You are on page 1of 16

‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬

‫المطلــب االول‬
‫تعريـف التـــدخـــل‬
‫سنحاول ان نتطرق في هذا المطلب الى التعاريف التي قال بها الفقه الدولي ‪ ،‬حيث انقسم الى‬
‫اتج اهين‪ ،‬االتج اه الض يق المح دد واالتج اه الواس ع ال ذي ي روم ش مول جمي ع ان واع الت دخالت ومنه ا‬
‫التدخل الهدام لمفهومه‪.‬‬
‫ولم يس تطع الفقه اء ان يتفقوا على مع نى واض ح في تعري ف الت دخل وال ت زال الكلم ة موض ع‬
‫خالف بين الكتاب واعضاء االمم المتحدة ‪،‬كما ان االعمال التحضيرية في سان فرانسيسكو ال تنطوي‬
‫على اي موقف موحد بين واضعي الميثاق تجاه معنى ((التدخل)) (‪.)1‬‬
‫ه ذا الخالف الكب ير بين وجه ات النظ ر ح ول تعري ف واض ح المع الم س وف ي ؤدي الىاكتن اف‬
‫الغموض لهذا المصطلح ‪ ،‬وبعضهم يعزو االمر الى سببين ‪-:‬‬

‫االول‪ -:‬بعضهم ينظر اليه على انه صورة معينة للسلوك‪ ،‬وبعضهم االخر ينظ ر اليه من خالل الحكم‬
‫على النوايا االساسية التي يتضمنها‪ ،‬واخرون ينظرون اليه من ناحية النتائج المنبثقة عنه‪.‬‬
‫الثاني‪ -:‬يتمثل بمدى امتداد التدخل ‪ ،‬فبعضهم قصرة على طرفين ال ثالث لهما ‪ ،‬بعضهم‬
‫االخر ادخل طرفا ثالثا فيه‪.‬‬

‫ومن خالل ذلك نستطيع ان نتبين ان هنالك اتجاهين لمعنى التدخل االتجاه الضيق ‪ ،‬واالتجاه‬
‫الواسع ‪.‬‬

‫اوال‪ :‬االتجاه الضيق‬


‫هذا االتج اه يه دف الى التمس ك بالمفهوم التقليدي للت دخل الذي يح دد الت دخل بصورة معين ة‬
‫وان التح ريم او المن ع بنص ب على ه ذه الص ورة مم ا يمنح الش رعية لبعض ان واع الت دخل االخ رى‬
‫ويخرجها من دائرة التحريم ويرى انصار هذا االتجاه ان لكلمة التدخل معنى قانونيا محددا يستعمل‬
‫في الميث اق ‪ ،‬وهم يس تندون الى تعري ف الت دخل بان ه((تع رض دول ة لش ؤون دول ة اخ رى بطريق ة‬
‫(‪) 2‬‬
‫استبدادية بقصد االبقاء على االمور الراهنة او تغييرها))‪.‬‬

‫‪ ) ?(1‬د‪ .‬صالح جواد الكاظم ‪ ،‬دراسة في المنظمات الدولية ‪ ،‬مطبعة االرشاد ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1975 ،‬ص‪175‬‬
‫‪.‬‬
‫‪)?(2‬د‪ .‬حممد طلعت الغنيمي ‪ ،‬االحكام العامة يف قانون االمم ‪ ،‬قانون السالم ‪ ،‬منشأة املعارف ‪ ،‬االسكندرية ‪ ، 1970 ،‬ص‪. 329‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫ويمكن ان يكون ذلك بحق او بدون حق على ان يكون دكتاتوري ًا ليتضمن المعنى المقصود‬
‫‪،‬ويتف ق انص ار ه ذا االتج اه على انهم يعت برون الت دخل تع رض دول ة بص ورة مباش رة ‪ ،‬للش ؤون‬
‫الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة اخ رى ‪ ،‬واليعت برون ت دخل دول ة ثالث ة ت دخًال ‪ ،‬وي ذهب ‪)Brierly‬‬
‫( برايرلي الى القول …‬
‫(( ان كلم ة الت دخل يقتص ر معناه ا الخ اص على التع رض في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة‬
‫اخرى تعرضًا من شانه ان ينتهك استقاللها )) ‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫ويتفقون على وجوب ان يكون هذا التعرض مقرونًا بــاالكراه او القســر اي مقرونـًا باســتخدام‬
‫القوة او التهديد باستعمالها ‪ ،‬اي انهم يتجهون الى التضييق لمفهوم القوة بحيث يكون هنالك تــاثير على‬
‫ارادة الدولة وبهذا يتميز التدخل من مجرد النصيحة الودية او التاثير السياسي العام (‪. )2‬‬
‫اما الفقيه ( ‪ )p. Fauchille‬فوشي فـ(( يعتبر التدخل فعال شرعيا عندما تبالغ دولة ما في استقاللها ‪،‬‬
‫الن ذلك يمس باحدى الحقوق االساسية لدولة اخرى ‪ ،‬وهذا وفق المبدأ المعترف به من طرف القانون‬
‫ال دولي الع ام القائ ل يجب على مب دأ االس تقالل ان يتماش ى م ع مب دأ التع اون او التض امن بين ال دول ‪،‬‬
‫ويعتبر االخر ان الدولة اليمكن احترامها اذا ماخرقت التزاماتها الدولية )) (‪.)3‬‬
‫ان هذا الراي محل نظر الن فيه نوع ًا من اضفاء شرعية على فعل يعد انتهاك ًا لمبدأ اساسي‬
‫ومهم في العالقات الدولية ‪ ،‬وهو مبدأ عدم التدخل ومخالفة صريحة لقرارات الجمعية العامة المحرمة‬
‫لجميع انواع التدخل واالعالنات المتعلقة بها ‪ ،‬هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة اخرى فان اعطاء الحق او‬
‫الشرعية للدولة للقيام بهذا الفعل بحجة المساس باستقاللها ‪ ،‬يعيد المجتمع من عصر التنظيم الدولي‬
‫الى عصر شريعة الغاب او عصر القوة او البقاء لالقوى ‪ ،‬فالبد من الرجوع الى المنظمات الدولية‬
‫أواالقليمية من قبل الدولة صاحبة الحق لكي تقوم بدورها وخاصة االمم المتحدة ومجلس االمن ‪ ،‬في‬
‫حفظ السلم واالمن الدوليين ‪ ،‬واعادتهما الى نصابهما ‪.‬‬
‫ويع رف ال دكتور محم د طلعت الغ نيمي الت دخل بان ه (( تع رض دول ة لش ؤون دول ة اخ رى‬
‫بطريقة استبدادية بقصد االبقاء على االمور الراهنة او تغييرها )) (‪.)4‬‬
‫ومثل هذا التدخل قد يحصل بحق او دون حق ولكنه في كلتا الحالتين سوف يمس االستقالل السياسي‬
‫‪.‬‬ ‫(‪) 5‬‬
‫أوالسيادة االقليمية والشخصية للدولة المعتدى عليها‬
‫)?)‪1‬‬
‫‪Brierly , the law of nations , Oxford , 1936 , p247.‬‬
‫عطية جابر املنصوري ‪ ،‬النظرية املعاصرة للتدخل يف القانون الدويل العام ‪ ،‬رسالة ماجستري مقدمة اىل جملس كلية القانون والسياسة يف جامعة بغداد ‪ ،‬بغداد ‪،‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫مجهورية العراق ‪، 1972 ،‬ص‪. 8-7‬‬


