You are on page 1of 16

‫ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻲ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ ‪ :‬ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻭﺍﺣﺔ ﺗﻮﺩﻏﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﺑﻦ ﺯﻫﺮ ‪ -‬ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻻﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﻣﻬﺪﺍﻥ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ ‪14‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬

‫أحباث‬ ‫‪2011‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬


‫‪29 - 42‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪339735‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪HumanIndex, AraBase‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻋﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ‪ ،‬ﺍﻻﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‪،‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‪ ،‬ﺯﺭﺍﻋﺔ ﺍﻟﻘﻤﺢ‪ ،‬ﺍﻟﺴﺪﻭﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎﺕ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/339735‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﻣﻬﺪﺍﻥ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ .(2011) .‬ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻲ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ‪ :‬ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻭﺍﺣﺔ ﺗﻮﺩﻏﻲ‪.‬ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ‪ ،‬ﻉ‬
‫‪ .42 - 29 ،14‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪339735/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﻣﻬﺪﺍﻥ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪" .‬ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺎﺋﻲ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮﺏ‪ :‬ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻭﺍﺣﺔ ﺗﻮﺩﻏﻲ‪".‬ﺩﺭﺍﺳﺎﺕﻉ ‪14‬‬
‫)‪ .42 - 29 :(2011‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪339735/Record/com.mandumah.search//:http‬‬

‫أحباث‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫أحباث‬
‫‪13‬‬ ‫اإلعداد املائي والتنمية ابلواحات اجلنوبية للمغرب‪ ،‬منوذج واحة تودغى‬

‫اإلعداد املائي والتنمية بالواحات اجلنوبية للمغرب‪،‬‬

‫منوذج واحة تودغى‬

‫أحممد مهدان‪ ،‬أستاذ ابحث‬

‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية أبكادير‬

‫مقدمة‬

‫يشكل املاء ابملناطق الواحية مند قرون أهم ركائز التنظيم االجتماعي واجملايل‪ ،‬كما يشكل دائما اهلم األكرب‬
‫لساكنة هذه اجملاالت‪ .‬فرغم أن واحة تودغى‪ ،‬اليت تعترب من الواحات املتوسطة احلجم ابجلنوب الشرقي للمغرب‪ ،‬تتميز‬
‫بندرة املياه بسبب قحولة املناخ وغياب التجهيزات الكربى املخصصة لتجميع مياه الفيضاانت‪ ،‬فإن ساكنتها‪ ،‬كباقي‬
‫ساكنة املناطق اجلنوبية للمغرب‪ ،‬تبدل قصار جهدها لتدبري ما تتوفر علي من موارد مائية‪.‬‬

‫إال أن النظام املائي هبذه الواحة تعرض مند عقود قليلة لعدة أزمات‪ ،‬األمر الذي يستوجبا دراست ملعرفة‬
‫التحوالت اليت عرفها اإلعداد املائي الذي يعترب اساس كل تنمية يف مثل هذه اجملاالت شب الصحراوية اجلافة‪ ،‬فما هي‬
‫أهم مراحل هذا اإلعداد املائي ومن هم أهم املتدخلني في ؟‬
‫ذ‪ .‬حممد مهدان‬ ‫‪13‬‬

‫خريطة توطني واحة تودغى‬

‫‪ -3‬اإلعداد املائي القديم بواحة تودغى‬

‫من املعلوم أن واحة تودغى عرفت االستقرار والزراعة مند قرون عديدة‪ ،‬غري أن االختالف بني أمناط العيش‬
‫القدمية للقبائل املستقرة هبذه الواحة‪ ،‬وكذا مناطق استقرارها بني العالية والسافلة‪ ،‬أثر بشكل كبري على أشكال إعداد‬
‫وتوزيع املوارد املائية‪ ،‬ف"أيت تدغتا" (‪ )1‬املستقرين القدامى بعالية الواحة يستغلون مياه العيون الدائمة اجلراين يف سقي‬
‫األراضي الضيقة احملاذية جملرى الوادي‪ .‬أما "أيت عطا "الذين كانوا ميارسون الرتحال والرعي قدميا والذين استقروا قبل‬
‫االستعمار ابلعديد من القصور بسافلة واحة تودغى‪ ،‬فإهنم يعتمدون على استغالل املياه اجلوفية اليت توفرها الفرشة الباطنية‬
‫بواسطة اخلطارات (‪ )2‬واآلابر ابستعمال الدلو أو" أغرور"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬السكان األصليني لواحة تودغى‪.‬‬


‫(‪ )2‬نظام الستغالل املياه اجلوفية‪ ،‬يتكون من سلسلة من اآلابر وقناة ابطنية حلمل مياه الفرشة الباطنية حنو األراضي الزراعية املتواجدة ابلسافلة‪.‬‬
‫(‪ )3‬نظام يتكون من دلو كبري وحبل جتره الدواب لرفع مياه البئر حنو األعلى‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫اإلعداد املائي والتنمية ابلواحات اجلنوبية للمغرب‪ ،‬منوذج واحة تودغى‬

