You are on page 1of 3

‫السنة الثالثة علم االجتماع‬ ‫إختيارالشعب لـ بول الزارسفيلد‬

‫املحاضرة العاشرة‪ :‬إختيار الشعب لـ بول الزارسفيلد‬

‫ب ـ ــول الزارس ـ ــفيلد ‪ Paul Lasarsfeld‬مؤس ـ ــس ه ـ ــذه النظري ـ ــة من مه ـ ــاجري النمس ـ ــا ال ـ ــذين هرب ـ ــوا بطش هتل ـ ــر خالل ف ـ ــترة م ـ ــا بين‬
‫الحــربين‪ ،‬اختصاصــه هــو اإلحصــاء االجتمــاعي و كان مولعــا بــالبحوث امليدانيــة اإلحصــائية‪ .‬ولــد عــالم االجتمــاع‪ ،‬النمســاوي األصــل‪،‬‬
‫بول فيلكس الزارسـفلد في فيينـا في ‪ 13‬فـبراير ‪ ،1901‬في أسـرة نشـطت في مجـال الفن والثقافـة والسياسـة؛ فوالـده روبـرت ( ‪)Robert‬‬
‫كان محاميـا مشـهورا بدفاعـه عن النشـطاء السياسـّي ين الشـباب مجانـا‪ ،‬ووالدتـه صـوفي (‪ )Sofie‬اختّص ت في التحليـل النفسي‪ ،‬وتـدربت‬
‫ّظ‬
‫على ي ــد ألفري ــد أدل ــر (‪ ،)Alfred Adler‬وله ــا كت ــاب عن تحري ــر النس ــاء؛ وه ــو م ــا شّج عه ليكون عض ــوا نش ــيطا وقيادّي ا في املن م ــات‬
‫ّال‬
‫الط بّي ة االشــتراكّي ة‪ ،‬بلــغ حـّد تأســيس جريــدة شــهرّي ة للطلبــة االشــتراكّي ين‪ .‬وقــد أســهم في إنشــاء مــا سـّم ي بـ"الكباريــه السياسي" الــذي‬
‫لعب دورا مهما في تطوير تاريخ فيينا السياسي واملسرحي‪.‬‬
‫ن ــال الزار س ــفلد ش ــهادة ال ــدكتوراه في علم الرياض ــيات التطبيقّي ة من جامع ــة فيين ــا س ــنة ‪ ،1925‬وتع ـّر ف أثن ــاء دراس ــته على ع ــالمي‬
‫ّث‬
‫النفس كارل و شارلوت بوهلر اللذين دّر ساه‪ ،‬وتأ ر بهمـا وعمـل معهمـا في معهـد بـوهلر النفسي‪ ،‬تحديـدا مسـاعدا لشـارلوت بـوهلر في‬
‫ّك‬
‫أبحاثهــا عن الطفولــة املب رة ونمـّو الشــباب‪ .‬مّم ا أتــاح لــه فيمــا بعــد تأســيس قســم خــاص في املعهــد النفسي‪ُ ،‬ي عــنى بتطــبيق علم النفس‬
‫على املشكالت االجتماعّي ة واالقتصادّي ة‪.‬‬
‫انتقل الزار سفلد سنة ‪ 1933‬إلى أمريكا‪ ،‬بعد أن تحّص ل على منحة من مؤّس سة روكفلر‪ ،‬التي أكبرت دراسته حـول قريـة مارينيثـال‪،‬‬
‫وثّم نت ما جـاء فيهـا من نتـائج استندت إلى منهج تكاملي‪ ،‬يجمـع بين املالحظـات الكّم ّي ة والكيفّي ة؛ وهي دراسـة كان لهـا أثـر كبـير في عـّد ة‬
‫أجيــال الحقــة من علم االجتمــاع‪ .‬ومــع أّن النــازيين عملــوا على منــع ظهورهــا ونشــرها‪ ،‬فإّن هــا بــاتت منــذ ســنة ‪" 1978‬جــزءا من مقـّر رات‬
‫علم االجتماع في الجامعات النمساوّي ة"‬
‫واستقّر الزارسفلد بالواليات املّت حدة األمريكّي ة‪ ،‬وانصرف إلى إنجاز عدد من املشاريع البحثّي ة‪ ،‬ووجد دعمـا كبـيرا من روبـرت لينـد‪،‬‬
‫ّل‬ ‫ّك‬
‫فتم ن من إنشاء مركـز للبحـوث في جامعـة نيويـورك (‪ )Newark‬حـول البطالـة‪ ،‬وتـو ى اإلشـراف على دراسـة أقّر تهـا مؤسسـة روكفلـر‬
‫حول التأثيرات االجتماعّي ة للراديـو‪ ،‬لتتحـّو ل إلى مركـز أبحـاث‪ .‬انطلـق في جامعـة نيويـورك‪ ،‬لينتقـل إثرهـا إلى مدينـة نيويـورك في مقـّر‬
‫مستقّل به‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1939‬تّم تعيين الزارسفلد محاضرا بجامعة كولومبيا‪ ،‬ثّم أستاذا مساعدا في علم االجتماع‪ ،‬حيث ظّل إلى حين إدراكه سّن‬
‫التقاعد سنة ‪ .1969‬وفي سنة ‪ 1944‬تحّو لت تسمية مكتب بحوث الراديو إلى مكتب البحوث االجتماعّي ة التطبيقّي ة‪.‬‬
‫وفي سـنة ‪ 1962‬أصـبح الزارسـفلد أسـتاذ كرسي كتليـه للعلـوم االجتماعّي ة‪ ،‬وقـد أنشئ هـذا الكرسي خصيصـا لـه؛ فقـد كان يـؤمن بـأّن‬
‫اإلحصــائّي البلجيكي أدولــف كتليــه (‪ )Adolphe Quetlet‬هــو املؤّس س الحقيقي لعلم االجتمــاع اإلمــبريقي‪ .‬ولم يتوقــف الزارســفلد عن‬
‫التدريس حّت ى إثر تقاعده؛ فقد كان يقّد م دروسا في جامعة بتسبرغ‪ ،‬باعتباره أستاذا متمّي زا منذ سنة ‪ 1969‬حّت ى وفاته سنة ‪.1976‬‬
‫ّظ‬ ‫ّل‬
‫من مؤ فات ــه ن ــذكر ‪ :‬مقال ــة مش ــتركة م ــع روب ــرت م ــيرتون ح ــول "وس ــائل االتص ــال وال ــذوق الع ــام والفع ــل االجتم ــاعي املن م" (‪،)1948‬‬
‫وكتــاب مشــترك مــع كنــدال (‪ )Kendall‬حــول "مشــكالت تحليــل املســوح"‪ ،‬دراســة عن االنتخابــات الرئاسـّي ة بعنــوان "خيــارات النــاس" (‬
‫‪ ،)1940‬وكتاب "مذكرات تاريخّي ة عن الدراسات اإلمبريقّي ة للفعل ‪ :‬األوديسا العقالنّي ة" (‪.)1958‬‬