‫خمتار مزراق ‪ ،‬حركة عدم االحنياز يف العالقات الدولية ‪ ،‬ط‪ ، 1‬الدار العاملية للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ، 1984-1983 ،‬ص‪. 250‬‬ ‫‪) ?(3‬‬

‫د‪ .‬حممد طلعت الغنيمي ‪ ،‬االحكام العامة يف قانون االمم ‪ ،‬قانون السالم ‪ ،‬منشأة املعارف ‪ ،‬االسكندرية ‪ ، 1970 ،‬ص‪. 329‬‬ ‫‪) ?(4‬‬

‫)?)‪5‬‬
‫‪Oppenheim , International law atreatise , vol . I –peace , eighthedition , edited by , h.lauter pacht ,‬‬
‫‪longmans , london , 1958 ,p305‬‬
‫‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫كما ان بقاء االمور الراهنة او تغييرها هو نتيجة للتدخل والعالقة له بتعريف التدخل ‪ ،‬وفي‬
‫هذا التعريف تم التاكيد على ان يكون التدخل ( استبداديًا ) اي بطريق القسر واالكراه ‪ ،‬وهذا المنحى‬
‫جيد وهو يؤدي بالنتيجة الى تمييز التدخل من تقديم الخدمات او الوساطة او التعاون النها تمثل منحى‬
‫وديا للتدخل ‪.‬‬
‫كما يعرف الفقيه ( ‪ )Charles Dcpuis‬جارلس دسبوس التدخل بانه (( عمل دول ة تطمح‬
‫الن يكون تدخلها في الشؤون الخارجية او الداخلية لدولة او لعدة دول اخرى بقصد ترجيح مصالحها‬
‫الخاصة )) (‪.)1‬‬
‫اي ان الهدف من وراء هذا التدخل هو شخصي سياسي اي تنفي ًذ لمصلحة تعود الى الدولة المتدخلة‬
‫وبذلك اليمكن اعتباره تدخال قانونيا ‪.‬‬
‫ويعرف ه االس تاذ (‪ ) L.. Cavare‬ك افير بان ه (( انغم اس دول ة في الش ؤون الداخلي ة لدول ة‬
‫اخرى بهدف فرض ارادتها عليها )) (‪.)2‬‬
‫كم ا يالح ظ على تعري ف االس تاذ (‪ ) L . . Cavare‬ك افير ان ه يح دد الت دخل في الش ؤون‬
‫الداخلي ة فق ط وال يتط رق للش ؤون الخارجي ة كم ا ان هدف ه ايض ًا مح دد ‪ ،‬وه و ف رض االرادة ‪ ،‬او ق د‬
‫يع رف ايض ا بان ه ((ه و عم ل دول ة تبحث عن الول وج في مج ال اختص اص محج وز حص رًا لدول ة‬
‫اخرى سواء من اجل مساعدتها لتسوية شؤونها الخاص ة ام لتس ويتها ب دًال عنه ا ام الجباره ا على‬
‫تسويتها حسب مشيئتها )) (‪.)3‬‬
‫ويع رف االس تاذ (‪ ) E . stowell‬س تيول الت دخل بان ه (( اللج وء الى اج راءات الق وة س واء‬
‫اكان بالفعل ام باسلوب التهديد بهدف الوصول الى ان تتبنى الدول االخرى نهج ًا بالتصرف او بانهاء‬
‫‪.‬‬ ‫( ‪)4‬‬
‫اقتتال او نشاطات اخرى غير مرغوب فيها ))‬
‫اما االستاذ الدكتور محمود س امي جنينة فيعرف التدخل بانه (( تعرض دول ة لشؤون دولة‬
‫اخرى وامالء ارادتها عليها وذلك بالزامها بالقيام بعم ل او االمتناع عن عم ل او باتباع خط ة معينة‬
‫‪.‬‬ ‫( ‪)5‬‬
‫ترسمها لها دون ان يكون لهذا التعرض اساس صحيح قانونًا ))‬
‫ان هذا التعريف يؤكد على فعل التعرض وحدوثه ‪ ،‬كما يالحظ من عبارة وامالء ارادتها عليها ‪ ،‬انه‬
‫تاكي د على ان يك ون التع رض مقرون ًا ب االكراه والقس ر ‪ ،‬وب ذلك تخ رج االفع ال ال تي تق وم به ا دول ة‬

‫د‪ .‬عامر اجلومرد ‪ ،‬تدخل االمم املتحدة يف شؤون الدول ‪ ،‬جملة الرافدين للحقوق ‪ ،‬العدد الثالث ‪ ،‬تصدر عن كلية القانون جامعة املوصل ‪ ،‬املوصل ‪،‬‬ ‫‪) ?(1‬‬

‫‪، 1997‬ص‪. 112‬‬


‫)?)‪2‬‬
‫‪Cavare , L . : Le droit international public positif , paris . To .II 1969 . p628 .‬‬
‫)?)‪3‬‬
‫‪Dinhet collegues (( Droit international public)) paris . 3ed .1987 . p. 820 .‬‬
‫)?)‪4‬‬
‫‪Stowell , E . (( La theoric et portique Del L intervention )) R. C.A. D. I , 1932. II . to .40.p.92.‬‬
‫‪ ) ?(5‬د‪ .‬حممود سامي جنينة ‪ ،‬القانون الدويل العام ‪ ،‬ط‪ ، 2‬مطبعة جلنة التاليف والرتمجة والنشر ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1938 ،‬ص‪.187‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫كالنص ائح والوس اطة والتحكيم ال تي التتض من عنص ر ( االك راه او القس ر) ‪ ،‬وك ذلك يؤك د على ع دم‬
‫وجود اساس قانوني للتعرض ‪ ،‬وبذلك يخرج من ذلك تعرض دولة متبوعة لشؤون دولة تابعة ‪ ،‬او‬
‫تعرض دولة حامية لشؤون دولة محمية ‪.‬‬
‫ويعرف الدكتور سموحي فوق العادة التدخل بانه (( تعرض احدى الدول للشؤون الداخلية او‬
‫الخارجية لدولة اخرى بغية ارغامها على القيام بعمل معين او االمتناع عنه مستعملة في سبيل ذلك‬
‫نفوذها وسلطتها وما لديها من وسائل الضغط واالكراه )) (‪.)1‬‬