‫‪ 3-3‬أشغال تعبئة املياه عند "أيت تدغت"‬

‫يبدو أن تعبئة املياه من أهم القضااي اليت كانت تشغل ابل سكان الواحة‪ ،‬حبيث أن تعبئتها يتجاوز اإلمكانيات الفردية‪،‬‬
‫إذ تتطلب مشاركة واسعة وتظافرا للجهود‪ ،‬كما قال )‪ (1927, p330) Celerier (J.C‬إذ تعترب هذه األمور من أهم‬
‫مهام "امجاعة" (‪ )4‬داخل كل قصر‪ ،‬حيث تصل أمهية ذلك إىل حدود تعيني "أمغار" (‪ )5‬خاص ابملاء يسمى "أمغار ن‪-‬‬
‫وامان "أي شيخ املاء أو "أمغار ن‪-‬تركا" أي شيخ الساقية والذي يساعده بعض أعضاء "امجاعة "يف القيام ابألشغال‬
‫املرتبطة بتعبئة مياه السقي وتصريفها حنو األراضي الزراعية كبناء السدود التحويلية وتنقية السواقي‪.‬‬

‫* تشييد السدود التحويلية‬

‫تعمل امجاعات القصور املستفيدة من كل سد حتويلي ابلتنسيق‬


‫فيما بينها لإلعالن عن توقيت تشييده أو ترميم‬
‫إصالح األضرار اليت تلحق ب بسبب فيضاانت واد تودغى‪ ،‬حيث يتم‬
‫إجناز هذه األشغال بشكل مجاعي ابعتماد نظام "حد الصامي" الذي‬
‫يفرض على مجيع الذكور البالغني سن الرشد والقادرين على العمل املشاركة‬
‫يف هذه اخلدمة العمومية اجملانية‪.‬‬

‫‪ ‬صيانة السواقي وتنقيتها‬

‫ختتلف طرق توفري اليد العاملة من أجل القيام ابألشغال املخصصة لصيانة وتنقية السواقي عند "أيت تدغت"‬
‫حسب نوعيتها‪ ،‬فلما يتعلق األمر بصيانة السواقي الرئيسية املشرتكة بني العديد من القصور تعلن "امجاعات" هذه القصور‬
‫عن توقيت استصالحها وكنسها من األوحال واألعشاب‪ ،‬حيث يتم اعتماد نظام "حد الصامي" كذلك كما هو الشأن‬
‫ابلنسبة للسد التحويل‪ ،‬حبيث يعمل شباب كل قصر على تنقية الساقية من أقصى سافلة جماهلم الزراعي إىل عاليت ‪،‬‬
‫وهكذا حىت تصل األشغال إىل مأخذ املياه‪ .‬أما إذ تعلق األمر ابستصالح وكنس شبكة سواقي التوزيع‪ ،‬فإن "امجاعة"‬
‫كل قصر هي اليت حتدد توقيت ذلك‪ ،‬حيث تفرض على كل مستفيد تنقية وإصالح اجلزء الذي يقابل أرض الزراعية من‬
‫الساقية‪.‬‬

‫(‪ )4‬مؤسسة اجتماعية تعين بتسيري الشؤون الداخلية واخلارجية للقبائل ابملغرب‪.‬‬
‫(‪ )5‬يعين الشيخ أو رئيس مؤسسة "امجاعية" التقليدية‪.‬‬
‫ذ‪ .‬حممد مهدان‬ ‫‪13‬‬

‫يشارك يف هذه األعمال اجلماعية‪ ،‬اخلاصة بتشييد السدود التحويلية وكذا السواقي الرئيسية‪ ،‬حىت شباب‬
‫العائالت اليت ال متلك سوى أراضي زراعية قليلة‪ ،‬إمياان منهم أبن هذه السواقي يستفيد منها مجيع سكان القصر أو‬
‫القصور احملاذية هلا‪ ،‬بغض النظر عن املساحة املسقية اليت متلكها كل عائلة‪ ،‬وذلك ألن هذه السدود والسواقي توفر‬
‫كذلك املياه املخصصة لألغراض املنزلية وليس مياه السقي فقط‪.‬‬

‫‪ 3-3‬أشغال تعبئة املياه عند أيت عطا بسافلة تودغى‬

‫على العكس من سكان قصور" ايت تدغت"‪ ،‬فإن سكان قصور "ايت عطا" بسافلة واحة تودغى ال يستفيدون‬
‫من اجلراين العادي لواد تودغى إال اندرا‪ ،‬إذ يعملون على سقي األراضي الزراعية التابعة لقصورهم ابستغالل مياه‬
‫اخلطارات ومياه اآلابر‪ ،‬حبيث يتوفر سكان كل قصر على خطارة أو عدة خطارات‪.‬‬