‫لقد ساهمت نتائج انتخابات الرئاسة األمريكية لعام ‪ 1940‬بين "ويندل ويكلي" املرشح الجمهوري‪ ،‬والرئيس "فرانكلين د‪ .‬روزفلت"‬
‫املرشح ال ــديمقراطي‪ ،‬وال ــتي أس ــفرت عن نج ــاح ال ــرئيس "روزفلت" في انتخاب ــات الرئاس ــة للم ــرة الثاني ــة رغم معارض ــة الصحافة ل ــه‪.‬‬
‫ساهمت نتائج هذه االنتخابات في استثارة التساؤالت حول االعتقاد بقوة تـأثير وسـائل اإلعالم وانفرادهـا في هـذا املجـال والبحث عن‬
‫العوامل التي أدت إلى هذه النتائج رغم ما كان يعتقد حينئذ حول أسطورة تأثير وسائل اإلعالم‪ .‬ومن جهة أخرى أجريت العديــد من‬
‫الدراسات حول التأثير االنتخابي كان بدايتها دراسة "الزرسفيلد وبيرلسون وجود " املنشورة عام ‪ 1944‬بعنوان "اختيار الشعب" ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫السنة الثالثة علم االجتماع‬ ‫إختيارالشعب لـ بول الزارسفيلد‬