‫كم ا عرف ه (‪ ) Thomas and Thomas‬توم اس وتوم اس ت دخل دول ة او مجموع ة دول‬
‫به دف ف رض ارادته ا في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة ذات س يادة ومس تقلة ‪ ،‬وتربطه ا معه ا‬
‫عالقات سلمية ‪ ،‬دون موافقتها ‪ ،‬من اجل المحافظة على الوضع القائم او تغييره (‪.)2‬‬
‫ونس تطيع ان نت بين من ه ذا التعري ف ان الت دخل يمكن ان يك ون فردي ًا كم ا يمكن ان يك ون‬
‫جماعي ًا ‪ ،‬وانه اي التدخل يتضمن االكراه ‪ ،‬ويجب ان يقع على دولة ذات سيادة ومستقلة حتى يمكن‬
‫القول بوجود تدخل ‪ ،‬وتاكيده على عنصر عدم الرضا ‪ ،‬فهو يتضمن عنصرين من عناصر التدخل (‬
‫‪ )1‬عنصر االختـصاص (‪ )2‬عنصر االستقالل (‪ )3‬وعنصر القــهر ‪،‬كمــا يعرفه ( ‪)YVeslsandoz‬‬
‫(( بان ه الت دخل المس لح لدول ة في اقليم دول ة اخ رى لوض ع ح د لخروق ات خط يرة وجماعي ة لحق وق‬
‫االنسان )) (‪.)3‬‬
‫يالحظ على هذا التعريف قصره التدخل على ان يكون مسلحًا متناسيًا باقي االنواع االخرى‬
‫للتدخل التي قد تكون اكثر خطورة على استقالل الدولة من التدخل المسلح ‪ ،‬ومن الواضح ان قصده‬
‫كان متجهًا في هذا التعريف نحو التدخل االنساني للحد من خروقات حقوق االنسان ‪.‬‬
‫اما االستاذ عبد العزيز محمد سرحان فيعرف التدخل (( بانه ذلك االلتزام الدولي الذي يقضي‬
‫ب ان تباش ر ك ل دول ة اختصاص ها داخ ل اقليمه ا فق ط وان تك ف عن ك ل عم ل يع د ت دخًال في الش ؤون‬
‫الداخلية ‪ ،‬او متعلقًا باالختصاص االقليمي لدولة اخرى )) (‪.)4‬‬
‫ويعرف ه الدكتور محمد المجذوب بانه (( تعرض دولة للشؤون الداخلية او الخارجية لدولة‬
‫اخرى دون ان يكون لهذا التعرض مسوغ ق انوني ‪ ،‬والغرض منه يكون غالب ًا رغبة دول ة قوية في‬
‫امالء سياسة معينة او طلب امر معين من دولة اضعف منها )) (‪.)5‬‬

‫د‪ .‬مسوحي فوق العادة ‪ ،‬القانون الدويل العام ‪ ،‬مطبعة االرشاد ‪ ،‬دمشق ‪ ، 1960 ،‬ص‪. 229‬‬ ‫‪) ?(1‬‬

‫‪ ) ?(2‬د‪ .‬عبد اجمليد العبديل ‪ ،‬قانون العالقات الدولية ‪،‬ط‪ ، 1‬دار اقواس للنشر ‪ ،‬مطبعة فن والوان ‪ ،‬تونس ‪ ، 1994 ،‬ص‪. 470‬‬
‫املصدر نفسه ‪ ،‬ص‪. 471‬‬ ‫‪) ?(3‬‬

‫‪ ) ?(4‬عبد العزيز حممد سرحان ‪ ،‬مباديء القانون الدويل العام ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1975 ،‬ص‪. 354‬‬
‫د‪ .‬حممد اجملذوب ‪ ،‬حماضرات يف القانون الدويل العام ‪ ،‬مكتبة مكاوي ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬بدون سنة طبع ‪ ،‬ص‪. 123‬‬ ‫‪) ?(5‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫كما يعرفه الدكتور علي صادق ابو هيف بانه (( تعرض دولة للشؤون الداخلية او الخارجية‬
‫لدولة اخرى دون ان يكون لهذا التعرض سند قانوني ‪ ،‬والغرض من التدخل هو الزام الدولة المتدخل‬
‫في امرها باتباع ماتمليه عليها في شان من شؤونها الخاصة الدولة او الدول المتدخلة‪،‬لذا ففي التدخل‬
‫في شكله المطلق‪،‬تقييد لحرية الدولة‬
‫واعتداء على سيادتها واسـتقاللها )) (‪.)1‬‬
‫لذلك فان التعرض الصادر عن دولة اجنبية باية صورة ‪ ،‬اي باية وسيلة والذي يكون موجه ًا‬
‫الى حق من حقوق دولة اخرى سواء مايتعلق بسلطانها ام يكون موجه ًا ضد استقاللها السياسي يعتبر‬
‫تدخًال ‪ ،‬لذلك فان التعرض الصادر مبني على القوة بغض النظر عن الصورة التي يكون عليها وهو‬
‫بذلك يتميز من المساعدة الودية والوساطة والتحكيم(‪.)2‬‬

‫تمييز التدخل من الممارسات االخرى ‪-:‬‬ ‫‪-I‬‬

‫و من خالل التعاريف المذكورة انفا يتبين ان الحد الفاصل بين التدخل والممارسات االخرى‬
‫ال تي تق وم به ا ال دول خ ط م ائع او دقي ق ‪ ،‬فالت دخل يك ون حاص ًال عن دما تتع رض دول ة لش ؤون دول ة‬
‫اخ رى باس لوب قه ري اس تبدادي ( ‪ ) Dictatorial‬تملي من خالل ه على الدول ة االخ رى كيفي ة‬
‫التصرف في شؤونها ‪.‬‬

‫وعليه فان صفة ( القهر او االستبداد ) هي التي تميز التدخل من غيره من صور التعاون بين‬
‫الدول سواء لمواجهة نزاع دولي او لمعالجة مشكلة دولية ‪.‬‬
‫ف التحكيم (( ه و ع رض ال نزاع ام ام محكم ة مس تقلة اذا م ا تم االتف اق على ذل ك من قب ل الط رفين‬
‫المتنازعين ‪ ،‬وقبول ما يصدر عنها من حكم ‪ ،‬على الرغم من انها ال تملك وسائل االكراه لتنفيذ ذلك‬
‫الحكم )) (‪.)3‬‬
‫فالمس اعدة الودي ة ال يتص ور ان تق وم به ا اال دول ة ص ديقة وب ذلك الوج ود لالك راه في ه ذه‬
‫الحالة ‪ ،‬اما الوساطة فتتمثل بتطوع دولة تعمل على التوفيق بين وجهات نظر الدولتين المتنازعتين ‪،‬‬
‫وبناءًا على طلبهم وموافقتهم فتشترك الدولة الوسيطة في المفاوضات التي تتم بين الطرفين ‪ ،‬وتقوم‬

‫د‪ .‬علي صادق ابو هيف ‪ ،‬القانون الدويل العام ‪ ،‬منشأة املعارف ‪ ،‬االسكندرية ‪ ، 1993 ،‬ص‪. 209‬‬ ‫‪) ?(1‬‬

‫علي ماهر بك ‪ ،‬عموميات عن القانون الدويل العام بدون مكان‪ ، 1924 ،‬ص‪. 223‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫علي ماهر بك ‪ ،‬املصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 223‬‬ ‫‪) ?(3‬‬

‫‪8‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫باقتراح الحل المناسب النهاء النزاع ‪ ،‬وتترك الطراف النزاع كل الحرية في قبول تلك الوساطة او‬
‫الح ل او رفض ه ‪ ،‬فه و اي الدول ة الوس طية تس عى الى لفت نظ ر االط راف الى ذل ك الح ل في اط ار‬
‫مس عى ودي فهي ت دخل ودي ولالط راف مطل ق الحري ة في قبول ه او رفض ه دون محاول ة الض غط‬
‫( ‪)1‬‬
‫عليهم او امالء ارادتها عليهم‪.‬‬

