Professional Documents
Culture Documents
الفصل الاول 3
الفصل الاول 3
المطلــب االول
تعريـف التـــدخـــل
سنحاول ان نتطرق في هذا المطلب الى التعاريف التي قال بها الفقه الدولي ،حيث انقسم الى
اتج اهين ،االتج اه الض يق المح دد واالتج اه الواس ع ال ذي ي روم ش مول جمي ع ان واع الت دخالت ومنه ا
التدخل الهدام لمفهومه.
ولم يس تطع الفقه اء ان يتفقوا على مع نى واض ح في تعري ف الت دخل وال ت زال الكلم ة موض ع
خالف بين الكتاب واعضاء االمم المتحدة ،كما ان االعمال التحضيرية في سان فرانسيسكو ال تنطوي
على اي موقف موحد بين واضعي الميثاق تجاه معنى ((التدخل)) (.)1
ه ذا الخالف الكب ير بين وجه ات النظ ر ح ول تعري ف واض ح المع الم س وف ي ؤدي الىاكتن اف
الغموض لهذا المصطلح ،وبعضهم يعزو االمر الى سببين -:
االول -:بعضهم ينظر اليه على انه صورة معينة للسلوك ،وبعضهم االخر ينظ ر اليه من خالل الحكم
على النوايا االساسية التي يتضمنها ،واخرون ينظرون اليه من ناحية النتائج المنبثقة عنه.
الثاني -:يتمثل بمدى امتداد التدخل ،فبعضهم قصرة على طرفين ال ثالث لهما ،بعضهم
االخر ادخل طرفا ثالثا فيه.
ومن خالل ذلك نستطيع ان نتبين ان هنالك اتجاهين لمعنى التدخل االتجاه الضيق ،واالتجاه
الواسع .
) ?(1د .صالح جواد الكاظم ،دراسة في المنظمات الدولية ،مطبعة االرشاد ،بغداد ، 1975 ،ص175
.
)?(2د .حممد طلعت الغنيمي ،االحكام العامة يف قانون االمم ،قانون السالم ،منشأة املعارف ،االسكندرية ، 1970 ،ص. 329
4
المبحث االول الفصل
ويمكن ان يكون ذلك بحق او بدون حق على ان يكون دكتاتوري ًا ليتضمن المعنى المقصود
،ويتف ق انص ار ه ذا االتج اه على انهم يعت برون الت دخل تع رض دول ة بص ورة مباش رة ،للش ؤون
الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة اخ رى ،واليعت برون ت دخل دول ة ثالث ة ت دخًال ،وي ذهب )Brierly
( برايرلي الى القول …
(( ان كلم ة الت دخل يقتص ر معناه ا الخ اص على التع رض في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة
اخرى تعرضًا من شانه ان ينتهك استقاللها )) .
() 1
ويتفقون على وجوب ان يكون هذا التعرض مقرونًا بــاالكراه او القســر اي مقرونـًا باســتخدام
القوة او التهديد باستعمالها ،اي انهم يتجهون الى التضييق لمفهوم القوة بحيث يكون هنالك تــاثير على
ارادة الدولة وبهذا يتميز التدخل من مجرد النصيحة الودية او التاثير السياسي العام (. )2
اما الفقيه ( )p. Fauchilleفوشي فـ(( يعتبر التدخل فعال شرعيا عندما تبالغ دولة ما في استقاللها ،
الن ذلك يمس باحدى الحقوق االساسية لدولة اخرى ،وهذا وفق المبدأ المعترف به من طرف القانون
ال دولي الع ام القائ ل يجب على مب دأ االس تقالل ان يتماش ى م ع مب دأ التع اون او التض امن بين ال دول ،
ويعتبر االخر ان الدولة اليمكن احترامها اذا ماخرقت التزاماتها الدولية )) (.)3
ان هذا الراي محل نظر الن فيه نوع ًا من اضفاء شرعية على فعل يعد انتهاك ًا لمبدأ اساسي
ومهم في العالقات الدولية ،وهو مبدأ عدم التدخل ومخالفة صريحة لقرارات الجمعية العامة المحرمة
لجميع انواع التدخل واالعالنات المتعلقة بها ،هذا من جهة ،ومن جهة اخرى فان اعطاء الحق او
الشرعية للدولة للقيام بهذا الفعل بحجة المساس باستقاللها ،يعيد المجتمع من عصر التنظيم الدولي
الى عصر شريعة الغاب او عصر القوة او البقاء لالقوى ،فالبد من الرجوع الى المنظمات الدولية
أواالقليمية من قبل الدولة صاحبة الحق لكي تقوم بدورها وخاصة االمم المتحدة ومجلس االمن ،في
حفظ السلم واالمن الدوليين ،واعادتهما الى نصابهما .
ويع رف ال دكتور محم د طلعت الغ نيمي الت دخل بان ه (( تع رض دول ة لش ؤون دول ة اخ رى
بطريقة استبدادية بقصد االبقاء على االمور الراهنة او تغييرها )) (.)4
ومثل هذا التدخل قد يحصل بحق او دون حق ولكنه في كلتا الحالتين سوف يمس االستقالل السياسي
. () 5
أوالسيادة االقليمية والشخصية للدولة المعتدى عليها
)?)1
Brierly , the law of nations , Oxford , 1936 , p247.