‫رغم أن نظام اخلطارة ينم عن عبقرية كبرية‪ ،‬إذ يساهم يف استغالل املياه اجلوفية بطريقة دقيقة ولينة‪ ،‬فإن يتميز هبشاشت‬
‫وارتباط ابلتقلبات املناخية‪ ،‬حبيث يتزايد صبيبها أحياان‪ ،‬مت يرتاجع أحياان أخرى‪ ،‬كما قد يتوقف هنائيا‪ ،‬ليعود من جديد‬
‫بعد عدة سنوات من اجلفاف‪ ،‬هذا األمر هو الذي جعل الباحث )‪ (1941, p 30) Robaux (A‬يقول‪ ،‬يف إطار‬
‫حديث عن املاء واحلياة ابجلنوب املغريب‪ ،‬أبن املياه اجلوفية اليت يتم تعبئتها عن طريق اخلطارة مكلف جدا‪ ،‬سواء يف البحث‬
‫عن أويف تعبئت ‪ ،‬كما أن أكثر كلفة يف صيانت ‪ ،‬وهو ما يعين أهنا حتتاج قوة عمل مستمرة وسواعد شابة قادرة على توفري‬
‫ماليني اايم العمل الضرورية لذلك‪ ،‬الشيء الذي كانت "امجاعات" القصور اليت تستفيد من مياهها توفره من خالل‬
‫البحث بشكل مستمر عن حلول واسرتاتيجيات ملواجهة ذلك‪ ،‬ومن بني هذه احللول نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تعميق قناة اخلطارة‬

‫حينما يتوقف جراين اخلطارة بسبب هبوط مستوى الفرشة املائية الباطنية‪ ،‬تستدعي "امجاعة" القصر املستفيدين‬
‫منها من أجل تعميق قناهتا التحتية وآابرها حىت تصل من جديد إىل مستوى هذه الفرشة‪ ،‬أو حفر قناة جوفية اثنية حتت‬
‫القناة األصلية‪ .‬لكن هذه العملية هلا بعض االنعكاسات‪ ،‬إذ أن ذلك يؤدي إىل جتاوز مستوى بعض األراضي الزراعية‪،‬‬
‫خاصة اليت تتواجد بعالية القطاع الزراعي للقصر‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫اإلعداد املائي والتنمية ابلواحات اجلنوبية للمغرب‪ ،‬منوذج واحة تودغى‬

‫‪ ‬إضافة خطارة أخرى مبوازاة اخلطارة األم‬

‫قام سكان بعض القصور‪ ،‬يف سبيل دعم جراين اخلطارة الرئيسية حبفر خطارة اثنية واثلثة أحياان وموازاهتا‪ ،‬هبدف‬
‫استغالل الفرشة الباطنية اجملاورة للخطارة األم‪ ،‬إذ يتم بعد ذلك جتميع جراين هذه اخلطارات يف ساقية واحدة‪ ،‬ليتم‬
‫توزيعها على ذوي احلقوق من سكات القصر‪ .‬هذه الطريقة جلأ إليها سكان إغرم أقدمي بسافلة تودغى‪ ،‬حيث عملوا يف‬
‫املرحلة األوىل على حفر اخلطارة املسماة "أيت رحو" قرب خطارة "ام تكار" القدمية لدعم جرايهنا‪ ،‬وبعد ذلك حبفر‬
‫خطارة اثلثة تدعى "تعشات" هبدف مواجهة تراجع صبيب اخلطارتني واحلفاظ على نفس املساحة املزروعة أو متديدها‪.‬‬
‫اما سكان قصر اتبسباست فقد عصلوا على حفر اخلطارة املسماة "توجديدت" الستغالهلا يف سقي األراضي الزراعية اليت‬
‫مل تعد اخلطارة القدمية (ختتارت) متكن من سقيها بسبب نزول مستوى قناهتا على مستوى األراضي الزراعية‪.‬‬

‫إقامة حوض لتجميع املياه‬ ‫‪‬‬

‫عندما يرتاجع صبيب خطارة ما‪ ،‬يقيم سكان القصر‬


‫املستفيدين منها حوضا لتجميع مياهها‪ ،‬وهو ما يسمى حمليا‬
‫بـ ـ ـ"تنوطفي"‪ ،‬وهذا احلوض يستعمل لتجميع مياه اخلطارة أثناء الليل‬
‫ليتم توزيعها ابلنهار فقط‪ .‬وجتدر اإلشارة هنا أن هذه الوسيلة حمدودة‬
‫من الناحية اجملالية‪ ،‬إذ مل يتم اللجوء إليها إال يف بعض القصور بسافلة‬
‫الواحة‪ ،‬كقصر غليل انيت إسفول‪.‬‬

‫كنس وصيانة اخلطارة باستمرار‬ ‫‪‬‬

‫ابإلضافة إىل هذه اإلجراءات كان سكان قصور سافلة واحة تودغى يقومون بعدة أشغال أخرى كتنقية القناة‬
‫التحتية والسواقي الرئيسية من حني آلخر‪ .‬وتربط "امجاعة" هذه القصور أمر القيام جبميع هذه األعمال من حفر وكنس‬
‫اخلطارة وقنواهتا حبقوق املاء‪ ،‬ألهنا هي اليت حتدد قدر مسامهة كل عائلة يف هذه األعمال‪ ،‬فمن مهام شيخ الساقية عند‬
‫"أيت عطا" اإلعالن عن موعد بدء هذه األشغال اجلماعية والعمل على مراقبة حضور ممثلي مجيع ذوي احلقوق‪.‬‬