‫كذلك فان التدخل يختلف عن نظام الحماية الدبلماسية فال يتطلب هذا النظام التعرض بشكل‬
‫قسري لشؤون الدولة االخرى او محاولة تسيير شؤونها ‪ ،‬وقد اتجه جانب من الفقه الى اعتبار نظام‬
‫الحماية الدبلماسية نوعًا من التدخل المشروع اي انه استثناء على االصل ‪ ،‬اال ان الدولة التي تمارسه‬
‫ال تت دخل في ش ؤون الدول ة االخ رى ب ل تس عى لرف ع الحي ف ال ذي لح ق بمواطنيه ا ووس يلتها في ذل ك‬
‫ليس التدخل بل الطرق الدبلماسية او القضائية ‪،‬والغرض من اللجوء الى هاتين الطريقتين ليس ارغام‬
‫الدول ة على التص رف بش كل مخ الف الرادته ا ب ل معرف ة وجه ة نظره ا بص دد ال نزاع او المش كلة‬
‫ووسائل ح ل تلك المشكلة فالتدخل يناقض بالتاكيد حق الدول ة في االستقالل‪ ،‬لذلك يجب على الدول ة‬
‫عن د ممارس ة حقه ا في االس تقالل اي حقه ا في ادارة ش ؤونها الداخلي ة او الخارجي ة دون ان تخض ع‬
‫لسيطرة او ارادة دولة اخرى ‪ ،‬يجب عليها ان ال تتمادى في ذلك حتى تتعرض لحقوق دولة اخرى ‪،‬‬
‫لذلك يؤكد الشراح على عدم وجود حق بالتدخل بل وجود حق باالستقالل فحسب يفرض واجب ًا يقابله‬
‫( ‪)2‬‬
‫يقضي بعدم جواز التدخل ‪.‬‬
‫اذن فالتدخل يمثل عمال غير مشروع النه يمثل اعتداء على حق الدولة في ممارسة استقاللها‬
‫‪ ،‬وانتهاك ًا لمب دأ اساس ي في الق انون ال دولي وه و مب دأ ع دم الت دخل والس ؤال ال وارد في ه ذا االتج اه‬
‫الضيق هو ‪:‬هل يشترط ان يكون التدخل دون سند قانوني ؟‬
‫لقد انقسم انصار هذا االتجاه من خالل استعراض التعاريف السابقة للتدخل قسمين ‪-:‬‬

‫القسم االول‪ -:‬اشترط عدم وجود السند القانوني‪ ،‬مما يعني خروج جميع التعرضات التي‬
‫يبيحها القانون الدولي العام ‪ ،‬عن نطاق مفهوم التدخل ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ -:‬اعتبر ان التعرض للشؤون الداخلية او الخارجية هو تدخل سواء اكان بحق او دون‬
‫ح ق ‪،‬وب ذلك يعتبر هذا االتج اه بداي ة لتوس يع مفه وم الت دخل ‪ ،‬فالقانون الدولي الع ام‬
‫يقض ي ب احترام الشخص ية القانوني ة لل دول االخ رى‪ ،‬ويمن ع اي ت دخل في ش ؤونها‬
‫الداخلية لكن توجد بعض الحاالت التي يكون فيها التعرض او التدخل مشروعًا‪-:‬‬
‫املصدر نفسه ‪ ،‬ص‪. 224‬‬ ‫‪) ?(1‬‬

‫د‪ .‬عبد اجمليد عباس ‪ ،‬القانون الدويل العام ‪ ،‬مطبعة النجاح ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1947 ،‬ص‪. 228‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫‪ -1‬كتدخل الدولة الحامية في شؤون الدولة المحمية ‪ ،‬لكنه قد تضائل في الوقت الحاضر ‪.‬‬
‫‪ -2‬تدخل الدولة التابعة في شؤون الدولة المتبوعة ‪.‬‬
‫‪ -3‬التدخل في حالة وجود معاهدة تفرض قيودًا على دولة معينة في المعاهدة وقيامها بخرقها فان‬
‫للطرف او االطراف االخرى التدخل ‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪ -4‬التدخل في حالة وجود خرق الحكام القانون الدولي العرفي من قبل دولة معينة ‪.‬‬
‫‪ -5‬التدخل في حالة اذا ما اساءت دولة ما معاملة مواطني دولة اخرى في اراضيها ‪ ،‬فان لهذه الدولة‬
‫االخرى الحق بالتدخل نيابة عن مواطنيها ‪ ،‬كتدخل الواليات المتحدة عام ‪ 1909‬في‬
‫نيكارغوا‪.‬‬
‫‪ -6‬التدخل الجماعي الذي تتخذه الهيئة الدولية لتنفيذ مبادى القانون الدولي العام واحكامه‪.‬‬
‫‪ -7‬التدخل بناءًا على دعوة صريحة من الحكومة الشرعية في دولة ما كتدخل الواليات المتحدة في‬
‫لبنان عام ‪1958‬وتدخل بريطانيا في االردن لمواجهة تدخل الجمهورية العربية المتحدة ‪ ،‬وتدخل‬
‫بريطانيا في تنزانيا عام ‪ ، 1964‬ولكن تبرير التدخل على اساس انه دعوة من حكوم ة الدولة‬
‫اليمكن ان يكون شرعيًا فقد تكون الحكومة ال تمثل الشعب وفقدت ثقته فهو يساعد حكومة غير‬
‫مرغوب فيها(‪.)2‬‬
‫ومهما كانت التبريرات فان هناك حقيقة ثابتة وهي ان التدخل يعتبر عمًال عدائيًا غير مشروع‬
‫قانونًا ويعد انتهاكا واضحا لحرية الدولة وحقها في االستقالل ‪ ،‬وهو في حد ذاته يمثل خرق ًا فاضحًا‬
‫لمبدأ اساسي من المباديء التي يقوم عليها القانون الدولي العام وهو مبدأ عدم التدخل‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من هذا كله فان التطورات التي حدثت على الساحة الدولية‪ ،‬ادت الى اللجوء الى ممارسة التدخل على‬
‫ال رغم من ذل ك الش جب وع دم المش روعية الدولي ة ‪ ،‬فق د اعتم دت ال دول الك برى على ق دراتها‬
‫االقتص ادية والتكنولوجي ة واالعالمي ة للت دخل في الش ؤون الداخلي ة ‪ ،‬س واء عن طري ق المس اعدات‬
‫االقتص ادية والض غوط السياس ية والدبلوماس ية والنش اطات الهدام ة للمحافظ ة على أمنه ا الق ومي ‪ ،‬او‬
‫احي اء ًا للديمقراطي ة المفق ودة في مختل ف دول الع الم واللج وء الى س بل المواجه ة غ ير المباش رة او‬
‫الت دخل بص ورة غ ير مباش رة والس لبيات على ه ذا االتج اه‪ ،‬من خالل س رد التع اريف ال تي اخ ذ به ا‬
‫اص حاب ه ذا االتج اه او المنحى الض يق ‪ ،‬يؤخ ذ علي ه ان ه يقص ر الت دخل على معن اه الكالس يكي في‬
‫القانون الدولي اي معناه الضيق الذي يقول بوقوع التدخل باستخدام القوة المسلحة المباشرة ‪ ،‬والواقع‬
‫ان تحديد التدخل بهذا المعنى الضيق يخفي عددًا كبيرًا من التعرضات التدخلية التي قد تتخذ مظهرًا‬

‫جريهاد فان غالن ‪ ،‬القانون بني االمم ‪ ،‬مدخل اىل القانون الدويل العام ‪ ،‬ترمجة عباس العمر ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬دار االفاق اجلديدة ‪ ،‬بريوت ‪ ، 1970 ،‬ص‪. 180‬‬ ‫‪) ?(1‬‬

‫د‪ .‬كاظم هاشم نعمة ‪ ،‬العالقات الدولية ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1979 ،‬ص‪. 198‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫‪10‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫سياسيًا او اقتصاديا او ثقافيًا او مظهرًا هدامًا ‪ ،‬كما ان استخدام القوة ليس اال نتيجة للتدخل ‪ ،‬او سبيل‬
‫او وسيلة النجاحه وليس شرطًا لقيام التدخل ‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬االتجاه الواسع‬