‫وكان الهدف من الدراسة التعرف على الطرق التي تؤثر في تكوين الـرأي العـام وتغـيره والتعـرف على دور وسـائل االتصـال الجمـاهير‬
‫في هذا املجال‪ ،‬وقد أجريت الدراسة في منطقة (ايري كاونتي) بوالية "أوهايو"‪.‬‬

‫وكان موضوع الدراسة هو تحليل خطب الحملة الرئيسة‪ ،‬وغيرها من الرسائل السياسية الـتي قـدمتها الصحف واملجالت‪ ،‬حيث قـام‬
‫الباحثون بمتابعة آراء عينة من السكان على فترات قبيل وأثناء الحملة االنتخابية‪.‬‬

‫يعت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبر أن وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائل البحث االخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى هي تأملي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة و تفكري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تعتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد على االنطباع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات الفردي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪Speculative‬‬ ‫‪‬‬
‫– و يجب تجاوزها في مجال العلوم االجتماعية ‪.‬‬

‫• اج ــرى الزارس ــفيلد م ــع كل من برلس ــون ‪ Berelson‬و ج ــودي ‪ Gaudet‬ه ــذه الدراس ــة في ‪ 1940‬خالل الحمل ــة االنتخابي ــة الرئاس ــية‬
‫‪Franklin‬‬ ‫االمريكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة و ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتي ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارك فيه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرئيس الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابق روزفلت‪Roosevelt; .‬‬
‫• كان مريض ـ ـ ـ ـ ــا و غـ ـ ـ ـ ـ ــير قـ ـ ـ ـ ـ ــادر على تحمـ ـ ـ ـ ـ ــل مس ـ ـ ـ ـ ــؤوليات الرئاسـ ـ ـ ـ ـ ــة السـ ـ ـ ـ ـ ــيما و أن البالد مقبلـ ـ ـ ـ ـ ــة على فـ ـ ـ ـ ـ ــترة حـ ـ ـ ـ ـ ــرب عاملي ـ ـ ـ ـ ــة‪.‬‬
‫• اغلب وسائل االعالم ناشدت الناخبين عدم اعادة انتخابه و كانت معادية له‪.‬‬

‫• ق ـ ـ ـ ــرر الزارس ـ ـ ـ ــفيلد اج ـ ـ ـ ــراء ه ـ ـ ـ ــذه الدراس ـ ـ ـ ــة ليتأك ـ ـ ـ ــد من م ـ ـ ـ ــدى ق ـ ـ ـ ــوة ت ـ ـ ـ ــأثير وس ـ ـ ـ ــائل االتص ـ ـ ـ ــال الجم ـ ـ ـ ــاهيري على الجمه ـ ـ ـ ــور ‪:‬‬
‫– فـ ـ ــإذا كانت كـ ـ ــذلك فلن يصـ ـ ــوت النـ ـ ــاخبون األمريكيـ ـ ــون لصـ ـ ــالح روزفلت و اذا كانت غـ ـ ــير مـ ـ ــؤثرة او قليلـ ـ ــة التـ ـ ــأثير فسينجح ‪.‬‬
‫– حصـ ـ ـ ـ ــل الزارسـ ـ ـ ـ ــفيلد على تمويـ ـ ـ ـ ــل من مؤسسـ ـ ـ ـ ــة ‪ Rockefeller‬و مجلـ ـ ـ ـ ــة اليـ ـ ـ ـ ــف ‪ Life Magazine‬إلجـ ـ ـ ـ ــراء هـ ـ ـ ـ ــذه الدراسـ ـ ـ ـ ــة‪.‬‬
‫– كون فريق ــا بحثي ــا كب ــيرا و اخت ــار منطق ــة ‪ Erie‬بوالي ــة اوه ــايو ‪ Ohio‬إلج ــراء الدراس ــة‪ ،‬اخت ــار عين ــة ممثل ــة من ‪ 600‬شخص تمت‬
‫مق ـ ـ ـ ــابلتهم ‪ 7‬م ـ ـ ـ ــرات متتالي ـ ـ ـ ــة أي م ـ ـ ـ ــرة كل ش ـ ـ ـ ــهر من م ـ ـ ـ ــايو إلى ش ـ ـ ـ ــهر نوفم ـ ـ ـ ــبر ‪ 1940‬موع ـ ـ ـ ــد االنتخاب ـ ـ ـ ــات ‪. Panel Study‬ملاذا ؟‬
‫– للتعرف على العناصر املؤثرة على الناخب‪.‬‬