‫فبالنسبة للخطارات اليت يتم توزيع مياهها حسب نظام احلقوق الفردية‪ ،‬كما هو الشأن ابلنسبة خلطارة قصر‬
‫اتبسباست وخطارة قصر إغرم أقدمي‪ ،‬فإن توفري اليد العاملة يتم حسب عدد نوابت دورة السقي‪ ،‬إذ تقدم العائالت‬
‫املالكة حلقوق املاء عامال أو عاملني عن كل نوبة وذلك ابلتناوب فيما بينها حسب نسبة ملكيتها داخل النوبة‪ ،‬أما إذا‬
‫ذ‪ .‬حممد مهدان‬ ‫‪13‬‬

‫كان نظام توزيع مياه السقي يعتمد على احلقوق اجلماعية‪ ،‬كما هو الشأن ابلنسبة خلطارة قصر بوتغاظ‪ ،‬فإن توفري اليد‬
‫العاملة يتم حسب نظام "اتكورت (‪ ،")6‬ومعىن أن مالك حصة واحدة من املاء يشارك يف هذه األعمال مرة كل أربعة أايم‪.‬‬
‫أما إذا تعلق األمر بضرورة إجناز أشغال تتطلب أايدي عاملة كثرية‪ ،‬كحفر اخلطارة أو الزايدة يف طوهلا‪ ،‬فيتم استدعاء‬
‫عامل واحد عن كل "اتكورت"‪.‬‬

‫‪ - 3‬اإلعداد املائي والتنمية يف عهد احلماية‬

‫أدى التدخل االستعماري‪ ،‬كما قال عبد اللطيف بنشريفة يف إحدى مقاالت اليت نشرت ابملوسوعة الكربى للمغرب‪،‬‬
‫)‪ (Bencherifa A, 1987, p 110‬إىل وقوع التقاء بني الثقافة التقليدية للعامل القروي املغريب والثقافة االستعمارية‬
‫األوروبية خاصة الفرنسية‪ ،‬حيث حاولت السلطات االستعمارية تغيري االقتصاد الزراعي املعاشي الذي ينسجم مع التنظيم‬
‫القبلي للسكان‪ ،‬مقابل نشر اقتصاد رأمسايل أورويب‪ ،‬وقد جندت لذلك كل إمكانياهتا القانونية والتقنية وحىت العسكرية‬
‫أحياان‪ .‬وقد برز هذا التأثري على ثالثة مستوايت هي‪:‬‬

‫‪ ‬إنشاء قطاع زراعي استعماري يعتمد ابألساس على نزع ملكية األراضي الزراعية‪.‬‬

‫‪ ‬التحديث الزراعي‪.‬‬

‫‪ ‬وأخريا بروز مشروع هيدرو‪-‬فالحي بسيط‪.‬‬

‫نفس هذه اإلجراءات قامت هبا السلطات االستعمارية بواحة تودغى رغم أتخر السيطرة عليها ورغم ضعف‬
‫إمكانياهتا الطبيعية‪.‬‬

‫‪ 3-3‬االهتمام ببعض الزراعات الصناعية والتسويقية‬

‫عملت السلطات االستعمارية بعد إحكام سيطرهتا على أجود األراضي ابلواحة‪ ،‬خاصة ومنطقة غليل بسافلة الواحة‪ ،‬على‬
‫االهتمام بزراعة احلبوب خاصة القمح الطري وكذا بعض املزروعات الصناعية كالقطن والفول السوداين‪(Raclot ،‬‬

‫)‪ 1936, p9‬حيث حصل العديد من املعمرين على قروض ومساعدات من طرف مديرية الشؤون األهلية‪ ،‬اليت عملت‬
‫يف نفس الوقت على االحتفاظ هبذه األراضي للقبائل‪ ،‬سعيا منها لتثبيتها على أرضها‪ ،‬وحتديد حدودها اإلدارية‪ ،‬وكذا‬

‫(‪ )6‬نظام لتوزيع األراضي اجلماعية وحقوق املياه عند أيت عطا‪ ،‬ويعين نصيب كل عائلة عند توزيع األراضي اجلماعية أو حقوق املياه‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫اإلعداد املائي والتنمية ابلواحات اجلنوبية للمغرب‪ ،‬منوذج واحة تودغى‬

‫اإلبقاء على سكاهنا داخل قصورهم‪ ،‬وذلك من أجل تسهيل مراقبتهم‪ ،‬وكدا احلد من اهلجرة القروية وخماطر التمدن‪ ،‬كما‬
‫قال )‪ Bouderbala. N (1987, p14‬ابلنسبة للعديد من املناطق القروية ابملغرب‪.‬‬

‫وما أن هذه املزروعات حتتاج إىل سقي مكثف فالبد من البحث عن املاء‪ ،‬غري أن السلطات االستعمارية بواحة تودغى مل‬
‫تلجأ مند البداية إىل استغالل املياه اجلوفية‪ ،‬كما فعلت ابلعديد من الواحات اجلزائرية ‪(Celerier(J.C)1927) (p‬‬
‫)‪ 329‬والتونسية )‪ (Bedoucha (G) 1987, p325‬وكذا ومنطقة سوس ابملغرب )‪ (Popp 1986, p39‬و(احلسني‬
‫احملداد ‪ ،2003‬ص‪ ،)181‬بل عمدت إىل استغالل املياه السطحية لواد تودغى‪ ،‬حيث قال ‪(p1941,27) Robaux‬‬
‫)‪ (A‬أن سلطات احلماية سعت إىل استغالل مياه الفيضاانت يف سقي بعض املزارع بسافلة الواحة عرب تشييد سد حتويلي‬
‫كبري هبذه املنطقة‪.‬‬

