلئِِه‪ ،‬أَ ْ نَِع ِم ِه َعلَى ِْ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫ُم ْحسن ِه ُم ال َ‬
‫ْجنَّةَ‪.‬‬
‫ك أَنَّ ُه ْم‬‫الر ُس ِل}‪ :‬أَ ْش ُه ُر ْاألَق َْوا ِل فِي ذَلِ َ‬ ‫صبَ َر أُولُو ال َْع ْزِم ِم َن ُّ‬ ‫اصبِ ْر َك َما َ‬ ‫قوله‪{ :‬فَ ْ‬
‫الشورى» ‪ ،‬وُم نُ ِ ِ‬ ‫َح َز ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يم‬
‫وح َوإبْ َراُ ُ‬ ‫َُْ ٌ‬ ‫ا ٍ» َو « ُّ َ‬ ‫ين ذكروا في « ْاأل ْ‬ ‫سةٌ‪َ ،‬و ُُ ُم الذ َ‬ ‫َخ ْم َ‬
‫الس ََل ُم‪.‬‬
‫الص ََلةُ َو َّ‬ ‫يسى َوُم َح َّم ٌد ‪َ -‬علَْي ِه ُم َّ‬ ‫وموسى و ِ‬
‫ع‬
‫َُ َ َ َ‬
‫اعةً ِم ْن نَ َها ٍر} قال صلى الله‬ ‫وع ُدو َن لَ ْم يَلْبَ ثُوا إَِل َس َ‬ ‫قوله‪َ { :‬كأَنَّ ُه ْم يَ ْوَم يَ َرْو َن َما يُ َ‬
‫صبَ ُغ فِي النَّا ِر‬ ‫عليه وسلم‪ " :‬ي ْؤتَى بِأَنْ ع ِم أَ ُْ ِل ُّ ِ‬
‫الدنْ يَا م ْن أَ ُْ ِل النَّا ِر يَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة‪ ،‬فَ يُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يم قَ ُّ‬ ‫ط؟ َُل م َّر بِ َ ِ‬
‫ول‪:‬‬‫ط؟ فَ يَ ُق ُ‬ ‫ك نَع ٌ‬ ‫ت َخ ْي ًرا قَ ُّ ْ َ‬ ‫آد َم َُ ْل َرأَيْ َ‬ ‫ال‪ :‬يَا ابْ َن َ‬ ‫ص ْب غَةً‪ ،‬ثُ َّم يُ َق ُ‬
‫َ‬
‫َّاس ب ْؤسا ِفي ُّ ِ‬
‫صبَ ُغ‬ ‫ْجن َِّة‪ ،‬فَ يُ ْ‬
‫الدنْ يَا‪ ،‬م ْن أَ ُْ ِل ال َ‬
‫ِ‬
‫ ٍ َويُ ْؤتَى بِأَ َشد الن ِ ُ ً‬
‫ََل‪ ،‬و ِ‬
‫الله يَا َر ِ‬ ‫َ‬
‫ك ِش َّدةٌ‬ ‫ط؟ َُ ْل َم َّر بِ َ‬ ‫ت بُ ْؤ ًسا قَ ُّ‬ ‫آد َم َُ ْل َرأَيْ َ‬ ‫ال لَهُ‪ :‬يَا ابْ َن َ‬ ‫ْجن َِّة‪ ،‬فَ يُ َق ُ‬ ‫ِ‬
‫ص ْب غَةً في ال َ‬ ‫َ‬
‫ط " مسلم‪.‬‬ ‫ت ِش َّد ًة قَ ُّ‬ ‫ط‪َ ،‬وََل َرأَيْ ُ‬ ‫س قَ ُّ‬ ‫ ٍ َما َم َّر بِي بُ ْؤ ٌ‬
‫ول‪ََ :‬ل‪ ،‬و ِ‬
‫الله يَا َر ِ‬ ‫َ‬ ‫ط؟ فَ يَ ُق ُ‬ ‫قَ ُّ‬

‫سورة محمد مدنية‪:‬‬


‫س ٍن فِي‬‫ح‬ ‫ن‬ ‫َض َّل أَ ْعمالَهم}‪ :‬أَ أَبطَل ثَواب ها‪ ،‬فَما ع ِملَه الْ َكافِر ِ‬
‫م‬
‫ُ ْ ََ‬ ‫قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪{ :‬أ َ َ ُ ْ ْ ْ َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫الرِح ِم‪َ ،‬والتَّ ْن ِف ِ‬
‫يس َع ِن‬ ‫ف‪ ،‬وبِ ِر الْوالِ َديْ ِن‪ ،‬وحم ِي الْجا ِر‪ ،‬و ِ‬
‫صلَ ِة َّ‬ ‫ََْ َ َ‬ ‫الض ْي َ َ‬
‫الدنْ يَا‪َ ،‬ك َقر ِ َّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫َض َّل أَ ْع َمالَ ُه ْم‪ ،‬أَ ْ أَبْطَ َل َك ْي َد ُُ ُم‪.‬‬
‫يل‪ :‬أ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َْم ْك ُرو ٍ‪ ،‬يَ ْبطُ ُل يَ ْوَم الْقيَ َامة‪َ .‬وق َ‬
‫‪708‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب َع ْن فِ ْعلِ ِه‪َ ،‬و ُُ َو بِ َم ْعنَى فِ ْع ِل ْاأل َْم ِر‪،‬‬ ‫ا ٍ} م ْ ِ‬


‫ص َد ٌر نَائ ٌ‬ ‫الرقَ ِ َ‬
‫ ٍ ِ‬‫ض ْر َ‬
‫قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪{ :‬فَ َ‬
‫ض ِربُوا ِرقَابَ ُه ْم‪.‬‬
‫أ فَا ْ‬

‫ش ُّدوا ال َْوثَا َق} أَ ْ ‪ :‬بَالَ ْغتُ ْم فِي قَ ْتلِ ِه ْم َوأَ ْكثَ ْرتُ ُم الْ َق ْت َل‬ ‫وُ ْم فَ ُ‬ ‫{حتَّى إِ َذا أَثْ َخ ْن تُ ُم ُ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫يمةُ ِم َن ْاأل َْم ِر بَِق ْت ِل الْ ُك َّفا ِر َحتَّى يُثْ ِخنَ ُه ُم‬ ‫ض َّمنَ ْ ِ ِ‬
‫ت َُذه ْاْليَةُ الْ َك ِر َ‬ ‫فِي ِه ْم‪َ ،‬وتَ َ‬
‫َس َرى َحتَّى يُثْ ِخ َن‬ ‫ِ‬ ‫الْمسلِمو َن‪ ،‬ثُ َّم ب ْع َد َذلِ َ ِ‬
‫{ما َكا َن لنَبِ ٍي أَ ْن يَ ُكو َن لَهُ أ ْ‬ ‫ك يَأْس ُرونَ ُه ْم‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫ُْ ُ‬
‫ض}‬‫ألر ِ‬ ‫ِ‬
‫في ا ْ‬
‫ِ‬
‫صلَ َحةً‬
‫ام ُم َخيَّ ٌر‪َ ،‬ولَهُ أَ ْن يَ ْف َع َل َما َرآهُ َم ْ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫قوله‪{ :‬فَِإ َّما َمنًّا بَ ْع ُد َوإِ َّما ف َد ً‬
‫اء} فَ ِْ‬

‫اق‪.‬‬‫استِرقَ ٍ‬ ‫و‬ ‫ٍ‬


‫ل‬ ‫ت‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫لِلْمسلِ ِمين ِمن م ٍن وفِ َد ٍ‬
‫اء‬
‫ْ‬
‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ َْ َ‬
‫ ٍ أ َْوَز َارَُا} قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي‪َ :‬وأَظ َْه ُر‬ ‫ْح ْر ُ‬
‫ض َع ال َ‬
‫قوله‪َ { :‬حتَّى تَ َ‬
‫ضع ِ‬ ‫ْح ْر ِ‬ ‫ْاألَق َْو ِال فِي َم ْعنَى َو ْ‬
‫ال بعض السلف‬ ‫الس ََل ِح‪ .‬قَ َ‬ ‫ ٍ أ َْوَز َارَُا أَنَّهُ َو ْ ُ‬ ‫ض ِع ال َ‬
‫ْح ِق‬ ‫الْم ْعنَى‪ :‬حتَّى ي ْن ِز َل عيسى ابن مريم « ََل تَ ز ُ ِ ِ ِ ِ‬
‫ال طَائ َفةٌ م ْن أ َُّمتي يُ َقاتلُو َن َعلَى ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫{وقَاتِلُ ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وُ ْم َحتَّى ََل‬ ‫ين إِلَى يَ ْوم الْقيَ َامة» رواه مسلم‪َ .‬و َُ َذا َك َق ْوله تَ َعالَى‪َ :‬‬ ‫ظَاُ ِر َ‬
‫ين لِلَّ ِه}‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَ ُكو َن ف ْت نَةٌ َويَ ُكو َن الد ُ‬
‫ْجن َِّة في اْلخرة‪ ،‬وقيل في الدنيا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫{سيَ ْهدي ِه ْم} أَ ْ ‪ :‬إِلَى ال َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫استِ ْدََل ٍل‪َ ،‬و َذلِ َ‬ ‫{وي ْد ِخلُهم الْجنَّةَ ع َّرفَ ها لَهم} ب يَّ ن ها لَهم حتَّى عرفُ ِ‬
‫ك‬ ‫وُا م ْن غَ ْي ِر ْ‬ ‫َ ُ ُ ُ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َ ََ َ‬
‫أَنَّهم إِذَا َد َخلُوا الْجنَّةَ تَ َف َّرقُوا إِلَى منَا ِزلِ ِهم‪َ .‬عن أَبِي س ِع ٍ‬
‫يد الْ ُخ ْد ِر ِ ر ِ‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫‪709‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن رس َ ِ‬


‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه وسلم قال‪" :‬إِ َذا َخلَ َ‬
‫ص ال ُْم ْؤمنُو َن م َن النَّا ِر ُحب ُ‬
‫سوا‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫أ َّ َ ُ‬
‫الدنْ يَا‪َ ،‬حتَّى إِ َذا‬ ‫اصو َن َمظَالِ ُم َكانَ ْ‬
‫ت بَ ْي نَ ُه ْم فِي ُّ‬ ‫ْجن َِّة َوالنَّا ِر‪ ،‬يَتَ َق ُّ‬ ‫ٍ‬
‫بَِق ْنطََرة بَيْ َن ال َ‬
‫َح َد ُُ ْم بِ َم ْن ِزلِ ِه فِي‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ول ال ِ ِ‬
‫ْجنَّة‪َ ،‬والَّذ نَ ْفسي بِيَده‪ ،‬إِ َّن أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُُذبوا َونُ ُّقوا أُذ َن لَ ُه ْم في ُد ُخ ِ َ‬
‫ف اللَّهُ لَ ُه ُم‬ ‫ص َ‬‫الدنْ يَا" البخار ‪ .‬وقيل َو َ‬ ‫ْجن َِّة أَ ُْ َدى ِم ْنهُ بِ َم ْن ِزلِ ِه الَّ ِذ َكا َن فِي ُّ‬
‫ال َ‬
‫ص َفتِ َها‪.‬‬
‫وُا بِ ِ‬
‫وُا َع َرفُ َ‬
‫الدنْ يَا‪ ،‬فَ لَ َّما َد َخلُ َ‬‫ْجنَّةَ فِي ُّ‬ ‫ال َ‬
‫ت أَقْ َد َام ُك ْم} ‪َ ،‬ك َق ْولِ ِه‪:‬‬
‫ص ْرُك ْم َويُثَبِ ْ‬
‫ص ُروا اللَّهَ يَ ْن ُ‬
‫آمنُوا إِ ْن تَ ْن ُ‬
‫ين َ‬
‫َ‬
‫{يا أَيُّها الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ َ‬
‫ص َر َّن اللَّهُ َم ْن يَ ْن ُ‬
‫ص ُرهُ}‬ ‫{ولَيَ ْن ُ‬
‫َ‬
‫ين ََل َم ْولَى لَ ُه ْم} ‪َ ،‬ولِ َه َذا لَ َّما قَ َ‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َن الْ َكافِ‬
‫َّ‬ ‫أ‬‫و‬‫َ‬ ‫وا‬‫ن‬
‫ُ‬ ‫آم‬
‫َ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫َن اللَّهَ مولَى الَّ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬‫ك بِ‬
‫َ‬ ‫{ذَلِ‬

‫ُح ٍد ِحي َن َسأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ ٍ_حسن إسَلمه_ رئِ‬


‫أَبُو ُس ْفيَا َن صخر بْ ُن َح ْر ٍ‬
‫َل‬ ‫يس ال ُْم ْش ِرك َ‬
‫ين يَ ْوَم أ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ال‪ :‬أ ََّما‬
‫ب‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬‫ل‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ر‬‫م‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ي‬‫ِ‬
‫ب‬‫َ‬‫أ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫س‬‫و‬ ‫َع ِن النَّبِ ِي صلَّى اللَّهُ َعلَي ِ‬
‫ه‬
‫َ َ ََ ْ ُ َ ْ‬ ‫ْ ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫ت يَا َع ُد َّو اللَّ ِه‪ ،‬بَ ْل أَبْ َقى‬ ‫َجابَهُ ُع َمر بْ ُن الْ َخطَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪َ :‬ك َذبْ َ‬
‫ا ٍ فَ َق َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُؤََلء فَ َق ْد َُلَ ُكوا‪َ ،‬وأ َ‬
‫َحيَاءٌ [ ُكلُّ ُه ْم]‪ .‬فَ َق َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اللَّهُ لَ َ‬
‫ال أَبُو ُس ْفيَا َن‪ :‬يَ ْوٌم‬ ‫ين َع َددت َأل ْ‬ ‫سوُؤ َك‪َ ،‬وإِ َّن الذ َ‬ ‫ك َما يَ ُ‬
‫س ْؤنِي‪ ،‬ثُ َّم‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬‫و‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ر‬ ‫آم‬ ‫م‬‫َ‬‫ل‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ج‬‫ِ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ا‬‫َم‬
‫أ‬ ‫جال‪،‬‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ ٍ‬ ‫ر‬ ‫ْح‬ ‫ل‬‫ا‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ر‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫بِي وِ‬
‫م‬
‫َ ْ ََ ُ ُ ْ ُْ َ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ َْ ُ‬ ‫ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ول‪ :‬ا ْع ُل ُُبَل‪ ،‬ا ْع ُل ُُبَ ْل‪ .‬فَ َق َ َ ُ‬ ‫ب يَ ْرتَ ِج ُز َويَ ُق ُ‬ ‫َذ َُ َ‬
‫ال‪" :‬قُولُوا‪ :‬اللَّهُ أَ ْعلَى‬ ‫ول؟ قَ َ‬‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬وَما نَ ُق ُ‬
‫َو َسلَّ َم‪" :‬أَََل تُ ِجيبُوهُ؟ " قَالُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫‪710‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال‪" :‬أَََل تُ ِجيبُوهُ؟ "‬


‫ال أَبُو ُس ْفيَا َن‪ :‬لَنَا ال ُْع َّزى‪َ ،‬وََل ُعزى لَ ُك ْم‪ .‬فَ َق َ‬
‫َج ُّل" ثُ َّم قَ َ‬
‫َوأ َ‬
‫ول اللَّ ِه؟ قَ َ‬
‫ال‪" :‬قُولُوا‪ :‬اللَّهُ َم ْوََلنَا َوََل َم ْولَى لَ ُك ْم" البخار ‪.‬‬ ‫ول يَا َر ُس َ‬
‫قَالُوا‪َ :‬وَما نَ ُق ُ‬

‫س‬
‫ام‪ ،‬لَْي َ‬ ‫ام} فِي ُّ‬
‫الدنْ يَا َكأَنَّ ُه ْم أَنْ َع ٌ‬ ‫َّعو َن َويَأْ ُكلُو َن َك َما تَأْ ُك ُل األنْ َع ُ‬
‫ين َك َف ُروا يَتَ َمت ُ‬
‫َّ ِ‬
‫{والذ َ‬ ‫َ‬
‫اُو َن َع َّما فِي غَ ِد ُِ ْم‪ ،‬أو يَأْ ُكلُو َن ِم ْن َها َكأَ ْك ِل‬ ‫وج ُه ْم‪َ ،‬س ُ‬
‫ِ‬
‫لَ ُه ْم ُ َّمةٌ إََِّل بُطُونَ ُه ْم َوفُ ُر َ‬
‫الم ْؤِم ُن يَأْ ُك ُل فِي ِم ًعى‬ ‫ض ًما قال صلى الله عليه وسلم‪ُ « :‬‬ ‫ضما َوقَ ْ‬ ‫ْاألَنْ َع ِام‪َ ،‬خ ْ‬
‫اح ٍد‪َ ،‬وال َكافِ ُر يَأْ ُك ُل فِي َس ْب َع ِة أ َْم َع ٍاء» البخار ومسلم‪.‬‬ ‫وِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫{فَ َه ْل يَ ْنظُُرو َن إَِل َّ‬
‫اء أَ ْش َراطُ َها} ومن أشراطها‬ ‫اعةَ أَ ْن تَأْتيَ ُه ْم بَ ْغتَةً فَ َق ْد َج َ‬
‫الس َ‬
‫صلَّى‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫ش َّق الْ َق َم ُر} عن َس ْه ُل بْ ُن َس ْع ٍد قَ َ‬ ‫{اقْتَ رب ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪َ :‬رأَيْ ُ َ ُ‬ ‫اعةُ َوانْ َ‬‫الس َ‬
‫ت َّ‬ ‫ََ‬
‫اعةُ‬
‫الس َ‬‫ت أَنَا َو َّ‬ ‫ُصبُ َع ْي ِه َُ َك َذا‪ ،‬بِال ُْو ْسطَى َوالَّتِي تَلِ َيها‪" :‬بُِعثْ ُ‬ ‫ال بِأ ْ‬‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫َك َهاتَ ْي ِن" البخار ‪ .‬وفي رواية "إن كادت لتسبقني" فما بقي إَل الكبرى منها فإذا‬
‫جاءت تتابعت كما في الحديث‪.‬‬

‫اُم} {ي ومئِ ٍذ ي تَ َذ َّكر اإلنْسا ُن وأَنَّى لَهُ ِ‬ ‫ِ‬


‫الذ ْك َرى}‬ ‫اءتْ ُه ْم ذ ْك َر ُ ْ َ ْ َ َ ُ َ َ‬ ‫{فَأَنَّى لَ ُه ْم إِذَا َج َ‬
‫ان ب ِع ٍ‬
‫يد}‬ ‫ٍ‬ ‫{وقَالُوا آمنَّا بِِه وأَنَّى لَهم التَّناو ِ‬
‫ش م ْن َم َك َ‬
‫َ َ ُُ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ك ولِلْم ْؤِمنِين والْم ْؤِمنَ ِ‬
‫ات}‬ ‫َ‬ ‫استَ غْ ِف ْر لِ َذنْبِ‬
‫{فَا ْعلَ ْم أَنَّهُ ََل إِلَهَ إََِّل اللَّهُ َو ْ‬
‫َ ُ ََ ُ‬

‫‪711‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫استَ ْغ ِف ْر‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫وِمن اللَّطَائِ ِ‬


‫ف الْ ُق ْرآنِيَّة أَ ْن أ ََم َر ُُنَا بِال ِْعل ِْم قَ ْب َل ْاأل َْم ِر بِال َْع َم ِل في قَ ْوله‪َ :‬و ْ‬ ‫َ َ‬
‫ا ٍ ال ِْعل ِْم قَ ْب َل الْ َق ْوِل‬ ‫ا ٍ ال ِْعل ِْم ِمن « ِ ِ ِ‬ ‫ك‪َ .‬وتَ ْر َجم الْبُ َخا ِر ُّ فِي كِتَ ِ‬ ‫لِ َذنْبِ َ‬
‫صحيحه» بَ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫َوال َْع َم ِل لَِق ْوِل اللَّ ِه تَ َعالَى‪{ :‬فَا ْعلَ ْم أَنَّهُ ََل إِ َله إََِّل اللَّهُ فَ بَ َدأَ بِال ِْعل ِْم‪ }.‬و عن ابْ َن‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ُم َعا َذ بْ َن َجبَ ٍل إِلَى نَ ْح ِو أَ ُْ ِل‬ ‫ث النَّبِ ُّي َ‬ ‫اس قال لَ َّما بَ َع َ‬ ‫َعبَّ ٍ‬
‫لكتَ ِ‬ ‫ك تَ ْق َدم َعلَى قَ وٍم ِمن أَ ُْ ِل ا ِ‬
‫وُ ْم‬
‫ا ٍ‪ ،‬فَ لْيَ ُك ْن أ ََّو َل َما تَ ْد ُع ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ال لَهُ‪« :‬إِنَّ َ ُ‬ ‫اليَ َم ِن قَ َ‬
‫ض َعلَْي ِه ْم‬ ‫َن اللَّهَ قَ ْد فَ َر َ‬ ‫ك‪ ،‬فَأَ ْخبِ ْرُُ ْم أ َّ‬ ‫إِلَى أَ ْن يُ َو ِح ُدوا اللَّهَ تَ َعالَى‪ ،‬فَِإ َذا َع َرفُوا َذلِ َ‬
‫صلَّ ْوا‪ ،‬فَأَ ْخبِ ْرُُ ْم أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫ض َعلَْي ِه ْم‬ ‫َن اللَّهَ افْ تَ َر َ‬ ‫صلَ َوات في يَ ْوم ِه ْم َولَْي لَت ِه ْم‪ ،‬فَِإذَا َ‬ ‫س َ‬ ‫َخ ْم َ‬
‫ك فَ ُخ ْذ‬ ‫َزَكا ًة فِي أ َْم َوالِ ِه ْم‪ ،‬تُ ْؤ َخ ُذ ِم ْن غَنِيِ ِه ْم فَ تُ َر ُّد َعلَى فَِقي ِرُِ ْم‪ ،‬فَِإ َذا أَقَ ُّروا بِ َذلِ َ‬
‫َّاس» البخار ومسلم‪.‬‬ ‫ِم ْن ُه ْم‪َ ،‬وتَ َو َّق َك َرائِ َم أ َْم َو ِال الن ِ‬
‫ص ُّرفَ ُك ْم فِي نَ َها ِرُك ْم َوُم ْستَ َق َّرُك ْم‬ ‫{واللَّهُ يَ ْعلَ ُم ُمتَ َقلَّبَ ُك ْم َوَمثْ َوا ُك ْم} أَ ْ ‪ :‬يَ ْعلَ ُم تَ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫الدنْ يَا‪َ ،‬وَمثْ َوا ُك ْم فِي ْاْل ِخ َرةِ‪.‬‬ ‫فِي لَْيلِ ُك ْم‪ .‬وأحسن من ذلك أن يقال‪ُ :‬متَ َقلَّبَ ُك ْم فِي ُّ‬

‫ورةٌ} كانت قبل األمر بالجهاد { ُك ُّفوا‬ ‫آمنُوا لَ ْوََل نُ ِزلَ ْ‬ ‫{وي ُق ُ َّ ِ‬
‫ت ُس َ‬ ‫ين َ‬
‫ول الذ َ‬ ‫ََ‬
‫س ُه ْم َوأ َْم َوالَ ُه ْم‬‫ف‬‫ُ‬ ‫َن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ين‬‫أَيْ ِدي ُكم } ألنهم يحبون الجنة { إِ َّن اللَّهَ ا ْشتَ رى ِمن الْم ْؤِمنِ‬
‫َ َ ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ْجنَّةَ}‬ ‫بِأ َّ‬
‫َن لَ ُه ُم ال َ‬
‫ين فِي‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫ت الَّ ِ‬
‫َ‬ ‫َي‬
‫ْ‬ ‫أ‬
‫ر‬‫َ‬ ‫ال‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ت سورةٌ مح َكمةٌ وذُكِر فِيها ال ِ‬
‫ْق‬ ‫أما المنافقون‪{ :‬فَِإذَا أُنْ ِزلَ ْ ُ َ ُ ْ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ك نَظََر ال َْم ْغش ِي َعلَْيه م َن ال َْم ْوت‪{ } .‬فَِإ َذا َج َ‬
‫اء الْ َخ ْو ُ‬
‫ف‬ ‫قُلُوبِ ِه ْم َم َر ٌ‬
‫ض يَ ْنظُُرو َن إِلَْي َ‬

‫‪712‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت } { َوإِ َذا أُنْ ِزلَ ْ‬


‫ت‬ ‫شى َعلَْي ِه ِمن الْمو ِ‬ ‫ور أَ ْعيُ نُ ُه ْم َكالَّ ِذ يُ ْغ َ‬ ‫َرأَيْ تَ ُه ْم يَ ْنظُُرو َن إِلَْي َ‬
‫َ َْ‬ ‫ك تَ ُد ُ‬
‫ك أُولُو الطَّ ْوِل ِم ْن ُه ْم َوقَالُوا ذَ ْرنَا‬
‫استَأْذَنَ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ورةٌ أَ ْن آمنُوا بِاللَّه َو َجاُ ُدوا َم َع َر ُسوله ْ‬ ‫ُس َ‬
‫ِِ‬
‫نَ ُك ْن َم َع الْ َقاعد َ‬
‫ين}‬

‫آمنُوا اتَّ ُقوا اللَّهَ َوُكونُوا َم َع‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬


‫ين َ‬
‫ص َدقُوا اللهَ لَ َكا َن َخ ْي ًرا لَ ُه ْم} { يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫{فَ لَ ْو َ‬
‫ين }‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الصادق َ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪( :‬ليأتين على الناس زمان؛ قلوبهم قلو ٍ األعاجم؛‬
‫حب الدنيا‪ ،‬سنتهم سنة األعرا ٍ‪ ،‬ما أتاُم من رزق جعلوه في الحيوان‪ ،‬يرون‬
‫الجهاد ضرراً‪ ،‬والزكاة مغرماً) صححه األلباني‪.‬‬

‫ض وتُ َق ِطعوا أَرحام ُكم} {و ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫آت َذا‬ ‫األر ِ َ ُ ْ َ َ ْ َ‬ ‫س ْي تُ ْم إِ ْن تَ َولَّْي تُ ْم أَ ْن تُ ْفس ُدوا في ْ‬
‫{فَ َه ْل َع َ‬
‫الْ ُق ْربَى َح َّقهُ } وقطيعة الرحم من الكبائر‪.‬‬

‫"خلَ َق اللَّهُ الْ َخل َ‬


‫ْق‪ ،‬فَ لَ َّما‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬
‫ت‪َ َُ :‬ذا‬
‫ال‪َ :‬م ْه! فَ َقالَ ْ‬ ‫ت بِ َح ْق ِو َّ‬
‫الر ْح َم ِن َع َّز َو َج َّل‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫الرِح ُم فَأ َ‬
‫َخ َذ ْ‬ ‫ت َّ‬‫غ ِم ْنهُ قَام ِ‬
‫َ‬ ‫فَ َر َ‬
‫ك َوأَقْطَ َع َم ْن‬
‫صلَ َ‬ ‫ِ‬
‫ض ْي َن أَ ْن أَص َل َم ْن َو َ‬ ‫ك ِم َن الْ َق ِط َيع ِة‪ .‬فَ َق َ‬
‫ال‪ :‬أَََل تَ ْر َ‬ ‫ام ال َْعائِ ِذ بِ َ‬
‫َم َق ُ‬

‫‪713‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س ْي تُ ْم‬ ‫ِ ِ‬ ‫قَطَع ِ‬
‫اك‪ .‬قال أبو ُريرة‪ :‬اقرؤوا إ ْن ش ْئ تُ ْم‪{ :‬فَ َه ْل َع َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َذ َ‬
‫ت‪ :‬بَلَى‪ .‬قَ َ‬
‫ك؟ قَالَ ْ‬ ‫َ‬
‫ض َوتُ َق ِط ُعوا أ َْر َح َام ُك ْم} البخار ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫إِ ْن تَ َولَّْي تُ ْم أَ ْن تُ ْفس ُدوا في ْ‬
‫األر ِ‬

‫ار ٌك‬ ‫ا ٍ أَنْ َزلْنَاهُ إِلَيْ َ‬ ‫ِ‬ ‫{ أَفَ ََل يَتَ َدبَّرو َن الْ ُق ْرآ َن أ َْم َعلَى قُلُ ٍ‬
‫ك ُمبَ َ‬ ‫و ٍ أَقْ َفالُ َها } {كتَ ٌ‬ ‫ُ‬
‫لِيَ َّدبَّروا آيَاتِِه َولِيَ تَ َذ َّكر أُولُو ْاألَلْبَ ِ‬
‫ا ٍ}‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ارةُ فِي قَ ْولِ ِه تَ َعالَى فِي َُ ِذهِ ا ْْليَِة‬ ‫قال الشيخ محمد األمين الشنقيطي‪َ :‬و ِْ‬
‫اإل َش َ‬
‫ض ْاأل َْم ِر}‬ ‫ين َك ِرُُوا َما نَ َّز َل اللَّهُ َسنُ ِط ُيع ُك ْم فِي بَ ْع ِ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬‫ك بِأَنَّهم قَالُوا لِلَّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الْ َك ِريم ِة‪{ :‬ذَلِ‬
‫َ‬
‫َّس ِو ُ‬
‫يل‬ ‫ك الت ْ‬ ‫الش ْيطَا ُن َس َّو َل لَ ُه ْم َوأ َْملَى لَ ُه ْم}‪ .‬أَ ْ َذلِ َ‬ ‫اج َعةٌ إِلَى قَ ْولِ ِه تَ َعالَى‪َّ { :‬‬ ‫رِ‬
‫َ‬
‫ين َك ِرُُوا َما نَ َّز َل اللَّهُ‬ ‫ِِ‬ ‫ضي إِلَى الْ ُك ْف ِر بِ‬ ‫اإل ْم ََلء الْم ْف ِ‬
‫ب أَنَّ ُه ْم‪{ :‬قَالُوا للَّذ َ‬ ‫سبَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َو ِْ ُ ُ‬
‫ض ْاأل َْم ِر الَّ ِذ قَالُوا‬ ‫اُ ُر ْاْليَِة يَ ُد ُّل َعلَى أ َّ‬‫ض ْاألَم ِر}‪ .‬وظَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سنُ ِطيع ُكم فِ‬
‫َن بَ ْع َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ي‬
‫َ ُ ْ َ‬
‫يمةُ تَ ُد ُّل‬‫اعو َن‪َ .‬و ْاْليَةُ الْ َك ِر َ‬ ‫ك ال ُْمطَ ُ‬ ‫لَ ُه ْم َسنُ ِط ُيع ُك ْم فِ ِيه ِم َّما نَ َّز َل اللَّهُ َوَك ِرَُهُ أُولَئِ َ‬
‫ِ‬
‫اُتِ ِه َوُم َؤ َازَرت ِه لَهُ‬‫اع َم ْن َك ِرَه َما نَ َّز َل اللَّهُ فِي ُم َع َاونَتِ ِه لَهُ َعلَى َك َر َ‬ ‫َن ُك َّل َم ْن أَطَ َ‬ ‫َعلَى أ َّ‬
‫ف‬ ‫ك‪{ :‬فَ َك ْي َ‬ ‫يم ْن َكا َن َك َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫اط ِل‪ ،‬أَنَّهُ َكافِر بِاللَّ ِه بِ َدلِ ِ ِ ِ‬ ‫ك الْب ِ‬ ‫ِ‬
‫يل قَ ْوله تَ َعالَى ف َ‬ ‫ٌ‬ ‫َعلَى َذل َ َ‬
‫ط‬‫َس َخ َ‬ ‫ك بِأَنَّ ُه ُم اتَّ بَ ُعوا َما أ ْ‬ ‫ارُُ ْم ذَلِ َ‬
‫َ َ‬‫ب‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬‫و‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫وُ‬
‫َ‬ ‫ج‬‫ُ‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬‫ب‬
‫ُ‬‫ر‬‫ِ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫إِذَا تَ وفَّ ْت ُهم الْم ََلئِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ال لِ َه ُؤََل ِء‬
‫ط أَ ْع َمالَ ُه ْم}‪ -.‬وقال أيضا‪ -‬فَ ُك ُّل َم ْن قَ َ‬ ‫َحبَ َ‬‫ض َوانَهُ فَأ ْ‬‫اللَّهَ َوَك ِرُُوا ِر ْ‬
‫اخل فِي و ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين لِ َما نَ َّزلَهُ اللَّهُ‪َ :‬سنُ ِط ُيع ُك ْم فِي بَ ْع ِ‬ ‫ِ‬
‫يد‬ ‫ض ْاأل َْم ِر‪ ،‬فَ ُه َو َد ٌ َ‬ ‫الْ ُك َّفا ِر الْ َكا ِرُ َ‬
‫ْاْليَِة‪.‬‬

‫‪714‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ول لَ ُه ْم‪َ :‬سنُط ُيع ُك ْم في ْاأل َْم ِر َكالذي ِن يَتَّب ُعو َن الْ َق َوان َ‬
‫ين‬ ‫ك ِم ْن يَ ُق ُ‬ ‫َح َرى ِم ْن َذلِ َ‬ ‫َوأ ْ‬
‫ك أَنَّ ُه ْم ِم َّم ْن‬ ‫ين َك ِرُُوا َما نَ َّز َل اللَّهُ‪ ،‬فَِإ َّن َُ ُؤََل ِء ََل َش َّ‬ ‫ض ِعيَّةَ م ِط ِيعين بِ َذلِ َ َِّ ِ‬
‫ك للذ َ‬ ‫ال َْو ْ ُ َ‬
‫ط اللَّ َه‬ ‫َس َخ َ‬‫ارُُ ْم‪َ .‬وأَنَّ ُه ُم اتَّبَ ُعوا َما أ ْ‬ ‫ض ِربُو َن ُو ُج َ‬
‫وُ ُه ْم َوأَ ْدبَ َ‬ ‫اُ ُم ال َْم ََلئِ َكةُ يَ ْ‬
‫تَ تَ َوفَّ ُ‬
‫ط أَ ْع َمالَ ُه ْم‪.".‬انتهى‪.‬‬ ‫ض َوانَهُ‪َ ،‬وأَنَّهُ ُم ْحبِ ٌ‬‫َوَك ِرُُوا ِر ْ‬
‫َّه ْم فِي لَ ْح ِن الْ َق ْوِل} قال صلى‬ ‫اُ ْم َولَتَ ْع ِرفَ ن ُ‬
‫يم ُ‬ ‫شاء َألَري نَا َكهم فَ لَعرفْ تَ هم بِ ِ‬
‫{ َولَ ْو نَ َ ُ َْ ُ ْ َ َ ُ ْ َ‬
‫س‬
‫ْجنَّةَ‪َ ،‬وََل يَ ِج ُدو َن‬ ‫الله عليه وسلم‪« :‬فِي أ َُّمتِي اثْ نَا َع َ ِ‬
‫ش َر ُمنَاف ًقا ََل يَ ْد ُخلُو َن ال َ‬
‫ال‪ :‬ح َذيْ َفةُ بْن الْيم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ُ ََ‬ ‫ْج َم ُل في َس ِم الْخيَاط‪ "..‬مسلم‪ .‬وقَ َ ُ‬ ‫يح َها‪َ ،‬حتَّى يَل َج ال َ‬ ‫ِر َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ال النَّبِ ُّي صلَّى اللهُ َعلَي ِه وسلَّم‪ " :‬فَِإنِي م ِسر إِلَي َ ِ‬
‫َح ًدا‬‫ك س ًّرا ََل تُ َحدثَ َّن بِه أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ُصلِ َي َعلَى فََُل ٍن َوفََُل ٍن "‪َ ،‬ر ُْ ٍط ذَ ِو َع َد ٍد ِم َن ال ُْمنَافِ ِقي َن‪،‬‬ ‫يت أَ ْن أ َ‬ ‫أَبَ ًدا‪ ،‬إِنِي نُِه ُ‬
‫ف ُعمر ر ِ‬ ‫الله صلَّى الله َعلَي ِه وسلَّم‪ ،‬واست ْخلِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال‪ :‬فَ لَ َّما تُ ُوفِ َي َر ُس ُ‬
‫ض َي اللهُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫قَ َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِم َّم ْن يَظُ ُّن عُ َم ُر‬ ‫ِ‬
‫ص َحابَة النَّبِ ِي َ‬
‫ات َّ ِ‬
‫الر ُج ُل م ْن َ‬ ‫َع ْنهُ‪َ ،‬كا َن إِ َذا َم َ‬
‫صلَّى َعلَْي ِه‪َ ،‬وإِ ِن‬ ‫ادهُ‪ ،‬فَِإ ْن َم َ‬ ‫الر ُْ ِط أ َ‬
‫َخ َذ بِيَ ِد ُح َذيْ َفةَ فَ َق َ‬ ‫أَنَّهُ ِمن أُولَئِ ِ‬
‫شى َم َعهُ َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ْ‬
‫صلِي َعلَْي ِه" السنن الكبرى للبيهقي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫انْ ت ز َ ِ ِ ِ‬
‫ص ِل َعلَْيه‪َ ،‬وأ ََم َر َم ْن يُ َ‬ ‫ع م ْن يَده لَ ْم يُ َ‬ ‫ََ‬
‫ار فَ لَ ْن يَغْ ِف َر اللَّهُ لَ ُه ْم} ‪،‬‬ ‫{إِ َّن الَّ ِذين َك َفروا وص ُّدوا َعن سبِ ِ ِ‬
‫يل اللَّه ثُ َّم َماتُوا َو ُُ ْم ُك َّف ٌ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫شاءُ}‬ ‫ك لِ َم ْن يَ َ‬ ‫َك َق ْولِ ِه {إِ َّن اللَّ َه ََل يَ ْغ ِف ُر أَ ْن يُ ْش َر َك بِِه َويَ ْغ ِف ُر َما ُدو َن َذلِ َ‬
‫ادنَِة‬
‫ْح َوال ُْم َه َ‬ ‫السل ِْم َوأَنْ تُ ُم األ ْعلَ ْو َن} أ ََل تَ ْد ُعوا إِلَى ُّ‬
‫الصل ِ‬ ‫{فََل تَ ِهنُوا َوتَ ْد ُعوا إِلَى َّ‬
‫اد‪{ .‬فَ َما َو َُنُوا لِ َما‬ ‫ْجه ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأَنْ تُم ْاألَ ْعلَ ْو َن أَ ْ فِي َح ِ‬
‫ال قُ َّوتِ ُك ْم َوقُ ْد َرت ُك ْم َعلَى ال ِ َ‬ ‫َ ُ‬
‫يل اللَّ ِه} { َوََل تَ ِهنُوا فِي ابْتِغَ ِاء الْ َق ْوِم إِ ْن تَ ُكونُوا تَأْلَ ُمو َن فَِإنَّ ُه ْم‬ ‫َصابَ ُه ْم فِي َسبِ ِ‬ ‫أَ‬

‫‪715‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ح فَ َق ْد‬ ‫يَأْلَ ُمو َن َك َما تَأْلَ ُمو َن َوتَ ْر ُجو َن م َن الله َما ََل يَ ْر ُجو َن} { إ ْن يَ ْم َ‬
‫س ْس ُك ْم قَ ْر ٌ‬
‫ح ِمثْ لُهُ } وَل يجوز الدعاء إلى السلم إَل في حالين‪:‬‬ ‫س الْ َق ْوَم قَ ْر ٌ‬
‫َم َّ‬
‫يح قَ ْولِ ِه تَ َعالَى‪:‬‬
‫ص ِر ُ‬
‫وح لَ َها‪َ ،‬ك َما ُُ َو َ‬
‫ْجنُ ِ‬‫السل ِْم َوال ُ‬
‫ب َّ‬‫ار بِطَلَ ِ‬
‫األول‪ :‬إذا ابْ تَ َدأَ الْ َك َّف ُ‬
‫اجنَ ْح لَ َها َوتَ َوَّك ْل َعلَى اللَّ ِه }‬ ‫{ َوإِ ْن َجنَ ُحوا لِ َّ‬
‫لسل ِْم فَ ْ‬

‫صلَ َحةً‪ ،‬فَ لَهُ أَ ْن يَ ْف َع َل َذلِ َ‬


‫ك‪.‬‬ ‫اُ َدةِ َوال ُْم َه َ‬
‫ادنَِة َم ْ‬ ‫ام فِي ال ُْم َع َ‬ ‫الثاني‪ :‬إذا َرأَى ِْ‬
‫اإل َم ُ‬

‫{ َوََل يَ ْسأَلْ ُك ْم أ َْم َوالَ ُك ْم}‪ .‬أ َوََل يَ ْسأَلْ ُك ُم النَّبِ ُّي صلى الله عليه وسلم أ َْم َوالَ ُك ْم‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َج ٍر فَ ُه َو لَ ُك ْم‬‫َج ًرا َعلَى َما بَلَّغَ ُك ْم م َن ال َْو ْح ِي َك َق ْوله تَ َعالَى‪ {:‬قُ ْل َما َسأَلْتُ ُك ْم م ْن أ ْ‬ ‫أْ‬
‫َج ِر َ إََِّل َعلَى اللَّ ِه } أو َوََل يَ ْسأَلْ ُك ُم الله أ َْم َوالَ ُك ْم‪.‬‬ ‫إِ ْن أ ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫آمنُوا‬‫ين َ‬ ‫{ َوإِ ْن تَتَ َول ْوا يَ ْستَ ْبد ْل قَ ْوًما غَ ْي َرُك ْم ثُ َّم ََل يَ ُكونُوا أ َْمثَالَ ُك ْم‪ { }.‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ف يَأْتِي اللَّهُ بَِق ْوٍم يُ ِحبُّ ُه ْم َويُ ِحبُّونَهُ }‬‫س ْو َ‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫من ي رتَ َّد ِم ْن ُكم َعن ِدينِ ِ‬
‫ه‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ْ َْ‬

‫سورة الفتح‪ :‬مدنية‪.‬‬


‫ْح َديْبِيَ ِة ; ِألَنَّهُ فَ ْت ٌح‬
‫ْح ال ُ‬
‫صل ُ‬ ‫اد بِ َه َذا الْ َف ْت ِح ُ‬ ‫ور أ َّ‬
‫َن ال ُْم َر َ‬ ‫ْج ْم ُه ُ‬
‫ِ‬ ‫التَّح ِق ُ ِ‬
‫يق الَّذ َعلَْيه ال ُ‬ ‫ْ‬
‫ك أ َّ َّ ِ‬ ‫ض ُح ذَلِ َ‬‫َع ِظيم‪ .‬فكان سببا لفتح القلو ٍ وِم َّما ي و ِ‬
‫ْح‬
‫صل َ‬ ‫ين َش ِه ُدوا ُ‬ ‫َن الذ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ٌ‬
‫ت َكانُوا أَلْ ًفا‬ ‫الْح َديْبِي ِة مع النَّبِ ِي صلى الله عليه وسلم ِفي ِذ ال ِْق ْع َدةِ َعام ِس ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫وأ َْربَ َع ِمائٍَة‪ .‬ولَ َّما أَر َ ِ‬
‫ض الْ ُك َّف ُ‬
‫ار‬ ‫ين نَ َق َ‬ ‫اد النَّب ُّي صلى الله عليه وسلم غَ ْزَو َم َّكةَ ح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫‪716‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وجهُ إِلَى َم َّكةَ فِي‬ ‫ال َْع ْه َد ‪ -‬حين ظاُروا بني بكر على بني خزاعة‪َ ،-‬كا َن ُخ ُر ُ‬
‫ف ُم َقاتِ ٍل‪.‬‬ ‫آَل ِ‬‫ش َرةُ َ‬ ‫ان‪َ .‬وَكا َن َم َعهُ َع َ‬ ‫ضا َن َعام ثَم ٍ‬ ‫َرَم َ‬
‫َ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم في َس َف ٍر‪،‬‬ ‫ال‪ُ :‬كنَّا مع رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ََ َُ‬ ‫ا ٍ قَ َ‬‫َع ْن عُ َمر بْ ِن الْ َخطَّ ِ‬
‫َ‬
‫ْت لِنَ ْف ِسي‪:‬‬ ‫ات‪-‬فلم يَ ُر َّد َعلَ َّي‪ ،‬قَ َ‬ ‫ث م َّر ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ال‪ :‬فَ ُقل ُ‬ ‫سأَلْتُهُ َع ْن َش ْيء ‪-‬ثَََل َ َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ثَََلث‬ ‫ت رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ا ٍ‪ ،‬نَ َز ْر َ َ ُ‬ ‫ك يا ابن الْ َخطَّ ِ‬ ‫ك أ ُُّم َ‬ ‫ثَ ِكلَْت َ‬
‫ت َم َخافَةَ أَ ْن يَ ُكو َن نَ َز َل فِ َّي‬ ‫احلَتِي فَ تَ َق َّد ْم ُ‬ ‫ترِ‬ ‫ك؟ قَ َ ِ‬ ‫ات فَ لَ ْم يَ ُر َّد َعلَْي َ‬‫م َّر ٍ‬
‫ال‪ :‬فَ َرك ْب ُ َ‬ ‫َ‬
‫اد ي نَ ِ‬
‫ٍ‬
‫ت َوأَنَا أَظُ ُّن أَنَّهُ‬ ‫ال‪ :‬فَ َر َج ْع ُ‬ ‫اد ‪ :‬يَا ُع َم ُر‪ ،‬أَيْ َن ُع َم ُر؟ قَ َ‬ ‫ال‪ :‬فَِإذَا أَنَا بِ ُمنَ ُ‬ ‫َش ْيءٌ‪ ،‬قَ َ‬
‫ورةٌ‬ ‫س‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ز‬ ‫"ن‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ال النَّبِ ُّي صلَّى اللَّهُ َعلَي ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ء‬‫نَز َل فِي َشي ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ْ‬
‫ك اللَّهُ َما‬ ‫ك فَ ْت ًحا ُمبِينًا‪ .‬لِيَ غْ ِف َر لَ َ‬ ‫الدنْ يَا َوَما فِ َيها‪{ :‬إِنَّا فَ تَ ْحنَا لَ َ‬ ‫ب إِلَ َّي ِم َن ُّ‬ ‫َح ُّ‬
‫ُ َي أ َ‬
‫ِ‬
‫ك‪ ،‬ر ِ‬ ‫س بْ ِن مالِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫تَ َق َّدم ِ‬
‫ض َي اللَّهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬‫ن‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ا‬‫خ‬‫َ‬ ‫ْب‬‫ل‬‫ا‬ ‫اه‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫َ َ َ ََ ُ‬‫ر‬ ‫‪.‬‬ ‫}‬ ‫َّر‬‫َخ‬‫أ‬‫َ‬‫ت‬ ‫ا‬‫م‬ ‫و‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ ْ‬
‫ك اللَّهُ َما تَ َق َّد َم ِم ْن‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪{ :‬لِيَ ْغ ِف َر لَ َ‬ ‫ت َعلَى النَّبِ ِي َ‬ ‫ال‪ :‬نَ َزلَ ْ‬ ‫َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬لََق ْد‬ ‫ْح َديْبِيَ ِة‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال النَّبِ ُّي َ‬ ‫َّر} َم ْرج َعهُ م َن ال ُ‬ ‫ك َوَما تَأَخ َ‬ ‫ذَنْبِ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ض"‪ ،‬ثُ َّم قَ َرأ ََُا َعلَْي ِه ُم النَّبِ ُّي َ‬ ‫ب إِلَ َّي ِم َّما َعلَى ْاأل َْر ِ‬ ‫َح ُّ‬
‫ت َعلَ َّي آيَةٌ أ َ‬ ‫أُنْ ِزلَ ْ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َقالُوا‪َُ :‬نِيئًا َم ِريئًا يَا نَبِ َّي اللَّ ِه‪ ،‬لََق ْد بَيَّ َن اللَّهُ‪َ ،‬ع َّز َو َج َّل‪َ ،‬ماذَا يَ ْف َع ُل‬
‫ات جن ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ك‪ ،‬فَما َذا ي ْفعل بِنا؟ فَ ن زلَ ْ ِ ِ ِ‬
‫َّات} َحتَّى‬ ‫ين َوال ُْم ْؤمنَ َ‬ ‫ت َعلَْيه‪{ :‬ليُ ْدخ َل ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫بِ َ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫يحيْ ِن‪.‬‬ ‫ب لَ َغ‪{ :‬فَ وًزا َع ِظيما} أَ ْخرجاهُ فِي َّ ِ‬
‫الصح َ‬ ‫ََ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ادةِ ا ِْإليم ِ‬ ‫يح بِ ِزيَ َ‬ ‫يم ِة الت ْ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ادوا إِيمانًا مع إِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّص ِر ُ‬ ‫يمان ِه ْم } في َُذه ْاْليَة الْ َك ِر َ‬ ‫{ ليَ ْز َد ُ َ َ َ َ‬
‫ادتْ ُه ْم‬ ‫ت َعلَْي ِه ْم آيَاتُهُ َز َ‬ ‫ُخ َر َك َق ْولِ ِه‪َ { :‬وإِ َذا تُلِيَ ْ‬ ‫اض َع أ َ‬‫ك فِي مو ِ‬ ‫ِِ‬
‫ح تَ َعالَى ب َذل َ َ َ‬ ‫ص َّر َ‬
‫َوقَ ْد َ‬

‫‪717‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ات بِ َدََللَ ِة ِاَللْتَِز ِام َعلَى أَنَّهُ‬ ‫يمانًا } َوتَ ُد ُّل َُ ِذهِ ْاْليَ ُ‬ ‫آمنُوا إِ َ‬ ‫ين َ‬
‫إِيمانًا } { وي ْز َد َ َّ ِ‬
‫اد الذ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ص‪.‬‬‫َن ُك َّل َما يَ ِزي ُد يَ ْن ُق ُ‬ ‫ضا‪ِ ،‬أل َّ‬ ‫ص أَيْ ً‬ ‫يَ ْن ُق ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫ان فِي ال ِْفعلَي ِن لِ‬ ‫الض ِمير ِ‬ ‫{وتُ َع ِزروهُ وتُوقِروهُ وتُ ِ‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ْْ‬ ‫سب ُحوهُ} قيل‪َ :‬و َّ َ‬ ‫َ ُ ََُ َ َ‬
‫يل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ئ وتُسبِ ُحوهُ‪ ،‬أَ ْ ‪ :‬تُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َسلَّ َم‪َ ،‬و ُُنَا َوق ٌ‬
‫سب ُحوا اللهَ َع َّز َو َج َّل‪َ .‬وق َ‬ ‫َ‬ ‫ْف تَام‪ ،‬ثُ َّم يَ ْب تَد ُ َ َ‬
‫ال الث َََّلثَِة لِلَّ ِه َع َّز َو َج َّل‪.‬‬
‫الضمائِر ُكلُّ َها فِي ْاألَفْ َع ِ‬
‫َّ َ ُ‬
‫ْح َديْبِيَ ِة‪{ ،‬يَ ُد اللَّ ِه فَ ْو َق أَيْ ِدي ِه ْم}‬ ‫الر ْ ِ‬
‫ض َوان بِال ُ‬ ‫ك} يَ ْعنِي بَ ْي َعةَ ِ‬ ‫ين يُبايِ ُعونَ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫{إِ َّن الذ َ‬
‫ومذُب السلف في ُذه اْلية وأمثالها من آيات الصفات‪ :‬أنه يجب اإليمان‬
‫بها‪.‬‬
‫ِ‬
‫وُا ذَ ُرونَا نَتَّبِ ْع ُك ْم يُ ِري ُدو َن أَ ْن‬ ‫ول ال ُْم َخلَّ ُفو َن إِذَا انْطَلَ ْقتُ ْم إِلَى َمغَانِ َم لتَأْ ُخ ُذ َ‬‫{ َسيَ ُق ُ‬
‫س ُدونَنَا‬ ‫ح‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫و‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ال اللَّه ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ي ب ِدلُوا َك ََلم اللَّ ِه قُل لَن تَ تَّبِعونَا َك َذلِ‬
‫َْ ُ‬‫ْ‬ ‫ْ ُ ََ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ين تَ َخلَّ ُفوا‬ ‫ول تَ عالَى م ْخبِرا َع ِن ْاألَ ْعر ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ا ٍ الذ َ‬ ‫َ‬ ‫بَ ْل َكانُوا ََل يَ ْف َق ُهو َن إََّل قَل ًيَل } يَ ُق ُ َ ُ ً‬
‫َع ِن النَّبِ ِي صلَّى اللَّهُ َعلَي ِه وسلَّم فِي غَ ْزوةِ الْح َديبِي ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ب النَّبِ ُّي َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫َ‬
‫َص َحابُهُ إِلَى َخ ْي بَ َر يَ ْفتَتِ ُحونَ َها‪ :‬أَنَّ ُه ْم يَ ْسأَلُو َن أَ ْن يَ ْخ ُر ُجوا َم َع ُه ْم إِلَى‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َوأ ْ‬
‫ْت محارب ِة ْاألَعد ِاء ومجالَدتِ ِهم وم ِ‬ ‫ِ‬
‫صابَ َرت ِه ْم‪ ،‬فَأ ََم َر اللَّهُ‬‫ال َْمغْنَ ِم‪َ ،‬وقَ ْد تَ َخلَّ ُفوا َع ْن َوق ُ َ ََ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫س‬‫ك‪ُ ،‬م َعاقَ بَةً لَ ُه ْم ِم ْن ِج ْن ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَََّل يَأْ َذ َن لَ ُه ْم فِي َذلِ َ‬‫َر ُسولَهُ َ‬
‫ْح َديْبِيَ ِة بِ َمغَانِِم َخ ْي بَ َر َو ْح َد ُُ ْم ََل يُ ْش ِرُك ُه ْم‬
‫ذَنْبِ ِه ْم‪ .‬فَِإ َّن اللَّهَ تَ َعالَى قَ ْد َو َع َد أَ ُْ َل ال ُ‬
‫ك َش ْر ًعا َوقَ َد ًرا؛ َولِ َه َذا‬ ‫ين‪ ،‬فَ ََل يَ َق ُع غَ ْي ُر َذلِ َ‬
‫َ‬
‫ا ٍ الْمتَ َخلِ ِ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫َ‬‫األ‬
‫ْ‬
‫َ ُُْ ْ َ َ‬ ‫ن‬ ‫فِيها غَي رُم ِ‬
‫م‬
‫َلم اللَّ ِه}‬ ‫ِ‬
‫ال‪{ :‬يُ ِري ُدو َن أَ ْن يُبَدلُوا َك َ‬ ‫قَ َ‬
‫وخَلصة قصة الحديبية‪:‬‬
‫‪718‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت‪ََ ،‬ل يُ ِري ُد‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم َعام الْح َديْبِي ِة ي ِري ُد ِزيارَة الْب ْي ِ‬ ‫ج َر ُس ُ‬
‫ََ َ َ ُ َ ُ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َخ َر َ‬
‫َت‬‫ت نَاقَ تُهُ‪ ،‬فَ َقالُوا‪َ :‬خ ََل ِ‬ ‫ك ثَنِيَّةَ ال ُْم َرا ِر‪ ،‬بَ َرَك ْ‬ ‫قِتَ ًاَل َو َسا َق َم َعهُ ال َْه ْد َ َحتَّى إِ َذا َسلَ َ‬
‫ال النَّبِ ُّي صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم‪" :‬ما َخ ََل ِ‬ ‫َت الْ َق ْ‬ ‫صواء‪َ ،‬خ ََل ِ‬
‫َت‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص َواءُ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫الْ َق ْ َ ُ‬
‫"والَّ ِذ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫يل"‪ .‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫س ال ِْف ِ‬ ‫ُ‬
‫اك لَ َها بِ ُخلُ ٍق‪ ،‬ولَ ِك ْن َحبَس َها َحابِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َواءُ‪َ ،‬وَما َذ َ‬ ‫الْ َق ْ‬
‫اُا"‪ .‬ثُ َّم‬ ‫ات اللَّ ِه‪ ،‬إََِّل أَ ْعطَْي تُ ُه ْم إِيَّ َ‬ ‫نَ ْف ِسي بِي ِدهِ‪ََ ،‬ل يسأَلُونِي ُخطَّةً ي ع ِظمو َن فِ َيها حرم ِ‬
‫ُ َُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫صلَّى‬ ‫ت‪ ،‬فَ ع َد َل َع ْن هم حتَّى نَز َل بِأَقْصى الْح َديبِي ِة‪ ،‬ثُ َّم َد َعا رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫َز َج َرَُا فَ َوثَبَ ْ َ‬
‫ٍ َما‬ ‫اف قُ َريْ ٍ‬ ‫ا ٍ لِيَ ْب َعثَهُ إِلَى َم َّكةَ لِيُ بَ لِ َغ َع ْنهُ أَ ْش َر َ‬‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّم ُع َمر بْ َن الْ َخطَّ ِ‬
‫َ َ‬
‫س بِ َم َّكةَ ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫شا َعلَى نَ ْفسي‪َ ،‬ولَْي َ‬ ‫اف قُ َريْ ً‬ ‫َخ ُ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬إِنِي أ َ‬ ‫ال‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫اء لَهُ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َج َ‬
‫اُا‪َ ،‬و ِغلَ ِظي َعلَْي َها‪،‬‬ ‫ٍ َع َد َاوتِي إِيَّ َ‬ ‫ت قُ َريْ ٌ‬ ‫ب َم ْن يَ ْمنَ ُعنِي‪َ ،‬وقَ ْد َع َرفَ ْ‬ ‫بَنِي َع ِد ِ بْ ِن َك ْع ٍ‬
‫َع َّز بِ َها ِمنِي‪ُ ،‬عثْ َما ُن بْ ُن َع َّفا َن‪ ،‬فَ بَ َعثَهُ إِلَى أَبِي ُس ْفيَا َن‬ ‫ك َعلَى َر ُج ٍل أ َ‬ ‫َولَ ِكنِي أ ُ‬
‫َدلُّ َ‬
‫ت لِ َح ْر ٍ‬ ‫ٍ‪ ،‬ي ْخبِرُُم أَنَّهُ لَم يأْ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء زائرا لهذا البيت ومعظما‬ ‫ ٍ‪َ ،‬وأَنَّهُ َج َ‬ ‫َْ‬ ‫َوأَ ْش َراف قُ َريْ ٍ ُ ُ ْ‬
‫ين َد َخ َل َم َّكةَ‪،‬‬ ‫ح‬‫اص ِ‬‫ِ‬ ‫ْع‬‫ل‬‫ا‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫لحرمته‪ .‬فَ َخرج ُعثْما ُن إِلَى م َّكةَ‪ ،‬فَ لَ ِقيهُ أَبا ُن بن س ِع ِ‬
‫يد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫صلَّى‬ ‫أَو قَ بل أَ ْن ي ْد ُخلَها‪ ،‬فَحملَهُ ب ين ي َدي ِه‪ ،‬ثُ َّم أَجارهُ حتَّى ب لَّ َغ ِرسالَةَ رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َ َ َ َ َُ‬ ‫ْ ْ َ َ َ َ َ َْ َ َ ْ‬
‫ٍ فَ بَ لَّغَ ُه ْم َع ْن‬ ‫اء قُ َريْ ٍ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ا‬‫ي‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫َب‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫َّى‬‫ت‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫ث‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ْ‬‫ن‬‫ا‬‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫غ ِم ْن ِر َسالَةَ‬ ‫ين فَ َر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َر ُسول اللَّه صلى الله عليه وسلم َما أ َْر َسلَهُ به‪ ،‬فَ َقالُوا ل ُعثْ َما َن ح َ‬
‫ِ ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ت فَطُ ْ‬ ‫وف بِالْب ْي ِ‬
‫ت أَ ْن تَطُ َ َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم إِلَْي ِه ْم‪ :‬إِ ْن ِش ْئ َ‬ ‫رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫س ْتهُ‬ ‫ول َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫وف بِِه َر ُس ُ‬ ‫ت ِألَفْ َع َل َحتَّى يَطُ َ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم‪َ .‬وا ْحتَ بَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ما ُك ْن ُ‬ ‫فَ َق َ‬
‫َن عُثْ َما َن قَ ْد‬ ‫ين أ َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم َوال ُْم ْسلم َ‬ ‫ٍ ِع ْن َد َُا‪ ،‬فَ بَ لَ َغ َر ُس َ‬ ‫قُ َريْ ٌ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫اجز الْ َقوم"‪ .‬و َد َعا رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ح َحتَّى نُنَ َ ْ َ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫"َل نَ ْب َر ُ‬‫قُتِ َل‪ .‬فقال َ‬
‫‪719‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َّاس يَ ُقولُو َن‪:‬‬ ‫ت َّ ِ‬ ‫ضو ِ‬ ‫ت بَ ْي َعةُ ِ‬ ‫َّاس إِلَى الْبَ ْي َع ِة‪ .‬فَ َكانَ ْ‬
‫الش َج َرة‪ ،‬فَ َكا َن الن ُ‬ ‫ان تَ ْح َ‬ ‫الر ْ َ‬ ‫الن َ‬
‫ت ‪ -‬أو على أن َل يفروا ‪-‬‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم َعلَى الْمو ِ‬ ‫بَايَ َع ُه ْم َر ُس ُ‬
‫َْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ ٍ بِِإ ْح َدى يَ َديْ ِه َعلَى‬ ‫ر‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ث‬
‫ْ‬ ‫ع‬‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّه َعلَي ِه وسلَّم لِ‬ ‫وبَايَ َع َر ُس َ‬
‫ََ‬ ‫ُ ْ ََ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫صالِ ْحهُ َوََل‬ ‫ت ُم َح َّم ًدا فَ َ‬ ‫شا ب عثُوا س ْهل بْن َعم ٍرو‪ ،‬وقَالُوا‪ :‬ائْ ِ‬
‫َن قُ َريْ ً َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ْاألُ ْخ َرى‪ .‬و أ َّ‬
‫ ٍ أَنَّهُ َد َخلَ َها‬ ‫ث ال َْع َر ُ‬‫ْح ِه إََِّل أَ ْن يَ ْرِج َع َعنَّا َع َامهُ َُ َذا‪ ،‬فَ َواللَّ ِه ََل تُ َح ِد ُ‬ ‫ي ُكو ُن فِي صل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫َعلَي نَا َع ْن و ًة أَب ًدا‪ .‬فَأَتَاهُ س ْهل بن َعم ٍرو فَلَ َّما رآهُ رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ ُْ ْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫الر ُجل"‪ .‬فَلَ َّما انْ تَ َهى إِلَى ر ُس ِ‬ ‫الصلْح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫وا‬‫ث‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ب‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫اد الْ َق ْوُم ُّ َ‬ ‫ال‪" :‬قَ ْد أ ََر َ‬ ‫قَ َ‬
‫ِ‬
‫ْح‪،‬‬ ‫الصل ُ‬‫اج َعا َحتَّى َج َرى بَ ْي نَ ُه َما ُّ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم تَ َكلَّ َما َوأَطَ َاَل الْ َك ََل َم‪َ ،‬وتَ َر َ‬ ‫َ‬
‫ب ُع َمر بْ ُن الْ َخطَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ٍ فأت أبا بكر فقال‪:‬‬ ‫ا ٍ‪َ ،‬وثَ َ ُ‬ ‫فَ لَ َّما الْتَأ ََم ْاأل َْم ُر َولَ ْم يَ ْب َق إََِّل الْكتَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪:‬‬‫ين؟ قَ َ‬ ‫يا أبا بكر‪ ،‬أو ليس برسول الله؟ أو لسنا بالمسلمين؟ أو ليسوا بال ُْم ْش ِرك َ‬
‫ث‬‫ال أَبُو بَ ْك ٍر‪ :‬يَا ُع َم ُر‪ ،‬ال َْزْم غَ ْرَزهُ َح ْي ُ‬ ‫الذلَّةَ فِي ِدينِنَا؟ فَ َق َ‬ ‫ال‪ :‬فَ ع ََلم نُ ْعطَى ِ‬
‫بَلَى‪ .‬قَ َ َ َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫ال ُع َم ُر‪َ :‬وأَنَا أَ ْش َه ُد‪ .‬ثُ َّم أَتَى َر ُس َ‬ ‫ول اللَّ ِه‪[ .‬ثُ َّم] قَ َ‬ ‫َكا َن‪ ،‬فَِإنِي أَ ْش َه ُد أَنَّهُ َر ُس ُ‬
‫ت نَبِ َّي اللَّ ِه َح ًّقا؟ قَ َ‬
‫ال‬ ‫ْت‪ :‬أَلَ ْس َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ ُقل ُ‬ ‫ِ‬
‫ت نَبِ َّي اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬فَأَتَ ْي ُ‬‫قَ َ‬
‫ْت‪ :‬أَلَسنَا َعلَى الْح ِق و َع ُد ُّونَا َعلَى الْب ِ‬ ‫ِ‬
‫اط ِل؟‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪" :‬بَلَى"‪ .‬قُل ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ول اللَّ ِه‪،‬‬‫ال‪" :‬إِنِي َر ُس ُ‬ ‫الدنِيَّةَ فِي ِدينِنَا إِ ًذا؟ قَ َ‬ ‫ْت‪ :‬فَلِ َم نُ ْع ِطي َّ‬ ‫ال‪" :‬بَلَى"‪ .‬قُل ُ‬ ‫قَ َ‬
‫ت‬‫ت تُ َح ِدثُنَا أَنَّا َسنَأْتِي الْبَ ْي َ‬ ‫ص ِيه‪ ،‬وُو ناصر "‪ ،‬قلت‪ :‬أو لست ُك ْن َ‬ ‫ولست أَ ْع ِ‬
‫ُ‬
‫ك آتِ ِيه‬ ‫ال‪" :‬فَِإنَّ َ‬ ‫ت‪ََ :‬ل قَ َ‬ ‫ام؟ " قُلْ ُ‬ ‫ِِ‬
‫ك أَنَّا نَأْتيه ال َْع َ‬ ‫ال‪" :‬بَلَى‪ ،‬أَفَأَ ْخبَ ْرتُ َ‬ ‫وف بِِه؟ قَ َ‬ ‫َونَطُ ُ‬
‫ص َّد ُق َوأُ ْعتِ ُق ِم َن الَّ ِذ‬
‫ُصلي َوأَتَ َ‬
‫ْت أَصوم وأ ِ‬
‫ال ُع َم ُر‪َ :‬ما ِزل ُ ُ ُ َ َ‬ ‫طوف بِِه"‪ .‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫وم ِ‬‫ُ‬
‫ت أَ ْن يَ ُكو َن َخ ْي ًرا‪.‬‬ ‫ت بِِه يَ ْوَمئِ ٍذ َحتَّى َر َج ْو ُ‬ ‫ت َم َخافَةَ َك ََل ِمي الَّ ِذ تَ َكلَّ ْم ُ‬ ‫صنَ ْع ُ‬
‫َ‬
‫‪720‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ]‬ ‫ب [ر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ول اللَّ ِه َّ َّ ِ َّ ِ‬


‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم َعل َّي بْ َن أَبي طَال ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫ثُ َّم َد َعا َر ُس ُ‬
‫ف‬‫ال َس ْه ُل بْ ُن َع ْم ٍرو‪َ :‬وََل أَ ْع ِر ُ‬ ‫الرِحي ِم"‪ .‬فَ َق َ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫ب‪" :‬بِ ْس ِم اللَّ ِه َّ‬ ‫ال‪ :‬ا ْكتُ ْ‬ ‫فَ َق َ‬
‫اس ِم َ‬ ‫ِ‬
‫ول الله‪" :‬اكتب باسمك اللهم‪.‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ك اللَّ ُه َّم‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ب‪" :‬بِ ْ‬ ‫َُ َذا‪َ ،‬ولَك ِن ا ْكتُ ْ‬
‫ال َس ْه ُل بْ ُن َع ْم ٍرو‪:‬‬ ‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬س ْه َل بْ َن َع ْم ٍرو"‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ُذا ما صلح َعلَْي ِه ُم َح َّم ٌد َر ُس ُ‬
‫اصطَلَ َح َعلَْي ِه ُم َح َّم ُد‬ ‫ب َُ َذا َما ْ‬ ‫ول اللَّ ِه لَم أُقَاتِل َ ِ‬
‫ْك‪َ ،‬ولَك ِن ا ْكتُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ك َر ُس ُ‬ ‫ت أَنَّ َ‬ ‫َولَ ْو َش ِه ْد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ْح ْر ِ‬ ‫بْ ُن َع ْب ِد اللَّ ِه‪َ ،‬و َس ْه ُل بْ ُن َع ْم ٍرو‪َ ،‬علَى َو ْ‬
‫ين‪ ،‬يَأْ َم ُن ف َيها الن ُ‬
‫َّاس‪،‬‬ ‫ ٍ َع ْش َر سن َ‬ ‫ض ِع ال َ‬
‫َص َحابِِه بِغَْي ِر إِ ْذ ِن‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّ ِه م ْن أ ْ‬ ‫ض‪َ ،‬علَى أَنَّهُ َم ْن أَتَى َر ُس َ‬ ‫ض ُه ْم َع ْن بَ ْع ٍ‬ ‫ف بَ ْع ُ‬ ‫َويَ ُك ُّ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم لَ ْم‬ ‫شا ِم َّمن مع رس ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َوليِه‪َ ،‬ردَّهُ َعلَْي ِه ْم‪َ ،‬وَم ْن أَتَى قُ َريْ ً ْ َ َ َ ُ‬
‫َن بَ ْي نَ نَا َع ْي بَةً َم ْك ُفوفَةً‪َ ،‬وأَنَّهُ ََل إِ ُس ََل َل َوََل إِ ْغ ََل َل‪َ ،‬وَكا َن فِي َش ْر ِط ِه ْم‬ ‫يَ ُردُّوهُ َعلَْي ِه َوأ َّ‬
‫ب أَ ْن يَ ْد ُخ َل فِي َع ْق ِد ُم َح َّم ٍد َو َع ْه ِدهِ‪َ ،‬د َخ َل فِ ِيه‪،‬‬ ‫ا ٍ‪ :‬أَنَّهُ َم ْن أَ َح َّ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ِحين َكتَ بوا ال ِ‬
‫ْك‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫اعةُ فَ َقالُوا‪:‬‬ ‫ت ُخ َز َ‬ ‫ٍ َو َع ْه ِد ُِ ْم َد َخ َل فِ ِيه‪ ،‬فَ تَ َواثَبَ ْ‬ ‫ب أَ ْن يَ ْد ُخ َل فِي َع ْق ِد قُ َريْ ٍ‬ ‫َح َّ‬ ‫َوَم ْن أ َ‬
‫ٍ‬‫ت بَنُو بَ ْك ٍر فَ َقالُوا‪ :‬نَ ْح ُن فِي َع ْق ِد قُ َريْ ٍ‬ ‫ول اللَّ ِه َو َع ْه ِدهِ‪َ ،‬وتَ َواثَبَ ْ‬ ‫نَ ْحن فِي َع ْق ِد ر ُس ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫و َع ْه ِد ُِم‪ ،‬وأَنَّ َ ِ‬
‫ك تَ ْرج ُع َعنَّا َع َامنَا َُ َذا فَ ََل تَ ْد ُخ ُل َعلَْي نَا َم َّكةَ‪َ ،‬وأَنَّهُ إِ َذا َكا َن َع ُ‬
‫ام‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ب ََل‬ ‫الراكِ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ت بِها ثَََلثًا مع َ ِ‬
‫ك س ََل ُ‬ ‫ََ‬ ‫ك‪َ ،‬وأَقَ ْم َ َ‬ ‫َص َحابِ َ‬ ‫ك فَ تَ ْد ُخلُ َها بِأ ْ‬ ‫قَابِ ٍل َخ َر ْجنَا َع ْن َ‬
‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫وف فِي الْ ُقر ِ‬ ‫السي ِ‬
‫ب‬‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم يَ ْكتُ ُ‬ ‫ ٍ‪ ،‬فَ بَ ْي نَا َر ُس ُ‬ ‫ُ‬ ‫تَ ْد ُخلُ َها بِغَْي ِر ُّ ُ‬
‫ت إلى‬ ‫يد قَ ِد انْ َفلَ َ‬ ‫ْكتا ٍ‪ ،‬إِذَا جاءهُ أَبو ج ْن َد ِل بن س ْه ِل ب ِن َعم ٍرو فِي الْح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُْ َ ْ ْ‬ ‫ال َ َ‬
‫ِ‬
‫ول اللَّ ِه َخ َر ُجوا َو ُُ ْم‬ ‫ا ٍ ر ُس ِ‬
‫َص َح ُ َ‬ ‫ال‪َ :‬وقَ ْد َكا َن أ ْ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ لَ َّما َرأ َْوا َما‬ ‫آُا رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ش ُّكو َن في الْ َف ْت ِح‪ ،‬ل ُرْؤيَا َر َ َ ُ‬ ‫ََل يَ ُ‬
‫َّاس ِم ْن‬
‫َ َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬‫ول اللَّ ِه َعلَى نَ ْف ِس ِ‬
‫ُ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ََ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ج‬‫ُ‬ ‫الر‬
‫ُّ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ْح‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫الص‬
‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َْ َ‬
‫رأَوا ِ‬

‫‪721‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ول اللَّ ِه‬ ‫ا ٍ‪َ ،‬وَكا َن َر ُس ُ‬ ‫ادوا أَ ْن ي ْهلَ ُكوا‪ .‬فَلَ َّما فَ رغَا ِمن ال ِ‬
‫ْكتَ ِ‬ ‫يم‪َ ،‬حتَّى َك ُ‬ ‫ِ‬ ‫َذلِ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ك أ َْم ٌر َعظ ٌ‬
‫ام‬ ‫ْح ِل‪ ،‬قَ َ‬ ‫ضطَ ِر ِ‬ ‫صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم يصلِي فِي ال ِ‬
‫ال‪ :‬فَ َق َ‬ ‫ ٍ في ال َ‬ ‫ْح َرم‪َ ،‬و ُُ َو ُم ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ ََ ََُ‬ ‫َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫احلِ ُقوا"‪ .‬قَ َ‬ ‫َّاس‪ ،‬انْ َح ُروا َو ْ‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم فقال‪" :‬يَا أَيُّ َها الن ُ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ال‪ :‬ثُ َّم َع َ ِ ِ‬
‫اد َ‬ ‫ام َر ُج ٌل َحتَّى َع َ‬ ‫اد بِمثْل َها‪ ،‬فَ َما قَ َ‬ ‫َح ٌد‪ .‬قَ َ‬‫ام أ َ‬
‫فَ َما قَ َ‬
‫ِِ‬
‫ام َر ُج ٌل‪.‬‬‫بِمثْل َها‪ ،‬فَ َما قَ َ‬
‫ال‪" :‬يَا أ َُّم َسلَ َمةَ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َد َخ َل َعلَى أُِم َسلَ َمةَ فَ َق َ‬ ‫فَ رجع رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ََ َ َُ‬
‫ت‪ ،‬فَ ََل تُ َكلِمن ِم ْن ُه ْم‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬قَ ْد َد َخلَ ُه ْم َما َرأَيْ َ‬ ‫ت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫َّاس؟ " قَالَ ْ‬ ‫َما َشأْ ُن الن ِ‬
‫ك فَ َع َل‬ ‫ْت َذلِ َ‬‫احلِ ْق‪ ،‬فَ لَ ْو قَ ْد فَ َعل َ‬ ‫ث َكا َن فَانْ َح ْرهُ َو ْ‬ ‫ك َح ْي ُ‬ ‫سانًا‪َ ،‬وا ْع ِم ْد إِلَى َُ ْديِ َ‬ ‫إنْ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‪ .‬فَ َخرج رس ُ ِ‬ ‫َّاس ذَلِ َ‬
‫َح ًدا َحتَّى أَتَى‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم ََل يُ َكل ُم أ َ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫الن ُ‬
‫ض ُه ْم‬
‫ك قَ ُاموا فَ نَ َح ُروا َو َج َع َل بَ ْع ُ‬ ‫س فَ َحلَ َق‪ ،‬فَ لَ َّما َرأ َْوا ذَلِ َ‬ ‫َُ ْديَهُ فَ نَ َح َرهُ‪ ،‬ثُ َّم َجلَ َ‬
‫ضا غَ ًّما‪َ ،‬حتَّى إِ َذا َكا َن بَيْ َن َم َّكةَ َوال َْم ِدينَ ِة‬ ‫ض ُه ْم يَ ْقتُ ُل بَ ْع ً‬‫اد بَ ْع ُ‬
‫ضا‪َ ،‬حتَّى َك َ‬ ‫يَ ْحلِ ُق بَ ْع ً‬
‫ورةُ الْ َف ْت ِح‪.‬‬ ‫س‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫َ‬‫ل‬‫ز‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫يق‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫ط‬‫فِي وس ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬

‫ين‬ ‫ف الْم َف ِسرو َن فِي َُ ُؤََل ِء الْ َقوِم الَّ ِ‬


‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫}‬ ‫ٍ‬
‫يد‬ ‫د‬‫ِ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫س‬‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫أ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫{ست ْدعو َن إِلى قَ وٍم أُولِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ َْ‬
‫س ْيلِ َمةَ وقيل‪ُ :‬م‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ا ٍ‬
‫ُ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫َص‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ي ْد َعو َن إِلَي ِهم‪ .‬فقيل ُم ب نُو حنِي َفةَ أَ ُْل الْيمام ِ‬
‫ة‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ ْ ْ‬
‫س‪.‬‬ ‫يف وقيل ُُ ْم أَ ُْ ُل فَا ِر َ‬ ‫َُ َوا ِز ُن َوثَِق ٌ‬
‫الش َج َرةِ } قال صلى الله عليه‬ ‫ت َّ‬ ‫ين إِ ْذ يُبَايِ ُعونَ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ك تَ ْح َ‬ ‫{لََق ْد َرض َي اللهُ َع ِن ال ُْم ْؤمن َ‬
‫الش َج َرةِ" رواه أبو داود والترمذ‬ ‫ت َّ‬ ‫َح ٌد ِم َّم ْن بَايَ َع تَ ْح َ‬‫َّار أ َ‬
‫"َل يَ ْد ُخ ُل الن َ‬
‫وسلم‪َ :‬‬
‫وصححه األلباني‪ .‬وُذه الشجرة أخفيت‪ ،‬والحكمة في ذلك أن َل يحصل‬
‫‪722‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اَلفتتان بها لما وقع تحتها من الخير وعن نافع قال‪ " :‬بلغ عمر بن الخطا ٍ أن‬
‫ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت " أخرجه ابن أبي شيبة في‬
‫المصنف واأللباني في تحذير الساجد‪..‬‬
‫ال‬‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫الص ْد ِق َوال َْوفَ ِاء واإليمان َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‪ ،‬قَ َ‬ ‫{فَ علِم ما فِي قُلُوبِ ِهم} ِمن ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َََ‬
‫ص َوِرُك ْم َوأ َْم َوالِ ُك ْم‪َ ،‬ولَ ِك ْن‬ ‫الله ََل يَ ْنظُُر إِلَى ُ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬إِ َّن َ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َُ‬
‫يَ ْنظُُر إِلَى قُلُوبِ ُك ْم َوأَ ْع َمالِ ُك ْم» رواه مسلم‪.‬‬
‫الس ِكينَةَ َعلَْي ِه ْم َوأَثَابَ ُه ْم فَ ْت ًحا قَ ِريبًا} َو ُُ َو فَ ْتح َخ ْي بَ َر‪.‬‬ ‫َنزل َّ‬ ‫{فَأ َ‬
‫{ َو َع َد ُك ُم اللَّهُ َمغانِ َم َكثِ َيرًة تَأْ ُخ ُذونَها} ِم َن الْغَنَائِِم إِلَى يَ ْوِم ال ِْقيَ َام ِة يَأْ ُخ ُذونَ َها‪.‬‬
‫ْح‪،‬‬‫الصل ِ‬‫ْح َديْبِيَ ِة بِ ُّ‬ ‫ٍ َع ْن ُك ْم يَ ْوَم ال ُ‬ ‫ف أَيْ ِد َ قُ َريْ ٍ‬ ‫َّاس َع ْن ُك ْم} أَ ْ ‪َ :‬وَك َّ‬‫ف أَيْ ِد َ الن ِ‬ ‫{ َوَك َّ‬
‫وج النَّبِ ِي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َك َّ ِ‬
‫ف أَيْد َ الْيَ ُهود َع ِن ال َْمدينَة بَ ْع َد ُخ ُر ُ‬
‫وف َعلَى « َُ ِذهِ» أَ ْ ‪ :‬فَ َع َّج َل لَ ُك ْم َُ ِذهِ ال َْمغَانِ َم‪،‬‬ ‫{ َوأُ ْخرى لَ ْم تَ ْق ِد ُروا َعلَْيها} َم ْعطُ ٌ‬
‫َوَمغَانِ َم أُ ْخ َرى لَ ْم تَ ْق ِد ُروا َعلَْي َها‪ .‬قال ابن جرير فَ ْت ُح َم َّكةَ‪ .‬وقيل ُِ َي َخ ْي بَ ُر وقيل‬
‫ين ِم ْن بَ ْع ُد‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫وح التي فَ تَ َح َها اللَّهُ َعلَى ال ُْم ْسلم َ‬
‫ُِي الْ ُفتُ َِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْح َديْبِيَ ِة ِم ْن‬
‫ْح َر ِام‪ .‬والمراد ببطن مكة‪ :‬ال ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫{بِبَطْ ِن َم َّكةَ} أَ ْ في َو َسط الْبَ لَد ال َ‬
‫ان‪ ،‬والْح َديبِيةُ قَ ِريبةٌ من م َّكةَ فقيل‪ُِ :‬ي ِمن ال ِ‬
‫ْح ِل‬ ‫َس َف ِل الْم َك ِ‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ط‬
‫ْ‬ ‫ْب‬‫ل‬‫ا‬ ‫ق‬‫إِط ََْل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْح َرِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْح َرم وقيل ليست م َن ال َ‬
‫ضها ِمن ال ِ‬
‫ض أ َْر َ َ َ‬
‫وقيل‪:‬ب ْع ُ ِ‬
‫َ َ‬
‫صلَّى‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َن ثَمانِين رج ًَل ِ‬ ‫ٍِ‬
‫َ‬ ‫الله‬ ‫س‬
‫َُ‬‫ر‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫وا‬ ‫ط‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬‫ة‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫ن‬‫س بْ ِن َمالك‪ " ،‬أ َّ َ َ َ ُ ْ‬
‫م‬ ‫َع ْن أَنَ ِ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫اللهُ َعلَي ِه وسلَّم ِمن جب ِل التَّ ْن ِع ِيم متَ ِ ِ‬
‫ين‪ ،‬يُ ِري ُدو َن غ َّرَة النَّبِ ِي َ‬ ‫سلح َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ َ َ ْ ََ‬
‫{و ُُ َو الَّ ِذ‬‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫َّ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ز‬
‫َّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫الله‬
‫ُ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫َن‬
‫ْ‬ ‫أ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫اُ‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫اس‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ْم‬ ‫ل‬
‫ْ ً‬
‫َخ َذ ُُم ِ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َصحابِِ‬
‫ه‬ ‫َو َسلَّ َم َوأ ْ َ‬
‫‪723‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف أَيْ ِديَ ُه ْم َع ْن ُك ْم َوأَيْ ِديَ ُك ْم َع ْن ُه ْم بِبَطْ ِن َم َّكةَ ِم ْن بَ ْع ِد أَ ْن أَظَْف َرُك ْم َعلَْي ِه ْم} رواه‬
‫َك َّ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وُ ْم‪-..‬ألى قوله‪ -‬لَ ْو تَ َزيَّلُوا لَ َع َّذبْ نَا‬ ‫ات لَ ْم تَ ْعلَ ُم ُ‬ ‫ساءٌ ُم ْؤِمنَ ٌ‬ ‫َ َ‬
‫ال م ْؤِمنُو َن ونِ‬
‫{ َولَ ْوََل ِر َج ٌ ُ‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫ْح ْك َمة فِي َذلِ َ‬ ‫الَّ ِذين َك َفروا ِم ْن هم َع َذابا أَلِيما} ال ِ‬
‫ك ال ُْم َحافَظَةُ َعلَى ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫َ ُ ُْ ً ً‬
‫ْت وَل يجوز القتال في‬ ‫ك الْوق ِ‬ ‫َ‬ ‫ات‪ ،‬الَّ ِذين لَ َّم ي تميَّ زوا َع ِن الْ َك َّفا ِر فِي ذَلِ‬
‫َ‬ ‫والْم ْؤِمنَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫س " الَّتِي ذَ َك َرَُا الْ ُف َق َهاءُ؛ قال شيخ اإلسَلم ابن‬ ‫ُذه الحالة إَل في" َم ْسأَلَةُ التَّتَ ُّر ِ‬
‫ين َّإَل بِ َما‬ ‫ِِ‬ ‫تيمية "اتَّ َف َق الْ ُف َق َهاءُ َعلَى أَنَّهُ َمتَى لَ ْم يُ ْم ِك ْن َدفْ ُع َّ‬
‫الض َرِر َع ْن ال ُْم ْسلم َ‬
‫ك"‪.‬انتهى‪.‬‬ ‫از َذلِ َ‬ ‫س بِ ِه ْم َج َ‬ ‫ك ال ُْمتَ تَ َّر ِ‬ ‫ضي إلَى قَ ْت ِل أُولَئِ َ‬ ‫ي ْف ِ‬
‫ُ‬
‫{لِيُ ْد ِخ َل اللَّهُ فِي َر ْح َمتِ ِه} أ في توفيقه لزيادة الخير أو ل ِإلسَلم‪َ { .‬م ْن يَشاءُ}‬
‫من مؤمنيهم أو مشركيهم‪{ .‬لَ ْو تَ َزيَّلُوا} لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض‪.‬‬
‫ول اللَّ ِه َولَ ْم يُِق ُّروا بِبَ ْس ِم‬‫ت َح ِميَّ تُ ُه ْم أَنَّ ُه ْم لَ ْم يُِق ُّروا أَنَّهُ َر ُس ُ‬ ‫اُلِيَّ ِة} ‪َ ،‬وَكانَ ْ‬ ‫{ح ِميَّةَ الْج ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫الرِح ِيم‪ ،‬وحالُوا ب ْي نَ ُهم وب يْن الْب ْي ِ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫اللَّ ِه َّ‬
‫َ َ َ ْ ََ َ َ‬
‫ور‪ .‬وعن ابن‬ ‫{ َوأَل َْزَم ُه ْم َكلِ َمةَ التَّ ْقوى } َو ُِ َي « ََل إِلَهَ إََِّل اللَّهُ» َك َذا قَ َ‬
‫ال الْ ُج ْم ُه ُ‬
‫ض َرت‬ ‫القيم كل كلمة فيها تقوى الله‪ .‬كما قال صلى الله عليه وسلم‪ :‬لَ َّما َح َ‬
‫ك بِ َها ِع ْن َد‬ ‫اج لَ َ‬ ‫ِ‬
‫ب‪« :‬أَ ْ َع ِم‪ ،‬قُ ْل َلَ إِلَهَ إََِّل اللَّهُ‪َ ،‬كل َمةً أ َ‬
‫ُح ُّ‬ ‫الوفَاةُ عمه أَبَا طَالِ ٍ‬ ‫َ‬
‫اللَّ ِه» رواه البخار ‪.‬‬
‫ب أَ ْن يَ ُقولُوهُ َك َما فِي قَ ْولِ ِه‪َ { :‬وَل‬ ‫ِ‬
‫شاء اللهُ} للتبرك ولتعليم العباد لما يَج ُ‬
‫َّ‬
‫{إِ ْن َ‬
‫شاء اللَّهُ}‬ ‫ِ‬ ‫فاع ٌل ذلِ َ‬ ‫شي ٍء إِنِي ِ‬ ‫تَ ُقولَ َّن لِ‬
‫ك غَداً إََّل أَ ْن يَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫‪724‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى الله‬ ‫ِ‬ ‫ص ِرين} ثبت فِي َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬


‫َن َر ُسو َل اللَّه َ‬ ‫يح ْي ِن أ َّ‬
‫الصح َ‬ ‫وس ُك ْم َوُم َق َ‬ ‫ين ُرءُ َ‬ ‫{م َحلق َ‬ ‫ُ‬
‫ول اللَّ ِه؟ قَا َل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫عليه وسلم قال‪َّ ِ :‬‬
‫ين يَا َر ُس َ‬‫ين"‪ ،‬قَالُوا‪َ :‬وال ُْم َقص ِر َ‬ ‫"رح َم اللهُ ال ُْم َحلق َ‬ ‫َ‬
‫ال‪ِ :‬‬ ‫ول اللَّ ِ‬ ‫"رِحم اللَّهُ الْمحلِ ِقين"‪ .‬قَالُوا‪ :‬والْم َق ِ‬
‫"رح َم اللَّهُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫؟‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫ر‬
‫َ َ َُ‬ ‫ا‬‫ي‬ ‫ين‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ص‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين" فِي الثَّالِثَِة أَ ِو‬ ‫ِ‬
‫"وال ُْم َقص ِر َ‬‫ال‪َ :‬‬ ‫ول اللَّ ِه؟ قَ َ‬ ‫ين يَا َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫ين"‪ .‬قَالُوا‪َ :‬وال ُْم َقص ِر َ‬
‫ِِ‬
‫ال ُْم َحلق َ‬
‫الرابِ َع ِة ‪ .‬البخار ومسلم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ظ َعلَْي ِه ْم}‪.‬‬ ‫َش َّداءُ َعلَى الْ ُك َّفا ِر} { َوا ْغلُ ْ‬ ‫{والَّ ِذين معهُ أ ِ‬
‫َ َ ََ‬
‫ين فِي تَ َو ِاد ُِ ْم‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫{ ُر َح َماءُ بَ ْي نَ ُه ْم} قال صلى الله عليه وسلم " َمثَ ُل ال ُْم ْؤمن َ‬
‫س ِد‬ ‫ْج َ‬
‫ِ‬
‫اعى لَهُ َسائ ُر ال َ‬ ‫ض ٌو تَ َد َ‬‫س ِد إِ َذا ا ْشتَ َكى ِم ْنهُ ُع ْ‬ ‫ِ‬
‫احم ِه ْم‪َ ،‬وتَ َعاطُف ِه ْم َمثَ ُل ال َ‬
‫ْج َ‬
‫وتَر ِ‬
‫ََ ُ‬
‫الس َه ِر والْح َّمى" مسلم‪ .‬وقال «الم ْؤِمن لِلْم ْؤِم ِن َكالْب ْن ي ِ‬
‫ضا»‬ ‫ضهُ بَ ْع ً‬ ‫ش ُّد بَ ْع ُ‬
‫ان يَ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫بِ َّ َ ُ‬
‫َصابِ ِع ِه‪ .‬البخار ومسلم‪.‬‬ ‫ك بَيْ َن أ َ‬ ‫َو َشبَّ َ‬
‫ْجبَاهِ ِم ْن‬ ‫ك "ما يظْ َهر فِي ال ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َسعي ُد بْ ُن ُجبَ ْي ٍر َوَمال ٌ َ َ ُ‬
‫وُ ِهم}‪ :‬قَ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫اُ ْم في ُو ُج ْ‬
‫{سيم ُ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫س َن‪ .‬وقيل نور في اْلخرة‪.‬‬ ‫ْح‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫م‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫اس‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫اب‬ ‫وقال‬ ‫"‬ ‫السج ِ‬
‫ود‬ ‫ُّ‬ ‫َكثْ رةِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك ‪َ -‬رِح َمهُ اللَّهُ‪ ،‬فِي ِرَوايٍَة‬ ‫ام َمالِ ٌ‬ ‫ع ِْ‬
‫اإل َم ُ‬
‫ِ‬
‫ار}‪َ .‬وم ْن َُ ِذهِ ْاْليَِة انْ تَ َز َ‬ ‫{لِيَ ِغي َ ِ‬
‫ظ ب ِه ُم الْ ُك َّف َ‬
‫ال‪ِ :‬ألَنَّ ُه ْم يَِغيظُونَ ُه ْم‪َ ،‬وَم ْن‬ ‫الص َحابَةَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ضو َن َّ‬ ‫ين يُ ْب ِغ ُ‬ ‫الروافِ ِ َّ ِ‬
‫ض الذ َ‬
‫ِ ِ‬
‫َع ْنهُ‪-‬بتَ ْكفي ِر َّ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫الص َحابَةُ فَ ُه َو َكافِ ٌر لِ َه ِذهِ ْاْليَِة‪َ .‬وَوافَ َقهُ طَائَِفةٌ ِم َن ال ُْعلَ َم ِاء َعلَى َذلِ َ‬ ‫ظ َّ‬ ‫غَا َ‬

‫سورة الحجرات‪ :‬مدنية‪.‬‬


‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫الزب ْي ِر‪ :‬أَنَّهُ قَدم رْك ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب م ْن بَني تَم ٍيم َعلَى النَّبِ ِي َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫عن َع ْب َد اللَّه بْ َن ُّ َ‬
‫ِ‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر‪ :‬أ َِم ِر‬
‫َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ال ُع َم ُر‪ :‬بَ ْل أَم ِر ْاألَق َْر َ‬
‫ع بْ َن‬ ‫القعقاع بْ َن َم ْعبد‪َ .‬وقَ َ‬
‫َ‬
‫‪725‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫أردت‬
‫ال عُ َم ُر‪َ :‬ما ُ‬ ‫ت إِلَى ‪-‬أ َْو‪ :‬إََِّل‪ِ -‬خ ََلفِي‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر‪َ :‬ما أ ََر ْد َ‬ ‫س‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َحابِ ٍ‬
‫آمنُوا‬‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫ك‪{ :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬ ‫ت فِي َذلِ َ‬ ‫َص َواتُ ُه َما‪ ،‬فَ نَ َزلَ ْ‬‫تأ ْ‬ ‫اريَا َحتَّى ْارتَ َف َع ْ‬ ‫خَلفَك‪ ،‬فَ تَ َم َ‬
‫ت ْاْليَةُ" البخار ‪.‬‬ ‫ضِ‬ ‫ََل تُ َق ِد ُموا بَ ْي َن يَ َد ِ اللَّ ِه َوَر ُسولِ ِه} َحتَّى انْ َق َ‬
‫س بْ ِن مالِ ٍ‬ ‫َصواتَ ُكم فَ و َق ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ص ْوت النَّبِ ِي} َع ْن أَنَ ِ َ‬ ‫آمنُوا ََل تَ ْرفَ ُعوا أ ْ َ ْ ْ َ‬ ‫ين َ‬ ‫{يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ال‬‫س‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ت بْ َن قَ ْي ٍ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم افْ تَ َق َد ثَابِ َ‬ ‫َن النَّبِ َّي َ‬
‫ضي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬أ َّ‬
‫َ َ‬
‫رِ‬
‫سا َرأْ َسهُ‪،‬‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬أَنَا أَ ْعلَم لَ َ ِ‬
‫ك عل َْمهُ‪ .‬فَأَتَاهُ فَ َو َج َدهُ في بَ ْيته ُمنَك ً‬ ‫ُ‬ ‫َر ُج ٌل‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫ال‪َ :‬شر‪َ ،‬كا َن ي رفَع صوتَهُ فَ و َق ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ص ْوت النَّبِ ِي َ‬ ‫َْ ُ َْ ْ َ‬ ‫ك؟ فَ َق َ‬ ‫ال لَهُ‪َ :‬ما َشأْنُ َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫الر ُج ُل النَّبِ َّي َ‬ ‫ط َع َملُهُ‪ ،‬فَ ُه َو ِم ْن أَ ُْ ِل النَّا ِر‪ .‬فَأَتَى َّ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق ْد َحبِ َ‬
‫شارةٍ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَأَ ْخبَ َرهُ أَنَّهُ قَ َ‬
‫وسى‪ :‬فَ َر َج َع إِلَْيه ال َْم َّرةَ ْاْلخ َرةَ بب َ َ‬ ‫ال ُم َ‬ ‫ال َك َذا َوَك َذا‪ ،‬قَ َ‬
‫َّك ِم ْن أَ ُْ ِل‬ ‫ت ِم ْن أَ ُْ ِل النَّا ِر‪َ ،‬ولَ ِكن َ‬ ‫ك لَ ْس َ‬ ‫ب إِلَْي ِه فَ ُق ْل لَهُ‪ :‬إِنَّ َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫"ا‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َع ِظيم ٍ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ْجن َِّة" البخار ‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫اس ِم ِه‪َ :‬ك ‪ :‬يَا‬ ‫ادوهُ بِ ْ‬ ‫ض} أَ ْ ََل تُنَ ُ‬ ‫ض ُك ْم لِبَ ْع ٍ‬ ‫{وَل تَ ْج َهروا لَهُ بِالْ َقوِل َكج ْه ِر ب ْع ِ‬
‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ول ب ْي نَ ُكم َك ُد َع ِاء ب ْع ِ‬
‫ضا} َوقَ ْد‬ ‫ض ُك ْم بَ ْع ً‬ ‫َ‬ ‫الر ُس ِ َ ْ‬ ‫اء َّ‬ ‫{َل تَ ْج َعلُوا ُد َع َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ُم َح َّم ُد‪َ .‬ك َما قَ َ‬
‫اس ِم ِه‪َ ،‬وإِنَّ َما‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َن اللَّهَ تَ َعالَى ََل يُ َخاطبُهُ في كتَابِه بِ ْ‬ ‫ا ٍ اللَّ ِه َعلَى أ َّ‬ ‫ات ِم ْن كِتَ ِ‬ ‫ت آيَ ٌ‬ ‫َدلَّ ْ‬
‫ول‪ ،‬يَا‬ ‫الر ُس ُ‬ ‫َّوقِي ِر‪َ ،‬ك َق ْولِ ِه‪ :‬يَا أَيُّ َها النَّبِ ُّي‪ ،‬يَا أَيُّ َها َّ‬ ‫اطبه بِما ي ُد ُّل َعلَى الت ِ‬
‫َّعظ ِيم َوالت ْ‬ ‫ْ‬ ‫يُ َخ ُ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫َس َمائِ ِه ْم َك َق ْولِ ِه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَيُّ َها ال ُْم َّزم ُل‪ ،‬يَا أَيُّ َها ال ُْم َّدثُِر‪َ ،‬م َع أَنَّهُ يُنَاد غَ ْي َرهُ م َن ْاألَنْبِيَاء بِأ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫‪-‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫َّ‬
‫َن‬ ‫أ‬ ‫وم‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫يم‬ ‫ادي نَاهُ أَ ْن ياإِب ر ِ‬
‫اُ‬ ‫ن‬‫و‬ ‫اآدم‪ ،‬وقَ ولِ ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوقُلْنَا يَ َ ُ َ ْ َ‬
‫‪:‬‬ ‫ه‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‬ ‫َعلَْي ِه وسلَّم ‪ -‬ب ْع َد وفَاتِِه َكحرمتِ ِه فِي أَيَّ ِام حياتِِه‪ .‬وقَ ْد َش َّد َد ُعمر ر ِ‬
‫َُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َُْ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪َ -‬وقَ َ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫ال‪:‬‬ ‫َص َواتَ ُه َما في َم ْسجده ‪َ -‬‬ ‫َّك َير َعلَى َر ُجلَْي ِن َرفَ َعا أ ْ‬
‫‪726‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫"لَ ْو ُك ْن تُ َما ِم ْن أَ ُْ ِل ال َْم ِدينَ ِة َأل َْو َج َع ْت ُك َما َ‬


‫ض ْربًا‪ ".‬والناس ثَلثة أقسام في حق‬
‫الرسول والحق بين سيئتين سيئة التفريط وسيئة اإلفراط‪.‬‬
‫ط أَ ْعمالُ ُكم وأَنْ تم ََل تَ ْشعرو َن} قال العلماء‪ :‬إ َّن ع َدم ِاَلحتِرا ِز ِمن س ِ‬
‫وء‬ ‫َ َ َْ ْ ُ‬ ‫ُُ‬ ‫{أَ ْن تَ ْحبَ َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫ضي بَِف ِ‬
‫اعلِ ِه إِلَى الْ ُك ْف ِر‪ .‬وقال ابن‬ ‫ ٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم قَ ْد ي ْف ِ‬
‫ُ‬ ‫ْاأل ََد ِ َ َ‬
‫القيم رحمه الله "فحذر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض وليس ُذا بردة بل معصية تحبط العمل‬
‫الر ُج َل لَيَ تَ َكلَّ ُم بِالْ َكلِ َم ِة ِم ْن‬
‫يح‪" :‬إِ َّن َّ‬ ‫الص ِح ِ‬ ‫اء فِي َّ‬ ‫وصاحبها َل يشعر بها" َك َما َج َ‬
‫الر ُج َل لَيَ تَ َكلَّ ُم بِالْ َكلِ َم ِة ِم ْن‬
‫ْجنَّةُ‪َ .‬وإِ َّن َّ‬ ‫ب لَهُ بِ َها ال َ‬
‫ِر ْ ِ َّ ِ‬
‫ض َوان الله ََل يُلقي لَ َها بَاَل يُ ْكتَ ُ‬
‫ض"‬ ‫َس َخط اللَّ ِه ََل يُلقي لَ َها بَ ًاَل يَ ْه ِو بِ َها فِي النَّا ِر أَبْ َع َد َما بَ ْي َن السموات َو ْاألَ ْر ِ‬
‫البخار ‪.‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪ -‬ال ُْم ْش ِع َر‬ ‫احت َر ِام النَّبِ ِي ‪َ -‬‬
‫َن َع َدم ْ ِ‬
‫قال الشنقيطي‪ :‬ا ْعلَ ْم أ َّ َ‬
‫اء‬ ‫ز‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫اف بِِه أَ ِو ِاَل ْستِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ض ِم ْنهُ‪ ،‬أَو تَ ْن ِقيصهُ ‪ -‬صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم ‪ -‬و ِاَل ْستِ‬ ‫بِالْغَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اإل ْس ََلِم َوُك ْف ٌر بِاللَّ ِه‪.‬انتهى‪ .‬وُذا إجماع وقد حققه الشيخ اإلسَلم‬ ‫بِِه ‪ِ -‬ر َّدةٌ َع ِن ِْ‬
‫في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول‪.‬‬
‫ك ِمن ور ِاء الْحجر ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ات} ‪ :‬أعرا ٍ بني تميم‪.‬‬ ‫ادونَ َ ْ َ َ ُ ُ َ‬ ‫قوله {إِ َّن الذ َ‬
‫ين يُنَ ُ‬
‫صيبُوا قَ ْوًما بِ َج َهالَ ٍة‬ ‫َ َ‬
‫{يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا إِ ْن جاء ُكم فَ ِ‬
‫اس ٌق بِنَ بٍإ فَ تَ ب يَّ نُوا أَ ْن تُ ِ‬
‫ََ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ت َُ ِذهِ ْاْليةُ الْ َك ِريمةُ فِي الْولِ ِ‬ ‫اد ِ‬
‫ِ‬
‫يد بْ ِن ُع ْقبَةَ بْ ِن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ز‬‫حوا َعلَى َما فَ َعلْتُ ْم نَ َ َ‬
‫ن‬
‫َ‬ ‫}‬‫ين‬ ‫م‬ ‫صبِ ُ‬
‫فَ تُ ْ‬
‫صطَلِ ِق‪،‬‬ ‫ك بَنِي ال ُْم ْ‬ ‫أَبِي مع ْي ٍط‪ ،‬وقَ ْد أَرسلَهُ النَّبِ ُّي ‪ -‬صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم ‪ -‬إِلَى ملِ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ْ َ‬
‫ض َي اللَّهُ‬ ‫ث أُِم الْم ْؤِمنِين‪ ،‬ر ِ‬ ‫ت الْحا ِر ِ‬ ‫ضرار‪ ،‬والِ ُد جويرية بِْن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْحا ِر ُ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ث بْ ُن َ َ ُ‬ ‫َو ُُ َو ال َ‬
‫‪727‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اف ِم ْن ُه ْم‬ ‫ات أ َْم َوالِ ِه ْم فَ لَ َّما َس ِم ُعوا بِِه تَلَ َّق ْوهُ فَ َر ًحا بِِه‪ ،‬فَ َخ َ‬
‫َع ْن َها_ لِيأْتِي ُهم بِص َدقَ ِ‬
‫ََ ْ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪َ -‬وَز َع َم لَهُ‬ ‫ِ‬
‫َوظَ َّن أَنَّ ُه ْم يُ ِري ُدو َن قَ ْت لَهُ‪ ،‬فَ َر َج َع إِلَى نَبِ ِي اللَّه ‪َ -‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫‪-‬‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ادوا قَ ْت لَه‪ ،‬فَ َق ِدم وفْ ٌد ِ‬
‫م‬ ‫أَنَّ ُه ْم َمنَ ُعوا َّ‬
‫الص َدقَةَ َوأ ََر ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫يد‪ ،‬فَأَنْ َز َل اللَّهُ َُ ِذهِ ْاْليَةَ‪َ ،‬و ُِ َي تَ ُد ُّل َعلَى َع َدِم‬ ‫ ٍ الْولِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َّ‬
‫َو َسل َم ‪ -‬فَأَ ْخبَ ُروهُ ب َكذ َ‬
‫يل اللَّ ِه‬
‫ض َربْ تُ ْم فِي َسبِ ِ‬
‫آمنُوا إِذَا َ‬ ‫اس ِق فِي َخب ِرهِ‪{ .‬يا أَيُّها الَّ ِ‬ ‫يق الْ َف ِ‬
‫ِ‬ ‫صِ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫تَ ْ‬
‫فَ تَ بَ يَّ نُوا}‬

‫يما َن}‪ .‬قال ابن قيم رحمه الله‪:‬‬ ‫ب إِلَْي ُك ُم ِْ‬


‫اإل َ‬ ‫َ ِ َّ‬
‫{ولَك َّن اللهَ َحبَّ َ‬
‫ادتُ ُك ْم لَهُ‪َ ،‬وتَ ْزيِينُهُ فِي قُلُوبِ ُك ْم ِم ْن ُك ْم‪،‬‬‫ان َوإِ َر َ‬ ‫ول س ْبحانَهُ لَم تَ ُكن محبَّ تُ ُكم لِ ِْإليم ِ‬
‫يَ ُق ُ ُ َ ْ ْ َ َ ْ َ‬
‫ك‪ ،‬فَآثَرتُموهُ ور ِ‬
‫ضيتُ ُموهُ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ولَ ِك َّن اللَّه ُو الَّ ِذ جعلَه فِي قُ لُوبِ ُكم َك َذلِ‬
‫ْ ُ ََ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫ض إِلَْي ُك ُم الْ ُك ْف َر والفسوق‬ ‫صيَا َن} أَ ْ ‪َ :‬وبَغَّ َ‬ ‫سو َق َوال ِْع ْ‬ ‫ِ‬
‫{وَك َّرَه إلَْي ُك ُم الْ ُك ْف َر َوالْ ُف ُ‬
‫َ‬
‫َص ُل ال ِْف ْس ِق الخروج‬ ‫اصي‪َ .‬وأ ْ‬ ‫صيا َن و ُِي ج ِميع الْمع ِ‬ ‫ِ‬ ‫وُي‪ :‬الذنو ٍ ال ِ‬
‫ار‪َ .‬والْع ْ َ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ْك‬
‫صى اللَّهُ بِِه‪.‬‬ ‫س َما يُ ْع َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ج‬‫صيا ُن ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اع ِة‪ ،‬وال ِ‬
‫ْع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عن الطَّ‬
‫يما َن َوَزيِْنهُ فِي‬ ‫ب إِلَْي نَا ِْ‬
‫اإل َ‬ ‫كان مما قال صلى الله عليه وسلم يوم أحد "اللَّ ُه َّم َحبِ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪ ".‬رواه أحمد‬ ‫اج َعلْنَا م َن ال َّراشد َ‬ ‫صيَا َن‪َ ،‬و ْ‬ ‫سو َق َوال ِْع ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قُلُوبنَا‪َ ،‬وَك ِرْه إلَْي نَا الْ ُك ْف َر َوالْ ُف ُ‬
‫والنسائي‪.‬‬
‫َصلِ ُحوا بَ ْي نَ ُه َما}‪ُ- .‬ذه اْلية الكريمة‬ ‫ان ِمن الْم ْؤِمنِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين اقْتَ تَ لُوا فَأ ْ‬ ‫{وإِ ْن طَائ َفتَ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫استَ َد َّل‬
‫ال‪َ .‬وبِ َه َذا ْ‬ ‫اُ ْم ُم ْؤِمنِين َم َع ِاَلقْتِتَ ِ‬ ‫س َّم ُ‬
‫َ‬ ‫يستدل على البغاة وحل البغي‪ -‬فَ َ‬

‫‪728‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صيَ ِة َوإِ ْن َعظُ َم ْ‬


‫ان بِالْم ْع ِ‬‫اإليم ِ‬ ‫الْب َخا ِر ُّ وغَي رهُ َعلَى أَنَّه ََل ي ْخر ِ‬
‫ت‪ََ ،‬ل َك َما‬ ‫َ‬ ‫ج م َن ِْ َ‬ ‫ُ َ ُُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ‬
‫ِج َوَم ْن تَابَ َع ُه ْم ِم َن ال ُْم ْعتَ ِزلَ ِة َونَ ْح ِو ُِ ْم‪.‬‬
‫يَ ُقولُهُ الْ َخ َوار ُ‬
‫وُنا القاعدة‪" :‬ارتكا ٍ أخف الضررين"‬
‫ت َع ْب َد اللَّ ِه بْ َن أُبَ ٍي؟‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬لَ ْو أَتَ ْي َ‬ ‫ال‪ :‬قِ ِ‬
‫يل للنَّبِ ِي َ‬‫عن أنس قَ َ َ‬
‫ارا‪َ ،‬وانْطَلَ َق ال ُْم ْسلِ ُمو َن‬ ‫م‬ ‫ح‬‫فَانْطَلَ َق إِلَي ِه نَبِ ُّي اللَّ ِه صلَّى اللَّه َعلَي ِه وسلَّم وركِب ِ‬
‫ُ ْ َ َ َ ََ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال‪:‬‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ض َس ْب َخةٌ‪ ،‬فَ لَ َّما انْطَلَ َق إِلَيْه النَّبِ ُّي َ‬‫شو َن‪َ ،‬و ُِ َي أ َْر ٌ‬ ‫يَ ْم ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يح ِح َما ِر َك" فَ َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫"إِلَْي َ ِ‬
‫صا ِر‪َ :‬واللَّه لَح َم ُ‬
‫ار‬ ‫ال َر ُج ٌل م َن ْاألَنْ َ‬ ‫ك َعني‪ ،‬فَ َواللَّه لََق ْد آذَاني ِر ُ‬
‫ِ‬ ‫ضب لِعب ِد اللَّ ِه ِرج ٌ ِ ِ ِ‬ ‫يحا ِم ْن َ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ب‬‫ال م ْن قَ ْومه‪ ،‬فَ غَض َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪ :‬فَ غَ ِ َ َ ْ‬ ‫ك‪ .‬قَ َ‬ ‫ب ِر ً‬‫َر ُسول الله أَطْيَ ُ‬
‫يد و ْاألَيْ ِد والنِ َع ِ‬ ‫ضر ٍ بِال ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْج ِر َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َكا َن بَ ْي نَ ُه ْم َ ْ ٌ َ‬ ‫َص َحابُهُ‪ ،‬قَ َ‬‫ل ُك ِل َواح ٍد م ْن ُه َما أ ْ‬
‫َصلِ ُحوا بَ ْي نَ ُه َما}‬ ‫ان ِمن الْم ْؤِمنِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَ ب لَغَنَا أَنَّهُ أُنْزلَ ْ ِ‬
‫ين اقْتَ تَ لُوا فَأ ْ‬ ‫{وإِ ْن طَائ َفتَ َ ُ َ‬ ‫ت في ِه ْم‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫البخار ومسلم‪.‬‬
‫ين فِي تَ َو ِاد ُِ ْم‪،‬‬ ‫{إِنَّما الْم ْؤِمنُو َن إِ ْخوةٌ} قال صلى الله عليه وسلم " مثَل الْم ْؤِمنِ‬
‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫س ِد‬
‫ْج َ‬
‫ِ‬
‫اعى لَهُ َسائ ُر ال َ‬ ‫س ِد إِ َذا ا ْشتَ َكى ِم ْنهُ ُع ْ‬
‫ض ٌو تَ َد َ‬ ‫ِ‬ ‫وتَر ِ‬
‫احم ِه ْم‪َ ،‬وتَ َعاطُف ِه ْم َمثَ ُل ال َ‬
‫ْج َ‬ ‫ََ ُ‬
‫الس َه ِر والْح َّمى" مسلم‪ .‬وقال «الم ْؤِمن لِلْم ْؤِم ِن َكالْب ْن ي ِ‬
‫ضا»‬ ‫ضهُ بَ ْع ً‬‫ش ُّد بَ ْع ُ‬ ‫ان يَ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫بِ َّ َ ُ‬
‫َصابِ ِع ِه‪ .‬البخار ومسلم‪ .‬فأخوة الدين أقوى من أخوة النسب وفي‬ ‫ك بَيْ َن أ َ‬ ‫َو َشبَّ َ‬
‫ذلك مقتضى األخوة وموجبها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫َّاس‪،‬‬ ‫وم ِم ْن قَ ْوم} يَ ْن َهى تَ َعالَى َع ِن ُّ‬
‫الس ْخ ِريَِة بِالن ِ‬ ‫آمنُوا ََل يَ ْس َخ ْر قَ ٌ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫{يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫َعو ُذ بِاللَّ ِه أَ ْن أَ ُكو َن ِم َن‬ ‫ارُُ ْم َو ِاَل ْستِ ْه َزاءُ بِ ِه ْم‪ ،‬ألنها من الجهل { قَ َ‬
‫ال أ ُ‬ ‫و ُُو ْ ِ‬
‫احت َق ُ‬ ‫َ َ‬
‫ين}‬ ‫اُلِ‬
‫الْج ِ‬
‫َ َ‬
‫‪729‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫سوا َوَل‬ ‫سُ‬ ‫ض الظَّ ِن إِثْ ٌم َوَل تَ َج َّ‬ ‫اجتَنِبُوا َكثِ ًيرا م َن الظَّ ِن إِ َّن بَ ْع َ‬ ‫آمنُوا ْ‬ ‫ين َ‬ ‫{يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫َخ ِيه َم ْي تًا فَ َك ِر ُْتُ ُموهُ َواتَّ ُقوا‬‫ب أَح ُد ُكم أَ ْن يأْ ُكل لَحم أ ِ‬ ‫ض ُكم ب ْع ً ِ‬
‫ضا أَيُح ُّ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ب بَ ْع ُ ْ َ‬ ‫يَ ْغتَ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ول اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ي‬‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫َ‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫}‬ ‫يم‬ ‫ح‬‫اللَّه إِ َّن اللَّه تَ َّوا ٍ رِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ٌ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫سوا‪" ..‬‬ ‫وسلَّم‪" :‬إِيَّا ُكم والظَّ َّن فَِإ َّن الظَّ َّن أَ ْك َذ ٍ الْح ِد ِ‬
‫سُ‬ ‫سوا َوََل تَ َح َّ‬ ‫سُ‬ ‫يث‪َ ،‬وََل تَ َج َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫ََ َ‬
‫الحديث‪َ .‬رَواهُ الْبُ َخا ِر ُّ َوُم ْسلِ ٌم‬
‫سس غَالِبا يطْلَ ُق فِي َّ ِ‬ ‫سسوا} أَ ‪َ :‬علَى ب ْع ِ‬
‫الش ِر‪َ ،‬وم ْنهُ‬ ‫َّج ُّ ُ ً ُ‬ ‫ضا‪َ .‬والت َ‬ ‫ض ُك ْم بَ ْع ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫{وَل تَ َج َّ ُ‬ ‫َ‬
‫وس‪ .‬وقد يكون كبيرة أو كفرا‪.‬‬ ‫اس ُ‬ ‫ْج ُ‬
‫ال َ‬
‫َّم‪َ ،‬وِم ْن ُكسى ثَ ْوبًا‬ ‫ِ َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"م ْن أَ َك َل ب َر ُج ٍل ُم ْسل ٍم أُ ْكلَةً فَإ َّن اللهَ يُطْع ُمهُ مثْ لَ َها في َج َهن َ‬ ‫َ‬
‫سمعة َوِريَ ٍاء‬
‫بِرج ٍل مسلِ ٍم فَِإ َّن اللَّهَ ي ْكسوهُ ِمثْ لَهُ فِي جهنَّم‪ .‬ومن قَام بِرج ٍل م َقام ٍ‬
‫َ َ َ ََ ْ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ ُ ْ‬
‫ام ُس ْم َع ٍة َوِريَ ٍاء يَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة" رواه أبو داود‪.‬‬ ‫فَِإ َّن اللَّهَ ي ُق ِ‬
‫وم بِه َم َق َ‬ ‫َ ُ‬
‫يما ُن قلبه‪َ ،‬ل‬ ‫سانِِه َولَ ْم يَ ْد ُخ ِل ِْ‬ ‫ِِ‬
‫اإل َ‬ ‫آم َن بل َ‬ ‫ش َر َم ْن َ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم "يا َم ْع َ‬
‫تغتابوا المسلمين‪ ،‬وَل تتبعوا عوراتهم‪ ،‬فَِإنَّهُ َم ْن يَ ْت بَ ْع َع ْوَراتِ ِه ْم يَ ْت بَ ِع اللَّهُ َع ْوَرتَهُ َوَم ْن‬
‫ض ْحهُ فِي بَ ْيتِ ِه"‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬ ‫يَ ْت بَ ِع اللَّهُ َع ْوَرتَهُ يَ ْف َ‬
‫اك بِ َما‬‫َخ َ‬‫"ذ ْك ُر َك أ َ‬‫ال‪ِ :‬‬ ‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬ما ال ِْغيبَةُ؟ قَ َ‬ ‫يل‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ال‪ :‬قِ‬ ‫ِ‬
‫َع ْن أَبي ُُ َريْ َرةَ قَ َ َ‬
‫ول فَ َق ِد‬ ‫ال‪" :‬إِ ْن َكا َن فِ ِيه َما تَ ُق ُ‬ ‫ول؟ قَ َ‬ ‫َخي َما أَقُ ُ‬ ‫ت إِ ْن َكا َن فِي أ ِ‬ ‫يل‪ :‬أَفَ َرأَيْ َ‬ ‫ِ‬
‫يَ ْك َرهُ"‪ .‬ق َ‬
‫ول فَ َق ْد بَ َهتَّهُ"‪َ .‬رَواهُ التِ ْرِم ِذ ُّ وأبو داود‪.‬‬ ‫ا ْغتَ ْب تَهُ‪َ ،‬وإِ ْن لَ ْم يَ ُك ْن فِ ِيه َما تَ ُق ُ‬
‫َس َفا ِر‪َ ،‬وَكا َن َم َع‬ ‫ضها ب ْع ً ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س بْ ِن مالِ ٍ‬
‫ضا في ْاأل ْ‬ ‫ ٍ تَ ْخد ُم بَ ْع ُ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬كانَت ال َْع َر ُ‬ ‫ك قَ َ‬ ‫َع ِن أَنَ ِ َ‬
‫ِ‬
‫استَ ْي َقظَا َولَ ْم يُ َهيِ ْئ لَ ُه َما طعاما‪ ،‬فقاَل‬ ‫أَبِي بكر وعمر ما َر ُج ٌل يَ ْخد ُم ُه َما‪ ،‬فَ نَ َاما فَ ْ‬
‫ول اللَّ ِه فَ ُق ْل لَهُ‪ :‬إِ َّن أَبَا بَ ْك ٍر َو ُع َم َر‬‫ت َر ُس َ‬ ‫إن ُذا لنؤوم‪ ،‬فَأَيْ َقظَاهُ‪ ،‬فَ َق َاَل لَهُ‪ :‬ائْ ِ‬
‫‪730‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫ك‪ .‬فَ َق َ ِ‬ ‫الس ََل َم‪َ ،‬ويَ ْستَأْ ِد َمانِ َ‬ ‫يُ ْق ِرئَانِ َ‬
‫ول‬
‫اءا فَ َق َاَل يَا َر ُس َ‬ ‫ال‪" :‬إنَّ ُه َما قَد ائْ تَ َد َما" فَ َج َ‬ ‫ك َّ‬
‫َخي ُك َما‪َ ،‬والَّ ِذ نَ ْف ِسي بِيَ ِدهِ‪ ،‬إِنِي َأل ََرى‬ ‫ال‪" :‬بِلَح ِم أ ِ‬
‫ْ‬ ‫اللَّ ِه‪ ،‬بِأَ ِ َش ْي ٍء ائْ تَ َد ْمنَا؟ فَ َق َ‬
‫ال‪ُ " :‬م َراه فَ لْيَ ْستَ ْغ ِف ْر‬
‫ول اللَّ ِه فَ َق َ‬ ‫استَ ْغ ِف ْر لَنَا يَا َر ُس َ‬ ‫لَ ْح َمهُ بَ ْي َن ثَنَايَا ُك َما"‪ .‬فَ َق َاَل ْ‬
‫ارةِ" وصححه األلباني‪.‬‬ ‫لَ ُك َما" "ال ُْم ْختَ َ‬
‫ارفُوا إِ َّن‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫{يا أَيُّها النَّاس إِنَّا َخلَ ْقنَا ُكم ِمن ذَ َك ٍر وأُنْ ثَى وجعلْنَا ُكم ُشعوبا وقَ بائِل لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ ََ ْ ُ ً َ َ َ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى‬ ‫يم َخبِ ٌير } َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬ ‫أَ ْك َرَم ُك ْم ع ْن َد اللَّه أَتْ َقا ُك ْم إِ َّن اللَّهَ َعل ٌ‬
‫صلُو َن بِِه أَرحام ُكم؛ فَِإ َّن ِ‬ ‫ال‪" :‬تَ علَّموا ِمن أَنْسابِ ُكم ما تَ ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَةَ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم قَ َ َ ُ ْ َ ْ َ‬
‫سأَةٌ فِي ْاألَثَ ِر"‪ .‬رواه الترمذ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الرح ِم َم َحبَّةٌ في ْاألَ ُْ ِل‪َ ،‬مثْ َراةٌ في ال َْمال‪َ ،‬م ْن َ‬
‫َّاس أَ ْك َرُم؟‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ :‬أَ ُّ الن ِ‬ ‫ال‪ :‬سئِل رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ قَ َ ُ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫اُ ْم" البخار ‪.‬‬ ‫ال‪" :‬أَ ْك َرُم ُه ْم ع ْن َد اللَّ ِه أَتْ َق ُ‬ ‫قَ َ‬
‫ا ٍ‪َ ،‬ولَيَ ْن تَ ِهيَ َّن قَ ْوٌم يَ ْف َخ ُرو َن بِآبَائِ ِه ْم‪ ،‬أ َْو‬‫آد ُم ُخلِ َق ِم ْن تُر ٍ‬ ‫آد َم‪َ .‬و َ‬ ‫" ُكلُّ ُك ْم بَنُو َ‬
‫َ‬
‫الج ْعَلن"‪ .‬مسند البزار‪.‬‬ ‫لَي ُكونُ َّن أَ ُْو َن َعلَى اللَّ ِه ِمن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّاس يَ ْوَم فَ ْت ِح َم َّكةَ‪،‬‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫َع ْن ابْ ِن ُع َم َر‪ ،‬أ َّ‬
‫ب الن َ‬ ‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم َخطَ َ‬ ‫َن َر ُس َ‬
‫اُلِيَّ ِة َوتَ َعاظُ َم َها بِآبَائِ َها‪،‬‬ ‫ال‪ " :‬يا أَيُّها النَّاس‪ ،‬إِ َّن اللَّه قَ ْد أَ ْذُب َع ْن ُكم ُعبِيَّةَ الج ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فَ َق َ َ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس بَنُو‬‫يم َعلَى الله‪َ ،‬وفَاج ٌر َشقي َُي ٌن َعلَى الله‪َ ،‬والن ُ‬ ‫َّاس َر ُج ََلن‪ :‬بَر تَقي َك ِر ٌ‬ ‫فَالن ُ‬
‫َّاس إِنَّا َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَ َك ٍر‬‫ال اللهُ‪{ :‬يَا أَيُّ َها الن ُ‬
‫ا ٍ "‪ ،‬قَ َ َّ‬ ‫آد َم ِم ْن تُر ٍ‬
‫َ‬ ‫آد َم‪َ ،‬و َخلَ َق اللَّهُ َ‬ ‫َ‬
‫يم‬ ‫وأُنْ ثَى وجعلْنَا ُكم ُشعوبا وقَ بائِل لِت عارفُوا إِ َّن أَ ْكرم ُكم ِع ْن َد اللَّ ِه أَتْ َقا ُكم إِ َّن اللَّه َعلِ‬
‫َ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ َ ََ ْ ُ ً َ َ َ ََ َ‬
‫َخبِ ٌير} الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬

‫‪731‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اإليما ُن فِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َسلَ ْمنَا َولَ َّما يَ ْد ُخ ِل َ‬ ‫آمنَّا قُ ْل لَ ْم تُ ْؤمنُوا َولَك ْن قُولُوا أ ْ‬ ‫ا ٍ َ‬ ‫{قَالَت األ ْع َر ُ‬
‫ين‪َ ،‬وإِنَّ َما ُُ ْم‬ ‫قُلُوبِ ُكم} ‪ُ َُ .‬ؤََل ِء ْاألَ ْعرا ٍ الْم ْذ ُكوِرين فِي َُ ِذهِ ْاْلي ِة لَي ِ ِ ِ‬
‫سوا ب ُمنَافق َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫َّع ْوا ِألَنْ ُف ِس ِه ْم َم َق ًاما أَ ْعلَى ِم َّما‬
‫يما ُن فِي قُلُوبِ ِه ْم‪ ،‬فَاد َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإل‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫مسلِمو َن لَم يستَح ِ‬
‫ك‬ ‫ُْ ُ َْْ ْ‬
‫ض ُحوا‪َ ،‬ك َما ذُكِ َر‬ ‫ك‪ .‬ولَو َكانُوا منَافِ ِقين لَعنِ ُفوا وفُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫صلُوا إِلَْيه‪ ،‬فَأُدبُوا في َذل َ َ ْ‬ ‫َو َ‬
‫ورةِ بَ َراءَةَ‪َ .‬وإِنَّ َما قِي َل لِ َه ُؤََل ِء تَأْ ِديبًا‪{ :‬قُ ْل لَ ْم تُ ْؤِمنُوا َولَ ِك ْن قُولُوا‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫الْمنَافِ ُقو َن فِ‬
‫ُ‬
‫اإليم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان بَ ْع ُد‪.‬‬ ‫اإليما ُن في قُلُوب ُك ْم} أَ ْ ‪ :‬لَ ْم تَصلُوا إِلَى َحقي َقة ِْ َ‬ ‫َسلَ ْمنَا َولَ َّما يَ ْد ُخ ِل َ‬ ‫أْ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَ ْعطَى َر ُْطًا َو َس ْع ٌد‬ ‫َن رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬
‫ٍ ِ‬
‫َع ْن َس ْعد َرض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬أ َّ َ ُ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َر ُج ًَل ُُ َو أَ ْع َجبُ ُه ْم إِلَ َّي‪ ،‬فَ ُقل ُ‬ ‫جالِس‪ ،‬فَ تَ ر َك رس ُ ِ‬
‫ْت‪ :‬يَا‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َ ٌ َ َُ‬
‫ال‪« :‬أ َْو ُم ْسلِ ًما»‬ ‫ك َع ْن فَُلَ ٍن فَ َواللَّ ِه إِنِي َأل ََراهُ ُم ْؤِمنًا‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ول اللَّ ِه َما لَ َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫البخار ‪.‬‬
‫ض َواللَّهُ بِ ُك ِل‬ ‫ات َوَما فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫{قُ ْل أَتُ َعل ُمو َن اللَّهَ بدين ُك ْم َواللَّهُ يَ ْعلَ ُم َما في َّ َ َ‬
‫س ُك ْم ُُ َو أَ ْعلَ ُم بِ َم ِن اتَّ َقى}‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫َن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫وا‬‫ك‬‫ُّ‬
‫ز‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫{‬ ‫}‬ ‫يم‬ ‫َشي ٍء َعلِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬

‫سورة ق مكية‪ :‬عن البعث والقيامة وأهوالها‪.‬‬


‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫َل أَبا واقِ ٍد اللَّيثِ َّي‪ :‬ما َكا َن رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ا ٍ َسأ َ َ َ‬ ‫َن ُع َمر بْ َن الْ َخطَّ ِ‬
‫أ َّ َ‬
‫ت‪َ .‬وَرَواهُ ُم ْسلِم‪.‬وكان يقرءُا في صَلة‬ ‫اف‪َ ،‬واقْتَ َربَ ْ‬ ‫ال‪ :‬بَِق ٍ‬ ‫وسلَّم يقرأ فِي ال ِْع ِ‬
‫يد؟ قَ َ‬ ‫ََ َ‬
‫َّاس‪َ .‬رَواهُ ُم ْسلِ ٌم‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ب‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫الفجر‪ .‬و " َكا َن ي ْقرُؤ َُا ُك َّل ي وِم جمع ٍة َعلَى ال ِ‬
‫ْم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ ُ َ‬ ‫ََ‬
‫ك}‬ ‫ك َولَِق ْوِم َ‬‫{وإِنَّهُ لَ ِذ ْك ٌر لَ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫{ق َوالْ ُق ْرآن ال َْمجيد} َ‬

‫‪732‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يب} أَ ْ ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال الْ َكاف ُرو َن َُ َذا َش ْيءٌ َعج ٌ‬ ‫اء ُُ ْم ُم ْن ِذ ٌر ِم ْن ُه ْم فَ َق َ‬ ‫ِ‬
‫{بَ ْل َعجبُوا أَ ْن َج َ‬
‫َّاس َع َجبًا أَ ْن‬ ‫ش ِر َك َق ْولِ ِه تَ َعالَى‪{ :‬أَ َكا َن لِلن ِ‬ ‫ول إِلَْي ِه ْم ِم َن الْبَ َ‬ ‫ال ر ُس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَ َع َّجبُوا م ْن إِ ْر َس َ‬
‫َّاس} ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫أَوحي نَا إِلَى رج ٍل ِم ْن هم أَ ْن أَنْ ِ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫َُ ُ ْ‬ ‫ْ َْ‬
‫ب قَ ْولُ ُه ْم أَإِ َذا ُكنَّا تُ َرابًا‬‫ب فَ َع َج ٌ‬
‫ِ‬
‫ك َر ْج ٌع بَعي ٌد} { َوإِ ْن تَ ْع َج ْ‬ ‫{ أَئِ َذا ِم ْت نَا َوُكنَّا تُ َرابًا َذلِ َ‬
‫يد}‬‫أَإِنَّا لَِفي َخل ٍْق ج ِد ٍ‬
‫َ‬
‫ات‬‫السمو ِ‬
‫ْق َّ َ َ‬ ‫َّاُا} {لَ َخل ُ‬‫اُا َوَزيَّن َ‬‫ف بَنَ ْي نَ َ‬‫الس َم ِاء فَ ْوقَ ُه ْم َك ْي َ‬ ‫{أَفَ لَ ْم يَ ْنظُُروا إِلَى َّ‬
‫ض أَ ْكبَ ُر ِم ْن َخل ِْق الن ِ‬
‫َّاس}‬ ‫األر ِ‬
‫َو ْ‬
‫ول ِ‬
‫الله‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫وج } َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‪ ،‬قَ َ‬ ‫ك الْ ُخ ُر ُ‬ ‫َحيَ ْي نَا بِِه بَلْ َد ًة َم ْي تًا َك َذلِ َ‬
‫{ َوأ ْ‬
‫اء‬ ‫صلَّى الله علَي ِه وسلَّم‪« :‬ما ب ين النَّ ْف َخت ي ِن أَرب عون‪....‬ثُ َّم ي ْن ِز ُل الله ِمن َّ ِ‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َْ ُ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫ان َش ْيءٌ إََِّل يَ ْب لَى‪ ،‬إََِّل َعظ ًْما‬ ‫اإلنْس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪« :‬ولَيس ِ‬
‫ت الْبَ ْق ُل» قَ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫فَ يَ ْن بُ تُو َن‪َ ،‬ك َما يَ ْن بُ ُ‬
‫ْق يَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة» البخار ومسلم‪.‬‬ ‫الذنَ ِ ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫ب الْ َخل ُ‬ ‫ب‪َ ،‬وم ْنهُ يُ َرَّك ُ‬ ‫َواح ًدا‪َ ،‬و ُُ َو َع ْج ُ‬
‫اء‬ ‫م‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫أ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ُ‬‫ث‬ ‫‪،‬‬ ‫الر َج ِ‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫ش َكمنِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْع‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬‫وفي رية للبيهقي "ثُ َّم ي ْن ِز ُل ماء ِمن تَ ْح ِ‬
‫ُ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌَ ْ‬
‫يث‪ ،‬أَو َكنَ ب ِ‬
‫ات‬ ‫ات الطَّراثِ ِ‬ ‫ت َكنَ ب ِ‬ ‫ين يَ ْوًما‪َ ،‬ويَأْ ُم ُر ْاأل ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫اد أَ ْن تَ ْن بُ َ َ‬ ‫سَ‬ ‫َج َ‬ ‫أَ ْن تُ ْمط َر أ َْربَع َ‬
‫ال‪.‬‬‫اده َم َق ٌ‬ ‫الْب ْق ِل" قال وفِي إِسنَ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫{ َوقَ ْوُم تُبَّ ٍع} "أتبع كان نبيا أم َل"‬
‫يد} للسلف رحمهم الله في ُذه اْلية‬ ‫وقَ ولُه‪{ :‬ونَحن أَقْر ٍ إِلَي ِه ِمن حب ِل الْوِر ِ‬
‫َ ْ ُ َ ْ ُ َ ُ ْ ْ َْ َ‬
‫تفسيران األول‪ :‬أن الضمير نَ ْح ُن يعود إلى الله تعالى وجيء بهذا الضمير بلفظ‬
‫نَ ْح ُن على سبيل التعظيم‪ .‬وُذا قر ٍ علمه ‪َ-‬ل قر ٍ ذاته كما تقوله المجسمة‬

‫‪733‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سهُ} وقوله‬ ‫والمعطلة‪ -‬وُذا دلت عليه قرائن منها قوله {ونَ ْعلَم ما تُوس ِو ِِ‬
‫س به نَ ْف ُ‬ ‫َ ُ َْ ُ‬
‫يان}‬‫{إِ ْذ ي تَ لَ َّقى الْمتَ لَ ِق ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال تعالى في ال ُْم ْحتَض ِر‪َ :‬‬
‫{ونَ ْح ُن‬ ‫الثاني‪ :‬أن الضمير ُنا يعود إلى المَلئكة َك َما قَ َ‬
‫ص ُرو َن}‪ ،‬يَ ْعنِي َم ََلئِ َكتَهُ‪ .‬وكما قال {نَ ْح ُن نَ ُق ُّ‬
‫ص‬ ‫أَقْر ٍ إِلَْي ِه ِم ْن ُكم ولَ ِكن ََل تُ ْب ِ‬
‫َْ ْ‬ ‫َُ‬
‫ك } {فَِإذَا قَ َرأْنَاهُ فَاتَّبِ ْع قُ ْرآنَهُ}‬ ‫َعلَْي َ‬
‫ك‬‫ال قَ ِعي ٌد} فَأ ََّما الَّ ِذ َع ْن يَ ِمينِ َ‬
‫الشم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{إِ ْذ يَتَ لَ َّقى ال ُْمتَ لَقيَان َع ِن الْيَمي ِن َو َع ِن َ‬
‫ك " إن صاحب الشمال‬ ‫ظ َسيِئَاتِ َ‬ ‫سا ِر َك فَ يَ ْح َف ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ذ‬‫ك‪ ،‬وأ ََّما الَّ ِ‬ ‫ظ حسنَاتِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَ يَ ْح َف ُ َ َ‬
‫ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسيء‪ ،‬فإن ندم‬
‫واستغفر الله منها ألقاُا وإَل كتب واحدة "‪ .‬رواه الطبراني في " الكبير "‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم "فَل يبزقن أحدكم في قبلته وَل يبزقن عن يمينه‪،‬‬
‫فإن كاتب الحسنات عن يمينه ولكن ليبزقن عن يساره "‪ .‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫ت س َكر ٍ‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات» البخار ‪.‬‬ ‫ْح ِق} «َلَ إلَهَ إََّل اللهُ‪ ،‬إ َّن لل َْم ْو َ َ‬ ‫ت َس ْك َرةُ ال َْم ْوت بِال َ‬ ‫اء ْ‬ ‫{ َو َج َ‬
‫ض َي‬‫الش ْيطَا ُن لَ َّما قُ ِ‬
‫ال َّ‬ ‫{وقَ َ‬ ‫ال قَ ِرينُهُ ربَّنَا ما أَطْغَي تُهُ ولَ ِكن َكا َن فِي َ ٍ ِ ٍ‬
‫ضَلل بَعيد} َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ‬ ‫{قَ َ‬
‫األم ُر إِ َّن اللَّ َه َو َع َد ُك ْم َو ْع َد ال َ‬
‫ْح ِق َوَو َع ْدتُ ُك ْم فَأَ ْخلَ ْفتُ ُك ْم}‬ ‫ْ‬
‫ول ُل ِمن م ِز ٍ‬ ‫ِ‬ ‫س{ي وم نَ ُق ُ ِ‬
‫ول‪:‬‬
‫َّم تَ ُق ُ‬
‫ال َج َهن ُ‬ ‫يد} " َلَ تَ َز ُ‬ ‫َّم َُ ِل ْامتََلت َوتَ ُق ُ َ ْ ْ َ‬ ‫ول ل َج َهن َ‬ ‫َْ َ‬
‫ط قَ ْ ِ‬
‫ك‪َ ،‬ويُ ْزَوى‬ ‫ط َو ِع َّزت َ‬ ‫ول‪ :‬قَ ْ‬ ‫الع َّزةِ فِ َيها قَ َد َمهُ‪ ،‬فَ تَ ُق ُ‬
‫ ٍ ِ‬ ‫ض َع َر ُّ‬‫يد‪َ ،‬حتَّى يَ َ‬ ‫َُل ِمن م ِز ٍ‬
‫ْ َْ‬
‫ود} " ي ْؤتَى بِالْمو ِ‬ ‫ك ي وم الْ ُخلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض " مسلم‪{ .‬ا ْد ُخلُ َ ِ‬
‫ت‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫س ََلٍم َذل َ َ ْ ُ‬ ‫وُا ب َ‬ ‫ض َها إِلَى بَ ْع ٍ‬ ‫بَ ْع ُ‬
‫ول‪:‬‬‫الجن َِّة‪ ،‬فَ يَ ْش َرئِبُّو َن َويَ ْنظُُرو َن‪ ،‬فَ يَ ُق ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ٍ أ َْملَ َح‪ ،‬فَ يُ نَاد ُمنَاد‪ :‬يَا أَ ُْ َل َ‬ ‫َك َه ْي ئَ ِة َكبْ ٍ‬
‫‪734‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت‪ ،‬وُكلُّهم قَ ْد رآهُ‪ ،‬ثُ َّم ي نَ ِ‬


‫اد ‪ :‬يَا أَ ُْ َل‬ ‫ُ‬ ‫الم ْو ُ َ ُ ْ َ‬ ‫َُ ْل تَ ْع ِرفُو َن َُ َذا؟ فَ يَ ُقولُو َن‪ :‬نَ َع ْم‪َ َُ ،‬ذا َ‬
‫وُ ْل تَ ْع ِرفُو َن َُ َذا؟ فَ يَ ُقولُو َن‪ :‬نَ َع ْم‪َ َُ ،‬ذا‬‫ول‪َ :‬‬ ‫النَّا ِر‪ ،‬فَ يَ ْش َرئِبُّو َن َويَ ْنظُُرو َن‪ ،‬فَ يَ ُق ُ‬
‫ت‪َ ،‬ويَا أَ ُْ َل‬ ‫الجن َِّة ُخلُو ٌد فََلَ َم ْو َ‬
‫ول‪ :‬يَا أَ ُْ َل َ‬ ‫ت‪َ ،‬وُكلُّ ُه ْم قَ ْد َرآهُ‪ ،‬فَ يُ ْذبَ ُح ثُ َّم يَ ُق ُ‬ ‫الم ْو ُ‬
‫َ‬
‫ض َي األ َْم ُر َو ُُ ْم فِي‬ ‫ت‪ ،‬ثُ َّم قَ رأَ‪{ :‬وأَنْ ِذرُُم ي وم الحسرةِ إِ ْذ قُ ِ‬ ‫النَّا ِر ُخلُو ٌد فََلَ َم ْو َ‬
‫َ َ ْ ْ َْ َ َ ْ َ‬
‫{و ُُ ْم َلَ يُ ْؤِمنُو َن} " البخار ومسلم‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫الد‬ ‫ل‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫غَ ْفلَ ٍة}‪ ،‬و َُ ُؤَلَ ِء فِي غَ ْفلَ ٍ‬
‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اصبِ ْر‬ ‫ْح ْسنَى َوِزيَ َ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ادةٌ} {فَ ْ‬ ‫سنُوا ال ُ‬ ‫َح َ‬ ‫{ولَ َديْ نَا َم ِزي ٌد} َك َق ْوله تَ َعالَى‪{ :‬للذ َ‬
‫ين أ ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫و ٍ} {واستعينوا‬ ‫س َوقَ ْبل الْغُر ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الش‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ُ‬‫ل‬‫ط‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َعلَى َما يَ ُقولُو َن و َسبِ ْح بِ َح ْم ِد ربِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اُ ٍد‪َ ،‬ع ِن ابْ ِن‬ ‫ال اب ِن أَبِي نَ ِجيح‪َ ،‬عن مج ِ‬ ‫بالصبر والصلوة} {وأَ ْدبار ُّ ِ‬
‫ْ َُ‬ ‫الس ُجود} قَ َ ْ‬ ‫َ ََ‬
‫الص ََلةِ‪.‬‬
‫يح بَ ْع َد َّ‬ ‫َّسبِ ُ‬
‫اس‪َ ُُ :‬و الت ْ‬ ‫َعبَّ ٍ‬
‫الله فِي ُدبُ ِر‬ ‫َويُ َؤيِ ُد َُ َذا حديث أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم " َم ْن َسبَّ َح َ‬
‫ك‬‫ين‪ ،‬فَ ْتلِ َ‬ ‫ِ‬
‫ين‪َ ،‬وَكبَّ َر اللهَ ثَََلثًا َوثَََلث َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪َ ،‬و َحم َد اللهَ ثَََلثًا َوثَََلث َ‬
‫ِ‬ ‫ُك ِل ٍ‬
‫ص ََلة ثَََلثًا َوثَََلث َ‬ ‫َ‬
‫ْك‬‫يك لَهُ‪ ،‬لَهُ ال ُْمل ُ‬ ‫ام ال ِْمائَِة‪ََ :‬ل إِلَهَ إََِّل اللهُ َو ْح َدهُ ََل َش ِر َ‬ ‫ال‪ :‬تَ َم َ‬ ‫تِ ْس َعةٌ َوتِ ْس ُعو َن‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ت ِمثْ َل َزبَ ِد الْبَ ْح ِر "‬ ‫ت َخطَايَاهُ َوإِ ْن َكانَ ْ‬ ‫ْح ْم ُد َو ُُ َو َعلَى ُك ِل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير غُ ِف َر ْ‬ ‫َولَهُ ال َ‬
‫مسلم‬
‫ت َعلَْي ِه ْم بِ َجبَّا ٍر} {لست عليهم بمسيطر} {َل إكراه في الدين}‬
‫{وَما أَنْ َ‬
‫َ‬
‫سورة الذيات مكية‬
‫موضعات سور المكية كالبعث‪.‬‬
‫ْح ْس ِن [ ِم ْن‬ ‫ْجم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ابْ ُن َعبَّ ٍ‬ ‫ات الْحب ِ‬ ‫السم ِاء َذ ِ‬
‫ال َوال ُ‬ ‫ات الْبَ َهاء َوال َ َ‬ ‫اس‪َ :‬ذ ُ‬ ‫ك} قَ َ‬ ‫ُُ‬ ‫{و َّ َ‬‫َ‬
‫ص ِفي َقةٌ‪َ ،‬ش ِدي َدةُ الْبِنَ ِاء] َو ِاَل ْستِ َو ِاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُح ْسن َها ُم ْرتَف َعةٌ َش َّفافَةٌ َ‬
‫‪735‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضال فِي نَ ْف ِس ِه؛ {فَِإنَّ ُك ْم َوَما‬ ‫ج َعلَى َم ْن ُُ َو َ‬ ‫ك} أَ ْ ‪ :‬إِنَّ َما يُ َرَّو ُ‬ ‫ك َع ْنهُ َم ْن أُفِ َ‬ ‫{يُ ْؤفَ ُ‬
‫ْج ِح ِيم}‬‫ال ال َ‬ ‫صِ‬ ‫ين إَِل َم ْن ُُ َو َ‬
‫ِ ِ ِِ‬
‫تَ ْعبُ ُدو َن َما أَنْ تُ ْم َعلَْيه ب َفاتن َ‬
‫ك َعلَى قَ ْولَْي ِن‪:‬‬ ‫ف ال ُْم َف ِس ُرو َن فِي ذَلِ َ‬ ‫{ َكانُوا قَلِيَل ِم َن اللَّْي ِل َما يَ ْه َج ُعو َن} ‪ ،‬ا ْختَ لَ َ‬
‫"ما" نَافِيَةٌ‪ ،‬تَ ْق ِد ُيرهُ‪َ :‬كانُوا قَلِ ًيَل ِم َن اللَّْي ِل ََل يَ ْه َج ُعونَهُ‪ ،‬ويصدق فيه‬ ‫َح ُد ُُ َما‪ :‬أَ ْن َ‬ ‫أَ‬
‫ص َد ِريَّةٌ‪ ،‬تَ ْق ِد ُيرهُ‪َ :‬كانُوا قَلِ ًيَل ِم َن اللَّْي ِل‬ ‫"ما" َم ْ‬ ‫َن َ‬ ‫صَلة الليل‪َ .‬والْ َق ْو ُل الثَّانِي‪ :‬أ َّ‬
‫ارهُ ابْ ُن َج ِري ٍر‪.‬وُذا في صَلة الليل‪ ،‬ويجمع بين ُذا‬ ‫وع ُه ْم َونَ ْوُم ُه ْم‪َ .‬وا ْختَ َ‬
‫ُُ ُج ُ‬
‫وبين األحاديث التى تسن النوم في أكثر الليل‪ :‬أن صَلة المغر ٍ والعشاء‬
‫والصبح وما تيسر من صَلة الليل تكثر على بقية الليل‪ { .‬تَ تَ َجافَى ُجنُوبُ ُه ْم َع ِن‬
‫ول اللَّ ِه‬‫ال َع ْب ُد اللَّ ِه بْ ُن َس ََلٍم‪ :‬لَ َّما قَ ِد َم َر ُس ُ‬ ‫اج ِع يَ ْد ُعو َن َربَّ ُه ْم َخ ْوفًا } َوقَ َ‬ ‫ضِ‬ ‫ال َْم َ‬
‫يم ِن انْ َج َف َل‪ .‬فَ لَ َّما‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَي ِه وسلَّم الْم ِدينَةَ‪ ،‬انْج َفل النَّاس إِلَي ِه‪ ،‬فَ ُك ْن ُ ِ‬
‫تف َ‬ ‫َ َ ُ ْ‬ ‫ْ ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫ول‪:‬‬‫ا ٍ‪ ،‬فَ َكا َن أ ََّو َل َما َس ِم ْعتُهُ يَ ُق ُ‬ ‫َن َو ْج َههُ لَْيس بَِو ْج ِه َر ُجل َك َّذ ٍ‬ ‫ت أ َّ‬ ‫ت َو ْج َههُ َع َرفَ ْ‬ ‫َرأَيْ ُ‬
‫َ‬
‫وصلُّوا بِاللَّْي ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ََل َم‪َ ،‬‬ ‫شوا َّ‬ ‫ام‪َ ،‬وأَفْ ُ‬‫ام‪ ،‬وصلُوا ْاأل َْر َح َ‬ ‫َّاس‪ ،‬أَطْع ُموا الطَّ َع َ‬ ‫"يَا أَيُّ َها الن ُ‬
‫س ََلٍم" رواه أحمد والترمذ وابن ماجه‪.‬‬ ‫ام‪ ،‬تَ ْد ُخلُوا ال َ ِ‬
‫ْجنَّةَ ب َ‬ ‫َّاس نِيَ ٌ‬
‫َوالن ُ‬
‫س"‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬ ‫اء َعلَى فَ َر ٍ‬ ‫ج‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫لسائِ ِل َحق َوإِ‬ ‫َّ‬ ‫لسائِ ِل والْمحر ِوم} "لِ‬ ‫َّ‬ ‫{لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان‪َ ،‬والت َّْم َرةُ‬ ‫بالطواف الَّ ِذ تَردُّهُ اللُّ ْقمةُ واللُّ ْقمتَ ِ‬ ‫ين َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫س الْم ْسك ُ‬ ‫وم} "لَْي َ‬ ‫{ال َْم ْح ُر ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ان‪ ،‬ولَ ِك َّن ال ِْمس ِك ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّد ُق‬ ‫ين الَّذ ََل يَج ُد غنًى يُغْنيه‪َ ،‬وََل يُفطن لَهُ فَ يُ تَ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َوالت َّْم َرتَ َ‬
‫َعلَْي ِه"‪ .‬البخار ومسلم‪.‬‬
‫الرَّزا ُق ذُو الْ ُق َّوةِ‬
‫ون‪ .‬إِ َّن اللَّهَ ُُ َو َّ‬ ‫{ما أُ ِري ُد ِم ْن ُهم ِمن ِر ْز ٍق وما أُ ِري ُد أَ ْن يط ِْعم ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ال اللَّهُ‪" :‬يَا‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ :‬قَ َ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫ين} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ال َْمت ُ‬
‫‪736‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َس َّد فَ ْق َر َك‪َ ،‬وإََِّل تَ ْف َع ْل َم ََلْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫آدم‪ ،‬تَ َف َّرغ لِ ِعب َ ِ‬
‫ص ْد َر َك‬ ‫ت َ‬ ‫ص ْد َر َك غنًى‪َ ،‬وأ ُ‬ ‫ادتي أ َْم ََلْ َ‬ ‫َ‬ ‫ابن َ َ‬
‫ِ ِِ‬
‫اج ْه‪ ،‬وأحمد‪.‬‬ ‫َس َّد فَ ْق َر َك"‪َ .‬وَرَواهُ الت ْرمذ ُّ َوابْ ُن َم َ‬ ‫ُش ْغ ًَل َولَ ْم أ ُ‬
‫سورة الطور‪:‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫َن رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫يحيْ ِن أ َّ َ ُ‬‫الصح َ‬
‫ت فِي َّ ِ‬ ‫ت ال َْم ْع ُموِر} ‪ .‬ثَبَ َ‬ ‫{والْب ْي ِ‬
‫َ َ‬
‫السابِ َع ِة‪" :-‬ثُ َّم ُرفِ َع بِي إِلَى‬ ‫الس َم ِاء َّ‬ ‫اإل ْس َر ِاء ‪-‬بَ ْع َد ُم َج َاوَزتِِه إِلَى َّ‬ ‫يث ِْ‬ ‫ال فِي ح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫قَ َ‬
‫ودو َن إِلَي ِه ِ‬ ‫ت الْمعموِر‪ ،‬وإِ َذا ُو يدخلُه فِي ُك ِل ي وٍ‬
‫آخ َر َما‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫َُ‬ ‫ي‬ ‫َل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ف‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫َْ َْ ُ‬ ‫م‬ ‫الْبَ ْي ِ َ ْ ُ َ ُ َ َ ْ ُ ُ‬
‫الس َم ِاء َّ‬
‫السابِ َع ِة‪.‬‬ ‫َعلَْي ِه ْم" ُُ َو َك ْعبَةُ أَ ُْ ِل َّ‬
‫صبِ ُروا َس َواءٌ َعلَْي ُك ْم} { أجزعنا ام صبرنا}‬ ‫اصبِ ُروا أ َْو ََل تَ ْ‬ ‫{فَ ْ‬
‫الذ ِريَِّة‬
‫ض ِل‪َ ،‬و ُُ َو َرفْ ُع َد َر َج ِة ُّ‬ ‫ين} لَ َّما أَ ْخبَ َر َع ْن َم َق ِام الْ َف ْ‬ ‫{ ُك ُّل ام ِر ٍئ بِما َكس ِ‬
‫ب َرُ ٌ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫ك‪ ،‬أَ ْخبَ َر َع ْن َم َق ِام ال َْع ْد ِل‪َ ،‬و ُُ َو أَنَّهُ ََل‬ ‫ضي ذَلِ َ‬ ‫إِلَى م ْن ِزلَ ِة ْاْلب ِاء ِمن غَ ْي ِر َعم ٍل ي ْقتَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ين} أَ ْ ‪ُ :‬م َّرتُ ُه َّن بِ َع َملِ ِه‪ََ ،‬ل‬ ‫ب أَح ٍد‪ ،‬بل { ُك ُّل ام ِر ٍئ بِما َكس ِ‬ ‫اخ ُذ أ َ ِ‬ ‫ي َؤ ِ‬
‫ب َرُ ٌ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َح ًدا ب َذنْ ِ َ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫س‬ ‫ال‪ُ { :‬ك ُّل نَ ْف ٍ‬ ‫َّاس‪َ ،‬س َواءٌ َكا َن أَبَا أَ ِو ابْ نًا‪َ ،‬ك َما قَ َ‬ ‫ب غَ ْي ِرهِ ِم َن الن ِ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ذ‬
‫َ‬
‫َُْ ُ ْ ُ‬
‫يحمل َعلَي ِ‬
‫ه‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِما َكسب ْ ِ‬
‫ين}‬‫اءلُو َن َع ِن ال ُْم ْج ِرم َ‬ ‫سَ‬ ‫ا ٍ الْيَمي ِن في َجنَّات يَتَ َ‬ ‫َص َح َ‬ ‫ت َرُينَةٌ إَِل أ ْ‬ ‫َ ََ‬
‫{ َولَ ْح ٍم ِم َّما يَ ْشتَ ُهو َن} { ولحم طير مما يشتهون }‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ت النَّبِ َّي َ‬ ‫ال‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫َع ْن ُم َح َّم ِد بْ ِن جبير ابن ُمط ِْع ٍم‪َ ،‬ع ْن أَبِ ِيه قَ َ‬
‫يقرأ في المغر ٍ بالطور‪ ،‬فَ لَ َّما بَلَ َغ َُ ِذهِ ْاْليَةَ‪{ :‬أ َْم ُخلِ ُقوا ِم ْن غَ ْي ِر َش ْي ٍء أ َْم ُُ ُم‬
‫ك أَ ْم‬ ‫ض بَل ََل يُوقِنُو َن‪ .‬أ َْم ِع ْن َد ُُ ْم َخ َزائِ ُن َربِ َ‬ ‫األر َ‬ ‫الْ َخالِ ُقو َن‪ .‬أ َْم َخلَ ُقوا َّ ِ‬
‫الس َم َوات َو ْ‬
‫اد قَ لْبِي أَ ْن يَ ِط َير ‪ .‬البخار ‪َ " .‬و ُجبَ ْي ُر بْ ُن ُمط ِْع ٍم َكا َن قَ ْد قَ ِد َم‬ ‫س ْي ِط ُرو َن} َك َ‬ ‫ُُ ُم ال ُْم َ‬
‫اك‬‫ارى‪َ ،‬وَكا َن إِ ْذ ذَ َ‬ ‫ُس‬ ‫األ‬‫ْ‬ ‫علَى النَّبِ ِي صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم ب ع َد وقْع ِة ب ْد ٍر فِي فِ َد ِ‬
‫اء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َ َْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪737‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ول‬‫الد ُخ ِ‬ ‫ورةِ ِم ْن ُج ْملَ ِة َما َح َملَهُ َعلَى ُّ‬ ‫اعهُ َُ ِذهِ ْاْليَةَ ِم ْن َُ ِذهِ ُّ‬
‫الس َ‬ ‫ُم ْش ِرًكا‪َ ،‬وَكا َن َس َم ُ‬
‫ك‪ ".‬البخار ومسلم‪.‬‬ ‫اإل ْس ََلِم بَ ْع َد َذلِ َ‬
‫فِي ِْ‬
‫ك و إلى الصَلة و ِم ْن ُك ِل‬ ‫اش َ‬ ‫ك و ِمن فِر ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ك ِحين تَ ُقوم} ِمن نَوِ‬
‫{و َسبِ ْح بِ َح ْمد َربِ َ َ ُ ْ ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫س فَ َكثُ َر فِ ِيه لَغَطُهُ فَ َق َ‬
‫ال قَ ْب َل أَ ْن‬ ‫س فِي َم ْجلِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫”‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫س َك َّفارةُ الْمجالِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫مجلِ‬
‫َْ‬
‫َستَ ْغ ِف ُر َك‬ ‫ك اللَّ ُه َّم َوبِ َح ْم ِد َك‪ ،‬أَ ْش َه ُد أَ ْن ََل إِلَهَ إََِّل أَنْ َ‬
‫ت‪ ،‬أ ْ‬ ‫وم ِم ْن َم ْجلِ ِس ِه‪ُ :‬س ْب َحانَ َ‬‫يَ ُق َ‬
‫ك"‪ .‬رواه الترمذ والنسائي‬ ‫ك‪ ،‬إََِّل غُ ِف َر لَهُ َما َكا َن فِي َم ْج ِل ِس ِه َذلِ َ‬ ‫و ٍ إِلَْي َ‬
‫َوأَتُ ُ‬
‫وم} {وباألسحار ُم يستغفرون}‬ ‫والحاكم‪{ .‬وِمن اللَّي ِل فَسبِحه وإِدبار النُّج ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ َ َْ َ ُ‬
‫سورة النجم‪ .‬مكية‪.‬‬
‫ِ‬
‫وحى} كان نطقه كله وحيا { وأنزل‬ ‫{وَما يَ ْنط ُق َع ِن ال َْه َوى‪ ،‬إِ ْن ُُ َو إَِل َو ْح ٌي يُ َ‬ ‫‪َ :‬‬
‫الله عليك الكبت والحكمة} { اَل واني اوتيت الكتب ومثله معه}‬
‫ورتِِه‬
‫صَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لَم ي ر النبي ِجب ِريل فِي ص ِِ‬
‫ورته إََِّل َم َّرتَ ْي ِن‪ ،‬أ ََّما َواح َدةٌ فَِإنَّهُ َسأَلَهُ أَ ْن يَ َراهُ في ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ص ِع َد‪ { .‬ثُ َّم َدنَا فَ تَ َدلَّى } َو َُ َذا‬ ‫ث َ‬ ‫س َّد ْاألُفُ َق‪َ .‬وأ ََّما الثَّانِيَةُ فَِإنَّهُ َكا َن َم َعهُ َح ْي ُ‬
‫فَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ٍ‬
‫ار بَ ْي نَهُ َوبَيْ َن ُم َح َّمد َ‬ ‫صَ‬
‫َن َُ َذا الْم ْقتَ ِر ٍ َّ ِ ِ‬
‫الدان َي الَّذ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫الَّ ِذ قُلْنَاهُ ِم ْن أ َّ‬
‫ين َعائِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫يل‪َ ،‬علَْي ِه َّ‬ ‫َعلَْي ِه وسلَّم‪ ،‬إِنَّما ُُو ِ‬
‫شةَ‪َ ،‬وابْ ِن‬ ‫الس ََل ُم‪َ ُُ ،‬و قَ ْو ُل أُِم ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ج‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫يح ُم ْسلِ ٍم‪َ ،‬ع ْن أَبِي‬ ‫ص ِح ِ‬ ‫ِ‬
‫َم ْس ُعود‪َ ،‬وأَبِي َذ ٍر‪َ ،‬وأَبِي ُُ َريْ َرَة‪ .‬وجماُير اُل العلم‪َ .‬وفي َ‬
‫ٍ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ك؟ فَ َق َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َوآلِ ِه َو َسلَّ َم‪ْ َُ :‬ل ر َ‬
‫أيت َربَّ َ‬ ‫ت رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪َ :‬سأَلَ ُ َ ُ‬ ‫ذَ ٍر قَ َ‬
‫ام‪َ ،‬وََل يَ ْن بَ ِغي لَهُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ورا" " إِ َّن اللهَ َع َّز َو َج َّل ََل يَنَ ُ‬ ‫ت نُ ً‬ ‫"نور أَنَّى أ ََراهُ"‪َ .‬وفي ِرَوايَة‪َ :‬‬
‫"رأَيْ ُ‬ ‫ٌ‬
‫ط َويَ ْرفَ ُعهُ‪ ،‬يُ ْرفَ ُع إِلَْي ِه َع َم ُل اللَّْي ِل قَ ْب َل َع َم ِل النَّ َها ِر‪َ ،‬و َع َم ُل‬ ‫ض ال ِْق ْس َ‬ ‫ِ‬
‫ام‪ ،‬يَ ْخف ُ‬ ‫أَ ْن يَنَ َ‬
‫ش َفهُ‬‫َّار ‪ -‬لَ ْو َك َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫َ‬‫ب‬ ‫ي‬ ‫َّها ِر قَ بْل َعم ِل اللَّْي ِل‪ِ ،‬ح َجابُهُ النُّور ‪ -‬وفِي ِروايَِة أَبِ‬ ‫الن َ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫‪738‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال َع ْب ُد اللَّ ِه بْ ُن‬ ‫ص ُرهُ ِم ْن َخل ِْق ِه "‪.‬مسلم قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ات َو ْج ِهه َما انْ تَ َهى إِلَْيه بَ َ‬ ‫ت ُسبُ َح ُ‬ ‫َح َرقَ ْ‬
‫َأل ْ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ا ٍ قَ ْو َس ْي ِن أ َْو أَ ْدنَى} ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ٍ ِ ِِ ِ‬
‫َم ْس ُعود في َُذه ْاْليَة‪{ :‬فَ َكا َن قَ َ‬
‫ال‪:‬‬‫الش ْي بَانِ ِي قَ َ‬
‫اح" و َع ِن َّ‬ ‫ُّمائَِة َجنَ ٍ‬ ‫ت ِج ْب ِريل لَهُ ِست ِ‬
‫َ‬ ‫"رأَيْ ُ‬ ‫َ َّ َّ ِ َّ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم‪َ :‬‬
‫ا ٍ قَ ْو َس ْي ِن أ َْو أَ ْدنَى‪ .‬فَأ َْو َحى إِلَى َع ْب ِدهِ َما أ َْو َحى}‬ ‫ْت ِزًّرا َع ْن قوله‪{ :‬فَ َكا َن قَ َ‬ ‫َسأَل ُ‬
‫ُّمائَِة‬
‫َن مح َّم ًدا صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم رأَى ِج ْب ِريل لَهُ ِست ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ه‬‫ال‪ :‬ح َّدثَنَا َعب ُد اللَّ ِ‬
‫ْ‬ ‫قَ َ َ‬
‫اح" البخار ‪.‬‬ ‫َجنَ ٍ‬
‫{و َج َعلُوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{إِ َّن الَّ ِذين ََل ي ْؤِمنُو َن بِ ِ‬
‫اْلخرةِ‬
‫س ُّمو َن ال َْمَلئ َكةَ تَ ْسميَةَ األنْ ثَى} َ‬ ‫َ َ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ادتُ ُه ْم‬
‫ب َش َه َ‬ ‫الر ْح َم ِن إِنَاثًا أَ َش ِه ُدوا َخلْ َق ُه ْم َستُ ْكتَ ُ‬ ‫اد َّ‬ ‫ين ُُ ْم ِعبَ ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ال َْمَلئ َكةَ الذ َ‬
‫ك َم ْب لَغُ ُه ْم ِم َن ال ِْعل ِْم} { يعلمون ظاُرا من الحياة الدنيا } َوفِي‬ ‫َويُ ْسأَلُو َن} {ذَلِ َ‬
‫الدنْ يَا أَ ْكبَ َر َُ ِمنَا‪َ ،‬وََل َم ْب لَ َغ ِعل ِْمنَا"‪.‬‬‫الد َع ِاء ال َْمأْثُوِر‪" :‬اللَّ ُه َّم ََل تَ ْج َع ِل ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ٍ إَِل اللَّ َم َم} {إِ ْن تَ ْجتَنِبُوا َكبَائَِر َما تُ ْن َه ْو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين يَ ْجتَنبُو َن َكبَائ َر اإلثْ ِم َوالْ َف َواح َ‬ ‫{الذ َ‬
‫يما} كما في حديث ابي ُريرة‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫خ‬‫َع ْنه نُ َك ِفر َع ْن ُكم سيِئَاتِ ُكم ونُ ْد ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ْ‬
‫ان ِزنَا ُُ َما‬ ‫ك ََل محالَةَ‪ ،‬فَالْع ْي نَ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الزنَا‪ُ ،‬م ْد ِر ٌك َذل َ َ َ‬ ‫صيبُهُ ِم َن ِ‬ ‫آدم نَ ِ‬
‫ب َعلَى ابْ ِن َ َ‬
‫ِ‬
‫« ُكت َ‬
‫اع‪ ،‬واللِ‬ ‫اُما ِاَل ْستِ‬ ‫النَّظَر‪ ،‬و ْاألُذُنَ ِ‬
‫ٍ‪،‬‬ ‫اُا الْبَطْ ُ‬ ‫سا ُن ِزنَاهُ الْ َك ََل ُم‪َ ،‬والْيَ ُد ِزنَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬‫ِ‬
‫ز‬ ‫ان‬ ‫ُ َ‬
‫ج َويُ َك ِذبُهُ»‬ ‫ك الْ َف ْر ُ‬‫ص ِد ُق َذلِ َ‬ ‫ْب يَ ْه َوى َويَتَ َمنَّى‪َ ،‬ويُ َ‬ ‫اُا الْ ُخطَا‪َ ،‬والْ َقل ُ‬ ‫الر ْج ُل ِزنَ َ‬
‫َو ِ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫اس ُع ال َْم ْغ ِف َرةِ} { والذين إذا فعلوا فاحشة }‬ ‫كوِ‬
‫{إِ َّن َربَّ َ َ‬
‫س ُك ْم ُُ َو أَ ْعلَ ُم بِ َم ِن اتَّ َقى} {أنعلمون الله بدينكم}‬
‫{فََل تُ َزُّكوا أَنْ ُف َ‬

‫‪739‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال إِنِي ج ِ‬ ‫اُيم ربُّهُ بِ َكلِم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اُيم الَّ ِذ وفَّى} ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ك‬
‫اعلُ َ‬ ‫َ‬ ‫ات فَأَتَ َّم ُه َّن قَ َ‬ ‫َ‬ ‫{وإِذ ابْ تَ لَى إِبْ َر َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫{ َوإبْ َر َ‬
‫لِلن ِ‬
‫َّاس إِ َم ًاما}‬
‫ك ََل‬ ‫ان إَِل َما َس َعى} أَ ْ ‪َ :‬ك َما ََل يُ ْح َم ُل َعلَْي ِه ِوْزُر غَ ْي ِرهِ‪َ ،‬ك َذلِ َ‬ ‫{وأَ ْن لَْيس لِإلنْس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صل ِمن ْاألَج ِر إَل ما كسب ُو لنفسه‪ .‬ومن وُذه ْاْلي ِة الْ َك ِر ِ‬
‫ط‬‫استَ ْن بَ َ‬
‫يمة ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يُ َح ِ ُ َ ْ‬
‫ص ُل إِ ُْ َداءُ ثَ َوابِ َها إِلَى ال َْم ْوتَى؛‬ ‫َن ال ِْقراءةَ ََل ي ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬
‫الشافع ُّي‪َ ،‬رح َمهُ اللَّهُ‪َ ،‬وَم ِن اتَّبَ َعهُ أ َّ َ َ َ‬
‫ت َعلَى نَ ْف ِي‬ ‫َن ْاْليَةَ إِنَّ َما َدلَّ ْ‬ ‫ِألَنَّهُ لَْيس ِم ْن َع َملِ ِه ْم َوََل َك ْسبِ ِه ْم‪ .‬وقول ابن تيمية أ َّ‬
‫َ‬
‫س ْع ِي غَ ْي ِرهِ‪ِ ،‬ألَنَّهُ لَ ْم يَ ُق ْل‪:‬‬ ‫ان لِغَي ِر سعيِ ِه‪ ،‬ولَم تَ ُد َّل َعلَى نَ ْف ِي انْتَِف ِ‬
‫اع ِه بِ‬ ‫اإلنْس ِ‬ ‫ِ‬‫ْ‬ ‫ِمل ِ‬
‫ْك‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال‪ :‬وأَ ْن لَْيس لِ ِْإلنْس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوأَ ْن لَ ْن يَ ْن تَ ِف َع ِْ‬
‫ان‪َ ،‬وبَيْ َن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سا ُن إََِّل ب َما َس َعى‪َ ،‬وإِنَّ َما قَ َ َ‬ ‫اإلنْ َ‬
‫اء بَ َذلَهُ لِغَْي ِرهِ فَانْ تَ َف َع بِِه‬ ‫ْك لِ ِ ِ‬ ‫َن سعي الْغَي ِر ِ‬ ‫اُر‪ِ ،‬‬ ‫ْاألَمري ِن فَ ر ٌق ظَ ِ‬
‫ساعيه إِ ْن َش َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ل‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أل‬ ‫ٌ‬ ‫ْ َْ ْ‬
‫اء أَبْ َقاهُ لِنَ ْف ِس ِه‪ .‬وخالف ابن القيم ُنا بأن في اْلية عموم‬ ‫َ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫و‬‫ُ َ‬‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬‫غ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ذَلِ‬
‫وخصوص وَل ينتفع اإلنسن اَل بما دل عليه نص‪ .‬وأن اإليمان ُو السبب ألنه‬
‫ينتفع بسبب إيمانه‪.‬‬
‫{وال ُْم ْؤتَِف َكةَ أَ ُْ َوى} {فجعلنا عاليعا سافلها}‬ ‫َ‬
‫ت فِ َيها َس ْجدة‪:‬‬ ‫ورةٍ أُنْ ِزلَ ْ‬
‫أول ُس َ‬ ‫ال‪ُ :‬‬ ‫اس ُج ُدوا لِلَّ ِه َوا ْعبُ ُد َ‬
‫وا}ع ْن َع ْب ِد اللَّ ِه قَ َ‬ ‫{فَ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َو َس َج َد َم ْن َخ ْل َفهُ‪ ،‬إََِّل‬ ‫ال‪ :‬فَسج َد رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫{والنَّجم} ‪ ،‬قَ َ َ َ َ ُ‬
‫ك قُتِل َكافِ ًرا‪َ ،‬و ُُ َو أ َُميَّةُ‬‫س َج َد َعلَْي ِه‪ ،‬فَ َرأَيْ تُهُ بَ ْع َد ذَلِ َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا ٍ‬ ‫ر‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َخ َذ َك ًّفا ِ‬
‫م‬ ‫َر ُج ًَل َرأَيْ تُهُ أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫بْ ُن َخلَف‪ .‬البخار ‪.‬‬

‫سورة القمر مكية‪ :‬عن القيامة وشيء من القصص‪.‬‬


‫‪740‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَ ْن‬ ‫َن أَ ُْل م َّكةَ سأَلُوا رس َ ِ‬


‫ول اللَّه َ‬ ‫عن أنس بن مالك؛ أ َّ َ َ َ َ ُ‬
‫اُ ُم الْ َق َم َر ِش َّقين‪َ ،‬حتَّى َرأ َْوا ِح َراء بَ ْي نَ ُه َما" البخار ومسلم‪.‬‬‫يُ ِريَ ُه ْم آيَةً‪ ،‬فَأ ََر ُ‬
‫اعةُ‬
‫الس َ‬ ‫ت أَنَا َو َّ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬بُِعثْ ُ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫س‪ ،‬قَ َ‬ ‫َع ْن أَنَ ٍ‬
‫السبَّابَةَ َوال ُْو ْسطَى" مسلم‪ .‬وقال "ان كادت لتسبقني"‬ ‫ض َّم َّ‬‫ال‪َ :‬و َ‬ ‫َك َهاتَ ْي ِن» قَ َ‬
‫ص ْر} بعد أن قال له ربه { لن يؤمن قومك إَل من قد‬ ‫و ٍ فَانْ تَ ِ‬
‫{فَ َد َعا َربَّهُ أَنِي َم ْغلُ ٌ‬
‫آمن } وقال { وَل يلدوا إَل فاجرا كفارا }‬
‫اء لِ َم ْن َكا َن ُك ِف َر} {فقططع دابر القوم الذين ظلموا}‬ ‫ً‬ ‫ز‬‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬ ‫{تَ ْج ِر بِأَ ْعينِ‬
‫ُ‬
‫َش ٌر} {وقالو لوَل نزل ُذا القرآن‬‫الذ ْكر َعلَي ِه ِمن ب ينِنَا بل ُُو َك َّذا ٍ أ ِ‬‫ِ ِ‬
‫ٌ‬ ‫{أَ ُؤلْق َي ُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ‬
‫على رجل من القريتين عظيم} {أتواصوا به}‬
‫س َح ٍر} {فما وجدنا فيها غير‬ ‫آل لُ ٍ‬
‫وط نَ َّج ْي نَ ُ ِ‬ ‫{إِنَّا أَرسلْنَا َعلَْي ِهم ح ِ‬
‫اصبًا إََِّل َ‬
‫اُ ْم ب َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َْ‬
‫بيت من المسلمين}‬
‫ال ‪َ -‬و ُُ َو فِي قُ بَّ ٍة لَهُ يَ ْوَم بَ ْد ٍر‪:-‬‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫َن النَّبِ َّي َ‬
‫اس؛ أ َّ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫َخ َذ أَبُو‬ ‫أ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ا"‪.‬‬ ‫د‬ ‫َب‬
‫أ‬ ‫م‬‫"أَنْشد َك عهد َك ووعد َك‪ ،‬اللَّه َّم إِ ْن ِشئت لَم تعبد ب عد الْي وِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ َ ْ ُ َْ َ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ َْ َ ََ ْ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ت َعلَى َربِ َ‬ ‫ْح ْح َ‬ ‫ك يا رس َ ِ‬
‫ول اللَّه! أَل َ‬ ‫ال‪َ :‬ح ْسبُ َ َ َ ُ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬بِيَ ِدهِ َوقَ َ‬‫ب ْك ٍر‪ ،‬ر ِ‬
‫َ َ‬
‫ْج ْم ُع َويُ َولُّو َن ُّ‬
‫الدبُ َر‪ .‬بَ ِل‬ ‫فَ َخرج و ُُو يثِب فِي ِ‬
‫{سيُ ْه َزُم ال َ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫الد ْرِع َو ُُ َو يَ ُق ُ‬ ‫ََ َ َ َ ُ‬
‫َّسائِ ُّي‬‫ن‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ا‬‫خ‬ ‫ْب‬‫ل‬‫ا‬ ‫اه‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫‪.‬‬ ‫}‬ ‫ر‬‫ُّ‬ ‫َم‬‫أ‬‫و‬ ‫ى‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫اع‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫الساعةُ مو ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ ْ‬

‫سورة الرحمن‪:‬‬
‫‪741‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫نعم الله وآياته الكونية والقيامة وأقسام الناس والجزاء وأقسام أهل‬
‫الجنة‪.‬‬
‫َص َحابِ ِه‪ ،‬فَ َق َرأَ َعلَْي ِه ْم‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َعلَى أ ْ‬ ‫ال‪َ :‬خرج رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َع ْن َجابِ ٍر قَ َ َ َ َ ُ‬
‫ال‪ " :‬لََق ْد قَ رأْتُ َها َعلَى ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫الج ِن لَْي لَةَ‬ ‫َ‬ ‫س َكتُوا‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫الر ْح َم ِن م ْن أ ََّول َها إلَى آخ ِرَُا فَ َ‬ ‫ورَة َّ‬ ‫ُس َ‬
‫آَل ِء َربِ ُك َما‬ ‫ت َعلَى قَ ْولِ ِه {فَبِأَ ِ َ‬ ‫ت ُكلَّ َما أَتَ ْي ُ‬ ‫ودا ِم ْن ُك ْم‪ُ ،‬ك ْن ُ‬‫س َن َم ْر ُد ً‬‫َ‬ ‫َح‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫وا‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫الج‬
‫الح ْم ُد " الترمذ وحسنه‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ ٍ‬ ‫ك ربَّنَا نُ َك ِ‬
‫ذ‬ ‫شي ٍء ِمن نِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تُ َكذبَان} قَالُوا‪ََ :‬ل ب َ ْ ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫{الر ْح َم ُن‪َ ،‬علَّ َم الْ ُق ْرآن} ردا على قولهم { إنما يعلمه بشر} َوقَ ْولُهُ‪:‬‬ ‫األلباني‪َّ .‬‬
‫َّج ُم} بَ ْع َد‬ ‫ف الْم َف ِسرو َن فِي م ْعنَى قَ ولِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّج ُم َو َّ‬
‫{والن ْ‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الش َج ُر يَ ْس ُج َدان} ا ْختَ لَ َ ُ ُ‬ ‫{والن ْ‬‫َ‬
‫الشجر ما قَام َعلَى س ٍ‬ ‫اع ِه ْم َعلَى أ َّ‬ ‫إِجم ِ‬
‫َّج ُم َما‬
‫ال‪ :‬الن ْ‬ ‫اس قَ َ‬ ‫اق‪َ .‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َن َّ َ َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫ارهُ ابْ ُن َج ِري ٍر َرِح َمهُ اللَّهُ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ات‪ .‬وقَ ِ‬
‫د‬ ‫َ َ َ‬
‫ض ‪-‬ي ْعنِي ِمن النَّب ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َر‬
‫ْ‬ ‫األ‬
‫ْ‬ ‫ط َعلَى وج ِ‬
‫ه‬ ‫َْ‬ ‫سَ‬ ‫انْ بَ َ‬
‫ادةُ‪َ .‬و َُ َذا الْ َق ْو ُل‬ ‫س ُن وقَ تَ َ‬ ‫ْح َ‬‫ال ال َ‬ ‫الس َم ِاء‪َ .‬وَك َذا قَ َ‬ ‫َّج ُم الَّ ِذ فِي َّ‬ ‫ِ‬
‫ال ُم َجاُ ٌد‪ :‬الن ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ات‬ ‫السمو ِ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫َن اللَّهَ يسج ُد لَهُ من فِ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬‫َ‬‫أ‬‫{‬ ‫ى‪:‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ع‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ُُو ْاألَظْهر واللَّهُ أَ ْعلَم؛ لَِقولِ ِ‬
‫ه‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫ا ٍ َوَكثِ ٌير ِم َن‬ ‫الد َو ُّ‬‫الش َج ُر َو َّ‬‫ال َو َّ‬ ‫ْجبَ ُ‬ ‫الشمس والْ َقمر والنُّجوم وال ِ‬
‫ض َو َّ ْ ُ َ َ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫األر ِ‬
‫َوَم ْن في ْ‬
‫ِ‬
‫ال َكالْ َف َّخا ِر‪،‬‬ ‫ْص ٍ‬ ‫{خلَق اإلنْ ِ‬ ‫الن ِ‬
‫صل َ‬ ‫سا َن م ْن َ‬ ‫َّاس}‪.‬وخير ما فسر بالقرآن القرآن‪َ َ َ .‬‬
‫صلَّى اللَّهُ‬
‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ت‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫شةَ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ِج ِم ْن نَا ٍر} َع ْن َعائِ َ‬ ‫ان ِم ْن َمار ٍ‬ ‫ْج َّ‬‫َو َخلَ َق ال َ‬
‫ِج ِم ْن نَا ٍر‪َ ،‬و َخلَ َق‬ ‫ان ِم ْن َمار ٍ‬ ‫ْج َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫"خل َقت ال َْم ََلئ َكةُ م ْن نُوٍر‪َ ،‬و َخلَ َق ال َ‬
‫َعلَْي ِه وسلَّم‪ِ ِ ُ :‬‬
‫ََ َ‬
‫ال ابْ ُن‬ ‫ان} قَ َ‬ ‫ف لَ ُكم"‪ .‬ورواهُ مسلِم‪ .‬وقَ ولُهُ‪{ :‬مرج الْب ْحريْ ِن ي لْتَ ِقي ِ‬ ‫َ‬ ‫ص‬‫آدم ِم َّما و ِ‬
‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ ََ ُ ْ ٌ َ ْ‬ ‫َُ ُ‬
‫اس‪ :‬أَ ْ أ َْر َسلَ ُه َما‪ .‬وكَل البحرين يتولد منهما الؤلؤ على الصحيح لقوله { َو ُُ َو‬ ‫َعبَّ ٍ‬