عطية جابر املنصوري ،النظرية املعاصرة للتدخل يف القانون الدويل العام ،رسالة ماجستري مقدمة اىل جملس كلية القانون والسياسة يف جامعة بغداد ،بغداد ، ) ?(2
د .حممد طلعت الغنيمي ،االحكام العامة يف قانون االمم ،قانون السالم ،منشأة املعارف ،االسكندرية ، 1970 ،ص. 329 ) ?(4
)?)5
Oppenheim , International law atreatise , vol . I –peace , eighthedition , edited by , h.lauter pacht ,
longmans , london , 1958 ,p305
.
5
المبحث االول الفصل
كما ان بقاء االمور الراهنة او تغييرها هو نتيجة للتدخل والعالقة له بتعريف التدخل ،وفي
هذا التعريف تم التاكيد على ان يكون التدخل ( استبداديًا ) اي بطريق القسر واالكراه ،وهذا المنحى
جيد وهو يؤدي بالنتيجة الى تمييز التدخل من تقديم الخدمات او الوساطة او التعاون النها تمثل منحى
وديا للتدخل .
كما يعرف الفقيه ( )Charles Dcpuisجارلس دسبوس التدخل بانه (( عمل دول ة تطمح
الن يكون تدخلها في الشؤون الخارجية او الداخلية لدولة او لعدة دول اخرى بقصد ترجيح مصالحها
الخاصة )) (.)1
اي ان الهدف من وراء هذا التدخل هو شخصي سياسي اي تنفي ًذ لمصلحة تعود الى الدولة المتدخلة
وبذلك اليمكن اعتباره تدخال قانونيا .
ويعرف ه االس تاذ ( ) L.. Cavareك افير بان ه (( انغم اس دول ة في الش ؤون الداخلي ة لدول ة
اخرى بهدف فرض ارادتها عليها )) (.)2
كم ا يالح ظ على تعري ف االس تاذ ( ) L . . Cavareك افير ان ه يح دد الت دخل في الش ؤون
الداخلي ة فق ط وال يتط رق للش ؤون الخارجي ة كم ا ان هدف ه ايض ًا مح دد ،وه و ف رض االرادة ،او ق د
يع رف ايض ا بان ه ((ه و عم ل دول ة تبحث عن الول وج في مج ال اختص اص محج وز حص رًا لدول ة
اخرى سواء من اجل مساعدتها لتسوية شؤونها الخاص ة ام لتس ويتها ب دًال عنه ا ام الجباره ا على
تسويتها حسب مشيئتها )) (.)3
ويع رف االس تاذ ( ) E . stowellس تيول الت دخل بان ه (( اللج وء الى اج راءات الق وة س واء
اكان بالفعل ام باسلوب التهديد بهدف الوصول الى ان تتبنى الدول االخرى نهج ًا بالتصرف او بانهاء
. ( )4
اقتتال او نشاطات اخرى غير مرغوب فيها ))
اما االستاذ الدكتور محمود س امي جنينة فيعرف التدخل بانه (( تعرض دول ة لشؤون دولة
اخرى وامالء ارادتها عليها وذلك بالزامها بالقيام بعم ل او االمتناع عن عم ل او باتباع خط ة معينة
. ( )5
ترسمها لها دون ان يكون لهذا التعرض اساس صحيح قانونًا ))
ان هذا التعريف يؤكد على فعل التعرض وحدوثه ،كما يالحظ من عبارة وامالء ارادتها عليها ،انه
تاكي د على ان يك ون التع رض مقرون ًا ب االكراه والقس ر ،وب ذلك تخ رج االفع ال ال تي تق وم به ا دول ة
د .عامر اجلومرد ،تدخل االمم املتحدة يف شؤون الدول ،جملة الرافدين للحقوق ،العدد الثالث ،تصدر عن كلية القانون جامعة املوصل ،املوصل ، ) ?(1
6
المبحث االول الفصل
كالنص ائح والوس اطة والتحكيم ال تي التتض من عنص ر ( االك راه او القس ر) ،وك ذلك يؤك د على ع دم
وجود اساس قانوني للتعرض ،وبذلك يخرج من ذلك تعرض دولة متبوعة لشؤون دولة تابعة ،او
تعرض دولة حامية لشؤون دولة محمية .