‫‪ 3-3‬بناء سد غليل كأول منشأة مائية عصرية بواحة تودغى‬

‫سعت سلطات احلماية إىل بناء سد حتويلي كبري ومنطقة غليل ابستعمال‬
‫االمسنت واجلري‪ ،‬لتمكني املعمرين الذين حصلوا على األراضي الزراعية هلذه‬
‫املنطقة من استغالل مياه فيضاانت أودية الواحة وكذا مياه العيون‬
‫واخلطارات احملاذية جملرى وادي تودغى‪ .‬حسب الدراسة اليت قام هبا مكتب‬
‫الدراسات‪ ,(1995) ADI-‬فإن هذا السد التحويلي شيد بني سنوات‬
‫‪ 1446‬و ‪ ،1448‬حيث كان ارتفاع حوايل ‪2330‬م وعرض مرتين‪ ،‬كما‬
‫قامت كذلك بتشييد قناة يبلغ طوهلا حوايل ثالثة كيلومرتات ونصف‪ ،‬حلمل مياه السد حنو األراضي الزراعية هبذه املنطقة‪.‬‬

‫يع ترب هذا السد التحويلي إذن أول منشأة مائية أجنزهتا السلطات االستعمارية ابلواحة وذلك بتشغيل سكان‬
‫قصور أيت عيسى أبراهيم وأيت احلارث املالكني األصليني لألراضي الزراعية هبذه املنطقة‪ ،‬بشكل جماين (‪ ،)7‬حيث حيكي‬
‫السيد "ل‪.‬ا" وهو من الذين شاركوا يف أعمال تشييد هذا السد‪" :‬كانت السلطات االستعمارية تفرض على مجيع شباب‬
‫قصور أيت عيسى أبراهيم وأيت حلارث املشاركة يف أعمال "السخرة" املخصصة لبناء سد غليل‪ ،‬كما كانت تفرض على‬
‫كل عائلة تقدمي نصيبها من احلطب املخصص إلنتاج اجلري‪ ،‬حسب عدد أشجار النخيل والزيتون اليت متلكها"‪.‬‬

‫(‪ )7‬وفق أعمال "السخرة" أو ما يسمى ابلفرنسية )‪ (les travaux couvres‬اليت كانت تفرضها السلطات االستعمارية على سكان الواحة لبناء السواقي‬
‫والقناطر والسدود التحويلية‪.‬‬
‫ذ‪ .‬حممد مهدان‬ ‫‪13‬‬

‫‪ -1‬إسرتاتيجية الدولة يف جمال اإلعداد املائي بعد االستقالل‬

‫أعطت الدولة مند االستقالل أمهية كربى للقطاع الزراعي‪ ،‬إذ عملت على تنمية هذا القطاع بناء على منهج‬
‫أساسي هو التجهيز اهليدرو‪ -‬فالحي كبناء السدود وجتهيز اجملاالت املسقية‪ .‬وهتدف أغلب هذه املشاريع أساسا إىل‬
‫تنمية املناطق السقوية اليت بدأ االستعمار يف استغالهلا واستصالحها‪ ،‬ومعىن تزكية املناطق احملظوظة مسبقا وغض الطرف‬
‫عن املناطق اليت مل ميسها أي استصالح (رمحة بورقية ‪ ،1441‬ص ‪.)153‬‬

‫أما ابلنسبة لواحة تودغى فإن العكس هو الذي حصل‪ ،‬حيث ختلت الدولة عن االهتمام بسقي منطقة غليل‬
‫اليت جعلتها السلطات االستعمارية جماال إلدخال وتشجيع الزراعات احلديثة‪ .‬ويرجع سبب هذا الرتاجع عن النظام الذي‬
‫أقرت السلطات االستعمارية لتوزيع مياه واد تودغى إىل الضغط الذي مارس سكان قصور عالية الواحة على السلطات‬
‫العمومية من أجل اسرتجاع مكاسبهم القدمية يف استغالل املوارد املائية للواحة‪.‬‬

‫يف سبيل مواجهة هذا االختالل يف توزيع املياه ابلواحة وكذا هتدئة األوضاع‪ ،‬قامت الدولة بتقدمي بعض احللول‬
‫للمسامهة يف تدبري املياه ومساعدة سكان السافلة على تعبئة موارد مائية أخرى لتلبية حاجياهتم‪ ،‬كبناء بعض السدود‬
‫التحويلية والتلية من أ جل استغالل مياه الفيضاانت وبناء العديد من السواقي واستصالح اخلطارات‪.‬‬

‫‪ 3-1‬تشييد السدود التحويلية والتلية‬

‫حظيت واحة تودغى بتدخل الدولة يف جمال التجهيزات اهليدرو‪-‬‬


‫فالحية‪ ،‬حيث قال )‪Jellouli (D) (1987, p90‬‬

‫رغم أن واحة تودغى مل تعرف إجناز مثل السدود الكربى‬


‫اليت عرفتها واحىت درعة واتفاللت‪ ،‬حيث مت تشييد سد احلسن‬
‫الداخل سنة ‪ 1471‬وسد املنصور الذهيب سنة ‪ ،1472‬فإن سكان‬
‫العديد من قصورها استفادوا من بعض التجهيزات املائية اخلاصة ابلسقي الصغري واملتوسط‪ ،‬كتشييد بعض السدود‬
‫التحويلية والتلية"‪.‬‬