‫يهدف هذا االتجاه الى التوسع في مفهوم التدخل وعدم قصره على استخدام القوة المسلحة‬
‫فقط بحيث يشمل مختلف انواع التدخالت سواء اكانت مباشرة ام غير مباشرة كما ان الغاية االساسية‬
‫في هذا االتجاه هي ان اصحابه يتوسعون في مدى مفهومه بحيث يجعلونه يستوعب احداثًا دولي ة اك ثر‬
‫من االتج اه االول‪ ،‬لكنهم اي انص ار ه ذا االتج اه لم يس لكوا طريق ًا واح دًا فيم ا يتعل ق بتوس يع مفه وم‬
‫التدخل ‪ ،‬بل سلكوا اتجاهين‪-:‬‬
‫التوسع في معنى التدخل ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫التوسع مجاالت التدخل ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬

‫‪-1‬التوسع في معنى التدخل ‪:‬‬


‫ذهب انص ار ه ذا االتج اه الى التوس ع في مع نى الت دخل بوص فه س بيًال الى توس يع مفهوم ه‬
‫وتبنوا التعريف االتي ‪ ،‬اي ان مفهوم التدخل كثيرًا ما يستعمل في معنى واسع جدًا فعرفوه بانه ( اي‬
‫تعرض يصدر من دولة او أحد الكيانات الدولية في شؤون االخرى سواء اكان مباشرًا ام غير مباشر‪،‬‬
‫سياسيًا ام اقتصاديا ام عسكريًا)‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫ان المالح ظ على هذا التعريف ان مص طلح الت دخل ق د ورد بصورة مطلقة والمطلق يج ري‬
‫على اطالق ة ‪ ،‬بحيث اص بح يتض من جمي ع مج االت التع رض بص رف النظ رعن س نده الق انوني ‪،‬‬
‫ويالح ظ ايض ًا ع دم التط رق الى مس ألة التاثير في االرادة اي(ارادة الدول ة المـتدخل في شؤونها ) أي‬
‫مدى االنتهاك الذي لحق بحق الدولة في االستقالل وحريتها في ادارة شؤونها الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫‪ .2‬التوسع في مجال التدخل ‪:‬‬


‫لق د ادى االخ ذ به ذا االتج اه الى التوس ع في مج ال الت دخل من خالل تعري ف الت دخل ((ه و‬
‫التع رض للش ؤون الداخلي ة او الخارجية لدولة اخرى على الرغم منها بقصد الدفاع عن بقاء الح ال‬
‫فيه ا او االل تزام بتغ يره وه و ايض ا التع رض للعالق ات بين دول تين بغ ير رض ائهما او بغ ير رض اء‬
‫(‪) 2‬‬
‫احداهما ‪ ،‬ونية المساس باالستقالل السياسي في الحالتين ))‬
‫وهم ب ذلك متفق ون على ان التع رض للعالق ات بين دول تين ت دخل ايض ًا وب ذلك يتوس عون في‬
‫مفهوم التدخل ‪ ،‬ويتفقون ايضا مع انصار االتجاه االول بان يكون التعرض جبري ًا اي رغم ًا عن ارادة‬
‫الدولة اي بدون رضاها‪ ،‬كما ان التعرض للعالقات الدولية يمكن ان يكون سلميا كما يمكن ان يكون‬
‫عدائيًا ‪ ،‬وال بد من االشارة الى ان هذا االتجاه يتميز عن االتجاه االول الضيق بامكان استيعابه النواع‬
‫مختلفة من التدخالت بمجاالتها المختلفة وذلك نظرًا الى ظهور انواع جديدة من التدخالت التي تتفق‬
‫وتنسجم مع ميول ومصالح الدول المتدخلة وخاصة الكبرى منها ورغبتها في تحقيق اهدافها المرجوة‬
‫للسيطرة او الهيمنة على العالم ‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة الى التدخل الهدام وفاعلية كل نوع من انواع‬
‫التدخل من الناحية الزمانية والمكانية ‪ ،‬حيث يتضح من خالل استعراض مختلف انواع التدخالت ان‬
‫لكل حقبة زمنية معينة نوعية او صورة معينة من انواع التدخالت ابتداءًا من مرحلة ما قبل التنظيم‬
‫الدولي ‪ ،‬وسيادة القوة المسلحة في تلك الحقبة ‪ ،‬مرورًا بمرحلة التنظيم الدولي ( عصبة االمم ‪ ،‬االمم‬
‫)عطية جابر املنصوري مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪14-13‬‬ ‫‪?(1‬‬

‫علي ماهر بك ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪. 224‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫المتح دة ) الى ف ترة الح رب الب اردة ‪ ،‬ومابع د انهي ار االتح اد الس وفيتي م رورًا بف ترة التس عينات ح تى‬
‫الدخول في االلفية فمن غير المناسب قصر التدخل على نطاق ضيق مما سيعطي االمان للقيام بانواع‬
‫مختلف ة من الت دخالت وافالت العدي د منه ا دون ح تى ذكره ا ‪ ،‬وس وف نس تعرض أهم التع اريف ال تي‬
‫كتبها فقهاء وكتاب القانون الدولي لمفهوم التدخل الواسع‪ ،‬فالفقيه ‪ ( Rene Coste‬رينيه كوست) قد‬
‫اس تند في تعريف ه للت دخل الى اعالن الجمعي ة العام ة لالمم المتح دة الص ادر في ‪، 21/12/1965‬‬
‫واعت بر ت دخل دول ة في ش ؤون دول ة اخ رى لف رض ارادته ا عليه ا س واء اك ان القص د انس انيًا ام غ ير‬
‫‪.‬‬ ‫(‪) 1‬‬
‫انساني ‪ ،‬او عن طريق الحرب او عن طريق سبل الضغط االخرى‬
‫ان المالح ظ على تعري ف (‪ )cost‬كوس ت ان ه مس تند بش كل واض ح الى اعالن االمم المتح دة‬
‫الم رقم (‪) 2131‬لس نة ‪ ، 1965‬الخ اص بتح ريم الت دخل بك ل اش كاله فال يح ق الت دخل فيم ا يتعل ق‬
‫باختي ار النظ ام السياس ي او االقتص ادي او االجتم اعي من قب ل دول ة م ا واليح ق الي ة دول ة ان تت دخل‬
‫بش كل مباش ر او غ ير مباش ر ( ه دام) في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة الي ة دول ة ل ذا ف ان الت دخل‬
‫المسلح وكل االشكال االخرى من التدخالت والتهديدات ضد شخصية الدولة او ضد نظامها السياسي‬
‫او االقتص ادي او الثق افي تعت بر مدان ة واالمتن اع عن تق ديم اي ة مس اعدة وتموي ل وتش جيع للعملي ات‬
‫المس لحة او الهدام ة ال تي تس تهدف تغي ير نظ ام الحكم ب القوة او الت دخل في المنازع ات الداخلي ة لدول ة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪) 2‬‬
‫اخرى‬
‫وبذلك يكون (‪ )cost‬كوست قد عرف التدخل تعريفًا واسعا مشتمًال النواع متعددة ولم يسمح‬
‫بالت دخل لم بررات انس انية او غ ير انس انية ‪ ،‬ولم يح دد الوس ائل ال تي تس تخدم في الت دخل ‪،‬وب ذلك فه و‬
‫يشمل التدخل االقتصادي والسياسي والثقافي والهدام ‪.‬‬
‫اما بالنسبة الى الكاتب القانوني (‪ ) Lazarev‬الزاريف فانه يقول ان للتدخل صورتين ‪-:‬‬
‫‪ -1‬تدخل مسلح مفتوح اي ادخال قوات مسلحة اجنبية في اقليم دولة اخرى ‪.‬‬
‫‪ -2‬تدخل خفي مستور ( هدام) ‪.‬‬