ويعرف الدكتور سموحي فوق العادة التدخل بانه (( تعرض احدى الدول للشؤون الداخلية او
الخارجية لدولة اخرى بغية ارغامها على القيام بعمل معين او االمتناع عنه مستعملة في سبيل ذلك
نفوذها وسلطتها وما لديها من وسائل الضغط واالكراه )) (.)1
كم ا عرف ه ( ) Thomas and Thomasتوم اس وتوم اس ت دخل دول ة او مجموع ة دول
به دف ف رض ارادته ا في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة ذات س يادة ومس تقلة ،وتربطه ا معه ا
عالقات سلمية ،دون موافقتها ،من اجل المحافظة على الوضع القائم او تغييره (.)2
ونس تطيع ان نت بين من ه ذا التعري ف ان الت دخل يمكن ان يك ون فردي ًا كم ا يمكن ان يك ون
جماعي ًا ،وانه اي التدخل يتضمن االكراه ،ويجب ان يقع على دولة ذات سيادة ومستقلة حتى يمكن
القول بوجود تدخل ،وتاكيده على عنصر عدم الرضا ،فهو يتضمن عنصرين من عناصر التدخل (
)1عنصر االختـصاص ( )2عنصر االستقالل ( )3وعنصر القــهر ،كمــا يعرفه ( )YVeslsandoz
(( بان ه الت دخل المس لح لدول ة في اقليم دول ة اخ رى لوض ع ح د لخروق ات خط يرة وجماعي ة لحق وق
االنسان )) (.)3
يالحظ على هذا التعريف قصره التدخل على ان يكون مسلحًا متناسيًا باقي االنواع االخرى
للتدخل التي قد تكون اكثر خطورة على استقالل الدولة من التدخل المسلح ،ومن الواضح ان قصده
كان متجهًا في هذا التعريف نحو التدخل االنساني للحد من خروقات حقوق االنسان .
اما االستاذ عبد العزيز محمد سرحان فيعرف التدخل (( بانه ذلك االلتزام الدولي الذي يقضي
ب ان تباش ر ك ل دول ة اختصاص ها داخ ل اقليمه ا فق ط وان تك ف عن ك ل عم ل يع د ت دخًال في الش ؤون
الداخلية ،او متعلقًا باالختصاص االقليمي لدولة اخرى )) (.)4
ويعرف ه الدكتور محمد المجذوب بانه (( تعرض دولة للشؤون الداخلية او الخارجية لدولة
اخرى دون ان يكون لهذا التعرض مسوغ ق انوني ،والغرض منه يكون غالب ًا رغبة دول ة قوية في
امالء سياسة معينة او طلب امر معين من دولة اضعف منها )) (.)5
د .مسوحي فوق العادة ،القانون الدويل العام ،مطبعة االرشاد ،دمشق ، 1960 ،ص. 229 ) ?(1
) ?(2د .عبد اجمليد العبديل ،قانون العالقات الدولية ،ط ، 1دار اقواس للنشر ،مطبعة فن والوان ،تونس ، 1994 ،ص. 470
املصدر نفسه ،ص. 471 ) ?(3
) ?(4عبد العزيز حممد سرحان ،مباديء القانون الدويل العام ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 1975 ،ص. 354
د .حممد اجملذوب ،حماضرات يف القانون الدويل العام ،مكتبة مكاوي ،بريوت ،بدون سنة طبع ،ص. 123 ) ?(5
7
المبحث االول الفصل
كما يعرفه الدكتور علي صادق ابو هيف بانه (( تعرض دولة للشؤون الداخلية او الخارجية
لدولة اخرى دون ان يكون لهذا التعرض سند قانوني ،والغرض من التدخل هو الزام الدولة المتدخل
في امرها باتباع ماتمليه عليها في شان من شؤونها الخاصة الدولة او الدول المتدخلة،لذا ففي التدخل
في شكله المطلق،تقييد لحرية الدولة
واعتداء على سيادتها واسـتقاللها )) (.)1
لذلك فان التعرض الصادر عن دولة اجنبية باية صورة ،اي باية وسيلة والذي يكون موجه ًا
الى حق من حقوق دولة اخرى سواء مايتعلق بسلطانها ام يكون موجه ًا ضد استقاللها السياسي يعتبر
تدخًال ،لذلك فان التعرض الصادر مبني على القوة بغض النظر عن الصورة التي يكون عليها وهو
بذلك يتميز من المساعدة الودية والوساطة والتحكيم(.)2
و من خالل التعاريف المذكورة انفا يتبين ان الحد الفاصل بين التدخل والممارسات االخرى
ال تي تق وم به ا ال دول خ ط م ائع او دقي ق ،فالت دخل يك ون حاص ًال عن دما تتع رض دول ة لش ؤون دول ة
اخ رى باس لوب قه ري اس تبدادي ( ) Dictatorialتملي من خالل ه على الدول ة االخ رى كيفي ة
التصرف في شؤونها .
وعليه فان صفة ( القهر او االستبداد ) هي التي تميز التدخل من غيره من صور التعاون بين
الدول سواء لمواجهة نزاع دولي او لمعالجة مشكلة دولية .