‫قامت الدولة مع بداية عقد السبعينات من القرن املاضي بتشييد سدين حتويليني على واد بوتغاط وكذا سد تلي‬
‫على واد أيت عيسى أبراهيم‪ .‬ويف سنة ‪ 1482‬قامت الدولة كذلك ببناء سد حتويلي بقصر إعدوان وآخر بقصر أيت‬
‫‪13‬‬ ‫اإلعداد املائي والتنمية ابلواحات اجلنوبية للمغرب‪ ،‬منوذج واحة تودغى‬

‫احممد‪ ،‬وآخر بقصر اتبيا سنة ‪ 2001‬وآخر بقصر أكدمي انيت إعزى على واد تودغى سنة ‪ ،2004‬كما شهدت نفس‬
‫السنة استصالح سد غليل الذي شيد مند عهد احلماية‪.‬‬

‫‪ 3-1‬استصالح السواقي واخلطارات‬

‫استفاد العديد من سكان قرى عالية ووسط الواحة من برانمج استصالح السواقي‪ ،‬حيث مت إعداد وتلبيط‬
‫العديد من السواقي الرئيسية هبدف محايتها من الفيضاانت ولتخيف تسريباهتا كما هو الشأن ابلنسبة لساقية أيت احممد‪،‬‬
‫وساقية الطبيان‪ ،‬مع وضع حاجز حلماية هذه الساقية من الفيضاانت‪.‬‬

‫تدخلت مصاحل الدولة كذلك ابلعديد من قرى سافلة الواحة من أجل احملافظة على نظام السقي ابخلطارة‪،‬‬
‫حيث قامت ببناء خطارة الزايد ابحلارث ن‪-‬إكرامن سنة ‪ ،1478‬إضافة إىل الزايدة يف طول القناة التحتية خلطارة بوتغاظ‬
‫بعد أن جفت متاما سنة ‪ ،1474‬األمر الذي جعل صبيبها مستمرا رغم سنوات اجلفاف الذي عرفت الواحة خالل‬
‫السنوات املاضية‪ ،‬إذ قال أحد الذين شاركوا يف هذ ا املشروع كمراقب لألشغال (ل‪.‬أ)‪ :‬استمرت أشغال متديد طول‬
‫خطارة بوتغاط وصيانة قناهتا سنة كاملة‪ ،‬حيثا مت حفر ثالثني بئرا أخرى من سلسلة آابر اخلطارة‪ ،‬وهذا ما مكن من الرفع‬
‫من صبيب اخلطارة "‪ ،‬أما يف قصر أقدمي فقامت مصاحل الدولة بعدة أشغال مهت تلبيط ساقييت "تعشات" و"ام اتكار"‬
‫عدة مراحل‪ ،‬كان آخرها سنة ‪ ،1444‬وذلك هبدف محايتها من االهنيارات‪ ،‬وكذا التخفيف من نسبة تسرب أو تبخر‬
‫مياهها‪.‬‬

‫يتضح أن إجناز هذه البنيات التحتية السقوية تطلب جمهودات كبرية‪ ،‬كما صرفت من أجلها أموال طائلة‪ ،‬لكن‬
‫ذلك مل يعطي نتائج ملموسة يف جمال تدبري مياه السقي بواحة تودغى‪ ،‬فرغم أن بناء بعض السدود التحويلية وبعض‬
‫السواقي ابإلمسنت خفف عن سكان بعض القرى متاعب إعادة بنائها كلما محلتها السيول‪ ،‬فإن ذلك ل عدة سلبيات‬
‫تقنية واقتصادية واجتماعية‪ ،‬فهذه السدود تؤدي أ حياان إىل حتويل جمرى مياه الفيضاانت حنو اجملال الزراعي‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤدي إىل اجنراف تربتها‪ ،‬كما هو الشأن ابلنسبة لألراضي الزراعية التابعة لقصر اتبيا‪ ،‬أو ختريب مساكن بعض القرى‪،‬‬
‫كما حدث سنة ‪ 2007‬بقصر "احلارث ن‪-‬إكرامن" بسافلة تودغى‪ .‬إضافة إىل ذلك فإن بناء هذه السدود التحويلية‬
‫يعرقل وصول املياه الدائمة اجلراين لواد تودغى إىل مزارع بعض قصور السافلة‪ ،‬ألهنا أوال متنع من تسرب مياه الواد حنوها‬
‫كما كان األمر ابلنسبة للسدود التحويلية التقليدية‪ ،‬واثنيا ألهنا تكون أحواض كبرية يتطلب ملؤها وقتا طويال‪.‬‬