‫‪742‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اج َو َج َع َل بَ ْي نَ ُه َما بَ ْرَز ًخا‬ ‫ُج ٌ‬ ‫ْح أ َ‬‫ات َو َُ َذا مل ٌ‬ ‫ ٍ فُ َر ٌ‬ ‫ج الْبَ ْح َريْ ِن َُ َذا َع ْذ ٌ‬ ‫الذ َم َر َ‬
‫ار اللُّ ْؤلُ ِؤ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وف‪ ،‬وأ ََّما الْمرجا ُن فَِ‬ ‫و ِح ْجرا َم ْح ُجورا}‪ .‬واللُّ‬
‫يل‪َ ُُ :‬و صغَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ؤ‬‫ُ‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫ؤ‬‫ْ‬ ‫ً َ‬ ‫َ ً‬
‫ْج ِ‬
‫َلل‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫و‬ ‫ذ‬ ‫{‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫أ‬‫ِ‬
‫ب‬ ‫ت تَ عالَى وجههُ الْ َك ِريم فِي َُ ِذهِ ْاْلي ِة الْ َك ِريم ِ‬
‫ة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوقَ ْد نَ َع َ َ َ ْ َ‬
‫ف‪َ .‬ع ْن أَبِي‬ ‫اع فَ ََل يُ َخالَ ُ‬ ‫صى‪َ ،‬وأَ ْن يُطَ َ‬ ‫َواإل ْك َر ِام} أَ ْ ‪َ ُُ :‬و أَ ُْ ٌل أَ ْن يُ َج َّل فَ ََل يُ ْع َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬إِ َّن ِم ْن إِ ْج ََل ِل‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫وسى ْاألَ ْش َع ِر ِ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ُم َ‬
‫ْجافِي َع ْنهُ‪،‬‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّ ِه إِ ْكرام ِذ َّ ِ‬
‫الش ْي بَة ال ُْم ْسل ِم‪َ ،‬و َحام ِل الْ ُق ْرآن غَ ْي ِر الْغَالي فيه َوال َ‬ ‫ََ‬
‫ان ال ُْم ْق ِس ِط» أبو داود وحسنه األلباني‪.‬‬ ‫َوإِ ْك َر َام ِذ ُّ‬
‫السلْطَ ِ‬
‫ان} {يوم تكون السماء كالمهل}‬ ‫الد َُ ِ‬‫ت ور َد ًة َك ِ‬
‫{فَ َكانَ ْ َ ْ‬
‫ين‪.‬‬ ‫َّهم أ ْ ِ‬
‫َج َمع َ‬ ‫ك لَنَ ْسأَلَن ُ ْ‬ ‫س َوَل َجان} وقوله {فَ َوَربِ َ‬ ‫ْ‬‫ن‬‫َل َع ْن ذَنْبِ ِه إِ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫{فَ ي ومئِ ٍ‬
‫ََْ‬
‫ٌ‬
‫اس‪ََ :‬ل يَ ْسأَلُ ُه ْم‪ْ َُ :‬ل َع ِملْتُ ْم َك َذا َوَك َذا؟ ِألَنَّهُ أَ ْعلَ ُم‬ ‫َع َّما َكانُوا يَ ْع َملُو َن} َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫ول‪ :‬لِ َم َع ِملْتُ ْم َك َذا َوَك َذا؟‬ ‫ك ِم ْن ُه ْم‪َ ،‬ولَ ِك ْن يَ ُق ُ‬ ‫بِ َذلِ َ‬
‫ان ِم ْن‬ ‫ض ٍة‪ ،‬آنِي تُ ُهما وما فِي ِهما‪ ،‬وجنَّتَ ِ‬
‫"جنَّتَان م ْن ف َّ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ام َربِه َجنَّتَان} َ‬
‫اف م َق ِ‬
‫{ول َم ْن َخ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ب آنِيَ تُ ُه َما َوَما فِي ِه َما‪َ ،‬وَما بَيْ َن الْ َق ْوِم َوبَ ْي َن أَ ْن يَ ْنظُُروا إِلَى َربِ ِه ْم َع َّز َو َج َّل إََِّل‬ ‫َذ َُ ٍ‬
‫ْك ْب ِريَ ِاء َعلَى َو ْج ِه ِه فِي َجن َِّة َع ْد ٍن"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫رداء ال ِ‬
‫ُ‬
‫ول ُم ْؤِمنِي‬ ‫ضا ِمن ْاأل َِدلَّ ِة َعلَى ُد ُخ ِ‬ ‫ِِ‬
‫س قَ ْب لَ ُه ْم َوَل َجان} َو َُذه أَيْ ً َ‬ ‫ِ ِ‬
‫{لَ ْم يَطْمثْ ُه َّن إنْ ٌ‬
‫اض الْمرج ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت والْمرجا ُن} فِي ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫ص َفاء الْيَاقُوت َوبَيَ ِ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْجنَّةَ‪َ { .‬كأَنَّ ُه َّن الْيَاقُ ُ َ َ ْ َ‬ ‫الْج ِن ال َ‬
‫ورةِ الْ َق َم ِر لَْي لَةَ الْبَ ْد ِر‪َ ،‬والَّتِي تَلِ َيها َعلَى‬ ‫صَ‬ ‫ْجنَّةَ َع َل ى ُ‬
‫ٍ‬
‫«إِ َّن أ ََّو َل ُزْم َرة تَ ْد ُخ ُل ال َ‬
‫ان‪ ،‬يُ َرى ُم ُّخ ُسوقِ ِه َما‬ ‫ان اثْ نَ تَ ِ‬ ‫السم ِاء‪ ،‬لِ ُك ِل ْام ِر ٍئ ِم ْن ُهم َزوجتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض َوإِ َك ْوَك ٍ‬
‫ْ َْ‬ ‫ب ُد ِر ٍ في َّ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ ٍ؟»البخار ومسلم واللفظ له‪.‬‬ ‫ِمن ور ِاء اللَّح ِم‪ ،‬وما فِي ال ِ‬
‫ْجنَّة أَ ْع َز ُ‬‫َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ْ ََ‬
‫‪743‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت امرأَةٌ ِمن نِس ِاء أَ ُْ ِل الْجن ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫يحا‪،‬‬ ‫ر‬
‫َ َ َ ً‬‫ا‬‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َت‬
‫ْ‬ ‫َل‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫ْ َ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫َر‬ ‫األ‬‫ْ‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫إ‬ ‫َّة‬ ‫َ‬ ‫" َولَ ِو اطلَ َع ْ َ ْ َ‬
‫الدنْ يَا َوَما فِ َيها"‪ .‬البخار ‪.‬‬ ‫صيفها َعلَى َرأْ ِس َها َخ ْي ٌر ِم َن ُّ‬ ‫ولَطَا ٍ ما ب ْي نَ ُهما‪ ،‬ولنَ ِ‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫الد َر ِج‪.‬ألصحا ٍ اليمين فمنهم ظالم‬ ‫ان} ِم ْن ُدونِ ِه َما فِي َّ‬ ‫{وِمن ُدونِ ِهما جنَّتَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫لنفسه _ عصاة الموحدين _ ومنهم مقتصد‪.‬‬
‫الجن َِّة َخ ْي َمة ِم ْن لُ ْؤلَُؤةٍ ُم َج َّوفَ ٍة‪َ ،‬ع ْر ُ‬
‫ض َها‬ ‫ِ‬ ‫{حور م ْقصور ٌ ِ ِ‬
‫ات في الْخيَ ِام} «إِ َّن في َ‬ ‫ُ ٌَ ُ َ‬
‫الم ْؤِمنُو َن‪".‬‬
‫وف َعلَْي ِه ُم ُ‬ ‫ين‪ ،‬يَطُ ُ‬ ‫ِستُّو َن ِم ًيَل‪ ،‬فِي ُك ِل َزا ِويٍَة ِم ْن َها أَ ُْ ٌل َما يَ َرْو َن َ‬
‫اْلخ ِر َ‬
‫البخار ‪ .‬وشرف المرأة في استقراء بيتها‪ .‬قال تعالى { وقرن في بيوتكن}‬

‫سورة الواقعة مكية‪:‬‬


‫عن القيامة وأقسام الناس فيها والجزاء واْلستدالل على البعث‬
‫والنهاية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اء ِم ْن ِج ْن ِ‬
‫س ال َْع َم ِل‪َ ،‬وَك َما تَد ُ‬
‫ين تُ َدا ُن‪.‬‬ ‫السابُِقو َن} فَِإ َّن ال َ‬
‫ْج َز َ‬ ‫السابُِقو َن َّ‬
‫{ َو َّ‬

‫‪744‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ين} ‪َ .‬وقَ ِد ا ْختَ لَ ُفوا فِي ال ُْم َر ِاد بَِق ْولِ ِه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫األولِين‪ .‬وقَلِ ِ‬
‫يل م َن اْلخ ِر َ‬
‫َّ ِ‬
‫{ثُلةٌ م َن َّ َ َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{اْلخ ِرين} ‪ .‬فَِقيل‪ :‬الْمر ُ ِ ِ‬
‫{األولِين} ‪ ،‬و ِ‬
‫ين‪ْ :‬األ َُم ُم ال َْماضيَةُ‪َ ،‬و ْاْلخ ِر َ‬
‫ين‪:‬‬ ‫اد ب ْاأل ََّول َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِِ‬
‫ار ابْ ِن َج ِري ٍر‬
‫ص ِر ِ ‪َ ،‬و ُُ َو ا ْختيَ ُ‬
‫س ِن الْبَ ْ‬ ‫َُذه ْاأل َُّمةُ‪َ َُ .‬ذا ِرَوايَةٌ َع ْن ُم َجاُد‪َ ،‬وال َ‬
‫ْح َ‬
‫والشنقيطي وُو الراجح ألنه كان مئة وأربع وعشرين الف نبي ورسول ممن سبق‪.‬‬

‫ين} ِش َّق َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫األولِين‪ .‬وقَلِ ِ‬ ‫ال‪ :‬لَ َّما نَزلَ ْ َّ ِ‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫ك‬ ‫يل م َن اْلخ ِر َ‬ ‫ت‪{ :‬ثُلةٌ م َن َّ َ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ين‪ .‬وثُلَّةٌ ِم َن‬ ‫َ‬
‫األولِ‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫َ‬
‫ت‪{ :‬ثُلَّةٌ ِ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ز‬‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ل‬
‫ْ َ َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ا ٍ النَّبِ ِي صلَّى اللَّهُ َعلَي ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َص َح ِ‬ ‫َعلَى أ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ :‬إِنِي َأل َْر ُجو أَ ْن تَ ُكونُوا ُربْ َع أَ ُْ ِل‬ ‫ِ‬
‫ال النَّبِ ُّي َ‬
‫ين} فَ َق َ‬ ‫اْلخ ِر َ‬
‫ْجن َِّة‪-‬‬ ‫ف أَ ُْ ِل ال ِ‬
‫ْجنَّة ‪-‬أ َْو‪َ :‬شط ُْر أَ ُْ ِل ال َ‬
‫َ‬ ‫ْجن َِّة‪ ،‬بَ ْل أَنْ تُ ْم نِ ْ‬
‫ص ُ‬ ‫ْجن َِّة‪ ،‬ثُلُ َ‬
‫ث أَ ُْ ِل ال َ‬ ‫ال َ‬
‫ف الثَّانِي"‪ .‬أحمد‪.‬‬ ‫وتُ َق ِ‬
‫اس ُمونَ ُه ُم النِ ْ‬
‫ص َ‬ ‫َ‬
‫س ِم ْن َم ِعي ٍن}‬ ‫ين} { ونزعنا ما في صدورُم من غل } { َوَكأْ ٍ‬ ‫َّكئِين َعلَي ها مت َقابِلِ‬
‫{مت َ ْ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫يم ِم ْن ُه ْم‬ ‫{وأنهار من خمر لذة للشاربين} {إَِل قِيَل سَلما سَلما} أَ ‪ :‬إََِّل الت ِ‬
‫َّسل َ‬
‫ْ‬ ‫َ ً َ ً ْ‬
‫ض‪،‬ومن المَلئكة ومن الله {سَلم قوَل من ر ٍ رحيم} "إِ َّن فِي‬ ‫ض ُه ْم َعلَى بَ ْع ٍ‬
‫بَ ْع ُ‬
‫{و ِظ ٍل‬ ‫ِ‬ ‫الراكِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ب في ظل َها مائَةَ َع ٍام ََل يَ ْقطَ ُع َها‪ ،‬اقرؤوا إِ ْن ش ْئ تُ ْم‪َ :‬‬ ‫ْجنَّة َش َج َرًة يَس ُير َّ ُ‬ ‫َ‬
‫اء}اختلفوا في أنها حور العين أو نساء‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫اُ َّن إِ‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫أ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ا‬‫َّ‬
‫ن‬ ‫ود} متفق عليه‪{ .‬إِ‬ ‫مم ُد ٍ‬
‫ً‬ ‫َْ‬
‫ول اللَّ ِه‬
‫ت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ت َع ُجوٌز فَ َقالَ ْ‬ ‫س ِن قَ َ‬
‫ال‪ :‬أَتَ ْ‬ ‫ْح َ‬‫الدنيا ولكن يدخل كليهما َع ِن ال َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال‪" :‬يَا أ َُّم فََُلن‪ ،‬إِ َّن ال َ‬
‫ْجنَّةَ ََل تَ ْد ُخلُ َها َع ُجوٌز"‪.‬‬ ‫ع اللَّهَ أَ ْن يُ ْدخلَني ال َ‬
‫ْجنَّةَ‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ا ْد ُ‬

‫‪745‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وُا أَنَّ َها ََل تَ ْد ُخلُ َها َو ُِ َي َع ُجوٌز‪ ،‬إِ َّن اللَّهَ تَ َعالَى‬
‫ال‪" :‬أَ ْخبِ ُر َ‬‫ال‪ :‬فَ َولَّت تَ ْب ِكي‪ ،‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ارا} رواه الترمذ في الشمائل‪.‬‬ ‫اُ َّن أَبْ َك ً‬
‫اء‪ .‬فَ َج َعلْنَ ُ‬‫شً‬ ‫اُ َّن إِنْ َ‬ ‫ول‪{ :‬إِنَّا أَنْ َ‬
‫شأْنَ ُ‬ ‫يَ ُق ُ‬
‫َح َو ِال‪َ " .‬خلَ َق اللَّهُ َ‬
‫آد َم‬ ‫الص َف ِ‬
‫ات َو ْاأل ْ‬ ‫{ونُ ْن ِشئَ ُكم فِي ما ََل تَ ْعلَمو َن} أَ ‪ِ :‬من ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫آد َم‪ ،‬فَ لَ ْم يَ َزِل ال َخل ُ‬
‫ْق‬ ‫ورةِ َ‬‫صَ‬ ‫الجنَّةَ َعلَى ُ‬ ‫اعا‪ ...،‬فَ ُك ُّل َم ْن يَ ْد ُخ ُل َ‬ ‫َوطُولُهُ ِستُّو َن ِذ َر ً‬
‫ارُك ْم َُ ِذهِ الَّتِي‬ ‫ن‬ ‫‪،‬‬ ‫ي ن ُقص حتَّى اْل َن " متفق عليه‪{ .‬نحن جعلْناُا تذْكِرةً} "يا قَ وِ‬
‫م‬
‫َ ْ ُ ََ َ َ َ َ َ ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫ول اللَّ ِه إِ ْن َكانَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫َّم"‪ .‬قَالُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬‫ين ُج ْزًءا م ْن نَا ِر َج َهن َ‬ ‫تُوق ُدو َن ُج ْزءٌ م ْن َس ْبع َ‬
‫ض ْربَتَ يْ ِن ‪-‬أ َْو‪َ :‬م َّرتَيْ ِن‪َ -‬حتَّى يَ ْستَ ْن ِف َع بها بنو آدم‬ ‫ِ‬ ‫لَ َكافِيَةٌ! قَ َ‬
‫ضربت بِال َْماء َ‬ ‫ال‪" :‬قَ ْد ُ‬
‫ويدنوا منها" الطبر في تفسيره‪.‬‬
‫اء ِم ْن َخل ِْق ِه‪،‬‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫وم} مواقعها وقيل َمنَا ِزلُ َها‪ .‬يُ ْق ِسم الله بِ‬ ‫ْسم بِمواقِ ِع النُّج ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫{فََل أُق ُ َ َ‬
‫يل َعلَى َعظَ َمتِ ِه‪ .‬ويقسم بالخلق كله {فَل أقسم بما تبصرون وما َل‬ ‫وُو َدلِ‬
‫َ َُ ٌ‬
‫ا ٍ م ْكنُ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ون} صحف المَلئكة كما في سورة عبس أو اللوح‬ ‫تبصرون} {في كتَ ٍ َ‬
‫َّرو َن} قال ابن القيم المَلئكة أما المؤمنون يعبر‬ ‫{َل يَ َم ُّ ِ‬
‫سهُ إَل ال ُْمطَه ُ‬ ‫المحفوظ‪َ .‬‬
‫ين‪َ .‬وَما‬ ‫ت بِِه َّ ِ‬
‫الشيَاط ُ‬ ‫{وَما تَنزلَ ْ‬ ‫عنهم القرآن {المتطهرون} وَل تناله الشياطين َ‬
‫الس ْم ِع لَ َم ْع ُزولُو َن} وأما مس المصحف فَل‬ ‫يَ ْن بَ ِغي لَ ُه ْم َوَما يَ ْستَ ِط ُيعو َن‪ .‬إِنَّ ُه ْم َع ِن َّ‬
‫ض ُه ْم َكافِ ًرا‬
‫َصبَ َح بَ ْع ُ‬ ‫ال‪َ :‬ما ُم ِطر قَ ْوٌم قَ ُّ‬
‫ط إََِّل أ ْ‬ ‫اس قَ َ‬ ‫يستدل به ُنا‪َ .‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫َ‬
‫"وتَ ْج َعلُو َن ُش ْك َرُك ْم أَنَّ ُك ْم‬
‫اس‪َ :‬‬ ‫يَ ُقولُو َن‪ُ :‬م ِط ْرنَا بِنَ ْوِء َك َذا َوَك َذا‪َ .‬وقَ َرأَ ابْ ُن َعبَّ ٍ‬
‫تُ َك ِذبُو َن"‪.‬‬
‫اس‪ .‬ولكن السياق يدل على عدم اإلنتفاع ألن‬ ‫يح إِلَى ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫و َُ َذا إِسنَا ٌد ِ‬
‫صح ٌ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫الرزق نوعان كما يقول ابن القيم رزق القلو ٍ العلم واإليمان والرزق المعد لهذه‬
‫‪746‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ح َوَريْ َحا ٌن‪َ ،‬وتُبَ ِش ُرُُ ُم ال َْم ََلئِ َكةُ‬ ‫ِ‬


‫ح َوَريْ َحا ٌن َو َجنَّةُ نَع ٍيم} أَ ْ ‪ :‬فَ لَ ُه ْم َرْو ٌ‬‫األبدان‪{ .‬فَ َرْو ٌ‬
‫ول‪" :‬أَيَّتُ َها‬‫الر ْح َم ِة تَ ُق ُ‬ ‫يث الْبَ َر ِاء‪ :‬أ َّ‬
‫َن َم ََلئِ َكةَ َّ‬ ‫ت‪َ ،‬كما تَ َق َّدم فِي ح ِد ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ك ِع ْن َد الْمو ِ‬
‫َْ‬ ‫بِ َذلِ َ‬
‫ان‪َ ،‬وَر ٍ‬
‫ ٍ‬ ‫ت تَ ْعم ِرينَهُ‪ ،‬ا ْخرِجي إِلَى رو ٍح وريْح ٍ‬
‫َْ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب ُك ْن ِ‬‫س ِد الطَّيِ ِ‬‫ْج َ‬
‫ِ‬
‫وح الطَّيِبَةُ في ال َ‬ ‫الر ُ‬
‫ُّ‬
‫غَ ْي ِر غَ ْ‬
‫ضبَا َن"‪.‬‬

‫سورة الحديد مدنية‪:‬‬


‫السبع واألرض ومن فِي ِه َّن وإِ ْن ِمن َشي ٍء إَِل يسبِح بِحم ِدهِ‬ ‫سبِ ُح لَهُ َّ‬
‫َُ ُ َْ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫ات َّ ْ ُ َ ْ ُ َ َ ْ‬
‫الس َم َاو ُ‬ ‫{تُ َ‬
‫ِ‬
‫َولَك ْن ََل تَ ْف َق ُهو َن تَ ْسبِ َ‬
‫يح ُه ْم} وُذا تسبيح حقيقي والقول بأنها لسان الحال‬
‫لدَللتها على قدرة الله في الكون مرجوح‪.‬‬

‫اط ُن } « َكا َن اللَّهُ َولَ ْم يَ ُك ْن َش ْيءٌ قَ ْب لَهُ‪َ ،‬وَكا َن‬ ‫اُر والْب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{ ُُ َو ْاأل ََّو ُل َو ْاْلخ ُر َوالظَّ ُ َ َ‬
‫الذ ْك ِر ُك َّل َش ْي ٍء»‬
‫ات واألَرض‪ ،‬وَكتَب فِي ِ‬
‫الس َم َو َ ْ َ َ َ‬
‫َعر ُشهُ َعلَى الم ِاء‪ ،‬ثُ َّم َخلَ َق َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫س بَ ْع َد َك‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫خ‬‫ت ْاْل ِ‬ ‫ك َش ْيءٌ‪َ ،‬وأَنْ َ‬ ‫س قَ ْب لَ َ‬ ‫البخار " اللَّ ُه َّم‪ ،‬أَنْ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت ْاأل ََّو ُل فَ لَْي َ‬
‫ك َش ْيءٌ‪ ،‬اقْ ِ‬
‫ض‬ ‫س ُدونَ َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ت الْب ِ‬
‫اط‬ ‫َ‬ ‫ْ‬‫ن‬‫َ‬
‫أ‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ت الظَّ ِ‬
‫اُ‬ ‫َش ْيءٌ‪َ ،‬وأَنْ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫الديْ َن‪َ ،‬وأَ ْغنِنَا ِم َن الْ َف ْق ِر‪ ".‬مسلم‪.‬‬ ‫َعنَّا َّ‬

‫ات واألر ِ ِ ِ‬ ‫{ُ َو الَّ ِذ َخلَ َق َّ‬


‫استَ َوى َعلَى ال َْع ْر ِ‬
‫ش} أجمع‬ ‫الس َم َاو ِ َ ْ َ‬
‫ض في ستَّة أَيَّ ٍام ثُ َّم ْ‬ ‫ُ‬
‫العلماء بأنه علو الذاتي وممن نقل اإلجماع اإلمام أحمد وعلي المدني وإسحاق‬
‫‪747‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫بن رُوية وأجمعوا على كفر من أنكر ذالك‪ .‬ودلت عليه الفطرة ويشهد له‬
‫القرآن كله وأسرد اإلمام الذُبي أكثر من مئة حديث في استواء الله على‬
‫العرش‪ .‬وقال اإلمام مالك رحمه الله " اإلستواء معلوم والكيف مجهول واإليمان‬
‫به واجب والسؤال عنه بدعة"‬

‫َخ َذ ِميثَاقَ ُك ْم} {الست بربكم قالوا بلى}‬


‫{ َوقَ ْد أ َ‬

‫{َل يَ ْستَ ِو ِم ْن ُك ْم َم ْن أَنْ َف َق ِم ْن قَ بْ ِل الْ َف ْت ِح َوقَاتَ َل} فتح مكة كان نهاية عام الثامن‬
‫َ‬
‫ويليه عام الوفود الذ كثر فيه بواعث اإلنفاق أما ما قبله فكان القوم يتربصون‬
‫ف يَ ْسبِ ُق ِد ْرَُ ٌم‬‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬ك ْي َ‬
‫ْف» قَالُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫بدعوة اإلسَلم‪َ « .‬سبَ َق ِد ْرَُم ِمائَةَ أَل ٍ‬
‫ٌ‬
‫ال َكثِي ٌر‬ ‫ص َّد َق بِِه‪َ ،‬و َ‬
‫آخ ُر لَهُ َم ٌ‬ ‫ال‪« :‬رجل لَهُ ِدرَُم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َح َد ُُ َما فَ تَ َ‬
‫َخ َذ أ َ‬
‫ان فَأ َ‬ ‫مائَةَ أَلْف؟ قَ َ َ ُ ٌ ْ َ‬
‫يح َعلَى َش ْر ِط ُم ْسلِ ٍم‪.‬الحاكم في‬ ‫صح ٌ‬
‫يث ِ‬ ‫ِ‬
‫ْف» َُ َذا َحد ٌ َ‬ ‫ض َها ِمائَةَ أَل ٍ‬
‫َخ َذ ِمن ُعر ِ‬
‫فَأ َ ْ ْ‬
‫المستدرك‪.‬‬

‫الرحم ِن بن َعو ٍ‬
‫ف فقال صلى الله عليه وسلم "‬ ‫ِ‬
‫تشاجر َخال ٌد بن الوليد و َع ْب ُد َّ ْ َ ْ ُ ْ‬
‫ال‪-‬‬ ‫ْجبَ ِ‬ ‫َصحابِي فَ والَّ ِذ نَ ْف ِسي بِي ِدهِ‪ ،‬لَو أَنْ َف ْقتُم ِمثْل أُح ٍد‪-‬أَو ِمثْل ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫َد ُعوا لِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َص َحابِي‪ ،‬فَ َوالَّ ِذ نَ ْف ِسي بِيَ ِدهِ‪ ،‬لَ ْو‬
‫سبُّوا أ ْ‬
‫َذ َُبًا‪َ ،‬ما بَلَ ْغتُ ْم أَ ْع َمالَ ُه ْم" المسند‪ََ " .‬ل تَ ُ‬
‫َح ِد ُِ ْم َوََل نَصيفه" متفق عليه‪.‬‬ ‫أَنْ َف َق أَح ُد ُكم ِمثْل أ ٍ‬
‫ُحد ذَ َُبًا‪َ ،‬ما بَلَ َغ ُمد أ َ‬
‫َ ْ َ ُ‬
‫‪748‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سوٍر لَهُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{قِ ِ‬


‫ ٍ بَ ْي نَ ُه ْم ب ُ‬ ‫ض ِر َ‬ ‫ورا} {الله يستهزأ بهم}‪{ .‬فَ ُ‬ ‫سوا نُ ً‬ ‫اء ُك ْم فَالْتَم ُ‬
‫يل ْارج ُعوا َوَر َ‬ ‫َ‬
‫ا ٍ}‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫اطنُهُ فِ ِيه َّ‬‫با ٍ ب ِ‬
‫الر ْح َمةُ َوظَاُ ُرهُ م ْن قبَله ال َْع َذ ُ‬ ‫َ ٌَ‬
‫ض َي‬‫ود‪ ،‬ر ِ‬ ‫ال اللَّهُ تَ عالَى‪{ :‬وب ي نَ هما ِحجا ٍ} والله قدير‪َ .‬ع ِن اب ِن مسع ٍ‬ ‫ُُ َو الَّ ِذ قَ َ‬
‫ْ َ ُْ َ‬ ‫ََْ ُ َ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ال‪َ :‬ما َكا َن بَيْ َن إِ ْس ََل ِمنَا َوبَ ْي َن أَ ْن َعاتَبَ نَا اللَّهُ بِ َه ِذهِ ْاْليَِة {أَلَ ْم يَأْ ِن‬ ‫اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬
‫ين " مسلم‪" .‬‬ ‫[اْليةَ] إََِّل أَربع ِسنِ‬ ‫ْ‬ ‫}‬ ‫شع قُلُوب هم لِ ِذ ْك ِر اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫وا‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫آم‬ ‫ين‬ ‫ذ‬‫لِلَّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لِ ُك ِل َع َم ٍل ِش َّرةٌ‪َ ،‬ولِ ُك ِل ِش َّرةٍ فَ ْت َرةٌ" صحيح‪.‬‬
‫ا ٍ ِم ْن قَ ْب ِل أَ ْن‬‫ض َوَل فِي أَنْ ُف ِس ُك ْم إَِل فِي كِتَ ٍ‬ ‫األر ِ‬ ‫{ما أَصا ِ ِ ٍ ِ‬
‫ ٍ م ْن ُمصيبَة في ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ات و ْاألَر ِ ِ‬
‫ْف‬‫ين أَل َ‬ ‫ض ب َخ ْمس َ‬ ‫الس َم َو ِ َ ْ َ‬ ‫"قدر الله المقادير قَ ْب َل أَ ْن يَ ْخلُ َق َّ‬ ‫نَ ْب َرأ ََُا} َّ‬
‫َسنَ ٍة"‪ .‬مسلم‪.‬‬
‫ول‬
‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫َّاس} َع ِن ابْ ِن عُ َم َر قَ َ‬ ‫س َش ِدي ٌد َوَمنَافِ ُع لِلن ِ‬ ‫{وأَنزلْنَا ال ِ ِ ِ‬
‫ْحدي َد فيه بَأْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اع ِة َحتَّى يُعبَد اللَّهُ‬ ‫الس َ‬
‫ف بَ ْي َن يَ َد َّ‬ ‫الس ْي ِ‬
‫ثت بِ َّ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬بُِع ُ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َ‬
‫والصغار َعلَى َم ْن‬ ‫الذلَّةُ ِ‬ ‫ت ِظل رمحي‪ ،‬وجعل ِ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ي‬ ‫يك لَهُ‪ ،‬وج ِعل ِر ْزقِ‬ ‫َو ْح َدهُ ََل َش ِر َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ف أ َْم ِر ‪َ ،‬وَم ْن تَشبَّه بَِق ْوٍم فَ ُه َو ِم ْن ُه ْم" أحمد وأبو داود‪ .‬ينصر الله دينه‬ ‫َخالَ َ‬
‫بالعدل والكتب المحكمة والسيف الماضية‪.‬‬
‫أقام النبي بمكة بعد البوة ثَلث عشرة سنة لبيان التوحيد فلما قامت الحجة‬
‫على المخالفين أمر بالقتال بالسيوف‪.‬‬
‫ت‬ ‫يسى ابْ ِن َم ْريَ َم‪َ ،‬علَْي ِه َّ‬
‫الس ََل ُم‪ ،‬ف َق َام ْ‬ ‫بدلت الملوك والْجبابِرة دين الله ب ع َد ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ََ َ‬
‫ْجبَابَِرَة ف ُقتلت‬ ‫ِ‬ ‫طائفة فَ َدع ْ ِ ِ َّ ِ ِ ِ‬
‫يسى ابْ ِن َم ْريَ َم‪ ،‬فَ َقاتَلَت ال َ‬ ‫ت إلَى دي ِن الله َودي ِن ع َ‬ ‫َ‬
‫ت بَيْ َن‬ ‫ت طَائَِفةٌ أُ ْخرى لَ ْم يَ ُك ْن لَ َها قُ َّوةٌ بِال ِْقتَ ِ‬
‫ال‪ ،‬فَ َق َام ْ‬ ‫ت‪ ،‬ثُ َّم قَ َام ْ‬
‫ت َونَ َج ْ‬
‫صبَ َر ْ‬
‫فَ َ‬
‫َ‬
‫‪749‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َوقُ ِط َع ْ‬ ‫يسى ابْ ِن َم ْريَ َم‪ ،‬فَ ُقتِلَ ْ‬ ‫ِ ِ َّ ِ ِ ِ‬ ‫وك وال ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ْجبَاب َرة فَ َد َع ْوا إلَى دي ِن الله َودي ِن ع َ‬ ‫ال ُْملُ َ َ‬
‫ت طَائَِفةٌ أُ ْخ َرى لَ ْم يَ ُك ْن لَ َها‬ ‫اشي ِر وح ِرقَ ْ ِ ِ‬ ‫بِالْمنَ ِ‬
‫ت‪ .‬ثُ َّم قَ َام ْ‬‫ت َونَ َج ْ‬ ‫صبَ َر ْ‬‫ت بِالن َيران‪ ،‬فَ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ت‪َ ،‬و ُُ ُم‬ ‫ت َوتَ َرَُّبَ ْ‬ ‫ال فَ تَ َعبَّ َد ْ‬‫ْجبَ ِ‬‫ت بِال ِ‬ ‫ام بِال ِْق ْس ِط‪ ،‬فَ لَ ِح َق ْ‬
‫ََ‬‫ي‬ ‫ال ولَم تُ ِط ِق ال ِ‬
‫ْق‬ ‫ِ‬
‫قُ َّوةٌ بِالْقتَ ِ َ ْ‬
‫اُا َعلَْي ِه ْم} {إن كثيرا‬ ‫وُا َما َكتَ ْب نَ َ‬‫{وَر ُْبَانِيَّةً ابْتَ َد ُع َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين ذَ َك َرُُ ُم اللهُ‪َ ،‬ع َّز َو َج َّل‪َ :‬‬‫الذ َ‬
‫من األحبار والرُبان ليأكلون أموال الناس بالباطل}‬
‫َج َرُُ ْم َم َّرتَيْ ِن أَنْ َز َل‬ ‫ال َس ِعي ُد بْ ُن ُجبَ ْي ٍر‪ :‬لَ َّما افْ تَ َخر أُل الْكِتَ ِ‬
‫ا ٍ بِأَنَّ ُه ْم يُ ْؤتَ ْو َن أ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َ ُ‬
‫آمنُوا بَِر ُسولِ ِه‬ ‫اللَّه ُ ِذهِ ْاْليةَ فِي ح ِق ُ ِذهِ ْاأل َُّم ِة‪{ :‬يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا اتَّ ُقوا اللَّه و ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫يُ ْؤتِ ُك ْم كِ ْفلَْي ِن ِم ْن َر ْح َمتِ ِه} َوَرَواهُ ابْ ُن َج ِري ٍر َع ْنهُ‪.‬ورجحه الشيخ محمد الشنقيطي‪.‬و‬
‫ْكتَ ِ‬
‫ا ٍ‪َ ،‬وأَنَّ ُه ْم يُ ْؤتَ ْو َن‬ ‫اس‪ :‬أَنَّهُ حمل َُ ِذهِ ْاْليةَ َعلَى م ْؤِمنِي أَ ُْ ِل ال ِ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِ‬
‫ص‪.‬‬ ‫َج َرُُ ْم َم َّرتَ ْي ِن َك َما في ْاْليَة الَّتي في الْ َق َ‬
‫أْ‬

‫سورة المجادلة‪ :‬مدنية‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‪ :‬تَ بار َك الَّ ِذ أَوعى سمعه ُك َّل َشي ٍ‬ ‫َع ْن َعائِ َ‬
‫َس َم ُع َك ََل َم‬
‫ْ‬ ‫أل‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ ْ ُُ‬ ‫شةَ‪ ،‬أَنَّ َها قَالَ ْ َ َ‬
‫صلَّى‬ ‫ضه‪ ،‬و ُِي تَ ْشت ِكي َزوجها إِلَى رس ِ ِ‬ ‫َخولَةَ بِْن ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ت ثَ ْعلَبَةَ‪َ ،‬ويَ ْخ َفى َعلَ َّي بَ ْع ُ ُ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ول اللَّ ِه‪ ،‬أَ َك َل َشبَابِي‪ ،‬ونَثَرت لَهُ بَطْنِي‪َ ،‬حتَّى‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪َ ،‬و ُِ َي تَ ُق ُ‬
‫ول‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫ت‪ :‬فَ َما‬ ‫ك‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫اُر ِمنِي‪ ،‬اللَّ ُه َّم إِنِي أَ ْش ُكو إِلَْي َ‬
‫إِذَا َكبُ َرت ِسنِي‪َ ،‬وانْ َقطَ َع َولَ ِد ‪ ،‬ظَ َ‬
‫ك فِي‬ ‫ت حتَّى نَز َل ِجب ِريل بِه ِذهِ ْاْلي ِة‪{ :‬قَ ْد س ِمع اللَّهُ قَ و َل الَّتِي تُج ِ‬
‫ادلُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫بَ ِر َح ْ َ َ ْ ُ َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫الص ِام ِ‬
‫س بْ ُن َّ‬ ‫َزْو ِج َها} َوقَ َ‬
‫ال َوَزْو ُج َها أ َْو ُ‬
‫‪750‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫س بْ ِن ا َّ ِ ِ‬ ‫في‪َ -‬واللَّ ِه‪َ -‬وفِي أ َْو ِ‬ ‫َعن ُخويْ لَةَ بِْن ِ‬


‫ص ْد َر‬ ‫لصامت أَنْ َز َل اللَّهُ َ‬ ‫ت‪َّ :‬‬ ‫ت ثَ ْعلَبَةَ قَالَ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫اء ُخلُ ُقهُ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت‪ُ :‬ك ْن ُ ِ‬ ‫ادلَ ِة"‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ورةِ "ال ُْم َج َ‬
‫ت ع ْن َدهُ َوَكا َن َش ْي ًخا َكب ًيرا قَ ْد َس َ‬ ‫ُس َ‬
‫ت‪ :‬ثُ َّم‬ ‫علي َكظَ ْه ِر أ ُِمي‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ت َّ‬ ‫ال‪ :‬أَنْ ِ‬ ‫ب فَ َق َ‬ ‫ض‬‫شي ٍء فَ غَ ِ‬ ‫علي يَ ْوًما فَ ر َ ِ‬
‫َ‬ ‫اج ْعتُهُ ب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫فَ َد َخ َل َّ‬
‫علي فَِإ َذا ُُ َو يُ ِري ُدنِي َع ْن نَ ْف ِسي‪.‬‬ ‫اعةً‪ ،‬ثُ َّم َد َخ َل َّ‬ ‫اد قَ ْوِم ِه َس َ‬ ‫َخرج فَجلَس فِي نَ ِ‬
‫ََ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫ْت‪َ :‬ك ََّل والَّ ِ‬
‫ْت‪،‬‬ ‫ْت َما قُل َ‬ ‫إلي َوقَ ْد قُل َ‬ ‫ص َّ‬ ‫س ُخ َويْ لَةَ بِيَده‪ََ ،‬ل تَ ْخلُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ت‪ :‬قُل ُ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ت ِم ْنهُ‪ ،‬فَ غَلَْب تُهُ بِ َما‬ ‫ت‪ :‬فَ َواثَبَنِي َوا ْمتَ نَ ْع ُ‬ ‫َحتَّى يَ ْح ُك َم اللَّهُ َوَر ُسولُهُ فِينَا بِ ُح ْك ِم ِه‪ .‬قَالَ ْ‬
‫ض‬‫خرجت إِلَى بَ ْع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت‪ :‬ثُ َّم‬ ‫يف‪ ،‬فَأَلْ َق ْي تُهُ َعنِي‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫الض ِع َ‬ ‫الش ْي َخ َّ‬ ‫ب بِِه ال َْم ْرأَةُ َّ‬ ‫تَ غْلِ‬
‫ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ت رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬
‫ِ‬
‫خرجت َحتَّى ج ْئ ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت ِم ْن َها ثِيَابًا‪ ،‬ثُ َّم‬ ‫استَ َع ْر ُ‬‫اراتِي‪ ،‬فَ ْ‬ ‫َج َ‬
‫ْت أَ ْش ُكو إِلَْي ِه ما أَلْ َقى‬ ‫يت ِم ْنهُ‪َ ،‬و َج َعل ُ‬ ‫ت لَهُ َما لَ ِق ُ‬ ‫ت بَ ْي َن يَ َديْ ِه‪ ،‬فَ َذ َك ْر ُ‬ ‫س ْ‬ ‫َّ‬
‫َو َسل َم‪ ،‬فَ َجلَ َ‬
‫ول‪" :‬يَا ُخ َويْ لَةُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ‬ ‫ول اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ق‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫وء ُخلُِق ِ‬
‫ه‬ ‫ِمن س ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ت َحتَّى نَ َز َل‬ ‫ت‪ :‬فَ َواللَّ ِه َما بَ ِر ْح ُ‬ ‫ك َش ْي ٌخ َكبِ ٌير‪ ،‬فَاتَِّقي اللَّهَ فِ ِيه"‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫(‪ )1‬ابن َع ِم ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ر‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫ش‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫م‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ‬ ‫َ‬
‫ول اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫شى َر ُس ُ‬ ‫في الْ ُق ْرآ ُن‪ ،‬فَ تَ غَ َّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احبِ ِ‬‫يك وفِي ص ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َع ْنه‪ ،‬فَ َق َ ِ‬
‫لي‪:‬‬‫ك"‪ .‬ثُ َّم قَ َرأَ ع َّ‬ ‫ال لي‪" :‬يَا ُخ َويْ لَةُ (‪ )2‬قَ ْد أَنْ َز َل اللَّهُ ف َ َ‬ ‫ُ‬
‫ك فِي َزْو ِج َها َوتَ ْشتَ ِكي إِلَى اللَّ ِه َواللَّهُ يَ ْس َم ُع‬ ‫ادلُ َ‬ ‫{قَ ْد س ِمع اللَّهُ قَ و َل الَّتِي تُج ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ال‬
‫ت‪ :‬فَ َق َ‬ ‫يم} قَالَ ْ‬ ‫صير} إِلَى قَ ولِ ِه‪{ :‬ولِلْ َكافِ ِرين َع َذ ِ‬ ‫تَحاورُكما إِ َّن اللَّهَ س ِم ٌ ِ‬
‫ا ٍ أَل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يع بَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫"مريه فَ لْيُ ْعتِ ْق َرقَ بَةً"‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫لِي رس ُ ِ‬
‫ْت يَا‬
‫ت‪ :‬فَ ُقل ُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪ُ :‬‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫ْت‪:‬‬ ‫ت‪ :‬فَ ُقل ُ‬ ‫ص ْم َش ْه َريْ ِن ُمتَ تَابِ َع ْي ِن"‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ْي‬‫ل‬ ‫"ف‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬ما ِع ْن َدهُ ما ي ْعتِ‬ ‫َر ُس َ‬
‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ين ِم ْس ِكينًا َو ْس ًقا ِم ْن‬ ‫ِ ِِ‬
‫ال‪" :‬فَ لْيُطْع ْم ست َ‬ ‫صيَ ٍام‪ .‬قَ َ‬ ‫واللَّ ِه إِنَّهُ َش ْي ٌخ َكبِير‪ ،‬ما بِِه ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ت‪ :‬فَ َق َ َ ُ‬ ‫اك ِع ْن َدهُ‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬ما ذَ َ‬ ‫ْت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ت‪ :‬فَ ُقل ُ‬ ‫تَمر"‪ .‬قَالَ ْ‬
‫‪751‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬وأَنَا‬ ‫ْت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ت‪ :‬فَ ُقل ُ‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬فَِإنَّا َسنُ ِعينُهُ َبع َر ٍق ِم ْن تَ ْم ٍر"‪ .‬قَالَ ْ‬
‫ص َّدقِي بِِه َع ْنهُ‪ ،‬ثُ َّم‬ ‫ال‪" :‬فَ َق ْد أَص ْب ِ‬ ‫ُعينُهُ َبع َر ٍق َ‬ ‫سأ ِ‬
‫وأحس ْنت‪ ،‬فَا ْذ َُبِي فَ تَ َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫آخ َر‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ‬
‫ْت َوَرَواهُ أَبُو َد ُاو َد وأحمد‪.‬‬ ‫ت‪ :‬فَ َف َعل ُ‬ ‫ك َخ ْي ًرا"‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫صي بِابْ ِن َع ِم ِ‬ ‫استَ و ِ‬
‫ْ ْ‬
‫يح بَ ْي َن ْاألُِم‬ ‫الص ِح ِ‬‫اُلِيَّ ِة طَََلقًا قال ابن كثير ََل فَ ْر َق َعلَى َّ‬ ‫وَكا َن ال ِظهار ِع ْن َد الْج ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ف َوا ْألَئِ َّمةُ فِي ال ُْم َر ِاد‬ ‫السلَ ُ‬
‫ف َّ‬ ‫َوبَ ْي َن غَْي ِرَُا ِم ْن َسائِ ِر ال َْم َحا ِرم‪ .‬وفيه خَلف‪ .‬ا ْختَ لَ َ‬
‫الظ َها ِر َزَمانًا‬ ‫الش ِاف ِع ُّي‪ُ :‬و أَ ْن يم ِس َكها ب ع َد ِ‬
‫ُ َ ُْ َ َ ْ‬ ‫ال َّ‬ ‫ودو َن لِ َما قَالُوا} َوقَ َ‬ ‫بَِق ْولِ ِه‪{ :‬ثُ َّم يَ ُع ُ‬
‫يُ ْم ِكنُهُ أَ ْن يُطَلِ َق فِ ِيه فَ ََل يُطَلِ َق‪.‬‬
‫ْج َم ِاع أ َْو يَ ْع ِزَم َعلَْي ِه فَ ََل تَ ِح ُّل لَهُ َحتَّى‬ ‫ود إِلَى ال ِ‬ ‫َح َم ُد بْ ُن َح ْن بَ ٍل‪َ ُُ :‬و أَ ْن يَ ُع َ‬ ‫ال أ ْ‬ ‫َوقَ َ‬
‫اإلمس ِ‬
‫اك‬ ‫ِ‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫و‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫اع‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‪ :‬أَنَّهُ الْع ْزم َعلَى ال ِ‬
‫ْج‬ ‫ي َك ِفر بِ َه ِذهِ الْ َك َّفارةِ‪ .‬وقَ ْد ح ِكي َعن مالِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ َْ‬ ‫ُ َ‬
‫ان‪،‬‬‫اإليم ِ‬ ‫ِ‬‫ْ‬ ‫الرقَ بَةُ ُمطْلَ َقةٌ غَ ْي ر ُم َقيَّ َدةٍ بِ‬
‫اع‪{ .‬فَ تَ ْح ِر ُير َرقَ بَ ٍة} فَ َها ُُنَا َّ‬ ‫ْج َم ُ‬ ‫و َع ْنهُ أَنَّهُ ال ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اإليم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفِي َك َّف ِ‬
‫ان‪ ،‬فاختلفوا فيها‪.‬‬ ‫ارة الْ َق ْت ِل ُم َقيَّ َدةٌ ب ِْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سوهُ َواللَّهُ} {مال‬ ‫َح َ َّ‬
‫صاهُ اللهُ َونَ ُ‬ ‫{ يَ ْوَم يَ ْب َعثُ ُه ُم اللَّهُ َج ِم ًيعا فَ يُ نَ بِئُ ُه ْم بِ َما َع ِملُوا أ ْ‬
‫سماو ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫َن اللَّهَ يَ ْعلَ ُم َما في ال َّ َ َ‬ ‫ُذا الكتب َل يغادر صغيرة وَل كبيرة} {أَلَ ْم تَ َر أ َّ‬
‫ض ما ي ُكو ُن ِمن نَجوى ثََلثٍَة} قال ابن كثير ح َكى غَي ر و ِ‬
‫اح ٍد‬ ‫ِ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫األر ِ َ َ‬ ‫َوَما في ْ‬
‫َح َم ُد‪:‬‬ ‫ام أ ْ‬ ‫ال ِْ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫اد بِ َه ِذهِ ْاْليَِة َم ِعيَّةُ ِعل ِْم اللَّ ِه تَ َعالَى‪ .‬قَ َ‬ ‫َن ال ُْم َر َ‬ ‫اع َعلَى أ َّ‬ ‫اإل ْج َم َ‬ ‫ِْ‬
‫افْ تَ تَ َح ْاْليَةَ بِال ِْعل ِْم‪َ ،‬وا ْختَ تَ َم َها بِال ِْعل ِْم‪.‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ود َكا َن بَ ْي َن النَّبِ ِي َ‬ ‫َّج َوى} الْيَ ُه ُ‬ ‫ين نُ ُهوا َع ِن الن ْ‬
‫َّ ِ‬
‫{أَلَ ْم تَ َر إِلَى الذ َ‬
‫ا ٍ النَّبِ ِي‬ ‫ِ‬ ‫وسلَّم وب ين الْي ه ِ‬
‫َص َح ِ‬ ‫اد َعةٌ [مصالحة] َوَكانُوا إِ َذا َم َّر بِ ِه ْم َر ُج ٍل م ْن أ ْ‬ ‫ود ُم َو َ‬ ‫َ َ َ ََْ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ‬
‫اج ْو َن‬‫اج ْو َن بَ ْي نَ ُه ْم‪َ ،‬حتَّى يَظُ َّن ال ُْم ْؤم ُن أَنَّ ُه ْم يَتَ نَ َ‬ ‫سوا يَتَ نَ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫‪752‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ك َخشيهم‪ ،‬فَ تَ َر َك طَ ِري َقهُ‬ ‫بَِق ْتلِ ِه‪-‬أ َْو‪ :‬بِ َما يَ ْك َرهُ ال ُْم ْؤِم ُن‪-‬فَِإ َذا َرأَى ال ُْم ْؤِم ُن َذلِ َ‬
‫ادوا إِلَى‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َع ِن النَّ ْج َوى‪ ،‬فَ لَ ْم يَ ْن تَ ُهوا َو َع ُ‬ ‫اُ ُم النَّبِ ُّي َ‬‫َعلَْي ِه ْم‪ .‬فَ نَ َه ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ُه ُ‬
‫ود‬ ‫ت‪َ :‬د َخل َعلَ َّي رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫شةَ قَالَ ْ‬ ‫َّج َوى‪َ .‬ع ْن َعائِ َ‬ ‫الن ْ‬
‫شةُ‪َ :‬و َعلَْي ُك ُم السام و [اللعنة]‬ ‫ت َعائِ َ‬ ‫اس ِم‪ .‬فَ َقالَ ْ‬ ‫ك يا أَبا الْ َق ِ‬
‫ام َعلَيْ َ َ َ‬ ‫الس ُ‬
‫فَ َقالُوا‪َّ :‬‬
‫ب‬‫شةُ‪ ،‬إِ َّن اللَّهَ ََل يُ ِح ُّ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬يَا َعائِ َ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ت‪ :‬فَ َق َ َ ُ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ْت‪ :‬أَََل تَ ْس َم ُع ُه ْم يَ ُقولُو َن‪ :‬السام عليك؟ فقال رسول‬ ‫ٍ"‪ .‬قُل ُ‬ ‫ٍ َوََل التَّ َف ُّح َ‬ ‫الْ ُف ْح َ‬
‫وك َحيَّ ْو َك بِ َما لَ ْم‬ ‫الله‪" :‬أو ما س ِم ْع ِ‬
‫{وإِذَا َجاءُ َ‬ ‫ول َو َعلَْي ُك ْم؟ "‪ .‬فَأَنْ َز َل اللَّهُ‪َ :‬‬ ‫ت أَقُ ُ‬ ‫َ‬
‫ك بِِه اللَّهُ} مسلم‬ ‫يُ َحيِ َ‬
‫الذ ُام َواللَّ ْعنَةُ‪َ .‬وأَ َّن َر ُس َ‬
‫ول‬ ‫ام َو َّ‬‫الس ُ‬
‫ت لَ ُه ْم‪َ :‬علَْي ُك ُم َّ‬ ‫الص ِح ِ‬
‫يح أَنَّ َها قَالَ ْ‬ ‫َوفِي ِرَوايٍَة فِي َّ‬
‫ا ٍ لَ ُه ْم فِينَا"‬ ‫ِ‬
‫ا ٍ لَنَا في ِه ْم‪َ ،‬وََل يُ ْستَ َج ُ‬ ‫ال‪" :‬إِنَّهُ يُ ْستَ َج ُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َ‬
‫ا ٍ فَ ُقولُوا َو َعلَْي ُك ْم» مسلم عن انس بن مالك‪.‬‬ ‫ْكتَ ِ‬‫«إِ َذا سلَّم َعلَي ُكم أَ ُْل ال ِ‬
‫َ َ ْ ْ ُ‬
‫ارُِ ْم َش ْي ئًا إَِل بِِإ ْذ ِن‬
‫ضِ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬‫و‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫آم‬ ‫ين‬ ‫ان لِيحز َن الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫الش ْيطَ ِ‬‫َّ‬ ‫ن‬ ‫{إِنَّما النَّجوى ِ‬
‫م‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫اللَّ ِه} النجوى مشروعة إن كانت في خير وطاعة { َل خير في كثير من نجواُم‬
‫ان ُدو َن ص ِ‬
‫احبِ ِه َما‪ ،‬فَِإ َّن ذَلِ َ‬ ‫ين اثْ نَ ِ‬
‫ك يُ ْح ِزنُهُ"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫إَل من‪" }..‬إِذَا ُك ْن تُ ْم ثَََلثَةً فَ ََل َ‬
‫يتناج َّ‬
‫ث إََِّل‬ ‫ٍ‪" .‬إِ َذا كنتم ثَلثة فَل يتناجى اثْ نَا ِن ُدو َن الثَّالِ ِ‬ ‫يث ْاألَ ْع َم ِ‬ ‫وأَ ْخرجاهُ ِمن ح ِد ِ‬
‫َ ََ ْ َ‬
‫ك يُ ْح ِزنُهُ" مسلم‪ .‬وكذلك اللغة‪.‬‬ ‫بِِإ ْذنِِه؛ فَِإ َّن ذَلِ َ‬

‫‪753‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سحوا فِي الْمجالِ‬ ‫{ يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا إِذَا قِ‬


‫س ِح اللَّهُ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َُ َ َ‬ ‫وا‬‫ح‬ ‫س‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫ف‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬
‫َ ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫يل‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ال‪ِ َ :‬‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫َن رس َ ِ‬
‫الر ُج ُل‬ ‫يم َّ‬ ‫"َل يُق ُ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫لَ ُك ْم } َعن ابْ ِن ُع َم َر‪ ،‬أ َّ َ ُ‬
‫وسعوا"‪.‬متفق عليه‪ .‬وكان ابن‬ ‫س ُحوا وتَ َّ‬ ‫س فِ ِيه‪َ ،‬ولَ ِك ْن تَ َف َّ‬ ‫الرجل ِمن مجلِ ِس ِه فَ يجلِ‬
‫َْ َ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ ْ‬
‫ب‬ ‫َح َّ‬‫صأَ‬ ‫السنَ ِن أَنَّهُ لَ ْم يَ ُك ْن َش ْخ ٌ‬ ‫اء فِي ُّ‬ ‫عمر َل يجلس من مكان قيم له‪َ .‬وقَ ْد َج َ‬
‫ومو َن لَهُ‪ ،‬لِ َما‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫إِلَْي ِه ْم ِم ْن ر ُس ِ‬
‫اء ََل يَ ُق ُ‬‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم‪َ ،‬وَكا َن إِذَا َج َ‬ ‫َ‬
‫ك‪.‬‬‫اُتِ ِه لِ َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫يَ ْعلَ ُمو َن م ْن َك َر َ‬
‫تبوأ َم ْق َع َده ِم َن النَّا ِر" رواه الترمذ وقال‬ ‫ال قِيَ ًاما فَ لْيَ َّ‬ ‫َّل لَهُ ِ‬
‫الر َج ُ‬ ‫"م ْن سره أَ ْن يَتَمث َ‬ ‫َ‬
‫ُذا حديث حسن‪.‬‬
‫ض ُل‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬فَ ْ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬
‫ٍ‬
‫ْم َد َر َجات } قَ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ين أُوتُوا الْعل َ‬
‫َّ ِ‬
‫{ َوالذ َ‬
‫ضلِي َعلَى أَ ْدنَا ُك ْم» رواه الترمذي وصححه األلباني‪.‬‬ ‫العابِ ِد َك َف ْ‬
‫العال ِم َعلَى َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫الرس َ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ص َدقَةً ‪..‬إلى‬ ‫ول فَ َقد ُموا بَ ْي َن يَ َد ْ نَ ْج َوا ُك ْم َ‬ ‫آمنُوا إِ َذا نَ َ‬
‫اج ْي تُ ُم َّ ُ‬ ‫ين َ‬ ‫{ يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫يل‪ :‬إِنَّهُ لَ ْم يَ ْع َم ْل بِ َه ِذهِ ْاْليَِة قَ ْب َل‬
‫َ‬
‫ك َعنْ هم‪ .‬وقَ ْد قِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫آخره‪ } .‬فَ نُس َخ وجو ٍ ذَلِ‬
‫َ ُُ ُ‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪.‬‬ ‫ب‪ ،‬ر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫نَس ِخها ِسوى َعلِ ِي ب ِن أَبِي طَالِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ك َخ ْي ٌر لَ ُك ْم َوأَط َْه ُر } { ُخ ْذ ِم ْن أ َْم َوالِ ِه ْم‬ ‫ص َدقَةً َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫{ فَ َقد ُموا بَ ْي َن يَ َد ْ نَ ْج َوا ُك ْم َ‬
‫ص َدقَةً تُطَ ِه ُرُُ ْم َوتُ َزكِي ِه ْم بِ َها }‬
‫َ‬

‫‪754‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َلء }‬ ‫َلء وَل إِلَى ُؤ ِ‬ ‫{ ما ُم ِم ْن ُكم وََل ِم ْن هم } { م َذب َذبِين ب ين َذلِك ََل إِلَى ُؤ ِ‬
‫َُ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ ْ َ َْ َ َ‬ ‫َ ُْ ْ َ ُْ‬
‫الشاةِ‬
‫ال‪َ « :‬مثَ ُل ال ُْمنَافِ ِق‪َ ،‬ك َمثَ ِل َّ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬قَ َ‬ ‫َع ِن ابْ ِن ُع َم َر‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬
‫ال َْعائَِرةِ بَ ْي َن الْغَنَ َم ْي ِن تَ ِع ُير إِلَى َُ ِذهِ َم َّرةً َوإِلَى َُ ِذهِ َم َّرةً» رواه مسلم‪( .‬العائرة)‬
‫المترددة الحائرة ال تدري أيهما تتبع (تعير) أي تتردد وتذهب‪.‬‬
‫سبُو َن أَنَّ ُه ْم َعلَى َش ْي ٍء} {ثُ َّم لَ ْم تَ ُك ْن فِ ْت نَ تُ ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{فَ يَ ْحل ُفو َن لَهُ َك َما يَ ْحل ُفو َن لَ ُك ْم َويَ ْح َ‬
‫ض َّل َع ْن ُه ْم‬ ‫ف َك َذبُوا َعلَى أَنْ ُف ِس ِه ْم َو َ‬‫ين انْظُْر َك ْي َ‬ ‫َ‬
‫إَِل أَ ْن قَالُوا واللَّ ِه ربِنَا ما ُكنَّا م ْش ِركِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫َما َكانُوا يَ ْفتَ ُرو َن}‬
‫الشيطَا ُن فَأَنْساُم ِذ ْكر اللَّ ِه} عن أَبِي َّ ِ‬
‫ول‬
‫ت َر ُس َ‬ ‫الد ْر َداء‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫{استَ ْح َوذَ َعلَْي ِه ُم َّ ْ‬‫ْ‬
‫ام فِي ِه ُم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍِ‬ ‫ول‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"ما م ْن ثَََلثَة في قَ ْريَة بَ ْدو‪ََ ،‬ل تُ َق ُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ َ‬ ‫اللَّه َ‬
‫ِ‬ ‫ك بِالْجم َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫اعة‪ ،‬فَِإنَّ َما يَأْ ُك ُل الذئْ ُ‬ ‫الش ْيطَا ُن‪ ،‬فَ َعلَْي َ َ َ‬ ‫الص ََلةُ إََِّل قَد ْ‬
‫استَ ْح َوذَ َعلَْي ِه ُم َّ‬ ‫َّ‬
‫اصيَةَ"‪ .‬رواه أبو داود وحسنه األلباني‪.‬‬ ‫الْ َق ِ‬
‫ض ِعي ًفا }‬ ‫ان َكا َن َ‬ ‫الش ْيطَ ِ‬
‫اس ُرو َن} { إِ َّن َك ْي َد َّ‬ ‫ان ُُم الْ َخ ِ‬‫{أََل إِ َّن ِح ْز ٍ َّ ِ‬
‫الش ْيطَ ُ‬ ‫َ‬
‫ْحيَاةِ ُّ‬
‫الدنْ يَا‬ ‫ِ‬
‫ين آ َمنُوا في ال َ‬
‫{ َكتَب اللَّهُ أل ْغلِب َّن أَنَا ورسلِي} {إِنَّا لَنَ ْنصر رسلَنَا والَّ ِ‬
‫ذ‬
‫ُُ ُ ُ َ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اد }‬ ‫وم األ ْش َه ُ‬ ‫َويَ ْوَم يَ ُق ُ‬
‫اد اللَّ َه َوَر ُسولَهُ } { َولَ ْو‬
‫اْلخ ِر يُ َوادُّو َن َم ْن َح َّ‬‫{َل تَ ِج ُد قَ وما ي ْؤِمنو َن بِاللَّ ِه والْي وِم ِ‬ ‫َ‬
‫َ َْ‬ ‫ًْ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء }‬ ‫َكانُوا يُ ْؤمنُو َن بِاللَّ ِه َوالنَّبِ ِي َوَما أُنْ ِز َل إِلَْي ِه َما اتَّ َخ ُذ ُ‬
‫وُ ْم أ َْوليَ َ‬
‫س ِر َ‬ ‫َّاس َك َفاهُ اللَّ‬ ‫ضاء اللَّ ِه بِس َخ ِ‬
‫اء‬
‫ضَ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫الت‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّاس‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬‫ؤ‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫س ِر َ َ‬ ‫« َم ِن التَ َم َ‬
‫َّاس " رواه الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬ ‫س َخ ِط اللَّ ِه َوَكلَهُ اللَّهُ إِلَى الن ِ‬ ‫الن ِ ِ‬
‫َّاس ب َ‬
‫" أوثق عر اإليمان المواَلة في الله والمعاداة في الله والحب في الله‬
‫‪755‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫والبغض في الله "‪ .‬رواه الطبراني وصححه األلباني‪.‬‬

‫سورة الحشر‪:‬‬
‫ود بَنِي‬ ‫محور السورة‪ .‬وقعة تاريخية على قبيلة يهودية يَ ْعنِي‪ :‬يَ ُه َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم لَ َّما قَ ِد َم المدينة ُادنهم وأعطاُم‬ ‫َّضي ِر‪َ .‬كا َن رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫الن ِ‬
‫ضوا ال َْع ْه َد الَّ ِذ َكا َن بَ ْي نَ ُه ْم َوبَ ْي نَهُ‪،‬‬ ‫َع ْه ًدا َوِذ َّمةً‪َ ،‬علَى أَََّل يُ َقاتِلَ ُه ْم َوََل يُ َقاتِلُوهُ‪ ،‬فَ نَ َق ُ‬
‫يما ذَ َك َرهُ‬ ‫ك فِ‬ ‫َ‬ ‫فَأَح َّل اللَّه بِ ِهم بِأْسه الَّ ِذ ََل مر َّد له‪..‬قال ابن كثير وَكا َن سبب ذَلِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ُ ْ َُ‬
‫ا ٍ ر ُس ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسير‪ :‬أَنَّهُ لَ َّما قُتِل‬
‫ول‬ ‫َص َح ِ َ‬ ‫أصحا ٍ بِْئ ِر َم ُعونَةَ‪ ،‬م ْن أ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا ٍ ال َْمغَا ِز‬
‫َص َح ُ‬ ‫أْ‬
‫الض ْم ِر ُّ ‪،‬‬‫ت ِم ْن ُه ْم َع ْم ُرو بْ ُن أ َُميَّةَ َّ‬ ‫ين‪َ ،‬وأَفْ لَ َ‬ ‫َ َ‬
‫اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم‪ ،‬وَكانُوا س ْب ِ‬
‫ع‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫اج ًعا إِلَى ال َْم ِدينَ ِة قَ تَ َل َر ُجلَيْ ِن ِم ْن بَنِي َع ِام ٍر‪َ ،‬وَكا َن‬ ‫يق ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫فَ لَ َّما َكا َن فِي أَثْ ن ِ‬
‫اء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َوأ ََما ٌن لَ ْم يَ ْعلَ ْم بِِه َع ْم ٌرو‪ ،‬فَ لَ َّما‬ ‫معهما َع ْه ٌد ِمن رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫ََُ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ال لَهُ رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬
‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق َ َ ُ‬
‫رجع أُ ْخبِر رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ََ َ َ َُ‬
‫ْف‬‫َّضي ِر َوبَنِي َع ِام ٍر ِحل ٌ‬ ‫ْت رجلَْي ِن‪ ،‬ألدينَّهما" وَكا َن ب ْين بنِي الن ِ‬
‫َ َ ََ‬ ‫َو َسلَّ َم‪" :‬لََق ْد قَ تَ ل َ َ ُ‬
‫َّضي ِر يَ ْستَ ِعينُ ُه ْم فِي ِديَِة‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم إِلَى بنِي الن ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ج َر ُس ُ‬ ‫َو َع ْه ٌد‪ ،‬فَ َخ َر َ‬
‫ال ِم ْن َها‬ ‫اُر الْم ِدينَ ِة َعلَى أ َْميَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُجلَْي ِن‪َ ،‬وَكا َن َمنَا ِز ُل بَني النَّضي ِر ظَ َ َ‬ ‫ك َّ‬ ‫َذيْنِ َ‬
‫ك‬‫َّضي ِر‪ ،‬يَ ْستَ ِعينُ ُه ْم فِي ِديَِة ذَيْنِ َ‬ ‫ول اللَّ ِه إِلَى بنِي الن ِ‬
‫َ‬ ‫ج َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫َش ْرقيَّ َها‪ ....‬ثُ َّم َخ َر َ‬
‫ْج َوا ِر الَّ ِذ َكا َن‬ ‫الضم ِر ُّ ؛ لِل ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫الْ َقتيلَْي ِن م ْن بَني َعام ٍر‪ ،‬اللَّ َذيْ ِن قَ تَ َل َع ْم ُرو بْ ُن أ َُميَّةَ َّ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَي ِه وسلَّم َع َق َد لَهما‪...‬فَ لَ َّما أَتَا ُُم رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫َُ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ك‬ ‫اس ِم‪ ،‬نُِعينُ َ‬ ‫ك الْ َقتِيلَي ِن قَالُوا‪ :‬نَعم‪ ،‬يا أَبا الْ َق ِ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ْستَ ِعينُ ُه ْم فِي ِديَِة َذيْنِ َ‬
‫َْ َ َ‬ ‫ْ‬

‫‪756‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ض فَ َقالُوا‪ :‬إِنَّ ُك ْم لَ ْن‬ ‫ض ُه ْم بِبَ ْع ٍ‬‫ت بِنَا َعلَْي ِه‪ .‬ثُ َّم َخ ََل بَ ْع ُ‬ ‫استَ َع ْن َ‬ ‫َعلَى ما أَحب ب َ ِ‬
‫ت‪ ،‬م َّما ْ‬ ‫َ َْْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم إِلَى َج ْن ِ‬ ‫الرجل َعلَى ِمثْ ِل حالِ ِه َُ ِذهِ ‪-‬ورس ُ ِ‬ ‫تَ ِ‬
‫ب‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫وا‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ج‬
‫يحنَا‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬
‫ً‬‫ر‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ص‬ ‫ت‪ ،‬فَ ي ل ِْقي َعلَي ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ِج َدا ٍر ِمن ب يوتِ ِهم‪-‬فَمن رجل ي ْعلُو َعلَى َُ َذا الْب ْي ِ‬
‫َ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُُ ْ َ َ ُ ٌ َ‬
‫فصع َد‬ ‫ال‪ :‬أَنَا لِ َذلِ َ‬ ‫اش بْ ِن َك ْع ٍ‬ ‫ك َع ْم ُرو بْ ُن ِج َح ِ‬ ‫ ٍ لِ َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‪َ ،‬‬ ‫ب أح ُدُم‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫م ْنهُ؟ فَانْ تُد َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِي نَ َف ٍر ِم ْن‬ ‫ال‪ ،‬ورس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ص ْخ َرةً َك َما قَ َ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ليُ لْق َي َعلَْيه َ‬
‫ِ ِ‬
‫صلَّى‬ ‫ضي اللَّهُ َع ْن هم‪ .‬فَأَتَى رس َ ِ‬ ‫َصحابِِه‪ ،‬فِي ِهم أَبو ب ْك ٍر و ُعمر و َعلِي‪ ،‬ر ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُ َ َ َُ َ‬ ‫أَْ‬
‫اج ًعا إِلَى ال َْم ِدينَ ِة‪،‬‬ ‫اد الْ َقوم‪ ،‬فَ َقام و َخرج ر ِ‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه و َسلَّم الْ َخبَ ر ِمن َّ ِ ِ‬
‫الس َماء ب َما أ ََر َ ْ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫َص َحابُهُ قَ ُاموا فِي طَلَبِ ِه فَ لَ ُقوا َر ُج ًَل‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أ ْ‬ ‫ث النَّبِ َّي َ‬ ‫استَ لْبَ َ‬ ‫فَ لَ َّما ْ‬
‫ِ‬ ‫م ْقبِ ًَل ِمن الْم ِدينَ ِ‬
‫ا ٍ‬
‫ص َح ُ‬ ‫ال‪َ :‬رأَيْ تُهُ َداخ ًَل ال َْم ِدينَةَ‪ .‬فَأَقْبَ َل أَ ْ‬ ‫سأَلُوهُ َع ْنهُ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َحتَّى انْ تَ َه ْوا إِلَْي ِه‪ ،‬فَأَ ْخبَ َرُُ ُم الْ َخبَ َر بِ َما َكانَ ْ‬ ‫رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم بِالتَّ َهيُّ ِؤ لِ َح ْربِ ِه ْم‬ ‫ت ِمن الْغَ ْد ِر بِِه‪ ،‬وأَمر ُ ِ‬
‫رسول اللَّه َ‬ ‫َ ََ‬ ‫اد ْ َ‬ ‫ود أ ََر َ‬
‫يَ ُه ُ‬
‫رسول‬
‫ون‪ ،‬فَأَ َم َر ُ‬ ‫صنُوا ِم ْنهُ فِي الْحص ِ‬ ‫ار َحتَّى نَ َز َل بِ ِه ْم فَ تَ َح َّ‬ ‫س‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫س‬‫والْم ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫اد ْوهُ‪ :‬أَ ْن يَا ُم َح َّم ُد‪ ،‬قَ ْد‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم بَِقطْ ِع النَّ ْخ ِل والتَّحريق فِ َيها‪ .‬فَ نَ َ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َ‬
‫ال قَطْ ِع النَّ ْخ ِل َوتَ ْح ِر ِيق َها؟‬ ‫صنَ َعهُ‪ ،‬فَ َما بَ ُ‬ ‫ت تَ ْن َهى َع ِن الْ َف ِ ِ‬
‫ساد َوتَعيبُهُ َعلَى َم ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ُك ْن َ‬
‫ول‪،‬‬ ‫ط ِم ْن بَنِي عوف بن الخزرج‪ ،‬منهم عبد الله ابن أُبَ ِي [بْ ِن] َسلُ ٍ‬ ‫َوقَ ْد َكا َن َر ُْ ٌ‬
‫َّضي ِر‪ :‬أ ِ‬
‫َن‬ ‫اعس‪ ،‬قَ ْد ب عثُوا إِلَى بنِي الن ِ‬ ‫ك بن أَبِي قَ وقَ ٍل وسويد ود ِ‬ ‫ُ‬ ‫ووِديعةُ‪ ،‬ومالِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ ََ‬
‫اثْ بُ تُوا وتَ َمنَّعوا فَِإنَّا لَ ْن نُ ْسلِ َم ُك ْم‪ ،‬إِ ْن قُوتِلْتُ ْم قَاتَلْنَا َم َع ُك ْم‪َ ،‬وإِ ْن أُ ْخ ِر ْجتُ ْم َخ َرجنا‬
‫ب‪،‬‬ ‫ف اللَّهُ فِي قُلُوبِ ِه ُم ُّ‬ ‫ص ِرُِ ْم‪ ،‬فَ لَ ْم يَ ْف َعلُوا‪َ ،‬وقَ َذ َ‬ ‫مع ُكم فَ ت ربَّصوا َذلِ َ ِ‬
‫الر ْع َ‬ ‫ك م ْن نَ ْ‬ ‫ََ ْ ََ ُ‬
‫ف َع ْن ِد َمائِ ِه ْم‪َ ،‬علَى أ َّ‬
‫َن‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَ ْن يُ ْجلِيَ ُه ْم َويَ ُك َّ‬ ‫فَسأَلُوا رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َُ‬
‫‪757‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫احتَ َملُوا ِم ْن أ َْم َوالِ ِه ْم َما‬


‫ْحلْ َقةَ‪ ،‬فَ َف َع َل‪ ،‬فَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ت ِْ ِ‬
‫اإلبِ ُل م ْن أ َْم َوال ِه ْم إََِّل ال َ‬
‫لَ ُهم ما حملَ ِ‬
‫ْ َ ََ‬
‫الرجل ِم ْن هم ي ْه ِدم ب ي ته َعن نِج ِ‬
‫اف بَابِِه‪ ،‬فَ يَ َ‬ ‫ت بِِه ِْ‬
‫ض ُعهُ َعلَى‬ ‫اإلبِ ُل‪ ،‬فَ َكا َن َّ ُ ُ ُ ْ َ ُ َ ْ َ ُ ْ َ‬ ‫استَ َقلَّ ْ‬
‫ْ‬
‫الش ِام‪َ ،‬و َخلوا‬ ‫ار إِلَى َّ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ظَ ْه ِر ب ِعي ِرهِ فَ ي ْنطَلِ ُق بِِه‪ .‬فَ َخرجوا إِلَى َخي ب ر‪ ،‬وِ‬
‫م‬
‫ََْ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض ُع َها‬
‫اصةً يَ َ‬ ‫ول اللَّ ِه َخ َّ‬ ‫ت لِر ُس ِ‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫ال إِلَى ر ُس ِ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم‪ ،‬فَ َكانَ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْاأل َْم َو َ‬
‫صا ِر‪.‬‬ ‫اج ِرين ْاأل ََّولِ‬
‫ث َشاء‪ ،‬فَ َقسم َها َعلَى الْم َه ِ‬
‫ين ُدو َن ْاألَنْ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َح ْي ُ َ َ َ‬
‫ْح ْش ِر)‪ :‬ألول الجمع في الدنيا‪ ،‬وذلك حشرُم إلى أرض‬ ‫(ألوِل ال َ‬
‫وقوله‪َّ :‬‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ِ .‬م ْن َخ ْي بَ َر‬ ‫ا ٍ ر ِ‬
‫ْح ْش ُر الثَّاني أخرجهم ُع َم ُر بْ ُن الْ َخطَّ ِ َ‬
‫ِ‬
‫الشام‪َ .‬وال َ‬
‫الش ِام‪.‬لحديث " أخرجوا يهود أُل الحجاز وأُل‬ ‫ ٍ إِلَى َّ‬ ‫َو َج ِمي ِع َج ِزيرةِ ال َْعر ِ‬
‫َ َ‬
‫نجران من جزيرة العر ٍ‪ "...‬رواه أحمد وغيره وصححه األلباني‪.‬‬
‫وقيل ُو حشر الخَلئق يوم القيامة إلى أرض الشام‪.‬‬
‫ب َم ِس َيرَة َش ْه ٍر " رواه البخار ‪.‬‬ ‫الر ْع ِ‬ ‫ت بِ ُّ‬
‫ص ْر ُ‬‫الر ْعب } " نُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف في قُلُوب ِه ُم ُّ َ‬
‫{ وقَ َذ َ ِ‬
‫َ‬
‫ال أ ُِخ َذ ِمن الْ ُك َّفا ِر بِغَْي ِر قِتَ ٍ‬
‫ال‪.‬‬ ‫{وَما أَفَاء اللَّهُ َعلَى ر ُسولِ ِه ِم ْن ُه ْم} فالفيء‪ :‬فكل َم ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صالِ ِح‬ ‫ِ‬
‫ين في ُو ُجوه الْبِ ِر َوال َْم َ‬
‫وحكمه‪ :‬تيص َّرف فِ ِيه ولي األمر‪ ،‬فَيردهُ َعلَى الْمسلِ ِم ِ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫وليس كالغنيمة‪َ { .‬ولِ ِذ الْ ُق ْربَى } بنو عبد المطلب وبنو ُاشم الذين تحرم‬
‫عليهم الزكاة‪ ،‬أو أقرباؤه صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ت ْاألَنْصار‪ :‬اق ِ‬ ‫ال‪ :‬قَالَ ِ‬‫اجةً} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْس ْم‬ ‫َُ‬ ‫ص ُدوِرُ ْم َح َ‬
‫{وَل يَج ُدو َن في ُ‬ ‫َ‬
‫ال‪ََ :‬ل‪ .‬فَ َقالُوا‪ :‬تَ ْك ُفونَا المؤنَةَ ونَشرك ُكم فِي الث ََّم َرةِ؟‬ ‫يل‪ .‬قَ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫بَ ْي نَ نَا َوبَيْ َن إ ْخ َواننَا النَّخ َ‬
‫قَالُوا‪َ :‬س ِم ْعنَا َوأَطَ ْعنَا‪.‬رواه البخار ‪.‬‬

‫‪758‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬
‫ار أَ ْن يُقطع لَ ُه ُم الْبَ ْح َريْ ِن‪ ،‬قَالُوا‪ََ :‬ل إََِّل أَ ْن‬ ‫صَ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم ْاألَنْ َ‬ ‫َد َعا النَّبِ ُّي َ‬
‫اصبِ ُروا َحتَّى تَ ْل َق ْونِي‪ ،‬فَِإنَّهُ‬ ‫ال‪" :‬إِ َّما ََل فَ ْ‬ ‫ين ِمثْ لَ َها‪ .‬قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫تُقطع ِإل ْخ َواننَا م َن ال ُْم َهاج ِر َ‬
‫صيبُ ُك ْم [بَ ْع ِد ] أَثَ َرةٌ"‪.‬رواه البخار‬ ‫سي ِ‬
‫َُ‬
‫الرحم ِن بن َعو ٍ‬ ‫ضي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬أَنَّهُ قَ َ ِ‬ ‫سرِ‬
‫آخى‬‫ف‪َ ،‬و َ‬ ‫ال‪ :‬قَد َم َعلَْي نَا َع ْب ُد َّ ْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َع ْن أَنَ ٍ َ َ‬
‫ال‪،‬‬ ‫الربِي ِع‪ ،‬وَكا َن َكثِير الم ِ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫د‬‫ول اللَّ ِه صلَّى اللهُ َعلَي ِه وسلَّم ب ي نَهُ وب ين س ْع ِ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ َْ ََْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْس ُم َمالِي بَ ْينِي َوبَ ْي نَ َ‬ ‫ت األَنْصار أَنِي ِمن أَ ْكثَ ِرَُا م ًاَل‪ ،‬سأَق ِ‬ ‫ال س ْع ٌد‪ :‬قَ ْد َعلِم ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫فَ َق َ َ‬
‫ت تَ َزَّو ْجتَ َها‪،‬‬ ‫ك فَأُطَلِ ُق َها‪َ ،‬حتَّى إِذَا َحلَّ ْ‬ ‫ان فَانْظُْر أَ ْع َجبَ ُه َما إِلَيْ َ‬ ‫َشطْريْ ِن‪ ،‬ولِي ْامرأَتَ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫ك‪ "...‬رواه البخار ‪.‬‬ ‫ك فِي أَ ُْلِ َ‬ ‫ار َك اللَّهُ لَ َ‬
‫الر ْح َم ِن‪ :‬بَ َ‬‫ال َع ْب ُد َّ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ول‬
‫ال‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َق َ‬ ‫ال‪ :‬أَتَى رجل رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ ٌ َُ‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريرة قَ َ‬
‫صلَّى‬ ‫ي‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ئ‬ ‫ي‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫اللَّ ِه‪ ،‬أَصابنِي الجه ُد‪ ،‬فَأَرسل إِلَى نِسائِِه فَ لَم ي ِج ْد ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ََ‬
‫ام َر ُج ٌل ِم َن‬ ‫ِ‬
‫ف َُ َذا اللَّْي لَةَ‪َ ،‬رح َمهُ اللَّهُ؟ "‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬أَََل َر ُج ٌل يُ َ‬
‫يف ر ُس ِ‬ ‫ال َِلمرأَتِِ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ .‬فَ َذ َُب إِلَى أَ ُْلِ ِ‬ ‫صا ِر فَ َق َ‬
‫ول‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ض‬‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ال‪ :‬أَنَا يَا َر ُس َ‬ ‫ْاألَنْ َ‬
‫ت‪َ :‬واللَّ ِه َما ِع ْن ِد إََِّل ُ‬
‫قوت‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ََل تَدخريه َش ْي ئًا‪ .‬فَ َقالَ ْ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪ :‬فَِإذَا أ ََر َ‬ ‫الص ْب يَ ِة‪ .‬قَ َ‬
‫ِ‬
‫اج ونَطو‬ ‫شاء فَ نَ ِومي ِه ْم َوتَ َعالَ ْي فَأَطْفئي الس َر َ‬ ‫الع َ‬
‫اد الصبيةُ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪،‬‬ ‫الرجل َعلَى رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫َّ‬
‫بُطُونَنَا الل ْي لَةَ‪ .‬ففعلَت‪ ،‬ثُ َّم غَ َدا َّ ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ض ِح َ ِ‬
‫ك‪-‬م ْن فََُل ٍن َوفََُلنَة"‪َ .‬وأَنْ َز َل اللَّهُ‬ ‫ب اللَّهُ‪َ ،‬ع َّز َو َج َّل ‪-‬أ َْو‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫ال‪" :‬لََق ْد َعج َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اصةٌ} ‪ .‬رواه البخار ‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫{ويُ ْؤث ُرو َن َعلَى أَنْ ُفس ِه ْم َولَ ْو َكا َن بِ ِه ْم َخ َ‬ ‫َع َّز َو َج َّل‪َ :‬‬
‫ين َسبَ ُقونَا‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫وقَ ولُهُ‪ِ َّ :‬‬
‫ين َجاءُوا م ْن بَ ْعدُ ْم يَ ُقولُو َن َربَّنَا ا ْغف ْر لَنَا َوإل ْخ َواننَا الذ َ‬ ‫{والذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫يم} {‬ ‫ح‬‫وف رِ‬ ‫ء‬‫ر‬ ‫ك‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫وا‬‫ن‬ ‫آم‬ ‫ين‬ ‫ذ‬‫ان وَل تَجعل فِي قُلُوبِنَا ِغَل لِلَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ َ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإليم َ ْ َ ْ‬ ‫ب َ‬
‫‪759‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ان ر ِ‬ ‫وُم بِِإ ْح ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السابُِقو َن َّ ِ‬


‫ض َي اللَّهُ‬ ‫س َ‬ ‫ين اتَّبَ ُع ُ ْ َ‬ ‫صا ِر َوالذ َ‬ ‫ين َواألنْ َ‬ ‫األولُو َن م َن ال ُْم َهاج ِر َ‬ ‫َو َّ‬
‫لوسا َم َع‬ ‫آمنُوا } َع ْن أَنَ ٍ‬ ‫ِ ِ َِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ُ :‬كنَّا ُج ً‬ ‫س قَ َ‬ ‫ين َ‬ ‫َع ْن ُه ْم} { َوَل تَ ْج َع ْل في قُلُوبنَا غَل للذ َ‬
‫ال‪" :‬يَطَّلِ ُع َعلَْي ُك ُم ْاْل َن َر ُج ٌل ِم ْن أَ ُْ ِل‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َق َ‬ ‫رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫ضوئِِه‪ ،‬قَ ْد تَ علَّق نَعلَي ِه بِي ِدهِ‬
‫َ ْْ َ‬ ‫صا ِر تَنظُف لِ ْحيَ تُهُ ِم ْن ُو ُ‬ ‫ِ‬
‫ْجنَّة"‪ .‬فَطَلَ َع َر ُج ٌل م َن ْاألَنْ َ‬
‫ال ِ‬
‫َ‬
‫ك‪ ،‬فَطَلَ َع‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِمثْ َل ذَلِ َ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪ ،‬فَ لَ َّما َكا َن الْغَ ُد قَ َ َ ُ‬ ‫الشم ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬

‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ال رس ُ ِ‬


‫ول اللَّه َ‬ ‫ث قَ َ َ ُ‬ ‫الر ُج ُل ِمثْ َل ال َْم َّرةِ ْاألُولَى‪ .‬فَ لَ َّما َكا َن الْيَ ْوُم الثَّالِ ُ‬ ‫ك َّ‬ ‫َذلِ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ضا‪ ،‬فطلع ذَلِ َ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِمثْ َل َم َقالَتِ ِه أي ً‬
‫الر ُج ُل َعلَى مثْ ِل َحالَته ْاألُولَى فَ لَ َّما قَ َ‬
‫ام‬ ‫ك َّ‬
‫ال‪ :‬إِنِي‬ ‫اص‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم تَبِ َعهُ َع ْب ُد اللَّ ِه بْ ُن َع ْم ِرو بْ ِن ال َْع ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫ك َحتَّى‬ ‫ت أَ ْن تُ ْؤ ِويَنِي إِلَْي َ‬‫ت أَََّل أَ ْد ُخ َل َعلَْي ِه ثَََلثًا‪ ،‬فَِإ ْن َرأَيْ َ‬ ‫ْس ْم ُ‬ ‫ََل َح ْي ُ ِ‬
‫ت أَبي فَأَق َ‬
‫ْك‬‫ات َم َعهُ تِل َ‬ ‫ث أَنَّهُ بَ َ‬ ‫س‪ :‬فَ َكا َن َع ْب ُد اللَّ ِه يُ َح ِد ُ‬ ‫ال أَنَ ٌ‬ ‫ال‪ :‬نَ َع ْم‪ .‬قَ َ‬ ‫فعلت‪ .‬قَ َ‬‫ض َي ُ‬ ‫تَم ِ‬
‫ْ‬
‫اش ِه‪،‬‬ ‫ث اللَّيالِي فَ لَم ي رهُ ي ُقوم ِمن اللَّي ِل َشي ئًا‪ ،‬غَي ر أَنَّهُ إِ َذا تَعار تَ َقلَّب َعلَى فِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ َ ُ َ ْ ْ ْ َ‬ ‫الث َََّل َ َ‬
‫ول‬
‫َس َم ْعهُ يَ ُق ُ‬ ‫ِ‬
‫ال َع ْب ُد اللَّه‪ :‬غَ ْي َر أَنِي لَ ْم أ ْ‬ ‫ص ََلةِ الْ َف ْج ِر‪ .‬قَ َ‬ ‫ذَ َكر اللَّه وَكبَّ ر‪ ،‬حتَّى ي ُق ِ‬
‫وم ل َ‬ ‫َ ََ َ َ َ َ‬
‫ْت‪ :‬يَا َع ْب َد اللَّ ِه‪،‬‬ ‫َحتَ ِق َر َع َملَهُ‪ ،‬قُل ُ‬ ‫ت أَ ْن أ ْ‬ ‫ال َوكِ ْد ُ‬ ‫ث لَيَ ٍ‬ ‫ت الث َََّل ُ‬ ‫ضِ‬ ‫إََِّل َخ ْي ًرا‪ ،‬فَ لَ َّما َم َ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ِ‬ ‫ضب َوََل َُ ْجر َولَ ِك ْن َس ِم ْع ُ‬ ‫لَ ْم يَ ُك ْن بَ ْينِي َوبَيْ َن أَبِي غَ َ‬
‫ت َر ُسو َل اللَّه َ‬
‫ْجن َِّة"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ‬
‫مرار يَطْلُ ُع َعلَ ْي ُك ُم ْاْل َن َر ُج ٌل م ْن أَ ُْ ِل ال َ‬ ‫ث َ‬ ‫ك ثَََل َ‬ ‫ول لَ َ‬
‫عملك فَأَقْتَ ِد َ بِِه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ك ِألَنْظَُر َما‬ ‫ت أَ ْن آ ِو َ إِلَْي َ‬ ‫ث ال ِْم َر َار فَأ ََر ْد ُ‬ ‫ت الث َََّل َ‬‫ت أَنْ َ‬ ‫فَطَلَ ْع َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ال ُ ِ‬
‫رسول اللَّه َ‬ ‫ك َما قَ َ‬ ‫فَ لَ ْم أ ََر َك تَ ْع َم ُل َكثِ َير َع َم ٍل‪ ،‬فَ َما الَّ ِذ بَلَ َغ بِ َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ال‪َ :‬ما ُُ َو إََِّل َما َرأَيْ َ‬ ‫ت َد َعانِي فَ َق َ‬ ‫ت‪ .‬فَ لَ َّما َولَّْي ُ‬ ‫ال‪َ :‬ما ُُ َو إََِّل َما َرأَيْ َ‬ ‫َو َسلَّ َم؟ قَ َ‬
‫َح ًدا َعلَى َخ ْي ٍر‬ ‫غَي ر أَنِي ََل أج ُد فِي نَ ْف ِسي ِألَح ٍد ِمن الْمسلِ ِم ِ‬
‫ين غشا‪َ ،‬وََل أحس ُد أ َ‬ ‫َ َ ُْ َ‬ ‫َْ‬
‫‪760‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ك‪َ ،‬و ُِ َي الَّتِي ََل تُطَا ُق‪ ".‬رواه‬ ‫ال َع ْب ُد اللَّ ِه‪ِ َُ :‬ذهِ الَّتِي بَلَغَ ْ‬
‫ت بِ َ‬ ‫أَ ْعطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ‪ .‬قَ َ‬
‫أحمد وصححه األلباني وقال على شرط الشيخين‪.‬‬
‫ض َّي الَّ ِذ‬ ‫الرافِ ِ‬ ‫يم ِة‪ :‬أ َّ‬ ‫ك ِمن َُ ِذهِ ْاْلي ِ‬ ‫اإلمام مالِ‬
‫َن َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ط ِْ َ ُ َ‬ ‫استَ ْن بَ َ‬‫س َن َما ْ‬ ‫َح َ‬‫َوَما أ ْ‬
‫صافِ ِه بِ َما َم َد َح اللَّهُ بِِه‬ ‫ص ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الص َحابَةَ لَْيس لَهُ فِي َم ِ‬
‫يب ل َع َدِم ات َ‬ ‫ال الْ َف ْيء نَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ب َّ‬ ‫س ُّ‬‫يَ ُ‬
‫ان َوَل تَ ْج َع ْل فِي‬ ‫َُ ُؤََل ِء فِي قَ ولِ ِهم‪{ :‬ربَّنَا ا ْغ ِفر لَنَا وإل ْخوانِنَا الَّ ِذين سب ُقونَا بِاإليم ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫ك رء ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َِّ ِ‬
‫يم} ‪ .‬كما استدل آية الفتح على‬ ‫وف َرح ٌ‬ ‫آمنُوا َربَّنَا إنَّ َ َ ُ‬ ‫ين َ‬ ‫قُلُوبنَا غَل للذ َ‬
‫كفرُم‪.‬‬
‫ال مج ِ‬ ‫ال أَم ِرُِم ولَهم َع َذ ِ‬ ‫{ َكمثَ ِل الَّ ِذ ِ ِ‬
‫اُ ٌد‬ ‫ا ٍ أَلي ٌم} قَ َ ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ين م ْن قَ ْبل ِه ْم قَ ِريبًا َذاقُوا َوبَ َ ْ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ٍ يَ ْوَم بَ ْد ٍر‪.‬‬‫ار قُ َريْ ٍ‬‫ا ٍ َك َّف َ‬
‫َص َ‬ ‫[يَ ْعني] َك َمثَ ِل َما أ َ‬
‫اع‪.‬‬ ‫ين ِم ْن قَ ْبلِ ِه ْم} يَ ْعنِي‪ :‬يَ ُه َ‬
‫ود بَنِي قَ ْي نُ َق َ‬ ‫َّ ِ‬
‫اس‪َ { :‬ك َمثَ ِل الذ َ‬ ‫ال ابْ ُن َعبَّ ٍ‬ ‫َوقَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫اع َكا َن رس ُ ِ‬ ‫ود بَنِي قَ ْي نُ َق َ‬ ‫َو َُ َذا الْ َق ْو ُل أَ ْشبَهُ بِ َّ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ا ٍ‪ ،‬فَِإ َّن يَ ُه َ‬ ‫الص َو ِ‬
‫ِ‬
‫َج ََل ُُ ْم قَ ْب َل َُ َذا لما نقضوا العهد بعد بدر بقولهم قاتلتم مع قوم‬ ‫َعلَْيه َو َسلَّ َم قَ ْد أ ْ‬
‫َل يعرفون القتال فَل تغتروا بنا‪.‬‬
‫َّاس‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫{ألنْ تم أَ َش ُّد ر ُْبةً فِي ص ُدوِرُِم ِمن اللَّ ِه} َك َقولِ ِه‪{ :‬إِذَا فَ ِري ٌق ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُْ‬
‫َك َخ ْشيَ ِة اللَّ ِه أ َْو أَ َش َّد َخ ْشيَةً}‬
‫سبُ ُه ْم َج ِم ًيعا َوقُلُوبُ ُه ْم َشتَّى} وَل يألف بين القلو ٍ إَل الله‪َ ُُ { .‬و الَّ ِذ‬ ‫{تَ ْح َ‬
‫ض َج ِم ًيعا َما‬ ‫ت َما فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫ف بَيْ َن قُلُوبِ ِه ْم لَ ْو أَنْ َف ْق َ‬ ‫ين‪َ .‬وأَلَّ َ‬ ‫ص ِرهِ وبِالْم ْؤِمنِ‬ ‫ِ‬
‫أَيَّ َد َك بنَ ْ َ ُ َ‬
‫ف بَ ْي نَ ُه ْم }‬‫ت بَ ْي َن قُلُوبِ ِه ْم َولَ ِك َّن اللَّهَ أَلَّ َ‬ ‫أَلَّ ْف َ‬