‫‪)?(1‬مسري عبد العزيز املزغين ‪ ،‬النزاعات املسلحة يف القانون الدويل وطبيعة اخلرب اللبنانية ‪،‬رسالة ماجستري مقدمة اىل جملس كلية القانون والسياسة يف جامعة بغداد ‪،‬‬
‫بغداد ‪ ،‬مجهورية العراق ‪، 1978 ،‬ص‪217‬‬
‫عالء الدين حسني مكي مخاس ‪ ،‬استخدام القوة يف القانون الدويل ‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1988 ،‬ص‪. 141‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫‪13‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫ويعتبر (‪)lazarev‬ان التدخل الهدام اكثر تطبيق ًا في الواقع العملي من التدخل المسلح المباشر‬
‫وذلك الن الظروف المحيطة بالمجتمع الدولي في فترة معينة قد تكون غير مؤاتية للقيام او اللجوء الى‬
‫التدخل المسلح المباشر كما ان اللجوء الى التدخل المسلح واضح للعيان واليحتاج الى اثباته وبالنظر‬
‫الى ع دم مش روعيته وانتهاك ه لمب دأ اساس ي في الق انون ال دولي ه و مب دأ ع دم الت دخل ‪ ،‬وامك ان اقام ة‬
‫المسؤولية الدولية عنه ‪ ،‬فضال عن االعتراضات التي قد تنشب بسبب اللجوء اليه وامكان تحولها الى‬
‫نزاع مس لح ‪ ،‬فان ه من الحكم ة اللج وء الى ( الت دخل اله دام ) في مث ل تل ك الظ روف وذل ك لمرونت ه في‬
‫تحقيق الهدف المنشود من دون اثارة اية مشكلة وباقل الخسائر ‪.‬‬
‫والفق ه الس وفيتي يهتم بص ور عدي دة للت دخل ‪،‬منه ا الت دخل االقتص ادي ال ذي يمث ل اللج وء الي ه‬
‫انتهاك ًا خط يرًا لمب دأ ع دم الت دخل وطريق ة خط يرة للس يطرة على ارادة ال دول الض عيفة وزي ادة التوس ع‬
‫االمريكي والتدخل عن طريق عدم االعتراف الذي يمثل نوع من التدخل الدبلماسي ‪.‬‬
‫ويعدد الفقه السوفيتي صورًا من التدخل غير المباشر ( الهدام) ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬تمويل تشكيالت معارضة للثورة داخل الدولة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تقديم المساعدة المعنوية او المالية الى عمالئها ‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬ارسال الجواسيس واالرهابيين والمخربين ‪.‬‬
‫د‪ -‬استثارة الحرب االهلية(‪.)1‬‬
‫ام ا بالنس بة الى (م ارنتر) ‪ ،‬فان ه ي رفض الت دخل ويؤك د على ع دم مش روعيته في العالق ات‬
‫الدولية ‪ ،‬النه يمس باستقالل الدولة وسيادتها ‪ ،‬كما ان رجال السياسة ايض ًا يبتعدون عن هذا النوع من‬
‫استخدام القوة واليؤيدونه ‪ ،‬كما يذهب ( غرابر) الى ان القانون الدولي الوضعي يؤكد احترام سيادة‬
‫الدول وعدم السماح بالقيام باي نوع من انواع التدخل(‪. )2‬‬
‫وقد ذهب الدكتور محمد محمود خلف في تعريف التدخل الى انه ((الضغط الذي تمارسه دولة‬
‫ض د دول ة اخ رى بقص د اجباره ا على القي ام بعم ل ‪ ،‬او االمتن اع عن عم ل ‪ ،‬او الع دول عن اج راءات‬
‫تعس فية ض د رعاياه ا المقيمين على اراض يها ‪ ،‬او االقلي ات الجنس ية او العرقي ة او السياس ية او الديني ة‬
‫المقيمين على اقليمها )) (‪.)3‬‬

‫لذلك فان اي تدخل في الشؤون الداخلية او الخارجية يعتبر عمًال غير مشروع واليقره القانون‬
‫ال دولي الع ام ‪ ،‬وال دول في ال وقت الحاض ر تلج أ الى الت دخل باس اليب متع ددة ‪ ،‬وذل ك لكي تض غط على‬
‫د‪ .‬حممد طلعت الغنيمي ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪342‬‬ ‫‪) ?(1‬‬

‫مسري عبد العزيز املزغيب ‪ ،‬مصدر سابق ‪،‬ص‪. 220-219‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫‪ ) ?(3‬د‪ .‬حممد حممود خلف ‪ ،‬حق الدفاع الشرعي يف القانون الدويل اجلنائي ‪،‬بدون مكان طبع‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1972 ،‬ص‪. 74‬‬

‫‪14‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫الدولة المتدخل في شؤونها ‪ ،‬سواء اكانت ضغوطًا خارجية ام اقتصادية ام عن طريق الضغط الداخلي‬
‫لكي تنصاع لمصالح الدولة المتدخلة ‪ ،‬وكذلك ان تلجأ بعض الدول الى التدخل الهدام بمساندة فئة داخل‬
‫الدولة ضد فئة اخرى ‪ ،‬بغض النظر عن االسباب سواء اكانت سياسية ام قومية ام دينية ‪ ،‬وقد تعمد هذه‬
‫الدول الكبرى الى دعم حكومات دول تعمل لمصلحتها ‪ ،‬حيث تقوم تلك القوى بدعم هذه الحكومات من‬
‫اج ل اس تمرارية بقائه ا في الس لطة ‪ ،‬وذل ك النه ا تتف ق م ع تل ك الحكوم ات في االتجاه ات ‪ ،‬فتس عى الى‬
‫ابقائه ا في الحكم كم ا ه و الح ال بالنس بة الى أس رائيل وحكوم ات جن وب افريقي ا ‪ ،‬وع دد من الحكوم ات‬
‫العربية (‪.)1‬‬

‫والسؤال الوارد هو لماذا االختالف او التنوع في صور التدخل واشكاله ؟‬

‫ان الوسيلة المستخدمة في التدخل تحدد طبق ًا للغاية المقصودة من وراء هذا التدخل فضال عن‬
‫ان هنالك عوامل مساعدة عديدة اخرى ‪ ،‬فما هي تلك العوامل او الظروف التي يمكن من خاللها تحديد‬
‫اسلوب التدخل او طريقته ‪ ،‬ان الدول الكبرى قد تلجأ الى التدخل اما لضمان استمرار نظام حكم معين‬
‫او الزال ة نظ ام حكم ق ائم وتغي يره لض مان اس تمرارية تحقي ق الت وازن لمص لحتها ‪،‬وق د يم ارس الت دخل‬
‫ازاء معضلة سياسية داخلية الن استمرار تلك المعضلة يحقق مصلحة تلك الدول ة الكبرى المتدخلة ‪،‬‬
‫والغالب وقوع تلك التدخالت في دول العالم الثالث ‪ ،‬واالمثلة كثيرة على ذلك ‪ ،‬كالتدخل البريطاني في‬
‫العراق عام‪ 1941‬وتدخل الواليات المتحدة في كواتيماال عام ‪ ، 1954‬وكوبا عام ‪ ، 1961‬وتدخل‬
‫االتحاد السوفيتي في المجر وبولندة عام ‪ ، 1956‬وتدخله في جيكوسلوفاكيا عام‪ ، 1968‬وافغانستان‬
‫عام ‪.)2(1979‬‬