‫نفس الشيء ابلنسبة الستصالح اخلطارات‪ ،‬إذ مل تقم مصاحل الدولة إبجناز دراسة معمقة عن اتريخ نظام‬
‫اخلطارات ابملنطقة وكيفية استغالهلا قبل القدوم على استصالحها‪ ،‬حبيث أن استعمال اإلمسنت يف بناء اخلطارة جعل أمر‬
‫تعميق قناهتا من طرف السكان حبثا عن مياه الفرشة الباطنية عند هبوط مستواها أمرا صعبا‪ ،‬األمر الذي جعل سكان‬
‫ذ‪ .‬حممد مهدان‬ ‫‪34‬‬

‫العديد من القصور كإغرم أقدمي واحلارث ن‪-‬إكرامن يضطرون إىل تكسري االمسنت اليت بنيت هبا قنوات خطاراهتم قصد‬
‫تعميقها‪ ،‬وهو ما تطلب منهم جهدا كبريا ووقتا طويال‪.‬‬

‫أما من الناحية االجتماعية فقد أدى هذا التدخل يف جمال تدبري املياه ابلواحة إىل ظهور نظام مزدوج للسقي‬
‫ونظام مزدوج للتجهيزات‪ ،‬األمر الذي أدى إىل ختلي السكان على بعض مهامهم كإصالح السواقي وتشييد السدود‬
‫التحويلية‪ ،‬حيث ألقيت هذه املهام على عاتق مصاحل الدولة‪ ،‬فتالشت بذلك العالقات اليت تربط الفرد ابجلماعة وبني‬
‫سكان القصور ااملستفيدين من نفس اجملرى املائي‪.‬‬

‫‪ - 4‬إسرتاتيجية السكان يف جمال اإلعداد املائي بعد االستقالل‬

‫عرفت عالقة اإلنسان ابملوارد املائية بواحة تودغى عدة حتوالت‪ ،‬سواء من حيث أشكال تعبئتها أو استهالكها‪،‬‬
‫فمند عقد السبعينات من القرن املاضي تغريت نظرة السكان للموارد املائية وكذا إسرتاتيجياهتم اخلاصة بتعبئتها‬
‫واستهالكها‪ ،‬حبيث ظهرت وتطورت بشكل كبري ظاهرة الضخ العصري سواء املوج للسقي أو لتعبئة مياه الشرب‪ ،‬خاصة‬
‫يف املناطق اليت تعاين من ندرة املياه السطحية الدائمة اجلراين‪ ،‬وقد ساعدهم على ذلك حتسن أوضاعهم االقتصادية‬
‫بفضل عائدات اهلجرة اخلارجية‪ ،‬حبيث عمل العديد من املهاجرين على إدخال تقنيات جديدة للضخ واستصالح‬
‫األراضي الرعوية هبدف استغالهلا يف الزراعية‪ ،‬إما هبدف تلبية حاجيات السكان املتزايدة من املواد الغذائية أو إلبراز‬
‫التفوق والرف االجتماعي‪ ،‬األمر الذي ساهم يف توسع اجملال الزراعي للواحة بشكل كبري‪.‬‬

‫جدول تطور عدد حمطات الضخ بواحة تودغى بني سنىت ‪3333‬و‪3443‬‬

‫‪3443‬‬ ‫‪3333‬‬ ‫‪3333‬‬ ‫اجلماعات‬


‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫تودغى العليا‬
‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪7‬‬ ‫تنغري‬
‫‪500‬‬ ‫‪316‬‬ ‫‪144‬‬ ‫تودغى السفلى‬
‫‪1000‬‬ ‫‪605‬‬ ‫‪360‬‬ ‫اتغزوت انيت عطا‬
‫‪1570‬‬ ‫‪480‬‬ ‫‪566‬‬ ‫اجملموع‬

‫املصدر‪( :‬مونوغرافية مركز االستثمار الفالحي لتنغري ‪)2002‬‬


‫‪33‬‬ ‫اإلعداد املائي والتنمية ابلواحات اجلنوبية للمغرب‪ ،‬منوذج واحة تودغى‬

‫يتضح من خالل اجلدول أعاله أن كلما اجتهنا حنو السافلة كلما تضاعف عدد حمطات الضخ‪ ،‬حبيث نالحظ‬
‫أن استعمال الضخ يرتكز ابخلصوص يف مجاعيت تودغى السفلى واتغزوت انيت عطا‪ ،‬فهذه املناطق تضم حوايل ‪%45‬‬
‫من املساحات املسقية عن طريق ضخ مياه اآلابر‪.‬‬

‫هذا االستغالل املتزايد للمياه اجلوفية أدى إىل تراجع غري مسبوق ملستوى الفرشة الباطنية يف العشرين سنة‬
‫األخرية‪ ،‬حيث نزل مستوى الفرشة وما بني مثانية واثنا عشر مرتا يف املتوسط‪ ،‬األمر الذي أدى إىل توقف جراين العديد‬
‫من اخلطارات وكذا نضوب مياه اآلابر املخصصة للشرب وللسقي‪.‬‬

