Professional Documents
Culture Documents
الآراء النحوية لابن مضاء القرطبي
الآراء النحوية لابن مضاء القرطبي
.ابتكر ابن مضاء القرطبي نظرية جديدة في الصرف تعتمد على قوانين محددة لتشكيل الكلمات وتحديد أوزانها
تحليل الجمل
.أطلق ابن مضاء القرطبي نظرية متطورة في تحليل الجمل وتحديد دور كل كلمة في الجملة
البالغة
.ساهم ابن مضاء القرطبي في تطوير البالغة النحوية وقام بتحليل البالغة الشعرية والنثرية
تميزت آراء ابن مضاء القرطبي باالبتكار والتجديد في مجال النحو العربي ،مما جعلها محل تقدير واهتمام العديد من
.العلماء والباحثين
تأثير قوي
أثرت آراء ابن مضاء القرطبي بشكل كبير على التطورات التالية في النحو العربي وكان لها تأثيًرا واضًحا في الدراسات
.النحوية الالحقة
اغتنام الفرص
.تمكن ابن مضاء القرطبي من اغتنام الفرص المتاحة أمامه وتطوير النحو بشكل كبير خالل فترته الزمنية
استنتاجات الدراسة
تأثير قوي ومستدام
أظهرت الدراسة أن آراء ابن مضاء القرطبي قد تركت أثًرا قوًيا ومستداًم ا في مجال النحو العربي وما زالت ُتدرس وُتناقش
.حتى اليوم
قيمة تاريخية
تعد آراءه جزًء ا هاًم ا من تراثنا اللغوي والثقافي وتساهم في فهم تطور اللغة العربية على مر العصو
التبيين
الكافية الجزولية
ورغم هذا كله ظهرت بعض المحاوالت في ذلك الزمن تريد تيسير النحو ،ومن هنا يظهر لنا أن محاوالت تيسير النحو في تراثنا
.اللغوي كان دافعها تعليمًّي ا في األساس
ومع ازدياد الصعوبة والتعقيد في النحو ،ازدادت الدعوات المطالبة بتيسيره ،خاصة بعد أن بلغ تعقيد النحو مبلًغ ا كبيًر ا ،واعترته
بعض الشوائب ،بعضها يتصل بالمنهج وبعضها اآلخر يتعلق ببعض القضايا الجزئية ،حتى أصبحت كتب النحو عبارة عن ألغاز،
.األمر الذي زاد في تعب الباحث والمتعلم على حد السواء
وفي ظل هذا التنازع الذي كان حاصاًل بين النحويين ،أصبح لزاًما على المنشغلين بالنحو أن يبتكروا عوامل تساعد على تيسير
النحو ،وينتهجوا مناهج أخرى تجعل النحو وسيلة سهلًة توصل إلى تعلم اللغة العربية ال غاية يصعب الوصول إليها ،وهذا ما قام به
نحاة المدرسة األندلسية ،الذين سعوا في تيسير النحو العربي من خالل إسهاماتهم الكبيرة والمتمثلة في شرح الكتب السابقة والتأليف
.ونظم المتون ،وكان على رأس هؤالء ابن مالك
لقد كان البن مالك دور كبير في تيسير النحو وتقريبه للمتعلمين ،حتى أصبحت كتبه مرجًع ا لمن أراد أن يتعلم النحو ،ولعل أبرز
:مظاهر التيسير النحوي عند ابن مالك ما يلي
تنظيم موضوعات النحو وتسهيلها للمتعلمين :فتجربة ابن مالك الطويلة في تعليم النحو وتدريسه ،جعلته يفهم وظيفته والهدف منه؛ إذ
كان المقصود من ذلك تقويم األلسنة وصرفها عن الخطأ ،وال شك في أن تحقيق ذلك يتم إذا خلت قواعده من التعقيد والتكلف واالبتعاد
.عن االفتراض والتقدير
فابن مالك يختار الرأي األسهل البعيد عن التكلف ،ولقد نص على ذلك في مواضع مختلفة من كتبه ،فمن ذلك قوله عند الحديث عن