‫‪ ) ?(1‬د‪ .‬سهيل حسني الفتالوي ‪ ،‬املنازعات الدولية ‪ ،‬مطبعة دار القادسية ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1985 ،‬ص‪246‬‬
‫‪.)?(2‬د‪ .‬خليل امساعيل احلديثي ‪ ،‬جملة العلوم القانونية والسياسية ‪ ،‬كلية القانون والسياسة ‪ ،‬جامعة بغداد ‪ ،‬اجمللد ‪ ، 2‬العدد ‪ ، 1981 ،3‬ص‪. 183‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬

‫وتدخل الواليات المتحدة الهدام في نيكارغواعام ‪ ، 1986‬وتدخل حلف الناتو في يوغسالفيا‬


‫ع ام ‪ ،1999‬وت دخل الواليات المتح دة في افغانس تان ع ام ‪ ، 2001‬وت دخل دول التح الف في الع راق‬
‫عام‪. 2003‬‬
‫ومن خالل القراءات الدقيقة لهذا الموضوع استطيع ان اوضح جملة امور ‪.‬‬
‫فالغاي ة كم ا قلن ا هي ال تي تح دد الوس يلة ‪ ،‬ف اذا ك انت الغاي ة ال دفاع عن النفس فيك ون الت دخل‬
‫بتوجيه ضربة عسكرية وقائية بحجة الدفاع عن النفس ‪ ،‬فالغاية هنا الدفاع عن النفس ووسيلتها التدخل‬
‫العس كري ‪ ،‬وك ذلك الح ال بالنس بة الى االحتالل ‪ ،‬وق د تك ون الغاي ة الس يطرة على الم وارد االقتص ادية‬
‫لدول ة م ا فتلج أ الى الت دخل االقتص ادي وق د تك ون الغاي ة هي كس ب او اس تمالة نظ ام حكم ق ائم في دول ة‬
‫معينة فتلجأ الى تهديد ذلك النظ ام ‪ ،‬ف اذا استجاب تعمد الى دعمه مادي ًا ومعنوي ًا لضمان استمراره في‬
‫الحكم ‪ ،‬وتث بيت دع ائم حكم ه ‪ ،‬واذا لم يس تجب تلج أ الى الت دخل اله دام محاول ة ب ذلك تغي ير النظ ام‬
‫السياس ي لتل ك الدول ة ‪ ،‬واالمثل ة كث يرة على ه ذا الن وع من الت دخل ‪ ،‬كالت دخل ال ذي ح دث في اليون ان‬
‫وجواتيماال وايران وقد يكون التدخل لتحقيق مارب سياسية معينة‪ ،‬فتلجأ الى التدخل الدبلماسي عن‬
‫طريق تقديم طلبات شفوية او مكتوبة تنطوي على‬
‫التهديد ‪ ،‬وقد تلجأ الدولة المتدخلة الى نوع او اكثر‪ ،‬فتلجأ اوًال الى الضغط الدبلماسي ثم الى المقاطعة‬
‫االقتصادية ثم الى النشاط الهدام ‪ ،‬ثم الى التدخل العسكري تحقيقًا لتلك المارب في تغيير نظام حكم قائم‬
‫او نيل امتياز معين او حماية حق تراه مكتسبًا ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬غايات التدخل واهدافه ‪:‬‬


‫غالبًا ماتتذرع الدولة المتدخلة لتبرير تصرفها بانه قد تم لتحقيق اهداف سامية او غايات نبيلة‬
‫من وجهة نظرها‪ ،‬ولذلك قد يتخذ التدخل صورًا متعددة كمحاولة نشر اديولوجية معينة او عقيدة معينة‬
‫‪ ،‬او المحافظ ة على حياة وحقوق مواطني الدولة المتدخلة ‪ ،‬او ابقاء االضطرابات والفوضى مستمرة‬
‫داخ ل الدول ة او محاول ة نش ر الديمقراطي ة والحري ة وح ق تقرير المصير ‪ ،‬او نش ر الش يوعية واالفك ار‬
‫الماركسية المشجعة للثورات االان هذه الغايات قد تتخذ ستارا" لتحقيق المصلحة الذاتية للدول ة المتدخل ة‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪.‬‬
‫وقد تم تعريف التدخل بانه (( العمل الذي تقوم به دولة لمساعدة احد فريقين متصارعين في‬
‫حرب اهلية مع محاولة اال يوصف هذا التدخل بالعدوان )) (‪.)2‬‬

‫‪ ) ?(1‬عالء الدين حسني مكي مخاس ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪122-121‬‬


‫موسوعات العلوم العسكرية ‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر ‪ ،‬بريوت ‪ ،1985-1977 ،‬ص‪.262‬‬ ‫‪) ?(2‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫كما يعرف التدخل ايضًا بانه((اقحام دولة لنفسها اقحامًا استبداديًا بحق او دون حق في الشؤون‬
‫الخارجية او الداخلية لدولة اخرى بغية تغيير االوضاع القائمة فيها او المحافظة عليها او ارغامها على‬
‫القيام بعمل معين اواالمتناع عنه مستعملة في ذلك نفوذها او سلطتها ومالديها من وسائل الضغط ‪ ،‬وهو‬
‫بهذا يمس االستقالل الخارجي والسيادة االقليمية والشخصية للدولة‬
‫المعنية )) (‪.)1‬‬
‫ويالح ظ على ه ذا التعري ف توس عه في مج ال الت دخل بحيث يش مل اك ثر من ن وع ‪ ،‬فه و يش مل‬
‫تدخل الدولة الثالثة في النزاع بين دولتين واقحام نفسها بحق او دون حق ‪ ،‬وتفرض الحل الذي ترضاه‬
‫‪ ،‬كما يشمل تدخل الدولة في الشؤون الداخلية لدولة معينة سواء لمصلحة الحكومة الشرعية او لتعديل‬
‫سياس تها ‪ ،‬وك ذلك الت دخل في الش ؤون الخارجـية أي العالق ات الدولي ة للدول ة م ع ب اقي ال دول ‪ ،‬ويش مل‬
‫ايضا" التدخل العقابي كالحصار السلمي على شواطيء دولـة ‪ ،‬وكذلك يشــمل ( التدخل الهدام ) الذي‬
‫يتمثل باعمال الدعاية وغيرها من االعمال التي تهدف الى اثارة تمرد او عصيان او ثورة ‪.‬‬
‫ومن خالل اس تعراض اراء الفق ه ال دولي فيم ا يتعل ق بتعري ف الت دخل واختالف الفق ه في ذل ك‬
‫وانقسامه الى اتجاهين ‪ ،‬االتجاه الضيق واالتجاه الواسع ‪ ،‬واستعراض االيجابيات والسلبيات المتعلقة‬
‫بكل اتجاه ومعرفة المعيار االساسي او الجوهري لتمييز التدخل من باقي االعمال االخرى للدولة ‪ ،‬اجد‬
‫ان تاييد االتجاه الواسع امر منطقي وواقعي اذ ان حصر التدخل بنطاق ضيق سوف يؤدي الى افالت‬
‫كثير من االفعال التي تقوم بها الدول والتي تتضـمن او تحتوي على عنصر القسر في جوانبها وتكون‬
‫موجه ة نح و ارادة الدول ة المت دخل في ش ؤونها وحقه ا باعتباره ا دول ة ذات س يادة في ان ت دير ش ؤونها‬
‫دون تدخل خارجي ‪ ،‬كما ان التدخل مفهوم يصعب تحديده سواء من حيث طبيعته او من حيث مظاهره‬
‫‪ ،‬فيمكن ان يكون ذا طابع عسكري او سياسي او اقتصادي او هدام وان تحركه دوافع شديدة التنوع ‪،‬‬
‫فالتدخل العسكري يساوي العدوان ‪ ،‬ناهيك عن انواع التاثيرات المختلفة التي تقوم بها دولة قوية على‬
‫دولة ضعيفة في العالقات الدولية المعاصرة ‪.‬‬
‫اما تعريف التدخل الذي اتبناه فهو ‪ ( -:‬عبارة عن اكراه تمارسه دولة بصورة مباشرة او غير‬
‫مباش رة في الش ؤون الداخلي ة او الخارجي ة لدول ة اخ رى ‪ ،‬بم ا يع وق الممارس ة الح رة للحق وق الس يادية‬
‫له ذه االخ يرة ‪ ،‬اي للحقوق ال تي يع ترف الق انون ال دولي الع ام بانه ا تن درج حص رًا ض من االختص اص‬
‫الوط ني ‪ ،‬واليقتص رذلك على اس تخدام الق وة المس لحة ب ل يش مل ايض ًا جمي ع اش كال الت دخل او التهدي د‬
‫الذي يمس شخصية الدولة وعناصرها السـياسية او االقتصادية او الثقافية ‪ ،‬بما في ذلك تنظيم او تش جيع‬
‫او تموي ل االنش طة التخريبي ة الهدام ة او االرهابي ة او العص ابات المس لحة ال تي ته دف الى الت دخل في‬
‫‪ ) ?(1‬د‪ .‬حممد عبد الوهاب الساكت ‪ ،‬دراسات يف النظام الدويل املعاصر ‪،‬دار الفكر العريب ‪ ،‬القاهرة ‪،‬بدون سنة طبع‪،‬ص‪.116-115‬‬