‫‪761‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ك}‬ ‫ال إِنِي بَ ِر ءٌ ِم ْن َ‬ ‫ان ا ْك ُف ْر فَ لَ َّما َك َف َر قَ َ‬‫ال لِإلنْس ِ‬


‫َ‬ ‫ان إِ ْذ قَ َ‬ ‫الشيْطَ ِ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ { :‬ك َمثَ ِل َّ‬
‫ِ‬
‫ْح ِق‬‫الش ْيطَا ُن لَ َّما قُض َي ْاأل َْم ُر إِ َّن اللَّهَ َو َع َد ُك ْم َو ْع َد ال َ‬
‫ال َّ‬ ‫أ في القيامة { َوقَ َ‬
‫َوَو َع ْدتُ ُك ْم فَأَ ْخلَ ْفتُ ُك ْم }‬
‫ص ِد ًعا ِم ْن َخ ْشيَ ِة اللَّ ِه} { ثُ َّم‬ ‫ِ‬
‫{لَ ْو أَنزلْنَا َُ َذا الْ ُق ْرآ َن َعلَى َجبَ ٍل لََرأَيْ تَهُ َخاش ًعا ُمتَ َ‬
‫ارةِ أ َْو أَ َش ُّد قَ ْس َوةً } والسر في ذلك ُو‬ ‫ج‬ ‫ك فَ ِهي َكال ِ‬
‫ْح‬ ‫ت قُلُوب ُكم ِمن ب ع ِد ذَلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ْ ُ ْ ْ َْ‬ ‫قَ َ‬
‫الص ُدوِر }‬ ‫اءتْ ُك ْم َم ْو ِعظَةٌ ِم ْن َربِ ُك ْم َو ِش َفاءٌ لِ َما فِي ُّ‬ ‫أن القرآن دواء القلب‪ { .‬قَ ْد َج َ‬
‫ض ِربُ َها لِلن ِ‬
‫َّاس‬ ‫ال نَ ْ‬
‫ْك ْاأل َْمثَ ُ‬ ‫ض ِربُ َها لِلن ِ‬
‫َّاس لَ َعلَّ ُه ْم يَتَ َف َّك ُرو َن} { َوتِل َ‬ ‫ال نَ ْ‬ ‫األمثَ ُ‬
‫ْك ْ‬ ‫{وتِل َ‬ ‫َ‬
‫َوَما يَ ْع ِقلُ َها إََِّل ال َْعالِ ُمو َن }‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬إِ َّن لِلَّ ِه تَ َعالَى تِ ْس َعةً‬ ‫َعن أَبِي ُُري رةَ‪َ ،‬عن رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َْ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫اُا دخل الجنة‪ ،‬وُو وتر يُ ِح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب الْ ِوتْ َر"‬ ‫صَ‬‫َح َ‬ ‫اس ًما‪ ،‬مائَةٌ إََِّل َواح ًدا‪َ ،‬م ْن أ ْ‬ ‫ين ْ‬ ‫َوت ْسع َ‬
‫متفق عليه‪ .‬وزاد ابن ماجه والترمذ بعدُا‪ ،‬والصوا ٍ أنها مدرج‪.‬‬

‫سورة الممتحنة مدنية‪.‬‬


‫ك‬‫ب بْ ِن أَبِي بَلْتَ َعةَ‪َ ،‬و َذلِ َ‬ ‫اط ِ‬‫صةَ ح ِ‬ ‫السورةِ الْ َك ِر ِ ِ‬
‫يمة ق َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫ص ْد ِر َُذه ُّ َ‬ ‫ول َ‬ ‫َكا َن َسبَب نُ ُز ِ‬
‫ُ‬
‫ضا‪َ ،‬وَكا َن لَهُ بِ َم َّكةَ‬ ‫ين‪َ ،‬وَكا َن ِم ْن أَ ُْ ِل بَ ْد ٍر أَيْ ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ َّ ِ‬
‫َن َحاطبًا َُ َذا َكا َن َر ُج ًَل م َن ال ُْم َهاج ِر َ‬
‫ٍ أَنْ ُف ِس ِه ْم‪ ،‬بَ ْل َكا َن َحلِي ًفا لِ ُعثْ َما َن‪ .‬فَ لَ َّما َع ْزَم‬‫ال‪َ ،‬ولَ ْم يَ ُك ْن ِم ْن قُ َريْ ٍ‬
‫أ َْوََل ٌد َوَم ٌ‬
‫ِ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫ض أَ ُْلُ َها‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم َعلَى فَ ْت ِح َم َّكةَ[ عام ‪ ]8‬لَ َّما نَ َق َ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫ين بِالت ْ‬
‫َّج ِهي ِز‬ ‫م‬‫الْع ْه َد‪ [،‬صلح الحديبية ‪ ]6‬فَأَمر النَّبِ ُّي صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم الْمسلِ ِ‬
‫ََ َ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬

‫‪762‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬ ‫لِغَ ْز ِو ُِ ْم‪َ ،‬وقَ َ‬


‫ب كِتَابًا‪َ ،‬وبَ َعثَهُ‬ ‫ب َُ َذا فَ َكتَ َ‬ ‫ال‪" :‬اللَّ ُه َّم‪َ ،‬ع ِم َعلَْي ِه ْم َخبَ َرنَا"‪ .‬فَ َع َم َد َحاط ٌ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ٍ إِلَى أَ ُْ ِل م َّكةَ‪ ،‬ي ْعلِمهم بِما َعزم َعلَي ِه رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ ُ ُ ُ ْ َ ََ ْ َ ُ‬ ‫َم َع ْام َرأَةٍ ِم ْن قُ َريْ ٍ‬
‫ك‬ ‫ك ِع ْن َد ُُ ْم يَ ًدا‪ ،‬فَأَطْلَ َع اللَّهُ َر ُسولَهُ َعلَى ذَلِ َ‬ ‫َّخ َذ بِ َذلِ َ‬‫[من غَ ْز ِو ُِم]‪ ،‬لِي ت ِ‬
‫ْ َ‬
‫َعلَي ِه وسلَّم ِ‬
‫ْ ََ َ ْ‬
‫ا ٍ ِم ْن َها‪.‬‬ ‫ث فِي أَثَ ِر الْمرأَةِ فَأ َ ِ‬
‫َخ َذ الْكتَ َ‬ ‫َْ‬ ‫استِ َجابَةً لِ ُد َعائِِه‪ .‬فَ بَ َع َ‬‫ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َوأَبَا َم ْرثَد‪َ ،‬و ُّ‬ ‫ال‪ :‬ب عثَنِي رس ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الزبَ ْي َر بْ َن‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َع ْن َعل ٍي قَ َ َ َ َ ُ‬
‫ال‪ :‬انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ‪ ،‬فإن بها ْام َرأَ ًة ِم َن‬ ‫س‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ال َْع َّو ِام‪َ ،‬وُكلُّنَا فَا ِر ٌ‬
‫اُا تَ ِس ُير َعلَى بَ ِعي ٍر لَ َها‬ ‫ِ‬ ‫الْم ْش ِركِين معها كِتا ٍ ِمن ح ِ‬
‫ين‪ :‬فَأَ ْد َرْكنَ َ‬ ‫ب إِلَى ال ُْم ْش ِرك َ‬ ‫اط ٍ‬ ‫َ َََ َ ٌ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ت‪َ :‬ما َم ِعي‬ ‫الكتا ٍ؟ فَ َقالَ ْ‬
‫ُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ ُقلْنَا‪:‬‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ث قَ َ َ ُ‬ ‫َح ْي ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫اُا فَالْتَمسنَا فَ لَم نَر كِتَابا‪ ،‬فَ ُقلْنَا‪ :‬ما َك َذ ٍ رس ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ا ٍ‪ .‬فَأَنَ ْخنَ َ َ ْ ْ َ ً‬ ‫كتَ ٌ‬
‫َت ال ِ‬ ‫ْكتَا ٍ أَو لنُجردنك‪ .‬فَ لَ َّما رأ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت إِلَى ُح ْجزتها‬ ‫ْج َّد أَ ُْ َو ْ‬ ‫َ‬ ‫َعلَْيه َو َسلَّ َم! لَتُ ْخ ِرج َّن ال َ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫و ُِي محتَ ِجزة بِ ِكس ٍاء فَأَ ْخرج ْتهُ‪ .‬فَانْطَلَ ْقنَا بِها إِلَى رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬
‫ين‪ ،‬فَدعني‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬قَ ْد َخا َن اللَّهَ ورسولَهُ والْم ْؤِمنِ‬ ‫ال ُع َم ُر‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ََ ُ َ ُ َ‬
‫ال‪َ :‬واللَّ ِه َما بِي إََِّل أَ ْن‬ ‫ت؟ "‪ .‬قَ َ‬ ‫صنَ ْع َ‬ ‫ك َعلَى َما َ‬ ‫"ما َح َملَ َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ض ِر ٍ ُعنُ َقهُ‪ .‬فَ َق َ‬ ‫فَل ْ‬
‫ت أَ ْن تَ ُكو َن لِي ِع ْن َد الْ َق ْوِم يَ ٌد يَ ْدفَ ُع اللَّهُ بِ َها َع ْن‬ ‫أَ ُكو َن ُم ْؤِمنًا بِاللَّ ِه َوَر ُسولِ ِه‪ ،‬أ ََر ْد ُ‬
‫ك ِم ْن َع ِش َيرتِِه َم ْن يَ ْدفَ ُع اللَّهُ بِِه‬ ‫ك إََِّل لَهُ ُُنَالِ َ‬ ‫َص َحابِ َ‬ ‫أَ ُْلِي ومالِي‪ ،‬ولَيس أ ِ‬
‫َح ٌد م ْن أ ْ‬ ‫ََ َ ْ َ َ‬
‫ال ُع َم ُر‪ :‬إِنَّهُ قَ ْد َخا َن‬ ‫"ص َد َق‪ََ ،‬ل تَ ُقولُوا لَهُ إََِّل َخ ْي ًرا"‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫َع ْن أَ ُْلِ ِه َوَمالِ ِه‪ .‬فَ َق َ‬
‫س َم ْن أَ ُْ ِل بَ ْد ٍر؟ "‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫َ‬‫أ‬‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫ُ‬‫ه‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َل‬‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫اللَّهَ ورسولَهُ والْم ْؤِمنِين‪ ،‬فَ َد ْعنِ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ َ ُ َ‬
‫ت لَ ُك ُم‬ ‫ال‪ :‬ا ْع َملُوا َما ِش ْئ تُ ْم فَ َق ْد َو َجبَ ْ‬ ‫ال‪" :‬لَ َع َّل اللَّهَ قَ ِد اطَّلَ َع إِلَى أَ ُْ ِل بَ ْد ٍر فَ َق َ‬ ‫فَ َق َ‬

‫‪763‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت لَ ُك ْم"‪ .‬ف َد ِمعت َع ْي نَا ُعمر‪َ ،‬وقَ َ‬


‫ال‪ :‬اللَّهُ َوَر ُسولُهُ أَ ْعلَ ُم‪.‬‬ ‫الجنة ‪-‬أو‪ :‬قَ ْد غَ َف ْر ُ‬
‫بخار ومسلم‬
‫وء }‪{ .‬‬ ‫سِ‬ ‫{ إِ ْن ي ثْ َق ُفوُكم ي ُكونُوا لَ ُكم أَ ْع َداء وي بسطُوا إِلَي ُكم أَي ِدي هم وأَل ِ‬
‫ْسنَ تَ ُه ْم بِال ُّ‬ ‫ْ ْ ْ َُ ْ َ‬ ‫ً ََْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ََل يَ ْرقُ بُو َن فِي ُم ْؤِم ٍن إًَِّل َوََل ِذ َّمةً }‬
‫ارى َحتَّى تَ تَّبِ َع ِملَّتَ ُه ْم‬ ‫َّص َ‬
‫ود َوََل الن َ‬
‫ك الْيَ ُه ُ‬ ‫ضى َع ْن َ‬ ‫{وَودُّوا لَ ْو تَ ْك ُف ُرو َن} { َولَ ْن تَ ْر َ‬ ‫َ‬
‫اء ُُ ْم } { أَََل يَ ْعلَ ُم َم ْن َخلَ َق َو ُُ َو‬ ‫ت أَ ُْ َو َ‬‫قُ ْل إِ َّن ُُ َدى اللَّ ِه ُُ َو ال ُْه َدى َولَئِ ِن اتَّ بَ ْع َ‬
‫يف الْ َخبِ ُير }‬ ‫اللَّ ِط ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫{لَ ْن تَ ْن َف َع ُك ْم أ َْر َح ُام ُك ْم َوَل أ َْوَل ُد ُك ْم يَ ْوَم الْقيَ َامة يَ ْفص ُل بَ ْي نَ ُك ْم } { يَ ْوَم يَف ُّر ال َْم ْرءُ‬
‫احبَتِ ِه َوبَنِ ِيه }‬ ‫َخ ِيه‪ ،‬وأ ُِم ِه وأَبِ ِيه‪ ،‬وص ِ‬ ‫ِمن أ ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫{ما َكا َن‬ ‫كين‬ ‫مشر‬ ‫لل‬ ‫اإلستغفار‬ ‫عن‬ ‫نهى‬ ‫}‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ر‬ ‫ف‬‫اُيم ألبِ ِيه ألستَ ْغ ِ‬ ‫{ إَِل قَ و َل إِب ر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ َ‬
‫ين َولَ ْو َكانُوا أُولِي قُ ْربَى ِم ْن بَ ْع ِد َما تَ بَ يَّ َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آمنُوا أَ ْن يَ ْستَ ْغف ُروا لل ُْم ْش ِرك َ‬ ‫ين َ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬
‫للنَّب ِي َوالذ َ‬
‫يم ألبِ ِيه إَِل َع ْن َم ْو ِع َدةٍ َو َع َد َُا‬ ‫لَهم أَنَّهم أَصحا ٍ الْج ِح ِيم‪ ،‬وما َكا َن استِغْ َفار إِب ر ِ‬
‫اُ‬
‫ْ ُ َْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُْ ُْ ْ َ ُ َ‬
‫ألواهٌ َحلِي ٌم }‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يم َّ‬ ‫إيَّاهُ فَ لَ َّما تَبَ يَّ َن لَهُ أَنَّهُ َع ُدو لله تَ بَ َّرأَ م ْنهُ إ َّن إبْ َراُ َ‬
‫ك ِم َن اللَّ ِه ِم ْن َش ْي ٍء } وفيه قصة المعروفة بعد نزول قوله { َوأَنْ ِذ ْر‬ ‫ك لَ َ‬ ‫{ َوَما أ َْملِ ُ‬
‫ين } إلى أن قال يافاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالى‬ ‫ك ْاألَق َْربِ َ‬ ‫َع ِش َيرتَ َ‬
‫َل أغني عنك من الله شيئا"‬
‫ين َك َف ُروا} ََل تُ َع ِذبْ نَا بِأَيْ ِدي ِه ْم‪ ،‬أو ََل تُظْ ِهرُم َعلَْي نَا‬ ‫ِ ِِ‬
‫{ربَّنَا ََل تَ ْج َعلْنَا ف ْت نَةً للَّذ َ‬
‫َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫فَ يَ ْفتَتِنُوا بِ َذلِ َ‬

‫‪764‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْج ْم ِع بَ ْي َن ْاألَ ْشيَ ِاء ال ُْمتَ نَافِ َرةِ َوال ُْمتَ بَايِنَ ِة‬ ‫{واللَّه قَ ِدير} أَ ‪َ :‬علَى ما ي َ ِ‬
‫شاءُ م َن ال َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ٌ ْ‬
‫صبِ ُح ُم ْجتَ ِم َعةً ُمت َِّف َقةً‪،‬‬ ‫س َاوةِ‪ ،‬فَ تُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف بَيْ َن الْ ُقلُو ٍ بَ ْع َد ال َْع َد َاوة َوالْ َق َ‬ ‫َوال ُْم ْختَلِ َف ِة‪ ،‬فَ يُ َؤلِ ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‬
‫{واذْ ُك ُروا ن ْع َمةَ الله َعلَْي ُك ْم إ ْذ ُك ْن تُ ْم أَ ْع َد ً‬ ‫صا ِر‪َ :‬‬ ‫ال تَ َعالَى ُم ْمتَ نًّا َعلَى ْاألَنْ َ‬ ‫َك َما قَ َ‬
‫ف بَ ْي َن قُلُوبِ ُك ْم }‬ ‫فَأَلَّ َ‬
‫ت‬ ‫ب الْم ْق ِس ِطين} ‪َ .‬عن أَ ْسماء ‪ُِ -‬ي بِْن ِ‬ ‫ح‬‫وُم وتُ ْق ِسطُوا إِلَي ِهم إِ َّن اللَّهَ ي ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫{أَ ْن تَ بَ ُّر ُ ْ َ‬
‫ٍ إِ ْذ‬ ‫ت‪ :‬قَ َدمت أ ُِمي َو ُِ َي ُم ْش ِرَكةٌ فِي َع ْه ِد قُ َريْ ٍ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْن ُه َما‪-‬قَالَ ْ‬ ‫أَبِي ب ْك ٍر‪ ،‬ر ِ‬
‫َ َ‬
‫ت‬‫ول اللَّ ِه‪ ،‬إِ َّن أ ُِمي قَ ِد َم ْ‬ ‫ْت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ ُقل ُ‬ ‫فأتيت النَّبِ َّي َ‬
‫ُ‬ ‫اُ ُدوا‪،‬‬‫َع َ‬
‫ك" بخار ومسلم‬ ‫صلِي أ َُّم َ‬ ‫ال‪" :‬نَعم‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوُ َي َراغبَةٌ‪ ،‬أَفَأَصلُ َها؟ قَ َ َ ْ‬
‫ك بِِه ِعلْم فَ ََل تُ ِطعهما وص ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ْب ُه َما‬ ‫َُْ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫س لَ َ‬ ‫اك َعلَى أَ ْن تُ ْش ِر َك بي َما لَْي َ‬ ‫{ َوإِ ْن َج َ‬
‫اُ َد َ‬
‫الدنْ يَا َم ْع ُروفًا } { َوتُ ْق ِسطُوا إِلَْي ِهم} { َوََل يَ ْج ِرَمنَّ ُك ْم َشنَآ ُن قَ ْوٍم َعلَى أَََّل تَ ْع ِدلُوا‬ ‫فِي ُّ‬
‫}‬
‫ك ُُ ُم الظَّالِ ُمو َن} { َوَم ْن يَتَ َولَّ ُه ْم ِم ْن ُك ْم فَِإنَّهُ ِم ْن ُه ْم إِ َّن اللَّهَ ََل‬ ‫{وَم ْن يَتَ َولَّ ُه ْم فَأُولَئِ َ‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يَ ْهد الْ َق ْوَم الظَّالم َ‬
‫ين}‬
‫{يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا إِذَا جاء ُكم الْم ْؤِ‬
‫ْح‬
‫صل ِ‬ ‫وُ َّن} ذكر في ُ‬ ‫ات فَ ْامتَ ِحنُ ُ‬ ‫اجر ٍ‬
‫َ‬
‫ات م َه ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ََ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ٍ‪،‬‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َوبَ ْي َن ُك َّفا ِر قُ َريْ ٍ‬ ‫الْح َديبِي ِة الَّ ِذ وقَع ب ين رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َ َْ َ َ ُ‬ ‫ُ َْ‬
‫ك‪-‬إََِّل َر َد ْدتَهُ إِلَْي نَا"‪.‬‬ ‫َح ٌد ‪َ -‬وإِ ْن َكا َن َعلَى ِدينِ َ‬ ‫فَ َكا َن فِ ِيه‪" :‬علَى أَنَّه ََل يأْتِ َ ِ‬
‫يك منَّا أ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫صةً لِ ُّ‬
‫لسن َِّة‪.‬‬ ‫صَ‬ ‫الرَوايَِة تَ ُكو ُن َُ ِذهِ ْاْليَةُ ُم َخ َّ‬‫فَ َعلَى َُ ِذهِ ِ‬

‫‪765‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اء؟‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫ف َكا َن امتحا ُن ر ُس ِ‬ ‫ابن َعبَّ ٍ‬ ‫ِ‬


‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم النس َ‬ ‫َ‬ ‫اس‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫ُسئل ُ‬
‫ال‪َ :‬كا َن يَ ْمتَ ِحنُ ُه َّن‪ :‬بِاللَّ ِه َما َخرجت ِم ْن بُغض َزْو ٍج؟ َوبِاللَّ ِه َما َخرجت َرغبةً َع ْن‬ ‫قَ َ‬
‫ت إََِّل ُحبًّا لِلَّ ِه‬ ‫ت الْتِماس ُدنْ يا؟ وبِاللَّ ِه ما َخر ْج ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ‬
‫ض؟ وبِاللَّ ِه ما َخر ْج ِ‬
‫ض إلَى أ َْر ٍ َ َ َ‬
‫أ َْر ٍ ِ‬
‫َولَِر ُسولِ ِه؟‬
‫يما َن‬ ‫ِ‬
‫اإل‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫َن‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫َ‬‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫وُ َّن إِلَى الْ ُك َّفا ِر} فِ ِ‬
‫يه‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ات فََل تَرِ‬
‫ج‬ ‫وُ َّن م ْؤِمنَ ٍ‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫{فَِإ ْن َعلِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫الربِي ِع َزو ِ‬
‫ج ابْ نَة النَّبِ ِي َ‬ ‫اص بْ ُن َّ ْ ُ‬ ‫ع َعلَْي ِه يَِقينًا‪َ .‬كا َن أَبُو ال َْع ِ‬ ‫يُ ْم ِك ُن ِاَل ِط ََل ُ‬
‫ت ُم ْسلِ َمةً َو ُُ َو َعلَى ِدي ِن قَ ْوِم ِه‪ ،‬فَ لَ َّما‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْن َها‪َ ،‬وقَ ْد َكانَ ْ‬ ‫َعلَْي ِه وسلَّم َزيْ نَب‪ ،‬ر ِ‬
‫ََ َ َ َ‬
‫ت ِأل ُِم َها‬ ‫ب فِي فِ َدائِِه بِِق ََل َدةٍ لَ َها َكانَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ارى يَ ْوَم بَ ْد ٍر بَ َعثَت ْام َرأَتُهُ َزيْ نَ ُ‬‫ُس َ‬
‫ِ‬
‫َوقَ َع في ْاأل َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َرق لَ َها رقَّةً َشدي َدةً‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ال‬ ‫آُا رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫يجةَ‪ ،‬فَ لَ َّما َر َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫َخد َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫َس َيرَُا فَافْ َعلُوا"‪ .‬فَ َف َعلُوا‪ ،‬فَأَطْلَ َقهُ َر ُس ُ‬ ‫لِلْمسلِ ِمين‪" :‬إِ ْن رأَي تُم أَ ْن تُطْلِ ُقوا لَها أ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ُْ َ‬
‫يما‬ ‫ِ‬
‫ص َدقَهُ ف َ‬ ‫ك َو َ‬ ‫ث ابْ نَ تَهُ إِلَْي ِه‪ ،‬فَ َوفَّى لَهُ بِ َذلِ َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َعلَى أَ ْن يَ ْب َع َ‬ ‫َ‬
‫ض َي اللَّهُ‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم مع َزيْ ِد بْ ِن حا ِرثَةَ‪ ،‬ر ِ‬ ‫و َع َدهُ‪ ،‬وبَ َعثَ َها إِلَى ر ُس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْع ِة بَ ْد ٍر‪َ ،‬وَكانَ ْ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ت َسنَةَ اثْ نَ تَ يْ ِن إِلَى أَ ْن أَ ْسلَ َم َزْو ُج َها‬ ‫ت بِال َْمدينَة م ْن بَ ْعد َوق َ‬ ‫َع ْنهُ‪ ،‬فَأَقَ َام ْ‬
‫ص َداقًا "‬ ‫ث لَ َها َ‬ ‫اح ْاأل ََّوِل‪َ ،‬ولَ ْم يُ ْح ِد ْ‬ ‫َُّا َعلَْي ِه بِالنِ َك ِ‬ ‫ان فَ َرد َ‬‫الربِي ِع سنَةَ ثَم ٍ‬
‫اص بْ ُن َّ َ َ‬ ‫ال َْع ُ‬
‫كاحها‬ ‫َِ‬
‫انفسخ ن ُ‬ ‫ت ال ِْع َّدةُ َولَ ْم يُ ْسلِ ِم‬
‫ضِ‬ ‫والَّ ِذ َعلَْي ِه ْاألَ ْكثَ ُرو َن أَنَّ َها َمتَى انْ َق َ‬
‫ِم ْنهُ‪.‬فإذا أسلم قبل انقضاء العدة راجعها وإَل لها أن تتزوج ولها أن تصبر إن كان‬
‫يرجى إسَلمه‪.‬وفي تعيين عدتها خَلف فقيل حيضة وقيل بل ُي كغيرُا من‬
‫المسلمات‪ .‬فإن كان وليها كافرا نكحها أمير المسلمين‪.‬‬

‫‪766‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{وَل تُم ِس ُكوا بِ ِعص ِم الْ َكوافِ ِر} فَطَلَّ َق ُعمر بن الْ َخطَّ ِ ِ ٍ‬
‫ج‬‫ا ٍ يَ ْوَمئذ ْام َرأَتَ ْي ِن‪ ،‬تَ َزَّو َ‬ ‫َُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ص ْف َوا ُن بْ ُن أ َُميَّةَ " بخار ‪.‬‬ ‫اُ َما ُم َعا ِويَةُ بْ ُن أَبِي ُس ْفيَا َن‪َ ،‬و ْاألُ ْخ َرى َ‬ ‫إِ ْح َد ُ‬
‫ات َحتَّى يُ ْؤِم َّن }‬ ‫{ وََل تَ ْن ِكحوا الْم ْش ِرَك ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق َرأَ (‪َ )5‬علَْي نَا‪:‬‬ ‫ت‪ :‬باي ْعنَا رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َع ْن أُِم َعطيَّةَ قَالَ ْ َ َ َ ُ‬
‫{أَ ْن ََل يُ ْش ِرْك َن بِاللَّ ِه َش ْي ئًا} َونَ َهانَا َع ِن النِيَا َح ِة‪ "..‬بخار‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِي‬ ‫ال‪ُ :‬كنَّا ِع ْن َد رس ِ ِ‬ ‫الص ِام ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ت قَ َ‬ ‫اد َة بْ ِن َّ‬ ‫َع ْن ُعبَ َ‬
‫ال‪" :‬تُبَايِ ُعونِي َعلَى أَََّل تُ ْش ِرُكوا بِاللَّ ِه َش ْي ئًا‪َ ،‬وََل تَ ْس ِرقُوا‪َ ،‬وََل تَ ْزنُوا‪َ ،‬وََل‬ ‫س فَ َق َ‬ ‫َم ْجلِ ٍ‬
‫ت علَى النِس ِ‬
‫ات} فَ َم ْن‬ ‫اء َك ال ُْم ْؤِمنَ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ج‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫{‬ ‫اء‬ ‫َ‬ ‫تَ ْقتُ لُوا أ َْوََل َد ُك ْم ‪-‬قَ َرأَ ْاْليَةَ الَّتِي أ ُِخ َذ ْ َ‬
‫ك َشي ئًا فَ عوقِ ِِ‬ ‫وفَّى ِم ْن ُكم فَأَجرهُ َعلَى اللَّ ِه‪ ،‬ومن أَص ِ ِ‬
‫ب به‪ ،‬فَ ُه َو َك َّف َ‬
‫ارةٌ‬ ‫ا ٍ م ْن ذَل َ ْ ُ َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َ‬
‫اء غَ َف َر لَهُ‪،‬‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫ك َشي ئًا فَستَ رهُ اللَّهُ َعلَي ِه‪ ،‬فَ هو إِلَى اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫لَه‪ ،‬ومن أَصا ٍ ِمن ذَلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ََ ْ َ َ ْ‬
‫اء َع َّذبَهُ"‪ .‬بخار ومسلم‪.‬‬ ‫َوإِ ْن َش َ‬
‫"َل َواللَّ ِه َما‬ ‫ِ‬ ‫ت ُِ ْن ٌد‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫"وََل ي ْزنِ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫ول اللَّه‪َ ،‬و َُ ْل تَ ْزني ال ُ‬
‫ْح َّرةُ؟ قَ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ين"‪ ،‬فَ َقالَ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ارا‪...‬‬ ‫صغَارا فَ َقتَ لْتُم ُ ِ‬ ‫ت‪ :‬ربَّ ْي نَ ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫وُ ْم كبَ ً‬ ‫ُ‬ ‫اُ ْم ً‬ ‫َلد ُُ َّن} قَالَ ْ َ‬ ‫ْن أ َْو َ‬
‫{وَل يَ ْقتُ ل َ‬‫ْح َّرةُ" َ‬ ‫تَ ْزني ال ُ‬
‫ول اللَّ ِه‪ ،‬إِ َّن أَبَا ُس ْفيَا َن َر ُج ٌل َش ِحيح ََل يُ ْع ِطينِي ِم َن‬ ‫ت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ْن} قَالَ ْ‬ ‫{ َوَل يَ ْس ِرق َ‬
‫ت ِم ْن َمالِ ِه بِغَْي ِر ِعل ِْم ِه؟‬ ‫َخ ْذ ُ‬‫اح إِ ْن أ َ‬ ‫النَّ َف َق ِة َما يَ ْك ِفينِي َويَ ْك ِفي بَنِ َّي‪ ،‬فَ َه ْل َّ‬
‫علي ُجنَ ٌ‬
‫وف ما ي ْك ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّه َعلَي ِه وسلَّم‪ِ ِ ِ ِ ُ :‬‬
‫يك‬ ‫"خذ م ْن َماله بِال َْم ْع ُر َ َ‬ ‫ُ ْ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫فَ َق َ‬
‫يك"‪ .‬أَ ْخ َر َجاهُ فِي الصحيحين‬ ‫وي ْك ِفي بنِ ِ‬
‫ََ َ‬
‫" قلنا يا رسول‬

‫‪767‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الله أَل تصافحنا؟ " " إني َل أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي َلمرأة‬
‫واحدة "‪ .‬صححه األلباني‪.‬‬

‫سورة الصف مدنية‪:‬‬


‫عن الجهاد في سبيل الله والنصرة لدينه‪.‬‬
‫اد َعلَْي ِه ْم‪ ،‬وكان الحال كفوا أيديكم ثم أذن لهم‬ ‫ْجه ِ‬
‫رضيَّة ال ِ َ‬ ‫ت ِحين تَمنَّوا فَ ِ‬
‫نَ َزلَ ْ َ َ ْ‬
‫ض ُه ْم‪ ،‬كالمنافقين َكما‬ ‫ض نَ َك َل َع ْنهُ بَ ْع ُ‬ ‫الدفاع { أذن للذين يقاتلون‪ }..‬فَ لَ َّما فُ ِر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫في قَ ولِ ِه تَ عالَى‪{ :‬أَلَم تَر إِلَى الَّ ِذ ِ‬
‫الصَل َة َوآتُوا‬ ‫يموا َّ‬ ‫يل لَ ُه ْم ُك ُّفوا أَيْديَ ُك ْم َوأَق ُ‬ ‫ين ق َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫َّاس َك َخ ْشيَ ِة اللَّ ِه أ َْو أَ َش َّد‬
‫ش ْو َن الن َ‬ ‫ال إِذَا فَ ِري ٌق ِم ْن ُه ْم يَ ْخ َ‬
‫ب َعلَْي ِه ُم ال ِْقتَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الزَكاةَ فَ لَ َّما ُكت َ‬
‫ورةٌ‬ ‫ورةٌ فَِإذَا أُنزلَ ْ‬ ‫ال تَ عالَى‪{ :‬وي ُق ُ َّ ِ‬
‫ت ُس َ‬ ‫ت ُس َ‬ ‫آمنُوا لَ ْوَل نزلَ ْ‬ ‫ين َ‬ ‫ول الذ َ‬ ‫ََ‬ ‫َخ ْشيَةً}‪َ .‬وقَ َ َ‬
‫ك نَظََر‬ ‫ين فِي قُلُوبِ ِه ْم َم َر ٌ‬
‫ض يَ ْنظُُرو َن إِلَْي َ‬ ‫ال رأَي َ َّ ِ‬
‫ت الذ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ُم ْح َك َمةٌ َوذُك َر ف َيها الْقتَ ُ َ ْ‬
‫صلَّى الله عليه وسلم‬ ‫َن رس َ ِ‬ ‫ت} فِي َّ ِ‬ ‫الْم ْغ ِش ِي َعلَْي ِه ِمن الْمو ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫يح ْي ِن أ َّ َ ُ‬ ‫الصح َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ف‪َ ،‬وإِ َذا ْاؤتُ ِم َن َخا َن"‬ ‫ ٍ‪ ،‬إِ َذا َو َعد أَ ْخلَ َ‬ ‫ث‪ :‬إِ َذا َح َّدث َك َذ َ‬ ‫ال‪" :‬آيَةُ ال ُْمنَافِ ِق ثَََل ٌ‬ ‫قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫" يُ َجاءُ بِ َّ‬
‫ور َك َما‬ ‫الر ُج ِل يَ ْوَم القيَ َامة فَ يُ لْ َقى في النَّا ِر‪ ،‬فَ تَ ْن َدل ُق أَقْتَابُهُ في النَّا ِر‪ ،‬فَ يَ ُد ُ‬
‫س‬‫ك؟ أَلَْي َ‬ ‫ار بَِر َحاهُ‪ ،‬فَ يَ ْجتَ ِم ُع أَ ُْ ُل النَّا ِر َعلَْي ِه فَ يَ ُقولُو َن‪ :‬أَ ْ فَُلَ ُن َما َشأْنُ َ‬ ‫ي ُد ِ‬
‫ور الح َم ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ت آمرُكم بِالْمعر ِ‬ ‫الم ْن َك ِر؟ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وف َوَلَ‬ ‫ال‪ُ :‬ك ْن ُ ُ ُ ْ َ ْ ُ‬ ‫ت تَأْ ُم ُرنَا بال َْم ْع ُروف َوتَ ْن َهانَا َع ِن ُ‬ ‫ُك ْن َ‬
‫الم ْن َك ِر َوآتِ ِيه " بخار‬‫آتيه‪َ ،‬وأَنْ َها ُك ْم َع ِن ُ‬
‫ِِ‬
‫ِ‬ ‫{لِم تُ ْؤذُونَنِي وقَ ْد تَ ْعلَمو َن أَنِي رس ُ َّ ِ‬
‫وسى‪ :‬لََق ْد‬ ‫"ر ْح َمةُ اللَّه َعلَى ُم َ‬ ‫ول الله إِلَْي ُك ْم} َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صبَ َر" بخار ومسلم‬ ‫أُوذ َ بِأَ ْكثَ َر م ْن َُ َذا فَ َ‬
‫‪768‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ول اللَّ ِه‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫فآذوه بشخصيته كما مر في سورة األحزا ٍ وبالرسالة كما ُنا‪ .‬قَ َ‬
‫الس ََل ُم‪َ ،‬كا َن َر ُج ًَل َحيِيا ِستِيرا‪ََ ،‬ل يُ َرى‬ ‫وسى‪َ ،‬علَْي ِه َّ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪" :‬إِ َّن ُم َ‬ ‫َ‬
‫َّر‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ا‪:‬‬‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫يل‬ ‫استِ ْحياء ِم ْنهُ‪ ،‬فَآذَاهُ من آذَاهُ ِمن بنِي إِ ْسرائِ‬ ‫ْ‬ ‫يء‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ِمن ِجل ِ‬
‫ْدهِ‬
‫َ َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ًَ‬ ‫ْ‬
‫ُ َذا التَّستُّر إََِّل ِمن َعي ٍ ِ ِ ِ‬
‫ص َوإِ َّما أ ْد َرة َوإِ َّما آفَةٌ‪َ ،‬وإِ َّن اللَّهَ‪َ ،‬ع َّز‬ ‫ب بِجلْده‪ ،‬إِ َّما بَ َر ٌ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وسى َعلَْي ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ََل ُم‪ ،‬فَ َخ ََل يَ ْوًما َو ْح َدهُ‪ ،‬فَ َخلَ َع ثِيَابَهُ‬ ‫اد أَ ْن يُبرئَه م َّما قَالُوا ل ُم َ‬ ‫َو َج َّل‪ ،‬أ ََر َ‬
‫ِ ِِ‬
‫ْح َج َر َع َدا‬ ‫غ أَقْبَ َل إِلَى ثيَابِه ليَأْ ُخ َذ َُا‪َ ،‬وإِ َّن ال َ‬ ‫فلما فَ َر َ‬
‫س َل‪َّ ،‬‬ ‫َعلَى َح َج ٍر‪ ،‬ثُ َّم ا ْغتَ َ‬
‫ول‪ :‬ثُوبِي َح َجر‪ ،‬ثُوبِي َح َجر‪،‬‬ ‫ْح َج َر‪ ،‬فَ َج َع َل يَ ُق ُ‬ ‫بِثَ وبِِ‬
‫ب ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ل‬‫ط‬
‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫اه‬
‫ُ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫وس‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫َخ‬
‫َ‬ ‫أ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫س َن َما َخلَ َق اللَّهُ‪َ ،‬ع َّز‬ ‫ِ ٍِ ِ ِ ِ‬
‫َح َ‬‫يل‪ ،‬فَ َرأ َْوهُ ُعريانا أ ْ‬ ‫َحتَّى انْ تَ َهى إلَى َم ََل م ْن بَني إ ْس َرائ َ‬
‫وج َّل‪ ،‬وأَب رأَهُ ِ‬
‫ض ْربًا‬ ‫ْح َج ِر َ‬ ‫فق بِال َ‬ ‫سهُ‪ ،‬وطَ َ‬ ‫َ‬
‫َخ َذ ثوبَه فَ لَبِ‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫ْح‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ام‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫ل‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫م‬ ‫َ َ َ َْ‬
‫ال‪:‬‬ ‫سا ‪-‬قَ َ‬ ‫م‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َو‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫َر‬‫أ‬ ‫َو‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ث‬
‫ً‬ ‫َل‬‫َ‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫ضربِِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫بِعصاهُ‪ ،‬فَ واللَّ ِه إِ َّن بِالْحج ِر لَنَدبا ِ‬
‫ْ َْ ً ْ ْ ً‬ ‫ْ‬ ‫ََ ً ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫وسى فَ بَ َّرأَهُ اللَّهُ‬ ‫ين آ َذ ْوا ُم َ‬
‫َّ ِ‬
‫آمنُوا ََل تَ ُكونُوا َكالذ َ‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫ك قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪{ :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬ ‫فَ َذلِ َ‬
‫ِم َّما قَالُوا َوَكا َن ِع ْن َد اللَّ ِه َو ِج ًيها} ‪.‬بخار ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫{ وُمبَ ِشرا بِر ُس ٍ‬
‫َس َماءٌ‪ :‬أَنَا ُم َح َّم ٌد‪َ ،‬وأَنَا‬ ‫َح َم ُد} "إِ َّن لي أ ْ‬ ‫اس ُمهُ أ ْ‬‫ول يَأْتِي م ْن بَ ْعد ْ‬ ‫َ ً َ‬
‫اش ُر الَّ ِذ يُ ْح َ‬ ‫احي الَّ ِذ يمحو اللَّه بِِه الْ ُك ْفر‪ ،‬وأَنَا الْح ِ‬ ‫أَحم ُد‪ ،‬وأَنَا الْم ِ‬
‫ش ُر النَّ ُ‬
‫اس‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ب"‪.‬بخار ولمسلم نحوه‬ ‫َعلَى قَ َد ِمي‪ ،‬وأَنَا الْعاقِ‬
‫َ َ ُ‬
‫يم‪ ،‬وبُ ْش َرى‬ ‫ال‪ِ ِ ِ َ :‬‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬أَ ْخبِ ْرنَا َع ْن نَ ْف ِس َ‬
‫"د ْع َوةُ أَبي إبْ َراُ َ‬ ‫ك‪ .‬قَ َ‬ ‫قَالُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬
‫ص َرى‬ ‫ت بِي َكأَنَّه َخرج ِ‬ ‫َت أ ُِمي ِ‬ ‫ِ‬
‫ور بُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ص‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫اء‬
‫َ‬ ‫َض‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫ور‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬‫ن‬ ‫ا‬‫ه‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ح‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ين‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫و‬
‫َ ََ‬ ‫ى‪،‬‬ ‫يس‬ ‫ع‬
‫الش ِام" الحاكم في المستدرك‪.‬‬ ‫ض َّ‬ ‫ِم ْن أ َْر ِ‬

‫‪769‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َدلُّ ُكم َعلَى تِجارةٍ تُ ْن ِجي ُكم ِمن َع َذ ٍ ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ا ٍ أَل ٍيم} {إِ َّن اللَّهَ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ََ‬ ‫آمنُوا َُ ْل أ ُ ْ‬ ‫ين َ‬‫{يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ْجنَّةَ}‬ ‫س ُه ْم َوأ َْم َوالَ ُه ْم بِأ َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َن لَ ُه ُم ال َ‬ ‫ين أَنْ ُف َ‬
‫ا ْشتَ َرى م َن ال ُْم ْؤمن َ‬
‫ين َم ْن‬ ‫ْحوا ِريِ‬ ‫ال ِعيسى ابن مريم لِ‬ ‫{يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا ُكونُوا أَنْص َّ ِ‬
‫ار الله َك َما قَ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫ل‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬لِ ُك ِل نَبِ ٍي َح َوا ِر‬ ‫ال النَّبِ ُّي َ‬ ‫صا ِر إِلَى اللَّ ِه } فَ َق َ‬ ‫أَنْ َ‬
‫َو َح َوا ِر َّ ُّ‬
‫الزبَ ْي ُر» متفق عليه‪.‬‬
‫سورة الجمعة مدنية‪:‬‬
‫أن رسالة النبي كانت نعمة و عن حال اليهود مع كتابهم وعن الجمعة‪.‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َكا َن يَ ْق َرأُ فِي‬ ‫َن رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫اس‪َ ،‬وأَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ :‬أ َّ َ ُ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫ص ََلةِ الْجمع ِة بِسورةِ الْجمع ِة والْمنَافِ ِقين‪ .‬رواهُ مسلِم فِي ص ِح ِ‬
‫يح ِه‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ ُ َ ُ ُ َ َ ُ َ ََ ُ ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫ال صلى الله عليه وسلم‪« :‬إِنَّا أ َُّمةٌ‬ ‫ين َر ُسوَل ِم ْن ُه ْم} قَ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ي‬ ‫ث فِي ِ‬
‫األم‬ ‫{ُ َو الَّ ِذ بَ َع َ‬
‫ُ‬
‫ب‪ "..،‬بخار ومسلم‬ ‫ِ‬
‫سُ‬ ‫ب َوََل نَ ْح ُ‬ ‫أُميَّةٌ‪ََ ،‬ل نَ ْكتُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ْح ْكمةَ} الكتا ٍ والسنة «أَََل إِنِي أُوتِ ُ ِ‬ ‫ْكتَا ٍ وال ِ‬ ‫{وي علِمهم ال ِ‬
‫ا ٍ‪َ ،‬ومثْ لَهُ‬ ‫يت الْكتَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ ُ ُ ُ‬
‫آن فَ َما َو َج ْدتُ ْم فِ ِيه‬‫ول َعلَْي ُكم بِ َه َذا الْ ُقر ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ك َر ُج ٌل َش ْب َعا ُن َعلَى أَ ِري َكتِ ِه يَ ُق ُ‬ ‫وش ُ‬ ‫معهُ أَََل ي ِ‬
‫ََ ُ‬
‫َحلُّوهُ‪َ ،‬وَما َو َج ْدتُ ْم فِ ِيه ِم ْن َح َر ٍام فَ َح ِرُموهُ‪ "..‬أبو داود وصححه‬ ‫ِمن ح ََل ٍل فَأ ِ‬
‫ْ َ‬
‫األلباني‪.‬‬
‫يم} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪،‬‬ ‫آخ ِرين ِم ْن هم لَ َّما ي لْح ُقوا بِ ِهم وُو الْع ِزيز ال ِ‬
‫ْحك ُ‬ ‫ْ َ َُ َ ُ َ‬ ‫{و َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ت َعلَْي ِه‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَأُنْ ِزلَ ْ‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ال‪ُ :‬كنَّا جلُوسا ِ‬
‫ع‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬‫رِ‬
‫َ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ‬
‫ْح ُقوا بِ ِه ْم} قَالُوا‪َ :‬م ْن ُُ ْم يَا َر ُسو َل اللَّ ِه؟ فَ لَ ْم‬ ‫آخ ِر ِ‬ ‫سورةِ ال ِ‬
‫ين م ْن ُه ْم لَ َّما يَل َ‬
‫{و َ َ‬‫ْج ُم َعة‪َ :‬‬ ‫ُ َ ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫ضع رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫يُ َراج ْع ُه ْم َحتَّى ُسئ َل ثَََلثًا‪َ ،‬وفينَا َسل َْما ُن الْ َفا ِرس ُّي‪ ،‬فَ َو َ َ َ ُ‬
‫‪770‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال ‪-‬‬ ‫يما ُن ِع ْن َد الث َُّريَّا لَنَالَهُ ِر َج ٌ‬ ‫ال‪" :‬لَ ْو َكا َن ِْ‬
‫اإل َ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ َدهُ َعلَى َسل َْما َن ثُ َّم قَ َ‬
‫أ َْو‪َ :‬ر ُج ٌل‪ِ -‬م ْن َُ ُؤََل ِء"‪.‬بخار ومسلم‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ارا} وفي‬ ‫وُا َك َمثَ ِل الْح َما ِر يَ ْح ِم ُل أ ْ‬
‫َس َف ً‬ ‫َّوَراةَ ثُ َّم لَ ْم يَ ْح ِملُ َ‬ ‫ِ‬
‫ين ُحملُوا الت ْ‬‫{مثَ ُل الذ َ‬ ‫َ‬
‫األعراف {كمثل الكلب} وُكذا كل من لم يفعل ما كلف عليه‪َ .‬ع ْن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس‬
‫ام‬ ‫ْج ُم َع ِة َو ِْ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫"م ْن تَ َكلَّ َم يَ ْوَم ال ُ‬
‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪َ :‬‬
‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫قَ َ‬
‫ول لَهُ "أنصت"‪ ،‬ليس له‬ ‫ارا‪َ ،‬والَّ ِذ يَ ُق ُ‬
‫َس َف ً‬
‫ِ‬
‫ب‪ ،‬فَ ُه َو َك َمثَ ِل الْح َما ِر يَ ْح ِم ُل أ ْ‬ ‫يَ ْخطُ ُ‬
‫جمعة" المسند‬
‫ادوا إِ ْن َز َع ْمتُ ْم أَنَّ ُك ْم أ َْولِيَاءُ لِلَّ ِه ِم ْن ُدو ِن الن ِ‬
‫َّاس} مثل قولهم {‬ ‫ين َُ ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫{قُ ْل يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫نحن أبناء الله وأحباه‪ ،‬لن تمسنا النار‪ ،‬لن يدخل الجنة إَل من كان ُودا أو‬
‫نصارى‪} ،‬‬
‫ين} { ولتجدنهم احرص الناس على حياة‪ ،‬قل‬ ‫ت إِ ْن ُك ْن تُم ِ ِ‬
‫صادق َ‬‫ْ َ‬ ‫َّوا ال َْم ْو َ‬
‫{ فَ تَ َمن ُ‬
‫إن كانت لكم الدار اْلخرة خالصة‪" }..‬ولو أن اليهود تمنوا الموت؛ لماتوا ورأوا‬
‫مقاعدُم في النار"‪ .‬صحيح على شرط الشيخين‪:‬األلباني ‪ .‬قال ابن كثير‪" :‬‬
‫ال ِمن أَنْ ُف ِس ِهم أَو ُخص ِ‬
‫اُلَةُ‬‫ت ُمبَ َ‬ ‫وم ِه ْم‪َ ،‬ك َما تَ َق َّد َم ْ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫الض ِ ْ‬ ‫ال ُْم َراد أَ ْن يَ ْد ُعوا َعلَى َّ‬
‫َح ُد ُك ُم‬ ‫النَّصارى فِي ِ ِ‬
‫آل ع ْم َرا َن‪ ".‬ألن تمني الموت منهي عنه‪َ« .‬لَ يَتَ َمنَّى أ َ‬ ‫ََ‬
‫ب» بخار ولمسلم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ت إِ َّما مح ِسنًا فَ لَعلَّه ي ْز َد ُ ِ ِ‬
‫اد‪َ ،‬وإ َّما ُمسيئًا فَ لَ َعلهُ يَ ْستَ ْعت ُ‬ ‫َ َُ‬ ‫الم ْو َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َح ُد ُك ُم‬ ‫أ‬ ‫ات‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬‫ي‬‫ع بِِه ِمن قَ ْب ِل أَ ْن يأْتِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ت‪َ ،‬وََل يَ ْد ُ ْ‬ ‫َح ُد ُك ُم ال َْم ْو َ‬‫« ََل يَتَ َمنَّى أ َ‬
‫انْ َقطَ َع َع َملُهُ‪َ ،‬وإِنَّهُ ََل يَ ِزي ُد ال ُْم ْؤِم َن ُع ْم ُرهُ إََِّل َخ ْي ًرا»‬

‫‪771‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت‬‫َلقي ُك ْم } {أَيْ نَ َما تَ ُكونُوا يُ ْد ِرُك ُك ُم ال َْم ْو ُ‬ ‫ت الَّ ِذ تَِف ُّرو َن ِم ْنهُ فَِإنَّهُ م ِ‬ ‫{قُ ْل إِ َّن ال َْم ْو َ‬
‫ُ‬
‫شيَّ َدةٍ}‬
‫وج ُم َ‬‫َولَ ْو ُك ْن تُ ْم فِي بُ ُر ٍ‬
‫اس َع ْوا إِلَى ِذ ْك ِر اللَّ ِه‬ ‫لصَلةِ ِمن ي وِم ال ِ‬ ‫ود لِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ْج ُم َعة فَ ْ‬ ‫ْ َْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫آمنُوا إذَا نُ َ‬ ‫ين َ‬ ‫{يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ول الله صلى الله عليه‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫ضي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬أ َّ‬ ‫و َذروا الْب ْيع } و َعن أَبِي ُُريرة‪ ،‬ر ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ ْ‬
‫وسلم قال‪" :‬م ِن ا ْغتَسل ي وم الْجمع ِة غُسل الْجنَاب ِ‬
‫ ٍ بَ َدنَةً‪،‬‬ ‫اح فَ َكأَنَّ َما قَ َّر َ‬
‫ََ‬ ‫ر‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬‫َ َ َ‬ ‫َ َ َْ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫اع ِة الثَّالِثَِة‬
‫الس َ‬‫اح فِي َّ‬ ‫ ٍ بَ َق َرًة‪َ ،‬وَم ْن َر َ‬
‫الس َ ِ ِ ِ‬
‫اعة الثَّانيَة فَ َكأَنَّ َما قَ َّر َ‬ ‫اح فِي َّ‬ ‫َوَم ْن َر َ‬
‫اع ِة َّ ِ‬ ‫اح فِي َّ‬
‫اجةً‪َ ،‬وَم ْن‬ ‫ ٍ َد َج َ‬ ‫الرابِ َعة فَ َكأَنَّ َما قَ َّر َ‬ ‫الس َ‬ ‫شا أَق َْر َن‪َ ،‬وَم ْن َر َ‬ ‫ ٍ َك ْب ً‬‫فَ َكأَنَّ َما قَ َّر َ‬
‫ت ال َْم ََلئِ َكةُ‬ ‫ضر ِ‬ ‫اع ِة الْ َخ ِام ِ‬ ‫اح فِي َّ‬
‫ام َح َ َ‬ ‫ج ِْ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫ضةً‪ ،‬فَِإ َذا َخ َر َ‬ ‫ ٍ بَ ْي َ‬‫سة فَ َكأَنَّ َما قَ َّر َ‬ ‫َ‬ ‫الس َ‬ ‫َر َ‬
‫ج ِم ْن َها‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ْجنَّةَ‪َ ،‬وفيه أُ ْخ ِر َ‬
‫الذ ْكر" أَ ْخرجاهُ ‪ .‬وفِ ِيه ُخلِ َق َ ِ ِ ِ‬
‫آد ُم‪َ ،‬وفيه أُ ْدخ َل ال َ‬
‫ِ‬
‫يَ ْستَم ُعو َن َ َ َ‬
‫ِ‬
‫َل اللَّ َه فِ َيها َخ ْي ًرا إََِّل‬ ‫اعةٌ ََل يُ َوافِ ُق َها َع ْب ٌد ُم ْؤِم ٌن يَ ْسأ ُ‬ ‫اعةُ‪َ .‬وفِ ِيه َس َ‬ ‫الس َ‬‫وم َّ‬ ‫ِِ‬
‫َوفيه تَ ُق ُ‬
‫َن ْاأل َُم َم قَ ْب لَنَا أ ُِم ُروا بِِه‬ ‫ت أ َّ‬ ‫اح‪َ .‬وثَبَ َ‬ ‫اد ُ ِ‬
‫يث الص َح ُ‬
‫ك ْاألَح ِ‬
‫ت بِ َذل َ َ‬
‫أَ ْعطَاهُ إِيَّاهُ َكما ثَب ت ْ ِ‬
‫َ ََ‬
‫ار اللَّهُ‬ ‫ت وا ْختَار النَّصارى يوم ْاألَح ِ‬ ‫ود ي وم َّ ِ‬
‫الس ْب َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫د‬ ‫ار الْيَ ُه ُ َ ْ َ‬ ‫ضلوا َع ْنهُ‪َ ،‬وا ْختَ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ث ُج َم ٍع تَ َه ُاونًا بِ َها‪ ،‬طَبَ َع اللَّهُ َعلَى قَ لْبِ ِه» أبو‬ ‫ْج ُم َع ِة‪َ « .‬م ْن تَ َر َك ثَََل َ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫ل َهذه ْاأل َُّمة ال ُ‬
‫داود [حكم األلباني] ‪ :‬حسن صحيح‬
‫اد بِ َه َذا النِ َد ِاء ُُ َو النِ َداءُ الثَّانِي الَّ ِذ َكا َن يُ ْف َع ُل بَ ْي َن‬ ‫لصَلةِ} ال ُْم َر ُ‬ ‫ود َ لِ َّ‬ ‫{إِذَا نُ ِ‬
‫س َعلَى ال ِْم ْن بَ ِر‪ ،‬فَِإنَّهُ َكا َن‬ ‫ِ‬ ‫ي َد رس ِ ِ‬
‫ج فَ َجلَ َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم إِ َذا َخ َر َ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َ ْ َُ‬
‫ادهُ أ َِمي ِر‬
‫اد‪ ،‬فَأ ََّما النِ َداءُ ْاأل ََّو ُل الَّ ِذ َز َ‬ ‫حينَئِ ٍذ يُ َؤذَّ ُن بَ ْي َن يَ َديْ ِه‪ ،‬فَ َه َذا ُُ َو الْ ُم َر ُ‬
‫ِ‬
‫َّاس ‪...‬يُ َؤذَّ ُن‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬فَِإنَّ َما َكا َن َُ َذا لِ َكثْ َرةِ الن ِ‬ ‫الْم ْؤِمنِين ُعثْما َن بْ ِن َع َّفا َن‪ ،‬ر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ ٍ ال َْم ْس ِج ِد‪.‬‬ ‫ت أ َْرفَ َع َدا ٍر بِال َْم ِدينَ ِة‪ ،‬بُِق ْر ِ‬ ‫الزْوَر ِاء‪َ ،‬وَكانَ ْ‬ ‫س َّمى بِ َّ‬ ‫بِِه َعلَى َّ َِّ‬
‫الدا ِر التي تُ َ‬
‫‪772‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وتركه علي حين خَلفته في الكوفة وكرُه الشافعي في األم‪ .‬خَلصة‪ :‬يشرع عند‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْن ُه ْم َعلَى تَ ْح ِر ِيم الْبَ ْي ِع بَ ْع َد‬ ‫الحاجة وَل بأس به‪ .‬و اتَّ َف َق الْعلَماء ر ِ‬
‫َُ َُ‬ ‫َ‬
‫النِ َد ِاء الثَّانِي وَل يصح وما حصل منه فهو حرام‪.‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬ ‫عير ال َْم ِدينَةَ‪َ ،‬وَر ُس ُ‬ ‫َع ْن َجابِ ٍر قَ َ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم يَ ْخطُ ُ‬ ‫دمت ٌ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫ضوا‬ ‫ارةً أ َْو لَ ْه ًوا انْ َف ُّ‬ ‫ج‬ ‫ت‪{ :‬وإِذَا رأَوا تِ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ز‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫ً‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ر‬‫ش‬‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫اث‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫فَ َخرج النَّاس وب ِ‬
‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُ ََ َ‬
‫يح ْي ِن‪ .‬واستدله مالك وليس نصا‪ .‬وقال السيوطي من‬ ‫إِلَي ها} أَ ْخرجاهُ فِي َّ ِ‬
‫الصح َ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬
‫أئمة الشافعية‪ :‬ما صح في عدد المشروط ليوم الجمعة شي" معنى‪.‬‬

‫اد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اْلخ َرةَ َو َس َعى لَ َها َس ْعيَ َها‬ ‫{وَم ْن أ ََر َ‬ ‫اس َع ْوا إِلَى ذ ْك ِر اللَّه} اإلُتمام واإلستعداد َ‬ ‫{فَ ْ‬
‫َو ُُ َو ُم ْؤِم ٌن}‬
‫سورة المنافقون مدنية‪.‬‬
‫ت لَ ُه ْم أ َْم لَ ْم تَ ْستَ ْغ ِف ْر لَ ُه ْم لَ ْن يَ ْغ ِف َر اللَّهُ لَ ُه ْم إِ َّن اللَّهَ ََل‬ ‫{س َواءٌ َعلَْي ِه ْم أ ْ‬
‫َستَ ْغ َف ْر َ‬ ‫َ‬
‫ال فِي س ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اءةٌ"‬
‫ورة "بَ َر َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ين} َك َما قَ َ‬ ‫يَ ْهد الْ َق ْوَم الْ َفاسق َ‬
‫{ َوإِ ْن يَ ُقولُوا تَ ْس َم ْع لَِق ْولِ ِه ْم} " إن من البيان لسحرا " فإنها موُبة ولكن‬
‫استعملوُا للخيانة‪.‬‬
‫اك‪ ،‬اقْتَ تَ َل َعلَى ال َْم ِاء َجهجاه‬ ‫يم ُُنَ َ‬ ‫صطَلِ ِق‪ :‬فَ ب ي نَا رس ُ ِ ِ‬
‫ول اللَّه ُمق ٌ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫ص ِة بَنِي ال ُْم ْ‬ ‫فِي قِ َّ‬
‫ا ٍ‪َ ،‬و ِسنَا ُن بْ ُن َوبْر (‪ )1‬قَ َ‬ ‫َجيرا‪-‬لِ ُع َمر بْ ِن الْ َخطَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫ال ابْ ُن‬ ‫َ‬ ‫بْ ُن َسعيد الْغ َفا ِر ُّ ‪َ -‬وَكا َن أ ً‬
‫ال‪ :‬ا ْز َد َح َما َعلَى ال َْم ِاء فَاقْتَ تَ ََل‬ ‫إِ ْس َحا َق‪ :‬فَ َح َّدثَنِي ُم َح َّم ُد بْ ُن يَ ْحيَى بْ ِن ِحبَّا َن قَ َ‬
‫ين ‪َ -‬وَزيْ ُد بْ ُن‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫شر الْم َه ِ‬
‫اج‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫اه‬
‫ُ‬ ‫ج‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ْج‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ا‬‫ص‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫األ‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫ن‬
‫ٌ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ال ِ‬
‫س‬ ‫فَ َق َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪773‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ثاورونا فِي‬ ‫ال‪ :‬قَ ْد ُ‬ ‫صا ِر ِع ْن َد َع ْب ِد اللَّ ِه بْ ِن أُبَ ٍي‪-‬فَ لَ َّما َس ِم َع َها قَ َ‬ ‫ِ‬
‫أ َْرقَ َم َونَ َف ٌر م َن ْاألَنْ َ‬
‫ٍ َُ ِذهِ إََِّل َكما قَ َ ِ‬ ‫يب قُ َريْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك‬‫"سمن َك ْلبَ َ‬ ‫ال الْ َقائ ُل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ب ََلدنَا‪َ .‬والله َما مثلُنا َو َج ََلب ُ‬
‫َع ُّز ِم ْن َها ْاألَذَ َّل‪ .‬ثُ َّم أَقْبَ ُل َعلَى‬ ‫ْك"‪َ .‬واللَّ ِه لَئِ ْن َر َج ْعنَا إِلَى ال َْم ِدينَ ِة لَيُ ْخ ِر َج َّن ْاأل َ‬ ‫يَأْ ُكل َ‬
‫وُ ْم بََِل َد ُك ْم‪،‬‬
‫َحلَلْتُ ُم ُ‬ ‫ِ‬
‫صنَ ْعتُ ْم بِأَنْ ُفس ُك ْم‪ ،‬أ ْ‬ ‫ال‪َ َُ :‬ذا َما َ‬ ‫َم ْن ِع ْن َدهُ ِم ْن قَ ْوِم ِه َوقَ َ‬
‫وُ ْم أ َْم َوالَ ُك ْم‪ ،‬أ ََما َواللَّ ِه لَ ْو َك َف ْفتُ ْم َع ْن ُه ْم لَتَ َح َّولُوا َع ْن ُك ْم فِي بََِل ِد ُك ْم إِلَى‬ ‫اس ْمتُ ُم ُ‬
‫َوقَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫غَي ِرَُا‪ .‬فَس ِمعها َزي ُد ابن أَرقَم‪ ،‬فَ َذ َُب بِها إِلَى رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫ْ‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪-‬فَأَ ْخبَ َرهُ الْ َخبَ َر‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ا ٍ ر ِ‬ ‫ِ‬
‫ال عُ َم ُر‬ ‫َو ُُ َو غُلَي ٌم ‪َ -‬وع ْن َدهُ عُ َم ُر بْ ُن الْ َخطَّ ِ َ‬
‫صلَّى‬ ‫ضي اللَّهُ َع ْنهُ‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َ‬ ‫ ٍ ُعنُ َقهُ‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ض ِر ْ‬ ‫بشر (‪ )2‬فَ لْيَ ْ‬ ‫ول اللَّه ُم ْر َعباد بْ َن ْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َر َ‬
‫َص َحابَهُ؟‬ ‫َن ُم َح َّم ًدا يَ ْقتُ ُل أ ْ‬ ‫َّاس ‪-‬يَا ُع َم ُر‪-‬أ َّ‬ ‫ث الن ُ‬ ‫ف إِذَا تَ َح َّد َ‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬فَ َك ْي َ‬
‫الرِحي ِل"‪.‬‬ ‫اد يَا ُع َم ُر فِي َّ‬ ‫ََل ولَ ِكن نَ ِ‬
‫َ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬أَتَاهُ‬ ‫ك قَ ْد ب لَ َغ َ ِ‬ ‫فَ لَ َّما ب لَ َغ َعب َد اللَّ ِه بن أُب ٍي أ َّ ِ‬
‫رسول اللَّه َ‬ ‫َن َذل َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ال َعلَْي ِه َزيْ ُد بْ ُن أ َْرقَ َم ‪َ -‬وَكا َن ِع ْن َد قَ ْوِم ِه‬ ‫ال َما قَ َ‬ ‫ف بِاللَّ ِه َما قَ َ‬ ‫فَا ْعتَ َذ َر إِلَْي ِه‪َ ،‬و َحلَ َ‬
‫ال‬
‫ت َما قَ َ‬ ‫سى أَ ْن يَ ُكو َن َُ َذا الْغُ ََل ُم أ َْو َُ َم َولَ ْم يُثْبِ ْ‬ ‫ان‪-‬فَ َقالُوا‪ :‬يا رس َ َّ ِ‬ ‫بِم َك ٍ‬
‫ول الله‪َ ،‬ع َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬
‫الر ُج ُل‪.‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫اع ٍة َكا َن ََل ي ر ِ‬ ‫هجرا فِي َس َ‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬
‫وح ف َيها‪ ،‬فَ لَقيَهُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم ُم ً‬ ‫اح َر ُس ُ‬‫َوَر َ‬
‫اع ٍة‬
‫حت فِي َس َ‬ ‫ال‪َ :‬واللَّ ِه لََق ْد ُر َ‬ ‫سلَّ َم َعلَْي ِه بِتَ ِحيَّ ِة النُّبُ َّوةِ‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬
‫ض ْي ِر فَ َ‬
‫ْح َ‬‫ُس ْي ُد بْ ُن ال ُ‬
‫أَ‬
‫ك‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬أما بَلَغَ َ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫وح ف َيها‪ .‬فَ َق َ َ ُ‬
‫ت تَر ِ‬
‫ُمن َك َرة َما ُك ْن َ ُ ُ‬
‫َع ُّز ِم ْن َها‬
‫ج ْاأل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ابْ ُن أُبَ ٍي؟‪َ .‬ز َع َم أَنَّهُ إِ َذا قَد َم ال َْمدينَةَ َسيُ ْخ ِر ُ‬
‫ال ص ِ‬
‫احبُ َ‬ ‫(‪َ )3‬ما قَ َ َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫ال‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫يل‪ .‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫الذلِ‬
‫ول اللَّ ِه‪-‬العز ُيز َو ُُ َو َّ‬ ‫ت ‪-‬يَا َر ُس َ‬ ‫ال‪ :‬فَأَنْ َ‬ ‫ْاألَذَ َّل"‪ .‬قَ َ‬
‫ُ‬
‫‪774‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫رز لِنُ تَ وجه‪ ،‬فَِإنَّهُ لَيَ َرى (‪ )4‬أَ ْن‬ ‫ك َوإِنَّا لَنَ ْن ِظ ُم لَهُ ال َخ َ‬ ‫اء اللَّهُ بِ َ‬ ‫ِِ َّ ِ‬
‫ْارفُ ْق به فَ َوالله لََق ْد َج َ‬
‫قَ ِد استلبتَه ُم ْل ًكا‪.‬‬
‫َصبَ ُحوا‪،‬‬ ‫س ْوا‪ ،‬لَْي لَتَهُ َحتَّى أ ْ‬ ‫َّاس َحتَّى أ َْم َ‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم بِالن ِ‬ ‫فَسار رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َ َُ‬
‫َّاس لِي ْشغَلَ ُهم َع َّما َكا َن ِمن الْح ِد ِ‬
‫يث‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫الض َحى‪ .‬ثُ َّم نَ َز َل بِالن ِ َ‬ ‫در يَ ْوَمهُ َحتَّى ا ْشتَ َّد ُّ‬ ‫وص َ‬‫َ‬
‫ت سورةُ الْمنَافِ ِ‬ ‫َّاس أَ ْن َو َج ُدوا َمس ْاأل َْر ِ‬
‫ين (‪)5‬‬ ‫ض فَ نَ ُاموا‪َ ،‬ونَ َزلَ ْ ُ َ ُ َ‬
‫ق‬ ‫فَ لَ ْم يَأْ َم ِن الن ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِي غَ َزاة‬ ‫ول‪ُ :‬كنَّا مع رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ََ َُ‬ ‫َجابَِر بْ َن َع ْب ِد اللَّ ِه يَ ُق ُ‬
‫صا ِر‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫صا ِر ُّ ‪ :‬يَالَ َْلَنْ َ‬‫ال ْاألَنْ َ‬ ‫صا ِر‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ين َر ُج ًَل م َن ْاألَنْ َ‬ ‫رجل م َن ال ُْم َهاج ِر َ‬ ‫س َع ٌ‬ ‫ف َك َ‬
‫ِ‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬‫"ما بَ ُ‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪َ :‬‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫ين‪ .‬فَ َق َ َ ُ‬ ‫ال ُْم َهاج ِر ُّ ‪ :‬يَا لَل ُْم َهاج ِر َ‬
‫ال َع ْب ُد اللَّ ِه بْ ُن أُبَ ِي بْ ِن َسلُ َ‬ ‫َد ْعوى ال ِ ِ‬
‫ول ‪َ -‬وقَ ْد‬ ‫وُا فَِإنَّ َها ُم ْنتِنَةٌ"‪َ .‬وقَ َ‬ ‫ْجاُليَّ ِة؟ َد ُع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فعلوُا‪ :-‬والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز منها األذل‪ .‬قال َجابٌِر‪:‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫اج ِرين ِحين قَ ِدم رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ار بِال َْمدينَة أَ ْكثَ َر م َن ال ُْم َه َ َ َ َ ُ‬ ‫صُ‬ ‫َوَكا َن ْاألَنْ َ‬
‫ ٍ عُنُ َق َُ َذا ال ُْمنَافِ ِق‪.‬‬ ‫ض ِر ْ‬‫ال ُع َم ُر‪َ :‬د ْعنِي أَ ْ‬ ‫ك‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫اج ُرو َن بَ ْع َد ذَلِ َ‬ ‫وسلَّم ثُ َّم َكثُر الْم َه ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫َّاس أ َّ‬
‫َن ُم َح َّم ًدا يَ ْقتُ ُل‬ ‫ث الن ُ‬ ‫"د ْعهُ؛ ََل يَتَ َح َّد ُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪َ :‬‬ ‫ال النَّبِ ُّي َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ت َع ْب َد اللَّ ِه‬ ‫س ِم ْع ُ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ت مع َع ِمي فِي غَزاةٍ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪-‬‬ ‫م‬ ‫ق‬ ‫َر‬‫أ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ب‬ ‫د‬‫َصحابهُ" َعن َزي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أ ََْ ْ ْ‬
‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬ولَئِ ْن َر َج ْعنَا‬ ‫َص َحابِِه‪ََ :‬ل تُ ْن ِف ُقوا َعلَى َم ْن ِع ْن ِد ر ُس ِ‬ ‫ول ي ُق ُ ِ‬
‫ول أل ْ‬ ‫بْ َن أُبَ ِي بْ ِن َسلُ ٍ َ‬
‫َ‬
‫ول‬‫ك لِ َع ِمي فَ َذ َكرهُ َع ِمي لِر ُس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ذَلِ َ‬ ‫َع ُّز ِم ْن َها ْاألَذَ َّل‪ .‬فَ َذ َك ْر ُ‬
‫إِلَى ال َْم ِدينَ ِة لَيُ ْخ ِر َج َّن ْاأل َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َح َّدثْ تُهُ‬ ‫اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَي ِه وسلَّم فَأَرسل إِلَ َّي رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ْ َ َ َ َْ َ َُ‬ ‫َ‬
‫َص َحابِِه فَ َحلَ ُفوا َما قَالُوا‪ :‬ف َكذبني َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫ول َوأ ْ‬ ‫فَأ َْر َسل إِلَى َع ْب ِد اللَّ ِه بْ ِن أُبَ ِي بْ ِن َسلُ ٍ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ط‪َ ،‬و َجلَ ْس ُ‬ ‫ص ْبنِي ِمثْ لُهُ قَ ُّ‬‫اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم وص َّدقه‪ ،‬فَأَصابنِي َُم لَم ي ِ‬
‫ََ ٌ ُْ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫‪775‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ك رس ُ ِ‬


‫ول اللَّه َ‬ ‫ت إََِّل أَ ْن َك َّذبَ َ َ ُ‬ ‫ال َع ِمي‪َ :‬ما أ ََر ْد َ‬ ‫ت‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫فِي الْب ْي ِ‬
‫َ‬
‫إلي َر ُسو ُل‬ ‫ث َّ‬ ‫ال‪ :‬فَ بَ َع َ‬‫اء َك ال ُْمنَافِ ُقو َن} قَ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ال‪َ :‬حتَّى أَنْ َز َل اللهُ‪{ :‬إ َذا َج َ‬ ‫ك‪ .‬قَ َ‬ ‫َوَم َقتَ َ‬
‫ك"‬ ‫ص َّدقَ َ‬ ‫ال‪" :‬إِ َّن اللَّهَ قَ ْد َ‬ ‫ول اللَّ ِه َعلَ َّي‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َق َرأ ََُا َر ُس ُ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َ‬
‫صلَّى‬ ‫َن َعب َد اللَّ ِه بن أُب ٍي ‪-‬ي ْعنِي لَ َّما ب لَغَهُ ما َكا َن ِمن أَم ِر أَبِ ِيه‪-‬أَتَى رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫أ َّ‬
‫ك تُ ِري ُد قَ ْت َل َع ْب ِد اللَّ ِه بْ ِن أبَي‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ َ‬‫ال‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َق َ‬
‫ك َرأْ َسهُ‪ ،‬فَ َواللَّ ِه لََق ْد‬ ‫ِ‬ ‫ك َع ْنه‪ ،‬فَِإ ْن ُك ْن َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت فَاع ًَل فَ ُم ْرنِي بِه‪ ،‬فَأَنَا أ ْ‬
‫َح ِم ُل إِلَْي َ‬ ‫يما بَلَغَ َ ُ‬ ‫فَ‬
‫شى أَ ْن تَأْ ُم َر بِ ِه غَ ْي ِر‬ ‫ج َما َكا َن لَ َها ِم ْن َر ُج ٍل أَبَ َّر بَِوالِ ِدهِ ِمنِي‪ ،‬إِنِي أَ ْخ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َعل َمت الْ َخ ْزَر ُ‬
‫َّاس‪،‬‬‫فَ يَ ْقتُ لَهُ‪ ،‬فَ ََل تَ َد ُعنِي نَ ْف ِسي أَنْظُُر إِلَى قَاتِ ِل َع ْب ِد اللَّ ِه بْ ِن أُبَ ٍي يَ ْم ِشي فِي الن ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َّار‪ .‬فَ َق َ َ ُ‬ ‫فَأَقْتُ لُهُ‪ ،‬فَأَقْتُ ُل ُم ْؤمنًا ب َكاف ٍر‪ ،‬فَأَ ْد ُخ ُل الن َ‬
‫ص ْحبَ تَهُ‪َ ،‬ما بَِق َي َم َعنَا" َوذَ َك َر عكرمةُ َوابْ ُن َزيْ ٍد‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َسلَّ َم‪" :‬بَ ْل نَتَ َرفَّ ُق بِه َونُ ْحس ُن ُ‬
‫ف عب ُد اللَّ ِه بْ ُن َع ْب ِد اللَّ ِه‬ ‫ين إِلَى ال َْم ِدينَ ِة‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ِِ‬
‫َّاس لَ َّما قَ َفلُوا َراجع َ‬ ‫َن الن َ‬ ‫َوغَ ْي ُرُُ َما‪ :‬أ َّ‬
‫ا ٍ الْم ِدينَ ِة‪ ،‬واستَ َّل سي َفهُ‪ ،‬فَجعل النَّاس يم ُّرو َن َعلَي ِ‬
‫اء أَبُوهُ‬ ‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬‫َّ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ُ َُ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َُ َذا َعلَى بَ ِ َ‬
‫ال‪ :‬والله َل‬ ‫ك‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ك؟ َويْ لَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ما لَ َ‬ ‫اء َك‪ .‬فَ َق َ‬ ‫ال لَهُ ابْ نُهُ‪َ :‬وَر َ‬‫َع ْب ُد اللَّ ِه بْ ُن أُبَ ٍي قَ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَِإنَّهُ ال َْع ِز ُيز‬ ‫ك رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫تجوز من ُاُنا َحتَّى يأذ َن لَ َ َ ُ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ‪َ -‬وَكا َن إِنَّ َما يَ ِس ُير َساقَةً‬ ‫الذلِيل‪ .‬فَلَ َّما جاء رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ُ‬
‫ت َّ‬ ‫َوأَنْ َ‬
‫ول اللَّ ِه ََل‬ ‫ال ابْ نُهُ َع ْب ُد اللَّ ِه‪َ :‬واللَّ ِه يَا َر ُس َ‬ ‫ش َكا إِلَْي ِه َع ْب ُد اللَّ ِه بْ ُن أُبَ ٍي ابْ نَهُ‪ ،‬فَ َق َ‬‫فَ َ‬
‫ال‪ :‬أ ََما إِ ْذ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ي ْد ُخلُها حتَّى تَأْ َذ َن لَهُ‪ .‬فَأ َِذ َن لَهُ رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ ُجز ْاْل َن‪.‬‬ ‫ك رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫أَذ َن لَ َ َ ُ‬
‫ِ‬

‫‪776‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َص َّد َق وأَ ُكن ِمن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ين}‬
‫الصالح َ‬ ‫يب فَأ َّ َ ْ َ‬ ‫ ٍ لَ ْوَل أَخ َّْرتَني إِلَى أ َ‬
‫َج ٍل قَ ِر ٍ‬ ‫ول َر ِ‬
‫{فَ يَ ُق َ‬
‫{ولوردوا لعادوا لما نهوا عنه}‬

‫سورة التغابن مدنية‪.‬‬


‫محور السورة‪ :‬أصول التوحيد وقدرة الله والبعث والقيامة‪.‬‬
‫{ُ َو الَّ ِذ َخلَ َق ُك ْم فَ ِم ْن ُك ْم َكافِ ٌر َوِم ْن ُك ْم ُم ْؤِم ٌن} استدل السلف ُذه اْلية في‬
‫ُ‬
‫مسألة القدر‪.‬‬

‫س َن أَ ْش َكالَ ُك ْم‪َ ،‬ك َق ْولِ ِه تَ َعالَى‪{ :‬يَا أَيُّ َها‬


‫َح َ‬
‫ص َوَرُك ْم} أَ ْ ‪ :‬أ ْ‬
‫س َن ُ‬
‫َح َ‬
‫ص َّوَرُك ْم فَأ ْ‬
‫{و َ‬
‫َ‬
‫اء‬‫ش‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ك فِي أَ ِ صورةٍ‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫اك‬‫و‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ك الْ َك ِر ِيم الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫سا ُن َما غَ َّر َك بَِربِ َ‬
‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإلنْ َ‬
‫ك}‬‫َرَّكبَ َ‬

‫{قُ ْل بَلَى َوَربِي لَتُ ْب َعثُ َّن ثُ َّم لَتُ نَ بَّ ُؤ َّن بِ َما َع ِملْتُ ْم}‬

‫‪777‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَ ْن يُ ْق ِس َم بَِربِِه‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬


‫َو َُذه ُ َي ْاْليَةُ الثَّالثَةُ الَّتي أ ََم َر اللَّهُ َر ُسولَهُ َ‬
‫{ويَ ْستَ ْنبِئُونَ َ‬
‫ك‬ ‫ودهِ فَ ْاألُولَى فِي سورةِ‬ ‫اد ووج ِ‬ ‫َع َّز وج َّل‪َ ،‬علَى وقُوِع الْمع ِ‬
‫س‪َ :‬‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬‫و‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ال‬
‫{وقَ َ‬ ‫أَحق ُو قُل إِ وربِي إِنَّه لَحق وما أَنْ تم بِمع ِج ِزين} والثَّانِيةُ فِي س ِ ٍ‬
‫ورة َسبَأ‪َ :‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َُ ْ ََ ُ َ ََ ُْ ُ ْ َ َ َ‬
‫اعةُ قُ ْل بَلَى َوَربِي لَتَأْتِيَ نَّ ُك ْم} وَل رابع‪.‬‬ ‫ين َك َف ُروا ََل تَأْتِينَا َّ‬
‫الس َ‬ ‫ذ‬‫الَّ ِ‬
‫َ‬
‫اس ٌم ِم ْن أَ ْس َم ِاء يَ ْوِم ال ِْقيَ َام ِة‪.‬‬
‫اس‪َ ُُ :‬و ْ‬‫ال ابْ ُن َعبَّ ٍ‬ ‫ك يَ ْوُم التَّ غَابُ ِن} قَ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ { :‬ذلِ َ‬
‫ادةُ ومج ِ‬
‫اُ ٌد‪.‬‬ ‫ْجن َِّة يَغْبِنُو َن أَ ُْ َل النَّا ِر‪َ .‬وَك َذا قَ َ‬ ‫َوذَلِ َ‬
‫ك أ َّ‬
‫ال قَ تَ َ َ ُ َ‬ ‫َن أَ ُْ َل ال َ‬
‫" ما منكم من أحد إَل له منزَلن‪ :‬منزل في الجنة ومنزل في النار‪ ،‬فإذا مات‬
‫فدخل النار‪ ،‬ورث أُل الجنة منزله‪ ،‬فذلك قوله تعالى‪( * :‬أولئك ُم الوارثون)‬
‫أخرجه ابن ماجة وصححه األلباني وقال صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬
‫ا ٍ ِم ْن قَ ْب ِل أَ ْن‬‫ض َوَل فِي أَنْ ُف ِس ُك ْم إَِل فِي كِتَ ٍ‬
‫األر ِ‬ ‫{ما أَص ِ ِ ٍ ِ‬
‫ا ٍ م ْن ُمصيبَة في ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ال ُاُنا‪{ :‬ما أَصا ٍ ِمن م ِ‬
‫صيبَ ٍة إَِل بِِإ ْذ ِن‬ ‫نَب رأ ََُا} [الْح ِد ِ‬
‫يد‪َ ]22 :‬و َُ َك َذا قَ َ‬
‫َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫اللَّ ِه}‬
‫{وَم ْن يُ ْؤِم ْن بِاللَّ ِه يَ ْه ِد قَ لْبَهُ} يَ ْعنِي‪ :‬يَ ْه ِد قَ لْبَهُ لِلْيَ ِقي ِن‪ ،‬فَ يَ ْعلَ ُم أ َّ‬
‫َن‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫اس‪َ :‬‬
‫صيبَهُ‪.‬ويهد لسانه‬ ‫ما أَصابهُ لَم ي ُكن لِي ْخ ِطئَهُ‪ ،‬وما أَ ْخطَأَهُ لَم ي ُكن لِي ِ‬
‫َْ ْ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ َْ ْ ُ‬
‫ول‪{ :‬إِنَّا لِلَّ ِه وإِنَّا إِلَْي ِه ر ِ‬
‫اج ُعو َن}‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬ ‫وجوارحه‪.‬فيصبر و يستَ رِ‬
‫ج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ْ‬

‫‪778‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اء إََِّل َكا َن َخ ْي ًرا‬ ‫ضي اللَّهُ لَهُ قَ َ‬ ‫"عجبا لِلْم ْؤِم ِن‪ََ ،‬ل ي ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫وفِي ال ِ ِ‬
‫ضً‬ ‫َ‬ ‫ْحديث ال ُْمتَّ َف ِق َعلَْيه‪ُ ً َ َ :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صبَ َر فَ َكا َن َخ ْي ًرا لَهُ‪َ ،‬وإِ ْن أ َ‬
‫َصابَ ْتهُ َس َّراء َش َك َر فَ َكا َن َخ ْي ًرا لَهُ‪،‬‬ ‫ض َّراء َ‬ ‫لَهُ‪ ،‬إِ ْن أ َ‬
‫َصابَ ْتهُ َ‬
‫َح ٍد إََِّل لِل ُْم ْؤِم ِن"‬ ‫ولَيس َذلِ َ ِ‬
‫ك أل َ‬ ‫َْ َ‬
‫قوله {اللَّهُ ََل إِلَ َه إَِل ُُ َو َو َعلَى اللَّ ِه فَ لْيَ تَ َوَّك ِل ال ُْم ْؤِمنُو َن} كقوله {إِيَّ َ‬
‫اك نَ ْعبُ ُد‬
‫ين } ‪.‬‬ ‫وإِيَّ َ ِ‬
‫اك نَ ْستَع ُ‬ ‫َ‬
‫آمنُوا إِ َّن ِم ْن‬ ‫ين َ‬‫َ‬
‫اس ‪-‬وسأَلَهُ رجل َعن َُ ِذهِ ْاْلي ِة‪{ :‬يا أَيُّها الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ َ َ‬ ‫‪َ ،‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ َ َ َ ُ ٌ ْ‬
‫َسلَ ُموا ِم ْن أُل‬ ‫ال أ ْ‬ ‫ال‪ :‬فَ َه ُؤََل ِء ِر َج ٌ‬ ‫وُ ْم} ‪-‬قَ َ‬ ‫اح َذ ُر ُ‬ ‫ِ‬
‫اج ُك ْم َوأ َْوَلد ُك ْم َع ُد ًّوا لَ ُك ْم فَ ْ‬ ‫أَ ْزو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ادوا أَ ْن يأْتُوا رس ُ ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَأَبَى أَ ْزَو ُ‬
‫اج ُه ْم َوأ َْوََل ُد ُُ ْم‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َم َّكةَ‪ ،‬فَأ ََر ُ‬
‫الناس قَ ْد فَ ِق ُهوا فِي‬ ‫ول اللَّ ِه َ َّ َّ ِ َّ‬
‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم َرأ َُوا َ‬ ‫أَ ْن يَ َدعوُم‪ ،‬فَ لَ َّما أَتَ ْوا َر ُس َ‬
‫ص َف ُحوا‬ ‫وُ ْم‪ ،‬فَأَنْ َز َل اللَّهُ َُ ِذهِ ْاْليَةَ‪َ { :‬وإِ ْن تَ ْع ُفوا َوتَ ْ‬ ‫الدي ِن‪ ،‬فَ َه ُّموا أَ ْن يُ َعاقِبُ ُ‬ ‫ِ‬
‫يح‪.‬‬ ‫ال حسن ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫وتَ ْغ ِفروا فَِإ َّن اللَّه غَ ُفور رِ‬
‫صح ٌ‬ ‫يم } َرَواهُ الت ْرمذ ُّ َوقَ َ َ َ ٌ َ‬ ‫ح‬
‫َ ٌَ ٌ‬ ‫َ ُ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا‬
‫ين َ‬ ‫يم} {يَا أَيُّ َها الذ َ‬ ‫َج ٌر َعظ ٌ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪{ :‬إِنَّ َما أ َْم َوالُ ُك ْم َوأ َْوَل ُد ُك ْم ف ْت نَةٌ َواللَّهُ ع ْن َدهُ أ ْ‬
‫ك ُُ ُم‬ ‫ك فَأُولَئِ َ‬‫ََل تُلْ ِه ُك ْم أ َْم َوالُ ُك ْم َوَل أ َْوَل ُد ُك ْم َع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِه َوَم ْن يَ ْف َع ْل ذَلِ َ‬
‫اس ُرو َن }‬ ‫الْ َخ ِ‬
‫ض َي‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم ي ْخطُب‪ ،‬فَجاء الْحسن والْحسيْن‪ ،‬ر ِ‬ ‫َكا َن َر ُس ُ‬
‫ََ ََ ُ َ َ َ َُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى‬ ‫ان‪ ،‬فَ نَ ز َل رس ُ ِ‬ ‫ان وي ْعثُر ِ‬ ‫ان أ ْ ِ ِ ِ‬ ‫اللَّهُ َع ْن ُهما‪َ ،‬علَْي ِهما قَ ِميص ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َح َم َران يَ ْمشيَ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص َد َق اللَّهُ‬ ‫ال‪َ " :‬‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِم َن ال ِْمنْ بَ ِر فَ َح َملَ ُه َما فَ َو َ‬
‫ض َع ُه َما بَ ْي َن يَ َديْ ِه‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬

‫‪779‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ان وي ْعثُر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت إِلَى َُ َذيْ ِن َّ ِ‬ ‫َوَر ُسولُهُ‪ ،‬إِنَّ َما أ َْم َوالُ ُك ْم َوأ َْوََل ُد ُك ْم فِ ْت نَةٌ‪ ،‬نَظَْر ُ‬
‫ان‬‫الصبيَّ ْي ِن يَ ْمشيَ َ َ َ‬
‫السنَ ِن ِم ْن‬‫ت حديثي ورفعتهما"‪.‬رواه اإلمام احمد َو أَ ُْ ُل ُّ‬ ‫َصبِ ْر َحتَّى قَطَ ْع ُ‬ ‫فَ لَ ْم أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ال التِرِم ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يب‪،‬‬ ‫ر‬ ‫غ‬
‫َ‬
‫َ ٌَ ٌ‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ذ‬ ‫سين بْ ِن َواقد‪َ ،‬وقَ َ ْ‬ ‫َحديث ُح َ‬
‫ض َّم ُه َما‬‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َ‬ ‫ان إِلَى رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫جاء الْحسن والْحسيْن يستَبِ َق ِ‬
‫َ َ َ َُ َ ُ َ َُْ‬
‫يح َعلَى َش ْر ِط‬ ‫صح ٌ‬
‫يث ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬إِ َّن ال َْولَ َد َم ْب َخلَةٌ َم ْجبَ نَةٌ َم ْح َزنَةٌ» َُ َذا َحد ٌ َ‬ ‫إِلَْي ِه ثُ َّم قَ َ‬
‫س ْي نًا‬
‫َخ َذ ُح َ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أ َ‬ ‫َن النَّبِ َّي َ‬ ‫ُم ْسلِ ٍم َولَ ْم يُ َخ ِر َجاهُ " المستدرك‪ .‬أ َّ‬
‫ال‪« :‬إِ َّن ال َْولَ َد َم ْب َخلَةٌ َم ْجبَ نَةٌ َم ْج َهلَةٌ َم ْح َزنَةٌ»‬
‫فَ َقبَّ لَهُ‪ ،‬ثُ َّم أَقْبَ َل َعلَْي ِه ْم‪ ،‬فَ َق َ‬
‫المستدرك‪.‬‬
‫آمنُوا اتَّ ُقوا اللَّهَ َح َّق تُ َقاتِِه‬‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫استَطَ ْعتُ ْم} تخصيص { يَا أَيُّ َها الذ َ‬ ‫{فَاتَّ ُقوا اللَّهَ َما ْ‬
‫َوَل تَ ُموتُ َّن إَِل َوأَنْ تُ ْم ُم ْسلِ ُمو َن}‬
‫ت فِي‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم } أَ ْ ‪ُ :‬ج ْه َد ُك ْم َوطَاقَ تَ ُك ْم‪َ .‬ك َما ثَبَ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ تَ َعالَى‪{ :‬فَاتَّ ُقوا اللهَ َما ْ‬
‫صلَّى الله عليه‬ ‫ِ‬ ‫الص ِحيح ْي ِن َعن أَبِي ُُريْ رةَ‪ ،‬ر ِ‬
‫ال َر ُسو ُل اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬
‫اجتَنِبُوهُ"‬ ‫ِ‬
‫وسلم‪" :‬إذا أ ََم ْرتُ ُك ْم بِأ َْم ٍر فَائْ تُوا م ْنهُ َما ْ‬
‫استَطَ ْعتُ ْم‪َ ،‬وَما نَ َه ْي تُ ُك ْم َع ْنهُ فَ ْ‬
‫القرض يكون حسنا بثَلثة شروط ‪ :1‬أن يكون المال حَلَل ‪ :2‬إخَلص النية ‪:3‬‬
‫إنفاقه قي مرضات الله‪" .‬صدقة السر تطفئ غضب الر ٍ" سؤال‪.‬‬

‫سورة الطَلق مدنية‪ :‬وتسمى سورة النساء الصغرى‬


‫موضعات السورة‪ :‬الطَلق وأحكامه وما يتفرع منه كالعدة والنفقة والمسكن‬
‫والرضاع‪.‬‬
‫‪780‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫عمر‬
‫ض‪ ،‬فَ َذ َك َر ُ‬ ‫َن َع ْب َد اللَّ ِه بْ َن ُع َم َر أَ ْخبَ َرهُ‪ :‬أَنَّهُ طَلَّ َق ْام َرأَ ًة لَهُ َو ُِ َي َحائِ ٌ‬
‫َسالِ ٌم‪ :‬أ َّ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ثُ َّم‬ ‫ظ رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِرس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ تَ غَيَّ َ َ ُ‬ ‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫يض فَ تَط ُْه َر‪ ،‬فَِإ ْن بَ َدا لَهُ أَ ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اج ْع َها‪ ،‬ثُ َّم يُ ْمس ْك َها َحتَّى تَط ُْه َر‪ ،‬ثُ َّم تَح َ‬ ‫ال‪" :‬لِي ر ِ‬
‫قَ َ ُ َ‬
‫ْك ال ِْع َّدةُ الَّتِي أ ََم َر اللَّهُ‪َ ،‬ع َّز َو َج َّل"‬
‫س َها‪ ،‬فَتِل َ‬ ‫يطَلِ َقها فَ لْيطَلِ ْقها طَ ِ‬
‫اُ ًرا قَ ْب َل أَ ْن يَ َم َّ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫ساءُ"‬ ‫ْك ال ِْع َّدةُ الَّتِي أَمر اللَّهُ أَ ْن يطَلَّ َق لَ َها النِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫رواهُ الْب َخا ِر ُّ ومسلِم‪ ،‬ولَ ْفظُهُ‪" :‬فَتِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ْ ٌ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫س ُموهُ إِلَى طَََل ِق ُسن ٍَّة َوطَََل ِق بِ ْد َع ٍة‪،‬‬ ‫ام الطَََّل ِق َوقَ َّ‬ ‫َوِم ْن َُا ُُنَا أ َ‬
‫َخ َذ الْ ُف َق َهاءُ أ ْ‬
‫َح َك َ‬
‫اُ ًرا ِم ْن غَ ْي ِر ِج َم ٍاع‪ ،‬وطَلق مباح وُو طَلق الحامل‬ ‫السن َِّة‪ :‬أَ ْن يطَلِ َقها طَ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫فَطَََل ُق ُّ‬
‫ض‪ ،‬أَ ْو فِي طُ ْه ٍر‬ ‫ْح ْي ِ‬
‫ال ال َ‬ ‫استَ بَا َن َح ْملُ َها‪ .‬والْبِ ْد ِع ُّي‪ُُ :‬و أَ ْن يُطَلِ َق َها فِي َح ِ‬ ‫ِ‬
‫التى قَد ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫ت أ َْم ََل؟ وكذلك إذا طلقها ثَلثا فإنه بدعة‬ ‫قَ ْد َج َام َع َها فيه‪َ ،‬وََل يَ ْد ِر أ َ‬
‫َح َملَ ْ‬

‫ال‪َ ُِ :‬ي َّ‬


‫الر ْج َعةُ‪ .‬فَِإ َذا لَ ْم‬ ‫ث بَ ْع َد َذلِ َ‬
‫ك أ َْم ًرا} قَ َ‬ ‫فِي قَ ْولِ ِه‪َ :‬‬
‫{َل تَ ْد ِر لَ َع َّل اللَّهَ يُ ْح ِد ُ‬
‫يَ ُك ْن لَهُ َعلَْي َها َر ْج َعةٌ فَ ََل نَ َف َقةَ َوََل ُس ْكنَى إَل ان تكون حامَل ‪ .‬فاطمة بنت قيس‬
‫من فقيهات الصحابة‪.‬‬

‫وف أَو فَا ِرقُوُ َّن بِمعر ٍ‬


‫ٍ‬
‫وف } كقوله {‬ ‫ُ َ ُْ‬ ‫َجلَ ُه َّن فَأ َْم ِس ُك ُ‬
‫وُ َّن بِ َم ْع ُر ْ‬ ‫{فَِإ َذا بَلَ ْغ َن أ َ‬
‫ضراراً لِتَ ْعتَ ُدوا }‬ ‫ٍ‬
‫وُ َّن بِ َم ْع ُروف َوَل تُ ْم ِس ُك ُ‬
‫وُ َّن ِ‬ ‫ٍ‬
‫فَأ َْم ِس ُك ُ‬
‫وُ َّن بِ َم ْع ُروف أ َْو َس ِر ُح ُ‬

‫{وأَ ْش ِه ُدوا َذ َو ْ َع ْد ٍل ِم ْن ُك ْم} أَ ْ ‪َ :‬علَى َّ‬


‫الر ْج َع ِة إِ َذا َع َزمتم َعلَْي َها‪َ ،‬ك َما‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫صين‪ :‬أَنَّهُ ُسئِل َع ِن َّ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ِل يُطَل ُق ْام َرأَتَهُ‬ ‫اج ْه‪َ ،‬ع ْن ع ْم َرا َن بْ ِن ُح َ‬
‫َرَواهُ أَبُو َد ُاو َد َوابْ ُن َم َ‬
‫‪781‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫قت لِغَْي ِر ُسن ٍَّة‪،‬‬ ‫ثُ َّم يَ َق ُع بِ َها َولَ ْم يُ ْش ِه ْد َعلَى طَََلقِ َها َوََل َعلَى َر ْج َعتِ َها فَ َق َ‬
‫ال‪ :‬طَلَّ َ‬
‫ت لغير سنة‪ ،‬وأش ِه ْد َعلَى طَََلقِ َها َو َعلَى َر ْج َعتِ َها‪َ ،‬وََل تَ ُع ْد " وقال بعض أُل‬
‫َوَر َج ْع َ‬
‫العلم واجب عند الطَلق وعند الرجعية وقال بعضهم سنة ‪.‬‬

‫ال‪ :‬إِنَّهُ طَلَّ َق ْام َرأَتَهُ ثَََلثًا‪،‬‬


‫اءهُ َر ُج ٌل‪ ،‬فَ َق َ‬‫ج‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫اس‬‫ب‬
‫َّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫اب‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫تِ‬
‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫َعن مج ِ‬
‫اُ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َُ‬
‫ِ‬ ‫ُُّا إِلَْي ِه‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬
‫ب‬‫َح ُد ُك ْم‪ ،‬فَ يَ ْرَك ُ‬
‫ال‪ " :‬يَ ْنطَل ُق أ َ‬ ‫ت أَنَّهُ َراد َ‬
‫ت َحتَّى ظَنَ ْن ُ‬
‫س َك َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َ‬‫قَ َ‬

‫َّق اللَّهَ‬
‫{وَم ْن يَت ِ‬‫ال‪َ :‬‬ ‫اس‪َ ،‬وإِ َّن اللَّهَ قَ َ‬‫اس‪ ،‬يَا ابْ َن َعبَّ ٍ‬ ‫ول يَا ابْ َن َعبَّ ٍ‬
‫ْح ُموقَةَ ثُ َّم يَ ُق ُ‬
‫ال ُ‬
‫ك لَم تَت َِّق اللَّهَ فَ لَم أ ِ‬
‫ت‬
‫ك‪َ ،‬وبَانَ ْ‬
‫ت َربَّ َ‬
‫ص ْي َ‬
‫ك َم ْخ َر ًجا‪َ ،‬ع َ‬
‫َج ْد لَ َ‬ ‫ْ‬ ‫يَ ْج َع ْل لَهُ َم ْخ َر ًجا} َوإِنَّ َ ْ‬
‫ك‪ "..‬رواه أبو داود وصححه األلباني‪.‬‬ ‫ِم ْن َ‬
‫ك ْام َرأَتُ َ‬

‫{وَم ْن يَتَ َوَّك ْل َعلَى اللَّ ِه فَ ُه َو َح ْسبُهُ} والتوكل ُو أخذ األسبا ٍ وترك‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َلبن عباس‪" :‬يَا غُ ََل ُم‪ ،‬إِنِي‬ ‫النتيجة لله‪ .‬قال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫ك‪َ " ،‬رَواهُ التِ ْرِم ِذ ُّ‬ ‫ْك‪ِ ،‬‬
‫اح َفظ اللَّهَ تَ ِج ْدهُ تُ َج َ‬
‫اُ َ‬ ‫ات‪ِ :‬‬ ‫معلِم َ ِ‬
‫ك َكل َم ٍ ْ‬
‫اح َفظ اللَّهَ يَ ْح َفظ َ ْ‬ ‫َُ ُ‬
‫يح‪.‬‬ ‫ال‪ :‬حسن ِ‬
‫صح ٌ‬ ‫َوقَ َ َ َ ٌ َ‬

‫للعدة سببان‪:‬‬

‫ص َن بِأَنْ ُف ِس ِه َّن أ َْربَ َعةَ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ين يُتَ َوفَّ ْو َن م ْن ُك ْم َويَ َذ ُرو َن أَ ْزَو ً‬
‫اجا يَتَ َربَّ ْ‬ ‫األول‪ :‬الموت‪َ { .‬والذ َ‬
‫أَ ْش ُه ٍر َو َع ْش ًرا } سواء دخل بها أو لم يدخل إَل الحامل‪.‬‬
‫‪782‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫آمنُوا إِ َذا نَ َك ْحتُ ُم‬ ‫َّ ِ‬


‫ين َ‬ ‫الثاني‪ :‬الطَلق‪ .‬فإن لم يدخل بها فَل عدة‪ { .‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫وُ َّن فَ َما لَ ُك ْم َعلَْي ِه َّن ِم ْن ِع َّدةٍ تَ ْعتَ ُّدونَ َها‬
‫س ُ‬‫وُ َّن ِم ْن قَ ْب ِل أَ ْن تَ َم ُّ‬ ‫الْم ْؤِمنَ ِ‬
‫ات ثُ َّم طَلَّ ْقتُ ُم ُ‬ ‫ُ‬
‫ص َن بِأَنْ ُف ِس ِه َّن ثَََلثَةَ‬
‫ات يَتَ َربَّ ْ‬ ‫} وإن دخل بها فإن كانت تجد الحيض‪َ { .‬وال ُْمطَلَّ َق ُ‬
‫الَلئِي‬‫وء } وإن كانت َل تجد الحيض لصغرُا أو لكبر سنها أو لعلة ما‪َ { .‬و َّ‬ ‫قُر ٍ‬
‫ُ‬
‫الَلئِي لَ ْم يَ ِح ْ‬
‫ض َن‬ ‫سائِ ُك ْم إِ ِن ْارتَ ْب تُ ْم فَ ِع َّدتُ ُه َّن ثَََلثَةُ أَ ْش ُه ٍر َو َّ‬ ‫يئِسن ِمن الْم ِح ِ ِ ِ‬
‫يض م ْن ن َ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫َجلُ ُه َّن أَ ْن‬
‫ال أ َ‬‫َحم ِ‬
‫ت ْاأل ْ َ‬ ‫ُوَل ُ‬‫} وإن كانت حامَل سواء توفي عنها أو طلق { َوأ َ‬
‫ض ْع َن َح ْملَ ُه َّن }‬
‫يَ َ‬

‫ت َسعد بْ ِن َخولة ‪َ -‬وَكا َن‬ ‫ت تَ ْح َ‬ ‫َسلَ ِميَّ ِة ‪ ".....‬أَنَّ َها َكانَ ْ‬


‫ث ْاأل ْ‬ ‫ت الْحا ِر ِ‬
‫َ‬
‫سبيعة بِْن ِ‬
‫َُ‬
‫شب أَ ْن‬ ‫ِم َّم ْن َش ِه َد بَ ْد ًرا‪-‬فَ تُ ُوفِ َي َع ْن َها فِي َح َّج ِة ال َْو َد ِاع َو ُِ َي َح ِام ٌل‪ ،‬فَ لَ ْم تَن َ‬
‫ا ٍ‪ ،‬فَ َد َخ َل‬‫ت لِلْ ُخطَّ ِ‬ ‫اس َها تَ َج َّملَ ْ‬ ‫ت حملَها ب ْع َد وفَاتِِه‪ ،‬فَ لَ َّما تَ علَّت ِمن نَِف ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض َع ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫َو َ‬
‫ك تَرجين‬ ‫اك متَج ِملَةً؟ لَعلَّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫السنَابِ ِل بْ ُن بَعكك فَ َق َ‬
‫َ‬ ‫ال لَ َها‪َ :‬مالي أ ََر ُ َ‬ ‫َعلَْي َها أَبُو َّ‬
‫ت‬ ‫وعشر‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ك أ َْربَ َعةُ أَ ْش ُه ٍر‬‫ت بِنَاكِ ٍح حتَّى تَمر َعلَْي ِ‬ ‫ك واللَّ ِه ما أَنْ ِ‬ ‫النِ َكاح‪ ،‬إِنَّ ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ول اللَّ ِه‬‫فأتيت َر ُس َ‬
‫ُ‬ ‫أمسيت‬
‫ُ‬ ‫ين‬ ‫ح‬‫معت َعلَ َّي ثِيابِي ِ‬ ‫ك َج ُ‬ ‫ال لِي َذلِ َ‬ ‫ُسبيَعة‪ :‬فَ لَ َّما قَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وضعت‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫سأَلْتُهُ َع ْن َذلِ َ‬ ‫َ َّ َّ ِ َّ‬
‫ُ‬ ‫ك‪ ،‬فَأَفْ تَاني بأَني قَ ْد َحلَلت ح َ‬ ‫صلى اللهُ َعلَْيه َو َسل َم فَ َ‬
‫يج إِ ْن ب َدا لِي‪َ ُ ".‬ذا لَ ْف ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حملِي‪ ،‬وأَمرنِ‬
‫ص ًرا‪.‬‬ ‫ظ ُم ْسل ٍم‪َ .‬وَرَواهُ الْبُ َخا ِر ُّ ُم ْختَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و‬ ‫َّز‬
‫ْ‬ ‫الت‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫َ ْ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫اطمةَ بِْن ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ ،‬فَأ َْر َس َل‬ ‫ص طَلَّ َق َها الْبَ تَّةَ‪َ ،‬و ُُ َو غَائ ٌ‬ ‫َن أَبَا َع ْم ِرو بْ َن َح ْف ٍ‬ ‫س‪ ،‬أ َّ‬ ‫ت قَ ْي ٍ‬ ‫َع ْن فَ َ‬
‫ت‬‫ك َعلَْي نَا ِم ْن َش ْي ٍء‪ ،‬فَ َجاءَ ْ‬ ‫ِ‬
‫الله ما لَ ِ‬
‫ال‪َ :‬و َ‬ ‫س ِخطَْتهُ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫شِ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫إِلَْي َها وكِيلُهُ بِ‬
‫َ‬
‫‪783‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ك َعلَْي ِه‬‫ال‪« :‬لَْيس لَ ِ‬


‫َ‬ ‫ت َذلِ َ‬
‫ك لَهُ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َذ َك َر ْ‬ ‫رس َ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َُ‬
‫اُا‬
‫شَ‬ ‫ال‪« :‬تِل ِ‬
‫ْك ْام َرأَةٌ يَ ْغ َ‬ ‫ت أُِم َش ِر ٍ‬
‫يك‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫نَ َف َقةٌ»‪ ،‬فَأَمرَُا أَ ْن تَ ْعتَ َّد فِي ب ْي ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ك‪ ،‬فَِإذَا حلَل ِ‬
‫ْت‬ ‫ض ِعين ثِياب ِ‬ ‫ت‬ ‫ى‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫أَصحابِي‪ ،‬اعت ِد ِعند اب ِن أُِم م ْكت ٍ‬
‫وم‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َُ ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ْ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫آذنِينِي» الحديث ‪ ..‬رواه مسلم‬ ‫فَ ِ‬
‫ال َكثِ ٌير ِم َن‬ ‫ض ْع َن َح ْملَ ُه َّن} قَ َ‬ ‫ُوَلت َح ْم ٍل فَأَنِْف ُقوا َعلَيْ ِه َّن َحتَّى يَ َ‬ ‫وقَ ولُهُ‪{ :‬وإِ ْن ُك َّن أ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ف‪ِ َُ :‬ذهِ فِي‬ ‫ات ِمن الْ َخلَ ِ‬
‫اع ٌ َ‬ ‫ف‪َ ،‬و َج َم َ‬ ‫السلَ ِ‬ ‫اس‪َ ،‬وطَائَِفةٌ ِم َن َّ‬ ‫ال ُْعلَ َم ِاء ِم ْن ُه ُم ابْ ُن َعبَّ ٍ‬
‫الر ْج ِعيَّةَ‬
‫َن َّ‬ ‫ض َع َح ْملَ َها‪ ،‬قَالُوا‪ :‬بِ َدلِ ِ‬
‫يل أ َّ‬ ‫ت َح ِام ًَل أَنْ َف َق َعلَْي َها َحتَّى تَ َ‬ ‫الْبَائِ ِن‪ ،‬إِ ْن َكانَ ْ‬
‫ت َح ِام ًَل أ َْو َحائًَِل‪.‬‬ ‫ب نَ َف َقتُ َها‪َ ،‬س َواءٌ َكانَ ْ‬ ‫تَج ُ‬
‫ِ‬
‫اق َعلَى‬ ‫اإلنْ َف ِ‬
‫ص َعلَى ِْ‬ ‫ات‪َ ،‬وإِنَّ َما نَ َّ‬ ‫السيَا ُق ُكلُّهُ فِي َّ‬
‫الر ْج ِعيَّ ِ‬ ‫آخرو َن‪ :‬ب ِل ِ‬
‫ال َ ُ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫َّص َعلَى‬ ‫يج إِلَى الن ِ‬ ‫احتِ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ب‬‫ول م َّدتُه غَالِ‬
‫ُ‬ ‫ط‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ْح‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫َّ‬
‫َن‬ ‫ت رج ِعيَّةً؛ ِ‬
‫أل‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫و‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫الْح ِ‬
‫ام‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ب النَّ َف َقةُ بِ ِم ْق َدا ِر ُم َّدةِ ال ِْع َّدةِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َّم أَنَّهُ إِنَّ َما تَج ُ‬
‫اق إِلَى الْو ْ ِ‬
‫ض ِع؛ لئَ ََّل يُتَ َوُ َ‬ ‫َ‬
‫اإلنْ َف ِ‬
‫و ٍ ِْ‬ ‫ُو ُج ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْح ْم ِل َو ْح َدهُ؟ ولكنه سواء‪.‬‬ ‫ْح ْم ِل‪ ،‬أ َْم لل َ‬‫ف ال ُْعلَ َماءُ‪ِ َُ :‬ل النَّ َف َقةُ لَ َها بَِواسطَة ال َ‬ ‫َوا ْختَ لَ َ‬
‫ض َع ال َْولَ َد‪َ ،‬ولَ َها أَ ْن تَ ْمتَنِ َع ِم ْنهُ‪َ ،‬ولَ ِك ْن بَ ْع َد‬ ‫ض ْعن لَ ُكم}‪..‬لَ َها أَ ْن تُر ِ‬
‫ْ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪{ :‬فَِإ ْن أ َْر َ َ ْ‬
‫ود لَهُ ِر ْزقُ ُه َّن‬ ‫أَ ْن تُغَ ِذيهُ باللبَّأ‪ .‬ألن الولد له لما عليه من المسؤولية { و َعلَى الْمولُ ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وف }‬ ‫وكِسوتُه َّن بِالْمعر ِ‬
‫َ ْ َ ُ َ ُْ‬

‫وف‪ِ ،‬م ْن‬


‫وف} أَ ‪ :‬ولْت ُكن أُمورُكم فِيما ب ي نَ ُكم بِالْمعر ِ‬
‫ْ َ َ ْ ُ ُ ْ َ َْ ْ َ ْ ُ‬
‫وقَ ولُه‪{ :‬وأْتَ ِمروا ب ي نَ ُكم بِمعر ٍ‬
‫َ ْ ُ َ ُ َْ ْ َ ْ ُ‬
‫ار َوالِ َدةٌ‬ ‫ورةِ "الْبَ َق َرةِ"‪ََ { :‬ل تُ َ‬
‫ض َّ‬ ‫ِ‬ ‫ارةٍ‪َ ،‬ك َما قَ َ‬
‫ال تَ َعالَى في ُس َ‬ ‫ض َّ‬‫ض َرا ٍر َوََل ُم َ‬‫غَ ْي ِر إِ ْ‬
‫بَِولَ ِد َُا َوَل َم ْولُو ٌد لَهُ بَِولَ ِدهِ }‬
‫‪784‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫{ لِيُ ْن ِف ْق ذُو َس َع ٍة ِم ْن َس َعتِ ِه َوَم ْن قُ ِد َر َعلَْي ِه ِر ْزقُهُ فَ لْيُ ْن ِف ْق ِم َّما آتَاهُ اللَّهُ } فيها‬
‫القاعدة " العادة محكمة ما لم تخالف شرعا "‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ { :‬سيَ ْج َع ُل اللَّهُ بَ ْع َد ُع ْس ٍر يُ ْس ًرا } كقوله { َوإِ ْن يَتَ َف َّرقَا يُغْ ِن اللَّهُ ُك ًَّل ِم ْن‬
‫يما }‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َس َعته َوَكا َن اللهُ َواس ًعا َحك ً‬
‫يح ْي ِن‬ ‫ت فِي َّ ِ‬
‫الصح َ‬ ‫ضا‪َ ،‬ك َما ثَبَ َ‬ ‫ض ِمثْ لَ ُه َّن} أَ ْ َس ْب ًعا أَيْ ً‬‫األر ِ‬
‫{وم َن ْ‬
‫وقَ ولُه تَ عالَى ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫"م ْن ظَلَ َم قي َد ِشبر ِم َن ْاأل َْر ِ‬
‫ين " وحملها على سبعة أقاليم‬ ‫ض طُ ِوقه م ْن َس ْب ِع أ ََرض َ‬ ‫َ‬
‫فَل أصل له‪.‬‬

‫سورة التحريم مدنية‪:‬‬


‫ت فِي َشأْ ِن َما ِريَةَ‪،‬‬ ‫يل‪ :‬نَ َزلَ ْ‬ ‫السورةِ‪ ،‬فَِ‬
‫ق‬ ‫ُّ‬ ‫ول ص ْد ِر ُ ِذهِ‬
‫ب نُ ُز ِ َ َ‬ ‫اختلف فِي َسبَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‪َ :‬عائِ َ‬ ‫ا ٍ م ِن الْمرأَتَ ِ‬ ‫ال‪ :‬قُل ُ ِ‬
‫صةُ‪.‬‬‫شةُ َو َح ْف َ‬ ‫ان؟ قَ َ‬ ‫ْت ل ُع َم َر بْ ِن الْ َخطَّ ِ َ َ ْ‬ ‫اس قَ َ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫اُ ِ ِ ِ‬ ‫يث فِي َشأْ ِن أَِم إِب ر ِ‬ ‫وَكا َن ب ْدء الْح ِد ِ‬
‫َصابَ َها النَّبِ ِي َ‬ ‫يم الْق ْبطيَّة‪ ،‬أ َ‬‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫ت‪ :‬يَا نَبِ َّي اللَّ ِه‪ ،‬لََق ْد‬ ‫صةُ‪ ،‬فَ َقالَ ْ‬ ‫ت ح ْف ِ ِ‬
‫صةَ في نَ ْوبَت َها فَ َو َجدت َح ْف َ‬
‫ِ‬
‫َو َسلَّ َم في بَ ْي ِ َ َ‬
‫ك‪ ،‬فِي يَ ْوِمي‪َ ،‬وفِي َد ْوِر ‪َ ،‬و َعلَى‬ ‫اج َ‬‫ت إِلَى أَح ٍد ِمن أَ ْزو ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫إلي َش ْي ئًا َما ِج ْئ َ‬‫ت َّ‬ ‫ِج ْئ َ‬
‫ال‪:‬‬‫فح َّرمها َوقَ َ‬ ‫ُح ِرَم َها فَ ََل أَق َْربَ َها؟ "‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫فِر ِ‬
‫ت‪ :‬بَلَى‪َ .‬‬ ‫ض ْي َن أَ ْن أ َ‬‫ال‪" :‬أَََل تَ ْر َ‬ ‫اشي‪ .‬قَ َ‬ ‫َ‬
‫شةَ‪ ،‬فَأَظ َْه َرهُ اللَّهُ َعلَْي ِه‪ ،‬فَأَنْ َز َل اللَّهُ‪{ :‬يَا أَيُّ َها‬ ‫َح ٍد"‪ .‬فَ َذ َك َرتْهُ لِ َعائِ َ‬ ‫"َل تَ ْذ ُك ِر ذَلِ َ ِ‬
‫ك أل َ‬ ‫َ‬
‫ك} ْاْلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك تَ ْب تَ ِغي َم ْر َ‬ ‫ِ‬
‫ول‬
‫َن َر ُس َ‬ ‫ات فَ بَ لَغَنَا أ َّ‬ ‫ضا َة أَ ْزَواج َ َ‬ ‫النَّبِ ُّي ل َم تُ َح ِرُم َما أ َ‬
‫َح َّل اللَّهُ لَ َ‬
‫كفر َ ِ ِ ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َّ‬ ‫ِ‬
‫ا ٍ َجا ِريَتَهُ ‪.‬‬‫َص َ‬ ‫[ع ْن] يَمينه‪َ ،‬وأ َ‬ ‫اللَّه َ‬

‫‪785‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال الْبُ َخا ِر ُّ ِع ْن َد َُ ِذهِ ْاْليَِة‪َ :‬ع ِن‬ ‫سل‪َ ،‬ك َما قَ َ‬ ‫ِِ‬
‫ك َكا َن في تَ ْح ِريمه َ‬
‫الع َ‬
‫ِ‬ ‫َن َذلِ َ‬‫وقيل أ َّ‬
‫ت‬ ‫ت‪َ :‬كا َن النَّبِ ُّي صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه وسلَّم ي ْشر ٍ َعس ًَل ِع ْن َد َزيْ نَب بِْن ِ‬ ‫شةَ قَالَ ْ‬‫َعائِ َ‬
‫َ‬ ‫ََ ََ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫دخل َعلَْي َها‪ ،‬فَ لْتَ ُق ْل‬ ‫نا‬ ‫أيت‬ ‫ى‪:‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫وحفص‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫فتواطأت‬
‫ُ‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ثِ‬
‫ع‬ ‫َجحٍ‪َ ،‬ويَ ْم ُك ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ ٍ‬
‫ت أَ ْش َر ُ‬ ‫"َل َولَ ِكنِي ُك ْن ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫يح َمغَافِ َير‪ .‬قَ َ‬ ‫ك ِر َ‬ ‫َج ُد ِم ْن َ‬ ‫أكلت مغَافير؟ إِنِي أ ِ‬
‫لَهُ‪َ َ :‬‬
‫ك‬ ‫ت ََل تُ ْخبِ ِر بِ َذلِ َ‬ ‫ود لَهُ‪َ ،‬وقَ ْد َحلَ ْف ُ‬ ‫َع َ‬‫ت َجحٍ‪ ،‬فَلَ ْن أ ُ‬ ‫َعس ًَل ِع ْن َد َزيْ نَب بِْن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك} رواه البخار ‪.‬‬ ‫اج َ‬ ‫ضا َة أَ ْزو ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ًدا"‪{ ،‬تَ ْب تَغي َم ْر َ َ‬ ‫أَ‬
‫ويجمع بين ُذا وذاك بأن اْلية قد تأتي ْلكثر من سبب‪.‬‬
‫ض اللَّهُ لَ ُك ْم تَ ِحلَّ َة‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ك} ؟ إِلَى قَ ْوله‪{ :‬قَ ْد فَ َر َ‬ ‫{يَا أَيُّ َها النَّبِ ُّي ل َم تُ َح ِرُم َما أ َ‬
‫َح َّل اللَّهُ لَ َ‬
‫ْح َر ِام‪ :‬يمين تُ َكفر‪.‬بخار ومسلم‪.‬‬ ‫أَيمانِ ُكم} َع ِن اب ِن َعبَّ ٍ ِ‬
‫اس في ال َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ْ‬
‫ارةِ َعلَى َم ْن َح َّرَم‬ ‫ف‬‫َّ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫و ٍ‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ومن ُاُنا ذَُب من ذَُب ِمن الْ ُف َقه ِاء ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ َ َ َ َ‬
‫ات‪َ ،‬و ُُ َو‬ ‫جا ِري تَهُ أَو َزوجتَهُ أَو طَعاما أَو َشرابا أَو ملْبسا أَو َش ْي ئًا ِمن الْمباح ِ‬
‫َ َُ َ‬ ‫َ َ ْ َْ ْ َ ً ْ ًَ ْ َ َ ً ْ‬
‫الش ِاف ِع ُّي إِلَى أَنَّهُ ََل تَ ِجب الْ َك َّفارةُ فِ‬ ‫اإلم ِام أَحم َد وطَائَِف ٍ‬
‫يما َع َدا‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ب‬‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ة‬ ‫ب ِْ َ ْ َ َ‬ ‫َم ْذ َُ ُ‬
‫ْجا ِريَةَ‪.‬‬
‫الزْو َجةَ َوال َ‬‫َّ‬
‫ت طَلَّ ْقتَ ُه َّن فَِإ َّن‬ ‫ك ِمن أَم ِر النِ ِ‬ ‫ول اللَّ ِ‬
‫ساء‪ ،‬فَِإ ْن ُك ْن َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ش‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ي‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫قال عمر " يَا َر ُس َ‬
‫ك " ولما‬ ‫يل َوأَنَا َوأَبُو بَ ْك ٍر َوال ُْم ْؤِمنُو َن َم َع َ‬ ‫ك وم ََلئِ َكتَهُ وجبر ِ ِ‬
‫يل َومي َكائ َ‬ ‫َ‬ ‫اللَّهَ َم َع َ َ َ‬
‫اجتمع نِساء النَّبِ ِي صلَّى اللَّه َعلَي ِه وسلَّم فِي الْغَي رةِ َعلَي ِ‬
‫سى َربُّهُ‬ ‫َ‬ ‫{ع‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫َْ ْ‬ ‫ُ ْ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ َ ُ‬
‫أماكن‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إِ ْن طَلَّ َق ُك َّن أَ ْن ي ب ِدلَهُ أَ ْزواجا َخي را ِم ْن ُك َّن} وقَ ْد تَ َق َّدم أَنَّهُ وافَ َق الْ ُقرآ َن فِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً ًْ‬ ‫ُْ‬
‫ت ِم ْن‬ ‫ارى بَ ْد ٍر‪َ ،‬وِم ْن َها قَ ْولُهُ‪ :‬لَ ِو اتَّ َخ ْذ َ‬ ‫ُس َ‬
‫ْحج ِ ِ ِ‬
‫ا ٍ‪َ ،‬وم ْن َها في أ َ‬
‫ِم ْن ها فِي نُز ِ ِ‬
‫ول ال َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫م َق ِام إِب را ِ‬
‫صلًّى؟ َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ َرض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬ ‫يم ُم َ‬ ‫ُ‬
‫َ َْ َ‬
‫‪786‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضى قَ ْب لَ ُك ْم ِم َن األ َُم ِم ُم َح َّدثُو َن‪َ ،‬وإِنَّهُ إِ ْن َكا َن فِي‬ ‫يما َم َ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ :‬إِنَّهُ قَ ْد َكا َن ف َ‬‫َو َسلَّ َم‪ ،‬قَ َ‬
‫ا ٍ " رواه البخار ‪.‬‬ ‫أ َُّمتِي َُ ِذهِ ِم ْن ُه ْم فَِإنَّهُ ُع َمر بْ ُن ال َخطَّ ِ‬
‫ُ‬
‫ولم يزل عمر يعظ نساء النبي حتى قالت له أم سلمة يَا ُعمر‪ ،‬أ ََما لِي بِر ُس ِ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫سك عمر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ما ي ِع ُ ِ‬
‫اءهُ‪َ ،‬حتَّى تَعظَ ُه َّن؟! فَأ َْم َ‬ ‫سَ‬ ‫ظنَ‬ ‫َ َ‬
‫ارا } قال صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫قوله {يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا قُوا أَنْ ُفس ُكم وأَ ُْلِ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ت َزْو ِج َها‬‫اعيةٌ فِي ب ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫الر ُج ُل َر ٍاع فِي أَ ُْلِ ِه َو ُُ َو َم ْسئُ ٌ‬
‫َ‬ ‫الم ْرأَةُ َر َ‬‫ول َع ْن َرعيَّته‪َ ،‬و َ‬ ‫َو َّ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّم‪ُ « :‬م ُروا‬ ‫ال َ‬ ‫َوَم ْسئُولَةٌ َع ْن َر ِعيَّتِ َها " رواه البخار ‪ .‬و قَ َ‬
‫وُ ْم َعلَْي َها‪َ ،‬و ُُ ْم أَبْ نَاءُ َع ْش ٍر َوفَ ِرقُوا‬ ‫ِِ‬ ‫أَوََل َد ُكم بِ َّ ِ‬
‫ض ِربُ ُ‬
‫ين‪َ ،‬وا ْ‬ ‫الص ََلة َو ُُ ْم أَبْ نَاءُ َس ْب ِع سن َ‬ ‫ْ ْ‬
‫اج ِع» [حكم األلباني] ‪ :‬حسن صحيح‬ ‫ضِ‬ ‫بَ ْي نَ ُه ْم فِي ال َْم َ‬
‫قلع‬ ‫{ يا أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا تُوبوا إِلَى اللَّ ِ‬
‫وح ُُ َو أَ ْن يُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّص‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫َ‬‫و‬‫ْ‬ ‫الت‬
‫َّ‬ ‫}‬ ‫ا‬‫وح‬
‫ً‬ ‫ص‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ب‬
‫َ‬‫و‬‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ف ِم ْنهُ فِي الْم ِ‬ ‫ب فِي ال ِ‬ ‫الذنْ ِ‬‫َع ِن َّ‬
‫اضي‪« ،‬النَّ َد ُم تَ ْوبَةٌ»‬ ‫َ‬ ‫ويندم َعلَى َما َسلَ َ‬ ‫ْحاض ِر‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫[حكم األلباني] صحيح ويع ِزم َعلَى أَََّل يَ ْف َع َل في ال ُْم ْستَ ْقبَ ِل‪ .‬ثُ َّم إِ ْن َكا َن ال َ‬
‫ْح ُّق‬
‫ِْل َد ِم ٍي َردَّهُ إِلَْي ِه بِطَ ِر ِيق ِه‪.‬‬
‫" ايها الناس توبوا الى الله‪ " "..‬ينتظر لصاحب الذنب ست ساعات"‬
‫ف تَ ْع ِر ُ‬
‫ف‬ ‫ول اللَّ ِه‪َ ،‬وَكيْ َ‬
‫ال َر ُج ٌل‪ :‬يَا َر ُس َ‬‫ورُُ ْم يَ ْس َعى بَ ْي َن أَيْ ِدي ِه ْم َوبِأَيْ َمانِ ِه ْم} فَ َق َ‬
‫{نُ ُ‬
‫ال‪" :‬غُر ُمحجلون ِم ْن آثَا ِر الطُّهور َوََل يَ ُكو ُن أَ َح ٌد ِم َن‬ ‫ك ِم ْن بَيْ ِن ْاأل َُم ِم‪ .‬قَ َ‬ ‫أ َُّمتَ َ‬
‫اُ ْم‬ ‫ك غَي رُُم‪ ،‬وأَ ْع ِرفُهم أَنَّهم يؤتَون ُكتُ ب هم بِأَيمانِ ِهم‪ ،‬وأَ ْع ِرفُهم بِ ِ‬ ‫ْاألُم ِم َك َذلِ‬
‫يم ُ‬‫َ‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ود‪َ ،‬وأَ ْع ِرفُ ُه ْم بِنُوِرُِ ْم يَ ْس َعى بَ ْي َن أَيْ ِدي ِه ْم" رواه اإلمام‬‫السج ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫في ُو ُجوُ ِه ْم م ْن أَثَ ِر ُّ ُ‬
‫أحمد في المسند‪.‬‬
‫‪787‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ٍ‬
‫ك َعلَى ُك ِل َش ْيء قَ ِد ٌير} َُ َذا يَ ُقولُهُ‬ ‫ورنَا َوا ْغ ِف ْر لَنَا إِنَّ َ‬ ‫ِ‬
‫{يَ ُقولُو َن َربَّنَا أَتْم ْم لَنَا نُ َ‬
‫طفئ‪.‬‬‫الْم ْؤِمنُو َن ِحين ي رون ي وم ال ِْقيام ِة نور الْمنَافِ ِقين قَ ْد ِ‬
‫َ ََ َ ْ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ت ِخيَانَتُ ُه َما فِي‬ ‫ت ْامرأَةُ نَبِ ٍي قَ ُّ‬
‫ط‪ ،‬إِنَّ َما َكانَ ْ‬ ‫ِ‬
‫اس‪َ :‬ما بَغَ َ‬ ‫اُ َما} [ َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫{فَ َخانَتَ ُ‬
‫ين أَنَّ ُه ْم ََل‬ ‫الدي ِن] لم يغن صَلح ُذين عن ُاتين شيئًا‪ ،‬ومثَل َ َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َربَهُ اللهُ لل ُْم ْؤمن َ‬ ‫َ ٌ‬
‫ين إِلَْي ِه ْم‪ .‬وكان أبو إبراُيم الخليل وابن‬ ‫ض ُّرُُم م َخالَطَةُ الْ َكافِ ِرين إِذَا َكانُوا م ْحتَ ِ‬
‫اج‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تَ ُ ْ ُ‬
‫نبي الله نوح كافرين‪َ " .‬م ْن أَ َك َل َم َع َم ْغ ُفوٍر لَهُ غُ ِف َر لَهُ "‪.‬حديث باطل‪ { .‬تِل َ‬
‫ْك أ َُّمةٌ‬
‫س ْب تُ ْم َوََل تُ ْسأَلُو َن َع َّما َكانُوا يَ ْع َملُو َن } وقال‬ ‫ت َولَ ُك ْم َما َك َ‬ ‫سبَ ْ‬ ‫ت لَ َها َما َك َ‬ ‫قَ ْد َخلَ ْ‬
‫صلى الله عليه وسلم " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة‪ ،‬إَل سببي ونسبي "‪.‬‬
‫صححه األلباني‪.‬‬
‫ال الْعلَماء‪ :‬ا ْختَار ِ‬ ‫ ٍ اب ِن لِي ِع ْن َد َك ب ي تًا فِي الْجن ِ‬
‫ار قَ بْ َل‬
‫ََ‬ ‫ْج‬‫ل‬‫ا‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫}‬ ‫َّة‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫{ر ِ ْ‬ ‫فَ َق ْولُ َها‪َ :‬‬
‫الدا ِر‪.‬‬
‫َّ‬
‫اسطَِة ِج ْب ِريل بعد أن خلقت { وروح منه }‬ ‫وحنَا} أَ ‪ :‬بِو ِ‬ ‫{فَ نَ َف ْخنَا فِ ِيه ِمن ر ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫ال َكثِي ٌر‪َ ،‬ولَ ْم يَ ْك ُم ْل‬ ‫ات َربِ َها } { وأمه صديقة } " َك ُم َل ِم َن ِ‬
‫الر َج ِ‬ ‫ت بِ َكلِم ِ‬
‫ص َّدقَ ْ َ‬ ‫{ َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن النِ ِ‬
‫ت ُخ َويلد‪َ ،‬وإِ َّن‬ ‫يجةُ بِْن ُ‬
‫ساء إََِّل آسيَةُ ْام َرأَةُ ف ْر َع ْو َن‪َ ،‬وَم ْريَ ُم ابْ نَةُ ع ْم َرا َن‪َ ،‬و َخد َ‬ ‫َ َ‬
‫ض ِل الثَّ ِريد َعلَى َسائِ ِر الطَّ َع ِام ‪ .‬متفق عليه‪ " .‬أ‬ ‫س ِاء َك َف ْ‬ ‫ِ‬
‫شةَ َعلَى الن َ‬ ‫ض َل َعائِ َ‬ ‫فَ ْ‬
‫كمال ديني‬
‫ات َربِ َها } القضاء والقدر " أعوذ بكلمات الله التامات التي‬ ‫ت بِ َكلِم ِ‬
‫ص َّدقَ ْ َ‬ ‫{ َو َ‬
‫َل يجاوزُن بر وَل فاجر من شر ما خلق " صححه األلباني‪.‬‬

‫‪788‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫كان يجوز في شريعتهم النكاح بين المسلم والكافر‪ .‬إما في شريعتنا { َوََل‬
‫ات َحتَّى يُ ْؤِم َّن }‬
‫تَ ْن ِكحوا الْم ْش ِرَك ِ‬
‫ُ ُ‬

‫سورة الملك مكية‪:‬‬


‫" سورة تبارك ُي المانعة من عذا ٍ القبر "‪ .‬صححه األلباني‪.‬‬
‫ال‪« :‬إِ َّن سورًة ِمن ال ُقر ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫آن‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬
‫ْك»‪:‬‬ ‫المل ُ‬ ‫ت لِرج ٍل حتَّى غُ ِفر لَه‪ ،‬و ُِي سورةُ تَ ب َّ ِ ِ ِ ِ‬
‫ار َك الذ بيَده ُ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ ََ‬ ‫ثَََلثُو َن آيَةً َش َف َع ْ َ ُ َ‬
‫س ٌن» وحسنه األلباني‪.‬‬ ‫يث َح َ‬ ‫رواه الترمذ وقال « َُ َذا َح ِد ٌ‬
‫س ُن َع َمَل }‪ :‬أ أصوبه وأخلصه‪.‬‬ ‫َح‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫ُّ‬‫َ‬‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ي‬‫ت والْحياةَ لِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ْم‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫{ الَّ ِ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫العبرة بحسن العمل َل بكثرته‪ ،‬وشروطه ثَلثه‪ :‬اإليمان واإلخَلص واإلتباع‪َ .‬ع ْن‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬إِ َّن َ‬
‫الله ََل يَ ْنظُُر إِلَى‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫أَبِي ُُ َريْ َرَة‪ ،‬قَ َ‬
‫ص َوِرُك ْم َوأ َْم َوالِ ُك ْم‪َ ،‬ولَ ِك ْن يَنْظُُر إِلَى قُلُوبِ ُك ْم َوأَ ْع َمالِ ُك ْم» رواه مسلم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ت ُ ِذهِ‬ ‫ِ‬
‫ادةُ‪ :‬إِنَّ َما ُخل َق ْ َ‬ ‫ال قَ تَ َ‬
‫يح } قَ َ‬ ‫صابِ َ‬ ‫الدنْ يَا بِ َم َ‬
‫اء ُّ‬ ‫الس َم َ‬
‫قوله { َولََق ْد َزيَّنَّا َّ‬
‫اطي ِن‪ ،‬و َع ََلم ٍ‬ ‫لشي ِ‬ ‫لسم ِاء‪ ،‬ورج ِ‬ ‫ِ‬ ‫صٍ‬ ‫النُّج ِ ِ ِ‬
‫ات‬ ‫َ َ‬ ‫وما ل َّ َ‬‫ال‪َ :‬خلَ َق َها اللَّهُ ِزينَةً ل َّ َ َ ُ ُ ً‬ ‫وم لثَََلث خ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫اع‬ ‫ال بَِرأْيِِه َوأَ ْخطَأَ َحظَّهُ‪َ ،‬وأ َ‬
‫َض َ‬ ‫ك فَ َق ْد قَ َ‬ ‫يُ ْهتَ َدى بِ َها‪ ،‬فَ َم ْن تَأَ َّو َل فِ َيها غَ ْي َر َذلِ َ‬
‫ْم لَهُ بِِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صيبَهُ‪َ ،‬وتَ َكلَّ َ‬ ‫نَ ِ‬
‫ف َما ََل عل َ‬
‫ور } َع ْن َعائِ َ‬
‫شةَ‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ُ‬‫ف بِ ُكم األرض فَِإ َذا ِ‬ ‫َ‬ ‫س‬‫السم ِاء أَ ْن ي ْخ ِ‬‫َّ‬ ‫ي‬ ‫{ أَأ َِم ْن تُم من فِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬
‫ف‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّه علَي ِه وسلَّم‪« :‬ي ُكو ُن فِي ِ‬
‫آخ ِر َُ ِذهِ ْاأل َُّم ِة َخ ْس ٌ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ت‪ :‬قَ َ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ُ َْ ََ َ َ‬ ‫َ‬

‫‪789‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الصالِ ُحو َن؟ قَ َ‬


‫ال‪:‬‬ ‫ك َوفِينَا َّ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬أَنَ ْهلِ ُ‬‫ْت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ت‪ :‬قُل ُ‬ ‫ف»‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫َوَم ْس ٌخ َوقَ ْذ ٌ‬
‫ث» وصححه األلباني‪.‬‬ ‫«نَ َع ْم إِ َذا ظَ َه َر ال ُخ ْب ُ‬
‫اصبًا} أَ ْ ‪ :‬ريح أو مططر فيه‬ ‫السم ِاء أَ ْن ي ر ِسل َعلَْي ُكم ح ِ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫{أ َْم أ َِم ْن تُم من فِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬
‫ض‬‫ضا ُم ْستَ ْقبِ َل أ َْوِديَتِ ِه ْم قَالُوا َُ َذا َعا ِر ٌ‬ ‫حصباء‪ .‬كما فعل بعاد‪ { .‬فَ لَ َّما َرأ َْوهُ َعا ِر ً‬
‫يم }‬ ‫مم ِطرنَا بل ُو ما است عجلْتم بِِه ِريح فِيها َع َذا ٍ أَلِ‬
‫ٌ ٌ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ ْ ُ َ ْ َُ َ َْ ْ َ ُْ‬
‫َلل ُمبِي ٍن } { َوإِنَّا أ َْو إِيَّا ُك ْم لَ َعلَى ُُ ًدى أ َْو فِي َ‬
‫ض ََل ٍل‬ ‫ض ٍ‬ ‫ستَ ْعلَ ُمو َن َم ْن ُُ َو فِي َ‬ ‫{ فَ َ‬
‫ُمبِي ٍن }‬

‫سورة القلم مكية‪:‬‬


‫ول‪" :‬‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ‬ ‫ول اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ال‪ :‬س ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ت‬‫الص ِام ِ‬‫ادةَ بْ ِن َّ‬ ‫عن ُعبَ َ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ب ال َق َد َر َما‬ ‫ال‪ :‬ا ْكتُ ِ‬‫ب؟ قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ما أَ ْكتُ ُ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ال‪ :‬ا ْكتُ ْ‬ ‫إِ َّن أ ََّو َل َما َخلَ َق اللَّهُ ال َقلَ َم‪ ،‬فَ َق َ‬
‫َكا َن َوَما ُُ َو َكائِ ٌن إِلَى األَبَ ِد " رواه الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬
‫ك‬‫ب بِِه َك َق ْولِ ِه {اق َْرأْ َوَربُّ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫س الْ َقلَ ِم الذ يُ ْكتَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ج‬‫اُر أَنَّهُ ِ‬
‫ُ‬
‫وقَ ولُه‪{ :‬والْ َقلَ ِم} الظَّ ِ‬
‫َ ُْ َ‬
‫سا َن َما لَ ْم يَ ْعلَ ْم}‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫اإل‬ ‫م‬ ‫األ ْكرُم الَّ ِذ َعلَّم بِالْ َقلَ ِم َعلَّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شةَ‬‫ت َعائِ َ‬ ‫ال‪َ :‬سأَلْ ُ‬ ‫ش ٍام قَ َ‬ ‫ك لَ َعلى ُخلُ ٍق َع ِظ ٍيم } َع ْن َس ْع ِد بْ ِن ُِ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ { :‬وإِنَّ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪.‬‬ ‫ْت‪ :‬أَ ْخبِ ِرينِي يا أ َُّم الْم ْؤِمنِين ‪َ -‬عن ُخلُق رس ِ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫فَ ُقل ُ‬
‫ت‪َ :‬كا َن ُخلُ ُقهُ الْ ُق ْرآ َن " رواه مسلم‪.‬‬ ‫ت‪ :‬أَتَ ْق َرأُ الْ ُق ْرآ َن؟ ُ‬
‫فقلت‪ :‬نَ َع ْم‪ .‬فَ َقالَ ْ‬ ‫فَ َقالَ ْ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫خدمت َ ِ‬
‫رسول الله َ‬ ‫ُ‬ ‫ال‪:‬‬‫س قَ َ‬ ‫يح ْي ِن َع ْن أَنَ ٍ‬ ‫ت فِي َّ ِ‬
‫الصح َ‬ ‫و َك َما ثَبَ َ‬
‫ش ْي ٍء فَ َعلْتُهُ‪ :‬لِ َم فَ َعلْتَهُ؟ َوََل‬ ‫ال لِ َ‬‫ط‪َ ،‬وََل قَ َ‬ ‫ُف" قَ ُّ‬ ‫ال لِي‪" :‬أ ٍ‬ ‫ين فَ َما قَ َ‬ ‫وسلَّم َع ْشر ِسنِ‬
‫ََ َ ٌ َ‬
‫‪790‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َّاس ُخلًُقا َوََل‬ ‫س َن الن ِ‬ ‫َح‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه و َسلَّ‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫ك‬ ‫و‬ ‫؟‬ ‫ه‬‫ْت‬‫ل‬‫ع‬ ‫ف‬ ‫ََل‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ْه‬
‫ل‬ ‫ع‬ ‫شي ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لَْ ْ َ‬
‫َف‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫ء‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ف رس ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ت َخ ًّزا َوََل َح ِر ًيرا َوََل َش ْي ئًا َكا َن أَلْيَ َن م ْن َك َّ َ ُ‬ ‫سس ُ‬ ‫َم ْ‬
‫ول اللَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ت ِمس ًكا وََل ِعطْرا َكا َن أَطْيب ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ق‬ ‫ر‬
‫َ َ ْ َ َُ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ً‬ ‫َو َسل َم‪َ ،‬وََل َش َم ْم ُ ْ َ‬
‫َّ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪.‬‬
‫"َل يدخل الْجنَّةَ قَ تَّات"‪ .‬متفق عليه‪{ : .‬سن ِسمه علَى الْخرطُ ِ‬ ‫{م َّ ٍ ِ‬
‫وم}‬ ‫ُْ‬ ‫ََ ُ ُ َ‬ ‫شاء بِنَم ٍيم} َ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫اس‪َ { :‬سنَ ِس ُمهُ َعلَى‬ ‫اض ًحا‪ .‬و َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ال ابْن ج ِري ٍر‪ :‬سنَبِين أ َْمرهُ ب يانًا و ِ‬
‫َ ُ َ ََ َ‬ ‫قَ َ ُ َ‬
‫{سنَ ِس ُمهُ}‬ ‫ف فِي ال ِْقتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫آخ ُرو َن‪َ :‬‬ ‫ال َ‬ ‫ال‪َ .‬وقَ َ‬ ‫الْ ُخ ْرطُوم} يُ َقاتِ ُل يَ ْوَم بَ ْد ٍر‪ ،‬فيُخطم بِ َّ‬
‫الس ْي ِ‬
‫وم‪ُ .‬ذه‬ ‫ِسمةَ أَُ ِل النَّا ِر‪ ،‬ي عنِي نس ِود وجهه ي وم ال ِْقيام ِة‪ ،‬وعبَّ ر ع ِن الْوج ِه بِالْخرطُ ِ‬
‫َْ ُ َ ُ َ ْ َ ُ َْ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ ُْ‬ ‫َ ْ‬
‫اْليات نزلت على وليد بن المغيرة أبو خالد‪.‬‬

‫صبِ ِحي َن } ذَ َك َر‬ ‫َّها ُم ْ‬ ‫ص ِرُمن َ‬


‫ْس ُموا لَيَ ْ‬ ‫ا ٍ ال َ ِ ِ‬
‫ْجنَّة إ ْذ أَق َ‬ ‫َص َح َ‬ ‫{إِنَّا بَلَ ْونَ ُ‬
‫اُ ْم َك َما بَلَ ْونَا أ ْ‬
‫ال َس ِعي ُد بْ ُن ُجبَ ْي ٍر‪َ :‬كانُوا ِم ْن‬ ‫َن َُ ُؤََل ِء قَ ْد َكانُوا ِم ْن أَ ُْ ِل الْيَ َم ِن ‪-‬قَ َ‬ ‫ف أ َّ‬‫السلَ ِ‬
‫ض َّ‬ ‫بَ ْع ُ‬
‫ش ِة‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضروا ُن َعلَى ِست َِّة أَمي ٍ ِ‬ ‫قَ ْريٍَة يُ َق ُ‬
‫ْحبَ َ‬ ‫يل‪َ :‬كانُوا م ْن أَ ُْ ِل ال َ‬ ‫ص ْن َعاءَ‪َ .‬وق َ‬ ‫ال م ْن َ‬ ‫َْ‬ ‫ال لَ َها َ َ َ‬
‫ف لَهم َُ ِذهِ الْجنَّةَ‪ ،‬وَكانُوا ِمن أَ ُْ ِل ال ِ‬
‫وُ ْم‬
‫ا ٍ‪َ ،‬وقَ ْد َكا َن أَبُ ُ‬ ‫ْكتَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫وُ ْم قَ ْد َخلَّ َ ُ ْ‬ ‫َوَكا َن أَبُ ُ‬
‫اج إِلَْي َها َويَ َّد ِخ ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ غَلَّهُ م ْن َها يَ ُر ُّد ف َيها َما يَ ْحتَ ُ‬ ‫سنَةً‪ ،‬فَ َكا َن َما ْ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫يَس ُير ف َيها س َيرًة َح َ‬
‫ات َوِرثَهُ بَنُوهُ‪ ،‬قَالُوا‪ :‬لََق ْد َكا َن‬ ‫اض ِل‪ .‬فَ لَ َّما َم َ‬ ‫وت سنَتِ ِهم‪ ،‬وي تَص َّد ُق بِالْ َف ِ‬ ‫ِِ ِِ‬
‫لعيَاله قُ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫أَبونَا أحمق إِ ْذ َكا َن يص ِر ُ ِ‬
‫ك‬‫اُ ْم لَتَ َوفَّ َر َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫ف م ْن َُ ِذه َش ْي ئًا للْ ُف َق َراء‪َ ،‬ولَ ْو أنَّا َمنَ ْعنَ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يض قَ ِ ِ‬ ‫َعلَْي نَا‪ .‬فَ لَ َّما َع َزُموا َعلَى َذلِ َ‬
‫ب اللَّهُ َما بأيديهم‬ ‫صدُ ْم‪ ،‬فَأَ ْذ َُ َ‬ ‫ك ُعوقِبوا بِنَ ِق ِ ْ‬
‫الص َدقَةَ‪ ،‬فَ لَ ْم يَ ْب َق لَ ُه ْم َش ْيءٌ‪.‬‬
‫بالكلية‪ ،‬رأس المال الربح َو َّ‬
‫‪791‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال ُسلَْي َما ُن بْ ُن َد ُاو َد َعلَْي ِه َما‬ ‫{ َوَل يَ ْستَ ثْ نُو َن } قال صلى الله عليه وسلم " قَ َ‬
‫ين ُكلُّ ُه َّن‪ ،‬يَأْتِي بَِفا ِر ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫َّ‬
‫س‬ ‫السَلَ ُم‪َ :‬ألَطُوفَ َّن الل ْي لَةَ َعلَى مائَة ْام َرأَة‪ ،‬أ َْو ت ْس ٍع َوت ْسع َ‬ ‫َّ‬
‫اء اللَّهُ‪ ،‬فَ لَ ْم‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫احبُهُ‪ :‬إِ ْن َشاء اللَّهُ‪ ،‬فَ لَ ْم يَ ُقل إِ‬ ‫ال لَه ص ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬‫يل اللَّ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫يج ِ‬
‫اُ ُد فِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫س ُم َح َّم ٍد بِيَ ِدهِ‪ ،‬لَ ْو‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ت بِ ِش ِق رج ٍل‪ ،‬والَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫يح ِمل ِم ْن ه َّن إََِّل امرأَةٌ و ِ‬
‫اح‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َْ ْ ُ‬
‫اُ ُدوا فِي سبِ ِ ِ‬
‫يل اللَّه‪ ،‬فُ ْر َسانًا أ ْ‬
‫َج َم ُعو َن "‬ ‫َ‬ ‫اء اللَّهُ‪ ،‬لَ َج َ‬ ‫ال‪ :‬إ ْن َش َ‬
‫قَ َ ِ‬
‫ود فََل يَ ْستَ ِط ُيعو َن } ُي من آيات‬ ‫السج ِ‬ ‫ٍ‬
‫ف َع ْن َساق َويُ ْد َع ْو َن إِلَى ُّ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫{يَ ْوَم يُ ْك َ‬
‫ف َربنا َع ْن َساقِ ِه‪،‬‬ ‫كش ُ‬‫الصفات على الراجح كما قال صلى الله عليه وسلم "ي ِ‬
‫َ‬
‫اء َو ُس ْم َعةً‪،‬‬ ‫فَ يَ ْس ُج ُد لَهُ ُك ُّل ُم ْؤِم ٍن َوُم ْؤِمنَ ٍة‪َ ،‬ويَ ْب َقى َم ْن َكا َن يَ ْس ُج ُد فِي ُّ‬
‫الدنْ يَا ِريَ ً‬
‫اح ًدا" ويؤخذ من ُذا أن تارك الصَلة كافر‬ ‫ود ظَ ْهرهُ طَب ًقا و ِ‬ ‫فَ ي ْذُ ِ‬
‫ب ليَ ْس ُج َد فَ يَ ُع ُ ُ َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫اق} ُُ َو‬ ‫ف َعن س ٍ‬ ‫وُو من أصرح األدلة‪ .‬و َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫ش ُ ْ َ‬ ‫اس قَ ْولُهُ‪{ :‬يَ ْوَم يُ ْك َ‬
‫فظع ِم َن ال َْه ْوِل يَ ْوَم ال ِْقيَ َام ِة‪ .‬وُذا مرجوح ألنه عارض نصا‪ .‬كما‬ ‫الش ِدي ُد الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ْاأل َْم ُر َّ‬
‫ ٍ فَأَيْ نَ َما تُ َولُّوا فَ ثَ َّم َو ْجهُ اللَّ ِه إِ َّن اللَّ َه‬ ‫ِِ‬
‫اختلفوا في قوله { َوللَّه ال َْم ْش ِر ُق َوال َْم ْغ ِر ُ‬
‫يم }‬ ‫ِ ِ‬
‫َواس ٌع َعل ٌ‬
‫ِ‬ ‫ث ََل ي ْعلَمو َن} وِفي َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫يح ْي ِن َع ْن َر ُسو ِل اللَّه َ‬ ‫الصح َ‬ ‫َ‬ ‫{سنَ ْستَ ْد ِر ُج ُه ْم م ْن َح ْي ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫َخ َذهُ لَ ْم يُ ْفلِ ْته"‪ .‬ثُ َّم‬ ‫ال‪" :‬إِ َّن اللَّهَ تَ َعالَى ليُ ْملي لِلظَّالِ ِم‪َ ،‬حتَّى إِ َذا أ َ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَنَّهُ قَ َ‬
‫يم َش ِدي ٌد}‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك أَ ْخ ُذ َربِ َ‬ ‫{وَك َذلِ َ‬
‫َخ َذ الْ ُق َرى َوُ َي ظَال َمةٌ إِ َّن أَ ْخ َذهُ أَل ٌ‬ ‫ك إِذَا أ َ‬ ‫قَ َرأَ‪َ :‬‬
‫الس ََل ُم‪،‬‬ ‫س بْ ُن َمتَّى‪َ ،‬علَْي ِه َّ‬ ‫ن‬
‫ُ‬‫و‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫وت} ي ْعنِي‪َ :‬ذا الن ِ‬
‫ُّون‬ ‫ب الْح ِ‬ ‫ِ‬ ‫{وَل تَ ُكن َكص ِ‬
‫اح‬
‫َ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫اضبًا َعلَى قَ ْوِم ِه‪ ،‬فَ َكا َن ِم ْن أ َْم ِرهِ َما َكا َن ِم ْن ُرُكوبِِه فِي الْبَ ْح ِر َوالْتِ َق ِام‬ ‫ِحين َذ َُب مغَ ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫ك إِنِي‬ ‫ت ُس ْب َحانَ َ‬ ‫ات‪{ .‬أَ ْن ََل إِلَهَ إَِل أَنْ َ‬ ‫ادى فِي الظُّلُم ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫وت لَهُ‪ ...،‬فَ ِحينَئِ ٍ‬
‫ذ‬ ‫الْح ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪792‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َح ٍد‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ َعلَي ِه وسلَّم‪ِ ِ َ :‬‬ ‫ُك ْن ُ ِ َّ ِ ِ‬
‫"َل يَ ْن بَغي أل َ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ين} و قَ َ‬ ‫ت م َن الظالم َ‬
‫س بْ ِن َمتَّى"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ن‬
‫ُ‬‫و‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫ول‪ :‬أَنَا َخي ر ِ‬
‫م‬ ‫أَ ْن يَ ُق َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌْ‬
‫ك بِأَبصا ِرُِم لَ َّما س ِمعوا ِ‬ ‫{ وإِ ْن ي َكاد الَّ ِذين َك َفروا لَي زلِ‬
‫الذ ْك َر َويَ ُقولُو َن إِنَّهُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬‫و‬‫ق‬‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ ُ ُْ‬
‫صابَتُ َها َوتَأْثِي ُرَُا َحق‪ ،‬بِأ َْم ِر اللَّ ِه‪.‬‬ ‫ِ ِِ ِ ِ‬
‫َن ال َْع ْي َن إِ َ‬
‫يل َعلَى أ َّ‬
‫لَ َم ْجنُو ٌن } في َُذه ْاْليَة َدل ٌ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫اس‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬‫وأكثر األمراض الخطيرة منها‪َ .‬ع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫ال‪" :‬ال َْع ْي ُن َحق‪َ ،‬ولَ ْو َكا َن َش ْيءٌ َسابَ َق ال َق َد َر َسبَ َقت ال َْع ْي ُن‪َ ،‬وإِ َذا ا ْغتُسلتم‬ ‫قَ َ‬
‫فَا ْغ ِسلُوا"‪ .‬رواه مسلم‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم " العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر "‪.‬‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬

‫سورة الحاقة مكية‪:‬‬


‫بالصبا‪ ،‬وأُل َكت عا ٌد َّ‬
‫بالدبور" اسم الريح‪.‬‬ ‫ت َّ‬ ‫ال صلى الله عليه وسلم‪" :‬نُ ِ‬
‫ص ْر ُ‬ ‫قَ َ‬
‫اح َدةٌ } الراجح أنها نفختان نفخة الصعق ونفخة‬‫الصوِر نَ ْف َخةٌ و ِ‬
‫{فَِإ َذا نُِف َخ فِي ُّ‬
‫َ‬
‫افيل قد التقم الصور وحنى جبهته‪،‬‬
‫البعث‪ ،‬وقيل ثَلثة بنفخة الفزع‪": .‬إن إسر َ‬
‫ينتظر متى يؤمر فينفخ" حديث فيه نظر‪.‬‬
‫ك فَ ْوقَ ُه ْم يَ ْوَمئِ ٍذ ثَ َمانِيَةٌ} قال صلى الله عليه وسلم‪ " :‬أذن لي‬
‫ش َربِ َ‬ ‫ِ‬
‫{ويَ ْحم ُل َع ْر َ‬
‫َ‬
‫أن أحدث عن ملك من مَلئكة الله تعالى من حملة العرش‪ ،‬ما بين شحمة أذنه‬
‫إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة "‪ .‬صححه األلباني‪.‬‬

‫‪793‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ول َُا ُؤُم اق َْرءُوا كِتَابِيَ ْه } قال صلى الله عليه‬ ‫{ فَأ ََّما َم ْن أُوتِ َي كِتَابَهُ بِيَ ِمينِ ِه فَ يَ ُق ُ‬
‫ض ُع َعلَْي ِه َكنَ َفهُ َويَ ْستُ ُرهُ‪ ،‬فَ يَ ُق ُ‬
‫ول‪:‬‬ ‫الم ْؤِم َن‪ ،‬فَ يَ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫وسلم في النجوى‪ " :‬إِ َّن اللهَ يُ ْدني ُ‬
‫ ٍ‪َ ،‬حتَّى إِذَا قَ َّرَرهُ بِ ُذنُوبِِه‪،‬‬ ‫ول‪ :‬نَ َع ْم أَ ْ َر ِ‬ ‫ب َك َذا؟ فَ يَ ُق ُ‬ ‫ف ذَنْ َ‬ ‫ب َك َذا‪ ،‬أَتَ ْع ِر ُ‬ ‫ف ذَنْ َ‬ ‫أَتَ ْع ِر ُ‬
‫ك اليَ ْوَم‪،‬‬ ‫الدنْ يَا‪َ ،‬وأَنَا أَ ْغ ِف ُرَُا لَ َ‬
‫ك فِي ُّ‬ ‫ال‪َ :‬ستَ ْرتُ َها َعلَْي َ‬ ‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫َوَرأَى فِي نَ ْف ِس ِه أَنَّهُ َُلَ َ‬
‫ين‬ ‫{ُ ُؤَلَ ِء الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫اد‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أل‬ ‫ا‬ ‫ول‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫فَ ي ْعطَى كِتَا ٍ حسنَاتِِه‪ ،‬وأ ََّما ال َكافِر والمنَافِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬
‫َّ ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين} متفق عليه واللفظ للبخار ‪.‬‬ ‫َك َذبُوا َعلَى َرب ِه ْم أََلَ لَ ْعنَةُ الله َعلَى الظالم َ‬
‫ك ال َْع ِظي ِم} قَ َ‬
‫ال‬ ‫اس ِم َربِ َ‬
‫سبِ ْح بِ ْ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫{‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ز‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ول‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫عن ُع ْقبةَ بْن َع ِام ٍر الْج َهنِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫{سبِ ِح‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى الله َعلَي ِه وسلَّم‪« :‬اجعلُوُا فِي رُك ِ‬
‫ت َ‬ ‫وع ُك ْم» فَ لَ َّما نَ َزلَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫لَنَا َر ُس ُ‬
‫ود ُك ْم» أخرجه الحاكم في مستدركه‬ ‫وُا فِي سج ِ‬ ‫اج َعلُ َ‬ ‫ك ْاألَ ْعلَى} فَ َق َ‬ ‫اس َم َربِ َ‬
‫ُُ‬ ‫ال‪ْ « :‬‬ ‫ْ‬
‫يث ص ِحيح ِْ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإل ْسنَاد َولَ ْم يُ َخ ِر َجاهُ " َوَرَواهُ أَبُو َد ُاو َد َوابْ ُن َم َ‬
‫اج ْه‬ ‫وقال َُ َذا َحد ٌ َ ُ‬
‫َح َم ُد في مسنده‪.‬‬ ‫ام أ ْ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫و ِْ‬

‫سورة المعارج مكية‪:‬‬


‫محور السورة عن القيامة وما يلقاه الناس فيه’ وصفات المؤمنين‬
‫وقضية التوحيد‪.‬‬
‫ا ٍ َواقِ ٍع} كقولهم { ايتنا بما تعدنا }‬
‫َل َسائِل بِ َع َذ ٍ‬
‫{سأ َ ٌ‬ ‫َ‬

‫‪794‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫دارهُ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ْف سنَ ٍة } وقوله { فِي ي وٍم كا َن ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬
‫أ‬ ‫ين‬ ‫قوله { فِي ي وٍم كا َن ِم ْقدارهُ َخم ِ‬
‫س‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫سو َن َم ْو ِطنًا‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ْف َسنَة مما تعدون } الصوا ٍ أن يقال ُُ َو يَ ْوُم الْقيَ َامة‪ ،‬فيه َخ ْم ُ‬
‫أَل َ ٍ‬
‫ْف َسنَ ٍة‪.‬‬ ‫ين أَل َ‬ ‫س‬ ‫ْف سنَ ٍة‪ .‬جعلَهُ اللَّهُ تَ عالَى َعلَى الْ َكافِ ِرين ِم ْق َدار َخم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫َ‬
‫أ‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ُك ُّل مو ِ‬
‫ط‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َْ‬
‫اعا ِم ْن نَا ٍر‬ ‫ويشهد له الحديث " َما ِم ْن َر ُج ٍل لَ ْم يُ َؤِد َزَكا َة ماله إََِّل ُج ِع َل ُش َج ً‬
‫ف َسنَ ٍة َحتَّى‬ ‫ين أَلْ َ‬ ‫س‬‫تُ ْكوى بِِه جب هتُهُ وظَ ْهرهُ وج ْن باهُ فِي ي وٍم َكا َن ِم ْق َدارهُ َخم ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ض َي اللَّهُ بَ ْي َن الناس"‬‫ي ْق ِ‬
‫َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫يد الْ ُخ ْد ِر ِ قَ َ‬ ‫أما المؤمنون فإنه يخفف عليهم‪.‬فعن أَبِي س ِع ٍ‬
‫َ‬
‫ْت‪َ :‬ما أَط َْو ُل‬ ‫ْف َسنَ ٍة‪ .‬فَ ُقل ُ‬ ‫ين أَل َ‬ ‫س‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَي ِه وسلَّم‪ :‬فِي ي وٍم كا َن ِم ْقدارهُ َخم ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫َ‬
‫ف َع ِن‬ ‫(والَّ ِذ نَ ْف ِسي بِيَ ِدهِ إِنَّهُ لَيُ َخ َّف ُ‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ال النَّبِ ُّي صلَّى اللَّهُ َعلَي ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َُ َذا! فَ َق َ‬
‫صلِ َيها فِي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ف َعلَي ِه ِمن ِ‬ ‫ال ُْم ْؤِم ِن َحتَّى يَ ُكو َن أ َ‬
‫الدنْ يَا"‬ ‫َخ َّ ْ ْ َ‬
‫ص ََلة ال َْم ْكتُوبَة يُ َ‬
‫السماء فَ ِهي ي ومئِ ٍذ و ِ‬ ‫السماء َكالْم ْه ِل } كقوله { وانْ َ ِ‬
‫اُيَةٌ }‬ ‫ش َّقت َّ َ ُ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله {يَ ْوَم تَ ُكو ُن َّ َ ُ ُ‬
‫يما } كقوله {لِ ُك ِل ْام ِر ٍئ ِم ْن ُه ْم يَ ْوَمئِ ٍذ َشأْ ٌن يُ ْغنِ ِيه}‬ ‫َل ح ِم ِ‬
‫يم َحم ً‬ ‫قوله { َوَل يَ ْسأ ُ َ ٌ‬
‫وعا’ إَِل‬ ‫سهُ الْ َخ ْي ُر َمنُ ً‬ ‫وعا’ َوإِذَا َم َّ‬ ‫وعا’ إِذَا َم َّسهُ َّ‬
‫الش ُّر َج ُز ً‬ ‫سا َن ُخلِ َق َُلُ ً‬ ‫{إ َّن اإلنْ َ‬
‫ِ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪:‬‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫ص َه ْي ٍ‬ ‫الْم ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫ب‪ ،‬قَ َ‬ ‫ين } إَل المؤمن ف َع ْن ُ‬ ‫صل َ‬ ‫ُ َ‬
‫اك ِأل ٍ ِ ِ‬ ‫« َع َجبًا ِأل َْم ِر ال ُْم ْؤِم ِن‪ ،‬إِ َّن أ َْمرهُ ُكلَّ‬
‫َحد إََِّل لل ُْم ْؤم ِن‪ ،‬إِ ْن أ َ‬
‫َصابَ ْتهُ‬ ‫س ذَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬
‫ٌ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫صبَ َر فَ َكا َن َخ ْي ًرا لَهُ» مسلم‪.‬‬ ‫ض َّراءُ‪َ ،‬‬ ‫َصابَ ْتهُ َ‬ ‫َس َّراءُ َش َك َر‪ ،‬فَ َكا َن َخ ْي ًرا لَهُ‪َ ،‬وإِ ْن أ َ‬

‫‪795‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫لسائِ ِل َوال َْم ْح ُر ِوم } َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‬ ‫وم ’ لِ َّ‬ ‫ِ‬
‫ين في أ َْم َوال ِه ْم َحق َم ْعلُ ٌ‬
‫قوله { والَّ ِذ ِ‬
‫َ َ‬
‫ين الَّ ِذ‬ ‫ِ ِ‬
‫س الم ْسك ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫م‬‫َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه و َسلَّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫ول اللَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ضي اللَّهُ َع ْنهُ‪ :‬أ َّ‬
‫َن‬ ‫َ َ‬
‫رِ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫وف َعلَى الن ِ‬
‫َّاس تَ ُردُّهُ الل ْق َمةُ َوالل ْق َمتَان‪َ ،‬والت َّْم َرةُ َوالت َّْم َرتَان‪َ ،‬ولَك ِن الم ْسك ُ‬
‫ين‬ ‫يَطُ ُ‬
‫ص َّد ُق َعلَْي ِه َوَلَ يَ ُقوُم فَ يَ ْسأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّاس»‬
‫َل الن َ‬ ‫الَّذ َلَ يَج ُد غنًى يُ ْغنيه‪َ ،‬وَلَ يُ ْفطَ ُن بِه‪ ،‬فَ يُ تَ َ‬
‫اعو َن} ُي التكاليف الشرعية’ وأمانات‬ ‫ألمانَاتِ ِه ْم َو َع ْه ِد ُِ ْم َر ُ‬ ‫ين ُُ ْم َ‬ ‫َ َ‬
‫وقَ ولُهُ‪{ :‬والَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ ْ‬
‫ال فَأَبَيْ َن أَ ْن يَ ْح ِملْنَ َها‬ ‫ض وال ِ‬
‫ْجبَ ِ‬ ‫ضنَا األمانَةَ َعلَى َّ ِ‬
‫األر ِ َ‬ ‫الس َم َوات َو ْ‬ ‫العباد‪{ .‬إِنَّا َع َر ْ َ‬
‫وما َج ُهوَل }‬ ‫ُ‬‫ل‬‫ظ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫اإل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ح‬‫و‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫وأَ ْش َف ْقن ِ‬
‫م‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫سورة نوح مكية‪:‬‬
‫وكلها عن قصة نوح عليه السالم‪.‬‬
‫ضى قَ ْب َل َخل ِْق ِه ْم أَنَّ ُه ْم‬ ‫َن اللَّهَ تَ َعالَى َكا َن قَ َ‬ ‫ِ‬
‫س ًّمى } َوَم ْعنَاهُ أ َّ‬ ‫{ َويُ َؤخ ْرُك ْم إِلى أ َ‬
‫َج ٍل ُم َ‬
‫إِ ْن آمنُوا بار َك فِي أَ ْعما ِرُِم‪ ،‬وإِ ْن لَم ي ْؤِمنُوا ُع ِ‬
‫وجلُوا بِال َْع َذ ِ‬
‫ا ٍ‪.‬‬ ‫َ ْ َ ُْ‬ ‫َ ََ‬
‫َّ ِ‬
‫َّر }‬ ‫َج َل الله إِ َذا َج َ‬
‫اء ََل يُ َؤخ ُ‬ ‫ُناك أجَلن األولى في اللوح المحفوظ { إِ َّن أ َ‬
‫س ًّمى }‬‫م‬ ‫ٍ‬
‫ل‬ ‫َج‬
‫أ‬ ‫لى‬‫ِ‬
‫إ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬‫ر‬‫خ‬‫والثاني في صحف المَلئكة { وي َؤ ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َُ ْ ْ‬

‫‪796‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ش ْوا ثِيَابَ ُه ْم}‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫َصابِ َع ُه ْم في آ َذانِ ِه ْم َو ْ‬
‫استَ ْغ َ‬ ‫ِ‬
‫{وإِني ُكلَّ َما َد َع ْوتُ ُه ْم لتَ ْغف َر لَ ُه ْم َج َعلُوا أ َ‬
‫َ‬
‫وُ ْم إِلَْي ِه‪َ .‬ك َما أَ ْخبَ َر تَ َعالَى َع ْن ُك َّفا ِر‬ ‫ِ‬
‫أَ ْ ‪َ :‬س ُّدوا آذَانَ ُه ْم لئَ ََّل يَ ْس َم ُعوا َما أَ ْد ُع ُ‬
‫آن َوالْغَ ْوا فِ ِيه لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْغلِبُو َن}‬
‫ال الَّ ِذين َك َفروا ََل تَسمعوا لِ َه َذا الْ ُقر ِ‬
‫ْ‬ ‫َُْ‬ ‫َ ُ‬ ‫{وقَ َ‬ ‫قُ َريْ ٍ‬
‫ٍ‪َ :‬‬
‫اء َعلَْي ُك ْم ِم ْد َر ًارا} فإن تركوا‬
‫َ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ْت استَ غْ ِفروا ربَّ ُكم إِنَّهُ َكا َن غَ َّفارا ي ر ِ‬
‫س‬ ‫ً ُْ‬ ‫{فَ ُقل ُ ْ ُ َ ْ‬
‫التوبة واإلستغفار عوقبوا بمنع المطر‪ " .‬ولم يمنعوا زكا ة أموالهم إَل منعوا القطر‬
‫من السماء ولوَل البهائم لم يمطروا " ابن ماجه وصححه األلباني‪.‬‬
‫الشم ِ‬ ‫ِ‬
‫اجا } استدل اإلمام محمد‬
‫س س َر ً‬ ‫قوله { َو َج َع َل الْ َق َم َر في ِه َّن نُ ً‬
‫ورا َو َج َع َل َّ ْ َ‬
‫األمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي إلى أن القمر َل‬
‫يمكن وصوله‪ .‬وخالفه ابن باز ومن معه بقولهم أنه دون سماء الدنيا فيمكن‬
‫وصوله‪ .‬وعلى كل فَل يمكن العيٍ إَل على األرض لقوله { َواللَّهُ أَنْ بَ تَ ُك ْم ِم َن‬
‫اجا } وُي كقوله { ِم ْن َها َخلَ ْقنَا ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض نَبَاتًا’ ثُ َّم يُعي ُد ُك ْم ف َيها َويُ ْخ ِر ُج ُك ْم إِ ْخ َر ً‬ ‫األر ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ارًة أُ ْخ َرى }‬ ‫َوف َيها نُعي ُد ُك ْم َوم ْن َها نُ ْخ ِر ُج ُك ْم تَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ارا} أَ ْ ‪ :‬بِاتبَاع ِه ْم في تَ ْس ِويل ِه ْم لَ ُه ْم بِأَنَّ ُه ْم َعلَى ال َ‬
‫ْح ِق‬ ‫{وَم َك ُروا َم ْك ًرا ُكبَّ ً‬ ‫قوله َ‬
‫ِ ِ‬
‫َوال ُْه َدى‪َ ،‬ك َما يَ ُقولُو َن لَ ُه ْم يَ ْوَم الْقيَ َامة‪{ :‬بَ ْل َم ْك ُر اللَّْي ِل َوالن َ‬
‫َّها ِر إِ ْذ تَأْ ُم ُرونَنَا أَ ْن‬
‫ادا}‬‫نَ ْك ُف َر بِاللَّ ِه َونَ ْج َع َل لَهُ أَنْ َد ً‬
‫وح فِي ال َْعر ِ‬ ‫ت ْاألَوثَا ُن الَّتِي َكانت فِي قَ وِ‬
‫اس‪ :‬صار ِ‬
‫ ٍ بَ ْع ُد‪ :‬أ ََّما َود‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ َ َ‬
‫ت‬‫وث فَ َكانَ ْ‬‫ت لِ ُه َذيْ ٍل‪َ ،‬وأ ََّما يَغُ ُ‬
‫ع‪ :‬فَ َكانَ ْ‬
‫ت لكلب بدومة الجندل؛ وأما ُس َوا ٌ‬ ‫فَ َكانَ ْ‬
‫‪797‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َله ْمدان‪َ ،‬وأ ََّما نَ ْس ٌر‪:‬‬ ‫بالج ُرف ِع ْن َد َسبٍَأ‪ ،‬أ ََّما يُعو ُق‪ :‬فَ َكانَ ْ‬ ‫لِمر َ ِ ِ‬
‫اد‪ ،‬ثُ َّم لبَني غُطَيف ُ‬ ‫َُ‬
‫وح‪َ ،‬علَْي ِه‬ ‫ين ِم ْن قَ ْوِم نُ ٍ‬ ‫ال ِ ِ‬
‫صالح َ‬ ‫َس َماءُ ِر َج ٍ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت ل َح ِم َير ْل ِل ذ َكَلع‪َ ،‬وُ َي أ ْ‬
‫فَ َكانَ ْ ِ‬
‫صبُوا إِلَى َم َجالِ ِس ِه ُم الَّتِي‬ ‫الش ْيطَا ُن إِلَى قَ وِم ِهم أ ِ‬
‫َن انْ ِ‬ ‫الس ََل ُم‪ ،‬فَ لَ َّما َُلَ ُكوا أ َْو َحى َّ‬
‫َّ‬
‫ْ ْ‬
‫َس َمائِ ِه ْم‪ .‬فَ َف َعلُوا‪ ،‬فَ لَ ْم تُ ْعبَ ْد َحتَّى إِ َذا َُلَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫وُا بِأ ْ‬
‫صابًا َو َس ُّم َ‬
‫سو َن ف َيها أَنْ َ‬ ‫َكانُوا يَ ْجل ُ‬
‫ْم ُعبِدت " البخار‬ ‫ل‬ ‫س َخ ال ِ‬
‫ْع‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫وت‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫أُولَئِ‬
‫ُ‬

‫الس ََل ُم‪ ،‬فِي‬


‫يل‪َ ،‬علَْي ِه َّ‬ ‫َضلُّوا َكثِيرا} ي عنِي‪ْ :‬األَصنَام قَ َ ِ‬
‫ال الْ َخل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً َْ‬ ‫{وقَ ْد أ َ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ْن َكثِ ًيرا ِم َن الن ِ‬
‫َّاس} أو‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ل‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ِ‬
‫ ٍ‬‫ر‬
‫َ‬ ‫ام‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫األص‬
‫ْ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫اجنُ بْنِي وبنِ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫{و‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ُد َعائِِ‬
‫ه‬
‫المَلء‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ض ِمن الْ َكافِ‬ ‫(ر ِ‬


‫ارا) فما دعا عليهم حتى أتاه‬ ‫ي‬
‫َّ‬
‫َ ً‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ين‬
‫ر‬ ‫األر ِ َ‬
‫ ٍ َل تَ َذ ْر َعلَى ْ‬‫قوله‪َ :‬‬
‫الوحي من السماء (أَنَّهُ لَ ْن يُ ْؤِم َن ِم ْن قَ ْوِم َ‬
‫ك إَِل َم ْن قَ ْد َ‬
‫آم َن)‬
‫قوله تعالى‪ِ :‬‬
‫{م َّما َخ ِطيئَاتِ ِه ْم أُ ْغ ِرقُوا } كما ذكر في سورة ُود‪.‬‬

‫اءهُ‬ ‫ِ‬ ‫ت َم َعهُ ثَِق ٌ‬ ‫ِحينَما ر َج َع ِمن الطَّائِ ِ‬


‫ت فَأَ ْد َم ْوا قَ َد َم ْيه‪َ ،‬و َج َ‬
‫يف َما فَ َعلَ ْ‬ ‫ف‪َ ،‬وفَ َعلَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ال‪ََ « :‬ل‪،‬‬ ‫استَأْ َذنَهُ فِي أَ ْن يُطْبِ َق َعلَْي ِه ُم ْاألَ ْخ َ‬
‫شبَ ْي ِن‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ال‪َ ،‬و ْ‬ ‫ك ال ِ‬
‫ْجبَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ج ْب ِر ُ‬
‫يل َوَم َعهُ َملَ ُ‬

‫‪798‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َص ََلبِ ِه ْم َم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ج اللَّهُ م ْن أ ْ‬
‫اللَّ ُه َّم ا ُْد قَ ْومي فَِإنَّ ُه ْم ََل يَ ْعلَ ُمو َن‪ ،‬إِني َأل َْر ُجو أَ ْن يُ ْخ ِر َ‬
‫ول‪ََ :‬ل إِلَهَ إََِّل اللَّهُ»‬
‫يَ ُق ُ‬