إعراب األسماء الستة -وبعد أن ذكر جميع األقوال -قال" :ومنهم من جعل إعرابها بحروف المد على سبيل النيابة عن الحركات،
".وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف
وعند الحديث عن (السين) و(سوف) يقول" :والقول بأن (السين) فرع (سوف) ال يفضي إلى مثل ذلك ،فوجب قبوله والتمسك به؛ ألنه
.أبعد عن التكلف"[]1
.فهو عند ذكر أقوال النحاة يختار األسهل واألبعد عن التكلف ،ويجعل ذلك سبًبا من أسباب اختياراته[]2
وينص بعض معاصري ابن مالك بأن مؤلفاته البعيدة المسائِل الكثيرِة الفوائِد ،استطاعت أن تبين المعالم الطامسة ،وتحقق ما لم يكن
تبين منه وال تحَّقق[ ،]3فعندما أَّل ف ابن مالك ألفيته راعى فيها وضع المبتدئين الذين ال يستطيعون فهم النحو كما جاء به النحاة
القدامى إال بعد جهد جهيد ومشقة كبيرة؛ إذ يسهل على الطلبة حفظها واسترجاعها ،وتعد تيسيًر ا على الطالب والناشئة في بدايات
.حياتهم التعليمية[]4
وما اختيار كلمة التسهيل عنواًن ا لكتابه إال دليل واضح على اتجاه ابن مالك فيه ،لذلك ابتعد عن الشاذ واتجه نحو السهل المعروف
.المتداول[]5
ومن العوامل التي ساعدت ابن مالك ليكون نحوه سهاًل وواضًح ا :تنظيمه لموضوعات البحث وحسُن تقسيمه لها ،وهذا يظهر في
معظم مؤلفات ابن مالك التي تعتبر مثاًل أعلى يحتذى به في فن التأليف ،فقد كان ابن مالك يتبع منهجية منظمة اعتمدت على المناسبة
.وارتباط الالحق بالسابق
والظاهر أن اشتغال ابن مالك بالتدريس أكسبه خير الطرق؛ لتكون مؤلفاته نافعة ،فاستنبط المعضالت وجمع المتفرقات وشرح
.الغامض من المسائل ،وأحسن النظم والترتيب[]6
فابن مالك يضع منهًج ا محدًد ا للكتاب يجعل مقدمته توضح فكرته ،ثم يأخذ في أبواب وفصول متتالية يتحدث عنها ،جامًع ا النظير إلى
نظيره ،وهو يفعل هذا ليقرب إلى األفهام ما بعد من المسائل ،وهو حين يكتب ال يكتب لنفسه ،وإنما يكتب لنشر العلم وإحيائه وتقريبه
.للمتعلمين
فهو يعتمد على التدرج في التأليف ،فـ(األلفية) تلخيص لكتبه السابقة بنظرة أوفى( ،وتسهيل الفوائد وتكميل المقاصد) في التفصيالت،
.ثم تأليف ما ُيعد اختصاًر ا لما سبق أن ألفه في كتابه (عمدة الحافظ وعدة الالفظ)[]7
وإلى جانب حسن التبويب والتدرج في التأليف -وتسهياًل لمتعلمي النحو -فإن ابن مالك يحدد الموضوع الذي يتناوله في مؤلفاته،
فعلى الرغم من تفاوت مؤلفات ابن مالك بين الطول والقصر ،فإنه ال يكاد يوجد بين مؤلفاته كتاٌب وال رسالٌة لم يبدأ بتحديد موضوع
بحثه وتعيين خطته في الدراسة ،وبيان الهدف الذي ُقصد من وراء تأليفه؛ يقول ابن مالك في كتابه إكمال اإلعالم بتثليث الكالم:
"رأيُت أن أبذل جهد المستطيع في نظم كتاب يحيط بما ال ُيطمع في المزيد عليه ...فاقتصرُت على ذكر الكلمة مصرًح ا بشرحها،
مفتتًح ا مردًف ا بكسرها ثم بضمها ،فْلُت علم الحركات وإن لم أسمها ومحل الحركات الواقع بها التثليث في الكلمة ،وقد يكون ثانيها أو
.ثالثها أو أولها وثالثها ،ولكون التثليث في األول غالًبا أستغني عن التنبيه عليه ،بخالف غيره ،فال بد من تعيين الَّت ْث ِليث منه"[]8