‫يعمد أصحاب هذه اآلابر ملواجهة تراجع مستوى الفرشة الباطنية إىل تعميقها من حني آلخر أو تغيري أماكنها‬
‫حبثا عن فرشة أخرى‪ ،‬او حىت تغيري املناطق الزراعية اليت جفت فرشتها ومناطق أخرى مل تعرف الزراعة والسقي من قبل‪،‬‬
‫حبيث انتقل العديد من سكان الواحة من استغالل منطقة غليل اليت تراجع مستوى الفرشة الباطنية فيها بشكل كبري اىل‬
‫استغالل منطقة اتنكارفا اليت حتولت مند سنة ‪ 1998‬من منطقة رعوية جافة إىل منطقة زراعية‪ ،‬حيث متت إقامة ضيعات‬
‫فالحية كربى تعتمد أحدث تقنيات الضخ والسقي‪.‬‬
‫ذ‪ .‬حممد مهدان‬ ‫‪33‬‬

‫خامتة‬

‫حاولنا من خالل رصد أهم مراحل اإلعداد املائي بواحة تودغى إبراز كون املاء هو احملور الرئيسي حلياة السكان‬
‫هبذه الواحة‪ ،‬كما هو احلال ابجلنوب املغريب على العموم‪ ،‬فحياة سكان هذه املناطق ال يعرتضها املناخ وال طبيعة األراضي‬
‫وال شروط العيش‪ ،‬إذ املاء وحده هو الضروري ابلنسبة هلم‪ .‬فمن أجل توفري مصادر العيش لساكنة اجلنوب ولتوفري اكتفاء‬
‫ذايت لساكنتها املتزايدة جيب االهتمام أوال وقبل كل شيء ابإلعداد املائي‪.‬‬

‫هذا الرهان هو الذي أصبح فعال حمط اهتمام مجيع الفاعلني كأجهزة الدولة واملنظمات غري احلكومية واجلمعيات‬
‫الفاعلة ابلواحات وحىت السكان وذلك من خالل اقرتاح العديد من احللول لتجاوز األزمة املائية اليت تعرفها هذه املناطق‪.‬‬
‫من هذه احللول بناء سدود كربى لتجيع مياه الفيضاانت املتكررة وبناء السدود التلية واستصالح املوجودة منها هبدف‬
‫املسامهة يف تغذية الفرشة الباطنية وأخريا الرفع من مردودية السواقي ومراقبة نظام الضخ العصري‪.‬‬

‫الئحة املراجع‬

‫‪ -‬رمحة بورقية‪ :1441 ،‬الدولة والسلطة واجملتمع‪ ،‬دراسة يف الثابت واملتحول يف عالقة الدولة بقبائل زمور‪ .‬دار‬
‫الطليعة بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬حممد أيت محزة ‪" :1443‬التوازن اإليكولوجي الواحي بني التنافس والتكامل" اجملال واجملتمع ابلواحات املغربية‬
‫منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ومكناس‪ ،‬سلسة الندوات رقم ‪.6‬‬

‫‪- BEDOUCHA (Albérgouni-Geneviére), 1987: «L’eau, Tamie du puissant». Une‬‬


‫‪communauté oasienne du sud Tunisien. Publication de CNRS et CNL.‬‬

‫‪- BENCHERIFA (A), 1987 : «Le monde rurale marocain: diversité spaciale et‬‬
‫)‪culturelle»: La Grande Encyclopédie du Maroc, (Géographie humaine.‬‬

‫‪- BERQUE (J) et PASCON (P), 1978: Structures Sociales du Haut-Atlas, suivi‬‬
‫‪de Retour au Seksawa, 2ème édition, PU .F, Paris.‬‬

‫‪- BOUDERBALA (N), 1987: «les structures agraires»: La Grande Encyclopédie‬‬


‫)‪du Maroc, (Agriculture et Pêche.‬‬

‫»‪- CELERIER (J.C), 1927: «L'organisation hydraulique des oasis sahariennes‬‬


‫‪RGM n° 3, tome VI, 4ème trim. Rabat, (pp. 329-333).‬‬

‫‪- JELLOULI (D), 1987: «L’agriculture dans les zones arides» : La Grande‬‬
‫)‪Encyclopédie du Maroc, (Agriculture et pêche‬‬
31 ‫ منوذج واحة تودغى‬،‫اإلعداد املائي والتنمية ابلواحات اجلنوبية للمغرب‬
- LEVEAU (R), 1985: Le fellah marocain défenseur du trône. Presse de la
Fondation Nationale des Sciences Politiques, Paris.

- ORMVA/O 1995: Etude de base et d’aménagement du périmètre de Ghellil.


(ADI/GERSAR).

- OUHAJOU (L), 1996: Espace hydraulique et société au Maroc. Cas des


systèmes d’irrigation dans la vallée de Dra. Pub. de la Faculté des Lettres et des
Sciences Humaines d’Agadir. Série Thèse et Mémoires n° 7.

- POPP (H), 1986: «L’agriculture irriguée dans la vallée de Souss, formes et


conflits d’utlisation de l’eau» : Revue Méditerranée, n° 4.

- RACLOT (Lt) 1936: «La vallée du Toudgha.» RGM, n° 20. (pp 86-109).

- ROBAUX (A), 1941: «L'eau et la vie dans le sud marocain ». RGM, n° 1-2,
Rabat, (pp 23-32).

- TAMIM (M), 2005: Reproduction sociale, territorialité des populations et


pouvoir local .Cas de la vallée d’Ouneine dans le Haut-Atlas. Thèse de Doctorat
d’Etat en géographie, Faculté des Lettres et des Sciences Humaines de Rabat.

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like