ف التحكيم (( ه و ع رض ال نزاع ام ام محكم ة مس تقلة اذا م ا تم االتف اق على ذل ك من قب ل الط رفين
المتنازعين ،وقبول ما يصدر عنها من حكم ،على الرغم من انها ال تملك وسائل االكراه لتنفيذ ذلك
الحكم )) (.)3
فالمس اعدة الودي ة ال يتص ور ان تق وم به ا اال دول ة ص ديقة وب ذلك الوج ود لالك راه في ه ذه
الحالة ،اما الوساطة فتتمثل بتطوع دولة تعمل على التوفيق بين وجهات نظر الدولتين المتنازعتين ،
وبناءًا على طلبهم وموافقتهم فتشترك الدولة الوسيطة في المفاوضات التي تتم بين الطرفين ،وتقوم
د .علي صادق ابو هيف ،القانون الدويل العام ،منشأة املعارف ،االسكندرية ، 1993 ،ص. 209 ) ?(1
علي ماهر بك ،عموميات عن القانون الدويل العام بدون مكان ، 1924 ،ص. 223 ) ?(2
8
المبحث االول الفصل
باقتراح الحل المناسب النهاء النزاع ،وتترك الطراف النزاع كل الحرية في قبول تلك الوساطة او
الح ل او رفض ه ،فه و اي الدول ة الوس طية تس عى الى لفت نظ ر االط راف الى ذل ك الح ل في اط ار
مس عى ودي فهي ت دخل ودي ولالط راف مطل ق الحري ة في قبول ه او رفض ه دون محاول ة الض غط
( )1
عليهم او امالء ارادتها عليهم.
كذلك فان التدخل يختلف عن نظام الحماية الدبلماسية فال يتطلب هذا النظام التعرض بشكل
قسري لشؤون الدولة االخرى او محاولة تسيير شؤونها ،وقد اتجه جانب من الفقه الى اعتبار نظام
الحماية الدبلماسية نوعًا من التدخل المشروع اي انه استثناء على االصل ،اال ان الدولة التي تمارسه
ال تت دخل في ش ؤون الدول ة االخ رى ب ل تس عى لرف ع الحي ف ال ذي لح ق بمواطنيه ا ووس يلتها في ذل ك
ليس التدخل بل الطرق الدبلماسية او القضائية ،والغرض من اللجوء الى هاتين الطريقتين ليس ارغام
الدول ة على التص رف بش كل مخ الف الرادته ا ب ل معرف ة وجه ة نظره ا بص دد ال نزاع او المش كلة
ووسائل ح ل تلك المشكلة فالتدخل يناقض بالتاكيد حق الدول ة في االستقالل ،لذلك يجب على الدول ة
عن د ممارس ة حقه ا في االس تقالل اي حقه ا في ادارة ش ؤونها الداخلي ة او الخارجي ة دون ان تخض ع
لسيطرة او ارادة دولة اخرى ،يجب عليها ان ال تتمادى في ذلك حتى تتعرض لحقوق دولة اخرى ،
لذلك يؤكد الشراح على عدم وجود حق بالتدخل بل وجود حق باالستقالل فحسب يفرض واجب ًا يقابله
( )2
يقضي بعدم جواز التدخل .
اذن فالتدخل يمثل عمال غير مشروع النه يمثل اعتداء على حق الدولة في ممارسة استقاللها
،وانتهاك ًا لمب دأ اساس ي في الق انون ال دولي وه و مب دأ ع دم الت دخل والس ؤال ال وارد في ه ذا االتج اه
الضيق هو :هل يشترط ان يكون التدخل دون سند قانوني ؟
لقد انقسم انصار هذا االتجاه من خالل استعراض التعاريف السابقة للتدخل قسمين -:
القسم االول -:اشترط عدم وجود السند القانوني ،مما يعني خروج جميع التعرضات التي
يبيحها القانون الدولي العام ،عن نطاق مفهوم التدخل .
القسم الثاني -:اعتبر ان التعرض للشؤون الداخلية او الخارجية هو تدخل سواء اكان بحق او دون
ح ق ،وب ذلك يعتبر هذا االتج اه بداي ة لتوس يع مفه وم الت دخل ،فالقانون الدولي الع ام
يقض ي ب احترام الشخص ية القانوني ة لل دول االخ رى ،ويمن ع اي ت دخل في ش ؤونها
الداخلية لكن توجد بعض الحاالت التي يكون فيها التعرض او التدخل مشروعًا-:
املصدر نفسه ،ص. 224 ) ?(1
د .عبد اجمليد عباس ،القانون الدويل العام ،مطبعة النجاح ،بغداد ، 1947 ،ص. 228 ) ?(2
9
المبحث االول الفصل
-1كتدخل الدولة الحامية في شؤون الدولة المحمية ،لكنه قد تضائل في الوقت الحاضر .
-2تدخل الدولة التابعة في شؤون الدولة المتبوعة .
-3التدخل في حالة وجود معاهدة تفرض قيودًا على دولة معينة في المعاهدة وقيامها بخرقها فان
للطرف او االطراف االخرى التدخل .
( )1
-4التدخل في حالة وجود خرق الحكام القانون الدولي العرفي من قبل دولة معينة .
-5التدخل في حالة اذا ما اساءت دولة ما معاملة مواطني دولة اخرى في اراضيها ،فان لهذه الدولة
االخرى الحق بالتدخل نيابة عن مواطنيها ،كتدخل الواليات المتحدة عام 1909في
نيكارغوا.
-6التدخل الجماعي الذي تتخذه الهيئة الدولية لتنفيذ مبادى القانون الدولي العام واحكامه.