ومن مظاهر التنظيم عند ابن مالك أيًض ا أنه إذا ذكر شيًئ ا قبل موضعه أو في غير بابه أجل بيانه إلى الموضع الخاص به ،فعند الكالم
عن وقوع الضمير بعد "إال" مثاًل قال" :وهذا متعلق باالستثناء ،فأخرت استفاء الكالم فيه إلى بابه حتى نأتيه إن شاء هللا تعالى"[،]9
وعند الكالم على الصلة إذا كانت ظرًف ا أو جاًّر ا أو مجروًر ا يقول" :وتقدير الفعل هنا مجمٌع عليه بخالف تقديره في غير صلة ،ففيه
خالف ُيذكر في باب المبتدأ إن شاء هللا تعالى"[ ،]10لقد كان ابن مالك عاِلًما بمختلف علوم اللغة والنحو ،وال يستطيع أحد مجاراته
في هذا المجال ،فقد تمَّيز بنظم ألفيته التي سماها "الخالصة" ،والتي جمع فيها قواعد النحو والصرف ،فكانت بمثابة المؤلف الذي ألم
.بمختلف جوانب هذا العلم؛ حيث حاول ابن مالك أن يأتي بمنهج جديد يسهل النحو ،ويجعله في المسلك الذي ُو جد من أجله
وإلى جانب ألفيته نجد أن كتابه "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد" ،نال نفس القيمة فكان كتاًبا جامًع ا لموضوعات النحو وأبوابه[]11؛
قال أبو حيان في البحر المحيط" :وأحسن ما وضعه المتأخرون من المختصرات ،وأجمعه لألحكام كتاب تسهيل الفوائد"[ ،]12ويقول
أيًضا في مقدمة شرحه لكتاب التسهيل" :فإن كتاب تسهيل الفوائد لبلدينا أبي عبدهللا محمد بن عبدهللا بن مالك الطائي الجياني مقيم
دمشق رحمه هللا ،أبدع كتاب في فنه ُأِّلف ،وأجمع موضوع في األحكام النحوية ُص ِّن ف ،فهو كما قال مصنفه فيه :جدير بأن ُيلبي
.دعوته األلباء ،ويجتنب منابذته النجباء ،وكان رحمه هللا كثيًر ا ما ُيعنى بتحريره ،ويولع بتهذيبه وتغييره"[]13
وهذا ليس غريًبا على ابن مالك الذي دأب على النظر في كتبه بعد تأليفها وقراءتها عليه ،فيغير فيها ويصلح؛ مما جعل كتبه أكثر
.وضوًح ا ودقة ،وكان الدافع وراء هذه اإلصالحات هو شعور ابن مالك أن هناك قصوًر ا يجب تفاديه ونقًص ا يجب إكماله[]14
ويعتبر ابن مالك من أدق العلماء تصنيًفا ،وُعدت تآليفه في مقدمة المصنفات التي خطت بالمؤلفات العربية خطوات واسعة نحو
.الكمال
وإذا كان ابن مالك قد قضى حياته بين التدريس والتأليف ،فال عجب أن يوجه اهتمامه إلى وضع كتب في موضوعات بعينها ،فيؤلف
.في (الظاء) و(الضاد) و(المقصور) و(المهموز) و(األفعال الثالثية) ،و(فيما يهمز وال يهمز) []15
وكان ابن مالك حين يتناول موضوًع ا من الموضوعات ،يتناوله بدقة وسهولة ويستقصيه استقصاًء كاماًل مع دعمه بما يحتاج إليه من
دليل وشاهد ،ومما يكشف عن إحاطته بالموضوع الذي يتناوله قوله مثاًل " :وأول من ُع ِنَي بهذا الفن -يعني فن المثلثات -محمد بن
المستنير (قطرب) ،ولكنه لم يتأَّت له منه إال قدر يسير ...وقد ُع ِنَي بعد ذلك جماعة من الفضالء وأكابر األدباء أحقهم باإلحصاء،
.وأوثقهم باالستقصاء أبو محمد بن السيد البطليوسي ،فإنه صنف فيه كتاًبا أنبأ عن غزارة فضله ،وكاد يعجز اإلتيان بمثله"[]16
ومن مظاهر اإلحاطة بالموضوع عند ابن مالك أيًض ا ذكر المحترزات بعد التعريف ،وهو أمر يبدو واضًح ا في كتب ابن مالك يدركه