‫سورة الجن مكية ‪:‬‬


‫ول‬
‫ال‪َ :‬ما قَ َرأَ َر ُس ُ‬ ‫اس قَ َ‬ ‫يح ُم ْسلِ ٍم َوالتِ ْرِم ِذ ِ َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ص ِح ِ‬ ‫ِ‬
‫سبب نزولها‪ :‬في َ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫آُم‪ ،‬انْطَلَ َق رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم َعلَى الْج ِن َوَما َر ُ ْ‬ ‫اللَّه َ‬
‫يل بَ ْي َن‬ ‫ح‬ ‫اظ‪ ،‬وقَ ْد ِ‬ ‫وق ُع َك ٍ‬ ‫َصحابِِه َع ِام ِدين إِلَى س ِ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َعلَي ِه وسلَّم فِي طَائَِف ٍة ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ََ َ‬
‫ين إِلَى‬ ‫ت َّ ِ‬
‫الشيَاط ُ‬
‫الش ُهب‪ ،‬فَ رجع ِ‬
‫ت َعلَيْ ِه ُم ُّ ُ َ َ َ‬ ‫الس َم ِاء‪َ ،‬وأ ُْر ِسلَ ْ‬
‫اطي ِن َوبَيْ َن َخبَ ِر َّ‬ ‫الشي ِ‬
‫َّ َ‬
‫ت َعلَْي نَا‬ ‫الس َم ِاء‪َ ،‬وأ ُْر ِسلَ ْ‬
‫يل بَ ْي نَ نَا َوبَ ْي َن َخبَ ِر َّ‬
‫َ‬ ‫ح‬‫قَ وِم ِهم‪ ،‬فَ َقالُوا‪ :‬ما لَ ُكم؟ قَالُوا‪ِ :‬‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ض َوَمغَا ِربَ َها‪،‬‬ ‫شا ِر َق ْاأل َْر ِ‬‫ض ِربُوا َم َ‬
‫ث‪ ،‬فَا ْ‬ ‫اك إََِّل من شي َح َد َ‬ ‫ب! قَالُوا‪َ :‬ما َذ َ‬ ‫ُّ‬
‫الش ُه ُ‬
‫شا ِر َق‬ ‫ض ِربُو َن َم َ‬ ‫الس َم ِاء؟ فَانْطَلَ ُقوا يَ ْ‬
‫ال بَ ْي نَ نَا َوبَيْ َن َخبَ ِر َّ‬ ‫فَانْظُُروا َما َُ َذا الَّ ِذ َح َ‬
‫ين إِلَى‬ ‫َخ ُذوا نَحو تِهامةَ و ُُو بِنَ ْخلَ َة َع ِام ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫ين أ َ‬‫ض َوَمغَا ِربَ َها‪ ،‬فَ َم َّر النَّ َف ُر الذ َ‬ ‫ْاأل َْر ِ‬
‫ِ‬ ‫اظ‪ ،‬وُو ي ِ‬ ‫ٍ‬
‫استَ َم ُعوا لَهُ‬ ‫ص ََل َة الْ َف ْج ِر‪ ،‬فَ لَ َّما َس ِم ُعوا الْ ُق ْرآ َن ْ‬‫َص َحابِه َ‬ ‫صلي بِأ ْ‬ ‫وق ُع َك َ ُ َ ُ َ‬ ‫س ِ‬
‫ُ‬
‫الس َم ِاء‪ .‬فَ َر َج ُعوا إِلَى قَ ْوِم ِه ْم فَ َقالُوا‪ :‬يَا‬ ‫ال بَ ْي نَ نَا َوبَ ْي َن َخبَ ِر َّ‬ ‫َوقَالُوا‪َ َُ :‬ذا الَّ ِذ َح َ‬
‫الر ْش ِد فَ ِ‬ ‫قَ ْوَمنَا إِنَّا َس ِم ْعنا قُ ْرآناً َع َجباً‪ .‬يَ ْه ِد إِلَى ُّ‬
‫َحداً‬ ‫آمنَّا بِه َولَ ْن نُ ْش ِر َك بَِربِنا أ َ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم‪ :‬قُ ْل أُوح َي إِلَ َّي أَنَّهُ‬ ‫فَأَنْ َز َل اللَّهُ عز وجل َعلَى نَبِيِه ُم َح َّمد َ‬
‫ْج ِن‪.‬‬‫استَمع نَ َفر ِمن ال ِ‬
‫ْ ََ ٌ َ‬

‫‪799‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫وحديث ابن مسعود كان صلى الله عليه وسلم بمكة لما جاءه الجن وحديث‬
‫أبي ُريرة بمدينة‪.‬‬
‫وذكر ذلك لبيان صدق النبي وإشارة القدرة عن اكتفاء كفار قريٍ بإيمان الجن‪.‬‬
‫ال ِمن ال ِ‬‫ِ ٍ‬ ‫ال ِم َن ِْ‬ ‫{ َوأَنَّهُ َكا َن ِر َج ٌ‬
‫اد‬
‫وُ ْم َرَُ ًقا } َوال ُْم َر ُ‬ ‫ْج ِن فَ َز ُ‬
‫اد ُ‬ ‫س يَ ُعوذُو َن ب ِر َج َ‬ ‫اإلنْ ِ‬
‫سيِ ِد َُ َذا الْ َو ِاد ِم ْن َش ِر‬‫َ‬
‫َعوذُ بِ‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫الرج ِل إِذَا نَز َل بِو ٍ‬
‫اد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫بِِه َما َكانُوا يَ ْف َعلُونَهُ ِم ْن قَ ْوِ‬
‫ِ‬
‫صبِ َح‪{ .‬إن كيد الشطان كان ضعيفا}‬ ‫يت فِي ِج َوا ِرهِ َحتَّى يُ ْ‬ ‫ُس َف َهاء قَ ْوِم ِه‪ ،‬فَ يَبِ ُ‬
‫قوله تعالى‪( * :‬وأنه كان رجال من اإلنس يعوذون برجال من الجن فزادوُم رُقا)‬
‫*‪ .‬فمن استعان بهم على فك سحر فقد شملهم جميعا وعيد قوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ " :‬من أتى عرافا أو كاُنا فصدقه بما يقول‪ ،‬فقد كفر بما أنزل على‬
‫محمد "‪ ،‬وفي حديث آخر‪ .." :‬لم تقبل له صَلة أربعين ليلة "مسلم‬
‫ت َح َرساً َش ِديداً َو ُش ُهباً‪َ ،‬وأَنَّا ُكنَّا نَ ْق ُع ُد ِم ْنها‬ ‫ماء فَ َو َج ْدناُا ُملِئَ ْ‬‫الس َ‬ ‫{ َوأَنَّا لَ َم ْسنَا َّ‬
‫اس‪،‬‬ ‫الله بْ َن َعبَّ ٍ‬‫لسم ِع فَمن يستَ ِم ِع ْاْل َن ي ِج ْد لَهُ ِشهاباً رصداً } عن َعب َد ِ‬ ‫َّ‬ ‫م ِ‬
‫قاع َد لِ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم م َن ْاألَنْ َ‬
‫صا ِر‪ ،‬أَنَّ ُه ْم‬ ‫ا ٍ النَّبِ ِي َ‬ ‫َص َح ِ‬‫ال‪ :‬أَ ْخبَ َرنِي َر ُج ٌل م ْن أ ْ‬‫قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ي نَما ُُم جلُوس لَي لَةً مع رس ِ ِ‬
‫ار‪،‬‬‫استَ نَ َ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم ُرم َي بِنَ ْج ٍم فَ ْ‬ ‫ول الله َ‬ ‫َْ َ ْ ُ ٌ ْ َ َ َ ُ‬
‫اُلِيَّ ِة‪،‬‬
‫الله صلَّى الله َعلَي ِه وسلَّم‪« :‬ما َذا ُك ْن تم تَ ُقولُو َن فِي الْج ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ ْ ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫ول ِ‬ ‫ال لَ ُه ْم َر ُس ُ‬‫فَ َق َ‬
‫ِ‬ ‫إِذَا رِمي بِ ِمثْ ِل ُ َذا؟» قَالُوا‪ :‬الله ورسولُه أَ ْعلَم‪ُ ،‬كنَّا نَ ُق ُ ِ‬
‫يم‪،‬‬‫ول ُول َد اللَّْي لَةَ َر ُج ٌل َعظ ٌ‬ ‫ُ ََ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬فَِإنَّ َها ََل يُ ْرَمى بِ َها‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫يم‪ ،‬فَ َق َ َ ُ‬‫ات َر ُج ٌل َعظ ٌ‬ ‫َوَم َ‬
‫ضى أ َْم ًرا َسبَّ َح َح َملَةُ‬ ‫اس ُمهُ‪ ،‬إِ َذا قَ َ‬ ‫ت أ ٍ ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ار َك َوتَ َعالَى ْ‬
‫َحد َوََل ل َحيَاته‪َ ،‬ولَك ْن َربُّنَا تَ بَ َ‬ ‫ل َم ْو َ‬
‫السم ِاء الَّ ِذين ي لُونَهم‪ ،‬حتَّى ي ب لُ َغ التَّسبِيح أَ ُْل ُ ِذهِ‬ ‫ال َْع ْر ِ‬
‫ْ ُ ََ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َْ‬ ‫ش‪ ،‬ثُ َّم َسبَّ َح أَ ُْ ُل َّ َ‬
‫‪800‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال‬‫ش‪َ :‬ما َذا قَ َ‬ ‫ش لِ َح َملَ ِة ال َْع ْر ِ‬‫ين يَلُو َن َح َملَةَ ال َْع ْر ِ‬ ‫ال‪ " :‬الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫»‬ ‫ا‬‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫الد‬ ‫السم ِ‬
‫اء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫السماوا ِ‬ ‫ال فَ يَ ْستَ ْخبُِر بَ ْع ُ‬ ‫َربُّ ُك ْم؟ فَ يُ ْخبِ ُرونَ ُه ْم َما َذا قَ َ‬
‫ضا‪َ ،‬حتَّى‬ ‫ت بَ ْع ً‬ ‫ض أَ ُْ ِل َّ َ َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫الس ْم َع فَ يَ ْق ِذفُو َن إِلَى أَ ْولِيَائِ ِه ْم‪،‬‬
‫ْج ُّن َّ‬ ‫ف ال ِ‬ ‫اء ُّ‬
‫الدنْ يَا‪ ،‬فَ تَ ْخطَ ُ‬ ‫ََ‬ ‫م‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ي ب لُ َغ الْ َخب ر ُ ِذهِ‬
‫َُ َ‬ ‫َْ‬
‫َّه ْم يَ ْق ِرفُو َن فِ ِيه َويَ ِزي ُدو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َويُ ْرَم ْو َن بِه‪ ،‬فَ َما َجاءُوا بِه َعلَى َو ْج ِهه فَ ُه َو َحق‪َ ،‬ولَكن ُ‬
‫"مسلم‪.‬‬
‫كانت الشياطين تقذف قبل الوحي ولكن زيد ذلك عند بدء الوحي‪.‬‬
‫اد بِ ِه ْم َربُّ ُه ْم َر َش ًدا}‪ :‬ف َه َذا ِم ْن‬ ‫ض أ َْم أ ََر َ‬‫األر ِ‬ ‫ِ‬
‫{وأَنَّا ََل نَ ْد ِر أَ َشر أُ ِري َد بِ َم ْن في ْ‬ ‫َ‬
‫ضافُوهُ إِلَى اللَّ ِه َع َّز‬ ‫الش َّر إِلَى غَي ِر فَ ِ‬ ‫ارةِ َح ْي ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اع ٍل‪َ ،‬والْ َخ ْي َر أَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َسنَ ُدوا َّ‬ ‫ثأْ‬ ‫أ ََدب ِه ْم في الْعبَ َ‬
‫ك"‪.‬‬ ‫س إِلَْي َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ر‬‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫الش‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يح مسلم‪ " :‬والْ َخي ر ُكلُّهُ فِ‬ ‫ِ‬ ‫صح‬‫وج َّل‪ .‬وقَ ْد ور َد فِي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫فالخير فضل من الله والشر عدل منه‪.‬‬
‫اء غَ َدقًا لِنَ ْفتِنَ ُه ْم فِ ِيه}‬ ‫اُ ْم َم ً‬‫ألس َق ْي نَ ُ‬ ‫ِ‬
‫استَ َق ُاموا َعلَى الطَّ ِري َقة ْ‬ ‫{وأَ ْن لَ ِو ْ‬
‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ف ال ُْم َف ِس ُرو َن فِي َم ْعنَى َُ َذا َعلَى قَ ْولَْي ِن‪:‬‬ ‫ا ْختَ لَ َ‬
‫ك َس َعة‬ ‫اد بِ َذلِ َ‬ ‫اإل ْس ََلم‪َ :‬وال ُْم َر ُ‬ ‫اسطُو َن َعلَى طَ ِري َق ِة ِْ‬ ‫أَح ُد ُُما‪ :‬وأَ ْن لَ ِو استَ َقام الْ َق ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ُنزل إِلَْي ِه ْم ِم ْن َربِ ِه ْم‬‫يل َوَما أ َ‬ ‫َ‬ ‫ج‬‫الر ْز ِق‪َ .‬ك َقولِ ِه تَ عالَى‪{ :‬ولَو أَنَّ ُهم أَقَاموا التَّوراةَ واإلنْ ِ‬
‫َ ْ ْ ُ َْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫آمنُوا َواتَّ َق ْوا‬‫َن أَ ُْ َل الْ ُق َرى َ‬ ‫أل َكلُوا م ْن فَ ْوق ِه ْم َوم ْن تَ ْحت أ َْر ُجل ِه ْم} وكقوله‪َ :‬‬
‫{ولَ ْو أ َّ‬
‫{ ا ْستَ غْ ِف ُروا َربَّ ُك ْم‬ ‫ض}‪ .‬وكقوله‬ ‫األر ِ‬ ‫ات ِمن َّ ِ‬ ‫لََفتَ ْحنَا َعلَْي ِهم ب رَك ٍ‬
‫الس َماء َو ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ماء َعلَْي ُك ْم ِم ْدراراً }‬
‫الس َ‬ ‫إِنَّهُ كا َن غَ َّفاراً‪ ،‬يُ ْر ِس ِل َّ‬

‫‪801‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اء غَ َدقًا}‬ ‫والْ َقو ُل الثَّانِي‪{ :‬وأَ ْن لَ ِو استَ َقاموا َعلَى الطَّ ِري َق ِة} َّ ِ‬
‫اُ ْم َم ً‬
‫{ألس َق ْي نَ ُ‬
‫الض ََللَة ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫سوا َما ذُكِ ُروا بِِه فَ تَ ْحنَا‬ ‫ال‪{ :‬فَ لَ َّما نَ ُ‬ ‫اجا‪َ ،‬ك َما قَ َ‬ ‫الر ْز َق ْ ِ‬
‫است ْد َر ً‬ ‫أَ ْ ‪َ :‬ألَ ْو َس ْعنَا َعلَْي ِه ُم ِ‬
‫سو َن}‬ ‫َخ ْذنَاُم ب ْغتةً فَِإذَا ُم مبلِ‬ ‫أ‬ ‫وا‬‫ت‬
‫ُ‬‫ُو‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫ِ‬‫ب‬ ‫وا‬‫ح‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫َّى‬
‫ت‬ ‫ح‬ ‫علَي ِهم أَب وا ٍ ُك ِل َشي ٍ‬
‫ء‬
‫ُْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ ْ َْ َ‬
‫لص ََلةِ والعبادة‬ ‫ت لِ َّ‬ ‫اض ُع الَّتِي بُنِيَ ْ‬‫اج َد ُي الْمو ِ‬
‫ََ‬
‫َن الْمس ِ‬ ‫ِ َِّ ِ ِ‬
‫َن ال َْمساج َد لله }‪ :‬أل َّ َ َ‬ ‫{ َوأ َّ‬
‫فِ َيها‪.‬‬
‫ادوا يَ ُكونُو َن َعلَْي ِه لِبَ ًدا} قال قتادة‪ :‬تَلَبَّدت‬ ‫ام َع ْب ُد اللَّ ِه يَ ْد ُعوهُ َك ُ‬
‫{وأَنَّهُ لَ َّما قَ َ‬
‫َ‬
‫ْج ُّن َعلَى َُ َذا ْاأل َْم ِر لِيط ِْفئُوهُ‪ ،‬فَأَبى اللَّهُ إََِّل أَ ْن ي ْنصرهُ ويم ِ‬
‫ضيَهُ َويُظْ ِه َرهُ‬ ‫اإلنْس وال ِ‬
‫َ َُ َُْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِْ ُ َ‬
‫َعلَى َم ْن نَ َاوأَهُ‪ .‬واختاره ابن جرير ورجحه ابن كثير‪.‬‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫وع ُدو َن أ َْم يَ ْج َع ُل لَهُ َربِي أ ََم ًدا} ق َف ْد َكا َن َ‬ ‫يب َما تُ َ‬ ‫{قُ ْل إِ ْن أَ ْد ِر أَقَ ِر ٌ‬
‫ول َع ْن َها بِأَ ْعلَ َم ِم َن َّ‬
‫السائِ ِل"‬ ‫"ما ال َْم ْسئُ ُ‬‫اعة فيقول َ‬
‫الس َ ِ‬
‫ْت َّ‬ ‫َل َعن وق ِ‬
‫َو َسلَّ َم يُ ْسأ ُ ْ َ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫ا ٍ‬
‫ول } فَ بَ ُ‬ ‫َحداً‪ ،‬إََِّل َم ِن ْارتَضى ِم ْن ر ُس ٍ‬ ‫ِ‬
‫ب فََل يُظْ ِه ُر َعلى غَ ْيبِه أ َ‬ ‫{ عالِ ُم الْغَْي ِ‬
‫َ‬
‫اسطَِة‬‫ب بِو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫الش ِريع ِة‪ ،‬وأَنَّه َكا َن طَ ِري ًقا لِ‬
‫َّ‬ ‫ْكهانَِة قَ ْد ور َد ب يانُه فِي ُ ِذهِ‬ ‫ال ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السمع‪ ،‬كما في حديث البخار "حتَّى ي ل ِْقي َها َعلَى لِس ِ‬ ‫اق َّ ِ‬ ‫استِر ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫الشيَاطي ِن َّ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اُا قَ ْب َل أَ ْن‬ ‫الساح ِر أَ ِو ال َكاُ ِن‪ ،‬فَ ُربَّ َما أَ ْد َر َك الش َه ُ‬
‫ا ٍ قَ ْب َل أَ ْن يُلْقيَ َها‪َ ،‬وُربَّ َما أَلْ َق َ‬
‫ ٍ َم َع َها ِمائَةَ َك ْذبٍَة " وهؤالء هم الذين نهى رسول الله صلى‬ ‫ِ‬
‫يُ ْد ِرَكهُ‪ ،‬فَ يَ ْكذ ُ‬
‫ضا‪ ،‬أَ ِو ْام َرأَ ًة فِي ُدبُ ِرَُا‪ ،‬أ َْو‬ ‫الله عليه وسلم عن إتيانهم فقال‪َ « :‬م ْن أَتَى َحائِ ً‬

‫‪802‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َك ِ‬
‫اُنًا‪ ،‬فَ َق ْد َك َف َر بِ َما أُنْ ِز َل َعلَى ُم َح َّم ٍد»‪ .‬رواه ابن ما جه والترمذ وصححه‬
‫األلباني‪.‬‬
‫ين لَْي لَةً» رواه‬ ‫ال‪« :‬من أَتَى َع َّرافًا فَسأَلَهُ َعن َشي ٍء‪ ،‬لَم تُ ْقبل لَهُ ص ََلةٌ أَرب ِ‬
‫ع‬
‫ْ ْ ْ َ ْ َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َوقَ َ َ ْ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫إثبات اطالع الغيب لألئمة واألولياء هو مذهب الشيعة اإلثنى‬
‫عشرية وتأثرت به الصوفية‪.‬‬
‫ت َع ِن‬ ‫الر ُس َل قَ ْد بَلَّغَ ْ‬‫َن ُّ‬‫اَلت َربِ ِه ْم}‪:‬أ لِيَ ْعلَ َم نَبِ ُّي اللَّ ِه أ َّ‬
‫{لِي ْعلَم أَ ْن قَ ْد أَبْ لَغُوا ِرس ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ت َع ْن َها‪ .‬وقيل‪ :‬لِيَ ْعلَ َم اللَّهُ أ َّ‬
‫َن ُر ُسلَهُ قَ ْد أَبْ لَغُوا‬ ‫َن ال َْم ََلئِ َكةَ َح ِفظَْت َها َو َدفَ َع ْ‬
‫اللَّ ِه‪َ ،‬وأ َّ‬

‫ِر َس َاَلتِِه‪ .‬واألظهر األول‪.‬‬

‫سورة المزمل مكية‪:‬‬

‫قَ ْولُهُ‪َ { :‬وَرتِ ِل الْ ُق ْرآ َن تَ ْرتِيَل} أَ ِ ‪ :‬اق َْرأْهُ َعلَى تَ َمه ٍ‬
‫ُّل‪ ،‬فَِإنَّهُ يَ ُكو ُن َع ْونًا َعلَى فَ ْه ِم‬
‫ِ‬ ‫ك َكا َن ي ْقرأُ صلَو ُ ِ‬
‫ات اللَّه َو َس ََل ُمهُ َعلَْيه‪َ ،‬ع ْن َح ْف َ‬
‫صةَ‪ ،‬أَنَّ َها‬ ‫ََ ََ‬ ‫آن َوتَ َدبُّ ِرهِ‪َ .‬وَك َذلِ َ‬
‫الْ ُقر ِ‬
‫ْ‬
‫ورةِ فَ يُ َرتِلُ َها َحتَّى تَ ُكو َن أَط َْو َل ِم ْن أَط َْو َل ِم ْن َها»‪ .‬رواه‬ ‫ت‪َ .." :‬وَكا َن يَ ْق َرأُ بِ ُّ‬
‫الس َ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫مسلم‪.‬‬

‫‪803‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم؟‬


‫اءةُ النَّبِ ِي َ‬
‫ف َكانَ ْ ِ‬
‫ت ق َر َ‬ ‫س َكيْ َ‬ ‫اد َة‪ ،‬قَ َ ِ‬
‫ال‪ُ :‬سئ َل أَنَ ٌ‬ ‫و َع ْن قَ تَ َ‬
‫الرِح ِيم} يَ ُم ُّد بِبِ ْس ِم اللَّ ِه‪َ ،‬ويَ ُم ُّد‬ ‫ت َم ًّدا»‪ ،‬ثُ َّم قَ َرأَ‪{ :‬بِ ْس ِم اللَّ ِه َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫ال‪َ « :‬كانَ ْ‬
‫فَ َق َ‬
‫الرِح ِيم" رواه الْبُ َخا ِر ‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم "يُ َق ُ‬
‫ال‬ ‫الر ْح َم ِن‪َ ،‬ويَ ُم ُّد بِ َّ‬
‫بِ َّ‬
‫ك ِع ْن َد‬ ‫ت تُ َرتِ ُل فِي ُّ‬
‫الدنْ يَا‪ ،‬فَِإ َّن َم ْن ِزلَتَ َ‬ ‫ورتِل َك َما ُكنْ َ‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫وار‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫أ‬‫ْر‬
‫َ‬ ‫اق‬ ‫‪:‬‬ ‫ب الْ ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫لِص ِ‬
‫اح‬ ‫َ‬
‫آخ ِر آيٍَة تَ ْق َرُؤ َُا"‪َ .‬وَرَواهُ أَبُو َد ُاو َد‪َ ،‬والتِ ْرِم ِذ ُّ وغيرُم وصححه األلباني‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ك قَ ْوَل ثَِقيَل} قَيل‪ :‬أَ ِ ال َْع َم ُل بِِه‪.‬‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪{ :‬إِنَّا َسنُ ل ِْقي َعلَْي َ‬
‫ول‬‫ت‪ " :‬أُنْ ِز َل َعلَى ر ُس ِ‬
‫َ‬
‫ال َزيْ ُد بْن ثَابِ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ْت نُ ُزولِ ِه؛ ِم ْن َعظَ َمتِ ِه‪َ .‬ك َما قَ َ‬ ‫ثقيل َوق َ‬‫يل‪ٌ :‬‬ ‫َوق َ‬
‫ِ‬
‫ت تُرض فَخذ ‪".‬‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َوفَ ِخ ُذهُ َعلَى فَ ِخ ِذ ‪ ،‬فَ َك َ‬
‫اد ْ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َ‬
‫البخار ‪.‬‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِي الْيَ ْوِم‬ ‫ِ‬
‫شةُ‪َ " :‬ولََق ْد َرأَيْ تُهُ يَ ْن ِز ُل َعلَْيه ال َْو ْح ُي َ‬ ‫ت َعائِ َ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ص ُد َع َرقًا " البخار ‪.‬‬ ‫ص ُم َع ْنهُ َوإِ َّن َجبِينَهُ لَيَ تَ َف َّ‬ ‫يد الْب رِد‪ ،‬فَ ي ْف ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫الشد َ ْ َ‬
‫وقد تمثل النبي صلى الله عليه وسلم ُذا األمر اإللهي فكان يقوم من الليل ما‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َكا َن‬ ‫ِ‬
‫َن نَبِ َّي اللَّه َ‬‫ضي اللَّهُ َع ْن َها‪ :‬أ َّ‬ ‫َل يطيق غيره‪َ .‬عن َعائِ َ ِ‬
‫شةَ َر َ‬ ‫ْ‬
‫ول اللَّ ِه‪،‬‬ ‫صنَ ُع َُ َذا يَا َر ُس َ‬ ‫ت َعائِ َ ِ‬
‫شةُ‪ :‬ل َم تَ ْ‬ ‫وم ِم َن اللَّْي ِل َحتَّى تَ تَ َفطََّر قَ َد َماهُ‪ ،‬فَ َقالَ ْ‬ ‫يَ ُق ُ‬
‫ب أَ ْن أَ ُكو َن َع ْب ًدا‬ ‫ال‪« :‬أَفََلَ أ ُِح ُّ‬ ‫َّر؟ قَ َ‬‫َ‬ ‫َخ‬ ‫أ‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ك َما تَ َق َّد َم ِم ْن ذَنْبِ‬ ‫َوقَ ْد غَ َف َر اللَّهُ لَ َ‬
‫ورا ‪ "...‬البخار ‪.‬‬ ‫َش ُك ً‬

‫‪804‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َوَم ْعنَى قَ ْولِ ِه‪{ :‬يَ ْوًما يَ ْج َع ُل الْ ِولْ َدا َن ِشيبًا} أَ ْ ‪ِ :‬م ْن َش َّدةِ أَ ُْ َوالِ ِه َوَزََل ِزلِ ِه َوبَََلبِلِ ِه‪،‬‬
‫ال‪ِ :‬م ْن‬ ‫ث النَّا ِر؟‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬وَما بَ ْع ُ‬ ‫ث النَّا ِر‪ ،‬قَ َ‬‫ول اللَّهُ ِْل َد َم‪ " :‬أَ ْخ ِر ْج بَ ْع َ‬
‫ين يَ ُق ُ‬
‫كح َ‬
‫و َذلِ َ ِ‬
‫َ‬
‫ضع ُك ُّل ذَ ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ْف تِسع ِمائٍَة وتِسعةً وتِس ِعين‪ ،‬فَ ِع ْن َدهُ ي ِ‬
‫ات َح ْم ٍل‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ير‬ ‫غ‬ ‫َّ‬ ‫يب‬
‫َ ُ‬ ‫ش‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬ ‫ُك ِل أَل ٍ ْ َ‬
‫ا ٍ اللَّ ِه َش ِدي ٌد " رواه‬ ‫ِ‬
‫ارى‪َ ،‬ولَك َّن َع َذ َ‬ ‫س َك َ‬
‫ِ‬
‫ارى َوَما ُُ ْم ب ُ‬ ‫َّاس ُس َك َ‬ ‫َح ْملَ َها‪َ ،‬وتَ َرى الن َ‬
‫البخار ومسلم‪.‬‬
‫اء فَ لْيُ ْؤِم ْن َوَم ْن‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫اء اتَّ َخ َذ إلَى َربه َسبيَل } كقوله {فَ َم ْن َش َ‬
‫ِ ِِ ِ‬
‫{ إ َّن َُذه تَذْك َرةٌ فَ َم ْن َش َ‬
‫اء فَ لْيَ ْك ُف ْر}‬
‫َش َ‬
‫الص ََلةِ ال َْم ْكتُوبَِة‪َّ ،‬‬
‫الص ََلةُ‬ ‫الص ََلةِ‪ ،‬بَ ْع َد َّ‬
‫ض ُل َّ‬ ‫سر ِمن الْ ُقر ِ‬
‫آن} ؟ «أَفْ َ‬ ‫{فَاق َْرءُوا َما تَ يَ َّ َ َ ْ‬
‫فِي جو ِ‬
‫ف اللَّْي ِل‪ "،‬مسلم‪.‬‬ ‫َْ‬

‫فهذا يدل على أن قيام الليل واجب خاصة الوتر كما ُو عند بعض أُل العلم‬
‫وإن كان مرجوحا فإنه َل صَلة واجبة إَل المكتوبة ولكنه مهم وخاصة َعلَى َح َملة‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ِ ِ‬ ‫آن أَ ْن ي ُقوموا ولَو بِ َ ٍ ِ ِ‬ ‫الْ ُقر ِ‬
‫ش ْيء منْهُ في اللَّْي ِل؛ ذُك َر عنْ َد النَّبِ ِي َ‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫ْ‬
‫ال‪ :‬فِي‬ ‫الش ْيطَا ُن فِي أُذُنَ ْي ِه‪ ،‬أ َْو قَ َ‬
‫ال َّ‬ ‫اك َر ُج ٌل بَ َ‬‫ال‪ " :‬ذَ َ‬‫َصبَ َح‪ ،‬قَ َ‬
‫ام لَْي لَهُ َحتَّى أ ْ‬
‫َر ُج ٌل نَ َ‬
‫أُذُنِِه " رواه البخار ومسلم‪.‬‬

‫‪805‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة المدثر مكية‪:‬‬


‫ث َع ْن‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يُ َح ِد ُ‬ ‫عن جابِر بن َعب ِد اللَّ ِه‪ ،‬أَنَّهُ س ِمع رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ ُ ُْ ْ‬
‫ص ِر قِبَ َل‬ ‫فَ ت رةِ الوح ِي " فَ ب ي نا أَنَا أَم ِشي س ِمعت صوتًا ِمن َّ ِ‬
‫ت بَ َ‬ ‫الس َماء‪ ،‬فَ َرفَ ْع ُ‬ ‫َ ْ ُ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫الس َم ِاء َواأل َْر ِ‬
‫ض‪،‬‬ ‫اع ٌد َعلَى ُك ْر ِس ٍي بَ ْي َن َّ‬ ‫ك الَّ ِذ جاءنِي بِ ِحر ٍاء قَ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫الملَ ُ‬
‫َّ ِ‬
‫الس َماء‪ ،‬فَِإ َذا َ‬
‫ْت‪َ :‬زِملُونِي َزِملُونِي‬ ‫ت أَ ُْلِي فَ ُقل ُ‬ ‫ض‪ ،‬فَ ِج ْئ ُ‬ ‫ت إِلَى األ َْر ِ‬ ‫ت ِم ْنهُ َحتَّى َُ َويْ ُ‬ ‫فَ َجئِثْ ُ‬
‫الم َّدثُِر قُ ْم فَأَنْ ِذ ْر} إِلَى قَ ْولِ ِه {فَا ُْ ُج ْر}‪-‬‬ ‫َّ‬
‫فَ َزَّملُوني‪ ،‬فَأَنْ َز َل اللهُ تَ َعالَى‪{ :‬يَا أَيُّ َها ُ‬
‫ِ‬
‫الو ْح ُي َوتَ تَابَ َع " رواه البخار ومسلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ال أَبُو َسلَ َمةَ‪َ :‬و ِ‬
‫الر ْج َز األ َْوثَا َن ‪ -‬ثُ َّم َحم َي َ‬ ‫قَ َ‬
‫ض َل ِم ْن َها‪ ،‬أو ََل تُ َع ِظم َع َملَ َ‬
‫ك‬ ‫س فِ َيها أَفْ َ‬‫ُ‬
‫{وَل تَمنُن تَستَ ْكثِر} ََل تُ ْع ِط َع ِطيَّةً تَلْتَ ِ‬
‫م‬ ‫َ ْ ْ ْ ُ‬
‫ك أَ ْن تَ ْستَ ْكثَِر ِم َن الْ َخ ْي ِر‪.‬‬‫فِي َع ْينِ ِ‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬


‫ال َر ُسو ُل اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫يد‪ ،‬قَ َ‬‫{فَِإ َذا نُِقر فِي النَّاقُوِر} َعن أَبِي س ِع ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ف أَنْ عم و ِ‬
‫ب ال َق ْر ِن قَد التَ َق َم ال َق ْر َن َو ْ‬
‫استَ َم َع ا ِإل ْذ َن َمتَى يُ ْؤَم ُر‬ ‫صاح ُ‬ ‫َو َسلَّ َم‪َ « :‬ك ْي َ َ ُ َ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪،‬‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫ا ٍ‬ ‫ح‬ ‫َص‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َن ذَلِ‬
‫بِالنَّ ْف ِخ فَ يَ ْن ُف ُخ» فَ َكأ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يل َعلَى اللَّ ِه تَ َوَّكلْنَا " رواه الترمذ‬ ‫الوك ُ‬
‫فَ َقا َل لَهم‪ " :‬قُولُوا‪ :‬حسب نَا اللَّهُ ونِ ْعم ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُْ‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫َن الْولِي َد بن الْم ِغيرةِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َو ِحي ًدا}‪ .‬قَ َ‬ ‫{ َذ ْرنِي َوَم ْن َخلَ ْق ُ‬
‫ال ابْ ُن َج ِري ٍر‪َ :‬ع ْن ع ْك ِرَمةَ‪ :‬أ َّ َ ْ َ ُ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فقرأ عليه الْ ُق ْرآ َن‪ ،‬فَ َكأَنَّهُ َر َّق لَهُ‪ .‬فَ بَ لَ َغ ذَلِ َ‬
‫ك‬ ‫اء إِلَى النَّبِ ِي َ‬
‫َج َ‬
‫ال‪ :‬أَ ْ َع ُّم‪ ،‬إِ َّن قَ ْوَم َ‬
‫ك يُ ِري ُدو َن أَ ْن يَ ْج َم ُعوا لَ َ‬
‫ك َم ًاَل‪.‬‬ ‫أَبَا َج ْه ِل بْ ِن ُِ َ‬
‫ش ٍام‪ ،‬فَأَتَاهُ فَ َق َ‬

‫‪806‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال‪ :‬قَ ْد َعلِ َم ْ‬


‫ت‬ ‫ت ُم َح َّم ًدا تَ تَ َعرض لِ َما قِبَ لَهُ‪ .‬قَ َ‬ ‫ك أَتَ ْي َ‬‫ال‪ :‬يُ ْعطُونَ َكهُ‪ ،‬فَِإنَّ َ‬‫ال‪ :‬لِ َم؟ قَ َ‬
‫قَ َ‬
‫ال‪،‬‬ ‫ك ُم ْن ِك ٌر لِ َما قَ َ‬ ‫ك أَنَّ َ‬‫ال‪ :‬فَ ُق ْل فِ ِيه قَ ْوًَل يُ ْعلِ ُم قَ ْوَم َ‬ ‫ٍ أَنِي أَ ْكثَ ُرَُا َم ًاَل‪ .‬قَ َ‬
‫قُ َريْ ٌ‬
‫ول فِ ِيه؟ فَ َواللَّ ِه َما ِم ْن ُك ْم َر ُج ٌل أَ ْعلَ ُم بِ ْاألَ ْش َعا ِر ِمنِي‪،‬‬‫ال‪ :‬فَ َما َذا أَقُ ُ‬‫ك َكا ِرهٌ لَهُ‪ .‬قَ َ‬‫َوأَنَّ َ‬
‫ْج ِن‪َ ،‬واللَّ ِه َما يُ ْشبِهُ الَّ ِذ يَ ُقولُهُ َش ْي ئًا ِم ْن‬ ‫يدهِ وََل بِأَ ْشعا ِر ال ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صِ‬ ‫وََل أَ ْعلَم بِر ْج ِزهِ وََل بَِق ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫ول لَ َح ََل َو ًة‪َ ،‬وإِنَّهُ لَيُ َح ِط ُم َما تَ ْحتَهُ‪َ ،‬وإِنَّهُ لَيَ ْعلُو َوَما‬‫ك‪َ .‬واللَّ ِه إِ َّن لَِق ْولِ ِه الَّ ِذ يَ ُق ُ‬
‫َذلِ َ‬
‫ال‪ :‬فَ َد ْعنِي َحتَّى أُفَ ِك َر‬ ‫ول فِ ِيه‪ .‬قَ َ‬ ‫ك َحتَّى تَ ُق َ‬ ‫ضى قَ ْوُم َ‬ ‫ال‪َ :‬واللَّ ِه ََل يَ ْر َ‬ ‫يَ ْعلَى‪َ .‬وقَ َ‬

‫ت‪َ { :‬ذ ْرنِي َوَم ْن َخلَ ْق ُ‬


‫ت‬ ‫ال‪ :‬إِ َّن َُ َذا ِس ْح ٌر يَأْثُِرهُ َع ْن غَ ْي ِرهِ‪ .‬فَ نَ َزلَ ْ‬‫فِ ِيه‪ .‬فَ لَ َّما فَ َّك َر قَ َ‬
‫َو ِحي ًدا}‪.‬‬

‫ص َعداً}‬
‫ا ٍ كقوله {يَ ْسلُ ْكهُ َعذاباً َ‬ ‫ش َّق ًة ِم َن ال َْع َذ ِ‬
‫ودا} أَ ْ ‪َ :‬سأُ َكلِ ُفهُ َم َ‬
‫ص ُع ً‬ ‫ِ‬
‫{سأ ُْرُ ُقهُ َ‬
‫َ‬
‫ص َع ُد َجبَ ًَل ِم ْن نَا ٍر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه يكلف أن يَ ْ‬
‫ْد‪ .‬وقيل‪ :‬أَنَّ َها تَظ َْه ُر لِلْبَ َ‬
‫ش ِر‪.‬‬ ‫ش ِر} أَ ‪ :‬ح َّراقَةٌ لِل ِ‬
‫ْجل ِ‬
‫ْ َ‬ ‫احةٌ لِلْبَ َ‬
‫{لََّو َ‬
‫والطوائف القائلة بأن القرآن مخلوق من الجهمية والمعتزلة واألشاعرة‬
‫يستحقون سقر‪.‬‬

‫‪807‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َس َم ُع ابْ ُن أَبِي‬ ‫ال أَبو ج ْه ٍل لِ ُقري ٍ ِ‬ ‫{علَْي َها تِ ْس َعةَ َع َ‬


‫ٍ‪ :‬ثَكلَْت ُك ْم أ َُّم َهاتُ ُك ْم! أ ْ‬‫َْ‬ ‫ش َر} قَ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫الد ُْ ُم‪ -‬أَ ِ ال َْع َد ُد‪-‬‬
‫ش َر‪َ ،‬وأَنْ تُ ُم ُّ‬ ‫َّم تِ ْس َعةَ َع َ‬ ‫شةَ يُ ْخبِ ُرُك ْم أ َّ‬
‫َن َخ َزنَةَ َج َهن َ‬ ‫َك ْب َ‬
‫الش ْج َعا ُن‪ .‬فقال الحرث بْ َن َكلَ َدةَ‪ :‬أَنَا أَ ْك ِفي ُك ْم َس ْب َعةَ َع َ‬
‫ش َر‪َ ،‬وا ْك ُفونِي أَنْ تُ ُم اثْ نَ ْي ِن‪.‬‬ ‫َو ُّ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ٍ النَّا ِر إَِل َمَلئ َكةً} َع ْن َجابِ ِر بْ ِن َع ْبد اللَّه‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬
‫صلَّى‬ ‫َص َح َ‬
‫{وَما َج َعلْنَا أ ْ‬
‫َ‬
‫ك ِم ْن َم ََلئِ َك ِة اللَّ ِه ِم ْن َح َملَ ِة‬
‫ث َعن ملَ ٍ‬ ‫ال‪« :‬أ ُِذ َن لِي أَ ْن أ ِ‬
‫ُحد َ ْ َ‬‫َ‬ ‫اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫ش‪ ،‬إِ َّن َما بَ ْي َن َش ْح َم ِة أُذُنِِه إِلَى َعاتِِق ِه َم ِس َيرةُ َس ْب ِع ِمائَِة َع ٍام» رواه أَبو َد ُاود‬
‫ال َْع ْر ِ‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬

‫َّوَراةَ‬ ‫ْكتا ٍ} أَ ليوفن الَّ ِ‬ ‫قَ ولُهُ تَ عالَى‪{ :‬لِيستَ ي ِقن الَّ ِذين أُوتُوا ال ِ‬
‫ين أُ ْعطُوا الت ْ‬
‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫َّم ُم َوافِ َقةٌ لِ َما ِع ْن َد ُُ ْم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلنْ ِجيل أ َّ ِ‬
‫َن ع َّد َة َخ َزنَة َج َهن َ‬ ‫َو ِْ َ‬
‫ك إَِل ُُ َو}‬ ‫ود َربِ َ‬ ‫{وَما يَ ْعلَ ُم ُجنُ َ‬‫َ‬
‫يح ْي ِن وغَ ْي ِرُِما‪َ .‬ع ْن ر ُس ِ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫اإلسر ِاء الْمر ِو ِ فِي َّ ِ‬ ‫وقَ ْد ثَب َ ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫الصح َ َ َ‬ ‫ت في َحديث ِْ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫الس َم ِاء‬
‫ت ال َْم ْع ُموِر الَّ ِذ فِي َّ‬ ‫ص َف ِة الْب ْي ِ‬
‫َ‬
‫ال فِي ِ‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَنَّهُ قَ َ‬‫َ‬
‫آخ َر َما‬ ‫ودو َن إِلَي ِه ِ‬‫ع‬ ‫ي‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ك‬ ‫َ‬‫ل‬‫م‬ ‫ْف‬ ‫ل‬‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫م‬‫السابِع ِة‪" :‬فَِإ َذا ُو يدخلُه فِي ُكل ي وٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َُ َْ ُ ُ‬ ‫َّ َ‬
‫َعلَْي ِه ْم" ‪.‬‬

‫‪808‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ك‬
‫{وا ْعبُ ْد َربَّ َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ت‪َ .‬ك َقولِ ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ْم‬‫ل‬‫ا‬ ‫ي‪:‬‬ ‫{وُكنَّا نُ َك ِذ ٍ بِي وِم ِ‬
‫الدي ِن حتَّى أَتَانَا الْي ِقين} ي ْعنِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪" :‬أما ُُ َو ‪-‬يَ ْعنِي‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ين} َوقَ َ َ ُ‬
‫حتَّى يأْتِي َ ِ‬
‫ك الْيَق ُ‬ ‫َ ََ‬
‫ين ِم ْن َربِِه"‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اءهُ الْيَق ُ‬
‫ٍ‬
‫ُعثْ َما َن بْ َن َمظ ُْعون‪-‬فَ َق ْد َج َ‬
‫ين } يؤخذ منها أن تارك الصَلة كافر وُو الراجح‪.‬‬ ‫ك ِمن الْمصلِ‬
‫{ قَالُوا لَ ْم نَ ُ َ ُ َ َ‬
‫سورة القيامة مكية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ْس ُم بِالنَّ ْف ِ‬‫{وَل أُق ِ‬
‫الش ِر‪.‬‬
‫وم َعلَى الْ َخ ْي ِر َو َّ‬ ‫س اللَّ َّو َامة} أ ‪ :‬تَلُ ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫ش ْفنا َع ْن َ‬ ‫ص ُر} ك َق ْولِ ِه تَ َعالَى‪َ :‬‬
‫{َل يَ ْرتَ ُّد إِلَْي ِه ْم طَْرفُ ُه ْم} وقوله { فَ َك َ‬ ‫{فَِإذَا بَ ِر َق الْبَ َ‬
‫ص ُر َك الْيَ ْوَم َح ِدي ٌد }‬ ‫ب‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫طاء‬ ‫ِ‬
‫غ‬
‫َ ََ‬
‫آن ِم ْن‬
‫ال‪{ :‬وَل تَ ْعجل بِالْ ُقر ِ‬
‫َْ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ك لتَ ْع َج َل به} أَ ْ ‪ :‬بالْ ُق ْرآن‪َ ،‬ك َما قَ َ َ‬
‫{َل تُح ِر ْك بِِه لِسانَ َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ ٍ ِز ْدنِي ِعل ًْما}‬ ‫ك َو ْحيُهُ َوقُ ْل َر ِ‬
‫ضى إِلَْي َ‬ ‫قَ ْب ِل أَ ْن يُ ْق َ‬

‫يل لَهُ‪َ{ :‬لَ تُ َح ِر ْك بِِه‬


‫َ‬
‫اس‪َ " :‬كا َن يح ِر ُك َش َفتَ ي ِه إِذَا أُنْ ِز َل َعلَي ِه‪ ،‬فَِ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ال ابْ ُن َعبَّ ٍ‬
‫َوقَ َ‬
‫ت ِم ْنهُ‪ ،‬رواه البخار ‪.‬‬
‫شى أَ ْن يَ ْن َفلِ َ‬
‫ك} يَ ْخ َ‬
‫سانَ َ‬‫ِ‬
‫لَ‬

‫ْحياةَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َوقَ ْولُهُ‪َ { :‬كَل بَ ْل تُحبُّو َن ال َْعاجلَةَ َوتَ َذ ُرو َن اْلخ َرةَ} كقوله { بَ ْل تُ ْؤث ُرو َن ال َ‬
‫ُّ‬
‫الدنْيا }‬

‫‪809‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ك أَم ِرُا ِ‬
‫ناظ َرةٌ أَ ْ ‪ :‬تَ ْنظُُر إِلَْي ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{إِلَى َربِ َها نَاظ َرةٌ} م َن النَّظَ ِر‪ ،‬أَ ْ ‪ :‬إِلَى َخال ِق َها َوَمال ِ ْ َ‬
‫َن ال ِْعبَ َ‬
‫اد يَ ْنظُُرو َن َربَّ ُه ْم يَ ْوَم‬ ‫يحةُ ِم ْن أ َّ‬ ‫يث َّ ِ‬
‫الصح َ‬ ‫اد ُ‬ ‫ت بِِه ْاألَح ِ‬
‫َ‬ ‫اد بِِه َما تَ َواتَ َر ْ‬
‫َوال ُْم َر ُ‬
‫ال ِْقيَ َام ِة َك َما يَ ْنظُُرو َن إِلَى الْ َق َم ِر لَْي لَةَ الْبَ ْد ِر‪َ .‬و َُ َذا بِ َح ْم ِد اللَّ ِه ُم ْج َم ٌع َعلَْي ِه بَ ْي َن‬
‫ب إِلَْي ِه ْم ِم َن النَّظَ ِر إِلَى َربِ ِه ْم‬ ‫َح َّ‬‫ف َُذه‪ .‬فَ َما أُ ْعطُوا َش ْي ئًا أ َ‬
‫الصحاب ِة والتَّابِعي ِن وسلَ ِ ِ ِ‬
‫َّ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ْح ْسنَى‬ ‫َِّ ِ‬
‫سنُوا ال ُ‬ ‫َح َ‬‫ين أ ْ‬
‫{للذ َ‬
‫َوِزيَ َ‬
‫ادةٌ}‬
‫ِ‬ ‫في قَ ْولِ ِه تَ َعالَى‪َ { :‬كَل إِنَّ ُه ْم َع ْن َربِ ِه ْم يَ ْوَمئِ ٍذ لَ َم ْح ُجوبُو َن} قَ َ‬
‫الشافِ ِع ُّي‪َ ،‬رح َمهُ‬
‫ال َّ‬

‫اللَّهُ‪َ :‬ما َح َجب الْ ُف َّج َ‬


‫ار إََِّل َوقَ ْد َعلم أ َّ‬
‫َن ْاألَبْ َر َار يَ َرْونَهُ َع َّز َو َج َّل‪.‬‬

‫وسى بْ ِن أَبِي َعائِ َ‬ ‫{أَلَيس َذلِ َ ِ‬


‫ال‪َ :‬كا َن‬
‫شةَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ك بَِقاد ٍر َعلَى أَ ْن يُ ْحيِ َي ال َْم ْوتَى} َع ْن ُم َ‬ ‫ْ َ‬
‫س ذَلِ َ‬
‫ك بَِق ِ‬
‫اد ٍر َعلَى أَ ْن يُ ْحيِ َي ال َْم ْوتَى}‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫َ‬‫أ‬‫{‬ ‫َ‪:‬‬
‫أ‬‫ر‬‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫صلِي فَ ْو َق بَ ْيتِ ِه‪ ،‬وَكا َن إِ‬
‫َ‬ ‫َر ُج ٌل يُ َ‬
‫صلَّى‬ ‫ال «س ِم ْعتُهُ ِمن رس ِ ِ‬ ‫سأَلُوهُ َع ْن َذلِ َ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫ك‪ ،‬فَ َق َ َ‬ ‫ك»‪ ،‬فَ بَ َكى‪ ،‬فَ َ‬
‫ال‪ُ « :‬س ْب َحانَ َ‬
‫قَ َ‬
‫اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم» رواه أبو داود‪ .‬وصححه األلباني‪.‬‬

‫سورة اإلنسان مدنية على الراجح‪:‬‬

‫‪810‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َكا َن يَ ْق َرأُ فِي ُّ‬


‫الص ْب ِح‪ ،‬يَ ْوَم‬ ‫َن النَّبِ َّي َ‬
‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ " ،‬أ َّ‬
‫ين ِم َن‬
‫سان ح ٌ‬
‫اإلنْ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫الرْك َعة ْاألُولَى‪َ ،‬وفي الثَّانيَة َُ ْل أَتَى َعلَى ِْ َ‬
‫الْجمع ِة‪ :‬بِالم تَ ْن ِزيل فِي َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫َُُ‬
‫ورا " رواه مسلم‪.‬‬ ‫الد ُْ ِر لَ ْم يَ ُك ْن َش ْي ئًا َم ْذ ُك ً‬
‫َّ‬
‫السبِيل} أَ ‪ :‬ب يَّ نَّاهُ لَهُ ووضَّحنَاهُ وب َّ ِِ ِ ِ‬
‫{وأ ََّما‬
‫ص ْرنَاهُ به‪َ ،‬ك َق ْوله‪َ :‬‬ ‫ََ ْ ََ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪{ :‬إِنَّا َُ َديْ نَاهُ َّ َ ْ َ‬
‫َّج َديْ ِن}‬ ‫اُم فَاستَحبُّوا الْعمى َعلَى الْه َدى} وَك َقولِ ِ‬
‫{و َُ َديْ نَاهُ الن ْ‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ود فَ َه َديْ نَ ُ ْ ْ َ َ َ‬ ‫ثَ ُم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يع اللَّهَ‬ ‫{ يُوفُو َن بِالنَّ ْذ ِر َويَ َخافُو َن يَ ْوًما َكا َن َش ُّرهُ ُم ْستَط ًيرا } َ‬
‫"م ْن نَ َذ َر أَ ْن يُط َ‬
‫فَ لْي ِط ْعهُ‪ ،‬ومن نَ َذر أَ ْن يعصي اللَّهَ فَ ََل ي ِ‬
‫عصه" َرَواهُ الْبُ َخا ِر ُّ ‪.‬‬‫َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َع ِن النَّ ْذ ِر‪،‬‬ ‫ال‪ :‬نَ َهى النَّبِ ُّي َ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْن ُه َما‪ ،‬قَ َ‬ ‫َع ِن ابْ ِن ُعمر ر ِ‬
‫ََ َ‬
‫يل» رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫ج بِِه ِم َن البَ ِخ ِ‬ ‫ال‪« :‬إِنَّهُ َلَ يَ ُر ُّد َش ْي ئًا‪َ ،‬وإِنَّ َما يُ ْستَ ْخ َر ُ‬
‫َوقَ َ‬
‫ال‪ :‬أَتَى‬ ‫َس ًيرا} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‪ ،‬قَ َ‬ ‫{ويط ِْعمو َن الطَّعام َعلَى حبِ ِه ِمس ِكينًا ويتِيما وأ ِ‬
‫ُ ْ ََ ً َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ ُ‬
‫الص َدقَ ِة أَ ْعظَ ُم؟‬
‫الله‪ ،‬أَ ُّ َّ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َر ُج ٌل فَ َق َ‬ ‫رس َ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َُ‬
‫شى الْ َف ْق َر َوتَأْ ُم ُل ال ِْغنَى‪َ ،‬وََل تُ ْم ِه َل‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬
‫يح‪ ،‬تَ ْخ َ‬ ‫يح َشح ٌ‬ ‫صح ٌ‬ ‫ص َّد َق َوأَنْ َ َ‬ ‫ال‪ " :‬أَ ْن تَ َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ْت‪ :‬لُِف ََل ٍن َك َذا‪َ ،‬ولُِف ََل ٍن َك َذا‪ ،‬أَََل َوقَ ْد َكا َن لُِف ََل ٍن "‬ ‫وم قُل َ‬ ‫ْحلْ ُق َ‬
‫ت ال ُ‬ ‫َحتَّى إِذَا بَلَغَ ْ‬
‫رواه البخار ومسلم‪.‬‬
‫الله ب ِن مسع ٍ‬
‫ِ ِ‬ ‫ت ثَ َّم رأَي َ ِ‬
‫ال‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫ود‪ ،‬قَ َ‬‫ت نَعيماً َوُملْكاً َكبِيراً } َع ْن َع ْبد ْ َ ْ ُ‬ ‫{ َوإِذا َرأَيْ َ َ ْ‬
‫وجا ِم ْن َها‪،‬‬‫ر‬
‫ُ ً‬ ‫خ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َّا‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ر‬ ‫الله صلَّى الله َعلَي ِه وسلَّم‪ " :‬إِنِي َألَ ْعلَم ِ‬
‫آخ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ْ ََ َ‬ ‫َ‬
‫ول ِ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ج ِم َن النَّا ِر َك ْب ًوا‪ ،‬فَ يَ ُق ُ‬
‫ول اللَّهُ‪ :‬ا ْذ َُ ْ‬
‫ب فَا ْد ُخ ِل‬ ‫الجن َِّة ُد ُخ ً‬
‫وَل‪َ ،‬ر ُج ٌل يَ ْخ ُر ُ‬
‫ِ‬
‫َوآخ َر أَ ُْ ِل َ‬
‫‪811‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ ٍ َو َج ْدتُ َها َم َْلَى‪،‬‬ ‫الجنَّةَ‪ ،‬فَ يَأْتِ َيها‪ ،‬فَ يُ َخيَّ ُل إِلَْي ِه أَنَّ َها َم َْلَى‪ ،‬فَ يَ ْرِج ُع فَ يَ ُق ُ‬
‫ول‪ :‬يَا َر ِ‬ ‫َ‬
‫ول‪ :‬يَا‬ ‫الجنَّةَ‪ ،‬فَ يَأْتِ َيها فَ يُ َخيَّ ُل إِلَْي ِه أَنَّ َها َم َْلَى‪ ،‬فَ يَ ْرِج ُع فَ يَ ُق ُ‬
‫ب فَا ْد ُخ ِل َ‬ ‫ول‪ :‬ا ْذ َُ ْ‬ ‫فَ يَ ُق ُ‬
‫ش َرَة‬ ‫ك ِمثْ َل ُّ‬
‫الدنْ يَا َو َع َ‬ ‫الجنَّةَ‪ ،‬فَِإ َّن لَ َ‬ ‫ب فَا ْد ُخ ِل َ‬ ‫ول‪ :‬ا ْذ َُ ْ‬ ‫َر ِ‬
‫ ٍ َو َج ْدتُ َها َم َْلَى‪ ،‬فَ يَ ُق ُ‬
‫ول‪ :‬تَ ْس َخ ُر ِمنِي ‪ -‬أ َْو‪:‬‬ ‫شرةِ أ َْمثَ ِ‬
‫ال ُّ‬
‫الدنْ يَا ‪ -‬فَ يَ ُق ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ْ‬‫ث‬ ‫كِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫أ َْمثَالِ َها ‪ -‬أ َْو‪ :‬إِ‬

‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ت رس َ ِ‬


‫ول اللَّه َ‬ ‫الملِ ُ‬
‫ك " فَ لَ َق ْد َرأَيْ ُ َ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ك ِمنِي ‪َ -‬وأَنْ َ‬ ‫ض َح ُ‬
‫تَ ْ‬
‫الجن َِّة َم ْن ِزلَةً» رواه‬
‫اك أَ ْدنَى أَ ُْ ِل َ‬
‫ول‪« :‬ذَ َ‬ ‫ت نَو ِ‬
‫اج ُذهُ‪َ ،‬وَكا َن يَ ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َّى‬
‫ت‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ضِ‬
‫ح‬ ‫َ‬
‫البخار ومسلم‪ .‬وفي رواية لمسلم‪" :‬ثُ َّم يَ ْد ُخ ُل بَ ْي تَهُ‪ ،‬فَ تَ ْد ُخ ُل َعلَْي ِه َزْو َجتَاهُ ِم َن‬
‫ِِ ِ‬ ‫الْحوِر ال ِْعي ِن‪ ،‬فَ تَ ُق َ ِ‬
‫ال‪" :‬‬ ‫ك "‪ ،‬قَ َ‬ ‫َحيَانَا لَ َ‬
‫اك لَنَا‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ْح ْم ُد للَّه الَّذ أ ْ‬
‫َحيَ َ‬ ‫وَلن‪ :‬ال َ‬ ‫ُ‬
‫يت"‬‫َح ٌد ِمثْ َل َما أُ ْع ِط ُ‬ ‫ِ‬
‫ول‪َ :‬ما أُ ْعط َي أ َ‬ ‫فَ يَ ُق ُ‬

‫اس ُج ْد لَهُ َو َسبِ ْحهُ لَْيَل طَ ِويَل} قيل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ك ب ْكرًة وأ ِ‬‫{واذْ ُك ِر ْ ِ‬
‫َصيَل‪َ ،‬وم َن اللَّْي ِل فَ ْ‬ ‫اس َم َرب َ ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫يعني الصلوات الخمسة ولكن العام أحسن‪.‬‬
‫َس ُر‪ِ :‬ش َّدةُ الْ َخل ِْق‪ :‬أَ ْ َش َد ْدنَا َخلْ َق ُه ْم‪ .‬وقيل‪َ :‬ش َد ْدنَا‬ ‫َس َرُُ ْم} ْاأل ْ‬ ‫{ َو َش َد ْدنا أ ْ‬
‫صِ‬ ‫ض بِالْعر ِ‬ ‫صالَ ُه ْم بَ ْع ً ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫وق َوال َْع َ‬ ‫ضا إلَى بَ ْع ٍ ُ ُ‬ ‫أ َْو َ‬
‫اُ ْم يَ ْوَم ال ِْقيَا َم ِة‪ ،‬وبَدلناُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{وإِذَا ش ْئ نَا بَ َّدلْنَا أ َْمثَالَ ُه ْم تَ ْبديَل} أَ ْ ‪َ :‬وإِذَا ش ْئ نَا بَ َعثْ نَ ُ‬
‫َ‬
‫اءةِ َعلَى َّ‬
‫الر ْج َع ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اُم َخلْ ًقا ج ِدي ًدا‪ .‬و َُ َذا ْ ِ‬
‫است ْدََل ٌل بالْبُ َد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َع ْدنَ ُ ْ‬
‫فَأ َ‬

‫‪812‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫َّاس‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫َي‬
‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫شأْ ي ْذ ِ‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬‫{‬ ‫‪:‬‬ ‫رُم‪َ ،‬ك َقولِ ِ‬
‫ه‬ ‫آخ ِرين غَي ِ‬ ‫م‬‫أو وإِ َذا ِشئ نا أَت ي نا بَِقوٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ين َوَكا َن اللَّهُ َعلَى ذَلِ َ‬
‫ك قَ ِد ًيرا}‬ ‫ت بِ َ‬
‫آخ ِر َ‬
‫ويأْ ِ‬
‫ََ‬

‫{يُ ْد ِخ ُل َم ْن يَ َ‬
‫شاءُ فِي َر ْح َمتِ ِه }‪ :‬اإليمان والعمل الصالح في الدنيا‪ ،‬والجنة‬
‫والرضان في اْلخرة‪.‬‬

‫سورة المرسَلت مكية‬

‫اص َفات }‪ :‬الرياح على الراجح‪{ .‬الْ َفا ِرقَات وال ُْمل ِْقيَات } ‪:‬‬
‫{الْمرسَلت والْع ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫{و ُُ َو الَّ ِذ‬ ‫ِ‬
‫المَلئكة على الراجح‪{ .‬وَ النَّاش َرات } قال ابن كثير ُي الرياح َ‬
‫اح بُ ْش ًرا بَ ْي َن يَ َد ْ َر ْح َمتِ ِه} فيه قراءة {نشرا}‪ .‬وقال ابن القيم ُي‬‫ي‬‫ِ‬
‫الر‬
‫ُْ ُ َ‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي رِ‬
‫س‬
‫المَلئكة‪.‬‬

‫ين لِئََل يَ ُكو َن لِلن ِ‬


‫َّاس َعلَى اللَّ ِه‬ ‫ِ‬
‫ين َوُم ْنذ ِر َ‬
‫ِ‬
‫{ ُع ْذ ًرا أ َْو نُ ْذ ًرا } كقوله { ُر ُسَل ُمبَش ِر َ‬
‫ِ‬
‫الر ُس ِل َوَكا َن اللَّهُ َع ِز ًيزا َحك ً‬
‫يما }‬ ‫ُح َّجةٌ بَ ْع َد ُّ‬

‫«ُذا يَ ْوُم َل يَ ْن ِط ُقو َن‪َ .‬وَل يُ ْؤ َذ ُن لَ ُه ْم فَ يَ ْعتَ ِذ ُرو َن» ‪ ..‬وفي مشاُد أخرى يذكر‬
‫حسرتهم وندامتهم وحلفهم { والله ربنا } ومعاذيرُم‪ ..‬واليوم طويل يكون فيه‬
‫ُذا ويكون فيه ذاك‪ -‬على ما قال ابن عباس رضي الله عنهما‪ -‬أن عرصات‬
‫القيامة حاَلت‪.‬‬
‫‪813‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ون} تَ ْه ِدي ٌد َش ِدي ٌد َوَو ِعي ٌد أَكِي ٌد‪ ،‬أَ ْ ‪ :‬إِ ْن قَ َد ْرتُ ْم‬ ‫وقَ ولُهُ‪{ :‬فَِإ ْن َكا َن لَ ُكم َك ْي ٌد فَ ِكي ُد ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫نجوا ِم ْن ُح ْك ِمي فَافْ َعلُوا‪ ،‬فَِإنَّ ُك ْم ََل تَ ْق ِد ُرو َن‬‫ضتي‪ ،‬وتَ ُ‬
‫َعلَى أَ ْن تَ تَ َخلَّصوا ِمن قَ بْ َ ِ‬
‫ُ ْ‬
‫استَطَ ْعتُ ْم أَ ْن تَ ْن ُف ُذوا ِم ْن‬‫س إِ ِن ْ‬ ‫شر ال ِ‬
‫ْج ِن َواإلنْ ِ‬ ‫ال تَ َعالَى {يَا َم ْع َ َ‬ ‫ك‪َ ،‬ك َما قَ َ‬ ‫َعلَى َذلِ َ‬
‫ض فَانْ ُف ُذوا ََل تَ ْن ُف ُذو َن إَِل بِسلْطَ ٍ‬ ‫السماو ِ‬
‫ان}‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫األر‬
‫ْ‬ ‫و‬‫أَقْطَا ِر َّ َ َ َ‬
‫ات‬

‫سورة النبأ مكية‪:‬‬

‫ث ب ْع َد الْمو ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪ ،‬وُو الصوا ٍ‪.‬‬ ‫يم ُُ َو الْ ُق ْرآ ُن‪ .‬وقيل‪ُ :‬و الْبَ ْع ُ َ َ ْ‬ ‫قيل‪ :‬النَّبَأُ ال َْعظ ُ‬
‫ث فِي‬ ‫ف فِي الْب ْع ِ‬
‫َ‬ ‫ال‪ :‬إِنَّهُ قَ ْد َوقَ َع ِاَل ْختِ ََل ُ‬ ‫{الَّ ِذ ُُ ْم فِ ِيه ُم ْختَلِ ُفو َن} يُ ْم ِك ُن أَ ْن يُ َق َ‬
‫ ٍ بِِه الْ َكافِ ُرو َن‪َ ،‬ويُ ْم ِك ُن أَ ْن يُ َق َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ال‪ :‬إِنَّهُ قَ ْد َوقَ َع‬ ‫ص َّد َق بِه ال ُْم ْؤمنُو َن َوَك َّذ َ‬‫ْج ْملَة‪ ،‬فَ َ‬ ‫ُ‬
‫وحانِ َّي‪،‬‬ ‫ف الْ ُك َّفا ِر فَأَثْ بَ َ‬ ‫ث بَ ْي َن طََوائِ ُ‬ ‫ف فِي الْب ْع ِ‬ ‫ِاَل ْختِ ََل ُ‬
‫الر َ‬ ‫اد ُّ‬ ‫ارى ال َْم َع َ‬ ‫َّص َ‬
‫ت الن َ‬ ‫َ‬
‫ف ُك َّفا ِر ال َْعر ِ‬
‫ ٍ‬ ‫ض طَوائِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت طَائَِفةٌ ِمن الْي ه ِ‬
‫َ‬ ‫ْج ْس َمان َّي‪َ ،‬وقَ ْد َكا َن بَ ْع ُ َ‬ ‫اد ال ُ‬‫ود ال َْم َع َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َوأَثْ بَ تَ ْ‬
‫اكةٌ فِ ِيه‪.‬‬‫ت طَائَِفةٌ ِم ْن ُه ْم غَ ْي َر َجا ِزَم ٍة بِنَ ْفيِ ِه‪ ،‬بَ ْل َش َّ‬ ‫يُ ْن ِك ُر الْ َم َع َ‬
‫اد َوَكانَ ْ‬

‫ك لِنُ ُز ِ‬
‫ول ال َْم ََلئِ َك ِة‪َ { ،‬ويَ ْوَم‬ ‫سالِ َ‬ ‫{وفُتِح ِ‬
‫ت أَبْ َوابًا} أَ ْ ‪ :‬طُُرقًا َوَم َ‬ ‫الس َماءُ فَ َكانَ ْ‬
‫ت َّ‬ ‫َ َ‬
‫ت ال ِ‬ ‫السماء بِالْغَم ِام ونُ ِز َل الْم ََلئِ َكةُ تَ ْن ِز ًيَل } {وسيِر ِ‬
‫ت َس َرابًا}‬
‫ال فَ َكانَ ْ‬
‫ْجبَ ُ‬ ‫ََُ‬ ‫َ‬ ‫ش َّق ُق َّ َ ُ َ َ‬ ‫تَ َ‬
‫ا ٍ}‬ ‫سبُ َها َج ِام َدةً َو ُِ َي تَ ُم ُّر َم َّر َّ‬
‫الس َح ِ‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫َك َقولِ ِه‪{ :‬وتَرى ال ِ‬
‫ْج‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫‪814‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص َوابًا }‪ :‬أ قال صوابا في الدنيا أو‬ ‫ال َ‬ ‫{ ََل يَتَ َكلَّ ُمو َن إََِّل َم ْن أ َِذ َن لَهُ َّ‬
‫الر ْح َم ُن َوقَ َ‬
‫قال صوابا بعد أن أذن له { َوَل يَ ْش َف ُعو َن ِإََّل لِ َم ِن ْارتَضى}‪ .‬وقيل ُو محمد صلى‬
‫ش فَأَقَ ُع‬ ‫اع ِة «فَأَنْطَلِ ُق فَآتِي تَ ْح َ‬
‫ت ال َْع ْر ِ‬ ‫يث َّ‬
‫الش َف َ‬ ‫الله عليه وسلم كما ور َد فِي ح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫اج ًدا لَِربِي َع َّز َو َج َّل ثُ َّم يَ ْفتَ ُح اللَّهُ َعلَ َّي ِم ْن َم َح ِام َد َو ُح ْس ِن الثَّنَ ِاء َعلَْي ِه َش ْي ئًا لَ ْم‬
‫سِ‬
‫َ‬
‫ش َّف ْع» ‪.‬‬
‫ك َوا ْش َف ْع تُ َ‬‫ول‪ْ :‬ارفَ ْع َرأْ َس َ‬ ‫َح ٍد قَ ْبلِي ثُ َّم يَ ُق ُ‬ ‫يَ ْفتَ ْحهُ َعلَى أ َ‬
‫ت ي َداهُ} { ووج ُدوا ما َع ِملُوا ِ‬
‫حاضراً }‬ ‫ََ َ َ‬ ‫{ يَ ْوَم يَ ْنظُُر ال َْم ْرءُ َما قَ َّد َم ْ َ‬
‫ت تُ َرابًا} أَ ْ ‪ :‬يَ َو ُّد الْ َكافِ ُر يَ ْوَمئِ ٍذ أَنَّهُ َكا َن فِي َّ‬
‫الدا ِر‬ ‫ول الْ َكافِ ُر يَا لَْي تَنِي ُك ْن ُ‬
‫{ويَ ُق ُ‬
‫َ‬
‫ات ُكونِي تُ َرابًا‪ ،‬فتصير تُ َرابًا يَ ُق ُ‬
‫ول‬ ‫الدنْ يا تُرابا بعد موته‪ .‬أو عند ما يقال للْحي وانَ ِ‬
‫َََ‬ ‫ُّ َ َ ً‬
‫الْ َكافِ ُر‪{ :‬يَا لَْي تَنِي ُك ْن ُ‬
‫ت تُ َرابًا}‪.‬‬

‫سورة النازعات مكية‪:‬‬

‫السابَِق ِ‬ ‫السابِح ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ات َس ْب ًقا‪،‬‬ ‫ات َس ْب ًحا‪ ،‬فَ َّ‬ ‫{والنَّا ِز َعات غَ ْرقًا‪َ ،‬والنَّاشطَات نَ ْشطًا‪َ ،‬و َّ َ‬ ‫َ‬
‫ات أ َْم ًرا } يَ ْعنِي‪:‬‬‫فَالْم َدبِر ِ‬
‫ُ َ‬
‫ص ِف ِي‬ ‫اد الْ ُك ِل لِتَ ْن ِز ِ‬
‫يل التَّ غَايُ ِر ال َْو ْ‬ ‫ْف مع اتِح ِ‬
‫ْج ْم ُهوِر‪َ .‬وال َْعط ُ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ال َْم ََلئ َكةَ‪َ ،‬و َُ َذا قَ ْو ُل ال ُ‬
‫ ٍ كيفية النزع والنشط‪ .‬في‬ ‫الذاتِ ِي‪ .‬وفي حديث الْبَ ر ِاء بْ ِن َعا ِز ٍ‬‫َم ْن ِزلَةَ التَّ غَايُ ِر َّ‬
‫َ‬
‫مسند اإلمام أحمد‪.‬‬

‫‪815‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم إِ َذا‬ ‫الر ِادفَةُ} َكا َن رس ُ ِ‬


‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬
‫الر ِ‬
‫اج َفةُ تَ ْت بَ ُع َها َّ‬‫ف َّ‬‫{يَ ْوَم تَ ْر ُج ُ‬
‫ال‪« :‬يا أَيُّ َها النَّاس اذْ ُكروا اللَّهَ اذْ ُكروا اللَّهَ جاء ِ‬
‫ت‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب ثُلُثَا اللَّْي ِل قَ َ‬
‫ام فَ َق َ َ‬ ‫ذَ َُ َ‬
‫ت بِ َما فِ ِيه» رواه الترمذ‬
‫الم ْو ُ‬
‫اء َ‬
‫الر ِادفَةُ جاء المو ُ ِ ِ ِ‬
‫ت ب َما فيه َج َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫الر ِ‬
‫اج َفةُ تَ ْت بَ ُع َها َّ‬‫َّ‬
‫وحسنه األلباني‪.‬‬

‫األر ِ‬ ‫{فَِإ َذا ُم بِ َّ ِ ِ‬


‫ات} قال صلى‬ ‫الس َم َاو ُ‬
‫ض َو َّ‬ ‫ض غَ ْي َر ْ‬ ‫الساُ َرة} {يَ ْوَم تُبَ َّد ُل ْ‬
‫األر ُ‬ ‫ُْ‬
‫ص ِة‬
‫اء‪َ ،‬ك ُق ْر َ‬ ‫ر‬
‫َ ََ‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫اء‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ض‬ ‫ٍ‬ ‫َر‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫َ‬‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫شر النَّاس ي وم ال ِْقيام ِ‬
‫ة‬ ‫ُ َْ َ َ َ‬ ‫الله عليه وسلم «يُ ْح َ ُ‬
‫َح ٍد» رواه مسلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الن َِّق ِي‪ ،‬لَي ِ‬
‫س ف َيها َعلَ ٌم أل َ‬ ‫ْ َ‬
‫وكان لبعث موسى مهتان‪.‬‬
‫ت لَ ُك ْم ِم ْن إِلَ ٍه غَ ْي ِر }‬
‫{ما َعلِ ْم ُ‬‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ال أَنَا ربُّ ُكم األ ْعلَى} قَالَها فِر َعو ٌن ب ْع َد قَ ولِ ِ‬
‫ه‬ ‫َ ْ ْ َ ْ‬ ‫{فَ َق َ َ ُ‬
‫ال‬‫الس َماءُ} ؟ يَ ْعنِي‪ :‬بَ ِل السماءُ أَ َش ُّد َخلْ ًقا ِم ْن ُك ْم‪َ ،‬ك َما قَ َ‬ ‫{أَأَنْ تُ ْم أَ َش ُّد َخلْ ًقا أَِم َّ‬
‫ض أَ ْكبَ ُر ِم ْن َخل ِْق الن ِ‬
‫َّاس}‬ ‫األر ِ‬ ‫ْق َّ ِ‬
‫الس َم َاوات َو ْ‬ ‫تَ َعالَى‪{ :‬لَ َخل ُ‬
‫اُا} روى عن ابن عباس من أنه سئل عن الجمع بين‬ ‫ك َد َح َ‬ ‫ض بَ ْع َد َذلِ َ‬
‫األر َ‬
‫{و ْ‬ ‫َ‬
‫ُاتين اْليتين فقال‪ :‬خلق الله‪ -‬تعالى‪ -‬األرض أوَل غير مدحوة‪ ،‬ثم خلق‬
‫السماء‪ ،‬ثم دحا األرض بعد ذلك‪ ،‬وجعل فيها الرواسي واألنهار وغيرُما‪ .‬وقال‬
‫الس َم ِاء}‬
‫استَ َوى إِلَى َّ‬
‫تعالى {ثُ َّم ْ‬

‫‪816‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت الْ َجنَّةُ بِال َْم َكا ِرهِ‪،‬‬


‫اف م َقام ربِِه ونَ َهى النَّ ْفس َع ِن ال َْهوى} «ح َّف ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫{وأ ََّما َم ْن َخ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫الش َهو ِ‬ ‫ت الن ِ‬ ‫وح َّف ِ‬
‫ات» رواه مسلم‪.‬‬ ‫َّار ب َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫"ما‬ ‫ا}‬ ‫اُ‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫ر‬ ‫ى‬‫ل‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ا‬ ‫اُ‬‫ر‬ ‫ت ِمن ِ‬ ‫اع ِة أَيَّا َن مرس َ ِ‬ ‫ك َع ِن َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يم أَنْ َ ْ َ‬
‫ك‬‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫اُا ف َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫الس َ‬ ‫{يَ ْسأَلُونَ َ‬
‫السائِ ِل"‪ .‬مسلم‪.‬‬‫ول َع ْن َها بِأَ ْعلَ َم ِم َن َّ‬
‫ال َْم ْسئُ ُ‬

‫سورة عبس مكية‪:‬‬


‫وم األَ ْع َمى‪ ،‬أَتَى َر ُس َ‬
‫ول‬ ‫عن عائِشةَ قَالَت‪ :‬أُنْ ِز َل‪{ :‬عبس وت ولَّى} فِي اب ِن أُِم م ْكت ٍ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫ول اللَّ ِه أ َْر ِش ْدنِي‪ ،‬و ِع ْن َد ر ُس ِ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فَ َج َع َل يَ ُق ُ‬
‫ول‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َ‬
‫َ َ‬
‫صلَّى اللَّهُ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَي ِه وسلَّم رجل ِمن ُعظَم ِاء الم ْش ِركِين‪ ،‬فَجعل رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َ ََ َ َ ُ‬ ‫ْ َ َ َ َُ ٌ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ول‪« :‬أَتَ َرى بِ َما أَقُ ُ‬ ‫ض َع ْنهُ َويُ ْقبِ ُل َعلَى َ‬ ‫ِ‬
‫ول بَأْ ًسا؟»‬ ‫اْلخ ِر‪َ ،‬ويَ ُق ُ‬ ‫َعلَْيه َو َسلَّ َم يُ ْع ِر ُ‬
‫ول‪ََ :‬ل‪ ،‬فَِفي َُ َذا أُنْ ِز َل" رواه الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬ ‫فَ يَ ُق ُ‬
‫وذكر ُنا قول عائشة‪..‬‬
‫ين يَ ْد ُعو َن َربَّ ُه ْم بِالْغَ َداةِ َوال َْع ِش ِي يُ ِري ُدو َن َو ْج َههُ} "وإذا جاءك الذين‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫{وَل تَط ُْرد الذ َ‬ ‫َ‬
‫يؤمنون بآياتنا فقل سَلم عليكم"‬
‫ك َوَم ْن يُ َع ِظ ْم َش َعائَِر اللَّ ِه فَِإنَّ َها ِم ْن‬
‫َّرةٍ } { َذلِ َ‬ ‫ف م َك َّرم ٍة * مرفُ َ ٍ‬
‫وعة ُمطَه َ‬ ‫ص ُح ُ َ َ ْ‬
‫{ فِي ُ ٍ‬
‫و ٍ} وقال صلى الله عليه وسلم _عند ما تحاكمت إليه اليهود‬ ‫تَ ْقوى الْ ُقلُ ِ‬
‫َ‬
‫ووضعوا له وسادة _"بالتوراة" فأتي بها فنزع الوسادة من تحته فوضع التوراة‬
‫عليها ثم قال "آمنت بك وبمن أنزلك" حسنه األلباني‪.‬‬

‫‪817‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫احبَتِ ِه َوبَنِ ِيه} قال صلى الله عليه وسلم‬ ‫َخ ِيه‪ ،‬وأ ُِم ِه وأَبِ ِيه‪ ،‬وص ِ‬
‫{ي وم ي ِف ُّر الْمرء ِمن أ ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َْ َ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ال‬ ‫ساءُ َو ِ‬
‫الر َج ُ‬ ‫ْت‪ :‬يا رس َ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ول الله الن َ‬ ‫َّاس يَ ْوَم الْقيَ َامة ُح َفا ًة ُع َرا ًة غُ ْرًَل» قُل ُ َ َ ُ‬‫ش ُر الن ُ‬ ‫«يُ ْح َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬يَا َعائِ َ‬
‫شةُ ْاأل َْم ُر‬ ‫ال َ‬
‫ض‪ ،‬قَ َ‬ ‫ض ُه ْم إِلَى بَ ْع ٍ‬ ‫َج ِم ًيعا يَ ْنظُُر بَ ْع ُ‬
‫ض» رواه البخار ومسلم واللفظ له‪.‬‬ ‫ض ُه ْم إِلَى بَ ْع ٍ‬ ‫أَ َش ُّد ِم ْن أَ ْن يَ ْنظَُر بَ ْع ُ‬

‫سورة التكوير مكية‪:‬‬


‫القيَ َام ِة َكأَنَّهُ َرأْ ُ َع ْي ٍن»‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم‪« :‬من س َّرهُ أَ ْن ي ْنظُر إِلَى ي وِم ِ‬
‫َ َ َْ‬ ‫َْ َ‬
‫ت " رواه‬ ‫ش َّق ْ‬
‫الس َماءُ انْ َ‬‫ت‪َ ،‬وإِ َذا َّ‬ ‫ت‪َ ،‬وإِ َذا َّ‬
‫الس َماءُ انْ َفطََر ْ‬ ‫س ُك ِوَر ْ‬ ‫الش ْم ُ‬ ‫فَ لْيَ ْق َرأْ‪ :‬إِ َذا َّ‬
‫الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬
‫الواقِ َعةُ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ال‪َ « :‬شيَّ بَ تْني ُُو ٌد‪َ ،‬و َ‬ ‫ت‪ ،‬قَ َ‬ ‫ول اللَّ ِه قَ ْد ِش ْب َ‬
‫ال أَبُو بَ ْك ٍر‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫قَ َ‬
‫ت» رواه الترمذ وصححه‬ ‫س ُك ِوَر ْ‬ ‫اءلُو َن‪َ ،‬وإِ َذا َّ‬
‫الش ْم ُ‬ ‫سَ‬ ‫ت‪َ ،‬و َع َّم يَتَ َ‬
‫الم ْر َس ََل ُ‬
‫َو ُ‬
‫األلباني‪.‬‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ْق َرأُ فِي الْ َف ْج ِر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َع ْن َع ْم ِرو بْ ِن ُح َريْث‪« :‬أَنَّهُ َسم َع النَّبِ َّي َ‬
‫َّ ِ‬
‫س» رواه مسلم‪.‬‬ ‫َوالل ْي ِل إذَا َع ْس َع َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫ت} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة َرض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬ ‫س ُك ِوَر ْ‬ ‫{إِ َذا َّ‬
‫الش ْم ُ‬
‫القيَ َام ِة» رواه البخار ‪.‬‬ ‫ان ي وم ِ‬ ‫ِ‬
‫س َوال َق َم ُر ُم َك َّوَر َ ْ َ‬‫الش ْم ُ‬ ‫ال‪َّ «:‬‬ ‫َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫ٍ‬
‫ك بِأ َّ‬
‫َن‬ ‫ت } ُك ُّل َر ُج ٍل َم َع ُك ِل قَ ْوم َكانُوا يَ ْع َملُو َن َع َملَهُ"‪َ ،‬و َذلِ َ‬ ‫وس ُز ِو َج ْ‬ ‫َِ‬
‫{وإ َذا النُّ ُف ُ‬
‫ول‪{ :‬وُك ْن تُم أَ ْزواجا ثََلثَةً} {اح ُ َّ ِ‬
‫اج ُه ْم}‬‫ين ظَلَ ُموا َوأَ ْزَو َ‬ ‫ش ُروا الذ َ‬ ‫ْ‬ ‫اللَّهَ َع َّز َو َج َّل يَ ُق ُ َ ْ َ ً‬

‫‪818‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ا ٍ َحتَّى‬ ‫ودةُ‪ :‬ال ُْمثْ َقلَةُ بِالتُّر ِ‬


‫َ‬ ‫ت}‪ :‬ال َْم ْوءُ َ‬ ‫ب قُتِلَ ْ‬
‫ت بِأَ ِ َذنْ ٍ‬ ‫ودةُ ُسئِلَ ْ‬
‫{وإِ َذا ال َْم ْوءُ َ‬
‫َ‬
‫ب قُتِلَ ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ار بِأَنَّهُ‬
‫ت إِ ْش َع ٌ‬ ‫ت تُ ْدفَ ُن َحيَّةً‪َ ،‬وقَ ْولُهُ تَ َعالَى‪ :‬بِأَ ِ َذنْ ٍ‬ ‫ْجا ِريَةُ َكانَ ْ‬
‫ال َْم ْوت‪َ ،‬وُ َي ال َ‬
‫ََل ذَنْب لَها فَ ت ْقتل بِسببِ ِه‪ ،‬ب ِل الْجرم علَى قَاتِلِها‪ .‬ولَ ِكن لِ ِعظَِم ال ِ‬
‫ْج ْرم يَتَ َو َّجهُ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ ُ َ َ ََ َ ُ ْ ُ َ‬
‫ال إِلَْي َها تَ ْب ِكيتًا لَِوائِ ِد َُا‪ .‬وسئل النبي صلى الله عليه وسلم َع ِن ال َْع ْزِل؟‬ ‫الس َؤ ُ‬
‫ُّ‬
‫ك ال َْوأْ ُد الْ َخ ِف ُّي» رواه مسلم‪ .‬فما بال إجهاض الجنين‪ ،‬وقتله بعد‬ ‫ال‪« :‬ذَلِ َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫الوَلدة من با ٍ أولى‪.‬‬
‫ط َك َما‬‫شُ‬ ‫الس َماءُ تُ ْك َ‬
‫اق‪ ،‬فَ َّ‬ ‫ْع َعن ِش َّدةِ الْتَِز ٍ‬ ‫ت)‪ :‬الْ َك ْش ُ‬ ‫السماءُ ُك ِشطَ ْ‬ ‫(وإِذَا َّ‬
‫ط‪ :‬قَ ل ٌ ْ‬ ‫َ‬
‫ان }‬ ‫ت ور َد ًة َك ِ‬
‫الد َُ ِ‬ ‫ْجلْ ُد َع ِن الْ َك ْب ِ‬‫ط ال ِ‬
‫ٍ َوغَ ْي ُرهُ‪ .‬أو غيرت { فَ َكانَ ْ َ ْ‬ ‫شُ‬ ‫يُ ْك َ‬
‫ْح ِإذَا‬ ‫صب ِ‬ ‫س َوال ُّ‬ ‫ع ْس َع َ‬ ‫{فَال أ ُ ْق ِس ُم ِب ْال ُخنَّ ِس ْال َج َو ِار ْال ُكنَّ ِس َواللَّ ْي ِل ِإذَا َ‬
‫س} قال ابن القيم رحمه الله‪ :‬أقسم سبحانه بالنجوم في أحوالها‬ ‫تَنَفَّ َ‬
‫الثالثة من طلوعها وجريانها وغروبها هذا قول علي وابن عباس‬
‫وعامة المفسرين وهو الصواب‪ .‬والخنس جمع خانس والخنس‬
‫االنقباض واالختفاء ومنه سمي الشيطان خناسا ً النقباضه وانكماشه‬
‫حين يذكر العبد ربه‪ ..‬ثم قال‪ :‬ولما كان للنجوم حال ظهور وحال‬
‫اختفاء وحال جريان وحال غروب أقسم سبحانه بها في أحوالها كلها‬
‫ونبه بخنوسها على حال ظهورها َلن الخنوس هو االختفاء بعد‬
‫الظهور وال يقال لما ال يزال مختفيا ً أنه قد خنس فذكر سبحانه‬
‫جريانها وغروبها صريحا ً وخنوسها وظهورها واكتفى من ذكر‬
‫طلوعها بجريانها الذي مبدؤه الطلوع فالطلوع أول جريانها‪ ،‬فتضمن‬
‫القسم طلوعها وغروبها وجريانها واختفاءها وذلك من آياته ودالئل‬
‫‪819‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ربوبيته‪ ،‬وليس قول من فسرها بالظباء وبقر الوحش بالظاهر‬


‫لوجوه‪..‬فعدها‪.‬‬
‫س} ِفي ِه قَ ْو َال ِن‪ :‬أ َ َح ُد ُه َما‪ :‬إِ ْق َبالُهُ بِ َ‬
‫ظ َال ِم ِه‪.‬‬ ‫{واللَّ ْي ِل ِإذَا َ‬
‫ع ْسعَ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫{واللَّ ْي ِل ِإ ْذ أ َ ْد َب َر}‬
‫والثاني‪ِ :‬إذَا أ َ ْد َب َر وهو الصواب‪.‬كقوله‪َ :‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫سو ٍل َك ِر ٍيم} َي ْعنِي‪ :‬أ َ َّن َهذَا ْالقُ ْرآنَ لتبلي ُغ َر ُ‬
‫سو ٍل َك ِر ٍيم‪ ،‬أ َ ْ‬ ‫{ ِإنَّهُ لَقَ ْو ُل َر ُ‬
‫ي ْال َم ْن َ‬
‫ظ ِر‪َ ،‬و ُه َو ِجب ِْري ُل‪ .‬وفي‬ ‫سن ْالخ َْل ِ‬
‫ق‪َ ،‬ب ِه ُّ‬ ‫يف َح َ‬ ‫َملَ ٌك ش َِر ٌ‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫{ذ قُ َّوةٍ} َك َق ْولِ ِه َ‬
‫ِ‬
‫{علَّ َمهُ َشدي ُد الْ ُق َوى ذُو م َّرة فَ ْ‬
‫استَ َوى}‬