-7التدخل بناءًا على دعوة صريحة من الحكومة الشرعية في دولة ما كتدخل الواليات المتحدة في
لبنان عام 1958وتدخل بريطانيا في االردن لمواجهة تدخل الجمهورية العربية المتحدة ،وتدخل
بريطانيا في تنزانيا عام ، 1964ولكن تبرير التدخل على اساس انه دعوة من حكوم ة الدولة
اليمكن ان يكون شرعيًا فقد تكون الحكومة ال تمثل الشعب وفقدت ثقته فهو يساعد حكومة غير
مرغوب فيها(.)2
ومهما كانت التبريرات فان هناك حقيقة ثابتة وهي ان التدخل يعتبر عمًال عدائيًا غير مشروع
قانونًا ويعد انتهاكا واضحا لحرية الدولة وحقها في االستقالل ،وهو في حد ذاته يمثل خرق ًا فاضحًا
لمبدأ اساسي من المباديء التي يقوم عليها القانون الدولي العام وهو مبدأ عدم التدخل ،وعلى الرغم
من هذا كله فان التطورات التي حدثت على الساحة الدولية ،ادت الى اللجوء الى ممارسة التدخل على
ال رغم من ذل ك الش جب وع دم المش روعية الدولي ة ،فق د اعتم دت ال دول الك برى على ق دراتها
االقتص ادية والتكنولوجي ة واالعالمي ة للت دخل في الش ؤون الداخلي ة ،س واء عن طري ق المس اعدات
االقتص ادية والض غوط السياس ية والدبلوماس ية والنش اطات الهدام ة للمحافظ ة على أمنه ا الق ومي ،او
احي اء ًا للديمقراطي ة المفق ودة في مختل ف دول الع الم واللج وء الى س بل المواجه ة غ ير المباش رة او
الت دخل بص ورة غ ير مباش رة والس لبيات على ه ذا االتج اه ،من خالل س رد التع اريف ال تي اخ ذ به ا
اص حاب ه ذا االتج اه او المنحى الض يق ،يؤخ ذ علي ه ان ه يقص ر الت دخل على معن اه الكالس يكي في
القانون الدولي اي معناه الضيق الذي يقول بوقوع التدخل باستخدام القوة المسلحة المباشرة ،والواقع
ان تحديد التدخل بهذا المعنى الضيق يخفي عددًا كبيرًا من التعرضات التدخلية التي قد تتخذ مظهرًا
جريهاد فان غالن ،القانون بني االمم ،مدخل اىل القانون الدويل العام ،ترمجة عباس العمر ،اجلزء االول ،دار االفاق اجلديدة ،بريوت ، 1970 ،ص. 180 ) ?(1
د .كاظم هاشم نعمة ،العالقات الدولية ،اجلزء االول ،دار الكتب للطباعة والنشر ،بغداد ، 1979 ،ص. 198 ) ?(2
10
المبحث االول الفصل
سياسيًا او اقتصاديا او ثقافيًا او مظهرًا هدامًا ،كما ان استخدام القوة ليس اال نتيجة للتدخل ،او سبيل
او وسيلة النجاحه وليس شرطًا لقيام التدخل .
11
المبحث االول الفصل
ان المالح ظ على هذا التعريف ان مص طلح الت دخل ق د ورد بصورة مطلقة والمطلق يج ري
على اطالق ة ،بحيث اص بح يتض من جمي ع مج االت التع رض بص رف النظ رعن س نده الق انوني ،
ويالح ظ ايض ًا ع دم التط رق الى مس ألة التاثير في االرادة اي(ارادة الدول ة المـتدخل في شؤونها ) أي
مدى االنتهاك الذي لحق بحق الدولة في االستقالل وحريتها في ادارة شؤونها الداخلية والخارجية.
12
المبحث االول الفصل
المتح دة ) الى ف ترة الح رب الب اردة ،ومابع د انهي ار االتح اد الس وفيتي م رورًا بف ترة التس عينات ح تى
الدخول في االلفية فمن غير المناسب قصر التدخل على نطاق ضيق مما سيعطي االمان للقيام بانواع
مختلف ة من الت دخالت وافالت العدي د منه ا دون ح تى ذكره ا ،وس وف نس تعرض أهم التع اريف ال تي
كتبها فقهاء وكتاب القانون الدولي لمفهوم التدخل الواسع ،فالفقيه ( Rene Costeرينيه كوست) قد
اس تند في تعريف ه للت دخل الى اعالن الجمعي ة العام ة لالمم المتح دة الص ادر في ، 21/12/1965
واعت بر ت دخل دول ة في ش ؤون دول ة اخ رى لف رض ارادته ا عليه ا س واء اك ان القص د انس انيًا ام غ ير
. () 1
انساني ،او عن طريق الحرب او عن طريق سبل الضغط االخرى
ان المالح ظ على تعري ف ( )costكوس ت ان ه مس تند بش كل واض ح الى اعالن االمم المتح دة
الم رقم () 2131لس نة ، 1965الخ اص بتح ريم الت دخل بك ل اش كاله فال يح ق الت دخل فيم ا يتعل ق
باختي ار النظ ام السياس ي او االقتص ادي او االجتم اعي من قب ل دول ة م ا واليح ق الي ة دول ة ان تت دخل
بش كل مباش ر او غ ير مباش ر ( ه دام) في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة الي ة دول ة ل ذا ف ان الت دخل
المسلح وكل االشكال االخرى من التدخالت والتهديدات ضد شخصية الدولة او ضد نظامها السياسي
او االقتص ادي او الثق افي تعت بر مدان ة واالمتن اع عن تق ديم اي ة مس اعدة وتموي ل وتش جيع للعملي ات
المس لحة او الهدام ة ال تي تس تهدف تغي ير نظ ام الحكم ب القوة او الت دخل في المنازع ات الداخلي ة لدول ة
. () 2
اخرى
وبذلك يكون ( )costكوست قد عرف التدخل تعريفًا واسعا مشتمًال النواع متعددة ولم يسمح
بالت دخل لم بررات انس انية او غ ير انس انية ،ولم يح دد الوس ائل ال تي تس تخدم في الت دخل ،وب ذلك فه و
يشمل التدخل االقتصادي والسياسي والثقافي والهدام .