القارئ في كل باب وفي كل موضوع ،فعندما يعرف الكلمة مثاًل يقول" :الكلمة لفظ مستقل دال بالوضع تحقيًقا أو تقديًر ا أو منوي
معه ،وهي اسم وفعل وحرف"[ ،]17ثم يأخذ في بيان معنى الكلمة ولماذا صدر التعريف باللفظ؟ ويبين المراد بالمستقل ،وِلَم قيد
.الداللة بالوضع؟ ،ومم احترز بذكر التقدير؟ وِلَم قال :أو منوي عنه؟ حتى يستوفي الموضوع وحتى ال يترك مجااًل لقوٍل []18
ومن مميزات ابن مالك أنه ال يكتفي برأيه في الموضوع ،بل يذكر اآلراء المختلفة ،ويرجح ما يراه مناسًبا ،فعند الحديث عن إعراب
األسماء الستة يقول" :في إعراب هذه األسماء خالف :فمن النحويين من زعم أن إعرابها مع اإلضافة كإعرابها مجردة ،وأن حروف
المد بعد الحركات ناشئة عن إشباع الحركات ،والحركات قبلها هي اإلعراب ،ومنهم من يجعل إعرابها بالحركات والحروف مًع ا،
ومنهم من زعم أن الحركات التي قبل حروف المد منقولة منها ،فسلمت (الواو) في الرفع لوجود التجانس ،وانقلبت في غيره بمقتضى
.اإلعالل ....ومنهم من جعل إعرابها بحروف المد على سبيل النيابة عن الحركات ،وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف"[]19
وإلى جانب ذكر اآلراء المختلفة ،فابن مالك يذكر في بعض األحيان اللغات المختلفة ،ومن ذلك قوله" :في الفم تسع لغات،
فتح (الفاء) ،وكسرها وضمها مع تخفيف (الميم) والنقص ،وفتحها وضمها مع تشديد (الميم) ،وفتحها وكسرها وضمها مع التخفيف
.والقصر"[]20
وليعطي الموضوع حقه ،ويحيط به من كل الجوانب ،فإن ابن مالك إذا رأى بعض الكلمات تحتاج إلى شرح ،فإنه يقوم بشرحها ،وهذا
من تمام إحاطته بالموضوع ،فعند الحديث عن (الَح م) مثاًل يقول" :والَح ُم هو زوج المرأة وغيره من أقاربه ،هذا هو المشهور ،وقد
.يطلق على أقارب الزوجة"[]21
يعد ابن مالك إمام النظم في علوم العربية ،فهو صاحب الباع الطويل في هذا الميدان ذو ثقافة واسعة وأسلوب عربي سليم ،مَّك ناه من
القدرة على استيعاب النحو العربي بمسائله وقضاياه التركيبية والتصريفية إلى جانب األمثلة والشواهد المتنوعة وصوغها في هيئة
.منظومة دون أن يفلت منه الوزن[]22
فهو أشهر من ألف في الشعر النحو التعليمي ،وأن ألفيته في النحو والصرف خير دليل على ذلك ،فقد جمع فيها أبواب النحو
.والصرف بصورة سهلة ،وبعيًد ا عن الخالف والتعقيد
وإذا كانت األلفية أشهر منظومات ابن مالك ،فقد استمدت شهرتها من أنها خالصة دقيقة ألهم قواعد العربية ،فاهتم العلماء بشرحها
والتعليق عليها ،ولكنها ليست الوحيدة ،وإنما هناك عدة منظومات البن مالك حاول من خاللها التطرق إلى عدة مواضيع بطريقة سهلة
وواضحة؛ مثل :اإلعالم بمثلث الكالم ،وهي أرجوزة في نحو ألفين وسبعمائة وخمسين بيًت ا ،جاءت المقدمة في ستة وثالثين بيًت ا،
والخاتمة في أربعة ،واختص مثلث اللفظ متحد المعنى من األسماء بستة وثمانين بيًت ا ،ومن األفعال باثنين وعشرين ،والباقي قسمه
.على ثمانية وعشرين باًبا من المثلث المختلف المعاني ،وقد جاء هذا القسم مرتًبا َو فق ترتيب حروف الهجاء