‫‪17‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫حرب اهلية او صراعات داخلية ‪ ،‬فهو بذلك اشيع اشكال االكراه واكثرها الفة في عالقات القوة القائمة‬
‫في العالم ‪ ،‬وهو يستتر وراء اشكال بارعة للهروب من الجزاء الذي ينال العدوان ويصل مع ذلك الى‬
‫نفس النتائج ) ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬عناصر التدخل ‪:‬‬


‫السؤال الذي يرد بعد استعراض تلك التعاريف ومناقشتها والتعرف على مفهوم التدخل ‪ ،‬هو‬
‫ما هي العناصر التي يقوم عليها التدخل ؟ أي ماهي الشروط او االركان التي يعتمد على توافرها وجود‬
‫التدخل ؟ تشير تعريفات كتاب القانون الدولي الى ان التدخل يقوم على ثالثة عناصر رئيسة ‪-:‬‬
‫‪ :‬ان يكون التدخل واقعا" على دولة مستقلة ‪ ،‬ويقصد بهذا العنصر ان تمتلك‬ ‫‪-1‬العنصر االول‬
‫الدولة الحق في ان تدير جميع شؤونها الداخلية والخارجية دون ان تكون خاضعة‬
‫قانونًا لسيطرة الدول االخرى ‪ ،‬وهذا االستقالل هو نتيجة طبيعية للسيادة ‪ ،‬او عبارة‬
‫عن السيادة منظورًا اليها من وجهة نظر الدول االخرى ‪ ،‬فالدولة التي تكون سيدة‬
‫نفسها تكون مستقلة عن الدول االخرى ‪ ،‬فاالستقالل شرط الزم لقيام الدولة بتسيير‬
‫شؤونها ومن ثم االمتناع عن التدخل في شؤونها ‪ ،‬فهذا الشرط من الشروط المهمة‬
‫للقول بوقوع تدخل على دولة ‪،‬وان فقدان هذا العنصر كان تكون الدولة محمية او‬
‫تابعة ‪ ،‬اي التملك مقومات الدولة فهي التعد مستقلة ‪ ،‬فاالفعال التي تقع عليها التع د‬
‫ت دخًال ب المعنى ال ذي نقص ده ب ل يمكن ان يك ون ت دخال" في ش ؤون دول ة محمي ة او‬
‫( ‪)1‬‬
‫تابعة ‪.‬‬

‫د‪ .‬عامر عبد الفتاح اجلومرد ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪. 114-113‬‬ ‫‪)) 1‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث االول‬ ‫الفصل‬
‫‪:‬ان يكون التدخل واقعا" على اختصاص الدولة المتدخل في شؤونها ‪،‬‬ ‫‪-2‬العنصر الثاني‬
‫والمقصود بهذا العنصر ان يكون التعرض الذي تقوم به الدولة المتدخلة ي دخل في‬
‫اختصاص الدولة المتدخل في شؤونها اي ( اختصاصها الوطني) ‪ ،‬اال ان هنالك‬
‫اختالف بين كت اب وفقه اء الق انون ال دولي ح ول االختص اص المقص ود في حال ة‬
‫وق وع الت دخل ‪ ،‬فبعض هم لم يف رق اذا ك ان االختص اص دولي ًا ام داخلي ًا ‪ ،‬ف ذهب‬
‫االس تاذ (‪ ) Cavare‬ك افير في تعريف ه للت دخل ب ان ( التـدخل اليك ون اال اذا ك ان‬
‫هنالك انغماس في الشؤون الداخلية لدولة اخرى ) ‪ ،‬أي انه يقر بوقوع التدخل اذا‬
‫كان منصبًا على الشؤون الداخلية دون الخارجية ‪ ،‬فال يعد تدخًال ‪ ،‬التعرض ال ذي‬
‫تقوم به الدولة اذا كان منصبًا على الشؤون الخارجية للدولة المتعرضة للتدخل ‪،‬‬
‫ام ا البعض االخ ر من الفقه اء فلم يقص ر ح دوث الت دخل على الش ؤون الداخلي ة‬
‫للدول بل قالوا بامكان حصوله في الشؤون الداخلية او الشؤون الخارجية للدول‬
‫ومن هؤالء الفقهاء االستاذ ( ‪ )Potter‬بوتر بقوله‬
‫( ويمكن الق ول ان جمي ع المختص ين تقريب ًا بموض وع الت دخل ي ذهبون الى ان‬
‫الت دخل يمكن ان يك ون في الش ؤون الداخلي ة وفي الش ؤون الخارجي ة لدول ة م ا …‬
‫(‪)1‬‬ ‫والحقيقة ان الدول تتورط في الشؤون الداخلية والخارجية لدول اخرى ) ‪.‬‬

‫‪ -3‬العنصر الثالث ‪:‬ان يكون الغرض من التدخل هو فرض ارادة الدولة المتدخلة فالمقصود‬
‫بهذا العنصر خضوع الدولة المتدخل في شؤونها الرادة الدولة المتدخلة وتوجيهها‬
‫حسب المصلحة المتوخاة من هذا التدخل ‪ ،‬فاالساليب التي يتم بها التدخل متعددة‬
‫ومتنوعة ‪ ،‬اال ان الغرض واحد ‪ ،‬وهو خضوع الدولة المتدخل ضدها لما تمليه‬
‫عليها الدولة المتدخلة ‪.‬‬
‫وعند توافر هذه العناصر الثالثة الرئيسة في التعرض يمكن القول عندها بقيام حالة التدخل‬
‫الذي يمثل انتهاكا" لسيادة الدولة وخرقًا فاضحًا لمبدأ عدم التدخل (‪.)2‬‬

‫د‪.‬عامر عبد الفتاح الجومرد‪،‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.113‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.114‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪19‬‬

You might also like