اما بالنسبة الى الكاتب القانوني ( ) Lazarevالزاريف فانه يقول ان للتدخل صورتين -:
-1تدخل مسلح مفتوح اي ادخال قوات مسلحة اجنبية في اقليم دولة اخرى .
-2تدخل خفي مستور ( هدام) .
)?(1مسري عبد العزيز املزغين ،النزاعات املسلحة يف القانون الدويل وطبيعة اخلرب اللبنانية ،رسالة ماجستري مقدمة اىل جملس كلية القانون والسياسة يف جامعة بغداد ،
بغداد ،مجهورية العراق ، 1978 ،ص217
عالء الدين حسني مكي مخاس ،استخدام القوة يف القانون الدويل ،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد ، 1988 ،ص. 141 ) ?(2
13
المبحث االول الفصل
ويعتبر ()lazarevان التدخل الهدام اكثر تطبيق ًا في الواقع العملي من التدخل المسلح المباشر
وذلك الن الظروف المحيطة بالمجتمع الدولي في فترة معينة قد تكون غير مؤاتية للقيام او اللجوء الى
التدخل المسلح المباشر كما ان اللجوء الى التدخل المسلح واضح للعيان واليحتاج الى اثباته وبالنظر
الى ع دم مش روعيته وانتهاك ه لمب دأ اساس ي في الق انون ال دولي ه و مب دأ ع دم الت دخل ،وامك ان اقام ة
المسؤولية الدولية عنه ،فضال عن االعتراضات التي قد تنشب بسبب اللجوء اليه وامكان تحولها الى
نزاع مس لح ،فان ه من الحكم ة اللج وء الى ( الت دخل اله دام ) في مث ل تل ك الظ روف وذل ك لمرونت ه في
تحقيق الهدف المنشود من دون اثارة اية مشكلة وباقل الخسائر .
والفق ه الس وفيتي يهتم بص ور عدي دة للت دخل ،منه ا الت دخل االقتص ادي ال ذي يمث ل اللج وء الي ه
انتهاك ًا خط يرًا لمب دأ ع دم الت دخل وطريق ة خط يرة للس يطرة على ارادة ال دول الض عيفة وزي ادة التوس ع
االمريكي والتدخل عن طريق عدم االعتراف الذي يمثل نوع من التدخل الدبلماسي .
ويعدد الفقه السوفيتي صورًا من التدخل غير المباشر ( الهدام) -:
أ -تمويل تشكيالت معارضة للثورة داخل الدولة .
ب -تقديم المساعدة المعنوية او المالية الى عمالئها .
جـ -ارسال الجواسيس واالرهابيين والمخربين .