والبن مالك منظومة أخرى هي "تحفة المودود في المقصور والممدود" ،وهي قصيدة أبياتها مائة واثنان وستون بيًت ا التزم فيها ابن
.مالك قافية واحدة هي الهمزة[]23
وله منظومتان في الفرق بين (الظاء) و(الضاد)؛ هما" :االعتضاد" ،و"تحفظ اإلحظاء" ،تقع األولى في اثنين وستين بيًت ا من البحر
البسيط ،واشتملت الثانية على مقدمة وثالثة فصول ،وعدد أبياتها أربعة وتسعون ،إضافة إلى "المية األفعال" ،وهي قصيدة من البحر
.البسيط ،أبياتها أربعة عشر ومائة ،وكذلك "النظم األوجز فيما يهمز وال يهمز" ،وهي منظومة عدد أبياتها تسعة عشر ومائتان
وتكمن أهمية هذه المنظومة في كونها تجسد في دقة بالغة خالصَة التجربة اللغوية التي عاش ابن مالك حياته لها ،والمتمثلة في تسهيل
.النحو العربي وتقريبه للمتعلمين[]24
وال شك أن االستعانة بنظم القواعد النحوية والصرفية ،يسهل حفظها وضبَط إعراب الكلمات ،وتصويَر حركاتها ،واأللفيات لها شأن
عظيم في هذا المجال ،ولكَّن تحُّقَق ذلك لن يتم إال بأن يتوفر[ ]25للقاعدة النحوية عنصر البساطة ،وأن يتوفر للمنظومة عنصر
.الوضوح
وإن هذا النظم نوع خاص ،فليس شعًر ا كي تظهر فيه الزينة ،وليس نثًر ا عادًّي ا تتوالي فيه الكلمات ،بل هو نوع من النظم يجمع بين
المعنى الهادف والكالم الذي يحتاج الوعاء الخاص للتبليغ ،فإذا تصفحنا األلفية -على سبيل المثال -نجد أن المعنى دائًما هو
.المراعى ،وأن الوزن في بعض المواضع تطغى عليه الجوازات[]26
وإلى جانب هذا كله فقد كان ابن مالك راوية ألشعار العرب ،ملًّم ا بها عارًف ا بكل األشعار العربية التي يستشهد بها في المجاالت
.النحوية ،لدرجة أن األئمة األعالم كانوا يتعجبون من أين يأتي به[]27
ولم يكتف ابن مالك باالستشهاد بأشعار العرب ،بل كان ُيكثر من االستشهاد بالقرآن الكريم والحديث الشريف واألمثال العربية[]28؛
إذ استشهد في شرحه للتسهيل فقط بـ ( )1502من اآليات القرآنية ،و( )211من األحاديث النبوية الشريفة ،و( )130من األمثال
.العربية؛ إذ اإلكثار من الشواهد يساعد على ضبط المعلومة وتسهيلها للمتعلمين[]29
ومن مظاهر التيسير النحوي عند ابن مالك التي كان لها أثر فَّعال في تقريب النحو ،وجعله سهاًل :حذف ما ال يدخل في صميم النحو
من الزيادات ،واالكتفاء بالمهم وتجريده من المسائل المتعلقة بعلوم أخرى ،فمن ذلك قول ابن مالك في شرح الكافية الشافية مثاًل :
"حروف اإلبدال المبوب عليها في كتب التصريف ،هي الحروف التي تبدل من غيرها لغير إدغام ،وهي التي ال بد من ذكرها ،وهي
هذه التسعة .....وما سواها مما ذكره الزمخشري وغيره مستغنى عنه؛ كـ(الالم) ،و(النون) ،و(الجيم) ،و(السين) إلى أن قال :وهذا
النوع من اإلبدال جدير بأن ُيذكر في كتب اللغة ال كتب التصريف ،وإال لزم ذكر (العين)؛ ألن إبدالها من الهمزة المتحركة مطرد في
.لغة بني تميم ،ويسمى ذلك عنعنة ،وإنما يعنى في اإلبدال التصريفي بما لو لم يبدل وقع في الخطأ أو مخالفة الكثير]30[...