‫ين} يَ ْعنِي‪َ :‬ولَقَ ْد َرأَى محم ٌد ِجب ِْري َل الَّذِي يَأْتِي ِه‬ ‫ق ْال ُمبِ ِ‬ ‫{ولَقَ ْد َرآهُ بِاَلفُ ِ‬ ‫َ‬
‫ورةِ الَّ ِتي َخلَقَه ُ اللَّه ُ َ‬
‫علَ ْي َها لَه ُ‬ ‫ص َ‬ ‫علَى ال ُّ‬ ‫ع َّز َو َج َّل َ‬ ‫ع ِن اللَّ ِه َ‬ ‫سالَ ِة َ‬ ‫الر َ‬
‫ِب ِ ّ‬
‫الرؤْ َية ُ ْاَل َ ْولَى الَّ ِتي‬‫ي ُّ‬ ‫ين} أَيِ‪ْ :‬البَ ِّي ُن‪َ ،‬و ِه َ‬ ‫ق ْال ُم ِب ِ‬ ‫ِست ُّ ِمائَةُ َجنَاحٍ { ِباَلفُ ِ‬
‫شدِي ُد ْالقُ َوى ذُو ِم َّرةٍ‬ ‫علَّ َمه ُ َ‬‫ورة ُ ِفي قَ ْو ِل ِه‪َ { :‬‬ ‫ي ْال َم ْذكُ َ‬ ‫اء‪َ ،‬و ِه َ‬ ‫ط َح ِ‬ ‫َت ِب ْال َب ْ‬‫َكان ْ‬
‫سي ِْن أ َ ْو أ َ ْدنَى‬ ‫اب قَ ْو َ‬ ‫ق اَل ْعلَى ث ُ َّم َدنَا فَت َ َدلَّى فَ َكانَ قَ َ‬ ‫فَا ْست َ َوى َو ُه َو ِباَلفُ ِ‬
‫يرهُ‪ .‬والدلي ُل أ َ َّن‬ ‫تفسير ذَ ِل َك َوت َ ْق ِر ُ‬
‫ُ‬ ‫ع ْب ِد ِه َما أ َ ْو َحى}‪َ ،‬ك َما تَقَد ََّم‬ ‫فَأ َ ْو َحى إَلَى َ‬
‫ورة َ‬ ‫س َ‬ ‫س َال ُم‪َ .‬و َّ‬
‫الظا ِه ُر‪َ -‬واللَّه ُ أ َ ْعلَ ُم‪-‬أ َ َّن َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬‫المرا َد ِبذَ ِل َك ِجب ِْري ُل‪َ ،‬‬
‫الرؤْ َيةَ َو ِه َ‬
‫ي‬ ‫اء؛ َِلَنَّهُ لَ ْم َي ْذ ُك ْر فِي َها ِإ َّال َه ِذ ِه ُّ‬ ‫ت قَ ْب َل لَ ْيلَةَ ْ ِ‬
‫اْل ْس َر ِ‬ ‫نَزَ لَ ْ‬
‫{ولَقَ ْد َرآهُ نزلَةً أ ُ ْخ َرى‬ ‫ورة ُ فِي قَ ْو ِل ِه‪َ :‬‬ ‫ي ْال َم ْذ ُك َ‬ ‫ْاَلولَى‪َ ،‬وأ َ َّما الثَّانِيَةُ َو ِه َ‬
‫ُ‬
‫س ْد َرة َ َما يَ ْغشَى}‪،‬‬ ‫ِع ْن َد ِس ْد َرةِ ْال ُم ْنت َ َهى ِع ْن َدهَا َجنَّة ُ ْال َمأ ْ َوى ِإ ْذ يَ ْغشَى ال ِ ّ‬
‫اء‪.‬‬ ‫اْل ْس َر ِ‬‫ورةِ ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت بَ ْع َد ُ‬ ‫ورةِ "النَّ ْج ِم"‪َ ،‬وقَ ْد نَزَ لَ ْ‬ ‫ت فِي سُ َ‬ ‫فَتِ ْل َك ِإنَّ َما ذُ ِك َر ْ‬
‫تفسبر ابن كثير‪.‬‬
‫‪820‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫علَى َما أ َ ْنزَ لَه ُ‬ ‫ي‪َ :‬و َما ُم َح َّم ٌد َ‬ ‫ين} أ َ ْ‬


‫ضنِ ٍ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫علَى ْالغَ ْي ِ‬ ‫{و َما ُه َو َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫ي‪ :‬بِبَ ِخي ٍل‪،‬‬ ‫ضادِ‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ي‪ :‬بِ ُمت َّ َه ٍم‪َ .‬و ِم ْن ُه ْم َم ْن قَ َرأ َ ذَ ِل َك بِال َّ‬
‫ين‪ ،‬أ َ ْ‬ ‫ظنِ ٍ‬ ‫اللَّهُ إِلَ ْي ِه بِ َ‬
‫بَ ْل يَ ْبذُلُهُ ِلكُ ِّل أ َ َحدٍ‪.‬‬
‫ان‬
‫ط ٍ‬ ‫ي‪َ :‬و َما َهذَا ْالقُ ْرآ ُن ِبقَ ْو ِل َ‬
‫ش ْي َ‬ ‫ان َر ِج ٍيم} أ َ ْ‬ ‫ط ٍ‬ ‫ش ْي َ‬‫{و َما ُه َو ِبقَ ْو ِل َ‬ ‫َ‬
‫علَى َح ْم ِل ِه‪َ ،‬و َال يُ ِري ُدهُ‪َ ،‬و َال َي ْن َب ِغي لَه ُ‪َ .‬ك َما قَا َل‪:‬‬ ‫ي‪َ :‬ال َي ْقد ُِر َ‬ ‫َر ِج ٍيم‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ين َو َما َي ْن َب ِغي لَ ُه ْم َو َما َي ْست َ ِطيعُونَ ِإنَّ ُه ْم َ‬
‫ع ِن‬ ‫اط ُ‬ ‫ش َي ِ‬ ‫ت ِب ِه ال َّ‬ ‫{و َما تَنزلَ ْ‬ ‫َ‬
‫س ْم ِع لَ َم ْع ُزولُونَ }‪.‬‬ ‫ال َّ‬
‫يم» رد على الجبرية‪{َ .‬و َما َت َش ُاءو َن إ اَّل َأ ْن َي َشاءَ‬ ‫«ل َم ْن َش َاء م ْن ُك ْم َأ ْن َي ْس َتق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ا‬
‫الل ُه َر ُّب ال َعال ِم َين} رد على القدرية‪.‬‬

‫سورة اإلنفطار مكية‪:‬‬


‫ْك الْي وم لِلَّ ِه الْو ِ‬
‫اح ِد الْ َقهَّا ِر}‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫ْم‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫{واألمر ي ومئِ ٍذ لِلَّ ِه} َك َقولِ ِه {لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُْ َْ َ‬

‫سورة المطففين مكية على خَلف‪:‬‬


‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ال َْم ِدينَةَ َكانُوا ِم ْن‬ ‫ِ‬
‫ال‪ " :‬لَ َّما قَد َم النَّبِ ُّي َ‬‫اس‪ ،‬قَ َ‬ ‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬
‫ِ ِِ‬ ‫أَ ْخب ِ‬
‫سنُوا الْ َكيْ َل بَ ْع َد‬
‫َح َ‬
‫ين} فَأ ْ‬ ‫َّاس َك ْي ًَل‪ ،‬فَأَنْ َز َل اللَّهُ ُس ْب َحانَهُ َ‬
‫{ويْ ٌل لل ُْمطَفف َ‬ ‫ث الن ِ‬ ‫َ‬
‫ك " وحسنه األلباني‪.‬‬ ‫ذَلِ َ‬

‫‪821‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ا ٍ مرقُ ٌ ِ‬ ‫اك ما ِس ِج ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫ين‪:‬‬
‫وم} َسج ٌ‬ ‫ين‪ ،‬كتَ ٌ َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫{ َكَل إِ َّن كتَ َ‬
‫ا ٍ الْ ُف َّجا ِر لَفي سجي ٍن‪َ ،‬وَما أَ ْد َر َ َ‬
‫السابِ َع ِة مكتو ٍ‬
‫ض َّ‬ ‫الضيِ ُق وُو ديوان تَ ْح َ‬
‫ت ْاأل َْر ِ‬ ‫السجن‪ ،‬و ُُو ِ‬
‫َ َ‬ ‫يل ِم َن َّ‬ ‫فِ ِع ٍ‬
‫بأعمالهم‪ .‬وعكسه عليون‪.‬‬
‫ول اللَّ ِه‬‫{ َكَل بَل را َن َعلَى قُلُوبِ ِه ْم َما َكانُوا يَ ْك ِسبُو َن} َع ْن أَبِي ُُريْ رَة‪َ ،‬ع ْن ر ُس ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬
‫الع ْب َد إِذَا أَ ْخطَأَ َخ ِطيئَةً نُ ِكتَ ْ‬
‫ت فِي قَ لْبِ ِه نُ ْكتَةٌ‬ ‫ال‪« :‬إِ َّن َ‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬
‫َ‬
‫اد ِزي َد فِ َيها َحتَّى تَ ْعلَُو‬ ‫ا ٍ ُس ِق َل قَ لْبُهُ‪َ ،‬وإِ ْن َع َ‬
‫استَ ْغ َف َر َوتَ َ‬
‫ع َو ْ‬ ‫َس ْو َداءُ‪ ،‬فَِإ َذا ُُ َو نَ َز َ‬
‫الرا ُن الَّ ِذ ذَ َك َر اللَّهُ» { َك ََّل بَ ْل َرا َن َعلَى قُلُوبِ ِه ْم َما َكانُوا يَ ْك ِسبُو َن}‬ ‫قَ لْبَهُ‪َ ،‬و ُُ َو َّ‬
‫رواه الترمذ وحسنه األلباني‪.‬‬

‫الشافِ ِع ُّي‪ :‬فِي‬


‫ام أَبُو َع ْب ِد اللَّ ِه َّ‬ ‫ال ِْ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫{ َكَل إِنَّ ُه ْم َع ْن َربِ ِه ْم يَ ْوَمئِ ٍذ لَ َم ْح ُجوبُو َن}‪ :‬قَ َ‬
‫ام‬ ‫ين يَ َرْونَهُ َع َّز َو َج َّل يَ ْوَمئِ ٍذ‪َ .‬و َُ َذا الَّ ِذ قَالَهُ ِْ‬‫َُ ِذهِ ْاْلي ِة َدلِيل َعلَى أ َّ ِ ِ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫َن ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫َ ٌ‬
‫الشافِ ِعي‪ ،‬رِحمه اللَّه‪ ،‬فِي غَاي ِة الْحس ِن‪ ،‬وُو استِدََل ٌل بِم ْفه ِ‬
‫وم َُ ِذهِ ْاْليَِة‪َ ،‬ك َما‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ْ َ َُ ْ ْ‬ ‫َّ ُّ َ َ ُ ُ‬
‫اضرةٌ إِلَى ربِها نَ ِ‬
‫اظ َرةٌ}‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫َد َّل َعلَْي ِه م ْنطُو ُق قَ ولِ ِه‪{ :‬وجوهٌ ي ومئِ ٍذ نَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫سورة اإلنشقاق‪ :‬مكية‪.‬‬


‫ْ‬
‫أ‬‫ر‬ ‫ه‬‫َّ‬
‫ن‬‫َ‬‫أ‬‫ك‬‫َ‬ ‫ة‬‫ِ‬ ‫ام‬‫ي‬ ‫ِ‬
‫الق‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم‪« :‬من س َّره أَ ْن ي نظُر إِلَى ي وِ‬
‫م‬
‫َ ْ َ ُ َْ َ َ ْ َ َ ُ َ ُ‬
‫ش َّق ْ‬
‫ت"‬ ‫ت‪َ ،‬وإِذَا َّ‬
‫الس َماءُ انْ َ‬ ‫ت‪َ ،‬وإِذَا َّ‬
‫الس َماءُ انْ َفطََر ْ‬ ‫س ُك ِوَر ْ‬ ‫َع ْي ٍن» فَ لْيَ ْق َرأْ‪ :‬إِذَا َّ‬
‫الش ْم ُ‬
‫رواه الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬

‫‪822‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َلَ تَ ْس َم ُع َش ْي ئًا َلَ تَ ْع ِرفُهُ‪ ،‬إََِّل‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪َ :‬كانَ ْ‬ ‫ج النَّبِ ِي َ‬ ‫شةَ‪َ ،‬زْو َ‬ ‫عن َعائِ َ‬
‫ِ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫ت فِ ِيه َحتَّى تَ ْع ِرفَهُ‪َ ،‬وأ َّ‬
‫ب‬‫ال‪َ « :‬م ْن ُحوس َ‬ ‫َن النَّبِ َّي َ‬ ‫اج َع ْ‬
‫َر َ‬
‫سابًا‬ ‫ف يحاسب ِ‬ ‫ْت أَولَْيس يَ ُق ُ َّ‬ ‫ت َعائِ َ‬ ‫ِ‬
‫س ْو َ ُ َ َ ُ َ‬
‫ح‬ ‫ول اللهُ تَ َعالَى‪{ :‬فَ َ‬ ‫شةُ‪ :‬فَ ُقل ُ َ َ‬ ‫ ٍ» قَالَ ْ‬ ‫ُعذ َ‬
‫ك"‬ ‫ا ٍ يَ ْهلِ ْ‬ ‫س َ‬
‫ِ‬
‫ٍ الح َ‬
‫ِ‬
‫ض‪َ ،‬ولَك ْن‪َ :‬م ْن نُوق َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ال‪ " :‬إِنَّ َما َذلك َ‬
‫الع ْر ُ‬ ‫ت‪ :‬فَ َق َ‬ ‫يَ ِس ًيرا} قَالَ ْ‬
‫رواه البخار ‪.‬‬
‫اء ظَ ْه ِرهِ} أَ ْ ‪ :‬بِ ِش َمالِ ِه ِم ْن َوَر ِاء ظَ ْه ِرهِ‪ ،‬تُثْنى يَ ُدهُ إِلَى َوَرائِِه‬ ‫ِ ِ‬
‫{وأ ََّما َم ْن أُوت َي كتَابَهُ َوَر َ‬ ‫َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫َويُ ْعطَى كِتَابَهُ بِ َها َك َذلِ َ‬
‫ْجن َِّة بِال َْم َخافَ ِة َوالْ ُح ْز ِن َوالْبُ َك ِاء‬
‫ف اللَّهُ أَ ُْ َل ال َ‬‫ص َ‬ ‫ِ ِِ‬
‫{إِنَّهُ كا َن في أَ ُْله َم ْس ُروراً}‪َ .‬و َ‬
‫ور فِي ْاْل ِخ َرةِ‪ ،‬قَا َل اللَّ ِه تَ َعالَى‪{ :‬إِنَّا‬ ‫الس ُر َ‬
‫يم َو ُّ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫الش َف َق ِة فِي ُّ‬
‫الدنْ يَا فَأَ ْع َقبَ ُه ْم به النَّع َ‬ ‫َو َّ‬
‫ف أَ ُْ َل‬ ‫ُكنَّا قَ بل فِي أَُلِنا م ْش ِف ِقين فَم َّن اللَّه علَينا ووقانا عذا ٍ السم ِ‬
‫ص َ‬ ‫ََ َ‬ ‫و‬‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫}‬ ‫وم‬ ‫َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ َّ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُْ‬
‫ال‪{ :‬إِنَّهُ كا َن فِي أَ ُْلِ ِه‬ ‫ك فِ َيها َوالتَّ َف ُّك ِه‪ .‬فَ َق َ‬ ‫الض ِح ِ‬
‫الدنْ يَا َو َّ‬ ‫الس ُروِر فِي ُّ‬ ‫النَّا ِر بِ ُّ‬
‫َم ْس ُروراً}‬
‫ْح ْم َرةُ‪ .‬وقال صلى الله عليه‬ ‫الش َف ِق } قال الجمهور‪َّ :‬‬ ‫ْس ُم بِ َّ‬ ‫{فََل أُق ِ‬
‫الش َف ُق‪ :‬ال ُ‬
‫الش َف ُق" رواه مسلم‪.‬‬ ‫ب َّ‬ ‫ ٍ َما لَ ْم يَِغ ِ‬ ‫ص ََلةِ ال َْمغْ ِر ِ‬
‫ْت َ‬ ‫وسلم‪َ " :‬وق ُ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِي إِ َذا‬ ‫ال‪« :‬سج َد رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬أَنَّهُ قَ َ َ َ َ ُ‬
‫ك» رواه مسلم‬ ‫اس ِم َربِ َ‬‫ت َواق َْرأْ بِ ْ‬ ‫ش َّق ْ‬
‫الس َماءُ انْ َ‬
‫َّ‬

‫‪823‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة البروج مكية على خالف‪:‬‬


‫ور فِي‬ ‫وج} قيل الْب روج ُِي‪ :‬النُّج ِ‬ ‫السم ِاء َذ ِ‬
‫صٌ‬ ‫ام‪ ،‬وقيل قُ ُ‬ ‫وم الْعظَ ُ‬ ‫ُُ ُ َ ُ ُ‬ ‫ات الْبُ ُر ِ‬ ‫{و َّ َ‬‫َ‬
‫ش َر بُ ْر ًجا‪،‬‬ ‫س َوالْ َق َم ِر‪َ ،‬و ُِ َي اثْ نَا َع َ‬ ‫الش ْم ِ‬‫ار ابْ ُن َج ِري ٍر أَنَّ َها‪َ :‬منَا ِز ُل َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫الس َماء‪َ .‬وا ْختَ َ‬
‫اح ٍد يَ ْوَم ْي ِن َوثُلْثًا‪،‬‬ ‫اح ٍد ِم ْن ها َش ْهرا‪ ،‬وي ِسير الْ َقمر فِي ُك ِل و ِ‬ ‫الشمس فِي ُك ِل و ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ً ََ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫تَس ُير َّ ْ ُ‬
‫فذلك ثمانية وعشرون منزلة ويستسر ليلتين‪.‬‬
‫ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ف ال ُْم َف ِس ُرو َن فِي ذَلِ َ‬ ‫ود} ا ْختَ لَ َ‬ ‫اُ ٍد وم ْشه ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫{والْيَ ْوم ال َْم ْو ُعود َو َش َ َ ُ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ :‬‬
‫القيَ َام ِة‪،‬‬
‫ود ي وم ِ‬
‫الم ْو ُع ُ َ ْ ُ‬
‫والصحيح ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم‪« :‬اليَ ْوُم َ‬
‫الج ُم َع ِة" رواه الترمذ من حديث أبي‬ ‫والي وم الم ْشهو ُد ي وم َعرفَةَ‪ ،‬و َّ ِ‬
‫الشاُ ُد يَ ْوُم ُ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ُ َْ ُ َ َ‬
‫ُريرة‪ ،‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫ص ِة‪ ،‬فقال‬ ‫ف أَ ُْ ُل التَّ ْف ِسي ِر فِي أَ ُْ ِل َُ ِذهِ ال ِْق َّ‬ ‫ود} َوقَ ِد ا ْختَ لَ َ‬ ‫َصحا ٍ األ ْخ ُد ِ‬
‫{قُت َل أ ْ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ول ِ‬
‫الله‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫ب‪ ،‬أ َّ‬ ‫ص َه ْي ٍ‬
‫بعض العلماء ُي التي ذكرت في ُذا الحديث‪َ :‬ع ْن ُ‬
‫اح ٌر‪ ،‬فَ لَ َّما‬ ‫ك فِيمن َكا َن قَ ب لَ ُكم‪ ،‬وَكا َن لَه س ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ال‪َ " :‬كا َن ملِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ث إِلَْي ِه‬ ‫ُعلِمهُ ِ‬ ‫ك‪ :‬إِنِي قَ ْد َكبِ ْر ُ‬ ‫ال لِلْملِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ْح َر‪ ،‬فَ بَ َع َ‬ ‫ث إِلَ َّي غُ ََل ًما أ َ ْ‬ ‫ت‪ ،‬فَابْ َع ْ‬ ‫َكب َر‪ ،‬قَ َ َ‬
‫غُ ََلما ي علِمه‪ ،‬فَ َكا َن فِي طَ ِر ِيق ِه‪ ،‬إِ َذا سلَ َ ِ‬
‫ب فَ َق َع َد إِلَْي ِه َو َس ِم َع َك ََل َمهُ‪ ،‬فَأَ ْع َجبَهُ‬ ‫ك َراُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ً َُ ُ ُ‬
‫ش َكا‬‫ض َربَهُ‪ ،‬فَ َ‬ ‫اح َر َ‬ ‫الس ِ‬
‫ب َوقَ َع َد إِلَْي ِه‪ ،‬فَِإذَا أَتَى َّ‬ ‫اُ ِ‬‫الر ِ‬ ‫الس ِ‬
‫اح َر َم َّر بِ َّ‬ ‫فَ َكا َن إِذَا أَتَى َّ‬
‫سنِي أَ ُْلِي‪َ ،‬وإِ َذا‬ ‫يت َّ ِ‬ ‫ال‪ :‬إِ َذا َخ ِش َ‬ ‫اُ ِ‬‫الر ِ‬
‫ك إِلَى َّ‬ ‫َذلِ َ‬
‫الساح َر‪ ،‬فَ ُق ْل‪َ :‬حبَ َ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َق َ‬
‫يم ٍة‬ ‫ٍ ِ‬ ‫الس ِ‬
‫اح ُر‪ ،‬فَ بَ ْي نَ َما ُُ َو َك َذلِ َ‬ ‫سنِي َّ‬ ‫َخ ِ‬
‫ك إِ ْذ أَتَى َعلَى َدابَّة َعظ َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫يت‬
‫َ‬ ‫ش‬
‫َخ َذ‬‫ض ُل؟ فَأ َ‬ ‫ب أَفْ َ‬ ‫ضل أَِم َّ ِ‬ ‫ال‪ :‬الْي وم أَ ْعلَم َّ ِ‬ ‫قَ ْد حب ِ‬
‫الراُ ُ‬ ‫آلساح ُر أَفْ َ ُ‬ ‫َّاس‪ ،‬فَ َق َ َ ْ َ ُ‬ ‫ست الن َ‬ ‫ََ َ‬
‫اح ِر فَاقْتل ُ ِذهِ‬ ‫الس ِ‬
‫ك ِم ْن أ َْم ِر َّ‬ ‫ب إِلَْي َ‬‫َح َّ‬ ‫الر ِ‬
‫اُ ِ‬ ‫الله َّم إِ ْن َكا َن أ َْم ُر َّ‬
‫ُْ َ‬ ‫بأَ‬ ‫ال‪ُ :‬‬ ‫َح َج ًرا‪ ،‬فَ َق َ‬
‫‪824‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب فَأَ ْخبَ َرهُ‪،‬‬ ‫ضى النَّاس‪ ،‬فَأَتَى َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫الراُ َ‬ ‫ُ‬ ‫اُا فَ َقتَ لَ َها‪َ ،‬وَم َ‬ ‫َّاس‪ ،‬فَ َرَم َ‬
‫الدابَّةَ‪َ ،‬حتَّى يَ ْمض َي الن ُ‬
‫ض ُل ِمنِي‪ ،‬قَ ْد بَلَ َغ ِم ْن أ َْم ِر َك َما أَ َرى‪،‬‬ ‫ت الْيَ ْوَم أَفْ َ‬ ‫ب‪ :‬أَ ْ بُنَ َّي أَنْ َ‬ ‫ال لَه َّ ِ‬
‫الراُ ُ‬ ‫فَ َق َ ُ‬
‫َّ‬ ‫ك ست ب ت لَى‪ ،‬فَِإ ِن اب تلِ‬
‫ص‪،‬‬ ‫ر‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َب‬
‫ْ‬ ‫األ‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫األ‬
‫ْ‬ ‫ئ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫ُُ‬ ‫م‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫غ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َل‬‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫يت‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َوإِنَّ َ َ ُ ْ َ‬
‫ك َكا َن قَ ْد َع ِم َي‪ ،‬فَأَتَاهُ‬ ‫وي َدا ِو النَّاس ِمن سائِ ِر ْاألَ ْدو ِاء‪ ،‬فَس ِمع جلِيس لِلْملِ ِ‬
‫َ َ َ ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َُ‬
‫ال‪ :‬إِنِي ََل أَ ْش ِفي‬ ‫ت َش َف ْي تَنِي‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َج َم ُع‪ ،‬إِ ْن أَنْ َ‬ ‫كأْ‬ ‫اُنَا لَ َ‬‫ال‪َ :‬ما َُ ُ‬ ‫بِ َه َدايَا َكثِ َيرةٍ‪ ،‬فَ َق َ‬
‫اك‪ ،‬فَآمن بِ ِ‬
‫الله‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫َح ًدا إِنَّ َما يَ ْش ِفي اللهُ‪ ،‬فَِإ ْن أَنْ َ‬
‫ش َف َ َ َ‬ ‫ت اللهَ فَ َ‬ ‫الله َد َع ْو ُ‬ ‫آم ْن َ‬ ‫ت َ‬ ‫أَ‬
‫ك‪َ :‬م ْن َر َّد‬ ‫ال لَهُ ال َْملِ ُ‬ ‫س‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ُ‬
‫ك فَجلَس إِلَي ِه َكما َكا َن يجلِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ش َفاهُ الله‪ ،‬فَأَتَى الْملِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فَ َ‬
‫َخ َذهُ‬ ‫ك اللهُ‪ ،‬فَأ َ‬ ‫ال‪َ :‬ربِي َوَربُّ َ‬ ‫ك َر ٍ غَ ْي ِر ؟ قَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ولَ َ‬ ‫ال‪َ :‬ربِي‪ ،‬قَ َ‬ ‫ص َر َك؟ قَ َ‬ ‫ك بَ َ‬ ‫َعلَْي َ‬
‫ك‪ :‬أَ ْ بُنَ َّي‬ ‫ال لَهُ ال َْملِ ُ‬ ‫يء بِالْغُ ََلِم‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫فَ لَ ْم يَ َز ْل يُ َعذبُهُ َحتَّى َدل َعلَى الْغُ ََلِم‪ ،‬فَج َ‬
‫ال‪ :‬إِنِي ََل‬ ‫ص‪َ ،‬وتَ ْف َع ُل َوتَ ْف َع ُل‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ر‬ ‫َب‬
‫األ‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ك‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫األ‬
‫ْ‬ ‫ئ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ب‬ ‫ُ‬‫ت‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ح‬ ‫قَ ْد ب لَ َغ ِمن ِ‬
‫س‬
‫ْ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ب‪،‬‬ ‫اُ ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َح ًدا‪ ،‬إِنَّ َما يَ ْش ِفي اللهُ‪ ،‬فَأَ َخ َذهُ فَ لَ ْم يَ َز ْل يُ َع ِذبُهُ َحتَّى َد َّل َعلَى َّ‬ ‫ِ‬
‫أَ ْشفي أ َ‬
‫ض َع‬‫شا ِر‪ ،‬فَ َو َ‬ ‫ك‪ ،‬فَأَبَى‪ ،‬فَ َد َعا بِال ِْم ْئ َ‬ ‫يل لَهُ‪ْ :‬ارِج ْع َع ْن ِدينِ َ‬ ‫ب‪ ،‬فَِ‬
‫ق‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫اُ‬ ‫َّ‬ ‫فَ ِجيء بِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ش َّقهُ حتَّى وقَع ِش َّقاهُ‪ ،‬ثُ َّم ِجيء بِجلِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ِ‬
‫يل‬
‫يس ال َْملك فَق َ‬ ‫َ َ‬ ‫ار في َم ْف ِرق َرأْسه‪ ،‬فَ َ َ َ َ‬ ‫الْم ْئ َ َ‬
‫ش َّقهُ بِِه َحتَّى َوقَ َع‬ ‫ار فِي َم ْف ِر ِق َرأْ ِس ِه‪ ،‬فَ َ‬ ‫شَ‬ ‫ض َع ال ِْم ْئ َ‬ ‫ك‪ ،‬فَأَبَى فَ َو َ‬ ‫لَهُ‪ْ :‬ارِج ْع َع ْن ِدينِ َ‬
‫ك‪ ،‬فَأَبَى فَ َدفَ َعهُ إِلَى نَ َف ٍر ِم ْن‬ ‫يل لَهُ ْارِج ْع َع ْن ِدينِ َ‬ ‫ِش َّقاهُ‪ ،‬ثُ َّم ِج ِ ِ ِ‬
‫يء بالْغُ ََلم فَق َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َص َحابِِه‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ْجبَ َل‪ ،‬فَِإذَا بَلَغْتُ ْم‬ ‫اص َع ُدوا بِه ال َ‬ ‫ال‪ :‬ا ْذ َُبُوا بِه إِلَى َجبَ ِل َك َذا َوَك َذا‪ ،‬فَ ْ‬ ‫أْ‬
‫ذُروتَهُ‪ ،‬فَِإ ْن رجع َعن ِدينِ ِه‪ ،‬وإََِّل فَاطْرحوهُ‪ ،‬فَ َذ َُبوا بِِه فَ ِ ِ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ْجبَ َل‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫صع ُدوا بِه ال َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ف بِ ِه ِم الْجبل فَس َقطُوا‪ ،‬وجاء يم ِشي إِلَى الْملِ ِ‬ ‫ت‪ ،‬فَ َر َج َ‬ ‫الله َّم ا ْك ِفنِي ِه ْم بِ َما ِش ْئ َ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫ال‪َ :‬ك َفانِي ِه ُم اللهُ‪ ،‬فَ َدفَ َعهُ إِلَى نَ َف ٍر ِم ْن‬ ‫ك؟ قَ َ‬ ‫َص َحابُ َ‬ ‫ك‪َ :‬ما فَ َع َل أ ْ‬ ‫ال لَهُ ال َْملِ ُ‬‫فَ َق َ‬
‫‪825‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اح ِملُوهُ فِي قُ ْرقُوٍر‪ ،‬فَ تَ َو َّسطُوا بِِه الْبَ ْح َر‪ ،‬فَِإ ْن َر َج َع َع ْن‬ ‫ِ‬
‫ال‪ :‬ا ْذ َُبُوا بِه فَ ْ‬ ‫َص َحابِِه‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫أْ‬
‫َت بِ ِه ِم‬‫ت‪ ،‬فَانْ َك َفأ ْ‬ ‫الله َّم ا ْك ِفنِي ِه ْم بِ َما ِش ْئ َ‬
‫ال‪ُ :‬‬ ‫ِدينِ ِه َوإََِّل فَاق ِْذفُوهُ‪ ،‬فَ َذ َُبُوا بِِه‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ك؟‬ ‫َص َحابُ َ‬ ‫ك‪َ :‬ما فَ َع َل أ ْ‬ ‫ال لَهُ ال َْملِ ُ‬‫ك‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫الس ِفينَةُ فَ غَ ِرقُوا‪ ،‬وجاء يم ِشي إِلَى الْملِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ‬ ‫َّ‬
‫آم ُر َك بِِه‪،‬‬ ‫ك لَس َ ِِ‬ ‫ال‪َ :‬ك َفانِي ِهم اللهُ‪ ،‬فَ َق َ ِ ِ ِ‬
‫ت بَِقاتلي َحتَّى تَ ْف َع َل َما ُ‬ ‫ال لل َْملك‪ :‬إِنَّ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫قَ َ‬
‫ال‪ :‬تَجمع النَّاس فِي ص ِع ٍ ِ‬
‫صلُبُنِي َعلَى ِج ْذ ٍع‪ ،‬ثُ َّم ُخ ْذ‬ ‫يد َواح ٍد‪َ ،‬وتَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ :‬وَما ُُ َو؟ قَ َ ْ َ ُ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ ٍ الْغُ ََلِم‪،‬‬ ‫س‪ ،‬ثُ َّم قُل‪ :‬بِاس ِم ِ‬
‫الله َر ِ‬ ‫ْ ْ‬ ‫الس ْه َم فِي َكبِ ِد الْ َق ْو ِ‬ ‫ض ِع َّ‬ ‫َس ْه ًما ِم ْن كِنَانَتِي‪ ،‬ثُ َّم َ‬
‫صلَبَهُ‬ ‫ك قَ تَ لْتَنِي‪ ،‬فَجمع النَّاس فِي ِ ٍ ِ ٍ‬ ‫ْت ذَلِ‬ ‫ك إِ‬ ‫َّ‬ ‫ثُ َّم ْارِمنِي‪ ،‬فَِ‬
‫صعيد َواحد‪َ ،‬و َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ال‪:‬‬ ‫س‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫الس ْه َم فِي َك ْب ِد الْ َق ْو ِ‬
‫ض َع َّ‬ ‫َخ َذ َس ْه ًما ِم ْن كِنَانَتِ ِه‪ ،‬ثُ َّم َو َ‬ ‫َعلَى ِج ْذ ٍع‪ ،‬ثُ َّم أ َ‬
‫ص ْد ِغ ِه‬ ‫ِ‬
‫ض َع يَ َدهُ في ُ‬ ‫ص ْد ِغ ِه‪ ،‬فَ َو َ‬ ‫ ٍ الْغُ ََلِم‪ ،‬ثُ َّم رماهُ فَ وقَع َّ ِ‬
‫الس ْه ُم في ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫بِاس ِم ِ‬
‫الله‪َ ،‬ر ِ‬ ‫ْ‬
‫آمنَّا بِر ِ‬ ‫ال النَّاس‪ِ ِ َ :‬‬ ‫فِي مو ِ‬
‫ ٍ الْغُ ََلِم‪َ ،‬‬
‫آمنَّا‬ ‫ِ‬
‫آمنَّا ب َر ٍ الْغُ ََلم‪َ َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ات‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫الس ْه ِم فَ َم َ‬ ‫ض ِع َّ‬ ‫َْ‬
‫ك‬ ‫ت تَح َذر؟ قَ ْد و ِ‬
‫الله نَ َز َل بِ َ‬ ‫ك فَِ‬ ‫ ٍ الْغُ ََلِم‪ ،‬فَأُتِي الْملِ‬ ‫بِر ِ‬
‫َ‬ ‫ت َما ُك ْن َ ْ ُ‬ ‫يل لَهُ‪ :‬أ ََرأَيْ َ‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض َرَم‬
‫ت َوأَ ْ‬ ‫ك‪ ،‬فَ ُخ َّد ْ‬ ‫الس َك ِ‬‫ود فِي أَفْ واهِ ِ‬ ‫ح َذر َك‪ ،‬قَ ْد آمن النَّاس‪ ،‬فَأَمر بِ ْاألُ ْخ ُد ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ ََ‬ ‫َ ُ‬
‫يل لَهُ‪ :‬اقْتَ ِح ْم‪ ،‬فَ َف َعلُوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ُموهُ ف َيها‪ ،‬أ َْو ق َ‬
‫ِ ِ‬
‫ال‪َ :‬م ْن لَ ْم يَ ْرِج ْع َع ْن دينِه فَأ ْ‬ ‫النِ َيرا َن‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ال لَ َها الْغُ ََل ُم‪ :‬يَا‬ ‫ت أَ ْن تَ َق َع فِ َيها‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬ ‫اع‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫صبِ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬‫أ‬‫ر‬ ‫ام‬
‫ْ‬
‫َ ََ َ‬ ‫ت‬ ‫حتَّى جاء ِ‬
‫ِ‬
‫ْح ِق " رواه مسلم والترمذ ‪.‬‬ ‫اصبِ ِر فَِإنَّك َعلَى ال َ‬ ‫أ َُّم ْه ْ‬

‫يد} {قُل يا أَ ُْل ال ِ‬


‫ْكتَ ِ‬
‫ا ٍ َُ ْل‬ ‫{وما نَ َقموا ِم ْن هم إَِل أَ ْن ي ْؤِمنُوا بِاللَّ ِه الْع ِزي ِز الْح ِم ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ ُ ْ‬
‫آمنَّا بِاللَّ ِه َوَما أُنْ ِز َل إِلَْي نَا َوَما أُنْ ِز َل ِم ْن قَ ْب ُل}‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫تَ ْنق ُمو َن منَّا إََِّل أَ ْن َ‬

‫‪826‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫يما َش ِدي ًدا قال صلى‬ ‫ِ‬ ‫َخ َذ الظَّالِ َم أ َ‬


‫ش ِدي ٌد} أَ ْ ‪ :‬إِ َذا أ َ‬ ‫ٍْ َربِ َ‬
‫َخ َذهُ أَ ْخ ًذا أَل ً‬ ‫ك لَ َ‬ ‫{إِ َّن بَط َ‬
‫َخ َذهُ لَ ْم يُ ْفلِ ْتهُ» قَ َ‬
‫ال‪ :‬ثُ َّم قَ َرأَ‪:‬‬ ‫الله عليه وسلم‪« :‬إِ َّن اللَّهَ لَيُ ْملِي لِلظَّالِ ِم َحتَّى إِ َذا أ َ‬
‫يم َش ِدي ٌد} رواه‬ ‫َخ َذ ال ُقرى و ُِي ظَالِمةٌ إِ َّن أَ ْخ َذهُ أَلِ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ك أَ ْخ ُذ ربِ‬‫َ‬ ‫{وَك َذلِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫البخار ‪.‬‬

‫سورة الطارق مكية‪:‬‬


‫وق‪َ ،‬و ُُ َو‬ ‫ف م ْشتَق ِمن الطُّر ِ‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫ق‬‫السم ِاء والطَّا ِر ِق}‪ :‬والطَّا ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪َ { :‬و َّ َ َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم إِ َذا‬ ‫الْم ِجيء لَي ًَل‪ .‬كما في الحديث‪« :‬نَهى رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫َّج ُم طَا ِرقًا؛‬ ‫الر ُج ُل الْغَْي بَةَ‪ ،‬أَ ْن يَأْتِ َي أَ ُْلَهُ طُُروقًا» رواه مسلم‪ .‬و إِنَّ َما ُس ِم َي الن ْ‬ ‫ال َّ‬ ‫أَطَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألَنَّهُ إِنَّ َما يُ َرى بِاللَّْي ِل َويَ ْختَفي بِالن َ‬
‫َّها ِر‪.‬‬
‫ض ْوئِِه‪.‬‬
‫ب الظَََّل َم بِ َ‬ ‫ِ‬
‫ب» ‪ :‬ال ُْمضيءُ‪ ،‬يَثْ ُق ُ‬
‫ِ‬
‫«الثَّاق ُ‬
‫ود ال َْعظ ِْم ُّي الْ َكائِ ُن فِي َو َس ِط‬ ‫والصل ِ‬ ‫َّرائِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫{ي ْخرج ِ‬
‫ْب‪ :‬ال َْع ُم ُ‬ ‫ب} ُّ‬ ‫َ َ‬‫الت‬ ‫و‬ ‫ْب‬ ‫ل‬ ‫الص‬
‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ ُُ‬
‫ات‪.‬‬ ‫الظَّ ْه ِر‪ ،‬و ُُو ذُو ال ِْف ْقر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ال‪ :‬تُ ِريب‪ .‬ومح َّرر أَقْو ِال اللُّغَ ِويِ ِ‬ ‫ب‪ :‬جمع تَ ِريب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫والتَّرائِ‬
‫ين ف َيها أَنَّ َها عظَ ُ‬
‫ام‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ي‬
‫ُ‬‫و‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض ُع ال ِْق ََل َدةِ ِم َن ال َْم ْرأَةِ‪.‬‬
‫الص ْد ِر الَّتِي ب يْن الترقوتين والثديين ووسموه بِأَنَّهُ مو ِ‬
‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫وَل دليل على تفريقهما بين الجنسين‪.‬‬
‫اد ٌر} فِ ِيه قَ ْوََل ِن‪:‬‬ ‫وقَ ولُهُ‪{ :‬إِنَّهُ َعلَى رج ِع ِه لََق ِ‬
‫َْ‬ ‫َ ْ‬
‫ك‪.‬‬‫اد ٌر َعلَى َذلِ َ‬ ‫الدافِ ِق إِلَى م َق ِرهِ الَّ ِذ َخرج ِم ْنهُ لََق ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َح ُد ُُ َما‪َ :‬علَى َر ْج ِع َُ َذا ال َْم ِاء َّ‬ ‫أَ‬
‫قاله مجاُد‪َ ،‬و ِع ْك ِرَمةُ‪َ ،‬وغَ ْي ُرُُ َما‪.‬‬
‫‪827‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ٍ‬
‫وق ِم ْن َماء َدافِ ٍق‪ ،‬أَ ْ ‪ :‬إِ َع َ‬
‫ادتُهُ‬ ‫ان الْم ْخلُ ِ‬
‫س َ‬
‫اإلنْ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوالْ َق ْو ُل الثَّاني‪ :‬إنَّهُ َعلَى َر ْج ِع َُ َذا ِْ َ‬
‫ادةِ‪َ .‬وقَ ْد‬ ‫َن َم ْن قَ َد َر َعلَى الْبَ ْد ِء قَ َد َر َعلَى ِْ‬
‫اإل َع َ‬ ‫الدا ِر ْاْل ِخرةِ لََق ِ‬
‫اد ٌر؛ ِأل َّ‬ ‫َ‬ ‫َوبَ ْعثُهُ إِلَى َّ‬
‫آن فِي غَ ْي ِر ما مو ِ‬ ‫الدلِيل فِي الْ ُقر ِ‬ ‫َّ‬
‫ض ٍع‪َ ،‬و َُ َذا الْ َق ْو ُل قَ َ‬
‫ال‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ذَ َك َر اللهُ‪َ ،‬ع َّز َو َج َّل‪َ َُ ،‬ذا َّ َ‬
‫الس َرائُِر}‪ .‬تفسير ابن‬ ‫ال‪{ :‬يَ ْوَم تُ ْب لَى َّ‬ ‫ارهُ ابْ ُن َج ِري ٍر‪َ ،‬ولِ َه َذا قَ َ‬
‫اك‪َ ،‬وا ْختَ َ‬ ‫بِِه َّ‬
‫الض َّح ُ‬
‫كثير‪.‬‬

‫سورة األعلى مكية‪:‬‬

‫ومن مناسباتها‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم َكا َن يَ ْق َرأُ فِي ال ِْعي َديْ ِن َويَ ْوِم‬
‫اشيَ ِة " و كان‬ ‫يث الْغَ ِ‬ ‫اك َح ِد ُ‬ ‫ك األ ْعلَى " َو " َُ ْل أَتَ َ‬ ‫اس َم َربِ َ‬‫ ٍ " َسبِ ِح ْ‬ ‫ْج ُم َع ِة ِ‬ ‫ال ُ‬
‫يَ ْق َرئها فِي الْ ِوتْ ِر‪.‬‬
‫ك ال َْع ِظ ِيم} قَ َ‬
‫ال‬ ‫اس ِم َربِ َ‬
‫سبِ ْح بِ ْ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫{‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ز‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬‫َّ‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫‪:‬‬ ‫ول‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫عن ُع ْقبةَ بْن َع ِام ٍر الْج َهنِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫{سبِ ِح‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ز‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬‫َّ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫»‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ول اللَّ ِه صلَّى الله َعلَي ِه وسلَّم‪« :‬اجعلُوُا فِي رُك ِ‬
‫وع‬ ‫لَنَا َر ُس ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫ود ُك ْم» أخرجه الحاكم في مستدركه‬ ‫وُا فِي سج ِ‬ ‫اج َعلُ َ‬ ‫ك ْاألَ ْعلَى} فَ َق َ‬ ‫اس َم َربِ َ‬
‫ُُ‬ ‫ال‪ْ « :‬‬ ‫ْ‬
‫َح َم ُد في مسنده‪.‬‬ ‫ام أ ْ‬ ‫اج ْه و ِْ‬
‫اإل َم ُ‬ ‫َوَرَواهُ أَبُو َد ُاو َد َوابْ ُن َم َ‬
‫{ربُّنَا الَّ ِذ أَ ْعطَى ُك َّل َش ْي ٍء َخلْ َقهُ ثُ َّم َُ َدى}‬ ‫{ َوالذ قَ َّد َر فَ َه َدى} َ‬
‫َّ ِ‬
‫اء اللَّهُ‪ِ }..‬اَل ْستِثْ نَاء للتبرك أو لما يقع من‬ ‫سى‪ .‬إَِل َما َش َ‬ ‫ك فََل تَ ْن َ‬ ‫{ َسنُ ْق ِرئُ َ‬
‫َّس ِخ‪.‬‬
‫الن ْ‬

‫‪828‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬
‫ج‬ ‫اس َم َربِه فَ َ‬
‫صلَّى} قيل قَ ْد أَفْ لَ َح َم ْن تَ َزَّكى‪ :‬أ أَ ْخ َر َ‬ ‫{قَ ْد أَفْ لَ َح َم ْن تَ َزَّكى‪َ .‬وذَ َك َر ْ‬
‫يق الْمصلَّى‪ ،‬فَصلَّى ص ََلة ال ِْع ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫يد‪ .‬والصوا ٍ أن‬ ‫َ َ‬ ‫اس َم َربِه في طَ ِر ِ ُ َ‬ ‫َزَكا َة الْفطْ ِر‪َ ،‬وذَ َك َر ْ‬
‫ذلك عام‪.‬‬
‫اُيم وموسى} قيل‪َ " :‬كانَت ُك ُّل ُ ِذهِ‬ ‫ف األولَى صح ِ ِ‬ ‫{إِ َّن َُ َذا لَِفي ُّ‬
‫الص ُح ِ‬
‫َ‬ ‫ف إِبْ َر َ َ ُ َ‬ ‫ُُ‬
‫اد بَِق ْولِ ِه‪{ :‬إِ َّن‬‫ار ابْ ُن َج ِري ٍر وابن كثير أَ َّن ال ُْم َر َ‬‫َ َ‬‫َ‬‫ت‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫"‪.‬‬ ‫ى‬ ‫َ‬‫ل‬‫ُو‬
‫األ‬
‫ْ‬ ‫ف‬‫الص ُح ِ‬
‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫السورةِ فِ‬
‫ُّ َ‬
‫صلَّى بَ ْل تُ ْؤثُِرو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اس َم َربِه فَ َ‬
‫ارةٌ إِلَى قَ ْوله‪{ :‬قَ ْد أَفْ لَ َح َم ْن تَ َزَّكى َوذَ َك َر ْ‬
‫َُ َذا} إِ َش َ‬
‫الدنْ يا و ِ‬
‫اْلخ َرةُ َخ ْي ٌر َوأَبْ َقى}‪.‬‬ ‫ْحيَاةَ ُّ َ َ‬ ‫ال َ‬

‫سورة الغاشية مكية‪:‬‬


‫ب َُ َذيْ ِن‪ْ َُ :‬ل ُُ َو َكا َن ِم ْن َها فِي‬ ‫َّص ِ‬
‫ف في َزَم ِن ال َْع َم ِل َوالن َ‬
‫اصبةٌ} ا ْختُلِ َ ِ‬
‫َ‬
‫{ َع ِاملَةٌ نَ ِ‬
‫الدنْ يا بِالْمع ِ‬ ‫الدنْ يا أ َْم ُُو واقِع ِم ْن هم فِ ْع ًَل فِي ْاْل ِخرةِ؟ فقيل‪ِ ِ َ :‬‬
‫اصي و‬ ‫{عاملَةٌ} في ُّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ ُْ‬ ‫ُّ َ‬
‫اصبَةٌ} فِي‬ ‫الضالِين‪{ ،‬نَّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫يسين والْمب تَ َد َع ِ‬
‫ة‬ ‫ْ‬
‫ان وال ِْق ِس ِ‬ ‫الر ُْب ِ‬
‫ُّ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫اس َدةِ‬
‫ات الْ َف ِ‬
‫اد ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ال ِ‬
‫ْع‬
‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب فِي النَّا ِر‪.‬‬ ‫صٌ‬ ‫ا ٍ َو ْاألَ ْغ ََل ِل‪ .‬وقيل‪ :‬إنَّهُ َع َم ٌل َونَ َ‬ ‫النَّا ِر بِال َْع َذ ِ‬
‫س ِم ِيه فِي َّ‬
‫الربِي ِع‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫وف لِل َْعر ِ‬
‫ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ت‬‫ٌ‬ ‫ب‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫يع‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َّ‬
‫الض‬ ‫‪:‬‬ ‫}‬ ‫ع‬
‫ٍ‬ ‫ي‬‫ر‬‫ِ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫{لَيس لَهم طَعام إَِل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ُْ َ ٌ‬
‫ات َش ْو ٍك‬ ‫الض ِر ِ ِ ٍ ِ‬ ‫الشب ِر ُق‪َ ،‬وفِي َّ‬
‫الص ْي ِ‬ ‫ِ‬
‫وما‪َ .‬و ُُ َو َش َج َرةٌ َذ ُ‬ ‫يع َوحينَئذ يَص ُير َم ْس ُم ً‬ ‫ف َّ ُ‬
‫ض‪ .‬وقال بعض العلماء ُو الزقوم‪.‬‬ ‫ََل ِطئَةٌ بِ ْاأل َْر ِ‬
‫َن ِج ْرَم َها َم َع إِ ْج َم ِاع‬ ‫ت } آيَةٌ ثَابِتَةٌ‪ِ ،‬أل َّ‬ ‫ف ُس ِط َح ْ‬ ‫ض َكيْ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ‪َ { :‬وإِلَى ْاأل َْر ِ‬
‫سطَّ َحةً‪ ،‬أَ ْ ‪ِ :‬م َن النُّ ْقطَِة الَّتِي ُِ َي فِي‬ ‫ِ‬
‫ين َعلَى تَ ْك ِوي ِرَُا‪ ،‬فَإنَّ َها تُ َرى ُم َ‬
‫ِ‬
‫ال ُْم َفس ِر َ‬
‫ك يَ ُد ُّل َعلَى ِس َعتِ َها َوكِبَ ِر َح ْج ِم َها‪.‬‬ ‫ص ِر‪َ ،‬وذَلِ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْامت َداد الْبَ َ‬
‫‪829‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت َعلَْي ِه ْم بِ َجبَّا ٍر‪.‬‬‫س ْي ِط ٍر}‪ :‬أ لَ ْس َ‬ ‫ِ‬


‫ت َعلَْي ِه ْم ب ُم َ‬ ‫{لَ ْس َ‬
‫ِ‬
‫ا ٍ األ ْكبَ َر} قال صلى الله عليه وسلم‬ ‫{إَِل َم ْن تَ َولَّى َوَك َف َر فَ يُ َعذبُهُ اللَّهُ ال َْع َذ َ‬
‫اد الْبَ ِعي ِر َعلَى أَ ُْلِ ِه» رواه أحمد‬ ‫ْجنَّةَ إََِّل َم ْن َش َر َد َعلَى اللَّ ِه َش َر َ‬ ‫« ُكلُّ ُك ْم يَ ْد ُخ ُل ال َ‬
‫والحاكم في مستدركه وصححه األلباني‪.‬‬
‫َّاس َحتَّى‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ت أَ ْن أُقَاتِ‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫{ثُ َّم إِ َّن َعلَي نَا ِحساب هم} قال صلى الله عليه وسلم " أ ِ‬
‫ُم‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َُ ْ‬ ‫ْ‬
‫سهُ إََِّل‬ ‫ال‪َ :‬لَ إِلَهَ إََِّل اللَّهُ‪ ،‬فَ َق ْد َع ِ ِ‬ ‫يَ ُقولُوا‪َ :‬لَ إِلَهَ إََِّل اللَّهُ‪ ،‬فَ َم ْن قَ َ‬
‫ص َم مني َمالَهُ َونَ ْف َ‬ ‫َ‬
‫سابُهُ َعلَى اللَّ ِه " متفق عليه‪.‬‬ ‫ح‬ ‫بِح ِق ِه‪ ،‬و ِ‬
‫َ َ َ‬

‫سورة الفجر مكية‪:‬‬


‫صلَّى‬ ‫اس‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬ ‫ْح َّج ِة‪َ .‬ع ْن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬‫شر ِذ ال ِ‬
‫{ َولَيَال َع ْش ٍر} الصوا ٍ أنها َع َ ُ‬
‫ٍ‬
‫ض َل ِم ْن َها فِي َُ ِذهِ؟» _ يَ ْعنِي‬ ‫الع َم ُل فِي أَيَّ ٍام أَفْ َ‬
‫ال‪َ « :‬ما َ‬ ‫اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أَنَّهُ قَ َ‬
‫اد‪ ،‬إََِّل رجل َخرج ي َخ ِ‬
‫اط ُر‬ ‫ال‪« :‬وَلَ ِ‬
‫الج َه ُ‬ ‫ق‬ ‫؟‬ ‫اد‬ ‫ه‬ ‫ْح َّج ِة_ قَالُوا‪ :‬وَلَ ِ‬
‫الج‬ ‫شر ِذ ال ِ‬
‫َُ ٌ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َع َ َ‬
‫اخ ُر ِم ْن‬‫شي ٍء» رواه البخار ‪ .‬وقيل ُِي الْع ْشر ْاألَو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫بنَ ْفسه َوَماله‪ ،‬فَ لَ ْم يَ ْرج ْع ب َ ْ‬
‫ضا َن ألنه ذكر ليال‪ ،‬فأجيب على ذلك أن األيام العشر تعم الليال‪.‬‬ ‫َرَم َ‬
‫الش ْفع‪َ :‬ما يَ ُكو ُن ثَانِيًا لِغَْي ِرهِ‪ ،‬وال َْوتْر‪َّ :‬‬
‫الش ْيءُ ال ُْم ْف َر ُد‪َ ،‬و ُُ َما‬ ‫الش ْف ِع َوال َْوتْ ِر }‪َّ :‬‬ ‫{ َو َّ‬
‫ب‬‫يث‪َ " :‬وإِ َّن اللهَ ِوتْ ٌر‪ ،‬يُ ِح ُّ‬ ‫وف‪ .‬فقيل إِنَّما الْوتْ ر ُُو اللَّهُ ; لِلْح ِد ِ‬ ‫ان لِمح ُذ ٍ‬
‫ص َفتَ ِ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫الْ ِوتْ َر" رواه مسلم‪َ .‬وَما ِس َواهُ َش ْف ٌع‪َ ،‬ك َما فِي قَ ْولِ ِه تَ َعالَى‪َ {:‬وِم ْن ُك ِل َش ْي ٍء َخلَ ْقنَا‬
‫ض‪،‬‬ ‫س َم ِاء‪َ ،‬و ْاأل َْر ِ‬‫اجا‪َ ،‬وال َّ‬ ‫ِ‬
‫ْحيَ َوانَات أَ ْزَو ً‬ ‫ات إِ َّما َش ْف ٌع َكال َ‬
‫َزْو َجيْ ِن} وقيل ال َْم ْخلُوقَ ُ‬

‫‪830‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْجبَ ِل‪َ ،‬والْبَ ْح ِر‪َ ،‬والنَّا ِر‪َ ،‬وال َْم ِاء‪َ .‬و َُ َك َذا ذَ َك ُروا لِ ُك ِل َش ْي ٍء ُم َقابِلَهُ‪َ ،‬وِم َن ْاألَ ْشيَ ِاء‬ ‫َوال َ‬
‫الْ َف ْر ُد َكال َْه َو ِاء‪.‬‬
‫اد} َو َُ ُؤََل ِء َعا ٌد ْاألَ ْولَى‪{ : .‬الَّتِي لَ ْم‬ ‫ات الْعِم ِ‬
‫َ‬
‫اد إِرم ذَ ِ‬ ‫ف فَ عل ربُّ َ ٍ‬
‫ك بِ َع َ َ‬ ‫{أَلَ ْم تَ َر َك ْي َ َ َ َ‬
‫َلد} { َوقَالُوا َم ْن أَ َش ُّد ِمنَّا قُ َّو ًة}‬ ‫ي ْخلَ ْق ِمثْ لُها فِي الْبِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ول تَ َعالَى‬ ‫ول َربِي أَ ْك َرَم ِن } يَ ُق ُ‬ ‫سا ُن إِذَا َما ابْ تََلهُ َربُّهُ فَأَ ْك َرَمهُ َونَ َّع َمهُ فَ يَ ُق ُ‬ ‫{فَأ ََّما اإلنْ َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫الر ْز ِق لِيَ ْختَبَِرهُ فِي َذلِ َ‬ ‫ادهِ إِ َذا َو َّس َع اللَّهُ َعلَْي ِه فِي ِ‬ ‫ان فِي ا ْعتِ َق ِ‬ ‫اإلنْس ِ‬
‫ُم ْنك ًرا َعلَى ِْ َ‬
‫ِ‬
‫ك‪ ،‬بَ ْل ُُ َو ابْتِ ََلءٌ َو ْامتِ َحا ٌن‪َ .‬ك َما قَ َ‬
‫ال‬ ‫س َك َذلِ َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫ام‬
‫ٌ‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫ك ِم َن اللَّ ِه إِ‬ ‫َ‬ ‫َن ذَلِ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ق‬‫فَ ي ْعتَ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِع لَ ُهم فِي الْ َخ ْي ر ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ٍ ِ‬
‫ات بَل ََل‬ ‫َ‬ ‫سار ُ ْ‬ ‫ين نُ َ‬‫سبُو َن أَنَّ َما نُم ُّد ُُ ْم به م ْن َمال َوبَن َ‬ ‫تَ َعالَى‪{ :‬أَيَ ْح َ‬
‫وضيَّق َعلَْي ِه فِي ِ‬
‫الر ْز ِق‪،‬‬ ‫ب ْاْل َخ ِر إِذَا ابْ تَ ََلهُ َو ْامتَ َحنَهُ َ‬ ‫ْجانِ ِ‬ ‫ي ْشعرو َن}‪ .‬وَك َذلِ َ ِ‬
‫ك في ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ‬
‫ك ِم َن اللَّ ِه إِ َُانَةٌ لَهُ‪.‬‬ ‫َن ذَلِ َ‬ ‫يَ ْعتَ ِق ُد أ َّ‬
‫ال صلى الله عليه وسلم‪« :‬أَنَا َوَكافِ ُل اليَتِ ِيم فِي‬ ‫يم} قَ َ‬ ‫ِ‬
‫{ َكَل بَل ََل تُ ْك ِرُمو َن الْيَت َ‬
‫الو ْسطَى" رواه البخار ‪.‬‬ ‫و‬ ‫السبَّاب ِ‬
‫ة‬ ‫َّ‬ ‫صب عي ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ال بِ‬‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫»‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ُ‬‫َ‬ ‫الجن ِ‬
‫َّة‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّم يَ ْوَمئِ ٍذ لَ َها‬ ‫ِ‬
‫َّم} قال صلى الله عليه وسلم‪« :‬يُ ْؤتَى ب َج َهن َ‬
‫ٍِ ِ‬
‫يء يَ ْوَمئذ ب َج َهن َ‬ ‫{وج َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ْف ملَ ٍ‬
‫ك يَ ُج ُّرونَ َها» رواه مسلم‪.‬‬ ‫ْف ِزَم ٍام‪َ ،‬م َع ُك ِل ِزَم ٍام َس ْب ُعو َن أَل َ َ‬ ‫َس ْب ُعو َن أَل َ‬
‫ض ِاء بَيْ َن َخل ِْق ِه كما في حديث الشفاعة‪ ،‬وُي ِم ْن‬ ‫ص ِل الْ َق َ‬ ‫ِ‬
‫ك} يَ ْعنِي‪ :‬ل َف ْ‬ ‫اء َربُّ َ‬ ‫{و َج َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الص َف ِ‬ ‫ات ِ‬ ‫آي ِ‬
‫َح َم َد بْ َن‬‫ات‪ .‬ورواية أحمد في تأويلها ضعيفة‪ .‬رو الْبَ ْي َهق ُّي أَ َّن أ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ك} أَنَّهُ َج َ‬
‫اء ثَ َوابُهُ‪.‬‬ ‫اء َربُّ َ‬‫{و َج َ‬ ‫َح ْن بَ ٍل تَأ ََّو َل قَ ْو َل اللَّه تَ َعالَى َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫صلَّى‬ ‫س ال ُْمط َْمئنَّةُ ْارجعي إِلَى َربِك} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬ ‫{يَا أَيَّتُ َها النَّ ْف ُ‬
‫اء‬ ‫ض‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ضر أَتَ ْته م ََلئِ َكةُ ال َّرحم ِة بِح ِريرةٍ‬ ‫احتُ ِ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ال‪ " :‬إِ َّن الْم ْؤِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫اللهُ َعلَي ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫‪831‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ضبَا َن‬ ‫ان‪َ ،‬وَر ٍ‬


‫ ٍ غَ ْي ِر غَ ْ‬ ‫ك إِلَى رو ِح اللَّ ِه‪ ،‬وريْح ٍ‬ ‫ضيَّةً َع ْن ِ‬‫اضيةً مر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َْ‬ ‫فَ يَ ُقولُو َن‪ :‬ا ْخ ُرجي َر َ َ ْ‬
‫ش ُّمونَهُ َحتَّى يَأْتُوا‬ ‫ضا يَ ُ‬ ‫ك َحتَّى أَنَّ ُه ْم لِيُ نَا ِولُهُ بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم بَ ْع ً‬ ‫يح ال ِْمس ِ‬
‫ب ِر ِ ْ‬ ‫ج َكأَطْيَ ِ‬
‫فَ تَ ْخ ُر ُ‬
‫اءتْ ُك ْم ِم َن ْاأل َْر ِ‬ ‫الريح الَّتِ‬ ‫السم ِاء فَ ي ُقولُو َن‪ :‬ما أَطْيب ُ ِذهِ‬ ‫ِ‬
‫ض؟ فَ ُكلَّ َما‬ ‫ََ‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ا ٍ َّ َ َ‬ ‫بِه بَ َ‬
‫ح بِِه ِم ْن‬‫ال‪« :‬فَ لَ ُه ْم أَفْ َر ُ‬‫ين "‪ .‬قَ َ‬ ‫ِِ‬
‫اح ال ُْم ْؤمن َ‬
‫ِِ‬
‫ك َحتَّى يَأْتُوا به أ َْرَو َ‬ ‫اء قَالُوا َذلِ َ‬
‫أَتَ ْوا َس َم ً‬
‫َح ِد ُك ْم بِغَائِبِ ِه إِذَا قَ ِد َم َعلَْي ِه» رواه الحاكم والنسائي وابن حبان وصححه األلباني‪.‬‬ ‫أَ‬

‫سورة البلد مكية‪:‬‬


‫ت ‪-‬يَا ُم َح َّم ُد‪-‬‬ ‫ك‪ .‬أو أَنْ َ‬ ‫يم فِ ِيه َو ُُ َو َم ِحلُّ َ‬ ‫ت ِحل بِه َذا الْب لَ ِد}‪ :‬أ وأَنْ َ ِ‬
‫ت ُمق ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫{وأَنْ َ‬
‫َ‬
‫ك أَ ْن تُ َقابِ َل بِِه‪ .‬قال صلى الله وسلم " إِ ْن َم َّكةَ َح َّرَم َها اللَّهُ‪َ ،‬ولَ ْم يُ َح ِرْم َها‬ ‫يَ ِح ُّل لَ َ‬
‫ض َد‬ ‫ك بِ َها َدما‪ ،‬وَلَ ي ْع ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫النَّاس‪َ ،‬لَ ي ِح ُّل َِلم ِر ٍئ ي ْؤِمن بِاللَّ ِه والي وِم ِ‬
‫اْلخ ِر أَ ْن يس ِ‬
‫ً َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِ َيها‪ ،‬فَ ُقولُوا‬ ‫ال رس ِ ِ‬ ‫بِها َشجرا‪ ،‬فَِإ ْن أَح ٌد تَرخ ِِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َّص لقتَ ِ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ًَ‬
‫اعةً ِم ْن نَ َها ٍر‪َ ،‬وقَ ْد‬ ‫لَهُ‪ :‬إِ َّن اللَّهَ أ َِذ َن لَِر ُسولِ ِه‪َ ،‬ولَ ْم يَأْ َذ ْن لَ ُك ْم َوإِنَّ َما أ َِذ َن لِي فِ َيها َس َ‬
‫ب " البخار‬ ‫اُ ُد الغَائِ‬‫الش ِ‬‫َّ‬ ‫غ‬‫ِ‬ ‫س‪ ،‬ولْي ب لِ‬ ‫ِ‬ ‫َم‬‫أل‬‫ا‬‫ت ُح ْرَمتُ َها اليَ ْوَم َك ُح ْرَمتِ َها بِ‬ ‫اد ْ‬‫َع َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫س َل ِم ْن‬‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫ما‬‫و‬‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫آدم‪َ :‬علَي ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫{ ووالِ ٍد وما ولَ َد } قيل‪ :‬ووالِ ٍ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫وم فِي ُك ِل َوالِ ٍد َوُك ِل َم ْولُوٍد‪.‬‬ ‫يل‪َ ُُ :‬و عُ ُم ٌ‬
‫ِ‬
‫َولَده‪ .‬وعليه أكثر المفسرين‪َ ،‬وق َ‬
‫ِِ‬

‫‪832‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اإلنْسا َن فِي َكبَ ٍد }‪ :‬أى في تعب ومشقة‪ ،‬فإنه َل يزال يقاسى فنون‬ ‫{لََق ْد َخلَ ْقنَا ِْ‬
‫ح إِلى‬ ‫اإلنْسا ُن إِنَّ َ ِ‬
‫الشدائد من وقت نفخ الروح إلى حين نزعها‪{ .‬يا أَيُّ َها ِْ‬
‫ك كاد ٌ‬
‫ك َك ْدحاً فَ ُمَلقِ ِيه}‬‫َربِ َ‬

‫سورة الشمس مكية‪:‬‬


‫يم ِة‪َ ،‬ع ْن أَبِي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يمةً َعلَى الْفطْ َرة الْ َق ِو َ‬ ‫اُا} أَ ْ ‪َ :‬خلَ َق َها َس ِويَّ ًة ُم ْستَق َ‬ ‫س َوَما َس َّو َ‬ ‫{ونَ ْف ٍ‬
‫َ‬
‫ود إََِّل‬‫ال‪ :‬قال النَّبِ ُّي صلى الله عليه وسلم «ما ِمن مولُ ٍ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ُُريْ رةَ ر ِ‬
‫َ ْ َْ‬ ‫ََ َ‬
‫صرانِِه‪ ،‬أَو يم ِج ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يمةُ‬‫سانه‪َ ،‬ك َما تُ ْن تَ ُج البَ ِه َ‬ ‫يُولَ ُد َعلَى الفط َْرة‪ ،‬فَأَبَ َواهُ يُ َه ِو َدانه أ َْو يُنَ َ ْ ُ َ َ‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪:‬‬ ‫ول أَبو ُُريْ رةَ ر ِ‬ ‫ب ِهيمةً جمعاء‪ُ ،‬ل تُ ِح ُّ ِ ِ‬
‫اء»‪ ،‬ثُ َّم يَ ُق ُ ُ َ َ َ‬ ‫سو َن ف َيها م ْن َج ْد َع َ‬ ‫َ َ ََْ َ َ ْ‬
‫َّاس َعلَْي َها} رواه البخار ‪.‬‬ ‫َّ ِ َِّ‬ ‫ِ‬
‫{فط َْرةَ الله التي فَطََر الن َ‬
‫صلَّى اللهُ‬ ‫وعن ِعمران بن الْحصي ِن قال‪ :‬إِ َّن رجلَي ِن ِمن مزي نَةَ أَتَ يا رس َ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َ ُ ْ ْ َُْ َ َ ُ‬ ‫ْ َ ْ ُ َْ‬
‫َّاس الْيَ ْوَم‪َ ،‬ويَ ْك َد ُحو َن فِ ِيه‪،‬‬ ‫َُ ُ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َي‬
‫ْ‬ ‫أ‬‫َر‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫ول ِ‬
‫الله‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫اَل‬‫َ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫ل‬
‫ْ َ َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬‫َعلَي ِ‬
‫يما يُ ْستَ ْقبَ لُو َن بِِه ِم َّما‬ ‫ِ‬ ‫ضي َعلَي ِهم وم َ ِ ِ‬
‫ضى في ِه ْم م ْن قَ َد ٍر قَ ْد َسبَ َق‪ ،‬أ َْو ف َ‬ ‫أَ َش ْيءٌ قُ َ ْ ْ َ َ‬
‫ِ‬
‫ال‪ََ " :‬ل‪ ،‬بل َشيء قُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَتَ ُ ِ‬
‫ض َي َعلَْي ِه ْم‬ ‫َْ ٌْ‬ ‫ْح َّجةُ َعلَْي ِه ْم؟ فَ َق َ‬‫اُ ْم بِه نَبِيُّ ُه ْم‪َ ،‬وثَبَ تَت ال ُ‬
‫اُا فَأَل َْه َم َها‬ ‫س َوَما َس َّو َ‬
‫ا ٍ ِ‬
‫الله َع َّز َو َج َّل‪َ :‬ونَ ْف ٍ‬ ‫ك فِي كِتَ ِ‬ ‫يق َذلِ َ‬‫ص ِد ُ‬ ‫ضى فِي ِه ْم‪َ ،‬وتَ ْ‬ ‫َوَم َ‬
‫ول اللَّ ِه‬ ‫ال أَبُو بَ ْك ٍر‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬‫اُا " رواه مسلم‪ .‬و َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ورَُا َوتَ ْق َو َ‬ ‫فُ ُج َ‬
‫ب‬‫ال‪ " :‬قُ ْل‪ :‬اللَّ ُه َّم َعالِ َم الغَْي ِ‬ ‫ت؟ قَ َ‬ ‫ت َوإِ‬ ‫ِ‬ ‫شي ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫س ْي ُ‬‫َ‬ ‫َم‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َص‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫إ‬ ‫ُ‬‫ه‬‫ُ‬‫ل‬‫و‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ء‬ ‫ُم ْرني ب َ ْ‬
‫ ٍ ُك ِل َش ْي ٍء َوَملِي َكهُ‪ ،‬أَ ْش َه ُد أَ ْن ََل إِلَ َه إََِّل‬ ‫ض‪َ ،‬ر َّ‬ ‫ات َواأل َْر ِ‬ ‫السمو ِ‬ ‫الشه َ ِ ِ‬
‫ادة‪ ،‬فَاط َر َّ َ َ‬ ‫َو َّ َ‬

‫‪833‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ت‪،‬‬ ‫َصبَ ْح َ‬‫ال‪ :‬قُلْهُ إِ َذا أ ْ‬‫ان َو ِش ْركِ ِه‪ ،‬قَ َ‬ ‫ك ِم ْن َش ِر نَ ْف ِسي َوِم ْن َش ِر َّ‬
‫الش ْيطَ ِ‬ ‫َعوذُ بِ َ‬‫ت‪ ،‬أ ُ‬ ‫أَنْ َ‬
‫ك " رواه الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬ ‫ض َج َع َ‬
‫ت َم ْ‬
‫َخ ْذ َ‬ ‫ت‪َ ،‬وإِ َذا أ َ‬ ‫س ْي َ‬ ‫ِ‬
‫َوإ َذا أ َْم َ‬
‫{قَ ْد أَفْ لَح من َزَّكاُا وقَ ْد َخا ٍ من َد َّساُا} قال صلى الله عليه وسلم «المج ِ‬
‫اُ ُد‬ ‫َُ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َ َْ َ َ‬
‫سهُ» رواه الترمذيى وصححه األلباني‪.‬‬ ‫اُ َد نَ ْف َ‬
‫َم ْن َج َ‬
‫ت َخ ْي ُر‬‫اُا‪َ ،‬وَزكِ َها أَنْ َ‬
‫آت نَ ْف ِسي تَ ْق َو َ‬
‫الله َّم ِ‬
‫ول‪ُ " :‬‬ ‫َوَكا َن صلى الله عليه وسلم يَ ُق ُ‬
‫ت َولِيُّ َها َوَم ْوََل َُا‪ "..‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫اُا‪ ،‬أَنْ َ‬‫َم ْن َزَّك َ‬

‫سورة الليل مكية‪:‬‬


‫سهُ‬ ‫ِ‬ ‫شتَّى} قال صلى الله عليه وسلم "‪ُ ..‬ك ُّل الن ِ‬ ‫{إِ َّن َس ْعيَ ُك ْم لَ َ‬
‫َّاس يَغْ ُدو فَ بَاي ٌع نَ ْف َ‬
‫فَ ُم ْعتِ ُق َها أ َْو ُموبُِق َها» رواه مسلم‪.‬‬
‫ض َي اللَّهُ‬ ‫{فَأ ََّما من أَ ْعطَى واتَّ َقى وص َّد َق بِالْحسنَى فَسنُ ي ِسرهُ لِلْيسرى} َعن َعلِ ٍي ر ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ ُ َْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ت بِِه‬ ‫َخ َذ َش ْي ئًا فَ َج َع َل يَ ْن ُك ُ‬ ‫ازةٍ‪ ،‬فَأ َ‬‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم فِي َجنَ َ‬ ‫ال‪َ :‬كا َن النَّبِ ُّي َ‬ ‫َع ْنهُ قَ َ‬
‫ب َم ْق َع ُدهُ ِم َن النَّا ِر‪َ ،‬وَم ْق َع ُدهُ ِم َن‬ ‫ِ‬
‫َحد إََِّل َوقَ ْد ُكت َ‬
‫ال‪« :‬ما ِم ْن ُكم ِمن أ ٍ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫ض‪ ،‬فَ َق َ َ‬ ‫األ َْر َ‬
‫ال‪« :‬ا ْع َملُوا‬ ‫الع َم َل؟ قَ َ‬ ‫ع َ‬ ‫َّك ُل َعلَى كِتَابِنَا‪َ ،‬ونَ َد ُ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬أَفََلَ نَت ِ‬
‫الجن َِّة» قَالُوا‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫َ‬
‫س ُر لِ َع َم ِل أَ ُْ ِل‬
‫ادةِ فَ يُ يَ َّ‬ ‫س ٌر لِ َما ُخلِ َق لَهُ‪ ،‬أ ََّما َم ْن َكا َن ِم ْن أَ ُْ ِل َّ‬
‫الس َع َ‬ ‫فَ ُكل ُميَ َّ‬
‫الش َق َاوةِ»‪ ،‬ثُ َّم قَ َرأَ‪:‬‬
‫س ُر لِ َع َم ِل أَ ُْ ِل َّ‬ ‫الش َق ِاء فَ يُ يَ َّ‬
‫ادةِ‪َ ،‬وأ ََّما َم ْن َكا َن ِم ْن أَ ُْ ِل َّ‬ ‫الس َع َ‬
‫َّ‬
‫الح ْسنَى}‪ .‬رواه البخار ومسلم‪.‬‬ ‫ص َّد َق بِ ُ‬‫{فَأ ََّما َم ْن أَ ْعطَى َواتَّ َقى َو َ‬

‫‪834‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة الضحى مكية‪:‬‬


‫التكبير بعد سورة الضحى إلى سورة الناس وردت فيه أحاديث ضعيفة‪.‬‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه‬ ‫ال‪« :‬ا ْشتَ َكى رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬‫عن ج ْن ُد ٍ بْن س ْفيا َن ر ِ‬
‫َ َُ َ‬ ‫ُ‬
‫ت‪ :‬يَا ُم َح َّم ُد‪ ،‬إِنِي‬ ‫ت ْام َرأَةٌ فَ َقالَ ْ‬ ‫اء ْ‬ ‫َّ‬
‫َو َسل َم فَ لَ ْم يَ ُق ْم لَْي لَتَ يْ ِن ‪ -‬أ َْو ثََلَثًا ‪ ،»-‬فَ َج َ‬
‫ك ُم ْن ُذ لَْي لَتَ ْي ِن ‪ -‬أ َْو ثََلَثٍَة ‪-‬‬ ‫ك‪ ،‬لَ ْم أ ََرهُ قَ ِربَ َ‬
‫ك قَ ْد تَ َرَك َ‬‫َأل َْر ُجو أَ ْن يَ ُكو َن َش ْيطَانُ َ‬
‫ك َوَما قَ لَى}‪.‬‬ ‫ك َربُّ َ‬ ‫الض َحى َواللَّْي ِل إِ َذا َس َجى‪َ ،‬ما َود َ‬
‫َّع َ‬ ‫{و ُّ‬ ‫َّ‬
‫فَأَنْ َز َل اللهُ َع َّز َو َج َّل‪َ :‬‬
‫رواه البخار ومسلم‪ .‬قيل ُي أم جميل بنت حر ٍ‪.‬‬
‫ال‬‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ول الله َ‬
‫و عن ج ْن ُد ٍ قال‪ " :‬أَبطَأَ ِجب ِريل َعلَى رس ِ ِ‬
‫َُ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫الض َحى َواللَّيْ ِل إِذَا َس َجى َما‬ ‫{و ُّ‬ ‫ع ُم َح َّم ٌد‪ ،‬فَأَنْ َز َل اللهُ َع َّز َو َج َّل‪َ :‬‬ ‫ال ُْم ْش ِرُكو َن‪ :‬قَ ْد ُوِد َ‬
‫ك َوَما قَ لَى} رواه مسلم‪.‬‬ ‫ك َربُّ َ‬
‫َّع َ‬
‫َود َ‬
‫ال‪:‬‬‫اس َع ْن أَبِ ِيه قَ َ‬ ‫ضى} عن َعلِ ِي بْ ِن َع ْب ِد اللَّ ِه بْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫ك فَ تَ ْر َ‬
‫يك َربُّ َ‬‫ف يُ ْع ِط َ‬ ‫س ْو َ‬
‫{ َولَ َ‬
‫س َّر بِ َذلِ َ‬ ‫ول اللَّ ِه ما ُو م ْفتوح َعلَى أ َُّمتِ ِه ِمن ب ع ِدهِ‬ ‫ض َعلَى ر ُس ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ز‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ا‬‫ز‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َُ َ ُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُع ِر َ‬
‫ص ٍر‪،‬‬
‫ْف قَ ْ‬ ‫ف أَل َ‬ ‫ْجن َِّة أَلْ َ‬ ‫ِ‬
‫ضى} فَأَ ْعطَاهُ في ال َ‬ ‫ك فَ تَ ْر َ‬ ‫يك َربُّ َ‬‫ف يُ ْع ِط َ‬ ‫س ْو َ‬ ‫فَأَنْ َز َل اللَّهُ‪َ :‬‬
‫{ولَ َ‬
‫اج َوالْ َخ َدِم‪َ .‬رَواهُ ابْ ُن َج ِرير ِم ْن طَ ِر ِيق ِه‪َ ،‬و َُ َذا‬ ‫ص ٍر َما يَ ْن بَ ِغي لَهُ ِم َن ْاألَ ْزَو ِ‬‫فِي ُك ِل قَ ْ‬
‫يف‪ .‬قاله ابن كثير‪.‬‬ ‫ال إََِّل َع ْن تَ ْوقِ ٍ‬ ‫ومثل َُ َذا َما يُ َق ُ‬ ‫يح إِلَى ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫إِسنَا ٌد ِ‬
‫اس‪ُ :‬‬ ‫صح ٌ‬ ‫ْ َ‬
‫يل‪:‬‬ ‫َن أَباهُ تُوفي وُو حمل فِي بطْ ِن أ ُِم ِه‪ ،‬وقِ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫{أَلَم ي ِج ْد َك يتِيما فَآوى} وذَلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً َ َ‬ ‫َْ‬
‫ت‬‫ب َولَهُ ِم َن الْ ُع ْم ِر ِس ُّ‬ ‫ت َو ُْ ٍ‬ ‫ت أ ُُّمه ِ‬
‫آمنَةُ بِْن ُ‬ ‫الس ََل ُم‪ ،‬ثُ َّم تُ ُوفِيَ ْ ُ‬ ‫بَ ْع َد أَ ْن ُولِ َد‪َ ،‬علَْي ِه َّ‬
‫ب‪ ،‬إِلَى أَ ْن تُوفِي ولَهُ ِمن الْعم ِر ثَم ِ‬
‫ان‬ ‫ين‪ .‬ثُ َّم َكا َن فِي َك َفالَ ِة َج ِدهِ َع ْب ِد ال ُْمطَّلِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ َ َ َ ُْ َ‬ ‫سن َ‬

‫‪835‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص ُرهُ ويَرفع ِم ْن قَدره َويُوقره‪،‬‬ ‫ب‪ .‬ثُ َّم لَ ْم يَ َز ْل يَ ُحوطُهُ َويَ ْن ُ‬ ‫ين‪ ،‬فَ َك َفلَهُ َع ُّمهُ أَبُو طَالِ ٍ‬ ‫سن َ‬
‫ِِ‬
‫س أ َْربَِعي َن َسنَةً ِم ْن عُ ْم ِرهِ‪.‬‬ ‫ف َع ْنهُ أَ َذى قَ وِم ِه ب ْع َد أ ِ‬
‫َن ابْ تَ َعثَهُ اللَّهُ َعلَى َرأْ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َويَ ُك ُّ‬
‫ت‬‫وحا ِم ْن أ َْم ِرنَا َما ُك ْن َ‬ ‫ُ ً‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ح‬‫َو‬
‫َْ‬ ‫أ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ضاَل فَ ه َدى} َك َقولِ ِه {وَك َذلِ‬
‫ْ َ‬ ‫{وَو َج َد َك َ َ‬ ‫َ‬
‫شاء ِمن ِعب ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادنَا‬ ‫ورا نَ ْهد بِه َم ْن نَ َ ُ ْ َ‬ ‫اإليما ُن َولَك ْن َج َعلْنَاهُ نُ ً‬
‫ا ٍ َوَل َ‬ ‫تَ ْد ِر َما الْكتَ ُ‬
‫اد بِ َه َذا أَنَّهُ‪َ ،‬علَْي ِه‬ ‫اط ُم ْستَ ِق ٍيم}‪َ .‬وِم ْن ُه ْم َم ْن قَ َ‬
‫ال إِ َّن ال ُْم َر َ‬ ‫صر ٍ‬
‫َ‬
‫ك لَتَ ْه ِد إِلَى ِ‬ ‫َوإِنَّ َ‬
‫ض َّل َو ُُ َو َم َع َع ِم ِه‬ ‫يل‪ :‬إِنَّهُ َ‬ ‫ِ‬
‫صغ ٌير‪ ،‬ثُ َّم َر َج َع‪َ .‬وق َ‬
‫ا ٍ م َّكةَ و ُُو ِ‬
‫ض َّل في ش َع ِ َ َ َ َ‬
‫الس ََلم‪ِ ِ َ ،‬‬
‫َّ ُ‬
‫الش ِام‪ .‬وُذا مرجوح‪.‬‬ ‫يق َّ‬ ‫فِي طَ ِر ِ‬
‫{وَو َج َد َك َعائَِل فَأَ ْغنَى} قيل بمال أبي بكر وأمنا خديجة‪ ،‬وأصو ٍ منه قوله‬ ‫َ‬
‫س»‬ ‫الغنَى ِغنَى النَّ ْف ِ‬ ‫ض‪ ،‬ولَ ِك َّن ِ‬
‫الع َر ِ َ‬
‫ِ‬
‫س الغنَى َع ْن َكثْ َرة َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪« :‬لَْي ِ‬
‫َ‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫ب أَ ْن يَ َرى أَثَ َر‬ ‫ث} قال صلى الله عليه وسلم «إِ َّن اللَّ َه يُ ِح َّ‬ ‫ك فَ َح ِد ْ‬ ‫{وأ ََّما بِنِ ْع َم ِة َربِ َ‬
‫َ‬
‫نِ ْع َمتِ ِه َعلَى َع ْب ِدهِ» رواه الترمذ وصححه األلباني‪.‬‬

‫سورة الشرح مكية‪:‬‬


‫ك ص ْدر َك}‪ :‬معنويا كما في قوله {فَمن ي ِرِد اللَّه أَ ْن ي ِ‬
‫هديَهُ يَ ْش َر ْح‬ ‫ُ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫{أَلَ ْم نَ ْش َر ْح لَ َ َ َ‬
‫س بْ ِن‬ ‫ادةَ‪َ ،‬ع ْن أَنَ ِ‬ ‫َلم} أو حسيا كما في حادثة شق الصدر‪َ :‬ع ْن قَ تَ َ‬ ‫إلس ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْد َرهُ ل ْ‬
‫َ‬
‫صلَّى‬ ‫ال نَبِ ُّي ِ‬
‫الله‬ ‫ق‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ك ب ِن ص ْعصعةَ‪ ،‬رج ٍل ِمن قَ وِم ِ‬
‫ه‬ ‫ِِ‬ ‫مالِ ٍ‬
‫ك‪ ،‬لَ َعلَّهُ قَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ :‬ع ْن َمال ْ َ َ َ َ ُ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ت قَائًَِل‬ ‫ان‪ ،‬إِ ْذ َس ِم ْع ُ‬ ‫ت ب يْن النَّائِِم والْي ْقظَ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َ َ‬ ‫اللهُ َعلَْيه َو َسل َم‪ " :‬بَ ْي نَا أَنَا ع ْن َد الْبَ ْي َ َ‬
‫ب‬ ‫ت ِم ْن ذَ َُ ٍ‬ ‫يت بِطَس ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫يت فَانْطُلِ َق بِي‪ ،‬فَأُتِ‬
‫ُ‬ ‫الرجلَْي ِن‪ ،‬فَأُتِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬‫ب‬ ‫ول‪ :‬أَح ُد الث َََّلثَِ‬
‫ة‬ ‫يَ ُق ُ َ‬
‫‪836‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْت لِلَّ ِذ َم ِعي‬ ‫ص ْد ِر إِلَى َك َذا َوَك َذا ‪ -‬قَ َ‬ ‫فِيها ِمن م ِ‬
‫ادةُ‪ :‬فَ ُقل ُ‬ ‫ال قَ تَ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ش‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ز‬‫م‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫اء‬
‫َ ْ َ ََ‬
‫ْ‬
‫ج قَ ْلبِي‪ ،‬فَ غُ ِس َل بِ َم ِاء َزْم َزَم‪ ،‬ثُ َّم أ ُِعي َد‬ ‫استُ ْخ ِر َ‬
‫ِ‬
‫َس َف ِل بَطْنِه ‪ -‬فَ ْ‬ ‫ال‪ :‬إِلَى أ ْ‬ ‫َما يَ ْعنِي قَ َ‬
‫يمانًا َو ِح ْك َمةً‪ "..‬رواه مسلم‪ .‬حديث اإلسراء والمعراج‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َم َكانَهُ‪ ،‬ثُ َّم ُحش َي إِ َ‬
‫َّر}‬‫ك َوَما تَأَخ َ‬ ‫ك اللَّهُ َما تَ َق َّد َم ِم ْن َذنْبِ َ‬‫ك ِوْزَر َك} بِ َم ْعنَى‪{ :‬لِيَ ْغ ِف َر لَ َ‬ ‫ض ْعنَا َع ْن َ‬
‫{وَو َ‬
‫َ‬
‫قيل ُذا ما فعله قبل الوحي‪ ،‬وقيل اجتهاده في بعض المسائل كما في قوله‬
‫ك} { َما كا َن لِنَبِ ٍي‬ ‫ِ‬
‫س َوتَ َولَّى} { يَا أَيُّ َها النَّبِ ُّي ل َم تُ َح ِرُم َما أ َ‬
‫َح َّل اللَّهُ لَ َ‬ ‫تعالى { َعبَ َ‬
‫َسرى}‪ :‬والخَلصة‪ :‬أنه صلى الله عليه وسلم عصم من الكبائر‬ ‫أَ ْن يَ ُكو َن لَهُ أ ْ‬
‫وغفر له من الصغائر‪.‬‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫{ورفَ ْعنَا لَ َ ِ‬
‫َخ َذ‬
‫ين أ َ‬‫ين‪َ ،‬ونَ َّو َه به‪ ،‬ح َ‬ ‫ين َو ْاْل َخ ِر َ‬‫ك ذ ْك َر َك} َرفَ َع اللَّهُ ذ ْك َرهُ في ْاأل ََّول َ‬ ‫ََ‬
‫ان بِ ِه‪ ،‬ثُ َّم َش َه َر‬
‫اإليم ِ‬ ‫ِ‬‫ْ‬ ‫ال ِْميثَا َق َعلَى َج ِمي ِع النَّبِيِين أَ ْن يُ ْؤِمنُوا بِِه‪ ،‬وأَ ْن يَأْ ُمروا أ َُمم ُه ْم بِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِذ ْك َرهُ فِي أ َُّمتِ ِه فَ ََل يُذكر اللَّهُ إََِّل ذُكر َم َعهُ في اْلذان واإلقامة والشهادة وَل يصح‬
‫التشهد في الصَلة دونه‪.‬‬
‫{فَِإ َّن َم َع ال ُْع ْس ِر يُ ْس ًرا‪ ،‬إِ َّن َم َع ال ُْع ْس ِر يُ ْس ًرا}‪".‬لَ ْن يَ ْغلِب ُع ْسر يُ ْس َريْ ِن"‬
‫ب}أَ ْ ‪ :‬إِذَا فَرغت ِم ْن أ ُُموِر ُّ‬
‫الدنْ يَا َوأَ ْشغَالِ َها‬ ‫ك فَ ْارغَ ْ‬ ‫ب َوإِلَى َربِ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ت فَانْ َ‬ ‫{فَِإذَا فَ َر ْغ َ‬
‫ول َربَّنَا آتِنَا فِي ُّ‬
‫الدنْ يَا‬ ‫ادةِ‪َ { .‬وِم ْن ُه ْم َم ْن يَ ُق ُ‬ ‫ب فِي ال ِْعبَ َ‬ ‫ص ْ‬
‫وقَطَ ْع َ ِ‬
‫ت َع ََلئ َق َها‪ ،‬فَانْ َ‬ ‫َ‬
‫سنَةً } وقال صلى الله عليه وسلم « َوالَّ ِذ نَ ْف ِسي بِيَ ِدهِ إِ ْن‬ ‫ح‬ ‫حسنَةً وفِي ْاْل ِخرةِ‬
‫َ َ‬‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫صافَ َح ْت ُك ُم ال َْم ََلئِ َكةُ َعلَى‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ك‬
‫ْ‬ ‫لَو تَ ُدومو َن َعلَى ما تَ ُكونُو َن ِع ْن ِد ‪ ،‬وفِي ِ‬
‫الذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬
‫اعةً» رواه مسلم‪.‬‬ ‫اعةً َو َس َ‬ ‫فُ ُر ِش ُك ْم َوفِي طُُرقِ ُك ْم‪َ ،‬ولَ ِك ْن يَا َح ْنظَلَةُ َس َ‬

‫‪837‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة التين مكية‪:‬‬


‫ين ُُ َو الث ََّم َرةُ ال َْم ْع ُروفَةُ‪ .‬يؤكل رطبا ويابسا وفيه إِ َد ٌام و دواء‪.‬‬‫ِ‬
‫الت ُ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ت بِ ُّ‬
‫الد ُْ ِن َوص ْب ٍغ ل ْْكل َ‬
‫ين وفيه‬ ‫ت‪ .‬تَ ْن بُ ُ‬ ‫ك الث ََّم َرةُ الَّتِي ِم ْن َها َّ‬
‫الزيْ ُ‬ ‫الزيْ تُو ُن ُُ َو َك َذلِ َ‬
‫َو َّ‬
‫دواء‪.‬‬