د -استثارة الحرب االهلية(.)1
ام ا بالنس بة الى (م ارنتر) ،فان ه ي رفض الت دخل ويؤك د على ع دم مش روعيته في العالق ات
الدولية ،النه يمس باستقالل الدولة وسيادتها ،كما ان رجال السياسة ايض ًا يبتعدون عن هذا النوع من
استخدام القوة واليؤيدونه ،كما يذهب ( غرابر) الى ان القانون الدولي الوضعي يؤكد احترام سيادة
الدول وعدم السماح بالقيام باي نوع من انواع التدخل(. )2
وقد ذهب الدكتور محمد محمود خلف في تعريف التدخل الى انه ((الضغط الذي تمارسه دولة
ض د دول ة اخ رى بقص د اجباره ا على القي ام بعم ل ،او االمتن اع عن عم ل ،او الع دول عن اج راءات
تعس فية ض د رعاياه ا المقيمين على اراض يها ،او االقلي ات الجنس ية او العرقي ة او السياس ية او الديني ة
المقيمين على اقليمها )) (.)3
لذلك فان اي تدخل في الشؤون الداخلية او الخارجية يعتبر عمًال غير مشروع واليقره القانون
ال دولي الع ام ،وال دول في ال وقت الحاض ر تلج أ الى الت دخل باس اليب متع ددة ،وذل ك لكي تض غط على
د .حممد طلعت الغنيمي ،مصدر سابق ،ص342 ) ?(1
مسري عبد العزيز املزغيب ،مصدر سابق ،ص. 220-219 ) ?(2
) ?(3د .حممد حممود خلف ،حق الدفاع الشرعي يف القانون الدويل اجلنائي ،بدون مكان طبع ،القاهرة ، 1972 ،ص. 74
14
المبحث االول الفصل
الدولة المتدخل في شؤونها ،سواء اكانت ضغوطًا خارجية ام اقتصادية ام عن طريق الضغط الداخلي
لكي تنصاع لمصالح الدولة المتدخلة ،وكذلك ان تلجأ بعض الدول الى التدخل الهدام بمساندة فئة داخل
الدولة ضد فئة اخرى ،بغض النظر عن االسباب سواء اكانت سياسية ام قومية ام دينية ،وقد تعمد هذه
الدول الكبرى الى دعم حكومات دول تعمل لمصلحتها ،حيث تقوم تلك القوى بدعم هذه الحكومات من
اج ل اس تمرارية بقائه ا في الس لطة ،وذل ك النه ا تتف ق م ع تل ك الحكوم ات في االتجاه ات ،فتس عى الى
ابقائه ا في الحكم كم ا ه و الح ال بالنس بة الى أس رائيل وحكوم ات جن وب افريقي ا ،وع دد من الحكوم ات
العربية (.)1
ان الوسيلة المستخدمة في التدخل تحدد طبق ًا للغاية المقصودة من وراء هذا التدخل فضال عن
ان هنالك عوامل مساعدة عديدة اخرى ،فما هي تلك العوامل او الظروف التي يمكن من خاللها تحديد
اسلوب التدخل او طريقته ،ان الدول الكبرى قد تلجأ الى التدخل اما لضمان استمرار نظام حكم معين
او الزال ة نظ ام حكم ق ائم وتغي يره لض مان اس تمرارية تحقي ق الت وازن لمص لحتها ،وق د يم ارس الت دخل
ازاء معضلة سياسية داخلية الن استمرار تلك المعضلة يحقق مصلحة تلك الدول ة الكبرى المتدخلة ،
والغالب وقوع تلك التدخالت في دول العالم الثالث ،واالمثلة كثيرة على ذلك ،كالتدخل البريطاني في
العراق عام 1941وتدخل الواليات المتحدة في كواتيماال عام ، 1954وكوبا عام ، 1961وتدخل
االتحاد السوفيتي في المجر وبولندة عام ، 1956وتدخله في جيكوسلوفاكيا عام ، 1968وافغانستان
عام .)2(1979
) ?(1د .سهيل حسني الفتالوي ،املنازعات الدولية ،مطبعة دار القادسية ،بغداد ، 1985 ،ص246
.)?(2د .خليل امساعيل احلديثي ،جملة العلوم القانونية والسياسية ،كلية القانون والسياسة ،جامعة بغداد ،اجمللد ، 2العدد ، 1981 ،3ص. 183
15
المبحث االول الفصل
16
المبحث االول الفصل
كما يعرف التدخل ايضًا بانه((اقحام دولة لنفسها اقحامًا استبداديًا بحق او دون حق في الشؤون
الخارجية او الداخلية لدولة اخرى بغية تغيير االوضاع القائمة فيها او المحافظة عليها او ارغامها على
القيام بعمل معين اواالمتناع عنه مستعملة في ذلك نفوذها او سلطتها ومالديها من وسائل الضغط ،وهو
بهذا يمس االستقالل الخارجي والسيادة االقليمية والشخصية للدولة
المعنية )) (.)1
ويالح ظ على ه ذا التعري ف توس عه في مج ال الت دخل بحيث يش مل اك ثر من ن وع ،فه و يش مل
تدخل الدولة الثالثة في النزاع بين دولتين واقحام نفسها بحق او دون حق ،وتفرض الحل الذي ترضاه
،كما يشمل تدخل الدولة في الشؤون الداخلية لدولة معينة سواء لمصلحة الحكومة الشرعية او لتعديل
سياس تها ،وك ذلك الت دخل في الش ؤون الخارجـية أي العالق ات الدولي ة للدول ة م ع ب اقي ال دول ،ويش مل
ايضا" التدخل العقابي كالحصار السلمي على شواطيء دولـة ،وكذلك يشــمل ( التدخل الهدام ) الذي
يتمثل باعمال الدعاية وغيرها من االعمال التي تهدف الى اثارة تمرد او عصيان او ثورة .