هذا ويعتمد ابن مالك على اإليجاز لتقريب النحو إلى المتعلمين وتسهيله ،فال ريب أن ابن مالك نظر في منظومته الكافية الشافية،
فوجدها مفرطة في الطول ،فضاًل عما اشتملت عليه أبياتها من شواهد وأمثلة كثيرة ،مع بسط األحكام والقواعد النحوية ،وهذا ما نص
:عليه في مقدمتها حيث يقول
فاختصرها مكتفًيا باألحكام والقواعد النحوية المهمة في ألفيته التي ُتعد اختصاًر ا للكافية الشافية []31؛ يقول ابن مالك في نهاية
:األلفية
حيث جاءت األلفية رائقة صافية ،فتلقاها الناس بالقبول ،وكأنه انزاح عنهم عبء ثقيل أال وهو الكافية[ ،]32يقول ابنه بدر الدين عند
شرحه للبيت السابق" :إن هذه األلفية مع أنها حاوية المقصد األعظم من علم النحو؛ لما فيها من المزية على نظائرها أنها تقرب إلى
األفهام المعاني البعيدة بسبب وجازة اللفظ ،وإصابة المعنى وتنقيح العبارة ،وتبسط البذل؛ أي :توسع العطايا لما تمنحه من الفوائد
.لقرائها ،واعدة بحصول مآربهم ،وناجزة بوفائها"[]33
كما سلك ابن مالك في كتابه التسهيل طريًق ا ابتعد فيه عن اإلسهاب في مسائل الخالف وتدوينها ،وحشو كتابه بما ال فائدة مرجوة منه،
فهو ال يحصي مجلدات بقدر ما يقدم مادته في صورة مباشرة بعيدة عن اإلطناب ،وهذا ما جعل هذا الكتاب موجًز ا صغيًر ا في حجمه،
.عظيًما في فائدته وأسلوبه[]34
واألمر ذاته نالحظه في كتابه الفوائد المحوية الذي يهدف إلى وضع مختصر يعين األذكياء على إدراك قضايا النحو ومسائله في
.أوجز عبارة[]35
:الخاتمة
إن النحو العربي وعلى الرغم من مكانته العالية وأهدافه السامية ،أصبح اليوم يعيش واقًعا أليًما ،فهو بين متشدد جعل النحو هدًف ا
يصُعب الوصول إليه ،وبين متساهل زهد في تعليم النحو ،وقَّلل من شأنه ،وبين هذا وذاك يتعين على القائمين عليه والمنشغلين به
تبني منهج ابن مالك في الواقع العملي واالستفادة منه ،فهذا حري أن يعيد للنحو العربي مجده الضائع ،ويساعد على تعلم اللغة العربية
.التي أصبحت غريبة في وطنها
:ويمكن إيجاز مجهودات ابن مالك في مجال تيسير النحو في النقاط التالية
.توظيفه للشعر التعليمي من أجل تقريب النحو للمتعلمين (الكافية الشافية ،األلفية) ♦
.انتقاء الشواهد النحوية (القرآن الكريم ،األحاديث النبوية ،فصيح كالم العرب) ♦
.دفاعه عن األحاديث النبوية وجعلها مصدًر ا من المصادر المعتمدة في إثبات القواعد النحوية ♦
علي بن علوي الشهري؛ أسباب ترجيحات ابن مالك النحوية في شرح التسهيل ،جامعة أم القرى ،مكة السعودية 1435هـ ،ص ][2
7.