‫ـ و على تطور موقفه طيلة هذه الحملة‪.‬‬

‫نظرية االتصال الشخصي (انتقال املعلومات على مرحلتين)‪ :‬وقد خرج الباحثون بالنتائج التالية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -1‬إن عملي ــة تكوين الـ ــرأي االنتخ ــابي ليس ــت عملي ــة فرديـ ــة‪ ،‬ولكنهـ ــا عملي ــة جماعي ــة‪ ،‬وتفس ــير ذلـ ــك أن الن ــاس يعيش ــون أوضـ ــاعا‬
‫اجتماعي ـ ــة متقارب ـ ــة‪ ،‬تجمعهم ع ـ ــادة مص ـ ــالح ومش ـ ــاعر واحتياج ـ ــات مش ـ ــتركة‪ ،‬وينعكس ذل ـ ــك على اتجاه ـ ــاتهم وآرائهم‪ ،‬ومنه ـ ــا آرائهم‬
‫السياسية فيما يتعلق بالشخص أو الحزب الذي يؤيدونه في االنتخابات‪.‬‬

‫‪ -2‬الحــظ البــاحثون إن أفــراد العينــة كانوا يشــاركون الجماعــات الــتي ينتمــون إليهــا في املناقشــات والحــوار‪ ،‬وأن االتصــال الشخصي‬
‫كان العامل املؤثر في تكوين رأي الناخبين وليس وسائل اإلعالم كما كان معتقدا‪.‬‬

‫‪ -3‬كشــف الدراســة عن وجــود أفــراد داخــل كل جماعــة يتمــيزون عن ســواهم بكونهــا أكــثر اتصــاال بوســائل االتصــال الجماهيريــة من‬
‫صحف ومجالت وإذاعة وأنهم احرص من غيرهم على متابعتها ونقـل مضـمونها إلى بـاقي أفـراد الجماعـة الـتي ينتمـون إليهـا‪ ،‬وأطلـق على‬
‫هؤالء األفراد "قادة الرأي"‪.‬‬

‫‪ -4‬ت ــبين من الدراس ــة أن غالبي ــة أف ــراد العين ــة ال يحص ــلون على معلوم ــاتهم من وس ــائل اإلعالم مباش ــرة‪ ،‬وإنم ــا يحص ــلون عليه ــا من‬
‫خالل اتصالهم املباشر بقادة الرأي في الجماعات التي ينتمون إليها‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ نتائج االنتخابات كانت مخالفة لكل التوقعات حيث أنه اعيد انتخاب روزفلت على عكس توجيهات االعالم ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫السنة الثالثة علم االجتماع‬ ‫إختيارالشعب لـ بول الزارسفيلد‬

‫‪ 6‬ـ عملي ــة تكوين ”ال ــرأي الع ــام االنتخ ــابي“ ال تتم على مس ــتوى ف ــردي ب ــل في اط ــا ر جماع ــات تعيش اوض ــاعا اجتماعي ــة متش ــابهة و‬
‫تجمعهم مصالح و احتياجات مشتركة ‪ :‬يعني أن املجتمع ليس مكونا من ذرات معزولة‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ أن االتصال الشخصي كان العامل املؤثر في تكوين رأي الناخبين(حوارات و نقاشات ) و ليس االتصال الجماهيري‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ هناك قلة داخل كل جماعة تتميز عن سواها بكونها ‪:‬‬