ومن خالل اس تعراض اراء الفق ه ال دولي فيم ا يتعل ق بتعري ف الت دخل واختالف الفق ه في ذل ك
وانقسامه الى اتجاهين ،االتجاه الضيق واالتجاه الواسع ،واستعراض االيجابيات والسلبيات المتعلقة
بكل اتجاه ومعرفة المعيار االساسي او الجوهري لتمييز التدخل من باقي االعمال االخرى للدولة ،اجد
ان تاييد االتجاه الواسع امر منطقي وواقعي اذ ان حصر التدخل بنطاق ضيق سوف يؤدي الى افالت
كثير من االفعال التي تقوم بها الدول والتي تتضـمن او تحتوي على عنصر القسر في جوانبها وتكون
موجه ة نح و ارادة الدول ة المت دخل في ش ؤونها وحقه ا باعتباره ا دول ة ذات س يادة في ان ت دير ش ؤونها
دون تدخل خارجي ،كما ان التدخل مفهوم يصعب تحديده سواء من حيث طبيعته او من حيث مظاهره
،فيمكن ان يكون ذا طابع عسكري او سياسي او اقتصادي او هدام وان تحركه دوافع شديدة التنوع ،
فالتدخل العسكري يساوي العدوان ،ناهيك عن انواع التاثيرات المختلفة التي تقوم بها دولة قوية على
دولة ضعيفة في العالقات الدولية المعاصرة .
اما تعريف التدخل الذي اتبناه فهو ( -:عبارة عن اكراه تمارسه دولة بصورة مباشرة او غير
مباش رة في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة اخ رى ،بم ا يع وق الممارس ة الح رة للحق وق الس يادية
له ذه االخ يرة ،اي للحقوق ال تي يع ترف الق انون ال دولي الع ام بانه ا تن درج حص رًا ض من االختص اص
الوط ني ،واليقتص رذلك على اس تخدام الق وة المس لحة ب ل يش مل ايض ًا جمي ع اش كال الت دخل او التهدي د
الذي يمس شخصية الدولة وعناصرها السـياسية او االقتصادية او الثقافية ،بما في ذلك تنظيم او تش جيع
او تموي ل االنش طة التخريبي ة الهدام ة او االرهابي ة او العص ابات المس لحة ال تي ته دف الى الت دخل في
) ?(1د .حممد عبد الوهاب الساكت ،دراسات يف النظام الدويل املعاصر ،دار الفكر العريب ،القاهرة ،بدون سنة طبع،ص.116-115
17
المبحث االول الفصل
حرب اهلية او صراعات داخلية ،فهو بذلك اشيع اشكال االكراه واكثرها الفة في عالقات القوة القائمة
في العالم ،وهو يستتر وراء اشكال بارعة للهروب من الجزاء الذي ينال العدوان ويصل مع ذلك الى
نفس النتائج ) .
د .عامر عبد الفتاح اجلومرد ،مصدر سابق ،ص. 114-113 )) 1
18
المبحث االول الفصل
:ان يكون التدخل واقعا" على اختصاص الدولة المتدخل في شؤونها ، -2العنصر الثاني
والمقصود بهذا العنصر ان يكون التعرض الذي تقوم به الدولة المتدخلة ي دخل في
اختصاص الدولة المتدخل في شؤونها اي ( اختصاصها الوطني) ،اال ان هنالك
اختالف بين كت اب وفقه اء الق انون ال دولي ح ول االختص اص المقص ود في حال ة
وق وع الت دخل ،فبعض هم لم يف رق اذا ك ان االختص اص دولي ًا ام داخلي ًا ،ف ذهب
االس تاذ ( ) Cavareك افير في تعريف ه للت دخل ب ان ( التـدخل اليك ون اال اذا ك ان
هنالك انغماس في الشؤون الداخلية لدولة اخرى ) ،أي انه يقر بوقوع التدخل اذا
كان منصبًا على الشؤون الداخلية دون الخارجية ،فال يعد تدخًال ،التعرض ال ذي
تقوم به الدولة اذا كان منصبًا على الشؤون الخارجية للدولة المتعرضة للتدخل ،
ام ا البعض االخ ر من الفقه اء فلم يقص ر ح دوث الت دخل على الش ؤون الداخلي ة
للدول بل قالوا بامكان حصوله في الشؤون الداخلية او الشؤون الخارجية للدول
ومن هؤالء الفقهاء االستاذ ( )Potterبوتر بقوله
( ويمكن الق ول ان جمي ع المختص ين تقريب ًا بموض وع الت دخل ي ذهبون الى ان
الت دخل يمكن ان يك ون في الش ؤون الداخلي ة وفي الش ؤون الخارجي ة لدول ة م ا …
()1 والحقيقة ان الدول تتورط في الشؤون الداخلية والخارجية لدول اخرى ) .
-3العنصر الثالث :ان يكون الغرض من التدخل هو فرض ارادة الدولة المتدخلة فالمقصود
بهذا العنصر خضوع الدولة المتدخل في شؤونها الرادة الدولة المتدخلة وتوجيهها
حسب المصلحة المتوخاة من هذا التدخل ،فاالساليب التي يتم بها التدخل متعددة
ومتنوعة ،اال ان الغرض واحد ،وهو خضوع الدولة المتدخل ضدها لما تمليه
عليها الدولة المتدخلة .
وعند توافر هذه العناصر الثالثة الرئيسة في التعرض يمكن القول عندها بقيام حالة التدخل
الذي يمثل انتهاكا" لسيادة الدولة وخرقًا فاضحًا لمبدأ عدم التدخل (.)2
19