.صالح بلعيد؛ ألفية ابن مالك في الميزان ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1995 ،ص [3] 12
حفيظة يحياوي؛ إسهامات نحاة المغرب واألندلس في تأصيل الدرس النحوي العربي خالل القرنين السادس والسابع الهجريين[4] ،
.منشورات مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر ،2011 ،ص 131
فادي صقر؛ جهود نحاة األندلس في التيسير النحوي ،مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير جامعة النجاح ،نابلس ،فلسطين[5] ،
،2006.ص 74
.غنيم غانم؛ ابن مالك اللغوي ،مذكرة ماجستير ،جامعة الملك عبدالعزيز مكة ،السعودية ،1979 ،ص [6] 145
.صالح بلعيد؛ ألفية ابن مالك في الميزان ،ص [7] 58
.األندلسي ابن مالك؛ إكمال اإلعالم بتثليث الكالم؛ تحقيق سعد الغامدي ،ط 1مكتبة المدني ،جدة السعودية ،1984 ،ج ،1ص [8] 4
.يحياوي حفيظة؛ إسهامات نحاة المغرب واألندلس في تأصيل الدرس النحوي ،ص [11] 134
.األندلسي أبو حيان البحر المحيط؛ تحقيق الشيخ عادل أحمد وعلي معوض ،دار الكتب العلمية ،ج ،1ص [12] 106
.األندلسي أبو حيان التذييل والتكميل في شرح التسهيل؛ تحقيق حسن هنداوي ،دار القلم ،دمشق سوريا ،ج1ص [13] 6
عبدالعزيز العويني سيرة ألفية ابن مالك تأليًفا وإبراًز ا وتحقيًق ا ،مجلة الدرعية ،السنة الثانية عشرة ،العدد 46جمادى اآلخرة[14] ،
،1430.ص 146
.غنيم غانم الدراسات اللغوية عند ابن مالك بين فقه اللغة وعلم اللغة ،ص [15] 167
.األندلسي ابن مالك إكمال األعالم في تثليث الكالم ،ج ،1ص [16] 04
.ممدوح عبدالرحمن؛ المنظومة النحوية ،دراسة تحليلية ،دار المعرفة الجامعية2000 ،م ،ص [22] 48
علي بن علوي الشهري؛ أسباب ترجيحات ابن مالك النحوية في شرح التسهيل ،جامعة أم القرى ،مكة السعودية 1435هـ ،ص ][28
96.
.األندلسي ابن مالك شرح الكافية الشافية ،تحقيق عبدالمنعم هريدي ،دار المأمون للتراث ،مكة السعودية ،ج 4 ،ص[30] 2070
.عبدهللا علي محمد؛ ألفية ابن مالك تحليل ونقد ،مذكرة ماجستير ،جامعة أم القرى ،السعودية ،1989 ،ص [31] 28
.عبدهللا علي محمد؛ ألفية ابن مالك تحليل ونقد ،مذكرة ماجستير ،جامعة أم القرى ،السعودية 1989م ،ص[32] 43
.ابن الناظم بدر الدين محمد؛ شرح ألفية ابن مالك ،منشورات تناصر ،بيروت لبنان ،ج ،1ص[33] 3
األندلسي ابن مالك؛ الفوائد المحوية في المقاصد النحوية( ،مقدمة التحقيق) وداد يحيى ،جامعة أم القرى ،السعودية1406 ،هـ[35] ،
.ص30