‫ـ أكثر متابعة للشأن العام‪.‬‬

‫ـ أكثر استخداما لوسائل االتصال ‪.‬‬

‫ـ أكثر انفتاحا على محيطها ‪.Gregarious‬‬

‫ـ أطلق عليها تسمية قادة الرأي ‪.Opinion Leader‬‬

‫ـ أم ــا االغلبي ــة فس ــميت باألتب ــاع ‪.Opinion Followers‬ألنهم ال يحص ــلون على معلوم ــاتهم من وس ــائل االعالم ب ــل من خالل اتص ــالهم‬
‫املواجهي و املباشر بقادة الرأي‪.‬‬

‫ـ فيعمل قادة الرأي وسيطا بين وسائل االتصال و االتباع‪.‬‬

‫وكانت النتيجة النهائية التي خلص إليهـا البـاحثون هي أن االتصـال الشخصي يلعب دورا مهمـا في تكوين وتوجيـه الـرأي العـام بجـانب‬
‫وس ــائل اإلعالم‪ ،‬وان ق ــادة ال ــرأي يمثل ــون عنص ــرا مهم ــا في عملي ــة االتص ــال الشخصي‪ ،‬ويلعب ــون دور الوس ــيط‪ .‬وأطلق ــوا على عملي ــة‬
‫سريان املعلومات من وسائل اإلعالم إلى الجماهير عبر قادة الرأي اسم (تدفق االتصال على مرحلتين)‪.‬‬

‫وفي عـام ‪ 1955‬قـدما عاملا العلـوم السياسـية (اليـاهو كاتز) و"بـول الزار سـفيلد" مفهومـا عن تـدفق االتصـال على مرحلـتين في كتابهمـا‬
‫"التأثير الشخصي"‪ ،‬وقد بنيا النموذج على بحث سابق وجدا فيه أن املعلومـات املقدمـة من الوسـائل الجماهيريـة ال تصـل كمـا ينبغي‪،‬‬
‫وال يكون لها اثر على املستقبلين كما تزعم وجهات النظر الساهية عن االتصال‪.‬‬

‫فق ــد ق ــام الباحث ــان في كتابه ــا "الت ــأثير الشخصي" بدراس ــة ش ــملت ‪ 800‬ام ــرأة من س ــكان مدين ــة "ديكيت ــور" بوالي ــة "ب ــاينوى"‬
‫األمريكي ـ ــة‪ ،‬واس ـ ــتهدفت الدراس ـ ــة التع ـ ــرف على الت ـ ــأثير النس ـ ــبي لكل من االتص ـ ــال الشخصي‪ ،‬واالتص ـ ــال ع ـ ــبر وس ـ ــائل اإلعالم على‬
‫القرارات التي يتخذها أفراد العينـة في موضـوعات خاصـة شـملت‪ :‬التسـويق‪ ،‬واألزيـاء والشـؤون العامـة‪ ،‬واختيـار األفالم السينمائية‪،‬‬
‫وشملت الدراسة كذلك بحث الفروق الجوهرية التي يتمـيز بهـا قـادة الـرأي في املجـاالت األربعـة موضـوع البحث من غـيرهم‪ .‬وأشـارت‬
‫النتائج إلى تدعيم الدراسات السابقة بالنسبة ألهمية دور االتصال الشخصي في تكوين الـرأي العـام‪ ،‬وكـذلك بالنسـبة لعمليـة سـريان‬
‫االتصال على مرحلتين‪.‬‬

‫لقــد أفــرزت نظريــة التــأثير على مرحلــتين‪ ،‬ومــا دار حولهــا من دراســات‪ ،‬تغــيرات أساســية حيث طــرحت تصــور جديــد لعالقــة‬
‫الف ــرد بوس ــائل اإلعالم‪ .‬إال أنه ــا انس ــاقت بق ــدر كب ــير وراء ت ــأثير العالق ــات االجتماعي ــة في الف ــرد‪ ،‬مقاب ــل تق ــويم دور وس ــائل اإلعالم‬
‫والعوامــل الخارجيــة األخــرى الــتي قــد يالحــظ وجودهــا عنــد التــأثير‪ ،‬إلى حــد أن هــذه األبحــاث وقعت في إفــراط معــاكس لــذلك الــذي‬
‫سبق نشر تلك األحداث ‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like