‫ون‪َ ،‬و ُِ َي‬ ‫الزيْ تُ ِ‬


‫وفيها إشارة إلى مهبط الكتب السماوية فَ ْاأل ََّو ُل‪َ :‬م َحلَّةُ التِي ِن َو َّ‬
‫ين‪َ ،‬و ُُ َو‬ ‫ث اللَّهُ فِ َيها ِعيسى ابْن مريم‪ .‬والثَّانِي‪ :‬طُور ِسينِ‬ ‫س الَّتِي بَ َع َ‬‫ت ال َْم ْق ِد ِ‬
‫بَ ْي ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َََْ َ‬
‫ث‪َ :‬م َّكةُ‪َ ،‬و ُُ َو الْبَ لَ ُد‬ ‫وسى بْ َن ِع ْم َرا َن‪َ .‬والثَّالِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫طُور سي نَ ِ‬
‫اء الَّذ َكلَّ َم اللَّهُ َعلَْيه ُم َ‬‫ُ َْ َ‬
‫آمنًا‪َ ،‬و ُُ َو الَّ ِذ أ َْر َس َل فِ ِيه ُم َح َّم ًدا صلى الله عليه‬ ‫ْاأل َِمين الَّ ِذ من َد َخلَه َكا َن ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬
‫وسلم‪.‬‬
‫اء ‪-‬‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫و‬‫ُ‬‫ط‬ ‫ن‬ ‫آخ ِر التَّوراةِ ِذ ْكر ُ ِذهِ ْاألَماكِ ِن الث َََّلثَِة‪ :‬جاء اللَّه ِ‬
‫م‬ ‫قيل وفِي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اعير ‪-‬يَ ْعنِي بَ ْي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ت‬ ‫وسى [بْ َن ع ْم َرا َن] ‪َ -‬وأَ ْش َر َق م ْن َس َ‬ ‫يَ ْعني الَّذ َكلَّ َم اللَّهُ َعلَْيه ُم َ‬
‫ارا َن ‪-‬يَ ْعنِي‪ِ :‬جبَ َ‬
‫ال‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫استَ ْعلَن ِم ْن ِجبَ ِ‬
‫ال‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫‪-‬‬ ‫ى‬ ‫يس‬ ‫ع‬‫ث اللَّه ِم ْنه ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫س الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫الْم ْق ِ‬
‫د‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َم َّكةَ الَّتِي أ َْر َس َل اللَّهُ ِم ْن َها ُم َح َّم ًدا‪.‬‬

‫اُ ٌد‪َ ،‬وأَبُو ال َْعالِيَ ِة‪،‬‬


‫{ثُ َّم ر َد ْدنَاهُ أَس َفل سافِلِين} أَ ‪ :‬إِلَى النَّا ِر‪ .‬قَالَه ابن كثير ومج ِ‬
‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫س ُن‪ ،‬وابن القيم _ وأسرد ما يقار ٍ ثماني حجة على ذلك‪ _.‬وغيرُم‪.‬‬
‫ْح َ‬
‫َوال َ‬
‫‪838‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ين} أَ ْ ‪ :‬إِلَى أ َْر َذ ِل ال ُْع ُم ِر‪ .‬وُو مرجوح‪.‬‬ ‫ِِ‬


‫َس َف َل َسافل َ‬
‫ض ُه ْم‪{ :‬ثُ َّم َر َد ْدنَاهُ أ ْ‬
‫ال بَ ْع ُ‬
‫َوقَ َ‬
‫اله َرم قَ ْد‬
‫َن َ‬ ‫ين ِم ْن ذَلِ َ‬
‫ك؛ ِأل َّ‬ ‫ِِ‬ ‫اد لَما حسن ْ ِ‬
‫استثْ نَاءُ ال ُْم ْؤمن َ‬ ‫َولَ ْو َكا َن َُ َذا ُُ َو ال ُْم َر ُ َ َ ُ‬
‫ض ُه ْم‪.‬‬
‫يصيب بَ ْع َ‬
‫ُ‬
‫سورة العلق مكية‪:‬‬

‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه‬ ‫ئ بِِه رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شةَ أُِم ِ ِ‬ ‫َع ْن َعائِ َ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ت‪ :‬أ ََّو ُل َما بُد َ َ ُ‬ ‫ين أَنَّ َها قَالَ ْ‬ ‫الم ْؤمن َ‬ ‫ُ‬
‫ت ِمثْ َل‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫لصالِحةُ فِي النَّوِ‬ ‫وسلَّم ِ‬
‫اء ْ‬ ‫َ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫َل‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫ي‬
‫َ‬‫ؤ‬‫ْ‬ ‫ر‬
‫َ ُ‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫َ‬‫ي‬‫ؤ‬‫ْ‬ ‫الر‬
‫ُّ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫الو‬ ‫ن‬
‫ََ َ َ َ‬ ‫م‬
‫َّث فِ ِيه ‪َ -‬و ُُ َو‬ ‫ب إِلَْي ِه ال َخَلَءُ‪َ ،‬وَكا َن يَ ْخلُو بِغَا ِر ِح َر ٍاء فَ يَ تَ َحن ُ‬ ‫ِ‬
‫الص ْب ِح‪ ،‬ثُ َّم ُحب َ‬ ‫فَ لَ ِق ُّ‬
‫ك‪ ،‬ثُ َّم يَ ْرِج ُع‬ ‫ع إِلَى أَ ُْلِ ِه‪َ ،‬ويَتَ َزَّو ُد لِ َذلِ َ‬ ‫الع َد ِد قَ ْب َل أَ ْن يَ ْن ِز َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّعبُّ ُد ‪ -‬اللَّيَال َي ذَ َوات َ‬ ‫الت َ‬
‫ك‬ ‫إِلَى خ ِديجةَ فَ ي ت زَّود لِ ِمثْلِها‪ ،‬حتَّى جاءه الح ُّق وُو فِي غَا ِر ِحر ٍ‬
‫الملَ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫اء‬ ‫َ‬ ‫َ َ َََ ُ َ َ َ َُ َ َ َُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‪ " :‬فَأ َ ِ‬ ‫ال‪َ « :‬ما أَنَا بَِقا ِر ٍئ»‪ ،‬قَ َ‬
‫َخ َذني فَ غَطَّني َحتَّى بَلَ َغ مني َ‬
‫الج ْه َد‬ ‫ال‪ :‬اق َْرأْ‪ ،‬قَ َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫َخ َذنِي فَ غَطَّنِي الثَّانِيَةَ َحتَّى بَلَ َغ‬ ‫ْت‪َ :‬ما أَنَا بَِقا ِر ٍئ‪ ،‬فَأ َ‬ ‫ال‪ :‬اق َْرأْ‪ ،‬قُل ُ‬ ‫ثُ َّم أ َْر َسلَنِي‪ ،‬فَ َق َ‬
‫َخ َذنِي فَ غَطَّنِي الثَّالِثَةَ‬ ‫ْت‪َ :‬ما أَنَا بَِقا ِر ٍئ‪ ،‬فَأ َ‬ ‫ال‪ :‬اق َْرأْ‪ ،‬فَ ُقل ُ‬ ‫الج ْه َد ثُ َّم أ َْر َسلَنِي‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ِِ‬
‫مني َ‬
‫سا َن ِم ْن َعلَ ٍق‪ .‬اقْ َرأْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إل‬‫ا‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ك الَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫اس ِم ربِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‪{ :‬اقْرأْ بِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ثُ َّم أَرسلَنِ‬
‫َْ‬
‫ف‬‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ْر ُج ُ‬ ‫ك األَ ْكرم} [العلق‪ " ]2 :‬فَ رجع بِها رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ََ َ َ َُ‬ ‫َُ‬ ‫َوَربُّ َ‬
‫ال‪َ « :‬زِملُونِي‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْن َها‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ت ُخويْلِ ٍد ر ِ‬
‫َ َ‬
‫ادهُ‪ ،‬فَ َد َخل َعلَى َخ ِديجةَ بِْن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فُ َؤ ُ‬
‫يج َة َوأَ ْخبَ َرَُا ال َخبَ َر‪« :‬لََق ْد‬ ‫ال لِ َخ ِ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫الر‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫َّى‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫وه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫َّ‬‫ز‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫»‬ ‫ي‬ ‫َزِملُونِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ُل‬ ‫ك لَتَ ِ‬ ‫يك اللَّهُ أَبَ ًدا‪ ،‬إِنَّ َ‬ ‫يجةُ‪َ :‬ك ََّل َواللَّ ِه َما يُ ْخ ِز َ‬ ‫يت َعلَى نَ ْف ِسي» فَ َقالَ ْ ِ‬
‫ت َخد َ‬ ‫َخ ِش ُ‬

‫‪839‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ب‬ ‫ين َعلَى نَ َوائِ ِ‬ ‫الض ْي َ ِ‬ ‫وم‪َ ،‬وتَ ْق ِر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ف‪َ ،‬وتُع ُ‬ ‫الم ْع ُد َ‬
‫ب َ‬ ‫الرح َم‪َ ،‬وتَ ْحم ُل ال َك َّل‪َ ،‬وتَ ْكس ُ‬
‫ِ‬ ‫ت بِِه ورقَةَ بن نَوفَ ِل ب ِن أ ِ‬ ‫الح ِق‪ ،‬فَانْطَلَ َق ْ ِ ِ‬
‫الع َّزى‬‫َسد بْ ِن َع ْبد ُ‬ ‫يجةُ َحتَّى أَتَ ْ َ َ ْ َ ْ ْ َ‬ ‫ت بِه َخد َ‬ ‫َ‬
‫ا ٍ ا ِلع ْب َرانِ َّي‪،‬‬ ‫اُلِيَّ ِة‪ ،‬وَكا َن ي ْكتُب ِ‬ ‫صر فِي الج ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫الك‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫يجةَ َوَكا َن ْام َرأً تَ نَ َّ َ‬ ‫ابْ َن َع ِم َخد َ‬
‫ب‪َ ،‬وَكا َن َش ْي ًخا َكبِ ًيرا قَ ْد َع ِم َي‪،‬‬ ‫الع ْب رانِيَّ ِة َما َش َّ‬ ‫فَ ي ْكتُب ِمن ا ِإلنْ ِج ِ ِ ِ‬
‫اء اللهُ أَ ْن يَ ْكتُ َ‬ ‫َ‬ ‫يل ب َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َخي‬ ‫ال لَه ورقَةُ‪ :‬يا ابن أ ِ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫يك‬ ‫ت لَه َخ ِديجةُ‪ :‬يا ابن َع ِم‪ ،‬اسمع ِمن اب ِن أ ِ‬
‫َخ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫فَ َقالَ ْ ُ‬
‫ال لَهُ َوَرقَةُ‪:‬‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َخبَ َر َما َرأَى‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ما َذا تَرى؟ فَأَ ْخب رهُ رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫وسى‪ ،‬يَا لَْي تَنِي فِ َيها َج َذ ًعا‪ ،‬لَْي تَنِي أَ ُكو ُن َحيًّا‬ ‫وس الَّذ نَ َّز َل اللَّهُ َعلَى ُم َ‬
‫ِ‬
‫َّام ُ‬‫َُ َذا الن ُ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬أ ََو ُم ْخ ِرِج َّي ُُ ْم»‪،‬‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ك‪ ،‬فَ َق َ َ ُ‬ ‫ك قَ ْوُم َ‬ ‫إِ ْذ يُ ْخ ِر ُج َ‬
‫ك‬ ‫ود َ ‪َ ،‬وإِ ْن يُ ْد ِرْكنِي يَ ْوُم َ‬ ‫ت بِِه إََِّل ُع ِ‬ ‫ط بِ ِمثْ ِل َما ِج ْئ َ‬ ‫ت َر ُجل قَ ُّ‬ ‫ال‪ :‬نَعم‪ ،‬لَم يأْ ِ‬
‫ٌ‬ ‫قَ َ َ ْ ْ َ‬
‫الو ْح ُي‪ .‬البخار ومسلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب َوَرقَةُ أَ ْن تُ ُوف َي‪َ ،‬وفَ تَ َر َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ص ًرا ُم َؤزًَّرا‪ .‬ثُ َّم لَ ْم يَ ْن َ‬
‫ص ْر َك نَ ْ‬ ‫أَنْ ُ‬
‫وقال ابن القيم ما معناه أن أصل النعمة على اإلنسان‪ :‬الخلق والعلم‪.‬‬
‫{الَّ ِذ َعلَّم بِالْ َقلَ ِم‪َ ،‬علَّم اإلنْسا َن ما لَم ي ْعلَم } { واللَّهُ أَ ْخرج ُكم ِمن بطُ ِ‬
‫ون‬ ‫ََ ْ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َْ ْ‬ ‫َ‬
‫ار َو ْاألَفْئِ َد َة لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن‬‫صَ‬ ‫الس ْم َع َو ْاألَبْ َ‬ ‫أ َُّم َهاتِ ُك ْم ََل تَ ْعلَ ُمو َن َش ْي ئًا َو َج َع َل لَ ُك ُم َّ‬
‫}‬
‫ال‬‫ال أَبُو َج ْه ٍل‪ْ َُ :‬ل يُ َع ِف ُر ُم َح َّم ٌد َو ْج َههُ بَ ْي َن أَظ ُْه ِرُك ْم؟ قَ َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫َن َعلَى َرقَ بَتِ ِه‪ ،‬أ َْو‬ ‫ك َألَطَأ َّ‬ ‫ت َوال ُْع َّزى لَئِ ْن َرأَيْ تُهُ يَ ْف َع ُل ذَلِ َ‬ ‫الَل ِ‬ ‫ال‪َ :‬و َّ‬‫يل‪ :‬نَ َع ْم‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َ‬
‫فَِ‬
‫ق‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َو ُُ َو‬ ‫ال‪ :‬فَأَتَى رس َ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َُ‬ ‫ا ٍ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ُع ِفر َّن َو ْج َههُ فِي التُّر ِ‬
‫َ‬ ‫َأل َ َ‬
‫ص َعلَى َع ِقبَ ْي ِه‬ ‫ِ ِ‬ ‫صلِي‪َ ،‬ز َع َم لِيَطَأَ َعلَى َرقَ بَتِ ِه‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪ :‬فَ َما فَجئَ ُه ْم م ْنهُ إََِّل َو ُُ َو يَ ْن ُك ُ‬ ‫يُ َ‬
‫ال‪ :‬إِ َّن بَ ْينِي َوبَ ْي نَهُ لَ َخ ْن َدقًا ِم ْن نَا ٍر َو َُ ْوًَل‬ ‫ك؟ فَ َق َ‬ ‫يل لَهُ‪َ :‬ما لَ َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ال‪ :‬فَِ‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫وي ت َِّقي بِي َدي ِ‬
‫ه‬ ‫ََ َ ْ‬
‫‪840‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ِ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬لَ ْو َدنَا منِي ََل ْختَطََف ْتهُ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َجن َحةً‪ ،‬فَ َق َ َ ُ‬
‫وأ ْ ِ‬
‫َ‬
‫يث أَبِي‬‫ال‪ :‬فَأَنْ َز َل اللهُ َع َّز وج َّل ‪ََ -‬ل نَ ْد ِر فِي ح ِد ِ‬ ‫ض ًوا» قَ َ‬ ‫ض ًوا عُ ْ‬ ‫ال َْم ََلئِ َكةُ ُع ْ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ك‬‫استَ ْغنَى إِ َّن إِلَى َربِ َ‬ ‫سا َن لَيَطْغَى‪ ،‬أَ ْن َرآهُ ْ‬ ‫ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬أ َْو َشيءٌ بَلَغَهُ ‪َ { :-‬ك ََّل إِ َّن ِْ‬
‫اإلنْ َ‬ ‫ْ‬
‫الرجعى‪ ،‬أَرأَي َ ِ‬
‫ت إِ ْن َكا َن َعلَى ال ُْه َدى‪ ،‬أ َْو أ ََم َر‬ ‫صلَّى‪ ،‬أ ََرأَيْ َ‬ ‫ت الَّذ يَ ْن َهى‪َ ،‬ع ْب ًدا إِ َذا َ‬ ‫ُّ ْ َ َ ْ‬
‫ ٍ َوتَ َولَّى}‪ -‬يَ ْعنِي أَبَا َج ْه ٍل" مسلم‪.‬‬ ‫ت إِ ْن َك َّذ َ‬‫بِالتَّ ْق َوى‪ ،‬أ ََرأَيْ َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه‬ ‫ال‪« :‬سج َد رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫ ٍ} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬أَنَّهُ قَ َ َ َ َ ُ‬ ‫اس ُج ْد َواقْتَ ِر ْ‬
‫{و ْ‬ ‫َ‬
‫ك» وقال صلى الله عليه وسلم‬ ‫اس ِم َربِ َ‬
‫ت َواق َْرأْ بِ ْ‬‫ش َّق ْ‬ ‫َو َسلَّ َم فِي إِذَا َّ‬
‫الس َماءُ انْ َ‬
‫الد َعاءَ" ُم ْسلِ ٍم‪.‬‬
‫اج ٌد‪ ،‬فَأَ ْكثِ ُروا ُّ‬ ‫"أَقْر ٍ ما ي ُكو ُن الْع ْب ُد ِمن ربِِه و ُُو س ِ‬
‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َُ َ َ‬

‫سورة القدر مكية‪:‬‬

‫ارَكةُ الَّتِي قَ َ‬
‫ال اللَّهُ‪،‬‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ َّ‬
‫يُ ْخب ُر اللهُ تَ َعالَى أَنَّهُ أَنْ َز َل الْ ُق ْرآ َن لَْي لَةَ الْ َق ْدر‪َ ،‬وُ َي الل ْي لَةُ ال ُْمبَ َ‬
‫ضا َن‪.‬‬ ‫ارَك ٍة} َو ُِ َي لَْي لَةُ الْ َق ْد ِر‪َ ،‬و ُِ َي ِم ْن َش ْه ِر َرَم َ‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬
‫َع َّز وج َّل‪{ :‬إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَي لَ ٍ‬
‫ة‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫اح َد ًة‪َ ،‬وُكلُّهُ إِلَى َس َم ِاء‬‫آن جملَةً و ِ‬ ‫ِ‬
‫يع الْ ُق ْر ُ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَ ْ ‪ :‬بِ َدايَةُ ال َْو ْح ِي بِالْ ُق ْرآن‪ .‬أو ُُ َو َجم ُ‬
‫ب‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه و َسلَّ‬ ‫ول اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫صار يَ ْن ِز ُل َعلَى ر ُس ِ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬
‫َ َ ً َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الدنْ يَا‪ ،‬ثُ َّم َ َ‬
‫ال َْوقَائِ ِع‪ " .‬أنزلت صحف إبراُيم أول ليلة من رمضان‪ ،‬وأنزلت التوراة لست‬
‫مضين من رمضان‪ ،‬وأنزل اإلنجيل لثَلث عشرة ليلة خلت من رمضان‪ ،‬وأنزل‬

‫‪841‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان‪ ،‬وأنزل القرآن ألربع وعشرين خلت من‬
‫رمضان "‪ .‬رواه أحمد‪ .‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫وو ْجه تَس ِميتِ َها لَْي لَةَ الْ َق ْد ِر فِ ِيه و ْج َه ِ‬
‫ان‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬
‫الرفْ َعةُ‪{ ،‬لَْي لَةُ الْ َق ْد ِر َخ ْي ر ِم ْن أَل ِ‬
‫ْف َش ْه ٍر}‬ ‫ف َو ِ‬ ‫َن َم ْعنَى الْ َق ْد ِر َّ‬
‫الش َر ُ‬ ‫َح ُد ُُ َما‪ :‬أ َّ‬
‫أَ‬
‫ٌ‬
‫السنَ ِة‪{ ،‬‬
‫َن اللَّهَ تَ َعالَى يُ َق ِد ُر فِ َيها َوقَائِ َع َّ‬
‫ت لَْي لَةَ الْ َق ْد ِر ; ِأل َّ‬
‫ال َْو ْجهُ الثَّانِي‪ :‬أَنَّ َها ُس ِميَ ْ‬
‫اخ ِر ِم ْنهُ‪َ ،‬وفِي‬
‫ضا َن‪ ،‬وفِي الْع ْش ِر ْاألَو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َيها يُ ْف َر ُق ُك ُّل أ َْم ٍر َحك ٍيم }‪ .‬وُي في َرَم َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪ .‬وقال‬ ‫الْ ِوتْ ِر م َن ال َْع ْش ِر ْاأل ََواخ ِر‪ ،‬وقيل في السبع األواخر وفي ليلة َس ْب ٍع َوع ْش ِر َ‬
‫العلماء‪ :‬إنها تتحول‪.‬‬
‫{فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرُا فقد حرم‪ }.‬رواه النسائي وصححه‬
‫األلباني‪.‬‬
‫حديث مرسل__عن َمالِك أَنَّهُ َس ِم َع َم ْن يَثِ ُق بِِه ِم ْن أَ ُْ ِل ال ِْعل ِْم يَ ُق ُ‬
‫ول‪ :‬إِ َّن َر ُس َ‬
‫ول‬
‫ك‪.‬‬ ‫اء اللهُ ِم ْن ذلِ َ‬ ‫َ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫َو‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫َّاس‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ار‬ ‫م‬
‫َ ََ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫الله‬ ‫صلى‬ ‫ِ‬
‫الله‬
‫اصر أَ ْعمار أ َُّمتِ ِه أَ ْن َلَ يَ ْب لُغُوا ِمن ال َْعم ِل‪ِ ،‬مثْل الَّ ِذ بَلَ َغ غَ ْي رُُ ْم فِي طُ ِ‬
‫ول‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫فَ َكأَنَّهُ تَ َق َ َ َ َ‬
‫ْف َش ْه ٍر‪ .‬رواه إمام مالك في الوطأ‪.‬‬ ‫ال ُْع ْم ِر‪ ،‬فَأَ ْعطَاهُ اللهُ لَْي لَةَ الْ َق ْد ِر‪َ ،‬خ ْي ر ِم ْن أَل ِ‬
‫ٌ‬
‫{وَما نَتَنز ُل إَِل بِأ َْم ِر َربِ َ‬ ‫الر ُ ِ ِ ِ ِ‬ ‫نزل ال َْمَلئِ َكةُ َو ُّ‬
‫ك}‬ ‫وح ف َيها بِإ ْذن َرب ِه ْم) َ‬ ‫(تَ ُ‬

‫سورة البينة مدنية‪:‬‬

‫‪842‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِألُبَ ٍي‪ " :‬إِ َّن‬ ‫كرِ‬ ‫ٍِ‬
‫ال النَّبِ ُّي َ‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬ ‫س بْ ِن َمال َ‬ ‫َع ْن أَنَ ِ‬
‫ال‪َ :‬و َس َّمانِي؟ قَ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اللَّهَ أ ََم َرنِي أَ ْن أَق َْرأَ َعلَْي َ‬
‫ال‪« :‬نَ َع ْم»‬ ‫ك‪{ :‬لَ ْم يَ ُك ِن الذ َ‬
‫ين َك َف ُروا} " قَ َ‬
‫فَ بَ َكى" متفق عليه‪.‬‬
‫ص ُح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫{رس ٌ ِ ِ‬
‫ف‬ ‫َّرًة} أ ما في صحف المَلئكة { في ُ‬ ‫ص ُح ًفا ُمطَه َ‬ ‫ول م َن اللَّه يَ ْت لُو ُ‬ ‫َُ‬
‫َّرةٍ‪ .‬بِأَيْ ِد َس َف َرةٍ‪ .‬كِ َر ٍام بَ َرَرةٍ} أو كل ما يكتب عليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬
‫وع ٍ‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬‫ف‬‫ر‬‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫م َك َّرم ٍ‬
‫ة‬ ‫ُ َ‬

‫سورة الزلزلة‪ :‬مدنية وقيل مكية‪.‬‬


‫رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬ ‫عن أبي ُريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قرأ ُ‬
‫ارَُا}؟ "‪ .‬قالوا‪ :‬الله‬ ‫ارَُا} قال‪" :‬أتَ ْدرو َن ما {أَ ْخبَ َ‬ ‫ُذه اْليةَ‪{ :‬يَ ْوَمئِ ٍذ تُ َح ِد ُ‬
‫ث أَ ْخبَ َ‬
‫وأم ٍة بِما َع ِم َل على‬
‫عبد َ‬
‫كل ٍ‬
‫شهد على ِ ْ‬ ‫ارَُا} أ ْن تَ َ‬ ‫ورسولُه أ ْعلَ ُم‪ .‬قال‪َّ :‬‬
‫"فإن {أَ ْخبَ َ‬
‫يوم كذا وكذا"‪ .‬رواه الترمذ وضعفه‬ ‫عمل كذا وكذا‪ ،‬في ِ‬ ‫ظه ِرُا‪ ،‬تقول‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫األلباني‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم َع ِن ُ‬
‫الح ُم ِر‪،‬‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة َرض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ُ ،‬سئ َل النَّبِ ُّي َ‬
‫الج ِام َعةُ ال َفاذَّةُ‪{ :‬فَ َم ْن يَ ْع َم ْل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ " :‬لَ ْم يُ ْن َز ْل َعلَ َّي ف َيها َش ْيءٌ إََِّل َُذه اْليَةُ َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ال َذ َّرةٍ َش ًّرا يَ َرهُ} البخار ومسلم‪.‬‬ ‫ال َذ َّرةٍ َخ ْي ًرا يَ َرهُ‪َ ،‬وَم ْن يَ ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ِمثْ َق َ‬

‫سورة العاديات‪ :‬مكية‪.‬‬


‫اد بِِه الْ َخ ْي ُل‪ ،‬تَ ْع ُدو فِي الْغَ ْز ِو‪.‬‬ ‫ض ْب ًحا} َوأَ ْكثَ ُر ال ُْعلَ َم ِاء َعلَى أ َّ‬
‫َن ال ُْم َر َ‬ ‫ِ‬
‫ادي ِ‬
‫ات َ‬‫{ َوال َْع َ‬
‫اص َيها ال َخ ْي ُر إِلَى يَ ْوِم ال ِقيَ َام ِة‪:‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم " ال َخ ْيل م ْع ُقو ٌد فِي نَو ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫‪843‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ص ْبحاً } الْ َخ ْي ُل تُِغ ُير َعلَى ال َْع ُد ِو ِع ْن َد‬ ‫ِ ِ‬


‫الم ْغنَ ُم " متفق عليه‪ { .‬فَال ُْمغيرات ُ‬ ‫َج ُر َو َ‬‫األ ْ‬
‫ْت غَ ْفلَ ِة العدو‪ ،‬وعدم انتشاره‪ ،‬و يمكن رؤيته‪ ،‬استمرار‬ ‫ك َوق ُ‬ ‫َن َذلِ َ‬ ‫الص ْب ِح‪ِ ،‬أل َّ‬
‫ُّ‬
‫القتال وقتا طويَل ‪.‬‬
‫ِِ ِ‬ ‫{إِ َّن اإلنْ ِ ِ‬
‫ور‪ .‬وُذا اإلنسن الكافر‪،‬‬ ‫سا َن ل َربِه لَ َكنُو ٌد} أ ‪ :‬أَنَّهُ لن َع ِم َربِه لَ َج ُحو ٌد َك ُف ٌ‬ ‫َ‬
‫أما المؤمن فليس كذلك لقوله صلى الله عليه وسلم‪َ « :‬ع َجبًا ِأل َْم ِر ال ُْم ْؤِم ِن‪ ،‬إِ َّن‬
‫اك ِأل ٍ ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫َصابَ ْتهُ َس َّراءُ َش َك َر‪ ،‬فَ َكا َن َخ ْي ًرا‬ ‫َحد إََِّل لل ُْم ْؤم ِن‪ ،‬إِ ْن أ َ‬ ‫س َذ َ َ‬ ‫أ َْم َرهُ ُكلهُ َخ ْي ٌر‪َ ،‬ولَْي َ‬
‫صبَ َر فَ َكا َن َخ ْي ًرا لَهُ» مسلم‪.‬‬ ‫ض َّراءُ‪َ ،‬‬ ‫َصابَ ْتهُ َ‬ ‫لَهُ‪َ ،‬وإِ ْن أ َ‬

‫سورة القارعة مكية‪:‬‬


‫اش الْم ْب ثُ ِ‬
‫وث} في الكثرة والحيرة وعدم النظام والضعف‬ ‫َّاس َكالْ َف َر ِ َ‬
‫{يَ ْوَم يَ ُكو ُن الن ُ‬
‫والخفة وسرعة اإلجابة‪{ .‬فَأ ُُّمهُ ُا ِويَةٌ } قيل سمي أ ًُّما‪ِ ،‬ألَنَّهُ يَأْ ِو إِلَْي َها َك َما يَأْ ِو‬
‫َّار َُا ِويَةً‪ِ ،‬ألَنَّهُ يُ ْه َوى فِ َيها َم َع بُ ْع ِد قَ ْع ِرَُا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ت‬‫إِلَى أ ُِم ِه عند الفزع‪ .‬وس ِمي ِ‬
‫ُ‬ ‫َُ َ‬

‫سورة التكاثر مكية‪:‬‬


‫{ أَل َْها ُك ُم التَّ َكاثُ ُر } في العلم والمال والملك واألتباع والحرث والبناء ونحوه‪.‬‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َو ُُ َو يَ ْق َرأُ‪ :‬أَل َْها ُك ُم‬ ‫ف‪َ ،‬ع ْن أَبِ ِيه‪ ،‬قَ َ‬ ‫َعن مطَ ِر ٍ‬
‫ت النَّبِ َّي َ‬‫ال‪ :‬أَتَ ْي ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫آد َم ِم ْن‬
‫ك‪ ،‬يَا ابْ َن َ‬ ‫ال‪َ :‬و َُ ْل لَ َ‬ ‫آد َم‪َ :‬مالِي‪َ ،‬مالِي‪ ،‬قَ َ‬ ‫ول ابْ ُن َ‬ ‫ال‪ " :‬يَ ُق ُ‬‫التَّ َكاثُ ُر‪ ،‬قَ َ‬
‫ت؟ "رواه‬ ‫ض ْي َ‬ ‫ْت فَأ َْم َ‬‫ص َّدق َ‬ ‫ت‪ ،‬أ َْو تَ َ‬ ‫ت‪ ،‬أ َْو لَبِ ْس َ‬
‫ت فَأَبْلَْي َ‬ ‫ك إََِّل َما أَ َكل َ‬
‫ْت فَأَفْ نَ ْي َ‬ ‫َمالِ َ‬
‫مسلم‪.‬‬
‫‪844‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ال‪َ :‬خرج رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬


‫صلَّى اللهُ‬ ‫ول الله َ‬ ‫{ثُ َّم لَتُ ْسأَلُ َّن يَ ْوَمئذ َع ِن النَّع ِيم} َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة‪ ،‬قَ َ َ َ َ ُ‬
‫ال‪َ « :‬ما‬ ‫ات يَ ْوٍم ‪ -‬أ َْو لَْي لَ ٍة ‪ -‬فَِإ َذا ُُ َو بِأَبِي بَ ْك ٍر َو ُع َم َر‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َذ َ‬
‫ال‪َ « :‬وأَنَا‪،‬‬ ‫الله‪ ،،‬قَ َ‬ ‫ول ِ‬ ‫ع يَا َر ُس َ‬ ‫ْجو ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫اَل‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫»‬ ‫؟‬ ‫َ‬‫ة‬‫اع‬
‫َ‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫أَ ْخرج ُكما ِمن ب يوتِ ُكما ُ ِذهِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ ُُ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫وموا»‪ ،‬فَ َق ُاموا َم َعهُ‪ ،‬فَأَتَى َر ُج ًَل‬ ‫َوالَّذ نَ ْفسي بِيَده‪َ ،‬ألَ ْخ َر َجني الَّذ أَ ْخ َر َج ُك َما‪ ،‬قُ ُ‬
‫ال‬
‫ت‪َ :‬م ْر َحبًا َوأَ ُْ ًَل‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫س فِي بَ ْيتِ ِه‪ ،‬فَلَ َّما َرأَتْهُ ال َْم ْرأَةُ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫صا ِر فَِ‬
‫إ‬ ‫ْ‬‫ن‬ ‫َ‬
‫األ‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬
‫َ َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ ٍ لَنَا‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬أَيْ َن فََُل ٌن؟» قَالَ ْ‬ ‫لَها رس ُ ِ‬
‫ب يَ ْستَ ْعذ ُ‬ ‫ت‪َ :‬ذ َُ َ‬ ‫ول الله َ‬ ‫َ َُ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‬ ‫ِمن الْم ِاء‪ ،‬إِ ْذ جاء ْاألَنْصا ِر ُّ ‪ ،‬فَ نَظَر إِلَى رس ِ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫ال‪ :‬فَانْطَلَ َق‪،‬‬ ‫ضيَافًا ِمنِي‪ ،‬قَ َ‬ ‫َح ٌد الْيَ ْوَم أَ ْك َرَم أَ ْ‬ ‫ِِ‬
‫ْح ْم ُد للَّه َما أ َ‬ ‫ال‪ :‬ال َ‬ ‫احبَ ْي ِه‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬‫وص ِ‬
‫َ َ‬
‫ال‬
‫َخ َذ ال ُْم ْديَةَ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ال‪ُ :‬كلُوا ِم ْن َُ ِذهِ‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ِ ٍ ِِ‬
‫اء ُُ ْم بِع ْذق فيه بُ ْس ٌر َوتَ ْم ٌر َوُرطَ ٌ‬ ‫فَ َج َ‬
‫و ٍ»‪ ،‬فَ َذبَ َح لَ ُه ْم‪ ،‬فَأَ َكلُوا ِم َن‬ ‫ْحلُ َ‬ ‫اك‪َ ،‬وال َ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬إِيَّ َ‬ ‫لَهُ رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َُ‬
‫ال رس ُ ِ‬ ‫شاةِ وِمن َذلِ َ ِ ِ‬
‫صلَّى اللهُ‬ ‫ول الله َ‬ ‫ك الْع ْذق َو َش ِربُوا‪ ،‬فَ لَ َّما أَ ْن َشبِ ُعوا َوَرُووا‪ ،‬قَ َ َ ُ‬ ‫ال َّ َ ْ‬
‫َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِألَبِي بَ ْك ٍر‪َ ،‬و ُع َم َر‪َ :‬والَّ ِذ نَ ْف ِسي بِيَ ِدهِ‪ ،‬لَتُ ْسأَلُ َّن َع ْن َُ َذا النَّ ِع ِيم يَ ْوَم‬
‫يم "‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َصابَ ُك ْم َُ َذا النَّع ُ‬ ‫ع‪ ،‬ثُ َّم لَ ْم تَ ْرج ُعوا َحتَّى أ َ‬ ‫ْجو ُ‬ ‫الْقيَ َامة‪ ،‬أَ ْخ َر َج ُك ْم م ْن بُيُوت ُك ُم ال ُ‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫ت َُ ِذهِ اْليَةَ‪{ :‬ثُ َّم لَتُ ْسأَلُ َّن يَ ْوَمئِ ٍذ َع ِن الن َِّع ِيم}‪ .‬قَ َ‬
‫ال‬ ‫ال‪ :‬لَ َّما نَ َزلَ ْ‬ ‫َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرَة قَ َ‬
‫ان والْع ُد ُّو ح ِ‬ ‫َل؟ فَِإنَّما ُُما ْاأل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النَّاس‪ :‬يا رس َ َّ ِ‬
‫اض ٌر‪،‬‬ ‫َس َو َد َ َ َ‬ ‫ول الله‪َ ،‬ع ْن أَ ِ النَّع ِيم نُ ْسأ ُ َ َ‬ ‫ُ َ َُ‬
‫ك َسيَ ُكو ُن»‪ :‬رواه الترمذ وحسنه األلباني‪.‬‬ ‫ال‪« :‬إِ َّن َذلِ َ‬ ‫َو ُسيُوفُ نَا َعلَى َع َواتِِقنَا؟ قَ َ‬

‫سورة العصر مكية‪:‬‬


‫‪845‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةَ لََو ِس َع ْت ُه ْم‪َ .‬وفِي ِرَوايٍَة َع ْنهُ‪ :‬لَ ْو لَ ْم يَ ْن ِز ْل‬ ‫َّاس َُ ِذهِ ُّ‬
‫الس َ‬
‫و َع ِن َّ ِ ِ‬
‫الشافع ِي‪ :‬لَ ْو تَ َدبَّ َر الن ُ‬ ‫َ‬
‫َّاس إََِّل ُِ َي لَ َك َف ْت ُه ْم‪ .‬وشروط العمل الصالح‪ :‬اإليمان واإلخَلص واَلتباع‪.‬‬ ‫إِلَى الن ِ‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله‪ :‬المراتب أربعة وباستكمالها يحصل للشخص غاية‬
‫كماله‪ :‬إحداُا‪ :‬معرفة الحق‪ .‬الثانية‪ :‬عمله به‪ .‬الثالثة‪ :‬تعليمه من َل يحسنه‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬صبره على تعلمه والعمل به وتعليمه‪.‬‬

‫سورة الهمزة مكية‪:‬‬


‫از‪ :‬بِالْ َقوِل‪ ،‬واللَّ َّم ُ ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ِ‬
‫از‪ :‬بِالْف ْع ِل‪ .‬وقيل ُ‬
‫اله َمزة‪،‬‬ ‫{ويْ ٌل ل ُك ِل ُُ َم َزة لُ َم َزة} قيل ال َْه َّم ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫صلَّى‬ ‫ال‪ :‬قَا َل رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫َُ‬ ‫يَ ْه ِم ُزهُ فِي َو ْج ٍه‪َ ،‬واللُّ َم َزةُ ِم ْن َخل ِْف ِه‪َ .‬ع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫ع فِي َع ْينِ ِه»‬ ‫َخ ِيه‪ ،‬وي ْنسى ال ِ‬ ‫صر أَح ُد ُكم الْ َق َذاةَ فِي َعي ِن أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ َّ‬
‫ْج ْذ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫اللهُ َعلَْيه َو َسل َم‪« :‬يُ ْب ُ َ ُ‬
‫رواه ابن حبان في صحيحه وصححه األلباني‪.‬‬
‫ال‪:‬‬‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬قَ َ‬ ‫{ نَ ِ‬
‫ار اللَّه ال ُْموقَ َدةُ } َع ْن أَبِي ُُ َريْ َرةَ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِي َ‬ ‫ُ‬
‫ت‪،‬‬
‫ض ْ‬ ‫ْف َسنَ ٍة َحتَّى ابْ يَ َّ‬ ‫ت‪ ،‬ثُ َّم أُوقِ َد َعلَْي َها أَل َ‬ ‫اح َم َّر ْ‬ ‫«أُوقِ َد َعلَى النَّا ِر أَل َ ٍ‬
‫ْف َسنَة َحتَّى ْ‬
‫َّت فَ ِه َي َس ْو َداءُ ُمظْلِ َمةٌ» رواه الترمذ وضعفه‬ ‫اس َود ْ‬ ‫ثُ َّم أُوقِ َد َعلَي ها أَل َ ٍ‬
‫ْف َسنَة َحتَّى ْ‬ ‫َْ‬
‫األلباني‪.‬‬
‫{الَّتِي تَطَّلِ ُع َعلَى األفْئِ َدةِ} ألنها مركز المبادئ واإلعتقادات الفاسدة‪.‬‬
‫ص َدةٌ فِي َع َم ٍد ُم َم َّد َدةٍ‪}.‬‬ ‫{إِنَّ َها َعلَْي ِه ْم ُم ْؤ َ‬
‫ص ًدا لِلْبَ ِ‬
‫ا ٍ َكالْ ُق ْف ِل‪َ ،‬والْغَل ِْق لَهُ‪.‬‬ ‫ت َو ْ‬‫ار ْ‬‫صَ‬ ‫َن ال َْع َم َد َ‬ ‫ص َدةٌ فِي َع َم ٍد‪ .‬بِأ َّ‬ ‫يل‪ُ :‬م ْؤ َ‬
‫قِ‬
‫َ‬

‫‪846‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ورةِ الْ َق ْي ِد فِي الْ َخ َ‬


‫شبَ ِة‬ ‫صَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل‪ :‬فِي َع َم ٍد‪ :‬أَ ْ تُ َ‬
‫وض ُع أ َْر ُجلُ ُه ْم في ال َْع َمد َعلَى ُ‬
‫ِ‬
‫َوق َ‬
‫ش ُّد فِ َيها َع َد ٌد ِم َن ْاألَ ْش َخ ِ‬
‫اص ِفي أ َْر ُجلِ ِه ْم‪.‬‬ ‫ال ُْم ْمتَ َّدةِ‪ ،‬يُ َ‬

‫سورة الفيل مكية‪:‬‬


‫يل‪ ،‬كما في كتب التفسير والسير وليس لها سند صحيح‪،‬‬ ‫ا ٍ ال ِْف ِ‬‫َص َح ِ‬ ‫ص ِة أ ْ‬ ‫فِي قِ َّ‬
‫يسةٌ لَ ْم يُ َر ِمثْ لُ َها فِي َزَمانِ َها‬ ‫َن (أَبْ رَُةَ) ب نَى الْ ُقلَّْيس بِص ْن ع ِ ِ‬
‫اء‪َ ،‬وُ َي َكن َ‬ ‫َ َََ‬ ‫َوخَلصتها أ َّ َ َ‬
‫ك أَيُّ َها‬ ‫ت لَ َ‬ ‫اش ِي‪ :‬إِنِي قَ ْد بَنَ ْي ُ‬ ‫صرانِيًّا‪ ،‬ثُ َّم َكتَب إِلَى النَّج ِ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ك‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫َر‬‫األ‬ ‫ن‬ ‫شي ٍء ِ‬
‫م‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بَْ‬
‫ت بمنته حتى أصرف إليها‬ ‫ك‪َ ،‬ولَ ْس ُ‬ ‫ك َكا َن قَ ْب لَ َ‬ ‫ك َكنِيسةً لَم ي ْبن ِمثْ لُ َها لِملِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ال َْمل ُ َ ْ ُ َ‬
‫ب َر ُج ٌل‬ ‫ِ‬
‫َّجاش ِي‪ ،‬غَض َ‬
‫ك إِلَى الن ِ‬
‫َ‬ ‫ا ٍ أَبْ َرَُةَ ذَلِ َ‬ ‫ ٍ بِ ِكتَ ِ‬ ‫حج العر ٍ فلما تحدثت ال َْع َر ُ‬
‫ج فَ لَ ِح َق‬ ‫ر‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬ ‫ث‬‫َ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫‪-‬‬ ‫ا‬ ‫يه‬ ‫ِمن النَّسأَةِ‪ ،‬فَ َخرج حتَّى أَتَى الْ َكنِيسةَ‪ ،‬فَ َقع َد فِ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫صنَ َعهُ َر ُج ٌل ِم ْن أَ ُْ ِل‬ ‫يل‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ال‪ :‬من صنَع َُ َذا؟ فَِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬‫ُ‬‫ة‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫َب‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ض ِه‪ ،‬فَأُ ْخبِر بِ َذلِ‬
‫َ‬
‫بِأَر ِ‬
‫ْ‬
‫ ٍ بِ َم َّكةَ‪ ،‬لَ َّما َس ِم َع قَ ْولَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف إِلَْي َها َح َّج‬ ‫َص ِر ُ‬‫ك‪( :‬أ ْ‬ ‫َُ َذا الْبَ ْيت‪ ،‬الَّذ تَ ُح ُّج إِلَْيه ال َْع َر ُ‬
‫ب ِع ْن َد‬ ‫ِ‬
‫ك بأَ ُْ ٍل‪ .‬فَ غَض َ‬
‫ت لِ َذلِ َ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ِ‬
‫اء فَ َق َع َد ف َيها‪ .‬أَ ْ أَنَّ َها لَْي َ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َج َ‬
‫الْعر ِ ِ‬
‫ ٍ) غَض َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك أَب رَُةُ‪ ،‬وحلَ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َت‬‫شةَ فَ تَ َهيَّأ ْ‬ ‫ف لَيَس َير َّن إِلَى الْبَ ْيت َحتَّى يَ ْهد َمهُ‪ ،‬ثُ َّم أ ََم َر ال َ‬
‫ْحبَ َ‬ ‫ذَل َ ْ َ َ َ‬
‫ ٍ‪ ،‬فَأَ ْعظَ ُموهُ َوفَ ِظ ُعوا‬ ‫ك ال َْع َر ُ‬ ‫ت بِ َذلِ َ‬ ‫يل‪َ ،‬و َس ِم َع ْ‬ ‫ج َم َعهُ بِال ِْف ِ‬ ‫ار َو َخ َر َ‬
‫ت‪ ،‬ثُ َّم َس َ‬ ‫َّز ْ‬
‫َوتَ َجه َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْح َر ِام‪.‬‬ ‫ين َسم ُعوا أَنَّهُ يُ ِري ُد َُ ْد َم الْ َك ْعبَة بَ ْيت اللَّه ال َ‬
‫ِ‬
‫ادهُ َح ًّقا َعلَْي ِه ْم‪ ،‬ح َ‬ ‫بِِه‪َ ،‬وَرأ َْوا ِج َه َ‬
‫ال لَهُ ا ْألَسو ُد بن م ْقص ٍ‬
‫ود‬ ‫ق‬ ‫شِ‬ ‫ث رج ًَل ِ‬ ‫فَ لَ َّما نَ َز َل أَبْ َرَُةُ بِال ُْمغَ ِم ِ‬
‫َ َُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س‪ ،‬بَ َع َ َ ُ ْ َ َ ُ‬
‫ي‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ْح‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ٍ‬‫ال أَ ُْ ِل تِ َه َامةَ ِم ْن قُ َريْ ٍ‬ ‫اق إِلَْي ِه أ َْم َو َ‬
‫س َ‬ ‫ِ َّ‬
‫َعلَى َخ ْي ٍل لَهُ‪َ ،‬حتَّى انْ تَ َهى إلَى َمكةَ فَ َ‬
‫اش ٍم‪َ ،‬و ُُ َو يَ ْوَمئِ ٍذ َكبِ ُير‬ ‫ب ب ِن َُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وغَي ِرُِم‪ ،‬وأَص ِ ِ‬
‫ا ٍ ف َيها مائَ تَ ْي بَِعي ٍر ل َع ْبد ال ُْمطَّل ِ ْ‬ ‫َ ْ ْ َ َ َ‬
‫‪847‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ْح َرِم بِِقتَالِ ِه‪ ،‬ثُ َّم‬


‫ك ال َ‬ ‫ٍ َوكِنَانَةُ َو ُُ َذيْ ٌل َوَم ْن َكا َن بِ َذلِ َ‬ ‫ت قُ َريْ ٌ‬ ‫ٍ َو َسيِ ُد َُا‪ ،‬فَ َه َّم ْ‬ ‫قُ َريْ ٍ‬
‫ْح ْميَ ِر َّ إِلَى‬ ‫ث أَب رَُةُ ِحنَاطَةَ ال ِ‬ ‫َع َرفُوا أَنَّ ُه ْم ََل طَاقَةَ لَ ُه ْم بِِه‪ ،‬فَ تَ َرُكوا َذلِ َ‬
‫ك‪َ .‬وبَ َع َ ْ َ‬
‫ول‪:‬‬ ‫ك يَ ُق ُ‬ ‫ال لَهُ‪َ :‬س ْل َع ْن َسيِ ِد َُ َذا الْبَ لَ ِد َو َش ِر ِيف ِه ْم‪ ،‬ثُ َّم قُ ْل لَهُ‪ :‬إِ َّن ال َْملِ َ‬ ‫َم َّكةَ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ ٍ‪،‬‬ ‫ضوا لِي بِ َح ْر ٍ‬ ‫ت‪ ،‬فَِإ ْن لَ ْم تَ ْع ِر ُ‬ ‫ت لِ َه ْدِم َُ َذا الْب ْي ِ‬
‫َ‬ ‫آت لِ َح ْربِ ُك ْم‪ ،‬إِنَّ َما ِج ْئ ُ‬ ‫إِنِي لَم ِ‬
‫ْ‬
‫اجةَ لِي بِ ِد َمائِ ُك ْم‪ ،‬فَِإ ْن ُُ َو لَ ْم يُ ِر ْد َح ْربِي فَأْتِنِي بِِه‪ .‬فَ لَ َّما َد َخ َل ِحنَاطَةُ َم َّكةَ‪،‬‬ ‫فَ ََل َح َ‬
‫ب ب ِن َُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َل َع ْن َسيِ ِد قُ َريْ ٍ‬
‫ال لَهُ‬ ‫اش ٍم‪ ،‬فَ َجاءَهُ فَ َق َ‬ ‫يل لَهُ‪َ :‬ع ْب ُد ال ُْمطَّل ِ ْ‬ ‫ٍ َو َش ِريف َها‪ ،‬فَق َ‬ ‫َسأ َ‬
‫ب‪ :‬واللَّ ِه ما نُ ِري ُد حربه‪ ،‬وما لَنَا بِ َذلِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َما أ ََم َرهُ بِِه أَبْ َرَُةُ‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ك م ْنهُ‬ ‫َ َُْ َ َ‬ ‫ال لَهُ َع ْب ُد ال ُْمطَّل ِ َ َ‬
‫ال‪ ،‬فَِإ ْن‬ ‫الس ََل ُم‪ ،‬أ َْو َك َما قَ َ‬ ‫يم َعلَْي ِه َّ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ‬
‫طاقة‪ُ ،‬ذا بيت الله الحرام‪ ،‬وبئت َخليله إبْ َراُ َ‬
‫يَ ْمنَ ْعهُ ِم ْنهُ فَ ُه َو َح َرُمهُ َوبَ ْي تُهُ‪َ ،‬وإِ ْن يَ ُح ْل بَ ْي نَهُ َوبَ ْي نَهُ‪ ،‬فَ َواللَّ ِه َما ِع ْن َدنَا َدفْ ٌع َع ْنهُ‪.‬‬
‫ك‪ ،‬فَانْطَلَ َق َم َعهُ َع ْب ُد‬ ‫ال لَهُ ِحنَاطَةُ‪ :‬فَانْطَلِ ْق إِلَْي ِه‪ ،‬فَِإنَّهُ قَ ْد أ ََم َرنِي أَ ْن آتِيَهُ بِ َ‬ ‫فَ َق َ‬
‫َج َملَ ُه ْم‪،‬‬ ‫َّاس‪َ ،‬وأَ ْعظَ َم ُه ْم َوأ ْ‬ ‫ب أ َْو َس َم الن ِ‬ ‫ض بَنِ ِيه‪َ ،‬وَكا َن َع ْب ُد ال ُْمطَّلِ ِ‬ ‫ب‪َ ،‬وَم َعهُ بَ ْع ُ‬ ‫ال ُْمطَّلِ ِ‬
‫سهُ تَ ْحتَهُ‪ ،‬فَ نَ َز َل أَبْ َرَُةُ َع ْن َس ِري ِرهِ‪،‬‬ ‫فَ لَ َّما رآهُ أَب رُةُ أَجلَّه‪ ،‬وأَ ْعظَمه َعن أَ ْن يجلِ‬
‫َ ََْ َ ُ َ َ ُ ْ ُ ْ َ‬
‫ال لِتُ ْر ُج َمانِِه‪ :‬قُ ْل لَهُ‪:‬‬ ‫سهُ َم َعهُ َعلَْي ِه إِلَى َج ْنبِ ِه‪ .‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫َجلَ َ‬
‫فَجلَس َعلَى بِ ِ ِ‬
‫ساطه َوأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ك ِمائَ تَ ْي‬ ‫اجتِي أَ ْن يَ ُر َّد َعلَ َّي ال َْملِ ُ‬ ‫ال‪َ :‬ح َ‬ ‫ك الت ُّْر ُج َما ُن‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ال لَهُ ذَلِ َ‬ ‫ك؟ فَ َق َ‬ ‫اجتُ َ‬
‫َح َ‬
‫ت‬‫ال أَبْ َرَُةُ لِتُ ْر ُج َمانِِه‪ :‬قُ ْل لَهُ لََق ْد ُك ْن ُ‬ ‫ك‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال لَهُ َذلِ َ‬ ‫َصابَ َها لِي‪ .‬فَ لَ َّما قَ َ‬ ‫بَعي ٍر أ َ‬
‫ِ‬
‫ين َكلَّ ْمتَنِي‪ ،‬أَتُ َكلِ ُمنِي فِي ِمائَ تَ ْي بَِعي ٍر‬ ‫يك ح َ‬
‫ت فِ َ ِ‬ ‫ك‪ ،‬ثُ َّم قَ ْد َزُِ ْد ُ‬ ‫ين َرأَيْ تُ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫أَ ْع َج ْبتني ح َ‬
‫ت لِ َه ْد ِم ِه؟ ََل تُ َكلِ ُمنِي‬ ‫ك‪ ،‬قَ ْد ِج ْئ ُ‬ ‫ين آبَائِ َ‬ ‫ك‪ ،‬وتَ ْت ر ُك ب ي تًا ُُو ِدينُ َ ِ‬
‫ك َود ُ‬ ‫َص ْب تُ َها لَ َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫أَ‬
‫اإلبِ ِل‪ ،‬وإِ َّن لِلْب ْي ِ‬ ‫ب‪ :‬إِنِي أَنَا َر ُّ‬ ‫ال لَهُ َع ْب ُد ال ُْمطَّلِ ِ‬‫فِ ِيه! قَ َ‬
‫ال‪َ :‬ما‬ ‫ت َربًّا َسيَ ْمنَ ُعهُ‪ .‬قَ َ‬ ‫ ٍ ِْ َ َ‬
‫ب إِلَى‬ ‫ف َع ْب ُد ال ُْمطَّلِ ِ‬ ‫ص َر َ‬ ‫ِ‬
‫اك‪ .‬فَ َر َّد َعلَْيه إِبِلَهُ‪َ .‬وانْ َ‬ ‫ت َوذَ َ‬ ‫ال أَنْ َ‬ ‫َكا َن لِيَ ْمتَنِ َع ِمنِي! قَ َ‬
‫‪848‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف الْ ِجبَ ِ‬ ‫َّح ُّرِز فِي َش َع ِ‬ ‫ٍ‪ ،‬فَأَ ْخب رُم الْ َخب ر‪ ،‬وأَمرُم بِالْ ُخر ِ ِ‬
‫ال‬ ‫وج م ْن َم َّكةَ َوالت َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ َ ََ ُ ْ ُ‬ ‫قُ َريْ ٍ‬
‫َخ َذ بِ َح ْل َق ِة بَ ِ‬
‫ا ٍ‬ ‫ب فَأ َ‬‫ام َع ْب ُد ال ُْمطَّلِ ِ‬ ‫ٍ‪ .‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫ْج ْي ِ‬‫ا ٍ‪ ،‬تَ َخ ُّوفًا َعلَْي ِه ْم َم َع َّرَة ال َ‬
‫و ِ‬
‫الش َع ِ‬ ‫َ‬
‫ص ُرونَهُ َعلَى أَبْ َرَُةَ َو ُج ْن ِدهِ‪،‬‬ ‫ٍ‪ ،‬ي ْد ُعو َن اللَّهَ ويستَ ْن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ُ‬‫ق‬ ‫ن‬ ‫الْ َكعب ِة‪ ،‬وقَام معه نَ َفر ِ‬
‫م‬
‫ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ َ َ ُ ٌ ْ َ‬
‫وم‬ ‫ضربوا ال ِْف ِ‬ ‫ول َم َّكةَ‪َ ،‬و َُيَّأَ فِيلَهُ‪َ ،‬و َعبَّأَ َج ْي َ‬ ‫َصبَح أَبْ رَُةُ تَ َهيَّأَ لِ ُد ُخ ِ‬
‫يل ليَ ُق َ‬ ‫َ‬ ‫شهُ‪َ ،‬و َ َ ُ‬ ‫فَ لَ َّما أ ْ َ َ‬
‫الش ِام‪ ،‬فَ َف َع َل ِمثْ َل‬
‫ام يُ َه ْر ِو ُل َوَو َّج ُهوهُ إِلَى َّ‬ ‫ِ‬
‫فَأَبَى‪ ،‬فَ َو َّج ُهوهُ َراج ًعا إِلَى الْيَ َم ِن‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ك‪َ ،‬وَو َّج ُهوهُ إِلَى َم َّكةَ فَ بَ َر َك‪ _.‬كما‬ ‫ك‪َ ،‬وَو َّج ُهوهُ إِلَى ال َْم ْش ِر ِق‪ ،‬فَ َف َع َل ِمثْ َل َذلِ َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫ص َواءُ‪،‬‬‫ت ال َق ْ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم حين بركت راحلته عند الحديبية « َما َخ ََلَ ْ‬
‫يل» رواه البخار _ َوأ َْر َس َل اللَّهُ‬ ‫اك لَها بِ ُخلُ ٍق‪ ،‬ولَ ِكن حبسها حابِس ِ‬
‫الف ِ‬ ‫َ ْ ََ َ َ َ ُ‬ ‫َوَما َذ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ال الْ َخطَ ِ‬
‫َح َجا ٍر‪َ :‬ح َج ٌر‬ ‫ان‪َ ،‬م َع ُك ِل طَائِ ٍر م ْن َها ثَََلثَةُ أ ْ‬ ‫يف والْب لَس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اط ِ‬ ‫َعلَْي ِه ْم طَْي ًرا أ َْمثَ َ‬
‫يب ِم ْن ُه ْم أَ َح ًدا‬ ‫ُ‬
‫س‪ََ ،‬ل تُ ِ‬
‫ص‬ ‫ِ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ْع‬‫ل‬
‫َ َ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ص‬‫ِ‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ال ال ِ‬
‫ْح‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ث‬ ‫َم‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫ان فِي ِرجلَي ِ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فِي ِم ْن َقا ِرهِ‪ ،‬وحجر ِ‬
‫َ َ ََ‬
‫يق‪ ،‬وي ْهلِ ُكو َن بِ ُك ِل م ْهلِ ٍ‬
‫ك َعلَى ُك ِل َس ْه ٍل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ساقَطُو َن بِ ُك ِل طَ ِر ٍ َ َ‬ ‫ك‪ ،‬فَ َخ َر ُجوا يَتَ َ‬ ‫إََِّل َُلَ َ‬
‫ود‬
‫ط أُنْ ُملَةً أُنْ ُملَةً‪َ { .‬وَما يَ ْعلَ ُم ُجنُ َ‬ ‫س ِدهِ‪َ ،‬و َخ َر ُجوا بِِه َم َع ُه ْم يَ ْس ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ُصيب أَب رَُةُ فِ‬
‫ْ‬
‫َ َ َ‬
‫وأ ِ‬
‫ك إََِّل ُُ َو}‬ ‫َربِ َ‬

‫سورة قريٍ مكية‪:‬‬


‫ٍ‪ .‬والصوا ٍ أن يقال‪:‬‬ ‫ٍ} قال ابن جرير‪ :‬ا ْعجبوا ِِإل َيَل ِ‬
‫ف قُ َريْ ٍ‬ ‫{ ِِإل َيَل ِ‬
‫ف قُ َريْ ٍ‬
‫َُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫الشتَ ِاء َو َّ‬
‫الص ْي ِ‬ ‫ت‪ِِ ،‬إل َيَلفِ ِهم ِرحلَةَ ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫ ٍ َُ َذا الْب ْي ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫فَ لْي عب ُدوا ُؤََل ِ‬
‫ء‬
‫َ ُْ َ ُ َ‬
‫الش ِام‬ ‫الشتَ ِاء إِلَى الْيَ َم ِن‪َ ،‬وفِي َّ‬
‫الص ْي ِ‬
‫ف إِلَى َّ‬ ‫ف} فِي ِ‬ ‫الشتَ ِاء َو َّ‬
‫الص ْي ِ‬ ‫{إِ َيَلفِ ِهم ِرحلَةَ ِ‬
‫ْ ْ‬
‫لِلتِجار ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ََ‬
‫‪849‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف} " أَولَم ي روا أَنَّا جعلْنا حرماً ِ‬


‫آمناً‬ ‫{الَّ ِذ أَطْعمهم ِمن جوٍع وآمنَ هم ِمن َخو ٍ‬
‫َ َ ََ‬ ‫َ ْ ََ ْ‬ ‫ََُ ْ ْ ُ َ َ ُ ْ ْ ْ‬
‫َّاس ِم ْن َح ْولِ ِه ْم"‬ ‫َويُتَ َخطَّ ُ‬
‫ف الن ُ‬
‫سورة الماعون مكية‪:‬‬
‫عَلمات عدم اإليمان وذم من ضيع حق الله وحق العباد‪.‬‬
‫ساُو َن}‪ :‬إِ َّما َع ْن َوقْتِ َها ْاأل ََّوِل‬‫صَلتِ ِه ْم ُ‬ ‫{فَ ويل لِلْمصلِين‪ .‬الَّ ِ‬
‫ين ُُ ْم َع ْن َ‬
‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َْ ٌ ُ َ َ‬
‫وط َها َعلَى‬ ‫آخ ِرهِ َدائِما أَو غَالِبا‪ .‬وإِ َّما َعن أ ََدائِها بِأَرَكانِها و ُشر ِ‬ ‫فَ ي َؤ ِخرونَها إِلَى ِ‬
‫ْ َ ْ َ َ ُ‬ ‫ً ْ ً َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫شوِع فِ َيها والتدبر لمعانيها‪.‬‬ ‫ال َْو ْج ِه ال َْمأْ ُموِر بِِه وعدم اإلُتمام بها‪َ .‬وإِ َّما َع ِن الْ ُخ ُ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم " إن الرجل ليصلي ستين سنة وما تقبل له صَلة‪ ،‬لعله‬
‫يتم الركوع وَل يتم السجود ويتم السجود وَل يتم الركوع "‪ .‬حسنه األلباني‪.‬‬
‫س‬ ‫ْ‬
‫أ‬‫ر‬ ‫‪:‬‬ ‫ة‬‫م‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫ع‬‫ال ِ‬ ‫وف كله‪َ .‬وقَ َ‬ ‫اعو َن} قال البخار ُو ال َْم ْع ُر ُ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫{ويَ ْمنَ ُعو َن ال َْم ُ‬
‫َ‬
‫َّاس بَ ْي نَ ُه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ال‪ ،‬وأَ ْدنَاهُ‪ .‬وقِ‬ ‫ون َزَكاةُ الْم ِ‬ ‫اع ِ‬
‫يل‪َ ُُ :‬و َما ََل يَح ُّل َم ْن ُعهُ َويَتَ َع َاوُرهُ الن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َْم ُ‬
‫ْح َوالنَّا ِر‪.‬‬‫س‪َ ،‬وال ِْق ْد ِر وال َْم ِاء َوال ِْمل ِ‬
‫ِم َن الْ َفأْ ِ‬

‫سورة الكوثر مكية‪:‬‬


‫ال‪ :‬ال َك ْوثَ ُر‪ :‬ال َخ ْي ُر ال َكثِ ُير الَّ ِذ أَ ْعطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْنهُ‪ ،‬قَ َ‬‫اس ر ِ‬
‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ َ‬
‫" أخرجه البخار ‪.‬‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬الْ َك ْوثَ ُر نَ َه ٌر فِي‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫َع ِن ابْ ِن عُ َم َر‪ ،‬قَ َ‬
‫الد ِر‪ ،‬تُرب تُهُ أَطْيب ِمن ال ِْمس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْجن َِّة‪َ ،‬حافَّ تَاهُ ِم ْن َذ َُ ٍ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ب‪َ ،‬م ْج َراهُ َعلَى الْيَاقُوت َو ُّ ْ َ َ ُ َ ْ‬ ‫ال َ‬
‫ْج» رواه الترمذ وابن ماجه‬ ‫اضا ِم َن الثَّل ِ‬
‫س ِل‪َ ،‬وأَ َش ُّد بَيَ ً‬
‫َ َ‬‫ْع‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫وما ُؤه أَحلَى ِ‬
‫م‬ ‫ََ ُ ْ‬
‫‪850‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اضا ِم َن‬
‫وصححه األلباني‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم عن الحوض " َما ُؤهُ أَ َش ُّد بَيَ ً‬
‫ ٍ ِم ْنهُ َش ْربَةً لَ ْم‬‫ر‬‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪،‬‬ ‫السم ِ‬
‫اء‬ ‫اللَّب ِن وأَحلَى ِمن العس ِل‪ ،‬وأَ ْكوابه عدد نج ِ‬
‫وم‬
‫َ‬
‫َ َْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ َ ُُ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫يَظ َْمأْ بَ ْع َد َُا أَبَ ًدا"رواه الترمذ وصححه األلباني‪ .‬واختلف في الكوثر أُو‬
‫الحوض أم َل‪.‬‬

‫ات يَ ْوٍم بَ ْي َن أَظْ ُه ِرنَا إِ ْذ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َذ َ‬ ‫ال‪ :‬ب ي نَا رس ُ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫س‪ ،‬قَ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َع ْن أَنَ ٍ‬
‫ول ِ‬ ‫اء ًة ثُ َّم َرفَ َع َرأْ َسهُ ُمتَ بَ ِس ًما‪ ،‬فَ ُقلْنَا‪َ :‬ما أَ ْ‬
‫ال‪:‬‬ ‫الله قَ َ‬ ‫ك يَا َر ُس َ‬ ‫ض َح َك َ‬ ‫أَ ْغ َفى إِ ْغ َف َ‬
‫اك الْ َك ْوثَ َر‪.‬‬ ‫الرِح ِيم {إِنَّا أَ ْعطَْي نَ َ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫ت َعلَ َّي آنًِفا سورةٌ» فَ َقرأَ‪ :‬بِس ِم ِ‬
‫الله َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫«أُنْ ِزلَ ْ‬
‫ال‪« :‬أَتَ ْد ُرو َن َما الْ َك ْوثَ ُر؟» فَ ُقلْنَا‬ ‫ك ُُ َو ْاألَبْ تَ ُر} ثُ َّم قَ َ‬ ‫ك َوانْ َح ْر‪ .‬إِ َّن َشانِئَ َ‬ ‫ص ِل لَِربِ َ‬‫فَ َ‬
‫ال‪ " :‬فَِإنَّهُ نَ ْه ٌر َو َع َدنِ ِيه َربِي َع َّز َو َج َّل‪َ ،‬علَْي ِه َخ ْي ٌر َكثِ ٌير‪َ ُُ ،‬و‬ ‫اللهُ َوَر ُسولُهُ أَ ْعلَ ُم‪ ،‬قَ َ‬
‫وم‪ ،‬فَ يُ ْختَ لَ ُج ال َْع ْب ُد ِم ْن ُه ْم‪،‬‬ ‫حوض ت ِرد علَي ِه أ َُّمتِي ي وم ال ِْقيام ِة‪ ،‬آنِي ته عدد النُّج ِ‬
‫َْ َ َ َ َُُ َ َ ُ ُ‬ ‫َْ ٌ َ ُ َ ْ‬
‫ت بَ ْع َد َك " رواه مسلم‪.‬‬ ‫َح َدثَ ْ‬‫ول‪َ :‬ما تَ ْد ِر َما أ ْ‬ ‫ ٍ‪ ،‬إِنَّهُ ِم ْن أ َُّمتِي فَ يَ ُق ُ‬‫ول‪َ :‬ر ِ‬ ‫فَأَقُ ُ‬
‫سكي َوَم ْحيَا َ‬
‫الض ِحيَّ ِة {قُل إِ َّن صَلتِي ونُ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك َوانْ َح ْر}‪ :‬كال َْه ْد ِ و َّ‬ ‫ص ِل لَِربِ َ‬‫{فَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوَم َماتِي لِلَّ ِه َر ِ‬
‫آوى‬ ‫ين} «لَ َع َن اللهُ َم ْن َذبَ َح لغَْي ِر الله‪َ ،‬ولَ َع َن اللهُ َم ْن َ‬ ‫ ٍ ال َْعالَم َ‬
‫ار» رواه مسلم‪.‬‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫الله‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫مح ِدثًا‪ ،‬ولَعن اللهُ من لَعن والِ َدي ِ‬
‫ه‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ََ َ ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ ََ‬
‫ات انْ َقطَ َع ِذ ْك ُرهُ‪ ،‬فَ تَ َو َُّ ُموا لِ َج ْهلِ ِه ْم‬ ‫ك ُُ َو األبْ تَ ُر}‪ْ :‬األَبْ تَر الَّ ِذ إِ َذا َم َ‬ ‫{إِ َّن َشانِئَ َ‬
‫وس‬‫ات بَنُوهُ يَ ْن َق ِط ُع ِذ ْك ُرهُ‪َ ،‬و َحا َشا َوَك ََّل بَ ْل قَ ْد أَبْ َقى اللَّهُ ِذ ْك َرهُ َعلَى ُرءُ ِ‬ ‫أَنَّهُ إِذَا َم َ‬
‫ك ِذ ْك َر َك}‪.‬‬ ‫اد‪َ { .‬وَرفَ ْعنَا لَ َ‬ ‫ْاألَ ْشه ِ‬
‫َ‬
‫‪851‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة الكافرون مكية‪ :‬وتسمى أيضا سورة اإلخَلص‪.‬‬


‫ين بِ َه َذا‬ ‫{قُل يا أَيُّها الْ َكافِرو َن} َش ِمل ُك َّل َكافِ ٍر َعلَى وج ِه ْاألَر ِ ِ‬
‫اج ِه َ‬ ‫ض‪َ ،‬ولَك َّن ال ُْم َو َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬
‫يل‪ :‬إِنَّ ُه ْم ِم ْن َج ْهلِ ِه ْم قَالُوا‪ :‬يَا ُم َح َّم ُد‪َُ ،‬لُ َّم فَ لْنَ ْعبُ ْد‬ ‫ا ٍ ُُم كفار قُري ٍ ِ‬
‫ٍ‪َ .‬وق َ‬ ‫الْخطَ ِ ْ ُ َ ْ‬
‫ِ‬
‫ت‬‫ت فِي أ َْم ِرنَا ُكلِ ِه‪ ،‬فَِإ ْن َكا َن الَّ ِذ ِج ْئ َ‬ ‫َما تَ ْعبُ ُد‪َ ،‬وتَ ْعبُ ُد َما نَ ْعبُ ُد‪َ ،‬ونَ ْشتَ ِر ُك نَ ْح ُن َوأَنْ َ‬
‫َخ ْذنَا بِ َح ِظنَا ِم ْنهُ‪َ .‬وإِ ْن َكا َن الَّ ِذ‬‫اك فِ ِيه‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ارْكنَ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫به َخ ْي ًرا م َّما بأَيْدينَا‪ُ ،‬كنَّا قَ ْد َش َ‬
‫ِِ‬
‫ك ِم ْنهُ‪ ،‬فَأَنْ َز َل‬ ‫ت بِ َح ِظ َ‬ ‫ت قَ ْد َش ِرْكتَ نَا فِي أ َْم ِرنَا‪َ ،‬وأ َ‬
‫َخ ْذ َ‬ ‫بِأَيْ ِدينَا َخ ْي ًرا ِم َّما بِيَ ِد َك‪ُ ،‬ك ْن َ‬
‫اللَّهُ َع َّز َو َج َّل قُ ْل يَا أَيُّ َها الْكافِ ُرو َن‪.‬‬
‫من فضائلها ومناسباتها‪ :‬ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قرأُا و " َوقُ ْل ُُ َو اللَّهُ‬
‫اف‪ ،‬وفي الوتر‪.‬‬ ‫أَح ٌد " فِي رْكعت ِي الْ َفج ِر ‪،‬و فِي رْكعت ِي الطَّو ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪« :‬قُ ْل يَا أَيُّ َها الْ َكافِ ُرو َن‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫َع ِن ابْ ِن عُ َم َر قَ َ‬
‫اإلسنَ ِ‬ ‫يث ص ِ‬ ‫آن» رواه الحاكم في مستدركه وقال َُ َذا ح ِ‬ ‫ربْع الْ ُقر ِ‬
‫اد َولَ ْم‬ ‫يح ِْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ُُ ْ‬
‫ك‬ ‫ض َج ِع َ‬ ‫ت إِلَى َم ْ‬ ‫يُ َخ ِر َجاهُ وحسنه األلباني‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم " إِ َذا أ ََويْ َ‬
‫الش ْر ِك" الحاكم ووافقه‬ ‫فَاقْرأْ {قُل يا أَيُّها الْ َكافِرو َن} إِلَى َخاتِمتِها فَِإنَّها ب راءةٌ ِمن ِ‬
‫َ َ َ ََ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ‬
‫الذُبي‪.‬‬
‫قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪ََ { :‬ل أَ ْعبُ ُد َما تَ ْعبُ ُدو َن َوََل أَنْ تُ ْم َعابِ ُدو َن َما أَ ْعبُ ُد َوََل أَنَا َعابِ ٌد َما َعبَ ْدتُ ْم‬
‫يد‪ ،‬وُذا مرجوح‪.‬‬ ‫ات لِلتَّوكِ ِ‬‫وََل أَنْ تُم َعابِ ُدو َن ما أَ ْعب ُد‪ }.‬قِيل‪ :‬تَ ْكرار فِي ال ِْعبار ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ٌَ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وقيل‪َ {:‬وَل أَنا عابِ ٌد ما َعبَ ْدتُّ ْم‪َ ،‬وَل أَنْ تُ ْم عابِ ُدو َن ما أَ ْعبُ ُد} «ما» ُنا مصدرية‪ ،‬أ ‪:‬‬
‫وَل أنا عابد عبادتكم‪ ،‬وَل أنتم عابدون عبادتي‪ .‬فاْليتان السابقتان تنفيان‬
‫‪852‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫اَلتحاد بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم في المعبود‪ ،‬وُاتان اْليتان تنفيان‬
‫اَلتحاد في العبادة‪ .‬واختاره ابن كثير‪ .‬وقيل‪ََ { :‬ل أَ ْعبُ ُد َما تَ ْعبُ ُدو َن َوََل أَنْ تُ ْم‬
‫َعابِ ُدو َن َما أَ ْعبُ ُد} في الحاضر والمستقبل‪َ { .‬وَل أَنا عابِ ٌد ما َعبَ ْدتُّ ْم‪َ ،‬وَل أَنْ تُ ْم‬
‫عابِ ُدو َن ما أَ ْعبُ ُد} في الماضي‪.‬‬

‫سورة النصر مدنية‪:‬‬


‫اخ بَ ْد ٍر‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ال‬ ‫ال‪َ :‬كا َن ُع َم ُر يُ ْد ِخلُنِي َم َع أَ ْشيَ ِ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْن ُه َما‪ ،‬قَ َ‬ ‫اس ر ِ‬
‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ َ‬
‫ال‪« :‬إِنَّهُ ِم َّم ْن قَ ْد َعلِ ْمتُ ْم»‬ ‫ض ُه ْم‪ :‬لِ َم تُ ْد ِخ ُل َُ َذا ال َفتَى َم َعنَا َولَنَا أَبْ نَاءٌ ِمثْ لُهُ؟ فَ َق َ‬ ‫بَ ْع ُ‬
‫ال‪َ :‬وَما ُرئِيتُهُ َد َعانِي يَ ْوَمئِ ٍذ إََِّل لِيُ ِريَ ُه ْم‬ ‫ات يَ ْوٍم َو َد َعانِي َم َع ُه ْم قَ َ‬‫اُ ْم ذَ َ‬ ‫ال‪ :‬فَ َد َع ُ‬ ‫قَ َ‬
‫َّاس يَ ْد ُخلُو َن فِي‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫َي‬
‫ْ‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ح‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ه‬‫صر اللَّ ِ‬‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ي‬ ‫ال‪ :‬ما تَ ُقولُو َن فِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي‪،‬‬ ‫ِمنِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ََ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬
‫ض ُه ْم‪ :‬أ ُِم ْرنَا أَ ْن نَ ْح َم َد اللَّهَ َونَ ْستَ ْغ ِف َرهُ‬ ‫ال بَ ْع ُ‬ ‫ورَة‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫الس َ‬
‫اجا َحتَّى َختَ َم ُّ‬ ‫ِ‬
‫دي ِن اللَّه أَفْ َو ً‬
‫ِ‬
‫ال‬
‫ض ُه ْم َش ْي ئًا‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ض ُه ْم‪َ :‬لَ نَ ْد ِر ‪ ،‬أ َْو لَ ْم يَ ُق ْل بَ ْع ُ‬ ‫ال بَ ْع ُ‬‫ص ْرنَا َوفُتِ َح َعلَْي نَا‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫إِذَا نُ ِ‬
‫َج ُل‬
‫ْت‪َ ُُ :‬و أ َ‬ ‫ول؟ قُل ُ‬ ‫ال‪ :‬فَ َما تَ ُق ُ‬ ‫ْت‪َ :‬لَ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ول؟ قُل ُ‬ ‫اك تَ ُق ُ‬‫اس‪ ،‬أَ َك َذ َ‬ ‫لِي‪ :‬يَا ابْ َن َعبَّ ٍ‬
‫ص ُر اللَّ ِه َوال َف ْت ُح فَ ْت ُح‬ ‫اء نَ ْ‬
‫َ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّم أَ ْعلَ َمهُ اللَّهُ لَهُ‪ :‬إِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ول اللَّ ِ‬
‫ه‬ ‫ر ُس ِ‬
‫َ‬
‫ال ُع َم ُر‪:‬‬ ‫استَ ْغ ِف ْرهُ إِنَّهُ َكا َن تَ َّوابًا‪ .‬قَ َ‬
‫ك َو ْ‬ ‫سبِ ْح بِ َح ْم ِد َربِ َ‬ ‫ك‪ :‬فَ َ‬ ‫َجلِ َ‬
‫اك َعَلَ َمةُ أ َ‬‫َم َّكةَ‪ ،‬فَ َذ َ‬
‫« َما أَ ْعلَ ُم ِم ْن َها إََِّل َما تَ ْعلَ ُم» رواه البخار ‪.‬‬
‫شةَ ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫كو ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َي اللَّهُ َع ْن َها‪ ،‬أَنَّ َها‬ ‫استَ ْغف ْرهُ إِنَّهُ َكا َن تَ َّوابًا}‪َ :‬ع ْن َعائ َ َ‬ ‫سبِ ْح بِ َح ْمد َربِ َ َ ْ‬ ‫{فَ َ‬
‫ودهِ‪:‬‬‫وع ِه وسج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‪َ " :‬كا َن النَّبِ ُّي صلَّى اللهُ َعلَي ِه وسلَّم ي ْكثِر أَ ْن ي ُق َ ِ‬
‫ول في ُرُك َ ُ ُ‬ ‫ْ ََ َُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ك اللَّ ُه َّم َربَّنَا َوبِ َح ْم ِد َك اللَّ ُه َّم ا ْغ ِف ْر لِي " يَتَأ ََّو ُل ال ُق ْرآ َن‪ .‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ُس ْب َحانَ َ‬
‫‪853‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫سورة المسد مكية‪:‬‬


‫ين}‪،‬‬ ‫ك األَق َْربِ َ‬ ‫{وأَنْ ِذ ْر َع ِش َيرتَ َ‬
‫ت‪َ :‬‬ ‫ال‪ :‬لَ َّما نَ َزلَ ْ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْن ُه َما قَ َ‬ ‫اس ر ِ‬
‫َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ َ‬
‫اد ‪« :‬يَا بَنِي فِ ْه ٍر‪ ،‬يَا‬ ‫الص َفا‪ ،‬فَجعل ي نَ ِ‬
‫ََ َ ُ‬ ‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم َعلَى َّ‬ ‫صع َد النَّبِ ُّي َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫الر ُج ُل إِ َذا لَ ْم يَ ْستَ ِط ْع أَ ْن‬
‫اجتَ َم ُعوا فَ َج َع َل َّ‬ ‫ٍ ‪َ -‬حتَّى ْ‬ ‫ون قُ َريْ ٍ‬‫بنِي َع ِد ٍ » ‪ -‬لِبطُ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ال‪« :‬أ ََرأَيْ تَ ُك ْم لَ ْو‬‫ٍ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫اء أَبُو لَ َه ٍ‬ ‫وَل لِ‬
‫ب َوقُ َريْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬‫ُ‬‫ظ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ج أ َْر َس َل َر ُس ً‬ ‫يَ ْخ ُر َ‬
‫ص ِدقِ َّي؟» قَالُوا‪ :‬نَ َع ْم‪َ ،‬ما‬ ‫ِ‬
‫الواد تُ ِري ُد أَ ْن تُغ َير َعلَ ْي ُك ْم‪ ،‬أَ ُك ْن تُ ْم ُم َ‬
‫َن َخي ًَل بِ ِ‬
‫أَ ْخبَ ْرتُ ُك ْم أ َّ ْ َ‬
‫ال أَبُو‬
‫يد» فَ َق َ‬ ‫ا ٍ َش ِد ٍ‬ ‫ال‪« :‬فَِإنِي نَ ِذ ٌير لَ ُك ْم بَ ْي َن يَ َد ْ َع َذ ٍ‬ ‫ص ْدقًا‪ ،‬قَ َ‬ ‫ك إََِّل ِ‬ ‫َج َّربْ نَا َعلَْي َ‬
‫ِ‬
‫ب َما‬ ‫ب َوتَ َّ‬ ‫ت يَ َدا أَبِي لَ َه ٍ‬ ‫ت‪{ :‬تَ بَّ ْ‬ ‫ك َسائَِر اليَ ْوم‪ ،‬أَلِ َه َذا َج َم ْعتَ نَا؟ فَ نَ َزلَ ْ‬ ‫ب‪ :‬تَ بًّا لَ َ‬ ‫لَ َه ٍ‬
‫ب} رواه البخار ومسلم‪.‬‬ ‫سَ‬ ‫أَ ْغنَى َع ْنهُ َمالُهُ َوَما َك َ‬
‫ٍ‪َ ،‬و ُِ َي‪ :‬أ ُُّم‬ ‫س ِاء قُ َريْ ٍ‬‫َ‬
‫ات نِ‬‫اد ِ‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬
‫ت َزوجته ِ‬
‫م‬ ‫ب} َوَكانَ ْ ْ َ ُ ُ‬ ‫ْحطَ ِ‬ ‫{و ْام َرأَتُهُ َح َّمالَةَ ال َ‬
‫َ‬
‫ت أَبِي ُس ْفيَا َن‪َ .‬‬
‫{ح َّمالَةَ‬ ‫ ٍ بْ ِن أُ َميَّةَ‪َ ،‬و ُِ َي أُ ْخ ُ‬ ‫بنت َح ْر ِ‬ ‫اس ُم َها أ َْرَوى ُ‬ ‫يل‪َ ،‬و ْ‬ ‫َج ِم ٍ‬
‫ول اللَّ ِه صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫يق ر ُس ِ‬ ‫ضع َّ ِ‬
‫الش ْو َك في طَ ِر ِ َ‬ ‫ت تَ َ ُ‬ ‫ب} قيل َكانَ ْ‬ ‫ْحطَ ِ‬ ‫ال َ‬
‫يم ِة‪.‬‬ ‫وا ْختَارهُ ابْن ج ِري ٍر‪ .‬وقيل َكانَ ْ ِ ِ ِ‬
‫ت تَ ْمشي بالنَّم َ‬ ‫َ َ ُ َ‬

‫سورة اإلخَلص مكية‪:‬‬

‫َح ُد ُك ْم أَ ْن يَ ْق َرأَ فِي‬ ‫ِ‬


‫من فضائلها ومناسباتها‪ :‬قال صلى الله عليه وسلم «أَيَ ْعج ُز أ َ‬
‫َح ٌد‬ ‫أ‬ ‫الله‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬‫ق‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫؟‬ ‫ث الْ ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫أ‬‫ر‬‫ق‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ك‬
‫َ‬‫و‬ ‫وا‪:‬‬‫ل‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫ق‬
‫َ‬ ‫»‬‫؟‬ ‫ث الْ ُقر ِ‬
‫آن‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ث‬
‫ُ‬ ‫لَي لَ ٍ‬
‫ة‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫‪854‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ث الْ ُقر ِ‬
‫آن» البخار ومسلم واللفظ له‪ .‬وكان يقرئها في ركعة األخيرة‬ ‫ِ‬
‫تَ ْعد ُل ثُلُ َ ْ‬
‫من الوتر‪ ،‬وفي أذكار الصباح والمساء وعند النوم مع المعوذتين‪.‬‬
‫سبب نزولها‪ :‬عن أبي بن كعب‪ ،‬قال‪ :‬قال المشركون للنبي صلى الله عليه‬
‫َح ٌد اللَّهُ َّ‬
‫الص َم ُد) ‪ .‬و عن‬ ‫انسب لنا ربك‪ ،‬فأنزل الله‪( :‬قُ ْل ُُ َو اللَّهُ أ َ‬
‫وسلم‪ُ :‬‬
‫عكرمة‪ ،‬قال‪ :‬إن المشركين قالوا‪ :‬يا رسول الله أخبرنا عن ربك‪ ،‬صف لنا ربك‬

‫ما ُو‪ ،‬ومن أ شيء ُو؟ فأنزل الله‪( :‬قُ ْل ُُ َو اللَّهُ أ َ‬


‫َح ٌد) إلى آخر السورة‪.‬‬

‫اج ُُ َو إِلَى‬ ‫صم ُد الْ َخ ََلئِ ُق إِلَْي ِه فِي ح ِ‬ ‫{اللَّهُ َّ‬


‫اجات ِه ْم‪َ ،‬وََل يَ ْحتَ ُ‬
‫َ َ‬ ‫الص َم ُد}‪ :‬أ َم ْن يَ ْ ُ‬
‫ْح ِمي ُد}‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ٍ‬
‫َّاس أَنْ تُ ُم الْ ُف َق َراءُ إِلَى اللَّه َواللَّهُ ُُ َو الْغَن ُّي ال َ‬
‫َحد‪{ .‬يَا أَيُّ َها الن ُ‬
‫َ‬

‫سورة الفلق والناس‪ :‬مدنيتان‪.‬‬

‫صلَّى اللَّهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم نَظََر إِلَى‬ ‫ب} َع ْن َعائِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن النَّبِ َّي َ‬ ‫شةَ‪ ،‬أ َّ‬ ‫{وم ْن َش ِر غَاس ٍق إِ َذا َوقَ َ‬ ‫َ‬
‫يذ بِاللَّ ِه ِمن َش ِر ُ َذا‪ ،‬فَِإ َّن ُ َذا ُو الغَ ِ‬ ‫شةُ است ِع ِ‬
‫اس ُق إِ َذا‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‪« :‬يَا َعائِ َ ْ َ‬ ‫ال َق َم ِر‪ ،‬فَ َق َ‬
‫يح» وصححه األلباني‪.‬‬ ‫يث حسن ِ‬ ‫ِ‬
‫صح ٌ‬ ‫ب»‪ :‬رواه الترمذ وقال « َُ َذا َحد ٌ َ َ ٌ َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪َ ،‬حتَّى َكا َن يُ َخيَّ ُل إِلَْي ِه أَنَّهُ‬ ‫َعن َعائِشةَ قَالَ ْ ِ‬
‫ت‪ُ :‬سح َر النَّبِ ُّي َ‬ ‫ْ‬
‫ت أ َّ‬
‫َن‬ ‫ال‪ " :‬أَ َشعر ِ‬
‫َْ‬ ‫ات يَ ْوٍم َد َعا َو َد َعا‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫يَ ْف َع ُل َّ‬
‫الش ْي َء َوَما يَ ْف َعلُهُ‪َ ،‬حتَّى َكا َن ذَ َ‬
‫اْلخ ُر ِع ْن َد‬‫َح ُد ُُ َما ِع ْن َد َرأْ ِسي َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّهَ أَفْ تَانِي فِ ِ ِ ِ ِ‬
‫يما فيه ش َفائي‪ ،‬أَتَاني َر ُجَلَن‪ :‬فَ َق َع َد أ َ‬ ‫َ‬
‫ال‬
‫ال‪َ :‬وَم ْن طَبَّهُ؟ قَ َ‬ ‫و ٍ‪ ،‬قَ َ‬‫ال‪َ :‬مطْبُ ٌ‬ ‫الر ُج ِل؟ قَ َ‬ ‫َح ُد ُُ َما لِ ْْ َخ ِر َما َو َج ُع َّ‬ ‫ِر ْجلَ َّي‪ ،‬فَ َق َ‬
‫ال أ َ‬
‫‪855‬‬
‫جامع التيسير في تعليقات التفسير‬

‫ف طَل َْع ٍة ذَ َك ٍر‪ ،‬قَا َل‬ ‫شاقَ ٍة و ُج ِ‬ ‫ال‪ :‬فِي م ُ ٍ‬ ‫لَبِي ُد بن األَ ْعص ِم‪ ،‬قَ َ ِ‬
‫شط َوُم َ َ‬ ‫ُ‬ ‫يما َذا‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪ :‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫صلَّى اللهُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬ثُ َّم َر َج َع‬‫ج إِلَْي َها النَّبِ ُّي َ‬ ‫فَأَيْن ُُو؟ قَ َ ِ ِ‬
‫ال‪ :‬في ب ْئ ِر َذ ْرَوا َن " فَ َخ َر َ‬ ‫َ َ‬
‫استَ ْخ َر ْجتَهُ؟‬ ‫اطي ِن» فَ ُقل ُ‬‫الشي ِ‬
‫وس ََّ‬ ‫َّ‬ ‫شةَ ِ‬ ‫ال لِعائِ‬
‫ْت ْ‬ ‫ُُ ُ‬ ‫ء‬ ‫ر‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫َ‬‫أ‬‫ك‬‫َ‬ ‫ا‬‫ه‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ر‬
‫َ ََ َ‬ ‫ين‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫فَ َق َ َ‬
‫ك َعلَى الن ِ‬
‫َّاس َش ًّرا» ثُ َّم‬ ‫يت أَ ْن يُثِ َير َذلِ َ‬
‫ال‪َ« :‬لَ‪ ،‬أ ََّما أَنَا فَ َق ْد َش َفانِي اللَّهُ‪َ ،‬و َخ ِش ُ‬ ‫فَ َق َ‬
‫ت البِْئ ُر‪ .‬البخار ومسلم واللفظ للبخار ‪.‬‬ ‫ُدفِنَ ِ‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله ر ٍ العالمين‪.‬‬
‫جمع وإعداد‪ :‬الطالب مختار عبد الله حد ‪.‬‬

‫‪856‬‬

You might also like